تحریر الأحکام

هویة الکتاب

تحریر الأحکام

كاتب: علامه حلی، حسن بن یوسف

عدد المجلدات:2ج

لسان: العربية

الناشر: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم - ایران

کد کنگره: 1300 /ع8ت3 182/3 BP

محرر الرقمي: میثم الحیدري

ص: 1

المجلد 1

اشارة

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ و به نستعين

الحمد للّه المتقدّس بكماله عن مشابهة المخلوقات المتنزّه بعلوّه عن مشاركة الممكنات القادر على إيجاد الموجودات العالم بكلّ المعلومات المتفرّد بوجوب الوجود في ذاته المتوحّد بالاستغناء عن غيره في ماهيّته و صفاته المنعم على عباده بإرسال الأنبياء لتعليم الشرائع و الأديان المكمل إنعامه بالتّكليف الباقي ببقاء نوع الإنسان ليرتقي بطاعته إلى أعلى الدّرجات و لينال بامتثال أوامره ما أعدّ له من الحسنات و صلّى اللّٰه على أشرف البشر محمّد المشفّع في [يوم] المحشر و على آله الأبرار صلاة تتعاقب عليهم تعاقب الأعصار أمّا بعد فإنّ هذا الكتاب الموسوم بتحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة قد جمعنا فيه معظم المسائل الفقهيّة و أوردنا فيه أكثر المطالب التكليفيّة الشرعية الفرعيّة من غير تطويل بذكر حجّة و دليل إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الموسوم بمنتهى المطلب في تحقيق المذهب فإنّه قد شمل المسائل أصولها و فروعها و ذكر الخلاف الواقع بين المسلمين إلاّ ما شذّ و استدلال كلّ فريق على مذهبه مع تصحيح الحقّ و إبطال الباطل و إنّما اقتصرنا في هذا الكتاب على مجرّد الفتاوى لا غير مستعينين باللّٰه تعالى فإنّه الموفّق لكلّ خير و هو حسبنا و نعم الوكيل و رتّبناه على مقدّمة و قواعد

أما المقدّمة

اشارة

ففيها أبحاث [مباحث]

الأوّل الفقه لغة الفهم و اصطلاحا

العلم بالأحكام الشّرعية الفرعيّة المستدل على أعيانها بحيث لا يعلم كونها من الدّين ضرورة فخرج العلم بالذوات و الأحكام العقليّة و النقلية و التقليدية و علم واجب الوجود و الملائكة و أصول الشريعة و لا يرد إطلاق الفقيه على العالم بالبعض و كون الفقه مظنونا لأنّ المراد بالعلم الاستعداد التامّ المستند إلى أصول معلومة و ظنيّة الطّريق لا تنافي علميّة الحكم

الثاني ثبت في علم الكلام وجوب التكليف

و لا يتمّ الامتثال إلاّ بمعرفة الأحكام الشرعيّة الحاصلة بالفقه فيجب العلم به و السمع و وجوبه على الكفاية عملا بالآية و مرتبته بعد علم الكلام و اللغة و النحو و التصريف و الأصول و فائدته نيل السّعادة الأخرويّة و تعليم العامّة نظام المعاش في المنافع الدّنيويّة و موضوعه أفعال المكلّفين من حيث الاقتضاء أو التخيير و مبادئه من الكلام و الأصول و اللغة و النحو و القرآن و السّنة و مسائله المطالب المستدلّ عليها فيه

الثالث في فضيلته

و هو معلوم بالضرورة قال اللّٰه تعالى قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَعْلَمُونَ و قال تعالى إِنَّمٰا يَخْشَى اَللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ اَلْعُلَمٰاءُ و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله يا علي نوم العالم أفضل من عبادة العابد يا علي ركعتان يصلّيهما العالم أفضل من ألف ركعة يصلّيها العابد يا علي لا فقر أشد من الجهل و لا عبادة مثل التفكّر و عن الصادق عليه السّلام أنه قال إذا كان يوم القيامة جمع اللّٰه الناس في صعيد واحد و وضعت الموازين فيوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجّح مداد العلماء على دماء الشهداء و قال عليه السّلام العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا يزيده سرعة السّير من الطّريق إلاّ بعدا و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله الأنبياء قادة و العلماء سادة و مجالستهم عبادة و قال النظر إلى وجه العالم عبادة و قال اللّٰهمّ ارحم خلفائي قيل يا رسول اللّٰه و من خلفاؤك قال الّذين يأتون من بعدي يروون حديثي و سنّتي و من أكرم فقيها مسلما لقي اللّٰه يوم القيامة و هو عنه راض

ص: 2

فصل و يحرم كتمان العلم و الفقه

قال تعالى إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مٰا أَنْزَلْنٰا مِنَ اَلْبَيِّنٰاتِ وَ اَلْهُدىٰ مِنْ بَعْدِ مٰا بَيَّنّٰاهُ لِلنّٰاسِ فِي اَلْكِتٰابِ أُولٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اَللّٰهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اَللاّٰعِنُونَ و قال إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مٰا أَنْزَلَ اَللّٰهُ مِنَ اَلْكِتٰابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولٰئِكَ مٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ اَلنّٰارَ و قال عليه السّلام من كتم علما ألجمه اللّٰه يوم القيامة بلجام من نار و قال عليه السّلام إذا ظهرت البدع في أمّتي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة اللّٰه

فصل و روي عن زين العابدين عليه السّلام أنه قال حقّ العالم التعظيم له

و التوقير لمجلسه و حسن الاستماع إليه و الإقبال عليه و أن لا ترفع عليه صوتك و لا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتّى يكون هو الذي يجيب و لا تحدّث في مجلسه أحدا و لا تغتاب عنده أحدا و أن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء و أن تستر عيوبه و تظهر حسناته و لا تجالس له عدوّا و لا تعادي له وليّا فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة اللّٰه بأنّك قصدته و تعلّمت علمه للّه جلّ اسمه لا للناس و أمّا حق رعيّتك بالعلم فأن تعلم أنّ اللّٰه عز و علا إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم و فتح لك من خزائنه فإن أحسنت في تعليم الناس و لم تخرق بهم و لم تضجر عليهم زادك اللّٰه من فضله و إن أنت منعت النّاس علمك أو حرمت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقّا على اللّٰه أن يسلبك العلم و بهاءه و يسقط من القلوب محلّك

فصل و يستحبّ طلب العلم و يجب على الكفاية

لقوله عليه السّلام طلب العلم فريضة و قال صلّى اللّٰه عليه و آله طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ألا إن اللّٰه يحب بغاة العلم و قال صلّى اللّٰه عليه و آله لا خير في العيش إلا لرجلين عالم مطاع أو مستمع واع و قال عليه السّلام من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اللّٰه به طريقا إلى الجنّة و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به و إنّه يستغفر لطالب العلم من في السّماوات و من في الأرض حتى الحوت في البحر و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة البدر و إنّ العلماء ورثة الأنبياء لأنّ الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما و لكن ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظّ وافر و قال صلّى اللّٰه عليه و آله نعم وزير الإيمان العلم و نعم وزير العلم الحلم و نعم وزير الحلم الرّفق و نعم وزير الرّفق العزة [العبرة الصبر] و قال صلّى اللّٰه عليه و آله طالب العلم يستغفر له حيتان البحر و طيور الهواء و قال صلّى اللّٰه عليه و آله اغد عالما أو متعلّما أو مستمعا أو محبّا لهم و لا تكن الخامس فتهلك و قال صلّى اللّٰه عليه و آله من خرج من بيته يلتمس بابا من العلم لينتفع قلبه و يعلّمه غيره كتب اللّٰه له بكلّ خطوة عبادة ألف سنة صيامها و قيامها و حفته الملائكة بأجنحتها و صلّى عليه طيور السّماء و حيتان البحر و دواب البرّ و أنزله اللّٰه بمنزلة سبعين صدّيقا و كان خيرا له أن لو كانت الدّنيا كلّها له فجعلها في الآخرة

فصل و يحرم الإفتاء بغير علم و كذا الحكم

قال تعالى وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اَللّٰهِ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ قال وَ لاٰ تَقْفُ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ و قال تعالى وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اَللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ اَلْكٰافِرُونَ و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من عمل بالمقاييس فقد هلك و أهلك و من أفتى الناس و هو لا يعلم الناسخ من المنسوخ و المحكم من المتشابه فقد هلك و أهلك و قال صلّى اللّٰه عليه و آله من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر ممّا يصلح

فصل و يجب على العالم العمل كما يجب على غيره لكنّه في حق العالم آكد

و لهذا جعل اللّٰه ثواب المطيعات و عقاب العاصيات من نساء النبيّ ضعف ما جعل لغيرهن لقربهنّ من الرّسول صلّى اللّٰه عليه و آله و استفادتهنّ العلم و روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه حدث عن النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله قال العلماء رجلان رجل عالم أخذ بعلمه فهذا ناج و رجل تارك لعلمه فهذا هالك و إن أهل النّار ليتأذون من ريح العالم التّارك لعلمه و إن أشدّ أهل النّار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى اللّٰه سبحانه فاستجاب له و قبل منه فأطاع اللّٰه فأدخله الجنّة و أدخل الداعي إلى النّار بتركه علمه قال عليه السّلام إن أخوف ما أخاف خصلتان اتباع الهوى و طول الأمل أما اتباع الهوى فيصدّ عن الحقّ و أمّا طول الأمل فينسي الآخرة و قال صلّى اللّٰه عليه و آله الفقهاء أمناء الرّسل ما لم يدخلوا في الدّنيا قيل يا رسول اللّٰه و ما دخولهم في الدّنيا قال اتباع السّلطان فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم

فصل و العلم من أشرف الكيفيّات النّفسانية و أعظمها

به يتميز الإنسان عن غيره من الحيوانات و به يشارك اللّٰه تعالى في أكمل صفاته و طلبه واجب على الكفاية و مستحبّ على الأعيان على ما بيّناه و هو أفضل من العبادة فيجب على طالبه أن يخلص للّه تعالى في طلبه و يتقرّب به إليه لا يطلب به الرّياء و الدّنيا بل وجه اللّٰه تعالى فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله منهومان لا يشبعان طالب دنيا و طالب علم فمن اقتصر من الدّنيا على ما أحلّ اللّٰه له سلم و من تناولها من غير حلها هلك إلاّ أن يتوب أو يراجع و من أخذ العلم من أهله و عمل بعلمه نجا و من أراد به الدّنيا فهو حظه و قال صلّى اللّٰه عليه و آله علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل

فصل و لكلّ علم أسرار لا يطلع عليها من الكتب فيجب أخذه من العلماء

و لهذا قال صلّى اللّٰه عليه و آله خذ العلم من أفواه الرّجال و نهى عن الأخذ ممن أخذ علمه من الدّفاتر و قال لا يغرنّكم الصّحفيون و أمر عليه السّلام بالمحادثة في العلم و المباحثة فإنّها

ص: 3

تفيد النّفس استعدادا تاما لتحصيل المطالب و استخراج المجهولات قال صلّى اللّٰه عليه و آله تذاكروا و تلاقوا و تحدّثوا فإنّ الحديث جلاء القلوب إنّ القلوب لترين كما يرين السّيف و جلاؤه الحديث و قال صلّى اللّٰه عليه و آله إن اللّٰه عز و علا يقول تذاكر العلم بين عبادي مما يحيا عليه القلوب الميّتة إن هم انتهوا فيه إلى أمري و قال صلّى اللّٰه عليه و آله قال الحواريّون لعيسى صلّى اللّٰه عليه يا روح اللّٰه من نجالس قال من يذكّركم اللّٰه رؤيته و يزيد في علمكم منطقه و يرغبكم في الآخرة عمله

فصل و أفضل العلم بعد المعرفة باللّٰه تعالى علم الفقه

فإنّه الناظم لأمور المعاش و المعاد و به يتمّ كمال نوع الإنسان و هو الكاسب لكيفيّة شرع اللّٰه تعالى و به يحصل المعرفة بأوامر اللّٰه تعالى و نواهيه الّتي هي سبب النجاة و بها يستحقّ الثواب فهو أفضل من غيره و روي عن الكاظم عليه السّلام قال دخل رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال ما هذا فقيل علاّمة قال و ما العلاّمة فقالوا إنّه أعلم الناس بأنساب العرب و وقائعها و أيّام الجاهلية و الأشعار و العربيّة قال فقال [النبي] رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله ذلك علم لا يضرّ من جهله و لا ينفع من علمه ثم قال النبي ص إنّما العلم ثلاثة علم آية محكمة أو فريضة عادلة أو سنّة قائمة و ما خلاهنّ فهو فضل و قال صلّى اللّٰه عليه و آله من أراد اللّٰه به خيرا يفقهه في الدّين و قال عليه السّلام من حفظ من أمتي أربعين حديثا ينتفعون به بعثه اللّٰه يوم القيامة فقيها عالما و لنقتصر من المقدّمة على هذا

القاعدة الأولى في العبادات

اشارة

و هي كتب

كتاب الطّهارة

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد

أمّا المقدّمة

ففيها أبحاث [- ا -] الطهارة في اللغة النظافة و في الشّرع ما له صلاحية التأثير في استباحة الصّلاة من الوضوء و الغسل و التيمّم و هي أقسامها [- ب -] العلم بالطّهارة واجب بوجوب فعلها المتوقّف عليه و هو معلوم بالضرورة من دين النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله [- ج -] كلّ واحد من الثلاثة واجب و ندب فالوضوء يجب للصّلاة و الطّواف الواجبين و لمسّ كتابة القرآن إن وجب و يستحب لمندوبي الأولين و لدخول المساجد و قراءة القرآن و الكون على طهارة و التجديد و حمل المصحف و النّوم و صلاة الجنازة و السّعي في الحاجة و زيادة المقابر و نوم المجنب [الجنب] و جماع المحتلم و الذّكر للحائض و الغسل يجب للثلاثة المتقدّمة و دخول المساجد و قراءة العزائم إن وجبا أو لصوم الجنب إذا بقي من الليل مقدار فعله و صوم المستحاضة إذا غمس الدم القطنة و يستحبّ لثلاثين تأتي و التيمّم يجب للصّلاة و الطواف الواجبين و لخروج المجنب في أحد المسجدين منه و يستحب لما عداه و يشترك الثلاثة في وجوبها بالنّذر و شبهه

المقصد الأوّل في المياه
اشارة

و فصوله ثلاثة

الأول في المطلق
اشارة

و فيه ثلاثة مباحث [- ا -] المطلق هو المستحقّ لصدق الاسم عليه من غير تقييد مع امتناع سلبه و هو في الأصل طاهر مطهّر من الحدث و الخبث و كذا لو مزج بطاهر إن بقي الإطلاق و إن تغيّر الوصف و لو زال الإطلاق فمضاف ثم المطلق إن كان جاريا نجس [ينجس] بتغيّر لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة لا بملاقاتها و لو تغيّر بعضه اختصّ بالحكم و الجرية مع تغيّرها لها حكم بانفرادها و لا معه طاهرة و لو وقعت النجاسة في جانب النهر أو قراره لم تنجس [لجريان المادة] الجريات المادة عليها و لو كان إلى جانب النهر ماء واقف متّصل بالجاري لم ينجس بالملاقاة و إن قلّ و لو تغيّر بعض الواقف المتّصل بالجاري اختصّ بالتّنجيس دون الآخر و يشترط في ذلك كله زيادة الجاري على الكرّ و حكم ماء الحمام حكمه إذا كان له مادة تزيد على الكر و حكم ماء المطر حال نزوله حكمه و لو استقر على الأرض و انقطع تقاطره ثم لاقته نجاسة اعتبر فيه الكريّة [- ب -] الواقف غير البئر إن كان كثيرا كرا وحده ألف و مائتا رطل بالعراقي أو ثلاثة أشبار و نصف طولا في عرض و عمق هو كرّ فما زاد لا ينجس بملاقاة النّجاسة بل بتغير أحد أوصافه بها و ما نقص عن الكر ينجس بملاقاة النجاسة و إن قلّت كرءوس الإبر من الدّم و لو تغيّر أحد طرفي الكثير و كان الباقي كرّا اختصّ المتغيّر بالتنجيس و لو اضطرب فزال التغيّر طهر و لا فرق في ذلك بين مياه الغدران و الحياض و الأواني و لو وصل بين الغديرين بساقية اتّحدا و اعتبرت الكرّية فيهما مع الساقية جميعا أمّا لو كان أحدهما أقلّ من كرّ فوقعت فيه نجاسة ثم وصل بغدير بالغ كرا فالأولى زوال النجاسة أمّا ماء البئر فالأقرب عدم تنجيسه بملاقاة النجاسة و لا خلاف في نجاسته بالتغيّر بها [- ج -] تطهير الجاري المتغير بالنجاسة بإكثار الماء المتدافع حتّى يزول التغيّر و الواقف بإلقاء كر دفعة فإن زال تغيّره و إلاّ ألقي آخر و هكذا و القليل بإلقاء كر دفعة لا بإتمامه كرا على الأصحّ و لا بالنبع من تحته و لا يطهر المتغيّر من هذه المياه بزوال التغيّر من نفسها أو من طول المكث أو من تصفيق الرياح أو من إلقاء أجسام طاهرة غير الماء و تطهير [يطهر] البئر بالنزح حتّى يزول التغيّر و على القول بالتّنجيس بالملاقاة تطهر بنزح الجميع إن وقع فيها مسكر أو فقاع أو منيّ أو دم حيض أو استحاضة أو نفاس أو مات فيها بعير و لو تعذّر تراوح عليها أربعة رجال اثنين اثنين يوم إلى اللّيل و ينزح كر لموت الدابة أو الحمار أو البقرة و سبعين دلوا لموت الإنسان و خمسين للعذرة الذائبة و الرطبة و الدّم الكثير و أربعين لموت الثعلب أو الأرنب أو الخنزير أو السّنور أو الكلب و لبول الرّجل و ثلاثين لماء المطر المخالط للبول و العذرة و خرء

ص: 4

الكلاب و عشر للعذرة اليابسة و الدّم القليل كدم الطير و الرّعاف اليسير و سبع لموت الطّير من النعامة و الحمامة و ما بينهما و الفأرة إذا تفسخت و انتفخت و بول الصبي غير البالغ و اغتسال الجنب و لا تطهر عند الشيخ و لوقوع الكلب إذا خرج حيّا و خمس لذرق جلاّل الدّجاج و ثلاث لموت الفأرة و الحيّة و دلو للعصفور و شبهه و بول الرّضيع الذي لم يغتذ بالطعام

فروع

[- ا -] لا فرق بين صغير الحيوان و كبيره و لا بين الذكر و الأنثى و السمين و المهزول و لا بين المسلم و الكافر خلافا لقوم [- ب -] لا فرق بين بول المسلم و الكافر و الأقرب عدم الفرق بين الذكر و الأنثى [- ج -] قيل وجوب السّبع في الجنب يتعلّق بالارتماس بحيث يغطّي ماء البئر رأسه و الرّوايات غير مساعدة له و في رواية محمد بن مسلم الصّحيحة عن أحدهما عليهما السّلام تعليق الحكم على الدّخول و الظاهر أنّ نزح السّبع مع خلوّ البدن عن النجاسة [- د -] يستحبّ نزح ثلاث دلاء للوزغ و العقرب [- ه -] إذا وقع فيها نجاسة لم يقدّر لها منزوح فإن تغيّر الماء نزح حتّى يزول التغيّر و إلاّ فلا شيء عندنا أما القائلون بالتنجيس فقال بعضهم ينزح منها أربعون و آخرون أوجبوا نزح الجميع [- و -] الدلو التي ينزح بها دلو العادة فلو اتّخذ دلوا عظيما تسع العدد فالأقرب عدم الاكتفاء به [- ز -] لا ينجس جوانب البئر بما يصيبها من المنزوح و يحكم بالطهارة عند مفارقة آخر الدّلاء لوجه الماء و المتساقط معفوّ عنه و هو تخريج و لا يجب غسل الدلو بعد الانتهاء [- ح -] لا يجب النّية في النزح و يجوز أن يتولاه الصّبي و البالغ المسلم و غيره مع عدم المباشرة [- ط -] لو وجدت الجيفة في البئر فغيّرت ماءها حكم بالتنجيس من حين الوقوف على التغيّر و لو لم يتغيّر لم ينجس عندنا و عند القائلين به يحكم بالنّجاسة من حين الوجدان [- ي -] لو تكثّرت النجاسة فإن اتحد النوع كفى المنزوح الواحد و إلاّ تعدّد على قول ضعيف [- يا -] الأقرب إلحاق جزء الحيوان بكلّه [- يب -] إنّما يجزي العدد بعد إخراج النجاسة أو استحالتها في البئر [- يج -] لو صبّ الدلو الأول في البئر لم يجب نزح ما زاد على العدد لكن لا يحتسب منه أمّا لو صبّ الأخير فيها فالأقرب إلحاقه بما لم يرد فيه نصّ إن زاد على الأربعين و كذا لو صبّ في غيرها و لو ألقيت النجاسة العينيّة و ما وجب لها من المنزوح في الطاهرة فالأولى التداخل [- يد -] لو غار ماؤها قبل النّزح ثم ظهر فيها بعد الجفاف سقط النزح لتعلّقه بالماء الّذي لا يعلم عوده بعينه لا بالبئر و لسقوطه عند الذّهاب مع عدم دليل تجدّده [- يه -] لو سيق إليها الماء الجاري و صارت متّصلة به فالأولى الطهارة

الفصل الثاني في المضاف و الأسئار

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] المضاف و هو المعتصر أو الممتزج مزجا يسلبه إطلاق الاسم طاهر ما لم يقع فيه نجاسة فينجس و إن كثر و طاهره لا يرفع الحدث إجماعا و لا الخبث على الأصحّ و لو مزج بالمطلق اعتبر في رفعهما ثبوت الإطلاق و يستعمل فيما عداهما فإن نجس لم يجز استعماله في الأكل و الشّرب إلاّ مع الضّرورة و يطهر بإلقاء كرّ من المطلق فما زاد عليه دفعة بشرط أن لا يسلبه الإطلاق و لا يغيّر أحد أوصافه [- ب -] كلّ حيوان طاهر العين فإنّ سؤره طاهر و كلّ ما هو نجس العين فسؤره نجس كالكلب و الخنزير و الكافر و المسوخ إن قلنا بنجاستها فأسئارها نجسة و إلاّ فلا و المسلمون على اختلاف مذاهبهم أطهار عدا الخوارج و الغلاة [- ج -] يكره سؤر الجلاّل و آكل الجيف مع خلوّ موضع الملاقاة من النجاسة و الحائض المتهمة و الدّجاج و البغال و الحمير و الفأرة و الحيّة [- د -] الأقوى أنّ سؤر ولد الزّنا مكروه خلافا لابن بابويه [- ه -] حكم الشيخ بنجاسة سؤر المجسمة و المجبرة و ابن إدريس بسؤر غير المؤمن و المستضعف [- و -] يجوز للرّجل أن يستعمل فضل وضوء المرأة و غسلها و لا يكره و إن خلت به و بالعكس

الفصل الثالث في الأحكام و الأواني

و فيه [- كط -] بحثا [- ا -] إذا حكم بنجاسة الماء لم يجز استعماله في الطهارة مطلقا و لا في الأكل و الشرب إلاّ عند الضرورة [- ب -] يستحبّ أن يكون بين البئر و البالوعة خمس أذرع إن كانت البئر فوقها أو كانت الأرض صلبة و إلاّ فسبع و لو تقاربتا لم يحكم بنجاسة البئر ما لم يعلم وصول ماء البالوعة إليها عند الأكثر و عندي ما لم يتغيّر بمائها [- ج -] الماء المسخّن بالشمس في الآنية يكره الطهارة به و تغسيل الأموات بماء أسخن بالنّار مكروه إلا مع الضّرورة [- د -] الماء المستعمل في إزالة النجاسة نجس سواء كان من الغسلة الأولى أو الثّانية تغيّر بالنجاسة أو لا و للشيخ خلاف هنا و استثنى أصحابنا عنه ماء الاستنجاء فإنّه طاهر ما لم يتغيّر بالنّجاسة أو يقع على نجاسة من خارج المخرج [- ه -] الماء المستعمل في الوضوء طاهر مطهّر إجماعا و كذا المستعمل في الغسل و منع الشيخ من رفع الحدث به [- و -] روى ابن بابويه أنّه يكره التّداوي بالمياه الحارّة من الجبال التي يشمّ منها رائحة الكبريت [- ز -] ماء البحر طاهر مطهّر و خلاف ابن المسيّب و ابن عمر لا اعتداد به مع إجماع المسلمين [- ح -] قد بيّنا أنّ ماء المطر كالجاري فلو سال ميزابان أحدهما بول و الآخر مطر و امتزجا كانا طاهرين و كذا لو وقع المطر على سطح نجس و سال ماؤه كان طاهرا ما لم يتغير بالنّجاسة [- ط -] إذا مات في الماء القليل حيوان له نفس سائلة نجس الماء و لا ينجس لو لم تكن النفس سائلة [- ى -] قد بيّنا أنّ المضاف طاهر غير مطهّر فلو كان معه مطلق لا يكفيه للطهارة و معه ماء ورد إذا تيمّم به كفاه و لم يخرج

ص: 5

عن الإطلاق جاز له التيمم و الطهارة به و هل يجب نصّ الشيخ على عدمه و عندي فيه إشكال [- يا -] الماء إذا تغيّر بطول بقائه لم يخرج عن كونه مطهّرا ما لم يسلبه التغير الإطلاق لكنّه مكروه لقول الصادق عليه السّلام في الماء الآجن لا يتوضّأ منه إلاّ أن لا تجد غيره [- يب -] الحوض الصغير من الحمام إذا نجس لم يطهر بإخراج المادة ما لم تغلب عليه [- يج -] لو وجد في الكرّ نجاسة و شكّ في وقوعها قبل بلوغ الكرية أو بعدها فالأصل الطهارة [- يد -] لو شكّ في نجاسة متيقن الطّهارة أو في طهارة متيقّن النجاسة بنى على اليقين و لو وجده متغيّرا و شكّ في استناد التغيّر إلى النجاسة بنى على الطّهارة [- يه -] لو أخبره عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول و لو أسندها إلى سبب و لو شهد عدلان بالنجاسة وجب الاجتناب و لهذا يرده المشتري و خلاف ابن البراج ضعيف [- يو -] لو علم بالنجاسة بعد الطهارة و شكّ في سبقها عليها فالأصل الصّحة و لو علم سبقها على الطّهارة و شكّ في بلوغ الكرية أعاد و لو شكّ في نجاسة الواقع أو في كون الحيوان الميّت من ذوات الأنفس بنى على الطهارة [- يز -] إذا حصل الجنب عند غدير أو قليب و خشي إن نزل [يزل] فساد الماء رشّ عن يمينه و يساره و أمامه و خلفه ثمّ استعمله [- يح -] إذا كان على جسد الجنب أو الحائض نجاسة عينية كان المستعمل نجسا إجماعا أمّا لو خليا عنها فهو طاهر أيضا و في التطهير به خلاف سبق فلو بلغ المستعمل في الكبرى كرا تردّد الشيخ في زوال المنع و عندنا لا إشكال أما المستعمل في الأغسال المسنونة أو غسل الثوب أو الآنية الطاهرين فإنّه مطهر إجماعا [- يط -] غسالة الحمام لا يجوز استعمالها و في رواية عن الكاظم عليه السّلام لا بأس بها [- ك -] حيوان الماء إن كان ذا نفس سائلة كالتمساح ينجس الماء بموته فيه إن كان قليلا و إلاّ فلا [- كا -] الحيوان المتولّد من الأجسام الطاهرة كالفأرة طاهر و كذا من النّجسة كدود العذرة و الآدمي ينجس بالموت إجماعا منّا [- لب -] الصيد المحلّل إذا وقع في الماء القليل مجروحا خاليا من النجاسة فمات فيه فإن كان الجرح قاتلا فهو حلال و الماء طاهر و إلاّ فلا فيهما سواء علم استناد الموت إلى الماء أو اشتبه و لو قيل إنّه مع الاشتباه يكون الماء طاهرا و الحيوان محرّما عملا بالأصلين كان قويا [- كج -] لو لاقى الحيوان الميّت أو غيّر من النجاسات ما زاد على الكرّ من الماء الجامد ففي التنجيس إشكال ينشأ من قوله عليه السّلام إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء و اليبوسة غير مخرجة عن الحقيقة بل مؤكّدة لتحقّقها فلو نقص عن الكر فهل يكون حكمه حكم الجامدات أم لا فيه تردّد [- لد -] الثلج إن أمكن التطهير به بأن يعتمد المتطهر عليه حتّى يتحقّق مسمّى الغسل جاز و إلاّ فلا و لو اتّصل بالثلج الكثير ماء قليل و وقع فيه نجاسة ففي نجاسته إشكال من حيث إنّه متصل بالكر و إنّه متصل بالجامد اتّصال مماسّة لا ممازجة و اتحاد [- كه -] إذا كان معه إناءان نجس أحدهما و اشتبه اجتنبهما و تيمّم قال الشيخ و يجب الإراقة و ليس بمعتمد عندي و لا يجوز له التحري و حكم ما زاد على إناءين حكمهما في المنع من التحرّي سواء كان هناك أمارة أو لم تكن و سواء كان الطاهر هو الأكثر أو لا و سواء كان المشتبه بالطاهر نجسا أو نجاسة أو مضافا و لو انقلب أحدهما لم يجز التحرّي أيضا و لو خاف العطش أمسك أيّهما شاء و يجوز له تناول أيّهما شاء و لا يلزمه التحري و لو لم يكونا مشتبهين شرب الطاهر و تيمّم و لو استعمل الإناءين و أحدهما نجس مشتبه و صلّى لم تصحّ صلاته و لم يرتفع حدثه سواء قدّم الطهارتين أو صلّى بكلّ واحد صلاة أمّا لو كان أحدهما مضافا فالوجه أنّه يتطهّر بهما و ابن إدريس لم يحصّل الحقّ هنا [- كو -] لو تعارضت البيّنتان في إناءين قال في الخلاف سقطت شهادتهما و رجع إلى الأصل و في المبسوط إن أمكن الجمع نجسا و لم يتعرّض للنقيض و الوجه فيه وجوب اجتنابهما و الحكم بنجاسة أحدهما لا بعينه [- كز -] إذا عجن عجين بماء نجس و خبز لم يطهر و قول الشيخ هنا ضعيف و في رواية يباع على مستحلّي الميّتة و في أخرى يدفن [- لح -] إذا توضأ بالنجس لم يرتفع حدثه فإن صلّى به كانت باطلة سواء خرج الوقت أو لا أمّا لو غسل ثوبه بماء نجس عالما فكذلك و جاهلا يعيد صلاته في الوقت و لو سبقه العلم فكذلك على الأقوى [- كط -] الطهارة بماء زمزم غير مكروهة و يكره ما مات فيه العقرب و الوزغة أو دخلتا فيه حيّين [حيّتين]

المقصد الثاني في الوضوء
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في موجباته

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يجب بخروج البول و الغائط و الريح و النّوم الغالب على السمع و البصر و كلّ ما أزال العقل من إغماء و جنون و سكر و الاستحاضة القليلة [- ب -] الاستحاضة إن كانت قليلة وجب بها الوضوء خاصة و إن كانت كثيرة وجب الوضوء و الغسل معا و كذا يجبان بالحيض و النفاس و مسّ الأموات [- ج -] لا يجب الوضوء بحدث سوى ما ذكرناه من مذي أو وذي أو قيح أو رعاف أو نخامة أو فتح خراج أو مسّ ذكر أو دود خارج من أحد السّبيلين ما لم يكن متلطخا بالعذرة أو قيء أو خروج دم سوى الدماء الثلاثة للمرأة أو مسّ قبل أو دبر و قول ابن بابويه من مسّ باطن ذكره بإصبعه أو باطن دبره انتقض وضوؤه و قول ابن الجنيد من مسّ ما انضمّ عليه الثقبان نقض وضوءه و من مسّ ظاهر الفرج من غير شهوة تطهر إذا كان محرما و من مسّ باطن الفرجين فعليه الوضوء من المحلّل

ص: 6

و المحرّم بعيدان من الصّواب [- د -] القهقهة غير مبطلة للوضوء و إن أبطلت الصّلاة خلافا لابن الجنيد في الحكم الأوّل [- ه -] أكل ما مسته النار لا ينقض الوضوء و كذا شرب اللّبن مطلقا [- و -] الرّدة لا تنقض الوضوء و لا التيمّم و كذا إنشاد الشعر و الكلام الباطل و الغيبة و القدرة و لا حلق الشّعر و لا نتفه و لا قصّ الأظفار و لا القرقرة في البطن [- ز -] لو ظهرت مقعدته لعلّة لم ينتقض الوضوء إلا مع خروج شيء من الغائط و هل يشترط الانفصال فيه إشكال [- ح -] لا تنتقض الطهارة بظنّ الحدث و هو وفاق [- ط -] لو خرج البول أو الغائط أو الرّيح من غير الموضع المعتاد لم ينتقض ما لم يصر معتادا و للشيخ هاهنا تفصيل و لو اتفق المخرج في غير الموضع المعتاد خلقة انتقضت الطهارة بخروج الحدث منه إجماعا و كذا لو انسدّ المعتاد و انفتح غيره أمّا لو لم ينسدّ فإن ساواه في العادة نقض و إن شدّ فلا [- ى -] لو خرج البول من الأغلف حتّى صار في غلفته نقض [- يا -] النّوم ناقض مطلقا متى غلب على الحاستين و قول ابن بابويه الرجل يرقد قاعدا لا وضوء عليه لا يلتفت إليه أمّا السنة فإن حصل معها فقد الإحساس نقضت و إلاّ فلا [- يب -] الاستحاضة القليلة الدّم ناقضة خلافا لابن أبي عقيل و لا تجمع المستحاضة بين صلاتين بوضوء واحد سواء كانا فرضين أو أحدهما أو نفلين و لو توضأت قبل الوقت لم يصحّ و لو انقطع دمها بعد الطهارة قبل الدّخول استأنفت فلو صلّت من غير استئناف أعادت الصّلاة و لو انقطعت في الأثناء فالوجه عدم الاستئناف و هل يجب عليها مقارنة الطّهارة للصّلاة نصّ في المبسوط عليه و نحن نتوقّف مع قربه

الفصل الثّاني في آداب الخلوة
اشارة

و النّظر في أمور ثلاثة

الأوّل في كيفيّة التخلّي

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] يجب ستر العورة مطلقا و هي القبل و الدّبر و يستحبّ ستر جميع البدن [- ب -] يحرم عليه استقبال القبلة و استدبارها بالبول و الغائط في الصحارى و البنيان خلافا لابن الجنيد فيهما و للمفيد و سلار في الأخير و يجب الانحراف في موضع قد بني على ذلك [- ج -] يكره استقبال الشمس و القمر بفرجه في البول و الغائط و استقبال الرّيح بالبول و البول في الأرض الصّلبة و قائما و أن يطمح ببوله في الهواء و في الماء جاريا و راكدا و الجلوس للحدث في المشارع و الشوارع و مواضع اللعن و تحت الأشجار المثمرة و في النزال و حجرة الحيوان و أبنية الدور و المواضع التي يتأذى الناس بها [- د -] يكره السّواك على حال الخلاء و الأكل و الشّرب و الكلام إلاّ بذكر اللّٰه تعالى أو حكاية الأذان أو قراءة آية الكرسي أو حاجة يضرّ فوتها [- ه -] يكره طول الجلوس على الخلاء و أن يمسّ الرّجل ذكره بيمينه عند البول رواه ابن بابويه عن الباقر عليه السلام و استصحاب دراهم بيض رواه الشيخ و الرواية به ضعيفة و الاستنجاء باليمين مكروه و كذا باليسار إذا كان فيها خاتم عليه اسم من أسماء اللّٰه تعالى أو أسماء أنبيائه أو أحد من الأئمّة عليهم السّلام أو فصّه من حجر زمزم فإن كان فيه حوّله

النظر الثاني في آداب التخلي

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] يستحبّ تغطية الرأس عند دخول الخلاء و تقديم اليسرى عنده و اليمنى عند الخروج بخلاف المسجد فيهما [- ب -] يستحبّ التسمية و الدّعاء عند الدّخول و عند الاستنجاء و عند الفراغ و عند الخروج و أن يمسح بطنه عنده [- ج -] يستحب الاستبراء في البول للرّجل فإن وجد بللا بعده كان طاهرا و لا يعيد وضوءه و لو لم يستبرأ أجزأه فإن وجد بللا أعاد طهارته و لو وجده بعد الصّلاة أعاد الوضوء خاصّة و يغسل الموضع

النّظر الثّالث في الاستنجاء

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] يجب غسل مخرج البول بالماء و لا يجزي سواء مع القدرة و أقل ما يجزيه مثلا ما عليه و البكر كالثيب و الأغلف إن كان مرتتقا فكالمختتن و إلاّ كشف البشرة إذا بال و غسل المخرج و لو لم يكشفها وجب كشفها بالغسل المخرج و يجب غسلها مع نجاستها [- ب -] لو تعذّر الماء أجزأه المسح بالحجر و شبهه فإذا تمكّن بعد ذلك وجب الغسل و لو خرج من الذكر دود أو حصى أو غيره مما ليس ببول و لا دم و لا مني لم يجب غسله سواء كان جامدا أو مائعا [- ج -] لو توضّأ قبل غسل المخرج جاز و لو صلّى أعاد الصّلاة خاصة و قول ابن بابويه يعيد الوضوء أيضا ليس بمعتمد [- د -] لو بال لم يجب عليه سوى غسل مخرج البول لا غيره و كذا لو تغوّط و لم يبل لم يجب عليه غسل مخرج البول [- ه -] لا يجب على المرأة إدخال إصبعها في فرجها [- و -] الاستنجاء من الغائط واجب ثم إن تعدّى المخرج لم يجز غير الماء و إلا تخيّر بينه و بين الأحجار و الماء أفضل و الجمع أكمل و حدّه الإنقاء من العين و الأثر و لا اعتبار بالرائحة و يكفي في الأحجار إزالة العين [- ز -] يشترط في الأحجار العدد و هو ثلاثة فلا يجزي الأقل و إن نقي به خلافا للمفيد و لو لم يحصل النقاء بالثلاث وجب الزائد حتى ينقى و يستحب أن يقطع على وتر و لو استعمل الواحد ذا الشّعب الثلاث أجزأه و خلاف الشيخ ضعيف و لو استعمل ثلاثة أحجار كلّ واحد منهم من كلّ حجر بشعبه أجزأهم و يشترط الطّهارة فلا يجزي النجس إجماعا [- ح -] يجوز استعمال ما شابه الحجر في الإزالة كالخرق [كالخزف] و المدر و الخشب و الجلد [- ط -] لا يجوز استعمال الصّقيل كالزّجاج و الفحم الرخو و ما شابهه مما يزلج عن النجاسة [- ى -] لا يجوز استعمال العظم و الروث و لا

ص: 7

المطعوم و لا ما له حرمة كحجر زمزم [- يا -] لو استعمل ما نهي عنه لحرمته فالأقرب الطهارة [- يب -] لو استجمر بالنجس لم يجزيه و لو كسره و استعمل الطاهر جاز و كذا لو أزيلت النجاسة بغسل أو استعمل الطرف الطاهر و لو تقادم عهد الحجر النجس و زالت عين النجاسة لم يطهر و لو استجمر بحجر ثم غسله أو كسر النّجس و استعمل الباقي أجزأه [- يج -] لو استنجى بالخرقة و قلبها جاز الاستنجاء بها ثانيا إن كانت صفيقة تمنع من النفوذ و إلا فلا و يلزم الشيخ إطلاق المنع و لو كانت طويلة جاز استعمال طرفيها و يحصل بالعدد خلافا للشيخ إلاّ بعد القطع [- يد -] يجوز الاستجمار بالصوف و الشعر [- يه -] محل الاستجمار بعد الأحجار المزيلة للعين طاهر [- يو -] إذا حصل الإنقاء طهر سواء تواردت الثلاثة على جميع المحل أو توزعت أجزاؤه و قول بعضهم إنه تلفيق فيكون بمنزلة مسحة و لا يكون تكرارا ضعيف للفرق بينهما [- يز -] إنّما يجب الاستنجاء في مخرج الغائط بخروجه أو خروج نجاسة كالدّم أمّا الدود و الحصى و الحقنة الطاهرة فلا [- يح -] ليس على النائم و لا على من خرج منه ريح استنجاء و هو قول العلماء كافة [- يط -] الواجب في الاستنجاء إزالة النجاسة عن الظاهر [- ك -] لو انسدّ المخرج المعتاد و انفتح آخر ففي إجزاء الاستجمار فيه إشكال [- كا -] لا يفتقر مع استعمال الماء إلى تراب إجماعا

الفصل الثّالث في آداب الوضوء

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] السواك مندوب إليه مرغّب فيه و فيه فضل كثير و ليس بواجب و آكده عند الوضوء و الصّلاة و السّحر و يكره في الخلاء و الحمام و يجوز للصائم نهارا بالرطب و اليابس في أوّل النهار و آخره و يكره تركه أكثر من ثلاثة أيّام و فيه اثنا عشر فائدة رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام قال هو من السّنة و مطهرة للفم و مجلاة للبصر و يرضي الرحمن و يبيض الأسنان و يذهب بالحفر و يشدّ اللّثة و يشهي الطعام و يذهب بالبلغم و يزيد في الحفظ و يضاعف الحسنات و يفرح به الملائكة [- ب -] يستحب وضع الإناء على اليمين و الاغتراف بها إن كانت الآنية يغترف منها باليد [- ج -] يستحبّ غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء مرّة واحدة من حدث النّوم و البول و مرتين من الغائط و ثلاثا من الجنابة و ليس بواجب و الظاهر أنّ المراد باليد هنا من الكوع و كراهة غمس بعضها قبل الغسل كالجميع و كذا غمسها قبل كمال العدد و كغمسها قبل الشروع [- د -] لا فرق بين كون يد النائم مشدودة أو مطلقة أو في دعاء أو كون النائم مسرولا أو لا عملا بالعموم [- ه -] هذا الاستحباب مختصّ بالمسلم المكلّف [- و -] المراد من النوم الناقض قلّ زمانه أو كثر [- ز -] لا يفتقر غسل اليدين إلى نيّة و لا تسمية [- ح -] لو اجتمعت أحداث الثلاثة تداخل الغسل [- ط -] يستحبّ التّسمية عند الطهارة و ليست واجبة و لو فعلها خلال الطهارة لم يأت بالمستحبّ و صورتها بسم اللّٰه و باللّٰه اللّٰهمّ اجعلني من التّوابين و اجعلني من المتطهّرين [- ي -] يستحب المضمضة و الاستنشاق باليمنى ثلاثا ثلاثا قبل الوضوء و ليسا بواجبين يبدأ بالمضمضة ثلاثا ثمّ يستنشق ثلاثا و يستحبّ فيهما الدعاء

الفصل الرّابع في آداب الحمام و غيره
اشارة

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] يجب عليه إذا دخل الحمام ستر عورتيه قبله و دبره و يستحبّ دخوله بمئزر إذا لم يره غيره [- ب -] قال الصّادق عليه السّلام إذا دخلت الحمام فقل في الوقت الذي تنزع ثيابك اللّٰهمّ انزع عنّي ربقة النّفاق و ثبّتني على الإيمان فإذا دخلت البيت الأوّل فقل اللّٰهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ نفسي و أستعيذ بك من أذاه و إذا دخلت البيت الثاني فقل اللّٰهمّ أذهب عنّي الرّجس النجس و طهّر جسدي و قلبي و خذ من الماء الحارّ و ضعه على هامتك و صبّ منه على رجليك و إن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل فإنّه ينقي المثانة و البث في البيت الثاني ساعة فإذا دخلت البيت الثالث فقل نعوذ باللّٰه من النار و نسأله الجنّة تردّدها إلى وقت خروجك من البيت الحار و إياك و شرب الماء البارد و الفقّاع في الحمام فإنّه يفسد المعدة و لا تصبّن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن و صبّ الماء البارد على قدميك إذا خرجت فإنّه يسل الداء من جسدك فإذا لبست ثيابك فقل اللّٰهمّ ألبسني التقوى و جنّبني الرّدى فإذا فعلت ذلك أمنت من كل داء [- ج -] يجوز قراءة القرآن في الحمام و يكره للعريان و يجوز النكاح فيه [- د -] روي عن الصّادق عليه السلام قال لا تتّك في الحمام فإنّه يذيب شحم الكليتين و لا تسرّح في الحمام فإنه يرقّق الشعر و لا تغسل رأسك بالطين فإنّه يسمج الوجه و لا تتدلّك بالخزف فإنّه يورث البرص و لا تمسح وجهك بالإزار فإنّه يذهب بماء الوجه و روي أن المراد بذلك طين مصر و خزف الشام و قال الكاظم ع لا تدخلوا الحمام على الرّيق و لا تدخلوه حتى تطعموا شيئا [- ه -] قال الصادق عليه السّلام غسل الرّأس بالخطمي في كلّ جمعة أمان من البرص و الجنون و قال عليه السّلام غسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر و يزيد في الرزق [- و -] يستحبّ التّنوير في كلّ خمسة عشر يوما مرة

فصول في الفطرة

[- ا -] حلق العانة مستحب و السنة إزالتها بالنّورة [- ب -] نتف الإبط من الفطرة و كان الصادق عليه السّلام يطلي إبطيه في الحمام و يقول نتف الإبط يضعف المنكبين و يوهن و يضعف البصر و قال عليه السّلام حلقه أفضل من نتفه و طليه أفضل من حلقه [- ج -] قصّ الأظفار من الفطرة قال الرضا عليه السّلام قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء و استحموا يوم الأربعاء

ص: 8

و أصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس و تطيّبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة [- د -] قصّ الشارب من الفطرة قال الصادق عليه السّلام أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام و عن الباقر عليه السّلام قال من أخذ من أظفاره و شاربه كلّ جمعة و قال حين يأخذه بسم اللّٰه و باللّٰه و على سنّة محمّد و آل محمّد صلوات اللّٰه عليه و عليهم لم يسقط منه قلامة و لا جزازة إلاّ كتب اللّٰه تعالى له بها عتق نسمة و لم يمرض إلاّ مرضة الّذي يموت فيه [- ه -] فرق الرأس من الفطرة قال الصادق عليه السّلام من اتّخذ شعرا فلم يفرقه فرقه اللّٰه بمنشار من نار [- و -] السّنن الحنيفيّة عشر خمس في الرأس و هي المضمضة و الاستنشاق و السّواك و فرق الشعر و قصّ الشّارب و خمس في البدن قصّ الأظفار و حلق العانة و الإبطين و الختان و الاستنجاء [- ز -] يستحبّ إزالة الشعر من الأنف قال الصادق عليه السّلام إنه يحسّن الوجه [- ح -] اتخاذ الشعر أفضل من إزالته [- ط -] يستحبّ الخضاب قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من أطلى و اختضب بالحنّاء آمنه اللّٰه عزّ و جلّ من ثلاث خصال الجذام و البرص و الأكلة إلى طلية مثلها و قال الصادق عليه السّلام الخضاب بالسّواد أنس للنّساء و مهابة للعدو و قال عليه السّلام في قوله تعالى وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ قال منه الخضاب بالسواد و قتل الحسين بن عليّ عليه السّلام و هو مخضوب بالوسمة و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله لعلي عليه السّلام يا علي درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم في غيره في سبيل اللّٰه و فيه أربع عشرة خصلة يطرد الرّيح من الأذنين و يجلو البصر و يلين الخياشيم و يطيّب النكهة و يشدّ اللّثة و يذهب بالصّفار و يقلّ وسوسة الشيطان و تفرح به الملائكة و يستبشر به المؤمن و يغيظ به الكافر و هو زينة و طيب و يستحيي منه منكر و نكير و هو براءة له في قبره

الفصل الخامس في أفعال الوضوء و كيفيّته
اشارة

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -]

النّية
اشارة

شرط في الطهارة المائية بنوعيها و الترابية و هي القصد و محلّها القلب فلا يشترط النطق و لو نطق بها و لم تخطر بباله لم يجزه و لو نطق بغير ما نواه فالمعتبر النّية القلبيّة و كيفيّتها أن ينوي التقرب إلى اللّٰه تعالى على جهة الوجوب أو النّدب و هل يشترط استباحة شيء لا يستباح إلاّ بالطّهارة أو رفع الحدث و هو إزالة المانع من كلّ فعل يفتقر إلى الطهارة أو لا يشترط خلاف و وقتها عند غسل الكفين و يتضيّق عند غسل الوجه و يجب استدامتها حكما إلى الفراغ

فروع

[- ا -] لو نوى ما لا يشرع له الطهارة كالأكل مثلا لم يرتفع حدثه إجماعا [- ب -] لو نوى ما ليس من شرطه الطهارة بل من فضله كقراءة القرآن أو النوم قال الشيخ لا يرتفع حدثه لأنّه لم ينو رفعه و لا ما يتضمّنه و عندي فيه توقّف أمّا لو نوى وضوءا مطلقا فالوجه ما قاله الشيخ [- ج -] لو جدّد الطهارة فتبيّن أنّه كان محدثا ففي الإجزاء إشكال [- د -] لو نوى المجنب الاستيطان في المسجد أو قراءة العزائم أو مسّ الكتابة ارتفع حدثه أمّا لو نوى الاجتياز نصّ الشيخ على عدمه [- ه -] لو ضمّ نية التبرّد إليها أجزأه لحصوله بدونها أمّا لو ضمّ الرياء فالوجه عندي البطلان [- و -] لو غربت النيّة عن خاطره في أثناء الطهارة أجزأه [- ن -] لو نوى قطع النّية في أثناء الطّهارة لم يبطل فعله الأوّل و لا اعتداد بما فعله بعده و لو أعاد النية أعاد ما فعله بغير نيّة بشرط عدم طول الفصل المؤدي إلى الجفاف [- ح -] لو شكّ في النّية بعد الفراغ لم يلتفت و لو كان في الأثناء أعاد [- ط -] لو وضّأه غيره اعتبرت نيّة المتوضّئ [- ي -] الكافر لا يصحّ منه الطّهارة و إن وجبت عليه لاشتراط الإسلام في صحّة التقرّب [- يا -] لو نوى بطهارته صلاة معيّنة ارتفع حدثه و جاز الدّخول به في غيرها [- يب -] المستحاضة و صاحب السلس و المتيمّم ينوون استباحة الصّلاة دون رفع الحدث [- يج -] لو فرّق النّية على أعضاء الوضوء لم يجز أمّا لو نوى لكلّ فعل بانفراده ففي الإجزاء نظر [- يد -] لا يعتبر النّية في رفع الخبث عن البدن و الثوب إجماعا [- يه -] لو اجتمعت أسباب توجب الوضوء كفى الواحد و لا يجب تعيين الحدث المرفوع و لو نوى رفع حدث معيّن ارتفع الباقي و لو كان عليه أغسال قال الشيخ رحمه اللّٰه إن نوى غسل الجنابة أجزأ عن غيره و إن نوى غيره لم يجز عنه و فيه قوة

- ب - الثاني يجب غسل الوجه
اشارة

و حدّه من قصاص شعر الرأس إلى مجاوز شعر الذقن طولا و ما دارت عليه الإبهام و الوسطى عرضا فالخارج ليس من الوجه و يجب أن يغسل من أعلى الوجه إلى الذقن فلو نكس لم يجزئه على الأقوى و لا يجب غسل ما استرسل من اللحية و لا تخليلها بل يغسل الظاهر

فروع

[- ا -] لو نبت للمرأة لحية فكالرّجل [- ب -] لا يجب تخليل الأهداب و لا الشارب و لا العنفقة و لا الحواحب سواء كانت كثيفة أو خفيفة بل يجب غسل هذه المواضع إن فقد الشعر و إلاّ فإمرار الماء على ظاهر الشّعر و قول ابن أبي عقيل متى خرجت اللّحية و لم تكثر فعلى المتوضئ غسل الوجه حتّى يصل الماء إلى بشرته غير معتمد [- ج -] لا اعتبار بالأنزع و لا الأغم و لا من يفضل يداه عن المعتاد أو تقصر أو يخرج وجهه في القدر عن المعتاد بل يرجع كلّ منهم إلى مستوي الخلقة بمعنى أنّ كلّ ما يجب غسله في المستوي يجب هنا [- د -] لا يجب غسل ما خرج عمّا حددناه كالعذار و لا

ص: 9

يستحب بل يحرم إن اعتقده [- ه -] الأذنان ليستا من الوجه لا يجوز غسلهما للوضوء و لا تخليلهما [- و -] لو غسل الشعر النابت على الوجه ثمّ زال عنه أو انقلعت جلدة من بدنه أو ظفره أو قصّه لم يؤثّر في طهارته

- ز - يجب غسل اليدين
اشارة

و حدّهما من المرفق إلى أطراف الأصابع و يجب أن يبدأ باليمين قبل اليسار و بالمرفق ثمّ ينتهي إلى الأصابع فلو نكس لم يجزئه على الأقوى و يجب إدخال المرفق في الغسل و الواجب فيه و في غسل الوجه ما يسمّى غسلا بأقل اسمه و لا يجزيه المسح

فروع

[- ا -] لو قطع بعض يديه وجب غسل الباقي من المرفق و لو قطعت من المرفق سقط فرض غسلها [- ب -] لو خلق له لحم نابت أو جلد منبسط في محلّ الفرض أو يد زائدة أو إصبع وجب غسله و لو كانت فوق المرفق لم يجب غسلها سواء حاذى بعضها محلّ الفرض أو لا [- ج -] لو لم يعلم اليد الزائدة من الأصليّة غسلهما [- د -] لو انقلعت جلدة من غير محلّ الفرض حتّى تدلت من محلّ الفرض وجب غسلهما و بالعكس لا يجب و لو انقلعت من أحد المحلّين فالتحم رأسها في الآخر و بقي وسطها متحافيا كان حكمها حكم النابت في المحلين [- ه -] الوسخ تحت الظفر المانع من وصول الماء إلى ما تحته يجب إزالته إن لم يشقّ

- و - يجب مسح الرأس
اشارة

و أقلّه ما يحصل به اسم المسح و يستحبّ قدر ثلاث أصابع عرضا و محلّه مقدّم الرأس و يجب بنداوة الوضوء فلا يجوز استئناف ماء جديد له و يجوز مقبلا و مدبرا على كراهية و على البشرة و الشعر المختص بها و لو جمع عليه شعر غيره و مسح عليه لم يجز و كذا لو مسح على ساتر كالعمامة

فروع

[- ا -] لو جفّ ماء الوضوء أخذ من لحيته و أشفار عينيه و مسح برأسه فإن لم يبق نداوة استأنف الوضوء [- ب -] لو مسح على حائل رقيق لا يمنع من وصول الماء إلى البشرة لم يجزه [- ج -] قد بيّنا أنّ المسح لا يتقدّر بقدر بل الواجب أقلّ اسم المسح فالزائد عليه لا يوصف بالوجوب و كذا في كلّ ما يشبهه [- د -] يستحبّ أن تضع المرأة القناع و يتأكد في المغرب و الصبح [- ه -] لو غسل موضع المسح لم يجزه [- و -] لا يمسح على [الجمّة] الجبهة و لا على ما يجمع على مقدّم الرأس من غير شعر المقدّم و لو خضب رأسه بما يستره أو طيّنه لم يجز المسح عليه و لو كان على رأسه جمّة فأدخل يده تحتها و مسح أجزأه [- ز -] مسح جميع الرأس بدعة و كذا مسح الأذنين

- ح - يجب مسح الرجلين
اشارة

من رءوس الأصابع إلى الكعبين و هما النابتان في وسط القدم و يجوز منكوسا و البدأة بأيّهما كان و يجب المسح على البشرة و يحرم على الحائل كالخفّ و شبهه إلاّ مع الضّرورة أو التقيّة و لو زال السّبب أعاد الطهارة على أحوط القولين و لو قطع بعض موضع المسح مسح على ما بقي و لو قطع من الكعب سقط المسح

فروع

[- ا -] لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح بل يجزي بإصبع واحدة [- ب -] يجب المسح بنداوة الوضوء كما قلنا في الرأس و لا يجوز استئناف ماء جديد فإن لم يبق نداوة أخذ من لحيته و أشفار عينيه و مسح برجليه فإن لم يبق استأنف و لو أخرج رجليه من الماء و مسح عليهما رطبتين ففي الإجزاء نظر [- ج -] يجب الانتهاء في المسح إلى الكعبين و هما المفصلان اللذان يجتمع عندهما القدم و الساق و يجب إدخالهما في المسح [- د -] الواجب المسح فلا يجزي الغسل بل يبطل طهارته معه و لو فعله للتقيّة أو للضّرورة صحّ وضوؤه فلو زال السبب ففي الإعادة نظر [- ه -] لو أراد التنظيف قدّم غسلهما على الطّهارة أو أخّره [- و -] يجوز المسح على النعل العربيّة و إن لم يدخل يده تحت الشراك

الفصل السّادس في الأحكام

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] الترتيب واجب يبدأ بالوجه ثمّ باليد اليمنى ثم اليسرى ثمّ يمسح الرأس ثمّ الرجلين فلو خالف عمدا أعاده و نسيانا يعيد إن كان جفّ الوضوء و إلا غسل على ما يحصل معه الترتيب فلو نكس صح غسل الوجه و لو نكس ثانيا مع بقاء الرطوبة حصل به و باليمنى و لو نكس ثالثا معه حصل باليسرى ما لم يستأنف و لو غسل أعضاءه دفعة حصل بالوجه و لو تواردت عليه في الماء الجاري جريات ثلاث حصل بالأعضاء المغسولة و لو انغمس في الواقف ناويا رفعه حصل بالوجه و لو أخرج أعضاءه مرتبا حصل بالمغسولة و لو لم يرتّب حصل بالوجه إدخالا و باليمنى إخراجا [- ب -] الموالاة واجبة و هي المتابعة بين الأعضاء مع الاختيار و مراعاة الجفاف مع الاضطرار و لو أخلّ بها فعل محرما و الوجه أنّه لا يبطل وضوؤه إلاّ مع الجفاف و قبل الإكمال و لو فرّق لعذر لم يجب الإعادة إلاّ مع الجفاف في الهواء المعتدل و لو جفّ ماء الوضوء لحرارة الهواء المفرطة جاز البناء و مع إفراط حرارته يغسل متواليا بحيث لو اعتدل لم يحكم بجفاف السابق [- ح -] و لا يجوز استئناف ماء جديد المسح [- ج -] الفرض في الغسلات مرة و الثانية سنة و قول ابن بابويه متروك و الثالثة بدعة و لا تكرار في المسح إجماعا و لو غسل بعض أعضائه مرة و بعضها مرّتين جاز و لو اعتقد وجوب الثانية لم يثب بفعلها عليه و هل يخرج ماؤها عن كونه ماء الوضوء و يحرم المسح به إشكال أقربه ذلك [- د -] كلّ ما يمنع من إيصال الماء إلى البشرة يجب إزالته أو تحريكه بحيث يصل الماء إلى البشرة و لو كان الخاتم واسعا استحبّ تحريكه [- ه -] الجبائر تنزع و يمسح على العضو مع المكنة أو يكرّر الماء حتى تصل إلى البشرة أولا مسح عليها سواء

ص: 10

كان العضو تحتها طاهرا أو نجسا و لو زال العذر و استأنف على إشكال و لو استوعبت الجبيرة محلّ الفرض مسح عليها أجمع و لو تعدّته مسح على المحاذي خاصّة و لو تجاوزت محلّ الكسر بما لا بدّ منه فكالمكسور بخلاف ما منه بدّ و لا توقيت في المسح عليها و لا فرق بين الطهارتين فيها و لا بين شدّها على طهارة و غيرها و إذا اختصّت بعضو مسح عليها و غسل الباقي فلا تيمّم معه و لو عمّت مسح على الجميع و لو استضرّ بالمسح تيمّم [- و -] يحرم أن يوضّئه غيره مع المكنة و يجوز مع الضرورة و يكره الاستعانة [- ز -] من توضأ لصلاة جاز أن يدخل به في غيرها و كذا من توضأ لنافلة دخل به في الفريضة و بالعكس [- ح -] لا يجوز للمحدث مسّ كتابة القرآن و يجوز لمس هامشه فلا فرق بين المنسوخ حكمه و غيره أما المنسوخ تلاوته فيجوز لمسه [- ط -] من دام به السّلس يتوضأ لكلّ صلاة و من به البطن إذا تجدّد حدثه في الصّلاة قال الشيخ يتطهّر و يبني [- ي -] يستحب الدعاء عند غسل كل عضو و مسحه [- يا -] يستحب أن يبدأ الرّجل بغسل ظاهر ذراعيه و في الثانية بالباطن و المرأة بالعكس [- يب -] يستحب أن يتوضّأ بمدّ و يغتسل بصاع [- يج -] يكره مسح بلل الوضوء عن الأعضاء [- يد -] يجب أن يكون ماء الغسل و الوضوء مملوكا أو في حكمه فلو توضأ أو اغتسل بالمغصوب مع علمه بالغصبيّة لم يرتفع حدثه و لا يعذر لو علم الغصب و جهل التحريم و كذا لو اشتراه بعين مغصوبة أمّا لو اشتراه شراء فاسدا أو كانت الآنية التي يغترف منها أو التي يفيض بها الماء على بدنه أو كان مصبّ الماء مغصوبا فالوجه صحة الطهارة على إشكال و لو استعمل المغصوب في إزالة النجاسة طهر و أثم

الفصل السّابع في السّهو
اشارة

فيه من تيقن الحدث و شك في الطهارة تطهّر و كذا لو تيقّنهما و شكّ في المتقدّم و لو تيقّن ترك عضو أتى به و بما بعده إن لم يجفّ المتقدّم و إلا أعاد و لو شكّ في شيء من أفعال الطهارة فإن كان على حال الطهارة أعاد على ما شك فيه و ما بعده إن لم يجف المتقدّم و إن انصرف لم يلتفت و لو ترك غسل أحد المخرجين و صلّى أعاد الصّلاة دون الطهارة عامدا و ناسيا و جاهلا و لو جدّد ندبا و صلّى و ذكر إخلال عضو مجهول أعاد إن اشترطنا نيّة الاستباحة أو رفع الحدث بخلاف الشكّ بعد الانصراف و إلاّ فلا و لو صلّى بكل منهما صلاة أعادهما على الأوّل و إلاّ الأولى و لو أحدث عقيب طهارة منهما و لم يعلمها أعاد الصّلاتين مع الاختلاف و إلا واحدة ينوي بها ما في ذمّته و كذا لو صلّى بطهارة ثمّ أحدث و توضأ و صلّى أخرى و ذكر إخلال عضو من إحداهما لا بعينها و لو صلّى الخمس و ذكر الحدث عقيب إحدى الطهارات أعاد أربعا و ثلاثا و اثنين

فروع

[- ا -] لو ظنّ الحدث مع يقين الطهارة لم يلتفت إلى الظنّ [- ب -] لو تيقّن وقت الزوال أنّه نقض طهارة و توضأ عن حدث و شكّ في السابق استصحب حال السّابق على الزوال و لو شكّ في الطّهارة و الحدث نظر إلى ما قبل ذلك الزمان و استصحب حاله [- ج -] لا يجوز لمن لحقه الشك في تعيين ترك العضو من إحدى الطّهارتين مع تخلّل الحدث أن يصلّي ثالثة إلاّ بطهارة ثالثة و لا أن يقضي إحداهما إلاّ بثالثة [- د -] يمنع الصبي من مسّ كتابة القرآن [- ه -] الدراهم المكتوبة عليها القرآن يحرم مسّها للمحدث [- و -] لو غسل المحدث بعض أعضائه لم يخرج عن المنع [- ز -] لو تصفحه بكمّه أو قلبه بعود أو كتب المصحف بيده لم يكن به بأس [- ح -] يجوز مسّ كتب التفاسير و الأحاديث و كتب الفقه للمحدث و الجنب إجماعا

المقصد الثالث في الغسل
اشارة

و فيه مقدّمة و فصول

أمّا المقدّمة

ففي أنواعه و هي ضربان واجب و ندب فالواجب ستّة غسل الجنابة و الحيض و الاستحاضة و النفاس و مسّ الأموات من الناس بعد بردهم بالموت و قبل تطهيرهم بالغسل و غسل الأموات و الندب ثلاثون غسل يوم الجمعة و ليس بفرض على الأصحّ و وقته من الفجر الثاني إلى الزّوال فلو اغتسل في أي زمان منه أجزأه و كلما قرب منه كان أفضل و يقضي لو فات يوم السّبت و الأقرب بعد ظهر الجمعة نيّة القضاء و لو خاف عوز الماء قدّمه يوم الخميس و لو وجده فيه فالأقرب استحباب إعادته فلو تركها أو تركه فيه تهاونا ففي استحباب قضائه يوم السّبت إشكال و لو أحدث عقيبه أجزأه و كفاه الوضوء و هو مستحبّ لآتي الجمعة و تاركها و لا بدّ فيه من النيّة و كيفيّته مثل غسل الجنابة و أوّل ليلة من شهر رمضان و ليلة نصفه و سبع عشرة و تسع عشرة و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين و ليلة الفطر و يومي العيدين و ليلة نصف رجب و يوم المبعث و ليلة نصف شعبان و يوم الغدير و يوم المباهلة و يوم عرفة و يوم نيروز الفرس و غسل الإحرام و الطواف و زيارة النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام و المفرّط في صلاة الكسوف مع احتراق القرص كلّه على رأي و المولود و من سعى إلى مصلوب بعد ثلاثة أيام ليراه و التّوبة عن فسق أو كفر و صلاة الحاجة و صلاة الاستخارة و غسل دخول الحرم و المسجد الحرام و مكّة و الكعبة و المدينة و دخول مسجد النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله و ما يستحب للفعل و المكان يقدّم عليهما و ما يستحبّ للزمان يكون بعد دخوله و لو اجتمعت

ص: 11

أغسال مندوبة لم يتداخل و لو انضمّ إليها غسل واجب كفاه نيّته على قول ضعيف و الوجه جواز الإتيان بها للجنب و الحائض كالمحدث

الفصل الأوّل في الجنابة
اشارة

و مطالبه ثلاثة

الأوّل في السبب

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] إنّما تكون الجنابة بالجماع في القبل بحيث تغيب الحشفة أو الدّبر على رأي و إنزال المني و هو الماء الغليظ الذي يقارنه الشهوة و فتور الجسد و منيّ المرأة رقيق أصفر و يشترك فيهما الرّجل و المرأة و لو لم يعلم كون الخارج منيّا اعتبر بالدفق و الشهوة و علم أنّه منيّ وجب الغسل و إلاّ فلا [- ب -] كيف خرج المني وجب الغسل سواء كان بشهوة أو لا بدفق أو لا يقظة و نوما [- ج -] لو أحسّ بانتقال المنيّ فأمسك ذكره فلم يخرج فلا غسل [- د -] لو رأى في النّوم أنّه قد احتلم فاستيقظ فلم يجد منيّا لم يجب الغسل إجماعا و لو استيقظ فوجد المنيّ وجب الغسل و لا اعتبار بالعلم بالخروج في وقته و لو استيقظ فرأى مذيا لم يجب الغسل سواء تذكّر الاحتلام أو لا و لو رأى في ثوبه منيّا فإن كان الثوب مختصّا به وجب الغسل و إلاّ فلا و يعيد الصّلاة من آخر نومة إلاّ أن يدلّ أمارة على التّقدم فيعيد من أدنى نومة تحتمل الإضافة إليها و قول الشيخ هنا مدخول و هل يجوز لأحد المشتركين في الثوب الواجدين المني فيه الائتمام بصاحبه الأقرب نعم لأنّ الشّرع أسقط نظره عنهما و يجوز لكلّ منهما قراءة العزائم و غيرها [- ه -] لو خرج منيّ الرّجل من فرج المرأة بعد غسلها لم يجب عليها الغسل [- و -] الجماع الذي يحصل معه التقاء الختانة موجب للغسل على الرّجل و المرأة سواء حصل الإنزال أو لا [- ز -] الأصحّ عندي وجوب الغسل بالجماع في دبر المرأة على الرجل و المرأة و كذا بالجماع في دبر الغلام [- ح -] في وطء البهيمة المجرّد عن الإنزال إشكال أقربه عدم الوجوب [- ط -] لا فرق بين وطء الحيّ و الميّت البالغ و غيره المكره و الطائع و النّائم و المستيقظ [- ي -] لو غيّب بعض الحشفة و لم ينزل لم يجب الغسل و لو انقطعت الحشفة أو لم تكن له خلقة فأولج الباقي بقدر الحشفة وجب الغسل [- يا -] لو أولج ذكره في قبل خنثى مشكل أو أولج الخنثى المشكل ذكره أو وطئ أحدهما الآخر ففيه إشكال ينشأ من احتمال كون أحدهما زائدا و من حيث تعلّق الحكم بالتقاء الختانين من غير اعتبار الأصالة و الزيادة و مع الإنزال يختص الغسل بالمنزل [- يب -] لو وطئ الصّبي أو الصّبية ففي لحوق حكم الجنابة بهما إشكال [- يج -] لو لحق الكافر السّبب لحقه الحكم و لو أسلم وجب عليه الغسل سواء اغتسل حال كفره أو لا [- يد -] لو ارتدّ المغتسل لم يبطل غسله

المطلب الثّاني في أحكام الجنابة

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] يحرم على الجنب قراءة كلّ واحدة من العزائم و هي سجدة لقمان و حم السّجدة و النجم و اقرأ باسم ربّك و يتناول التحريم السّورة و أبعاضها و لو نوى بالتّسمية جزأها حرم و لا يحرم قراءة غير العزائم و يكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غيرها و يتأكد الكراهيّة في سبعين و ما زاد و قول بعض أصحابنا إنّ الزائد على السّبعين حرام ضعيف [- ب -] يحرم عليه مسّ كتابة القرآن و ما عليه اسم اللّٰه تعالى و هل يحرم مسّ اسم أحد من الأنبياء أو الأئمّة عليهما السّلام قال الشيخان نعم و الأولى عندي الكراهيّة [- ج -] يكره له مسّ المصحف و حمله و يجوز مس كتب التفسير و الأحاديث و حمل المصحف بغلافه و مسّ كتابة التوراة و الإنجيل و القرآن المنسوخ تلاوته أما المنسوخ حكمه خاصّة فلا و يجوز له أن يذكر اللّٰه تعالى [- د -] يحرم عليه اللبث في المساجد خلافا لسلاّر و يجوز له الاجتياز إلا في المسجد الحرام و مسجد النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله فإنّ الجواز فيهما محرّم و لو احتلم في أحدهما تيمّم للخروج [- ه -] يحرم عليه وضع شيء فيها و يجوز له أخذ ماله منها [- و -] لو خاف الجنب على نفسه أو ماله و لم يمكنه الخروج من المسجد و لا الغسل تيمّم و جلس فيه إلى أن تزول الضّرورة و لو توضأ لم يجز له الاستيطان فيه [- ز -] يكره له النّوم قبل الوضوء و الأكل و الشرب قبله أو قبل المضمضة و الاستنشاق و الجماع قبل الغسل للمحتلم و لا بأس بتكرير الجماع و الخضاب و الادهان

المطلب الثّالث في الغسل

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] إذا أجنب الرّجل أو المرأة وجب عليهما الغسل و اختلف الفقهاء في وجوبه لنفسه أو لغيره و الأقرب الأوّل و قد بيّنا وجه القولين و صحّحنا الحقّ منهما في كتاب منتهى المطلب و بيّنا خطأ ابن إدريس [- ب -] النّية شرط في الغسل و وقتها عند غسل اليدين و يتضيّق عند غسل الرأس و يجب استدامتها حكما و يكفيه أن ينوي مع الوجوب و القربة رفع الحدث و إن لم يذكر السّبب [- ج -] يجب إيصال الماء إلى كلّ البشرة بأقلّ ما يسمّى غسلا و لو كان بعض أجزاء البدن محتاجا إلى التخليل وجب و كذا يجب نقض الضفائر إن لم يصل الماء إلى أصولها إلاّ به و يجب إيصال الماء إلى أصول الشعر و يستحب تخليل ما يصل إليه الماء [- د -] الترتيب شرط فيه يبدأ بالرأس و الرقبة ثمّ بالجانب الأيمن ثمّ الأيسر فيعيد ما يحصل معه الترتيب لو خالف و يسقط عن المرتمس على الأقوى و عن الواقف تحت المطر أو الميزاب أو المجرى و لو بقيت لمعة في جسده أجزأه غسلها إن كانت في الأيسر و إلا غسلها و أعاد الأيسر و لو وجد المرتمس اللمعة ففي إعادة غسله نظر [- ه -] لا فرق بين

ص: 12

الرّجل و المرأة في ذلك كلّه [- و -] لا يجب غسل المسترسل من الشعر و اللحية بل البشرة المستورة بهما سواء كان الشعر خفيفا أو كثيفا و يجب غسل الحاجبين و الأهداب ليصل الماء إلى ما تحتها و يستحبّ تخليل الأذنين مع الوصول و يجب لا معه [- ز -] الموالاة غير واجبة هنا إجماعا [- ح -] يستحب الاستبراء للرّجل المجنب عن الإنزال بأن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثم منه إلى طرفه ثم ينتره ثلاثا ثلاثا و للشيخ قول بالوجوب و المضمضة و الاستنشاق ثلاثا ثلاثا و إمرار اليد على الجسد و كذا في الوضوء على أعضائه و الغسل بصاع فما زاد و الدعاء [- ط -] يكفي غسل الجنابة عن الوضوء فإن توضّأ معتقدا عدم الإجزاء كان مبدعا و لا يستحب و إن اعتقد الإجزاء و الأقرب عدم اكتفاء غيره عنه [- ي -] لو اجتمعت أغسال واجبة كفى الواحد فإن نوى رفع الحدث أو الجنابة أجزأ عن الوضوء و إن نوى الحيض أو غيره فعلى عدم الاجتزاء إشكال في رفع الجنابة فإن قلنا برفعه فلا وضوء و إلاّ وجب و هل يرتفع مع الوضوء فيه نظر ينشأ من الإذن في الدخول في الصّلاة للحائض معهما و من كون الغسل غير رافع للجنابة لعدم إرادته و لا الوضوء لعدم صلاحيّته فنحن في هذا من المتوقّفين [- يا -] إذا جرى الماء تحت قدمي الجنب أجزأه و إلاّ غسلهما [- يب -] إذا اغتسل المنزل ثمّ رأى بللا بعده فإن تيقّن أنّه منيّ أو لم يعلمه و لم يبل و لم يستبرئ أعاد و لو بال و لم يجتهد توضأ و لو بال و اجتهد لم يلتفت [- يج -] لو صلّى ثمّ رأى بللا علم أنّه منيّ أعاد الغسل لا الصّلاة على الأقوى [- يد -] لو جامع و لم ينزل لم يجب الاستبراء و لو رأى بللا يعلم أنه منيّ أعاد الغسل أما المشتبه فلا بخلاف الموجود بعد الإنزال [- يه -] الاستبراء على الرّجال خاصّة فلو رأت المرأة بللا فلا إعادة لأنّ الظاهر أنه من مني الرّجل و أوجب ابن إدريس الإعادة [- يو -] لو حدث في أثناء الغسل قيل يعيد و قيل يتمّ و لا شيء عليه و قيل يتمّ و يتوضأ و الأوّل أقرب و لو أحدث في أثناء غيره من الواجبات فالأقرب أنه كذلك لكن إن كان قدم الوضوء وجب إعادته و لو أحدث في أثناء المندوب فالوجه الإتمام إن قلنا بعدم رفع الحدث [- يز -] لا يجوز أن يغسّله غيره مع القدرة و يجوز لا معها و يكره الاستعانة [- يح -] هل يجب على الزوج ثمن الماء الّذي تغتسل به المرأة الأقرب عدمه مع غنائها و وجوب تخليتها لتنتقل إلى الماء إليها

الفصل الثّاني في الحيض
اشارة

و هو الدم الأسود الغليظ الّذي يخرج بحرقة و حرارة غالبا و لقليله حدّ يقذفه الرّحم مع بلوغ المرأة ثم يصير لها عادة في أوقات متداولة بحسب مزاجها لحكمة تربية الولد فإذا حملت صرفه اللّٰه تعالى إلى غذائه فإذا وضعت أزال اللّٰه تعالى عنه صورة الدّم و كساه صورة اللبن ليغتذي به الطفل مدّة رضاعه فإذا خلت من الحمل و الرّضاع بقي الدّم و لا مصرف له فيستقرّ في مكان ثمّ يخرج غالبا في كل شهر ستّة أيام أو سبعة أو أقلّ أو أكثر بحسب قرب مزاجها من الحرارة و بعده و قد علّق الشارع عليه أحكاما نحن نذكرها في مطالب

الأول في ماهيّته

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] الحيض غالبا هو الدّم العبيط فإن اشتبه بدم العذرة أدخلت القطنة فإن خرجت منغمسة فحيض و إن خرجت مطوقة فعذرة و إن اشتبه بدم القرح أدخلت إصبعها فإن كان خارجا من الأيمن فقرح و إن كان من الأيسر فحيض على قول الشيخ و ابن بابويه و الرواية لا تساعدهما و ابن جنيد عكس القول [- ب -] لا حيض مع الصغر و هو ما نقص عن تسع سنين و لا مع الكبر و هو ما زاد على خمسين في غير القرشية و النبطية و ستّين فيهما [- ج -] اضطرب قول علمائنا في الحبلى هل ترى الحيض أم لا و الأقرب عندي أنها تراه فتفعل ما تفعل الحائض

الثاني في وقته

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] أقلّ الحيض ثلاثة فلو رأته دون الثلاثة لم يكن حيضا و أكثره عشرة و الزائد غير حيض و هل يشترط التوالي في الثلاثة أم يكفي كونها من جملة العشرة الأقرب الأول و القولان للشيخ [- ب -] إذا رأته زائدا عن الثلاثة و لم يتجاوز العشرة و أمكن أن يكون حيضا فهو حيض و لا اعتبار باللون [- ح -] [- ج -] إذا رأت الدم في شهر أياما معيّنة ثمّ طهرت ثم رأته في آخر ثانيا بتلك العدة صار ذلك عادة ترجع إليها و لا حاجة إلى معاودة الدّم ثالثا كما لا اعتداد في العادة بما رأته أولا [- د -] أقلّ الطهر عشرة أيام و لا حد لأكثره و تحديد أبي الصلاح بثلاثة أشهر على سبيل التغليب [- ه -] الصفرة و الكدرة في أيّام الحيض حيض و في أيام الطهر طهر و كذا غيرهما من ألوان الدم [- و -] لو رأت ثلاثة أيّام ثم انقطع ثم عاد قبل العاشر و انقطع عليه فالدمان و ما بينهما حيض و لو تجاوزت العشرة فله تفصيل يأتي و لو تأخر عشرة ثم عاد كان الأول حيضا بانفراده و الثاني كذلك إن اجتمعت فيه الشرائط

المطلب الثّالث في المتجاوز عن العادة

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] قد بيّنا أنّ الأقلّ ثلاثة و الأكثر عشرة فالمرأة إما مبتدئة أو ذات عادة مستقيمة أو مضطربة و إما ذات تميز أو لا فالأقسام أربعة جامعة وصفي التميز و العادة و فاقدتهما و فاقدة العادة أو التميز أما الجامعة لهما فإن اتحد الزمان

ص: 13

فلا بحث إجماعا و إن اختلف فللشيخ قولان أصحّهما العمل على العادة و أما فاقدتهما المبتدئة فإن انقطع العشرة فما دون إلى الثلاثة فهو حيض و إن تجاوزت رجعت إلى عادة نسائها فإن فقدن أو اختلفن تحيضت في كلّ شهر سبعة أيّام أو ستّة و قيل ثلاثة و قيل عشرة و قيل في الأول ثلاثة و في الثاني عشرة و قيل تجعل عشرة طهر أو عشرة حيضا و الوجه تخيّرها في تخصيص السّبعة فما تخصّصه فهو الحيض و لا تقضي عبادة غيره و أما فاقدة العادة المستقيمة فإمّا مبتدئة أو مضطربة و كلاهما ترجعان إلى التميز بشروط اختلاف اللون و بلوغ ما هو بصفة دم الحيض ثلاثة و عدم تجاوزه الأكثر و مجاوزة المجموع العشرة و لا يشترط في التميز التكرار و لو رأت ثلاثة أيام أسود و ثلاثة أصفر ثم عشرة أسود قال الشيخ رحمه اللّٰه تحيّضت بالعشرة الأخيرة و قضت ما تركته في الثلاثة الأولى و قيل لا تميز لهذه و لو رأت خمسة أيّام دم الاستحاضة ثمّ الأسود بقيّة الشهر قال الشيخ يحكم في أوّل يوم ترى ما هو بصفة دم الحيض إلى تمام العشرة بأنه حيض و ما بعده استحاضة فإن استمرّ على هيئة جعلت بين الحيضة الأولى و الثانية عشرة طهرا و ما بعد ذلك من الحيضة الثانية و الأقرب عندي الرّجوع إلى الرّوايات و تثبت العادة بتساوي التميز مرّتين عددا و وصفا فتعمل في الثالثة عليه و أمّا فاقدة التميز فإنّها ترجع إلى عادتها إن كانت مستقيمة و إن كانت مضطربة و لا تميز رجعت إلى الروايات و لها الخيار في التخصيص [- ب -] لو رأت ذات العادة المستقيمة عددها متقدّما أو متأخّرا لا فيها حكمت بأنّه حيض لتقدّمها تارة و تأخّرها أخرى سواء كان بصفة دم الحيض أو لا و لو رأت قبل العادة و فيها أو فيها و بعدها أو قبلها و فيها و بعدها و لم يتجاوز الأكثر فالجميع حيض و إلاّ فالعادة لا غير [- ج -] لو كان عادتها في كلّ شهر عددا معيّنا فرأته في الشهر مرّتين فهما حيضان مع تخلّل الطهر و لو زاد عددها فهو حيض مع عدم التجاوز و معه استحاضة [- د -] لو كانت عادتها مختلفة مترتبة مثل أربعة في الأوّل و خمسة في الثّاني و ستة في الثالث ثم أربعة في الرابع و خمسة في الخامس و ستة في السّادس و هكذا رجعت في الشهر الأول الذي استحيضت فيه إلى نوبته و لو نسيتها تحيّضت بالأربعة و لو تيقّنت الأزيد تحيضت بالخمسة و هكذا أمّا لو اختلفت لا على ترتيب مثل أربعة في الأوّل و ستة في الثاني و ثلاثة في الثالث و هكذا فإن ذكرت النوبة تحيّضت عليها و إلا بثلاثة [- ه -] لو نسيت العدد فإن ذكرت أوّل الحيض أكملته ثلاثة و إن ذكرت آخره جعلته نهايتها و تعمل في بقيّة الزمان ما تعمله المستحاضة و تغتسل لانقطاع دم الحيض في كلّ وقت يحتمل و تقضي صوم عشرة احتياطا ما لم يقصر وقتها عنها و لو لم تذكر الأوّل و الآخر بل يوما منه مثلا فهو الحيض بيقين فيحتمل أن يكون آخره و أوّله و ما بينهما فتعمل في المتقدّم ما تعمله المستحاضة و تغتسل فيه عند كلّ صلاة و كذا في المتأخّر و تغتسل لاحتمال الانقطاع إلى آخر المحتمل و لو ذكرت العدد خاصّة فالوجه تخيّرها و قيل تعمل في جميع الزّمان ما تعمله المستحاضة و تغتسل للانقطاع في كلّ وقت محتمل له و تقضي صوم العدد و لو نسيتهما معا تحيّضت في كلّ شهر بسبعة أيام و تتخير في التخصيص [- و -] لو ذكرت بعد التخصيص أنّ أيّامها غيره رجعت إلى أيّامها [- ز -] ذاكرة العدد خاصّة قد تعلم الوقت إجمالا فإن زاد العدد على نصفه فالزائد و ضعفه حيض بيقين فلو قالت حيضي ستّة في العشر الأوّل فالسادس و الخامس حيض بيقين فإن خيرناها في الأربعة فلا بحث و إلاّ عملت ما تعمله المستحاضة في الأربعة الأولى فاغتسلت آخر السّادس عند كلّ صلاة لاحتمال الانقطاع و هكذا إلى العاشر و لو قالت سبعة ضعفنا اليومين فكان من أوّل الرّابع إلى آخر السابع حيض بيقين و لو قالت خمسة من العشر الأوّل فاليوم الأوّل طهر بيقين فالسّادس حيض بيقين و لو كان الحيض نصف الوقت أو أقصر فلا حيض بيقين فإن خيّرت فلا بحث و إلاّ عملت ما تعمله المستحاضة في الزمان كلّه ثم تغتسل من آخر العدد إلى آخر الزّمان عند كلّ صلاة لاحتمال الانقطاع عندها إلاّ أن تعرف وقته فتغتسل عند تكرّره خاصّة و كذا من نسيت الوقت أصلا و لو تيقّنت حيض خمسة أيّام و أنّ أحد اليومين إمّا الخامس أو الخامس و العشرون مثلا حيض فمن أوّل العاشر إلى آخر العشرين طهر بيقين و يوم الثلاثين كذلك و الباقي مشكوك فيه و لو قالت حيضي عشرة و كنت مرجح إحدى العشرات الأخرى بيوم فيومان من أوّل الشهر و آخره طهر بيقين و لو قالت بيومين فيومان من أوّله و يومان من آخره طهر بيقين و لو قالت حيضي تسعة و أخلط إحدى العشرات بيوم فيومان من أوّل الشهر و يومان من آخره طهر و هكذا و لو قالت حيضي بيقين خمسة و أخلط بيوم فالستة الأولى و الآخرة و الخامس عشر و السادس عشر طهر بيقين و لو قالت حيضي عشرة و أمزج النصف الأول و الثاني بيوم فالستة الأولى و الأخيرة طهر بيقين و الخامس عشر و السادس عشر حيض بيقين و لو قالت حيضي تسعة و نصف و أمزج إحدى النصفين الثاني بيوم كامل و الكسر من أوله فقد علمت حيضها و هو من نصف السابع إلى آخر السادس عشر و الباقي طهر بيقين و لو

ص: 14

كان الكسر من آخره فمن أوّل الشهر إلى آخر الرابع عشر و من نصف الرابع و العشرين إلى آخره طهر بيقين و الباقي حيض بيقين [- ح -] إذا رأت ثلاثة أيّام دم الحيض و يوما نقاء و يوما دما و انقطع على العشرة فالجميع حيض و إن تجاوز رجعت ذات العادة إليها سواء استوعبها الدم أو تخلّلها النقاء بعد توالي الثلاثة و يجوز لزوجها وطؤها بعد العادة في أيام النقاء و إن جاز انقطاعه على العاشر و إن نسيتها رجعت إلى التميز فتترك العبادة كلّما رأت الدّم و تفعلها مع النقاء و تجعل بين الحيضتين أقلّ الطهر و كذا المبتدئة

المطلب الرّابع في الأحكام

و فيه [- لو -] بحثا [- ا -] يحرم على الحائض الصّلاة و الصوم و لا ينعقدان لو فعلتهما و تتركهما ذات العادة برؤية الدم في وقت عادتها إجماعا أمّا المبتدئة و المضطربة فقال الشيخ تتركهما بمجرّد الرؤية مع الاحتمال فإن استمرّ ثلاثة أيّام فهو حيض قطعا و إلاّ قضت ما تركت من الصّلاة و الصّوم و قال السيّد تتركهما بعد مضي ثلاثة أيّام [- ب -] يحرم عليها اللبث في المساجد إجماعا إلاّ من سلاّر و يجوز لها الاجتياز إلاّ في المسجدين و لو اتّفق لها الحيض في أحدهما تيمّمت للخروج و هل يكره لها الاجتياز في غيرهما للشيخ قولان [- ج -] يحرم عليها وضع شيء في المساجد و يجوز لها الأخذ منها [- د -] يحرم عليها الطواف إجماعا [- ه -] يحرم عليها قراءة العزائم و أبعاضها حتّى البسملة إذا نوت أنّها منها و لا يحرم غيرها بل يكره ما زاد على سبع أو سبعين على الخلاف [- و -] يحرم عليها مسّ كتابة القرآن إجماعا [- ز -] يحرم على زوجها وطؤها و يختصّ التحريم بالقبل و ما فوق السرة و دون الركبة يجوز الاستمتاع به و يكره ما بينهما و قول المرتضى بالتحريم ممنوع و رواياته متأوّلة و معارضة بغيرها [- ح -] يحرم طلاقها إذا كان الزّوج حاضرا و دخل بها إجماعا و لو طلّق لم يقع عندنا [- ط -] يحرم عليها الاعتكاف [- ي -] يجب عليها الغسل عند انقطاع الدم و هو شرط في الصّلاة و الطواف و الصّوم و كيفيّته مثل غسل الجنابة إلاّ أنّه لا بدّ معه من الوضوء [- يا -] يجب عليها الاستبراء إن انقطع لأقلّ من عشرة أيّام بأن تدخل قطنة فإن خرجت ملوثة صبرت المبتدئة حتّى تنقى أو تبلغ العشرة و ذات العادة تستظهر بعد عادتها يوم أو يومين فإن استمر إلى العاشر و انقطع قضت ما فعلته من الصوم و إن تجاوز أجزأها ما فعلته و إن خرجت نقيّة اغتسلت [- يب -] يجب عليها قضاء الصّوم و الصّوم في الحيض ليس بواجب بل سبب الوجوب فائت و قول بعض فقهاء الجمهور بوجوبه غلط [- يج -] لا يجب عليها قضاء الصّلاة و لو دخل الوقت و هي طاهر فلم تصل مع الإمكان ثمّ حاضت قضت و لو مضى أقلّ من الأداء و الطهارة لم يجب و لو دخل الوقت و هي حائض فطهرت وجب عليها قضاء الصلاة مع الترك إن بقي من الوقت ما يتسع للطهارة و أداء ركعة فلو بقي إلى الغروب مقدار خمس ركعات و الطهارة و أهملت قضتهما و إن وسع أربعا قضت العصر خاصّة و إن وسع لأقلّ من ركعة سقطتا [- يد -] لو سمعت سجدة التلاوة فالحقّ عندي أنّها تسجد لرواية عليّ بن رباب الصحيحة عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام و أبي عبيدة عن الباقر عليه السّلام و لا فرق بين الجماع و الاستمتاع و منع الشيخ ضعيف [- يه -] يستحبّ لها أن تتوضّأ لكلّ صلاة لا لرفع الحدث و لا للاستباحة بل تنوي التقرّب و تذكر اللّٰه تعالى في مصلاّها بقدر صلاتها و لو توضّأت بنية التقرّب في وقت توهم الحيض فبان طهرا لم تدخل به في الصّلاة و الفرق بينه و بين المجدد دقيق و لو نوت في هذا الوقت رفع الحدث لم تدخل به أيضا و لو اغتسلت عوض الوضوء لم تفعل المستحبّ و لو فقدت الماء فالوجه عدم التيمّم [- يو -] يكره لها الخضاب و حمل المصحف و لمس هامشه [- يز -] يحرم على زوجها وطؤها قبلا إجماعا و قد تقدم فلو وطئ متعمدا عالما بالتحريم في أوّله كفّر بدينار قيمته عشرة دراهم و في وسطه بنصف دينار و في آخره بربع دينار و هل الكفّارة على الوجوب أو على الاستحباب قولان أقواهما الاستحباب و يجب عليه الاستغفار و يعزّر و لو كانت أمته تصدق بثلاثة أمداد من طعام سواء كان في أوّله أو وسطه أو آخره و الأوّل و الأوسط و الأخير يختلف باختلاف العادة و لو عجز عن الكفّارة سقطت وجوبا و استحبابا و لو عجز عن البعض فالوجه دفع الباقي و لا فرق بين وطء الزوجة و الأجنبيّة و لو وطئ جاهلا أو ناسيا فالوجه عدم التعلّق و لو وطئها طاهرا فحاضت في أثنائه وجب عليه النزع مع العلم فإن أهمل تعلّقت به الكفارة و لو وطئ الصّبي لم يتعلق به إثم و لا كفارة و لو كرّر الوطء فالوجه التفصيل و هو التكرير مع اختلاف الزمان [- يج -] لو وطئ عالما لا مستحلاّ عزّر فإن استحله قتل فإن كان جاهلا فلا عقوبة و يجب عليه الامتناع من الوطء حالة الاشتباه تغليبا للحرمة [- يط -] لا يجب الكفّارة على المرأة و إن غرت زوجها و حكم النّفساء حكم الحائض في ذلك [- ك -] لا فرق في الإخراج بين المضروب و التبر بشرط أن يكون صافيا من الغش و في القيمة نظر و الأقرب عدم الإجزاء [- كا -] وطء المستحاضة مباح عندنا

ص: 15

و لا يتعلّق به كفارة إجماعا [- لب -] لو انقطع دم الحائض حلّ وطؤها قبل الغسل و خلاف ابن بابويه ضعيف لكنّه مكروه و يستحبّ للزوج إذا غلبته الشهوة أن يأمرها بغسل فرجها و لو كانت عادتها أقلّ من العشرة فانقطع عليها حلّ وطؤها [- لج -] عرق الحائض طاهر و كذا الجنب و إن كان من حرام و الإبل الجلالة [- كد -] إذا كان على الحائض جنابة فليس عليها أن تغتسل حتّى ينقطع حيضها فلو اغتسلت لم يرتفع جنابتها [- كه -] قد بيّنا أنّه لا بدّ مع غسل الحيض من الوضوء قبله أو بعده و تنوي بالمتقدّم استباحة الصّلاة و هل تنوي به رفع الحدث أو بالمتأخر لا غير فيه نظر و ابن إدريس قال تنوي بالغسل رفع الحدث تقدّم أو تأخّر و بالوضوء الاستباحة تقدّم أو تأخّر [- كو -] يستحبّ لها الغسل للإحرام و الجمعة و الزيارات و غير ذلك من الأغسال المندوبة

الفصل الثالث في الاستحاضة

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] هو في الغالب الدّم الأصفر البارد الرقيق الخارج بفتور و قد يتفق أن يكون بهذه الصّفات حيضا إذا كان في العادة [- ب -] كل دم تراه المرأة بعد عادتها في الحيض إذا تجاوز العشرة أو بعد أكثر أيّام النفاس أو لدون البلوغ أو مع عن اليأس و مع الحبل على رأي أو أقلّ من ثلاثة أيّام و لم يكن دم جرح و لا قرح فهو استحاضة [- ج -] يجب على المستحاضة الاستبراء بأن تدخل قطنة فإن لطخها الدم و لم يغسلها وجب عليها إبدالها عند كلّ صلاة و الوضوء المتعدد و خلاف ابن أبي عقيل لا اعتداد به و لو غمسها الدم و لم يسل لزمها تغيير القطنة و الخرقة و الغسل لصلاة الغداة و الوضوء لكلّ صلاة و لو سال وجب عليها تغيير القطنة و الخرقة و الغسل لصلاة اللّيل و الغداة إن كانت متنفّلة و غسل آخر لصلاة الظهرين و ثالث للعشاءين يجمع بينهما بأن تقدم المتأخّرة و تؤخّر المتقدّمة و الوضوء لكلّ صلاة [- د -] إذا فعلت هذه الأغسال صارت طاهرا و تستبيح مع الوضوء كلّ ما يستباح به ما شرطه الطّهارة و يجوز وطؤها و لو لم تفعل الأغسال كان حدثها باقيا و لا يصح صومها بل يجب عليها قضاؤه و الأقرب إباحة وطئها و لو أخلّت بالوضوء أو الغسل لم يصح صلاتها [- ه -] يجب عليها التحفظ من تعدي الدّم بقدر الإمكان بأن تحتشي و تستثفر و تحتاط بحشو القطن و ما أشبهه [- و -] قال الشيخ إذا انقطع دمها انتقض وضوؤها و الوجه ذلك إن كان للبرء و إلاّ فلا [- ز -] يجب عليها الغسل كغسل الحائض [- ح -] إذا اغتسلت ثمّ أحدثت ما يوجب الصغرى أجزأها الوضوء الواجد و لو توضأت قبل الغسل ثم أحدثت ما يوجب الصغرى ففي الاكتفاء بالغسل نظر و كذا ما يوجب الطهارتين

الفصل الرابع في النفاس

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] النفاس دم الولادة و هو إمّا بعدها أو معها و لا اعتبار بالموجود قبلها سواء كانت الولادة للتمام أو النقصان أو الإسقاط و لو ولدت و لم تر دما فلا نفاس [- ب -] أكثر عشرة أيّام على أظهر الأقوال في المبتدئة أمّا ذات العادة في الحيض فترجع إليها إن تجاوز العشرة و إلاّ فالجميع نفاس و لا حدّ لأقله بل جائز أن يكون آنا واحدا [- ج -] حكمها حكم الحائض في جميع الأشياء إلاّ في تحديد الأقلّ [- د -] لو ولدت و لم تر دما إلاّ في العاشر فهو النفاس دون ما قبله و لو رأت عقيب الولادة ثمّ انقطع و رأته فيه فالدمان و ما بينهما نفاس و لو ولدت ولدين فابتدأ النفاس من الأوّل و عدد أكثر الأيّام من الثاني و لو اتصل الدم فالزائد عن العشرة من وضع الثاني استحاضة سواء صادف أيّام عادتها في الحيض أو لا [- ه -] لو وضعت مضغة فهو نفاس أمّا النطفة و العلقة فلا و لو خرج بعض الولد فالدم نفاس [- و -] لو انقطع الدم لدون عشرة أدخلت قطنة فإن خرجت نقيّة فهي طاهر و إلاّ صبرت نفساء حتّى تنقى أو يمضي أكثر الأيّام و هي عشرة إن كانت عادتها و إلاّ فعادتها و استظهرت بيوم أو يومين و بعض المتأخّرين غلط هنا [- ز -] لا ترجع إذا تجاوز الدّم إلى عادتها في النفاس لتضمّن الأحاديث الحوالة على الحيض و هل ترجع إلى عادة أمّها و أختها في النفاس الوجه لا و رواية أبي بصير ضعيفة [- ح -] إذا تجاوز النفاس الأكثر فهو استحاضة سواء صادف أيّام العادة في الحيض أو لا لأنّه دم حيض احتبس فلا يعقبه حيض [- ط -] لو كانت مبتدئة أو مضطربة أو ذات عادة منسيّة فإن انقطع العشرة فنفاس و لو تجاوز احتمل جلوسها ستة أيّام أو سبعة و احتمل عشرة [- ي -] الأقرب أنّ الاستظهار بيوم أو يومين غير واجب [- يا -] لو ولدت و لم تر دما حتّى مضت عشرة أيام ثمّ رأته ثلاثة و انقطع على العشرة فهو حيض و إلاّ فاستحاضة

الفصل الخامس في غسل الأموات
اشارة

و مطالبه خمسة

الأوّل في الاحتضار

و فيه [- د -] مباحث [- ا -] يستحب الإكثار من ذكر الموت و الاستعداد له و أن لا يبيت إلاّ و وصيّته تحت رأسه و الصّبر على المرض و حسن الظنّ باللّٰه تعالى

ص: 16

و ترك تمني الموت لضر وقع به و عيادة المريض و الإذن للعائدين من الدخول عليه و الدعاء له و ترغيبه في التوبة و الوصيّة و أن يلي أمره أوفق أهله به [- ب -] يجب في الاحتضار شيء واحد على الكفاية و هو استقبال القبلة بالميت بأن يلقى على ظهره و يجعل وجهه و باطن قدميه إليها على خلاف [- ج -] يستحب أن يلقّن الشهادتين و الإقرار بالنّبي و الأئمّة عليهم السّلام و كلمات الفرج و أن ينقل إلى مصلاه و إن مات ليلا أسرج عنده مصباح و لا يترك وحده بل يكون عنده من يقرأ القرآن فإذا مات غمّضت عيناه و أطبق فوه و مدت ساقاه و يداه إلى جنبه و غطّي بثوب و أخذ في تجهيزه عاجلا إلا أن يشتبه موته فيستبرأ بالعلامات أو يصبر عليه ثلاثة أيام [- د -] يكره أن يحضره جنب أو حائض و أن يترك على بطنه حديد

المطلب الثاني في التغسيل

و فيه [- كد -] بحثا [- ا -] التغسيل واجب على الكفاية و يستحب أن يستقبل به القبلة كما في الاحتضار و أن يوضع على سرير أو ساج و أن يغسّل تحت الظلال و أن يجعل للماء حفيرة و يكره الكنيف و لا بأس بالبالوعة و أن ينزع قميصه من تحته بفتق جيبه و يستر عورته و يليّن أصابعه برفق [- ب -] يجب إزالة النّجاسة عن بدنه أولا إن كانت و أن يغسّل بماء السدر و يبدأ بالرأس ثم بالجانب الأيمن ثم الأيسر [- ج -] ينبغي أن يغسّل رأسه برغوة السّدر أولا فإن لم يوجد فبالخطمي و يغسّل فرجه بالسدر و الحرض و يغسّل يداه و يبدأ بشق رأسه الأيمن و أقل ما يلقى في الماء من السدر ما يحصل به الاسم فإذا فرغ من تغسيله بماء السّدر وجب أن يغسّله بماء الكافور على ما تقدّم ثم يغسّله بماء القراح ثالثا مرتّبا كالجنابة [- د -] يستحب أن يغسّل كل عضو منه ثلاث مرات في كلّ غسلة و أن يمسح بطنه في الغسلتين الأوليين برفق إلا في الحامل و أن يقف الغاسل على الجانب الأيمن و يغسّل يديه مع كلّ غسلة و ينشّفه بثوب بعد الفراغ [- ه -] يكره أن يجعل الميّت بين رجليه و أن يقعده أو يقصّ أظفاره أو يرجّل شعره أو يغسل مخالفا فإن اضطرّ غسله غسل أهل الخلاف [- و -] وضوء الميّت مستحب لا واجب على أقوى القولين [- ز -] لا يجوز الاقتصار على أقل من الغسلات المذكورة إلا على الضرورة فإن عدم الكافور و السدر غسل بالقراح و هل يكفي الواحدة فيه إشكال و لو قصر الماء إلا عن واحدة فالأقوى وجوب الغسل بماء السدر و هل يؤمّم للباقي الأقرب السقوط [- ح -] لو خيف من تغسيله تناثر جلده كالمجدور و المحترق أو خاف الغاسل من استعمال الماء و لم يتمكن من إسخانه أو فقد الماء تيمم بالتراب كالحي العاجز [- ط -] أولى الناس بتغسيل الميّت و باقي أحكامه أولاهم بالميراث و الرّجال أولى من النّساء و الزّوج أحق من كل أحد فإن طلقها رجعيّا فكالزّوجة و بائنا كالأجنبيّة و يستوي المدخول بها و غيرها و أمّ الولد و الزوجة و في الأمة غير أمّ الولد إشكال قال ابن الجنيد و يغسّل الخنثى أمته [- ي -] لا يجوز أن يتولى التّغسيل كافر إلا مع الضرورة فإن مات مسلم غسله مثله فإن فقد فذات الرّحم من فوق الثياب فإن فقدت أمرت النساء الأجانب الكافر بالاغتسال أولا ثم علمته غسل الإسلام فيغسّله و في إعادة الغسل مع وجود المسلم قبل الدفن إشكال و كذا لو ماتت مسلمة غسّلها مثلها فإن فقدت غسّلها ذو الرّحم المحرم من فوق الثياب فإن فقد غسّلتها الكافرة و لو فقدت دفنت بغير غسل و روي أنهم يغسّلون محاسنها و يديها و وجهها و لا يغسّل الرّجل الأجنبيّة إلا إذا كانت لدون ثلاث سنين مجرّدة و كذا المرأة [- يا -] كل مظهر للشهادتين يجوز تغسيله إلا الخوارج و الغلاة [- يب -] الشهيد بين يدي الإمام إذا مات في المعركة لا يغسّل و لا يكفّن و لا يحنّط بل يصلّى عليه فإن نقل منها حيّا ثم مات غسّل و كفّن و صلّي عليه [- يج -] من وجب عليه القتل كالمرجوم و المحدود يؤمر بالاغتسال أولا و التكفن ثم يقتل و يصلّى عليه و يدفن بغير غسل ثان [- يد -] الشهيد الجنب كالطّاهر لا يغسّل أيضا عملا بالعموم في واقعة أحد [- يه -] الصبي و البالغ متساويان في الشهادة فلا يغسّل الصّبي بل يدفن بثيابه [- يو -] إذا جرح في المعركة و مات قبل انقضاء الحرب و نقله فهو شهيد أكل أو لا و إن مات بعد انقضائها غسّل و إن لم يأكل [- يز -] لو وجد في المعركة ميّتا و ليس به أثر فهو شهيد و كذا لو وجد غريقا أو محترقا حال القتال و لو بقي بعد القتال و لو ساعة فليس بشهيد [- يح -] كل قتيل سوى من قتل بين يدي الإمام يجب تغسيله و تكفينه و قتيل أهل البغي لا يغسّل و لا يصلّى عليه و قتيل أهل العدل في جهاد أهل البغي لا يغسّل و يصلّى عليه [- يط -] لا فرق بين أن يقتل بسيف أو غيره و لو رجع عليه سلاحه فقتله فهو شهيد [- ك -] لو وجد بعض الميّت فإن كان فيه الصدر أو الصدر وحده فهو كالجملة و إن كان غيره فإن كان فيه عظم غسل و لفّ في خرقة و دفن و كذا السّقط الأربعة أشهر فصاعدا و إن خلا من العظم لفّ في خرقة و دفن و كذا السّقط لدون أربعة [- كا -] إذا اجتمع ميتان أو أكثر بدئ بمن يخشى فساده فإن تساويا قدّم الأب على الابن و ابن الابن على الجدّ و أسن الأخوين على أصغرهما و من تخرجه القرعة مع التّساوي [- كب -] إذا خرج من الميّت نجاسة بعد تغسيله أزيلت عن بدنه و لا يحتاج إلى إعادة الغسل و لا الوضوء خلافا لابن أبي عقيل [- كج -] الحائض و الجنب يغسّلان كالطّاهر [- كد -] يجب النية في تغسيل الميّت لا التسمية [- كه -] المقتول يغسّل بدمه ثم يصبّ عليه الماء و لا يدلّك جسده و يربط الغاسل جراحاته بالقطن و التعصيب فإن بان الرأس غسل أولا ثم الجسد و يضع القطن فوق الرقبة و يضم إليه الرأس و يجعل في الكفن و كذا في القبر و يوجّه إلى القبلة

المطلب الثالث في التكفين

و فيه [- ل -] بحثا [- ا -] التكفين فرض

ص: 17

على الكفاية و الواجب أن يكفن بثلاثة أثواب على أظهر القولين مئزر و قميص و إزار [- ب -] يجزي عند الضرورة واحد [- ج -] يستحب أن يزاد الرّجل حبرة عبرية غير مطرّزة بالذّهب فإن تعذرت فلفافة أخرى و خرقة لشدّ فخذيه طولها ثلاثة أذرع و نصف في عرض شبر أو أزيد بقليل يشدّ طرفاها على الحقوين و يلف بالمسترسل الفخذان بقوة و تزاد المرأة على كفن الرّجل لفافة لثدييها و نمطا استحبابا [- د -] يستحب العمامة للرّجل و القناع للمرأة [- ه -] يحرم التكفين في الحرير و يكره الممتزج و الكتان [- و -] يكره الأكمام المبتدأة للأكفان [- ز -] يستحب التكفين بالقطن المحض [- ح -] إذا جمع الكفن فرش الحبرة على موضع طاهر و ينثر عليها شيئا من الذريرة و فرش فوقها الإزار و ينثر أيضا عليه ذريرة و فرش فوقه القميص [- ط -] يستحبّ أن يكتب على الحبرة و القميص و الإزار و العمامة اسمه و أنّه يشهد الشهادتين و أسماء الأئمّة عليهم السّلام بتربة الحسين عليه السّلام و إن لم توجد فبالإصبع و يكره بالسواد [- ي -] يكره أن يقطع الكفن بالحديد و أن يبلّ الخيوط بالريق [- يا -] ينبغي أن يخاط الكفن بخيوط منه [- يب -] يستحب أن يشدّ جريدتان خضران من النخل قدر عظم الذراع فإن لم يوجد فمن السدر فإن تعذّر فمن الخلاف فإن تعذّر فمن غيره من الشجر الرطب [- يج -] إذا جمع الغاسل الكفن و فعل ما ذكرناه و فرغ من غسله شرع في تحنيطه و يستحب أن يكون بعد اغتساله فإن تعذّر توضأ للصّلاة فيعمد إلى قطن فيذر عليه ذريرة و يضعه على قبله و دبره و يحشو القطن في دبره ثم يلفّ فخذيه بالخرقة ثم يؤزّره بالإزار و يكون عريضا يبلغ من صدره إلى رجليه ثم يعمد إلى الكافور فيسحقه بيده ثم يمسح به مساجده و الواجب أقل ما يقع عليه الاسم و أكمل الفضل في ثلاثة عشر درهما و ثلث و دونه أربعة دراهم و أدون منه مقدار درهم فإن تعذر دفن بغير كافور ثم يردّ القميص عليه ثم يأخذ الجريدتين فيجعل إحداهما من جانبه الأيمن مع الترقوة ملتصقة بجلده و الأخرى من الأيسر بين القميص و الإزار ثم يعمّمه فيثني وسط العمامة على رأسه بالتدوير و يحنّكه بها و يطرح طرفيها على صدره ثم يلفه في اللّفافة فيطوي الجانب الأيسر على الأيمن و الأيمن على الأيسر و كذا الحبرة و يعقد طرفيها من قبل رأسه و رجليه [- يد -] يكره أن يجعل في سمعه و بصره و فيه شيء من الكافور و يكره أيضا أن يجعل فيها قطن إلا أن يخاف خروج شيء منها فينتفي الكراهيّة [- يه -] لا يجوز أن يقرّب الميّت شيئا من الطّيب عدا الكافور و الذريرة [- يو -] المحرم لا يجوز أن يقرب شيئا من الكافور لقوله عليه السّلام لا تقرّبوه طيبا فإنّه يحشر يوم القيامة ملبّيا [- يز -] إذا فضل من الكافور شيء مسحه الغاسل على صدره [- يح -] هل الكافور المستعمل في الماء للغسلة الثّانية محسوب من أكمل الفضل أو لا فيه نظر [- يط -] إذا لم يوجد للميت كفن جاز أن يكفّن في قميصه إذا كان نظيفا و يقطع أزراره دون الأكمام [- ك -] الصّبي في التّغسيل و التكفين كالبالغ و ولد الزنا كغيره و النفساء كغيرها [- كا -] الجريدة توضع مع جميع الأموات من البالغين و غيرهم إلا المخالف فإن تعذر وضعها في الكفن للتقية طرحت في القبر فإن تعذر دفن بغير جريدة [- لب -] إذا سقط من الميّت شيء من شعره أو بدنه وجب طرحه معه في الكفن [- كج -] لو خرجت منه نجاسة بعد التغسيل و لاقت جسده غسلت بالماء و إن لاقت كفنه فكذلك فإن خرجت بعد طرحه في القبر قرض الكفن [- كد -] كفن المرأة على زوجها و إن كانت ذات يسار و إنّما يلزمه قدر الواجب [- كه -] يؤخذ الكفن المفروض من أصل المال مقدما على الدّيون و الوصايا و الميراث فما فضل صرف في الدّين إن كان فإن فضل أو لم يكن صرف في الوصيّة فإن فضل أو لم تكن صرف إلى الورثة [- كو -] إذا لم يكن له كفن دفن عريانا و لا يجب على المسلمين بل يستحب استحبابا مؤكدا و كذا ما يحتاج إليه من كافور و غيره [- كز -] للورثة أن يمتنعوا من بذل الفاضل على القدر الواجب في الكفن و لبعضهم أيضا و لو اتفقوا على البذل و هناك دين و التركة قاصرة فللغرماء المنع [- كح -] تجمير الأكفان مكروه و كذا إتباع الجنازة بالمجمرة [- كط -] لو أراد أهل الميّت أن ينظروه لم يمنعوا و كذا لو أرادوا تقبيله فإن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله قبل عثمان بن مظعون مرتين [- ل -] المحرم يغطّى رأسه و رجلاه كالحلال

المطلب الرّابع في الصّلاة عليه
اشارة

و النظر يتعلق بأمور ثلاثة

الأوّل من يصلّى عليه

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] يجب الصّلاة على كل ميّت مسلم أو في حكم المسلم كالصبي إذا بلغ ست سنين و يستحب على من لم يبلغها إذا ولد حيا أما السّقط فلا يصلّى عليه و إن ولجته الروح و لا فرق بين الحر و العبد و الذكر و الأنثى في ذلك كلّه [- ب -] الشهيد يصلّى عليه فإن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله صلّى على شهداء بدر و أحد و كبّر على حمزة سبعين تكبيرا [- ج -] الغائب لا يجوز الصلاة عليه سواء كان في البلد أو غيره و ما نقل من صلاة النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله على النجاشي محمول على الدعاء و التّرحم [- د -] النفساء يصلى عليها و هو وفاق و خلاف الحسن البصري لا اعتداد به لانقراضه و فعل رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله على خلافه فإنّه صلّى على امرأة ماتت في نفاسها [- ه -] إذا اشتبه قتلى المشركين بقتلى المسلمين صلّى على الجميع صلاة واحدة و صرفها إلى المؤمنين بالنية [- و -] إذا وجد ميّت و لم يعلم إسلامه و لم يظهر عليه أثره كالختان فإن كان في دار الإسلام غسّل و صلي عليه و إلا فلا [- ز -] إذا وجد بعض الميّت فإن كان فيه الصدر أو الصدر وحده صلّي عليه و إلا فلا [- ح -] قطاع الطّريق و تارك الصّلاة و المقتول قصاصا أو حدا و الميّت حتف أنفه في قتال الكفار و الشهيد عندنا و قتيل الحربي اغتيالا من غير قتال أو بقتال و القتيل ظلما و

ص: 18

المبطون و الغريب يصلّى عليهم [- ط -] الخوارج و الغلاة لا يصلّى عليهم [- ي -] يصلّي الإمام على الغال و هو الذي كتم غنيمته أو بعضها ليختص بها و على قاتل نفسه

النظر الثّاني في المصلّي

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] أولى الناس بالصّلاة عليه أولاهم بميراثه و الأب أولى من الأخ و الولد أولى من الجد و كذا ولد الولد أولى منه و الأخ من الطرفين أولى من المتقرب بأحدهما و الزوج أولى بالمرأة من كل أحد و الذكر أولى من الأنثى و الحرّ أولى من العبد [- ب -] إنما يتقدّم الوليّ مع استجماع شرائط الإمامة فإن فقدها استناب [- ج -] إذا تساوى الأولياء قدم الأفقه فالأقرأ فالأسن فالأصبح [- د -] لو كان هناك عبد فقيه و حرّ غير فقيه أو أخ رقيق و عمّ حرّ فالأقرب تقديم الحر [- ه -] لو تساويا في الصفات رجع إلى القرعة أو التراضي [- و -] لا يجوز لأحد أن يتقدّم إلا بإذن الولي و إن كملت فيه الشّرائط [- ز -] إمام الأصل أولى من كل أحد و يجب على الولي تقديمه فإن لم يقدّمه قيل لم يجز له التقديم لأنّه حقّ الولي و الأقرب الجواز لأنه من الأمر بالمعروف و الهاشمي أولى من غيره مع استجماع الشرائط و تقديم الولي له و يستحب له تقديمه [- ح -] للمرأة أن تؤم بمثلها جماعة [- ط -] الولي أولى ممن أوصى الميّت إليه بالصّلاة و من الأمير [- ي -] إذا قدم الولي غيره فهل لذلك الغير الاستنابة فيه نظر أقربه أنه ليس له ذلك لأن رغبة الولي يجوز أن يستند إلى علمه باستجابة دعائه و هو غير متحقق في النّائب [- يا -] يجوز للنساء أن يصلّين جماعة و منفردات و مع اجتماعهن تقف إمامتهنّ في وسطهنّ [- يب -] إذا اجتمعت جنائز و تشاح أولياؤهم فيمن يتقدّم للصّلاة عليهم قدّم الأولى بالإمامة

النّظر الثالث في كيفية الصلاة

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] يستحبّ لمن شيّع الجنازة أن يمشي خلفها أو إلى أحد جانبيها متفكرا في أمر الآخرة و إعلام المؤمنين ليتوفروا على تشييع المؤمنين و تربيع الجنازة و هو حملها بجوانبها الأربع بأن يبدأ بالجانب الأيمن من مقدم السّرير فيضعه على كتفه الأيمن ثم يضع القائمة اليمنى من عند رجليه على كتفه الأيمن أيضا ثم يضع القائمة اليسرى من عند رجليه على كتفه الأيسر ثم القائمة اليسرى من عند رأسه على كتفه الأيسر و أن يقول من رأى جنازة الحمد للّه الذي لم يجعلني من السّواد المخترم و الإسراع بها و أن لا يجلس حتى يوضع الجنازة عن أعناق الرجال و يكره المشي أمامها إلا لعارض و الركوب خلفها إلا لضرورة و التحدّث بشيء من أمور الدنيا و الضحك و رفع الصوت و لا يستحب القيام لو رأى الجنازة [- ب -] كيفيّة الصّلاة أن يكبّر المصلّي خمس تكبيرات بأن يكبر و يتشهد الشهادتين ثم يكبر و يصلّي على النبي و آله عليهم السّلام ثم يكبر و يدعو للمؤمنين ثم يكبر و يدعو للميّت إن كان مؤمنا و عليه إن كان منافقا و بدعاء المؤمنين المستضعفين إن كان كذلك و إن جهل حاله سأل اللّٰه تعالى أن يحشره مع من يتولاه و إن كان طفلا سأل اللّٰه تعالى أن يجعله له و لأبويه فرطا ثم يكبر الخامسة و ينصرف [- ج -] يجب فيها النيّة و استقبال القبلة و جعل رأس الجنازة إلى يمين المصلّي و التكبيرات و هل الدّعاء بينها واجب أم لا الأقرب وجوبه و لا يشترط فيها الطهارة بل يستحبّ [- د -] لا يجوز التباعد عن الجنازة بما يعتد به إلا مع اتّصال الصفوف و لا الصلاة عليه إلا بعد تغسيله و تكفينه فإن تعذر الكفن طرح في القبر و سترت عورته ثم صلّي عليه [- ه -] يستحب فيها الجماعة و وقوف الإمام عند وسط الرّجل و صدر المرأة و أن ينزع نعليه و يرفع يديه في كل تكبيرة على أقوى القولين و الوقوف بعد الصّلاة حتى ترفع الجنازة و الصّلاة في المواضع المعتادة لها و يجوز في المساجد [- و -] يكره أن يصلّي على الجنازة الواحدة مرّتين لأن المراد المبادرة و هو ينافي ذلك [- ز -] يقتصر المصلّي على المنافق على أربع تكبيرات و ينصرف بالرابعة [- ح -] العراة يقف إمامهم في وسطهم و لا تبرز عنهم كالنّساء و غيرهم من الأئمّة يتقدم أمام الصّف و إن كان المؤتم واحدا و لو اقتدى النساء بالرّجال وقفن خلفهم و الحائض تنفرد عن النساء في صفّ بانفرادها [- ط -] إذا اجتمعت جنازة رجل و امرأة جعل الرجل مما يلي الإمام و يجعل صدرها عند وسطه ليقف الإمام موضع الفضيلة بالنّسبة إليهما معا و لو كان معهما طفل لا يصلّى عليه جعل وراء المرأة مما يلي القبلة لأن المرأة أحوج إلى الشفاعة منه و إن كان معهم عبد جعل متوسّطا بين الرّجل و المرأة و إن كان معهم خنثى جعل متوسّطا بين العبد و المرأة و الأفضل تفريق الصّلاة و مع الجمع ينبغي التقديم بخصال دينية ترغب في الصّلاة عليه و عند التساوي لا يستحق القرب إلا بالقرعة أو التراضي [- ي -] لو سبق الإمام بالتكبير تابعه المأموم ثم يكبر الفائت ولاء و إن رفعت الجنازة و لو دفنت أتم على القبر و لو أدرك الإمام بين تكبيرتين لم ينتظر تكبيرة الإمام و لو سبق المأموم أعاد مع الإمام استحبابا [- يا -] من لم يصلّ على الجنازة يستحب له أن يصلي على القبر يوما و ليلة ثم لا يصلّي بعد ذلك على أظهر القولين [- يب -] يصلى على الجنازة في كل وقت و إن كان أحد الأوقات الخمسة ما لم تتضيّق وقت فريضة حاضرة و لو كان في ابتدائه قدمت الفريضة ما لم يخف على الميّت [- يج -] لو صلّى بعض الصّلاة فأحضرت جنازة أخرى تخير بين استئناف الصّلاة عليها من رأس و بين إتمام الصّلاة على الأولى و استئنافها للثانية [- يه -] لا قراءة في هذه الصّلاة و لا تسليم و لا افتتاح و لا استعاذة [- يو -] لا يشترط في الصّلاة أربعة نفر و لا الذكور بل يكفي الواحدة و إن كان امرأة [- يز -] إذا صلى على جنازة ثم تبيّن أنها مقلوبة أعاد الصّلاة عليها بعد تسويتها و إن دفنت فقد مضت الصّلاة

ص: 19

[- يح -] لو لم يكبر المأموم الثانية قصدا حتى كبر الإمام الثالثة فالوجه أن صلاته لا تبطل بل يكبر الثانية له و إن كانت ثالثة للإمام ثم يتبعه و يكبّر بعد فراغ الإمام الخامسة

المطلب الخامس في الدفن
اشارة

و فيه [- كد -] بحثا [- ا -] دفن الميّت واجب على الكفاية و أقل الفرض حفيرة تحرس الميّت عن السّباع و يكتم رائحته مع القدرة بعد غسله و تكفينه و الصّلاة عليه و أن يضجع على جانبه الأيمن مستقبل القبلة بحيث لا ينكب و لا يستلقى [- ب -] يستحب أن يحفر القبر قدر قامته أو إلى الترقوة و يجعل اللحد مما يلي القبلة و هو أفضل من الشق و يجعل سعة اللحد قدر ما يتمكّن الرّجل فيه من الجلوس ثم توضع الجنازة على الأرض إذا وصلت إلى القبر مما يلي رجليه إن كان الميّت رجلا و قدّام القبر إن كانت امرأة و أن ينقل في ثلاث دفعات و أن يرسل إلى القبر سابقا برأسه و المرأة عرضا و أن ينزل من يتناوله حافيا كاشفا رأسه حالاّ أزراره داعيا عند إنزاله و أن يحل عقد الأكفان من قبل رأسه و رجليه و أن يوضع شيء من تربة الحسين عليه السلام معه و التلقين و الدعاء له و شرج اللبن و الخروج من قبل رجلي القبر و إهالة الحاضرين التراب بظهور الأكف مسترجعين و رفع القبر مقدار أربع أصابع و أن لا يطرح فيه من غير ترابه و تربيعه و صبّ الماء عليه من قبل رأسه دورا و إلقاء الفاضل على الوسط و وضع اليد عليه و التّرحم و وضع لبنة أو لوح عند رأسه و ترك شيء من الحصى على القبر و تلقين الوليّ له بعد انصراف الناس رافعا صوته [- ج -] يكره فرش القبر بالساج إلا مع الضرورة و نزول ذي الرّحم القبر إلا في المرأة و زوجها أفضل فإن تعذّر فأحد ذوي أرحامها فإن تعذّر فالنساء فإن تعذر فبعض المؤمنين و إهالة التراب على ذي الرّحم و تجصيص القبور و تجديدها بعد اندراسها و لا بأس بتطيينها ابتداء و نقل الميّت إلى غير بلد موته إلا إلى أحد المشاهد فإنّه مستحبّ و الاستناد إلى القبر و الاتكاء عليه و المشي و التغوّط بين القبور و حفر قبر مع العلم بدفن آخر إلا لضرورة و بناء المسجد على القبر و الصّلاة عليه [- د -] يحرم نبش القبور و نقل الموتى بعد دفنهم و شق الثوب على غير الأب و الأخ [- ه -] راكب البحر إذا تعذّر دفنه في الأرض وضع في وعاء بعد تغسيله و تكفينه و الصّلاة عليه ثم يترك في البحر أو يثقل بشيء [- و -] يدفن الشهيد بثيابه و ينزع عنه الخفان و إن أصابها الدّم على خلاف [- ز -] الصبي و المجنون حكمهما في الشهادة و أحكامها حكم البالغ العاقل [- ح -] إذا ماتت الحامل دون الولد شق بطنها من الجانب الأيسر و أخرج الولد و خيط الموضع و لو مات الولد دونها أدخلت القابلة أو من يقوم مقامها يدها في فرجها و قطعت الصّبيّ و أخرجته قطعة قطعة مع تعذر خروجه [- ط -] الذّمية الحامل من مسلم تدفن في مقابر المسلمين لحرمة ولدها و يستقبل بظهرها القبلة [- ي -] لا يترك المصلوب على خشبته أكثر من ثلاثة أيام ثم ينزل بعد ذلك و يدفن بعد الصّلاة عليه [- يا -] يستحب أن يدفن الميّت في أشرف البقاع فإن مات في بلد لا أحد من الأئمّة عليهم السّلام فيه استحبّ نقله إلى بعض المشاهد فإن تعذّر دفن في مقبرة من يذكر بخير و فضيلة من شهداء أو صالحين [- يب -] الدفن في المقبرة أفضل من الدفن في البيت اقتداء برسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله حيث دفن أصحابه في المقابر و لما فيه من التوسعة على الورثة في منازلهم [- يج -] يستحب للإنسان اتخاذ مقبرة له يدفن فيها هو و أهله و عشيرته [- يد -] يكره دفن الميتين في قبر واحد [- يه -] السابق في المقبرة المسبّلة أولى و يقرع مع عدم السبق فإذا دفن في المسبلة لم يكن لغيره الدفن فيه إلا بعد اندراسه و العلم بأنّه قد صار رميما فإن حفره فوجد عظما ردّه و حفر غيره [- يو -] لو استعار أرضا للدفن جاز للمالك الرجوع قبله لا بعده إلا أن يبلى الميّت أما لو غصبها فدفن فيها كان للمالك قلع الميّت و الأفضل تركه و لو كان أحد الوارثين غائبا فاختار الحاضر الدفن في أرض مشتركة بينهما استحبّ للغائب مع حضوره ترك نقله و لو اتفقت الورثة على دفنه في موضع لم يكن لأحدهم نقله بعد ذلك و لو اختار بعضهم الملك و بعضهم المسبّل قدم اختيار المسبّل [- يز -] قال الشيخ إذا دفن ميّت في القبر ثم بيعت الأرض جاز للمشتري نقل الميّت و الأفضل تركه و في الإطلاق نظر بل الصّحيح أن ذلك في المغصوب [- يح -] إذا أخذ السيل الميّت أو أكله السّبع كان الكفن للورثة إلا إذا كان من متبرع ففي العود إليه إشكال [- يط -] يستحب أن يخمر قبر المرأة بثوب إذا أريد دفنها و يكره في الرّجال [- ك -] يكره تسنيم القبور و إنما المستحبّ تسطيحها [- كا -] جمع الأقارب في مقبرة واحدة حسن فإنّ رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله لما أقبر عثمان بن مظعون أمر بوضع حجر عند رأسه فلم يقدر المأمور فحسر عن ذراعيه ثم نقله فوضعه عند رأسه و قال أعلم بها قبر أخي و ادفن إليه من مات من أهله [- كب -] لو بلع الميّت شيئا له قيمة كثيرة فإن كان له أو لغيره ففي جواز شق بطنه و إخراجه إشكال ينشأ من حرمة الميّت و جواز الأخذ من التركة و من تضييع المال و الإضرار بالوارث و المالك و لو وقع في القبر ما له قيمة جاز نبشه و أخذه [- كج -] لو دفن من غير غسل أو وجّه إلى غير القبلة أخرج و غسل أو وجّه إلى القبلة ثم دفن أما لو دفن بغير صلاة أو بغير تكفين فالأقرب ترك نبشه و الأولى أن حكم التكفين حكم التغسيل و لو كفّن بثوب مغصوب فالوجه جواز نبشه و إعادة العين إلى صاحبها [- كد -] يستحب زيارة المقابر و التّرحم على أهلها و الدعاء لهم و قراءة القرآن عندهم للرجال و النساء و ما

ص: 20

يهدى إليه من ثواب القربات بنفعه

خاتمة يستحب التّعزية

و هو الحمل على الصبر بوعد الأجر و الدعاء للميّت و المصاب بعد الدفن و قبله و أقله أن يراه صاحبها قال الشيخ رحمه اللّٰه و يكره الجلوس للتّعزية يومين و ثلاثة و فيه نظر قال و يجوز لصاحب المصيبة أن يتميّز عن غيره بإرسال طرف العمامة أو أخذ مئزر فوقها في الأب و الأخ و لا يجوز في غيرهما و ليس في التعزية شيء موظف و يستحب تعزية جميع أهل المصيبة من الرّجال و النساء و الصّبيان إلا الشّاب من النساء الأجانب و يكره تعزية أهل الذّمة و يعزّ المسلم بقريبه الكافر و الدعاء للحيّ و يعزّ الكافر بقريبه المسلم و الدّعاء للميّت و يستحب إصلاح طعام لأهل المصيبة كما أمر رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله في موت جعفر ع و البكاء جائز غير مكروه فإن رسول اللّٰه ص بكى على ابنه إبراهيم و على عثمان بن مظعون و على جماعة من أصحابه و يحرم اللطم و الخدش و جزّ الشعر و النوح بالباطل

تتمّة

يجب على من مسّ ميّتا من النّاس بعد برده بالموت و قبل تطهيره بالغسل الاغتسال و كذا لو مسّ قطعة منه فيها عظم سواء قطعت من حيّ أو ميّت و لو مسّ ما لا عظم فيه وجب عليه غسل موضع الملاقاة خاصة و كذا لو مسّ ميّتا من غير الناس و لو مسّ الميّت بعد أن تيمم لعذر وجب الغسل و الأقرب وجوب الغسل على من مسّ الميّت بعد غسل الكافر له لا بعد القتل بالرّجم و الحدّ مع سبق الغسل قبل القتل و لا الشّهيد و في مسّ الميّت الكافر إشكال

المقصد الرابع في التيمّم
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الأسباب المبيحة للتيمم
اشارة

و ينظمها شيء واحد و هو العجز عن استعمال الماء ثم إن العجز له أسباب نذكرها في مباحث

السّبب الأوّل فقدان الماء

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] يجب مع فقدان الماء الطلب غلوة سهمين في كل جهة من الجهات الأربع مع سهولة الأرض و غلوة سهم من كل جهة مع حزونتها [- ب -] لو تحقق عدم الماء في هذه الأبعاد فالوجه عدم وجوب المطلب [- ج -] لو غلب على ظنه وجود الماء في الزائد عنه وجب طلبه مع المكنة إلا أن يضيق الوقت [- د -] لا فرق بين جوانب المنزل و صوب المقصد [- ه -] لو دخل عليه وقت صلاة أخرى و قد طلب في الأولى ففي وجوب الطلب ثانيا إشكال أقربه عدم الوجوب و لو انتقل عن ذلك المكان وجب إعادة الطلب و لا ينتقض تيمّمه إلا بالوجدان [- و -] قد بيّنا وجوب طلب الماء فلو أخل به ثم تيمّم و صلّى فإن استمرّ الفقد صحت الصّلاة و إن عصى بترك الطلب و إن وجد الماء مع أصحابه أو في رحله بعد التيمّم و الصّلاة توضأ و أعاد الصّلاة [- ز -] لو وجد من الماء ما لا يكفيه لطهارته تيمم و لا يجب استعماله في بعض الأعضاء لا في الغسل و لا في الوضوء و لو كان على جسده أو ثوبه نجاسة و معه واجد من الماء ما لا يكفيه لهما أزال النجاسة بالماء و تيمّم للصّلاة [- ح -] لو أراق الماء في الوقت عصى و في وجوب القضاء إشكال أما لو أراقه قبل الوقت فلا قضاء [- ط -] لا فرق بين قصير السّفر و طويله [- ي -] لا يشترط السّفر بل لو عدم الماء في الحضر تيمّم و صلّى و لا إعادة [- يا -] لو طلب قبل دخول الوقت لم يعتدّ به بل يجب بعد الدخول

السّبب الثّاني العجز عن الوصول إليه مع وجوده

كما لو كان في بئر و لا آلة هناك لو ازدحم الواردون مع ضعفه عن المقاومة و هنا [- ح -] مباحث [- ا -] لو وجد الماء بالثمن و عجز عنه وجب عليه التيمّم لأنه غير واجد [- ب -] لو تمكن من الثمن وجب عليه شراؤه ما لم يخف الضرر في الحال سواء قل الثمن أو كثر أضعافا مضاعفة على أظهر القولين و كذا البحث في الآلة [- ج -] لو وهب الماء أو الآلة لو أعير وجب القبول و لو وهب الثمن لم يجب [- د -] لو خاف فوت الوقت مع الاشتغال بتحصيل الماء و إن كان موجودا أو فوت العيد تيمّم [- ه -] لو باعه بثمن في الذمة يقدر على أدائه في بلده وجب عليه شراؤه و لو لم يقدر لم يجب [- و -] لو فضل الماء عن حاجة صاحبه لم يجز المكابرة عليه [- ز -] لو وهب ماءه في الوقت فهو باق على ملكه ما لم يتصرف الموهوب [- ح -] لو وجد الماء لغسل الميّت وجب شراؤه من تركته فإن لم يكن تركة لم يجب على أحد شراؤه

السّبب الثّالث الخوف

من التلف أو المرض الشديد أو الشين أو تلف المال أو ضياعه أو اللّص أو السّبع أو البرد فإن هذه الأشياء مبيحة للتيمّم و هنا [- ح -] مباحث [- ا -] لو تمكن خائف البرد من إسخان الماء وجب عليه و لم يجز له التيمّم [- ب -] لو كان معه ماء و خاف العطش باستعماله تيمم و كذا لو خاف عطش رفيقه أو حيوان له حرمة [- ج -] لو وجد خائف العطش مع الطاهر ماء نجسا شرب الطّاهر أو أبقاه لوقت الحاجة و تيمّم [- د -] لو تألم باستعمال الماء و أمن العاقبة وجب استعماله [- ه -] لو كان الماء عند مجمع الفساق و خافت المرأة من المكابرة عليها وجب التيمّم [- و -] لو خاف جبنا لا عن سبب كمن يخاف بالليل و ليس هناك شيء يخافه سوى مجرّد الوهم لم يجز له التيمم على أحسن الوجهين [- ز -] لو كان مريضا لا يقدر على الحركة و لا وجد المعاون جاز له التيمّم و لو وجد المعاون قبل وجود الوقت فهو واجد و لو خاف خروج الوقت قبل مجيئه انتظر تضيق الوقت [- ح -] لو كان المريض لا يتضرّر باستعمال الماء وجب عليه الوضوء

الفصل الثاني فيما يتيمّم

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] يصحّ التيمّم بكل ما يقع عليه اسم الأرض سواء تفرّقت أجزاؤه كالتراب أو لم يتفرق كالطّين اليابس و يجوز التيمّم بالأعفر و الأسود و الأصفر و الأحمر و الأبيض و هو المأكول و السنج و البطحاء و أرض النّورة و الجصّ و كل ذلك تراب [- ب -] يجوز التيمّم بالمستعمل في التيمّم و بتراب القبر و الممتزج بغيره مع بقاء اسم التراب و الأقرب جواز التيمّم بالحجر [- ج -] يكره التيمّم بالسّبخة و الرمل

ص: 21

[- د -] لا يجوز التيمّم بالمعادن و الرماد و ما أشبه التراب في النعومة و ليس به كالأشنان و الدقيق و لا بالتراب المغصوب و لا النجس و لا الوحل مع وجود التراب [- ه -] يستحب التيمّم أن يكون من ربى الأرض و عواليها لا من الهابط [- و -] لو فقد التراب و الحجر تيمّم بغبار ثوبه أو لبد سرجه أو عرف دابته و لو فقد ذلك تيمّم بالوحل بأن يضع اليد عليه ثم يفركه بعد يبسه و تيمّم به و لو لم يجد إلا الثلج اعتمد عليه بيده حتى يحصل فيها نداوة فيصرفها في بعض أعضاء الطهارة إلى أن ينتهي بما يسمّى غسلا فإن تعذّر ذلك تيمّم به على رأي

الفصل الثالث في الكيفية

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] يجب فيه النية المشتملة على الفعل و الوجه و الاستباحة و القربة و استدامتها حكما و لا يجوز نية رفع الحدث و لو نوى الجنب التيمّم بدلا من الوضوء لم يجز [- ب -] يجب أن يضع يديه على الأرض ثم يمسح الجبهة بهما من قصاص شعر الرأس إلى طرف الأنف ثم يمسح ظهر كفه اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع ببطن اليسرى ثم ظهر اليسرى ببطن اليمنى كذلك [- ج -] الترتيب هنا واجب بأن يبدأ بالجبهة ثم اليمنى ثم اليسرى و لو عكس أعاد على ما يحصل معه الترتيب [- د -] الموالاة أيضا واجبة و كذا استيعاب مواضع المسح فلو أخل بجزء لم يصح [- ه -] لا يجب استيعاب الأعضاء على أظهر القولين [- و -] التيمم إن كان بدلا من الوضوء اكتفى فيه بالضّربة الواحدة للوجه و اليدين و إن كان بدلا من الغسل ضرب ضربة للوجه و أخرى لليدين على أظهر الأقوال [- ز -] لو قطعت كفاه سقط مسحهما و مسح على الجبهة و لو قطع بعضها مسح على الباقي [- ح -] يجب القصد إلى الصعيد و لو تعرّض لمهبّ الريح لم يكفه [- ط -] يجب أن يباشر المسح للوجه و اليدين بنفسه فلو يمّمه غيره بإذنه و هو قادر لم يجزه و إن كان عاجزا أجزأه [- ي -] يجب نقل التراب فلو كان على وجهه تراب فردده بالمسح لم يجز و لو نقل من سائر أعضائه إلى وجهه أو من يده إلى وجهه أو من يده إلى وجهه فالأقرب عدم الجواز و لو معك وجهه في التراب لم يجز [- يا -] يكفي نية استباحة الصّلاة مطلقا و لا يفتقر إلى تعيين الفرض و النفل من الصّلاة و لو نوى استباحة الفرض دخل به في النفل و يجوز النفل به بعد وقت تلك الفريضة و قبل فعلها إن سوغنا التيمّم في أول الوقت و لو نوى النفل جاز الدخول به في الفرض و كذا حكم جميع الطهارات و لو نوى استباحة فرضين أجزأه و صحّ الدّخول فيهما [- يب -] لا يلزمه إيصال التراب إلى منابت الشعر و إن خفت [- يح -] لو كان في إصبعه خاتم نزعه ليقع المسح على جميع أجزاء الممسوح و لا يلزمه أن يفرج أصابعه لا في الضّربة الأولى و لا الثانية

الفصل الرّابع في الأحكام

و فيه [- مب -] بحثا [- ا -] لا يجب إعادة الصّلاة بالتيمّم إذا وقعت بشروطها سواء كان في سفر أو حضر و كذا المتعمد للجنابة إذا لم يجد الماء و كذا من منعه زحام الجمعة خلافا للشيخ و سواء كان على جسده نجاسة لا يتمكن من إزالتها أو لم يكن أمّا لو أخل بالطلب و صلى ثم وجد الماء في رحله أو مع أصحابه فإنّه يتوضأ و يعيد الصّلاة و لو طلب فلم يجد ثم تيمّم و صلّى ثم وجد الماء في رحله أو مع أصحابه فإنّه يتوضأ و يعيد الصّلاة و لو طلب فلم يجد ثم تيمّم و صلّى ثم وجد الماء في الوقت فلا يعيد [- ب -] لو تيمّم و على جسده نجاسة صحّ تيمّمه كالمائية [- ج -] لا يجوز التيمّم قبل دخول الوقت إجماعا و يجوز مع تضيقه بالإجماع و في الجواز مع السعة قولان أقواهما الجواز [- د -] يستحب نفض اليدين بعد ضربهما على الأرض ثم يمسح جبهته بعده [- ه -] لو أوصل التراب إلى محل الفرض بخرقة أو خشبة لم يجزه [- و -] كل ما ينقض الوضوء ينقض التيمّم و يزيد عليه وجدان الماء مع التمكن من استعماله و لا ينتقض بدخول الوقت و لا بخروجه ما لم يحدث أو يجد الماء و لو وجد الماء فلم يتطهّر ثم فقده جدد التيمّم [- ز -] لو وجد الماء و قد فرغ من الصّلاة لم يعد إجماعا و لو وجده قبل الشروع انتقض تيممه إجماعا و لو وجده في الأثناء فلا إعادة و لو تلبّس بتكبيرة الإحرام و فيه خلاف و لا يجوز أن يعدل بالفرض إلى النفل و لا فرق في ذلك بين الفرض و النّفل [- ح -] لو عدم الماء و التراب فأقوى الأقوال سقوط الصّلاة أداء و قضاء [- ط -] كل ما يستباح بالطّهارة المائية يستباح بالتيمّم [- ي -] يجوز أن يصلّي بتيمّم واحد صلوات اللّيل و النّهار فرائضها جميعا و نوافلها سواء نوى فريضة معينة أو مطلقة أو نوى نافلة أو صلاة مطلقة و لو نوى به فرض الطواف دخل نفله و بالعكس و لو نوى الصّبي لإحدى الخمس ثم بلغ بغير المبطل استباح به الفرائض و النوافل على إشكال و لو ذكر فائتة ضحوة النهار فتيمم لأدائها و لم يؤدّ إلا ظهرا [الظهر] بعد الزوال صحّ أداؤه [- يا -] الجنب إذا انتقض تيمّمه بحدث أصغر تيمّم بدلا من الغسل لا من الوضوء لأن التيمم عندنا لا يرفع الحدث [- يب -] يجوز التيمّم لصلاة الجنازة و إن كان الماء موجودا و لا يجوز الدخول به في غيرها [- يج -] إذا اجتمع ميّت و محدث و جنب و معهم من الماء ما يكفي أحدهم اختصّ به مالكه و لو كان مباحا أو ملك مالك يسمح ببذله لو أوصى لأحق الناس به اختص به الجنب و قيل الميّت [- يد -] لو كان بدل المحدث حائضا كان الجنب أولى منها و لو كان الماء للميّت اختصّ به و الفاضل للورثة لا يجوز استعماله بغير إذن إلا مع خوف العطش فيؤخذ بالتقويم و الجنب أولى من المحدث لاستفادته ما لا يستفيده المحدث و لو كان وفق المحدث فهو أولى لاستفادته كمال الطهارة و لو قصر عنهما فالجنب أولى لإمكان صرفه في بعض الأعضاء و لو كفى كلّ واحد و فضل منه فضلة لا تكفي الآخر فيه تردد ينشأ من كون الفضلة

ص: 22

يستعملها الجنب و من استفادة الجنب ما لا يستفيده المحدث [- يه -] لو تغلب المرجوح أساء و صحّت طهارته [- يو -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لو وجد الماء بعد الركوع لم ينصرف فإن فقده قبل الفراغ أعاد التيمّم لما يستقبل من الصّلوات و وجهه أنه متمكن و المنع الشرعي لا يقتضي زواله و الأقرب عدم وجوب إعادة التيمّم أما لو دخل في نافلة و قلنا بجواز الإبطال و حيث الإعادة [- بز -] الارتداد لا يبطل التيمّم [- يح -] العاصي بسفره يباح له التيمّم مع الشروط و لا يعيد [- يط -] لو نسي الجنابة فتيمّم للحدث لم يجزه عندنا أمّا مع القول بالتّسوية في الكيفية فالأقرب الجواز [- ك -] لو نوى للجنابة استباح ما استباحه المحدث المتطهر و بالعكس و لو أحدث الأول حدثا أصغر بطل تيمّمه و لو تيمّم للجنابة و الحدث ثم أحدث بطل تيمّمه مطلقا و هل يجب على الحائض و شبهها تيممان الأقرب ذلك على إشكال [- كا -] لو تيمّم الميّت ثم وجد الماء في أثناء الصّلاة عليه فالوجه وجوب تغسيله على إشكال [- كب -] لو وجد المتيمّم ما يغلب على الظنّ وجود الماء فيه كالركب أو الخضرة لم يبطل تيمّمه و إن وجب الطلب سواء بان بطلان ظنه أو لا و لو كان في الصّلاة لم يبطل صلاته لأنها لا تبطل مع تيقّن الماء فمع توهّمه أولى [- كج -] لا يجب التيمّم للنجاسة في البدن مع تعذّر الماء بل يمسحها بالتراب فلو كان محدثا تيمّم للحدث لا للنجاسة و غسلها و لو كانت النجاسة على الثوب المنفرد غسله و تيمّم و لو وجدت النجاسة في الثوب و البدن غسل البدن دون الثوب إذا لم يسع الماء [- كد -] لو أمكن الجريح غسل بعض جسده أو بعض أعضائه في الوضوء جاز له التيمّم و لا يغسل الأعضاء الصحيحة فإن غسلها و تيمّم كان أحوط قال الشيخ رحمه اللّٰه سواء كان أكثر بدنه أو أعضائه صحيحا أو سقيما و لا فرق بين تقديم غسل الصّحيح على التيمّم و تأخيره و لا يجوز التبعيض بأن يغسّل السليم و تيمم باقي الأعضاء تيمّما و كذا لو كان بعض أعضائه المغسولة مريضا لا يقدر على غسله و لا مسحه [- كه -] تيمّم لصلاة الخسوف بالخسوف و لصلاة الاستسقاء باجتماع النّاس في الصّحراء و للفائتة بذكرها و للنافلة الراتبة بدخول وقتها [- كو -] المحبوس بدين يقدر على قضائه لا يعذر و يصير كما لو كان الماء قريبا منه و تمكّن من استعماله فلم يستعمله حتى ضاق الوقت [- كز -] يجوز للعادم الجماع و إن كان معه ماء يكفيه للوضوء قبل الوقت لعموم قوله فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّٰى شِئْتُمْ و ليس بمكروه فإذا جامعها و معه ماء لا يكفيه للغسل غسل فرجه و فرجها ثم تيمّما و صلّيا [- كج -] إذا كان الثوب نجسا صرف الماء في غسله و تيمّم و لو لم يكن ماء نزعه و صلى عريانا و لا إعادة عليه و لو لم يتمكن من النزع صلّى فيه بتيمّم و لا إعادة و قول الشيخ رحمه اللّٰه لا تعويل عليه لضعف مستنده [- كط -] لو وجد فاقد الماء و التراب أحدهما بعد الدخول في الصّلاة انصرف و تطهر و هو تخريج [- ل -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يجب عليه إذا طلع الركب عليه بعد التيمّم سؤالهم عن الماء لتضيق الوقت و يخاف الفوت و قد مضى وقت الطلب و هو جيد على أصله [- لا -] لا يبطل التيمم بنزع العمامة و الخف و هو ظاهر على أصلنا [- لب -] لو أحدث المتيمّم من جنابة حدثا أصغر و معه من الماء ما يكفيه للوضوء تيمّم و قول السّيد ضعيف [- لج -] يجوز التيمم لكل ما يتطهر له من صلاة فريضة و نافلة قال الشيخ في المبسوط و مس مصحف و سجود تلاوة و دخول مسجد و غيرها [- لد -] إذا انقطع دم الحائض جاز الوطء من دون غسل و لا يشترط التيمّم [- له -] الكافر لا يصح تيمّمه سواء كان بنية الإسلام أو لا و قول أبي يوسف إذا تيمّم بنية الإسلام و أسلم صلّى بذلك التيمّم باطل [- لو -] لو أحدث المتيمّم في صلاة حدثا يوجب الوضوء ناسيا و وجد الماء توضأ و بنى على ما مضى من صلاته ما لم يتكلّم أو يستدبر القبلة قال الشيخان و هي رواية زرارة و محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام و هي صحيحة و نازع ابن إدريس في ذلك و هو قولي [- لز -] يكره أن يؤم المتيمّم المتوضّئين و نقل ابن إدريس عن بعض علمائنا عدم الكراهة [- كح -] لو شاهد المأموم المتوضّئ الماء في أثناء الصّلاة و لم يشاهد إمامة المتيمّم لم يفسد صلاته [- لط -] لو ظنّ فناء مائه فتيمّم و صلّى لم يجزئه إن أخلّ بالطلب و إلا أجزأه و لو كان الماء معلقا في عنقه أو على ظهره فنسيه فإن طلب أجزأه و إلا فلا و كذا لو كان معلقا على رحله سواء كان راكبا و الماء مقدم الرّحل أو مؤخره [- م -] لو وجد جماعة متيممون ما يكفي أحدهم في المباح انتقض تيمّمهم جميعا و كذا لو كان ملكا لأحدهم أو لأجنبي فأباح من شاء منهم أما لو وهب الجميع أو أباحهم على الجمع لم ينتقض تيمّمهم و لو أذن لواحد انتقض تيمّمه خاصّة و لو مرّ المتيمّم على الماء و لم يعلم به لم ينتقض تيمّمه [- ما -] لو لم يجد الماء إلا في المسجد و كان جنبا فالأقرب جواز الدخول مع خلوّ بدنه من النجاسة و أخذ الماء و الاغتسال به خارجا و لو فقد الآنية اغتسل فيه ما لم يفتقر إلى اللبث [- مب -] روى الشيخ في الصّحيح عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام أنه سئل عن الرّجل يقيم بالبلاد الأشهر ليس فيها ماء من أجل المراعي و صلاح الإبل قال لا و في التحريم نظر

المقصد الخامس في النجاسات
اشارة

و النظر في أمرين

الأوّل في أنواعها
اشارة

و هي عشرة

الأوّل و الثّاني البول و الغائط

من كل حيوان له نفس سائلة لا يؤكل لحمه سواء كان حراما في الأصل كالأسد أو عرض كالجلاّل و كموطوء الإنسان و قول الشيخ رحمه اللّٰه في المبسوط إن بول الطّيور كلّها طاهر سواء أكل لحمها أو لا و كذا ذرقها إلا الخشّاف ضعيف و رواية أبي بصير و إن كانت حسنة لكنها معارضة بغيرها أمّا بول

ص: 23

ما يؤكل لحمه و ذرقه من أصناف الحيوان فإنه طاهر إلا الدّجاج فإن فيه خلافا و بول ما لا نفس له سائلة و ذرقه طاهران و يكره بول البغال و الحمير و الدّواب و أرواثها

الثّالث المني

نجس من كلّ حيوان ذي نفس سائلة حل أكله أو حرم آدميّا كان أو غيره و الأصحّ طهارة منيّ ما لا نفس له سائلة و المذي و الوذي طاهران

الرّابع الدم المسفوح من كل حيوان ذي عرق

لا ما يكون رشحا كدم السّمك و شبهه نجس أما دم ما لا نفس له سائلة فإنه طاهر كالبق و البراغيث و السّمك و لا بأس بالصّديد و القيح قاله الشيخ رحمه اللّٰه قال صاحب الصّحاح القيح المدة لا يخالطها دم و الصّديد ماء الجرح المختلط بالدّم قبل أن يغلظ المدّة و الدم المستخلف في اللحم المذكى ممّا لا يقذفه المذبوح طاهر

الخامس الميّتة من كل حيوان ذي نفس سائلة نجسة

سواء كان آدميّا أو لم يكن و كذا أبعاضها و المنفصل من كل حيوان ينجس بالموت نجس و إن أبين من الحيّ و ما لا تحله الحياة كالعظم و الشعر فهو طاهر و إن أبين من الميّت إلا أن يكون من حيوان نجس العين كالكلب و الخنزير و الكافر و خلاف المرتضى ضعيف و اللّبن من الميّتة المأكولة اللحم بالذكاء نجس و في رواية زرارة الصحيحة عن الصادق عليه السّلام لا بأس به و الإنفحة من الميّتة طاهرة لرواية زرارة الصحيحة عن الصادق عليه السّلام و البيضة من الميّتة طاهرة إن كانت قد اكتست الجلد الفوقاني

السادس الكلب

نجس العين و اللعاب و لو نزا على طاهر فأولده روعي الاسم

السّابع الخنزير

حكمه في التنجيس حكم الكلب و جميع الرطوبات المنفصلة منهما و سائر أجزائهما حلتها الحياة أو لا نجسة أما كلب الماء فالأصح فيه الطهارة لأن إطلاق اسم الكلب عليه بالمجاز

الثامن المسكرات

كلّها نجسة و قول ابن بابويه ضعيف و الروايات معارضة بمثلها و عمل الأصحاب و كذا العصير إذا غلا ما لم يذهب ثلثاه و بصاق شارب الخمر طاهر ما لم يكن متلوثا به و لو انقلب الخمر خلا طهر سواء كان من قبل نفسه أو بعلاج أو طرح أجسام طاهرة فيه و إن كان المستحب تركه لينقلب من قبل نفسه و لو طرح فيها أجسام نجسة و استهلكت ثم انقلبت أو باشرها المشرك فإن الانقلاب لا يطهّرها

التّاسع الفقاع

نجس و حكمه حكم الخمر عندنا بلا خلاف

العاشر الكافر

نجس و هو كل من جحد ما يعلم ثبوته من الدّين ضرورة سواء كانوا حربيّين أو أهل كتاب أو مرتدّين و كذا الناصب و الغلاة و الخوارج و الأقرب أن المجسمة و المشبّهة كذلك و ما عدا هذه الأعيان طاهر ما لم يباشر شيئا منها برطوبة كالهرة و الحمر الأهلية و البغال و الفيل و غيره من المسوخ و السّباع و الثعلب و الأرنب و الفأرة و الوزغة و سائر الحشرات خلافا للشيخ و كذا في عرق الجنب من الحرام و عرق الإبل الجلالة خلافا له و القيء طاهر خلافا لشذوذ سواء خرج قبل الاستحالة أو بعدها ما لم يستحل غائطا فإنّه يكون نجسا و في نقضه خلاف سلف و كذا النخامة و البلغم سواء نزل من الرأس أو خرج من الصدر و الحديد طاهر و رواية إسحاق بن عمار ضعيفة و طين الطّريق طاهر ما لم يعلم فيه النجاسة و طين المطر طاهر و يستحبّ إزالته بعد ثلاثة أيام و لو وقع عليه في الطريق ماء و لا يعلم نجاسته لم يجب عليه السؤال إجماعا و بنى على الطهارة

النظر الثاني في الأحكام

و فيه [- لب -] بحثا [- ا -] يجب إزالة النجاسة عن الثّوب و البدن للصّلاة و الطواف و دخول المساجد و عن الأواني لاستعمالها و لا فرق في ذلك بين كثير النجاسة و قليلها في وجوب الإزالة إلا الدم فإن فيه تفصيلا يأتي و لو جبر عظمه بعظم نجس وجب النزع مع الإمكان سواء ستره اللحم أو لا [- ب -] عفي عن النجاسة مطلقا فيما لا يتم الصّلاة فيه منفردا كالتكة و الجورب و الخف و القلنسوة و النعل و أضاف ابن بابويه العمامة و هو ضعيف و الوجه أن الرّخصة في هذه الأشياء إذا كانت في محالها [- ج -] الدّم إن كان حيضا أو استحاضة أو نفاسا وجب إزالة قليله و كثيره عن الثوب و البدن و إن كان غيرها كان نجسا فإن شق إزالته و لم يقف سيلانه كالجروح الدامية و القروح اللازمة كان عفوا في الثوب و البدن قل أو كثر و إن لم يخرج عن النجاسة و يستحب غسل الثوب في اليوم مرّة و إن وجد طاهرا ففي وجوب الإبدال إشكال و إن لم يشق إزالته فإن كان فوق الدرهم البغلي سعة وجب إزالته إجماعا عن الثوب و البدن و إن كان دونه لم يجب إزالته إجماعا و إن كان نجسا و إن كان قدر الدّرهم فقولان أقربهما وجوب الإزالة و لو كان الدم متفرقا فالأولى اعتبار الدّرهم سعة على تقدير الجمع فيزيله و لا ما يحصل القصور عن الدرهم به و لا فرق بين الدماء كلها في ذلك عدا الدماء الثلاثة و استثناء الراوندي و ابن حمزة دم الكلب و الخنزير حسن و لو أصاب الدم نجاسة غير معفو عنها لم يعف عنه [- د -] يجب غسل الثوب من النجاسة بالماء المطلق و لو لم يزل أثر دم الحيض بالغسل استحب صبغه بالمشق [- ه -] لو اتّصل الدّم من أحد وجهي الثوب الصفيق إلى آخر فهما نجاسة واحدة و إلا تعددتا [- و -] لا يجزي الفرك في المني سواء كان يابسا أو رطبا مني آدميّ أو حيوان ذكر أو أنثى [- ز -] يستحب قرص الثوب و حته ثم غسله في الماء في دم الحيض و الواجب الغسل خاصة [- ح -] يغسل الثوب من البول مرتين و النجاسة الثخينة أولى بتعداد الغسل إلا ما لا يشاهد من النجاسة فإنها تطهر بالمرة [- ط -] لا بدّ من عصر الثوب و دلك الجسد و يكفي الدّق و التقليب فيما يعسر عصره و لو أخلّ بالعصر لم يطهر الثوب [- ي -] لو غسل بعض الثوب النجس طهر المغسول خاصّة و يكفي في بول الرضيع صب الماء عليه وحده ما لم يغتذّ بالطعام و تحديد ابن إدريس بالحولين ضعيف [- يا -] المرأة المربّية

ص: 24

للصّبي إذا لم يكن لها سوى ثوب واحد و تصيبه النجاسة دائما و لا يتمكن من غسله في كل وقت تجتزي بغسله مرة واحدة في اليوم و يستحب أن تجعل الغسلة آخر النّهار و لتقع الفرائض الأربع في طاهر و اليوم اسم للنهار و الليل [- يب -] الكلب و الخنزير إذا أصابا الثوب و أحدهما رطب وجب غسل موضع الملاقاة و لو اشتبه وجب تعميم الغسل و لو كانا يابسين استحبّ رش الثوب بالماء و لو كان في البدن غسل موضع الملاقاة رطب و مسحه بالتراب يابسا [- يج -] البول إذا أصاب الأرض أو الحصير أو البارية و جفّ بالشمس طهر محلّه و قول الراوندي و ابن حمزة بجواز الصّلاة عليه مع نجاسته باطل لقول الباقر عليه السّلام في رواية صحيحة من زرارة و قد سئل عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلّى فيه إذا جففته الشمس فصلّي عليه فهو طاهر و هو نصّ في الباب و لو جفّ بغير الشمس لم يطهر إجماعا و للشيخ قول آخر في الخلاف ضعيف [- يد -] غير البول من النجاسات المائعة كالخمر و شبهه لا يطهر بتجفيف الشمس على أحد قولي الشيخ [- يه -] إنما يطهر بتجفيف الشمس ما تقدم من الأرض و الحصر و البواري و النباتات و شبهها [- يو -] لا يطهر بالشمس ما يبقى فيه أجزاء النجاسة بعد التجفيف [- يز -] قال الشيخ الأرض إذا أصابها بول فألقي عليها ذنوب من ماء بحيث يقهر لونه و ريحه تطهر و يبقى الماء على طهارته و عندي فيه نظر و رواية الأعرابي ضعيفة عندنا و معارضة بما روي عنه عليه السّلام من قوله فيها خذوا ما بال عليه من التراب و أريقوا على مكانه ماء [- يح -] إنما تطهر الأرض بإجراء الماء الكثير عليها أو وقوع المطر أو السّيل بحيث يذهب أثر النجاسة أو بوقوع الشمس حتى يجفّ في البول و شبهه على إشكال قال الشيخ رحمه اللّٰه أو بزوال الأجزاء النّجسة أو تطيين الأرض بالطّاهر و ليسا في الحقيقة مطهرين و لا فرق في التطهير بين قليل المطر و كثيره إذا زال العين و الأثر و لو لم تزل الرائحة و اللون لم يطهر و لو كانت النجاسة جامدة أزيلت عينها و لو خالطت أجزاء التراب أزيل الجميع [- يط -] يطهر التراب باطن الخف و أسفل النعل و في القدم إشكال و الصحيح طهارتها و النار تطهّر ما أحالته [- ك -] قال علم الهدى الصقيل كالسّيف إذا لاقاه نجاسة طهر بالمسح و فيه إشكال [- كا -] إذا استحالت الأعيان النجسة فقد طهرت كالخمر إذا انقلبت و كالنطفة و العلقة إذا تكوّنت إنسانا و كالدم إذا صار قيحا أو صديدا أمّا الخنزير و شبهه إذا وقع في ملاّحة فاستحال ملحا فإنه لا يطهر و حكم الشيخ بتطهير اللبن المضروب بماء نجس مع صيرورته آجرا أو خزفا و لا يطهر الدبس النّجس إذا انقلب خلاّ و لو انقلبت الأعيان النجسة ترابا ففي طهارتها إشكال و الكافر إذا أسلم طهر بدنه دون ما لاقاه برطوبة من ثيابه و غيرها قبل الإسلام و لو تاب المرتد عن غير فطرة فكذلك أما المرتد عن فطرة فالوجه أنه كذلك أيضا [- كب -] إذا علم بالنجاسة في موضع معيّن من ثوبه أو بدنه غسله وجوبا و إن اشتبه وجب غسل كل ما يحتمل إصابة النجاسة له و لو علم حصولها في أحد الثوبين و جهل التعيين غسلهما معا و لو لم يجد الماء نزعهما و صلّى في غيرهما إن وجد و إلا صلى عريانا و لا تجزي و قال أكثر علمائنا يصلّي في كلّ واحد منهما مرة و هو الحق عندي و قول ابن إدريس إن الواجب افتتاح الصّلاة مع العلم بوجوبها لا مع الشك خطأ لأنهما عندنا واجبتان إحداهما بالاشتباه و الأخرى بالأصالة و لو تعدّدت الثياب النجسة صلى بعددها و زاد صلاة على ذلك العدد و لو صلى الظهرين في أحدهما ثم كرّرهما في الآخر صحتا معا و لو صلّى الظهر في ثوب ثم العصر في آخر ثم الظهر فيه ثم العصر في الأول صحّت الظهر و لو غسل أحد الثوبين المشتبهين و صلّى فيه صحّت الصّلاة إجماعا و لا يجوز أن يصلّي في الآخر و لو جمعهما و صلى فيهما لم تصح صلاته سواء غسل أحدهما أو لا و مع وجود الطاهر بيقين لا يجوز أن يصلّي في المشتبه مع الإفراد و التعدد [- كج -] لو كان معه ثوب نجس لا غير نزعه و صلى عريانا بالإيماء و لا إعادة عليه قاله الشيخ و في رواية علي بن جعفر الصحيحة عن أخيه موسى عليه السّلام يصلّي فيه و الوجه عندي التخيير [- كد -] من صلّى في ثوب نجس مع العلم أعاد الصّلاة مطلقا و لو نسي حالة الصّلاة فالوجه الإعادة في الوقت لا خارجه خلافا للشيخ و لو لم يسبقه العلم ثم علم بعد الصّلاة لم يعد لا في الوقت و لا خارجه على خلاف في الأول [- كه -] لو دخل في الصلاة و لم يعلم ثم تجدد له العلم بسبق النجاسة نزعه و إن لم يكن غيره و أخذ ساترا و لو احتاج إلى فعل كثير قطع الصلاة و ستر عورته و لو لم يملك الساتر نزعه و أتم من جلوس إيماء و لو حمل حيوانا طاهرا مأكول اللحم صحّت صلاته و كذا غير المأكول و لو حمل قارورة مضمومة فيها نجاسة فقد تردد الشيخ في الخلاف و أفتى في المبسوط بالبطلان و يكره للمرأة أن تصل شعرها بشعر آدميّ رجلا أو امرأة و لا بأس بالحيوان الطاهر و لو شرب خمرا أو أكل ميتة فالأقوى وجوب القيء و لو أدخل دما تحت جلده فنبت اللحم نزعه مع المكنة و لو كان وسطه مشدودا بطرف حبل و طرفه الآخر مشدودا في نجاسته كالكلب لم تبطل صلاته سواء كان واقفا على الحبل أو حاملا له و سواء كان الكلب كبيرا لا يتحرك بحركته أو يتحرك و كذا لو كان مشدودا في سفينة فيها نجاسة سواء كان الشدّ في النجس أو الطاهر و يجوز الصلاة في ثياب الصّبيان و يكره في ثياب شارب الخمر و غيره من المحرمات ما لم يعلم إصابتها لها [- لو -] يحرم الأكل و الشرب في آنية الذهب و الفضة إجماعا و كذا يحرم

ص: 25

عندنا استعمالها في غير الأكل و الشرب و نص الشيخ على تحريم اتخاذها سواء الرّجل أو المرأة في ذلك أما المفضّض ففيه قولان أقربهما الكراهية و يحول الفم عن موضع الفضّة وجوبا قاله الشيخ و يجوز اتخاذ الأواني من غير الجوهرين و إن غلت أثمانها و أواني المشركين طاهرة حتى يعلم نجاستها و لو تطهر من آنية الذّهب و الفضة فالأقرب صحة طهارته بخلاف ما لو توضأ في الدار المغصوبة و كذا لو جعل آنية الذهب أو الفضة مصبّا لماء الطهارة [- كز -] تغسل الآنية من ولوغ الكلب ثلاث مرات أولاهن بالتراب خلافا لابن جنيد في العدد و للمفيد في الترتيب و إذا غسلت طهرت و لم يجب تجفيفها و لو لم يجد التراب قال الشيخ اقتصر على الماء و الأقرب حينئذ عدم الاكتفاء بالمرتين و لو وجد ما يشبهه كالأشنان و الصّابون أجزأ استعماله و هل يجزي مع وجود التراب إشكال و لو خيف فساد المحل باستعمال التراب فهو كالفاقد و لو غسله بالماء مع وجود التراب لم يجزه و هل يمزج التراب بالماء قال ابن إدريس نعم و لم يثبت و لو تكرر الولوغ اتحد الغسل تعدد الكلب أو اتحد و لا يغسل بالتراب إلا من الولوغ خاصة و يلحق بالكلب ما تبعه في الاسم و جزم في المبسوط و الخلاف على مساواة الخنزير له و لم يثبت و الحقّ عندي أنه يغسل من ولوغ الخنزير سبع مرّات لرواية علي بن جعفر الصحيحة عن أخيه الكاظم عليه السّلام [- كح -] إذا وقع فيه نجاسة بعد غسله بعض العدد تداخلا و لو غسله بالتراب ثم بالماء مرة ثم ولغ استأنف و لا يجب الإكمال ثم الاستئناف و لو وقع إناء الولوغ في ماء قليل نجس الماء و لو كان في كثير لم يحصل للمغسول غسله إلا مع القول بعدم الترتيب أو يكون الوقوع بعد التراب [- كط -] يغسل الإناء من الخمر و الجرذ سبعا استحبابا على خلاف و يغسل من غير الولوغ من النجاسات ثلاثا استحبابا و الواجب الاتقاء و نصّ في الخلاف و المبسوط على الثلاث [- ل -] يطهر بالغسل من الخمر ما كان من الجواهر الصّلبة التي لا تتشرب أجزاؤها الخمر كالرصاص و الخزف المطلي أما القرع و الخشب و الخزف غير المغضور فالأقرب زوال النجاسة عنه خلافا لابن الجنيد [- لا -] جلد الميّتة لا يطهر بالدّباغ سواء كان طاهرا في الحياة أو لم يكن خلافا لابن الجنيد [- لب -] لا يجوز استعمال شيء من الجلود إلا ما كان طاهرا في حال الحياة ذكيا فإن كان مأكولا لم يفتقر إلى الدباغ و هل يفتقر ما لا يؤكل لحمه مع التذكية إلى الدباغ نصّ الشيخ و علم الهدى عليه و مع الدّباغ لا يفتقر إلى الغسل و لا يفتقر الدبغ إلى فعل بل لو وقع المدبوغ في المدبغة فاندبغ طهر

كتاب الصّلاة

في معاني الصلاة

و هي في اللغة الدعاء و في الشرع أذكار معهودة مقترنة بحركات و سكنات مخصوصة يتقرب بها إلى اللّٰه تعالى و هي من أكمل العبادات و أهمها في نظر الشرع قال الصادق عليه السّلام أول ما يحاسب العبد به الصّلاة فإذا قبلت قبل سائر عمله و إذا ردّت ردّ عليه سائر عمله و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله ليس منا من استخف بصلاته لا يرد عليّ الحوض لا و اللّٰه ليس مني من شرب مسكرا لا يرد علي الحوض لا و اللّٰه و قال الصادق عليه السّلام إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصّلاة و سأله معاوية بن وهب من أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم و أحب ذلك إلى اللّٰه عز و جلّ ما هو فقال عليه السّلام ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصّلاة أ لا ترى أن العبد الصّالح عيسى بن مريم عليه السّلام قال و أوصاني بالصّلاة و الزكاة ما دمت حيّا و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى و هي واجبة بالنّص و الإجماع و معرفتها واجبة لأن التكليف يستدعي العلم بالفعل الذي وقع التكليف به لاستحالة تكليف ما لا يطاق فيجب معرفتها إما بالدليل أو بالتقليد لمن يصحّ تقليده من المجتهدين فلو صلّى بتقليد العامي لم يعتدّ بها و الصّلاة فعل يشتمل على أشياء و يشترط له أشياء و يبطله أمور إما عمدا أو سهوا و ينقسم إلى أنواع كثيرة و أنا أسوق إليك لب الفتاوى المتعلقة بذلك كله و أهذب لك فروعه و أحيلك بالبراهين و ذكر الخلاف على كتابنا الكبير الموسوم بمنتهى المطلب بعون اللّٰه تعالى و هذا الكتاب يشتمل على مقاصد

المقصد الأوّل في المقدمات
اشارة

و فيه فصول

الفصل الأول في أعدادها

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] الصلاة قسمان واجب و نفل فالواجب أمران أحدهما واجب بأصل الشرع و هو خمس صلوات في كل يوم و ليلة الظهر أربع ركعات و العصر مثلها و كذا العشاء الآخرة و المغرب ثلاث ركعات و الغداة ركعتان و ترتيبها الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء ثم الصّبح هذا في الحضر و أما في السفر فيسقط في الرباعيات شطرها و يستقر الباقيتان على حالهما و يجب أيضا صلاة الجمعة و العيدين و الكسوف و الآيات و الزلزلة و الطواف و الأموات فالثّاني ما وجب بالنذر و اليمين و العهد و أما النفل فقسمان موقّت و غير موقّت فالموقّت أقسام أحدها النوافل اليوميّة و هي أربع و ثلاثون ركعة أمام الظهر ثمان و بعدها كذلك للعصر و بعد المغرب أربع و بعد العشاء ركعتان من جلوس يحسبان بركعة و ثمان صلاة اللّيل و ركعتا الشفع و الوتر و ركعتان للفجر و تسقط نوافل النّهار عدا ركعتي الفجر في السفر و في الوتيرة خلاف و الباقي من النوافل يأتي [- ب -] النوافل تصلّى كل ركعتين منها بتشهد و تسليم إلا صلاة الأعرابي و الوتر و سيأتي بيانهما فلو زاد على اثنتين لم يجز قاله في المبسوط [- ج -] ركعتا الفجر أفضل من الوتر [- د -] يستحب تقديم نافلة المغرب على سجدة الشكر فيها و روي عن الكاظم عليه السّلام التعفير عقيب المغرب

ص: 26

و قال إن الدعاء فيها مستجاب [- ه -] صلاة الضحى بدعة عندنا [- و -] يستحب التطوّع قائما و لو تطوّع جالسا جاز و ينبغي أن يتربّع فإذا أراد الركوع قام و ركع

الفصل الثاني في المواقيت
اشارة

و النظر يتعلق بأمور

النظر الأوّل في وقت الرفاهية

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] لكلّ صلاة وقتان أوّل و آخر فالأول وقت الفضيلة و الآخر وقت الإجزاء و لا يمكن أن يكون الوقت قاصرا عن الفعل إلا إذا كان القصد وجوب القضاء لاستحالة تكليف ما لا يطاق و قد وقع الإجماع على جواز التكليف مع التوافق أما مع فضل الوقت فالصّحيح جوازه خلافا لمن منع الواجب الموسّع و قد ذكرناه في علم الأصول ثم الواجب الموسّع لا يختص زمان منه بالوجوب دون آخر و يتضيّق الوجوب عند آخره و وجوب العزم عند التأخير إلى ثاني الحال من أحكام الإيمان لا لتحقق البدليّة [- ب -] يدخل وقت الظهر بزوال الشمس و انحرافها عن دائرة نصف النهار المعلوم بزيادة ظل كلّ شخص في جانب المشرق بعد نقصانه أو ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن يستقبل القبلة إلى أن يمضي مقدار أربع ركعات ثم يشترك الوقت بينها و بين العصر إلى أن يبقى لغروب الشمس مقدار أربع ركعات فيختص بالعصر روى ذلك داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السلام و هي مناسبة للدلائل العقلية فإذا غربت الشمس دخل وقت المغرب و يعرف غروبها بغيبوبة الحمرة المشرقية و لا يكفي استتار القرص على أصحّ القولين إلى أن يمضي مقدار ثلاث ركعات ثم يشترك الوقت بينها و بين العشاء إلى أن يصير لانتصاف الليل مقدار أربع ركعات فيختص العشاء الآخرة و وقت الصبح طلوع الفجر الثاني المستطير ضوؤه الصادق لا الفجر الأوّل الكاذب الّذي هو يبدو مستطيلا ثم ينمحي أثره و يمتد الوقت إلى طلوع الشمس [- ج -] وقت الفضيلة للظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله و للعصر عند الفراغ من فريضة الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه و للمغرب من غروب الشمس إلى غيبوبة الشفق و هو الحمرة من جانب المغرب و للعشاء الآخرة إلى ثلث اللّيل و للصبح من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الحمرة المشرقية و اللّٰه أعلم

النّظر الثاني في أوقات النوافل

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] وقت نافلة الظهر من الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله و في النهاية إلى أن يبلغ زيادة الظل قدمين [- ب -] وقت نافلة العصر من عند الفراغ من فريضة الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه و في النهاية إلى أربعة أقدام [- ج -] وقت نافلة المغرب بعدها إلى ذهاب الحمرة المغربية [- د -] وقت الوتيرة عند الفراغ من العشاء و يمتدّ بامتداد وقتها قال الشيخ و يستحب أن يجعلها بعد كل صلاة يريد أن يصلّيها [- ه -] وقت صلاة الليل بعد انتصافه و كلما قرب من الفجر كان أفضل [- و -] وقت ركعتي الفجر عقيب صلاة اللّيل إلى طلوع الحمرة و تأخيرها إلى الفجر الأوّل أولى

النظر الثالث في أوقات المعذورين

و يغني بالعدد ما يسقط القضاء كالجنون و الصّبا و الحيض و الكفر و له أحوال ثلاثة الأولى أن يخلو عنها آخر الوقت بقدر الطهارة و أداء ركعة كما لو طهرت الحائض قبل الغروب فيلزمها العصر و لو طهرت قبله بمقدار الطّهارة و خمس ركعات وجبت الظهر أيضا و الأربع في مقابلة الظهر لا العصر على إشكال و تظهر الفائدة في المغرب و العشاء و كذا لو طهرت قبل انتصاف الليل بمقدار الطّهارة و ركعة وجبت العشاء و لو كان بمقدار خمس وجبت الفريضتان و يكون مؤدّيا لكمال الفريضة على رأي و لو أهمل حينئذ وجب القضاء و لو قصر الوقت عن ركعة لم يجب الحالة الثانية أن يخلو أوّل الوقت فإذا دخل الوقت و مضى مقدار الطّهارة و ما يتسع للصّلاة بكمالها وجب الصّلاة و لو حصل العذر وجب القضاء عند زواله و لو لم يتسع لكمال الفريضة لم يجب القضاء الحالة الثالثة أن يعم العذر جميع الوقت فتسقط الصلاة أداء و قضاء

النّظر الرّابع في الأوقات المكروهة للنوافل

يكره ابتداء النوافل في خمسة أوقات ثلاثة منها للوقت عند طلوع الشمس و غروبها و قيامها نصف النهار إلا يوم الجمعة و اثنان للفعل بعد الصّبح و بعد العصر إلا النوافل المرتّبة و ما له سبب كصلاة الزيارة و التحيّة و الإحرام و الطواف أما قضاء النوافل في هذه الأوقات فليس بمكروه و كره المفيد قضاءها عند طلوع الشمس و غروبها خاصة أما الفرائض فلا تكره إجماعا و كذا المنذورة سواء أطلق النذر أو قيّده و كذا صلاة الجنائز و يستحب إعادة الصلاة الواجبة جماعة لمن صلّى منفردا و إن كان في أوقات النهي كالصبح و العصر و المغرب و لا فرق بين مكة و غيرها في الكراهية و لا بين الصيف و الشتاء عملا بالعموم

النظر الخامس في الأحكام

و فيه [- يز -] بحثا [- ا -] الصّلاة في أوّل الوقت أفضل إلا للمتنفل في الظهرين و للجمع في الحر الشديد و للمفيض إلى المشعر في العشاءين و للمستحاضة الكثيرة الدم في الظهر و المغرب و للمصلّي العشاء إلى أن يغيب الشفق المغربي و لا إثم في تعجيل الصّلاة التي يستحبّ تأخيرهما [- ب -] لو أخر في أوّل الوقت لم يأثم و إجزاء ما يأتي به و يكون مؤديا مع الاختيار و يستقر الوجوب بمضي مقدار الطهارة و الفريضة من الوقت و لو تضيّق الوقت تحتم و عصى بالتأخير فلو ظهر فساد ظنه و لما يخرج الوقت فهو أداء و لو مات بعد المكنة قبل الضّيق لم يعص و قضي عنه [- ج -] لو أدرك المكلف من وقت صلاتي الأولى قدرا تجب به ثم جنّ أو حاضت المرأة ثم زال العذر بعد وقتهما

ص: 27

لم تجب الثانية [- د -] الصّبي المتطوّع بوظيفة الوقت إذا بلغ في الأثناء بما لا يبطلها استأنف مع بقاء الوقت و في المبسوط يتم و لو كان قد فرغ وجب عليه الاستئناف مع إدراك الطهارة و ركعة [- ه -] لا يجوز الصلاة قبل دخول وقتها فمن صلّى قبل الوقت عامدا أو جاهلا أو ناسيا بطلت صلاته و روي تقديم نافلة الليل على انتصافه للمسافر أو للشاب الممنوع بالرطوبة من الاستيقاظ و قضاؤها من الغد أفضل [- و -] لو ظن دخول الوقت فصلّى ثم ظهر فساد ظنّه أعاد إلا أن يكون الوقت دخل و هو متلبّس و لو بالتسليم و المرتضى و ابن الجنيد أوجبا الإعادة و لو شك في دخول الوقت لم يصل حتى يستيقن أو يغلب على ظنه إذا فقد طريق العلم و لا يجوز له العدول إلى الظن مع إمكان العلم [- ز -] معرفة الوقت واجبة و لو أخبره عدل بدخول الوقت فإن لم يكن طريق سواه و الإخبار عن علم بنى عليه لإفادته الظن و لو كان طريق علمي لم يعوّل على قوله و لو كان الإخبار عن اجتهاد لم يقلد و اجتهد و لو سمع الأذان من ثقة عارف و لم يتمكن من العلم رجع إليه و إلا فلا [- ح -] الأعمى يقلد فإن ظهر بطلان الإخبار قبل دخول الوقت أعاد إذا لم يدخل متلبسا [- ط -] لو شك في دخول الوقت و صلى حينئذ لم يعتدّ بصلاته و لو اتفقت في الوقت [- ي -] لو خرج وقت نافلة الظهر و قد تلبّس منها و لو بركعة زاحم بها الفريضة و كذا العصر [- با -] لو ذهبت الحمرة المغربية و لم يكمل نوافل المغرب ابتدأ بالعشاء و لا يزاحم بما بقي بل يقضيه و لو طلع الفجر و قد صلى أربع ركعات خفف الباقي ثم صلّى الفريضة و لو صلى دون الأربع بدأ بالفريضة [- يب -] من فاتته فريضة فوقتها حين يذكرها ما لم تتضيق الحاضرة و لو ذكرها في أوّل وقت الحاضرة استحب تقديمها على الحاضرة سواء اتّحدت الفائتة أو تعدّدت و قيل بالوجوب و لو ذكر في أثناء الحاضرة عدل بنيته استحبابا أو وجوبا على الخلاف مع إمكان العدول [- يج -] لو ظن أنّه صلى الظهر فاشتغل بالعصر ثم ذكر عدل و لو كان بعد الفراغ فإن صلى في الوقت المختص بالظّهر أعاد بعد الظهر و إلا اكتفى بالظهر و كذا لو دخل الوقت المشترك و هو في العصر [- يه -] يستحب قضاء نافلة الليل بالنهار و نافلة النهار بالليل لما فيه من المبادرة إلى السّنن [- يو -] قال الشيخ رحمه اللّٰه الصّلاة الوسطى هي الظهر و قال علم الهدى العصر [- يز -] قال الشيخ يكره تسمية العشاء بالعتمة و الصّبح بالفجر

الفصل الثالث في القبلة
اشارة

و مطالبه أربعة

الأول [- ا - في القبلة

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] القبلة هي الكعبة أو جهتها و قال الشيخ رحمه اللّٰه الكعبة قبلة من شاهدها أو كان في حكم المشاهد ممن كان في المسجد و المسجد قبلة لمن كان في الحرم و الحرم قبلة لمن نأى عن الحرم و الأوّل أقرب [- ب -] من كان في المسجد يجوز أن يستقبل مهما أراد من جدرانها و كذا من صلّى جوف الكعبة [- ج -] لا اعتبار بالبينة فلو خربت و العياذ باللّٰه صلى إلى جهتها [- د -] يكره الفريضة جوف الكعبة و يستحبّ فيها النافلة فلو صلّى جوفها بعد خرابها أبرز بين يديه بعضها و لو صلّى على طرفها لم يصحّ و لو صلّى جوفها و الباب مفتوح صلّت صلاته و إن لم يكن هناك عتبة مرتفعة [- ه -] لو صلّى في المسجد جماعة فخرج بعض الصّف عن سمت الكعبة بطلت صلاة الخارج خاصة و لو وقف على طرف الكعبة و بعض بدنه على محاذاة ركن لم يصحّ صلاته [- و -] لو صلى على سطحها أبرز بين يديه منها شيئا و صلّى قائما و لا يحتاج إلى نصب شيء قدّامه و رواية الشيخ هنا ضعيفة و لو لم يبرز شيئا بطلت صلاته [- ز -] لو صلى على موضع أرفع منها كجبل أبي قبيس استقبل جهتها و كذا لو صلى في موضع منخفض عنها [- ح -] كل إقليم يتوجهون إلى ركن من الأركان الأربعة فأهل العراق إلى العراقي و هو الذي فيه الحجر و أهل الشام إلى الشامي و أهل المغرب إلى الغربي و اليمن إلى اليمانيّ [- ط -] كل قوم من هؤلاء لهم علامات وضعها الشارع لمعرفة القبلة فعلامة العراق و من والاهم جعل الفجر على المنكب الأيسر و المغرب على الأيمن و الجدي محاذي المنكب الأيمن و عين الشمس عند الزّوال على طرف الحاجب الأيمن مما يلي الأنف و القمر ليلة السابع عند المغرب في القبلة و ليلة إحدى و عشرين في القبلة وقت الفجر و أما علامة الشام فأن يكون بنات النعش حال غيبوبتها خلف الأذن اليمنى و الجدي خلف الكتف اليسرى إذا طلع و موضع مغيب سهيل عن العين اليمنى و طلوعه بين العينين و الصّبا على الخدّ الأيسر و الشمال على الكتف الأيمن و أمّا أهل المغرب فأن يكون الثريا على يمينه و العيّوق على شماله و الجدي على صفحة خدّه الأيسر و أما أهل اليمن فأن يكون الجدي وقت طلوعه بين عينيه و سهيل حين مغيبه بين كتفيه و الجنوب على مرجع كتفه اليمنى [- ي -] يستحب لأهل العراق التياسر قليلا إلى يسار المصلّي منهم

المطلب الثاني في المستقبل

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] يجب الاستقبال في فرائض الصّلوات مع العلم بجهة القبلة و لو جهلها عوّل على الأمارات المفيدة للظنّ و الواقف بالمدينة ينزّل محراب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله في حقّه منزلة الكعبة فليس له الاجتهاد فيه بالتيامن و التياسر [- ب -] القادر على العلم لا يجوز له الأخذ بالظنّ و الاجتهاد و القادر على الاجتهاد لا يجوز له التقليد و يجب أن يعوّل على قبلة البلد إذا لم يعلم أنها بنيت على الغلط و الأعمى العاجز يقلد المكلف المسلم العارف و لو فقده قال الشيخ رحمه اللّٰه يقلد الصّبي و المرأة و ظاهر كلامه في

ص: 28

الخلاف لم يعد أنه يصلّي إلى أربع جهات مع السّعة و مع الضّيق يتخير و لو صلّى من غير تقليد بل برأيه و لم يستند إلى أمارة فإن أخطأ أعاد إن أصاب على إشكال [- ج -] لو فقد المبصر العلم اجتهد فإن غلب على ظنه الجهة لأمارة عمل عليه قاله العلماء كافة و لو لم يغلب الظن و لا أمارة هناك و اشتبه الحال صلى إلى أربع جهات كل فريضة مع السّعة و مع التضيّق يصلّي ما يتّسع له الوقت و لو كانت واحدة و يتخير في الواجبة أو الساقطة [- د -] لو صلّى باجتهاد ثم حصلت أخرى قال الشيخ يعيد الاجتهاد إلا أن يعلم عدم تغير الأمارات فلو اجتهد ثانيا و ظنّ غير الجهة الأولى لم يعد صلاتها أما لو تغيّر اجتهاده في الصّلاة فإنه ينحرف ما لم يكن مستدبرا أو مشرقا أو مغربا فيستأنف [- ه -] العامي يرجع إلى قول العدل اختاره في المبسوط و ظاهر كلامه في الخلاف أنه يصلّي إلى أربع جهات [- و -] لو اجتهد و صلّى ثم شك في اجتهاده بعد الصلاة أعاد الاجتهاد و لو كان في الأثناء استمر أمّا لو بان له الخطأ و لم يعرف جهة القبلة إلا بالاجتهاد المحوج إلى الفعل الكثير فإنه يقطع و يجتهد [- ز -] لو صلّى الأعمى بقول واحد و أخبره آخر بخلافه مضى في صلاته مع التساوي في العدالة و لو صلّى بقول بصير ثم أبصر في الأثناء عمل على اجتهاده فإن وافق و إلاّ عدل إلى ما اجتهده و لا يستأنف و لو احتاج في الاجتهاد إلى فعل كثير فالأقرب الاستمرار أما لو كان مقلدا ثم أبصر فإنّه يمضي في صلاته قطعا و لو شرع مجتهدا في الصّلاة باجتهاده فعمي استمرّ على اجتهاده و لو استدار انحرف و لو اشتبه و وجد المرشد أتمّ و إن تطاول استأنف مع المرشد و إلا إلى أربع جهات [- ح -] من وجب عليه الأربع للاشتباه إذا غلب على ظنه الجهة في الصلاة فإن كان ما عليه الفعل استمر و إلا انحرف إليها قال في المبسوط و لو كان مستدبرا استأنف و الأقرب عندي الاستئناف ما لم يكن بين المشرق و المغرب و لو أخبره المجتهد بالخطإ فتبيّن استأنف ما لم يكن بين المشرق و المغرب [- ط -] لو اختلف اجتهاد رجلين عمل كل باجتهاده إذا كانا من أهل الاجتهاد و هو العالم بأدلة القبلة و إن جهل أحكام الشرع و لا فرق بين أن يتساويا في العلم أو يتفاوتا مع تساويهما في شرائط الاجتهاد في القبلة و لو ضاق وقت أحدهما عن الاجتهاد قلّد الآخر و ليس لأحدهما مع الاختلاف الائتمام بصاحبه [- ي -] لو اتفق الإمام و المأمومون في الجهة بالاجتهاد ثم عرض ظن الفساد استدار فإن غلب ظن المأمومين عليه تابعوه و إلا أتموا منفردين و لو اختلفوا رجع كل إلى ظنّه [- يا -] المقلد يرجع إلى أوثق المجتهدين عدالة و معرفة و لو رجع إلى المفضول مع الشّرائط فالأقرب الصحة و لو تساويا تخير و لا عبرة بظنّه إصابة المفضول [- يب -] المجتهد مع العذر عن الاجتهاد بمرض و شبهه كالمقلد [- يج -] لو صلى مقلدا فأخبره مجتهد فإن كان عن يقين رجع إلى قوله و إلا إلى الأعدل و مع التّساوي استمرّ

المطلب الثالث فيما يستقبل له

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] الاستقبال شرط في الفرائض أداء و قضاء مع المكنة و الأقرب أن النافلة كذلك و يجب الاستقبال بالذبيحة و بالأموات وقت الاحتضار و التغسيل و الصّلاة و الدفن و مع شدّة الخوف يسقط فرض الاستقبال فإن تمكن من الاستقبال بتكبيرة الافتتاح وجب و إلا فلا أما طالب العدو مع الأمن فإنّه يجب أن يستقبل [- ب -] لا يجوز الفريضة على الراحلة مع القدرة و إن تمكن من استئناف الواجبات على رأي و يجوز لا معها فيستقبل ما أمكن و لو لم يتمكن استقبل بتكبيرة الإحرام فإن لم يتمكن سقط و لا بأس بالتنفل على الراحلة اختيارا و يتوجّه حيث توجّهت و يستحب أن يتوجّه بتكبيرة الإحرام سواء كان مسافرا أو لا و إن كان الأفضل النزول [- ج -] إذا صلى على الراحلة فرضا مع الضرورة و نفلا مع الاختيار و لم يتمكن من الاستيفاء بالأفعال أومأ للركوع و السجود و جعل السجود أخفض [- د -] لا فرق بين الحمار و البعير و الفرس و غيرها من أصناف الحيوانات طاهرة كانت أو نجسة ما لم يتعد نجاستها فيجب التوقي بالحائل مع المكنة [- ه -] لو لم يتمكن من الاستقبال في الابتداء و تمكن في الأثناء وجب [- و -] قبلة المصلي على الراحلة حيث توجّهت فلو عدل فإن كان إلى القبلة جاز إجماعا و إلا فالأقرب الجواز للآية [- ز -] لو صلى على الراحلة اضطرارا فاحتاج إلى النزول نزل و تمم على الأرض و لو كان يتنفل على الأرض فاحتاج إلى الركوب ركب و أتم الصّلاة ما لم يحتج إلى فعل كثير [- ح -] لا يجوز أن يصلّي الفريضة ماشيا مع الاختيار و هو قول كل من يحفظ عنه العلم و المضطر يصلي على قدر مكنته و يستقبل القبلة ما تمكن و إلا فبالتكبيرة و يجوز التنفل ما شاء اختيارا [- ط -] حكم المنذورات و صلاة الجنائز حكم الفرائض الخمس في جميع ما تقدّم [- ي -] البعير المعقول و الأرجوحة المعلقة بالحبال لا يصحّ الفريضة فيهما اختيارا على إشكال

المطلب الرّابع في أحكام الخلل

و فيه [- د -] مباحث [- ا -] من ترك الاستقبال في الفريضة عمدا مختارا وجب عليه الإعادة في الوقت و خارجه و لو ظنّ الاستقبال ثم تبيّن الخطأ في الأثناء انحرف إن كان بين المشرق و المغرب و إلا استأنف و لو بان الخطأ بعد الفراغ و كان بينهما فلا إعادة و إن كان إليهما أعاد في الوقت لا خارجه و إن كان مستدبرا قال الشيخان يعيد في الوقت و يقضي خارجه و قال السّيد المرتضى بعيد يقضي [- ب -] قال الشيخ حكم الناسي و المصلّي لشبهة حكم الظان حتّى إنه إن كان الوقت باقيا أعاد إن كان بين المشرق و المغرب و إن خرج لم

ص: 29

يعد و فيه إشكال [- ج -] لا يجوز التعويل على قول الكافر في القبلة مع فقد الاجتهاد و المسلم العارف و لو أفاده الظن فالأقرب القبول و كذا الفاسق و لو وجد للمشركين كالنصارى قبلة إلى المشرق في محاريبهم ففي جواز الاستدلال بها على المشرق تردّد و لو أخبره مسلم لا يعرف عدالته و لا فسقه فالأقرب القبول و لو لم يعلم حال المخبر و شك في إسلامه و كفره لم يقبل قوله بدون الظن بخلاف الشك في عدالة المسلم لأن حاله يبتني على العدالة أما الصّبي فلا يقبل قوله و يقبل من المرأة و الواحد [- د -] المصلي في السفينة يستقبل القبلة مع المكنة و إلا بتكبيرة الإحرام ثم يستقبل صدرها

الفصل الرّابع في اللباس
اشارة

و فيه مطالب ثلاثة

الأوّل فيما يحرم الصّلاة فيه من اللباس

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] لا يجوز الصّلاة في جلد الميّتة و إن دبغ و يكتفى في العلم بالتذكية وجوده في يد مسلم لا يستحل جلد الميّتة أو في سوق المسلمين أو في بلد الغالب فيه الإسلام مع عدم العلم بالموت و لا يكفي الأخير فلو وجد مطروحا لم يحكم بالتذكية و كذا يحرم حمائل السيف من الميّتة و شبهها لقول الصادق عليه السلام لا تصلّ في شيء منه و لا شسع و لا فرق بين الميّت الطاهر في حياته و النجس و المأكول اللحم و غيره و لا بين أن يكون على جسده ثوب طاهر غيره أو لا يكون و لو أخبره مستحل الميّتة بالتذكية لم يقبل بخلاف ما لو أخبره بطهارة الثوب المطروح [- ب -] لا يجوز الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه كالسباع و شبهها سواء كانت طاهرة حال الحياة كالسبع و الفهد أو نجسة كالكلب و الخنزير و سواء ذكّيت أو لم تذك و سواء دبغ جلدها أو لم يدبغ و أطلق الشيخ في الخلاف القول بنجاسة المسوخ و كذا المفيد و علم الهدى و نحن في هذا من المتوقفين [- ج -] لا يجوز الصّلاة في شعر كل ما يحرم أكله و لا في صوفه و لا في وبره إلا الخزّ الخالص و الحواصل و السنجاب على قول و في وبر الثعالب و الأرانب و الفنك و السّمور روايتان الأقوى المنع [- د -] في التكة و القلنسوة من جلد ما لا يؤكل لحمه إشكال أحوطه المنع و لو عملت القلنسوة من وبر ما لا يؤكل لحمه أو التكّة منه أو من حرير محض فللشيخ قولان [- ه -] أجمع علماء الإسلام على تحريم لبس الحرير المحض للرجال في حال الصّلاة و غيرها إلا عند الضرورة و على تسويغه للنساء في غير الصّلاة و هل يسوغ لهن الصّلاة فيه منع ابن بابويه منه و الحق خلافه و لو صلى الرّجل فيه مختارا بطلت صلاته و لا فرق بين أن يكون الحرير ساترا أو غير ساتر بأن تكون العورة مستورة بغيره أما في حال الضرورة أو الحرب فلا بأس بلبسه للرجال و يجوز لهم افتراشه و الوقوف عليه أمّا الممتزج بغيره فلا بأس بلبسه للرجال و الصلاة فيه و إن كان الإبريسم غالبا ما لم يستهلكه بحيث يصدق عليه أنه إبريسم و لا بأس بالثوب المكفوف بالحرير المحض على كراهيته و الكف ما يوضع في رءوس الأكمام و أطراف الذيل و حول الزيق و لا يحرم على الولي تمكين الطفل من لبسه [- و -] يحرم الصّلاة في الثوب المغصوب مع العلم بالغصب أجمع عليه علماء الأمصار و لو صلّى فيه عالما بالغصبية بطلت صلاته عند علمائنا أجمع و لا فرق بين أن يكون ساترا أو غيره بأن يكون فوق السّاتر أو تحته و الأقرب بطلان الصّلاة في الخاتم المغصوب و شبهه و لو جهل الغصب صحّت صلاته و لو علمه و جهل التحريم بطلت و لو علم في أثناء الصّلاة نزعه و أتمّ الصّلاة إلا أن لا يكون عليه غيره و يحتاج في الساتر إلى فعل كثير فيستأنف بعد الساتر و لو أذن المالك للغاصبية أو لغيره صحت الصّلاة فيه و لو أذن مطلقا جاز لغير الغاصب دونه عملا بشاهد الحال و لو تقدم العلم بالغصبية ثم نسي حال الصّلاة ففي صحتها إشكال [- ز -] تبطل الصلاة في خاتم ذهب و كذا المنطقة و الثوب المنسوخ بالذهب و المموّه به للرجال خاصة و هل يجوز افتراشه فيه إشكال أقربه التحريم و يكره في خاتم حديد و منع بعض أصحابنا منه تعويلا على رواية ضعيفة [- ح -] قال الشيخان لا يجوز الصّلاة فيما يستر ظهر القدم كالشمشك و النعل السندي و كرهه في المبسوط و هو الأقرب أما ما له ساق كالخف و الجرموق فلا بأس به إجماعا بشرط أن يكون من جلد ما يصحّ الصّلاة فيه و لا يشترط فيه الطهارة و يستحب في النعل العربي [- ط -] يحرم الصّلاة في الثوب النجس مع العلم بالنجاسة غير المعفوّ عنها و قد سلف

المطلب الثاني فيما يجوز الصلاة فيه

و فيه [- لد -] بحثا [- ا -] جلد كل ما يؤكل لحمه مع التذكية يجوز الصّلاة فيه ذهب إليه علماء الأمصار و كذا الصوف و الشعر و الوبر منه سواء جرّ من حيّ أو مذكّى و لو قلع من الميّت قال الشيخ لا يجوز استعماله و الأقرب جوازه مع الغسل و الخلوّ عن شيء من أجزائه و لو شك في الصوف هل هو مما يؤكل لحمه أو لا لم يجز الصّلاة فيه [- ب -] يجوز الصّلاة في الخزّ الخالص لا المغشوش بوبر الثعالب و الأرانب و لو كان الثوب من إبريسم و خزّ جازت الصّلاة فيه و الأقرب المنع في الخزّ المغشوش بصوف ما لا يؤكل لحمه و شعره و يختص الرّخصة بوبر الخز لا بجلده عملا بالتوقيف على مورد النصّ [- ج -] يجوز الصّلاة في ثوب واحد للرجال إذا كان صفيقا و تكره إذا كان شافا رقيقا و لو حكى ما تحته لم يجز [- د -] تكره في الثّوب الذي تحت وبر الأرانب و الثعالب و الذي فوقه و منع الشيخ لرواية مرسلة ضعيف [- ه -] تكره في ثياب السود ما عدا العمامة و الخف و كذا يكره المزعفر و المعصفر و الأحمر للرجال [- و -] يكره أن يأتزر

ص: 30

فوق القميص و لا يكره تحته [- ز -] يكره اشتمال الصماء بإجماع العلماء و هو أن يلتحف بالإزار و يدخل طرفيه تحت يده و يجمعهما على منكب واحد [- ح -] يكره السّدل في الصّلاة كما يفعل اليهود و هو أن يتلفّف بالإزار فيدخل في الإزار و لا يرفعه على كتفيه و هذا تفسير أهل اللغة في اشتمال الصماء [- ط -] يجوز أن يصلّي الرّجل في ثوب واحد يأتزر ببعضه و يرتدي بالباقي [- ي -] يكره الصّلاة في عمامة لا حنك لها [- يا -] يكره أن يؤمّ الرّجل في غير رداء و هو الثوب الذي يجعل على الكتفين [- يب -] يكره استصحاب الحديد بارزا في الصلاة [- يج -] تكره في ثوب يتّهم صاحبه بعدم توقيه من النجاسة [- يد -] يجوز الصّلاة في ثوب عمله أهل الذّمة إذا لم يعلم مباشرتهم له بالرّطوبة و يستحب غسله حينئذ أما مع العلم فيجب و كذا غيرهم من أصناف الكفار [- يه -] لو صلّى في ثوب غيره أياما ثم أخبره صاحبه بنجاسته لم يعد صلاته لرواية عيص بن القاسم الصّحيحة عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام [- يو -] يكره الصّلاة في ثوب فيه تماثيل و لو غيّر الصّورة زالت الكراهية و لو كان في قبلته وسادة ذات تمثال حوّلها و يجوز أن يصلّي على بساط فيه تماثيل و لو كانت معه دراهم عليها تماثيل سترها عن نظره و تكره في خاتم عليه صورة و في خلخال للمرأة مصوّت و لو كان أصمّ لم يكره لها [- يز -] يكره الصّلاة في اللّثام للرجل إذا لم يمنع من سماع القراءة و لو منع حرم و لو كان اللّثام على جهته وجب كشفه عند السّجود و يكره النقاب للمرأة [- يح -] قال الشيخان و علم الهدى يكره للرّجل أن يصلّي و عليه قباء مشدود إلا في الحرب و لا يتمكن من حلّه قال في التهذيب ذكر ذلك عليّ بن الحسين بن بابويه و سمعناها من الشيوخ مذاكرة و لم أجد به خبرا مسندا [- يط -] يجوز أن يصلّي و معه فأرة المسك و كذا يجوز و عليه البرطلة [- ك -] يجوز للرّجل و المرأة أن يصلّيا مختضبين أو عليهما خرقة الخضاب مع طهارتها و الأولى نزع الخرقة و أن يصلّي بارز اليد و كذا يجوز للرّجل أن يصلّي و يداه تحت ثيابه و إن أخرجهما كان أولى [- كا -] يجوز الصّلاة في ثياب القطن و الكتان و جميع ما تنبته الأرض من حشيش مملوك و في حكمه مع الخلو من النجاسة إجماعا [- كب -] يجوز أن يصلي و في كمه طائر يخاف فوته أو في فيه خرز أو لؤلؤ إذا لم يمنع القراءة و لو منع حرم [- لج -] قال الشيخ لا يجوز أن يصلّي الرجل و هو معقوص الشعر و لو فعل بطلت و يجوز للمرأة و عندي فيه نظر أقربه الكراهية قال في الصّحاح عقص الشعر ظفره وليّه على الرأس كالكبة و قيل جعله كالكبّة في مقدّم الرأس على الجبهة و على هذا إن منع من السّجود فالحق ما قاله الشيخ و إلا فلا [- لد -] يجوز أن يصلّي و على ثوبه شيء من شعره أو ظفره إذا لم ينفضهما لأنهما طاهران

المطلب الثّالث في ستر العورة
اشارة

و النظر في أمرين

الأوّل العورة

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] أجمع علماء الإسلام على وجوب ستر العورة و هو شرط في الصّلاة عندنا و العورة في الرّجل القبل و الدبر و قول ابن البراج إنها من السّرة إلى الرّكبة لم يثبت عندي و هل البيضتان منها في بعض الرّوايات إذا سترت القضيب و البيضتين فقد سترت العورة و لا فرق بين الحرّ و العبد و ليست السرة و لا الركبة من العورة بإجماعنا و أمّا في المرأة فالجسد كله عورة يجب ستره في الصّلاة ما عدا الوجه و الكفين و ظهر القدمين [- ب -] المرأة البالغة الحرة يجب عليها ستر رأسها في الصّلاة بخلاف الأمة و الصّبية [- ج -] الأولى استحباب القناع للأمة و لم أقف فيه على نصّ [- د -] أم الولد كالأمة و إن كان ولدها حيّا و كذا المدبّرة و المكاتبة المشروطة و المطلقة التي لم تؤدّ من مكاتبتها شيئا أما المعتق بعضها بكتابة و غيرها فكالحرّة [- ه -] لو صلت الأمة مكشوفة الرأس فأعتقت في الأثناء أخذت الساتر مع القدرة و عدم الفعل الكثير و لو احتاجت إليه فالأقرب قطع الصّلاة مع سعة الوقت و الاستمرار مع الضّيق و سوّغ الاستمرار في الخلاف و لو لم تعلم بالعتق حتّى أتمت الصّلاة صحّت صلاتها و لو علمته و لم تعلم وجوب الستر لم تعد [- و -] لو بلغت الصّبية في الأثناء بالمبطل استأنفت الصّلاة و كذا بغيره مع إمكان الأداء و إلا أتمت استحبابا [- ز -] لا يجوز للأمة كشف شيء من جسدها عدا الوجه و الكفين و القدمين و الرأس [- ح -] الخنثى المشكل يجب عليه ستر فرجيه إجماعا و إن كان أحدهما زائدا و هل يجب ستر جميع جسده كالمرأة لأن الشرط لا يتيقن حصوله بدونه أو لا يجب لأصالة البراءة فيه إشكال [- ط -] يجب أن يكون الساتر ما يحول بين الناظر و بين لون البشرة و يستحب للرّجل أن يستر جميع جسده و يتعمّم و يتحنّك و يرتدي في الصّلاة و يستحبّ للمرأة أن تصلّي في ثلاثة أثواب درع و قناع و إزار [- ي -] روى غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السّلام قال قول أمير المؤمنين عليه السّلام لا تصلّي المرأة عطلا

النّظر الثّاني في أحكام الخلل

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] الفاقد الساتر لا يسقط عنه فرض الصّلاة و لو وجد جلدا طاهرا أو حشيشا يمكنه الاستتار به وجب و لو وجد طينا وجب عليه تطيين العورة [- ب -] لو فقد الساتر صلى قائما مع أمن المطلع بالإيماء للركوع و السجود و إلا جالسا موميا بهما لرواية علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام و السيد أطلق القول بالجلوس و الإيماء و ليس بمعتمد و لا فرق بين الرجل و المرأة [- ج -] لو صلى على ما أمر لم يعد و لو صلّى على غير المأمور كأن يقوم و يركع و يسجد مع الخوف من الاطلاع فإنّه يعيد و إن لم يره أحد [- د -] لو انكشفت عورته في الأثناء و لم يعلم صحت صلاته و لو علم في الأثناء سترها سواء طالت

ص: 31

المدة قبل علمه أو لم تطل أدّى ركنا أو لا و لو علم به و لم يستره أعاد سواء انكشفت ربع العورة أو أقل أو كثر و لو قيل بعدم الاجتزاء بالسّتر كان وجها لأن الستر شرط و قد فات الخامس إذا صلّى قائما أو جالسا يضمّم و لا يتربع لئلا تبدو العورة [- و -] لو وجد حفيرة دخلها و صلّى قائما بركوع و سجود و هي رواية أيّوب بن نوح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام [- ز -] لو وجد وحلا أو ماء كدرا لو نزله لستره وجب مع انتفاء المشقة و كذا لو وجد بارية يستتر بها و لو وجد ما يستر إحدى العورتين وجب و صلّى كالعاري و هل يتخير في ستر أيهما شاء قيل نعم و قيل القبل أولى لاستقبال القبلة و استتار الدّبر بالأليتين و كون الركوع و السجود إيماء فلا يظهر كظهور القبل و هو حسن [- ح -] قال في المبسوط لا بأس أن يصلّي في ثوب و لا يزرّر جيبه فإن كان في الثوب خرق لا يحاذي العورة جاز و إن حاذاه لم يجز و يجوز أن يصلّي في قميص واحد و أزراره محلولة واسع الجيب كان أو ضيقه دقيق الرقبة كان أو غليظها سواء كان تحته مئزر أو لم يكن و لو كان الجيب واسعا فظهر له عورته لو ركع جاز [- ط -] لا يجب على العاري تأخير الصّلاة إلى آخر الوقت خلافا للمرتضى و سلاّر و لو غلب على ظنه وجود السّاتر في أثناء الوقت فالوجه وجوب التّأخير [- ي -] لو وجد المعير وجب القبول و لا يجب على المعير الإعارة بل يستحبّ و لو وجد الواهب قال الشيخ يجب القبول أيضا و هو حسن و لو وجد البائع و معه ثمن لا يتضرّر يدفعه وجب و إن زاد عن ثمن المثل و إلا لم يجب [- يا -] لو لم يجد إلا ثوبا نجسا فالأقرب الصّلاة عاريا و لو لم يجد إلا مغصوبا لم يجز له لبسه و لو لم يجد إلا حريرا أو جلد ما لا يؤكل لحمه و هو طاهر لم يجب لبسه و في المبسوط لو لم يجد إلا جلدا طاهرا أو ورقا أو قرطاسا وجب ستر العورة به [- يب -] لو وجد العاري ما يستر عورته وجب و لا يجب ستر المنكبين بل يستحب و لو لم يجد ثوبا يطرحه على عاتقه طرح شيئا و لو حبلا و يكتفي في الاستحباب عنهما كان كالخيط و شبهه [- يج -] يستحبّ للعراة الجماعة و يصلّون جلوسا يتقدّمهم إمامهم بركبتيه و يركع و يسجد بالإيماء و هل يركع المأمومون و يسجدون على الأرض أو بالإيماء قال الشيخ بالأول و السّيد بالثاني و كذا يستحب للنساء العراة أن يصلّين جماعة كالرجال و لو احتاجوا إلى وضع صفوف أومأ المتقدّمون للركوع و السجود إجماعا و لو اجتمع النساء العواري و الرجال جاز أن تصلين النّساء خلف الرّجال على إشكال [- يد -] لو كان معهم من له ثوب يصلّي فيه بركوع تام و سجود كامل فإن أعاره و صلى عاريا لم يصحّ صلاته و لو بذل لهم صاحب الثوب ثوبه و خافوا خروج الوقت صلوا عراة و لو صلوا جماعة أمّهم صاحب الثوب و لو كان أمّيا لم يؤمهم و لا يأتمّ بهم و لو ضاق الوقت و أراد إعارته استحب إعارته للقارىء ليأتمّ به الأمّي و لو أعار الأمي كان الحكم ما تقدّم و لو استووا أعار بالقرعة و لو كان معهم نساء استحبّ له تخصيصهنّ به [- يه -] يجب ستر العورة عن العيون في غير الصلاة و لا يجب في الخلوة إلا في الصّلاة [- يو -] روي عن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله أنه لعن الواصلة و المستوصلة و الواشمة و المستوشمة و الواشرة و المستوشرة و في رواية عوض الواشمة النامصة و المتنمّصة و ليس تعليل التحريم في الوصل نجاسة الشعر و لا تحريم نظره إذا كان من أجنبية و قيل إن كانت غير ذات بعل فالعلّة التهمة و إلا فالتلبيس على الزوج و لو أذن لم يحرم

الفصل الخامس في المكان
اشارة

و مطالبه ثلاثة

الأول فيما يحرم الصّلاة فيه

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] يحرم الصّلاة في المكان المغصوب بإجماع العلماء و إن كانت جمعة و لو صلّى فيه مع العلم بالغصبيّة و المكنة من الخروج بطلت صلاته و إن جهل التحريم و لو كان جاهلا بالغصبيّة أو مضطرا صحّت صلاته و لا فرق بين الغاصب و من أذن له قاله الشيخ رحمه اللّٰه و هو جيّد لأن الغاصب لا يصحّ تصرّفه مباشرة فكذا إذنه و حمل بعض المتأخرين الإذن هنا على المالك فاستبعد هذا القول و ليس بجيّد [- ب -] لا فرق بين أن يغصب رقبة الأرض بأن يدعيها أو منافعها بأن يدعي إجارتها و كذا لو أخرج روشنا أو ساباطا في موضع يحرم عليه أو غصب سفينة و صلى فيها أو على بساط مغصوب [- ج -] لو أذن له المالك صحّت صلاته سواء كان المأذون له الغاصب أو غيره و لو أذن غير المالك لم يعتدّ به و لو أذن المالك مطلقا صحت صلاة غير الغاصب دونه و لو دخل ملك غيره بغير إذنه و علم بشاهد الحال عدم كراهية المالك للصّلاة فيه صحّت و على هذا يجوز الصّلاة في البساتين و إن لم يعرف أربابها فلو كان البستان مغصوبا فالأقرب المنع [- د -] لو أمره المالك بالخروج وجب المبادرة و يصلّي خارجا و لو ضاق الوقت صلّى و هو آخذ في الخروج و يومئ للركوع و السّجود و يستقبل ما أمكن و أطبق العقلاء كافة على تخطئة أبي هاشم في هذا المقام [- ه -] لا يجوز الصّلاة في مكان يتعدى نجاسته إليه و لو لم يتعدّ جاز إذا كان موضع الجبهة طاهرا و كذا البساط و سواء تحرّك النّجس بحركته أو لا و لو بسط على النجس طاهرا و صلّى عليه صحّت إجماعا و لو صلى و قدمه فوق حبل مشدود في رقبة كلب صحّت صلاته و كذا لو شدّ الطرف الآخر في وسطه أو يده [- و -] الأقرب عدم تحريم الفريضة جوف الكعبة خلافا لقوم [- ز -] قال الشيخان رحمهما اللّٰه

ص: 32

لو صلت المرأة و الرجل عن أحد جانبيها أو خلفها مصليا بطلت صلاتهما و كرهها السّيد و هو الحق [- ح -] لو كانت قدامه أو إلى أحد جانبيه قائمة أو جالسة أو على أيّ حال كان غير مصلية لم تبطل صلاته إجماعا و كذا لو كانت قدامه أو إلى أحد جانبيه و بينهما بعد عشرة أذرع أو كان بينهما حائل و لو كان الرّجل أعمى فالوجه الصّحة و لو غمّض الصحيح عينه فإشكال [- ط -] لو كانا في موضع ضيّق لا يتمكنان من التباعد صلى الرّجل أولا ثم المرأة و لو صلّت المرأة أولا صحّت صلاتهما [- ي -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لو صلّت خلف إمام بطلت صلاة من إلى جانبيها أو خلفها و لو صلت إلى جنبه بطلت صلاتها و صلاة الإمام دون صلاة المأمومين

المطلب الثّاني فيما يجوز الصّلاة فيه

و فيه [- كر -] بحثا [- ا -] يجب بأصل الشرع صلاة واحدة في مكان واحد و هي ركعتا الطواف في مقام إبراهيم و ما عداها لا يجب في غيره من الأمكنة إلا بالنذر و في اشتراط اختصاص المنذور بمزية الفضيلة كالمسجد و السّوق إشكال [- ب -] يجوز الصّلاة في الأماكن كلها عدا ما استثنيناه و يستحب المكتوبة في المسجد إلا جوف الكعبة و النافلة في المنزل أفضل خصوصا نافلة اللّيل [- ج -] يكره الصّلاة في الحمام و منع أبي الصلاح ضعيف لرواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام و رواية أبي الصّلاح ضعيفة قال و في صحة الصّلاة نظر [- د -] لا بأس بالصلاة في المسلخ و على سطح الحمام [- ه -] يكره الصّلاة في المقابر سواء تكرّر الدفن في القبر أو لا و نقل الشيخ عن بعض علمائنا البطلان و لو جعل بينه و بين القبر حائلا أو تباعد عنه بمقدار عشرة أذرع زالت الكراهية و المنع و لو نقل الميّت من قبر جازت الصّلاة عليه [- و -] يكره السجود على القبر و أن يصلّى إليه و منع ابن بابويه منهما قال الشيخ رحمه اللّٰه رويت رواية بجواز النوافل إلى قبور الأئمّة عليهم السّلام و الأصل الكراهية [- ن -] يكره الصلاة في معاطن الإبل و هي مباركها حول الماء للشرب منه عللا بعد نهل قاله صاحب الصحاح و الفقهاء قالوا هي المبارك مطلقا و منع أبو الصّلاح الجواز و لو صلّى فيها صحّت عندنا و يشكّك فيه أبو الصّلاح و لا تزول الكراهية بغيبوبة الإبل عنها حال الصّلاة [- ح -] لو صلى إلى المعطن لم يكن مكروها و كذا لو صلّى في مكان مرتفع تحته معطن [- ط -] لا يكره الصلاة في مرابض الغنم و قال أبو الصلاح لا يجوز [- ي -] يكره الصّلاة في مرابط الخيل و البغال و الحمير سواء كانت وحشية أو إنسية و قول أبي الصلاح لا يجوز ضعيف [- يا -] يكره الصّلاة في بيت فيه كلب [- يب -] يكره الصلاة في بيوت الغائط و إليها و في المزابل و في بيت يبال فيه و لا بأس بالصلاة على سطحه [- يج -] يكره الصلاة في بيوت المجوس و لو اضطر رشه بالماء استحبابا و صلّى فيه و كذا تكره في بيوت الخمور و المسكرات [- يد -] لا بأس بالصّلاة في بيوت اليهود و النصارى و في بيعهم و كنائسهم [- يه -] يكره الصّلاة في بيوت النيران و حرّمه أبو الصلاح [- يو -] يكره الصّلاة في جواد الطرق و لا بأس بالظواهر التي بينها و لا فرق في الكراهية بين ما كثر استطراقه و ما قل و لا بين أن يكون فيها سالك وقت الصلاة أو لم يكن و لو بنى ساباطا على الجادة لم تكره الصّلاة فيه [- يز -] يستحب أن يجعل بينه و بين ممرّ الطريق ساترا بإجماع العلماء قدر ذراع تقريبا و لو لم يجد استتر بالسهم و الحجر و العنزة و غيرها و لو لم يجد جعل بين يديه كومة من تراب أو خط بين يديه خطا و هي رواية محمّد بن إسماعيل عن الرضا عليه السّلام و لو كان معه عصا لا يمكنه نصبها وضعها عرضا بين يديه و لا بأس أن يستتر بالبعير و الحيوان و الإنسان إذا جعل ظهره إليه و لا فرق بين مكة و غيرها في استحباب السترة و يستحب للمصلّي أن يدنو من سترته و في رواية ابن سنان الصحيحة عن الصادق عليه السّلام أقل ما يكون بينك و بين القبلة مربض عنز و أكثر ما يكون مربط فرس و سترة الإمام سترة لمن خلفه و ليست السترة واجبة بالإجماع و لو صلى إلى سترة مغصوبة أجزأ و لم يمتثل في السترة [- يح -] لا يقطع الصّلاة ما يمرّ بين يدي المصلّي و لو كان امرأة أو حمارا أو كلبا أسود و لو مرّ إنسان بين يدي المصلّي في طريق مسلوك لم يكن له ردّه و إلا استحب ما لم ينته إلى الفعل الكثير و لو عبره الإنسان كره ردّه [- يط -] قال أبو الصّلاح يكره الصلاة إلى إنسان مواجه و المرأة نائمة أشد كراهية و هو حسن [- ك -] يكره أن يصلي إلى نار مضرمة و قال أبو الصلاح لا يجوز و تردد في إفساد الصّلاة و كذا يكره إلى الصّورة و التماثيل و المصحف و الباب المفتوحين و منع أبو الصّلاح في المصحف و تردّد في الفساد و لا فرق بين حافظ القرآن و غيره و يكره تزويق القبلة و نقشها و كتبة شيء عليها لاشتغال النظر به [- كا -] روى علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال لا بأس أن يصلّي الرّجل و أمامه شيء من الطير و النخلة و فيها حملها أو الكرم و فيه حمله [- كب -] يكره أن يصلي إلى سيف مشهرا و غيره من السّلاح و منع أبو الصلاح و تردد في الإفساد و قال تكره إلى السّلاح المتواري قال الشيخ رحمه اللّٰه لو خاف من العدو لم تكره الصّلاة إلى السّيف المشهر [- لج -] يكره الصلاة في مذابح الأنعام و منع أبو الصّلاح [- كد -] يكره الصّلاة في قرى النمل و بطون الأودية و أرض السبخة و أرض الثلج و مجرى الماء و في السّفينة و لا بأس بها على ساباط يجري تحته نهر أو ساقية و لا فرق بين طاهر الماء و نجسه و الأقرب كراهية الصلاة على الماء الواقف [- كه -] يكره الصّلاة في ثلاث مواطن

ص: 33

بطريق مكة وادي ضجنان و البيداء و ذات السّلاسل و تكره في وادي الشقرة [- لو -] البيداء لغة المفازة و ليست مرادة بل ما رواه الشيخ رحمه اللّٰه في الصحيح عن البزنطي عن أبي الحسن عليه السّلام قال كان أبو جعفر عليه السّلام إذا بلغ ذات الجيش جد في السير و لا يصلّي حتى يأتي معرّس النبي صلّى اللّٰه عليه و آله قال و ذات الجيش دون الحفرة بثلاثة أميال و قد ورد أنها أرض خسف بها و بينها و بين ذي الحليفة ميل و ضجنان جبل بمكة و الصّلاصل جمع صلصال و هي التي لها صوت و الشقرة بفتح الشين و كسر القاف واحد الشقر و هو شقائق النعمان و هو كلّ موضع فيه ذلك و قيل موضع مخصوص بطريق مكة و قيل هذه مواضع خسف يكره الصلاة فيها و في كل أرض خسف بها لسخط ربها عليها و قد عبر أمير المؤمنين عليه السّلام من أرض بابل و صلّى في الجانب الغربي من الفرات و ردّت له الشّمس هناك و لم تكن قد فاتت بالكليّة [- لز -] يكره الصّلاة في أرض الرّمل المنهال و في أرض الوحل و خوض الماء

المطلب الثالث فيما يسجد عليه

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] أجمع علماؤنا كافة على أنه يحرم السجود إلا على الأرض أو ما أنبتته الأرض ما لم يكن مأكولا أو ملبوسا و لا يجوز السجود على ما استحال من الأرض و خرج بالاستحالة عن اسمها كالمعادن سواء كانت منطبعة كالقير و النفط و الزئبق أو غير منطبعة كالعقيق و لا يجوز السجود على ما نبتت من الأرض من المأكولات كالبقول و الجمار و في الحنطة و الشعير إشكال أقربه الجواز [- ب -] لا يجوز السجود على ما أنبتت الأرض من الملبوسات و في القطن و الكتان قولان أشهرهما المنع و يجوز في حال التقية [- ج -] لا يجوز السجود على كور العمامة لا من حيث إنّه حائل [حامل له] على ما يلوح من كلام الشيخ بل من حيث إنه ملبوس فلو كانت العمامة من خوص مثلا صح السجود على كور العمامة و كذا يصحّ لو وضع بين جبهته و كور العمامة قطعة من خشب و شبهها ليسجد عليها [- د -] لا يجوز أن يسجد على بعض أعضائه اختيارا و لا على القير و النّفط و الكبريت و الصّهروج و جميع ما خرج بالاستحالة عن اسم الأرض و لا على الزجاج و لا على الثلج [- ه -] يجوز السجود على الأرض و على ما نبت منها غير مأكول و لا ملبوس و السجود على الأرض أفضل من النبات [- و -] يجوز السجود على القرطاس و يكره إذا كان مكتوبا [- ز -] يجوز السجود على الخمرة إذا كانت معمولة بالخيوط و لو كانت معمولة بالسّيور قال الشيخ لا يجوز إذا كانت ظاهرة تشتمل على الجبهة [- ح -] يجوز الوقوف على ما لا يجوز السجود عليه كالصوف و الشعر إذا كان ما يقع الجبهة عليه مما يصح السجود عليه [- ط -] لا يجوز السّجود على الوحل فإن اضطر أومأ [- يا -] لا يجوز أن يسجد على شيء من بدنه فإن خاف الحرّ سجد على ثوبه فإن فقد سجد على كفه و السجود على القطن و الكتان حال الضّرورة أولى من الثلج و لو صلى على ما منع منه للضرورة أو التقية فلا إعادة [- يب -] شرط موضع الجبهة الملك أو حكمه و الطهارة و هل يشترط طهارة مواضع باقي الأعضاء السبعة جزم به أبو الصلاح خلافا للجماعة و يشترط فيه الملك إجماعا [- يج -] إذا تيقن حصول النجاسة في موضع و جهل تعيّنه فإن كان منحصرا لم يسجد على شيء منه و إلا فلا بأس

الفصل السّادس في الأذان و الإقامة
اشارة

و مطالبه أربعة

الأوّل في محله

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] الأذان لغة الإعلام و في الشرع أذكار مخصوصة للإعلام بأوقات الصّلاة و هما من وكيد السّنن قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة و قال عليه السّلام ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة يغبطهم الأولون و الآخرون رجل نادى بالصّلوات الخمس في كل يوم و ليلة و رجل يؤمّ قوما و هم به راضون و عبدا أدّى حقّ اللّٰه و حقّ مواليه و في الصحيح عن محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام قال إذا أذنت في أرض فلاة فأقمت صلّى خلفك صفان من الملائكة و إن أقمت قبل أن تؤذن صلى خلفك صف واحد و عن عبد اللّٰه بن علي عن بلال قال سمعت رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله يقول من أذّن في سبيل اللّٰه صلاة واحدة إيمانا و احتسابا و تقربا إلى اللّٰه عز و جلّ غفر اللّٰه له ما سلف من ذنوبه و منّ عليه بالعصمة فيما بقي من عمره و جمع بينه و بين الشهداء في الجنة و الأخبار في ذلك كثيرة [- ب -] الأذان و الإقامة ليسا بواجبين في شيء من الصّلوات الخمس و نقل السّيد عن بعض علمائنا وجوبهما على الرجال خاصة في كل صلاة جماعة في سفر أو حضر و يجبان عليهم جماعة و فرادى في الفجر و المغرب و صلاة الجمعة و يجب عليهم الإقامة دون الأذان في باقي الصلوات الواجبة و هذا القول لا يعوّل عليه و للشيخ في وجوبهما في الجماعة قولان أحدهما الوجوب و هو اختيار المرتضى في بعض كتبه و المفيد رحمهما اللّٰه و الأصح الاستحباب فلو صلّوا بغير أذان و إقامة أدركوا فضيلة الجماعة قال الشيخ و لو قضوا فائتة وجب الأذان و هو نبأ على قاعدته [- ج -] محل الأذان و الإقامة الصّلوات الخمس خاصة أداء و قضاء للمفرد و الجامع و يتأكدان فيما يجهر فيه بالقراءة و آكده الغداة و المغرب [- د -] الجماعة الثانية في المسجد يجتزون بأذان الأولى ما دامت الصفوف لم تتفرق و لو تفرقت أذنوا و أقاموا [- ه -] لو سمع الإمام أذان غير جاز أن يجتزئ به في الجماعة و إن كان منفردا قال الشيخ رحمه اللّٰه لو أذن بنية الانفراد ثم أراد الجماعة استحب له الاستئناف و الأقرب الاجتزاء

ص: 34

بالأذان الأول لأن الاجتزاء يحصل بأذان غيره إذا كان منفردا فبأذانه أولى [- و -] يستحب لقاضي الصّلوات الخمس الأذان و الإقامة لكل صلاة و إلا أذّن لأوّل ورده و أقام ثم اجتزأ في البواقي بالإقامة [- ز -] لو جمع بين صلاتين أذّن للأولى و أقام و صلّى الثانية بإقامة سواء كان في أوّل وقت الأولى أو الثانية [- ح -] يجمع بين الظهرين يوم الجمعة بأذان واحد و إقامتين و كذا بين الظهرين بعرفة و كذا بين العشاءين بمزدلفة و هل الأذان الثاني في هذه بدعة الأشبه ذلك [- ط -] الأذان مستحبّ للرّجل و المرأة بشرط أن تسرّ [- ي -] لا يؤذّن لشيء من النوافل و لا لغير الخمس من الفرائض بل يقول المؤذن الصّلاة ثلاثا [- يا -] يستحب الأذان في السّفر و رخّص في تركه و الاجتزاء بالإقامة له و يستحبّ للراعي و يكتفي في المصر بأذان واحد إذا كان أهله بحيث يسمعونه و الأفضل أن يؤذن كلّ واحد

المطلب الثّاني في كيفيتهما

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] صورة الأذان اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر أشهد أن لا إله إلا اللّٰه أشهد أن لا إله إلا اللّٰه أشهد أن محمّدا رسول اللّٰه أشهد أنّ محمّدا رسول اللّٰه حيّ على الصّلاة حيّ على الصّلاة حي على الفلاح حي على الفلاح حي على خير العمل حيّ على خير العمل اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر لا إله إلا اللّٰه لا إله إلا اللّٰه و الإقامة مثل ذلك إلا أنه يكبر مرتين في أوّلها و يسقط تهليله في آخرها و تضيف بعد الدعاء إلى خير العمل قد قامت الصّلاة مرّتين فالمجموع خمسة و ثلاثون فصلا في المشهور [- ب -] الترجيع و هو تكرار الشهادتين أكثر من مرتين مكروه و قال في المبسوط إنه تكرير التكبير و الشهادتين فإن أراد المؤذن تنبيه غيره جاز تكرير الشهادتين [- ج -] التثويب في أذان الغداة و هو قول الصّلاة خير من النّوم بدعة [- د -] يكره أن يقول بين الأذان و الإقامة حي على الصّلاة حي على الفلاح [- ه -] الترتيب واجب في الأذان و الإقامة و يجوز في السّفر إفراد فصولهما و في رواية مرسلة عن الصادق عليه السّلام تفضيل تثنية الإقامة على الجمع بينهما إفراد [- و -] آخر فصول الأذان لا إله إلا اللّٰه [- ز -] يستحب الوقوف في فصولهما فلا يظهر إعرابها و الترتيل في الأذان و الإحدار في الإقامة و الفصل بينهما بركعتين أو سجدة أو جلسة أو خطوة إلا في المغرب فيفصل بينهما بخطوة أو سكتة أو تسبيحة و روي استحباب الجلوس بينهما في المغرب [- ح -] يستحب إذا فصل بالجلوس أن يقول اللّٰهمّ اجعل قلبي بارّا و رزقي دارا و عملي سارا و عيشي قارّا و اجعل لي عند قبر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله مستقرا و قرارا [- ط -] يستحب رفع الصوت به إن كان رجلا و أن يكون مستقبل القبلة و يتأكّد كل ذلك في الإقامة [- ي -] يكره الكلام في خلالهما و لو فعل لم يعد ما لم يخرج عن الموالاة و كذا لو سكت طويلا يخرج به عن الموالاة [- يا -] قال الشيخان رحمهما اللّٰه و المرتضى قدّس اللّٰه روحه يحرّم الكلام بعد قد قامت الصّلاة إلا فيما يتعلق بها كتقديم إمام أو تسوية صف و الوجه عندي الكراهية و لو تكلم خلال الإقامة استحب له إعادتها و لو تكلم في أثناء الأذان بالمحرم لم يبطل أذانه

المطلب الثّالث في المؤذن

و فيه [- يز -] بحثا [- ا -] يعتبر فيه الإسلام و العقل لا البلوغ و إن أذن الرّجال و يستحب أن يكون عدلا و ليست شرطا [- ب -] يعتبر بأذان العبد [- ج -] ليس على النّساء أذان و لا إقامة و يجوز أن يؤذن النساء و يعتدون به شرط أن تسرّ به قال الشيخ و يعتدّ بأذانهنّ الرّجال و الوجه تخصيص المحارم و تجتزي المرأة بالشهادتين [- د -] الخنثى المشكل لا يؤذن للرجال و لا تؤذّن المرأة لها [- ه -] يستحب أن يكون المؤذّن متطهّرا من الحدثين و ليست الطهارة شرطا و يتأكد في الإقامة و لو أحدث خلاله تطهّر و بنى و في الإقامة يعيد و لو أحدث في أثناء الصّلاة أعادها و لم يعد الإقامة و لو تكلم أعادها أيضا [- و -] يستحب أن يكون صيّتا و أن يؤذن على المرتفع قال الشيخ و يكره الأذان في الصّومعة و لا فرق بين أن يكون المؤذن عند الأذان في المنارة أو على الأرض [- ز -] يستحب أن يكون قائما و يتأكد في الإقامة [- ح -] يجوز أن يؤذن راكبا و على الأرض أفضل و ماشيا و الوقوف أفضل و يتأكد في الإقامة [- ط -] يكره أن يلتفت بأذانه يمينا و شمالا بل يستحبّ الاستقبال [- ي -] يستحب أن يرتفع صوته بالأذان ما لم يستضرّ به في جميع فصوله و لو كان للحاضرين جاز إسماعهم خاصّة و أن يكون حسن الصوت [- يا -] يستحب أن يكون بصيرا و لو كان أعمى جاز إذا كان معه من يسدّده فإن ابن أمّ مكتوم كان مؤذّن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و هو أعمى كان يؤذّن بعد بلال و يستحب أن يكون بصيرا بالأوقات و لو كان جاهلا جاز إذا استرشد [- يب -] يستحبّ أن يجعل المؤذّن إصبعيه في أذنيه حال الأذان و لا يستحبّ في الإقامة [- يج -] لا يختص الأذان بقوم دون آخرين و لو تشاحّ المؤذّنون قدّم من اجتمع فيه الصّفات المرجّحة و مع الاتفاق يقرع [- يد -] قال الشيخ يجوز أن يكون المؤذّنون اثنين اثنين إذا أذنوا أذانا واحدا و لو بنى كل واحد منهم على فصول الآخر لم يستحبّ و يجوز أن يؤذن جماعة في وقت واحد و أن يؤذن واحد بعد واحد و لو احتيج في الإعلام إلى زيادة على اثنين استحبّ و يجوز أن يتولى الأذان واحد و الإقامة آخر و أن يفارق موضعه ثم يقيم و قيل لا يقيم حتى يأذن له الإمام [- يه -] يكره أن يكون المؤذن لحانا [- يو -] يستحب له أن يظهر الهاء في لفظتي اللّٰه و الصّلاة و الحاء من الفلاح [- يز -] يستحب أن يكون فصيحا و يكره أن يكون

ص: 35

ألثغ و إن لم يتغيّر به المعنى جاز فإنّ بلالا كان يجعل الشين سينا

المطلب الرابع في الأحكام

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] من نام في خلال الأذان أو الإقامة ثم استيقظ استحب له استئنافه و يجوز له البناء إن حصلت الموالاة عادة و كذا إن أغمي عليه [- ب -] لو ارتد في أثنائه استأنف و لو حصلت الموالاة تمم و لو ارتدّ بعد فراغه اعتدّ به و أقام غيره [- ج -] لو ترك المنفرد الأذان و الإقامة متعمدا أو دخل في الصلاة مضى بينهما و لا يرجع و إن كان ناسيا رجع إلى الأذان و الإقامة ثم استأنف صلاته ما لم يركع قاله السّيد المرتضى و الشيخ رحمه اللّٰه عكس الحال و لم يفصّل في المبسوط بل أطلق الاستئناف مع عدم الركوع قال ابن أبي عقيل و لو تركه متعمّدا أو مستخفا فعليه الإعادة و في رواية محمّد بن مسلم الصحيحة عن الصادق عليه السّلام يرجع الناسي ما لم يتلبس بالقراءة و لو ذكر تركهما بعد الصّلاة لم يعد إجماعا [- د -] أجمع علماء الإسلام على المنع من تقديم الأذان قبل الوقت في غير الفجر أما فيه فيجوز قبله لتنبيه النائمين فيعيده مع طلوعه و لا يشترط اثنينية المؤذن و لا يكره قبل الفجر في رمضان و ينبغي أن يجعل ضابطا يستمرّ عليه ليؤذّن في الليالي كلها في وقت واحد [- ه -] ينبغي الأذان في أوّل الوقت [- و -] إذا دخل المسجد و كان الإمام ممن لا يقتدى به أذّن لنفسه و أقام و لم يعتدّ بأذانه و لو صلّى خلفه فإن خشي فوات الصّلاة معه اقتصر على التكبيرتين و على قوله قد قامت الصّلاة و روي أنه يقول حي على خير العمل مرّتين [- ز -] اختلف علماؤنا في تحريم أجرة الأذان مع عدم التطوّع قاله في النهاية و في المبسوط يجوز أخذ الأجرة من بيت المال و من خاصّ الإمام و قال المرتضى يكره و الأقرب جواز أخذ الرزق عليه من بيت المال و في الأجرة نظر [- ح -] يستحب حكاية قول المؤذن قال ابن بابويه روي أنه يزيد في الرزق و كل من ليس بمصلّ إذ استمع و كان متكلما قطع كلامه و إن كان قرآنا و حكاه و يترك صلاة التحية لو دخل المسجد حالة الأذان [- ط -] قال في المبسوط لو قاله في الصّلاة لم تبطل إلا في قوله حي على الصّلاة فإنه متى قاله عالما بالمنع فسدت صلاته لأنه ليس بتمجيد و لا تكبير و لو قال بدلا منه لا حول و لا قوة إلا باللّٰه لم تبطل صلاته [- ي -] روي أنه إذا قال أشهد أن لا إله إلا اللّٰه يقول و أنا أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له و أن محمّدا عبده و رسوله رضيت باللّٰه ربّا و بالإسلام دينا و بمحمد رسولا و بالأئمة الطاهرين أئمة ثمّ يقول اللّٰهمّ ربّ هذه الدّعوة التامّة و الصلاة القائمة آت محمّدا الوسيلة و الفضيلة و ابعثه المقام المحمود الذي وعدته و ارزقني شفاعته يوم القيامة و يقول عند أذان المغرب اللّٰهمّ هذا إقبال ليلك و إدبار نهارك و أصوات دعاتك فاغفر لي قال ابن بابويه قال الصادق عليه السّلام من قال حين يسمع أذان الصبح اللّٰهمّ إني أسألك بإقبال نهارك و إدبار ليلك و حضور صلاتك و أصوات دعاتك أن تتوب علي إنك أنت التواب الرّحيم ثم قال مثله حين يسمع أذان المغرب ثم مات من يومه أو ليلته مات تائبا [- يا -] إذا نقص المؤذن من أذانه شيئا تمّمه مع نفسه [- يب -] يقوم الإمام و المأمومون إذا قال المؤذّن قد قامت الصّلاة [- يج -] روي أن هشام بن إبراهيم شكا إلى الرضا عليه السّلام سقمه و أنّه لا يولد له فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله ففعل فذهب سقمه و كثر ولده قال محمد بن راشد و كنت دائم العلة في نفسي و خدمي فلما سمعت ذلك من هشام عملت به فزال عنّي و عن عيالي العلل [- يد -] روي في الصّحيح عن الباقر عليه السّلام أن أقل المجزي من الأذان أن يفتتح الليل بأذان و إقامة و النهار بأذان و إقامة و يجزيك في سائر الصّلوات إقامة بغير أذان [- يه -] الأذان عندنا وحي من اللّٰه تعالى على لسان جبرئيل عليه السّلام علمه رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و علي ع يسمع لا بالمنام كما يقوله العامة [- يو -] الإقامة أفضل من الأذان و الجمع بينهما أفضل و الجمع بينهما و بين الإقامة أفضل و الإقامة بانفرادها أفضل منهما

المقصد الثاني في أفعال الصّلاة و تروكها
اشارة

أفعال الصّلاة على ضربين واجب و ندب و لا بدّ من معرفة كل واحد منهما ليوقعه على وجهه فإنّه لو فعل الواجب بنية النّدب يبطل صلاته و لو فعل النّدب بنية الواجب دخل تحت حكم من فعل فعلا ليس من أفعال الصّلاة و ينقسم التّروك أيضا إلى واجب و ندب ثم الواجب من الأفعال منه ما هو ركن يبطل الصّلاة بالإخلال به عمدا و سهوا و منه ما ليس بركن و أنا أبين لك الأفعال الواجبة ثم أعقبها بالمندوبة ثم أختم ذلك بالتروك في مطالب

الأوّل في الأفعال الواجبة
اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل في القيام

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] القيام ركن مع القدرة فإن أمكنه الاستقلال به و تركه عمدا أو سهوا بطلت صلاته و لو تعذّر و أمكنه أن يعتمد على حائط أو عكّاز أو شبهه وجب و إن تمكن من القيام بعض الصّلاة وجب أن يقوم قدر مكنته و لو لم يتمكّن صلى جالسا و لو أمكنه القيام و خشي زيادة المرض أو بطأه صلى جالسا [- ب -] لو أمكنه القيام و عجز عن الركوع قائما و السّجود لم يسقط عنه القيام بل يصلّي قائما و يومئ للركوع ثم يجلس و يومئ للسجود [- ج -] لو عجز عن القعود صلى مضطجعا على جانبه الأيمن بالإيماء مستقبلا للقبلة بوجهه و لو عجز عن الاضطجاع صلّى مستلقيا موميا برأسه فإن لم يستطع برأسه فبعينيه بأن يجعل فتحهما قياما و تغميضهما ركوعا و فتحهما انتصابا و تغميضهما سجودا و فتحهما جلوسا و تغميضهما سجودا ثانيا و فتحهما رفعا و هكذا في الرّكعة الثّانية و أجرى الأفعال على قلبه و فعل الأذكار [- د -] لو عجز عن حالة في أثناء الصّلاة انتقل إلى ما دونها مستمرا كالقائم

ص: 36

يعجز فيقعد و كذا بالعكس لو تمكّن من الحالة العليا انتقل إليهما كالقاعد يتمكن من القيام فإنّه يقوم و يتمّ صلاته و الوجه أنه يترك القراءة حتّى يعتدل و لو مرض في قيامه فليقرأ في هويّه و لو برأ بعد القراءة لزم القيام دون الطّمأنينة ليهوي إلى الركوع و لو خفّ في الركوع قبل الطمأنينة كفاه أن يرتفع منحنيا إلى حد الركوع و لو قدر القاعد على الارتفاع إلى حد الركوع وجب [- ه -] لو عجز القاعد عن السجود رفع ما يسجد عليه فإن لم يتمكّن أومأ و لو عجز عن القيام فصلى قاعدا ثم تمكّن من القيام للركوع وجب أن يقوم و يركع [- و -] يستحب له أن يتربع حال القراءة و يثني رجليه في الرّكوع و السجود و يتورك في التشهد [- ز -] لو كان قيامه كهيئة الركوع لحدب أو كبر وجب أن يقوم على ما يمكنه و إن كان لقصر السّقف أو شبهه و لم يتمكن من الصّلاة في غيره قام على مكنته [- ح -] لو تمكن من القيام منفردا و عجز عنه مأموما وجب القيام و الانفراد [- ط -] لو كان المرض في عينيه فقال أهل الطب إن صلّى بالاستلقاء أمكن المداواة جاز ذلك [- ي -] يستحب للقائم أن يفرّق بين قدميه من ثلاث أصابع إلى شبر و أن يستقبل بأصابع رجليه القبلة

الفصل الثاني في النية
اشارة

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] النية ركن في الصّلاة إجماعا و هي عرض حال في القلب و هو قصد و إرادة للفعل مقترنة به لو أخل بها عمدا أو سهوا بطلت صلاته و لا اعتبار بالنطق بها لأن المميز لجهات الأفعال الواقعة عن المكلف هو الإرادة لا غير و ليس النطق مستحبّا [- ب -] كيفية النية أن يستحضر صفة الصّلاة في ذهنه و يقصد إلى تعيين الصّلاة من كونها ظهرا أو عصرا مثلا و إلى الأداء أو القضاء و إلى الوجه أعني الوجوب أو النّدب و إلى التقرّب إلى اللّٰه خاصة

فروع

[- ا -] لو نوى الأداء فبان خروج الوقت لزمه الإعادة لأنه لم ينو القضاء [- ب -] لو ظن خروج الوقت فنوى القضاء ثم بان الكذب أعاد [- ج -] يسقط نية التعيين فيما إذا نسي تعيين الفائتة خاصة [- د -] لو كان عليه ظهر و عصر فنوى بالصّلاة أحدهما لم يجز عن واحدة منهما [- ج -] لا يشترط نية القصر و الإتمام [- د -] يشترط فيها مقارنتها لتكبيرة الافتتاح و يجب استمرارها حكما إلى الفراغ فلو دخل نيّته متردّدة بين الإتمام و القطع لم يعتدّ بها و لو دخل نيته صحيحة ثم نوى قطعها و الخروج منها أو أنّه يستخرج منها أو تردّد هل يخرج أم لا قال الشيخ لا تبطل صلاته و يقوى عندي أنها تبطل و ما قواه الشيخ هو الأقوى عندي [- ه -] لو نوى فعلها تنافي الصّلاة و لم يفعل لم تبطل صلاته [- و -] لو نوى بأحد أفعال الصّلاة غيرها بطلت صلاته [- ز -] لو نوى ببعض أفعال الصّلاة الرياء بطلت صلاته لأنه منهيّ عنه و النهي يدلّ على الفساد [- ح -] يجوز نقل النية في مواضع كذاكر الفائتة أو طالب فضيلة الجماعة و سورة الجمعة [- ط -] لو أخر نيّته عن التكبير لم يصحّ [- ي -] لو صلّى مأموما اشترط أن ينوي الائتمام بخلاف الإمام [- يا -] لو شك هل نوى أم لا في الحال استأنف و لو كان بعد الانتقال أو ذكر النية استمر و لو عمل عملا مع الشك الموجب للاستئناف بطل و لو شك هل نوى فرضا أو نفلا في الحال استأنف و لو شك هل أحرم بظهر أو عصر في الحال استأنف

الفصل الثّالث في تكبيرة الإحرام

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] التكبيرة ركن في الصّلاة و جزء منها فلو أخل بها عمدا أو سهوا بطلت صلاته و صورتها اللّٰه أكبر فلو أخل بحرف منها أو أتى بمعناها أو بغير العربيّة مع القدرة أو أتى بأكبر معرّفا خلافا لابن الجنيد أو عكس الترتيب لم يصحّ [- ب -] الأعجم يجب عليه التعلّم و لا يشتغل بالصّلاة مع سعة الوقت و لو ضاق أحرم بلغته [- ج -] الأخرس ينطق بالممكن فإن عجز عن النطق أصلا كبّر بالإشارة بإصبعه و أومأ [- د -] يجب أن يأتي بأكبر على وزن أفعل فلو مدّ صار جمع كبر و هو الطبل فإن قصده بطل و لا ينبغي أن يمدّ الهمزة من لفظة الجلالة لأنه يبقى مستفهما و لو قصده بطل [- ه -] يجب على المصلّي أن يسمع نفسه بالتكبير إن كان صحيح السّمع و إلا أتى بما لو كان صحيحا سمعه [- و -] يجب أن يكبر قائما فلو اشتغل بالتكبير و هو أخذ في القيام لم يتمّه أو شرع في الركوع كالمأموم المسبوق قبل إتمامه بطلت صلاته و إن كانت نافلة [- ز -] لو أتى بالتكبير مقطّعا لم يصحّ لأن التعظيم إنما يحصل بالإخبار [- ح -] يستحب التوجّه بسبع تكبيرات إحداها تكبيرة الإحرام أيّها شاء جعلها الفرض فإن نوى بها أولى التكبيرات وقعت البواقي في الصّلاة و له أن ينوي الأخيرة و الوسطى [- ط -] هذه السّبع يستحب في سبعة مواطن في أول كل فريضة و أوّل صلاة الليل و الوتر و أول نافلة الزوال و أول نافلة المغرب و أول ركعتي الإحرام و في الوتيرة و يستحب أن يأتي بينها بثلاثة أدعية [- ي -] يستحب أن يأتي بعد تكبيرة الإحرام بالتّوجه روى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السّلام قال يجزيك في التوجه إلى اللّٰه تبارك و تعالى في الصّلاة أن تقول وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ على ملة إبراهيم حَنِيفاً مسلما و ما أنا من المشركين إِنَّ صَلاٰتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ لاٰ شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ اَلْمُسْلِمِينَ و قال الشيخ رحمه اللّٰه و إن قال في التوجّه وجّهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض على ملة إبراهيم و دين محمّد و منهاج عليّ حنيفا مسلما إلى آخر الدعاء كان أفضل و كذا قال ابن بابويه [- يا -] يستحب رفع اليدين بالتكبير في فرائض الصّلوات و نوافلها إلى أن يحاذي بهما شحمتي أذنيه و إن كانت يده تحت ثيابه و لو يسيرا و ذكر

ص: 37

قبل انتهاء التكبير رفع يديه مستحبّا و لو انتهى لم يرفع [- يب -] يستحب مدّ الأصابع و ضمها و الاستقبال بباطنها إلى القبلة و يكره أن يتجاوز بهما رأسه [- يج -] يستحبّ للإمام أن يسمع من خلفه التكبير إذا لم يبلغ العلو المفرط و لو لم يمكنه إلا به أسمع من يليه و يسمع المأموم غيره و لا يستحبّ له أن يسمع من خلفه غير تكبيرة الإحرام من السّبع و لا للمأموم إسماع الإمام [- يد -] يستحب بعد التّوجه التّعوذ باللّٰه من الشيطان أمام القراءة في الفرائض و النوافل و صورته أعوذ باللّٰه من الشّيطان الرّجيم و يجوز أعوذ باللّٰه السميع العليم من الشيطان الرّجيم قال الشيخ و يستحب الإسرار به [- يه -] التّعوذ مستحبّ في أوّل ركعة من الصّلاة خاصة و لا يستحبّ في الباقي و لو تركه عمدا أو نسيانا حتى قرأ مضى في قراءته و لا يعيدها في الركعة الثانية [- يو -] لو كبر و نوى الافتتاح انعقدت صلاته فإن كبر ثانية بنية الافتتاح بطلت صلاته فإن كبّر ثالثة بنية الافتتاح انعقدت و هكذا [- ير -] لو كان في لسانه آفة من تمتمة أو لثغة أو غيرها و أوجبت تغيير الحروف وجب عليه التعلم بقدر الإمكان و لو لم يمكنه أو لم يكن مغيره لم يكن به بأس [- يح -] لو أدرك الإمام راكعا كبر للافتتاح واجبا ثم إن أدرك تكبيرة الركوع استحب له فعلها و إلاّ فلا و لو نوى بها تكبيرة الركوع أو الافتتاح و الركوع معا بطلت صلاته [- يط -] يستحب للمأموم أن يكبّر بعد فراغ الإمام من التكبيرة و لو كبّر معه جاز و إن كبّر قبله لم يصحّ و يجب أن يقطعها بتسليمة و استأنف بعده أو معه تكبيرة الافتتاح

الفصل الرّابع في القراءة

و فيه [- و -] بحثا [- ا -] القراءة واجبة و يتعين الحمد و سورة كاملة في كل ركعة مرة من الثنائية و في أولتي الثلاثية و الرّباعية و يتخير في الثّالثة و الرابعة بين الحمد وحدها و أربع تسبيحات صورتها سبحان اللّٰه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر و إن قال ذلك ثلاث مرات كان أفضل و قيل يجب و ليس بمعتمد [- ب -] لا يجوز الإخلال بشيء من الحمد و السّورة و لو بحرف فلو أخل عمدا بطلت صلاته و كذا الإعراب و التشديد [- ج -] يجب ترتيب كلمات الحمد و آيها و في السّورة أيضا كما هي في المصحف و كذا يجب تقديم الحمد على السورة فلو خالف في شيء من ذلك عمدا أعاد الصّلاة و إن كان ناسيا استأنف القراءة ما لم يركع فيمضي و إن ذكر [- د -] يجب الموالاة في القراءة فلو قرأ خلالها من غيرها استأنف و كذا لو نوى قطع القراءة و سكت و لو سكت لا بنية القطع أو نواه و لم يقطع لم يبطل صلاته و يجوز أن يقطع القراءة لسكوت و دعاء لا يخرج به عن اسم القارئ [- ه -] بسم اللّٰه الرّحمن الرّحيم آية من كل سورة إلا براءة فلو أخل بها في الحمد أو في السّورة بطلت صلاته إن كان عمدا و إلا فلا و يجب أن يقرأها بنية أنها من سورة معينة فلو قرأها من غير نية تعيّن عليه إعادتها عند قراءة السورة و كذا يعيدها لو عدل عن سورة إلى أخرى [- و -] لا يجوز مع الاختيار الاقتصار على الحمد من دون السّورة الكاملة في الأوليين من الفرائض و يجوز للضرورة خلافا للشيخ في بعض أقواله [- ز -] لا يجزي في القراءة الترجمة و لا مرادفها من العربيّة [- ح -] لو لم يحسن القراءة وجب عليه التّعلم بالعربيّة و لو عجز أو ضاق الوقت و كان يحسن بعضها قرأه و لو لم يحسن شيئا منها قرأ من غيرها ما تيسّر و الأقرب وجوب الإتيان بسورة كاملة إن كان يعلمها و هل يجب أن يأتي بسورة أخرى عوض الحمد فيه إشكال و لو لم يحسن سورة كاملة قرأ ما يحسنه و الأقرب أنّه لا يجب أن يقرأ بعدد آيها و لو لم يحسن إلا آية واحدة منها قرأها و اجتزأ بها و الأقرب سقوط وجوب تكريرها سبعا و لو لم يحسن إلا بعض آية فالأقرب أنّه إن كان يسمّى قرآنا وجب قراءته و إلا فلا و لو لم يحسن شيئا من القرآن أصلا كبر اللّٰه و هلله و سبّحه بقدر القراءة ثم يجب عليه التّعلم [- ط -] لو لم يحفظ شيئا من القرآن و ضاق الوقت وجب عليه أن يقرأ من المصحف إن كان عارفا و الأقرب عدم إجزاء القراءة من المصحف مع إمكان التعلم [- ي -] الأخرس يحرّك لسانه بالقراءة و يعقد بها قلبه [- يا -] قد بينا أن الحمد لا يجب في الأخيرتين بل يتخير المصلّي بينها و بين التسبيح و يستحب للإمام القراءة فيهما و لا يجب قراءة سورة بعد الحمد فيهما [- يب -] لا يجزي عن السّورة في الأوليين تكرار الحمد بل يجب سورة أخرى غير الحمد متأخرة عنها فلو عكس قرأ الحمد ثم أعاد السّورة أو غيرها إن لم يتعمّد [- يج -] يجوز أن يقرأ السّورة الواحدة في الركعتين مكرّرا لها فيهما و أن يقرأ فيهما سورتين متساويتين و أن يقرأ في الثانية بالسّورة التي يلي السّورة التي قرأها في الأولى أو بغيرها من المتقدّمات عليها و المتأخرات [- يد -] لا يتعيّن الحمد في النوافل وجوبا بل ندبا و كذا يستحبّ السّورة بعدها فيها [- يه -] الإعراب واجب فلو أخل به عمدا بطلت صلاته و لو لم يحسنه وجب التّعلم بقدر الإمكان و لو ضاق الوقت صلى على ما يحسنه و الأقرب وجوب ائتمامه بالعارف [- يو -] يجب أن يقرأ بالمتواتر فلو قرأ بمصحف ابن مسعود بطلت صلاته [- يز -] يجوز أن يقرأ بأيّ قراءة شاء من القراءات السبع و لا يجوز أن يقرأ بغيرها و إن اتّصلت رواية [- يح -] يجب أن يخرج الحروف من مخارجها فلو أخرج الضاد في الضّالين و غيره من مخرج الظاء بطلت صلاته إن كان عالما أو جاهلا يمكنه التّعلم و إلا فلا ثم يجب عليه التّعلم و لو أخل بإصلاح لسانه في القراءة مع القدرة بطل صلاته و إلا فلا [- يط -] هل يجب التّرتيب في التسبيح على

ص: 38

ما تلوناه فيه إشكال [- ك -] لو أخل بالقراءة في الأوليين عمدا بطلت صلاته و لا تبطل بالإخلال سهوا و لا يسقط التخيير معه بينها و بين التسبيح في الأخيرتين [- كا -] لا يجوز القران بين سورتين غير الحمد في الركعة من الفرائض و هل هو مبطل للشيخ قولان و يجوز في النافلة بل يستحب في مواضع منها [- كب -] قال علماؤنا الضّحى و أ لم نشرح سورة واحدة و كذا الفيل و الإيلاف فلو قرأ إحداهما بعد الحمد في الفرائض وجب أن يقرأ الأخرى و يجب البسملة بينهما على الأقوى [- كج -] لا يجوز أن يقرأ في الفرائض شيئا من العزائم و يجوز في النوافل و كذا يحرم أن يقرأ ما يفوت الوقت بقراءة [- لد -] يجب الجهر بالحمد و السورة في الصّبح و أولتي المغرب و العشاء و يجب الإخفات في الظّهرين و الثالثة و الرابعة في الحمد من العشاءين و للسّيد هنا خلاف [- كه -] أقل الجهر أن يسمعه القريب الصحيح السمع و أقل الإخفات أن يسمع نفسه [- كو -] يسقط الجهر من المرأة إجماعا [- كن -] حكم القضاء حكم الأداء في ذلك سواء فعل القضاء في الليل أو النهار [- كح -] لو أخل بالجهر أو الإخفات في موضعه عمدا عالما بطلت صلاته و لو كان جاهلا أو ناسيا لم تبطل و لو ذكر في أثناء القراءة الترك انتقل إلى ما يجب عليه و لا يستأنف القراءة [- كط -] يستحب للإمام أن يسمع من خلفه القراءة في الجهرية ما لم يفرط [- ل -] إنما يجب الجهر في القراءة خاصة دون غيرها من أذكار الصّلاة نعم يستحب للإمام الجهر بالتشهد [- لا -] يجب الجهر بالبسملة في مواضع الجهر و يستحب في مواضع الإخفات و يجوز الإسرار بها مع التقيّة و إن وجب الجهر [- لب -] يستحب المخافتة في نوافل النهار و الجهر في نوافل الليل [- لج -] يستحب للمصلّي السّكوت بعد قراءة الحمد و بعد السّورة [- لد -] يستحب ترتيل القراءة و الوقوف في مواضعه و يجب عليه النطق بالحروف بحيث لا يخفى بعضها في بعض [- له -] المعوذتان من القرآن يجوز أن يقرأ بهما في الفرائض [- لو -] يستحب قصار المفصّل في الظهرين و المغرب و متوسّطاته في العشاء و مطولاته في الغداة و يستحب قراءة الجمعة و المنافقون في ظهري الجمعة و الجمعة و أن يقرأ ليلة الجمعة بها و الأعلى و في غداة الجمعة بها و بالإخلاص و في غداة الإثنين و الخميس هل أتى و الغاشية و في نوافل النهار بقصار السورة و في نوافل الليل بمطوّلاتها [- لز -] يستحبّ قراءة قل يا أيّها الكافرون في سبع مواطن أول ركعة من ركعتي الزوال و أول ركعة من نوافل المغرب و أول ركعة من صلاة الليل و أول ركعة من صلاة الغداة إذا أصبح بها و أول ركعتي الفجر و أول ركعتي الطّواف و أول ركعتي الإحرام و روي قراءة التوحيد في هذه الأوائل و الجحد في الثانية [- لح -] يستحب أن يقرأ في أولتي صلاة الليل ثلاثين مرّة قل هو اللّٰه أحد و في البواقي بالطوال [- لط -] إذا قرأ في النافلة عزيمة سجد وجوبا عند موضع السجود ثم قام فأتم السّورة و ركع و لو كانت السّجدة في آخرها قرأ الحمد بعد قيامه ليركع عن قراءة و كذا يجب أن يسجد لو استمع ثم يفعل ما ذكرناه و لو نسيها حتى ركع سجدها مع الذكر و يستحبّ له إذا رفع رأسه من السجود و أن يكبر و لو كان مع إمام لا يسجد و لم يتمكّن من السجود أومأ [- م -] يجوز أن يعدل المصلّي من سورة إلى أخرى ما لم يتجاوز النصف إلا سورة الكافرون و الإخلاص فإنه لا ينتقل عنهما إلا في ظهر الجمعة فإنه ينتقل إلى الجمعة و المنافقين و لو قرأ سورة فغلط جاز له العدول مطلقا لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه السّلام و رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق عليه السّلام و مع العدول يعيد البسملة [- ما -] إذا مر المصلّي بآية رحمة استحب له أن يسأل اللّٰه تعالى إيصالها إليه و بآية نقمة أن يتعوّذ منها [- مب -] إذا تقدم المصلّي سكت عن القراءة فإذا استقر أتمّ [- مج -] قول آمين حرام يبطل به الصّلاة سواء جهر بها أو أسر في آخر الحمد أو قبلها إماما كان أو مأموما و على كل حال و إجماع الإمامية عليه للنقل عن أهل البيت عليهم السّلام و لأنها ليس قرآنا و لا دعاء لأن الاسم مغاير للمسمّى

الفصل الخامس في الركوع

و فيه [- يه -] بحثا [- ا -] الركوع لغة الانحناء و في الشرع كذلك و هو ركن في كل ركعة مرة تبطل الصّلاة بالإخلال به عمدا و سهوا و يجب في الكسوف و الآيات في كل ركعة خمس مرّات على ما يأتي [- ب -] يجب فيه الانحناء إلى حيث يتمكن من وضع يديه على ركبتيه و لو لم يتمكن من هذا الحد وجب الإتيان بالممكن و لو لم يتمكّن من الانحناء أصلا أومأ و لو كان بصورة الراكع لكبر أو زمن قام على حسب حاله ثم انحنى للركوع قليلا ليكون فارقا بين قيامه و ركوعه قال الشيخ و لا يلزمه ذلك و فيه إشكال و لو بلغت يداه في الطّول إلى حيث ينتهي إلى ركبته انحنى كما ينحني مستوي الخلقة و كذا لو كانت أقصر من المستوي [- ج -] يجب فيه الطمأنينة بقدر الذكر الواجب و هي السكون حتّى يرجع كلّ عضو مستقره و لو لم يتمكن منها سقطت [- د -] يجب فيه الذكر كالتسبيح أو التهليل أو التكبير أو التحميد و أوجب جماعة من علمائنا التسبيح خاصّة و الأقرب الأول [- ه -] يجب أن يأتي بالذّكر حالة الركوع فلو اشتغل فيه و هو آخذ في الركوع أو اشتغل بالرفع قبل إكماله لم يجز [- و -] يجب رفع الرأس من الركوع فلو هوى للسجود قبل انتصابه منه من غير عذر لم يجز و لو افتقر إلى الاعتماد على شيء وجب و لو لم يتمكن سقط و لو زال المانع بعد السجود لم يتداركه قال

ص: 39

الشيخ رحمه اللّٰه و كذا لو زال قبل السجود و لو ركع فاطمأن فسقط إلى الأرض من قبل القيام سجد و لا يحتاج إلى القيام لفوات محلّه أما لو سقط قبل ركوعه فإنه يرجع و يأتي بالركوع و لو سقط بعد الركوع قبل الطمأنينة ففي إعادة الركوع إشكال [- ز -] يجب الطمأنينة في الانتصاب بأن يعتدل قائما و يسكن يسيرا [- ح -] يستحب التكبير إذا أراد الركوع و أن يكبّر قائما رافعا يديه بالتكبير محاذيا أذنيه و يرسلهما ثم يركع و أن يضع يديه على ركبتيه مفرجات الأصابع و لو كان بإحدى يديه عذر وضع الأخرى و يرد ركبته إلى خلفه و يسوي ظهره و يمدّ عنقه موازيا ظهره و أن يصف في ركوعه بين قدميه و لا يقدم إحداهما على الأخرى و يجعل بينهما قدر شبر و أن يتجافى حالة الركوع لا يضع شيئا من أعضائه على شيء إلا اليدين على الركبتين و أن يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاثا و أفضل منه خمسا و الأكمل سبعا و يستحب للإمام التخفيف بثلاث و أن يدعو في حال ركوعه فيقول ربّ لك ركعت و لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكّلت و أنت ربي خشع لك سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عصبي و عظامي و ما أقلته قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر ثم يسبّح ثلاثا [- ط -] لا يستحب القراءة في الركوع و لا السّجود إجماعا [- ي -] يستحب للإمام رفع صوته بالذكر فيه [- يا -] يستحب أن يقول بعد انتصابه من الركوع سمع اللّٰه لمن حمده الحمد للّه ربّ العالمين أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة للّه رب العالمين للإمام و المأموم و المنفرد و أن يجهر الإمام به [- يب -] قال الشيخ رحمه اللّٰه و إن قال ربنا لك الحمد لم تبطل صلاته و الأول ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام [- يج -] لو قال من حمد اللّٰه سمع له لم يأت بالمستحب لأنه أخل بالجزء الصوري و لأن الأول دعاء و الثّاني شرط و جزاء [- يد -] لو عطس عند رفعه فقال الحمد للّه ربّ العالمين و نوى به التحميد للعطسة و المستحب بعد الرفع جاز [- يه -] يكره أن يركع و يداه تحت ثيابه بل يستحب أن تكون بارزة أو في كمه

الفصل السّادس في السّجود

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] السجود لغة الخضوع و الانحناء و شرعا وضع الجبهة على الأرض و هو واجب في الصّلاة في كل ركعة سجدتان و مجموعهما ركن تبطل الصلاة بالإخلال بهما عمدا و سهوا و بالواحدة عمدا لا سهوا [- ب -] يجب في كل واحدة منهما السجود على سبعة أعضاء الجبهة و الكفان و الركبتان و إبهامي الرّجلين و لو أخل السجود على بعض هذه عمدا بطلت صلاته عالما كان أو جاهلا و لا تبطل بالسّهو و لو كان على بعض أعضائه مانع يمنع من السجود عليه سجد بباقي الأعضاء و لو كان على جبهته دمل أو شبهه و أمكنه أن يحفر لها حفيرة ينزل فيها ليقع السليم من الجبهة على الأرض وجب و لو لم يمكنه لاستغراق الجبهة بالمانع أو لعدم تمكنه من الحفر أو لغيرهما سجد على أحد الجبينين و على بقية الأعضاء و لو تعذّر على أحد الجبينين سجد على الذقن و لو تعذر ذلك كله أومأ [- ج -] لا يجب السجود على جميع أعضاء الجبهة و شرط بعض الأصحاب الملاقاة بدرهم و ليس بمعتمد و كذا البحث في بقية الأعضاء [- د -] يجب إبراز الجبهة للسجود على ما يصحّ السّجود عليه و وضع الجبهة عليه فلو سجد على كور العمامة بطل إلا أن يكون لعذر و يستحب إبراز اليدين دون غيرهما [- ه -] يجب الانحناء للسجود حتى يساوي موضع جبهته موقفه و يجوز أن يكون موضع السجود أعلى بما لا يعتدّ به كاللبنة لا أزيد و لو وقعت جبهته على المرتفع جاز أن يرفع رأسه و يسجد على المساوي و لو تعذّر أتى بالممكن و لو لم يتمكن من الانحناء مطلقا رفع ما يسجد عليه و إن عجز أومأ [- و -] يجب الذكر في كل واحدة كما قلنا في الركوع و الخلاف فيه كالخلاف هناك و الأولى فيه التسبيح ثلاثا و أفضل منه خمسا و أكمله سبعا و يستحب أن يدعو أمام الذكر فيقول اللّٰهمّ لك سجدت و بك آمنت و عليك توكلت و أنت ربي سجد وجهي للّذي خلقه و صوّره و شق سمعه و بصره تبارك اللّٰه أحسن الخالقين و الحمد للّه ربّ العالمين ثم يقول سبحان ربّي الأعلى و بحمده ثلاث مرات و يجوز فيه الدعاء بغير ذلك من أمور الدنيا و الآخرة [- ز -] يجب فيه الطمأنينة بقدر الذكر الواجب و أن يأتي بالذكر الواجب و هو ساجد فلو أخذ في السجود و هو ذاكر أو رفع رأسه و لم يتمّم لم يجز [- ح -] يجب رفع الرأس من السجدة الأولى و الطمأنينة فيه جالسا [- ط -] يستحب التكبير قائما قبل السجود ثم يهوي رافعا يديه إلى شحمتي أذنيه و كذا يكبّر حال رفعه و للسّجود الثاني حال قعوده رافعا يديه كما قلناه و عند رفعه منه و أن يستقبل الأرض بيديه حال هويه و مساواة موضع سجوده لموقفه أو يكون أخفض و أن يرغم بأنفه قال السّيد بطرف الأنف الذي يلي الحاجبين و أن يدعو بين السّجدتين و يتورك حال جلوسه و الجلوس عقيب السجدة الثانية مطمئنا و الدعاء عند القيام و أن يعتمد على يديه عنده سابقا برفع ركبتيه و أن يبسط كفيه على الأرض حال القيام و لا يضمّهما [- ي -] يكره الإقعاء بين السّجدتين و هو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض و يجلس على عقبيه و أن ينفخ موضع سجوده [- يا -] لو سجد على أنفه دون جبهته لم يجز [- يب -] يستحب له التجافي حال السجود لا يضع شيئا من جسده على شيء و الاعتدال في السّجود

الفصل السّابع في التشهد

و مباحثه عشرة [- ا -] التشهد واجب في كل ثنائية مرة و في الثلاثية و الرباعيّة مرتين و محلّه في الثنائية عند كمالها و في الثلاثية و الرّباعية عند كمال الثانية مرة و عند كمال الصّلاة

ص: 40

أخرى و تبطل الصّلاة بالإخلال به عمدا [- ب -] الواجب في كلّ تشهد خمسة أشياء الجلوس بقدره مطمئنا و الشهادتان و هما أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله و الصّلاة على النبي و على آله و صورتها اللّٰهمّ صل على محمّد و آل محمّد و ما زاد على ذلك مستحب [- ج -] من لا يحسن التشهد يجب عليه التّعلم و مع ضيق الوقت يأتي بما يحسن منه [- د -] يجب الترتيب في التشهد فيبدأ بشهادة التوحيد ثم بشهادة الرّسالة ثم يصلّي على النبيّ ثم يصلّي على آله فلو خالف أعاد [- ه -] الصّلاة على النّبي و آله عليهم السّلام واجبة في التشهدين معا [- و -] يستحب أن يجلس متورّكا بأن يجلس على وركه الأيسر و يخرج رجليه جميعا و يجعل ظاهر قدمه الأيسر إلى الأرض و ظاهر الأيمن إلى باطن الأيسر و أن يضع يديه على فخذيه مبسوطة مضمومة الأصابع و أن يزيد على القدر الواجب فيقول ما رواه أبو بصير عن الصّادق عليه السّلام قال إذا جلست في الركعة الثانية فقل بسم اللّٰه و باللّٰه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا عبده و رسوله أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي السّاعة و أشهد أنّ ربّي نعم الرّب و أن محمّدا نعم الرسول اللّٰهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و تقبّل شفاعته في أمته و ارفع درجته ثم تحمد اللّٰه مرّتين أو ثلاثا ثم تقوم و إذا جلست في الرابعة فقل قلت بسم اللّٰه و باللّٰه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له و أشهد أن محمّدا عبده و رسوله أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة أشهد أنك نعم الرّب و أن محمّدا نعم الرسول التحيات للّه الصّلوات الطّاهرات الطيبات الزاكيات الغاديات الرّائحات السابغات الناعمات للّه ما طاب و زكا و خلص و صفا للّه أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له و أشهد أن محمّدا عبده و رسوله أرسله بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة أشهد أنّ اللّٰه نعم الرب و أنّ محمدا نعم الرسول و أشهد أنّ الساعة آتية لا ريب فيها و أنّ اللّٰه يبعث من في القبور الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّٰه الحمد للّه ربّ العالمين اللّٰهمّ صل على محمّد و آل محمّد و بارك على محمّد و آل محمّد و سلم على محمّد و آل محمّد و ترحّم على محمّد و آل محمد كما صليت و باركت و ترحمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد اللّٰهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربّنا إنك رءوف رحيم اللّٰهمّ صلّ على محمد و آل محمّد و امنن علي بالجنّة و عافني من النّار اللّٰهمّ صل على محمّد و آل محمّد و اغفر للمؤمنين و المؤمنات و لا تزد الظالمين إلا تبارا ثم قل السّلام عليك أيّها النبي و رحمة اللّٰه و بركاته السلام على أنبياء اللّٰه و رسله السّلام على جبرئيل و ميكائيل و الملائكة المقرّبين السلام على محمّد بن عبد اللّٰه خاتم النبيين لا نبي بعده السلام علينا و على عباد اللّٰه الصّالحين ثم تسلّم [- ن -] التحيات ليست واجبة في واحد من التشهدين [- ح -] تقديم التسليم على التشهّد مبطل للصّلاة [- ظ -] لو قال أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أنّ محمّدا رسول اللّٰه أجزأه على إشكال و كذا أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أن محمّدا رسوله أو عبده و رسوله أو قال أشهد أن لا إله إلا اللّٰه أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله من غير واو و لو أتى عوض الشهادة بما يساويها في المعنى أو يقاربها فيقول أعلم أو أخبر عن علم أو أتيقن و ما شابهه لم يجز و كذا لو قال أشهد أن الإله واحد و أن الرسول محمّد [- ي -] يجوز الدعاء في التّشهّد مطلقا بالمباح سواء كان للدين أو للدنيا و سواء ورد به الشرع أو لم يرد و يستحب للإمام أن يسمع من خلفه الشّهادتين و إذا قام المصلّي إلى الثالثة قال بحول اللّٰه و قوته أقوم و أقعد و لا يحتاج إلى تكبير خلافا للمفيد

الفصل الثّامن في التسليم

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] الأظهر عندي أن التّسليم غير واجب و يستحبّ مرة في آخر الصّلاة بعد التشهّد و به يخرج من الصّلاة لا غير إن قلنا بوجوبه و حينئذ فالأقرب أنّه لا يجب أن ينوي به الخروج بل يستحب [- ب -] للتّسليم صورتان أيتهما وقعت أجزأه السّلام علينا و على عباد اللّٰه الصّالحين السّلام عليكم و رحمة اللّٰه و بركاته و بأيّهما بدأ كان الثاني مستحبّا أيضا و أوجب العبارة الثانية علم الهدى و أبو الصلاح [- ج -] لا يخرج من الصلاة بقوله السّلام عليك أيّها النبي و رحمة اللّٰه و بركاته على القول بالوجوب و لا بقوله السّلام علينا و على عباد اللّٰه المخلصين أو العابدين أو السلام على عباد اللّٰه الصّالحين و علينا و لو سلّم بالعبارة الثانية جاز أن يقول السّلام عليكم و رحمة اللّٰه و إن لم يقل و بركاته و لو قال السّلام عليكم و اقتصر خرج به عند ابن بابويه و ابن أبي عقيل و ابن الجنيد و قال أبو الصلاح الفرض أن يقول السّلام عليكم و رحمة اللّٰه و عندي في ذلك إشكال و كذا الإشكال لو قال سلام عليكم منكر آمنونا أما لو قال عليكم السّلام فإنّه لا يجزئه قولا واحدا على القول بالوجوب [- د -] المرة الواحدة يجزئه للإمام و المأموم و المنفرد و لكن يستحب للمنفرد أن يسلم تسليمة إلى القبلة و يومئ بمؤخر عينيه إلى يمينه و الإمام بصفحة وجهه و المأموم يسلم بوجهه مرّتين يمينا و شمالا إن كان على يساره غيره و إلا اقتصر على يمينه [- ه -] هل التسليم الأولي من الصّلاة فيه إشكال [- و -] لو نوى بالتسليم الخروج من الصّلاة و الرد على الملكين و على من خلفه إن كان إماما أو على

ص: 41

من معه إن كان مأموما لم يكن به بأس قال الشيخ ينبغي أن ينوي بالتّسليم الأول الخروج من الصّلاة و بالثاني التسليم على الملائكة أو على من في يساره

المطلب الثّاني في الأفعال المندوبة

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] يستحبّ له إذا مشى إلى الصّلاة أن يكون خاضعا خاشعا على سكينة و وقار و أن يقول عند قيامه اللّٰهمّ إنّي أقدم إليك محمدا بين يدي حاجتي و أتوجّه به إليك فاجعلني به وجيها عندك في الدّنيا و الآخرة و من المقرّبين اجعل صلاتي به متقبّلة و ذنبي به مغفورا و دعائي به مستجابا إنك أنت الغفور الرّحيم [- ب -] يستحبّ له إيقاعها في المسجد بخشوع و استكانة جماعة في أوّل الوقت إلا ما استثني [- ج -] يستحب أن يتوجّه بسبع تكبيرات إحداها تكبيرة الإحرام بينها ثلاثة أدعية في سبعة مواطن تقدّمت [- د -] القنوت مستحب في كل ثنائية في الفرائض و النوافل بعد القراءة قبل الركوع لا تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا و لا سهوا و قول ابن بابويه و ابن أبي عقيل ضعيف و آكده في الفرائض و آكده فيما يجهر فيه و في الجمعة قنوتان قبل ركوع الأولى و بعد ركوع الثانية و في مفردة الوتر قبل الركوع و بعده في جميع السنة و لو نسي القنوت حتى ركع قضاه بعد الركوع و لو نسيه حتى ركع في الثالثة ففي قضائه بعد الصّلاة قولان [- ه -] يستحب أن يدعو فيه بالمنقول و إلا فبما شاء و أقله ثلاثة تسبيحات و يجوز الدّعاء بغير العربيّة اختاره محمّد بن الحسن الصّفار و ابن بابويه خلافا لسعد بن عبد اللّٰه نعم يحرم الدعاء بالمحرم إجماعا و يجوز أن يدعو فيه للمسلمين عموما و لإنسان معيّن و أن يسأل المباح من أمور الدّنيا [- و -] يستحبّ فيه الجهر مطلقا و استحبّ المرتضى الإخفات في الإخفاتية و يستحب فيه الإطالة و رفع اليدين تلقاء وجهه مبسوطتين و أن يتلقى بباطنهما السماء و أن يكبر له و أن يرفع يديه به [- ز -] يستحب له أن ينظر حال قيامه إلى موضع سجوده و حال ركوعه إلى ما بين رجليه و حال قنوته إلى باطن كفّيه و في سجوده إلى طرف أنفه و في قعوده إلى حجره [- ح -] يستحبّ له وضع يديه حال قيامه على فخذيه محاذيا لعيني ركبتيه مضمومتي الأصابع و في حال ركوعه على عيني ركبتيه و في سجوده حيال وجهه و في جلوسه على فخذيه [- ط -] التعقيب مستحبّ عقيب الصّلاة كلها و أفضله تسبيح الزهراء عليها السّلام ثم ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام بعد التكبير عقيب التسليم ثلاث مرات يرفع بها فيها يديه إلى شحمتي أذنيه و يضعهما على فخذيه [- ي -] يستحب عقيب الفرائض سجود الشكر و عند تجدّد النّعم و دفع النقم و يستحبّ فيه التعفير و هو أن يضع خده الأيمن على الأرض عقيب السجود ثم خدّه الأيسر روى الباقر عليه السّلام قال أوحى اللّٰه تعالى إلى موسى عليه السّلام أ تدري لم اصطفيتك بكلامي من دون خلقي قال موسى لا يا ربّ قال يا موسى إني قلبت عبادي ظهرا لبطن فلم أجد فيهم أحدا أذل لي نفسا منك يا موسى إنك إذا صلّيت وضعت خديك على التراب و يستحب فيه الدعاء بالمنقول و أن يكون لاطيا بالأرض و أن يعود إلى السجود و يشكر اللّٰه مائة مرّة و ليس فيه تكبير للأخذ و الرفع و لا تسليم [- يا -] سجدات القرآن خمس عشرة أربع منها واجبة و هي سجدة لقمان و حم السجدة و النجم و اقرأ باسم ربّك و إحدى عشر مسنونة في الأعراف و الرّعد و النحل و بني إسرائيل و مريم و الحجّ في موضعين و الفرقان و النّمل و ص و الإنشقاق [- يب -] قال الشيخ رحمه اللّٰه سجود العزائم الأربع واجب على القارئ و المستمع و الأصحّ عندي الاستحباب على السامع [- يج -] قال الشيخ رحمه اللّٰه في الخلاف موضع السّجود في حم عند قوله وَ اُسْجُدُوا لِلّٰهِ و في المبسوط عند قوله إِنْ كُنْتُمْ إِيّٰاهُ تَعْبُدُونَ [- يد -] يجوز فعل هذه السجدات في الأوقات كلها و إن كانت مما يكره فيه النوافل فلا يفتقر شيء منها إلى تكبير إحرام و لا تكبير سجود و لا تشهد و لا طهارة و لا استقبال القبلة و يستحب فيه الدعاء و أن يكبر إذا رفع رأسه و الأقرب اشتراط السّجود على الأعضاء السّبعة [- يه -] السجود على الفور في الواجب و المستحبّ و لو فاته قال في المبسوط يقضي العزائم وجوبا و يتخيّر في النّدب و هو جيّد و لو نسيها وجب مع الذكر [- يو -] يجب السجود أو يستحبّ كلما حصل السّبب [- يز -] لا يشترط لسجود المستمع كون التالي ممن يصلح أن يكون إماما له و لو لم يسجد التالي سجد المستمع وجوبا أو ندبا و لا يقوم الركوع مقام السّجود و لو قرأ على الراحلة و تمكن من السّجود وجب و إلا أومأ و كذا الماشي [- يح -] يستحب للإمام أن لا ينصرف من مصلاّه حتى يتم من خلفه صلاته و روي كراهية الشغل للإمام موضع صلاته [- يط -] يستحب له إذا فرغ من صلاته أن يرفع يديه فوق رأسه تبركا و أن ينصرف عن يمينه [- ك -] يجوز الدعاء على الظالم عقيب الصّلوات [- كا -] يكره النوم بعد الغداة كراهية شديدة و بعد العصر و بعد المغرب قبل العشاء و يستحب القيلولة

المطلب الثالث في التروك

و هي قسمان واجبة و مندوبة فهاهنا [- يح -] مباحث [- ا -] يجب عليه ترك كل ما يبطل الطهارة مع القدرة فلو فعله عمدا أو سهوا بطلت صلاته و قول بعض علمائنا إذا سبقه الحدث تطهر و بنى ضعيف [- ب -] يجب عليه ترك التكفير و هو وضع اليمين على الشمال و لو فعله بطلت صلاته إن كان عمدا مختارا و إلا فلا [- ج -] لا فرق بين التكفير فوق السرة و تحتها و لا بين وضع الكف على الكف أو على الذراع و لا بين أن يضعها معتقدا للاستحباب أو غير معتقد و لا بين وضعها حال القراءة أو غير حالها [- د -] قال الشيخ رحمه اللّٰه يحرم وضع الشمال على اليمين [- ه -] لو وضعها للتقية لم

ص: 42

يكن به بأس [- و -] يحرم عليه الالتفات إلى ما وراءه فإن فعله عمدا بطلت صلاته لا سهوا أما الالتفات يمينا و شمالا فإنه مكروه غير مبطل [- ن -] الكلام بحرفين فصاعدا مما ليس بقرآن و لا دعاء مبطل للصّلاة و إن كان عمدا و إلا فلا و الجاهل كالعالم و سواء كان الكلام لمصلحة أو لغيرها و لو أكره على الكلام بطلت صلاته و إن كان غير مأثوم و لو ظن إتمام الصّلاة فتكلم لم يفسد صلاته خلافا للشيخ في بعض أقواله و لو سلم في الأولين ناسيا قام فأتمّ صلاته و سجد للسّهو و لو تكلم بحرف واحد لم تبطل صلاته عندي في الأفعال الثلاثية المعتلة الطّرفين كق و ع و كلام الأخرس بحركة اللسان تردّد أقربه الإبطال به و لو نفخ بحرفين أفسد صلاته و لو تنحنح بحرفين و سمي كلاما بطلت صلاته و كذا التّأوه بحرفين مبطل و لا تبطل الصّلاة بكل كلام يناجي به ربه أو يدعو به لمصالح المعاش و المعاد [- ح -] يحرم عليه الضّحك في الصلاة بقهقهة أما التبسّم فلا بأس فلو قهقه عمدا بطلت صلاته لا سهوا [- ط -] يحرم عليه فعل الكثير الذي ليس من أفعال الصّلاة فلو فعله عمدا بطلت صلاته و لا يبطل بالسّهو و يجوز للمصلّي أن يعد الركعات بأصابعه أو بشيء يكون معه من الحصاة و شبهه بشرط عدم التلفظ به بل يعقده في ضميره و ليس بمكروه [- ي -] البكاء لشيء من أمور الدّنيا حرام يبطل به الصّلاة إن كان عمدا و إلا فلا و إن كان خوفا من اللّٰه تعالى و خشية من عقابه لم يبطل به الصّلاة و كذا يجوز أن يتباكى في الصّلاة لأمور الآخرة [- يا -] الأكل و الشرب إن كان كثيرا بطلت صلاته إن كان عمدا و إلا فلا قال الشيخ يجوز شرب الماء في النافلة و عندي إن بلغ حدّ الكثرة بطلت صلاته إلا في صلاة الوتر لمن أصابه عطش و هو يريد الصوم في صبيحته تلك الليلة إذا لم يستدبر القبلة [- يب -] يحرم عليه قطع الصّلاة إلا لضرورة دينية أو دنيويّة [- يج -] يكره التثاؤب و التمطي و العبث و التنخم و البصاق و فرقعة الأصابع و التأوّه بحرف و الأنين به و مدافعة الأخبثين و لو صلّى كذلك لم تبطل و نفخ موضع السّجود و رفع البصر في الصّلاة و تغميض العين و لبس الخف الضّيق و التورك و هو أن يعتمد بيديه على وركيه و هو التخصر و السدل و هو وضع الثّوب على الرأس أو الكتف و إرسال طرفيه [- يد -] يجوز أن يستند إلى الحائط و أن يضع يده عليه إلا أن يعتمد عليه بحيث يسقط مع سقوطه و أن يحمد اللّٰه إذا عطس و يصلّي على النبي و آله و أن يفعل ذلك إذا عطس غيره و أن يسمت العاطس إن كان مؤمنا و أن يرد السّلام نطقا مثل قوله سلام عليكم و لا يقول و عليكم السّلام و لو سلّم عليه بغير قوله سلام عليكم قيل لا يجوز إجابته إلا أن يقصد الدّعاء و يكون مستحبّا و عندي فيه إشكال و لو حياه بغير السّلام فالأقرب جواز الردّ به لعموم الآية و لا يكره للداخل السلام على المصلّي و لو ترك المصلّي رد السّلام مع تعيينه عليه فالوجه بطلان صلاته [- يه -] يجوز الدعاء في جميع أحوال الصّلاة بالمباح و لو دعا بالمحرم بطلت صلاته [- يو -] يجوز للرّجل و المرأة الإيماء للحاجة و تصفيق إحدى يديه بالأخرى و ضرب الحائط و التسبيح و تلاوة القرآن لإجابة غيره في الصّلاة و يكره ذلك لغير ضرورة [- ين -] لا يقطع الصّلاة رعاف و لا قيء و لو جاءه الرعاف أزاله و أتم الصّلاة ما لم يحتج إلى فعل المنافي و لا يقطع الصّلاة ما يمرّ بين يديه [- يح -] قال الشيخ رحمه اللّٰه و لو نوى أن يصلّي بالتطويل لم يبطل صلاته لو خففها و هو جيد

المقصد الثالث في باقي الصّلوات
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الجمعة

و مباحثه [- لب -] [- ا -] الجمعة ركعتان بدل الظهر و هي واجبة إجماعا بشرائط نذكرها و تجب عند زوال الشمس و يخرج وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله و لو علم اتساع الوقت للخطبة و ركعتين خفيفتين وجبت الجمعة و لو علم أو غلب على [في] ظنّه قصور الوقت لم تجب و صلّى ظهرا و يجب السعي مع القرب عند الزوال و مع البعد قبله بحيث يدركها و يستحب في أوّل النهار مغتسلا قد مسّ شيئا من الطيب جسده و يسرح لحيته و يحلق رأسه و يقص أظفاره و يأخذ من شاربه و يستاك و يلبس أنظف ثيابه و يتعمم و يرتدي و يدعو أمام توجّهه و يكون على سكينة و وقار و يتنفل بعشرين ركعة أربعة منها زيادة على باقي الأيام ستا عند انبساط الشمس و ستا عند ارتفاعها و ستا قبل الزوال و ركعتين عنده و لو أخر النافلة أو صلى بين الفريضتين ستّا جاز [- ب -] يستحب للمصلّي أن يمشي إلى الجمعة إن كان قريبا و لو وجد البعيد مشقة ركب و إذا أتى المسجد جلس حيث ينتهي به المكان و يكره أن يتخطى رقاب الناس سواء ظهر الإمام أو لا و سواء كان له مجلس يعتاد الجلوس فيه أو لا و لو تركوا الصفوف الأولى خالية جاز له و أن يتخطاهم إليها و لا يكره للإمام التخطّي و ليس له أن يقيم غيره و يجلس موضعه و إن كان معتادا للجلوس فيه أو كان الجالس عبده و لو آثره غيره جاز و في التخصيص به نظر و لو فرش له مصلّى لم يكن مختصا لأن السّبق بالأبدان لا بما يجلس عليه [- ج -] من شرائط الجمعة الإمام العادل أو من نصبه فلو لم يكن الإمام ظاهرا و لا نائب له سقط الوجوب إجماعا و هل يجوز الاجتماع حينئذ مع إمكان الخطبة قولان [- د -] العدد شرط في الوجوب و الجواز و هو خمسة نفر الإمام أحدهم و اشترط الشيخ سبعة و ليس بمعتمد و لو انفضوا في أثناء الخطبة أو بعدها

ص: 43

قبل التلبس بالصّلاة سقطت الجمعة و لو كان ذلك بعد التلبس بالتكبير وجب الإتمام و لو لم يبق إلا الإمام و كذا لو مات الإمام في أثناء الصّلاة لو عرض له حدث يبطل الصّلاة قدم الجماعة من يتم بهم الجمعة [- ه -] الخطبتان شرط في الجمعة و لا يكفي الخطبة الواحدة و يشترط في كل خطبة حمد اللّٰه و الثناء عليه و الصّلاة على النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و قراءة سورة خفيفة من القرآن و الوعظ و لو قرأ عزيمة نزل و سجد و سجد المستمع معه و وقتها عند زوال الشمس صيفا و شتاء و في جواز تقديمها على الزوال قولان و يجب تقديمهما على الصّلاة فلو صلّى أولا لم تنعقد الجمعة و أن يكون الخطيب قائما وقت إيراده مع القدرة و أن يسمع العدد المعتبر فصاعدا و أن يفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة و في اشتراط الطهارة للخطبتين قولان [- و -] الجماعة شرط في الجمعة فلو صلّيت فرادى لم تنعقد و إذا حضر إمام الأصل وجب عليه الحضور و التّقدم و لو منع لعارض جاز له الاستنابة [- ن -] انفراد الجمعة شرط فيها بمعنى أنه لا يصحّ جمعتان في موضعين بينهما أقل من ثلاثة أميال سواء كانا في بلد واحد أو بلدين فلو صلّى جمعتان و بينهما أقل من فرسخ بطلتا إن اقترنتا و إن سبقت إحداهما بطلت اللاحقة سواء كانت السابقة هي جماعة الإمام الراتب أو غيره و سواء كانت إحداهما في المسجد الجامع و الأخرى في غيره أو لا أو كان إحداهما في قصبة البلد و الأخرى في أقصاه و لو لم يعلم سبق إحداهما أو علم و جهل عينها أو علم عينها و اشتبه بطلتا و مع بطلانهما للاقتران إن أمكنت الجمعة وجبت و إلا وجب الظهر أما لو بطلتا للفرضين الأخيرين و بقي من الوقت ما يمكن فعل الجمعة هل يجب أم لا قال الشيخ رحمه اللّٰه يجب الجمعة و الوجه عندي أنهم يصلون ظهرا لأن إحداهما صحيحة و وجوب الإعادة لجهل التعيين لا يقتضي الفساد في نفس الأمر أما لو جهلنا كيفية وقوعهما فالوجه ما قاله الشيخ رحمه اللّٰه و يعتبر السبق و لو بتكبيرة الإحرام و لو أحرم فأخبر في الأثناء بالأخرى استأنف الظهر و لا يجزيه الإتمام ظهرا [- ح -] المصر ليس شرطا في الجمعة بل تجب على أهل السواد و القرى و لا يشترط القرية أيضا بل تجب على أهل الخيام و بيوت الشعر إذا كانوا قاطنين و ليس الاستيطان شرطا فلو أقام في بلد على سبيل التجارة أو طلب العلم و في نيته الإسراح مع قضاء وطره وجب عليه الجمعة و ليس إقامة الجمعة في البيان شرطا بل يجوز إقامتها في الصّحراء و ليس بقاء الوقت مع التلبس بها شرطا فلو دخل في الجمعة في وقتها ثم خرج و لم يتمها تممها جمعة إماما كان أو مأموما و الأقرب عندي اشتراط إدراك الركعة أما لو فات الوقت و لم يتلبّس بها فإنّها تفوت و لا يقضي جمعة بل يقضي ظهرا [- ط -] إنما تجب الجمعة على الذكور المكلفين الأحرار الحاضرين أو من هو بحكمهم السالمين من العمى و المرض و العرج و الشيخوخة الحاصل معها العجز عن الحركة فلا تجب على العبد و لا المكاتب و لا المدبر و لا المخارج و لو أذن له المولى استحبّ له الحضور و لو حضر وجبت عليه و في الانعقاد به قولان و لو انعتق بعضه فهايأه مولاه لم تجب الجمعة و إن اتفقت في يوم نفسه و قول الشيخ هنا ضعيف و لو صلّى الظهر فأعتق لم يجب عليه الحضور و المسافر لا يجب عليه الجمعة ما لم يستوطن بلد الغربة شهرا لو ينوي مقام عشرة أيام و لو حضر الجمعة أو نوى المقام عشرة أيام و أقام شهرا وجبت عليه و انعقدت به و إنما يسقط الجمعة عن المطيع بسفره و لو صلّى الظهر فخرج عن حكم المسافر لم يجب عليه حضور الجمعة و الأعمى لا يجب عليه الجمعة و إن وجد قائدا و لو حضر وجبت عليه و انعقدت به و لو صلى الظهر ثم حضر سقطت عنه و المريض يسقط عنه الجمعة سواء زاد المرض بالحضور أو لم يزد و لو حضر وجبت عليه و انعقدت به و لو صلّى الظهر ثم حضر سقطت الجمعة و لم يبطل ظهره التي صلاها سواء زال عنه المانع أو لا و كذا كل من لا يجب عليه الجمعة و يسقط الجمعة عن الأعرج و لو حضر وجبت عليه و انعقدت به [- ي -] لا يجب الجمعة على من كان بينه و بينها أزيد من فرسخين و تجب على من بينه و بينها فرسخان فما دون و لو حضر الأول وجبت عليه و انعقدت به و يستحب له الحضور و لو لم يحضر و حصلت شرائط الوجوب وجبت عليه الجمعة في موطنه أو يكلف الحضور و لو نقص البعد عن فرسخين وجب عليه الحضور أو فعل الجمعة في موطنه مع الشرائط [- يا -] يسقط الوجوب مع المطر في الطريق المانع من الحضور أو الوحل الذي يشق معه السعي و كذا مع كل عذر يتعذر معه الفعل [- يب -] الكافر تجب عليه و لا تصحّ منه [- يج -] من سقطت عنه الجمعة يجوز أن يصلّي الظهر في أول وقتها و لا يجب عليه التأخير و لا يستحب [- يد -] قيل الإصغاء إلى الخطبة واجب و الكلام في أثنائها حرام و عندي فيه إشكال لكن لا يبطل الجمعة معه إجماعا [- يه -] إنما يتعلق النّهي حال الخطبتين لا قبلهما و لا بعدهما و لا يكره تسميت العاطس و لا ردّ السّلام قال الشيخ رحمه اللّٰه و يكره للخطيب الكلام و ليس بمحرم [- يو -] من وجب عليه الجمعة فصلّى الظهر وجب عليه السعي فإن أدركها صلاّها و إلا أعاد ظهره [- يز -] لو فاتته الخطبة و ركعة و أدرك مع الإمام الثانية فقد أدرك الجمعة و كذا لو أدرك الإمام راكعا في الثانية و لو كبر و ركع و شك هل كان الإمام راكعا أم رافعا فالوجه فوات الجمعة و وجبت الظهر [- يح -] يعتبر في الإمام التكليف فلا يصحّ إمامة المجنون إجماعا و لا الصّبي و إن كان مراهقا و الإيمان فلا يصحّ إمامة المخالف و العدالة فلا يصحّ إمامة الفاسق و طهارة المولد فلا يصحّ إمامة ولد الزنا و الذكورة فلا يصحّ إمامة النساء في الجمعة و لا الخنثى و الحرّية عند قوم و الأقرب عندي جواز إمامة العبد

ص: 44

مع كمال العدد بغيره و كذا يجوز أن يكون المسافر إماما إذا تم العدد بغيره و كذا المريض و الأعمى و لا يؤم الأجذم و الأبرص و إذا حضر إمام الأصل تعين الاجتماع معه و يتولى هو الخطبة و لو خطب أمير فعزل و ولي غيره صلى بهم و في وجوب إعادة الخطبة نظر و لا يشترط في الثّاني حضوره للخطبة [- يط -] يستحب للخطيب إذا صعد أن يتوكأ على قوس أو عكاز أو سيف أو شبه ذلك و يسلم على الناس خلافا للشيخ رحمه اللّٰه و إذا سلم يرد الناس عليه قال الشيخ يستحب أن يصعد دون الدرجة العالية من المنبر فإذا صعد جلس للاستراحة حتى يفرغ المؤذنون فإذا فرغوا خطبهم قائما و لو كان له عذر خطب جالسا فإن زال في الأثناء وجب القيام و لو خطب جالسا من غير عذر بطلت صلاته و صلاة من خلفه مع العلم لا مع عدمه قال الشيخ و لا ينبغي أن يفصل بين الأذان و الخطبة بجلوس و غيره و يستحبّ أن يستقبل الناس بخطبته و لا يلتفت يمينا و لا شمالا و لو استدبر الناس و استقبل القبلة و خطب جاز مع السماع و يستحب للناس استقبال الخطيب لأنه أبلغ في السماع و لا يستحب للبعيد غير السامع ذلك و إذا فرغ الخطيب من الخطبة نزل و ابتدأ المؤذنون بالإقامة و صلى بالناس الجمعة ركعتين [- ك -] يستحب أن يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة الجمعة و في الثانية المنافقين و لو قرأ غيرهما ناسيا قطع القراءة و ابتدأ بالجمعة و المنافقين و لو تجاوز النصف نقل نيته إلى النفل مستحبّا و أعاد الجمعة بالسّورتين و قول ابن إدريس ضعيف [- كا -] يستحبّ الجهر أن يقرأ في صلاة الجمعة و في ظهرها و قول المرتضى بعيد [- كب -] إذا أذّن المؤذن حرم البيع على من يجب عليه الجمعة و لو وجبت على أحد المتعاقدين حرم عليه خاصة و قال الشّيخ رحمه اللّٰه يكره للآخر للإعانة [لإعانته] و لو باع من يحرم عليه انعقد البيع و قول الشيخ هنا ليس بجيد و الأقرب مساواة غير البيع له من العقود المساوية له في الاشتغال [الانتقال] [- لج -] إذا دخل و الإمام يخطب كره له الصّلاة تحية و غيرها بل يسمع و لا يكره له الصّدقة على السّؤال [- لد -] إذا ركع مع الإمام ثم زوحم في السجود فلم يتمكن من متابعته لم يسجد على ظهر غيره بل ينتظر المكنة فإن أمكنه السجود و اللحاق به قبل الركوع فعل و إن لم يتمكن صبر حتى يسجد الإمام و يتابعه و لا يركع معه فإذا سلم الإمام قام و صلى ركعة أخرى و لو نوى بالسجدتين للثانية بطلت صلاته و قول الشيخ في الخلاف ضعيف و الوجه أنه يشترط نية أنهما للأولى خلافا لابن إدريس و يستحب للإمام أن يطيل في القراءة إذا عرف أنه قد زوحم بعض المأمومين [- له -] لو لم يتمكن من متابعته في الركوع و السجود في الركعتين معا فلا جمعة له و لو زوحم في ركوع الأولى و سجودها حتى قام الإمام إلى الثانية فهل له أن يركع و يسجد ثم يقوم إلى الثانية فيه نظر أقربه الجواز و لو زوحم عن سجود الأولى فاشتغل بقضائه فلما فرغ وجد الإمام رافعا من ركوع الثانية فقد لحق الجمعة و الأقرب أنه يصبر حتى يفرغ الإمام ثم يأتي بالثانية و لو لم يتمكّن من السّجود و اللحاق به و صبر ليتابعه في الثانية فلم يتمكن من السجود معه حتى قعد للتشهد فالأقرب فوات الجمعة و يستقبل الظهر و لو زوحم عن ركوع الأولى لا يسجد مع الإمام بل يصبر حتى يركع الثانية و يتابعه و يدرك الجمعة بعد قضاء الثانية [- كو -] لو أحدث الإمام استخلف سواء فرغ من الخطبة و شرع في الصلاة أو لا و الأفضل استخلاف من سمع الخطبة و لو مات الإمام أو أغني عليه أو أحدث و لم يستخلف استخلف المأمومون غيره ليتمّ بهم و لو لم يستخلفوا و نوى الجميع الانفراد ففي بطلان الجمعة نظر و الأقرب جواز استخلاف من فاتته الجمعة و يصلّي هو الظهر [- كر -] يستحب لمن يصلّي الظهر إيقاعها في المسجد الأعظم و لو صلّى الظهر من وجبت عليه الجمعة و شك هل صلّى قبل صلاة الإمام أو بعدها أعاد و هل يشترط في صحّة ظهره فعلها بعد فراغ الإمام من الجمعة أو فعلها في وقت يعلم أنّه لو سعى فاتته الجمعة فيه إشكال أما من لا يجب عليه الجمعة فإنه يجوز له فعل الظهر قبل صلاة الإمام إجماعا و لا يكره لهؤلاء الاجتماع في الظهر [- كح -] يحرم السّفر بعد زوال الشمس على من يجب عليه الجمعة قبل فعلها إلا لضرورة و يكره بعد الفجر و يباح قبله [- كط -] الأذان الثاني يوم الجمعة بدعة و إذا صلى الجمعة أقام للعصر و صلاّها بغير أذان و لو صلّى الظهر لفوات أحد شرائط الجمعة بأذان و إقامة إما منفردا أو مجتمعا ففي سقوط أذان العصر قولان [- ل -] إذا كان الإمام من لا يقتدى به قدم المأموم صلاته على صلاة الإمام و لو لم يتمكن صلّى معه فإذا سلم الإمام قام فأتمّ ظهره [- لا -] لو ضاق الوقت عن الخطبتين سقطت الجمعة و لو أدرك خطبتين خفيفتين و ركعتين وجبت الجمعة و لو أدركهما خفيفتين و ركعة فظاهر كلامه في المبسوط أنه يصلّي الظهر و لو قيل بإدراك الجمعة كان وجها و لو خطب و صلى و شك هل كان الوقت باقيا أو خارجا صحّت صلاته [- لب -] يستحب الإكثار من الصّلاة على النّبي صلى اللّٰه عليه و آله يوم الجمعة و روي ألف مرّة و في غيره مائة مرة و الإكثار من العمل الصّالح و الصّدقة فيه و قراءة سورة التوحيد بعد الفجر مائة مرّة و الاستغفار مائة مرّة و قراءة سورة النساء و هود و الكهف و الصّافات و الرّحمن و زيارة النّبي صلى اللّٰه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام خصوصا الحسين عليه السّلام و يكره فيه إنشاد الشعر و الحجامة

الفصل الثّاني في صلاة العيدين

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] صلاة

ص: 45

العيدين واجبة على الأعيان بشرائط الجمعة إلا الخطبة و تجب جماعة مع الشرائط إلا مع العذر و يجوز أن يصلّيها حينئذ منفردا ندبا كما يصلي جماعة و لو فقدت إحدى الشرائط سقط الوجوب و استحب الإتيان بها جماعة و فرادى سفرا و حضرا و لو أخل بها مع الشرائط عوقب على ذلك فإن امتنع قوم من فعلها قوتلوا على ذلك [- ب -] وقت هذه الصّلاة من طلوع الشمس إلى الزوال و يستحب الخروج إلى المصلّى بعد انبساط الشمس و تأخير الخروج يوم الفطر عن الخروج يوم الأضحى [- ج -] لو فاتت هذه الصلاة عمدا أو نسيانا أو جهلا لم تقض واجبا و لا ندبا سواء كانت فرضا أو نفلا [- د -] كيفية هذه الصّلاة في العيدين واحدة و هي ركعتان يقرأ في كل واحدة منهما بعد تكبيرة الافتتاح الحمد و سورة و يستحب أن يقرأ في الأولى بعد الحمد الأعلى و في الثانية الشمس فإذا فرغ من القراءة في الأولى كبر و قنت و دعا بالمنقول خمس مرات ثم كبر السادسة و ركع بها و يكبر في الثّانية أربع مرات يقنت عقيب كل تكبيرة ثم يكبر الخامسة و يركع بها فيكون الزائد من التكبيرات تسعا خمس في الأولى و أربع في الثانية غير تكبيرة الإحرام و تكبيرتي الركوع [- ه -] رفع اليدين مع كل تكبيرة مستحب و كذا الجهر بالقراءة [- و -] التكبير الزائد متأخر عن القراءة في الركعتين خلافا لابن الجنيد [- ز -] الأقرب أنّ التكبيرات الزائدة مستحبّة و كذا القنوت بينها و قال المرتضى بوجوبه [- ح -] لو نسي التكبير و ركع لم يقضه بعد الركوع و قال في الخلاف يقضيه بعد الصّلاة و لو شك في عدد التكبيرات بنى على اليقين و لو أدرك بعض التكبيرات مع الإمام أتمّ مع نفسه و لو خاف فوت الركوع أتى بها ولاء و لو خاف الفوت تركها و قضى بعد التسليم [- ط -] يستحبّ للمصلي أن يتنظف و يغتسل و يتطيب و يلبس أفخر ثيابه و يستاك و تلبس العمامة شتاء و صيفا و الإصحار بالصّلاة إلا بمكة فإنه يصلي في المسجد الحرام و يستحب للإمام أن يخرج ماشيا حافيا ذاكرا للّه سبحانه و عليه السكينة و الوقار و لو كان موطنه بعيدا من المصلّى أو كان عاجزا أو ذا علّة جاز له أن يركب [- ي -] لا أذان و لا إقامة في العيدين بل يقول المؤذن الصّلاة ثلاثا [- يا -] يستحب له أن يطعم شيئا من الحلاوة قبل خروجه في الفطر و بعد عوده في الأضحى مما يضحي به [- يب -] لو لم يتمكن من الخروج إلى الصحراء صلاها في المسجد أو في منزله و قال الصادق عليه السّلام على الإمام أن يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة و يوم العيد إلى العيد و يرسل معهم فإذا قضوا الصّلاة و العيد ردهم إلى السّجن [- يج -] الخطبتان واجبتان كوجوبهما في الجمعة بعد الصلاة و تقديمهما بدعة و لا يجب استماعهم إجماعا [- يد -] يستحب أن يخطب قائما و لو خطب جالسا جاز و كذا لو خطب على راحلته [- يه -] يكره التنفل قبل صلاة العيد و بعدها إلى الزوال للإمام و المأموم إلا في المدينة فإنه يستحب أن يصلّي في مسجد الرّسول صلّى اللّٰه عليه و آله ركعتين قبل الخروج و لا يكره قضاء الواجب و يكره قضاء النافلة و الخروج بالسلاح يوم العيد إلا لعذر [- يو -] يستحب التكبير للجامع و المنفرد المسافر و الحاضر الرّجل و المرأة الحر و العبد ليلة الفطر عقيب صلاة المغرب و العشاء و يوم الفطر عقيب الصّبح و العيد و أضاف ابن بابويه عقيب [صلاة] ظهري العيد و ظاهر كلام السّيد المرتضى و ابن الجنيد يعطي الوجوب سواء كبر الإمام أو لا و في الأضحى يكبر عقيب خمس عشرة صلاة إن كان بمنى أوّلها ظهر النحر و في غيرها عقيب عشر و قال المرتضى بوجوبه أيضا و صورة التكبير في الفطر اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر الحمد للّه على ما هدانا و له الشكر على ما أولانا و يزيد في الأضحى و رزقنا من بهيمة الأنعام و لو فاتته صلاة يكبر عقيبها قضاها و كبر سواء قضاها في أيّام التشريق أو غيرها و لا يشترط فيه الطهارة و لا القبلة [- ين -] يكره السفر بعد الفجر يوم العيد إلا بعد أن يشهد الصّلاة و يحرم بعد طلوع الشمس قبل الصّلاة [- يح -] لا ينقل المنبر من موضع بل يعمل شبه المنبر من طين استحبابا [- يط -] إذا اجتمع العيد و الجمعة تخيّر من صلّى العيد في حضور و أوجبه أبو الصّلاح و الأقرب ثبوت التخيير لأهل السواد دون أهل المصر و على الإمام إعلامهم ذلك في خطبته و لا يثبت التخيير للإمام و يستحب للإمام أن يذكر في خطبته في الفطر الحث على الفطرة و وجوبها و جنسها و قدرها و وقت إخراجها و مستحقها و من يجب عليه و يستحبّ و باقي أحكامها و في الأضحى الحث على الأضحية و وصفها و جنسها و يستحب لأهل الأمصار التعريف آخر نهار عرفة و أعظمه استحبابا في حضرة الحسين عليه السّلام

الفصل الثالث في صلاة الكسوف

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] صلاة الكسوف واجبة على الأعيان عند كسوف الشمس و خسوف القمر و الزلزلة و الآيات كالظلمة الشديدة و الرياح الشّديدة و الصيحة و غير ذلك من أخاويف السماء [- ب -] هذه الصّلاة ركعتان في كل ركعة خمس ركوعات و كيفيتها أن ينوي و يكبّر ثم يقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثمّ يقوم فيقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثم يقوم فيقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثم يقوم هكذا خمسا ثم يسجد اثنتين و يقوم فيقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثم يقوم فيقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثم يقوم هكذا خمسا ثم يسجد مرتين و يتشهد و يسلّم و يجوز أن يقرأ مع الحمد في كلّ مرة بعض السّورة ثم يركع فإذا قام أتمّها من غير أن يقرأ الحمد و لو كان أتم السّورة قام من الركوع و قرأ الحمد و سورة أو بعضها

ص: 46

و قول ابن إدريس هنا لا يعول عليه و هل يجب قراءة سورة كاملة في الأولى مع الحمد و كذا في الثانية إشكال و الأقرب الوجوب [- ج -] يستحب الإطالة بقدر زمان الكسوف و الجماعة خصوصا مع احتراق جميع القرص و قراءة سور الطوال مع سعة الوقت و إطالة الركوع بقدر زمان القراءة و إطالة السجود و التكبير عند كل رفع من كل ركوع إلا في الخامس و العاشر فإنّه يقول فيهما سمع اللّٰه لمن حمده و القنوت في القيام الثاني قبل الركوع و الرابع و السادس و الثامن و العاشر و دونه في الاستحباب القنوت في الخامس و العاشر و الجهر في الكسوفين و البروز بها تحت السّماء [- د -] لو سبق الإمام بركوع فالأقرب فوات تلك الركعة فينبغي المتابعة في باقي الركعات إلى أن يقوم الإمام في ثانيته فيقتدي [فيبتدئ] المأموم بالصّلاة فإذا سلّم الإمام أتمّ هو الثانية [- ه -] أول وقت صلاة الكسوف و الخسوف ابتداؤه و آخره ابتداء الانجلاء و لو لم يتّسع الوقت لها لم يجب و لو خرج الوقت المتّسع و لم يفرغ منها أتمها أما الرّياح و الزلازل و ما يشبهها من الآيات السّريع زوالها فالأقرب عندي أن وقتها العمر كلّه و هذه الأشياء علامات الوجوب ليست أوقاتا فيصلّيها أداء و إن سكنت [- و -] لو لم يعلم الكسوف حتى خرج الوقت فإن كان قد احترق القرص كله وجب القضاء و إلا فلا خلافا للمفيد و لو فاتت نسيانا فالأقرب عندي القضاء مطلقا و في المبسوط و النهاية يقضي مع الاستيعاب لا بدونه و لو علم و فرط قضى مطلقا أما غير الكسوف من الآيات فلا يجب القضاء مع الجهل و يجب مع العلم و التفريط أو النسيان [- ن -] لا يجب ترتيب هذه الصّلاة مع الفرائض اليوميّة لو فاتت أو كذا لا يجب ترتيبها في أنفسها لو فاتته منها صلوات متعددة [- ح -] لو استترت الشمس أو القمر بالسحاب و هما منكسفان صلى و لو غابت الشمس كاسفة أو طلعت على القمر المنخسف صلى أيضا و كذا لو غاب القمر ليلا في حال انخسافه أو طلع الفجر على القمر المنخسف أو ابتدأ خسوفه وقت طلوع الفجر [- ط -] تجب هذه الصّلاة على النساء و الرّجال و الخناثى و المسافر و الحاضر و الحر و العبد و لا يشترط إذن الإمام و لا المصر و يستحب للحائض أن تجلس في مصلاّها تذكر اللّٰه تعالى بعد الوضوء بقدر زمان الكسوف و كذا النفساء [- ي -] لو فرغ من الصّلاة و لم ينجل الكسوف أعاد الصّلاة استحبابا و قول ابن إدريس بعدم استحبابه و بعض علمائنا بوجوبه ضعيفان [- يا -] لا يستحب فيها الخطبة [- يب -] لو اتفق الكسوف في وقت فريضة فالوجه عندي أن الوقتين إن اتسعا تخير في البدأة بأيهما شاء ثم يعقب بالأخرى و إن ضاق وقت إحداهما تعينت البدأة بها و لو تضيقا صلى الحاضرة و قول السيّد في المصباح و الشيخ في النهاية لا يساعدهما رواية محمّد بن مسلم و يزيد العجلي الصحيحة عنهما عليهما السّلام عليه [- يج -] لو دخل في الكسوف و خاف فوات الحاضرة قطعها و صلى الحاضرة ثم عاد فأتم الكسوف و به روايات صحيحة تخصّص عموم إبطال الفعل الكثير [- يد -] لو صلّى الحاضرة فانجلى الكسوف فإن صلى مع تضيق الحاضرة فالوجه عدم القضاء مع عدم التفريط و وجوبه معه [- يه -] لو اجتمعت مع صلاة الاستسقاء و الجنازة و العيد بدأ بالجنازة مع خوف التغيير أو بما يخاف فوته و لو تساووا في اتساع الوقت بدأ بالجنازة ثم بالكسوف ثم بالعيد ثم بالاستسقاء [- يو -] لو اجتمعت مع النافلة تقدم صلاة الكسوف سواء كانت النافلة موقتة أو لا راتبة أو لا فإن خرج وقت النافلة قضاها [- يز -] لو تضيّق وقت الكسوف حتى لا يدرك ركعة لم تجب و لو أدركها فالوجه الوجوب و لو قصر الوقت عن أقل صلاة يمكن لم تجب على إشكال [- يح -] تصلّى هذه الصّلاة في كل وقت و إن كان وقت كراهية [- يط -] قيل يجوز أن يصلّي صلاة الكسوف على ظهر الدابة و ماشيا و الوجه التقييد بالعذر و يجوز معه لا بدونه

الفصل الرّابع في الصلوات المندوبة
اشارة

أما النوافل اليومية فقد مضت و أما غيرها فيشتمل على أقسام

الأول صلاة الاستسقاء

و هي مستحبة عند قلة الأمطار و غور الأنهار و كيفيتها مثل صلاة العيد إلا أنه يقنت هنا بالاستغفار و سؤال الرّحمة بإرسال الماء و أفضله ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام و يستحب هذه الصّلاة بعد أن يصوم الناس ثلاثة أيام و يخرج الإمام بهم يوم الثّالث و ينبغي أن يكون يوم الإثنين فإن لم يتفق فالجمعة و لا يخرج المنبر من موضعه خلافا للسيّد بل يعمل منبرا من طين و يخرج الإمام بالنّاس إلى الصحراء حفاة على سكينة و وقار و يخرج معهم الشّيوخ و الأطفال و العجائز و يفرّق بين الأطفال و أمهاتهم و يمنع أهل الذمة و الكفار من الخروج و يصلّي بهم في الصّحراء لا في المساجد إلا بمكة و يستسقي بأهل الصّلاح فيأمرهم بالخروج من المعاصي و الصّدقة و ترك التّشاجر و يأمرهم بالاستغفار وقت الصّلاة و لا أذان فيها و لا إقامة بل يقول المؤذّن الصلاة ثلاثا و يصلى جماعة و فرادى و لا يشترط فيها إذن الإمام و يصلّى في كلّ وقت و إن كان وقت كراهية و يجهر فيها بالقراءة فإذا فرغ الإمام من الصّلاة حول رداءه فجعل ما على اليمين على اليسار و بالعكس و لا يستحبّ لغيره ثم يستقبل الإمام القبلة و يكبر اللّٰه مائة مرّة ثم يسبّح اللّٰه على يمينه مائة مرّة ثم يهلّل عن يساره مائة مرّة ثم يستقبل الناس ثانيا و يحمد اللّٰه مائة مرة يرفع بذلك كله صوته

ص: 47

و يتابعه الناس ثم يخطب خطبتين و لو لم يحسن دعا بدلهما و هل التكبير و التهليل و التسبيح و التحميد متقدّم على الخطبة أو متأخر ذهب السّيد و المفيد إلى الثّاني و الشيخ إلى الأول و لو تأخّرت الإجابة خرجوا ثانيا و ثالثا إلى أن يجابوا و لو تأهّبوا للخروج فسقوا لم يخرجوا و لو خرجوا فسقوا قبل الصّلاة لم يصلوا نعم يستحبّ صلاة الشكر في الموضعين و يستحب لأهل الخصب أن يدعوا لأهل الجدب و إذا نذر الإمام أن يصلّي للاستسقاء انعقد نذره و لا يلزم غيره بالخروج معه و كذا لو نذر غير الإمام و لو نذر الإمام أن يستسقي هو و غيره انعقد نذره في حق نفسه خاصّة و يستحب له أن يخرج فيمن يطيعه كالولد و شبهه و إذا انعقد نذره صلاها في الصحراء و لو نذر أن يصليها في المسجد انعقد و يعيد لو صلاّها في غيره و لو نذر أن يخطب انعقد و جاز قائما و قاعدا و على منبر و غيره و لو نذر على المنبر وجب و لم يجزئ على الحائط و شبهه و كما يستحب لانقطاع الغيوث يستحب لنضب ماء العيون و الآبار و يستحب إذا كثر المطر بحيث يبلغ حدّ الضّرر الدعاء إلى اللّٰه تعالى بإزالة ذلك قال الشيخ و لا يجوز أن يقول مطرنا بنوء كذا لأن النبي صلى اللّٰه عليه و آله نهى عنه

الثّاني نافلة شهر رمضان

خلافا لابن بابويه و هي ألف ركعة زائدة على باقي الشهور و في ترتيبها روايتان إحداهما أنه يصلّي في كل ليلة عشرين ركعة إلى آخر الشهر و في كل ليلة من تسع عشرة و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين زيادة مائة ركعة و في العشر الأواخر في كل ليلة زيادة عشر ركعات الثانية أنه يقتصر في كل ليلة من ليالي الإفراد على مائة فيبقى عليه ثمانون يصلّي في كل جمعة من الشهر عشر ركعات بصلاة عليّ و فاطمة و جعفر بن أبي طالب عليهم السلام و في آخر جمعة عشرين ركعة بصلاة عليّ عليه السّلام و في عشية تلك الجمعة عشرين ركعة بصلاة فاطمة عليها السّلام و يستحب أن يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و قل هو اللّٰه أحد عشر مرات و الجماعة في هذه النافلة بدعة و يستحب الدعاء بين كل ركعتين بالمنقول و لا يصلّي ليلة الشك شيئا من نوافل رمضان

الثالث باقي النوافل

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] يستحبّ صلاة التسبيح استحبابا مؤكدا و هي صلاة جعفر بن أبي طالب و هي أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في الأولى مع الحمد الزلزلة و في الثانية معها العاديات و في الثالثة معها النصر و في الرابعة معها التّوحيد فإذا فرغ من القراءة قال سبحان اللّٰه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر خمس عشرة مرة ثم يركع و يقوله عشرا ثم يرفع رأسه و يقوله عشرا ثم يسجد و يقوله عشرا ثم يرفع رأسه و يقوله عشرا ثم يسجد ثانيا و يقوله عشرا ثم يرفع رأسه و يقوله عشرا فذلك خمس و سبعون و هكذا في كلّ ركعة و يدعو في آخر سجوده بالمنقول و عن الصادق عليه السّلام استحبابها مجردة عن التسبيح للمستعجل ثم يقضي التسبيح و هو ذاهب في حوائجه [- ب -] صلاة فاطمة عليها السّلام مستحبة و هي أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و قل هو اللّٰه أحد خمسين مرّة [- ج -] صلاة علي عليه السّلام مستحبّة و هي ركعتان في الأولى منهما الحمد مرة و القدر مائة مرة و في الثانية الحمد مرّة و التوحيد مائة مرة و قيل إن الأولى صلاة علي عليه السّلام و هذه صلاة فاطمة عليها السّلام [- د -] صلاة الرسول صلى اللّٰه عليه و آله مستحبة يوم الجمعة يقرأ الحمد في الأولى مرة و إنا أنزلناه خمس عشر مرة ثم يركع و يقرؤها خمس عشر مرة ثم يرفع رأسه و يقرؤها كذلك ثم يسجد و يقرؤها خمس عشرة مرّة ثم يرفع رأسه و يقرؤها كذلك ثم يسجد ثانيا فيقرؤها خمس عشر مرة ثم يرفع رأسه و يقوم فيفعل كما فعل في الأولى [- ه -] الصلاة الكاملة مستحبة و هي أربع ركعات بتسليمتين يوم الجمعة قبل الصّلاة يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب عشر مرات و قل أعوذ برب الناس عشر مرّات و قل أعوذ برب الفلق كذلك و التّوحيد عشر مرّات و الجحد عشر مرات و كذا آية الكرسي و شهد اللّٰه عشر مرات ثم يدعو بالمنقول [- و -] صلاة الأعرابي مستحبّة يوم الجمعة عند ارتفاع النّهار و هي عشر ركعات يقرأ في الأولى الحمد مرة و الفلق سبع مرات و في الثانية الحمد مرة و قل أعوذ برب الناس سبع مرات فإذا سلم قرأ آية الكرسي سبعا ثم يقوم فيصلّي ثمان ركعات بتسليمتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و النصر مرّة و التّوحيد خمسا و عشرين مرّة [- ن -] صلاة ليلة الفطر مستحبة و هي ركعتان يقرأ في الأولى الحمد مرة و التّوحيد ألف مرّة و في الثانية الحمد مرّة و التوحيد مرة واحدة [- ح -] صلاة الغدير مستحبّة و هي ركعتان قبل زوال الشمس من يوم الغدير بنصف ساعة يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرة و كلّ واحدة من التّوحيد و إنا أنزلناه و آية الكرسي عشر مرات [- ط -] صلاة ليلة النّصف من شعبان مستحبة و هي أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة و التّوحيد مائة مرة و هي ليلة مولد صاحب الأمر عليه السّلام و يستحب إحياؤها [- ي -] صلاة ليلة المبعث و يومها مستحبة و هي اثنتا عشرة ركعة يقرأ في كلّ ركعة الحمد و المعوذتين و التوحيد أربع مرات ثم يدعو بالمنقول [- يا -] صلاة الاستخارة مستحبة و كذا صلاة الحاجة و صلاة الشكر مستحبّة أيضا عند تجدّد الغم و دفع النقم و هي ركعتان يقرأ في الأولى الحمد و التوحيد و في الثانية الحمد و الجحد و صلاة التوبة أيضا مستحبة و قد أورد الشيخ رحمه اللّٰه أحاديث كثيرة في نوافل متعدّدة هذه من مهماتها

المقصد الرّابع
اشارة

في اللواحق و فيه فصول

الفصل الأول في الخلل الواقع في الصّلاة

و مباحثه عشرون [- ا -] يجب إعادة الصّلاة على من أخل بواجب منها عمدا سواء كان ركنا أو غير ركن و نعني بالركن ما يجب

ص: 48

إعادة الصّلاة بتركه عمدا أو سهوا و بغيره ما يجب إعادة الصّلاة بتركه عمدا لا سهوا سواء كان الواجب شرطا أو جزءا أو كيفيّة أو تركا و كذا لو فعل ما يجب تركه أو ترك ما يجب فعله جاهلا بوجوبه إلا الجهر و الإخفات فإنه لو تركهما جهلا لم يجب عليه الإعادة و لو جهل غصبيّة الثوب أو المكان و صلّى فيهما أو جهل نجاسة الثوب أو البدن أو موضع السجود لم يعد و لو علم ذلك و جهل الحكم لم يعذر و كذا لو توضأ بماء مغصوب مع العلم بالغصبيّة فإنّه يعيد الوضوء و الصّلاة و لو جهلها لم يعد واحدا منهما و لو علم أن الجلد ميتة و صلّى فيه أعاد و لو لم يعلم أنه ميتة فإن كان شراؤه من سوق المسلمين أو كان في يد مسلم لم يعد و إن وجده مطروحا أو أخذه من غير مسلم أو لم يعلم أنه من جنس ما يصلّى فيه ثم صلّى فيه أعاد [- ب -] إذا أخل بركن سهوا فإن تجاوز محلّه أعاد الصّلاة كمن أخل القيام حتى نوى أو بالنية حتّى كبر أو بالتكبير حتى قرأ أو بالركوع حتى سجد أو بالسّجدتين حتى ركع سواء في ذلك الركعتان الأوليان و الأخريان و لو كان المحل باقيا أتى به كمن أخل بالركوع و هو قائم لم يسجد أو بالسّجدتين و هو قائم لم يركع و للشيخ رحمه اللّٰه قول آخر بالفرق بين الأوليين و الأخريين غير معتمد [- ج -] لو زاد في الصّلاة ركوعا عمدا أو سهوا بطلت صلاته و كذا لو زاد سجدتين أما لو زاد ركعة عمدا فإنه يعيد و لو كان سهوا فإن لم يكن جلس في آخر الصّلاة بقدر التشهد أعاد قولا واحدا و إن كان قد جلس بقدره فالوجه عندي عدم الإعادة لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه السّلام و لو ذكر الزيادة قبل الركوع قعد و سلم و سجد سجدتي السّهو و لو ذكر بعد الركوع قبل السجود فالوجه التشهد و التسليم إن كان قد جلس بقدر التشهد و إلا أعاد [- د -] لو سلم ثم تيقّن النقيصة كمن سلم ناسيا في الأوليين أو صلى ركعة من الغداة و تشهد و سلّم فإنه يأتي بالنقيصة و يسجد للسهو إلا أن يبطل الطهارة أو يلتفت إلى ما وراءه ناسيا و إن فعل ما يبطلها غير ما ذكرناه كالكلام فقولان أقربهما صحة الصّلاة و كذا لو ترك التسليم ثم ذكر بعد المبطل [- ه -] لو شك في الركوع و هو قائم ركع لأنّه في محله فإن ذكر حالة الركوع أنه قد كان ركع أعاد الصلاة قاله ابن أبي عقيل و هو الوجه عندي و قال الشيخ و السيّد رحمهما اللّٰه يرسل نفسه و لا يرفع رأسه [- و -] لو ترك سجدتين و علم أنهما من ركعة واحدة أعاد الصّلاة و كذا لو لم يعلم هل هما من ركعة أو ركعتين لأن المسقط لما في الذّمة غير معلوم التحقق و لو علم أنهما من ركعتين قضاهما بعد التسليم و سجد للسّهو سواء كانتا من الأوليين أو الأخريين [- ن -] لو شك في عدد الثنائية كالصبح و صلاة السفر و الجمعة و العيد و الكسوف أو في الثلاثية كالمغرب أو في الأوليين من الرباعيّات أعاد و قول ابن بابويه ضعيف و لو ذكر بعد الشك فإن لم يكن قد أبطل صلاته بفعل ما ينافيها بنى على ما ذكر و إلا أعاد و كذا يعيد لو لم يذكر كم صلّى مطلقا أو كان في الصلاة فلم يدر صلى أم لا [- خ -] لا حكم للسّهو في مواضع من نسي القراءة أو قراءة الحمد أو السورة حتى ركع أو الجهر أو الإخفات أو الذكر في الركوع أو الطمأنينة فيه حتى رفع رأسه أو الطمأنينة في القيام حتى سجد أو الذكر في السّجود الثاني أو السجود على الأعضاء السبعة أو الطمأنينة فيه حتى رفع منه أو كثر سهوه و تواتر فإنّه لا يلتفت و يبني على وقوع ما شك في وقوعه من غير جبران قال الشيخ حد الكثرة أن يسهو ثلاث مرات متوالية و لا حكم للسّهو في السّهو أي في موجبه و قيل في وقوعه و كذا لا حكم له إذا شك في شيء و قد انتقل عنه بل يستمرّ على فعله سواء كان ركنا أو غير ركن كمن شك في تكبيرة الافتتاح و هو في القراءة أو فيها و هو راكع أو فيه و هو ساجد أو في السجود أو التشهد و قد قام و للشيخ رحمه اللّٰه في السجود و التشهّد قول آخر أما لو شك في قراءة الفاتحة و هو في السّورة فإنه يقرأ الفاتحة ثم السّورة لاتحاد محلّ القراءة و لا سهو في النافلة بل للمصلّي أن يبني على ما أراد و يستحب البناء على الأقل و لا سهو على المأموم إذا حفظ عليه الإمام و بالعكس و لو انفرد كل منهما بالسّهو اختصّ بموجبه و لو اشترك السهو اشتركوا في الموجب و لو أدرك المأموم ركعة مع الإمام أتمّ صلاته بعد تسليم الإمام و لا سجود للسّهو عليه [- ط -] لو سها عن قراءة الحمد فذكر و هو في السّورة رجع فقرأ الحمد ثم السّورة و لو سها عن السّورة ثم ذكر قبل الركوع قرأ السّورة و ركع و كذا يتدارك لو سها عن تسبيح الركوع أو السجود و هو فيها و لو سها عن الركوع فذكر و هو قائم ركع و لو ذكر ترك سجدة قبل الركوع سجد و بعده يقضيها و يسجد للسهو سواء في ذلك الأوليان و الأخريان على خلاف و لو ذكر ترك السّجدتين قبل الركوع سجدهما و بعده يعيد الصّلاة و لو ذكر ترك أربع سجدات من أربع ركعات قضاها بعد الفراغ و سجد للسّهو و لو نسي التشهد الأول فذكر قبل الركوع رجع فتشهد ثم سجد للسّهو على قول و لو ركع مضى في صلاته و قضاء بعد التسليم و سجد للسّهو و لو نسي الثّاني و ذكر بعد التسليم قضاه و سجد للسهو و لو أحدث قبل قضائه تطهر و قضاه و سجد للسهو و قيل يعيد الصّلاة لأن التسليم وقع في غير موضعه [محله] و ليس بجيد و لو كان الناسي للتشهد إماما و لم يرجع رجع المأمومين و لو ذكر بعد الركوع فرجع لم يجز للمأمومين متابعته و لو ذكر و هو قائم و قد ركع المأمومون وجب على الإمام الرّجوع و في الوجوب على المأمومين إشكال أقربه الرّجوع مع السهو أما مع تعمدهم فالإشكال

ص: 49

أقوى أقربه الاستمرار حتى يلحقهم الإمام و يقضون التشهد بعد التسليم و لو انعكس الفرض وجب على المأمومين خاصة الرجوع و لو نسي الصّلاة على النبيّ صلى اللّٰه عليه و آله و ذكر بعد التسليم قضاها و لو كان في التشهّد الأول فالأقرب الرجوع قبل الركوع و في وجوب إعادة التشهد إشكال و لو ذكر بعد الركوع قضاها بعد التسليم و الأقرب وجوب سجود السّهو [- ي -] إذا شك فيما زاد على الأوليين من الرباعيات فإن غلب على الظّن أحد الطرفين عمل عليه و إن تساوى الطرفان بنى على الأكثر و يصلّي بعد التسليم ما شك فيه و خير ابن بابويه بين هذا و بين البناء على اليقين و طرح الشك و لو شك بين الاثنين و الثلاث بنى على الثلاث و أتم الصّلاة ثم صلى للاحتياط ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس و كذا لو شك بين الثلاث و الأربع و لو شك بين الاثنين و الأربع بنى على الأكثر و صلى بعد التسليم ركعتين من قيام و لو شك بين الاثنين و الثلاث و الأربع بنى على الأكثر و صلّى ركعتين من قيام و ركعتين من جلوس و لو شك بين الأربع و الخمس بنى على الأربع و سجد للسّهو بعد التسليم و لو ذكر بعد الاحتياط ما فعل لم يجب عليه الإعادة و إن كان ناقصا سواء كان الوقت باقيا أو لا و لو ذكر قبل الاحتياط فإن كان للكمال فلا شيء عليه و إن كان للنقصان كان حكمه حكم من سلم في الأوليين ناسيا و إن كان في الاحتياط و ذكر النقصان فالوجه الإعادة و لو ذكر الشاك بين الاثنين و الثلاث و الأربع بعد الاحتياط بالركعتين من جلوس أنّه صلّى ثلاثا فالوجه صحة صلاته و عدم وجوب الركعتين من قيام و لو ذكر حينئذ أنه صلى اثنين بطلت صلاته و لو بدأ بالركعتين من قيام و ذكر الثلاث بطلت صلاته و لو ذكر الركعتين صحّت و لم يجب عليه الرّكعتان من جلوس [- يا -] لو شك بين الاثنين و الثلاث و هو قائم كأنه يقول لا أدري قيامي لثانية أو ثالثة بطلت صلاته لأنّه في الحقيقة شك في الأوليين و لو قال لا أدري قيامي لثالثة أو رابعة فهو شك بين الاثنين و الثلاث و لو قال لا أدري لرابعة أو لخامسة قعد و صلّى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس و سجد للسّهو و لو قال لثالثة أو لخامسة قعد و صلّى ركعتين من قيام و سجد للسّهو و كذا الحكم لو قال لا أدري قيامي من الركوع لثانية أو ثالثة قبل السجود و كذا باقي المسائل إلا ما قبل الأخيرة فإنّ الأقرب عندي فيها البطلان [- يب -] لا بد في الاحتياط من النية و تكبيرة الافتتاح [الإحرام] و قراءة الفاتحة و لا يجب السّورة و لو أحدث قبل الاحتياط فالأقرب عدم البطلان أما لو أحدث قبل قضاء السّجدة فأقوى إشكالا [- يج -] يجب سجود السهو على من تكلم ناسيا أو سلم ناسيا في غير موضع أو شك بين الأربع و الخمس و هو جالس أو نسي السّجدة أو التشهد حتى ركع أو قام في حال قعودا و بالعكس ناسيا و قال ابن بابويه يجب لكل نقيصة أو زيادة سهوا عملا برواية الحلبي الصحيحة عن الصادق عليه السّلام و هو الأقوى عندي [- يد -] لو سها في النافلة بما يوجب السجدتين في الفريضة لم يجب السّجود و لو قام إلى الثالثة فيها فركع ساهيا أسقط الركوع و تشهد و سلم و لا سجود للسهو في صلاة الجنائز و لا في سجود التلاوة و لا في سجود السهو [- يه -] يجب في سجود السّهو النية و السّجدتان على الأعضاء السبعة و التشهد و التسليم و ليس فيهما تكبير واجب و يقول فيهما بسم اللّٰه و باللّٰه السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّٰه و بركاته أو يقول بسم اللّٰه و باللّٰه اللّٰهمّ صلّ على محمد و آل محمّد و هل هذا الذكر واجب فيه إشكال أقربه العدم [- يو -] السجود للسّهو بعد الفراغ من الصّلاة سواء كان لزيادة أو نقصان على الأقوى [- ين -] لو نسي سجدتي السهو سجدهما متى ذكر سواء تكلم أو لا و سواء طال الزمان أو قصر [- يح -] لا يتداخل سجود السّهو لو تعدّد السبب اتفق أو اختلف [- يط -] لا يسجد لما يتركه عمدا لأن الواجب مبطل و المندوب لا سهو فيه [- ك -] هل يشترط الطهارة لسجود السّهو إشكال أقربه العدم أما السجدة المتروكة من الصلاة فيشترط فيها ذلك

الفصل الثاني في القضاء

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] لا يجب القضاء لفوات الصّلاة وقت الصّغر و الجنون و الكفر الأصلي و الإغماء و الحيض و النفاس و عدم المطهر و يجب على من فاتته غير هؤلاء عمدا و سهوا و نوما إلا الجمعة و العيدين [- ب -] لا يجب الصّلاة على الصّبي حتى يبلغ إما بالاحتلام أو بالإنبات أو بالسّن و هو خمس عشرة سنة في الذكر و تسع في الأنثى أو بالحيض [- ج -] لو زال عقل المكلف بشيء من قبله كالسكر و شرب المرقد وجب القضاء أما لو أكل غذاء مؤذيا فحصل الإغماء المستوعب للوقت أم يجب القضاء و لو أغمي عليه من قبل اللّٰه تعالى سقط القضاء إن استوعب الوقت و إلا وجب إن مضى من الوقت مقدار الطهارة و الصّلاة [- د -] المرتد يقضي زمان ردته و لا يقضي ما فعله زمان إسلامه و يقضي ما فاته فيه زمان إغمائه أو جنونه حالة الارتداد [- ه -] يجب قضاء الفائتة من الفرائض مع الذكر اتحدت أو تعددت وجوبا موسعا على الأقوى [- و -] الحواضر تترتب إجماعا و كذا الفوائت يترتّب بعضها على البعض بالنسبة إلى زمان الفوات فلو فات ظهر و عصر من يومين قضى الأوّل إن كانت عصرا و لو كانا من يوم قدم الظهر وجوبا فإن عكس ناسيا عدل بنيته و لو لم يذكر حتى يفرغ أجزأ ما فعله و هل تتقدم الفائتة على الحاضرة مع سعة الوقت وجوبا أو استحبابا الأقوى عندي الأخيرة فلو دخل في الحاضر مع السعة و عليه

ص: 50

فائتة عمدا صحّت صلاته و لو كان ناسيا فكذلك لكن يستحب له العدول إذا ذكر مع بقاء وقته و لو قبل التسليم و لو صلى فائتة فذكر أن عليه أسبق عدل وجوبا مع الإمكان و لو نسي السابق من الفائتتين ففي سقوط الترتيب نظر أقربه السقوط و الأحوط ثبوته فيقضي لو فاته ظهر و عصر الظهر ثم العصر ثمّ الظهر و لو كان معهما مغرب صلّى الظهر ثم العصر ثم الظهر ثم المغرب ثم الظهر ثم العصر ثم الظهر و لا ترتيب بين الفرائض اليوميّة و غيرها من الواجبات و المنذورات و صلاة الآيات أما الاحتياط فالأقرب صيرورته قضاء إذا لم يفعل في وقت المجبورة فحينئذ يجب الترتيب بينه لو تعدّد بالنسبة إلى المجبورات في بينه و بين غيرها من الفوات بالنّسبة إلى المجبورات من الفوائت أمّا الأجزاء المنسيّة كالسجود و التشهّد مثلا فالوجه فيه الترتيب بينه و بين الفوائت كالكل [- ز -] لا يجوز لمن عليه فريضة فائتة أن ينتقل قبل قضائها فلو ذكر في الأثناء أبطل النافلة و اشتغل بالفريضة [- ح -] لو نسي صلاة و لم يعلم بعينها صلى مغربا و صبحا و أربعا ينوي بها ما في ذمته و يتخيّر فيها بين الجهر و الإخفات و لو نسي صلاة كثيرة معينة غير معلومة العدد كرد من تلك الصلوات إلى أن يغلب على الظّن الوفاء و لو فاتته صلاة واحدة و لم يعلم عددها و لا عينها صلى ثلاثا و أربعا و اثنتين إلى أن يغلب على الظن الوفاء [- ط -] يستحب قضاء النافلة المرتبة مع الفوات و لو لم يعلمها صلى إلى أن يغلب على الظّن الوفاء و لو فات بالمرض لم يتأكد الاستحباب و يستحب أن يتصدق عن كلّ ركعتين بمدّ فإن لم يتمكن فعن كل يوم به و يجوز أن يقضي أوتارا جماعة في ليلة واحدة [- ي -] لا يجب القضاء أكثر من مرة واحدة و يجب القضاء كما فات فالمسافر إذا فاتته فريضة في السّفر قضاها قصرا و لو كان في الحضر و لو فاتته في الحضر قضاها تماما و لو في السّفر و لو فاتته جهريّة وجب قضاؤها كذلك ليلا أو نهارا و كذا يقضي الإخفاتية إخفاتا ليلا أو نهارا [- يا -] من ترك الصّلاة مع وجوبها عليه مستحلا قتل إجماعا و لو تركها جهلا بوجوبها لم يقتل و يؤمر بها و لو تركها تهاونا أمر بها فإن فعل و إلا عزّر أو لا فإن تاب و إلا عزّر ثانيا فإن تاب و إلا قتل و قيل يقتل في الرابعة و يكفر الأول لا الأخير و إن استحق القتل و لا يقبل توبة من وجب عليه القتل و لو فات التّعزير لم يقتل حتى يعزر ثلاثا و لو ترك شرطا مجمعا عليه مستحلاّ كفر و إلا فحكمه ما تقدّم و لو ترك ما اختلف في اشتراطه لم يقتل به و لو اعتقد تحريمه فكذلك و يعيد الصّلاة

الفصل الثّالث في الجماعة
اشارة

و مطالبه ثلاثة

الأوّل في أحكام الجماعة

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] الجماعة مستحبة في الفرائض كلها استحبابا مؤكدا و تجب في الجمعة و العيدين مع الندبية و فضلها متفق عليه قال تعالى وَ اِرْكَعُوا مَعَ اَلرّٰاكِعِينَ و قال عليه السّلام لقوم لتحضرنّ المسجد أو لأحرقنّ عليكم منازلكم و قال عليه السّلام من صلى صلوات الخمس جماعة فظنوا به كل خير و الصّلاة في جماعة تفضل صلاة الفرد بأربع و عشرين صلاة [- ب -] الجماعة تنعقد باثنين فصاعدا و يجوز فعلها في البيت و الصحراء و لا يجب في المسجد و إن كان قريبا و فعل الصلاة فيما كثر فيه الجماعة من المساجد أفضل و لو كان إلى جاره مسجد لا ينعقد الجماعة فيه إلا بحضوره ففعلها فيه أولى و لا يكره إعادة الجماعة في المسجد غير أنّهم لا يؤذّنون و لا يقيمون إلا إذا انقضت الصّفوف فيجوز الأذان و الإقامة و قال الشيخ رحمه اللّٰه يكره التكرار [- ج -] يدرك الجماعة من أدرك الإمام راكعا و لو شك هل كان الإمام رافعا أو راكعا فالأحوط فوات تلك الركعة [- د -] لا يصحّ الجماعة لمن بينه و بين الإمام حائل يمنع المشاهدة عن الصفوف إلا في المرآة و لو وقف الإمام في محراب داخل فصلاة من يقابله ماضية دون صلاة من إلى جانبه إذا لم يشاهدوه و يجوز صلاة الصفوف الّذين وراء الصّف الأوّل لأنهم يشاهدون من يشاهده و لو كان منهم وراء المحرم [الحرم] صحّت جماعته إذا شاهد الإمام أو الصّف و لو كان الحائط قصيرا يمنع من المشاهدة حالة الجلوس خاصّة فالوجه الجواز و لو كان له دار فصلّى فيها جماعة مع مشاهدة من في المسجد صحّت صلاته و كذا لو اتّصلت الصّفوف من داخل المسجد إلى خارجه ثم إليه و إلا فلا و لو كان باب داره بحذاء باب المسجد أو باب المسجد عن يمينه أو يساره و اتصلت الصّفوف من المسجد إليه صحّت صلاته و لو كان في داره قدام هذا الصف صف آخر لم يصح صلاة المتقدم و يصح لو كان خلفه لمشاهدتهم الصّف المتّصل بالإمام [- ه -] لا يجوز أن يكون الإمام أعلى من المأموم بما يعتدّ به و لو صلى حينئذ فالوجه صحة صلاة الإمام لاختصاص النّهي بالمأموم و لو كان أعلى بشيء يسير جاز و يجوز أن يكون المأموم أعلى بالمعتدّ [- و -] لا يجوز تباعد المأموم عن الإمام بما يكون كثيرا في العادة من غير صفوف متّصلة و لو اتصلت الصفوف جاز و يستحب أن يكون بين الصّفين مقدار مربض عنز و يجوز الجماعة في السّفينة الواحدة و في السّفن المتعدّدة اتّصلت أو انفصلت مع المشاهدة للإمام أو لمن خلفه و حيلولة الطريق ليست مانعة من الائتمام مع المشاهدة [- ز -] لا يجب للمأموم أن يتقدّم في الموقف على الإمام فإن فعل بطلت صلاته خاصة و يجوز أن يقف إلى جانبه يمينا و شمالا و خلفه و إن كان واحدا نعم يستحب للواحد أن يقف عن يمين الإمام و إن كانا اثنين وقفا خلفه و إن وقفا عن

ص: 51

يمينه و شماله تركا الفضل و يجوز الوقوف بين الأساطين و يكره للإمام الوقوف في المحراب الداخل في الحائط و المرأة تقف خلف الإمام وجوبا عند بعض علمائنا و كذا الخنثى المشكل و لو اجتمع الخنثى و المرأة وقفت المرأة خلف الخنثى وجوبا على ذلك القول و لو كان الإمام امرأة وقفت النساء إلى جانبها و كذا العاري إذا صلّى بالعراة جلوسا و يبرز عن سمتهم بركبتيه و يكره أن يقف المأموم وحده و لا يبطل صلاته بذلك و يستحب تقديم أهل الفضل في الصّف الأول و يكره تمكين الصبيان و العبيد و المخانيث فيه و يستحب أن يقف الإمام وسط الصّف و يتقدم الرجال على الصّبيان و الصّبيان على الخناثى و الخناثى على النساء و لو وقف النساء في الصّف الأخير فجاء رجال وجب أن يتأخّرن إذا لم يكن للرّجال موقف أمامهنّ [- ح -] إذا كان الإمام ممن يقتدى به لم يجز للمأموم القراءة خلفه في الجهرية و الإخفاتية و يستحبّ في الجهرية إذا لم يسمع و لا همهمة أن يقرأ هذا أجود ما حصلناه من الأحاديث في هذا الباب و إذا فرغ الإمام من الفاتحة قال المأموم الحمد للّه ربّ العالمين استحبابا و لو كان الإمام ممن لا يقتدى به تابعه ظاهرا و وجب القراءة و يخفت بها في الجهرية للتقية و لو قرأ عزيمة و لم يسجد الإمام سجد إيماء و لو فرغ من القراءة قبله سبح اللّٰه إلى أن يركع و يستحب أن يترك آية من السورة فإذا فرغ الإمام قرأها [- ط -] يجب على المأموم متابعة الإمام فلو رفع رأسه عامدا استمر و إن كان ناسيا أعاد و كذا لو أهوى إلى الركوع أو السجود [- ي -] يشترط نية الائتمام في المأموم و لا يشترط في الإمام فلو صلّى منفردا و نوى آخر الائتمام به صحّت صلاتهما و لا بد من تعيين الإمام فلو كان بين يديه اثنان و نوى الائتمام بهما أو بأحدهما لا بعينه لم يصحّ و لو نوى كل من الاثنين الإمامة لصاحبه صحّت صلاتهما معا و لو نوى كلّ منهما الائتمام بصاحبه بطلت صلاتهما و كذا لو شكا فيما أضمراه و لو نوى الائتمام بالمأموم لم يصحّ صلاته و لو أحرم منفردا ثم نوى جعل نفسه مأموما فنوى الانفراد و مفارقة الإمام جاز و يجوز الانفراد من دون النية إذا كان لعذر و لو أحرم مأموما ثم صار إماما أو نقل نفسه إلى الائتمام بإمام آخر جاز في موضع واحد و هو ما إذا حصل للإمام عذر فاستخلف غيره و لو سبق الإمام اثنين ففي ائتمام أحدهما بصاحبه بعد تسليم الإمام إشكال [- يا -] يجوز أن يأتم المفترض بمثله و إن اختلف الفرضان بشرط اتفاقهما في الهيئة فلو صلّى الظهر مع إمام يصلّي العصر جاز أما لو صلاها مع مصلي الكسوف أو العيدين لم يجز و يجوز أن يأتم المتنفّل بالمفترض و بالمتنفّل و أن يأتم المفترض بالمتنفّل في مواضع عند قوم و مطلقا عند آخرين و لو فات المأموم ركعة فصلى الإمام خمسا سهوا صلى المأموم الفائتة منفردا و لا يأتم به في الخامسة و يستحب للمنفرد أن يعيد صلاته إذا وجد من يصلي معه جماعة إماما كان أو مأموما لأن النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله قال إلا رجل يتصدّق على هذا فيصلّي معه [- يب -] وقت القيام إلى الصّلاة إذا قال المؤذن قد قامت الصّلاة حينئذ يكره للمأموم النافلة و لو شرع المأموم في نافلة فأحرم الإمام قطعها و استأنف إن خشي الفوات و إلا أتمّها ركعتين و لحق به و لو شرع في فريضة فأحرم الإمام نقل نيته إلى النفل و أتمها ركعتين ثم استأنف مع الإمام و لو كان إمام الأصل قطع الفريضة و استأنف معه [- يج -] المسبوق يجعل ما يلحقه مع الإمام أول صلاته و يتم ما بقي عليه بعد تسليم الإمام فلو أدركه في الثانية قعد و سبح من غير تشهد فإذا قام الإمام إلى الرابع جلس هو و تشهد خفيفا ثم لحق به فإذا جلس الإمام للتشهد سبّح فإذا سلّم الإمام قام فأتم صلاته و لو أدركه في الأخيرتين جعلهما أولتيه و يتخير في أخيرتيه بين القراءة و التسبيح و لو أدركه في الرابعة قام بعد تسليم الإمام فيصلّي الثانية بالحمد و السورة و في الأخيرتين بالحمد أو التسبيح و لو أدركه بعد رفعه من الأخيرة كبر و سجد معه فإذا سلم الإمام قام فاستقبل صلاته بتكبير مستأنف أما لو أدركه بعد السجود الأخير فإنه يكبر و يجلس معه فإذا سلم قام فاستقبل من غير استئناف تكبير [- يد -] يجوز أن يسلّم المأموم قبل الإمام و ينصرف لضرورة و غيرها و لو استنيب المسبوق أومأ إليهم ليسلّموا عند انتهاء صلاتهم و يقوم هو فيأتي بما بقي عليه

المطلب الثّاني في الإمام

و فيه [- ين -] بحثا [- ا -] يشترط في الإمام الإيمان و العدالة و العقل و طهارة المولد فلا يجوز إمامة الكافر و لا أهل البدع و المخالف للحق و إن كان مرضيّا في مذهبه و لا المستضعف و لا الفاسق قبل توبته و لا ولد الزنا و إن كان عدلا سواء في ذلك كله الأعياد و الجمع و باقي الفرائض و لو لم يعلم فسق إمامه و لا بدعته حتى حين صلى معه بناء على حسن الظاهر لم يعد و لو لم يعلم حاله و لم يظهر منه ما يمنع الائتمام به و لا ما يسوغه لم يصح الصّلاة و المخالف في الفروع يجوز الصلاة خلفه مع عدالته و إن كان مخطئا إلا أن يفعل في الصّلاة ما يعتقد المأموم خاصة بطلان الصّلاة به ففي إبطال صلاة المأموم إشكال و لو فعل شيئا من المختلف فيه يعتقد تحريمه فإن كان ترك ما يعتقده شرطا للصّلاة أو واجبا فيها فصلاته فاسدة و كذا صلاة من ائتم به و إن كان المأموم يخالفه في ذلك الاعتقاد و إن

ص: 52

لم يكن في الصّلاة فكذلك إذا لم يكن صغيرة أو لم يتب و لا يجوز الصّلاة خلف المجنون فإن كان يفيق تارة و يجن أخرى كرهت الصّلاة خلفه وقت إفاقته لجواز احتلامه حال جنونه [- ب -] لا يجوز إمامة الصّبي و إن كان مراهقا عارفا خلافا للشيخ رحمه اللّٰه [- ج -] لا يجوز للقائم الائتمام بقاعد سواء كان إمام الحق أو غيره و سواء كان ممن يرجى زوال مرضه أو لا و لو اعتل الإمام فجلس استخلف و لا يؤمّ المقيد المطلقين و لو أم القاعد بمثله جاز و لو عجز عن القعود فصلى مضطجعا فالوجه أنه لا يجوز للقاعد أن يأتم به و يجوز بمثله و الأقرب أنه لا يجوز لمن يعجز عن الإتيان بركن أن يكون إماما للقادر عليه و أنه يجوز أن يكون إماما لمثله [- د -] لا يجوز إمامة الأمي للقارىء و يجوز العكس و الأمّي من لا يحسن الحمد أو بعضها و إن عرف غيرها و يجوز لمثله فلو ائتم القارئ بالأمي صحّت صلاة الإمام خاصّة و لو ائتم القارئ و أمّي بأمي بطلت صلاة القارئ خاصة و لا فرق في ذلك بين صلاة الجهر و الإخفات و من ترك حرفا من حروف الفاتحة لعجزه عنه أو أبدله بغيره كالألثغ الذي جعل الراء غينا و الأرت الذي يدغم حرفا في حرف و التمتام الذي لا يؤدي التّاء و الفأفاء الذي لا يؤدي الفاء لا يجوز أن يؤم السليم و يجوز أن يؤم مثله و قيل الفأفاء الذي يكرر الفاء و التمتام الذي يكرر التاء و هذان يصح الائتمام بهما و يصحّ إمامة من لا يفصح ببعض الحروف كالصاد و القاف سواء كان أعجميّا أو عربيّا بالفصيح على كراهية و لو كان يبدل حرفا لا يوجد في سورة تعينت قراءتها [- ه -] لا يجوز إمامة اللحان بالمتقن سواء أفسد المعنى كالذي يضم التاء من أنعمت أو لا يفسده و يجوز أن يؤم مثله مع عجزه عن الإصلاح و لو تمكن منه لم تصحّ صلاته و لا صلاة من يأتم منه إذا كان عالما بحاله و لو كانا جاهلين بالفاتحة و كان أحدهما يحسن سبع آيات من غير الفاتحة و الآخر لا يحسن شيئا فهما أميان و يجوز للجاهل الائتمام بالآخر و في جواز العكس إشكال و لو وجد اللحان أو الأمي القارئ المتقن وجب أن يأتم به مع ضيق الوقت عن التعلم و الوجه عدم اكتفاء الأمي بالائتمام مع إمكان التعلم [- و -] و يجوز للسيّد أن يأتم بعبده إذا كان أقرأ منه و هل يجوز لغير السّيد من الأحرار منع الشيخ منه و لا فرق بين القن و المدبر و المكاتب و الوجه جواز إمامة العبد لمثله [- ز -] لا يجوز أن يأتم رجل و لا خنثى بامرأة و لا خنثى في فرض و لا نفل و يجوز للمرأة أن يأتم بالرّجل و إن كان أجنبيّا من غير كراهية و بالخنثى أيضا و بالمرأة في فرائض الصّلاة و نوافلها و إذا صلت المرأة بالنساء قامت معهنّ في الصّف وسطا و لو احتجن إلى جعل صفوف جاز و لو أمت امرأة أخرى صلّت المأمومة عن يمينها و لو ائتمت برجل وقفت خلفه [- ح -] يجوز إمامة الأعمى إذا كان وراءه من يسدده و كذا أقطع اليدين و الخصي و الجندي و كذا يصحّ إمامة الأصم و إن كان أعمى و لا يصحّ إمامة الأخرس و لا أقطع الرجلين بالتسليم و يجوز إذا كان مقطوع إحدى الرجلين و إن كان يخلّ بالسجود على عضو [- ط -] لا يصحّ الصّلاة خلف الكافر مع علمه بكفره و لا المحدث و لو لم يعلمها صحّت صلاته و لو علم في الأثناء نوى الانفراد و صحت صلاته و لو صلى خلف من يشك في إسلامه أعاد لاشتراط العدالة عندنا و لا يحكم بإسلام المصلي بمجرّد صلاته سواء كان في دار الإسلام أو دار الحرب و لا يحكم بارتداده لو قال بعد الصّلاة لم أسلم [- ي -] لا يجوز أن يؤم عاق أبويه و لا قاطع رحمه و يكره أن يؤم المتيمّم للمتوضئين و المسافر للحاضرين و يجوز العكس فيهما فإن أم المسافر أومأ للتسليم و إن ائتم صلى فرضه و لا يجوز له الائتمام مع الإمام و ظاهر أن هذه الكراهية إنما تعلقت بالرباعيات و كذا يكره أن يستناب المسبوق و أن يؤم من يكره المأمومون و يكره أن يؤم الأعرابي بالمهاجرين و المجذوم و الأبرص و المحدود بعد توبته و صاحب الفاخ و السّفيه و الأغلف غير المتمكن من الختان من ليس كذلك [- يا -] لا يتقدّم أحد على غيره في مسجده و لا في منزله و لا في أمارته إلا بإذنه و إن كان أقرأ منه إذا كان ممن يمكنه إمامتهم و لو دخل السّيد بيت العبد كان السّيد أولى بالإمامة و يستحب أن ينتظر الإمام الذي جرت عادته بالصلاة في المسجد و لو خيف فوات وقت الفضل قدم غيره [- يب -] الهاشمي أولى بالإمامة من غيره إذا كان بشرائط الإمامة [- يج -] إذا تشاح الأئمّة كان من يختاره المأمومون أولى فإن اختلفوا قدم الأقرأ و هو الأبلغ في الترتيل و معرفة المخارج و الإعراب فيما يحتاج إليه في الصلاة فإن تساويا في ذلك قدم الأفقه فإن تساويا فالأشرف و هو أعلاهما نسبا و قدرا و أفضلهما في نفسه فإن تساويا فالأقدم هجرة فإن تساويا فالأسن و هو من كان سنه في الإسلام أكثر فإن تساويا فالأصبح وجها و هذا التقديم على سبيل الأولوية فلو قدم المفضول هنا جاز [- يد -] يستحب للإمام إسماع من خلفه الشهادتين في جميع الصّلوات [- يه -] إذا مات الإمام نحي عن القبلة و استناب المأمومون غيره و كذا لو أغمي عليه أو عرض له مانع من حدث و شبهه و يستحب أن يكون النائب ممن شهد الإقامة و لو استناب الإمام اختيارا جاز أيضا [- يو -] إذا دخل المأموم و خشي فوات

ص: 53

الركوع جاز أن يركع و ينتظر من يجيء و يقف معه فإن لم يجئ أحد جاز أن يمشي في ركوعه ليلتحق الصّف قال الشيخ رحمه اللّٰه و إن سجد موضعه و التحق به في الركعة الثانية كان أفضل و يجوز للإمام أن يطول ركوعه بمقدار الركوع دفعتين ليلحق الداخل تلك الركعة و يكره للإمام أن يطول صلاته انتظارا لمن يجيء فيكثر به الجماعة أو ينتظر من له قدر فإن أحس بداخل لم يلزمه التطويل ليلحق الداخل الركوع [- ين -] ينبغي للإمام أن لا يبرح من مكانه حتى يتمّ من فاته شيء من الصّلاة خلف صلاته

المطلب الثّالث في المساجد

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] بناء المسجد فيه فضل كثير و ثواب جزيل قال الصادق عليه السّلام من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى اللّٰه له بيتا في الجنة و قصدها مستحبّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثماني أخا مستفادا في اللّٰه أو علما مستطرفا أو آية محكمة أو رحمة منتظرة أو كلمة تردّه عن ردى أو يسمع كلمة تدله على هدى أو يترك ذنبا خشية أو حياء [- ب -] يستحب الإسراج فيها قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من أسرج في مسجد من مساجد اللّٰه سراجا لم يزل الملائكة و حملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من السراج [- ج -] يستحب للداخل أن يتعاهد نعله أو خفّه لئلا يكون فيها نجاسة و تقديم رجله اليمنى و يقول بسم اللّٰه و باللّٰه السلام عليك أيّها النّبي و رحمة اللّٰه و بركاته اللّٰهمّ صل على محمّد و آل محمّد و افتح لنا باب رحمتك و اجعلنا من عمار مساجدك جل ثناء وجهك و إذا خرج قدم اليسرى و قال اللّٰهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و افتح لنا باب فضلك [- د -] صلاة الفريضة في المسجد أفضل منها في المنزل قال أمير المؤمنين عليه السّلام صلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة و صلاة في المسجد الأعظم تعدل مائة صلاة و صلاة في مسجد القبيلة تعدل خمسا و عشرين صلاة و صلاة في مسجد السّوق تعدل اثني عشر صلاة و صلاة الرّجل في بيته وحده صلاة واحدة أما صلاة النافلة فإنها في المنزل أفضل و خاصة نوافل الليل [- ه -] يكره تعلية المساجد بل يبنى وسطا و يكره أن يبنى مظللة بل يكون مكشوفة و يحرم زخرفها و نقشها بالذهب أو بشيء من الصّور و يكره أن يكون مشرفة بل يبنى جما و لا تبنى المنارة في وسط المسجد بل مع حائط لا يعلى عليه و يجعل الميضاة على أبواب المساجد لا داخلها و يكره جعلها طريقا مع الاختيار و النوم فيها و خاصّة في المسجد الحرام و مسجد النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله و إخراج الحصى منهما فمن أخرجه رده إليهما أو إلى غيرهما من المساجد [- و -] يجوز نقض ما استهدم منها و يستحب إعادته و يجوز استعمال آلته في بناء غيره من المساجد و لا يجوز بيع آلته بحال و لا يجوز أن يؤخذ من المساجد في ملك أو طريق زالت آثاره فمن أخذ شيئا من آلة المسجد ردّه إليه أو إلى غيره من المساجد و يجوز نقض البيع و الكنائس مع اندراس أهلها أو إذا كانت في دار حرب و يجوز أن تبنى مساجد و لا يجوز اتخاذها ملكا و لا استعمال آلتها في الأملاك [- ز -] يحرم إدخال النجاسة إليها و كذا إزالتها [- ح -] يستحب كنس المساجد و تنظيفها و يكره أن يبصق أو يتنخم فيها فإن فعل غطاه بالتراب و لا يقصع فيها للقمل فإن فعل دفنها في التراب و يكره سل السّيف و بري النبل و سائر الصّناعات فيها و كشف العورة و رمي الحصى خذفا و يجتنب البيع و الشرى و تمكين المجانين و الصّبيان و الأحكام و تعريف الضالة و إقامة الحدود و إنشاد الشعر و رفع الأصوات فيها و من أكل مثل الثوم و البصل لا يحضر المسجد حتى يزول رائحته [- ط -] لا ينبغي أن يتنعل و هو قائم بل يجلس و يلبسها و لا يكشف عورته في المساجد و يستحب ستر ما بين السرة إلى الركبة [- ي -] من كان في منزله مسجد جعله لنفسه يصلي فيه جاز له توسيعه و تضييقه و تغييره و لم يخرج عن ملكه [- يا -] لا يدفن الميّت في المساجد [- يب -] يجوز بناء المسجد على بئر الغائط مع الطم و انقطاع الرائحة

الفصل الرّابع في صلاة الخوف

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] صلاة الخوف ثابتة بالنص و الإجماع و حكمها باق غير منسوخ و هي مقصورة سفرا إجماعا و في الحضر إذا صلّيت جماعة و لو صليت فرادى فقولان [- ب -] شروط هذه الصلاة أن يكون العدو مباح القتال و أن لا يؤمن هجومه لكثرته و كون العدو في غير جهة القبلة و أن يكون في المسلمين كثرة يمكنهم أن يفترقوا فرقتين يكفل كل طائفة بمقاومة العدوان لا يحتاج الإمام إلى أن يفرّقهم أزيد من فرقتين [- ج -] الصّلاة إن كانت ثنائية صلّى الإمام بالطائفة الأولى ركعة مخففا و قام إلى الثانية فينوي من خلفه الانفراد واجبا و يتمّون بالتخفيف ثم يذهبون إلى مقاومة العدوّ و تأتي الثانية فيكبّرون و يركع بهم الثّانية له فإذا جلس للتشهد قاموا فأتوا بالثانية و تشهدوا ثم يسلم بهم الإمام و إن كانت ثلاثية فإن شاء صلّى بالأولى ركعة و يقف في الثانية فيتم من خلفه ثم يأتي الثانية فيدخل معه فإذا جلس لتشهده جلسوا من غير تشهد ثم يصلّي الثالثة بهم فإذا جلس للتشهد تشهّدوا معه أول تشهّدهم ثم أتموا الثالثة و سلّم بهم و إن شاء صلى بالأولى ركعتين و بالثانية ركعة و هذه صفة صلاة ذات الرقاع و يجوز أن يصلّي بالأولى كمال الصّلاة ثم يصلي بالثانية مرة أخرى و يكون نفلا له و هي صلاة النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله ببطن النخل [- د -] يجوز للإمام أن يقرأ حال الانتظار فلو فرغ قبل مجيئهم فركع فإن أدركوا ركوعه

ص: 54

تمّت لهم الركعة و إلا فلا [- ه -] لا حكم لسهو المأمومين حال متابعتهم أما حال انفرادهم فحكم سهوهم ما تقدم في باب السّهو و لو سها الإمام سهوا يوجب السجدتين اختصّ بالسّجود [- و -] إذا احتاج الإمام إلى أن يفرقهم أربع فرق صلى الركعتين بفرقتين ثم يعيدهما نفلا و يقتدي به الفرقتان الأخريان هذا الترتيب مع إرادة الجماعة و يجوز أن يصلّي كل واحد بانفراده و لا قصر حينئذ في الحضر [- ح -] الإمام و المأمومون في عدد الصّلاة سواء فلا يجوز أن يصلي بطائفة ركعة و يسلّمون ثم يصلّي الثانية بالأخرى فيحصل له ركعتان و لكل طائفة ركعة و لا يجوز أن يصلي بإحداهما ركعتين من غير تسليم له و بالثانية أخريين فيكون لأربع ركعات و لكل طائفة ركعتان [- ط -] لا يجب التسوية بين الطائفتين و لا كون كل طائفة ثلاثة بل يجوز و لو كان واحدا إذا كان فيه مقاومة [- ي -] يجب أخذ السّلاح في الصّلاة و هو ما يدفع به عن نفسه كالسّيف و السّكين و لا يكون ثقيلا كالجوشن و لا ما يمنع إكمال السجود كالمغفر و لا ما يؤذي غيره كالرمح إذا كان وسط القوم فإن كان طرفا جاز و لو منع الثقيل شيئا من واجبات الصّلاة لم يجز أخذه و لو كان السلاح نجسا ففي جواز أخذه قولان أقربهما الجواز [- يا -] لو كان بالقوم أذى من مطر أو مرض لم يجب أخذ السّلاح إجماعا [- يب -] صلاة الخوف جائزة في الحضر فإن قلنا بالقصر فالكيفيّة ما تقدم و إلا صلى بكل طائفة ركعتين و لو صلى بالأولى ركعة و بالثانية ثلاثا أو بالعكس جاز و لا سجود للسهو و لو فرقهم أربع فرق فصلى كل فرقة ركعة جاز و كذا لو فرقهم ثلاثا و صلّى بإحداهنّ ركعتين [- يج -] لو كان العدو في جهة القبلة قال الشيخ رحمه اللّٰه يجوز أن يصلّى بهم كصلاة النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله بعسفان [- يد -] لو صلّى بهم الجمعة صلاة الخوف خطب بالفرقة الأولى و صلى بهم ركعة ثم صلّى بالثانية أخرى هذا إذا كانت الفرقة الأولى عدد الجمعة و لو كانت أقل لم يجز و لو كملت الفرقة الأولى العدد لكن فارقت بعد الخطبة و جاء الآخرون لم تضل بهم الجمعة إلا بعد إعادة الخطبة و لو صلّى بالأولى الجمعة كاملة لم يكن له أن يصلّي بالثانية جمعة أخرى بل ظهرا [- يه -] لو صلّى بهم في الأمن صلاة الخوف قال الشيخ رحمه اللّٰه جاز مع ترك الأفضل و هو مفارقة الإمام سواء في ذلك صلاة ذات الرقاع و عسفان و بطن النحل ثم قال و لا يجوز صلاة الخوف في طلب العدو لأنه ليس هناك خوف و في الجميع نظر إلا أن يريد به القصر قال و القتال المحرم لا يجوز فيه صلاة الخوف فإن خالفوا و صلوا صحت صلاتهم لعدم إخلالهم بشيء من الأركان بل صاروا منفردين و هو غير مبطل و هو يعطي أنه لم يرد به ما ذكرنا [- يو -] صلاة شدة الخوف تسمى صلاة المطاردة و المسايفة مثل أن ينتهي الحال إلى المعانقة فيصلّي على حسب إمكانه ماشيا و راكبا و يستقبل القبلة بتكبيرة الإحرام إن تمكن و لو لم يتمكن من النزول صلّى راكبا و سجد على قربوس سرجه و إن لم يتمكن أومأ و يجعل إيماء السّجود أخفض و لو خاف صلى بالتسبيح من غير ركوع و لا سجود و يقول عوض كل ركعة سبحان اللّٰه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر و يجب فيه النية و تكبيرة الافتتاح و الأقرب وجوب التشهد و لا يجوز أن يؤخرها حتى يخرج الوقت و يجوز إلى آخره [- ين -] لو صلى موميا فأمن أتم صلاة آمن و بالعكس و اشترط الشيخ رحمه اللّٰه عدم استدبار القبلة و فيه إشكال و لو رأى سوادا فظنه عدوا فصلى موميا أو شاهد عدوّا فصلى بالإيماء ثم بان كذب ظنه أو حصول حائل لم يعد [- يح -] الفار من الزّحف يعيد ما صلاه بالإيماء مع عدم تسويغ الفرار إن تمكن من استيفاء الأفعال حال عدم الفرار و لا إعادة مع تسويغه و كذا العاصي بقتاله يعيد ما صلاه موميا [- يط -] لو خاف من سيل أو سبع جاز أن يصلّي صلاة شدة الخوف قصرا أما الموتحل و الغريق فيصليان على قدر إمكانهما و يوميان للركوع و السجود و لا يقصران إلا في سفر أو خوف [- ك -] لبس الحرير محرّم على الرجال و يجوز في حال الحرب قال الشيخ و لا يجوز فرشه و لا التدثر به و لا الاتكاء عليه قال و كذا الحكم في السّتور المعلقة و يجوز لو كان ذيلا أو جيبا أو كفا أو تكة أو جوربا أو قلنسوة و لبس الذهب محرم على الرجال سواء كان خاتما أو طرازا و على كل حال و لو كان مموها أو مجرى [أو مشجرا] فيه و قد اندرس و بقي أثره لم يكن به بأس [- كا -] لو فاتته صلاة الخوف قضاها صلاة أمن في الكيفية أما العدد فإن كان مسافرا قضاها قصرا و إن كان في الحضر فالأقرب التمام و لو قضى صلاة أمن حالة الخوف صلاّها كما فاتته في العدو و يجوز أن يأتي بالكيفية على هيئة صلاة الخوف

الفصل الخامس في صلاة السفر

و فيه [- كح -] بحثا [- ا -] يجب في السّفر التقصير في الصّلاة و الصوم معا بشروط تأتي إلا في أربعة مواطن مكة و المدينة و جامع الكوفة و الحائر فإنّ الإتمام فيها في الصّلاة أفضل و قال ابن بابويه ينبغي أن ينوي المقام بالمواطن الأربعة عشرة أيام ليتم [- ب -] شرط التقصير قصد بريدين هما ثمانية فراسخ أربعة و عشرون ميلا كل ميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربعة و عشرون إصبعا سواء قطعها في زمان طويل أو قصير في برّ أو بحر و لو قصد أربعة فراسخ فإن عزم على الرجوع من يومه قصر أما لو قصد التردد في ثلاثة فراسخ ثلاث مرات لم يقصر إلا أن لا يبلغ في الرّجوع الأول مشاهدة الجدران و لا سماع الأذان و لو سلك أحد الطريقين و هو مسافة دون صاحب

ص: 55

قصر و إن مال إلى الرّخصة و للشيخ قول آخر بجواز التقصير في أربعة فراسخ و وجوبه في الثمانية و المعتمد ما قلناه [- ج -] لو انتفى قصد المسافة لم يجز القصر و أن تجاوزها فالهائم لا يترخّص و كذا لو قصد ما دون المسافة ثم تجدد له عزم على مثل الأولى و لو تجاوز المجموع المسافة و لو عاد قصر مع بلوغ المسافة و إلا فلا و كذا لو طلب غريما أو آبقا أو دابة شردت و إن سار أياما إذا لم يقصد المسافة و لو قصد في الأثناء قصر [- د -] لو خرج ينتظر رفقة إن حصلت سافر أتم ما لم يبلغ خروجه المسافة فيقصر في طريقه و موضع انتظاره ما لم يتجاوز شهرا و لو عزم على السفر إن خرجوا أو لم يخرجوا قصر إذا خفي الأذان و الجدران ما لم يتجاوز شهرا [- ه -] الاعتبار إنما هو و بالنّية لا الفعل فلو قصد المسافة و خرج و قصر صلاته ثم بدا له لم يعد و يتم في رجوعه إذا لم يبلغ المسافة و لو رجع في أثناء الصلاة صلاها على التمام و لو قصد بلدا بعيدا و في عزمه أنه متى وجد مطلوبه دونه رجع أتم [- و -] لو خرج إلى السفر مكرها فالأقرب وجوب التقصير و قال الشافعي لا يقصر و فيه قوّة و لو قصد الصّبي مسافة فبلغ في أثنائها فالوجه وجوب التقصير و إن لم يكن الباقي مسافة و كذا لو عرض للمسافر الجنون أو الإغماء [- ز -] من شرط التقصير إباحة السّفر فلا يترخص العاصي كالآبق و قاطع الطريق و التاجر في المحرّمات و تابع الجائر و طالب الصّيد لهوا و إنما يجب القصر على كلّ من كان سفره سائغا سواء كان واجبا كالحجّ أو مندوبا كالزيارة أو مباحا كالتجارة و لو كان الصّيد لأجل قوته و قوت عياله قصر و لو كان الصّيد للتجارة قال الشيخ يقصر في الصوم دون الصّلاة و الوجه التقصير فيهما معا و لو كان سفره للتنزه و التفرج في المباح وجب التقصير و كذا يجب لو قصد زيارة المقابر و المشاهد [- ح -] لو كان السفر مباحا فغيّر نيته إلى المعصية انقطع ترخّصه و لو عاد عاد الترخص إن كان المقصود بعد العود مسافة على إشكال و هل يحتسب من المسافة ما تقدّم قطعه مما كان مباحا فيه إشكال و لو سافر إلى معصية فغير نيته إلى المباح قصر و يعتبر المسافة من حين تغيّر النيّة و لو كان السفر مباحا لكنه يعصي فيه قصر [- ط -] من شرائط القصر عدم قطع المسافة بوطن له أو عزم على الإقامة عشرة أيام فلو قصد مسافة و في أثنائها ملك له قد استوطنه ستّة أشهر فصاعدا متوالية أو متفرقة أتم و كذا لو نوى الإقامة عشرة أيّام في أثناء المسافة و لو كان ملكه حدّ المسافة قصر في الطّريق دون البلد الّذي فيه ملكه و كذا لو نوى الإقامة عشرة أيام على حدّ المسافة و لو كان له عدّة أملاك قد استوطنها ستة أشهر اعتبر ما بينه و بين الموطن الأول فإن كان مسافة قصر في الطّريق خاصة و إلا فلا ثم يعتبر ما بين الموطنين فإن كان مسافة قصر في الطّريق دون المواطن و إلا فلا و هل يشترط استمرار الملك حتى لو باع الملك المستوطن يخرج عن التّرخص إشكال أقربه الخروج و لا يشترط استيطان نفس الملك بل البلد الّذي هو فيه و لا يشترط كون الملك مما يصحّ فيه الاستيطان فلو كان له بستان أو مزارع و قد استوطن البلد المدة أتم [- ي -] كلّ من نوى الإقامة عشرة أيّام فإنه يتم في البلد الذي نوى الإقامة فيه فلو عزم على مسافة فصاعدا و نوى الإقامة في أثنائها أتم فيما نوى الإقامة فيه ثم الطريق من مبدإ سفره إليه إن كانت مسافة قصر فيها و إلا فلا و لو عزم المسافر على إقامة عشرة أيام فصاعدا في رستاق ينتقل منه في قربه إلى أخرى و لا عزم له على الإقامة في موضع واحد عشرة أيام لم يبطل حكم سفره و لو دخل بلدا فقال إن لقيت فلانا أقمت عشرة و إلا فلا لم يبطل حكم سفره ما لم يجده [- يا -] من شرط التقصير أن لا يكون سفره أكثر من حضره كالمكاري و الملاح و الراعي و البدوي الذي يطلب القطر و النبت و التاجر الذي يطلب الأسواق و البريد و الأصل في ذلك أن هؤلاء لا يجوز لهم القصر ما لم يكن لهم في بلدهم مقام عشرة أيام فإن أقام أحدهم عشرة أيام في بلده ثم خرج قصر و إن أقام أقل أتم و للشيخ قول آخر إنه لو أقام خمسة قصر صلاة النهار دون صلاة اللّيل و دون الصيام و ليس بمعتمد [- يب -] لا يجوز التقصير حتى يتوارى جدران البلد الذي يسافر منه أو يخفى عليه أذانه و لا يجوز قبل ذلك سواء كانت الجدران عامرة أو خرابا و لو كان إلى جانب البلد بساتين اعتبر بالأذان و لا عبرة بأعلام البلد كالمنابر و لو كان للبلد محال متفرقة فمتى خرج عن محلّته قصر إذا خفيت جدرانها أو أذانها و لو كانت متّصلة لم يقصر حتى يفارق جميعها و البدوي إذا كان مستوطنا في حله قصر إذا خفي عليه الأذان أما العائد من السّفر فإنه يقصر حتى يبلغ سماع الأذان و قال بعض علمائنا يقصر إذا خرج من بيته و يتمّ عند دخوله و به أحاديث لكن الأوّل أقرب [- يج -] المسافر إذا دخل بلدا قصر فيه ما لم ينو مقام عشرة أيام أو يمضي عليه ثلاثون يوما فإن حصل أحد الأمرين أتمّ و لو صلاة واحدة و لو نوى العشرة ثم رجع فإن كان قد صلى على التمام و لو صلاة واحدة استمر عليه حتّى يخرج و إلا قصر و لو كان رجوعه في أثناء الصّلاة فالوجه التقصير لكن الشيخ رحمه اللّٰه أفتى بالإتمام و هو حق إن كان قد دخل في الثالثة و إلا فلا و الأقرب أن الصوم كالصّلاة فلو رجع عن نية الإقامة بعد الشروع في الصّوم أتم و في المهمل إشكال قربه الاعتبار بخروج الوقت و لو دخل في الصّلاة

ص: 56

بنية القصر ثم عزم على الإقامة أكملها تماما [- يد -] مع كمال الشروط يجب التقصير و لا يجوز الإتمام إلا في أحد المواطن الأربعة و قد سبق فلو صلّى تماما عامدا أعاد في الوقت و خارجه و إن كان جاهلا لم يعد و إن كان الوقت باقيا و لو كان ناسيا أعاد في الوقت لا خارجه [- يه -] لو قصر المسافر اتفاقا لم يصحّ و أعاد قصرا [- يو -] لو شك هل المطلوب مسافة أتمّ و إن تبيّن له بعدها أنه مسافة لم يعد [- يز -] لو قصد المسافة فمنع فإن كان بحيث يخفى الأذان قصر ما لم يرجع عن نية السّفر و لو خرج في البحر فردته الريح قصر ما لم يبلغ سماع الأذان [- يح -] لو نوى إقامة عشرة في غير بلده ثم خرج إلى ما دون المسافة فإن عزم على العود و الإقامة أثم في ذهابه و عوده و في البلد و لو عزم على العود دون الإقامة قصر [- يط -] لا يشترط نية القصر في وجوبه و لو كان في أحد المواطن الأربعة [- ك -] لو قصر المسافر معتقدا تحريم القصر لم يصحّ صلاته لفقد نية التقرّب بالصّلاة لاعتقاده أنه عاص [- كا -] لا قصر في الصّلاة إلا في الرّباعيات بلا خلاف فلو قصر في الغداة أو المغرب أو الجمعة أو العيدين جاهلا أو عامدا أو ناسيا بطلت صلاته [- كب -] من نسي صلاة قصر أو تمام صلاها كما فاتته سواء قضى في السّفر أو الحضر [- كج -] لو سافر بعد دخول الوقت قبل أن يصلي فالأقوى الإتمام و لو دخل بلده بعد دخول الوقت فالأقوى الإتمام أيضا [- كد -] قد بينا أن الأوقات في الظهرين و المغربين مشتركة فلا معنى للجمع عندنا فيجوز أن يصلى العصر عقب الظهر و كذا العشاء عقيب المغرب و لا بد من التسليم بينهما و انفصال إحداهما عن الأخرى و لا يشترط في ذلك السفر و لا المطر [- كه -] المسافر إذا ائتم بمقيم اقتصر على فرضه و لا يتابعه في الإتمام و كذا لو صلّى المقيم خلف المسافر لم يتبعه في التقصير و يستحبّ للإمام بعد تسليمه أن يقول لمن خلفه أتمّوا فأنا مسافر لئلا يشتبه على الجاهل و لو تمّم الإمام المسافر بالمأمومين المقيمين فإن فعل ذلك عمدا بطلت صلاته و كذا إن كان ناسيا مع بقاء الوقت أما المأمومون فإن علموا بطلان صلاته بطلت صلاتهم و إلاّ فلا و لو أم المسافر مثله فتمم ناسيا فإن نسي المأموم أيضا أعاد في الوقت خاصة و لو كانا جاهلين صحت صلاتهما و لو كان أحدهما جاهلا صحّت صلاته أما الآخر فعلى التفصيل و يكره للمسافر أن يؤم الحاضر و بالعكس [- كو -] إذا سافر بعد زوال الشمس قبل أن يصلّي النوافل استحب له قضاؤها [- لز -] يستحب للمسافر أن يقول عقيب كلّ صلاة سبحان اللّٰه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر ثلاثين مرة لينجبر نقصان صلاته و هل الاستحباب مختصّ عقيب كل صلاة أو التي يقصر فيها نظر [- لح -] يجوز للمسافر أن يصلي النافلة على الراحلة و يتوجّه حيث توجهت اختيارا و في الفريضة اضطرارا

كتاب الزّكاة

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد

أمّا المقدّمة

ففيها [- و -] مباحث [- ا -] الزكاة لغة النموّ و الطهارة و شرعا القدر المخرج من النصاب [- ب -] الزكاة أحد أركان الإسلام و هي واجبة بالنصّ و الإجماع و فيها فضل كثير قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله و قال الباقر عليه السّلام بينا رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله في المسجد إذ قال قم يا فلان قم يا فلان حتى أخرج خمسة نفر فقال اخرجوا من مسجدنا لا تصلوا فيه و أنتم لا تزكّون و قال الباقر عليه السّلام البر و الصّدقة ينفيان الفقر و يزيدان في العمر و يدفعان عن سبعين ميتة سوء و قال الصادق عليه السّلام إن اللّٰه فرض الزكاة كما فرض الصّيام و قال الكاظم عليه السّلام حصّنوا أموالكم بالزكاة [- ج -] من أنكر وجوب الزكاة و هو ممن يجهل ذلك إما لقرب عهده بالإسلام أو لبعده عن أهل الأمصار لم يحكم بكفره و إلا فهو مرتد [- د -] من منع الزكاة معتقدا لوجوبها أخذت منه من غير زيادة فإن مانع قوتل حتّى يدفعها و لا يحكم بكفره و لا يسبى ذراريه [- ه -] ليس في المال حق واجب سوى الزكاة و الخمس و في وجوب إخراج الضغث و الكف عند الحصار و الجذاد قولان [- و -] الزكاة قسمان زكاة المال و زكاة الفطر و كلّ واحد منهما ضربان واجب و مستحب و نحن نسوق الكلام فذلك كلّه ثم نتبعه بالخمس في مقاصد ثلاثة

المقصد الأوّل فيمن تجب عليه

و فيه ثلاثة و عشرون بحثا [- ا -] شرائط الوجوب البلوغ و العقل و الحريّة و الملك التّام و إمكان التصرف فلا يجب الزكاة في مال الطفل سواء العين و الغلات و المواشي في ذلك و إنما تجب على البالغ على مذهب أكثر علمائنا و الشيخان رحمهما اللّٰه أوجبا الزكاة في غلاته و مواشيه و الأقرب الاستحباب و لو اتجر له وليه في ماله إرفاقا استحب له أن يخرج عنه زكاة التجارة و لو ضمن المال و كان مليا و اتجر لنفسه كان الربح له و الزكاة عليه استحبابا و لو انتفى أحد وصفي الملاءة و الولاية ضمن المال و الرّبح لليتيم و لا زكاة هنا على واحد منهما [- ب -] العقل شرط في وجوب الزكاة فلا يجب في مال المجنون مطلقا و أوجب الشيخان الزكاة في غلاته و مواشيه و الأقرب الاستحباب و البحث في التجارة بماله كالبحث في الطفل سواء و التّكليف بالوجوب على رأي الشيخين و بالاستحباب على رأينا في الطفل و المجنون متعلّق بالولي دونهما [- ج -] الحرية شرط في الوجوب فلا يجب الزكاة على المملوك سواء قلنا إنه يملك ما يملكه مولاه أو لا و إنما يجب على السيّد و لو كان بعضه حرّا و ملك من كسبه أو غيره بقدر حرّيته ما يبلغ

ص: 57

نصابا وجبت الزكاة و إلا فلا و المكاتب المشروط و الذي لم يؤد من كتابته شيئا و المدبر و أم الولد كالقن و لو عجز المشروط عليه فردّ في الرق استقرّ ملك السيّد لما في يده و استأنف الحول و ضمّه إلى ماله [- د -] الإسلام ليس شرطا فلا يسقط الوجوب عن الكافر نعم لا يصحّ منه أداؤها و لو أسلم سقطت و استأنف الحول عند الإسلام [- ه -] إنما يجب الزكاة من ملك أحد النصب الزكوية على ما يأتي بيانها فلا تجب على الفقير و هو من قصر ماله من أحد النصب و يجب الزكاة على المديون إذا ملك نصابا و إن قصر عن الدّين [- و -] من شرط الوجوب كون الملك تاما فلو وهب نصابا لم يجز في الحول إلا بعد القبض و كذا لو اقترض اعتبر الحول بعد القبض و لو أوصي له اعتبر الحول بعد القبول و الوفاة و لو رجع الواهب في هبته في موضع يسوغ له الرجوع فيه فإن كان قبل الحول سقطت و لو كان بعده لم يسقط و الأقرب أن الموهوب لا يضمنه و لو فسخ البائع بخياره فالبحث فيه كالهبة إلا أن المشتري يضمن هنا [- ن -] الغنائم تملك بالحيازة فإذا بلغ حصّته نصابا و حال عليه الحول وجب الزّكاة و الأقرب ابتداء الحول من القسمة سواء كان الغنيمة من جنس واحد أو أجناس مختلفة و لو قيل بوجوبها في الجنس الواحد دون المتعدد كان وجها و لو عزل الإمام حصّة الغانم و كان حاضرا وجبت الزكاة مع الحول و إن كان غائبا اعتبر الحول عند وصوله إليه أو إلى وكيله و خمس الغنيمة نصفه للإمام إن بلغ نصابا وجبت الزكاة و إلا فلا و نصفه لباقي الأصناف لا زكاة فيه لعدم تعيّن أربابه و الأنفال للإمام خاصة إن بلغت نصابا وجبت الزكاة و إلا فلا [- ح -] الوقف لا زكاة فيه و لو ولدت الغنم الموقوفة و بلغت الأولاد نصابا وجبت الزكاة فيها خاصة قال الشيخ و لو شرط الواقف كون الغنم و ما يتوالد منها وقفا فلا زكاة [- ط -] لو خلف المسافر نفقة لأهله قدر النصاب و حال الحول وجبت الزكاة إن كان حاضرا و إلا فلا [- ي -] لو نذر الصّدقة بالنّصاب في الحول سقطت الزكاة و لو نذرها بعد الحول أخرج الزكاة و تصدق بالباقي و كذا يخرج الزكاة لو نذر الصدقة بقدر النصاب من غير تعيين [- يا -] لو اشترى بخيار ملك بالعقد اختصّ الخيار بأحدهما أو اشترك و وجبت الزكاة بعد الحول و إن كان الخيار باقيا و قول الشيخ هنا ضعيف و لو رد على البائع استأنف الحول من حيث الرّد و يتفرع على قول الشيخ رحمه اللّٰه بوجوب الزكاة على البائع في الخيار المشترك أو المختصّ به ثبوت الخيار للمشتري لو أخرج من العين [- يب -] إمكان التصرف شرط في الوجوب فلا تجب في المال المغصوب و المسروق و المجحود و الضالّ و الموروث عن غائب حق يصل إليه أو إلى وكيله و الساقط في البحر و الغائب مع عدم تمكنه أو وكيله منه [- يج -] لو عاد المغصوب أو الضّال أو الغائب استحبّ له أن يزكيه لسنة واحدة و لو ضلت شاة من الأربعين في أثناء الحول انقطع الحول فإن عادت استأنف و لو أسره المشركون و له مال في بلد الإسلام لا يتمكن منه سقط الوجوب [- يد -] المرتدّ إن كان عن فطرة فإن كان بعد الحول أخذت الزكاة من المال و إن كان قبله استأنف ورثته الحول و إن كان عن غير فطرة و لم يخرج ملكه عنه بالقتل و لا الفرار إلى دار الحرب وجبت الزكاة إن تم الحول و إلا أتممناه و لو خرج عن ملكه بالقتل أو الفرار استأنف ورثته الحول و لو أخذ الإمام أو نائبه الزكاة من المرتد ثم أسلم أجزأت عنه و لو أخذها غيرهما لم يجز عنه و كذا لو أدّاها بنفسه و لو أخفى بعض ماله لئلا يؤخذ منه زكاة عزر إلا أن يدعي الشبهة المحتملة و يؤخذ منه الزكاة من غير زيادة و لو أخذ الظالم الزكاة لم يجز عن المالك و بالإجزاء روايات [- يه -] الدين لا زكاة فيه و أوجب الشيخان رحمهما اللّٰه الزكاة فيه إن كان تأخره من جهة مالكه بأن يكون حالا على ملي باذل و لو كان من جهة من عليه الدّين سقطت الزكاة و الاعتماد على الأول نعم يستحبّ له أن يزكيه لسنة مع عوده إليه [- يو -] اللقطة إن كانت نصابا في غير الحرم ملكها إن شاء بعد التعريف حولا و لا زكاة إلا بعد استئناف حول آخر من حين التملك [- يز -] المرأة تملك الصّداق بالعقد فلو حال الحول بعد قبضه وجبت الزكاة و إن لم يدخل فلو طلقها قبل الدخول انقطع الحول في النّصف و تممت في المستخلف إن بلغ نصابا و لو لم يقبضه فلا زكاة كالدّين و لو فسخ العقد لعيب فسقط المهر فلا زكاة مع عدم القبض و لو قبضته فالأقرب الوجوب بعد الحول و تضمن المأخوذ في الزكاة و لو قبضته حولا ثم طلقها قبل الدّخول فإن كانت قد أخرجت الزكاة رجع عليها بالنّصف كملا و إن لم تكن أخرجت فالنّصف كملا للزّوج و عليها حق الفقراء و لو أراد قسمة المال قبل الإخراج جاز فلو قسماه أخذ الساعي من نصفها و لو لم يجد لها شيئا أخذ مما في يد الزوج و الأقرب صحّة القسمة و رجوع الزّوج عليها بقيمته المأخوذ و لو أصدقها حيوانا في الذمة سقط وجوب الزكاة و استحبابها و لو طلقها قبل الدّخول و قبل الإخراج لم يخرج من العين إلا بعد القسمة و لو أصدقها نصابا و طلقها قبل الدخول و قبل تمكنها من الإخراج فالوجه سقوط نصف الفريضة [- يح -] القرض يجب فيه الزكاة على المقترض إن تركه حولا و لو أداره في التجارة استحبت الزكاة فيه و لو استعاده القارض لم يجب الزكاة حتى يحول عنده

ص: 58

الحول كملا و لو اشترط المقترض الزكاة على القارض لم تسقط الزكاة عنه و للشيخ هنا قول غير معتمد أما لو أدى القارض الزكاة عن المقترض فإن ذمته تبرأ بذلك [- يط -] إمكان الأداء شرط في الضمان لا في الوجوب فلو تلف بعد الحول من النصاب شيء قبل التمكن من الإخراج سقط من الفريضة بحسابه و لو لم يتمكن و لم يخرج وجبت عليه الفريضة كملا [- ك -] لو تمكن من الدّفع إلى الإمام إلى النائب و لم يدفع ضمن سواء طالبه الإمام أو النائب أو لا و إن دفعها إلى الساعي فتلفت في يده فلا ضمان و لو مات المالك بعد إمكانه الأداء لم تسقط الزكاة و كذا لو مات قبل التمكن و بعد الحول [- كا -] لو كان له نصاب فاقترض آخر و أرهن الأول وجبت عليه الزكاة في القرض و لا زكاة في الرّهن أيضا على الراهن و يكلف الإخراج من غير الرّهن مع يساره و منه لا معه [- كب -] لو كان معه أربعون شاة فاستأجر راعيا بشاة منها سقطت الزكاة و لو استأجر بشاة في الذمة وجبت الزكاة و لو استأجر بنصاب معيّن وجبت الزكاة على الأجير و لو استأجر في الذّمة ابتغى على القولين [- كج -] و في وجوب الزكاة في مال التجارة قولان أقربهما الاستحباب

المقصد الثّاني فيما تجب فيه و ما يستحب
اشارة

و فيه فصول

الأوّل إنّما يجب الزكاة في تسعة أشياء

الإبل و البقر و الغنم و الذّهب و الفضّة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و لا تجب فيما عدا ذلك سواء كان مما يكال أو يوزن أو لا و سواء قصد بزراعته نماء الأرض أو لا و سواء كان عسيلا في الأرض الخراجية أو لا و العلس عند الشيخ رحمه اللّٰه نوع من الحنطة و السلت عنده نوع من الشعير و الأقرب عندي عدم الوجوب فيهما

الفصل الثّاني في زكاة الإبل

و فيه اثنان و عشرون بحثا [- ا -] شروط زكاة الإبل الملك و النصاب و السّوم و الحول و إمكان التصرف و كمال العقل و قد تقدما و نصب الإبل اثنا عشر أولها خمس فلا تجب فيما دونها شيء إجماعا فإذا بلغت خمسا ففيها شاة الثاني عشر و فيه شاتان الثالث خمس عشرة و فيه ثلاث شياه الرابع عشرون و فيه أربع شياه الخامس خمس و عشرون و فيه خمس شياه عند أكثر علمائنا و قال ابن أبي عقيل يجب فيها بنت مخاض و ليس بمعتمد السادس ستّ و عشرون و فيه بنت مخاض السابع ست و ثلاثون و فيه بنت لبون الثامن ست و أربعون و فيه حقّة التاسع إحدى و ستّون و فيه جذعة العاشر ستّ و سبعون و فيه بنتا لبون الحادي عشر إحدى و تسعون و فيه حقتان الثاني عشر مائة و إحدى و عشرون فيؤخذ من كل أربعين بنت لبون و من كل خمسين حقة و هكذا بالغا ما بلغت فيكون في مائة و إحدى و عشرين ثلاث بنات لبون و في مائة و ثلاثين حقة و بنتا لبون و في مائة و أربعين حقتان و بنت لبون و في مائة و خمسين ثلاث حقاق و على هذا الحساب [- ب -] لو كانت الزيادة على مائة و عشرين بجزء من بعير وجبت الفريضة عن إحدى و تسعين و لو اجتمع في مال ما يمكن إخراج الفريضتين منه كالمائتين تخير المالك و الأفضل أن يدفع أرفع الأسنان و هي الحقاق و لو كان عنده أحد الصنفين أخرجه المالك أو اشترى الصّنف الآخر و أخرجه و لو لم يكونا عنده تخير في شراء أيّهما شاء و الأولى الحقاق و إن شاء أخرج أربع جذعات و استرجع ثماني شياه أو ثمانين درهما أو أخرج خمس بنات مخاض و معها عشر شياه أو مائة درهم و لا خيار للساعي في الصعود و النزول و ليس لولي الطّفل و المجنون إخراج أعلى الفريضتين إن قلنا بالوجوب و لو كان عنده أربعمائة جاز أن يخرج متماثلا و متفرقا و لو كان عنده خمس بنات لبون و ثلاث حقاق أخرج الخمس عن المائتين و ليس له إخراج الحقاق و بنت اللبون مع الجبران الشرعي و لا إخراج أربع بنات لبون و حقّة و يطالب بالجبران أما لو كانا ناقصين كأربع بنات لبون و ثلاث حقاق تخير مع الجبران فيدفع بنات اللّبون و حقة و يطالب بالجبران أو ثلاث حقاق و بنت لبون و الجبران و ليس له دفع حقة و ثلاث بنات لبون مع الجبران لكل واحدة إلا بالقيمة [- ج -] لا زكاة فيما دون الخمس و لا فيما بين النّصب من الأشناق لا منضمة و لا منفردة و لا يجب الأزيد من السن الواجب باعتباره و لو تلف أربع من تسع وجبت الشاة كملا سواء تلفت قبل الحول أو بعده و قبل إمكان الأداء أو بعده و لو تلف خمس قبل الحول فلا زكاة و بعده يسقط خمس الشاة إن كان قبل إمكان الأداء و لو هلك ست من ستّ و عشرين بعد الحول قبل إمكان الأداء سقط من بنت المخاض بنسبة التالف و كذا لو هلك خمس من ست و عشرين قال الشيخ هنا يكون قد هلك خمس المال إلا خمس الخمس فيكون عليه أربعة أخماس بنت مخاض و أربعة أخماس خمسها و على المساكين خمس بنت مخاض إلا أربعة أخماس خمسها [- د -] الشاة المأخوذة ينبغي أن تكون الجذعة من الضأن أو الثنيّة من المعز و كذا شاة الجبران و يجزي الذكر و الأنثى سواء كانت الإبل ذكورا أو إناثا و يجزي من غنمه أو غنم غيره قال الشيخ و يؤخذ من نوع البلد لا من نوع بلد آخر لأن المكية و المغربية و النبطية مختلفة و الأقرب عندي الإخراج من أيّ نوع شاء لأنّ التناسب بين الشاتين أقرب من التناسب بين الضأن و المعزى و يجزي هاهنا أحدهما عن الآخر إجماعا [- ه -] يجوز أن يخرج عن الإبل الكرام الشاة الكريمة و اللئيمة و السّمينة و المهزولة و لا يؤخذ المريضة من الإبل الصحاح و لو كانت مراضا و صحاحا و ماكس قومت

ص: 59

الخمس مريضة و صحيحة و أخذ الشّاة ناقصة عن بدل الصّحاح بنسبة النقصان [- و -] لو أخرج بعيرا عن الشاة لم يجزئه إلا إذا كانت قيمته تساوي قيمة الشاة أو تزيد و لو كانت قيمة الشاة تساوي قيمة بنت المخاض جاز إخراج الشاة عنها و لو لم يجد شاة اشترى شاة أو دفع قيمتها السّوقية و لا يجزئه عشرة دراهم إذا كانت أدون [- ز -] من وجب عليه سن و فقدها و وجد الأعلى بدرجة دفعها و استعاد شاتين أو عشرين درهما و لو وجد الأدون دفعها و دفع شاتين أو عشرين درهما فمن وجب عليه بنت مخاض و عنده بنت لبون أخرجها و استعاد من المصدّق ما قلناه و لو انعكس الفرض كان الجبران عليه و لو وجب عليه بنت مخاض و عنده ابن لبون ذكر أجزاءه مع عدم بنت المخاض من غير جبران و لو كانت عنده بنت مخاض معيبة أجزأه ابن اللّبون لا المعيبة و لو كانت عنده بنت مخاض أعلى صفة من الواجب و عنده ابن لبون تعينت بنت المخاض و لو عدمها جاز أن يشتري أيّهما شاء و لا يجبر علو السن في الذكر فائت الأنوثة في غير هذه الصّورة فلو وجب عليه بنت لبون لم يجزئه أن يخرج حقا و لو أخرج عن ابن اللبون حقّا أو جذعا أجزأه و لو أخرج عن بنت المخاض بنت لبون أو عن بنت لبون حقّة أجزأه و لا يجوز أن يؤخذ أنزل من بنت المخاض مع الجبران بل بالقيمة السوقية و كذا لا يؤخذ أعلى من الجذع إلا بالقيمة [- ح -] لو عدم السن و ما يليها صعودا و نزولا لم ينتقل إلى الثالثة بتضاعف الجبران بل بالقيمة السوقية على أقوى القولين [- ط -] لو أراد الجبر بشاة و عشرة دراهم لم يجز بل بشاتين أو عشرين درهما إلا على سبيل التقويم السوقي و لو كانت إبله مراضا و الفريضة معدومة و عنده أدون و أعلى دفع الأدون و الجبران و ليس له دفع الأعلى بأخذ الجبران و لو انتفى الضّرر عن الفقراء جاز [- ي -] لا يثبت الجبران في غير الإبل [- يا -] البخاتي من الإبل و العراب و النجيب و الكريم و اللئيم سواء يضم بعضه إلى بعض و يجب الزكاة مع بلوغ المجموع النصاب فإن تطوّع بالأجود و إلا أخذ من أوسط المال و لو قيل بجواز إخراج ما شاء إذا جمع الشرائط كان حسنا [- يب -] لا تؤخذ المريضة من الصحاح و لا الهرمة و هي الكبيرة من غيرها و لا ذات العوار من السّليمة و لا يؤخذ الربى و هي التي تربى ولدها إلى خمسة عشر يوما و قيل إلى خمسين و لا الأكولة و هي السّمينة المتخذة للأكل و لا فحل الضّراب لقوله عليه السّلام إياك و كرائم أموالهم و لا الحامل لأنه صلى اللّٰه عليه و آله نهى أن يأخذ شافعا و لو تطوع المالك بذلك جاز و لو كانت إبله مراضا لم يكلف شراء صحيحة و لو عدم الفريضة من المراض لم يجب شراء صحيحة فإن اشترى مريضة أجزأه و كذا يجزئه لو أخرج قيمة المريضة و لو كانت إبله صحاحا و مراضا كلف فرضا صحيحا بقيمة صحيح و مريض فلو كانت قيمة الصّحيح عشرين و المريض عشرة كلّف شراء صحيح بخمسة عشر و لو كانت كلها صحاحا و الفرض مريض كلف صحيحا بعد إسقاط التفاوت بين الصحيح و المريض من الفرض و لو كانت أمراضها متباينة أخذ من وسطها [- يج -] المأخوذ في الزكاة يسمى فريضة و ما يتعلق به الزكاة نصابا و ما نقص شنقا و أوّل فرائض الإبل المأخوذة بنت المخاض و هي التي كملت سنة و دخلت في الثانية و الماخض الحامل و المخاض اسم جنس لا واحد له من لفظه و الواحدة خلفة ثم بنت اللبون و هي التي لها سنتان و دخل في الثالثة ثم الحقة و هي التي لها ثلاث سنين و دخلت في الرابعة ثم الجذعة بفتح الذال المعجمة و هي التي دخلت في الخامسة و هي أعلى الأسنان فإذا دخلت في السادسة فهي الثنية فإن دخلت في السابعة فهي الرّباع و الرباعية و إن دخلت في الثامنة فهو سديس و سدس فإذا دخلت في التاسعة فهو بازل أي طلع نابه ثم بعد ذلك بازل عام أو بازل عامين و هكذا [- يد -] السّوم شرط في الإبل و البقر و الغنم إجماعا فلا يجب الزّكاة في المعلوفة و لو علفها بعض الحول قال الشيخ رحمه اللّٰه يعتبر الأغلب و الأقرب عندي اعتبار الاسم و كذا لو اعتلفت من نفسها أو منعها مانع من السوم فعلفها مالكها أو غيره بإذنه أو بغير إذنه [- يه -] الحول شرط في الأنعام الثلاثة و الذهب و الفضة بلا خلاف و يتحقق كمال الحول إذا أهل الثاني عشر و إن لم يكمل أيام الحول و يعتبر النصاب و الملك من أول الحول إلى آخره فلو نقلها عنه في أثناء الحول انقطع فإن استردها استأنف الحول من حين الارتداد و كذا لو عاوضها بجنسها أو بغير جنسها و القول قول المالك في حولان الحول من غير يمين و لو شهد عليه عدلان بحولان الحول قبل و أخذ منه الحق و لو مات المالك انتقل النصاب إلى الوارث و استأنف الحول حين الانتقال [- يو -] لو كان معه خمس من الإبل فحال عليها حولان وجبت شاة واحدة و لو كان قد أخرج عن الأوّل من غير العين ثم حال الثاني وجب عليه شاة ثانية و لو كان معه أزيد من نصاب و حال عليه أحوال وجبت الزكاة متعددة عن كل سنة بعد إسقاط ما يجب في السّنة المتقدّمة عن نصاب المتأخّرة إلى أن ينقص عن النصاب فلو حال على ست و عشرين حولان وجبت بنت مخاض و خمس شياه و لو حال ثلاثة وجبت بنت مخاض و تسع شياه [- ين -] لا يعد السخال مع الأمهات و لا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول و ليس حول أمّهاتها حولها سواء كانت متولدة منها أو من غيرها و سواء كانت أمهاتها تتمة النصاب أو نصابا و سواء وجدت معها في بعض الحول

ص: 60

أو لا و الوجه عندي أن السخال لا يجب فيها النصاب حتى يستغنى عن أمهاتها بالرعي ثمّ تبقى حولا بعده [- يح -] لو كان معه دون النصاب فنتجت في أثناء الحول حتى كمل النصاب استأنف الحول عند كمال النّصاب مع حصول السوم في السخال [- يط -] لو ملك نصابا من الصغار انعقد عليه الحول من حين السّوم و إن لم يكن معها كبار لم يؤخذ منها و لا يجب كبيرة عنها [- ك -] من شرائط الأنعام أن لا يكون عوامل فإنه لا زكاة في العوامل و إن كانت سائمة [- كا -] لو تلف من النصاب شيء ضمن المالك الفريضة كملا إن كان بتفريط و إلا سقط من الفريضة بنسبة التالف من النصاب [- كب -] ينقطع الحول بارتداد المالك إن كان عن فطرة و يستأنف ورثته الحول من حين الارتداد و التمكن و لو كان عن غير فطرة لم ينقطع و وجبت الزكاة عند تمام الحول ما دام باقيا

الفصل الثّالث في زكاة البقر

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] الزكاة تجب في البقر بشروط الإبل و قد تقدّمت إلا أن النّصاب هنا مخالف للنصاب ثم فللبقر نصابان أحدهما ثلاثون و فيه تبيع أو تبيعة و الثاني أربعون و فيه مسنة و هكذا دائما في كل ثلاثين تبيع أو تبيعه و في كلّ أربعين مسنة و ليس فيما نقص على الثلاثين شيء و لا فيما بين الثلاثين و الأربعين [- ب -] لا شيء في الزائد على الأربعين حتى يبلغ ستّين و فيها تبيعان أو تبيعتان [- ج -] التبيع و التبيعة هو الذي له سنة و دخل في الثانية و يسمى جذعا و جذعة للأنثى و المسنة هي التي دخلت في الثالثة و هي الثنية و لا يؤخذ غيرهما في البقر و إذا دخل في الرابعة فهو رباع أو رباعية و هو في الخامسة سديس و سدس و في السادسة صالغ ثم لا اسم له بعده بل يقال صالغ عام و صالغ عامين و هكذا [- د -] ما يؤخذ منه الزكاة يسمّى نصابا و المأخوذ فريضة و ما لا يؤخذ منه يسمى قصار [- ه -] لو اتفق في النصاب الفرضان كمائة و عشرين تخير المالك كما قلنا في الإبل و لو وجب عليه تبيع أو تبيعة فأخرج مسنة أجزأه إجماعا و لو وجب عليه مسنة ففي إجزاء التبيعين أو التبيعتين نظر أقربه الإجزاء مع عدم النقصان قيمة [- و -] الفريضة المأخوذة في الإبل و البقر الإناث خاصة سوى ابن اللبون و هو بدل عن ابن المخاض في الإبل و التبيع في البقر خاصة و لو أعطى مسنا بدل مسنة لم يجزئه إجماعا و لو كانت إبله ذكورا كلها ففي تكليفه الأنثى نظر أقربه جواز الذكر كالمعيب [- ن -] لو فقد السن الواجبة في البقر انتقل إلى غيرها بالقيمة السّوقية أو دفع القيمة [- ح -] البقر العراب و الجواميس جنس واحد يضم أحدهما إلى الآخر و يؤخذ من كل نوع بحصّته فإن ماكس أخذ منه الفريضة بالنسبة إلى الجيد و الرديء فلو كانت الجواميس عشرة و العراب عشرين نظر في الفريضة منهما فإذا كانت من الجواميس بستة و من العراب ثلاثة كلف جاموسة بأربعة أو بقرة بها و كذا لو اختلف البقر في الجودة و الرداءة و الخيار إلى المالك لا الساعي [- ط -] لا زكاة في بقر الوحش إجماعا و المتولّد من الوحشي و الإنسي يعتبر فيه الاسم

الفصل الرّابع في زكاة الغنم

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] شروط زكاة الغنم و شروط زكاة الإبل و البقر من الملك و النصاب و السّوم و الحول و التكليف و إمكان التصرف إلا أن النصاب هنا غير النّصاب هناك و اعلم أن للغنم أربعة نصب أولها أربعون و فيه شاة و الثاني مائة و إحدى و عشرون و فيه شاتان و الثالث مائتان و واحدة و فيه ثلاث شياه و الرابع ثلاثمائة و واحدة ففي كل مائة شاة و هكذا بالغا ما بلغ ففي أربعمائة أربعة و في خمسمائة خمس و هكذا و عند الشيخ رحمه اللّٰه أن في ثلاثمائة و واحدة أربع شياه و في أربعمائة و واحدة يؤخذ من كل مائة شاة و الأوّل أقرب [- ب -] ما يتعلق به الزكاة يسمى نصابا و ما لا يتعلّق به هنا يسمى عفوا و لا زكاة فيما نقص عن الأربعين و لا فيما بين النصب [- ج -] الضأن و المعز سواء يضم بعضها إلى بعض فيؤخذ من كل شيء بقسطه فإن ماكس أخذ بالنّسبة فإذا كان الضأن عشرين و المعز عشرين و قيمة ثنية المعز عشرين و جذع الضأن ثمانية عشر أخذ ثنية قيمتها تسعة عشر أو جذعا قيمة ذلك و لو قيل يجزي إخراج ما يسمّى شاة كان وجها [- د -] لا زكاة في الظباء و المتولّد من الوحشي و الإنسي يعتبر فيه الاسم [- ه -] لو ملك أربعين فحال عليها ستة أشهر ثم ملك أربعين أخرى وجب عليه شاة عند تمام حول الأوّل و إذا تم حول الثانية لم يجب فيها شيء أما لو ملك بعد نصف الحول تمام النصاب الثاني و زيادة واحدة فما زاد وجب عليه عند تمام حول الأوّل شاة و هل يحصل ابتداء انضمام النصاب الأول إلى النصاب الثاني عند ملك الثاني أو عند تمام حول الأول الأقرب الأول و فيه إشكال و لو قيل بسقوط اعتبار نصاب الأول عند ابتداء ملك تمام النّصاب الثاني و صيرورة الجميع نصابا واحدا كان وجها [- و -] أول ما تلد الشاة يقال لولدها سخلة للذكر و الأنثى في الضأن و المعز ثم يقال بهيمة كذلك فإذا بلغت أربعة أشهر فهي في المعز جفر و جفرة و الجمع جفار فإذا جاوزت أربعة أشهر فهي عتود و الجمع عتدان و عريض و جمعها عراض و من حين يولد إلى هذه الغاية يقال لها عناق للأنثى و جدي للذكر فإذا استكملت سنة فالأنثى عنز و الذكر تيس فإذا دخلت في الثانية فهي جذعة و الذكر جذع فإذا دخلت في الثالثة فهي الثنية و الثني و في الرابعة رباع و رباعية و في الخامسة سديس

ص: 61

و سدس و في السادسة صالغ ثم يقال صالغ عام و [صالغ] عامين و أما الضأن فالسّخلة و البهيمة كما في المعز ثم هو حمل للذكر و الأنثى دخل إلى سبعة أشهر ثم و هو جذع إلى سنة و في الثانية ثني أو ثنية ثم يلتحق بالمعز في الاسم و أقيم الجذع من الضأن مقام الثني من المعز لأن جذع الضّأن ينزو لسبعة أشهر و المعز إنما ينزو في السّنة الثانية

الفصل الخامس في زكاة الذهب و الفضّة

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] شروط الزكاة فيهما الملك و النصاب و الحول و كونهما مضروبين منقوشين بسكة المعاملة أو ما كان يتعامل بها دراهم أو دنانير و إمكان التصرّف و التكليف و لا زكاة في السّبائك و النقار و الحلي [- ب -] لكل من الذهب و الفضّة نصابان فالأوّل في الذهب عشرون دينارا و فيه نصف دينار و لا زكاة فيما دون ذلك و لو كان بشيء يسير و ابن بابويه جعل النصاب الأول أربعين و ليس بمعتمد الثاني أربعة دنانير و فيها قيراطان و هكذا دائما في كل أربعة قيراطان و ليس فيما دون أربعة شيء أصلا و الأول في الفضة مائتا درهم و فيها خمسة دراهم و الثّاني أربعون درهما و فيها درهم و كذا دائما في كل أربعين درهم و لا زكاة فيما نقص عن المائتين و إن كان بشيء يسير جدا و لا ما نقص عن الأربعين [- ج -] كل واحد من الجوهرين يعتبر نصابا بنفسه لا بقيمته من الآخر و لو اختلفت الموازين فنقص في بعضها دون الآخر بما جرت العادة به وجبت الزكاة و لو نقص في الموازين أجمع سقطت [- د -] الدراهم في صدر الإسلام كانت صنفين بغلية و هي السّود كل درهم ثمانية دوانيق و طبرية كل درهم أربعة دوانيق فجمعا في الإسلام و جعلا درهمين متساويين وزن كل درهم ستة دوانيق فصار وزن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل بمثقال الذهب و كل درهم نصف مثقال و خمسه و هو الدرهم الذي قدر به النبي صلّى اللّٰه عليه و آله المقادير الشرعيّة في نصاب الزكاة و القطع و مقدار الديات و الجزية و غير ذلك و الدانق ثماني حبات من أوسط حبّ الشعير [- ه -] الاعتبار في بلوغ النصاب بالميزان لا بالعدد و العفو الأول في الذّهب ما نقص عن العشرين و الثاني ما نقص عن أربعة و العفو الأول في الفضة ما نقص عن المائتين و الثاني ما نقص عن أربعين [- ز -] لو مر على العشرين نصف الحول ثم ملك أربعة أخذ نصف دينار عند تمام الحول ثم استأنف حول العشرين أما لو ملك خمسة أخذ بالواجب من العشرين عند كمال الحول و ابتدأ بحول الزائد من حين الملك و أخذ منه الواجب [- ح -] لا يجب في المغشوش من الذهب و الفضّة حتى يبلغ صافيهما نصابا فإذا بلغ فإن أخرج جيدا بمقدار المغشوش أو أخرج من العين و كان الغش متفقا أجزأ و إلا فإن علم مقدار الغش أجزأه أن يخرج عن الصافي خاصة و إن لم يعلم استظهر في الإخراج إما من غير العين أو منها ما يحصل به اليقين بالبراءة و إن لم يفعل أمر بسبكها على إشكال و لو كان المغشوش نصابا لا غير لم يجب الزكاة و لو لم يعلم بلوغ الخالص نصابا استحبّ له الإخراج و لم يكلف السبك و لو كمل بالصافي من المغشوش ما معه من الخالص وجبت الزكاة [- ط -] لا عبرة باختلاف الرغبة مع تساوي الجوهرين في العيار و يضم جيّد الثمن كالرضويّة مع ما هو دونها في القيمة و مساويها في العيار و يستحب أن يخرج من الأعلى و الأوسط و إن أخرج من الأدون جاز و لو أخرج من الأعلى بقدر قيمة الأدون لم يجز [- ي -] المكسور من الدراهم و الدنانير إذا انكسر بعد ضربه و نقشه وجبت الزكاة فيه [- يا -] الحليّ لا يجب فيه الزكاة سواء كان محللا أو محرّما كثر أو قل و لا فرق بين أن يتّخذ للاستعمال أو الإعارة أو الإجارة أو للذخيرة و روي أن زكاته إعادته [- يب -] ما يجري على السقوف و الحيطان من الذّهب حرام سواء الكعبة و المساجد و غيرها في ذلك اختاره الشيخ و رجح في الخلاف إباحته و على التقديرين لا زكاة فيه قال الشيخ و حلية السيف و اللجام بالذّهب حرام قال رحمه اللّٰه و لا نصّ لأصحابنا في تذهيب المحاريب و تفضيضها و تذهيب المصاحف و ربط الأسنان بالذهب و الأصل الإباحة و الأواني من الذهب و الفضّة حرام و لا زكاة فيها و لو أتلفها متلف لزمه قيمة الفضة دون الصنعة لأنها محرّمة [- يج -] لو قصد الفرار بالسّبك فإن سبك قبل الحول فلا زكاة و إن سبك بعده وجبت الزكاة و كذا لو قصد غرضا صحيحا و بعض علمائنا أوجب الزكاة مع قصد الفرار قبل الحول فلو زاد ما وزنه مائتان مائة للصّنعة تخير المالك بين دفع خمسة قيمتها سبعة و نصف و بين جعل ربع العشر من العين و الصنعة أمانة إلى وقت بيعها و بين دفع ذهب أو عرض غيره بقيمة سبعة و نصف و لو دفع مكان الخمسة سبعة و نصف لم يجز لأنّه ربا [- يد -] لا يضمّ السبائك و لا النقار إلى الذهب و الفضّة و كذا لا يضمّ عروض التجارة إليهما

الفصل السّادس في زكاة الغلات

و فيه [- لر -] بحثا [- ا -] الشرط في وجوب الزكاة هنا الملك و النّصاب و التكليف و إمكان التّصرف و النصاب هنا في الغلات الأربع شيء واحد و هو خمسة أوسق فلا يجب الزكاة فيما دونها و لا تقدير في الزائد بل تجب فيه و إن قل [- ب -] الوسق ستّون صاعا بصاع النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و الصاع أربعة أمداد و المدّ رطلان و ربع بالعراقي و قول ابن أبي نصير المد رطل و ربع تعويل على رواية ضعيفة و الرطل العراقي مائة و ثمانية و عشرون

ص: 62

درهما و أربعة أسباع درهم و هو تسعون مثقالا و المثقال درهم و ثلاثة أسباع درهم و هذا التقدير تحقيق لا تقريب فلو نقص النصاب عن خمسة أوسق سقطت الزكاة و إن قل [- ج -] النصب معتبرة بالكيل بالأصواع و اعتبر الوزن للضّبط فلو بلغ بهما أو بالوزن وجبت الزكاة قطعا و لو بلغت بالكيل دون الوزن كالشعير لخفته ففي وجوب الزكاة فيه نظر أقربه العدم [- د -] لو تساوت الموازين في النقص اليسير سقطت الزكاة و لو اختلفت فيه وجبت و لو شك في البلوغ و لا مكيال هناك و لا ميزان و لم يوجد أسقط الوجوب دون الاستحباب [- ه -] إنما يعتبر الأوساق عند الجفاف فلو بلغ الرطب النصاب لم يجب الزكاة و اعتبر النصاب عند جفافه تمرا [- و -] لا يجب الزكاة في الغلات الأربع إلا إذا نمت على ملكه فلو اشترى غلة أو وهب له أو ورثها بعد بدو الصلاح وجبت الزكاة على البائع أما لو انتقلت إليه قبل بدو الصّلاح فبدا صلاحها عنده وجبت الزكاة عليه و الأقرب احتساب الثمن من المئونة بخلاف ثمن الأصول و إذا أخرج الزكاة من الغلة لم يتكرر عليه و إن بقيت أحوالا و لو اشترى نخلا و ثمرته قبل بدو الصلاح فالزكاة على المشتري و لو كان بعد بدو الصّلاح فالزكاة على البائع [- ز -] لو مات المالك و عليه دين و ظهرت الثمرة فلا زكاة على الوارث و لو فضل النصاب بعد الدين أما لو صارت تمرا و المالك حيّ ثم مات وجبت الزكاة و لو كان الدين مستغرقا و لو ضاقت التركة فالوجه تقديم الزكاة و قيل بالتحاص [- ح -] إذا بلغت الغلات الأربع النصاب وجب فيها العشر إن كانت تسقى سيحا أو بعلا أو عذيا و لو افتقر سقيها إلى مئونة كالدوالي و النواضح وجب فيها نصف العشر و لا يؤثر حفر الأنهار و السواقي و لا احتياجها إلى الساقي ليحول الماء من موضع إلى آخر في نقصان الزكاة أما لو جرى الماء في ساقية من النهر و استقر في مكان قريب من وجه الأرض و افتقر إلى الآلة في صعوده وجب نصف العشر [- ط -] لو شربت الثمرة سيحا و غير سيح اعتبر الأغلب و حكم له و لو تساويا أخذ من نصف الثمرة بحساب العشر و من نصفها نصف العشر و لو كان له ذرعان أحدهما سائح و الآخر ناضح ضما في تكميل النصاب و أخذ من كل منهما ما وجب فيه و القول قول المالك من غير يمين في أغلبية النّاضح [- ي -] الوجوب يتعلق بالحب إذا اشتدّ و بالثمرة إذا بدا صلاحها و قيل إنما يجب إذا صار الزرع حنطة أو شعيرا أو الرّطب تمرا أو زبيبا و المعتمد الأول و تظهر الفائدة فيما لو تصرف بعد بدو الصلاح قبل صيرورته تمرا و اتفق العلماء كافة على أن الإخراج إنما يجب في الغلة بعد التّصفية و في الثمرة بعد الجفاف [- يا -] لو تلفت بعد الجفاف بتفريط ضمن و بدونه لا ضمان و لو قطعها قبل بدو الصّلاح لحاجة فلا زكاة و لم يكن قد فعل مكروها و إن كان لغير حاجة فلا زكاة أيضا و لكنه فعل مكروها و لو تلف بعضها بعد بدو الصلاح بغير تفريط وجبت الزكاة إذا بلغ المجموع النصاب و سقط من الفريضة بنسبة التالف من المجموع [- يب -] لو اشترى الذمي زرع المسلم قبل بدو الصّلاح و رده بعد اشتداده لعيب فلا زكاة و لو ظهر فساد البيع من أصله ففي الوجوب نظر لعدم تمكنه من التصرف ظاهرا [- يج -] لو كان له رطب لا يجف عاد فوجبت الزكاة فيه بعد بلوغه النصاب و يعتبر بنفسه لا بجنسه [- يد -] لو كان له نخل يتفاوت إدراكه بالسرعة و البطء أو زرع أو كرم كذلك ضم السابق مع اللاحق إذا كانا لعام واحد و كذا البحث لو كان أطلاعه متفاوتا سواء كان في موضع واحد أو في أمكنة متباعدة [- يه -] لو كان له نخل يطلع مرتين في عام ضممناهما فإن بلغ المجموع نصابا تعلقت الزكاة و إلا فلا و قول الشيخ هنا مدخول ضعيف [- يو -] لو كان النخل جيّدا لم يجز الرديء و لو كان رديئا لم يكلف شراء الأجود و لو كان منهما أخرج بالتقسيط على الأفضل و لو أخرج من الأردإ ففي الإجزاء نظر و في رواية حسنة عن محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام قال سألته ما أقل ما يجب فيه الزكاة قال خمسة أوسق و يترك معى فأرة و أم جعرور لا يزكيان و إن كثر أو الظاهر أن مراده عليه السّلام لا يخرج منهما لا أنه لا زكاة فيهما لو بلغا النّصاب [- ين -] الزكاة في الغلاّت تجب بعد المئونة كأجرة السقي و العمارة و الحصار و الجذاذ و الحافظ و البذر و الخراج و بعد حصة السّلطان فإذا أخرجت هذه الأشياء و كان الباقي نصابا وجبت الزكاة و إلا فلا و للشيخ رحمه اللّٰه هنا قول ضعيف [- يح -] يجوز الخرص في الكرم و النخل و الأقرب عدم جوازه في الزرع و يضمن الخارص المالك حصّة الفقراء و وقته بدوّ الصّلاح و يجزي الخارص الواحد و الأفضل اثنان و لا بدّ أن يكون أمينا [- يط -] إذا عرف الخارص المقدار خير المالك في إبقائه أمانة في يده فليس له التّصرف حينئذ بالبيع و الهبة و الأكل و في تضمينه فيتصرف كيف شاء و يجوز أن يضمن الخارص حق المالك و يجوز أن يقسم الثمرة على رءوس النخل فيعين الساعي حصة الفقراء في نخل بعينه [- ك -] ينبغي للخارص التّخفيف عن المالك بقدر ما يستظهر به المالك لما يكون بإزاء المارة فما يتساقط فيأكله الهوام و ما ينتابه الطير و النظر في التخفيف إلى الخارص [- كا -] الخرص لا يفيد التضمين و إن اختار المالك الضمان بل إخراج الزكاة بحكم الخرص لو تلفت بتفريط

ص: 63

من المالك و لم يعلم القدر و لو تلفت من غير تفريط سقطت الحصّة المضمونة بالخرص و لو اختار المالك الحفظ ثم أتلف الثّمرة أو تلفت بتفريطه ضمن حصّة الفقراء بالخرص إن لم يعلم القدر و إلا ضمن القدر و كذا لو أتلفها الأجنبي و لو افتقرت النخلة إلى تجفيف الثمرة جففت و سقط من الخرص بحسابه [- لب -] لو ادعى المالك التلف أو تلف البعض بعد الخرص فإن كان بسبب ظاهر فالقول قوله و لا يمين عليه لو اتهمه الساعي خلافا للشيخ و لو نكل عند الشيخ غرم و لو كان يخفى فالقول قوله و لا يمين أيضا و لو ادعى غلط الخارص بالمحتمل قيل قوله من غير يمين و لو ادعى غير المحتمل لم يقبل منه و لو زاد الخرص فالزيادة للمالك و يستحب له بذلها قاله ابن الجنيد [- كج -] لو لم يخرج الإمام خارصا جاز للمالك أن يخرج خارصا و أن يخرص بنفسه و يحتاط في التقدير و يجوز للمالك قطع الثمرة و إن كره الخارص سواء ضمن أو لم يضمن و منع الشيخ في المبسوط ليس بجيد [- لد -] لا يجوز للساعي أخذ الرطب عن التمر و لا العنب عن الزّبيب إلا بأن يغير حاله عند الجفاف فإن فضل رد الفاضل و إذ نقص استعاد النقصان و لو دفع المالك الرطب عن التمر لم يجزه و لو كان عند الجفاف بقدر الواجب إلاّ بالقيمة السّوقية و عندي فيه نظر [- كه -] لو استأجر أرضا فزرعها ببذره كانت الزكاة على المستأجر و كذا لو استعار أرضا أو غصبها و لو زارع مزارعة فاسدة كانت الزكاة على صاحب البذر و لو كانت صحيحة كان الزكاة عليهما إذا بلغ نصيب كلّ منهما نصابا و لو بلغ نصيب أحدهما وجبت عليه خاصة [- كو -] لو اشترى ثمرة بشرط القطع قبل بدو الصّلاح فلم يقطعها حتى بدا صلاحها فإن طالب البائع بالقطع أو المشتري أو اتفقا جاز و هل تسقط الزكاة عن المشتري قال الشيخ نعم و عندي فيه إشكال و لو اتفقا على التبقية أو بقيت برضا المالك فإن الزكاة تجب على المشتري قولا واحدا [- كز -] الحنطة و الشعير هنا جنسان إجماعا لا تضمّ أحدهما إلى الآخر و إن اتحدا في باب الربا على الأقوى خلافا لابن إدريس

الفصل السّابع في الأحكام

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] لو ثلم النصاب قبل الحول سقطت و إن فعله فرارا و كذا لو بادل جنسا بجنس مماثل أو مخالف و يستأنف في البدل الحول من حين الانتقال و لو وجد به عيبا قبل الحول ردّه و استرجع النصاب و استأنف الحول من حين الرّجوع و إن كان بعد الحول و قبل الأداء بطل الرد إلى أن يؤدّي الزكاة من غير العين على إشكال و إن كان بعد الأداء من العين فكذلك و إن كان من غير العين جاز الردّ و لو كانت المبادلة فاسدة لم يزل ملك واحد منهما فإذا تم الحول وجبت الزكاة على إشكال [- ب -] لو باع النصاب بعد الحول قبل الأداء صحّ في نصيبه و وقف نصيب الفقراء فإن أدى الزكاة من غيره صحّ الجميع و إلا بطل نصيب الفقراء فيتخيّر المشتري (- ح -) و لو عزل نصيبهم و باع الباقي صحّ و لو وهبه بعد الحول صحّ في نصيبه و وقف نصيب الفقراء فإن أدى المالك من غيره صحّ و إلا فلا [- ج -] لا تسقط الزكاة بموت المالك إذا وجبت عليه سواء أوصى بها أو لم يوص و يخرج من طلب المال [- د -] لو تلف المال من غير تفريط سقطت الزكاة و إن كان بتفريط أو بعد إمكان الأداء وجبت [- ه -] يجوز إخراج القيمة في الأنعام و غيرها و منع المفيد في الأنعام بعيد و يجوز إخراج مهما شاء قيمة و القيمة تخرج على أنها قيمة الأصل و الأقرب جواز إخراج المنافع [- و -] لا اعتبار بالخلطة في الزكاة بل يخرج كل من المالكين ما يخصّه من ماله إن بلغ النصاب و إلا فلا شيء و لو بلغ المجموع النصاب أو أكثر سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف كما لو اشتركا في المسرح و المرعى و المحلب و المشرب و الفحل و الراعي و كذا لا أثر للخلطة في نقصان الفريضة فلو كان لثلاثة مائة و عشرون وجب على كل واحد شاة و لا فرق في سقوط اعتبار الخلطة بين الماشية و غيرها [- ز -] لو كان النصاب لواحد وجبت الزكاة عليه و إن كان متفرقا في أماكن مختلفة كما لو كان له أربعون شاة متفرقة في البلاد سواء تباعدت البلدان أو تقاربت و لو كان له ثمانون في بلدين وجبت شاة واحدة [- ح -] الزكاة تجب في العين لا في الذمة سواء كان المال حيوانا أو أثمانا أو غلات فلو كان له نصاب واحد حال عليه حولان و لم يؤد وجبت عليه فريضة واحدة و لو أدى من غير العين وجب عليه الإخراج ثانيا [- ط -] لا يضم جنس إلى غيره فلو كان عنده أربع من الإبل و عشرون من البقر و ثلاثون من الغنم لم يجب عليه شيء و كذا باقي الأصناف [- ي -] الدّين لا يمنع الزكاة و إن استوعب سواء في ذلك الأموال الظاهرة و الباطنة و لا فرق بين حقوق اللّٰه تعالى و حقوق الآدميين [- يا -] لو حال الحول على النصاب فتصدق به أجمع صحّ ثم إن نوى الزكاة أجزأه و إلا ضمن حصة الفقراء

الفصل الثامن فيما يستحبّ فيه الزكاة
اشارة

و فيه مطلبان

الأوّل في مال التجارة

و فيه ثلاثة و عشرون بحثا [- ا -] يستحب الزكاة في مال التجارة على أقوى القولين و هو المال المنتقل بعقد معاوضة يقصد به الاكتساب عند التملك و لا يكفي النية من دون الشراء و لو انتقل بهبة أو ميراث أو نوى القنية فلا زكاة [- ب -] شرط ثبوت الزكاة فيها استحبابا عندنا و وجوبا عند بعض علمائنا الحول و بلوغ القيمة النصاب

ص: 64

و نية الاكتساب بها عند التملك و أن يكون الاكتساب بفعله كالابتياع و الاكتسابات المحللة لا بما يملكه بميراث و إن نواه للتجارة و الأقرب اشتراط كون التملّك بعوض لا بالهبة و الاحتطاب و الاحتشاش و النكاح و الخلع و قبول الوصيّة و يشترط وجود رأس المال طول الحول فلو كان عنده متاع قيمته نصاب فزاد في أثناء الحول لم يبن حول الزيادة على الأصل بل يثبت زكاة رأس المال عند تمام حول الأصل و زكاة الزيادة عند تمام حولها إن بلغت نصابا سواء نض المال في أثناء الحول أو لم ينض [- ج -] قال الشيخ لو اشترى عرضا للتجارة بدراهم أو دنانير لم ينقطع حول الدراهم بل يبني حول العرض على حول الأصل و لو اشترى بنصاب من غير الأثمان كخمسة من الإبل استأنف الحول و لو كان معه سلعة ستة أشهر ثم باعها بنى على حول الأصل [- د -] لو اشترى سلعة للتجارة بسلعة للقنية جرت في الحول من حين انتقالها إليه [- ه -] عروض التجارة يبنى حول بعضها على بعض فلو كان في يده عرض للتجارة ثبت فيه الزكاة إذا أقام في يده ستة أشهر ثم اشترى به عرضا آخر للتجارة و أقام سنة أخرى يثبت الزكاة بخلاف الزكاة الواجبة لو بادل أحد النصيب بغيره و كذا لو نض المال بنى على حول العرض [- و -] يثبت زكاة التجارة في كل حول مع الشرائط [- د -] لو اشترى سلعا في أوقات متعاقبة فإن كانت قيمة كل واحدة نصابا زكى كل سلعة عند تمام حولها و إن بلغ المجموع النصاب زكاه عند حولان الحول عليه أجمع و لو كان الأول نصابا دون الباقي فكلما حال عليه الحول ضم إلى الأول و زكاه كالمال الواحد [- ح -] لو ملك دون النصاب و حال عليه الحول لم يثبت الزكاة و يشترط وجود النصاب في جميع الحول فلو كان دون النصاب ثم كلمه بزيادة القيمة السّوقية أو بنمائه أو بانضمام عرض آخر للتجارة في ملكه اعتبر الحول عند الكمال و لو نقص في أثنائه ثم كمل اعتبر الحول من حين الكمال [- ط -] لو اشترى شقصا بعشرين فحال الحول و هو يساوي مائة و حال الحول على الزيادة يثبت زكاة مائة و يأخذ الشفيع بالعشرين و لو اشترى سلعة فحال الحول ثم وجد بها عيبا فردها به يثبت الزكاة [- ي -] لو باع السّلعة في أثناء الحول استأنف حول الثمن [- يا -] تقوم السلعة بعد الحول بالثمن الذي اشتريت به سواء كان نصابا أو أقل و لا يقوم بنقد البلد و لو بلغت السلعة نصابا بأحد النقدين دون الآخر يثبت الزكاة [- يب -] القدر المخرج هو ربع عشر القيمة من النقد الذي كان رأس المال [- يج -] لو نوى القنية وقت الشراء لم يثبت الزكاة و لو نوى التجارة بعد ذلك أو ورث مالا أو استوهب و قصد أنّه للتجارة لم يصر للتجارة بمجرد النية [- يد -] لو نقص رأس المال في أثناء الحول و لو حبة سقطت الزكاة و إن كان ثمنا ضعاف النصاب و لو بلغ رأس المال استأنف الحول حينئذ و لو نقص بعد الحول و إمكان الأداء لم تسقط الزكاة في الناقص و لو كان قبل إمكان الأداء سقطت فيه خاصة [- يه -] زكاة التجارة تتعلّق بالقيمة فيجوز بيع العروض قبل الأداء [- يو -] زكاة التجارة لا تمنع زكاة الفطرة فلو اشترى رقيقا للتجارة يثبت زكاتها و وجب على المالك زكاة الفطر عنه [- ين -] لا يجتمع زكاة العين و التجارة في مال واحد فلو ملك أربعين سائمة للتجارة و قيمتها نصاب و حال الحول سقطت زكاة التجارة و يثبت زكاة العين [- يح -] لو اشترى أرضا للتجارة فزرعها أو نخلا لها فأثمر ثم وجبت زكاة العين في الزّرع و الثمرة لم تسقط زكاة التجارة في الأرض و النخل و للشيخ رحمه اللّٰه هنا قول ضعيف عندي [- يط -] لو كان معه مائة درهم فاشترى بمائة و خمسين عرضا فإن لم ينقص قيمته كمال الحول ضم إلى الخمسين و يثبت الزكاة و لو كان معه أربعون سائمة فعاوضها بأربعين سائمة و كلاهما للتجارة و كمل الحول عليهما يثبت زكاة التجارة و على قول الشيخ يثبت زكاة العين [- ك -] لو دفع ألفا قراضا على النصف فربح ألفا ضممنا حصة المالك إلى رأس المال و يثبت الزكاة فيه و في حصة العامل أيضا إذا اتفق رأس المال و الزيادة في الحول و لو اختلفا أخذنا زكاة رأس المال مع حوله و إذا حال الحول على الزيادة أخذت الزكاة من حصته و الباقي على العامل و تردّد الشيخ رحمه اللّٰه في تعجيل إخراج حصة الحامل لحصول الملك له بظهور الرّبح و يملك الفقراء حصّتهم منه بظهوره و بين تأخيره إلى القسمة لكونه وقاية و هو عندي أقرب و هنا لا يختص بربحه فإنّه لو كان رأس المال عشرة فربح عشرين ثم ثلاثين كانت الخمسون بينهما و لو استقر ملكه للربح لكان للعامل ثلاثون [- كا -] لو نوى بنصاب التجارة القنية تعين البناء على ما تقدم من الحول لزكاة المال [- كب -] لو اشترى سلعة بدراهم فحال عليها الحول و باعها بالدنانير قومت السلعة دراهم و لو باعها قبل الحول بدنانير ثم حال الحول قومت الدنانير دراهم [- كج -] لو نتج مال التجارة كان النتاج مال التجارة و يجزيه نقصان الولادة في نصاب التجارة و ليس حوله حول الأصل على ما تقدم

المطلب الثّاني في بقية ما يستحب فيه الزكاة

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] يستحب الزكاة في الخيل بشروط أربعة الأول الملك التام فلا يستحب في المستعار

ص: 65

و المستأجر و لا المغصوب و لا الضال الثاني السّوم فلا زكاة في المعلوفة الثالث الحول الرابع الأنوثة فلا زكاة في الذكور [- ب -] يخرج عن كلّ عتيق في كل سنة ديناران و عن كل برذون في كل عام دينار [- ج -] يستحب الزكاة في كل ما يخرج من الأرض غير الغلات الأربع التي يجب فيها الزكاة بشرط الكيل أو الوزن و الملك و النصاب كالأرز و العدس و الذرة و أشباهها [- د -] النصاب هنا كما هو في الغلات الأربع خمسة أوسق [- ه -] القدر المخرج العشر إن كان قد سقي سيحا أو شبهه و نصف العشر إن كان قد سقي بالدوالي و النواضح و أشباهها و لو اجتمعا فكالغلات [- و -] لا يستحبّ الزكاة في الخضر كالبقول و البطيخ و أشباهه [- ز -] يستحب الزكاة في المساكن و العقارات و الدكاكين إذا كانت للغلة و يخرج من غلتها الزكاة و لو لم يكن الدار دار غلة و لا عقارا متخذا للأجرة لم يستحب الزكاة [- ح -] لا يستحب الزكاة في الأقمشة و الأثاث و الفرش و الأواني و الرقيق و الماشية عدا ما تقدم

المقصد الثالث في وقت الإخراج و المتولي له
اشارة

و فيه مطلبان

الأوّل في الوقت

و فيه [- يه -] بحثا [- ا -] لا زكاة في الأنعام و الأثمان حتى يحول الحول و هو مضي أحد عشر شهرا ثم إذا أهل الثاني عشر وجبت الزكاة إذا استمرت الشرائط كمال الحول و وجوبها على الفور و أما الغلات فإذا صفت الغلة و اقتطفت الثمرة وجب الإخراج على الفور و لا يجوز له التأخير سواء طولب بها أو لا مع وجود المستحقّ [- ب -] لو أخر الإخراج مع التمكن و وجود المستحق ضمن و كذا لو بعث إليه زكاة ليفرقها فأخر مع وجود المستحق و إمكان الإخراج ضمن و كذا الوصيّ لو أخر دفع ما أوصي إليه بدفعه و لو كان عليه ضرر في الإخراج جاز التأخير و لو أخرها ليدفعها إلى من هو أحقّ بها كالقرابة أو ذي الحاجة الشّديدة ضمن مع وجود المستحقّ قلت أو كثرت و لا يكون قد فعل حراما و لو كثر المستحقون في البلد و طلب تعميم العطاء جاز له التأخير في الإعطاء لكل واحد بقدر ما يعطى غيره و في الضمان حينئذ إشكال [- ج -] يجوز للمالك عزل الزكاة من دون إذن الساعي و لو أخرجها عن ملكه و لم يسلمها إلى الفقير و لا إلى الساعي و لا إلى الوالي مع المكنة ضمن و لا يكفي الإفراد و لو أخرجها عن ملكه و لم يجد الساعي و لا الفقير و تلفت من غير تفريط فلا ضمان [- د -] لو رفع إلى الفقير الزكاة فأمره الفقير أن يشتري له بها ثوبا أو غيره و لم يقبضها فتلفت ضمن المالك لأن الفقير لم يملك بعد لعدم القبض فالتوكيل فاسد أما لو قبض لم يضمن إلا بالتفريط [- ه -] روي جواز تأخير الزكاة شهرا و شهرين و عندي أنه محمول على العذر و حينئذ لا يتقدّر بغير زواله [- و -] قد روي جواز تقديم الزكاة شهرا و شهرين و ثلاثة و أربعة و عندي أن هذه الرّوايات محمولة على سبيل القرض على الزكاة لا أنه زكاة معجلة و يكون صاحبها ضامنا حتى جاء الوقت و قد أيسر الأخذ و لا يضمن لو بقي على الاستحقاق [- ز -] لو كان معه أقل من نصاب فأخرج زكاة نصاب ناويا أنه إن تم النصاب كان ما أخرجه زكاة معجلة لم يجز إجماعا [- ح -] إذا كان معه نصاب لا أزيد فدفع الزكاة منه قرضا قبل الحول سقط الوجوب و عند الشيخ رحمه اللّٰه يثبت الزكاة ما دامت عينها باقية و لو تلفت انقطع الحول و له استرجاع الثمن [- ط -] إذا دفع الزكاة قبل الحول قرضا فإن بقي المال على صفة الوجوب و المستحق على صفة الاستحقاق احتسب القرض من الزكاة عند الحول و يجوز نقلها إلى غيره و لو تغيرت حال المال أو حال القابض استعيدت العين إن كانت موجودة و القيمة عند القبض إن تلفت و لو زادت العين زيادة متصلة أو منفصلة ففي استعادتها نظر قال الشيخ يستعيدها لأن المالك إنما أقرضها زكاة فلا يملكها بذلك [- ي -] لو تسلف الساعي الزكاة من غير مسألة المالك و لا الفقراء ثم حال الحول و المالك و القابض على الصفات المعتبرة وقعت موقعها و إن تغيرت حال الدافع ردها الإمام على المالك و إن تغيرت حال المدفوع إليه ردها الإمام على غيره و لو كان تغير المدفوع إليه قبل الدفع ضمنها الساعي مع التفريط و عدمه و لو تسلف بمسألتهما و حال الحول و لم يتغير الحال فقد وقعت موقعها و إن تغيرت بعد الدفع فالحكم ما مضى و إن كان قبله و هلكت من غير تفريط قال الشيخ الأولى أن يكون منهما لأن كل واحد منهما إذن به و لو تسلف بمسألة الفقراء و لم يتغيّر الحال فقد وقعت موقعها و إن تغيرت بعد الدفع فكما تقدم و إن كان قبله و هلكت في يد الساعي قال الشيخ يضمن أهل السهمان و لو تسلفها بإذن المالك خاصة و لم يتغير الحال وقعت موقعها و إن تغيرت بعد الدّفع فكما تقدم و إن كان قبله و هلكت في يد الساعي فالمالك ضامن لأن الساعي أمينه [- يا -] ما يتعجله المستحقون متردد بين الزكاة و الاسترداد فلو تغيرت حال المالك أو الفقراء قبل الحول استعيد و كل موضع يستعيد المالك فإنه يأخذ العين مع وجودها و المثل مع عدمها و لو تعذر أو لم يكن مثلية استعاد القيمة و يقع التردد من اعتبار القيمة يوم التلف أو يوم القبض و إنما يستعيد المالك لو قال للفقير وقت الدفع هذه زكاتي جعلتها لك و لو أطلق أو قال هذه صدقة لم يكن له الاسترجاع أطلق أو قيد [- يب -] لو أيسر الفقير فإن كان بعين المدفوع جاز احتسابه من الزكاة و إن

ص: 66

كان بغيره استرجع منه أما لو أيسر بنمائه كما لو كانت إبلا فتوالدت أو أموالا فاتجر بها قال الشيخ لا يرتجع الزكاة و فيه نظر لأن المقبوض عنده قرض و نماء القرض بالمقترض [- يج -] لو أيسر بعد الدفع ثم حال الحول عليه و هو فقير جاز الاحتساب و كذا لو دفعها إلى غني ثم افتقر لأنّ الدفع عندنا على سبيل القرض [- يد -] لو دفع عين نصاب ثم أتلف بعضه قبل الحول سقطت الزكاة و استرجع ما دفعه و إن قصد بالإتلاف الاسترجاع [- يه -] لو عجل عن أحد النصابين فهلك جاز احتسابه عن النصاب الثاني عند الحول

المطلب الثّاني في المتولي للإخراج

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] يجوز للمالك تفريق الزكاة بنفسه في المال الظاهر و الباطن و الأفضل صرفها إلى الإمام العادل و لو كان غائبا فالأفضل دفعها إلى الفقيه المأمون من الإمامية [- ب -] لو أخذ الجائر الزكاة ففي إجزائها روايتان الأقرب عدمه لكن لا يضمن حصة الفقراء مما أخذه [- ج -] لا يجوز للمالك دفعها إلى الجائر طوعا و لو دفعها كذلك ضمن و لو عزلها فأخذها الظالم أو تلفت فلا ضمان [- د -] لو طلبها الإمام وجب صرفها إليه فلو فرقها المالك حينئذ قيل لا يجزئه و عندي فيه نظر [- ه -] لو فرقها بنفسه أو حملها إلى الإمام أو إلى بعض إخوانه ليفرقها سقط سهم السعاة منها [- و -] يشترط في العامل شروط ستة البلوغ و العقل و الحرّية على إشكال و الإسلام و العدالة و الفقه فيها على إشكال و هل يجوز للهاشمي أن يكون عاملا منع الأصحاب منه أما لو تولى جباية زكاة الهاشمي فالوجه جواز أخذ النصيب منها و لو تطوع بالعمالة من غير سهم و لا أجرة جاز و يجوز لمولى الهاشمي أن يكون عاملا [- ز -] الإمام مخير إن شاء استأجر الساعي بأجرة معلومة مدّة معلومة و إن شاء جعل له جعالة عن العمل يدفعها إليه مع توفيته فإن قصر النصيب عنه تيمّم له من باقي السهام و إن فضل دفع الباقي إلى أهل الزكاة و لو قيل إنه ليس بلازم لأنه تعالى جعل له نصيبا كان وجها [- ح -] يجب على الإمام بعث ساع للجباية في كل سنة و أطلق الشيخ ذلك و عندي أنه لو علم من قوم أداؤها إليه أو إلى المستحقّين لم يجب البعث إليهم [- ط -] أجرة الوزان و الكيال و الناقد على ربّ المال و أما الحاسب و الكاتب فيعطيان من سهم العامل [- ي -] ليس للساعي تفرقة الزكاة بنفسه من دون إذن الإمام و لا بيعها إلا مع الحاجة أو العذر فلو باع لا لضرورة لم يصحّ البيع و يستعاد العين و أرشها من المشتري إن نقصت عنده و المثل إن كانت تالفة أو القيمة و ينبغي أن يعرف أهل الصّدقات بأنسابهم و حلاهم و يعرف قدر حاجتهم فإذا أعطى شخصا كتبه و حلاه و لا ينبغي له أن يؤخر التفرقة إلا مع الإذن [- يا -] إذا أخذ الساعي أو الإمام الزكاة دعا لصاحبها و للشيخ قولان في الوجوب أقربهما عندي الاستحباب [- يب -] ينبغي لوالي الصّدقة أن يسم نعمها في أصلب موضع و أكشفه مثل أفخاذ الإبل و البقر و أصول آذان الغنم و يكون ميسم الإبل و البقر أكبر من ميسم الغنم و يكتب على الميسم ما أخذت له من صدقة أو زكاة أو جزية و يكتب اسم اللّٰه تعالى للتبرك به [- يج -] النية شرط في أداء الزكاة و لا بد فيه من التقرب و الوجه و كونها زكاة مال أو فطرة أو صدقة و لا يفتقر إلى تعيين المال و يتوالاها الدافع سواء كان المالك أو الساعي أو الوالي أو الحاكم أو الوكيل و لو دفعها المالك إلى الإمام أو إلى الساعي و نوى وقت الدفع أجزأه سواء نوى الإمام أو الساعي حال دفعها إلى الفقراء أو لا أما لو دفعها إلى الوكيل و نوى حالة الدفع إليه و نوى الوكيل حال الدفع إلى الفقراء أجزأ إجماعا و لو نوى الوكيل خاصة قال الشيخ لا يجزئه و عندي فيه نظر و لو نوى المالك حال الدفع إلى الوكيل و لم ينو الوكيل حال الدفع إلى الفقراء قال الشيخ لا يجزئه أيضا [- يد -] لو أخذ الإمام أو الساعي الزكاة و لم ينو المالك فإن كان أخذها كرها أجزأه و إن كان طوعا قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يجزئه و ليس للإمام مطالبته بها ثانيا [- يه -] يجب مقارنة النّية للدفع و لو نوى بعد الدفع ففي الإجزاء نظر و لو تصدق بجميع ماله و لم ينو بشيء منه الزكاة لم يجزئه [- يو -] لو كان له مال غائب فأخرج زكاة و قال إن كان مالي سالما فهذه زكاته أو تطوعا لم يجزئه خلافا للشيخ رحمه اللّٰه أما لو قال إن كان سالما فهذه زكاته و إن كان تالفا فعن الحاضر و لو أخرج عن الغائب فبان تالفا قال الشيخ لم يجز له صرفه إلى غيره و الوجه عندي الجواز و لو دفع الزكاة إلى الساعي تطوّعا و قال هذه عن مالي الغائب فبان تالفا قبل الرجوع رجع بها عليه مع بقائها و إن كان قد فرقها رجع على الفقراء و لا يضمن الساعي

المقصد الرابع في مستحق الزكاة
اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في الأصناف
اشارة

و هي ثمانية

الأول و الثاني الفقراء و المساكين

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] لا تميز بين الفقير و المسكين مع الانفراد و مع الاجتماع لا بد من مائز و القدر المشترك بينهما هو عدم التمكن من مئونة السنة و اختلف في أيهما أسوأ حالا فللشيخ قولان أحدهما الفقير لقوله عليه السّلام نعوذ باللّٰه من الفقر و قال عليه السّلام اللّٰهمّ أحيني مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني في زمرة المساكين و لأن العرب تبدأ بالأهم و لأنه مشتق من كسر الفقار فإنّه

ص: 67

فعيل بمعنى مفعول أي مكسور فقارة الظهر و هو مهلك و لقوله تعالى أَمَّا اَلسَّفِينَةُ فَكٰانَتْ لِمَسٰاكِينَ و الثاني المسكين لقوله سبحانه أَوْ مِسْكِيناً ذٰا مَتْرَبَةٍ و هو المطروح على التراب لشدته من الحاجة و للتأكيد به و لقول الشاعر أما الفقير الذي كانت حلوبته و لنصّ أهل اللغة عليه و كذا نصّ أهل البيت عليهم السّلام و لا فائدة كثيرة في البحث عن ذلك بل الأصل عدم الغنى الشامل للمعنيين إن تحقق استحق الزكاة إجماعا و اختلف في الغنى المانع فللشيخ قولان أحدهما من يملك نصابا يجب فيه الزكاة أو قيمته و الثاني القدرة على كفايته و كفاية من يلزمه كفاية حولا كاملا [- ب -] يجوز لصاحب الدار و الخادم و الفرس أخذ الزكاة مع حاجته و اعتباره لذلك [- ج -] لو كان له كفاية باكتساب أو صناعة لم يجز له أخذ الزكاة و كذا لو كان له أجرة عقار أو غيره مع الكفاية أما لو ملك نصابا زكويا أو أكثر لا يتمّ به الكفاية جاز له أخذ الزكاة [- د -] لو أعد مالا للإنفاق و ليس له كسب و لا صناعة اعتبرت الكفاية حولا فيعطي لا معها و لا ينتظر به إنفاق ما معه [- ه -] لو كانت له دار غلة يكفيه غلتها لم يجز له أخذ الزكاة و لو لم تكفه جاز [- و -] لو كان معه ما يمون نفسه و عياله بعض السنة جاز أن يتناولها من غير تقدير و قيل لا يتجاوز التتمة و ليس بمعتمد [- ز -] لو كان ذا كسب يكفيه حرم عليه أخذها و لو كان كسبه يمنعه عن النفقة في الدين فالأقرب عندي جواز أخذها [- ح -] لا يشترط في استحقاق الفقراء لزمانه و لا التعفف عن السؤال [- ط -] الزوجة الفقيرة إذا كان زوجها غنيا فإن كان ينفق عليها حرمت عليها منه إجماعا و من غيره و لو منعها الفقر جاز لها الأخذ من غيره [- ي -] الولد المكتفي بنفقة أبيه أو الأب المكتفي بنفقة الابن لا يجوز لأحدهما أخذ الزكاة من صاحبه و في الجواز من غيره إشكال و رواية عبد الرحمن بن الحجاج الصحيحة عن الكاظم عليه السّلام تعطي تسويغه

الصّنف الثالث العاملون على الزكاة

و هم جباة الصدقات و فيه [- د -] مباحث [- ا -] إنما يستحق العامل الصّدقة إذا عمل و لو أخل لم يستحقّ [- ب -] لو فرقها الإمام لم يأخذ منها شيئا [- ج -] إنما يستحق العامل نصيبا من الزكاة لا عوضا و أجرة [- د -] يدخل في العاملين الكاتب و القسّام و الحاسب و الحافظ و العريف أما الإمام و نائبه و القاضي فلا

الصّنف الرابع المؤلفة قلوبهم

و فيه [- د -] مباحث [- ا -] المؤلفة و هم الذين يستمالون إلى الجهاد و يتألفون بإسهامهم من الصدقة و هم قوم مشركون لهم نصيب من الزكاة لمعونة المسلمين في جهاد غيرهم من المشركين و هل هاهنا مؤلفة غيرهم من المسلمين قال الشيخ لا نعرف أصحابنا مؤلفة أهل الإسلام و قال المفيد المؤلفة ضربان مسلمون و مشركون و اعلم أن المؤلفة من المسلمين أربعة أحدها أشراف مطاعون لهم نية حسنة في الإسلام و يعلم ثباتهم عليه لكن لهم نظراء من المشركين إذا أعطوا رغب نظراؤهم في الإسلام الثاني أشراف نيتهم ضعيفة إذا أعطوا رجي حسن نيتهم و ثباتهم الثالث مسلمون في طرف بلاد الإسلام لهم قوة منع من يليهم من المشركين إن أعطوا قاتلوا عن المشركين و إن منعوا لم يقاتلوا و احتاج الإمام في قتالهم إلى مئونة شديدة لتجهيز الجيوش الرابع مسلمون في الأطراف بإزائهم قوم يؤدون الصدقات خوفا منهم إن أعطاهم الإمام جبوها و إن منعهم لم يجمعوها و احتاج الإمام إلى مئونة في تحصيلها قال الشيخ لا يمتنع أن نقول إن للإمام أن يتألف هؤلاء القوم و يعطيهم إن شاء من المؤلفة و إن شاء من سهم المصالح لأن هذا من فرائض الإمام و فعله حجة و لا يتعلق علينا في ذلك حكم اليوم لسقوطه و فرضنا تجويز ذلك و الشك فيه و قول الشيخ رحمه اللّٰه جيد [- ب -] قال الشيخ سهم المؤلفة ساقط الآن و ليس بمنسوخ [- ج -] لو احتيج إلى الجهاد حال غيبة الإمام فالوجه جواز صرف السهم إلى أربابه من المؤلفة [- د -] إذا احتاج الإمام في قتال أهل البغي أو ما في الزكاة إلى التأليف استعان بالمؤلفة و صرف السهم إليهم

الصّنف الخامس الرقاب

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] المراد بالرقاب المكاتبون و العبيد إذا كانوا في ضر و شدة يشترون ابتداء و يعتقون [- ب -] لو وجبت عليه كفارة عتق و هو فقير قال قوم من أصحابنا و يجوز أن يعطي من الزكاة ما يشتري به من الرقبة و يعتقها في كفارته من سهم الرقاب لأن القصد إعتاق الرقبة و قال الشيخ الأحوط أن يعطي ثمن الرقبة من سهم الفقراء فيشتري هو و يعتق عن نفسه و قيل يعطي من سهم الغارمين [- ج -] لو لم يوجد مستحق جاز أن يشتري العبد من مال الزكاة و يعتق و إن لم يكن تحت شدّة [- د -] يجوز صرف السهم إلى السّيد بإذن المكاتب و إلى المكاتب بإذن السيد و بغير إذنه [- ه -] لا يعطى المكاتب من سهم الرقاب إلا إذا فقد ما يؤديه في كتابته و هل يعطى قبل حلول النجم فيه إشكال أقربه الجواز

الصّنف السّادس الغارمون

و هم المذنبون في غير معصية و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] لو أنفق الغارم ما استدانه في معصية لم يقض عنه من الزكاة سواء تاب أو لم يتب نعم لو تاب و كان فقيرا جاز أن يعطى من سهم الفقراء و يقضي هو [- ب -] لو لم يعلم فيما ذا النفقة قال الشيخ لا يقضى عنه و الوجه عندي القضاء [- ج -] لو قضى الغارم دينه من ماله أو من غيره لم يجز له أخذ عوضه من الزكاة إلا أن يكون قضاه من دين آخر

ص: 68

[- د -] لو استغرق السهم الدين جاز للإمام أن يدفعه إلى الغرماء و أن يدفعه إلى الغارم ليقضي هو و لو قصر السهم عن الدين فطلب أخذه ليتجر فيه و يستفضل ما يحصل به تمام الدين فالوجه الجواز [- ه -] الغارم ضربان أحدهما من تحمل مالا لإطفاء فتنة بأن يتلف مال رجل و يجهل متلفه و كاد يقع بسببه فتنة فتحمل رجل قيمته لإسكان الثائرة و سواء مكان التحمل لإطفاء الفتنة الثائرة بالقتل أو بتلف المال و الثاني من استدان لمنفعة نفسه إما للإنفاق في الطاعة أو المباح و القسمان يعطيان من سهم الغارمين [- و -] لو ضمن دينا و كان هو و المضمون عنه موسرين لم يؤد من سهم الغارم و إن كانا معسرين جاز و لو كان المضمون عنه موسرا دون المضمون عنه فالأقرب صرفه إلى الأصيل لإمكانه و لا يصرف إلى الضامن لإيساره مع إمكان الصرف إلى الأصيل [- ز -] يجوز القضاء عن الحيّ و إن كان ممن يجب نفقته مع العجز و يجوز أن يقاص بما عليه و كذا يقضى عن الميّت و يقاص و إن كان ممن يجب نفقته أيضا و الظاهر أن جواز المقاصة إنما هو مع قصور التركة

الصّنف السّابع سبيل اللّٰه

و للشيخ قولان في تفسيره أحدهما الجهاد خاصة و الثاني جميع سبل الخير و مصالح المسلمين كمعونة الزائرين و الحاج و قضاء الدين عن الحي و الميّت و بناء القناطير أو المساجد و أشباه ذلك و الثاني أقوى و الغزاة قسمان المطوعة الّذين ليسوا بمرابطين و لا منهم لهم في الديوان و ليسوا من الجند الذين لهم نصيب من الفيء و إنما يغزون إذا نشطوا و الثاني الّذين لهم سهم من الفيء و هم جند الديوان الذين هم برسم الجهاد و الأولون يأخذون النصيب إجماعا و تردد الشيخ في الثاني و الوجه عندي جواز إعطائهم و لو أراد كل من الصنفين الانتقال إلى صاحبه جاز

الصّنف الثامن ابن السبيل

و في تفسيره قولان أحدهما للشيخ أنه المجتاز بغير بلده المنقطع به و إن كان غنيّا في بلده و يدخل الضيف فيه و الثاني لابن الجنيد أنه المجاز و المنشئ للسّفر و الأقرب عندي الأول فيعطى الثاني من سهم الفقراء مع فقره لا من سهم ابن السّبيل إذا عرفت هذا فإن ابن السّبيل يعطى ما يكفيه لذهابه و عوده إن قصد غير بلده و ما يكفيه لوصوله إلى بلده إن قصده و يعطى في سفر الطاعة و المباح لا المعصية

الفصل الثاني في الأوصاف

و هي ثلاثة الإيمان و أن لا يكون ممّن تجب نفقته و لا هاشميّا من غيره و هاهنا [- ما -] بحثا [- ا -] لا يجوز صرف الزكاة إلى الكافر غير المؤلفة و لا إلى غير المؤمن من سائر أصناف المسلمين فلو خالف لم يجز سواء كان غير المؤمن مستضعفا أو لا [- ج -] حكم زكاة الفطر حكم زكاة المال و جوز بعض علمائنا دفعها إلى المستضعف مع عدم المستحق و الحقّ خلافه [- د -] يجوز أن يعطى زكاة المال و الفطرة أطفال المؤمنين و إن كان آباؤهم فساقا و لا يجوز إعطاء أولاد المشركين و لا أولاد المخالفين للحق [- ه -] اختار الشيخ و السّيد المرتضى رحمهما اللّٰه اشتراط العدالة في المستحقّ و منعه آخرون و هو الأقوى و قال آخرون يشترط مجانبة الكبائر فعلى قولنا يجوز إعطاء الفاسق إذا كان مؤمنا [- و -] الإجماع على منع إعطاء من يجب نفقته على الدافع و هم الأبوان و إن علوا و الأولاد و إن نزلوا و الزّوجة و المملوك من الزكاة الواجبة و يجوز للزّوجة أن تعطي زوجها من زكاتها [- ز -] من عدا من ذكرنا من الأقارب كالأخ و العمّ و الخال لا يمنع من الزكاة مع الشرائط بل هو أولى من الأجنبي سواء كان وارثا أو لم يكن [- ح -] لو كان في عائلته من لا يجب نفقته كيتيم أجنبي جاز دفع الزكاة إليه و الإنفاق عليه من الزكاة [- ط -] أجمع العلماء كافة على تحريم الزكاة على بني هاشم من غيرهم و هم الآن أربعة أولاد أبي طالب و العباس و الحرث و أبي لهب و هل يحل لبني المطلب أفتى به المفيد في الغرية و الحق عندي خلافه [- ي -] يجوز لموالي بني هاشم و هم من أعتقوه أخذ الزكاة المفروضة و لا تحرم على زوجات النبي صلى اللّٰه عليه و آله [- يا -] يجوز للهاشمي أن يتناول الزكاة من مثله من الهاشميين و أخذ المندوبة من غيرهم [- يب -] لو كان الهاشمي فقيرا قد منع من الخمس جاز له تناول الزكاة و هل يتقدر بقدر الحاجة أو يجوز له الزيادة الأقرب الأول [- يج -] لو ادعى شخص الفقر فإن عرف كذبه منع و إن عرف صدقه أعطي و إن جهل قبلت دعواه و لا يكلف بيّنة و لا يمينا و لو عرف له مال و ادعى تلفه قال الشيخ يكلف البيّنة و عندي فيه نظر و لو ادعى العجز عن الاكتساب قبل قوله من غير يمين و إن كان شابا سليما [- يد -] لو ادعى العبد الكتابة و لم يعلم صدقه فإن صدقه السّيد قبل قوله و إن كذبه افتقر إلى البيّنة [- ير -] لو ادعى العزم فإن كان لمصلحة ذات البين فأمره مشهور و إن كان لمصلحة نفسه و لم يعلم صدقه فإن صدقه المدين أو انتفى تكذيبه فالوجه القبول من غير يمين و إن كذبه لم يعط شيئا [- يو -] لو ادعى ابن السبيل الحاجة قبل قوله من غير يمين و كذا لو ادعى تلف ماله و الشيخ كلفه في الثاني اليمين [- ين -] لا يعطى الزكاة المملوك و إن كان طفلا لأنه يكون إعطاء للمالك [- يج -] يجوز أن يعطى أطفال المؤمنين فيتولى الأخذ وليهم سواء كان رضيعا أو لا أكل الطعام أو لا و كذا يجوز الدفع إلى ولي المجنون [- يط -] المخالف إذا أخرج زكاته إلى أهل نحلته ثم استبصر أعاد [- ك -] لو دفع الإمام أو الساعي إلى من يظنه فقيرا فبان غنيا لم يضمن الدافع و لا المالك و للإمام

ص: 69

و النائب الاستعارة من المدفوع إليه مع ظهور غناه شرط ذلك حال الدفع أو لا أعلم أنها زكاة أو لا و مع فقده يستعيد المثل أو القيمة و مع التعذر يذهب من المساكين و لو كان الدافع هو المالك فالأقرب عدم الضمان مع الاجتهاد و ثبوته لا معه فإن وجد العين استعادها و إلا المثل أو القيمة إن شرط وقت الدفع أنها زكاة واجبة و لو لم يشترط فلا رجوع [- كا -] لو بان أن المدفوع إليه عبد المالك فالوجه عدم الإجزاء مطلقا [- كب -] لو دفع إلى من ظاهره الإسلام أو الحرية فبان الخلاف أو بان هاشميا أو من يجب نفقته عليه لم يضمن كما تقدم [- لج -] الفقراء و المساكين و العاملون و المؤلفة يعطون عطاء مطلقا لا يراعى ما يفعلون بالصدقة أما الرقاب و الغارمون و في سبيل اللّٰه و ابن السّبيل فإنهم يعطون مراعى فإن صرف المكاتب ما أخذه في الكتابة و إلا استعيد إن رفع إليه ليصرفه فيها و لو لم يف بما عليه و استرقه سيده قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يرتجع و الغارم إن صرف سهمه في الدّين و إلا فالوجه ارتجاعه خلافا للشيخ رحمه اللّٰه و الغازي إن صرف سهمه في الغزو و إلا استعيد و لو فضل منه فضلة بعد الغزو لم يستعدوا ابن السبيل إن دفع صرف سهمه في مئونة سفره و إلا استعيد خلافا للشيخ و لو فضل معه شيء في بلده من الصدقة استعيد [- كد -] الغازي و العاملون عليها و الغارم لمصلحة ذات البين يأخذون مع الغنى و الفقر و الباقي إنما يأخذون مع الفقر لا غير و ابن السبيل يأخذ و إن كان غنيّا في بلده لفقره في بلد الأخذ [- كر -] من يجب نفقته لو كان غازيا أو عاملا أو مكاتبا جاز أن يدفع إليه من سهم من اتّصف بصفته و لو كان ابن سبيل دفع إليه ما يحتاج إليه لسفره مما يزيد عن النفقة الأصلية كالحمولة و مئونة الطريق و لو كان مملوكه مكاتبا جاز أن يدفع إليه مولاه من زكاته ما يعينه على فك رقبته و منع منه ابن جنيد [- كو -] لو سافرت زوجته كان الزائد عن نفقة الحضر منه محتسبا من سهم ابن السبيل و لو كان بغير إذنه كانت عاصية فلا يعطى شيئا و لو كانت مكاتبة جاز لزوجها دفع ما يعينها على فك رقبتها و كذا لو كانت غارمة [- كن -] يجوز أن يخص بالزكاة كلها شخص واحد من صنف واحد و إلا فضل صرفها إلى الأصناف بأسرهم و يجوز تفضيل بعضهم على بعض و أن يعطى الفقير ما يغنيه و ما يزيد عليه دفعة فلو دفع إليه ما يغنيه حرم الزكاة [- كح -] الغارم يعطى قدر الدين خاصة قل أو كثر و كذا المكاتب و ابن السبيل و الغازي يعطى ما يكفيه لغزوه و العامل يعطى سهمه أو أجرته و لو عين له الإمام أجرة و قصر السّهم تممه الإمام من بيت المال أو من سهم غيره و لو زاد نصيبه عن أجرته رد الزائد على باقي السهمان [- كط -] في تحريم نقل الصّدقة من بلدها مع وجود المستحق قولان أقربهما الكراهية و لو نقلها ضمن أما لو لم يوجد المستحق في بلدها فإن النقل سائغ مع ظن السّلامة إجماعا و لا ضمان مع عدم التفريط [- ل -] لو كان المالك في غير بلد المال استحب إخراجها في بلد المال و لو كان بعضه عنده استحب أن يخرج عن كل مال في بلده [- لا -] لو فقد المستحق استحب له عزلها و الإيصاء بها و لو أدركته الوفاة وجبت الوصية بها [- لب -] لو اتصف المستحق بصفات مختلفة جاز أن يأخذ بكل وصف قسطا [- لج -] أقل ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأول و هو خمسة دراهم أو نصف دينار قاله الشيخان و ابنا بابويه و هو الأشهر في الروايات و قال ابن الجنيد و سلار ما يجب في النصاب الثاني و هو درهم أو قيراطان و لم يقدره المرتضى و لا حد لأكثر ما يعطى [- لد -] يستحب أن يعطى زكاة الأثمان و الغلات أهل الفقر المعروفين بأخذ الزكوات و زكاة النعم أهل التجمل [- لر -] لو كان الفقير يترفّع عن الزكاة جاز إعطاؤه و لا يشعر بأنها زكاة [- لو -] يكره للفقير مع الحاجة الامتناع من قبولها [- لز -] من أعطي شيئا ليفرقه في قبيل و كان منهم فإن كان المالك قد عيّن لم يتعد تعيينه و إن لم يعين جاز أن يأخذ مثل غيره لا أزيد [- لح -] أهل السهمان إنما يستحقون عند القسمة إذا أخذوا نصيبهم فإذا مات فقير قبل الأخذ لم ينتقل إلى وارثه شيء [- لط -] يكره للرّجل شراء صدقته و استيهابها و بالجملة يملكها اختيارا و ليس بمحرم و لا بأس بعودها إليه بميراث و شبهه من غير كراهية و كذا لو احتاج إلى شرائها زالت الكراهية [- م -] العبد المبتاع من مال الزكاة إذا مات و لا وارث له ورثه أرباب الزكاة و الرواية به و إن كانت ضعيفة إلا أن محققي علمائنا عملوا بها [- ما -] لو ادعى المالك الإخراج قبل قوله من غير بينة و لا يمين و كذا لو قال هي وديعة أو لم يحل الحول

المقصد الخامس في زكاة الفطر
اشارة

و فيه فصول

الأول فيمن تجب عليه

و فيه [- لا -] بحثا [- ا -] زكاة الفطر واجبة بشرط الحرّية و التكليف و الغنى فلا تجب على المملوك بل تجب على السّيد ابتداء و حكم أمّ الولد و المدبّر و المكاتب المشروط حكم القن أما المطلق و إن لم يؤد شيئا فالفطرة على المولى و كذا إن أدى و عاله مولاه و إن أنفق من كسبه وجب عليه و على السيد بالحصص إن ملك بالحرية ما يجب معه الزكاة [- ب -] لا زكاة على الصبي و المجنون و لا يجب على الولي الإخراج عنهما إجماعا و كذا لا تجب على من أهل شوال و هو مغمى عليه [- ج -]

ص: 70

قبل قولها إذا مضى بعد الوطء و إمكانه وضع أيّ شيء كان و لا يشترط صيرورته مضغة و لو كانت معدة بالشهور فإن اتفقا على زمان الطلاق أو الوفاة احتسب ثلاثة أشهر أو أربعة و عشرة أيّام و إن اختلفا فالقول قول الزوج لأنّ القول قوله في أصل الطلاق و كذا في وقته [- ج -] التي لا تحيض و هي في سنّ من تحيض تعتدّ من الطلاق و الفسخ مع الدخول بثلاثة أشهر أمّا اليائسة لكبر أو الصغيرة التي لم تبلغ فالأصحّ أن لا عدّة عليهما و إن دخل بهما على ما تقدّم خلافا للسيّد و لو كان مثلها تحيض اعتدت بثلاثة أشهر فإن خرجت الثلاثة و لم تر دما خرجت من العدّة و كذا لو رأت الأطهار الثلاثة و إن لم ينقص الأشهر أما لو رأت الدم في الشهر الثالث و تأخّرت الحيضة الثانية و الثالثة فإنّها تصبر سنة لاحتمال الحمل ثمّ يعتدّ بعد ذلك بثلاثة أشهر و هذه هي المسترابة و الشيخ رحمه اللّٰه تعالى قال في النهاية إن تأخّرت الحيضة الثانية صبرت تمام تسعة أشهر ثم تعتد بثلاثة أشهر و إن رأت الحيضة الثانية قبل تمام تسعة أشهر و تأخّرت الثالثة صبرت سنة ثمّ يعتد بثلاثة أشهر و أيّهما مات ما بينه و بين خمسة عشر شهرا ورثه الآخر و فيه إشكال و الرواية ضعيفة [- د -] إذا رأت الدّم بعد الطلاق مرّة ثمّ بلغت سنّ اليأس اعتدت بشهرين آخرين و لو طلّق المستحاضة و عرفت أيّام حيضها اعتدّت بالأقراء و إن لم يعرفها اعتبرت صفة الدّم و اعتدت بما شابه دم الحيض فإن اشتبهت رجعت إلى عادة نسائها فإن اختلفن أو قصدن اعتدت بثلاثة أشهر إن قلنا إنّ هذه تتحيض في كلّ شهر مرّة و على قول بعض علمائنا إنّها تجعل عشرة أيّام طهرا و عشرة حيضا كانت عدتها أربعين يوما و لحظتين و لو كان لها عادة مستقيمة ثمّ اضطربت فصارت بعد أن كانت تحيض في كلّ شهر عشرة لا تحيض إلاّ في شهرين أو ثلاثة و صار عادتها اعتدت بالأقراء المتجدّدة لا بالعادة الأولى و لو صارت لا تحيض إلاّ بعد ثلاثة أشهر أو أزيد اعتدت بالأشهر و الضابط ما تقدّم و من أنّ الاعتبار بالسابق من ثلاثة الأشهر البيض أو ثلاثة الأقراء و لو كانت لا تحيض إلاّ في كلّ أربعة أشهر فما زاد مرّة اعتدت بالأشهر أيضا [- ه -] المعتدة بالأشهر و إن طلّقت في أوّل الهلال اعتدت بثلاثة أشهر أهلّة و إن طلقت في أثناء الشهر اعتدت بهلالين و أخذت من الرّابع تكملة ثلاثين للأوّل و قوى الشيخ تكملة الفائت من الأوّل و تلفق الساعات و الأنصاف و لو ارتابت بالحمد بعد انقضاء العدة و النكاح لم تبطل إلاّ أن يظهر الحمل و يتحقق أنّه من الأوّل و لو حدثت الريبة بعد العدّة و قبل النكاح جاز لها أن تنكح الثاني أمّا لو ارتابت به قبل انقضاء العدّة فإنّها لا تنكح و لو انقضت العدّة حتّى يتحقّق الخلوّ أو تضع الحمد قال الشيخ إذا طلّقها فارتابت بالحمد بعد الطّلاق و ادعته صبر عليها تسعة أشهر ثمّ تعتد بعد ذلك بثلاثة أشهر فإن ادّعت إلى بعد ذلك حملا لم يلتفت إليها و قال ابن إدريس التّسعة كافية و هو جيّد [- و -] الصغيرة عند السّيد المرتضى أو التي لم تحض و هي في سنّ من تحيض عندنا إذا اعتدت بالشهود ثمّ رأت الدم بعد العدّة فإنّ عدتها مضت و لا يلزمها عدّة بالأقراء إجماعا و إن رأت الدّم قبل انقضائها فإنّها تنتقل إلى الأقراء و هل يعتد لها بالطهر قبل الدّم قرء الأقوى ذلك لأنّه انتقال من طهر إلى حيض و يحتمل عدمه لأنّ القرء هو الطهر بين الحيضتين

الفصل الثّالث في عدّة الحامل

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] الحامل تعتدّ من الطلاق بوضع الحمل سواء كانت حرّة أو أمة و سواء وضعته بعد الطلاق بلا فصل أو تأخّر أكثر زمان الحمل و قال ابن بابويه يعتد بأقرب الأجلين فإن مضت ثلاثة أشهر و لم تضع خرجت من العدّة و إن وضعت قبل ثلاثة أشهر خرجت أيضا من العدة و المعتمد الأوّل [- ب -] لا فرق بين أن يكون الحمد تاما أو غير تام بعد أن يعلم أنّه حمل و إن كان علقة سواء ظهر فيه خلق آدميّ من عين أو ظفر أو يد أو رجل أو لم يظهر لكن تقول القوابل بأن فيه تخطيطا باطنا لا يعرفه إلاّ أهل الصّنعة أو يلقى دما متجسدا ليس فيه تخطيط ظاهر و لا باطن لكن شهد القوابل أنّه مبدأ خلق آدمي لو بقي لتخلّق و تصوّر أمّا لو ألقت دما لا يعلم هل هو ما يخلق الآدمي فيه أو لا فإنّ العدة لا تنقضي به و قال الشيخ لو ألقت نطفة أو علقة انقضت بها العدة [- ج -] لو طلّقت فادّعت الحمل صبر عليها تسعة أشهر هي أقصى مدّة الحمل ثمّ لا يلتفت إلى دعواها و في رواية سنة و كذا لو وضعت و كذا فادعت بقاء آخر على أحد القولين [- د -] لو كانت حاملا باثنتين ولدتهما و بينهما أقلّ من ستّة أشهر للشيخ قولان أحدهما أنّها تبين بوضع الأوّل و لا تحلّ للأزواج حتى تضع الجميع و الثّاني أنها إنّما تبين بوضع الجميع و هو الأقوى و كذا لو ارتجعها و قد خرج بعض ولدها صحّت الرجعة و لا تبين إلاّ بوضع حمله الولد [- ه -] لعلمائنا قولان في الحامل هل ترى دم الحيض أم لا فإن قلنا بالأوّل لم ينقض العدّة به بل بوضع الحمل [- و -] تعتدّ الحامل من الزنا إذا طلّقها الزوج بالأشهر لا بالوضع من حين الطلاق و لا اعتبار بالحمل و من الشبهة تعتدّ بالوضع لمن التحق به و بالأشهر بعدّة الطلاق و لا تتداخل العدتان و لو زنت امرأة خالية من بعل فحملت لم يكن عليها عدة من الزنا و جاز لها التزويج و لو لم تحمل فالأقرب أنّ عليها العدّة [- ن -] إذا اتفقا على زمان الوضع ثمّ ادّعت وقوع الطلاق قبله و ادعى هو البعدية قدّم قوله مع اليمين و لو اتّفقا على زمان الطلاق و ادعى تقدّم الولادة عليه و ادّعت تأخّرها قدّم قولها مع اليمين و لو جهلا الزمانين لكن ادعى سبق الولادة و ادعت سبق الطلاق و قدّم قوله لأصالة بقاء الرّجعة

ص: 71

و هو الأقوى [- لا -] يستحب للفقير إخراج الفطرة عن نفسه و عن عياله و لو أخذها استحب له دفعها و لو ضاق عليه أدار صاعا على عياله ثم تصدق به

الفصل الثّاني في قدرها و جنسها

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] الجنس ما كان قوتا غالبا كالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و و الأرز و الأقط و اللبن فلو أخرج أحد هذه أجزأه و إن كان غالب قوت البلد غيره و أفضل هذه الأجناس التمر ثم الزبيب و قيل الأفضل ما يغلب على قوت البلد و هو حسن [- ب -] قدر الفطرة صاع من جميع الأجناس بصاع النّبي عليه السّلام و الصّاع أربعة أمداد و المدّ رطلان و ربع بالعراقي و هو مائة و اثنان و تسعون درهما و نصف و الدّرهم ستة دوانيق و الدانق ثماني حبات من أوسط حبّ الشعير فقدر الصاع تسعة أرطال بالعراقي و ستة بالمدني قال الشيخ رحمه اللّٰه و يجزي من اللّبن أربعة أرطال بالمدني و روايته ضعيفة [- ج -] يجزئه الصاع من سائر الأجناس إذا اعتبر الكيل سواء ثقل أو خف و هل يجزي الوزن من دون الكيل الوجه ذلك [- د -] لو أخرج صاعا من جنسين من الأجناس المنصوصة قال الشيخ لا يجزئه و الأقرب عندي الإجزاء و لو أخرج أصواعا من أجناس مختلفة عن جماعة جاز إجماعا [- ه -] هل يجوز أن يخرج أقل من صاع من جنس أعلى إذا ساوى قيمته صاعا أو من أدون على سبيل التقويم عندي فيه تردّد و لم أقف فيه للقدماء على قول [- و -] لو أخرج من غير الغالب على قوته جاز و إن كان أدون قيمة [- ز -] لا يجزئه إخراج المعيب و يجوز أن يخرج من قديم الطّعام إذا لم يتغيّر طعمه و إن نقصت قيمته عن قيمة الحديث [- ح -] يجوز إخراج القيمة و لا يتقدر بقدر معيّن بل يرجع إلى القيمة السّوقية وقت الإخراج و قدره قوم من علمائنا بدرهم و آخرون بأربعة دوانيق و ليس بشيء [- ط -] قال في الخلاف لا يجزي الدقيق و السّويق من الحنطة و الشعير على أنهما أصل و يجزيان على أنهما قيمة و عندي فيه نظر و كذا البحث في الخبر هل يجزي على أنه أصل أو بالتقويم [- ي -] السلت أنه إن قلنا إنه نوع من الشعير أجزأ على أنه أصل لا قيمة و إلا اعتبرت قيمته و كذا البحث في العلس أما الخلّ و الدبس و ما أشبههما فلا يجزيان أصلا بل بالقيمة و الطعام الممتزج بالتراب مجزئ إن لم يخرج بالمزج إلى حد المعيب فإن خرج وجب إزالته و الزيادة المقاومة

الفصل الثالث في وقتها و مستحقها

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] يجب الفطرة بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان و للشيخ رحمه اللّٰه قول آخر بوجوبها بطلوع الفجر الثاني يوم الفطر و اختاره المفيد و ابن الجنيد [- ب -] لو وهب له عبد فأهل شوال و لم يقبض فالفطرة على الواهب و لو قبل و مات قبل القبض فقبض الوارث قال الشيخ يجب الفطرة عليه و ليس بجيد [- ج -] لو ولد له ولد بعد الهلال أو تزوّج أو اشترى أو أسلم أو بلغ أو صار غنيّا أو زال جنونه لم تجب الفطرة و لو كان قبله وجبت و إن كان قبل الغروب بشيء يسير [- د -] لو مات له ولد أو مملوك أو طلق زوجته أو باع عبده قبل الغروب فلا زكاة و يجب فيما بعده على الخلاف و لو مات العبد بعد الهلال قبل إمكان الأداء عنه وجب الإخراج عنه [- ه -] لو أوصى له بعبد ثم مات الموصي بعد الهلال فالزكاة عليه و إن مات قبله فإن قبل الموصى له قبل الهلال أيضا فالزكاة على الموصى له و إن قبل بعده قال الشيخ لا زكاة على أحد [- و -] لو مات الموصى له كان للوارث القبول فإن قيل قبل الهلال وجبت الفطرة و هل تجب عليه أو في مال الموصى له قال الشيخ بالأول و هو جيّد [- ز -] لو مات بعد الهلال و عليه دين ففطرة عبده في تركته و لو ضاقت التركة وقع التحاص بين الفطرة و الدين و لو مات قبل الهلال قال الشيخ لا يلزم أحدا فطرته إلا أن يعوله و الوجه أن الفطرة على الورثة إن قيل بانتقال التركة إليهم كالراهن و إلا فالوجه ما قاله الشيخ [- ح -] العبد إذا كان نصفه حرّا و هايأه مولاه فوقع الهلال في نوبة أحدهما ففي اختصاصه بالفطرة تردّد أقربه العدم [- ط -] يستحب إخراجها يوم العيد قبل الخروج إلى المصلى و يتضيق عند الصلاة و هل يجوز تقديمها على هلال شوال الأقوى عندي جواز ذلك من أوّل رمضان لا أكثر [- ي -] لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد اختيارا فإن أخّرها أثم و لو لم يتمكن لم يأثم إجماعا ثم إن كان قد عزلها أخرجها مع الإمكان و إن لم يكن قد عزلها فالأقرب صيرورتها قضاء و قيل أداء و قيل يسقط و يصحّ العزل إذا عزلها المالك و يضمن بالتأخير عنه مع وجود المستحقّ و يجوز نقلها من بلده مع عدم المستحق فيه و معه على الخلاف و يضمن [- يا -] يجوز أن يخرجها من المال الغائب عنه و الأفضل إخراجها من بلد المالك و قسمتها فيه [- يب -] تصرف الفطرة إلى من تصرف إليه زكاة المال و يجوز أن يعطى أطفال المؤمنين و إن كان آباؤهم فساقا و لا يجوز صرفها إلى غير المستحق و المستضعف غير مستحق خلافا للشيخ و لو فقد المستحق جاز التأخير و لا ضمان مع وجود المستضعف [- يج -] يجوز صرفها إلى واحد و يجوز للجماعة صرف صدقتهم إلى الواحد دفعة و على التعاقب ما لم يبلغ إلى حدّ الغنى [- يد -] لو أخرجها إلى المستحق فأخرجها أخذها إلى مستحق فأخرجها أخذها إلى دافعها بأن يكون الفقير قد أخذها و تصدّق بها جاز [- يه -] يستحب تخصيص الأقارب بها ثم الجيران مع وجود الأوصاف و يستحب ترجيح أهل الفضل في العلم و الدين

ص: 72

[- يو -] يجوز للمالك أن يتولى التفرقة بنفسه و يستحبّ صرفها إلى الإمام أو نائبه و لو تعذّر صرفت إلى الفقيه المأمون من الإماميّة [- ين -] يجوز أن يعطى صاحب الخادم و الدار و الفرس من الزكاتين و لا يكلف بيع ذلك و لا بعضه [- يح -] يستحب أن لا يعطى الفقير أقل من صاع و يجوز أن يعطى أصواعا و لو اجتمع جماعة لا يسعهم الأصواع جاز أن يعطى الواحد أقل من صاع [- يط -] لا تسقط صدقة الفطر بالموت و تخرج من أصل التركة كالدين و إن لم يوص بها [- ك -] لا يملك المستحق الزكاة إلا مع القبض من المالك أو وكيله فليس للوارث المطالبة بها لو مات المستحق قبل القبض

المقصد السّادس في الخمس
اشارة

و فيه فصول

الأوّل فيما يجب فيه

و فيه [- ل -] بحثا [- ا -] يجب الخمس في سبعة أصناف الغنائم من دار الحرب و المعادن و الكنوز و الغوص و فاضل مئونة عياله عن السنة من أرباح التجارات و الصناعات و الزّراعات و الحلال إذا اختلط بالحرام و لم يتميّز و أرض الذّمي إذا اشتراها من مسلم [- ب -] الغنائم التي تؤخذ من دار الحرب يجب فيها الخمس مما حواه العسكر و ما لم يحوه أمكن نقله أو لا مما يصحّ تملكه [- ج -] ما يؤخذ في دار الحرب منهم إذا كان في أيديهم غصبا من مسلم أو معاهد لا يجب الخمس فيه و يجب ردّه على المغصوب منه [- د -] الخمس يجب في الغنيمة قلت أو كثرت [- ه -] المعادن كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة و يجب فيها الخمس لا الزكاة سواء كانت مائعة كالقير و النّفط و الكبريت أو جامدة سواء كانت منطبعة بانفرادها كالرصاص و النحاس و الذهب و الفضة و الحديد أو مع غيره كالزئبق أو غير منطبعة كالياقوت و الفيروزج و البلخش و العقيق [- و -] في اعتبار النّصاب في المعادن قولان للشيخ أحدهما أنه يعتبر و الثاني أنّه غير معتبر و يجب الخمس في قليلها و كثيرها و الأقرب الأول ثمّ في قلة النّصاب قولان أحدهما عشرون دينارا و هو الأقوى عندي و الثاني دينار واحد اختاره ابن بابويه و أبو الصلاح فلا يجب الخمس في شيء من المعادن حتى يبلغ قيمته عشرين دينارا [- ز -] النصاب معتبر بعد المئونة فإن بلغ بعدها نصابا وجب الخمس و إلا فلا و يعتبر النّصاب فيما أخرج دفعة واحدة أو دفعات لا يتخللها ترك مهملا ثم أخرج دون النصاب لم يجب شيء و لو كملا نصابا أما لو بلغ أحدهما نصابا وجب منه خاصّة و لو تخلل إهمال فلو أخرج دون النصاب و ترك العمل للاشتراء مثلا أو لإصلاح آلة أو طلب أكل أو معادن أو خرج بين المعدنين تراب أو شبهه وجب الخمس إذا بلغ المنضم النصاب ثم يجب في الزائد مطلقا [- ح -] النصاب معتبر في الذّهب و ما عداه بالقيمة و لو اشتمل المعدن على جنسين ضمّ أحدهما إلى الآخر سواء كانا ذهبا أو فضة أو لا [- ط -] لا يعتبر الحول في المعادن [- ي -] المعدن إن كان في ملك ملكه صاحب الملك فيخرج خمسه و الباقي له و إن كان في مباح فالخمس لأربابه و الباقي لواجده [- يا -] قال الشيخ يمنع الذمي من العمل في المعدن فإن أخرج منه شيئا ملكه و أخذ منه الخمس [- يب -] الخمس يجب في المخرج من المعدن و يملك المخرج الباقي و يستوي في ذلك الصغير و الكبير و لو كان المعدن لمكاتب وجب فيه الخمس و لو استخرج العبد معدنا ملكه سيّده و وجب على مولاه خمسه [- يج -] لو باع الواجد جميع المعدن فالخمس عليه و يجب خمس المعدن لا خمس الثمن [- يد -] الكنز هو المال المدفون في الأرض و يجب فيه الخمس سواء وجد في أرض الحرب أو أرض العرب [- يه -] الكنز إن وجد في أرض موات من دار الإسلام أو غيره معهودة بالتملك كآثار الأبنية المتقادمة على الإسلام و جدران الجاهلية و قبورهم فإن كان عليه أثر الإسلام فلقطة و إن لم يكن عليه أثر الإسلام أخرج خمسه و ملك الباقي و إن وجد في أرض مملوكة له فإن انتقلت إليه بالبيع عرف البائع فإن عرفه و إلا عرف البائع قبله و هكذا فإن لم يعرفه أحد منهم فلقطة و إن انتقلت بالميراث عرف باقي الورثة فإن اتفقوا على أنه ليس لمورثهم فهو لأوّل مالك فإن لم يعرفه أحد فلقطة و إن اختلفوا حكم للمعترف بنصيبه و كان حكم المنكر ما مضى هذا إذا كان عليه أثر الإسلام فإن لم يكن عليه أثر الإسلام فللشيخ قولان أحدهما أنه لقطة و الثاني للواجد و إن وجد في أرض مملوكة لغيره مسلم أو معاهد فهو لصاحبها إن اعترف به و إلا فلأول مالك و إن لم يعرفه أحد ففي تملك الواجد إشكال و إن وجد في دار الحرب فهو لواجده سواء كان عليه أثر الإسلام أو لا و يخرج منه الخمس و كذا لو وجده في أرض مملوكة لحربي معين [- يو -] لو استأجر أجيرا ليحفر له طلبا للكنز فوجده فهو للمستأجر و لو استأجره لغير ذلك فالكنز للأجير [- ين -] لو استأجر دارا فوجد كنزا فهو للمالك و لو تداعياه فالقول قول المالك و للشيخ رحمه اللّٰه قول آخر إن القول قول المستأجر أما لو اختلفا في مقداره فالقول قول المستأجر [- يح -] يجب الخمس في كل كنز على اختلاف أنواعه من الذهب و الفضة و الرصاص و الصفر و النحاس و الأواني و غير ذلك [- يط -] لا يعتبر في الكنز الحول بل متى وجد وجب [- ك -] يجب الخمس على الواجد مسلما كان أو ذميّا حرّا أو عبدا صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى عاقلا أو مجنونا إلا أن ما يجده العبد لسيده فيجب الإخراج على السيّد أما المكاتب فيملك الكنز يخرج خمسه و الباقي له و الصّبي و المجنون يملكان أربعة أخماسه و الباقي لأربابه يخرجه الولي و

ص: 73

المرأة تملك الكنز [- كا -] يجب إظهار الكنز على واجده و إخراج الخمس منه و لا يسقط الخمس بكتمانه [- كب -] لا يجب في الكنز شيء ما لم يبلغ قيمته عشرين دينارا بعد المئونة عليه من حفر و غيره و ليس له نصاب آخر بل يجب في الزائد مطلقا و لو وجد دون النصاب ثم وجد كنز آخر دونه و اجتمعا نصابا فالأقرب عدم الوجوب [- لج -] الغوص كل ما يستخرج من البحر كاللؤلؤ و المرجان و العنبر و غير ذلك و يجب فيه الخمس إذا بلغ قيمته دينارا و إن نقص لم يجب و لو غاص فأخرج دون النصاب ثم غاص أخرى فأكمله فالأقرب وجوب الخمس إن كان الترك للاستراحة و شبهها و عدمه إن كان بنية الإعراض و الإهمال و لا يعتبر في الزائد نصاب بل يجب فيه الخمس و إن قل [- كد -] قال الشيخ العنبر من نبات البحر و قيل هو من عين في البحر و قيل يقذفه البحر إلى جزيرة فلا يأكله شيء و لا ينقره طائر إلا نصل منقاره فيه و إن وضع أظفاره عليه فصلت و مات فإن أخذ بالغوص اعتبر له نصاب الغوص و إن أخذ من وجه الماء كان له حكم المعادن [- كه -] قال الشيخ الحيوان إن أخذ بالغوص أو قفيا ففيه الخمس أما المصاد من البحر فلا خمس فيه و الأقرب عندي إلحاقه بالأرباح لا بالغوص كيف كان [- كو -] المسك لا شيء فيه [- كن -] أرباح التجارة و الصنائع و الزراعات و جميع أنواع الاكتسابات و فواضل الأقوات من الغلات و الزّراعات عن مئونة السنة على الاقتصاد يجب فيها الخمس إذا فضلت عن مئونة السنة له و لعياله و لا يجب على الفور بل يتربّص إلى تمام السنة و يخرج عن الفاضل خمسه و لا يراعي الحول في شيء مما يجب فيه الخمس سوى هذا و لو احتسب من أوّل السنّة ما يكفيه على الاقتصاد و أخرج خمس الباقي معجلا كان أفضل [- كح -] إنما يجب الخمس في هذا النّوع من فواضل أرباح التجارات و الصّناعات و الزّراعات و لا يجب في الميراث و لا الهبة و لا الهدية خلافا لأبي الصّلاح و لا فوق بين جميع أنواع الاكتسابات فلو غرس غرسا فزادت قيمته لزيادة نمائه وجب الخمس في الزيادة و لو زادت القيمة لتغير السعر لا لزيادة فيه لم يجب [- كط -] الحرام إذا اختلط بالحلال و لم يتميّز أحدهما عن الآخر و لا صاحبه أخرج الخمس و حل الباقي و لو عرف مقدار الحرام وجب إخراجه سواء قل عن الخمس أو كثر و كذا لو عرفه بعينه و لو جهله غير أنه عرف أنّه أكثر من الخمس وجب الخمس و ما يغلب على الظن في الزائد و لو عرف صاحبه وجب صرف ما يخرجه إليه أو إلى ورثته فإن لم يكن له وارث فالإمام و لو ورث مالا ممن يعلم أنه جمعه من حرام و حلال أخرج خمسه مع الجهل كما تقدم [- ل -] لا يعتبر في غنائم دار الحرب و لا الحلال الممتزج بالحرام و لا الأرض المبتاعة من الذّمي نصاب بل يجب الخمس في قليله و كثيره

الفصل الثاني في مستحقّه و كيفية قسمته

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] يقسم الخمس ستة أقسام فنصفه و هو سهم اللّٰه و سهم رسوله و سهم ذي القربى للإمام خاصّة و نصفه للثلاثة فسهم لليتامى و سهم للمساكين و سهم لأبناء السّبيل و يشترط في هؤلاء الثلاثة انتسابهم إلى عبد المطلب بن هاشم بالأب لا بالأم و هم الآن أولاد أبي طالب و العباس و الحرث و أبي لهب و لا يعطى غيرهم شيئا و الأصح منع أولاد المطلب خلافا لابن الجنيد و للمفيد في أحد قوليه [- ب -] قال السّيد المرتضى من انتسب إلى هاشم بالأمومة استحق الخمس و حرمت عليه الزكاة و فيه نظر [- ج -] يعتبر في أخذ الخمس الإيمان و يجوز إعطاء الفاسق [- د -] لا يحمل الخمس عن بلد المال مع وجود المستحق فيه فإن حمله ضمن و لو لم يوجد المستحق جاز النقل و لا ضمان و يعطي من حضر البلد و لا يتبع من غاب [- ه -] المراد بذي القربى هنا الإمام خاصة و هو بأخذ سهم ذي القربى بالنص و سهم اللّٰه و سهم رسوله بالوراثة عن الرسول عليه السّلام و يأخذ الإمام هذه الأسهم مع الحاجة و عدمها أما اليتيم فهو الذي لا أب له ممن لم يبلغ الحلم و لا بد أن يكون هاشميّا و هل يشترط فقره قال الشيخ لا للعموم و عندي فيه نظر إذ يحرم لمن له أب موسر و وجود المال له أنفع من وجود الأب فيكون أولى بالحرمان أما المسكين فالمعنى المراد به المشترك بينه و بين الفقير و ابن السّبيل لا يشترط فيه الفقر بل الحاجة في بلد السفر [- و -] الأحوط قسمة الخمس في الأصناف من غير تخصيص و هل يجوز التخصيص الظاهر من كلام الشيخ المنع و فيه إشكال و لا يجب استيعاب كل طائفة بل لو اقتصر من كلّ طائفة على واحد جاز [- ز -] مستحق الخمس من الركاز و المعادن هو المستحقّ له من الغنائم و لا يجوز صرف حق المعدن إلى من وجب عليه لانتفاء تحقق الإخراج (- ح -) [- ح -] الأسهم الثلاثة التي للإمام ملكه يصنع بها ما شاء من نفقة و صدقة و نفل و غير ذلك و الثلاثة الباقية لأربابها لا يخصّ القريب و لا الذكر و لا الكبير على أضدادهم بل يفرقهم الإمام بحسب ما يراه من تسوية و تفضيل و لا يتبع الغائب فإن فضل عن قدر كفاية الحاضرين شيء جاز حمله إلى الأباعد و لا ضمان

الفصل الثّالث في الأنفال

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] الأنفال هاهنا كل ما يخصّ الإمام و هو كل أرض انجلى عنها أهلها أو سلموها طوعا بغير قتال و كل أرض خربة باد أهلها سواء جرى عليها ملك أحد أو لم يجر و كل أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و رءوس الجبال و بطون الأودية و الآجام و الأرضون الموات التي لا أرباب لها و المعادن و صفايا الملوك و قطائعهم مما كان في أيديهم على جهة الغصب و ما يصطفيه من الغنيمة في الحرب مثل الفرس الفاره و الثوب المرتفع و الجارية الحسناء و السّيف الفاخر و ما أشبه ذلك و ميراث

ص: 74

من لا وارث له سواء كان الميّت ذميّا أو مسلما إذا لم يخلف وارثا و إذا قاتل قوم من غير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة للإمام خاصة [- ب -] قال ابن إدريس اختصاصه عليه السّلام برءوس الجبال و بطون الأودية و المعادن إنما هو فيما يكون في أرضه المختصة به أما ما كان في أرض المسلمين المشتركة أو لمالك معروف فلا اختصاص له عليه السّلام به و هو قوي [- ج -] يحرم التصرف فيما يختص الإمام حال ظهوره إلا بإذن منه فإن تصرف فيه متصرّف كان غاصبا و النماء إن حصل للإمام و تصرف إليه الخمس بأجمعه فيأخذ نصفه يعمل به ما شاء و النصف الآخر يضعه في أربابه على قدر حاجتهم و ضرورتهم قال الشيخان فإن فضل كان الفاضل له و إن أعوز كان عليه و منعه ابن إدريس و عندي في ذلك تردّد [- د -] الأقرب جواز صرف حصص الأصناف الثلاثة إليهم بنفسه فيما يكتسبه غير غنائم الحرب مع وجود الإمام على إشكال [- ه -] أباح الأئمّة عليهم السّلام لشيعتهم المناكح في حال ظهور الإمام و غيبته و ألحق الشيخ رحمه اللّٰه المساكن و المتاجر و إن كان ذلك بأجمعه للإمام أو بعضه و لا يجب إخراج حصّة الموجودين من أرباب الخمس منه قال ابن إدريس المراد بالمتاجر أن يشتري الإنسان مما فيه حقوقهم عليهم السّلام و يتجر في ذلك قال و لا يتوهم متوهم أنّه إذا ربح في ذلك المتجر شيئا لا يخرج منه الخمس [- و -] كما يسوغ للإمام أن يحل في زمانه فكذلك يسوغ له أن يحلّ بعده و منع ابن الجنيد ضعيف [- ن -] اختلف علماؤنا في الخمس في حال غيبة الإمام فأسقطه قوم و منهم من أوجب دفنه و منهم من يرى صلة الذرّية و فقراء الشيعة على وجه الاستحباب و منهم من يرى عزله فإن خشي من الموت وصى به إلى من يثق بدينه و عقله ليسلمه إلى الإمام إن أدركه و إلا وصى به كذلك إلى أن يظهر و منهم من يرى صرف حصّته إلى الأصناف الموجودين أيضا لأن عليه الإتمام عند عدم الكفاية و هو حكم يجب مع الحضور و الغيبة و هو أقوى [- ح -] يجب أن يتولى صرف حصة الإمام في الأصناف الموجودين من إليه الحكم بحقّ النيابة كما يتولى أداء ما يجب على الغائب [- ط -] إذا قاطع الإمام على شيء من حقوقه حل ما فضل عن القطيعة و وجب عليه الوفاء

كتاب الصّوم

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد

أما المقدمة

ففيها [- د -] مباحث [- ا -] الصوم لغة الإمساك و في الشرع عبارة عن الإمساك عن أشياء مخصوصة في زمان مخصوص على وجه مخصوص [- ب -] الصوم ينقسم إلى واجب و مندوب و مكروه و محظور فالواجب ستة شهر رمضان و الكفارات و دم المتعة و النذر و ما في معناه من يمين أو عهد و صوم الاعتكاف الواجب و قضاء الواجب فالندب جميع أيام السنة إلا العيدين و أيام التشريق لمن كان بمنى و يتأكّد منه أربعة عشر صوم ثلاثة أيام في كل شهر هي أول خميس و آخره و أوّل أربعاء في العشر الثّاني و أيام البيض و يوم الغدير و مولد النبي و مبعثه و دحو الأرض و عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع تحقق الهلال و عاشوراء على وجه الحزن و المصيبة و يوم المباهلة و كل خميس و كل جمعة و أوّل ذي الحجة و هو مولد إبراهيم و باقي العشرة إلا العيد و رجب و شعبان و المكروه يوم عرفة لمن يضعف عن الدعاء أو يشك في الهلال و النافلة سفرا عدا ثلاثة أيّام للحاجة بالمدينة و الضيف نافلة من دون إذن مضيفه و بالعكس و كذا الولد من غير إذن الوالد و المدعو إلى طعام و المحظور تسعة صوم العيدين مطلقا و أيام التشريق لمن كان بمنى و يوم الشك بنية الفرض و صوم نذر المعصية و صوم الصّمت و صوم الوصال و النفل للمرأة و العبد من دون إذن الزوج أو المولى و صوم الواجب سفرا عدا ما استثني [- ج -] صوم شهر رمضان واجب بالنّص و الإجماع و الصوم المشروع هو الإمساك عن المفطرات من أول طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس الذي يجب معه الصّلاتان [- د -] الصوم من أفضل العبادات و أكملها تقربا قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله الصوم جنة من النار و قال عليه السّلام الصائم في عبادة و إن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما و قال عليه السّلام إن اللّٰه تعالى وكل ملائكة بالدّعاء للصّائمين و أخبرني جبرئيل عن ربّه سبحانه أنّه قال ما أمرت ملائكتي بالدعاء لأحد من خلقي إلا استجبت لهم فيه و قال الصادق عليه السّلام نوم الصائم عبادة و صمته تسبيح و عمله متقبل و دعاؤه مستجاب و عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان مما سأله أنّه قال لأيّ شيء فرض اللّٰه سبحانه الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما و فرض على الأمم أكثر من ذلك فقال النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله إن آدم عليه السّلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض اللّٰه سبحانه على أمته ثلاثين يوما الجوع و العطش و الّذي يأكلونه بالليل تفضل من اللّٰه عز و علا عليهم و كذلك كان على آدم ففرض اللّٰه ذلك على أمّتي ثم تلا هذه الآية كتب عليكم الصّيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات قال اليهودي صدقت يا محمّد فما جزاء من صامها فقال النبي صلّى اللّٰه عليه و آله ما من مؤمن يصوم في شهر رمضان احتسابا إلا أوجب اللّٰه تبارك و تعالى له سبع خصال أولها يذوب الحرام في جسده و الثانية يقرب من رحمة اللّٰه عز و جل و الثالثة يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم و الرابعة

ص: 75

يهون اللّٰه عليه سكرات الموت و الخامسة أمان من الجوع و العطش يوم القيامة و السادسة يعطيه اللّٰه تعالى براءة من النار و السابعة يطعمه اللّٰه من طيبات الجنّة قال صدقت يا محمّد و الأخبار كثيرة في ذلك

المقصد الأول في النّية

و فيه [- كه -] بحثا [- ا -] النية شرط في الصوم فلا يصحّ بدونها واجبا كان أو ندبا رمضان كان أو غيره و يكفي في شهر رمضان نية القربة و هي أن ينوي الصّوم متقرّبا إلى اللّٰه تعالى لا غير و لا يفتقر إلى نية التعيين أعني أن ينوي وجه ذلك الصوم كرمضان أو غيره متقرّبا أما غير رمضان فإن لم يتعين صومه كالنّذر المطلق و الكفارات و القضاء و الصوم النفل فلا بد فيه من نية التّعيين إجماعا و ما يتعيّن صومه غير رمضان كالنذر المعين زمانه قال الشيخ لا يكفي فيه نية القربة بل لا بدّ فيها من نية التعيين و قال السيّد المرتضى تكفي و الأول أقوى [- ب -] نية القربة لا تكفي عن نية التعيين في كل موضع يشترط فيه التعيين و لو ترك التعيين نسيانا فكذلك و نية التعيين لا تكفي عن نية القربة [- ج -] ليس للمسافر أن يصوم رمضان بنيّته أنه منه إذا كان سفر التقصير و هل يجوز صومه بنية النفل أو الواجب غيره الوجه عدمه و تردد الشيخ هاهنا ضعيف [- د -] لو نوى الحاضر في شهر رمضان صيام غيره مع الجهل وقع عن رمضان أما مع العلم فقيل إنه كذلك و قيل لا يجزي عن أحدهما و نحن في هذا من المتوقفين [- ه -] وقت النية في الصّوم المعيّن كرمضان و النذر المعيّن من أول الليل حتى يطلع الفجر فتضيّق قبل طلوعه بمقدار إيقاعها فلو أخرها مع العلم حتى طلع الفجر فسد صوم ذلك اليوم و وجب قضاؤه و لو تركها ناسيا أو لعذر جاز تجديدها إلى الزوال و لو نوى أي وقت كان من الليل أجزأه و يجوز مقارنتها لطلوع الفجر و لا يشترط في النية من الليل الاستمرار على حكم الصوم بل يجوز أن ينوي ليلا و يفعل بعدها ما ينافي الصوم إلى قبل الفجر و أن ينام بعد النية نعم يشترط الاستمرار على النية أما غير المعيّن كالقضاء و النّذر المطلق فوقته من الليل مستمر إلى الزوال و يجوز إيقاعها في أيّ جزء كان من هذا الزمان إذا لم يفعل المنافي نهارا [- و -] وقت نية النفل من الليل إلى الزوال أي وقت نوى من هذه المدة أجزأه عند جماعة من علمائنا و عند الآخرين يمتدّ وقتها بامتداد النّهار فيجوز النية بعد الزوال إلى أن يبقى من النهار ما يصحّ صومه أما لو انتهى النهار بانتهاء النية لم يقع الصوم و هو عندي حسن [- ن -] هل يحكم بالصوم الشّرعي المثاب عليه من وقت النّية أو من ابتداء النهار قال الشيخ في الخلاف بالثاني و هو المعتمد [- ح -] قال الشيخ في الخلاف جوز أصحابنا في رمضان أن يتقدم نيته عليه بيوم أو أيام و في المبسوط لو نوى قبل الهلال صوم الشهر أجزأه النية السّابقة إن عرض له ليلة الصّيام سهو أو نوم أو إغماء و إن كان ذاكرا فلا بدّ من تجديدها و كلاهما عندي مشكل [- ط -] ادعى الشيخ رحمه اللّٰه و السيّد المرتضى قدّس اللّٰه روحه الإجماع على أنه يكفي في رمضان نية واحدة من أوّل الشهر عن الشهر كله و لا يحتاج إلى تجديد نية كل ليلة إذا عرفت هذا فإن الأولى تجديدها كل ليلة إن قلنا بما ذهبا إليه و لا يتعدى الحكم في النذر المعيّن و على قولهما لو فاتته النية من أوّل الشهر لعذر و غيره هل يكتفي بالواحدة في ثاني ليلة أو ثالث ليلة عن باقي الشهر الأقرب عدم الاكتفاء [- ي -] لا يكره صوم الثلاثين من شعبان بل يستحب على أنه من شعبان سواء كان هنا مانع من الرؤية أو لا و سواء كان صائما قبله أو لا و كره المفيد صومه مع الصّحو إلاّ لمن كان صائما قبله [- يا -] لو لم يحصل الرؤية و نوى صومه في رمضان كان حراما و لم يجزئه لو خرج من رمضان و تردد الشيخ في الخلاف فلو ثبت الهلال قبل الزوال جدد النية و أجزأه و لو نواه من شعبان ثم بان من رمضان و النهار باق جدّد نية الوجوب و أجزأه و لو لم يعلم حتى فات النهار أجزأه و لو نوى أنّه إن كان من رمضان فهو واجب و إن كان من شعبان فهو ندب ثم بان أنه من رمضان فللشيخ قولان أحدهما الإجزاء و الثاني عدمه [- يب -] لو نوى الإفطار لاعتقاد أنه من شعبان فبان من رمضان قبل الزوال و لم يتناول المفطر نوى الصّوم الواجب و أجزأه و لو ظهر بعد الزوال أمسك بقية نهاره و وجب القضاء [- يج -] لو نوى الصوم في رمضان ثم نوى الخروج منه بعد انعقاده قال الشيخ لا يبطل صومه و عندي فيه نظر و كذا لو شك هل يخرج أم لا على تردد ضعيف و لو نوى أنه يصوم غدا من رمضان لسنة تسعين مثلا و كانت سنة إحدى و تسعين صحّت نيّته أما لو كان عليه قضاء اليوم الأوّل من رمضان فنوى قضاء اليوم الثّاني أو كان عليه صوم من سنة أربع فنواه من سنة خمس فالوجه عدم الإجزاء [- يد -] لو أخبره عدل واحد بالهلال و قلنا بعدم الاكتفاء فأقرب الوجهين أنه لا يجوز أن ينويه عن رمضان واجبا و كذا لو كان عارفا بحساب المنازل و التسيير أو أخبره العارف بذلك بالهلال من غير مشاهدة [- يه -] لو نوى أنّه صائم غدا إن شاء اللّٰه فإن قصد الشك و التردّد لم يصح صومه و إن قصد التبرك أو أنّه موقوف على المشيئة و التوفيق صحّ صومه [- يو -] لو نوى قضاء رمضان أو تطوّعا و لم يعين لم يصحّ [- يز -] لو نوى ليلة الثلاثين من رمضان أنّه إن كان غدا منه فهو صائم و إن كان من شوال فهو مفطر ففي صحّة الصوم نظر [- يح -] لو ترك النية عامدا حتى زال الشمس

ص: 76

وجب عليه الإمساك و القضاء و هل يثاب على الإمساك الوجه عندي أنه يثاب ثواب الإمساك لا ثواب الصوم [- يط -] لو أصبح بنية الإفطار مع علمه بأنّه من الشهر و وجوبه عليه ثم جدّد النية لم يجز به سواء كان قبل الزوال أو بعد و وجب عليه الإمساك سواء أفطر أو لا ثم يقضي واجبا [- ك -] قال الشيخ في المبسوط النية إرادة فلا يتعلّق بالعدم بل بتوطين النفس على الامتناع أو فعل كراهية بحدوث المفطرات و تحقيقه أن العدم لاستمراره غير مقدور و الصوم عبارة عن نفي المفطرات فلا يتعلق النية به بل متعلق الإرادة توطين النفس على الامتناع و قهرها عليه بتخويفها من العقاب و هو وجودي أو يحدث كراهية يتعلق بإحداث المفطرات [- كا -] صوم الصّبي المميّز شرعي و نيّته معتبرة و لو بلغ قبل الزوال بغير المبطل وجب عليه تحديد نية الفرض و إلا فلا [- كب -] لو نوى صوم يوم الشك عن فرض عليه أجزأه إذا استمر الشك أو بان أنه من شعبان و لو بان أنه من رمضان أجزأه عنه و وجب عليه قضاء ما نواه [- لج -] لو صام أحد الأيام المكروهة عن فرض عليه أجزأه [- كد -] لو أمسكه غيره عما يجب الإمساك عنه فإن نوى مع ذلك كان بحكم الصائم و إن لم ينو وجب القضاء [- كه -] الكافر يجب عليه الصوم و لا يصح منه لامتناع نية التقرب منه ما دام كافرا فإذا أسلم سقط القضاء أما المرتد فيجب عليه و لا يصح منه و يقضي بعد عوده و لو نوى الصوم ثم ارتد في أثنائه ثم عاد قبل تناول المفطر قال الشيخ رحمه اللّٰه صحّ صومه و عندي فيه نظر

المقصد الثاني فيما يقع الإمساك عنه
اشارة

و هو واجب و ندب

الأول الواجب

و فيه [- مح -] بحثا [- ا -] يجب الإمساك عن الأكل و الشّرب و الجماع و الإنزال و الكذب على اللّٰه و على رسوله و الأئمّة عليهم السّلام و الارتماس في الماء و إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق و المقام على الجنابة حتى يطلع الفجر اختيارا و معاودة النوم بعد انتباهته حتى يطلع الفجر و القيء عامد و الحقنة و جميع المحرّمات [- ب -] يحرم على الصائم الأكل و الشرب نهارا سواء كان المأكول معتادا كالخبز و الفواكه أو غير معتاد كالحجر و الخشب و الحصى أو ابتلعه و سواء كان المشروب معتادا كالماء أو غير معتاد كعصارة الأشجار و بالجملة كل ما يبتلعه معتادا كان أو غير معتاد محلّلا أو محرّما و سواء تغذى به أو لم يتغذ و سواء كان مما يتداوى به أو لا أو يشربه كذلك مفطر مع العمد [- ج -] بقايا الغذاء المستخلفة بين أسنانه إذا ابتلعها نهارا عمدا فسد صومه سواء أخرجها من فيه أو لم يخرجها و سواء كان يسيرا أو كثيرا و سواء كان مما يجري به الريق و لا يتميّز منه أو كان يتميز [- د -] الريق إذا جرى على حلقه على ما جرت به العادة لم يفطر به و كذا لو جمعه في فيه ثم ابتلعه و لو أخرجه من فيه إلى طرف ثوبه أو بين أصابعه ثم ابتلعه أفطر و لو ترك في فيه حصى أو شبهه فأخرجه و عليه ريق ثم أعاده في فيه و الريق عليه فالوجه الإفطار و لو ابتلع ريق غيره أفطر و لو أبرز لسانه و عليه ريق ثم ابتلعه لم يفطر [- ه -] لو جمع في فيه فلسا و ابتلعه فإن كان خاليا من الطعام لم يفطر لرواية محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام و لو مازجه غذاء و تعمد اجتلابه أفطر و إن لم يبتلعه و لو لم يتعمّد لم يفطر باجتلابه و أفطر بابتلاعه عمدا [- و -] لو ابتلع النخامة المجتلبة من صدره أو رأسه لم يفطر [- ز -] حكم الازدراد حكم الأكل فيما تقدم فلو ابتلع المعتاد أو غيره أبطل لصومه و خلاف السيّد هنا ضعيف [- ح -] الجماع في القبل مفسد للصوم مع العمد إجماعا و كذا الوطء في الدّبر مع الإنزال و مع عدمه على أقوى القولين و لو جامعها في غير الفرجين فإن أنزل أفسد صومه و لو لم ينزل فلا فساد [- ط -] وطء الميّتة في القبل و الدّبر كوطء الحية [- ي -] لو وطئ بهيمة فإن أنزل أفسد صومه و إن لم ينزل تبع وجوب الغسل فإن أوجبناه أفسد صومه و إلا فلا و قال الشيخ لا يجب الغسل و يفطر و الأقرب عندي عدم الإفطار على إشكال [- يا -] لو وطئ الغلام في دبره فإن أنزل أفسد صومه و كذا إن لم ينزل [- يب -] الإجماع على أن الموطوءة في قبلها مختارة عالمة يفسد صومها أما الموطوءة في دبرها أو الغلام الموطوء فالأقرب فساد صومها [- يج -] لو تساحقت امرأتان و أنزلتا أفسدتا صومهما و إن لم تنزلا فلا فساد و لو أنزلت إحداهما اختص الفساد بها و كذا لو ساحق المجبوب [- يد -] كل من أنزل نهارا عمدا أفسد صومه سواء كان باستمناء أو ملامسة أو ملاعبة أو قبلة أو مباشرة و غير ذلك من أنواع ما يوجب الإنزال [- يه -] قال الشيخ لو نظر إلى ما لا يحلّ له النظر إليه عامدا لشهوة فأمنى فعليه القضاء و إن كان نظره إلى ما يحل له النظر إليه فأمنى لم يكن عليه شيء فإن أصغى أو تسمع إلى حديث فأمنى لم يكن عليه شيء [- يو -] لو كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه أنه إذا قبّل أنزل لم يجز له التقبيل و إلا كان مكروها و لو قبل أو لامس أو استمنى بيده و لم ينزل لم يفسد صومه إجماعا و لو أنزل من غير شهوة كالمريض عمدا أفسده صومه [- يز -] لو فكر فأمنى ففي الإفساد نظر و لو خطر بقلبه صورة الفعل فأنزل لم يفسد صومه [- يح -] لو أمذى بالتقبيل لم يفطر [- يط -] قال الشيخان رحمهما اللّٰه الكذب على اللّٰه و على رسوله عليه السّلام و على الأئمّة عليهم السّلام يفسد الصّوم و خالف السّيد المرتضى و هو قويّ [- ك -] المشاتمة و التلفظ بالقبيح لا يوجب الإفطار و كذا الكذب

ص: 77

على غير اللّٰه و غير رسوله و الأئمّة عليهم السّلام [- كا -] إذا قلنا الكذب مفطر استوى الكذب على اللّٰه و على رسوله و على الأئمّة عليهم السّلام في أمر الدين أو الدنيا [- كب -] الارتماس في الماء قال الشيخان يفسد الصوم و قال المرتضى لا يفسده و هو قويّ و للشيخ قول ثان بأنه محرم غير مفسد و هو حسن و عليه أعمل لصحّة الروايات فيه مع أن الشيخ قال لست أعرف حديثا في إيجاب القضاء و الكفارة أو إيجاب أحدهما على المرتمس [- لج -] لا بأس بصبّ الماء على الرأس للتبرد و الاغتسال ليس بمكروه [- لد -] إذا ارتمس مختارا فوصل الماء إلى حلقه أفسد صومه سواء كان قد وصل باختياره أو مضطرا أما لو صبّ الماء على رأسه فدخل الماء خلفه فإن تعمّد الإدخال أو كان الصبّ يؤدي إليه قطعا أفسد صومه و إلا فلا و لا فرق في تحريم الارتماس بين الماء الجاري و الراكد القليل و الكثير [- كه -] إيصال الغبار الغليظ كغبار الدقيق و النفض إلى الحلق اختيارا مفسد للصوم و لو كان مضطرّا أو دخل بغير اختياره أو بغير شعور لم يفطر [- كو -] من أجنب ليلا و تعمد البقاء على الجنابة من غير ضرورة و لا عذر حتى يطلع الفجر أفسد صومه [- كز -] الأقرب أن حكم الحائض و النفساء إذا انقطع دمها قبل الفجر كذلك و قال ابن أبي عقيل إذا طهرتا ليلا و تركتا الغسل حتى يطلع الفجر عامدتين وجب عليهما القضاء خاصّة [- كح -] إذا جامع قبل الفجر ثم طلع و هو على حاله فإن لم يعلم ضيق الوقت نزع و أتم صومه من غير أن يتحرك حركة الجماع و وجب عليه الغسل و القضاء إن كان قد ترك المراعاة و لو نزعه بنية المجامعة أفطر و وجب عليه القضاء و الكفارة و لو راعى الفجر و لم يظنّ قربه فجامع ثم نزع مع أول طلوعه لم يفسد صومه [- كط -] لو طلع الفجر و في فيه طعام لفظه فإن ابتلعه بطل صومه [- ل -] لو أجنب ليلا ثم نام ناويا للغسل حتّى أصبح صح صومه و لو نام على عزم الترك أو لم يعزم على أحدهما فسد صومه [- لا -] لو احتلم نهارا في رمضان نائما أو من غير قصد لم يفسد صومه و جاز له تأخير الغسل إجماعا [- لب -] القيء عمدا يفسد الصوم خلافا للسيّد المرتضى و ابن إدريس و لو ذرعه القيء لم يفطر و القلس و هو ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه و ليس بقيء فإن عاد فهو القيء فعلى هذا لا يفسد الصوم و قيل القلس خروج الطعام و الشراب إلى الفم من البطن أعاده صاحبه أو ألقاه فإن ابتلع شيئا بعد خروجه من حلقه إلى فمه أو خارجه فإن تعمّد أفطر سواء قاء عامدا أو غير عامد و إن لم يتعمد لم يفطر إذا كان القيء عن غير عمد [- لج -] الاحتقان بالمائع حرام و هل يفسد الصوم للشيخ قولان أحدهما الإفساد و هو قول المفيد و الثاني لا يفسد و هو اختيار المرتضى و ابن إدريس و ابن أبي عقيل [- لد -] يكره الاحتقان بالجامد و لا يفسد به الصّوم خلافا لأبي الصّلاح و ابن البراج [- له -] قال الشيخ لو داوى جرحه فوصل الدّواء إلى جوفه أفسد صومه و الوجه عندي عدم الإفساد [- لو -] لو جرح نفسه برمح فوصل إلى جوفه أو أمر غيره بذلك قال الشيخ يفسد صومه و الأقرب خلافه [- لز -] لو قطر في أذنه دهنا أو غيره و وصل إلى الدّماغ لم يفطر خلافا لأبي الصّلاح [- لح -] لو قطر في إحليله دواء أو غيره أو أدخل فيه ميلا لم يفطر سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل [- لط -] يجب الاحتراز في الصوم عن جميع المحرمات و هو فيه آكد منه في غيره [- م -] منع المفيد و أبو الصلاح من السعوط و هو ما يصل إلى الدّماغ من الأنف و أفسدا به الصوم مطلقا و قال الشيخ إنه مكروه غير مفسد ما لم ينزل إلى الحلق و هو الأقوى [- ما -] لا بأس بمضغ العلك و إن كان ذا طعم قويّا أو ضعيفا إذا تحفظ من ابتلاع أجزائه و لو وجد طعمه في حلقه لم يفطر [- مب -] كل ما يدخل الفم و لا يتعدى الحلق لا بأس به كمص الخاتم و مضغ الطعام للصّبي و زق الطائر [- مج -] لو أدخل شيئا في فمه و ابتلعه سهوا فإن كان لغرض صحيح فلا قضاء عليه و إلا وجب القضاء و لو تمضمض فابتلع الماء سهوا فإن كان للتبرد فعليه القضاء و إن كان للصّلاة فلا شيء عليه و كذا لو ابتلع ما لا يقصده كالذباب و لو فعله عمدا أفطر [- مد -] يجوز للصائم السواك سواء كان رطبا أو يابسا أول النهار أو آخره و لو كان السّواك يابسا جاز أن يبل بالماء و يتسوك به و يتحفظ من ابتلاع رطوبته و كذا يجوز أن يتسوّك بالماء إذا قذفه [- مه -] إنما يبطل الصوم بما عددناه إذا وقع عمدا أما لو وقع نسيانا فلا و كذا ما يحصل من غير قصد كالغبار الذي يدخل حلقه من الطريق و كذا لو صبّ في حلقه شيء كرها أما لو توعد على ترك الإفطار و خوّف حتى أكل فكذلك عندنا و قال الشيخ يفطر و ليس بجيّد [- مو -] لو فعل المفطر جاهلا بالتحريم فالوجه الإفساد و في الكفارة نظر [- مز -] لو أكل أو جامع ناسيا فظن فساد صومه فتعمّد الأكل و الشرب قال الشيخ يفطر و يقضي و يكفر و هو جيد قال و ذهب بعض أصحابنا إلى وجوب القضاء خاصة [- مح -] لو عقد الصوم ثم نوى الإفطار و لم يفطر فإن عاد و نوى الصوم فالوجه الصّحة و إلا فالأقوى وجوب القضاء أما لو نوى أنه سيفطر بعد ساعة أخرى فإنه لا يفطر قال الشيخ و لو نوى الإفطار في يوم يعلمه من رمضان ثم جدد نية الصوم قبل الزوال لم ينعقد و فيه نظر

القسم الثّاني فيما يستحبّ اجتنابه

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يكره مباشرة النساء تقبيلا و لمسا و ملاعبة إلا في حق الشيخ الكبير المالك إربه فإن القبلة ليست مكروهة له و كذا من لا

ص: 78

تحرك القبلة شهوته [- ب -] لو قبل و لم ينزل لم يفطر إجماعا و لو أنزل وجب القضاء و الكفارة [- ج -] روى الشيخ في الصحيح عن الكاظم عليه السّلام أنه لا بأس للصائم أن يمص لسان المرأة و كذا المرأة هو حسن لكن ينبغي خلوّ لسانهما من الرطوبة فإن وجدت فليتحفظ من ابتلاعها [- د -] المذي لا ينقض الصّيام و رواية رفاعة بالإتيان بالبدل شاذة و لو كلم امرأته فأمنى لم يكن عليه شيء [- ه -] يكره الاكتحال بما فيه مسك أو طعم يصل إلى الحلق كالصبر و ليس بمفطر و لا محظور [- و -] يكره إخراج الدم الضعف بقصد أو حجامة و ليس ذلك بمحظور و لو لم يضعف لم يكن به بأس و لا يفطر الحاجم و لا المحجوم [- ز -] يجوز للصائم دخول الحمام فإن خاف الضعف أو العطش كره [- ح -] شم الرياحين مكروه و يتأكد في النّرجس و المسك [- ط -] الاحتقان بالجامد مكروه و ليس بمحظور و لا مفطر [- ي -] يكره بل الثوب على الجسد و لا بأس بالرّجل يستنقع في الماء و يكره للمرأة الجلوس فيه و قال أبو الصلاح إنما يفطر و ليس بمعتمد [- يا -] يكره السعوط إذا لم يتعدّ إلى الحلق [- يب -] يكره المماراة في الصوم و التنازع و إنشاد الشعر ليلا و نهارا و إن كان شعر حق

المقصد الثالث فيما يوجب القضاء و الكفارة أو القضاء خاصّة و أحكام ذلك
اشارة

و فيه فصلان

الأوّل فيما يوجبهما أو يوجب القضاء

و فيه [- كر -] بحثا [- ا -] إذا وطئ في فرج المرأة حتى أدخل الحشفة و الصوم واجب عليه وجب عليه القضاء و الكفارة و لا يسقط وجوب القضاء بوجوب الكفارة و لا بالتكفير بالصوم و يتعلق هذا الحكم بوطء البالغة و الصّبية و الميّتة و الحيّة و النائمة و المكرهة و العاقلة و المجنونة و المختارة و المزني بها و الزّوجة [- ب -] يفسد صوم المرأة بذلك و يجب عليها القضاء و الكفارات هذا إذا كانت مختارة و لو أكره امرأته عليه و هما صائمان وجب عليه كفارتان و عليه قضاء واحد و لا قضاء عليها [- ج -] لو كان مجنونا فوطئها و هي صائمة فإن طاوعته لزمها كفارة واحدة و إلا فلا شيء عليهما [- د -] لو زنى بامرأة في نهار رمضان فإن طاوعته لزمهما كفارات و إن أكرهها وجب عليه كفارة عنه و هل يجب عليه أخرى عنها قال الشيخ [- ه -] لو استدخلت ذكره و هو نائم أفطرت دونه و عليها كفّارة عن نفسها و لا كفارة عليه و لا عليها عنه [- و -] لو أكرهته على الجماع وجب عليها كفارة عن نفسها و هل يجب عليه كفارة فيه نظر أقربه الوجوب [- ز -] لو وطئ امرأة في دبرها فأنزل وجب القضاء و الكفارة إجماعا و لو لم ينزل فالأصح أنّه كذلك و لو وطئ غلاما فأنزل وجب القضاء و الكفارة و لو لم ينزل فكذلك و كذا يجب على المفعول رجلا أو امرأة [- ح -] لو وطئ في فرج بهيمة فأنزل وجب القضاء و الكفارة و لو لم ينزل قال الشيخ لا نصّ فيه و يجب القضاء خاصة للإجماع دون الكفارة و منع ابن إدريس من القضاء أيضا و فيه قوة [- ط -] لا فرق بين وطء الزّوجة و غيرها [- ي -] لو استمنى بيده فأنزل أو أنزل عقيب الملاعبة أو الملامسة أو التقبيل أو الوطء في غير الفرجين وجب عليه القضاء و الكفارة قال أبو الصلاح لو أصغى فأمنى قضاه [- يا -] لو تساحقت امرأتان فأنزلتا وجب القضاء و الوجه وجوب الكفارة أيضا [- يب -] لو طلع الفجر و هو مجامع فاستدام الجماع فعليه القضاء و الكفارة و لو نزع في الحال مع أول طلوع الفجر من غير تلوّم فإن فرط في تحصيل الوقت وجب القضاء خاصة و إلا فلا [- يج -] لو ترك نية الصوم من اللّيل و جامع وجب القضاء و الكفارة [- يد -] من أكل أو شرب عامدا في رمضان نهارا مع وجوب الصوم عليه و إسلامه اختيارا وجب عليه القضاء و الكفارة و لا فرق بين الرجل و المرأة و الحرّ و العبد و الخنثى في ذلك و سواء أكل محللا أو محرّما و كذا المشروب و سواء كانا معتادين أو غير معتادين خلافا للسيّد [- يه -] يجب بإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق و القضاء و الكفارة و قال السيّد المرتضى لا تجب الكفارة و هو قويّ [- يو -] أوجب الشيخان الكفارة و القضاء بتعمّد الكذب على اللّٰه و على رسوله و على الأئمّة عليهم السّلام و منع من ذلك السيّد المرتضى و ابن أبي عقيل و هو الأقوى عندي [- يز -] لو أجنب ليلا و تعمّد البقاء على الجنابة حتى طلع الفجر وجب القضاء و الكفارة على قول الشيخين و عند ابن أبي عقيل القضاء خاصة و كذا لو نام غير ناو للغسل حتى طلع الفجر و لو نام على عزم الاغتسال ثم انتبه ثم نام ثانيا ثم انتبه ثم نام ثالثا و استمر حتى طلع الفجر قال الشيخان يجب القضاء و في الكفارة عندي إشكال [- يح -] قد بينا أن الارتماس حرام خلافا لابن أبي عقيل فلا يفسد الصوم خلافا للشيخ و لا يوجب القضاء و الكفارة خلافا له في بعض أقواله [- يط -] قال السيّد المرتضى الحقنة محرمة و لا توجب قضاء و لا كفارة و قال أبو الصلاح يجب القضاء مطلقا و قال الشيخ يجب القضاء بالمائع خاصة [- ك -] لو ارتد عن الإسلام أفطر إجماعا و عليه قضاؤه فإن تناول شيئا من المفطر وجبت الكفارة أيضا [- كا -] لو سافر أو حاضت المرأة أو نفست أفطروا و عليهم القضاء خاصة [- كب -] يجب القضاء خاصّة في الصوم الواجب المتعين بعشرة أشياء من أفطر مع ظن بقاء الليل و لم يرصد الفجر مع القدرة ثم بان طالعا و من اعتمد

ص: 79

إلى غيره في عدم الطلوع مع ترك المراعاة و كان قادرا عليها ثم فعل المفطر و من أخبره غيره بطلوع الفجر فظن كذبه و فعل الفطر و كان طالعا سواء كان المخبر عدلا أو فاسقا أما لو أخبره عدلان بالطّلوع فلم يمتنع فالوجه وجوب الكفارة و من أخبر بدخول الليل خلافا إليه و أفطر ثم بان كذبه مع القدرة على المراعاة و من ظن دخول اللّيل لظلمة عرضت من غيم أو غيره فأفطر ثم تبيّن فساد ظنه خلافا للشيخ في بعض أقواله و من تعمد القيء و لو ذرعه لم يفطر و من احتقن بالمائع و من تمضمض للتبرد دون الطهارة فدخل الماء إلى حلقه و من عاود النّوم ثانيا و هو مجنب مع نية الغسل حتى طلع الفجر و من نظر إلى من يحرم عليه نظرها بشهوة فأمنى و لو كانت محللة لم يجب و لا كفارة في هذه المواضع العشرة [- كج -] في مساواة الاستنشاق للمضمضة في ذلك نظر أقربه العدم [- كد -] روى الشحام عن الصادق عليه السّلام أنّ الصائم إذا تمضمض لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات [- كه -] المشهور بين علمائنا عدم الفرق بين صلاة الفرض و النفل و في رواية صحيحة السّند عن الصادق وجوب القضاء بدخول ماء المضمضة للصّلاة المندوبة دون الواجبة [- كو -] لو تمضمض متداويا أو طرح خرزا أو غيره في فيه لغرض صحيح فسبق إلى حلقه فلا قضاء و لا كفارة و لو كان عابثا قيل وجب القضاء خاصة و فيه نظر [- كن -] لو وصل إلى الجوف بغير الحلق شيء لم يفسد الصوم إلا الحقنة بالمائع و ما ينزل من الفضلات من رأسه إذا استرسل و تعدى الحلق من غير قصد لم يفسد الصوم و لو تعمّد ابتلاعه فسد

الفصل الثاني في الأحكام

و فيه [- كه -] بحثا [- ا -] إنما يجب الكفارة في إفطار ما يتعيّن صومه كرمضان و قضائه بعد الزوال خلافا لابن أبي عقيل و النذر المعيّن و شبهه و في الاعتكاف الواجب و ما عدا ذلك لا يجب فيه الكفارة سواء كان واجبا كالنّذر المطلق و صوم الكفارة و قضاء غير رمضان و قضاء رمضان قبل الزوال أو مندوبا كالأيام المستحب صومها و الاعتكاف المندوب و يفسد الصوم في ذلك كله [- ب -] إنما يفسد الصوم إذا وقع منه المفطر عمدا مختارا مع وجوب الصوم عليه فلو فعل المفطر ناسيا لم يفطر و كذا لو فعله نائما أو مكرها أما لو تعمّد و كان جاهلا بالتّحريم لم يعذر [- ج -] كل موضع يجب فيه القضاء إمّا مفردا أو منضما فإنه يجب يوم مكان يوم لا غير [- د -] كفارة كلّ يوم من رمضان عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا مخيّرا في ذلك سعة و قال ابن أبي عقيل إنها على الترتيب و للسيّد المرتضى قولان [- ه -] الإطعام لكل مسكين مدّ لا فرق في ذلك بين الحنطة و الشعير و التمر و قال الشيخ لكل مسكين مدّان [- و -] روى السّاباطي عن الصادق عليه السّلام و قد سأله عن الصّائم يصيبه عطش حتى يخاف على نفسه قال يشرب بقدر ما يمسك رمقه و لا يشرب حتى يروى و هي جيدة و الأقرب عدم وجوب القضاء و لو شرب زيادة على ما يمسك به الرمق وجب القضاء و الكفارة [- ز -] لو عجز عن الأصناف الثلاثة صام ثمانية عشر يوما فإن عجز تصدّق بما وجد أو صام ما استطاع فإن عجز استغفر اللّٰه و سقطت عنه الكفارة [- ح -] حدّ العجز عن التكفير أن لا يجد ما يصرفه في الكفارة فاضلا عن قوته و قوت عياله ذلك اليوم [- ط -] لا يسقط القضاء بسقوط الكفارة للعجز و لو عجز عنه أيضا سقط و كفاه الاستغفار [- ي -] لو عجز عن صيام شهرين متتابعين و يمكن من صيامهما متفرقة و لم يقدر على العتق و لا الإطعام فالوجه وجوب الشهرين متفرقة و لو عجز صام ثمانية عشر يوما [- يا -] قال الشيخان إذا عجز عن الأصناف الثلاثة صام ثمانية عشر يوما و لا بد فيها من التتابع قاله المفيد و المرتضى فلو عجز عنه و تمكن من صيامها متفرقة فالوجه وجوبها على التّفريق [- يب -] لو عجز عن شهرين و قدر على شهر فالوجه وجوبه و لا ينتقل إلى ثمانية عشر و كذا لو قدر على عشرين يوما على إشكال في ذلك كله و لو عجز عن إطعام ستين و تمكن من إطعام ثلاثين وجب و لو تمكن من صيام شهر و الصّدقة على ثلاثين فالأقرب وجوبهما معا [- يج -] الكفارة في إفطار قضاء رمضان بعد الزوال إطعام عشر مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام و روي أنه عليه كفارة رمضان و حملها الشيخ على المستخف و روي لا شيء عليه و حملها على العاجز [- يد -] المشهور أن كفارة نذر المتعيّن مثل كفارة رمضان و قيل كفارة يمين [- يه -] لو أكل شاكّا في طلوع الفجر و لم يتبيّن طلوعه و لا عدمه و استمرّ به الشك فلا قضاء عليه و له الأكل حتى تيقن الطلوع و لو أكل شاكا في غروب الشمس و استمر الشك وجب القضاء و في وجوب الكفارة نظر و لو ظنّ أنّ الشمس قد غربت ثم استمر الظنّ فلا قضاء [- يو -] لو كرّر السّبب المقتضي لوجوب الكفارة في يومين تكرّرت الكفارة سواء كفر عن الأوّل أو لا و لو كرره في يوم واحد قال الشيخ ليس لأصحابنا فيه نصّ و الذي يقتضيه مذهبنا أنه لا يتكرّر و قال المرتضى بالتكرّر قال ابن الجنيد إن كفر عن الأول كفر ثانيا و إلا كفر كفّارة واحدة عنهما سواء اتخذ السّبب أو اختلف و لا يتكرر القضاء بتكرر السّبب في يوم واحد إجماعا [- يز -] من أفطر مستحلاّ و قد ولد على الفطرة فهو مرتدّ و لو لم يعرف قواعد الإسلام عرّف ثم يعامل بعد ذلك بما يعامل به المولود على الفطرة و لو اعتقد التحريم عزر فإن عاد عزر

ص: 80

فإن عاد قتل في الثالثة و قيل في الرابعة [- يح -] يعزّر من أكره امرأته على الجماع في رمضان بخمسين سوطا و عليه كفارتان و قضاء واحد و لا كفارة عليها و لا قضاء و لو طاوعته عزر كل واحد منهما بخمسة و عشرين سوطا [- يط -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لو وطئها نائمة أو مكرهة صحّ صومها و عليه كفارتان و نحن نمنع ذلك في النائمة قال و لو أكرهها لا جبرا بل ضربها حتى مكّنته من نفسها أفطرت و لزمها القضاء و لا كفارة عليها لأنها دفعت الضرّر بالتمكين كالمريض و الحق عندي سقوط القضاء عنها [- ك -] لو زنى بها فعلى كل منهما كفارة و لو أكرهها قال بعض علمائنا يتحمل عنها الكفارة أيضا و فيه نظر مع حسنه [- كا -] لو طلع الفجر و في فيه طعام لفظه و لو ابتلعه فسد صومه و عليه مع القضاء الكفارة [- كب -] يجوز الجماع حتى يبقى لطلوع الفجر مقدار إيقاعه و الغسل و لو علم ضيق الوقت فجامع وجب القضاء و الكفّارة و لو ظن السّعة فواقع مع المراعاة فلا شيء و لو كذب الظّن و لو كان لا مع المراعاة فالقضاء [- كج -] لو انفرد برؤية الهلال في رمضان و أفطر وجب القضاء و الكفارة [- كد -] لو فعل ما يجب به الكفارة ثم سقط عنه فرض ذلك لمرض أو حيض أو نفاس فالوجه عدم سقوط الكفارة [- كه -] لو تبرّع متبرّع بالتكفير عمن وجب عليه جاز سواء كان المكفر عنه حيّا أو ميّتا إلا في الصوم فإنّه لا يقع نيابة إلا مع الموت

المقصد الرابع فيمن يصحّ صومه

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] البلوغ شرط في وجوب الصوم فلا يجب على الصّبي و إن أطاقه و حدّ البلوغ في الذكر بلوغ خمسة عشر سنة أو الإنبات أو الاحتلام و في الأنثى بلوغ تسع سنين أو عشر و الإنبات أو الاحتلام و الحيض دلالة على سبق البلوغ [- ب -] يستحبّ تمرين الصّبي بالصوم إذا أطاقه و كذا الصّبية و يشدد عليهما ببلوغ سبع مع المكنة و صوم الصّبي المميّز شرعي و نيّة صحيحة و ينوي الندب و قال أبو حنيفة ليس بشرعيّ بل هو إمساك للتأديب و فيه قوة [- ج -] العقل شرط في وجوب الصوم و صحّته فلا اعتبار بصوم المجنون و لا يؤمر به كما يؤمر الصّبي و لو كان يفيق يوما كاملا وجب صوم يوم الإفاقة [- د -] حكم المغمى عليه حكم المجنون سواء سبقت النية أو لا على الأصحّ و لا قضاء عليه مطلقا و لو تجدّد الإغماء في آخر جزء من النهار و بطل صومه في ذلك اليوم خلافا للمفيد [- ه -] الإسلام شرط في صحّة الصوم لا في وجوبه و الكافر يجب عليه و لا يصحّ منه و لو أسلم سقط قضاؤه و أما المرتد فيجب عليه و لا يصحّ منه حتى يرجع و يقضي ما فاته مرتدّا [- و -] الطهارة من الحيض و النفاس شرط في صحة الصوم فلو وجد أحدهما و لو في آخر جزء من النهار بطل صوم ذلك اليوم و يستحبّ لهما الإمساك تأديبا إذا رأتاه بعد الزوال و لو أمسكت إحداهما و نوت الصوم لم ينعقد سواء علمنا التحريم أو لا و يجب عليهما القضاء عند الطّهر و لو انقطع دم إحداهما بعد طلوع الفجر لم يعتدا بالصّوم ذلك اليوم بل أمسكتا تأديبا و وجب القضاء [- ز -] المستحاضة بحكم الطاهر يجب عليها الصوم و يصحّ منها إذا فعلت ما يجب عليها من الأغسال و لو أخلّت بها مع وجوبها بطل الصوم و قضته [- ح -] لا يصح الصوم الواجب من المسافر الذي يجب عليه قصر الصّلاة إلا ناذر الصوم المعيّن إذا قيّده بالسّفر و من عجز عن دم المتعة فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج و إن كان مسافرا و من أفاض من عرفات عامدا عالما قبل الغروب و عجز عن البدنة فإنه يصوم ثمانية عشر يوما و إن كان مسافرا و للمفيد رحمه اللّٰه قول بجواز صوم ما عدا رمضان من الواجب و هو نادر أما صوم النافلة فالوجه أنّه مكروه فيه إلا ثلاثة أيام للحاجة ندبا في المدينة [- ط -] المريض لا يصحّ منه الصوم إن كان يضر به و لو تكلّفه حينئذ لم يجزه و لو لم يضر به و قدر عليه وجب و لم يمنعه المرض و لا فرق في جواز الإفطار بسائر أنواع المرض مع المضرة كوجع الأسنان و العين و الحمى الدائمة و غير الدائمة و المرجع في الضّرر به إلى حال الإنسان نفسه أو قول العارف [- ي -] النائم إذا سبقت النية صح صومه و إن استمرّ إلى اللّيل و لو طلع الفجر عليه نائما و لم ينو ثم استمر إلى الزوال وجب القضاء [- يا -] المجنب إذا ترك الغسل عامدا مع القدرة حتى طلع الفجر لم يصحّ صومه و وجب القضاء و لو استيقظ جنبا انعقد صومه عن رمضان و النذر المعيّن و لا ينعقد عن قضاء رمضان و لا عن نذر مطلق قال الشيخ و لا ندبا

المقصد الخامس في الزمان الذي يصحّ فيه الصوم

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] إنما يصحّ صوم النهار دون الليل و لو نذر صوم الليل منضما أو منفردا لم يصحّ إجماعا [- ب -] لا يصحّ صوم العيدين بالإجماع و لو نذره لم ينعقد [- ج -] صوم أيام التشريق لمن كان بمنى حرام و في اشتراط كونه محرما بحج أو عمرة نظر و هي اليوم الحادي عشر من ذي الحجة و الثّاني عشر و الثالث عشر و لو نذر صومها و هو بمنى لم ينعقد و لو كان بغير منى من الأمصار صحّ صومها ندبا و نذرا و عن قضاء الواجب و بالجملة هي في غير منى كغيرها من الأيّام التي يقع فيها الصوم [- د -] صوم يوم الشك على أنه من شهر رمضان حرام و قد تقدم [- ه -] لو نذر صوم يوم معيّن و أنفق أحد هذه الأيام لم يجز صومه و الأقوى عدم وجوب القضاء

المقصد السادس في شهر رمضان
اشارة

و مطالبه ثلاثة

الأوّل في علامته

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] يعلم الشهر برؤية الهلال فمن رآه وجب عليه الصوم و إن كان واحدا عدلا كان أو غير عدل شهد عند الحاكم أو لم يشهد قبلت

ص: 81

شهادته أو ردت [- ب -] لو لم يره لعدم طلبه أو لعدم الحاسة أو لغير ذلك اعتبر بالشهادة و لا خلاف في اعتبار الشهادة في رؤية الهلال و إنما الخلاف في العدد فاختار سلاّر قبول الواحد في أوّل رمضان خاصة و قال المفيد و المرتضى إنما يقبل عدلان صحوا و غيما و اشترط الشيخ خمسين من البلد مع العلة أو اثنان من خارجه و مع عدم العلة خمسين من البلد و خارجه و الوجه قول المفيد [- ج -] لا يقبل شهادة النّساء في ذلك و لا في شيء من الأهلّة لا منفردات و لا منضمات و لا يقبل في الإفطار إلا شاهدان [- د -] لو شهد عدلان بأوله فصاموا ثلاثين ثم لم ير الهلال مع الصحو لزم الفطر [- ه -] لو انفرد برؤية شوال وجب عليه الإفطار [- و -] لو رآه عدلان و لم يشهدا عند الحاكم أو شهدا و ردّت شهادتهما لعدم معرفته بهما جاز لمن سمعهما الإفطار و لكل منهما أن يفطر و إن لم يعرف عدالة صاحبه و لو أصبح صائما يوم الثلاثين من رمضان فشهد عدلان برؤيته في الماضية أفطر و صلّى العيد إذا كان قبل الزوال و لو كان بعده أفطر و لا صلاة [- ز -] لو رئي في البلد رؤية شائعة وجب الصيام إجماعا [- ح -] لو لم ير الهلال أصلا و غم على الناس أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صاموا وجوبا من رمضان فإن غم هلال شعبان أكملت عدة رجب ثلاثين و شعبان ثلاثين ثم صاموا و لو غمّت الأهلّة أكمل كل شهر ثلاثين يوما على قول بعض علمائنا و الوجه عندي العمل برواية الخمسة [- ط -] يستحب الترائي للهلال ليلة الثلاثين من شعبان و رمضان على الأعيان و يجب على الكفاية [- ي -] لا يجوز التعويل على الجدول و لا على كلام المنجمين و لا على الاجتهاد فيه و لا على العدد خلافا لمن قسم السنة إلى تام و ناقص و شعبان ناقص أبدا و رمضان تامّ أبدا و لا اعتبار أيضا بغيبوبة القمر بعد الشفق و لا بتطوّقه و لا بعد خمسة أيّام من الماضية و لا برؤية قبل الزوال [- يا -] لو أفطر يوم الشك ثم قامت البيّنة برؤيته قضاه بعد العيد و لو لم يقم بينة لكن أهلّ شوال بعد صوم ثمانية و عشرين قضى يوما واحدا إلا أن يقوم البيّنة بيومين [- يب -] إذا رأى الهلال أهل بلد وجب الصوم على أهل البلاد جميع الناس سواء تباعدت البلاد أو تقاربت و الشيخ رحمه اللّٰه جعل البلاد المتقاربة التي لا تختلف في المطالع كبغداد و البصرة كالبلد الواحد و البلاد المتباعدة كبغداد و مصر لكل بلد حكم نفسه و فيه قوة فعلى قوله لو سافر من رأى الهلال في بلده إلى بلد لم ير الهلال فيه لبعده فلم ير الهلال بعد ثلاثين فالوجه أنه يصوم معهم بحكم الحال [- يج -] لو كان بحيث لا يعلم الأهلّة كالمحبوس و شبهه إذا لم يعلم الشهر يجتهد و يغلب على ظنّه فإن ظن عمل عليه و إلا توخّى شهرا و صامه فإن استمرّ الاشتباه أجزأه و إن وافق رمضان أو كان بعده فكذلك و إن وافق قبله لم يجزئه و الأقرب عدم وجوب البحث و الاجتهاد بعد الصوم و لو وافق بعضه الشهر دون بعض صحّ فيما وافق الشهر و ما بعده دون ما قبله و إذا وافق صومه بعد الشهر فالمعتبر صوم أيام بعده ما فاته سواء وافق بين هلالين أو لم يوافق و سواء كان الشهران تامين أو ناقصين أو مختلفين و لو كان رمضان تاما فصام شوالا و كان ناقصا لزمه قضاء يومين و لو انعكس الفرض لم يجب عليه شيء و لو كانا تامين لزمه قضاء يوم بدل العيد و كذا لو كانا ناقصين و لو صام قبل رمضان و ظهر له ذلك قبل دخوله وجب عليه أن يصومه و لو صام تطوعا فوافق شهر رمضان فالأقرب أنه يجزئه [- يد -] يستحبّ الدعاء عند رؤية الهلال بما روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام و غيره من الأدعية المأثورة [- يه -] وقت وجوب الإمساك هو طلوع الفجر الثاني الذي يجب معه صلاة الصّبح إلى غروب الشمس الذي يجب معه صلاة المغرب و علامته سقوط الحمرة المشرقية قاله الشيخ و قال بعض أصحابنا علامته غيبوبة القرص فلو غاب عن الآفاق ثم شاهد ضوءه على بعض الجبال من بعيد أو بناء عال مثل منارة إسكندريّة جاز الإفطار و ليس بمعتمد و لو اشتبه عليه الغيبوبة وجب عليه الإمساك و يستظهر حتى يتيقّن و لو غاب القرص و بقي له أمارة الظهور فأصحّ الروايتين وجوب الإمساك حتى تذهب علامة ظهوره [- يو -] يستحب تقديم الصلاة على الإفطار إلا أن يكون له من ينتظره للإفطار معه

المطلب الثّاني في شرائطه
اشارة

و هي قسمان

الأوّل شرائط الوجوب

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] العقل و البلوغ شرطان في وجوب الصوم و لو بلغ قبل الفجر وجب صوم ذلك اليوم و لو كان بعده لم يجب و يستحبّ له الإمساك مفطرا كان أو صائما و لا قضاء عليه و لو أفاق المجنون في أثناء الشهر وجب عليه صيام ما بقي و إن أفاق قبل الفجر وجب صوم ذلك اليوم و إلا فلا و كذا المعنى عليه [- ب -] الإسلام شرط في الصّحة على ما قلناه فلو أسلم قبل الفجر وجب صوم ذلك اليوم و ما بعده و إن أسلم بعد الفجر سقط ذلك اليوم خاصة و أمسك استحبابا [- ج -] السلامة من المرض شرط في الوجوب إذا كان الصوم يزيد في المرض أو يبطئ البرء معه أما الصّحيح الذي يخاف المرض بالصوم فالوجه وجوبه عليه و كذا لو كان به شهوة غالبة للجماع يخاف أن تنشق أنثياه و المستحاضة إذا خافت المرض أفطرت [- د -] الإقامة أو حكمها شرط في الصّوم فلا يجب على المسافر سفرا يجب معه قصر الصّلاة و لو صام لم يجزئه

ص: 82

إن كان عالما و إلا أجزأه و لو نوى الإقامة في بلد عشرة أيام وجب الصوم و لو ردّد نيته صام بعد شهر و بالجملة كل من وجب عليه التقصير في الصّلاة وجب عليه التقصير في الصوم و هل يشترط تبييت النية من الليل قال الشيخ نعم فلو بيت نية السفر من الليل ثم خرج أيّ وقت كان من النهار وجب التقصير و القضاء و لو خرج بعد الزوال أمسك و عليه القضاء و إن لم يبيّت بنيته من اللّيل لم يجز له التقصير و كان عليه صيام ذلك اليوم و ليس عليه قضاؤه أي وقت خرج إلا أن يكون قد خرج قبل طلوع الفجر فإنه يجب عليه الإفطار على كل حال و لو قصر وجب عليه القضاء و الكفارة و قال المفيد رحمه اللّٰه المعتبر خروجه قبل الزّوال فإن خرج حينئذ لزمه الإفطار و إن خرج بعده أتم و لا اعتبار بالنية و قال السّيد و ابن بابويه يقصر متى خرج و إن كان قبل الغروب و لم يعتبر التبييت و الأقوى اختيار المفيد [- ه -] لا يجوز الإفطار حتى يغيب عنه أذان مصره أو يخفى عنه جدران بلده [- و -] لو قدم المسافر أو برأ المريض مفطرين استحبّ لهما الإمساك و عليهما القضاء و كذا الحائض إذا طهرت و الطاهر إذا حاضت و لو قدم المسافر أو برأ المريض صائمين فإن كان زوال عذرهما قبل الزوال وجب عليهما الإتمام و أجزأهما و إن كان بعد الزوال استحبّ الإمساك و وجب القضاء و لو عرف المسافر أنه يصل إلى بلده أو موضع إقامته قبل الزوال جاز له الإفطار و إن أمسك حتّى دخل و أتم صومه كان أفضل [- ز -] الخلوّ من الحيض و النفاس شرط في الصوم فلو زال عذرهما في أثناء النهار لم يصحّ صومها و وجب القضاء و كذا لو تجدد في أثناء النهار و لو قبل الغروب بشيء يسير

القسم الثّاني شرائط القضاء

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] يشترط في وجوب القضاء البلوغ حال الفوات فلو فات الصبيّ لم يجب القضاء سواء كان مميزا أو غير مميّز [- ب -] العقل شرط في القضاء فالمجنون إذا فاته شيء من الأيام أو الشهر كله و هو مجنون لم يجب عليه القضاء و كذا المغمى عليه و اليوم الّذي يفيق فيه لا يجب قضاؤه إلا أن يفيق قبل الفجر ثم يفطر فيه و اشترط بعض علمائنا سبق النية في المغمى عليه و ليس بجيّد [- ج -] الإسلام شرط في وجوب القضاء فالكافر الأصلي لا يجب عليه قضاء ما فاته حال كفره و لو أسلم في أثناء الشهر لم يقض الفائت و يجب عليه صيام المستقبل و اليوم الذي أسلم فيه لا يجب قضاؤه إلا أن يسلم قبل الفجر ثم يفطر فيه و لو أسلم بعد الفجر و لم يكن أفطر لم يجب صوم ذلك اليوم أما المرتد فيقضي ما فاته زمان ردته و لا فرق من أن تكون الرّدة باعتقاد ما يوجب الكفر أو بشكه فيه و لو ارتد بعد عقد الصوم ثم عاد لم يفسد صومه و فيه نظر [- د -] لو أزال عقله لسكر أو شرب مرقد وجب عليه قضاء ما يفوته فيه [- ه -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لو طرح في حلق المغمى عليه أو من زال عقله دواء لزمه القضاء إذا أفاق و ليس بجيّد [- و -] شرائط الكفارة هي شرائط القضاء فكل موضع سقط فيه القضاء سقطت فيه الكفارة [- ز -] يستحبّ للمغمى عليه و الكافر القضاء

المطلب الثّالث في الأحكام

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] يتعيّن قضاء الفائت في السنة التي فات فيها ما بينه و بين رمضان الآتي فلو أخر المريض القضاء بعد برئه تهاونا حتى دخل الثاني و لم يقض صام الحاضر و قضى الأوّل و كفر عن كل يوم بمدّين و أقله مد خلافا لابن إدريس و لو كان تأخيره مع العزم على القضاء حتى أدركه الثاني و لم يقض وجب القضاء خاصّة و لو استمرّ به المرض إلى رمضان الثاني و لم يصحّ فيما بينهما صام الحاضر و هل يقضي الفائت قال ابن بابويه نعم و لا كفارة و قال الشيخان يكفر عن كل يوم بما تقدم و لا قضاء عليه و الوجه عندي قول ابن بابويه و على قول الشيخين لو صام و لم يكفر فالوجه الإجزاء [- ب -] ظاهر كلام الشيخ في الخلاف تعميم الحكم في المريض و غيره ممن فاته الصّوم و فيه نظر [- ج -] حكم ما زاد على رمضانين سواء [- د -] لو أخره سنتين فما زاد فيه إشكال و الأقرب عدم تكرر الكفارة [- ه -] لو استمر به المرض حتى مات سقط القضاء و لا كفارة لكن يستحب أن يقضى عنه أما لو برأ من مرضه و تمكن من القضاء و لم يقض حتى مات قضي عنه [- و -] الذي يقضي عن الميّت أكبر أولاده الذكور سواء فاته بمرض أو غيره مع ترك الميّت القضاء و تمكنه و لو لم يكن له ولد ذكر و كان له إناث قال الشيخ رحمه اللّٰه يتصدّق عن كل يوم بمدين من ماله و أقلّه مدّ و قال المفيد يقضي الأنثى و الأول أقوى [- ز -] السيّد المرتضى أوجب الصّدقة أولا فإن لم يكن له مال صام عنه وليّه [- ح -] إن كان الولي واحدا تعين عليه قضاء الجميع و لو كانوا جماعة في سن واحد قضوا عنه بالحصص أو يتطوّع به البعض فيسقط عن الآخر و لو اتحد اليوم أو انكسر فالأقرب أنهم عليهم كواجب الكفاية و لم أقف فيه على نصّ [- ط -] قد بيّنا وجوب الصّدقة مع عدم الوليّ و يخرج من صلب المال [- ي -] لو صام أجنبي عن الميّت بغير قول الولي فالأقرب عدم الإجزاء و لو أمره أو استأجره ففي الإجزاء نظر [- يا -] كل صوم واجب على المريض و غيره كالمنذور و غيره إذا مات مع إمكان القضاء و لم يقضه وجب على الولي القضاء عنه أو الصدقة و لو وجب عليه صوم شهرين متتابعين ثم مات تصدق عنه عن شهر من مال الميّت و الظاهر أنه إما بمدّين عن كلّ يوم أو بمد و قضى

ص: 83

وليه شهرا و للولي أن يصوم الشهرين من غير صدقة سواء كان وجوبهما على التعيين أو التخيير نعم في المخير للوليّ أن يصوم شهرين أو يتصدّق من صلب مال الميّت أو يعتق من أصل المال [- يب -] قال الشيخ حكم المرأة في ذلك حكم الرّجل فما يفوتها من زمن الحيض أو السفر أو المرض لا يجب قضاؤه و لا الصّدقة عنه إلا مع تمكنها من القضاء و الإهمال فيجب على الولي القضاء أو الصّدقة كما قلنا في الرّجل خلافا لابن إدريس [- يج -] إذا مات المسافر بعد تمكنه من القضاء وجب أن يقضى عنه و لو مات في سفره فللشيخ قولان ففي الخلاف لا يجب و في التّهذيب يجب و الأوّل أقوى [- يد -] يجوز لقاضي رمضان الإفطار قبل الزوال لا بعده فإن أفطر بعده لعذر فلا كفارة عليه و إلا أطعم عنه عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام [- يه -] لو أجنب في شهر رمضان و ترك الاغتسال ساهيا من أوّل الشهر إلى آخره وجب قضاء الصّلاة إجماعا و أوجب الشيخ قضاء الصوم و منع ابن إدريس و الأقوى عندي الأول لرواته الحلبي الصحيحة عن الصادق عليه السّلام [- يو -] الأولى تتابع أيام القضاء و ليس واجبا [- يز -] لا يجوز لمن عليه صوم واجب رمضان أو غيره تطوعا أن يصوم حتى يأتي به [- يح -] يجوز القضاء في جميع أيام السنة إلا العيدين و أيام التشريق لمن كان بمنى و أيام الحيض و النفاس و المرض و السّفر و لا يكره القضاء في عشر ذي الحجة [- يط -] لو أصبح جنبا في قضاء رمضان أفطر ذلك اليوم و لم يجز له صومه و كذا في النافلة و كل ما لا يتعيّن صومه أما لو أكل أو شرب ناسيا في قضاء رمضان فالوجه أنّه يتم صومه و للشيخ قول آخر ضعيف

المقصد السّابع في بقية أقسام الصوم

و هو أقسام الأوّل في الواجب منه و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] صوم كفارة قتل الخطإ واجب بعد العجز عن العتق و هو شهران متتابعان و كذا صوم كفارة الظهار [- ب -] صوم كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان واجب و هو شهران متتابعان لكن وجوبه على التخيير بينه و بين الإطعام و العتق [- ج -] صوم كفارة قتل العمد و هو شهران متتابعان واجب مع الصدقة و العتق [- د -] صوم بدل الهدي للمتمتع إذا لم يجد الهدي و لا ثمنه واجب و هو عشرة أيام ثلاثة متتابعة في الحج و سبعة إذا رجع إلى أهله و لا يجب فيها التتابع [- ه -] صوم كفارة اليمين و باقي الكفّارات واجب و صوم الاعتكاف المنذور واجب و اليوم الثالث منه على خلاف و صوم كفارة من أفاض من عرفات قبل غروب الشمس عامدا و لم يجد الجزور و قدره ثمانية عشر يوما و صوم ما يجب بالنذر و اليمين و العهد واجب فهذه أقسام الصوم الواجب [- و -] الصوم المندوب على أقسام كثيرة و المتأكد قد ذكرناه من جملته أوّل خميس في العشر الأول و أول أربعاء في العشر الثاني و آخر خميس في العشر الأخير و في رواية أنّه في الشهر الأوّل كذلك و في الثاني خميس بين أربعاءين و يجوز تأخيرها من الصّيف إلى الشتاء للخفة و إذا أخرها إلى الشتاء جاز صومها متوالية و متفرقة و لو عجز عن صيامها تصدّق عن كل يوم بمدّ استحبابا [- ز -] يستحبّ صوم الأيام الأربعة في السنة يوم مبعث النبي و مولده صلى اللّٰه عليه و آله و دحو الأرض و الغدير و التاسع و العشرين من ذي القعدة و أول يوم في المحرّم و ثالثه و سابعه و يستحب صوم العشر بأسره فإذا كان اليوم العاشر أمسك عن الطعام و الشراب إلى بعد العصر ثم يتناول شيئا من التربة و روي استحباب المحرم بأسره و يوم النصف من جمادى الأولى و ستة أيام من شوال بعد يوم الفطر و يوم الخميس دائما و الإثنين و كل جمعة سواء أفرده أو لا و سواء وافق يوم صومه أو لا و صوم داود عليه السّلام مستحبّ و هو صوم يوم و إفطار يوم [- ح -] يستحب الإمساك و إن لم يكن صوما للمسافر إذا قدم أهله أو بلدا يعزم فيه الإقامة عشرا و قد أفطر و الحائض و النفساء إذا طهرتا في أثناء النهار و للطاهر إذا جاءها أحد الدّمين و للمريض إذا برأ و كان قد أفطر و الكافر إذا أسلم و الصّبي إذا بلغ و إن لم يتناولا شيئا [- ط -] يكره للمسافر أن يتملأ من الطعام أو يروى من الشراب بل يتناول منها قدر الحاجة و يشتد الكراهية في الجماع و ليس بمحرّم خلافا للشيخ و لا يجب به الكفارة إجماعا [- ي -] المستحاضة يجب عليها الصوم كالطاهر و يشترط في صحّة صومها الاغتسال إن وجبت عليها و إلا فلا فلو أخلت في الغسل وجب القضاء [- يا -] يحرم صوم العيدين إجماعا و استثنى الشيخ القاتل في الأشهر الحرم فإنه يصوم شهرين متتابعين و إن دخل فيهما العيدان و أيام التشريق و ليس بمعتمد و كذا البحث في أيام التشريق لمن كان بمنى و صوم الوصال حرام و اختلف فيه ففي النهاية و المبسوط هو أن يجعل عشاءه سحوره و في الإقتصاد صوم يومين من غير فطر و لو أمسك عن الطعام لا بنية الصّيام بل بنية الإفطار لم يكن محرّما و صوم الدهر حرام إذا دخل فيه العيدان و أيام التشريق لمن كان بمنى و لو أفطر هذه السنة لم يكره الباقي الخمسة

المقصد الثامن في التوابع

و فيه [- كز -] بحثا [- ا -] الشيخ الكبير و العجوز إذا عجزا عن الصّوم أفطرا إجماعا و في وجوب الكفارة قولان أحدهما الوجوب للشيخ و الثاني عدمه للسيّد و غيره و للمفيد هنا تفصيل فقال إن عجزا بالكلية فلا قضاء و لا صدقة و إن أطاقاه بمشقة فلا قضاء و وجبت الصدقة قال

ص: 84

الشيخ لست أعرف بالتفصيل نصا و لو عجزا عن الصّدقة سقطت إجماعا [- ب -] للشيخ قولان في قدر الصّدقة ففي النهاية و المبسوط عن كل يوم مدّان مع القدرة و مع العجز مد و في الإستبصار مد و هو جيّد [- ج -] ذو العطاش إذا كان لا يرجى زواله أفطر و يصدق عن كل يوم بمدّ و قيل بمدين و لا قضاء و إن كان يرجى برؤه أفطر إجماعا و يجب القضاء مع البرء و اختلف علماؤنا فقال المفيد و المرتضى لا كفارة عليه و أوجب الشيخ الكفارة [- د -] لا ينبغي لهؤلاء أن يتملئوا من الطّعام و الشراب و لا يواقعوا النساء و الأقرب أن ذلك كله مكروه [- ه -] الحامل المقرب و المرضعة القليلة اللبن إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا و عليهما القضاء و الصّدقة عن كلّ يوم بمدّ [- و -] لو خافتا على الولد كان لهما الإفطار و يجب القضاء و الصّدقة و خالف سلاّر في وجوب القضاء و ليس بمعتمد [- ز -] صوم النافلة لا يجب بالشّروع و يجوز إبطاله و لو قبل الغروب و لا قضاء لكن يستحبّ الإتمام و يتأكّد بعد الزوال و كذا جميع نوافل العبادات إلا الحجّ و العمرة فإنهما يجبان بالشروع و لو دخل في واجب معيّن لم يكن له الخروج منه و لو لم يتعيّن جاز الخروج منه إلا في قضاء رمضان بعد الزوال [- ح -] كل الصوم يلزم فيه التتابع إلا أربعة صوم النذر المجرّد عن التتابع و ما في معناه من يمين و عهد و صوم قضاء رمضان و صوم جزاء الصّيد و السبعة في بدل المتعة [- ط -] من وجب عليه شهران متتابعان إما لكفارة أو نذر أو غير ذلك فأفطر في الأوّل أو بعد انتهائه قبل أن يصوم من الثاني شيئا فإن كان لعذر من مرض أو حيض لم ينقطع تتابعه بل يبني على ما فعله بعد زوال العذر و كذا كل عذر من قبله تعالى أما السّفر فإن تمكن من تركه لم يكن عذرا و إلا فهو عذر و إن كان إفطاره لغير عذر استأنف إجماعا و لو صام الأول و من الثاني و لو يوما ثم أفطر لعذر و غيره فإنه يبني على كل حال و هل يحرم الإفطار قبل إكمال الثاني لغير عذر و إن جاز البناء قولان و لا يجوز لمن عليه شهران متتابعان أن يصوم ما لا يحصل معه صوم شهر و يوم مثل أن يصوم شعبان و لم يكن قد صام من رجب شيئا أو يصوم شوالا خاصة [- ي -] من وجب عليه شهر متتابع لنذر و شبهه فصام خمسة عشر يوما ثم أفطر لعذر و غيره جاز له البناء و لو أفطر قبل ذلك استأنف إلا أن يكون لعذر فإنه يبني و كذا العيد إذا وجب عليه صوم شهر لكفارة و غيرها فتابع خمسة عشر يوما جاز له تفريق الباقي و خالف فيه ابن إدريس [- يا -] ثلاثة الأيام في بدل هدي المتعة متتابعة فلو صام يومين ثم أفطر استأنف إلا في موضع واحد و هو أن يكون قد صام يوم التروية و عرفة فإنّه يفطر العيد و يأتي بالثالث بعد أيام التشريق و لو كان الفصل بغير العيد استأنف مطلقا و كذا يستأنف لو صام يوما ثم أفطر أما السبعة فالوجه عدم وجوب تتابعها [- يب -] كلّ صوم متتابع إذا أفطر في أثنائه لعذر بنى و إن كان لغير عذر استأنف إلا في المواضع الثلاثة المستثناة [- يج -] هل يجوز صيام أيام التشريق بدلا عن الهدي لمن كان بمنى فيه روايتان أصحّهما المنع [- يد -] يكره للمسافر النكاح فلو قدم من سفره و هو مفطر و قد طهرت من الحيض جاز الوطء و لو غرّته و قالت إني مفطرة فجامع فلا كفارة عليه و وجب عليها خاصة و لو علم بصومها فإن طاوعت وجبت عليها الكفارة دونه و لو أكرهها فلا كفارة عليه عنها و الأقرب وجوبها عليه عنها [- يه -] يكره السفر في رمضان للصّائم إلا لضرورة أو مضي ثلاثة و عشرين يوما منه [- يو -] من وجب عليه شهران متتابعان فعجز عن ذلك صام ثمانية عشر يوما [- يز -] لو نذر صوم يوم من رمضان قيل لا ينعقد و الأقوى انعقاده و لو نذر صوم يوم بعينه أو أيام بأعيانها فوافق ذلك اليوم أو الأيام أن يكون مسافرا أفطر و قضى و لو نذر صوم الدّهر و استثنى الأيام التي يحرم فيها الصوم انعقد نذره فلو كان عليه قضاء من رمضان أو وجب ذلك بعد النّذر لزمه أن يصوم فيها القضاء مقدما على النّذر و لا كفارة عليه فيهما إن كان الإفطار لعذر و لو وجب على صائم الدّهر واجبا كفارة مخيرة أو مرتبة فالوجه أنه لا يصوم عنها بل ينتقل فرضه إلى غير الصوم في المرتب و المخير [- يح -] لو نذر صوم يوم قدوم زيد لم ينعقد و قال الشيخ إن وافق قدومه قبل الزوال و لم يكن تناول شيئا مفطرا جدّد النّية و صام ذلك اليوم و إن كان بعده أفطر و لا قضاء فيما بعد و لو نذر يوم قدومه دائما سقط وجوب اليوم الذي جاء فيه و وجب صومه فيما بعد فلو اتفق في رمضان صامه عن رمضان و سقط النذر و لا قضاء و لو صامه عن النذر وقع عن رمضان و لا قضاء [- يط -] لو نذر صوم يوم دائما فوجب عليه شهران متتابعان قال الشيخ يصوم في الأول عن الكفارة ليحصل التتابع فإذا صام من الثاني شيئا صام ما بقي من الأيام عن النذر و قيل يسقط التكليف بالصوم و الأقرب صيام ذلك اليوم عن النذر و لا يسقط به التتابع و لا فرق بين تقدم وجوب الشهرين و تأخّره [- ك -] لو نذر أن يصوم في بلد معيّن فللشيخ قولان أحدهما سقوط التعيين فيصوم أين شاء و الآخر ثبوته [- كا -] لو نذر صوم سنة معيّنة وجب و سقط العيدان و أيام التشريق إن كان بمنى ثم إن لم يشترط التتابع حتى أفطر في

ص: 85

في أثنائها لغير عذر تمّم و قضى ما أفطره و وجب عليه الكفارة في كل يوم بفطرة و لو كان الإفطار في ذلك كله لعذر فإنه يبني و يقضي ما أفطره و لا كفارة و لو نذر صوم سنة غير معيّنة تخيّر في التوالي و التّفريق إن لم يشترط التتابع [- كب -] لو نذر صوم شهر تخيّر بين ثلاثين يوم و بين الصّوم في ابتداء الهلال إلى آخره و يجزئه لو كان ناقصا و لو صام في أثناء الشهر أتمّ ثلاثين و لو نذر شهرا متتابعا توخى ما يصحّ ذلك فيه و تجزّى بالنّصف [- كج -] لو نذر أن يصوم يوما و يفطر يوما صوم داود عليه السّلام فوالى الصوم قال ابن إدريس وجب عليه كفارة خلف النذر [- كد -] لو نذر صوم يوم بعينه فقدّم صومه لم يجزئه و لو نذر الصوم لا على وجه التقرب لم ينعقد نذره و لو نذر صوما و لم يعيّن المقدار أجزأه يوم واحد و لو نذر أن يصوم زمانا و لم يعيّن كان عليه صيام خمسة أشهر و لو نذر حينا كان عليه ستة أشهر و لو نذر العبد بغير إذن مولاه أو الزوجة بغير إذن زوجها لم ينعقد [- كه -] السحور مستحبّ و كلما قرب من الفجر كان أفضل قال ابن بابويه أفضل السحور السويق و التمر و يستحب تعجيل الإفطار بعد صلاة المغرب و لو كان هناك من ينتظر قدم الإفطار قال الصادق عليه السّلام يستجاب دعاء الصائم عند الإفطار و كان علي عليه السّلام يقول اللّٰهمّ لك صمنا و على رزقك أفطرنا فتقبّل منا إنك أنت السّميع العليم و يستحب إفطار الصائم قال الصادق عليه السّلام إفطارك أخاك المسلم يعدل عتق رقبة من ولد إسماعيل و يستحب الإكثار من البرّ في رمضان قال ابن عباس كان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله أجود الناس بالخير و كان أجود ما يكون في شهر رمضان و كان أجود من الرّيح المرسلة [- كو -] ليلة القدر ليلة عظيمة لم ترتفع إجماعا و أكثر العلماء على أنها في شهر رمضان و يستحبّ طلبها في ليالي الشهر و في العشر الأواخر آكد و أكثر الروايات أنها تطلب في إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين فلو نذر أن يعتق بعد مضي ليلة القدر وجب عليه العتق بعد انسلاخ الشهر [- كز -] روى ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه يستحب للرّجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان و عن الصادق عليه السّلام قال أطعم يوم الفطر قبل أن يصلّي و لا يطعم يوم الأضحى حتى ينصرف الإمام

المقصد التّاسع في الاعتكاف
اشارة

و فيه مطلبان

الأول في ماهيّته و شرائطه

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] الاعتكاف لغة اللبث الطويل و في الشّرع عبارة عن لبث مخصوص للعبادة و هو مشروع و سنة إجماعا و ليس بفرض و إنما يجب بالنذر و شبهه و أفضل أوقاته العشر الأواخر من رمضان روى ابن بابويه عن السّكوني بإسناده إلى رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله اعتكاف عشر في شهر رمضان بعد حجتين و عمرتين [- ب -] لا يصحّ الاعتكاف إلا من مكلّف مسلم حرّ أو عبد مأذون له ممن يصحّ منه الصّوم و هو على ضربين واجب و هو ما وجب بالنذر و شبهه و مندوب و هو ما عداه [- ج -] يصحّ اعتكاف الصّبي المميّز كما يصحّ صومه و هل يكون شرعيّا البحث فيه كالصوم [- د -] النية شرط في الاعتكاف و لا بد فيها من نية التقرّب فلو قصد اليمين أو منع النفس أو الغضب لم يعتدّ به و لا بد من الوجه إما واجبا أو مندوبا و لو نوى اعتكاف مدّة لم يلزمه نعم استمرار النية حكما شرط فيه [- ه -] الصوم شرط في الاعتكاف و لا يشترط صوم معيّن بل أيّ صوم أنفق صحّ الاعتكاف فيه سواء كان الصوم واجبا أو ندبا و سواء كان الاعتكاف واجبا أو ندبا فلو اعتكف في رمضان اكتفى فيه بصوم رمضان و لا يصحّ الاعتكاف في زمان لا يصحّ فيه الصوم كالعيدين و أيام الحيض و النفاس و المرض مع التضرر بالصوم و السفر المانع من الصّوم الواجب و النّدب [- و -] الإسلام شرط في الاعتكاف و لو ارتد المعتكف بطل اعتكافه و للشيخ قول بعدمه بل يبني لو رجع و ليس بجيّد [- ز -] العقل شرط في الاعتكاف فلا يقع من المجنون و لا المغمى عليه و لا الصبي و لا السّكران [- ح -] إذن الزوج شرط في حقّ المرأة في الندب و كذا إذن السّيد في العبد و المدبر و المكاتب و أم الولد و لو كان بعضه رقا لم يجز له أن يعتكف بغير إذن مولاه أما لو اعتكف في أيام نفسه فالوجه جوازه و لو أذن لعبده في الاعتكاف أو لزوجته جاز له الرّجوع و المنع ما لم يجب و لو نذرت المرأة أو العبد اعتكافا فلم ينعقد إلا بإذنهما فإن أذنا على المعيّن فنذرا لم يكن لهما الرجوع و لا منعهما و لو أذنا مطلقا جاز المنع عن التعجيل كالموسّع [- ط -] إذن المستأجر شرط في اعتكاف الأجير و كذا ينبغي في الضّيف لافتقاره في صوم التطوع إلى الإذن [- ي -] لو أذن لعبده في الاعتكاف فأعتق بعد التلبّس أتم واجبا إن كان منذورا أو مضى يومان على الخلاف و إلا ندبا و لو دخل بغير إذن فأعتق قال الشيخ رحمه اللّٰه يلزمه و ليس بمعتمد [- يا -] المدة شرط في الاعتكاف و أقل ما يكون ثلاثة أيام بليلتين فلا يصح الاعتكاف أقل من ثلاثة و لو وجب عليه قضاء اعتكاف يوم قضاه و ضم إليه آخرين و لا حصر في الزائد و لو نذر اعتكاف ما زاد على الثلاثة لزمه و لو نذر اعتكاف شهر و لم يعيّن تخير في التتابع و التفريق ثلاثة و لو قيده بالتّتابع وجب و إذا نذر اعتكاف شهر فإنه يأتي إن شاء بثلاثين يوما و إن شاء بما بين هلالين و إن كان ناقصا [- يب -] لو نذر اعتكاف شهر معيّن وجب التتابع فلو أفطر بعد مضي

ص: 86

ثلاثة صحّ ما مضى و أتمّ و قضى ما فات و لا يجب التتابع في قضائه لو فات أجمع و لو نذره و شرط التتابع وجب فلو فات قضاه متتابعا و لو نذر اعتكاف أيام لم يلزم المتابعة إلا في كل ثلاثة إذا لم يشترط المتابعة [- يج -] إذا نذر اعتكاف شهر دخل الأيام و الليالي و لو نذر اعتكاف أيام معدودة و لم يعينها لم يجب التتابع إلا أن يشترطه و لا يدخل معه الليالي بل ليلتان من كل ثلاث و لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام و لم يشترط التتابع لزمه ثلاثة بينهما ليلتان شرط التتابع أو لا و للشيخ قول بعدم دخول الليالي و ليس بجيد و لو نذر اعتكاف أيام متتابعة تضمن ذلك نذر الصّوم فلو اعتكف غير صائم و صام غير معتكف لم يجزئه و لو أفسد صومه انقطع التتابع و وجب عليه إعادة الاعتكاف و لو نذر الاعتكاف مصليا وجب عليه الجمع [- يد -] لو نذر اعتكاف شهر معيّن وجب عليه الدخول فيه مع طلوع هلاله فإذا أهل الشّهر الذي بعده فقد وفى و خرج من الاعتكاف و لو نذر اعتكاف العشر الأواخر دخل قبل المغرب من يوم العشرين فإذا خرج الشهر خرج منه و العشر اسم لما بين العشرين فلو كان الشهر ناقصا أجزأ بالتسعة أما لو نذر اعتكاف عشرة أيام فإنه يلزم الدّخول قبل طلوع الفجر و لو عينها بآخر الشهر فنقص وجب أن يأتي بيوم من الآخر و لو نذر اعتكاف شهر رمضان وجب فلو أخل به وجب أن يقضيه صائما و إن صامه و لم يعتكف فيه [- يه -] لو نذر اعتكاف شهر معيّن أو صومه ففعل ذلك قبله لم يجزئه و لو عاش نصف شهر ثم مات لزمه فداء ما أدرك إن لم يفعله و لا يجب عنه اعتكاف شهر [- يو -] لو نذر اعتكافا مطلقا صحّ و وجب ما يسمّى به معتكفا و أقله ثلاثة أيّام و لو نذر اعتكاف يوم لا غير لم ينعقد و كذا لو نذر اعتكاف ثاني قدوم زيد لا غير و لو نذر اعتكاف ثاني قدوم زيد و أطلق وجب و ضم إليه آخرين [- يز -] لو نذر اعتكاف أيام معيّنة فمرض أو جلس سقط الأداء و وجب القضاء و لو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد أبدا فقدم ليلا لم يجب عليه شيء و لو قدم نهارا سقط ذلك اليوم و وجب عليه اعتكاف باقي الأيام لكن يحتاج في كل اعتكاف إلى أن يضم إليه آخرين [- يح -] المكان شرط في الاعتكاف و هو مسجد جمع فيه نبي أو وصيّ نبي و هي أربعة مساجد المسجد الحرام و مسجد النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله و مسجد الكوفة و مسجد البصرة و جوز ابن أبي عقيل الاعتكاف في كل مسجد [- يط -] اعتكاف المرأة كاعتكاف الرّجل فلا يصحّ اعتكافها إلا في أحد المساجد الأربعة و ليس لها أن تعتكف في مسجد بيتها و هل يجوز الاعتكاف على سطح المسجد الأقرب المنع [- ك -] أو نذر اعتكافا في موضع معيّن تعين و لا يجزئه لو عدل و إن كان أفضل و لو انهدم ما نذر الاعتكاف فيه و لم يقدر على الاعتكاف في موضع منه خرج و أعاد الاعتكاف إذا بني المسجد [- كا -] استدامة اللبث شرط في الاعتكاف فلو خرج لغير الأسباب المبيحة بطل اعتكافه طوعا خرج أو كرها ثم إن لم يمض ثلاثة بطل الاعتكاف و إلا فهي صحيحة إلى حين الخروج

المطلب الثّاني في الأحكام

و فيه [- كز -] بحثا [- ا -] لا يجوز للمعتكف الخروج من الموضع الذي اعتكف فيه إلا لضرورة فلو خرج لغير عذر بطل اعتكافه و إن قصر الزمان فإن كان قد مضى ثلاثة أيام صحّ اعتكافه الماضي و يبطل من خروجه إن كان تطوّعا أو واجبا غير متتابع أو متتابعا من حيث الوقت بأن ينذر الشهر الفلاني فإذا عاد جدد الاعتكاف من حين العود و لو كان النذر متتابعا من حيث الشرط بطل الأوّل و استأنف من حين عوده و قضى ما مضى من الأيام و يجوز أن يخرج للبول و الغائط و الغسل من الاحتلام و أداء الجمعة لو أقيمت في غيره للضرورة عندنا أو مطلقا عند ابن أبي عقيل و لتشييع الجنازة و عيادة المريض و إقامة الشهادة تعين عليه التحمل و الأداء أو لا [- ب -] لو كان إلى جانب المسجد سقاية خرج إليها إلا أن يجد غضاضة بأن يكون من أهل الاحتشام و يجد المشقة بدخولها فيعدل إلى منزله و إن كان أبعد و لو بذل له صديق منزله و هو قريب من المسجد لقضاء حاجته لم يلزمه الإجابة لما فيه من المشقة بالاحتشام بل يمضي إلى منزله و لا فرق بين أن يكون منزله قريبا أو بعيدا ما لم يخرج عن مسمّى الاعتكاف بأن يكون منزله خارج البلد مثلا و لو كان له منزلان أحدهما أقرب تعيّن و لو خرج للجمعة عجل و لا يطيل المكث [- ج -] قال الشيخ رحمه اللّٰه يجوز أن يخرج ليؤذن في منارة خارجة عن المسجد و إن كان بينه و بين المسجد فضاء و هو جيّد إن كان هو المؤذن و قد اعتاد صوته و يبلغ من الإسماع ما لا يبلغ لو أذن في المسجد و لو خرج إلى دار الوالي و قال حي على الصّلاة أيها الأمير و قال الصّلاة أيها الأمير بطل اعتكافه [- د -] يجوز للمعتكف الصعود إلى السّطح في المسجد و أن يبيت فيه على إشكال و لو كان إلى جنب المسجد رحبة ليست داخلة فيه لم يجز الخروج إليها إلا لضرورة [- ه -] قال الشيخ إذا خرج لضرورة مما عددناه لا يمشي تحت الظّلال و لا يخفى يقف فيه إلا لضرورة [- و -] لا يجوز له أن يصلّي في غير المسجد الذي اعتكف فيه إلا بمكة خاصة فإنّه يصلّي في أيّ بيوتها شاء و لو اعتكف في غير مكة فخرج لضرورة فتطاول وقت الضرورة

ص: 87

حتى ضاق وقت الصّلاة عن عوده صلّى أين شاء و لم يبطل اعتكافه [- ز -] إذا طلّقت المعتكفة أو مات زوجها فخرجت و اعتدّت في بيتها استأنفت الاعتكاف و ليس للمطلقة رجعية إتمام الاعتكاف و لو أخرجه السّلطان ظلما لم يبطل اعتكافه إذا لم يطل و يبني و إلا بطل اعتكافه و استأنف إن لم يمض ثلاثة و لو خرج سهوا لم يبطل اعتكافه بل يرجع مع الذكر [- ح -] إذا مرض مرضا يحتاج معه إلى الخروج أو يزيد الصوم فيه خرج ثم يستأنف على إشكال إذا لم يمض ثلاثة بعد البرء و إن مضت ثلاثة أتمّ و لو كان الاعتكاف مندوبا لم يجب القضاء و لو حاضت المرأة خرجت من المسجد فإن طهرت رجعت إلى الاعتكاف و لا تجلس في الرّحبة المجاورة للمسجد إن كانت و كذا النفساء و مع العود تستأنف إن كانت اعتكفت أقل من ثلاثة و إلا أتمت [- ط -] لو أحرم في المسجد الحرام بحجة أو عمرة و هو معتكف لزمه الإحرام و يقيم في اعتكافه إلى أن يتمّ ثم يمضي في إحرامه و لو خاف فوت الحج ترك الاعتكاف فإذا قضى المناسك رجع إليه واجبا مع وجوبه و إلا فلا [- ي -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لو أغمي على المعتكف أياما ثم أفاق لم يلزمه القضاء لعدم الدّليل و فيه نظر و الوجه عندي وجوبه مع وجوب الأصل و عدم تعيين زمانه [- يا -] لو أخرج رأسه إلى بعض نسائه ليغسلنه لم يبطل اعتكافه و كذا بعض أعضائه [- يب -] لو نذر الاعتكاف في زمان بعينه تعيّن زمانه و كذا المكان و يسافر إليه إن كان بعيدا فإن كان المسجد الحرام دخل مكة بحجّة أو عمرة [- يج -] لو وقعت فتنة خاف منها على نفسه أو ماله نهبا أو حريقا إن جلس في المسجد خرج ثم عاد عند انطفائها [- يد -] ينبغي للمرأة المعتكفة أن تستتر بشيء بأن تضرب خباءها في ناحية المسجد لا وسطه و روى ابن بابويه في الصّحيح استحباب الاستتار للرجل أيضا [- يه -] الاعتكاف في أصله مندوب فإن أوجبه بنذر أو يمين أو عهد وجب و إلا فلا ثم اختلف علماؤنا ففي المبسوط يجب المندوب بالنّية و الدخول فيه و اختاره أبو الصّلاح و في النهاية لا يجب إلا إذا مضى يومان فيجب الثالث فيجدّد نية الوجوب و كذا لو اعتكف ثلاثة ثم يومين آخرين وجب السّادس و اختاره ابن الجنيد و ابن البراج و قال السيّد المرتضى لم يجب أصلا بل يرجع متى شاء و هو الوجه عندي [- يو -] يستحب للمعتكف أن يشترط على ربّه أنه إذا عرض له عارض أن يخرج من الاعتكاف قال الشيخ فإذا شرط كان له أن يرجع متى شاء و إن لم يشترط فكذلك ما لم يمض يومان و على قول السيّد إن كان مندوبا رجع متى شاء و إن لم يشترط و إن كان واجبا فإن كان معيّنا متتابعا و شرط الرّجوع رجع عند العارض و لا يجب القضاء و كذا لو عين النذر و لم يشترط التتابع و لو عيّنه و شرط التتابع و لم يشترط على ربّه خرج مع العارض و قضى مع الزوال متتابعا و لو لم يشترط التتابع قضاه و لا يجب التتابع و لو لم يعيّن الزمان لكن شرط المتابعة و اشترط على ربّه خرج عند العارض و أتى بالباقي إن كان اعتكف ثلاثة و إلا استأنف و لو لم يشترط على ربّه استأنف متتابعا و لو لم يعيّن و اشترط على ربّه و لم يشترط التتابع خرج مع العارض و استأنف إن كان أقل من ثلاثة و إلا تمّم و لو لم يشترط التتابع و لا عيّن و لا اشترط على ربه خرج و استأنف إن لم يحصل ثلاثة و إلا أتمّ [- يز -] الاشتراط إنما صحّ في عقد النذر و لو أطلقه من الاشتراط لم يصحّ الاشتراط عند إيقاع الاعتكاف و لو اشترط الفرجة في اعتكافه أو الوطء أو البيع للتجارة أو التكسب بالصّناعة في المسجد لم يجز [- يح -] يحرم على المعتكف الجماع و يفسد به عامدا سواء أنزل أو لا و لو وقع سهوا لم يبطل اعتكافه و يحرم عليه القبلة و يبطل بها الاعتكاف و كذا اللّمس بشهوة و الجماع في غير الفرجين و يجوز الملامسة بغير شهوة و لا فرق في تحريم الوطء بين الليل و النهار [- يط -] يحرم عليه البيع و الشرى فإن فعل لم يبطل البيع خلافا للشيخ و كذا يحرم جميع التجارة المشغلة و الصّنائع عن العبادة و لو اضطر إلى شراء غذائه أو شراء قميص يستتر به أو يبيع شيئا ليشتري ثمن قوته جاز [- ك -] يحرم عليه المماراة و الكلام الفحش و للشيخ رحمه اللّٰه قولان في تحريم الطيب [- كا -] يستحب له دراسة العلم و المناظرة فيه و تعليمه و تعلمه بل هو أفضل من الصّلاة المندوبة و يجوز المحادثة حال الاعتكاف و يحرم الصّمت و لو نذره في اعتكافه و الأحسن عندي المنع من جعل القرآن بدلا من كلامه [- كب -] كل ما يفسد الصّوم يفسد الاعتكاف إذا وقع نهارا و كل ما يمنع الاعتكاف من فعله نهارا يمنع من فعله ليلا و لا يفسد الاعتكاف سباب و لا جدال و لا خصومة [- كج -] يجب الكفارة بالجماع على المعتكف سواء جامع نهارا أو ليلا أما غير الجماع كالأكل و الشرب و غيرهما من المفطرات ففي الكفارة إشكال قال المفيد و السيّد المرتضى يجب بذلك كله و الوجه عندي التفصيل و هو إيجاب الكفارة في رمضان أو النذر المعيّن أما لو كان الاعتكاف مندوبا أو واجبا غير معيّن فالوجه عدم وجوب الكفارة إلا بالجماع خاصة [- كد -] الكفارة عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستّين مسكينا مخيرا في ذلك قال السّيد إذا جامع نهارا كان عليه كفارتان و إن جامع ليلا فكفارة

ص: 88

واحدة و أطلق و الأقرب عندي أن الكفارة تتعدّد إن كان الوطء في رمضان و إلا فكفارة واحدة و لو أكره المعتكفة بإذنه على الجماع فسد اعتكافه قال السّيد وجب أربع كفارات و إن أكرهها ليلا فكفارتان و لا يفسد اعتكافها و إن طاوعته نهارا فعليها كفارتان و ليلا كفارة و كذا عليه و فسد اعتكافهما معا و في تعدّد الكفارة بالإكراه هنا نظر [- كه -] كل مباشرة تستلزم إنزال الماء فحكمها حكم الجماع قاله الشيخ و الوجه عندي وجوب القضاء بذلك دون الكفارة [- كو -] لو مات المعتكف قبل الانقضاء فإن كان واجبا وجب على الولي أن يقضي عنه أو يستنيب و إن كان ندبا فلا [- كن -] قال الشيخ قضاء الاعتكاف الواجب واجب على الفور و عندي فيه نظر و يستحبّ قضاء الندب

كتاب الحجّ

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد

أما المقدّمة

ففيها يو مباحث ا الحج لغة القصد يقال بفتح الحاء و كسرها و كذا الحجة و في الشرع عبارة عن قصد البيت الحرام لأداء المناسك في زمان معيّن و أما العمرة فهي لغة الزيادة و في الشرع عبارة عن زيارة البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده [- ب -] الحج من أعظم أركان الإسلام و هو أحد أصول الإسلام الخمسة و هو واجب بالنّص و الإجماع و كذا العمرة [- ج -] الحج و العمرة يجبان مع الشرائط الآتية على الفور في العمر مرة واحدة [- د -] في الحج فضل كثير روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله لقيه أعرابي فقال يا رسول اللّٰه إني أريد الحج ففاتني و أنا رجل مموّل فمرني أصنع في مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاج قال فالتفت إليه رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و قال له انظر إلى أبي قبيس فلو أن أبا قبيس لك ذهبة حمراء أنفقتها في سبيل اللّٰه ما بلغت مبلغ الحاج ثم قال إن الحاج إذ أخذ في جهازه لم يرفع شيئا و لم يضعه إلا كتب اللّٰه له عشر حسنات و محا عنه عشر سيّئات و رفع له عشر درجات فإذا ركب بعيره لم يرفع خفا و لم يضعه إلا كتب له مثل ذلك فإذا أطاف بالبيت خرج من ذنوبه فإذا سعى بين الصفا و المروة خرج من ذنوبه فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه قال فعدّد رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله كذا و كذا موقفا إذا وقفها الحاج خرج من ذنوبه ثم قال أنّى لك ما تبلغ ما بلغ الحاج قال الصادق عليه السّلام و لا يكتب عليه الذنوب أربعة أشهر و تكتب له الحسنات إلا أن يأتي بكبيرة و في الصّحيح عن معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام قال الحاج يصدرون على ثلاثة أصناف صنف يعتقون من النار و صنف يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه و صنف يحفظ في أهله و ماله فذلك أدنى ما يرجع به الحاج و روي أنه الذي لا يقبل منه الحجّ و في الصّحيح عن الرّضا عليه السّلام أن الحج و العمرة ينفيان الفقر و الذنوب كما ينفي الكير الخبث من الحديد و قال الباقر عليه السّلام الحاج و المعتمر و اللّٰه إن سألوه أعطاهم و إن دعوه أجابهم و إن شفعوا شفعهم و إن سكتوا ابتدأهم و يعوضون بالدرهم ألف ألف درهم [- ه -] الدعاء في تلك المواطن مستجاب قال الرضا عليه السّلام ما وقف أحد بتلك الجبال إلا استجيب لهم فأما المؤمنون فيستجاب لهم في آخرتهم و أما الكفار فيستجاب لهم في دنياهم و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله أربعة لا تردّ لهم دعوة حتى تفتح لهم أبواب السماء و تصير إلى العرش دعوة الوالد لولده و المظلوم على من ظلمه و المعتمر حتى يرجع و الصائم حتى يفطر [- و -] تكرار الحجّ مستحبّ قال الصادق عليه السّلام من حجّ حجّتين لم يزل في خير حتّى يموت و من حجّ ثلاث حجج متوالية لم يصبه فقر أبدا [- ز -] لا ينبغي له ترك الحج لأجل الدّين فقد سئل الصادق عليه السّلام عن رجل ذي دين يستدين و يحج قال نعم هو أقضى للدّين [- ح -] يكره الترغيب عن الحجّ قال الصادق عليه السّلام ليحذر أحدكم أن يعوق أخاه عن الحج فيصيبه فتنة في دنياه مع ما يدّخر له في الآخرة [- ط -] المشي مع المكنة أفضل من الركوب كان زين العابدين عليه السّلام يمشي و يساق معه المحامل و الرجال و روي أنه ما تقرّب إلى اللّٰه عزّ و جلّ بشيء أحبّ إليه من المشي إلى بيته الحرام على القدمين و إن الحجة الواحدة تعدل سبعين حجّة [- ي -] ينبغي له إذا عزم على الحج النظر في أمر نفسه و قطع العلائق بينه و بين معامليه و توفية كل ذي حق حقه و تدبير منزله و ترك ما يحتاجون إليه من النفقة و الوصيّة بالمعروف و يتخيّر يوم السّبت أو الثلاثاء و يتجنب الجمعة و الإثنين و السفر و القمر في برج العقرب [- يا -] إذا عزم على الخروج صلّى ركعتين و دعا و استفتح سفره بشيء من الصّدقة فإذا خرج من داره قام على الباب تلقاء وجهه و قرأ فاتحة الكتاب أمامه و عن يمينه و عن يساره و كذا آية الكرسي و دعا بالمأثور و إذا وضع رجله في الركاب دعا و يدعو إذا استوى على الراحلة و يستحب حمل العصا في السّفر [- يب -] يستحب تشييع المسافر و توديعه و الدعاء له قال الباقر عليه السّلام كان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله إذا ودّع مسافرا أخذ بيده ثم قال أحسن اللّٰه لك الصحابة و أكمل لك المعونة و سهل لك الحزونة و قرّب لك البعيد و كفاك

ص: 89

المهم و حفظ لك دينك و أمانتك و خواتيم عملك و وجهك لكلّ خير عليك بتقوى اللّٰه استودع اللّٰه نفسك سر على بركة اللّٰه عزّ و جلّ [- يج -] يكره السفر وحده و قال الكاظم لعن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله ثلاثة آكل زاده وحده و النائم في بيت وحده و الراكب في الفلاة وحده و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله الرّفيق ثم الطّريق و قال أمير المؤمنين عليه السّلام لا تصحبن في سفر من لا يرى لك من الفضل عليه كما ترى له عليك و قال الباقر عليه السّلام إذا صحبت فاصحب نحوك و لا تصحب من يكفيك فإن ذلك مذلة للمؤمن و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من السنة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا نفقتهم فإن ذلك أطيب لأنفسهم و أحسن لأخلاقهم [- يد -] ينبغي إعانة المسافر قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من أعان مؤمنا مسافرا نفس اللّٰه عنه ثلاثا و سبعين كربة و أجاره في الدنيا من الغم و الهم و نفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم [- يه -] روى السّكوني قال قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم إياكم و التّعريس على ظهر الطريق و بطون الأودية فإنها مدارج السّباع و مأوى الحيات و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله لعليّ يا علي إذا نزلت منزلا فقل اللّٰهمّ أنزلني منزلا مباركا و أنت خير المنزلين ترزق خيره و يدفع عنك شره [- يو -] الحجّ قسمان واجب و ندب فالواجب حجة الإسلام و المنذورة و شبهها و ما وجب بالإفساد و الاستيجار و يتكرر بتكرر السّبب و ما خرج عن ذلك مستحب و إنما تجب حجة الإسلام مع اجتماع الشرائط الآتية على الرجال و النساء و الخناثى و يستحب لفاقد الشرائط كمن عدم الزاد و الراحلة و أمكنه التسكع و يستحب أيضا للعبد إذا أذن له مولاه

المقصد الأول في بيان حجة الإسلام
اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في الشرائط
اشارة

و هي ستة البلوغ و كمال العقل و الحرّية و الزاد و الراحلة و إمكان المسير و أن يكون له ما يمون عياله فاضلا عما يحتاج إليه

الأوّل البلوغ

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] لا يجب على الصّبي الحج إجماعا فإن كان مميزا صحّ إحرامه و حجه و إن كان غير مميّز جاز لوليه الإحرام عنه بمعنى أنه يحرم للصّبي فيصحّ له دون الولي [- ب -] يشترط إذن الولي في إحرام الصّبي و حجه و إن كان مميّزا و الوليّ من له ولاية المال كالأب و الجدّ للأب و الوصيّ دون غيرهم و لو أحرمت أمّه عنه صحّ و إن انتفت الولاية لرواية ابن سنان الصّحيحة عن الصادق عليه السّلام [- ج -] ما يحتاج إليه الصبي من حمولة و غيرها مما يزيد على نفقته الواجبة يثبت على الولي [- د -] إذا عقد الصّبي الإحرام تولى بنفسه ما يتمكن منه و ما يعجز عنه ينوبه الولي و يجرد الصبيّ كما يجرّد البالغ من فخ و الوجه أن إنشاء إحرامه من الميقات و الرمي إذا لم يقدر عليه رمى عنه الولي و يستحب وضع الحصى في يده ثم أخذها و الرمي عنه و الطواف إذا لم يتمكّن من المشي حمله أو غيره و طاف به و ينوي الطواف عن الصّبي [- ه -] كل ما يحرم على البالغ فعله يمنع منه الصّبي و لا يجوز أن يعقد له عقد نكاح و كل ما يلزم المحرم من كفارة في فعله لو فعله الصّبي وجبت الكفارة على الولي إذا كان مما يلزم عمدا و سهوا كالصيد أما ما يلزم بالعمد لا بالسّهو فللشيخ وجهان أحدهما لا يلزمه لأنّ عمد الصّبي خطأ و الثاني يلزمه و الأوّل أقرب و الهدي يلزم الوليّ [- و -] لو بلغ بعد إكمال الحج لم يجزئه عن حجة الإسلام و لو كان في الأثناء فإن كان بعد الموقفين فقد فاته الحج و أتم تطوّعا و وجب عليه حجة الإسلام مع الشرائط و إن أدرك أحد الموقفين بالغا ففي الإجزاء نظر و الوجه الإجزاء و لو بلغ بعد الوقوف بالمشعر قبل مضي وقته فإن عاد أجزأ عنه و إن لم يعد لم يجز عن حجة الإسلام [- ن -] لو وطئ الصبي قبل الوقوف في الفرج فإن كان ناسيا فلا شيء عليه كالبالغ و لا يفسد حجه و إن كان عامدا قال الشيخ رحمه اللّٰه عمده و خطؤه واحد فلا يتعلق به إفسادا للحجّ قال و إن قلنا بفساد الحجّ و لزوم القضاء أمكن و الأول أقوى فإن قلنا بوجوب القضاء فالوجه أنه إنما يجب بعد البلوغ فإذا قضى أجزأه عن حجّة الإسلام إن كان قد أدرك في الفاسدة شيئا من الوقوف بعد بلوغه و إلا فالأقرب عدم الإجزاء

الثّاني العقل

فلا يجب الحج على المجنون المطبق و لا من يعتوره الجنون غالبا أما من يعاوده أحيانا بحيث يتمكن من أفعال الحج عاقلا فإنّه يجب عليه مع الشرائط و حكم المجنون حكم الصّبي غير المميّز فللولي أن يحرم عنه و يأتي بباقي أفعال الحج و لو زال عذره بعد الحج لم يجزئه عن حجّة الإسلام و لو كان في الأثناء فكالصّبي

الثالث الحرية

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] الحرية شرط في وجوب الحجّ بالإجماع فلا يجب على العبد القن و لا المكاتب و إن تحرّر بعضه و لا المدبّر و لا أمّ الولد [- ب -] العبد إذا حج بإذن مولاه صحّ حجه و لو كان بغير إذنه لم يصح و لو أحرم بغير إذن مولاه لم ينعقد و للمولى فسخ إحرامه [- ج -] لو أذن له مولاه في الإحرام فتلبس لم يكن للمولى فسخه و لو أذن له في الحج لم يجزئه عن حجة الإسلام لو أعتق و حصلت الشرائط بل وجب عليه الحج ثانيا و لو أدركه العتق قبل الموقفين أجزأه الحجّ و يدرك الحج بإدراك أحد الموقفين معتقا أما لو أعتق بعد الموقفين معا فإنه لا يجزئه عن حجة الإسلام

ص: 90

و لو أعتق قبل الوقوف أو في وقته و أمكنه الإتيان بالحجّ وجب عليه ذلك و كل موضع قلنا يجزئه الحج لا يجب عليه الدّم و كذا فيما لا يجزئه [- د -] لو أذن له مولاه ثم رجع فإن كان قبل التلبس و علم العبد بذلك بطل الإذن و لا يجوز للعبد الحج (- ح -) حتى و إن كان رجوعه بعد التلبّس لم يجز الرّجوع و لو رجع قبل التلبّس و لم يعلم العبد ثم أحرم بجهالة من الرّجوع قال الشيخ الأولى أنّه يصحّ إحرامه و للسّيد فسخ حجّه [- ه -] لو أحرم بإذن مولاه ثم باعه صح البيع و لا خيار للمشتري مع علمه و إلا فله الخيار و لو كان أحرم بغير إذن سيّده صحّ البيع و لا خيار للمشتري [- و -] الأمة المزوجة ليس لها أن تحج إلا بإذن المولى و الزوج و كذا المكاتب يشترط فيه إذن المولى و لو عتق بعضه و هايأه مولاه ففي جواز إحرامه في أيامه من غير إذن المولى نظر [- ز -] لو أحرم بغير إذن مولاه بطل فلو أعتق قبل فوات الموقفين فإن أمكنه إنشاء إحرام آخر صحّ و أجزأ عن حجة الإسلام و إلا فلا [- ح -] لو أذن له مولاه فأحرم ثم أفسد حجه وجب عليه إتمام الفاسد كالحرّية و يجب عليه القضاء و إن كان رقيقا و لا يجب إجابة المولى في طلب الصبر إلى حين العتق و لو أحرم بغير إذن سيّده ثم أفسده لم يتعلّق به حكم و لو أعتقه مولاه بعد إفساده فإن كان قبل فوات أحد الموقفين أتم حجّه و قضاه في القبال و أجزأه عن حجة الإسلام و لو كان بعد الموقفين أتم حجّه و قضاه في القابل و أجزأه و عليه حجة الإسلام و لا يجزي القضاء عنها قال الشيخ و يبدأ بحجّة الإسلام قبل القضاء و لو بدأ بالقضاء انعقد عن حجّة الإسلام و كان القضاء في ذمّته قال و لو أعتق قبل الوقوف أتم حجّه و قضاه في القابل و أجزأه عن حجة الإسلام [- ط -] لو جنى العبد في إحرامه بما يلزم به الدّم كاللباس و الطيب و حلق الشعر و الوطء و قتل الصّيد و أكله و غير ذلك قال الشيخ يلزم العبد و يسقط الدم إلى الصّوم و لسيده منعه منه و قال المفيد على السيد الفداء في الصّيد و الوجه عندي التفضيل فإن كانت الجناية بإذنه كما لو أذن له في الصيد في إحرامه أو اللباس لزم المولى الفداء عنه و مع العجز يأمره بالصّيام و إن لم يأذن لزم العبد الصوم و سقط الدم [- ي -] لو ملكه مولاه الفداء أجزأ الصّدقة به و لو مات قبل الصّيام جاز أن يطعم المولى عنه و أما دم المتعة فالخيار إلى سيّده بين أن يهدي عنه أو يأمره بالصيام و ليس له منعه من الصوم بغير هدي

الرابع الاستطاعة

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] الاستطاعة شرط في وجوب حجة الإسلام بالنّص و الإجماع و هي الزاد و الراحلة و إمكان المسير فلو فقد الزاد و الراحلة أو أحدهما مع بعد المسافة سقط الحج و إن تمكن من المشي سواء كان عادته سؤال الناس أو لا و يحصل المكنة بملك عين الزاد و الراحلة أو الثمن أو العوض مع وجود البائع و المؤجر [- ب -] لو فقدهما و تمكن من المشي لم يجب عليه فلو حجّ حينئذ ماشيا لم يجزه عن حجة الإسلام و وجب عليه الإعادة [- ج -] لو بذل له زاد و راحلة و نفقة له و لعياله وجب عليه الحجّ مع استكمال الشرائط الباقية و كذا لو حجّ به بعض إخوانه و للشيخ قول بوجوب الإعادة مع الإيسار و فيه ضعف أما لو وهب له مال فإنّه لا يجب عليه القبول سواء كان الواهب قريبا أو بعيدا [- د -] لا يباع دار السكنى في ثمن الزاد و الراحلة و لا خادمه و لا ثياب بدنه و يجب بيع ما زاد على ذلك من ضياع أو عقار أو غيرهما من الذخائر و لو كان له دين حال على موسر باذل بقدر الاستطاعة وجب الحج و لو كان معسرا أو مانعا أو كان الدين مؤجلا سقط الوجوب و لو كان له مال و عليه دين بقدره لم يجب الحج سواء كان الدين مؤجلا عليه أو حالا [- ه -] لا يجب عليه الاستدانة للحج إذا لم يكن له مال غير الدّين و ما روي من الحجّ بمال الولد فعلى سبيل الاستحباب و لا يجب على الولد بذل المال لوالده و لا فرق في ذلك بين أن يكون له من يقضي عنه أو لا إذا كان فاقدا [- و -] لو كان له ما يحج به و تاقت نفسه إلى النكاح لزمه الحج و لا يجوز صرف المال في النكاح و إن حصل العنت أما لو حصلت المشقة العظيمة فالوجه عندي تقديم النكاح [- ز -] لو كان له مال فباعه قبل وقت الحجّ مؤجلا إلى بعد وفاته سقط الحجّ و كذا لو وهب ماله قبل الوقت أو أتلفه [- ح -] لو غصب مالا فحجّ به أو غصب حمولة فركبها حتى أوصلته أثم بذلك و عليه الأجرة و ضمان المال و لم يجزئه الحج و إن كان مستطيعا و عندي فيه نظر [- ط -] القريب من مكة يعتبر الراحلة في حقه بنسبة حاجته و لو لم يحتج لم يعتبر الراحلة و كذا المكي و يعتبر الزاد فيهما و لو عجز كالزّمن و المريض اعتبرت الراحلة أيضا [- ي -] لو حجّ عنه غيره و هو مستطيع لم يجزئه عن حجّة الإسلام سواء كان النائب مستطيعا أو لا [- يا -] لا بد من فاضل غير الزاد و الراحلة قدر ما يمون عياله الذين يجب نفقتهم عليه حتى يرجع إليهم بقدر الكفاية على جاري عادتهم من غير تقتير و لا تبذير و لا يحتسب من يستحبّ نفقته [- يب -] يشترط أيضا أن يكون له ما يفضل عن قضاء ديونه سواء كانت حالة أو مؤجّلة و سواء كانت للّه تعالى كالزكاة أو للآدمي [- يج -] الزاد المشترى هو ما يحتاج من مأكول أو مشروب و كسوة فإن كان يجد الزاد في كل منزل لم يلزمه حمله و إلا لزمه حمله

ص: 91

و أما الماء و علف الدواب فإن كان يوجد في المنازل التي ينزلها على العادة لم يجب حملها و إلا وجب مع المكنة و مع عدمها يسقط [- يد -] الراحلة المشترطة يجب أن يكون راحلة مثله إما بالتّملك أو الأجرة لذهابه و رجوعه فإن كان لا يشتق عليه ركوب القتب أو الزاملة اعتبر ذلك في حقّه و إن كان يلحقه مشقة عظيمة اعتبر وجود المحمل [- يه -] لو كان وحيدا اعتبر نفقته لذهابه و عوده و لو احتاج إلى خادم اعتبر وجوده إما بالملك أو الاستيجار [- يو -] يعتبر في الاستطاعة وجود ما يحتاج إليه في السّفر من الآلات و الأوعية كالغرائر و أوعية الماء فلو فقدها مع الحاجة سقط الفرض [- ين -] لو كان له بضاعة يكفيه ربحها أو ضيعة يكفيه غلتها فالأقرب وجوب بيعها للحج أو صرف البضاعة إليه إذا كان بقدر الكفاية ذهابا و عودا و قدر نفقة عياله كذلك [- يح -] لو كان واجدا للزاد و الراحلة فخرج في حمولة غيره أو نفقة غيره أو كان مستأجرا للخدمة أو غيرها أو كان ماشيا فحج أجزأه و لو لم يكن واحدا لم يجب إلا مع بذل الغير و لا يجب أن يوجر نفسه بالزاد و الراحلة و النفقة لعياله مع العجز فإن فعل وجب الحجّ و كذا لو وجد بعض الزاد و الراحلة و لم يوجد الباذل للباقي لم يجب أن يوجر نفسه بالباقي فإن فعل وجب الحج و يستحب لفاقد الاستطاعة الحج إذا تمكن من المشي ثم يعيد واجبا مع الوجدان [- يط -] لا يعتبر وجود الزاد في المراحل مع وجوده في البلدان التي جرت العادة بحمل الزاد منها و أما الماء فإن كان موجودا في المصانع التي جرت العادة بكونه فيها وجب الحج و إن كان لا يوجد لم يجب الحج و إن وجد في البلاد التي يوجد منها الزاد [- ك -] لو وجد ثمن الزاد و الراحلة وجب شراؤهما مع وجود البائع و لو احتاج إلى الثمن لم يجب الشراء و لو وجده بأكثر من ثمن المثل أو بأكثر من أجرة المثل فإن تضرّر به لم يجب الشراء إجماعا و إن لم يتضرّر فالأقرب وجوب الشراء [- كا -] لو عجز عن الزاد و الراحلة جاز أن يحج عن غيره و لا يجزئه عن حجة الإسلام لو أيسر بل يجب عليه مع الاستطاعة

الخامس إمكان المسير

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] يدخل تحت هذا الشرط الصّحة و إمكان الركوب و تخلية السرب و اتساع الزمان فالمريض لا يجب عليه الحجّ مع الضّرر و إن وجد الزاد و الراحلة بالإجماع و لو لم يتضرر بالركوب وجب عليه الحج مع باقي الشرائط و لو منعه المرض عن الركوب سقط عنه الفرض و كذا المعضوب الذي لا يقدر على الركوب و لا يستمسك على الراحلة من كبر أو ضعف في البنية أو إقعاد و لو وجد هؤلاء الاستطاعة ففي وجوب الاستنابة قولان أحدهما الوجوب اختاره الشيخ و الثاني عدمه اختاره ابن إدريس و الأقرب الأوّل [- ب -] المريض إن كان يرجى برؤه و وجد الاستطاعة و تعذر عليه الحج استحب له أن يستنيب رجلا يحج عنه فإذا استناب ثم برأ و هو مستطيع وجب عليه إعادة الحج بنفسه و لو مات سقط عنه فرض الحج مع الاستنابة و بدونها و لو كان المرض لا يرجى برؤه أو كان العذر لا يزول كالإقعاد و ضعف البدن خلقة و كبر السن وجب أن يحج عنه رجلا مع الاستطاعة فإن مات سقط عنه فرض الحج و لو زال عذره وجب الحج [- ج -] لو وجد المعضوب المال و لم يجد الأجير سقط عنه فرض الاستيجار إلى العام المقبل و لو وجد من يستأجره بأكثر من أجرة المثل فإن أمكنه التحمل من غير ضرر فالوجه الوجوب و إلا فلا [- د -] المعضوب إذا لم يكن له مال سقط عنه فرض الحج مباشرة و استنابة و لو وجد من يطيعه لأداء الحج لم يجب سواء وثق منه بفعله أو لم يثق و سواء كان ولدا أو أجنبيّا و لو بذل له المال و لم يبذل له الفعل فالوجه عدم الوجوب [- ه -] لو كان على المعضوب حجتان كحجة الإسلام و منذورة جاز أن يستنيب اثنين في سنة [- و -] يجوز للصّحيح أن يستنيب في التطوع و يجوز استنابة الضرورة و غيره في الواجب و النّدب [- ز -] قال الشيخ المعضوب إذا أوجب عليه حجة بالنذر أو بإفساد حجه وجب عليه أن يحج عن نفسه رجلا فإذا فعل ذلك فقد أجزأه و إن برأ فيما بعد تولاها بنفسه و عندي فيه تردد [- ح -] تخلية السرب شرط في الوجوب و هو أن يكون الطريق آمنا أو يجد رفقة تأمن معهم علما أو ظنا فلو وجد مانع من عذر و غيره سقط فرض الحج و هل يجب أن يستنيب البحث فيه كالمريض و لو كان هناك طريقان أحدهما آمن سلكه و إن طال إذا لم تقصر نفقته عنه و اتسع الزمان و لو قصرت نفقته عنه أو قصر الزّمان عن سلوكه أو لم يكن له إلاّ طريق واحد و هو مخوف أو بعيد تضعف قوته عن قطعه لمشقة لم يجب عليه و لو كان في الطريق عدوّا و أمكن محاربته بحيث لا يلحقه خوف و لا ضرر فهو مستطيع و لو خاف على نفسه من قتل أو جرح أو على ماله أو بعضه مما يتضرر به لم يجب [- ط -] لو لم يندفع العدو إلا بمال أو خفارة قال الشيخ لم يجب و لو قيل إن أمكن رفع المال من غير إجحاف و لا ضرر وجب و إلا فلا كان وجها و لو بذل له باذل المطلوب منه فانكشف العدوّ وجب الحج و ليس له منع الباذل [- ي -] طريق البحر كطريق البر فلو غلب على ظنه السّلامة في أحدهما تعيّن و إن كان في البحر [- يا -] اتساع الزمان شرط فلو ضاق الوقت عن قطع المسافة سقط الفرض و لو لم يجد الرفقة أو ضاق الوقت عليه حتى لا يلحقهم إلا بمشقة كطي المنازل أو الحث الشديد سقط تلك السنة [- يب -] اشترط الشيخ رحمه اللّٰه الرجوع

ص: 92

إلى كفاية فلو ملك الزّاد و الرّاحلة و النفقة له و لعياله ذهابا و عودا و لم يكن له كفاية يرجع إليها من مال أو حرفة أو صناعة أو عقار لم يجب الحج و اختاره المفيد و ابن البراج و أبو الصّلاح و لم يشترط المرتضى ذلك و اختاره ابن أبي عقيل و هو الأقوى [- يج -] الإسلام ليس شرطا في الوجوب و هو شرط في الصّحة و لو أحرم و هو كافر لم يصحّ إحرامه فإن أسلم قبل فوات الوقوف بالمشعر وجب عليه الرجوع إلى الميقات و إنشاء الإحرام منه فإن لم يتمكن أحرم من موضعه و لا يعتدّ بالأول [- يد -] لو ارتدّ بعد أداء الحجّ مسلما لم يجب عليه إعادته و قوى في المبسوط الإعادة و لو أحرم ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام كان إحرامه باقيا و بنى عليه [- يه -] الأعمى يجب عليه الحج مع الشرائط و وجود قائد يهديه مع الحاجة [- يو -] شرائط الوجوب في الرّجل هي شرائطه في المرأة فإذا اجتمعت الشرائط وجب عليها الحجّ و إن لم يكن لها محرم و لو لم تجد الثقة و خافت من المرافق اشترط المحرم و هو الزوج أو من تحرم عليه على التأبيد نسبا و رضاعا و من تحرم عليه في وقت دون آخر كزوج الأخت و العبد فليس بمحرم و لو كان الأب يهوديا أو نصرانيا فالوجه أنه محرم أما المجوسي فالوجه أنّه ليس بمحرم و الأقرب اشتراط البلوغ و العقل في المحرم [- يز -] نفقة المحرم في محل الحاجة إليه عليها فيشترط في استطاعتهما ملك زاده و راحلته زيادة على ما تقدّم و لو امتنع المحرم من الحج مع بذلها له النفقة فهي كالفاقدة المحرم و لو احتاجت إليه لعدم النفقة و الحاجة إلى الرّفيق فالوجه أنه لا يجب عليه إجابتها [- يح -] إذن الزّوج ليس بمعتبر في الواجب فلو كان عليها حجة الإسلام أو منذورة بإذنه أو قبل تعلّقه بها وجب عليها الخروج و ليس له منعها عنه و يستحب لها أن تستأذنه فإن أذن و إلا خرجت بغير إذنه أما التطوّع فليس لها الخروج فيه إلا بإذنه و لو نذرت الحجّ و هي زوجته فإن أذن لها في النذر صحّ و إلا فلا و حكم المعتدة رجعية حكم الزّوجة أما البائن فإنها تخرج أين شاءت و ليس للزوج منعها و كذا المتوفى عنها زوجها [- يط -] الشرائط التي ذكرناها منها ما هي شرط في الصّحة و الوجوب معا و هو العقل و منها ما هو شرط في الصّحة خاصة و هو الإسلام و منها ما هو شرط في الوجوب خاصة و هو البلوغ و الحريّة و الاستطاعة و إمكان المسير

الفصل الثّاني في أنواع الحج

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] الحج على ثلاثة أنواع تمتع و قران و إفراد فصورة التمتع أن يحرم من الميقات بالعمرة المتمتع بها إلى الحج ثم يدخل مكة فيطوف سبعة أشواط بالبيت و يصلّي ركعتي الطواف بالمقام و يسعى بين الصفا و المروة سبعة أشواط ثم يقصّر و قد أحل من كل شيء أحرم منه ثم ينشئ إحراما آخر للحج من مكة يوم التّروية و إلا فبما يعلم معه إدراك الوقوف ثم يمضي إلى عرفات فيقف بها إلى الغروب ثم يفيض إلى المشعر الحرام فيقف به بعد طلوع الفجر ثم يفيض إلى منى و يرمي جمرة العقبة ثم يذبح هديه ثم يحلق رأسه ثم يأتي مكة ليومه أو من غده فيطوف للحج و يصلّي ركعتيه ثم يسعى سعي الحج ثم يطوف طواف النساء و يصلّي ركعتيه ثم يعود إلى منى ليرمي ما تخلف عليه من الجمار الثلاث يوم الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر و صورة الإفراد أن يحرم من الميقات أو من حيث يصح الإحرام منه بالحجّ ثم يمضي إلى عرفات فيقف لها ثم يقف بالمشعر الحرام ثم يأتي منى فيقضي مناسكه بها ثم يطوف بالبيت للحج و يصلّي ركعتيه ثم يأتي بعمرة مفردة من أدنى الحلّ و صورة القران كذلك إلا أنه يضيف إلى إحرامه سياق الهدي [- ب -] التمتع فرض من نأى عن المسجد الحرام و ليس من حاضريه و لا يجزيهم غيره مع الاختيار و أما القران و الإفراد فهو فرض أهل مكة و حاضريها فلو عدلوا إلى التمتع ففي الإجزاء قولان للشيخ أحدهما أنه يجزي و لا ذم و الثّاني أنه لا يجزي و هو الأقوى عندي [- ج -] حدّ حاضري المسجد الحرام الذين لا متعة عليهم من كان بين منزله و بين المسجد اثنا عشر ميلا من كلّ جانب و للشيخ قول آخر أنه ثمانية و أربعون ميلا و هو اختيار ابن بابويه و هو الأقوى عندي [- د -] لا يجوز إدخال الحج على العمرة و لا بالعكس [- ه -] لا يجوز القران بين الحجّ و العمرة في إحرام واحد قال الشيخ في الخلاف و لو فعل لم ينعقد إحرامه إلا بالحج فإن أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم و إن أراد أن يأتي بأفعال العمرة و يجعلها متعة جاز و لزمه الدّم [- و -] لا يجوز نية حجتين و لا عمرتين و لو فعل قيل ينعقد إحداهما و يلغو الأخرى [- ز -] لو أراد التطوّع بالحج فالتمتع أفضل أنواعه [- ح -] المفرد إذا أحرم بالحج ثمّ دخل مكة جاز له فسخ حجه و جعله عمرة يتمتّع بها و لا يلب بعد طوافه و لا بعد سعيه لئلا ينعقد إحرامه بالتلبية أما القارن فليس له ذلك و كذا يجوز لمن أحرم بعمرة التمتع مع الضّرورة المانعة عن إتمامها العدول إلى الإفراد إما بأن يضيق الوقت أو يحصل حيض أو مرض [- ط -] لو بعد المكي عن أهله ثم عاد و حج على ميقات أحرم منه و جاز له التمتع [- ي -] من كان من أهل الأمصار فجاور بمكة ثم أراد حجة الإسلام خرج إلى ميقات أهله و أحرم منه فإن تعذر خرج إلى أدنى الحل و لو تعذر أحرم من مكّة هذا إذا لم يجاور سنتين فإن مضت عليه سنتان و هو مقيم بمكة صار من أهل مكة و حاضريها ليس له أن يتمتع و للشيخ قول

ص: 93

آخر أنه لا ينتقل فرضه حتى يقيم ثلاثا و المعتمد الأوّل و لو كان له منزلان أحدهما بمكة و الآخر ناء عنها اعتبر الأغلب إقامة فأحرم [و أحرم] بفرض أهله فإن تساويا تخير في التمتع و غيره و لو لم يمض هذه المدة كان فرضه التمتع لا غير فيحرم من الميقات وجوبا مع المكنة [- يا -] للشيخ أقوال في أشهر الحج ففي النهاية شوال و ذو القعدة و ذو الحجّة و في المبسوط شوال و ذو القعدة و إلى قبل الفجر من عاشر ذي الحجة و في الخلاف إلى طلوع الفجر و في الجمل و تسعة من ذي الحجة و الأقرب الأول و لا يتعلّق بهذا الاختلاف حكم للإجماع على فوات الحج بفوات الموقفين و صحّة بعض أفعال الحج فيما بعد العاشر [- يب -] لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره فلو أحرم به قبلها لم ينعقد للحج و انعقد للعمرة رواه ابن بابويه و عندي فيه نظر [- يج -] لا ينعقد إحرام العمرة المتمتع بها إلا في أشهر الحج فإن أحرم في غيرها انعقد للمبتولة على إشكال أما العمرة المبتولة فيجوز في جميع أيام السنة [- يد -] لو دخل المتمتع مكة و خشي فوات الوقت نقل نيته إلى الإفراد ثم يعتمر عمرة مفردة بعد الحجّ و كذا الحائض و النّفساء لو منعهما عذرهما عن التحلل و إنشاء الحجّ

المقصد الثّاني في الإحرام
اشارة

و فيه فصول

الأول في المواقيت
اشارة

و فيه مطلبان

الأوّل في تعيينها

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] لا يجوز الإحرام إلا من إحدى المواقيت التي وقتها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله للإحرام فميقات أهل المدينة ذو الحليفة و هو مسجد الشجرة و ميقات أهل الشّام الجحفة و هي المهيعة بسكون الهاء و فتح الياء و لأهل اليمن يلملم و قيل ألملم و لأهل الطائف قرن المنازل بفتح القاف و سكون الراء و في الصحاح بفتحها و ميقات أهل العراق العقيق [- ب -] هذه المواقيت مأخوذة بالنص عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله [- ج -] ذو الحليفة ميقات أهل المدينة مع الاختيار أما مع الضرورة فالجحفة [- د -] العقيق ميقات أهل العراق و كل جهاته ميقات فمن أين أحرم جاز لكن الأفضل الإحرام من المسلخ و يليه غمرة و آخره ذات عرق و لا يجوز للحاج تجاوزها إلا محرما [- ه -] هذه المواقيت مواقيت لأهلها و لمن يمر بها مريدا للنسك فلو حج الشامي من المدينة أحرم من ذي الحليفة و لو حج من العراق فميقاته العقيق و كذا غيره [- و -] من كان منزله دون الميقات فميقاته منزله بالإجماع [- ز -] الصبي يجرد من فخ و يجوز أن يحرم به من الميقات [- ح -] هذه المواقيت إنما هي لإحرام العمرة المتمتع بها أو للحجّ مفردا أو قارنا أما حجّ المتمتع فميقاته مكة لا غير و لو أحرم من غيرها متمكّنا لم يجز و وجب عليه العود إلى مكة لإنشاء الإحرام و لو تجاوز ناسيا أو جاهلا عاد فإن حصل له مانع أحرم من موضعه و لو كان بعرفات و كذا لو خاف من الرجوع فوات الحج فإنه يحرم من موضعه و من أيّ موضع أحرم من مكة أجزأه و الأفضل الإحرام من المسجد تحت الميزاب أو مقام إبراهيم عليه السّلام [- ط -] المواقيت التي قدمناها مواقيت الحج على اختلاف ضروبه و للعمرة المفردة إذا قدم مكة حاجّا أو معتمرا أما المفرد و القارن إذا فرغا من المناسك و أرادا الاعتماد أو غيرهما ممن يريده فإنّه يلزمه الخروج إلى أدنى الحل فيحرم به ثم يعود إلى مكة للطواف و السّعي و ينبغي أن يحرم بها من الجعرانة فإن فاته فمن التنعيم فإن فاته فمن الحديبية و الضابط أن يأتي به من أدنى الحلّ

المطلب الثّاني في أحكام المواقيت

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] لا يجوز الإحرام قبل الميقات بحجّ و لا عمرة إلا لمن أراد أن يحرم بالعمرة المبتولة في رجب و خاف أن تقضيه أخّر الإحرام إلى الميقات فإنّه يجوز أن يوقعه قبل الميقات ليدرك جزءا منها في رجب طلبا للفضل فقد روي أنها تقارب الحج و استثنى الشيخان من نذر أن يحرم للحج أو العمرة قبل الميقات فإنه يلزمه بشرط وقوعه في أشهر الحجّ إن كان للحج أو للتمتع بها و إن كان للمفردة جاز مطلقا و منع ابن إدريس من ذلك و الأول أقوى [- ب -] لو أحرم قبل الميقات في غير هذين الموضعين لم ينعقد إحرامه و لو فعل ما ينافيه لم يلزمه شيء و يجب عليه تجديد الإحرام عند الميقات [- ج -] إذا جاء إلى الميقات و أراد النسك وجب عليه الإحرام منه و لا يجوز له تأخيره عنه بالإجماع فلو تركه عامدا مع إرادة النسك وجب عليه الرجوع إلى الميقات و الإحرام منه و لو لم يتمكن من الرجوع بطل حجه و لو أحرم من موضعه لم يجزه و لو عاد إلى الميقات و لم يجدد الإحرام فكذلك و لو جدّده في الميقات لم يكن عليه دم سواء رجع بعد التلبّس بشيء من أفعال الحج كطواف القدوم أو لا و لو تركه ناسيا أو جاهلا أو لا يريد النسك ثم تجدد العزم وجب عليه الرجوع إلى الميقات و إنشاء الإحرام منه فإن لم يتمكن فليمض إلى خارج الحرم و يحرم فإن لم يتمكن أحرم من موضعه و لو أحرم من موضعه مع إمكان الرّجوع لم يجزئه و لا فرق بين الناسي و الجاهل بالميقات و بالتحريم [- د -] لو أسلم بعد مجاوزة الميقات وجب عليه الحج و لزمه الرّجوع فإن لم يتمكن خرج إلى الحلّ فإن لم يتمكن أحرم من موضعه و لا دم عليه و كذا الصّبي و العبد لو بلغ أو أعتق بعد المجاوزة [- ه -] لو كان مريضا يمنعه المرض من الإحرام عند الميقات قال الشيخ جاز له أن يؤخّره عن الميقات فإذا زال المنع أحرم من الموضع الذي انتهى المنع و الظاهر أن مقصوده تأخر كيفية الإحرام من نزع الثياب و كشف الرأس فأما الشروط التي للإحرام فلا يجوز له تأخيرها مع القدرة و لو زال عقله

ص: 94

بإغماء و شبهه سقط الحج فلو أحرم عنه رجل جاز لكن لا يسقط به حجة الإسلام إلا أن يعود عقله قبل الوقوف و لو كان بعد الموقفين لم يجزئه [- و -] لو كان الميقات قرية فخربت و نقلت عمارتها إلى موضع آخر كان الميقات موضع الأولى و إن انتقل الاسم إلى الثانية [- ز -] لو سلك طريقا بين ميقاتين أحرم عند محاذاة الميقات برا كان أو بحرا و هي رواية عبد اللّٰه بن سنان الصحيحة عن الصادق عليه السلام و لو لم يعرف حذو الميقات احتاط و أحرم ثم علم المجاوزة عن محاذاة الميقات ففي وجوب الرجوع إشكال أقربه العدم و لا دم عليه و لو مر على طريق لا يحاذي ميقاتا و الأقرب الإحرام من أدنى الحل [- ح -] من جاور بمكة من أهل الأمصار ثم أراد النّسك فليخرج إلى ميقات أهله و ليحرم منه فإن لم يتمكن فليخرج إلى الحل فإن لم يمكنه أحرم من موضعه ما لم يستوطن سنتين

الفصل الثاني في مقدمات الإحرام

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] يستحب لمن أراد التمتع أن يوفر شعر رأسه و لحيته من أول ذي القعدة و لا يمس منهما شيئا و يتأكد عند هلال ذي الحجة فإن مسّ منهما شيئا ترك الأفضل و لا شيء عليه و في الإستبصار و النهاية هو واجب يجب معه الدم و هو خيرة المفيد [- ب -] يستحب للمعتمر توفير شعر رأسه في الشهر الّذي يريد فيه الخروج إلى العمرة [- ج -] يستحب له إذا بلغ الميقات التنظيف بإزالة الشعر و نتف الإبط و قصّ الشارب و تقليم الأظفار و حلق العانة و الاطلاء و لو كان قد أطلى قبل الإحرام اجتزأه ما لم يمض خمسة عشر يوما فإن مضت استحبّ له الاطلاء ثانيا و الاطلاء أفضل من الحلق و الحلق أفضل من نتف الإبط [- د -] يستحب له الغسل إذا أراد الإحرام من الميقات و ليس بواجب إجماعا و لا فرق بين الذكر و الأنثى و الحر و العبد و البالغ و غيره و يجوز تقديم الغسل على الميقات إذا خاف عوز الماء فيه ما لم يتم أو يمضي عليه يوم و ليلة و لو وجد الماء في الميقات استحب إعادة الغسل و يجزي غسل اليوم لذلك اليوم و غسل اللّيلة لها ما لم ينم فإن نام قبل عقد الإحرام أو لبس مخيطا أو أكل ما لا يحل للمحرم أكله استحب له إعادة الغسل و لو قلم أظفاره لم يعد الغسل و يجوز الادهان بعد الغسل قبل عقد الإحرام إلا أن يكون طيبه يبقى إلى بعد الإحرام [- ه -] لو أحرم من غير غسل أعاد الإحرام مستحبّا [- و -] لو لم يجد الماء للغسل تيمّم قاله الشيخ [- ز -] يستحب له أن يحرم بعد الزوال عقيب صلاة الظهر يبدأ بصلاة الإحرام مستحبّا [- و -] لو لم يجد الماء للغسل تيمّم قاله الشيخ [- ن -] يستحب له أن يحرم بعد الزوال عقيب صلاة الظهر يبدأ بصلاة الإحرام و هي ستّ ركعات فإن لم يتمكّن فركعتان ثم يصلي الظهر ثم يحرم عقيب الظهر و إن لم يتفق وقت الزوال يستحب له أن يكون عقيب فريضة فإن لم يتفق صلى ستّ ركعات ثم أحرم عقيبها فإن لم يتمكن صلى ركعتين يقرأ في الأولى الحمد و قل يا أيّها الكافرون و في الثانية الحمد و التّوحيد مستحبا [- ح -] يكره أن يتطيّب للإحرام قبله و لو كان مما يبقى رائحته إلى بعد الإحرام كان حراما و لو لبس ثوبا مطيبا ثم أحرم و كانت الرائحة تبقى إلى بعد الإحرام وجب نزعه أو إزالة الطيب فإن لم يفعل وجب الفداء

الفصل الثالث في كيفية الإحرام

و فيه [- لب -] بحثا [- ا -] إذا بلغ الحاج الميقات فعل ما ذكرناه و دعا عند غسله و نوى الإحرام ثم لبس ثوبه يأتزر بأحدهما و يتوشح بالآخر و دعا ثم صلى للإحرام ست ركعات ثم يصلّي الفريضة إن كان وقت فريضة و أحرم عقيبها و إلا عقيب النوافل فإذا فرغ من صلاته حمد اللّٰه و أثنى عليه و صلى على محمّد و آله ثم قال اللّٰهمّ إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك إلى آخر الدعاء فإذا فرغ لبى و يكثر من التلبية و لا يزال على هيئته إلى أن يدخل مكة و يطوف و يسعى و يقصر و قد أحل [- ب -] الواجب في الإحرام ثلاثة أشياء النية و لبس ثوبي الإحرام و التلبيات و الباقي نفل و النية كما هي واجبة فهي شرط فيه و كيفيتها أن يقصد بقلبه إلى أمور أربعة ما يحرم به من حجّ أو عمرة متقربا به إلى اللّٰه عز و جلّ و يذكر نوع ما يحرم له من تمتع أو قران أو إفراد و يذكر الوجوب أو النّدب و ما يحرم به من حجة الإسلام أو غيرها لا يجوز له الإخلال بشيء من ذلك و يستحبّ له الاشتراط [- ج -] لو نوى الإحرام مطلقا و لم ينو لا حجا و لا عمرة انعقد إحرامه و كان له صرفه إلى أيّهما شاء إن كان في أشهر الحج على إشكال فإن صرفه إلى الحج صار حجا و كذا إلى العمرة يصير عمرة و لو صرفه إليهما معا لم يصحّ و لو عقده مطلقا قبل أشهر الحج انعقد بعمرة [- د -] يصح إبهام الإحرام و هو أن يحرم بما يحرم به فلان على إشكال فإن علم بما أحرم به فلان انعقد إحرامه بمثله و إن تعذر عليه بموت أو غيبة قال الشيخ رحمه اللّٰه يتمتع احتياطا و لو بان أن فلانا لم يحرم انعقد مطلقا و كان له صرفه إلى أي الأنساك شاء و لو لم يعلم هل أحرم فلان أم لا كان حكمه حكم من لم يحرم و لو لم يعيّن ثم شرع في الطواف قبل التعيين فالأقوى أنه لا يعتدّ بطوافه [- ه -] تعيين الإحرام أولى من إطلاقه [- و -] لو أحرم بنسك ثم نسيه تخير بين الحجّ و العمرة إذا لم يتعيّن عليه أحدهما قاله في المبسوط و في الخلاف جعل ذلك عمرة و هو حسن و لو تعيّن أحدهما انصرف إليه و لو أحرم بهما معا لم يصحّ قال الشيخ و يتخير و كذا لو شك هل أحرم بهما أو بأحدهما فعل أيّهما شاء و لو تجدّد الشك بعد الطواف جعلها عمرة متمتعا بها إلى الحج [- ز -] لو نوى الإحرام بنسك و لبى بغيره انعقد ما نواه دون ما تلفظ به

ص: 95

[- ح -] يستحب أن يذكر في لفظه ما يقصده من أنواع الحج و لو اتقى كان الأفضل الإضمار [- ط -] التلبيات الأربع واجبة و شرط في الإحرام للمتمتع و المفرد فلا ينعقد إحرامهما إلا بها أو بالإشارة للأخرس و عقد قلبه بها و أما القارن فله أن يعقد بها أو بالإشعار أو بالتقليد لما يسوقه [- ي -] صورة التلبيات الواجبة لبّيك اللّٰهمّ لبيك لبيك إن الحمد و النّعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك ذكره الشيخ رحمه اللّٰه في كتبه و قال ابن إدريس هذه الصورة ينعقد بها الإحرام كانعقاد الصّلاة بتكبيرة الإحرام و في رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق عليه السّلام لبّيك اللّٰهمّ لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك [- يا -] ما زاد على ما ذكرناه من التلبيات الواجبة مستحبّ غير مكروه و يستحبّ الإكثار من لبّيك ذا المعارج لبّيك [- يب -] للشيخ رحمه اللّٰه في رفع الصوت بالتلبية قولان أحدهما الوجوب و الأقرب الاستحباب و ليس على النساء جهر بالتلبية و تلبية الأخرس الإشارة بالإصبع و تحريك لسانه و عقد قلبه بها و لا يجوز التلبية بغير العربيّة [- يج -] لا يشترط في التلبية الطهارة إجماعا فيجوز للطاهر و الجنب و المحدث و الحائض [- يد -] يستحب أن يذكر ما يحرم به في التلبية و الإكثار من التلبية إذا شاهد بيوت مكة و المفرد و القارن يقطعان التلبية يوم عرفة عند الزّوال و المعتمر عمرة مفردة يقطعها إذا دخل الحرم إن كان أحرم من خارجه و إن كان قد خرج من مكة للإحرام قطعها إذا شاهد الكعبة [- يو -] الإشعار أو التقليد يقوم كلّ منهما مقام التلبية في حق القارن أيّ الثلاثة شاء عقد إحرامه به و كان الآخر مستحبّا و قال السّيد المرتضى لا ينعقد إحرام الأصناف الثلاثة إلا بالتلبية و هو اختيار ابن إدريس و الأول أقوى و الإشعار هو أن يشق سنام البعير من الجانب الأيمن و يلطخ بالدم ليعلم أنّه صدقة و التقليد هو أن يجعل في رقبة الهدي نعلا أو خيطا أو سيرا أو ما أشبهها قد صلى فيه ليعلم أنه صدقة و الإشعار مختصّ بالإبل و التقليد يشترك بينها و بين البقر و الغنم و لو كانت البدن كثيرة و أراد إشعارها دخل بين كل بدنتين و أشعر أحدهما يمينا و الأخرى يسارا [- يز -] يستحب لمن حجّ على طريق المدينة رفع الصّوت بالتّلبية إذا علت راحلته البيداء و بينها و بين ذي الحليفة ميل إن كان راكبا و إن كان ماشيا فحيث يحرم و إن كان على غير طريق المدينة لبّى من موضعه إن شاء و الأفضل أن يمشي خطوات ثم يلبّي [- يح -] إذا عقد نية الإحرام و لبس ثوبيه و لم يلب و لم يشعر و لم يقلد جاز أن يفعل ما يحرم على المحرم فعله و لا كفارة فإن فعل أحد الثلاثة حرم ذلك عليه و وجبت الكفارة [- يط -] يستحب لمن أحرم بنسك أن يشترط على ربّه عند إحرامه إن لم يكن حجّة فعمرة و أن يحله حيث جلسه و لو نوى الاشتراط و لم يتلفظ به فالوجه عدم الاعتداد به و مع التلفظ به لا يفيد سقوط الحج في القابل لو فاته في عامه بالإجماع بل جواز التحلّل عند الإحصار و قيل يتحلل من غير شرط و لو اشترط حتى أحصر ففي سقوط دم الإحصار قولان أحدهما السقوط قاله السيّد و الآخر عدمه قاله الشيخ و هو الأقوى و لا بد للشرط من فائدة كأن يقول إن مرضت أو فنيت إنفاقي أو فاتني الوقت أو ضاق عليّ أو منعني عدو أو غيره و لو قال أن يحلّني حيث شئت لم يكن له ذلك قال الشيخ لا يجوز للمشترط أن يتحلّل إلا مع نية التحلل و الهدي [- ك -] لا يلبّي في مسجد عرفة و لا في الطواف [- كا -] يستحب أن يأتي بالتلبية نسقا لا يتخلّلها كلام فإن سلم عليه رد في أثنائها و أن يصلي على النبي صلّى اللّٰه عليه و آله بعد فراغه من التلبية [- كب -] لا أعرف لأصحابنا قولا في أن الحلال يلبّي [- كج -] يكره للمحرم إجابة من يناديه بالتلبية بل يقول يا سعد [- كه -] إذا قال لبيك إن الحمد كسر الألف و يجوز الفتح و الأول أولى قال ثعلب من فتحها فقد خصّ و من كسر فقد عمّ [- كه -] لبس ثوبي الإحرام واجب بالإجماع و يشترط كونها مما يصح فيه الصّلاة فلا يجوز فيما لا يجوز فيه الصّلاة كالحرير المحض للرجال و يجوز للنساء الإحرام في الحرير المحض خلافا للشيخ و يستحب الإحرام في ثياب القطن و أفضلها البيض و يجوز في الأخضر و غيره من الألوان عدا السواد فإنه مكروه و لا بأس بالمعصفر و يكره إذا كان مشبعا و يجوز في الحرير الممتزج و في ثوب قد أصابه ورس أو زعفران أو طيب إذا غسل و ذهبت رائحته و لو أصاب ثوبه من خلوق الكعبة و زعفرانها لم يكن به بأس و إن لم يغسله [- كو -] يكره النوم على الفرش المصبوغة و الإحرام في الثياب الوسخة إلا أن يغسل و في الثياب المعلمة [- كن -] لا يلبس ثوبا يزره و لا مدرعة و لا بأس بلبس الطيلسان و لا يزره [- كح -] لا يجوز أن يلبس السراويل إلا إذا لم يجد إزارا فيجوز و لا فدية و لا يجوز لبس القباء فإن لم يجد ثوبا جاز له أن يلبسه مقلوبا و لا يدخل يديه في يدي القباء و لا فدية حينئذ و لو أدخل كتفيه في القباء و يده في كميه و لم يلبسه مقلوبا كان عليه الفداء قال ابن إدريس ليس المراد من القلب جعل ظاهره إلى باطنه و بالعكس بل المراد منه النكس بأن يجعل ذيله فوق أكتافه و به رواية [- كط -] يلبس المحرم نعلين و إن لم يجدهما جاز أن يلبس الخفين و يقطعهما إلى ظاهر القدم كالشمشكين و لا يجوز له لبسهما قبل القطع و قال بعض أصحابنا يلبسهما صحيحين و لو كان واجدا للنعلين لم يجز له لبس الخفين المقطوعين

ص: 96

و كذا لا يجوز لبس القباء المقلوب مع وجود الإزار و لو لم يجد رداء لم يلبس القميص أما لو عدم الإزار فإنه يجوز له التوشح بالقميص و بالقباء المقلوب مخيّر في ذلك [- ل -] يجوز أن يلبس المحرم أكثر من ثوبين يتقي بذلك الحر و البرد و أن يغيرهما لكن يستحبّ له أن يطوف في ثوبيه الذين أحرم فيهما و يكره أن يغسلهما إلا إذا أصابهما نجاسة [- لا -] يكره بيع الثوب الذي أحرم فيه [- لب -] لو أحرم و عليه قميص نزعه و لا يشقه و لو لبسه بعد الإحرام قال الشيخ وجب عليه أن يشقه و يخرجه من قدميه و هي رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق عليه السّلام

الفصل الرّابع في أحكام الإحرام

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] الإحرام ركن من أركان الحج يبطل بالإخلال به عمدا و لو أخل به ناسيا حتى أكمل مناسكه قال الشيخ يصح الحج إذا كان عازما على فعله و أنكره ابن إدريس و هو خطأ [- ب -] لا يقع الإحرام إلا من محلّ فلو كان محرما بالحج لم يجز له أن يحرم بالعمرة و بالعكس [- ج -] يجوز للقارن و للمفرد فسخ حجه إلى التمتع و بالعكس لمن ضاق عليه الوقت عن التمتع أو حصل له مانع كالحيض و المرض و ليس للقارن ذلك [- د -] يجوز للقارن و المفرد إذا قدما مكة الطواف لكنهما يجدّدان التّلبية ليبتقيا على إحرامهما و لو لم يجدّدا التّلبية أصلا و صارت حجتهما عمرة قاله الشيخ في النهاية و المبسوط و قال في التهذيب إنما يحل المفرد لا القارن و أنكر ابن إدريس ذلك و أنهما إنما يحلاّن بالنية [لا يحلان إلا بالنية] لا بمجرّد الطواف و السعي و على قول الشيخ حديثان صحيحان [- هي -] إذا أتم المتمتع أفعال عمرته و قصر فقد أحل و إن كان قد ساق هديا لم يجز له التحلّل و كان قارنا قاله في الخلاف [- و -] إذا فرغ المتمتع من عمرته و أحل ثم أحرم بالحج فقد استقر دم التمتع بإحرام الحج و إن لم يرم جمرة العقبة [- ز -] المتمتع إذا طاف و سعى ثم أحرم بالحج قبل أن يقصر قال الشيخ بطلت متعته و كانت حجته مبتولة و إن فعل ذلك ناسيا فليمض فيما أخذ فيه و قد تمّت متعته و ليس عليه شيء و قال بعض أصحابنا الناسي عليه دم و قال آخرون يبطل الإحرام الثّاني سواء وقع عمدا أو سهوا و يبقى على إحرامه الأول و الوجه ما قاله الشيخ رحمه اللّٰه [- ح -] ينبغي للمحرم بالحجّ من مكة أن يفعل حالة الإحرام يوم التّروية كما فعله أولا عند الميقات من أخذ الشارب و تقليم الأظفار و غير ذلك ثم يمضي بسكينة و وقار فإذا انتهى إلى الرقطاء دون الردم لبى فإذا انتهى إلى الرّدم و أشرف على الأبطح رفع صوته بالتّلبية حتى يأتي منى [- ط -] الإحرام واجب على كل من يريد أن يدخل مكة إلا من يكون دخوله بعد إحرام قبل مضي شهر أو يتكرر كالحطّاب و الحشاش و ناقل الميرة و صاحب الصّنيعة أو يكون دخوله لقتال مباح [- ي -] إحرام المرأة كإحرام الرّجل إلا في رفع الصوت بالتلبية و لبس المخيط و إحرامها في وجهها و لا تخمره و لا تغطيه بمخيط و غيره و تستر سائر جسدها إلا وجهها و يجوز لها أن تسدل على وجهها ثوبا حتى لا يمسه إلى طرف أنفها و ليس لها أن تلبس النقاب و لا البرقع و لا القفّازين و يجوز لها أن تلبس السراويل و الغلالة

المقصد الثالث في الطّواف
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في دخول مكة

و فيه [- ن -] مباحث [- ا -] إذا فرغ المتمتع من الإحرام من الميقات سار إلى أن يقارب الحرم ثم اغتسل قبل دخوله مستحبّا و مضغ شيئا من الإذخر ليطيب فمه و يدعو عند دخول الحرم فإذا نظر إلى بيوت مكة قطع التلبية و حدّها عقبة المدنيين و لو كان على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكة و هي عقبة ذي طوى [- ب -] يستحب إن أراد دخول مكّة أن يغتسل إما من بئر ميمون أو فخ و لو اغتسل ثم نام قبل دخولها أعاده استحبابا ثم يدخلها من أعلاها إذا كان داخلا من طريق المدينة و يخرج من أسفلها داعيا بسكينة و وقار حافيا [- ج -] دخول مكة واجب للمتمتع أولا ليطوف و يسعى و يقصر للعمرة و لا يجب على القارن و المفرد إلا بعد الوقوف و قضاء مناسك منى [- د -] لا يجب على المتكرر في دخول مكة الإحرام لدخولها كل سنة و لا يجب على العبد الإحرام لدخولها و من يجب عليه دخولها بإحرام لو دخلها بغيره لم يجب عليه القضاء [- هي -] لا يكره دخول مكة ليلا [- و -] الحائض و النفساء يستحب لهما الاغتسال لدخول مكة [- ن -] يستحب لمن أراد دخول المسجد الحرام أن يغتسل و يدخله في سكينة و وقار حافيا بخشوع و خضوع من باب بني شيبة و يدعو بالمرسوم فإذا دخل المسجد رفع يديه و استقبل البيت و دعا بالمرسوم

الفصل الثّاني في مقدمات الطواف و كيفيته

و فيه [- لا -] بحثا [- ا -] الطهارة شرط في الطواف الواجب فلا يصحّ بدونه و كذلك خلو البدن و الثوب من النجاسة شرط في الطواف الواجب أيضا سواء كانت النجاسة دما أو غيره قلت أو كثرت [- ب -] الطهارة ليست شرطا في طواف النفل بل الأفضل فيه الطهارة [- ج -] ستر العورة شرط في الطّواف الواجب [- د -] الختان شرط في الطواف للرجل دون المرأة [- هي -] يستحب لمن أراد الطواف أن يغتسل لدخول المسجد و يدخل من باب بني شيبة بعد أن يقف عندها و يدعو و يسلم على النّبي ص و يكون دخوله بخضوع و خشوع و عليه السكينة و الوقار و يدعو إذا نظر إلى الكعبة [- و -] النية شرط في الطواف و هي أن ينوي الطواف للحجّ أو العمرة واجبا أو ندبا قربة إلى اللّٰه فلو طاف بغير نية لم يصحّ طوافه [- ز -] يجب أن يبتدئ بالطواف من الركن الذي فيه الحجّ و يختم به هكذا سبعة أشواط فإن ترك

ص: 97

و لو بخطوة منها لم يجزئه و لم يحل له النساء حتى يعود إليها فيأتي بها [- ح -] يجب أن يطوف على يساره بأن يجعل البيت عن يساره و يطوف عن يمين نفسه فإن جعل البيت عن يمينه و طاف لم يجزئه و وجب عليه الإعادة [- ط -] يجب أن يطوف بين البيت و مقام إبراهيم و يدخل الحجر في طوافه فلو سلك الحجر أو على جداره أو على شاذروان الكعبة لم يجزئه [- ي -] يجب أن يطوف على هذه الهيئة سبعة أشواط فلو طاف دونها لزمه إتمامها و لا يحل له ما حرّم عليه حتى يأتي ببقية الطواف و إن قلّ فإذا فرغ من ذلك صلى ركعتي الطواف واجبا في مقام إبراهيم ع إن كان الطواف واجبا و هو قول أكثر علمائنا [- يا -] يجب أن تصلي هاتين الركعتين في المقام قال الشيخ في الخلاف يستحبّ فعلهما خلف المقام فإن لم يفعل و فعل في غيره أجزأه و ليس بمعتمد [- يب -] لو نسي الركعتين رجع إلى المقام و صلاهما فيه مع المكنة فإن شق عليه صلّى حيث ذكر و لو خرج استناب و لو صلى في غير المقام عامدا لم يجزئه فإن كان ناسيا ثم ذكر تداركه و رجع إلى المقام و أعاد الصّلاة [- يج -] موضع المقام حيث هو الآن و لو كان فيه زحام صلى خلفه فإن لم يتمكن فليصل حياله [- يد -] وقت ركعتي الطواف حين يفرغ منه سواء كان بعد الغداة أو بعد العصر إذا كان طواف فريضة و إن كان طواف نافلة أخرهما إلى بعد طلوع الشمس أو بعد صلاة المغرب و لو طاف في وقت فريضة فإن كان الطواف واجبا فالوجه تخيره بين أداء الفريضة أولا و بين ركعتي الطواف و إن كان نفلا قدم الفريضة و لو صلّى المكتوبة بعد الطواف الواجب لم يجزئه عن الركعتين [- يه -] يستحب أن يقرأ في الأولى الحمد و التوحيد و في الثانية الحمد و الجحد و روي العكس [- يو -] لو كان الطواف نفلا جاز أن يصلّيهما في أي موضع شاء من المسجد [- يز -] لو نسي الركعتين حتى مات قضى وليه و لو نسيهما حتى شرع في السعي قطع السعي و عاد إلى المقام فصلى ركعتين ثمّ عاد فتمم السّعي [- يح -] يستحب له إذا دخل المسجد أن لا يتشاغل بشيء حتى يطوف و لو دخل المسجد و الإمام مشتغل بالفريضة صلى المكتوبة معه فإذا فرغ من صلاته اشتغل بالطواف و كذا لو قربت إقامة الصلاة [- يط -] لا يستحب رفع اليدين عند رؤية البيت [- ك -] ينبغي له أن يستقبل الحجر بجميع بدنه و أن يقف عنده و يدعو و يكبر عند محاذاته و يرفع يديه و يحمد اللّٰه و يثني عليه و يستلم الحجر و يقبله فإن لم يتمكن من الاستلام استلمه بيده و قبّل يده فإن لم يتمكن من ذلك أشار إليه بيده [- كا -] الاستلام مستحبّ و ليس بواجب و ليس بمهموز لأنه افتعال من السلام و هي الحجارة فإذا مسّ الحجر بيده و مسحه بها قيل استلم أي مس السّلام و حكى ثعلب بالهمزة على معنى أنه اتخذه سلاما و جنّته من السّلامة و هي الدّرع [- لب -] مقطوع اليد يستلم الحجر بموضع القطع فإن كانت مقطوعة من المرفق استلمه بشماله [- لج -] يستحب استلام الركن اليماني فإن لم يتمكن استلمه بيده و قبل يده و يستحب استلام الأركان كلها و آكدها الحجر و اليماني و هو آخر الأركان الأربعة قبلة أهل اليمن و هو يلي الركن الذي فيه الحجر و يستحب الوقوف عند اليماني و الدعاء عنده و روي أن رسول اللّٰه ص طاف بالكعبة حتى إذا بلغ الركن اليماني رفع رأسه إلى الكعبة ثم قال الحمد للّه الذي شرفك و عظمك الحمد للّه الذي بعثني نبيا و جعل عليا إماما اللّٰهمّ اهد إليه خيار خلقك و جنّبه شرار خلقك و يستحب الاستلام في كل شوط و أن يدعو في الطواف بالمنقول [- كد -] يستحب له أن يلتزم المستجار في الشوط السابع و يبسط يديه على حائطه و يلصق به خده و بطنه و يدعو بالمأثور و يذكر ذنوبه مفصلة و يستغفر اللّٰه منها و لو نسي الالتزام حتى جاوز موضعه فلا إعادة عليه و لو ترك الاستلام لم يكن عليه شيء [- كه -] قال في المبسوط يستحب الاضطباع و هو أن يدخل إزاره تحت منكبه الأيمن و يجعله على منكبه الأيسر و هو افتعال مأخوذ من الضبع و هو عضد الإنسان و قلبت التاء ظاء لوقوعها بعد ضاد ساكنة [- كو -] يستحب أن يقتصد في مشيه بأن يمشي مستويا بين السّرع و الإبطاء و أن يرمل ثلاثا و يمشي أربعا في طواف القدوم خاصة و لو ترك الرّمل لم يكن عليه شيء و لم يقضه في الأربع الباقية و هو مستحب في الثلاثة الأولى من الحجر و إليه و لو تركه في شوط أتى به في اثنين خاصة و لو تركه في طواف القدوم لم يستحب قضاؤه في طواف الزيارة و الرمل مستحبّ لأهل مكة أيضا و لا يستحب للنساء و لا الاضطباع و المريض و الصّبي إذا حملهما غيرهما رمل بهما ثلاثا و مشى أربعا و لو كان راكبا حرك دابته في الثلاثة الأول [- كز -] الدنو من البيت في الطّواف أفضل من التباعد و لو كان بالقرب منه زحام يمنعه من الرمل وقف إلى أن يجد فرصة و يرمل أو يتأخر إلى حاشية الناس و يرمل و لو عجز عنهما مشى من غير رمل [- كح -] يستحب أن يطوف ثلاثمائة و ستين طوافا فإن لم يتمكن فثلاثمائة و ستّين شوطا و الزيادة تلحق بالطواف الأخير و يصلي لكل أسبوع ركعتين بعد فراغه من الأسبوع و يجوز تأخيرها إلى إكمال الأسابيع [- كظ -] لو تباعد حتى أدخل المقام في الطواف لم يجزئه و كذا لو أدخل السقاية و زمزم [- ل -] لو طاف و ظهره إلى الكعبة لم يجزه

ص: 98

[- لا -] يستحب الطواف ماشيا و لو ركب أجزأه لعذر و غيره و لا دم عليه و إن كان لغير عذر

الفصل الثّالث في الأحكام

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] لو طاف الواجب و هو محدث لم يجزئه و إن كان ساهيا و يجب إعادته و لو طاف طواف التطوع و صلى ثم ذكر أنّه على غير وضوء أعاد الصّلاة خاصّة و لو كان واجبا أعادهما معا و لو طاف في ثوب نجس عامدا أعاد في الفرض و لو علم في أثناء الطواف أزاله و تمم الطواف و لو لم يعلم حتى فرغ أجزأه [- ب -] لو أحدث في طواف الفريضة فإن جاوز النصف تطهر و تمم ما بقي و إلا أعاد من أوله و إن شكّ في الطّهارة فإن كان في أثناء الطواف تطهر و استأنف و إن كان بعده لم يستأنف [- ج -] لو طاف ستة و انصرف فليضف إليها شوطا آخر و لا شيء عليه و إن لم يذكر حتى رجع إلى أهله أمر أن يطوف عنه و لا دم و لو ذكر و هو في السّعي أنه طاف أقل من سبعة قطعه و تمّم الطواف ثم تمم السّعي [- د -] لو قطع طوافه بدخول البيت أو بالسعي في حاجة له أو لغيره في الفريضة فإن كان قد جاوز النصف بنى و إلا أعاده و إن كان نفلا بنى مطلقا و لو دخل عليه وقت فريضة و هو يطوف قطع الطواف و ابتدأ بالفريضة ثم عاد فتمّم طوافه من حيث قطع و هل يبني من حيث قطع أو من الحجر فيه إشكال الأحوط الثاني و الخبر يدل على الأوّل و لو خشي فوات الوتر قطع الطّواف و أوتر ثمّ بنى على ما مضى من طوافه [- ه -] لو حاضت المرأة أو نفست و قد طافت أربعا قطعت الطواف و سعت فإذا فرغت من المناسك أتمّت الطواف بعد طهرها و لو كان دون ذلك بطل الطواف و انتظرت عرفة فإن طهرت و تمكنت من أفعال العمرة و الخروج إلى الموقف فعلت و إلا صارت حجتها مفردة [- و -] الطواف ركن من تركه عمدا بطل حجّه و لو كان ناسيا قضاه و لو بعد المناسك فإن تعذّر العود استناب فيه [- ن -] من شك في عدد الطواف فإن كان بعد فراغه لم يلتفت إليه و إن كان في أثنائه فإن كان الشك في الزيادة كأن يشك هل طاف سبعة أو ثمانية قطعه و لا شيء عليه و إن كان في النقصان مثل أن يشك بين السّتة و السّبعة أو السّتة و الأقل فإن كان طواف الفريضة أعاده من أوّله و إن كان نفلا بنى على الأقل استحبابا و يجوز البناء على الأكثر و يجوز له التعويل على غيره في تعداد الطواف فلو شك أعاد إن كان في النقصان و إلا فلا [- ح -] لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط في طواف الفريضة فلو زاد عمدا بطل طوافه و إن كان سهوا استحب أن يتمم أربعة عشر شوطا ثم يصلّي ركعتي طواف الفريضة و يسعى و يعود إلى المقام فيصلّي ركعتي النفل [- ط -] يجوز القران بين الطوافين في النفل و هل هو محرم في الفريضة فيه إشكال قال ابن إدريس إنه مكروه شديد الكراهة و الأفضل في كل طواف صلاة و القران مكروه في النافلة أيضا و على الإشكال في الفريضة و إذا قرن بين طوافين يستحب الانصراف على وتر مثل أن ينصرف على ثلاثة أسابيع و لا ينصرف على أسبوعين [- ي -] لو ذكر في الشوط الثامن قبل أن يبلغ الركن أنه قد طاف سبعا فليقطع الطواف و لا شيء عليه و إن لم يذكر حتّى يجوزه تمم أربعة عشر شوطا استحبابا و لو شك هل طاف ستة أو سبعة أو ثمانية أعاد في الفريضة [- يا -] لو طاف أقل من سبعة ناسيا ثم ذكر عاد فتمم طوافه إن كان قد طاف أربعة أشواط و إن كان دونها أعاد من أوله و لو لم يذكر حتى رجع إلى أهله أمر من يطوف عنه الباقي أو الجميع [- يب -] لو طاف واجبا و هو محدث عامدا أو ناسيا لم يصحّ طوافه و لو كان على جسده نجاسة عامدا أعاد و لو كان ناسيا و ذكر في الأثناء أزال النجاسة أو نزعه و تمم طوافه و إن لم يذكر حتى فرغ منه نزع الثوب أو غسله و صلّى الركعتين [- يج -] لو تحلل من إحرام العمرة ثم أحرم بالحجّ و طاف و سعى له ثم ذكر أنّه طاف محدثا أحد الطوافين و لم يعلم أيّهما هو أعاد الطوافين معا [- يد -] المريض لا يسقط عنه الطواف فإن كان يستمسك الطهارة طيف به و إلا انتظر به يوما أو يومان فإن برأ طاف بنفسه و إلا طيف عنه مع ضيق الوقت و كذا الكبير و لو طاف بعض الأشواط فاغتسل بما لا يستمسك معه الطهارة انتظر به يوم أو يومان فإن برأ أتم طوافه إن كان قد تجاوز النصف و إلا أعاده و إن لم يبرأ طيف عنه [- يه -] لو حمل محرم محرما فطاف به و نوى كل منهما الطواف عن نفسه أجزأ عنهما [- يو -] يجوز الكلام بالمباح و إن كان شعرا في أثناء الطواف إجماعا و يستحبّ فيه الدعاء بما تقدّم و كذا قراءة القرآن و يجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيه لو اتفق و يجوز له الشرب في الطّواف و لا يكره أن يقال شوط أو شوطان قال الشيخ نعم يستحب أن يقال طواف و طوافان [- يز -] قال الشيخ لا يجوز أن يطوف و عليه برطلة و قال ابن إدريس إنه مكروه في طواف الحج حرام في طواف العمرة نظرا إلى تغطية الرأس [- يح -] من نذر أن يطوف على أربع قال الشيخ يجب عليه طوافان أسبوع ليديه و أسبوع لرجليه و قال ابن إدريس لا ينعقد نذره و الشيخ ذكر روايتين في حق المرأة لا يحضرني الآن حال سندهما [- يط -] طواف الحج ركن فيه بالإجماع كما أن طواف العمرة ركن فيها فلو أخل به عامدا بطل حجّه و إن

ص: 99

أخل به ناسيا وجب عليه أن يعود و يقضيه فإن لم يتمكن استناب فيه و لا يجزي طواف الوداع عنه و لو تركه جاهلا قال الشيخ يجب عليه إعادة الحج و بدنة و توقف ابن إدريس في إيجاب البدنة و الشيخ عول على الرواية الصحيحة عن عليّ بن جعفر عن أخيه ع و التعويل على الرواية [- ك -] من نسي طواف النساء لم يحل له النساء حتى تزور البيت و يأتي به و يجوز له أن يستنيب فيه

المقصد الرّابع في السّعي

و فيه ثلاثة عشر بحثا [- ا -] للسعي مقدمات عشرة كلها مندوبة الطهارة و ليست شرطا و استلام الحجر بعد فراغه من الطواف قبل السّعي و الشرب من ماء زمزم و صبّه على الجسد من الدلو المقابل للحجر و الخروج من الصفا إلى الباب المقابل للحجر و الصّعود على الصّفا و يطيل الوقوف عليه و يحمد اللّٰه و يثني عليه و يدعو و يذكر من آلاء اللّٰه و بلائه و حسن ما صنع به ما قدر عليه و لو لم يتمكن من الإطالة دعا بما تيسّر [- ب -] النية واجبة في السّعي و شرط فيه فيبطل لو أخل بها عمدا أو سهوا و يجب فيها تعيين الفعل و التقرب و الوجوب أو النّدب [- ج -] يجب فيه الترتيب يبدأ بالصّفا و يختم بالمروة فلو بدأ بالمروة أعاد و يسعى بينهما سبعة أشواط يحسب ذهابه من الصفا إلى المروة شوطا و عودة من المروة إلى الصفا آخر هكذا سبع مرات و يجب السعي بين الصفا و المروة في المسافة التي بينهما و لا يجوز الإخلال بشيء منها و لو بذراع و لا يحل له النساء حتى يكمله و لا يجب عليه الصعود على الصّفا و لا المروة [- د -] يستحب أن يسعى ماشيا و لو سعى راكبا جاز و يستحب له المشي في طرفي السعي و الرمل وسطه ما بين المنارة و زقاق العطارين و هو من جملة وادي محسر و الراكب تحرك دابته و لو نسي الرّمل حتى يجوز موضعه ثم ذكر فليرجع القهقرى إلى المكان الذي يرمل فيه و لو تركه عامدا لم يكن عليه شيء و يستحبّ الدعاء حال السّعي بالمنقول [- ه -] السعي واجب و ركن من أركان الحجّ و العمرة يبطلان بالإخلال به عمدا و لو تركه ناسيا أعاده و لا شيء عليه و لو خرج من مكة عاد له و إن لم يتمكن أمر من يسعى عنه [- و -] لو بدأ بالمروة و سعى سبعا أعاد السّعي من أوله سبعا و لا يكفي سقوط الأول و البناء على أنّه بدأ بالصّفا و إن أضاف شوطا آخر و لو تيقن عدد الأشواط و شك فيما به بدأ فإن كان في المزدوج على الصّفا فقد صحّ سعيه و إن كان في المروة أعاد و لو انعكس الفرض انعكس الحكم [- ن -] يجب أن يسعى سبعة أشواط يلصق عقبه بالصفا إن لم يصعد عليه و يبدأ به و يمشي إلى المروة و يلصق أصابعه بها ثم يبتدئ منها يلصق عقبه بها و يرجع إلى الصفا و يلصق أصابعه به و هكذا سبعا فلو نقص و لو خطوة وجب الإتيان بها و لا يحل له ما يحرم عليه مع الإخلال بها و لو أخل بشوط أو ما زاد وجب عليه الإتيان به فإن رجع إلى بلده وجب عليه العود مع المكنة و إتمام السّعي و لو لم يذكر حتى واقع أهله أو قصر أو قلم أظفاره كان عليه دم بقرة و إتمام السّعي و لو لم يحصل العدد أعاد [- ح -] لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط فإن فعله عامدا أعاد السّعي و إن كان ساهيا طرح الزيادة و اعتدّ بالسّبعة و إن شاء أكمل أربعة عشر شوطا [- ط -] يجوز أن يجلس في أثناء السعي للاستراحة و لو دخل وقت صلاة و هو في السّعي قطعه و صلّى ثم تمم سعيه و يجوز قطع السعي لقضاء حاجة له أو لبعض إخوانه ثم يعود فيتمّم ما قطع عليه [- ي -] من طاف بالبيت جاز له تأخير السّعي إلى بعد ساعة أو العشاء و لا يجوز إلى غد يومه [- يا -] لا يجوز تقديم السعي على الطواف فإن قدّمه لم يجز و لو طاف بعض الطواف ثم مضى إلى السّعي ناسيا ثم ذكر في أثناء السعي نقصان الطواف رجع فأتم طوافه ثم عاد فتمّم سعيه [- يب -] لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي فإن فعله عامدا أعاد طواف النساء بعد السّعي فإن كان ناسيا لم يكن عليه شيء [- يج -] لا يجوز للمتمتع أن يقدم طواف الحجّ و سعيه على المضيّ إلى عرفات اختيارا و يجوز للضرورة كالشيخ الكبير و المريض و المرأة إذا خافت الحيض و كذا يجوز تقديم طواف النّساء على الموقفين مع العذر و لا يجوز اختيارا أما القارن و المفرد فقال الشيخ يجوز تقديم طوافهما و سعيهما على المضي إلى عرفات لضرورة و غير ضرورة و أنكر ابن إدريس ذلك

المقصد الخامس في التقصير

و فيه [- ط -] بحثا [- ا -] إذا فرغ المتمتع من سعي العمرة قصر من شعره و قد أحل من كل شيء أحرم منه و التقصير واجب في العمرة فلا يقع الإخلال منها إلا به و يثاب عليه و لا يستحبّ تأخيره و لو أخره لم يتعلق به كفارة [- ب -] لو أخلّ بالتقصير عامدا حتى أحلّ بالحجّ بطلت عمرته و صارت حجته مفردة و لا يدخل أفعال الحج في أفعال العمرة و لو أخل ناسيا صحّت متعته و كان عليه دم وجوبا عند الشيخ و استحبابا عند ابن بابويه [- ج -] لو جامع امرأته قبل التقصير عامدا وجب عليه جزور إن كان موسرا و إن كان متوسّطا فبقرة و إن كان معسرا فشاة و لا يبطل عمرته و المرأة إن طاوعته وجب عليها مثل ذلك و إن أكرهها تحمل عنها الكفارة و لو كان جاهلا لم يكن عليه شيء و لو قبّل امرأته قبل التقصير وجب عليه دم شاة [- د -] التقصير في إحرام المتمتع بها أفضل من الحلق قاله في الخلاف و منع في غيره من الحلق و أوجب به دم شاة مع العمد و لو كان ناسيا أو جاهلا لم يكن عليه شيء [- ه -] أدنى التقصير أن يقص شيئا من شعر رأسه و لو كان يسيرا و أقله ثلاث شعرات و لا

ص: 100

يتقدر بالرّبع و لا يجب أن يقصر من جميع رأسه و لو حلق في إحرام العمرة أجزأه و في التحريم خلاف تقدم و لو حلق بعض رأسه فالأقرب عدم التحريم على القولين و لا دم [- و -] لو قصّ الشعر بأيّ شيء كان أجزأه و كذا لو نتفه أو أزاله بالنّورة و لو قصر من الشعر بالباذل عن حد الرأس أو ما يحاذيه أجزأه و كذا لو قصر من أظفاره أو أخذ من شاربه أو حاجبيه أو لحيته [- ز -] ينبغي للمتمتع أن يتشبه بالمحرمين بعد التقصير في ترك لبس المخيط و ليس بواجب [- ح -] يكره للمتمتع أن يخرج من مكة بعد عمرته قبل أن يقضي مناسكه أجمع إلا لضرورة فإن اضطر إلى الخروج خرج إلى حيث لا يفوته الحج و يخرج محرما بالحج فإن أمكنه الرجوع إلى مكة و إلا مضى إلى عرفات بإحرامه و لو خرج بغير إحرام ثم عاد فإن كان في الشهر الّذي خرج فيه لم يضرّه أن يدخل مكة بغير إحرام و إن دخل في غير الشهر الذي خرج فيه دخلها محرما بالعمرة إلى الحجّ و يكون عمرته الأخيرة هي التي يتمتع بها إلى الحجّ و لو خرج من مكة بغير إحرام ثم عاد في الشهر الذي خرج فيه قال الشيخ يستحب أن يدخلها محرما بالحجّ و يجوز أن يدخلها بغير إحرام تعويلا على رواية إسحاق بن عمار عن الكاظم ع و فيه نظر إذ قد بينا أنه لا يجوز الإحرام بحجّ التمتع إلا من مكة [- ط -] يجوز للمحرم المتمتع إذا دخل مكة أن يطوف و يسعى و يقصر إذا علم أو غلب على ظنه تمكنه من إنشاء إحرام الحج و إدراك عرفات و المشعر و لو كان دخوله مكة بعد الزوال يوم التّروية أو ليلة عرفة أو يوم عرفة قبل الزوال أو بعده و الضابط إدراك عرفات قبل الغروب و قال المفيد إذا زالت الشمس يوم التّروية و لم يكن أحل من عمرته فقد فاتته المتعة و لم يجز له التحلل منها بل يبقى على إحرامه و تنقلب حجته مفردة و الأوّل أقوى

المقصد السّادس في إحرام الحج

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] إذا أحلّ المتمتع من عمرته أحرم بالحج واجبا و يستحبّ أن يكون يوم التروية عند الزوال أن يصلّي الفرضين و يجوز أن يحرم قبل ذلك و بعده إذا علم أنه يقدر على عرفات [- ب -] يجب أن يوقع هذا الإحرام من مكة من أي موضع شاء و الأفضل أن يكون من تحت الميزاب أو المقام و يستحب أن يفعل هنا كما فعل في إحرام العمرة من الاطلاء و الاغتسال و التنظيف بإزالة الشعر و تقليم الأظفار و الدعاء و الاشتراط و غير ذلك ثم يلبس ثوبي إحرامه و يدخل المسجد حافيا بسكينة و وقار و يصلي ركعتين له عند المقام أو في الحجر و إن صلى ست ركعات كان أفضل و إن صلّى الظهر و أحرم عقيبها كان أفضل فإذا صلى أحرم بالحجّ مفردا و يدعو المأثور غير أنّه يذكر الحجّ مفردا و يلبي إن كان ماشيا من موضعه الذي صلّى فيه و إن كان راكبا فإذا نهض به بعيره فإذا انتهى إلى الرّدم و أشرف على الأبطح رفع صوته بالتلبية حتى يأتي منى [- ج -] الواجب في إحرام الحج ثلاثة النية و التلبيات الأربع و لبس الثوبين كما قلنا في إحرام العمرة سواء [- د -] لا يسنّ الطواف بعد إحرام و لو فعله لغير عذر لم يجزئه عن طواف الحج و كذا السعي و لو فعله العذر جاز [- ه -] يجب أن يحرم بالحج لأن عمرته انقضت فلو نسي فأحرم بالعمرة و هو يريد الحج لم يكن عليه شيء و لو نسي الإحرام بالحج يوم التروية حتى حصل بعرفات و لم يمكنه الرجوع أحرم من هناك فإن لم يذكر حتى رجع إلى بلده قال الشيخ تمّ حجّه و لا شيء عليه

المقصد السّابع في الوقوف بعرفات

و فيه ثمانية عشر بحثا [- ا -] يستحب لمن أراد الخروج إلى منى أن لا يخرج من مكة حتى يصلي الظهر يوم التروية و يقيم إلى طلوع الشمس و يجوز للشيخ الكبير و المريض و المرأة و خائف الزحام الخروج من مكة قبل الظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة [- ب -] إذا أحرم بالحجّ خرج إلى منى كما بيناه و يستحبّ له أن يدعو عند التّوجه بالمأثور و يدعو إذا نزل إلى منى ثم يبيت بها مستحبّا ليلة عرفة إلى طلوع الفجر و يكره الخروج قبله إلا لعذر كالمرض و الخوف و المشي و يصلي الفجر في الطريق و الأفضل أن يقيم حتى تطلع الشمس و لو خرج قبل طلوعها جاز لكن لا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس و الإمام لا يخرج من منى حتى تطلع الشمس [- ج -] لو صادف يوم التروية الجمعة فمن أقام بمكة حتّى تزول الشمس ممن يجب عليه الجمعة لم يجز له الخروج حتى يصلي الجمعة و يجوز الخروج قبل الزوال [- د -] يستحب للإمام أن يخطب أربعة أيام من ذي الحجّة يوم السّابع منه و يوم عرفة و يوم النحر بمنى و يوم النفر الأوّل يعلم الناس ما يجب عليهم فعله من المناسك [- ه -] الخطبة بعرفة يوم عرفة قبل الأذان [- و -] المبيت ليلة عرفة بمنى للاستراحة ليس بنسك و لا يجب بتركه شيء [- ز -] يستحب له أن يدعو عند الخروج إلى عرفات بالمأثور فإذا انتهى إلى عرفات ضرب خباه بنمرة و هي بطن عرنة دون الموقف و دون عرفة فإذا زالت الشمس يوم عرفة اغتسل و صلى الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين و يقف للدعاء و حدّ منى من العقبة إلى وادي محسر [- ح -] يجب في الوقوف بعرفات النّية و الواجب نية الوجوب و التقرب إلى اللّٰه و يجب الكون بعرفة إلى غروب الشمس من يوم عرفة و كيف ما حصل بعرفة أجزأه قائما و جالسا و راكبا و نائما إذا كان قد سبق منه النية في وقتها [- ط -] الوقوف قائما أفضل منه راكبا [- ي -] لو مرّ بعرفة مجتازا و هو لا يعلم أنه بعرفة فالوجه عدم الإجزاء و لو دخلها نائما و استمر النوم إلى بعد الفوات ففي الإجزاء نظر

ص: 101

أقربه عدم الإجزاء خلافا للشيخ و المغمى عليه و المجنون إذا لم يفق حتى خرج منها لم يجزئه الوقوف و السّكران إذا زال عقله لم يصح وقوفه و إلا جاز [- يا -] لا يشترط فيه الطهارة و لا ستر العورة و لا استقبال القبلة بالإجماع لكن الطهارة أفضل [- يب -] يستحب أن يضرب خباؤه بنمرة و هي بطن عرنة فإذا أذن المؤذّن قام الإمام فصلى بالناس الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين و المأموم يجمع كالإمام و كذا المفرد و المكي و يتم من كان منزله دون المسافة و إن قصر إمامه و يستحب تعجيل الصّلاة حين تزول الشمس و أن يقصر الخطبة و يقف وقته [في أول وقته] و يستحبّ له الاغتسال للوقوف و يقطع التلبية عند زوال الشمس من يوم عرفة فإذا جاء إلى الموقف بسكينة و وقار حمد اللّٰه و أثنى عليه و كبره و هلله و دعا و اجتهد في الإكثار من الدعاء لإخوانه المؤمنين و يؤثرهم على نفسه و يستحب أن يدعو بدعاء الموقف لزين العابدين ع [- يج -] الوقوف بعرفة ركن من تركه عمدا بطل حجّه بالإجماع و لو تركه ناسيا أو لعذر تداركه فإن لم يمكنه و لحق الوقوف بالمشعر في وقته فقد أدرك الحج و إلا فقد فاته [- يد -] للوقوف بعرفة وقتان اختياري و أوّله زوال الشمس من يوم عرفة و آخره غروبها و اضطراري إلى طلوع الفجر من يوم النحر فلو لم يتمكن من عرفات نهارا و تمكن من الوقوف ليلا وجب و أجزأه إذا أدرك المشعر قبل طلوع الشمس و لو فاته الوقوف نهارا و خاف إن مضى إليها ليلا فوات المشعر يسقط الوقوف بعرفة و أجزأه المشعر [- يه -] لا يجوز أن يخرج من عرفة قبل غروب الشمس فإن فعله عامدا صحّ حجّه و وجب عليه بدنة فإن لم يتمكن صام ثمانية عشر يوما و لو كان ناسيا لم يكن عليه شيء و كذا لو عاد قبل غروب الشمس فوقف حتى غربت و لو كان عوده بعد الغروب لم يسقط الدم و لو لم يأت عرفات نهارا لعذر و حضر بعد غروب الشمس و وقف بها صحّ حجّه و لا شيء عليه و يجوز له أن يخرج منها أي وقت شاء من الليل [- يو -] لو غم الهلال ليلة الثلاثين من ذي القعدة فوقف النّاس يوم التّاسع من ذي الحجة ثم قامت البيّنة أنه يوم العاشر ففي الإجزاء نظر و كذا لو غلطوا في العدد فوقفوا يوم التّروية و لو شهد واحد أو اثنان برؤية هلال ذو الحجة و ردّ الحاكم شهادتهما وقفوا يوم التاسع على وفق رؤيتهم و إن وقف الناس يوم العاشر عندهما [- يز -] عرفة كلها موقف يصحّ الوقوف في أيّ حد شاء منها بالإجماع و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثوية و نمرة إلى ذي المجاز فلا يجوز الوقوف في هذه الحدود و لا تحت الأراك فلو وقف بها بطل حجه و ينبغي أن يقف على السّهل على ميسرة الجبل و لا يرتفع إلى الجبل إلاّ عند الضّرورة إلى ذلك [- يح -] يجوز النزول تحت الأراك إلى أن تزول الشمس ثم يمضي إلى الموقف و يستحب له إن وجد خللا أن يسدّه بنفسه و رحله و أن يقرب من الجبل و أن يصلّي مائة ركعة بالتّوحيد و يختمها بآية الكرسي و اجتماع النّاس في الأمصار للتعريف يوم عرفة

المقصد الثامن في الوقوف بالمشعر

و فيه عشرة مباحث [- ا -] إذا غربت الشمس في عرفات فليقض منها قبل الصلاة إلى المشعر داعيا بالمنقول مقتصدا في سيره و عليه السّكينة و الوقار و يكثر من الاستغفار و من ذكر اللّٰه تعالى و لا ينبغي أن يلبي في مسيره و يستحب أن يمضي على طريق المأزمين و أن يصلي المغرب و العشاء بالمزدلفة و إن ذهب ربع الليل أو ثلثه و يجمع بينهما بأذان واحد و إقامتين و لا يصلّي بينهما شيئا من النوافل بل يؤخر نوافل المغرب إلى بعد العشاء و لا يفصل بين الصلاتين و لو فعل لم يأثم و لو لم يجمع بينهما بل صلى كلّ واحدة منهما في أوّل وقتها أجزأه و لو فاته الجمع مع الإمام جمع هو و لو منعه عائق في الطريق و خشي ذهاب أكثر اللّيل صلّى في الطّريق [- ب -] إذا وصل إلى جمع بات بها ذاكرا للّه ثم داعيا متضرّعا مبتهلا و المبيت بها ليس بركن و إن كان الوقوف ركنا [- ج -] يجب فيه النيّة و الواجب نية الوجوب و التّقرب إلى اللّٰه تعالى [- د -] يجب الوقوف بعد طلوع الفجر الثاني و يستحبّ أن يقف بعد أن يصلّي الفجر و لو وقف قبل الصّلاة جاز إذا كان الفجر طالعا و يدعو بالمنقول و يحمد اللّٰه و يثني عليه و يذكر من آلائه و بلائه و حسن ما صنع به ما قدر عليه و يصلّي على النّبي ص و يدعو ثم يقف إلى أن يشرق ثبير و ترى الإبل مواضع أخفافها و يستحبّ فيه الطّهارة و لو وقف على غير طهر أو كان جنبا أجزأه و أن يطأ الصّرورة المشعر برجله أو ببعيره قال الشيخ و بالمشعر الحرام جبل هنا يسمّى قزح يستحب الصّعود عليه و ذكر اللّٰه تعالى عنده [- ه -] الوقوف بالمشعر ركن من تركه عمدا بطل حجّه و يجب بعد طلوع الفجر الثّاني و لا يجوز الإفاضة قبل طلوعه اختيارا فلو أفاض قبل طلوعه عامدا بعد أن يكون قد وقف ليلا وجب عليه دم شاة و صحّ حجه و قال ابن إدريس بطل حجّه و لو كان ناسيا لم يكن عليه شيء و يجوز للخائف و المرأة و غيرهما من ذوي الأعذار الإفاضة قبل طلوع الفجر و يستحبّ لغير الإمام الإفاضة من المزدلفة قبل طلوع الشمس بقليل بعد الإسفار و للإمام بعد طلوعها و لو دفع غير الإمام قبل الإسفار بعد الفجر أو بعد طلوع الشمس لم يكن مأثوما [- و -] جمع كلها موقف و حدها ما بين مأزمي عرفة إلى الحياض إلى وادي محسر يجوز الوقوف في أي موضع شاء منه و لو ضاق عليه الموقف جاز له أن يرتفع إلى الجبل [- ز -] وقت الوقوف

ص: 102

بالمشعر بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس حال الاختيار و يمتدّ وقت الضّرورة إلى الزوال من يوم النحر فيجب الإتيان به و يجزئ مع إدراك عرفات اختيارا و كذا لو أدرك عرفات اضطرارا و المشعر اختيارا أما لو أدرك الاضطراريين ففي إدراك الحج إشكال و لو أدرك أحد الاضطراريين خاصة فاته الحجّ و يلوح من كلام السّيد أنه إن كان عرفة فاته الحج و إن كان المشعر صحّ و عليه دلّت رواية عبد اللّٰه بن المغيرة الصّحيحة عن الصّادق ع و لو أدرك أحد الاختياريين و فاته الآخر اختيارا و اضطرارا فإن كان الفائت هو عرفة صحّ الحج و إن كان هو المشعر ففي إدراك الحج إشكال و لا فرق في فوات الحج بترك الوقوف بالمشعر بين العامل و الجاهل [- ح -] قال الشيخ من ترك الوقوف بالمشعر عمدا وجبت عليه بدنة و الحق بطلان الحجّ و لو ترك الموقفين معا بطل حجه سواء كان عامدا أو ناسيا أو جاهلا و لو نسي الوقوف بعرفة رجع فوقف بها و لو إلى طلوع الفجر إذا علم أنه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس و لو غلب على ظنه الفوات اقتصر على المشعر قبل طلوع الشمس و قد تم حجّه و كذا لو نسي الوقوف بعرفات و لم يذكر بعد الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس و لو نسي الوقوف بالمشعر فإن كان قد وقف بعرفة صحّ حجّه و إلا بطل [- ط -] يستحب أخذ حصى الجمار من المزدلفة و هو سبعون حصاة و يجوز أخذه من الطّريق في الحرم و من جميع مواضع الحرم عدا المسجد الحرام و مسجد الخيف و من حصى الجمار و منع بعض علمائنا من أخذه من المساجد كلها و هو حسن و لو أخذ الحصى من غير الحرم لم يجزئه [- ي -] يستحبّ له الإفاضة من المشعر بعد إسفار الصبح قبل طلوع الشمس و عليه السّكينة و الوقار ذاكرا للّه تعالى مستغفرا داعيا فإذا بلغ وادي محسر و هو واد عظيم بين جمع و منى و هو إلى منى أقرب أسرع في مشيه إن كان ماشيا و إن كان راكبا حرك دابته و لو نسي الهرولة استحبّ له أن يرجع و يهرول فيه و يدعو حالة السّعي في وادي محسر و روى ابن بابويه استحباب الهرولة فيه مائة خطوة و في رواية أخرى مائة أذرع و إذا أفاض قبل طلوع الشمس من المشعر فلا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس و روي كراهة الإقامة بالمشعر بعد الإفاضة

المقصد التّاسع في نزول منى و قضاء المناسك بها
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الرمي

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] إذا أفاض من المزدلفة فليأت إلى منى على سكينة و وقار داعيا بالمنقول و يقضي مناسكه بمنى يوم النحر و هي ثلاثة الأول رمي جمرة العقبة الثاني الذبح الثالث الحلق و ترتيب هذه المناسك واجب [- ب -] إذا نزل استحبّ له المسارعة برمي جمرة العقبة حال وصوله و هي آخر الجمرات مما يلي منى و أولها مما يلي مكة عند العقبة و رمي هذه الجمرة يوم النّحر واجب [- ج -] يجب الرّمي بالحجارة و لا يجوز بغيرها و إن كان به من جنس الأرض كالكحل و الزرنيخ و المدر [- د -] لا يجوز الرمي إلا بالحصى قاله أكثر علمائنا و قال في الخلاف لا يجوز إلاّ بالحجر و ما كان من جنسه من البرام و الجوهر و أنواع الحجارة و لا يجوز بغيره كالمدر و الآجر و الكحل و الزّرنيخ و الملح و الذّهب و الفضة و الوجه الأول لرواية زرارة الحسنة عن الصادق عليه السّلام [- ه -] يجب أن تكون الحصى أبكارا فلو رمى بحصاة رمى بها هو أو غيره لم يجزئه و إن كانت واحدة و لو رمى بحصاة نجسة ففي الإجزاء نظر و لو رمى بخاتم فضة مما يجوز الرّمي به فالأقرب الإجزاء [- و -] يجب كون الحصى من الحرم فلا يجزئه لو أخذه من غيره [- ز -] يستحب أن تكون برشا كحلية ملتقطة منقطة غير مكسرة رخوة و يكون صغارا قدر الأنملة فلو رمى بأكثر من هذا المقدار أجزأه [- ح -] يكره أن تكون صماء أو سوداء أو حمراء أو بيضاء أو مكسرة [- ط -] يجب في الرّمي النّية بأن يقصد فيها الوجوب و القربة إلى اللّٰه تعالى و العدد و هو سبع حصيات في يوم النحر لرمي جمرة العقبة فلو أخل بواحدة وجب عليه الإكمال و إيصال كل حصاة إلى الجمرة بما يسمّى رميا بفعله فلو وضعها بكفه في الرمي لم يجزئه و لو طرحها طرحا ففي الإجزاء نظر ينشأ من صدق الرمي عليه و عدمه و لا يجزئه الرمي إلا أن تقع الحصى في المرمى فلو وقع دونه لم يجزئه [- ي -] يجب إصابة الجمرة بفعله فلو رمى بحصاة فوقعت على الأرض ثم مرت على سمتها أو أصابت شيئا صلبا كالمحمل و شبهه ثم وقعت في المرمى بعد ذلك أجزأه و لو وقعت على ثوب إنسان فنفضها أو على عنق بعير فنفضها فوقعت في المرمى لم يجزه و كذا لو وقعت على الثوب أو العنق فتحرّك فوقعت في المرمى و لو رماها نحو المرمى و لم يعلم هل حصلت في المرمى أم لا فالوجه عدم الإجزاء و لو رمى حصاة فوقعت على أخرى فطفرت الثانية فوقعت في المرمى لم يجزه و كذا لو رمى إلى غير المرمى فوقع في المرمى و لو وقعت على مكان أعلى من الجمرة فتدحرجت فوقعت في المرمى فالأقرب الإجزاء و لو رمى بحصاة فالتقمها طائر قبل وصولها لم يجزه سواء رماها الطائر في المرمى أو لا و لو أصابت الحصاة إنسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار أجزأه و كذا لو أعاد الرمي بحصاة و قلنا إنه لم يجزئه الرمي بها أجزأه [- يا -] يرمي كل حصاة بانفرادها فلو رمى الحصاة دفعة لم يجزئه و لو رمى أكثر من واحدة برمية واحدة و لو اختلفا في الوقوع بأن تلاصقا فيه

ص: 103

و لو أتبع الحجر الحجر فرميتان و إن تساويا في الوقوع [- يب -] يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي من قبل وجهها لا من أعلاها استحبابا و ينبغي أن يرميها مستقبلا لها مستدبرا للكعبة بخلاف غيرها من الجمار و كل أفعال الحج يستحب فيها استقبال الكعبة من الوقوف بالموقفين و رمي الجمار إلا جمرة العقبة فإن رسول اللّٰه ص رماها مستقبلها مستدبرا للكعبة [- يج -] يستحب أن يرميها خذفا بأن يضع كل حصاة على بطن إبهامه و يدفعها بظفر السّبابة و أن يكون بينه و بين الجمرة قدر عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا و أن يكبر مع كلّ حصاة و يدعو بالمنقول [- يد -] يجوز الرمي للمحدث و الجنب و الحائض و الطهارة أفضل و راكبا و راجلا و الرّاجل أفضل و يستحب أن لا يقف عند جمرة العقبة [- يه -] وقت الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها فإذا غربت فات الرمي و قضاه في الغد و يجوز تأخير رمي جمرة العقبة إلى قبل الغروب بمقدار أداء المناسك و وقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس يوم النحر و وقت الإجزاء من طلوع الفجر اختيارا فإن رمى قبل ذلك لم يجزه و يجوز للعليل و صاحب الضرورة و النساء الرمي في الليل قبل فجر النحر و يستحب إذا رمى جمرة العقبة أن يمضي و لا يقف عندها [- يو -] يستحب غسل حصى الجمار الثلاث و قدره سبعون حصاة سبع منها لجمرة العقبة يرمي يوم النحر خاصة و يرمي كلّ يوم من أيام التشريق كل جمرة سبع حصاة يبدأ بالأولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة و سيأتي تتمة الكلام في الرمي إن شاء اللّٰه تعالى

الفصل الثّاني في الذبح
اشارة

و مطالبه تسعة

الأوّل فيمن يجب عليه الهدي

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] إذا فرغ من رمي جمرة العقبة ذبح هديه أو نحره إن كان من البدن و الهدي واجب على المتمتع بالنص و الإجماع و لو تمتع المكي وجب الهدي خلافا للشيخ و في كلامه قوة و لا يجب على المفرد و القارن و يستحب لهما الأضحية [- ب -] دم التمتع نسك لا جبران فإذا أحرم بالحج من مكة وجب الدم و لو أتى الميقات و أحرم منه لم يسقط عنه الدم و لو أحرم المفرد بالحج و دخل مكة جاز أن يفسخه و يجعله عمرة و يتمتع بها و يجب عليه الدّم [- ج -] إذا أحرم بالعمرة و أتى بأفعالها في غير أشهر الحج ثم أحرم بالحج لم يكن متمتّعا و لا يجب عليه الدم و لو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج و أتى بأفعالها في أشهر الحجّ من الطواف و السّعي و التقصير و حجّ من سنته لم يكن متمتعا و لا يلزمه الدّم و لو أحرم المتمتع من مكة بالحجّ و مضى إلى الميقات ثم منه إلى عرفات لم يسقط عنه الدم و لو أحرم المتمتع للحج من غير مكة وجب الرجوع إلى مكة و الإحرام منها سواء أحرم من الحل أو الحرم و لو لم يتمكن مضى على إحرامه و لا دم عليه لهذه المخالفة و لو لم ينو التمتع لم يصحّ له التمتع و لا هدي عليه و لو أحرم المفرد و القارن لعمرتهما من الحرم لم يصحّ و لو طافا و سعيا لم يكونا معتمرين و لا يلزمهما دم و لو اعتمر في أشهر الحج و لم يحج في ذلك العام بل حجّ في القابل مفردا له عن العمرة لم يكن متمتّعا و لا دم عليه [- د -] إنما يجب الدّم على من أحل من إحرام العمرة و لو لم يحلّ منها و أدخل إحرام الحجّ عليها بطلت متعته و سقط الدّم [- ه -] الهدي يجب على من نأى عن مكة و لا يجب على أهل مكة و حاضريها إلا أن يتمتع على تقدير تسويفه و لو دخل الآفاقي متمتّعا إلى مكة ناويا للإقامة بها بعد تمتعه فعليه دم المتعة و لو خرج المكي بنيّة الإقامة بغيرها ثم عاد متمتّعا ناويا للإقامة أو غير ناو فعليه الهدي و لو ترك الآفاقي الإحرام من الميقات و لم يتمكن من الرّجوع أحرم من دونه لعمرته فإذا دخل أحرم بالحجّ من عامه و هو متمتع و عليه دم المتعة و لا دم عليه لإحرامه من دون الميقات [- و -] المملوك إذا حجّ بإذن مولاه لا يجب عليه الهدي و يتخير مولاه بين أمره بالصيام و بين الهدي عنه و الواجب من الصّوم على المملوك كالواجب على الحرّ و كذا المعسر يصوم عشرة أيام و لو لم يذبح المولى عن المملوك وجب عليه الصوم و لا يجوز له منعه منه و لو لم يصم العيد حتى مضت أيام التشريق استحب للمولى أن يهدي عنه و لو أدرك إحدى الموقفين معتقا أجزأه عن حجّة الإسلام و وجب عليه الهدي مع المكنة و لو عجز صام و لا يجب على المولى إجماعا [- ز -] إنما يجب الهدي على المتمكن منه أو من ثمنه إذا وجده بالشراء و لا يجب بيع ثياب التجمل في الهدي بل ينتقل إلى الصوم و يعتبر القدرة في موضعه فلو عدمه جاز الصوم و إن كان قادرا في بلده [- ح -] لو تمتع الصّبي وجب على وليّه أن يذبح عنه فإن لم يجد فليصم عنه عشرة أيام [- ط -] النائب إذا تمتع وجب عليه الهدي لا على المنوب

المطلب الثّاني في كيفية الذّبح

و فيه [- ن -] مباحث [- ا -] تجب فيه النية المشتملة على جنس الفعل و جهته و كونه هديا أو كفارة أو غيرهما و صفته من وجوب أو ندب و التقرب إلى اللّٰه و يجوز أن يتولاها عنه الذابح [- ب -] الإبل يختصّ بالنحر فلو ذبحها لم يجز و البقر و الغنم بالذبح فلو نحرهما لم يجز و يستحب أن يتولى الذبيحة بنفسه و لو لم يحسن الذبيحة ولاّها غيره و استحب له أن يجعل يده مع يد الذابح و ينوي الذابح عن صاحبها و يستحب أن يذكره بلسانه وقت الذّبيحة و لو أخطأ فذكر غير صاحبها أجزأت عن صاحبها بالنية [- ج -] يستحب نحر الإبل قائمة من قبل اليمين قد ربطت يدها ما بين الخف إلى الركبة ثم يطعن في لبتها و هي الوهدة التي بين أصل العنق

ص: 104

و الصدر و لو خاف أن ينفر نحرها باركة [- د -] يجب توجيه الذّبيحة إلى القبلة و يستحب الدعاء بالمأثور و يجب فيه التسمية و لو نسيها حل أكله [- ه -] يجب ذبح هدي التمتع أو نحره بمنى و من ساق هديا في الحجّ نحره أو ذبحه بمنى و إن كان قد ساقه في العمرة نحره أو ذبحه بمكة قبالة الكعبة [البيت] بالموضع المعروف بالجزورة و كل ما يلزم المحرم من فداء عن صيد أو غيره فإن كان معتمرا ذبحه أو نحره بمكة و إن كان حاجا فبمنى و ما وجب نحره بالحرم وجب تفرقة لحمه به [- و -] وقت استقرار وجوب الهدي إذا أحرم المتمتع بالحج و وقت ذبحه يوم النحر [- ز -] أيام النحر بمنى أربعة أولها يوم النحر و ثلاثة بعده و في الأمصار ثلاثة يوم النحر و يومان بعده و هل اللّيالي المتخللة بينها يجوز فيها النحر فيه إشكال

المطلب الثالث في صفات الهدي

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] يجب أن يكون الهدي من بهيمة الأنعام من الإبل أو البقر أو الغنم و أفضله من البدن ثم البقر ثم الغنم [- ب -] يجزي في الهدي الجذع من الضأن و الثني من غيره و جذع الضأن ما له ستّة أشهر و ثني المعز و البقر ما له سنة و دخل في الثانية و في الإبل ما دخل في السّادسة و لا يجزي غير الثني [- ج -] يجب أن يكون الهدي تاما فلا يجزي العوراء و لا العرجاء البين عرجها و لا المريضة كالجرباء و ما شابهه مما يوجب الهزال و لا الكبيرة التي لا مخّ لها لهزالها و قد وقع الإجماع على هذه الصفات الأربع و الوجه عدم اعتبار الخف في العين بل لو كان على عينها بياض لم يجز و لا خلاف في عدم إجزاء ما فيه نقص أكثر من هذه الصفات كالعمياء [- د -] العضباء و هي التي ذهب قرنها لا يجزي و لو كان القرن الداخل صحيحا أجزأت و إن كان ما ظهر منه مقطوعا و لا بأس بمشقوقة الأذن أو مثقوبتها إذا لم يكن قطع من الأذن شيء و لا يجزي العجفاء و هي المهزولة و لا الخرماء و لا الجذاء و هي مقطوعة الأذن [- ه -] الخصي لا يجزي و لو ضحى به وجب عليه الإعادة مع المكنة و يكره الموجوء و الوجه أن مسلول البيضتين كالخصي [- و -] الجماء هي التي لم يخلق لها قرن يجزي و الأقرب إجزاء البتراء و هي مقطوعة الذنب و كذا الصمعاء و هي التي لم يخلق لها أذن أو كان لها أذن صغيرة [- ز -] المهزولة لا يجزي و حدّ الهزال أن لا يكون على كليتها شيء من الشحم و يستحب أن يكون سمينا ينظر في سواد و يمشي في سواد و يبرك في مثله أي يكون سمينا ذا ظل يمشي في ظله و يبرك فيه و ينظر فيه و قيل أن تكون هذه المواضع سوداء [- ح -] لو اشترى هديا على أنه سمين فوجد مهزولا أجزأ عنه و كذا العكس و لو اشتراه على أنّه هزيل فظهرت كذلك لم يجز و لو اشترى هديه ثم أراد أن يشتري أسمن منه فليشتره و ليبع الأول إن أراد و لو اشتراه فوجد به عيبا لم يجز عنه و كذا لو اشتراه على أنّه تام فوجده ناقصا [- ط -] أفضل الهدي من الإبل و البقر الإناث و من الضأن و المعز الذكران و يجوز العكس في البابين و يكره التضحية بالجاموس و البقر و الموجوء و الكبش خير من النعجة و النعجة خير من المعز [- ي -] يستحب أن يكون الهدي مما عرف به استحبابا مؤكدا لا وجوبا

المطلب الرّابع في البدل

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] إذا لم يجد الهدي و وجد ثمنه تركه عند من ينوبه من أهل مكة ليشتري له به هديا و يذبحه في بقية ذي الحجة فإن خرج ذو الحجة و لم يجد اشترى في ذي الحجّة في العام المقبل قال ذلك الشيخان و ابن بابويه و منع منه ابن إدريس و أوجب الانتقال إلى الصّوم و ليس بمعتمد [- ب -] لو لم يجد الهدي و لا ثمنه وجب أن يصوم بدله عشرة أيام ثلاثة في الحج متتابعات و سبعة إذا رجع إلى أهله و يعتبر القدرة عليه في مكانه فلو عدمه في موضعه انتقل إلى الصوم و إن كان قادرا عليه في بلده [- ج -] يجب صوم الثلاثة متتابعا و لا يجب التتابع في السّبعة و يكفي التتابع في الثلاثة بأن يصوم يوم التّروية و عرفة و الثالث بعد أيام التشريق خاصة فلو صام غير هذين اليومين وجب التتابع ثلاثة و لا يجوز تخلل الإفطار بين اليومين و الثالث [- د -] يجب التفريق بين الثلاثة و السبعة إلا أن لا يصوم الثلاثة إلا بعد وصول الناس إلى وطنه أو مضي شهر و إنما يسوغ صوم السبعة إذا رجع إلى أهله فلو صام قبل رجوعه إلى وطنه لم يجزئه و لو أقام بمكة أو في الطريق انتظر وصول أصحابه إلى بلده أو المقام شهرا ثمّ يصوم السبعة و لو نوى الإقامة عشرة أيام كان بحكم المقيم و هل يجوز له صوم السبعة الأقرب عدمه [- ه -] يجوز صوم الثلاثة قبل التلبس بالحج و من أول العشر إذا تلبس بالمتعة و لا يجوز صومها قبل إحرام العمرة و المستحب صوم يوم التروية و ما قبله و عرفة فإن فاته هذه الثلاثة صامها بعد أيّام منى و لا يسقط الصّوم بفوات العشر و لا يجوز أن يصوم أيام التشريق في بدل الهدي و لا غيره و لو لم يصمها بعد أيام التشريق جاز صومها طول ذي الحجة أداء لا قضاء و لو خرج ذو الحجة و أهل المحرم و لم يصمها سقط فرض الصّوم و استقر الهدي في ذمته و وقت وجوب الصّوم وقت وجوب الهدي و إنما يسوغ له تقديمه من أول ذي الحجّة بناء على الظاهر من استمرار عجز العاجز [- و -] من وجب عليه الصيام إن لم يصم فإن لم يكن قد تمكن من صوم شيء من العشرة سقط الصوم و لا يجب على وليه شيء بل يستحبّ أن يقضي عنه و إن تمكن من فعل الجميع و لم يفعل قال الشيخ يقضي الولي الثلاثة وجوبا و السّبعة استحبابا و

ص: 105

و الأقرب وجوب قضاء الجميع و لو لم يتمكن من صيام السبعة أو بعضها وجب على الولي قضاء ما تمكن الميّت من فعله و لم يفعله و استحبّ له قضاء الباقي [- ن -] لو تمكن من صيام السّبعة وجب و لم يجزئه الصّدقة عنها [- ح -] لو تلبس بالصّوم ثم أيسر أو وجد الهدي قال الشيخ لا يجب بل يستحب و يلوح من كلامه اشتراط صوم الثلاثة و ابن إدريس أطلق و لو أحرم بالحج و لم يصم ثم وجد الهدي تعين عليه الذّبح و لا يجزئه الصوم [- ط -] لو تعيّن الصّوم و خاف الضعف عن القيام بالمناسك يوم عرفة أخر الصوم إلى بعد انقضاء أيام التشريق و لو لم يصم الثلاثة و خرج عقيب أيام التشريق صامها في الطريق إذا رجع إلى أهله و الأفضل تقديم صومها في الطريق و لو أهل المحرم تعين عليه الهدي و لو لم يصم الثلاثة حتى وصل بلده و كان متمكنا من الهدي قال الشيخ بعث به فإنه أفضل من الصوم [- ي -] لو مات من وجب عليه الهدي أخرج من صلب تركته [- يا -] من وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر و لم يجد كان عليه سبع شياه على الترتيب و لو لم يتمكن من السّبع صام ثمانية عشر يوما و لو وجب عليه سبع شياه من الغنم لم يجزئه بدنة و لو وجب عليه بقرة فالأقرب إجزاء البدنة

المطلب الخامس في الأحكام

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] الهدي الواحد لا يجزي في الواجب إلا عن واحد مع المكنة و مع عدمها يتعين الصّوم قاله الشيخ في الخلاف و له قول آخر إنه يجزي عن سبعة و عن سبعين إذا كانوا أهل خوان واحد و يجزي في التّطوع عن سبع و عن سبعين سواء في ذلك كله الإبل و البقر و الغنم و كل ما قل المشتركون كان أفضل و اشترط الشيخ اجتماعهم على إرادة التقرب سواء كانوا متطوعين أو مفترضين أو بالتفريق و سواء اتفقت مناسكهم بأن يكونوا متمتّعين أو قارنين أو افترقوا و فيه نظر و يجوز أن يقتسموا اللحم [- ب -] الهدي إما تطوع كمن يخرج حاجا أو معتمرا يسوق معه هديا نيّته نحره بمنى أو بمكة من غير إشعار و لا تقليد فهو باق على ملكه يتصرف فيه و في نمائه كيف شاء و إما واجب إما بالنذر المطلق و حكمه حكم ما وجب بغير النّذر و سيأتي و إما بالمعيّن فيزول ملكه عما عيّنه و ينقطع تصرّفه في حق نفسه فيه و هو أمانة للمساكين و يجب أن يسوقه إلى النحر و يتعلق الوجوب بالعين دون الذمّة فلا يكون مضمونا مع عدم التفريط و إما بغير النذر كدم التمتع و جزاء الصيد و النّذر غير المعيّن و شبه ذلك و هذا القسم إما أن يسوقه ينوي به الواجب من غير أن يعيّنه بالقول فلا يزول ملكه إلا بذبحه و دفعه إلى أهله و له التصرف فيه كيف شاء فإن عطب تلف من ماله و إن عاب لم يجز و إما أن يعيّنه بالقول مثل أن يقول هذا الواجب علي فيتعيّن الوجوب فيه و لا تبرأ الذمة منه و يكون مضمونا عليه و يزول ملكه عنه و ينقطع تصرفه فيه و عليه أن يسوقه إلى النحر فإن وصل نحره و إلا سقط التعيين و وجب إخراج الّذي في ذمته [- ج -] لو ذبح الواجب غير المعيّن فسرق أو غصب بعد الذبح فالوجه الإجزاء [- د -] لو عطب الواجب غير المعيّن أو عاب بما يمنع الإجزاء لم يجزه ذبحه عما في ذمّته و يرجع هذا إلى ملكه يصنع به ما شاء من أكل و بيع و هبة و صدقة و يستحب ذبحه و ذبح الواجب معا فإن باعه تصدق بثمنه [- ه -] لو عين معيبا عما في ذمته لم يجزه و لا يلزمه ذبحه [- و -] تعيين الهدي يحصل بقوله هذا هدي أو بإشعاره أو تقليده مع نية الهدي و لا يحصل بالشراء مع النية و لا بالنية المجردة و لو سرق الهدي من موضع حصين أجزأ عن صاحبه و إن أقام بدله فهو أفضل و لو عطب في موضع لا يجد المستحقّ فلينحره و يكتب كتابا و يضعه عليه ليعلم من يمرّ به من الفقراء أنه صدقة و لو ضلّ فاشترى مكانه غيره ثم وجد الأول فصاحبه بالخيار إن شاء ذبح الأول و إن شاء ذبح الأخير فإن ذبح الأول جاز له بيع الأخير و إن ذبح الأخير لزمه ذبح الأوّل إن كان قد أشعره و إلا جاز له بيعه [- ز -] لو غصب شاة فذبحها عن الواجب عليه لم يجزه رضا المالك و لا عوّضه عنها أو لم يعوّضه [- ح -] لو ضلّ الهدي فوجده غيره فإن ذبحه عن نفسه لم يجز عن واحد منهما و إن ذبحه عن صاحبه فإن ذبحه بمنى أجزأ عنه و إلا فلا و ينبغي لواجد الهدي الضال أن يعرّفه ثلاثة أيام فإن عرفه صاحبه و إلا ذبحه عنه [- ط -] لو اشترى هديا و ذبحه فاستعرفه غيره و ذكر أنه هديه ضل عنه و أقام بذلك شاهدين كان له لحمه و لا يجزي عن واحد منهما و لصاحبه أرش ما بين قيمته مذبوحا و حيّا [- ي -] لو عيّن هديا صحيحا عما في ذمّته أجود فهلك أو عاب بما يمنع الإجزاء لم يلزمه مثل التالف بل مثل ما في ذمّته سواء تلف بتفريطه أو غيره [- يا -] لو ولدت الهدية كان ولدها بمنزلتها في وجوب نحره أو ذبحه سواء عيّنه ابتداء أو بدلا عن الواجب و لو تلفت قبل الذبح أقام بدلها و ذبح الولد أيضا [- يب -] يجوز ركوب الهدي و شرب لبنه ما لم يضرّه به أو بولده فإن شرب ما يضر بالأم أو بالولد ضمنه و لو أضر بقاء صوفها بها أزاله و تصدّق به و لا يتصرف فيه بخلاف اللّبن [- يج -] من السنة أن يأكل من هدي المتعة و ينبغي أن يقسم أثلاثا يأكل ثلثه و يهدي ثلثه و يتصدّق بثلثه على الفقراء و هل الأكل واجب قيل نعم للآية و فيه قوة و مع القول بالوجوب لا يضمن بتركه و يضمن ثلث الصدقة لو لم يتصدّق و هل يضمن لو أخل بالإهداء الوجه الضمان إن كان

ص: 106

بسبب الأكل و إلا فلا [- يد -] لا يجوز الأكل من الواجب عن هدي التمتع سواء كان دم المتعة أو النذر أو جزاء الصيد أو غيرها و يستحب الأكل من هدي التطوّع و لو أكل مما منع من الأكل منه ضمن المثل لحما و لو أطعم غنيا مما له الأكل منه جاز و لو باع منه شيئا أو أتلفه ضمنه بمثله و لو أتلف أجنبي منه شيئا ضمنه بالقيمة [- يه -] الدّماء الواجبة بنصّ القرآن أربعة دم التمتع و هو مرتّب و دم الحلق و هو مخيّر و دم الجزاء و في ترتّبه خلاف و دم الإحصار و هو واجب على التّعيين بغير بدل [- يو -] ما يساق في إحرام الحج يذبح أو ينحر بمنى و في العمرة يذبح أو ينحر بمكة و ما يلزم من فداء ينحر بمكة إن كان معتمرا و بمنى إن كان حاجا و يجب تفرقته على مساكين الحرم و هم من كان في الحرم من أهله أو غير أهله من الحاج و غيرهم ممن يجوز دفع الزكاة إليه و كذا الصّدقة أما الصّوم فلا يختصّ بمكان دون غيره و لو دفع إلى من ظاهره الفقر فبان غنيّا فالوجه الإجزاء و ما يجوز تفريقه في غير الحرم لا يجوز دفعه إلى الفقراء من أهل الذّمة [- يز -] لو نذر هديا مطلقا أو معينا و أطلق مكانه وجب صرفه في فقراء الحرم و لو عين موضعه فإن كان في الحرم تعيّن و فرق على مساكينه و إن عين غيره لزم إذا لم يكن لمعصية كبيوت الأصنام و لو لم يتمكن من إيصاله إلى المساكين بالحرم لم يلزمه إيصاله إليهم و لو تمكّن من الإنفاذ وجب [- يح -] تقليد الهدي مسنون و هو جعل نعل قد صلى فيه في رقبة الهدي و هو مشترك بين الإبل و البقر و الغنم و كذا إشعار الإبل مسنون و هو شق صفحة سنامها من الجانب الأيمن و تلطيخها بالدم ليعرف أنّه صدقة و لا إشعار في البقر و إن كانت ذات سنام و لو تكثرت البدن دخل بينها و شق أحد الهديين من الجانب الأيمن و الآخر من الأيسر [- يط -] الذّبح أو النحر مقدم على الحلق و متأخر عن الرّمي فلو خالف ناسيا لم يكن به بأس و إن كان عامدا أتمّ و أجزأه و كذا لو ذبحه بقية ذي الحجة [- ك -] لو نذر هديا بعينه زال ملكه عنه و انقطع تصرّفه عنه و لا يجوز له بيعه و إخراج بدله [- كا -] لا ينبغي أخذ شيء من جلود الهدي بل يتصدق بها و لا يعطيها الجزّار [- كب -] لا يجوز الحلق و لا زيارة البيت إلا بعد الذبح أو أن يبلغ الهدي محله و هو منى يوم النحر و يجعله في رحله بمنى [- كج -] غير المتمتع لا يجب عليه الهدي فالقارن لا يخرج هديه عن ملكه و له إبداله و التصرف فيه و إن أشعره أو قلده لكن متى ساقه فلا بدّ من نحره بمنى إن كان لإحرام الحجّ و إن كان للعمرة فبفناء الكعبة بالموضوع المعروف بالجزورة و لو هلك لم يضمنه أما المضمون كالكفارات فإنه يجب إقامة بدله و لو عجز هدي السياق عن الوصول إلى مكة أو منى جاز أن ينحر أو يذبح و يعلم بما يدل على أنّه هدي و لو أصابه كسر جاز له بيعه و ينبغي أن يتصدّق بثمنه أو يقيم بدله و لو نذر هدي السياق تعيّن و لا يتعيّن بدونه و لو سرق من غير تفريط لم يضمن و لو ضلّ فذبحه غير صاحبه عن صاحبه أجزأ عنه و لو ضلّ فأقام بدله ثم وجد الأوّل ذبحه و لم يجب ذبح الأخير و لو ذبح الأخير ذبح الأوّل استحبابا ما لم يكن منذورا فإنه يجب ذبحه و يستحب أن يأكل من هدي السياق ثلثه و يهدي ثلثه و يتصدق ثلثه كهدي التمتع و كذا يستحبّ في الأضحية

المطلب السّادس في الضحايا

و فيه [- كح -] بحثا [- ا -] الأضحية مستحبّة استحبابا مؤكدا و ليست فرضا و يجزي الهدي عن الأضحية و الجمع بينهما أفضل [- ب -] أيام ذبح الأضاحي بمنى أربعة يوم النحر و ثلاثة بعده و في الأمصار ثلاثة يوم النحر و يومان بعده و لو فاتت هذه الأيام فإن كانت الأضحية واجبة بالنذر و شبهه لم يسقط و وجب قضاؤها و إلا فاتت أضحية [- ج -] وقت الأضحية إذا طلعت الشمس و مضى بقدر صلاة العيد و الخطبتين سواء صلّى الإمام أو لم يصلّ [- د -] الأيام المعدودات أيام التّشريق و المعلومات عشر ذي الحجّة و يجوز الذبح في اليوم الثالث من أيام التّشريق [- ه -] لا يكره لمن دخل عليه عشر ذي الحجة و أراد أن يضحي أن يحلق رأسه أو تقلم أظفاره و لا يحرم عليه [- و -] روى أصحابنا أن من ينفذ من أفق من الآفاق هديا فإنه يواعد أصحابه يوما يقلدونه فيه أو يشعرونه و يجتنب هو ما يجتنبه المحرم فإذا كان يوم مواعدته حل مما يحرم منه [- ز -] لا يختص الأضحية بمكان بل يجوز في الحرم و غيره و تختصّ الأضحية بالنعم الإبل و البقر و الغنم و لا يجزي إلا الثّني من الإبل و البقر و المعز و يجزي من الضّأن الجذع لسنته و الأفضل الثني من الإبل ثمّ الثني من البقر ثم الجذع من الضّأن و الجذعة من الغنم أفضل من إخراج سبع بدن [- ح -] يستحب أن يكون أملح و هو الأبيض سمينا ينظر في سواد و يبرك في مثله و يمشي في مثله و يكون تامّا فلا يجزي في الضحايا الأعور و لا العجفاء و لا الأعرج البيّن عرجها و لا المريضة و نهى النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله أن يضحى بالمصفرة و هي التي قطعت أذناها من أصلهما حتى بدا صماخها و بالنجقاء و هي العمياء و بالمستأصلة و هي التي استوصل قرناها و بالمشيعة و هي التي يتأخر عن الغنم لهزالها و لو كان لكلال جاز و بالكسر أو يكره الجلحاء و هي المخلوقة بغير قرن [- ط -] يستحب التضحية بذوات الأرحام من الإبل و البقر و بالفحولة من الغنم و لا يجوز التضحية بالثور و لا بالجمل بمنى و يجوز في الأمصار و لا الخصي [- ي -] يجب التذكية بإزهاق الروح و إنما يكون بقطع الأعضاء الأربعة و هي الحلقوم

ص: 107

و المريء خاصة و يجب ذبح البقر و الغنم و نحر الإبل فإن خالف حرّم الحيوان [- يا -] ينبغي أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه فإن لم يحسن جعل يده مع يد الذابح و لو استناب مسلما جاز بخلاف الكافر و إن كان كتابيّا و يجوز ذباحة الصّبيان مع المعرفة و بالشرائط و الأخرس و إن لم ينطق لكن يجب تحريك لسانه بالتّسمية و النساء و السكران و المجنون و يستحب أن يتولى الذبيحة البالغ العاقل المسلم الفقيه [- يب -] يجب استقبال القبلة بالذبح و النّحر و التسمية و لا يكره الصّلاة على النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله و لو نسي التّسمية لم يحرم و لا يقطع رأس الذبيحة إلى أن يموت فإن قطعه قبله كان حراما و في تحريم الذبيحة قولان أقربهما الحل و لو ذبحها من قفاها فهي القفينة فإن بقيت فيها حياة مستقرة قبل قطع الأعضاء الأربعة حلت و إلا فلا و المعتبر في استقرار الحياة وجود الحركة القويّة بعد قطع العنق قبل قطع المريء و الودجين و الحلقوم و إن كانت ضعيفة أو لم يتحرّك لم يحلّ [- يج -] يكره ذباحة الأضحية و غيرها ليلا و يجزي لو فعل [- يد -] يستحب الأكل من الأضحية و ليس بواجب و يستحبّ التقليل و يجوز الأكثر [من الثلث] و لو أكل الجميع ضمن للفقراء قيمة المجزي مع الوجوب و إلا استحبابا و لا يجوز بيع لحم الأضاحي و يكره بيع الجلود فإن فعل تصدّق بثمنه و كذا يكره أن يعطيه الجزار بل يستحب التصدق بها و لا يعطي الجزار من اللحم شيئا لجزارته [- يه -] يجوز أكل كل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام و إذخارها و يكره أن يخرج شيئا مما يضحيه عن منى بل يخرجه إلى مصرفه بها و يجوز إخراج السنام للحاجة و إخراج لحم ما ضحاه غيره أو اشتراه أو أهدي إليه [- يو -] يكره أن يضحي بما يربيه و يستحب بما يشتريه و يستحب التّضحية بما قد عرف به [- يز -] إذا تعذّرت الأضحية تصدّق بثمنها فإن اختلفت الأثمان جمع الأعلى و الأوسط و الأدون و تصدّق بثلث الجميع [- يح -] إذا اشترى شاة تجري في الأضحية بنية أنها أضحية قال الشيخ يصير أضحية بذلك من غير قول و لا إشعار و لا تقليد و إذا عين الأضحية على وجه يصح به التعيين زال ملكه عنها و الظاهر من كلام الشيخ أنه لا يجوز له إبدالها [- يط -] إذا تعينت زال ملكه عنها فإن باعها فسد البيع و يجب ردّها إن كانت باقية و إن تلفت كان على المبتاع قيمتها أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف و لو أتلفها هو كان عليه قيمتها يوم التّلف فإن أمكنه شراء أضحيتين به بأن يرخص الأضاحي كان عليه إخراجهما معا و لو فضل ما يمكن أن يشتري به جزءا من حيوان أن يجزي في الأضحية كالسبع مثلا فعليه أن يشتريه و لو فضل مالا يساوي جزءا مجزيا تصدق به و لو قصرت القيمة عن الأضحية فإن كان المتلف أجنبيّا و أمكن أن يشتري به جزء حيوان للأضحية صرف إليه و إلا تصدق به و لا يلزم المضحي شيء و لو اشترى شاة و عينها للأضحية فوجد بها عيبا لم يكن له ردّها و يرجع بالأرش و يصرفه إلى المساكين استحبابا على الأقوى [- ك -] لو أوجب أضحية بعينها فعابت بما يمنع الإجزاء لم يجب الإبدال و أجزأه ذبحها و لو خلّت فلا ضمان إلا مع التفريط و لو عادت قبل أيام التشريق ذبحها و إن كان بعده ذبحها قضاء و لا أرش عليه [- كا -] لو أوجب أضحية في عام فأخّرها إلى قابل عصى و أخرجها قضاء و لو ذبح أضحيّة غير معيّنة أجزأت عن صاحبها و عليه أرش النقصان يصرفه إلى الفقراء و في وجوبه إشكال و لو أوجب كلّ منها هديا فذبح هدي صاحبه خطأ تخيّر كل منهما في ترك مطالبة صاحبه و تضمينه الأرش [- كب -] يجزي الأضحية عن سبعة و كذا الهدي المتطوع به و إن لم يكونوا أهل بيت واحد أو كان بعضهم غير متقرّب [- كج -] القنّ و المدبّر و أم الولد و المكاتب المشروط لا يملكون شيئا فإن ملكهم مولاهم شيئا ففي ثبوت الملك قولان أحدهما الجواز فإذا ملكهم أضحية جاز أن يضحوا و لو فعلوا من دون إذن سيّدهم لم يجز و لو انعتق بعضه و ملك بما فيه من الحريّة شاة جاز أن يضحي بها من غير إذن

الفصل الثالث في الحلق و التقصير

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] إذا ذبح الحاج هديه وجب عليه الحلق أو التقصير في يوم النحر و هو نسك و يتخير الحاج بينهما أيهما فعل أجزأه و إن كان صرورة أو لبد شعره و قال الشيخان يجب عليهما الحلق و الأقرب أنه مستحب و ليس على المرأة حلق إجماعا و يجزئها من التقصير مثل الأنملة [- ب -] يستحب لمن حلق أن يبدأ بالناصية من القرن الأيمن و يحلق إلى العظمين و يجزي من التقصير ما يقع عليه الاسم [- ج -] لو لم يكن على رأسه شعر سقط الحلق و يمرّ الموسي على رأسه و في وجوبه إشكال [- د -] لو ترك الحلق أو التقصير معا حتى زار البيت فإن كان عامدا وجب عليه دم شاة و إن كان ناسيا لم يكن عليه شيء و كان عليه إعادة الطواف و السعي [- ه -] لو رحل فرمى قبل الحلق رجع و حلق بها أو قصر واجبا و لو لم يتمكن حلق مكانه و ردّ شعره إلى منى ليدفن بها و لو لم يتمكن حلق من مكانه و ردّ شعره إلى منى ليدفن بها و لو لم يتمكن من ردّ الشعر لم يكن عليه شيء و هل رده واجب فيه نظر [- و -] يستحب إذا حلق رأسه بمنى أن يدفنه بها و إن يقلم أظفاره و يأخذ من شاربه و يدعو و تجب فيه النية [- ز -] لا يجوز الحلق قبل وقته و هو يوم

ص: 108

النحر و يجب تأخيره عن الذبح و الرمي و جوّز أبو الصّلاح تقديم الحلق على الرّمي و قال الشيخ في الخلاف ترتيب هذه المناسك مستحب و الأقرب ما قلناه لكن ليس شرطا فلو أخل به أجزأه و لا كفارة [- ح -] لو بلغ الهدي محلّه و لم يذبح قال الشيخ يجوز أن يحلق [- ط -] قال أبو الصّلاح يجوز تأخير الحلق إلى آخر أيام التشريق و هو حسن لكن لا يجوز تقديم زيارة البيت عليه [- ي -] يَوْمَ اَلْحَجِّ الأكبر هو يوم النحر يستحب للإمام أن يخطب فيه و يعلم الناس ما فيه من المناسك من النحر و الإفاضة و الرّمي [- يا -] إذا عقد الإحرام بالتلبية أو ما يقوم مقامهما حرّم عليه عشرون شيئا يأتي و إذا حلق أو قصر حل له ذلك كله إن كان أحرم العمرة و إن كان إحرام الحجّ حل له كلّ شيء إلا الطيب و النساء و الصّيد و إذا طاف طواف الزيارة حلّ له الطّيب و إذا طاف طواف النساء حللن له فمواطن التحلل ثلاثة عند الحلق أو التقصير و عند طواف الزيارة و عند طواف النّساء [- يب -] يستحب لمن حلق أو قصر أن يتشبّه بالمحرمين و ترك لبس المخيط إلى أن يطوف طواف الزيارة و يستحب لمن طاف طواف الزيارة أن لا يمسّ الطيب حتى يطوف طواف النساء [- يج -] إنما يحصل التحلّل بالرمي و الحلق أو التقصير معا

المقصد العاشر في بقية أفعال الحجّ
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في زيارة البيت

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] إذا قضى الحاج مناسكه بمنى من الرمي و الذبح و الحلق أو التقصير رجع إلى مكة و طاف طواف الزيارة إمّا يوم النحر أو في غده للمتمتع و لا يجوز له التأخير عن ذلك و يجوز للقارن و المفرد [- ب -] هذا الطواف ركن في الحج يبطل بالإخلال به عمدا و له وقتان وقت فضيلة و هو يوم النحر بعد أداء مناسك منى و وقت إجزاء و آخره يوم الثاني من أيام النحر للمتمتع فلا يجوز التأخير عنه للمتمتع فلو أخّره عنه أثم و لا كفارة عليه و طوافه صحيح و يجوز للقارن و المفرد تأخيره مع السعي إلى آخر ذي الحجة لكن الأفضل المبادرة كالمتمتع [- ج -] يستحب لمن أراد زيارة البيت أن يفعل كما فعل يوم قدومه من الغسل و تقليم الأظفار و أخذ الشارب و الدعاء و غير ذلك من الوظائف و لا بأس أن يغتسل من منى و يطوف بذلك الغسل و كذا يغتسل نهارا و يطوف ليلا ما لم ينقضه بحدث أو نوم فإن نقضه أعاده استحبابا و يستحب للمرأة الغسل كما يستحب للرّجل و يدعو عند باب المسجد و يأتي الحجر الأسود فيستلمه و يقبّله فإن لم يستطع استلمه بيده و قبّل يده فإن لم يتمكن استقبله و كبر و قال ما ذكرناه أولا ثم يطوف واجبا سبعة أشواط و يبدأ بالحجر و يختم به ثم يصلّي ركعتيه في المقام واجبا ثم يرجع إلى الحجر فاستلمه إن استطاع و إلا استقبله و كبر مستحبّا ثم يخرج إلى الصّفا واجبا للسعي فيصنع كما صنع يوم دخل مكة ثم يسعى سبعة أشواط يبدأ بالصّفا و يختم بالمروة فإذا فعل ذلك فقد أحل من كل شيء إلا النساء ثم يرجع إلى البيت فيطوف طواف النساء أسبوعا يبدأ بالحجر و يختم به واجبا ثم يصلّي ركعتيه في المقام واجبا و قد حل له كل شيء [- د -] يجب في طواف الزيارة النيّة [- هي -] سعي الحج واجب فيه و ركن [- و -] قد بينا أنّ التحلّل الثاني يقع عند طواف الزيارة و هل يشترط فيه السّعي الأقرب العدم [- ز -] طواف النساء واجب على الرجال و النساء و الخناثى و الخصيان من البالغين و غيرهم العبد و الحرّ سواء في الحجّ و العمرة المفردة فلو ترك طواف النساء ناسيا حرمن عليه و وجب عليه العود و الطواف مع المكنة فإن لم يتمكن من الرجوع أمر من يطوف عنه طواف النّساء و قد حللن له و لو مات و لم يكن قد طاف قضاه وليّه عنه [- ح -] قد وردت رخصة في جواز تقديم الطواف و السّعي على الخروج إلى منى و عرفات

الفصل الثّاني في الرّجوع إلى منى

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] إذا قضى الحاج مناسكه بمكة من طواف الحج و سعيه و طواف النّساء و ركعات الطّوافين وجب عليه العود يوم النحر إلى منى و المبيت بها ليالي التشريق و هي ليلة الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر و يسقط ليلة الثالث عشر بالنفر يوم الثاني عشر قبل الغروب و لو ترك المبيت بمنى وجب عليه عن كل ليلة شاة إلا أن يخرج من منى بعد نصف اللّيل قيل يشترط أن لا يدخل مكة إلا بعد طلوع الفجر أو يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة [- ب -] يجوز النفر في اليوم الثاني من أيّام التشريق فلا يجب المبيت ليلة الثالث عشر و لا كفارة لو أخل بها و لو أخل بالمبيت في الليالي الثلاث للشيخ قولان أحدهما وجوب ثلاثة شياه و الثاني شاتان و لو بات بغير مكة وجبت الكفارة و إن كان مشتغلا بالعبادة و كذا لو بات بمكة غير مشتغل بالعبادة [- ج -] الواجب الكون بمنى و لا يجب عليه في الليل ما يزيد على سائر الأوقات [- د -] يجوز له أن يأتي مكة أيام منى لزيارة البيت تطوعا و إن كان الأفضل المقام بها إلى انقضاء أيام التشريق و إذا جاء إلى مكة وجب الرجوع إلى منى للمبيت بها [- ه -] رخص للرعاة المبيت في منازلهم و ترك المبيت بمنى ما لم تغرب الشمس عليهم بمنى فإنّه يلزمهم المبيت بها و كذا يجوز لأهل سقاية العباس ترك المبيت بمنى و إن غربت الشمس و كذا لغيرهم ممن شاركهم في الضرورة كمن له عنده مريض يحتاج إلى المبيت عنده أو من له مال يخاف ضياعه بمكة

الفصل الثّالث في الرمي

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -]

ص: 109

يجب عليه أن يرمي في كل يوم من أيام التشريق الجمار الثلاث كل جمرة بسبع حصيات و أول الرّمي يوم النحر و هو مختص برمي جمرة العقبة بسبع حصيات و في الحادي عشر و هو أول أيام التشريق يجب رمي الجمار الثلاث كل جمرة بسبع حصيات و كذا في الثاني عشر و الثالث عشر إن لم ينفر في الأوّل يبدأ بالرّمي من الجمرة الأولى و هي أبعد الجمرات من مكة و ليرمها عن يسارها من بطن الميل بسبع حصيات يرمهن خذفا يكبر مع كل حصاة و يدعو ثم يقوم عن يسار الطريق و يستقبل القبلة و يحمد اللّٰه و يثني عليه و يصلّي على النبي ص ثم ليقدم قليلا و يدعو و يسأله القبول ثم يتقدم و يرمي الجمرة الثانية و يصنع عندها كما صنع أولا و يقف و يدعو بعد الحصاة السّابعة ثم يمضي إلى الثالثة و هي جمرة العقبة فيختم به الرمي و لا يقف عندها [- ب -] وقت الرمي في الأيام كلها من طلوع الشمس إلى غروبها و في الخلاف لا يجوز إلا بعد الزّوال و ليس بمعتمد نعم الأفضل فعله عند الزوال و قد رخص للعليل و الخائف و الرّعاة و العبيد الرمي ليلا للضرورة و لو نسي رمي بعض الجمرات أو جميعها حتى غربت الشمس قضاه من الغد وجوبا و يستحب أن يرمي الذي لأمسه بكرة و الذي ليومه عند الزوال و يجب الترتيب بين الغائب و الحاضر فيرمي ما فاته أولا و الذي ليومه بعده فما رمى ما ليومه أولا لم يصحّ و لو رمى جمرة واحدة بأربع عشرة حصيات سبعا ليومه و سبعا لأمسه بطلت الأولى و كانت الثّانية لأمسه و لو فاته رمي يومين قضاه يوم الثالث مرتبا على ما قلناه و لا شيء عليه و لو فاته حصاة أو حصاتان أو ثلاث قضاها و لو خرجت أيام التشريق لم يكن عليه شيء و إن قضاها في القابل كان أحوط [- ج -] الترتيب في الجمرات واجب فلو بدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم الأولى أعاد على الوسطى ثم جمرة العقبة و كذا لو بدأ بالوسطى و لو بدأ بجمرة العقبة ثم الأولى ثم الوسطى أعاد على جمرة العقبة خاصة [- د -] يجب أن يرمي كل جمرة بسبع حصيات فلو أخل بواحدة لم يجز و لو أخل ناسيا أتم الناقص و يحصل الترتيب إذا أخل بثلاث حصيات فما دون و لو أخل بأربع فما زاد لم يحصل بالترتيب [الترتيب] فإنّه يجب الإكمال و الإعادة على ما بعدها و لو رمى ستّ حصيات و ضاعت واحدة فليعدها و إن كان من الغد و لا يسقط وجوبها و لو علم أنه أخلّ بحصاة و لم يعلم من أي الجمار هي رمى الثلاث بثلاث حصيات و يجب رمي كل جمرة بسبع مرات فلو رمى السبع دفعة أو أقل من سبع مرات لم يجز [- ه -] يجوز الرمي راكبا و ماشيا أفضل و يستحبّ أن يضع الحصى في كفّه و يأخذ منها و يرمي و يكبّر عند كل حصاة يرميها و المقام بمنى أيام التشريق و أن يرمي الجمرة الأولى عن يمينه و يقف و يدعو و كذا الثانية و يستدبر القبلة في الثالثة و يستقبلها و لا يقف عندها [- و -] يجوز أن يرمي عن العليل و المبطون و المغمى عليه و الصّبي و من ماثلهم من المعذورين [- ز -] لو نسي رمي الجمار كلها في الأيام بأجمعها حتى جاء إلى مكة وجب عليه الرّجوع إلى منى و إعادة الرّمي إن لم يخرج أيام التشريق و إلا قضاه من قابل أو يأمر من يقضي عنه و لا دم عليه و لو أخر رمي جمرة العقبة يوم النحر أعادها يوم الثاني من أيام النحر [- ح -] لو نسي النائب في الرّمي كان حكمه حكم المنوب و لا يشترط في المريض كونه مأيوسا منه و يستحب للنائب عن المريض و الصبي و غيرهما أن يستأذنه و أن يضع المنوب الحصى في كفّ النّائب و له أن يرمي عن المغمى عليه و إن لم يأذن له فلو زال عذر هؤلاء و الوقت باق لم يجب عليهم الإعادة [- ط -] وقت قضاء الرمي بعد طلوع الشمس من اليوم الثّاني [- ي -] يستحب التكبير بمنى أيام التشريق عقيب خمس عشرة صلاة و في سائر الأمصار عقيب عشر أول الصّلوات الظهر يوم النحر و أوجبه المرتضى و لا يستحب عقيب النوافل و صورته اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر على ما هدانا اللّٰه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام [- يا -] يستحب للإمام أن يخطب بعد الظهر يوم الثالث من أيام النحر و هو الثاني من أيام التشريق و هو النفر الأوّل فيودع الحاج و يعلّمهم تسويغ التعجيل لمن اتقى

الفصل الرابع في النفر من منى

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] إذا رمى الحاج الجمار الثلاث في اليوم الأول من أيام التشريق و في الثاني منها جاز أن ينفر من منى و يسقط عنه رمي اليوم الثالث إن كان قد اتقى النّساء و الصّيد في إحرامه فلو جامع في إحرامه أو قتل صيدا فيه لم يجز له النفر في الأول و وجب عليه المقام بمنى و النفر في الثّاني [- ب -] لا فرق في جواز النفر في الأول بين أهل مكة و غيرهم ممن يريد المقام بمكة أو لا يريد فيجوز للمكي النفر في الأول و إن لم يكن له عذر و يجوز لمن أراد المقام بمكة أن يتعجّل [- ج -] النفر في الأوّل إنما يكون بعد الزوال فلا ينفر قبله إلا لضرورة أو حاجة تدعوه و يجوز أن ينفر في الأخير قبل الزوال [- د -] لو غربت الشمس في ثاني أيام التشريق بمنى وجب المبيت بها و إن اتقى أما لو دخل عليه وقت العصر فإنّه يجوز أن ينفر في الأول و لو دخل من منى فغربت الشمس و هو راحل قبل انفصاله ففي وجوب المقام إشكال أما لو كان مشغولا بالتأهب فغربت الشمس

ص: 110

فالوجه لزوم المقام و لو رحل قبل الغروب ثم عاد لزيارة إنسان أو أخذ متاع لم يلزمه المقام فلو أقام هذا و بات فالأقرب وجوب رمي عليه و إذا نفر في الأوّل بعد الزوال جاز أن ينفذ رحله قبله [- ه -] يجوز لمن نفر في الأول إتيان مكّة و المقام بها و يستحبّ للإمام إذا نفر في الأخير أن ينفر قبل الزوال و أن يصلّي الظهر بمكة ليعلم الناس كيفية الوداع و يجوز للإنسان المقام بمنى بعد النفر أو يذهب حيث شاء لكن المستحب العود إلى مكة للوداع [- و -] إذا نفر في الأوّل دفن حصى اليوم الثالث بمنى استحبابا [- ن -] يستحب للحاج أن يصلّي في مسجد الخيف بمنى مدّة مقامه بها و كان مسجد رسول اللّٰه ص عند المنارة التي في وسط المسجد و فوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا و عن يمينها و يسارها مثل ذلك فمن استطاع أن يكون مصلاه فيه فليفعل و يستحبّ أن يصلّي ستّ ركعات به [- ح -] يستحب لمن نفر في الثاني خاصة أن يأتي المحصب و ينزل به و يصلّي في مسجد رسول اللّٰه ص و يستريح فيه قليلا و يستلقي على قفاه و ليس للمسجد أثر اليوم و إنما المستحبّ النزول بالمحصب و الاستراحة فيه و حدّ المحصب من الأبطح ما بين الجبلين إلى المقبرة و سمي محصبا لإجماع الحصباء فيه و هي الحصى التي يحملها السيل من الجمار إليه

الفصل الخامس في طواف الوداع

و فيه [- ح -] بحثا [- ا -] إذا قضى الحاج مناسكه بمنى استحب له العود إلى مكة لطواف الوداع و يستحب له دخول الكعبة و يتأكد للضرورة و يغتسل لدخولها و يتحفى و يدعو و يصلّي بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين يقرأ في الأولى منهما حم السّجدة و في الثانية عدد آياتها [آيها] ثم ليصلّي في زوايا الكعبة كلها ثم يقوم فيستقبل الحائط بين الركن اليماني و الغربي يرفع يديه عليه و يلتصق به و يدعو ثم يتحوّل إلى الركن اليماني فيفعل به مثل ذلك ثم يفعل ذلك بباقي الأركان ثم ليخرج [- ب -] يكره الفريضة جوف الكعبة و لا بأس بالنافلة [- ج -] يستحب الدعاء عند الخروج بالمنقول [- د -] يستحبّ لمن أراد الخروج من مكة بعد قضاء المناسك طواف الوداع سبعة أشواط و صلاة ركعتيه و لو نوى الإقامة فالأقرب أنه لا وداع عليه [- ه -] طواف الوداع مستحب لا يجب بتركه دم و وقته بعد الفراغ من جميع حوائجه ليكون المبيت آخر عهده [- و -] لو كان منزله في الحرم استحبّ له الوداع و لو أخر طواف الزيارة حتى يخرج لم يسقط استحباب طواف الوداع و لو خرج و لم يودع لم يكن عليه شيء فإن رجع للتوديع جاز فإن كان قد تجاوز الميقات وجب عليه الإحرام إذا وصل إلى الميقات و طواف العمرة لإحرامه و سعيها و لا يجب طواف الوداع و إن كان قد خرج من الحرم و لم يصل إلى الميقات أحرم من موضعه و إن لم يخرج من الحرم لم يجب عليه العمرة [- ز -] الحائض و النفساء لا وداع عليهما و لا فدية عنه بل يستحبّ لها أن تودع من أدنى باب من أبواب المسجد و لا تدخله إجماعا و يستحب للمستحاضة و لو عدمت الماء تيمّمت و طافت كما تفعل في الصّلاة [- ح -] يستحب له أن يشرب من زمزم و أن يشتري بدرهم تمرا و يتصدق به كفارة لما دخل عليه في حال الإحرام من فعل محرّم أو مكروه

المقصد الحادي عشر في تروك الإحرام
اشارة

و فيه فصول

الأوّل فيما يجب اجتنابه
اشارة

يجب على المحرم اجتناب عشرين شيئا صيد البر و النساء و الطيب و لبس المخيط للرجال و الاكتحال بالسواد و بما فيه طيب و النظر في المرآة و لبس الخفين و ما يستر ظهر القدم و الفسوق و هو الكذب و الجدال و هو قول لا و اللّٰه و بلى و اللّٰه و قتل هوام الجسد و لبس الخاتم للزينة و لبس المرأة الحلي للزينة و ما لم يعتد لبسه منه و استعمال دهن فيه طيب و إزالة الشعر و تغطية الرأس و التظليل سائرا و إخراج الدم و قصّ الأظفار و قطع الشجر و الحشيش و يغسّل المحرم الميّت بالكافور و لبس السّلاح

الأوّل الصّيد

و فيه [- كد -] بحثا [- ا -] الصيد حرام على المحرم في حجّ كان أو في عمرة واجبين كانا أو نفلين صحيحين كانا أو فاسدين [- ب -] صيد الحرم حرام على المحل و المحرم و صيد الحل حرام على المحرم خاصّة [- ج -] المراد بالصّيد الحيوان الممتنع و قيل بشرط أن يكون حلالا [- د -] يضمن المحرم الصّيد سواء كان في الحل أو الحرم و كذا المحلّ يضمنه في الحرم و كل ما يحرم و يضمن في الإحرام يحرم و يضمن في الحرم للمحل إلا القمّل و البراغيث فإن قتلها حال الإحرام حرام و لا يحرم على المحل في الحرم [- ه -] لا يحرم شيء من الحيوان الأهلي في الحرم لا للمحلّ و لا للمحرم و لا الدجاج و إن كانا حبشيا [- و -] لا كفارة في قتل السباع طائرة كانت كالبازي و الصّقر أو ماشية كالفهد و النمر إلا الأسد فإن أصحابنا رووا أن في قتله كبشا إذا لم يرده و لو أراده فلا شيء و لا كفارة في الضبع و لا المتولد منه و من الذئب و يراعى في المتولد بين الوحشي و الإنسي الاسم و يرمي الغراب رميا و كذا الحدأة و الزنبور لا كفارة في قتله خطأ و في العمد يتصدق بشيء من الطّعام و يجوز إخراج ما أدخله إلى الحرم أسيرا من السباع [- ز -] الجراد من صيد البر يحرم قتله على المحرم مطلقا و المحلّ في الحرم [- ح -] إنما يحرم صيد البرّ خاصة أما صيد البحر فإنّه حلال و لا فدية في أكله بالإجماع

ص: 111

و المراد بصيد البحر ما يعيش في الماء و يبيض فيه و يفرخ كالسّمك مما يحل و السّلحفاة و السّرطان و نحوهما مما يحرم و لو كان مما يعيش في البرّ و البحر اعتبر بالبيض و الفرخ فإن كان يبيض و يفرخ في الماء فهو بحري و إلا فبري و أما طير الماء كالبط و شبهه فإنه بري لأنّه يبيض و يفرخ فيه و لو كان لجنس من الحيوان نوعان برّي و بحريّ فلكل نوع حكم نفسه [- ط -] صيد البرّ حرام اصطياده و ذبحه و الأكل منه و الإشارة إليه و الدلالة و الإغلاق عليه و كذا فرخه و بيضه و لا يحلّ الإعانة على الصيد و لو تشارك محرمان وجب على كل منها جزاء كامل و لو دلّ المحرم عليه فقتل ضمنه أجمع و إن كان القاتل محلا و لا فرق بين كون المدلول عليه ظاهرا أو خفيّا أما لو رأى المدلول الصّيد قبل الدلالة أو الإشارة فالأقرب عدم تعلق الضّمان به و كذا لو فعل فعلا عند رؤية الصّيد كما لو ضحك أو شرف على الصّيد فرآه غيره و قطن للصيد فصاده [- ي -] لو كان الدال محرما و المدلول محلاّ في الحل فالجزاء كله على المحرم و لو كان في الحرم فعلى كلّ منهما جزاء كامل و لو كان الدال محلاّ و المدلول محرما أو محلاّ في الحرم ضمنه المدلول كملا و هل يضمن الدال فيه نظر و لو كان الدال محلا و المدلول محرما في الحلّ ضمنه المحرم و في ضمان الدال إشكال [- يا -] لو أعاد قاتل الصّيد سلاحا فقتله به قال الشيخ لا نص لأصحابنا فيه و الأقرب عندي عدم الضمان إن أعاره ما هو مستغن عنه كأن يعيره رمحا و معه رمح و الضمان إن أعاره ما لا يتم القتل إلا به و لو أعاره آلة ليستعملها في غير الصيد فصاد بها فلا ضمان على المعير قطعا [- يب -] صيد الحرم يضمن بالدلالة و الإشارة كصيد الإحرام سواء كان في الحل أو في الحرم [- يج -] لو صاد المحرم صيدا لم يملكه إجماعا و لو كان الصيد في منزله لم يزل ملكه عنه [- يد -] لو ذبحه المحرم كان ميتة حراما على المحرم و المحل و كذا لو ذبحه المحل في الحرم و هل يكون حكم الجلد حكم الميّتة أو المذكى إشكال أقربه الأول و لا يحرم لو ذبحه المحلّ في الحل و أدخله الحرم على المحل سواء كان من المحرم فيه إعانة أو إشارة أو دلالة أو لا و يحرم على المحرم و لو صاده الحرام من أجل المحل لم يحلّ إجماعا و كذا لو صاده المحلّ لأجل المحرم لم يبح للمحرم و حل للمحل و لو صاد المحرم صيدا في الحل فذبحه المحل فيه حل للمحلّ خاصّة [- يه -] إذا ذبح المحرم الصّيد كان حراما و استحبّ دفنه [- يو -] إذا اضطر المحرم جاز أن يتناول من الصيد بقدر ما يمسك به الرمق و يحفظ به الحياة و يحرم عليه التجاوز عنه و لو وجد الميّتة أكل الصيد و فداه و لو لم يتمكن من الفداء أكل الميّتة [- يز -] لا يجوز له إمساك الصّيد و هو محرم و يجب عليه إرساله فإن لم يفعل ضمنه و إن بقي سليما حتى يحلّ [- يح -] إذا ذبح المحرم الصيد و أكله ضمن للذبح فداء كاملا و للأكل فداء آخر [- يط -] لو ملك صيدا في الحل ثم أدخله الحرم زال ملكه عنه و وجب إرساله و لو تلف في يده أو أتلفه ضمنه و لو كان مقصوص الجناح أمسكه حتّى ينبت ريشه و يخلي سبيله أو يودعه من ثقة حتى ينبت ريشه [- ك -] حمام الحرم لا يحلّ صيده و إن كان في الحلّ و لو أخرجه وجب عليه إعادته فإن تلف كان عليه قيمته و كذا غيره من صيود الحرم [- كا -] يضمن حمام الحرم المسلم و الكافر و الصّغير و الكبير و الحر و العبد و الرّجل و المرأة [- كب -] المحل إذا رمى من الحل صيدا في الحرم فقتله أو أرسل كلبه عليه فقتله أو قتل صيدا على فرع شجرة في الحرم أصلها في الحل ضمنه في جميع هذه الصّورة و لو رمى المحل من الحرم صيدا في الحل أو أرسل عليه كلبه ضمنه و لو قتل صيدا على غصن في الحلّ أصله في الحرم ضمنه و لو كان الصيد في الحل و رماه الصّائد في الحلّ بسهم أو أرسل عليه كلبه فدخل السّهم أو الكلب الحرم ثم رجع فقتل الصّيد لم يضمنه و لو رمى من الحل صيدا في الحل فقتل صيدا في الحرم ضمنه و لو أرسل كلبه على صيد في الحل فدخل الكلب الحرم و قتل صيدا غيره فيه لم يضمنه و لو أرسل كلبه على صيد فدخل الصيد الحرم فتبعه الكلب فقتله في الحرم فالوجه الضمان لا يجوز له أكل الصيد في هذه المواطن أجمع سواء ضمنه أو لا و لو وقف صيد بعض قوائمه في الحلّ و بعضها في الحرم و قتله قاتل ضمنه سواء أصاب ما هو في الحل أو في الحرم و لو نفر الصيد من الحرم فأصابه شيء حال نفوره ضمنه و لو سكن من نفوره فأصابه شيء فالوجه عدم الضمان [- كج -] لو رمى صيدا فجرحه فمضى لوجهه و لم يعلم حياته و لا موته كان عليه الفداء كملا و لو رآه بعد كسر يده أو رجله سليما كان عليه ربع قيمته [- كد -] يكره للمحلّ قتل الصيد في الحلّ إذا كان يؤمّ الحرم و حرّمه الشيخ و ليس بمعتمد و لو أصابه فدخل الحرم و مات فيه ضمنه على إشكال و كذا يكره الصيد فيما بين البريد و الحرم و حرمه الشيخ و ليس بجيّد

الثّاني الاستمتاع بالنّساء

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] الوطء حرام على المحرم بالإجماع و كذا يحرم عليه أن يعقد على نفسه نكاحا أو تزوّج غيره أو يكون وليّا في النكاح أو وكيلا سواء كان رجلا أو امرأة و لو أفسد إحرامه لم يجز له أن يتزوّج فيه و لو تزوّج محرما بطل النكاح و كان مأثوما و يفرق بينهما سواء كانا محرمين أو أحدهما و لو عقد لغيره كان باطلا و إن كان الغير محلا [- ب -] يكره للمحرم الخطبة سواء كان رجلا أو امرأة و أن يخطب للمحلين [- ج -] لا يجوز للمحرم أن يشهد بالعقد

ص: 112

بين المحلين و لو شهد انعقد النكاح و لا يجوز للإمام أن يعقد في حال إحرامه لأحد [- د -] لو عقد المحرم حال إحرامه على امرأة و كان عالما بتحريم ذلك عليه فرق بينهما و لم يحل له أبدا و إن لم يكن عالما فرق بينهما و تجدد العقد مع الإخلال و لو وكل محلّ مثله فعقد الوكيل بعد إحرام الموكّل بطل النكاح سواء حضره الموكل أو لا علم الوكيل أو لا و لو وكل محرم حلالا فعقد الوكيل بعد إحلال موكله صحّ العقد و إلا بطل [- ه -] إذا اتفق الزّوجان على وقوع العقد في حال الإحرام بطل العقد و لا مهر قبل الدّخول و يثبت بعده مع جهل المرأة بالتحريم و لو ادّعى أحدهما وقوعه حال الإحرام و أنكر الآخر حكم لذي البينة و لو فقدت و كان المنكر الرجل فالقول قوله مع يمينه و صحّ العقد و لو كان المرأة فالقول قولها مع اليمين و يحكم بفساد العقد في حق الزّوج و يثبت عليه أحكام النكاح الصحيح فإن كان قد دخل بها وجب المهر كلا و إن لم يكن دخل قال الشيخ يجب عليه نصف المهر و لو أشكل الأمر فلم يعلم هل وقع في الإحلال أو الإحرام صح العقد قال الشيخ و الأحوط تجديده [- و -] لو شهد و هو محرم فعل حراما و صح العقد و لو أقامها بعد الإحلال فالوجه الحكم بها [- ز -] كما يحرم عليه الشهادة بالعقد حال إحرامه يحرم عليه إقامتها في تلك الحال و لو تحملها محلاّ [- ح -] إذا وطئ العاقد في الإحرام لزمه المسمّى مع التسمية و إلا مهر المثل و يلحق به الولد و يفسد حجه إن كان قبل الوقوف بالموقفين و يجب إتمامه و القضاء من قابل و بدنة و يلزمها العدة و إن لم يكن دخل لم يلزمه شيء من ذلك [- ط -] يجوز له مراجعة امرأته و هو محرم و شراء الإماء لكن لا يقربهنّ سواء قصد به التبري أو لم يقصد [- ي -] يجوز له مفارقة النساء حال الإحرام بكل حال من طلاق أو خلع أو ظهار أو لعان أو غير ذلك من أسباب الفرقة [- يا -] كما يحرم الوطء قبلا كذا يحرم دبرا و يتعلّق به الإفساد كما يتعلق بالقبل و كذا يحرم عليه تقبيل النّساء و ملاعبتهنّ بشهوة و النظر إليهن بشهوة و الملامسة و إن يكن جماعا و يجوز أن يقبّل أمّه و أخته و باقي المحرمات المؤبّدة [- يب -] كل موضع حكم فيه ببطلان العقد فإنه يفرق بين الرّجل و المرأة من غير طلاق

الثالث الطيب

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] الطيب حرام على المحرم بالإجماع أكلا و شمّا و اطلاء و بخورا و ملامسة و لو مات لم يجز أن يحنّط بالكافور و لا يغسل به و لا بشيء من طيب و اختلف علماؤنا فالشيخ اقتصر في النهاية على تحريم المسك و العنبر و الزعفران و الكافور و العود و الورس و هو نبت أحمر يشبه الزعفران المسحوق يوجد على قشور شجرة ينحت منها و في غيرها عمم تحريم كل الطيب و هو الأقوى [- ب -] النبات الطيب منه ما لا ينبت للطّيب و لا يتخذ منه كالشيح و القيصوم و الخامر و الإذخر و الفواكه كلها كالأترج و التّفاح و السّفرجل و أشباهه و ما ينبته الآدميون لغير قصد الطيب كالحناء و العصفر فهذا كله يباح شمه و منه ما يقصد شمه و يتخذ منه الطيب كالياسمين و الورد و النيلوفر و الوجه تحريم شمّه و وجوب الفدية به و منه ما ينبته الآدميّون للطيب و لا يتخذ منه طيب كالريحان و النّرجس و المرزنجوش و الأقرب تحريمه أيضا [- ج -] الحناء ليس بطيب و لا يجب باستعماله فدية و يكره استعماله للزينة [- د -] العصفر ليس بطيب و يجوز للمحرم لبس العصفر و لا يجب به الفدية و يكره إذا كان مشبعا و لا بأس بخلوق الكعبة و شم رائحته سواء كان عالما أو جاهلا أو عامدا أو ناسيا [- ه -] الريحان الفارسي لا تجب به الفدية [- و -] يحرم عليه لبس ثوب مسه طيب محرم و افتراشه و النوم عليه و الجلوس سواء صبغه به أو غمسه فيه و لو غسله حتى ذهب الطيب جاز لبسه إجماعا و لو انقلعت رائحة الثوب لطول الزّمن عليه أو لكونه صبغ بغيره بحيث أخفى رائحته إذا رش بالماء جاز و لو فرش فوق الثوب المطيب ثوبا صفيقا يمنع الرائحة و المباشرة فلا فدية عليه بالجلوس و النوم و لو كان الحائل ثياب بدنه فالوجه المنع [- ز -] لو أصاب ثوبه طيب و معه ماء لا يكفيه لإزالته و الطهارة صرفه في الإزالة و تيمّم و لو أمكنه قطع رائحة ثوب الطيب بشيء غير الماء فعله و توضأ [- ح -] لا بأس بالممشق و هو المصبوغ بالمغرة و كذا المصبوغ بالرّيحان و سائر الأصباغ عدا السوداء و الطيب [- ط -] لو جعل الطيب في خرقة و شمها كان عليه الفداء [- ي -] قال الشيخ يكره له الجلوس عند العطارين الذين يباشرون العطر و تمسّك على أنفه لو جاز في زقاق فيه طيب و لا يقبض على أنفه من الروائح الكريهة قال الشيخ و لو كان الطيب يابسا مسحوقا فإن علق ببدنه منه شيء وجبت الفدية و إن لم يعلق فلا فدية عليه و إن كان يابسا وجبت الفدية إن علق ببدنه رائحته و لو مسّ الطيب المبلول بأيّ موضع من بدنه كان وجب الفداء و كذا لو ابتلعه أو ربطته جراحته به أو احتقن و لو داس بفعله طيبا فعلق بها فإن تعمد وجب الفداء و إلا فلا و لو اضطر المحرم إلى سعوط فيه مسك قال ابن بابويه لا بأس أن يتسعط [- يا -] يحرم على المحرم أكل ما فيه طيب و يجب به الفدية سواء مسّته النار أو لا بقيت أوصافه أو عدمت [- يب -] لو طيب بعض العضو وجب الفداء [- يج -] لو اضطر إلى أكل طعام فيه طيب أو مسّه أكله أو مسه و قبض على أنفه

الرّابع لبس المخيط

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] يحرم على المحرم لبس المخيط

ص: 113

من الثياب إن كان رجلا بلا خلاف [- ب -] يحرم عليه لبس الخفين و ما يستر ظهر القدم اختيارا و يجوز اضطرارا [- ج -] لا يجوز له لبس القباء فإن لم يجد ثوبا غيره لبسه مقلوبا و لا فدية عليه و لا يدخل بدنه في كمّيه و يجوز له لبس السراويل إذا لم يجد إزارا و لا فدية عليه [- د -] لو اضطر إلى لبس الخفين لبسهما قال الشيخ و يشقهما و منعه ابن إدريس و لا يجوز له لبس المقطوع من الخفين مع وجود النعلين فلو لبسه وجبت الفدية [- ه -] يحرم لبس ما يستر ظهر القدم كالجوربين إلا مع الضرورة [- و -] يجوز لبس النعال مطلقا و لا يجب قطع القيد في النعل على العقب [- ز -] لو وجد نعلا لا يتمكن من لبسه فله لبس الخف و لا فدية [- ح -] ليس للمحرم أن يعقد عليه الرداء و لا غيره إلا الإزار و الهميان [- ط -] يجوز للمرأة لبس المخيط و الغلالة إذا كانت حائضا و السراويل مطلقا و الوجه أن الخنثى المشكل لا يجب عليه اجتناب المخيط [- ي -] يحرم على المرأة لبس القفازين و الحلي الذي لم تجر عادتها بلبسه قبل الإحرام و روي جواز لبس الخلخالين و المسك و هو السّوار من ذبل أو عاج

الخامس في باقي المحظورات

و فيه [- ل -] بحثا [- ا -] لا يجوز للمحرم أن يكتحل بما فيه طيب اختيارا سواء كان رجلا أو امرأة و يجب به الفدية [- ب -] لا يجوز أن يكتحل بالسّواد اختيارا و يجوز لغيره [- ج -] لا تجب الفدية بالاكتحال [- د -] لا يجوز للمحرم النظر في المرآة رجلا أو امرأة [- ه -] لا يجوز للمرأة أن تلبس الحلي للزينة و ما لم يعتد لبسه في حال الإحرام و يجوز لها ما عدا ذلك و لا يجوز لها أن تظهره لزوجها [- و -] لا يجوز للمحرم أن يلبس الخاتم للزينة و يجوز للسنة [- ز -] يحرم على الرّجل في حال الإحرام تغطية الرأس و الوجه أن الأذنين منه و يحرم تغطية بعض الرأس كما يحرم تغطية جميعه و المعتاد و غيره سواء في التحريم و يجوز تعصّب الرأس بعصابة عند الحاجة [- ح -] يحرم عليه الارتماس في الماء بحيث يعلو الماء رأسه و يجوز أن يغسّله بالماء و يفيضه عليه و يلبد شعره [- ط -] لو حمل على رأسه مكتلا أو طبقا أو نحوه وجبت الفدية و كذا لو خضب رأسه و إن كان رقيقا أو وضع عليه مرهما يستر رأسه أو طلاه بعسل أو لبن تخيّر [- ي -] لو غطى رأسه ناسيا ألقى القناع واجبا و جدّد التلبية استحبابا و لا شيء عليه و لو ستر رأسه بيده أو ببعض أعضائه ففي الجواز إشكال [- يا -] لا يجب على الرجل كشف وجهه بل يجوز ستره و كشفه و قال الشيخ يجوز تغطية الوجه مع نية الكفارة لا مع عدمها [- يب -] إحرام المرأة في وجهها و لا يجوز لها تغطية و يجوز لها أن تبدل ثوبها من فوق رأسها على وجهها إلى طرف أنفها قال الشيخ و يكون الثوب متجافيا عن وجهها بحيث لا يصيب البشرة فإن أصابها ثم زال أو أزالته بسرعة فلا شيء عليها و إلا وجب الدّم و فيه نظر [- يج -] الخنثى المشكل يجوز له تغطية رأسه و أن يغطي وجهه و لو جمع بينهما لزمته الفدية و كذا لو غطى رأسه و لبس المخيط [- يد -] يحرم على الرّجل التظليل سائرا و يجوز حال نزوله و لو اضطر السائر إلى التظليل بأن لا يتمكن من ملاقاة الشمس أو يكون مريضا أو يخاف المطر المضر به جاز و يفدي و يجوز للمرأة التظليل و كذا الصّبيان أما المريض فيجوز مع الفدية و لو زامل الصّحيح امرأة أو مريضا اختصّا بجواز التظليل دونه [- يه -] يحرم على المحرم إزالة شيء من شعره قليلا و كثيرا سواء كان شعر الرأس أو اللحية أو البدن و لو احتاج جاز مع الفدية إن كان الأذى من غير الشعر كالقمل و القروح و الصّداع و إن كان منه كالنابت في عينه فلا فدية و لا فرق في وجوب الفدية بين حلق الجميع أو البعض و لو نبت الشعر في عينه أو نزل شعر حاجبه فغطى عينه جاز له قلع النابت في عينه و قصّ المسترسل و الأقرب عدم الفدية و لو قطع يده و عليها شعر لم يضمن الشعر و لو نتف إبطه وجب الفداء [- يو -] يجوز للمحرم أن يحلق شعر المحل و لا فدية و لا يجوز أن يحلق للمحرم و لا للمحل ذلك و لو فعلا ذلك أثما و لا كفارة سواء كان بإذنه أو بغير إذنه لكن المحلوق المحرم إن أذن لزمه الفداء و إلا فلا [- يز -] قصّ الأظفار حرام على المحرم اختيارا و إن احتاج جاز و وجب الفداء و كذا بعض الظفر و لو انكسر ظفره كان له إزالته و الأقرب وجوب الفدية [- يح -] اختلف علماؤنا في الحجامة فجوزها ابن بابويه و منعها المفيد و للشيخ قولان و يجوز مع الضرورة و لو احتاج حينئذ إلى قطع شجر جاز و يجب الفدية و لو قلم ظفره فأدمى إصبعه وجب الفداء و لو أفتاه غيره وجب على المفتي دم مع الإدماء و يجوز له أن يبطّ جراحاته و يشق الدمل مع الحاجة و لا فدية و أن يقلع ضرسه كذلك و لو لم يحتج إلى قلعه وجب الدم بالقلع [- يط -] لا يدلك جسده بقوّة لئلا يدميه أو يقلع بعض شعره و لا يستقصي في سواكه و لا يدلك وجهه في وضوء و غيره لئلا يسقط شيء من شعر لحيته و يجوز غسل رأسه بالسّدر و الخطمي و بدنه برفق لئلا يسقط شيء من شعر رأسه أو لحيته و دخول الحمام و لا يدلك جسده فيه بعنف و الأفضل تركه [- ك -] لا يجوز قتل القمل و الصئبان و البراغيث للمحرم و كذا إلقاؤه عن بدنه إلى الأرض أو قتله بالزئبق و يجوز تحويلها من مكان

ص: 114

من جسده إلى مكان آخر منه و أن ينحي عن نفسه القراد و الحلم و يلقي القراد عنه و عن بعيره و لا يجوز قتله قال الشيخ ليس له أن يلقي الحلم عن بعيره بل القراد [- كا -] يحرم على المحرم الفسوق و هو الكذب و إن كان يحرم على غير المحرم أيضا لكنه في حق المحرم آكد [- لب -] يحرم عليه الجدال و هو قوله لغيره لا و اللّٰه و بلى و اللّٰه و يستحب له قلة الكلام إلا فيما ينفع به [- لج -] الإجماع على تحريم استعمال الدهن الطيّب كدهن الورد و البنفسج و البان للمحرم و يجب به الفدية و نص الشيخ على تحريم الادهان بما ليس بطيب كالشرج و السمن لا على أكله قال و لا فدية في الادهان به و لا يجوز الادهان قبل الإحرام بالطيب إذا كانت رائحته تبقى إلى بعد الإحرام و لو اضطر المحرم إلى استعماله جاز مع الفدية و يجوز استعمال ما ليس بطيب حال الإحرام مع الضرورة و لا فدية [- لد -] يحرم على المحرم قطع شجر الحرم و كذا قطع الشوك و العوسج و أخذ ورق الشجر و قطع أغصانها و قطع حشيش الحرم إلا الإذخر و ما أنبته الآدميّون و يجوز قلع شجر الفواكه و النخل و عودي المحالة و ما نبت في منزله بعد نباته لا قبله و يجوز قطع يابس الشجر و الحشيش و ما انكسر و لم يبن و أخذ الكماء و الفقع و لو انكسر غصن شجرة أو سقط ورقها بغير فعل الآدمي جاز استعماله و الوجه أن ما يحصل من ذلك بفعل الآدمي كذلك و يجوز أن يترك إبله لترعى في حشيش الحرم و لا يجوز له قلعه و إعلافه الإبل [- كه -] الشجرة إذا كان أصلها في الحرم و فرعها في الحل حرم قلعها و قطع غصنها و كذا بالعكس و لو كان الأصل في الحل و الغصن في الحرم فقطع الغصن فالوجه جواز قلع الأصل بعد ذلك و لو قلع شجرة من الحرم فغرسها في مكان آخر منه فيبست ضمنها و لو نبتت فلا ضمان و لو غرسها في الحل وجب ردها و لو تعذّر أو يبست ضمنها و لو غرسها في الحل فقلعها غيره منه فالوجه أن الضمان على الأول [- كو -] أوجب الشيخ الضمان في قطع شجر الحرم و منعه ابن إدريس مع التحريم و لو قطع غصنا أو قلع حشيشا فنبت عوضه لم يزل الضمان [- كز -] صيد وجّ و شجره مباح و هو واد بالطائف أما المدينة فلها حرم كحرم مكة لا يجوز قطع شجره و لا قتل صيده إلا أنه لا جزاء فيه و يباح من شجره ما تدعو الحاجة إليه من الحشيش للعلف و لا يجب دخوله بإحرام و لا يجب إرسال الصيد إذا دخل مع صاحبه إليها و حدّ حرم المدينة بريد في بريد و هو من ظل عائر إلى وعير لا يعضد شجرها و لا بأس بصيده إلاّ ما صيد بين الحرتين و عبارة الشيخ في النهاية رديئة [- كح -] الأقرب عندي كراهة لبس السّلاح مع عدم الضرورة و عدمها معها و كذا يكره النوم على الفرش المصبوغة و الإحرام في الثياب المصبوغة بالسّواد أو المعصفر و شبهه و يتأكد في السّواد و النوم عليه و في الثياب الوسخة و إن كانت طاهرة و لبس الثياب المعلمة و استعمال الحناء الزينة و النقاب للمرأة على إشكال و دخول الحمام و تدليك الجسد فيه و استعمال الرياحين و أن يلبي من دعاه بل يقول يا سعد و يجوز أن يؤدب عبده مع الحاجة [- كط -] إذا قتل المحرم حيوانا و شك في أنّه صيد لم يكن عليه شيء و لو علمه صيدا و شك في أي صنف هو لزمه دم شاة [- ل -] يجوز إخراج الفهد من الحرم و يستحب إخراج ماء زمزم للتبرك

الفصل الثّاني فيما يجب على المحرم من الكفارة
اشارة

فيما يفعله عمدا أو خطأ و فيه مطالب

الأوّل الصيد
اشارة

و النظر فيه يتعلق بأمور

الأوّل في الجزاء

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] الصيد قسمان منه ما لكفارته بدل معيّن و منه ما ليس كذلك و الأول خمسة النعامة و بقرة الوحش و حمار الوحش و الظبي و بيض النعامة و بيض القطا و القبج و الثاني خمسة أقسام يأتي [- ب -] يجب الجزاء على قتل الصيد للمحرم بالإجماع و النص سواء قتله عمدا أو سهوا أو خطأ و لو تكرر منه القتل فإن كان ناسيا تكررت الكفارة إجماعا و كذا إن كان عامدا على الأقوى [- ج -] يجب الجزاء بقتله للضرورة و إن كان قتله باعتبارها مباحا [- د -] لو صار عليه صيد فخاف منه القتل أو الجراح أو إتلاف المال و لم يندفع إلا بالقتل جاز قتله إجماعا و الوجه عدم الضمان [- ه -] لو خلص صيدا من سبع أو شبكة أو أخذه ليخلص خيطا من رجله أو نحوه فتلف كان عليه الضمان [- و -] يجب الجزاء بقتل الصيد المملوك للّه تعالى و القيمة للمالك [- ز -] الجزاء واجب على المحرم في عمرة كان أو حجّ متمتعا كان أو قارنا أو مفردا واجبين أو نفلين صحيحتين أو فاسدتين و لو كان الصيد في الحرم و تجرّد عن الإحرام ضمن و لو كان محرما يضاعف الجزاء

النظر الثاني فيما لكفارته بدل

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] دابة الصّيد يضمن بمثلها من النعم لا بالقيمة [- ب -] ما ثبت فيه نصّ مقدّر اتبع إما من النبي ص أو من أحد الأئمّة ع و لا يجب استئناف الحكم [- ج -] يجب في قتل النعامة جزور و لو عجز قوّم البدنة لا الصّيد و فضّ ثمنها على البر و أطعم كل مسكين نصف صاع و لو زاد على ستين مسكينا كان الزائد له و لو نقص لم يجب عليه الإكمال و لو عجز عن الإطعام قوّم الجزور

ص: 115

بدراهم و الدراهم بطعام و صام عن كل نصف صاع يوما و لا يجب عليه أن يصوم أكثر من شهرين و إن زادت القيمة و لا يجب عليه إكمال ستّين يوما مع نقص القيمة [- د -] اختلف علماؤنا في كفارة جزاء الصيد فقال المفيد إنها على الترتيب و آخرون على التخيير و للشيخ قولان [- ه -] لو عجز عن الأصناف الثلاثة صام ثمانية عشر يوما [- و -] في فراخ النعامة قولان أحدهما من صغار الإبل قاله المفيد و الثّاني مثل ما في النعامة سواء قاله الشيخ و في الأول قوة [- ز -] يجب في حمار الوحش و بقرته بقرة و لو لم يجد البقرة قومها و فضّ ثمنها على الحنطة و أطعم كلّ مسكين نصف صاع و لا يجب عليه إطعام ما زاد على ثلاثين مسكينا و لا إتمام ما نقص عنه و لو لم يتمكن من الإطعام صام عن كل نصف صاع يوما و لا يجب عليه صيام ما زاد على ثلاثين و إن زادت القيمة و لا إكمال العدد مع النقصان و لو عجز صام تسعة أيام [- ح -] يجب في الظبي الشاة و كذا في الثعلب و الأرنب و لو عجز عن الشاة في الظّبي قوم ثمنها و فضّه على البرّ و أطعم عشرة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع و لو زاد الطعام عن العشرة كانت الزيادة له و لو نقصت لم يجب عليه الإكمال و لو عجز عن الإطعام صام عن كل نصف صاع يوما و لو زاد التقويم عن خمسة أصوع لم يجب عليه الصّوم عن الزائد و لو نقص لم يجب عليه إلا بقدر التقويم و لو نقص التقويم ربع صاع مثلا فالوجه وجوب يوم كامل و لو عجز عن ذلك كله صام ثلاثة أيام أما الثعلب و الأرنب فقيل فيهما الإبدال كالظبي و نحن فيه من الموقفين [- ط -] إذا كسر بيض النعامة فإن كان قد حرّك فيه الفرخ كان عليه عن كل بيضة بكارة من الإبل و إن لم يكن قد تحرك كان عليه أن يرسل فحولة الإبل في إناثها بعدد البيض فما نتج كان هديا لبيت اللّٰه تعالى و الاعتبار في العدد بالإناث و لا فرق بين أن يكسره بنفسه و بدابته و لو لم يتمكن من الإبل كان عليه عن كل بيضة شاة فإن عجز كان عليه عن كل بيضة إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مدّ فإن عجز كان عليه صيام ثلاثة أيام و لو كسر بيضة فيها فرخ ميت أو كانت فاسدة لم يكن عليه شيء و لو باض الطير على فراش محرم فنقله إلى موضعه فنفر الطير فلم يحضنه قال الشيخ يلزمه الجزاء [- ي -] إذا كسر المحرم بيضة من القطا أو القبج فإن كان قد تحرك فيه الفرخ كان عليه عن كل بيضة مخاض من الغنم و إن لم يكن قد تحرك كان عليه أن يرسل فحولة الغنم في إناثها بعدد البيض فما نتج كان هديا لبيت اللّٰه تعالى و لو عجز عن الإرسال قال الشيخ كان حكمه حكم بيض النعام قال ابن إدريس يريد وجوب الشاة عن كل بيضة مع العجز عن الإرسال و لا استبعاد فيه و الأقرب أن مقصوده وجوب الصّدقة على عشرة مساكين أو الصيام ثلاثة أيام

النّظر الثالث فيما لا بدل له

و فيه [- ط -] بحثا [- ا -] الحمام كل طائر يهدر بان بواتر صوته و يعبّ الماء بأن يضع منقاره فيه فيكرع كما تكرع الشاة و قال الكسائي كل مطوّق حمام إذا عرفت هذا ففي كل حمامة شاة إن كان القاتل محرما في الحل و إن كان محلا في الحرم كان عليه درهم و إن كان محرما في الحرم اجتمع عليه الأمران [- ب -] لو قتل المحرم فرخ الحمام كان عليه حمل قد فطم و رعى من الشجر و لو كان القاتل محلاّ في الحرم كان عليه نصف درهم و لو كان محرما في الحرم اجتمع عليه الأمران [- ج -] لو كسر المحرم بيض الحمام في الحل و لم يكن قد تحرك فيه الفرخ وجب عليه عن كلّ بيضة درهم و إن كان قد تحرك فيه الفرخ كان عليه عن كل بيضة حمل و لو كسره المحل في الحرم كان عليه عن كل بيضة ربع درهم و لو كان محرما في الحرم لزمه درهم و ربع [- د -] لا فرق بين حمام الحرم و الأهلي في القيمة إذا قتل في الحرم إلا [غير] أن حمام الحرم يشترى بقيمته علف لحمامه و الأهلي يتصدّق بثمنه على المساكين [- ه -] في كل واحد من القطا و الحجل و الدّراج حمل قد فطم و رعى من الشجر وحده ما مضى عليه أربعة أشهر [- و -] في كل من العصفور و الصعوة و القبرة و ما أشبهها مدّ من طعام و قال ابن بابويه في الطائر جميعه دم شاة ما عدا النعامة فإنّ فيها جزورا و هو ضعيف [- ز -] في قتل الزنبور عمدا كفّ من طعام و لا شيء في الخطإ قال المفيد فإن قتل زنابير كثيرة تصدق بمدّ من طعام أو تمر و هو حسن و لا شيء في قتل الهوام من الحيات و العقارب و غيرها و لا بأس بقتل القمل و البق و أشباهها للمحلّ في الحرم و لو كان محرما لزمته الكفارة كف من طعام [- ح -] من قتل جرادة و هو محرم كان عليه كف من طعام أو تمر و إن قتل جرادا كثيرا كان عليه دم شاة و لو كان في طريقه و لم يتمكن من التحرز عن قتله لم يكن عليه شيء [- ط -] في كل واحد من الضبّ و القنفذ و اليربوع هدي

النظر الرّابع فيما لا نصّ فيه

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] كل صيد لا مثل له و لا تقدير للشرع فيه يرجع فيه إلى قول عدلين يقومانه و تجب القيمة التي يقدرانها فيه و يشترط في الحكمين العدالة و المعرفة و أن يكونا اثنين فما زاد و يجوز أن يكون القاتل أحدهما إذا كان عدلا [- ب -] قال الشيخ في البط و الإوز و الكركي شاة قال و إن قلنا فيه القيمة لعدم النصّ كان جائزا و هو الظاهر من قول ابن بابويه [- ج -] قال الشيخ رحمه اللّٰه من قتل عظاية كان عليه كف من طعام و هو حسن [- د -] القيمة واجبة في كل ما لا تقدير فيه شرعا

ص: 116

و كذلك البيوض التي لم ينصّ فيها على مقدّر [- ه -] الكبير من ذوات الأمثال يضمن بكبير و الصغير بمثله و إن ضمنه بكبير كان أولى و الذكر بمثله و الأنثى بمثلها و الصحيح بصحيح و المعيب بمعيب و إن ضمنه بصحيح كان أولى و لو اختلف العيب فضمن الأعور بالأعرج لم يجز أما لو فدى الأعور من إحدى العينين بأعور من الأخرى فالوجه الجواز و كذا أعرج إحدى الرّجلين يضمن بأعرج الأخرى و لو فدى الذّكر بالأنثى جاز و جوّز الشيخ العكس و لو قتل ماخضا ضمنها بماخض مثلها لا بالقيمة قاله الشيخ و لو ضمنها بغير ماخض ففي الإجزاء نظر [- و -] لو أصاب صيدا حاملا فألقت جنينا فإن خرج حيّا و ماتا لزمه فداؤهما فيفدي الأم بمثلها و الصغير بمثله أو كبير و إن عاشا و لا عيب فلا شيء و إن حصل عيب ضمن الأرش و لو مات أحدهما دون الآخر ضمن الميّت خاصة و لو خرج ميتا لزمه الأرش و هو ما بين قيمتها حاملا و مجهضا

النظر الخامس في أسباب الضمان

و هو أمران المباشرة و التسبيب و هنا [- كج -] بحثا [- ا -] من قتل صيدا وجب عليه فداؤه و لو أكله لزمه فداء آخر و الرواية دلت على وجوب الجزاء الثّاني و قال بعض أصحابنا إنما يجب جزاء ما قتل و قيمة ما أكل و هو حسن و سواء أدّى جزاء القتل أو لا و لا يتداخلان [- ب -] حكم البيوض حكم الصّيد في تحريم الأكل سواء كسره هو أو محرم آخر أو حلال و لو كسره المحرم فالوجه أنه لا يحرم على المحل أكله قال الشيخ يحرم و ليس بمعتمد [- ج -] لو اشترى محلّ لمحرم بيض نعام فأكله المحرم كان على المحرم عن كل بيضة شاة و على المحل عن كل بيضة درهم [- د -] إنما يضمن بيض الصيد الحرام أما بيض ما يباح أكله كبيض الدجاج الحبشي فإنه حلال لا يجب بكسره شيء [- ه -] لو أتلف جزءا من الصيد ضمنه فلو كسر قرني الغزال قال الشيخ عليه نصف قيمته و في كل واحد ربع قيمته و في عينيه كمال قيمته و في كسر أحد رجليه نصف قيمته و كذا في كسر إحدى يديه و لو كسر يديه معا فكمال القيمة و كذا في رجليه و لو قتله كان عليه فداء واحد [- و -] لو نتف ريشة من حمام الحرم وجب أن يتصدق بصدقة و أن يسلمها باليد التي نتف بها و لو نتف ريشا متعدّدا فإن كان بالتفريق فالوجه تكرر الفدية و إن كان دفعة فالوجه الأرش و لو حفظه حتى ينبت ريشه لم تسقط الفدية [- ز -] لو جرح الصّيد ضمن الجرح على قدره ثم إن رآه سويّا بعد ذلك وجب الأرش و لو أصابه و لم يؤثر فيه لم يكن عليه شيء قال الشيخ لو كسر يده أو رجله ثم رآه و قد صلح و رعى وجب ربع الفداء و لو جرح الصّيد فاندمل و صار غير ممتنع فالوجه الأرش و قال الشيخ يضمن الجميع و لو جرحه فغاب عن عينه و لم يعلم حاله ضمنه أجمع و لو رآه ميتا و لم يعلم هل مات من الجناية أو غيرها ضمنه و لو رماه و لم يعلم هل أثر فيه أم لا لزمه الفداء و لو صيرته الجناية غير ممتنع فلم يعلم أ صار ممتنعا أو لا ضمنه بأعلى الأرشين [- ح -] لو اشترك جماعة في قتل صيد فعلى كلّ منهم فداء كامل و لو كان شريك المحرم حلالا في الحل لم يكن عليه شيء و على المحرم جزاء كامل و لو أصابه الحلال أولا ثم الحرام فالأقرب أن على المحرم جزاءه مجروحا و لو كان السابق محرما فعليه جزاؤه سليما و لو اتفقا في حالة واحدة فعلى المحرم جزاء كامل و لا شيء على المحل و لو اشتركا في قتل صيد حرمي وجب على المحل القيمة كملا و على المحرم الجزاء و القيمة معا و قال في التهذيب على المحرم فداء كامل و على المحل نصف الفداء [- ط -] لو رمى اثنان صيدا فقتله أحدهما [و أصابه] و أخطأ الآخر فعلى كلّ منهما فداء كامل و لو قتله واحد و أكله جماعة كان على كل واحد منهم فداء كامل [- ي -] لو ضرب بطير على الأرض فقتله كان عليه دم و قيمتان قيمة للحرم و الأخرى لاستصغاره إياه و عليه التعزير [- يا -] لو شرب المحرم لبن ظبية كان عليه الجزاء و قيمة اللبن [- يب -] لو جرح صيدا و قتله آخر قال الشيخ يلزم كل واحد منهم الفداء [- يج -] لو رمى الصيد و هو حلال في الحل فأصابه السهم و هو محرم فقتله لم يكن عليه ضمان و كذا لا شيء عليه لو جعل في رأسه ما يقتل القمل ثم أحرم فقتله [- يد -] لو كان معه صيد فأحرم زال ملكه عنه إذا كان حاضرا معه و وجب عليه إرساله و يضمنه لو أمسكه و يزول ملكه و لو لم يمكنه الإرسال و تلف قبل إمكانه فالوجه عدم الضمان و لو أرسله إنسان من يده لم يكن عليه ضمان و لو أمسكه حتى يحل لم يملكه و لم يعد ملكه الأول إليه إلا بسبب مبيح و لو كان الصيد في منزله لم يزل ملكه عنه و كذا لو كان في يد وكيله في غير الحرم و لا يضمنه لو مات بالإمساك و له بيعه و هبته و لا ينتقل الصيد إلى المحرم بابتياع و لا هبة و لا غيرهما من أسباب التمليكات و لو أخذه بأحد الأسباب ضمنه و لو انتقل إليه بالبيع لزمه مع الجزاء القيمة لمالكه و كذا لو أخذه رهنا و لو لم يتلف لم يجز له ردّه على مالكه لدخول الحرم و لو باع الحلال الصيد بخيار لم يجز استرجاعه بعد الإحرام و لو ردّه المشتري بعيب أو خيار فله ذلك و لا يدخل في ملك المشتري و يجب عليه إرساله هذا إذا كان الصيد في الحرم و لو كان في الحلّ جاز ذلك كله و لو ورث صيدا لم يملكه في الحرم و وجب عليه إرساله

ص: 117

و لو باع المحل صيد المحل ثم أفلس المشتري بعد إحرامه لم يكن للبائع أن يختار عين ماله من الصيد لأنه لا يملكه [- يه -] لو أمسك المحرم صيدا فذبحه آخر محرم فعلى كلّ منهما فداء كامل و لو كانا في الحرم يضاعف الفداء ما لم يبلغ بدنة و لو كانا محلين في الحرم وجب على كل منهما فداء كامل من غير تضاعف و لو كان أحدهما محلا و الآخر محرما تضاعف في حق المحرم خاصة و لو أمسكه المحرم في الحلّ فذبحه المحل ضمنه المحرم خاصة و لو نقل بيض صيد ففسد ضمنه و لو أحضنه فخرج الفرخ سليما لم يضمنه [- يو -] لو أغلق بابا على حمام من حمام الحرم و فراخ و بيض فإن هلكت و كان الإغلاق قبل الإحرام ضمن الحمامة بدرهم و الفرخ بنصف و البيضة بربع و إن كان بعد الإحرام ضمن الحمامة بشاة و الفرخ بحمل و البيضة بدرهم و لو كان الإغلاق من المحرم في الحرم وجب الجزاء و القيمة و لو أرسلها بعد الإغلاق سليمة فالوجه عدم الضمان و لو أغلق على غير الحمام من أنواع الصّيود ضمن إذا تلفت بالإغلاق [- يز -] لو نفر حمام الحرم فإن رجع فعليه دم شاة و إن لم يرجع فعن كل طائر شاة [- يح -] إذا أوقد جماعة نارا فوقع فيها طائر فإن كان قصدهم ذلك وجب على كلّ واحد منهم فداء كامل و إلا كان على الجميع فداء واحد [- يط -] لو رمى صيدا فتحرك الصّيد فقتل آخر أو فرخا ضمنهما معا [- ك -] لو وطئ ببعيره أو دابته صيدا فقتله ضمنه و لو كان راكبا عليها سائرا كان عليه ضمان ما تجنيه بيديها و فمها و لا ضمان فيما تجنيه برجلها و لو كان واقفا أو سائقا لها غير راكب ضمن جميع جنايتها و لو انقلبت فأتلفت صيدا لم يضمنه و لو نصب شبكة أو حفر بئرا فوقع فيها صيد ضمنه أما لو حفر البئر بحق كما في ملكه أو موضع متّسع ينتفع بها المسلمون فالوجه سقوط الضمان و لو نصب شبكة قبل إحرامه فوقع فيها صيد بعد إحرامه لم يضمنه [- كا -] لو جرح صيدا فحامل فوقع في شيء تلف به ضمنه و كذا لو نفره فتلف في حال نفوره و لو سكن في مكان و أمن من نفوره ثم تلف ففي الضّمان إشكال و لو نتف المحرم ريش طير أو جرحه و بقي ممتنعا ثم أهلك نفسه بوقوعه في بئر أو صدم حائط ضمن الجرح و لو امتنع و غاب عنه ضمنه كملا قاله الشيخ و لو أمسك صيدا له طفل فتلف بإمساكه ضمن و كذا لو أمسك المحل صيدا له طفل هلك في الحرم و لا ضمان عليه في الأمّ لو تلفت إلا أن يمسكها في الحرم و لو تلفت فراخها في الحلّ قال الشيخ ضمنها و فيه نظر [- كب -] لو أغرى المحرم كلبه على صيد فقتله ضمنه سواء كان في الحلّ أو الحرم و لو أرسله و لا صيد فعرض له صيد فقتله ففي الضّمان إشكال و لو نفر صيدا فهلك بمصادمة شيء أو أخذه خارجا ضمنه و كذا لو ضرب صيدا بسهم فمرق السّهم فقتل آخر أو رمى غرضا فأصاب صيدا ضمنه و كذا لو وقع الصيد في شبكة أو حبالة فأراد تخليصه فتلف أو عاب ضمنه [- كج -] لو أمر المحرم عبده المحل بقتل صيد فقتله فعلى السّيد الفداء و لو كان الغلام محرما بإذن السّيد و قتل صيدا بغير إذن وجب على السّيد الفداء

النظر السادس في اللواحق

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] لو قتل المثلي ضمنه بالمثل أو قوم المثل و اشترى به طعاما و تصدّق به أو صام كما قلناه و غير المثلي يقوّم الصّيد و يشتري بالثمن طعاما أو يصوم عن كلّ مدين يوما و لا يجوز إخراج القيمة بحال و هل هي مخيرة أو مرتبة قولان و لو جرح الصّيد ضمن أرش الجراح بأن يقوم صحيحا و معيبا فإن كان ما بينهما مثلا عشر لزمه عشر مثله [- ب -] إذا أخرج المثل ذبحه و تصدّق به على مساكين الحرم و لا يجزئه أن يتصدّق به حيّا و له ذبحه متى شاء فإن كان الإحرام للحج وجب نحره أو ذبحه بمنى و إن كان للعمرة فبمكة و يستحبّ أن يكون بفناء الكعبة بالجزورة و لو اختار الإطعام قوّم المثل و أخرج بقيمته طعاما إما بمكة أو بمنى على التفصيل و لا يجزي إخراج القيمة و يجزي كلما يسمى طعاما و يتصدّق على كلّ مسكين بنصف صاع و يقوم المثل يوم يريد التقويم و لا يلزمه تقويمه وقت الإتلاف و ما لا مثل له فإن قدره الشارع أخرجه و إلا قوّم الصيد وقت الإتلاف و لو اختار الصّيام صام عن كلّ نصف صاع يوما فإن بقي ما لا يعدل يوما صام يوما كاملا و لا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء و يطعم عن البعض و لا يتعيّن صومه بمكان دون غيره [- ج -] ما لا مثل له من الصّيد تخير قاتله بين أن يشتري بقيمته طعاما فيطعمه المساكين و بين الصوم و لا يجوز له إخراج القيمة و يقوّم في محل الإتلاف أما المثلي فيعتبر في قيمة النعم مكة [- د -] قد مضى أنّه يحرم على المحل في الحرم من الصّيد ما يحرم على المحرم فلو قتل المحل صيدا في الحرم وجب عليه الفداء و لو كان محرما في الحرم كان عليه جزاءان و قال السّيد إذا صاد متعمّدا و هو محرم في الحل كان عليه جزاءان و لو كان في الحرم و هو محرم عامدا إليه تضاعف ما كان يجب عليه في الحلّ و الأقوى قول الشيخ [- ه -] قال الشيخ إنما يتضاعف من الجزاء ما كان دون البدنة و لا يتضاعف ما فيه بدنة و أوجب ابن إدريس التضاعف مطلقا [- و -] لو كان الصيد لا دم فيه و قتله محلّ في الحرم أو محرم في الحل كان عليه القيمة و لو كان محرما

ص: 118

في الحرم كان عليه قيمتان [- ز -] يجوز إخراج جزاء الصيد بعد خروجه قبل موته على إشكال [- ح -] كل من وجب عليه بدنة في كفارة الصّيد و لم يجد أطعم ستّين مسكينا فإن لم يقدر صام شهرين فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما و لو كان عليه بقرة و لم يجد أطعم ثلاثين مسكينا فإن لم يجد [يقدر] صام شهرا فإن عجز صام تسعة أيام و إن كان عليه شاة و لم يجد أطعم عشرة مساكين فإن لم يجد صام ثلاثة أيام [- ط -] منع الشيخ من صيد حمام الحرم حيث كان للمحل و للمحرم و جوّزه ابن إدريس للمحل في الحلّ و الأقرب الأوّل [- ي -] لو قتل المحرم حيوانا و شك في أنّه صيد لم يضمنه و لو أكل لحم صيد و لم يعلم ما هو وجب عليه دم شاة [- يا -] لو اقتتل نفسان في الحرم فعلى كل واحد منهما دم [- يب -] يجوز أن يكون مع المحرم لحم الصّيد إذا لم يأكله و يتركه إلى وقت إحلاله إذا كان قد صاده محلّ [- يج -] لو اشترك محلّون في قتل صيد في الحرم قال الشيخ لزم كل واحد منهم القيمة و إن قلنا يلزمهم جزاء واحد كان قويا و لو اشترك محلون و محرمون في قتل صيد في الحل لزم المحرمين الجزاء دون المحلين و إن اشتركوا في الحرم فعلى المحرمين الجزاء و القيمة و على المحلّين جزاء واحد [- يد -] الخيار في الكفارة بين الإطعام و الذبح و الصّيام إلى القاتل لا إلى الحكمين و المعتبر في المثل هو ما نص الشارع على مقابله حيوانا من النعم كالبدنة في النعامة و البقرة في بقرة الوحش و الشاة في الضبي و لا اعتبار بالصّورة و لا بالقيمة في المنصوص و غيره المعتبر القيمة [- يه -] يجوز في إطعام الفدية التمليك و الإباحة [- يو -] لو قتل المحرم صيدا فأخذه محرم آخر فعلى كل منهما جزاء و لا يرجع كل منهما على الآخر بما ضمن من الجزاء [- يز -] لو أصاب محرم صيودا كثيرة على وجه الإحلال و رفض الإحرام متأولا لم يعتبر تأويله و يلزمه بكل محظور كفارة على حدة [- يح -] لو قتل حمامة مسرولة وجب عليه الضمان

المطلب الثّاني فيما يجب بالاستمتاع

و فيه [- كح -] بحثا [- ا -] إذا وطئ المحرم امرأته عالما بالتحريم عامدا قبل الوقوف بالموقفين فسد حجّه و عليه بدنة و إتمام الفاسد و القضاء في السنة المستقبلة على الفور و يجب على المرأة أيضا مثل ذلك من المضي في الفاسد و البدنة و الحج من قابل مع المطاوعة و لا شيء عليها مع الإكراه و يجب على المكره بدنتان و لا يجزي بدنة الرّجل عن بدنتها مع المطاوعة و لو كانت محلة لم يتعلّق بها شيء و لا يجب عليها كفارة و لا عليه بسببها و نفقتها للحج مع المطاوعة عليها و كذا ثمن ماء غسلها و يجب عليهما أن يفترقا في القضاء إذا بلغا المكان الذي وطئها فيه إلى أن يقضيا المناسك لا من حيث يحرمان و الروايات تدل على التفريق في الحجّة الأولى من ذلك المكان أيضا و هو حسن و معنى الافتراق أن لا يخلو بأنفسهما بل متى اجتمعا كان معهما ثالث قال ابن بابويه لو حجا على غير ذلك الطريق لم يفرق بينهما و هو قريب [- ب -] قال الشيخ الحجة الأولى هي حجة الإسلام و الثانية عقوبة و ابن إدريس عكس الحال و هو الأقوى عندي [- ج -] لو جامع بعد الموقفين صحّ حجّه و عليه بدنة لا غير [- د -] لو وطئ بعد الوقوف بعرفة قبل الوقوف بالمزدلفة فسد حجّه و وجبت البدنة و الإتمام [- ه -] لو وطئ ناسيا أو جاهلا بالتحريم لم يفسد حجه و لا شيء عليه و كذا لو أكره على الجماع [- و -] لا فرق بين الوطء في القبل و الدبر في الأحكام التي تقدّمت على التفصيل الذي ذكرناه و كذا دبر الغلام على إشكال أما إتيان البهيمة فالأقرب عدم الإفساد به و لو استمنى بيده قال الشيخ حكمه حكم المجامع سواء فإن كان قد فعله قبل الوقوف بالموقفين فسد حجه و وجب عليه بدنة و ابن إدريس منع من الإفساد خاصة و نحن فيه من المتوقفين و لو وطئ فيما دون الفرجين وجب عليه بدنة مع الإنزال و لا يفسد حجه و إن كان قبل الموقفين عالما و لو لم ينزل ففي البدنة تردّد [- ز -] لو وطئ قبل التلبية أو الإشعار و التقليد لم يكن عليه شيء و إن تلبس بالإحرام إذا لم يعقده بأحد الثلاثة [- ح -] لو كرّر الوطء و هو محرم فعن كلّ وطء بدنة سواء كفر عن الأول أو لم يكفر و تردد الشيخ في الخلاف في وجوب الثانية مع عدم التكفير و جزم الشيخ في المبسوط بالتكرار [- ط -] لو جامع قبل طواف الزيارة لم يفسد حجه و وجب عليه جزور إن كان غنيّا و إن لم يتمكن فبقرة فإن عجز فشاة و لو جامع في أثنائه وجبت البدنة أيضا [- ي -] لو جامع قبل طواف النساء في إحرام الحجّ وجب عليه بدنة و الحج صحيح سواء كان قد فرغ من سعي الحج أو لم يفرغ و لو جامع في أثناء طواف النساء فإن كان قد طاف خمسة أشواط أتمّه و لا شيء عليه و إن طاف أقل من أربعة وجب عليه بدنة و إعادة الطواف من أوله و لو طاف أربعة قال الشيخ لا كفارة و ليس بمعتمد و ابن إدريس أخطأ هنا [- يا -] لا فرق بين أن يطأ في إحرام حج واجب أو مندوب فلو وطئ في المندوب قبل الموقفين فسد حجّه و وجب إتمامه و الحجّ من قابل و بدنة و لو كان بعد الموقفين فبدنة لا غير و كذا لا فرق بين أن يطأ

ص: 119

امرأته الحرة أو جاريته المحرمة أو المحلّة و لو كانت أمة محرمة بغير إذنه أو محلة فإنه لا يتعلق بها كفارة و لا به عنها و لو كانت محرمة بإذنه و طاوعته ففي تعلق الكفارة بها إشكال أقربه الثبوت فحينئذ يبقى حكمها حكم العبد المأذون له في الحج إذا أفسد حجّه و سيأتي و لو أكرهها فالوجه أنه مبني على حكم المطاوعة إن قلنا بوجوب الكفارة عنها يتحملها السّيد و إلا فلا [- يب -] لو وطئ أمته و هو محلّ و هي محرمة بغير إذنه فلا كفارة و إن كان بإذنه وجب عليه بدنة أو بقرة أو شاة فإن لم يجد كان عليه شاة أو صيام ثلاثة أيام و لو كان محلاّ و هي محرمة بإذنه وجب عليه البدنة سواء كان قبل الموقفين أو بعدهما و سواء طاوعته أو أكرهها لكن مع المطاوعة يفسد حجها و يجب عليه أن يأذن لها في القضاء [- يح -] لو جامع المحل زوجته و هي محرمة تطوعا بغير إذنه فلا كفارة و إن كانت محرمة بإذنه كان حكمه حكم الواجب [- يد -] لو زنى بامرأة فيه تردّد ينشأ من كونه أبلغ في هتك الإحرام فناسب العقوبة بالأحكام المذكورة في وطء الزّوجة و من عدم التنصيص فنحن فيه من المتوقّفين [- يه -] قال الشيخ من وجب عليه بدنة في إفساد الحج فلم يجد كان عليه بقرة فإن لم يجد فسبع شياه على الترتيب فإن لم يجد فقيمة البدنة دراهم أو ثمنها طعاما يتصدّق به فإن لم يجد صام عن كلّ بدنة يوما قال و في أصحابنا من قال هو مخيّر و قال ابن بابويه من وجب عليه بدنة في كفارة فلم يجدها فعليه سبع شياه فإن لم يقدر فصام ثمانية عشر يوما بمكة أو بمنزله [- يو -] لو وطئ في العمرة قبل السّعي فإن كان بعد الطواف فسدت عمرته و وجب عليه بدنة و قضاؤها [- يز -] القارن إذا أفسد حجّه وجب عليه بدنة و القضاء و ليس عليه دم القران [- يح -] إذا قضى الحاج أو المعتمر فعليه في قضاء الحج الإحرام من الميقات و في قضاء العمرة الإحرام من أدنى الحل [- يط -] لو أفسد القضاء الواجب بسبب الإفساد وجب عليه بدنة أخرى و إتمام القضاء الفاسد و الحج من قابل و لا يتكرّر عليه بل يكفيه حجة واحدة صحيحة و كذا لو تكرر إفساد القضاء [- ك -] لو عقد المحرم لمثله على امرأة و دخل المحرم وجب على العاقد كفارة كما يجب على الواطئ و كذا لو كان العاقد محلا على إشكال [- كا -] لو نظر إلى غير أهله فأمنى لم يفسد حجّه و وجب عليه بدنة و إن لم يكرر النظر فإن عجز فبقرة فإن عجز فشاة و لو كرر النظر حتى أمذى لم يجب عليه شيء و لو كرره و لم يقترن به مني و لا مذي لم يكن عليه شيء و إن جرّدها و لو فكر فأنزل لم يكن عليه شيء [- كب -] لو نظر إلى أهله من غير شهوة لم يكن عليه شيء و إن أمنى و لو كان بشهوة فأمنى كان عليه بدنة [- كج -] لو مسّ امرأته بشهوة كان عليه دم شاة سواء أمنى أو لا و إن كان بغير شهوة لم يكن عليه شيء و إن أمنى و الحجّ صحيح على كل التقادير سواء كان قبل الموقفين أو بعدهما [- كد -] لو قبل امرأته بشهوة كان عليه جزور و إن كان بغير شهوة كان عليه شاة و لا يفسد حجه على كلّ تقدير سواء كان قبل الموقفين أو بعده أنزل أو لم ينزل و لم يشترط الشيخ في البدنة الإنزال و شرطه ابن إدريس و لو لم ينزل كان عليه دم شاة كما لو قبّلها بغير شهوة و عندي في ذلك تردّد و قال المفيد من قبّل امرأته و هو محرم فعليه بدنة أنزل أو لم ينزل فإن هويت المرأة ذلك كان عليها مثل ما عليه و يكره للمحرم أن يأكل من يد امرأته أو جاريته شيئا تلقمه إياه [- كه -] من لاعب امرأته فأمنى كان عليه بدنة و هل يجب عليه الكفارة نصّ في المبسوط و التهذيب عليه و هو رواية عبد الرحمن بن الحجاج الصحيحة عن الصّادق ع [- كو -] لو سمع كلام امرأة أو أسمع على من يجامع من غير رؤية لهما فتشاهى فأمنى لم يكن عليه شيء و لو كان برؤية وجبت عليه الكفارة [- كز -] قد بيّنا أنه إذا أفسد حجّه وجب عليه إتمام الفاسد و لا يجعل الحج عمرة و لا يحلّ من الفاسد بل يجب عليه أن يفعل بعد الإفساد كما يفعله لو كان صحيحا و لا يسقط عنه توابع الوقوف من المبيت بمزدلفة و الرمي و غيرهما و يحرم عليه بعد الإفساد كل ما كان محرما عليه قبله من الوطء ثانيا و قتل الصيد و الطيب و غير ذلك من المحرمات و لو جنى في الإحرام الفاسد وجب عليه ما يجب في الإحرام الصّحيح و يجب القضاء من قابل سواء كانت الفاسدة واجبة بأصل الشرع أو بالنذر و شبهه أو تطوعا و يجب على الفور و لو أفسد القضاء لم يجب قضاؤه بل يقضي عن الحج الأول و لو جامع قبل عرفة ثم بعده قبل مزدلفة وجب قضاء واحد و بدنتان [- كح -] لو أحصر في حجّ فاسد فله التحلل فلو حل ثم زال الحصر و في الوقت سعة فله أن يقضي في ذلك العام و لا يتصور القضاء في العام الذي فسد فيه الحجّ في غير هذه الصّورة و لو حج تطوّعا فأفسده ثم أحصر كان عليه بدنة للإفساد و دم للإحصار و كفارة قضاء واحد في القابل

المطلب الثّالث فيما يجب بالطيب و الادهان

و فيه [- ه -] بحثا [- ا -] من تطيّب عامدا وجب عليه دم سواء استعمله اطّلاء أو صبغا أو بخورا أو في الطعام و سواء استعمله في عضو كامل أو بعضه و سواء مسّت الطعام النّار أو لا و لا بأس بخلوق الكعبة و زعفرانها و الفواكه كالأترج و التفاح و الرياحين على ما بيناه و لو كان ناسيا أو جاهلا

ص: 120

بالتحريم لم يكن عليه شيء [- ب -] لا فرق بين الابتداء و الاستدامة فلو تطيب ناسيا ثم ذكر وجبت الإزالة و لو لم يزله وجب الدم و يجب الكفارة بنفس الفعل فلو أزاله بسرعة وجبت الكفارة مع فعله عمدا و إن لم يستدم الطّيب [- ج -] من تطيب عامدا وجب عليه إزالته بسرعة و يستحبّ أن يستعين في غسله بحلال لئلا يباشره و لو غسله بيده جاز و لو فقد الماء مسحه بالتراب أو بالحشيش أو ورق الشجر [- د -] يجوز له شراء الطيب و بيعه لا استعماله و لا شمّه و كذا يشتري المخيط و الجواري [- ه -] من استعمل الدهن الطيب حال الإحرام وجب عليه دم شاة مع العمد و لا شيء مع النسيان و يجب الكفارة للمضطر عند الشيخ

المطلب الرّابع فيما يجب باللّبس و التظليل

و فيه [- ط -] بحثا [- ا -] إذا لبس المحرم ثوبا لا يحلّ له لبسه عمدا وجب عليه دم شاة و لا فرق بين قليل اللبس و كثيره فلا يشترط لباس يوم و ليلة [- ب -] الاستدامة في اللبس كالابتداء فلو لبس ناسيا ثم ذكر وجب خلعه فإن لم يفعل وجب الفداء و ينزعه من أسفله لا من رأسه [- ج -] لو لبس مع الذكر وجبت الفدية بمجرّد الفعل و إن لم يستدمه و لو نزعه من رأسه فعل حراما و تجب الفدية إن قلنا إنه تغطية و إلا فلا [- د -] لو لبس ثيابا كثيرة دفعة وجب عليه فداء واحد و لو كان في مرّات متعددة وجب لكلّ ثوب دم من غير تداخل مع تعدد المجلس [- ه -] لو احتاج إلى اللبس لبس و عليه الفداء و لو اضطرّ إلى لبس الخفين و الجوربين لبسهما قال الشيخ و لا شيء عليه [- و -] لو لبس قميصا و عمامة و خفّين و سراويل وجب عليه لكل واحد فدية [- ز -] إذا لبس ثمّ صبر ساعة ثم لبس شيئا آخر ثم لبس بعد ساعة أخرى وجب عليه عن كلّ لبسة فدية سواء كفّر عن الأولى أو لا [- ح -] لو لبس ناسيا أو جاهلا ثم ذكر أو علم فنزع لم يكن عليه شيء و المكره لا فدية عليه أيضا [- ط -] من غطى رأسه وجب عليه دم شاة و كذا لو ظلل على نفسه حال سيره و لو فعلهما للحاجة أو الضرورة وجبت الفدية و لا شيء على الناسي و الجاهل و المكره إذا أزاله بعد زوال الأعذار

المطلب الخامس في حلق الرأس و قصّ الأظفار

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] إذا حلق المحرم رأسه متعمدا وجب عليه الفداء سواء كان لأذى أو لغيره و لو فعله ناسيا لم يكن عليه شيء و كذا النائم لو قلع شعره أو قربه من النار فأحرقه أما الجاهل فأوجب الشيخ عليه الفدية و عندي فيه نظر [- ب -] الكفارة إما صيام ثلاثة أيام أو دم شاة أو الصّدقة على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع و قيل عشرة لكلّ مسكين مدّ و يتخير المكفّر بين الثلاثة سواء كان لعذر أو غيره [- ج -] يجزي البرّ و الشعير و الزبيب في الفدية و تجب الفدية بما يطلق عليه اسم حلق الرأس [- د -] لا فرق بين شعر الرأس و بين شعر سائر البدن في وجوب الفدية و إن اختلف مقاديرهما فلو نتف إبطيه جميعا وجب عليه دم شاة و لو نتف إبطا واحدا وجب عليه إطعام ثلاثة مساكين و لا يجب به الدم و لو مس رأسه أو لحيته فسقط منهما شيء من الشعر أطعم كفا من طعام و لو فعله في وضوء الصلاة لم يكن عليه شيء [- ه -] اختلف قول الشّيخ في المحرم هل له أن يحلق رأسه المحلّ فجوزه في الخلاف و لا ضمان و منعه في التهذيب [- و -] لو قلع جلدة عليها شعر لم يكن عليه ضمان و لو خلل شعره فسقطت شعرة فإن كانت ميتة فلا ضمان و كذا لو شك و لو كانت ثابتة وجبت الفدية [- ز -] يباح حلق الرأس لأذى و عليه الفدية و يتخيّر بين التكفير قبل الحلق و بعده [- ح -] لو ذبح الشاة في كفارة الحلق لم يبح له أكل شيء منها و يدفعها إلى المساكين [- ط -] يحرم على المحرم قصّ أظفاره و يجب به الفدية مع العمد ففي الظفر الواحد مدّ من طعام و في الظفرين مدّين و في الثلاثة ثلاثة أمداد و كذا فيما زاد إلى العسرة فيجب بها دم و لا شيء على الناسي و الجاهل [- ي -] لو قصّ بعض الظفر وجب عليه ما يجب في جميعه طال أو قصر [- يا -] لو قص أظفار يديه و رجليه معا فإن اتحد المجلس وجب دم واحد و إن كان في مجلسين وجب دمان [- يب -] من أفتى غيره بتقليم ظفره فقلمه فأدماه وجب على المفتي دم شاة

المطلب السّادس في كفارة باقي المحظورات

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] إذا رمى المحرم القملة من جسده أو قتلها وجب عليه كف من طعام سواء كان عمدا أو سهوا أو خطأ [- ب -] يجب في قطع الشجرة الكبيرة من الحرم بقرة و في الصغيرة شاة و في أبعاضها قيمة و عندي فيه نظر [- ج -] من جادل مرّة أو مرّتين صادقا حال إحرامه لم يكن عليه شيء و يجب عليه التوبة فإن جادل ثلاثا وجب عليه دم شاة و لو جادل مرة كاذبا وجب عليه دم شاة فإن جادل مرّتين وجب عليه بقرة فإن جادل ثلاثة فجزور و لا شيء حال النسيان في الصدق و الكذب [- د -] قد بيّنا أن الجدال هو قول الرجل لا و اللّٰه و بلى و اللّٰه و يتحقق الجدال بواحدة منهما لا بمجموع اللفظين [- ه -] لا كفارة في الكذب سوى الاستغفار و لا في لبس السّلاح مع الخوف [- و -] قال الشيخ إذا اقتتل اثنان في الحرم لزم كل واحد منهما دم

المطلب السّابع في اللواحق

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] إذا اجتمعت أسباب مختلفة كاللبس و تقليم الأظفار و الطيب تعدّدت الكفارة اتحد الوقت أو تكرّر كفر عن الأول أو لا و لو اتحد الفعل

ص: 121

فأقسامه ثلاثة إتلاف على وجه التعديل كقتل الصيد فإنه يعدل به و يجب فيه مثله و يختلف بالصّغر و الكبر فتتكرر الكفارة بتكرره و إتلاف مضمون لا على وجه التعديل كحلق الشعر و قلم الأظفار فإن فعل أحدهما دفعة واحدة في وقت واحد وجب فدية واحدة و إن فعل ذلك في أوقات كأن يحلق بعض رأسه غدوة و بعضه عشية وجبت فديتان الثالث الاستمتاع باللباس و الطيب و القبلة فإن فعله دفعة فكفارة واحدة و إلا تعدّدت كفّر عن الأوّل أو لا [- ب -] لو جنّ بعد إحرامه فجامع قبل الموقفين لم يفسد حجّه و لو صاد لزمه الضمان بخلاف غيره [- ج -] الصّبي إذا قتل صيدا ضمنه و إن تطيب أو لبس ناسيا لم يكن عليه شيء و إن كان عامدا فإن قلنا عمده و خطؤه واحد فكذلك و إلا وجبت الكفارة و قد تردّد الشيخ و مع وجوبها هل يجب في ماله أو على الولي إشكال و لو جامع بشهوة فإن قلنا إن عمده عمد فسد حجه إن كان قبل الوقوف و إلا فبدنة على الولي أو في ماله على التردد و إن قلنا إنه خطأ لم يكن عليه شيء و مع القول بإفساد الحج ففي وجوب القضاء وجهان أقربهما السقوط و مع القول بوجوبه ففي إجزائه حال صغره تردّد و إذا أوجبت القضاء لو قضى حال البلوغ فهل يجزئه عن حجة الإسلام الوجه التفصيل و هو أن يقال إن كانت الحجة التي أفسدها لو صحّت إجزاؤه بأن يكون قد بلغ قبل مضي وقت الوقوف أجزأه القضاء و إلا فلا [- د -] لو خرجت قافلة الحجّ فأغمي على واحد منهم لم يصر محرما بإحرام غيره عنه [- ه -] لو قبل امرأته بعد طواف النساء فإن كانت قد طافت فليس عليهما شيء و إن كانت لم تطف فقد روى معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه السّلام أن على الرّجل دما يهريقه عنها [- و -] لو أحصر فبعث بهديه ثم احتاج إلى الحلق لأذى قبل أن يبلغ الهدي محلّه جاز له الحلق و يكفّر بالنسك أو الصّيام أو الصدقة [- ز -] لو قلع ضرسه مع الحاجة لم يكن عليه شيء و إن كان لا معها وجب عليه دم شاة قاله الشيخ لرواية مرسلة

المقصد الثاني عشر في الحصر و الصّد و الفوات
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الصّد

و فيه [- كد -] بحثا [- ا -] الحصر هو المنع عن تتمة أفعال الحج بالمرض خاصة و الصد بالعدو [- ب -] إذا تلبس الحاج بالإحرام و صار محرما ثم صد عن الوصول إلى مكة و لا طريق سواه أو كان لكن قصرت نفقته عنها تحلل سواء كان الإحرام للحج أو العمرة [- ج -] لو كان له طريق سوى موضع الصّد و معه نفقة تكفيه وجب عليه سلوكها و لم يجز له التحلّل سواء بعدت أو قربت خاف الفوات أو لا لأنّه إنما يجوز التحلل بالصد لا بخوف الفوات و هو غير مصدود عن الأبعد فيسلكه و يمضي في إحرامه فإن كان محرما بعمرة لم يفت و إن كان بحج صبر حتى يتحقق الفوات ثم يتحلل بعمرة فليس له التحلّل و الإتيان بالعمرة بمجرد خوف الفوات فإذا مضى على تلك الطريق و أدرك الحج أتمّه فإن فاته تحلل بعمرة و لو قصرت نفقته جاز له التحلّل و كذا لو لم يكن طريق سوى موضع الصّد فإنه يحل و يرجع إلى بلده [- د -] إنما يتحلل المصدود بالهدي و نية التحلّل معا و لو نوى التحلّل قبل الهدي لم يتحلّل و كان على إحرامه حتى ينحر الهدي و لا فدية عليه في نية التحلّل فإن فعل شيئا من المحظورات قبل الهدي فعليه الفداء [- ه -] لا بدل لهدي التحلل فلو عجز عنه و عن ثمنه لم ينقل إلى غيره و بقي على إحرامه و لو تحلل لم يحل [- و -] هل يجب عليه الحلق أو التقصير مع ذبح الهدي فيه تردد مع قرب الوجوب [- ز -] خصّ بعض أصحابنا وجوب الهدي بالمحصور لا بالمصدود و قواه ابن إدريس و الأقرب الأوّل [- ح -] لو ساق المصدود في إحرامه هديا قبل الصّد ثم صدّ هل يكفيه هدي السّياق عن هدي التحلل قولان أحدهما الإجزاء و هو الأقرب [- ط -] لا يتعيّن مكان لنحر هدي التحلل في المصدود بل يجوز نحره موضع الصّد سواء كان حلاّ أو حرما و لو قدر على الحرم ففي وجوب البعث إليه تردّد [- ي -] و كما لا يتعيّن بمكان فكذا لا يختصّ بزمان بل متى صدّ جاز الذبح في الحال و الإحلال [- يا -] إذا منع عن الوصول إلى مكة قبل الموقفين فهو مصدود و كذا لو صدّ عن الوقوف بالموقفين قال الشيخ و كذا لو منع من إحدى الموقفين أما لو منع عن رمي الجمار و المبيت بمنى لم يكن مصدودا و أتم حجّه فيتحلل و يستنيب من يرمي عنه و لو منع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة و السعي كان له أن يتحلل و أن يبقى على إحرامه فإن بقي و لحق أيام منى رمى و حلق و ذبح و إلا أمر من ينوب عنه فإذا تمكن رجع إلى مكة فطاف طواف الحج و سعيه و قد تمّ حجه و لا قضاء و إن تحلل كان عليه الحج من قابل و لو تمكن من البيت و صدّ عن الموقفين أو أحدهما جاز له التحلل و البقاء فإن أقام على إحرامه حتى فاته الوقوف فاته الحجّ و تحلل بعمرة و لا دم عليه لفوات الحج و هل يجوز له أن يفسخ نية الحجّ و يجعله عمرة قبل الفوات فيه إشكال و لو طاف و سعى للقدوم ثم صدّ حتى فاته الحج طاف و سعى ثانيا لعمرة أخرى و لا يجزي بالطواف الأوّل و سعيه لأنه لم يقصد به طواف العمرة و لا سعيها و يجزي بالإحرام الأوّل [- يب -] إذا تحلّل و فاته الحج وجب عليه القضاء

ص: 122

في العام المقبل إن كان الفائت واجبا و إلا فلا و كذا العمرة [- يج -] لا فرق بين الصدّ العام و الخاص و لو حبس بدين و هو قادر على أدائه لم يكن مصدودا و لم يجز له التحلل و لو كان عاجزا عنه تحلّل و كان مصدودا و كذا يتحلل لو حبس ظلما و لو كان عليه دين يحل قبل قدوم الحاج فقدم الحاج فمنعه صاحب الدّين من الحج كان له التحلّل [- يد -] لو أحرم العبد بغير إذن سيده أو الزوجة تطوعا بغير إذن زوجها كان للمولى و الزّوج منعهما من إتمام الحج و تحللا و لا دم عليهما [- يه -] يستحب له تأخير الإحلال لجواز زوال العذر فإذا أخّر و زال العذر قبل تحلله وجب عليه المضي في إتمام نسكه و لو خشي الفوات لم يتحلل و صبر حتى يتحقق ثم يتحلّل بعمرة و لو صابر ففات الحج لم يكن له أن يتحلّل بالهدي و وجب عليه أن يتحلّل بعمرة و عليه القضاء إن كان واجبا و إلا فلا و لو فات الحج ثم زال الصدّ بعده فعليه أن يتحلل بعمرة و لا دم عليه لفوات الحج [- يو -] لو غلب على ظنّه انكشاف العدوّ قبل الفوات جاز له التحلّل و يستحب البقاء على الإحرام فإن انكشف العدوّ أثم و لو اتفق الفوات أحلّ بعمرة [- يز -] لو صدّ فأفسد حجّه جاز له التحلل و وجب عليه دم للتحلل و بدنة للإفساد و القضاء [- يح -] يستحبّ للمحرم أن يشترط على ربّه حال الإحرام كما بيناه فإذا شرط أن يحل متى مرض أو ضاعت نفقته أو نفدت أو منعه ظالم أو غير ذلك من الموانع فإنّه يحل متى وجد ذلك إجماعا و هل يسقط الهدي قال الشيخ لا و قال المرتضى يسقط و لا تأثير للشرط في سقوط الحج من قابل مع وجوبه [- يط -] ينبغي أن يشترط ما له فائدة مثل أن يقول إن مرضت أو فني مالي أو ضاق علي الوقت أو منعني العدوّ و لو قال أن تحلني حيث شئت فليس له ذلك و لو قال أنا أرفض إحرامي و أحلّ فلبس الثياب و ذبح الصّيد و عمل ما يعمل الحلال من غير صدّ أو حصر أو إتمام لم يحل و وجب عليه عن كلّ فعل كفارة و ليس عليه لرفضه للإحرام شيء [- ك -] الصاد لأهل الحجّ إن كانوا مسلمين فالأولى الانصراف عنهم إلا أن يدعو الإمام أو من نصبه إلى قتالهم و يجوز من غير دعاء و إن كانوا مشركين لم يجب قتالهم قال الشيخ و لا يجوز أيضا سواء كانوا قليلين أو كثيرين أو المسلمون أقل أو أكثر مع أنه قال في جانب المسلمين الأولى ترك قتالهم و هو مشعر بجوازه و الأولى استحبابه مع الظن بالظفر [- كا -] لو احتاج الحاج إلى لبس السلاح و ما يجب فيه الفدية لأجل الحرب جاز و عليه الفدية و لو قتلوا أنفسا أو أتلفوا أموالا فلا ضمان فإن كان هناك صيد فقتله الحاج فإن كان لأهل الحرب ففيه الجزاء دون القيمة و إن كان لمسلم أو لا لمالك كان فيه الجزاء و القيمة [- كب -] لو بذل العدوّ الطريق و هم معروفون بالعذر جاز الانصراف و إلا وجب السّلوك و لو طلب العدوّ مالا على بذل الطريق و هم غير مأمونين لم يجب قطعا و إن كانوا ممن يوثق بقولهم و إن كان المال كثيرا كره بذله و إن كان قليلا قال الشيخ لا يجب بذله و جاز التحلل [- كج -] إذا تحلل المصدود قضى أما وجب عليه خاصة فإن كان حجا لم يجب عليه عمرة بل الحج و كذا بالعكس [- كد -] الصّدقة تتحقق في العمرة

الفصل الثاني في المحصور

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] الحصر هو المنع بالمرض عن مكة أو عن الموقفين فمتى منع الحاج بعث هديه مع أصحابه ليذبحوه عنه في موضع الذبح فإن كان قد ساق هديا بعث ما ساقه و إلا بعث هديا أو ثمنه و لا يحل حتى يبلغ الهدي محله و هو منى إن كان حاجّا و مكة إن كان معتمرا فإذا بلغ الهدي محله قصر من شعر رأسه و أحل من كل شيء إلا من النّساء إلى أن يطوف للنساء في القابل إن كان واجبا أو يأمر من يطوف عنه إن كان الحج ندبا فيحل له النساء حينئذ [- ب -] لو وجد المحصور من نفسه خفة بعد أن يبعث هديه و أمكنه المسير إلى مكة فليلتحق بأصحابه فإن أدرك أحد الموقفين في وقته فقد أدرك الحجّ و ليس عليه الحجّ من قابل و إن لم يدركهما فاته الحج و قضاه [- ج -] إذا لم يبعث الهدي بعث الثمن و واعد أصحابه ليشتروه و يذبحوه يوم المواعدة و يبقى على إحرامه إلى ذلك اليوم فيقصر و يحلّ من كل شيء إلا النّساء فلو ردوا عليه الثمن و لم يكونوا وجدوا الهدي أو وجدوه و لم يشتروه و لا ذبحوه عنه لم يبطل تحلله و وجب عليه أن يبعث به في العام المقبل ليذبح عنه في موضع الذبح قال الشيخ و يجب عليه أن يمسك عما يمسك عنه المحرم إلى أن يذبح عنه و منع ابن إدريس ذلك كل المنع قال الشيخ و من بعث بهدي تطوّعا من أفق من الآفاق فليواعد أصحابه يوما بعينه بإشعاره و تقليده و ذبحه ثم ليجتنب ما يجتنبه المحرم من النساء و الثياب و الطيب و غيرها يوم المواعدة بالإشعار إلا أنه لا يلبّي فإن فعل شيئا مما يحرم عليه كان عليه الكفارة كما يجب على المحرم سواء فإذا كان يوم المواعدة بالذّبح أحل و منع ابن إدريس ذلك [- د -] المحصور إذ احتاج إلى حلق رأسه لأذى ساغ له و فداه [- ه -] لا فرق في حكم الإحصار بين الحاج و المعتمر و يقضيان الحج و العمرة مع وجوبهما وجوبا و إلا نفلا و لو كان

ص: 123

المحصور قد أحرم بالحج قارنا لم يكن له أن يحج في القابل إلا كذلك و جوزه ابن إدريس و الأقرب الإتيان بما هو واجب عليه و إن كان نقلا أحرم بمهما شاء و إن كان الأفضل الإتيان بمثل ما خرج عنه [- و -] إذا ساق المحصور هديا كفاه بعثه و أوجب ابنا بابويه و ابن إدريس هديا آخر للإحصار [- ز -] لو اشترط على ربّه جاز له أن يحل وقت بلوغ الهدي محله و هو يوم العيد إلا من النساء من دون إنفاذ هدي و لا ثمنه إلا أن يكون ساقه و أشعره أو قلده [- ح -] قال ابن إدريس المحصور يفتقر إلى نية التحلّل كما دخل في الإحرام بنيته

الفصل الثالث في حكم الفوات

و فيه [- ي -] بحثا [- ا -] قد بينا فوات الحج لمن فاته الموقفان معا فإذا فات الحج تحلّل بطواف و سعى و حلق و هو عمرة مفردة و يسقط بقية أفعال الحج من الرمي و المبيت و لا يمضي في حج فائت و لا بد من نية الاعتماد [- ب -] يستحب له مع فوات الحجّ المقام بمنى إلى انقضاء أيام التشريق و ليس بفرض [- ج -] لا يجب على فائت الحج الهدي و نقل الشيخ عن بعض أصحابنا الوجوب و لو كان قد ساق هديا نحره بمكة لتعيينه للإهداء و مع القول بالوجوب لو لم يسبق لا يجوز تأخيره إلى القابل فلو أخره عصى فإذا قضى وجب عليه ذبحه و لا يجزئه عن هدي القضاء [- د -] إذا كانت دم الفائت واجبا وجب القضاء و لا يجزئه عمرة التحلل و إن لم يكن واجبا لم يجب القضاء و لو كان حجة الإسلام وجب القضاء على الفور [- ه -] من فاته الحج الواجب وجب قضاؤه كما فاته تمتّعا أو قرانا أو إفرادا [- و -] لا يحتاج من فاته الحج إلى تجديد إحرام لعمرة التحلل [- ز -] عمرة التحلل لا تسقط عمرة الإسلام إن كانت الفائتة حجة الإسلام [- ح -] لو أراد فائت الحج البقاء على إحرامه إلى القابل ليحجّ به لم يجز له و وجب عليه التحلّل بالعمرة [- ط -] المكي و غيره سواء في وجوب الهدي بالفوات و عدم وجوبه بخلاف دم التمتع [- ي -] العمرة المفردة لا تفوت بخلاف المتمتع بها

المقصد الثالث عشر في أحكام النساء و العبيد و الصبيان و النائب في الحج
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في أحكام النساء

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] الحج واجب على النساء كوجوبه على الرجال و ليس للزوج منعها عن الواجب لحجّة الإسلام و النذر و شبهه و ما وجب بالإفساد و له منعها عن التطوّع إجماعا و لو أذن لها فيه جاز له الرجوع ما لم يتلبس بالإحرام فلو تلبست بعد رجوعه جاز له أن يحللها و هل يلزمها الهدي كالمحصر الوجه عدمه و لو تلبست بإذنه لم يكن له الرجوع في الإذن و لو تلبّست من غير إذنه في التطوّع جاز له أن يحللها [- ب -] لو كانت حجة الإسلام و لم تستكمل الشرائط جاز له منعها من الخروج إليها و التلبس بها فلو أحرمت بغير إذنه و الحال هذه ففي جواز تحليلها تردّد [- ج -] لو نذرت الحج بغير إذن الزّوج لم ينعقد نذرها و لو كان بإذنه لزم و كان كحجة الإسلام [- د -] حكم المطلقة رجعيّا حكم الزوج ما دامت في العدة فلو خرجت منها أو كانت المطلقة بائنة كان أمرها بيدها [- ه -] إذا خرجت في حجة الإسلام بإذنه فقدر نفقة الحضر عليه و الزائد لأجل السفر عليها و كذا لو حجت بغير إذن الزّوج في الواجب أو بإذنه في التطوع و لو أفسدت حجها فإن مكنت زوجها من وطئها مختارة قبل الوقوف بالمشعر لزمها القضاء و الكفارة في مالها و كذا ما زاد على نفقة الحضر و لو خرجت في التطوع بغير إذنه كانت النفقة أجمع عليها [- و -] جميع ما يجب على الرّجل من أفعال الحجّ و تروكه فهو واجب على المرأة إلا في لبس المخيط و لا يجوز لها تأخير الإحرام عن وقت لمكان الحيض بل يحرم و إن كانت حائضا و تحتشي و تتوضأ و لا تصلي و المستحاضة تفعل ما يلزمها من الأغسال إن وجبت عليها ثم تحرم عند الميقات و النفساء كالحائض [- ز -] لو تركت الإحرام نسيانا أو ظنت عدم جوازه رجعت مع المكنة و أحرمت منه و لو عجزت أو ضاق الوقت خرجت إلى أدنى الحل و أحرمت و إن عجزت أحرمت من موضعها [- ح -] إذا دخلت المرأة مكة طافت و سعت و قصرت كما يفعل الرجل ثم أحرمت بالحجّ و لو حاضت قبل الطواف انتظرت الموقفين فإن طهرت و تمكّنت من الطواف و السعي و التقصير و إنشاء الإحرام للحج و إدراك عرفة صحّ لها التمتّع و إلا بطلت متعتها و صارت حجها مفردة و لا يجب عليها تجديد الإحرام و لا الدّم و كل متمتع خشي فوات الحجّ باشتغاله بالعمرة رفض العمرة و صارت حجته مفردة [- ط -] لو حاضت في أثناء طواف العمرة فإن كانت قد طافت أربعة أشواط قطعته و سعت و قصرت ثم أحرمت بالحج و صحّت متعتها فإذا فرغت من المناسك و طهرت تممت الطواف و منع ابن إدريس من ذلك و لو طافت أقل من أربعة كان حكمها حكم من لم يطف عند الشيخ و قال ابن بابويه لو حاضت بعد ثلاثة أو أقل جاز البناء و صحت المتعة و به رواية صحيحة و لو حاضت بعد الطواف قبل الصّلاة سعت و قضتها بعد المناسك و ليس عليها إعادة الطواف [- ي -] لو حاضت في إحرام الحج قبل طواف الزيارة أقامت بمكة حتّى تطهر وجوبا و تطوف و كذا لو كان قبل طواف النساء و لو كانت قد طافت من طواف النساء أربعة

ص: 124

أشواط جاز لها الخروج من مكة [- يا -] الحائض تودع البيت من باب المسجد و لا يجوز لها دخوله [- يب -] يجوز لها إذا خافت الحيض بعد أفعال العمرة تقديم طواف الزيارة و النساء و منعه ابن إدريس [- يج -] العليلة يجوز أن يطاف بها و لو عجزت طاف عنها وليها و يحرم عنها وليها إذا لم يفعل عند الإحرام و لو كان على الحجر زحام جاز لها ترك الاستلام [- يد -] المستحاضة تطوف بالبيت كالطاهر إذا فعلت ما تفعله المستحاضة و يكره لها دخول الكعبة [- يه -] لو طلقت بعد إحرام الحجّ وجب عليها العدّة فإن ضاق الوقت خرجت لقضاء الحجّ ثم عادت فأتمت العدّة إن بقي عليها شيء و إن كان الوقت متسعا أو كانت محرمة بعمرة فإنها تقيم و تقضي عدتها ثمّ تحجّ و تعتمر قاله الشيخ و الوجه التفصيل فإن كانت حجة الإسلام مضت فيها في أيام العدّة [- يو -] المتوفى عنها زوجها يجوز لها أن تخرج في الحج و إن كان تطوعا

الفصل الثّاني في أحكام العبيد و الصبيان و الكفار في الحج

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] لا يجوز للعبد الحج بغير إذن مولاه و كذا المكاتب و المدبر و أم الولد و من انعتق بعضه و مع الإذن لا يجزئه عن حجة الإسلام لو انعتق ما لم يدركه العتق قبل أحد الموقفين و الزوجة المملوكة ليس لها أن تخرج للحجّ إلا بإذن مولاها و زوجها معا فلو كره أحدهما وجب الامتناع و لو انعتق بعضه و هايأه مولاه قال الشيخ يمكن القول بانعقاد إحرامه فيها و صحة حجّه بغير إذن سيّده [- ب -] إحرام العبد بإذن مولاه صحيح و كذا الصّبي فلو بلغ أو أعتق العبد فإن كان بعد فوات الموقفين أتما حجتهما و لم يجزئهما عن حجة الإسلام و إن كملا قبل الموقفين أجزأهما عن حجة الإسلام و لا يحتاج الصّبي إلى تجديد إحرام و إن كان البلوغ و العتق بعد الوقوف و قبل فوات وقته بأن كملا قبل فجر النحر رجعا إلى عرفات و المشعر إن أمكنهما و إلا أجزأهما المشعر ثم كل موضع يجزئهما عن حجة الإسلام فإنه يلزمهما الدّم إذا كانا متمتعين و إلا فلا [- ج -] الكافر يجب عليه الحج و لا يصحّ منه إلا بشرط تقدم الإسلام فلو مرّ الكافر على الميقات مريدا للنسك و أحرم منه لم يصحّ إحرامه و لو مات على كفره فلا حكم له و لو أسلم بعد مضي زمان الوقوف سقط في تلك السنة و إلا وجب مع المكنة [- د -] المخالف للإماميّة من أهل القبلة إذا حجّ ثم استبصر فإن كان قد أتى بأركان الحج و أفعاله أجزأ عنه و يستحبّ له إعادته (- ح -) و إن كان قد أخل بشيء من أركانه وجب عليه الإعادة و المراد بالركن هنا ما يعتقد أهل الحقّ أن الإخلال به مبطل للحج و كذا باقي العبادات إذا أوقعها على وجهها لا يجب عليه قضاؤها سوى الزكاة إلا أن يدفعها إلى أهل الحق [- ه -] من شهد المناسك و هو سكران لم يحصل شيئا لم يصحّ حجّه و وجب عليه الإعادة و إن كان محصّلا إتيانها على وجهها فالوجه الإجزاء و الشيخ أطلق عدم الإجزاء و الظاهر أن مراده التفصيل

الفصل الثّالث في حجّ النّائب

و فيه [- لد -] بحثا [- ا -] لا يجوز للمستطيع مع التمكن أن يستنيب غيره في الإتيان بالحج الواجب كالإسلام و النذر و أما التطوّع فإن كان المستأجر صرورة جاز أن يستنيب و كذا إن كان غير صرورة مع العجز عن المتطوع و القدرة عليه [- ب -] لو عجز عن أداء الحج الواجب بنفسه و أمكنه إقامة غيره ليحجّ عنه ففي وجوب الاستنابة قولان تقدما و لو لم يجد مالا يقيم به غيره سقط إجماعا و كذا لو وجد مالا و لم يجد النائب [- ج -] يصح الاستيجار للحجّ و تبرأ ذمّة المستأجر إذا كان ميتا أو ممنوعا و يقع حج النائب عن المستأجر لا الأجير [- د -] يشترط في النائب العقل و البلوغ و الإسلام و أن لا يكون عليه حج واجب و الأقرب اشتراط العدالة و يجوز أن يحجّ الرّجل عن مثله و عن المرأة و المرأة عن مثلها و عن الرجل سواء كانت المرأة أجنبيّة أو من أقارب الرّجل و سواء أخذت أجرة أو لا و سواء كانت صرورة أو لم تكن و منع الشيخ في كتابي الأخبار من نيابة المرأة الصرورة و ليس بمعتمد و فاقد الاستطاعة يجوز أن يحجّ عن غيره و إن لم يحج حجة الإسلام سواء تمكن من الحجّ من غير استطاعة أو لم يتمكن و يستحق الأجرة [- ه -] من فقد الاستطاعة و هو صرورة و تمكّن من الحجّ تطوعا جاز له ذلك و يقع عن التطوع و لو نوى حجا منذورا عليه صحّ عن النذر و لا يقع عن حجة الإسلام و لو أحرم بحجة التطوّع و عليه منذورة فإن تعلق النذر بزمان معيّن لم يقع [لم يجز إيقاع] التطوّع فيه فإن أوقعه بنية التطوّع بطل و لم يجزئ عن المنذورة و إن لم يتعلّق بزمان معيّن لم يقع عن المنذورة و هل يقع تطوّعا فيه إشكال [- و -] العبد المأذون له في النيابة تصحّ نيابته عن الحرّ في التطوّع و الواجب [- ز -] لا يجوز النيابة عن المخالف في الاعتقاد إلا أن يكون أبا للنائب قاله الشيخان و منع ابن إدريس الاستثناء [- ح -] يشترط في النيابة نية النّائب عن المنوب عنه بالنّية أو الذكر و يستحبّ له أن يذكره لفظا في الأفعال

ص: 125

كلها و كذا من طاف عن غيره يستحب أن يذكره عند الطواف [- ط -] لا يجوز الحج و العمرة عن حي إلا بإذنه سواء كان الحج فرضا أو نفلا و يجوز عن الميّت مطلقا [- ي -] من استأجر غيره ليحج عنه حجة الإسلام فمات النائب فإن كان بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأ عن المنوب عنه و إن كان قبل ذلك لم يجزئ و اجتزأ في الخلاف بالإحرام خاصة و هو اختيار ابن إدريس و الأول أقوى و لا يجب على الورثة ردّ شيء من الأجرة و لو مات قبل دخول الحرم فللشيخ قولان أحدهما أنه يستعاد منه الأجرة بكمالها و الثاني يستحق من الأجرة بقدر ما عمل و يستعاد الباقي و اختاره ابن إدريس ثم رجع عنه إلى الأوّل [- يا -] لو صد الأجير عن بعض الطّريق قال الشيخان عليه مما أخذ بقدر نصيب ما بقي من الطريق التي يؤدي فيها الحجّ إلا أن يضمن العود لأداء ما وجب و الأقوى عندي الرجوع عليه بالمتخلف إن وقعت الإجارة على تلك السّنة و لا يجب على المستأجر الإجابة في قضاء الحجّ ثانيا و إن وقعت مطلقة وجب عليه الإتيان بها مرة ثانية و ليس للمستأجر فسخ الإجارة و كانت الأجرة بكمالها للأجير قال الشيخ إذا أحصر الأجير تحلل بالهدي و لا قضاء عليه أما المستأجر فإن تطوّع فكذلك و إلا وجب أن يستأجر مرة ثانية و يلزم الأجير ردّ باقي الأجرة أو يضمن الحج ثانيا [- يب -] إذا أحصر الأجير جاز له التحلل بالهدي و يقع ما فعله من المستأجر و يظهر من كلام الشيخ وقوعه عن المحصر و الدم على الأجير و لو أقام محرما حتى فات الحج تحلّل بعمرة و لا يستحق الأجرة على ما فعله من وقت الوقوف إلى التحلل [- يج -] لو أفسد الأجير حج النيابة قال الشيخ وجب قضاؤها عن نفسه و كانت الحجة باقية عليه ثم إن كانت الحجة معينة انفسخت له الإجارة و لزم المستأجر الاستيجار ثانيا و إن كانت مطلقة لم ينفسخ و على الأجير أن يأتي بحجّ آخر في المستقبل عن المستأجر بعد أن يقضي الحجة التي أفسدها عن نفسه و ليس للمستأجر فسخ الإجارة عليه و الحجة التي أفسدها انقلبت عن المستأجر إليه و صار محرما بحجة عن نفسه فاسدة فعليه قضاؤها عن نفسه في العام الثاني ثم يحجّ عن المستأجر في الثّالث و نحن نقول إن كانت الفاسدة حجة الإسلام و الثانية عقوبة برئت ذمّة المستأجر بإكمالها و القضاء في القابل عقوبة على الأجير و لا تنفسخ الإجارة و إن قلنا الأولى فاسدة و الثانية قضاء لزم النائب الجميع و لا يجزي عن المستأجر و يستعيد الأجرة إن تعلقت بزمان معين و إلا وجب على الأجير الحجّ عن المستأجر بعد حجة القضاء و لو قيل بأن حجة القضاء مجزئة كان وجها [- يد -] إذا فعل الأجير شيئا من المحظورات كانت الكفارة عليه في ماله [- يه -] عقد الإجارة عن الحج صحيح و يستحق به الأجرة لا رزقا [لا ردها] و يقع الحج عن المستأجر و يسقط به الفرض سواء كان حيّا أو ميّتا استأجر عنه وليه [- يو -] لا تفتقر الإجارة إلى تعيين محل الإحرام سواء كان للبلد ميقات واحد أو ميقاتان و لو شرط عليه أن يحرم من قبل الميقات لم يلزمه ذلك و لو عين له دون الميقات ثم عجز و استأجر فالوجه وجوب الاستنابة على هذه الهيئة فلو أخره الأجير مع الشرط رجع و أحرم إن تمكن و إلا من حيث المكنة [- يز -] لو استأجره ليحجّ على طريق فحجّ على غيرها استحق الأجرة و هي رواية صحيحة عن حريز عن الصادق عليه السلام و لو تعلق بالمسافة المعينة غرض مقصود و شرطه المستأجر فعدل عنها صح الحجّ و برئت ذمّتهما منه و رجع المستأجر بنسبة التفاوت من الطريق و قال الشيخ لا يرجع و فيه نظر [- يح -] يجب على الأجير الإتيان بالنوع الذي شرط عليه من تمتع أو قران أو إفراد اختاره عليّ بن رباب و قال الشيخ إذ استأجره للقران فتمتع أجزأه و إن أفرد لم يجزه و إن استأجره للتمتع فقرن أو أفرد لم يجزئه و إن استأجره للإفراد فتمتع أو قرن أجزأه و المختار أنه إن كان الحج واجبا فلا بدّ من تعيينه عليه فيجب على الأجير متابعته و إن كان تطوعا و علم من قصد المستأجر الإتيان بالأفضل و إن لم يصرح به في العقد فعلى قول الشيخ لو استأجره لغير التمتع فتمتع استحق الأجرة و على المختار إن علم منه التخيير استحق الأجرة بأيّ الأنواع أتى و إن لم يعلم وقع عن المستأجر و في استحقاق الأجرة إشكال [- يط -] دم التمتع على الأجير و لو شرطه على المستأجر صح و لو استأجره للقران فقرن كان هدي السياق على الأجير و لو شرطه على المستأجر جاز [- ك -] لو استأجره للحج من العراق فوصل إلى الميقات فأحرم بعمرة عن نفسه ثم فعل مناسكها و أحل ثم حج عن المستأجر فإن كان قد خرج إلى ميقات العراق و أحرم و فعل باقي المناسك صحّ حجّه و إن أحرم من مكة فإن كان لعدم تمكنه من الرجوع إلى الميقات صحّ حجه و لا دم عليه و إن تمكن لم يجزه قاله الشيخ و الوجه عندي إجزاء الحج مطلقا و رد التفاوت إن عين له الميقات و إلا فلا و في ردّ التفاوت إشكال بين أن يقال حجّه من العراق أحرم بها من الميقات و حجه من العراق أحرم بها من مكة و يؤخذ بنسبة التفاوت أو يقال حجه من العراق و حجه من مكة و الأول أقوى [- كا -] الإجارة إن كانت معينة كأن يستأجره ليحج عنه بكذا تعيّن على الأجير إيقاعها مباشرة و إن كانت

ص: 126

مطلقة كأن يستأجره ليحصل له حجة و يقصد النيابة مطلقا و فيجوز للأجير الاستنابة و لو أمره بالاستئجار لم يكن له أن يحجّ عنه بنفسه [- كب -] إذا استأجره ليحجّ عنه فإن عين السنة صحّ إن أمكن التلبس بالإحرام في وقته و إلا بطلت سواء وقع العقد في أشهر الحجّ أو في غير أشهره إما مع الحاجة إلى التقدم بالشروع أو بدونها فإن فعل الأجير في السنة المعينة برئت ذمته و إلا بطلت الإجارة و لو لم يعيّن بأن يقول استأجرتك لتحجّ عنّي من غير تعيين الوقت فإنه يصح و يقتضي التعجيل و لو أخّرها الأجير لم تنفسخ الإجارة و ليس للمستأجر الفسخ سواء قبض مال الإجارة أو لا و سواء كان المستأجر حيا مغصوبا أو وصيّ ميّت و يجب عليه الإتيان بالحجّ في أوّل أوقات الإمكان و لو عين له سنة بعد سنة الإجارة بأن يستأجره ليحج عنه في العام الثاني أو الثالث صحّ [- لج -] إذا أخذ الأجير حجة عن غيره لسنة معينة لم يكن له أن يوجر نفسه لغيره تلك السنة بعينها و إن أطلق الأول فإن استأجره الثاني للسنة الأولى فالأقرب عدم الصّحة و إن استأجره للثانية أو مطلقا جاز و إن استأجره الأول للثانية جاز للثاني استئجاره للأولى و مطلقا و الشيخ رحمه اللّٰه قال إذا أخذ الأجير حجة عن غيره لم يكن له أن يأخذ أخرى حتى يقضي التي أخذها فإن أراد ما ذكرناه من التفصيل فهو جيّد و إلا فهو ممنوع [- كد -] لا يجوز لحاضر مكة مع تمكّنه من الطواف الاستنابة فيه و يجوز للغائب و للحاضر غير المتمكن كالمبطون و المغمى عليه [- كه -] يستحب للأجير إعادة فاضل الأجرة و ليس بلازم و كذا يستحبّ للمستأجر أن يتممه للأجير لو أعوز به الأجرة [- كو -] لا بد من العلم بالعوض و تعيين مقداره فلو قال حج عنّي بنفقتك بطلت الإجارة و كذا حج عنّي بما شئت و يجب أجرة المثل إن حج و صحّت الحجّة عن المستأجر و لو قال أول من يحجّ عني فله مائة كانت جعالة صحيحة و لو قال حج عنّي أو اعتمر بمائة قال الشيخ كان صحيحا فمتى حجّ أو اعتمر استحقّ المائة و نحن نقول إن كان جعالة صحّ و إن كان إجارة بطل و لو قال من حجّ عنّي فله عبد أو دينار أو عشرة دراهم صحّ جعالة لا أجرة [- كز -] إذا استأجر اثنان شخصا ليحجّ عنهما حجّة واحدة فأحرم عنهما لم يصحّ إحرامه عنهما و لا عن واحد منهما و لا عن نفسه و لو قيل إن كان الحج ندبا صحّ عنهما كان وجها [- لح -] إذا أحرم الأجير عن نفسه و عن من استأجره قال الشيخ لا ينعقد إحرامه عنهما و لا عن واحد منهما [- كط -] إذا استأجره ليحج في سنة معيّنة فحصلت الاستطاعة في تلك السنة بعد عقد الإجارة و كان صرورة انصرف الزمان إلى حج النيابة دون حجة الإسلام فلو أحرم عن نفسه لم يقع عنها و الوجه عدم وقوعه عن المستأجر و لو استأجره مطلقا فإنه يجوز الحج عن نفسه على إشكال [- ل -] لو أحرم النائب عن المستأجر ثم نقل الحج إلى نفسه لم يصح فإذا أتم الحج استحق الأجرة [- لا -] إذا استأجره للحجّ فاعتمر أو للعمرة فحج قال الشيخ لا يقع عن المستأجر سواء كان حيّا أو ميّتا و لا يستحق أجرة و الوجه عندي وقوع ما فعله عن المستأجر و لا يستحق أجرة [- لب -] لو أحصر الأجير تحلل بالهدي و لا قضاء عليه و يبقى المستأجر على ما كان عليه إن كان الحجّ واجبا وجبت الاستنابة و إلا فلا و لو فاته الموقفان بتفريط لزمه التحلل بعمرة لنفسه و يعيد لأجرة إن كان الزمان معيّنا و إن كان بغير تفريط قال الشيخ يستحق أجرة المثل إلى حين الفوات و لو قيل له من الأجرة بنسبة ما فعله من أفعال الحجّ و يستعاد الباقي كان وجها و لو أفسد الحجّ وجب القضاء و لو أفسد القضاء وجب آخر [- لج -] إذا حصلت الاستطاعة للنائب بعد الحجّ وجب عليه حجة الإسلام عن نفسه إذا كان صرورة و لم يجزئه ما فعله عن غيره [- لد -] من وجب عليه أحد النسكين خاصة جاز له أن ينوب عن غيره في الآخر و يفعل هو ما وجب عليه عن نفسه و لا يجب عليه رد شيء من الأجرة و كذا لو لم يجب عليه أحدهما جاز أن يوجر نفسه عن شخصين لأدائهما في عام واحد

المقصد الرّابع عشر في الحج عن الميّت و الوصيّة بالحج و حجّ النذر

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] من مات بعد تمكنه من الحج و إهماله وجب أن يخرج عنه من يحج عنه من صلب ماله و لا يسقط بالموت و كذا البحث في العمرة و هل يجب أن يحجّ عنه من بلده أو من الميقات سواء كثرت التركة أو قلت الوجه عندي الثاني و هو اختيار الشيخ في الخلاف و المبسوط و في النّهاية الأوّل و لو قصرت التركة حج عنه عن الميقات و هو اختيار ابن إدريس و لو كان عليه دين فإن نهضت التركة بهما صرف فيهما ما يقوم بهما و الفاضل يكون ميراثا و إن قصرت التركة قسمت على أجرة المثل للحج من الميقات و على الدين بالحصص و لو قصرت عن ذلك صرفت في الدّين و إن لم يقصر المجموع [- ب -] لو كان عليه حجة الإسلام و أخرى منذورة أخرجتا معا من صلب المال و للشيخ قول غير معتمد [- ج -] لو نذر الحجّ مطلقا فالوجه وجوب القضاء عنه من الميقات و لو عين الموضع الذي ينشئ منه السّفر للحجّ تعين و قضي عنه منه و مع ضيق التّركة من أقرب الأماكن [- د -] لو لم يخلف ما يفي بحجة الإسلام و النذر و وقت التركة بأحدهما فالأقرب

ص: 127

صرفها إلى حجة الإسلام و إذا صرفت إلى حجة الإسلام فالأقرب عدم وجوب قضاء النذر على الولي لكن يستحبّ [- ه -] من وجب عليه الحج فخرج في الطريق لأدائه فمات قال الشيخ إن كان قبل بلوغ الحرم وجب على وليّه القضاء عنه من تركته و إن كان بعد دخول الحرم أجزأه و الأقرب توجّه الوجوب على من استقر الحجّ في ذمته و فرط في أدائه فإنه يقضي عنه من التركة إذا لم يدخل الحرم لم يجب عليه إلا في عامه الّذي مات فيه فإنّه لا يقضي عنه [- و -] يستحب للإنسان أن يحجّ عن أبويه ميّتين كانا أو حيّين عاجزين و لو تبرع الابن أو غيره بالحجّ عن الميّت برئت ذمة الميّت من حجة الإسلام و إذا حجّ عن غيره وصل ثواب الحجّ إلى ذلك الغير من غير أن ينقص من ثواب الحاج شيء [- ن -] من وجب عليه الحج و فرط فيه ثم عجز عنه بنفسه و نيابته وجب أن يوصي به و لو لم يكن حج واجب و أوصى أن يحجّ تطوّعا صحت الوصيّة و أخرجت من ثلث المال و لو أوصى بحجة الإسلام و لم يعيّن قدر الأجرة انصرف إلى أجرة المثل من صلب المال و لو عينه أخرج أجرة المثل من الأصل و الزائد من الثلث و لو قصر المعيّن عن أجرة المثل وجب على الورثة الإتمام من التركة و لو مات و لا شيء له سوى ما يحجّ به عنه صرف في الحج و لا ميراث [- ح -] من أوصى بحجّ و غيره فإن كان الجميع واجبا أخرج من صلب المال و إن لم يف قسم بالحصص و يبدأ بالحجّ و إن كان الجميع غير واجب أخرج من الثلث فإن وفى الثلث عمل بوصيّته و إلا بدئ بالأول فالأول و لو كان البعض واجبا أخرج من أصل المال و الباقي من الثلث [- ط -] لو أوصى أن يحجّ عنه و لم يعيّن المرّات فإن لم يعلم منه إرادة التكرار حج عنه مرّة واحدة و إن علم منه قصد التكرار حجّ عنه مرات بقدر الثلث و الشيخ أطلق الحجّ عنه بقدر الثلث و الوجه ما قلناه [- ي -] إذا حصل عند إنسان لميّت مال وديعة و يعلم استقرار الحجّ في ذمته و عدم أداء الوارث جاز أن يقطع أجرة الحج و يدفع إلى الورثة ما بقي [- يا -] لو أوصى أن يحج عنه كل سنة بشيء معلوم فقصر جمع نصيب سنتين فما زاد لسنة واحدة [- يب -] إذا أوصى بحجّ واجب فإن لم يعين للأجير الأجرة حج عنه بأقل ما يوجد من يحج عنه من الميقات و إن عيّنهما أعطى المعيّن أجرة المثل من الأصل و الزائد من الثلث فإن رضي المعين و إلا استوجر غيره بالمعين إن ساوى أجرة المثل أو كان أقل و إن كان أكثر فالوجه أن الزيادة للوارث و لا شيء للمعين وارثا كان أو غيره و إن عين الأجير صرف إليه أقل ما يوجد من يحجّ عنه به و لا يجوز العدول عنه مع الرضا و إن لم يرض فهل يجب على الوارث دفع ما يرضى به حتى يبلغ الثلث أو حتّى يبلغ أجرة المثل أو يحجّ عنه غيره بأقل ما يوجد من يحجّ عنه الأقرب الثاني و إن عين الأجرة صرفه الوارث إلى من يختاره إن ساوى أجرة المثل أو كان أقل و إن كان أزيد أخرج مساوي أجرة المثل من صلب المال و الباقي من الثلث و كذا البحث في التطوّع إلا أنه يخرج من الثلث [- يج -] لو أوصى أن يحجّ عنه مرارا أخرج الواجب من الأصل و الباقي من الثلث و لو أوصى أن يحجّ الواجب من الثلث و قصر حج من الأصل و إن أوصى بحجّ تطوع أخرجت من الثلث فإن وسع ما عينه من موضعه حجّ عنه و إلا فمن بعض الطريق و لو لم يتسع الثلث للحجّ أصلا صرف في وجوه البرّ و قيل يصير ميراثا و ليس بجيد و لو خلف مالا يقوم بالحج الواجب من أقرب المواضع فالوجه أنه يكون ميراثا و لو كان هناك دين صرف فيه [- يد -] لو أوصى بالحج فاستوجر شخص أو استأجره ليحجّ عنه فإن فعل الأجير ما شرط عليه استحقّ الأجرة و إن خالف قال الشيخ يستحق أجرة المثل و هو مشكل [- يه -] من نذر أو عهد أو حلف أن يحجّ وجب عليه و يشترط في صحّة النّذر و شبهه كمال العقل و الحرّية فلا ينعقد نذر الصّبي و لا المجنون و لا من غلب على عقله بمرة أو مسكر أو ما شابه ذلك و لا العبد و المكاتب المطلق و إن تحرّر بعضه و لا أم الولد و لا المدبّر فلو نذر العبد كان لمولاه فسخ النذر و لو أذن له مولاه في النذر انعقد و وجب على المولى تمكينه من فعله و إعانته بالحمولة مع الحاجة [- يو -] المرأة إن كانت ذات بعل أو في عدة رجعيّة لم ينعقد نذرها إلا بإذن الزّوج و لو أذن لها الزّوج في النذر صحّ و لزم و وجب على الزوج تمكينها من الحج و لا يجب عليه الإعانة بالمال و ينعقد نذر المطلقة بائنا و المتوفى عنها زوجها و الأمة المزوجة لا ينعقد نذرها إلا بإذن مولاها و زوجها [- يز -] إذا انعقد النّذر وجب الإتيان بما نذره فإن كان مطلقا استحب فعله في أول أوقات الإمكان و إن كان معيّنا وجب وقت تعيينه فإن أهمل وجب القضاء و كفارة خلف النذر و إن فاته لعذر كمرض أو عدوّ و شبه ذلك لم يلزمه فيما بعد [- يح -] إذا نذر الحج و عليه حجة الإسلام فإن قصد بالنذر غير حجة الإسلام لم يتداخلا إجماعا و إن قصد حجة الإسلام تداخلا و إن أطلق قال الشيخ إن حجّ بنية النّذر أجزأ عن حجّة الإسلام و إن نوى الإسلام وجب عليه الإتيان بالنذورة و له قول آخر هو عدم الاكتفاء بواحدة منهما عن الأخرى و هو الوجه عندي [- يط -] لو نذر الحج ماشيا

ص: 128

وجب عليه و إذا احتاج إلى عبور بحر قام في السّفينة استحبابا و لو ركب طريقه اختيارا أعاد و لو ركب بعضه قال الشيخ يقضي فيمشي ما ركب و يركب ما مشى و قال ابن إدريس يقضي ماشيا و هو جيّد و لو عجز ركب إجماعا قال المفيد و لا يسوق شيئا و الشيخ أوجب سياق بدنة هديا كفارة عن ركوبه و قيل إن نذر معيّنا و ركب مختارا قضاه و كفر لخلف النذر و إن ركب للعجز لم يجبره بشيء و إن نذر مطلقا وجب القضاء ماشيا مع المكنة و لا كفارة و هو حسن و عندي في إبطال الحج بالركوب مختارا إشكال [- ك -] يسقط المشي عن ناذره بعد طواف النساء [- كا -] لو نذر الحجّ وجب دون العمرة و بالعكس و كذا يجب ما تعلق به النذر من المرة الواحدة أو التكرار و لو نذر الحجّ و عليه حجّة الإسلام قضاهما معا و بدأ بحجة الإسلام و لو مات استوجر عنه من صلب المال و يجوز استئجار اثنين لأدائهما في عام واحد و لو قصرت التركة استوجر لحجة الإسلام و استحب لوليه قضاء النذر و لو نذر الحجّ أو أفسده و هو مغصوب قيل وجب أن يستنيب و فيه نظر [- كب -] لو نذر الحج راكبا فمشى حنث و لو نذر أن يمشي إلى بيت اللّٰه الحرام انصرف إلى مكة و لو قال إلى بيت اللّٰه و اقتصر قيل ينصرف إلى مكة و قيل يبطل و لو قال إلى بيت اللّٰه لا حاجّا و لا معتمرا فالأقرب بطلان النّذر و لو نذر إن رزق ولدا حج به أو حج عنه ثم مات حج بالولد أو عنه من صلب ماله و لو نذر أن يحج و لم يكن له مال فحج عن غيره قيل أجزأ عنهما و فيه نظر

المقصد الخامس عشر في العمرة و الزيادات و المزار
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في العمرة

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] العمرة واجبة مثل الحج بشرائطه في العمر مرة واحدة على الفور على أهل مكة و غيرهم [- ب -] العمرة ضربان مفردة و متمتع بها فالأولى واجبة على القارن و المفرد و الثانية على المتمتع و تجزي الثانية عن الأولى [- ج -] إذا دخل بعمرة مفردة فإن كان اعتماره في أشهر الحج جاز نقلها إلى التمتع و إن كان في غيرها لم يجز و لو اعتمر في أشهر الحجّ للتمتع لم يجز له أن يخرج من مكة حتّى يقضي مناسك الحج [- د -] لا يكره العمرة المفردة في السنة مرتين و يستحبّ في كل عشرة أيام مع القدرة و قيل لا يكره في كلّ يوم [- ه -] جميع أوقات السنة صالح للمبتولة و أفضل ما يكون في رجب و هي تلي الحجّ في الفضل و لو أدرك إحرام العمرة في آخر أيام رجب فقد أدرك العمرة في رجب و لا يكره إيقاعها في يوم عرفة و لا يوم النحر و لا أيام التّشريق [- و -] قد بيّنا أنه لا يجوز إدخال الحج على العمرة و لا العكس فإن أحرم بعمرة التمتع فضاق الوقت أو حاضت المرأة جعله حجة مفردة و مضى فيه و إن أحرم بالحجّ مفردا ثم أراد التمتع جاز له أن يتحلل ثمّ ينشئ الإحرام بعد ذلك للحجّ فيصير متمتّعا فإما أن يحرم بالحجّ قبل أن يفرغ من مناسك العمرة أو بها قبل أن يفرغ من مناسكه فإنه لا يجوز على حال و لو قرن في إحرامه بين الحجّ و العمرة قال الشيخ انعقد بالحجّ خاصّة فإن أتى بأفعال الحجّ لم يلزمه دم و إن أراد أن يأتي بأفعال العمرة و يحلّ و يجعلها متعة جاز و يلزمه الدم [- ز -] وقت عمرة التمتع أشهر الحجّ فلو أحرم بها في غيرها و فعل باقي أفعالها في أشهر الحج لم يكن متمتعا و لا يلزمه دم [- ح -] ميقات العمرة ميقات الحجّ لمن كان خارجا من المواقيت إذا قصد مكة أما أهل مكة أو من فزع من الحجّ و أراد الاعتمار فإنه يخرج إلى أدنى الحل و ينبغي أن يكون أحد المواقيت التي وقتها النبي ص للعمرة المبتولة [- ط -] شرائط وجوب العمرة شرائط وجوب الحجّ و يجب مرة بأصل الشرع و قد يجب بالنذر و اليمين و العهد و الاستئجار و الإفساد و الفوات فإن من فاته الحج بعد شروعه فيه يجب عليه أن يتحلّل بعمرة و يجب أيضا بالدخول إلى مكة إذ لا يجوز دخولها بغير إحرام إما بالعمرة أو بالحجّ مع انتفاء العذر و عدم تكرار الدخول و يتكرر وجوبها بتكرر السّبب [- ي -] صورة العمرة أن يحرم من الميقات الذي يسوغ له الإحرام منه ثم يدخل مكة فيطوف و يصلّي ركعتيه ثم يسعى بين الصفا و المروة و يقصّر ثم إن كانت عمرة التمتع فقد أحل من كل شيء أحرم منه و يجب عليه بعد ذلك الإتيان بالحج و إن كانت مبتولة طاف بعد التقصير أو الحلق طواف النساء ليحللن له و يصلّي ركعتيه و المتمتع بها يجب على من ليس من أهل مكة و حاضريها و المفردة على أهل مكة و حاضريها و لا يصح الأولى إلا في أشهر الحجّ و تسقط المفردة معها و تصح الثانية في جميع أيام السنة و لو دخل مكة متمتعا لم يجز له الخروج حتّى يأتي بالحجّ و لو خرج بحيث لا يحتاج إلى استئناف إحرام جاز و لو خرج فاستأنف عمرة تمتع بالأخيرة و يتحلل من المفردة بالتقصير و الحلق أفضل و يحتاج في تحليل النساء إلى طواف النساء و طواف النساء واجب في المفردة بعد السعي على كل معتمر من رجل و امرأة و خصي و خنثى و صبي و المتمتع إذا فاتته عمرة المتعة وجب أن يعتمر بعد الحجّ عمرة مفردة و ينبغي له أن يعتمر إذا أمكن الموسي رأسه و إن أخره إلى استقبال الشهر جاز [- يا -] التقصير معيّن في عمرة التمتع و الحلق في المفردة أفضل و لا يجب في

ص: 129

العمرة هدي فلو ساق هديا نحره قبل أن يحلق بفناء الكعبة بالموضع المعروف بالحزورة و لو جامع قبل السعي فسدت عمرته و وجب عليه قضاؤها و التكفير ببدنة [- يب -] من وجب عليه العمرة لا يجوز له أن يعتمر عن غيره و ينبغي إذا أحرم المعتمر أن يذكر في دعائه أنّه يحرم بالعمرة المفردة و إذا دخل الحرم قطع التلبية

الفصل الثّاني في الزيادات

و فيه [- لد -] بحثا [- ا -] من أحدث جرما في غير الحرم فالتجأ إلى الحرم ضيق عليه في المطعم و المشرب حتى يخرج فيقام عليه الحد و لو أحدث في الحرم قوبل فيه بجنايته [- ب -] لا ينبغي لأهل مكة أن يمنعوا الحاج شيئا من دورها و منازلها و الأقرب أن المنع غير محظور [- ج -] يكره أن يرفع أحد بناء فوق الكعبة [- د -] لقطة الحرم لا يجوز أخذها و مع الأخذ يعرف سنة فإن جاء صاحبها و إلا تخير الأخذ بين احتفاظها لصاحبها أمانة و بين الصّدقة بها عن صاحبها و في الضمان مع الصّدقة قولان [- ه -] يكره الحجّ و العمرة على الإبل الجلالات [- و -] يستحب لمن حجّ على طريق العراق أن يبدأ أولا بزيارة النبي ص بالمدينة ثم يمضي إلى مكة [- ز -] إذا ترك الناس الحجّ وجب على الإمام إجبارهم على ذلك و لو تركوا زيارة النبي ص قال الشيخ يجبرهم الإمام عليها و منعه ابن إدريس [- ح -] يكره الصلاة في طريق مكة بأربعة مواطن البيداء و ذات الصلاصل و ضجنان و وادي الشقرة [- ط -] يستحب الإتمام في الحرمين مكة و المدينة ما دام مقيما و إن لم ينو المقام عشرة أيام و لو قصر لم يكن عليه شيء و كذا في جامع الكوفة و الحائر على ساكنه السّلام [- ي -] يجوز للإمام أن ينفق من بيت مال المسلمين على الحاج و الزائرين إذا لم يكن لهم مال [- يا -] من جعل جاريته أو عبده هديا لبيت اللّٰه تعالى بيع و صرف في معونة الحاج و الزائرين [- يب -] يجوز أن يستدين الإنسان للحج إذا كان له مال يفي به لو مات و لو لم يكن له مال كره له الاستدانة [- يج -] يستحبّ لمن انصرف من الحج العزم على العود و سؤال اللّٰه تعالى ذلك و يكره ترك العزم [- يد -] يستحب الدعاء للقادم من الحاج بالمنقول [- يه -] ينبغي للحاج الانتظار للحائض حتى تقضي مناسكها [- يو -] الطواف للمجاور بمكة أفضل من الصلاة ما لم يتجاوز ثلاث سنين فإن جاوزها أو كان من أهل مكة كانت الصلاة له أفضل [- يز -] ينبغي لأهل مكة أن يتشبّهوا بالمحرمين في ترك لبس المخيط [- يح -] الأيام المعدودات عشر ذي الحجة و المعلومات أيام التشريق [- يط -] صرف المال في الحج المفروض أفضل من الصّدقة به على ولد فاطمة بل لو افتقر في الحج إلى ذلك المال لم يجز صرفه في غيره [- ك -] دخول الكعبة مستحبّ للنساء و ليس بواجب و لا يتأكد في حقهنّ كالرّجال [- كا -] يكره المجاورة بمكة و يستحبّ لمن أدّى مناسكه الخروج منها [- كب -] من أخرج شيئا من حصى المسجد كان عليه ردّه أما ثياب الكعبة فقد روى الشيخ أنه ينبغي لمن يصل إليه أن يتخذها للمصاحف أو الصّبيان أو المخدة للبركة [- كج -] لا ينبغي للموسر المتمكن ترك الحج المندوب أكثر من خمسين سنة [- لد -] يستحب الطواف عن الرّسول ص و عن الأئمّة عليهم السلام و عن الوالدين و الأهل و المؤمنين [- كه -] يكره الخروج من الحرمين بعد ارتفاع النهار قبل صلاة الظهرين بهما [- كو -] المسلم إذا حجّ ثم ارتد لم يجب عليه إعادته [- كز -] من بلغ غير مختتن وجب عليه الختان و لو وجب عليه الحج قدم الختان عليه [- لح -] يستحب الشرب من ماء زمزم و إهداؤه [- كط -] المشي أفضل من الركوب مع القدرة إذا لم يضعفه عن أداء الواجبات و لو أضعفه كان الركوب أفضل [- ل -] الحرم أفضل من عرفة و يوم عرفة شريف يستحب فيه الغسل و صلاة مائة ركعة و التعريف في الأمصار و يستحب أن لا يقف فيه الإنسان إلا بوضوء [- لا -] لا بأس بالنظر إلى فرج المرأة و الجارية بعد الحلق [- لب -] المملوك إذا تمتع بإذن مولاه وجب عليه الصوم و إن ذبح عنه مولاه أجزأه رواه معاوية بن عمار في الصّحيح عن الصادق عليه السلام [- لج -] روى السكوني عن الصادق ع عن أبيه عن علي عليه السلام في الرّجل يقول علي بدنة قال يجزي عنه بقرة إلا أن يكون عنى بدنة من الإبل و هي ضعيفة السّند و يكره أن يطعم المشرك لحوم الأضاحي [- لد -] روى زرارة عن الباقر عليه السّلام قال من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له

الفصل الثّالث في المزار

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يستحبّ زيارة النّبي ص استحبابا مؤكدا قال عليه السّلام من زار قبري بعد موتي كمن هاجر إليّ في حياتي فإن لم تستطيعوا فابعثوا إلي بالسّلام فإنّه يبلغني و الأخبار في ذلك كثيرة و يستحب أن يغتسل و يزوره بالمنقول فإذا فرغ من زيارته أتى المنبر و مسحه و مسح رمانتيه و صلّى بين القبر و المنبر ركعتين ثم يأتي مقام جبرئيل ع و يدعو بالمنقول و إذا خرج من المدينة ودعه و رسول اللّٰه ص هو محمّد بن عبد اللّٰه بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف كنيته أبو القاسم ولد بمكة يوم الجمعة سابع عشر ربيع الأول في عام الفيل و بعث يوم السابع و العشرين من رجب و له أربعون سنة و قبض بالمدينة مسموما يوم الإثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة عشرة

ص: 130

من الهجرة و له ثلاث و ستّون سنة أمّه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤيّ بن غالب قبره عليه السلام بالمدينة في الحجرة التي توفي فيها و مكة حرم اللّٰه و المدينة حرم رسول اللّٰه ص و الكوفة حرم أمير المؤمنين عليه السلام و يستحب المجاورة بالمدينة و الإكثار من الصّلاة في مسجد الرسول ص فقد روى إسحاق بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السّلام عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله أن الصّلاة في مسجده مثل ألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام و يكره النوم في المساجد و يتأكد فيه و يستحبّ لمن أقام بالمدينة أن يصوم ثلاثة أيام للحاجة الأربعاء و الخميس و الجمعة و يكون معتكفا في المسجد و يصلّي ليلة الأربعاء عند الأسطوانة التي تلي مقام رسول اللّٰه ص و مصلاّه يصلي عندها و يصلّي ليلة الجمعة عند مقام النبي ص و يستحب لمن جاء المدينة النزول بالمعرّس و الاستراحة و الصلاة فيه و يستحب إتيان المساجد كلها بالمدينة مثل مسجد قبا و مشربة أم إبراهيم ع و مسجد الأحزاب و هو مسجد الفتح و مسجد الفضيح و قبور الشهداء كلهم خصوصا قبر حمزة بأحد فلا يتركه مع الاختيار و مسجد غدير خم موضع شريف فيه نصب رسول اللّٰه ص عليا إماما للأنام فيستحب الصّلاة فيه و الإكثار من الدّعاء [- ب -] يستحب زيارة فاطمة عليها السلام بالمنقول استحبابا مؤكدا روت عليها السلام قالت أخبرني أبي و هو ذا هو أنه من سلّم عليه و على ثلاثة أيام أوجب اللّٰه له الجنّة قال الراوي قلت لها في حياته و حياتك قالت نعم و بعد موتنا و اختلف في قبرها فقيل إنه في الرّوضة بين القبر و المنبر و روي في بيتها الذي في المسجد الآن و روي في البقيع قال الشيخ و الروايتان الأوّلتان متقاربتان و الأفضل زيارتها في الموضعين و من قال إنها دفنت في البقيع بعيد من الصّواب قال ابن بابويه و الصحيح عندي أنها دفنت في بيتها [- ج -] علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أمير المؤمنين عليه السّلام كنيته أبو الحسن ولد بمكة في نفس الكعبة يوم الجمعة لثلاثة عشر ليلة خلت من رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة من الهجرة و قبض عليه السّلام قتيلا بالكوفة ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة و له يومئذ ثلاث و ستّون سنة أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف و هو أول هاشمي ولد في الإسلام من هاشميين و قبره بالغري من نجف الكوفة و في زيارته فضل كثير قال رسول اللّٰه ص للحسين عليه السّلام و هو في حجره و قد سأله يا أبة ما لمن زارك بعد موتك فقال يا بني من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنة و من أتى أباك زائرا بعد موته فله الجنة و من أتى أخاك زائرا بعد موته فله الجنة و من أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة و قال الصادق عليه السّلام من زار أمير المؤمنين عليه السّلام ماشيا كتب اللّٰه له بكل خطوة حجة فإن رجع ماشيا كتب اللّٰه له بكلّ خطوة حجتان و عمرتان و الأحاديث في ذلك كثيرة [- د -] الحسن بن علي بن أبي طالب ع الإمام الزكيّ كنيته أبو محمّد أحد سيدي شباب أهل الجنّة ولد بالمدينة في شهر رمضان سنة اثنين من الهجرة و قبض بالمدينة مسموما في صفر سنة تسع و أربعين من الهجرة و له سبعة و أربعون سنة أمّه فاطمة بنت رسول اللّٰه ص دفن بالبقيع و في زيارته فضل كثير قال رسول اللّٰه ص للحسين ع من زارني حيّا أو ميّتا أو زار أباك حيّا أو ميّتا أو زار أخاك حيّا أم ميّتا أو زارك حيّا أم ميّتا كان حقا علي أن أستنقذه يوم القيامة [- ه -] الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام الإمام الشّهيد أحد سيدي شباب أهل الجنة أبو عبد اللّٰه ولد بالمدينة آخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة و قبض عليه السّلام بكربلاء من أرض العراق قتيلا يوم الإثنين و قيل الجمعة و قيل السّبت عاشر المحرّم قبل الزوال سنة إحدى و ستين من الهجرة و له ثمان و خمسون سنة أمّه فاطمة سيّدة نساء العالمين بنت محمد ص قبره بالطّف بكربلاء بنينوى و الغاضرية في قرى النهروان و في زيارته فضل كثير روى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال مر شيعتنا بزيارة الحسين ع فإن إتيانه يزيد في الرزق و يمدّ في العمر و يدفع مواقع السوء و إتيانه مفترض على كل مؤمن يقر بالإمامة من اللّٰه و عن الحسن عليه السّلام قال من أتى قبر الحسين ع في السنة ثلاث مرات أمن من الفقر و يستحب زيارته في يوم عرفة و العيدين و أوّل رجب و نصفه و نصف شعبان و ليلة القدر و يوم عاشوراء و العشرين من صفر و في كل شهر و يستحب زيارة الشهداء عنده و زيارة ولده علي ع المقتول معه و زيارة العبّاس [- و -] يستحب زيارة الأئمّة في البقيع و هم الحسن بن علي و قد تقدّم و عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام كنيته أبو محمّد ولد بالمدينة سنة ثلاث و ثلاثين من الهجرة و قبض ع بالمدينة سنة خمس و تسعين و له سبع و خمسون سنة أمّه شاه زنان بنت يزدجرد بن كسرى و قبره مع عمّه الحسن ع بالبقيع و محمّد بن علي بن الحسين عليه السّلام باقر علم الأولين و الآخرين كنيته أبو جعفر ولد بالمدينة سنة سبع و خمسين من الهجرة و قبض بالمدينة سنة أربع عشرة و مائة و سنّه سبع و خمسون سنة أمّه أم عبد اللّٰه بنت الحسن بن عليّ ع و هو هاشميّ من هاشميين علويّ من علويين و قبره

ص: 131

بالبقيع مع أبيه و عم أبيه ع و جعفر بن محمد الصادق ع كنيته أبو عبد اللّٰه ولد بالمدينة سنة ثلاث و ثمانين من الهجرة و قبض بالمدينة في شوال سنة ثمان و أربعين و مائة و له خمس و ستّون سنة أمه أمّ فروة بنت القسم بن محمد النجيب بن أبي بكر و قبره مع أبيه و جده و عمه الحسن بن علي ع و في زيارتهم فضل كثير قال الصادق عليه السّلام من زار الأئمّة بالبقيع غفر له ذنوبه و لم يمت فقيرا و قال العسكري ع من زار جعفر أو أباه لم يشك عينه و لم يصبه سقم و لم يمت قتيلا [- ز -] موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين الكاظم العبد الصالح عليه السّلام كنيته أبو محمّد و يكنى أبا إبراهيم و أبا علي و أبا الحسن ع ولد بالأبواء سنة ثمان و عشرين و مائة من الهجرة و قبض مسموما ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست بقين من رجب ثلاث و ثمانين و مائة و له خمس و خمسون سنة أمه أمّ ولد يقال لها حميدة البربرية قبره ببغداد من مدينة في المقبرة المعروفة بمقابر قريش في زيارته فضل كثير قال الرضا عليه السّلام من زار قبر أبي ببغداد كمن زار قبر رسول اللّٰه ص و قبر أمير المؤمنين ع إلا أن لرسول اللّٰه و لأمير المؤمنين ع فضلهما [- ح -] علي بن موسى بن جعفر الرضا ع ولي المؤمنين كنيته أبو القاسم و يكنى أبا الحسن ولد بالمدينة سنة ثمان و أربعين و مائة من الهجرة و قبض ع بطوس في سناباذ من أراضي خراسان في سنة ثلاث و مائتين و له خمس و خمسون سنة أمه أمّ ولد يقال لها أم أنس في زيارته فضل كثير قال عليه السّلام من زارني على بعد داري و مزاري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتى أخلصه من أهوالها إذا تطايرت الكتب يمينا و شمالا و عند الصراط و الميزان [- ط -] محمد بن علي بن موسى بن جعفر الجواد كنيته أبو جعفر ولد بالمدينة في شهر رمضان سنة خمس و تسعين و مائة من الهجرة و قبض ببغداد في آخر ذي القعدة سنة عشرين و مائتين و له خمس و عشرون سنة أمّه أمّ ولد يقال لها الخيزران دفن ببغداد في مقابر قريش عند جده الكاظم ع و في زيارته فضل كثير روى إبراهيم بن عقبة قال كتبت إلى أبي الحسن الثالث ع أسأله عن زيارة أبي عبد اللّٰه ع و زيارة أبي الحسن و أبي جعفر فكتب إلي أبو عبد اللّٰه المقدم و هذا أجمع و أعظم أجرا [- ي -] علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر الإمام المنتجب الهادي كنيته أبو الحسن ولد بالمدينة منتصف ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و مائتين للهجرة و قبض بسرمن رأى في رجب سنة أربع و خمسين و مائتين و له إحدى و أربعون سنة و تسعة أشهر أمّه أم ولد يقال لها سمانة قبره بداره في سرّمن رأى و في زيارته فضل كثير روى زيد الشحام قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع ما لمن زار أحدا منكم قال كمن زار رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله [- يا -] الحسن بن عليّ بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر الإمام العسكري كنيته أبو محمّد ولد بالمدينة في ربيع الآخر سنة اثنين و ثلاثين و مائتين و قبض بسرّمن رأى لثمان خلون من ربيع الأول سنة ستين و مائتين و له ثمان و عشرون سنة أمّه أمّ ولد يقال لها حديثة قبره إلى جانب قبر أبيه في الدار التي لأبيه بسرمن رأى و في زيارته فضل كثير قال عليه السّلام قبري بسرمن رأى أمان لأهل الجانبين قال المفيد إذا أردت زيارة الإمامين بسرمن رأى فقف بظاهر الشباك قال الشيخ هذا المنع من دخول الدار أحوط و لو دخلها لم يكن مأثوما و يستحب زيارة القائم ع في كل وقت في كلّ مكان [- يب -] يستحب زيارة سلمان بالمنقول و كذا زيارة المؤمنين قال الرضا عليه السّلام من أتى قبر أخيه المؤمن من أي ناحية يضع يده و يقرأ إنا أنزلناه سبع مرات أمن من الفزع الأكبر

كتاب الجهاد

اشارة

و توابعه و فيه فصول

الأوّل من يجب عليه

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] الجهاد من أعظم أركان الإسلام و فيه ثواب عظيم قال اللّٰه تعالى لاٰ يَسْتَوِي اَلْقٰاعِدُونَ (مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ) غَيْرُ أُولِي اَلضَّرَرِ وَ اَلْمُجٰاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ بِأَمْوٰالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اَللّٰهُ اَلْمُجٰاهِدِينَ بِأَمْوٰالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى اَلْقٰاعِدِينَ دَرَجَةً وَ كُلاًّ وَعَدَ اَللّٰهُ اَلْحُسْنىٰ وَ فَضَّلَ اَللّٰهُ اَلْمُجٰاهِدِينَ عَلَى اَلْقٰاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً و قال رسول اللّٰه ص و الذي نفسي بيده لغدوة في سبيل اللّٰه أو روحة خير من الدنيا و ما فيها و قال عليه السلام فوق كل ذي برّ برّ حتى يقتل في سبيل اللّٰه فإذا قتل في سبيل اللّٰه فليس فوقه برّ و فوق كل عقوق عقوق حتى يقتل أحد والديه فليس فوقه عقوق و الأخبار في ذلك كثيرة و هو واجب بالنّص و الإجماع و وجوبه على الكفاية إذا قام به من في قيامه كفاية و غنى سقط عن الباقين و هو سائغ في كل وقت إلا في الأشهر الحرم و هي رجب و ذو القعدة و ذو الحجة و المحرّم فإنه لا يسوغ القتال فيها لمن يرى فيها حرمة و من لا يرى لها حرمة جاز قتاله فيها و يجوز في كلّ مكان و قد كان محرما في الحرم فنسخ [- ب -] المهاجرة واجبة و الناس فيها على أقسام ثلاثة أحدها من يجب عليه و هو من أسلم في بلاد الشرك و كان مستضعفا فيهم لا يمكنه إظهار دينه و لا عذر له من مرض و غيره الثاني

ص: 132

من يستحب له و هو من أسلم بين المشركين و له عشيرة تحميه عنهم و يمكنه إظهار دينه و لا ضرر عليه في المقام عندهم كالعباس الثالث من يسقط عنه وجوبا و استحبابا و هو الممنوع لمرض أو ضعف أو عدم نفقته و الهجرة باقية ما دام الشرك باقيا [- ج -] الذكورة شرط في وجوب الجهاد فلا يجب على المرأة و لا الخنثى المشكل و من التحق بالرّجال وجب عليه الجهاد [- د -] البلوغ شرط فلا يجب الجهاد على الصّبي حتى يبلغ [- ه -] العقل شرط في الوجوب فلا يجب على المجنون [- و -] الحرية شرط في الوجوب فلا يجب على العبد و لا المدبر و لا المكاتب المشروط و لا المطلق و إن انعتق أكثره [- ز -] الإسلام ليس شرطا في الوجوب بل يجب على الكفار [- ح -] لو أخرج الإمام العبيد بإذن ساداتهم و النساء و الصبيان جاز الانتفاع بهم و لا يخرج المجنون لعدم الانتفاع به [- ط -] يسقط فرض الجهاد عن الشيخ الكبير لعجزه و ضعف قوته عن الحرب و عن الأعمى و الأعرج إذا لم يقدر على المشي أو الركوب و عن المريض إذا كان يضرّ به [- ي -] لو احتاج إلى نفقة و عجز عنها سقط عنه فرض الجهاد فإذا كانت المسافة قصيرة لم يجب عليه حتى يكون له زاد و نفقة عياله في غيبته و سلاح يقاتل به و إن كانت طويلة افتقر مع ذلك إلى وجود الراحلة و الضابط الحاجة إليها سواء قصرت المسافة أو طالت و الشيخ اعتبر مسافة التقصير و ليس بمعتمد [- يا -] إذا قام بالجهاد من فيه كفاية سقط عن الباقين و لا يجب على غيرهم إلا أن يعيّنه الإمام لاقتضاء المصلحة أو قصور الغانمين عن الدفع أو تعيّنه على نفسه بالنّذر أو بالاستئجار أو إذا التقى الزحفان و تقابل الصفان [- يب -] من تعين عليه الجهاد وجب أن يخرج بنفسه أو يستأجر غيره عنه إلا أن يعينه الإمام [- يج -] الجهاد قد يكون للدعاء إلى الإسلام و قد يكون للدّفع بأن يدهم المسلمين عدو و يشترط في الأول إذن الإمام العادل أو من يأمره الإمام و الثاني يجب مطلقا و كذا لو كان المسلم في أرض العدو من الكفار ساكن بينهم بأمان فدهمهم قوم من المشركين و خشي على نفسه أن يتخلف جاز له مساعدة الكفار و يقصد بالجهاد الدفع عن نفسه لا معاونة المشركين و كذا من خشي على نفسه مطلقا أو ماله إذا غلبت السلامة جاز أن يجاهد للدّفع [- يد -] من وجب عليه فاستأجر غيره للجهاد صحّت الإجارة و لزم الأجير الجهاد و لا يلزمه رد الأجرة و لو عينه الإمام للخروج لم يجز له الاستنابة و لا يجوز لمن وجب عليه الجهاد أن يجاهد عن غيره بجعل فإن فعل وقع عنه و وجب عليه رد الجعل إلى صاحبه قال الشيخ للنائب ثواب الجهاد و للمستأجر ثواب النفقة و أما ما يأخذه أهل الديوان من الأرزاق فليس بأجرة بل يجاهدون لأنفسهم و يأخذون حقا جعله اللّٰه لهم فإن كانوا أرصدوا أنفسهم للقتال و أقاموا في الثغور فهم أهل الفيء لهم سهم من الفيء يدفع إليهم و إن كانوا مقيمين في بلادهم يغرّون إذا خفوا فهم أهل الصّدقات يدفع إليهم سهم منها و يستحب إعانة المجاهدين و مساعدتهم فيها فضل كثير من السّلطان و العامة و كل أحد [- يه -] الفقير إذا بذل له ما يحتاج إليه وجب عليه الجهاد حينئذ و لو كان على سبيل الأجرة لم يجب و لو عجز عن الجهاد بنفسه و كان موسرا ففي وجوب إقامة غيره قولان [- يو -] من عليه دين حال متمكن من أدائه لم يجز له الخروج إلى الجهاد إلا بإذن صاحبه أو بترك [يترك] وفاء أو يقيم كفيلا يرضى به أو يوثقه برهن و إن لم يكن متمكّنا منه فالأقرب جواز خروجه بغير إذن صاحب الدين و إن كان مؤجلا فالوجه أنه ليس لصاحبه المنع و لو تعيّن عليه الجهاد وجب عليه الخروج و إن كان حالا أذن غريمه أولا و يستحب له أن لا يتعرض لمظان القتل بأن يبارز أو يقف في أول المقاتلة [- يز -] من له أبوان مسلمان لم يجاهد تطوّعا إلا بإذنهما و لهما منعه و لو كانا كافرين جاز له مخالفتهما و الخروج مع كراهتهما و لو تعيّن عليه بأحد الأسباب السائغة خرج مع منع أبويه المسلمين و لا يجوز لهما منعه و كذا جميع الواجبات و حكم أحدهما حكمهما معا و لو كان أبواه رقين ففي اعتبار إذنهما إشكال و لو كانا مجنونين لم يعتبر إذنهما و لو سافر لطلب العلم أو التجارة استحبّ له أن يستأذنهما و لو منعاه لم يحرم عليه مخالفتهما بخلاف الجهاد و لو خرج في جهاد تطوعا بإذنهما فمنعاه منه بعد يسره و قبل وجوبه كان عليه أن يرجع إلا أن يخاف أو يمرض أو تذهب نفقته أو نحو ذلك فيقيم في الطريق إن أمكنه و إلا مضى مع الجيش فإذا حضر الصّف تعين بحضوره و لم يبق لهما إذن و لو رجع في الإذن بعد وجوبه عليه و تعيّنه لم يؤثر رجوعهما و لو كانا كافرين فأسلما و منعاه فإن كان بعد تعيّنه لم يعتد بمنعهما و إن كان قبله وجب عليه الرجوع مع المكنة و كذا البحث إذا أذن المدين له ثم رجع و لو أذن في الغزو والداه و شرطا عدم القتال فحضر تعين عليه القتال و لو خرج بغير إذنهما فحضر القتال لم يجز له الرجوع و حكم المولى إذا رجع في الإذن للعبد

ص: 133

حكم الأبوين [- يح -] لو تجدد العذر قبل أن يلتقي الزحفان تخير في الرجوع و المقام إن كان العذر في نفسه كالمرض و إن كان في غيره كرجوع المدين و الأبوين أو المولى في الإذن وجب الرجوع و إن كان بعد التقاء الزحفين جاز الرجوع في الأول دون الثاني [- يط -] يستحب أن يتجنب قتل أبيه المشرك و يجوز قتله [- ك -] الرباط فيه فضل كثير و هو الإقامة عند الثغر لحفظ المسلمين قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم رباط ليلة في سبيل اللّٰه خير من صيام شهر و قيامه فإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمل و أجري عليه رزقه و أمن الفتان و أقله ثلاثة أيام و أكثره أربعون يوما فإن زاد كان جهادا و ثوابه ثواب المجاهدين و يتأكد استحباب المرابطة حال ظهور الإمام و أفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفا لشدة الحاجة هناك [- كا -] إذا رابط حال ظهور الإمام فإن سوغ له القتال جاز له و إن كان مستترا أو لم يسوغه له لم يجز ابتداء بل يحفظ الكفار من الدخول إلى بلاد الإسلام و يعلم المسلمين بأحوالهم و يقاتلهم إن قاتلوه و يقصد الدفع عن نفسه و عن الإسلام لا الجهاد و يكره له نقل الأهل و الذرّية إلى الثغور المخوفة و لو عجز عن المرابطة بنفسه فربط فرسه أو غلامه أو جاريته أو أعان المرابطين كان له في ذلك ثواب عظيم [- كب -] لو نذر المرابطة وجب عليه الوفاء به سواء كان الإمام ظاهرا أو مستترا إلا أنه لا يبدأ العدوّ بالقتال و لا يجاهدهم إلا على وجه الدفع و لو نذر أن يصرف من ماله شيئا إلى المرابطين في حال ظهور الإمام وجب عليه الوفاء به و إن كان في حال استتاره قال الشيخ لا يجب الوفاء به بل يصرفه في وجوه البرّ و الوجه وجوب الوفاء به قال الشيخ و لو خاف الشنعة من تركه وجب عليه حينئذ صرفه إلى المرابطة و الوجه وجوب الصرف مطلقا و لو آجر نفسه لينوب عن غيره في المرابطة فإن كان الإمام ظاهرا وجب عليه الوفاء به و إن كان غائبا قال الشيخ لا يلزمه الوفاء به و يرد عليه ما أخذه فإن لم يجده فعلى ورثته فإن لم يكن له ورثة لزمه الوفاء به و الوجه لزوم الإجارة مطلقا و إذا قتل المرابط كان شهيدا و ثوابه ثواب الشهيد

الفصل الثّاني في كيفيّة الجهاد و من يجب عليه قتاله

و فيه [- كه -] بحثا [- ا -] من يجب قتاله أصناف ثلاثة البغاة و أهل الذّمة إذا أخلّوا بالشرائط و غيرهم من أصناف الكفار و كل من يجب جهاده يجب على المسلمين النفور إليهم إما لكفهم أو لنقلهم إلى الإسلام فإن بدءوا بالقتال وجب جهادهم و إلا فبحسب المكنة و أقله في كل عام مرّة و لو اقتضت المصلحة التأخير عن ذلك جاز بهدنة و غيرها و يجوز فعله في السنة مرتين و أكثر و يجب مع المصلحة [- ب -] إنما يجوز قتال المشركين بعد دعائهم إلى محاسن الإسلام و التزامهم لشرائعه و الداعي هو الإمام أو من نصبه و صورة الدّعاء أن يطلب منهم الانقياد إلى الالتزام بالشريعة و العمل بها و الإسلام و ما تعبدنا اللّٰه به و إنما يشترط الدعاء فيمن لم يبلغه الدّعوة و لا عرف بالبعثة أما العارفون بها و بالتكليف بتصديقه فإنه يجوز قتالهم ابتداء من غير أن يدعوهم الإمام سواء كان الكافر حربيا أو ذميّا و الدعاء أفضل و لو بدر إنسان فقتل كافرا قبل بلوغ الدعوة إليه أساء و لا قود عليه و لا دية قاله الشيخ [- ج -] الكفار ثلاثة أصناف من له كتاب و هم اليهود و النصارى لهم التوراة و الإنجيل فهؤلاء يطلب منهم أحد أمرين إما الإسلام أو الجزية و من له لهم شبهة كتاب و هم المجوس و حكمهم حكم أهل الكتاب و من لا كتاب له و لا شبهة كتاب كعبّاد الأوثان و من لا دين له يتدين به و بالجملة كل من عدا الأصناف الثلاثة فإنه لا يقبل منهم إلا الإسلام فإن أجابوا و إلا قتلوا و لا يقبل منهم الجزية و إن كانوا أعجاما أو كانوا من كفار قريش [- د -] الجهاد للدفع يجب على المقل و المكثر و لا يجوز لأحد التخلف إلا مع الحاجة إما لحفظ المكان أو الأهل و المال أو لمنع الإمام من الخروج فإن أمكن استخراج إذن الإمام في الخروج إليهم وجب إذنه و إلا فلا و نودي بالنفير و الصلاة فإن أمكن الجمع بأن يكون العدوّ بعيدا صلوا ثم خرجوا و إلا كان النفير أولا و صلوا على ظهور دوابهم و لو كانوا في الصلاة أو خطبة الجمعة أتموها و لا ينبغي أن تنفر الخيل إلا عن حقيقة الأمر و لا أن يخرجوا مع قائد معروف بالهرب بل يخرجوا مع شفيق على المسلمين شجاع و إن كان معروفا بالمعصية و لا ينبغي للإمام أن يخرج معه من يخذل الناس و يزهدهم في الجهاد كمن يقول الحرّ شديد أو لا يؤمن هزيمة هذا الجيش و لا المرجف و هو الذي يقول قد هلكت سرية المسلمين و لا مدد لهم و لا طاقة لكم بالكفار لكثرتهم و قوتهم و لهم مدد و صبر و لا من يعين على المسلمين بالتجسّس للكفار و مكاتبتهم بأخبار المسلمين و اطلاعهم على عوراتهم و إيواء جاسوسهم و لا من يوقع العداوة بين المسلمين و يسعى بينهم بالفساد و لو خرج أحدهم لم يكن له سهم و لا رضخ و لو كان الأمير أحد هؤلاء قعد الناس عنه [- ه -] يجوز إخراج النساء للانتفاع بهن و يستحب إخراج

ص: 134

العجائز منهن و يكره الشواب [- و -] يجوز للإمام الاستعانة بأهل الذّمة في حرب الكفار بشرطين أن يكون في المسلمين قلة يحتاج معها إليهم و أن يكونوا ممّن يوثق بهم و يرضخ لهم و لا يبلغ به سهم المجاهدين من المسلمين [- ز -] ينبغي للأمير الرفق بأصحابه في السير و لا يميل مع موافقيه في المذهب و النسب على مخالفيه فيهما و أن يستشير أهل الرأي و يتخير لأصحابه المنازل الجيدة كموارد المياه و مواضع العشب و يحمل من نفقت دابته مع وجود الفضل و يجوز العقبة و لو خاف رجل تلف آخر لموت دابته قيل يجب بذل فاضل مركوبه ليحيي به صاحبه [- ح -] الجهاد موكول إلى نظر الإمام و اجتهاده و يلزم الرعية طاعته فيما يراه سائغا و ينبغي له أن يرتب قوما على أطراف البلاد رجالا يكفون من بإزائهم من المشركين و يأمر بعمل حصون لهم و خنادق و يجعل في كل ناحية أميرا يقلد أمير الحرب و تدبير الجهاد شجاعا ناصحا عارفا و لو احتاجوا إلى المدد استحب للإمام ترغيب الناس في الترداد إليهم كل وقت و المقام عندهم [- ط -] ينبغي للإمام أن يبدأ بقتال من يليه و لو كان الأبعد أشد خطرا و أعظم ضررا كان الابتداء بقتاله أولى و كذا لو كان قريبا و أمكنه الفرصة من الأبعد أو كان الأقرب مهادنا أو منع من قتاله مانع و يستحب له أن يتربص بالمسلمين مع القلة و يؤخر الجهاد حتّى يشتد أمر المسلمين [- ي -] إذا التقى الصّفان حرم الفرار بشرطين أن لا يزيد الكفار على الضعف من المسلمين و أن يقصد بفراره الهرب من الحرب و لا يحرم لو قصد التحرّف لقتال كأن يطلب الأمكن للقتال كاستدبار الشمس أو الرّيح أو يرتفع عن هابط أو يمضي إلى مواد المياه أو ليستند إلى جبل و كذا لا يحرم لو قصد التحيز إلى فئة سواء بعدت المسافة أو قصرت و قلّت الفئة أو كثرت و لو غلب على ظنه الهلاك لم يجز الفرار و قيل يجوز و لو غلب الأسر فالأولى أن يقاتل حتّى يقتل و لا يسلّم نفسه للأسر [- يا -] لو زاد المشركون على الضعف من المسلمين لم يجب الثبات إجماعا و لو غلب على ظنّ المسلمين الظفر استحبّ الثبات و لا يجب و لو غلب على ظنه العطب قيل يجب الانصراف إذا أمنوا معه و قيل لا يجب و هو حسن و كذا القول فيمن قصده رجل فغلب في ظنّه أنه إن ثبت له قتله فعليه الهرب و لو غلب الهلاك في الانصراف و الثبات فالأولى لهم الثبات و في وجوبه إشكال [- يب -] لو انفرد اثنان بواحد من المسلمين لم يجب الثبات و قيل يجب [- يج -] لو قدم العدو إلى بلد جاز لأهله التحصين منهم و لو كانوا أزيد من النصف ليلتحقهم المدد و النجدة و لو لقوهم خارج الحصن جاز التسخير إلى الحصن و ذهاب الدابة ليس عذرا في جواز الفرار و لو تحيزوا إلى جبل ليقاتلوا فيه و هم رجالة جاز و لو تلف سلاحهم فالتجئوا إلى مكان يمكنهم القتال فيه بالحجارة و التستر بالشجر و نحوه جاز و لو ولّوا حينئذ لأبنية القتال بالحجارة و الخشب فالأقرب عدم الإثم و لو ألقى الكفار نارا في سفينة فيها مسلمون فاشتعلت فإن غلبت ظن سلامتهم بالمقام أقاموا و إن غلب بالإلقاء في الماء ألقوا أنفسهم و إن استوى الأمران فالوجه التخيير [- يد -] ينبغي للإمام أن يوصي الأمير بتقوى اللّٰه و الرفق بالمسلمين و أن لا يحملهم على مهلكة و لا يكلفهم نقب حصن يخاف من سقوطه عليهم و لا دخول مطمورة يخشى من قتلهم تحتها فإن فعل شيئا من ذلك أساء و استغفر اللّٰه و لا كفارة عليه و لا دية [- يه -] إذا نزل الإمام على بلد جاز له محاصرته بمنع السابلة دخولا و خروجا و أن ينصب عليهم المنجنيق و يرميهم بالحجارة و يهدم الحيطان و الحصون و القلاع و إن كان فيهم نساء أو صبيان للضرورة و لو لم يحتج إلى ذلك فالأولى تركه و لو فعله جاز و لو كان فيهم أسارى مسلمون و خاف الإمام إن رموهم على الأسارى جاز رميهم و يجوز إلقاء النار إليهم و قذفهم بها و رميهم بالنفط مع الحاجة و يكره لا معها و يجوز قتالهم بجميع أسباب القتل من رمي الحيات القواتل و العقارب و كلّ ما فيه ضرر عظيم و تفريقهم بالماء و فتح الأنهار عليهم و يكره مع القدرة بغيره و هل يجوز بإلقاء السّم في بلادهم الأولى الكراهية [- يو -] يكره قطع الشجر و النخل و لو احتيج جاز و تبييت العدو ليلا و إنما يقاتلون [يلاقون] بالنهار و لو احتيج جاز و يستحب القتال بعد الزوال و لو اقتضت المصلحة تقديمه جاز و لا ينبغي قتل دوابهم في غير حال الحرب لمغايظتهم و الإفساد عليهم سواء خفنا أخذهم لها أو لم يخف و يجوز في حال الحرب قتل دوابهم و كذا يجوز عقرها للأكل مع الحاجة سواء كان مما لا يتخذ إلا للأكل كالدّجاج أو يحتاج إليه للقتال كالخيل أو لا يحتاج إليه في القتال كالبقر و الغنم [- يز -] لو تترس الكفار بنسائهم و صبيانهم فإن كانت الحرب ملتحمة جاز قتالهم و لا يقصد قتل الصّبي و لا المرأة و إن لم تكن ملتحمة بل كان الكفار متحصّنين في حصن أو من وراء خندق كافين عن القتال قال الشيخ يجوز رميهم و الأولى تجنّبهم و لو تترسوا بمسلم فإن لم تكن الحرب قائمة لم يجز الرّمي و كذا لو أمكنت القدرة عليهم بدون الرمي أو أومن شرهم فإن خالفوا و رموهم

ص: 135

وجب القود بقتل المسلم مع العمد و الكفارة و إلا فالدية على العاقلة مع الخطإ و الكفارة عليه و إن كانت الحرب قائمة جاز رميهم و يقصد بالرّمي المشركين هذا إذا خيف منهم لو تركوا و لو لم يخف لكن لا يقدر عليهم إلا بالرّمي فالوجه الجواز [- يح -] لو رمى فأصاب مسلما و لم يعلم أنه مسلم و الحرب قائمة فلا دية و لو علمه مسلما و رمى قاصدا للمشركين و لم يمكنه التوقي فقتله فلا قود و لا دية و هل تجب الكفارة فيهما نص الشيخ على وجوبها [- يط -] لا يجوز قتل صبيان المشركين و لا نسائهم و لا المجانين و إن قاتلت المرأة أو أسرت إلا مع الضرورة و لو وقعت امرأة في صفّ الكفار أو على حصنهم فشتمت المسلمين أو تكشفت لهم جاز رميها [- ك -] الشيخ من أهل الحرب إن كان له رأي و قتال أو قتال خاصّة أو رأي خاصّة قتل و لو لم يكن له قتال و لا رأي لم يجز قتله و كذا الرهبان و أصحاب الصوامع و الأولى إلحاق الزمن و الأعمى بالشيخ الفاني أما العبيد فإن قاتلوا مع ساداتهم قتلوا و إلا فلا و لو قاتل من ذكرناه جاز قتلهم إلا النساء إلا مع الضرورة و المريض إن أيس من برئه فكالزمن و إلا قتل و الفلاّح الذي لا يقاتل يقتل [- كا -] إذا حاصر الإمام حصنا لم يكن له الانصراف إلا بإسلامهم أو يبدلوا مالا على الترك مع المصلحة أو كانوا أهل ذمة يقبل منهم الجزية أو بفتحه و ملكه أو اقتضاء المصلحة الانصراف بأن يتضرر المسلمون بالإقامة أو بأن يحصل اليأس منه أو ينزلوا على حكم حاكم [- كب -] لا يجوز التمثيل بالكفار و لا الغدر بهم و لا الغلول منهم [- كج -] المبارزة مشروعة غير مكروهة و ينبغي أن لا يطلبها المسلم إلا بإذن الإمام و تجوز بغير إذنه و لو منع منها حرمت و لو خرج كافر يطلب البراز استحب لمن فيه قوة من المسلمين مبارزته بإذن الإمام و يستحب للإمام أن يأذن له في ذلك فانقسمت المبارزة إلى واجبة إذا ألزم الإمام بها و مستحبّة كما إذا طلب المشرك المبارزة و مكروهة بأن يخرج الضعيف من المسلمين للمبارزة و مباحة بأن يخرج ابتداء فبارزه و حرام إذا منع الإمام منها و إذا خرج المشرك يطلب البراز جاز لكل أحد رميه إلا أن تكون العادة جرت بينهم أن من خرج يطلب المبارزة لا يعرض له فيجري مجرى الشرط فإن خرج إليه أحد يبارزه بشرط أن لا يعينه عليه سواه وجب الوفاء له بالشرط و لو انهزم المسلم تاركا للقتال أو مثخنا بالجراح جاز قتل المشرك إلا أن يشترط أن لا يقاتل حتى يرجع إلى صفه فيجب الوفاء له إلا أن يترك المسلم أو مثخنه [يثخنه] بالجراح فيرجع فيتبعه ليقتل أو يخشى عليه منه فيمنع و يدفع عن المسلم فإن امتنع قوتل و لو أعان المشركون صاحبهم كان على المسلمين معونة صاحبهم و يقاتلون من أعان و لا يقاتلونه فإن كان قد شرط أن لا يقاتله غير مبارزه وجب الوفاء له فإن استنجد أصحابه فأعانوه فقد نقض أمانه فيقتل معهم و لو منعهم فلم يمتنعوا فإلحاقه باق و يقاتل أصحابه و لو سكت عن نهيهم عن المعاونة نقض أمانه و لو استنجدهم جاز قتاله مطلقا و لو طلب المبارزة و لم يشترط جاز معونة قرنه و لو شرط أن لا يقاتله غيره وجب الوفاء له فإن فر المسلم فطلبه الحربي جاز دفعه على ما قلناه سواء فر المسلم مختارا أو لإثخانه بالجراح و يجوز لهم معاونة المسلم مع إثخانه و لو لم يطلبه المشرك لم يجز محاربته و قيل يجوز ما لم يشترط الأمان حتى يعود إلى فئة [- لد -] يجوز المخادعة في الحرب و للمبارز أن يخدع قرنه ليتوصّل به إلى قتله [- له -] يكره القتال قبل الزوال و تعرقب الدابة و لو وقعت عليه ذبحها و لا يعرقبها

الفصل الثّالث في عقد الأمان

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] عقد الأمان هو ترك القتال إجابة لسؤال الكفار بالإمهال و هو جائز مع اعتبار المصلحة و لو اقتضت المصلحة عدم إجابتهم لم يفعل سواء كان العقد لمشرك واحد أو أكثر و لو طلب الأمان ليستمع كلام اللّٰه و يعرف شرائع الإسلام وجب إجابته [- ب -] يجوز للإمام عقد الصلح لواحد و لأكثر و لأهل حصن أو قرية أو بلد أو إقليم أو لجميع الكفار بحسب ما يراه من المصلحة و كذا يجوز لنائبه عقد الأمان لمن كان تحت ولايته و أما في غيرها فكغيره من الرعايا و يصح لآحاد الرّعية أمان الواحد من المشركين و العدد اليسير منهم كالعشرة و القافلة القليلة و الحصن الصغير و لا يمضي للعدد الكثير و لا لأهل بلد و لا لإقليم [- ج -] يصح عقد الأمان لآحاد المشركين من الحر و العبد المأذون له في الجهاد و غير المأذون و المرأة و لا ينعقد أمان المجنون و لا الصبي و إن كان مميّزا و لا المكره و لا زائل العقل بنوم أو سكر أو إغماء و لا أمان الكافر و إن كان ذميّا و يصح أمان الأسير إذا لم يكن مكرها و أمان التاجر و الأجير في دار الحرب [- د -] إذا انعقد الأمان وجب الوفاء به لكن يجب ردّ الحربي إلى مأمنه و كذا كل حربيّ دخل دار الإسلام بشبهة الأمان كمن يسمع لفظا فيعتقده أمانا أو يصحب رفقة فيتوهمها أمانا و كذا لو طلبوا الأمان فقال لهم المسلمون لا نذمكم فاعتقدوا أنهم أذموهم فإنهم في جميع ذلك يردون إلى مأمنهم و لا يجوز قتلهم [- ه -] للأمان عبارتان وردتا أحدهما أجرتك و الثانية آمنتك قال اللّٰه تعالى فَأَجِرْهُ و قال النبي ص من أغلق عليه بابه فهو آمن فبأي العبارتين أتى انعقد الأمان و كذا

ص: 136

كل لفظ يدلّ على هذا المعنى صريحا مثل أذممتك أو أنت في ذمة الإسلام و كذا كل كتابة علم بها ذلك من قصد العاقد سواء كان بلغة العرب أو بغيرها فلو قال بالفارسيّة مترس فهو آمن و كذا لو أشار بما يدلّ على الأمان قطعا أو صلاحا مع البيان أما قوله لا بأس عليك أو لا تخف أو لا تذهل أو لا تحزن أو ما شابه ذلك فإن علم من قصده الأمان كان أمانا و إن لم يقصد فلا غير أنهم يردون إلى مأمنهم إذا اعتقدوه أمانا ثم يصيرون حربا و لو قال له قف أو قم أو ألق سلاحك لم يكن أمانا و يرجع فيه إلى المتكلم فإن قال أردت به الأمان فهو أمان و إن قال لم أرده سئل الكافر فإن توهمه أمانا أعيد إلى مأمنه و إلا فلا و لو أشار المسلم إليهم بما يرونه أمانا و قال أردت به الأمان فهو أمان و إن قال لم أرد منه الأمان فالقول قوله و يردون إلى مأمنهم و لو مات المسلم أو غاب و لم يبين كانوا آمنين و يردون إلى مأمنهم ثم يصيرون حربا إلى أن يجدد لهم الوالي أمانا [- و -] وقت الأمان قبل الأسر و لا يجوز بعده و للإمام أن يؤمن الأسير بعد الاستيلاء عليه و الأسر و لو أقر المسلم أنّه آمن المشرك فإن كان في وقت يصحّ فيه منه أنشأ الأمان قبل إقراره و إن كان في وقت لا يصحّ كما بعد الأسر لم يقبل إلا بالبيّنة و لو شهد جماعة من المسلمين أنهم آمنوه فالوجه عدم القبول و لو ادعى المسلم أنه أسره فادّعى المشرك أنه آمنه فالقول قول المسلم [- ز -] لو أشرف جيش الإسلام على الظهور فاستذمّ الخصم جاز مع المصلحة و لو استذمّوا بعد حصولهم في الأسر فأذم لهم لم يصحّ و لو ادّعى الحربي الأمان فأنكر المسلم فالقول قول المسلم فلو حيل بينه و بين الجواب بموت أو إغماء لم تسمع دعوى الحربي و في الحالين يرد إلى مأمنه ثم هو حرب [- ح -] من عقد أمانا لكافر وجب عليه الوفاء به و لا يجوز له العذر فإن نقضه أثم و وجب على الإمام منعه من النقض إن عرف بالأمان فلو عقد الحربي الأمان ليسكن في دار الإسلام وجب الوفاء له و دخل ماله تبعا في الأمان و إن لم يذكره و لو دخل دار الإسلام بغير أمان و معه متاع فهو حرب و لا أمان له في نفسه و لا ماله و لو اعتقد أن دخوله بمتاعه على سبيل التّجارة أمانا لم يكن أمانا و ردّ إلى مأمنه و يعامل بالبيع و الشراء و لا يسأل عن شيء و لو لم يكن معه تجارة و قال جئت مستأمنا لم يقبل منه و تخير الإمام فيه و لو كان ممن ضل الطريق أو حملته الريح في المركب إليه ففي كونه فيئا أو يكون لمن أخذه تردّد [- ط -] لو عقد الأمان ليسكن في دار الإسلام صحّ فلو عاد إلى دار الحرب فإن كان لتجارة أو رسالة أو تنزه و في نيته العود فالأمان باق و إن كان للاستيطان بدار الحرب بطل الأمان في نفسه دون ماله و لو نقله معه إلى دار الحرب انتقض فيه أيضا و لو لم ينقله و يصرف فيه ببيع أو هبة أو غيرهما صحّ تصرّفه و لو طلبه بعث به إليه و لو مات في دار الحرب انتقل إلى وارثه فإن كان مسلما ملكه و إن كان حربيّا انتقل إليه و انتقض الأمان فيه و يكون للإمام خاصة و لو دخل دار الإسلام فعقد أمانا لنفسه ثم مات عندنا انتقل ماله إلى وارثه المسلم و إن لم يكن إلا كافر في دار الحرب انتقل إليه و صار فيئا للإمام و كذا لو لم يكن له وارث و لو كان له أمان فترك ماله و نقض الأمان و لحق بدار الحرب لم يبطل أمان ماله فإن رجع ليأخذ ماله جاز سبيه و لو أسر الحربي الذي لماله أمان لم يزل الأمان عن ماله فإن قتل انتقل إلى وارثه المسلم إن كان و إلا إلى الحربي و صار فيئا و إن فاداه أو منّ عليه ردّ ماله إليه و إن استرقه زال ملكه عنه و إن أعتق لم يعد إليه و إن مات لم يرد على ورثته و إن كانوا مسلمين [- ي -] لو دخل المسلم أرض العدو بأمان فسرق منهم شيئا وجب عليه رده إلى أربابه و لو أسره المشركون و أطلقوه بأمان على أن يقيم في دارهم و يترك خيانتهم حرمت عليه أموالهم بالشرط و لا يجوز له المقام مع القدرة على المهاجرة و لو لم يأمنوه بل أسروه و استخدموه كان له الهرب و أخذ ما أمكنه من مالهم و لو أطلقوه على مال لم يجب الوفاء به و لو دخل المسلم دار الحرب بأمان فاقترض من حربي مالا و عاد إلينا و دخل صاحب المال بأمان كان عليه رده إليه و لو اقترض حربي من حربي مالا ثم دخل المقترض إلينا بأمان كان عليه ردّه إليه [- يا -] لو تزوّج الحربي بحربية و أمهرها مهرا وجب عليه ردّه إليها و كذا لو أسلما معا و ترافعا إلينا فإنا نلزم الزوج المهر إن صحّ للمسلم تملكه و إلا القيمة و لو تزوّج الحربي بحربية ثم أسلم الحربي خاصة و المهر في ذمّته لم يكن للزّوجة مطالبته به و كذا لو مات و لها ورثة كفار لم يكن لهم أيضا المطالبة به و لو كانوا مسلمين كان لهم المطالبة و لو ماتت الحربيّة ثم أسلم الزّوج بعد موتها كان لوارثها المسلم مطالبة الزّوج بالمهر و ليس للحربي مطالبته به و كذا لو أسلمت قبله ثم ماتت طالبة وارثها المسلم دون الحربي و لو خرج الحربي المستأمن بمال من أموال دار الحرب ليشتري به شيئا لم يتعرض له و لو دفع الحربي إلى الذمي شيئا وديعة في دار الإسلام كان أمنا [- يب -] إذا خلى المشركون أسيرا مسلما من أيديهم و استحلفوه على أن يبعث فداء عنه أو يعود إليهم فإن كان ذلك كرها له لم يلزمه الوفاء لهم برجوع و لا فدية و إن كان مختارا لم يجب الوفاء بالمال و لا يعود إليهم مع المكنة على المال و العجز سواء في ذلك المرأة و الرّجل [- يج -] إذا طلب المشركون الأمان جاز للإمام أمنهم مع المصلحة فإن

ص: 137

طلبوا أمانا لأنفسهم ففعل الإمام كانوا آمنين على أنفسهم و إن طلبوه لأهلهم خاصة فهم فيء و أهلهم آمنون و لو آمنوهم على ذريتهم فهم آمنون و أولادهم و أولاد أولادهم و إن نزلوا و الوجه دخول أولاد البنات و لو آمنوهم على إخوتهم دخل الذكور و الإناث و كذا الأبناء يدخل فيهم الذكور و الإناث أما البنات و الأخوات فيختصّ بالإناث و لو آمنوا آباءهم دخل الآباء و الأمهات و الأقرب دخول الأجداد و لو آمنوا أبناءهم دخل أبناء الأبناء [- يد -] ينبغي للأمير إذا أراد إنفاذ رسول أن يختار العدل العارف بمواقع الأشياء فلو دخل الرّسول بكتاب أمان و شهد جماعة من المسلمين بصحته ثم فتح المشركون الباب و دخل المسلمون لم يجز لهم السّبي إذا كان الكتاب باطلا [- يه -] إذا آمن المسلمون مشركا على أن يفتح لهم الحصن لم يكن لهم نقض أمانه و لو ادّعى كل واحد من أهل الحصن أنّه الآمن حرم استرقاقهم مع الاشتباه و لو قال اعقدوا الأمان على أهل حصني أفتحه لكم فآمنوه على ذلك فهو آمن و أهل الحصن و أموالهم و لو قال آمنوني على ألف درهم من مالي على أن أفتح لكم الحصن فهو آمن على ما طلب و يكون الباقي فيئا و لو لم يف ماله بالألف لم يكن له زيادة على ماله فلو لم يكن له دراهم و كان له عروض أعطي من ذلك ما يساوي ألفا أما لو قال ألف درهم من دراهمي و لا دراهم له كان لغوا [- يو -] يجوز التحكيم فإذا حصر الإمام بلدا جاز له أن يعقد عليهم أن ينزلوا على حكمه فيحكم فيهم بما يرى هو أو بعض أصحابه و ليس له أن ينزلهم على حكم اللّٰه و يجوز أن ينزلوا على حكم الإمام أو حكم بعض أصحابه و يشترط في الحاكم سبعة أمور الحرية و الإسلام و البلوغ و العقل و الذكوريّة و الفقه و العدالة و لا يشترط علمه بالفقه أجمع بل بما يتعلّق بهذا الحكم و ما يجوز فيه و يعتبر له و يجوز أن يكون الحاكم أعمى و محدودا في القذف و على حكم أسير معهم مسلم إلا أن يكون حسن الرأي فيهم فيكره و إن لم يكن أسيرا و لو نزلوا على حكم رجل غير معين على أنّهم يعيّنون ما يختارونه لأنفسهم جاز فإن اختاروا من يجوز حكمه قبل منهم و إلا فلا و لو جعلوا اختيار التعيين إلى الإمام جاز إجماعا و يجوز أن يكون الحاكم اثنين و أكثر فإن اتفقا جاز و لو مات أحدهما لم يحكم الآخر إلا بعد الاتفاق عليه أو يعيّنوا غيره و لو اختلفا لم يمض الحكم حتى يتفقا و لو نزلوا على حكم اثنين أحدهما مسلم و الآخر كافر لم يجز و لو مات من اتفقوا على تعيينه لم يحكم فيهم غيره إلا مع الاتفاق و يردون إلى مأمنهم و لو حكموا من لا يجتمع فيه شرائط الحكم و نزلوا إلينا ثم ظهر أنّه لا يصلح لم يحكم و ردّوا إلى مأمنهم [- يز -] يتبع ما يحكم به الحاكم ما لم يخالف المشروع و إنما يمضي الحكم إذا كان الخط للمسلمين فإن حكم بقتل الرّجال و سبي النساء و الذريّة و غنيمة المال نفذ و إن حكم باسترقاق الرجال و سبي النساء و الولدان و أخذ الأموال جاز و إن حكم بالمنّ و ترك السّبي بكل جاز مع الخط و إن حكم بعقد الذمة و أداء الجزية جاز و لزمهم النزول على حكمه و إن حكم بالفداء جاز و إن حكم بالمنّ على الذرّية جاز و كذا إن حكم بالاسترقاق و لو حكم على من أسلم بالاسترقاق و على من أقام على الكفر بالقتل جاز فلو أراد استرقاق من أقام على الكفر بعد ذلك لم يكن له و إن أراد أن يمن عليه جاز و لو حكم بالقتل و أخذ الأموال و سبي الذرية و رأى الإمام المن على الرّجال أو على بعضهم جاز [- يح -] إذا نزلوا على ما يحكم به الحاكم فأسلموا قبل حكمه عصموا أموالهم و دماءهم و ذراريهم من الاستغنام و القتل و السّبي و لو أسلموا بعد الحكم عليهم فإن كان قد حكم بقتل الرجال و سبي الذراري و نهب الأموال مضى الحكم عليهم إلا القتل و لو أراد الإمام استرقاقهم بعد الإسلام لم يجز و يستغنم المال و تسترق الذريّة و لو حكم بقتل الرجال و سبي النساء و الذريّة و أخذ المال كان المال غنيمة و يجب فيه الخمس و لو نزلوا على أن يحكم فيهم بكتاب اللّٰه تعالى أو القرآن كره لأنه ليس بمنصوص فيحصل الاختلاف [- يط -] إذا دخل حربي إلينا بأمان فقال له الإمام إن رجعت إلى دار الحرب و إلا حكمت عليك حكم أهل الذّمة فأقام سنة جاز أن يأخذ منه الجزية و لو قال له اخرج إلى دار الحرب فإن أقمت عندنا صيرت نفسك ذميّا فأقام سنة ثم قال أقمت لحاجة قبل قوله و لم يجز أخذ الجزية منه بل يرد إلى مأمنه قال الشيخ و لو قلنا إنه يصير ذميّا لأنّه خالف الإمام كان قويّا [- ك -] إذا حكم الحاكم بالرد لم يجز و إذا اتفقوا على حاكم لم يجب عليه الحكم بل جاز سواء كان قبل التحكيم أو لم يقبله بل يجوز أن يخرج نفسه من الحكومة و إذا حكم الحاكم بما لا يجوز لم ينفذ و لو حكم بعد ذلك بالسائغ فالوجه النفوذ

الفصل الرّابع في الغنيمة
اشارة

و هي الفائدة المكتسبة سواء اكتسب برأس مال كأرباح التجارات و الزّراعات و غيرهما أو اكتسب بالقتال و البحث إنما هو عن الثاني و أقسامه ثلاثة ما ينقل و يحول كالأقمشة و الحيوان و ما لا ينقل كالعقارات و ما هو سبي كالأطفال و النساء و

القسم الأوّل و ما فيما ينقل و يحول

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] ما يحويه العسكر مما ينقل و يحول إن لم يصحّ تملكه للمسلم كالخمر و الخنزير لم يكن غنيمة و إن كان مما يصحّ تملكه من الأشياء المملوكة فهو للغانمين خاصة بعد إخراج الخمس و الجعائل و الأشياء المباحة في الأصل كالصّيود

ص: 138

و الأحجار و الأشجار فإن لم يكن عليه أثر تملك فهو للواجد و ليس غنيمة و إلا فغنيمة و لو وجد ما يحتمل أن يكون لهم و للمسلمين كالسّلاح فالأقرب أن حكمه حكم اللقطة و قيل يعرف سنة ثم يلحق بالغنيمة و لو ادعاه مسلم فالأقرب أن عليه البينة و لو أخذ من بيوتهم أو من خارجها ما لا قيمة له في أرضهم كالسّمن و الأدوية فهو أحقّ به و و و لو صارت له قيمة بنقله أو معالجته فكذلك [- ب -] لو ترك صاحب المقسم شيئا من الغنيمة عجزا عن حمله فقال من حمله فهو له كان جائزا و يصير لآخذه و لو وجد في أرضهم ركازا فإن كان في موضع يقدر عليه فهو كما لو وجده في دار الإسلام يخرج منه الخمس و الباقي له و إن لم يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين فالأقرب أنه غنيمة [- ج -] لا يجوز التصرف في شيء من الغنيمة قبل القسمة إلا ما لا بدّ منه كالطعام و علف الدّواب مع الحاجة لا بدونهما و يجوز ذبح الحيوان المأكول مع الحاجة و لا يجب عليه القيمة و يرد جلودها إلى المغنم و لو استعمله في سقاء أو نعل أو شراك ردّه إلى المغنم و عليه أجرة المدة و أرش ما نقص و لو زادت القيمة بالصّنعة لم يكن له شيء و لا يجوز تناول ما عدا الطعام و العلف و اللحم و لا استعماله و لا الانفراد به و يجوز استعمال الدّهن المأكول في الطعام عند الحاجة و لو لم يكن مأكولا فاحتاج إلى أن يدهن به أو يدهن به دابّته لم يكن له ذلك إلا بالقيمة على إشكال و يجوز أن يأكل ما يتداوى به أو شربه كالجلاب و السّكنجبين و غيرهما عند الحاجة و ليس له أن يغسل ثوبه بالصّابون و لا ينتفع بالجلود و لا اتخاذ النعال منها و لا الجورب و لا الخف و لا الحبال من الشعر و الكتب التي لهم إن انتفع بها كالطّب و الأدب فهي غنيمة و إن لم ينتفع بها كالتوراة و الإنجيل فإن أمكن الانتفاع بجلودها أو ورقها بعد الغسل كانت غنيمة و إلا فلا و جوارح الصيد و البزاة غنيمة و كذا كلاب الصيد و لو لم يرغب فيها أحد من الغانمين جاز إرسالها و إعطاؤها غير الغانم و لو رغب فيها بعض الغانمين دفعت إليه و لا يحتسب عليه من نصيبه و لو رغب الجميع قسمت و لو تعذرت القسمة أو تنازعوا في الجيد أقرع بينهم أما الخنازير فليست غنيمة و لا تعطى أحدا و لا يجوز لبس الثياب و لا ركوب دابة من المغنم و لو كان للغازي دواب أو رقيق جاز أن يطعمهم مما يجوز له الأكل منه سواء كانت للغنيمة أو للتجارة و لو كان معه بزاة أو مقودة لم يكن له أن يطعمها من المغنم بخلاف الخيل [- د -] إذا ثبت يد المسلمين على الغنيمة لم يجز التصرف فيها و لا في بعضها حتى الطعام إلا مع الضّرورة سواء أحازوها في دار الإسلام أو في دار الحرب على إشكال و لو كان معه من الطعام فضلة فأدخله في دار الإسلام ردّه إلى المغنم سواء كان قليلا أو كثيرا و لا يجوز وطء جارية المغنم و إذا حاز المسلمون الغنائم و جمعوها ثبت حقّهم فيها و ملكوها سواء جمعوها في دار الحرب أو دار الإسلام و ثبت لكل واحد من الغانمين حق الملك في جزء مشاع غير معين و إنما يتعين باختيار الإمام [- ه -] من غلّ من الغنيمة شيئا ردّه إلى المغنم و لا يحرق رحله سواء كان آلة السلاح أو لا و سواء كان الرّحل ثياب بدنه أو لا و سواء كان كتب الأحاديث و العلم أو لا و سواء كان آلة الدابة أو لا و سواء اتخذت متاعا آخر أو لا و سواء رجع إلى بلده أو لا و سواء مات أو لا و سواء باع متاعه أو وهبه أو نقله عنه أو لا و سواء كان الغال صبيّا أو لا حرّا أو عبدا ذكرا كان أو لا مسلما كان أو لا أنكر الغلول أو اعترف به و لا يحرم سهمه من الغنيمة سواء كان صبيّا أو بالغا [- و -] إذا مات الغال قبل القسمة وجب ردّ ما عليه في المغنم و كذا بعد القسمة فإن تمكن الإمام من قسمته بين العسكر فعل و إلا فالأقرب عندي الصدقة به [- ز -] إذا سرق من الغنيمة ذو السهم و لم يرد على سهمه بقدر النصاب لم يقطع و إن بلغ النّصاب قطع و لو كان السارق عبدا أو امرأة و سرق أكثر من قدر ما يرضخ له بقدر النصاب قطع و إلا فلا و لو ادّعى الشبهة المحتملة سقط القطع و لو سرق عبدا لغنيمة منها لم يقطع و لو كان أحد الغانمين ابن السارق غير الغانم لم يقطع إلا إذا أراد ما سرقه عن نصيب ولده بقدر النصاب و لو كان السارق سيّد عبد في الغنيمة كان حكمه حكم من له نصيب [- ح -] الغال هو الذي يكتم ما أخذه من الغنيمة و لا يطلع الإمام عليه و لا يضعه مع الغنيمة فإن غلّ على وجه السرقة قطع و إلا فلا و لا يحرق رحل السارق كما قلناه في الغال [- ط -] إذا باع أحد الغانمين غيره شيئا فإن كان المشتري من الغانمين لم يصحّ البيع و يقر في يد المشتري و ليس له ردّه إلى البائع لا للبائع قهره عليه و إن لم يكن من الغانمين لم يقرّ يده عليه و لو كان المبيع طعاما لم يصحّ البيع أيضا و المشتري أحقّ به فلو باع أحدهما صاعين من برّ بصاع منه من الغنيمة لم يثبت الرّبا و لو أقرض غانم غانما طعاما أو علفا في بلاد العدوّ صح و ليس بقرض حقيقة و يكون الثاني أحقّ باليد و ليس على المقترض ردّه على المقرض فإن فعل كان المردود عليه أحق به و لو خرج المقرض إلى بلاد الإسلام لم يكن للمقترض ردّه عليه بل يرده إلى المغنم و لو خرج المقترض من دار الحرب و الطعام في يده رده إلى المغنم و لا يرده إلى المقرض الأول و لو أقرضه الغانم لمن لا سهم له في الغنيمة لم يصحّ قرضه

ص: 139

و استعيد من القابض و كذا لو باعه منه و كذا لو جاء رجل من غير الغانمين و أخذ من طعام الغنيمة و لو باعه من غير الغانمين بطل البيع و استعيد و لو باعه من غانم كان الغانم أولى به و لا يكون بيعا صحيحا [- ي -] يجوز للإمام أن يبيع من الغنيمة شيئا قبل القسم لمصلحة فلو عاد الكفار و أخذوا المبيع من المشتري في دار الحرب فإن كان لتفريط من المشتري مثل إن خرج به من العسكر وحده فضمانه عليه و إن حصل بغير تفريط فالتلف منه أيضا و لا ينفسخ البيع و إذا قسمت الغنائم في دار الحرب جاز لكل من أخذ مهمة التّصرف فيه كيف شاء بالبيع و غيره فلو باع بعضهم شيئا فغلب المشتري عليه لم يضمنه البائع و يجوز لأمير الجيش أن يشتري من مال الغنيمة شيئا قبل القسمة و بعده

القسم الثاني في أحكام الأسارى

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] الأسارى ضربان ذكور و إناث و الذكور بالغون و أطفال و هم من لم يبلغ خمس عشرة سنة فالنساء و الأطفال يملكون بالسّبي و لا يحلّ قتلهم و لو أشكل أمر الصبي في البلوغ و عدمه اعتبر بالإنبات فإن كان قد أنبت الشعر الخشن على عانته حكم ببلوغه و إلا فلا و أما البالغون من الذكور فإن أسروا قبل تقضي الحرب و انقضاء القتال تخير الإمام بين قتلهم و قطع أيديهم و أرجلهم من خلاف و تركهم حتى ينزفوا و يموتوا و لا يجوز إبقاؤهم بفداء و لا بغيره و إن أسروا بعد أن وضعت الحرب أوزارها و انقضاء القتال لم يجز قتلهم و كان الإمام مخيرا بين المن و الفداء و الاسترقاق و هذا التخيير ثابت في كلّ كافر سواء كان ممن يقرّ على دينه بالجزية أو لا و قال الشيخ إن كان من عبدة الأوثان تخير الإمام بين المنّ و الفداء خاصّة و ليس بمعتمد و لا فرق بين العرب و العجم في ذلك و هذا التخيير تخيير مصلحة و اجتهاد لا تشهيا [تشهي] إلا أن يستوي الثلاثة في المصلحة فيختار تشهّيا و لا يكون القتل أولى [- ب -] إذا أسلم الأسير بعد الأسر يسقط عنه القتل سواء أخذ قبل تقضي الحرب أو بعدها قال الشيخ و يتخير الإمام بين المن و الفداء و الاسترقاق و لا يجب الاسترقاق عينا فإن اختار الإمام أن يفادي به مالا أو رجالا جاز بشرط أن يكون له عشيرة تحميه من المشركين و إن لم يكن له عشيرة لم يجز ردّه إليهم و مال الفداء غنيمة للغانمين و لو أسلم الأسير قبل أن يقع في الأسر لم يجز قتله و لا استرقاقه و لا المفاداة به سواء أسلم في حصن محصورا أو مصدودا أو رمى نفسه في بئر و يكون دمه محقونا و كذا ماله و ذريته الأطفال و أمّا البالغون فحكمهم حكم الكفار و أما الدور و الأرضون التي له فهي فيء فلا يكون له [- ج -] إذا أسر المشرك البالغ و له زوجة لم يؤسرها المسلمون فالزّوجية باقية فإن من عليه الإمام أو فاداه لم ينفسخ النكاح و إن استرقه انفسخ و لو أسر الزوجان معا انفسخ النكاح و كذا ينفسخ لو كان الزّوج صغيرا أو أسرت الزوجة سواء سبي الزوج أو لا و كذا لو سبي بعدها بيوم أو بأزيد أو بأنقص و سواء سباهما رجل واحد أو اثنان و الوجه أنه إذا سباهما واحد و ملكهما معا كان النكاح باقيا ما لم يفسخه و لو كان الزوجان مملوكين قيل لا ينفسخ النكاح و الوجه تخير الغانم [- د -] إذا أسلم الحربي في دار الحرب حقن ماله و دمه و أولاده الصّغار من السّبي و المال المعصوم هنا إنما هو ما ينقل و يحول أما ما لا ينقل فإنه فيء للمسلمين و لو دخل دار الإسلام فأسلم فيها و له أولاد صغار في دار الحرب صاروا مسلمين و لم يجز سبيهم و لو أسلم و له حمل تبعه في الإسلام و لو سبيت المرأة و هي حامل و قد أسلم أبوه أو كانت الحربية حاملا من مسلم بوطء مباح كانت رقا دون الحمل و لو أسلم في دار الحرب و له فيها عقار ثم غنمها المسلمون سلمت إليه أمواله المنقولة دون الأرضين و العقارات فإنها تكون غنيمة و لو استأجر مسلم من حربي أرضه في دار الحرب صحّت الإجارة فلو غنمها المسلمون كانت غنيمة و كانت المنافع للمستأجر و لا تبطل الإجارة [- ه -] لو أعتق المسلم عبده الذّمي فلحق بدار الحرب ثم أسر ففي جواز استرقاقه وجهان نشئا من مطلق الإذن في الاسترقاق و من ثبوت حق الولاء للمعتق المسلم فصار كالآبق المملوك و لو أعتق الذمي عبده الّذي صحّ عتقه فإن لحق بدار الحرب فأسر جاز استرقاقه [- و -] إذا أسلم عبد الحربي أو أمته في دار الحرب ثم أسلم مولاه فإن خرج إلينا قبل مولاه تحرر و إلا فهو على الرّقية قال الشيخ و لو قلنا إنه يصير حرّا على كلّ حال كان قويا و لو كان المولى صبيّا أو امرأة لم تسلم حتى غنمت و قد حارب العبد المسلم معنا جاز أن يملك مولاه [- ز -] لو أسلمت أم ولد الحربيّ و خرجت إلينا قبل مولاها عتقت و استبرأت نفسها [- ح -] لو أسلم العبد دون مولاه حتى غنم العبد انتقل إلى المسلمين و لو عقد المولى لنفسه أمانا لم يقر المسلم على ملكه و كذا حكم المدبر و المكاتب المشروط و المطلق و أمّ الولد [- ط -] إذا سبيت المرأة و ولدها الصغير كره التفرقة بينهما بل ينبغي للإمام أن يدفعهما إلى واحد و لو قصر سهمه دفعهما إليه و استعاد الفاضل أو يجعلهما في الخمس فإن لم يفعل باعهما و ردّ ثمنها في المغنم و حرّم بعض أصحابنا التفرقة و الأقوى ما قلناه و لا تزول الكراهية برضا الأم بالتفرقة و حكم البيع هذا الحكم فيكره

ص: 140

للمالك التفرقة بين الأم و ولدها و إذا بلغ الصّبي سبع سنين جازت التفرقة و لو باع الأم بانفرادها أو الولد بانفراده كان مكروها عندنا و صحّ البيع و عند الشيخ يحرم و يصحّ البيع [- ي -] قال الشيخ يجوز التفرقة بين الولد و الوالد و بينه و بين الجدّة أم الأم و بين الأخوين و الأختين و بين من خرج من عمود الأبوين من فوق و أسفل مثل الإخوة و أولادهم و الأعمام و أولادهم و سائر الأقارب و لا خلاف في جواز التّفرقة بينه و بين الرّحم غير المحرم و بينه و بين الأم من الرضاعة أو الأخت منها و في جواز التفرقة بينهما في العتق [- يا -] لو اشترى من المغنم اثنين أو أكثر و حسبوا عليه بنصيبه بناء على أنّهما أقارب يحرم التفريق بينهم فظهر أنهم لا نسب بينهم وجب عليه ردّ الفضل الّذي فيهم على المغنم [- يب -] لو جنت جارية ذات ولد صغير و لم يفدها مولاها قال الشيخ لم يجز بيعها منفردة عن ولدها بل يباعان معا و يعطى المجني عليه ما يقابل قيمة جارية ذات ولد منفردة عنه و الباقي للسيّد و لو كانت حاملا و لم يفدها السّيد لم يجز بيعها إن كانت حاملا بحرّ و يصبر حتى تضع و يكون الحكم كما لو كان منفصلا و لو كانت حاملا بمملوك جاز بيعهما معا إذا كان منفصلا [- يج -] قال رحمه اللّٰه لو باع جارية حاملا إلى أجل ففلس المشتري و قد وضعت ولدا مملوكا ففي جواز رجوعه فيها دون ولدها وجهان و لو ابتاع جارية فأتت بولد مملوك في يد المشتري و علم بعيبها لم يكن له ردها بالعيب و لو كانت حاملا تخير بين الأرش و الرد [- يد -] إذا سبي من لم يبلغ صار رقيقا في الحال فإن سبي مع أبويه الكافرين فهو على دينهما و إن سبي منفردا عنهما قال الشيخ يتبع السابي في الإسلام فلو بيع من كافر بطل البيع و لو سبي مع أحدهما قال الشيخ يتبع أحد أبويه في الكفر و لو مات أبو الطفل المسبي معهما لم يحكم بإسلامه و كره بيعه على الكافر [- يه -] الحميل هو الذي يجلب من بلاد الشرك فإن جلب قوم و تعارف اثنان بما يوجب الإرث قبل ذلك سواء كان قبل العتق أو بعده و يورثون على ذلك سواء كان النسب نسب الوالدين و الولد أو من يتقرب بهما فلو أخذ الطفل من بلاد الشرك كان رقيقا فإذا أعتقه السابي نفذ عتقه و ثبت عليه الولاء فإن أقرّ المعتق بنسب كأب أو جد أو ابن عمّ فالوجه أنه لا يقبل إلا بالبيّنة أو تصديق المقر به و لو أقر بولد فالأقرب أنّه كذلك [- يو -] لو أسر المشرك و لم يكن معه ما يركبه و عجز عن المشي لم يجب قتله و لو بدر مسلم فقتله كان هدرا و يجب أن يطعم الأسير و يسقى و إن أريد قتله بعد لحظة [- يز -] يكره قتل من يجب قتله صبرا و هو الحبس للقتل [- يح -] لو وطئ جارية من المغنم قبل القسمة عالما بالتحريم درئ عنه من الحدّ بمقدار نصيبه منها و يقام عليه الحدّ بمقدار نصيب باقي الغانمين سواء قلوا أو كثروا و لو وطئها جاهلا بالتّحريم سقط عنه الحدّ قال الشيخ و لا يجب على واطئ جارية المغنم المهر و لو أحبلها قال حكم ولدها حكمها له منه بقدر نصيبه من الغنيمة و يقوم بقية سهم الغانمين عليه فإن كانت القيمة قدر حقه فقد استوفى و إن كان أقل أعطي تمام حقّه و إن كان أكثر ردّ الفضل و يلحق به الولد لحوقا صحيحا و الجارية أم ولده في الحال و تقوم الجارية عليه و يلزمه سهم الغانمين فإن كانت القيمة بقدر النصيب احتسبت عليه و إن كانت أقل أعطي تمام حقه و إن كانت أكثر رد الفاضل و إنما يقوم الولد إذا قومت الجارية بعد رضعه فيقومان معا و يأخذ الغانمون الفاضل من القيمتين عن النصيب و لو قومت قبل وضعه لم يقوم الولد عليه [- يط -] لو وطئ بعد القسمة و حصولها في نصيبه بتعيين الإمام و لم نشترط الرضا كان الوطء مصادقا للملك و إن عيّنت لغيره وجب عليه ما يجب على واطئ أمة غيره من الحدّ و المهر و رقية الولد مع العلم و لو توهم أن تعيين الإمام غير كاف في التمليك فوطئ كان شبهة في سقوط الحدّ [- ك -] لو وطئها و هو معسر قومت عليه مع ولدها و استسعى في نصيب الباقين فإن امتنع كان له من الجارية بقدر نصيبه و يتحرر من الولد بقدر النصيب و الباقي للغانمين و الجارية أم ولد [- كا -] لو كان في الغنيمة من ينعتق على بعض الغانمين قال الشيخ الذي يقتضيه المذهب أنه ينعتق منه نصيبه و يكون الباقي للغانمين و لا يلزمه قيمة الباقين و لو جعله الإمام في نصيبه أو نصيب جماعة هو أحدهم فإنه ينعتق نصيبه و الأقرب أنّه لا يجب عليه شراء حصص الباقين و لو رضي بالقسمة فالأقرب التقويم عليه مع اليسار و لو أسر أباه منفردا فالأقرب عدم عتقه عليه و لو أسر أمّه أو ابنه الصغير صار رقيقا و عتق عليه [- كب -] لو أعتق بعض الغانمين عبدا من الغنيمة قبل القسمة فإن كان مما لا يثبت فيه الملك كالرّجل لم يصحّ عتقه ملكه و إن كان ممن يملك كالمرأة و الصّبي فالأقرب صحة عتق نصيبه و تقويم الباقي عليه فيطرح في الغنيمة إن كان موسرا و إن كان معسرا صح عتق نصيبه فإن كان بقدر نصيبه من الغنيمة لم يسهم له من الغنيمة شيء و إن كان أقل يعطى التمام و إن كان أكثر رد الفاضل

القسم الثالث في الأرضين

و فيه [- ح -]

ص: 141

بحثا [- ا -] الأرضون على أربعة أقسام أحدها ما عليك بالاستغنام و يؤخذ قهرا بالسّيف فإنها للمسلمين قاطبة و لا يختصّ بها المقاتلة و لا يفضلون على غيرهم و لا يتخيّر الإمام بين قسمتها و وقفها و تقرير أهلها عليها بالخراج و يقبلها الإمام لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النّصف أو الثلث و على المتقبل إخراج مال القبالة و حق الرقبة و فيما يفضل في يده إذا كان نصابا العشر أو نصف العشر و لا يصحّ التصرف في هذه الأرض بالبيع و الشراء و الوقف و غير ذلك و للإمام أن ينقله من متقبل إلى غيره إذا انقضت مدّة القبالة و له التصرف فيه بحسب ما يراه من مصلحة المسلمين و ارتفاع هذه الأرض يصرف إلى المسلمين بأجمعهم و إلى مصالحهم و ليس للمقاتلة فيها إلا مثل ما لغيرهم من النصيب في الارتفاع الثاني أرض من أسلم أهلها عليها طوعا من قبل نفوسهم من غير قتال فيترك في أيديهم ملكا لهم يصحّ لهم التّصرف فيها بالبيع و الشراء و الوقف و سائر أنواع التصرف إذا عمروها و قاموا بعمارتها و يؤخذ منهم العشر أو نصف العشر زكاة إذا بلغ النصاب فإن تركوا عمارتها و تركوها خرابا كانت للمسلمين قاطبة و جاز للإمام أن يقبلها ممن يعمرها بما يراه من النّصف أو الثلث أو الربع و كان على المتقبل بعد إخراج حق القبالة و مئونة الأرض إذا بقي معه النصاب العشر أو نصف العشر و على الإمام أن يعطي أربابها حق الرقبة الثّالث أرض الصلح و هي كل أرض صالح أهلها عليها و هي أرض الجزية يلزمهم ما يصالحهم الإمام عليه من نصف أو ثلث أو ربع أو غير ذلك و ليس عليهم غير ذلك و إذا أسلم أربابها كان حكم أرضهم حكم أرض من أسلم طوعا ابتداء و يسقط عنهم الصلح لأنه جزية و يصحّ لأربابها التصرف فيها بالبيع و الشّراء و الهبة و غير ذلك و للإمام أن يزيد و ينقص ما يصالحهم عليه بعد انقضاء مدّة الصّلح بحسب ما يراه من زيادة الجزية و نقصانها و لو باعها المالك من مسلم صحّ و انتقل ما عليها إلى رقبة البائع هذا إذا صولحوا على أن الأرض لهم أما لو صولحوا على أن الأرض للمسلمين و على أعناقهم الجزية كان حكمها حكم الأرض المفتوحة عنوة عامرها للمسلمين و مواتها للإمام الرابع أرض الأنفال و هي كل أرض انجلى أهلها عنها و تركوها أو كانت مواتا لغير مالك فأحييت أو كانت آجاما و غيرها مما لا يزرع فاستحدثت مزارع فإنها كلها للإمام خاصة لا نصيب لأحد معه فيها و له التصرف فيها بالقبض و الهبة و البيع و الشراء بحسب ما يراه و كان له أن يقبلها بما يراه من نصف أو ثلث أو ربع و يجوز نزعها من يد متقلبها إذا انقضت مدّة الضمان إلا ما أحييت بعد موتها فإن من أحياها أولى بالتصرف فيها إذا تقبلها بما يتقبلها غيره فإن أبى كان للإمام نزعها من يده و تقبيلها لمن يراه و على المتقبّل بعد إخراج مال القبالة فيما يحصل في حصة العشر أو نصف العشر [- ب -] قال الشيخ كل موضع أوجبنا فيه العشر أو نصف العشر من أقسام الأرضين إذا أخرج الإنسان مئونته و مئونة عياله لسنة وجب عليه فيما بقي بعد ذلك الخمس لأهله [- ج -] الأرض المأخوذة عنوة للمسلمين قاطبة إن كانت محياة وقت الفتح يصرف الإمام حاصلها في المصالح مثل سدّ الثغور و معونة الغزاة و بناء القناطير و أرزاق القضاة و الولاة و صاحب الديون و غير ذلك من مصالح المسلمين و أما الموات وقت الفتح فهي للإمام خاصّة و لا يجوز لأحد إحياؤه إلا بإذنه مع ظهوره ع و لو تصرف كان عليه طسقها له و لو كان غائبا ملكها المحيي من غير إذن و مع ظهوره ع يجوز له نقلها من يد من أحياها إذا لم يقبلها بما يقبلها غيره و لا يجوز بيع هذه الأرض على ما تقدم بل البيع يتناول التصرف من البناء و الغرس و حق الاختصاص بالتصرف لا الرقبة [- د -] كلما يختصّ الإمام من الأرضين الموات و رءوس الجبال و بطون الأودية و الآجام ليس لأحد التّصرف فيها مع ظهور الإمام عليه السّلام إلا بإذنه و سوّغوا لشيعتهم حال الغيبة التصرف فيها بمجرّد الإذن منهم [- ه -] الظاهر من المذهب أن النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله فتح مكة بالسّيف ثم آمنهم بعد ذلك لا صلحا [- و -] أرض السّواد هي الأرض المغنومة من الفرس التي فتحها عمر و هي سواد العراق و حدّه في العرض من مقطع الجبال بحلوان إلى طرف القادسيّة المتصل بعذيب من أرض العرب و من تخوم الموصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجلة فأما الغربي الذي تليه البصرة فإنما هو إسلامي مثل شط عثمان بن أبي العاص و ما والاها كانت سباخا و مواتا فأحياها عثمان بن أبي العاص و سمّيت هذه الأرض سوادا لأن الجيش لما خرجوا من البادية زاد التفاف شجرها فسموها سوادا و بعث عمر إليها بعد فتحها ثلاثة أنفس عمار بن ياسر على صلواتهم أميرا و ابن مسعود قاضيا واليا على بيت المال و عثمان بن حنيف على مساحة الأرض قال أبو عبيدة فبلغ مساحتها ستّة و ثلاثون ألف ألف جريب و ضرب على كلّ جريب نخل عشرة دراهم و على الكرم ثمانية دراهم و على جريب

ص: 142

الشجر و الرطبة ستة دراهم و على الحنطة أربعة دراهم و على الشعير درهمين ثم كتب إلى عمر بذلك فأمضاه و كان و ارتفاعها مائة و ستّين ألف ألف درهم و لما انتهى الأمر إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أمضى ذلك و رجع ارتفاعها في زمن الحجاج إلى ثمانية عشر ألف ألف درهم قال الشيخ و الذي يقتضيه المذهب أن هذه الأراضي و غيرها من البلاد التي فتحت عنوة يخرج خمسها لأربابه و أربعة الأخماس الباقية للمسلمين قاطبة لا يصحّ التصرف فيه ببيع و لا هبة و لا إجارة و لا إرث و لا يصحّ أن تبنى دورا و منازل و مساجد و سقايات و لا غير ذلك من أنواع التّصرف الذي يتبع الملك و متى فعل شيء من ذلك كان التّصرف باطلا و هو باق على الأصل قال و على الرّواية التي رواها أصحابنا أن كل عسكر أو فرقة غزت بغير أمر الإمام تكون الغنيمة للإمام خاصّة تكون هذه الأرضون و غيرها مما فتحت بعد الرّسول ص إلا ما فتح في أيام أمير المؤمنين ع إن صحّ شيء من ذلك يكون للإمام خاصة و يكون من جملة الأنفال التي له خاصّة لا يشركه فيها غيره [- ز -] إذا نزل الإمام على بلد فحاصره و أرادوا الصلح على أن يكون البلد لهم و كانوا من أهل الكتاب جاز له أن يصالحهم بشروط ثلاثة أن يبذلوا الجزية و أن يجري عليهم أحكام المسلمين و أن لا يجتمعوا مع مشرك على قتال المسلمين فإذا بذلوا ذلك عقد معهم الصلح و لزم ما داموا على الشرط و تكون أرضهم ملكا لهم يصحّ لهم التصرف فيها كيف شاءوا و يجوز للمسلم استئجارها منهم و تكون الأجرة له و الخراج عليه و لو باعها من مسلم صح البيع و انتقل ما عليها من الخراج إلى رقبة الذّمي و لا يبقى متعلقا بالأرض [- ح -] كل أرض ترك أهلها عمارتها كان للإمام تقبيلها ممن يقوم بها و عليه طسقها لأربابها و كلّ أرض موات سبق إليها سابق فعمرها و أحياها كان أحقّ بها إذا لم يكن لها مالك معروف فإن كان لها مالك معروف وجب عليه طسقها لمالكها

الفصل الخامس في كيفية قسمة الغنيمة
اشارة

و فيه مطالب

الأوّل الجعائل

و فيه [- يز -] بحثا [- ا -] يجوز للإمام أن يجعل جعلا لمن يدله على مصلحة من مصالح المسلمين كطريق سهل أو ماء في مفازة أو قلعة يفتحها أو مال يأخذه أو عدو يغير عليه أو ثغر يدخل به و يستحق المجعول له الجعل بنفس الفعل الذي جعل له الجعل سواء كان مسلما أو كافرا ثم الجعالة يجب أن تكون معلومة إن كانت في يد الجاعل إما بالمشاهدة أو الوصف و إن كانت في بلد المشركين جاز أن تكون مجهولة كجارية و ثوب [- ب -] إنما تثبت الجعالة بحسب الحاجة ثم إن كانت في يده بأن قال من دلنا على ثغر القلعة فله كذا فإنّه يجب عليه دفع الجعل بنفس الدلالة و لا يتوقّف على فتح البلد و إن كانت من مال الغنيمة بأن قال من دلنا على ثغر القلعة فله الجارية المعيّنة منها أو جارية مطلقة منها فإنه إنما يستحقّ بالدلالة و الفتح معا [- ج -] لو شرط جارية معينة من القلعة و فتحت عنوة سلمت الجارية إليه إن بقيت على الكفر و إن كانت قد أسلمت قبل الأسر لم يجز استرقاقها و دفع إلى الدال القيمة و لو أسلمت بعد الأسر سلمت إليه إن كان مسلما و إن كان كافرا دفع إليه القيمة فإن فتحت صلحا و لم يكن الجارية داخلة في الهدنة فكذلك و إن دخلت صح الصّلح فإن اختار الدال قيمتها مضى الصلح و سلم إليه القيمة و إن أبى و اختار صاحب القلعة دفعها إلى الدال و أخذ القيمة فعل ذلك و إن أبى كلّ واحد منهما قال الشيخ يفسخ الصلح و لو قيل يمضي الصّلح و يدفع إلى المجعول له القيمة كما لو أسلمت قبل الصّلح كان حسنا و لو ماتت الجارية المجعولة قبل الظفر أو بعده قال الشيخ لا يدفع القيمة إليه و هو جيّد و لو كان الدليل جماعة كانت الجارية بينهم [- د -] لو كتب بعض المسلمين إلى المشركين بخبر الإمام و ما عزم عليه من قصدهم و بذكر أحواله لم يقتل بذلك بل يعزر و لا يسهم له إلا أن يتوب قبل تحصيل الغنيمة [- ه -] يجوز النفل فلو بعث الإمام أو نائبه وقت دخوله دار الحرب للغزو سرية تغير على العدوّ يجعل لهم الرّبع بعد الخمس جاز فما قدمت به السّرية يخرج خمسه و الباقي يعطي السرية منه الرّبع و هو خمس آخر ثم يقسم الباقي بين الجيش و السّرية و كذلك إذا قفل من دار الحرب مع الجيش و أنفذ سرية و جعل لهم الثلث بعد الخمس جاز فإذا قدمت السّرية بشيء أخرج خمسه الإمام ثم أعطى السّرية ثلث ما بقي ثم قسم الباقي بين الجيش و السّرية معه و لا يشترط في النفل أن يكون من الخمس و لا من خمس الخمس [- و -] إنما يستحق النفل بالشرط السابق و لو لم يشترط الإمام نفلا لم يكن لأحد فضلة عن سهمه [- ز -] إنما يسوغ للإمام التنفيل مع الحاجة إليه بأن يقل المسلمون و يكثر المشركون و لو كانوا مستظهرين فلا حاجة به و مع الحاجة إن رأى أن ينفلهم دون الثلث أو الربع فله ذلك و الأقرب أنه يجوز أن ينفل أكثر من الثلث أو الربع و النّبيّ عليه السّلام نفل في البدأة الثلث و في الرّجعة الربع فالبدأة السّرية عند دخول الجيش دار الحرب و الرّجعة عند الخروج و قيل البدأة السّرية الأولى و الرّجعة الثانية و كما يجوز التنفيل للسّرية كذا يجوز لبعض الجيش [- ح -] إذا أنفذ الإمام سرية فأتى

ص: 143

بعضهم بشيء دون الآخرين كان للوالي تخصيص من جاء بشيء دون الآخرين مع الشرط لا بدونه [- ط -] لو قال الأمير من طلع هذا الحصن أو هدم هذا السور أو ثقب هذا البيت أو فعل كذا فله كذا و من جاء بأسير فله كذا جاز و لم يكن مكروها [- ي -] لو لم يكن في التنفيل مصلحة للمسلمين لم يجز و لا يختصّ النفل بنوع من المال و لو قال من رجع إلى الساقة فله دينار جاز و كذا لو قال من يعمل في سياقة المغنم و لو نفل السّرية استوى فيه الفارس و الراجل إلاّ أن يشترط التفضيل و كذا لو بعث سرية من أهل الذّمة جاز له أن ينفلهم مع المصلحة [- يا -] لو بعث سرية عليهم أمير و نفلهم بالثلث بعد الخمس ثم إن أمير السّرية نفل قوما منهم لفتح الحصن أو للمبادرة بغير إذن الإمام نظر فإن نفلهم من سهم السّرية أو من سهامهم بعد النّفل جاز و لو نفلهم من سهم العسكر لم يجز و لو بعث أمير السّرية سرية من سريته و نفل لهم أقل من النفل الأول أو أكثر فهو جائز من حصة أصحاب السّرية لا من حصة العسكر إلا أن يكون أمير العسكر أذن له في التنفيل فيجوز تنفيله للسّرية الثانية في حق جميع العسكر [- يب -] لو فقد رجل من السرية فذهب بعضهم بطلبه و ذهب آخرون لإصابة الغنائم ثم رجع الجميع مع المفقود اشتركوا بأجمعهم في النفل و كذا لو أصاب المفقود و غنائم و الطالب له و باقي السّرية اشتركوا بالسّوية كما لو لم يفترقوا و لو تفرقت السّرية قسمين و بعد أحدهما عن الآخر بحيث لا يقدر على معونته ثم أصاب كل قسم غنيمة أو أصاب أحدهما دون صاحبه فالنفل من جميع ذلك بينهم بالسّوية و لو لم يلتقوا إلا عند المسكن فلكل فريق النفل مما أصابوا خاصّة و لو قال الإمام من أخذ شيئا فهو له فالوجه عندي الجواز [- يج -] لو بعث سريتين أحدهما يمنة و الأخرى يسرة و نفل إحداهما الثلث و الأخرى الربع فما [فيما] أصابوا كان جائزا فلو ذهب رجل ممن بعثه الإمام في سرية الربع مع الأخرى احتمل وجهين أحدهما حرمانه و الثاني أن يجعل له مع سرية الثلث مقدار ما سمّى له و هو الربع أما لو ضلّ و وقع في الأخرى فالوجه مشاركتهم [- يد -] لو بعث سرية و نفلهم الربع ثم أرسل أخرى و قال الحقوا بأصحابكم فما أصبتم فأنتم شركاؤهم فلحقهم الثانية بعد الاستغناء به ثم غنموا معهم أخرى فنفل الثانية لهم جميعا و الأول للسّرية الأولى قال ابن الجنيد لو غنمت السّرية المنفلة فأحاط بها العدو فأنجدهم المسلمون شركوهم في النفل ما لم يحرزوه في العسكر [- يه -] قد بيّنا جواز التنفيل المجهول فلو قال من جاء بشيء فله منه طائفة فجاء رجل بمتاع نفله الإمام بما يراه و لو قال فله منه قليل أو يسير أو شيء منه فله أقل من النصف و لو قال فله جزء منه نفله النصف فما دونه و لو قال من جاء بشيء فله سهم رجل أعطاه سهم راجل لا فارس و لو قال من جاء بألف درهم فله ألفا درهم فجاء بالألف لا غير لم يكن له أكثر من ألف و لو قال من جاء بالأسير فله الأسير و ألف لزمه دفعهما و لو قال من جاء بأسير فله مائة درهم كان ذلك من الغنيمة أو في رقبة الأسير أو بيت مال المسلمين [- يو -] لو قال من أصاب ذهبا أو فضة فهو له فأصاب سيفا محلى بأحدهما كان الذهب و الفضة له دون السيف و الجفن و لو أصاب خاتما نزع فصه للغنيمة و لو ظهر مشرك على السور يقاتل المسلمين فقال الإمام من صعد السّور فأخذه فهو له و خمسمائة فصعد رجل و أخذه كان له مع خمسمائة و لو سقط الرّجل من السور فبادر إليه رجل فقتله خارج الحصن لم يكن له شيء و لو رماه فطرحه من السّور فالأقرب أنه لا يستحق النفل أيضا و لو التقى الصفان فقال من جاء برأس فله كذا انصرف إلى رءوس الرجال دون الصّبيان و لو انهزم الكفار فقال من جاء برأس فله كذا فجاء رجل بسبي أو برأس فله النفل و لو جاء برأس فقيل إنه كان ميّتا فقال أنا قتلته ففي القبول مع اليمين نظر و لو لم يعلم رأس مسلم أو كافر لم يستحقّ النفل و لو جاء آخر و ادعى أنه القاتل فالقول قول الآتي مع اليمين فلو نكل لم يعط النفل و هل يستحقه المدّعي فيه إشكال [- يز -] لو قال من دخل من باب هذه المدينة أو الحصن فله ألف درهم فاقتحم قوم من المسلمين فدخلوها استحق كلّ واحد منهم ألفا سواء ترتبوا أو اجتمعوا أو لو قال من دخل فله الربع فدخل عشرة استحقوا بأجمعهم الربع و لو قال من دخل فله جارية فدخلها جماعة و ليس هناك سوى جارية واحدة فلكل واحد قيمة جارية وسط و لو قال جارية من جواريهم كان لهم ما وجد لا غير و لو قال من دخل أولا فله ثلاثة و من دخل ثانيا فله اثنان و من دخل ثالثا فله واحدة فدخلوا على التعاقب كان لهم ما سمّاه و لو دخلوا دفعة بطل نفل الأوّل و الثاني و كان لهم جميعا نفل الثالث و لو قال من دخل منكم خامسا فله درهم فدخل خمسة معا استحقّ كل واحد النفل و لو دخلوا على التعاقب استحق الأخير خاصة

المطلب الثّاني في السلب

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] يجوز للإمام أن يجعل للقاتل سلب المقتول فيختص به مع الشرط و لو لم يشترط الإمام لم يستحقه على الخصوص و اختار ابن الجنيد تخصيص القاتل به و إن لم يشترط الإمام [- ب -] إذا اشترط الإمام للقاتل جاز له أخذه و إن لم يأذن الإمام و يستحب له استئذانه [- ج -] يشترط في استحقاق السّلب كون المقتول من المقاتلة

ص: 144

الذين يجوز قتلهم فلو قتل امرأة أو صبيّا أو شيخا فانيا و نحوهم ممن لا يقاتل لم يستحق سلبه و لو قتل أحد هؤلاء و هو مقاتل استحقّ [- د -] يشترط أيضا كون المقتول ممتنعا فلو قتل أسيرا له أو لغيره أو من أثخن له بالجراح و عجز عن المقاومة لم يستحق سلبه و لو قطع يدي رجل و رجليه و قتله آخر فالسلب للقاطع و لو قطع يديه أو رجليه ثم قتله آخر قال الشيخ السلب للقاتل لا القاطع و لو عانق رجل رجلا فقتله آخر فالسّلب للقاتل و لو كان الكافر مقبلا على رجل يقاتله فجاء آخر من ورائه فقتله فالسلب للقاتل [- ه -] يشترط في استحقاق السّلب أيضا القتل أو الإثخان بالجراح بحيث يجعله معطلا في حكم المقتول و لو أسر رجلا لم يستحق سلبه و إن قتله الإمام [- و -] يشترط أن يغرر القاتل بنفسه في قتله بأن يبارز إلى صفّ المشركين أو إلى مبارزة من يبارزهم فلو لم يغرر بنفسه بل رمى سهما في صف المشركين من صف المسلمين فقتل لم يستحقّ سلبه و لو حمل جماعة من المسلمين على مشرك فقتلوه فالسلب في الغنيمة و لو اشترك في قتله اثنان مثل أن جرحاه فمات أو ضرباه فقتلاه كان السّلب لهما و إن كان أحدهما أبلغ في ضربه على إشكال [- ن -] يشترط أيضا أن يقتله و الحرب قائمة سواء قتله مقبلا أو مدبرا و لو انهزم المشركون فقتله لم يستحق السّلب [- ح -] يشترط كون القاتل ذا نصيب من الغنيمة أو سهم و رضخ فلو لم يكن له نصيب لارتياب به بأن يكون مخذلا أو معينا على المسلمين أو مرجعا لم يستحق السّلب و إن كان لنقص فيه كالمرأة و المجنون فالوجه استحقاق السلب و الصّبي يستحق السّلب و كذا العبد و المرأة و الكافر أما العاصي بالقتال كمن يدخل بغير إذن الإمام أو يمنعه أبواه مع عدم تعيّنه عليه فإنه لا يستحق السلب و العبد إذا قتل قتيلا استحق سلبه مولاه و لو خرج من غير إذنه فالأقرب استحقاق مولاه أيضا [- ط -] اختلف علماؤنا في السّلب فقيل يجب فيه الخمس و قيل لا يجب و هو جيّد [- ي -] السلب يستحقه القاتل من أصل الغنيمة لا من خمس الخمس [- يا -] إذا نفل أحدا و استحق التنفيل بفعل ما قوطع عليه خمس عليه [- يب -] النفل يستحقه المجعول له زائدا عن السّهم الراتب له و لا يتقدر بقدر بل هو موكول إلى الإمام قل أو كثر و النفل يكون إما بأن ينفل الإمام من سهم نفسه من الأنفال أو يجعله من جملة الغنيمة فلو جعل الإمام نفلا لمن ينتدب إلى فعل مصلحة فتبرّع قوم بتلك المصلحة لم يكن للإمام أن ينفل (- ح -) و كذا لو وجد من يفعل ذلك بنفل أقل [- يج -] المنفصل عن المشرك كالرّحل و العبد و الدواب التي عليها أحمال المشرك و السلاح الّذي ليس معه غنيمة لا سلب و المتصل به إن احتاج إليه في القتال كالثياب و العمامة و الدّرع و السّلاح كالسّيف فهو سلب و إن لم يحتج إليه كالخاتم و المنطعة و الهميان الذي للنفقة و التاج و السّوار فقد تردّد الشيخ فيه و قوى كونه سلبا و الدابة الّتي يركبها من السلب سواء كان راكبا لها أو نازلا عنها إذا كانت بيده و جميع ما على الدابة من سرج و لجام و جميع آلتها و الحلية التي على الآلات سلب و إنما تكون الدابة سلبا لو كان راكبا عليها أو في يده و لو كانت في منزله أو مع غيره أو منفصلة لم يكن سلبا و لو كان ماسكا بعنانها فهي سلب و الجنيب الذي يساق خلفه ليس من السلب و لو كان بيده قال ابن الجنيد يكون سلبا [- يد -] يجوز سلب القتلى و تركهم عراة و يكره تجريدهم و لم يأخذ أمير المؤمنين عليه السّلام سلبا عند مباشرته الحرب [- يه -] يفتقر مدعي السّلب إلى بينة بالقتل و الأقرب الاكتفاء بشاهد واحد [- يو -] لو قال الإمام من أخذ شيئا سلبا فهو له جاز

المطلب الثّالث في الرضح

و فيه [- ط -] بحثا [- ا -] لا تسهم النساء من الغنيمة بل يرضح لهن و إن احتيج إليهنّ للطبخ و المداواة و معناه أن تعطى شيئا من الغنيمة يقصر عن السهم بحسب ما يراه الإمام [- ب -] العبيد لا يسهم لهم بل يرضح لهم الإمام بحسب ما يراه و إن جاهدوا و لا فرق بين العبد المأذون و غيره في عدم الإسهام و قال ابن الجنيد يسهم للمأذون و إن كره مولاه الغزو لم يرضخ له أيضا و لو عرف منه الإباحة استحق الرضخ كالمأذون و المدبر و المكاتب كالفيء و لو عتق العبد قبل تقضي الحرب أسهم للسيّد و لو قتل سيّد المدبر قبل تقضي الحرب و هو يخرج من الثلث عتق و أسهم له إذا كان حاضرا و من انعتق نصفه قيل يرضخ له بقدر الرقيّة و يسهم له بقدر الحرّية و قيل يرضخ له [- ج -] الخنثى المشكل يرضخ له و قيل له نصف سهم و نصف الرضخ و إن انكشف حاله و علمت رجوليته أتم سهم الرّجل سواء انكشف قبل تقضي الحرب أو بعده و قبل القسمة أو بعدها على إشكال [- د -] الصّبي يسهم له إذا حضر الحرب سواء كان من أهل القتال أو لم يكن حتّى إنه لو ولد بعد الحيازة قبل القسمة أسهم كالرّجل المقاتل و لو ولد بعد القسمة لم يسهم له [- ه -] الكافر لا يسهم له بل يرضخ له الإمام ما يراه و إنما يستحق سهم المؤلفة أو الرضح إذا خرج إلى القتال بإذن الإمام و يجوز الاستعانة في الجهاد بالمشركين بشرط أن يكون حسن الرأي في المسلمين مأمون الضرر و ليس للرضخ قدر معيّن بل هو موكول إلى نظر الإمام لكن لا يبلغ للفارس سهم الفارس و لا للراجل سهم الراجل و ينبغي تفضيل بعضهم على بعض بحسب مراتبهم و كثرة النّفع بهم [- و -] الرضخ يكون من أصل الغنيمة لا من أربعة الأخماس و لا من سهم المصالح و لو أعطاهم

ص: 145

الإمام ذلك من ماله من الأنفال و حصّة من الخمس جاز ذلك [- ز -] يجوز للإمام أن يستأجر أهل الذمة للقتال و لا يبيّن المدة فإن لم يكن قتال لم يستحقوا شيئا و إن كان و قاتلوا استحقوا الأجرة و إن لم يقاتلوا فالأقرب عدم الاستحقاق و لو زادت الأجرة على سهم الراجل و الفارس احتمل أن يعطى ما يكون رضحا من الغنيمة و ما زاد من سهم المصالح و احتمل دفع ذلك كله من الغنيمة و هو الأقوى عندي [- ح -] لو غزا المرجف أو المخذل لم يسهم له و إن كان ذا فرس و لا لفرسه و لو غزا رجل بغير إذن الإمام أخطأ و سهمه من الغنيمة للإمام و لو غزا بغير إذن أبويه أو بغير إذن من له الدّين استحق السّهم [- ط -] قال الشيخ ليس للأعراب من الغنيمة شيء و إن قاتلوا مع المهاجرين بل يرضح لهم الإمام ما يراه و نعني بالأعراب من أظهر الإسلام و لم يصفه و صولح على إعفائه عن المهاجرة و ترك النصيب قال و يجوز أن يعطيهم من سهم ابن السبيل من الصّدقة و أوجب ابن إدريس لهم النّصيب و فيه قوة

المطلب الرّابع في كيفية القسمة

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] أول ما يبدأ الإمام يدفع السّلب إلى من جعله له ثم يخرج من الغنيمة أجرة الحمال و الحافظ و الناقل و الراعي و كل ما تحتاج إليه الغنيمة من النفقة مدة بقائها ثم يخرج الرضخ ثم يقسم فيفرد الخمس لأهله و يقسم أربعة الأخماس الباقية بين الغانمين و يقدم قسمة الغنيمة على قسمة الخمس لحضورهم و غيبة أولئك [- ب -] للإمام أن يصطفي من الغنيمة ما يختاره من فرس جواد أو ثوب مرتفع أو جارية حسناء أو سيف قاطع و غير ذلك ما لم يضرّ بالعسكر و لم يبطل الاصطفاء بموت النبي صلّى اللّٰه عليه و آله بل هو ثابت للإمام بعده و هل هو قبل الخمس أو بعده قولان [- ج -] إذا أخرج الإمام ما ذكرناه قسم الباقي بين الغانمين مما ينقل و يحول لا يشرك غيرهم فيه و أما الأرضون و العقارات فهي للمسلمين قاطبة و يقسم ما ينقل و يحول بين الغانمين للراجل سهم واحد و للفارس سهمان و قال ابن الجنيد له ثلاثة أسهم و هو رواية لنا و لو كان معه أفراس جماعة كان له سهم و لأفراسه سهمان و إن تعددت و لو غزا العبد بإذن مولاه على فرسه رضح للعبد و أسهم للفرس و كان الجميع للمولى و لو كان معه فرسان رضح له و أسهم لفرسين سواء حضر السّيد القتال أو لا و لو غزا الصّبي على فرس أسهم له و لفرسه و لو غزت المرأة أو الكافر فالأقرب أنهما يرضحان أزيد من رضح الراجل من صنفهما و أقل من سهم الفارس و لو غزا المرجف أو المخذل على فرس لم يسهم له و لا لفرسه [- د -] إذا استعار فرسا ليغزو عليه ففعل أسهم له و للفرس و يكون سهم الفرس للمستعير و لو استعاره لغير الغزو فغزا عليه استحق السهم له و أما سهم الفرس فكالمغصوب و يكون سهم الفرس للمستعير و لو استعاره لغير الغزو فغزا عليه استحق السّهم له و أما سهم الفرس فكالمغصوب و لو استأجره ليغزو عليه فسهم الفرس للمستأجر و لو استأجره لغير الغزو فغزا عليه فكالمغصوب و لو غصب فرسا فقاتل عليه لم يسهم للغاصب إلا عن نفسه و صاحب الفرس إن كان حاضرا كان سهم الفرس له و إلا فلا شيء للفرس و على الغاصب أجرة المثل سواء كان صاحبه حاضرا أو غائبا و لو كان الغاصب لا سهم له كالمرجف كان سهم الفرس لصاحبه مع الحضور و إلا فلا شيء له و كذا لو غزا العبد بغير إذن مولاه على فرس مولاه [- ه -] لو غزا جماعة بالتناوب على فرس واحد قال ابن الجنيد يعطى كل واحد سهم راجل ثم يفرق بينهم سهم فرس واحدة و هو جيّد [- و -] يستحق السّهم الثاني بالفرس سواء كان عتيقا أو برذونا أو مفترقا أو هجينا سواء أدركت إدراك الغراب أو لا قال الشيخ و يسهم للحطم و القحم و الضّرع و العجم و الأعجف و الرازح و منع ابن الجنيد من إسهام ذلك كله و هو حسن [- ز -] المريض يسهم له إن لم يخرج بمرضه عن كونه من أهل الجهاد كالمحموم و صاحب الصّداع و لو خرج به عن كونه من أهل الجهاد قال الشيخ يسهم له عندنا كالزمن و الأشل و لو نكس الفرس بصاحبه في حملته أو مبارزته أو نشرته أسهم له و لم يمنع بذلك من الإسهام و لو استأجر للحرب ثم دخلا معا دار الحرب أسهم للأجير و المستأجر سواء كانت الإجارة في الذّمة أو معيّنة و يستحق الأجير مع ذلك الأجرة و لو لم يحضر المستأجر استحق المؤجر السهم و الأجرة [- ح -] الاعتبار بكونه فارسا وقت الحيازة للغنائم لا بدخوله المعركة فلو ذهب فرسه قبل تقضي الحرب لم يسهم لفرسه و لو دخل راجلا فأحرزت الغنيمة و هو فارس فله سهم فارس [- ط -] من مات من الغزاة أو قتل فإن كان قبل إحراز الغنيمة و تقضي القتال فلا سهم له و إن كان بعده فسهمه لورثته [- ي -] لا يجوز تفضيل بعض الغانمين في القسمة على بعض بل تقسم الغنيمة للفارس سهمان و للراجل سهم و لذي الأفراس ثلاثة سواء حاربوا أو لا إذا حضروا للحرب لا للإرجاف و التخذيل و لا يفضل أحد لشرفه و لا لشدة بلائه و كثرة حربه و لا يعطى من لم يحضر الوقعة و لا القسمة و ليس للإمام أن يقول من أخذ شيئا فهو له [- يا -] الغنيمة تستحق بالحضور قبل القسمة فلو غنم المسلمون ثم لحق بهم مدد فإن كان قبل تقضي الحرب أسهم لهم إجماعا و إن كان بعد القسمة لم يسهم لهم إجماعا و إن كان بعد تقضي الحرب و إحراز

ص: 146

الغنيمة قبل القسمة أسهم لهم عندنا و لو لحق الأسير بالمسلمين بعد تقضي الحرب و قسمة الغنيمة لم يسهم له و إن لحق قبل انقضاء الحرب فحارب مع المسلمين استحق السّهم و إن لم يقاتل أسهم له و كذا لو لحقهم بعد الانقضاء قبل القسمة و لو دخل تاجر مع المجاهدين دار الحرب كالبزاز و الخياط و البيطار و الخباز و الشواء و غيرهم من أتباع العسكر بأن قصدوا الجهاد مع التجارة أسهم لهم و كذا إن جاهدوا و لم يقصدوا و لو لم يقصدوا و لم يجاهدوا لم يسهم لهم و لو لم يعلم لأيّ شيء حضروا فالظاهر أنه يسهم لهم [- يب -] إذا خرج الجيش من بلد غازيا فبعث الإمام منه سرية فغنمت شاركها الجيش و كذا لو غنم الجيش شاركهم السّرية و لو بعث منه سريتين إلى جهة واحدة فغنمتا اشترك الجيش و السّريتان جميعا و لو بعثهما إلى جهتين فكذلك و لو بعث سرية و هو مقيم ببلاد الإسلام فغنمت اختصّت بالغنيمة و لم يشاركهم أهل البلد و لا الإمام و لا جيشه و كذا لو بعث جيشا و هو مقيم ببلده و لو بعث سريتين أو جيشين و هو مقيم فكلّ واحد منهما مختصّ بما غنم و لو اجتمعت السّريتان أو الجيشان في موضع فغنما كانا جيشا واحدا و لو بعث الأمير رسولا لمصلحة الجيش أو دليلا أو جاسوسا لينظر عدوهم و ينقل أخبارهم فغنم الجيش قبل رجوعه إليهم أسهم له [- يج -] قال ابن الجنيد إذا وقع النفير فخرج أهل البلد متقاطرين فانهزم العدو و غنم أوائل المسلمين كان كل من خرج أو تهيأ للخروج أو أقام في المدينة من المقاتلة لحراستها من العدوّ شركاء في الغنيمة و كذا لو حاصرهم العدو فباشر حربه بعض أهل المدينة إلى أن ظفروا و غنموه إذا كانوا مشتركين في المعونة و الحفظ للمدينة و لو كان الّذين هزموا العدوّ على ثمانية فراسخ من المدينة فقاتلوه و غنموه اختصّوا بالغنيمة [- يد -] قال الشيخ يستحب قسمة الغنيمة في أرض العدو و يكره تأخيرها إلاّ لعذر من خوف المشركين أو قلة علف أو انقطاع ميرة و قال ابن الجنيد الأولى أن لا تقسم إلا بعد الخروج من دار الحرب و يجوز فيها [- يه -] لا ينبغي للإمام إقامة الحدّ في أرض العدوّ بل يؤخره إلى دار الإسلام و لا يسقط الحدّ سواء كان هناك إمام أو نائبه أو لا و لو رأى من المصلحة تقديمه في دار العدو جاز سواء كان مستحق الحدّ أسيرا أو أسلم فيهم و لم يخرج إلينا أو خرج من عندنا لتجارة و غيرها و لو قتل مسلما اقتص منه في دار الحرب إن قتل عمدا و لا يسقط القصاص و إن لم يكن الإمام أو نائبه حاضرا [- يو -] المشركون لا يملكون أموال المسلمين بالاستغنام فإذا أغار المشركون على المسلمين فأخذوا ذراريهم و عبيدهم و أموالهم ثم ظفر بهم المسلمون فاستعادوا ما أخذ منهم فإن أولادهم يرد إليهم بالبيّنة و لا يسترقون و أما العبيد و الأموال فإن أقاموا البينة قبل القسمة ردت عليهم و لا يغرم الإمام للمقاتلة شيئا و إن أقاموها بعد القسمة فللشيخ قولان أحدهما أنّه يرد على أربابه و يرد الإمام قيمة ذلك للمقاتلة من بيت المال و الثاني أنه يكون للمقاتلة و يعطي الإمام أربابهما أثمانها و الأوّل أحق و لو أخذ المال أحد الرّعية بعوض أو غيره فصاحبه أحق به بغير شيء [- يز -] لو أبق عبد المسلم فلحق بدار الحرب لم يملكوه و لو أسلم المشرك الّذي في يده مال المسلم أخذ منه بغير قيمة و لو دخل مسلم دار الحرب فسرقه أو اشتراه ثم أخرجه إلى دار الإسلام فصاحبه أحقّ به و لا قيمة عليه و لو أعتقه من في يده أو باعه أو تصرف فيه بطل و لو غنم المسلمون من المشركين شيئا عليه علامة المسلمين و لم يعلم صاحبه فهو غنيمة و لا توقف حتى يجيء صاحبه و لو قال العبد في بلاد الشرك أنا لفلان من بلاد الإسلام ففي قبول قوله نظر و كذا لو اعترف المشرك بما في يده لمسلم بعد الاستغنام و يقبل قبله و لو كان المال الموجود في يد الكافر أخذ من مسلم و كان في يد المسلم مستأجرا أو مستعارا من مسلم ثمّ وجده المستأجر و المستعير كان له المطالبة به قبل القسمة و بعدها و لو دخل حربي دار الإسلام بأمان فابتاع عبدا مسلما ثم لحق بدار الحرب فغنمه المسلمون كان باقيا على ملك البائع و يرد المسلم الثمن الذي أخذه و لو تلف العبد كان للسيّد القيمة و عليه ردّ ثمنه و يترادان الفضل و لو أسلم الحربي في دار الحرب و له مال أو عقار أو دخل مسلم دار الحرب و اشترى منها عقارا و مالا ثم غزاهم المسلمون فظهروا على ماله و عقاره لم يملكوه و كان باقيا عليه إن كان مما ينقل و يحول و أما العقار فإنّه غنيمة و لو أحرز المشركون جارية مسلم فوطئها المحرز ثم ظهر المسلمون عليها فهي و أولادها لمالكها و لو أسلم عليها المشرك لم يزل ملك صاحب الجارية عن أولاده إلا أن يسلم ثم يطؤها بعد الإسلام ظنا أنه ملكها ثم تحمل بعد الإسلام فإن الولد يقوم على الأب و يلزمه العقر [- يح -] لو أسر الإمام قوما من أهل الكتاب و نسائهم و ذراريهم فسألوه أن يبقيهم و نساءهم و ذراريهم بإعطاء الجزية لم يكن له ذلك في النّساء و الذراري [- يط -] من فر و المسلمون على النصف [الصف] قبل القسمة لم يستحقّ الغنيمة ما لم يعد قبل القسمة و لو فروا بعد القسمة لم يزل ملكهم و لو فرّوا قبل القسمة و قالوا كنا متحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة فالوجه أنّ لهم سهامهم فيما غنم قبل الفرار لا بعده ما لم يلحقوا القسمة [- ك -] إذا استأجر أجيرا لعمل في الذمة

ص: 147

لخياطة ثوب أو غيره فحضر الأجير الوقعة أسهم له و إن استأجره مدّة معلومة فحضر فيها بغير إذنه فالوجه أنه لا يستحق سهما إلا أن يتعين عليه فيملك السّهم و لو استأجر للخدمة في الغزو أو آجر دوابه له و خرج معها و شهد الوقعة استحق السهم و لو آجر نفسه لحفظ الغنيمة أو سوق الدّواب التي من المغنم أو رعيها جاز و حلّت له الأجرة [- كا -] لو دفع إلى المؤجر فرسا ليغزو عليها لم يملكها المؤجر بذلك [- كب -] لو اشترى المسلم أسيرا من يد العدوّ بإذنه لزمه دفع ما أداه المشتري إلى البائع من الثمن و إن كان بغير إذنه لم يجب و لو اتفقا على الإذن و اختلفا في قدر الثمن فالقول قول الأسير [- كج -] أهل الحرب إذا استولوا على أهل الذّمة فسبوهم و أخذوا أموالهم ثم قدر عليهم المسلمون وجب ردّهم إلى ذمّتهم و لم يجز استرقاقهم و أموالهم بحكم أموال المسلمين إذا علم صاحبها قبل القسمة ردت عليه و إن كان بعد القسمة فعلى ما تقدّم من الخلاف و هل يجب فداؤهم فيه نظر و يجب فداء الأسارى من المسلمين مع المكنة

المطلب الخامس في أقسام الغزاة

و فيه [- ح -] بحثا [- ا -] الغزاة ضربان المطوعة و هم الذين إذا أنشطوا غزوا و إذا لم ينشطوا اشتغلوا بمعايشهم فهؤلاء لهم سهم في الصّدقات و إذا غنموا في دار الحرب شاركوا الغانمين و أسهم لهم الثاني الذين أرصدوا أنفسهم للجهاد فلهم من الغنيمة أربعة الأخماس و يجوز أن يعطوا من الصّدقة من سهم ابن السبيل [- ب -] ينبغي للإمام أن يتخذ الديوان و هو الدفتر الّذي فيه أسماء القبائل قبيلة قبيلة و يكتب عطاياهم و يجعل لكل قبيلة عريفا و يجعل لهم علامة بينهم و يعقد لهم النوبة [- ج -] إذا أراد الإمام القسمة عليهم قدم الأقرب إلى رسول اللّٰه ص فالأقرب فإن استووا قدم أقدمهم هجرة فإن استووا قدم الأسن فإذا فرغ من عطاياهم بدأ بالأنصار فإذا فرغ منهم بدأ بالعرب فإذا فرغ قسم على العجم هذا كله مستحبّ لا واجب [- د -] قال الشيخ ذرية المجاهدين إذا كانوا أحياء يعطون على ما تقدم فإذا مات المجاهد أو قتل و له ذرّية و امرأة أعطوا من بيت المال كفايتهم لا من الغنيمة فإذا بلغوا فأرصدوا أنفسهم للجهاد كانوا بحكمهم [- ه -] يحصي الإمام المقاتلة و هم البالغون و يحضر الفرسان و الرّجالة و الذرّية و النساء ليعلم قدر الكفاية و يقسم في السّنة مرّة و يعطي المولود و يحتسب مئونته من كفاية أبيه إلا أنه يفرد بالعطاء و كلما زادت سنه زاد في عطاء أبيه و يعطي كلّ قوم قدر كفايتهم بالنسبة إلى بلدهم و يجوز تفضيل بعضهم من سبيل اللّٰه و ابن السبيل لا من الغنيمة [- و -] إذا مرض واحد من أهل الجهاد مرضا يرجى زواله لم يسقط عطاؤه و إلا كان حكمه حكم الذرّية بعد موت المجاهد و لو مات المجاهد بعد الحول طالب ورثته بالسّهم [- ز -] ما يحتاج الكراع و آلات الحرب إليه يؤخذ من بيت المال من أموال المصالح و كذلك رزق الحكام و الولاة و المصالح يخرج من ارتفاع الأراضي المفتوحة عنوة و من سهم سبيل اللّٰه و من جملة ذلك ما يلزمه فيما يخصّه من الأنفال و الفيء و هو جنايات من لا عقل له و دية من لا يعرف قاتله و غير ذلك ممّا تقول أنه يلزم من بيت المال [- ح -] إذا أهدى المشرك إلى الإمام أو إلى رجل من المسلمين هدية و الحرب قائمة فالأقرب اختصاص المهدي بها و لا يكون غنيمة

الفصل السّادس في أحكام أهل الذمّة
اشارة

و فيه مطالب

الأوّل في وجوب الجزية و من يؤخذ منه

و فيه [- يز -] بحثا [- ا -] الجزية واجبة بالنص و الإجماع و تعقد لكل كتابي عاقل بالغ ذكر و نعني بالكتابي من له كتاب حقيقة و هم اليهود و النصارى و من له شبهة كتاب و هم المجوس فتؤخذ الجزية من هؤلاء الثلاثة سواء كانوا من المبدلين أو غير المبدلين و سواء كانوا عربا أو عجما و يؤخذ ممن دخل في دينهم من الكفار إن كانوا دخلوا قبل النسخ و التّبديل و من نسله و ذراريه و يقرون بالجزية و لو ولدوا بعد النسخ و إن دخلوا في دينهم بعد النسخ لم يقبل منهم إلا الإسلام و لا فرق بين أن يكون المنتقل ابن كتابيين أو وثنيين أو ابن كتابي و وثني في التفصيل الذي ذكرناه و لو ولد بين أبوين أحدهما تقبل منه الجزية و الآخر لا تقبل ففي قبول الجزية منه تردد [- ب -] المجوس يؤخذ منهم الجزية مثل اليهود و النصارى [- ج -] لا يؤخذ من غير الأصناف الثلاثة جزية و لا يقبل منهم إلا الإسلام من سائر أصناف الكفار و لو بذلوها لم يقبل و إن لم يكونوا عربا أو لم يكونوا من عباد الأوثان من العرب أو لم يكونوا من مشركي قريش و سواء كان لهم كتابا كمصحف إبراهيم و صحف آدم و إدريس أو لم يكن [- د -] قال ابن الجنيد إن الصابئين يؤخذ منهم الجزية لأنّهم من أهل الكتاب و إنما يخالفونهم في فروع المسائل لا في الأصول و قيل إنهم من اليهود و كذا السامرة [- ه -] يؤخذ الجزية من جميع النصارى من اليعقوبية و المنظوريّة و الملكية و الفرنج و الروم و الأرمن و غيرهم ممن يتدين بالإنجيل و يعمل بشريعة عيسى ع [- و -] بنو تغلب بن وائل من العرب من ربيعة بن نزار انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية و انتقل أيضا من العرب قبيلتان أخريان و هم تنوخ و بهذا فصارت القبائل الثلاث من أهل الكتاب يؤخذ منهم الجزية كما يؤخذ من غيرهم و لا يؤخذ منهم الزكاة

ص: 148

مضاعفة [- ز -] لا تحل ذبائح أهل الكتاب و لا مناكحهم و إن كانوا من بني تغلب [- ح -] لو غزا الإمام قوما فادعوا أنهم أهل كتاب دخلوا فيه قبل نزول القرآن أخذ منهم الجزية و لم يكلفهم البينة و يشترط عليهم نبذ العهد و المقاتلة إن بان كذبهم فإن ظهر كذبهم وجب قتالهم و إنما يظهر باعترافهم بأجمعهم أنّهم عباد وثن و لو اعترف بعضهم انتقض عهد المعترف و لو شهدوا على الآخرين لم يقبل و لو أسلم منهم اثنان و عدلوا ثم شهدوا أنهم ليسوا من أهل الذمّة انتقض العهد و قوتلوا و لو دخل عابد وثن في دين أهل الكتاب قبل نزول القرآن و له ولد صغير و كبير فأقاما على عبادة الأوثان ثم جاء الإسلام فإن الصغير يقر على دين الذّمة إن بذل الجزية دون الكبير [- ط -] في سقوط الجزية عن الفقير من أهل الكتاب قولان أشهرهما أنه لا يسقط بل ينتظر بها إلى وقت يساره و يؤخذ منه ما قرّر عليه في كلّ عام حال فقره اختاره الشيخ و أسقط الجزية المفيد [- ي -] تسقط الجزية عن الصّبي فإذا بلغ طولب بالإسلام أو بذل الجزية فإن امتنع منهما صار حربا فإن اختار الجزية عقدها الإمام بحسب ما يراه و لا اعتبار بجزية أبيه و لو كان الصّبي ابن عابد وثن و بلغ طولب بالإسلام خاصة فإن امتنع صار حربا و لو بلغ الصّبي مبذّرا لم يزل الحجر عنه و يكون ماله في يد وليه و لو أراد عقد الأمان بالجزية أو المصير إلى دار الحرب كان له ذلك و ليس لوليه منعه عنه و لو أراد أن يعقد أمانا ببذل جزية كثيرة فالوجه عندي أن لوليّه منعه عن ذلك [- يا -] لو صالح الإمام قوما على أن يؤدّوا الجزية عن أبنائهم غير ما يدفعون عن أنفسهم فإن كانوا يؤدون الزائد من أموالهم جاز و يكون زيادة في جزيتهم و إن كان من أموال أولادهم لم يجز [- يب -] لو بلغ سفيها لم تسقط الجزية عنه فإن اتفق هو و وليّه على بذل الجزية و عقدها جاز و إن اختلفا قدم قوله و إن لم يعقد أمانا صار حربا [- يج -] الإمام إذا عقد الذّمة لرجل دخل هو و أولاده الأصاغر و أمواله في الأمان فإذا بلغ أولاده لم يدخلوا في ذمّة أبيهم و جزيته إلا بعقد مستأنف و لو كان أحد أبويه وثنيا فإن كان الأب لحق به و لم يقبل منه الجزية بعد البلوغ بل يقهر على الإسلام فإن امتنع رد إلى مأمنه و صار حربا و إن كانت الأم لحق بالأب و أقر في دار الإسلام ببذل الجزية [- يد -] تسقط الجزية عن المجنون المطبق و لو لم يكن مطبقا فإن لم ينضبط اعتبر حاله بالأغلب و إذ انضبط احتمل اعتبار الأغلب و التلفيق [يه] لا تؤخذ الجزية من النساء و لو بذلتها عرفتها الإمام أن لا جزية عليها فإن ذكرت أنها تعلمه و طلبت دفعها جاز أخذها هبة و لو شرطته على نفسها لم يلزمها و جاز لها الرجوع فيما يجوز الرجوع في الهبة و لو بعثت من دار الحرب تطلب عقد الذّمة و تصير إلى دار الإسلام عقد لها الذّمة و مكّنت بشرط التزام أحكام الإسلام و لا يؤخذ منها شيء و لو كان في حصن رجال و صبيان و نساء فامتنع الرجال من أداء الجزية و بذلوا الصلح على أن الجزية على النساء و الصّبيان لم يجز و بطل الصلح إن فعل و لو بذل النساء ذلك و دعوا أن يؤخذ منهنّ الجزية و يكون الرجال في أمان لم يصح و لو قبل الرجال أو لم يكن في الحصن سوى النساء فطلبن عقد الذمّة بالجزية لم يجز ذلك و يتوصل إلى فتح الحصن و يسبين و قال الشيخ يلزمه عقد الذمة لهن على أن يجري عليهن أحكام الإسلام و لا يأخذ منهنّ شيئا فإن أخذه ردّه و لو دخلت الحربية دار الإسلام للتجارة بأمان لم يكن عليها أن تؤدي شيئا [- يو -] تؤخذ الجزية من الشيخ الفاني و الزّمن و الأقرب مساواة الأعمى لهما و تؤخذ من أهل الصوامع و الرهبان [- يز -] الأقرب عدم سقوط الجزية عن العبد و اختار الشيخ سقوطها و لا فرق بين أن يكون لذمي أو لمسلم و يؤدّيها مولاه عنه و لو كان نصفه حرا و نصفه رقا أخذ منه نصيب الحريّة و من مولاه نصيب الرقية و لو لعتق فإن كان حرسا لم يقر بالجزية بل يقهر على الإسلام قال ابن الجنيد و لا يمكن من اللحوق بها دار الحرب بل يسلم أو يحبس و إن كان ذميّا لم يقر في دار الإسلام إلا ببذل الجزية أو يسلم

المطلب الثاني في قدرها و وقتها

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] اختلف علماؤنا فقال بعضهم إن لها قدرا موقتا و هو ما قدره علي عليه السّلام الفقير اثنا عشر درهما و على المتوسّط أربعة و عشرون و على الغني ثمانية و أربعون درهما في كل سنة قال و آخرون أنها مقدّرة في طرف القلة دون الكثرة فلا يؤخذ من كل كتابي أقل من دينار واحد و لا يقدر في طرف الزيادة قاله ابن الجنيد الثالث ما ذهب إليه الشيخان أنها غير مقدّرة لا في طرف القلة و لا في طرف الكثرة بل هي منوطة بنظر الإمام و هو الأقوى عندي [- ب -] تجب الجزية بآخر الحول و يجوز أخذها سلفا و لا يجب بأوله [- ج -] تؤخذ الجزية مما تيسّر من أموالهم من الأثمان و العروض على قدر تمكّنهم و لا يلزمهم الإمام بعين من ذهب أو فضة و مع بذل الجزية يحرم قتالهم إجماعا [- د -] لا تتداخل الجزية بل إذا اجتمعت جزية ستين أو أكثر استوفيت منه أجمع [- ه -] يتخير الإمام في وضع الجزية إن شاء على رءوسهم و إن شاء على أرضهم و هل يجوز له أن يجمع بينهما فيأخذ عن رءوسهم شيئا و عن أرضهم شيئا منع الشيخان من ذلك و قال أبو الصلاح

ص: 149

يجوز و هو الأقوى عندي [- و -] يجوز أن يشترط عليهم في عقد الذمة ضيافة من يمرّ بهم من المسلمين و لو لم يشترطها لم تكن واجبة عليهم و يجب أن تكون الضيافة المشترطة زائدة عن أقل ما يجب عليهم من الجزية و أن تكون معلومة بأن يشترط عددا معلوما للضيافة في كل سنة و الأقرب جواز أن يشترط ضيافة ما زاد على ثلاثة أيام لكل واحد و تعيين القوت قدرا و جنسا و تعيين جنس الأدم من لحم و سمن أو زيت و شيرج و قدره و تعيين علف الدواب من الشعير و التبن و القت لكل دابة شيء معلوم و لا يكلفوا الذبيحة و لا ضيافتهم بأرفع من طعامهم إلا مع الشرط و ينبغي أن يكون الضيافة على قدر الجزية فيكثرها على الغني و يقللها على الفقير و يوسّطها على المتوسّط و لو تساووا ساوى بينهم و ينبغي أن يكون نزول المسلمين في فواضل منازلهم و في بيعهم و كنائسهم و يؤمرون بأن يوسعوا أبواب البيع و الكنائس و أن يعلوها لمن يجتاز لهم من المسلمين فيدخلوها ركبانا فإن لم يتسعهم بيوت الأغنياء نزلوا بيوت الفقر و لا ضيافة عليهم و إن لم تسعهم لم يكن لهم إخراج أرباب المنازل منها و لو كثروا فمن سبق إلى منزل كان أحق به و لو جاءوا دفعة استعملوا القرعة [- ز -] إذا شرطت عليهم الضيافة فإن وفوا بها فلا بحث و إن امتنع بعضهم أجبر عليه و لو امتنعوا أجمع قهروا عليه و لو احتاجوا إلى المقاتلة قوتلوا فإذا قاتلوا أنقضوا العهد و خرقوا الذمة فإن طلبوا منه بعد ذلك العقد على أقل ما يراه الإمام أن يكون جزية لهم لزمه إجابتهم و لا يتقدّر بقدر [- ح -] إذا أدوا الجزية لم يؤخذ منهم غيرها سواء اتجروا في بلاد الإسلام أو لم يتجروا لا في أرض الحجاز [- ط -] اختلف في الصّغار فقال ابن الجنيد عندي أن يكون مشروطا عليهم وقت العقد أن تكون أحكام المسلمين جارية عليهم إذا كانت الخصومات بين المسلمين و بينهم أو تحاكموا إلينا في خصوماتهم و أن يؤخذ منهم و هم قيام على الأرض و قال الشيخ هو التزام أحكامنا و جريانها عليهم [- ي -] ينبغي أن لا يبسط عليهم في أخذها و لا يعذبون إذا أعسروا عن أدائها [- يا -] إذا مات الذمي بعد الحول لم تسقط عنه الجزية و أخذت من تركته و لو مات في أثنائه ففي مطالبته بالقسط نظر أقربه المطالبة و تقدّم الجزية على الوصايا و الوجه مساواتها للدين و لو لم يخلف شيئا لم يطالب الورثة بشيء و لو أفلس كان الإمام غريما يضرب مع الغرماء بقدر الجزية و لو سلفها الإمام ردّ على ورثته بقدر ما بقي من السنة [- يب -] لو أسلم الذّمي قبل أدائها فإن كان قبل الحول سقطت و لا يؤخذ منه القسط و إن كان بعد فقولان أحدهما السقوط و الثاني عدمه و الأول أقوى و لا فرق بين أن يسلم ليسقط عنه الجزية أو يسلم لا لذلك [- يج -] لو أسلم في أثناء الحول و قد استسلف الإمام الجزية ردّ عليه قسط باقي الحول و الأولى عدم رد ما مضى

المطلب الثّالث فيما يشترط على أهل الذمة

و فيه [- و -] بحثا [- ا -] لا يجوز عقد الذمة المؤيدة إلا بشرطين أن يلتزموا عطاء الجزية في كل حول و أن يلتزموا أحكام الإسلام و لا يصح عقد الهدنة إلا للإمام أو نائبه فلو شرط عليهم في الهدنة شرطا فاسدا مثل أن يشترط عدم الجزية أو إظهار المناكير أو إسكانهم الحجاز و إدخالهم المساجد أو الحرم فسد الشرط و في فساد العقد إشكال [- ب -] ينبغي للإمام أن يشترط عليهم كلما فيه نفع للمسلمين و رفعة لهم و جملة ما يشترط عليهم ستة أقسام أحدها يجب شرطه و لا يجوز تركه و هو شرط الجزية عليهم و التزام أحكام الإسلام فلو أخل بهما أو بأحدهما عمدا أو ناسيا لم تنعقد الهدنة و ما لا يجب شرطه و الإطلاق يقتضيه و هو أن لا يفعلوا ما ينافي الأمان من العزم على حرب المسلمين أو إمداد المشركين بالمعونة و هذان القسمان ينتقض العهد بمخالفتهما سواء شرط ذلك في العقد أو لم يشترط و ما ينبغي اشتراطه مما يجب عليهم الكف عنه من ترك الزنا بالمسلمة و عدم إصابتها باسم النكاح و لا يفتنوا مسلما عن دينه و لا يقطع عليه الطّريق و لا يؤدي للمشركين عينا و لا يعين على المسلمين بدلالة أو بكتابة كتاب إلى أهل الحرب فيخبرهم بأحوال المسلمين و لا يقتلوا مسلما و لا مسلمة فمتى فعلوا شيئا من ذلك و كان تركه شرطا في العقد نقضوا العهد و إلا فلا بل يحدهم الإمام إن أوجبت الجناية حدا و إلا يعزرهم و ما فيه غضاضة على المسلمين مثل ذكر ربّهم أو كتابهم أو بيتهم أو دينهم بسوء فإن نالوا بالسب للّه تعالى أو لرسوله وجب قتلهم و كان نقضا للعهد و إن ذكروهما بدون السّب أو نالوا كتاب اللّٰه أو دين الإسلام بما لا ينبغي نقضوا العهد إن شرط عليهم الكفّ و إلا فلا و ما يتضمّن المنكر و لا ضرر على المسلمين فيه و هو أن لا يحدثوا كنيسة و لا بيعة في دار الإسلام و لا يرفعوا أصواتهم بكتبهم و لا يضربوا ناقوسا و لا يطيلوا أبنيتهم على بناء المسلمين و لا يظهروا الخمر و الخنزير في بلاد الإسلام فهذا كله يجب عليهم الكفّ و إن لم يشترط فإن خالفوا و كان تركه مشترطا نقضوا العهد و إلا فلا و قوبلوا بما تقتضيه الجناية و قال الشيخ لا يكون نقضا للعهد و إن شرط عليهم السادس أن يتميّزوا عن المسلمين و ينبغي للإمام أن يشترط عليهم في عقد الهدنة التميز في لباسهم و شعورهم و ركوبهم

ص: 150

و كناهم فيلبسوا ما يخالف لونه سائر ألوان الثياب و يأخذهم بشد الزنار في وسطهم إن كانوا نصارى و إلا فبعلامة كخرقة يجعلها فوق عمامته و ينبغي أن يختم في رقبته خاتم رصاص أو نحاس أو حديدا أو يضع فيه جلجلا أو جرسا لتمتاز به و كذا يأمر نساءهم بلبس شيء تفرق بينهن و بين المسلمات بأن يشددن الزنار و يغير أحد الخفّين بأن يكون أحدهما أحمر و الآخر أبيض و لا يمنعوا من فاخر الثياب و لا يفرقون شعورهم و لا يركبون الختل بل ما عداها بغير سروج و يركبون عرضا رجلاه إلى جانب و ظهره إلى آخر و يمنعون تقليد السيوف و حمل السّلاح و اتخاذه و لا يتكنوا بكنى المسلمين كأبي القاسم و أبي عبد اللّٰه و أبي محمّد و لا يمنعون من الكنى بالكليّة [- ج -] المستأمن و هو المعاهد هو الذي يكون له أمان بغير ذمّة فيجوز للإمام أن يؤمنه دون الحول بعوض و غيره و لو أراد أن يقيم حولا وجب عليه العوض فإن عقد له الأمان فإن خاف الإمام الجناية نبذ إليه الأمان و ردّه إلى دار الحرب [- د -] ينبغي للإمام إذا عقد الذّمة أن يكتب أسماءهم و أسماء آبائهم و عددهم و يحليهم و يعرف على كل عشرة عريفا و إذا عقدوا الذّمة عصموا أنفسهم و أولادهم الأصاغر من القتل و الصّبي و النهب ما داموا على الذّمة و لا يتعرضوا لكنائسهم و بيعهم و خورهم و خنازيرهم ما لم يظهروها و لو ترافعوا إلينا يخيّر الحاكم بين الحكم عليهم بحكم المسلمين و بين ردّهم إلى حاكمهم و من أراق لهم من المسلمين خمرا أو قتل خنزيرا فإن كان مع التظاهر فلا شيء عليه و إن كان مع استتارهم وجب عليه القيمة عند مستحليه [- ه -] لا يجوز أخذ الجزية من المحرمات على المسلمين كالخمر و الخنزير و يجوز أخذها من ثمن ذلك [- و -] إذا مات الإمام و قد ضرب لما قرره من الجزية أمدا معينا أو اشترط الدوام وجب على القائم بعده إمضاء ذلك

المطلب الرابع في أحكام الأبنية و المساكن و المساجد

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] لا يجوز لأهل الحرب أن يدخلوا دار الإسلام إلا بإذن الإمام و يجوز له الإذن للمصلحة بعوض و غير عوض مع الحاجة كنفل الميرة و أداء الرسالة و لو كان تاجر إلا يحتاج المسلمون إلى تجارته كالعطر و شبهه لم يأذن له إلا بعوض يراه مصلحة سواء كان عشر أموالهم أو لم يكن و لو أذن بغير عوض لمصلحة جاز و لو أطلق الإذن و لم يشترط العوض و لا عدمه ففي العوض إشكال و قوى الشيخ عدمه فإن شرط الإمام شرطا دائما بأن يأخذ منهم العشر كل سنة أو أقل أو أكثر أخذ منهم و إلا أخذ ما يراه مصلحة و لو دخل الحربي بغير أمان و قال أتيت برسالة قبل قوله و لو قال أمنني مسلم لم يقبل إلا بالبيّنة و لو لم يدّع شيئا كان للإمام قتله و استرقاقه و أخذ ماله [- ب -] لا يجوز لمشرك ذمّي أو حربيّ سكنى الحجاز و نعني بالحجاز مكة و المدينة و اليمامة و خيبر و ينبع و فدك و محالها سمّي حجازا لحجزه بين نجد و تهامة قال الأصمعي و أبو عبيده جزيرة العرب ما بين عدن إلى ريف العراق طولا و من جدة و السواحل إلى أطراف الشام عرضا و قد يطلق جزيرة العرب على الحجاز و يجوز لهم دخول الحجاز بإذن الإمام للتجارة و يجوز للإمام أن يأذن لهم في مقام ثلاثة أيام فإذا أقام في بلد ثلاثة أيام انتقل عنه إلى بلد آخر و إنما يأذن الإمام مع المصلحة كحمل الميرة [- ج -] لو دخل الحجاز مشرك بغير إذن الإمام عزر و لا يقتل و لا يسترق و إن كان جاهلا لم يعزر و ينهى عن المعاودة و لو دخل بإذن و أقام ثلاثة أيام جاز أن ينتقل إلى غيره من بعض مواضع الحجاز ثلاثة أيام و هكذا لو مرض بالحجاز جازت له الإقامة و لو مات دفن في مكانه [- د -] يجوز له الاجتياز في أرض الحجاز بإذن و غيره قاله الشيخ فلم اجتاز لم يمكن من المقام أكثر من ثلاثة و لو كان له دين على رجل فأراد الإقامة لاقتضائه لم يكن له ذلك و وكل فيه قال الشيخ لا يمنعون من ركوب بحر الحجاز و لو كان فيه جزائر و جبال و منعوا من سكناها و كذا سواحل بحر الحجاز [- ه -] لا يجوز لهم دخول الحرم لا اجتيازا و لا استيطانا و لا دخول الكعبة فإن قدم بميرة لأهل الحرم منع من الدخول إليه و إن أراد أهل الحرم الشراء منه خرجوا إلى الحل و ابتاعوا منه و لو جاء رسولا إلى الإمام بعث إليه ثقة تسمع رسالته و لو امتنع من أدائها إلا مشافهة خرج الإمام إليه من الحرم و لو دخل الحرم عالما بالتحريم عزر و لو كان جاهلا لم يعزر إلا أن يعاود بعد النهي فإن مرض في الحرم نقله منه و لو مات لم يدفن فيه فإن دفن فيه قال الشيخ ترك على حاله و الوجه نبشه و إخراجه إلا أن يتقطع و لو صالحهم الإمام على دخول الحرم بعوض قال الشيخ جاز ذلك و وجب دفع العوض و إن كان خليفته و كان العوض فاسدا بطل و له أجرة المثل و لو صالح الرجل أو المرأة على الدخول إلى الحجاز بعوض جاز و لو صالح المرأة على سكنى دار الإسلام غير الحجاز بعوض لم يلزمها [- و -] لا يجوز الذمي و لا لغيره من أصناف الكفار دخول المسجد الحرام بالإجماع بإذن و غيره و كذا غيره من المساجد عندنا و لا يجوز للمسلم أن يأذن له في ذلك [- ز -] إذا و قد قوم من المشركين إلى الإمام أنزلهم في فضول منازل المسلمين فإن لم يكن لهم فضول منازل جاز أن ينزلهم في دار ضيافة إن كانت و إلا

ص: 151

أسكنهم في أفنية الدور و الطرقات و لا يمكنهم من دخول المساجد [- ح -] البلاد التي ينفد فيها أحكام المسلمين ثلاثة أحدها ما أنشأه المسلمون و أحدثوه و اختطوه كالبصرة و بغداد و الكوفة فلا يجوز إحداث كنيسة فيها و لا بيعة و لا بيت لصلاتهم و لا صومعة راهب إجماعا و يجوز إيقاع ما وجد من البيع و الكنائس [- الثاني -] ما فتحه المسلمون عنوة فهو للمسلمين و لا يجوز إحداث بيعة و لا كنيسة و لا صومعة لراهب فيه و ما كان قبل الفتح فإن هدمه المسلمون وقت الفتح لم يجز استجداده أيضا و إن لم يهدموه قال الشيخ لا يجوز إقراره الثالث ما فتح صلحا على أن الأرض لهم فلهم تجديد ما شاءوا فيها و إظهار الخمور و الخنازير و ضرب الناقوس و إن صولحوا على أن الأرض للمسلمين و يردون الجزية فالحكم في البيع و الكنائس على ما يقع عليه الصلح إن شرط إقرارهم عليها أو على إحداث ذلك و إنشائه جاز و إن شرط عليهم أن لا يحدثوا شيئا أو يخربوها جاز أيضا و لو لم يشترطوا شيئا لم يجز تجديد شيء و إذا شرطوا التجديد ينبغي أن يعين مواضع البيع و الكنائس [- ط -] كل موضع لا يجوز لهم إحداث شيء فيه إذا أحدثوا فيه جاز نقضه و تخريبه و كل موضع لهم إقراره لا يجوز هدمه فلو انهدم تردد الشيخ في جواز عادته و يجوز رمّ ما تشعث منها و إصلاحه [- ى -] دور أهل الذّمة إن كانت محدثة مثل أن يشتري الذّمي إن كانت محدثة مثل أن يشتري الذمي عرصة يستأنف فيها بناء فليس له أن يعلوا على بناء المسلمين و لا أن يساويه بل يجب أن يقصر عنه و إن كانت مبتاعة تركت على حالها و إن كانت أعلى من المسلمين و كذا لو كان للذمّي دار عالية فاشترى المسلم دار إلى جانبها اقتصر منه فإنّه لا يجب على الذّمي هدم علوه و لو انهدمت دار الذمي العالية فأراد تجديدها لم يجز له العلو على المسلم و لا المساواة و كذا لو انهدم ما ارتفع لم يكن له إعادته و لو تشعث منه شيء و لم يتهدّم جاز رمه و إصلاحه و لا يجب أن يكون أقصر من بناء المسلمين بأجمعهم في ذلك البلد و إنما يلزمه أن يقصره عن بناء محلته [- يا -] لا ينبغي تصدير أهل الذمة في المجالس و لا بدائهم بالسلام و إذا سلموا على الميل اقتصر في الرّد على قوله و عليكم [- يب -] مصرف الجزية مصرف الغنيمة سواء للمجاهدين و كذلك ما يؤخذ منهم على وجه المعاوضة لدخول بلاد الإسلام

الفصل السّابع في المهادنة و تبديل أهل الذمّة دينهم و نقض العهد
اشارة

و فيه مطالب

الأوّل في المهادنة

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] الهدنة و الموادعة و المعاهدة وضع القتال و ترك الحرب إلى مدّة بعوض و غيره و هي مشروعة بالنّص و الإجماع و إنما يجوز مع المصلحة للمسلمين إما لضعفهم عن المقاومة أو لرجاء الإسلام أو لبذل الجزية و التزام أحكام الإسلام و لو لم يكن المصلحة للمسلمين لم يجز مهادنتهم [- ب -] إذا اقتضت المصلحة الهدنة وجب ذكر المدّة و لا يجوز مطلقا إلا أن يشترط الإمام الخيار لنفسه متى شاء و كذا لا يجوز إلى مدّة مجهولة و إذا اشترط مدة معلومة لم يجز أن يشترط نقضها من شاء منهما و يجوز أن يشترط الإمام لنفسه و أن يشترط لهم أن يقرّهم ما شاء و لا يجوز ما أقرهم اللّٰه به [- ج -] إذا اقتضت المصلحة المهادنة و كان في المسلمين قوة لم يجز للإمام أن يهادنهم أكثر من سنة و يجوز أن يهادنهم أربعة أشهر فما دون و هل يجوز أقل من سنة و أكثر من أربعة قال الشيخ الأطهر إنه لا يجوز و لو قيل بالجواز مع المصلحة كان قويا و لو لم يكن في المسلمين قوة و اقتضت المصلحة مهادنتهم أكثر من سنة لمكيدة يثبت بها إعداد قوّة أو ليتفرغ لعدو و هو أشدّ نكاية من الذي يهادنه أو لغيره جاز قال الشيخ و ابن الجنيد و يتقدّر الزيادة بعشر سنين فلا يجوز الزيادة عليها فلو عقده أزيد من عشر سنين بطل الزائد خاصة [- د -] لو أراد حربي دخول دار الإسلام رسولا أو مستأمنا فإن كان لقضاء حاجة من نقل ميرة أو تجارة أو أداء رسالة يحتاج إليها المسلمون جاز للإمام الإذن بعوض و غيره يومين و ثلاثة و إن أراد الإقامة قال الشيخ يجوز إلى أربعة أشهر لا أزيد و الوجه عندي الجواز مع المصلحة [- ه -] الهدنة ليست واجبة على كل تقدير سواء كان بالمسلمين قوة أو ضعف و يجوز على غير مال و لو صالحهم الإمام على مال يدفعه إليهم لجاز مع الضرورة واجب الأقرب عدمه و إذا بذل المال لم يملكه الأخذ و يجوز أن يهادنهم عند الحاجة على وضع شيء من حقوق المسلمين في أموال المهادنين و أن يضع بعض ما يجوز تملكه من أموال المشركين بالقدرة عليهم حفظا لأصحابهم و تحرزا من دوائر الحروب [- و -] لا يجوز عقد الهدنة و لا الذّمة بالجزية إلا من الإمام أو نائبه أما عقد الأمان فيجوز لآحاد الرعايا أن يؤمنوا آحاد المشركين [- ز -] إذا عقد الهدنة وجب عليه حمايتهم من المسلمين و أهل الذمّة و لا يجب من أهل الحرب و لا حماية بعضهم من بعض و لو أتلف مسلم أو ذمّي عليهم شيئا ضمنه و لو أغار عليهم قوم من أهل الحرب فسبوهم لم يجب عليه استنقاذهم و الوجه أنه يجوز للمسلمين شراؤهم [- ح -] الشرط الصحيح في عقد الهدنة لازم مثل أن يشترط عليهم مالا أو معونة للمسلمين و الفاسد يبطل العقد مثل أن يشترط رد النساء و السلاح و لو شرط ردّ من جاء مسلما من الرّجال فجاء مسلم فأرادوا أخذه فإن كان ذا عشيرة يحفظونه من الاغتنام

ص: 152

جاز ردّه بمعنى أنهم لا يمنعهم من أخذه إذا طلبوه و لا يجبره على المضي معهم و لا يمنعه من الرجوع إليهم أن اختار ذلك و له أن يأمره سرا بالهرب أو المقاتلة و إن كان مستضعفا لم يجز ردّه و لو شرط في الصلح ردّ الرّجال مطلقا لم يجز و يبطل الصلح و مع بطلانه لا يرد منهم من جاء منهم رجلا كان أو امرأة و لا يرد البدل عنها بحال و لو جاء صبيّ و وصف الإسلام لم يرد و لا يرد المجنون و لو بلغ أو آفاق فإن وصف الإسلام كانا مع المسلمين و إن وصفا الكفر فإن كان ممّن لا يقر أهله عليه ألزما بالإسلام أو رد إلى مأمنها و إن كان ممن يقرّ أهله عليه ألزما بذلك أو الجزية و لو جاء عبد مسلم حكمنا بحرّيته و لو جاء سيّده لم يرد عليه هو و لا ثمنه [- ط -] رد النساء المهاجرات إلينا عليهم حرام على الإطلاق فلو صالحهم الإمام على ردّ من جاء من النساء مسلمة لم يجز الصلح و لو طلبت امرأة أو صبية الخروج من عند الكفار جاز لكل مسلم إخراجها و تعيّن عليه ذلك مع المكنة [- ى -] إذا عقد الهدنة مطلقا فجاءنا منهم إنسان مسلما أو بأمان لم يجب رده إليهم و لا يجوز ذلك سواء كان حرا أو عبدا رجلا أو امرأة و لو أطلق الهدنة ثم جاءت امرأة مسلمة أو جاءت كافرة و أسلمت لم يجز ردّها فإن جاء أبوها أو أخوها أو أحد أنسابها لم يدفع إليه و لو طلب أحدهم مهرها لم يدفع إليه و لو جاء زوجها أو وكيله بطلبها لم يسلم إليه و إن طلب مهرها و لم يكن قد سلمه إليها فلا شيء و كذا لو لم يسمّ شيئا و إن كان قد سلمه ردّ عليه ما دفعه و لو سمى مهرا فاسدا و أقبضها كالخمر لم يكن له المطالبة به و لا بقيمته و كل موضع يجب فيه ردّ المهر فإنه يكون من بيت مال المسلمين المعد للمصالح و إنما يرد لو قدّمت إلى بلد الإمام أو بلد خليفته و منع من ردّها إليه و لو قدمّت إلى بلد غيرهما وجب على المسلمين منعه من أخذها و لا يلزم الإمام أن يعطيهم شيئا سواء كان المانع من ردها العامة أو رجال الإمام و لا يرد عليه ما أنفقه في العرس و لا ما يهديه إليها أو يكرمها به [- يا -] لو قدمت و أسلمت ثم جنت لم ترد و ردّ مهرها و لو اشتبه وقوع الإسلام في السلامة أو الجنون لم يرد و لا يرد مهرها فإن أفاقت فأقرت بالإسلام رد مهرها عليه و إن أقرت بالكفر ردّت عليه و لو جاءت مجنونة و لم يعلم حالها لم يرد عليه و لا يرد مهرها فإن أفاقت و ذكرت أنها أسلمت رد عليه مهرها و منع منها و إن ذكرت أنّها لم نسلم ردّت عليه [- يب -] لو قدمت صغيرة و وصفت الإسلام لم يرد إليهم قال الشيخ و لا يجب رد المهر إلا أن تبلغ و تقيم على الإسلام و إن لم تقم ردّت [- يج -] لو قدمت مسلمة ثم ارتدت وجب عليها أن تتوب فإن امتنعت حبست دائما و ضربت أوقات الصلوات و لا تقتل فإن جاء زوجها و طلبها لم يرد عليه و يرد عليه مهرها [- يد -] لو جاءت مسلمة فجاء زوجها يطلبها فمات أحدهما بعد المطالبة وجب رد المهر عليه إن كان الميّت هي و على ورثته إن كان الميّت هو و لو مات أحدهما قبل المطالبة لم يكن له شيء [- يه -] لو قدمت مسلمة فطلقها زوجها بائنا أو خالعها قبل المطالبة لم يجب ردّ المهر إليه و إن كان بعد المطالبة وجب و إن كان وجعيّا لم يكن له المطالبة و لو راجعها رد عليه المهر مع المطالبة [- يو -] لو جاءت مسلمة ثم جاء زوجها و أسلم فإن أسلم قبل انقضاء عدّتها كان على النكاح فإن كان قد أخذ مهرها قبل إسلامه ثم أسلم في العدّة ردت عليه و وجب عليه ردّ مهرها إليها و لو أسلم بعد انقضاء عدتها بانت منه فإن كان قد طالب بالمهر قبل انقضاء عدتها كان له المطالبة و إلا فلا و لو كانت غير مدخول بها فأسلمت ثم أسلم لم يكن له المطالبة بمهرها [- يز -] لو قدمت أمة مسلمة إلى الإمام صارت حرة فإن جاء سيّدها طلبها لم يدفع إليه و لا قيمتها و لو جاء زوجها لم يرد عليه و لو طلب مهرها و كان حرا ردّ عليه و لو كان عبدا لم يدفع إليه المهر حتى يحضر مولاه فيطالب به و لو حضر المولى دون العبد لم يدفع إليه شيء و عندي في وجوب ردّ مهر الأمة نظر [- يح -] إذا قدمت مسلمة إلى الإمام فجاء رجل ادعى زوجيّتها فإن اعترفت ثبت و إلا أقام مسلمين عدلين و لا يقبل الواحد مع امرأتين و لا مع فإذا ثبت إلا الواحد مع امرأتين و لا مع يمين رد عليه و إذا ثبت بالبيّنة أو الاعتراف و ادعى تسليم المهر إليها ثبت إن صدقته و إلا فعليه البيّنة و يقبل شاهد و امرأتان أو مع يمين و لا يقبل قول الكفار و إن كثروا و لو عدم البيّنة فالقول قولها مع اليمين [- يط -] لا اعتبار بالمسمّى بل بأقل الأمرين من المقبوض و ما وقع عليه العقد فلو اختلفا في المقبوض كان القول قولها مع اليمين و عدم البيّنة [- ك -] إذا عقد الإمام الهدنة ثم مات وجب على من بعده من الأئمّة العمل بموجب ما شرطه الأول إلى أن يخرج مدة الهدنة [- كا -] إذا نزل الإمام على بلد و عقد معهم صلحا على أن البلد لهم و يضرب خراجا على أرضهم بقدر الجزية و يلتزمون أحكامنا جاز و يكون ذلك في الحقيقة جزية فلو أسلم منهم واحد سقط و صارت الأرض عشرية فإن شرط أن يأخذ العشر من زرعهم جاز إذا غلبت على ظنه أنّه لا يقصر عن أقل ما يقتضي المصلحة أن يكون جزية و لو ظن القصور لم يجز فإن لم يظن القصور و عدمه قال الشيخ الظاهر من المذهب أنه يجوز لأن فعل الإمام حجّة [- كب -] قال ابن الجنيد لو كان بالمسلمين

ص: 153

ضرورة أباحت لهم شرطا في الهدنة فحدث للمسلمين ما لم يكن يجوز ذلك الشرط معه مبتدأ لم يجز عندي فسخ ذلك الشرط و لا الهدنة لأجل الحادث

المطلب الثّاني في تبديل أهل الذّمة

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] إذا انتقل ذمّي يقبل منه الجزية إلى دين يقر أهله عليه بالجزية كاليهودي نصرانيّا أو بالعكس أو مجوسيّا أو النصراني مجوسيّا و بالعكس قال ابن الجنيد يجوز ذلك و يقر عليه بالجزية و قال الشيخ الذي يقتضيه المذهب أن الكفر كالملة الواحدة و لو قيل إنه لا يقرّ عليه كان قويا و ذلك يدل على تردّده قال فإذا قلنا يقرّ و انتقل أقرّ على جميع أحكامه و إن انتقل إلى المجوسيّة فكذلك [- ب -] إذا انتقل إلى دين يقر أهله عليه فلا بحث مع القول بالإقرار و إن قلنا لا يقر فبأيّ شيء يطالب منهم من يقول يطالب بالإسلام خاصة و منهم من يقول يطالب بالإسلام أو بدينه الأول و تردّد الشيخ هنا [- ج -] إذا انتقل إلى دين لا يقر أهله عليه كاليهودي يصير وثنيا لا يقر عليه إجماعا و قوى الشيخ أنه لا يقبل منه إلا الإسلام و قيل يطالب بالإسلام أو بالرجوع إلى دينه الأول و قيل أو دين يقر أهله عليه و استضعفه الشيخ و ابن الجنيد فإن أقام على الامتناع قتل و أما أولاده الكبار فلهم حكم نفوسهم و أما الصغار فإن كانت أمّهم على دين يقر أهله عليه ببذل الجزية أقروا في بلاد الإسلام سواء مات الإمام أو لا و إن كانت على دين لا يقر أهله عليه فإنهم يقرّون أيضا لما سبق لهم من الذمة

المطلب الثالث في نقض العهد

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] إذا عقد الإمام الهدنة وجب عليه الوفاء بما عقده ما لم ينقضه المشركون فإن شرعوا في نقضه فإن كان الجميع وجب قتالهم و إن كان البعض فإن أنكر الباقون ما فعله الناقضون يقول أو فعل ظاهرا أو اعتزلوهم أو راسلوا الإمام يعرفونه إنكارهم و إقامتهم على العهد كان العهد باقيا في حقهم و إن سكتوا كانوا ناقضين أيضا [- ب -] إذا نقض جميع المشركين العهد غزاهم الإمام و ثبتهم و أغار عليهم و صاروا حربا و إن نقض البعض غزاهم الإمام خاصة دون المقيمين على العهد فلو اختلطوا أقرهم الإمام بالتمييز و لو لم يتميّزوا فمن اعترف بالنقض قتل و من أنكر قبل قوله و ترك و لو نقضوا العهد ثم تابوا قال ابن الجنيد أرى القبول منهم [- ج -] إذا خاف الإمام من خيانة المهادنين و غدرهم بسبب أو أمارة دلته على ذلك جاز له نقض العهد و لا نكفي وقوع ذلك في قلبه حتى تدله أمارة على ما خافه و لا ينتقض الهدنة بنفس الخوف بل للإمام نقضها بخلاف الذّمي إذا خيف منه الخيانة فإن عقده لا ينقضه الإمام بذلك [- د -] إذا نقض الإمام الهدنة لخوفه و نبذ إليهم عهدهم فإنه يردهم إلى ما منهم و يصيرون حربا فإن لم يتضمّن النقض حقّا مثل أن يأوي عين المشركين أو يطلعهم على عوراتهم ردّه إلى مأمنه و لا شيء عليه و إن تضمّن حقّا كقتل مسلم أو إتلاف مال استوفي ذلك منه و كذا إن كان للّه محضا كالزنا أو مشتركا كالسرقة [- ه -] إذا عقد الهدنة وجب حفظهم من المسلمين و أهل الذمة دون أهل الحرب فإن عقد الذّمة كان عليه أن يذب عنهم أهل الحرب و غيرهم فإن شرط في عقد الذّمة أن لا يدفع عنهم أهل الحرب فإن كانوا في بلاد الإسلام بطل الشرط و إن كانوا في دار الحرب أو بين الدارين صح الصلح و متى لم يدفع عنهم أهل الحرب حتى مضى حول لم يكن عليهم جزية و إن سباهم أهل الحرب فعليه أن يسترد ما سبي منهم من الأموال إلا الخمر و الخنزير [- و -] لو أغار أهل الحرب على أهل الهدنة و أخذوا أموالهم و ظفر بهم الإمام و استنقذ أموال أهل الهدنة احتمل وجوب الرّد عليهم و عدمه

المطلب الرّابع في الحكم بين المعاهدين و المهادنين

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] إذا تحاكم إلينا ذمّي و مسلم أو مستأمن و مسلم وجب على الحاكم أن يحكم بينهما على ما يقتضيه حكم الإسلام و إن تحاكم أهل الذّمة بعضهم مع بعض تخير الإمام بين الحكم بينهم و الإعراض عنهم و لا يجب الحكم بينهم و كذا لو كانوا مستأمنين [- ب -] إذا استعدى أحد الخصمين على الآخر أعلاه الإمام في كل موضع يلزم الحاكم الحكم بينهم فإذا استدعى خصمه وجب عليه الحضور إلى مجلس الحكم و لو جاءت ذمية يستعدي على زوجها الذمي في طلاق أو ظهار أو إيلاء تخير الإمام في الحكم بينهم حكم المسلمين و الرد على أهل نحلتهم ليحكموا بينهم بمذهبهم فإن حكم بينهم منعه في الظهار من الوطء قبل الكفارة و لا يكفر بالصّوم و لا بالعتق بل بالإطعام [- ج -] لا يكره للمسلم أن يأخذ من نصراني مالا مضاربة و يكره له أن يدفع إلى النّصراني مالا للمضاربة و ينبغي أن يشترط عليه إلا يتصرف إلا بما يسوغ في شرع الإسلام فإذا شرط و اشترى خمرا بطل الشراء سواء كان بعين المال أو في الذّمة فإن قبض الثمن ضمنه و إن لم يشترط و اشترى الخمر بطل البيع و إذا نض المال فإن علم المالك أنه تصرف في محظور أو خالط محظورا لم يجز له قبضه و إن علم أنه مباح قبضه و إن شك كره [- د -] إذا آجر نفسه للذمي صح سواء كانت في الذمة أو معينة و يكون أوقات العبادة مستثناه [- ه -] إذا فعل الذمّي مالا يسوغ في شرعنا و شرعه كالزنا و اللواط و السرقة كان الحكم في ذلك كالحكم بين المسلمين في إقامة الحدود و إن كان مما يجوز في شرعهم كشرب الخمر و نكاح المحارم لم يتعرّض لهم مع الاستتار و إن أعلنوه

ص: 154

أدبهم الإمام على إظهاره قال الشيخ و روي أنّه يقيم عليهم الحدّ و هو الصّحيح [- و -] لو باع نصراني من مسلم خمرا أو اشتراه منه أبطلنا البيع و إن تقابضا و رددنا الثمن إلى المشتري سواء كان مسلما أو مشركا و أرقنا الخمر [- ن -] إذا أوصى مسلم لذمي بعبد مسلم لم يصحّ الوصيّة و لو كان العبد مشركا فأسلم قبل موت الموصي ثم مات فقبله الموصى له لم يملكه [- ح -] يمنع المشرك من تملك العبد المسلم و شراء المصاحف فإن اشترى لم يصحّ البيع قال الشيخ و حكم أحاديث رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله و آثار السلف و أقاويلهم حكم المصحف و الأقوى عندي الكراهية أما كتب النحو و الآداب فإن شراءها جائز لهم [- ط -] إذا أوصى الذّمي ببناء كنيسة أو بيعة أو موضع لصلواتهم أو مجتمع لعباداتهم بطلت الوصية و كذا لو أوصى أن يستأجر خادما للبيعة و الكنيسة أو يعمل صلبانا و لو أوصى ببناء كنيسة ينزلها المارة من أهل الذّمة أو من غيرهم أو وقفها على قوم يسكنونها أو جعل أجرتها للنصارى جازت الوصيّة و كذا لو أوصى للرهبان و الشمامسة بشيء و لو أوصى ببناء كنيسة لنزول المارة و الصلاة قيل بطلت في الصلاة فيبنى كنيسة بنصف الثلث لنزول المارّة فإن لم يمكن بطلت و قيل يبنى بالثلث لنزول المارة و يمنعون من الاجتماع للصلاة و كلاهما قوي و لو أوصى بشيء يكتب به التورية أو الإنجيل أو الزبور أو غير ذلك من الكتب القديمة بطلت الوصيّة و لو أوصى أن يكتب طب أو حساب أو غيره و توقف عليهم أو على غيرهم جاز و يكره للمسلم أجرة رم ما يستهدم من الكنائس و البيع من بناء و تجارة و غير ذلك و ليس بمحرم

الفصل الثّامن في قتال أهل البغي

و فيه [- لد -] بحثا [- ا -] قتال أهل البغي واجب بالنّص و الإجماع و يثبت حكم البغي بشرائط ثلاثة أن يكونوا في منعة و كثيرة لا يمكن كفهم و تفريق جمعهم إلا باتفاق و تجهيز جيوش و قتال و لو كانوا نفرا كالواحد و العشرة لم يكونوا أهل بغي و كانوا قطاع طريق اختاره الشيخ و ابن إدريس و عندي فيه نظر الثاني أن يخرجوا عن قبضة الإمام منفردين عنه في بلد أو بادية و لو كانوا معه أو في قبضته لم يكونوا أهل بغي الثّالث أن يكونوا على المباينة بتأويل سائغ عندهم لحصول شبهة اقتضت خروجهم على الإمام و لو لم يكن لهم تأويل سائغ و باينوا بغير شبهة فهم قطاع الطريق حكمهم حكم المحاربين [- ب -] لا يشترط في كونهم أهل بغي أن ينصبوا لأنفسهم إماما بل كل من خرج على إمام عادل و نكث بيعته و خالفه في أحكامه فهو باغ و حكمه حكم البغاة سواء نصبوا لأنفسهم إماما أو لا [- ج -] الإمامة عندنا يثبت بالنّص لا بالإجماع و لا الاختيار و كل من خرج على إمام منصوص على إمامته وجب قتاله بعد البعث إليه و السؤال عن سبب خروجه و إيضاح الصواب له إلا أن يخاف كلبهم فإن رجعوا و إلا قاتلهم و يجب تعريفهم مع المكنة قبل القتال [- د -] الخوارج هم الذين يكفرون بالذنب و ينالون من علي عليه السلام و من عثمان فهؤلاء بغاة [- ه -] تجب قتال أهل البغي على كل من ندبه الإمام لقتالهم عموما أو خصوصا أو من نصبه الإمام على الكفاية ما لم يستنهضه الإمام على التعيين فيجب و لا يكفيه قيام غيره و التأخير عنه كبيرة و الفرار في حربهم كالفرار في حرب الكفار و يجب مصابرتهم إلى أن يفيئوا إلى طاعة الإمام أو يقتلوا [- و -] إذا ظهر قوم اعتقدوا مذهب الخوارج و طعنوا في الأئمّة و لم يصلوا معهم و امتنعوا من الجماعات و قالوا لا نصلّي خلف إمام إلا أنّهم في قبضته الإمام و لم يخرجوا عن طاعته لم يجز قتلهم بمجرّد ذلك و لا يكونوا بغاة ما داموا في قبضته الإمام فإن بعث الإمام إليهم واليا فقتلوه أو قتلوا غير الوالي من أصحاب الإمام أقيد منهم حتما [- ز -] إذا استعان أهل البغي بنسائهم و صبيانهم و عبيدهم في القتال و قاتلوا أهل العدل قوتلوا مع الرجال إذا لم يمكن التحرز عنهم و إن أتى القتل عليهم و إذا أرادت امرأة أو صبية قتل إنسان كان له دفعهما و إن أتى على أنفسهما [- ح -] إذا استعان أهل البغي بالمشركين الحربيين و عقدوا لهم ذمّة و أمانا على قتل أهل العدل لم يصحّ ما عقدوه و يقتلهم الإمام مقبلين و مدبرين و إذا وقعوا في الأسر تخيّر الإمام بين المنّ و الفداء و الاسترقاق و القتل و ليس لأهل البغي أن يتعرّضوا لهم لبذلهم الأمان و إن كان فاسدا و إن استعانوا بأهل الذّمة فعاونوهم راسلهم الإمام فإن ادعوا الشبهة المحتملة من اعتقادهم تسويغ القتل مع الطائفة من المسلمين أو الإكراه قبل قولهم بغير بينة و كان عهدهم باقيا و إن لم يدعوه انتقض عهدهم و جاز قتالهم مقبلين و مدبرين و لو أتلفوا أموالا و أنفسا ضمنوها و كذا يضمن أهل البغي ما يتلفونه من مال أهل العدل و أنفسهم حال الحرب في قبلها و بعدها و إن استعانوا بالمستأمنين انتقض أمانهم و لو ادعوا الإكراه افتقروا إلى البيّنة [- ط -] يجوز للإمام أن يستعين بأهل الذمة على حرب أهل البغي و منع الشيخ في المبسوط ذلك و ليس بجيّد و لو استعان من المسلمين بمن يرى قتلهم مقبلين و مدبرين في موضع لا يجوز لم يجز إلا مع الضرورة أو يتمكن الإمام من دفعهم عنهم حالة الإدبار و كذا يجوز أن يستعين على أهل الحرب بأهل

ص: 155

الذمة ممن هو حسن الرأي في المسلمين مع أمن الإمام من صيرورتهم مع أهل الحرب [- ى -] إذا افترق أهل البغي فرقتين فاقتلوا فإن قدر الإمام على قهرهما فعل و لا يعاون إحداهما على الأخرى بل يقاتلهما حتى يعود إلى الطاعة و إن لم يتمكن تركهما و يدعوا القاهرة إلى الطاعة فإن أبت قاتلها و إن خاف اجتماعهما عليه ضم إحداهما إليه و قاتل الأخرى قاصدا كسرها لا معونة الأخرى و ينبغي أن يقاتل مع التي هي أقرب إلى الحق فإن تساويا فمع التي المصلحة أكثر بالقتال معها فإن انهزمت التي قاتلها أو رجعت إلى طاعته كف عنها و لم يجز قتال التي ضمنها إليه إلا بعد دعائها إلى طاعته [- يا -] لا يقاتل أهل البغي بما يعم إتلافه كالنار و المنجنيق و التغريق لا مع الضرورة [- يب -] إذا لم يمكن دفع أهل البغي إلا بالقتل وجب و لا شيء على القاتل و لا ضمان على أهل العدل فيما يتلفونه من مال أهل البغي حال الحرب و لو قتل العادل كان شهيدا و لا يغسل و لا يكفن و يصلّى عليه و يدفن و لو أتلف أهل العدل مال أهل البغي أو أنفسهم قبل الشروع في الحرب أو بعد انقضائه ضمنوه قال الشيخ و لا خلاف أن الحربي إذا أتلف شيئا من أموال المسلمين و نفوسهم ثم أسلم فإنه لا يضمن و لا يقاد به و أما المرتدون فإنهم يضمنون ما يتلفونه من الأموال و الأنفس قبل الحرب و بعدها و فيها و لا فرق بين الواحد و الجمع من أهل البغي في التضمين [- يج -] أهل البغي قسمان أحدهما أن لا تكون لهم فئة يرجعون إليها و لا رئيس يجتمعون عنده الثاني أن يكون لهم رئيس يجمعهم و فئة يرجعون إليها فالأول لا يجتاز على جريحهم و لا يتبع مدبرهم و لا يقتل أسيرهم و الثاني يجتاز على جريحهم و يتبع مدبرهم و يقتل أسيرهم سواء كانت الفئة حاضرة أو غائبة قريبة أو بعيدة [- يد -] لو قتل واحد من أهل العدل من منع من قتله ضمنه و الوجه سقوط القصاص [- يه -] لو وقع أسير من أهل البغي في أيدي أهل العدل و كان شابا قويا حبس حتى يتابع أو ينهزم أصحابه إلى غير فئة و يرموا سلاحهم ولوا مدبرين إلى فئة لم يطلق و جاز قتله و لو كان الأسير من غير أهل القتال كالصبي و المرأة أطلق على إشكال [- يو -] لو أسر كل واحد من الفريقين أسارى من الآخر جاز فداء أسارى أهل العدل بأسارى أهل البغي و لو أبى أهل البغي حبس أهل العدل من معهم و لو قتل أهل البغي أسارى أهل العدل لم يجز لأهل العدل قتل أساراهم إذا لم يكن لهم فئة [- ين -] أموال أهل البغي ضربان أحدهما ما لم يحوه العسكر و الإجماع على بقائه على ملكهم الثاني ما يحوه العسكر من سلاح و كراع و خيل و إناث و غير ذلك فللشيخ قولان أحدهما أنها تقسم بين أهل العدل للراجل سهم و للفارس سهمان و لذي الأفراس ثلاثة و به قال ابن الجنيد و الثاني أنها باقية على ملك أهل البغي لا يجوز استغنامها و لا قسمتها و هو اختيار المرتضى و ابن إدريس و هو قوي [- يح -] لا يجوز لأهل العدل الانتفاع بكراع أهل البغي و لا بسلاحهم إلا في حال الضرورة قاله السّيد المرتضى و جوّزه الشيخ و الأول أقوى [- يط -] الإجماع على أنّه لا يجوز سبي ذراري أهل البغي سواء كان لهم فئة أو لا و لا يملك نساؤهم [- ك -] إذا سأل أهل البغي أن ينظرهم و يكف عنهم فإن سألوا به الإنظار أبدا لم يصحّ و إن كان مدة معلومة ليجتمعوا و يتقووا لم يجبهم إلى ذلك و إن كان للتفكر و العود إلى الطاعة قبل و لو بذلوا مالا لينظرهم فيما لا يسوغ لهم إنظاره لم يجز و لو كان في أيديهم أسارى أهل العدل و سألوا الإنظار و الكف ليطلقوا أسارى أهل العدل و أخذ منهم الرهائن جاز فإن أطلقوا أسارى أهل العدل أطلق الإمام رهائنهم و إن قتلوا من عندهم لم يقتل رهائنهم فإذا انقضت الحرب أطلقت الرهائن مع الأمن و لو خاف الإمام على أهل العدل الضعف عنهم فالوجه تأخيرهم إلى وقت المكنة [- كا -] لو تعود أهل البغي عند النكاية فيهم برفع المصاحف أو الدعوة إلى حكم الكتاب بعد أن دعوا إلى ذلك فأبوا لم يرفع عنهم الحرب إلا بما يكون رجوعا إلى الحقّ مصرحا من غير تأويل [- كب -] لو كان مع أهل البغي من لا يقاتل ففي جواز قتله إشكال [- كج -] إذا غلب أهل البغي على بلد فجبوا الصدقات و أخذوا الجزية و استأدوا الخراج لم يقع موقعه و للإمام أن يجيزه و إذا أقاموا الحدود قال الشيخ لا يعاد مرّة أخرى للمشقة و لو طالبهم الإمام بالصدقات فذكروا أن أهل البغي استوفاها منهم فإن لم يجز الإمام طالبهم ثانية و لو أجازه فالأقرب القبول من غير نيّته و لا يمين قال الشيخ و لو ادعوا أداء الخراج لم يقبل قولهم و لو ادعى أهل الذّمة أداء الجزية إلى أهل البغي لم يقبل منهم [- كد -] لا يجوز لأحد الحكم و القضاء إلا بإذن الإمام أو من نصبه فلو نصب أهل البغي قاضيا لم ينفذ قضاؤه مطلقا في حق أو باطل سواء كان القاضي من أهل البغي أو من أهل العدل و لو كتب بحكمه إلى قاض آخر لم ينفذه [- كه -] أهل البغي فساق و بعضهم كفار فلا يقبل شهادتهم و إن كان عدلا في مذهبه سواء شهد لهم أو عليهم و سواء كان على طريق التديّن أو لا على وجه التديّن [- كو -] المقتول من أهل العدل لا يغسل و لا يكفن و يصلّى عليه و لا فرق بين الخوارج و غيرهم [- كن -] إذا ارتكب أهل البغي في حال امتناعهم ما يوجب الحد ثم قدر عليهم أقيم فيهم الحد

ص: 156

و إن امتنعوا بدار الحرب [- كح -] قال الشيخ يكره للعادل القصد إلى قتل أبيه الباغي أو ذي رحمه فإن قتله كان جائز أو ورثه إن كان وارثا و لو قتل الباغي العادل منع من الميراث [- كط -] يجوز للعادل قصد الباغي بالقتل قال ابن الجنيد لا يستحب للوالي أن يبدأ بقتالهم لجواز الهدنة و لا بيات أحد من أهل البغي و لا قتله غيلة قال و يستحب للوالي إذا أراد إنفاذ سرّية إلى عدوان يأمر فيطاف باللواء في المساجد الجامعة و أسواق المسلمين و يأمر الناس بالدعاء له بالنصر على أعداء المسلمين [- ل -] من سب النبي ص أو أحد الأئمّة عليهم السلام وجب قتله و لو عرض بالسّب غرر و كذا لو عرض بالشتم [- لا -] الرّدة هي الخروج عن الملة بالكفر و مانع الزكاة ليس بمرتد و يجب قتاله حتى يدفعها فإن دفعها و إلا قتل إن كان محرما للترك و لو تركها مع التحليل للترك كان مرتدا و إذا أتلف المرتد مالا أو نفسا حال ردته ضمنه سواء تحيز و صار في منعه أولا [- لب -] إذا قصد رجل رجلا يريد نفسه أو ماله أو حريمه كان له أن يقاتله دفعا عن نفسه أو حريمه بأقلّ ما يمكن دفعه به و لو لم يندفع إلا بالقتل جاز و لا دية له و لا قود و لا كفارة و هل يجب على الإنسان أن يدافع عن نفسه قال الشيخ الأقوى الوجوب و لا يجوز الاستسلام أما المال فلا يجب أن يدافع عنه و لا أعلم فيه خلافا و المرأة يجب عليها أن يدافع من أراد فرجها و لو قتل لم يكن له دية [- لج -] إذا تمكن المقصود من الهرب وجب و إلا دافع و لو تمكن من الصّباح وجب إذا حصل المساعدة [- لد -] المضطر إلى أكل طعام نجس أو شراب نجس يجب عليه تناوله لحفظ الرّمق

الفصل التاسع في الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر

و فيه [- يج -] مباحث [- ا -] الأمر طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء و النهي نقيضه و المعروف كل فعل حسن اختصّ بوصف زائد على حسنه إذا عرف فاعله ذلك أو دل عليه و المنكر كل فعل قبيح عرف فاعله قبحه أو دل عليه و الحسن ما للقادر عليه المتمكن من العلم بحاله أن يفعله و القبيح هو الذي ليس للمتمكن منه و من العلم بقبحه أن يفعله و الحسن شامل للواجب و الندب و المباح و المكروه و القبيح هو الحرام خاصة [- ب -] المعروف ينقسم إلى الواجب و الندب فالأمر بالواجب واجب و بالنّدب ندب و المنكر كله قبيح و النّهي عنه واجب [- ج -] في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ثواب عظيم قال اللّٰه تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ و قال لُعِنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرٰائِيلَ إلى قوله كٰانُوا لاٰ يَتَنٰاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ و روي عن الصادق عليه السّلام قال جاء رجل من خثعم إلى رسول اللّٰه ص فقال يا رسول اللّٰه أخبرني ما أفضل الإسلام فقال الإيمان باللّٰه قال ثم ما ذا قال صلة الرّحم قال ثم ما ذا قال الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر قال فقال الرجل فأيّ الأعمال أبغض إلى اللّٰه قال الشرك باللّٰه قال ثم ما ذا قال قطيعة الرحم قال ثم ما ذا قال ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و قال الكاظم عليه السّلام ليأمرن بالمعروف و لينهن عن المنكر أو ليستعملوا عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم و عن الباقر عليه السّلام قال ويل لقوم لا يدينون للّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و قال النبي ص لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و تعاونوا على البر فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات و سلط بعضهم على بعض و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء و الأخبار في ذلك كثيرة [- د -] اتفقوا العقلاء على وجوب الأمر بالمعروف الواجب و النهي عن المنكر و اختلفوا في وجوبهما في مقامين أحدهما هل هو عقلي أو سمعي و الثاني أقوى الثاني هل هما واجبان على الكفاية أو على الأعيان السّيد على الأوّل و هو الأقوى و الشيخ على الثاني [- ه -] شرائط وجوبهما أربعة أن يعلم المعروف معروفا و المنكر منكرا ليأمن الغلط في الإنكار و الأمر و أن يجوز تأثير إنكاره فلو غلب على ظنه أو علم عدم التأثير لم يجب و قد جعله أصحابنا شرطا على الإطلاق و الأولى أن يكون شرطا لما يكون باليد و اللسان دون القلب و أن يكون المأمور أو المنهي مصرا على الاستمرار فلو ظهر منه أمارة الامتناع سقط الوجوب و أن لا يكون على الآمر و الناهي و لا على أحد من المؤمنين بسببه مفسدة فلو ظن توجه الضرر إليه أو إلى أحد المؤمنين بسببه سقط الوجوب [- و -] مراتب الإنكار ثلاثة بالقلب و اللسان و اليد فالأول يجب مطلقا و هو أول المراتب فإذا علم أن فاعل المنكر ينزجر بإظهار الكراهية وجب و كذا لو عرف احتياجه إلى الهجر وجب و لم يجب الزائد و لو لم يؤثر انتقل إلى الإنكار باللسان بالوعظ و الزّجر و يستعمل الأيسر أولا فإن أفادوا لا انتقل إلى ما فوقه و لو لم ينزجر و افتقر إلى اليد كالضرب و شبهه جازوا و افتقر إلى الجراح قال السّيد يجوز ذلك بغير إذن الإمام و قال الشيخ ظاهر مذهب شيوخنا الإمامية أن هذا الجنس من الإنكار لا يكون إلا للأئمة أو لمن يأذن له الإمام قال و كان المرتضى يخالف في ذلك و يقول يجوز فعل

ص: 157

ذلك بغير إذنه و أفتى به الشيخ في التبيان و هو الأقوى عندي [- ن -] لا يجوز لأحد إقامة الحدود غير الإمام أو من نصبه الإمام لإقامته و قد رخص في حال غيبته الإمام أن يقيم الإنسان الحد على مملوكه إذا لم يخف ضررا على نفسه و لا ماله و لا على أحد من المؤمنين قال الشيخ و قد رخّص أيضا في حال الغيبة إقامة الحد على الولد و الزوجة مع الأمن و منعه ابن إدريس للفقهاء و هل يجوز للفقهاء إقامة إقامة الحدود حال الغيبة جزم به الشيخان و هو قوي عندي و يجب على الناس مساعدتهم على ذلك [- ح -] لا يجوز الحكم و القضاء بين الناس إلا للإمام أو من أذن له الإمام و قد فوض الأئمّة عليهم السّلام ذلك إلى فقهاء شيعتهم المأمومين المحصلين لمدارك الأحكام الباحثين عن مآخذ الشريعة القيمين بنصب الأدلة و الأمارات في حال الغيبة فينبغي لمن عرف الأحكام و استجمع شرائع الحكم الآتية في باب القضاء من الشيعة الحكم و الإفتاء و له بذلك أجر جزيل و ثواب عظيم مع الأمن على نفسه و ماله و المؤمنين فإن خاف على أحدهم لم يجز له التعرّض له على حال [- ط -] إذا طلب أحد الخصمين المرافعة إلى قضاة الجور كان متعديا للحقّ مرتكبا للمأثم مخالفا للإمام و يجب على كل متمكّن منعه عن ذلك و مساعدة غريمه على الترافع إلى قضاة الحقّ [- ى -] إذا ترافع خصمان إلى فقيه عارف بالأحكام جامع لشرائط الحكم وجب عليه الحكم بينهما على مذهب أهل الحق و لا يجوز أن يحكم بينهما بمذاهب أهل الخلاف فإن اضطرّ إلى الحكم بينهما على مذاهب أهل الخلاف جاز له ذلك ما لم يبلغ الدماء فإنه لا تقية فيها على حال و يجتهد في تنفيذ الأحكام على الوجه الحق [- يا -] كما يجب على الفقيه العارف بالأحكام القضاء كذلك يجب عليه الفتيا حال الغيبة بالحق إذا أمن الضرر و لم يخف على نفسه و لا على المؤمنين و يجب عليه أن يفتي عن معرفة لا عن تقليد روى الشيخ في الصّحيح عن الباقر عليه السّلام من أفتى النّاس بغير علم و لا هدى من اللّٰه لعنته ملائكة الرّحمة و ملائكة العذاب و لحقه وزر من عمل بفتياه و لو خاف على نفسه من الإفتاء بالحقّ جاز له مع الضّرر و خوفه الإفتاء بمذاهب الخلاف لهم أو السكوت للضرورة مع المكنة [- يب -] يجوز لفقهاء أهل الحقّ أن يجمعوا بالناس الصلوات كلها من الفرائض الخمس و العيدين استجابا مؤكدا مع عدم الخوف أما الجمعة فاختلف علماؤنا فأجازها بعضهم و منع سلار و ابن إدريس من ذلك و هو قويّ [- يج -] لا يجوز لأحد أن يعرض نفسه للتولي من قبل الظالمين إلا أن يعلم أنّه لا يتعدى الواجب و لا يرتكب القبيح و يتمكن من وضع الأشياء مواضعها فإن غلب على ظنه خلاف ذلك لم يجب التعرض له فإن أكره على الدخول جاز حينئذ و يجتهد على إنفاذ الأحكام بالحق تمّت القاعدة الأولى و هي العبادات من كتاب التحرير و هو آخر جزء الأول منه و يتلوه في الثاني إن شاء اللّٰه تعالى القاعدة الثانية في المعاملات و الحمد للّه ربّ العالمين و صلى اللّٰه على سيّد المرسلين محمّد النبي و آله الطاهرين

القاعدة الثانية في المعاملات

كتاب المتاجر

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد

أمّا المقدّمة

ففيها مباحث [- ا -] يجوز طلب الرّزق بالمعاش في الحلال بالإجماع قال اللّٰه تعالى فَامْشُوا فِي مَنٰاكِبِهٰا وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من المروة استصلاح المال و فيه فضل كثير و ثواب عظيم قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل اللّٰه و قال عليه السلام نعم العون على تقوى اللّٰه الغنى و قال أمير المؤمنين عليه السّلام إن اللّٰه يجب المتّجر الأمين و قال عليه السّلام اتجروا بارك اللّٰه لكم فإني سمعت رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله يقول إن الرزق عشرة أجزاء تسعة في التجارة و واحد في غيرها و قال عليه السّلام تعرضوا للتجارة فإن لكم فيها غنى عما في أيدي الناس و قال الصادق عليه السّلام إن اللّٰه تبارك و تعالى يستحب الاغتراب في طلب الرزق و عنه عليه السّلام قال أوحى اللّٰه عز و جلّ إلى داود عليه السّلام أنك نعم العبد لو لا أنك تأكل من بيت المال و لا تعمل بيدك شيئا فبكى داود ع فأوحى اللّٰه عز و جلّ إلى الحديد أن لن لعبدي داود فألان اللّٰه تعالى له الحديد فكان يعمل كل يوم درعا و يبيعها بألف درهم فعمل عليه ثلاثمائة و ستين درعا فباعها بثلاث مائة و ستين ألفا و استغنى عن بيت المال و قال عليه السّلام غنى يحجزك عن الظلم خير من فقر يحملك على الإثم و قال ع لا خير فيمن لا يحب جمع المال من حلال فكيف به وجهه و يقضي به دينه و يصل به رحمه و قال ع ما فعل عمر بن مسلم قيل أقبل على العبادة و ترك التجارة و قال ويحه أ ما علم أن تارك الطلب لا يستجاب له إن قوما من أصحاب رسول اللّٰه ص لما نزل و من يتق اللّٰه يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب

ص: 158

أعقلوا الأبواب و أقبلوا على العبادة و قالوا قد كفينا فبلغ ذلك رسول اللّٰه ص فأرسل إليهم ما حملكم على ما صنعتم فقالوا يا رسول اللّٰه يكفل اللّٰه عز و جلّ ما رزقنا فأقبلنا على العبادة فقال إنه من فعل ذلك لم يستجب اللّٰه له عليكم بالطلب إني لأبغض الرّجل فاغرا فاه إلى ربه يقول ارزقني و ترك الطلب و قال الصادق عليه السّلام كفى بالمرء إثما أن يضع من يعول قال النبي ص ملعون ملعون من يضع من يعول و روي عن العالم الكاظم ع أنه قال اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا و اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا و الأخبار في ذلك كثيرة [- ب -] ينبغي لمن أراد التجارة أن يتفقه فيها ليعرف كيفية الاكتساب و يميز صحيح العقد و فاسدة و يسلم من الربا و كان أمير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة يغتدي كل يوم بكرة من القصر يطوف في الأسواق و معه الدرة على عاتقه فيقف على أهل كل سوق فينادي يا معشر التجار اتقوا اللّٰه عز و جلّ فإذا سمعوا صوته ألقوا ما في أيديهم و أرعوا إليه بقلوبهم و سمعوا بآذانهم فيقول قدّموا الاستخارة و تبركوا بالسهولة و أقربوا من المبتاعين و تزينوا بالحلم و تناهوا عن اليمين و جانبوا الكذب و تجافوا عن الظلم و أنصفوا المظلومين و لا تقربوا الزنا و أوفوا الكيل و الميزان وَ لاٰ تَبْخَسُوا اَلنّٰاسَ أَشْيٰاءَهُمْ وَ لاٰ تَعْثَوْا فِي اَلْأَرْضِ مُفْسِدِينَ فيطوف في جميع الأسواق بالكوفة ثم يرجع فيقعد للناس [- ج -] ينبغي للتاجر أن يسوّي بين الناس في البيع و الشراء فيكون الصّبي بمنزلة الكبير و الساكت بمنزلة المماكس و المستحي بمنزلة البصير المذاق [- د -] إذا قال التاجر لغيره هلم أحسن إليك باعه من غير ربح و كذلك إذا عامله مؤمن فليجتهد إلا يربح عليه فإن اضطرّ قنع باليسير منه [- ه -] إذا قال إنسان للتاجر اشتر لي متاعا لم يجز أن يعطيه من عنده و إن كان أجود إلا بعد البيان [- و -] يستحب الإقالة للمستقيل و إعطاء الراجح و أخذ الناقص و لا يجوز العكس و يكره لمن لا يعرف الكيل و الوزن أن يتولاهما [- ن -] يستحب التسامح في البيع و الشراء و القضاء و الاقتضاء [- ح -] يكره له أن يدخل السّوق أولا و عن سبق إلى مكان من السوق غير مملوك كان أحق به إلى المعيل [- ط -] يستحب له الدّعاء عند دخول السوق بالمنقول و أن يكبر اللّٰه تعالى ثلاثا إذا اشترى و أن يتشهد الشهادتين و يسأل اللّٰه أن يبارك له فيما يشتريه و يخيّر له فيما يبيعه و إذا تعسّر عليه نوع من التجارة انتقل إلى غيره و لو ربح في نوع منها داوم عليه و إذا حل المشتري بادر إلى البيع و لا يترك الشراء للغلاء و لا يطلب الغاية فيما يبيع و يشتري من الربح بل يقنع باليسير [- ى -] ينبغي أن يتجنب في تجارته خمسة أشياء مدح البائع و ذم المشتري و كتمان العيوب و اليمين على البيع و الربا [- يا -] يكره السوم و المقاولة في البيع و الشراء ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس و معاملة سفلة الناس و الأدنين منهم و ذوي العاهات و المحارفين و الأكراد و مخالطتهم و مناكحتهم و معاملة أهل الذمة و تزيين المتاع بإظهار جيده و إخفاء رديئه بل يمزجه و لو كان الردي مما لا يظهر للحس حرم [- يب -] ينبغي معاملة من نشاء في خير و يكره الاستحطاط من الثمن بعد العقد قبل التفرّق و بعده [- يج -] من باع شيئا لغيره لم يجز أن يشتريه لنفسه و إن زاد في قيمته على ما يطلب في الحال إلا بإذن مالكه [- يد -] الغش حرام و هو إظهار الجيد و إخفاء الرّديء فيما لا يمكن معرفته كشوب اللبن بالماء و لهذا يكره البيع في المواضع المظلمة التي يخفى فيها العيوب [- يه -] يكره أن يدخل الرّجل على سوم أخيه و حرّمه في المبسوط و أن يزيد وقت النداء بل يزيد وقت سكوت المنادي و لو دخل على سوم أخيه و تعاقد البيع صح و إن فعل حراما أو مكروها [- يو -] روي أنّ النبي ص قال لا يبع بعضكم على بيع بعض و معناه النّهي عن قول الرّجل للمشتري في مدّة الخيار أنا أبيعك مثل هذه السلعة بأقل أو خيرا منها بالثمن أو أقل و كذا يتناول النّهي من من جاء إلى البائع في مدة خياره فدفع إليه أكثر من الثمن و لو خالف انعقد البيع مع فسخ أحد المتعاقدين و إن فعل حراما [- ين -] النجش حرام و هو الزيادة لا للشراء بل ليغرّ المشتري فيزيد و لو اشترى مع النجش صح الشراء فإن ظهر عنهما الغبن تخير المغبون على ما يأتي و لا فرق بين أن يكون النجش بمواطاة البائع أو لا و لو قال البائع أعطيت كذا فاشتراها به ثم بان كذبه كان للمشتري الخيار مع الغبن [- يح -] بيع التلجئة باطل و هو المواطاة على الاعتراف بالبيع من غير بيع خوفا من ظالم [- يط -] نهى النبي ص أن يبيع حاضر لباد و هو من يدخل البلد من غير أهلها سواء كان بدويّا أو من بلدة أخرى و معناه النهي عن أن يكون سمسارا له يعرفه السعر بل ينبغي أن يتولى البدوي البيع لنفسه ليشتريها الناس برخص و يتّسع عليهم السّعر و هل هو للتحريم قال في المبسوط نعم و هو قول ابن إدريس و قال في النهاية بالكراهية و إنما يحرم بأن يقصد الحاضر تولى البيع للبادي و أن يكون البادي جاهلا بالسعر و أن يجلب السلعة للبيع و لو خالف انعقد البيع و لو أشار الحاضر على البادي من غير أن يباشر البيع فالوجه الكراهية و لا بأس بالشراء للبادي

ص: 159

[- ك -] في تلقي الركبان للشيخ قولان أحدهما التحريم و الثاني الكراهية و هو أن يخرج إلى الركب القاصد للبلد فيشتري منهم قبل معرفتهم بالسعر في البلد و لو خالف و اشترى انعقد البيع و مع الغبن يتخير المغبون و لا خيار مع عدمه و الخيار أنما هو للبائع خاصّة و الأقرب أن الخيار فيه و في النجش ليس على الفور و لو تلقاهم و باعهم فهو بمنزلة الشراء يثبت لهم الخيار مع الغبن الفاحش و لو خرج غير قاصد للشراء فلقي الركب اتفاقا لم يكره الشراء و لا البيع و لو تلقى الجلب و في أول السّوق بعد دخوله لم يكن به بأس و حدّ التلقي أربعة فراسخ فإن زاد كان تجارة و جلبا و لم يكن تلقيا [- كا -] نهى النبيّ ص عن الاحتكار و في تحريمه للشيخ قولان أحدهما التحريم و هو قول أبي الصّلاح و ابن إدريس و ابن بابويه و الثاني الكراهية و هو قول المفيد و سلار و الأول أقوى و معنى الاحتكار هو حبس الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن و في الملح قولان مع احتياج الناس و عدم الباذل سوى المحتكر و لا احتكار فيما عدها و قال ابن بابويه يثبت في الزّيت و به رواية حسنة [- كب -] إنما يثبت الاحتكار في هذه إذا استبقاها للزيادة في الثمن و لو استبقاها للقوت أو الزّرع لم يكن محتكرا [- كج -] يجب على الإمام إجبار المحتكر على البيع مع تحقق الاحتكار و قال الشيخ حده في الرخص أربعون يوما و في الغلاء ثلاثة أيام و الحق ما قلناه و هل له إجبارهم على التسعير قال المفيد و سلار نعم و قال أكثر علمائنا ليس له ذلك و هو الوجه عندي [- كد -] نهى النبي ص عن بيعين في بيعة فقيل البيع بثمن حالا و بأزيد مؤجلا و قيل إن يبعه شيئا بشرط أن يشتري منه آخر و منه ابن إدريس و لا بأس به عندي [- كد -] نهى النبي ص عن بيع حبل الحبلة و هو أن يبيع بثمن مؤجل إلى نتاج نتاج الناقة و عن المجرد و هو بيع ما في الأرحام و عن بيع عسيب الفحل و هو نطفته و عن الملاقيح و هو ما في بطون الأمهات و المضامين و هي ما في أصلاب الفحول و عن الملامسة و هو أن يبيعه غير مشاهد على أنّه متى لمسه وقع البيع و عن المنابذة و هو أن يقول أن نبذته إلى فقد اشتريته بكذا و عن بيع الحصاة و هو أن يقول ارم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا

المقصد الأوّل فيما يحرم التكسب به و يكره
اشارة

و فيه فصلان

الأوّل فيما يحرم الكسب به

و فيه [- كط -] بحثا [- ا -] النجس ضربان ذاتي النجاسة كالميتة و الدم و الخمر و الفقاع و الخنزير و شبهه و ما يعرض له و هو ضربان أحدهما لا يمكن تطهيره كالمائعات التي عرضت النجاسة و الثاني يمكن تطهيره كالثياب فالأوّل و أول الثاني لا يجوز بيعه و لا شراؤه و لا التكسب به إلا الادهان النجسة لفائدة الاستصباح تحت السماء و ثاني الأخير يجوز التكسّب به [- ب -] السرجين النجس يحرم بيعه و غير النجس يجوز بيعه و أبوال ما لا يؤكل لحمه نجسة يحرم التكسّب بها و في بول ما يؤكل لحمه قولان أحدهما الجواز قاله السّيد و الشيخ منع إلا أبوال الإبل خاصة للاستشفاء به [- ج -] يجوز بيع كلب الصّيد و شراؤه و في كلب الزرع و الماشية و الحائط قولان أقربهما الجواز و غير ذلك من الكلاب يحرم التكسّب به إجماعا منا و كذا يجوز إجارة الكلاب المنتفع بها و الوصية بها و هبتها و يحرم إتلاف المعلم و على المتلف الغرم و إن كان أسود بهما و يباح قتل العقور و يحرم اقتناء ما عدا الكلاب الأربعة و يجوز تربية الجرو الصغير لأحد الأمور المذكورة و اقتناء أحد الأربعة و لو هلكت ماشية فأراد شراء غيرها أو حصد زرعه له اقتناؤه إلى أن يشتري أو يسجد زرعا آخر و يجوز لمن لا يصيد أن يقتني كلب الصيد [- د -] يحرم اقتناء الأعيان النجسة إذا خلت من المنفعة كالخنزير و شبهه و لو كان فيه منفعة جاز اقتناؤه كالكلب و السرجين لتربية الزرع و الخمر للرد إلى الخل و كذا يحرم اقتناء المؤذيات كالحيّات و العقارب و السّباع [- ه -] الأقرب عندي جواز بيع الماء النجس لإمكان تطهير [- و -] يحرم التكسّب بكل ما يكون المقصود منه حراما كآلات اللهو مثل العود و الزمر و هياكل العبادة كالصّليب و الصّنم و آلات القمار كالشطرنج و النرد و الأربعة عشر و بيع العنب ليعمل خمرا و كذا العصير و لو باعه كذلك بطل العقد و كذا بيع الخشب ليعمل صنما و يجوز بيع ذلك كله على من يعلمه إذا لم يبعه لذلك على كراهية و يحرم التوكيل في بيع الخمر و إن كان الوكيل ذميّا و كذا الشراء و كذا يحرم إجارة السفن و المساكن للحرمات و اتخاذها للمناكير و لو آجرها لمن يعمل ذلك لا بشرطه جاز و لو آجر سفينته أو دابته لحمل الخمر جاز ما لم يحملها للشرب فيحرم و لو كان البيت في السّواد حرم إجارته لذلك كما لو كان في المدينة و لو استأجر ذمّي دار مسلم و أراد بيع الخمر فيها سرا لم يكن للمالك منعه و لو آجره لذلك فالأقرب التحريم للعموم [- ن -] يحرم بيع السّلاح لأعداء الدين و عمله لهم عند قيام الحرب و عدم الهدنة و يجوز بيع ما يكنّ من السلاح كالدّروع و الخفاف و لا فرق في التحريم بين جميع آلات الحرب و لا بين إسلام العدو و كفره [- ح -] الغناء حرام و تعليمه و أجر المغنية كذلك و قد وردت رخصة بإباحة أجر المغنية في العرائس إذا لم يتكلم بالباطل

ص: 160

و لا يلعب بالملاهي كالعيدان و القصب بل يكون ممن يزف العروس و يتكلم عندها بإنشاد الشعر و القول البعيد من الفحش و الباطل و ما عدا ذلك حرام في العرس و غيره [- ط -] النائحة بالباطل أجرها حرام و لا بأس بأجر النائحة إذا لم يعتمد قول الباطل و إن كان مكروها خصوصا مع الشرط [- ى -] القمار حرام و كذا ما يؤخذ بسببه حتى لعب الصّبيان بالجوز و الخاتم و الشطرنج [- يا -] الغش بما يخفى حرام كشوب اللّبن بالماء و كذا تدليس الماشطة و تزيين الرّجل بالحرام [- يب -] عمل الصور المجسمة حرام و كذا أخذ الأجرة عليه [- يج -] يحرم معونة الظالمين بالمحرم [- يد -] الغيبة حرام و كذا استماعها و هجاء المؤمنين و الكذب عليهم و النميمة و سبّ المؤمنين و السعي في القبيح و مدح من يستحق الذم و بالعكس و الأمر بشيء من ذلك و أخذ الأجرة عليه و التشبيب بنساء المؤمنين [- يه -] يحرم حفظ كتب الضلال و نسخها لغير النقض أو الحجة و نسخ التورية و الإنجيل و تعليمهما و أخذ الأجرة عليه [- يو -] تعلم السحر و تعليمه و الشعبذة و الكهانة و القيافة حرام و أخذ الأجرة عليه و السحر كلام يتكلم به أو يكتبه و رقية أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة قال الشيخ لا حقيقة له و إنما هو تخييل و قيل له حقيقة و على الوجهين إن استحله فالوجه أنه يكفر و إلا فلا و من يحل السحر فإن كان بشيء من القرآن أو الذكر و الأقسام و الكلام المباح فلا بأس به و إن كان بشيء من السحر فهو حرام و الكاهن هو الذي له رأي من الجنّ يأتيه بالأخبار فإنه يقتل ما لم يتب و التنجيم حرام و كذا تعلم النجوم مع اعتقاد أنها مؤثرة أولها مدخل في التأثير و أخذ الأجرة عليه و لو تعلّم ليعرف قدر سير الكواكب و بعدها و أحوالها من التربيع و الكسف و غيرها فلا بأس به و الشعبدة هي الحركات السّريعة جدا بحيث يخفى على الحس التمييز بين الشيء و شبهه لسرعة انتقاله منه إلى شبيهه و هي حرام و كذا الأجرة عليها و كذا القيافة و كل ما يشاكلها [- ين -] بيع الحرّ حرام و كذا كل ثمنه و ثمن ما ليس بمملوك للإنسان و لا يصحّ تملكه له [- يح -] يحرم بيع المصحف و يجوز بيع الجلد و الورق لا بيع كلام اللّٰه تعالى و لو اشترى المصحف و عقد البيع على الجلد و الورق جاز و إلا حرم كالبيع و لو اشترى الكافر مصحفا لم ينعقد البيع و قال بعض أصحابنا يجوز و يجبر على بيعه و يجوز أخذ الأجرة على كتابة القرآن [- يط -] يحرم السرقة و الخيانة و بيعها و أخذ ثمنها و لا تحريم مع الجهل بكونها سرقة و لو اشتبهت السّرقة بغيرها جاز الشراء ما لم يعلم العين المسروقة و من وجد عنده سرقة كان ضامنا لها إلا أن يقيم البيّنة بشرائها فيضمن و يرجع به على البائع مع جهله بالغصبية و لو اشترى بالمال المسروقة ضيعة أو جارية فإن كان بالعين بطل البيع و إن كان في الذمة حل للمشتري وطء الجارية و التصرف في الضيعة و عليه رد المال خاصة و لو حج به برئت ذمته مع وجوبه عليه [- ك -] الرشاء في الحكم حرام سواء كان حكم لباذله أو عليه بحق أو باطل [- كا -] لا يجوز بيع تراب الصياغة و إن بيع تصدّق بثمنه و لم يملكه البائع [- كب -] التطفيف حرام في الكيل و الوزن [- كج -] كل ما لا ينتفع به كالحشرات مثل الفأرة و العقارب و الخنافس و الجعلات و بنات وردان و سباع البهائم التي لا يصلح للاصطياد كالأسد و الذئب و ما لا يؤكل و لا يصاد به من الطير كالرخم و الحدأة و الغراب الأبقع و الأسود و بيضها لا يجوز بيعه و لا شراؤه و لا يحلّ ثمنه و كذا المسوخ كلها بحرية كالجري و المارماهي و التمساح و التلاحف و الرقاق أو برية كالدّب و القرد و إن قصد بالبيع حفظ المتاع و الدكان و جوز ابن إدريس بيع السباع كلها سواء كان مما يصاد به عليها أو لا يصاد و هو جيّد [- كد -] في بيع الفيل قولان أحدهما الإباحة و هو الأقوى و يجوز بيع الهرّ و ما يتخذ للصيد كالفهد و الصقر و نحوهما و إن لم يكن معلما و لا يقبل التعليم و هل يجوز بيع ما يصاد عليه كالبوهة توضع ليجتمع الطير عليها فيصيده الصائد فيه إشكال و كذا العلق [- كه -] يجوز بيع كل ما ينتفع به من الأعيان المملوكة انتفاعا مباحا إلا ما استثناه من الكلب و الوقف و المكاتب و أم الولد و غيرها مما يأتي في موضعه و كذا يجوز بيع جميع السباع التي يصاد بها و ينتفع بها في الصيد كالفهد و الصقر و الشاهين و العقاب و منع الشيخ منه في النهاية و هو ضعيف لرواية عيسى بن القسم الصحيحة عن الصادق عليه السلام و بيض ما لا يؤكل لحمه من الطير إن كان مما لا ينتفع به كالغراب و الحدأة و الرخم و أشباهها لم يجز بيعه و إن كان طاهرا و إن كان مما ينتفع به بأن يصير فرضا جاز و في العلق التي ينتفع بها كالتي تعلق على وجه صاحب الكلف فيمص الدم و الديدان الموضوعة في آلة الصّيد تردّد و أقربه المنع من حيث عموم النهي عن بيع الحشرات [- كو -] يجوز بيع دود القز و بذره و إن لم يكن معه قزّ و بر و إن لم يكن معه قزّ و كذا بيع النحل مع المشاهدة و إمكان التسليم بأن يكون محبوسة و إن كانت منفردة و لو تعذرت مشاهدته بأن يكون مستورا في أقراصه لم يجز و يجوز بيع الماء و التراب و الحجارة و إن كثر وجودها و ما له منفعة ساقطة في نظر الشرع كآلات

ص: 161

الملاهي و شبهها لا يجوز بيعه [- كن -] لا يجوز بيع الترياق لاشتماله على لحوم الأفاعي و الخمر و لا يجوز التداوي به و لا سم الأفاعي أما السّم من الحشائش و النبات فيجوز بيعه إن كان مما ينتفع به و إلا فلا و في جواز بيع لبإ الآدميات تردد [- كح -] لو باعه دارا لا طريق إليها أو بيتا لا مجاز له جاز البيع و لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة [- كط -] يحرم أخذ الأجرة على تغسيل الأموات و تكفينهم و دفنهم و الصّلات عليهم و على كل ما يجب عليه فعله و أخذ الأجرة على الأذان و يجوز أخذ الرزق فيه من بيت المال و كذا يحرم أخذ الأجرة على القضاء و يجوز أخذ الرّزق فيه من بيت المال و كذا الصّلاة بالناس و يجوز أخذ الأجرة على عقد النكاح و الخطبة في الأملاك

الفصل الثاني فيما يكره التكسّب به

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] يكره الصرف و بيع الأكفان و الطعام و الرقيق و اتخاذ الذبح و النحر صنعة و الحياكة و النساجة لقول الصادق عليه السّلام لأبي إسماعيل الصيقل حائك أنت قلت نعم قال لا تكن حائكا قلت فما أكون قال كن صيقلا [- ب -] كسب الحجام مكروه مع الشرط و طلق مع عدمه و ليس بمحرم في البابين و رواية سماعة ضعيفة [- ج -] يكره أخذ الأجرة على ضراب الفحل للنتاج و ليس بمحرم و لو أعطي صاحب الفحل هدية أو كرامة لم يكن حراما و ينبغي أن يوقع العقد على العمل و تقديره بالمرة و المرتين من غير ذكر مدّة و لو اكترى فحلا لإطراق ماشية كثيرة قرنه بالمدة و لو غصب فحلا فأنزاه إبله كان الولد لصاحب الإبل و عليه أجرة المثل و يكره إنزاء الحمار على العتيق و ليس بمحرم [- د -] يكره كسب الصبيان و من لا يجتنب الحرام [- ه -] يكره أخذ الأجرة على تعليم القرآن و تأوّل الشيخ الروايات بما يدل على التحريم مع الشرط و نحن لا نقول به نعم لو تعين التعليم وجب عليه لوجوب حفظه لئلا ينقطع المعجزة و لا بأس بأخذ الأجرة على تعليم الحكم و الآداب أما ما يجب تعلمه على الكفاية كالفقه فإنّه يحرم أخذ الأجرة على تعليمه مع تعيّنه عليه و يجوز استيجار ناسخ لينسخ له كتب الفقه و الأحاديث و الأسفار المباحة و السجلات و غيرهما مما يباح كتابته كالحكم و الآداب و كذا يستأجر من يكتب له مصحفا و يكره تعير المصاحف بالذهب فيكره الأجرة عليه و لا يجوز أخذ الأجرة على نسخ كتب الضلال لغير العجة و النقض [- و -] يجوز أخذ الأجرة على تعليم الخط و ينبغي للمعلم التسوية بين الصبيان في التعليم و إلا شد عليهم إذا استوجر لتعليم الجميع على الإطلاق تفاوتت أجرتهم أو اتفقت و لو آجر نفسه لبعضهم لتعليم مخصوص و الآخرين لتعليم مخصوص جاز التفضيل بحسب ما وقع العقد عليه [- ن -] يجوز الاستيجار للختان و خفض الجواري و المداواة و قطع السلع و الكحل سواء كان من العليل أو الطبيب و أخذ الأجرة عليه فإذا استأجره للكحل مدّة استحق الأجرة بالفعل و إن لم يؤثر حينئذ يكره أن يؤجر نفسه لكل صنعة ديته و أخذ الأجرة عليه و لو فعل حلت الأجرة و يجوز أن يؤجر نفسه لكل عمل مباح منتفع به و لا بأس بأجر القابلة و الماشطة مع عدم الغش و لو فعلته حرم كوصل الشعر بالشعر و شم الخدود و تحميرها و نقش الأيدي و الأرجل و يكره الصياغة و القصابة [- ط -] من دفع إلى غيره مالا ليصرف في المحاويج و الفقراء فإن عين أشخاصا لم يجز له المخالفة فإن خالفا ثم و ضمن و إن لم يعين تخير في إعطاء من شاء من المحاويج كيف شاء و يجوز له أن يأخذ هو مع حاجته بقدر ما يعطي غيره و لا يفضّل نفسه بشيء و في رواية عبد الرّحمن بن الحجاج الصحيحة عن الصادق عليه السّلام المنع و حمله الشيخ على التقدير الأوّل و في رواية صحيحة جواز أن يعطي عياله مع حاجتهم [- ى -] إذا امتزج الحلال بالحرام فإن تميز وجب دفع الحرام إلى أربابه مع وجودهم و الصدقة به مع عدمهم و عدم وراثهم و إن لم يتميّز أخرج خمسه و حل له الباقي [- يا -] يجوز أكل ما ينشر في الأعراس مع علم الإباحة لفظا أو يشاهد الحال و يكره أخذه انتهابا و لو لم يعلم قصد الإباحة حرم أخذ [- يب -] يجوز بيع جلود السّباع كلها مع التذكية و كذا بيع عظام الفيل و قال ابن البراج إنه مكروه و لا أعلم سنده [- يج -] يكره ركوب البحر للتجارة و يحرم مع أمارة الخوف و كذا يحرم كل سفر يظهر فيه أمارة الخوف [- يد -] يجوز أخذ الأجرة على السمسرة في المباح [- يه -] الأجير الخاص لا يجوز له أن يعمل لغير المستأجر و يجوز لغيره و لا بأس للمرأة أن يأخذ أجرا على الغزل [- يو -] قال الشيخ إذا مر إنسان على ثمرة النخل جاز له أن يأكل منها قدر كفايته و لا يحمل منها شيئا على حال و شرط ابن إدريس عدم قصد المضيّ للأكل و في الزرع و الفواكه إشكال [- يز -] لا بأس بالزراعة و ليست مكروهة و كذا يجوز أخذ الأجرة على البدرقة [- يح -] لا بأس بعمل اليهودي و النصراني فيما لا يحتاج فيه إلى الإسلام كالحياكة و النساجة أما ما يحتاج فيه إليه كالذباحة فلا يجوز التجارة في الجارية النصرانية و المغنّية بالبيع و الشراء [- يط -] يكره بيع الملك لغير حاجة و يستحب شراؤه [- ك -] إذا استأجر مملوك غيره فأفسد المملوك لم يضمن المولى بل يستسعى العبد في ذلك أو يرجع عليه بعد العتق قاله الشيخ و منع ابن إدريس من الاستسعاء و بقول الشيخ رواية

ص: 162

صحيحة [- كا -] لا بأس بشراء الذّهب بترابه قبل سبكه من المعدن بغير الذهب و كذا معدن الفضة بغيرها [- كب -] نقل ابن إدريس عن بعض علمائنا تحريم خصاء الحيوان أو رجح كراهيته [- كج -] ثمن الماء الذي يغسل به الميّت و ثمن الكفن سائغ و إن وجب التغسيل و التكفين قال الشيخ إذا وجد الماء لغسل الميّت بالثمن وجب شراؤه من تركته فإن لم يخلف شيئا لم يجب على أحد ذلك و يحرم أخذ الأجرة على حمل الموتى إلى المواضع التي يجب حملها إليها كظواهر البلدان و الجبانة المعروفة و أما ما بعد عن ذلك من المشاهد فيجوز أخذ الأجرة عليه [- كد -] سلطان الحق يستحب خدمته و العمل من قبله و يجب مع الإلزام و يجوز أخذ جوائزه أما الجائر فلا يجوز الولاية منه اختيار إلا مع العلم بالمكنة من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و وضع الأشياء من الصّدقات و المواريث و غيرها مواضعها يجوز الولاية من قبل الجائر معتقدا أنه يفعل ذلك من قبل سلطان الحقّ على سبيل النيابة عنه و لو قهره على الولاية مع عدم العلم جازت الولاية و لا يعمل بغير الحق ما أمكن فإن اضطر إلى ظلم جاز للضرورة ما لم يبلغ الدّماء فلا يجوز التقية فيها على حال و لو أمكنه دفع الجائر في عدم الولاية وجب و يستحب مع تحمّل الضّرر اليسير و لو خاف على نفسه أو ماله أجمع أو على بعض المؤمنين جازت الولاية و جوائز الجائر إن علمت حراما وجب دفعها إلى أربابها مع المكنة و مع عدمه يتصدق بها عنه و لو لم يعلم تحريمها جاز تناولها و ينبغي إخراج الخمس منها و يصل أخوان من الباقي [- كه -] يكره معاملة الظالمين و الأولى تركها مع المكنة و لو دفع الظالم شيئا له يعلمه حراما لم يحل أخذه و إن كان بعوض فإن قبضه أعاده على المالك مع العلم و لو جهله أو تعذّر الوصول إليه فصدّق به قال ابن إدريس و أصحابنا ذلك و يكون ضامنا مع عدم رضا صاحبه قال و روي أنّه بمنزلة اللفظة و هو بعيد عن الصواب و ليس هو عندي بعيدا من الصواب و اختار ابن إدريس إبقاءه أمانة حتى يجد المالك و لا يجوز إعادته على الظّالم مع الإمكان و كذا يكره كل مال محتمل للحظر و الإباحة كمال المرابي و غيره فإن علمه حراما حرم و لا يقبل قول المشتري في ذلك [- كو -] أقام المشتبه ثلاثة ما أصله التحريم كالذّبيحة في بلد الكفار لا يجوز شراؤه ما لم يوجد في يد مسلم و لو كانت في بلد الإسلام حلت و ما أصله الإباحة كالماء المتغيّر طاهر و إن جاز إسناد تغيّره إلى النجاسة و ما لا يعرف له أصل كرجل في يده حرام و حلال و لا يعلم أحدهما فالأولى اجتنابه [- كز -] ما يأخذه الظّالم بشبهة الزكاة من الإبل و البقر و الغنم و ما يأخذه عن حق الأرض بشبهه الخراج و ما يأخذه من الغلاّت باسم المقاسمة حلال و إن لم يستحق أخذ ذلك و لا يجب إعادته على أربابه و إن عرفهم إلا أن يعلم في شيء منه يعينه أنه غصب فلا يجوز تناوله و لا شراؤه [- كح -] إذا غصب الظالم شيئا ثم تمكن المظلوم من أخذه أو أخذ عوضه كان تركه أفضل و لو كان الظالم قد أودعه ففي جواز الأخذ من الوديعة بقدر ماله قولان أقربهما الكراهيّة و لو استحلفه لم يجز المقاصة في الوديعة و غيرها و لو أودعه الظالم شيئا فإن عرف أنه له أو لم يعرف أنه لغيره فإنّه يجب عليه ردّه مع المطالبة إليه و لو عرف أنها لغيره لم يجز ردّها إلى الظّالم و يجب ردّها إلى صاحبها مع الأمن فإن ردها إلى الظالم مختارا ضمن و لو لم يعرف صاحبها تركها إلى أن يعرفه و لو حلفه الظالم جاز الحلف و لو مزجها الظالم بماله و لم يتميّز دفع الجميع إليه [- كط -] يحرم على الرجل أن يأخذ من مال والده شيئا و إن قل بغير إذنه إلا مع الضرورة يخاف منها على نفسه التلف فيأخذ ما يمسك به رمقه إن كان الوالد ينفق على الولد أو كان الولد غنيا و لو لم ينفق مع وجوب النفقة أجبره الحاكم فإن فقد الحاكم جاز أخذ الواجب و إن كره الأب [- ل -] يجرم على الأب أن يأخذ مال ولده البالغ مع غناه عنه أو إنفاق الولد عليه قدر الواجب و لو كان الولد صغيرا جاز للأب أخذ ماله قرضا عليه مع يساره و إعساره و منع ابن إدريس من الإقراض و لو كان للولد مال و الأب معسر قال الشيخ يجوز أن يأخذ منه ما يحج به حجة الإسلام دون التطوع إلا مع الإذن و منع ابن إدريس في الواجب أيضا بغير إذن و يجوز أن يشتري من مال ولده الصّغير بالقيمة العدل و يبيع عليه كذلك و لو كان للولد جارية لم يكن له وطؤها و لا مسّها بشهوة قال الشيخ يجوز للأب تقويمها عليه و وطؤها و قيده في الإستبصار بالصّغير و البالغ مع الامتناع من الإنفاق عليه و لو كان موسرا حرم ذلك لا على جهة القرض من الصغير على ما قلناه و إن كان ابن إدريس قد خالف فيه [- لا -] يحرم على الأم أخذ شيء من مال ولدها صغيرا كان أو كبيرا و كذا الولد لا يجوز له أن يأخذ من مال والدته شيئا و لو كانت معسرة و هو موسرا جبر على نفقتها على ما يأتي و هل لها أن يقترض من مال الولد جوّزه الشيخ و منعه ابن إدريس و عندي فيه توقّف و بقول الشيخ رواية حسنة [- لب -] لا يجوز للمرأة أن يأخذ شيئا من مال زوجها و إن قل إلا بإذنه و يجوز لها أخذ المأدوم إذا كان يسيرا و يتصدّق به مع عدم الإضرار بالزّوج و لو منعها لفظا حرم و لا يترخص في ذلك من يقوم مقام المرأة في المنزل كالجارية و البنت و الأخت و الأم و الغلام و المرأة الممنوعة من التصرف في طعام

ص: 163

لا يجوز لها الصّدقة بشيء منه [- لج -] لا يجوز للرّجل أن يأخذ من مال زوجته شيئا مع عدم الإذن و يقتصر على المأذون و لو دفعت إليه مالا و شرطت له الانتفاع به جاز التصرف فيه و يكره أن يشتري به جارية يطؤها و لو أذنت فلا كراهية و لو شرطت له شيئا من الربح كان قراضا و لو شرطت جميعه كان قرضا و لو شرطت الربح لها بأجمعه كان بضاعة

المقصد الثّاني في عقد البيع و شروطه

و فيه [- كب بحثا [- ا -] البيع انتقال عين مملوكة من شخص إلى غيره بعوض معلوم على وجه التراضي و مشروعيّته مستفادة بالنص و الإجماع و لا بد فيه من عقد يشتمل على إيجاب و قبول فالإيجاب اللفظ الدال على النقل مثل بعتك أو ملكتك أو ما يقوم مقامهما و القبول اللفظ الدال على الرّضا مثل قبلت أو اشتريت و نحوهما و الأقوى عندي أن المعاطاة غير لازم بل لكل منهما نسخ المعاوضة ما رامت العين باقية فإن تلفت إحدى العينين لزمت و لا يحرم على كلّ واحد منهما الانتفاع بما قبضه بخلاف البيع الفاسد [- ب -] لا بدّ في العقد من اللّفظ و لا يكفي الإشارة و لا الكتابة مع القدرة و إن كان غائبا و يجزئ الأخرس و شبهه الإشارة [- ج -] لا بدّ في اللفظ أن يكون بصيغة الماضي في الإيجاب و القبول دون المستقبل و الأمر و الأقرب عدم اشتراط تقديم الإيجاب [- د -] يشترط في المتعاقدين البلوغ فلا يصحّ بيع الصّبي و لا شراؤه و إن أذن له الولي و سواء كان مميزا أو غير مميّز و في رواية لنا صحة بغيه إذا بلغ عشر سنين و شيدا و لا فرق بين اليسير و الكثير [- ه -] يشترط في المتعاقدين العقل فلا يصحّ بيع المجنون و لا شراؤه و إن أذن له الوليّ سواء كان مطبقا أو الأدوار إلا أن يعقد صحيحا و كذلك لا ينعقد بيع المغمى عليه و لا شراؤه و لا السّكران غير المميز و لو رضي كل واحد من هؤلاء أو الصّبي كبد زوال عذره بما فعله لم يعتدّ به [- و -] الاختيار شرط فلا يصحّ عقد المكره و لو أجاز ما فعله بعد زوال عذره صحّ العقد [- ن -] لو باع العبد ما في يده بإذن سيّده صحّ و بغير إذنه يقف على الإجازة و كذا لو اشترى بما في يده و لو اشترى في الذمّة قال الشيخ الأولى أنه لا يصحّ شراؤه و لو أمره أمر أن يبتاع له نفسه من مولاه فالأقرب الجواز [- ح -] الملك أو حكمه شرط في لزوم البيع و تعني بحكم الملك أن يكون البائع وليا عن المالك بأن يكون وليا أو وكيلا أو مأذونا له فيه أو وصيّا أو حاكما أو أمينا لحاكم أو أبا أو جدا مع صغر المالك فلو باع غير المالك من غير ولاية وقف على الإجازة فإن أجازه المالك صحّ و لزم و إلا بطل و قيل تبطل من رأس و ليس بمعتمد و قد نهى النبي صلّى اللّٰه عليه و آله عن بيع ما ليس عندك و هو أن يبيع سلعة معينة و ليس بمالك لها ثم يمضي إلى المالك ليشتريها منه و يدفعها و لو باع ما ليس معيّنا صح و إن لم يكن عنده [- ط -] لو باع الفضولي و صاحب السلعة ساكت لم يلزمه البيع و إن كان حاضرا [- ى -] لو وكل رجلين في بيع السلعة على الجمع و التفريق فباعا معا فالعقد للسّابق في العقد لا القبض و لو اتفق أدفعه فالوجه البطلان و يجوز للمالك أن يبيع بنفسه مع انتفاء الموانع و كذا للوكيل المأذون و الوصي و الحاكم و أمينه و و الأب و الجد مع المصلحة للمولى عليه و لو باع مالا يملكه و فسخ المالك انتزع من المشتري و رجع المشتري على البائع بما دفع إليه و بما اغترمه من نفقه أو و عوض عن أجرة أو نماء على قول إذا لم يعلم أو ادعى البائع إذن المالك و إلا فلا رجوع مع العلم بالنصيبة و لو باع ما يملك و ما لا يملك صفقة صحّ فيما بملك و وقف الآخر فإن أجاز المالك صح العقد و إلا بطل فيتخير المشتري في المملوك بين أخذه بقدر نصيبه من الثمن و بين الفسخ و لو باع ما يملك و ما لا يصح تملكه كالخمر و الخنزير صح فيما يملك خاصه بقدر حصة من الثمن و لا خيار مع عدم الغشّ [- يا -] للأب و الجدّ للأب الولاية على الولد ما دام غير رشيد و إن بلغ أو غير بالغ أما لو بلغ رشيد أزالت الولاية عنه و لكل منهما أن يتولى طرفي العقد و للوكيل التصرف فيما جعل له ما دام الموكّل جائز التصرف و في جواز تولية طرفي العقد إشكال المروي الجواز مع الإعلام و الوصي يمضى تصرّفه بعد موت الموصي على الصّبي و المجنون و يجوز تولية العقد على خلاف و في جواز افتراضه قولان منع ابن إدريس منه و جوزه الشيخ و جوّز أيضا أن يقوم على نفسه و الحاكم و أمينه يليان على المحجور عليه للسّفه و الفلس مطلقا و للصغير مع عدم الأب و الجد له و الوصي و يحكمان على الغائب [- يب -] يشترط في مشتري المسلم الإسلام فلو اشترى الكافر مسلما لم ينعقد و قيل يجوز و يجبر على بيعه و لو وكل الكافر مسلما في شراء مسلم لم يصح و لو وكّل مسلم كافر في شراء مسلم فالوجه الصّحة و لو قال كافر لمسلم أعتق عبدك عني عن كفارتي فأعتقه فالوجه عدم الصّحة و لو اشترى الكافر مسلما في شراء ينعتق عليه كالأب ففي البطلان إشكال و لو استأجر الكافر مسلما لعمل في الذمّة صحّ و لو استأجره مدّة كشهر ففي الجواز نظر [- يج -] لا يصحّ بيع الحرّ و لا شراؤه و كذا ما لا منفعة فيه كفضلات الإنسان من شعره و ظفره و قد سلف و الأقرب جواز بيع لبإ الآدميّات و كذا لا يجوز بيع ما يشترك فيه المسلمون قبل الحيازة كالماء و الكلاء و السّمك و لو استولى على شيء منها جاز بيعه

ص: 164

و لا يصحّ بيع الأرض المفتوحة عنوة بل يجوز بيع آثاره فيها كالبناء و الغراس و ماء البئر لمن استنبطه و ماء النهر لمن حفره يجوز بيعه على كراهية و ما يظهر من المعادن في الأرض المملوكة لما ملكها يجوز بيعها و التصرف فيها [- يد -] لا يجوز بيع الوقف ما دام عامرا و لو أدى بقاؤه إلى خرابه جاز بيعه و كذا يباع لو خشي وقوع فتنة بين أو بابه مع بقائه على خلاف [- يه -] لا يجوز بيع أمهات الأولاد مع حياة الولد إلا في ثمن و قبتهنّ إذا كان دنيا على مولاها و لا شيء سواها و في اشتراط موت المالك إشكال و لو مات ولدها جاز بيعها مطلقا [- يو -] لا يجوز بيع الرّهن إلا بإذن الراهن أو يكون المرتهن وكيلا و كذا ليس للرّاهن بيعه إلا بإذن المرتهن و لو باع كلّ منهما من دون إذن صاحبه جاز للآخر الفسخ إلا أن يبيع المرتهن الوكيل [- يز -] العبد الجاني يجوز بيعه سواء كانت الجناية عمدا أو خطأ و منع الشيخ في العمد و الوجه ما قلناه ثم المجني عليه أو وليّه إن عفا أو صالح على مال التزمه المالك لزم البيع و إن قتله قصاصا رجع المشتري بالثّمن الذي دفعه على البائع إن لم يكن عالما قبل البيع باستحقاقه القتل و لو كان الجناية خطاء فإن أخذه المجني عليه بطل البيع و إلا كان له مطالبة المولى بأرش الجناية أو قيمة العبد [- يح -] لو كانت الجناية توجب القصاص فاقتص استوفي و إن عفي على مال أو كانت الجناية خطاء تعلّق المال برقبة العبد و يتخير المولى بين تسليمه للبيع و بين أن يفديه من ماله فإن اختار المولى بيعه فزادت القيمة على الأرش كان الزائد للمولى و لا رجوع عليه في النقصان و لو اختار الفداء جاز قال الشيخ بأقل الأمرين من قيمته و أرش الجناية و روي جميع الأرش أو يسلم تسليم العبد و بيع الجاني خطأ دلالة على اختيار أداء الأرش أو القيمة عنه و يزول الحق عن رقبة العبد قال الشيخ ينبغي أن تقول فيما يوجب الأرش أن بيعه إياه بعد ذلك دلالة على التزام المال في ذمّته و يلزم أقل الأمرين من الأرش و قيمة العبد فإن كان السّيد موسر ألزم بها قلناه و لا خيار للمشتري هنا و لو كان معسرا قيمته و انتزعت رجع المشتري بالثمن أيضا و إن لم يستوعب رجع بقدر الأرش و لو علم المشتري بتعلق الحق برقبة العبد لم يرجع بشيء و لو اختار المشتري أن يفديه جاز و يرجع به على البائع مع الإذن و إلا فلا و لو كانت الجناية عمدا فاختار ولي الدم المال فإن رضي المالك أو المشتري بذلك فالحكم كما تقدم و إن قتله قبل القبض بطل البيع و كذا لو كان بعده [- يط -] العبد الجاني إذا كان مرهونا بيع في الجناية تقدم الرهن أو تأخر و لو قطع العبد يد غيره عمدا بيع و قطعت يده عند المشتري كان له الرد أو الأرش و لو كان المشتري عالما قبل العقد فلا شيء له و لم يسقط الرّد لوجوب القطع في ملك البائع [- ك -] يصحّ بيع العبد المرتد عن غير نظرة و يتخير المشتري مع عدم العلم و لو كان عن فطرة فالوجه عدم صحّة بيعه على إشكال و كذا كل من وجب قتله كالعبد في المحاربة إذا لم يتب قبل القدرة عليه و لو تاب قبلها صحّ بيعه [- كا -] القدرة على تسليم المبيع شرط في صحّته فلو باع الآبق منفردا لم يصح سواء علم مكانه أو لا و لو كان المشتري بحيث يقدر عليه قال السّيد المرتضى رحمه اللّٰه يجوز بيعه منفردا و كذا لو حصل في يد إنسان فإنه يجوز بيعه عليه و قال ابن الجنيد يجوز بيعه على التقدير الأوّل و يضمنه البائع و كذا الجمل الشارد و الطائر قبل صيده و السّمك في الأجمة و لو ضمّ إلى هذه غيرها صحّ بيعه و لو باع ما يمكن تسليمه في ثاني الحال لا فيه فالوجه جوازه و يتخير المشتري [- كب -] يشترط في صحّة البيع علم المتعاقدين بالعوضين و مع جهل أحدهما يبطل و قال ابن الجنيد لو كان الثمن مجهولا لأحدهما جاز كان يقول يعني كر طعام بسعر ما بعت و لو جهلا معالم يجز و الوجه ما قلناه و كذا يبطل لو باعه بحكم أحدهما أو بحكم ثالث من غير تعيين الثمن

المقصد الثّالث في الخيار
اشارة

و فصوله اثنان

الأول في أقسامه
اشارة

و هي ستّة

الأول خيار المجلس

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] إذا تبايعا ثبت لكلّ منهما خيار الفسخ ما داما في المجلس و هو يثبت في كلّ مبيع و يبطل لو تفرقا بالأبدان و لو كان بأدنى انتقال سواء كان في الصّحراء أو في المنازل و كذا يبطل بالتصرّف و بالتخاير قبل العقد بأن يقول بعتك و لا خيار بيننا و يقبل الآخر أو بعده بأن يقول كلّ منهما بعد العقد اخترت إمضاء العقد و ما أشبه ذلك [- ب -] لو قال أحدهما لصاحبه اختر و لم يقل الآخر شيئا لم يبطل محيازا الساكت و لا القائل [- ج -] لو كان المشتري هو البائع بأن يبيع عن ولده لنفسه أو بالعكس قيل لا خيار عملا بالأصل السالم عن معاوضة النّص لوروده بصيغة التثنية مقرونة بالافتراق و شرطهما الكثرة و قيل لا يسقط و يعتبر مفارقة مجلس العقد و عندي في ذلك نظر [- د -] لو تفرقا بعد العقد سقط خيارهما سواء قصدا ذلك أو لا علماه أو جهلاه و كذا لو هرب أحدهما من صاحبه و لا يقف لزوم العقد على رضاهما في التّفرق و يجوز لكلّ واحد منهما بعد العقد مفارقة مجلسه ليبطل الخيارين و ليس

ص: 165

بمحرم [- ه -] لو أقاما في المجلس و ضرب بينهما ساتر أو بني حائط أو ناما لم يسقط خيارهما و لو قاما معا مصطحبين و لم يتفرقا فالوجه بقاء الخيار و إن طالت المدّة [- و -] لو أكرها على التفرق فإن منعا من التخاير لم يسقط خيارهما و يثبت لهما الخيار في مجلس زوال الإكراه ما لم يتفرّقا عنه و لو لم يمنعا من التخاير سقط و لو أكره أحدهما لم يسقط خياره و خيار الآخر باق ما دام في المجلس فإن فارقه بطل الخياران و كذا لو زال الإكراه عن الآخر و فارق مجلس زوال الإكراه و لم يختر أو أكره على التفرق دون التخاير [- ن -] لو أوجبه أحدهما و رضي الآخر سقط خيارهما و لو التزم به أحدهما خاصة سقط خياره و بقي خيار صاحبه و لو خرس أحدهما قامت إشارته مقام لفظه و لو لم يفهم أو جنّ أو أغمي عليه قام وليه مقامه فلو زال عذره لم يعترض على الولي فيما فعله [- ح -] لو مات أحدهما ينتقل الخيار إلى ورثته فإن فارق الحي مكانه بطل الخياران معا و كذا إن أخذ الميّت و لو تصرف المشتري ببيع أو هبة أو عتق أو غير ذلك كان إبطالا لخياره و كذا البائع لو تصرّف كان دلالة على الفسخ و لو تصرف أحدهما و رضي الآخر بطل خيارهما معا [- ط -] البيع يلزم بعد التفرق ما لم يوجد ما يقتضي جواز الفسخ بأن يكون حيوانا و يشترطا مدّة أو يجد به عيبا أو تدليسا أو يجده بخلاف الصّفة أو يظهر الخيانة في المرابحة و لو ألحقا في العقد خيارا بعد لزومه لم يلحقه

الثاني خيار الحيوان

و فيه بحثان [- ا -] أجمع العلماء على أنّ للمشتري الخيار في الحيوان إلى ثلاثة أيام فإن خرجت و لم يختر وجب البيع و له الفسخ في الثلاثة سواء شرطاه في العقد أو لا و لو شرطا سقوطه أو أسقطه المشتري بعد العقد أو تصرف فيه إما تصرّفا لازما كالبيع و العتق أو غير لازم كالهبة و الوصيّة سقط [- ب -] الخيار هنا للمشتري خاصة و قال المرتضى يثبت للبائع أيضا إلى ثلاثة أيام كالمشتري و المعتمد الأوّل

الثالث خيار الشرط

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] يجوز اشتراط الخيار في العقد لكلّ واحد من المتعاقدين إلى أي مدّة كانت إذا كانت مضبوطة سواء زادت على ثلاثة أيّام أو لا و سواء كان بقدر الحاجة أو لا [- ب -] يجب أن يكون المدة المذكورة مضبوطة كالسنة و الشهر و اليوم و لا يجوز اشتراط ما يحتمل الزّيادة و النقصان كقدوم الحاج و إدراك الغلات و هبوب الرياح و نزول المطر و الحصاد و الجذاذ فإن شرطا ذلك بطل العقد سواء أسقطا الشرط قبل مضيّ الثلاث أو حذفا الزائد عليها و لو شرطا الخيار أبدا أو ما بقيا أو ما شاء أبطل العقد [- ج -] لو باعه بشرط أن الخيار لهما أو لأحدهما و أطلقاه أو لم يعيناه و لا قرناه بمدة معلومة و لا مجهولة بطل العقد قاله الشيخ رحمه اللّٰه و هو جيد و قال المرتضى رحمه اللّٰه يثبت الخيار ما بينه و بين ثلاثة أيام ثم لا خيار بعد ذلك و احتجّ بأن خيار المعهود متقدر بالثلاثة و مع الإطلاق ينصرف إلى المعهود و هو جيد إن أراد الشرط في الحيوان و إلا فلا [- د -] لو شرطاه إلى العطاء و أراد وقته فإن كان معلوما صح و يبطل لو كان مجهولا أو أراد الفعل [- ه -] لو شرطا الخيار يثبت يوما و لا يثبت يوما احتمل الصّحة في اليوم الأول و البطلان فيما عداه و بطلان العقد و صحّته مع الشرط بحسبه و هو أقرب الاحتمالات [- و -] إذا بطل الشرط بطل العقد المقترن به [- ن -] يجوز جعل الخيار لهما و لثالث و لهما أو لأحدهما معه سواء تعدّد الثالث أو اتحد و أن يشترط لأحدهما مدة و للآخر دونها و لو اشترى شيئين و جعل الخيار في أحدهما معيّنا صحّ البيع فإن فسخ فيما شرط صحّ و رجع بقسطه من الثمن و إن آبهم بطل العقد فيهما [- ح -] إذا جعل الخيار لنفسه و للأجنبي معا تخير كل منهما في الفسخ و الإمضاء و لو جعل الخيار للأجنبي دونه صحّ أيضا و يكون بمنزلة الوكيل و لا خيار هنا لمن جعل الخيار للأجنبي و لو كان المبيع عبدا فجعل الخيار له فالوجه الصّحة و لو كان البائع وكيلا فشرط الخيار لنفسه أو للمالك أو لهما صح و لو شرطه لأجنبيّ و كان وكيلا في التوكيل أو عاما صحّ و إلاّ فلا [- ط -] لو شرطا المؤامرة صحّ إن قرناها مدة معيّنة و له الفسخ قبل الاستيمار [- ى -] يجوز اشتراط مدّة معلومة يرد البائع فيها الثمن و يرتجع المبيع و النماء في مدة الخيار للمشتري و لو جاء ببعض الثمن في المدّة لم يجب القبول و لم ينفسخ البيع إلا أن يشترط الإتيان بذلك البعض ثم إن كانت المدة ظرفا للأداء و الاسترجاع كان له الفسخ متى جاء بالثمن في أثنائها و يجب على المشتري قبضه و لو جعلها غاية لم يجب قبضه إلا بعد مضيّها و لو جعل البائع الخيار لنفسه مدّة معلومة كان له الفسخ في جميع المدّة و إن لم يحضر الثمن و لا بعضه بخلاف الصّورة الأولى

الرابع خيار الغبن

و يثبت للمغبون خيار الفسخ سواء كان بائعا أو مشتريا و إنما يثبت مع الغبن الفاحش وقت البيع و جهالة المغبون و إن استندت جهالته إلى عجلته فلو كان عالما بالقيمة لم يثبت له خيار و إن قل العوض و لا حدّ للغبن بل يرجع إلى العادة فما يقع التغابن له حال المعاملة لا يثبت به خيار و ما لا يتغابن به يوجب الخيار و ليس الثلاث شرطا و لا يسقط الخيار بالتصرّف مع إمكان الرّد و لو نقله ببيع و شبهه بطل خياره و كذا لو استولد الأمة و لا يثبت بهذا الغبن أرش بل يتخير بين الرّد و الإمساك بجميع الثمن و مع

ص: 166

امتناع الرد يلزمه الثمن أجمع

الخامس خيار التأخير

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] من باع شيئا معيّنا بثمن معلوم و لم يشترطا تأخير الثمن و لم يقبض البائع الثمن و لا المشتري السّلعة لزم البيع ثلاثة أيام فإن جاء المشتري بالثمن في الثلاثة كان أحق بالمبيع و إن خرجت المدة تخير البائع بين الفسخ و الإمضاء و لو كان الثمن مؤجلا سقط خياره و إن خرج الأجل و لم يقبض الثمن و كذا لا خيار للبائع لو كان في البيع خيار لأحدهما و لو قبض المشتري المتاع و أودعه البائع فلا خيار و كذا لو مكّنه من المتاع أو قبض الثمن و أودعه المشتري و لو قبض بعض المتاع لو قبض البائع بعض الثمن فالخيار باق [- ب -] لو هلك المبيع قبل القبض فهو من مال البائع سواء هلك في الثلاثة أو بعدها و قال المفيد و المرتضى رحمهما اللّٰه التلف في الثلاثة من المشتري و لو هلك بعد القبض و الإيداع فهو من مال المشتري قبل الثلاثة و بعدها إجماعا [- ج -] لو كان المتاع مما يسرع إليه الفساد كالخضر و غيرها من البقول و شبهها كان الخيار يوما إلى الليل إن جاء المشتري بالثمن فيه لزم البيع و إلا تخير البائع على ما قلنا من الشروط

السادس خيار الرؤية

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] إذا باع شيئا معيّنا غير مشاهد وجب وصفه بما يرفع الجهالة و يسمى بيع خيار الرؤية و هو بيع صحيح ثم إن وجده على الصفة لزم البيع و لا خيار و إن لم يجده على الصفة تخير بين الفسخ و الإمضاء و لو اختلفا في اختلاف الصّفة فالقول قول المشتري [- ب -] لو دفع العين فوجدت فوق الصفة فلا خيار و لو وجدها دونه تخير و ليس له المطالبة بالعوض و لو اختار الإمساك لم يكن له المطالبة بالأرش [- ج -] لو ادعى المشتري زيادة وصف على ما ذكره البائع فالقول قول البائع بخلاف ما لو ادعى أن الوصف ضدّ الموجود [- د -] لو وجد البعض بخلاف الوصف تخير في المبيع كلّه [- ه -] لو أخل بذكر الوصف الرافع للجهالة مع عدم المشاهدة بطل البيع و إن كان المبيع معينا بخلاف النكاح [- و -] يشترط في بيع خيار الرؤية أمران ذكر الجنس و الوصف فلو أخل بأحدهما بطل و لو باع المشاهد وجب رؤية كل ما هو مقصود بالبيع و لو شاهد بعضها و وصف له الباقي صحّ و تخيّر مع عدم المطابقة و لو نسج بعض الثوب و باعه على أن ينسج الباقي و يدفعه بطل العقد [- ز -] الأقرب أن خيار الرؤية على الفور و يثبت قبل الرؤية إن كان على غير الوصف لا مطلقا و لو اختار إمضاء العقد قبل العقد ففي عدم اللّزوم إشكال و كذا لو تبايعا على أنه لا يثبت الخيار للمشتري [- ح -] يثبت الخيار لمن لم يشاهده سواء كان البائع أو المشتري و لو لم يكونا رأياه ثبت لهما معا الخيار و يثبت مع الزيادة في الوصف للبائع و مع النقصان و لو شرط البائع خيار الرؤية لنفسه فلو لم يكن قد رآه صحّ الشرط و إن كان قد رآه فلا وجه للشرط [- ط -] إذا شاهد المبيع ثم عقدا بعد مدة فإن لم يتطرّق التغير إليه صح البيع و إن كان غائبا فإن وجداه كما كان لزم البيع و إن تغير إلى الزيادة تخير البائع و إلى النقصان تخير المشتري و لو اختلفا في التّغير فالقول قول المشتري و إن باعه بعد مدة يعلم تلفه فيها بطل إجماعا و لو تساوى الأمران صحّ البيع فإن وجد على الوصف لزم و إلا ثبت الخيار [- ى -] يصحّ بيع الموصوف مع التعيين مثل بعتك عبدي التركي و وصفه و يثبت للمشتري الخيار مع خلاف الوصف و ليس له المطالبة بالعوض على ما قلنا و كذا لو تلف قبل قبضه بل يبطل البيع و مع عدمه مثل بعتك عبدا تركيا و يصفه من غير إشارة إلى عين معهودة و لو وجده على الوصف وجب قبضه و إلا طالبه بالبدل و يجوز التفرق قبل القبض و لا يجوز العقد في هذا على ما يتعذّر وجوده و لو قرنه بالمدة كان سلما [- يا -] لا يجوز بيع عين بصفة مضمونة كأن يقول بعتك هذا الثوب على أن طوله كذا و عرضه كذا و غيره من الصفات على أنّه إن لم يكن كذا فعليّ بدله على هذه الصفات [- يب -] يجوز أن يبيع شيئا و يشترط أن يسلّمه إليه بعد شهر أو أكثر و يجوز بيع العين الحاضرة و بالدّين بلا خلاف

الفصل الثاني في محلّه و أحكامه

و فيه [- لط -] بحثا [- ا -] بيع العين المشاهدة يدخله خيار المجلس و الشرط و إن كان حيوانا دخله خيار الرؤية و الشرط و إن كان صرفا دخله خيار المجلس قال الشيخ و لا يدخله خيار الشرط إجماعا و عندي فيه نظر و إن كان سلما دخله خيار المجلس و الشرط [- ب -] الرّهن لا يدخله خيار الشرط للمرتهن و في الراهن إشكال [- ج -] الصلح إن كان أبرأه كأن يقول لي ألف أبرأتك عن النصف و ارفع الباقي فلا خيار فيه و إن كان معاوضة لم يدخله خيار المجلس و الوجه عندي دخول خيار الشرط فيه [- د -] الهبة لا يدخلها خيار المجلس و الأقرب دخول خيار الشرط و كذا الضمان [- و -] الشفعة لا يدخلها الخيار [- ز -] المساقاة لا يدخلها خيار الشرط [- ح -] الإجارة لا يدخلها خيار الشرط دون خيار المجلس سواء كانت معيّنة أو مطلقة [- ط -] الوقف لا يدخله الخياران معا و كذا النكاح و الصدق يدخله خيار الشرط دون المجلس [- ى -] الطّلاق لا يدخله الخياران و كذا العتق و الخلع [- يا -] السّبق و الرماية لا يدخله خيار المجلس و يدخله خيار الشرط [- يب -] الكتابة المشروطة ليس للمولى فيها خيار المجلس و له خيار الشرط و للعيد الخياران و المطلقة لا خيار فيها لهما [- يج -] العقود

ص: 167

الجائزة كالشركة و المضاربة لا يدخلها الخياران معا فظهر أن خيار المجلس لا يدخل في شيء من العقود سوى البيع و خيار الشرط يثبت في كل عقد سوى النكاح و الوقف و الإبراء و الطّلاق و العتق [- يد -] خيار المجلس يبطل بالتفرّق و التخاير و التصرف و خيار الشرط بالتّصرف و لو مات صاحب الخيار ينقل إلى الوارث من أي أنواع الخيار كان سواء طالب بالفسخ قبل موته أو لا و لو جن قام وليّه مقامه و ليس له الاعتراض بعد زوال الغدر فيما فعل الولي و لو كان صاحب الخيار مملوكا فمات فالخيار للمولى سواء كان الشراء للعبد أو لأجنبي و شرط الخيار له على إشكال و لو جعل الخيار لأجنبيّ فمات فالوجه عدم سقوط الخيار بل ينقل إلى الوارث لا إلى المتعاقدين [- يه -] إذا تلف المبيع قبل القبض فهو من مال البائع و إن كان في مدّة الخيار و لو أتلفه المشتري فهو من ضمانه و يبطل خياره و الأقرب عدم بطلان خيار البائع و لو تلف بعد القبض و انقضاء الخيار فمن المشتري و إن كان في مدّة الخيار و فسخا البيع أو أحدهما سقط الثمن و وجبت القيمة على المشتري و إن اختار الإمضاء أو سكتا حتى مضت مدّة الخيار وجب الثمن [- يو -] لو تصرف المشتري في مدّة خياره تصرّفا يختصّ الملك كالعتق و الوطء و الوقف و الركوب و السكنى بطل خياره و كذا لو عرضه للبيع أو باعه بيعا فاسدا أو عرضه للرّهن أو وهبه فلم يقبل الموهوب أو استخدمه و لو ركب الدابة لينظر سيرها أو طحنها ليعرف قدره أو حلب الشاة ليعلم مقداره فقد قيل لا يبطل خياره و لو قبلت الجارية المشتري قال الشافعي لا يبطل خياره و الوجه بطلانه مع الرضا [- ين -] لا يبطل خيار البائع ببطلان خيار المشتري و لو تصرّف بما يفتقر إلى المملك كان فسخا [- يح -] لو أعتقه المشتري بطل خياره و الوجه عدم بطلان خيار البائع [- يط -] هل للمشتري وطء الجارية في مدّة الخيار المشترك أو خيار البائع الأقرب جوازه فلا مهر عليه و لا حدّ و ينعقد الولد حرا بغير قيمة قال الشيخ و لو فسخ البائع لزمه قيمة الولد و لو لم يكن ولد لزمه عشر قيمتها إن كانت بكرا أو نصف العشر و لا يبطل خيار البائع بوطء المشتري مع علمه و بدونه إلا مع رضاه و الوجه عندي أن البائع إذا فسخ رجع بالقيمة و لا يرجع بقيمة الولد و لا عقر عليه أما وطء البائع فالتحريم فيه قويّ إلا بعد الفسخ و معه ينفسخ العقد و لا حد عليه و إن علم بالتحريم و يحصل الفسخ بأوّل جزء من الوطء فيقع تمامه في الملك فلا حدّ و لا مهر و ينعقد الولد حرّا و لا قيمة له و الأمة أمّ ولد [- كا -] المبيع ينتقل بالعقد و للشيخ قول بانتقاله به و بانقضاء الخيار سواء كان لهما أو لأحدهما أيّهما كان [- كا -] النماء المتّصل المتجدّد تابع للمبيع إن فسخ تبعه و المنفصل للمشتري سواء أمضيا العقد أو فسخا [- كب -] إذا تلف المبيع في زمن الخيار قبل القبض انفسخ البيع و كان من ضمان البائع و إن كان بعد القبض و الخيار للبائع فالتلف من المشتري و لو كان بتفريط فالضمان على المفرط و يجب على المشتري فطرته في الخيار مع الشرائط [- كج -] لو اشترى أمّة حاملا فولدت عنده في مدّة الخيار ثم ردّها لزمه رد الولد أيضا [- كد -] تصرف أحد المتبايعين في مدة الخيار إما بنقل العين كالبيع أو بإشغالها كالإجارة و الرّهن و التزويج مبطل للخيار و الوجه صحّة تصرّفه سواء كان البائع أو المشتري على إشكال و لو تصرّف المشتري بإذن البائع أو البائع بوكالة المشتري صحّ التصرّف و انقطع خيارهما و لو أعتقه المشتري نفذ العتق و كذا لو أعتقه البائع في خياره على إشكال و ينفسخ البيع قطعا و لو أعتقه ثانيا زال الإشكال و لو اشترى جارية بعبد ثم أعتقهما معا نفذ عتق الجارية خاصّة و لو قدم عتق الأمة صحّ و بطل خياره و يبطل عتق العبد و لو قدم عتق العبد انفسخ البيع و صحّ العتق على إشكال و بطل عتق الأمة [- كه -] لا يكره نقد الثمن و قبض المبيع في مدّة الخيار [- لو -] ابتداء مدة خيار الشرط من حين العقد و قال الشيخ من حين التفرق و لو شرطاه من حين التفرّق بطل [- كز -] إذا شرطا الخيار إلى مدة لم يدخل تلك الغاية بكمالها فلو باعه بخيار إلى الليل لم يدخل الليل و لو شرطا إلى طلوع الشمس أو غروبها صحّ و لو شرطا إلى طلوعها من تحت السّحاب أو غروبها عنه بطل و لو شرط المؤامرة بأن يبيعه بشرط أن يستأمر فلانا أو يستشيره لذلك لم يكن له الرد حتى يستأمره قال الشيخ و ليس للاستيمار حد إلا أن يشترط مدّة معينة و يقوى عندي وجوب التعيين [- كح -] لصاحب الخيار الفسخ و إن كان غريمه غائبا و كذا فسخ المعيب و لو انقضت المدة و لم يفسخ أحدهما لزم العقد و بطل الخيار [- كط -] إذا قال أحد المتعاقدين لا خلابة جاز و له الخيار إن غبنه صاحبه و إلا فلا سواء خدعه أو لا و لو شرط الخيار في العقد حيلة على الانتفاع بالعرض ليأخذ غلته في مدة انتفاع المقترض بالثمن ثم يردّ بالخيار عند رد الثمن جاز و حلّ لآخذ الثمن الانتفاع به في مدّة الخيار [- ل -] إذا قال بعتك على أن تنقد لي الثمن بعد شهر و إلا فلا بيع بيننا صح البيع و لو باعه على أن يسلمه المبيع بعد شهر صحّ أيضا [- لا -] البيع منضما إلى شرط سائغ جائز ما لم يوجب تجهيل أحد العوضين فلو باعه جارية يشترط أن يطأها المشتري صح البيع [- لب -] لو باعه عبدين و شرط مدة الخيار في أحدهما معيّنا صحّ و إن آبهم بطل و

ص: 168

لكلّ منهما قسط من الثمن سواء عينه بأن يقول ثمن هذا ألف و الآخر الباقي أو لا [- لج -] إذا هلك المبيع في مدة الخيار بعد القبض لم ينقطع الخيار [- لد -] إذا اشترى اثنان بشرط أن الخيار لهما ثم أجاز أحدهما فالوجه جواز فسخ الآخر بخلاف ما لو ظهر معيبا و اختلفا [- له -] القول قول منكر الخيار و منكر الزيادة و مدعي التعيين إلا عند من جوّز تجهيله [- لو -] لا يقوم رؤية الوكيل في خيار الرؤية مقام رؤيته و لا يبطل خياره إذا لم يوكله في التزام البيع [- لز -] إذا جنى البائع في خيار المشتري لم يبطل خياره و إن كان مقبوضا [- لح -] إذا شرط الوكيل الخيار لموكّله صحّ و إن شرط لأجنبي لم يصحّ و الإطلاق ليس بجيّد بل إن كان وكيلا مطلقا صح و إلا فلا و لو شرط أحد المتعاقدين خيارا أزيد صح فإذا انقضت مدّة إلا قصر لزم من جهته دون الآخر

المقصد الرابع في الرّبا
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في ماهيته و تحريمه

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] الربا الزيادة لغة و في الشرع بيع أحد المتساويين جنسا بالآخر مع التفاضل قدرا مع شرائط تأتي و هو حرام بالنّص و الإجماع قال تعالى وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ وَ حَرَّمَ اَلرِّبٰا - اِتَّقُوا اَللّٰهَ وَ ذَرُوا مٰا بَقِيَ مِنَ اَلرِّبٰا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ - لاٰ تَأْكُلُوا اَلرِّبَوا أَضْعٰافاً مُضٰاعَفَةً و قال النبي عليه السّلام اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول اللّٰه ما هي قال الشرك باللّٰه و السحر و قتل النفس التي حرّم اللّٰه إلا بالحقّ و أكل الربا و أكل مال اليتيم و التولي يوم الزّحف و قذف المحصنات الغافلات المؤمنات و لعن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله الربا و آكله و بائعه و مشتريه و كاتبه و شاهدته و قال الصّادق عليه السّلام درهم ربا أشدّ من سبعين زينة كلها بذات محرم [- ب -] الربا ضربان ربوا الفضل كبيع درهم بدرهمين نقدا و ربوا النسيئة كبيع قفيز حنطة بقفيزين منها نسيئة و هو حرام بنوعيه إجماعا [- ج -] يثبت الربا بشرطين الكيل و الوزن و في العدد خلاف و اتفاق الثمن و المثمن في الجنس و لا يجزئ ربا الفضل إلا في الجنس الواحد و إنما يثبت الربا بالنّص و لم ينص الشّارع على العلّة فيه عندنا

الفصل الثاني في الجنس

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] كل شيئين تناولهما لفظ واحد فهما متحدان كالحنطة بمثلها و الأرز بمثله فإن كان مكيلا أو موزونا جاز بيع المتجانس وزنا بوزن نقدا و لا يجوز مع زيادة و لا أسلاف أحدهما في الآخر و لا يشترط التقابض إلا في الصرف و لو اختلفا جاز التفاضل نقدا إجماعا و في النسيئة خلاف [- ب -] قال الشيخ الحنطة و الشعير جنس واحد و قال ابن عقيل و باقي علمائنا إنهما جنسان و الأوّل أقرب [- ج -] التمور كلها جنس واحد و إن اختلف أصنافه كالبرني و المعقلي و غيرها من الأدقال و الأنواع إجماعا و كذا الرطب كله جنس واحد و هو مع التمر جنس واحد فلا يجوز بيع التمر البرني بالمعقلي و غيره من الأصناف متفاضلا [- د -] العنب كله جنس واحد و إن اختلفت أصنافه و كذا الزّبيب [- ه -] اللجمان أجناس مختلفة فلحم الإبل جنس واحد عرابها و نجائبها و لحم البقر العراب و الجواميس جنس بانفراده و لحم المعز و الضأن جنس واحد فيجوز بيع لحم الإبل بلحم الغنم متفاضلا و الوحوش أصناف فلحم البقر الوحشي جنس بانفراده و كذا الظباء و الكباش جنسان يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا و الوحشي من كل جنس مخالف لأهلية فبقر الوحش مخالف للبقر الإنسي [- و -] الطيور أصناف و كل ما انفرد منها باسم وصفه فهو صنف فلحم الكراكي و لحم الحبارى و لحم الحجل و لحم الفواخت و لحم القماري و لحم الدّجاج و لحم القطا و لحم العصافير أجناس مختلفة يجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا و بجنسه متماثلا [- ن -] الحيتان كل ما اختصّ باسم و صفة فهو صنف مخالف للصنف الآخر و قوى الشيخ رحمه اللّٰه كون الحيتان جنسا واحدا و لا يدخل في اللحمان [- ح -] الشحم و اللحم جنسان يجوز التفاضل فيهما نقدا [- ط -] الألبان تتبع اختلاف ما تتخذ منه فلبن الغنم ضأنها و ماعزها جنس بانفراده و لبن البقر العراب و الجواميس جنس و لبن الإبل عرابها و بخاتيها جنس و بالجملة فاللبن تابع [- ى -] الخلول تابعة لأصولها فخلّ العنب جنس بانفراده و خل التمر جنس بانفراده يباع أحدهما بالآخر متفاضلا [- يا -] الأدهان أجناس مختلفة فدهن الشيرج جنس بانفراده و دهن الجوز جنس و دهن اللوز جنس بانفراده و أقسامه أربعة ما يتخذ للأكل كالزيت و الشيرج و للدواء كدهن الخروع و اللّوز المرّ و للطّيب كدهن البنفسج و الورد و لا للطّيب و لا الدواء كالبزر و دهن السمك و يجري الرّبا في جميع ذلك و يجوز بيع الشيرج بمثله متماثلا نقدا و بيع زيت الزّيتون بزيت الفجل متفاضلا [- يب -] كل شيء يتّبع أصله فلو كان شيئان من أصلين فهما جنسان كدبس التمر و دبس العنب و كل شيئين أصلهما واحد فهما جنس واحد و الذهب و الفضة جنسان [- يج -] الربا يجري في لحم الطير [- يد -] كل شيء مع أصله جنس واحد كدقيق الحنطة معها و السمن و اللبن لا يجوز التفاضل فيهما نقدا و لا نسية فيجوز بيع الحنطة بالدقيق متماثلا نقدا لا نسيئة و كذا يجوز بيع الحنطة بالخبز متماثلا نقدا لا نسيئة و التفاضل فيهما لا يجوز

ص: 169

نقدا و لا نسيئة و كذا ما يتخذ من الحنطة كالهريسة و شبهها و يجوز بيع بعض فروع الحنطة بعضها متماثلا نقدا لا نسية و لا يجوز التفاضل نقدا و لا نسيئة و لا يشترط تساويهما في النعومة و يجوز بيع الدقيق بالسويق متماثلا نقدا و لا يجوز نسيئة و لا متفاضلا مطلقا و يجوز بيع الخبز بمثله مع تساويهما في الأصل و لو اختلفا جاز التفاضل كخبز الحنطة بخبز الذرّة سواء كان أحدهما رطبا أو يابسا و يعتبر التساوي وزنا فيه و لا يجوز عددا و لا التفاضل فيه [- يه -] الجيد و الرّديء من كلّ جنس متساويان لا يجوز التفاضل بينهما نقدا و لا نسية فيباع الفضة المصوغة بالمكسرة مع تساويهما وزنا [- يو -] اختلف علماؤنا في بيع اللحم بالحيوان من جنسه مع العلم بقدر اللحم فالأقرب جوازه و منع الشيخ رحمه اللّٰه تعويلا على رواية ضعيفة السند قاصرة عن إفادة المطلوب و نص على جواز بيعه بغير جنسه [- ين -] لو باعه بحيوان غير مأكول اللحم جاز إجماعا و يجوز بيع المطبوخ بمثله و كذا المشوي و بالمطبوخ و بالعكس و لا يشترط في بيع اللحم بمثله نزع العظام [- يح -] العسل الشهد و هو الذي فيه الشمع يجوز بيعه بمثله متساويا و المصفّى بمثله متساويا سواء صفي بالشمس أو بالنار [- يط -] يجوز بيع الحيوان بالحيوان تساويا عددا أو اختلفا سواء كانا صحيحين أو كسيرين أو أحدهما [- ك -] الطين الذي يأكله الناس يحرم بيعه و أكله و الماء لا ربا فيه و العقاقير كالإهليلج و السقمونيا يثبت فيها الرّبا و كذا طين التداوي كالأرمني و شبهه

الفصل الثّالث في الكيل و الوزن

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يثبت الربا في كل مكيل أو موزون مع اتفاق الجنس و في المعدود قولان و الشيخ لم يثبت فيه الربا مع التفاضل عددا و أثبته المفيد و الأول أقوى [- ب -] كل ما كان جنسه مكيلا أو موزونا حرم فيه التفاضل و إن تعذّر فيه ذلك إما لقلته كالحبة من الحنطة و ما دون الأرزة من الذّهب أو لكثرته كالزبرة العظيمة و لا فرق في ذلك بين المكيل و الموزون [- ج -] المصنوع من الموزون إن خرج من الصنعة عن اعتبار الوزن جاز التفاضل فيه كالثوب بالثوبين و إلا فلا [- د -] إنما يحرم التفاضل في المكيل و الموزون مع اتحاد الجنس فلو اختلفا جاز متفاضلا نقدا و في النّسيئة للشيخ قولان و الأقرب عندي المنع و لو كان أحد العوضين ثمنا جاز إجماعا [- ه -] ما لا يدخله الكيل و لا الوزن يجوز التفاضل فيه نقدا مع اتحاد الجنس و في النسيئة للشيخ قولان أقربهما عندي الكراهية و الأفضل أن يذكر كل واحد منهما بثمنه [- و -] اختلف علماؤنا في بيع الرطب بالتمر متساويا نقدا مع اتفاقهم على المنع منه نسيئة و متفاضلا مطلقا فجوّزه بعض و منعه آخرون و هو الأقوى و هل تطرد العلة في كل رطب مع يابسه حتى لا يجوز بيع العنب بالزبيب و إن تساويا و كذا الحنطة المبلولة باليابسة و التين الرطب باليابس و اللبن بالجبن الأقرب عندي ذلك لقول الصادق عليه السّلام في الرواية الصّحيحة لا يصلح التمر اليابس بالرطب من أجل أن اليابس يابس و الرطب رطب فإذا يبس نقص أما الرّطب بالرّطب و العنب بالعنب فيجوز متماثلا قطعا و كذا الحديث بالعتيق [- ن -] يجوز بيع العصير بالبختج متساويا نقدا و لا يجوز نسيئة مطلقا و العصير ماء العنب الذي لم تمسّه النار و البنحتج ما مسّته النار [- ح -] لا يجوز بيع ما يكال أو يوزن جزافا تساويا في الجنس أو اختلفا و لا المكيل بالكيل وزنا مع تساويهما جنسا و لا الموزون كيلا و لو كان المعدود يتعذّر عدّه أو الموزون متعذر وزنه لكثرته جاز أن يكال فيه مكيال ثم يعد أو يوزن و يؤخذ الباقي بحسابه [- ط -] يجوز قيمة المكيل وزنا و بالعكس و جزافا فيهما و قيمة الثمار خرصا و قيمة ما لا يجوز بيع بعضه ببعض [- ى -] الاعتبار في الكيل و الوزن بعادة الشرع فما يثبت أنه مكيل أو موزون في عصره عليه السلام في الحجاز عمل عليه و لا التفات حينئذ إلى البلدان و لو جهل حاله بالحجاز فلكل بلد حكم نفسه إذا عرف حاله في زمنه عليه السلام و ما لم يعرف حاله أصلا رجع فيه إلى عادة البلد و لو اختلف البلد أن فلكل بلد حكم نفسه و قيل يغلب فيه التقدير و المكيل يباع بغير جنسه وزنا و لو بيع بجنسه فالأقرب جوازه إن علمت المساواة أو غلب على الظن و إلا فلا و الموزون لا يباع بالكيل إلا مع العجز عن وزنه و لو كان في حكم الجنس الواحد و أحدهما مكيل كالحنطة و الآخر موزون كالدقيق جاز بيع أحدهما بالآخر وزنا و في الكيل إشكال و الأحوط الوزن [- يا -] إنما يحرم التفاضل مع اتحاد الجنس فلو ضمّ مع النّاقص من غير الجنس و باعهما بالفاضل كما لو باع مدّ عجوة و درهما بمدّ و درهمين أو بدرهمين أو بمدّين أو بدرهم و مدّين أو بمدّين و درهمين و كذا يخلص من الرّبا بأن يبيع الناقصة بجنس آخر ثم يشتري الزيادة بذلك الجنس أو يهب الناقصة و يستوهب الزيادة أو يستوهب الزيادة و يتبايعا في المثلين و لو باع نوعين مختلفي القيمة من جنس بنوع واحد من ذلك الجنس كدينار صحيح و آخر مكسر بصحيحين أو مكسرين جاز مع التساوي وزنا و لا يشترط تساوي القيمة

ص: 170

و لو باع ما لا ربا فيه مع ما فيه الربا غير مقصود بذلك الجنس جاز كالدار المموّهة بالذهب به و لو اشترى عبدا له مال و اشترطه بجنسه و هو ربوي بطل إن ساواه الثمن أو قصر و لو اشترى شاة ذات لبن بلبن أو عليها صوف بصوف أو خالية من لبن بذات لبن جاز سواء كانت الشاة مذكاة أو حيّة [- يب -] إذا باع الرّبوي بجنسه و مع كلّ واحد منهما من غير الجنس مما ليس بمقصود فإن كان يسيرا كحبات الشعير في الحنطة لم يمنع تحريم التفاضل و إن كان كثير المصلحة المقصود كالماء في الخل فهذا لا يمنع من بيعه بمثله و بالخالي و إن كان لغير مصلحته كالماء المشوب باللبن و الأثمان المغشوشة ففي جواز بيع بعضها ببعض إشكال و الأقرب تحريم التفاضل مع بقاء الاسم و إلا فلا و لو باعه بجنس غير المقصود كما لو باع الدّينار المغشوش بالفضّة بالدراهم فإنّه يجوز إن كان الثمن أكثر و لو باع الدينار المغشوش بمثله و الغش فيهما متفاوت أو غير معلوم المقدار جاز و يجوز بيع مكوك من الحنطة بمكوك و في أحدهما عقد التبن أو شيلم

الفصل الرّابع في الأحكام

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] إذا باع الرّبوي بجنسه متماثلا أو بغيره متفاضلا لم يجب القبض قبل التفرق إلا في الصّرف فلو تفرّقا قبل التقابض في غيره لم يبطل البيع [- ب -] الربا يحرم بين المسلمين في دار الإسلام و دار الحرب [- ج -] يثبت الربا بين المسلم و الذّمي قاله الشيخ رحمه اللّٰه و قال المفيد و المرتضى و ابن بابويه رحمهم اللّٰه لا يثبت و أجمعنا على انتفائه بين المسلم و أهل الحرب [- د -] لا ربا بين الولد و والده لأن مال الولد في حكم مال الوالد و لا بين السّيد و عبده المختص و لا بين الرّجل و زوجته و لو كان العبد مشتركا يثبت الربا بينه و بين كل واحد من مواليه [- ه -] كل من قلنا بانتفاء الربا بينه و بين غير فإنّ لكلّ منهما أن يأخذ الفضل و يعطيه إلا أهل الحرب فإنا نأخذ الفضل و لا نعطيهم إياه [- و -] من فعل الربا متعمدا أثم و وجب عليه ردّه إلى صاحبه و لو لم يعرفه تصدّق به عنه و لو عرفه دون المقدار صالحه و لو جهلهما معا أخرج خمسه على مستحقّيه و حلّ الباقي و لو فعله جاهلا لم يأثم و يجب الاستغفار مع العلم و يجب عليه رد الربا إلى مالكه قاله ابن إدريس و منعه الشيخ رحمه اللّٰه لأحاديث صحيحة لكن قول ابن إدريس لا يخلو عن قوة

الفصل الخامس في الصرف

و فيه [- كه -] بحثا [- ا -] الصرف بيع الأثمان بعضها ببعض و هو جائز بالنّص و الإجماع و يشترط فيه التقابض في المجالس بلا خلاف فلو تفرقا قبله بطل و لو تقابضا البعض صحّ فيه خاصّة و لو فارقا المجلس مصطحبين و تقابضا قبل التفرق صح و لا يشترط التقابض في الحال فلو طال مقامهما في المجلس و اصطحبا بهما ثم تقابضا صحّ و لو وكل أحدهما في القبض فقبض الوكيل قبل تفرقهما صح سواء فارق الوكيل المجلس قبل القبض أو لا و لو افترقا قبل قبض الوكيل بطل [- ب -] لو تخايرا في المجلس فقال أحدهما لصاحبه اختر إمضاء البيع أو فسخه لم يبطل البيع [- ج -] لو اشترى دينارا بعشرة فدفع خمسة صحّ في نصف الدّينار و لو استعار الخمسة قرضا و دفعها عن باقي الثمن قبل التفرق صح و لو أعطاه أكثر من عشرة ليزن له حقه بعد وقت صحّ و إن تأخر الوزن و يكون الزائد أمانة يضمنه مع التفريط خاصة و لو أخذ منه دراهم و أعطاه دنانير و أكثر من قيمة الدراهم أو مثلها أو أخذ منه دنانير و أعطاه الدراهم مثل ماله أو أكثر من ذلك و ساعره كان جائزا و إن لم يوازنه و يناقده في الحال لأن ذلك في حكم الوزن و النقد و لو أعطاه أقل صح فيه خاصة و الأحوط أن يوازنه و يناقده في الحال أو يجدد العقد في حال الوزن و النقد [- د -] لو كان لإنسان على صيرفي دراهم أو دنانير فيقول له حول الدنانير إلى الدراهم أو الدراهم إلى الدنانير و ساعره جاز و إن لم يوازنه في الحال و لا يناقده لأن النقدين من عنده قاله الشيخ رحمه اللّٰه و قال ابن إدريس إن تفرقا قبل التقابض بطل و لو كان لإنسان على غيره دراهم جاز أن يأخذ بها دنانير و كذا العكس و لو تغيرت الأسعار كان له بسعر يوم قبض الدراهم دون يوم المحاسبة إذا لم يكن قد ساعره و لو كان له عنده دينار وديعة فصارفه و هو معلوم البقاء أو مظنونه صحّ الصّرف و لو ظنّ العدم بطل و لو شك فيه فالأقرب الصحّة إلا أن يعلم أنه كان تالفا و لو اشترى منه دراهم ثم ابتاع بها دنانير قبل قبض الدراهم لم يصحّ الثاني و لو افترقا بطل العقدان [- ه -] يحرم التفاضل في الجنس الواحد و إن انضم إلى أحدهما زيادة صنعة فلو اشترا خلخالا وزنه مائة و قيمته صنعته عشرة بأزيد من مائة بطل و يستوي في وجوب المساواة المصوغ و المكسور و الجيد و الرديء و التبر و المضروب و لو كان في الفضة غش لم يبع بالفضّة و كذا الذهب المغشوش لا يباع بالذّهب و لو كان الغش معلوما جاز بيعه بجنسه مع زيادة تقابل الغش و لو باع للمغشوش بوزنه خالصا لم استبعده [- و -] تراب معدن الذهب لا يباع بالذّهب و تراب معدن الفضّة لا يباع بها و جوهر الذهب و الفضّة يباع بهما معا أو بما يغايرهما و يجوز بيع الرصاص بالفضّة و الصّفر بالذّهب و إن كان فيهما فضّة أو ذهب [- ز -] لا يجوز بيع

ص: 171

تراب الصياغة فإن بيع ردّ إلى أرباب التراب فإن لم يعلموا تصدق به عنهم [- ح -] الدراهم المغشوشة إذا كانت معلومة الصرف جاز إخراجها و لو كانت مجهولة الصرف وجب الإعلام [- ط -] الأواني المصوغة من الجوهرين إن علم مقدار كل واحد جاز بيعه بجنسه مماثلا و بعيره مطلقا و إن لم يعلم و أمكن التخليص لم تبع بأحدهما و بيعت بهما أو بغيرهما و إن تعذرت بيعت بالأقلّ و لو تساويا تغليبا بيعت بهما [- ى -] السيوف المحلاّة و المراكب المحلاة إن علم مقدار الحلية بيعت بهما مع زيادة الثمن أو بغير الجنس مطلقا و إن لم يعلم و تعذّر نزعها بيعت بغير الجنس أو به مع غيره [- يا -] لو باعه درهما بدرهم و شرط عليه صياغة خاتم جاز و لا يتعدى الحكم و لو قال صغ لي خاتما وزنه درهم و أعطيك درهمين من غير بيع جاز [- يب -] الذّهب و الفضّة يتعينان أثمانا فلو اشترى ذهبا بذهب أو فضة بفضّة و كانا معينين ثم وجد أحدهما فيما قبضه عيبا بطل الصرف إن كان من غير الجنس و إلا تخير المشتري بين الإمساك و فسخ العقد و ليس له الإبدال و لو كان العيب في البعض و كان من غير الجنس بطل فيه خاصة و له رد الجميع و أخذ الجيّد بحصّته دون الإبدال و لو كان منه كان له رد الجميع و إمساكه و ليس له رد المعيب وحده و لا إبداله و لو أراد أخذ أرش المعيب فإن اتحد العوضان لم يجز و لو اختلفا فله الأرش في المجلس فلو فارقاه لم يجز أن يأخذ من الأثمان و يجوز من غيرها و يجوز الردّ و إن نقصت قيمة ما أخذه من النقد عن قيمته يوم الصّرف أو زادت و لو تلف العوض بعد القبض ثم علم العيب و كان التالف المعيب لم يكن له الفسخ و إن كان الباقي و فسخ البيع ردّه و أخذ قيمة التالف و على التقديرين لا أرش إن اتخذا أو فارقا المجلس [- يج -] لو عرفا وزن العوضين جاز البيع بغير وزن و كذا لو عرفه أحدهما و أخبر به الآخر فلو وجد ما أخذه ناقصا بعد التفرق بطل و لو كان زائدا و قال بعتك هذا الدّينار بهذا الدّينار بطل و إن قال بعتك دينارا بدينار صح و كان الزائد أمانة فإن أراد دفع عوضه مع رضا صاحبه جاز بجنسه و بغيره و لو أراد أحدهما الفسخ كان له ذلك [- يد -] لو تصارفا و كانا غير معنيين ثم تقابضا في المجلس صحّ الصرف و إن كانت العينان غائبتين يشرط قبضهما في المجلس فلو وجد القابض عيبا فله المطالبة بالبدل قبل التفرّق سواء كان العيب من جنسه أو من غيره و لو كان العيب من جنسه و رضيه جاز و لو طلب الأرش لم يجز مع اتحاد العوضية و يجوز مع عدمه و لو افترقا بعد القبض ثم وجد العيب من جنسه قال الشيخ له الإبدال و لو كان من غير الجنس بطل الصرف و لو كان البعض صحّ في السليم خاصّة و لو طلب أخذ المعيب الفسخ فعلى قول الشيخ ينبغي أنه ليس له مع الإبدال [- يه -] من شرط المصارفة في الذمة العلم بالعوضين إما بصفة يتميزان بها أو بأن يكون للبلد نقد غالب أو معلوم فيصرف إليه الإطلاق و لو قال بعتك دينارا مصريا بعشرين من نقد عشرة بدينار لم يصحّ إلا أن لا يكون في البلد نقد عشرة بدينار سوى واحد [- يو -] لو كان لرجل في ذمّة آخر ذهب و للآخر دراهم فاصطرفا بما في الذمم لم يصحّ و لو كان لرجل عليه دنانير فقضاه دراهم على التفريق فإن كان يعطيه كل درهم بحسابه من الدّينار صح و إلا فإن صارفه بها وقت المحاسبة لم يصح و لو تباريا صحّ و لو قبض أحدهما ماله ثم صارفه بما في ذمته صحّ و لو أعطاه لا على جهة القضاء فأحضرها و قوماها احتسب بقيمتها يوم القضاء لا يوم الدفع فلو بلغت أو نقصت حينئذ فهي من ضمان المالك و لو قبضها القابض بنية الاستيفاء فالوجه أنه يضمنها [- ين -] يجوز اقتضاء أحد النقدين من الآخر و يكون صرفا بعين و ذمّة فلو كان المقضي الذي في الذّمة مؤجلا جاز و كذا لو كان حالا و لو كان لرجل عشرة دراهم فدفع إليه دينارا و قال استوف حقّك منه فاستوفاه بعد يومين جاز و لو كان عليه دراهم فوكل غريمه في بيع داره و استيفاء حقّه منها فباعها بذهب لم يكن له أن يأخذ منها قدر حقّه و لو باع جارية بدنانير فأخذ بها دراهم ثم ردت الجارية بعيب أو إقالة لم يكن للمشتري إلا الدنانير [- يح -] لو قال لغيره اشتر دراهم بدنانير بشركتي و انقد عني الثمن فاشتراها و نقد عنه الثمن وجب عليه قضاء ما نقده عنه و يجوز أن يشتري أحدهما نصيب الآخر بزيادة أو نقصان [- يط -] لو كان له على غيره دراهم جاز أن يبيعه إيّاها بدنانير معيّنة و بالعكس و يقبضها قبل التفرق و كذا لو كانت غير معيّنة و قول ابن إدريس بالمنع ضعيف [- ك -] السيوف المحلاة أو المراكب المحلاة يجوز بيعها بجنس الحلية مع معرفة المقدار و زيادة الثمن على ما في الحلية نقدا و لا يجوز نسيئة فإن باعه نسيئة وجب أن ينقد بقدر ما في الحلية [- كا -] قال الشيخ لا يجوز أن يبيعه متاعا بدينار غير درهم لأن التقدير استثناء قيمة الدّرهم من الدّينار فيحصل الجهالة و الوجه الصّحة على تقدير معرفة قيمة الدّرهم من الدّينار أما لو كان الثمن مؤجلا فالوجه ما قاله الشيخ رحمه اللّٰه مطلقا و ابن الجنيد فصّل ذلك فجوّزه في الحاضر و منعه في النّسيئة و به دلّ الحديث

ص: 172

و هكذا كل ما اختلف فيه المستثنى من المستثنى منه [- كب -] إذا اقترض دراهم ثمّ سقطت لم يكن عليه إلا تلك الدراهم بعينها أو سعرها يوم اقترضها لا المتعامل بها وقت سقوط الأولى و رواية يونس عن الكاظم عليه السّلام ضعيفة السند [- كج -] يجوز أن يعطي عشرة دراهم أو دنانير و يشترط عليه أن ينقدها إياه بأرض أخرى مثلها في العدد أو الوزن من غير تفاضل قرضا لا بيعا و لو اقترض عددا و أعطاه وزنا أو بالعكس أو أعطاه أكثر في الوصف أو القدر من غير شرط جاز و يحرم لو شرط و يجوز إسقاط بعض المؤجل لتعجيل الباقي و لا يجوز لتأخير الحال بزيادة فيه و لو اشترى من غيره عشرين درهما بدينار فقال له رجل ولّني نصفها بنصف الثمن صح و لو قال له اشتر عشرين درهما نقرة بدينار لنفسك ثم ولّني نصفها بنصف الثمن لم يجز قال الشيخ و لو قال رجل لصائغ صغ لي خاتما من فضّة لأعطيك وزنه فضة و أجرتك للصياغة فعمل الصّائغ ذلك لم يصح فإذا صاغه و أراد أن يشتريه مستأنفا بغير جنسه كيف شاء أو بجنسه مثل وزنه جاز [- كد -] الحيل إذا توصّل بها إلى المباح مباحة كمن يقترض خمسة عشر مكسرة و يقرض عشرة صحاحا و يتبارءان أو يشتري المثل و يستوهب الزيادة أو يضم إلى النّاقص ما يقل قيمته من غير الجنس و لو توصل بها إلى المحرم كان حراما و تتم الحيلة كمن تحمل ولدها على الزنا بامرأة ليحرمها على أبيه [- كه -] لو باعه بنصف دينار كان له شق دينار و لا يلزمه صحيح إلا أن يريد نصف المثقال و لو اشترى شقا آخر منه بنصف دينار لزمه شق و لا يلزمه صحيح عنهما و لو شرط في الثّاني أن يعطيه صحيحا قال الشيخ إن كان الأوّل قد لزم صحّ و بطل الثاني و إن كان الخيار باقيا بطلا معا و الوجه عندي الصّحة فيهما على التقديرين

المقصد الخامس في أحكام العقود
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في النّقد و النّسيئة

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] إطلاق العقد أو اشتراط التعجيل يقتضي تعجيل الثمن و لو شرط التأخير كان نسيئة و يجب كون المدة مضبوطة من احتمال الزيادة و النقصان و لو لم يعيّن أجلا أو ذكره و كان محتملا لهما كقدوم الحاج و إدراك الغلات بطل البيع [- ب -] لو باعه بنقدين بأحدهما حالا و بأزيد مؤجلا قال الشيخ كان له أقل الثمنين في أبعد الأجلين و الوجه عندي البطلان و لو باعه بثمنين إلى أجلين بأن يقول بعتك بدينار إلى شهر و بدينارين إلى شهرين بطل قولا واحدا و لو قال إن خطته اليوم فلك درهم و إن خطته غدا فنصف احتمل الصحّة بخلاف البيع [- ج -] لو باعه بثمن مؤجل إلى سنة و منعه البائع حتى خرجت كان له أخذ الثمن و لا أجل له بعد سنة [- د -] من باع نسيئة جاز أن يشتريه منه نقدا بأقل مما باعه إذا لم يشترط ذلك في العقد و يجوز بيعه بمثل الثمن الذي وقع عليه العقد و أكثر حالا و مؤجلا إذا لم يشترط و لم يكن قد حلّ و لو حل فابتاعه بالجنس من غير زيادة جاز و كذلك بغيره مطلقا و في جوازه بالجنس مع زيادة أو نقيصة قولان أقربهما الجواز و لو تغيرت السّلعة عن حالة البيع كالهزال أو نسيان الصنعة أو تمزيق الثوب جاز شراؤه بما شاء إجماعا و لو اشتراها بعرض أو كان بيعها الأوّل بعرض فاشتراها بنقد جاز أيضا [- ه -] يجوز البيع نقدا و نسيئة معا و أن يكون ما يبيعه بالنسيئة أكثر ثمنا مما لو باعه نقدا إذا عرف المتبايعان القيمة من غير كراهية [- و -] العينة جائز و قال صاحب الصحاح هي السّلف و قال بعض الفقهاء هو أن يشتري السّلعة ثم إذا جاء الأجل باعها على بائعها بمثل الثمن أو أزيد [- ز -] لو باع سلعة بنقد ثم اشتراها بأكثر منه نسيئة لم يكن به بأس سواء تغيرت السّلعة أو لا [- ح -] لا يجب على من اشترى نسيئة دفع الثمن قبل الأجل و لو تبرع قبله لم يجب على البائع قبوله و لو حلّ فمكّنه منه وجب على البائع قبضه و لو امتنع ثم هلك من غير تفريط و لا تصرف من المشتري كان من مال البائع و كذا الحكم في طرف البائع و لو باع سلما و كذا كل من عليه حقّ حال أو مؤجل فحل ثم دفعه و امتنع صاحبه من أخذه فإن تلفه من صاحبه قاله الشيخ رحمه اللّٰه و قال ابن إدريس يرفع من عليه الحقّ أمره إلى الحاكم ليطالبه بالقبض أو الإبراء فإن لم يفعل تسلّمه الحاكم و جعله في بيت المال و ليس للحاكم إجباره على القبض أو الإبراء بل يأخذه و يحفظه مع الامتناع من أحد الأمرين [- ط -] كل شيء يمكن تحصيله وقت العقد صحّ بيعه نقدا و إن لم يكن عند البائع و إن لم يكن ممكن الحصول لم يجز بيعه حالا

الفصل الثّاني فيما يدخل في المبيع

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] من باع شيئا دخل فيه ما يتضمنه اسمه لغة أو عرفا فيدخل في البستان الأرض و الشجر و البنيان و لو باعه شجرا أو نخلا لم يدخل الأرض و إن افتقرت إليها إلا بالشرط [- ب -] إذا باعه أرضا فيها بناء و غرس فإن قال بحقوقها قال الشيخ يدخلان و عندي فيه نظر و لو قال و ما أغلق عليه بابها دخلا قطعا و لو لم يقل بحقوقها لم يدخلا و لو كان فيها زرع لم يدخل إلا أن يقول و ما أغلق عليه بابه أو يشترط لفظا فإن كان مما يحصل مرّة كالحنطة و الشعير من البارزة و الفجل و البصل من المستترة دخل في المبيع بالشرط سواء كان فصيلا أو

ص: 173

أو حصيدا أو قائما معلوما أو مجهولا و لو لم يشترطه كان للبائع و له التبقية بغير أجرة إلى حين الحصار و لو حصده قبل وقته ليزرعها غيره لم يملك الانتفاع بها و لو بقيت العروق لم يجب على البائع إزالتها إذا لم تضرّ بالأرض كالحنطة و لو كانت مضرّة بها كالقطن و الذّرة وجب إزالتها و عليه تسوية الأرض إذا نقل العروق و إن كان مما يحصد مرة بعد أخرى كالقت و النعناع فإن كان مجزوزا قال الشيخ يدخل الأصول و الأقرب عندي عدمه و لو لم يكن مجزورا فالجزة الأولى للبائع و الباقي للمشتري عند الشيخ و لو اشترطه دخل قطعا و لو كان ممّا يتكرّر ثمرته كالقثاء و الخيار لم يدخل [- ج -] لو باعه أرضا و فيها نذور و كان الأصل يبقى لحمل بعد حمل كالقتّ و الكراث مما يجز دفعة بعد أخرى قال الشيخ يكون للمشتري و كذا لو غرس و باع الأرض قبل أن يرسخ عروقه و الأقرب عندي عدم دخوله و إن كان مما يحصد واحدة كالحنطة لم يدخل و يتخير المشتري مع عدمه علمه بالبذر بين الرد و الأخذ بالجميع و لو نقله البائع في مدّة يسيرة فلا خيار و لو اشتراه مع الأرض فالوجه الصّحة و هو اختيار الشيخ لأن جهالة المبيع لا تؤثر في الصحة كاللّبن في الضّرع مع الشاة و أساسات الحيطان [- د -] لو اشترى نخلة فيها طلع فإن كانت مؤبّرة فهي للبائع و يتخير المشتري إن لم يعلم بالتأبير و لا خيار لو تركها البائع و لا يبطل الخيار بقطعها في الحال و إن لم تكن مؤبرة فهي للمشتري و لو اشترى أرضا فيها بذر للبائع أو شجرا فيه ثمر للبائع و ظن المشتري أن الزّرع أو الثمرة له فليس له الخيار و لو باعه نخلا يستحق ثمرته غير التابع سنة فما زاد كان للمشتري الرد أن جهله لا الأرش كما لو باعه دارا يستحق سكناها غير البائع [- ه -] لو باعه قرية دخلت البيوت دون المزارع إلا بالتنصيص أو بالقرينة كما لو ساومه عليها مع المزارع و اتفقا على ثمن ثم اشتراها به [- و -] لو باعه دارا بحقوقها تناول البيع الأرض و البناء و لو كان فيها نخل أو شجر و قال بحقوقها قال الشيخ يدخل و عندي فيه إشكال و يدخل من البنيان و الحيطان و السقوف و الدّرجة المعقودة و الأعلى و الأسفل إلا أن يستقل الأعلى أو الأسفل بالسكنى عادة فلا يدخل إلا بالشرط و يدخل في الدار ما هو متصل بها من مصالحها كالأبواب المنصوبة و الخوابي المدفونة و الرفوف المستمرة و الأوتاد المثبتة و الأغلاق في الأبواب المنصوبة و السّلم المثبت و بئر الماء و الآجر و الماء فيها قال الشيخ و يدخل فيهما الرحى المنصوبة و عندي فيه نظر و لا يدخل ما هو متصل بها مما ليس من مصالحها كالأحجار المدفونة و الكنوز المودعة و هل يدخل المفتاح الأقرب نعم و لو استثنى البائع نخلة كان له الممر إليها و الخروج منها و مدى جرائدها من الأرض [- ن -] لو باعه أرضا فيها حجارة فإن كانت مخلوقة فيها دخلت و لا يتخير المشتري إن لم يضرّ بالغرس و لا بالزرع أو علم بها و لو جهل مع ضرر أحدهما تخير بين الردّ و الإمساك قال الشيخ و لا أرش له و عندي فيه نظر و إن كانت مبنية كالأساسات و الدكة المبنية دخلت و إن كانت مودعة للنقل و التحويل لم يدخل و للبائع نقلها و للمشتري مطالبته به في الحال و عليه تسوية الأرض و ليس للمشتري أجرة عن زمان النقل و إن كان طويلا مع علمه و لو جهل الحجارة أو ضررها فهو عيب يثبت له الخيار إلا أن ينقلها البائع في زمان يسير من غير ضرر و كذا لو غصب المبيع من يد البائع فاستخلصه في الزمان اليسير و لو طال زمان النقل تخير المشتري بين الردّ و الأخذ بالثمن أجمع و لا أجرة له قال الشيخ و لو لم تضر كان للبائع نقلها أيضا و يتخير المشتري إن طال الزمان و لو تركها لم يتخير المشتري و لا ينقل ملكها إليه و لو كانت الأرض ذات شجر و كان ترك الحجارة و قلعها لا يضرّان فهي كالأرض البيضاء إذا كان فيها حجارة لا يضرّ بقاؤها الزرع و إن كان تركها يضر و قلعها لا يضر فكالبيضاء و إن كانا يضران فلا خيار للمشتري مع علمه و للبائع نقل الحجارة و للمشتري مطالبته به و لا أرش له و لا أرش له و لا أجرة و إن كان جاهلا بالحجارة أو الضرر تخير بين الردّ و لا بحث و بين الإمساك فللبائع نقلها و عليه التسوية و أما أرش النقص بقطع العروق قال الشيخ لا يجب قبل القبض و لا بعده و إن كان تركها لا يضر و أراد البائع قلعها تخير المشتري و لو علم المشتري بالحجارة بعد الغرس فلا خيار له لتصرّفه و لو كان الترك و القلع يضران فللبائع القلع و للمشتري المطالبة به و على البائع أرش النقص و إن كان قلعها يضرّ و و تركها لا يضرّ و رضي بتركها فلا خيار للمشتري و إن أراد قلعها كان ذلك له و له تسوية الأرض و أرش نقص الشجر [- ح -] إذا باع أرضا فيها معدن دخل في المبيع و لو لم يعلم به البائع تخير إن ملكها بالإحياء و إن ملكها بالبيع احتمل عدم الخيار لأن الحق لغيره و احتمل ثبوته كما لو اشترى معيبا ثم باعه و لم يعلم بعيبه فإنه يستحق الأرش [- ط -] لو اشترى أرضا فيها بئرا و عين مستنبطة دخلت في البيع و كذا يدخل الماء المحقون فيهما و كذا العيون الجارية في الأملاك يدخل في بيعها و المياه الجارية إذا كانت نابعة في

ص: 174

في غير ملك لم يملك إلا بالإحازة في الإناء و شبهه و لو دخلت إلى أرض رجل لم يملكها إلا أن يجعل لها مستقرا في أرضه كالحوض أو يحفر ساقية يأخذ فيها من ماء النهر و المصانع المتخذة لمياه الأمطار يجتمع فيها الوجه أنّه يملك ماؤها و يصحّ بيعه [- ى -] إذا باع نخلا مثمرا فإن اشترط المشتري الثمرة دخلت و إلا فإن كان قد أبّر لم يدخل و إن لم يكن قد أبّر دخلت و التأبير التلقيح و هو يحصل و لو تشققت من نفسها فأبرتها اللواقح و لو اشترط أحد المتبايعين الثمرة فهي له سواء كان البائع قبل التأبير أو المشتري بعده و كذا لو اشترط جزءا مشاعا كالثلث و شبهه [- يا -] للبائع ترك الثمرة المؤبرة إلى أوان الجذاذ و لا يجب تفريع النخل منها و يرجع فيه إلى ما جرت العادة به فيقطع ما يؤخذ بسرا وقت استحكام الحلاوة في بسره و إن كان إبقاؤه أجود و إن كان مما يخترف تمرا يترك إلى وقت اخترافه و إن كان عنبا أو فاكهة ترك حتّى يتناهى إدراكه و يقطع مثله و كذا لو اشترى الثمرة خاصّة وجب على البائع وضعها على نخلة إلى وقت إدراكها [- يب -] لو أبّر بعض البستان فالمؤبر للبائع و غيره للمشتري و لو أبر بعض ثمرة النخلة الواحدة دون بعض ففي تبعية ما لم يؤبّر للمؤبر نظر و لو اشتمل على نوعين أبّر أحدهما دون الآخر فالمؤبر للبائع و غيره للمشتري و لو أبّر بعض البستان فبيع غير المؤبّرة خاصّة فالثّمرة للمشتري و لو بيع المؤبر خاصة فالثمرة للبائع و لو باع أحدهما لشخص و الآخر لآخر فثمرة غير المؤبر لمشتريه و المؤبر للبائع [- يج -] الآبار يعتبر في إناث النخل دون فحولها فلو باع الفحل و قد اطلع فثمرته للبائع و كذا لا يعتبر التأبير في غير النخل بلا الثمرة للبائع إن ظهرت و إلا فللمشتري [- يد -] إنما يأخذ المشتري الثمرة غير المؤبرة لو انتقلت النخلة إليه بالبيع و لو كان بغيره من العقود لم يدخل بل كانت باقية على ملك الناقل فلو أصدق امرأة نخلا مثمرا فالثمرة للزوج سواء كانت مؤبّرة أو لا و سواء كان العقد عقد معاوضة كالنكاح و الصلح أو غير معاوضة كالهبة قال الشيخ يثبت في عقود المعاوضات حكم البيع [- يه -] لو باعه شجرة مثمرة فالثمرة للبائع مع وجودها سواء قصد نوره كالورد و الياسمين و إن لم ينفتح جنبذة فللشيخ قول بالدخول أو كان مما يظهر ثمرته بارزة كالعنب مع ظهورها أو كانت مستترة في قشر يبقى فيه كالرمان أو في قشرين كالجواز أو يظهر نوره ثم يتناثر فيظهر الثمرة كالتفاح بعد تفتحه و ظهور ثمرته أو لم يظهر على إشكال [- يو -] يدخل في الشجر الأغصان و الأوراق و سائر الأجزاء [- يز -] لو كانت الثمرة للبائع و احتاجت إلى السقي لم يكن للمشتري منعه و لو لم يحتج كان له و لو تضرّر الشجر مع حاجة الثمرة أو احتاج الشجر إلى السقي مع تضرّر الثمرة قيل أيهما طلب السقي لحاجته أجبر الآخر عليه و قيل يرجح مصلحة المشتري لكن لا يزيد عن قدر الحاجة و لو اختلفا فيه رجع إلى أهل الخبرة و كل من التمس السقي كان المئونة عليه و لو خيف على الشجرة بتبقية الثمرة عليها لعطش أو غيره فإن كان يسيرا لم يقطع و إن كان كثيرا فخيف على الأصول اليبس أو نقص حملها قيل لا يجبر لذلك و قيل يجبر على القطع [- يح -] لو كانت الثمرة للبائع فحدثت أخرى فإن تميّزتا فلكل ثمرته و إلا اشتركا و مع الجهل يصطلحان و لا يبطل العقد [- يط -] بيع العبد لا يتناول ما في يده و هل يدخل ما يستر عورته من الثياب التي عليه فيه نظر

الفصل الثالث في التّسليم

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المبيع و الثمن فإن امتنع أحدهما أجبر و إن امتنعا أجبرا معا من غير أولوية في تقديم الإجبار سواء كان دينا أو عينا و قال الشيخ رحمه اللّٰه يجبر البائع أولا ثم المشتري ثانيا فإن كان موسرا أجبر على التسليم و إن كان غائبا عن البلد احتفظ على السّلعة حسب فإن تأخّر فللبائع فسخ البيع و الصّبر و إن كان معسرا فللبائع الفسخ [- ب -] كل موضع حكمنا فيه بالفسخ فله ذلك بعير حكم حاكم و كل موضع قلنا يحجر عليه فذلك إلى الحاكم [- ج -] لو هرب المشتري قبل الوزن و كان معسرا فللبائع الفسخ في الحال و إن كان موسرا قضاه الحاكم من ماله و لو اشترطا تأخير أخذ العوضين وجب دفع الحال على الآخر و لو بذل بعض أحد العوضين أجبر على بذل الباقي [- د -] لو كان المبيع جارية لم يكن للبائع بعد قبض الثمن فالامتناع عن تسليمها لأجل الاستبراء سواء كانت حسنة أو قبيحة و ليس للمشتري مطالبة البائع بعد العقد بكفيل لئلا تظهر حاملا [- ه -] لو شرط البائع تأخير التسليم إلى مدّة معيّنة جاز و كذا لو شرط سكنى الدّار أو ركوب الدابة مدة معلومة صحّ [- و -] الأقرب عندي أن القبض الكيل أو الوزن في المكيل و الموزون و القبض باليد فيما ينقل و يحول و النقل في الحيوان و التخلية فيما لا ينقل و لا يحول و لو باع ثمرة على رءوس النخل فالقبض فيها التخلية لا النقل [- ز -] إذا هلك المبيع قبل القبض بطل البيع و وجب على البائع رد ما قبضه من الثمن سواء كان التلف من قبل اللّٰه تعالى أو من البائع فإن كان من قبل المشتري استقر الثمن في ذمته إن لم يكن البائع قبضه و إن كان قبضه لم يرجع به المشتري و إن كان من أجنبي قال في المبسوط يتخير المشتري بين فسخ البيع و الرجوع على البائع بالثمن و بين إمضائه

ص: 175

و إلزام الأجنبي بالقيمة و هو حسن و القول بجواز تضمين البائع القيمة مع مباشرة الإتلاف لا يخلو من قوة [- ح -] لو أحدث عيب في السّلعة قبل القبض أو التمكين منه تخير المشتري بين الرّد و الإمساك بجميع الثمن و هل له الإمساك مع الأرش للشيخ قولان أحدهما ليس له ذلك و اختاره ابن إدريس فلو تراضيا على الأرش جاز و لو قطع المشتري يده قبل القبض استقرّ البيع فإن تلف بعد ذلك في يد البائع قبل القبض انفسخ البيع و رجع البائع بأرش النقص فيقوم سليما و مقطوعا و يرجع بالنقصان بالنّسبة إلى الثمن لا القيمة [- ط -] لو باع شاة بشعير معيّن فأكلته قبل القبض فكلّ من كانت في يده من المتبايعين أو الأجنبي فالتلف بسببه و إن لم تكن في يد أحد بطل البيع و لو اشترى شاة أو شقصا بطعام فقبض الشاة و باعها أو أخذ الشقص بالشفعة ثم تلف الطّعام قبل القبض بطل البيع الأوّل دون الثاني و دون الأخذ بالشفعة و يرجع مشتري الطّعام على مشتري الشاة و الشقص بقيمة ذلك لتعذر ردّه و على الشفيع مثل الطّعام لأنه عوض الشقص و المبيع بضعة أو برؤية متقدّمة من ضمان البائع حتى يقبضه المشتري و لو طلبه فمنعه البائع ضمن قيمته حين العطب و لو حبسه ببقية الثمن فهو غاصب و لا يكون رهنا إلا أن يشترطه في نفس البيع [- ى -] النماء المتجدد قبل القبض للمشتري فلو تلف الأصل قبل القبض بطل البيع و سقط الثمن عن المشتري و لو تلف النماء ضمنه البائع مع التفريط لا بدونه و لو اختلط المبيع بغيره اختلاطا لا يمكن تمييزه فإن دفع البائع الجميع جاز و إلا تخير المشتري بين الفسخ و الشركة و قيل ينفسخ مطلقا [- يا -] لو تلف بعض المبيع قبل القبض و له قسط من الثمن كعبد من عبدين تخير المشتري بين الفسخ و أخذ الموجود بحصته من الثمن فما يتقسّط على القيمة كالعبدين قسط عليهما و ما يتقسّط على الأجزاء كالحبوب أمسكه بحصته قال الشيخ و الأولى أنه لا خيار للبائع و إن قلنا له الاختيار كان قويا و لو اختار إمساكه بكل الثمن فلا خيار للبائع قطعا و إن لم يكن للتالف قسط من الثمن كيد العبد إذا قطعت بعد البيع و قبل القبض تخير المشتري بين الرّد و الإمساك و هل له الأرش قولان تقدّما [- يب -] لو اشترى اثنان عبدا فأدى الحاضر نصيبه وجب على البائع تسليم حصّته إليه و لو دفع الجميع لم يكن له قبض حصّة الغائب فإن كان شريكه أذن في القضاء رجع إليه و إلا فلا [- يج -] يجب على البائع تسليم المبيع مفرغا فيجب نقل ما فيه من المتاع و الزّرع إذا أحصد و العروق المضمرة و الأحجار المدفونة و تسوية الأرض و لو احتيج إلى تغيير شيء فعل و أخرج و أصلح الفاسد و لو كان المبيع مغصوبا و علم المشتري قبل العقد فلا خيار و كذا لو قصر زمان استعادته و لو طال تخير في الفسخ و الإمساك بغير أجرة على البائع و لو منعه البائع ثبت الأجرة [- يد -] لو وطئ ما باعه قبل القبض وجب العقد و لو نقصت بالوطء كذهاب البكارة مثلا وجب أرش النقصان و يدخل في الأول لأنه يثبت عندنا للبضع عشر قيمة الجارية مع البكارة و نصفه مع عدمها و لو اكتسب المبيع ثم تلف قبل القبض بطل البيع و الكسب للمشتري [- يه -] لو اشترى ذمي من ذمي خمرا ثم ثم أسلم قبل القبض فالوجه بطلان البيع و يرجع بالثمن فلو تخللت الخمر فالوجه عدم العود إلى القيمة و لو اشترى عبدا و لم يتقابض ثم مات المشتري مفلسا تخير البائع بين الفسخ بعد ثلاثة و بين الإمساك و يكون من جملة الغرماء و لا يكون أحق بالعين إذا لم يكن وفاء [- يو -] يكره بيع ما اشتراه مما يكال أو يوزن قبل قبضه و يحرم إذا كان طعاما إلا تولية و يجوز بيع ما لا يكال و لا يوزن قبل قبضه إجماعا منا و إن كان مما ينقل أو يحول و يصحّ إجارة ما لا يصحّ بيعه قبل القبض قبله خلافا للشيخ و يصحّ رهنه مطلقا و الشركة فيه و التولية و الحوالة به و تزويج الأمة قبل القبض و الكتابة و للمرأة بيع المهر قبل قبضه و ما يملك بغير البيع كالإرث و الوصيّة و الغنيمة يجوز بيعه قبل القبض [- يز -] لو باع المغصوب على الغاصب صحّ و كذا على غيره و يتخير المشتري إن لم يعلم أو لم يتمكّن من الانتزاع سريعا [- يح -] لو كان له طعام من سلم و عليه مثله فقال لغريمه اقبض من غريمي لنفسك قال الشيخ لم يجز و يردّه من أخذه على صاحبه و يكتاله إما عن الأمر بقبضه أو يكتاله الأمر فيصح ثم يقبضه منه و لو دفع إلى غريمه مالا و قال اشتر لك به مثل الطعام الذي لك عليّ ففعل قال الشيخ لم يصحّ فإن اشترى بالعين بطل البيع و إن اشترى في الذّمة ملك الطعام و ضمن الدّراهم و لو قال اشتر لي بها طعاما ثم اقبضه لنفسك صحّ الشراء و منع الشيخ من صحة القبض لأنه بيع الطعام قبل قبضه و لو قال اقبضه لنفسك من نفسك منع الشيخ منه لأنه لا يجوز أن يتولى طرفي القبض و عندي فيه نظر و لو كان الطعامان أو المحال به قرضا جاز قولا واحدا و لو قبضا طعاما اشترياه فباع أحدهما نصيبه قبل القسمة صح و لو باعه بعد القسمة بذلك الكيل الذي كاله جاز [- يط -] يجوز الشركة و التولية فيما يجوز بيعه فإذا قال للمشتري أشركني في نصفه فشركه صحّ و كذا لو قال ولّني ما اشتريته بالثمن فقال ولّيتك مع علمهما بالثمن و يبطل مع جهل أحدهما به و لو اشتريا عمدا فقال ثالث أشركاني صحّ و كان له الثلث و لو اشترى قفيز طعام

ص: 176

فقبض نصفه ثم باع نصف القفيز ففي توجه البيع إلى القبوض كله نظر [- ك -] لو كان له طعام دينا فباعه على من هو عليه جاز و كذلك على غيره بحاضر أو حال قبل قبضه و منع منه بعض علمائنا و لو كان له طعام دينا فباع طعاما على الغريم ليقضيه الدين من المبيع قال الشيخ لم يجز الشرط و لا البيع قال و لو قلنا بفساد الشرط خاصّة كان قويا و الوجه عندي صحّتهما قال و لو باع منه طعاما بعشرة على أن يقضيه الطّعام الذي عليه أجود منه لم يصحّ و لو قضاه أجود ليبيعه طعاما بعشرة لم يجز و لو باع طعاما بعشرة مؤجلة فلما حلّ الأجل أخذ بها طعاما مثل ما أعطاه جاز و إن كان أكثر لم يجز و قد روي الجواز مطلقا و هو الأقوى [- كا -] لو باع سلعة و قبض المشتري دون البائع جاز للبائع شراؤها منه بأيّ ثمن كان نقدا و نسيئة قال الشيخ و في أصحابنا من روى أن ذلك لا يجوز [- كب -] الإقالة فسخ لا بيع في حق المتعاقدين و غيرهما فلا يثبت أحكام البيع في حقهما بل يجوز في المسلم و في المبيع قبل قبضه و كذا في غيرهما فلا يثبت حكم البيع في حقّ الشفيع بمعنى أنّه لا يأخذ الشقص بالإقالة و يجوز قبل القبض و بعده من غير حاجة إلى كيل ثان و لا يصحّ إلا بمثل الثمن فيبطل لو أقاله بأزيد أو أنقص

الفصل الرّابع في أحكام الصبرة

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] قد بينا المنع من بيع المكيل أو الموزون جزافا سواء كانت أثمانا أو غيرها فلو باع الصبرة و عرفا مقدارها أو أحدهما و أخبر به الآخر صح و إن لم يشاهد باطنها و كذا يصحّ بيع الجزء المشاع منها إذا كان معلوم النسبة و العلم بمقدارها و إلا فلا [- ب -] لا يجوز للبائع أن يغش الصبرة بأن يجعلها على دكة أو نشز أو يجعل الرديء في باطنها فإن فعل و باعها و أخبر بمقدارها ثم وجد العيب يتخير بين الفسخ و أخذ الأرش و لو كان تحتها حفرة أو كان باطنها أجود تخير البائع إن لم يعلم [- ج -] لو قال بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم و علما المقدار صح و إلا بطل و كذا يبطل في القفيز الواحد على إشكال و لو قال بعتك منها عشرة أقفزة صح مع العلم بتحقق العشرة فيها [- د -] لو قال بعتك هذه الصبرة بكذا على أن أزيدك قفيزا و كانا عالمين بالمقدار و عينا القفيز بالمشاهدة أو الوصف صح البيع و إلا فلا و كذا لو قال على أن أنقصك قفيزا منها مع العلم بمقدارها و كذا كل متساوي الأجزاء [- ه -] لو باع ما لا يتساوى أجزاؤه كالأرض و الثوب و القطيع صح مع المشاهدة و إن لم يعرف الزرع و لا عدد الغنم و كذا بيع أبعاضها بالجزء المشاع و لو قال بعتك كل ذراع منها بدرهم و علما الذراع صح و إلا فلا و لو قال بعتك منها عشرة أذرع و كانت أزيد فإن عينها صحّ و إن أبهم و كانت الدار معلومة الذراع قال الشيخ رحمه اللّٰه صحّ البيع و له بنسبة العددين لأن الذراع مكيال كالقفيز و قيل لأن الذراع عبارة عن بقعة بعينها و موضعه مجهول و عندي فيه تردّد و لو قال بعتك من هاهنا إلى هاهنا صح إجماعا و لو قال عشرة من هاهنا إلى حيث ينتهي قال الشيخ يصحّ لتعينه بالذّرع و المشاهدة و قيل لا يصحّ لاختلاف أجزاء الأرض و عدم العلم بالمنتهى [- و -] لو قال بعتك نصيبي من هذه الدار و علما مقداره صح و إلا بطل و كذا يبطل لو قال نصيبا أو سهما و أبهم و كذا لو قال بعتك شاة من هذا القطيع و لم يعيّنها و الثوب حكمه حكم الأرض في جميع ما تقدّم [- ن -] لو باعه أرضا على أنها جربان معلومة فنقصت تخير المشتري بين الرد و الإمساك و لا يبطل البيع من رأس فإن ردّ استرجع الثمن و إن أمسك للشيخ قولان أحدهما الإمساك بجميع الثمن و الثاني بقسطه فقيل يتخير البائع حينئذ و فيه قوة و لو أمسكه المشتري بالجميع سقط خيار البائع و لو كان للبائع أرض ملاصقة قال الشيخ وجب عليه أن توفيه تمام المبيع منها تعويلا على رواية عمرو بن حنظلة عن الصادق عليه السّلام و منعه ابن إدريس و هو جيد و لو زادت الأرض فالذي قواه الشيخ صحّت البيع و هو حسن فحينئذ قيل لا يكون الزيادة للبائع بل يتخير بين تسليم الجميع بالثمن و الفسخ و قيل يكون له و يتخير بين تسليمه زائدا و تسليم المقدور و يسترجع الزيادة و مع تسليم الجميع لا خيار للمشتري و يتخير مع استرجاع الزيادة فإن اختار مع الاسترجاع الإمساك احتمل أن يثبت للبائع الخيار لتضرره بالشركة و عدمه لرضاه بالثمن عوض الجميع فعوض البعض أولى و لو طلب المشتري الزيادة بعوض أو طلب البائع عوضها لم يجبر الآخر و لو أنفقا جاز و حكم الثوب و ما لا يتساوى أجزاؤه كذلك و كذا لو باعه قطيعا على أنه مائة فزاد أو نقص [- ح -] لو باع ما يتساوى أجزاؤه فزاد أو نقص أخذ البائع الزيادة و رجع المشتري بثمن النقصان و لا خيار للمشتري لو أخذ البائع الزيادة و الوجه ثبوته له مع النقصان [- ط -] لو أخبره بالمقدار و باعه صحّ و إن لم يكله فإن باعه المشتري فكاله الثاني رد الزائد و استرجع ثمن الناقص و لو اختلفا بعد التلف فالقول قول المشتري مع يمينه و عدم البيّنة قل أو كثر و لو أعلمه بالكيل و باعه بثمن سواء زاد أو نقص لم يجز و لو نظر أجنبي إلى الكيل

ص: 177

جاز أن يشتريه بغير كيل و لو كاله البائع للمشتري ثمّ اشتراه منه لم يحتج إلى كيل ثان و كذا لو اشترى الشريكان طعاما ثم باع أحدهما حصّته شريكه قبل تفرّقهما بعد أن اكتالاه [- ى -] لو قبض المشتري المبيع ثم ادّعى النقصان فالقول قوله مع يمينه و عدم البينة إن لم يكن حضر كيله و لا وزنه و إن حضر فالقول قول البائع إن ادعى نقصا كثيرا و الوجه قبول قوله في قليل يمكن وقوعه في الكيل [- يا -] لو أسلفه في طعام بالعراق ثم طالبه بالمدينة لم يجب عليه دفعه و لو طلب القيمة قال الشيخ لم يجز لأنه بيع الطعام قبل قبضه و عندنا أنه مكروه فيجوز مع التراضي و كذا لو كان قرضا و لو طالبه بقيمته بسعر العراق وجب دفعها و لو تبرع المقترض بدفع المثل في المدينة لم يجبر المقترض على القبض و لو غصبه بالعراق و أتلفه فطالبه به في المدينة قال الشيخ لا يجب دفع المثل و لو طلب القيمة وجب دفعها بسعر العراق و لا يجبر على سعر المدينة و الوجه عندي مطالبته بالمثل فإن تعذر فالقيمة بسعر المدينة [- يب -] لو باع ما اشتراه بعد قبضه و لم يقبض البائع فتلف غير المقبوض بطل البيع الأول لا الثاني

الفصل الخامس في الغرر

و فيه [- لا -] بحثا [- ا -] لا يجوز بيع ما ليس عنده إذا كان معيّنا في يد مالكه قبل شرائه و لو كان مطلقا موصوفا جاز و إن لم يكن في ملكه [- ب -] لا يجوز بيع الحمل في بطن أمّه منفردا و لو باعه مع أمّه صحّ و لو باع الأم و شرط وضعها بعد مدة معيّنة بطل و لا يجوز بيع حبل الحبلة فقيل نتاج النتاج و قيل جعل حمل النتاج أجلا و هو باطل بمعنييه و لو شرط الأول في عقد ففي صحته إشكال [- ج -] لا يجوز بيع اللبن في الضّرع سواء كانت أياما معلومة أو لا و لو باعه مع ما احتلب منه قال الشيخ يجوز لرواية سماعة و الوجه عندي البطلان [- د -] اختار المفيد رحمه اللّٰه و ابن إدريس جواز بيع أصواف الغنم و شعورها على جلودها منفردة مع المشاهدة و منعه الشيخ و الأول أقوى و كذا يصح لو باع المغنم و استثنى الأصواف و لو باع الصوف على ظهر الحيوان مع ما في بطنه قال الشيخ يجوز و الوجه المنع [- ه -] لا يجوز بيع السمك في الآجام إجماعا و لو ضمّ إليه قصب الأجمة قال الشيخ جاز و ليس بمعتمد و كذا لا يصحّ لو اصطاد شيئا منه و باعه مع ما في الأجمة و إنما يصحّ بيعه في الماء مع مشاهدته أجمع و ملكه و إمكان اصطياده [- و -] قال الشيخ يجوز أن يشتري الإنسان أو يتقبل بشيء معلوم جزية رؤوس أهل الذّمة و خراج الأرضين و ثمرة الأشجار و ما في الآجام من السموك إذا كان قد أدرك شيء من هذه الأجناس و كان البيع في عقد واحد و إن لم يدرك شيء من هذه الأجناس لم يجز و منعه ابن إدريس مطلقا و هو الأقوى [- ز -] لو أعدّ بركة أو مصفاة لصيد السّمك فحصل فيها ملكه و يجوز أن يستأجر برك الحيتان ليحبسها فيها و شبكة الصيد ليصطاد بها و لو استأجر أرضا للزراعة فيدخل فيها سمك و نضب الماء فالمستأجر أحقّ به من غير تملك و لو وثبت سمكة إلى سفينة فأخذها بعض الركاب كانت ملكا له أما السفن المعدّة لذلك كالتي يجعل فيها الضوء و يضرب فيها صواني الصّفر لثبت السّمك فإن صاحبها يملك ما يحصل فيها كالشبكة و لو عشش طائر في داره و فرّخ أو توحّل ظبي لم يملكه و كان أحقّ و كذا لو دخل الماء داره و لو نصب شبكة فوقع فيها صيد ملكه و كذا لو اغترف الماء بآنية و لو اتّخذ لمياه الأمطار و السيول مصانع ليحصل فيها الماء ملكه بالحصول و لو أعد أرضا للملح فجعلها ملاحة ليحصل فيها الماء فيصير ملحا ملكه و لو لم يعدها لذلك لم يملكه و كذا لا يملك لو وقع الصيد في شبكة غير منصوبة و لا مقصودة للصيد و يكون أحقّ و لو حصل صيد في كلب بستان أو فهده أو صغره و كان قد استرسل بإرسال صاحبه ملكه و لو استرسل من نفسه كان أحقّ من غير ملك و كذا ما يحصل في فم البهيمة من الحشيش [- ح -] لا يجوز بيع الطير في الهواء سواء كان مملوكا أو غيره و سواء كان مما يألف الرّجوع أو لا و لو كان في البرج و الباب مفتوح لم يجز و إن كان مغلقا جاز و إن افتقر تسليمه إلى مشقة [- ط -] لو باع ما لا يملك وقف على إجازة المالك و لا يكفي حضور المالك و لا سكوته و لا يقع باطلا في نفسه خلافا للشيخ في بعض أقواله فلو اشترى الوكيل أو باع غير المأذون في بيعه أو شرائه ضمن ما فوت على المالك أو تلف فإن اشترى غير المعيّن بثمن في الذّمة صحّ فإن أجاز الموكل و إلا لزمه الثمن [- ى -] لو باع الأم لم يدخل الحمل الموجود إلا مع الشرط و لو اشتراها على أنها حامل صحّ و كذا على أنّها لبون و لو شرط حلب قدر معيّن لم يجز [- يا -] لا يجوز بيع البيض متّصلا بالحيوان منفردا و لو اشترط في بيع الدّجاجة جاز و لو انفصل من الحيوان بعد موته حلّ بيعه إن كان قد اكتسى الجلد الأبيض الفوقاني و إلا فلا و يصح بيع بيض ما لا يؤكل لحمه إن أمكن أن يصير فرخا و إلا فلا [- يب -] لو شرط البائع في البيع الحمل لنفسه جاز و منعه الشيخ و ابن البراج في الجواهر و هو ضعيف و لو لم يشترطه كان له أيضا ما لم يشترطه المشتري [- يج -] يجوز بيع المسك في فأرة و إن لم يقود و يشاهد

ص: 178

و فتقه أحوط [- يد -] لو أعطاه راجحا بما تجري العادة لم يجب ردّه و إلا وجب و يجوز أن يندد للظروف ما يحتمل زيادته و نقصانه مما تجري العادة بمثله و لا يجوز أنداد ما يزيد دائما أو ينقص و لو باعه السلعة مع الظرف جاز من غير أنداد و لو قال بعتك هذا السمن بظرفه كل رطل بدرهم صحّ إذا عرف وزنهما جملة و إن لم يعرف التفصيل على إشكال و لو باعه بصاع مجهول لم يجز و لو قبض من غيره دراهم ففرقها بالوزن فزادت يسيرا بتفاوت الموازين في مثله لم يجب رد الزيادة و لا يجوز لمن عليه الحق إعطاء الناقص و إن قلّ [- يه -] لو لم يعين الثمن أو باعه بحكم المشتري بطل البيع فإن هلك في يده كان عليه قيمته يوم ابتاعه قاله الشيخ و قال ابن إدريس يضمن بالمثل فإن أعوز فثمن المثل يوم الإعواز و إن لم يكن مثليّا فقيمته أكثر ما كانت إلى يوم الهلاك و لو كان قائما بعينه انتزعه من يد المبتاع و رجع بأرش نقصه في يده بحدثه و لو زادت القيمة بالحدث قال الشيخ ردّ قيمة الزيادة و هو قوي و قال ابن إدريس بذلك إن كانت الزيادة عينا و إلا فلا و لو باعه بحكم البائع قال الشيخ إن حكم بأقل من القيمة مضى و لم يكن له أكثر و إن حكم بأكثر كان له القيمة وقب البيع إلا أن ينتزع المشتري و الوجه عندي بطلان البيع أيضا فإن كان باقيا انتزعه و إن كان تالفا فله المثل و إلا فالقيمة قال ابن إدريس أكثر القيم إلى يوم الهلاك لا قيمة حال البيع [- يو -] لا بد من اختيار ذي الطعم أو الرائحة بالذوق أو الشم و يجوز على الوصف فإن وجد كما وصف و إلا تخير المشتري و لو بيع بشرط السلامة من غير اختيار و لا وصف فالأقرب جوازه فإن خرج معيبا تخيّر بين الأرش و الرّد و لو تصرّف سقط الرّد و لو كان المبيع يؤدي اختباره إلى فساده كالجوز و البطيخ جاز مطلقا و بشرط الصّحة فإن وجد صحيحا فيهما و إلا كان له الأرش و الرد إن لم يتصرف و لو تصرف سقط الرد و لو لم يكن لمكسوره قيمة كالبيض بطل البيع و استرجع الثمن و لو غاب بعد مشاهدته ثم اشتراه صحّ فإن لم يتغير لزم و إلا كان له الرّد و لو اختلفا في التّغير فالقول قول المشتري على إشكال [- ين -] يجوز بيع الأعمى و شراؤه و لا فرق بين أن يولد أعمى أو يتجدد له و لا بين بيع الحاضر و السّلف [- يح -] لو باع ثوبا بمائة ذهبا و فضة لم يصحّ و لا يلزم التنصيف [- يط -] لو باع ما يجوز بيعه و ما لا يجوز فأقسامه ثلاثة أن يبيع معلوما و مجهولا فيبطل و معلومين ينقسط الثمن عليهما بالأجزاء كعبد مشترك يبيعه أجمع فيصح في نصيبه بقسطه و يقف الباقي على الإجازة فإن أجاز المالك صحّ و أخذ نصيبه من الثمن و إلا فلا و لا يبطل نصيب الشريك من رأس و معلومين لا يتقسط بالأجزاء كعبد و حرّ و خلّ و خمر و عبد غيره و عبد نفسه فيصح فيما يصحّ بيعه بقسطه و يبطل في الآخر إلا في ملك غيره فيقف على رضاه ثم إن صم مملوك غيره قسط الثمن بالنسبة إلى القيمة و إن لم يكن مملوكا قسط بالنّسبة إلى مستحله و كذا حكم رهن ما يملك و ما لا يملك و هبته و سائر العقود [- ك -] لو اشترى جملة فتلف البعض قبل القبض لم ينفسخ في الباقي و يأخذ بحصّته من الثمن و له الفسخ و لو كان لكلّ رجل عبد فباعاهما صفقة بثمن واحد صح و قسط الثمن على قدر القيمتين [- كا -] كل موضع يعلم المشتري تفريق الصفقة قبل البيع لا خيار له فيه و لو جهله فله الخيار و دون البائع [- كب -] يجوز بيع الرقم و هو بيع الثوب برقمه المكتوب عليه إذا كان معلوما حال العقد من غير كراهية [- كج -] لو باعه عبدا من عبدين أو ثلاثة لم يصح و إن شرط له الخيار [- كد -] يجوز إعطاء البقر و الغنم بالضّريبة مدّه من الزمان بشيء من الدراهم أو الدنانير و السمن و الذهب و الفضة أحوط قاله الشيخ و قال ابن إدريس يمكن العمل بهذه الرواية بأن يحلب بعض اللبن و يبيعه مع ما في الضرع مدّه من الزّمان و الوجه عندي البطلان إن كان بيعا و إلا كان هذا بمنزلة الإباحة [- كه -] قال الشيخ يجوز أن يشتري الإنسان تبن البيدر لكل كر من الطعام تبنة بشيء معلوم و إن لم يكل بعد الطعام لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه السلام و ابن إدريس منع من ذلك [- كو -] قال الشيخ إذا اشترى من غيره أطنانا معروفة من القصب و لم يتسلمها غير أنه شاهدها فهلك القصب قبل القبض كان من مال البائع لأن الذي اشترى منه في ذمّته و في التعليل نقد [- كز -] من وجد عنده سرقة كان غارما لها إن هلكت و يرجع على بائعها مع قيام البيّنة بالبيع بما دفعه إلى البائع و بما عزمه و أنفقه مما لم يحصل في مقابلته نفع إلا أن يعلم أنها سرقة فلا رجوع و لا يجوز أن يشتري من الظالم ما يعلمه ظلما بعينه إذا لم يكن مأخوذا على وجه الخراج و الزكاة و يجوز فيهما و فيما لا يعلم أنه ظلم و إن علم إجمالا أن في ماله غصبا و تركه أفضل [- كح -] يجوز بيع عظام الفيل و اتخاذ الأمشاط منها و كذا بيع جلود السّباع و كل حيوان سوى الآدمي و نجس العين إذا علم أنه مذكى أو شراه من المسلمين [- كط -] يجوز بيع ولد الزنا و شراؤه إذا كان مملوكا

ص: 179

للرّواية الصحيحة عن الصادق عليه السلام و رواية التقي متأولة و يجوز أخذ ثمن ما باعه الذمي من الخمور في الدّين و لو أسلم الذمي بعد بيعه جاز له قبض ثمنه و لو أسلم قبل بيعه حرم بيعه بنفسه أو بوكيله المسلم أو الذمي [- ل -] من غصب مالا و اشترى به جارية حلّ له الفرج و كان عليه وزر المال إذا كان الشراء في الذّمة و إن نقد الغصب و لو كان بالعين بطل الشراء و كان الفرج حراما و لو حج به من غير سبق وجوب لم يجزئ عن الوجوب المتجدّد و لو سبق وجوب حجة الإسلام أجزأه إلا الهدي و عليه وزر المال [- لا -] بيع المكره باطل و لو أجاز بعد زوال الإكراه جاز

الفصل السّادس في الشروط المذكورة في العقد

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] إذا ضمّ في البيع شرطا سائغا صح البيع و لزم الشرط اتحد الشّرط أو تعدّد و لو شرط ما ليس بسائغ بطل الشرط إجماعا و البيع إن اقتضى الشرط جهالة المبيع و إلا فالأقرب أنه كذلك خلافا للشيخ و مع القول بالصحّة ليس للبائع الرجوع بما نقصه الشرط من الثمن و لا للمشتري الرجوع بزيادة الثمن إن كان هو المشترط و مع البطلان لا يحصل به ملك سواء اتصل به القبض أو لا و لا ينفذ تصرّف المشتري فيه يبيع و غيره [- ب -] الشرط إن اقتضاه العقد كالتسليم و خيار المجلس لم يفد حكما زائدا في وجوده و عدمه و إن تعلقت به مصلحة المتعاقدين كالأجل و الخيار و الشهادة و الضمين و الرهن و اشتراط صفة مقصودة كالكتابة جاز و لزم الوفاء و إن لم يكن من مقتضاه و لا من مصلحة و لا منافيا لمقتضاه جاز أيضا سواء اقتضى منفعة البائع في المبيع أو يشترط عقدا في عقد مثل أن يبيعه بشرط أن يشتري آخرا و يزوجه و إن اقتضى ما ينافيه صحّ و إن بني على التغليب و السراية مثل أن يشترط البائع عتق العبد و إن اشترط غير العتق مثل أن لا يبيع أو لا يهب أو لا يهب أو لا يطأ بطل الشرط دون البيع عند الشيخ [- ج -] لو قال بع عبدك من فلان على أن عليّ خمسمائة فباعه على هذا الشرط قال الشيخ صح البيع لقوله عليه السلام المؤمنون عند شروطهم و هذا شرط سائغ و لو قال بع عبدك منه بألف على خمسمائة فإن سبق الشرط العقد و عقد البيع مطلقا لزم البيع و لم يكن على الضامن شيء و إن قرنه بأن يقول بعتك بألف على أن يضمن فلان خمسمائة صح البيع بشرط الضمان فإن ضمن فلان لزم و إلا تخير البائع [- د -] بيع العربون باطل و هو أن يدفع بعض الثمن على أنه إن أخذ السلعة احتسبه من الثمن و إلا كان للبائع [- ه -] إذا شرط البائع عتق العبد صحّ البيع و الشرط فإن أعتقه المشتري و إلا ففي إجباره وجهان أقربهما عدم الإجبار فيتخيّر البائع حينئذ و لو مات العبد قبل عتقه احتمل استقرار الثمن عليه و لا شيء عليه و احتمل أن يكون للبائع الرجوع بما يقتضيه الشرط من النقصان و احتمل تخير البائع بين إجازة البيع بجميع الثمن و بين فسخه فيرجع بالقيمة و لو شرط الولاء بطل الشرط خاصّة و في بطلان البيع وجه قوي و لو باعه بشرط العتق بعد شهر أو سنة فالوجه عندي الجواز [- و -] لو اشتراه بشرط العتق ثم باعه بشرط العتق فالوجه بطلان الثاني و لو اشتراها بشرط العتق فأحبلها فإنه يعتقها [- ن -] لو باعه دارا بشرط أن يقفها جاز و كذا لو باعه شيئا بشرط أن يتصدّق به [- ح -] إذا جمع بين عقدين مختلفي الحكم بعوض واحد كالصرف و بيع القماش و النكاح و البيع و الإجارة صحّ و لو جمع بين البيع و الكتابة مثل كاتبتك و بعتك كذا بدينار قيل لم يجز لأنه قبل تمام الكتابة عبد قن و مع بطلان البيع ففي فساد الكتابة و صحّتها بقسطها وجهان [- ط -] إذا باعه زرعا أو ثمرة كان على المشتري حصاده أو الجذاذ و كذا ما يجز و يخرط و لو شرطه على البائع صحّ [- ى -] لو شرط منفعة البائع صحّ إذا كانت معلومة إما بتقدير العمل كخياطة الثوب و نساجة الغزل أو بتقدير المدة كالعمل شهرا و لو تعذّر العمل إما بتلف المبيع قبله أو بموت البائع ففي الإبطال نظر و كذا يجوز أن يشترط البائع نفع المبيع مدة معلومة و لو باع أمة و استثنى وطأها مدة لم يصحّ [- يا -] لو باع ما اشتراه بشرط المنفعة صح و يكون المنفعة مستثناة في يد المشتري الثاني فيتخير مع عدم العلم لا معه و لو أتلفه ضمن أجرة المثل و لو تلف بغير تفريط فلا ضمان [- يب -] لو أراد المشتري تعويض البائع عن المنفعة المشترطة عوضا أو ما يقوم مقام المبيع في المنفعة لم يجب على البائع القبول و كان له التّصرف في عين المبيع باستيفائه المنفعة و لو تراضيا جاز و لو أراد البائع إعارة العين أو إجارتها لمن يقوم مقامه فالأقرب جوازه و لو اشترط المشتري منفعة البائع في المبيع فأقام البائع مقامه من يعمل فالأقرب جوازه إلا أن يشترط المباشرة و لو دفع العوض لم يجب القبول سواء البائع و المشتري و لو قال بعتك هذه الدار و آجرتكها شهرا بكذا فالوجه الصّحة [- يج -] لو شرط في العقد إن هو باعه فالبائع أحق به بالثمن ففي الجواز إشكال [- يد -] لو اشترى جارية بشرط أن لا خسارة عليه إذا باعها أو شرط أن لا يبيعها أو لا يعتقها أو لا يطؤها قال الشيخ صحّ العقد دون الشرط [- يه -] لو باعه بشرط الرهن أو الضمين صح العقد و الشرط إن كان الرّهن معلوما بالمشاهدة أو الوصف

ص: 180

و الضمين بالإشارة أو بذكر السّبب و لو كانا مجهولين لم يصح و مع الصّحة لو دفع الرّهن أو ضمن لزم و إلا تخيّر البائع و لا يجب على الضمين الضمان و إن وعد به و لو دفع غير الراهن أو غير الضمين لم يلزم البائع قبوله و إن كان المدفوع أجود لو شرط رهنا فاسدا كالمحرم و المجهول بطل الشرط و في بطلان البيع حينئذ نظر [- يو -] لو شرط رهنا معيّنا فغاب قبل القبض تخير البائع بين قبضه معيبا و بين فسخ البيع و لو علم بالعيب بعد قبضه لم يبطل خياره و لا أرش له و لا المطالبة بالبدل و لو عاب بعد القبض أو تلف فلا خيار و لو اختلفا في زمن حدوث العيب حكم لمن لا يحتمل إلا قوله من غير يمين و لو جاز الأمران احتمل تقديم قول الراهن عملا بصحة العقد و المرتهن لعدم ثبوت قبض المرتهن للجزء الفائت و لو قال الراهن تلف بعد القبض و المرتهن قبله فالقول قول منكر القبض و لو اختلفا في زمن انقلاب العصير الرهن خمرا قيل القول قول الراهن لاتفاقهما على العقد و القبض الصحيحين و اختلافهما في المفسد و القول قول النافي و قيل قول المرتهن لأصالة عدم القبض و لو وجد بالرّهن عيبا بعد أن حدث عنده عيب آخر فله الرّد و فسخ البيع و لا ضمان على المرتهن في الحادث عنده بغير تفريط و لو هلك في يد المرتهن ثم علم أنه كان معيبا قيل لا يملك فسخ البيع لتعذر الردّ و لو شرط استرهان المبيع على ثمنه قال الشيخ لا يصحّ و الوجه عندي صحتهما و لو شرط إلا بيع بينهما إن لم ينقده في مدة معلومة صحا معا و إن زاد عن عشرين ليلة و لو قال بعينه على أن أقضيك دينك منه ففعل صحا معا و لو قال أقضي حقي على أن أبيعك كذا صحّ القضاء و الشرط و كذا أقضي أجود من مالي على أن أبيعك كذا و لو باعه بشرط تأجيل الحال صحّ سواء باعه بثمن المثل أو أزيد أو أنقص مع علمه بالقيمة

الفصل السابع في أحكام البيع الفاسد

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] البيع الفاسد من أصله لا يحصل به ملك سواء اتصل به قبض أو لا و يجب على القابض بالبيع الفاسد ردّ المبيع مع نمائه المتصل و المنفصل و أجرة مثله مدة بقائه في يده إن كان ذا أجرة و ردّ أرش النقصان إن نقصت العين و القيمة إن تلفت فقيل يوم التلف و قيل الأكثر من يوم القبض إلى التلف و اختار الشيخ الأول [- ب -] لو كان المبيع أمة فوطئها المشتري فلا حدّ و لا إثم و كذا في غيرها و يجب عليه عشر القيمة مع البكارة و نصفه مع الثيوبة و لا يجب المهر مع ذلك و ينعتق الولد حرّا لا ولاء عليه و يلحق به و يجب على الواطئ قيمته يوم سقط حيا لا يوم المحاكمة و أرش النقصان بالولادة و لا تجبر قيمة الولد النقصان و إن ساواه في القيمة و لو سقط ميتا لم يضمنه أما لو ضرب أجنبي بطنها فألقته ميتا تاما وجب على الضارب مائة دينار و للسيّد منها أقل الأمرين من دية الجنين أو قيمته حين سقوطه و باقي الدّية لورثته و أما حكم الأمة فيجب ردّها مع أرش النقص بالولادة كما قلنا و لو مات بالولادة ضمن قيمتها و لو كان الضارب الواطئ فألقته ميتا فعليه دية الجنين يأخذ السّيد منها أقل الأمرين و الباقي لورثته غير الواطئ و لو ملك الواطئ هذه الجارية فيما بعد قال الشيخ رحمه اللّٰه تصير أم ولد [- ج -] لو أعتقه المشتري بالبيع الفاسد لم ينفذ و كذا سائر تصرّفاته و لو باعه وجب على المشتري الثاني رده إلى البائع الأول و لو تلف في يده تخير المالك في مطالبة من شاء بقيمته و يرجع المشتري الثاني بثمنه على الأوّل و الأول على المالك بما دفعه إليه و في القيمة وجهان قال الشيخ يعتبر أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف و قيل يوم التلف ثم ينظر فإن تساوت في يدهما رجع على من شاء فإن رجع على الثاني لم يرجع الثّاني على الأول و إن رجع على الأول رجع الأول على الثاني و إن اختلفت و كانت الزيادة في يد الأوّل و رجع عليه بالجميع رجع الأول على الثاني بالناقص و إن رجع على الثاني رجع بالناقص و يرجع بالزيادة على الأوّل و لا يرجع بها الأوّل على الثاني و إن كانت في يد الثاني فحكمها حكم ما لم يزد [- د -] إذا تقابضا بالفاسد و أتلف البائع الثمن رد مثله إن كان مثليا و إلا فالقيمة فإن أفلس ردّ المشتري السّلعة و كان من جملة الغرماء و ليس له إمساك المبيع و لا يتخصّص باستيفاء ثمنه منه [- ه -] حكم الثمن المعيّن كالمثمن إذا تلف قبل القبض بطل البيع سواء كان من الأثمان أو لا [- و -] إذا اشترى عبدا بمائة فقضاها عنه غيره صحّ بإذنه و بغيره فإن بان العبد مستحقّا رد المائة إلى الدافع و لو رده المشتري بعيب أو إقالة فالوجه الرد على المشتري و لو أذن في الرفع كان الردّ عليه قطعا و كذا البحث لو تزوّج فدفع الصداق غيره ثم طلق قبل الدخول [- ن -] إذا قال العبد لغيره ابتعني من سيّدي فاشتراه ثم بان العبد معتقا كان الضمان على السّيد سواء حضر قول العبد أو لا و كذا لو كان مغصوبا أو معيبا

الفصل الثّامن في اختلاف المتبايعين

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] إذا باعه بثمن و شرط نقد ألزم و لو أطلقا انصرف إلى

ص: 181

نقد البلد و لو كان فيه نقدان انصرف إلى الغالب و لو تساويا و لم يحصل ترجيح المعاملة بأحدهما بطل البيع و كذا الوزن و لو اختلفا في النقد رجع إلى نقد البلد و على مدعيه اليمين و لو تساوى النقدان فالوجه تحالفهما [- ب -] لو اختلفا في قدر الثمن قال الشيخ إن كانت السّلعة فالقول قول البائع مع يمينه و إن كانت تالفة فالقول قول المشتري مع يمينه و قال ابن الجنيد و أبو الصلاح القول قول من كانت السّلعة في يده مع يمينه فإن كانت في يد البائع فالقول قوله و إن كانت في يد المشتري فالقول قوله و اختاره ابن إدريس و عندي في ذلك تردّد و لو مات المتبايعان و اختلف ورثهما في مقدار الثمن فالقول قول ورثة المشتري بكل حال سواء كانت تالفة أو باقية [- ج -] إذا حلف البائع قضي له و إن نكل حلف المشتري و لو تقايلا أو ردّه بالعيب بعد قبض الثمن ثم اختلفا فالقول قول البائع [- د -] لو اختلفا فقال بعتك هذا العبد بألف فقال المشتري بل هو و العبد الآخر بألف قال الشيخ القول قول البائع مع يمينه [- ه -] لو اختلفا في عين المبيع فقال بعتك هذا العبد بألف فقال بل هذه الجارية بألف تحالفا و ينتزع الجارية من يد المشتري إن كانت في يده و إلا أقرت في يد البائع و يقر العبد في يد البائع و ليس للمشتري طلبه و للبائع إحلافه و إن كان في يد المشتري ردّه على البائع و ليس للبائع طلبه إذا أخذ ثمنه و لو طلب المشتري الثمن أو لم يسلمه كان للبائع فسخ البيع و استرجاعه و لو أقام كلّ منهما بينة ثبت العقدان و لو أقام أحدهما بينة بدعواه حكم على الآخر و كان عليه اليمين [- و -] لو اختلفا في تأخير الثمن و تعجيله أو في قدر الأجل أو في اشتراط رهن من البائع على الدّرك أو ضمين عنه فالقول قول البائع مع يمينه و عدم البيّنة و لو اختلفا في شرط خيار للبائع أو ضمين عن المشتري بعهدة الثمن أو في قدر الرهن المشترط فالقول قول المشتري و كذا لو اختلفا في غير ذلك فالقول قول المنكر و لا يتحالفان و كذا لو اختلف ورثتهما فالقول قول ورثة البائع في المبيع و ورثة المشتري في الثمن [- ن -] لو اختلفا فيما يفسد به العقد أو في شرط فاسد فالقول قول من يدعي الصحة مع يمينه و لو ادعى الإكراه فالقول قول المشتري و كذا لو ادعى الصغر على إشكال و لو ادعى الجنون و لم يعلم له حاله به فالقول قول المشتري و لو ثبت له حالة جنون فكذلك على إشكال و لو قال العبد بعتك و أنا غير مأذون في التجارة فالوجه أن القول قول المالك و لو قال تفرقنا عن فسخ فقال بل عن تراض فالقول قول مدعي اللزوم

المقصد السّادس في العيوب
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في معرفتها

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] كل نقص في العين يقتضي النقيصة المالية في عادات التجار أو زيادة فيها يقتضي ذلك عيب كالجنون و الجذام و البرص و العور و ما يوجب نص الصفات كخروج المزاج عن المجرى الطبيعي مستمرا كالممراض أو عارضا كحي يوم و الإصبع الزائدة و غيرها و بالجملة كلّ ما زاد أو نقص عن أصل الخلقة [- ب -] الحبل عيب في الآدميّات أما تزويج الأمة فالوجه أنه ليس بعيب [- ج -] البخر قال الشيخ إنه ليس بعيب في العبد و الأمة سواء و الأقرب عندي أنه عيب فيهما [- د -] لو وجد العبد أو الأمة زانيين قال الشيخ لا يثبت الخيار فيهما سواء كانا صغيرين أو كبيرين و عندي فيه نظر [- ه -] البول في الفراش قال الشيخ إنه ليس بعيب في الأمة و العبد و الوجه أنه عيب في الكبيرين [- و -] السرقة عيب في العبد و الأمة و الأقرب اعتبار التمييز [- ز -] الإباق عيب و لا يعلم فيه خلافا في الأمة و العبد في الصّغير و الكبير [- ح -] لو كان العبد يشرب الخمر أو النبيذ فالأقرب أنه عيب و كذا الحمق الشديد و الاستطالة على الناس على إشكال [- ط -] عدم الختان ليس بعيب في الذكر و الأنثى صغيرين أو كبيرين [- ى -] الثيوبة ليست عيبا و لا نعلم فيه خلافا [- يا -] كون الجارية محرمة على المشتري بنسب أو رضاع الأقرب أنه ليس بعيب على إشكال أما الإحرام و الصيام فليسا عيبا قطعا و كذا عدة البائن و الرجعية [- يب -] معرفة الغناء و الحجامة ليست عيبا و العسر ليس بعيب و كذا الكفر و كونه ولد زنى في الأمة و العبد و كذا كون الجارية لا تحسن الطبخ و لا غيرها من الصنائع [- يج -] كون الجارية لا تحيض في مدة ستّة أشهر و مثلها تحيض عيب إن لم يكن لكسر [- يد -] عدم الشعر على العانة في الرجل و المرأة عيب و كذا استحقاق القتل بالجناية أو الرّدة أو استحقاق ذهاب بعض أعضائه بسرقة أو جناية أو استحقاق الحد إما بزنى أو شبهه [- يه -] النجاسة عيب إن لم يقبل المحل التطهير أو قبله في زمان طويل أو في يسير و عليه مئونة أو بنقص المحل أو قيمته و إلا فلا [- يو -] الدردي في الزيت و البذر عيب يوجب الرّد أو الأرش مع عدم علم المشتري [- يز -] لو اشترى سمنا فوجد فيه غيره تخير بين الرّد و أخذ ما وجده من السّمن بنسبة و لا يلزم البائع أن يعطيه سمنا بإزاء الناقص و إن كان سمانا [- يح -] التصرية تدليس و هي جمع اللّبن في الضّرع يثبت به خيار الفسخ للمشتري [- يط -] الشركة عيب فلو اشترى من غيره شيئا فظهر أن للبائع شريكا و لم

ص: 182

يجز بطل في نصيبه و تخير المشتري بين الرد و أخذ الحصّة بالقسط من الثمن و لو أجاز فالوجه ذلك أيضا على إشكال [- ك -] الجنون و الجذام و البرص عيوب إجماعا و لها أحكام تأتي و كذا القرن و كذا العور و الحدب سواء كان في الصدر أو الظهر و كذا السلع

الفصل الثاني في الأحكام

و فيه [- لا -] بحثا [- ا -] إطلاق العقد يقتضي السّلامة من العيوب فلو باع و أطلق أو شرط السّلامة ثم ظهر عيب سبق وجوده عقد البيع تخير المشتري بين الفسخ و أخذ الأرش مع عدم التصرّف و لا خيار للبائع بل للمشتري خاصة سواء كان البائع عالما بالعيب أو لا فإن اختار الرد استرجع الثمن و إن اختار الإمساك و أخذ الأرش كان له ذلك سواء تعذّر ردّ المبيع أو لا [- ب -] معنى الأرش أن يقوّم المبيع صحيحا ثم يقوم معيبا فيؤخذ قسط ما بينهما من الثمن بتلك النسبة و يتولى التقويم أهل المعرفة بذلك المتاع فإن اختلفوا عمل على الأوسط قال الشيخ و يعتبر التقويم في أقل الحالين قيمة من وقت العقد و وقت القبض [- ج -] إذا باع المعيب وجب الإشعار أو التبر و أمن العيوب لئلا يكون غاشا فإن لم يفعل أحدهما صح البيع و كان الحكم على ما تقدّم [- د -] إذا اختار المشتري ردّ المبيع بالعيب جاز و لا يعتبر رضا البائع و لا حضوره و لا حضوره و لا حكم الحاكم قبل القبض و بعده [- ه -] خيار الرّد بالعيب على التراخي لا يسقط إلا بالإسقاط و إن آخر المطالبة مختارا [- و -] إذا اشترى المعيب و لم يعلم كان له الرّد أو الأرش ما لم يتصرف فيه فإن تصرف سقط الرّد سواء كان قبل العلم بالعيب أو بعده و سواء تصرف بنفسه أو بوكيله و سواء كان التصرّف لازما كالبيع و العتق أو غير لازم كالهبة و الوصيّة و التدبير و قال الشيخ رحمه اللّٰه إن وجد به التدبير أو الهبة تخير بين الأرش و الرّد لأن له الرجوع فيهما و إن كان بعد العتق فلا و ليس بمعتمد و لا يسقط الأرش بالتصرّف سواء علم بالعيب قبل التصرف أو بعده و سواء كان التصرف لازما أو غير لازم و لو تباع ما اشتراه معيبا سقط رده فإن عاد إليه لم يعد جواز الرّد سواء علم بالعيب أو لا و سواء فسخه المشتري بحكم الحاكم أو بغير حكمه [- ز -] إذا علم بالعيب قبل البيع سقطا الرد و الأرش و كذا لو علم به بعد العقد و أسقط حقّه منه و كذا يسقطان لو تبرأ البائع من العيوب وقت العقد و تصح هذه البراءة سواء علم المشتري بالعيب أو لا و سواء علم البائع بالعيب أولا و نقل ابن إدريس عن بعض علمائنا وجوب تفصيل العيوب و لا يكفي في إسقاط الرّد التبرّي و من العيوب إجمالا و الأول أصحّ [- ح -] لو باع المعيب غير الحيوان من غير براءة و لم يعلم المشتري ثم حدث عند المشتري عيب آخر سقط الرد و وجب الأرش عن القديم و ليس له الرّد مع رد أرش الحادث و لو زال العيب الحادث عند المشتري و لم يكن بسببه كان له الردّ و لا أرش و لو كان العيب الحادث قبل القبض لم يمنع الرد أيضا فقد ظهر أن الرّد يسقط بالتبري من العيوب و يعلم المشتري بالعيب قبل العقد و بإسقاطه بعده و بإحداثه فيه حدثا إلا في الشاة المصراة و الأمة الحامل على ما يأتي و بحدوث عيب فيه عند المشتري في غير الحيوان و أما الأرش فإنّه يسقط بالثلاثة الأوّل خاصّة [- ط -] لو باع المعيب ثم أراد أخذ أرشه جاز له ذلك سواء باعه عالما بعيبه أو غير عالم و لو باع بعض المعيب ثم ظهر على العيب فله الأرش لما بقي في يده و لما باعه و ليس له ردّ ما بقي بحصّته من الثمن [- ى -] لو اشترى شيئين صفقة فوجد بأحدهما عيبا لم يكن له ردّ المعيب و إمساك الآخر بل يتخير في ردّهما معا أو أخذ الأرش سواء كانا مما ينقصهما التفريق كمصراعي الباب أو لا و سواء حصل القبض أو لا و لو اشتراهما صفقتين كان له ذلك [- يا -] لو اشترى اثنان شيئا صفقة فوجداه معيبا لم يكن لهما الاختلاف فيأخذ أحدهما الأرش و يرد الآخر بل يتفقان على أحد الأمرين و لو اشترياه صفقتين كان لهما ذلك و لو ورث اثنان عن أبيهما خيار عيب فرضي أحدهما سقط حق الآخر من الرّد لا من الأرش [- يب -] لو اشترى من اثنين شيئا فوجده معيبا فله ردّه عليهما و لو كان أحدهما غائبا رد على الحاضر حصته بقسطها من الثمن و يبقى نصيب الغائب في يده و كذا لو باع أحدهما جميع العين بوكالة الآخر سواء كان الحاضر الوكيل أو الموكّل و لو أراد رد نصيب أحدهما و إمساك نصيب الآخر كان له ذلك و لو اشترى عبدين صفقة و شرط الخيار في أحدهما أكثر من ثلث كان له الفسخ في الذي شرط فيه الخيار دون الآخر [- يج -] لو اشترى حليا من ذهب أو فضة بجنسه وجب التساوي وزنا فلو ظهر فيه عيب لم يكن له أرش و جاز الرد ما لم يتصرف و لو حدث عنده عيب آخر سقط الردّ أيضا و الوجه أنه لا يسقط حكم العيب السابق فحينئذ يحتمل أن يتخير المشتري بين الإمساك بغير شهر و أن يفسح الحاكم البيع و يرد البائع الثمن و يطالب بقيمة الحلي من غير الجنس و يكون بمنزلة التالف و يحتمل أن يفسخ البيع و يرد الحلي على البائع مع أرش النقصان المتجدّد و يكون بمنزلة المأخوذ على جهة السوم إذا حدث فيه العيب و لو تلف الحلي فسخ البيع و رده قيمته من غير الجنس و استرجع الثمن و الأخير عندي قوي و كذا لو باع قفيزا مما فيه الربا بمثله فوجد أحدهما بما أخذه عيبا ينقص القيمة دون الكيل لم تملك

ص: 183

أخذ الأرش بل الحكم ما تقدّم [- يد -] لو ظهر على عيب بعد زوال ملكه ببيع أو وقف أو موت أو قتل أو تعذر الرّد لاستيلاد و نحوه كان له الأرش سواء كان قبل العلم بالعيب أو بعده و لو أكل الطعام أو لبس الثوب فأتلفه ثم علم بالعيب رجع بأرشه أيضا و كذا لو اشتغل المبيع أو عرضه للبيع أو تصرف بما يدلّ على الرّضا قبل علمه بالعيب و بعده فإنّ الردّ يسقط و يثبت الأرش و لو اشترى من يعتق عليه ثم ظهر على عيب سابق فالوجه أن له الأرش خاصّة [- يه -] لو اشترى عبدا فأبق ثم ظهر على عيب فإن كان الإباق غير متجدّد أخذ الأرش أو صبر حتى يحصل العبد و يرده و لو كان متجدّدا كان له الأرش خاصّة [- يو -] لو تعيّب عند المشتري لم يكن له ردّه بالعيب السابق فلو اختاره البائع جاز و لو أراد المشتري الأرش حينئذ قال الشيخ ليس له ذلك و الوجه عندي أن له الأرش إن اختاره و لو امتنع البائع من قبوله معيبا كان للمشتري حق الأرش قولا واحدا و لو رده برضا البائع لم يكن له المطالبة بعد الردّ بأرش العيب أيضا و لا فرق بين أن يكون العيب الحادث عند المشتري المانع من الردّ نقصا في العين أو الصّفة كنسيان الصّنعة و لا فرق أيضا بين أن يكون البائع دلس على المشتري و كتم العيب القديم و بين عدمه و سواء كان العيب الحادث عند المشتري من فعله أو فعل أجنبيّ أو فعل اللّٰه تعالى في المنع من الردّ [- ين -] لو رجع بأرش المعيب بعد العتق ملكه و لم يجعل في الرقاب سواء كان متبرعا في عتقه أو أعتقه في كفارة و غيرها من الواجبات [- يح -] إذا كسر ما ليس له قيمة بعد الكسر فوجده معيبا كالبيض الفاسد و الرّمان الأسود رجع بكل الثمن و ليس عليه رد المعيب على البائع و إن كان له قيمة سقط الردّ و وجب الأرش و لو كان الثوب ينقص بالنشر فنشرة فوجده معيبا ثبت له الأرش خاصة و إلا كان له الردّ أيضا و لو صبغ الثوب ثم ظهر العيب سقط الردّ و وجب الأرش و لو اختار البائع أخذه و ردّ قيمة الصّبغ لم يجبر المشتري و يثبت الأرش [- يط -] لو اشترى أنه فحملت عنده ثم ظهر العيب سقط الردّ و وجب الأرش و لو كانت دابة جاز الردّ لأنه زيادة و لو علم بالعيب بعد الوضع و لم ينقصه الولادة كان له إمساك الولد و رد الأمّ مع عدم التصرّف و لا فرق بين حملها قبل القبض و بعده و لو اشتراها حاملا ثم ظهر العيب سقط الرد و وجب الأرش و لو كانت دابة جاز الردّ لأنّه زيادة و لو علم بالعيب بعد الوضع و لم ينقصه الولادة كان له إمساك الولد و رد الأم مع عدم التّصرف و لا فرق بين حملها قبل القبض و بعده و لو اشتراها حاملا ثم ظهر العيب ردّها و ردّ الولد و لو تلف الولد فهو كعيب عند المشتري و كذا لو نقصت بالولادة [- ك -] إذا اشترى أمة فوطئها ثم وجدها حبلى كان له ردها على البائع و يرد معها نصف عشر قيمتها و لو ظهر على عيب غير الحبل لم يكن له ردّها بعد الوطء بل كان له الأرش خاصّة و لو تصرّف فيها بغير الوطء ثم ظهر عيب الحبل فالأقرب عدم الرد و ثبوت الأرش و لو اشترى أمة ذات زوج و ظهر بها عيب الحبل بعد أن وطئها الزوج و كان المشتري قد أجاز النكاح فالوجه سقوط الردّ أيضا و لا يقوم نكاح الزوج مقام نكاح المشتري على إشكال و لو زنت في يد المشتري من غير شعور ثم ظهر الحبل عند البائع فعلى قول الشيخ من أن الزّنا ليس بعيب يثبت له الردّ و يأتي على قولنا سقوطه و لو وطئها بكرا ثم ظهر الحبل السابق كان له الرد و في قدر المردود إشكال إذا الظاهر أن المراد بنصف العشر في النصّ أنّما هو للثيّب مع احتمال عمومه فعلى هذا هل يرد العشر أو أرش البكارة قال ابن إدريس بالأول و ادّعى عليه الإجماع و لو كان العيب غير حبل فله الأرش [- كا -] لو أراد ردّ المعيب و قد زاد زيادة متصلة عنده ردّه مع الزيادة و إن كانت منفصلة فإن كانت كسبا من جهته كتجارة و إجارة عمل أو يوهب له شيء أو يصطاد أو يحتطب أو يحتش ردّ المعيب خاصّة و كذا إن كان نتاجا و ثمرة فإنّه يرد المعيب دون النماء و لا يمنع النماء ردّه هذا إذا حملت عند المشتري و لو اشتراها حاملا ثم ولدت عند المشتري ردّ الولد أيضا و لو حصل النماء قبل القبض و أراد الردّ قال الشيخ رحمه اللّٰه يكون النماء للبائع و عندي فيه نظر [- كب -] ترد الشاة المصراة و هي التي جمع بائعها اللّبن في ضرعها ليدلّسها على المشتري فيظنّ أنه قدر حلبها في كل يوم و برد معها قيمة اللبن و إن شاء أمسكها بغير أرش و لو كان المشتري عالما بالتصرية لم يكن له خيار و لو صار لبنها عادة و استمر على كثرته لم يكن له الرد و قال بعض الجمهور لا يسقط الردّ و قول الشيخ لظاهر الخبر الذي أوردوه فإنا لم نقف في المصراة على حديث من طرقنا و إذا رد الشاة قال الشيخ يرد معها عوض اللبن و هو صاع من تمر أو برّ و قال آخرون يرد معها ثلاثة أمداد من طعام و الوجه أن اللبن يرد أن كان باقيا و إلا مثله و لو تعذّر فالقيمة بعد إسقاط ما أنفق عليها و هو اختياره رحمه اللّٰه في النهاية و لو أوجبنا صاع التمر وجب أن يدفعه غير معيب و لا يجب الأجود بل الواجب صاع من أدنى اسم الجيد و لا فرق بين أن يكون قيمة التمر مثل قيمة الشاة

ص: 184

أو أقل أو أكثر و كذا عندنا في دفع قيمة اللبن مع تعذر المثل و لو عدم التمر في موضعه كان عليه قيمته في موضع العقد و لا اعتبار بفضل الأقوات بل الواجب صاع من تمر أو برّ في جميع البلدان و لو كان عين اللّبن موجودا لم يتغيّر فردّه مع الشاة لم يجبر البائع على قبول قال و لو قلنا يجبر كان قويّا و لو تغيّر احتمل عدم القبول و وجوبه و كل ذلك لا يتأتى على ما اخترناه و لو علم بالتصرية قبل حلبها إما بالإقرار أو البيّنة ردّها من غير شيء و لو رضي بالتصرية فظهر آخر غيرها فالوجه سقوط الردّ للتصرف و المطالبة بأرش العيب و قال الشيخ رحمه اللّٰه له الرد و يرد صاعا من تمر أو برّ بدل لبن التصرية و لو لم تكن مصراة و ظهر بها عيب بعد الحلب لم يكن له الردّ بل الأرش [- كج -] مدّة الخيار في المصراة ثلاثة أيام كغيرها من الحيوانات و يثبت على الفور و لا يسقط بالتصرّف و لا تثبت قبل انقضاء الثلاثة على إشكال [- كد -] لا فرق في التصرية بين الشاة و البقرة و الناقة و لا تثبت في الأمة و لا الأتان و لا الفرس و قال ابن الجنيد يثبت في كل حيوان آدمي و غيره [- كه -] لو اشترى مصراتين أو أكثر في عقد واحد فردّهن دفع مع كل مصراة صاعا و عندنا قيمة اللبن أو مثله [- كو -] لو اختلف المتبايعان في العيب هل هو قبل العقد أو بعده عند المشتري و لا بينة عمل بها يدل عليه شاهد الحال و لو انتفى فالقول قول البائع مع يمينه [- كز -] لو اشترى من الوكيل كان الردّ بالعيب على الموكل و القول قول الموكّل في تجدد العيب عند المشتري و الأقرب أنه لا يقبل إقرار الوكيل في ذلك فلو ردّه على الوكيل لم يكن للوكيل ردّه على الموكل و لو أنكر الوكيل و نكل عن اليمين فرده عليه لنكوله ففي ردّه على الموكل وجهان أحدهما الردّ لرجوعه إليه بغير اختياره و الثاني عدمه لأنّ نكوله كالإقرار و الأوّل أقوى و لو اشترى جارية على أنها بكر فقال المشتري أنها ثيّب أمر النساء بالنظر إليها و يقبل قول امرأة ثقة في ذلك و لو وطئها و قال لم أجدها بكرا كان القول قول البائع مع اليمين [- كح -] لو أنكر البائع كون المردودة للعيب سلعته فالقول قوله مع يمينه و لو أنكر كون المردودة بالخيار سلعته قيل القول قول المشتري [- كط -] إذا ردّ الدابّة للعيب السابق قال الشيخ جاز له ركوبها في طريق الردّ و علفها و حلبها و أخذ لبنها و إن نتجت كان له نتاجها لأن الردّ أنما سقط بالرضا بالعيب أو ترك الردّ مع العلم أو بأن يحدث عنده عيب و هي منفية هنا و نحن نتابعه إلا في الرّكوب أو الحلب فإنّه إن وقع قبل الفسخ بطل الرد لتصرفه و إن وقع بعده لم يمنع الردّ إلى حضور الخصم [- ل -] إذا باع الجاني عمدا بغير إذن المجني عليه قال الشيخ لم يصحّ و الأقرب الصّحة و على قوله يردّ المشتري و يسترجع الثمن و يبقى الحكومة بين المجني عليه و سيّد الجاني فإن اقتص استوفى حقه و إن عفا على مال أو كانت الجنابة توجب المال تعلق برقبة العبد و تخير المولى بين تسليمه للبيع و اقتدائه فإن بيع بأقلّ لم يلزم السّيد القيمة و إن فضل فللمولى و إن فداه فبأقل الأمرين من أرش الجناية و القيمة و روي لزوم جميع الأرش أو تسليم العبد و لو قتل العبد قصاصا قبل التسليم إلى المشتري انفسخ البيع و إن كان بعده رجع المشتري بجميع الثمن قال الشيخ و الأولى فيما يوجب الأرش أن بيعه بعده دلالة على التزام المال في ذمّته و يلزمه أقل الأمرين فلا خيار للمشتري و لو قيل لا يلزم السيد فداؤه و إن التزمه كان قويا و لو كان السيد معسرا لم يسقط حق المجني عليه من رقبة العبد فيتخير المشتري مع عدم علمه فإن فسخ رجع بالثمن و كذا إن كانت الجناية مستوعبة و إن لم يستوعب رجع بالأرش و لو علم قبل البيع فلا ردّ له و لا أرش و لو اختار المشتري أن يفديه كان له و لو كانت الجناية على بعض الأطراف فإن كان المشتري عالما قبل العقد فلا ردّ و لا أرش و إن لم يكن عالما تخير بين الردّ و الأرش و لو قطعت يده عند المشتري قصاصا لم يسقط الردّ قاله الشيخ رحمه اللّٰه و حكم المرتد حكم القاتل في صحّة بيعه فإن علم المشتري سقط خياره و إلا تخير بين الردّ و الأرش فإن قتل في يد المشتري رجع بجميع الثمن و كذا القاتل في المحاربة إذا تاب قبل القدرة عليه فإن لم يتب حتى قدر عليه ففي جواز بيعه إشكال [- لا -] حدوث عيب عند المشتري في الحيوان لا يمنع الرد بالعيب السابق إن كان حدوثه في الثلاثة من غير فعل المشتري و لو كان بعدها سقط الرد وجب الأرش كغيره و كذا لو باع الحيوان سليما سالما ثم حدث عيب عند المشتري في الثلاثة من غير فعله كان له الردّ و لو كان بعد الثلاثة لم يكن له رد إلا في الجنون أو الجذام و البرص فإنها إذا تجدّدت من حين العقد إلى تمام سنة عند المشتري كان له الرد بها ما لم يتصرّف و في رواية إلحاق القرن بها و أفتى بها ابن الجنيد و لا فرق بين ظهور هذه العيوب في السنة في يد البائع أو المشتري و لو ظهرت بعد السنة فلا ردّ إلا أن يظهر قبل القبض

ص: 185

و لو تصرف المشتري و ظهرت في السنة فالوجه عدم الردّ بل يثبت الأرش على إشكال

الفصل الثالث في التدليس

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] إذا شرط المشتري صفة مقصودة صحّ و إن لم يكن فقدها عيبا و يتخيّر بين الرد و الإمساك بغير شيء لو لم يجدها كذلك مثل اشتراط الجعودة في الشعر و الزجج في الحواجب و الصنعة و الصّيد في الفهد و ما أشبه ذلك و لو اشترط ما ليس بمقصود فبان بخلافه كما لو اشترط كون الشعر سبطا فبأن جعدا أو كونها جاهلة فبانت عالمة فلا خيار [- ب -] قال الشيخ رحمه اللّٰه إذا اشترى جارية لم يصحّ حتى ينظر إلى شعرها هل هو جعد أو سبط أو أسود أو أبيض فلو رآه جعدا ثم ظهر التدليس و إنه سبط ثبت الخيار لأنّه عيب و كذا لو بيّض وجهها بالطلاء ثم أسمر أو حمّر خدّيها ثم اصفر أ كان له الخيار و لو قلنا بانتفائه كان قويا و الذي قواه هو الأقوى عندي إلا أن يشترط هذه الصّفات فسيخرج الخلاف [- ج -] لو أسلم في جارية جعده فسلم إليه سبطه فله الردّ و لو كان بالعكس قال الشيخ له الردّ أيضا و الأقوى أنّه لا ردّ [- د -] لو اشترى جارية مطلقا فخرجت ثيبا أو بكرا فلا خيار و لو شرط البكارة و لم يحصل قال الشيخ روى أصحابنا أنه ليس له الخيار و له الأرش بين كونها بكرا و ثيبا اختاره في الإستبصار و ابن إدريس و قال في النّهاية لا رد له و لا أرش و الوجه عندي أنه إن ثبت أنها يثبت عند البائع كان له الرد أو الأرش و إلا فلا و لو شرط العكس فلا خيار [- ه -] لو اشترى عبدا مطلقا فخرج مسلما أو كافرا فلا خيار و إن شرط الإسلام فبان الكفر فله الردّ و بالعكس قال الشيخ لا خيار و لو قبل به كان قويّا [- و -] لو اشترى عبدا مطلقا فخرج فحلا فلا خيار و إن كان خصيّا ثبت الخيار و لو شرط فبان فحلا فله الخيار [- ن -] لو اشترط كون الشاة لبونا صحّ و لو شرط أنها تحلب كل يوم قدرا معلوما لم يصحّ و كذا لو شرطها عزيزة اللبن أو شرط البيض في الدجاجة [- ح -] لو اشترط كون الجارية حاملا أو الدابة فالوجه الصّحة و لو شرط أنها تضع الولد في وقت معين لم يصحّ و لو شرط أنهما لا تحمل ففي الصّحة نظر و لو اشترط أنها حائل فبانت حاملا ثبت الخيار إن كانت أمة و الوجه أن الدابة كذلك [- ط -] لو اشترط كون الهزار و القمري مصوتا فالوجه عدم الصّحة و كذا لو اشترط في الديك أنه يوقظه للصلاة أو أنّه يصيح في الأوقات المعلومة أو شرط مجيئه من مسافة بعيدة أو معينة أو كون الجارية مغنية أو الكبش نطاحا أو الديك مقاتلا [- ى -] لو ادعى المشتري تقدم العيب فقال البائع لا يستحق الرد علي بهذا العيب كان جوابا صحيحا و وجب على الحاكم إحلافه عليه و إن قال بعته بريا من هذا العيب جاز إحلافه على عدم استحقاق الردّ و على جوابه و لو امتنع عن الأخير قبل له ذلك و يحلف على عدم الاستحقاق [- يا -] إذا حدث العيب قبل البيع ثبت الردّ أو الأرش و مع التصرف الأرش و مع العلم ينتفيان و إن حدث بعده و بعد القبض سقط الردّ إلا في الحيوان في الثلاثة ما لم يتصرف أو العيوب الثلاثة إلى سنة و لا يثبت الأرش فيما يحدث بعد القبض مطلقا إلا في الحيوان و إن حدث قبل القبض قال الشيخ لا أرش و اختاره ابن إدريس و الأقوى عندي ثبوته و لو قبض بعضه ثم حدث في الباقي عيب كان الحكم كذلك فيما لم يقبض و لو وهب البائع المشتري الثمن بعد قبضه ثم وجد المشتري بالمبيع عيبا كان له الردّ و استرجاع مثل الثمن أو قيمته لأن الثمن عاد إليه بغير الوجه الذي يعود إليه بالردّ و له الأرش إن اختاره [- يب -] لو قال لاثنين بعتكما هذا العبد بألف فقال أحدهما قبلت نصفه بخمس مائة لم ينعقد لعدم مطابقة الجواب و كذا لو قال قبلت نصف كل واحد منهما بنصف الثمن أو قبلت نصف أحد العبدين بحصة من الثمن و لو قال بعتكما هذين بألف هذا العبد منك و هذا الآخر منك فقبله أحدهما بخمس مائة لم يصح أما لو قال هذا منك بخمس مائة و هذا من الآخر بخمس مائة فقبل أحدهما بخمس مائة فإنه يصحّ

المقصد السّابع في بيع المرابحة

و المواضعة و التولية و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] بيع المرابحة جائز غير مكروه و يشترط العلم برأس المال و قدر الرّبح فلو جهلا أو أحدهما رأس المال أو قدر الرّبح بطل و يجب ذكر الصرف و الوزن مع اختلافهما دون ذكر البائع و إن كان ولده أو غلامه و لا الإخبار عن الغبن [- ب -] يكره بيع المرابحة بالنسبة إلى أصل المال بأن يقول رأس مالي مائة بعتك به و ربح كلّ عشرة واحد بل يقول بعتكه بمائة و ربح عشرة [- ج -] إذا أراد الإخبار بثمن السلعة فإن لم يتغير أخبر بثمنها فيقول اشتريته بكذا أو رأس مالي فيه كذا أو يقوم علي أو هو علي و إن تغيرت بأن تزيد أثمانها كالسمن و تعلّم الصنعة و الثمرة و النتاج أخبر بالثمن من غير زيادة و إن كان قد استخدم أو أخذ النماء و إن زادت بعمله كقصارة الثوب قال رأس مالي فيه كذا و عملت فيه بكذا [- د -] إن عمل بأجرة

ص: 186

صحّ ضمها إلى الثمن بشرط أن يقول يقوم عليّ أو هو عليّ و لا يجوز أن يقول اشتريته بكذا و يريد المجموع و إن نقصت بمرض أو جناية أو غير ذلك أو تلف بعضه أخبر بالحال [- ه -] لو ظهر العيب فأخذ أرشه أسقط من رأس المال و أخبر بالباقي فيقول رأس مالي كذا أو يقوم عليّ بكذا و لا يقول اشتريته بكذا و لو أخبر بالحال فيقول اشتريته بكذا و لو أخبر بالحال فيقول اشتريته بكذا و استعدت أرشه كذا جاز و لو جنى على العبد فأخذ أرش الجناية لم يجب وضعها و لو قيل بوجوبه كان وجها و لو جنى العبد ففداه المشتري لم يلحق الفداء بالثّمن و كذا لا يخبر بما يعمل في السلعة بنفسه أو بغيره بغير أجرة و لا ما يخسره من الأدوية و المئونة و الكسوة و لو أخبر بصورة الحال جاز و لو قال بعتك بما قام عليّ استحقّ مع الثمن ما بذله للدلاّل و الكيال و أجرة البيت إن يكن ملكه و لو حطّا لبائع بعض الثمن عن المشتري أو استزاده فإن كان بعد لزوم العقد لم يجبر به و لو كان في مدة الخيار أخبر بالأصل أيضا لأنّه هبة من أحدهما للآخر و لا يكون عوضا و قال الشيخ يلحق بالعقد فيخبر بالناقص مع إسقاط البعض و بالزائد مع الضميمة و ليس نجيد و لو تغير سعرها دونها بأن رخصت أو غلت أخبر بالثمن لا غير [- و -] لو قال رأس ماله مائة و باعه بربح عشرة فبان تسعين ببينة أو إقرار كان البيع صحيحا و يتخير المشتري بين الرد و الأخذ بجميع الثمن و هو مائة و عشرة و قيل يكرز للمشتري الرجوع على البائع بما زاد في رأس المال و هو عشرة و حصتها من الريح و هو درهم فيصير الثمن تسعة و تسعين و قواه الشيخ رحمه اللّٰه فحينئذ يحتمل الخيار للمشتري لجواز الخيانة في الأخبار الثاني و يتعلق غرضه بالشراء بالثمن كملا لكونه حالفا أو وكيلا أو غير ذلك و عدمه لأنه رضيه بالأزيد و لا خيار للبائع عندنا و كذا يتأتى على ما قواه الشيخ لأنه باعه برأس ماله و حصته من الربح و إذا اختار المشتري الرد كان له مع بقاء السّلعة و لو هلكت أو تصرّف لم يكن له الردّ قال الشيخ و له الرجوع بالنقصان و هو بناء على ما قواه أولا [- ن -] لو قال بعد البيع اشتريته بمائة و عشرة لم يقبل منه و إن ادّعى الغلط و لو عرف باعتقاد الصّدق و إن أقام بينة لم تستمع و ليس له إحلاف المشتري إلا أن يدّعي عليه العلم و لو قال كان وكيلي قد اشتراه بمائة و عشرة و أقام البيّنة قيل قال الشيخ و لو قلنا لا يقبل كان قويّا [- ح -] لو باعه سلعة ثم اشتراها منه جاز إذا لم يشترط و إن كان من قصدهما و يكون مكروها فلو باع غلامه الحرّ سلعة ثم اشتراها من غير شرط بثمن زائد جاز أن يخبر بالزائد إن لم يكن شرط الإعادة و إلا فلا و كذا لو باعه على أبيه أو ابنه أو من لا يقبل شهادته له ثم اشتراه منهم و إن لم يخبر بالحال و كذا لو اشترى من مكانه [- ط -] لو اشترى ثوبا بعشرة ثم باعه بخمسة عشر ثم اشتراه بعشرة جاز أن يخبر بالحال على وجهه و أن يخبر أنه اشتراه بعشرة من غير بيان [- ى -] لو اشترى سلعة بمائة إلى سنة ثم باعها مرابحة حالا من غير بيان للشيخ قولان أحدهما أنه يكون للمشتري من الأجل مثل ماله و الثاني يتخيّر بين الفسخ و الأخذ بما وقع عليه العقد حالا و هو الأقوى عندي و كذا لو اشتراه إلى سنة فأخبر أنه اشتراه إلى نصفها و كذا يتخير المشتري لو ابتاعه بدينار فأخبر أنه اشتراه بدراهم أو بالعكس أو كان قد اشتراه بعرض فأخبر أنه اشتراه بنقد أو بالعكس و ما أشبه ذلك في الردّ و الأخذ بما وقع العقد عليه و كلما قلنا إنه يجب الإخبار به في المرابحة لو لم يفعل تخير المشتري بين الردّ و الأخذ بما اشتراه هو و لا يقع البيع فاسدا و لو اشتريا ثوبا بعشرين فبذل لهما زيادة درهمين فاشترى أحدهما نصيب صاحبه بأحد عشرا خبر بأحد و عشرين [- يا -] بيع المساومة أجود من المرابحة و التولية و يجب الإخبار في التولية كما يخبر في المرابحة و يجوز بلفظ البيع و التّولية و كذا يجب الإخبار في المواضعة بما يجب في المرابحة [- يب -] لو صدّقه المشتري في الغلط بالإخبار حكم عليه و لو أقام بينة بالزائد عن إخباره لم يسمع على ما قلنا و إن ادعى الغلط ما لو أقامها على المشتري بإقراره بالعلم بالغلط فإنّها تسمع و لو طلب المشتري من البائع الحلف على عدم العلم بالزائد وقت البيع كان له ذلك فإن نكل قضي عليه و إن حلف تخير المشتري بين الأخذ بالزيادة على إشكال و الفسخ و لو قيل إن الزيادة لا يلحق العقد فيتخير البائع كان وجها و هل يلزمه مع القبول نصيب الزيادة من الربح الوجه ذلك أن نسب الربح إلى الثمن مثل أن يقول بربح كل عشرة درهما و لو قال بربح عشرة لا غير لم يثبت و لو أخذها بالزائد و نصيبه من الربح لم يكن للبائع خيار و كذا لو أسقط الزيادة عن المشتري [- يج -] لو اشترى شيئين صفقة لم يبع أحدهما مرابحة تماثلا أو اختلفا سواء قومها أو بسط الثمن عليهما بالسّوية و باع خيارهما إلا أن تخبر بالحال و كذا لو اشترى اثنان شيئا صفقة و اقتسما لم يكن لأحدهما نصيبه مرابحة إلا بعد إعلام المشتري بالحال بما ثبت أجزاؤه أو اختلفت [- يد -] لو قوم التاجر متاعا على الواسطة بشيء معلوم و قال له بعد فما زدت على رأس المال فهو لك و القيمة لي

ص: 187

قال الشيخ رحمه اللّٰه جاز و إن لم يواجبه البيع فإن باع الواسطة بزيادة كان له و إن باعه برأس المال لم يكن له على التاجر شيء و إن باعه بأقل ضمن تمام ما قوم عليه و لو رد المتاع و لم يبعه لم يكن للتاجر الامتناع من قبوله و ليس للواسطة أن يبيعه مرابحة و لا يذكر الفضل على القيمة في الشراء و الوجه أن الزيادة لصاحب المتاع و له الأجرة و كذا إن باع برأس المال و إن باع بأقل بطل البيع قال الشيخ و لو قال الواسطة للتاجر خبرني بثمن هذا المتاع و اربح علي فيه كذا ففعل التاجر ذلك غير أنه لو يواجبه البيع و لا ضمن هو الثمن ثم باع الواسطة بزيادة على رأس المال و الثمن كان ذلك للتاجر و له أجرة المثل لا أكثر من ذلك و لو كان قد ضمن الثمن كان له ما زاد على ذلك من الرّبح و لم يكن للتاجر أكثر من رأس المال الذي قرره [- يه -] يجب ذكر الصرف و الوزن في المرابحة مع الإحلاف [- يو -] بيع المواضعة جائز بأن يخبر برأس ماله و بيعه برأس المال و وضيعة كذا و لو قال بوضيعة درهم من كل عشرة كان مكروها و يصح و يطرح من كل عشرة درهما و لو قال الثمن مائة و بعتك بواضعة درهم من كل عشرة لزمه تسعون و يكون الحطّ عشرة و قيل تسعة و جزء من أحد عشر جزءا من درهم فيكون الثمن أحدا و تسعين الأجزاء من أحد عشر من درهم و قوّاها الشيخ لأن عقد الباب هنا في معرفة الثمن أن يضيف الوضيعة إلى رأس المال ثم ينظر قدرها فما اجتمع فأسقطه من رأس المال و هو الثمن فإذا قال رأس المال عشرون بعتك به مواضعة العشرة درهمان و نصف فيضيف إلى العشرين خمسة فيصير خمسة و عشرين و قدر الوضيعة الخمس فأسقطه من عشرين فيبقى ستة عشر ثم جعل الشيخ الذي اخترناه أقوى لأنه إذا قال مواضعة كلّ عشرة واحدا أضاف المواضعة إلى رأس المال فيحذف منه عشرة فيبقى تسعون و لو قال بوضيعة درهم لكل عشرة كانت الوضيعة من كلّ أحد عشر درهما درهما [- ين -] لو اشترى نصف سلعة بعشرة و آخر نصفها بعشرين ثم باعها مساومة بثمن واحد فهو بينهما نصفان و كذا مرابحة أو مواضعة أو تولية و لا يقسم على رأس المال [- يح -] لو جهلا رأس المال في المرابحة أو المواضعة أو التّولية أو أحدهما أو جهلا أو أحدهما قدر الربح أو الوضيعة بطل البيع [- يط -] لو قال اشتر هذا المتاع و أزيدك شيئا فاشتراه لم يلزم الأمر أخذه و لو أخذ من تاجر مالا و اشترى به متاعا يصلح له ثم جاء به إلى التاجر فاشتراه منه لم يكن به بأس إذا كان قد ناب في الشراء و لا يجبر التاجر على بيعه إياه و لو كان اشتراه لنفسه ثم تقل مال التاجر كان المتاع له لا سبيل للتاجر عليه و للتاجر مثل ماله [- ك -] لا يجوز بيع المتاع في أعدال مخرومة و جرب مشدودة إلا أن يكون له بارنامج يوقفه منه على صفة المتاع في ألوانه و أقداره فيجوز بيعه حينئذ فإذا وجد كما وصف لزم و إلا كان له الفسخ [- كا -] لو أمر غيره بشراء متاع له و ينقد من عنده الثمن عنه فاشتراه المأمور و نقد عنه ثم سرق المتاع أو هلك كان من مال الآمر دون المبتاع

المقصد الثامن في بيع الثمار

و فيه [- له -] بحثا [- ا -] يجوز بيع الثمر بعد ظهورها و بدر الصّلاح عاما و أكثر بشرط القطع و التبقية منفردة و منضمة إلى غيرها و لو لم يبد صلاحها قيل يجب ضمها إلى غيرها أو تباع أكثر من عام واحد أو بشرط القطع فيبطل لو خلا عن هذه و قيل يجوز و هو الأقوى و لو باعها قبل الظهور عاما مفردة بطل قولا واحدا و لو باعها كذلك عامين أو منضمة فالوجه البطلان و لا فرق عندنا بين بيعها على مالك الأصل و الأجنبي [- ب -] لو باعها قبل بدو الصّلاح بشرط القطع فزكها حتى بدأ صلاحها لم يبطل البيع و هل يشتركان في الزيادة منع أصحابنا منه و أوجبوا الثمرة للمشتري و عليه أجرة التبقية و عند الجمهور يحتمل ذلك لحصولها في ملكهما لأن المشتري ملك الثمرة و البائع مالك الأصل و هو سبب الزّيادة و الزيادة ما بين قيمتها حين الشراء و قيمتها يوم أخذها و يحتمل ما بين قيمتها قبل بدو الصلاح و قيمتها بعده لأنّ الثمرة قبل بدو الصّلاح للمشتري بتمامها لاحق للبائع بها و لا يبطل البيع لو قعدتا تأخيره وقت الشراء [- ج -] إذا باعها بعد بدو الصلاح صح بشرط القطع و التبقية مطلقا [- د -] الشجر و النخل في الحكم سواء [- ه -] بدو الصلاح في النخل تغير لونه من الخضرة إلى الحمرة أو الصّفرة و فيما له ورد تساقط ورده عنه و في الكرم انعقاد الحصرم و إن كان غير ذلك فحين يخلق و يشاهد و لا اعتبار في ذلك بطلوع الثريا و لا يشترط تناهي عظمه [- و -] إذا بدا صلاح بعض الثمر جاز بيع الجميع سواء كان من نوع ذلك الجنس أو من غير نوعه و لو أدرك ثمرة بستان دون آخر جاز بيعهما تجاورا أو تباعدا و اختار الشيخ رحمه اللّٰه عدم الجواز و ليس بجيّد [- ن -] لا يجوز بيع الخضر كالقثاء و الخيار و شبههما قبل ظهورهما و يجوز بعده إذا انعقد لقطة واحدة و لقطات منفردة عن أصولها و منضمة و يجوز بيع أصول هذه البقول المتكررة ثمرتها من غير شرط القطع و لا فرق بين بيع هذا الأصول و هي صغار أو كبار و لا بين كونها مثمرة أو لا و لو باع ما فيه ثمرة ظاهرة فهي المبايع و يجب على المشتري تركها إلى وقت بلوغها و لو اشترطها المبتاع جاز و لو تجدّد بعد العقد

ص: 188

ثمرة فالمتجدّد للمشتري فإن لم يتميّز اشتركا [- ح -] يجوز بيع ما يجز مرة بعد أخرى بعد ظهوره جزة و جزات بشرط القطع و غيره سواء كان فصيلا أو غيره من البقول و لو اشترى الرطبة و ما أشبهها جزة واحدة بشرط القطع وجب في الحال فلو أخر فكالثمرة إذا بيعت و قد سلف و لو اشترى فصيلا من شعير جزة على أن يقطعه ففعل ثم عاد فنبت فهو لصاحب الأرض و لو اشترى جزتين كان لصاحب الأرض ما ينبت في الثالثة و لو اشتراه بأصوله فقطعه ثم نبت كان لصاحب الزرع خاصّة لا لصاحب الأرض و لو سقط من الزرع حب فنبت في العام المقبل فهو لصاحب الحب لا لصاحب الأرض [- ط -] يجوز بيع ما يخرط مرة و أكثر بعد ظهوره كالتوت و الحناء منفردة و مع الأصول [- ى -] يجوز بيع الثمرة مع أصولها و منفردة سواء كانت بارزة كالتفاح و المشمش أو في قشر يحتاج إليه لإذماره كالجوز في القشر الأسفل أو لا يحتاج كالقشر الأعلى [- يا -] يجوز بيع الزرع سنبلا قائما و حصيدا سواء كان بارزا كالشعير أو مستترا كالحنطة منفردة و منضمة مع أصوله سواء شرط القطع أو لا و يجوز بيعه قبل أن يسنبل بشرط القطع و التبقية و لو أطلق فالوجه وجوب التبقية إلى وقت الحصاد ما لم يقصد الفصيل فيجب على المشتري حينئذ قطعه و لو شرط القطع و لم يقطعه تخير البائع بين قطعه و إبقائه و على المشتري أجرة مثل الأرض و الزكاة إن بلغ النصاب هذا إذا كانت الأرض عشريّة و إن كانت خراجية فعلى المشتري الخراج قاله الشيخ و ابن إدريس و فيه نظر و لو أطلق أو شرط التبقية وجب على البائع إبقاؤه إلى وقت الحصاد و لا أجرة [- يب -] يجوز بيع الحبّ و إن لم يبيض بعد و منعه ابن الجنيد و لا فرق بين أن يبيعه قبل بدو الصّلاح بشرط القطع أو بشرط التبقية في الجواز و لو باعه قبل بدو الصلاح مع الأرض جاز إجماعا و كذا يجوز منفردا لمالك الأرض و غيره على الأقوى [- يج -] لو باع صاحب الأرض نصف أرضه على صاحب الزرع بنصف زرعه جاز فلو شرطا في البيع قطع جميع الزّرع فالأقرب الصّحة و لا يلزم الوفاء بالشرط [- يد -] لو باع البدو قبل خروجه لم يصحّ و إن علما مقداره و كذا لو خرج و باعه البذر و لو باعه مع الأرض صحّ و إن لم يخرج بعد و لو باع المقصود منه مستور كالجوز لم يصحّ حتى يقلع و يشاهد و لو كان الظاهر مقصودا كالبصل فالوجه جوازه منفردا و مع أصوله و كذا لو كان معظم المقصود مستورا على إشكال [- يه -] يجوز بيع الجوز و اللّوز و الباقلاء الأخضر في قشريه سواء كان مقطوعا أو في شجرة و كذا يجوز بيع الحبّ المشتد في سنبله [- يو -] لو باع الأصول بعد انعقاد الثمرة لم يدخل في البيع إلا أن يشرطها المشتري و يجب على المشتري التبقية إلى أوان أخذه بمجرى العادة و لو باع الثمرة جاز أن يستثني أرطالا معلومة و لا فرق بين البستان و النخلة الواحدة أو الشجرة و يجوز أن يستثني ثمرة شجرة بعينها أو شجرات بأعيانها أو نخلة أو نخلات معيّنة و لو استثنى نخلة أو نخلات مجهولة أو أرطالا كذلك بطل البيع و كذا لو استثنى أرطالا معلومة و لم يعين الجنس إذا كان أكثر من واحد و يجوز أن يستثني جزءا مشاعا معلوم النسبة كالثلث و لو كان مجهولا لم يصحّ [- ين -] لو باع قفيزا معلوما و استثنى منه أرطالا معلومة أو جزء معلوما صحّ و لو قال بعتك من هذه الصبرة قفيزا إلا مكوكا صحّ أيضا و لو قال بعتك هذه الثمرة بأربعة دراهم إلا بقدر درهم صح لأنّه بمنزلة بعتك ثلاثة أرباعها بأربعة و لو قال إلا ما يساوي درهما لم يصحّ و لو استثنى من الحيوان جزءا معلوما مشاعا جاز و لو باع قطيعا و استثنى شاة معينة صحّ البيع و كذا لو استثنى جزءا مشاعا معلوم النسبة و لو كانت مجهولة لم يصحّ و لو كان مأكولا فاستثنى الرأس أو الجلد فللشيخ قولان و لو استثنى الحمل جاز [- بح -] لو استثنى المشتري للزرع أو النخل بقاءه إلى أوان أخذه لفظا قيل يبطل للجهالة و إن وجب له ذلك حكما و لو باعه دارا إلا ذراعا معيّنا فإن عين موضعه صح و إلا فلا علما بذرعان الدار أو جهلها أحدهما أو هما و لو استثنى الكسب من السمسم أو الحبّ من القطن لم يصحّ و كذا لو استثنى الشيرج و كذا لو باعه بدينار إلا درهما أو قفيزا لأن قصده رفع قيمة المستثنى منه و هي مجهولة [- يط -] لو استثنى من الثمرة شيئا يصحّ استثناؤه ثم تلف بعض الثمرة سقط من الثنيا بحسابه [- ك -] لو تلفت الثمرة لجائحة قبل القبض فهي من مال البائع و إن كان بعده فمن المشتري سواء كان التالف الثلث أو أقل أو أكثر و لو كان التلف بفعل البائع فمن ضمانه و إن كان من المشتري ضمنه و إن كان من غيرهما فإن كان بعد القبض فله الرجوع على المتلف بالقيمة و إن كان قبله تخير بين الفسخ و الرّجوع على المتلف و لو تلف البعض فالحكم فيه ذلك لكنه إن اختار الإمساك فالأقرب تخير البائع هذا إذا تلف قبل القبض و لو كان بعده فالتلف من المشتري قال الشيخ و لو قلنا إنه ينفتح في مقدار التالف كان قويا و الوجه ما قلناه نحن قال الشيخ رحمه اللّٰه و إذا عجز البائع عن سقي الثمرة أو تسليم الماء ثبت للمشتري الخيار لعجز البائع عن تسليم بعض ما تناوله العقد [- كا -] يجوز

ص: 189

لمشتري الثمرة بيعها في شجرها و ليس بمكروه بزيادة عما اشتراه أو نقصان قبل القبض و بعده [- كب -] لو باع الثمرة و احتاجت إلى البيع قبل يجب على البائع ذلك لوجوب تسليم الثمرة عليه كاملة بخلاف ما لو باع الأصل و استثنى الثمرة فإن المشتري لا يجب عليه السعي فلو أهمل البائع حتى تلفت ضمن و الأقرب عدم انفساخ البيع كالعبد المقبوض إذا كان مريضا قبل القبض و مات [- كج -] قال الشيخ إذا اشترى نخلا على أن يقطعه أجذاعا فتركه حتى أثمر كانت الثمرة له دون صاحب الأرض فإن كان صاحب الأرض ممن قام سقيه و مراعاته كان له أجرة المثل و ينبغي التقييد بإذن صاحب النخل و الوجه وجوب رجوع البائع على المشتري بأجرة الأرض [- كد -] لو باع أصل الحناء و الآس و فيه ورق كان الورق للبائع و لو باع أصل التوت كان الورق للمشتري [- كه -] بيع المحاقلة حرام و هي بيع الزرع بحنطة أو شعير لا كيلا و لا جزافا و لا نقدا و لا نسيئة و هل يشترط كون الحنطة من تلك الغلة قال الشيخ في الخلاف نعم حتى لو باعه الزرع بحنطة من غيرها جاز و قوى في المبسوط المنع و هو الأقوى عندي [- كو -] بيع المزابنة حرام و هي بيع الثمرة بتمر لا نقدا و لا نسيئة لا كيلا و لا جزافا قال الشيخ و يشترط في التحريم كون التمر من تلك الثمرة فلو باعه ثمرة النخل بثمرة من غيرها جاز و الأقوى عندي المنع و استثنى من هذا العرية و هي النخلة تكون في بستان غيره أو داره يشتري ثمرتها صاحب الدار أو البستان دفعا لمشقة التهجم بخرصها تمرا سواء كانت خمسة أوسق أو أزيد أو أقل و لا يجوز أن يبيع جميع تمر حائطه عرايا من رجل واحد أو من رجال في عقود متكررة نعم لو كان له عدة نخلات في عدة مواضع جاز بيعها [- كز -] لا يشترط في بيع العرية أن يكون موهوبة لبائعها و تمنع اشتقاقها من الإعراء و هو أن يجعل الرّجل لغيره ثمرة نخلة عامها ذلك بل سمّيت عرية لتعريها من غيرها و إفرادها بالبيع [- كح -] إنما يجوز بيع العرية بخرصها تمرا لا أزيد و لا أنقص و يجب كون التّمر الذي يشترى به معلوما بالكيل و لا يجوز جزافا و هل يجوز بخرصها رطبا فيه نظر و يشترط مساواة الثمرة وقت صيرورتها تمرا للتمر المدفوع ثمنا [- كط -] يشترط في بيع العرايا البيع بالنقد و لا النسيئة و هل يشترط التقابض في المجلس قال الشيخ نعم و منعه ابن إدريس و القبض في التمر النقل و في الثمرة التخلية و لا يشترط حضور التمر عند النخلة فلو تبايعا و عرفا الثمرة و التمر ثم مضيا إلى النخلة فسلّمها إلى المشتري ثم مضيا إلى التمر فسلّمه إلى صاحبه جاز [- ل -] يجوز بيع العرية للمحتاج إلى أكلها رطبا و لغيره سواء كان معه ثمن غير التمر أو لم يكن و سواء باعها لواهبها تحرزا من دخول صاحب العرية حائطه أو لغيره و لو تركها المشتري حتى صارت تمرا لم يبطل البيع سواء تركه مع الحاجة أو عدمها و سواء كان الترك لعذر أو غيره [- لا -] لا يجوز بيع العرية في غير النخل مثل العنب و سائر الفواكه [- لب -] لو قال بعتك هذه الصبرة من التمر أو الغلة بهذه الصبرة من جنسها سواء بسواء لم يصحّ إلا أن يعلم المقدار وقت العقد سواء تساويا عند الاعتبار أو لا و كذا لو كانت الأخرى من غير الجنس [- لج -] يجوز لأحد الشريكين أن يتقبل حصّة شريكه من الثمرة بشيء معلوم منها و الظاهر أن ذلك ليس على وجه البيع للنهي عنه بل يحمل على الصّلح [- لد -] إذا كان لاثنين نخلتان عليهما ثمرة فحرصاهما تمرا و باعا ثمرة إحداهما بثمرة الأخرى فإن كانتا عريتين صحّ بيعهما و إن لم يكونا عريتين لم يجز [- كه -] لو قال أنا أضمن لك صبرتك هذه بعشرين صاعا فما زاد فلي و ما نقص فعلي إتمامها لم يجز إجماعا و كذا لو قال عدّ قثاءك أو بطيخك فإن زاد على مائة فلي و ما نقص فعليّ أو اطحن حنطتك فما زاد على كذا فلي و ما نقص فعلي

المقصد التّاسع في بيع الحيوان
اشارة

و فيه فصول

الأوّل فيمن يصح بيعه

و فيه [- ن -] مباحث [- ا -] كل حيوان مملوك يجوز بيعه و شراؤه جميعه و أبعاضه المشاعة المعلومة النسبة و لو استثني الرأس أو الجلد فإن لم يكن الحيوان مأكولا لم يصحّ البيع و إن كان مأكولا قال ابن إدريس يجوز ذلك و يكون له الرأس و الجلد و نقله عن السيّد المرتضى و قال الشيخ يكون شريكا للمبتاع بمقدار الرأس و الجلد و كذا لو اشترك اثنان فما زاد في شراء حيوان و شرط أحدهم لنفسه الرأس و الجلد و لو استثنى شحم الحيوان ففي الصحة إشكال و لا بأس باستثناء الحمل الموجود لا المعدوم و انتفاء خدمة العبد مدة من الزّمان و ركوب الدابّة مسافة معلومة أو أيّاما معلومة [- ب -] الكفر الأصلي سبب لاسترقاق المحارب و ذراريه و يسري الرّق في عقبه و إن زال الكفر و لقيط دار الحرب مملوك بخلاف دار الإسلام و لو بلغ الملتقط في دار الإسلام فأقر بالعبودية حكم عليه و قال ابن إدريس لا يحكم عليه بالرّق و ليس بمعتمد [- ج -] كل أحد يصح الرّجل أن يملكه عدا أحد عشر الآباء و الأمّهات و الأجداد و الجدّات و إن علوا و الأولاد و أولادهم ذكورا و إناثا و إن نزلوا و الأخوات و العمات و الخالات و بنات الأخ و بنات الأخت و بالجملة النّسب ضربان ذكور و إناث فالذكور يملكون عدا العمودين و هما الأبوان و إن علوا

ص: 190

و الأولاد و إن نزلوا كالابن و ابن الابن و ابن البنت و هكذا و يملك من عدا هؤلاء من العم و الخال و الأخ و غيرهم و الإناث يصحّ أن يملكن عدا المحرمات عليه في النكاح تحريما مؤبدا و النسب من عداهنّ يجوز تملكها كبنت العمّ و بنت الخال و معنى عدم تملك هؤلاء انتفاء استقراره لا انتفاء ابتدائه فلو ملك إحدى هؤلاء عتق عليه في الحال و كذا المرأة يصحّ أن تملك كل أحد عدا الآباء و إن علوا و الأولاد و إن نزلوا [- د -] لو ملك الرّجل أو المرأة أحد أقاربه من الرّضاع الذين لو كانوا نسبا عتقوا قال الشيخ يعتق كالنسب و منعه ابن إدريس و نقله عن المفيد و الوجه ما قاله الشيخ رحمه اللّٰه [- ه -] لو ملك كل من الزّوجين صاحبه صح لكن يبطل النّكاح [- و -] الكافر لا يصح أن يملك المسلم ابتداء و لو كان له مملوك كافر فأسلم المملوك أجبر على بيعه من المسلم و أخذ ثمنه مولاه [- ز -] كل من أقرّ على نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع شرائط الإقرار و عدم شهرته بالحرّية و لا يقبل رجوعه سواء كان إقراره لكافر أو مسلم و لو أقرّ المشهور بالحرّية لم يحكم عليه بالرّق و لو اشترى عبدا فادعى الحرّية لم يقبل إلا بالبيّنة

الفصل الثّاني في أحكام الابتياع

و فيه [- يه -] بحثا [- ا -] إذا اشترى حيوانا آدميّا كان أو غيره و لم يسقط الخيار ثبت له الخيار خاصة ثلاثة أيام فإن حدث فيه عيب بعد العقد و قبل القبض تخير المشتري بين الرد و الأرش و لو تلف كان من مال البائع و لو قبضه ثم تلف أو حدث فيه عيب في الثلاثة كان من مال البائع أيضا ما لم يحدث فيه المشتري حدثا و لو حدث فيه عيب عند المشتري من غير جهة لم يسقط حقّه من الردّ بأصل الخيار و في الأرش مع الإمساك نظر و لو حدث العيب بعد انقضاء الثلاثة بطل الرد بالخيار و بالعيب السابق [- ب -] يصحّ بيع الحامل منفردة عن الحمل و منضمّة إليه فإن أطلق لم يدخل الحمل و لو اشترطه المشتري صحّ فلو سقط قبل القبض رجع المشتري بحصة الولد من الثمن بأن يقوم الأم حاملا و مجهضا و يرجع بنسبة التفاوت من الثمن [- ج -] لو قال لغيره اشتر حيوانا بشركتي صح البيع لهما و الثمن عليهما فإن أذن له في أداء نصيبه عنه جاز و يرجع عليه و لو تبرّع لم يرجع و لو تلف المبيع كان بينهما و للمأمور الرجوع على الآمر بما نقد عنه [- د -] إذا اشترى عبدا ذا مال كان ماله لبائعه إلا أن يشترطه المشتري سواء علم به أو لا و للشيخ تفصيل ضعيف و لو اشتراه مع ماله و كان ربويا اشترط المخالفة في الجنس أو زيادة الثمن أو انضمام غير جنسه إليه و إن قل [- ه -] لو قال اشتر حيوانا بشركتي و شرط أن الرّبح له و لا خسران عليه قال الشيخ رحمه اللّٰه يجوز ذلك و منعه ابن إدريس و هو قويّ [- و -] لو أراد أحد الشريكين الردّ بالعيب و الآخر الأرش للشيخ قولان ففي الخلاف تسويغه و اختاره ابن إدريس و منع في غيره [- ز -] يجوز النظر إلى وجه المملوكة و محاسنها إذا أراد شراءها و لو لم يرد لم يجز [- ح -] يستحبّ لمن اشترى مملوكا أن يغيّر اسمه و أن يطعمه شيئا من الحلاوة و أن يتصدق عنه شيء و يكره أن يريه ثمنه في الميزان فإنه لا يصلح و أن يطأ من ولدت من الزنا بالعقد و الملك [- ط -] العبد لا يملك شيئا سواء ملكه مولاه أو لا و قيل يملك فاضل الضريبة و أرش الجناية و ما يملّكه مولاه و ليس بمعتمد فلو باعه و ماله كان الحكم ما تقدم فلو ردّ العبد للعيب رد المال أيضا فلو تلف ماله ثم أراد ردّه كان بمنزلة العيب المتجدّد عند المشتري [- ى -] من اشترى جارية حرّم عليه وطؤها قبلا و غيره و تقبيلها و لمسها بشهوة حتى يستبرئها بحيضة أو خمسة و أربعين يوما إن كان مثلها تحيض و لم تحض و يجب على البائع استبراؤها قبل بيعها بما قلناه إن كان قد وطئها و مع استبراء البائع يسقط وجوب استبراء المشتري و كذا يسقط لو أخبر الثقة باستبرائها خلافا لابن إدريس أو كانت لامرأة أو كانت صغيرة ليست في سنّ من تحيض أو كانت يائسة أو حاملا أو حائضا [- يا -] قال الشيخ لو ملك الجارية بهبة أو إرث أو استغنام لم يجز له وطؤها إلا بعد الاستبراء و منع ابن إدريس ذلك و اقتصر بوجوب الاستبراء على عقد البيع [- يب -] لا يجوز وطء الحامل قبلا قبل مضي أربعة أشهر و عشرة أيام و يكره بعده حتى تضع و لو وطئها استحب أن يعزل عنها فإن لم يفعل كره له بيع ولدها و ليس بمحرم و يستحب أن يعزل له من ميراثه قسطا [- يج -] لو قال بع عبدك من فلان على أن عليّ خمسمائة لم يصحّ بيعه بهذا الشرط لأن الثمن يجب على المشتري أجمع فإذا شرط بعضه على غيره ملك الثمن و المثمن و قال في المبسوط يصح لقوله عليه السّلام المؤمنون عند شروطهم و فيه قوة بخلاف ما لو قال طلق زوجتك و عليّ خمس مائة أو أعتق عبدك و عليّ خمسمائة لأنه عوض في مقابلته فكذلك و لو قاله على جهة الضمان جاز في الجميع [- يد -] توضع الجارية زمان الاستبراء عند المشتري سواء كانت حسنة أو قبيحة و لا يلزمه وضعها عند غيره فإن جعل ذلك عند من يثق به كان جائزا و لو باعها بشرط المواضعة صح و كذا لو أطلق ثم اتفقا على المواضعة و لو هلكت أو غابت فمن ضمان المشتري إن كان قبضها و إلا فمن البائع

ص: 191

و النفقة في مدة الاستبراء على البائع مع المواضعة [- يه -] يكره التفرقة بين الأطفال و أمّهاتهم حتّى يستغنوا عنهن ببلوغ سبع سنين و قيل بلوغ مدة الرّضاع و قيل يحرم التفرقة و الأقرب الأوّل و الوجه عدم كراهية التفريق بين الولد و الأب أو بين غيره من ذوي الأرحام و بينه سواء قرب أو بعد ذكرا كان أو أنثى و لو فرق بين الأم و الولد قبل السبع صحّ البيع

الفصل الثّالث في مباحث من هذا الباب

و هي [- يب -] بحثا [- ا -] إذا أولد جارية ثم ظهر أنها لغير البائع انتزعها المالك و على الواطئ عشر قيمتها إن كانت بكرا و نصف العشر إن كانت ثيّبا و قال ابن إدريس مهر أمثالها و ينعتق الولد حرّا و على الأب قيمته يوم ولد و أجرة مثلها مدة بقائها في يده و يرجع على البائع بما اغترمه على أنّه له بعوض و هو ثمن الرقبة أو على أنه له بغير عوض و لم يحصل في مقابلته نفع و هو قيمة الولد و هل يرجع بما دخل على أنه بغير عوض و حصل له في مقابلته نفع و هو مهر المثل في مقابلة الاستمتاع أو العشر أو نصفه عند آخرين قيل نعم لأن البائع أباحه بغير عوض و قيل لا لحصول عوض في مقابلته و فيه قوة [- ب -] لا يجوز بيع أمهات الأولاد مع وجود أولادهنّ إلا في ثمن رقبتهنّ مع عدم غيرهنّ و لو مات السّيد و خلّف أم ولد و ولدها و أولادا جعلت في نصيب ولدها و تعتق في الحال و إن لم يخلف سواها انعتقت بنصيب ولدها و استسعت في نصيب باقي الورثة [- ج -] يجوز شراء ما يسبيه الظالمون مع استحقاقهم للسبي و وطئه و إن كانت للإمام و كذا كل ما يؤخذ من دار الحرب بغير إذن الإمام يجوز تملكه في حال الغيبة [- د -] يجوز شراء أمة الطفل من وليّه و يباح وطؤها من غير كراهية و كذا يجوز شراء المماليك من الكفار إذا أقروا لهم بالعبودية أو قامت لهم البيّنة بذلك أو كانت أيديهم عليهم [- ه -] إذا اشترى من غيره عبدا فدفع البائع اثنين ليختار منهما فأبق أحدهما من المشتري قال الشيخ يرد الباقي و يسترجع نصف الثمن المدفوع و يطلب الآبق فإن وجده اختار و رد النّصف و إن لم يجده كان العبد بينهما و هي رواية السكوني عن الصادق و الطّريق ضعيف و الوجه أن البيع إن وقع على عبد من عبدين بطل و ضمن المشتري الآبق بقيمته و إن وقع على موصوف في الذمة صحّ البيع و ضمن التالف بالقيمة و له المطالبة بالعبد الثابت في الذمة [- و -] الجارية المشتركة إذا وطئها أحدهم درئ عنه الحدّ مع الاشتباه و إلا فبقدر نصيبه و تقوم الأمة و يلزمها إن كانت أكثر من ثمنها الذي اشتريت به و إلا بالثمن قاله الشيخ و الوجه إلزامه بأرش البكارة بعد إسقاط نصيبه منه خاصة إلا أن يحبلها فيغرم ثمنها يوم الجناية و ثمن ولدها يوم سقوطه حيّا بعد إسقاط نصيبه منها [- ز -] المملوكان إذا كانا مأذونين في التجارة فاشترى كلّ منهما صاحبه كان العقد للسّابق فإن اتفقا معا قال في النهاية يقرع بينهما فمن خرج اسمه كان البيع له و يكون الآخر مملوكا و قد روي أنّه إذا اتفق أن يكون العقدان في حالة واحدة كانا باطلين و الأحوط ما قدمناه و ابن إدريس أفتى بهذه الرواية و هي رواية أبي خديجة عن الصّادق عليه السّلام و الوجه عندي صحّة البيعين معا إن كانا وكيلين إذ كل منهما مملوك لمولى الآخر أما لو قلنا أن الموليين ملكاهما شيئا فاشترى كلّ منهما صاحبه به لنفسه و قلنا إن العبد يملك فالوجه البطلان و فتوى الشيخ في النهاية يعطي الحمل على ذلك بقوله و كان الآخر مملوكه و كذا إن اشتريا بالإذن [- ح -] إذا قال مملوك إنسان لغيره اشترني و لك علي كذا قال الشيخ إن كان للملوك مال حال القبول لزمه دفع ما شرطه و إلا فلا و هو بناء على قاعدته من أن العبد قد يملك فاضل الضريبة و أرش الجناية و ما يملكه مولاه [- ط -] لو ولدت جاريته من زنى جاز بيع الولد و تملكه و الحج بثمنه و الصدقة به و إنفاقه و لو كانت أنثى جاز له وطؤها على كراهية و ينبغي له العزل و منع ابن إدريس من وطئها بناء على كفرها و ليس بشيء [- ى -] إذا دفع إلى النخاس ثلاث جوار للبيع و شرط له نصف الربح فباع اثنتين و أحبل المالك الثالثة قال الشيخ لزمه دفع ما شرط فيما باع خاصة و الأقرب دفع أجرة المثل [- يا -] لو اشترى جارية سرقت من أرض الصلح ردها على البائع أو ورثته و استرجع الثمن و لو لم يخلف وارثا استسعيت في ثمنها قاله الشيخ و الوجه دفعها إلى الحاكم ليجتهد على ردّها على من سرقت منه [- يب -] لو أعطى مملوك غيره المأذون في التجارة مالا ليعتق عنه نسمة و يحج فاشترى المملوك أباه و أعتقه و أعطاه باقي المال ليحج عن صاحبه ثم اختلف مولى المملوك و ورثة الآمر و مولى الأب فادعى كل منهم شراء الأب بماله قال الشيخ رحمه اللّٰه يرد المعتق على مولاه الذي كان عنده يكون رقّا كما كان ثم أي الفريقين أقام البينة أنه اشترى بماله سلم إليه و إن كان المعتق قد حج لم يكن إلى ردّ الحجة سبيل قاله الشيخ رحمه اللّٰه و الوجه أن القول قول سيّد المأذون و العبد المبتاع لسيّد المأذون و عتقه باطل

المقصد العاشر في السّلم
اشارة

و فيه مقدمة و فصول

أمّا المقدّمة ففي ماهية و شروطه

السّلم و السلف شيء واحد يقال أسلم و أسلف و سلف و لا يستعمل الفقهاء سلم و إن كان جائزا

ص: 192

و هو بيع عوض موصوف في الذمة إلى أجل معلوم بثمن حاضر و هي نوع من البيع ينعقد بما ينعقد به البيع و بلفظ السلم و السلف و يتحقق فيه شروط البيع و في جواز انعقاد البيع بلفظ السلم إشكال و إن جاز العكس قطعا و هو جائز بلا خلاف و شروط السّلف ستة ذكر الجنس و الوصف و الأجل و قبض الثمن قبل التفرق و تقدير السلم فيه بالكيل أو الوزن و وجوده غالبا وقت حلوله

الفصل الأوّل الوصف و الجنس

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] يجوز إسلاف الأعواض فيها إذا اختلفا و في الأثمان و بالعكس و لا يجوز إسلاف الأثمان في مثلها و إن اختلفا [- ب -] لو أخل بذكر الجنس بطل السّلم و نعني بالجنس اللفظ الدال على الحقيقة كالحنطة مثلا أو الأرز أو العبد و لو ذكر الجنس و أخل بالوصف أعني اللفظ المميز بطل [- ج -] يجب كون المسلم فيه مما ينضبط بالصفات التي يختلف الثمن باختلافها بحيث لا يتغابن الناس بمثله في السّلم فيصحّ السّلم في الحبوب و الحيوان و الثمار و الدقيق و الخضرة و الرّمان و باقي الفواكه و ما ينبته الأرض و البيض و الكاغذ و الجوز و اللوز و الألبان و السمون و الشحوم و الأطياب و الثياب و الأشربة و الأدوية البسيطة و المركبة إذا عرف مقدار بسائطها و الحديد و الرّصاص و الصّفر و النحاس و الطعام و جميع الحيوان و لا يصحّ فيما لا يضبط وصفه كاللآلي و الجواهر التي يتحلّى بها كالياقوت و الزّبرجد و العقيق و الفيروزج و اللحم طرية و مشوية و الخبز و الجلود و النّبل المعمول و العقار و الأرض و القسي المعمولة و قال الشيخ لا يجوز السّلف في القز و يجوز في قز قد خرج منه الدود [- د -] المركبات إن تميّزت أجزاؤها و هي مقصودة كالثياب المنسوجة من قطن و كتان يصحّ السّلم فيها الثاني ما يركب من مقصود و غيره لمصلحة المقصود كالإنفحة في الجبن و الملح في الخبز و الماء في الخل يصح فيه أيضا الثالث أجزاؤه مقصودة غير متميّزة كالغابة و المعاجين يصحّ السّلم فيها إن علمت مقاديرها و إلا فلا الرّابع غير مقصود و لا مصلحة فيه كالماء المشوب في اللبن لا يصحّ فيه لعدم ضبطه [- ه -] يصح السّلم فيما مسّته النار إذا أمكن ضبطه بالوصف و في الخبز إشكال أقربه العدم لتعذر ضبطه بالوصف و جواز إقراضه للعادة دفعا للضّرورة لا يستلزم جواز السّلف [- و -] النبل المعمول و الشّاب لا يجوز السّلم فيهما و يجوز في عيد أنهما قبل تحتها [- ز -] لا يجوز السّلف في الرءوس و الأطراف و كذا لا يجوز في الجلود لتفاوتها فالورك ثخين قوي و الصدر ثخين رخو و البطن رقيق ضعيف فلا يمكن ضبطه قال الشيخ يجوز إذا عين الغنم و شوهد الجلود و هو ليس بسلم في الحقيقة [- ح -] قد بينا أن شرط صحته ذكر الوصف و الإجماع واقع على ذكر الجودة و يجب ذكر ما عداه بعد ذكر الجنس و النوع مما يختلف الثمن باختلافه و يجب في الوصف الميزان يؤتى فيه بلفظ يعرفه غير المتعاقدين و لا يكفي الجنس و النّوع و الجودة و لا يجوز أن يستقصى في الأوصاف بحيث يندر وجود المسلم فيه و كذا لا يصحّ اشتراط الأجود بخلاف الجودة و لو شرط الأردى فالأقرب جوازه لعدم العجز عن تسليم ما يجب قبوله و يترك كل وصف مذكور على أقل الدرجات و لو أسلف في ثوب على صفة خرقة إحضراها لم يجز لإمكان تلفها فيحصل جهالة الوصف [- ط -] لو أسلم في جارية و ولدها جاز و كذا جارية و أختها أو عمّتها أو خالتها و في جارية حبلى أو شاة كذلك و عندي في ذلك كله إشكال أما لو أسلف في جارية معها ولد أو شاة كذلك جاز قطعا [- ى -] لا يجوز السلم في الحطب حزما و لا في الماء قربا و راويا و يجوز إذا عين صنف الماء و قدره بالوزن [- يا -] يجب في كل سلم ذكر أمرين الجنس و الجودة أو الرواية و يختص كل جنس بعد ذلك بصفات مميزة فيذكر في التمييز بعدهما النوع من برني أو معقلي و البلد من بصري و كوفي و القدر من كبار و صغار و الزمان من الحديث و العتيق و اللون من الأسود و الأحمر و لو كان النّوع واحد اللون اكتفي بالنوع عنه و إذا أطلق العتيق إجزاء ما يطلق عليه اسم العتيق ما لم يكن مسوما و لا حشفا و لا متغيّرا و لو قال عتيق عام أو عامين صح و يذكر في الرطب هذه الأوصاف إلا بالحديث و العتيق و لا يأخذ من الرطب إلا ما أرطب كله لا المنصف و لا قديما قارب أن يتمسّر و لا المشدخ و هو ما لا يترطب فشدخوه و كذا البحث في العنب و الفواكه [- يب -] يشترط في التبر مع الجنس و النّوع أوصاف أربعة البلد كالشامي و العراقي و قدر الحبّ من الصغار و الكبار و الحديث أو العتيق و اللّون كالحمرة و الصّفرة و البياض و الأحوط أن يقال حصاد عام أو عامين و ليس شرطا و إنما يأخذ المشتري مع شرط الجودة ما كان سليما من العيوب مثل تسويس أو ماء أصابها أو عفونة و إنما يأخذها مصفى قد أزيل عنه قشرة و كذلك الحكم في الشعير و جميع التقطينات من العدس و الحمّص و شبههما [- يج -] يشترط في العسل البلد كالجبلي و البلدي و اللّون كالبياض و الصّفرة و الزمان كالربيع و الخريفي و له المطالبة بعسل المصفّى من الشمع و لو صفي بالنار لم يجبر على أخذه لأنها تغير طعمه [- يد -] يشترط في الحيوان كله ذكر النوع و السنّ و الذكورة و الأنوثة و اللون و يرجع في السّن إلى قول السيدان كان صغيرا

ص: 193

و لو كان كبيرا رجع إلى قول الغلام على إشكال و مع الاشتباه يرجع إلى أهل الخبرة فيأخذ بالتقريب و لا بد في الرقيق من النوع إن اختلف كالزّنجي منه و النوبي و غيره و لا بد من ذكر القدر كالسداسي و الخماسي يعني ستّة أشبار أو خمسة و لا يشترط وصف آحاد الأعضاء لأنّه يقضي اجتماعها إلى عسرة الوجود فيؤدي إلى عسرة التسليم و لا يحتاج في الجارية إلى ذكر السبوطة و الجعودة و لو شرطه لزم و في اشتراط ذكر البكارة و الثيوبة إشكال ثم لو ذكرهما لزم و لا يجب ذكر جميع الشكل مثل مقرون الحواجب أدعج العينين فإن ذكر لزم قال الشيخ لا يجوز أن يسلم في خنثى لأنه ربما لا يتفق و لا في جارية معها ولدها و لو اشترط في العبد أن يكون حيازا أو في الجارية أن يكون ماشطة صحّ ما يقع عليه الاسم و كذا منع من جارية حبلى [- يه -] إذا أسلم في الإبل وجب ذكر السنّ مثل بنت لبون أو حقة و الذكورة و الأنوثة و الجيد و الرديء و اللون الأحمر و الأسود و النتاج و هو كونها من نتاج بني فلان و النوع مثل بختية أو عربية و يستحب ذكر برئه من العيوب و كذا أوصاف الخيل كأوصاف الإبل و أما البغال و الحمير فلا نتاج لهما فيجعل بدل ذلك نسبتهما إلى بلدهما و البقر و الغنم كالإبل إن كان لهما نتاج و إلا فكالبغال و يذكر في الخيل و البقر و الغنم النوع فيقول عربية أو هجين أو برذونة أو ماعز و لا يجب التعرض في الحيوان كله للشيات كالماعز و المحجل [- يو -] يذكر في السّمك النوع كالشبوط و البياح و الكبر و الصغر و السّمن و الهزل و الطري و المالح [- يز -] لا بد في السّمن من النوع بأن يقول من ضأن أو ماعز أو بقر و اللون من الصّفرة و البياض و إطلاقه يقتضي الحديث فلا يحتاج إلى شرط و يصف الزبد بذلك و يذكر زبد يومه أو أمسه و لا يلزمه أخذ الرقيق منهما إلا للحر و يذكر في اللبن المرغى و النوع و لا يجب ذكر اليوم لأن إطلاقه يقتضي لبن يومه و الوجه أنه يصحّ في اللبن المخيض مع ضبطه و يذكر في الجبن النوع و المرغى و الرطوبة و اليبوسة و كونه حديثا أو عتيقا و يوصف اللبأ بصفات اللبن و يزيد اللّون و الطبخ أو عدمه [- يح -] يحتاج في الثوب إلى أوصاف ستّة النوع من قطن أو كتان و البلد و الطّول و العرض و الصفاقة و الرقاقة و الغلظة و الدّقة و النعومة و الخشونة و لو ذكر اللون لم يجز و لا يحتاج إلى الخام و المقصور بل ينصرف الإطلاق إلى الأوّل و إن ذكر المقصور لزم و لو ذكر مغسولا أو ملبوسا لم يجز و لو قال مصبوغا جاز إن كان مما يصبغ بعد نسجه قيل لم يجز لعدم الوقوف على النعومة و الخشونة و لو اختلف الغزل كالقطن و الإبريسم صح إن علم قدر كل واحد بأن يقول السداء الإبريسم و اللحمة القطن أو بالعكس و إلا فلا و لا يشترط غزل امرأة بعينها و لا نساجة رجل معين [- يط -] يحتاج في غزل القطن و الكتان إلى ذكر البلد و اللون و الغلظ و الدقة و النعومة و الخشونة و لو أسلف في القطن لم يحتج إلى الغلظ و الدّقة فإن شرط نزوع الحب جاز و إلا كان له بحبه و يذكر في الإبريسم البلد و اللون و الغلظ و الدقة و في الصوف البلد و اللون و الطّول و القصر و الزمان من الخريفي و الرّبيعي و الأقرب عدم اشتراط الذكورة و الأنوثة فإن شرط الأنوثة لزم و يجب تسليمه قصبا من البصر و غير و يذكر منه الجنس و الشعر و الوبر كالصوف و يضبط الكاغذ بالطول و العرض و الغلظ و استواء الصنعة و ما يختلف الثمن معه و الرّصاص و النحاس و الحديد بالنوع و النّعومة و الخشونة و اللون إن كان يختلف و يزيد في الحديد الذكر و الأنثى فإن الذكر أحد و أمضى و يضبط أقداح الخشب بالنّوع و القدر و السخن و الرقة و السّيف بنوع حديده و طوله و عرضه و دقته و غلظه و بلده و قدمه أو حدوثه و يصف القبضة و الجفن [- ك -] يذكر في الخشب للبناء النّوع و اليبس و الرطوبة و الطول و الثخن فيدفع ما هو بذلك العرض المشترط و الثخن من طرفه إلى طرفه أو يكون أحد طرفيه أغلظ من المشترط و له خال من العقد و لا وفود الغلظ و اليبس و الرّطوبة و الوزن و يذكر في الحجارة للبناء النوع و اللّون و الندر و الوزن و للأرحية الدّور و الثخن و البلد و النوع و للآنية النوع و اللون و القدر و يصف الآجر و اللبن بموضع التربة و اللّون و القدر و الثخانة و في الجص و النورة اللون و الوزن و لا يقبل ما أصابه الماء فجف و لا ما صادم عهده و التراب يضبط بمثل ذلك و يقبل الطين الذي قد جفّ إن لم يذهب بعض منافعه و في العنبر اللون و البلد و إن شرط قطعة أو قطعتين جاز و إن لم يشترط فله أن يعطيه صغارا أو كبارا و يضبط الهندي منه ببلده و بالجملة يضبط كل جنس مما يجوز السّلف فيه بما يختلف به [- كا -] لو أسلم في شاة لبون صحّ و كان شرطا في النوع لا سلما في اللبن و لا يلزمه تسليم اللبن في الضرع بل له حلبها و تسليم الشاة من غير لبن [- كب -] يذكر في الأواني الجنس إما من حديد أو صفر و النوع كالإبريق و القمقمة و السطل و غيرها و القدر و الطول و السمك و السّعة و كونه مضروبا أو مفرغا و الأحوط ذكر الوزن قال الشيخ لو لم يذكر جاز

الفصل الثاني في الكيل و الوزن

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] كل مكيل أو موزون أو معدود لا يجوز بيعه جزافا سلما و حالا و يجب أن يقدره بمكيال أو أرطال معلومة عند الناس فإن قدره بإناء معين و ضجة معيّنة غير معلومة المقدار لم يصح و إن كانت معلومة المقدار صح و لا يشترط

ص: 194

الوزن و لا الكيل بتلك المعيّنة [- ب -] لو أسلم فيما يكال وزنا أو يؤذن كيلا فالأقرب الجواز و الحبوب كلها مكيلة و كذا التمر و الزبيب و الفستق و البندق و الملح و لا يسلم في اللبإ إلا وزنا و يجوز الوزن و الكيل في السمن و الزبد و اللّبن و لا يجوز السّلم في الجوز و البيض و الرّمان و البطيخ و البقول كلها إلا وزنا [- ج -] يجب تقدير المزروع بالزرع بلا خلاف و لو كان السلم فيه يتعذر وزنه لثقله وزن بالسفينة فيوضع فيها ثم يوضع رمل أو شبهه إلى أن يساوي الأول في العوض و يوزن بالرمل فيكون قدر ذلك [- د -] كل ما ليس بمكيل و لا موزون و لا مزروع إن كان معدود إلا يتباين كثيرا كالجوز يجوز السّلم فيه عددا و المتباين كالرمان لا يجوز بيعه عددا بل وزنا و كذا ما ليس بمعدود من البطيخ و البقول [- ه -] لا يجوز السلم في القصب أطنانا و لا في الحطب حزما و لا في المخزون جززا [- و -] يجب كون الثمن مشاهدا أو موصوفا وصفا يرفع الجهالة و يكون معلوم المقدار و لا يكفي مشاهدته مع جهالة مقداره

الفصل الثالث في قبض الثمن

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] قبض الثمن قبل التفرق شرط في صحة السّلم فلو تفرقا قبل قبضه بطل سواء كان التأخير شرطا أو لم يكن [- ب -] لو قبض بعض الثمن ثم افترقا قبل قبض الباقي صحّ السلم في القدر المقابل للمقبوض خاصّة و بطل ما قابل غير المقبوض [- ج -] لو اشترط في السلم إقباض البعض و تأخير الباقي بطل في الجميع و لو شرط تعجيل البعض و إندار الباقي من دين للمشتري على البائع لم أستبعد جوازه و أبطل الشيخ ما قابل الدين و تابعه ابن إدريس في ذلك و كذا لو شرط أن يكون الثمن بأجمعه من دين له عليه فالوجه الكراهية و قيل بالمنع لأنّه بيع دين بمثله [- د -] لو قبض الثمن فوجده رديئا فرده و كان الثمن معيّنا بطل العقد و لو كان في الذمة فله إبذاله في المجلس و لو تفرقا ثم علم بالعيب فالأقرب الإبطال مع الردّ و لو وجد بعضه رديئا فالحكم ما تقدم لكن مع البطلان في الرديء لا تبطل في غيره و لو كان المعيب من غير جنس الثمن بطل العقد و لو كان من جنسه جاز له أخذ الأرش أو الرد [- ه -] لو خرج الثمن مستحقا و هو معين بطل العقد و لو كان مطلقا فله المطالبة ببدله في المجلس و لو تفرّقا قبله بطل العقد و لو خرج بعضه مستحقا بطل في المستحقّ خاصة

الفصل الرّابع في تعيين الأجل

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] يشترط كون المسلم فيه دينا فلا ينعقد في العين لأن لفظ السّلم للدين و الوجه انعقاده فيه بيعا بخلاف ما لو قال بعت بلا ثمن فإنّه لا ينعقد هبة و لو أسلم بلفظ الشراء انعقد و الوجه انعقاده سلما فيجب تسليم رأس المال في المجلس و لا يشترط في السلم فيه كونه مؤجلا و يصحّ السلم الحال لكن يصرّح بالحلول فإن أطلق فالوجه البطلان سواء ذكر الأجل قبل التفرّق أو لا [- ب -] يجب كون الأجل معلوما مضبوطا لا يتطرق إليه الزيادة و النقصان كالسنة و الشهر و اليوم و لا يجوز أن يكون مما يقبل التفاوت كالحصار و الجذاذ و لو شرط العطاء و أراد الفعل بطل و إن أراد وقته و هو معلوم صح [- ج -] لا يجب كون مدة الأجل لها وقع في الثمن كالشهر و ما قاربه بل يجوز تقديره و لو بنصف يوم و لا يتقدّر في الكثرة بحد بل يجوز اشتراط سنين كثيرة و قال ابن الجنيد لا أختار أن يبلغ بالمدة ثلاث سنين لنهي النبي صلّى اللّٰه عليه و آله عن بيع السنين و ما قلناه أولى [- د -] إذا جعل الأجل إلى شهر كذا تعلق بأوّله و هو آخر نهار الشهر الذي قبله و لو قال إلى يوم كذا حل بأوّل فجره و لو كان يتناول شيئين كجمادى و ربيع و نفس الحجيج تعلق بأولهما و لو قال إلى ثلاثة أشهر كان إلى انقضائها و لو قال إلى شهر كان إلى آخره و ينصرف إطلاق الأشهر إلى الهلالية و الشهر أما عدّة بين هلالين أو ثلاثون يوما و لو قال في أثناء الشهر إلى ثلاثة كملنا شهرين بالهلال و شهرا بالعدد ثلاثين [- ه -] لو قال محله شهر كذا أو يوم كذا أحل بأوله [- و -] يصح السلم قطعا إذا كان الأجل معلوما بالأهلة و هو أن يسلم إلى وقت يعلم بالهلال نحو أول الشهر أو وسطه أو آخره أو يوم معلوم منه و كذا يجوز إلى الفطر و النحر و عاشوراء و الغدير و عرفه و كذا يجوز إذا كان الأجل بغير الأهلة بشرط معرفته مثل كانون و شباط و لو قال إلى يوم النّيروز و كانا يعرفانه جاز بخلاف عيد السعاتين لليهود و النصارى و عيد الفطر لأنه يتقدم و يتأخّر و المسلمون لا يعلمونه و لا يجوز تقليد أهل الذّمة فيه [- ن -] لو قال إلى جمعة أو رمضان حل بأوّل جزء منه و لو قال محلّه في الجمعة و في رمضان قال الشيخ صحّ و ربما احتمل البطلان لأنه جعله ظرفا و كان مجهولا و لو قال إلى أوّل الشهر أو إلى آخره صح و لا يكون مشتركا بين المتعارف و بين النصف الأوّل أو الأخير [- ح -] يجب كون المسلم فيه عام الوجود عند الحلول بلا خلاف فلا يجوز السلم في الفواكه إذا جعل الأجل وقت تعذّرها و كذا لا يجوز لو جعله إلى محل لا يعم وجودها فيه كوقت أول العنب فيه أو آخر وقته [- ط -] لا يجوز أن يسلم في ثمرة بستان بعينه أو قرية صغيرة لإمكان انقطاعه و كذا لا يجوز أن يكون الغزل من امرأة بعينها أو الغلة من درع بعينه

ص: 195

[- ى -] لا يشترط كون المسلم فيه موجودا وقت السلم لجواز السلم أوان الثناء في الرطب

الفصل الخامس في الأحكام

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] إذا تعذّر تسليم المسلم فيه عند المحلّ إما لعجزه أو لغيبته المسلم حتى يعدم العين أو لم يحمل الثمار تلك السنة تخير المسلم بين الصبر إلى أن يوجد الثمار في العام المقبل أو يفسخ العقد و يرجع بالثمن إن كان موجودا أو مثله أو قيمته إن لم يكن مثليا و لو قبض البعض و تعذّر الباقي تخيّر بين الفسخ في الكل و في البعض و الرجوع بما قابل المفسوخ من الثمن و بين الصبر إلى القابل فإن فسخ فالوجه أن البائع تخير أيضا و لو اختار المشتري أخذ البعض بجميع الثمن سقط خيار البائع و ابن إدريس منع من ثبوت الخيار للمشتري في الكل و البعض و هو خطاء [- ب -] لو أسلم الذمي في خمر أو خنزير ثم أسلم أحدهما قبل القبض بطل البيع سواء كان المسلم المشتري أو البائع [- ج -] إذا كان الثمن مشاهدا معلوم المقدار إن لم يجب كونه مما يضبط وصفه فيجوز كون الثمن جوهرة أو لؤلؤا أو ما شاكله مع المشاهدة [- د -] إذا قال أحدهما السّلف في كذا و قال الآخر في غيره تخالفا و فسخ العقد [- ه -] يجوز إسلاف ما يكال فيما يكال أو يوزن و ما يوزن فيهما فيجوز أن يكون رأس المال ثمنا و عوضا مخالفا للثمن إن كان ربويا و إلا فلا و لو أسلم عرضا في عرض موصوف بصفات الثمن فأتاه عند الحلول بذلك العرض فالوجه لزوم قبوله لأنه أتاه بالمسلم فيه على صفاته و يحتمل عدم الوجوب لإفضائه إلى كون الثمن هو المثمن و الأقرب الأوّل و كذا لو أسلم جارية صغيرة في كبيرة فعند حلول الأجل صارت بصفة المثمن و أحضرها فالوجه وجوب القبول و لا يجب عليه العقر لو وطئها و لو فعل ذلك حيلة صحّ أيضا [- و -] لا يشترط تعيين مكان الإقباض سواء كان في جملة مئونة أو لا و سواء كانا في برية أو لا و للشيخ رحمه اللّٰه قول في الخلاف باشتراطه إذا كان في جملة مئونة و هو عندي جيده و أنكره ابن إدريس و لو شرطه جاز و لزم و مع الإطلاق ينصرف إلى بلد العقد و لو عينا موضعا و دفع في غيره جاز مع التراضي و لو لم يرض الآخر لم يجز [- ن -] إذا أسلم في شيئين بثمن واحد جاز و إن لم يعين ثمن كل جنس و يجوز أيضا أن يكون الثمن جنسين كخمسة دنانير و عشرين درهما في كر طعام و إن لم يبين حصة كل واحد منهما [- ح -] لو إذا أسلف في شيء لم يجز بيعه قبل حلوله و يجوز بعده و إن لم يقبضه على بائعه و على غيره على كراهية و كذا يجوز بيع بعضه و تولية بعضه و لو قبضه ثم باعه فلا كراهية و يجوز أيضا الشركة فيه بعد الحلول قبل القبض و الحوالة به طعاما كان أو غيره و كذا الإقالة في الجميع و في البعض و كذا الصّلح عليه و على بعضه و مع الإقالة يرد الثمن إن كان موجودا و إلا مثله و لو لم يكن مثليّا فالقيمة و لو أراد أن يعطيه عوضا عنه جاز مع التراضي و لا يجوز جعله عوضا عن سلم آخر إلا بعد قبضه [- ط -] لو أسلم في شيء واحد على أن يقبضه في أوقات متفرقة أجزاء معلومة جاز و كذا لو أسلم في شيئين و لو كان الأجزاء غير معلومة لم يصحّ [- ى -] إذا أحضر المسلم فيه وقت حلوله على الصّفة وجب قبوله سواء كان عليه في قبضه ضرر أو لا فإن امتنع ألزم بالقبض أو الإبراء فإن امتنع قبضه الحاكم و برئت ذمة البائع و ليس للحاكم أن يبرئ و لو أتاه قبل محلّه لم يجب قبوله سواء كان عليه ضرر أو خوف أو مئونة أو لم يكن [- يا -] إذا أحضر المسلم فيه على الصّفة وجب قبوله و إن أتى به دون الصفة لم يجب إلا مع التراضي سواء كان من الجنس أو من غيره و لو اتفقا على أن يعطيه دون الصّفة و يزيده شيئا في الثّمن جاز و لو دفع الدّون يشترط التعجيل أو بغير شرطه جاز و إن أتى به أجود من الموصوف وجب قبوله إن كان من نوعه و إن كان من غير نوعه لم يلزم و لو تراضيا عليه جاز سواء كان الجنس واحدا أو مختلفا و لو جاء بالأجود فقال خذه و زدني درهما لم يلزمه و لو اتفقا جاز و لو جاء بأزيد في القدر لم يلزم قبول الزيادة و لو قال زدني بالأزيد درهما و اتفقا جاز [- يب -] ليس له الأقل ما يقع عليه الصفة و يسلم الحنطة خالية من الشعير و التبن و لو كان التّراب قليلا جاز بخلاف الكثير و لا يلزمه أخذ الثمرة إلا جافا و لا يلزم أن يتناهى جفافه و لا يلزم قبول المعيب [- يج -] إذا قبض المشتري برئ المسلم إليه فإن وجد به عيبا فرده زال ملكه عنه و عاد الحق إلى ذمة البائع سليما و لو وجد البائع بالثمن عيبا فإن كان من غير جنس المسمى الثمن بطل العقد و إن كان من جنسه تخيّر بين الأرش و الرّد [- يد -] لا يقبض المكيل إلا بالكيل و الموزون إلا بالوزن و لا يقبضه جزافا و لا بغير ما قدره به فإن قبضه كذلك رد الفاضل و طلب النّاقص و لو اختلفا في قدره فالقول قول القابض و إذا كال دفع ما يسعه المكيال و يحتمله لا ممسوحا و لا مدقوقا ليتداخل أجزاؤه [- يه -] لو اختلفا في قبض الثمن هل وقع قبل التفرق أو بعده فالقول قول مدّعي الصحة و لو أقاما بينة فلذلك و لو اختلفا في قبضه فالقول قول البائع و كذا القول قول البائع لو قال قبضته ثم رددته إليك و ذلك كله

ص: 196

مع اليمين مراعاة للصّحة [- يو -] لو أسلف في شيء و شرط مع السّلف شيئا معلوما صح و لو أسلف في غنم و شرط أصواف نعجات معيّنة ففي الصحة قولان أقربهما الجواز [- يز -] يجوز للمشتري أن يأخذ رهنا أو كفيلا من المسلم إليه و ليس بمكروه فلو تقابلا السلم أو فسخ لتعذر المسلم فيه بطل الرهن و برئ الضّامن و على المسلم إليه ردّ مال المسلم في الحال و لا يشترط قبضه في المجلس و لو اقترضه ألفا و أخذ بها رهنا ثم صالحه منها على طعام في الذّمة صح و زال الرّهن أما لو اشترى بها طعاما سلما لم يصح و بقي الرهن على حاله [- يح -] إذا ضمن و حل رجل المسلم فيه كان للمشتري مطالبة الضّامن فإن سلم البائع المال إلى الضامن ليدفعه إلى المشتري جاز و لو قال خذه عن الذي ضمنت عنّي لم يجز لأنه لا يستحقّ الأخذ إلا بعد الإيفاء و يكون قبضا فاسدا مضمونا فإن دفعه إلى المشتري برئ و لو صالح المشتري الضامن عن المتاع بثمنه جاز و كذا لو صالحه و كذا لو كان بغير الثمن فيهما [- يط -] لو اختلفا في الحلول فالقول قول البائع لإنكاره و لو اختلفا في أداء المسلم فيه فالقول قول المشتري [- ك -] لو شرطا أجلا ثم اتفقا على إسقاطه فالوجه الجواز [- كا -] لو أسلم في اللّبن قبضه بالكيل بعد سكونه و ركوده بعد الحلب و يجوز قبضه بالوزن بعد ركوده إن كان مما يختلف به الوزن و إلا جاز قبله

المقصد الحادي عشر في التوابع
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في إجارة المنادي و الكيال و الوزان

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] أجرة الكيال و وزان المتاع على البائع لأنّ عليه توفية المتاع و تسليمه إلى المشتري و أجرة الناقد للثّمن و وزانه على المبتاع [- ب -] من نصب نفسه لبيع الأمتعة كان له الأجر على البائع و من انتصب للشراء كان له الأجر على المبتاع و لو كان ممن يبيع و يشتري كان له أجر ما يبيع على البائع إن كان وكيلا له و أجر ما يشتري على المبتاع إن كان وكيلا و ليس له أن يأخذ عن سلعة واحدة أجرتين من البائع و المشتري بل يأخذ ممّن يكون عاقدا له و وكيلا [- ج -] إذا دفع إلى الدلال متاعا و لم يؤمره يبيعه فباعه انعقد صحيحا و كان للمالك الخيار في الفسخ و الإمضاء و ابن إدريس لم يصب هنا ببيعه و لو أمره و لم يعيّن الثمن انصرف إلى ثمن المثل فلو باعه بالأقلّ وقف على الإجازة و لو لم يعيّن نقد أو لا نسيئة انصرف إلى النقد فإن باعها نسيئة تخير المالك و لو أمره ببيعها نقدا فباعها نسيئة تخير المالك أيضا [- د -] لو قال له بعها نقدا بدراهم فباعها نسيئة بتلك الدراهم أو بأزيد ثبت الخيار للمالك و كذا لو قال بعها نسيئة بدراهم فباعها نقدا بمثل تلك الدراهم أو أزيد [- ه -] لو اختلف الواسطة و صاحب المتاع فادعى الواسطة الأمر ببيعها بكذا و أنكر المالك فالقول قول المالك مع اليمين و عدم البيّنة فإن وجد المتاع استعاده و إن أحدث فيه المشتري ما ينقصه أو هلكت عينه تخير صاحبه في الرّجوع على من شاء من المشتري و الواسطة بقيمته أكثر ما كانت إلى يوم التّلف فإن رجع على الواسطة لم يكن للواسطة الرجوع على المشتري و إن رجع على المشتري فللمشتري الرجوع إلى الواسطة بما خسره مما لم يحصل له في مقابلته نفع و لا يرجع بالثمن و لو اختلفا في القيمة فعلى المالك البينة [- و -] لو اختلفا في النقد فالقول قول المالك مع اليمين [- ز -] الواسطة أمين لا يضمن ما يتلف إلا بتعدّ أو تفريط فلو ادعاه المالك فعليه البيّنة و على الواسطة اليمين و لو ثبت ضمن القيمة يوم التفريط و لو اختلفا فالقول قول الغارم مع اليمين [- ح -] لو قال له بعه و لم يسم الثمن فباعه بثمن المثل أو أزيد لزم و لا خيار للمالك و لو باعه بأقل تخير المالك في الفسخ و الإمضاء و قال الشيخ يضمن الواسطة تمام القيمة و قال ابن إدريس يبطل البيع و هما رديئان [- ط -] لا ضمان على الواسطة فيما يغلبه عليه ظالم [- ى -] الدرك في جودة المال على المشتري و في جودة المتاع على البائع دون الواسطة فيهما و كذا الدّرك على البائع لو كان المبيع مستحقا و قال الشيخ كل وكيل باع شيئا فاستحق و ضاع الثمن في يد الوكيل فإنه يرجع المشتري على الوكيل و الوكيل على الموكل و ليس بمعتمد [- يا -] لو تبرع الواسطة بالبيع أو الشراء لم يستحق أجرة و إن أجاز المالك

الفصل الثّاني في بيع المياه و المراعي

و فيه [- ن -] بحثا [- ا -] إذا كان للإنسان شرب في قناة فاستغنى عنه جاز له بيعه بذهب أو فضة أو غلة أو عرض غيرها و كذا إن أخذ الماء من نهر عظيم في ساقية يعلها و يلزم عليها مئونة ثم استغنى عنه جاز له بيعه و المراد بذلك إجارة النهر لهذه المنفعة أياما معلومة و يسمى بيعا مجازا لكن ذلك مكروه بل الأفضل أن يعطيه للمحتاج من غير عوض و هذا البيع هو النطاف و الأربعاء التي نهى النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله عنها فالنّطاف جمع نطفة و هي الماء قلّ أو كثر و الأربعاء جمع ربيع و هو النهر [- ب -] قضى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله في سيل واد مهزور و هو وادي بني قريظة أن يحبس إلا على الذي هو أسفل منه للنخل إلى الكعب و الزرع إلى الشراك ثم يرسل الماء إلى

ص: 197

من هو دونه ثم كذلك يعمل من دونه مع من هو أدون منه [- ج -] يجوز أن يحمي الإنسان الحمى من المرعى و الكلاء إذا كان في أرضه و سقاه بمائه فيبيعه [- ح -] و لا يجوز بيعه في غير ذلك قال الشيخ من اشترى مراعى جاز أن يبيع شيئا منها بأكثر ماله و يرعى هو بالباقي ما يبقى منها و ليس له أن يبيع بمثل ما اشترى أو أكثر و يرعى معهم إلا أن يحدث فيه حدثا و يكون ذلك أيضا برضا صاحب الأرض فإن لم يرض لم يجز و إنما له أن يرعاه بنفسه و المعتمد جواز البيع بهما أراد و إن لم يحدث حدثا و سواء برضا المالك أو لا أما لو شرط المالك المرعى بنفسه فإنّه يفتقر إلى رضاه [- د -] من باع نخيلا و استثنى منها نخلة معيّنة في وسطها كان له الممر إليها و المخرج منها و له مدى جرائدها من الأرض [- ه -] روي عن الصادق أنه سئل عن النزول على أهل الخراج فقال ثلاثة أيام و عن السّخرة في القرى و ما يؤخذ من العلوج و الأكراد إذا نزلوا القرى قال يشترط عليهم ذلك فيما اشترطت عليهم من الذمة و السخرة و ما سوى ذلك فيجوز ذلك و ليس لك أن تأخذ منهم شيئا حتى تشارطهم و إن كان كالمستيقن أن من نزل تلك الأرض أو القرية أخذ منه ذلك [- و -] لا يجوز أن يأخذ الإنسان من طريق المسلمين شيئا و لو قدر شبر و لا يجوز أيضا بيعه و لا شرى شيء يعلم أن فيه من الطريق فإن اشترى و علم بعد ذلك أنّ البائع قد أخذ شيئا من الطريق وجب عليه ردّه إليها مع تميزه و يتخير بين الفسخ و الرّجوع على البائع بالدّرك و إن لم يتميّز لم يكن عليه شيء [- ز -] البئران حفرت في ملك مباح للتمليك ملك ماءها و جاز له بيعه كيلا أو وزنا و لا يجوز بيع جميع الماء و لو حفرت في الموات لا للتمليك لم يملكها و اشترك الناس فيها و أما المباح من المياه كالأنهار الكبار فإنه غير مملوك ما لم يتخيّر به في إناء أو بركة أو مضيع فيجوز بيعه بعد التسخير لا قبله و كل ماء منبع في ملكه فهو له يجوز بيعه

الفصل الثّالث في الإقالة

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] الإقالة فسخ في حق المتعاقدين و غيرهما سواء كان قبل القبض أو بعده و ليست بيعا لا في حقهما و لا في حقّ غيرهما فلا يجب بها الشفعة [- ب -] من شرط صحّة الإقالة عدم الزيادة في الثمن و النقصان بل بالثمن فلو أقاله بأزيد أو بأنقص بطلت الإقالة و كان الملك باقيا للمشتري و لا يجب ردّ الثّمن [- ج -] تصحّ الإمالة في جميع ما تناوله العقد و في بعضه سواء كان سلما أو غيره [- د -] إذا أقاله ردّ الثمن إن كان باقيا و مثله إن كان تالفا و قيمته إن لم يكن مثليا و لو دفع عوضا عنه لم أستبعد جوازه مع التراضي سواء كان باقيا أو تالفا بخلاف ما لو أقاله بغير الجنس [- ه -] قال الشيخ إذا أخذ الدنانير بدل الدراهم أو بالعكس وجب القبض قبل التفرق لأنه صرف و إن أخذ عوضا آخر جاز أن يفارقه قبل القبض [- و -] لا يسقط أجرة الدلاّل بالبيع الأوّل و لا الكيال و لا الوزان و لا الناقد [- ز -] لو تقابلا بالثمن رجع إلى عوض مالكه فلو كان العوض تالفا فالوجه صحتها و كان الحكم كما قلناه في الثمن و لو اختلفا في قدر الثمن بعد الإقالة فالوجه قبول قول المشتري مع اليمين و عدم البيّنة و لم أظفر فيهما بكلام لأحد سبق

كتاب الدّيون

اشارة

و توابعها و فيه مقاصد

المقصد الأوّل في الديون
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في كراهية الدّين

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] يكره للإنسان الدين مع الاختيار قال أمير المؤمنين عليه السّلام إياكم و الدّين فإنه مذلّة بالنهار و مهمّة بالليل و قضاء في الدنيا و قضاء في الآخرة و في الصّحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السّلام تعوذوا باللّٰه من غلبة الدين و غلبة الرّجال و بوار الإثم و قال الباقر عليه السلام كل يكفره القتل في سبيل اللّٰه عزّ و جلّ إلا الدّين لا كفارة له إلا أداه و لو يقضي صاحبه أو يعفو الذي له الحق و في الصّحيح عن معاوية بن وهب قال قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السّلام إنه ذكرنا أن رجلا من الأنصار مات و عليه ديناران فلم يصلي النّبي عليه السّلام فقال صلوا على صاحبكم فقال أبو عبد اللّٰه عليه السّلام ذلك الحقّ ثم قال إن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله إنّما فعل ذلك ليتعظوا و ليردّ بعضهم على بعض و لئلا يستخفّوا بالدين [- ب -] لو اضطر إلى الدّين جاز و زالت الكراهية فقد روي في الصحيح أن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله مات و عليه دين و كذلك الحسن و الحسين عليهما السلام و عن الكاظم عليه السّلام قال من طلب هذا الرّزق من حلّه ليعود به على عياله و نفسه كان من المجاهدين في سبيل اللّٰه عز و جلّ فإن غلب عليه فليستدن على اللّٰه عز و جلّ و على رسوله ما يقوت به عياله فإن مات و لم يقضه كان على الإمام قضاؤه فإن لم يقضه كان عليه وزره إن اللّٰه عزّ و جل يقول إِنَّمَا اَلصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اَلْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي اَلرِّقٰابِ وَ اَلْغٰارِمِينَ فهو فقير مسكين مغرم [- ج -] لو كان له مال جاز أن يستدين لتمكّنه من القضاء و إن كان الأولى تركه و كذا لو استدان مع الحاجة و كان له وليّ يقضيه عنه جاز أن يستدين أيضا و روى الشيخ عن سلمة قال قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السّلام الرجل منّا يكون عنده الشيء يتبلغ به و عليه دين أ يطعمه عياله حتى يأتي اللّٰه عز و جل أمره أو يستقرض على ظهره

ص: 198

في جنث الزمان و شدة المكاسب أو يقبل الصّدقة قال يقضي بما عنده دينه و لا يأكل أموال الناس إلا و عنده ما يؤدي إليه حقوقهم إن اللّٰه تعالى يقول لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ و لا يستقرض على ظهره إلا و عنده وفاء و لو طاف على أبواب الناس فردوه باللقمة و اللقمتين و التمرة و التّمرتين إلا أن يكون له ولي يقضي من بعده ليس منا من ميت يموت إلا جعل اللّٰه عز و جل له وليا يقوم في عدته و دينه فيقضي عدته و دينه [- د -] يجب على من استدان أن ينوي القضاء مع القدرة روى الشيخ في الصحيح عن ابن رباط قال سمعت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام يقول من كان عليه دين فنوى قضاؤه كان معه من اللّٰه عز و جلّ حافظان يعينانه على الأداء عن أمانته فإن قصرت نيّته عن الأداء قصر من المعونة بقدر ما نقص من نيته و عن أبي حمزة الثمالي عن الباقر عليه السّلام قال من حبس حقا على امرئ مسلم و هو يريد أن يعطيه إياه مخافة إن خرج ذلك الحق من يديه أن يفتقر كان اللّٰه أقدر على أن يفقره منه أن يغني نفسه بحبس ذلك الحقّ [- ه -] من وجب عليه الحج ثم فقد الاستطاعة جاز له أن يستدين و يقضي الحج فإن لم يجب عليه أولا لم يستحب له الاستدانة للحج و لو استدان ثم حجّ به من غير تقدّم وجوب لم يجزه على ما تقدم [- و -] يكره لصاحب الدّين النزول على المستدين فإن فعل فلا يغيم عنده أكثر من ثلاثة أيام [- ن -] من لم يجد شيئا كان قبول الصّدقة له أفضل من الاستدانة [- ح -] إذا أهدى المديّن شيئا للمدين لم يكن تجري عادته به استحبّ له احتسابه من الدين و ليس بواجب [- ط -] إذا استدان و التجأ إلى الحرم لم يجز لصاحب الدّين ملازمته فيه و لو وجده في الحرم و هو موسر مليّ فالوجه جواز مطالبته فيه [- ى -] يجب على المدين ترك الإسراف في النفقة و يقتصد فيها و لا يجب عليه التقتير و مع مطالبته المدين يجب عليه دفع جميع ما يملكه إليه عدا دار سكناه و ثياب بدنه و خادمه و قوت يومه و ليلته له و لعياله

الفصل الثاني في القرض

و فيه [- كد -] بحثا [- ا -] القرض فيه فضل كثير و ثواب جزيل و روي أنّه أفضل من الصّدقة بمثله في الثواب قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرّتين إلا كان كصدقة مرّة قال صلى اللّٰه عليه و آله رأيت ليلة أسري بي على باب الجنّة مكتوبا الصدقة بعشر أمثالها و القرض بثمانية عشر و قال الصادق عليه السّلام في قوله تعالى لاٰ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوٰاهُمْ إِلاّٰ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاٰحٍ بَيْنَ اَلنّٰاسِ قال يعني بالمعروف القرض و قال الباقر عليه السّلام من أقرض قرضا إلى ميسرة كان ماله في زكاة و هو في صلاة من الملائكة عليه حتى يقضيه و هو مستحب بالنّسبة إلى المقرض جائز بالنسبة إلى المقترض و هو يكره مع الغنى و ليس الإقراض واجب و يستحب للمقترض إعلام المقرض بحاله [- ب -] القرض عقد يشتمل على إيجاب مثل أقرضتك أو تصرف فيه أو انتفع به و عليك ردّ عوضه أو ما أشبه ذلك و على قبول كقوله قبلت أو ما دل على الرضا بالإيجاب من غير حصر في عبارة و لا يصحّ إلا من جائز التصرف و لو قال ملكتك على أن ترد عوضه فهو قرض و لو قال ملكتك و أطلق ففي كونه هبة نظر و لو اختلفا فالوجه أن القول قول الواهب [- ج -] إذا أقرضه وجب إعادة المثل فإن شرط في القرض الزيادة حرم و لو يفد الملك سواء شرط زيادة عين أو منفعة و لو رد عليه أزيد في العين أو الصفة من غير شرط لم يكن به بأس سواء كان العرف يقتضي ذلك أو لا و لا يقوم العادة في التحريم مقام الشرط و لا فرق في التحريم مع الشرط بين الرّبوي و غيره [- د -] يجوز أن يقرضه شيئا و يشترط إعادته في أرض أخرى و يكتب به سفتجة و لو شرط في القرض أن يوجره داره أو يبيعه شيئا أو يقرضه المقرض مرة أخرى جاز أيضا أما لو شرط أن يوجره داره بأقل من أجرتها أو يستأجر منه بأكثر أو على أن يهدي له هدية أو يعمل له عملا فالوجه التحريم و لو فعل ذلك من غير شرط كان جائزا و لو شرط رهنا و كفيلا على القرض أو كفيلا به جاز بخلاف ما لو شرط و هنا على قرض آخر أو كفيلا و لو شرط أن يقرضه شيئا آخر صحّ و لم يلزم الوعد [- ه -] قال الشيخ إذا أعطاه الغلة و أخذ منه الصحاح شرط ذلك أو لم يشترط لم يكن به بأس و فيه إشكال مع الشرط [- و -] لا يكره إقراض المعروف بحسن القضاء و قد كان النّبي صلى اللّٰه عليه و آله معروف بحسن القضاء و لم يكره إقراضه [- ز -] لو شرط في القرض أن يوفيه أنقص مما أقرضه ففي التحريم إشكال سواء كان مما يجري فيه الرّبا أو لا و لو شرط المكسر عن الصّحيح أو تأجيل الحال لغا الشرط و صحّ القرض [- ح -] لو أقترض من رجل نصف دينار فدفع إليه دينارا صحيحا و قال نصفه قضاء و نصفه وديعة أو سلما في شيء صحّ و للمقترض قبوله و لو اشترى بالنصف الباقي من الدّينار سلعة جاز إلا أن يشترط فيقول أقضيك صحيحا بشرط أن آخذ منك بنصف الباقي سلعة فالوجه عدم الجواز و لو لم يشترط جاز و لو ترك النّصف الآخر وديعة جاز و اشتركا فيه فلو أراد كسره جاز و لو اختلفا لم يجبر الممتنع على كسره [- ط -] القرض لا يثبت فيه خير للمقترض و لا للمقرض بل للمقرض المطالبة في الحال و للمقترض للدفع عاجلا و ليس لأحدهما الامتناع من حقّ صاحبه [- ى -] يثبت الملك في القرض بالعقد و القبض و هو عقد لازم من جهة المقرض جائز

ص: 199

من جهة المقترض على معنى أن للمقترض ردّ العين أو المثل و لو طلب المقرض العين لم يجبر المقترض على دفعها و قول الشيخ في الخلاف ضعيف فإن ردّ المقترض العين سليمة وجب على المقرض القبول و إن تغير شعرها و إن ردّها ناقصة لم يجب سواء كان النقص في عين أو صفة و في وجوب قبول العين على المقرض في غير المثل إشكال [- يا -] للمقترض المطالبة بالعوض في الحال جملة و لو أقرضه تفاريق و لو أجل القرض لم يتأجّل و كذا كل دين حال لم يتأجّل سواء كان بزيادة فيه أو لا و كذا لو كان مؤجّلا فحل لم يصحّ تأجيله إلى آخر و سواء في ذلك القرض و بدل المتلف و ثمن المبيع و الأجرة و الصداق و عوض الخلع نعم يستحب له الوفاء و يجوز تعجيل المؤجّل بإسقاط بعضه و بدونه مع التراضي [- يب -] يجوز قرض المكيل و الموزون إجماعا و كذلك يجوز قرض غيرهما مما يثبت في الذمة و كذا يجوز إقراض غير المثلي كالجواهر و الحيوان و أشباههما و للشيخ رحمه اللّٰه قول بالمنع في إقراض ما ليس بمثلي و يجوز إقراض الرقيق سواء كان عبدا أو أمة و سواء أقرض الأمة لمحرم لها كالأب و الآخر أو لغيره [- يج -] لا يجوز إقراض المكيل و الموزون جزافا و لو قدره بمكيلة معينة أو بصنجة معينة غير معروفين عند العامة و لو كانت الدراهم مما يتعامل بها عددا اشترط تعيين العدد و يرد عددا و إن أقرض وزنا ردّ وزنا و كذا كل معدود و يجب معرفة عدده وقت الإقراض [- يد -] كل مثل يجب ردّ مثله سواء كان ممّا يكال أو يوزن أو لا و سواء أرخص أو غلا أو لا و لو تعذّر المثل ردّ القيمة يوم تعذّر المثل و لو لم يكن مثليّا وجب ردّ القيمة يوم الإقراض و لو اختلفا في القيمة فالقول قول الغارم [- يه -] يجوز إقراض الخبز عددا و وزنا فإن استقرض عددا ردّه عددا و إن استقرض وزنا ردّه وزنا و لو شرط أن يعطيه أكثر أو أجود حرم و لو كان لجماعة ماء فاحتاج بعضهم أن يسقي في غير نوبته فاستقرض من نوبة غيره ليزد عليه بذله في يوم نوبته لم يكن به بأس [- يو -] لو استقرض من ينعتق عليه عتق بالقبض و لو استقرض جارية جاز له وطؤها بعد الاستبراء إن وجب [- يز -] لو أفلس غريمه فأقرضه ألفا ليوفيه كل شهر شيئا معلوما جاز و لو كان عليه حنطة فأقرضه ما يشتري به حنطة و يوفيه إياها جاز أيضا و لو أراد أن يبعث نفقة لعياله فأقرضها رجلا على أن يدفعها إلى عياله جاز و لو أقرض إكارة ما يشتري به عاملة يعمل في أرضه أو بذرا يبذره فيها من غير شرط جاز [- يح -] لو اقترض من غيره دراهم فاشترى منه سلعة فطلعت زيوفا لزم البيع و لا يرجع عليه بشيء إن وقع الشراء بالعين و كان البائع عالما بالعيب و لو باعه بدراهم في الذمة ثم قبض هذه عوضا و لم يعلم بالغيب وجب له دراهم خالية من العيب و يرد هذه على المشتري و يردها المشتري عليه وفاء عن الفرض و يبقى الثمن في الذمة سليما و لو حبسها على البائع وفاء عن القرض و دفع الثمن جيدا جاز [- يط -] لو أقرضه و قال إذا مت فأنت في حلّ كان وصيّته و لو قال إن متّ فأنت في حلّ لم يصحّ [- ك -] لو أقرضه تسعين بمائة عدد أو الوزن واحد جاز إذا كانت لا تتفق في مكان إلا بالوزن و كذا لو كانت تتفق برءوسها و لو قال اقترض لي من فلان مائة و لك عشرة فلا بأس لأنه جعالة على مباح و لو قال اكفل عني فلك ألف قيل لم يجز لأن الكفيل يلزمه الدّين و يجب على المكفول عنه قضاؤه مع الأداء كالقرض و مع العوض يكون جارّا للمنفعة [- كا -] لو استقرض دراهم وجب عليه ردّ مثلها في الوزن و الصّفة و لا يردها بسكة محالفة لسكة القرض و لو سقطت تلك الدراهم و جاءت غيرها لم يكن عليه إلا الدراهم التي اقترضها أو سعرها بقيمة الوقت الذي اقترضها فيه كذا قال الشيخ و به رواية صحيحة و لا يجب على المقترض رد النقد الحادث و في رواية ضعيفة السّند عن الرضا عليه السّلام أن عليه دراهم يجوز بين الناس كما أخذ ما يتفق بين الناس و جمع الشيخ بينها بأنه يأخذ منه ما يتفق بين الناس يعني بقيمة الدراهم الأولى يتفق بين الناس لأنه يجوز أن يسقط الدراهم الأولة حتى لا تكاد تؤخذ أصلا فلا يلزمه أخذها و هو لا ينتفع بها و إنما له قيمة دراهم الأولة و ليس له المطالبة بالدراهم التي تكون في الحال [- كب -] إذا أقرضه في بلد ثم طالبه به في بلد آخر لم يجب عليه حمله إلى بلد المطالبة و لو طالبه بالقيمة لزم و لو تبرّع المستقرض بدفع المثل و امتنع المقرض كان له ذلك و إن لم يكن في حمله مئونة [- كج -] لو أقرض ذمي ذميّا خمرا ثم أسلما أو أحدهما بطل القرض و لم يجب على المقترض شيء سواء كان هو المسلم أو الآخر [- كد -] مال القرض إن بقي بحاله وجب الزكاة على المقترض إن كان مما يجب فيه و لو شرط الزكاة على القارض قال الشيخ صح و لزمت الزكاة القارض و الوجه خلافه

الفصل الثّالث في بيع الدين

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] الدين المؤجل لا يجوز بيعه مطلقا إلا بعد حلول الأجل و الحال يجوز بيعه على من هو عليه و على غيره بحال و إن لم يكن معينا و لا يجوز بيعه بدين آخر [- ب -] الدّين إن كان ربويّا وجب فيه المساواة قدرا مع اتفاق الجنسيّة لا مع اختلافها و إن لم يكن ربويّا

ص: 200

جاز بيعه بمثله أو أزيد أو أنقص بجنسه أو بغيره و قال الشيخ لو باع الدّين بأقل مما له على المدين لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشتري من المال و ليس بمعتمد [- ج -] لا يجوز بيع الرزق الذي على السّلطان قبل قبضه و كذا لا يجوز بيع أهل الزكوات و الأخماس قبل قبضها [- د -] إذا دفع إلى صاحب الدين عروضا على أنها قضاء و لم يساعره احتسب بقيمتها يوم القبض و لا يلزمه ردّ المثل أما لو أعطاه قرضا عليه فإنّه يردّ مثله [- ه -] الدين لا يتعيّن ملكا لصاحبه إلا بقبضه فلو جعله مضاربة قبل قبضه لم يصحّ [- و -] القسمة لا تصحّ في الدّين فلو كان لاثنين مال في ذمم جماعة ثم تقاسما به كان ما يحصل لهما و ما ينوي عليهما [- ز -] الذمي إذا باع مالا يصحّ للمسلم تملكه كالخمور و الخنازير جاز دفع الثمن إلى المسلم عن حقّ له و لو كان البائع مسلما لم يجز [- ح -] لو باع الدين كان ضامنا له فإن و في الذي عليه الدين المشتري و إلا رجع على البائع بالدرك قاله الشيخ رحمه اللّٰه

الفصل الرّابع في دين المملوك

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] المملوك لا يملك شيئا و إن ملكه مولاه و لا يجوز له أن يتصرف في نفسه بإجارة و لا استدانة و لا غير ذلك من وجوه التّصرفات و لا فيما في يده ببيع و لا هبة و لا إقراض أو لا غير ذلك إلا بإذن مولاه ثم هو قسمان مأذون له و غير مأذون فغير المأذون لا يتصرّف إلا بإذن مولاه على ما تقدم إلا في الطلاق و الخلع و ليس له أن يقبل الهبة و لا الوصيّة و لا يصحّ ضمانه و لا شراؤه و أما المأذون له في التجارة فيجوز له كل ما يندرج تحت اسم التجارة أو كان من لوازمه فليس له أن ينكح و لا يؤاجر نفسه و لا يتعدى النّوع الذي رسم له الاتجار فيه و لا يأذن لعبده في التجارة إلا بالإذن [- ب -] العبد غير المأذون إذا استدان بغير إذن مولاه كان لازما لذمته يتبع به إذا عتق و أيسر و إلاّ فلا و لا يتعلق برقبته و لو استدان المأذون له في الدّين تعلق بذمّة المولى أن استبقاه أو أراد بيعه و إن أعتقه فللشيخ قولان أحدهما أنّه يتبع به العبد و الآخر يلزم المولى و عندي في ذلك تردّد و لو استدان المأذون له في التجارة لأجلها لزم المولى أداؤه و إن كان لا لأجلها كان كغير المأذون و قيل نستسعي العبد و ليس بمعتمد [- ج -] إذا مات مولى المأذون أخذ دين العبد من تركته فإن ضاقت التركة شارك غريم العبد غرماء المولى بالحصص [- د -] لو أذن له في التجارة في نوع فاتجر في غيره كان ما يستدينه عليه في ذمّته [- ه -] إذا اشترى غير المأذون أو اقترض لم يصحّ و يرجع البائع و المقرض في العين سواء كانت في يد العبد أو المولى و لو تلفت في يد العبد كان له المثل في ذمته يتبعه به بعد العتق و إلا فالقيمة و إن تلفت في يد المولى كان له المثل أو القيمة على السّيد في الحال و إن شاء طالب به العبد مع عتقه و يساوه و عند القائلين بالتمليك ينبغي صحّة البيع و القرض و للبائع و المقرض الرجوع فيه إذا كان في يد العبد و إن تلف تبعه بالمثل أو القيمة بعد العتق و إن كان في يد سيّده لم يكن للبائع و لا للمقرض أخذه و يرجع البائع و المقرض على العبد مع عتقه و يساره [- و -] إذا أذن له في الشراء انصرف إلى النّقد و لو أذن له في النسية جاز و كان الثمن في ذمة المولى و لو تلف الثمن وجب على المولى عوضه [- ز -] إذا أذن له في الضمان احتمل تعلقه بكسبه أو بذمّته [- ح -] إذا ثبت جناية العمد بالبيّنة كان لولي الجناية استيفاء القصاص إن أوجبت و إن عفي على مال تعلق برقبته أو يفديه مولاه و كذا إن أوجبت كالخطإ و قيم المتلفات في ذمّته و إن لم يقم بينة لم يقبل إقراره في حقّ المولى فلا يقتصّ منه و لا يؤخذ منه ما دام عبدا فإذا أعتق استوفي منه و كذا لا يقبل إقراره فيما دون النفس سواء كان إقراره بما يوجب القصاص أو المال [- ط -] لو أقرّ بسرقة لم يجز قطعه ما دامه رقا و لا غرامة عليه سواء اعترف بما في يده أو غيره و يتبع بها إذا أعتق [- ى -] إذا أذن له في التجارة فأقر فيما أذن له قبل و إلا فلا ثم إن كان ما في يده بقدر الإقرار قضي منه و إلا كان الفاضل في ذمّته يتبع به بعد العتق [- يا -] الإذن لا يستفاد من السكوت فلو اتجر و لم ينهه مولاه لم يكن مأذونا و الأقرب أنه لا ينعزل بالإباق و ينعزل بالبيع

المقصد الثّاني في الرهن
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الرّهن

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] الرهن لغة الثبوت و الدّوام و قيل هو الحبس قال اللّٰه تعالى كُلُّ اِمْرِئٍ بِمٰا كَسَبَ رَهِينٌ و في الشرع عبارة عن المال الذي يجعل وثيقة بالدّين ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه يقال رهن الشيء فهو مرهون و قيل إن أرهنت لغة أيضا [- ب -] الرهن جائز بالنّص و الإجماع قال اللّٰه تعالى فَرِهٰانٌ مَقْبُوضَةٌ و رهن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله درعه عند يهودي اشترى منه طعاما [- ج -] الرهن جائز في السّفر و الحضر معا و ذكر السّفر في الآية خرج مخرج الغالب إذا الغالب عدم الكاتب في السّفر و لا يشترط أيضا عدم الكاتب إجماعا [- د -] الرهن غير واجب و المقصود في الآية الإرشاد لا الأمر [- ه -] الرهن عقد يفتقر إلى الإيجاب و هو كل لفظ دالّ على الارتهان كقوله رهنتك أو هذا وثيقة عندك أو ما استفيد منه ذلك و يفتقر إلى القبول و هو اللفظ الدال على الرّضا كقوله قبلت و ما أشبهه و لو عجز عن النطق كفت الإشارة الدالة عليهما و إن كانت كتابة

ص: 201

[- و -] عقد الرّاهن لازم من جهة الراهن و جائز من جهة المرتهن [- ز -] يكفي في لزوم الرّهن الإيجاب و القبول و لا يفتقر إلى القبض و هو أحد قولي الشيخ و في الآخر يفتقر إليه و هو اختيار ابن الجنيد و كذا يلزم بالإيجاب و القبول و إن لم يكن مكيلا أو موزونا و يجبر الراهن على تسليمه بمجرّد العقد و التفريع على قول الشيخ إنه لو قبضه من غير إذن الراهن لم ينعقد و كذا لو أذن في قبضه ثم رجع قبله و كذا لو جنّ أو أغمي عليه أو مات قبل القبض و ليس استدامة القبض شرطا فلو عاد إلى الراهن أو تصرف فيه لم يخرج عن الرهانة و لو رهن ما هو في يد المرتهن لزم و لو كان غصبا و لو رهن غائبا لم يصر رهنا حتى يحضر المرتهن أو القائم مقامه و يقبض الرّهن و لو أقر الراهن بالإقباض حكم به عليه مع انتفاء علم الكذب و لو رجع لم يقبل رجوعه و لو ادّعى المواطاة على الإشهاد بالإقباض توجهت له اليمين إلا أن تشهد البيّنة بالإقباض لا بالإقرار به نعم لو شهدت بالإقرار فقال لم أقر لم يلتفت إليه [- ح -] إذا كان عليه ديون على غير الرّهن و حجر الحاكم عليه لأجل الغرماء وجب تسليم الرهن إلى من رهنه عنده قبل الحجر و على قول الشيخ ليس له ذلك إذا لم تسبق القبض الحجر [- ط -] رهن المشاع جائز كالمقسوم و يقبضه المرتهن كما يقبض المشاع و لو كان دار بين شريكين فرهن أحدهما نصيبه من بيت بعينه جاز و القبض في الرّهن كالقبض في البيع فلو رهن ما لا ينقل كان قبضه بالتخلية و لو كان له فيه شريك افتقر إلى إذنه و كذا يفتقر إلى إذن الشريك في قبض ما ينقل و يحول فإن اتفقا على إقباض المرتهن أو الشريك جاز و يكون الشريك ما يباله في القبض و إن اتفقا على عدل فكذلك و لو تعاسرا نصب الحاكم عدلا من جهته بقبضه لهما و لو كان له منفعة أجره لأربابه بمدة يقصر عن محلّ الحقّ ليمكن بيعه و لو رهن دارا و هما فيهما فخلي بينه و بينها ثم خرج الراهن صحّ القبض و لا يفتقر إلى التخلية بعد الخروج [- ى -] إذا جعلنا القبض شرطا وجب أن يكون القابض المرتهن أو وكيله و لا يجوز أن يقبضه الراهن من نفسه للمرتهن و لو وكله المرتهن فالوجه الجواز و لو رهنه دارا فيها قماش للراهن فخلى بينه و بين الدار فالوجه صحّة التسليم في الدّار و كذا لو رهنه دابّة عليها حمل له ثم سلمه الجميع و كذا لو رهنه الحمل دون الدابة أو معها و سلمها إليه صحّ القبض [- يا -] إذا مات المرتهن قبل القبض لم ينفسخ الرّهن و سلم إلى الوارث وثيقة أو إلى الحاكم و كذا لو مات الراهن قبل القبض عندنا و لو جنّ المرتهن تخير الرّاهن في تسليمه إلى وليّه و لو خرس قبل الإقباض صح عندنا و عند الشيخ في بعض أقواله إن كان له إشارة مفهومة أو كتابة فأذن في القبض جاز و إلا فلا و كذا لو أذن في القبض ثمّ خرس و لو أفلس الراهن أو زال عقله و لم يكن أقبض الرّهن و لا سلّط على قبضه كان للمرتهن القبض [- يب -] لو تصرف الراهن قبل القبض لم ينفذ إلا يأذن المرتهن عندنا و عند المشترطين للقبض يصحّ التصرف و يبطل الرهن سواء كان التّصرف لازما كالبيع أو غير لازم كالهبة غير المقبوضة و لو زوّج الأمة لم يبطل الرّهن عند الفريقين [- يج -] لو رهن ما هو في يد المرتهن وديعة أو غصبا لزم و إن لم يمض مدة يمكنه القبض فيها و لا يفتقر إلى إذن الراهن في القبض سواء كان مما يزول بنفسه كالعبد و الدابة أو لا يزول كالثوب و الدار [- يد -] إذا اختلفا بعد اتفاقهما على الإذن في القبض فقال المرتهن قبضة و قال الرّاهن لم يقبضه احتمل تقديم قول المرتهن مع يمينه عملا بالصّحة و احتمل تقديم قول الراهن إذ الأصل عدم القبض و احتمل تقديم قول المرتهن مع يمينه عملا بالصّحة و احتمل تقديم قول صاحب اليد فإن كان في يد المرتهن فالقول قوله في قبضه بالإذن لا بعد الرجوع و إن كان في يد الرّاهن فالقول قوله في عدم عوده إليه بعد قبض المرتهن و هذا كله ساقط عندنا لأن القبض ليس شرطا

الفصل الثّاني في شرائطه

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] شرط الرّهن أن يكون عينا مملوكا يمكنه قبضه و يصحّ بيعه سواء في ذلك المشاع و المنفرد فلا يصحّ رهن الدين و لا المنفعة كسكنى الدار و خدمة العبد و قول الشيخ رحمه اللّٰه في أن رهن المدبر منصرف إلى الخدمة ليس بمعتمد بل رهن المدبر إبطال للتّدبير و لو رهن ما لا يملك وقف على إجازة المالك و لو رهن ما يملك و ما لا يملك مضى في ملكه و وقف في حصّة الشريك على الإجازة و لو رهن أرض الخراج لم يصحّ و لو كان فيها بناء و غرس جاز رهنه دون رقبة الأرض و لو رهن الجميع صحّ في الآلات خاصّة و الخراج على صاحب الأرض دون المرتهن و المستأجر فلو أداه أحدهما بدون إذن المالك لم يكن له الرجوع و لو قضاه بأمره و شرط الرجوع وجب و كذا لو لم يشترط [- ب -] لا يصح رهن الخمر من المسلم عند ذمّي أو مسلم و كذا لا يصحّ رهنها عند المسلم لذمّي و لا لمسلم و لو رهنها الذّمي عند المسلم و وضعها على يد ذمّي لم يصح أيضا و يجوز رهن العصير فإن استحال حلوا أو حامضا فالرهن بحاله و إن استحال خمرا خرج عن كونه رهنا و يزول ملك الراهن عنه و لو تلف بعد صيروريته

ص: 202

خمرا لم يكن للمرتهن خيار و لو استحال خلا عاد إلى ملك الرّاهن و عاد الرّهن [- ج -] لو كان في يده عصير فصار خمرا راقه ثم جمعه جامع فصار في يده خلاّ ففي بقاء ملك الأوّل إشكال من حيث إنّه أزال يده و أسقط حقّه بإراقته و كذا في تمليك الثاني لأن الأوّل فعل المأمور به شرعا و الجامع ممنوع محرم عليه و لا يثبت يده عليه فلا يصحّ تملك الخلّ به و الأوّل أقوى إلا مع نيته التحليل بالجمع و كذا لو كان عنده خمر فرهنها عند إنسان فانقلبت خلاّ عند المرتهن ملكها المرتهن [- د -] لو رهن شاة فماتت بطل ملكها و خرجت من الرّهن فلو دفع الراهن جلدها لم بعد ملكه عندنا و عند ابن الجنيد ينبغي عوده و في إعادة الرّهن ح إشكال ينشأ من كون الراهن ملكها بالدباغ بخلاف الخمر المتخلّل من نفسه [- ه -] لو رهنه عصيرا فصار خمرا قبل القبض بطل الرهن و لا خيار للمرتهن في البيع الذي شرط فيه ارتهانه عنده أو من اشترط القبض أثبت الخيار و لو صار بعده بطل الرهن و لا خيار و لو اختلفا فقال المرتهن قبضته و هو خمر و قال الراهن كان عصيرا قال الشيخ القول قول المرتهن لأنه ينكر قبض الرهن و قيل قول الراهن لاتفاقهم على العقد و التسليم و ادعاء المرتهن فساد القبض و هذا عندي أقوى و كذا لو رهنه عبدا حيا فوجده ميتا في يد المرتهن ثم اختلفا فقال الراهن مات بعد القبض و قال المرتهن قبله و لو قال رهنتك عصيرا و قبضته و قال المرتهن رهنته خمرا و قبضته خمرا قيل القول قول المرتهن لإنكاره العقد و قيل الراهن و لو رهن عصيرا فانقلب خمرا قبل قبضه بطل الرهن فإن عاد خلا عاد الرّهن عندنا و من شرط القبض لم يعد عنده و لو اشترى عصيرا فصار خمرا في يد البائع فسد العقد فإن عاد خلا لم يعد ملك المشتري [- و -] الخمر إذا انقلبت خلاّ حلّت سواء انقلبت من نفسها أو بالتخليل و ليس التخليل حراما [- ز -] يجوز رهن الجارية و إن كان لها ولد صغير إجماعا فإن حلّ الحقّ جاز بيعها دون ولدها و إن كان له أقل من سبع سنين على كراهية و الشيخ منع ذلك بل يباعان معا فما قابل الجارية يكون المرتهن أحق به من باقي الغرماء فيقوم و هي ذات ولد بدون ولدها و يقوم الولد و يؤخذ من الثمن بالنّسبة و لو لم يعلم المرتهن بالولد حال الارتهان لم يكن له خيار عندنا و أثبت الشيخ له الخيار في البيع المشروط فيه إذا فسخ الرّهن بناء على تحريم التفريق لأنّ ذلك نقص في القيمة [- ح -] لو رهنها حائلا فحملت في يد المرتهن من زوج أو زنا جاز بيعها بانفرادها عندنا و عند الشيخ يباعان معا و يكون المرتهن أحق بما يقابلها من الثمن فيقوم خالية من الولد ثم يقوم الولد و يأخذ بالنّسبة بخلاف الأولى التي رضي بكونها أم ولد [- ط -] لو باع عبدا بالخيار له أولهما فرهنه المشتري في مدّة الخيار جاز و عند الشيخ لا يجوز بناء على قوله بعدم الانتقال إلا بعد الخيار و لو رهنه المشتري في مدّة خياره لزمه البيع و لو باع شيئا و أفلس المشتري بالثمن كان للبائع أخذ العين فلو رهنه قبله نفي كونه فسخا للبيع نظر و كذا لو رهن الموهوب فيما يصحّ رجوعه فيه هل يكون رجوعا إشكال [- ى -] يجوز رهن المرتد إن كان عن غير فطرة و لا خيار للمشتري في البيع مع علمه فإن تاب زال العيب إن قبلت توبته و إن كان عن فطرة أو لم يتب فقتل فالوجه سقوط الخيار و لو لم يكن عالما ثم علم كان له ردّه و الخيار في البيع المشروط به و لو أمسكه حتّى قتل فلا خيار و لو تجدّد العلم بعد القتل احتمل أن يكون كالمستحقّ فيثبت للمرتهن الخيار في البيع و أن يكون كالمعيب فلا خيار أمّا لو باع المرتد عن فطرة أو لم ينبت و لم يعلم المشتري حتى قل ففيه الوجهان لكن على الثّاني يثبت له الأرش [- يا -] لو رهن عبدا سارقا أو زانيا صحّ الرهن و كان كالعيب إذا لم يجب قتله و لو رهن قاطع الطريق فتاب قبل قدرة الإمام عليه صح الرّهن لقبول التوبة منه و لو كان بعدها لم يصحّ [- يب -] العبد الجاني يصحّ رهنه سواء كان الجناية عمدا أو خطاء فإن أفتكه مولاه بقي رهنا و إلا بطلت الرهانة فيما قابل الجناية و أبطل الشّيخ في الخلاف الرّهن في العمد و الخطاء معا [- يج -] لو رهن عبدا و أقبضه ثم أقرّ أنه جنى قبل الرهن فإن صدقه المرتهن كان الحكم ما تقدم في رهن الجاني و إن كذبه نفذ إقراره في حقّ نفسه لا حق المرتهن و على المرتهن اليمين على نفي العلم و كذا لو أقر أنه كان غصبه أو أعتقه و كذا لو باعه أو كاتبه مطلقا ثم أقرّ بأحد هذه الأشياء إلا العتق فينفذ في الكتابة و كذا لو أجزأ ثمّ اعترف بالجناية فإذا حلف المرتهن بقي الرهن بحاله و في رجوع المجني عليه على الرّاهن إشكال من حيث منع تصرّفه من الاستيفاء و إمكان عدم علمه بالجناية قبله و مع القول بعدم الضمان لو عاد إليه ببيع أو افتكاك أو غيرهما نفذ الإقرار فيه و مع التّضمين يحتمل الرجوع بالأرش و بالأقلّ منه و من القيمة و لو نكل المرتهن حلف المجني عليه لا الرّاهن فإن نكل لم يحلف الراهن أيضا [- يد -] لو جنى العبد بعد الرّهن قدم حق المجني عليه و بيع في الجناية إن استغرقت و إلا بقدرها و الباقي رهن و لو تعذّر بيع الجميع و كان باقي الثمن رهنا و لو فداه السّيد بقي رهنا كما كان و لو نداه المرتهن على أن يكون رهنا بهما بإذن الراهن جاز و رجع بالفداء و لا يضمن المرتهن جناية الرهن و لا يسقط

ص: 203

دين المرتهن لو بيع في الجناية أو فداه السّيد سواء كان بقدر الفداء أو أقل أو أكثر و لو كانت الجناية عمدا كان الخيار في القصاص و الاسترقاق إلى المجني عليه أو ورثته و لو جنى على مولاه عمدا اقتص منه و لا يخرج عن الرهانة و ليس له العفو على مال و لو كانت نفسا جاز قتله و لو كانت خطاء لم يكن لمولاه عليه شيء و بقي رهنا و لو جنى على من يرثه المالك ثبت للمالك ما ثبت لمورثه من القصاص أو الانتزاع في الخطإ إن استوعبت الجناية قيمته و إلا أطلق ما قابل الجناية و لو جنى على مكاتب السّيد المشروط ثبت للمكاتب القصاص أو العفو على مال فإن عجز نفسه ثبت للسّيد القصاص أو العفو على مال و كذا إن قتل المكاتب [- يه -] لو دبره ثم رهنه فالوجه بطلان التدبير قال الشيخ و لو قلنا بصحّتهما معا كان قويا فإن قضى المالك من غير الرهن جاز و إن باعه فله و إن امتنع قضى الحاكم الدّين من ماله و لو لم يكن مال باع الحاكم العبد و بطل التدبير و الرهن معا [- يو -] لو رهن عند الذمي عبدا مسلما أو مصحفا قيل يصح و يرفع يده عنه و يوضع عند أمين إلى وقت الأجل و قيل لا يصحّ و الأقرب كراهية رهن أحاديث النبي صلى اللّٰه عليه و آله و كتب الفقه [- يز -] لو رهن ما لا يصح إقباضه كالطير في الهواء و السمك في الماء أمكن الجواز و كذا البحث في الآبق منفردا [- يح -] لو رهن وقفا لم يصح و في جواز رهن أم الولد إشكال أقربه الجواز في ثمن رقبتها و لو سوغتاه مطلقا لم يجز بيعها ما دام ولدها حيّا [- يط -] لو رهن ما يسرع إليه الفساد قبل الأجل جاز إن شرط بيعه و لو لم يشترط قيل يبطل و قيل يصحّ و يجبر على بيعها

الفصل الثالث في المتعاقدين

و فيه [- ح -] بحثا [- ا -] يجب فيهما كمال العقل و جواز التّصرف و يجوز لولي الطفل أن يرهن ماله إذا افتقر إلى الاستدانة مع المصلحة مثل أن يستهدم عقاره فيحتاج في إصلاحه إلى الاستدانة أو يكون له ما يحتاج إلى الإنفاق عليه أو يكون به حاجة إلى نفقة و كسوة أو يخاف من تلف بعض ماله فيستدين الولي لحفظه و برهن ما يراه مصلحة و له أن يقبض الرّهن مع المصلحة أيضا و لو رهن الطفل أو المجنون لم يصح و لو أجاز الوليّ أما لو عقد الكامل الرهن ثم جنّ قبل الإقباض فإنه يصحّ عندنا خلافا لمن اشترط الإقباض و لو أوجب ثم جن قبل القبول بطل و كذا الحكم في المغمى عليه و الميّت [- ب -] لا فرق في اشتراط كمال العقل و جواز التصرف بين الراهن و المرتهن في ذلك فلو ارتهن الصّبي أو المجنون لم ينعقد و إن قبضا لكن يتولى عنهما وليهما الارتهان و القبض و ليس للولي أن يسلف مالهما إلا مع الغبطة بأن يزيد مالهما لأجل الأجل و لا يجوز له إقراض مالهما إلا مع خوف التلف من غرق أو نهب أو حرق و ما أشبه ذلك و يأخذ عليه الرهن فإن تعذر أقرضه من الثقة المليء [- ج -] المكره لا ينعقد رهنه إيجابا و لا قبولا و لا شيء من عقوده و لو زال الإكراه فأجاز ما فعله صح [- د -] المحجورة عليه لفلس أو سفه لا ينعقد رهنه و لو تجدّد الحجر بعد العقد لزم الرّهن و إن لم يحصل القبض عندنا و له إقباضه و من اشترط القبض منع من الإقباض بعد الحجر و إن كان الرهن متقدّما [- ه -] لا يصحّ من الصّبي و المجنون و المحجور عليه و المكره إقباض الرّهن كما لا يصح عقدهم نعم للمرتهن قبضه بمجرّد العقد [- و -] ولي الطفل و المجنون خمسة الأب و الجد و ينفذ تصرّفهما مع اعتبار المصلحة و لكل منهما أن يشتري لنفسه من مال الطفل و يبيع عليه فيكون موجبا قابلا و قابضا مقبضا و الوصيّ و الحاكم و أمينه لهم الولاية مع المصلحة و ليس لهم تولى طرفي العقد فلو باع أحد الخمسة ما يساوي مائة نقدا بمائة نسيئة و أخذ الرهن جاز مع المصلحة من خوف النهب و غيره من أسباب التّلف لا بدونه و لو باعه بمائة و عشرين و أخذ الرّهن صحّ سواء كانت المائة نقل و الرهن على العشرين أو كان الجميع نسيئة [- ز -] المكاتب يجوز أن يبيع بالدّين و يأخذ الرهن مع المصلحة كالمولى عليه لا بدونها و كذا العبد المأذون له في التجارة [- ح -] يجوز أن يكون كلّ واحد من المتعاقدين واحد أو أكثر فلو رهن اثنان شيئا بدين عليهما عند رجل صحّ و كان بمنزلة عقدين فإذا قضى أحدهما نصيبه من الدّين أو برئ صارت حصته طلقا إلا أن يكون كل واحد رهن حصّته على جملة الدين فلا يخلص من الرّهن إلا بإيفاء الجميع و إذا صارت حصة أحدهما طلقا و أراد قسمتها مع المرتهن لم يجز إلا بإذن الشريك سواء كان مما يتساوي أجزاؤه كالطعام أو لا كالحيوان و لو كان الرهن حجرتين فطالب بالقسمة على أن يفرد نصيبه في إحدى الحجرتين كان للمرتهن الامتناع من ذلك و لو أذن المرتهن كان للشريك الامتناع أيضا و لو كان الراهن واحدا عند اثنين كان بمنزلة عقدين أيضا و يكون نصفه رهنا عند أحدهما بحصّته و الآخر رهنا عند الآخر بحصته من الدّين فإذا قضى أحدهما أو أبرأه خرج نصفه من الرّهن و كان له مطالبة المرتهن الآخر بالقسمة

الفصل الرّابع فيما يصحّ الرّهن عليه

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] يجوز أخذ الرّهن على كل حقّ ثابت في الذّمة يصحّ استيفاؤه من الرّهن مثل ثمن المبيع و

ص: 204

و أجرة العقار و المهر و عوض الخلع و القرض و أرش الجناية و قيمة المتلف [- ب -] لا يجوز أخذ الرّهن على ما ليس بثابت في الذّمة سواء حصل سبب الوجوب كالجعالة قبل الفعل أو لا و الدية على العاقلة لا يجوز أخذ الرهن عليها قبل الحول و يجوز بعده على الثلث و في الثاني على الثلثين و في الثالث على الجميع [- ج -] مال الجعالة يجوز أخذ الرّهن عليه بعد الرّد لا قبله [- د -] مال الكتابة يجوز الرهن عليه سواء كان مشروطا أو مطلقا و إذا فسخ المشروطة للعجز بطل الرهن و منع الشيخ من أخذ الرهن على مال الكتابة و ليس بمعتمد [- ه -] عقد المسابقة إن كان جعالة لم يجز أخذ الرهن على العوض فيه قبل الفعل و إن جعلناه إجارة صح [- و -] يجوز أخذ الرّهن بعد الحقّ و معه و لا يجوز قبل الحق كالرهن على ما يستدينه و على ثمن ما يشتريه [- ح -] لا يجوز الرهن على ما لا يمكن استيفاؤه من الرّهن كالإجارة المتعلّقة بعين المؤجر مثل خدمته و يصح فيما يمكن كالعمل المطلق فإذا هرب جاز بيع الرّهن و استيجار غيره بذلك لتحصيل ذلك العمد [- ط -] يجوز أخذ الرّهن على الدّرك مثل الرهن على عهدة الثمن و الإجارة إن خرجا مستحقين أخذ المشتري من الرّهن الثمن و كذا المغصوب يجوز أخذ الرّهن به و كلما أشبهه من الحقوق التي يثبت في العين على إشكال [- ى -] لو رهن على حق ثمّ استدان آخر من المرتهن ثم جعل الرّهن على الثّاني أيضا صحّ و كان رهنا عليهما معا و جاز للشاهدان يشهد بالرّهن على المجموع و إن لم يفصل ذلك سواء فسخ الرّهن الأوّل و عقد لهما أو لا و كذا له أن يجعله على دين ثالث و رابع إلى ما شاء و لو رهن شيئا على حقّ ثم رهن آخر على ذلك الحق أيضا جاز و كانا جميعا رهنين سواء فسخا الرّهن الأوّل و عقداه عليهما ثانيا أو لا و لو مات و عليه دين مستوعب فالأقرب عدم جواز رهن الوارث لتركته [- يا -] لو رهن شيئا عند زيد ثم رهنه عند آخر فإن كان باتفاق المرتهنين من غير إبطال الأوّل كان رهنا على الحقّين و لو لم يعلما تخير الأوّل في الفسخ و الإمضاء و كذا لو لم يعلم الأوّل و لو أذن الأوّل على أن يكون رهنا عند الثاني ففي إبطال رهنه نظر [- يب -] يجوز أخذ الرّهن على الحق الحال و المؤجل بلا خلاف [- يج -] لو كان له عليه ألف بغير رهن فقال المقترض أقرضني ألفا أخرى على أن أرهنك شيئا على الألفين جاز و كذا لو قال بعني عبدك على أن أرهنك شيئا على الثمن و القرض

الفصل الخامس في الشروط

و فيه [- كز -] بحثا [- ا -] الرهن عقد قابل للشروط الصّحيحة دون الفاسدة و الشرط قسمان صحيح لا ينافي مقتضى الرهن و فاسد فالأوّل مثل أن يشترط كون الرّهن في يد المرتهن أو عدل أو بيعه عند محلّ الدين و هذا القسم لازم و الباقي مثل أن يشترط كونه مبيعا عند حلول الأجل بالدّين و هل يفسد الرّهن بفساد الشرط فيه نظر و الذي قواه الشيخ عدم الفساد و هو جيّد و إذا لم يفسد لم يبطل البيع الذي اشترط فيه الرّهن و لا يثبت فيه خيار [- ب -] لو شرط المرتهن منافع الرّهن لنفسه فإن كان الرهن على الدّين لم يجز سواء كان الدين مستقرّا في الذّمة أو قرضا مستأنفا لكن في الدين المستقرّ يبطل الشرط خاصة دون الرهن و في القرض المستأنف يبطل القرض و الشرط معا دون الرهن و لا فرق بين أن يكون المنافع أعيانا كالنماء المنفصل أو منافع كالمتّصل و إن كان في بيع بأن يرهن على الثمن و يشترط المرتهن المنافع لنفسه فإن كانت معلومة كسكنى الدار سنة صحّ البيع و الرّهن و الشرط و إن كانت مجهولة بطل الجميع [- ج -] لو شرط أن يكون نماء الرهن رهنا صحّ و لو لم يشترط لم يدخل في الرهن على أقوى القولين [- د -] لو شرط الراهن إلاّ يباع عند المحلّ إلا بما يرضى الراهن أو حتّى يبلغ كذا أو بعد محلّ الحق بشهر لم يفسد الرّهن و الوجه صحت الشروط سواء كان ذلك في قرض أو غيره من الحقوق [- ه -] لو رهن صندوقا بما فيه و لم يعلم المرتهن المظروف بطل الرّهن فيه خاصة و صحّ في الصّندوق و كذا لو قال رهنتك الصندوق دون ما فيه و لو قال رهنتك الصندوق و أطلق صحّ فيه خاصة و لم يدخل ما فيه أما لو قال رهنتك الخريطة بما فيها صح في الخريطة خاصّة إن كانت مقصودة بالارتهان و كذا لو أطلق و لو لم يكن مقصودة لم يصحّ فيهما [- و -] الرهن غير مضمون فلو شرط الراهن ضمانه على المرتهن بطل الشّرط و صحّ الرّهن [- ز -] إذا رهنه إلى مدّة معيّنة على أنّه إن لم يقبضه فيه كان مبيعا بالدين بطل الرّهن و البيع و لا يكون مضمونا في المدّة و يكون مضمونا بعدها لأن فاسد كل من الرّهن و البيع كصحيحه فإن غرس المرتهن في مدة الرّهن أمر بقلعه و إن كان في مدّة البيع كان له قلعه فإن لم يفعل قال الشيخ تخير الراهن بين إبقائه في أرضه و بين إعطائه ثمن الغرس و بين مطالبته بالقلع على أنّه يضمن ما نقص الغراس بالقلع و كذا البحث في البناء [- ح -] لو ارتهن نخلا مؤبرا لم يدخل الثمرة إلا بالشرط و كذا لو كانت غير مؤبرة أو لم تكن موجودة و كذا لو رهنه غنما عليها صوف أو أرضا فيها بناء أو غرس لم يدخل ما فيها إلاّ بالشرط و لو رهن شجرا أو بناء صحّ و لا يدخل قرار البناء و لا مغارس الشجر و لو رهن الشجر أو البناء لم يدخل البياض الذي يليه ه و كذا لو كانت بيضا فصار

ص: 205

فيها نخل و شجر سواء أنبته الراهن أو حمله السيل و لا يجبر الراهن على قلعه على إشكال فإن قام ثمن الأرض خاصة بالدّين بيعت دون الثابت بها مع امتناعه من القضاء و لو شرط دخول النخل ثم اختلفا في تجدّد بعضه بعد الرّهن حكم لمن يشهد له الظاهر و لو احتمل الأمران قدم قول الراهن [- ط -] لو دفع رهنا و شرط المرتهن في العقد أن يكون وكيلا في بيعه عند المحل جاز و صحّ البيع سواء كان الراهن حاضرا أو غائبا و كذا لو شرط الوكالة لغيره و ليس للراهن فسخ الوكالة و لو مات بطلت دون الرهانة و لو مات المرتهن لم ينتقل الوكالة إلى الوارث إلا مع الشرط [- ى -] لو شرط المرتهن وضع الرهن تحت يده جاز و كذا لو شرطا وضعه على يد عدل و يكون قبض العدل قبضا للرّهن و كذا لو شرط أن يبيعه العدل عند محله و لا يكون شرطا في الوكالة و هل للراهن عزل العدل عن الوكالة الذي قواه الشيخ بقي ذلك و كذا البحث في المرتهن لو عزل العدل عن البيع لكن النفي هنا أقوى و مع الحلول يفتقر العدل في بيعه إلى تجديد إذن المرتهن أما الراهن فلا يفتقر إلى تجديد إذنه [- يا -] لو مات العدل فإن اتفقا على وضعه عند أحدهما أو آخر جاز و إلا وضعه الحاكم عند من يرتضيه و لو كان في يد المرتهن فمات لم يجبر الراهن على تركه في يد الورثة و يضعه الحاكم مع التّشاجر عند من يختاره [- يب -] إذا عينا للعدل جنسا و قدرا لم يجز العدول و إن أطلقا باع بثمن المثل حالا من نقد البلد فإن خالف كان لكلّ منهما فسخه و يستعاد العين و لو كانت تالفة تخير الراهن في الرجوع على العدل بكمال القيمة فيرجع بها على المشتري و على المشتري بالكمال فلا يرجع على العدل و لو كان النقص مما يتغابن النّاس بمثله صح البيع و لا ضمان و لو زيد فيما باعه بثمن المثل أو بما يتغابن الناس به بعد اللزوم لم ينفسخ البيع و إن كان في مدّة الخيار فالوجه عدم الفسخ [- يج -] إذا باع العدل الرهن و قبض الثّمن كان في ضمان الراهن إلى أن يقبضه المرتهن [- يد -] إذا مات الراهن انفسخت وكالة العدل و يلزم الوارث بالقضاء أو بيع الرهن و لو امتنع منهما نصب الحاكم بائعا يقضي من ثمنه الدّين فلو تلف الثمن في يده و استحق الرهن نزعه الحاكم إلى المستحق من يد المشتري بعد إحلافه و لا ضمان على العدل فإن كان الرهن شرطا في بيع تخيّر المرتهن في فسخه و يضرب المشتري في تركة الراهن كغيره من الغرماء و لا يرجع على العدل و كذا يرجع المشتري على الراهن لو كان حيا و باع الوكيل و قبض الثمن و استحقّ الرّهن في يد المشتري و كذا كل وكيل باع و قبض الثمن و استحق المتاع مع علم المشتري بالوكالة و ليس للمشتري الرجوع على الوكيل ثم يرجع الوكيل على الموكّل و لو استحقّ بعد دفع الثمن إلى المرتهن رجع المشتري على المرتهن و لو رده المشتري بعيب رجع على الراهن و لو لم يعلم المشتري بوكالة العدل رجع عليه و رجع هو على الراهن إن أقرّ و لو أنكر فإن لم يكن مع العدل بينة حلف الراهن [- يه -] العدل أمين لا يضمن ما يتلف في يده إلا مع التفريط أو التعدي فلو ضاع الثمن منه كان القول قوله مع اليمين في عدم التفريط و يتلف من ضمان الراهن لا المرتهن و لو ادعى تسليم الثمن إلى المرتهن كان القول قول المرتهن رجوع للعدل على الراهن و في الرّجوع على الراهن فيرجع الراهن على العدل إلا أن يكون الرفع بحضرته أو يكون قد أشهد اثنين فغابا أو ماتا و لو باع بدين ضمن إلا أن يأذنا له [- يو -] لو اختلفا فيما يباع به بيع بنقد البلد سواء كان من جنس الدّين أو لا و سواء وافق قول أحدهما أو لا و لو كانا من نقد البلد بيع بأغلبهما فإن تساويا بيع بأوفرهما خطاء فإن تساويا عين الحاكم [- يز -] لو تغيرت حال العدل بفسق أو ضعف عن حفظ الرهن أجيب طالب إخراجه من يده و كذا لو ظهرت عداوته لأحدهما ثم إن اتفقا على رجل وضع عنده و إلا وضعه الحاكم و لو اختلفا في تغير حاله بحث الحاكم فإن ثبت نقله و إلا إقراره في يده و كذا لو كان في يد المرتهن فادعى الراهن تغير حاله و لو مات العدل لم يكن لورثته إمساكه إلا بالتراضي [- يح -] للعدل ردّه عليهما و يجب قبوله فإن امتنعا أجبرهما الحاكم فإن امتنعا نصب الحاكم أمينا و ليس له ردّه عليهما إلى الحاكم قبل ردّه عليهما و يضمن بذلك و كذا يضمن الحاكم و كذا لو تركه العدل عند أمين مع وجودهما يضمن هو و الأمين و لو امتنعا و لا حاكم جاز له وضعه عند أمين و لو امتنع أحدهما فدفعه إلى الآخر ضمن هو و إياه و لو كانا غائبين و للعدل عذر من مرض و سفر و غيرهما قبضه الحاكم أو من ينصبه و لو تعذّر الحاكم جاز إبداعه من ثقة و لو أودعه الثقة مع وجود الحاكم ضمن و لو لم يكن له عذر لم يجز له التسليم إلى الحاكم و لو كان أحدهما غائبا لم يسلم إلى الحاضر [- يط -] يجوز لهما نقله من العدل متفقين و لو اختلفا لم ينقل بقول أحدهما و يجوز جعل الرهن في يد عدلين و لهما إمساكه فإن رضي أحدهما بإمساك الآخر وحده لم يجز و كذا لا يجوز أن يقتسما الرهن سواء كان ممكن القسمة من غير ضرر أو معه [- ك -] لو جني على الرهن في يد العدل وجبت القيمة على الجاني و كانت رهنا و يحفظها العدل و ليس له بيعها مع الحلول [- كا -] لو غصبه المرتهن وجب عليه ردّه و يبرأ بالتسليم إلى العدل و لو كان في يد المرتهن

ص: 206

فتعدى فيه ثم أزال التعدي أو سافر به ثم ردّه لم يسقط الضمان [- كب -] إذا استقر من ذمي من مسلم و رهن عنده خمرا لم يصح و إن وضعها على يد ذمّي فإن باعها الذّمي من ذمي و جاءه بالثمن أجبر على قبضه أو الإبراء و لو جعلت على يد مسلم فباعها على ذمي أو باعها الذّمي من مسلم لم يجبر على قبض الثّمن [- كج -] لو اتفقا على وضعه على يد عبد لم يصحّ إلا بإذن مولاه سواء كان بجعل أو لا و لو اتفقا على الوضع عند المكاتب صحّ إن كان يجعل و إلا فلا [- كد -] لو باع و شرط الارتهان على الثمن جاز إذا كان معلوما بالمشاهدة أو الصفة كالسلم فإن وفى المشتري و إلا تخير البائع بين الفسخ و الإمضاء بغير رهن و كذا يصح لو شرط الحميل مع العلم بالإشارة أو الاسم و في الصّفة بأن يقول رجل غني ثقة إشكال و لو امتنع الحميل من الضمان تخيّر البائع في الفسخ و الإمضاء و لو جاء المشتري بغير الرهن أو الحميل المشترطين لم يجبر البائع على القبول و إن كان أكثر من قيمة المشروط و لو شرط شهادة اثنين فأتاه بمثلها فالأقرب عدم اللزوم و لو جهلا الحميل و الرهن بطل الرّهن و تخير البائع في الفسخ و الإمضاء و لو شرط رهن أحد الشيئين من غير تعيين لم يصحّ [- كه -] لو لم يشترطا رهنا و تبرّع المشتري به لزمه [- كو -] لو شرط كون المبيع رهنا على الثمن صحّ الرّهن و البيع و قال الشيخ يبطل الرهن و ليس بجيّد و كذا لو شرط أن يسلم إليه المبيع ثم يرده إليه رهنا فإنه يصح البيع و الرهن معا و قال الشيخ يبطلان معا و هو جيد حسن [- كن -] لو رهن المديون بشرط أن يزيده في الأجل فسد الرّهن و الأجل غير لازم قاله الشيخ و عندي فيه تردّد

الفصل السّادس في الأحكام

و فيه [- يد -] مباحث [- ا -] إذا فسخ المرتهن عقد الرّهن أو نزل عنه أو قضاه الراهن الدين أو أبرأه المرتهن منه بطل الرهن و كان أمانة في يد المرتهن لا يجب ردّه إلا مع المطالبة و لو قضاه بعض الدّين أو أبرأه من بعضه لم ينفسخ شيء من الرهن و كان جميعه محبوسا على باقي الدين و إن قلّ [- ب -] إذا رهن المغصوب منه الغصب عند الغاصب صحّ و لا يزول الضمان و إن أذن له في القبض على إشكال و لو قبضه المالك ثم دفعه إلى الغاصب رهنا برئ من الضمان و كذا لو من الضمان من غير قبض و لو باعه عليه سقط الضمان و كذا البحث لو كان في يده بشراء فاسد و لو كان في يده عارية فلا ضمان إلا أن يكون العارية مضمونة فلا يزول إلا بالإبراء و على التقديرين يسقط انتفاع المرتهن [- ج -] إذا رهن عينين فتلفت إحداهما قبل القبض بطل الرّهن فيها خاصة و كانت الأخرى رهنا على جميع الدّين و يتخير المرتهن إن كان الرهن شرطا في البيع و إن كان بعد القبض بطل فيها أيضا و صحّ في الباقية و لا خيار و ليس له المطالبة بالعوض [- د -] إذا وطئ جارية جاز له رهنها فإن ظهر بها حمل و ولدت لدون ستّة أشهر أو لأكثر من عشرة أشهر من حين الوطء استقر الرّهن و كان الولد رقّا و إن كان لستة أشهر إلى تمام عشرة كان حرا و لم يخرج الأمة عن الرهن و لو أقرّ الراهن بالوطء قبل العقد فإن منعنا من رهن أم الولد لم يصحّ رهنا و إلا جاز و لو كان بعد العقد لو تؤثر في فساد الرّهن و الوجه صيرورتها أم ولد لا يجوز بيعها ما دام الولد حيّا [- ه -] الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف في الرّهن فليس لكلّ واحد منهما التصرف فيه ببيع و لا هبة و لا إجارة و لا سكنى و لا وطء و لا غير ذلك فلو وطئ الراهن فعل حراما سواء كانت من ذوات الحمل أو لا لكن لا حدّ عليه و لا مهر و لو أتلف بوطئه جئرأ كالاقتضاض أو الإفضاء ضمن الأرش و جعل رهنا و لو أحبلها صارت أم ولد و لم يخرج من الرّهانة سواء كان موسرا أو معسرا لكن لا يباع ما دام الولد حيّا و لو ماتت بالولادة ضمن الراهن القيمة تكون رهنا و هل تعتبر القيمة حين التلف أو حين الإحبال أو أكثر ما كانت منهما فيه إشكال و لو نقصت قيمتها كان عليه الأرش تكون رهنا و لو بقيت على حالها لم يجز بيعها مع حياة ولدها و قيل يجوز لسبق حقّ المرتهن فإن استوعب الدّين القيمة بيعت و إلا لم يجز بيع الفاضل إلا أن يوجد من يشتري المقابل للدّين خاصة فإن بيع مقابل الدين انفك الباقي من الرّهن فإن مات الراهن عتق و كان الباقي رقّا للمشتري لا يقوم على الميّت و لو رجعت إلى الراهن ثبت لها حكم الاستيلاد أما لو وطئها بإذن المرتهن فإنها تصير أم ولد مع الحبل و لا تخرج من الرّهن و لا يجب عليه أرش و لا قيمة لو نقصت أو ماتت بالولادة و لو رجع بعد الوطء لم ينفع و لو رجع قبله و علم الراهن فالحكم كما لو لم يأذن و لو لم يعلم فالحكم كما لو لم يرجع [- و -] لا يجوز للراهن ضرب الجارية للتأديب و غيره إلا بإذن المرتهن و بدونه يضمن العيب و العين و لو أذن المرتهن فلا ضمان لو عابت أو تلفت [- ز -] ليس للراهن عتق الرهن فإن فعل كان موقوفا على إجازة المرتهن سواء كان موسرا أو معسرا فإن فسخه بطل العتق و استقر الرهن و إن أجازه صحّ العتق و بطل الرّهن و ليس له المطالبة بالعوض و لو انتفت الإجازة و الفسخ استقر الرّهن فإن بيع بطل العتق و إن فك ففي نفوذ العتق (- ح -) إشكال و لو أعتقه

ص: 207

بإذن المرتهن صح و بطل الرهن و لو رجع في الإذن كان حكمه ما تقدم في رجوعه في الإحبال أما المرتهن لو أعتقه لم ينفذ و إن أجاز المالك و لو سبق الإذن جاز [- ح -] لو ادعى الراهن إذن المرتهن في الإحبال أو الإعتاق فالقول قول المرتهن مع اليمين و عدم البينة فإن حلف كان كما لو لم يأذن و إن نكل حلف الراهن و كان كما لو أذن و لو نكل ففي إحلاف الجارية إشكال و لو اختلف الراهن و ورثة المرتهن حلفوا على نفي العلم و لو اختلف المرتهن و ورثة الراهن حلف المرتهن على نفي الإذن أو الورثة على إثباته قطعا [- ط -] إذا اعترف المرتهن بالإذن في الوطء و فعله و ولادة المرأة لا التقاطه و لا استعارته و مدة الحمل لم يقبل إنكاره كون الولد منه و لا يمين على الراهن و لو أنكر أحد الأربعة فالقول قوله مع اليمين [- ى -] لو وطئها المرتهن من غير إذن حد مع العلم و الولد رقيق للراهن و عليه مهر المثل إن أكره الجارية أو كانت نائمة و لو طاوعته فلا مهر على إشكال و لو ادعى الجهل بالتحريم صدق مع إمكانه و يسقط الحد و لحقه الولد حرا و عليه قيمته وقت سقوطه حيا و المهر مع الإكراه لا مع المطاوعة و لو كانت جاهلة ثبت المهر أيضا و الأقرب عندي ثبوت العشر مع البكارة و نصفه مع الثيوبة في كل موضع أوجبنا المهر فيه و لو أذن الراهن جاز الوطء و لا حد و لا مهر سواء طاوعته أو أكرهها و الولد حر و لا قيمة على الأب و قول الشيخ في المبسوط إذا أذن الراهن لم يجز الوطء محمول على انتفاء لفظ التحليل و لا تصير أم ولد في الحال و لو ملكها المرتهن صارت أم ولده [- يا -] إذا أذن المرتهن في البيع قبل الأجل صح البيع و لم يجب جعل الثمن رهنا إلا أن يشترط في الإذن فيصح البيع و يلزم الشرط و لا يجب التعجيل و لو قال المرتهن أردت بإطلاق الإذن أن يكون ثمنه رهنا لم يلتفت إلى قوله و لو اختلفا فقال المرتهن أذنت بشرط أن يعطيني حقي و قال الراهن بل مطلقا قال الشيخ القول قول المرتهن لأن القول قوله في أصل الإذن فكذا في صفته و عندي فيه إشكال و كذا لو قال أذنت بشرط جعل الثمن رهنا و قال الراهن بل مطلقا و لو أذن الراهن للمرتهن في البيع قبل الأجل لم يجز للمرتهن التصرف في الثمن إلا بعد الأجل و لو كان بعد حلوله جاز [- يب -] لو رجع في إذن البيع بعده لم تؤثر في صحته و لو كان قبله و علم الراهن لم يصح و إن لم يعلم قال الشيخ الأولى صحة الرجوع و بطلان البيع و لو قال بعت بعد رجوعي فقال بل قبله فالقول قول المرتهن [- يج -] لو كان الحق حالا أو مؤجلا ثم حل فإن أذن المرتهن في البيع كان الثمن رهنا إلا أن يقضيه منه أو من غيره [- يد -] لو رهن عبدا ثم دبره قال الشيخ يبطل التدبير و لو قيل بكونه موقوفا على إذن المرتهن كان وجها فإن انفك قبل موت المولى بقي مدبرا و إن باعه في الدين بطل التدبير و إن امتنع من البيع و الرجوع في التدبير بيع عليه و إن مات و قضي من غيره عتق من الثلث و إن لم يكن غيره و كان الدين مستغرقا بيع به و إن فضل من قيمته عتق ثلث الفاضل [- يه -] لو قال المرتهن أذنت لرسولك في رهنه بعشرين فقال بل بعشرة فالقول قول الراهن مع يمينه و عدم البينة ثم الرسول إن صدق الراهن فالغريم الراهن و ليس على الرسول يمين و إن صدق المرتهن فكذلك و لا يرجع المرتهن عليه بشيء و لا يقبل شهادة الرسول لأحدهما [- يو -] لو قال رهنت هذا فقال بل هذا أخرج ما أنكره المرتهن عن الرهن و حلف الراهن عن الآخر و بقي الدين بلا رهن و كذا لو قال أذنت في رهن هذا فقال بل في هذا و لو أقام المرسل بينة أنه أذن في رهن ما ادعاه و النهي عن رهن الآخر و أقام المرتهن البينة بالعكس ثبت ما ادعاه المرتهن و لو أنكر الإذن للرسول في الرهن فالقول قوله مع اليمين و لو قال لم أرهن الثوب أو لم آذن في رهنه و إنما رهنت عندك عبدا و قد قتلته و عليك قيمته فالقول قوله في الثوب و قول المرتهن في براءة ذمته [- ين -] إذا أحل الحق وجب على الراهن إيفاء الدين مع المطالبة فإن قضاه من غيره انفك و إلا طولب ببيعه فإن امتنع كان للمرتهن بيعه إن كان وكيلا و إلا رفع أمره إلى الحاكم و للحاكم حبسه و تعزيره حتى يبيع و بيعه بنفسه [- يح -] لو جنى المرهون على عبد الراهن فإن لم يكن رهنا كان للمولى القصاص إلا أن يكون المقتول ابن القاتل و ليس له العفو على مال سواء كان المقتول قنا أو مدبرا أو أم ولد المولى و إن كان مرهونا عند غير المرتهن كان للمولى القصاص أيضا و له العفو على مال فإن قصر أرش الجناية عن قيمة القاتل بيع بقدر الأرش يكون رهنا عند مرتهن المجني عليه و لو لم يرغب أحد في شراء البعض بيع الجميع و كان باقي أرش الجناية رهنا عند مرتهنة و إن تساويا أو كان الأرش أكثر بيع الجميع و كان الثمن رهنا عند مرتهن المجني عليه و يحتمل أنه ينقل إلى يد مرتهن المجني عليه رهنا و ينفك من رهن مرتهنه مع عدم راغب في شرائه بالأزيد من القيمة و لو كان رهنا عند مرتهن الجاني فإن اتحد الحق فالجناية هدر و إن تعذر فإن تساوت القيمتان و تساوى الحقان قدرا و جنسا فالجناية هدر إلا أن يكون دين المقتول أصح و أثبت من دين القاتل بأن

ص: 208

يكون مستقرا و دين القاتل عوض شيء يرد بعيب أو صداقا قبل الدخول فيحتمله نقله و عدمه و مع النقل يباع و يكون الثمن رهنا أو يتفقا على التبقية و إن اتفقت القيمتان و اختلف الحقان بأن يكون قيمة كل منهما مائة و دين أحدهما مائة و الآخر مائتين لم ينقل إن كان دين القاتل أكثر و إلا نقل و إن انعكس الفرض لم ينقل إن كانت قيمة المقتول أكثر و إن كانت قيمة القاتل أكثر بيع بقدر الجناية يكون رهنا بدين المجني عليه و يبقي الباقي رهنا بدينه و لو اتفقا على التبقية و جعله رهنا بالدينين جاز و لو كان أحد الدينين مؤجلا و الآخر معجلا بيع القاتل بكل حال فإن كان دين المقتول معجلا بيع القاتل ليستوفى دية المقتول منه و إن بقي منه شيء كان رهنا بدينه و إن كان دين القاتل معجلا بيع و استوفي المعجل فإن بقي منه شيء كان رهنا بدين المقتول [- يط -] إقرار العبد بما فيه قصاص أو دية باطل سواء كان مرهونا أو غير مرهون [- ك -] إذا جنى المرهون تخير المولى بين افتكاكه بأرش الجناية و يبقى رهنا على حاله و بين تسليمه للبيع و للمرتهن حينئذ افتكاكه بالأرش أيضا و يرجع على الراهن إن أذن له و إن لم يأذن قال الشيخ يرجع أيضا و عندي فيه نظر [- كا -] لو أمر السيد عبده المرهون بالجناية و كان بالغا عاقلا مختارا تعلق الإثم و الجناية برقبة العبد و الحكم كما تقدم و إن أكره فكذلك عندنا يتعلق الجناية برقبة العبد و لو لم يكن بالغا و كان مميزا فكذلك على ما روي من ثبوت القصاص على من بلغ عشر سنين على إشكال و لو لم يكن مميزا كان الجاني هو المولى و القصاص عليه و المال في ذمته فإن كان له غير العبد دفع منه و إن لم يكن قال الشيخ الأحوط أن لا يباع العبد في الجناية [- كب -] يجوز أن يستعير شيئا ليرهنه و يكون مضمونا بالقيمة إن تلف أو تعذر إعادته أو بيع بها و إن بيع بالأكثر كان له المطالبة بما بيع به و هل يرجع بأعلى القيم أو بالقيمة وقت الإقباض أو التلف إشكال و لو رجع عن الإذن قبل العقد لم ينعقد الرهن و إن كان بعده لم يصح الرجوع و الأقرب جواز إذنه في الرهن مطلقا إلا أنه إن عين الحق و القدر و الحلول و التأجيل لم يجز للمستعير المخالفة إلا أن يرهنه بالأدون و لو رهنه بالأزيد بطل في الزائد و صح في المأذون فيه على إشكال و لو أذن في الحال فرهن مؤجلا أو بالعكس لم يصح فإن رهنه على دين حال بإذنه كان له المطالبة بفكاكه و لو أذن في المؤجل فالأقرب أنه ليس له المطالبة بافتكاكه قبل الأجل و لو تلف العبد في يد المرتهن بغير تفريط أو جنى فبيع في الجناية رجع صاحبه على الراهن بالقيمة و لو طالب المالك الراهن بفكاكه فامتنع ففكه صاحبه بغير إذنه لم يرجع و إن كان بإذنه رجع و إن لم يشترط الرجوع و لو اختلفا في الإذن فالقول قول الراهن فإن أقام السيد البينة بالإذن رجع و لو شهد له المرتهن فالوجه قبول شهادته [- كج -] لو استعار من رجل شيئا للرهن ثم دفع نصف الدين لم ينفك من الرهن شيء حتى يقضي الجميع و لو استعار من اثنين فرهن عند واحد و قضاه نصف الدين عن أحد النصفين احتمل الأول و إن ينفك نصفه فإن علم المرتهن تعدد المالك فلا خيار و إلا احتمل ثبوته و عدمه و لو كان هذا العبد رهنا عند اثنين فقضى أحدهما انفك نصف نصيب كل واحد منهما و لو جعل الرهن رهنا على كل جزء من الدين لم ينفك من الرهن شيء في هذه الصور كلها [- كد -] إذا جني على المرهون كان الخصم المولى لا المرتهن و له أن يحضر الخصومة ليأخذ ما يحصل للمالك و كذا العبد المستأجر و المودع الخصم فيهما المالك فإن قامت البينة و إلا حلف المنكر فإن نكل ردت على الراهن لا المرتهن و إن نكل الراهن سواء كانت عمدا أو خطأ فإن كانت عمدا كان للمولى القصاص و إن لم يرض المرتهن و لو عفا على مال تعلق به حق المرتهن و لو عفا مطلقا أو على غير مال فلا قصاص و لا دية فإن عفا على مال أو كانت الجناية خطاء يثبت من نقد البلد و لو أراد أخذ العوض افتقر إلى إذن المرتهن و يكون المأخوذ رهنا و لو أبرأ الراهن الجاني من الأرش لم يصح و إن سقط حق المرتهن بعد ذلك و لو قال المرتهن أسقطت حقي من ذلك سقط حقه و كان للراهن و لو قال المرتهن أسقطت الأرش أو أبرأت منه لم يصح و هل يسقط حقه بذلك من الوثيقة فيه يحتمل الأمرين و أقربهما السقوط [- كه -] لو كان الرهن أمة حاملا فضربها ضارب فألقت جنينا ميتا لزم الجاني عشر قيمة أمة للراهن إلا أن يشترط المرتهن رهانة النماء و لا يجب أرش ما نقص بالولادة و لو كانت دابة وجب أرش ما نقص بوضعه يكون رهنا و لا يجب بدل الجنين و لو ألقت حيا ثم مات وجب قيمة الولد دون النقص و القيمة للراهن لا حق للمرتهن فيها قال الشيخ و لا يجب أكثر الأمرين من قيمة الولد أو أرش ما نقصت الأم [- كو -] إذا جنى على الرهن و جهل الجاني فأقر شخص بالجناية فإن كذباه سقط حقهما و إن صدقه الراهن خاصة سقط حق المرتهن من الوثيقة و كان للراهن و إن صدقه المرتهن سقط حق الراهن و تعلق حق المرتهن بالأرش إن قضاه الراهن ماله أو أبرأه المرتهن رجع الأرش إلى المقر [- كن -] إذا حدث في الرهن عيب في يد المرتهن لم يضمنه إلا مع التعدي و التفريط

ص: 209

و لا يثبت له خيار في البيع الذي شرط فيه الرهن و لو اختلفا فقال الراهن حدث عندك و قال المرتهن قبل القبض فإن كان في قرض أو ثمن لم يشترط فيه الرهن لم يكن للاختلاف معنى و إن كان مشروطا في البيع قدم قول من يشهد الحال له و لو تساويا في الاحتمال فالقول قول الراهن عملا بصحة العقد و لو قتل الرهن بردة أو قطع في سرقة قبل القبض كان له فسخ البيع المشروط به و لو وجد المرتهن عيبا في يد الراهن فله الرد و فسخ البيع و لو مات الرهن أو حدث فيه عيب قبل رده لم يكن له رده و فسخ البيع قاله الشيخ و الأقرب عندي جواز رده مع العيب المتجدد بالعيب القديم و لو رهن عبدين فسلم أحدهما فمات في يد المرتهن و امتنع من تسليم الآخر لم يكن للمرتهن خيار فسخ البيع قاله الشيخ و كذا لو تجدد فيه عيب و امتنع من تسليم الآخر و الأقوى عندي ثبوت الخيار له في الموضعين [- كح -] إذا اتفقا على أن العدل قبض الرهن لزم الرهن و إن أنكر العدل سواء قلنا باشتراط القبض أو لا ثم إن اتفقا على تركه في يد من شاء جاز و إلا دفعه الحاكم إلى الثقة [- كط -] الوارث كالموروث إلا في شيئين أحدهما حلول الدين المؤجل بموت من عليه و الثاني امتناع الراهن من تركه في يد الوارث إذا لم يشترط المرتهن [- ل -] لو قال الراهن رهنتك أحد العبدين الذين في يدك فقال المرتهن بل هما فالقول قول الراهن و لو قال رهنتك على خمسمائة من الألف التي لك علي فقال بل على الجميع فالقول قول الراهن و كذا القول قول الراهن في قدر الدين و لو قال لاثنين رهنتما في عبدكما على الدين الذي عليكما فالقول قولهما مع اليمين و لو صدقه أحدهما ثبت الرهن في حقه و حلف الآخر و لو شهد عليه شريكه قبل مع اليمين و لو أنكراه و شهد كل على صاحبه فالوجه جواز حلف صاحب الدين مع كل واحد و يثبت ما ادعاه و لا يقتضي الإنكار فسقا لاحتمال الشبهة كالمتخاصمين و القول قول الراهن في دعوى قضاء الدين بالرهن لو كان عليه آخر بغير رهن سواء ادعى التلفظ بذلك أو لا مع النية و لو اتفقا على الإطلاق و لم يدع القاضي نيته احتمل أن يعينه بأيّ الدينين شاء و أن يكون بينهما و كذا لو أبرأه المرتهن عن أحد الدينين ثم اختلفا فالقول قول المرتهن و مع الإطلاق يحتمل الأمران و لو قال لم أسلم الرهن إليك بل آجرتكه أو غصبتنيه أو آجرته لغيرك فحصل في يدك و ادعى المرتهن الإقباض فالقول قول الراهن في عدم الإقباض [- لا -] منافع الرهن للراهن سواء كانت منفصلة أو متصلة لكن المتصلة يتبع الرهن كالسمن أما المنفصلة مثل سكنى الدار و خدمة العبد و ثمرة الشجرة و حمل الدابة سواء كانت موجودة حال الارتهان أو بعده لا يكون رهنا سواء كانت ولدا أو غيره و ليس للراهن سكنى الدار و لا إسكانها بإجارة و لا عارية لكنه إن آجر كانت الأجرة له و لو كان الرهن أمة لم يجز للراهن استخدامها و يوضع يد على امرأة أو عدل و ليس للراهن وطؤها و إن لم يكن من ذوات الحبل و ليس له أن يغرس في الأرض فإن غرس لم يقلع و لو رهن شجرا يقصد ورقه كالتوت و الحناء و الآس لم يدخل في الرهن و يجوز له تزويج العبد المرهون و الجارية المرهونة لكن لا يسلم الجارية إلا بعد الافتكاك [- لب -] يجب على الراهن الإنفاق على الرهن و لو جنى عليه كان عليه المداواة و كذا لو مات كان عليه مئونة تجهيزه و دفنه و كذا أجرة مسكنه و حافظه على الراهن و كذا أجرة من يرد العبد من الإباق و لو كان الرهن ماشية لم يكن للراهن إنزاء فحولتها على إناثه أو إناث غيره و كذا لا ينزى عليها لو كانت إناثا سواء ظهر الحمل قبل حلول الدين أو لا و قال الشيخ لا يجوز للمرتهن منعه من ذلك في الذكور و الإناث و لو أراد الراهن رعي الماشية لم يكن للمرتهن منعه و تأوي ليلا إلى من هي في يده و ليس له الانتقال بها مع وجود المرعى و لو لم يوجد كان له ذلك و ليس للمرتهن منعه لكنها يأوي ليلا إلى يد عدل يرتضيانه أو الحاكم و لو أراد المرتهن نقلها مع الجدب جاز و لو أراد الانتقال و اختلفا كان قول الراهن أولى و للراهن ختن العبد و خفض الجارية في الزمان المعتدل و ليس للمرتهن منعه إلا أن يكون الدين يحل قبل برئهما و ينقص ثمنهما بذلك فله المنع و لا يجبر الراهن على مداواة العبد لعدم تحقق أنه سبب لبقائه و قد يبرأ بغيره و لو أراد المداواة بما لا ضرر فيه لم يكن للمرتهن منعه و إلا كان له ذلك و لو أراد المرتهن مداواته مع عدم الضرر لم يكن للراهن منعه و ليس له الرجوع على الراهن و لو تحقق الضرر لم يكن له و لو أراد الراهن تأبير النخل لم يكن للمرتهن معه و ما يحصل من ليف و سعف يابس لا يتعلق به حق الرهن لقيام المتجدد منهما مقامه و لو كانت النخل و الشجر مزدحمة و حكم أهل الخبرة بالتحويل جاز و لو جف منها شيء كان رهنا بخلاف السعف [- لج -] لو ادعى اثنان على رجل الرهن و التسليم فالقول قول الراهن مع يمينه سواء كان في يده أو يدهما أو يد أحدهما و لو كان مع أحدهما بينة حكم بها و إن كان معهما بينتان متساويتان أقرع بينهما و لو صدق أحدهما كان رهنا عنده و يحلف للآخر فإن نكل أحلف الآخر و أخذت القيمة رهنا و لو صدقهما و أقر بالسبق لأحدهما فإن كان في يده أو يد عدل أو يد المقر له كان رهنا عند المقر له و الأقرب إحلافه للآخر فإن نكل أحلف الآخر و أخذ القيمة رهنا و لو كان

ص: 210

في يد الآخر فالمقر له أولى أيضا و لو كان في يدهما فكذلك و إن قال لا أعلم و صدقاه انفسخ العقد مع عدم البينة و إن كذباه فالقول قوله مع اليمين فيكون كما لو صدقاه و لو نكل حلفا و ينفسخ العقد و يحتمل القسمة [- لد -] لو رهن الأصل و الثمرة صح و إن كان الدين مؤجلا بدرك الثمرة قبل حلوله فإن كانت تجفف فعل بها ذلك و إلا باعها و كان الثمن رهنا و كذا لو رهن الثمرة منفردة سواء كانت مؤبرة أو لا و سواء شرط القطع أو لا و كذا كل زرع قبل إدراكه أو بعده و لو رهن ما يخرج على التعاقب كالباذنجان و الخيار صح رهن الخارج سواء كان الدين حالا أو مؤجلا إلى أجل يحل قبل حدوث الثانية أو بعده مع التمييز و عدمه فإذا طرأت الثانية و اختلطت فإن سمح الراهن برهن الجميع أو اتفقا على قدر الرهن فلا بحث و إلا كان القول قول الراهن مع يمينه و كذا البحث في رهن الخرطة مما يخرط و الجزة مما يجز و مئونة الثمرة من السقي و الحافظ و أجرة الصلاح و الجذاذ و التشميس على الراهن مثل مئونة الحيوان و ليس لأحدهما قطعها قبل بدو صلاحها إلا باتفاق صاحبها إلا أن يريد قطع بعضها للتخفيف عن الأصول أو لدفع الفساد أو لازدحام بعضها مع بعض و إن كان بعد إدراكها جاز و أجبر الممتنع إذا كان فيه مصلحة لها و لو احتاجت إلى موضع تجفف فيه كانت أجرة ذلك الموضع على الراهن و لو أراد المرتهن دفع ما يخرج عليها و يكون الرهن على الجميع جاز مع الاتفاق و لو كان الراهن غائبا تولى الحاكم أمرها فإن أنفق المرتهن بغير إذنه لم يرجع مع القدرة عليه و إلا فالأقرب الرجوع مع إشهاد عدلين [- له -] الرهن في يد المرتهن أمانة لا يضمنه إلا بالتفريط أو التعدي و لا يسقط بتلفه شيء من حقه و لو كان الدين أقل من قيمته لم يضمن الفاضل و سواء كان مما يخفى هلاكه كالذهب و الفضة أو لا يخفى كالحيوان و العقار و لو قضاه الدين و طالبه باستعادة الرهن فإن أخره لعذر لم يضمن و إن كان لغيره ضمن أكثر ما كانت قيمته من حين المنع إلى حين التلف و مع القضاء أو الإبراء من الدين يبقى أمانة غير مضمونة و لو استعار المرتهن الرهن من الراهن لينتفع به لم يضمنه و لو أتلفه المرتهن أو أجنبي ألزم القيمة و لا يكون وكيلا في القيمة لو كان وكيلا في الأصل [- لو -] لو ادعى المرتهن هلاك الرهن فالقول قوله مع اليمين و لو ادعى رده على الراهن لم يقبل إلا بالبينة و لو بان استحقاق الرهن رده المرتهن على مالكه و بطل الرهن و لو تلف ضمنه المرتهن لمستحقه مع التعدي أو التفريط و لا يرجع على الراهن بما يأخذه المالك و للمالك الرجوع على الراهن فيرجع على المرتهن و لو لم يفرط المرتهن فالوجه جواز رجوع المالك عليه و يرجع على الراهن لغروره و لو رجع على الراهن لم يرجع عليه و لو أسلم في طعام و أخذ به رهنا و تقايلا برئت ذمة المسلم إليه من الطعام و وجب عليه رد مال السلم و بطل الرهن و ليس له حبسه على رأس المال و لو أعطاه به عينا أخرى جاز و لو أقرضه ألفا برهن فأخذ بالقرض عينا سقط الدين عن ذمته و بطل الرهن فإن تلفت العين في يد المقترض انفسخ العقد و عاد القرض و الرهن [- لن -] إذا مات المرتهن و لم يعلم الورثة الرهن كان كسبيل ماله حتى يقوم البينة به و لو مات الراهن أو أفلس كان المرتهن أحق باستيفاء دينه من غيره من الغرماء و لو أعوز ضرب مع الغرماء بالفاضل [- لح -] إذا تصرف المرتهن بركوب أو سكنى أو إجارة ضمن و عليه الأجرة و لو كان للرهن مئونة كالدابة اتفق عليها و تقاصا [- لط -] يجوز للمرتهن استيفاء دينه مما في يده إن خاف جحود الوارث و لا بينة له و لو اعترف بالرهن و ادعى دينا لم يقبل قوله إلا بالبينة و له إحلاف الوارث إن ادعى علمه [- م -] لو رهنه حبا فزرعه أو بيضة فأحصنها فصارت فرخا كان الملك و الرهن باقيين [- ما -] إذا مات المرتهن انتقل حق الرهانة إلى الوارث و للراهن الامتناع من تسليمه إليه فإن اتفقا على أمين و إلا دفعه الحاكم إلى من يرتضيه [- مب -] إذا اختلفا فقال أحدهما هو وديعة و قال الممسك هو رهن فالقول قول المالك على خلاف [- مج -] لو اكترى المرتهن الرهن من صاحبه أو إعادة لم ينفسخ الرهن سواء كان قبل القبض أو بعده و كذا لو كان من غير صاحبه لكنه يكون حراما إلا بإذن الراهن و الأجرة للراهن و لو اكترى شيئا ثم ارتهن الرقبة ثم أكراه أو أوصى له بمنفعة عين ثم ارتهنها ثم آجرها لم ينفسخ الرهن و كان الكري صحيحا و لو رهن عند شريكه ثم باع فطلب الشريك الشفعة ففي كونه إجارة للبيع نظر ينشأ من كون الطلب وقوفا على صحة البيع المتوقفة على الإجارة و من كون الإجارة رضا بالبيع فيبطل لشفعة [- مد -] لو رهن ما يسرع إليه الفساد قبل الأجل فإن شرط البيع جاز و إلا بطل عند الشيخ و الأقوى عندي الجواز و يجبر على بيعه و يكون الثمن رهنا

المقصد الثالث في المفلس
اشارة

و فيه فصول

الأول في الشروط

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] الفلس لغة مأخوذة من الفلوس التي هي أخس مال الرجل و في الشرع اسم لمن عليه ديون لا يفي ماله بها و منع من التصرف في ماله و لا يتحقق الحجر إلا بشروط أربعة ثبوت ديونه عند الحاكم و حلولها و قصور أمواله عنها و التماس الغرماء أو بعضهم الحجر [- ب -] لو سأل

ص: 211

غرماؤه الحجر لم يحجر عليه إلا بعد ثبوت ديونهم عنده و يثبت بالبينة أو اعترافه فإذا ثبت الديون لم يحجر عليه حتى ينظر في ماله هل يفي بديونه أم لا فينظر حكم عليه من الديون و يقوم ماله بذلك فإذا قصرت حجر عليه و يستحب أن يظهر الحجر عليه ليجتنب معاملته [- ج -] يقوم الأعيان التي أثمانها عليه و يحتسب من أمواله و إن كان لأربابها الرجوع فيها لأن أربابها بالخيار فيه [- د -] إذا قوم الحاكم أمواله و وجدها قاصرة عن الديون الحالة أجيب من طلب الحجر سواء كان بعض الغرماء أو جميعهم و لو كانت أمواله تفي بالديون و لم يظهر أمارات الفلس مثل أن يكون نفقته في كسبه أو ربح رأس ماله لم يحجر عليه إجماعا بل يؤمر بقضاء الديون فإن امتنع حبسه أو باع عليه ماله و إن ظهرت أمارات الفلس مثل أن يكون نفقته من رأس ماله لم يحجر عليه و إن سأل الغرماء [- ه -] لو ظهر للحاكم الفلس لم يحجر عليه تبرعا حتى يسأل الغرماء ذلك و لو سأل المفلس الحجر عليه لم يجز للحاكم إجابته إلى ذلك إلا بعد مسألة الغرماء [- و -] إنما يحجر على المفلس إذا قصرت أمواله عن الديون الحالة أما المؤجلة فلا فلو وفت أمواله بالحالة و قصرت عنهما لم يحجر عليه و لو قصر عن الحالة فحجر عليه لم يشارك صاحب الدين المؤجل و لا قسم له إلا أن يحل قبل القسمة و لا تحل الديون المؤجلة بالحجر و إن حلت بالموت [- ز -] إذا حجر الحاكم عليه تعلق به أحكام أربعة منعه عن التصرف في ماله و بيع أمواله و قسمتها و المنع عن حبسه و اختصاص كل غريم بعين ماله

الفصل الثاني في منعه عن التصرفات

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] يمنع المفلس من كل تصرف مبتدأ يصادف المال الموجود وقت الحجر كالعتق و الرهن و البيع و الكتابة إما لا يصادق المال كالنكاح و الخلع و استيفاء القصاص و العفو عنه و الإقرار بالنسب و نفيه باللعان و الاحتطاب و الاستيهاب و قبول الوصية فإنه ماض [- ب -] إذا تصرف تصرفا يصادف المال عند الحجر كان باطلا و لم يكن موقوفا و لا فرق في البطلان بين التصرف بعوض كالبيع و الإجارة أو بغير عوض كالهبة و العتق و الوقف و سواء كان العوض مثل المعوض أو أزيد أو أقصر و لو أقرضه إنسان بعد الحجر أو باعه بثمن في الذمة كان المال ثابتا في ذمته و لم يشارك صاحبه الغرماء [- ج -] إذا أقر بدين أضافه إلى ما قبل الحجر قبل قوله و شارك المقر له الغرماء و هل يفتقر إلى يمين إشكال و لو أكذبه الغرماء و قلنا بوجوب اليمين حلف فإن نكل ففي إحلاف الغرماء على المواطاة أو المقر له إشكال و لو أقر بعين في يده دفعت إلى المقر له سواء كان هناك وفاء للباقين أو لا [- د -] لو لزمه دين بعد الحجر باختيار صاحبه كالقرض و البيع لم يضرب به مع الغرماء سواء علم صاحب المال بالحجر أو لا و إن لم يكن باختياره كإتلاف مال أو جناية شارك من وجب له باقي الغرماء و لو ادعي عليه مال فجحده فأقام المدعي بينة شارك و لو عدم البينة كان على المفلس اليمين فإن نكل حلف المدعي و ثبت الدين و شارك كالإقرار [- ه -] لو جني عليه خطأ تعلقت الديون بالدية و ليس له العفو و لو كان عمدا ثبت له القصاص و له العفو على غير مال و ليس للغرماء منعه و له العفو على مال فيتعلق به الديون و لو عفا مطلقا سقط القصاص و المال [- و -] لو شهد له عدل بمال جاز له أن يحلف ليثبته فيتعلق به حق الغرماء و لو امتنع لم يكن للغرماء أن يحلفوا و كذا لا يحلف غرماء الميّت مع الشاهد الواحد بحق له [- ز -] لو وهب قبل الحجر و شرط الثواب جاز فإن عينه فلا بحث و إن أطلق احتمل وجوب قيمة الموهوب فلا يمضى قبول المفلس للأقل و ما جرت به العادة أن يثاب بمثله فليس له أن يرضى بدونه و ما يرضى به الواهب فيكون له ما يرضاه و إن قل و لا اعتراض للغرماء [- ح -] إذا تبايعا بخيار و حجر عليهما قبل انقضائه كان لكل منهما إجازة البيع و فسخه من غير اعتراض و كذا لو حجر على أحدهما و له خيار سواء كان الخط في تصرفه أو لا و لو كان له حق من سلم و غيره لم يكن له قبضه أقل أو أدون صفة إلا برضا الغرماء [- ط -] إذا آجر دارا ثم أفلس و حجر عليه لم يكن له و لا لغرمائه فسخ الإجارة فإن اختار الغرماء الصبر في البيع حتى ينقضي مدة الإجارة جاز فلو انهدمت الدار في الأثناء انفسخت الإجارة في المتخلف و يرجع المستأجر حصته من الأجرة يشارك الغرماء إن لم يجد عين ماله و لو كان الغرماء قد اقتسموا ففي فسخ القسمة إشكال و لو طلب الغرماء البيع في الحال جاز و تمت الإجارة على حالها و لو اختلف الغرماء في البيع و الصبر قدم طالب البيع [- ى -] لو اشترى بالعين لم ينعقد و لو اشترى في الذمة جاز و لا يشارك الغرماء و لا يتعلق بعين متاعه سواء علم بالحجر أو لا و لو اشترى قبل الحجر جاز له رده بعده بالعيب مع الغبطة لا بدونها [- يا -] لو أقر بمال و جهل السبب لم يشارك المقر له الغرماء و لو قال هذا المال مضاربة لغائب احتمل قبول قوله مع اليمين و يقر في يده و لو قال لحاضر و صدقه كان للمقر له و إن كذبه كان للغرماء [- يب -] لو تجدد له مال بعد الحجر تعلق الحجر به ما لم يف بالحقوق [- يج -] لو كان عليه دين مؤجل لم يحل بالحجر و لا حق لصاحبه في أعيان أمواله بل يقسم على باقي الغرماء فإذا أحل الأجل بعد فك الحجر ابتدئ

ص: 212

الحجر عليه إن كان في يده شيء لا يفي بما عليه و لو مات و عليه دين مؤجل حل أجل ما عليه سواء كان الميّت محجورا عليه أو لا و سواء وثق الورثة أو لا و لو كان له مال مؤجل لم يحل بموته

الفصل الثالث في اختصاص الغريم بعين ماله

و فيه [- كز -] بحثا [- ا -] من وجد من الغرماء عين ماله كان أحق به إذا كان حيا سواء كان هناك وقاء للباقين أو لم يكن و لصاحب السلعة أن يضرب مع الغرماء فلو اشترى سلعة و أفلس بثمنها و حجر الحاكم كان البائع أحق بسلعته إن شاء أخذها و إن شاء ضرب مع الغرماء بالثمن و لو مات المفلس فإن كان هناك وفاء كان لصاحب المال أن يأخذ عين ماله و أن يضرب مع الغرماء و إن لم يكن وفاء لم يكن له الاختصاص و لا فرق بين أن يموت بعد الحجر عليه أو قبله فإن الموت بمنزلة الحجر مع الوفاء [- ب -] يتخير المالك بين أخذ العين و الضرب مع الغرماء قيل على الفور و لو قيل إنه على التراخي كان وجها و مع اختيار العين يثبت له سواء كانت السلعة متساوية لثمنها أو أكثر أو أقل و لا يفتقر الفسخ إلى حكم حاكم و لا معرفة المبيع و لا القدرة على تسليم و لا امتيازه عن غيره فلو رجع في الغائب بعد مضي مدة يمكن التغير فيها صح فإن بان تالفا وقت الرجوع بطل و ضرب بالثمن مع الغرماء و لو رجع في الآبق أو البعير الشارد صح فإن قدر عليه أخذه و إن تلف كان من ماله إلا أن يكون التلف قبل الرجوع و لو رجع و اشتبه بغيره فقال البائع هذا المبيع فقال المفلس هذا فالقول قول المفلس [- ج -] لو اشترى شقصا مما يجب فيه الشفعة ثم أفلس و حجر عليه الحاكم ثم علم الشريك بالبيع و أراد الأخذ بالشفعة و أراد البائع الرجوع في الشقص دفع إلى الشفيع و كان الثمن أسوي بين الغرماء لا يختص به البائع [- د -] لو أراد الغرماء أو وارث الميّت دفع الثمن منهم أو خصوه به من باقي مال المفلس أو التركة لم يجبر البائع على القبول و كان له الرجوع في العين و لو دفعوا إلى المفلس ثمنا فبذله للبائع لم يكن له الفسخ و كذا لو أسقط سائر الغرماء حقوقهم فملك الثمن أو وهب له مال أمكنه الأداء منه أو غلت أمواله حتى وفت بالديون [- ه -] إذا وجد البائع السلعة بحالها تخير بين تركها و التصرف مع الغرماء بثمنها لا بقيمتها و بين أخذها و إن وجدها ناقصة نقصا يقابله عوض و يصح إفراده بالبيع كما لو وجد عبدا من عبدين أو بعض الثوب تخير بين ترك الباقي و الضرب مع الغرماء بحصة من الثمن و الضرب بما يبقى من الثمن و إن لم يقابله عوض مثل أن يسقط بعض أطراف العبد فإن لم يجب في مقابلته أرش بأن يسقط بفعل اللّٰه تعالى أو بفعل المشتري تخير بين أخذ العين ناقصة بجميع الثمن و بين تركها و الضرب بجميعه و إن وجب في مقابلته الأرش بأن يحصل بجناية أجنبي تخير بين تركه و الضرب بجميع الثمن و بين الرجوع فيه و الضرب بحصته ما نقص من الثمن فينظر كم نقص من قيمته فيرجع بذلك الجزء من الثمن لا من القيمة و إن وجدها زائدة زيادة منفصلة تخير بين الرجوع في العين خاصة دون الزيادة و بين الضرب بالثمن و إن كانت متصلة قال الشيخ تكون تابعة للأصل إن تخير المالك العين كان له مع الزيادة و إن تخير الثمن كان له ذلك و فيه عندي نظر [- و -] لو باع نخلا مثمرا قد بلغت ثمرته أو طلعا أبر و اشترطه المشتري فإذا أفلس بعده أتلف الثمرة أو تلفت الثمرة تخير البائع بين الضرب بجميع الثمن و بين الرجوع في النخل و الضرب بحصة الثمرة من الثمن و يقوم الثمرة بأقل الأمرين من يوم البيع و يوم قبض المشتري و قال الشيخ يعتبر يوم القبض و لو لم يكن النخل مؤبرا و رجع البائع في الأصل و لم توجد الثمرة قال الشيخ يضرب بحصتها من الثمن لو كانت مثمرة و تلفت في يد المشتري و أفلس بعد بدو الصلاح أو التجفيف رجع البائع فيه النخل على إشكال عندي [- ز -] لو اشترى أرضا فيها بذر و اشترطه ثم أفلس بعد اشتداد حبه كان للبائع الرجوع في الأرض دون الزرع و كذا لو اشترى بيضا فأحضنه ثم أفلس بعد أن صار فرخا لم يكن له الرجوع فيه بل بالثمن [- ح -] لو باع حائطا لا ثمر فيه أو أرضا فارغة فأثمرت و زرع الأرض ثم أفلس بعد التأبير كان له الرجوع في الأرض و الحائط دون الثمرة و الزرع و ليس له المطالبة بقطع الثمرة و لا قلع الزرع قبل الجداد و الحصار و لا أجرة له في ذلك فإن طلب المفلس أو الغرماء أو بعضهم قطعه قال الشيخ يجاب الطالب و لو قيل يعمل ما فيه الخط كان حسنا و لو اتفق المفلس و الغرماء على القطع جاز و لو رجع في النخل قبل التأبير لم يتبعه الطلع في الرجوع [- ط -] لو اشترى حائلا فأفلس و قد حملت و رجع قبل الولادة لم يتبعها الحمل و إن أفلس بعدها فكذلك و يكره له أخذ الأم بانفرادها عندنا و عند الشيخ يحرم قبل سبع سنين فإن دفع إلى المفلس قيمة الولد ليأخذها معا قال الشيخ تخير المفلس و عندي فيه نظر و لو امتنع البائع بيعت الأم و الولد فما أصاب قيمة الولد فللمفلس و يسلم إلى البائع ما أصاب قيمة أمه لها ولد بلا ولد و لو باعها حاملا و رجع قبل الولادة استعادها مع الحمل فإن كانت قد ولدت فالوجه أنه لا يتبعها الولد و لو كان الحبل من المشتري كان للبائع الرجوع فيها دون ولدها و لو طالب بثمنها بيعت

ص: 213

فيه دون الولد [- ى -] حكم ما يكون في الكمام من الثمار حكم الطلع فالذي لم يظهر من كمامه بمنزلة الطلع غير المؤبر و الظاهر بمنزلة المؤبر و ما يظهر من الورد حكمه حكم المؤبر إن ظهر من ورده و انتشر عنه و غير المؤبر إن لم ينثر و إن كانت الثمرة وردا كالمشتريات كانت كالمؤبرة إن نضحت عن الجنبذ و إلا فكغيره [- يا -] لو قال البائع رجعت قبل ظهور الثمرة فهي لي فقال المفلس بعده فإن صدق الغرماء المفلس لم يقبل شهادتهم و يحلف المفلس على إشكال و يأخذ الثمرة و يقسمها على الغرماء و لو نكل لم يحلف الغرماء بل يحلف البائع و يثبت الطّلع له و إن نكل سقط حقّه و كان للمفلس و لو صدق الغرماء البائع قبلت شهادتهم مع الشرائط و لو اختلف حلف المفلس و لا يجب قسمته بينهم فإن طلب المفلس ذلك فالوجه أنّهم لا يجبرون على قبضه و لو صدقه بعضهم و كان مقبول القول صحت شهادته و إلا حلف المفلس و قسم على المكذب للبائع و حكم المصدّق ما تقدم و لو صدق المفلس البائع فإن صدقه الغرماء فالثمرة له و إن كذبوه فالأقرب قبول قول المفلس [- يب -] لو باع أرضا بيضا فبنا فيها المشتري أو غرس ثم أفلس فإن اتفق المفلس و الغرماء على الإزالة جاز له الرجوع في العين و عليهم تسوية الحفر من مال المفلس و لو نقصت الأرض بذلك فله أرش النقصان و لو منعوه من القلع لم يجب قلعه فإن دفع البائع قيمة البناء و الغرس جاز الرجوع في العين و كذا لو دفع ما ينقص بالقلع و هل يجبرون على ذلك قال الشيخ نعم و عندي فيه نظر و إن امتنع من ضمان القيمة أو أرش النقص بالقلع فالوجه جواز رجوعه في العين سواء كانت الأرض أقل من قيمة الغراس أو أكثر فإن اتفقوا على البيع قسم الثمن على قدر القسمتين و لو امتنع صاحب الأرض من بيعها فالوجه عدم إجباره على ذلك بل يباع البناء و الغرس خاصة تقسم على الغرماء و لو كانت الأرض من رجل و الغرس من آخر و غرسه ثم أفلس كان لكل منهما الرجوع في عينه فإن أراد صاحب الغرس قلعه كان له ذلك و لا يجبر على أخذ القيمة من صاحب الأرض و لو أراد صاحب الأرض قلعه و يضمن النقصان كان له و لو أراد بغير ضمان احتمل أن لا يكون له ذلك لأنّه غرس بحقّ و لأنه لو كان للمفلس لم يجبر على قلعه بغير ضمان و احتمل أن يكون له ذلك لأنّه ابتاعه منه مقلوعا فكان عليه أن يأخذه و ليس له تبقيته في ملك غير بخلاف المفلس لأنه غرسه في ملكه [- يج -] لو أفلس بعد إقباض بعض الثمن كان له الرجوع في العين بقدر ما بقي من الثمن و لا يشترط في رجوعه في العين ردّ ما قبضه ليرجع في الجميع و لو طلبه لم يجب إجابته و لو تلف بعض المبيع احتمل أن يرجع في جميع الباقي مع تساوي نسبة التالف و المقبوض من الثمن و أن يرجع في بعضه و يقسط المقبوض من الثمن على التالف و الباقي فيضرب مع الغرماء بالباقي [- يد -] لو أفلس المستأجر بالأجرة بعد مضي المدة ضرب بالأجرة مع الغرماء و إن كان قبل مضي شيء من المدة تخير المؤجر بين الرّجوع فيها و الضرب مع الغرماء و إن مضى بعضها تخيّر بين الضرب بالجميع و بين الضرب بأجرة ما مضى و الرّجوع فيما بقي فإن كانت الأرض مشغولة بزرع قد استحصد طالب بحصاده و تفريغ الأرض و إن لم يستحصد فإن كان له قيمة إذا قطع و اتفق المفلس و الغرماء على قطعه كان لهم فإن اتفقوا على التبقية و بذلوا لصاحب الأرض أجرة مثله لزمه قبوله و تركه و إن أرادوا التبقية بغير عوض لم يكن لهم ذلك و لو اختلفوا أجيب من طلب القطع و يحتمل إجابة من يطلب إلا تقع و على تقدير بقائه إذا احتاج إلى السقي و سقاه الغرماء بأمر الحاكم أو المفلس رجعوا بأجرة السّقي مقدّمة على سائر الدّيون و إن لم يأذن الحاكم و لا المفلس لم يرجعوا بشيء و لو كان للمفلس مال لم يقسم و طلبوا الإنفاق منه احتمل عدم الإجابة لئلا يتلف العلوم في المظنون و ثبوتها لأنه من المصالح و بقاء الزّرع معتاد و لو يكن له قيمة مع القطع فإن اتفق الغرماء و المفلس على قطعه لم يجبرهم الحاكم على التبقية و إن اتفقوا على التبقية كان الحكم كما تقدم فيما له قيمة و إن اختلفوا قدم قول من يطلب التبقية [- يه -] لو أفلس بعد مزج المبيع بغيره فإن كان مساويا تخير البائع بين الضرب بالثّمن و بين الرجوع في العين و يقاسم و لو طلب البيع فالوجه عدم وجوب إجابته إلى ذلك و إن كان مال المفلس أردى تخير أيضا بين الضّرب بالثمن و الرجوع في العين فيقاسم و له المطالبة بالبيع فيأخذ ما يساوي ماله و يدفع الباقي إلى الغرماء و إن كان أجود سقط حقّه من العين و ضرب بالثمن مع الغرماء [- يو -] لو اشترى حنطة فطحنها أو ثوبا فقصره أو خاطه بخيوط منه أو غزلا فنسجه أو عبدا فعلم صنعة ثم أفلس كان للبائع الضرب بالثمن مع الغرماء و أخذ العين و كان للمفلس أجرة ما فعله بخلاف ما لو سمن من قبله تعالى أو تعلم صنعة من قبل نفسه و لو لم تزد القيمة أو نقصت بالعمل سقط حكم العمل و مع الزيادة إن كان المفلس عمل بنفسه أو بأجرة وفاها كان شريكا للبائع فإن دفع البائع الزيادة بالعمل أجير المفلس على قبوله للغرماء و إن لم يدفع بيع الجميع و دفع ثمن الأصل بغير الزيادة إلى البائع و ما قابل الزيادة إلى الغرماء و إن كان العامل أجيرا لم يستوف أجرته كان له حبس العين على الاستيفاء و قدم في أجرته

ص: 214

على سائر الغرماء فإن كانت أجرته بقدر الزّيادة دفعت إليه و إن كانت أكثر أخذ بقدر الزيادة و ضرب بالباقي و إن كانت أقل كان له بقدر أجرته و الباقي للغرماء و لو صنع الثوب بصنع من عنده و رجع البائع في العين فإن بقيت قيمة الثوب و الصّبغ تشاركا بالنّسبة و إن نقصت قيمة الثوب جعل النقصان من قيمة الصبغ و يكون شريكا في الثوب بقدر ما بقي و إن زاد كانت الزيادة المفلس و يكون شريكا في الثوب بقدر قيمة الصبغ و الزيادة معا و لو كان الصبغ من غيره و ثمنهما باق فإن بقيت القيمتان كان صاحب الثوب و الصبغ شريكين بالنسبة و إن نقصت القيمة ضرب صاحب الصبغ بقدر الناقص مع الغرماء و إن زادت كانت الزيادة للمفلس و و لو كان الصّبغ و الثوب من واحد و بقيت القيمتان رجع فيه إن شاء و إن نقصت ضرب بالنّقص من القيمة مع الغرماء و إن زادت كانت الزيادة للمفلس و لو كان الثوب للمفلس و الصبغ لغيره و لم يزد القيمة كان صاحب الصّبغ شريكا بقدره و إن نقصت كان النقصان من الصّبغ و ضرب بالباقي مع الغرماء و إن زادت كان لصاحب الصّبغ بقدر صبغه و الباقي للمفلس [- يز -] المرتهن أحقّ بالرّهن من غيره فإن بيع بقدر الدين أو أكثر استوفى المرتهن و كان الفاضل لباقي الغرماء و إن بيع بأقل ضرب المرتهن بالباقي مع الغرماء و لو كان الرهن مبيعا لم يكن للبائع الرّجوع في العين لتعلق حق المرتهن به و تقدم حقّ المرتهن على حقوق الغرماء فإن كان الدّين أكثر من قيمته أو مثله بيع فيه و إن كان أقل بيع منه بقدر الدّين و كان للبائع الرجوع في الباقي [- يح -] إذا أفلس البائع سلما فإن وجد المشتري عين ماله كان أحقّ من سائر الغرماء و إن لم يجده قال الشيخ يضرب بالمسلم فيه و لو قيل إنه يتخيّر بين ذلك و بين فسخ البيع فيضرب بالثمن كان وجها قال الشيخ و كيفية الضرب بالمسلم فيه أن يقوم و يضرب بالقيمة مع الغرماء و إن كان في مال المفلس من جنس المتاع منه بقدر ما يخصّه من القيمة إن كان مثليّا و إن لم يكن اشترى له بقدر الّذي يخصه من القيمة مثل المتاع و سلّم إليه و ليس له أخذ بدل المتاع القيمة الّتي يخصّه لأنّه لا يجوز صرف فيه المسلم إلى غيره قبل قبضه و الأقوى عندي الكراهية و على قولنا بجواز الفسخ يضرب بقيمة رأس المال و يأخذ ما يخصّه من جنس القيمة و مع عدم الفسخ لو عزل له نصيبه من جنس القيمة فنقص السعر اشترى له ما يساوي المتاع قدر أو قسم الباقي من القيمة بين الغرماء لأن حظه في المتاع لا القيمة [- يط -] لو اشترى حبا فزرعه و اشترى ماء فسقاه ثم أفلس ضربا بثمن الحب و الماء و ليس لهما الرجوع في العين [- ك -] لو استأجره ليحمل متاعا إلى بلد فحمله ثم أفلس المستأجر قبل الوصول إلى البلد فإن كان الموضع أمينا كان له فسخ الإجارة في باقي المسافة و وضع المتاع عند الحاكم أوثقه مع تعذّره و إن كان مخوفا وجب حمله إلى موضع الأجرة أو دونه مما هو مأمون و لو استأجر ظهرا بعينه ليركبه شهرا ثم أفلس المالك كان المستأجر أحق به و لو كان الظهر في الذّمة كان أسوة الغرماء و لو حمل بعض المتاع إلى البلد ثم أفلس المستأجر كان له الفسخ في إجارة ما بقي [- كا -] إنما يصح رجوع صاحب العين بها لو كان الثمن حالا فلو كان مؤجّلا و حجر عليه قبل الحلول لم يختصّ بالعين و لا يشارك الغرماء و لا يحلّ المال بالفلس و لا يجب إيقاف السّلعة حتى يخرج الأجل بل يقسم على الحال و لو حلّ أجله قبل انفكاك الحجر فإن كان قسم المال و بيعت العين فلا رجوع و إن لم تبع كان له الرجوع فيها [- كب -] يصحّ الرّجوع في كل ما انتقل إليه بالمعاوضة المحصنة كالبيع و الإجارة و السّلم و الصلح فيثبت الرجوع إلى رأس المال عند الإفلاس إن كان باقيا و المضاربة بالقيمة مع التلف و لا يثبت الفسخ في النكاح و الخلع بتعذّر استيفاء العوض لأنه ليس محض المعاوضة [- كج -] شرط الرجوع سبق المعاوضة أو سببها على الحجر فلا يثبت فيما جرى سبب وجوبه بعد الحجر كما لو باع من المفلس المحجور عليه بعد الحجر فليس له الرّجوع في العين و لا الضرب بل يصبر حتى يوسع اللّٰه عليه و لو أفلس المكري و الدار في يد المستأجر فانهدمت فله الرجوع إلى الأجرة و يضرب مع الغرماء و كذا لو باع جارية بعبد فتلفت الجارية في يد المحجور عليه فردّ البائع العبد بالعيب فله طلب قيمة الجارية و هل يقدّم بالقيمة أو يضارب فيه احتمال [- كد -] لمّا يصحّ الرجوع في العين مع بقائها فلو تلفت ضرب بالثمن و كذا لو زادت القيمة على الثمن أو خرجت عن ملكه أو تعلق بها حقّ الرّهن أو الكتابة و لو عاد إلى ملكه فالوجه صحة الرجوع فيه إن كان بفسخ كالإقالة و الردّ بالعيب و إن كان بسبب جديد كبيع أو هبة أو إرث فلا [- كه -] لو اقترض ثم أفلس كان للمقترض الرجوع في العين إن كانت موجودة و لو أصدق امرأة عينه ثم فسخت النكاح أو طلق قبل الدخول فاستحق المهر أو بعضه كان أحقّ به مع وجوده [- كو -] لو أفلس بعد تعلق أرش الجناية برقبة العبد فالوجه جواز رجوعه في العين ناقصة و يضرب بالأرش [- كز -] لو أفلس مشتري الصّيد و البائع فحرم لم يرجع فيه و لو كان حلالا و الصيد في الحلّ جاز الرجوع و إن كان المشتري محرما أو كان البائع في الحرم

الفصل الرّابع في كيفية القسمة

ص: 215

و فيه [- يز -] بحثا [- ا -] على الحاكم على أن يبادر إلى بيع ماله و قسمته على نسبة الدّيون و ينبغي للحاكم إحضار المفلس البيع لضبط الثمن و لأنه أعرف بجيد متاعه من رديئه و لتكثر رغبة المشترين منه و ليسكن نفسه و إحضار الغرماء لأن البيع لهم و ربّما رغبوا في شراء البعض و للبعد عن التهمة و لو باعه الحاكم حال غيبته المفلس و الغرماء جاز [- ب -] ينبغي للحاكم أن يأمر المفلس و الغرماء بتحصيل مناد يرتضونه فإن اتفقوا على خائن ردّه الحاكم و لو عين المفلس رجلا و الغرماء آخر عين الحاكم على الثقة منهما فإن تساويا عين على المقطوع و لو تساويا ضمّهما و لو كانا غير مقطوعين اختار أوثقهما و أعرفهما و أجرة الواسطة على المفلس إن لم يوجد متبرع و لا حصل شيء في بيت المال [- ج -] ينبغي أن يباع كل شيء في سوقه و لو بيع في غير سوقه بثمن مثله جاز و إذا بيع بثمن المثل لم يقبل الزيادة بعد لزوم البيع و انقطاع الخيار لكن يستحب للمشتري الإقالة أو بذل الزيادة [- د -] لا يدفع إلى من اشترى شيئا حتى يقبض الثمن فإن امتنع المشتري أجبر على التسليم و الأخذ [- ه -] ينبغي أن يبدأ ببيع الرهون و صرفها إلى المرتهنين و بالجاني و صرف ثمنه إلى المجني عليه و لو كان في ماله ما يخشى تلفه ببيع أو لا ثم إن كان فيه حيوان يحتاج إلى الإنفاق عليه باعه سابقا على غيره ثم يبيع السّلع و القماش و جميع ما ينقل و يحول ثم يبيع العقار و ينبغي السداء على الأقمشة و الأمتعة و كذا العقار ليتوفروا على الشراء [- و -] يباع مال المفلس بنقد البلد فإن كان من غير جنس حقّ الغرماء دفع إليهم بالقيمة [- ن -] إذا قسم الحاكم بين الغرماء فظهر غريم آخر نقض القسمة و شاركهم معه و يحتمل عدم النّقض بل يرجع على كل واحد بحصة تقتضيها الحساب و الأوّل أولى [- ح -] إذا باع الحاكم فإن كان الغريم واحد دفع الثمن إليه من غير تأخير و إن تعدد و أمكنت القسمة من غير تأخّر لم يؤخر و إن تعذرت القسمة بسرعة و وجد المقترض الثقة أقرضه و إن لم يجد أودعه عند الثقة [- ط -] المفلس يجب الإنفاق عليه و على من يجب نفقته عليه من ماله و الكسوة له و لهم على الاقتصار بحسب حاله في النفقة و الكسوة و يستمر الإنفاق عليه إلى يوم القسمة فيدفع إليه نفقة ذلك اليوم خاصّة له و لعياله و ينبغي أن يكون ذلك مما لا يتعلّق بعض الغرماء بعينه هذا إذا لم يكن له كسب و لو كان ذا كسب قيل ينفق من كسبه و لو زاد ردّ الفاضل إلى الغرماء و لو قصر تمّمت النفقة من ماله [- ى -] لو مات المفلس كفن من ماله الكفن المفروض و هو ثلاثة أثواب و حنّط و دفن و إن ماتت زوجته لزمه كفنها من ماله أيضا و كذا لو مات عبده [- يا -] لا يباع على المفلس خادمه الذي يخدمه و لا دار سكناه و لو كان له في بعضها كفايته بيع الفاضل عن الحاجة و لو كانت دار السكنى و عبدا يخدمه أعيان أموال أفلس بأثمانها و وجد أصحابها لم يكن لهم أخذها على إشكال و لو كانا رهنا بيعا و لو قصر الدين فالوجه الاقتصار في البيع على مساويه [- يب -] الاكتساب غير واجب على المفلس و لو كانت له دار غلة أو دابة وجب أن يؤاجرها و كذا المملوكة و إن كانت أمّ ولد [- يج -] إذا باع الحاكم مال المفلس فالعهدة على المفلس و كذا لو باع الوكيل مال الموكل و الولي مثل الأب و الجد و أمين الحاكم فإن العهدة على من بيع عليه لا الوكيل و الأمين [- يد -] إذا باع الحاكم و تلف الثمن في يده بغير تفريط ثم بان استحقاق العين رجع بالدرك على المفلس و هل يأخذ المشتري الثمن من مال المفلس أو يضرب مع الغرماء قال الشيخ الصحيح الأولى [- يه -] لو جنى عبد المفلس تعلق الأرش برقبته و كان ذلك مقدّما على حقوق الغرماء فيباع العبد في الجناية فإن زادت قيمته ردّ الفاضل إلى الغرماء و لو كانت أقل لم يكن للمجني عليه غيرها و لو أراد مولاه فكه كان للغرماء منعه [- يو -] يقسم الحاكم المال على الدّيون الحالة لا المؤجلة بلى يبقى المؤجل في ذمته و لا يكلّف الحاكم الغرماء حجة على أن لا غريم سواهم و يعول على أنّه لو كان لظهر مع إشاعة الحجر [- ين -] إذا بقي من الدين شيء لم يستكسب و الوجه إجارة مستولدته و الضيعة الموقوفة عليه ثم إن لم يبق له مال و اعترف به الغرماء ففي احتياج فك الحجر إلى حكم الحاكم نظر أقربه الفك بمجرّد قسمة ماله و كذا لو تطابقوا على دفع الحجر و لو باع ماله من غير إذن الغرماء لم يصحّ و إن كان بإذنهم صحّ و كذا يصح لو باع من الغريم بالدين و لا دين سواه

الفصل الخامس في حبسه

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] من عليه دين إذا كان في يده مال وجب قضاء دينه منه فإن امتنع حبسه الحاكم و غرره و إن شاء باع عليه و قضا الدّين عنه و إن لم يكن له مال ظاهر و ادعى الإعسار و كذبه الخصم فإن ثبتت الحق عليه من معاوضته كالبيع و القرض و بالجملة إذا كانت الدعوى مالا أو ثبت له أصل مال فإذا ادّعى تلفه و لا بيّنة كان القول قول الغرماء مع اليمين و إن كانت الدعوى جناية أو عن إتلاف مال و لم يعرف له أصل مال كان القول قوله مع اليمين و عدم البيّنة و يسقط المطالبة و إن أقام بيّنة بالإعسار و طلب غريمه مع البيّنة اليمين حلف و الوجه أنّ الحلف واجب مع طلب الغرماء و إن عرف له أصل مال و ادعى تلفه كان عليه البينة فإن شهدت بالتلف ثبت و إن لم يكونوا من أهل المعرفة الباطنة و لو

ص: 216

طلب غريمه يمينه على ذلك لم يجب و لو شهدت بالإعسار الآن لم يقبل إلا أن يكونوا من أهل الخبرة الباطنة و المعرفة المتقادمة [- ب -] البينة تسمع على الإعسار و ليست على النفي و أن تضمنته لأنها تثبت حالة تظهر و يقف عليها الشاهد كما في نفي الوارث و تسمع في الحال فلا يحل حبس المفلس بعد ثبوت إعساره شهرا و لا أقل [- ج -] إذا ثبت إعساره و خلاه الحاكم لم يكن للغرماء ملازمته [- د -] إذا ادعى الغرماء أنه استفاد مالا بعد ذلك الحجر و أنكر فالقول قوله مع اليمين و عدم البيّنة و أن صدقهم و كان وافيا بالديون لم يحجر عليه و إلا حجر مع سؤالهم و لو تجدد له غرماء قبل الحجر الثاني قسم بينهم و بين الأوائل و لا يختصّ به المتأخرون و إن استفاده من جهتهم و إن صدقهم و ادعى أنه مضاربة فإن كان لغائب فالقول قوله مع اليمين و إن كان لحاضر و صدقه فكذلك و لو طلبوا يمين المقر له أحلف و إن كذبه قسم بين الغرماء [- ه -] لو كان عليه دين مؤجل لم يكن لصاحبه منعه من سفر يزيد على الأجل و لا المطالبة بكفيل و كذا لو سافر إلى الجهاد [- و -] إذا ثبت الإعسار لم يكن للغرماء مؤاجرته و لا استعماله و لا يحل حبسه و لو يوما بل يجب إنظاره إلى أن يوسع اللّٰه تعالى عليه و لا يجبر على التكسب و إن كان ذا صنعة و لا على قبول الهبة و لا الصّدقة و لا الوصيّة و لا القرض و لا يجبر المرأة على التزويج ليقبض مهرها [- ز -] إذا امتنع الموسر من قضاء الدّين كان لغريمه ملازمته و مطالبته و الإغلاط في القول مثل يا ظالم يا متعدّي و لو مات فظهر أنّه مفلس لم يكن للبائع استرجاع العين بل يشارك الغرماء

الفصل السّادس في اللّواحق

و فيه [- ى -] بحثا [- ا -] كل من عليه دين وجب عليه قضاؤه حسب ما يجب عليه فإن كان حالا وجب عليه قضاؤه عند المطالبة في الحال مع القدرة و لو أخر معها أثم و لا يقبل صلاته في وقتها بل تجب إعادتها و إن كان مؤجلا وجب قضاؤه عند الحلول مع المطالبة [- ب -] الغائب يقضى عليه فيبيع الحاكم و يقضي ما عليه من الديون الثابتة عنده بعد مطالبة صاحب الدين و لا يسلمه إلا بكفيل فإن حضر الغائب و لا حجة معه برئت ذمّة القابض و الكفيل و إن كان له بيّنة تبطل حجّة الخصم ردّ الكفيل المال و بطل البيع إن كان الحاكم باع له شيئا [- ج -] إذا ادّعى على المعسر و لا بيّنة و خاف الحبس من الإقرار جاز الحلف و إن كان كاذبا و يؤدي وجوبا مع علمه ما يخرجه عن الكذب و ينوي القضاء وجوبا مع المكنة و لو حلف مع تمكنه كان آثما و يجب عليه دفع الحقّ إلى صاحبه لكن لا يجوز للغريم بعد إحلافه مطالبته لكن إذا جاء ثانيا و ردّ ماله جاز له قبوله فإن ردّ معه ربحا قال الشيخ يأخذ رأس المال و نصف الربح و حمل ابن إدريس على المضاربة على النصف أما لو كان قرضا أو دينا أو غصبا و اشترى في الذمة فالرّبح للحالف كله و إن اشترى بالعين في الغصب بطل البيع و الربح لأرباب السّلعة و إن لم يحلفه و لم يتمكن من أخذه و حصل عنده مال له جاز له أن يأخذ منه من غير زيادة فإن كان من الجنس و إلا أخذ بالقيمة و إن كان ما عنده على سبيل الوديعة كره له الأخذ منها قال الشيخ في الإستبصار و منع في النهاية و الأول أقرب [- د -] إذا غاب صاحب الدين وجب على المدين نية القضاء و لا يجب العزل خلافا للشيخ فإن مات سلمه إلى ثقة و لو مات صاحبه سلّمه إلى ورثته و يجتهد في طلبهم فإن لم يجدهم سلمه إلى الحاكم و لو علم نفي الوارث قال الشيخ تصدّق به عنه و الوجه أنه للإمام [- ه -] إذا استدانت الزوجة في النفقة بالمعروف وجب على الزّوج دفعه إليها لتقضيه و إن لم يأذن في الاستدانة [- و -] إذا مات من عليه الدّين وجب أن يقضى ما عليه من أصل التركة قبل الميراث يبدأ بالكفن المفروض ثم يصرف في الدين و الفاضل في الوصيّة من الثلث و الباقي ميراث و يجب على من أقام البينة على الميّت الحلف معها على بقاء الحقّ فإن امتنع من اليمين سقطت بينة و لو لم يكن بينة أو لم يحلف و طلب اليمين من الورثة كان له ذلك إن ادعى عليهم العلم و إلا فلا و لو أقام شاهدا واحدا حلف معه و لا يلزمه يمين أخرى و لو لم يخلف الميّت شيئا لم يجب على الورثة القضاء من مالهم فإن تبرّعوا أو أحدهم كان مثابا و يجوز احتسابه من الزكاة و إن كان ممن يجب نفقته و لو أقر بعض الورثة لزمه في حصّة بقدر ما يصيبه من أصل التركة و إن شهد اثنان منهما عدلان أجيزت شهادتهما على الورثة و حلف المدّعي و لا يلزم المقر دفع جميع الدين من نصيبه [- ز -] يستحب أن يقضي عن أخيه المؤمن الميّت ما عليه من الدّين مع تمكنه فإن لم يقض و لم يخلف شيئا سقط الدّين و إن خلف قدر ما يكفن به خاصة كفن و سقط الدين فإن تبرّع إنسان بكفنه دفع ما خلفه إلى الديان و لو دفع آخر كفنا ثانيا قال ابن بابويه في الرسالة يكون للورثة دون الديان و ينبغي تقييده بإقباضه لهم على سبيل الصّدقة و إلا فهو على ملكه [- ح -] إذا قتل و عليه دين وجب قضا دينه من دية إن لم يكن غيرها أو كان قاصرا إن كان خطأ و إن كان عمدا قال الشيخ لم يكن لأوليائه القود إلا بعد أن يضمنوا الدين عن صاحبهم فإن لم يفعلوا لم يكن لهم العود و جاز

ص: 217

لهم العفو بمقدار ما يصيبهم و الحقّ عندي أن لهم المطالبة بالقود و يضيع المال سواء دفع القاتل عوضا أو لا نعم لو عفوا على مال و رضي القاتل به تعلقت الدّيون به [- ط -] إذا مات و عليه ديون بجماعة تحاصوا ما وجدوا من تركته بقدر ديونهم من غير تفضيل نعم يختص صاحب الرّهن به دون غيره و لو وجد واحد متاعه بعينه فإن كان في باقي التركة وفاء كان أحق بعينه و إلا شارك [- ى -] إذا مات من له الدّين فصالح المدين الورثة على شيء جاز و تبرأ ذمّته إذا أعلمهم مقدار ما عليه و متى لم يعلمهم مقدار ما صالحوا عليه أو أعلمهم بعد الصّلح و لم يرضوا كان الصلح باطلا

المقصد الرابع في الحجر
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في أسبابه

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] الحجر لغة المنع و منه سمي الحرام حجرا قال اللّٰه تعالى حِجْراً مَحْجُوراً أي حراما محرما و سمّي العقل حجرا قال قسم لذي حجر لمنعه من ارتكاب القبيح و حجر البيت مانع من الطواف فيه و في الشرع منع الإنسان عن التصرّف في ماله و هو ثابت بالنص و الإجماع قال اللّٰه تعالى وَ لاٰ تُؤْتُوا اَلسُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ اَلَّتِي جَعَلَ اَللّٰهُ لَكُمْ قِيٰاماً و هو قسمان حجر على الإنسان لحق غيره كالمفلس و المريض و المكاتب و العبد و الراهن و قد مضى بعضها و حجر لحق نفسه و هم ثلاثة الصّبي و المجنون و السّفيه و الحجر على هؤلاء عام بالنسبة إلى أموالهم و ذممهم [- ب -] الصبي محجور عليه لا ينفذ تصرّفه في ماله ما لم يبلغ رشيدا و يعرف البلوغ بأمور خمسة ثلاثة مشتركة بين الذكر و الأنثى و اثنان مختصان بالأنثى فالمشتركة خروج المني من القبل و السن و الإنبات و المختصّة الحيض و الحمل [- ج -] المني و هو الماء الدافق الذي يخلق اللّٰه تعالى منه الولد سبب للبلوغ سواء خرج يقظة أو نوما بجماع أو احتلام أو غير ذلك و سواء قارن شهوة أو لا [- د -] الخنثى المشكل إن خرج المني من فرجيه حكم ببلوغه و كذا إن خرج المني من الذكر و الحيض من الرحم و لو خرج المني من أحدهما خاصّة قال الشيخ لا يحكم ببلوغه لجواز أن يكون زائدا و عندي في ذلك نظر [- ه -] السنّ يحصل به البلوغ و هو في الذّكر خمس عشر سنة و في الأنثى تسع سنين لا كما قلنا في الذكر [- و -] الحيض دلالة على البلوغ بلا خلاف و كذا الحبل و لا اعتبار بغلظ الصوت و لا بشق الغضروف و هو رأس الأنف [- ز -] الإنبات هو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرّجل أو فرج المرأة على العانة و لا اعتبار بالزغب الضعيف و هو معتبر يحصل به البلوغ في حق المسلمين و الكفار و الأقرب أن إنبات اللحية دليل على البلوغ أما باقي الشعور فلا و روي أن الصّبي إذا بلغ عشر سنين أو خمسة أشبار جازت وصيّته بالمعروف و عتقه و أقيمت عليه الحدود التامّة و عندي في ذلك نظر [- ح -] لا يكفي البلوغ في زوال الحجر بدون الرشد فلا ينفذ تصرف المجنون و لا السفيه و هو الذي يصرف أمواله في غير الأغراض الصحيحة و لا يدفع ماله إليه و إن طعن في السّن و لا يكفي في دفع ماله إليه بلوغ خمسة عشر سنة مع فساد رأيه و لا ينفك عنه الحجر و الحجر على السّفيه عام في تصرّفاته في ماله فلا يصحّ بيعه و لا إقراره و لا غير ذلك من التصرفات سواء وقعت منه مباشرة أو أقام في ذلك وكيلا [- ط -] الرشد هو الصّلاح في المال فإذا بلغ رشيدا بهذا المعنى سلم إليه ماله و إن كان غير رشيد في دينه إذا كان فسقه غير مستلزم للتبذير مثل ترك صلاة أو منع زكاة أو إقدام على كذب فهذا يسلم إليه ماله إذا كان مصلحا له و إن استلزم التبذير كشرب الخمود و آلات اللّهو و النفقة على الفساق فهذا لا يسلم إليه شيء لأجل تبذيره و اشترط الشيخ العدالة و عندي فيه نظر و صرف أكثر المال إلى صنوف الخير مع قناعة بالباقي ليس بتبذير و لا سرف و صرفه إلى الأطعمة النفيسة الّتي لا يليق بحاله تبذير [- ى -] إنما يعلم رشده باختباره بتفويض التصرفات الّتي يتصرف فيها أمثاله كولد التاجر يفوض إليه البيع و الشرى فإن سلم من المغابنة عرف رشده و ولد الكبار الذين يصان أمثالهم عن الأسواق يدفع إليه نفقة مدة ليضعها في مصالحه فإن كان فيما حافظ يستوفي على وكيله و يستقضي كان رشيدا و المرأة يعلم رشدها بملازمتها لصلاح شأنها و الاعتناء بما يلائمها من الغزل و و الاستغزال و غيرهما من حرف النساء فإن وجدت حافظة لما في يديها قادرة على التكسب من غير مغانية فهي رشيدة [- يا -] وقت الاختبار قبل البلوغ مع التمييز و مع إذن الولي يصح تصرّفه و بيعه [- يب -] يثبت البلوغ و الرشد بشهادة الرجال في الرجال و النساء و بشهادة النساء في النساء [- يج -] المملوك ممنوع من التّصرف إلا بإذن مولاه سواء كان التصرف في عين المال كالبيع و الهبة أو بالمنافع كالإسكان و سواء كان بعوض كالبيع و الإجارة أو بغيره كالصدقة و شبهها [- يد -] المريض محجور عليه إلا في ثلث ماله في التبرّعات كالهبة و الصّدقة و العتق و لو اشتمل البيع على المحاباة مضى ما قابل رأس المال من الأصل و الزيادة من الثلث و لو أجازت الورثة صحّ جميع ما أجازوا فيه

الفصل الثّاني في أحكام الحجر

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] إذا زال الحجر عن الصّغير ببلوغه و رشده وجب تسليم ماله إليه و كذا لو زال سفه السفيه أو جنون المجنون و لا يفتقر في ذلك إلى حكم الحاكم [- ب -] إذا بلغت الصّبية رشيدة

ص: 218

نفذ تصرّفها و وجب تسليم مالها إليها و لا يشترط تزويجها و لا ولادتها و لا لبثها عند الزوج سنة و لا دخول الزوج بها [- ج -] للمرأة البالغة الرشيدة التصرف في مالها كيف شاءت من التبرّع و المعاوضة و لا يشترط إذن الزّوج فيما يتصرف زائدا عن الثلث بغير عوض و للمرأة أن تتصدّق من مال زوجها بالشيء اليسير و تتصرف في المأدوم بما لا ضرر فيه من غير إذنه بالهبة و العطية إلا أن يكون ممنوعة من ذلك أو يعرف كراهيّته و ليس لمن يقوم مقام المرأة كالجارية و الأخت و الغلام ذلك إلا بالإذن [- د -] لا يثبت الحجر على المفلس إلا بحكم الحاكم و كذا السفيه و لا يثبت الحجر بظهور الفلس و لا بظهور السّفه من دون الحكم [- ه -] يزول حجر المفلس بقسمة ماله لا بحكم الحاكم و هل يشترط حكم الحاكم في زوال حجر السّفيه قال الشيخ نعم و فيه نظر أما حجر الصبي فإنه يزول عنه ببلوغه رشيدا و لا يحتاج إلى الحاكم [- و -] ينبغي للحاكم إذا حجر على السّفيه أن يشهد عليه ليظهر أمره فيجتنب معاملته و لا يشترط الإشهاد عليه و إذا حجر عليه الحاكم لم يمض بيعه و لا شراؤه و لا غيره من التصرّفات في ماله و يسترجع الحاكم ما باع من ماله و يرد الثمن إن كان باقيا و إن أتلفه السّفيه أو تلف في يده فهو من ضمان المشتري و لا شيء على السّفيه و كذا كل ما يأخذه من أموال النّاس برضاهم إن كان باقيا دفعه الحاكم إلى أربابه و إن كان تالفا كان ضائعا سواء علم بالحجر أو لا هذا إذا كان صاحبه قد سلّط عليه فأما إن حصل في يده باختيار صاحبه من غير تسلّط كالعارية و الوديعة إذا تلفه أو تلف بتفريط احتمل عدم الضّمان لتعريض مالكه أما ما أخذه بغير اختيار صاحبه أو أتلفه كالغصب و الجناية فإنه ضامن [- ز -] حكم الصبي و المجنون حكم السّفيه في أن ما يتلقانه من مال غيرهما بغير إذنه فإنهما يضمنانه و لو حصل في أيديهما باختيار صاحبه و تسليطه كالبيع و الفرض و الثمن لم يضمنا لو أتلفاه أو تلف بتفريطهما و كذا ما حصل في أيديهما على جهة الوديعة و العارية فتلف بتفريطهما و لو أتلفاه فالأقرب أنه كذلك [- ح -] إذا أقرّ السفيه بمال لم ينفذ إقراره سواء كان عينا أو دينا أو إتلاف مال للغير و لا يلزم به و إن فك حجره بخلاف المفلس ثم إن كان محقّا وجب عليه فيما بينه و بين اللّٰه تعالى الخروج عنه بعد الفلس و إلا فلا [- ط -] لو أقر السفيه أو المفلس بما يوجب قصاصا أو حدّا كالقتل عمدا و الجرح و الزنا و القذف حكم عليهما و و استوفي منهما في الحال و لو أقرا بسرقة قبل في القطع لا المال و يصحّ إقرارهما بالنّسب و ينفق على ولد السفيه المقر به من بيت المال لا من ماله قاله الشيخ [- ى -] إذا طلق السّفيه أو المفلس زوجته صحّ طلاقه و كذا لو ظاهرها أو خالعها سواء كان بمهر المثل أو بدونه لكن لا يسلم إليه العوض بل إلى الولي و لو سلّمته المرأة إليه فهو من ضمانها [- يا -] لو أعتق السفيه أو المفلس لم ينفذ عنقه و كذا لو دبر أو كاتب [- يب -] لو تزوج وقف على إجازة الولي فإن أمضى صحّ و إلا فلا و كذا لو باع أو اشترى فأجاز الولي فالوجه الصحة و قوى الشيخ البطلان و ليس بجيّد [- يج -] لو دبر أو أوصى فالوجه عدم الجواز و له الاستيلاد فلو أولد جارية عتقت بموته مع وجود الولد كغيره [- يد -] يجوز له طلب القصاص و يجوز له العفو على مال لكن لا يسلم المال إليه بل إلى وليّه و له العفو على غير مال في العمد و يجوز قبوله للوصيّة و الهبة [- يه -] لو أحرم بحج واجب صحّ و أنفق عليه لأدائه و لو كان للتطوع و استوت نفقته سفرا و حضرا أو أمكنه تحصيل الفاضل في الطّريق فكذلك و لو زادت نفقته سفرا و حضرا أو أمكنه تحصيل الفاضل في الطريق فكذلك و لو زادت نفقته في السفر و لا كسب له كان لوليه أن يحلله بالصيام [- يو -] لو حلف انعقدت يمينه و لو حنث كفر بالصّيام و كذا لو عاد في ظهاره أو لزمته كفارة قتل الخطإ و الإفطار في رمضان و شبهه و لو نذر عبادة بدنيّة لزمته و لو نذر صدقة لم يصحّ [- ين -] إذا زال السفه فك الحاكم حجره فإن عاد سفهه أعيد الحجر فإن زال فك حجره فإن عاد السّفه عاد الحجر و هكذا [- يح -] لو وكله أجنبيّ في بيع أو هبة أو غيرهما من التصرفات المالية صح لأن السفه لم يسلبه أهلية التصرّف مطلقا [- يط -] الولاية في مال الطفل و المجنون للأب و الجد للأب فإن لم يكونا فالوصيّ لأحدهما فإن لم يكن فالحاكم أو أمينه و لا ولاية للأم للإمام أما السفيه فالولاية في ماله للحاكم أو أمينه خاصّة [- ك -] الرشيد إذا صار فاسقا إلا أنه غير مبذر قال الشيخ الظاهر أنه يحجر عليه و الوجه عندي خلافه

الفصل الثالث في التصرّف في مال اليتيم

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] اليتيم من مات أبوه قبل بلوغه و لو مات و قد بلغ الصّبي لم يكن يتيما و كذا لو ماتت الأم قبل بلوغه لم يكن يتيما إذا كان أبوه باقيا [- ب -] للأب و الجدّ للأب التصرّف في مال الطفل و لا يداخلهما الحاكم و لا غيره في ذلك أما الأم فلا ولاية لها و إن كان الأب و الجدّ مفقودين فإذا لم يكن أب و لا جدّ كان وليه من أوصى أحدهما إليه بالنظر في أمره و إن لم يكن وصيّ فالنظر إلى الحاكم و لا يتصرّف الحاكم مع وجود الوصيّ [- ج -] يجوز لولي الطفل سواء كان الأب أو الجدّ أو الوصيّ أو الحاكم أو أمينه أن يتجر للفعل

ص: 219

نظرا له و مصلحة و ينبغي له أن يشتري العقار و يكون مأمون التلف بحيث لا يكون قريبا من الماء يخشى غرقه و لا بين طائفتين متعاندتين بحيث يخشى عليه الحريق و يستحب أن يبني له عقاره بالآجر و الطين لا الجصّ و اللبن لأنه أعود في النفع من غيره و لو اقتضت المصلحة بناءه باللبن و الجص فعل [- د -] يكره للولي بيع عقار الطفل إلا مع الحاجة إلى ذلك و اقتضاء المصلحة و إذا كان البائع أبا أو جدّا جاز للحاكم إسجاله و إن لم يثبت عنده أنّه مصلحة أما غيرهما كالوصي و شبهه فإن الحاكم لا يسجل على بيعه إلا بعد ثبوت أنه مصلحة عنده و إذا بلغ الصّبي و أنكر كون بيع الأب أو الجد مصلحة كان القول قول الأب و الجد و لو أنكر بعد بلوغه كون بيع الولي أو الوصيّ أو غيرهما مصلحة افتقر البائع إلى البيّنة و كان القول قول الصّبي [- ه -] يقبل قول ولي الطفل سواء كان أبا أو جدّا أو وصيّا أو غيرهم في الإنفاق و قدره بالمعروف و لا يلتفت إلى إنكار الصّبي و لو قال الوصيّ أنفقت منذ ثلاث سنين فقال الصّبي لم يمت أبي إلا منذ سنتين فالقول قول الصّبي [- و -] يجوز المضاربة بمال الطفل للولي و يكون للعامل ما يشترطه الولي من الربح و يجب أن يكون العامل أمينا فإن دفعه إلى غير الثقة ضمن و لو كان الولي هو العامل فالأقرب أنه لا يصح المضاربة و يكون له أجرة المثل [- ن -] يجوز إبضاع مال اليتيم و هو دفعه إلى ثقة يتجر به و يكون الربح بأجمعه لليتيم و لا يجوز بيع عقاره لغير حاجة و يجوز له كتابة عبده مع المصلحة و لو اقتضت المصلحة عتقه فالوجه جوازه [- ح -] يجوز للولي تسليم اليتيم إلى معلم الصّنعة و تركه في المكتب أيضا [- ط -] يجوز أن يفرد اليتيم بالمأكول و الملبوس و السكنى و أن يخلطه بعائلته و يحسبه كأحدهم فيأخذ من ماله بإزاء ما يقابل مئونته و لا يفضله على نفسه بل يستحبّ أن يفضل نفسه عليه و لو كان إفراده أرفق به أفرده و كذا لو كان الرفق في مزجه مزجه استحبابا [- ى -] الولي إذا كان موسرا لا يأكل من مال اليتيم شيئا و إن كان فقيرا قال الشيخ يأخذ بأقل الأمرين من أجرة المثل و قدر الكفاية و هو حسن و قال ابن إدريس يأخذ قدر كفايته إذا عرفت هذا فلو استغنى الوليّ لم يجب عليه إعادة ما أكل إلى اليتيم سواء كان أبا أو غيره [- يا -] إذا اتجر الوليّ بمال اليتيم نظرا له قال الشيخ يستحب له أن يخرج الزكاة و الربح بأجمعه لليتيم و منع ابن إدريس من إخراج الزكاة [- يب -] لا يجوز لغير الولي التصرف في مال اليتيم و يجوز للولي مع اعتبار المصلحة من غير قيد و لو اتجر الولي بالمال لنفسه قال الشيخ إن كان متمكنا من ضمان المال كان الربح له و الخسارة عليه و منع ابن إدريس ذلك و حرم اقتراض مال اليتيم على الولي قال الشيخ و لو لم يكن متمكّنا من ضمانه كان عليه ما يخسر و الربح لليتيم [- يج -] إذا كان لليتيم مال على غيره فصالحه وليه على بعضه جاز مع المصلحة و حل للمصالح ما يأخذه من باقي المال قاله الشيخ و الوجه ما قاله ابن إدريس إن الصّلح جائز للولي مع المصلحة أما من عليه الحق فلا يجوز له منعه من باقي المال إذا كان ثابتا في ذمته و ليس للولي إسقاطه بحال [- يد -] يجوز لمن عليه حق لليتيم إيصاله إليه و إن لم يعلمه أنّه حق عليه بل على جهة الصّلة و الجائزة و ينوي براءة ذمته [- يه -] المتولي للنفقة في أموال اليتامى ينبغي أن يثبت على كل واحد منهم ما يصل إليه من الكسوة مما يحتاج إليه أما المأكول فالتفاوت بينهم فيه يسير لا يجب إفراد كلّ واحد منهم بشيء بل يجوز مزجهم و تسويتهم في الحساب عليه [- يو -] لا يجوز إقراض مال اليتيم إلا مع المصلحة مثل أن يكون له مال يحتاج إلى نقله إلى غير ذلك البلد و يخاف الطريق فيقرض الثقة و إن استرهن كان أحوط و كذا لو خاف على المال النهب أو الحريق جاز إقراضه من الثقة و كذا لو كان مما يتلف بتطاول مدّته أو حديثه خبر من قديمه و لو لم يكن لليتيم مصلحة بل قصد إرفاق المقترض و قضاء حاجته لم يجز و لو أراد الولي السفر لم يصحبه بل ينبغي إقراضه من الثقة و لو لم يجد المقترض أودعه و له إيداعه مع وجود المقترض و لا ضمان عليه [- ين -] الأقرب أنه ليس للوصي الاستنابة فيما يتولى مثله بنفسه مع المكنة [- يح -] لا يجوز للوصي البيع على البالغ سواء كان حاضرا أو غائبا و سواء كانت حقوقهم مشتركة بينهم و بين الصغار في عقار يتضرر بالقسمة أو لا و سواء بيع فيما لا بد في الصغار و الكبار منه أو فيما منه بد [- يط -] هل يجوز تصرّف الصّبي المميز فيما أذن له الولي فيه أو لا الأقرب العدم و كذا لو تصرّف من غير إذن الولي الأقرب عدم توقفه على الإجازة بل يقع باطلا على إشكال

المقصد الخامس في الضمان
اشارة

و هو التعهّد بالمال أو النفس و أقسامه ثلاثة ضمان و حوالة و كفالة فهاهنا فصول ثلاثة

الأوّل في الضمان
اشارة

و مطالبة أربعة

الأوّل الضامن

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] يصحّ ضمان كل جائز التصرّف في ماله سواء كان رجلا أو امرأة و لا يصحّ من غيره فلو ضمن المجنون أو المغمى عليه أو المبرسم أو الطفل كان باطلا و لو ادّعى وقوع الضمان بعد البلوغ أو بعد الإقالة فالقول قول المنكر هذا إذا عرف له حال جنون و لو لم يعرف و ادعى الضامن أنّه كان مجنونا وقت الضمان قال الشيخ إن القول قوله [- ب -] لا يصح ضمان المحجور عليه للسفه

ص: 220

و لا ضمان الصبي المميّز أما المحجور عليه للفلس فيصح و يتبع به بعد فك الحجر و لا يشارك المضمون له الغرماء [- ج -] لا يصح ضمان العبد بغير إذن مولاه سواء كان مأذونا له في التجارة أو لا و إن أذن له مولاه صحّ و تعلق مال الضمان برقبته لا بكسبه و لو شرط أن يكون الضمان مما في يده أو كسبه و أذن المالك صحّ كما لو شرط في ضمان الحر أن يكون من مال بعينه [- د -] المكاتب لا يصحّ ضمانه إلا بإذن مولاه كما قلنا في العبد و حكمه حكم القن في تعلق الضمان برقبته أو كسبه و في اشتراط إذن السّيد في اشتراط الضمان بالكسب و لو ضمن ما على العبد في ذمّته فالوجه الصحة [- ه -] المريض يصحّ ضمانه إذا كان عقله ثابتا ثم إن توفي في مرضه صحّ ما ضمنه من ثلث تركته و لو أجاز الورثة صحّ في الجميع و كذا لو برأ من مرضه سواء مات بعد برئه أو لم يمت [- و -] الزّوجة يصحّ أن تضمن من دون إذن الزّوج [- ز -] الأخرس يصحّ ضمانه إن علمت إشارته و لا يكفي كتابته بالضمان منفردة عن إشارة يفهم فيها قصده للضمان و لو لم يعلم إشارته لم يصح ضمانه [- ح -] يشترط في الضمان الملامة وقت الضمان أو علم المضمون له بإعساره فلو ضمن المعسر و لم يعلم المضمون لكان له يصحّ الضمان عند العلم بالإعسار و العود على المضمون عنه و هل يشترط الفسخ على الفور إشكال و لا يشترط استمرار الغني فلو ضمن و هو مليء ثم أعسر لم يبطل الضمان و برئ المضمون عنه و يشترط في الضامن الاختيار فلو ضمن مكرها لم يصحّ إجماعا

المطلب الثاني في الحق المضمون

و فيه [- يه -] بحثا [- ا -] يصح ضمان كل مال ثابت في الذّمة سواء كان مستقرا كثمن المبيع بعد انقطاع الخيار أو معرضا للبطلان كالثمن بعد قبضه في مدّة الخيار و لو كان قبل القبض لم يصحّ و كذا يصحّ ضمان ما ليس بلا ذم لكن يقول إلى اللزوم كمال الجعالة قبل الفعل و كذا مال السبق و المناضلة أما لو ضمن العمل في الجعالة أو السبق فإنه لا يصحّ قطعا [- ب -] لا يصح ضمان ما ليس بلازم و لا يئول إلى اللّزوم مثل ضمان الدين قبل تحقّقه بأن يقول ضمنت عنه ما يستدينه منك أو ما تعطيه فهو من ضماني سواء أطلق أو عين مثل ضمنت ما تعطيه من درهم إلى عشرة و قد نصّ الشيخ على لزوم من قال ألق متاعك في البحر و علي ضمان قيمته و يكون ذلك بدل قاله و يكون غرضه التخفيف عن السفينة و تخليص النفوس و كذا قال يصح لو قال لغيره طلق امرأتك و علي ألف و يلزمه الألف لجواز أن يعلم أنه فرج حرام فيستزله ببذل ماله و كذا لو قال أعتق عبدك و علي ألف أو قال الكافر فك هذا الأسير و علي ألف و هذا إن صح فلأنه في محل الحاجة بخلاف غيره [- ج -] يصحّ ضمان الحق المجهول و لا يشترط العلم بكميته المال فلو ضمن ما في ذمته صح و يلزمه ما يقوم به البيّنة أنه كان ثابتا في ذمته وقت الضمان لا ما يوجد في كتاب و لا ما يقربه المضمون عنه و لا ما يحلف عليه المضمون له بردّ اليمين من المضمون عنه أما لو كان الردّ من الضّامن فإنّه يلزمه و لو ضمن ما يقوم البيّنة عليه لم يصح لعدم العلم بثبوته في الذمة وقت الضمان و قال الشيخ في النهاية لو قال أنا أضمن له ما يثبت لك عليه إن لم آت به إلى وقت كذا ثم لم يحضره وجب عليه ما قامت به البيّنة للمضمون عنه و لا يلزمه ما لم يقم به البيّنة مما يخرج به الحساب في دفتر أو كتاب و إنما يلزمه ما قامت به البيّنة أو يحلف خصمه عليه فإن حلف على ما يدعيه و اختار هو ذلك وجب عليه الخروج منه و قال في المبسوط لا يصح ضمان المجهول سواء كان واجبا حال الضمان أو غير واجب و لا يصحّ ضمان ما لم يجب سواء كان معلوما أو مجهولا فالمجهول غير الواجب مثل أن يقول ضمنت لك ما تعامل به فلانا أو تقرضه فهذا لا يصحّ لجهالته و لعدم وجوبه و المجهول الواجب مثل أن يقول أنا ضامن لما يقضي لك به القاضي على فلان أو تشهد لك به البيّنة من المال عليه أو ما يكون مثبتا في دفترك فهذا لا يصح لجهالته و إن كان واجبا في الحال و قال قوم من أصحابنا إنه يصحّ أن يضمن ما يقوم به البيّنة دون ما يخرج به دفتر الحساب و لست أعرف به نصا و كلامه في النهاية مشكل و ما ذكره في المبسوط لا ينافي ما اخترناه إن قصد ما قلناه و الظاهر أن قصده هنا أن ضمان المجهول مطلقا لا يصحّ و الأقوى ما فصّلنا نحن أوّلا [- د -] أرش الجناية يصحّ ضمانه سواء كان نقودا أو حيوانا أو غيرهما [- ه -] يصح ضمان نفقة الزوجة الماضية و ضمان نفقة اليوم لأنها تجب بأوله و لا يصحّ ضمان نفقته المستقبل لتوقفها على التمكين و في الفرق بين مال الجعالة قبل العمل و بين النفقة المستقبلة إشكال و لا فرق في صحّة ضمان الماضية بين أن يحكم بها حاكم أو لا و لا بين أن يكون معلومة أو مجهولة على ما اخترناه في جواز ضمان المجهول خلافا للشيخ في بعض أقواله و لابن إدريس و إذا ضمن النفقة الماضية وجب على الضّامن نفقة مثل المرأة على قدر حال الرجل و قال الشيخ تجب نفقة المعسر [- و -] يصح ضمان مال السّلم لثبوته في الذّمة [- ز -] قال الشيخ لا يصحّ ضمان مال الكتابة لعدم لزومه في الحال إذ للمكاتب إسقاطه بتعجيز نفسه و لا يئول إلى اللزوم لأن المكاتب إذا أدى المال عتق و خرج من كونه مكاتبا فلا يتصور أن يلزمه ماله الكتابة بحيث لا يكون له الامتناع من أدائه و الأقرب

ص: 221

عندي جواز ضمانه و يمنع جواز تعجيز المكاتب نفسه و ينعتق بالضمان [- ح -] الأعيان المضمونة كالمغصوب في يد الغاصب و المستعار في يد المستعير مع شرط الضمان و المقبوض بالبيع الفاسد يصحّ ضمانها [- ط -] الأمانات كالوديعة و العين و مال المضاربة و الشركة و المستعار مع عدم التضمين و العين المدفوعة إلى الصانع لا يصحّ ضمانها و لو ضمن من هي في يده بتفريط أو تعد صحّ ضمانها أما قبل ذلك فلا و لو ضمنها إن تعدى فيها لم يصحّ [- ى -] يصحّ ضمان العهدة عن البائع و المشتري أما عن البائع فعهدة المثمن متى خرج المبيع مستحقا و إنما يصحّ هذا الضمان إذا قبض البائع الثّمن أما قبله فلا و أما عن المشتري فضمان الثمن الواجب بالبيع قبل تسليمه أو إن ظهر مستحقّا أو العهدة اسم للكتاب التي يكتب فيه وثيقة البيع و يذكر فيه الثمن فنقل إلى الثمن المضمون و الوجه أن ضمان العهدة ناقل فلو خرج المبيع مستحقا كان للمشتري الرجوع على الضامن دون البائع [- يا -] ألفاظ ضمان العهدة أن يقول ضمنت عهدته أو ضمنت عنه أو ضمنت دركه أو يقول للمشتري ضمنت خلاصك منه و لو ضمن خلاص المبيع لم يصح لأنه إذا خرج حرّا لم يحل تخليصه و إن خرج مستحقّا لم يستطع إلا بالبيع و ذلك ضمان ما لم يجب فلم يصح و إن ضمن عهدة المبيع و خلاصه بطل في الخلاص و صح في العهدة [- يب -] إذا ضمن العهدة عن البائع فاستحقاق رجوع المشتري بالثمن إن كان لسبب حادث بعد العقد مثل تلف المبيع قبل قبضه أو غصبه منه أو يحصل التقابل بينه و بين البائع فإن المشتري يرجع على البائع خاصة دون الضامن و إن كانت بسبب مقارن فإن كان بغير تفريط من البائع كأخذه بالشفعة فإن المشتري يأخذ الثمن من الشفيع دون البائع و الضامن و إن كان بتفريط من البائع فإن كان باستحقاق أجرته كان له الرجوع على الضامن و إن كان بالرّد بالعيب فالوجه أنه لا يرجع على الضامن و لو أراد أخذ أرش العيب فالوجه أنه لا يرجع على الضّامن أيضا بل يرجع في ذلك كله على البائع و لو خرج بعض المبيع مستحقا أو حرا فاختار المشتري الفسخ كان له الرجوع على الضّامن بما قابل المستحقّ و الحرّية من الثمن خاصّة و يرجع على البائع بالباقي [- يج -] إذا ضمن عن البائع أو ضمن البائع ما يحدثه المشتري من بناء و غرس لم يصحّ لعدم وجوبه قال الشيخ لا يصح لأنّه ضمان ما لم يجب و يحتمل الجواز للزومه بالعقد على ضعف قال الشيخ و لو شرط في البيع ذلك بطل البيع و كذا لو شرطاه في مدّة الخيار لا بعد انقضائه و هو بناء على قوله بعدم انتقال الملك قبل الخيار [- يد -] يصحّ ضمان نقصان الصحة و في صحّة ضمان رداءة الجنس في المبيع إشكال أقربه الجواز و كذا الأقرب جواز ضمان أرش العيب و عهدة تلحق بالمبيع إما بالعيب أو بالفساد من جهة أخرى غير كونه مستحقا على إشكال لكن ذلك كله لا يتدرج تحت ضمان مطلق العهدة على تردّد [- يه -] يصحّ ضمان الثمن في مدّة الخيار و الأقرب جواز ضمنت من واحد إلى عشرة

المطلب الثّالث في باقي أركان الضمان

و هي ثلاثة المضمون عنه و المضمون له و عقد الضمان و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] المضمون عنه كل من في ذمته حق مالي و لا يشترط رضاه في الضمان فلو ضمن عنه لزمه الضمان و إن كره المضمون عنه أو رده بعد الضمان أما المضمون له فإنّه يشترط رضاه فلو ضمن من غير رضاء المضمون له لم يصحّ و كذا بغير رضاء الضامن و قد تقدّم [- ب -] لا يشترط في صحّة الضمان معرفة الضّامن بالمضمون عنه و للشيخ قولان هذا أجودهما نعم يجب تمييزه بما يصحّ معه القصد إلى الضمان عنه بخصوصية [- ج -] يصحّ الضمان عن الميّت سواء ترك وفاء أو لا و سواء ترك ضامنا ضمن عنه في حياته أو لا و كذا يصحّ الضمان عن المفلس [- د -] لا يشترط معرفة الضامن للمضمون له بل يصحّ ضمانه و إن جهل المضمون له و للشيخ قولان و يشترط رضاه قولا واحدا و الأقرب اعتبار قبوله [- ه -] الضمان عقد جائز بالنص و الإجماع قال اللّٰه تعالى وَ لِمَنْ جٰاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ و قال عليه السّلام الزعيم غارم و لا خلاف بين العلماء كافة في جوازه و هو عقد لازم من جهة الضامن و اشتقاقه إما من الضم بمعنى أن ذمة الضامن ينضم إلى ذمة المضمون عنه أو من التضمين لأن ذمة الضامن يتضمن الحقّ و يقال ضمين و كفيل و قبيل و حميل و زعيم و صبير بمعنى واحد و عبارته ضمنت و تكفلت و تحملت و ما ينبئ عن اللزوم و لو كتب و انضمّت إلى كتابة القرينة الدالة انعقد الضمان و إلا فلا و لا ينعقد بقوله أؤدّي أو أحضر و لا يقع إلا منجزا فلو علقه بمجيء الشهر فسد بخلاف ما لو نجزه و علق الأداء و لا يدخله الخيار و لو شرط فيه الخيار ففي إبطال الضمان إشكال

المطلب الرابع في الأحكام

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] الضمان إذا صح لزم الضّامن أداء ما ضمن و كان للمضمون له مطالبته بلا خلاف و لا اعتبار بتعذر مطالبة المضمون عنه [- ب -] الضمان ناقل للمال من ذمّة المضمون عنه إلى ذمة الضّامن و لا يجوز للمضمون له مطالبة المضمون عنه و لا فرق في ذلك بين أن يكون المضمون عنه حيّا أو ميّتا و يبرأ المضمون عنه بالضمان و إن لم يردّ الضّامن و لو أبرأ المضمون له ذمة المضمون عنه لم يبرأ الضامن و لو أبرأ ذمة الضامن

ص: 222

برئا جميعا و لم يكن للضّامن مطالبة المضمون عنه بشيء [- ج -] إذا أطاق الضمان صحّ و له أن يطالب به أي وقت شاء و إن كان مؤجلا صح أيضا و لو كان الدين حالا نضمنه مؤجلا صحّ و كذا لو كان الدّين مؤجلا فضمنه حالا على إشكال و الأقرب أنه ليس له مطالبة المضمون عنه قبل الأجل و إن ضمن بإذنه و أدّى حالا و لو كان مؤجلا فضمنه إلى أجل أزيد أو أنقص على إشكال صح و للشيخ قول بالمنع من الضمان الحال مطلقا و قول آخر بالمنع من ضمان المؤجل حالا [- د -] إذا ضمن الحال مؤجلا صحّ و برئت ذمة المضمون عنه و ليس للضامن مطالبة المضمون عنه إلا بعد الأداء و ليس للمضمون له مطالبة الضّامن قبل الأجل و لو قضاه الضامن قبل الأجل فالوجه أنه ليس له مطالبة المضمون عنه إلا بعد الأجل و لو كان الدين مؤجلا فضمنه حالا وجب عليه الدفع في الحال و ليس له مطالبة المضمون عنه إلا بعد الحلال و الأداء [- ه -] إذا ضمن مؤجلا فمات الضّامن حل الدين عليه و ليس لورثته الرجوع على المضمون عنه إلا بعد الأداء أو انقضاء الأجل إن كان الأصل مؤجلا و لا اعتبار بموت المضمون عنه [- و -] يصح ترامي الضمان فيجوز الضمان عن الضامن و يتحول الحقّ إلى ذمّة الأخير و متى أدى أحدهم أو المضمون عنه برئ الجميع و إن أبرأ المالك الضامن الأخير فكذلك و لو أبرأ من قبله من الضمناء لو المضمون عنه لم يبرأ أحد و لو أدّى الضّامن الأخير رجع على الضّامن الذي قبله و هكذا إلى أن يرجع الحال إلى المضمون عنه و ليس للفرع مطالبة السابق على أصله و إن تعذر الاستيفاء من الأصل [- ز -] يجوز للمضمون عنه أن يضمن الضّامن فيتحول الحق إلى ذمّته كما كان قبل الضمان و منع الشيخ من ذلك لئلا يصير الفرع أصلا و ليس بشيء و تابعه ابن البراج و لو ضمن المضمون عن الضامن من غير مال الضمان جاز قولا واحدا [- ح -] يجوز تعدّد الضمان بأن يضمن اثنان فما زاد واحدا فإن ضمن كلّ واحد منهما بعض الدين صح و برئ المضمون عنه و كان على كل واحد منهما بقدر ما ضمنه سواء تساويا أو اختلفا و إن ضمن كل واحد منهما جميع ما عليه صحّ ضمان السابق و لو اقترنا بأن يضمنا من المالك و الوكيل في وقت واحد فيه تردد بين البطلان لتحقق ضمان كل واحد منهما حال ضمان الآخر أعني حالة براءة الذّمة و بين الصّحة مع القرعة أو التنصيف و بين بطلان ضمان الوكيل من حيث إنه فعل حين فعل الموكّل متعلق الوكالة أعني حالة بطلان الوكالة و لو ضمن أحدهما صاحبه صح و انتقل ما على المضمون عنه إلى ذمة الضامن و لو ضمن كل واحد منهما صاحبه انتقل ما كان على كل واحد إلى ضامنه و برئ الضامن من الدين الأصلي و ليس للمالك مطالبة كلّ واحد بالجميع و لا مطالبة أحدهما به و لو قال كل واحد منهما ضمنت ما عليه دفعة فقال ضمنتكما فالوجه صحّة الضمان لكن يتعلّق بذمّة كلّ واحد النصف [- ط -] إذا ضمن بإذنه و فقد بإذنه رجع عليه سواء قال المضمون عنه اضمن عني و انقد عني أو قال انقد و أطلق و كذا يرجع لو ضمن بإذنه و نقد بغير إذنه و لا يشترط تعذر الرجوع على المضمون عنه لأن الضّمان عندنا ناقل و لو ضمن بغير إذنه لم يرجع و لو ضمن بغير إذنه و نقل بغير إذنه لم يرجع [- ى -] إنما يرجع الضّامن على المضمون عنه في موضع الرجوع بأقل الأمرين من قدر الدين و المدفوع و لو أبرأه غريمه لم يرجع و لو دفع عوض الدّين عرضا رجع بأقل الأمرين من قيمته و قدر الدّين و لو أحاله فهي بمنزلة الإقباض يرجع بأقل الأمرين من الدين و القدر المحال به سواء قبض الغريم من المحال عليه أو أبرأه أو تعذر الاستيفاء لفلس أو مطل [- يا -] إذا كان له على اثنين مائة و كلّ واحد ضامن لصاحبه و أجاز المالك ضمانهما فقد قلنا إن ذمة كل منهما مشغولة بالضمان لا بالأصل فإذا ضمن آخر عن أحدهما المائة صحّ ضمان الخمسين فإذا نقد مائة سقط الحق عن الجميع و رجع على المضمون عنه بالنّصف مع الإذن في الضمان و لا يرجع على الآخر إلا مع إذنه في الإنقاد عنه و لو ضمن عنهما معا صحّ و لزمه المائة و رجع على كل واحد بالنّصف مع إذنهما بالضمان و إلا فعلى الإذن خاصّة [- يب -] إذا ضمن بإذنه لم يكن للضّامن مطالبة المضمون عنه إلا إذا طولب و قوى الشيخ جواز المطالبة و إن لم يطالب الضامن و ما قلناه أولى و لو ضمن بغير إذنه لم يكن له مطالبة مطلقا و ليس للمأذون في الضمان مطالبة المضمون عنه و تسليم المال إليه قبل أدائه و لا مطالبة المضمون عنه بقبض المال منه ليتولى المضمون عنه الدفع [- يج -] إذا قضى المضمون عنه برئ هو و الضّامن و كذا لو قضى الضامن المتبرّع أما المأذون فيبرأ بأدائه و يطالب المضمون عنه و لو ضمن تبرعا فقضى المضمون عنه فإن كان بمسألة الضامن فالوجه رجوعه عليه و إلا فلا [- يد -] إذا كان له دين على اثنين فضمن كل واحد منهما صاحبه فعلم المضمون له كان له أن يجبر ضمان من شاء منهما فيلزمه الدينان معا و يبرأ الآخر فإن ضمن ثالث الدينين معا عن من أجيز ضمانه صح و رجع عليه خاصة إن كان بإذنه و إن ضمن عن الآخر من المالك لم يلزمه شيء و إن أجازهما معا انتقل ما في ذمته كل

ص: 223

كل منهما إلى الآخر و استقر الدّين عليهما كما كان [- يه -] لو ادعى على حاضر و غائب و أن كلا منهما ضامن لصاحبه فاعترف الحاضر كان له إلزامه بالجميع إن لم يرض بضمان الغائب و القول قوله بعدم الرضا مع يمينه فإن حضر الغائب فاعترف ألزم بقدر نصيبه إن كان الحاضر ضمن بمسألته و إلا فلا و إن لم يكن أنكر فالقول قوله مع يمينه و لو أنكر الحاضر و لا بينة فالقول قوله مع يمينه فإن قامت عليه بينة و استوفي منه لم يكن له الرّجوع على الغائب و لو اعترف الغائب و رجع الحاضر عن إنكاره كان له الرجوع بما أدى عنه و لو أنكر الحاضر و حلف ثم حضر الغائب و اعترف لم يكن للمضمون له الرجوع عليه بشيء مع رضاه بضمان الحاضر أو لا [- يو -] المأذون له في الضمان إذا ادّعى أداء ما ضمنه فأنكر المضمون له كان القول قول المضمون له مع يمينه فإن شهد المضمون عنه قبلت شهادته مع انتفاء التهمة و لو لم يكن مقبول القول حلف المضمون له و رجع على الضّامن ثانيا و يرجع الضامن بما أداه أولا و لو لم يشهد رجع بما أداه أخيرا و لو اعترف المضمون له بالقضاء فأنكر المضمون عنه ففي رجوع الضامن بمجرد اعتراف المضمون له على المضمون عنه إشكال أقربه الرّجوع [- يز -] إذا قال واحد أنا و هذان ضامنون لك فسكت له آخر إن وجب على الضّامن الثالث نصيبه [- يح -] كل من قضى دين غيره متبرّعا لم يكن له الرّجوع على من عليه الحقّ و لو كان بنية الرّجوع أما لو قضى بأمره مع نية الرجوع فإنه يرجع بما أدى عنه و الوجه أنّه كذلك مع عدم نية الرّجوع و لو أذن لغيره في قضاء دينه عنه فصالح المأذون على غير جنس الحق فالوجه رجوعه على الأمر بأقل الأمرين [- يط -] إنما يرجع المأذون في القضاء مع الإشهاد فإن قصّر لم يرجع إن كذبه الإذن و لو صدقه احتمل ذلك أيضا لأن المراد قضاء مبرئ و أداؤه لم ينفعه و إن صدقه القابض رجع قطعا و المعتبر شهادة من يثبت به الحق فلو أشهد رجلا أو امرأتين جاز و لو أشهدوا حدا ليحلف معه فالوجه الجواز أيضا و لو أشهد من ظاهره الفسق لم يعتد بتلك الشهادة و لو أشهد من فسقه مستور ففي الاعتداد به احتمال و لو ادعى موت الشاهدين و أنكر الإذن أصل الإشهاد ففي تقديم قوله إن كان قد دفع إليه مالا للقضاء نظر [- ك -] إذا كان له على كلّ واحد منهما مائة فضمن كل منهما صاحبه فقد قلنا إنّه ينتقد ما في ذمّة كل منهما إلى الآخر و لا يجتمع المالان في ذمة كل واحد منهما و لا يقع هذا الضمان باطلا في نفسه و يظهر له فرائد منها أن المضمون له إذا أجاز ضمان أحدهما دون الآخر اجتمع المالان في ذمته و برئ الآخر من مطالبته و منها أن الحق قد يكون حالا فإذا ضمن كلّ منهما مؤجلا لزمه الأجل بعد إن كان حالا و منها أن يكون مؤجلا فإذا ضمناه حالا إن حل الأجل و كان له المطالبة في الحال و منها انفكاك الرهن لو كان بهما رهنان و هل ضمان كل منهما يجري مجرى الأداء الأقرب أنّه ليس كذلك فحينئذ لو أبرأ أحدهما أو دفع أقل ما ضمنه ففي رجوع الآخر عليه نظر و لو ضمن أحدهما صاحبه تحول المالان عليه فإن ضمن المضمون عنه الضامن انتقل المالان إلى ذمّته

الفصل الثاني في الكفالة

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] الكفالة هي التعهّد بالنفس غالبا و معناها التزام إحضاره فإن تكفل المال كان ضامنا و الكفالة بنوعيها صحيحة قال الشيخ و لا بد فيها من الأجل و الأقرب جوازها حالة و مؤجلة و مع الإطلاق يكون معجّلة فإذا اشترط الأجل وجب أن يكون معلوما لا يتطرق إليه الزيادة و النقصان [- ب -] الخيار لا يدخل الكفالة و يفسد لو شرط و في فساد الكفالة ح نظر [- ج -] إذا قال أنا كفيل بفلان أو بنفسه أو ببدنه أو بوجهه كان كفيلا به أجمع لأن هذه الأشياء يعبر بها عن الجملة فلو قال أنا كفيل برأسه أو كبده أو قلبه أو جزء لا يمكن حياته بدونه فالأقرب الصّحة و كذا لو كفل بجزء مشاع منه كثلثه و ربعه و لو قال أنا كفيل بيده أو رجله أو بجزء يمكن أن يعيش بدونه ففي الصّحة إشكال و أبطله الشيخ و هو حسن [- د -] يصحّ الكفالة ببدن كل من يجب إحضاره في مجلس الحكم بدين لازم أو حق تصح المطالبة به سواء كان الدين معلوما أو مجهولا و سواء كان المكفول بالغا أو صبيّا أو عاقلا أو مجنونا و إذن الولي قائم مقام إذنها إن اشترطا إذن المكفول به [- ه -] تصحّ الكفالة ببدن المحبوس و الغائب و الزوجة و العبد الآبق و من عليه عقوبة لآدمي و المدعى عليه و إن لم يعمّ عليه البيّنة [- و -] لا تصحّ كفالة بدن من عليه حد لأجل الحد سواء كان للّه تعالى أو لآدمي نعم يجوز الكفالة على إحضار الجاني عمدا و خطأ في النفس و ما دونها [- ن -] الأقرب جواز الكفالة بالمكاتب و منع الشيخ ليس بجيّد [- ح -] يعتبر في الكفالة رضاء الكفيل و المكفول له و لا عبرة برضاء المكفول به و في المبسوط يعتبر رضاه و اختاره ابن إدريس و فيه قوة [- ط -] إذا كانت الكفالة حالة أو مطلقة كان له مطالبة بإحضاره في الحال فإن أحضره و هناك يد ظالمة تمنعه من الاستيفاء ما عليه لم يبرأ الكفيل و لم يلزم المكفول له تسليمه في تلك الحال و إن لم يكن هناك يد حائلة لزمه قبوله على إشكال فإن قبله برئ الكفيل و لا يفتقر

ص: 224

إلى أن يقول برئت إليك منه أو قد سلمته إليك أو قد أخرجت نفسي من كفالته و إن امتنع من تسليمه برئ الكفيل على إشكال و لا يفتقر إلى إشهاد رجل و لا إذن الحاكم و في المبسوط إذا امتنع من تسليمه أشهد رجلين و برئ فإن قصد شرط الإشهاد كان ممنوعا و إن كانت مؤجلة لم يجب الإحضار قبل الأجل و لو أحضره قبله لم يجب على المكفول له القبول و إن انتفى الضرر في التسليم على الأقوى و لا يبرأ ذمة الكفيل فإن حل الأجل و أحضره و سلمه برئ [- ى -] لو كان المكفول مجنونا فإن كان في حبس الحاكم وجب تسليمه لإمكانه بأمر الحاكم أو بأمر الحابس ثم يرد إلى السجن و يحبس على الحقين معا و إن كان في حبس ظالم لم يجب قبوله [- يا -] لو كفل حالا و كان المكفول غائبا أجل بمقدار وصوله إليه و عوده و إن كفل مؤجّلا أجل ذلك بعد الحلول و لو امتنع من إحضاره مع وجوبه و إمكانه وجب عليه حق المكفول له [- يب -] إذا كفل و أطلق و لم يعين موضع التسليم انصرف إلى بلد العقد و إن سلمه في غيره لم يبرأ و ليس له أن يسلمه إياه محبوسا في حبس الظالم كما قلنا و له أن يسلمه محبوسا في حبس الحاكم فإن طالب الحاكم بإحضاره أحضره مجلس الحكم و حكم بينهما ثم ردّه إلى السّجن و إن عين المكان في الكفالة لم يبرأ بتسليمه في غيره سواء كان بمكان آخر من البلد أو لا و سواء كان فيه سلطان أو لا [- يج -] إذا قال كفلت إلى الغداء و إلى شهر كذا حل بأوله [- يد -] إذا امتنع الكفيل من إحضار المكفول حبس عليه أو على أداء ما عليه أبدا إلا أن يحضره أو يموت المكفول به [- يه -] لا يصح الضمان و الكفالة إلا منجزين و لو قال إذا جاء زيد فأنا ضامن لك ما عليه أو إذا قدم الحاج فأنا كفيل بفلان لم تصح و كذا لو قال إذا جاء رأس الشهر أو خرجت السنة الفلانية [- يو -] تصح الكفالة موقتة فلو قال أنا كفيل بفلان شهرا على معنى أنه يحضره متى شاء المكفول له في مدة الشهر جاز [- يز -] إذا تكفل برجل إلى آخر إن جاء به فيه و إلا لزمه ما عليه فالوجه الصحة لأنّ ذلك مقتضى الكفالة أما لو قال إن لم آت به كان علي كذا و حضر الأجل لم يلزم إلا إحضار الرّجل و لو قال علي كذا إلى كذا إن لم أحضره ثم لم يحضره وجب عليه ما ذكره من المال و لو قال إن جئت به في وقت كذا و إلا فأنا كفيل ببدن فلان أو ضامن ما على فلان لم يصحّ [- يح -] من أطلق غريما من يد صاحب الحق قهرا ضمن إحضاره أو أداء ما عليه فلو كان قائلا لزمه إحضاره أو دفع الدّية و مع الدفع ذا حضر القاتل هل يقتل و يستعيد الدافع من الأولياء فيه إشكال فليس للدافع قتل القاتل و هل له إلزامه بما أدّى عنه على تقدير انتفاع جواز قتله فيه نظر [- يط -] لا بد من تعيين المكفول فلو قال كفلت أحد هذين أو كفلت بزيد أو عمرو أو كفلت بزيد فإن لم آت به فبعمرو لم يصحّ [- ك -] إذا قال كفلت ببدن فلان على أن يبرئ فلان الكفيل أو على أن يبرئه من الكفالة قال الشيخ لم يصحّ لفساد الشرط إذ لا يصح أن يبرئه و الوجه عندي الصحّة إن جوّزنا الشرط في الكفالة و حينئذ لا يلزمه الكفالة إلا أن يبرأ المكفول له الكفيل الأول و كذا يصحّ لو قال كفلت لك هذا الغريم على أن من الكفالة بفلان أو ضمنت هذا الدّين لك بشرط أن تبرئني من ضمان الدين الآخر أو على أن تبرئني من الكفالة لفلان و كذا لو شرط في الكفالة و الضمان أن يتكفل المكفول له أو المكفول به بآخر أو يضمن دينار عليه أو يبيعه شيئا معيّنا أو يؤجره إياه [- كا -] إذا مات المكفول برئ الكفيل و لا يجب عليه غرم المال و لا بعضه إن كان كفيلا بالبدن و إن كان كفيلا بالمال لزمه لأنه يكون ضمانا و كذا يبرأ الكفيل لو أبرأ المكفول له المكفول أو الكفيل أو قضاه الكفيل أو سلم المكفول نفسه تسليما تاما أو هرب المكفول بحيث لا يعلم خبره أو اختفى كذلك على إشكال و لو أبرئ الكفيل لم يبرأ الأصيل و لو كفل اثنان بواحد صحّ فإن قضى أحدهما الدّين برئ الآخر و كذا لو قضاه المكفول برئا معا و كذا لو سلم نفسه إلى المكفول منه تسليما تاما و لو سلمه أحدهما قال الشيخ لا يبرأ الآخر و عندي فيه نظر [- كب -] إذا تكفّل رجلا من اثنين لم يبرأ بتسليمه إلى أحدهما و لا يبرأ أحدهما له [- كج -] إذا تكفل بإذن المكفول وجب على المكفول الحضور معه عند المطالبة به فإن كفل بغير إذنه و طلبه للحضور فإن كان المكفول له طلبه منه وجب عليه الحضور و إلا فلا و لو قال المكفول أحضر مكفولك كان توكيلا بإحضاره فيجب عليه الحضور معه و لو قال خلّص نفسك من الكفالة لم يكن توكيلا و لم يجب على المكفول الحضور معه إلا أن يكون قد أذن له في الكفالة [- كد -] إذا قال لغيره اكفل فلانا أو اضمنه ففعل المأمور كان الكفيل و الضامن هو المباشر و لا شيء على الآمر [- كه -] إذا قال الكفيل أبرأت المكفول به من الدين فأنكر المكفول له كان القول قوله مع يمينه فإن حلف بقيت الكفالة و إن نكل حلف الكفيل و برئ من الكفالة و لم يبرأ المكفول به من الدين و لو قال كفلت و لا حقّ لك عليه فأنكر له المكفول فالقول قوله كما قلناه و هل يضفر إلى اليمين الأقرب ذلك و لو نكل فالوجه إحلاف الكفيل مع احتمال بعيد [- كو -] إذا قال المكفول له للكفيل قد أبرأتك من

ص: 225

الكفالة برئ و كذا لو قال قد برئت إلي منه أو رددته إلي و كذا لو قال برئت من الدّين الذي كفلت به و يبرأ الكفيل في هذه المواضع دون المكفول به و لا يكون ذلك اعترافا بالقبض إلا في الصورة الأخيرة فإنّه يبرئ المكفول به لأن كفالة المال عندنا ناقلة و لو قال للمكفول به قد أبرأتك من الدّين الذي كفلك عليه فلان أو برئت إلي منه برئ الكفيل و المكفول به و كذا لو قال له أبرأتك من الدين الذي قبلك أو برئت إلي من الدين الّذي قبلك لأنه من ألفاظ العموم و لو قال قصدت غير دين الكفالة قبل قوله مع يمينه [- كز -] إذا كان لذمي على مثله خمر فكفّله ذمّي آخر ثم أسلم المكفول له برئ الكفيل و المكفول به معا و لو أسلم المكفول عنه فكذلك و لو أسلم الكفيل خاصة برئ من الكفالة دون المكفول عنه إلا أن يكون كفيلا بالمال [- لح -] إذا قال أعط فلانا كذا لم يكن كفيلا فإذا أعطاه كان الغريم الآخذ لا الآمر و لا يلزم الآمر شيء و إن كان خليطا و لو قال أعطه عني كان كفيلا [- كط -] إذا خاف بعض الركاب فألقى بعض متاعه أو جميعه في البحر ليخفّ السفينة لم يرجع به على أحد سواء ألقاه بنية الرجوع أو تبرّعا و كذا لو قال بعضهم ألق متاعك فألقاه و لو قال ألقه و علي ضمانه ضمنه القائل خاصة و إن كان ضمان ما لم يجب له ضرورة و لو قال ألقه و أنا و الركبان له ضمناء فإن قصد ضمان الاشتراك و الانفراد ضمن الجميع و لا يلزم باقي الركبان شيء سواء سمعوا أو سكتوا أو أنكروا أو لم يسمعوا و إن قصد ضمان الاشتراك لزمه ضمان حصّته و لا يضمن الباقون شيئا و أما الذي يضمن يحتمل النصف و يحتمل أن يكون كأحدهم إلا أن يقصد الثاني و القول قوله مع يمينه في إرادته و لو أذنوا له في ذلك لزم الجميع المال [- ل -] تصح ترامي الكفالات فإن كانت بالمال فهي ضمان و قد تقدم و إن كانت بالنفس لزم الأخير إحضار من كفله و يلزم السابق عليه إحضار من يقدمه و هكذا إلى أن ينتهي إلى الدّيون فإن مات المديون أو أبرأ المكفول له برءوا جميعا و كل كفيل مات مكفوله برئ هو دون مكفول الميّت فلو مات أوسط الكفلاء الثلاثة برئ الميّت و كفيله معا دون المديون و كفيله و لو كفل كل من الكفيلين بدن صاحبه جاز فإن مات الأصلي أو برئ من الدّين برئا معا و إن مات أحدهما لم يبرأ الآخر [- لا -] إذا رهن و شرط الإقباض جاز أن يكفل الراهن على التسليم و لم يشترطه لم يجز إلا مع القبول بوجوب التسليم [- لب -] هل يجوز الكفالة ببدن الميّت لم أعرف لأصحابنا فيه نصّا و جوزه بعض الجمهور إذ قد يستحق إحضاره لأداء الشهادة على صورته و عندي فيه نظر [- لج -] إذا مات المكفول له فالأقرب عدم بطلان الكفالة و ينتقل الحقّ إلى ورثته

الفصل الثّالث في الحوالة
اشارة

و فيه مطلبان

الأوّل في ماهيتها و شروطها

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] الحوالة عقد شرع لانتقال الحقّ من ذمة إلى أخرى و اشتقاقها من التحويل و ليست بيعا فلا يدخلها خيار المجلس و إنما هي عقد إرفاق بنفسه ليس محمولا على غيره و لا يجوز بلفظ البيع و يجوز في الربويين و يلزم بمجرد العقد و يجب الوفاء بها و هي معاملة صحيحة في قول العلماء كافة و يتعلق بثلاثة أشخاص المحيل و هو الذي عليه الحقّ و المحتال الذي يقبل الحوالة و المحال عليه و الذي عليه هو الحق للمحيل يقال أحاله بالحق عليه يحيله إحالة و احتال الرّجل إذا قبلها و المحال به هو الدّين نفسه [- ب -] يشترط في الحوالة رضاء الأشخاص الثلاثة و هل يشترط أن يكون على المحال عليه دين أو لا قال الشيخ الأقوى عدم الاشتراط و هو جيّد [- ج -] الحق إن كان مثليا صحّت الحوالة به إجماعا و إن لم يكن مثليّا كالحيوان و الثياب قال الشيخ لا تصح الحوالة به إذا ثبت في الذمة بالقرض و يجوز إذا كان في ذمّته حيوان وجب عليه بالجناية كأرش الموضحة و غيرها أن يحيل بها و الوجه عندي جواز الحوالة بكل حق مالي و إن لم يكن مثليّا [- د -] يجب أن يكون المال معلوما فلا تصحّ الحوالة بالمجهول إجماعا و قد بيّنا أن المثلية ليست شرطا و على قول الشيخ إذا كان له إبل من الدّية و عليه لآخر مثلها صحّت الحوالة بها و إن كان عليه إبل من دية و له على آخر مثلها قرضا فأحاله عليه فإن قلنا القرض يضمن بالقيمة لم يصح الحوالة لاختلاف الجنس و إن قلنا بالمثل هنا صحت الحوالة و كذا العكس [- ه -] إذا أحال من له عليه دين قال الشيخ رحمه اللّٰه يشترط تماثل الحقين جنسا و وصفا و قدرا فيحيل على من عليه ذهب فذهب و من عليه فضة بفضّة دون العكس و كذا يحل من عليه صحاح بمثلها و من عليه مكسرة بمثلها و من عليه مضروبة بمثلها و عندي في ذلك إشكال لأنا سوغنا الحوالة على بريء الذمة فعلى مشغولها بالمخالف أولى و الوجه جواز ذلك كلّه ثم إنّ الشيخ اختار ما ذهبنا إليه و هل يشترط التساوي في التأجيل و الحلول فيه إشكال أقربه عدم الاشتراط فلو أحال من عليه دين مؤجل أو حال بدين مخالف له في الحلول و التأجيل أو مساو له في التأجيل لكن مخالف له في زيادة الأجل و نقصانه لم أستبعد جوازه فلو احتال من دينه حال بدين مؤجل و شرط تعجيله فالوجه الجواز و كذا يجوز لو شرط بقاءه على صفته

ص: 226

و لو احتال على من دينه حال و شرط تأجيله فالأقرب الصّحة و لزوم الشرط كما قلنا في الضمان و لا خلاف في أنه لو ردّ المحال عليه فوق الصفة أو دونها مع رضا المحتال أو عجل ما شرط تأجيله من غير شرط كان سائغا و لو احتال مؤجلا فمات المحيل أو المحتال لم يبطل التأجيل و إن مات المحال عليه حل الدّين [- و -] شرط الشيخ كون الحق مما تصحّ المعاوضة عليه قبل قبضه قال فلا تصح الحوالة بمال السّلم لأنه لا يجوز المعاوضة عليه قبل قبضه و عندي فيه نظر [- ز -] شرط الحوالة ثبوت الحق في ذمة المحيل فلو أحاله ما يرضيه في المستقبل لم يصح إجماعا و يصح الحوالة بمال الكتابة و قيل بالمنع و قد تقدّم في الضمان و كذا يصحّ الحوالة على المكاتب بغير مال الكتابة و لو حل نجم جاز للعبد أن يحيل مولاه بقسطه من الكتابة إجماعا [- ح -] الزّوج إذا أحال المرأة بالصداق صحّ و إن كان قبل الدخول و كذا لو أحالت المرأة به أجمع قبل الدخول و لو أحالت به بعد الدخول صح إجماعا [- ط -] إذا أحال البائع بالثمن على المشتري في مدة الخيار جاز و كذا يجوز بلا خلاف لو أحال المشتري به البائع في المدة [- ى -] إذا أحال من لا دين عليه رجلا على آخر له عليه دين كان توكيلا و ليس حوالة يثبت فيها أحكام الوكالة و لو أحال من عليه دين على من لا دين عليه فقد بينا جواز ذلك أنه حوالة صحيحة و قيل ليس حوالة و إنما هو اقتراض فإن قبض المحتال منه الدّين رجع على المحيل لأنه قرض و إن أبرأ منه و لم يقبض شيئا لم تصحّ البراءة لأنها براءة لمن لا دين عليه و إن قبض منه الدّين ثم وهبه إياه رجع المحال عليه على المحيل لأنّه قد غرم عنه و إنما عاد المال بعقد مستأنف و يحتمل عدم الرجوع و إن أحال من لا دين عليه على من لا دين عليه فهي وكالة في اقتراض و ليست حوالة لأن الحوالة إنما هي بدين على دين و لم يوجد واحد منهما [- يا -] شرط لزوم الحوالة بفتح الميم و المد ملاءة المحال عليه أو علم المحتال بإعساره فلو أحاله على معسر و لم يعلم المحتال بإعساره كان له فسخ الحوالة و الرجوع على المحيل سواء شرط المحتال الملاءة أو لا و على تقدير عدم الشرط فسواء مات المحال عليه مفلسا أو لا و سواء جحده و حلف عند الحاكم أو لا و ليس استدامة الغنى شرطا فلو أحاله على مليء و رضي ثم أعسر لم يكن له فسخ الحوالة و لو لم يرض المحتال بالحوالة ثمّ بان المحال عليه مفلسا أو ميّتا رجع على المحيل إجماعا و لو أحيل على مليء فلم يقبل حتى أعسر فله الرّجوع على المحيل

المطلب الثاني في الأحكام

و فيه [- يه -] بحثا [- ا -] الحوالة عقد ناقل للمال عن ذمّة المحيل إلى المحال عليه و يبرأ المحيل إذا تمت بأركانها من دين المحتال سواء أبرأه المحتال أو لا و للشيخ ره هنا قول آخر ضعيف و سواء ضمن المحال عليه المال أو لم يضمن قال الشيخ و لو لم يقبل المحتال الحوالة إلا بعد ضمان المحال عليه و لم يضمن كان له مطالبة المحيل و لم يبرأ ذمته بالحوالة و هو جيّد لأنّه شرط ما لم يجعل له فكان له فسخ الحوالة لكن هذا الشرط لا فائدة فيه لاقتضاء الحوالة الانتقال سواء حصل الضمان أو لا و كذا يبرأ المحال عليه من دين المحيل [- ب -] إذا تمت الحوالة بشرائطها لم يعد الحق إلى المحيل أبدا إلا أن يكون المحال عليه معسرا و لا يعلم المحتال أما في غير هذه الصورة فلا سواء أمكنه استيفاء الحق أو تعذّر لمطل أو فلس متجدّد أو سابق معلوم أو موق أو غير ذلك و لو شرط المحتال الرجوع على المحيل مع تعذّر الاستيفاء فالوجه بطلان الشرط و في بطلان الحوالة حينئذ إشكال [- ج -] إذا أحاله على مليء غير مماطل و لا جاحد لم يجب عليه القبول لأنا قد اعتبرنا رضاء المحتال و لو قبل المحتال لم يجب على المحال عليه قبول الحوالة لأنا اعتبرنا رضاه أيضا و إن لم يكن المحتال عدوه و مع قبول الثلاثة يلزمه الحوالة [- د -] يجوز ترامي الحوالات [- ه -] إذا أحال البائع بثمن العبد فخرج حرّا أو مستحقّا بطلت الحوالة فإن كان البائع قد قبض برئ المحال عليه من دين المشتري و كان له الرجوع عليه إن لم يكن له عليه دين و يكون الثمن في يد البائع للمشتري يجب عليه رده إليه و إن لم يقبض بقي الحق كما كان في ذمّة المحال عليه إن كان عليه حق و يثبت حرية العبد بالبينة أو اتفاقهم و كذا لو أحال البائع الأجنبي على المشتري بالثمن و قبل الحوالة ثم ظهرت الحريّة أو الاستحقاق بطلت الحوالة و يثبت الحرية بالبيّنة أيضا أو الاتفاق و إن أقر المحيل و المحال عليه و كذبهما المحتال و لا بينة لم يقبل قولهما و لو أقاما بيّنة لم يسمع لتكذيبهما إياها بالبائع أما لو أقامهما العبد فإنها يقبل و تبطل الحوالة و لو صدّقهما المحتال و ادعى أن الحوالة لغير ثمن العبد فالقول قوله مع يمينه و لو أقاما بينة بأن الحوالة بالثمن قبلت لعدم التكذيب و لو اتفق المحيل و المحتال على حرّية العبد و كذبهما المحال عليه لم يقبل قولهما عليه في حرية العبد و تبطل الحوالة و ليس للمحيل و لا للمحتال مطالبة المحال عليه بشيء و لو اتفق المحال و المحال عليه على الحريّة عتق العبد و بطلت الحوالة بالنّسبة إليهما و لم يكن للمحتال الرّجوع على المحيل [- و -] إذا أحال المشتري البائع بالثمن على أجنبيّ فقبضه ثم ردّ المشتري بالعيب أو المقابلة برئ المحال عليه و يرجع المشتري على البائع و لو ردّه قبل القبض ففي الإبطال نظر و معه يرجع المحيل على المحال

ص: 227

عليه بدينه و لم يبق بينهما و بين البائع معاملة و مع الصحة يرجع المشتري على البائع بالثمن و يأخذه البائع من المحال عليه فإن أحال البائع المشتري بالثمن على من أحاله المشتري عليه صحّ و عاد المشتري إلى غريمه و برئ البائع و لو كانت المسألة بحالها إلا أن البائع أحال أجنبيّا بالثمن على المشتري ثم ردّه بالعيب احتمل بطلان الحوالة إن كان الردّ قبل القبض لسقوط الثمن فيعود على البائع بدينه و يبرأ المشتري منهما و إن كان بعد القبض برئ المشتري و البائع و رجع المشتري على البائع بما دفعه إلى الأجنبيّ و احتمل الصحّة و ذكر الشيخ أنه وفاق بخلاف الأولى لتعلق الحوالة هنا بغير المتعاقدين فإن أحال المشتري الأجنبي بالثمن على البائع صح و برئ المشتري منهما و لو ثبت بطلان البيع من أصله بطلت الحوالة في الموضعين [- ز -] إذا قضى المحيل الدّين بعد الحوالة فإن كان بمسألة المحال عليه رجع عليه و إن تبرّع لم يرجع و يبرئ المحال عليه [- ح -] لو قبض و قال أحلتني بلفظ الحوالة فقال بل وكلتك بلفظ الوكالة أو بالعكس فالقول قول مدعي الوكالة منهما مع يمينه و لو أقام أحدهما بيّنة حكم بها و لو اتفقا على أن قال أحلتك بالدّين الذي لي قبل زيد ثم اختلفا فقال المحيل قصدت الوكالة و قال القابض بل أحلتني فالقول قول المدعي الحوالة عملا بالأصل في الموضع و يحتمل تقديم قول المحيل عملا بأصالة بقاء الحقّ و اختاره الشيخ ره فعلى الأول يحلف المحتال و يثبت حقه في ذمة المحال عليه و يسقط عن المحيل و على الثاني يحلف المحيل و يبقي حقه في ذمّة المحال عليه و على التقديرين إن كان المحتال قبض الحقّ و تلف في يده فقد برئ كل منهما من صاحبه من غير ضمان و إن كان بتفريط لأن المحتال إن كان محقا فقد أتلف ماله و إن كان مبطلا ثبت لكل منهما في ذمة الآخر مثل ما في ذمّته له فيتقاضان و يسقطان و إن تلف من غير تفريط فالمحتال يقول قبضت حقي و برئ منه المحيل بالحوالة و المحال عليه بالتسليم و المحيل يقول تلف المال في يد وكيل بغير تفريط فلا ضمان و إن لم يتلف لم يملك المحيل طلبه لاعترافه أن عليه من الدين مثل ماله في يده و هو مستحق لقبضه فلا فائدة في أن يقبضه منه و يحتمل أن يملك أخذه منه و يملك بالمحتال مطالبته بدينه و هو الوجه و لا موضع للبينة هنا لعدم اختلافهما في لفظ يسمع أو فعل يرى و إنما اختلافهما في القصد و إن لم يقبض المحتال من المحال عليه لم يكن له القبض بعد ذلك مع يمين المحيل و لو حلف المحتال كان له أن يقبض و لو قال أحلتك بدينك فقال بل وكّلتني احتمل ما تقدّم من الوجهين فإن قدمنا قول المحيل مع يمينه مخلف برئ من حق المحتال و يقبض المحتال من المحال عليه لنفسه و إن قدمنا قول المحتال حلف و طالب المحيل بحقّه و له مطالبة المحال عليه إما بالوكالة أو بالحوالة فإن قبض منه قبل قبضه من المحيل فله أخذ ما قبض لنفسه و إن قبض من المحيل رجع المحيل على المحال عليه و إن كان قد قبض الحوالة و تلفت بتفريط سقط حقه و كذا إن تلف بغير تفريط و لو اتفقا على أن المحيل قال أحلتك بدينك ثم اختلفا فقال أحدهما هي حوالة بلفظها و قال الآخر بل هي وكالة بلفظ الحوالة فالقول قول مدعي الحوالة قطعا و لو أنكر المحيل دين المحتال لم يلتفت إليه بعد اعترافه أما لو قال أحلتك و لم يقل بدينك ثم ادعى قصد الوكالة أو سبق الغلط بأن أراد أن يقول وكلتك فسبق أحلتك احتمل سماع إنكاره الدين [- ط -] لو طالبه بدينه فقال أحلت على فلان الغائب فالقول قول المالك و لو أقام المدّعي بينة سمعت منه لإسقاط حق المحيل عنه [- ى -] لو ادعى أنّه أحال فلان الغائب عليه و أنكر المحيل فالقول قوله مع يمينه فإذا حلف استوفي الدين فإذا حضر الغائب و كذبه برئ منه و إن صدقه كان له المطالبة بمال الحوالة ثانيا و إن أقام مدعي الحوالة البينة حكم بها في حق سقوط المطالبة و لا يقضى بها للغائب فإذا حضر و ادّعى احتاج إلى إعادة البيّنة و لو ادّعى أن فلانا الغائب أحاله عليه فأنكرها فالقول قول المنكر فإن أقام المدّعي بيّنة ثبت في حقّه و حق الغائب و يجب الدفع إلى المحتال و إن لم يقم بينة ترتبت اليمين على وجوب الدّفع مع الاعتراف فإن قلنا به وجبت و إلا فلا فإذا حلف على الأوّل برئ و ليس للمحتال الرجوع على المحيل و إن لم يحلف ثم المحيل إن صدق المدعي لم يثبت الحوالة عندنا لأنّ رضاء المحال عليه معتبر إلا أن يعترف برضاء المحال عليه فيبطل دينه عنه و لا يقبل قوله في حق المحال عليه و لا يمكن إبطال الدّين عن المحال عليه فيؤخذ منه و يسلّمه إلى المحتال و إن أنكر الحوالة حلف و سقط حكم الحوالة و إن نكل المحال عليه فقضى عليه و صدقه المحيل لم يكن له مطالبة المحال عليه ثانيا و إن أنكر المحيل فالقول قوله و له أن يستوفي ثانيا و ليس للمحتال مطالبة المحيل لكن ينبغي أن يقبضه المحتال و يسلمه إلى المحال عليه أو يأذن المحتال المحيل في دفعه إلى المحال عليه لاعتراف كل من المحيل و المحتال بظلم صاحبه للمحال عليه و لو صدق المحال عليه المحتال في الحوالة و دفع فأنكر المحيل حلف و رجع على المحال عليه ثانيا [- يا -] لو أحال الضامن بما ضمنه على من له عليه دين صح و برئ هو و المضمون عنه و كانت الحوالة بمنزلة الإقباض في الرجوع على المضمون عنه في الحال و إن لم يقبض المحتال و لو أحاله على من لا دين عليه صح و برئ الضامن و لا يرجع على المضمون عنه فإن قبض المحتال من المحال عليه و رجع على الضّامن رجع الضامن على المضمون عنه و إن لم يرجع أو أبرأه لم يرجع الضامن على المضمون عنه و لو قبضه ثم وهبه رجع على الضامن و لو

ص: 228

كان الدين على اثنين كلّ منهما كفيل لصاحبه بما عليه فأحاله أحدهما بالدّين أجمع صحّ فيما عليه لأن كفالة المال ناقلة عندنا و إن أحال صاحب الدّين رجلا على أحدهما به أجمع صحت الحوالة فيما عليه خاصّة إن قلنا باشتراط الدّين في ذمة المحال عليه أو قال أحلتك بما عليه أما لو قال أحلتك بالمال أجمع على فلان و لم يشترط في الحوالة ثبوت الحق في ذمة المحال عليه فإنها تصحّ اجمع لكن ليس للمحال عليه الرجوع على شريكه في الكفالة بما يخصّه إلا أن يحتال بإذنه فإن أحاله عليهما جميعا ثبت له على كل واحد بقدر ما عليه و لو أحاله عليهما ليستوفي منهما أو من أيّها شاء جميع الدين فالوجه بطلان الحوالة و كذا لو أحاله على اثنين بالجميع من غير تكافل ليستوفي من أيّهما شاء و لو لم يكونا متكافلين فأحاله عليهما معا طالب كل واحد بما عليه من الدّين [- يب -] لو أحال الزوجة بالصداق فارتدت قبل الدّخول احتمل بطلان الحوالة و صحّتها كما قلنا في العبد المعيب و لو طلقها قبل الدخول صحت الحوالة في النصف و بقي النصف محتملا للأمرين [- يج -] قد بيّنا جواز الحوالة على من لا دين عليه فللمحال عليه مطالبة المحيل بتخليصه منه فإن قضاء المحال عليه قبل إن يخلّصه قال الشيخ إن كان بأمره رجع على المحيل و إن لم يكن بأمره لم يرجع فإن قصد الشيخ اشتراط الإذن في الحوالة فهو حقّ و إن كان في الأداء فلا و الأقرب إن هذه الحوالة كالضمان ليس للمحال عليه أن يرجع إلا بما أدى [- يد -] إذا اختلف المحيل و المحال عليه بعد القضاء فقال المحيل كان لي عليك مال حلت به عليك و إنك المحال عليه فالقول قول المنكر مع يمينه فيرجع على المحيل [- يه -] إذا كان له دين في ذمّة غيره فوهبه لآخر قال الشيخ الأقوى جواز الهبة و ليس بمعتمد

المقصد السادس في الصلح

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] الصلح عقد شرع لقطع التنازع بين المختلفين و هو على أنواع صلح بين المسلمين و أهل الحرب أو بين أهل العدل و البغي و قد سلف و صلح بين الزّوجين إذا خيف الشقاق بينهما و سيأتي و صلح بين المختصمين في الأموال و هذه الباب معقود له [- ب -] الصّلح عقد قائم مستقل بنفسه ليس فرعا على غيره و هو لازم من الطرفين لا يبطل إلا بالتقابل و قد أجمع العلماء كافة على تسويغه ما لم يؤد إلى تحريم حلال أو تحليل حرام و لا خيار بعد انعقاده لأحدهما سواء افترقا من المجلس أو لا و إن اشتمل على المفاوضة و لا يحتاج إلى شرائط البيع و قول الشيخ في الخلاف إذا تلف ما يساوي دينارا فصالحه مع الإقرار على دينارين لم يصحّ و إلا كان بيعا للدّينار بأزيد فيكون ربا ضعيف عندي [- ج -] الصلح جائز على الإقرار و الإنكار و إنما يقع الصّلح على الإنكار إذا اعتقد المدّعي حقية قوله و المدعى عليه براءة ذمّته فيجوز للمدّعي أخذ ما يصالحه عليه المنكر سواء كان من جنس المدّعى أو من غيره و سواء زاد عن المدّعى أو نقص فإن وجد بالمأخوذ عيبا كان له ردّه و الرّجوع في دعواه فلو وجد الدافع بالمصالح عنه عيبا لم يرجع به على المدّعي و لو كان المأخوذ شقصا أو المصالح عنه لم يثبت الشفعة فيه و لو كان أحدهما كاذبا كان الصلح باطلا في نفس الأمر و لا يحل للمنكر ما أخذه بالصّلح إذا دفع الأقل مع كذبه و لا للمدّعي إذا كان مبطلا و يحكم عليهما في الظاهر بالصّحة و لو ادعى على رجل أمانة كالوديعة و المضاربة أو مضمونا كالقرض و التفريط في الوديعة فأنكر جاز الصلح [- د -] إذا صالح أجنبي عن المنكر للمنكر صح سواء اعترف للمدّعي بصحّة دعواه أو لم يعترف و سواء كان بإذنه أو بغير إذنه و سواء كان في دين أو عين ثم إن لم يأذن المنكر في الصلح لم يكن للأجنبي الرّجوع عليه بشيء و لو أدّى بإذنه على إشكال و إن أذن في الصّلح و الأداء رجع عليه و إن أذن في الصّلح و الأداء رجع عليه و إن أذن في الصلح خاصّة لم يرجع مع الأداء تبرّعا و هل يرجع مع نية الرّجوع الوجه أنه لا يرجع أيضا [- ه -] إذا صالح الأجنبي عن المنكر لنفسه ليكون المطالبة له فإن لم يعترف المدّعي بصحة دعواه فالوجه عدم الجواز و إن اعترف له بالصّحة فإن كان المدعى دينا صحّ و يكون الخصومة بين الأجنبي و المدعى عليه و إن كان عينا و صدقه على دعواه صح الصّلح فإن قدر على الرد استقر الصلح و إن عجز قال الشيخ تخير بين فسخ الصّلح و الإقامة عليه [- و -] لو قال الأجنبي للمدعي أنا وكيل المدّعى عليه في مصالحتك عن هذه العين و هو مقر لك بها باطنا و يجحد ظاهرا فالوجه صحة الصلح فإن صدقه المدعى عليه ملك العين و رجع الأجنبي عليه بما أداه إن كان أذن له في الدفع و لو أنكر الإذن فالقول قوله مع يمينه و إن أنكر التوكيل فالقول قوله مع يمينه و ليس للأجنبي الرّجوع عليه ثم إن كان الأجنبي صادقا في دعوى الوكالة ملك المدعى عليه العين بالصّلح و إن لم يكن صادقا احتمل عدم الملك و احتمل أن يقف على الإجارة [- ن -] إذا قال المدّعى عليه صالحني لم يكن إقرارا بالمدّعى أما لو قال ملكني كان إقرارا له و كذا لو قال بعني أو هبني أو أبرأتني منه أو قبضة [- ح -] إذا اعترف بحقّ فامتنع من أدائه حتى صولح على بعضه كان الصّلح باطلا و سواء كان بلفظ الصّلح أو الهبة أو الإبراء و سواء شرط في الهبة و الإبراء أداء الباقي و أطلق أما لو اعترف له و صالحه من غير منع كان جائزا سواء صالحه بالبعض أو بأكثر في غير الرّبوي و في الرّبوي إشكال أقربه الجواز و يجوز بغير الجنس أقل أو أكثر و سواء كان

ص: 229

الصّلح عن دين أو عن عين فإذا اعترف له بدنانير فصالحه على دراهم أو بالعكس جاز و لم يكن صرفا و لا يعتبر فيه شروطه و كذا لو صالحه بالجنس و لو اعترف له بعوض فصالحه بثمن أو بالعكس صحّ و لم يكن بيعا و لا يلحقه أحكامه و لو صالحه على سكنى دار أو خدمة عبد أو على أن يعمل له عملا صحّ و لم يكن إجارة فإن تلفت الدار أو العبد قبل استيفاء شيء في المنفعة بطل الصّلح و إن كان في الأثناء بطل فيما تخلف من المدة و رجع بقسطه و لو ادّعى بعين فاعترف ثم صالحه على أن يزوجه أمته صحّ و لا بدّ من تجديد عقد النكاح و جعل المصالح عليه مهرا فإن انفسخ النكاح بما يسقط المهر و قبل الدخول قلنا يكون المصالح عليه مهرا رجع الزّوج به و لو طلقها قبل الدّخول رجع بنصفه و لو اعترفت بدعوى العين و صالحته أن يزوّجه و نفسها فتزوّجته بها صحّ و لو اعترفت بعيب في مبيعها فصالحته على نكاحها فتزوّجته بالأرش صحّ فإن زال العيب رجعت بأرشه لا يمهر المثل و إن لم يزل لكن انفسخ نكاحها بالمسقط للمهر رجع الزوجه بأرشه [- ط -] إذا اعترف بالدّين في ذمّته فأبرأه من بعضه و أعطاه الباقي صح و لو شرط في الإبراء ذلك لم يصحّ و لو صالحه على أن يدفع إليه البعض و يبرئه من الباقي صحّ و إن كان ربويا فإن خرج ما قبضه مستحقا ردّه إلى مستحقّه و رجع على الدافع بعوضه و ليس له الرّجوع في الإبراء إلا إذا كان يعقد الصلح [- ى -] إذا اعترف بالعين فوهب بعضها و دفع الباقي صحّ و إن شرطه في الهبة و كذا يصحّ لو صالحه على بعضها و يكون الباقي في حكم الموهوب لكن لا يلحقه أحكام الهبة [- يا -] إذا ادعى بيتا فاعترف له و صالحه على بعضه صحّ و كذا لو صالحه على بناء غرفة عليه أو على سكناه سنة و لا يكون ذلك عارية بل يجب عليه الإسكان من غير عوض و للشيخ هنا قول ضعيف [- يب -] لو صالحه على خدمة العبد سنة فباعه صحّ البيع و يتخير المشتري مع عدم علمه و لو أعتقه صحّ أيضا و لا يبطل الصّلح و يجب على العبد الخدمة و لا يرجع بها على السّيد و لو وجده معيبا عينا ينقص الخدمة به كان له فسخ الصّلح و لو صالح على العبد نفسه صح و لم يكن بيعا فإن خرجه به عيب كان له الفسخ [- يج -] إذا ظهر استحقاق أحد العوضين بطل الصّلح فإن كان عن إقرار انتزعه المقر له خصومة مضمونة و إن كان عن إنكار رجع مدّعيا ما لو ظهر عيب في أحد العوضين فإن الصّلح لا يبطل من رأس بل للمصالح فسخه [- يد -] لو اعترف له زرع في يده و صالحه على دراهم أو غيرها جاز سواء بدأ صلاحه أو لا و سواء شرط القطع أو لا أما لو صالحه عليه قبل خروجه من الأرض ففي الصّحة إشكال و لو كان في يد اثنين فاعترف له أحدهما فصالحه عليه صح و إن لم يبد صلاحه سواء شرط القطع أو لا فإن شرط القطع قاسمه الشريك و قطع نصيبه و إلا تركه إلى وقت أخذه و لو كان الزرع لواحد فاعترف له بنصفه و صالحه بنصف الأرض ليصير الزّرع كله لواحد و الأرض بينهما نصفين صح بشرط القطع و بغيره و إن صالحه على جميع الأرض بشرط القطع ليسلم الأرض فارغة جاز [- يه -] يجوز تعجيل المؤجل بإسقاط بعضه فإن صالحه على ذلك جاز و لم يكن مكروها أما لو صالحه عن المؤجل ببعضه حالا و كان ربويّا فالوجه عندي الجواز و لو صالحه على ألف صالحه بنصفها مؤجلا فالوجه عندي الصّحة و إن كان ربويّا و كذا يجوز لو أبرأه من النّصف لكن لا يلزم الأجل فإن شرطه في الإبراء بطل الجميع [- يو -] يصح الصّلح عن المجهول دينا كان أو عينا إذا لم تمكن معرفته و لو علمه أحدهما و كان أكثر لم يجز إلا أن يعرفه إياه و لو اختلط قفيز حنطة بقفيز شعير و طحنا بيعا و أخذ كل منهما بنسبة قيمة ماله إلا أن يصطلحا و لو أتلف صبرة طعام و لم يعلما مقدارها فباعه إياها بثمن لم تصحّ و لو صالحه عليها به جاز و إذا كان العوض مما لا يحتاج إلى تسليمه و لا سبيل إلى معرفته كالمتنازعين في مواريث مجهولة و حقوق متقدّمة أو في أرض أو عين من المال لا يعلم كلّ واحد حقه منها جاز الصلح مع الجهالة من الطّرفين و إن كان مما يحتاج إلى تسليمه وجب أن يكون معلوما و إن أمكنهما معرفته ما يصالحان عليه بأن يكون عينا موجودة وجب العلم بها و كذا لو كان من عليه الحقّ يعلمه وجب أن يعرف صاحبه [- يز -] يصحّ الصّلح عن كلّ ما يجوز أخذ العوض عنه سواء جاز بيعه كالأعيان المملوكة أو لا كأرش الجناية و دم العمد و سكنى الدار و عيب المبيع و لو صالح عما يوجب القصاص بأكثر من ديته أو أقل جاز و لو صالح عن الخطإ بأكثر من ديته من جنسها و كان ربويّا ففيه إشكال و لو أتلف شيئا فصالح عنه بأكثر من قيمته من جنسها جاز و للشيخ قول بالمنع ضعيف و لو صالح عن القيمة فالوجه ما قاله الشيخ و لا خلاف في الجواز لو صالحه من غير الجنس بالأكثر أو الأقل [- يح -] يجوز الصلح عن المؤجل الحال و بالعكس و يلزم الأجل و عن كل من الحال و المؤجل بمثله [- يط -] لو صالح عن القصاص بعبد فخرج مستحقّا بطل الصلح و رجع بأرش القصاص لا بقية العبد و كذا لو خرج حرا و لو صالح على دار أو عبد فوجد العوض مستحقا أو معيبا رجع في الدار و العبد إن كان باقيا و بقيمته إن كان تالفا و لو صالح على العيب بعبد فبان مستحقّا أو حرّا رجع بأرش العيب و لو صالحه عن القصاص بحر يعلمان حريّته أو يعلمان مستحق رجع بالدية [- ك -] لا يجوز

ص: 230

الصّلح على ما لا يجوز أخذ العوض عنه مثل أن يصالح امرأة ليقرّ له بالزوجيّة و لو دفعت إليه عوضا ليكف عن هذه الدعوى فالوجه عدم الجواز فإن اصطلحا على ذلك ثم ثبتت الزوجيّة بالبيّنة أو بإقرارها كان النكاح باقيا و لو ادعت أن زوجها طلقها ثلاثا فصالحها على مال لتنزل عن دعواها لم يجز و لو دفعت إليه عوضا ليقر بطلاقها لم يملكه بخلاف ما لو بذلت عوضا ليطلّقها [- كا -] لو ادعى عبودية من أنكرها فصالحه على مال ليقرّ له بها لم يجز فإن أقرّ لزمه و لو دفع المنكر مالا صلحا عن دعواه ففي عدم الصحة إشكال و لو ادعى على رجل مالا فأنكر فدفع إليه شيئا ليقرّ له به لم يصحّ فإن أقرّ لزمه ما أقرّ به و يردّ ما أخذه و لو دفع المنكر مالا صلحا عن الدعوى جاز [- كب -] لو صالح شاهدا على أن لا يشهد عليه أو صالح الزاني و السّارق و الشّارب بمال على أن لا يرفعه إلى السلطان أو صالحه عن القذف لم يصحّ و لو صالح عن حق الشفعة فالوجه الجواز [- كج -] إذا ادعى اثنان عينا بسبب توجب الاشتراك في كلّ جزء منها مثل أن يقولا أورثناها أو اتبعناها صفقة فأقر المتشبث لأحدهما بنصفها اشتركا فيه فإن صالح المقر له عما أقر به مضى الصلح فيه أجمع إن كان بإذن صاحبه و إلا ففي قدر نصيبه و هو الرّبع خاصّة و لو ادعياها مطلقا من غير قيد يقتضي الشركة فأقرّ لأحدهما لم يشاركه الآخر و لو أقر بها أجمع لأحدهما فإن صدق المقر له الآخر سلم إليه النصف سواء سبق تصديقه أو تأخر و لو لم يصدق الآخر كان الجميع له إن ادعاه بعد الإقرار و لا يسقط حقه من الجميع بدعوى النصف أو لا و لو لم يدع الجميع بعد الإقرار و لا اعترف للآخر بالنّصف ثبت النّصف للمقرّ له و احتمل إبقاء النّصف الآخر في يد المقر و دفعه إلى الحاكم حتى يثبت المدّعى و دفعه إلى الآخر و منعه الشيخ [- كد -] إذا تداعيا جملا و لأحدهما عليه حمل حكم به لصاحب الحمل و لو تنازعا عبدا و لأحدهما عليه ثياب قضي به لهما و لو تنازع راكب الدّابة و قابض لجامها قضي للراكب مع يمينه و قيل يستويان و لو تنازعا ثوبا في يد أحدهما أكثره تساويا فيه و لو تداعيا غرفة على بيت أحدهما و بابها إلى غرفة الآخر فهي لصاحب البيت مع اليمين [- كه -] إذا ادّعى دارا في يد أخوين فاعترف أحدهما فصالحه على ماله بعوض صح و ليس للآخر الأخذ بالشفعة سواء كان الإنكار مطلقا أو قال هذه لنا ورثناها جميعا عن أبينا أو أخينا [- كو -] إذا اصطلح الشريكان على أن يكون لأحدهما رأس ماله نقدا و الرّبح و الخسران و النقد و النسيئة و العروض للآخر و يسلّم إليه صح و هي رواية الحلبي و الكناني الصحيحة عن الصادق عليه السلام [- كز -] إذا كان مع اثنين درهمان ادعاهما أحدهما و ادعى الآخر واحدا منهما أعطي مدعيهما درهما و نصفا و للآخر النصف الآخر و لو كانا في يد مدعيهما حلف للآخر و كان الجميع له و لو كانا في يد مدعي أحدهما حلف للآخر و أخذ درهما [- كح -] إذا أخذ رجلا من آخر عشرين درهما بضاعة و من آخر ثلاثين كذلك و اشترى بكل منهما ثوبا و امتزجا و لم يتميّزا فإن خيّر أحدهما صاحبه فقد أنصفه و إن ماكسا بيعا و قسم الثمن على خمسة أجزاء فأعطي صاحب العشرين خمسيه و للآخر الباقي و هي رواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام قال ابن إدريس و الأولى استعمال القرعة [- كط -] إذا استودع لرجل دينارين و للآخر دينارا و امتزج المال من غير تفريط و ضاع منهما دينار ففي رواية السكوني عن الصادق عليه السّلام يعطى صاحب دينارين دينارا منهما و يقسم الآخر بينهما نصفين و في السكوني ضعف و الأولى عندي قسمة التالف على قدر رأس المالين فيعطى صاحب الدينارين دينارا و ثلث دينار و للآخر ثلثي دينار و لو فرط المستودع في المزج لزمه الدينار [- ل -] يصحّ الصّلح على عين بمثلها و بمنفعة و على منفعة بمثلها و بعين و على دين بمثله أو عين و بالعكس [- لا -] إذا كان لأحدهما عليه ألف درهم و لآخر مائة دينار فصالحاه على ألف درهم ففي صحّته إشكال و جوّزه ابن الجنيد بشرط التقابض فإن عين حصة كل واحد و إلا بسطت على الألف و قيمة المائة بالنسبة [- لب -] إذا كان الدّين مؤجّلا فصالحه على التعجيل صحّ و سقط الأجل فإن ظهر العوض مستحقا أو معيبا فردّه قال ابن الجنيد كان لصاحب الدّين مطالبة بتوفيته إياه معجلا و ليس بمعتمد [- لج -] لو صالح الوصي المدّعي على الميّت بغير بيّنة قال ابن الجنيد بطل الصّلح و الوجه تقييده بانتفاء المصلحة و لو كان ليتم مال و به بينة فصالح عنه وصيّه قال لا يصحّ الصّلح بالبعض و لو لم يكن بينة جاز الصّلح قال و لو وجد الوصيّ أو اليتيم بينة بحقّ انتقض الصّلح و هو أشكل من الأوّل و قد بقي في الصّلح مسائل يتعلق بالأملاك و أشباهها يذكر في كتاب إحياء الموات إن شاء اللّٰه تعالى

المقصد السّابع في الوكالة
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الماهية

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] الوكالة عقد شرع للاستنابة في التصرف و هي جائزة بالنص و الإجماع و يفتقر إلى الإيجاب و القبول فالأول كل لفظ دل على الإذن مثل وكّلتك و أستنبتك أو افعل كذا أو أذنت لك في فعله و لو قال وكلتني فقال نعم أو أشار بذلك مع العجز كفى في الإيجاب و القبول كل لفظ أو فعل

ص: 231

يدلّ على الرضا بذلك مثل قبلت و ما شابهه من الألفاظ و لو لم يقل لفظا و فعل ما بدل على الرضا كالتصرف و فعل ما أمر به كان قبولا صحيحا [- ب -] لا يشترط فورية القبول بل لو وكل جاز أن يقبل على التراخي قولا و فعلا سواء كان حاضرا أو غائبا [- ج -] من شرط الوكالة أن يقع منجزة فلو علقت على شرط أو صفة بطلت و لو قال مهما عزلتك فأنت وكيلي لم ينعقد بعد العزل و لو نجز الوكالة و علق التّصرف صحّ و لم يجز للوكيل التصرف قبل وجود المعلق [- د -] يجوز التوكيل بجعل و بغير جعل فإن كانت بجعل استحقه الوكيل بتسليم ما وكل فيه إلى الموكّل إن كان مما يمكن تسليمه فإن وكله في عمل كثوب ينسجه أو يقصره أو يخيطه فمتى سلمه إلى الموكّل معمولا استحقّ الأجر و إن كان في منزل الموكّل و إن وكّل في بيع أو شراء استحقّه مع العمل و إن لم يقبض الثمن في البيع إلا أن يجعل الأجر في مقابل البيع و القبض [- ه -] في اشتراط تعيين ما وكل فيه إشكال فلو وكّله في كل قليل و كثيرا و في كل تصرّف يجوز له أو في كلّ ماله التصرف فيه قال الشيخ لا يجوز لعظم الغرر فيه المقتضي للضرر و لو قيل بالجواز كان حسنا و يكون تصرف الوكيل منوطا بالمصلحة و لو قال اشتر لي ما شئت و قيل لا يجوز لأنه قد يشتري ما لا يقدر على ثمنه و لو قيل بالجواز مع اعتبار المصلحة كان وجها فحينئذ لا يشتري إلا بثمن المثل فما دون و لا يشتري ما لا يقدر الموكّل على ثمنه و لا ما انتفت المصلحة فيه و لو قال بع مالي كله جاز إجماعا و كذا اقض ديوني كلها و لو قال بع ما شئت من مالي أو من عبيدي و اقض ما شئت من ديوني جاز و كذا اقض ديني كلّه و ما يتجدّد في المستقبل و لو قال اشتر لي عبدا أو ثوبا و أطلق قال الشيخ لا يجوز للجهالة و لو قال تركيا أو هندويا جاز إجماعا و الوجه عندي جواز الأول أيضا و لا يشترط ذكر قدر الثمن أطلق أو قيد بل له أن يشتري بثمن المثل [- و -] الوكالة عقد جائز من الطرفين فللموكل عزل وكيله متى شاء و للوكيل عزل نفسه سواء كان الموكل حاضرا أو غائبا فإذا فسخ الوكيل بطلت وكالته و بطل تصرّفه بعد الفسخ و افتقر في التصرف بعد الفسخ إلى تجدّد عقد الوكالة [- ن -] تبطل الوكالة بموت الموكل أو الوكيل و بالجنون من أيّهما كان و كذا الإغماء و بفعل الموكل متعلق الوكالة و تلفه كموت العبد الموكل في بيعه و المرأة الموكل في طلاقها و لا تبطل بالنّوم و إن طال زمانا و لا بالسهو و إن كثر و لا السّكر و لا بالنوق المتجدد و إن كان في الإيجاب في عقد النكاح و لو حجر الحاكم على الموكل لسفه أو فلس بطلت الوكالة أيضا في أعيان أمواله بخلاف ما لو حجر على الوكيل و لو حجر على الموكل لم تبطل الوكالة بما لا يتعلق بالمال كالخصومة و الشراء في الذمة و الطلاق و القصاص و الخلع و لو كان وكيلا فيما يشترط فيه الأمانة كوكيل ولي اليتيم و ولي الوقف على الفقراء و نحوه انعزل بفسقه و فسق موكّله و لو كان وكيلا لوكيل من يتصرّف في مال نفسه انعزل بفسقه لا بفسق موكّله [- ح -] إذا عزل الموكّل الوكيل و أعلمه العزل انعزل إجماعا فإن لم يعلمه بل أشهد على عزله فإن كان مع إمكان الإعلام لم ينعزل و هل يجوز لشاهد العزل الشراء من الوكيل (- ح -) فيه نظر و إن كان مع تعذّره فقولان أجودهما عدم العزل و اختار الشيخ في النهاية العزل فعلى ما اخترناه متى تصرف قبل علمه مضى تصرفه فلو اقتص وقع موقعه و على قول الشيخ يكون قصاص الوكيل بعد العزل خطاء و لو مات الموكل فقد انعزل الوكيل سواء علم بموته أو لا فكل تصرّف فعله بعد الموت كان باطلا و إن لم يعلم بالموت [- ط -] لا تبطل الوكالة بالتعدي فيما وكل فيه كلبس الثوب و ركوب الدابة لكنه يضمن بالتعدي فإذا باعه صح البيع و يبرأ من الضمان بالتسليم إلى المشتري و هل يزول الضمان بمجرد العقد فيه نظر منشؤه انتقال العين إلى المشتري به فإذا قبض الثمن من المشتري كان أمانة غير مضمون و كذا لو وكله في شراء شيء فتعدى في الثمن فإنه يبرأ بتسليمه إلى البائع و لا يضمن المبيع و لو وجد بالمبيع عيبا فردّه المشتري عليه أو وجد هو بما اشترى عيبا فرده و قبض الثمن فالوجه عود الضمان [- ى -] لو وكل امرأته في بيع أو شراء أو غيره ثمّ طلقها لم تبطل الوكالة أما لو وكل عبده ثم أعتقه أو باعه فالأقرب انعزاله و كذا لو وكل عبد غيره بإذنه لم بيع أما لو أعتق فالوجه بقاء وكالته و كذا لو اشتراه الموكل [- با -] لو وكل مسلم كافرا فيما يصحّ تصرفه فيه صحّ سواء كان ذميّا أو متعاقدا أو حربيّا أو مرتدا و لو وكل مسلما فارتدّ لم تبطل وكالته سواء لحق بدار الإسلام أو أقام بدار الحرب و سواء مات عن ارتداده أو لا و لو ارتد الموكّل لم تبطل الوكالة أيضا إن لم يكن عن فطرة و إلا بطلت و كذا التفصيل لو وكّل في حال ردّته [- يب -] لو وكل رجلا في نقل امرأته أو بيع عبده أو قبض داره من فلان فقامت البيّنة بطلاق الزوجة و عتق العبد و انتقال الدار عن الموكّل بطلت الوكالة [- يج -] لو تلفت العين الموكّل فيها بطلت الوكالة على ما تقدّم فلو دفع إليه دينارا و وكله في الشراء به فهلك أو ضاع أو استقرضه الوكيل و تصرف فيه بطلت الوكالة سواء ملكه في الشراء بالعين أو مطلقا و ينقد الدّينار فإن اشترى حينئذ وقف على إجازة الموكّل و لو اشترى الوكيل بعين ماله لغيره شيئا فالوجه الوقوف

ص: 232

على الإجازة لا وقوع الشراء للوكيل [- يد -] لو غاب الموكل و طالب الوكيل الغريم وجب عليه الدفع إليه و لا اعتبار بحضور ورثة الغائب إذا لم يثبت موته [- يه -] العبارة عن العزل أن يقول عزلتك أو أزلت نيابتك أو فسخت أو أبطلت أو نقضت أو لا تتصرف أو امتنع من التصرف و لو أنكر الوكالة فأقام الوكيل البينة ثبت و لم يكن الإنكار عزلا فيما مضى قطعا و في المستقبل إشكال [- يو -] لا يشترط في التوكيل رضاء الخصم فيصحّ الوكالة من دون رضاه و لو عزله الخصم لم ينعزل

الفصل الثاني فيما يصحّ التوكيل فيه و ما لا يصحّ

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] كل ما يتعلّق غرض الشارع بإيقاعه من العبد مباشرة لا يصحّ التوكيل فيه و كل ما جعل ذريعة إلى غرض لا يختص بالمباشرة جاز التوكيل فيه و شرطه أن يكون مملوكا للموكّل فلو وكله في طلاق امرأة سينكحها أو عبد يشتريه لم يجز و أن يكون مما يصحّ فيه النيابة [- ب -] الطهارة لا يصح النيابة فيها لتعيين محلّها و لا يجوز أن يوضيه غيره في محلّه إلا مع الضرورة و يجوز أن يستعين و يجوز التوكيل في تطهير بدنه و ثوبه من النجاسة [- ج -] الصلاة لا تصح النيابة فيها إلا في ركعتي الطواف مع التعذر و يجوز مطلقا بعد الموت عندنا و إن لم يكن توكيلا حقيقيا [- د -] الزكاة يجوز النيابة في أدائها فيؤديها عنه غيره و يجوز أن يستنيب في إخراجها من ماله و من مال النائب و يستنيب الفقراء و الإمام أيضا في التسليم [- ه -] الصّيام لا يصحّ النيابة فيه إلا إذا مات فيصوم عنه وليّه و أما الاعتكاف فلا تدخله النيابة [- و -] الحج تدخل النيابة مع العجز و الموت [- ز -] البيع يصحّ التوكيل فيه و في جميع أحكامه و كذا الشراء و الرهن و قبضه [- ح -] التفليس لا يتصوّر فيه الوكالة و أما الحجر فيصحّ أن يوكل الحاكم من ينوب عنه [- ط -] الصّلح يصحّ التوكيل فيه و كذا الحوالة و الضمان و الشركة و الوكالة و الإقرار على إشكال و العارية و القراض و المساقاة و المطالبة بالشفعة و أخذها و الإجارة و الاصطياد و الاحتطاب و الاحتشاش واحد الموات على إشكال و الجعالة و المزارعة و العطايا و الهبات و الوقف و قبض الحقوق و دفعها كالميراث و غيره و القسمة و الوصايا و الودائع و النكاح إيجابا و قبولا من الولي و الخاطب و المرأة و الخلع و الطلاق و الرجعة و استيفاء القصاص بحضرة الموكل و غيبته و قتال أهل البغي و الجهاد و استيفاء الحدود دون إثباتها إلا حدّ القذف و عقد الجزية و تسليمها و قبضها و الذبح و عقد السبق و الرمي و القضاء و الدعوى و إثبات الحجج و الحقوق و القرض و الصلح و الإبراء و العتق و التدبير و الكتابة و لا يشترط علم الوكيل بالقدر المبرئ عنه و لا من عليه الدين و في اشتراط علم الموكّل نظر [- ى -] الغصب لا يصحّ التوكيل فيه فإذا غصب الوكيل كان هو الغاصب لا الموكل و لا الميراث و لا القسم بين الزوجات و لا الإيلاء و لا الظهار و لا اللعان و لا العدد و لا الرضاع و لا الجناية و لا القسامة و لا الأشربة بل يجب الحدّ على الشارب لا الموكل و لا الأيمان و النذور و العهود و أما الشهادة فإذا استناب كان شاهد فرع لا وكيلا و لا الاستيلاء [- يا -] جوّز الشيخ الوكالة في الإقرار فإن عيّن الموكّل لم يلزمه ما يريده الوكيل في الإقرار و إن أطلق لم ينفذ إقرار الوكيل فإذا أقر بالمطلق رجع في التفسير إلى الموكّل و إن منعنا من الوكالة ففي كونها إقرارا من الموكل نظر فإن قلنا به لزمه إن وكله في الإقرار بالمعين ما عيّنه و في المطلق ما يعينه و يجبر على التعيين

الفصل الثالث في الموكل

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] يعتبر في الموكل جواز التصرّف فكل من صحّ تصرّفه في شيء بنفسه و كان ممّا تدخله النيابة جاز أن يوكل فيه رجلا كان أو امرأة حرا أو عبدا مسلما أو كافرا فلو وكل المجنون و السكران و المغمى عليه لا يصحّ وكالة الصّبي مميّزا كان أو غير مميّز و لو بلغ عشرا جاز أن يوكل فيما له فعله بنفسه كالوصيّة في المعروف و الصّدقة و الطلاق على رواية ممنوعة و ليس له أن يوكّل في غير ذلك و إن كان مراهقا بإذن الولي أو بغير إذنه [- ب -] لو عرض للموكّل الجنون بطلت الوكالة من وقت عروضه و إن لم يعلم به سواء كان مطبقا أو أدوارا و كذا الإغماء و أما السّكر العارض فلا تبطل الوكالة [- ج -] المحجور عليه لسفه أو فلس ليس له أن يوكّل فيما لا يجوز له التصرّف فيه بنفسه كالأموال و يجوز فيما له التّصرف فيه بنفسه كالطلاق و الخلع و استيفاء القصاص [- د -] العبد القن ليس له أن يوكّل إلا بإذن سيّده فيما يشترط فيه إذن المولى و لا يكفي فيه الإذن في التجارة فيما لا يتعلّق بها أما المكاتب فله أن يوكّل فيما يتولى بنفسه مما يصحّ فيه النيابة و يجوز للقن أن يوكل فيما يتولاه بنفسه من غير إذن السّيد كالطلاق و الخلع فلو وكله أجنبيّ في شراء نفسه من مولاه صح [- ه -] لا يجوز للوكيل أن يوكل غيره إلا بإذن الموكل سواء منعه أو أطلق إلا إذا كان الوكيل ممّن يترفع عن متعلق الوكالة أو كان كثيرا منتشرا فيعجز عنه بنفسه فيجوز له أن يستنيب و هل يجوز للعاجز من حيث الكثرة الاستنابة في الجميع أو يجب أن يقتصر على الزيادة التي عجز عنها الأقرب الأخير و لو أذن له في التوكيل جاز بلا خلاف و لو قال وكلتك فاصنع ما شئت ففي جواز التوكيل نظر أقربه ذلك [- و -] إذا أذن

ص: 233

له في التوكيل فإن عيّن لم يجز التعدي و إن أطلق وجب أن يعيّن على أمين فلو وكّل فاسقا لم يجز و لو وكل أمينا فصار خائنا وجب عليه عزله [- ز -] الوصيّ يجوز له أن يوكل و كذا الحاكم و أمينه و ولي النكاح يجوز أن يوكل في تزويج مولاته سواء كان أبا أو جدّا أما الوكيل فيقف على الإذن [- ح -] إذا أذن الموكل للوكيل في التوكيل صحّ و كان الوكيل الثاني وكيلا للموكّل لا ينعزل بموت الوكيل الأول و لا عزله و لا يملك الأوّل عزل الثاني و لو أذن له أن يوكل لنفسه جاز و كان وكيلا للوكيل ينعزل بموته و عزله إياه و موت الموكل و عزل الأول و لو وكل الأوّل من غير الإذن نطقا بل عرفا كان الثاني وكيلا للوكيل [- ط -] العبد المأذون له في التجارة يجوز له أن يوكل فيما يحتاج التجارة إلى التوكيل فيه من غير إذن و لا يجوز في غير ذلك [- ى -] لا يجوز للمحرم أن يوكل في عقد النكاح و لا شراء الصيد [- يا -] للأب و الجد أن يوكلا عن الصّغير [- يب -] للغائب أن يوكل في الطلاق إجماعا و كذا للحاضر فإذا أوقع الطلاق بحضور الموكل وقع خلافا للشيخ [- يج -] ينبغي للحاكم أن يوكل عن السفهاء و نواقص العقول من يحاكم عنهم [- يد -] يكره لذوي المروات مباشرة الحكومة و ينبغي لهم أن يوكلوا فيها

الفصل الرابع في الوكيل

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يشترط فيه البلوغ و كمال العقل فلا يصح استنابة الصبي و لا المجنون و المغمى عليه فلو وكل الصّبي لم يصح تصرّفه و إن كان يعقل ما يقول [- ب -] كل ماله أن يليه بنفسه مما يصحّ النيابة فيه صحّ أن يكون وكيلا فيه [- ج -] يجوز وكالة الفاسق في النكاح إيجابا و قبولا و في غيره و كذا الكافر و المرتد و يجوز استنابة المحجور عليه لسفه أو فلس في الأموال و غيرها [- د -] لا يجوز استنابة المحرم فيما ليس له أن يفعله كابتياع الصيد و عقد النكاح [- ه -] العبد يجوز أن يكون وكيلا في قبول النكاح بإذن مولاه و في إيجابه و كذا في غيره من العقود و غيرها و لا يجوز من دون الإذن [- و -] المرأة يجوز استنابتها في كل ما يصحّ الاستنابة فيه و يجوز أن يكون وكيله في عقد النكاح إيجابا و قبولا و كذا يجوز أن يكون وكيله في طلاق غيرها و الأقرب جواز توكيلها في طلاق نفسها و نقل الشيخ خلافا عن بعض علمائنا في ذلك و قوى المنع [- ز -] كلّما لا يصحّ للوكيل أن يوقعه مباشرة لا يجوز أن يتوكّل فيه فلا يجوز للكافر أن يتوكّل في نكاح المسلمة قال الشيخ و الأقرب عندي الجواز و لا الطفل و لا المجنون في الحقوق أجمع إلا فيما يجوز للطفل إيقاعه مباشرة على ما قلنا في الرواية و لا يشترط عدالة الولي و لا الوكيل في النّكاح [- ح -] يجوز أن يوكل عبده في إعتاق نفسه [- ط -] يجوز للمكاتب أن يتوكّل بجعل من غير إذن مولاه و ليس له أن يتوكّل لغيره بغير جعل إلا مع الإذن [- ى -] يجوز تعدّد الوكلاء فلو وكل اثنين جاز و ليس لأحدهما الانفراد بالتصرف في الجميع و لا في البعض إلا أن يجعل له ذلك و لو جعله لأحدهما لم يكن للآخر ذلك و لو وكلهما في حفظ ماله حفظاه في حرز لهما و لو غاب أحد الوكيلين لم يكن للآخر التصرّف و لا للحاكم ضمّ آخر إليه و لو ادعى أحد الوكيلين الوكالة أثبتها الحاكم و سمع البيّنة منه و إن كان الآخر غائبا و لم يملك الحاضر التصرف إلا مع حضور الغائب و لا يحتاج مع حضوره إلى إعادة البيّنة و لو جحد الغائب الوكالة أو عزل نفسه لم يكن للآخر التصرّف و لو وكلهما في الخصومة لم يكن لأحدهما الانفراد بها كغيرها من الحقوق [- يا -] المسلم يجوز أن يتوكل على مثله لمثله إجماعا و يكره أن يتوكل للذمّي على المسلم و ليس بمحرم خلافا للشيخ في بعض أقواله و يتوكّل للذمّي على الذمّي و للمسلم على الذمّي و كذا يتوكّل الذمّي لمثله على مثله و للمسلم على الذمّي و لا يجوز أن يتوكّل على المسلم لا لذمّي و لا لمسلم [- يب -] يستحب أن يكون الوكيل أمينا ذا بصيرة تامة عارفا باللغة التي ينازع بها

الفصل الخامس فيما يثبت به الوكالة

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] لا يثبت الوكالة بدعوى الوكيل سواء كذبه الغريم أو صدقه و إنما يثبت بإقرار الموكل أو البيّنة و هي شاهدان عدلان و لا يثبت بشهادة النساء منفردات و إن كثرت و لا بشهادة رجل و امرأتين و لا يشاهد و يمين و إن كانت الوكالة بمال [- ب -] لو شهد عدلان بالوكالة ثم شهد أحدهما أن الموكّل عزله لم يثبت الوكالة إن كان قبل الحكم بالوكالة و إن كان بعده لم تؤثر شهادته في العزل و لو شهد ثالث بالعزل لم يلتفت إلى شهادته قبل الحكم و لا بعده إلا أن يشهد معه آخر به و لو شهدا بالوكالة ثم شهدا بالعزل بعد أن وكله فإن كان على وجه الرجوع عن الشهادة بطلت الوكالة إن شهدا بالعزل قبل الحكم و إن كان بعده لم يبطل أما لو شهدا لا على جهة الرجوع فإنه يثبت العزل بشهادتهما [- ج -] يشترط في ثبوت الوكالة اتفاقهما في الشهادة فلو شهد أحدهما أنه وكله يوم الجمعة و الآخر يوم السبت أو شهد أحدهما أنه وكله بالعجمية و الآخر بالعربيّة أو شهد أحدهما أنه قال وكلتك و الآخر أنه قال أستنبتك أو أذنت لك في التصرف لو ما أشبهه من ألفاظ الوكالة أو شهد أحدهما على عقد الوكالة و الآخر على الإقرار بها أو شهد أحدهما أنه وكّله في بيع عبده و شهد الآخر أنّه وكله و زيدا أو شهد أحدهما أنه وكله في بيعه و الآخر أنه قال لا تبعه حتى تستأمرني أو تستأمر فلانا لم يثبت الوكالة و لو شهد أحدهما أنه أقر بتوكيله يوم الجمعة و الآخر أنه أقر بتوكيله يوم السّبت أو شهد أحدهما أنه أقر بالعجميّة و

ص: 234

الآخر أنه أقر بالعربية أو قال أحدهما أشهد أنّه وكّله و قال الآخر أشهد أنه استنابه أو أذن له في التصرّف من غير حكاية لفظه أو شهد أحدهما أنه أقر أنه وكيله و الآخر أنه أقر أنه نائبه أو وصيّه في حياته في التصرف يثبت الوكالة و لو شهد أحدهما أنه وكله في بيع عبده و الآخر في بيع عبده و جاريته ثبت وكالة العبد و كذا لو شهد أحدهما أنّه وكله في بيعه لزيد و الآخر أنه وكله في بيعه لزيد و إن شاء لعمرو [- د -] لا يثبت الوكالة بخير الواحد و لا يجوز للوكيل التصرّف بمجرّد الخبر و إن شرط الضمان مع إنكار الموكل و كذا لا يثبت العزل بخبر الواحد و إن كان رسولا و لو شهد اثنان بالوكالة على الغائب فقال الوكيل ما علمت هذا و أنا أتصرف الآن جاز لأن القبول لا يجب على الفور و لا يشترط في الوكالة أيضا حضور الوكيل عقد الوكالة و لا علمه و به و لا يضرّ جهله به أما لو قال لم أعلم صدق الشاهدين لم يثبت وكالته و إن قال ما علمت و سكت طلب منه التفسير فإن فسر بالأوّل ثبت وكالته و إن فسر بالثاني بطلت [- ه -] لو أقام البينة على الغائب بأنه وكّله سمعت بينة و حكم على الغائب و لو قال من عليه الحق أحلف أنك لا تستحق مطالبتي لم يجز و لو ادعى العزل و أقام بذلك بيّنة سمعت و انعزل و إن لم يقم بينة لم يكن له إحلاف الوكيل إلا أن يدعي عليه العلم بالعزل فيحلف على نفيه [- و -] تقبل شهادة الوكيل على موكله مطلقا إذا كان من أهل الشهادة و تقبل شهادته له فيما ليس وكيلا فيه و لو شهد بعد العزل بما كان وكيلا فيه سمعت فيه شهادته إن لم يكن قد شرع في الخصومة عليه أو كان قد أقامها و ردت و إن كان قد شرع أو أقامها لم يقبل [- ن -] لو شهد الموليان أن الزوج وكل في طلاق أمتهما لم تسمع لجرّ النفع ببقاء البضع لهما و لو شهد العزل الوكيل عن الطلاق لم يقبل التهمة إبقاء المئونة [- ح -] لو ادعى الوكالة فشهد له ابناه أو أبواه قبلت و لو شهد له أبناء الموكل لم يقبل و يقبل لو شهد له أبواه و لو ادّعى وكالة الغائب فادّعى الخصم العزل و شهد له ابنا الغائب لم يقبل و لو قبض الوكيل فحضر الموكل و ادّعى عزله و بقاء الحق عند الغريم و شهد له ابناه قبلت و لو ادعى مكاتب الوكالة فشهد له سيّده لم يقبل و لو شهد له ابنا سيّده قبلت و لو أعتق و أعاد السيّد الشهادة قبلت [- ط -] للحاكم أن يحكم بالوكالة بعلمه فلو شهد بوكالة شخص لم يفتقر إلى البيّنة [- ى -] لو ادّعى الوكالة و أقام شاهدين سمعها الحاكم و أثبتها و لم يفتقر إلى حضور الخصم للموكل [- يا -] إذا ادعى الوكالة لم تسمع دعواه في حقّ لموكله قبل ثبوت وكالته و لو ادعى رجل مالا على غائب في وجه وكيله و أقام بيّنة حكم له بعد الإحلاف على إشكال و التكفيل فإن حضر الغائب و أنكر الوكالة أو ادعى العزل لم يؤثر في الحكم [- يب -] لو ادعى الوكالة فشهد له اثنان أحدهما ابن الآخر قبلت إجماعا و لو شهد له أب الموكّل قبلت و لو شهد له ابناه لم يقبل إن أنكر الموكل ذلك و كذا لو كان غائبا أو ساكتا

الفصل السادس في التنازع

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] إذا ادعى الوكالة و أنكر الموكل فالقول قوله مع يمينه إذا لم يكن للمدّعي بيّنة و لو قال وكلتك و دفعت إليك مالا فأنكر الوكيل الجميع فالقول قوله و كذا لو قال وكلتك فأنكر [- ب -] لو زوجه و أنكر الموكل الوكالة و لا بيّنة فالقول قول الموكل مع يمينه فإن صدقت المرأة الوكيل لم يرجع عليه شيء و إلا رجعت عليه بالمهر كملا اختاره ابن إدريس و روي بنصفه و قيل يحكم ببطلان العقد في الظاهر فإن كان الوكيل صادقا وجب على الموكل أن يطلقها و يسوق إليها نصف المهر و فيه قوة و لو ضمن الوكيل المهر رجعت عليه به أجمع و على الرواية ينبغي أن يرجع بالنّصف و الأول أجود لأن الفرقة لم يقع بإنكاره فيكون النكاح باقيا في الباطن فيجب الجميع ثم إن صدقت المرأة الوكيل في دعوى الوكالة لم يجز لها أن يتزوّج إلا بعد أن يطلقها و الوجه وجوب الطلاق على الموكل و به شهدت الرواية [- ج -] لو ادعى أن فلانا الغائب وكله في التزويج فتزوّجها له و مات الغائب لم يرثه المرأة إلا أن يصدقها الورثة أو يثبت بالبيّنة [- د -] لو صدقه الموكل على الوكالة و أنكر أنه زوجه فهنا الاختلاف في تصرف الوكيل ففي تقديم قول الموكل إشكال [- ه -] لو قال لزوجه الغائب أنه قد طلقك و وكلني في تجديد النكاح بألف فأذنت و عقد بها و ضمن الوكيل الألف ثم أنكر الموكل فالنكاح الأوّل باق بحاله فإن صدقت المرأة الوكيل فهل يرجع على الضامن أم لا فيه نظر أقربه الرجوع و إن لم يصدقه لم ترجع عليه بشيء [- و -] إذا اختلفا في صفة الوكالة كان القول قول الموكل مع يمينه فإذا ادّعى إذنه في شراء الجارية بعشرين و قال الموكل أذنت بعشرة قدم قول الموكل مع عدم البينة فإن كان الوكيل اشترى بعين مال الموكل و ذكر الشراء له في العقد رجعت الجارية إلى البائع و إن اشتراه بعين مال الموكّل إلا أنه لم يذكره في العقد فإن صدقه البائع في أن الشراء بعين مات الموكل فالحكم ما تقدم و إن كذبه حلف على نفي العلم فيسقط دعوى الوكيل و يلزمه البيع و يغرم الوكيل الثمن الموكل فإن كان الوكيل كاذبا فالسّلعة للبائع و على البائع

ص: 235

ما قبضه من الثمن للوكيل و إن كان صادقا فالسّلعة للموكّل و لا يحلّ له فإن أراد استحلالها اشتراها ممن هي له باطنا و إن اشترى في الذّمة و أطلق لزمه البيع و إن ذكر أنّ الشراء لموكله بطل البيع و لا يلزم الوكيل و كل موضع قلنا يبطل فيه البيع يرجع الجارية إلى البائع وكل موضع حكم بصحته ثبت الملك للوكيل ظاهرا فإن كان كاذبا في نفس الأمر ثبت له أيضا باطنا و إن كان صادقا فالملك باطنا للموكل فيأمره الحاكم بالبيع على الوكيل بأن يقول إن كنت أذنت لك فقد بعتك بعشرين و يقبل الوكيل لتحل له الفرج و ليس ذلك شرطا حقيقيا و إن كانت بصيغته فإن أجاب الموكل إلى البيع ثبت الملك للوكيل باطنا أيضا و إن امتنع لم يجبر و حينئذ فالأولى أنّ الوكيل لا يستحلّ استمتاعها و يجوز له بيعها و استيفاء دينه من الثمن فإن كان وفق حقه أولا توصل إلى رد الفاضل إلى الموكّل و استيفاء الناقص منه و لو تولى الحاكم بيعها كان جائزا [- ز -] إذا قال وكلتك في بيع العبد فقال بل في بيع الجارية أو قال وكلتك في البيع بألفين فقال بألف أو قال وكلتك في بيعه نقدا قال نسيئة أو قال وكلتك في شراء عبد فقال بل في شراء أمة فالقول في ذلك كله قول الموكل مع يمينه و عدم البينة سواء كانت السلعة باقية أو تالفة و إذا قال وكلتني في شراء هذه الجارية فقال بل في غيرها فالقول قول الموكّل و الحكم فيه كما قلنا فيما إذا اختلفا في ثمنها [- ح -] إذا باع الوكيل نسيئة فقال الموكل إنما أذنت في النقد فالقول قوله مع يمينه فإن صدقه الوكيل و المشتري كان له انتزاعه مع بقائه ممن شيئا منهما و إن كان تالفا رجع بالقيمة على من شاء فإن رجع على الوكيل رجع الوكيل بها على المشتري و إن رجع على المشتري لم يرجع المشتري على الوكيل بشيء و إن كذباه فالقول قوله مع يمينه و يرجع بالعين مع وجودها و بقيمتها على من شاء منهما مع تلفها فإن رجع على المشتري رجع المشتري على الوكيل بما أخذه منه أولا و إن رجع على الوكيل لم يكن للوكيل الرجوع على المشتري في الحال فإذا أحل الأجل رجع بأقل الأمرين من قيمته و الثمن المسمّى و لو صدقه أحدهما كان له الرجوع على من صدقه بغير عين و الحكم في المكذب على ما تقدم و لو أنكر المشتري كون الوكيل وكيلا في البيع و إنما المتاع ملكه فالقول قوله مع يمينه [- ط -] إذا قال الوكيل تلف مالك في يدي أو الثمن الذي قبضته و أنكر الموكّل فالقول قول الوكيل سواء ادعى تلفه بسبب خفيّ أو ظاهر كالحريق و كذا كل من في يده أمانة كالأب و الجد و الوصيّ و الحاكم و أمينه و المودع و الشريك و المضارب و المرتهن و المستأجر [- ى -] لو ادعى تعدي الوكيل كلبس الثوب و ركوب الدابة أو تفريطه في حفظه فأنكر الوكيل فالقول قوله مع يمينه فإذا حلف فلا ضمان عليه سواء كان المتاع المأمور ببيعه و ثمنه و سواء كان بجعل أو غيره و لو باع الوكيل و تلف الثمن في يده من غير تفريط ثم استحقّت العين رجع المشتري على المالك لا الوكيل [- يا -] إذا اختلفا في التصرف فيقول الوكيل بعت أو قبضت الثمن فتلف و يقول الموكّل لم تبع أو لم يقبض احتمل تقديم قول الوكيل لإقراره بماله إن لم يفعله و احتمل تقديم قول الموكّل لإقرار الوكيل هنا على الموكّل فلم يقبل كما لو أقرّ عليه و قوى الشيخ الأول و عندي فيه تردد [- يب -] إذا وكله في الشراء فقال اشتريته بمائة فقال الموكّل بخمسين و هو يساوي المائة فالقول قول الوكيل على ما اختاره الشيخ و إن كان الشراء في الذّمة و يحتمل تقديم قول الموكل على ما تقدّم و إن كان الشراء بالعين [- يج -] إذا ادعى الوكيل الرد إلى الموكل قال الشيخ إن كان بغير جعل فالقول قوله مع اليمين و إن كان بجعل فالقول قول الموكّل و لو قيل إن القول قول الموكّل مطلقا كان حسنا و كذا إذا ادعى الرد على اليتيم أو الأب أو الجدّ أو الحاكم و أمينه و الشريك و المضارب و من حصل في يده ضالة أما إذا ادعى الوصيّ أو الولي الإنفاق على الطفل فالقول قوله مع اليمين و لا فرق بين أن يدعي الوكيل رد العين أو الثمن و لو أنكر الوكيل قبض المال ثم ثبت ذلك ببينة أو اعتراف فادعى الرد أو التلف لم يقبل قوله و لو أقام بينة بالرّد أو التلف فالأقرب عدم القبول أما لو قال لا يستحق علي شيئا أو ليس لك عندي أو قبلي شيء فإنه يقبل بيّنته و يسمع دعواه [- يد -] إذا اشترى و ادعى الوكالة فيه كان القول قول المنكر فإن كان الوكيل ذكر الشراء له بطل البيع مع يمين المنكر و إن لم يذكره قضي عليه بالثمن فإن كان الوكيل صادقا توصّل إلى بيع المتاع كما تقدّم و إن كان كاذبا وقع الشراء له باطنا و ظاهرا [- يه -] لو قال الوكيل ابتعت لك فأنكر الموكل أو قال ابتعت لنفسي فقال بل لي فالقول قول الوكيل مع اليمين و لو اشترى لموكله قيل يتخير البائع بين مطالبة الوكيل و الموكل و الوجه مطالبة الوكيل مع جهل البائع بالوكالة و الموكل مع العلم [- يو -] لو طالب الوكيل الغريم فقال لا تستحق المطالبة لم يسمع قوله و لو قال عزلك أو أبرأني أو قضيته فإن ادعى العلم على الوكيل فوجهت اليمين عليه و إلا فلا و لو صدقه بطلت وكالته [- ين -] لو أقر الوكيل بقبض الدّين من الغريم و صدقه الغريم و أنكر الموكل فالأقرب أن القول قول الموكل على إشكال و لو أمره ببيع سلعة و تسليمها و قبض ثمنها فتلف من غير تفريط فأقر الوكيل بالقبض و صدقه المشتري و أنكر الموكّل فالقول قول الوكيل لأن الدعوى عليه حيث سلم المبيع و لم يقبض الثمن

ص: 236

و لو ظهر في المبيع عيب رده على الوكيل و لو قيل برده على الموكّل كان أقرب [- يح -] لو وكله في قضاء ديونه فادّعاه و أنكر الغريم فالقول قوله مع يمينه و يطالب الموكّل ثمّ الوكيل إن كان قد قضاه بحضرة الموكل لم يرجع الموكل عليه بشيء و كذا إن لم يكن بحضرته لكن أشهد عليه شاهدين ماتا أو غابا أو كان ظاهرهما العدالة ثم ظهر فسقهما و إن لم يشهد عليه كان له الرجوع سواء صدقه الموكّل و أمره بالإشهاد أو لم يأمره أو كذبه لتفريطه بترك الإشهاد و إن لم يأمره أما لو أذن في القضاء بغير إشهاد أو اعترف الغريم فلا ضمان و لو قال الوكيل قضيت بحضرتك أو قال أذنت لي في قضائه بغير بيّنة أو قال أشهدت شاهدين ماتا فأنكره الموكل فالقول قول الموكّل مع اليمين و يحتمل تقديم قول الوكيل و لو دفع إلى الوكيل عينا ليودعها عند فلان فأنكر المستودع فالقول قوله مع اليمين ثم الوكيل إن كان أودع بحضرة الموكّل لم يضمن و إن كان بغيبته احتمل عدم الرجوع و قواه الشيخ و ثبوته للتفريط بترك الإشهاد و لو اعترف المستودع فإن كانت العين باقية كان للموكّل استعادتها أو إبقاؤها و إن كانت تالفة لم يضمنها المستودع و في تضمين الوكيل إشكال أقربه العدم [- يط -] إذا ادّعى خيانة وكيله لم تسمع إلا مع التعيين و حينئذ يكون القول قول الوكيل مع يمينه و عدم البيّنة و يستحق الجعل إن كان شرط له و لو نكل حلف الموكّل و ثبت الخيانة و قاصصه فإذا كان له جعل على البيع كان له المطالبة به من قبل أن يتسلّم الموكل الثمن و لو قال وكلتك في بيع مالي فإذا أسلمت الثمن إلى فلك كذا استحق الجعل بعد التسليم [- ك -] إذا ادعى الوكالة عن الغائب في قبض حقه فإن أقام بيّنة انتزعه و إن لم يقم بينة و أنكر الغريم لم يتوجّه عليه اليمين و إن ادّعى عليه العلم سواء كان الحق دينا أو عينا كالوديعة و شبهها و لو صدقه لم يؤمر بالتسليم إليه في الدين و العين معا على إشكال في الدّين فإن دفع إليه مع التصديق أو عدمه و صدقه الموكل برئ الدافع و إن كذبه فالقول قوله مع اليمين فإن كان الحق عينا موجودة في يد الوكيل كان له أخذها و له مطالبة من شاء يردها فإن طالب الدافع فللدافع مطالبة الوكيل و إن تلفت العين أو تعذّر ردّها رجع صاحبها على من شاء و على أيّهما رجع لم يكن للمأخوذ منه مطالبة الآخر إلا أن يكون الدافع دفع العين إلى الوكيل من غير تصديقه في الوكالة فحينئذ إن رجع المالك عليه رجع هو على الوكيل و كذا لو صدقه و تعدى الوكيل أو فرط استقرّ الضمان عليه فإن رجع على الدافع رجع الدافع على الوكيل لتفريطه دون العكس و لو كان الحق دينا لم يكن للمالك الرجوع على الوكيل و إن كذبه بل يرجع على الدافع خاصة و يرجع الدافع بما أخذه الوكيل و يكون قصاصا بما أخذ منه صاحب الحق و إن كان قد تلف في يد الوكيل لم يرجع الدافع عليه إن كان قد صدقه أوّلا و لم يفرط و لو تلف بتفريط أو لم يكن قد صدقه الدافع رجع عليه و لو جاء رجل و ادعى أنه وارث صاحب الحق و أنّه قد مات فأنكر من عليه الحق لزمه اليمين على نفي العلم و كذا تلزم اليمين في كل موضع لو أقر لزمه الدفع و لو صدقه لزمه الدّفع إليه في العين و الدّين إجماعا و لو ادّعى أن صاحب الحق أحاله عليه فصدّقه فالوجه وجوب الدفع إليه و لو كذبه توجّهت اليمين

الفصل السّابع في الأحكام

و فيه [- لن -] بحثا [- ا -] يجوز التوكيل في مطالبة الحقوق و إثباتها و المحاكمة فيها سواء كان الموكل غائبا أو حاضرا صحيحا أو مريضا و ليس للخصم أن يمتنع من مخاصمة الوكيل و إن كان الموكل حاضرا [- ب -] كلما جاز التوكيل فيه جاز استيفاؤه في حضرة الموكل و غيبته سواء كان قصاصا أو حدّ قذف أو غيرهما و كذا يجوز للوكيل في الطلاق و إيقاعه و إن كان الموكل حاضرا خلافا للشيخ [- ج -] إذا وكله صار بمنزلته فيما وكل فيه فإن وكله عاما قام مقامه في جميع الأشياء و إن كان خاصّا فكذلك فيما عينه من غير بعد و على التقديرين إنما يمضى تصرف الوكيل مع اعتبار المصلحة للموكل و لا يملك الوكيل من التصرّف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو العرف و لو وكله في التصرف في زمن معيّن لم ينفد التصرف في غيره [- د -] ليس للوكيل مخالفة الموكل فإن فعل وقف تصرّفه على الإجازة مع تعلق الغرض بالتخصيص فلو عين له السّوق التي يبيع فيها فباع في غيرها بذلك الثمن أو أزيد قال الشيخ يصحّ و الوجه إن كان للموكل غرض في التخصيص بأن يكون السّوق معروفا بجودة النقد أو كثرة الثمن أو حلّه أو صلاح أهله أو لمودّة بين المالك و بينهم وقف على الإجازة مع التعدي و إلا فالوجه ما قاله الشيخ و لو عين له المشتري لم يجز له بيعه على غيره بذلك الثمن أو أزيد [- ه -] لو اشترى غير ما عيّن له شراؤه لم يلزم في حق الموكل ثم إن كان قد اشترى بالعين فالوجه وقوفه على الإجازة و لو قيل بالبطلان و كان قد ذكر الموكّل في العقد أو صدقه البائع أو أقام بيّنة لم يلزم الوكيل البيع و رد البائع ما أخذه و إن لم يذكره و لم يصدقه و لا بيّنة هناك حلف البائع على انتفاء العلم و لم يلزم رد بشيء و كذا لو ادعى البائع أنه باع مال غيره بغير إذنه فالقول قول

ص: 237

المشتري في الملكية للبائع لا في إذن الغير و كذا القول قول البائع لو ادعى المشتري أنه باع مال غيره بغير إذنه و قال البائع بل ملكي أو ملك موكلي و لو اتفق البائع و المشتري على ما يبطل البيع و قال للموكل بل البيع صحيح فالقول قوله مع اليمين و لا يلزمه ردّ ما أخذه عوضا و إن كان الشراء في الذّمة ثم نقد العين فإن أطلق لزمه البيع دون الموكل و إن ذكر الشراء للموكل بطل في حق الوكيل و الوجه أن الموكل إن أجازه لزمه و إلا بطل في حقه أيضا و كذا كل من اشترى شيئا في ذمته لغيره بغير إذنه سواء كان وكيلا لذلك الغير أو لا و لو وكله في تزويج امرأة فزوجه غيرها فالوجه وقوف العقد على الإجازة فإن أجازه لزمه و إلا فلا لكن يجب على الوكيل نصف المهر كما قلناه أو لا [- و -] لو قال اشتر لي بديني عليك طعاما صحّ و كذا لو قال أسلفه أسلفه فيه و انصرف إلى الحنطة فإن أسلف في الشعير لم يجز و لو قال اشتر لي خبزا انصرف إلى المعتاد في موضعه فلا ينصرف في بغداد إلى الأرز و إن كان حقيقة فيه قضاء للعادة إذا ثبت هذا فإذا سلم الوكيل الثمن إلى البائع برئ من الدّين و إذا قبض الطعام كان أمانة في يده و لو لم يكن عليه دين فقال أسلف ألفا من مالك في كر طعام قرضا علي ففعل فالأقرب الصّحة فإذا أدّاها كانت دينا على الآمر و كذا لو قال اشتر به عبدا سواء عينه أو لم يعينه و كذا لو قال أسلف ألفا في كر و اقض الثمن عنّي من مالك أو من الدّين الذي لي عليك صحّ و لو لم يسم الوكيل الموكل ثم قال أسلمت لنفسي و قال الموكل لي فالقول قول الوكيل مع يمينه و يدفع الألف إلى الموكل و لو اتفقا على الإطلاق من غير قصد له أو لموكله فالوجه أنّه للوكيل [- ن -] إذا وكله في عقد فاسد لم يملكه و لا يملك أي لا يملك بالعقد الصحيح أيضا [- ح -] لو وكله في شراء عبد أو غيره لم يملك العقد على بعضه سواء عقد على البعض الآخر أو لا إلا أن يأذن في تعدّد الصّفقة و كذا لو وكله في بيعه و لو وكله في شراء عبيد و أطلق ملك العقد جملة و واحدا واحدا و كذا لو أذن في بيعهم على إشكال أما لو نصّ على التعيين في البيع أو الشراء فإنه لا يجوز له المخالفة و لو قال اشتر عبدين صفقة فاشترى عبدين لاثنين شركة بينهما أو لكل منهما عبد منفرد من وكيلهما أو من أحدهما و أجاز الآخر صح و لو اشتراهما منهما صفقتين لم يجز و إن قبل بلفظ واحد منهما و يقع للوكيل إن لم يذكر الموكل [- ط -] إذا أمره بالشراء بالعين لم يكن له أن يشتري في الذمة و لو أمره أن يشتري في الذمّة لم يكن له أن يشتري بالعين و لو أطلق انصرف إلى الشراء بهما [- ى -] إذا أطلق الإذن في البيع انصرف إلى الحال بنقد البلد لا النسيئة و كذا الشراء و لو كان في البلد نقدان باع بأغلبهما فإن تساويا باع بما شاء منهما و لو عين النقد أو النسيئة لم يجز المخالفة فلو أمره بالبيع نقدا فباع نسيئة لم يجز و كذا لو أمره بالبيع نسيئة فباع نقدا بثمن المثل أو بما عينه المالك أو بأزيد منهما إن تعلق بالتأجيل غرض صحيح و إلا جاز و لو وكله في الشراء نسيئة فاشترى نقدا لم يلزم الموكّل و لو أذن في الشراء نقدا فاشترى نسيئة بالثمن الذي قدره أو أقل فالوجه الوقوف على الإجازة مع حصول الغرض و إلا صحّ مطلقا [- يا -] إذا عين له الثمن في المبيع لم يلزمه البيع لو باع بأقل بل يقف على الإجازة و كذا الشراء و لو أطلق له البيع انصرف إلى البيع بثمن المثل لأيّهما شاء و كذا لو أذن في الشراء اقتضى أن يشتري بثمن المثل و للشيخ قول بأن الوكيل يضمن تمام ما حلف عليه المالك و يمضي البيع فعلى هذا لو أطلق فباع بدون ثمن المثل لزم الوكيل الباقي من ثمن المثل و هل يضمن الوكيل التفاوت بين ما باعه به و بين ثمن المثل أو بين ما يتغابن الناس به و ما لا يتغابن الأقرب الأول و هذا كله على قول الشيخ أما على ما اخترناه نحن أولا فلا و لو قدّر له الثمن لم يكن له بيعه بأقلّ منه و إن كان يسيرا و لو لم يقدر فباع بدون ثمن المثل بما يتغابن الناس بمثله فالوجه الصّحة و لو حضر من يشتري بأزيد من ثمن المثل لم يجز للوكيل بيعه بثمن المثل على الدافع و لا على غيره و لو باعه بثمن المثل فجاء من يزيد عليه في مدة الخيار للوكيل فالوجه أنه لا يجب عليه الفسخ [- يب -] لو أمره بالبيع بثمن فباع بأزيد لزم البيع سواء كانت الزيادة من جنس الثمن أو لا أما لو كان الثمن أو بعضه من غير جنس المسمى افتقر إلى الإذن فإن أمضاه و إلا فسخ و لو باع بأقل وقف على الإجازة و لو ادعى الوكيل الإذن به فأنكر المالك فالقول قوله مع يمينه ثم يستعاد العين إن كانت باقية و مثلها أو قيمتها إن كانت تالفة فإن تصادق الوكيل و المشتري على الثمن و دفع الوكيل السلعة إلى المشتري و تلفت في يده رجع الموكل على من شاء منهما لكن إن رجع على المشتري لم يرجع المشتري على الوكيل و إن رجع على الوكيل رجع الوكيل على المشتري بأقل الأمرين من ثمنه و ما اغترمه [- يج -] لو وكله في بيع عين بثمن فباع بعضها بذلك الثمن أو وكله مطلقا فباع البعض بثمن مثل الجميع فالأقرب ثبوت الخيار للمالك بين الإجازة و الفسخ مع قرب القول باللّزوم فحينئذ يجوز له بمجرّد الوكالة الأولى بيع الباقي من العين ظاهرا و كذا لو وكله في بيع عبدين بمائة فباع أحدهما به أما لو أمره ببيع

ص: 238

عبده بمائة فباع بعضه بأقلّ لم يلزم إجماعا و لو وكله مطلقا فباع بعضه بأقل من ثمن المثل لم يجز [- يد -] لو أذن له في الشراء بثمن معيّن فاشتراه بأقل لزم إلا أن يقول لا تشتر بأقل فمتى اشتراه بالأقلّ بطل و لو قال اشتره بمائة و لا تشتر بخمسين لم يكن له شراؤه بالخمسين و له أن يشتريه بأزيد من الخمسين و أقلّ من المائة و الأقرب أنه يجوز أن يشتريه بأقل من الخمسين و لو قال اشتره بمائة دينار فاشتراه بمائة درهم فالأقرب الوقوف على الإجازة و لو قال اشتر نصفه بمائة فاشتراه أجمع أو أكثر من النصف بها صح البيع و لو قال اشتر نصفه بمائة و لا تشتر الجميع فاشترى أكثر من النّصف و أقل من الجميع بالمائة جاز كما تقدّم [- يه -] لو وكله في شراء عبد موصوف بمائة فاشتراه على الصّفة بدونها جاز و إن خالف في الصّفة و اشتراه بأكثر منها لم يلزم الموكّل و لو اشترى ما هو بأزيد من تلك الصّفة بالمائة أو أقلّ جاز و لو اشترى ما دون الصّفة بالمائة أو أقل لم يجز و لو قال اشتر لي عبدا بمائة فاشترى عبدا يساوي مائة بها أو بدونها جاز و لو كان لا يساوي مائة لم يجز و لو كان يساوي أكثر و اشتراه بها جاز و إن اشتراه بأكثر لم يجز [- يو -] لو وكله في شراء عبد بمائة فاشترى عبدين يساوي كل واحد أقلّ من مائة لم يجز و إن تساويا المائة و إن تساوى كل واحد أو أحدهما المائة جاز و لزم الموكل و لا يلزمه أحدهما بالنّصف و يتخير في إمساك الآخر بالباقي أو يرده و يرجع على الوكيل بالنصف و لا يلزمه أحدهما و يلزم الوكيل الآخر و يرجع الموكل عليه بالنصف و لو باع الوكيل أحد العبدين بمائة وقف على إجازة الموكّل و لو كان وكيلا مطلقا لزم البيع و حديث عروة البارقي محمول على أحد هذين [- ين -] إطلاق الإذن في الشراء ينصرف إلى السليم فلا يملك شراء المعيب فإن اشترى المعيب لم يلزم الموكل و لو لم يعلم بالعيب كان للوكيل الردّ به مع العلم و للموكّل أيضا فإن رضي قبل رد الوكيل لم ينفذ الرد و لو قال البائع للوكيل اصبر بالرّد حتى يحضر الموكل لم يلزمه الإجابة فإن أخره على ذلك ثم حضر الموكّل فلم يرض به لم يسقط ردّه و إن قلنا بثبوت الرد على الفور و لو ادعى البائع علم الموكل و رضاه افتقر إلى البيّنة فإن فقدت لم يتوجّه اليمين على الوكيل إلا أن يدّعي العلم فيحلف على نفيه فإن ردّ الوكيل و حضر الموكّل و اعترف بقول البائع أو قامت به البيّنة بطل الرد و يسترجعه الموكل و للبائع ردّه عليه إن لم نشترط في عزل الوكيل علمه و إلا فلا على إشكال و لو رضيه الوكيل كان للموكل بعد حضوره الرد إلا أن يكر البائع الشراء للموكل و لا بينة فيحلف و يسقط ردّ الموكّل و لو أمره بشراء سلعة بعينها فاشتراها ثم وجدها معيبة ففي ملك الوكيل الرد إشكال أقربه ذلك و لو علم الوكيل العيب قبل الشراء فهل له الشراء يبنى على ملك الرد مع العلم به بعد البيع [- يح -] إذا اشترى الوكيل لموكله انتقل الملك إلى الموكل من البائع من غير أن يدخل في ملك الوكيل فلو وكل المسلم ذميّا في شراء خمر أو خنزير فاشتراه لم يصحّ الشراء و لو باع الوكيل بثمن معين ثبت الملك للموكّل في الثمن و لو كان الثمن في الذمة فللوكيل و الموكّل المطالبة به و ثمن ما اشتراه في الذّمة ثابت في ذمة الموكّل لا الوكيل و للبائع مطالبة الموكل خاصة و لو أبرأه الوكيل لم يبرأ الموكّل و لو أبرأ الموكل برئ الوكيل أيضا و لو دفع الثمن إلى البائع فوجده معيبا فردّه على الوكيل كان أمانة في يده و لو وكله في أن يستسلف ألفا في كر طعام ملك الموكل الثمن و لا يضمن الوكيل و لو دفع إلى رجل ثوبا ليبيعه ففعل فوهب له المشتري منديلا فالمنديل للوكيل لا لصاحب الثوب [- يط -] إذا قال لربع هذا الثوب بعشرة فما زاد عليها فهو لك كان للوكيل أجرة المثل و الزيادة للمالك [- ك -] إذا وكله في الخصومة لم يقبل إقرار الوكيل عليه بقبض الحق و لا غيره سواء أقر في مجلس الحكم بحد أو قصاص أو غيرهما أو في غير مجلس الحكم و لا يملك إلا على الحق و لا المصالحة عليه و لو أذن في إثبات الحق و المحاكمة عليه لم يملك قبضه و بالعكس سواء كان دينا أو عينا و سواء علم الموكل بجحود الغريم أو لا [- كا -] إذا وكله في البيع كان وكيلا في تسليم المبيع إلى المشتري بعد إيفاء الحقّ و لا يملك قبض الثمن لكن ليس له تسليم إلا بقبض الثمن للمالك أو حضوره فإن سلمه من غير قبض ضمنه و لو قيل بالملك مع القرينة كما لو أذن في بيع الثوب في السّوق الذي يضيع الثمن بترك قبض الوكيل فيه و عدمه مع انتفائها كان وجها [- كب -] إذا وكله في البيع أو القسمة أو مطالبة الشفعة لم يكن إذنا في التثبيت و هل يملك المأذون له في البيع مطلقا جعل الخيار للمشتري الأقوى أنه ليس له ذلك بل إما لنفسه أو لموكّله [- كج -] لو وكله في شراء شيء ملك تسليم ثمنه و حكم قبض المبيع كحكم قبض الثمن كما تقدّم و لو اشترى عينا و سلم الثمن فخرجت مستحقة فالأقرب أنه ليس له مخاصمة البائع في الثمن و لو اشترى و قبض السلعة و أخر التسليم من غير عذر فهلك الثمن ضمنه و لا ضمان إلا مع التفريط [- كد -] لو وكله في قبض دين فلان فمات نظر في لفظه فإن وكله في قبض الدين منه لم يكن إذنا في القبض من الوارث و إن وكله في قبض الدين الذي على فلان كان له مطالبة الوارث و كذا لو قال اقبض حقي من فلان فوكل فلان من يدفع إليه كان للوكيل القبض من الوكيل [- كه -] إذا قبض الوكيل الحق كان أمانة في يده لا يضمنه إلا

ص: 239

مع التعدي و التفريط و لا يلزمه تسليمه قبل طلبه و لو طلبه فأخر دفعه مع انتفاء العذر ضمنه و لو ادعى الموكل المطالبة فالقول قول الوكيل مع عدم البيّنة فإن نكل عن اليمين حلف المدّعي و ألزمه الضمان و لو وعده برده ثم أعاده قبل الطلب أو التلف كذلك لم يسمع دعواه و لا بيّنة على إشكال و لو صدقه الموكّل برئ و لو لم يعده بل منعه و مطله ضمن مع التلف و لو أعاده أو الرد قبل الطلب لم يقبل قوله و لو أقام بينة سمعت [- كو -] لو كان له دراهم على زيد فبعث رسولا في طلبها فنقد له دينارا ذهبا فضاع من غير تفريط كان من مال الباعث و لو بعث دراهم كان من مال المالك و لو أخبر الرسول الدافع بإذن المالك في قبض الدينار كان من ضمان الرسول و لو وكله في قبض ثوب فقبض اثنين فتلف الزائد ضمنه الدافع و يرجع به على الرسول و يجوز الرجوع على الرسول و لا يرجع به على أحد و لو وكله في قبض الدّين فأخذ به رهنا لم يصحّ و لا يضمنه الوكيل لو تلف من غير تفريط لأن صحيح العقد و فاسده مستويان في الضمان و لو دفع إليه دراهم ليشتري بها شيئا فمزجها بغيرها ضمن لو تلفت سواء تلف ماله معها أو لا إلا أن يكون قد أذن في المزج أو مزجها مزجا يتميّز بعضه عن الآخر [- كز -] لو أمره بالإيداع فأودع من غير إشهاد فالأقرب عدم الضمان مع إمكانه و لو ادّعى الوكيل الإيداع و أنكر الموكّل فالقول قول الوكيل مع يمينه و لو أنكر المودع فالقول قوله مع اليمين [- كح -] كل من عليه حق له الامتناع من تسليمه إلى ربّه حتى يشهد عليه بالقبض سواء كان به بيّنة أو لا و سواء كان من عليه الحق يقبل قوله في الرد من غير بيّنة كالمودع أو لا كالغاصب ما لم يؤد الإشهاد إلى تأخير الحق فإن أدى فالوجه وجوب الدفع فيما يقبل قول الدافع فيه مع اليمين فإن أخر ضمن و إذا أشهد على نفسه بالقبض لم يجب عليه تسليم الوثيقة بالحق و لا تمزيقها بل له إبقاؤها في يده [- كط -] الذين يكون أموال غيرهم ستة الأب و الجدّ له و وصيّهما و الحاكم و أمينه و الوكيل قال الشيخ ليس لأحدهم أن يشتري لنفسه من نفسه مال من هو وليّ عليه سوى الأب و الجدّ و كذا يجوز أن يبيع الأب و الجدّ عن أحد الولدين و يشتري للآخر دون الأربعة الباقية فليس للوصيّ أن يشتري مال اليتيم و إن زاد في القيمة على مبلغ ثمنه في النداء و تولى النداء غيره و كذا الوكيل أما لو وكله في شراء شيء لم يجز له أن يعطيه من عنده إلا بعد إعلامه و إن كان الذي يعطيه أجود و كذا ليس لغير الأب و الجدّ أن يبيع على وكيله أو ولده الصّغير أو عبده المأذون و يجوز أن يبيع على ولده الكبير و والده و زوجته و مكاتبه و طفل يلي عليه و لو وكله في تزويج امرأة غير معيّنة جاز له أن يزوّجه ابنته و لو أذنت له المرأة في تزويجها فهل له أن يزوجها الأقرب المنع و الأولى أن له أن يزوّجها بابنه و إن كان صغيرا و كذا بوالده و لو وكله في بيع عبد و آخر في شراء عبد فالأقرب جواز تولية طرفي العقد و لو وكله المتداعيان في الخصومة عنهما لم أستبعد جوازه و قال الشيخ الأحوط المنع و لو وكله و أذن له في الشراء لنفسه أو خيره بين بيعه على غيره و على نفسه جاز أن يشتري لنفسه سواء عين الثمن أو أطلق و كذا يجوز لو وكل عبدا في شراء نفسه من مولاه أو يشتري له عبدا غيره منه و هل يجوز للعبد أن يشتري نفسه من مولاه لنفسه فيه نظر لكن لو قلنا به سوغناه بشرط إعلام المولى و أن يكون الثمن مما يتجدد ملكه بعد الإعتاق و أن يكون للعبد أهليّة التملك مع إذن المولى فعلى هذا لو قال العبد اشتريت نفسي لزيد و صدقه سيّده و زيد جاز و لزم زيد الثمن و لو قال السّيد إنما اشتريت نفسك لنفسك عتق العبد و عليه دفع الثمن إلى مولاه و لو اتفق زيد و العبد على أن الشراء لزيد فالوجه انتقاله إلى زيد و ثبوت الثمن عليه لكن ليس للسّيد مطالبته به بل يأخذه العبد أو الحاكم منه و يسلمه إلى البائع و لو صدقه السّيد و كذبه زيد في الوكالة حلف و برئ و استردّ السّيد العبد و إن كذبه في الشراء لنفسه مع اعترافه بالوكالة فالقول قول العبد [- ل -] إذا وكل عبده في إعتاق نفسه أو امرأته في طلاقها جاز و لو وكل العبد في إعتاق عبده و المرأة في طلاق نسائه فالأقرب أن العبد تملك إعتاق نفسه و المرأة طلاق نفسها عملا بالعموم و يحتمل عدمه عملا بانصراف الإطلاق إلى التصرّف في غيره و لو وكل غريما له في إبراء نفسه صحّ سواء عين أو أطلق و إن وكله في إبراء غرمائه فالاحتمال في دخوله و عدمه كما تقدّم و لو وكله في حبس غرمائه فالأقرب عدم دخوله و لو وكله في خصومتهم لم يملك خصومة نفسه و لو وكل المضمون له المضمون عنه في إبراء الضامن صحّ و يبرأ المضمون عنه و لو وكل الضّامن في إبراء المضمون عنه لم يصحّ و لم يبرأ الضامن و لو وكل الكفيل في إبراء المكفول فأبرأه برئا معا و لو وكله في إخراج صدقة على المساكين و هو منهم جاز أن يأخذ مثل ما يعطي غيره لا يفضل نفسه عليهم و لو عين لم يجز الأخذ إذا لم يدخله و كذا لو دفع إليه مالا ليفرقه في قبيل و هو بدخل فيهم و لو قال أعط غيرك لم يجز له الأخذ منه و يجوز أن يعطي منه ولده و والده و زوجته دون مملوكه [- لا -] إذا وكله ملك التصرف أبدا ما لم يعتدّ بوقت أو يحصل أحد الأسباب الموجبة للفسخ أو ما يدل على

ص: 240

الرّجوع على الوكالة فلو وكله في طلاق زوجته مع قيام الخصومة بينهما ثم اصطلحا فالأقرب بطلان الوكالة على إشكال و كذا لو وطئها أو قبلها أو لامسها أو فعل بها ما يحرم على غير الزوج فعلى هذا لو عادت الخصومة افتقر إلى تجديد عقد الوكالة على تردّد و لو وكله في بيع عبد فأعتقه أو باعه بيعا صحيحا أو دبره أو كاتبه بطلت الوكالة و لو باعه فاسدا لم تبطل [- لب -] لو قال اشتر لي و لك العبد بخمس مائة فاشتراه للموكل لزمه النصف و حكم النصف الآخر ما تقدم من أنه إن ذكره وقف على الإجازة و إلا وقع لنفسه و لو شراه و آخر بألف كان مخالفا و كذا لو قال بعه بخمسمائة فباعه مع عبد له بألف و قيمتها سواء [- لج -] لو أمره ببيع عبده على أن يجعل الخيار له شهرا فباعه و جعل الخيار ثلاثة أيام لم يصح و كذا لو كان أقل و الوجه الجواز لو كان أكثر [- لد -] إذا وكله في عتق عبده فعتق نصفه أو بالعكس فالأقرب الصحة و ينعتق الجميع فيهما و لو وكله في تزويج امرأة و عين المهر لم يجز له التجاوز فإن زوجها بأكثر لم يلزم الموكل و وقف على الإجازة فإن لم يرض ففي الرجوع إلى مهر المثل و إلزام الوكيل بالزائد إشكال و لو اختلفا في الإذن فالقول قول الموكل مع يمينه ثم إن صدقت المرأة الوكيل لم يرجع عليه بشيء و إلا كان الحكم ما تقدّم من التردد و لو لم يسم انصرف الإطلاق إلى مهر المثل فلو تجاوزت بما فيه غبن فاحش لم يجز و لو أذن له في التزويج مطلقا انصرف إلى الكفو فلو زوجه من غيره وقف على الإجازة و لم يلزمه النكاح و لو زوجه بنته الكبيرة أو الصغيرة جاز و لو زوّجه عمياء أو نحوها لم يجز مع انتفاء المصلحة و لو أذن له في التزويج بفلانة و هي حرة فارتدت و لحقت بدار الحرب فالأقرب عدم الجواز لتطرق الملكية إليها [- له -] لو وكله في إجارة داره انصرف الإطلاق إلى أجرة المثل بنقد البلد فلو آجرها بالعروض فالأقرب الوقوف على الإجازة و لا يلزمه الإجارة و لو زادت قيمتها و لو وكله في استيجار أرض فأخذها مزارعة لم يجز و لو وكله في المصالحة عما يستحقه من دم العمد فصالح على مال قليل فالأقرب عدم الجواز و لو صالح عن الموضحة و ما يحدث منها بخمسمائة درهم فبرأت سلم المال كله للمجروح لا نصف العشر خاصة [- لو -] إذا وكله في شراء شيء انصرف الإطلاق إلى الشراء بالأثمان فلو اشتراه بكيلي أو وزني في الذمة أو معينا افتقر إلى الإجازة و لم يلزم الموكل [- لز -] إذا حضر رجل مدّع عند الحاكم جاز لخصمه أن ينفذ وكيله للمنازعة و لم يجب عليه الحضور بنفسه و كذا لو حضر لم يجب عليه الجواب بنفسه و جاز له الاستنابة فيه و كذا البحث في المدعي

كتاب الإجارة

اشارة

و توابعها و فيه مقاصد

الأوّل في الإجارة
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في العقد

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] الإجارة عقد يقتضي تمليك المنفعة بعوض معلوم و اشتقاقها من الأجر و هو العوض و هي جائزة بالنّص و الإجماع و لا بد فيه من إيجاب و قبول و ليست بيعا للمنافع و عبارة الإيجاب آجرتك أو أكريتك و القبول أن يقول قبلت و لا ينعقد بلفظ التمليك مجردا و لو قربه بالمنفعة المعينة مثل أن يقول مللتك سكنى هذه الدار سنة بكذا و في انعقادها بلفظ العارية إشكال [- ب -] لو قال بعتك هذه الدار و نوى الإجارة لم ينعقد و لو قال بعتك سكناها سنة فالأقرب عدم الجواز لاختصاص لفظ البيع بنقد الأعيان و هل المعقود عليه المنافع أو العين فيه نظر فإن قلنا بالأول جاز أن يقول آجرتك منفعة داري و في اشتراط تقديم الإيجاب نظر [- ج -] الإجارة عقد لازم من الطرفين لا يبطل إلا بالتقايل أو أحد الأسباب الموجبة للفسخ كوجود عيب في الأجر المعيّن أو إفلاس المستأجر به أو وجود عيب في العين كانهدام الدار و لا ينفسخ بالعذر فلو اكترى جملا للحج ثم بدا له أو مرض و لم يخرج لم يكن له فسخ الإجارة و كذا لو استأجر و كانا للتجارة فاحترق قماشه أو تلف ماله لم يكن له الفسخ و كذا لو آجر جمله من إنسان ليحج عليه ثم بدا للموجر أو آجر داره أو دكانه و أراد السفر ثم بدا له عنه لم يكن له فسخ الإجارة و لو فسخ المستأجر الإجارة قبل انقضاء المدة لم ينفسخ و كانت المنافع مملوكة له لم يزل عنه و كذا لا ينفسخ لو ترك الانتفاع بها حتى خرجت المدة اختيارا و يجب عليه دفع الأجرة إن لم يكن دفعها و لو أراد استيفاء بقية المنافع جاز في المدة أما لو خرجت فليس له المطالبة بالانتفاع عوض ما تركه و لا أجرته [- د -] اختلف علماؤنا فقال بعضهم إن الإجارة تبطل بموت أحد المتآجرين سواء كان الميّت المستأجر أو المؤجر و قال بعضهم تبطل بموت المستأجر دون المؤجر و قال آخرون لا تبطل بموت من كان منهما و هو الأقوى عندي سواء كان الموت قبل استيفاء المنفعة أو بعد استيفاء البعض و لو مات المستأجر و لا وارث له يستوفي المنفعة أو يكون غائبا كمن يكتري دابة و يموت في طريق مكة و لا وارث معه و ليس على جمله شيء يحمله احتمل فسخ الإجارة هنا في باقي المدة لوجود ما يمنع المستأجر من استيفاء المنفعة كالهدم و الغصب و الأقرب

ص: 241

عدم الفسخ و لو كان له عليه متاع لم تبطل الإجارة و كذا لو كان هناك وارث يستوفي المنفعة [- ه -] لو آجر البطن الأول الوقف مدة ثم انقرضوا في أثنائها بطلت في الباقي خاصّة فإن كان المؤجر قبض مال الإجارة أخذ المستأجر من تركته بحصّة الباقي [- و -] إذا آجر الولي الصّبي أو ماله مدّة يعلم بلوغه فيها بطلت في المتيقّن و صحت في المحتمل فلو آجر ابن عشر عشرا فالوجه صحة الإجارة في خمس و البطلان في الباقي و لو آجره خمسا فبلغ في أثنائها فالأقرب ثبوت الخيار للصّبي بين الفسخ و الإمضاء و لا يلزمه العقد و قوى الشيخ رحمه اللّٰه انتفاء الخيار و لزوم العقد ثم بعد ذلك أثبت له الفسخ كما قلناه أما مدة الحجر عليه فلا خيار له فيها بعد البلوغ فلا فرق بين الأب و الجدّ له و الوصي و غيرهم من الأولياء و إذا مات الولي لم ينفسخ الإجارة على ما اخترناه نحن و كذا لو عزل أو انتقلت الولاية إلى غيره و ليس للثاني فسخ ما عقده الأوّل [- ن -] لو آجر عبده مدة ثم أعتقه في أثنائها صح العتق و لا يبطل عقد الإجارة و ليس للعبد رجوع على مولاه بأجرة المثل و لا خيار للعبد في الفسخ و نفقة العبد إن كانت مشروطة على المستأجر فهي عليه كما كانت و إلا فهي على العبد و لو افتقر إلى السّعي لأجلها و كانت الإجارة مستوعبة فالوجه أنها على العبد أيضا فإن أنفق عليه المستأجر أو المعتق أو استعان بالحاكم أو ببعض المسلمين و إلا سعى في قدر النفقة كل يوم و صرف باقيه إلى المستأجر و الأقرب احتساب ذلك الزمان على المستأجر على إشكال و قال بعض الجمهور النفقة على السيد فيما إذا لم يشترطها على المستأجر لأنه باستيفاء عوض المنافع يكون كالباقي على ملكه و لعدم قدرة العبد على نفقة نفسه لشغلها بالإجارة و لا نفقة على المستأجر فتعين على المولى و ليس بمستبعد [- ح -] إذا باع العين المستأجرة صح البيع و لا يقف على إجارة المستأجر سواء باعها للمستأجر أو لغيره ثم إن علم المشتري بالإجارة لزمه البيع أو لا تخيّر بين الفسخ و الإمضاء بالجميع فإن اختار الإمضاء أو كان عالما ملك العين مسلوبة النفع إلى حين انقضاء مدة الإجارة و لا يستحق تسليم العين إلا حين الانقضاء فلو فسخ المستأجر الإجارة لحدوث عيب فالأقرب رجوع المنفعة إلى البائع لا المشتري و لو اشتراها المستأجر صح البيع و الأقرب عدم بطلان الإجارة فيكون الأجر باقيا على المشتري و الثمن أيضا فيجتمعان للبائع فإن ردّها بعيب لم ينفسخ الإجارة فسخ البيع و لو قيل بفسخ الإجارة مع شرائه للعين و عدم رجوع المشتري بالمال كان وجها [- ط -] لو ورث المستأجر العين فإن قلنا موت المؤجر يبطل الإجارة بطلت في الباقي و يرجع المستأجر بالأجر على التركة و إن قلنا بعدم الإبطال على ما اخترناه فالأقرب هنا عدم البطلان إلا أنه لا فرق في الحكم بين الفسخ و فلو مات المؤجر و خلف ابنين أحدهما المستأجر كان الرقبة بينهما و المستأجر أحق بالجميع مدّة الإجارة و عليه نصف الأجرة للآخر فإن كان قد دفعها لم يرجع بشيء على أخيره و لا على التركة [- ى -] لو تلقت العين المستأجرة انفسخ العقد تلفها و رجع المستأجر بأجرة الباقي و لو خرجت معيبة كان له الفسخ و ليس له المطالبة ببدلها و لو خرجت مستحقة بينا بطلان العقد فيرجع المالك على من شاء منهما بأجرة المثل فإن رجع على المستأجر رجع على المؤجر إن كان دفع إليه و إلا فلا على إشكال و لو علم المستأجر ففي رجوعه بما دفعه إشكال و لو كان المدفوع أقل من الأجرة ففي رجوع المستأجر بما رجع عليه من التفاوت مع الجهل نظر أقربه عدم الرّجوع [- يا -] لو استأجر شيئا موصوفا فتلف لم ينفسخ العقد و لزم المؤجر الإبدال و لو خرجت مغصوبة طالبه بالبدل و كان الحكم في رجوع المالك ما تقدّم و لو وجدها معيبة فردّها كان له الإبدال أيضا

الفصل الثاني فيما يصحّ إجارته

و فيه [- كد -] بحثا [- ا -] كلّما صحّ إعادته صحّ إجارته بمعنى أن كل عين يمكن استيفاء منفعتها الحكمية مع بقائها يصحّ إجارتها أما ما لا يمكن استيفاء المنفعة منه لإتلافه كالطعام و الشمع فإنّه لا يصحّ عقد الإجارة فيه [- ب -] يجوز إجارة الأرض للزراعة و ليس بمكروه سواء كان بالذّهب و الفضّة أو المطعوم غير الخارج منها و سواء كان المطعوم من جنس ما يخرج منها أو لا أما لو استأجرها بما يخرج منها فإنه لا يجوز [- ج -] لا خلاف بين العلماء كافة في جواز استيجار العقار و الدّواب و كذا يجوز أجرة الحمام سواء شرط على المكتري أن لا يدخله أحد بغير إزار و لم يشترط و يجوز استيجار القناة للزرع بمائها [- د -] يجوز إجارة الأعيان المشاهدة و الموصوفة و يثبت له خيار الرؤية و الأقرب عندي جواز إجارة غير العين مع الموصف الرافع للجهالة و يجب في الأعيان المشاهدة رؤية كلما يتعلق الغرض به فإن كانت دارا احتاج إلى مشاهدة البيوت ليعرف صغيرها و كبيرها و موافقها و إن كانت حماما وجب مشاهدة قدره ليعلم كبرها و صغرها و معرفة مائه هل هو من قناة أو بئر و يحتاج إلى مشاهدة البئر و عمقها و مئونة إخراج الماء منها و مشاهدة الأتون و مطرح الرماد و موضع الرمل و مصرف ماء الحمام و لو استأجر أرضا وجب أن يشاهدها الانتفاء معرفتها بالوصف و كذا يجوز إجارة العبد و البهيمة و الثياب و الفسطاط و الخيام و الجال و المحامل و آلات الدواب كالسّرج و اللجام و و آلات الحرب كالسيف و الرمح و القوس و النّساب [- ه -] يجوز إجارة الحلي و ثياب الزينة و التجمل و سواء في الإباحة إجارة

ص: 242

الحلي بجنسه أو بغير جنسه [- و -] الأقرب جواز إجارة الدّراهم و الدنانير للنظر و التحلّي بها مدة معلومة و لو أطلق إجارتهما فالوجه جوازه و انصرف الإطلاق إلى استعمالهما في النظر و التحلّي و لا يكون قرضا مع الإطلاق خلافا للشيخ [- ز -] يجوز استيجار الشجر و النخل ليجفف الثياب عليها أو ليبسطها عليها حتى يستظل بظلّها سواء كانت ثابتة أو مقطوعة و كذا يجوز استيجار الحبال لذلك [- ح -] يجوز غنم استيجار لتدوس له طينا أو زرعا و كذا غير الغنم و يجوز استيجار الفحل للضراب على كراهيته بشرط التقييد بالمرة و المرات المعيّنة و في الاكتفاء بالمرة نظر أقربه العدم إلا أن يكتري فحلا لإطراق ماشية كثيرة فيقدره بالمدة [- ط -] يجوز استيجار ما يبقى من الأطياب و الصندل و أقطاع الكافور و الند للشم للمرضى و غيرهم مدة معيّنة و كذا يجوز استيجار الحائط ليضع عليه خشبا معلوما مدة معيّنة [- ى -] يجوز استيجار دار ليتخذها مسجدا يصلي فيها و ثوب يصلّي فيه و كذا يجوز استيجار البئر ليستقي منها أياما معلومة و السّطح للنوم عليه و استيجار الفهد و البازي و الصّغر للصّيد مدة معيّنة و إجارة كتب العلم التي يجوز بيعها للقراءة فيها و النسخ منها و استيجار درج فيه خط حسن ليكتب عليه و يتمثل منه [- نا -] لو استأجر شمعة ليسرج بها و يردّ المتخلف و أجرته و ثمن التالف لم يجز و لو استأجرها ليتجمل بها ثم يردها من غير إشعال ففي الجواز نظر و كذا التردد لو استأجر طعاما ليتجمل به على مائدته من غير أكل و الأقرب المنع و كذا يجوز استيجار المستور ليعلّقها يتجمل بها و ما أشبه ذلك و لا يجوز استيجار ما لا بقاء له من المسمومات كالورد و الرياحين المشم و في جواز استيجار الغنم و الإبل و البقر ليأخذ لبنها و يسترضعها لسخاله أو ليأخذ صوفها أو شعرها أو وبرها إشكال و قد روى أصحابنا جواز أخذ الغنم بالضريبة مدّة من الزمان و لا يجوز استيجار شجرة ليأخذ ثمرها أو شيئا من أعيانها [- يب -] كلما منفعته محرمة لا يجوز عقد الإجارة عليه كالشطرنج و النرد و آلات القمار و اللّهو من الزمر و النّوح بالباطل و الغناء كذلك و لا بأس بأخذ الأجر على النوح بالحق و الغناء في الأعراس و يجوز أن يستأجر من يكتبه له غناء أو نوحا و لا يجوز أن يستأجر من يحمل له خمرا للشرب أو ميتة للأكل أو خنزيرا و لو استأجره لخل الخمر طلبا للتخليل أو الإراقة أو لنقل الميّتة من منزله أو محلته إلى خارج البلد لإزالة الرائحة لم أستبعد جوازه و لا يجوز الاستيجار على كتابة شيء محرم أو بدعة أو شعر باطل أو كتب ضلال لغير النقض و الحجة و حمل الخمر لأهل الذّمة و يجوز أن يوجر نفسه لنطارة كرم الذّمي [- يج -] لا بأس بأجر الحجامة و يكره مع الشرط و كذا يجوز استيجار من يكنس الكيف و لكنه مكروه أيضا [- يد -] لا يجوز أن يوجر داره لمن يتخذها بيعة أو كنيسة أو يحرز فيها الخمر و إن كان في السواد [- يه -] كلما يحرم بيعه يحرم إجارته إلا الحر و الوقف و أم الولد فإن هذه يجوز إجارتها و إن حرم بيعها و ما عداها لا يجوز كالعبد الآبق و الجمل الشارد و ما لا ينتفع به كسباع البهائم و الطيور التي لا تصلح للصّيد و الأقرب المنع من إجارة المغضوب لغير الغاصب إذا لم يتمكن و لا من تسليمه يجوز إجارة الكلب العقور و الخنزير بحال و يجوز استيجار كلب الصّيد و الماشية و الزّرع و الحائط و لو آجر الغاصب [- يو -] يجوز إجارة المشاع على الشريك و على غيره و كذا يجوز أن يوجر داره لاثنين و أن يوجر نصف داره لواحد و النصف الآخر طلق أو يوجره له أو لغيره [- يز -] يجوز إجارة المصحف للنظر فيه و الحفظ منه على إشكال و كذا يجوز إجارة كتب العلم و الفقه و الأدب و غير ذلك [- يح -] يجوز إجارة المسلم نفسه للذّمي ليعمل له عملا و هل يجوز لخدمته الأقرب الكراهية دون المنع و لا فرق في جواز إجارة نفسه لعمل معيّن أو مطلق في الذّمة مدّة من الزمان [- يط -] لا يجوز أن يستأجر الدّيك ليوقظه وقت الصلاة و يجوز استيجار السّنور لاصطياد الفأر [- ك -] لا يجوز الأجر على الأدنى و الصّلاة بالناس و يجوز أخذ الرزق من بيت المال و يجوز أخذ الأجر على الحج و تعليم القرآن على كراهية شديدة و يجوز على بناء المساجد و القناطير و غيرهما و على الرقية و لو كان إمام المسجد قيما له يفرش حصره و يكنسه و يعلق فيه جاز له أخذ الأجرة على ذلك لا على الصلاة و يجوز الأجر على تعليم الشعر المباح و الحساب و الفقه و أشباهه و الخط و لا يجوز أخذ الأجرة على ما لا يتعدى نفعه من العبادات المختصّة كصلاة الإنسان لنفسه و حجّه لنفسه و أداء زكاة نفسه بلا خلاف و يجوز أخذ الأجر على الصّلاة عن الغير بشرط أن يكون ميّتا [- كا -] يجوز للحرّ إجارة نفسه بلا خلاف إما لعمل معيّن كخياطة ثوب أو مدّة من الزمان معلومة و كذا يجوز الاستيجار لحفر الآبار و الأنهار و القنى و العيون و على ضرب اللّبن و على البناء و تطيين السطوح و الحيطان و تجصيصها مدة معلومة و لا يجوز على عمل معيّن لاختلاف

ص: 243

الطين بالرقة و الغلظ و أجزاء السّطح بالعلوّ و النزول و كذا الحائط و يجوز أن يستأجر لنسخ كتب فقه أو حديث و شعر مباح أو سجل أو مصحف و لا يكره و على حصاد زرعه و دفعه و تصفيته و على استيفاء القصاص في النفس و ما دونها و على الدلالة على الطريق و على الكيل و الوزن المعلومين بالمدة أو القدر و على ملازمة غريم يستحق ملازمته و على السمرة و على بيع ثياب بعينها و على شراء ثياب معينة على إشكال و على البيع على شخص معيّن على إشكال أيضا و على خدمته سواء كان الأجير رجلا أو امرأة حرا أو عبدا و حكم النظر بعد الإجارة حكم قبلها و على الإرضاع سواء انضمّ إلى الحضانة أولا و على الختان و قطع السلع و الكحل و الطبيب للمداواة و قلع الضرس و الراعي للرّعي و بالجملة على كل عمل محلّل مقصود [- كب -] يجوز استيجار العين المستأجرة سواء رضي المالك أو لا بشرطين أحدهما أن يوجر لمثله أو دونه في الاستعمال الثاني أن يتجرد العقد عن شرط التخصيص فلو آجره بشرط أن لا يسكن غيره أو لا يركبه لم يجز المخالفة و استيجار الأرض للزرع و الغراس و القميص ليلبسه [- كج -] لا يجوز استيجار ما يتعذر استيفاء منفعته كما لو استأجر أرضا فيها ماء لا ينحر عنها أو ينحسر من غير معرفة بالوقت و لو كان ينحسر عنها وقت الانتفاع جاز و لو كانت الزراعة ممكنة لكن يخشى عليها الغرق و العادة غرقها لم يجز إجارتها و كذا لو استأجر الأخرس للتعليم و الأعمى للحفظ و أرضا لا ماء لها للزراعة و يجوز للسكون و لو أطلق و كان في محلّ يتوقع الزراعة فيه فكالمصرح بالزراعة و لو كان الماء متوقعا لكن على الندور ففاسد و لو كان يعلم وجود الماء فصحيح و لو كان يغلب وجود الماء بالأمطار فالوجه الصّحة [- كد -] لو استأجر الإبل و البقر و الدواب و الحمير للحمولة و العمل منفردة و منضمة إلى صاحبها أو إليهما و لدياس الزرع و إدارة الرحى و استقاء الماء عليها و لعمل لم يخلق له مثل أن يستأجر البقر للركوب و الإبل و الحمير للحرث مع إمكانه جاز و الأقرب جواز إجارة الحائط المزوق للنظر إليه و التعلم منه و منعه الشيخ و في استيجار الدلال على كلمة تروج بها السلعة من غير نعت نظر

الفصل الثالث في شرائط الإجارة
اشارة

و هي ستة

الأوّل المتعاقدان

و يشترط فيهما البلوغ و العقل و جواز التصرف فلا يصحّ إجارة الصّبي و إن كان مميزا و لو أذن له الولي على إشكال إيجابا و قبولا و كذا المجنون و المغمى عليه و السكران الذي لا يحصل و النائم و الغائب و الساهي لانتفاء القصد فيهما و المكره و السّفيه و المحجور عليه للفلس و يختص منع هذين بالإجارة المتعلقة بأموالهما فلو آجر أنفسهما للعمل كان جائزا و لو آجر الراهن أو المرتهن من دون رضاء الآخر لم يجز و لو امتنع أحدهما أو هما معا و كانت العين مما يصحّ إجارتها آجرها الحاكم و كذا حكم الشريكين إذا تشاجرا في الإجارة و للولي التسلط على مال الطفل و المجنون بالإجارة له و كذا الوصيّ و الحاكم عنها مع فقد أولئك و عن السفيه و المحجور عليه و الغائب

الثاني الأجرة

و هي لازمة في العقد و ركن فيه فلو أخل بها لم يصح و لزمه مع استيفاء المنفعة أجرة المثل و كذا لو بطل العقد في كل موضع فإنّه يثبت أجرة المثل سواء زاد على المسمّى أو ساواه أو نقص و يشترط كونها معلومة بالوزن و الكيل فيما يدخلانه و المشاهدة مطلقا على إشكال في الاكتفاء بها فيما يدخلانه و جزم الشيخ بالجواز و كلما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز عوضا في الإجارة فيجوز أن يكون عينا أو منفعة أخرى اتفق جنسها كسكنى دار بسكنى أخرى أو اختلف كاستخدام عبد بالسكنى و يجوز أن يكون مطلقه بشرط الوصف الرافع للجهالة و معيّنة موصوفة معلومة المقدار و لا يكره بالطعام الموصوف و لو استأجر دارا بعمارتها جاز مع التعيين و إلا فلا و كذا لو استأجر بدرهم و يشترط صرفها إلى العمارة و لو استأجر لسلخ الميّتة بجلدها لم يجز و لو كان للمذكى قال الشيخ يجوز و عندي فيه نظر لجهالة الجلد فلا يعلم خروجه سليما أو معيبا و ثخينا أو رقيقا و لو استأجره لنقل الميّتة بجلدها ثبت له أجرة المثل و لو استأجره لرعي الغنم مدّة معيّنة بنصفها أو جزء معلوم جاز و النماء بينهما من حين العقد على النّسبة و كذا لو استأجره لرعيها بشياه معيّنة منها و لو كانت مجهولة لم يجز و يثبت أجرة المثل و لو استأجره بدرها أو نسلها أو صوفها أو شعرها أو بعض ذلك لم يجز و كذا لو استأجره بطعامه و شرابه و كسوته أو بأحدها لم يجز سواء كان ظئرا أو غيرها و لو عين الطعام و الشراب و الكسوة بما يرفع الجهالة جاز بشرط تعيين وقت الدفع و لو استأجره بعوض و شرط الإطعام و الكسوة عليه ففي الجواز نظر فإن سوغناه و تشاحا رجع في القدر في الإطعام و الكسوة إلى قدر كفايته يجري عادته و لا يقدر الإطعام بمد و ليس له إطعام الأجير إلا ما يوافقه من الأغذية و لو لم يشترط طعاما و لا كسوة كانا على نفسه و لو شرط الأجير طعام غيره و كسوته جاز بشرط العلم بالمقدار و هل يكون ذلك للأجير إن شاء أطعمه و إن شاء تركه أو للمشروط له فيه نظر و لو استأجر دابة بعلفها أو بأجر مسمّى و علفها فإن عينه جاز و إلا فلا و لو شرط طعاما معيّنا و استغنى عنه بطعام نفسه أو غيره أو عجز عن الأكل لمرض أو غيره لم يسقط نفقته و طالب

ص: 244

بها و لو احتاج إلى دواء لمرضه لم يلزم المستأجر و يجب دفع قدر المشترط من الطعام يشتري به ما يصلح له و لو شرط الطعام مع الأجرة و سوغناه مع الإطلاق لزمه بقدر طعام الصحيح و لو استفضل من طعامه فإن كان المؤجر دفع إليه أكثر من الواجب ليأكل قدر حاجته و يسترد الباقي أو كان في تركه لأكله ضرر على المؤجر بأن يضعف عن العمل أو يقل لبن الظئر منع منه و لو لم يلحقه ضرر في الاستفضال و دفع إليه الواجب خاصّة أو أزيد و ملكه الباقي جاز له الاستفضال و لو قدم الطعام فنهب أو تلف قبل أكله فإن كان بعد القبض فهو من ضمان الأجير و إلا فمن ضمان المستأجر و لو كان مائدة و لا يخصّه فيها بطعامه فهو من ضمان المستأجر و لو قال بع هذا الثوب بكذا فما ازددت فهو لك فالوجه عندي وجوب أجرة المثل للدلال و الزيادة للمالك و لا يلزمه الوفاء و لو باعه بالقدر المسمى ثبت له أجرة المثل أيضا و لو باعه بنقص لم يصح البيع و لو تعذّر الرّد ضمن النقص و للشيخ قول بضمان النقصان مطلقا و لو باعه نسيئة لم يصحّ و لو استأجره لحصد الزرع أو صرام النخل بجزء منه معلوم كالسدس و شبهه جاز و كذا لو استأجر الطحان بالنخالة المتبرّعة أو بقفيز منها و لو شرط للمرضعة جزءا من المرتضع الرقيق بعد الفطام و لقاطف الثمار جزءا منها بعد الصرام جاز و كذا في الحال و لو قال إن خطته اليوم فلك درهمان و إن خطته غدا فدرهم فللشيخ قولان أحدهما الجواز و يلزمه إن عمله في الأول درهمان و إن عمله في الثاني درهم و الثاني الجواز أيضا لكن إن عمله في الأول لزمه درهمان و إن عمله في الثاني كان له أجرة المثل لكن لا يزاد عن درهمين و لا ينقص عن درهم و لو قيل بالبطلان و ثبوت أجرة المثل كان وجها و أول قول الشيخ لا يخلو من قوة و لو قال إن خطته روميّا و هو ما يعمل بدرزين فلك درهمان و إن خطته فارسيّا و هو ما يكون بدرز واحد فلك درهم جاز على إشكال و لو استأجره ليحمل متاعه إلى موضع معين بأجرة معيّنة في وقت معيّن فإن قصر عنه نقص من أجرته شيئا جاز و لو شرط سقوط الأجرة مع التقصير لم يجز و له أجرة المثل عملا لرواية محمّد بن مسلم الصحيحة عن الباقر عليه السّلام و هل يتعدى الحكم الوجه ذلك فلو استأجره إلى مصر بأربعين فإن نزل دمشق فثلاثون فإن نزل الكوفة فعشرون ففي الجواز نظر و لو اكترى دابّة و شرط إن ردها ليومها فدرهم و لغدها درهمان ففي الجواز نظر

الثالث أن يكون المنفعة إما بالتبعيّة لملك العين أو بانفرادها

فلو استأجر عينا جاز أن يوجرها غيره ممن يساويه أو يقصر عنه في استيفاء المنفعة ما لم يشترط المالك عدم ذلك قبل قبض العين للموجر و غيره أيضا و الأقرب أنه ليس له إبدال الثوب الذي عين للخياطة و الصّبي الذي عين للارتضاع و التعليم ثم المستأجر إن أحدث في العين حدثا كحفر النهر و بناء الحائط و عمل الباب و غير ذلك و إن قل العمل جاز أن يوجرها بأكثر مما استأجرها سواء كان من الجنس أو من غيره و إن لم يحدث فيها حدث ففي جواز إجارتها بأكثر مما استأجرها من الجنس قولان أقربهما المنع و لو آجرها بغير الجنس جاز سواء كان بالزيادة أو النقصان و لو آجرها من الجنس بأقل جاز أيضا و لو آجر بالجنس من غير حدث بأزيد ففي بطلان العقد نظر و مع القول بالصحة لا يجب الصّدقة بالزيادة و لو سكن بعض الدار و آجر الباقي بغير الجنس جاز بالزيادة و النقصان و لو كان من الجنس لم يجز أن يوجره بأزيد إلا أن يحدث فيه حدثا و يجوز أن يوجره بأكثر مال الإجارة و الصانع إذا تقبل عملا بشيء معلوم لم يجز أن يقبله غيره بأقل من ذلك ما لم يحدث فيه حدثا كقطع الثوب أو خياطة شيء منه أو يعطيه خيوطا أو إبرا و لو أحدث حدثا جاز أن يقبله بأقل من ذلك الجنس و غيره و كذا لو لم يحدث و قبله بأقل من غير ذلك الجنس و لو شرط المؤجر استيفاء المنفعة بنفسه فآجرها ضمن و لا يجوز إجارة ما لا منفعة له أو يكون له منفعة لا اعتبار بها في نظر الشرع أو يكون له منفعة محرمة و لا يجوز أن يوجر مال غيره إلا بإذنه فإن فعل فالأقرب وقوفه على الإجازة

الرّابع أن يكون المنفعة معلومة

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] يجب كون المنفعة معلومة لينفي الغرر فلو كانت مجهولة مثل أن يستأجر أحد الدارين لم يجز و العلم يحصل إما بتقدير العمل كخياطة الثوب و بناء الجدار و نسخ الكتاب و إما بتقدير المدة كالخياطة شهرا أو سنة مثلا و لو كانت العين مما له عمل كالحيوان جاز فيه الوجهان و إن لم يكن عمل كالدار و الأرض لم يجز إلا على الوجه الثاني و هل يجوز تقييد المنفعة بالمدة و العمل معا كما لو استأجره ليخيط له هذا الثوب في هذا اليوم قال الشيخ لا يجوز لإمكان الفعل في أقل من ذلك الزّمان و أكثر و يحتمل الجواز لأن الإجارة وقعت على العمل و المدة ذكرت للتعجيل فحينئذ إن فرغ قبل المدة لم يكن له إلزامه بالعمل في باقيها و إن خرجت المدّة قبله فللمستأجر فسخ العقد فإن فسخ قبل عمل شيء فلا أجرة و إن كان بعده كان عليه أجرة مثل ما عمل و إن اختار الإمضاء ألزمه بباقي العمل خارج المدة لا غير و ليس للأجير الفسخ [- ب -] إذا قرنت المنفعة بالمدة وجب أن يكون مضبوطة لا يتطرق إليها الزيادة و النقصان كالسنة و الشهر و اليوم و لو عقد على ما لا ينضبط كإدراك الغلات و قدوم الحاج لم يجز و وجب أجرة المثل مع استيفاء المنفعة و لو استأجر كل شهر بكذا و لم يعين الأشهر قال الشيخ يصح و يكون له

ص: 245

المسمّى في شهر واحد و أجرة المثل في الزائد و الوجه عندي البطلان و يكون له أجرة المثل في الجميع و لو قرنت بالعمل كخياطة الثوب و بناء الجدار اقتضى ذلك التعجيل إن شرطاه أو أطلقا و لو شرط مدة متأخرة عن العقد قال الشيخ لم يجز و عندي فيه نظر قال و لو كانت الإجارة في الذّمة مثل أن يستأجر ظهرا للركوب جاز أن يكون معجّله و مؤخرة قال و لو استأجره لتحصيل خياطة خمسة أيام بعد شهر لم يجز و لو قال آجرتك من هذا الوقت شهرا بكذا و ما زاد فبحسابه صحّ في الشهر و كان في الزائد أجرة المثل [- ح -] إذا أطلق السنة وجب احتساب اثني عشر شهرا أهلة و لو شرط هلالية كان تأكيدا و لو قال عددية أو سنة بالأيام وجب ثلاثمائة و ستون يوما و لو استأجر هلالية من أول الهلال عد اثني عشر شهرا هلالية و لو كان في أثناء الشهر عد بعد كماله أحد عشر هلالا ثم أخذ من الثاني عشر بإزاء ما خرج من الشهر الأول و قيل يجب إكمال ثلاثين و هو حسن و لا يستوفي الأحد عشر بالعدد [- د -] لو قيد السّنة بالروميّة و هي الّتي سبعة أشهر منها أحد و ثلاثون و أربعة و ثلاثون و واحد ثمانية و عشرون و كانا عارفين بحسابها صح و لو جهله أحدهما أو كلاهما بطلت و لو قيداها بالقبطية و هي الّتي كل شهر منها ثلاثون و يزيدونها خمسة لتساوي الرّومية جاز أيضا مع العلم بالحساب و مع هذين القيدين يكون مدّة الإجارة ثلاث مائة و خمسة و ستين يوما [- ه -] لو آجره إلى العيد و عينه حمل على المعيّن و إن أطلق حمل على الأقرب و يحتمل البطلان و يخرج المدة بدخول أول جزء منه و كذا لو علقه بشهر يشترك فيه اثنان كجمادى و ربيع و لو علقه برجب أو بشبهه من المنفرد حمل على وجب سنة مع احتمال ما قلنا و لو علقه بيوم حمل على أقرب أيام الأسبوع إليه إلا أن يعين غيره و لو علقه بعيد من أعياد الكفار و هما يعلمانه صح و إلا فلا [- و -] لو آجره إلى العشاء فأخر المدّة غروب الشمس لا زوالها و لو قال إلى الليل فهو إلى أوله و كذا إلى النهار و لو استأجره نهارا فهو إلى غروب الشمس و ليلة إلى طلوع الفجر [- ز -] لو استأجر فسطاطا إلى مكة و لم يعين وقت الخروج بطل العقد و كذا كل ما يستأجر مدة و لم يعين ابتداءها [- ح -] لا يشترط في مدة الإجارة اتصالها بالعقد فلو آجره المحرم و هما في رجب صح سواء كانت العين مشغولة بغيره أو لا فإن كانت الإجارة على مثلي العقد لم يحتج إلى ذكر ابتدائها و إن كانت لا تليه وجب ذكر ابتدائها و لو أطلق فقال آجرتك سنة أو شهرا فالأقرب الصحة و ابتداء المدة من حين العقد و إن لم يسمّ السنة و الشهر فعلى هذا يجوز أن يوجر العين الواحدة لاثنين في زمانين قبل أن تنقضي مدة الأوّل [- ط -] لا يتقدر أكثر مدة الإجارة بقدر بل يجوز على ما تراضيا عليه و إن تجاوز سنة أو ثلاثين سنة أو أكثر و لو استأجره شهرا لم يجب تقسيط الأجر على الأيام و كذا لو استأجره سنة لم يحتج إلى تقسيط أجر كل شهر و كذا لو استأجره سنتين فصاعدا لم يجب تقسيط أجر كل سنة و لو قسط الأجر على أجزاء المدة جاز فإن انهدمت الدار في بعض الأجزاء سقط ما سمّاه في التقسيط و إن لم يقسط لزم تقسيط المسمّى في أصل العقد و رجع بحصته [- ى -] يجوز استيجار المنازل و العقار بشرط التقييد بالمدة المعيّنة و لا بدّ فيه من المشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة إن أمكن ضبطه بوصف و يثبت له خيار الرؤية و لو آجرها للزراعة فإن كان فخرجت جريب معلوم وجب مشاهدته أو وصفه بما يرفع الجهالة و لا يصح إجارة العقار في الذمة بل يكون مشاهدا أو موصوفا [- يا -] إذا استأجره لعمل معيّن فإن قدّره بمدة مثل أن يستأجره شهرا ليحفر له بئرا أو نهرا لم يجب معرفة القدر و عليه أن يحفر المدة و هل يحتاج إلى معرفة الأرض فيه نظر و إن قدره بالعمل مثل أن يستأجره لحفر بئر معيّنة أو نهر معين وجب مشاهدته و معرفة دور البئر و عمقها و طول النهر و سعته و عمقه و لو حفر بئرا وجب أن يشيل التراب و لو انهار تراب من جوانبها أو سقطت فيه بهيمة و شبهها لم يجب عليه إخراجه و لو وقع مع التراب الذي أخرجه فيها لزمه الحفار إخراجه إلا أن يقع بعد تسليمها محفورة و لو حصل بصخرة أو جماد بمنع الحفر أو نبع ماء يمنعه لم يلزمه حفره و يتخير في الفسخ فيثبت له من الأجر بنسبة ما عمل فيقسط الأجرة عليه و على الباقي و يأخذ بالنسبة و لا يقسط على الأذرع و في رواية من استأجر ليحفر بئرا عشر قامات بعشرة دراهم فحفر قامة و امتنع من الباقي بسطت الأجرة على خمسة و خمسين جزءا فما أصاب واحدا فهو للقامة الأولى و الاثنين للثانية و هكذا و الأول أقرب و لو كانت الصخرة مما يمكن حفرها أو ثقبها مع المشقة قال الشيخ يجب عليه ذلك و عندي فيه نظر [- يب -] لو استأجر لضرب اللبن و قرنه بالعمل افتقر إلى بيان العدد و ذكر القالب و موضع الضرب و ما يؤخذ منه الماء فإن كان هناك غالب معروف جازت الحوالة عليه و كذا لو عين أبعاده و لو شرط قالبا غير معروف و هو مشاهد فالوجه الجواز و لو قرنه بالزمان لم يفتقر إلى ذلك سوى موضع الضرب على إشكال [- يج -] لو استأجره للبناء فإن قدّره بالعمل افتقر إلى معرفة المكان و موضع الماء و ذكر أبعاد الحائط و آلة البناء من لبن أو حجر أو طين و لو استأجره لبناء آجر معروف العدد أو لبن كذلك ثم سقط الحائط بعد البناء استحق الأجر إن لم يكن بتفريطه و بناه محكما و لو فرط أو بناه محلولا فعلته الإعادة و غرامة ما تلف من الآلة و لو استأجره لبناء عشرة أذرع فرفع بعضها

ص: 246

ثم سقط أعاده و أتم المقدّر [- يد -] إذا استأجره للنسخ و قرنه بالعمل وجب ذكر عدد الأوراق و قدرها و عدد السطور و قدر الحاشية من كل جانب و دقة القلم و غلظه ثم الخطّ إن عرف بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة جاز و إلا افتقر إلى مشاهدته يجوز تقدير الأجر بأوراق الفرع و بأوراق الأصل و لو قاطعه على نسخ الأصل بشيء معلوم جاز و إذا غلط قليلا تجري به العادة لم يكن عليه شيء و إن تجاوز العادة فهو عيب يرد به و لو كان الكاغذ من المستأجر كان عليه الأرش و لا يجوز له التشاغل بما يقتضي غلطه كالمحادثة وقت الكتابة و كذا ما يشبه الكتابة كالنساجة [- يه -] لو استأجره لحصاد الزرع قرنه إما بمدة معيّنة أو عمل معلوم و كذا في رفعه أو تصفيته و نقله إلى موضع معيّن و لو استأجره للاحتطاب أو الاحتشاش جاز و قرنه بالمدة أو العمل و لو آجر نفسه لنقل حطب و فرقه بالعمل جاز أن ينقل لغيره معه و إن قرنه بالمدة فإن كان لا ضرر فيه فالأقرب الجواز و إن كان فيه ضرر فالأقرب سقوط ما قابل فعله مع الثاني من الأجرة و هكذا حكم كل أجير خاصّ عمل مع غير مستأجره [- يو -] لو استأجره لاستيفاء القصاص و قرنه بالعمل جاز و كذا إن قرنه بالمدة مع كثرته و على التقديرين فهل الأجرة على المقتصّ منه أو على المستوفي نظر من حيث إن الاستيفاء واجب و لا يتم إلا بالأجرة فيجب كالوزان و من حيث إن المقتص منه عليه التمكين و قد حصل و الأوّل فيه قوّة [- ين -] لو استأجره ليشتري له ثيابا قرنه بالمدّة و لو عين العمل فجعل له من كل ألف درهم يشتري بها شيئا معلوما صحّ و لو قال كلما اشتريت ثوبا فلك درهم أجرا و كانت الثياب معلومة بصفة أو مقدرة بثمن جاز و إن لم يكن كذلك ثبت له أجرة المثل [- يح -] لو استأجر الحر للخدمة لم يجز له منعه عن فرائض الصّلوات اليوميّة و غيرها كالجمع و الأحوال و الآيات و الأقرب أن له منعه عن النوافل إن كانت في وقت الخدمة و كذا العبد [- يط -] لو استأجر دارا جاز إطلاق العقد و لا يجب ذكر السكنى و لا صفتها عملا بالإطلاق و يجوز أن يسكنها بنفسه و عياله و إن لم يذكر في العقد و أن يسكنها غيره ممن يقوم مقامه في الضّرر أو دونه و يضع فيها ما جرت العادة به من الرّحل و الطعام و الثياب و لا يسكنها من هو أضر منه كالقصار و الحداد و لا يجعل فيها الدّواب الخارجة عن العادة و لا يجعل فيها شيئا لم يكن و لم يجر عليه موافقة و لا شاهد حال مما هو مضر عبا كالرحى و وضع الأشياء الثقيلة فوق سطحها و جعل الطّعام في بيوتها على سبيل الإحراز فيها و لا يجب ذكر عدد السكان و لو اكترى ظهرا ليركبه جاز أن يركبه غيره ممن هو أخف و لا يركبه الأثقل و لا يشترط التساوي و في الطول و القصر و المعرفة بالركوب و ليس للمالك منعه عن ذلك و لو شرط في العقد اختصاص المستأجر باستيفاء المنفعة لزم [- ك -] لو استأجر للرضاع دون الحضانة أو الحضانة دون الرضاع أو لهما معا جاز و لو أطلقا العقد على الرضاع فالأقرب عدم دخول الحضانة منه و الحضانة تربية الصّبي و حفظه و جعله في سريره و أخذه منه و كحله و دهنه و تنظيفه و غسل خرقه و ثيابه و أشباه ذلك و اشتقاقها من الحصن و هو ما تحت الإبط تشبيها بحضانة الطير للفراخ و البيض و يجوز استيجار المرضعة على إرضاع من لها فيه نصيب و لا بدّ في الرضاع من تعيين المدة و معرفة الصّبي بالمشاهدة و موضع الرّضاع و معرفة العوض و هل المعقود عليه في الرضاع خدمة الصّبي و حمله و وضع الثدي في فيه و يكون اللبن تابعا كماء البئر في الدار و الضيع في الصباغة أو اللبن الأقرب الثاني و لهذا يستحق الأجرة بالرضاع و إن لم يخدمه دون العكس و كون المنفعة عينا للرخصة و على المرضعة أن تأكل و تشرب ما يكثر به اللبن و يدر و يصلح به و للمستأجر مطالبتها به و عليها السقي بمجرى العادة و لا يجب صرف اللبن بأجمعه إلى الولد لئلا يتلف ولدها أو يتضرّر و لو أسقته لبن الغنم لم يستحق أجرا و لو دفعته إلى خادمتها فأرضعته فالوجه أنه لا أجرة لها و لو اختلفا في الإرضاع فالقول قولها مع اليمين و يجوز أن يوجر أمته و مدبرته و أم ولده و المأذون لها في التجارة للرضاع و ليس لواحدة منهنّ الامتناع و لا إجارة نفسه من دون إذنه و إنما يجوز الإجارة على الإرضاع إذا كان في اللبن فضل عما يحتاج الولد إليه و لو كان الولد مملوكا لأن السّيد إنما يملك فاضل حاجة مملوكة و لو كانت الأمة مزوجة لم يجز إجارتها للرضاع إلا بإذن الزّوج على إشكال فيما إذا لم يمنع شيئا من حقوقه و لو زوجها بعد الإجارة لم ينفسخ عقد الإجارة و يكون للزوج الاستمتاع بها وقت فراغها و يطؤها و إن لم يأذن المستأجر و ليس له إجارة مكاتبته و لها أن توجر نفسها و يجوز أن يستأجر أمه و أخته و ابنته و سائر أقاربه لرضاع ولده و لو استأجر زوجته لرضاع ولده صح و لزم العوض سواء كانت في حباله أو لا و ليس للزوجة أن توجر نفسها للرضاع إلا بإذن الزوج على إشكال و لو تطوعت بإرضاع ولدها منه أو من غيره لم يجبر الأب على القبول و كان له منعها قال الشيخ و لو تعاقدا عقد الإجارة على رضاع الولد لم يجز ما دامت في حباله و يجوز مع البينونة و جوزه ابن إدريس مطلقا و هو جيّد و يبطل الإجازة بموت المرضعة أو الطفل فإن كان قد مضى بعض المدّة راجع المستأجر

ص: 247

بما قابله و إلا رجع بالجميع و لا يبطل بموت المستأجر و أجرة الرضاع على الصغير إن كان موسرا و إن كان معسرا فعلى الأب و ليس للرجل إجبار امرأته على إرضاع ولده منها و له إجبار مملوكته و مدبرته و أم ولده و مكاتبتة المشروطة لا المطلقة

الخامس أن يكون المنفعة مباحة

فلو استأجر مسكنا ليحرز فيه خمرا أو دكانا ليبيع فيه شيئا محرما أو أجيرا ليحمل له حراما لم يصح العقد و كذا لو استأجر حائضا لكنس المسجد

السّادس أن يكون المنفعة مقدورا على تسليمها

فلو استأجر الآبق للخدمة لم يصحّ و لو ضم إليه غيره ففيه نظر و لا يجوز إجارة الأرض للزراعة ببعض ما يخرج منها سواء عين مقداره أو جعله جزءا مشاعا

الفصل الرّابع في باقي مباحث العقار

و هي [- يد -] بحثا [- ا -] يملك المستأجر المنافع بالعقد و يزول ملك المؤجر عنها و لا يجوز للموجر التصرف فيها و لو استأجر دارا سنة فسكن شهرا مثلا لم يكن للمالك إخراجه منها فإن خرج بنفسه لم يسقط عنه مال الإجارة و كذا لو لم يسكنها أصلا و لو منعه المالك من السكنى في ابتداء مدة العقد حتى خرجت السنة انفسخ العقد و لو مكنه بعد المنع في الابتداء انفسخ العقد فيما منعه و كان عليه أجرة الباقي بالنسبة و لو خرج المستأجر بعد أن سكن شهرا من قبل نفسه و تركها شهرا فسكنها المالك باقي السنة أو آجرها فالأقرب عدم بطلان الإجارة في الباقي و يجب على المالك أجرة المثل عن هذه المدة سواء زادت عن المسمى أو ساوته أو قصرت عنه و لو سكنها شهرا ثم سكن المؤجر شهرين ثم تركها وجب على المؤجر أجرة مثل الشهرين و على المستأجر إجارة الجميع [- ب -] لو سكن بعض المدة ثم أخرجه المالك تمامها كان له مدة ما سكنه المستأجر و لا يسقط عنه الأجرة فيما مضى بإخراج المالك له قهرا و هل ينفسخ الإجارة في الباقي الأقرب عدم البطلان و يكون للمستأجر أجرة المثل إن زادت عن المسمى و لو نقصت عنه فالأقرب أنه لا يضمن الزائد و كذا لو آجر دابة و منعه المالك عن استيفاء المنفعة بعد استعمالها بعض المدة أو آجر نفسه أو عبده للخدمة ثم امتنع من إتمامها أو آجر نفسه لبناء حائط أو خياطة أو حفر بئر أو حمل شيء إلى موضع فحمله بعض الطّريق أو بنى بعض الحائط أو خاط بعض الثوب أو حفر بعض البئر فإنه لا تسقط أجرة التالف في ذلك كله و لو آجر نفسه للخدمة فهرب أو آجر دابته فشردت أو أخذ المؤجر العين و هرب بها أو منعه من استيفاء المنفعة تخير المستأجر بين الفسخ و الإمضاء فإن لم يفسخ انفسخت يمضي المدة يوما فيوما فإن عادت العين في الأثناء استوفي الباقي و لو انقضت المدّة انفسخت الإجارة أما لو كانت الإجارة على موصوف في الذمة كخياطة الثوب أو بناء حائط فالوجه أنه يستأجر من ماله من يعلمه و لو تعذّر كان للمستأجر الفسخ و الصبر إلى وقت القدرة على المطالبة بالعمل [- ج -] إذا استأجر دارا أو أرضا للزرع فانهدمت الدار و غرقت الأرض أو انقطع بناؤها في أثناء المدة فإن لم يبق فيها يقع أصلا فهي كالتالفة ينفسخ الأجرة فيما بقي و ليس له الفسخ فيما مضى و الرجوع إلى أجرة المثل على إشكال و إن بقي فيها يقع غير ما استأجره له مثل أن ينتفع بعرضة الدار لوضع حطب فيها أو نصب خيمة أو صيد السمك فالأقرب ثبوت الخيار للمستأجر بين الفسخ و الإمضاء بالجميع و لا يبطل الإجارة من دون الفسخ و لو لم يختر أحدهما لجهله بأن له التخيير أو لغيره كان له الفسخ بعد ذلك و لو كان النفع الباقي لا يجوز استيفاؤه بالعقد كما لو استأجر للركوب فصار لا يصلح إلا للحمل أو بالعكس انفسخت الإجارة و لو أمكن الانتفاع مع قصوره مثل أن يمكنه الزرع بغير ماء أو كان الماء يخسر عن الأرض التي غرقت على وجه يمتنع معه بعض الزّرع أو كان يمكنه سكنى ساحة الدار لم ينفسخ الإجارة بل يتخير المستأجر بين الفسخ و القبول بالجميع على إشكال و لو كان الحادث لا يضرّ مثل انقطاع الماء وقت الغنى عنه أو وقت الحاجة لكن يجيء به المؤجر من موضع آخر و كان الغرق مما ينحسر سريعا من غير منع من الزرع و لا ضرر لم يكن للمستأجر الفسخ و لو حدث الهدم أو الغرق أو انقطاع الماء ببعض العين تخير المستأجر بين فسخ الجميع أو البعض و يمسك الباقي بحصّته لا بالجميع [- د -] يجب على المالك دفع ما يتوقّف المنفعة عليه كالمفاتيح و لو ضاعت من المستأجر بغير تفريطه وجب على المالك بدلها و لو انهدم بعض المسكن وجب عليه بناؤه و كذا لو سقطت خشية وجب إبدالها و عليه عمل الحمام إما بالقير أو الصّهروج و عمل أبوابه و بزله و ليس عليه التحسين و التزويق و أما الحبل و الدلو و البكرة فعلى المستأجر و على المالك تنقية البالوعة و الكنيف إن احتيج إليه في ابتداء المدة أما لو احتيج إليه لامتلائها بفعل المستأجر فالأقرب أنه كذلك و كذا البحث في تفريغ جير الحمام و لو خرجت المدة و في الدار زبل أو قمامة وجب على المستأجر تفريغها منه على إشكال [- ه -] لو شرط على مستأجر الحمام أو غيره أن مدة تعطيله عليه ففي المنع نظر و لا يجوز أن يشترط استيفاء ما قابل مدة التعطيل بعد مدة الإجارة و لو شرط المالك ملفافا بما يأخذه يكون في يده بحاله على وجه الرّهن و يرده على المستأجر بعد انقضاء المدّة قال الشيخ يبطل القصد [- و -] إذا تجدّد العيب كالهدم و الفرق بعد استيفاء بعض المنفعة تخير المستأجر و ليس له الأرش و لو لم يعلم بالعيب

ص: 248

حتى انقضت المدة فلا خيار و لا أرش [- ز -] إذا شرط المالك الاتفاق على العين مثل أن يشترط أن ما يحتاج الدار أو الحمام إليه من العمارة فعلى المستأجر ففي البطلان نظر و أفتي به في (- ط -) و لو لم يشترط لكن أذن له في الإخراج ليحسب له من الأجرة جاز فإن اختلفا في الإخراج فالقول قول المستأجر على إشكال و لو اختلفا في القدر فالقول قول المالك و لو لم يأذن لم يلزمه ما أخرجه متبرعا و لو أذن الحاكم لغيبة المالك و حاجة الموضع كان له الرجوع به و لو تعذر الحاكم فالأقرب جواز الرجوع للضرورة [- ح -] إذا آجره أرضا يصلح للزّرع و الغرس وجب تعيين أحدهما فلو قال آجرتكها للزرع أو الغرس لم يصحّ حتى تعين و لو قال آجرتك لهما جاز و زرع النصف و غرس الآخر على إشكال و يحتمل البطلان و هو قوي و لو قال لتزرعها ما شئت و تغرسها ما شئت فالأقرب الجواز و لا يجب التقسيط بينهما بل يجوز زرع الجميع و غرسه و التقسيط بالسّوية و متفاضلا [- ط -] لو آجرها للزراعة لم يجز له الغرس و لا البناء و يتخير في أنواع المزروعات مع الإطلاق و مع التخصيص لا يجوز التعدي إلى ما هو أكثر ضررا أو أقل و لو آجرها لزرع نوع معيّن فالأقرب جواز زرع غيره مما يساويه في الضرر أو يقصر عنه و لا يجوز إلى ما هو أزيد و لا إذا شرط المالك التخصيص و كذا البحث لو أكراها للغراس في الإطلاق و التخصيص و لو آجرها للبناء لم يكن له الزرع و لا الغرس و بالعكس فيهما [- ى -] إذا كان الماء دائما صح إجارة الأرض للزرع و الغرس سواء كان الماء من نهر أو عين أو مصنع يكتفي به و لو لم يكن الماء دائما بل كان وقت الحاجة مثل ماء الفرات الذي يزيد وقت الحاجة إليه للزّرع و مصر و أشباه ذلك فإنه يجوز إجارة الأرض للزراعة قبل زيادة الماء و بعده و لو كان مجيؤه نادرا بحيث لا يتحقق حصوله وقت الحاجة لم يجز إجارتها للزرع و الغرس قبل وقت الحصول و يجوز بعده و لو آجرها في غير وقت الماء مطلقا على أنه لا ماء لها جاز الانتفاع بها في غير الزرع كالنزول بها و غيره و مع حصول الماء يجوز له زرعها و ليس له أن يبني و لا يغرس و له زرعها قبل مجيء الماء الرجاء حصوله و لو أطلق الإجارة لهذه الأرض مع علمها بحالها صحّت و لو كان لها ماء غير دائم و ينقطع قبل الزرع أو كان لا يكفيه فهي كالعادمة و لو استأجرها للزرع و لم يعلم بحالها أو علم و ظنّ أن المالك يسوق الماء إليها لم يصح العقد [- يا -] لو استأجر أرضا غارمة لم يجز إلا أن يعلم انحسار الماء عنها وقت الحاجة [- يب -] لو استأجر للزراعة فزرع ثم بقي بعد المدة غير بالغ فإن كان لتفريط من المستأجر كما لو زرع ما لا يدرك في المدة فكالغاصب يتخير المالك بين قطعه و إبقائه بالأجرة و لو اختار المستأجر قطع زرعه في الحال كان له ذلك و ليس للمالك أخذه بالقيمة بدون رضا صاحبه و إن كان بغير تفريط مثل تأخره لبرد حصل أو تأخر الأهوية أو المياه أو غير ذلك فعلى المؤجر تركه و له المسمى و أجرة المثل في الزائد و يحتمل وجوب نقله لحصول التفريط منه إذ قد كان يمكنه الاستظهار بزيادة المدة و الأوّل أقرب أو لو أراد المستأجر زرع ما لا يدرك في المدة فالأقرب أنه للممالك منعه و قال الشيخ له منعه و فيه نظر نعم له قلعه عند الانقضاء لا قبله و لو استأجر لزرع مدة لا يكمل فيها و شرط تفريغ الأرض عند الانتفاء جاز و لزمه النقل و إن أطلق فالوجه الجواز سواء أمكنه الانتفاع بها في المدة يزرع ما يساوي المشترط في الضرر أو يقصر عنه أو لا على إشكال و (- ح -) فالأقرب عدم وجوب الإبقاء على المالك و لو رضي بالأجرة عن الزيادة جاز و لو اشترط التبقية إلى وقت البلوغ بطل العقد [- يج -] إذا استأجر الغراس سنة ما يبقى بعدها غالبا صحّ سواء شرط قلع الغراس عند الانتهاء أو لا و له الغرس قبل الانقضاء لا بعده و يجب مع الانتهاء قلع الغرس مع الشرط و هل مئونة القلع على الغارس أو المالك فيه تردد و لا أرش على المالك و لا يجب على المستأجر تسوية الحفر و إصلاح الأرض إلا أن يقلعه قبل المدة و لو اتفقا على إبقائه بعوض أو غيره جاز إن قرنه بمدة معينة و لو أطلق العقد فللمستأجر القلع و عليه تسوية الحفر و كذا إن قلعه قبل انتهاء المدة و لو لم يقلعه قال الشيخ لم يجبر على قلعه مجانا و يتخير المالك بين أخذ الغرس بالقيمة و يجبر المستأجر على القبول و بين الإجبار على القلع مع دفع الأرش لنقص الغرس بالقلع و بين التقيّة بأجرة المثل و عندي في إجباره على قبول القيمة نظر و لا يتخير المالك بين دفع قيمة الغراس و القلع مجانا و التّرك فيكونان شريكين و لو باع الغارس غرسه على غير المالك جاز و قام المشتري مقام البائع و لو شرط في العقد تبقية الغراس فالأقرب البطلان و يثبت أجرة المثل [- يد -] إذا آجرها للزّرع و أطلق جاز أن يزرع ما شاء و له زرع ما هو أبلغ ضرر أو أدناه و ما بينهما و إن عين المزروع جاز أن يزرعه و ما يساويه أو يقصر عنه في الضّرر سواء شرطه أو لا و إن شرط أن لا يزرع غيره صح الشرط و العقد و مع التخصيص لو زرع ما هو أفقر و كان للموجر قلعه سواء بلغ إلى الضّرر الزائد على ما سماه أو لا ثم إن بقي من المدة ما يمكن فيه زرع المسمّى كان له ذلك و إلا فلا و عليه

ص: 249

أجرة جميع المدة و لو لم يعلم المالك حتى استحصد فالوجه أن له المسمّى و أجرة الزيادة و يلوح من كلام الشيخ التخيير بين ذلك و بين أجرة المثل و كذا لو استأجر للسكنى فأسكن القصار أو الحداد فإن الوجه أن يأخذ المسمّى و أجرة الزائد من الضرر و كذا لو استأجر غرفة ليجعل فيها وزنا من القطن فوضع ذلك الوزن من الحديد و لو قال ازرع ما شئت جاز و ليس له أن يغرس و لو استأجرها للبناء جاز و يشترط معرفة الموضع و العرض و في العلو نظر

الفصل الخامس في باقي مباحث الحيوان

و هي [- يز -] بحثا [- ا -] إذا استأجر دابة لمنفعة كان له أن يستوفي تلك المنفعة و مثلها و دونها فلو استأجرها لحمل شيء معلوم جاز أن يحملها ما يساويه في المقدار و الضرر و ليس للموجر إبدال الدابة بمثلها أو أجود بدون رضاء المستأجر و لو كانت المنفعة الّتي يستوفيها أكثر ضررا أو مخالفة للمعقود عليه في الضرر لم يجز فلو استأجر لحمل حديد لم يحمل قطنا و بالعكس لكثرة مقدار الأول بتفاوت الهواء فيكثر التعب و ملازمة الثاني موضعا واحد فإن خالف كان عليه المسمّى و أجرة الزائد و يضمن و لو استأجر للركوب لم يكن له أن يحمل و بالعكس و لو استأجره ليركبه عاريا لم يكن له ركوبه بالسّرج و بالعكس و لو استأجر ليركبه بسرج لم يكن له ركوبه بأثقل [- ب -] لو استأجرها للركوب أو الحمل في مسافة معيّنة لم يجز أن يسلك بها في غيرها سواء كان أكثر ضررا لها لخوف أو حزونة أو أقل و لو فعل ضمن و هل يجب المسمّى مع الزيادة إن كانت أو أجرة المثل فيه نظر [- ج -] إذا استأجرها للركوب أو الحمل إلى غاية فتجاوزها كان عليه المسمّى و أجرة المثل للزائد و يضمن من حين التعدي و لا خيار للمالك مع بقائها بين المطالبة بالأجرة و بالقيمة يوم التعدي و إن بعدت مسافة التجاوز و لا فرق في الضمان بين أن يتلف في الزيادة أو بعد ردها إلى المسافة هذا إذا كان صاحبها غائبا و إن كان حاضرا و لم ينطق بشيء حتى تعدى فيها لم يكن مضمونة ضمان اليد فإن يد صاحبها عليها فإن ماتت و المستأجر راكب ضمن إما النصف أو قابل الزائد على مسافة الإجارة بعد النسبة على الاحتمالين هذا ما قاله الشيخ و الوجه عندي ضمان الجميع و إن كان صاحبها ساكنا و إن تلفت بسبب سبع أو سقوط في وهدة و شبهها بعد نزوله عنها و تسليمها إلى صاحبها لم يضمنها و لو كان التلف بسبب التعدي فإنّه يضمنها بأجمعها و كذا الأول يضمن الجميع لو كان التلف من الراكب بسبب الحمل أو السير و لا يسقط الضمان بردها إلى المسافة [- د -] لو استأجر لحمل شيء فحمل أزيد وجب المسمّى و أجرة المثل للزائد و يلزمه الضمان و لو استأجره لحمل قفيز فوجده قفيزين فإن كان المستأجر تولى الكيل من غير علم المالك كان حكمه حكم من استأجر لحمل شيء فزاد و إن كان المالك من غير علم المستأجر فلا أجرة عليه للزائد و للمستأجر مطالبته برد الزائد إلى موضعه و ليس للموجر إلزامه بذلك لو لم يرده و لو رجعا إلى بلد الأجرة ثم علما بالزيادة فالأقرب أن للمستأجر المطالبة بردّ الزّيادة و لا يجب عليه قبول المثل و لا ضمان و لو تلف الزائد من الطعام ضمنه سواء كاله أحدهما و وضعه الآخر على ظهر الدابة أو كاله و وضعه و إن تولاه أجنبي من غير علم المستأجر فهو متعدّ عليهما يضمن الدابة لصاحبهما و الطعام لمالكه و لوكالة المستأجر و وضعه المالك مع علمه بالزيادة فلا ضمان و في ثبوت الإجارة في الزائد نظر و لو انعكس الحال فعليه أجرة الزّائد و لو أمره بالحمل ففي الأجر نظر و إن كاله أحدهما و حمله أجنبي بأمره أو بأمر الآخر فهو كما لو حمله أحدهما و لو كان بغير أمرهما تعلق به الضمان إذا عرفت هذا فإذا حملها أزيد فقد قلنا إنه ضامن و هل يضمن الجميع أو البعض بالتقسيط الأقرب الثاني و لو كانت الزيادة مما لا يقع غلطا لم يضمن و لا وجب لها أجرة في ذلك كله هذا إذا تلفت من الحمل و لو تلفت بسبب غيره كأفراس السبع و الوقوع في الوهدة و أخذ ظالم لها ففي الضمان إشكال [- ه -] لو استأجر الدابة مدة غزائه لم يجز و كذا مدة سفره في تجارته فإن فعل فله أجرة المثل و لو سمى لكل يوم شيئا معلوما من غير تعيين الأيام لم يجز و لو عينها صحّ و يلزمه الأجر سواء كانت مقيمة أو سائرة و لا بد من تعيين ما يستأجر له من ركوب أو حمل و كذا لو آجر نفسه لسقي النخل كل و لو بتمرة أو فلس أو غيرهما جاز بشرط تعيين الدلاء و لو لم يعين بطل و كان له أجرة المثل مع العمل و لا بد من معرفة الدلو و البئر و ما يستسقى به [- و -] لو استأجر دابة عشرة أيام بعشرة دراهم فإن حبسها أكثر من ذلك فله بكل يوم درهم لم يجز فإن جعل ذلك شرطا في العقد بطل العقد و إلا فلا فإن حبسها أكثر من المدة كان له أجرة المثل و كذا البحث في الصّبرة لو استأجره لحملها على أنها عشرة أقفزة بدرهم فما زاد فبحسابه [- ز -] لو استأجر صبرة مشاهدة إلى موضع معيّن جاز و لو قال استأجرتك لتحملها كل صبرة قفيز بدرهم فإن علما مقدار القفيز صح إجماعا و إلا فالأقرب البطلان و يثبت أجرة المثل و لا يلزم في قفيز واحد على إشكال و لو قال لتحمل قفيزا بدرهم و ما زاد فبحسابه يريد به حمل الجميع صح في القفيز إن لم يجعل الزائد شرطا و إلا بطل و وجب أجرة المثل و لو أراد مهما حملت من باقيها فبحسابه و يصح و كذا لو قال لتحمل قفيزا بدرهم على

ص: 250

أن تحمل الباقي بحساب ذلك أو قال لتحمل هذه الصرة كل قفيز بدرهم و تنقل لي صبرة أخرى في البيت بحساب ذلك سواء علما الصبرتين بالمشاهدة أو لم يعلماهما و لو علماهما بالكيل جاز و لو علما إحداهما خاصة صحّ فيها خاصة و لو قال لتحمل هذه الصّبرة و الّتي في البيت بعشرة فإن علما الّتي في البيت بالمشاهدة صحّ و إلا فلا و لا يصحّ في المشاهدة بانفرادها و لو قال لتحمل هذه الصّبرة و هي عشرة أقفزة بدرهم فإن زادت على ذلك فبحسابه صح في العشرة خاصة إن لم يجعل الزائد شرطا [- ح -] إذ استأجر دابة للركوب اشترط في صحته معرفة المتعاقدين بما عقدا عليه فإذا آجره جملا للركوب وجب معرفة الراكبين و الآلة الّتي يركبان فيها كالمحارة و غيرها و هل المحمل مغطى أو مكشوف و جنس غطائه و معرفة الوطاء و إن كان مقتبا ذكره و يحتاج إلى معرفة المعاليق كالقربة و السطحية و السفرة و نحوها من جميع ما يحمل معه و يجب معرفة الدابة الّتي يركب عليها إما بالمشاهدة أو الوصف فيذكر الجنس كإبل أو فرس أو حمار و النوع كبختي أو عربي أو برذون أو مصري أو شامي و الذكورة و الأنوثة و جودة مشيه و رداءته و إذا كان الكراء إلى مكة أو ما يشبهها ممّا لا مدخل للموجر في السّير لم يحتج إلى ذكر وقته و قدره كلّ يوم و لو كان السير في كل وقت إلى المؤجر فالأقرب عدم وجوب ذلك أيضا لكنه مستحبّ و إذا أطلق و للطريق منازل معروفة عمل على العرف مع اختلافهما و كذا لو اختلفا في وقت السير من الليل و النهار و في موضع المنزل من داخل البلد أو خارجه فإنّه يحمل على العادة و لو لم يكن للطّريق منازل معروفة فالأولى صحة العقد و الرّجوع إلى العادة في غير تلك ذلك الطريق [- ط -] إذا شرط حمل زاده و كان معينا فنقص بالأكل المعتاد فالأقرب أنّه ليس له حمل بدله و قوى الشيخ أن له الإبدال و ليس برديء و لو شرط ذلك فالأقرب الجواز و كذا لو فني الزاد بالأكل أما لو نقص بالسرقة أو بالأكل الخارج عن العادة فالوجه جواز حمل العوض و على ما اخترناه لو فقد الزاد و كان بين يديه مراحل يوجد الزاد فيها كان له أن يشري ما يتزوّر به مرحلة مرحلة و إن لم يوجد أو وجد بثمن غال كان له أن يحمل البدل مع نفسه و لو شرط عدم إبدال ما نقص من الأكل فنقص بسرقة أو سقوط فالوجه جواز الإبدال [- ى -] إذا اكترى جملا ليحج عليه فله الركوب عليه إلى مكة و من مكة إلى عرفة و الخروج عليه إلى منى و لو اكترى إلى مكة فقط لم يكن له الخروج عليه إلى عرفات و منى [- يا -] يجب على المؤجر القيام بما يحتاج الركوب إليه من الحداجة و القتب و الزمام أو السّرج و اللجام أو البردعة و المقود و على المستأجر الزائد على ذلك كالمحارة و الحبال الّتي يربط بها و الوطاء الذي يشد به فوق الحداجة تحت المحل و على المؤجر رفع المحمل و حطّه و شدّه على الجمل و رفع الأحمال و شدها و خطها و عليه إعانة الراكب على الصعود و النزول و عليه السابق و القائد هذا إذا اكتراه على أن يصحبه و لو استأجر على أن يأخذ الدابة هو و يمضي بانفراده كان ذلك جميعه عليه و أما الدليل فالأقرب أنّه على المستأجر إن كانت الأجرة على ظهر معيّن و على المؤجر إن آجره للحمل إلى المشترط و أما السّوق فإن كان الكراء ليحمل المستأجر أو ليركب هو عليها فالسّوق عليه و إن استأجر لحمل المتاع فعلى المؤجر و جميع ما قلناه على أحدهما لو شرطه على الآخر جاز و على المؤجر إبراك البعير للمرأة و العاجز لكبر أو مرض أو سمن و ليس عليه ذلك لغير المعذور و لو كان قويا حال العقد فضعف أو بالعكس كان الاعتبار بحال الركوب و على المؤجر إيقاف البعير لينزل لصلاة الفريضة و قضاء الحاجة و الطّهارة و يستمر على وقوفه حتى يفعل المستأجر ذلك ثم ركب أما ما يمكنه فعله راكبا كالأكل و الشرب و صلاة النافلة فلا يجب إيقافه لذلك و لا أن يبركه له و لو كان في موضع يتخير بين التمام و القصر فطلب المستأجر التمام لم يكن للموجر مطالبته بالقصر بل يقف معه حتّى يتمّ صلاته و لو آجره و سلمه إليه ليركبه بنفسه لم يلزمه شيء مما قلناه و لو كانت العادة يقتضي النزول و المشي عند قرب بعض المنازل لم يجب على الراكب النزول فيه و إن كان جلدا على المشي [- يب -] لو هرب الجمال بانفراده لم يبطل الإجارة و أقام الحاكم عوضه من يقوم بما يجب عليه من إطعام الدواب و السّد و الحل و لو لم يجد مالا سوى الجمال و فيها فضله بيعت في حمل المستأجر و النفقة على الجمال و إقامة عوضه و لو لم يكن فضلة أقرض الحاكم عليه أما من بيت المال أو غيره و دفع إلى المستأجر ما يحتاج إليه و لو استدان من المكتري و أنفق جاز و إن أذن للمستأجر في الإنفاق ليرجع به جاز و لو اختلفا في قدر النفقة فإن كان الحاكم قدرها قبل قوله في المقدر مع اليمين دون الزائد و كذا إن لم يقدر في المعروف خاصة و لو اتفق بغير إذن الحاكم مع القدرة عليه لم يرجع بها و كذا مع التعذّر و ترك شرط الرّجوع و الإشهاد و لا يقبل قوله في إيجاب الرّجوع له على غيره و إن أشهد بشرط الرجوع فالأقرب ثبوت الرجوع فإن انقضت مدّة الإجارة و رجع الجمال طولب بما عليه و سلم إليه الجمال و إن لم يعد أو لم يود باع الحاكم منها بقدر ما عليه فإن فضل كان للحاكم الخيار في بيعه مع العينة و الاحتفاظ بالثمن و في الإبقاء و إن هرب لجماله و كانت الإجارة في الذّمة لم ينفسخ بالهرب و يكتري

ص: 251

الحاكم من مال الجمال له ظهرا فإن فقد المال أقرض عليه إما من بيت المال أو بعض النّاس أو المستأجر و الأقرب أنه ليس له أن يجعل الاستيجار إلى المستأجر و لو تعذر الاقتراض فللمستأجر الفسخ و يبقى المال دينا على الجمال و البقاء على العقد و يطالب الجمال مع عوده بظهر يركبه إلا أن يكون مقيّدة بزمان و ينقضي فله مال الإجارة و إن كانت الإجارة على بهيمة معيّنة لم يكن للحاكم أن يستأجر له غيرها فإن فسخ المستأجر رجع بمال الإجارة و يدفع الحاكم العين إن وجدها و إلا المثل أو القيمة و لو لم يكن له مال فهل له أن يقترض عليه قال الشيخ ليس له ذلك و الوجه تخصيص المنع بالاقتراض من المستأجر لانتفاء الفائدة قد بينا أنه إذا لم يكن له مال يقترض الحاكم عليه إما من بيت المال أو من بعض الناس فإن لم يمكن فمن المستأجر و في هذه الصورة ليس للاقتراض من المستأجر فائدة لأن المستأجر له في ذمة المؤجر مال فإبداله لا فائدة فيه و إن لم يفسخ و كانت الإجارة متعلقة بمدّة انفسخت بانقطائها و لو بقي من الزّمان شيء ثم عاد الجمال بحاله انفسخ فيما فات دون ما بقي و لا فيما استوفاه و إن كانت مقدّرة بالعمل كان له المطالبة به مع رجوع الجمال سواء كان عوده بعد مضي مدّة يمكن فيها الانتفاع أو لا [- يج -] يصح ذكر العقبة و هو أن يركب البعض و يمشي الآخر بشرط أن يقدرها بفراسخ معينة أو زمان معلوم مثل أن يركب إلى الزوال و يمشي إلى آخره و يعتبر في هذا زمان السير دون زمان النزول و لو اكترى على أن يركب يوما و يمشي آخر جاز و لو أطلق العقبة من غير تعيين فإن كانت هناك عادة معلومة حمل عليها و إلا بطل و لو اتفقا على أن يركب يوما و يمشي مثلها أو ما زاد على ذلك أو نقص جاز و لو اختلفا لم يجبر الممتنع منهما و لو اكتراه اثنان للعقبة بينهما بركب أحدهما ثم ينزل فيركب الآخر جاز و يكون الإجارة متعلقة بجميع المسافة و يرجعان في التناوب إلى العادة أو ما يتفقان عليه و لو اختلفا في البادي أقرع و لو لم يكن للتناوب عادة بطلت الإجارة إلا أن يعينا في العقد التناوب إما بالزّمان أو بالفراسخ [- يد -] لو استأجر للحمل لم يجب معرفة الحمولة من كونها فرسا أو إبلا أو غيرها إلا أن يكون المحمول يستضر بكثرة الحركة كالفاكهة و الزجاج أو يكون الطريق مما يعسر على بعضها دون بعض فيفتقر إلى تعيينه و لا بد من معرفة المحمول فلو شرط أن يحمل ما شاء لم يجز و كذا لو قال لتحمل عليها طاقتها بل يجب معرفته إما بالمشاهدة أو الوصف بالقدر و الجنس و الظرف إن دخل في الوزن لم يحتج إلى ذكر و إلا وجب إن اختلف و لو لم يختلف كالصوف و الشعر لم يجب تعيينه و لو استأجر لمائة رطل من الحنطة لم يدخل الظرف و لو قال لمائه دخل و لو استأجر ظهرا للحمل موصوفا بجنس مثل أن يشترط الخيل أو البغال أو الإبل ليسرع في السير فلا لفوته الصحبة أو ليسكن السير فلا يحصل من الحمل فأراد حمله على غير ذلك الجنس لم يقبل منه سواء كان المستأجر أو المؤجر [- يه -] لو استأجر بقرا للحرب جاز و افتقر إلى معرفة البقر و يجوز استيجارها بانفرادها فالمتولي للحرث المستأجر و بانضمامها إلى مالكها ليعمل بها و إلى الآلات كالسير و بدون الآلة و لو استأجر البقر للدياس افتقر إلى معرفة الزّرع إما بالمشاهدة أو المدة من غير تعيين الزرع و متى شرط المدة افتقر إلى تعيين البقر [- يو -] لو استأجر لإدارة الرّحى افتقر إلى معرفة الحجر بالمشاهدة أو الوصف و تقدير العمل إما بالزمان أو بتقدير المطحون و ذكر جنسه و لو استأجر لدوران الدولاب افتقر إلى مشاهدة الدّولاب و تقدير العمل لها بالزمان أو بامتلاء شيء معين كالحوض و لو استأجر للغرب افتقر إلى معرفة الغرب و تقدير الاستيفاء بالزمان أو تعدّد الغروب أو بامتلاء شيء معيّن و لا يجوز التقدير بشرب الأرض و إن كانت معيّنة و كذا لو قدره بشرب الماشية و لو استأجر لاستسقاء الماء افتقر إلى معرفة الآلة كالراوية و الجرة و القربة و تقدير العمل إما بالوقت أو عدد المرات أو امتلاء شيء معيّن فإن قدره بالمرات افتقر إلى معرفة الموضع الذي يستقى منه و يذهب إليه و إن قدره بملاء شيء افتقر إلى معرفته و معرفة موضع الماء و لو استأجر الدابة لنقل التراب جاز و لا بد من معرفتها في كل موضع وقع العقد فيه على المدة فإن وقع على العمل المعيّن لم يجب [- يز -] لو استأجر دابة و ذكر المستأجر أنها تتعب راكبها فإن كان من قبله مثل أن يكون قليل الركوب فلا خيار له و إن كان من قبلها كالضمار و قلّة البصر فإن رضي فلا خيار و إن لم يرض فإن استأجرها بعينها كان له الفسخ دون الإبدال و إن كانت في الذمة كان له البدل و لم يكن له فسخ العقد

الفصل السّادس في تضمين الإجزاء

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لا يضمنها إلا بتعداد تفريط و إذا انقضت المدة وجب عليه دفع يده و ليس عليه الرّد إلا مع المطالبة و لا يضمنها بعد المدة بدون التفريط و لو طلبها صاحبها بعد المدة وجب ردها مع المكنة فإن امتنع ضمنها و عليه أجرة المثل وقت الإمساك و إن لم يستعملها و لو امتنع من الانتفاع من قبل نفسه لزمه الأجرة و لا ضمان و إن كان بوقوع الإصطبل على الدابة [- ب -] لو شرط المؤجر على المستأجر ضمان العين لم يصحّ و هل تبطل الإجارة فيه نظر و لو آجره شيئا و شرط عدم السير ليلا أو وقت الظهيرة أو لا يتأخر بها عن القافلة أو لا يسير في الأعقاب أو في الابتداء أو لا يسلكها طريقا معيّنا أو لا ينزل واديا فخالف ضمن [- ج -] إذا كانت الإجارة فاسدة لم يكن العين مضمونة أيضا إلا بالتعدي [- د -] يسوغ

ص: 252

للمستأجر ضرب الدابة بمجرى العادة و تكبيحها باللجام للإصلاح و الحث على السّير ليلحق الرفعة و للرائض ضرب الدابة للتأديب و ترتيب المشي و العدو و السّير و للمعلم ضرب الصبيان للتأديب إلا صغيرا لا يعقل و لو تلفت الدابة بضرب المستأجر مما يسوغ ضربها به لم يضمن و كذا لا يضمن لو وضع عليها السّرج أو اللجام أو البرذعة فماتت و لو تعدى في ذلك كلّه ضمن و لو ضرب امرأته للتأديب فماتت ضمن و الرائض لا يضمن مع ضربه موافق العادة و لو مات الصغير صف أنفه أو وقع عليه شيء من السقف لم يضمن المؤدب سواء كان الصّبي حرّا أو عبدا [- ه -] الختان و الحجام و المتطيب إذا تلفوا شيئا بفعلهم ضمنوه و إن كانوا حاذقين كما لو قطع بعض الحشفة أو يقطع الطبيب سلعة فيتجاوزها أو يقطع بآلة كآلة أو في وقت لا يصلح للقطع فيه أما لو لم يتجاوزوا محل القطع مع حذقهم في الصنعة فاتّفق التلف فإنّهم لا يضمنون و لو ختن صبيا من غير إذن وليه أو قطع سلعة من إنسان بغير إذنه فسرت جنايته ضمن و لو فعل بإذن من له الولاية لم يضمن إلا مع التعدي [- و -] لو استأجره لقلع ضرسه فقلع غير ما أمره ضمنه و اقتص منه في العمد [- ز -] الراعي لا يضمن الماشية إلا بالتعدي أو التفريط مثل أن ينام عنها أو يعقل أو يضعها في بعد منه أو يغيب عن نظره و حفظه أو يضربها كثيرا أو في غير موضعه أو من غير حاجة أو يسلك بها طريق مخوف و لو اختلفا في التعدي فالقول قول الراعي و لو اختلفا في كون الفعل تعدّيا رجع إلى أهل الخبرة و لو ادعى موت شاة قبل قوله مع اليمين و لا يضمن و إن لم يأت بجلدها و لا يضمن ما يأخذه العرب و اللصوص و الأكراد أو يأخذه السباع إلا مع التعدي بأن يخالف صاحب الغنم في المرعى فإن أطلق و لم يعين الموضع فلا ضمان إلا مع التعدي [- ح -] الصانع مثل القصار و الخياط و الحائك و الطباخ و أشباههم يضمنون ما يتلف بفعلهم سواء كانوا في ملك المستأجر أو ملكهم و سواء كان المستأجر حاضرا أو غائبا و الحمال يسقط ما يضمن من حمله عن رأسه أو يتلف من عترته و الجمال يضمن ما يتلف بقوده و سوقه و انقطاع حبله الذي يشدّ به الحمل و الملاح يضمن ما تلف في يده أو حذفه أو ما يعالج به سفينة سواء حصل منهم التعدي أو لا و سواء كان صاحب العمل حاضرا أو غائبا و كذا كل من أعطي شيئا ليصلحه فأفسده أو أعابه و لو كان للمستأجر عبيد صغار أو كبار على جمله ضمن المؤجر ما تلف من قوده و سوقه و كذا الأجير الخاصّ يضمن ما يتلف بفعله سواء كان عن تفريط أو لا [- ط -] إذا تلف الصانع الثوب بعد عمله تخير المالك بين تضمينه إياه معمولا و عليه الأجر له إن لم يكن دفعه و بين تضمينه إياه قبل عمله و لا أجر له عليه و كذا لو أتلف الحامل ما حمله تخير بين تضمينه في موضع التلف و عليه أجرة حمله إليه و بين تضمينه إياه في موضع التسليم و لا أجرة [- ى -] إذا دفع غزلا إلى حائك فقال انسجه عشرة طولا في عرض ذراع فنسجه زائدا فيهما فلا أجرة له على الزيادة ثم إن كانت الزيادة في الطّول خاصّة استحق المسمى و إن كان في العرض فالأقرب أنه كذلك على إشكال و كذا الإشكال لو كانت الزيادة فيهما و لو نسجه ناقصا في الطول فالأقرب أنه يستحق بنسبة عمله من الأجرة و لو كان ناقصا في العرض فالإشكال فيه أقوى و عليه الأرش في البابين و إن نسجه زائدا في أحدهما ناقصا في الآخر فلا شيء له عن الزيادة و كان الحكم في النقصان ما ذكرنا و ليس لصاحب الثوب دفعه إلى النساج و إلزامه بثمن المغزل و لو أثرت الزيادة نقص العين مثل أن يأمره بعشرة ليكون صفيقا فينسجه خمسة عشر خفيفا أو بالعكس ضمن الأرش و الوجه عدم الأجرة [- يا -] إذا قال للخياط إن كان هذا يكفي قميصا فاقطعه فقال نعم فقطعه و لم يكفه ضمن الخياط أرش القطع و لو قال إن كان يكفيني قميصا هل يكفيني قال نعم قال اقطعه لم يضمن [- يب -] لو أمره بقطع قميص رجل فقطعه قميص امرأة احتمل إلزامه بأرش ما بين قيمته صحيحا و مقطوعا و ما بين قيمته مقطوعا قميص امرأة و رجل و الأول أقوى و على التقديرين لا يستحق أجرا [- يج -] إذا اختلفا فقال أذنت لي في قطعه قميص امرأة أو قباء أو صبغ الثوب أسود فقال بل في قميص رجل أو في قميص أو في الصبغ أحمر فالوجه أن القول قول المالك مع يمينه على عدم الإذن بما ادعاه الخياط و الصباغ و لا أجرة عليه على قطع ما ادعاه الخياط و الوجه أنه لا أجرة له أيضا في مقابلة القطع الذي يصلح لما ادعاه المالك و له الأرش ثم الخيوط إن كانت له لم يكن للخياط فتقه و إن كانت للصّانع جاز له فتقه و انتزاع الخيوط منه إلا أن يتفقا على العوض و لو طلب المالك أن يسدّ في كل خيط خيطا ليعقد في مكانه عند سلّه لم يجب إجابته و كذا البحث في الصّبغ [- يد -] إذا استأجره لعمل في عين فتلفت في يد المؤجر من غير تفريط لم يضمن سواء كان هلاكه بما يستطاع أو بغيره كالغرق أو القهر باليد العالية عليه لا أجرة له فيما عمل فيها إن كان العمل في ملكه و المستأجر غائب و إن كان في ملك المستأجر و هو حاضر قال الشيخ له الأجرة لأنه يسلم العمل جزءا فجزءا و لو حبس الصانع الثوب على استيفاء الأجرة ضمنه إلا أن يجعله المستأجر رهنا و لو دفع القصار الثوب إلى غير المالك للاشتباه بثوب آخر ضمنه فإن قطعه رده مع الأرش و في تضمين القصار الأرش إشكال و يطالب بثوبه فإن كان موجودا أخذه و إن نقص فله الأرش و لو هلك

ص: 253

عند القصار ففي لزومه إشكال أقربه ذلك [- يه -] إذا استأجره للخبر فأحرق بتفريط منه ضمنه و إن كان بغير تفريط لم يضمنه سواء كان التنور في ملك أحدهما أو أجنبيّ [- يو -] إذا استأجر لحفظ ما في البيت من القماش و بيعه لم يضمنه و إذا سرق الثياب من الحمام لم يكن على صاحبه شيء إلا أن يودع فيفرّط [- يز -] إذا حبس حرّا أو عبدا فسرقت ثيابه كان عليه الضمان و لو قال له الحرّ اقطع يدي فقطعها لم يضمنها و لو قال له عبد ضمنها [- يح -] إذا استأجره للعمل في عين كالثوب فقصره فتلف بغير سببه فلا ضمان إلا مع التعدي مثل أن يلبس الثوب ثم يسرق من حرزه فعليه ضمانه بقيمة أكثر ما كانت من يوم التعدي إلى يوم التلف و إن كان التلف بسببه ضمنه يوم الجناية [- يط -] إذا استأجره ليحجم حرا أو عبدا أو يعلمه صنعة فتلف لم يضمن إلا بالتعدي و لو استأجره ليحمل شيئا فتلف في الطريق لم يضمنه إلا مع التعدي أو التفريط سواء كان صاحبه حاضرا معه أو لا و لو أخرج روشنا أو جناحا إلى طريق فتلف به شيء ضمنه و لو غرر الإمام أو حدّ من يستحق ذلك فتلف لم يضمن [- ك -] إذا استأجر ثوبا ليلبسه فاتزر به ضمنه و له أن يقيل فيه و ليس له البيتوتة فيه [- كا -] إذا استأجر دابة لقطع المسافة فأمسكها قدر قطعها من غير تسيير استقرت الأجرة عليه فإذا أمسكها بعد المدة ففي وجوب الضمان و مئونتها و مئونة الرد إشكال و يلوح من كلام الشيخ وجوب ذلك كله عليه

الفصل السّابع في باقي الأحكام

و فيه [- لا -] بحثا [- ا -] إذا تمت الإجارة بأركانها ملك المستأجر المنافع المعقود عليها إلى المدة و يكون حدوثها على ملكه لا ملك المؤجر و يملك المؤجر مال الإجارة بمجرّد العقد مع الإطلاق أو اشتراط التعجيل و لا يشترط في ذلك استيفاء المنفعة و لا مضى وقتها سواء كانت معيّنة كالثوب و الدّار و العبد أو غير معيّنة و لو كانت الإجارة على عمل ملك الأجير بالعقد أيضا مال الإجارة و هل يستحق تسليمه قبل تسليم العمل فيه نظر فإن قلنا به و كان العمل في ملك الصانع لم يبرأ من العمل و لا يستحق الأجر حتى يسلّم العين و إن كان في ملك المستأجر استحق الأجر بنفس العمل و لو استأجر كل يوم بأجر معلوم استحق أجر كل يوم فيه [- ب -] إذا اشترط تأجيل الأجر صحّ بشرط أن يكون الأجل مضبوطا و لو شرطه منجّما يوما بيوم أو شهرا بشهر أو أقل من ذلك أو أكثر جاز و لو خالف في تقسيط الأجرة في النجوم صح بشرط الضبط [- ج -] إذا استوفى المستأجر المنافع استقر الأجر فإن سلمت العين إليه و مضت المدة من غير مانع له عن الانتفاع استقر الأجر و إن لم ينتفع المستأجر و كذا لو استأجر للعمل و مضت مدّة يمكن استيفاؤه فيها مثل أن يستأجر دابة ليركبها إلى موضع و مضت مدة يمكن ركوبها فيها و لو بذل المؤجر العين فامتنع المستأجر من أخذها مع إمكانه و مضت مدّة الاستيفاء استقرت الأجرة و لو كانت الإجارة متعلقة بعبد و شبهه على عمل موصوف كخياطة ثوب و بناء حائط و قلع ضرس و بذل المؤجر العين و مضت مدة يمكن استيفاؤه فيها فامتنع من أخذها ففي استقرار الأجرة نظر و لو كانت الإجارة فاسدة و عرضها على المستأجر فلم يأخذها فلا أجر عليه و إن مضت المدة و لو قبضها المستأجر و مضت المدة المشرطة أو مدة يمكن استيفاء العمل فيها احتمل وجوب أجرة المثل و عدمه أما لو استوفى المنفعة فإنه يلزمه أجرة المثل لا أقل الأمرين من المسمّى و الأجرة [- د -] الإجارة عقد لازم على ما تقدّم لا يثبت فيه خيار المجلس و لو شرطا الخيار فيه لهما أو لأحدهما أو لأجنبيّ جاز بشرط ضبطه بالمدة المعلومة سواء كانت معيّنة مثل أن يستأجر هذا العبد أو مطلقة في الذمة مثل أن يستأجر لخياطة ثوب [- ه -] إذا استأجر عينا فتلفت قبل قبضها انفسخت الإجارة إجماعا و كذا لو تلفت بعد قبضها في ابتداء المدة و لو تلفت بعد مضي بعض المدة لم ينفسخ فيما مضى و بطلت في المستقبل و عليه من الأجر بقدر الماضي فإن ساوت أجزاء المدة بسطت الأجرة عليها و إن اختلفت كموضع يكثر إجارته في وقت دون آخر بسطت الأجرة على قدر القيمتين في المدتين لا على المدتين و كذا التفصيل لو أبق العبد [- و -] لو غصب العين المستأجرة بعد التمكين التام و الإقباض لم تبطل الإجارة و كان على المستأجر دفع الأجرة و له مطالبة الغاصب بأجرة المثل سواء زادت عن المسمى أو نقصت و إن كان قبل الإقباض تخير المستأجر في الفسخ مع الرجوع على المالك بالمسمى و في الرجوع على الغاصب إن اختار الإمضاء و إن اختار الفسخ كان له و يسقط عنه مال الإجارة و يسترده مع الدفع و لو ردّت العين في الأثناء و لم يكن قد فسخ كان له استيفاء الباقي و كان الخيار فيما مضى ثابتا و ليس له مطالبة المالك بالانتزاع و إن كان متمكّنا منه و لو أقر المالك بالرقية ثبت في حق المستأجر بل كان له مخاصمة الغاصب و لو كانت الإجارة على عمل كخياطة ثوب أو حمل شيء فمات العبد أو الخياط أو الجمل الحامل لم ينفسخ الإجارة و كان عليه إقامة من يعمل ذلك و كذا لو غصب و لو تعذّر البدل تخير المستأجر في الفسخ و الصّبر حتى يظفر بالعين المغصوبة و لو منعه المالك من استيفاء المنفعة في ابتداء المدة كان له

ص: 254

الفسخ و الأقرب أن له الإمضاء فيرجع بالتفاوت إن كان و لو غصب المستأجر العين المستأجرة كان ذلك استيفاء للمنافع و لو أبق العبد في الأثناء كان للمستأجر البقاء فإن رجع قبل الانقضاء انفسخ فيما مضى حال الإباق و لا ينفسخ في الباقي و لو لم يرجع انفسخت في الباقي خاصة [- ز -] لو استأجر مسكنا و حصل خوف في ذلك البلد عام يمنع السكنى فيه أو يحصر البلد فيمنع من الخروج إلى العين المستأجرة للزرع ففي ثبوت الخيار للمستأجر إشكال و لو استأجر دابة ليركبها أو يحملها إلى موضع معيّن فانقطعت تلك الطريق لخوف الناس أو استأجر إلى مكة فامتنع الناس من الحجّ تلك السنة فالأقرب ثبوت الخيار لكلّ منهما بين الفسخ و الإمضاء و لو كان الخوف مختصا بالمستأجر كقرب عدوه من ذلك المكان أو حبس أو مرض أو ضاعت نفقته أو تلف متاعه لم يملك الفسخ [- ح -] لو وجد المستأجر بالعين المستأجرة عيبا تخير في الفسخ أو الإمضاء بالجميع و ليس له المطالبة بالبدل و لو تجدّد العيب بعد العقد كان للمستأجر الفسخ في الباقي و الإمضاء بالجميع فلو انهدمت الدار كان على المالك عمارتها و للساكن خيار الفسخ و هل له إجبار المالك على العمارة فيه نظر و لو باع المالك العين كان عدم الإجبار أولى سواء سبق البيع الهدم أو تأخر و لو اختلفا في كون الموجود عيبا رجع إلى أهل الخيرة و لو كانت الإجارة في الذمة لم يكن له الفسخ و كان له الإبدال [- ط -] يجوز أن يستأجر كحالا يكحل عينه و يفتقر إلى تقديره بالمدة لا العمل و لا بد من ذكر المرة في كلّ يوم أو المرتين و لو قدره بالبئر لم يجز إلا على وجه الجعالة و الكحل على العليل و لو شرطه على الكحال جاز أما الخيوط فعلى الخياط و كذا المداد و الأقلام على الناسخ لا المستأجر و لو استأجره لبناء حائط و شرط الأجر على الصّانع فالوجه الجواز و الصّبغ على الصّباغ و اللبن على المرضعة و إذا استأجره مدّة فكحله فيها و لم تبرأ عينه استحق الأجرة و لو برأت عينه في أثناء المدة انفسخت الإجارة في الباقي و كذا لو مات و لو امتنع من الاكتحال مع بقاء المرض استحق للكحال الأجر بمضي المدة أما لو قال أهل الطّب إن الكحل يضره فحكم حكم البئر و يجوز استيجار الطبيب للمداواة و الحكم فيه كالكحل و لو اشترط المريض الدواء على الطبيب فالأقرب الجواز و لو استأجره لقلع ضرسه جاز فإن برأ قبل القلع انفسخت الإجارة و لو لم يبرأ و امتنع المستأجر من قلعه لم يجبر عليه و عليه الأجرة إذا مضت مدّة العمل [- ى -] يجوز أن يستأجر لرعي ماشية معيّنة أو زمانا معيّنا فإن عينها تعيّنت و يبطل العقد لو ماتت و لو مات بعضها بطل فيه و ليس له إلزامه برعي البدل و لو ولدت لم يجب عليه رعي السخال و لو قرن الرعي بالمدة وجب ذكر الجنس كالإبل و البقر و الغنم و النوع كالبخاتي و الجواميس أو العراب و الضأن أو المعز و لو أطلق البقر فالأقرب عدم دخول الجواميس و في دخول البخاتي في إطلاق الإبل إشكال و لو وقع العقد في موضع يقع الإطلاق عليهما بالسّوية افتقر إلى التعيين و لا بد من ذكر الكبير و الصّغير فيقول كبارا أو سخالا و إذا عيّن العدد لم يجب عليه الزيادة و إن كان من سخالها و لو لم يعين العدو بل استأجره لرعي مدّة قال الشيخ يسترعيه القدر الذي يرعاه الواحد عادة من العدد فلو اقتضت مائة لم يجب الزائد و لو تلف شيء منها كان له الإبدال و لو نتجت كان عليه أن يرعى السخال معها للعادة و لو قيل بالبطلان كان وجها [- يا -] إذا ظهر للموجر عيب في الأجرة سابقا على القبض كان له الفسخ أو المطالبة بالعوض إن كانت الأجرة مضمونة و إن كانت معيّنة كان له الرد أو الأرش لا المطالبة بالبدل و لو أفلس المستأجر بالأجرة فسخ المؤجر إن شاء [- يب -] يكره أن يستعمل الأجير قبل أن يقاطع على الأجرة و أن يضمن مع انتفاء التهمة و لو استعمل قبل الشرط كان له أجرة المثل و لو شارطه و أعطاه بالمشترط عرضا ثم تغير سعره كان عليه بسعر وقت إعطاء المال دون وقت المحاسبة [- يج -] الأجير الخاصّ هو الذّي يستأجر مدّة معيّنة و المشترك هو الذّي يستأجر للعمل مجرّدا عن المدة فالأول لا يجوز له العمل لغير المستأجر إلا بإذنه في المدّة و الثاني يجوز [- يد -] إذا تعدى المستأجر في العين ضمنها وقت العدوان و لو اختلفا في القيمة فالقول قول المستأجر مع يمينه و قيل قول المالك إن كانت دابة و الوجه الأول و يجب على المستأجر سقي الدابة و علفها بمجرى العادة فلو أهمل ضمن [- يه -] من استأجر رجلا لينفذه في حوائجه كانت نفقة الأجير على المستأجر إلا أن يشترطها على الأجير قاله الشيخ و منعه ابن إدريس و فيه قوة [- يو -] إذا أفسد المملوك فيما استوجر فيه بإذن مولاه كان لازما للمولى في كسب العبد [- يز -] إذا استحق المؤجر الأجرة فأسقطها صح و لو أسقط المستأجر المنفعة المعينة لم يسقط أما لو أبرأه عما استحقه في ذمته من العمل فإنه يصحّ [- يح -] إذا تسلم أجيرا ليعمل له صنعة فهلك لم يضمنه صغيرا كان أو كبيرا و سواء كان حرا أو عبدا [- يط -] إذا دفع إلى الصانع شيئا ليعمله فإن عقد معه إجارة صحيحة لزمه المسمّى و إن كانت فاسدة فأجرة المثل و إن لم يعقد لكن صرح له بإعطاء الأجر فأجرة المثل أيضا و كذا لو عرض له بإعطاء الأجرة مثل أن يقول خذ هذا فاعمله و أنا أعلم أنك لا بد لك من أجرة و لو لم يعرض و لم يصرّح فإن كان ممن عادته أخذ الأجرة عليه بأن يكون منتصبا لذلك فله أجرة المثل أيضا و إن لم تجر له عادة بالأجرة عليه فإن كان الفعل مما يستحق عليه الأجر كان له أجرة المثل

ص: 255

و إن لم يكن له أجرة لم يلتفت إلى مدّعيها و كذا البحث لو دفع سلعة ليبيعها و لو تلفت السّلعة من حرزه من غير تفريط لم يضمنها و لو تلفت بفعله ضمنها [- ك -] إذا استأجر رجلا ليحمل له كتابا إلى صاحب له غائب فلم يجده في الموضع المشترط فرجع به إلى صاحبه استحق الأجر لذهابه و عوده [- كا -] إذا اختلفا في قدر مال الإجارة و لا بيّنة فالقول قول المستأجر مع اليمين و قال في الخلاف الذي يليق بمذهبنا استعمال القرعة و لو تعارضا البيّنتان حكم لبيّنة المؤجر معها [- كب -] لو اختلفا في المدة مثل أن يقول آجرتك سنة بدينار فيقول بل سنتين بدينارين فالقول قول المالك مع يمينه و عدم البينة و لو قال بل سنتين بدينار فهاهنا اختلاف في العوض و المدة فالأقرب فيه أن يتحالفا و يفسخ العقد بينهما و حلف كلّ منهما على نفي ما ادعاه الآخر و لو رضي أحدهما بيمين صاحبه أقر العقد و لو قال المالك آجرتكها سنة بدينار فقال بل استأجرتني لحفظها سنة بدينار فالقول قول المالك مع السّكنى سنة [- كج -] لو اختلفا في أصل الإجارة فالقول قول المنكر و كذا لو اختلفا في قدر المستأجر و لو اختلفا في ردّ العين المستأجرة إلى مالكها فالقول قول المالك [- كد -] لو اختلفا في التعدي في العين المستأجرة فالقول قول من ينكره و لو ادعى المستأجر إباق العبد من عنده بغير تفريط أو أن الدابة قد شررت من غير انتفاع بهما فالأقرب أن القول قوله مع يمينه و كذا لو ادعى التلف من غير تفريط و لو ادعى أن العبد مرض في يده فالأقرب التفصيل فإن جاء به صحيحا فالقول قول المؤجر و إن جاء مريضا فالقول قوله و كذا لو ادعى إباق العبد في حال إباقه أو جاء به غير آبق و لو هلكت العين فاختلفا في وقت هلاكها أو أبق العبد أو مرض فاختلفا في وقت ذلك فالأقرب أن القول قول المستأجر مع اليمين لأن الأصل عدم العمل [- كه -] إذا ادعى الصّانع أو الملاح أو المكاري هلاك المتاع و أنكر المالك كلفوا البيّنة و مع عدمها يلزمهم الضمان و لو قيل إن القول قولهم مع اليمين كان أولى و كذا البحث لو ادعى المالك التفريط فأنكروا [- كو -] قال الشيخ يجوز السّلم في المنافع فإن ذكر بلفظ السّلم كان من شرطه قبض الأجرة في المجلس و إن كان بلفظ الإجارة مثل أن يقول استأجرتك منك ظهرا و صفته كذا قيل فيه وجهان أحدهما اشتراط القبض في المجلس و الثاني عدمه و لم يرجح شيئا [- كز -] إذا اختلفا فقال المؤجر وسع قيد المحمل القدم و ضيق المؤجر ليكون أسهل على المحمل و طلب الراكب العكس ليكون أسهل عليه لم يقبل من أحدهما و وضع مستويا [- كح -] إذا استأجرها للرضاع فانقطع اللّبن بطلت الإجارة و لو استأجرها للرّضاع و الحضانة فانقطع اللبن فالأقرب تخير المستأجر بين الفسخ و الإمضاء إمّا بالجميع أو بقدر الحصّة على إشكال [- كط -] إذا استأجر دارا ليس لها باب و لا ميزاب لم يكن على المؤجر تجديده فإن علم المستأجر فلا خيار و إلا فله الفسخ [- ل -] الملك المشترك لا يجوز لأحد من أربابه الانفراد بأجرته و إجارته دون باقي الشركاء فإن تشاحوا تناوبوا بمقدار من الزمان [- لا -] أجرة العبد لمولاه و لو شرط المستأجر للعبد شيئا من غير علم المولى لم يجب الوفاء به و لا يحل للمملوك أخذه فإن أخذه وجب عليه ردّه على مولاه قاله الشيخ و الوجه بقاؤه على الدافع

المقصد الثّاني في المزارعة
اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في الماهية و الشرائط

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] المزارعة و المخايرة شيء واحد و المزارعة مشتقة من الزّرع و المخايرة مشتقة من الخيار و هي الأرض اللينة و هي دفع الأرض إلى من يزرعها بحصّة مشاعة يخرج منها و هي جائزة سواء كانت الأرض بيضاء أو كان بينها نخل بقدر البياض و هي عقد لازم لا يبطل إلا بالتقابل و لا يبطل بموت أحد المتعاقدين و عبارته أن يقول زارعتك على هذه الأرض مدة معيّنة بحصة معيّنة من حاصلها و كذا ينعقد بقوله ازرع هذه الأرض على ما قلنا أو سلمت هذه الأرض للزراعة المدة بالحصّة المعلومة [- ب -] يشترط في المزارعة أمور أربعة أن يكون النماء مشاعا و أن يكون نصيب كلّ منهما معلوما و تعيين الملك و إمكان الانتفاع بالأرض فلو شرط كل منهما الانتفاع بشيء منه معيّن مثل أن يكون لأحدهما الأقل و للآخر الهرف أو ما يزرع على الجداول و الآخر ما يزرع في غيرها أو يشترط أحدهما زرع ناحية و الآخر زرع أخرى أو يشترط أحدهما الشتوي و الآخر الصيفي أو أحدهما قدرا معيّنا و الآخر الباقي إما منفردا أو مع نصيبه بطلت [- ج -] يجوز اشتراط التساوي في النماء و التفاضل فيه و اشتراط ذهب أو فضة على كراهية و كذا اشتراط قفيز معيّن من غير الأرض المزروعة و لو شرط أحدهما قفيزا معلوما من الحاصل و ما زاد بينهما ففي البطلان نظر و كذا لو شرط أحدهما إخراج بذره و الباقي بينهما فإن فيه خلافا و الجواز حسن فحينئذ إن شرط إخراج البذر جاز و إن لم يشترط لم يخرج و قسم الحاصل على قدر الشرط [- د -] الشروط قسمان منها ما يقتضي جهالة نصيب كل واحد منهما مثل أن يشترط أحدهما نصيبا مجهولا أو اشتراط قفزان معلومة من الحاصل فهذا يبطل المزارعة و منهما ما لا يقتضي ذلك كعمل ربّ الأرض أو غلامه أو عمل العامل في شيء آخر فهذا لا يبطل المزارعة و لو شرط أنه إن سقى سيحا فله كذا و إن سقى بدولاب و شبهه فكذا ففي الجواز إشكال و لو قال إن زرعت حنطة فلي الربع و إن زرعت شعيرا فالثلث و إن زرعت باقلى فلي النصف بطل و كذا لو قال ما زرعت فيه من حنطة فلي الربع و ما زرعت فيه من شعير فالثلث و ما زرعت من باقلى فالنصف و لو قال ما زرعتها من شيء فلي نصفه صحّ و كذا يصحّ لو جعل له ثلث الحنطة و ربع الشعير و نصف الباقلي إذا عيّن ما يزرع من كل واحد

ص: 256

منها إمّا بتقدير البذر أو المكان بالمشاهدة أو المساحة [- ه -] قيل يكره إجارة الأرض للزراعة بالحنطة و الشعير مما يخرج منها و الوجه البطلان و يجوز بحنطة أو شعير في الذّمة أو من غيرها موجود [- و -] يجب تعيين مدة الزرع بالأشهر المضبوطة و لو اقتصر على تعيين المزروع من غير ذكر المدة فوجهان أقربهما البطلان [- ز -] إذا عيّنا مدّة معلومة فأدرك الزرع في بعضها فالأقرب أنّه ليس للعامل زرع الأرض مرة ثانية و إن كان يدرك مع انتهاء تلك المدة هذا إذا عيّنا المزروع و لو أطلقه أو كانت العادة يقتضي زرعه مرّتين فإنّه يجوز كما لو شرط شيئين فصاعدا و لو انتهت المدة قبل إدراكه فالأقرب أنّه أن للمالك إزالته سواء كان بسبب العامل كالتفريط أو من قبل اللّٰه تعالى كتغيّر الهواء أو تأخير الماء عن وقت العادة و لو اتفقا على التبقية بعوض أو بغير عوض جاز لكن مع شرط العوض يفتقر إلى تعيين المدة و لو شرط في العقد تأخيره إن بقي بعد المدة المشترطة فالأقرب البطلان [- ح -] إذا ترك العامل الزراعة حتى انقضت المدّة لزمه أجرة المثل و لو كان قد استأجرها لزمته الأجرة [- ط -] يجب كون الأرض الّتي يزارع عليها مما ينتفع بها بأن يكون لها ماء إما من نهر أو بئر أو عين أو مصنع أو غيث معتاد و لو تعذّر وصول الماء إليها لم يصحّ المزارعة و لو زارع على ما لا ينحسر الماء عنه أو ينحسر بعد المدة أو في أثنائها بعد فوات الوقت المعتاد للزرع لم يصح و لو كان قليلا يمكن معه بعض الزّرع جاز و لو كان ينحسر عنها بالتدريج فالأقرب جواز المزارعة لا الإجارة للزرع للجهل بوقت الانتفاع [- ى -] لو انقطع الماء في أثناء المدة فإن كان الزّرع يحتاج إليه تخير العامل في الفسخ و الإمضاء إن كان قد زارع عليها أو استأجرها للزّراعة و عليه أجرة ما سلف و يرجع بما قابل المدّة المتخلّفة [- يا -] إذا أطلق المزارعة كان له أن يزرع ما شاء و إن عيّن المزروع لم يجز المخالفة فإن زرع ما هو أضرّ كان للمالك أجرة المثل إن شاء أو المسمّى مع الأرش و لو كان أقلّ ضررا جاز [- يب -] لو اشترط الزرع و الغرس فالأقرب وجوب تعيين مقدار كل واحد منها و كذا البحث لو استأجر لزرعين أو غرسين مختلفي الضرر

الفصل الثاني في الأحكام

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] إذا كان في الأرض شجر و ساقاه على الشجر و زارعه على الأرض الّتي بين الشّجر صح سواء قل بياض الأرض أو كسر فإذا قال ساقيتك على النخل و زارعتك على الأرض مدّة كذا على النصف جاز و كذا لو قال عاملتك على الأرض و الشجر بالنصف و لو قال زارعتك على الأرض بالنصف و ساقيتك على الشجر بالربع أو بالعكس جاز و لو قال ساقيتك على الأرض و الشجر بالنصف ففي الجواز إشكال من حيث إنّ المزارعة يستلزم السقي و إن شرط المساقاة المعاملة على أصل ثابت و الأقرب الجواز مع إرادة المجاز الشرعي و كذا البحث في الأرض البيضاء و لو قال ساقيتك على الشجر بالنصف و لم يذكر الأرض لم يدخل في العقد و ليس للمالك أن يزرع و لو شرط ربّ الأرض أن يزرع هو دون العامل جاز و لو زارعه أرضا فيها نخلات يسيرة جاز أن يشترط العامل ثمرتها سواء كان الشجر بقدر الثلث فما دون أو أزيد و لو آجره بياض الأرض و ساقاه على الشجر الذي فيها جاز سواء فعلا ذلك حيلة على شراء الثمرة قبل وجودها أو لا [- ب -] يصحّ المزارعة إذا كان البذر من ربّ الأرض و العمل من العامل و كذا يصحّ لو كان البذر و العوامل من العامل أو كان من أحدهما الأرض و العمل و من الآخر البذر و لو كان بلفظ الإجارة لم يصحّ لجهالة العوض [- ج -] لو كان البذر منهما نصفين و شرطا أنّ الزرع بينهما بالسّوية فهو بينهما كذلك و ليس لأحدهما الرجوع على الآخر بشيء و كذا لو شرطا التفاضل فإنه يلزم الشرط سواء كان الفاضل للمالك أو العامل و كذا لو تفاضلا في البذر و تساويا في الحاصل أو تفاضلا فيه [- د -] إذا فسدت المزارعة كان الزرع لصاحب البذر فإن كان هو المالك كان عليه أجرة المثل لعمل العامل و إن كان هو العامل كان عليه أجرة مثل الأرض لربّها و لو كان البذر منهما فالزرع لهما و يترادان الفاضل من أجرة مثل الأرض الّتي فيها نصيب العامل و أجرة العامل بقدر عمله في نصيب صاحب الأرض و لو قال صاحب الأرض آجرتك نصف أرضي مدّة كذا بنصف بذرك و نصف منفعتك و منفعة عواملك و آلتك و أخرج العامل البذر كله لم يجز لجهالة المنفعة و لو أمكن معرفة المنفعة و ضبطها و ضبط البذر جاز [- ه -] لو قال صاحب الأرض أنا أزرع الأرض ببذري و عواملي و يكون سقيها من مائك و الزرع بيننا جاز [- و -] لو اشترك ثلاثة من أحدهم الأرض و من الآخر البذر و من آخر العوامل و العمل فالأقرب الجواز على إشكال بلفظ المزارعة لا الشركة و كذا لو كانوا أربعة و كان العوامل و العمل من اثنين و لو كان شركة لم يصحّ و كان الزرع لصاحب البذر و لصاحب الأرض و الفدان و العمل الأجرة عليه و لا يجب عليه الصّدقة بالفاضل و لو كانت الأرض لثلاثة فاشتركوا على أن يزرعها ببذرهم و دوابّهم و أعوانهم على الشركة في الحاصل على قدر مالهم جاز [- ز -] لو زارع رجلا على أرض أو آجره إياها فسقط من الحبّ الحاصل من الزرع في تلك الأرض عاما آخر فهو لصاحب البذر لا لصاحب الأرض إلاّ أن يكون صاحب البذر

ص: 257

أسقط حقه منه [- ح -] إذا تنازعا في المدّة فالقول قول منكر الزيادة و لو اختلفا في قدر الحصّة فالقول قول صاحب البذر مع يمينه و لو أقاما بينة قدّمت بيّنة العامل و قيل يرجع إلى القرعة [- ط -] لو ادعى العارية و ادعى المالك الحصّة أو الأجرة و لا بيّنة تحالفا و يثبت لصاحب الأرض أجرة المثل و قيل القرعة إذا عرفت هذا فللزارع تبقية الزّرع إلى وقت أخذه [- ى -] لو ادعى العارية و ادعى المالك الغصب فالقول قول المالك مع يمينه و كان له أجرة المثل و أرش الأرض إن غلبت و طم الحفر و لا يجب على المالك تبقية الزرع إلى وقت أخذه بل للمالك قلعه و إن لم يدرك بغير أرش عليه و كذا لو ادّعى الإجارة و ادعى المالك الغصب [- يا -] يجوز للمزارع أن يزارع غيره مع الإطلاق و إن لم يأذن المالك و كذا له أن يشارك غيره في العمل و لو شرط المالك العمل بنفسه لم يجز المشاركة و لا مزارعة الغير [- يب -] خراج الأرض و مئونتها على ربّها و لو شرطه على العامل أو بينهما جاز [- يج -] يجوز للمالك خرص الزرع على العامل و لا يجب على العامل القبول فإن قبل صحّ و عليه دفع حصّة الأرض سواء زاد الخرص أو نقص و كان مشروطا بالسلامة فلو تلف بآفة سماويّة أو أرضيّة من غير تفريط من العامل لم يكن عليه شيء و قال ابن إدريس إن كان ذلك بيعا إمّا بحاصلها أو بغيره بطل و إن كان صلحا من حاصلها بطل و إن كان من غيره لزم و إن تلفت الغلّة بالآفات السّماوية و غيرها و فيه قوّة [- يد -] الحصّة الّتي يأخذها المزارع الذي منه العمل دون البذر يملكها بالزراعة لا بالإجارة و لو بلغت النصاب وجبت الزكاة فيها عليه لا على المالك و كذا المالك إن بلغ نصيبه النصاب وجبت الزكاة فيه عليه و إلاّ فلا [- يه -] إذا سوّغنا اشتراط إخراج البذر أولا على ما ذهب إليه الشيخ و ابن إدريس فاختلفا في قدره فالقول قول العامل إن كان البذر من ربّ الأرض و لو كان من العامل ففي تقديم قوله نظر و لو ادعى أحدهما اشتراط حصة معيّنة و الآخر مجهولة فالقول قول مدّعي الصّحة و كذا البحث في الإجارة [- يو -] إذا شرط الخراج على العامل و كان قدرا معلوما جاز و كان لازما له فإن زاد السّلطان كانت الزيادة على المالك و لم يتعرّض الشيخ لطرف الجهالة و في تسويغ اشتراطه إشكال و معه يكون الخراج بأجمعه على العامل [- يز -] لو زارع على أرض ثمّ باعها لم تبطل المزارعة و وجب على المشتري الصبر إلى انقضاء المدة إن كان عالما قبل العقد و إن لم يكن عالما تخير بين الصبر بغير عوض و لا أرش على إشكال و بين الفسخ [- يح -] من استأجر دار السّكنى فزرع فيها أو غرس بغير إذن المالك وجب عليه قلعه و للمالك مع امتناعه قلعه بغير أرش و له أجرة المثل و أرش الأرض إن عابت و طم الحفر و إن كان بإذنه لم يكن له القلع إلاّ بالأرش

المقصد الثّالث في المساقاة
اشارة

و النظر في الماهيّة و الشرائط و الأحكام فهاهنا فصلان

الأوّل في ماهيّتها و شروطها

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] المساقاة معاملة على أصول ثابتة بحصّة من ثمرتها و هي مفاعلة من السقي و لا بدّ فيها من إيجاب كقوله ساقيتك أو عاملتك أو أسلمت أو سلّمت إليك و ما أشبهه و من قبول و هي عقد صحيح لازم من الطّرفين لا يبطل إلاّ بالتقايل و لا ينفسخ بموت أحد المتعاملين و لا بجنونه و لا بالحجر عليه و لو شرط المريض للعامل أزيد من أجرة المثل ففي إخراج الزّيادة من صلب المال إشكال و لو قال استأجرتك لسقي البستان حتّى تكمل ثمرته بنصف الثمرة لم يصحّ بخلاف ما لو قال ساقيتك [- ب -] عقد المساقاة لا يدخل فيه خيار المجلس لاختصاصه بالبيع و لا الشرط لعدم إمكان ردّ المقصود عليه و هو العمل مع الفسخ على إشكال [- ج -] يشترط في الصحة أن يكون المعاملة على أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقاء عينه فيصحّ المساقاة على النخل و الكرم و شجر الفواكه و لا تجوز المساقاة على ما لا ثمر له من الأشجار و لا ورق ينتفع به كالصفصاف و لا على ماله ثمر غير مقصود كالصّنوبر و لو كان له ورق ينتفع به كالتوت و الحناء أو زهر مقصود كالورد فالأقرب جواز المساقاة عليه [- د -] لو ساقاه على ودي النخل مغروس أو على صغار الشجر إلى مدّة يحمل فيها غالبا بجزء من ثمرها جاز ذلك ثمّ إن حمل في تلك المدة استحق العامل الحصّة و إلاّ فلا شيء له [- ه -] يشترط أن يكون المعاملة على الثمرة فلو جعل للعامل مع النّصيب من الثمرة نصيبا من الأصل لم يصحّ و كذا لو جعل له جزءا من ثمرها مدة بقائها فلو جعل له ثمرة عام بعد مدّة المساقاة ففي البطلان نظر [- و -] يشترط أن يكون المعاملة على أصل ثابت فلو ساقاه على شجر يغرسه لم يجز و إن قرنه بمدة يحمل أن يمكن فيها غالبا و لو قال له اغرس أرضي فما كان من غلّة فلك بحقّ عملك كذا و كذا و لي الباقي لم يجز و للمالك القلع مع الأرش و أخذ الغرس بالقيمة إن رضي العامل و لو اختار العامل أخذ شجرة كان له ذلك و لا أرش عليه للأرض و لو اتفقا على إبقاء الغرس و دفع الأجرة جاز و كذا لو دفع الأرض ليغرسها على أنّ الغرس بينهما أو على أنّ الأرض و الغرس بينهما [- ن -] يشترط كون المدة معلومة لا يتطرّق إليها الزيادة و النقصان و يكون وجود الثمرة فيها غالبا و لا تقدير لأكثرها أما أقلّها فيتقدّر بمدّة تكمل فيها الثمرة فلو ساقاه أقلّ منها لم يصحّ و كان له أجرة المثل إن ظهرت الثمرة و لو لم يظهر فالأقرب الأجرة أيضا و لو ساقاه سنة فظهرت الثمرة في آخرها و لم يكمل فالعامل شريك [- ح -] يشترط ذكر الحصّة

ص: 258

للعامل فلو أهمل بطلت المعاملة و كذا لو شرط أحدهما الانفراد بالثمرة و يجب كون الحصّة مشاعة فلو شرط أحدهما ثمرة نخلات بعينها و الآخر الباقي لم يجز و كذا لو شرط لنفسه أرطالا معيّنة و الآخر الباقي أو شرط إخراج قدر معيّن من الثمرة لأحدهما و الباقي بينهما [- ط -] يجب كون الحصّة معيّنة سواء قلت أو كثرت و سواء كانت جزءا واحدا كالثلث أو أجزاء كالخمسين أو سدس و نصف أو سبع فلو أبهمها كالسهم و الحظ و النصيب لم يصحّ و كذا لو قال ساقيتك على أنّ نصف الثمرة لي و سكت على إشكال و لو قال على أنّ نصف الثمرة لك و سكت صحّ و يجوز أن يجعل لكلّ صنف من الشجر حصّة على حدة سواء ساوت الأخرى أو لا لكن يشترط مع المفاوتة [المقاومة] أن يكون العامل عارفا بكلّ نوع [- ى -] لو شرط في العقد أنّه إن سقى سيحا فالنّصف و بالناضح الثلث فالأقرب البطلان و لو قال لك الخمسان إن كان عليك خسارة و إلاّ فالرّبع فكذلك [- يا -] يجوز أن يشترط أحدهما على الآخر شيئا من ذهب أو فضّة على كراهية و يجب الوفاء بالشرط لو وقع و لو تلفت الثمرة لم يلزم

الفصل الثاني في الأحكام

و فيه [- كز -] بحثا [- ا -] لو ساقاه في هذا الحائط بالثلث على أن يساقيه في الحائط الآخر بجزء معلوم صحّ [- ب -] إذا شرط المالك على العامل عملا معيّنا وجب على العامل القيام به فإن أخل بشيء منه تخيّر المالك بين فسخ العقد و إلزامه بأجرة العمل و كذا لو أخلّ بجميعه و إن أطلق المساقاة اقتضى الإطلاق قيام العامل بجميع ما فيه استزادة النماء من الرفق أو حرث الأرض تحت الشجر و إصلاح الأجاجين و سقي الشجر و استسقاء الماء و إصلاح طرق الماء و تنقية الأرض من الحشيش المضرّ بالشجر و الشوك و قطع الشجر اليابس و تهذيب الجريد و زبار الكرم و قطع ما يحتاج إلى قطعه و إدارة الدّولاب و البقر الّتي تديره و تحرث الأرض و التلقيح و التعديل و اللقاط و الجذاذ و إصلاح موضع التشميس و نقل الثمرة إليه و حفظها على رءوس الشجر إلى وقت قسمتها و يجب على المالك القيام بما فيه حفظ الأصل كبناء الجدار و إنشاء النهر و عمل الدولاب و حفر البئر و إقامة الدالية و هل كش التلقيح على العامل أو المالك فيه إشكال ينشأ من كونه غير عمل و من كون التلقيح لا يتمّ إلاّ به فأشبه بقر الحرث و اختار الشيخ الثاني و ابن إدريس الأوّل و أما تسميد الأرض بالزبل فعلى المالك شراؤه و على العامل تفريقه على الأرض إن احتاجت الثمرة إليه [- ج -] إذا أطلق العقد و لم يتبيّنا ما على كلّ واحد منهما فعلى كلّ منهما ما ذكرنا أنّه عليه و إن شرطاه كان تأكيلا و إن شرطا على أحدهما شيئا يلزم الآخر صحّ إلاّ أن يشترط العامل على المالك القيام بجميع العمل و لو شرط القيام بأكثره جاز و لا بدّ أن يكون ما يشترطه المالك على العامل مما قلنا إنّه على المالك معلوما [- د -] لو شرط أن يعمل معه غلمان المالك جاز و لو شرط أن يكون عمل الغلمان الخاص العامل فالأقرب الجواز و كذا الأقرب جواز اشتراط عمل المالك معه إذا ثبت هذا فإن نفقة الغلمان على مالكهم لا على العامل و لو شرطها المالك على العامل جاز و هل يشترط حينئذ تقديرها فيه نظر و لا بدّ من معرفة الغلمان المشروط عملهم برؤية أو صفة يحصل معها المعرفة [- ه -] لو شرط العامل أنّ أجر الأجل الذين يحتاج إلى الاستعانة بهم من الثمرة و قدر الأجرة فالأقرب الجواز و منعه الشيخ و أبطل معه العقد و كذا لو شرطها على المالك و لو لم يقدّر الأجرة فالأقرب البطلان [- و -] يصحّ المساقاة على الثمرة المعدومة إجماعا و الأقرب جوازها على الموجودة بشرط أن يكون في العمل ما يستزاد به الثمرة و إن بقي مالا يستزاد به الثمرة كالجذاذ لم يجز و على هذا إن كانت الثمرة قد بدا صلاحها قبل العقد فالزّكاة على المالك و إلاّ عليهما فعليهما إن بلغ نصيب كلّ منهما النصاب و إلاّ فلا [- ن -] إذا عيّنا حصّة أحدهما و سكتا عن الآخر فإن كانت المعيّنة حصة العامل صحت و إلاّ فإشكال و قد تقدّم فلو اختلفا في الجزء المشروط لمن هو منهما فإن قلنا بالصّحة مع تعيين حصّة المالك خاصّة فلا بحث و إلاّ فالقول قول العامل [- ح -] إذا قال ساقيتك على هذين البستانين بالنصف منهما أو بالنصف من هذا و الثلث من ذاك صحّ و لو قال بالنصف من أحدهما و الثلث من الآخر و لم يعيّن بطل و لو قال ساقيتك على هذا البستان نصفه بالنصف و النّصف الآخر بالثلث جاز و إن لم يعينهما [- ط -] إذا كان البستان لاثنين فساقيا عاملا على أنّ له نصف نصيب هذا و ثلث نصيب الآخر جاز مع معرفته بالنصيبين و لو جهل بطل و لو شرطا قدرا واحدا من النصيبين جاز و إن جهلهما [- ى -] لو كان البستان لواحد فعامل اثنين جاز سواء شرط تساويهما في الحصة أو اختلافهما و لو أطلق انصرف إلى التساوي [- يا -] لو ساقاه ثلاث سنين على أنّ له في الأولى النصف و في الثانية الثلث و في الثالثة الربع جاز [- يب -] لو كان البستان لاثنين فساقى أحدهما شريكه و جعل له من الثمرة أكثر من نصيبه جاز و لو شرط للعامل مثل نصيبه أو أقلّ بطلت و للعامل بقدر نصيبه من الأصل و لا أجرة له على عمله و لو ساقى شريكه و شرط أن يعملاه ما ففي الإبطال نظر مع الاختلاف في الحصة و التساوي في الملك أو

ص: 259

بالعكس و لو اتفقا فيهما فلا فائدة للمساقاة مع تساويهما في العمل و لو تفاضلا فيه فإن كان قد شرط له فضل في مقابلة عمله استحقّ ما فضل له من أجرة المثل و إن لم يشترط له شيء فلا شيء له [- يج -] يجوز المساقاة على البعل من الشجر كما يجوز على المفتقر إلى الماء [- يد -] إنما يصحّ المساقاة على شجر معلوم بالمشاهدة أو الصفة الرافعة للجهالة فلو ساقاه على مجهول أو على أحد بستانين من غير تعيين لم يصحّ [- يه -] إذا ساقاه إلى سنة يحمل فيها غالبا فلم يحمل تلك النّسبة لم يكن للعامل شيء و لو ظهرت الثمرة و لم تكمل فله نصيبه منها و عليه تمام العمل فيها على إشكال و لو ساقاه إلى مدّة لا يحمل فيها غالبا أو يحتمل وجود الثمرة و عدمها فالأقرب البطلان و له أجرة المثل و إن ظهرت الثمرة في تلك المدّة لم يكن للعامل فيها شيء [- يو -] إذا مات العامل أو المالك قام وارثه مقامه و لو امتنع وارث العامل من العمل لم يجبر عليه فيستأجر الحاكم من التركة من يعمله و لو لم يكن تركة أو تعذّر الاستيجار فللمالك الفسخ و عليه الأجرة إلى وقت الموت و لو اختار الإمضاء صح فإن كانت الثمرة قد ظهرت بيع من نصيب العامل بأجرة ما بقي من العمل و يستأجر عنه به و لو احتيج إلى بيع الجميع بيع في ذلك فإن كان قد بدا صلاحها خيّر المالك بين شراء حصّة العامل و بيع حصته و يبيع الحاكم حصة العامل و لو امتنع المالك باع الحاكم حصّة العامل و استأجر على باقي العمل و الفاضل للورثة و كذا لو لم يبدأ صلاحها و من يشترط بدوّ الصّلاح سوّغ بيع حصّة العامل بشرط القطع إن باع المالك أيضا و لو امتنع فالأقرب جواز بيع حصّة بانفراده على تقدير الاشتراط أيضا و للمالك البقاء على المعاملة فيستأذن الحاكم على الإنفاق على الثمرة و يسترجعه منها فإن عجزت فالأقرب أخذ الباقي من التركة و لو عجز عن استيذان الحاكم فالأقرب جواز الرجوع بما أنفقه مع الإشهاد على احتساب الرجوع و لو تمكّن من الحاكم و اتفق و أشهد على الرجوع فالأقرب عدم الرجوع و كذا لو اتفق متبرّعا [- يز -] إذا هرب العامل فللمالك الفسخ و البقاء فيتفق الحاكم من ماله إن لم يتبرّع أحد بالعمل فإن لم يجد فمن بيت المال قرضا فإن لم يجد أقرض من أحد فإن لم يجد استأجر من يعمل بأجرة مؤخّرة إلى الإدراك فإن تعذّر استأذن الحاكم و اتفق فإن تعذّر الاستيذان أشهد في الإنفاق و الرجوع و لو عمل المالك بنفسه كان متبرّعا و للمالك الفسخ و عليه الأجرة إلى وقت الهرب و هل للمالك الفسخ مع وجود المتبرع بالعمل فيه نظر فإن عمل الأجنبي و لم يشعر به استحقّ العامل الأجرة و كان الأجنبي متبرّعا [- يح -] العامل أمين لا يضمن إلاّ مع التفريط أو التعدّي و قوله مقبول مع اليمين في التّلف و عدم الخيانة و لو ثبت الخيانة بالإقرار أو البيّنة أو النكول لم يكن للمالك رفع يده عن حصّته و له رفع يده عن حصة المالك و لو ضمّ المالك إليه من يحفظ نصيبه كانت أجرة الحافظ على المالك لا على العامل [- يط -] لو عجز عن العمل مع أمانته ضمّ إليه آخر يساعده و لا ينتزع يده منه و أجرة الآخر عليه و لو عجز بالكليّة أقام من يعمل عوضه و أجرته عليه أيضا [- ك -] لو اختلفا في الحصّة فالقول قول المالك لا العامل و لا يتحالفان بل المالك و كذا البحث لو اختلفا في قدر ما يتناوله المساقاة من الشجر و لو كان هناك بيّنة عمل بها و إن تعارضتا فالوجه تقديم بيّنة العامل و قال الشيخ يقرع و لا يحلف من خرجت القرعة له و لو تعدّد المالك فصدّقه أحدهما دون الآخر أخذ من نصيب المصدق ما ادّعاه و من نصيب الآخر ما حلف عليه و لو شهد المصدق على المنكر و كان عدلا قبلت شهادته و لو كان العامل اثنين و المالك واحدا فشهد أحد العاملين على صاحبه قبلت شهادته أيضا [- كا -] الحصّة تملكها العامل بالظهور لا بالمقاسمة و يجب الزكاة على كلّ من بلغ نصيبه نصابا سواء كان منفردا أو منضما إلى غير هذه الثمرة و لا يضمّ حصّة أحدهما إلى الآخر و لو كان أحدهما لا يصح الزكاة منه كالنصرانيّ و المكاتب وجب على الآخر إن بلغت حصّته نصابا [- كب -] لو كانت المساقاة على نخل في أرض خراجيّة كان الخراج على المالك و لو شرطه أو بعضه على العامل جاز و لو شرط العامل دراهم منفردة عن الجزء أو المالك من الثمرة لم يجز و كذا لا يجوز لو جعل له ثمرة السنة الّتي يلي سنة المساقاة أو ثمرة بستان غير بستان المعاملة و لو شرط عليه عملا في غير النخل الذي ساقاه عليه أو في غير السنة ففي البطلان نظر [- كج -] لو ساقاه على نخل فعامل العامل غيره على النّخل لم يجز و إن جاء بأمين [- كد -] لو ساقاه على شجر فبان مستحقّا دفع إلى المالك و لا شيء للعامل عليه و لا في الثمرة و يرجع بأجرة مثله على الساقي و لو نقصت الثمرة بالتشميس كان للمالك الرجوع بالنقص على من شاء منهما و يستقرّ الرجوع على الغاصب و لو اقتسماها و أكلاها كان للمالك الرجوع على من شاء منهما بالجميع و بالتقسيط و قوّى الشيخ أنّه لا يرجع على العامل بالجميع بل بالنّصيب فإن رجع بالجميع على الغاصب ففي رجوع الغاصب على العامل بما أتلفه نظر فإن رجع عليه رجع العامل بأجرته فيه فإن رجع على العامل بالجميع رجع العامل بقدر نصيب الغاصب و بأجرة مثل نصيبه و يحتمل بنصيبه على إشكال و لو رجع عليهما رجع العامل بأجرة مثله و لو تلفت الثمرة في الشجر أو بعد الجذاذ قبل القسمة فالوجه الرجوع على من شاء منهما [- كه -] إذا دفع أرضا إلى غيره للغرس

ص: 260

على أنّ الغرس بينهما بطلت المغارسة و الغرس لصاحبه و لصاحب الأرض قلعه إذا دفع أرش نقصه بالقلع و له أجرة أرضه و لو دفع القيمة ليكون الغرس له لم يجبر الغارس و كذا لو دفع الغارس أجرة التبقية لم يجبر صاحب الأرض عليها [- كو -] كل موضع يبطل فيه المساقاة يكون الثمرة للمالك و عليه أجرة المثل للعامل [- كز -] لو استأجر للعمل في الثمرة بحصة منها معلومة بعد بدو صلاحها جاز و كذا لو استأجره قبل بدوّ الصلاح بها أجمع أو ببعضها بشرط القطع أولا أمّا لو استأجره قبل ظهورها بها أو ببعضها فإنّه لا يجوز

المقصد الرابع في السبق و الرمي
اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في أحكام المسابقة

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] المسابقة جائزة بلا خلاف قال اللّٰه تعالى وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِبٰاطِ اَلْخَيْلِ روي عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله أنّه قال ألا إنّ القوّة الرمي قاله ثلاثا و قال تعالى إِنّٰا ذَهَبْنٰا نَسْتَبِقُ و قد وقع الإجماع على جواز المسابقة على النصل و الخفّ و الحافر بقوله عليه السّلام إنّ الملائكة لتنفر عند الرهان و تلعن صاحبه ما خلا الحافر و الخفّ و الريش و النعل و قال صلى اللّٰه عليه و آله لا سبق إلاّ في نصل أو خف أو حافر و يدخل تحت النصل السهم و النساب و المزاريق و الحراب و السّيف و يدخل تحت الخفّ الإبل و الفيلة و تحت الحافر الفرس و الحمار و البغل و لا يجوز المسابقة على غير هذه كالمسابقة على الأقدام و السفن و الطيور و المصارعة و رفع الحجر و غير ذلك سواء كان بعوض أو غير عوض و يجوز المسابقة على ما يتناوله الحديث بعوض و غير عوض [- ب -] الرمح و السّيف يجوز المسابقة فيهما و كذا الفيلة و البغال و الحمير و لا يجوز على الأقدام إلى موضع جبل و غيره بعوض و غيره و لا على رمي الحجارة بعوض و غيره و لا الطير بعوض و غيره و لا المراكب و السّفن بعوض و غيره [- ج -] عقد المسابقة و الرماية لازم من الطرفين يفتقر إلى إيجاب و قبول قال الأزهري النضال في الرمي و الرهان في الخيل و السّباق فيهما [- د -] السبق بإسكان الباء مصدر سبق يسبق سبقا و بفتحها العوض و هو الخطر و الندب و الفرع و الوجب فمن سبق أخذه و يقال فيه كله فعل مشدّد العين إذا أخذه يقال سبّق إذا أخذ السّبق و يسبق إذا أعطى السبق أيضا و هو من الأضداد و يقال سبّق بالتشديد إذا أخرج السبق و إذا أحرزه و يوصف السهم بأنّه غاسق و هو الذي يخرق الغرض أي يثقبه و يثبت فيه و هو الخارق أيضا و الجاني ما وقع على الأرض ثمّ رجع إلى الهدف و جمعه جواب و إن أصاب الغرض و نفذ فيه و مضى و لم يؤثر فهو صارد و جمعه صوارد و قد صرد السّهم يصرد صردا و أصردته أنا و أمّا الطامح و الفاخر فهو الذي يشخص عن كبد القوس ذاهبا إلى السماء و الخاصل هو الذي أصاب الغرض و قد خصله إذا أصابه و المعظعظ الذي يميل يمينا و شمالا و الراهق هو الذي يتجاوز الهدف من غير إصابة و الحابض هو الذي يقع بين يدي الرامي و الدائر الذي يخرج من الهدف و هو المارق أيضا و جمعه موارق و المرتدع الذي إذا أصاب الهدف يشدخ عوده و يكسر و الخادم الذي يصيب طرف القرطاس فلا يثقبه و لكن يخرق الطرف و يخرمه و الخاصر ما أصاب أحد جانبيه و الخاذق ما خدشه و لم يثقبه و المزدلف الذي يضرب الأرض ثمّ يثبت إلى الغرض و الهدف ما رفع و بني من الأرض و القرطاس ما وضع في الهدف ليرمى و الغرض ما نصب في الهواء و يقصد إصابة و يسمّى القرطاس هدفا و غرضا و المنازلة المسابقة و المرامات و الرشق بكسر الراء عدد الرمي و بالفتح الرمي و المبادرة هي أن يبادر أحدهما إلى الإصابة مع التساوي في الرشق و المحاطة هي إسقاط ما تساويا فيه من الإصابة و السابق هو الذي يتقدّم بالهادي و هو العتق و بالكتد و هو الكاهل و هو مجتمع الكتفين و هو الثاني ما بين أصل العنق و الظهر و هو من الخيل مكان السنام من البقر فإن تساوت خلقة الفرسين في قدر العتق فمن سبق به أو ببعضه فهو سابق و إن كان أحدهما أطول عنقا فإن سبق القصير بالعتق أو بعضه فقد سبق و إن سبق الطويل بالجميع فقد سبق و كذا إن سبقه بأكثر مما بينهما في طول العتق و إن كان أقلّ من قدر الزيادة كان السابق هو القصير لأنّه قد سبق بكاهله و لا اعتبار بالإذن و المصلّي هو الذي يحاذي رأسه صلوى السابق و الصلوان ما عن يمين الذنب و شماله و المحلّل الذي يدخل بين المتسابقين إن سبق أخذ و إن سبق لم يغرم و الغاية مدى السباق [- ه -] عقد السبق لازم سواء كان العوض منهما معا أو من أحدهما أو من أجنبيّ و قيل إنّها عقد جائز كالجعالة و قوّاه الشيخ فعلى الأوّل لا يجوز الفسخ و إن لم يتلبّس بالعمل و على الثاني يجوز قبله و بعده للفاضل كالسابق في العدو و الرمي لا المفضول على إشكال [- و -] يشترط كون العوض معلوما إمّا بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة و يجوز أن يكون دينا و عينا حالاّ و مؤجّلا أو يكون بعضه حالاّ و بعضه مؤجّلا و يجوز أن يخرجه الإمام من خاصّة و من بيت المال و أن يخرجه أحدهما أو كلاهما أو أجنبيّ و إذا كان دينا و حلّ أجبر على تسليمه و إذا فلس به ضرب مستحقّه مع الغرماء و مع الإضافة المعقود

ص: 261

عليها يستحقّ السّابق السّبق سواء قلنا إنّها عقد لازم أو جائز و يجوز أخذ الرهن و الضمين على العوض إن كان دينا و إذا أخرج السبق أحدهما كان للسابق منهما و لو شرط أكثره للسابق و الباقي للمصلّي جاز و لو شرط أن يطعم العوض أصحابه احتمل صحة الشرط و لو قيل بفساده فالأقرب عدم فساد المسابقة و هو اختيار الشيخ و الشروط الفاسدة إن اقتضت اختلال شرط الصّحة مثل جهالة العوض أو المسافة فالعقد فاسد و إن لم يقتض مثل أن يشترط أن لا يرمي أبدا إن سبق فالأقرب عدم فساد العقد بفساده [- ن -] كلّ موضع فسدت فيه المسابقة فإن كان السّابق هو المخرج لم يستحقّ شيئا على صاحبه و كان سبقه له و إن كان الآخر استحقّ على المخرج أجرة المثل و لو كان العوض مستحقّا كان على مخرجه قيمته أو مثله [- ح -] إذا قال أجنبيّ لاثنين أو جماعة من سبق فله عشرة صحّ فإن سبق أحدهم استحقّ و إن جاءوا دفعه لم يستحقوا شيئا و لو قال لاثنين من سبق منكما فله عشرة و من صلّى فله عشرة لم يصح و لو قال من صلّى فله خمسة جاز و كذا يصحّ لو قال لجماعة من سبق فله عشرة و من صلّى فله عشرة و لو قال للمصلّي عشرة و للسابق خمسة لم يصحّ و لو قال العشرة من سبق فله عشرة فسبق واحد أخذ العشرة و إن سبق اثنان فلهما العشرة و لو سبق تسعة تساووا فيها و لا شيء للآخر و يحتمل أن يكون لكلّ واحد من التسعة عشرة كاملة و لو قال من سبق فله عشرة و من صلّى فله خمسة فسبق خمسة و صلّى خمسة فعلى الأوّل للسّابقين عشرة و للمصلّين خمسة و على الثاني لكلّ من الخمسة الأوّل عشرة و لكل واحد من الثانية خمسة و يتطرق على الأول احتمال البطلان [- ط -] إذا كان السبق منهما لم يشترط المحلّل فلو أخرجا عوضا و قالا من سبق منّا فله العوضان صحّ فإن سبق أحدهما أحرز مال نفسه و أخذ عوض صاحبه و إن لم يسبق إحداهما أحرز كل منهما مال نفسه و لو أدخلا محلّلا جاز فإن سبق المحلّل أخذ العوضين و كذا إن سبق أحدهما و لو سبقا معا أحرز كلّ منهما مال نفسه و لو سبق أحدهما و المحلل أحرز السابق مال نفسه و كان العوض الآخر بينه و بين المحلل نصفين و لو قالا من كان مسبوقا فعوضه للمحلّل جاز و لو قال لخمسة من سبق فله درهمان و من صلّى فله درهم فسبق واحد و صلى ثلاثة و تأخّر الخامس فللسابق درهمان و للثلاثة المصلّين درهم و لا شيء للمتأخر [- ى -] يشترط في المسابقة أمور خمس تقدير المسافة ابتداء أو انتهاء فلو استبقا لينظر أيهما يقف قبل صاحبه من غير غاية ينظران إليها لم يجز و تقدير العوض و تعيين ما يسابق عليه و تساوى ما به المسابقة في احتمال السّبق فلو كان أحدهما ضعيف الدابة أو مريضها يعلم أنّه مسبوق لم يصحّ العقد و كذا يشترط في دابة المحلّل و لا يشترط تساوي جنسها فيجوز بين البغال و الحمير و كذا الإبل و الخيل مع احتمال السبق و أن يجعل العوض لأحدهما أو للمحلّل و لو جعله لأجنبيّ لم يجز و في اشتراط تساوي الموقف إشكال [- يا -] قد بيّنا أنّ السبق يحصل بالعتق في المتساوي الخلقة و بالكتد في المختلف فلو شرط أحدهما المسابقة بثلاثة أقدام أو أقلّ أو أكثر ففي بطلان الشرط نظر [- يب -] يشترط في المسابقة تساوي الدابتين جنسا فلو تسابقا على بعير و فرس لم يجز إلاّ مع احتمال السّبق على إشكال و لا يشترط تساويهما صنفا فيجوز المسابقة بين العربي و البرذون و بين البخاتي و العراب [- يج -] إذا تسابقا لم يجز أن يجنب أحدهما إلى فرسه فرسا آخر لا راكب عليه ليحرصه على العدو و لا أن يصيح به وقت العدو في سباقه و لا يرتض خلفه

الفصل الثّاني في أحكام الرمي

و فيه [- ل -] بحثا [- ا -] يفتقر الرمي إلى عشرة شرائط الأوّل أن يكون الرشق معلوما و هو بكسر الراء عدد الرمي الذي يتّفقان عليه مطلقا عند الفقهاء و يختصّ عند أهل اللغة بما بين العشرين إلى الثلاثين الثّاني أن يكون عدد الإصابة معلوما فيقال الرشق عشرة و الإصابة خمسة مثلا الثّالث صفة الإصابة مثل أن يقول حوابي أو خواصر أو خواسق مما أشبه ذلك مما تقدّم الرابع أن يكون قدر المسافة معلوما إمّا بالزّرع فيقال مائة ذراع مثلا و إمّا بالمشاهدة الخامس قدر الغرض و هو ما ينصب في الهدف إمّا بالمشاهدة أو التقدير كالشبر و الشبرين السّادس العلم بالسّبق و هو المال المخرج السّابع تساويهما في جميع أحوال الرمي فلو شرطا أن يرمي أحدهما عشرة و الآخر عشرين أو إصابة أحدهما خمسة و الآخر ثلاثة أو أن إصابة أحدهما خواسق و الآخر فوارق أو يحط أحدهما من إصابته سما أو يرمي أحدهما من قرب و الآخر من بعد أو يرمي أحدهما و يده مشغولة أو رأسه حامل الشيء و الآخر خال عن ذلك أو يحط أحدهما واحدا من خطائه لا عليه و لا له لم يصحّ الثّامن تعيين الرماة فلا يصح مع الإبهام فلو شرطا أن يكون مع كلّ واحد منهما آخر أو اثنان أو أزيد من غير تعيينهم بالمشاهدة أو المعرفة لم يجز التاسع أن يكون المسابقة على الإصابة لا على البعد فلو قالا السّبق لأبعدنا رميا لم يجز على إشكال أقربه الجواز العاشر أن يكون المسابقة على الحذق فلو جعلا العوض للمخطئ دون المصيب لم يجز إمّا المبادرة أو المحاطة ففي اشتراط ذكر أحدهما نظر أقربه عدم الاشتراط [- ب -] ما ذكرناه

ص: 262

في السّباق بين الخيل من إخراج السّبق منها أو من أحدهما أو من أجنبيّ في النضال مثله و لا يشترط المحلّل أيضا فيه و إن كان السّبق منهما فلا بدّ في السّباق من معرفة الفرس و أمّا في النضال فلا يشترط معرفة القوس فلو أنفق الفرس بطل السّباق و لو انكسر القوس لم يبطل النضال و كما لا يشترط تعيين القوس فكذا لا يشترط تعيين السّهم نعم الإطلاق يقتضي تساوي جنس الآلة فإذا أطلقا النضال جاز و اقتضى أن يكون الرمي منهما بنوع واحد إمّا بالقوس العربيّة معا أو بالعجميّة معا و ليس لهما أن يختلفا فيرمي أحدهما بقوس و الآخر بغيرها إلاّ أن يشترط ذلك في العقد فيجوز حينئذ أن يختلفا و لو عقدا النضال على نوع من القسي تعيّن ما عقداه مثل أن يقولا نرمي معا بالعربيّة أو بالعجميّة و ليس لأحدهما العدول و لو عقد أعلى قوس معيّنة من النّوع كان له العدول عنها إلى غيرها من ذلك النوع لحاجة و غيرها بخلاف الفرس و لو قالا نرمي بهذه القوس لا بغيرها من نوعها و شرطاه بطل العقد و النشاب هي سهام القوس الأعجمي فلو اتفقا على أن يرميا بالنشاب من غير تعيين القوس انصرف إلى العجميّة و النبال سهام العربي و الحسبان قوس يكون سهامه صغارا يجمع في قصبة واحدة و يرمى بها فيتفرق في الناس فلا يمرّ بشيء إلاّ عقرته لشدّتها [- ج -] لو شرط أن يرمي ثلاثين و الإصابة عشرة و الآخر عشرين و الإصابة عشرة ففي الجواز نظر و كذا لو شرط أن يكون في يد أحدهما سهام و الآخر لا شيء في يده يشغلها بحفظه و لو شرطا أن يحسب خاسق أحدهما خاسق واحد و الآخر كل خاسق بخاسقين أو خاسق واحد بخاسقين أو يحط من خواسق أحدهما خاسق واحد فالجميع باطل و لو شرط حوابي على أن يعدّ الخاسق حابيتين فالأقرب الجواز لأنّ رميه في الخاسق أحذق [- د -] إذا كان الرشق عشرين و الإصابة خمسة فإن شرطا المبادرة و رمى كلّ عشرة فأصاب خمسة تساويا و لم يجب الإكمال و لو أصاب أحدهما دون الخمسة فقد نصله صاحب الخمسة و لو سأل الناقص إكمال الرشق لم يجب و إن شرطا المحاطة فأصاب كلّ واحد من العشرة خمسة تحاطّا خمسة بخمسة و أكملا الرشق و لو أصاب أحدهما منها تسعة و الآخر خمسة تحاطّا خمسة بخمسة و أكملا العدد و لو تحاطّا و كان أحدهما قد أكمل العدد فإن كان مع انتهاء العدد فقد نصل بصاحبه و إن كان قبله و طلب صاحب الأقلّ الإكمال أجيب مع الفائدة بأن يمكن رجحانه أو مساواته أو قصور صاحبه بعد المحاطة عن إكمال الإصابة و أجبر الآخر مع امتناعه مثل أن يرمي أحدهما عشرة فيصيب ستّة و يصيب الآخر واحدا و يرجو صاحب الواحد إصابة العشرة الباقية دون صاحبه فيحصل له أحد عشر و لصاحبه ستّة فيحصل له العدد بعد المحاطة و إن لم يكن له فائدة لم يجب الإصابة مثل أن يرمي أحدهما خمسة عشر فيصيبها و يصيب الآخر منها خمسة فإذا تحاطّا لم يجب الإكمال لأنّ الخمسة المتخلّفة إذا أخطأها صاحب الأكثر و أصابها صاحب الأقلّ انفرد الأوّل بالإصابة [- ه -] لو قال إن نضلتني فلك علي عشرة و تعطيني قفيز حنطة لم يجز لأن الناضل لا يغرم و لو قال إن نضلتني فلك علي عشرة دنانير إلا دانقا جاز و لو قال إلا درهما لم يجز للجهالة [- و -] إذا كان السباق بالخيل و شبهها جربا دفعة واحدة و إن كان في النضال وجب أن يبدأ أحدهما قبل صاحبه ليعلم المصيب و كيفيّة إصابته فإن شرطا البادي صحّ و إن أطلقا فإن يجب أخرج كلّ واحد السبق فالأقرب القرعة و يحتمل البطلان و إن أخرجه أجنبيّ قدّم من شاء و إن أخرجه أحدهما احتمل تقديمه لمزيّته و البطلان لأنّ موضوع النضال على انتفاء المزيّة [- ز -] يستحب لأهل النضال اتخاذ غرضين يرمون من أحدهما إلى الآخر ثم يمشون و يرمون من الآخر إلى الأوّل فإذا بدأ أحدهم بالرمي من أحدهما بالقرعة أو الشرط لم يكن له أن يبدأ من الآخر بل غيره بحسب ما يرتّبونه [- ح -] إطلاق المناضلة يقتضي المراسلة و هو أن يرمي أحدهما سهما و الآخر سهما و لو شرطا أن يرمي أحدهما رشقه أو عددا معيّنا و الآخر بعده جاز [- ط -] إذا اضطرب رمي أحدهما لعارض مثل أن أغرق النزع فخرج السّهم من اليمين إلى اليسار لأن من شأن السهم أن يمر على إبهام يسراه فإذا أراد النزع غير السهم فمر على أصل سبابة يسراه أو انكسر قوسه أو انقطع وتره أو أصابه ريح في كبفّثه أو عرض في الطريق عارض مثل أن وقع في بهيمة أو غيرها فخرج منه أو استلبته الريح فلم يصب الغرض لم يعدّ عليه خطأ و لو أضاف مع بعض هذه العوارض فالأقرب أنّه يعدّ له إصابة و لو جاوز السهم الغرض احتسب عليه خطأ إلاّ مع العارض [- ى -] إذا شرطا الخاسق فإن ثقب و ثبت النصل فيه حسب له و إن لم يثقبه كان خطأ و إن ثقبه يصلح للخسق إلاّ أنّ السّهم سقط فالأقرب أنّه لا يحتسب خاسقا و لو شرطا الإصابة مطلقا حسب له و إن لم ينفذ و لو شرطا الخاسق فسقط السهم فادعى الرامي أنّه خسق و إنما سقط لغلظ لقيه من حصاة و شبهها و أنكر الآخر فإن علم موضع الإصابة بالبيّنة أو الإقرار فإن لم يكن فيه ما يمنع الثبوت و كان قد خرقه فالأقرب أنّه لا يعد خاسقا بل خطاء و إن لم يخرقه فهو خطأ قطعا و إن كان في الموضع ما يمنعه من الثبوت احتمل أن يعدّ خاسقا و أن لا يعد خطأ و لا صوابا و إن لم يعلم و اتفقا على الخرق و لا مانع من الثبوت فالقول قول المنكر من غير يمين و إن كان هناك مانع فالقول أيضا قوله لكن مع اليمين و إن أنكر الخرق فالقول أيضا قوله مع اليمين و لو أصاب ثقبا في الغرض أو موضعا باليا و ثبت في الهدف احتمل أن يكون خاسقا مطلقا أو مع قوّة الهدف كالحائط و الخشب لا مع ضعف كالتراب و شبهه و لو أصاب طرف الغرض فخرقه و ثبت فيه بأن يقطع قطعة من طرفه و يثبت

ص: 263

مكانها أو يشقّه و يثبت في شقّه من غير أن يكون الغرض محيطا بالسهم فالأقرب أنّه خاسق و لو مرق السهم منه و لم يثبت فالأقرب أنّه يعدّ إصابة لأنّه أبلغ من الخسق و لو أصاب ثقبا في الغرض و ثبت في الهدف مع جلدة من الغرض و ادعى الخسق و قطع الجلد لشدّة الرمي و أنكر الآخر و ادّعى ضعف الغرض فالقول قول الآخر مع يمينه و لو وقع في غير الثقب خسق [- يا -] لو شرطا الإصابة مطلقا فكيف ما أصاب بالنصل جاز و لو وقع دون الغرض ثمّ انقلب فأصاب الغرض بفوقه و هو الثلمة الّتي في أسفل السهم يوضع الوتر فيها عدّ عليه خطأ و لو ازدلف و أصاب بنصله الغرض فالأقرب الإصابة [- يب -] إذا كان الريح عاصفا جاز له تأخير الرمي حتى يسكن و لو تناصلا مع ريح لينة و ميل رمية إلى الريح بحيث يكون قدر ما تميله موافق الإصابة فأصاب أو كانت الريح في وجه الغرض ففرغ نزعا بقدر ما يكون قوة رميه مع معاونة الريح يصل إلى الغرض فأصاب حسب له و لو كانت الريح عاصفة لم يحتسب الخطاء عليه و لا الإصابة له و لو حولت الريح الغرض عن مكانه بعد الرمي و وقع السهم في الهدف حسب له إن كان الشرط الإصابة أو كان الشرط الخواسق و كان الهدف بصلابة الغرض أو أشدّ و إلاّ لم يحتسب له و لا عليه و لو أصاب الغرض موضع انتقاله كان خطأ و لو شرطا الخسق فثبت في الغرض ثمّ سقط حسب له [- يج -] إذا شرطا إصابة موضع من الهدف جاز فلو شرطا إصابة الشّن و هي الجلدة فأصاب الشنبر المحيط به كإحاطة شنبر المنحل أو العرى الّتي حول الشّن أو المعاليق و هي الخيوط الّتي يعلق بها لم يصب و لو شرطا إصابة الغرض اعتد بإصابة الشّن و الشنبر و العرى و لو أصاب المعاليق فالأقرب عدم الاعتداد [- يد -] إذا طلب أحدهما الزيادة في الرشق أو الإصابة فإن قلنا إنّه عقد لازم لم يكن له ذلك إلاّ بعد أن يتفاسخاه و يعقداه على حسب ما أرادا و إن قلنا إنّه جائز و لم يأخذا في الرمي أو أخذا فيه و تساويا رميا و إصابة فلهما الزيادة و النقصان و لو طلب أحدهما الزيادة فإن أجابه و إلاّ كان له الفسخ و إن تفاضلا فإن طلب الزيادة صاحب الفضل تخيّر المفضول في الإجابة و الفسخ و إن طلب المفضول لم يكن له ذلك [- يه -] لو قالا من سبق إلى خمس إصابات من عشرين فهو السّابق فأصابا خمسة من عشرة لم يجب الإكمال و لا سبق و لو أصاب أحدهما خمسة و الآخر أربعة فقد نصله الأوّل و لو رمى أحدهما عشرا فأصاب خمسا و الآخر تسعا فأصاب أربعا لم يحكم بالسّبق قبل العاشر فإن أخطأه فهو مسبوق و إلاّ فلا و لو أصاب دون الأربع من التسعة فهو مسبوق و لا حاجة إلى الإكمال و لو قالا أيّنا فضل صاحبه بثلاث من عشرين فهو سابق فهو محاطة و يسمى أيضا مفاضلة و يلزم إتمام الرشق مع الفائدة كما قلنا لا بدونها كما لو أصاب أحدهما اثني عشر و أخطأها الآخر و لو قالا أيّنا أصاب خمسا من عشرين فهو سابق فمن أصاب خمسة منها قبل صاحبه فهو سابق و لو أصاب كلّ منهما خمسا أو لم يصب واحد منهما خمسا فلا سابق و هذه كالمحاطة في وجوب الإكمال مع الفائدة لا بدونها كما لو رميا ستة عشر فأخطئاها معا لم يجب الإكمال و لو شرط أن يحسب كلّ واحد منهما خاسقه بإصابتين فالأقرب الجواز [- يو -] إذا شرطا أن يرميا أرشاقا كثيرة جاز مع التعيين من غير حصر فإن شرطا أن يرميا كلّ يوم قدرا منها جاز و لو أطلق حمل على التعجيل و يرميان من أوّل النهار إلى آخره ما لم يحصل عارض من مرض أو شبهه فإذا جاء الليل قبل إكماله أخّراه إلى الغد ما لم يشترطا الرمي ليلا و لو أراد أحدهما التطويل و التشاغل عن الرمي بمسح القوس و شبهه منع من ذلك و لا يدهش بالاستعجال بالكليّة و يمنع كلّ منهما من الكلام الرديء الذي يغيظ صاحبه كالافتخار و الارتجاز و تعنيف صاحبه على الخطاء و إظهار أنّه يغلبه و كذا يمنع الحاضر معهما من ذلك كالشاهد و الأمين و لا يمدح السابق و لا يعنّف المسبوق و إذا تشاحا في الموقف مع تساويه كان الحكم للسابق و لو اختلف كان الحكم لمن يختار الأصلح إلاّ مع الشرط [- يز -] لو رميا عشرة من عشرين فأصاب كلّ واحد اثنين فقال أحدهما ارم سهمك هذا فإن أصبت سبقت لم يجز و لو فسخا العقد أو قال ابتداء ارم سهمك فإن أصبت فلك كذا جاز جعالة و لو قال ارم هذا السهم فإن أصبت فلك كذا غير مال النضال جاز جعالة أيضا و يأخذ مع الإصابة لا مع عدمها و لا يحتسب من الرشق و لو قال ارم سهما فإن أصبت فلك كذا و إن أخطأت فعليك كذا لم يجز [- يح -] لو قال ناضل نفسك فإن كان صوابك أكثر فلك السبق لم يجز و كذا لو قال ناضل نفسك فإن كان صوابك أكثر فقد نضلتني و لو قال ارم عشرين فإن كان صوابك أكثر فلك كذا جاز جعالة [- يط -] لو رمى سهما فإن أصاب بالنصل أو بهما معا فهو إصابة و إن أصاب بالفوق فهو خطاء و لو أصاب فوق سهم ثابت نصله في الغرض لم يحتسب له و لا عليه و لو كان الثابت في الغرض قد نفذ فيه حتّى بلغ فوقه الغرض ثمّ أصابه فإن كانت الإصابة مطلقة حسب له و إن شرط الخاسق لم يحتسب له و لا عليه و لو أصاب الفوق و سبح على السهم حتّى أصاب الغرض فهو أصابه [- ك -] إن قلنا إنّ العقد لازم لم يكن لأحدهما الترك بعد العقد فإن امتنع حبس فإن امتنع عزر فإن فعل و إلا ردّ إلى الجنس فإن فعل و إلا عزّر و إن قلنا إنّه جائز كان للفاضل أن يقرك و في المفضلة وجهان و لو شرطا أن يقعد أحدهما

ص: 264

متى أراد بطل العقد إن قلنا إنّه لازم و إلاّ فلا و لا يجوز أن يشترطا كون السبق على الجالس و لا يجب في عقد النضال اشتراط قدر ارتفاع السهم و لو سمّى قدر ذلك فالوجه المنع لعدم ضبطه و حصول التنازع به و كذا لا يشترط قدر ارتفاع الغرض عن وجه الأرض و ينصرف الإطلاق إلى العرف و لو شرطاه لم يجز خفضه و لا رفعه إن قلنا بلزوم العقد و إلاّ جاز [- كا -] لو عقدا على مائة ذراع ثمّ اتّفقا على الزيادة لم يكن لهما ذلك إلاّ بعد التفاسخ و إنشاء عقد على ما يريد أنه إن قلنا إنّه لازم و إلاّ جاز و كذا البحث لو شرطا إصابة الهدف أولا ثم طلبا إصابة الغرض و لا يجوز اشتراط الإصابة في عدد يتعذّر الإصابة معه كاربعمائة ذراع و يجوز على مائتين و خمسين فما دون و كذا لا يجوز اشتراط الإصابة في عدد يتعذّر معه ذلك كما لو شرطا إصابة تسعة من عشرة و كذا لو شرط إصابة العشرة و قوّى الشيخ الجواز فيهما و هو جيّد و لو كان الرشق عشرة و الإصابة خمسة و شرط الإصابة من تسعة بمعنى أنّ العاشر لا يحسب له و إن أصابه لم يجز [- كب -] يجوز للرامي أن يقف أين شاء من الغرض عن يمينه أو يساره و لو شرطا موضعا خاصّا لزم و لو قال أحدهما يستقبل الشمس و الآخر يستدبرها أجيب طالب الاستدبار و لو شرطا الاستقبال لزم [- كج -] يجوز أن يكون الرماة حزبين و يقسمون بالاختيار و الأقرب جواز القرعة و الأوّل أولى فيختار رئيس أحد الحزبين واحدا ثم يختار الآخر واحدا و هكذا و لا يختار أحدهما الجميع ثمّ الآخر الباقي و يقرع في المبتدئ للاختيار من الزعيمين و لو جعلوا الرئيس الحزبين واحدا لم يجز و لو قال أحد الزعيمين أنا أختار أوّلا على أني أخرج السّبق أو على أن يكون السبق في حزبي لم يجز و كذا لو قال اختر أنت على أن عليك السبق أو يقرع فمن أصابه كان السبق عليه و لا نرمي معا فأينا أصاب كان السبق على الآخر [- كد -] لا بدّ من تعيين الرماة فلو اختار ثلاثة لا بسميّهم لصاحبه و صاحبه ثلاثة لا يسميّهم للأوّل لم يجز و لو حضر غريب لا يعرفونه فاختير في أحد الحزبين فخرج لا يحسن الرّمي بطل العقد فيه و في محاذيه الذي اختاره الزعيم الآخر في مقابلته و لا يبطل في الباقين بل لكلّ حزب خيار تفريق الصفقة و لو ظهر راميا قليل الإصابة فقال حزبه ظنناه كثيرها أو بأن كثيرها فقال الآخر ظنناه قليلها لم يلتفت إليهم [- كه -] إذا شرطوا تقديم أحد الحزبين فيكون أحدهم المبتدئ جاز و لو شرطوا أن يكون فلان مقدّما و فلان معه من الحزب الآخر ثمّ فلان ثانيا من الحزب الأوّل و فلان معه كان باطلا و إذا تعيّنت البدأة لواحد فرمى غيره و رد السهم عليه و لم يحتسب له و لا عليه بخطه إنما بطل لأن تقديم واحد من الحزب يكون إلى زعيمه [- كو -] لو أخرج أحد الزعيمين السّبق منه فسبق حزبه لم يرجع عليهم إلاّ مع الشرط فيرجع بالسّوية و يأخذه السابق بالسّوية و يحتمل قسمته على قدر الإصابة [- كز -] يشترط كون الرشق بين الحزبين يمكن قسمته بغير كسر و يتساوون فيه فلو كانوا ثلاثة وجب أن يكون له ثلث كذا و لو كانوا أربعة وجب أن يكون له ربع [- كح -] إذا قال أحد المتناضلين لصاحبه و قد فضله اطرح الفضل مقابله و عليّ كذا لم يجز و لو تفاسخا العقد و عقدا آخر جاز و لو لم يفسخاه فتمّت الإصابة مع ما أسقطه استحقّ و ردّ ما أخذه في مقابلة الطرح و لو سبق أحدهما صاحبه عشرة فقال إن نضلتني فلك هذه العشرة و إن نضلتك فلا شيء لك فقال ثالث للمسبق أنا شريكك في الغنم و الغرم إن نضلك فنصف العشرة عليّ و إن نضلته فنصفها لي لم يجز لأنّ الغرم و الغنم للمفاضل لا لغير الرامي و كذا لو سبق كلّ واحد منهما صاحبه عشرة و أدخلا محللا فقال رابع لكلّ من المسبقين أنا شريكك في الغنم و الغرم [- كط -] لو قال واحد لآخر ارم هذا السّهم فإن أصبت به فلك درهم صح جعالة و لو قال إن أصبت فلك درهم و إن أخطأت فعليك درهم لم يجز و لو قال ارم عشرة فإن كان صوابك أكثر من خطائك فلك درهم صحّ جعالة و كذا إن كان صوابك أكثر فلك بكلّ سهم أصبت به درهم أو قال ارم عشرة و لك بكل سهم أصبت به منها درهم أو قال فلك بكلّ سهم زائد على النصف من المصيبات درهم و لو قال فإن كان خطاؤك أكثر فعليك درهم لم يجز لأنّ الجعل في مقابلة العمل و لا عمل للقابل و كذا لا يجوز لو قالوا نقرع فمن خرجت قرعته فهو السابق و لا من خرجت قرعته فالسّبق عليه و لا نرمي فأينا أصاب فالسّبق على الآخر [- ل -] إذا شرطا إصابة موضع من الهدف على أنّ ما كان أقرب إلى الشرق يسقط إلا بعد جاز لأنّه نوع من المحاطته فإذا رمى أحدهما سهما فوقف في الهدف و رمى الآخر خمسة فوقعت أبعد من سهم الأوّل ثمّ رمى الأول سهما فوقع أبعد من الخمسة سقطت الخمسة بالأوّل و سقط الذي بعد الخمسة بالخمسة و لو رمى أحدهما خمسة في الهدف بعضها أقرب من بعض و رمى الثاني خمسة كلّها أبعد من الخمسة الأولى سقطت الثانية أجمع و ثبتت الأولى أجمع و لا يسقط الأقرب الأبعد لأنّ الأقرب يسقط الأبعد من رمى الآخر لا من رمى نفسه و لو أصاب أحدهما الهدف و الآخر الفرض سقط ما أصاب الهدف بما أصاب الغرض و لو أصاب أحدهما الغرض و الآخر العظم الذي في وسطه لم يسقط الأوّل و لو أصابا الهدف و كانا في القرب سواء تساقطا و لو رمى أحدهم ساقطا و هو ما وقع بين يدي الغرض و الآخر عاضدا و هو ما دفع من أحد الجانبين و الآخر خارجا و هو ما جاوز الغرض قيس إلى الغرض من أيّ الجهات كان و سقط به الأبعد

كتاب الوديعة و توابعها

اشارة

و فيه مقاصد

الأوّل في الوديعة
اشارة

ص: 265

و النظر في فصول ثلاثة

الأوّل في العقد

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] الوديعة حقيقتها استنابة في حفظ المال و أتوا بالهاء لأنّهم ذهبوا بها إلى الأمانة و هي مأخوذة من ودع يدع إذا سكن و استقر قال الكسائي أودعت الرّجل مالا إذا دفعته إليه يكون وديعة عنده و أودعته قبلت وديعته و هي عقد جائز من الطرفين و لها حكم في الشريعة بالنّص و الإجماع [- ب -] يفتقر الوديعة إلى إيجاب و قبول و يكفي فيهما كلّ عبارة دالّة على معناهما و يكفي في القبول الفعل مجردا عن اللفظ و لو طرح الوديعة عنده لم يلزمه حفظها إذا لم يقبلها و لا بدّ في المتعاقدين من التكليف فلو استودع من الصّبي أو المجنون ضمن و لو أكره على القبول لم تصر وديعة و لو أهملها لم يضمن [- ج -] لو أودع الصّبي ففرط فيها لم يضمن أمّا لو باشر الإتلاف فإنّه يضمن و لو أودع المجنون لم يضمن بالإتلاف مباشرة و تسبيبا [- د -] عقد الوديعة تبطل بالموت منها و الجنون و الإغماء و بعزله نفسه و إذا انفسخ بقي أمانة شرعيّة في يده كالثوب يطيّره الريح في داره [- ه -] الحريّة يشترط في المتعاقدين أو أذن المولى فلو استودع العبد فإن كان بإذن مولاه صحّ و إلاّ فلا و على التقدير الأول لو فرط العبد أو باشر الإتلاف فالوجه تعلق الضمان بكسبه أمّا على التقدير الثّاني فالأقرب أنّه يتبع به بعد العتق [- و -] لا تصحّ وديعة الطفل و لا المجنون فلو أودعا ضمن القابض و لو ردّه إليهما لم يبرأ و إنّما يبرأ بردّه إلى وليّهما [- ز -] الوديعة أمانة يجب حفظها فلو أهمل المستودع ضمن و لو لم يهمل لم يضمنها و إن تلفت سواء تلف معها شيء من ماله أو لا و كذا لو أخذت منه مهرا و لو تمكّن من الدفع وجب و لو أهمل حينئذ ضمن و لو خاف من الظالم لو منعها جاز دفعها إليه و لا يجب تحمّل الضّرر الكثير لأجل حفظها عنه و لو أنكرها فطالبه الظالم باليمين ظلما جاز الحلف و يؤدّي ما يخرج به عن الكذب [- ح -] يجب ردّ الوديعة إلى صاحبها مع الطلب و إمكان الدفع فلو أهمل مع القدرة و المطالبة ضمن

الفصل الثّاني في أسباب الضمان

و هي شيء واحد على الإجمال هو التقصير و للتقصير أسباب سبعة الأوّل الانتفاع بالوديعة فإذا لبس الثوب أو ركب الدابّة أو أخذ الدّراهم ليصرفها في حاجته ضمن و لو نوى الأخذ و لم يأخذ أو عزم على التّعدي و لم يفعله لم يضمن و فيه احتمال ضعيف بخلاف الملتقط و لا يعود أيضا لو ترك الخيانة و لو ردّ الثوب بعد ما لبسه أو الدابة بعد ما ركبها إلى الحرز لم يزل الضمان و لو أعاده إلى المالك سقط الضمان و إن جدّد الاستيمان و لو لم يردها لكن جدّد الاستيمان أو أبرأه من الضمان برئ أيضا و لو أخرجها من الحرز للاستعمال و لم يستعملها ضمنها و إن أعادها إلى الحرز لم يبرأ و لو دفع دراهم فوضعها في كيس ثمّ أخرج منها درهما ضمنه خاصّة و لو ردّ ذلك الدّرهم بعينه إلى الكيس و اختلط بالباقي و لم يتميّز لم يتعدّ الضمان إلى الباقي و لم يزل الضمان عن الدّرهم و إن ردّ بدله و مزجه بالباقي ضمن الجميع و لو تميّز لم يبعد الضّمان إلى الباقي و كذا لو مزج الوديعة بغيرها من ماله أو من غير ماله من غير استيذان بحيث لا يتميّز فإنّه يضمنها و لو كانت الدّراهم في كيس للمودع فإن لم يكن مشدودا فكذلك و إن كان مشدودا فبحلّ الشّد أو كانت مختومة فكسر الختم و إن لم يحلّ الشّد فإنّه يضمنها أجمع و إن لم يأخذ منها شيئا و لا يختصّ ضمانه بالختم لو خرق الكيس فإن كان الخرق فوق الشدّ ضمن ما خرقه دون الدراهم و إن كان تحته ضمن الدراهم فلو أودع كيسين فمزجهما ضمن و إن لم يكونا مشدودين و لو أتلف بعض الوديعة لم يضمن الباقي إلاّ إذا كان متّصلا به كما لو قطع الثوب أو يد العبد و لو كان مخيطا فالأقرب أنّه يضمن الجميع لو فتقه أتلف بعضه فلو خلط المستودع الوديعة بماله خلطا لا يتميّز ضمنها سواء كان المخلوط بها دونها أو مثلها إلى أجود و لو تميّز كالدراهم و الدنانير لم يضمن إلاّ أن يتضمّن التفريط بغير المزج كحلّ الشد و فتح الختم و كذا لا يضمن لو مزجها بإذن المالك و لو أنفق الوديعة ضمنها و لو ردّ بدلها إلى موضعها لم يتعين بذلك و كانت في ضمانه الثّاني التضييع بأن يلقيه إلى مضيعة أو يدلّ عليه سارقا أو يسعى به إلى ظالم أو لا يحرزها في حرز مثلها و لو ضيّع بالنسيان فالأقرب الضمان و لو أكره على أخذ الوديعة لم يضمن و كذا لو سلّمها مكرها و للمالك الرجوع على من شاء من الودعي و الظالم و إذا طالبه الظالم وجب إخفاؤها و لو طلب منه الحلف و لم يحلف فالأقرب الضمان الثّالث المخالفة في كيفيّة الحفظ فلو غير له موضعا للحفظ تعيّن فإن لم ينهه عن غيره و نقلها فإن كان الموضع ملكا للمودع أو مستأجرا له ضمن لأنّه في الحقيقة وكالة لا استيداع إلاّ أن يخاف عليها فينقلها لأنّه مأمور بحفظها و إن كان ملكا للمستودع فنقلها منه أو حفظها ابتداء في غيره فإن كان أدون ضمن قطعا و إن كان مثله أو أحرز قال الشيخ لم يضمن و عندي فيه نظر و يقوى الإشكال لو تلفت بالنقل كانهدام البيت المنقول إليه و لو نهاه عن النقل ضمن به و إن كان إلى مساو و لو لم يعيّن له موضعا فنقلها بعد إيداعها من حرز إلى حرز مثلها لم يضمن سواء كان مثل الأوّل أو أدون تنبيه كلّ موضع قلنا إنّه يضمن بالنقل إنّما هو مع عدم خوف التلف أمّا لو خاف التلف من حرق أو غرق أو نهب أو لصّ فإنّه يجوز نقلها و إن عين له حرزا سواء نهاه عن نقلها عنه أوّلا و لا ضمان عليه إذا نقلها إلى مثل المعيّن أو أحرز و لو نقلها إلى

ص: 266

أدون فإن لم يتمكّن من المساوي و الأجود فلا ضمان و إن تمكّن و لم يكن حرز مثلها ضمن و إن كان حرز مثلها ففي الضمان إشكال و لو لم ينقلها مع الخوف فتلفت فالأقرب التفصيل فإن لم يعيّن له موضعا ضمن و إن عيّن و لم ينهه عن النقل فكذلك و لو نهاه عن النقل ففي عدم الضمان إشكال إذا عرفت هذا فلا فرق في الضمان بين أن ينقلها من دار إلى أخرى أو من بيت من دار إلى بيت آخر منها مع التعيين و النّهي عن التحويل و لو قال لا تخرّجها من المعين و إن خفت التلف فأخرجها من غير خوف ضمن و إن أخرجها مع الخوف أو تركها فلا ضمان و لو أمره بوضعها في صندوق فوضعها في غيره أو في خريطه فوضعها في غيرها فالتفصيل فيه كما قلنا في البيت سواء و لو أمره بوضعها في بيته فتركها في ثيابه ضمن و لو دفعها إليه في دكّانه و أمره بوضعها في بيته فسارع فتلفت من غير تفريط لم يضمن و لو وضعها في دكّانه إلى وقت فراغه ليستصحبها إلى بيته مع المكنة من المسارعة فالأقرب الضمان و لو نهاه عن التأخير ضمن قطعا و لو أمره بوضعها في كمّه فوضعها في جيبه ففي الضمان إشكال و بالعكس يضمن و لو أمره بوضع الخاتم في الخنصر فوضعه في البصر و كان متّسعا ينزل إلى أسفل لم يضمّن و إن كان ضيّقا يقف عند الأنملة ضمن و بالعكس يضمن و لو قال ضعها في جيبك أو كمّك فوضعها في يده ضمن إن سقطت منه و لو غصبت منه فكذلك على إشكال و لو أمره بحفظها مطلقا فوضعها في جيبه أو يده لم يضمن إلاّ أن يسقط من يده لاسترخائه بنوم أو نسيان و لو تركها في كمّه مشدودة لم يضمن فإن كانت غير مشدودة فسقطت ضمن إن كانت خفيفة و كذا إن كانت ثقيلة على إشكال ضعيف و لو شدّها في عضده لم يضمن سواء كان مما يلي الجيب أو لا نعم لو أمره بشدّها مما يلي الجيب فعكس ضمن و لو كان بالعكس لم يضمن و لو شدها على وسطه لم يضمن و لو دفع إليه صندوقا و قال لا تنم عليه أو لا تقفل عليه أو لا تضع عليه رجلا تخالفه أو قال لا تقفل عليه إلا قفلا واحدا فقفل قفلين لم يضمن و لو قال اجعلها في هذا البيت و لا تدخله أحدا فأدخل إليها فسرقها الداخل ضمن سواء سرقها حال الإدخال أو بعده و لو سرقها من لم يدخل البيت فالأقرب الضمان الرّابع الإيداع و من استودع شيئا فأودعه من غير إذن المالك و لا ضرورة كان ضامنا سواء أودع من جرت عادته بحفظ ماله كالمرأة و الغلام أو غيرهما و إن كان القاضي و لو أراد السّفر ردّها إلى المالك أو وكيله فإن فقدهما فإلى الحاكم فإن تعذّر فإلى ثقة فإن تعذّر جاز له السّفر بها و لو خالف هذا الترتيب ضمن على إشكال ضعيف و لو أودع في السّفر جاز النقل و لا ضمان عليه و لو دفنها في موضع و أعلم بها ثقة يده على الموضع و كانت مما لا يغيّرها الدفن فهو كإيداعها عنده و إن لم يعلم بها أحد ضمنها إلاّ مع خوف المعاجلة عليها و كذا يضمن لو أعلم بها غير الثقة أو أعلم بها الثقة و لم يشعره بالمكان أو أشعره و ليس ساكنا بالمكان أو كانت مما يتغيّر بالدفن و لو أراد السفر بها و قد نهاه المالك ضمنها إلاّ أن يخاف التلف مع المقام بها و إن لم يكن نهاه و كان الطريق مخوفا أو البلد المقصود كذلك ضمنها و إن لم يكن كذلك احتمل جواز السّفر بها مع القدرة على المالك و الوكيل و الحاكم و الثقة و عدمه و هو الأقوى و لو دفع إلى الحاكم للضرورة ففي وجوب القبول على الحاكم وجهان و لو دفعها إلى الحاكم من غير إرادة السفر للضرورة كالحريق و النّهب و غيرهما لم يضمن و إن تعذّر الحاكم و احتاج إلى إيداعها أودعها الثقة و لو وجد المالك أو وكيله فتخطاهما إلى الحاكم أو الثقة ضمنها و لو جعلها في بيت المال بنفسه من دون الحاكم ضمن و لو حبس المالك أو حجر عليه للسفه كان على المودع ردّ الوديعة إلى الحاكم و لو نقل الوديعة من قرية إلى أخرى كان حكمه حكم المسافر بها و إن لم يكن بينهما مسافة القصر الخامس التقصير فيما يحتاج الوديعة إليه فلو استودع دابة وجب عليه القيام بعلفها و سقيها على قدر حاجتها سواء أمره المالك أو لم يأمره و لو نهاه المالك عن العلف و السقي لم يجز له الامتثال لكن لو امتثل لم يضمن و كذا لو لم ينشر الثوب المحتاج إلى النشر و لو افتقر إلى اللبس وجب لبسه و لو أهمل ضمن إلا مع نهي المالك السّادس الجحود فمن أودع شيئا وجب ردّه على مالكه مع المكنة و المطالبة فإن طالبه المالك فجحد ضمن و لو طالبه غير المالك فجحد لم يضمن و لو سأله المالك من غير مطالبة فجحد ففي الضمان إشكال السّابع التأخير عن الدفع مع المطالبة و إمكان الدفع و لو لم يمكن لبعدها أو لمخافة في طريقها أو للعجز عن حملها أو غير ذلك لم يكن متعدّيا بترك تسليمها و ليس على المستودع مئونة لو حملها إلى مالكها إذا كان حملها يفتقر إلى المئونة قلت أو كثرت بل عليه التمكين من أخذها و لو ساتر بها بغير إذن المالك كان عليه الردّ و لزمه مئونته

الفصل الثالث في الأحكام

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] قبول الوديعة مستحبّ لمن يعلم من نفسه الأمانة و ليس بواجب إجماعا [- ب -] الوديعة أمانة لا يضمن إلا بالتعدّي و لو شرط الضمان في العقد لم يلزم و إن قبل الشرط و كذا لو قال أنا ضامن لها و كذا كلّ ما أصله الأمانة [- ج -] لا يجوز مزج الوديعة بغيرها من جنسها أو غير جنسها أجود أو أدون أو سار مثل أن يمزج السمن بمثله أو بالزيت و لو استودع من اثنين و أذنا في المزج جاز و لا ضمان و لو أذن أحدهما ضمن حصّة غير الإذن و لو امتزجت بغير تفريط فلا ضمان و أو مزجها غيره فالضمان على المباشر [- د -] إذا حضرت

ص: 267

المودع الوفاة وجب عليه دفعها إلى المالك أو الوكيل أو الحاكم أو الثقة على الترتيب و لو تعذّر وجب الإيصاء بها و الإشهاد فإن أهمل مع القدرة حتّى مات ضمن و لو مات فجاءة و لم يوص فالأقرب عدم الضمان و لو أوصى إلى فاسق ضمن و كذا لو أوصى و أجمل من غير تميز كما لو قال عندي ثوب و لم يتميّزه و عنده أثواب و لو لم يكن عنده غيره لم يضمن و لو قال عندي ثوب وديعة و لم يوجد في تركته ثوب أصلا فالأقرب عدم الضمان على إشكال و لو وجد في تركته كيس مختوم عليه مكتوب أنّه وديعة فلان لم يسلمه إليه إلاّ مع البيّنة [- ه -] لو أمر المودع غلامه أو صاحبه بعلف الدابّة أو سقيها فالأقرب عدم الضمان و لو أخرجها للسّقي و الطّريق أمن ففي الضّمان إشكال أمّا لو كان مخوفا فإنّه يضمن و لو قال المالك اربط الدرهم في كمّك فوضعها في يده فأخذها غاصب فالأقرب الضمان و لو أمره بحفظها فشدّها في كمّه الظاهر أو وضعها في جيبه الظاهر فالوجه الضمان بخلاف ما لو كانا باطنين [- و -] إذا ادّعى عليه وديعة فأنكر فالقول قوله مع اليمين فإن أقيمت عليه البيّنة فادّعى عليه الرّد أو التّلف من قبل فإن كان ضيعة جحوده إنكار أصل الوديعة لم يقبل قوله بغير بيّنة و مع إقامة البيّنة فالأقرب عدم قبوله أيضا و إن كانت الصيغة أنّه لا يلزمني تسليم شيء إليك أو ليس في ذمّتي شيء قبل قوله في الرّد و التّلف [- ز -] يجب ردّ الوديعة مع المطالبة و المكنة فإن أخّر معهما ضمن و لو أخّر لضرورة لم يضمن و إن كان لاستتمام غرض نفسه مثل أن يكون في حمام أو على طعام أو على نوم أو طلب الإمهال ليهضم الطعام [- ح -] لو قال ردّ على وكيلي و طلب الوكيل رده و لم يرد مع المكنة ضمن و لو لم يطلب و لكن تمكّن من الردّ فلم يردّ فالأقرب الضمان على إشكال و لو علم من حال الموكّل المسارعة فأهمل ضمن قطعا و إذا ردّ على الوكيل و لم يشهد فأنكر الوكيل فالأقرب عدم الضمان بخلاف الوكيل لقضاء الدين [- ط -] لو طالب بالردّ فادّعى التلف فالقول قوله مع يمينه سواء ادعى سببا ظاهرا كالحريق و الغارة على إشكال أو خفيا و لو ادعى الردّ فالقول قوله مع اليمين إلاّ أن يدّعي الردّ على غير من ائتمنه كدعوى الردّ على وارث المالك أو دعوى وارث المستودع على المالك أو دعوى من طير الرّيح ثوبا إلى داره أو دعوى المستودع الرد على وكيل المالك [- ى -] لو ادعى اثنان عليه وديعة فاعترف لأحدهما مطلقا و قال نسيت التعيين فإن صدّقاه خلص منهما و تنازعا و الأقرب أنّه لا يجب نقلها إلى عدل غيره و إن كذّباه حلف على نفي العلم و لا يكفي يمين واحدة على إشكال بل لا بدّ من يمينين فإذا حلف احتمل استعمال القرعة خرج اسمه حلف فإن نكل حلف صاحبه فإن نكلا قسم بينهما و احتمل القسمة بينهما و حينئذ لا يضمن المستودع نصفها لتفويت ما استودع بجهله لأنّ الجهل عذر و إن نكل فحلفا على علمه ضمن القيمة و جعلت القيمة و العين في أيديهما فإن سلّم العين بحجة لأحدهما ردّ نصف القيمة إلى المودع و لم يجب على الثاني الردّ لأنّه استحقّها بيمينه و لم يعد عليه البدل و قال الشيخ ره لو حلفا فيه قولان أحدهما القسمة بينهما و الثاني أنّه يوقف حتّى يصطلحا و الأول أقوى ثمّ قال و لو قلنا بالقرعة كان قويّا و عندي في ذلك نظر و لو حلف أحدهما حكم له و لو نكلا احتمل القسمة و القرعة و لو كذبهما معا فالقول قوله مع يمينه و لو كذّب أحدهما و صدّق الآخر فكذلك و يدفعها إلى من اعترف له بها مع يمينه للمكذب و لو أقرّ لهما معا كان إقرارا لكلّ واحد منهما بالنّصف و يكون الحكم في النصف الآخر ما تقدّم فيها إذا أقر بالجميع لغيره [- يا -] إذا أخرج الوديعة المنهي عن إخراجها فتلفت فادّعى أنّه أخرجها للخوف إما من حريق أو غريق أو نهب أو غير ذلك فأنكر المالك فعلى المدّعي البيّنة على حصول السّبب و حينئذ يبقى القول قوله في التلف مع اليمين [- يب -] إذا أودع المودع من غير إذن و لا ضرورة ضمن و للمالك الرجوع على من شاء فإن رجع على الأوّل برئ الثاني فإن رجع على الثاني كان للثاني مطالبة الأول مع الغرور [- يج -] لو مات و ثبت أن عنده وديعة يوجد بعينها أخذت من التركة و لو كان عليه دين سواها فهي و الدين سواء و لا فرق بين أن يؤخذ في تركته من جنس الوديعة أو لا هذا إذا أقرّ المستودع أن عندي وديعة أو عليّ وديعة لفلان أو ثبت ببيّنة أنّه مات و عنده وديعة و لو كانت عنده وديعة في حياته و لم يوجد بعينها و لم يعلم هل هي باقية عنده أو تلفت ففي وجوب ضمانها إشكال [- يد -] لو مات و عنده وديعة معلومة بعينها فعلى ورثته تمكين صاحبها من أخذها و لو لم يعلم المالك بالموت وجب على الورثة إعلامه بها و ليس لهم إمساكها و كذا لو أطارت الريح إلى داره ثوبا و علم به فعليه إعلام المالك [- يه -] المستودع أمين و القول قوله فيما يدّعيه من تلف الوديعة مع يمينه و لو ادّعى ردّها إلى صاحبها فالقول قوله أيضا سواء أودعه إيّاها ببينة أو بغير بيّنة [- يو -] لو قال دفعتها إلى فلان بأمرك فأنكر مالكها الإذن في دفعها فالقول قول المالك و لو صدقه على الإذن لم يضمن بترك الإشهاد و لو اعترف المالك بالإذن و أنكر الدفع فالقول قول المستودع فإن أقرّ المدفوع إليه بالقبض و كان الدفع إليه في دين برئ الجميع و إن أنكر فالقول قوله مع يمينه و يضمن المأمور بترك الإشهاد و إن كان الأمر بالدفع وديعة فالوجه عدم الضمان فإذا حلف برئ أيضا و كان الهلاك من المالك [- يز -] إذا استودع دابة وجب عليه القيام بعلفها و سقيها فإن قدر على المالك أو وكيله طالبه بالإنفاق لو ردها عليه و يأذن له ثم يرجع به فإن تعذّر المالك و وكيله رفع أمره إلى الحاكم فينفق عليها من مال صاحبها

ص: 268

و لو لم يجد و رأى من الخطّ بيعها أو بيع بعضها و إنفاقه على الباقي أو إجارتها أو الاستدانة على صاحبها من بيت المال أو من غيره و يدفعه إلى المودع فعل و إن رأى دفعه إلى غيره ليتولى الإنفاق عليها جاز و لو استدان من المودع جاز ثم يدفعه إليه إن شاء أو إلى غيره و يجوز أن يأذن له في الإنفاق بقدر ما يراه المودع و يرجع به على صاحبها فإن اختلفا في قدر النفقة فالقول قول المودع في المعروف و في الزائد قول المالك و إن اختلفا في قدر المدّة الّتي أنفق فيها فالقول قول المالك و لو تعذّر الحاكم و أنفق على نيّة الرّجوع و أشهد فالأقرب الرّجوع و لو تمكّن من الحاكم فلم يستأنفه فالأقرب الرّجوع و إن أشهد و لو عجز عن الحاكم و لم يشهد فالأقرب عدم الرجوع [- يح -] إذا فرّط و اختلفا في القيمة فالقول قول الغارم و قيل قول المالك و فيه ضعف [- يط -] إذا مات المودع سلمت الوديعة إلى الوارث فإن كانوا جماعة سلّمت إلى الجميع أو من يقوم مقامهم و لو سلّمها إلى بعضهم من غير إذن الباقين ضمن حصص من لم يأذن

المقصد الثّاني في العارية
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في العقد

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] العارية مأخوذة من عار الشيء يعير إذا ذهب و جاء و شدّد الياء لأنّها منسوبة إلى العادة و هو اسم من قولك أعرت المتاع إعارة و عارة فالعارة الاسم و الإعارة المصدر و العارية عقد يقتضي إباحة المنفعة خاصّة بغير عوض فخرج عنه إباحة الأعيان كالبيع و الصّدقة و الإجارة [- ب -] العارية عقد مشروع بالنّص و الإجماع قال اللّٰه تعالى وَ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْبِرِّ وَ اَلتَّقْوىٰ و قال تعالى وَ يَمْنَعُونَ اَلْمٰاعُونَ و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله العارية مؤدّاة و المنحة مردودة و الدّين مقضي و الزّعيم غارم [- ج -] العارية عقد جائز من الطرفين و يفتقر إلى إيجاب و قبول و عبارته الصّريحة أعرتك فيقول قبلت و يقع بكلّ لفظ يشتمل على الإذن في الانتفاع و قد يحصل القبول بالفعل

الفصل الثّاني في أركانها

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] أركان العارية ثلاثة المعير و المستعير و المستعار و يشترط في المعير التكليف و جواز التّصرف فلو أعار الصّبي أو المجنون أو المحجور عليه للسّفه أو الفلس لم يجز و لو كان الصّبي مميّزا أو أذن له الوليّ في الإعادة جاز مع المصلحة و لا فرق بين أن يعير ما يملكه أو يكون نائبا من غيره [- ب -] يشترط في المعير كونه مالكا للمنفعة فلو أعار المستأجر صحّ و لو أعار غيره ممن ليس بمالك لم يجز و إن كان مستعيرا نعم للمستعير أن يستوفي المنفعة لنفسه بوكيله و ليس له أن يؤجر [- ج -] يشترط في المستعير كونه أهلا للتبرّع عليه فلو استعار المحرم صيدا لم يجز له إمساكه و إن كان من محلّ و لو أمسكه ضمنه و إن لم يشترط عليه الضمان و عليه مع تلفه قيمته لصاحبه و الجزاء للّه تعالى و هل يجوز للمشرك استعارة المصحف أو العبد المسلم للاستخدام فيه نظر [- د -] يشترط في المستعار كونه عينا مملوكة يصحّ الانتفاع به مع بقاء عينه كالثوب و الدابة و يصحّ إعادة الأرض للزراعة أو الغراس أو البناء و كذا يجوز إعارة الحيوان للركوب و العبد و الجارية للخدمة و إن كانت الجارية أجنبيّة و يجوز أيضا عارية الفحل للضراب و عارية الكلب للصّيد أو الحفظ [- ه -] لا يجوز إعارة العين لنفع محرّم كإعارة الدار لمن يشرب فيها الخمر [- و -] يكره أن يستعير أحد والديه لخدمته و يستحبّ استعارتهما للتّرفه و لا يجوز استعارة الجواري للاستمتاع إلاّ بلفظ التحليل أو الإباحة فلو وطئ بلفظ العارية مع علمه بالتحريم كان زانيا و إلاّ فهو وطء شبهة و يجوز استعارة الشاة للحلب و يكون ذلك منحة و يجوز استعارة العين للرّهن [- ز -] يجوز إعارة كلّ عين يصحّ الانتفاع بها منفعة مباحة مع بقائها كالدّور و العقار و الثياب و الحلّي و غير ذلك و لو استعار الدراهم و الدنانير لمنفعة التزيين بها جاز و لا يكون قرضا و لو استعارها للإنفاق كان قرضا و لو قال آجرتك حماري ليتعرب فرسك فالأقرب الجواز فلو قال اغسل هذا الثوب فهو استعارة لبدنه فإن كان العمل بما يؤخذ الأجرة عليه استحقّ الأجرة و إلاّ فلا

الفصل الثالث في أحكامها

و فيه [- كه -] بحثا [- ا -] يملك المستعير من الانتفاع بالعارية ما جرت العادة به في الانتفاع بذلك المستعار كالدابة في الركوب و الدار في السكنى و الثوب في اللبس و لو أذن المالك في نوع من التّصرف لم يجز التعدّي إلى ما ضرره أكثر فإن أذن له في زرع الحنطة لم يكن له زرع ما هو أضرّ منها و يزرع ما ضرره مثلها أو دونها و لو نهاه عن التجاوز لم يجز مطلقا و لو أذن في الغراس فبنى أو في البناء فغرس فالوجه المنع [- ب -] إذا أطلق له العارية فالأقرب الجواز و له الانتفاع بمجرى العادة فلو استعار أرضا من غير قيد جاز أن يبني و يغرس و يفعل كلّما هي معتادة له من الانتفاع و لو أذن له في الغراس أو البناء جاز له الزرع دون العكس و لو أذن له في الزرع مرّة لم يكن له التكرار و لو أطلق فالأقرب الجواز و لو أذن له في الغرس مطلقا فانقلعت الشجرة لم يكن له غرس أخرى كذا لو أذن له في وضع خشبته على حائط فانكسرت لم يكن له وضع أخرى [- ج -] لو استعار ثوبا ليلبسه هو فأعطاه غيره فلبسه فهو ضامن و كذا لو لم يسمّ من يلبسه و كذا غير الثوب من الأعيان إذا الإعارة غيره من غير إذن ضمنه و إن كان الثاني لا يعمل بها إلاّ ما كان المستعير يعمل بها إذا ثبت هذا فللمالك أجرة المثل على من شاء منهما فإن رجع على الأوّل رجع الأوّل

ص: 269

على الثّاني مع علمه و إن رجع على الثاني لم يرجع الثاني على الأوّل و لو كان جاهلا ففي رجوع الأوّل عليه و عدم رجوعه على الأول لو رجع عليه نظر و لو تلفت العين في يد الثاني ضمنها الثاني فإن رجع على الأوّل كان للأوّل الرجوع على الثاني و إن رجع على الثّاني لم يرجع الثاني على أحد [- د -] لو آجره المستعير لم يجز و كان للمالك الأجرة إن شاء أجرة المثل و إن شاء المسمّى و له الرجوع على من شاء و التفصيل هنا كما قلنا في العارية و لو أذن له المالك في الإجارة مدة معلومة أو في الإعارة مطلقا أو معيّنا جاز فإذا عقد المستعير الإجارة لم يكن للمالك الرجوع حتّى تنقضي المدة و لا يكون العين مضمونة على المستعير و لا على المستأجر [- ه -] يجوز العارية مطلقة و مقيّدة و للمعير الرّجوع في العارية متى شاء سواء كانت مطلقة أو موقتة ما لم يأذن في الشغل بما لا يجوز معه الرجوع و لا يلزمه في المطلقة الصبر إلى وقت يمكن المستعير الانتفاع في مثله بالعين و لا في المقيّدة خروج الوقت بل يجوز قبله و كذا يجوز للمستعير الردّ متى شاء إجماعا [- و -] للمستعير الانتفاع بالعارية المطلقة لم يرجع المالك و المقيّدة ما لم يرجع أو يمضي الوقت و لو تصرّف بعد المدّة كان غاصبا و عليه الأجرة فإن كان قد غرس قلعه و عليه تسوية الحفر و نقص الأرض [- ز -] إذا استعار شيئا ليرهنه ففي اشتراط العلم بقدر الدين و جنسه إشكال فإن عيّن له قدر الدين أو جنسه أو صفته من الحلول و التأجيل تعين و لا يجوز له المخالفة فإن خالف كان للمستعير فسخ الرّهن إلاّ أن يأذن له في الرّهن بمقدار فيرهنه على أقلّ و للمالك المطالبة بافتكاكه إن كان الدّين حالا أو مؤجلا حلّ أجله و إن لم يحلّ فكذلك على إشكال و إذا حلّ الدّين و لم يفكه الراهن جاز بيعه في الدّين فإذا بيع بالدين أو تلف بتفريط كان للمالك الرّجوع على الراهن بالقيمة و له الرجوع في صورة البيع بالثمن و لو تلف من غير تفريط لم يكن على أحدهما ضمانه و لو استعار شيئا من اثنين فرهنه على مائة صفقة عند واحد ثمّ قضى خمسين ليفك حصّة أحدهما لم ينفك إلاّ بقضاء لجميع و لا يضمن المعير الدّين في رقبة عبده إذا رهنه المستعير [- ح -] إذا استعار شيئا لينتفع به نفعا يلزم من الرجوع فيه الضرر ففي جواز الرجوع إشكال فلو استعار لوحا ترقع به السفينة لم يكن له الرّجوع بعد إصلاحه فيها إذا لجّ في البحر و يجوز الرجوع قبل دخول البحر و بعد الخروج منه و لو أعاره أرضا للدفن جاز الرّجوع ما لم يدفن فيلزم حينئذ ما لم يبد الميّت و لو أعاره حائطا لطرح خشبة جاز الرجوع ما لم يطرح و يبني عليه ففي الرجوع حينئذ مع الأرش إشكال و لا يجوز الرجوع مجّانا و لو أزاله المستعير باختياره أو سقط الحائط فبناه المالك بذلك اللّبن أو غيره لم يكن للمستعير الوضع ثانيا إلاّ مع تجدّد الإذن و كذا لو سقط الخشب خاصّة [- ط -] لو استعار أرضا للزراعة فله الرجوع ما لم يزرع فإن زرع بعد الرجوع كان للمالك قلعه بغير شيء و على الزارع أرش الأرض و تسوية الحفر و الأجرة و إن زرع قبله ففي جواز الرّجوع إشكال فإن سوغناه أوجبنا الأرش على الإذن فليس له القلع بدونه و إن منعناه أوجبنا بقاؤه في الأرض إلى وقت إدراكه بغير عوض و لو بذل المالك قيمة الزّرع لم يجب على ربّه القبول على التقديرين و لو كان مما يمكن حصاده قصيلا فالوجه التردّد أيضا [- ى -] لو أذن له في البناء و الغرس كان له أن يرجع قبل الفعل و حينئذ لا يجوز للمستعير البناء و الغرس فإن فعل كان للمالك قلعه و إلزامه بالأجرة و أرش الأرض و تسوية الحفر فإن لم يرجع حتّى غرس أو بنى ثمّ رجع في الإذن فإن كان قد شرط على المستعير القلع عند انقضاء العارية إن كانت مقدّرة أو شرط القلع متى طالبه به إن كانت مطلقة فإنّه يلزمه القلع و ليس على المالك ضمان ناقص الغرس و البناء بالقلع و لا يجب على المستعير طم الحفر و تسوية الأرض و إن لم يشترط القلع فإن اختار المستعير القلع كان له ذلك و إن كره المالك و هل يلزمه تسوية الحفر و طمّها فيه احتمال و إن لم يختر القلع و طالبه المعير به لم يكن له ذلك إلا بعد ضمان ما ينقص بالقلع فحينئذ يجب عليه قلعها بعد غرم ما نقص فيقوم قائمه و مقلوعه و يغرم ما بين القيمتين و لو قال المعير أنا أغرم قيمة الغرس قال الشيخ يجبر المستعير على ذلك و عندي فيه نظر و لو قال المستعير أنا أدفع قيمة الأرض لم يلزم المالك إجابته إجماعا و لو طالب المالك بالقلع من غير ضمان أرش النقص لم يجبر صاحب الغرس عليه و لو أذن مقيدا طالب بالقلع من غير ضمان الأرش قبل المدّة لم يكن له ذلك و إن كان بعد المدة فالأقرب أنّ له ذلك إذا عرفت هذا فإن لم يدفع المعير قيمة الغرس و لا ضمن أرش النقص لم يكن له القلع فإن اتفقا على البيع جاز و يقسم الثمن على قدر القيمتين بأن يقوم الغراس منفردا في أرض المعير و الأرض مشغولة بزرع الغير فيؤخذ بالنّسبة و إن امتنعا من البيع كان للمعير الدخول إلى أرضه و الاستظلال بالشجر دون الانتفاع به من شدّ دابة فيه غيره و أمّا المستعير فليس له الدخول لغير حاجة قطعا و في دخوله لحاجة كسقي الغرس وجهان قوّى الشيخ المنع و لو باع الفارس غرسه على المالك جاز و لو باعه لغيره ابتنى على جواز الدخول فإن سوّغناه جاز البيع و إلاّ فلا [- يا -] إذا حمل السيل

ص: 270

إلى أرضه حبّ غيره فنبت زرعا أو شجرا كان لصاحب الحبّ و له نقله عن أرض غيره و إن طالب صاحب الأرض بالنقل كان له ذلك و لا أرش عليه و هل على صاحب الغرس طمّ الحفر الأقرب ذلك [- يب -] العارية أمانة غير مضمونة إلاّ مع التّعدي أو التفريط في الحفظ أو اشتراط الضمان أو يكون العارية للذهب و الفضّة و إن لم يشترط أو يكون المستعير محرما و العارية صيدا لو يستعير من غير المالك و لو اشترط في ذلك سقوط الضمان سقط إلاّ في الصّيد و غير المملوك [- يج -] إذا ذهب شيء من أجزاء العين بالاستعمال من غير تفريط لم يضمن المستعير و كذا لو تلفت العين بجملتها بالاستعمال من غير تعدي ما لم يشترط الضمان و لو تلفت العين أو أبعاضها بغير الاستعمال فإن فرّط ضمن و إلاّ فلا و لو استعملها استعمالا مأذونا فيه فتلفت بعض أجزائها ثمّ أتلفها بتفريط ضمنها ناقصة و كذا يضمنها ناقصة لو تلفت بغير تفريط مع شروط الضمان و كذا لا يضمن ولد العارية أمّا ولد المغصوبة فإن كان مغصوبا ضمنه أيضا و إلاّ فلا [- يد -] إذا كانت العارية مضمونة ضمنها بالمثل إذا كانت من ذوات الأمثال و إلاّ فالقيمة يوم التلف و لو تلف من أجزائها شيء حال الضمان بالاستعمال ثم تلفت ضمنها كاملة [- يه -] إذا كانت العين باقية وجب ردّها إلى مالكها أو إلى وكيله و يبرأ بذلك و لا يبرأ لو ردّها إلى ملك صاحبها أو إلى الموضع الذي أخذها منه أو إذا أودعها مع عدم الضرورة و كذا لو ردّها إلى من جرت العادة بحفظها كزوجة المالك و سائس الدابة [- يو -] إذا استعار دابة ليركبها إلى موضع فتجاوزه لزمه الضمان و عليه أجرة الزيادة و كذا لو حملها أثقل من المأذون أو سيّرها أكثر من المعتاد أو أشدّ و لو ادّعى المستعير الإذن في السير إلى المسافة البعيدة فالقول قول المالك لو أنكر و إن كان يشبه ما قاله المستعير [- يز -] إذا ظهر استحقاق العين كان للمالك الرجوع على من شاء بأجرة مدّة الانتفاع لكن مع رجوعه على المستعير يرجع المستعير على المعير دون العكس و هذا إذا كان المستعير جاهلا و لو كان عالما فالرجوع عليه و لا يرجع هو على أحد و لو رجع على المعير كان للمعير الرجوع عليه و كذا البحث في القيمة لو تلفت العين في يد المستعير بغير تفريط [- يح -] إذا ادعى المالك الإجارة و المنتفع العارية فإن لم يمض مدّة يمكن الانتفاع فيها فالقول قول المنتفع و كذا لو قال المالك أعرتك و ادّعى المنتفع الإجارة فالقول قول المالك مع يمينه و لو مضت مدّة ينتفع فيها به فالأولى أن القول قول المالك مع يمينه لا قول المنتفع خلافا للشيخ و الوجه أنّ المالك يحلف على عدم الإعارة لا على المدّعى فحينئذ يثبت له أجرة المثل و لو نكل ففي إحلاف الآخر نظر و لو اختلفا في أثناء المدّة فالقول قول المالك فيما مضى و قول المستعير فيما بقي و لو ادّعى المالك هنا العارية و المنتفع الأجرة فالمنتفع يدّعي استحقاق المنافع و يعترف بالأجر للمالك فالمالك ينكرها فيحلف و يأخذ العين خاصّة و لو اختلفا في ذلك بعد تلف العين فإن كان المتلف عقيب القبض فلا فائدة هنا إلاّ فيما يكون مضمونا بالعارية كالذّهب و الفضّة فالأقرب فيه أنّ القول قول المالك سوى ادّعى الأجرة أو العارية لأنّه بادعاء الإجارة يعترف ببراءة ذمّته القابض و بادعاء الإعارة يلتجئ إلى الأصل و هو ضمان القابض فيحلف المالك و يأخذ القيمة و القول في قدرها قول القابض و لو اختلفا بعد مضيّ مدّة لمثلها أجرة فإن ادّعى المالك الإجارة فالقول قوله مع يمينه في عدم العارية و يثبت له أجرة المثل و إن ادّعى الإعارة فلا ضمان على المستعير عندنا و لو كانت العين ممّا يضمن بالإعارة فالقول أيضا قوله مع اليمين إلاّ أن يكون الأجر بقدر القيمة أو أكثر فلا يمين [- يط -] لو اختلفا في اشتراط التضمين فالقول قول المنكر و لو اختلفا في القيمة أو القدر مع التفريط فالقول قول منكر الزيادة و لو ادّعى أنّه استعار الصيد حالة إحرامه و قال المستعير بل بعده ففي تقديم قول المالك نظر [- ك -] لو ادّعى المالك الغصب و القابض العارية فإن كانت العين قائمة و لم يمض مدّة فلا فائدة للاختلاف فيأخذ المالك عينه و إن مضت مدّة لها أجرة فالقول قول المالك مع اليمين و يثبت له أجرة المثل و لو تلفت فعلى القابض الضمان فلو ادّعى المالك الغصب و القابض الإجارة الاختلاف هنا في وجوب القيمة و قدر الأجرة فالقول قول المالك مع اليمين و إن نقص المسمّى عن أجرة المثل [- كا -] إذا استعار من الغاصب كان للمالك الرّجوع على من شاء بالأجرة و بالقيمة مع التلف فإن رجع على المستعير رجع المستعير على الغاصب و لو رجع على الغاصب لم يرجع الغاصب عليه هذا إذا كان المستعير جاهلا لم يشترط عليه الضمان و لو كان عالما لم يكن له الرجوع على الغاصب لو رجع عليه المالك و للغاصب الرجوع عليه إن رجع عليه المالك و لو شرط الغاصب الضمان ففي رجوع المستعير عليه مع الجهل بما أخذه المالك من القيمة و الأجرة إشكال و يترتّب عليه رجوع الغاصب عليه لو رجع المالك على الغاصب و لو كانت القيمة زائدة في يد الغاصب ثمّ نقضت و استعارها بعد النقض ضمنها المستعير ناقصة و كانت الزيادة على الغاصب و البحث في رجوع المستعير كما قلناه [- كب -] إذا استعار شيئا لينتفع به في شيء مخصوص فاستعمله في غير ضمن و كذا يضمن لو جحد العارية ثمّ ثبت بالبينة أو بالإقرار و يزول الاستيمان [- كج -] إذا ادعى التلف فالقول قوله مع يمينه و لو ادّعى الرّد فالقول قول المالك مع اليمين [- كد -] لو تلف شيء من أجزاء العين بالتفريط في الاستعمال ضمنه و إن كان لو استعمله مدّة الإذن لتلف به من غير تفريط على إشكال [- كه -] إذا استعار الحلال

ص: 271

صيدا من محرم فإن كان في يد المحرم ملكه المحلّ و لا قيمة عليه و إن كان بعيدا عنه صحّت العارية و كان عليه ضمانه لصاحبه مع تفريط أو الشرط

المقصد الثالث في الشركة
اشارة

و النظر في أمرين

الأوّل الماهيّة

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] الشركة على أقسام ثلاثة شركة في الأعيان إمّا بالميراث أو عقد البيع أو الهبة أو الصدقة أو الوصيّة أو الحيازة كالاغتنام و الاصطياد و الاحتطاب و شركة في المنافع بعقد الإجارة أو الوقف و شركة في الحقوق كالشركة في حقّ القصاص و حدّ القذف و خيار الشرط و العيب و الرّهن و الشفعة و مرافق الطرق و البحث هنا مقصود على الأوّل [- ب -] ينقسم الشركة باعتبار آخر إلى أربعة شركة العنان و هي شركة الصّحيحة و هي أن يخرج كلّ من المشتركين مالا و يمزجاه مزجا يرتفع معه التميز سمّيت بذلك لتساويهما في التّصرف كالفارسين إذا تساويا في السير فإن عنايتهما يكونان سواء و قال الفراء هي مأخوذة من عنّ الشيء إذا عرض يقال عنت لي حاجة إذا عرضت و سمّيت بذلك لأنّ كلّ واحد عن له شركة صاحبه و قيل من المعاينة يقال عاينت فلانا إذا عارضته بمثل ماله و فعاله و كلّ من الشريكين عارض صاحبه بمثل ماله و فعاله و شركة المفاوضة و هي أن يكون مالهما من كلّ شيء يملكانه بينهما و هي باطلة سواء كانا مسلمين أو لا و سواء كان مالهما في الشركة سواء أو لا و سواء أخرجا جميع ما يملكانه من جنس مال الشركة و هو الدراهم و الدنانير أو لا و شركة الأبدان و هي أن يشرك الصانعان فيما يحصل به من كسب عملهما و هي باطلة عندنا سواء كانت في الاحتطاب و الاحتشاش و الاغتنام أو في غيرهما و سواء اتفقت الصنعتان أو اختلفتا بل يأخذ كلّ من الصانعين أجرة عمله بانفراده و لو لم يتميّز العمل بأن يستأجرهما كخياطة الثوب فيفعل كلّ منهما فيه شيئا غير معلوم مصطلحا في الأجرة و شركة الوجوه و هي أن يتّفق رجلان على أن يشتركا و لا مال لهما على أن يبتاعا بجاههما و بيعا و يكونان في الربح في الربح و هي باطلة و لو أذن أحدهما لصاحبه في الشراء عنهما فاشترى لهما وقع الشراء لهما [- ج -] الشركة عقد صحيح بالنّص و الإجماع و هي جائزة من الطرفين و يشترط فيه أهليّة كلّ من المتعاقدين للتوكيل و التوكّل فإنّ كل واحد متصرّف في مال نفسه و مال صاحبه بإذنه و يكفي في الصّيغة ما يدلّ على الرضا بالمزج [- د -] إنّما تصح الشركة مع المزج الواقع للامتياز سواء قصد المزج أو لا فلو اختلط أحد المالين بالآخر من غير قصد المالكين تحققت الشركة و لو مزج الصّحيح بالقراضة أو السّمسم بالكتّان لم يصحّ و كذا كلّ اختلاط يمكن معه التميز فإنّ الشركة فيه باطلة و لو تقدّم الخلط على العقد أو العكس جاز و لا يشترط تساوي المالين قدرا و لا العلم بالمقدار حالة العقد و قد تقع الشركة في الأعيان المتميّزة بأن يبيع أحدهما نصف العين الّتي له ينصف عين صاحبه [- ه -] الشركة جائز في النقدين إجماعا و كذا في العروض عندنا سواء كانت من ذوات الأمثال أو من غيرها على وجه لا يمكن التميز معه مثل أن يبيع أحدهما نصف سلعة بنصف سلعة صاحبه أو يمزجهما مزجا يحصل معه الاختلاط [- و -] شركة التجارة بالأموال جائزة بين المسلمين و يكره بينهم و بين أهل الذّمة إجماعا فلو اشترى الذّمي بمال الشركة أو باع بما يحرم على المسلم وقع فاسدا و عليه الضمان [- ز -] قد بيّنا أنّ شركة الأبدان باطلة و أن لكلّ منهما أجرة عمله و لو قال أحدهما للآخر أنا أتقبّل و أنت تعمل على الشركة في الأجرة كانت أجرة العمل للمستقبل و عليه أجرة المثل للعامل إن كان المتقبل قد استوجر للعمل و إلاّ كانت الأجرة للعامل و عليه للمتقبّل أجرة السمسرة و لو عمل أحد الشريكين بشركة الأبدان دون صاحبه كانت الأجرة للعامل خاصّة [- ح -] لو اشتركا في الحيازة فإن اتّحد الفعل بأن يقتلعا شجرة أو يغترفا ماء دفعة تحققت الشركة و إن تعدّد العمل اختص كلّ واحد بما حازه

النّظر الثاني في الأحكام

و فيه [- كز -] بحثا [- ا -] إذا اشترى شركة العنان و لم يشترط قسمة الربح كان تابعا لأصل المال إجماعا و لو اشترطا ذلك أيضا جاز بلا خلاف و لو اشترطا التفاوت في الرّبح مع تساوي المالين أو بالعكس قال الشيخ لا يصحّ و كان الرّبح على قدر رأس المال و لكلّ منهما أجرة مثل عمله في مال صاحبه و قال السيّد المرتضى يلزم الشرط و هو الأقوى عندي سواء شرطت الزيادة للعامل أو لغيره [- ب -] قد بيّنا جواز الشركة بالعروض و الحكم في النقرة كذلك و كذا يجوز في المغشوش من الأثمان مع العلم بالغشّ سواء قلّ الغشّ أو كثر بأن يزيد على النصف و كذا تصحّ الشركة بالفلوس مع المزج الرافع للتميز سواء كانت ناقصة أو غير ناقصة [- ح -] لا يجوز الشركة بالمال المجهول و الجزاف إذا لم يمكن العلم به بعد المزج و لا بالمال الغائب و لا الدّين [- د -] قد بيّنا اشتراط المزج في الشركة سواء كان المال من الأثمان أو غيرها و سواء عيّنا المالين و أحضراهما أو لا و سواء جعلا في بيت لهما أو في يد و كيلهما أو لا [- ه -] إذا حصل الشياع في المال لم يجز لأحد الشركاء التّصرف فيه بدون إذن الباقين و لا يجوز التّعدي عن محلّ الإذن سواء كان في جنس أو نوع أو بلد أو طريق و لو أطلق له الإذن تصرّف كيف شاء مع اعتبار المصلحة فيبيع و يشتري مرابحة و مساومة و مواضعة و تولية و يقبض المبيع و الثمن و يقبضهما و يطالب بالدّين و يحيل و يحتال و يردّ بالعيب [- و -] و يستأجر من مال الشركة ما يحتاج إليه و يؤجر

ص: 272

ما يرى إجارته و ليس له أن يكاتب و لا يعتق على مال إلاّ مع المصلحة و لا يزوّج الرّقيق و لا يقرض و لا يحابي و لا يشارك بمال الشركة و لا يدفعه بمضاربة و لا يمزج مال الشركة بماله أو مال غيره و لا يستدين على مال الشركة و لا يقرّ على مال الشركة فإن فعل لزمه في حصّة سواء كان بعين أو دين و لو أقرّ بعيب في عين باعها لزم و كذا يقبل لو أقرّ بثمن المبيع أو بأجرة المنادي و الحمّال و له دفع أرش العيب فيما باعه و الحظّ من ثمنه و الضّربة إلى مدّة لأجل العيب و لو حظّ من الثمن ابتداء أو إبراء منه لزم في حصّته و الأقرب جواز أن يبيع نسيئة و يشتري كذلك سواء كان عنده نقد أو من جنس الثمن و يودّع مع الحاجة لا بدونها و كذا يوكّل فيما لا يباشر بنفسه و لو وكّل أحدهما ملك الآخر عزله و الأقرب أنّ لأحدهما أن يرهن و يسترهن على مال الشركة و في السّفر بالمال إشكال و الأقرب أنّ له الإقالة و لو قال اعمل برأيك اقتضى العمل برأيه في جميع أصناف التجارة و هل يملك تمليك شيء بغير عوض كالهبة و الحطيطة و العتق و الإبراء فالأقرب المنع و لو أخذ أحدهما مالا مضاربة كان الربح له دون شريكه و لو أذن كلّ من الشريكين لصاحبه في التصرف جاز منفردا و لو شرطا الاجتماع لزم و لو تعدّى المأذون ما عين له ضمن و كان الرّبح على ما اتّفقا عليه و إذا حصل الإذن لأحد الشّركاء في التّصرف لم يكن لغيره ذلك و لكلّ من الشركاء الرّجوع في الإذن و المطالبة بالقيمة [- و -] الشركة من العقود الجائزة تبطل بموت أيّهما كان و جنونه و الحجر عليه لسفه أو فلس و فسخ أحدهما على معنى أنّ الباقي على جواز التّصرف لا يتصرّف و لو عزل أحدهما صاحبه انفرد المعزول خاصّة فلا يتصرّف فيما زاد على نصيبه و يبقى المال على الشركة و للعازل التّصرف في الجميع ما لم يعزله المعزول سواء كان المال ناضا أو به عروض و لا يجب على أحد الشريكين إنضاض المال المأذون في الابتياع به بل يقتسمان الأقمشة إن اتفقا على القسمة و إن اتفقا على البيع جاز و لو طلب أحدهما القسمة و الآخر البيع أجيب طالب القسمة و إذا مات أحد الشريكين كان لوارثه القيام على الشركة و المطالبة بالقسمة و لو كان له ولي كان له فعل المصلحة من أحد الأمرين و لو أوصى الميّت بمال الشركة لواحد معيّن كان حكمه حكم الوارث و لو أوصى لغير معيّن كالفقراء لم يجز للوصيّ الإذن في التصرف فيعزل نصيبهم ليصرف إليهم و لو كان على الميّت دين لم يكن للوارث إمضاء الشركة إلاّ بعد قضائه [- ز -] لا تصحّ الشركة مؤجّلة فلو شرطا الأجل فيها لم يصحّ و لكلّ منهما أن يرجع متى شاء نعم لو شرطا الأجل لم يكن للمتصرّف التصرّف بعده إلاّ بإذن مستأنف [- ح -] إذا وقعت الشركة فاسدة كان الرّبح على قدر رأس المال و يرجع كلّ منهما على الآخر بأجرة عمله [- ط -] الشريك أمين إذا قبض المال بإذن شريكه لا يضمن ما يتلف في يده إلاّ مع التعدّي أو التفريط في الاحتفاظ و يقبل قوله في دعوى التلف سواء ادعى سببا ظاهرا كالغرق و الحرق أو خفيّا كالسرقة و كذا القول قوله مع يمينه في عدم التفريط و عدم الخيانة [- ى -] إذا كان لاثنين دابّتان فاشتركا على أن يؤاجراهما فما حصل لهما كان بينهما لم يصحّ و كان لكلّ منها أجرة دابته لو تقبلا حمل شيء معلوم في ذمّتهما ثمّ حملاه على البهيمتين أو غيرهما صحّ إن وقعت إجارة صحيحة و لو قال بع عبدك و ثمنه بيننا لم يصحّ و كذا لو قال آجره لتكون الأجرة بينك و بيني و لو أعان أحدهما صاحبه بالتقبيل كان له أجرة مثله و لو كان لقصّار آلة و لآخر بيت فاشتركا على أن يعملا بآلة هذا في بيت الآخر و الكسب بينهما لم يصحّ و كان الحاصل لهما على قدر أجر عملهما و أجر البيت و الآلة و لو دفع دابّته إلى آخر ليعمل عليهما و الحاصل بينهما لم يصح و كان الحاصل للعامل و عليه أجرة الدابة أن يقبل حمل شيء فحمله عليها و إن كان قد آجرها بعينها فالأجرة للمالك و للعامل أجرة مثله إن رضي المالك بالأجرة و إلاّ قسما الحاصل على قدر أجرة المثل لهما لا على ما اشترطاه و لو دفع إلى نسّاج غزلا ليصنعه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه لم يجز و كان الثوب لصاحب الغزل و عليه أجرة الصانع و كذا لو قال له إذا نسجته فبعه و لك نصف الرّبح و كذا لو دفع شبكة ليصطاد بها على النصف لم يجز و كان السّمك للصائد و عليه أجرة المثل للشبكة و لو اشترك صاحب الدابة و الجوالقات في الحاصل لم يصحّ و الأجرة لصاحب الدابة و عليه لصاحب الجوالقات أجرة المثل سواء زادت عن المأخوذ أو نقصت و لو آجر كلّ منهما ملكه منفردا فلكلّ منهما أجرة ملكه [- يا -] لو اشترك ثلاثة من أحدهم دابّة و من الآخر راوية و للآخر العمل لم يصحّ و كذا لو اشترك أربعة من أحدهم و كان و من آخر رحى و من الآخر دابة و من الرابع العمل و الأجرة بأجمعها في الأوّل للسقاء و عليه أجرة المثل للدابة و الراوية و قيل يقسم أثلاثا و لكلّ واحد منهم على صاحبه ثلث أجرة مثله و يسقط الثلث الباقي قال الشيخ و الأول على وجه الصّلح و الثاني من الحكم و أمّا في الثانية فإن كان قد استأجرهم أجمع للطحن فلكلّ ربع الأجرة لأن كلّ واحد قد لزمه طحن ربعه و يرجع كلّ واحد منهم على أصحابه بربع أجرة مثله و إن كان قد استأجر واحدا منهم و لم يذكر أصحابه و لا نواهم فالأجر كلّه له و عليه لأصحابه أجرة المثل و إن نوى أصحابه أو ذكرهم كان كما لو استأجر منهم أجمع و لو كان قد قال استأجرت هذا الدّكان و الدابة و الرّحى و الرجل بكذا و كذا لطحن كذا من الطعام صحّ و الأجر على قدر أجر مثلهم لا بالسّوية [- يب -] إذا كان لأحد الأربعة

ص: 273

الأرض و لآخر البذر و لآخر البدن أو لآخر العمل و اشتركوا على التساوي في الحاصل لم يصحّ و كان الزّرع لصاحب البذر و يرجع الباقون بأجرة المثل عليه [- يج -] لو احتطب أو احتشّ أو اصطاد أو استقى ماء مباحا بيّنة أنّه له ملكه و هل يفتقر في تملّكه إلى النية بمعنى أنّه يبقى على الإباحة لو أخذه لا بيّنة التملّك فيه نظر أقربه ذلك على إشكال و لو فعل أحد هذه بيّنة أنه له و لغيره لم يؤثر تلك النيّة في تملك الغير و كذا لو أخذ بيّنة أنّه للغير [- يد -] لو استأجر للاحتطاب أو الاحتشاش أو الاصطياد مدة معيّنة جاز و كان الحاصل للمستأجر و لو استأجره لصيد شيء بعينه لم يصح إلاّ مع القدرة على تحصيله [- يه -] لو كان لأحدهما ضعف الآخر فأذن له في العمل على شرط التساوي في الربح قال الشيخ إن شرط الآخر عمل صاحب الأكثر معه لم يصحّ الشركة بناء على أصله و إن لم يشرط صحّت و كانت شركة قراض يستحقّ العامل الثلث بماله و السدس بعمله و على ما اخترنا لو شرط معه العمل جاز [- يو -] لو كان لكلّ منهما ألف فأذن أحدهما للآخر في العمل على شرط التساوي في الربح لم يكن شركة لانتفاء العمل من أحدهما و شركة العنان يقتضي الشركة في المال و العمل معا و لا قراضا لعدم اشتراط جزء من الربح فتكون بضاعة [- ين -] إذا اشتريا متاعا بالمشترك و وجدا به عيبا تخيّرا بين ردّه و أرشه قال الشيخ و لو أراد أحدهما الأرش و الآخر الردّ كان له ذلك فإن أراد مع تعدّد الصّفقة صحّ و إلاّ منع مع قوته قال و لو اشترى أحدهما بالمشترك ثمّ ظهرا على العيب فإن أعلم البائع أنّه يشتريه للشركة كان لهما الافتراق و إلاّ فلا و هذا التفصيل عندي جيد [- يح -] لو ادعى البائع أنّ المبيع من المشترك و أنكر المشتري مع عدم إجازة الشريك فالقول قول المشتري مع يمينه و لو أقام الشريك البيّنة كان عليه اليمين إن ادعى المشتري عليه الرضا و مع اليمين يتخيّر المشتري بين الفسخ و أخذ البعض بالحصّة [- يط -] إذا اشترى أحد الشريكين في الذّمة من غير إذن وقع الشراء له و مع الإذن يقع لهما و لو اشترى بالمال المشترك من غير إذن بطل العقد في النصف و لو أذن له في الشراء مطلقا فاشترى بأكثر من ثمنه ممّا لا يتغابن الناس فيه فإن كان الشراء في الذّمة وقع الشراء له خاصّة و إن كان بالعين المشتركة صحّ في نصيبه و بطل في نصيب الشريك [- ك -] إذا ادّعى المشتري أنّ الشراء له دون الشركة أو بالعكس فالقول قوله مع اليمين [- كا -] إذا باع أحد الشريكين السلعة و قبض الثمن بالإذن ثمّ أنكر البائع القبض و صدّق الشريك المشتري فيه فالقول قول البائع مع يمينه لكنّ المشتري يبرأ من حصّة الشريك و يقبل شهادة الشريك في حصّة البائع إذا كان من أهلها و يحلف معه المشتري و إن لم يكن من أهلها حلف البائع و رجع على المشتري بنصف الثمن و لا يرجع الشريك بشيء على المشتري ثمّ إن قامت البيّنة إمّا من المشتري أو من الشريك على البائع بالقبض لزمه حصّة الشريك و إلاّ كان القول قوله مع اليمين و لو نكل حلف الشريك و أخذ منه و البيّنة يثبت الحكم في حقّ الشريك و المشتري إمّا اليمين مع الشاهد أو مع نكول البائع فيثبت الحكم في حقّ الحالف دون الآخر و لو أقرّ البائع أنّ الشريك قبض الثمن من المشتري و صدّقه المشتري و أنكر الشريك لم يبرأ المشتري من حصّة البائع لدفعها إلى غير وكيله و لا من حصّة الشريك لأنّ المشتري مدّع و تصديق البائع يتضمّن زوال الضمان عنه و لأنّ الشريك منكر فللشريك مطالبته بعد اليمين بحصته و للبائع مطالبته بحصّة نفسه أيضا من غير يمين و ليس له مطالبته بحصته الآخر هذا إذا لم يأذن الشريك للبائع في الإقباض من غير قبض الثمن و لو أذن في ذلك قبل تصديق البائع على الشريك إن كان قوله مقبولا مع اليمين و إلاّ فلا [- كب -] قد يتحقق غصب المتاع كالمقسوم بأن يغصب أحد الشريكين في عبد على أخذ حصّته و يمنعه من استخدامه دون الآخر أو يخرج أحد المالكين من الدار المشتركة و ليكن مع الآخر و يتعلّق الضمان بالغاصب و لو باع الغاصب و الشريك العين مضى في حقّ الشريك و وقف في حقّ الآخر و كذا لو باع الغاصب الجميع بوكالة الشريك أو غصب أحد الشريكين الآخر و باع الجميع [- كج -] لو كان لكلّ واحد من الرجلين عبد بانفراده فباعاهما صفقة واحدة بثمن واحد فإن تساوت قيمتها صحّ البيع و قسّط الثمن بالسّوية و إن تفاوتت قال الشيخ يبطل لجهالة ثمن كلّ واحد منهما و قيل يصحّ و هو قويّ و لو كانا بينهما على الشياع صحّ البيع قطعا و كذا لو كان الواحد و لو باع واحد عبدين متفاوتي القيمة صفقة ثمّ ادّعى أن أحدهما لغيره فعلى ما اخترناه لا بحث و على قول الشيخ إن صدّقه المشتري بطل البيع و إلاّ حلف مع عدم البيّنة على عدم العلم و كانا له و الثمن يأخذانه كما يؤخذ من الغاصب القيمة مع تعذّر المغصوب فإن فضل منه فضل عن قيمتها ردّت إلى الحاكم يحفظها لمن يدعيها منهم [- كد -] إذا باع الشريكان سلعة بينهما صفقة بثمن فلكلّ منهما مطالبة المشتري بحقّه فإن استوفاه أحدهما شاركه صاحبه فيه و كان الباقي بينهما [- كه -] كلّ ما يتساوى أجزاؤه و لا ضرر في قسمته يجب قسمته مع طلب بعض الشركاء و يجبر الممتنع و غير متساوي الأجزاء إذا لم يكن في قسمته ضرر كانت جائزة لكن لا يجبر المتسع عليها كدارين يطلب أحدهما

ص: 274

إحداهما و الآخر الأخرى أو كدار يطلب أحدهما علوها و الآخر سفلها أو يتضمّن القسمة ردّ مال من أحدهما ليجبر به حصة الآخر و ما يتضمن قسمته الضرّر كالجوهر و الحجر الواحد و الحمامات لا يجوز قسمتها و إن رضي بها الشركة و لو كان بين اثنين وقف لم يجز قسمته بينهما و لو كانت حصة أحدهما طلقا جاز قسمتها مع الوقف و القسمة يقتضي التميز و ليست بيعا و إنّما تصحّ مع اتفاق الشركاء و يكون بتعديل السهام و القرعة و لو طلب أحد الشركاء التخيير لم يجبر الباقون عليه و لو جعل لهم التخيير ففي إجبارهم نظر [- كو -] إذا أخرج أحدهما دراهم أو لآخر دنانير لم تصحّ الشركة فإن اشتريا بهما ثوبا كان لهما فإذا أراد القسمة نظرا إلى نقد البلد و قوّما الثوب به و قوما الآخر أيضا به و يكون التقويم حين صرف الثمن فيه [- كز -] إذا كانت الشركة فاسدة و كانت شركة العنان و باع أحدهما و اشترى صحّ عملا بالإذن و المال في يده أمانة و الربح على قدر رأس المالين و يرجع كلّ منهما بأجرة عمله في مال الآخر و إن كانت شركة المفاوضة فحكمها كذلك و أمّا شركة الأبدان فإنّها باطلة و لكلّ منهما أجرة عمله و لو امتزج العمل كان الحكم فيه الصّلح و أمّا شركة الوجوه فإنّها باطلة كما تقدّم فإن اشترى أحدهما لها اشتركا فيه و إن اشتراه لنفسه كان له خاصة

المقصد الرابع في القراض
اشارة

و فصوله ثلاثة

الأوّل في أركانه
اشارة

و هي ستة الصيغة و المالك و الساعي و رأس المال و العمل و الربح فهاهنا مطالب

الأوّل في الصّيغة

و فيه بحثان [- ا -] القراض معاملة صحيحة بالإجماع و هو أن يدفع شخص إلى آخر مالا ليسعى به على الشركة في الكسب من غير أن يكون عليه شيء من الخسارة و هذا يسمّيه أهل الحجاز بالقراض إمّا من القرض و هو القطع لأنّ صاحب المال اقتطع بعض ماله و دفعه إلى العامل و إمّا من المساواة كما يقال تقارض الشاعران إذا وازن كلّ منهما صاحبه بشعره فكان المالك بإخراج ماله و إذن العامل بعمله و أهل العراق يسمّونه مضاربة مأخوذة إمّا من الضرب في الأرض أو من ضرب كل واحد منهما في الربح بسهم و المقارض بكسر الراء صاحب المال و بفتحها العامل و المضارب بكسر الراء العامل و لم يشتق لربّ المال من المضاربة اسما [- ب -] لا بدّ في هذا العقد من صيغة خاصّة و هي إمّا قارضتك أو ضاربتك أو ما أدّى معناهما فيقول العامل قبلت و ما أشبهه و مع حصول الإيجاب و القبول يتمّ العقد و هو جائز من الطّرفين لكلّ منهما الفسخ سواء نضّ المال أو كان به عروض و لا يلزم فيه التأجيل بأن يقول فارضتك إلى سنة فإذا مضت فلا بيع و لا تشتر و إن شرطه قال الشيخ رحمه اللّٰه و لو قيل بالجواز كان وجها و لو قال إن مرت بك سنة فلا تشتر بعدها و بع لزم و لو قال قارضتك سنة على أن لا أملك فيها منعك لم يصحّ

المطلب الثّاني في المتعاقدين

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] يشترط في المتعاقدين التكليف و إمكان التصرف فلو قارض الصّبي أو المجنون أو السفيه أو المفلّس أو المملوك لم يصح و يجوز تعدّد العامل و اتحاده و كذا المالك و ينفسخ المضاربة بموت العامل أو المالك و بجنون أحدهما [- ب -] يصحّ قراض المريض و لو شرط للعامل ما يزيد على أجرة المثل صحّ و لزم من صلب المال بخلاف ما لو حامى الأجير في الأجر فإنّه تحسب الزّيادة من الثلث و في المزارعة و المساقاة لو شرط الزائد نظر في احتسابه من الأصل أو من الثلث فإذا مات انفسخ القراض فإن كان المال ناضا و لا دين أخذ الوارث رأس المال و اقتسما الربح على الشرط و إن كان هناك دين انفرد العامل بنصيبه من الربح و قضى من الباقي دين الميّت و إن كان به عروض جاز للوارث أخذ نصيبه بالقيمة و اقتسما الفاضل قال الشيخ و له إلزام العامل بالبيع بجنس رأس المال و الفاضل على الشرط و إن كان دين فعلى العامل بيع المتاع و يصرف إلى الغرماء المدين و يأخذ هو حصّة من الربح [- ج -] المملوك يصحّ أن يكون عاملا بإذن المولى و يكون حصته من الربح لمولاه و لا يجوز أن يكون عاملا للمولى لأنّ المولى يستحقّ العمل بدون عقد القراض

المطلب الثالث في المال

يشترط في رأس المال أمور أربعة أن يكون نقدا معيّنا معلوما مسلما و أردنا بالنقد الدّراهم و الدنانير فلا يجوز القراض بالعروض و لا بالنقرة و السبائك و الحلّي و لا بالفلوس و لا بالدراهم المغشوشة سواء كان الغشّ أكثر أو أقلّ أو مساويا و احترزنا بالمعين عن الدين فلا يجوز المضاربة بما في الذّمة قبل قبضه فإن قبضه جاز و لو أذن للعامل في القبض من الغريم لم يصحّ العقد ما لم يجدّده بعد القبض و لو قال أقرضتك هذه الألف شهرا ثم هي قراض بعد ذلك لم يصحّ و كذا لو عكس إن قلنا ببطلان القراض المؤجل و لو عيّن و أبهم فقال قارضتك على أحد هذين الألفين و الآخر عندك وديعة و هما في كيسين متميّزين لم يجز و كذا لو قال قارضتك بأيّهما شئت أو قال بع هذه السلعة فإذا نضّ ثمنها فهو قراض لم يصحّ و لو مات المالك و بالمال عروض بطلت المضاربة فلو أقرّه الوارث لم يصحّ و لو كان النقد في يد العامل وديعة أو غصبا و قارض عليه صحّ و لو تلفت الوديعة بالتفريط و الغصب لم يصحّ بهما و أردنا بالمعلوم أن يكون معلوم القدر و الوصف و لا تكفي المشاهدة و قيل لا

ص: 275

يشترط علم المقدار و يكون القول قول العامل مع التنازع في قدره و أردنا بالمسلم أن يكون في يدي العامل و لو شرط المالك أن يكون له فيه بداء و يراجع في التّصرف أو يراجع مشرفه ففي الفساد نظر و لو شرط أن يعمل معه غلام المالك جاز و يجوز القراض بالمتاع كما يجوز بالمشترك

المطلب الرابع في العمل

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] العمل عوض الربح و شرطه أن يكون تجارة فإن عقد القراض على الحرف و الصنائع كالطبخ و الخبز فالوجه البطلان و التجارة هي الاسترباح بالبيع و الشراء و يدخل تحتها ما هو من توابعها كالنقل و الكيل و الوزن و ليس الإذن في التجارة إذنا في الربح و لو شرط أن يشتري أصلا يشتركان في نمائه كالشجر و الغنم بطل لأنّ مقتضاه التصرف في رأس المال ثمّ إطلاق الإذن يوجب أن يتولّى العامل ما يتولاّه المالك من عرض القماش و نشره على المشتري و طيه و إحرازه و بيعه و شرائه و قبض ثمنه و إقباضه و إيداعه الصندوق و لا يجب عليه فعل ما لا يليه المالك كالنداء على المتاع في الأسواق و نقله إلى الخانبار بل يستأجر له و كذا له استيجار ما جرت العادة بالاستيجار فيه كالدّلال و الوزّان و الحمّال و المسكن و لو تولّى ذلك بنفسه لم يستحقّ أجرة عليه و لو استأجر لما يجب عليه عمله مباشرة كان عليه الأجرة [- ب -] إذا نصّ المالك على نوع من التصرّف لم يجز له المخالفة كما لو شرط النّقد فباع نسيئة أو بالعكس أو نقد البلد أو غيره فإن خالف ضمن و وقف التصرّف على الإجازة و لو أطلق كان الإذن معروفا إلى البيع و الشراء نقدا بثمن المثل من نقد البلد فلو باع نسيئة لم يجز و كذا لو باع بدون ثمن المثل أو بغير نقد البلد و يسترد المبيع مع وجوده و مثله أو قيمته مع تلفه و يتخيّر المالك في إلزام من شاء فإن رجع على المشتري بالمثل أو القيمة لم يرجع على العامل و إن رجع على العامل كان له الرجوع على المشتري و إن اشترى نسيئة فإن لم يذكر المالك وقع الشراء له و كان الثمن في ذمّته و إن ذكره كان باطلا هذا كله مع عدم الإجازة و لو أجاز المالك في المواضع كلّها لزم [- ج -] لو قال له اعمل برأيك أو اصنع ما شئت قال الشيخ حكمه حكم الإطلاق ليس له أن يبيع نسيئة و الأقرب عندي جواز ذلك فحينئذ إذا فات من الثمن شيء لم يلزمه ضمانه إلاّ أن يفرط ببيع المعسر أو المجهول أو من لا يثق به أو يفرط في ترك الإشهاد أو الضمين أو الرهن و ليس الأخيران واجبين إلا مع ترك الإشهاد و على قول الشيخ ينبغي أن يكون موقوفا على الإجازة لا باطلا من نفسه نعم يكون العامل ضامنا على التقديرين عنده [- د -] إطلاق الإذن يقتضي التجارة في بلد القراض فلا يجوز السّفر بالمال إلاّ بإذن المالك فإن خالف ضمن و كان الربح على ما شرطاه و إن أذن المالك جاز و كان على العامل أن يعمل بنفسه ما كان المالك يباشره عادة كحمل المال أو حطّه و حفظه و الاحتياط في حراسته و ليس عليه دفع الأحمال بنفسه و لا حطّها بل له الاستيجار فيه من مال القراض و أمّا نفقه العامل من المأكول و المشروب و الملبوس و الركوب في حال السّفر فالأقرب أنّها يؤخذ من أصل مال القراض لا من حصة العامل و قوى الشيخ أنها لا تؤخذ من مال القراض بل تحسب على العامل و على ما اخترناه هل يؤخذ كمال النفقة من مال القراض أو الزائد عن نفقة الحضر الأقرب الأوّل و قوّى الشيخ الثاني على تقدير القول بالنفقة أمّا النفقة في الحضر فإنّها على العامل في خاصّته و لو كان مع العامل مال لنفسه يسعى فيه أو لغيره قسط النفقة على المالين و أخذ من مال المضاربة بقسطه و من مال نفسه بقسطه و لو أخذ المالك ماله من العامل في السفر فالأقرب أن نفقة العامل في الرجوع على خاصّته و لو مات العامل لم يكن على المالك كفنه و إذا أذن له في السفر مطلقا لم يجز له أن يسلك طريقا مخوفا و لا إلى بلد مخوف فإن فعل فسد [- ه -] إذا أطلق له العمل جاز أن يبيع و يشتري مهما شاء فما يظهر فيه الفائدة و يعامل من شاء فإن شرط عليه أن لا يبيع إلاّ على شخص معيّن أو لا يشتري إلاّ منه أو لا يشتري إلاّ سلعة معينة لزم و لم يجز له التعدي سواء كانت السلعة عامّة الوجود في أيدي الناس كافة كالطعام أو غير عامّة كلحم الصّيد أو يجعل في وقت دون آخر كالرطب فإن خالف وقف على الإذن و كان ضامنا و الربح على ما شرطاه و لو لم يجز بطل البيع إن سمّاه عند العقد و إلاّ وقع الشراء له [- و -] إذا اشترى شيئا فبان معيبا كان له الردّ بالعيب و الإمساك بأرش و غيره فإن كان الحظّ في الأخذ لم يرد و كذا العكس و لو حضر المالك و اختلفا قدّم الحاكم قول من الحظ معه [- ز -] إطلاق الإذن يبيح شراء المعيب مع الحظّ بخلاف الوكيل [- ح -] لا يجوز للعامل أن يشتري بأكثر من ثمن المثل و كذا لا يبيع بدونه فإن باع وقف على الإجازة فإن لم يجز المالك استردّ العين و إن تلفت كان له الرجوع على من شاء فإن رجع على المشتري رجع بالقيمة و لا يرجع على العامل و إن رجع على العامل فالوجه رجوعه بجميع القيمة لا بالتفاوت بين ثمن المثل محذوفا عنه ما يتغابن الناس به و بين المسمّى و إن اشترى بأكثر من ثمن المثل فإن كان بالعين بطل و إن كان في الذّمة وقع الشراء له إن لم يسمّ المالك و إلاّ وقف على الإجازة [- ط -] ليس للعامل أن يشتري ما لا يحلّ للمسلم تملّكه إذا كان المالك

ص: 276

مسلما كالخمر و الخنزير و إن كان العامل ذميّا و إن كان في يده عصير فاستحال خمرا لم يجز له بيعه فلو اشترى العامل ذلك و دفع الثمن من مال القراض ضمنه و ليس له أن يمزج مال القراض بغيره فإن فعل بدون الإذن ضمن و كان الربح على ما شرطاه

المطلب الخامس في الربح

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] يشترط في الربح أمور أربعة أن يكون مخصوصا بالعاقدين مشتركا معلوما بالجزئية لا بالتقدير و عينا بالخصوص بالعاقدين صرفه إلى الملاك و العامل فلو أضيف جزء من الربح إلى غيرهما لم يجز و بالاشتراك عدم تخصيص كل واحد عنهما به فلو اختصّ به المالك بطل قراضا و كان بضاعة و لو اختصّ بالعامل كان قرضا و بالعلم معرفة حصّة كلّ واحد منهما و بالجزئية النّسبة بالجزء المشاع كالنصف و الثلث و لو قال على الشريك من الربح مائة و لي الباقي أو يكون بيننا أو بالعكس بطل [- ب -] إذا وقع القراض صحيحا ملك العامل الحصّة المشترطة و للشيخ رحمه اللّٰه قول آخر ضعيف أن لأجرة المثل و الأخبار الصحاح واردة بالأوّل [- ج -] إذا شرط المالك لمملوكه قدرا من الربح صحّ سواء كان المملوك عاملا أو لا و كذا العامل لو شرط لمملوكه و يكون ما شرط لكل من العبدين لسيّديهما و إن شرط لغلامه الحرّ أو ابنه أو أجنبي فإن شرط على أحدهم العمل مع العامل صحّ و كانا عالمين و إن لم يشترط بطل و لا يكون للمالك و لو قال العامل لك الثلثان على أن تعطي أولئك حصّة ففي اللزوم نظر [- د -] لو شرط على الساعي أن يوليّه سلعة معيّنة برأس مالها لم يجز لإمكان اختصاصها بالرابح فينفرد المالك به و لو شرط المالك الانتفاع بالسلعة إلى وقت البيع كاستخدام العبد و ركوب الفرس قال الشيخ يبطل القراض [- ه -] إذا دفع إليه ألفين متميّزين و قال خذهما قراضا على أنّ ربح هذه لي و ربح هذه لك بطل و لو كانتا ممتزجتين و قال لي ربح ألف و لك ربح ألف صحّ و لو قال لك ربح إحدى السفرتين أو ربح تجارة في شهر أو عام بعينه لم يجز [- و -] العامل يملك حصّة من الربح بظهوره و لا يتوقف على وجوده ناضا على أقرب الوجهين ملكا غير مستقر بل هو وقاية لرأس المال فإن وقع خسران انحصر في الربح و إنما يستقرّ بالقسمة أو بإنضاض المال و الفسخ قبل القسمة على إشكال فإن كان مما يجب فيه الزكاة كانت زكاة الأصل و حصّة المالك على المالك نفسه و زكاة حصة العامل على خاصّ العامل و لا يضمّ أحدهما إلى الآخر في الحول بل للفائدة حول بانفرادها و لو قلنا لا يملك كان له حقّ مؤكّد يورث عنه و لو أتلف المالك أو غيره المال عزم حصّة [- ن -] لو قال خذه على النصف صحّ و اقتضى التنصيف بينهما في الربح و كذا لو قال على أنّ الربح بيننا و لو قال على أنّ لك النصف و سكت عن الآخر صحّ و لو قال على أنّ لي النّصف و سكت بطل و يحتمل الصّحة و يكون الباقي العامل و لو قال على أنّ لك ربح نصفه أو نصف ربحه صحّ و لو قال لاثنين على أنّ لكما نصف ربحه صحّ و تساويا في الحصّة و إن اختلفا في العمل و لو فضل أحدهما صحّ و إن تساويا في العمل و لو قال خذ مضاربة على ما شرط فلان لعامله صحّ إن كانا عالمين و إن جهلاه أو أحدهما لم يصحّ و لو قال للعامل لك ثلث ربحه و ثلثا باقي الربح صحّ و كان له سبعة اتساع الربح و لو قال لك ثلث الربح و ثلث ما بقي كان له خمسة اتساعه و لو قال ثلث الربح و ربح ما بقي فالنّصف و لو قال ربع الربح و ربع الباقي فله ثلاثة أثمان و نصف ثمن سواء عرف بالحساب أو لا و لو قال المالك على أنّ لك النصف و لي الثلث صحّ و كان السّدس له أيضا و لو قال خذه على النصف و لم يبيّن صحّ و كان الشرط للعامل لأنّ النماء للمالك فصرفه الشرط إلى من يفتقر إلى ذكره في حقه و لو اختلفا فقال العامل شرطته لي و قال المالك شرطته لنفسي احتمل تقديم قول العامل لأنّه يدعي الظاهر [- ح -] إذا قال خذه قراضا على أنّ الربح كلّه لي بطل و كذا يبطل لو قال كلّه لك و لا يكون بضاعة و لا قرضا و لو لم يذكر قراضا كان الأوّل بضاعة و الثاني قرضا و لو قال خذه و الربح كلّه لك و لا ضمان عليك كان قرضا قد شرط فيه بقي الضمان و لا ينتفي بشرطه و كذا لو قال خذه و الربح كلّه لي كان بضاعة فلو قال و عليك الضمان لم يلزم و لو قال خذه على أنّ لي نصف الربح إلاّ عشرة دراهم لم يصح و لو قال قارضتك على أنّ لك شركة في الربح أو شركا لم يصحّ لعدم البيان و لا يكون له مضاربة المثل [- ط -] لو قارض اثنان واحدا و شرطا له قدرا واحدا من الربح جاز و كذا لو اختلفا فشرط أحدهما أكثر و الآخر أقلّ و لو شرط أحدهما النّصف و الآخر الثلث على أن يكون الباقي بينهما بالسّوية احتمل المنع و الجواز و قوّى الشيخ المنع

الفصل الثّاني في الأحكام

و فيه [- لن -] بحثا [- ا -] العامل أمين لا يضمن ما يتلف إلاّ بالتفريط أو التعدّي و قوله مقبول في التلف مع اليمين و هل يقبل في الردّ قولان [- ب -] إذا اشترى العامل من ينعتق على المالك فإن كان يلزمه صحّ الشراء و انعتق فإن لم يبق من مال القراض شيء بطل القراض و إلاّ بطل في الثمن خاصّة ثمّ العبد على التقديرين إن كان فيه

ص: 277

فضل قال الشيخ ضمن المالك حصّة العامل و الأقرب الأجرة و إن لم يكن فيه فضل لم يضمن المالك على قول الشيخ شيئا و على قولنا ففي الأجرة نظر و إن كان بغير إذنه فإن كان بالعين بطل الشراء قاله الشيخ و الأقرب وقوفه على الإجازة و إن كان في الذّمة فإن ذكر المالك وقف على الإجازة و إن لم يذكر وقع له و ليس له دفع الثمن من مال القراض فإن خالف ضمن و الوكيل في شراء عبد مطلق لو اشترى من ينعتق على المالك فالأقرب وقوفه على إجازة الموكّل [- ج -] إذا اشترى زوجة المالك احتمل الصّحة و البطلان و لو أذن صحّ و بطل النكاح و لو قلنا بالصّحة مع الإطلاق لو كان بعد الدخول استحقّ المولى المهر و إن كان قبله فإشكال و لو كان المالك امرأة فاشترى العامل زوجها بإذنها صحّ الشراء و بطل النكاح و لو كان العبد قراضا و إنكار بغير إذنها بطل الشراء إن كان بالعين و إن كان في الذّمة وقع له إن لم يذكرها لفظا و إلاّ بطل مع عدم الإجازة [- د -] إذا اشترى المأذون من ينعتق على سيّده بإذنه صحّ و الوجه أنّه يعتق على المولى و يأخذ المأذون القيمة من مولاه ليصرفه في الثمن و إن كان بغير إذنه بطل سواء اشتراه في الذّمة أو بالعين بخلاف العامل إذا اشترى في الذّمة و لا فرق بين أن يشتريه بدين على المأذون أو بغيره [- ه -] إذا اشترى العامل أبا نفسه فإن لم يكن فيه ربح صحّ الشراء للقراض و جاز بيعه فإن بيع قبل ظهور الربح فلا بحث و إن بقي في يده حتّى ظهر ربح و قلنا إنّه يملك الحصّة بالظهور و هو الأقوى عتق عليه قدر ما ملكه و يستسعى العبد في الباقي و هل يقوّم على العامل مع يساره قال الشيخ نعم و الأقرب أنّه يستسعى العبد و إن كان العامل موسرا و إن اشتراه و كان فيه ربح فالوجه صحّة الشراء أيضا و إن قلنا إنّه يملك الحصّة بالقسمة لم ينعتق عليه نصيبه [- و -] إذا فسخ المالك القراض و كان المال ناضا قبل التصرف أو بعده و لا ربح أخذ المالك المال أجمع و هل للعامل أجرة المثل إلى ذلك الوقت مع العمل فيه نظر و لو كان ربح اقتسماه على الشرط و لو كان به عروض قال الشيخ للعامل بيعه سواء ظهر فيه ربح أو لا لجواز أن يرغبه من يشتريه بربح إلاّ أن يدفع المالك قيمة العروض بقول مقومين فليس له البيع حينئذ و الوجه أنّه ليس للعامل بيعه مع فسخ المالك بل يقتسمانه إن كان فيه ربح و إن لم يكن أخذه المالك و لو وجد العامل من يشتريه بربح كان له بيعه أو يتقبّل به المالك بالربح قاله بعض الجمهور و الأقرب أنّه ليس كذلك لأنّ حدث الزيادة بعد فسخ العقد فلا يستحقّها العامل قال فلو امتنع العامل من البيع ألزمه المالك بالنضاض المال و فيه نظر أمّا لو كان المال دينا فإن باع نسيئة كان على العامل تحصيله ممن هو عليه و للمالك إجباره عليه مع الامتناع و إن لم يكن فيه ربح و فيه احتمال ضعيف و كذا البحث لو كان الفاسخ العامل و إذا قلنا بوجوب البيع على العامل لو باع برأس المال لم يجب بيع الباقي و إنضاض ثمنه و لو كان نسيئة وجب و لو طلب أحدهما قسمته الربح مع بقاء المضاربة لم يجبر الآخر عليها سواء كان الممتنع المالك أو العامل و لو اتفقا على القسمة جاز فإن خسر ردّ العامل أقلّ الأمرين من نصف الخسارة و من جميع ما أخذه [- ن -] إذا مات المالك فإن كان المال ناضّا قبل التصرف أو بعده و لا ربح أخذه الوارث و إن كان فيه ربح قاسمه و إن كان به عروض قال الشيخ كان للعامل بيعه إلاّ أن يمنعه الوارث و هل للعامل إجباره على البيع فيما تقدّم و لو كان دينا كان على العامل تحصيله و لو أراد الوارث إقرار العامل فإن كان المال ناضّا افتقر إلى تجديد عقد و إن كان به عروض لم يجز و لو مات العامل و كان المال ناضّا و لا ربح أخذه المالك و إن كان به ربح قاسم الوارث و إن كان به عروض كان للمالك منع الوارث من البيع و أخذه الحاكم باعه لو قوّمه على المالك فإن كان فيه ربح قسمه بين المالك و الوارث و إن طلب المالك إقرار الوارث فإن كان المال ناضّا صحّ استيناف العقد و إلاّ فلا [- ح -] إذا قارض على النصف فقارض العامل غيره بإذن المالك و شرط الربح بينه و بين المالك نصفين صحّ و كان الربح بين المالك و الثاني و إن شرط بعضه لنفسه بطل و كان الربح للمالك و عليه أجرة مثل الثاني و لا شيء للأول و إن كان بغير إذن المالك و شرط الربح بينه و بين الثاني دون المالك بطل ثمّ إن ربح احتمل أن يكون الربح كلّه للمالك و نصف فيكون النّصف الآخر للعامل الأوّل و عليه للثاني الأجرة و هو الأقرب و يحتمل كون النصف الثاني بين العامل و يرجع الثاني على الأوّل بنصف أجرة عمله و يحتمل عدم الرجوع و يحتمل أن لا يكون للمالك شيء من الربح و يكون الربح كله بين العاملين أو للأوّل و عليه أجرة الثاني و للمالك تضمين من شاء منهما فإن رجع على الأوّل لم يكن للأوّل الرجوع على الثاني و إن طالب الثّاني احتمل رجوعه على الأوّل لغروره و عدمه لحصول التلف في يده و لو كان الثاني عالما كان للأوّل الرجوع عليه إن رجع المالك عليه و لا يرجع هو على الأوّل لو رجع عليه المالك [- ط -] إذا تصرّف العامل و حصل له فصل ثم طلب

ص: 278

القسمة و كان المال ناضّا من جنس رأس المال اقتسماه على ما شرط و إن كان من غير جنسه كالدراهم مع الدنانير أخذ المالك بقيمة رأس المال إن شاء و اقتسما الباقي و إلاّ باع العامل بقدر رأس المال و قسّما الباقي و إن كان عرضا تخيّر المالك في الأخذ بقيمة رأس المال و طلب البيع به و لو تعذّر بيع البعض بيع الجميع و أخذ المالك رأس المال و قسّما الباقي و إن قال العامل خذه أجمع و قد تركت حقي فإن قلنا يملك الحصّة بالظهور لم يجب القبول و إلاّ وجب [- ى -] إذا دفع ألفا للقراض فاشترى العامل بها عبدا للقراض إمّا بالعين أو مطلقا ثمّ اشترى عبدا آخر بألف فإن كان بالعين بطل الثاني و إن كان بألف مطلقة وقع الشراء له و ليس له أن يدفع مال القراض فيها فإن خالف ضمن و الربح له [- يا -] إذا دفع العين للقراض فتلفت إحداهما بعد دون أنها في التجارة كانت محسوبة من الربح و ليس للعامل في الربح شيء إلاّ بعد توفية الألفين و إن تلفت قبل العمل قال الشيخ يكون أيضا من الربح و اختاره ابن إدريس و فيه نظر ضعيف [- يب -] إذا كان في يده وديعة أو غصب فأمره المالك بالشراء به قراضا صحّ و هل يبرأ الغاصب بنفس العقد أو بالدفع إلى البائع قال الشيخ بالثاني و فيه احتمال [- يج -] إذا قال للمديون اعزل الدّين الذي لي عليك و اقبضه فإذا فعلت فقد قارضتك عليه قال الشيخ لا يصحّ قبض المديون و ذمته مشغولة كما كانت و لو قيل بالصحة كان وجها فإن اشترى بعين المال قال الشيخ كان الشراء له لأنّه لا يملك أن يشتري بعين ماله ملكا لغيره و إن اشترى في الذّمة قيل فيه وجهان أحدهما أنّه قراض فاسد لتعليقه بالصّفة فإذا دفع المال ثمنا برئت ذمّته لأنّه قضى دين غيره بإذنه و لا حصّة له بل الأجرة و الثاني أنّه ليس بقراض صحيح و لا فاسد بل الربح للعامل و كذا الخسران و لو قيل بالأوّل كان وجها و على القول بصحّة القبض إذا اشترى بالعين كان قراضا فاسدا له الأجرة و للمالك الربح أمّا لو كان الدين على أجنبيّ فقال للعامل اقبضه و قد قارضتك عليه كان القبض صحيحا و القراض فاسدا فالربح للمالك و للعامل الأجرة [- يد -] إذا تلف المال بعد الشراء قبل دفعه فالأقوى أنّ السّلعة لربّ المال و يجب عليه ثمنها ثانيا و يكونان معا رأس المال و ليس للمالك الخيار بين دفع الثمن ثانيا و يكون الثاني رأس المال دون الأوّل و بين عدم الدفع فيكون المبيع للعامل و الثمن عليه و كذا لو تلف الثمن الثاني قبل تسليمه وجب على ربّ المال دفعه ثالثا و هكذا أو يكون الجميع رأس ماله و الأقرب عندي أنّه إن كان قد اشترى في الذمة فإن كان بإذن المالك فكذلك و إلاّ كان الشراء باطلا و لا يلزم الثمن أحدهما و لو كان التلف قبل الشراء احتمل القول بوقوع الشراء للعامل و وجوب الثمن عليه لانفساخ القراض [- يه -] ليس لربّ المال أن يشتري من العامل شيئا من مال القراض و لا أن يأخذ منه بالشفعة و كذا لا يشتري من عبده المأذون و إن كان السّيد مدينا و له أن يشتري من المكاتب و يأخذ منه بالشفعة و لو اشترى العامل من مال المضاربة شيئا و لا ربح فالأقرب الجواز [- يو -] إذا دفع إليه ألفا قراضا و شرط أن يأخذ له بضاعة صحّ القراض و الشرط لكنّه لا يلزمه الوفاء به [- ين -] إذا دفع إليه ألفا قراضا بالنصف ثمّ دفع إليه ألفا أخرى و قال ضمها إلى الأولى كذلك فإن كان قبل دوران الأولى في التجارة صح و كانا معا قراضا بالنصف و إن كان الثاني بعد دوران الأوّل قال الشيخ يبطل الثاني لاستقرار حكم الأوّل في الربح و الخسران المختصّين به فإذا شرط ضمّ الثانية إليه لزم جبر خسران أحدهما بربح الآخر [- يح -] إذا دفع ألفا قراضا و قال له أضف من عندك أخرى و الجمر بهما على أن لي ثلثي الربح و لك الثلث بطل قاله الشيخ قال و كذا لو شرطا لأكثر للعامل و ليس بجيّد قال و لو دفع ألفين و قال أضف من عندك ألفا أخرى على أنّ الألفين شركة و الألف الأخرى قراضا صحّ [- يط -] لولي اليتيم أن يدفع ماله قراضا إلى الثقة فلو دفع إلى غير الثقة ضمن [- ك -] إذا خسر مائة فاقترضها ليدفعها مع المال إلى المالك من غير أن يشعره لئلاّ ينتزع المال ففسخ المالك لم يكن للمقرض الرجوع على المالك بما أخذه [- كا -] إذا اشترى بمائة جارية ثمّ أخذ من آخر مائة و اشترى بها جارية ثم اشتبهتا تشاركا في الجاريتين و بيعتا و قسما الثمن بينهما و إن ظهر ربح كان للعامل نصيبه و إن خسر ضمن العامل إن فرّط في المزج و إلا فلا و لا يملكهما العامل و يرجعان برأس المال عليه قال الشيخ و لو قلنا بالقرعة كان قويّا [- كب -] يجوز للعامل أن يعامل آخر و يسعى بالمالين و يكون حصّة من الربح الثاني له و لا يقاسم المالك الأوّل فيه [- كج -] إذا أخذ ما يعجز عن السعي لضعفه أو كثرة المال ضمن لتفريط في قبضه [- كد -] إذا قتل عبد القراض و كان القاتل عبد أجنبيّ وجب القصاص فإن لم يكن فضل لم يكن للعامل حقّ فإن اقتصّ أو عفا على غير مال زال القراض و إن عفا على مال كان قراضا و إن فضل لم يكن للعامل الانفراد بالقصاص و لا للمالك

ص: 279

و يقتسمان الربح على الشرط إن عفوا على مال [- كه -] إذا اشترى جارية للقراض لم يكن للعامل وطؤها و لا للمالك و لو أذن أحدهما لصاحبه فيه جاز و يعتبر في إذن المالك لفظ التحليل و ليس لأحدهما أن يزوّجها بغيره و لو اتفقا عليه جاز و لو أذن المالك في وطئ ما يشتريه العامل لم يجز و لو وطئ العامل من غير إذن كان عليه المهر و إن كان هناك ربح و إن علقت منه و لا ربح فالولد للمولي و عليه الحد و إن ظهر ربح تحرّر الولد و صارت أمّ ولد و عليه قيمتها و قيمة الولد يوم سقوطه حيّا إن قلنا إنّه يملك بالظهور و إلا فكالأول [- كو -] ليس للعامل أن يكاتب عبد القراض على ما تقدّم و لا للمالك فإن اتفقا جاز فإن أعتق كان الولاء للمولي إن لم يكن ربح و إن كان فهو بينهما على النّسبة هذا إذا شرطا الولاء عليه و إلاّ فلا ولاء لواحد منهما [- كز -] إذا دفع مائة فخسر العامل عشرة ثمّ أخذ المالك عشرة أخرى ثمّ ربح العامل كان رأس المال تسعة و ثمانين إلاّ تسعا لعدم انتقاض القراض بالخسران و لهذا لو ربح ردّ عليه من الرّبح حتّى يجبر الذاهب بالخسران لأنه إذن كالموجود في يد العامل فإذا أخذ المالك عشرة انتقض فيها القراض كما لو أخذ الجميع فحينئذ ينتقض في الخسران ما يخصّه من العشرة فيقسط العشرة المأخوذة على تسعين فلكلّ عشرة واحد و تسع واحد فيكون رأس المال ما بقي فقد ظهر أنّه لا يجب على العامل جبر ما يخصّ المسترد من الخسران فلو استرد المال و كان فيه ربح استقرّ ملك العامل على ما يخصّه من ذلك القدر فلا يسقط بالنقصان فلو كان المال مائة فربح عشرين فأخذ منه ستّين ثمّ خسر في الباقي مضار أربعين ردّ الأربعين و كان له على المالك خمسة لأنّ سدس ما أخذه ربح و لا يجبر به الخسران لأنّ المأخوذ انفسخت فيه المضاربة [- كح -] إذا دفع إليه بغلا ليستعمله على الشركة في الحاصل كان قراضا باطلا و الحاصل للمالك و عليه أجرة المثل للعامل و لو دفع شبكة للصيد على الشركة بطل و كان الحاصل للعامل و عليه أجرة الشبكة و لو دفع أرضا للفرس على الشركة فيهما لم يصحّ و للعامل غرسه و للمالك على الغارس أجرة الأرض ثمّ إن لم يستضرّ الغرس بالقلع كان للمالك إلزام الغارس به و إلاّ تخيّر بين قطعه مع الأرش و دفع قيمة الغرس و إبقائه بالأجرة و لو كان زرعا لزمه إبقاؤه بالأجرة فإن اختار المالك قلع الغرس بالأرش و الغارس الإبقاء بالأجرة قدّم قول المالك و لو انعكس الفرض قدّم قول الغارس و لو اختار المالك أخذ الغرس بالقيمة و العامل القلع مع أخذ الأرش قدّم قول العامل و لو انعكس الفرض قدّم قول المالك و لو قال المالك و لو قال المالك خذ القيمة و طلب الغارس الإبقاء مع الأجرة أو بالعكس لم يجبر أحدهما على ما طلبه الآخر [- كط -] إذا كان القراض فاسدا نفذ التصرّف بمجرد الإذن و خلص الربح بأجمعه للمالك و عليه أجرة المثل للساعي و لا ضمان على الساعي إلاّ بتعد أو تفريط و لو شرط المالك الربح كلّه ففي استحقاق العامل الأجرة نظر و الأجرة يستحقّها الساعي سواء كان في المال ربح أو لا و ليس للعامل قراض المثل [- ل -] الزيادات العينيّة كالثمرة و النتاج محسوبة من الرّبح و كذا بدل منافع الدواب و مهر الجواري و لو وطئ العامل وجب عليه العقر و في المالك نظر و أمّا النقصان الحاصل بالعيب الطارئ أو انخفاض السوق خسران يجب جبره من الربح و ما يقع باحتراق أو سرقة و فوات عين فالوجه أنّه كذلك [- لا -] السيّد إذا أذن لعبده في التجارة جاز على حسب الإذن فإن أذن في الشراء في الذّمة جاز و كذا لو أذن في التجارة في صنف واحد لم يجز أن يتجر في غيره و إذا أذن له في التّجارة لم يجز له أن يواجر نفسه و لو لم يأذن له لكن رآه يبيع و يشتري فلم يمنعه لم يكن ذلك إذنا في التجارة و يكون بيعه باطلا و كذا شراؤه إلاّ أن يجير المولي و في بطلان شرائه بمال في الذّمة نظر و إذا أبق المأذون لم يبطل الإذن و ليس للمأذون أن يتّخذ دعوة بغير إذن مولاه و كذا لا يهب بغير إذنه [- لب -] إذا اشترى العامل ما لم يؤذن فيه فربح كان الربح على ما شرطاه و لا يكون بأجمعه للمالك و لا يتصدّقان به وجوبا [- لج -] إذا سرق المال أو غصب فالأقرب أنّ للمضارب طلبه و الخصومة عليه فإن ترك ذلك مع غيبة المالك و إمكان التخلّص ففي الضمان نظر و لو كان المالك حاضرا و علم بالحال ففي لزوم العامل به نظر [- لد -] الربح وقاية لرأس المال يجبر به الخسران سواء كان الربح و الخسران في مرّة واحدة أو الرّبح في صفقة و الخسران في أخرى أو أحدهما في سفرة و الآخر في أخرى و ليس للعامل أن يأخذ من الربح شيئا بغير إذن المالك و لو نضّ المال خاسرا فدفعه إلى المالك فردّه إليه و قال اعمل به ثانيا فهو عقد جديد إن ربح لم يجبر الخسران الأوّل أمّا لو لم يقبضه بل أذن له في العمل بعد إنضاضه فالأقرب أنّه ليس عقدا ثانيا بل يجبر من الربح الثاني ما خسره أوّلا [- له -] إذا مات و في يده أموال مضاربة فإن علم مال أحدهم بعينه كان أولى به و إن جهل تساووا فيه و إن جهل كونه مضاربة قضي به ميراثا و لو مات و علم أن بيده مضاربة و لم يوجد ففي أخذها من التركة إشكال [- لو -] إذا شرط على العامل ضمان المال أو بهما من الوضيعة بطل

ص: 280

الشرط ففي صحة القراض حينئذ إشكال و لو شرط العامل نفقة نفسه في السفر صحّ و كذا في الحضر [- لز -] الشروط الفاسدة على أقسام ثلاثة أحدها ينافي مقتضى العقد مثل أن يشترط ألاّ يبيع إلا برأس المال أو بالوضيعة أو لا يبيع إلاّ ممن اشترى منه و لا يشتري أو لا يبيع أو يولّيه ما يختاره من السلع و الثاني ما يقتضي جهالة الربح مثل أن يشرط للعامل جزءا من الربح مجهولا أو ربح أحد الكيسين أو العبدين أو دراهم معلومة بجميع حقّه أو بعضه الثالث اشتراط ما ليس من مصلحة العقد و لا مقتضاه مثل اشتراط النفع ببعض السلع مثل لبس الثوب و استخدام العبد و ركوب الدّابة و وطئ الجارية و ضمان العامل المال أو بعضه فهذه الشروط كلّها باطلة يفسد العقد إن اقتضت جهالة الرّبح و إلاّ فلا على إشكال

الفصل الثّالث في أحكام النزاع

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] لو اختلفا في قدر رأس المال فالقول قول العامل مع اليمين و كذا القول قوله مع اليمين لو ادّعى الخسارة أو التلف أو ادّعى عليه الخيانة أو التفريط فأنكر [- ب -] لو اختلفا فيما اشتراه فقال المالك للقراض و ادّعاه العامل لنفسه فالقول قول العامل لأنّه أبصر بنيّة و كذا لو قال اشتريت للقراض و قال المالك لنفسك [- ج -] لو ادّعى المالك أنّه نهاه عن شراء المعيّن فأنكر فالقول قوله مع اليمين لأنّ الأصل عدم النهي و عدم الخيانة [- د -] لو ادعى العامل الإذن في البيع نسيئة أو الشراء بعشرة فأنكر المالك ذلك فالوجه أنّ القول قول المالك و لو ادّعى عموم الإذن و ادّعى المالك تخصيصه أو ادعى الإذن في شراء شيء بعينه و أنكر المالك فالأقرب تقديم قول المالك [- ه -] أو اختلفا في قدر ما شرط للعامل فالأقرب أنّ القول قول المالك مع اليمين و لا يتخالفان و لا يصار إلى قول العامل مع اليمين فيما يساوي أجرة المثل و لا إلى قول المالك فيما يزيد عليها [- و -] لو ادّعى العامل ردّ المال فأنكر المالك فالأقرب أنّ القول قول المالك لا قول العامل [- ز -] لو قال العامل ربحت كذا ثمّ خسرت أو تلف الرّبح قبل مع اليمين أمّا لو قال غلطت أو نسيت لم يقبل و ألزم بما أقرّ به من الربح [- ح -] لو ادعى أنّه دفع إليه قراضا فأنكر ثمّ اعترف أو قامت البيّنة فادعى التلف قبل الإنكار لم يلتفت إليه و لو كان صورة إنكاره بعدم الاستحقاق قبل [- ط -] لو دفع إلى اثنين قراضا ثمّ اختلفوا فقال المالك رأس المال ثلثا الحاصل و الثلث الآخر الرّبح فصدّقه أحدهما و قال الآخر بل رأس المال ثلثه و الثلثان ربح فالقول قول المكذّب مع يمينه فيأخذ حصّته مما ادّعاه فائدة و هو السّدس و يأخذ المالك بتصديق الآخر ما ادّعاه رأس ماله و هو الثلثان و يبقى السّدس لربّ المال ثلثاه و للمصدق ثلثه لأنّ المأخوذة باليمين و هو نصف السّدس أخذ من ربح المالك و المصدّق على نسبة استحقاقهما و هي الثلث [- ى -] لو اختلفا فقال المالك دفعته قراضا و قال العامل قرضا فالأقرب أنّهما يتحالفان و يثبت للعامل أكثر الأمرين من أجرة المثل إذا لم يزد على ما ادعاه و مما ادعاه المالك من النصيب و قال بعض الجمهور القول قول المالك و فيه نظر و لو أقام كلّ منهما بيّنة قال بعض الجمهور يتعارضان و يقسم الرّبح نصفين و لو كان هناك خسران فادعى المالك القرض و العامل القراض فالقول قول المالك مع اليمين و لو ادّعى المالك الإبضاع و ادّعى العامل القراض ففي تقديم قول العامل من حيث إنّ العمل له نظر و يحتمل أنّهما يتحالفان فحينئذ يأخذ العامل أقلّ الأمرين من أجرة المثل و ما ادّعاه نصيبا و لو ادعى المالك الإبضاع و العامل القرض أمكن إحلاف كلّ منهما على ما ينكره الآخر فيثبت للعامل أجرة المثل ما لم تزد [- يا -] إذا أوجبنا النفقة في السّفر لو أنفق من غير المال إمّا من ماله أو قرضا ليرجع به ففي الرجوع إشكال و لو شرط النفقة ثمّ ادعى الإنفاق من مال نفسه و طلب الرّجوع كان القول قوله مع اليمين سواء كان المال في يده أو ردّه إلى المالك

كتاب الهبات

اشارة

و توابعها و فيه مقاصد

الأوّل في الهبة
اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في الماهية

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] الهبة عقد يقتضي تمليك المعين منجزا من غير عوض و يسمّى النحلة و العطيّة قال الشيخ رحمه اللّٰه الهدية و الهبة و الصّدقة بمعنى واحد و لهذا يحنث لو حلف ألاّ يهب فتصدّق على مسكين غير أنّه إذا قصد الثواب و التقرب إلى اللّٰه تعالى بالهبة سمّيت صدقة و إن قصد بها التودّد و المواصلة سمّيت هدية [- ب -] الهبة جائزة بالنص و الإجماع و هي عقد يفتقر إلى الإيجاب و القبول و القبض و هل يستغني عن الإيجاب و القبول في هديّة الأطعمة الأقرب عدمه نعم يجوز التصرف عملا بالإذن المستفاد من العادة و للمالك الرجوع ما لم يتلف و لا يكفي هنا التّصرف و مع التلف ليس للمالك مطالبة بالعوض و لا يصحّ تعليقه بشرط و لا تأقيته فالإيجاب كلّ لفظ قصد به التمليك المذكور مثل وهبتك و ملكتك و القبول كلّ لفظ دال على الرّضا بالإيجاب [- ج -] لا يصحّ الهبة إلاّ من بالغ كامل العقل جائز التصرف فلو وهب الصّبي أو المجنون أو السفيه أو المحجور عليه للفلس أو المملوك لم يصحّ [- د -] أركان الهبة خمسة الواهب و هو كلّ مالك جائز التصرف فلو وهب غير المالك لم يصحّ و الموهوب له و هو القابل و يشترط فيه البلوغ و العقل و جواز التصرف في ذلك فلو وهب العبد لم يصحّ و الموهوب و هو كلّ عين

ص: 281

مملوكة يصحّ نقلها فلو وهب الدّين لم يجز و كذا لو وهب مالا يصح تملكه من الأعيان كالخمور و الخنازير أو لا يصحّ نقله كالوقف و أمّ الولد و العقد و هي الإيجاب و القبول على ما تقدّم و القبض فلا يصحّ الهبة ما لم ينضم القبض إلى العقد فلو مات الواهب أو الموهوب له بعد العقد قبل القبض بطلت الهبة سواء مات قبل الإذن في القبض أو بعده و قال الشيخ لا تبطل بموت الواهب و يقوم الوارث مقامه في الإقباض و فيه بعد و من شرط صحّة القبض إذن الواهب فيه فلو قبض المتهب دون إذن الواهب لم يحصل الملك [- ه -] القبض شرط في الهبة سواء كانت الهبة لشيء معيّن أو غير معيّن و سواء كان مكيلا أو موزونا أو لم يكن أحدهما و يكون الواهب قبل الإقباض بالخيار إن شاء أقبضه و إن شاء منعه و لو أذن له في القبض فقبض صحّت الهبة و لو رجع قبل القبض بطلت الهبة و لو قبض بغير إذن الواهب لم يصحّ الهبة و إن كانا في المجلس [- و -] الهبة قبل القبض باقية على ملك الواهب فلو نمت كان النماء للواهب و كذا يلحقها بقية أحكام الملك و لو أتلفها المتّهب كان له إلزامه بالضمان [- ز -] إذا وهبه ما في ذمته كان إبراء صحيحا و لا يفتقر الإبراء إلى القبول قال الشيخ و يقوى في نفسي افتقاره إليه ثمّ قوى العدم و هو يدلّ على تردّده [- ح -] لو وهبه ما هو في يد المتهب كالوديعة و الغصب انعقدت بالإيجاب و القبول و يكفي حصوله ما في يده عن القبض المتجدد و لا يفتقر إلى تجديد قبض و لا مضى زمان يمكن وقوعه فيه و لا تجديد إذن في القبض [- ط -] القبض فيما لا ينقل و لا يحول التخلية و فيما ينقل و يحوّل النقل و التحويل و يصحّ هبة المشاع كالمقسوم و يتحقق فيه القبض بتسليم الجميع إليه فإن أبى الشريك أمر المتهب بتوكيل الشريك في قبضه فإن امتنع نصب الحاكم من يكون في يده لهما فينقله [- ى -] يجوز هبة المشاع سواء قبل القسمة كالعقار أو لم يقبلها كالجوهر و لو وهب واحد اثنين شيئا صحّ إن كان مما يمكن قسمته و كذا يصحّ لو وهب اثنان اثنين شيئا مما يمكن قسمته أو لا يمكن و إذا وهب الاثنين و أذن لهما في القبض فقبضاه صحّت الهبة و لو أذن أحدهما دون صاحبه صحّت الهبة في نصيب المأذون خاصّة [- يا -] لا تصحّ هبة ما لا يصح إقباضه كالطير في الهواء و السّمك على الماء و العبد الآبق و الجمل الشارد و المغصوب لغير الغاصب مع عدم إمكان القبض منه و لو أمكن و وهبه لغير الغاصب صحّ و لزم مع القبض و ليس للمتهب القبض من الغاصب بدون إذن الواهب و لو وكل الواهب الغاصب في التقبيض جاز و لو وكّل المتهب الغاصب في القبض له جاز أيضا و يصير مقبوضا بذلك و لا يفتقر إلى مضي زمان يتحقّق فيه القبض و ملكه المتهب و برئ الغاصب من ضمانه [- يب -] لا يصحّ هبة اللبن في الضرع و لا الحمل في البطن و الوجه عندي جواز هبة الصوف على ظهر الغنم لجواز بيعه كذلك و إذا أذن له في حلب الشاة كان إباحة لا هبة و لو وهبه زيت زيتونه قبل استخراجه أو دهن سمسمه قبل عصره لم يصحّ و لا يصحّ هبة المعدوم كهبة ثمرة شجرته المتجدّدة أو حمل دابّته المتجدّد [- يج -] لا يجوز هبة المجهول مثل شاة من غنمه أو عبد من خدمه و الأقرب جواز هبة المعلوم عند الواهب المجهول عند المتهب و يحتمل البطلان على ضعف أمّا لو كان مجهولا عند الواهب معلوما عند المتهب بأن يكون في يد المتهب مال للواهب و لا يعلم الواهب قدره و لا نوعه فوهبه جميع ما في يده فالأقرب البطلان على إشكال و لو وهبه صبرة مشاهدة صحّت الهبة و إن كانت مجهولة القدر [- يد -] لو شرط في العقد شروطا ينافي مقتضى الهبة كقوله وهبتك بشرط أن لا تبيعه أو لا تهبه أو يشرط أن تبيعه أو تهبه بطل الشرط و الأقرب صحة الهبة [- يه -] إذا أبرأه عما في ذمّته صح بلفظ الإبراء و الهبة و الإسقاط و العفو و التمليك و الصّدقة و لا يصحّ هبة ما في ذمّة غيره له قال الشيخ الذي يقتضيه مذهبنا جواز بيعه و هبته و يلوح من كلامه عدم اشتراط الإقباض هنا و يجعله كالحوالة و يجوز بيعه بعين حاضرة أو بموصوف بشرط قبضه في المجلس سواء كان الدين على مليء باذل أو معسر أو جاحد أو يصح البراءة من المجهول إذا لم يكن طريق إلى معرفته و لا يشترط أن يقول أبرأتك من درهم إلى ألف مثال مثلا و لو كان من عليه الحق يعلمه و يكتمه لئلا يطالبه صاحبه به لكثرته فالأقرب المنع من جواز الإبراء و لو أبرأه من مائة و هو يعتقد أن لا شيء له و له عليه مائة ففي صحة الإبراء نظر [- يو -] لوليّ الصّبي قبول الهبة و قبضها و لا يصحّ قبض غير الولي و لا قبوله و إن عدم الولي لا فرق بين المميز في ذلك و غيره و يفتقر المميز في القبول و القبض إلى إذن الوليّ [- يز -] لو وهب الأب ولده الصّغير شيئا في يده صحّ و لم يحتج إلى قبول و لا قبض مستأنف و لا مضي زمان له و لا يجب على الأب وضع الموهوب على يد غيره و إن كان من الأثمان و كذا حكم الجدّ أمّا باقي الأولياء فقال الشيخ ليس لهم أن يتولّوا الإيجاب و القبول بل ينصب الحاكم من يقبلها منهم [- يح -] إذا أقرّ بالهبة و الإقباض حكم عليه بإقراره سواء كان الموهوب في يده أو يد المتهب و لو أنكر بعد ذلك لم يقبل له و إحلافه لو طلبه على عدم المواطاة و لو أقرّ بالهبة مطلقا فادّعى المتهب الإقباض فالقول قول الواهب سواء كانت العين في يد

ص: 282

الواهب أو المتهب و لو قال نعم عقيب قوله وهبتنيه و أقبضتنيه كان إقرارا

الفصل الثاني في الأحكام

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] يكره تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطيّة و ليس بمجرم و يستحبّ العطيّة لذي الرّحم و يتأكد في الولد و الوالد و التسوية بينهم في العطية و هل تزول الكراهيّة لو خصّصه لمعنى مثل زيادة حاجته أو زمانته أو كثرة عائلته أو اشتغاله بالعلم و نحوه من الفضائل أو فسق الآخر و استعانته بالعطيّة على المعصية الأقرب ذلك [- ب -] المراد بالتّسوية ما يفهم من معناها و هو عدم التفاضل سواء كانوا ذكورا أو إناثا أو ذكورا و إناثا و لا نعني بالتّسوية جعل الذكر ضعف الأنثى [- ج -] يجوز للولد مطالبة أبيه بالدّين مع تمكّنه و لو امتنع كان له جنسه على كراهية شديدة [- د -] إذا تمّت الهبة بالإيجاب و القبول و القبض ملكها الموهوب له فإن كان الموهوب أحد الأبوين لزمت الهبة إجماعا و لم يكن للواهب الرجوع فيها سواء أثاب عليها أولا و كذا لو كان ذا رحم غيرهما و إن كان أجنبيّا كان له الرّجوع فيها ما دامت العين باقية و لو يعرض عنها فإن تلفت أو أثاب عنها و إن كان العوض يسيرا لم يكن له الرجوع فيها و لو كان المتهب قد تصرف و لم يثبت فالعين باقية ففي جواز الرّجوع قولان أمّا الزوج و الزوجة فقد أجراهما الشيخ مجرى ذي الرّحم في أنّه ليس لأحدهما أن يرجع فيما يهبه لصاحبه و فيه نظر و لو أقبض البعض ففي اللزوم فيه إشكال أقربه اللزوم و الأقرب أنّ موت المتهب كالتّصرف [- ه -] الهبة المطلقة لا يقتضي الثواب سواء كانت من الإنسان لمثله أو لمن دونه أو لمن هو أعلى فإن أثاب لم يكن للواهب الرجوع في هبته فإن شرط الثواب صح فإن عين لزمت الهبة بدفع العين و لم يكن ذلك بيعا فلا يلحقه الخيار و لا الشفعة فلو ظهر العوض مستحقا كان للواهب الرجوع و لو ظهر استحقاق الموهوب كان للمتهب الرجوع في العوض و ليس له إلزامه بالضمان و ليس لكلّ منهما مع فساد ما أخذه أن يرجع في نماء ما دفعه إن كان منفصلا و إن شرط ثوابا مجهولا صحّ و لزمه و دفع ما يصدق عليه إطلاق الاسم و لو أثابه منها فالأقرب الجواز و لا يجب عليه دفع ما يرضى الواهب و لا قيمة الموهوب و لا ما يقضي العادة أنّه هبة مثله و قوى الشيخ لزوم الأخير [- و -] إذا شرط الثواب المعيّن أو الطلق كان للواهب الرّجوع في هبته ما لم يدفع المتهب إليه ما شرط و مع القبض لا رجوع و لا يجبر المتهب على دفع العوض بل إن دفع لزمت الهبة و إلاّ كان للواهب الخيار في الرجوع فإن تلفت العين أو غابت بفعله أو بغير فعله قبل الإثابة ثمّ لم يثب ففي رجوع الواهب بالأرش مع العيب أو القيمة مع التلف أو ما شرطه نظر و لو لم يشرط الثواب و كان أجنبيّا فرجع الواهب قبل التّصرف كان له أخذ العين فإن كانت بحالها فلا بحث و إن زادت زيادة متّصلة كانت الزيادة للواهب و صحّ الرجوع و إن كانت منفصلة فهي للموهوب و إن نقصت أو غلبت لم يكن له الرجوع على المتهب بالأرش و إن نقصت بالاستعمال و قلنا التصرف لا يسقط الرجوع فلا أرش أيضا لو استعاد العين [- ز -] إذا صبغ الثوب ثمّ رجع الواهب فإن قلنا التّصرف يسقط الرّد فلا بحث و إن قلنا بجواز الرّجوع معه كان الموهوب شريكا بقيمة الصّبغ [- ح -] الرجوع في الهبة أن يقول الواهب قد رجعت في الهبة أو ارتجعتها أو رددتها و ما أشبه ذلك و لا يفتقر الرجوع إلى حكم حاكم بل يصحّ و إن لم يقبض به حاكم و لو أخذ المشاع من الموهوب لم يكن ذلك رجوعا بمجرّده ما لم ينضمّ إليه قرينة يدلّ عليه فلو مات و لم يعلم القرينة لم يحكم بالرّجوع و لو حصلت القرينة كان رجوعا و لم يفتقر إلى التصريح على الأقرب و لو نوى الرجوع و لم يأت به صريحا و لا كناية فإنّه لا يقتضي الرجوع و لو علّق الرجوع على شرط مثل أن يقول إذا قدم زيد فقد رجعت في الهبة لم يصح الرجوع و كذا لو علّقه على صفة و لو وطئ الجارية ففي كونه رجوعا نظر [- ط -] لو مات الواهب في موضع يصحّ له الرّجوع ففي انتقال هذا الحق إلى الورثة إشكال أقربه العدم و لم أقف فيه على نصّ لنا فلو فضل ولده بشيء ثم مات بعد لزوم العطيّة لم يكن للورثة استعادته [- ى -] لو باع الواهب ما وهبه قبل القبض صح بالبيع و إن كان يعتقد بطلانه و لو كان بعد القبض فإن كان الموهوب رحما أو عوضه لم يصحّ البيع و إن كان أجنبيّا يجوز له الرجوع بما وهبه إياه احتمل صحّة المبيع لجواز الرجوع و عدمها لأنّه لم يصادف ملكا و حكم الشيخ بالبطلان أمّا لو كانت الهبة فاسدة فإنّ البيع ماض و كذا لو باع مال مورثه فلم يعلم بموته ثمّ بان أنّه ميّت قبل البيع و كذا لو أوصى لزيد برقبة عتقها أو كاتبها قبل الوصيّة ثمّ ظهر فساد العتق و الكتابة [- يا -] إذا تأخّر القبض عن العقد حكم بالانتقال من حين القبض لا من حين العقد أمّا الوصية فإنّه يحكم فيها بمجرّد الموت و إن تأخر القبول بشرط حصوله [- يب -] المريض إذا وهب و أقبض فإن برأ أو شرط ثوابا يوازي القيمة خرجت من طلب المال و استبرع بالهبة و مات في ذلك المرض أخرجت من الثلث [- يج -] لو ادّعى عليه الهبة كان القول قول المنكر مع يمينه و كذا لو أقرّ بأنّه وهبه و لم يقبضه و ادعى المتهب الإقباض و لو قال وهبته و ملّكته و أنكر الإقباض فإن كان مالكيّا أو توهّم الملك بالعقد كان القول قوله مع اليمين و إلاّ حكم عليه و لو قال وهبته و خرجت إليه منه لم يكن صريحا في الإقباض نعم إن كان الموهوب في يد المتهب كان ذلك كناية عن الإقباض و لو كان في يد الواهب لم يكن إقرارا بالقبض [- يد -] قد بيّنا أنّه لا يجوز للوالد أن يرجع فيما وهبه لولده سواء كان ولده لصلبه أو ولد

ص: 283

ولده و كذا ليس الذي الرجوع فيما يهبه لرحمه سواء كان محرما كالخالة أو العمة أو غير محرم كبنت العمّة و بنت الخالة [- يه -] لو وهب الأجنبي شيئا فوهبه لثالث فإن قلنا التّصرف مانع من الرجوع فلا بحث و إلاّ كان له الرّجوع سواء تصرّف الثالث أو لا و إن رهنه انتهب أو كاتبه و قلنا التّصرف غير مانع من الرّجوع ففي الرجوع هنا إشكال أمّا لو انفسخت الكتابة أو انفك الرهن فإنّه يجوز الرجوع على ذلك التّقدير و لو باعه الموهوب ثمّ عاد إليه ففي جواز الرّجوع إشكال أقوى من الأوّل [- يو -] إذا حجر الحاكم على الموهوب و كان ممّن يصحّ الرجوع عليه فالأقوى أنّ للمالك استعادة العين و لا يشاركه الغرماء و لو باعها ثمّ اشتراها بثمن مؤجّل و أفلس به و سوّغنا الرّجوع بعد البيع فالأقرب أنّ البائع أحقّ من الواهب [- يز -] إذا جنى الموهوب و تعلّقت الجناية برقبته و أراد الواهب الرجوع فيه فالأقرب جواز الرجوع لكن لا يسقط حقّ المجني عليه بل له الاقتصاص منه و تملكه إن شاء و لا يرجع الواهب على المتهب بأرش و غيره و لو انسده المجني عليه لم يكن للواهب حينئذ الرجوع فيه و لو بذل أرش الجناية ليرجع في العين ففي وجوب إجابته إلى ذلك نظر أمّا لو رهنه المتهب فأراد الواهب الرجوع في العين و سوّغناه مع التصرّف لم يكن له ذلك هنا فلو طلب فكه ببذل الدين ليرجع فيه فالأقرب إجابته إلى ذلك على إشكال [- يح -] إذا وطئ الموهوب له الجارية الموهوبة و سوّغناه الرجوع مع التّصرف جاز الرّجوع و لا يلزم الواطئ المهر و لو جعلت ففي جواز الرجوع إشكال و معه لا يرجع في الولد و يكون حرّا و لا قيمة له عنه [- يط -] إذا رهنه حليّا فأثابه من جنسه أو من غير جنسه جاز مع التفاضل و التساوي و لا يشترط التقابض في المجلس و إن اتحد الجنس [- ك -] لو وهب العارية للمستعير صحّ و لا يشترط الإذن في القبض و لا مضي زمان يتحقّق فيه و لو وهبه لغيره جاز فإن وكّل المعير المستعير في قبضه صحّ و إن لم يمض زمان يتمكن فيه و بطلت الإعادة فلا يجوز له الانتفاع إلاّ بإذن الموهوب [- كا -] إذا وهب العين المستأجرة للمستأجر صحّ و إن وهبها لغيره فكذلك مع الإقباض و لو امتنع المستأجر منه كان له ذلك و لو أذن فيه كان له الانتفاع باقي المدّة [- كب -] الأقرب اشتراط التعجيل في القول بحيث يكون جوابا للإيجاب فلو أنفذ هدية مع رسوله وكّله في إيجاب الهبة و تقبل المهدي إليه فإن لم يفعل كان إباحة و لو قيل بعدم اشتراط القبول نطقا كان وجها قضاء للعادة بقبول الهدايا من غير نطق

المقصد الثاني في الوقف
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الماهية

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] الوقف عقد يقتضي تحبيس الأصل و إطلاق المنفعة فقال وقفت وقفا و لا يقال أوقفت إلاّ في شاذ اللغة و يقال حبست و احتبست و لا بدّ فيه من الصّيغة الدالة عليه إما صريحا أو كناية مقترنة بما يدلّ عليه فالصّريح ألفاظه ثلاثة وقفت و هو صريح فيه إجماعا و في حبست و سبّلت قولان أحدهما أنّه صريح و الآخر أنّه كناية يفتقر إلى البيّنة قال الشيخ الذي يقوى في نفسي أنّ صريح الوقف قول واحد و هو وقفت خاصّة و به يحكم بالوقف فأمّا غيره من الألفاظ فلا يحكم به إلاّ بدليل و اختاره ابن إدريس و هو الأقوى و أمّا الكناية فثلاثة تصدقت و حرمت و أبدت فإن اقترن بها ما يدلّ على الوقف صرفت إليه مثل صدقة محرّمة أو محبوسة أو مسبلة أو مؤبّدة أو لا يباع و لا يوهب و لو أطلق الكناية و نوى بها الوقف حكم بما نواه باطنا دون الظاهر الآن يعترف بما نواه و يقبل قوله في نيّة الوقف و عدمها [- ب -] لا يحصل الوقف بالفعل المقترن بما يدلّ عليه مثل أن يبني مسجدا و يأذن للناس بالصلاة فيه أو مقبرة و يأذن بالدّفن فيها أو سقاية و يأذن في دخولها و إنّما يصير وقفا بالقول الدالّ عليه [- ج -] لو قال الموقوف عليه رددت الوقف بطل و لو سكت فالأقرب اعتبار قبوله أمّا البطن الثاني فلا يشترط قبوله و لا يؤيّد عنه بردّه [- د -] من شرط الوقف الإقباض فلا يصحّ بدونه [- ه -] إذا تمّ الوقف صحّ و لزم و لم يجز فسخه و لا إبطاله مجرد الوقف و ليس للواقف الرجوع فيه سواء أوصى به بعد موته أو لا و سواء حكم به حاكم أو لا و قول المفيد رحمه اللّٰه الوقف صدقة لا يجوز الرجوع فيها إلاّ أن يحدث الموقوف عليهم ما يمنع من معونتهم و القربة إلى اللّٰه تعالى بصلتهم أو يكون تغيير الشرط في الوقف أردأ عليهم و أنفع من تركه على حاله متأوّل [- و -] إذا صح الوقف زال به ملك الواقف عنه و الأقرب أنّ الموقوف عليه يملكه ملكا غير تامّ فيثبت بشاهد و يمين و من قال بانتقاله إلى اللّٰه تعالى لا يثبت إلاّ بشاهدين [- ز -] إذا وقف شاة دخل فيه الصّوف و اللبن الموجودان حالة الوقف ما لم يخرج عنه بالاستثناء [- ح -] الوقف عقد يتوقّف على واقف و موقوف عليه و لكلّ واحد من الأربعة شرائط نحن نذكرها في الفصول الآتية إن شاء اللّٰه تعالى

الفصل الثاني في شرائط الوقف

و هي أربعة التنجّز و الدوام و الإقباض و عدم الشركة فهاهنا [- ز -] مباحث [- ا -] إذا علّق الوقف على شرط أو صفة لم ينعقد و كان باطلا مثل أن يقول إذا جاء رأس الشهر فداري وقف أو فرسي أو إذا ولد لي ولدا و قدم لي غائب و لا يعلم فيه خلافا [- ب -] إذا وقفه و علّق الوقف بما لا ينقرض غالبا بمثل

ص: 284

أن يقفه على أولاده و أولاد أولاده ما تعاقبوا فإذا انقرضوا فعلى الفقراء و المساكين أو المتعلمين أو بعض المساجد أو الجوامع أو المشاهد أو يقفه ابتداء على هذه من غير ذكر الأولاد و لو علّقه بما ينقرض غالبا مثل أن يقفه على أولاده و أولاد أولاده من غير بيان المصرف بعد الانقراض ففيه قولان أحدهما البطلان و الثاني الصحة فحينئذ يعود إلى الواقف إن كان موجودا أو إلى ورثته إن كان معدوما اختاره الشيخ رحمه اللّٰه و قيل إلى ورثة الموقوف عليه اختاره المفيد ره و ابن إدريس و فيه قوّة و لا يعاد على بيت مال المسلمين و لا إلى الفقراء و إذا عاد إلى ورثة الواقف اشترك الأغنياء فيه و الفقراء على ترتيب الميراث الأقرب فالأقرب للذكر مثل حظّ الأنثيين [- ج -] إذا علقه بمدّة كان يقفه سنة أو أكثر ففي البطلان نظر أقربه أنّه يصحّ و يكون حبسا يرجع إليه بعد المدة بطل الوقف [- د -] لو وقف لم ينعقد بدون الإقباض فلو مات الواقف قبل القبض بطل الوقف و كذا لو جنّ أو أغمي عليه أمّا لو مات الموقوف عليه فأقبض البطن الثاني ففي صحته نظر و لو كان الوقف على ولده الصّغير كان قبضه قبضا عنه لم يفتقر إلى نصب وكيل يقبض عنه و لا إلى مضيّ زمان يمكن فيه الإقباض و كذا الجدّ للأب و الوصيّ على إشكال و القبض إنّما يشترط في الطبقة الأولى فإذا حصل تمّ الوقف و لا يفتقر إلى قبض بقية الطّبقات و لو وقف على الفقراء و الفقهاء افتقر إلى نصب قيّم يقبض الوقف و لو وقف على مصلحة لم يفتقر إلى القبول و كان المتولي للوقف هو الناظر في تلك المصلحة من قبل الشرع و لو وقف مسجدا فكذلك لا يفتقر إلى القبول و يلزم بصلاة واحدة فيه و كذا يلزم وقف المقبرة بدفن واحد و لا يلزم بدون ذلك [- ه -] لو وقف على نفسه لم يصحّ الوقف و لو وقف على نفسه ثمّ على غيره فقولان أحدهما الصّحة مؤخر و الثاني البطلان في الغير و لو وقف على الغير و شرط قضاء ديونه أو الاستعانة منه أو الإنفاق لم يصحّ و لو وقفه على الغير و شرط عوده إليه مع حاجته كان حبسا يورث عنه إذا مات و لو وقفه على الفقراء أو الفقهاء ثم معان عنهم جاز أن يتناول منه و كذا لو وقفه على المسلمين جاز أن يأخذ منه و منع ابن إدريس من ذلك قال الشيخ إذا وقف مسكنا جاز أن يسكن مع من وقفه عليه و ليس له أن يسكن غيره معه و ليس بجيّد لأنّ الوقف إن كان عاما للمسلمين جاز أن يسكن غيره و إن كان خاصّا بقوم لم يجز له السكنى بنفسه [- و -] لو شرط إخراج من يريد من الوقف بطل الوقف و لو شرط إدخال من يولد معهم جاز سواء كان الوقف على أولاده أو غيرهم و لو شرط نقله عنهم بالكلّية إلى من سيوجد لم يجز قال الشيخ لو كان الوقف على أولاده الأصاغر جاز أن يدخل معهم من يريد و إن لم يشترط و ليس بجيّد [- ز -] وقف الجاهليّة باطل بنصّ القرآن قال اللّٰه تعالى مٰا جَعَلَ اَللّٰهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لاٰ سٰائِبَةٍ وَ لاٰ وَصِيلَةٍ وَ لاٰ حٰامٍ فالبحيرة هي الناقة التي تلد خمس بطون فإذا وجدوا ذلك منها بحروا أذنها أي شقّوها و البحر الشّق و السّائبة هي التي تلد عشر بطون كلها إناث فيسيبوها إكراما لها لا يركب و لا يؤخذ وبرها و لا يحلب إلاّ لضيف و أما الوصيلة فهي الناقة أو الشاة تلد عشر بطون في كلّ بطن ذكر و أنثى فإذا كان منها ذلك قالوا وصلت أولادها و قيل هي الشاة تلد خمس بطون في كلّ بطن عتاقان فإذا ولدت بطنا سادسا ذكرا و أنثى قالوا وصلت أخاها فما تلد بعد ذلك يكون حلالا للذكر و حراما على الإناث و أما الخام فهو الفحل ينتج من ظهره عشر بطون فيسيب و يقال حمى ظهره فلا يركب و الفقهاء يسمون العبد الذي يعتق بشرط عدم الولاء سائبة و ذلك سائغ ليس مقصودا في الآية

الفصل الثالث في شرائط الواقف

و يشترط في أمور أربعة كونه بالغا عاقلا جائز التّصرف مالكا متقرّبا إلى اللّٰه تعالى فلا يصحّ وقف الصّبي و لو بلغ عشرا ففي نفوذ وقفه إشكال ينشأ من عدم البلوغ المنوط به الأحكام و من دلالة الرواية على الصّدقة و الوقف نوع منها و الأقرب عندي المنع و لو وقف المجنون أو الساهي أو الغافل أو السّكران أو المحجور عليه للسّفه أو الفلس لم يصحّ و لو وقف المملوك بطل و كذا الفضولي أو إن أجاز المالك و لا يصحّ وقف المكره و إجازته بعد زوال عذره كإجازة المالك وقف الفضولي على إشكال و لا بدّ من قصد القربة فلو وقف غير متقرّب إلى اللّٰه تعالى بطل الوقف أمّا المريض فإن برأ من مرضه صحّ وقفه و إن مات فيه أخرج من ثلث المال و لو أجاز الورثة خرج من الأصل و لو أجاز بعضهم نفذ من الأصل في قدر نصيب المجيز و من الثلث في الباقي و قيل يمضى من الأصل مطلقا و الوجه الأوّل و لو ضم الوقف إلى عطايا متبرّع بها كالهبة و العتق و المحاباة بدئ بالأوّل فالأوّل إن قصر الثلث عن الجميع و لم يجز الورثة إلى أن تستوفي الثلث ثمّ يدخل النقص على الأخير و كذا البحث في الوصايا المتعدّدة و لو جهل المقدّم قيل يقسم على الجميع بالحصص و استعمال القرعة حسن و لو قال قفوا بعد موتي كذا كان وصيّة بالوقف يخرج من الثلث و لو قال هو وقف بعد موتي ففي كونه وصيّة بالوقف صحيحة أو وقفا مشروطا بالموت باطلا نظر و لو وقف المريض على ولده أو بعض وارثه شيئا صحّ و يخرج من الثلث و لو وقف داره و هي يخرج من الثلث على ابنه و بنته بالسّوية صح الوقف على ما شرط و كذا لو وقفه على ابنه و زوجته و إن كانت الدار جميع ملكه فإن أجاز الورثة فلا بحث و إن منعوا كان الثلث وقفا و الثلثان طلقا سواء زاد الورثة عن الوقوف عليه أو لا فإن لم

ص: 285

يكن غير الابن و البنت و أجازوا الوقف دون التسوية فالوجه أنّ النّصف يكون وقفا على الابن و الثلث على البنت و يكون السدس طلقا للولد و لو اختاروا التّسوية دون الوقف صحّ الوقف في الثلث و كان الباقي ميراثا بينهما بالتّسوية على سبيل الهبة و يعتبر فيه شرائطها

الفصل الرّابع في شرائط الموقوف عليه

و هي أربعة وجوده و تعيينه و صحّة تملّكه و تسويغ الوقف عليه فهنا [- لب -] بحثا [- ا -] لا يصحّ الوقف على المعدوم ابتداء كما لو وقف على ولده و لا ولد له أو على من سيولد له سواء كان مما يصحّ وجوده أو يمتنع و لا يصحّ الوقف على حمل لم ينفصل و لو وقف على المعدوم تبعا للموجود صحّ مثل أن يقف على عقبه و عقب عقبه ما تعاقبوا فإنّه يلزم و إن لم يكن باقي البطون موجودة [- ب -] لو وقف على المعدوم ثمّ بعده على الموجود تردّد الشيخ في الصّحة و البطلان و قوى الصّحة على الموجود و كذا لو وقف على من لا يصحّ الوقف عليه كما لو وقف على المجهول ثمّ المعلوم أو على عبده ثمّ على أولاده و مع الصّحة إن كان من لا يصحّ الوقف عليه لا يمكن انقراضه كالمجهول و المعدوم انصرفت منافع الوقف في الحال إلى من يصحّ عليه و إن أمكن انقراضه كالعبد و الحمل ففي توقّف الانصراف على انقراضه عملا بالشّرط و عدمه لانتفاء المالك غيرهم إشكال و قوى الشيخ الثاني و على الأوّل قيل يصرف المنافع إلى الفقراء مدّة بقاء العبد و إلى الموقوف عليهم بعد انقراضه [- ج -] لو وقف على العبد لم يصحّ سواء كان عبد نفسه أو غيره و لا يكون الوقف عليه وقفا على مولاه و لا فرق في ذلك بين القنّ و المدبّر و أمّ الولد و المكاتب المشروط و الذي لم يؤد من مكاتبته شيئا أمّا المطلق إذا أدّى شيئا من كتابته صحّ بمقدار ما فيه من الحرّية و بطل في الباقي و لو وقف على الدابة بطل أيضا [- د -] لو وقف على نفسه ثمّ على المساكين لم يصحّ في حقّ نفسه و في صحّته في حقّ المساكين قولان تقدّما و لو شرط أن ينفق على نفسه منه بطل الوقف أمّا لو شرط أن يأكل أهله أو من يليه فإنّه يصحّ و لو شرط أن يهبه متى شاء أو يبيعه أو يرتجعه لم يصحّ و قال المرتضى لو شرط أنّه إن احتاج إليه في حياته كان له بيعه و الانتفاع بثمنه جاز و ليس بجيّد و قال الشيخ لو شرط بيعه و التّصرف فيه عند الحاجة صحّ الشّرط و يرجع ميراثا عند الموت و لو شرط الخيار لنفسه فكذلك [- ه -] إذا قال هذا وقف أو صدقة و لم يذكر المصرف لم يصحّ و كذا لو ذكر مصرفا مجهولا كأن يقول على أحد هذين أو أحد المشهدين [- و -] إذا وقفه على من يجوز الوقف عليه ثمّ على من لا يجوز الوقف عليه فإن قلنا بصحّة المنقطع صحّ هنا و صرف بعد انقراض من يصحّ الوقف عليه إلى من يصرف إليه نفع المنقطع و لو كان صحيح الطرفين منقطع الوسط كأن يقف على أولاده ثمّ على عبيدهم ثمّ على الفقراء احتمل الصّحة و البطلان و على تقدير الصّحة ينظر فيما لا يجوز الوقف عليه فإن لم يمكن انقراضه ألغيناه و إلاّ ففي إلغائه و اعتبار انقراضه وجهان تقدّما و لو كان صحيح الوسط خاصة مثل أن يقف على عبده ثم على أولاده ثمّ على الكنيسة احتمل الوجهان و مع الصّحة مصرفه بعد من يجوز الوقف عليه مصرف المنقطع [- ز -] لو قال هذا وقف على ولدي سنة ثمّ على المساكين صحّ و كذا لو قال على ولدي مدّة حياتي و لو قال هذا وقف على المساكين و بعد انقراضهم على ولدي صحّ على المساكين و لغا ولده لامتناع انقراضهم [- ح -] لا يصحّ الوقف على من لا يملكه كالعبد و إن قلنا إنّه يملك و الميّت و الحمل و الملك و الجنّ و الشياطين و المرتدّ عن فطرة و الحربي و هل يصحّ على الذّمي قيل نعم مطلقا و قيل إن كان ذا رحم و قيل إن كان أحد الأبوين و هل يصحّ على المرتدّ عن غير فطرة فيه نظر و لو وقف على بعض المساجد أو المشاهد أو القناطر أو المدارس أو السّقاءات أو كتب الفقه و الأحاديث و القرآن صحّ لأنّ الوقف في الحقيقة على المسلمين خصّص صرفه في بعض مصالحهم [- ط -] لو وقف المسلم على البيع و الكنائس و بيوت النيران و كتابة التوراة و الإنجيل و غيرهما من كتب الأنبياء السالفة الّتي غيّرت لم يصح و لو لم تغير صح و إن كانت منسوخة و لو وقف الذمي ذلك جاز و كذا لا يجوز أن يقف على معونة الزناة و قطاع الطريق و غيرهما من الفساق فلو وقف على من يمر بالبيع و الكنائس من المجتازين من أهل الذمة فالأقرب الجواز و لو وقف على خادم الكنيسة أو على مصالحها من الحصر و الإضواء لم يصح [- ى -] يجوز الوقف على القبيلة العظيمة و المساكين إجماعا و كذا يجوز في غيرهم سواء أمكن استيعابهم و حصرهم أو لا مثل أن يقف على قريش أو بني هاشم أو بني تميم و كذا يجوز على أهل كل إقليم أو مدينة كالعراق و بغداد و على أقاربه و عشيرته و يدخل في الوقف كل من صدق عليه الاسم و لو وقف المسلم على الفقراء انصرف إلى فقراء المسلمين خاصة عملا بقرينة الحال و لو وقف الكافر على الفقراء انصرف إلى فقراء نحلته [- يا -] إذا وقف على المسلمين انصرف إلى كل من صلى إلى القبلة و لو وقف على المؤمنين انصرف إلى الاثني عشرية و هل يشترط مجانبة الكبائر قال الشيخ نعم و منعه ابن إدريس و هو حسن و لو وقف على الشيعة اندرج فيه كل من قدم عليا عليه السلام الإمامية و الجارودية من الزيدية و الواقفية و غيرهم من فرق

ص: 286

الشيعة دون التبرية من الزيدية و لو وقف على الإمامية فهو عن الاثني عشرية و لو وفقه على الزيدية فهو لكل من قال بإمامة زيد و كذا لو علقهم بالنسبة إلى أب كان لكل من انتسب إليه بالأبوة فالهاشمين يصرف إلى من انتسب إلى هاشم بالأبوة أو هل يدخل من انتسب إليه بالأمومة قيل نعم و قيل لا و كذا لو وقفه على العلويين كان لمن انتسب إلى علي ع و لو وقفه على الحسنيين كان لأولاد الحسن بن علي عليهما السلام ليس للحسينيين فيه شيء و كذا بالعكس و لو وقفه على الفاطميين كان أولاد فاطمة عليها السلام [- يب -] يدخل في الوقف على القبيلة و غيرهم من المتعدين المذكور و الإناث و يكونون سواء إلا أن يشترط التفضيل و لو قال على كتاب اللّٰه تعالى كان لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ اَلْأُنْثَيَيْنِ و كذا لو وقف على والديه تساويا ما لم يفضل [- يج -] قال ابن إدريس لو وقف الإمامي على المسلمين كان للإمامية خاصة لأن القرب إلى اللّٰه تعالى أنما يحصل به و هو شرط و قال الشيخ يدخل فيه كل من صلى إلى القبلة و كذا لو وقف الإمامي على الزيدي لم يصح قال الشيخ و لو وقف على الشيعة كان شاملا لجميع فرقهم من الكيسانية و الناووسية و الفطحية و الواقفية و قال ابن إدريس إن كان الواقف إماميا اختص بالإمامية و إن كان من أحد هؤلاء حمل كلامه على شاهد حاله في اختصاص أهل نحلته بالوقف خاصة [- يد -] إذا وقف على أولاده و أولاد أولاده دخل أولاد البنين و أولاد البنات و كذا لو قال على أولادي و لم يقل الصلبي فإنه يدخل فيه أولاد بنيه و أولاد بناته ما تعاقبوا و تناسلوا و لو قال على أولاد لصلبي كان للولادة خاصة و لو قال على من انتسب إلى ففي دخول أولاد البنات نظر و لو قال الهاشمي على أولادي و أولاد أولادي الهاشمين لم يدخل في الوقف من أولاد بناته من كان غير هاشمي و من كان هاشميا من غير أولاد بنيه و هم من أولاد بناته دخلوا فلو قال على عقبي أو نسلي أو ذريتي دخل أولاد البنين و أولاد البنات و لو قال على عترتي فهم اختص قومه و عشيرته و لو وقف على قومه قيل يكون للذكر و من أهل لغته دون الإناث و قال ابن إدريس يكون للرجال من قبيلته ممن يطلق عليه أنهم أهله و عشيرته دون غيرهم و لو وقف على عشيرته كان لأقاربه [- يه -] إذا وقف على قوم و أولادهم و أولاد أولادهم اقتضى ذلك تشريك البطون الأخيرة مع البطن الأول و لا يقدم بعضهم على بعض لقربه و لو تجدد حمل لم يشارك حتى ينفصل حيا و لو رتب فقال على أولادي ثم أولاد أولادي أو قال الأعلى فالأعلى الأقرب فالأقرب أو الأول الأول أو البطن الأول ثم البطن الثاني أو قال على أولادي فإذا انقرضوا فعلى أولادهم ترتبوا بحسب الشرط و لا يستحق البطن الثاني شيئا حتى ينقرض البطن الأول كله و لو لم يبق من البطن الأول إلا واحد كان الوقف كله له لا يشاركه البطن الثاني و لو قال على أولادي و أولاد أولادي على أن من مات منهم عن ولد كان ما كان جاريا عليه جاريا على ولده كان ذلك دليلا على الترتيب و إلا لم يحصل التسوية فحينئذ يترتب بين كل والد و ولده فإذا مات عن ولد انتقل إلى ولده سهمه سواء بقي من البطن الأول أحد أو لم يبق و لو رتب في البعض دون الباقي عمل بقوله كما لو قال وقفت على ولدي و ولد ولدي ثم على أولادهما أو على أولادي ثم على أولاد أولادي و أولادهم ما تعاقبوا أو على أولادي و أولاد أولادي ثم على أولادهم و أولاد أولادهم فيشترك بين من شرك بينهم بالواو و يرتب بين من رتب بحرف الترتيب [- يو -] إذا وقف على أولاده اشترك فيه أولاده و أولاد أولاده ما تعاقبوا على احتمال و لا يمنع الأقرب إلا بعد و لو صرح بما يصرفه عن الظاهر و إليه حمل على ما دلت القرينة عليه فلو قال على أولادي لصلبي أو الذين يلونني صرف إلى البطن الأول و لو قال على أولادي و لا ولد له من صلبه انصرف إلى أولاد أولاده و كذا لو قال على أولادي الأولاد البنات أو على أولادي الابني فلان [- يز -] لو قال على أولادي ثم على أولاد أولادي على أنه من مات من أولادي عن ولد فنصيبه لوالده أو لإخوته أولاد إخوته فهو على ما شرط و لو قال على أن من مات منهم فنصيبه لولده و من لا ولد له فنصيبه لأهل الوقف و مات أحد البنين الثلاثة عن ابنين كان نصيبه لهما فإن مات الثاني عن غير ولد كان نصيبه لأخيه و ابني أخيه بالسوية و لو مات أحد ابني الأخ عن غير ولد كان نصيبه لأخيه و عمه و لو مات أحد الثلاثة و خلف أخويه و ابني أخ له فنصيبه لأخويه و لا شيء لابني الأخ ما دام أبوهما حيا فإن مات أبوهما صار نصيبه لهما و هل يأخذان من عمهما سدس الثلث فيه احتمال فلو مات الثالث كان نصيبه لا بني الأخ و لو خلف ابنا كان له نصيب أبيه و هو النصف و لكل واحد من ابني الأخ الربع و على الاحتمال الذي قلناه يكون لابنه الثلث و ثلثا السدس و لا بني الأخ الباقي و لو قال على أن من مات منهم عن غير ولد كان نصيبه لمن هو في درجته و كان غرما نصيب الميّت من غير ولد لأهل البطن الذي هو منه و إن كان مشتركا فالأقرب عود نصيبه إلى البطن الذي هو منه و يستوي في ذلك إخوته و بنو بني عم أبيه و بنو عمه فإن لم في درجته أحد بطل الشرط [- يح -] إذا وقف على أولاده الثلاثة على أن من مات عن ولد فلولده نصيبه و من لا ولد له فنصيبه إلى من هو في درجته فمات أحدهم عن ابن و مات الثاني عن ابنين ثم

ص: 287

مات أحد الابنين و ترك أخا و ابن عمه الحي فالأقرب أن نصيبه بين أخيه و ابن عمه و لو كان في درجته في النسب من لا يصل إليه الوقف بحال ففي أخذه نظر مثل أن يكون له أربعة أولاد فيقف على ثلاثة على هذا الوجه ثم يموت أحد الثلاثة عن غير ولد احتمل أن لا يأخذ الرابع شيئا لأنه ليس من أهل الوقف [- يط -] لو وقف على الذكور و الإناث و قال من مات من الذكور فنصيبه لأولاده و من البنات فلا هو الوقف لزم ما شرط و لو قال على أولادي على أن يصرف إلى البنات ألف و الباقي للبنين لم يستحق البنون شيئا حتى يستوفي البنات الألف [- ك -] لو قال وقفت على أولادي فلان و فلان و فلان ثم على المساكين لم يكن لأولاد أولاده شيء و لو كان له ثلاثة فقال وقفت على ولدي فلان و فلان و على ولد ولدي لم يكن للثالث شيء و كان للأولين و أولادهما و أولاد الثالث بالسوية [- كا -] إذا وقف على قوم بشرط اتصافهم بصفة استحقوا ما داموا على تلك الصفة مثل أن يقول من اشتغل بالعلم أو حفظ القرآن فله و من ترك فلا شيء له و كذا لو قال من كان على مذهب كذا فله و من خرج منه فلا شيء له و كذا لو فضل الكبير على الصغير أو بالعكس و العالم على الجاهل و الفقير على الغني أو بالعكس و المستحب له التسوية بين الذكور و الإناث و أن لا يفضل في حال وقفه قوما على آخرين [- كب -] إذا وقف على أولاده ثم على المساكين انصرف إلى المساكين بعد انقراض أولاده و أولاد أولاده و إن نزلوا و يشترك فيه الفقير و المسكين لا يتميز أحدهما عن الآخر إلا أن يجمعهما فيقفه على الفقراء و المساكين أثلاثا فيجب التميز بينهما و لا يجب تعميمهما لعطية و كذا كل وقف على منتشرين و هل يجب صرفيه إلى الثلاثة فما زاد الأقرب ذلك و يصرف إلى أهل البلد و لا يجب و تتبع من غاب و ضابطه أن الوقف على من يمكن حصره يقتضي التشريك و التسوية فلا يجوز التخصيص و لا التفضيل أما لو وقف على من لا ينضبط فلا يقتضي ذلك فيجوز صرفه إلى الواحد و التفضيل في الجماعة و لو وقفه على مستحقي الزكاة كان للأصناف الثمانية المذكورة في القرآن و الأقرب أنه لا يجب التشريك و لا التسوية و يجوز أن يخص بعضا من صنف و يفضله و لا يجب أن يعطي مثل ما يعطي في الزكاة فلا يعطي الغارم بشرط أن يصرفه إلى الغرم و لا المكاتب بشرط أن يصرفه في كتابته [- كج -] إذا وقف على جيرانه رجع فيه إلى العرف و قيل كان لمن يلي إلى داره أربعين ذراعا من كل جانب و هو جيد و قيل إلى أربعين دارا و هو بعيد و هل يشترط تملك الجار للدار حتى لو كانت مستأجرا أو مستعيرا لم يتناوله الوقف فيه إشكال أما الغاصب فالظاهر عدم تناول الوقف له و لو قلنا بدخول المستأجر أو المستعير لو خرجا عن الدار خرجا عن الاستحقاق و لو عادا ففي عدم عوده إليهما إشكال و لو باع صاحب الدار داره الّتي يسكنها خرج عن الوقف و دخل المشتري عوضه فلو استعادها عاد الوقف إليه دون المشتري و لو لم يكن الدار مسكونة ففي استحقاق مالكها إشكال أما لو كانت موطنه فاتفق السفر بنيّة العود ثم وقف الواقف فالأقرب دخوله و هل يشارك صاحب الدار من هو ساكن معه كولده و أهله فيه نظر و لا يخرج صاحب الدار عن الوقف بسفره المنقطع و لا يتروده في السكنى بينهما و بين غيرها و على القول بحرمان المستأجر و المستعير ففي استحقاق المالك إشكال [- كد -] إذا وقف في سبيل اللّٰه انصرف إلى كل ما يتقرب به إلى اللّٰه تعالى كمعونة الغزاة و الحاج و بناء القناطر و المساجد و لو قال في سبيل اللّٰه و سبيل الثواب و سبيل الخير فكذلك و لا يجب قسمة الفائدة أثلاثا بين الغزاة و أقرب الناس إليه و أخذ الزكاة لحاجته و هم من عدا العاملين و الغزاة و المؤلفة [- كه -] إذا وقف على مصلحة فبطل رسمها صرف في وجوه البر و لو وقف على البر و لم يعين صرف في كل ما يتقرب به إلى اللّٰه لمعونة الفقراء و غيرها [- كو -] إذا وقف على أولاده أو أخويه أو بني فلان استوت الذكور و الإناث و الأقرب و الأبعد على التساوي إلا أن يشترط التفضيل أو التخصيص و لو وقف على أخواله و أعمامه تساووا و لو وقف على أقرب الناس إليه فهو للأبوين و الولد و إن نزلوا ثم الأجداد و الإخوة ثم الأعمام و الأخوال على ترتيب الميراث و كل من منع في الميراث يمنع هنا لكن هنا يتساون ما لم يفضل و لو اجتمع الإخوة المتفرقون أو الأخوال أو الأعمام كذلك كان المتقرب بالأبوين أولى من التقرب بأحدهما [- كز -] إذا وقف على أولاده فإذا انقرضوا و انقرض أولاد أولاده فعلى الفقراء فالوقف لأولاده فإذا انقرضوا قال الشيخ يأخذ أولاد أولاده فإذا انقرضوا فالفقراء لأن اشتراط انقراضهم يدل على أن لهم نصيبا لكن لا يأخذون إلا بعد انقراض الأولاد و قيل إنه لا يأخذ أولاد أولاده شيئا لأن تخصيصهم بالذكر يعطي إخراجهم من لفظه الأولاد و حينئذ يكون انقراضهم شرطا لصرفه إلى الفقراء و حينئذ قيل يرجع الوقف بعد أولاده إلى أقرب الناس إليه و إذا انقرض أولاد صرف إلى الفقراء [- كح -] إذا وقف على عقب زيد ثم من بعده على عقب عمرو أخذه عقب زيد فإذا انقطع بعد ذلك أخذه عقب عمر و فإن تجدد عقب زيد بعد ذلك رجع الوقف إليه و النماء وقف انقطاع عقب زيد إلى وقت عوده لعقب عمرو [- لط -] إذا كان له موالي من أعلى فوقعه على

ص: 288

مواليه انصرف إليهم و كذا لو كان له موالي من أسفل فإنّه ينصرف إلى مواليه من أسفل و لو اجتمعا فإن قرن بما يصرفه إلى أحدهما حمل عليه و إن أطلق قال الشيخ يشترك بينهما و لو قيل بالبطلان للجهالة إذا المشترك لا يراد به كلا معينيه كان وجها [- ل -] إذا وقف على قراباته انصرف إلى كلّ من كان مشهورا بقرابته من قبل الرجال و النساء و لو تجدّد له قرابة بعد الوقف دخل فيه و لو قال لأهل بيتي انصرف إلى أقاربه من قبل الرّجال و النّساء فلو وقف على عشيرته صحّ و إن لم ينحصروا كبني تميم [- لا -] إذا وقف على شخصين ثمّ على المساكين فمات أحدهما احتمل عود نصيبه إلى المساكين و الأقرب عوده إلى الآخر [- لب -] إذا وقف على أولاده دخل البنون و البنات و الخناثى و لو وقف على البنين و البنات أو على أحدهما لم يدخل الخناثى و لا يدخل في أولاده المنفي باللّعان و لو اعترف بعده دخل

الفصل الخامس في في شرائط الموقوف

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] الموقوف كلّ عين مملوكة يمكن الانتفاع بها مع بقائها و شروطه أربعة أن يكون عينا مملوكة ينتفع بها مع بقائها و تصحّ إقباضها فلا يصحّ وقف ما ليس بعين كالدّين حالا كان أو مؤجّلا على مليء باذلا كان أو معسرا جاحد و كذا لو وقف فرسا أو دارا و لم يعيّن لم يصحّ و لا ينفد وقف الخنزير و الخمر و كلّ ما لا يصحّ تملّكه و لا وقف الطعام و شبهه مما لا يقع له كالشراب و الشّمع إلاّ في استهلاكه و لا وقف الآبق و ما لا يمكن إقباضه [- ب -] الذهب و الفضة إن كان حليّا صحّ وقفه إجماعا و إن كان دنانير أو دراهم قيل لا يصحّ لأنّ الانتفاع بها أنّما يصحّ بإخراجها و لو قيل بالجواز لإمكان الانتفاع بها و لو في شيء قليل كان وجها و لو سوّغناه ففي جواز عمله حليّا للموقوف عليه نظر [- ج -] كلّ ما يسرع إليه الفساد كالمشمومات من البنات و الرّياحين لا يصحّ وقفه [- د -] لا يصح وقف ما لا يصحّ بيعه كأمّ الولد و الرهن و هل يصحّ وقف السباع من البهائم و الطيور و الأقرب جوازها إن كانت مما يصاد بها و إلاّ فلا و كذا لو وقف لا يصحّ وقفه ثانيا [- ه -] لو وقف ملك غيره بغير إذنه احتمل البطلان فلا اعتبار بإجازة المالك و الصّحة فإن أجاز المالك لزم و إلاّ بطل و هو أقربهما [- و -] لو وقف سرجا أو لجاما عليه حليّة صح الوقف و لا يباع الحلية و يشتري بثمنها سرحا و لجاما [- ز -] كلّ ما يصحّ الانتفاع به مع بقائه صحّ وقفه سواء كان عقارا أو حيوانا أو سلاحا أو كراعا أو إناثا أو عروضا أو رقيقا [- ح -] يصحّ وقف المشاع كالمقسوم و قبضه كقبضه في المبيع و لا يثبت بالوقف شفعة للشريك و لو أراد الموقوف عليه قسمته مع الطلق جاز إلاّ أن يتضمّن ردا من الطلق ففيه نظر لتضمّنه بيع جزء من الوقف و لو كان الجميع وقفا و أراد الموقوف عليهم قسمته لم يجز و لو بيع الطلق فالأقرب أنّ لأرباب الوقف الشفعة مع شرائطها و لا يصير وقفا [- ط -] إذا كان العبد بين اثنين فوقف أحدهما نصيبه جاز فإن أعتقه بعد ذلك الواقف أو الموقوف عليه لم يصحّ و إن عتق الطلق حصّته صحّ و لا يقوم عليه الباقي [- ى -] يجوز وقف الشيء على جهتين مختلفتين كما لو وقف داره على ولده و المساكين فإن عين نصيب كلّ واحد عمل به و إلاّ كان لولده النصف و للمساكين النصف و لو قال على زيد و عمرو و المساكين كانت أثلاثا [- يا -] لو جعل سفل داره مسجدا دون علوّها أو بالعكس جاز و لو وقف موضعا في وسط داره جاز و إن لم يذكر الاستطراق و يكون للموقوف عليه حقّ الاستطراق كما لو آجر بيتا من داره [- يب -] لا يجوز وقف الحرّ نفسه و لا الدار المستأجرة و لا الموصي بخدمته و الأقرب جواز وقف الكلب المنتفع به و السنور أمّا العقور فلا و كذا لا يصحّ وقف ما لا منفعة له محللة كآلات اللهو و شبهها

الفصل السّادس في الأحكام

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يجب اتباع ما شرطه الواقف في العقد فإذا شرط النظر فيه لنفسه صحّ و ليس لغيره معارضته فيه و إن شرطه للموقوف عليه أو لبعضهم أو لأجنبيّ جاز و إن أطلق و لم يبيّن فإن قلنا إنّه ملك للموقوف عليه كان له و إن قلنا للواقف كان النظر له و بعده للحاكم و إن قلنا للّه تعالى كان النظر للحاكم و كذا البحث لو شرطه لأحد فمات و لو كان الوقف على المصالح كالمساجد أو على من لا ينحصر كالمساكين فإن النّظر فيه مع الإطلاق أو مع موت المشروط إلى الحاكم و لو جعل النظر للأرشد عمل بذلك و لو كان الأرشد فاسقا فالأقرب عدم ضمّ عدل إليه و لو أطلق و كان الموقوف عليه واحدا رشيدا فهو أولى بالنظر رجلا كان أو افتراه و لو تعدّدوا مع الرشد فلكلّ منهم النظر في نصيبه و لو كان غير رشيد فالنظر فيه لوليّه و لو جعل النظر لأجنبي عدل ثمّ فسق ضمّ إليه الحاكم أمينا و يحتمل انعزاله بفسخه [- ب -] إذا وقف حيوانا و شرط نفقته من ماله أو من كسبه صحّ الشرط و إن أطلق قال الشيخ يكون نفقته في كسبه و لو عجز لكبر أو مرض كانت نفقته على الموقوف عليهم و لو قيل بثبوتها على الموقوف عليهم على التقديرين إن كان ملكا لهم كان وجها و إن قلنا إنّه ملك للّه تعالى كانت نفقته في بيت المال و لو صار مقعدا عتق و سقطت عنه الخدمة و عن مولاه النفقة و كذا البحث لو كان غير حيوان و احتاج إلى الإنفاق لعمارة و شبهها فإن شرط عمل بالشرط و إلاّ أخذ من نمائه أوّلا ما يصرف في عمارته و الفاضل للموقوف عليه [- ج -] إذا كان الوقف على منحصرين و كان شجرا فأثمرا و أرضا فزرعت فحصلت لبعضهم من الحبّ و الثمرة نصاب وجبت

ص: 289

فيه الزكاة و إن كانوا غير منحصرين كالمساكين لم يكن عليهم زكاة ممّا حصل في أيديهم و إن حصل في يد كلّ واحد نصاب لأنّ الواحد لا يتعيّن لجواز حرمانه و الدّفع إلى غيره و إنّما يملك بالقبض [- د -] إذا جنى الوقف بما يوجب القصاص اقتص منه فإن كانت نفسا بطل الوقف بقتل سواء كان المجني عليه الموقوف عليه أو غيره و ليس للمجنيّ عليه استرقاقه و إن كانت دون النفس اقتصّ منه و كان الباقي وقفا و إن أوجب المال قيل تعلّقت بمال الموقوف عليه بناء على ملكه و قيل بالواقف لأنّ ملكه لم يزل و هو الموجب لمنعه عن البيع و قيل في بيت المال لأنّه ملك للّه فصار كالحرّ المعسر و الأقرب تعلّقها بكسبه [- ه -] إذا قتل الوقف و وجب القصاص فالأقرب أنّ للوجودين من الموقوف عليهم استيفاءه و في العفو إشكال إن قلنا بانتقال الوقف إليهم و إن قلنا إلى اللّٰه تعالى فالأمر إلى الإمام و كذا لو قطع يده أو جرح عمدا و لو وجبت أرشا فللموجودين من أرباب الوقف و إن قيل و وجبت القيمة فالأقرب أنّه كذلك و يحتمل أنّه يشتري بالقيمة عبدا يكون وقفا و على هذا فالأرش أيضا يشتري به عبد يكون وقفا إن احتمل و إلاّ شقص منه [- و -] لا يجوز بيع الوقف بحال و لو انهدمت الدار لم يخرج العرصة عن الوقف و لم يجز بيعها و لو وقع خلف بين أرباب الوقف بحيث يخشى خرابه جاز بيعه على ما رواه أصحابنا و قال ابن إدريس لا يجوز بحال ثمّ فضّل ما رواه أصحابنا إلى ما وقف على قوم معيّنين من غير تأبيد و إلى مؤبّد و قال في الأوّل بجواز بيعه للموقوف عليهم عند بعض أصحابنا و قال في الثاني لا يجوز بيعه إجماعا و لو قيل بجواز البيع إذا ذهبت منافعه بالكلّية كدار انهدمت و عادت مواتا و لم يتمكّن من عمارتها و يشتري بثمنه ما يكون وقفا كان وجها [- ز -] إذا وقف مسجدا فخرب و خربت القرية أو المحلّة لم يعد إلى ملك الواقف و لم تخرج العرصة عن الوقف و لم يجز بيعه بحال أمّا آلته فلا بأس باستعمالها في غيره من المساجد و لو أخذ السيل ميّتا أو أكله السّبع عاد الكفن إلى الورثة لامتناع وصوله إليه بعد ذلك بخلاف المسجد لإمكان عمارته [- ح -] لو أراد الواقف للمسجد رفعه من الأرض و جعل سقاءة أو بيوت للسكنى تحته لم يجز و هل يجوز غرس شجر في المسجد الأقرب المنع مع الضرر و مع عدمه إشكال و لو قلنا بالجواز منعناه من الغرس لنفسه و لو غرس في أرضه ثمّ وقفها بعد الغرس لم يزل حقّ الواقف من الشجرة و لم يلزمه قلعها و كان نفعها له و لو وقف النخلة مع المسجد فإن عيّن المصرف لها صحّ و إلاّ بطل فيها دون المسجد و لو وقفها على المسجد صرف ثمنها إليه و ما يفضل من حصر المسجد و فرشه جاز أن يصرف إلى مسجد آخر و لا يجوز صرفه إلى المساكين [- ط -] لا يجوز للموقوف عليه وطء الأمة الموقوفة فإن أولدها كان الولد حرّا و لا قيمة عليه و لا حدّ قيل و تصير أم ولد تعتق بموته و تؤخذ القيمة من تركته لمن يليه من البطون و فيه نظر [- ى -] لو انقلعت نخلة الوقف أو انكسرت قال الشيخ جاز بيعها لا و باب الوقف و الأقرب ذلك مع عدم الانتفاع بها في السقف التسقيف و غيره أمّا مع النفع بالأجرة للتسقيف و غيره فالوجه المنع [- يا -] الأقرب جواز تزويج الأمة الموقوفة و يليه الموقوف عليه إن قلنا إنّه يملك أو الواقف إن قلنا ببقاء ملكه و إن قلنا بالانتقال إلى اللّٰه تعالى كان أمرها بيدها لأنّها ملكت رقبتها فتزوّج نفسها و المهر للموجودين من أرباب الوقف و أمّا الولد فإنّ تزوّجت بحرّ فهو حرّ و إن شرطت رقيّته أو كان عن مملوك كذلك أو من زنى قيل اختصّ به البطن الذين يولد معهم فإن قتل فلهم قيمته و قوى الشيخ كونه وقفا كأمّه و لو وطئها الحرّ بشبهة كان ولده حرا و عليه قيمته للموقوف عليه و لو كان من مملوك و لم يشترط برقيته كان بينهما و يكون البحث في التعلق بنصيب الأمّ كما تقدّم و لو أكرهها أجنبي فوطئها أو طاوعته فعليه الحدّ مع انتفاء الشبهة و عليه المهر للموجودين من أرباب الوقف و حكم الولد ما تقدّم و لو وطئها الواقف كان كالأجنبي [- يب -] إذا آجر البطن الأوّل الوقف ثمّ انقرضوا قبل المدّة فإن قلنا الموت تبطل الإجارة فلا بحث و إن قلنا إنّه غير مبطل فالأقرب أنّها تبطل هنا إلاّ أن نجير البطن الثاني و لو فسخوا رجع المستأجر على ورثة البطن الأوّل بما قابل المتخلّف من المدّة

المقصد الثالث في السكنى و الجنس و الصّدقات

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] السكنى عقد يفتقر إلى إيجاب و قبول و تقبيض و كذا الحبس و فائدتهما التّسلط على استيفاء المنفعة مع بقاء الملك على صاحبه فإن كانت السكنى مطلقة أو يقول أسكنتك عمرك أو عمري أو مدّة من الزمان قيل سكنى و إن قيدت بالعمر بأن يقول أعمرتك بل غمرك أو عمري قيل عمري و إن قرنت بالمدة قيل رقبى مثل ان يقول أرقبتك هذه الدار مدة كذا إمّا من الارتقاب أو من رقبته الملك و صيغة الإيجاب أسكنتك هذه الدار أو الأرض أو أعمرتك أو أرقبتك عمرك أو عمري أو مدّة معلومة [- ب -] إذا حصل العقد و القبض في الإسكان قيل يلزم مطلقا و قبل أن قصد القربة و قيل لا يلزم مطلقا و الأوّل أقوى [- ج -] إذا قال لك عمري هذه الدار و أطلق لم يلزمه شيء معيّن و كان له إخراجه متى شاء و إن أقبض و لو قال مدة عمرك و عقبك لزمه و لم يملك المعمّر بهذا القول و إن قال مدة عمرك أو عمري رجعت بعد موت من قرنت العمري به إلى صاحبها و لو جعلها مدة غير الساكن و مات المالك لم يكن لورثته إخراج الساكن و أهله إلاّ بعد موته

ص: 290

و لو قرنها بموته فمات الساكن لم يجز له إخراج أولاده إلى أن يموت و كذا البحث في الرقبى في الإطلاق و الاقتران بعمر أحدهما و لو قال لك سكنى هذه الدار ما بقيت أو ما حييت صحّ و لم يجز إخراجه مع الإقباض و يرجع إلى المالك بعد موت الساكن [- د -] إذا أعمره مدة معيّنة و أقبضه لزم و جاز له بيع رقبة الملك لكن لا يؤثر ذلك في استحقاق السكنى للمعمر فإن كان المشتري قد علم أوّلا فلا خيار له و إلاّ كان مخيرا بين الفسخ و القبول و لو أعمره مدة عمر أحدهما فالأقرب عدم جواز البيع لجهالة مدّة الانتفاع [- ه -] كلّ ما صحّ وقفه صحّ إعماره من عقار و أثاث و حيوان و غير ذلك مما يصحّ الانتفاع به مع بقاء عينه و الرقبى أيضا صحيحة لازمة كالعمرى [- و -] إطلاق السكنى يقتضي أن يسكن بنفسه و أهله و أولاده و ليس له إسكان غيرهم معهم و لا إجارة المسكن و لو أذن المالك أو شرط في الموضعين جاز و جوز ابن إدريس مع الإطلاق جميع ذلك [- ز -] يجوز للإنسان أن يحبس فرسه في سبيل اللّٰه و غلامه أو جاريته في خدمة البيت الحرام و بغيره في معونة الحاج و الزوار فإذا فعل ذلك متقربا إلى اللّٰه تعالى لزم و لم يجز له فسخه بحال و لو يجز له فسخه بحال و لو عجزت الدابة أو الجارية أو الغلام سقطت الخدمة فإن عادوا إلى الصحة وجب عليهم الخدمة [- ح -] يجوز للإنسان حبس ملكه على من يجوز الوقف عليه مدة من الزمان أو مدة عمر أحدهما و يعود إلى المالك بعد الانقضاء بخلاف ما تقدم من حبس الفرس و الغلام على بيت اللّٰه تعالى و معونة الحاج فإنه لا يعود أصلا [- ط -] يجوز أن يجعل الإنسان لغيره خدمة عبده مدة من الزمان ثم يصير حرا بعد ذلك و يجب على العبد الخدمة تلك المدة فإذا انقضت المدة صار حرا و إن أبق العبد تلك المدة ثم ظفر به المجعول له الخدمة لم يكن عليه سبيل من خدمة و لا عوض و لو كان المسالك قد جعل الخدمة لنفسه مدة من الزمان ثم هو حر بعد ذلك فأبق العبد تلك المدة بطل التدبير فإذا وجده بعد المدة كان له ملكا يعمل به ما شاء و منع ابن إدريس من صحة التدبير فيهما و شرط تعليقه بالموت [- ى -] الصدقة المفروضة محرمة على رسول اللّٰه (ص) و على بني هاشم كافة و يجوز لبني هاشم إن يأخذوا المفروضة من أمثالهم و مع الضرورة و تصور الخمس من كفاءتهم و أما المندوبة فقد كان النبي صلى اللّٰه عليه و آله يمتنع من أخذها قال الشيخ الأقرب أنه على الاستحباب و يجوز لأهله إجماعا [- يا -] الصدقة عقد يفتقر إلى إيجاب و قبول و إقباض فلو قبضها بغير إذن المالك لم ينتقل إليه و يشترط فيها نية التقرب فلو خلت عنها لم يفد الملك لكن لو أتلفها الآخذ بإقباض المالك لم يضمنها لإباحته فيها [- يب -] إذا حصلت الصدقة بشرائطها من العقد و القبض و نية التقرب فإن كانت واجبة لم يجز الرجوع فيها و إن كانت نقلا فكذلك سواء كانت على ذي رحم أو على أجنبي و قال الشيخ يجوز الرجوع فيها و ليس بمعتمد لأنها كالمعوض عنها باستحقاق الثواب [- يج -] صدقة السر أفضل من الجهر ما لم يتهم بمنع الحقوق و ترك المواساة فيكون إظهارها أولى و كذا لو قصد بالإظهار تأسي غيره به كان أولى من الأسرار بها [- يد -] يجوز الصدقة على أهل الذمة و إن كانوا أجنبيتين

المقصد الرابع في الوصايا
اشارة

و فيه فصول

الأول في الماهية

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] الوصية مأخوذة من وصى يصي و هو الوصل يقال أوصى يوصي و وصى يوصي توصية و الاسم الوصية و الوصاة و هي تمليك العين أو المنفعة بعد الوفاة و أطلق على هذا التصرف الوصية لأن الموصي يصل تصرفه بعد الموت بما قبله و هي مشروعة بالنص و الإجماع قال اللّٰه تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ اَلْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً اَلْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَ اَلْأَقْرَبِينَ و قال رسول اللّٰه (ص) الوصية حق على كل مسلم و قال عليه السلام ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا و وصيته مكتوبة عنده و قال عليه السلام من مات بغير وصيته مات ميتة جاهلية و قال عليه السلام من لم يحبس وصيته عند موته كان نقصا في مروته و عقله [- ب -] الوصية عقد يفتقر إلى إيجاب و قبول فالإيجاب كل لفظ دل على ذلك القصد كقوله أعطوا فلانا بعد موتي أو لفلان كذا بعد وفاتي أو أوصيت له بكذا و كذا أو جعلت له كذا و لو قال هو له كان إقرارا إلا أن يقول من مالي فيكون وصية و لو قال عنيت له كذا فهو كناية ينصرف إلى الوصية مع النية و يقع بكل لغة يعرف منها قصد ذلك و لو عجز عن النطق فأشار بيده إلى ما يفهم منه ذلك أو كتب بخطه و قرن به ما يحكم عليه به جاز أما لو وجد مكتوبا بخطه وصية لم يشهد عليها لم يحكم بهما وجوبا و إن علم أنها خطه و لو سلم وصيته مختومة لم يشهد عليه بها إلا أن يسمعها الشهود منه أو يقرأ عليه فيقر بما فيها و كذا لو كتب وصيته و قال أشهدوا على بما في هذه الورقة أو قال هذه وصيتي فاشهدوا علي بها لم يجز ما لم يعلم الشهود ما فيها أما لو سلم المكتوب إلى الشاهد و قال اشهد علي بما فيه و أنا أعلم به و ترك الشاهد في يده إلى أن مات ثم أخرجه فالأقرب الشهادة عليه به [- ج -] المكلف قسمان من عليه حق من دين أو وديعة أو عليه حق واجب فيجب عليه الوصية إجماعا و من لا حق عليه فيستحب له أن يوصي و لا يجب عليه إجماعا و إنما يستحب إذا كان المتروك يفضل عن غنى الورثة و هو مفهوم من قول النبي (ص) و الثلث كثير إنك إن تزد

ص: 291

ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عسالة يتكففون الناس و عن عليّ عليه السّلام أربعمائة مائة دينار ليس فيها فضل عن المورثة و كلما قلت الوصيّة كان أفضل [- د -] لا يملك الموصى له الوصيّة إلاّ بالقبول إن كانت لمعين يمكن القبول منه و إن كانت لغير معيّن كالفقراء و بني هاشم أو على مصلحة كمسجد أو حجّ لم يفتقر إلى القبول و لزمت بمجرد الوفاة و ينتقل بها الملك إلى الموصى له و لا ينتقل بالموت منفردا عن القبول و لو قبل قبل الوفاة جاز و بعد الوفاة آكد و إن تأخّر القبول عن الوفاة جاز ما لم يرد فإن ردّ قبل موت الموصي لم تبطل الوصية فله القبول بعد ذلك و إن ردّ بعد الموت فإن كان قبل القبول بطلت الوصيّة إجماعا و كذا لو ردّ بعد القبض و قبل القبول و إن كان بعد القبول و القبض فلا أثر له و يكون هبة مجدّدة يفتقر إلى شروط الهبة و إن كان بعد الموت و القبول فقولان أحدهما بطلان الرد و الثاني بطلان الوصيّة و لو ردّ البعض و قبل البعض صحّت الوصيّة فيما قبل خاصّة [- ه -] القبول لا يتعين اللفظ بل قد يقع بالفعل الأخذ و الوطء و فعل ما يدلّ على الرّضا و يجوز على الفور و التراخي و يحصل الردّ بقوله رددت الوصية و ما أدّى هذا المعنى مثل لا أقبلها و شبهه و كلّ موضع صحّ الردّ فيه فإنّ الوصيّة تبطل بالردّ و يرجع إلى التركة فيكون ميراثا و لو عين بالردّ واحدا و قصد تخصيصه بالمردود لم يكن له ذلك أمّا ما يمتنع الردّ فيه لاستقرار ملكه عليه فله أن يخصّ به من شاء من الوراث و الأجانب [- و -] إذا مات الموصى له قبل القبول و الردّ قام وارثه في ذلك مقامه و لا تبطل الوصيّة بالموت و لا يلزم الوصيّة في حقّ الوارث بل له الردّ كما كان لمورثه فإن ردّها الوارث بطلت و إن قبلها صحّت و ثبت بها الملك من حين قبوله و لو تعدد الورثة فإن قبل بعضهم بل له الردّ كما كان لمورثه فإن ردّها الوارث بطلت و إن قبلها صحّت و ثبت بها الملك من حين قبوله و لو تعدد الورثة فإن قبل بعضهم و ردّ بعض لزمت في حقّ القابل و بطلت في حقّ الرّاد و إن قبلوا أجمع يثبت لهم و كذا إن ردّوا أجمع بطلت بالكليّة و لو كان فيهم مولى عليه قام وليّه مقامه في القبول و الردّ و إنّما يفعل ما للمولى عليه الحظّ فيه فلو كان الحظّ في القبول فردّ لم يصحّ فكان له القبول بعد ذلك و لو كان الحظّ في الردّ فقبل لم يصحّ فلو أوصى لصبي بمن ينعتق عليه و عليه ضرر في القبول بأن يلزمه نفقته لإعساره و إيسار الصّبي لم يجز القبول و لو كان الصبي فقيرا أو كان الموصى به ذا كسب لزمه القبول لأنّ الحظّ في عتق القرابة من غير ضرر [- ز -] لو أوصى بجارية و حملها لزوجها و هي حامل منه فمات قبل القبول كان القبول للوارث فإذا قبل ملك الوارث الولد و لا ينعتق على الموصى له لانتفاء الملك بعد الموت و لا يرث أباه لأنّه رقّ إلاّ أن يكون ممن ينعتق على الوارث و يكون الوارث جماعة فيرث بعتقه قيل القسمة و لو كان حاجبا أخذ الجميع [- ح -] قد بيّنا أنّ الملك أنّما يحصل للموصى له بعد الوفاة و القبول فلو حدث للموصى له نماء بعد الموت و قبل القبول فإن متّصلا تبع الأصل و إن كان منفصلا فهو للورثة و لو أوصى بأمة لزوجها فأولدها بعد موت الموصي قبل القبول فالولد رقّ للوارث و لو أوصى لرجل بأبيه فمات الموصى له قبل القبول فقبل ابنه صحّ و عتق عليه الجدّ و لم يرث من أبيه شيئا و إذا قبل الوارث ثبت الملك له ابتداء من جهة الموصي لا من جهة مورّثه و لا تثبت للموصى له شيء فحينئذ لا يقضى ديونه و لا ينفذ وصاياه و لا يعتق من يعتق عليه [- ط -] إذا أوصى بجارية و حملها لزوجها الحرّ فقبلها انفسخ النكاح بالموت و القبول و يعتق الولد و إن ردّ فالنكاح بحاله و الولد رقّ كما كان و لو أوصى بالجارية خاصّة كان الولد باقيا على الرقيّة للموصى و ينتقل إلى ورثته إن كان موجودا حال الوصيّة و يعلم ذلك بوضعه لدون ستة أشهر منذ الوصيّة و إن تجدّد بعد الوصية قبل الموت و وضعته قبل موت الموصي فهو للموصي أيضا و كذا إن انفصل بعد الموت و قبل القبول أو بعده و إن حملته بعد موت الموصي و قبل القبول فهو للورثة سواء وضعته قبل القبول أو بعده و لا ينفذ فيه الوصيّة لأنّ الحمل لا حكم له بمعنى أنّ الوصيّة لا يتناوله و لا يتقسّط الثمن في البيع عليه و على أمّه بل هو جار مجرى السمن و متى وضعت فكأنّما حدث في تلك الحالة هذا إذا خرجت الجارية من الثلث و إن لم يخرج من الثلث ملك بقدر الثلث و انفسخ النكاح [- ى -] لا تصحّ الوصيّة في معصية فلو أوصى بمال الكنائس و البيع و كتب التوراة و الإنجيل و مساعدة الظالم لا ينفذ و لا يجوز العمل بها [- يا -] الوصيّة عقد جائز من الطرفين فللموصي الرجوع في وصيّته ما دام حيّا سواء كانت بمال أو ولاية و يجوز الرّجوع في بعضه أيضا و إن كان إعتاقا [- يب -] يحصل الرجوع بقوله رجعت في وصيّتي أو أبطلتها أو غيّرتها أو ما أوصيت به لفلان فهو لفلان أو لورثتي أو في ميراثي و لو قال ما أوصيت به لفلان فهو فنصفه لفلان كان رجوعا في النصف خاصّة و لا ينحصر الرجوع في لفظ معيّن بل كلّ ما أدى معناه فهو رجوع و قد يكون بالفعل مثل أن يأكل ما أوصى به أو يطعمه غيره أو يتلفه أو ينقله عن ملكه بهبة أو بيع أو صدقة أو بحبل الجارية الموصى بها أو يفصل الثوب و يلبسه و لو عرضه للبيع أو وهبه من غير إقباض أو أوصى ببيعه أو أوجب البيع أو الهبة فلم يقبل الآخر

ص: 292

فالأقرب أنّه رجوع و كذا لو أعتق العبد أو دبّره أو كاتبه أو رهنه و كذا لو تصرف فيه فأخرجه عن مسمّاه كما لو أوصى بحبّ فطحنه أو بدقيق فجزه أو عجنه أو مزج الطعام بغيره بحيث لا يتميّز أو الزيت بأجود منه و لو تميّز الممزوج لم يكن رجوعا و لو أوصى بكتان أو قطن فعزله كان رجوعا و كذا لو أوصى بغزل فنسجه أو بشاة فذبحها أو بنقرة فضربها أما لو دق الخبز قتيتا فليس برجوع و كذا لو أوصى بقفيز من صبرة ثمّ مزجها بغيرها بحيث لا يتميّز لم يكن رجوعا أيضا سواء كان المزج بالأجود أو الأردى أو المساوي و لو زالت الصفات بغير فعل الموصي فالوصيّة باقية إن بقي له اسم كالدار إذا انهدم بعضها و لم يخرج عن الاسم و لو صارت براحا فزالت عنها الاسميّة أو وقع الحبّ في الأرض فنبت زرعا أو صارت البيضة فرخا ففي بقاء الوصيّة نظر و الإنقاض المتجدّدة بالهدم في الدار مع بقاء الاسم داخلة في الوصيّة و لو جحد الوصيّة فالأقرب أنّه رجوع و لو غسل الثوب أو لبسه أو جصّص الدار أو سكنها أو آجرها و زوج الأمة أو وطئها أو علّمها لم يكن رجوعا

الفصل الثّاني في الموصي

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] يشترط في الموصي البلوغ و كمال العقل و الحريّة فلا يصحّ وصيّة الصّبي و روي فيمن بلغ عشرا أنّه يجوز وصيّته بالمعروف و لا يصحّ وصيّة المجنون و لا العبد سواء كان قنا أو مدبّرا أو مكاتبا مشروطا أو لم يؤدّ و لو أدّى المطلق شيئا نقد وصيّته في قدر الحريّة فلو أوصى العبد ثمّ أعتق و ملك فالوجه البطلان ما لم تجدّد بعد الحريّة [- ب -] الكافر ينفذ وصيّته إلاّ أن يوصي بخمر أو خنزير أو بناء كنيسة و لو أوصى بعمارة قبور أنبيائهم جاز [- ج -] الأقرب أنّ وصيّة السّفيه لا ينفذ و كذا البرسم و من يعتوره الجنون إن أوصى حال إفاقته صحّت و إلاّ فلا و الضعيف في عقله إن منع ذلك رشده في ماله فكالسّفيه و إلاّ فكالعاقل و لا يصحّ وصية السّكران [- د -] الأخرس يصحّ وصيّته إذا علمت إشارته و إلاّ فلا و من اعتقل لسانه إذا كتب وصيّته ففرضت عليه فأشار بما يدلّ على قبولها فإنّها تقبل وصيّته [- ه -] يصحّ وصيّته المسلم لمثله و للذمي و الذّمي بمثله و للمسلم و لو أوصى الذمي بأكثر من الثلث لوارثه أو لأجنبي وقف على الإجازة كالمسلم [- و -] إذا جرح الموصي نفسه بما فيه هلاكها ثمّ أوصى لم يقبل لظهور سفهه أمّا لو أوصى و هو عاقل ثمّ قتل نفسه فإنّها تقبل [- ز -] للأب الوصيّة بالولاية على الأطفال و كذا الجدّ و ليس لغيرهما ذلك فلو أوصت الأمّ بالولاية على أولادها الأصاغر لم يصحّ و لو أوصت لهم بمال و نصبت وصيّا صحت الوصيّة بالمال من ثلث تركتها و بطلت بالولاية على الأولاد و لو أوصت بحقّ عليها و نصبت وصيا في إخراجه صحّت الوصيّة فيهما معا سواء كان من حقوق اللّٰه تعالى أو الآدميّين

الفصل الثّالث في الموصى به

و فيه [- لز -] بحثا [- ا -] يصحّ الوصيّة بكلّ مقصود يقبل النقل سواء كان عينا أو منفعة بشرط أن لا يزيد على الثلث فيفتقر حينئذ إلى الإجازة و يشترط فيه الملك فلا يصح الوصيّة بالخمر و لا الخنزير و لا كلب المواشي و لا ما لا تقع فيه و لا بالجر و الصغير إن منعنا من جواز تربية للصّيد أو الماشية و لا بشيء من السّباع إن منعنا من صحّة بيعها و لا بجلد الميّتة و لا السّربات و لا الوقف و لا أمّ الولد [- ب -] لا يشترط في الموصى به كونه موجودا أو عينا فيصحّ الوصيّة بالحمل و ثمرة البستان و المنفعة و لا كونه معلوما و مقدورا عليه فيصحّ الوصيّة بالحمل و المغصوب و المجهول و العبد الآبق و الجمل الشارد و الطير في الهواء و السمك في الماء و لا كونه معيّنا فيصحّ الوصيّة بأحد العبدين و يصحّ بالكلاب المملوكة مثل كلب الصيد و الماشية و الحائط و الزرع [- ج -] لا تصحّ الوصيّة بالمغصوب و لا فعل المحرم مسلما كان الموصي أو ذميّا فلو أوصى ببناء كنيسة أو بيت نار أو عمارتها و الإنفاق عليها لم يصح و كذا لا يصحّ أن يوصي بشراء خمر أو خنازير للصدقة بها على أهل الذّمة و لا يكتب التّوراة و الإنجيل و لا بالحصر و القناديل للكنائس و البيع و إن لم يقصد إعظامها و لو أوصى ببناء بيت يسكنه المجتازون من أهل الذمة صحّ على أحد القولين و لو أوصى بما يقع اسمه على المحلّل و المحرم انصرف إلى المحلّل كما إذا أوصى بعود من عيدانه و له عود لهو و غيره انصرف إلى العود الذي لغير اللهو و لو لم يكن إلاّ عود اللهو قيل تبطل الوصيّة و قيل تصح و يزال عنه الصّفة المحرّمة و لو لم يكن فيه منفعة إلاّ المحرّمة بطلت الوصيّة و لو أوصى بطبل حرب صحّت الوصيّة و لو كان بطبل لهو بطلت إلاّ أن يقبل الإصلاح للحرب و لو أوصى له بدف صحّت الوصية به لجواز اتخاذه للعرس و لو أوصى بمزمار أو طنبور بطلت الوصيّة إلاّ أن يقبل زوال الصفة فيجوز على خلاف تقدّم و لو كان له طبول يصح الوصيّة بها أجمع فأوصى بأحدها تخير الورثة [- د -] لو أوصى له بقوس صحّت الوصيّة سواء كان قوس نشاب و هو الفارسي أو نبل و هو العربي أو قوس جرخ أو ندف أو بندق ثمّ إن عيّن أحد هذه صرف إليه إن كان موجودا و إلاّ اشتري له ما عيّنه و إن أطلق و كان له واحد منها انصرف إليه و إن كان الجميع له و وجدت قرينة تصرفه إلى أحدها مثل أن يقول أعطوه قوسا يندف به أو يتعيّش

ص: 293

و شبهه انصرف إلى قوس الندف و لو قال يغزو به خرج قوس الندف و البندق و لو كانت عادة الموصى له استعمال قوس معيّن لا غير ففي كون ذلك قرينة للتخصيص به نظر و لو انتفت القرائن تخيّر الورثة في تخصيص ما شاءوا ممّا يقع عليه عرف ذلك الموضع بالعطيّة و يعطى القوس معموله و الأقرب أنّه يستحقّ وترها لعدم الانتفاع بدونه و كلّ لفظ يقع على أشياء وقوعا متساويا فللورثة الخيار في تعيين ما شاءوا منها [- ه -] لو أوصى له بجرّة فيها خمر صحّت الوصيّة بالجرّة خاصّة و بطلت في الخمر و لو أوصى له بخمر في جرّة لم يصحّ الوصيّة [- و -] إنّما تصحّ الوصيّة بالثلث فما دون سواء كانت الوصيّة بعين أو منفعة فإن أوصى بأزيد من الثلث وقف على إجازة الورثة فإن أجازوا صحّت و إلاّ بطلت و لو أجاز بعضهم نفذت الإجارة في قدر حصّة من الزيادة و بطلت في قدر حصّة من لم يجز [- ز -] الإجازة تنفيذ لفعل ما وضعه الموصي لا ابتداء عطية فلا يشترط فيها ما يشترط في الهبة هذا إذا وقعت ابتداء و لو وقعت عقيب ردّ فهل هي كذلك أو تكون هبة يشترط فيها شرائط الهبة فيه نظر و لو أعتق عبدا لا مال له سواء في مرضه أو وصّى بإعتاقه فأعتقوه بوصيّة نفذ العتق في ثلاثة و وقف عتق باقيه على إجازة الورثة فإن أجازوه عتق جميعه و اختصّ عصبات الميّت بولاية كلّه و لا يختصّ الورثة بثلثيه و لو وقف على ورثته في مرضه فأجازوا صحّ الوقف [- ح -] الوصيّة يمضى من الثلث سواء كانت في حال المرض أو الصحّة و لا يمضى من الأصل و إن كان قد أوقعها في الصّحة و سواء أوصى بالجميع قيل أن يولد له أو بعده فإنّه يمضى من الثلث و لا اعتبار لإجازة الورثة فيه بل يصحّ من الثلث و إن لم يرضوا و إنّما يعتبر إجازتهم في الزائد عليه و في اشتراط عدم سبق الردّ في صحّة الإجازة فيما زاد على الثلث نظر و لا يشترط في الإجازة الفورية فلو قبل بعد الموت ثم أجاز الوارث بعد مدّة صحّ و يملك الموصى له الثلث بالقبول بعد الموت فالنماء له حينئذ أمّا الزائد فهل يملكه حين القبول بعد الموت أو حين الإجازة فيه نظر و النماء فيه تابع و الأقرب أنّه حين الإجازة [- ط -] إذا أجاز الورثة بعد الموت صحّت بلا خلاف و إن أجازوا قبله فقولان أحدهما الصّحة و ليس للورثة الرجوع حينئذ و هو اختيار الشيخ رحمه اللّٰه و الثاني المنع اختاره المفيد و ابن إدريس و لو أجازوا في الصّحة لم يكن لهم الرجوع كما لو أجازوا في المرض [- ى -] إذا أوصى بنصف التركة فأجاز الورثة ثمّ قالوا إنّما أجزنا ظنّا أن المال قليل فبان كثيرا فإن كان للموصى له بيّنة تشهد باعترافهم بمعرفتهم قدر المال أو كان المال ظاهرا لا يخفى عليهم لم يلتفت إليهم و إن لم يكن هناك بيّنة و كان المال خفيّا كان القول قولهم في الجهل به مع اليمين و لو كانت الوصيّة بعين كدار أو عبدا و فرس يزيد على الثلث فأجازوا الوصيّة ثمّ قالوا ظننا المال كثيرا يخرج الوصيّة من الثلث فبان قليلا أو ظهر عليه دين و لم يعلمه لم يلتفت إليهم لتضمّن الإجازة شيئا معلوما و لو قيل بمساواته الفرض الأوّل كان وجها لأنّ الوارث قد تسمح بذلك ظنّا منه أنّه يبقى له من المال ما يكفيه فإذا بان خلافه لحقّه الضّرر في الإجازة [- يا -] لا يصحّ الإجازة إلاّ من جائز التصرف و لو أجاز الصّبي و المجنون و المحجور عليه للسفه لم يصحّ و أمّا المفلس فإن إجازته صحيحة [- يب -] لا يجوز تغيير شيء ممّا أوصى به الميّت إذا لم يخالف المشروع فإن خالفه لم يجز إمضاؤه [- يج -] لو لم يكن له وارث من نسب و لا سبب فأوصى بجميع ماله ففي رواية تصحّ الوصيّة بأجمعها و لو قيل يصحّ في الثلث خاصّة كان وجها لأن له وارثا هو الإمام عندنا و هو الذي يعقل عنه و لو كان له وارث لم يكن له الوصيّة بأكثر من الثلث و إن كان الوارث ذا فرض يأخذ ما يبقى بعده أكثر من الثلث لأنّه يأخذ الباقي بالردّ عندنا أو كان زوجا أو زوجة [- يد -] يعتبر ثلث المال حين الوفاة لا حين الوصيّة فلو أوصى الغنيّ بما يخرج من الثلث ثمّ افتقر و مات اعتبر الثلث حال الموت فإن لم يخرج الموصى به من الثلث بطل الزائد و لا اعتبار بيساره و لو أوصى و هو فقير ثم أيسر حتى خرج الموصى به من الثلث صحت وصيته و لا اعتبار بفقره سواء علم الموصي ما تحدّد له أو لم يعلم و لو أوصى ثم قتل أو جرح خرجت الوصيّة من ثلث ماله و دينه و أرش جراحه سواء كان القتل عمدا أو خطاء [- يه -] لو أوصى إلى إنسان بالمضاربة بتركته على أنّ الربح بين العامل و الورثة بالسّوية صحّت الوصيّة و هل يشترط أن يكون من الثلث فيه نظر [- يو -] إذا أوصى بأشياء يخرج من الثلث عمد بها و إن قصر الثلث عنها فإن كانت بأجمعها واجبة أخرجت من صلب المال و إن كان بعضها واجبا بدئ بالواجب من صلب المال و الباقي من ثلث الباقي و يبدأ بالأوّل منه فالأوّل و لو كان الكلّ غير واجب بدئ بالأوّل فالأوّل حتّى يستوفى الثلث و كان النقص داخلا على الأخير و لو أجاز الورثة عمل بالجميع [- يز -] إذا قال حجّوا عنّي حجّة واحدة بقدر معيّن و كان فيه فضل عن أجرة المثل كان الزائد للنائب فإن عين أحد أصرف إليه و إلاّ تخيّر الوارث أو الموصي إن كان في الدفع إلى من شاء ثمّ إن كان الحجّ الموصى به تطوّعا أخرج من الثلث و إن كان واجبا أخرج أجرة المثل من الأصل و الزائد من الثلث و لو لم يف المعيّن بالحجّ الواجب أخذ الباقي من صلب المال و لو عيّن فأبى المعين بطل التعيين و يستناب بأقلّ ما يكون ثقة يحجّ عنه و يصرف الباقي إلى الورثة إن كان الحج واجبا و إن كان تطوّعا ففي بطلان الوصيّة نظر أحوطه إقامة نائب غير المعيّن و لو قال المعيّن ادفعوا الحجّة إلى من يحج و اصرفوا الباقي إليّ لم يجب إجابته و لو لم يعين

ص: 294

القدر حجّ عنه نائب ثقة بأقلّ ما يكون و لو أوصى بإقامة نائب يحجّ عنه لم يجز للوصيّ أن يحجّ بنفسه و لو قال حجّ عنّي بمهما شئت فحجّ عنه فالوجه أجرة المثل و لو أوصى أن يحجّ عنه بمائة و لزيد بتمام الثلث و لعمرو بثلث آخر فإن أجاز الورثة أمضي على ما قال و إن لم يفصل عن المائة شيء لم يكن لزيد شيء و كان لعمرو الثلث و لو ردّ الورثة بدئ بالأوّل كما قلنا و لو امتنع النائب و كان الحجّ واجبا أقيم ثقة غيره بأقلّ ما يمكن و كان تمام المائة للورثة و باقي الثلث لزيد و إن كان الحج تطوّعا ففي بطلانه بردّ النائب نظر و لو عين قدرا من المال يحجّ به تطوّعا و لم يعيّن المرات صرف جميعه إلى الحجّ إذا احتمل الثلث و ليس للموصي أن يصرف إلى النّائب أكثر من أجرة المثل و لا أن يستأجر غير الثقة فإن عجز عن الحجّ استوجر به من أقرب المواضع فإن لم يسع صرف في وجوه البرّ و إن فضل عن الحجّ دفع في حجّة ثانية و ثالثة و إن قصر الثلث عن المعيّن فإن كان الحج واجبا أخذ أكثر الأمرين من الثلث و أجرة المثل فإن كان الثلث أكثر صرف في الفرض قدر الكفاءة و حجّ بالباقي تطوّعا و لو كان تطوّعا أخذ الثلث خاصّة [- يح -] إذا أوصى بثلث ماله لزيد و بربعه لعمرو فإن أجاز الورثة عمل بهما و إن ردّوا بطل الأخير و كذا البحث لو زاد على ذلك و لو أوصى بالنصف لزيد و الربع لعمرو فإن أجازوا أخذوا ثلاثة أرباع التركة و إن امتنعوا كان لزيد الثلث موفّرا و بطل الزائد عليه و لا يقسّم الثلث على قدر السهام بين الموصى لهم و ليس للورثة إجازة الأخيرة و إبطال الأولى و لو جازت الوصايا المال فإن ردّ الورثة بطلت في الزائد على الثلث و أخذ الأوّل فالأوّل و إن أجازوا فالوجه بدأة الأوّل فالأوّل و دخل النقص على الأخير كما لو لم يتجاوز الوصيّة المال و لو أوصى بثلثه لزيد و ثلاثة لعمرو كان ذلك رجوعا عن الأوّل إلى الثاني فلو اشتبه الأوّل استخرج بالقرعة هكذا قاله علماؤنا و فيه نظر إذ لو أجاز الورثة صحّتا معا و لو ردّ الثاني خرج على قول علمائنا انتقال الثلث إلى الورثة لا إلى الأوّل و لو نصّ على عدم الرّجوع ففي كونه رجوعا إشكال أقربه أنّه ليس رجوعا فيعطى الأوّل إن لم يجز الورثة و إن أجازوا أخذا ثلثي المال بينهما و لو أوصى بشيء واحد لاثنين فإن كان بقدر الثلث أو أقلّ تساويا فيه و إن زادوا جازت الورثة فكذلك و إن ردّوا كان لهما ما يحتمله الثلث و بطل الزائد في حقهما معا و لو جعل لكل واحد منها شيئا بدئ بعطية الأوّل و دخل النقص على الثاني [- يط -] لو أوصى بعتق مماليكه تناولت الوصيّة من يملكه أجمع و من يملك بعضه فيعتق نصيبه و هل يقوّم عليه حصة الشريك قيل نعم و فيه نظر هذا إن احتمل الثلث و إلاّ عتق منهم من يحتمله الثلث و لو أوصى بثلث عبده فخرج ثلثاه مستحقّا صحّت الوصيّة و صرفت إلى الثلث الباقي له و لو أوصى له بثلث ثلاثة أعبد فهلك عبدان أو استحقّا كان له ثلث الباقي خاصّة و لو أوصى له بشيء معيّن فهلك قبل موت الموصي أو بعده من غير تفريط بطلت الوصيّة و لو تلفت الشركة سواه فهو للموصي له إن كان التلف بعد الموت و القبول و إلاّ كان له ثلثه [- ك -] أوّل أوصى بثلث ماله مشاعا كان للموصى له من كلّ شيء ثلثه و إن أوصى بعين و كان بقدر الثلث ملكه الموصى له بالموت و القبول و ليس للورثة دفع عوضه إلاّ برضاه و لو كان له مال غائب فإن خرجت المعين من ثلث الحاضر أخذها الموصى له و إلاّ أخذ منها ما يحتمله الثلث من المال الحاضر و كلّما حصل من الغائب شيء أخذ من تلك العين بقدر ثلثه [- كا -] إذا أوصى بالحمل صحّ إذا كان مملوكا بأن يكون رقيقا أو حمل دابة مملوكة فإن انفصل ميتا بطلت الوصيّة و إن انفصل حيّا و علمنا وجوده حال الوصيّة أو حكمنا بوجوده صحّت الوصيّة و إلاّ فلا و لو قال أوصيت لك بما تحمل جاريتي هذه أو ناقتي أو نحلتي جاز و إن لم يكن الحمل موجودا و يقوم الحمل بعد انفصاله حيّا و لو أوصى بالحمل الموجود اعتبر وجوده في حمل الأمة بما يعتبر وجوده الحمل في غير الوصيّة و ذلك بأن تأتي به لدون ستّة أشهر منذ الوصية و إن أتت به لأكثر من ستة أشهر إلى عشرة أشهر منذ مفارقة الزوج لها أو غيبته عنها صحّت الوصيّة أيضا و إن كان حاضرا عندها ففي نفوذ الوصيّة به فيما بين العشرة و السنة إشكال أقربه النفوذ إن علم وجوده و إلاّ فلا [- كب -] إذا أوصى بثمر شجر أو بستان أو أجر دار أو خدمة عبد أو سكنى الدار أو غير ذلك من المنافع مدّة معيّنة صحّ سواء كان الثمرة و المنفعة موجودة أو لا و يعتبر ذلك من الثلث كما قلنا في الأعيان فإن قصر الثلث أجيز منها بقدر الثلث خاصّة و بطل الزائد و لا يتخيّر الورثة بين تسليم خدمته العبد المدّة و بين تسليم ثلث المال و لا يحكم بخدمته العبد للموصى له يوما و للورثة يومين حتّى يستكمل المدّة [- لج -] إذا أوصى بالمنفعة مدة معيّنة أخرجت من الثّلث فيقوم الموصى بمنفعته مسلوب المنفعة تلك المدة ثمّ يقوّم المنفعة في تلك المدّة فينظر كم قيمتها و إن كانت مطلقة في الزمان كلّه بأن أوصى بالمنفعة على التأبيد قيل يقوم الرقبة بمنفعتها جميعا و يعتبر خروجها من الثلث لأنّ عبدا لا منفعة

ص: 295

له و شجرا لا ثمر لها لا قيمة له غالبا و قيل تقوم الرقبة على الورثة و المنفعة على الموصى له فيقوّم العبد بمنفعته فإذا قيل قيمته مائة قيل قيمته و لا منفعة فيه فإذا قيل عشرة علم أن قيمة المنفعة تسعون و قيل تقوم المنفعة على الموصى له و لا يقوم العين على الورثة و اختاره الشيخ ره و لو أراد الموصى له إجارة العبد أو الدار في المدّة فله ذلك و لو أراد الموصى له إخراج العبد من البلد كان له ذلك على إشكال [- كد -] إذا أوصى له بثمرة شجرة مدّة أو دائما لم يملك الموصى له و لا الوارث إجبار الآخر على السقي و لو أراد أحدهما السقي على وجه لا يضرّ الآخر لا يملك الآخر منعه و لو يبست الشجرة كان الحطب للوارث و لو أوصى بحملها سنة معيّنة فلم يحمل تلك السنة فلا شيء للموصى له و لو قال لك ثمرها أوّل عام تثمر صحّ و كان له أوّل عام ثمرها و لو أوصى لرجل بشجرة و لآخر بالحمل صحّ و قام صاحب الأصل مقام الوارث فيما قلنا و لو أوصى له بلبن شاته و صوفها صحّ كالثمرة و لو أوصى بأحدهما فكذلك و يقوّمهما الموصى له دون العين [- كه -] إذا أوصى بخدمته العبد أو منفعة الدابة كانت النفقة على الورثة سواء كانت الوصيّة مقيدة بالزمان أو على التأبيد [- كو -] إذا أعتق الورثة العبد الموصى بمنفعة صحّ العتق و المنفعة باقية للموصى له بها و لا يرجع على المعتق بشيء و لو أعتقه صاحب المنفعة لم يصحّ و لو وهب صاحب المنفعة منافع العبد له و أسقطها عنه كان للورثة الانتفاع به و هل يلزم هذه الهبة فيه نظر و لو أراد الوارث بيع العبد جاز و يباع مسلوب المنفعة و لو أوصى لرجل برقبة عبد و لآخر بمنفعة جاز و قام الموصى له مقام الوارث و لا ينقطع تصرّف الورثة في الرقبة الموصى بنفعها ببيع و هبة و عتق و غير ذلك و لا يبطل حقّ الموصى له بذلك [- كز -] لو أوصى لرجل بمنفعة أمته فأتت بولد مملوك فهو لمالك الرقبة و لو وطئت بشبهة وجب المهر و هل يكون لمالك الرقبة أو المنفعة الأقرب الأوّل و لو أتت بولد من الشبهة فهو حرّ و يجب قيمته يوم وضعه لصاحب الرقبة و هل للوارث وطؤها فيه إشكال أمّا صاحب المنفعة فليس له ذلك فإن وطئها لشبهة فلا حدّ عليه و لا تصير أم ولد و عليه قيمة ولدها يوم سقوطه حيا لمالك الرقبة و المهر أيضا و لو وطئها مالك الرقبة فلا حدّ و لا تصير أمّ ولد و لا مهر عليه و ليس لمالك المنفعة تزويجها و هل لمالك الرقبة ذلك فيه نظر [- كح -] إذا قتل العبد الموصى بخدمته وجبت قيمته و هل يكون لمالك الرقبة خاصّة أو يشترى بها عبد يقوم مقامه فيه إشكال [- كط -] إذا أوصى لرجل بحب زرعه و لآخر بتبنه صحّ و النفقة عليهما و لو امتنع أحدهما منه أجبر عليه على إشكال [- ل -] لو أوصى له بخاتم و لآخر بفصه صحّ و لا ينتفع أحدهما إلاّ بإذن الآخر و أيّهما طلب قلع الفصّ أجبر الآخر الممتنع عليه و لو أوصى لرجل بدينار من غلة داره و أجرته ديناران صحّ فإن أراد الورثة بيع النصف لإبقاء النصف الذي آجره دينار كان له معهم و لو كانت الدار لا يخرج من الثلث فلهم بيع ما زاد عليه و عليهم ترك الثلث فإن كانت غلته دينارا أو أقلّ فهو للموصى له و إن كانت أكثر فله دينار و الباقي للورثة [- لا -] إذا أوصى بعبد من عبيده و لم يعيّن تخيّر الورثة في التعيين و يجوز أن يعملوا صغيرا أو كبيرا صحيحا أو معيبا و لا يكون له جزء مشاع من العبيد بنسبة العبد فلو كان له عبدان فأوصى بعبد كان للورثة أن يعطوه واحدا منهما و لا يكون الموصى له شريكا للورثة بالنّصف و لو لم يكن له إلاّ واحد تعيّن للوصيّة و كذا لو ماتوا و لم يبق إلاّ واحد و لو مات العبيد أجمع قبل موت الموصي بطلت الوصيّة و كذا لو قتلوا و لو ماتوا بعد موته بتفريط من الورثة أو قتلهم قاتل كان للورثة أن يعينوا له من شاءوا و يجب عليهم أو على القاتل دفع قيمة من عيّنوه و لو ماتوا بغير تفريط بطلت الوصيّة و لو قال أوصيت لك بعبد من عبيدي و لا عبيد له بطلت الوصيّة و لو اشترى قبل موته عبيدا احتمل البطلان لوقوعها باطلة لأنّها وصية بلا شيء و الصّحة كما لو أوصى بثلث عبيده و له عبيد ثمّ ملك آخرين أمّا لو أوصى له بعبد من غير إضافة فإنّه يصحّ و يشترى له عبد أيّ عبد كان و لو أوصى له بعبد انطلق إلى الذكر أمّا لو أوصى له بجارية أو أمة كان له أنثى لا ذكر و لا خنثى و لو أوصى بواحد من رقيقه أو برأس تخيّر الورثة بين إعطاء الذكر و الأنثى و الخنثى [- لب -] إذا أوصى له بشاة من غنمه فالحكم كما لو أوصى بعبد من عبيده و يقع على الضأن و المعز و الصّغير و الكبير و الأنثى و الذكر و لو أوصى بكبش تناول الذكر الكبير من الضأن خاصة و التيس على الذكر الكبير من المعز و إن أوصى بعشرة من الغنم تناول الذكور خاصة و الصّغار و الكبار و لو أوصى بجمل اختصّ بذكر الإبل و الناقة بالأنثى و إن قال عشرة من إبلي تناول الذكور خاصّة و لو حذف الهاء تناول الإناث خاصّة و لو قال أعطوه بعيرا اشترك بين الذكر و الأنثى و إن وصّى بثور فهو ذكر البقر و البقرة للأنثى و الدّابة واحدة من الخيل و البغال و الحمير الذكر و الأنثى و لو قيّد بقرينة انصرف إلى المقيد كقوله دابة يسهم لها انصرف إلى الخيل و لو قال ينتفع بظهرها و نسلها خرجت البغال و الذكور و إن وصى بحمار فهو ذكر و الأتان للأنثى و الحصان للذكر من الخيل و الفرس للذكر و الأنثى و يتخيّر الورثة و تعيين ما شاءوا مما يقع عليه اسم الوصيّة في ذلك كلّه و لا يستحقّ الدابة سرجا و لا البعير رحلا [- لج -] إذا أوصى بعتق عبده لزم الوارث إعتاقه فإن امتنع أجبره الحاكم إذا خرج من الثلث و إلاّ فبقدره فإذا أعتقه الوارث

ص: 296

أو الحاكم فهو حرّ من حين الإعتاق و ولاؤه للموصي و كذا لو أوصى إلى غير الوارث بعتقه [- لد -] إذا أوصى بعتق عبيده و ليس له غيرهم استحق ثلثهم بالقرعة و لو رتّبهم أعتق الأوّل فالأوّل حتّى يستوفي الثلث و تبطل الوصيّة في الزائد و لو أوصى بعتق عدد مخصوص عن عبيده استخرج العدد و القرعة على الاستحباب و هو أجود [- له -] لو أوصى بعتق رقبة مؤمنة وجب فإن لم يجد قيل يعتق من لا يعرف بنصب و لو أعتق من ظنّ إيمانها ثمّ بانت بالخلاف أجزأت عن الموصى [- لو -] لو أوصى بعتق رقبة بثمن معيّن فلم يوجد به لم يجب الشراء و توقّع الوجود و لو وجده بأقل اشترى و أعتق و دفع الباقي إلى الرقبة [- لز -] لو أوصى بعتق أمته على أن لا يتزوّج ثمّ مات فقالت لا أتزوّج عتقت فإن تزوجت بعد ذلك لم يبطل عتقها و لو أوصى لأمّ ولده بألف على أن لا يتزوّج أو على أن تثبت مع ولده ففعلت و أخذت الألف ثمّ تزوّجت و تركت ولده احتمل بطلان الوصيّة و صحّتها

الفصل الرّابع في الوصايا المبهمة

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] إذا أوصى بجزء من ماله كان له السبع و قيل العشر و لو قال بسهم كان ثمنا و لا يتخيّر الورثة في إعطاء ما شاءوا و لا يحكم له بأقلّ سهام الوراث و لو أوصى له بشيء كان له سدسا [- ب -] لو أوصى بلفظ مجمل غير هذه رجع في تفسيره إلى الوارث كما لو قال أعطوه حظا من مالي أو قسطا أو نصيبا أو قليلا أو جليلا أو جزيلا أو عظيما أو خطيرا بلا خلاف و لو قال أعطوه كثيرا أعطي ثمانين درهما و لو عيّن للوصيّ له شيئا و ادعى أنّ الموصي قصده من هذه الألفاظ و ادّعى علم الوارث كان عليه البيّنة و على الوارث اليمين على نفي العلم [- ج -] إن قال أعطوه مثل نصيب ابني و له ابن لا غير كان ذلك وصيّة بالنصف و قال مالك إنّه وصية بالجميع و ليس ببعيد من الصواب لكن الأوّل أقرب فعلى ما قلناه إن أجاز الوارث اقتسما التركة بالسّوية و إن لم يجز كان للموصى له الثلث و لو كان له ابنان فأوصى لثالث بمثل نصيب أحدهما كان الموصى له بمنزلة ابن آخر فيضاف إلى أولاده فيكون له الثلث و كذا لكلّ ابن و لا يفتقر إلى الإجازة و عند مالك يكون له النصف مع الإجازة و لو كان له ذكور و إناث و أوصى بمثل نصيب أحدهم على التعيين أعطي مثل نصيبه و إن كان من غير تعيين أعطي مثل نصيب أقلّهم ميراثا فلو كان له ابن و أربع زوجات كان له مثل نصيب زوجة قال الشيخ ره يكون الفريضة من اثنين و ثلاثين للموصى له سهم و لكلّ زوجة سهم و للابن سبعة و عشرون و الحقّ أن الفريضة من ثلاثة و ثلاثين فللابن ثمانية و عشرون و لو قال مثل نصيب ابني كانت الفريضة من ستين يأخذ الموصى له مثل الابن ثمانية و عشرين و لو كان له بنت فأوصى بمثل نصيبها كان وصيّته بالنصف و لو كان له ابنتان فأوصى بمثل نصيب إحداهما فهو بالثلث و لو كان ثلث أخوات من أمّ و إخوة ثلاثة من أب فأوصى بمثل نصيب أحدهم من غير تعيين كان له مثل أقلّهم فله سهم من عشرة و لكلّ أنثى سهم و لكلّ ذكر سهمان و لو كان له زوجة و بنت و قال مثل نصيب بنتي فأجاز الورثة فالفريضة من خمسة عشر للزّوجة سهم و الباقي بينه و بين البنت [- د -] إذا أوصى بنصيب وارث احتمل البطلان و الصّحة فيكون وصية بمثل النصيب [- ه -] قال أبو عبيد بن سلام الضعف المثل لقوله تعالى يُضٰاعَفْ لَهَا اَلْعَذٰابُ ضِعْفَيْنِ أي مثلين و قوله فَآتَتْ أُكُلَهٰا ضِعْفَيْنِ و إذا كان الضعفان مثلين فالواحد مثل فإذا أوصى بضعف نصيب ابنه كان له مثله على فلا و قيل مثلاه لقوله تعالى ضِعْفَ اَلْحَيٰاةِ وَ ضِعْفَ اَلْمَمٰاتِ قال أبو عبيدة بن المثنى ضعف الشيء هو و مثله و ضعفاه هو و مثلاه [- و -] لو قال أوصيت لك بضعفي تصيب ابني فله مثلا نصيبه و لو قال ثلاثة أضعافه فهو ثلاثة أمثاله على قول أبي عبيدة و على الآخر يكون له في الأوّل ثلاثة أمثاله و في الثاني أربعة أمثاله قيل في الأول أربعة أمثاله و في الثاني ستة أمثاله و هو قول مرذول في استعمال العرب [- ز -] لو أوصى بمثل نصيب من لا نصيب له كالقاتل و العبد و الكافر و المحجوب فلا شيء له [- ح -] لو أوصى لرجل بثلث و لآخر بربع و لآخر بخمس و لآخر بمثل وصيّة أحدهم فله الخمس و لو أوصى لواحد بعشرة و لآخر بستة و لآخر بأربعة و لآخر بمثل وصيّة أحدهم كان له أربعة و لو قال فلان شريكهم فله خمس فالكل واحد و لو أوصى لأحدهم بمائة و لآخر بدار و لآخر بعبد ثم قال فلان شريكهم قيل كان له نصف فالكلّ واحد منهم [- ط -] لو أوصى بمثل نصيب وارث مقدر كأن يكون له ابنان فيوصي بمثل نصيب ثالث لو كان فله الرّبع و لو أوصى بمثل نصيب خامس لو كان فله السدس [- ى -] لو أوصى لثلاثة بمثل سهام بنيه الثلاثة فالمال بينهم أسداسا مع الإجارة و إن لم يجيزوا فللموصى لهم ثلاثة من تسعة و لو أجاز و الواحد خاصّة فللمردود عليها التسعان و أمّا المجاز له فله السّدس فيأخذ مخرج السّدس و التسع و هو ثمانية عشر ثمّ تضرب ثلاثة في ثمانية عشر يكون أربعة و خمسين للمجاز له تسعة و لكلّ واحد من صاحبيه ستّة و لكلّ ابن أحد عشر و قال بعض الجمهور يضم المجاز له إلى البنين فنضرب أربعة في تسعة يصير ستة و ثلاثين للمجاز له سبعة و كذا لكلّ ابن و للآخرين ثمانية بينهما فإن أجازوا بعد ذلك للآخرين تمّم لكلّ واحد منهم سدس المال فيصير المال أسداسا على الأوّل و على الوجه الثاني يضمون ما حصل لهم

ص: 297

و هو أحد و عشرون من ستة و ثلاثين إلى ما حصل لهما و هو ثمانية و يقسّم بينهم على خمسة فنكر فنضرب خمسة في ستة و ثلاثين يكون مائة و ثمانين و لو أجاز أحد البنين لهم دون الآخرين كان للمجيز ثلاثة من ثمانية عشر و للآخرين ثمانية بينهما يبقى سبعة ينكسر بضرب ثلاثة في ثمانية عشر و لو أجاز واحد لواحد دفع إليه ثلاث ما في يده من الفاضل و هو ثلاثة أسهم من ثمانية عشر [- يا -] لو أوصى بثلث ماله لزيد و أوصى بمثل نصيب أحد ورثته و هم ثلاث بنين لعمرو فإن أجازوا أخذ زيد الثلث و عمرو السدس و إن ردّوا بطلت وصيّة عمرو و يحتمل مع الإجازة أن يكون لعمرو الرّبع على بعد و لو أوصى لزيد بالنصف و لعمرو بمثل النصيب احتمل الأمران مع الإجازة فيكون لعمرو الثمن على الأوّل و هو الأقوى و الربع على الثاني و يحتمل ثالث و هو أن يكون له السدس لأنّ حقّ الورثة الثلثان لا ينقصون عنه إلا بالإجازة و هي غير ثابتة في حقّ عمرو فلا ينقص عن السدس إلاّ بإجازته و هو حسن و لو أوصى بالثلثين و أجازه فعلى الأوّل لزيد الثلثان و لعمرو ربع الثلث و على الثاني الرّبع لعمرو فللورثة حينئذ نصف السدس و على الثالث لعمرو السدس [- يب -] لو أوصى لزيد بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة و لعمرو نصف الباقي و أجازوا احتمل أن يعطى صاحب النصيب مثل نصيب الوارث إذا لم يكن بهناك وصية أخرى فيكون له الرّبع و للآخر نصف الباقي فيصحّ من ثمانية و يحتمل أن يعطى مثل نصيبه من ثلثي المال فله السدس و للآخر نصف الباقي و تصحّ من ستة و ثلاثين و يحتمل أن يعطى مثل نصيبه بعد أخذ صاحب الجزء وصيّته فيدخلها الدور و طريقه أن نأخذ مخرج النصف يسقط منه سهما يبقى سهم هو النصيب ثمّ نزيد على عدد البنين واحدا يصير أربعة تضربها في المخرج يصير ثمانية ننقضها سهما فيبقى سبعة فهي المال للموصى له بالنصيب سهم و للآخر ثلاثة و لكلّ ابن سهم أو تأخذ سهام البنين و هي ثلاثة فنقول هذه بقية مال ذهب نصفه فإذا أردت تكميله يزيد مثلها ثمّ تزيد مثل سهم ابن فيصح من سبعة و لو كانت الوصيّة الثانية بنصف ما يبقى من الثلث أخذت مخرج النصف و الثلث و هو ستّة تنقص منه سهما يبقى خمسة هي النصيب ثم تزيد واحدا على سهام البنين يصير أربعة تضربها في ستة تصير أربعة و عشرين ينقصها ثلاثة يبقى أحد و عشرون و هو المال لصاحب النصيب خمسة يبقى من الثلث اثنان يدفع منهما سهما إلى الآخر يبقى خمسة عشر لكلّ ابن خمسة أو يأخذ سهام البنين و هي ثلاثة و يزيد عليه مثله و سهما آخر هو سهم ابن تصير سبعة ثمّ نضربها في ثلاثة و لو أوصى لثالث يربع المال فخذ المخارج و هي اثنان و ثلاثة و أربعة و اضرب بعضها في بعض تبلغ أربعة و عشرين و زد على عدد البنين واحدا تصير أربعة و اضربها في أربعة و عشرين تصير سبعة و تسعين فانقص منها ضرب نصف سهم في أربعة و عشرين و ذلك اثنا عشر يبقى أربعة و ثمانون فهي المال انقص من الأربعة و العشرين سدسها لأجل الوصيّة الثانية و ربعها لأجل الوصيّة الثالثة يبقى أربعة عشر فهي النصيب فادفعها إلى الموصى له بالنّصيب ثمّ إلى الثّاني نصف ما يبقى من الثلث و هو سبعة و إلى الثالث ربع المال أحد و عشرين يبقى اثنان و أربعون لكلّ ابن أربعة عشر أو يأخذ سهام البنين و هي ثلاثة و يزيد مثلها و مثل سهم ابن تصير سبعة تضربها في ثلاثة لأجل وصيّة الثلث تبلغ أحدا و عشرين نضربها في أربعة لأجل وصيّة الربع تبلغ أربعة و ثمانين [- يج -] لو أوصى بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة الأربع المال فخذ مخرج الكسر أربعة و زد عليها سهما تكون خمسة فهو النصيب و زد على عدد البنين واحدا و اضربه في مخرج الكسر تصير ستة عشر يدفع إلى الموصى له خمسة و يستثنى منه أربعة يبقى له سهم و لكلّ ابن خمسة أو يخصّص كلّ ابن بربع و يقسم الرّبع الباقي بينه و بينهم أرباعا و لو قال إلاّ ربع الباقي بعد النصيب فزد على سهام البنين سهما و ربعا و اضربه في أربعة تصير سبعة عشر للموصى له سهمان و لكلّ ابن خمسة و لو قال الأربع الباقي بعد الوصيّة جعلت المخرج ثلاثة و يزيد على الثلاثة واحدا هو النصيب تصير أربعة و تزيد على عدد البنين نصيبا و ثلثا و تضربه في ثلاثة يكون ثلاثة عشر هو المال للموصى له سهم أو نقول المال كلّه ثلاثة أنصباء و وصيّة هي نصيب الأربع الباقي بعدها و ذلك ثلاثة أرباع نصيب بقي ربع نصيب هو الوصيّة فيكون المال كلّه ثلاثة و ربعا يبسطها إلى ثلاثة عشر و لو قال إلاّ ثلث ما يبقى من الثلث فخذ مخرج ثلث الثلث و هو تسعة زد عليها سهما تصير عشرة فهي النصيب و زد على سهام البنين سهما و ثلثا و اضرب ذلك في تسعة تصير تسعة و ثلثين للموصى له تسعة و لكل ابن عشرة و لو قال إلاّ ثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصيّة جعلت المال ستة و زدت عليها سهما فهذا هو النصيب و زدت عليها أنصباء البنين سهما و نصفا و ضربته في ستّة تصير سبعة و عشرين دفعت إلى الموصى له سبعة و أخذت منه نصف باقي الثلث بقي معه ستّة و بقي أحد و عشرون لكل ابن سبعة

ص: 298

لأنّ الثلث بعد الوصيّة هو النصف بعد النصيب و لو قال إلاّ خمس ما بقي من المال بعد النصيب و لآخر بثلث ما يبقى من المال بعد وصيّة الأوّل فخذ الجميع خمسة و زد عليها خمسها تصير ستة انقص منها ثلثها من أجل الوصيّة بالثلث يبقى أربعة فهي النصيب ثم خذ سهما و زد عليه خمسة و انقص من ذلك ثلثه يبقى أربعة أخماس زدها أيضا على البنين و اضربها في خمسة تصير تسعة عشر فهي المال ادفع و ادفع إلى الآخر ثلث الباقي ستة يبقى اثنا عشر لكلّ ابن أربعة إلى الأوّل أربعة و استثن منه خمس الباقي ثلاثة يبقى معه سهم [- يد -] لو خلف أربعة بنين و أوصى لرجل بثلث ماله إلاّ نصيب أحدهم و أوصى له بتكملة الثلث على نصيب أحدهم فله التسع و طريقه أن يدفع إلى الموصى له و ابن ثلث المال يبقى ثلثاه لثلاثة بنين لكلّ واحد تسعان يبقى تسع للموصى له [- يه -] إذا أوصى لواحد بسدس ماله و لآخر بتمام الثلث فهو سدس أيضا فإن ردّ الأوّل وصيته فللآخر تمام الثلث لا الثلث كملا و لو أوصى للأوّل بالثلث و للآخر بباقي الثلث فلا شيء للآخر سواء رضي الأوّل أو ردّ [- يو -] إذا أوصى بوصايا متعدّدة و نسي الوصي بابا منها قال الشيخ يصرف في وجوه البرّ و قال في جواب الجابريات إذا نسي الوصي جميع أبواب الوصيّة عاد ميراثا [- يز -] إذا أوصى له بسيف و عليه حليه و هو في جفن دخل الجفن و الحلية في الوصية و كذا لو أوصى بسفينة فيها متاع دخل المتاع فيها و كذا لو أوصى بجراب أو صندوق أو وعاء مختوم دخل ما في الجراب و الصّندوق و الوعاء في الوصيّة و ذلك مأخوذ من الرواية و قبول الأصحاب [- يح -] لو أوصى بإخراج بعض ولده من تركته لم يصحّ و احتمل البطلان في الجميع و في ثلثي المال

الفصل الخامس في الموصى له

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] يشترط في الموصى له كونه ممّن يتصوّر له الملك فلا يصحّ الوصيّة للمعدوم و إن علّقها بوجوده و لا للميّت و لا لما تحمله المرأة أو لمن يوجد من أولاد فلان و لو أوصى لمن يظنّ وجوده فبان ميتا لم يصحّ [- ب -] كما يصحّ الوصيّة للأجنبي فكذا يصحّ للوارث عندنا إجماعا سواء أجاز الورثة أو لم يجز أو يخرج من الثلث كغيرها من الوصايا و لو أسقط عن وارثه دينا كأن أوصى بقضاء دينه أو أسقطت المرأة صداقها عن زوجها أو عفا عن جناية يوجب المال فهو كالوصية و لو عفا عن القصاص سقط إلى غير بدل و كذا عن حدّ القذف و لو أوصى لغريم وارثه صحّت الوصيّة و كذا إن وهب له أو أوصى لولد وارثه و إن قصد نفع الوارث و لو وصّى لكلّ وارث بشيء من ماله معيّن كجارية قيمتها ضعف قيمة العبد و لا تركة غيرهما فأوصى لابنه بها و لابنته بالعبد وقف على الإجازة فيما زاد على الثلث و لو أوصى لوارثه و أجنبيّ بثلاثة صحّ سواء أجاز الورثة أو لا و كذا لو أوصى بشيئين لهما قيمتها الثلث و لو أوصى لهما بما زاد على الثلث بطلت في الزائد فإن رتّب دخل النقص على الآخر سواء كان أجنبيّا أو وارثا و إن شرك دخل النقص عليهما بالسّوية و لا يختصّ به الوارث و لو أجازوا وصيّة أحدهما و أبطلوا وصيّة الآخر صحّ فيما زاد على الثلث و لو رتّب الوصيّة بالثلثين فأجازوا الثانية بشرط إبطال الأولى لم يصح الإجازة و صحّت الأولى خاصة و لو أوصى بالثلثين على الشّريك فأجازوا وصيّة الوارث و نصف وصيّة الأجنبي صحّ و كذا بالعكس و لو أجازوا وصيّة أحدهما خاصّة ففي التشريك بينهما في الثلث نظر [- ج -] إذا أوصى لوارثه بما يزيد على الثلث و أجاز بعض الورثة دون بعض صحّت من الأصل بالنّسبة إلى المجيز و من الثلث بالنّسبة إلى غيره فلو خلف عبدا لا غير و ثلاثة أولاد فأوصى به لأحدهم فأجاز واحد فله الثلث بالوصية و نصيب المجيز و هو ثلث الباقي و نصيبه بالميراث و يخلّف اثنان من تسعة لغير المجيز و لو أجازا له نصف العبد فله النصف خاصّة و الباقي ميراث بينهم و لو أوصى به لاثنين كان للثالث أن يجيز لهما أو يرد عليهما أو يجيز لهما بعض وصيّتهما إن شاء متساويا و متفاضلا أو يردّ على أحدهما و يجيز للآخر [- د -] لو قال أوصيت لفلان بثلثي فإن مات قبلي فهو لفلان صحّ و كذا أوصيت به لفلان فإن قدم فلان الغائب فهو له صحّ فإن قدم الغائب قبل موت الموصي بطلت وصيّة الأولى سواء عاد إلى الغيبة أو لا و إن مات الموصي قبل قدومه فهو للحاضر سواء قدم بعد ذلك أو لا و يحتمل ثبوت الوصيّة للغائب مع قدومه بعد الموت أيضا و لو قال هذا ثلثي لفلان و يعطى زيد منه كلّ سنة مائة صحّت الوصيّة و يعطى زيد منه كلّ سنة مائة فإن فضل شيء أعطي صاحب الثلث [- ه -] ينبغي أن يوصي لأقاربه الّذين لا يرثون مع فقرهم إجماعا و لو أوصى لغيرهم و تركهم صحّت وصيّته لمن أوصى له [- و -] إذا ملك المريض من يعتق عليه بغير عوض عتق و ورث سواء حمله الثلث أو لا و لا يسعى في باقي الثلث و كذا لو ملكه بعوض فلو وهب له ابنه و قيمته مائة و خلف ابنا و مائتين أخذ نصف التركة و لو ملك من ورثته من لا يعتق عليه فأعتقه في مرضه كان وصيّة إن خرج من

ص: 299

الثلث عتق و إلاّ فبقدره و الأقرب أنّه يرث بقدر الحريّة أمّا لو أوصى بالعتق فإنّه لا يرث و لو وهب لإنسان أبوه أو لوصي له به استحبّ له قبوله و لم يجب [- ز -] لو أوصى لوارث ثمّ صار غير وارث قبل الوفاة صحّت الوصيّة إجماعا و كذا بالعكس عندنا كما لو أوصى لإخوته ثم صار له ولدا و كذا لو أوصى لأجنبية ثمّ تزوّجها [- ح -] لا يصحّ الوصيّة للميت سواء علم أنّه ميّت أو لا و ليس لورثة الميّت شيء منها فلو أوصى بثلثه للحيّ و ميّت كان للحيّ السدس سواء علم موت الميّت أو جهله و ليس للحيّ كمال الوصيّة و كذا لو قال هو بينهما و كذا غير الميّت ممن لا يصحّ ملكه كالحائط و شبهه و لو أوصى لحيين فردّ أحدهما كان للآخر النصف إجماعا [- ط -] يصحّ الوصيّة للحمل إجماعا فإن انفصل ميّتا بطلت الوصيّة و رجع المال ميراثا لورثة الموصي سواء مات لعارض من ضرب أو شرب دواء أو لغير عارض و إن وضعته حيّا صحت الوصيّة له إذا حكم بوجوده حال الوصيّة و ذلك بأن يأتي لدون ستّة أشهر منذ الوصيّة و إن أتت به لعشرة أشهر من حين الوصيّة لم يصحّ و لو جاء لما بينهما و كانت خالية من زوج أو مولى صحّت الوصيّة و إلاّ فلا لاحتمال توهّم الحمل في حال الوصيّة و تجدّده بعدها و لو أوصى لحمل امرأة من زوجها أو سيّدها صحّت الوصية له و لو كان منفيّا باللعان أو الإنكار لم يصح الوصيّة له لعدم نسبة المشروط في الوصيّة و لو كانت فراشا إلاّ أنّ الزّوج لا يطأها لغيبوبته في بلد لا يمكن وصوله إليها في زمان الحمل أو كان أسيرا أو محبوسا لم تصحّ الوصيّة و لو أوصى لما تحمل هذه المرأة لم يصحّ بخلاف الوصيّة به [- ى -] إذا أوصى لحمل امرأة فولدت ذكرا و أنثى تساويا فيها و لو فاضل بينهما جاز و لو قال إن كان في بطنها ذكر فله ديناران و إن كان فيها جارية فلها دينار فولدتهما معا كان لكلّ منهما ما وصى له به و لو قصر الثلث فالأقرب دخول النقص على الأخير و لو ولدت أحدهما خاصّة فله وصيّة و لو كانا ذكرين احتمل التوزيع و تخيير الورثة في التّعيين و إيقافه حتّى يصطلحا بعد البلوغ و لو قال إن كان حملها أو إن كان ما في بطنها أو الذي في بطنها أو جميع ما في بطنها ذكرا فله ديناران و إن كان أنثى فدينار فولدت أحدهما منفردا فله وصيّة و إن ولدتهما فلا شيء لهما [- يا -] يصحّ الوصيّة للذمي و إن كان أجنبيّا و منع بعض علمائنا من الأجنبي و بعضهم من القريب أيضا أما الحربي فالأقرب أنّه لا يصحّ الوصيّة له و يصحّ وصيّة الذّمي لمثله و للمسلم و إنما يصحّ وصيّة المسلم للذمي و بالعكس فيما يصحّ به وصية المسلم للمسلم و المرتد إن كان عن فطرة لم يصحّ الوصيّة له لأنّه ليس أهلا للملك و إن كان عن غير فطرة فقولان و لو أوصى لكافر بمصحف أو عبد مسلم فالأقرب البطلان و لو أوصى له بعبد كافر فأسلم قبل موت الموصي بطلت الوصيّة و كذا بعده قبل القبول و لو كان بعد الوفاة و القبول صحت و بيع عليه من مسلم [- يب -] لو أوصى المسلم لأهل قريته أو قرابته بعام يدخل فيه المسلم و الكافر و تناولت الوصيّة المسلمين خاصّة و لو صرّح بهم دخلوا على أحد القولين و كذا لو كان أهل القرية كلّهم كفارا و لو كان بينهم مسلم واحد فالأقرب دخول الكفّار إن سوّغنا الوصيّة لهم و لو كان أكثرهم كفّارا يخصّص بها المسلمون و كذا البحث في ألفاظ العموم كإخوته و أعمامه و اليتامى و الفقراء و لو أوصى الكافر تناولت الوصيّة أهل دينه و يدخل في وصية المسلمون إن وجدت القرينة و إلاّ فإشكال و لو كان في القرية كافر من غير دين أهل الموصي لم يدخل في وصيّته على إشكال [- يج -] لا يصحّ الوصيّة لعبد غيره و لا مكاتبه المشروط أو الذي لم يؤد من مكاتبته شيئا و لا مدبره و لا لأمّ ولده سواء أجاز مولاه أو لم يجز و لا لعبد وارثه و إن أجاز الورثة و سواء كان قليلا أو كثيرا و يصحّ الوصيّة لعبده و مدبّره و مكاتبه و أمّ ولده و إن أوصى لأحدها ولاء مشاع كثلث تركته أو ربعها صحّت الوصيّة و اعتبر القدر الموصى به بعد خروجه من الثلث فإن كان بقدر قيمته أعتق و كان الموصى به للورثة و إن قصرت قيمته أعتق و أعطي الفاضل و إن كانت أكثر عتق منه بقدر الوصيّة و سعى للورثة فيما بقي قال الشيخ لو بلغت قيمته ضعف الوصيّة بطلت و ليس بمعتمد و لو أوصى له بمعيّن من ماله كثوب أو دار أو مائة درهم صحّت الوصيّة أيضا و كان الحكم ما تقدم من اعتبار مع القيمة و إذا أوصى له برقبته احتمل الصّحة و يعتق من الثلث كالتّدبير و البطلان لأنّه لا يملك رقبته [- يد -] إذا أوصى بعتق عبده و عليه دين قال الشيخ إن كانت قيمة العبد ضعف الدّين أعتق العبد و سعى في خمسة أسداس قيمته ثلاثة للدّيان و سهمان للورثة و إن كانت قيمته أقلّ من الضّعف بطلت الوصيّة و الوجه تقديم الدين على الوصيّة فإن فضل بعده شيء عتق من الثلث و كان الباقي للورثة و لو أوصى بعتق أمة على أن لا تتزوّج فامتنعت من التّزويج بعد الوفاة عتقت و إن تزوّجت بعد العتق لم يعد في الرّق و لو أوصى لأمّ ولده بألف على أن لا يتزوّج ففعلت و أخذت الألف ثمّ زوّجت احتمل بطلان الوصيّة لفوات الشرط بخلاف العتق الذي لا يمكن رفعه و عدمه لصحّة الوصية

ص: 300

أوّلا فلا يبطل بالمتجدّد كالأولى [- يه -] إذا أوصى لمكاتب غير المطلق و قد أدّى من كتابته شيئا كان له من الوصيّة بقدر ما عتق منه و بطلت بقدر الرقيّة و لو أوصى لأمّ ولده صحّت الوصيّة من الثلث و هل يعتق من الوصيّة أو من نصيب الولد قيل بالأوّل لترتّب الميراث على الوصيّة و قيل بالثّاني فيعتق من النصيب و يأخذ ما أوصى لها به و الأقرب الأوّل [- يو -] يصحّ الوصيّة للقاتل سواء كان عمدا أو خطاء و سواء وصّى له بعد جرحه أو قبله و كذا لو دبّر عبده بعد جرحه إياه فإنّه يصحّ تدبيره أو دبر عبده ثمّ قتل سيّده [- يز -] لو أوصى للدابّة لم يصحّ و لا يكون لمالكها شيء من الوصيّة و لا فرق بين دابّته و بين دابّة غيره و لا بين أن يطلّق أو يقصد التمليك و لو فسّر بالصرف في علفها صحّ و يفتقر في ذلك إلى قبول المالك و مع القبول تصرف إلى ما عيّنه الموصي و هل للمالك التصرّف فيه بغيره فيه نظر و كذا لو أوصى للعبد على هذا الوجه و عندي في ذلك كلّه نظر [- يح -] إذا أوصى لكلّ وارث بقدر حصته فهو لغو و إن خصّص كلّ واحد بعين هي قدر حصّته افتقر إلى الإجازة و لو أوصى بأن يباع عين ماله من إنسان افتقر فيما زاد على الثلث إلى الإجازة و لو باع في مرض الموت عين ماله بثمن المثل نفذ [- يط -] هل يشترط في الموصى له التعيين فيه نظر و لو أوصى لأحدهما بشيء و مات قبل التعيين و قلنا بالاشتراط بطل و إلاّ احتمل التوزيع و تخيير الورثة في التعيين و إيقافه حتّى يصطلحا [- ك -] لو أوصى أن يشترى عبد زيد بخمسمائة فيعتق فتعذّر شراؤه إمّا لامتناع سيّده من بيعه بالمعيّن أو لموته أو لعجز الثلث من الثّمن فالثمن للورثة و لا يلزمهم شراؤ غيره فلو اشتروه بأقلّ فالوجه صرف الباقي إلى العبد لا إلى الورثة و لا إلى السيّد على إشكال و لا في العتق و لو وجد منه ما يدلّ على صرف الفاضل إلى السيّد صريحا أو تعريضا صرف إلى السيّد قطعا و لو أوصى أن يشتري عبد بألف فيعتق عنه فقصر الثلث عنه فالأقرب أنّه يشترى عبد بما يخرج من الثلث و لا يبطل الوصية و لو احتمله الثلث فاشتري و أعتق ثمّ ظهر دين مستوعب بطلت الوصيّة و ردّ العبد في الرّق إن كان الشراء بالعين و إن كان في الذمّة صحّ العتق عن الموصي و يغرم المشتري الثمن و لا يرجع به على البائع لأنّ التغرير من الموصي و لا على الموصي لأنّه لا تركة له و لو قيل بأنّه يشارك الغرماء في التركة لأنّ الثمن لزمته بتغرير الموصي احتمل و لو أوصى بشراء عبد و أطلق أو ببيع عبد و أطلق بطلت الوصية و لو أوصى ببيعه بشرط العتق صحّ و بيع كذلك فإن تعذّر مشتر بالشرط بطلت الوصيّة و لو أوصى ببيعه لشخص معيّن بثمن معلوم صحّت الوصيّة و لو لم يسمّ ثمنا بيع بالقيمة فإن امتنع من شرائه أو تعذّر بطلت الوصيّة [- كا -] إطلاق الوصيّة يقتضي التّسوية فإذا أوصى لأولاده و هم ذكور و إناث تساووا و كذا لإخوته و أخواته و أعمامه و عماته و غيرهم و لو أوصى للعمومة دخل العمات دون العكس و كذا الخئولة و الخالات و لو أوصى لأخواته فهو للإناث خاصّة و لو أوصى لإخوته دخل فيه الذكر و الأنثى و لو أوصى لبنيه لم يدخل البنات و بالعكس و لو أوصى لأعمامه و أخواله تساووا أيضا و قول الشيخ في النّهاية يقسم أثلاثا مطرح و لو أوصى لبني فلان فهو للذّكور إلاّ في القبيلة فيدخل الإناث و الخناثى أيضا عرفا و لو قال لأولاده دخل فيه الذكور و الإناث و الخناثى على السّواء إلاّ أن يفصل و لو أوصى لبنات فلان فهو للإناث خاصّة دون الذكور و الخناثى [- كب -] إذا أوصى لأقاربه أو أقارب فلان استوى الذّكور و الإناث و أعطي كلّ من صدق عليه اسم القريب عرفا سواء كان وارثا أو غير وارث و هو أحد قولي الشيخ و في الآخر يعطى لكلّ من يتقرّب إليه إلى آخر أب و أمّ له في الإسلام و هو اختيار المفيد و يستوي بين القريب و البعيد و الصغير و الكبير و الذّكر و الأنثى الغنيّ و الفقير و يدخل فيه القرابة من قبل الأمّ كالأخوال و الإخوة للأم سواء كان الموصي عربيّا أو عجميّا و لا يختصّ بالأقرب فالأقرب و لا بذي الرّحم المحرم و لو أوصى لأقرب الناس إليه أو أقرب قرابته أو أقربهم إليه رحما اختصّ بالأقرب و منع الأبعد مع وجوده و نزّل على الميراث فيشترك الآباء و الأولاد فإن فقدوا فالأجداد و الإخوة فإن فقدوا فالأعمام و الأخوال على مراتب الإرث و لو أوصى لجماعة من أقرب الناس إليه أعطي ثلاثة نفر من الأقرب فما زاد و لو لم يوجد من الطبقة الأولى سوى واحد أو اثنين ففي تشريك الطبقة الثانية نظر [- كج -] إذا أوصى لأهل بيته دخل الأولاد و الآباء و الأجداد و حكمه حكم القرابة و لو أوصى لعترته قال الشيخ كان ذلك في ذرّيته الذين هم أولاده و أولاد أولاده و لو أوصى لآله فهو لقرابته أيضا و كذا العشيرة و لو أوصى لجيرانه كان لمن يلي داره إلى أربعين ذراعا و قيل إلى أربعين دارا و لا يختصّ بالملاصق و لو أوصى لأهل دربه أو سكّته فهو لأهل محلّته [- كد -] إذا أوصى لمواليه و له موال من فوق فهو لهم و إن كانوا من أسفل فكذلك و لو اجتمعوا قيل اشتركوا و الأقرب البطلان و لا شيء لابن العمّ و لا الناصر و لا الحليف و لا الجار و لا يستحقّ موالي أبيه شيئا سواء

ص: 301

كان له مولى أو لم يكن على إشكال في العدم و هل يدخل في الوصيّة لمواليه مدبّره و أم ولده الأقرب دخول المدبّر دون أمّ الولد [- كه -] إذا أوصى لمستحقّ الزكاة كان للأصناف الثمانية المذكورة في القرآن و ينبغي أن يجعل لكلّ صنف ثمن الوصيّة و الأقرب الوجوب في ذلك و يجوز الاقتصار من كلّ صنف على واحد و لا يجب إعطاء ثلاثة من كلّ صنف و لا اثنين و الأقرب أنّه لا يجب الاقتصار به على أهل بلده و لو أوصى للفقراء دخل المساكين و بالعكس و يستحب تعميم من أمكن منهم و الدفع إليهم على قدر الحاجة و لا يملك أحدهم شيئا إلاّ بالإقباض و لو أوصى بعبده للفقراء و كان أب العبد فقيرا لم يعتق عليه منه شيء و لو أوصى في سبيل اللّٰه صرف في كلّ ما يتقرّب به إلى اللّٰه تعالى كمعونة المجاهدين و الحاجّ و الزّوار و بناء المساجد و القناطر و تكفين الموتى و غير ذلك من القربات هذا أجود قولي الشيخ و لا يختصّ بالحجّ و لا المجاهدين خلافا للشيخ و لو أوصى المسلم للفقراء انصرف إلى فقراء المسلمين و كذا الكافر إذا أوصى للفقراء انصرف إلى فقراء ملته [- كو -] إذا أوصى بثلثه لزيد و الفقراء كان لزيد النصف و قيل الربع و الأقرب الأوّل و لو كان زيد فقيرا لم يدفع إليه من سهم الفقراء شيء و لو ضمّ إلى زيد قوما منحصرين كإخوته احتمله أن يكون كالأوّل و أن يكون زيد كأحدهم [- كز -] إذا أوصى بشراء رقاب و عتقهم لم يجز صرفه إلى المكاتبين فإن اتسع الثلث لثلاثة لم يجز الاقتصار على الأقلّ و لو أمكن أن يشترى به أزيد من ثلاثة كان أولى من شراء ثلاثة عالية و لو أوصى بثلث ماله في الرقاب صرف إلى المكاتبين و العبيد يشترون و يعتقون و لا يختصّ بالمكاتبين و لا بالعبيد و لو أوصى أن يشتري بثلث ماله عبيدا و يعتقوا اشترى ثلاثة فإن وجد اثنان و بعض الثالث خاصّة قال الشيخ يشترى اثنان و يعتقان و يعطيان الفاضل و لو قيل بشراء بعض الثالث كان وجها [- كح -] إذا قال أعطوا فلانا كذا و لم يبيّن ما يعمل به فلان صرف إليه يعمل به ما شاء [- كط -] إذا أوصى بثلثه في البرّ صرف في كلّ ما يتقرّب به إلى اللّٰه تعالى كإصلاح طريق و فكّ أسير و إعتاق رقبة و لا يجب قسمته أثلاثا في الغزو و الصدقة القرابة و الحجّ و لو قال ثلثي حيث يريد اللّٰه جاز صرفه أيضا في كلّ قربة و لا يختصّ بالفقراء و المساكين و لو أوصى بفرس في سبيل اللّٰه و ألف درهم ينفق عليه فمات الفرس فالأقرب عود الألف إلى الورثة و إن أنفق البعض ثمّ ماتت عاد الباقي إلى الورثة [- ل -] إذا قال يخدم عبدي فلانا سنة ثمّ هو حرّ صحّت الوصيّة بالخدمة و الحريّة فإن قال الموصى له بالخدمة لا أقبل أو قد وهبت الخدمة له فالأقرب أنّه لا يقع العتق في الحال بل بعد السنة [- لا -] إذا مات الموصى له قبل الموصي فإن رجع الموصي بطلت الوصيّة إجماعا و إن مات و لم يرجع قيل بطلت أيضا و يكون الموصى به لورثة الموصى له فإن لم يخلّف كان لورثة الموصي و هو أقوى [- لب -] إذا أوصى لواحد بنصف ماله و للآخر بالثلث و لآخر بالرّبع و لم يجز الورثة أعطي الأوّل الثلث و سقط الآخران و لو نسي المبدوء به استعمل القرعة فإن فضل كان لمن يليه بالقرعة و لو أوصى لرجل بجميع ماله و لآخر بالثلث و أجازت الورثة أخذ الأوّل الجميع و سقط الآخر و إن بدأ بصاحب الثلث و أجازوا أخذ الثلث و الثلثان لصاحب الكلّ و لو اشتبها أقرع و إن لم يجز الورثة فإن بدأ بصاحب الثلث سقط صاحب الكلّ و إن بدأ بصاحب الكل أخذ الثلث و سقط صاحب الثلث و لو اشتبه أقرع [- لج -] إذا أوصى للقراء كان لمن يحفظ جميع القرآن فإن لم يحفظ عن ظهر القلب فالأقرب الحرمان و لو أوصى للعلماء أعطي العالم بعلوم الشرع فيدخل فيه الفقه و التفسير و الحديث و لا يدخل فيه سامع الحديث فقط إذا لم يكن له معرفة بالطريق و لو أوصى لقبيلة عظيمة كالعلويين و الهاشميين صحّ و أعطي الموجود في بلد الوصيّة و لا يجب الاستيعاب و لا التّسوية و يدخل الذكر و الأنثى إن كان اللفظ يشملها كالأولاد و الذرّية و العالمين و إلاّ اختصّ بالذكور و إن لم يتناول الإناث كالبنين و الذكور و الرجال و الغلمان أو بالإناث أو لم يتناول الذكور كالنساء و البنات و المسلمات و إن وضع للذكور و أمكن دخول الإناث مع الاجتماع كالمسلمين و العلويين فالأقرب دخول الإناث على إشكال و الأرامل النّساء اللاتي فارقن أزواجهن بموت أو غيره و الأيامى جمع أيّم و هي المرأة الخالية من البعل و العزّاب الّذين لا أزواج لهم و هو مشترك بين الذكور و الإناث و كذا يشترك بينهما الثيب و البكر و أقلّ ما يجب في كلّ جنس ثلاثة أمّا لو أوصى لثلاثة معينين فإنّه يجب التّسوية بينهم و لو أوصى لزيد و لجبرئيل عليه السّلام صحّ لزيد النصف و بطل في حقّ جبرئيل ع و كذا لو قال لزيد و للرّيح و لو قال لزيد و للّه تعالى احتمل أن يكون النصف لزيد و الباقي لغو و أن يكون الباقي للفقراء و لو أوصى بثلث ماله لمفاداة أسارى للمشركين من أيدي المسلمين صحّ كما يصحّ العكس و لو أوصى لأعقل الناس قال الشافعي

ص: 302

يصرف إلى الأزهد

الفصل السّادس في الأوصياء

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] يشترط في الوصيّ العقل فلا يصحّ الوصيّة إلى المجنون و لا السّفيه و لو طرأ الجنون على الوصيّ بطلت وصيّته و لو كان الجنون يعتوره أدوارا ففي صحّة الوصيّة إليه نظر [- ب -] يشترط في الوصيّ المنفرد البلوغ فلا يصحّ الوصيّة إلى الطفل المنفرد سواء كان عاقلا أو لا و يجوز أن يوصى إليه منضما إلى البالغ العاقل [- ج -] يشترط في وصيّ المسلم الإسلام فلا يصحّ وصيّة المسلم إلى الكافر سواء كان حربيّا أو ذمّيا و سواء كان ذا رحم أو أجنبيّا و لو أوصى إليه مثله صحّ و لا يشترط عدالته في دينه و يصحّ وصيّة الكافر إلى المسلم إلاّ أن يكون التركة خمرا أو خنزيرا [- د -] اختيار الشيخ أنّ العدالة شرط فلا يصحّ الوصيّة إلى الفاسق و إن كان مؤمنا و منعه ابن إدريس و عندي فيه نظر و لو أوصى إلى عدل ففسق بعد موت الموصي عزله الحاكم و استناب غيره [- ه -] يصحّ الوصيّة إلى المملوك إن أذن له مولاه و إلاّ فلا و كذا المدبر و المكاتب و المعتق بعضه و أمّ الولد و لو أوصى إلى عبد نفسه أو مدبّره أو مكاتبه أو أمّ ولده قال الشيخ لا يصحّ و إن لم يكن في الورثة رشيد و جوّز المفيد رحمه اللّٰه الوصيّة إلى المدبّر و المكاتب [- و -] هذه الصفات المعتبرة في الوصيّ قيل يشترط تحقّقها حالة الوصية و قيل حين الوفاة و الوصيّة و قيل في المدّة بأجمعها و قوّى الشيخ و ابن إدريس الأوسط فلو أوصى إلى صبيّ أو عبد أو مجنون ثمّ مات بعد زوال الأوصاف صحّ عند من يعتبر الشروط حال الوفاة و لو أوصى إلى عاقل فجنّ ثمّ مات بعد زوال جنونه صحّ على القولين الأوّلين دون الأخير و لو جنّ أو فسق بعد الموت بطلت وصيته فإن عاد عقله أو تاب لم تعد وصيّته [- ز -] تصحّ الوصيّة إلى المرأة و الأعمى مع وجود الشرائط و إلى العدل العاجز و يضمّ الحاكم إليه أمينا يعينه و يكون الأوّل هو الوصيّ دون المعين و كذا لو أوصى إلى عدل فتجدّد العجز فإنّ الحاكم يضمّ إليه الثقة و ليس للحاكم نزع يد العدل في الموضعين [- ح -] يجوز أن يوصى إلى اثنين فما زاد فإن شرط الاجتماع أو أطلق لم يكن لأحدهما الانفراد عن صاحبه بشيء من التصرّف و لو تشاحّا لم ينفذ تصرّف أحدهما منفردا إلاّ ما يحتاج إليه من الكسوة و شبهها و يجبرهما الحاكم على الاجتماع فإن تعذّر استبدل بهما و ليس لهما المقاسمة للمال و لو تغيّرت حال أحدهما بموت أو فسق لم يتصرف الآخر بانفراده و يضمّ الحاكم معه أمينا و هل يجوز للحاكم جعل الولاية له بأجمعها فيه وجهان و لو عجز ضمّ الحاكم إليه من يعينه على التصرف و لو تغيّرت حالهما معا بفسق أو موت أو جنون أقام الحاكم عوضهما اثنين و هل له أن يقيم واحدا فيه وجهان و لو سوّغ لهما التّصرف منفردين جاز لكلّ منهما أن يتصرّف في جميع المال و ينفذ تصرّفه و إن لم يداخله الآخر و لو اقتسما المال و تصرّف كلّ منهما في بعضه جاز و لو تغيّرت حال أحدهما بعجز ضمّ الحاكم معه أمينا و لو كان بفسق أو موت كانت الولاية بأجمعها للثاني و لا يضمّ إليه الحاكم غيره [- ط -] يجوز أن يوصى إلى واحد في شيء بعينه و إلى آخر في غيره و لا يشارك أحدهما الآخر و إذا أوصى إليه في شيء لم يصر وصيّا في غيره و لو قال قد أوصيت إلى زيد فإن مات فقد أوصيت إلى عمرو صحّ و يكون كل منهما وصيّا إلاّ أن وصيّته عمرا موقوفة على موت زيد و كذا لو قال أوصيت إلى زيد فإن كبر ابني أو تاب من فسقه أو اشتغل بالعلم فهو وصي صحّ و لو أوصى إلى زيد ثم أوصى إلى عمرو و قبلا معا كانا شريكين و لم ينفرد أحدهما بالتصرف و لو قبل أحدهما دون الآخر انفرد بالتّصرف و لو أوصى إلى زيد ثمّ قال ضممت عمرا إليك فقبل عمرو دون زيد لم يكن لعمرو الانفراد إلاّ أن يضمّ الحاكم إليه أمينا [- ى -] إذا أوصى إلى اثنين أحدهما صغير تصرف الكبير إلى حين بلوغه و ليس للصّغير التصرّف قبل البلوغ و لا نقض شيء مما فعله الكبير قبل البلوغ بعده إذا لم تخالف المشروع و لا للكبير التصرف منفردا بعد البلوغ و لو مات الصّبي أو بلغ فاسد العقل انفرد الكبير بالوصيّة و لم يداخله الحاكم [- يا -] إذا أوصى إلى غيره لم يجب على الغير القبول و له الرّد في حياة الموصي و بعده و لو قيل لم يكن له الرّد بعد موت الموصي و يجوز في حياته بشرط أن يعلم الرّد فإن لم يعلم حتّى مات لم يصحّ الرّد و وجب على الوصيّ القيام بها فإن امتنع أجبره الحاكم على ذلك و لا يشترط في القبول وقوعه في حياة الموصي فلو أوصى إلى غيره و لم يقبل حتى مات صحّ القبول و لزمته الوصيّة [- يب -] إذا أوصى إلى الثقة فظهرت الخيانة بعد الموت عزله الحاكم و أقام غيره و لو عاد أمينا لم يعد ولايته و لو ظهر منه عجز ضمّ إليه الحاكم من يساعده و لا يجوز له إخراج يده عن الوصيّة و لو أوصى إلى الخائن فالأقرب البطلان و كان بمنزلة من لا وصي له و لو قيل بالجواز و ضمّ إليه أمين إن أمكن الحفظ و إلاّ فلا كان وجها [- يج -] الوصيّة إن كانت بالمال بأن جعل له التصرّف بعد موته فيما كان له التصرف من قضاء ديونه و استيفائها و ردّ الودائع و أخذها و تفرقة أمواله اشترط في الموصي أهلية التصرف في المال و هو العقل و البلوغ و الحرية

ص: 303

و زوال المانع من الفلس و السّفه فليس للمجنون و لا السّفيه و لا الصّبي و لا العبد و لا المحجور عليه للفلس الوصيّة بالمال إلاّ في رواية لنا دالة على جواز وصيّة من بلغ عشرا في المعروف و يصحّ وصيّته من عدا هؤلاء ذكرا كان أو امرأة و إن كانت بالولاية بأن جعله قيّما على أولاده اشترط في الموصي الولاية عليهم فيجوز للأب و الجدّ للأب الوصيّة على الأصاغر و لا يصحّ ممن عداهما كالأخ و العمّ و غيرهما و لو أوصى أحد هؤلاء بالنظر في المال الذي ترك لهم لم يصحّ له التصرف و لا في الثلث و كانت الولاية للورثة مع بلوغهم و للحاكم مع صغرهم و لو أوصى في إخراج حقّ أو تفرقة ثلاثة جاز و لو أوصى الأب على أولاده الأصاغر و له أب كانت الولاية بعده للجدّ دون الوصي أمّا لو أوصى بالولاية في تفرقة ثلاثة فإنّه يصحّ من غير مداخلة الجدّ [- يد -] إذا كان في الورثة صغير و كبير فاحتاج الصّغير إلى بيع شيء من التركة كان للوصي ببيع نصيب الصّغير دون نصيب الكبير إلاّ بإذنه و إن كان بيع الجميع أوفق بهما و كذا لو أوصى إليه بتفرقة ثلثه و كان بيع الجميع أولى لم يكن له البيع إلاّ بإذن الوارث [- يه -] الوصيّ أمين لا يضمن ما يتلف في يده إلاّ بالتفريط أو التعدّي فلو أوصى إليه بقضاء الدّين أو تفرقة المال و أخر مع المكنة ضمن مع التّلف [- يو -] يجوز للوصيّ أن يستوفي مما في يده ما يستحقّه من دين و غيره من غير إذن الحاكم إذا لم يكن له حجّة و هل له ذلك مع الحجّة الأقرب نعم و في جواز شرائه من مال اليتيم لنفسه من نفسه إشكال الأقرب جوازه و لا يشترط شراؤه بأكثر من ثمن المثل و لو قال له الموصي جعلت لك أن تصنع مالي حيث شئت أو فيمن شئت أو حيث رأيت كان الخيار إليه في صرفه إلى من شاء و هل يجوز له صرفه إلى نفسه فيه إشكال [- يز -] إذا شهد الوصي على الأطفال بمال أو على الميّت قبلت شهادته و إن شهد لهم لم يقبل إلاّ أن يكون الورثة كبارا و تكون الوصيّة تخرج من الثلث من دون الشهادة [- يح -] إذا أذن الموصي للوصيّ أن يوصي جاز إجماعا و إن لم يأذن و منعه لم يكن له ذلك قطعا و إن لم يمنعه فقولان أقربهما أنّه ليس له أن يوصي و يكون الولاية بعده إلى الحاكم و إن أذن له في الوصيّة فإن عين صحّ و كذا إن أطلق بأن يقول أوص إلى من شئت فهو وصيّي [- يط -] إذا مات و لا وصيّ له كانت الولاية للحاكم مع فقد الجدّ و لو لم يكن هناك حاكم جاز أن يتولاه من المؤمنين من يوثق به على إشكال [- ك -] يجوز أن يجعل للوصيّ جعلا و يجوز لمن يتولّى أموال اليتامى أن يأخذ أجرة المثل عن نظره في ماله و قيل يأخذ قدر كفايته و قيل يأخذ بأقلّ الأمرين و لا يكره الدخول في الوصيّة مع التمكين من القيام بها و إذا أوصى بتفريق ثلثه فامتنع الورثة من إخراج ثلث ما في أيديهم جاز للوصي أن يخرج ثلث ما في يده و هل له أن يخرج مما في يده بإزاء ما منعوه أو يحبسه عليهم حتّى يدفعوا إليه فيه إشكال [- كا -] إذا علم الوصيّ أنّ على الميّت دينا ففي جواز قضائه من دون الحاكم نظر و لو صدّق الورثة صاحب الدين جاز له الدفع مع امتناعهم منه و يجوز للوصي أن يخرج من مال اليتيم ما يتعلّق به كأرش ما يتلفه من المال و كفّارة قتله دون ديته لأنّ خطأه على العاقلة و كذا عمده و ينفق عليه بالمعروف و يضمن الوصيّ لو أنفق أزيد و لو ادعى الصّبي بعد بلوغه الزيادة على المعروف فالقول قول الوصيّ و كذا لو ادعى الخيانة عليه و لو اختلفا في المدّة بأن يدّعي الصّبي موت أبيه منذ سنتين و الوصيّ منذ ثلاث فالقول قول الصّبي مع يمينه و كذا لو أنكر دفع المال إليه بعد البلوغ و ليس للوصيّ أن تزوّج الصّغيرة و لا الطفل و إن أوصى إليه في ذلك و له أن يزوّج عبيدهم و إمائهم مع المصلحة و أن يزوّج من بلغ غير رشيد إذا احتاج إليه و مع بلوغه يدفع الوصي ماله إليه إن كان رشيدا و إن بلغ مجنونا فكالصّبي و إن بلغ سفيها لم ينفكّ الحجر عنه و يكون ولاية الوصيّ على ما كانت و يخرج الوصيّ عنه الزكاة مع وجوبها و إن جني على مال أخرجه الوصيّ و إن كانت على نفس خطاء أخرج الكفّارة من ماله و الدّية على العاقلة و إن كانت عمدا قيد به و يزوّجه الوصيّ مع الحاجة [- كب -] الصّيغة عن الوصيّة إليه أن يقول أوصيت إليك لتصرف في مال الأطفال و ما أدى هذا المعنى فإن لم يذكر التصرف نزل مطلق الإيصاء على مجرد الحفظ و لو اعتقل لسانه فقرئ عليه كتاب الوصيّة فأشار برأسه أو بغيره إلى ما يدلّ على الرّضا قبل [- كج -] يجوز للموصي الرّجوع في الوصيّة بالولاية فلو أوصى إلى رجل جاز له أن يرجع عن ذلك ما دام حيّا و يوصي إلى غيره و أن يشرك معه غيره

الفصل السّابع فيما يثبت به الوصيّة

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] لا يشترط في الوصيّة الشهادة بل لو صدقوا الورثة الوصي حكم عليهم بها و كذا لو تمكن الوصي من فعل ما أوصى إليه وجب عليه و إن لم يكن معه شاهد نعم يستحب الإشهاد بها دفعا للشارع [- ب -] تثبت الوصية بالمال بشهادة عدلين أو رجل و امرأتين أو رجل و يمين و تقبل شهادة المرأة الواحدة في ربع الوصيّة و اثنتين في النصف و ثلاث في ثلاثة أرباعها و أربع في الجميع من غير يمين في ذلك كلّه أمّا الوصيّة بالولاية فلا يثبت إلاّ بشهادة رجلين و لا تقبل فيها شهادة النساء منفردات

ص: 304

و لا منضمات إلى الرّجال و لا الشاهد و اليمين على الأقوى [- ج -] لا تقبل في الشهادة بالوصيّة إلاّ عدول المسلمين مع الاحتياط و يجوز مع الضرورة و عدم عدول المسلمين قبول نفسين من أهل الذّمة ممن ظاهرهما الأمانة عند أهل دينهما و لا يقبل شهادة غير أهل الذّمة من الكفار [- د -] إذا أشهد الرجل عبدين له على حمل جاريته أنّه منه و أنّه أعتقها ثم مات فردّت شهادتهما و حاز الميراث غيره ثمّ أعتقا فشهدا قبلت شهادتهما و رجع المولود بالتركة على آخذها و رجعا عبدين كما كانا و يكره له استرقاقهما لأنهما أحييا حقّه [- ه -] لا تقبل شهادة الوصي للميّت فيما يجر به نفعا كما لو شهد له بمال يخرج به ما يليه من الثلث أو شهد بالمال للطفل الّذي يلي أمره و يقبل شهادته فيما لا يجر به نفعا إليه و لا يقبل شهادة الورثة بعزل الوصيّ و لا بانضمام غيره إليه و لا بتخصيص ولايته و لو شهد ثقتان من الورثة على الميّت بعين أو دين لغيره قبلت شهادتهما و إن خرجت ولاية الوصيّ عمّا شهدا به [- و -] لو أقرّ الوارث العدل بأنّ مورثه أوصى لزيد بالثلث حلف زيد معه إن كان وارث غيره فإن أقام آخر شاهدين بالوصيّة له بالثلث و لم يجز الورثة فالأقرب تشاركهما مع اتّحاد المجلس أو الإطلاق و إلاّ حكم للأخير و لو لم يكن عدلا فالثلث لمن أقام البيّنة و هل يأخذ المقرّ له من حصّة المقر شيئا فيه إشكال أقربه الأخذ به

الفصل الثامن في تصرّفات المريض

و فيه [- كط -] بحثا [- ا -] تصرفات المريض قسمان مؤجّلة و منجّزة فالمؤجلة ما علّق بالموت كالوصيّة بالمال و التدبير و هي يخرج من الثلث بالإجماع و كذا لو علّق الصّحيح تصرّفه بما بعد الوفاة و المنجزة كالهبة و الوقف و العتق و الإبراء و المحاباة في البيع و غيره من عقود المعاوضات إن وقعت من المريض و يبرأ من مرضه ذلك ثمّ مات أو وقعت من الصّحيح مضت من الأصل بلا خلاف و إن وقعت في مرض الموت فقولان أقربهما خروجها من الثّلث و كذا إذا وهب في الصّحة و أقبض في مرض الموت أمّا الإقرار فإن كان المريض متّهما كان من الثلث و إن كان مأمونا أخرج من صلب المال سواء كان لوارث أو لغيره [- ب -] لو باع المريض بثمن المثل نفذ البيع و ملك المشتري السلعة فإن أبرأه من الثمن مضى الإبراء من الثلث و كان على المشتري ثلثا الثمن للورثة و لو باع بأقلّ من ثمن المثل مضى البيع فيما قابل ثمن المثل من الأصل و الزائد من السلعة يكون محاباة إن خرجت من ثلث التركة كانت للمشتري أيضا و إلاّ كان له ما قابل الثلث [- ج -] البيع إذا اشتمل على المحاباة لم يقع باطلا في نفسه فلو باع عبدا هو التركة و قيمته ثلاثون بعشرة فقد حابى بعشرين فإن أجاز الورثة صحّ البيع في الجميع و إن لم يجيزوا كان للمشتري الفسخ أيضا فإن اختار الإمضاء أخذ ثلثي المبيع بالثمن أجمع و قال بعض الجمهور يأخذ نصفه بنصف الثمن لأنّ فيه مقابلة بعض المبيع بقسطه من الثمن عند تعذّر الجميع كما لو اشترى سلعتين بثمن و فسخ البيع في إحداهما لعيب أو غيره و هو وجه أيضا و لا يتخيّر المشتري بين الفسخ في الجميع و أداء عشره ليأخذ الجميع و ليس للمشتري أيضا خلع الثلث و هو أن يفسخ و يأخذ ثلث المبيع بالمحاباة و لو اشترى عبدا قيمته عشرة بثلاثين فعلى ما قلناه يكون للمشتري عوض العبد عشرين إن لم يجز الورثة و على الوجه الآخر يكون له نصف الثلثين و يسلم له نصف العبد و لو باعه و قيمته ثلاثون بخمسة عشر فعلى ما قلناه يصحّ البيع في خمسة أسداسه بجميع الثمن و على الوجه الآخر يصحّ في ثلثيه بثلثي الثمن و طريق ما قلناه أن ينسب الثمن و ثلث المبيع إلى قيمته فيصحّ البيع في قدر تلك النسبة و هو خمسة أسداسه و على الثاني يسقط الثمن من قيمة المبيع و ينسب الثلث إلى الباقي فيصح البيع في قدر تلك النسبة و هو ثلثاه بثلثي الثمن فإن خلف البائع بعشرة أخرى صحّ البيع في العبد إلاّ نصف تسعه بجميع الثمن و على الثاني في ثمانية أتساعه بثمانية أتساع الثمن أمّا لو باع قفيز حنطة يساوى ثلثين بقفيز منها يساوي عشره و لا تركة سواه فإنّه يتعيّن في الحكم الوجه الثاني لأنّ المساواة في القدر شرط في الصّحة و إلاّ حصل الرّبا فيمضي البيع في النصف بنصف الثمن السّدس في مقابلة النصف و الثلث بالمحاباة و لو باع قفيزا يساوي ستة بآخر يساوي ثلاثة فالمحاباة بالنصف فيرد على الورثة ثلث قفيزهم و على المشتري ثلث قفيزه فيفضل معه درهمان هي قدر الثلث الذي صحّت المحاباة فيه [- د -] إذا وهب التركة أجمع فإن أجاز الورثة صحّ و إن لم يجيزوا فإن شرط العوض و كان بقدر ثمن المثل صحّت أيضا مع دفع العوض و إن لم يشترط العوض صحّت من الثلث سواء أقبض أو لا و لو وهب و حابى فإن وسعها الثلث صحّا معا و إلاّ بدئ بالأوّل فالأوّل و كان النقص على الأخير و لو وهب مريض مريضا تركته أجمع ثمّ وهب الموهوب له ما وهبه إياه و لا شيء له سواه دخله الدور فإذا كانت التركة مائة يضرب ثلاثة في ثلاثة يسقط

ص: 305

منها سهما يبقى ثمانية فأقسم المائة عليها لكلّ اثنين خمسة و عشرون ثمّ هذ ثلثها ثلاثة أقسط فهنا سهما يبقى سهمان فهي للموهوب الأوّل و ذلك هو الرّبع أو نقول صحّت الهبة في شيء ثمّ صحّت الهبة الثّانية في ثلثه بقي للموهوب الأوّل ثلثا شيء و للواهب مائة إلاّ ثلثي شيء يعدل شيئين أجبر و قابل يخرج الشيء سبعة و ثلثين و نصفا رجع إلى الواهب ثلثها اثنا عشر و نصف بقي للموهوب خمسة و عشرون و لو وهب جارية و لا مال سواها و قيمتها ثلاثمائة فقبضها الموهوب و وطئها و مهر مثلها مائة و لم يجز الورثة فقد صحّت الهبة في شيء و سقط من مهر مثلها ثلث شيء و بقي للواهب أربع مائة إلاّ شيئا و ثلثا يقابل شيئين و هما مثلا ما صحّت فيه الهبة فتجبر إلاّ ربع مائة بشيء و ثلث فيكون أربع مائة تقابل ثلاثة أشياء و ثلثا فتضربها في ثلاثة يكون عشرة فالشيء ثلاثة اعتبار أربع مائة و ذلك مائة و عشرون فقد صحت الهبة في خمسي الجارية و سقط خمسا العقر و حصل للورثة ثلاثة أخماسها و ثلاثة أخماس العقر و ذلك مائتان و أربعون مثلا ما صحّت فيه الهبة و لو وطئها أجنبيّ فكذلك و يكون عليه مهرها ثلاثة أخماسه للواهب و خمساه للموهوب له إلاّ أنّ الهبة إنّما ينفذ فيما زاد على الثلث بعد حصول المهر من الواطئ فإن لم يحصل منه شيء لم يزد الهبة على ثلثها و كلّما حصل منه شيء نفدت الهبة في الزيادة على قدر ثلثه و لو وطئها الواهب حصل عليه من العقر بقدر ما صحّت فيه الهبة فحصل للموهوب له من الجارية شيء بالهبة و ثلث شيء بالعقر و للورثة شيئان مثلا ما حصل له بالهبة فيكون الجارية تعدل ثلاثة أشياء و ثلثا فالشيء ثلاثة أعشارها فالوصيّة من الجارية بقدر تسعين و له من العقر ثلاثون و يبقى للورثة مائة و ثمانون و هما مثلا ما حصل بالوصية و لو وهب المريض عبدا لا يملك سواه فقتل العبد الواهب خطأ فإن سلّمه الموهوب إلى الورثة كان تسليم النصف بالجناية و النّصف لانتقاص الهبة فيه لصيرورة العبد بأجمعه للورثة و هو مثلا نصفه فتعيّن أنّ الهبة جازت في نصفه و إن فداه و كانت قيمته دية قلت صحّت الهبة في شيء و يدفع إليهم نصف العبد و قيمة نصفه و ذلك يعدل شيئين فتبيّن أنّ الشيء نصف العبد و إن كانت قيمته نصف الدّية أو أقلّ و قلنا بفداه بأرش الجناية نفذت الهبة في جميعه لأنّ الأرش ضعف القيمة أو أكثر و لو كانت قيمته ثلاثة أخماس الدّية و فداه بالأرش فقد صحّت الهبة في شيء و يفديه بشيء و ثلثين فصار مع الورثة عبد و ثلثا شيء يعدل شيئين فالشيء ثلاثة أرباع فيصحّ الهبة في ثلاثة أرباع العبد و يرجع إلى الواهب ربعه مائة و خمسون و ثلاثة أرباع الدية سبع مائة و خمسون صار الجميع تسع مائة و هو ضعف ما صحّت الهبة فيه [- ه -] إذا أعتق في مرض الموت نفذ العتق من الثلث على ما اخترناه سواء كان منجّزا أو معلّقا بالموت و إذا أوصى بالعتق وجب على الوارث الإعتاق إذا خرج من الثلث و إلاّ فبإزائه فإن امتنع أجبره الحاكم و يحكم بحرّيته من حين العتق و ولاؤه للموصي لأنّه السبب و الوارث نائب عنه و لو وصى إلى غير الوارث بالعتق كان الإعتاق إليه و لو أوصى بوصايا من جملتها العتق بدئ بالواجب أوّلا من صلب المال و كان الباقي من الثلث و لو كان الكلّ تطوّعا كان بأجمعه من الثلث يبدأ بالأول من وصيّته فالأوّل و لا أولوية لتقديم العتق و قد روى الشيخ أنّه إذا كانت من جملة الوصايا الحجّ بدئ به و نحن نقول بذلك إن كان واجبا و إلاّ قدّم ما ذكره الموصى أوّلا [- و -] إذا جمع بين عطيّة منجّزة و معلّقة بالموت بدئ بالمنجّزة أوّلا كمن أعتق منجّزا أو أوصى بشيء فإنّه يبدأ بالعتق و كذا لو وهب ثمّ أوصى بالعتق فإنّه يبدأ بالهبة ثمّ إن اتّسع الثلث للباقي صحّ و إلاّ صحّ فيما يحتمله الثلث و بطل فيما قصر عنه [- ز -] إذا أعتق عبيده و لا مال سواهم عتق ثلثهم و يمضى العتق فيمن ذكره أوّلا و كذا لو أوصى بعتقهم و لو أعتقهم بلفظ واحد من غير ترتيب عتق ثلثهم و يستخرج بالقرعة و لو أعتق مملوكه و لا شيء سواه عتق ثلثه و استسعي في باقي قيمته للورثة [- ح -] إذا أوصى بعتق جميع مماليكه و له مماليك مختصّة و مماليك مشتركة بينه و بين غيره و وسع الثلث عتق الجميع عتق المختصّ و قدر ما يخصّه من المشترك قال الشيخ و يقوّم حصص الشركاء عليه من الثلث و يعتقون و فيه نظر [- ط -] إذا أوصى بعتق نسمة مؤمنة وجب ذلك فإن لم يوجد قيل عتق من أنهياء الناس من لا يعرف بنصب و عداوة و الأقرب التوقّع و إذا اشترى نسمة على أنها مؤمنة و أعتقها ثمّ ظهر أنّها ليست كذلك فقد أجزأت عن الموصي [- ي -] إذا أعتق عبيده بلفظ واحد و تساوت قيمتهم و كان لهم ثلث صحيح كستّة أعبد قيمتهم متساوية أقرع بينهم إمّا على الحرّية أو الرّقية و إن كان فيهم كسر كعبدين قيمة أحدهما مائتان و الآخر ثلاثمائة أقرعت بينهما فأيّهما وقعت عليه قرعة الحرّية ضربت قيمته في ثلاثة أسهم فما بلغ نسبت إليه قيمة العبدين معا فمهما خرج بالنّسبة فهو القدر الذي يعتق منه فإذا وقعت على الذي قيمته مائتان

ص: 306

ضربتهما في ثلاثة صارتا ستمائة و نسبت منها قيمة العبدين معا و هي خمسمائة تجدها خمسة أسداسها فيعتق منها خمسة أسداسه و إن وقعت على الآخر عتق منه خمسة أتساعه و لو كان له عبدان اسمهما واحد فقال فلان حرّ بعد موتي و له مائتا درهم و لم يعيّنه أقرع بينهما في العتق و أمّا الدراهم فيحتمل بطلان الوصيّة فيها لوقوعها لغير معيّن و الصّحة لأنّ مستحقّها حرّ في حال استحقاقها [- يا -] إذا أعتق عبدا من عبيده و لم يعيّنه استخرج بالقرعة و لو أوصى بعتق أحد عبيده احتمل تخيير الوارث فيه و لو أوصى بعتق عبد من غير إضافة و لا تعيين وصفه أعتق الوارث من يجزي في الكفّارة [- يب -] قد بيّنا أنّ العطيّة يخرج من الثلث و يعتبر حال الوفاة فمهما خرج من الثلث علم أنّ العطيّة صحّت فيه حال العطيّة فإن نما المعطى أو كسب شيئا قسّم بين الورثة و بين صاحبه على قدر مالهما فيه و ربّما أفضى إلى الدّور فإذا أعتق عبدا لا يملك غيره فكسب مثل قيمته في حال حياة سيّده فللعبد من كسبه بقدر ما عتق منه و باقيه لسيّده فيزداد به مال السيّد فيزداد الحريّة بذلك و يزداد حقّه من كسبه فينقص به حقّ السّيد من الكسب و ينقص بذلك قدر المعتق منه فليستخرج ذلك بالجبر فيقال عتق من العبد شيء و له من كسبه شيء لأنّ كسبه مثله و للورثة من العبد و كسبه شيئان لأنّ لهم مثلي ما عتق منهم و قد عتق منه شيء و لا يحسب على العبد ما حصل له من الكسب لأنّه استحقّه بجزئه الحرّ لا من جهة سيّده فصار للعبدين شيئان و للورثة شيئان من العبد و كسبه فيقسّم العبد و كسبه نصفين يعتق منه نصفه و له نصف كسبه و للورثة نصفهما و لو كسب مثلي قيمته فله من كسبه شيئان فيصير له ثلاثة أشياء و للورثة شيئان فيقسم العبد و كسبه أخماسا يعتق منه ثلاثة أخماسه و له ثلاثة أخماس كسبه و للورثة خمساه و خمسا كسبه و لو كسب ثلاثة أمثال قيمته فله ثلاثة أشياء من كسبه مع ما عتق منه و لهم شيئان فيعتق منه ثلثاه و له ثلثا كسبه و لهم الثلث منهما و لو كسب نصف قيمته عتق منه شيء و له نصف شيء و لهم شيئان فالجميع ثلاثة أشياء و نصف إذا بسطتها أنصافا صارت سبعة له ثلاثة أسباعها فيعتق ثلاثة أسباعه و له ثلاثة أسباع كسبه فالباقي لهم فإذا كانت قيمته مائة و كسب خمسين فقد عتق من العبد شيء و تبعه من الكسب نصف شيء لأنّ الكسب مثل نصف قيمته و للورثة شيئان فالعبد و كسبه و هما مائة و خمسون يعدل ثلاثة أشياء و نصف تضربها في مخرج النّصف و هو اثنان يصير سبعة و يضرب الاثنان في مائة و خمسين يكون ثلاثمائة فالشيء سبع ثلاثمائة و هو ثلاثة أسباع مائة فيعتق من العبد ثلاثة أسباعه و يتبعه من الكسب ثلاثة أسباعه و قد حصل للورثة أربعة أسباع العبد و أربعة أسباع الكسب و هما مثلا ثلاثة أسباع العبد فيكون للورثة ستّة أسباع مائة و للمعتق ثلاثة أسباع مائة و لو كان على السيد دين يستغرق قيمته و قيمة كسبه بطلت الوصيّة و إن لم يستوعب صرف من العبد و كسبه ما يقضي به الدّين و الباقي يقسّم على ما يعمل في العبد الكامل و كسبه فلو كان على السّيد دين كقيمته صرف فيه نصف العبد و نصف كسبه و قسّم النصف الباقي بين الورثة و المعتق نصفين و لو كسب العبد مثل قيمته و للسيّد مال مثل قيمته قسمت العبد و مثلي القيمة على الأشياء الأربعة فلكلّ شيء ثلاثة أرباع فيعتق من العبد ثلاثة أرباعه و له ثلاثة أرباع كسبه و لو أعتق عبدا قيمته عشرون ثمّ أعتق آخر قيمته عشرة و لا مال سواهما و كسب كلّ واحد مثل قيمته لم يكمل الحريّة في الأوّل و إلاّ لتبعه كسبه فيحصل له ضعف ما للورثة بل طريقه أن نقول عتق منه شيء و له من كسبه شيء و للورثة شيئان فيقسّم العبدان و كسبهما على الأشياء الأربعة فيكون لكلّ شيء خمسة عشر فيعتق منه بقدر ذلك و هو ثلاثة أرباعه و له ثلاثة أرباع كسبه و الباقي منه و من كسبه و العبد الآخر و كسبه أجمع للورثة و لو بدأ بعتق الأدنى عتق كلّه و أخذ كسبه و يستحقّ الورثة من العبد الآخر و كسبه مثلي الأدنى و هو نصفه و نصف كسبه و يبقى نصفه و نصف كسبه بينهما نصفين فيعتق ربعه و له ربع كسبه و يرقّ ثلاثة أرباعه و يتبعه ثلاثة أرباع كسبه و ذلك مثلا ما انعتق منها و لو عتق العبدين دفعة أقرع بينهما فمن خرجت له قرعة الحريّة فحكمه كما لو بدأ بعتقه و لو كان له ثلاثة أعبد قيمة كلّ واحد مائة و عليه دين مائة و كسب أحدهم مائة و أعتقهم و لم يجز الورثة أقرع لإخراج الدّين فإن وقعت على غير المكتسب بيع في الدّين ثمّ أقرع بين المكتسب و الآخر للحريّة فإن خرجت على غير المكتسب عتق كله و كان المكتسب و ماله للورثة و إن وقعت قرعة الحريّة على المكتسب دخل ذلك الدّور فيقول عتق منه شيء و تبعه من كسبه شيء و للورثة شيئان فالعبدان و الكسب ثلاثمائة يعدل أربعة أشياء فالشيء خمسة و سبعون و ذلك ثلاثة أرباع العبد فيعتق ثلاثة أرباعه و يتبعه من الكسب خمسة و سبعون و يبقى للورثة ربعه خمسة و عشرون و من كسبه مثلها و العبد الآخر قيمته مائة فيحصل للورثة مائة و خمسون و ذلك ضعف ما عتق من العبد و لو وقعت قرعة الدّين على

ص: 307

المكتسب أوّلا بيع نصفه في الدين و صرف نصف كسبه فيه و لو بعنا لجميع أبطلنا عليه العتق و لم يقض الدّين من كسبه خاصة لإمكان وقوع النسق عليه فيكبر المكتسب له لا من مال الميّت فلا يجوز أن يقضى بماله دين الميّت و إنما قضي الدّين بما يتبع ما رقّ منه من الكسب لبطلان العتق فيه فإذا ثبت هذا أقرع بين باقيه و بين العبدين الآخرين في الحريّة فإن وقعت على غيره عتق بأجمعه و للورثة الباقي و إن وقعت عليه عتق باقيه و أخذ باقي كسبه ثمّ أقرع بين العبدين لإتمام الثلث فمن وقعت عليه القرعة عتق ثلثه و بقي ثلثاه و العبد الآخر للورثة فيكون العتق خمسة أسداس عبد لأنّ مال الميّت بعد قضاء الدّين عبدان و نصف و لو لم يكن هناك دين أقرع بين الثلاثة فإن خرجت قرعة العتق على المكتسب عتق و كان كسبه له و رقّ العبدان الباقيان و هما مثلا ما عتق و إن خرجت على غير المكتسب عتق و بقي من الثلث شيء لأنّ قيمة العبيد و الكسب أربعمائة فيقرع بين الباقيتين فإن خرجت القرعة على الذي لم يكتسب عتق ثلثه و قد استوفى الثلث و إن خرجت على المكتسب قلنا نفذ العتق في شيء و تبعه من الكسب شيء و للورثة شيئان مثلا ما عتق و قد نفذ العتق في عبد قيمته مائة فيجعل للورثة مثلا ذلك مائتان و في يدهم عبدان قيمتهما مائتان و مائة الكسب فيسقط من ذلك مائتان و يبقى معهم مائة تعدل أربعة أشياء فالشيء خمسة و عشرون و تبعتها من الكسب خمسة و عشرون و يبقى للورثة عبد قيمته مائة و ثلاثة أرباع المكتسب خمسة و سبعون و كسب ذلك خمسة و سبعون فيكون لهم مائتان و خمسون و قد عتق عبد و ربع عبد بمائة و خمسة و عشرين [- يج -] إذا أعتق عبدين بلفظ واحد و لا مال سواها و هما متساويان فيه فمات أحدهما أقرع بين الحيّ و الميّت فإن وقعت على الميّت فالحيّ رقيق و تبيّن أنّ الميّت نصفه حرّ لأنّ الواصل إلى الورثة مثلا نصفه و إن وقعت على الحيّ عتق ثلثه و لا يحسب الميّت على الورثة [- يد -] لو أعتق عبده و قيمته عشرة و لا مال سواه فمات قبل سيّده و ترك عشرين استحقّها السّيد بالولاء و تبيّن أنّه مات حرّا و لو خلّف عشرة دخله الدّور فنقول تحرّر منه شيء و له من كسبه شيء و لسيّده شيئان و قد حصل في يد سيّده عشرة تعدل شيئين فتبيّن أن نصفه حرّ و باقيه رقيق و العشرة للسيّد نصفها بالرّق و نصفها بالولاء و لو خلف العبد ولدا فله من رقبته شيء و من كسبه شيء يكون لولده بالميراث و للسيّد شيئان فيقسّم العشرة على ثلاثة للابن ثلثها و للسيّد ثلثاها و تبيّن أنّه عتق من العبد ثلثه و لو خلف العبد عشرين و ابنا فله من كسبه شيئان يكونان لابنه و لسيّده شيئان فالعشرون بين السيّد و الولد نصفين و تبيّن أنّه عتق نصفه و لو مات الابن قبل موت السيّد و كان ابن معتقه ورثه السيّد لأنّا تبيّنا أنّ أباه مات حرّا إذ السيّد قد ملك عشرين هي مثلا قيمته فعتق و جرّ ولاء ابنه إلى سيّده فورثه و إن لم يكن ابن معتقه لم ينجر ولاؤه و لم يرثه سيّد أبيه و كذا البحث لو خلّف الولد عشرين و لم يخلّف الأب شيئا أو ملك السيّد عشرين من أيّ جهة كانت و لو لم يملك عشرين لم ينجر ولاء الابن إليه لأنّ أباه لم يعتق و لو عتق بعضه انجرّ من ولاء ابنه بنسبته [- يه -] المريض إذا تزوّج و مات في مرضه فإن لم يدخل بطل النكاح و لا مهر للمرأة و لا ميراث و إن دخل صحّ النكاح و ثبت لها الميراث و كان لها المهر فإن حابى فيه بأن كان مهر مثلها خمسة فأصدقها عشرة لا يملك سواها كان لها مهر المثل و ثلث المحاباة و لو أجاز الورثة يثبت المحاباة و لو ماتت قبله فورثها و لم يخلف سوى الصداق دخلها الدور فيصح المحاباة في شيء فيكون لها خمسة بالصّداق و شيء بالمحاباة و يبقى لورثة الزوج خمسة إلاّ شيئا ثمّ رجع إليهم بالميراث نصف مالها و هو اثنان و نصف و نصف شيء صار لهم سبعة و نصف إلاّ نصف شيء يعدل شيئين أجبر و قابل يخرج الشيء ثلاثة و كان لها ثمانية رجع إلى ورثة الزّوج نصفها أربعة صار لهم ستّة و لورثتها أربعة و لو ترك الزّوج خمسة أخرى بقي مع الورثة اثنا عشر و نصف إلاّ نصفا شيء يعدل شيئين فالشيء خمسة فجازت لها المحاباة أجمع و رجع جميع ما حابى به إلى ورثة الزّوج و بقي لورثتها صدق أمثلها و لو كان للمرأة خمسة و لا شيء للزوج بقي مع ورثة الزّوج عشرة إلاّ نصفا شيء يعدل شيئين فالشيء أربعة فيكون لها بالصداق تسعة مع خمسها أربعة عشر رجع إلى ورثة الزوج نصفها مع الدّينار الذي بقي لهم صار لهم ثمانية و لورثتها سبعة [- يو -] إذا أعتق أمته في صحّته ثمّ تزوّجها في مرضه و دخل صحّ و ورثته إجماعا و إن أعتقها في مرضه ثمّ تزوّجها و دخل و كانت تخرج من الثلث عتقت و ورثت و لو أعتق أمة لا يملك غيرها ثمّ تزوّجها صحّ النّكاح فإن مات ظهر فساد النكاح و يسقط مهرها و يعتق ثلثها و يرقّ ثلثاها و إن كان قد دخل بها و مهرها نصف قيمتها عتق منها ثلاثة أسباعها و استرق أربعة أسباعها و طريقه أن تقول عتق منها شيء و لها بصداقها نصف شيء و للورثة شيئان فيجتمع ذلك فيكون ثلاثة أشياء و نصف تبسطها فيكون سبعة لها منها ثلاثة و لهم أربعة و لو أراد الورثة دفع حصّتها من

ص: 308

من مهرها و هو سبعاه و يعتق منها سبعاها و يسترقّوا خمسة أسباعها فلهم ذلك و لو قلنا يحسب مهرها من قيمتها و تستسعى فيما بقي و هو ثلث قيمتها كان وجها و لو أعتقها و قيمتها مائة و تزوّجها و مهرها كذلك و خلف مائة صحّ النكاح و بطل المسمى و إلاّ جاء الدّور لتوقّفه على ثبوت العقد المتوقّف على العتق المتوقّف على بطلان المهر لقصور الثلث عن القيمة مع صحّته و يثبت مهر المثل لأنّه يجري مجرى أرش الجناية و يبطل العتق في بعضها لزيادتها عن الثلث و طريق تحصيل مقدار العتق و حصّته من مهر المثل أن يقال عتق منها شيء و حصل لها من مهر المثل شيء آخر و حصل للورثة شيئان في مقابلة ما عتق منها فيكون التركة التي من جملتها الجارية في تقدير أربعة أشياء التركة ثلاثمائة و قيمة الجارية ثلثها فيعتق ثلاثة أرباعها و يحصل لها ثلاثة أرباع مائة من مهر المثل تؤدي منه خمسة و عشرين تمام قيمتها يبقى لها خمسون و للورثة مائة و خمسون [- يز -] لو أعتقت المريضة عبدا قيمته عشرة و تزوّجها بعشرة في ذمّته ثمّ ماتت و خلّفت مائة ضمّت العشرة إلى المائة فيكون هي التركة فيرث النصف و يبقى للورثة خمسة و خمسون و لا يجب عليه قيمته [- يح -] خلع المريضة جائز فإذا خالفت في مرضها فإن كان بمهر المثل صحّ له الفدية و إن كان بأكثر كانت الزيادة على مهر المثل محاباة يعتبر من الثلث فإذا خالعت و مهر مثلها اثنا عشر بثلثين لا مال لها سواها فللزوج ثمانية عشر و لو تزوّج المريض امرأة على مائة و لا يملك غيرها و مهر أمثالها عشرة ثمّ مرضت فاختلعت منه بالمائة و لا مال لها سواها فلها مهر مثلها و شيء بالمحاباة و الباقي له ثمّ رجع إليه صداق المثل و ثلث شيء بالمحاباة فصار له مائة إلاّ ثلثي شيء يعدل شيئين فالشيء ثلاثة أثمانها و هو سبعة و ثلاثون و نصف فصار لها ذلك و مهر المثل يرجع إليه مهر المثل و ثلث الباقي اثنا عشر و نصف فيصير بيده خمسة و سبعون و هو مثلا محاباتها [- يط -] لو وهب المريض أخته مائة لا يملك سواها فقبضتها ثمّ ماتت و خلفته مع زوجها فقد صحّت الهبة في شيء و الباقي للواهب و رجع إليه بالميراث نصف الشيء الذي جازت الهبة فيه صار معه مائة إلاّ نصف شيء يعدل شيئين فالشيء خمسا ذلك أربعون رجع إلى الواهب نصفها عشرون صار معه ثمانون و بقي لورثة الموهوبة عشرون و طريقه أن يأخذ عددا لثلثه نصف و هو ستّة فتأخذ ثلثها اثنين و تلقي نصفه سهما يبقى سهم فهو للموهوبة و يبقى للواهب أربعة فيقسم المائة بينهم على خمسة و السّهم الّذي أسقطته لا يذكر لأنّه يرجع على جميع السّهام الباقية بالسّوية فيطرح كالسّهام الفاضلة عن الفروض في مسألة الرّد مثل أن يخلف أمّا و ابنين فللابنين أربعة و للأمّ سهم و يسقط ذكر السّهم الآخر [- ك -] لو أعتق المريض عبدا لا شيء له سواه و قيمته مائة فقطع إصبع سيّده خطاء عتق نصفه و عليه نصف قيمته و يصير للسيّد نصفه و نصف قيمته و ذلك مثلا ما عتق منه و إنّما وجب نصف القيمة عليه لأنّ عليه من أرش الجناية بقدر ما عتق منه و حساب ذلك أن تقول عتق منه شيء و عليه للسيّد شيء فصار مع السيّد عبد إلاّ شيئا و شيء يعدل شيئين فأسقط شيئا بشيء بقي ما معه من العبد يعدل شيئا مثل ما عتق منه و لو كانت قيمته مائتين عتق خمساه لأنّه عتق منه شيء و عليه نصف شيء للسيّد فصار للسيّد نصف شيء و بقيّة العبد يعدل شيئين فيكون بقيّة العبد يعدل شيئا و نصفا و هو ثلاثة أخماسه و الشيء الذي عتق خمساه و لو كانت قيمته خمسين أو أقلّ عتق بأجمعه لأنّه يلزمه مائة و هي مثلاه و لو كانت قيمته شيئين قلنا عتق منه شيء و عليه شيء و ثلثا شيء للسيّد مع بقيّة العبد يعدل شيئين فبقيّة العبد إذن ثلث شيء فيعتق منه ثلاثة أرباعه و على هذا القياس إلاّ أن ما زاد من العتق على الثلث يقف على أداء ما يقابله من القيمة [- كا -] لو أعتق عبدين لا مال سواهما دفعة واحدة قيمة أحدهما مائة و الآخر مائة و خمسون فجنى الأدنى على الأرفع جناية نقضته ثلث قيمته و أرشها كذلك ثمّ مات السيّد فإن وقعت قرعة الحريّة على الجاني عتق منه أربعة أخماسه و عليه أربعة أخماس أرش جنايته و بقي لورثة سيّده خمسه و أرش جنايته و العبد الآخر و ذلك مائة و ستّون هي مثلا ما عتق منه و طريقه أن تقول عتق منه شيء و عليه نصف شيء لأنّ جنايته بقدر نصف قيمته بقي للسيّد نصف شيء و باقي العبدين يعدل شيئين فعلمنا أنّ باقي العبدين شيء و نصف فإذا أضفت إلى ذلك الشيء الذي عتق صارا جميعا يعدلان شيئين و نصفا فالشيء الكامل خمساهما و ذلك أربعة أخماس أحدهما و لو وقعت قرعة الحريّة على المجني عليه عتق ثلثه و له ثلث أرش جنايته يتعلّق برقية الجاني و ذلك تسع الدية لأنّ الجناية على من ثلثه حرّ يضمن بقدر ما فيه من الحريّة و الرقّ و الواجب له من الأرش يستغرق قيمة الجاني فيستحقّه بها و لا يبقى لسيّده مال سواه فيعتق ثلثه و يرقّ ثلثاه [- كب -] إذا أوصى للمريض بمن ينعتق عليه فقبله و مات في ذلك المرض عتق من الأصل لأنّ الاعتبار الثلث إنّما يكون لما يخرج من ملكه

ص: 309

و يرث و قال الشّافعي يكون من الثلث و هو قويّ و لو اشترى المريض أباه بألف لا يملك سواها فعلى القول بإخراج المنجزات من الأصل يصحّ البيع و ينعتق جميعه و على ما اخترناه يعتق ثلثه و يبقى ثلثاه رقّا لورثة ابنه فإن كان ممّن ينعتق عليهم عتق و إلاّ فلا و يرث بقدر الحريّة فيه [- لج -] إذا أوصى لرجل بجارية و أتت بولد بعد موت الموصي و لا تركة سواهما و قيمتهما متساوية كان للموصي له ثلثا الجارية و الثلث الباقي و الولد للورثة و لو أوصى له بجارية حامل منه و مات قبل القبول قام وارثه مقامه فيه و يكره له الرّد فإذا قيل الوارث ملك الجارية و حملها بالقبول من الموصي لا من المورث و هل يقضي ديون المورّث من الجارية و حملها و ينفذ منهما وصاياه فيه نظر ينشأ من أن الملك حصل من الموصي و السبب و هو القبول لم يحصل من المورث و من كون الوارث إنّما ملك بما ورث عنه من القبول فهو مملوك لسبب من جهته كالدّية و على كلّ تقدير فالولد لا يرث لتوقّفه على الحريّة المتوقّفة على القبول من جميع الورثة فلو كان أحدهم دار و لو أوصى بأمة لرجل و مات الموصي و الموصى له و له ابن من الأمة و لم يجز الورثة فقبلها الولد عتق ثلثها و في تقويم الباقي عليه إشكال [- كد -] إذا أعتق المريض شقصين من عبدين على التعاقب فإن خرج الأوّل بكماله من الثلث عتق و إن فضل من الثلث شيء عتق من الثّاني بقدر الفاضل و لو خرج الثاني كلّه عتق و لو لم يفضل عن كمال الأوّل شيء لم يعتق من الثاني شيء و نفذ العتق في الأوّل بأجمعه و لو قصر الثلث عن الأوّل عتق منه بقدره و لو أعتق الشقصين منهما دفعة فإن خرج العبدان من الثلث عتقا و إن خرج الشقصان خاصّة عتق الشقصان و إن خرج أزيد منهما فالأقرب القرعة و يحتمل قسمة الفاضل بينهما [- كه -] إذا ملك المريض من يعتق عليه بغير عوض عتق و ورث كالهبة و الميراث و لو كان بعوض صحّ الشراء من الثلث و عتق و في إبطال الشراء في الزائد نظر و على تقدير الصّحة لا يعتق على المريض و أمّا الوارث فإن كان ممن يعتق عليه عتق و إلاّ فلا و مع عتق جميعه على المريض يرث منه و إن عتق بعضه ورث بقدر الحريّة و إن عتق على الوارث لم يرث بالنسبة إلى نصيبه و لو اشترى أباه بألف لا يملك سواها و خلّف ابنا فعلى القول بصحّة البيع من الأصل يعتق على المريض و على الآخر يعتق ثلثه و يعتق باقيه على الابن و لو اشترى ابنه بألف من تركته و قيمته ثلاثة آلاف و خلف ابنا آخر عتق كلّه على أحد القولين و على الآخر يملك أخوه لسعيه و يعتق سبعة أتساعه لأنّه ملك ثلثيه بالمحاباة و لو ترك ألفين سواه عتق كلّه و ورث ألفا لأنّ التركة هي الثمن لا القيمة و لو اشترى ابني عمّه بألف لا يملك سواها و قيمة كلّ واحد ألف فأعتق أحدهما ثمّ خلّف أبعد منهما في النّسب فعلى ما اخترناه يعتق ثلثاه إلاّ أن يجيز الوارث عتقه أجمع ثم يرث بثلثيه ثلثي بقيّة التركة فيعتق منه ثمانية أتساعه و يبقى تسعة و ثلث أخيه للأبعد و يحتمل عتقه كلّه و يرث أخاه لأنّه بالاعتناق يصير وارثا لثلثي التركة ينفذ إجازته في إعتاق باقيه فيكمل له الحريّة ثمّ يكمل له الميراث و لو تبرّع بثلث تركته ثمّ اشترى إياه و له ابن فإن قلنا بإخراج المنجزات من الأصل صحّ العتق للأب و ورث و إن قلنا إنّه من الثلث قدّمنا السابق من المنجزات فيصحّ الشراء و لا يعتق على المريض لأنّه لم يبق من الثلث شيء و يرثه الولد فيعتق عليه و لا يرث لأنّ العتق إنما حصل له بعد الموت و كذا البحث لو اشترى أباه ثمّ أعتقه أمّا لو وهب له أبوه أو ورثه فإنّه بعتق عليه و يرث و لو ملك من يرثه ممّن لا يعتق عليه كابن عمّه فأعتقه في مرضه كان إعتاقه وصيّة من الثلث على ما اخترناه فإن خرج من الثلث عتق و ورث و إن لم يخرج من الثلث عتق منه بقدر الثلث و ورث بقدر ما فيه من الحريّة [- كو -] كلّ ما يلزم المريض في مرضه من الحقوق الواجبة فهو من رأس المال كأرش الجناية و جناية عبده و ما عاوض عليه بثمن المثل و أمّا يتغابن الناس بمثله و النكاح بمهر المثل و شراء جارية للتسري كثيرة الثمن بثمن المثل و كذا شراء طعام لا يأكله مثله بثمن مثله بلا خلاف بين العلماء في ذلك و لو قضى بعض غرمائه و وقت تركته بسائر الدّيون صحّ قضاؤه و لا سبيل للغرماء عليه و إن لم يف فكذلك لأنّه أدّى واجبا فصار كما لو اشترى بثمن المثل و لو أعتق تبرّعا ثمّ أقرّ بدين مستوعب ففي صحة العتق نظر [- كز -] العطايا المنجزة يشترك مع الوصيّة في أحكام أربعة أحدهما أنّها تخرج من الثلث على ما اخترناه و يقف نفوذها فيما زاد عليه على الإجازة الثاني أنّ فضلها أنقص من فضل الصّدقة في حال الصّحة الثالث أن خروجها من الثلث يعتبر حال الموت لا قبله و لا بعده الرابع أنّها إذا اجتمعت العطايا قدّم الأوّل منها فالأوّل كالوصيّة و يفارقها في الأحكام خمسة الأول أنّها لازمة في حق المعطي ليس له الرجوع فيها و إن كثرت الثاني أنّ قبولها على الفور في حياة المعطي و كذا ردها بخلاف الوصيّة فإنّه لا حكم لقبولها و لا ردّها إلاّ بعد الموت الثالث أنّ العطيّة تفتقر إلى شروطها المعتبرة في الصّحة من العلم بالقدر في البيع و عدم التعليق على شرط في العتق و غير ذلك من الأحكام بخلاف الوصيّة الرابع أنّ المرض إن اتصل بالوفاة خرجت

ص: 310

من الثلث و إن برأ منه ثمّ مات خرجت من الأصل و الوصيّة تخرج من الثلث مطلقا الخامس أنّها مقدمة على الوصيّة فيبدأ بها و يدخل النّقص على الوصايا و لو اجتمعت العطايا فإن ترتبت بدئ بالأوّل فالأوّل و كان النقص داخلا على الأخير و إن وقعت دفعة بأن وكّل جماعة في إيقاعها فأوقعوها دفعة قسّم الثلث بينها على قدر الحقوق و لو نذر عتق سعيد عند عتق سعد ثمّ أعتق سعد أعتق سعيد إن خرجا من الثلث و إن لم يخرج إلاّ أحدهما قدّم عتق سعد و إن بقي من الثلث ما يعتق به بعض سعيد عتق تمام الثلث منه و لو بذر عتق عبده إن تزوّج فتزوّج بأكثر من مهر المثل فالزيادة معتبرة من الثلث فإن قصر الثلث عن المحاباة و العتق قدمت المحاباة لأنّ التزويج شرط في العتق فيتقدّم عليه فوجوب المحاباة أسبق و يحتمل التساوي لأنّ التزويج سبب للمحاباة و شرط في العتق [- لح -] المرض قسمان مخوف و غير مخوف و الثاني كوجع العين و الضرس و الصّداع اليسير و حمى ساعة و هذا حكمه حكم تصحيح في عطاياه و الأوّل إنّما ممتدّ كالجذام و حمّى الرّبع و الفالج عند انتهائه و السّل في ابتدائه و حمّى الغب أو غير ممتدّ و يعلم تعجيل موته كالمذبوح و من انتزعت حشوته أو لا يعلم لكنّه يخاف منه ذلك كالبرسام و الحمّى الصالب و الرعاف اللازم و ذات الجنب و وجع القلب و الرئة و القولنج فهذه كلّها يحقّق معها الحجر في الوصايا و التّبرعات عمّا زاد على الثلث سواء كان معها حمّى أو لا و الإسهال المخوف الذي لا يمكنه منعه و لا مسكه مخوف و إن لم يكن منحرفا بل ينقطع و يعود ليس بمخوف إلاّ أن يكون معه زحير أو يدوم عليه أو يستصحب الدّم و لو أشكل الحال في المخوف و غيره رجع إلى أهل الخبرة و هم الأطباء المسلمون العدول و لو هاج به الدم فهو مخوف و إن لم يتغيّر عقله و كذا الصفراء إذا هاجت به أو البلغم الهائج و الطاعون و الجراح النافذ إلى الدباغ أو إلى الجوف مخوف و لو كان في يد أو ساق و شبههما لم يورّم الموضع و لا يأكل و لا حصل معه ضربان فهو غير مخوف [- كط -] لو حصل الخوف من غير مرض لم يتعلّق به الحجر مثل حال التحام الحرب حال التحام الطائفتين و كالأسير إذا وقع مع من يرى قتله و ركوب البحر وقت اضطرابه و حضور مستوفي القصاص منه و الطلق إذا ضرب الحامل فهذه الأسباب كلّها لا يتعلّق بها حكم المرض و يمضى التبرعات المنجزة معها من الأصل و كذا لو حصل الطاعون ببلد هو ساكن فيه

ص: 311

المجلد 2

هویة الکتاب

تحریر الأحکام

نويسنده: علامه حلی، حسن بن یوسف

تعداد جلد:2ج

زبان: عربی

ناشر: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم - ایران

کد کنگره: 1300 /ع8ت3 182/3 BP

تنظیم متن دیجیتال میثم حیدری

ص: 1

تتمة القاعدة الثانية

اشارة

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ

كتاب النكاح

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد أمّا

المقدمة
اشارة

ففيها فصول

الأوّل في ماهيّته

و فضله و فيه [- ه -] مباحث [- أ -] الأقرب أنّ النكاح حقيقة في العقد مجاز في الوطي لورودهما معا في الكتاب العزيز قال تعالى إِذٰا نَكَحْتُمُ اَلْمُؤْمِنٰاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ و قال تعالى حَتّٰى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ و إنّما جعل حقيقة في الأوّل لغلبة الاستعمال فيه و صحّة نفيه عن الثاني فيقال هذا سفاح و ليس بنكاح و أولويّة المجاز على الاشتراك يدلاّن على مجازيته في الثّاني فيكون النكاح شرعا حقيقة في عقد التزويج مجازا في الوطي [- ب -] النكاح مشروع بالنصّ و الإجماع قال اللّٰه تعالى فَانْكِحُوا مٰا طٰابَ لَكُمْ مِنَ اَلنِّسٰاءِ و أَنْكِحُوا اَلْأَيٰامىٰ مِنْكُمْ و قال النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله يا معشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوّج فإنّه أغضّ للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فليصم فإنّ الصوم له و جاء و أجمع المسلمون كافّة على مشروعيّته [- ج -] النكاح مندوب إليه مرغّب فيه قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من تزوّج فقد أحرز نصف دينه و قال صلّى اللّٰه عليه و آله ما بني في الإسلام بناء أحب إلى اللّٰه تعالى من التّزويج و قال صلّى اللّٰه عليه و آله تزوّجوا فإنّي مكاثر بكم الأمم غدا في القيامة حتّى أنّ السقط يجيء محبنطيا على باب الجنّة فيقال له ادخل فيقول لا أدخل حتّى يدخل أبواي قيل و عن الباقر عليه السّلام الركعتان يصلّيهما متزوّج أفضل من سبعين ركعة يصلّيها عزب و قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله لركعتان يصليهما متزوّج أفضل من رجل عزب يقوم ليله و يصوم نهاره و قال صلى اللّٰه عليه و آله أراذل موتاكم العزّاب و قال أكثر أهل النار العزّاب و قال عليه السّلام ما استفاد امرؤ فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها و تطيعه إذا أمرها و تحفظه إذا غاب عنها في نفسها و ماله [- د -] الناس على أقسام ثلاثة خائف على نفسه من الوقوع في محظور إذا ترك النكاح فهذا يجب عليه إعفاف نفسه بالنكاح و من له شهوة و يأمن معها الوقوع في محظور فهذا يستحبّ له النكاح و هو أفضل له من التخلي للعبادة و من لا شهوة له كالعنين و الكبير و المريض مرضا ملازما فالأقرب في هذا عدم استحباب النكاح له لانتفاء مصالحه و لمنعه الزوجة من التّحصين بغيره و لاشتغاله عن العلم و العبادة بما لا فائدة فيه [- ه -] النكاح مستحبّ للغنيّ و الفقير و لا ينبغي أن يترك مخافة العيلة فإنّ رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله زوّج فقيرا لم يقدر على خاتم حديد و لا وجد له إلاّ إزاره و لم يكن له رداء و قال من سرّه أن يلقى اللّٰه طاهرا مطهرا فليلقه بزوجة و من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظّنّ باللّٰه عزّ و جل و قال الصادق عليه السّلام من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن باللّٰه سبحانه إنّ اللّٰه عزّ و علا يقول إِنْ يَكُونُوا فُقَرٰاءَ يُغْنِهِمُ اَللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ

الفصل الثاني في خصائص النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله

و هي واجب و محرم و مباح و كراهة فالواجبات السواك و الوتر و الأضحية و تخيير النساء فمن اختارت نفسها منهنّ بانت و إذا لبس لأمته و هي الدرع و السلاح لا ينزعها حتّى يلقى العدو و قيام الليل ثمّ نسخ بقوله فَتَهَجَّدْ بِهِ نٰافِلَةً لَكَ و المحرمات الكتابة و قول الشعر و تعليمه و أخذ الصدقة الواجبة و المندوبة و نكاح الكتابيات و خائنة

ص: 2

الأعين و هو الغمز بها بل كان عليه السلام يصرّح بشيء من غير تعريض و المباحات الوصال بمعنى أنّه كان يطوي الليل بلا أكل و شرب مع صيام النهار لا أن يكون صائما و أن يحمي لنفسه و أبيح له الغنائم و الفيء و أن يصطفي من الغنيمة و أن يصلي أين شاء من الأرض و يتطهّر بأيّ تراب منها كان و لم يكن لأحد قبله ذلك و قيل أبيح له أخذ الماء من العطشان و أبيح له أن تزوّج ما شاء بغير حصر و أن يتزوج بلا مهر و اختلف في خمس أن تزوّج بلا وليّ و لا شهود و هما ثابتان عندنا لكلّ أحد و أن يتزوّج محرما على خلافه قال الشيخ رحمه اللّٰه الظاهر أنّه محرّم عليه أيضا و بلفظ الهبة و إذا قسّم لواحدة من نسائه و بات عندها هل يجب عليه القسمة للباقيات خلاف و الكرامات بعث إلى الجميع بها و اختصّ كلّ نبي ببعثته إلى قوم و ساوى الأنبياء كلّهم في معجزاتهم و خصّ بالقرآن و بقائه إلى البعث و نصر بالرعب و جعلت زوجاته أمهات المؤمنين و حرمن على غيره من بعده و كان ينام عينه و لا ينام قلبه و يرى من خلفه كما يرى من قدامه

الفصل الثّالث في مباحث متفرّقة

من هذا الباب و هي [- يا -] بحثا ا كل امرأة مات النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله عنها لم يحلّ لأحد أن يتزوّجها سواء دخل بها أو لا لكن زوجاته عليه السّلام كلهنّ دخل بهنّ أمّا من فارقها من حياته إمّا بفسخ كالمرأة التي وجد بكشحها بياضا ففسخ نكاحها أو بطلاق كالتي قالت له و أعوذ باللّٰه منك فطلّقها فهل للغير نكاحها فالأصحّ تحريمها أيضا [- ب -] التحريم في أزواجه غير معلّل بكونه عليه السّلام أبا و لا بكونهنّ أمّهات بل بوحي من اللّٰه سبحانه إكراما له عليه السّلام و لهذا لا يحرم بناتهن و لا أمهاتهنّ و لو كنّ أمّهات حقيقة لحرمن [- ج -] قال بعض الناس القسمة لا تجب على النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله سواء ابتدأ بالقسمة أو لا و الأقرب وجوبه انتهاء كغيره من الأمّة و عدم وجوبه ابتلاء كما في حقّ غيره من أمّته [- د -] لا يجوز للأجنبي النظر إلى المرأة إلاّ لضرورة كالطبيب للعلاج و إن كان إلى العورة و كذا من يريد الشهادة على العيب الذي يدعيه الزوج أو لحاجة كمن يريد أن يشهد على امرأة لا يعرفها إلاّ بالنظر إلى وجهها و من يريد معاملتها و كالحاكم المحتاج إلى رؤية وجهها ليحكم عليها و تحليها و يجوز أن ينظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها و إن لم يستأذنها و كفّيها و شعرها و أن يكرّر النظر إليها قائمة و ماشية و لا يجوز النظر إلى غير الوجه و الكفين من غير ساتر و كذا يجوز أن ينظر إلى أمة يريد شراءها و إلى شعرها و إلى الذمّية و شعرها لأنّها بمنزلة الأمة و لا يجوز لتلذّذ أو ريبة و يجوز أن ينظر إلى وجه الأجنبيّة و كفّيها مرة و لا يجوز معاودة النظر [- ه -] يجوز للرجل أن ينظر إلى جسد زوجته و كلّ أجزائها باطنا و ظاهرا و يكره إلى العورة و ليس بمحرم و كذا المرأة في حقّ الزوج و للزوج النظر إلى المحارم ما عدا العورة و كذا للمرأة [- و -] إنّما يجوز النظر إلى الأجنبيّة مع الضرورة أو الحاجة كما قلناه أوّلا و يقتصر الناظر على ما يفتقر إليه في النظر [- ن -] يجوز للرجل أن ينظر إلى مثله عدا العورة سواء كان شابّا أو شيخا و سواء كان حسن الصورة أو قبيحها ما لم يكن النظر لتلذّذ أو ريبة فيحرم عليه النظر إليه (- ح -) و كذا المرأة يجوز لها النظر إلى مثلها سواء كانت حسنة أو قبيحة ما لم يكن لريبة أو تلذّذ فيحرم [- ح -] لا يجوز للمرأة النظر إلى الأجنبيّ من الرّجال إلاّ للضّرورة و لا يجوز للخصيّ النّظر إلى المرأة سواء كانت مالكة له أو لا على إشكال قال الشيخ و الذي يقوى في نفسي التحريم و روى أصحابنا في تفسير قوله تعالى أَوْ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُهُنَّ المراد به الإماء أمّا الخصيّ إذا كبر و هرم و ذهبت ثبوته فإنّه يجوز النظر لقوله تعالى أَوِ اَلتّٰابِعِينَ غَيْرِ أُولِي اَلْإِرْبَةِ مِنَ اَلرِّجٰالِ [- ط -] لا يجوز للأعمى سماع صوت المرأة الأجنبيّة و لا يجوز للمرأة النظر إليه لأنّ ابن أم مكتوم دخل على النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله و عنده عائشة و حفصة فلم يحتجبا عنه فلمّا خرج أنكر عليهما فقالتا إنّه أعمى فقال أ فعمياوان أنتما أما الصبيّ و المجنون فلهما النظر إلى المرأة بمعنى أنّ المرأة لا إثم عليها في التبرّج إليهما و كذا الصغيرة من النساء يجوز للرّجل النظر إليها إذا لم يكن في محلّ الشهوة [- ى -] العضو المنفصل هل يجري مجرى المتّصل في تحريم النظر إليه فيه إشكال [- يا -] المسّ كالنظر في أحكامه من المنع و الإذن و يجوز لحاجة المعالجة كالنظر و يجوز النظر إلى الفرج لتحمّل شهادة الزنا

الفصل الرابع في الآداب

و فيه [- ى -] مباحث أ يستحبّ لمن أراد العقد أن يتخيّر من النساء من تجمع كرم الأصل و البكارة و الولادة و العفّة و لا يطلب الجمال و المال فإنّه يحرمهما بل تزوّجها لدينها ليرزقه اللّٰه تعالى الجمال و المال قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله أ لا أخبركم بخير نسائكم قالوا بلى يا رسول اللّٰه قال إنّ من خير نسائكم الولود الودود الستيرة العفيفة العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها المتبرّجة مع زوجها الحصان مع غيره التي تسمع قوله و تطيع أمره و إذا خلا بها بذلت له ما أراد منها و لم تبذل له كبذل الرجل و قال عليه السّلام أ لا أخبركم بشرّ نسائكم قالوا بلى يا رسول اللّٰه فأخبرنا قال من شرّ نسائكم الذليلة في أهلها العزيزة مع بعلها العقيم الحقود التي لا تتورّع عن قبيح المتبرّجة إذا غاب عنها زوجها الحصان معه إذا حضر التي لا تستمع قوله و لا تطيع أمره فإذا خلا بها تمنّعت تمنع الصعبة عند ركوبها و لا تقبل له عذرا و لا تغفر له ذنبا و قام صلّى اللّٰه

ص: 3

عليه و آله خطيبا فقال أيّها الناس إيّاكم و خضراء الدّمن قيل يا رسول اللّٰه و ما خضراء الدّمن قال المرأة الحسناء في منبت السّوء قال بعض الجمهور الأولى أن لا يتزوّج الرّجل في عشيرته فإنّ من تزوّج فيهم كان الغالب على ولده الحمق قال الشيخ رحمه اللّٰه و قد ورد في الأحاديث الحثّ على التّزويج بالأقارب لأنّه من صلة الرّحم و هو حسن [- ب -] يستحبّ لمن أراد عقد النكاح أن يستخير اللّٰه تعالى بأن يسأله أن يخبر له فيما قد عزم عليه و يصنع ما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السّلام قال يصلّي ركعتين و يحمد اللّٰه عزّ و جلّ و يقول اللّٰهمّ إنّي أريد التزوج اللّٰهمّ فقدّر لي من النساء أعفهنّ فرجا و أحفظهنّ لي في نفسها و مالي و أوسعهنّ رزقا و أعظمهنّ بركة و قيض لي منها ولدا طيبا تجعله لي خلفا صالحا في حياتي و بعد موتي [- ج -] روى حمران عن الصادق عليه السّلام قال من تزوّج و القمر في العقرب لم ير الحسنى قال ابن بابويه و روي أنّه يكره التزوّج في محاق الشهر [- د -] يستحب الإعلان في نكاح الدوام و الإشهاد و ليس شرطا و إن تآمرا لكتمان و الخطبة أمام العقد و ليست واجبة و إيقاعه ليلا و كذا الزفاف أمّا الوليمة فبالنهار [- ه -] يستحبّ عند الزفاف الوليمة يوما أو يومين يدعى فيه المؤمنون و يكره تخصيص الأغنياء بذلك و لو كان الكافر لم يستحبّ إجابته إليها و لو حضر لم يجب الأكل مما باشره و لا بأس بأكل ما نثر في الأعراس و لا يجوز أخذه إلاّ بإذن أربابه صريحا أو بشاهد الحال و هل يملك بالأخذ قال الشيخ نعم و النثر عنده ليس بمكروه لكن يكره أخذه انتهابا إلاّ أن يعلم كراهية المالك فيحرم [- و -] يستحب له عند الزفاف أن يأمر المرأة بأن تصلّي ركعتين و يكون على طهارة إذا دخلت عليه و يصلّي أيضا مثل ذلك و يكون متطهّرا و يدعو اللّٰه تعالى عقيب الركعتين و يسأله أن يرزقه إلفها و ودّها و رضاها و يضع يده على ناصيتها و يقول اللّٰهمّ على كتابك تزوجتها و في أمانتك أخذتها و بكلماتك استحللت فرجها فإن قضيت في رحمها نسبا فاجعله مسلما سويّا و لا تجعله شرك شيطان [- ن -] يستحبّ التسمية عند الجماع فقد روي عن الصادق عليه السّلام أنّ من تركها فجاءه ولد كان شرك شيطان و يعرف ذلك بحبّنا و بغضنا [- ح -] يكره الجماع في المحاق خوفا من إسقاط الولد و كذا في أوّل الشهر و وسطه و آخره قال الصادق عليه السلام من فعل ذلك فليسلم لسقط الولد فإن تم أوشك أن يكون مجنونا و استثني عن ذلك أوّل شهر رمضان و يكره أيضا في ليلة خسوف القمر و يوم الكسوف و فيما بين غروب الشمس إلى أن يغيب الشفق و من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس و في الريح السوداء و الحمراء و الصفراء و الزلزلة قال الباقر عليه السّلام و ايم اللّٰه لا يجامع أحد في هذه الساعات التي وصفت فيرزق من جماعه ولد و يرى ما يحبّ و قال الصادق عليه السلام يكره الجنابة حين يصفر الشمس و حين تطلع و هي صفراء و كذا يكره وقت الزوال و في السفر إذا لم يكن معه ماء يغتسل به و الجماع و هو عريان و عقيب الاحتلام قبل الغسل ليأمن الجنون على الولد و لا بأس أن يجامع مرّة عقيب أخرى من غير اغتسال و يكره الجماع مستقبل القبلة و مستدبرها و في السفينة و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من جامع امرأته و هي حائض فخرج الولد مجزوما أو أبرص فلا يلومنّ إلاّ نفسه و يكره أن يجامع و عنده من ينظر إليه و النظر إلى فرج المرأة و الكلام عند الجماع إلاّ بذكر اللّٰه تعالى و أن يطرق أهله ليلا [- ط -] الوطي في الدّبر شديد الكراهية و ليس بمحرم و اختلف في العزل عن الحرة إذا لم يشترط في العقد و لم يأذن فقيل هو محرّم و يجب معه عشرة دنانير دية ضياع النطفة و قيل مكروه و إن وجبت الدّية [- ى -] لا يجوز للرّجل أن يترك وطي امرأته أكثر من أربعة أشهر إلاّ لضرورة

المقصد الأوّل في العقد و أوليائه
اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في العقد

و فيه [- ين -] بحثا [- ا -] النكاح يفتقر إلى إيجاب و قبول هما العقد و لا بدّ فيهما من الصيغة الدالّة عليهما مع القدرة و لو عجزا أو أحدهما عن النطق كفت الإشارة الدالّة على الرضاء في حقّ العاجز [- ب -] للإيجاب صيغتان زوّجتك و أنكحتك و في متّعتك إشكال و لا ينعقد بلفظ الهبة و لا الصّدقة و لا البيع و لا الإجارة سواء ذكر المهر في ذلك كلّه أو لا و القبول أن يقول قبلت النكاح أو التزويج و لو اختلفا في الصّيغة بأن يوجب بلفظ التزويج فيقبل بلفظ النكاح جاز و لو اقتصر على ذكر قبلت من غير ذكر أحدهما جاز [- ج -] يشترط النطق بالصّيغة إيجابا و قبولا بالعربيّة فلو عجزا أو عجز أحدهما كفت الصيغة بغيرها و لو عقد بالفارسية مع القدرة على العربية لم يصحّ و لو كان أحدهما يحسن بالعربيّة و الآخر بغيرها أتى كلّ بما يحسنه بشرط فهم أنّ الوليّ أوجب و لا ينعقد النكاح بالكنايات و لا بالكتابة مجرّدة عن الإشارة الدالّة على الرضا و لا معها مع القدرة على النّطق [- د -] لا بدّ في الصيغة من الإتيان بها على صيغة الماضي فلو قصد الإنشاء بلفظ الأمر كقوله زوّجنيها فقال زوّجتك قال الشيخ صحّ و إن لم يأت بلفظ القبول ثانيا و لو أتي بلفظ الاستفهام كقولك أ تزوّجني بنتك فقال زوجتكها لم ينعقد حتّى يقبل و كذا لو قال إن زوّجني بنتك أو جئتك خاطبا راغبا في بنتك فقال زوجتكها و لو قال أتزوّجك بلفظ المستقبل فيقول زوّجتك قيل يصحّ من غير قبول ثان و لو قيل له زوّجت بنتك من فلان فقال نعم فقال الزوج قبلت قال الشيخ يقوى في نفسي الصحة و عندي فيه نظر [- ه -] لا يشترط تقديم الإيجاب على القبول فلو قدّم القبول على الإيجاب انعقد قال الشيخ و كذا في البيع ينعقد

ص: 4

لو تقدّم القبول [- و -] لو كان الزوج غائبا فقالت المرأة زوّجت نفسي من فلان أو قال الوليّ زوّجت فلانة من فلان فبلغ الزوج ذلك فقبل لم ينعقد [- ز -] إذا أوجب ثمّ جنّ أو أغمي عليه أو مات بطل حكم الإيجاب فلو قبل لم ينعقد و كذا لو تقدّم القبول ثمّ جنّ قبل الإيجاب أو أغمي عليه و كذا البحث في البيع [- ح -] لا يدخل النكاح خيار المجلس و لا الشرط فإن شرط الخيار فيه بطل العقد و لو شرطا لخيار في الصداق صحّ العقد و الشرط [- ط -] لا اعتداد بعبارة الصّبي في العقد إيجابا و لا قبولا لنفسه و لغيره و كذا المجنون و السكران و إن التزم به بعد الإفاقة و بالجملة لا بدّ للقصد من المكلّف [- ى -] يشترط امتياز المعقود عليها عن غيرها بالإشارة أو الاسم أو الصفة فلو قال زوّجتك إحدى بناتي أو بنتي و له أكثر من واحدة بطل و كذا يبطل لو قال زوّجتك حمل هذه الجارية و لو قال زوّجتك بنتي هذه فلانة أو بنتي هذه أو بنتي و له واحدة صحّ و كذا يصحّ لو قال زوّجتك هذه و هي حاضرة و لو قال زوّجتك بنتي فاطمة و اسمها خديجة و لا بنت له غيرها صحّ اعتبارا بالإضافة اللازمة و إلغاء الاسم المفارق و لو قال زوّجتك فلانة و أطلق لم يصحّ و لو كان لكبرى فاطمة و الصغرى خديجة فقال زوّجتك الكبرى صحّ و كذا لو قال فاطمة و كذا في الصغرى و لو قال زوجتك الكبرى خديجة صحّ للكبرى اعتبارا باللازم و لو قال زوّجتك بنتي و نوى الكبرى فقال الزّوج قبلت و نواها صحّ و لو قال زوّجتك ابنتي فاطمة و نوى الصغرى فقال قبلت نكاح فاطمة و نوى الكبرى صحّ ظاهرا للكبرى لاتفاقهما على الاسم و يبطل باطنا لأنّ الوليّ أوجب للصغرى و الزوج قبل لغيرها و لو صدّقه بطل ظاهرا أيضا و لو كان له عدّة بنات فزوّج واحدة و لم يسمها عند العقد فإن لم ينو واحدة معيّنة بطل على ما قلناه و إن نوى معيّنة صحّ فإن اختلف هو و الزّوج في المعقود عليها فإن كان الزّوج قد رآهن كلهنّ فالقول قول الأب لأنّ الظاهر أنّه وكّل التعيين إليه و على الأب أن يسوق إليه المنوية فإن لم يكن الزّوج قد رآهن كلهنّ بطل العقد [- يا -] لو كتب إلى الوليّ فقال زوّجني وليّتك فقرأه الوليّ أو غيره بحضور شاهدين و قال زوّجته لم ينعقد [- يب -] لا يشترط في نكاح الرشيدة الوليّ و يشترط في غيرها و أمّا الشاهدان فلا يشترطان في شيء من الأنكحة و يجوز لو أوقعه الزوجان أو الأولياء سواء تؤامرا الكتمان أو لا [- يج -] لو ادّعى زوجية امرأة فصدّقته أو ادّعت هي و صدّقها قضي بالزوجيّة بينهما ظاهرا و توارثا و لو ادعاها أحدهما حكم عليه به و قضي بمقتضى العقد في حقّه خاصة دون صاحبه و لو ادّعى زوجيّة امرأة و ادعت أختها زوجيّته و أقام كلّ منهما بيّنة حكم لبيّنته ما لم يسبق تاريخ الأخرى أو يكون قد دخل بالمدّعية فإن حصل أحد الأمرين قضى لها [- يد -] لو أذن المولى لعبده في شراء زوجته فاشتراها لمولاه كان العقد باقيا و كذا إن اشتراها لنفسه على ما اخترناه من أنّ العبد لا يملك شيئا و على القول الآخر يبطل و لو تحرّر بعضه فاشتراها بطل العقد سواء اشتراها بمال نفسه أو بالمشترك بينه و بين المولى [- يه -] يشترط تجريد الصيغة عن الشرط فلو قال إن كان ولدي أنثى فقد زوّجتكها لم يصحّ و إن كانت أنثى و لو قال زوّجتك بنتي على أن تزوّجني بنتك فالأقرب الصحّة أمّا لو جعل بضع إحداهما نكاح الأخرى فإنّه يبطل قطعا [- يو -] الخطبة مستحبّة و هي تصريح و تعريض فالأوّل هو أن يخاطبها بما لا يحتمل غير النكاح مثل أن يقول أريد أن أتزوّجك أو أنكحك و الثاني أن يخاطبها بما يحتمل غيره مثل أن يقول ربّ راغب فيك أو متطلع إليك أو حريص عليك أو لا تبقين بلا زوج أو أرملة ثمّ المرأة إن كانت خالية من بعل أو عدّة جاز التعريض لها بالخطبة و التصريح و إن كانت ذات بعل أو ذات عدّة رجعيّة لم يجز التصريح لها بالخطبة و لا التعريض و إن كانت مطلّقة ثلاثا جاز التعريض لها بالخطبة من الزّوج و غيره و لا يجوز التصريح منهما لها و إن كانت الطلاق تسعا للعدّة حرمت الخطبة تعريضا و تصريحا من الزوج و يجوز من غيره تعريضا لا تصريحا و لو خرجت العدّة جاز من الغير تصريحا و إن كان الطلاق باينا غير محتاج إلى المحلّل كالخلع و شبهه جاز التعريض من الزّوج و غيره في العدّة و التصريح من الزّوج خاصة و يجوز بعد العدّة التصريح من الزّوج و غيره و المتوفى عنها زوجها يجوز التعريض لها لا التصريح و بعد العدة يجوز التصريح إذا عرفت هذا فإنّ جواب المرأة مثل الخطبة فيجوز لها التعريض فيه و يكره أن يواعدها سرّا و معناه أن يخطب بالفحش من القول و الهجر من الكلام مثل أن يقول عندي جماع يرضيك و كذا لو عرض به بأن يقول ربّ جماع يرضيك و لو صرّح بالخطبة فيما منع من التصريح به أو واعدها سرّا ثمّ انتقضت العدّة و تزوّجها صحّ النكاح [- يز -] إذا خطب امرأة فأجابت قال الشيخ ره حرم على غيره الخطبة عليها إلاّ أن يأذن له أو يترك فإن خطب و تزوّج على خطبة أخته كان النكاح صحيحا أمّا لو خطب فامتنعت أو سكتت أو رضيت به و لم تصرّح بالإجابة مثل أن يقول ما أنت إلاّ رضا أو ما فيك عيب لم يحرم على غيره خطبتها و إذا أذنت المرأة لوليّها في تزويجها ممّن يشاء كان لكلّ أحد خطبتها

الفصل الثّاني في أولياء العقد

و فيه [- ل -] بحثا [- ا -] المرأة إن كانت صغيرة أو مجنونة كانت الولاية في نكاحها لكلّ واحد من الأب و الجدّ للأب و إن علا سواء كانت بكرا أو ذهبت بكارتها

ص: 5

بوطي أو غيره فإن فقدا معا كانت ولاية المجنونة إلى الحاكم يزوّجها مع اعتبار المصلحة قال الشيخ المراد بالحاكم هنا الإمام أو من يأمره الإمام خاصّة و لا ولاية له على الصّغيرة و لو فقد الحاكم انتفت الولاية عنها أيضا و إن كانت بالغة رشيدة فإن كانت ثيّبا كانت الولاية لها خاصّة تولّى أمرها من شاءت و لو عقدت بنفسها صحّ و إن كانت بكرا فكذلك على أقوى القولين و لا خلاف في أوّلها أن يتزوّج نفسها مع عضل وليّها [- ب -] يجوز للمرأة البالغة الرشيدة أن تتولّى عقد نفسها و غيرها و لا فرق في جواز عقدها لنفسها بين أن يكون رفيعة أو وضيعة بل يجوز للوضيعة ذلك كما يجوز للرفيعة و لا يشترط إذن الوليّ في ذلك كلّه [- ج -] إذا زوّج من له الولاية كالأب و الجدّ لم يكن للمولّى عليه فسخ النكاح بعد زوال عذره في الذكر و الأنثى إلاّ الأمة إذا زوّجها مولاها ثمّ أعتقت فإنّ لها خيار الفسخ [- د -] اشترط الشيخ رحمه اللّٰه في ولاية الجدّ في النكاح خاصّة بقاء الأب فلو كان ميّتا سقطت ولايته في النكاح و الأقرب عندي عدم الاشتراط [- ه -] للمولى أن يزوّج مملوكته صغيرة كانت أو كبيرة بكرا أو ثيّبا عاقلة أو مجنونة و كذا العبد و ليس لأحدهما أن يزوّج نفسه من دون إذن المولى و له إجبارهما على النكاح لمن به عيب يوجب الفسخ و بغيره و لا فرق في ذلك بين أن يكون المولى ذكرا أو أنثى [- و -] الأقوى أنّ الوصيّ لا ولاية له على الإنكاح و إن كان الأب أو الجدّ قد استند إليه ذلك سواء كان الموصى عليه ذكرا أو أنثى و سواء كانت البنت صغيرة أو كبيرة و سواء عيّن الأب زوج الصغيرة أو لا نعم له أن يزوّج من بلغ فاسد العقل مع الحاجة إلى النكاح [- ز -] المحجور عليه للسّفه ليس له أن يتزوّج مع انتفاء الضّرورة و لو فعل حينئذ كان العقد باطلا و لو دخل فالأقرب ثبوت مهر المثل أمّا مع الحاجة فإنّه يجوز له أن يتزوّج بمهر المثل و إن لم يأذن له الحاكم و إن زاد عليه بطل الزائد و يجوز للحاكم أن يأذن له في النكاح بمهر المثل مع تعيين المرأة و إطلاقها [- ح -] ليس للأب و الجدّ إجبار الثيّب الكبيرة على النكاح إجماعا و كذا لو كانت بكرا رشيدة و لو كانت صغيرة كان لهما إجبارها على النكاح سواء كانت ثيّبا أو بكرا و سواء كانت صحيحة أو معتوهة و ليس لغيرهما من العصبات كالأخ و العم ذلك [- ط -] قد بيّنا اشتراط الإذن في البالغة مطلقا لكن يكتفى في البكر بالسكوت الخالي عن قرينة الكراهيّة و لا بدّ في الثيب من النطق و هل تزول البكارة بوطي الزنا قال أبو حنيفة لا لقوله عليه السّلام البكر جلد مائة و تغريب عام و لا دلالة فيه لأنّهما حين الزّنا كانا بكرين [- ى -] ليس لوكيل البالغة أن يزوّجها من نفسه و لو أذنت له في ذلك فالأقرب الجواز و يجوز للجدّ تولّي طرفي النكاح على حافديه و للأب تزويج موكّله و لا يكفي الإيجاب فيهما مجرّدا عن القبول و ليس للوكيل و لا للوليّ أن يزوّجها بدون مهر المثل فإن فعلا كان لها فسخ المسمّى و هل لها فسخ النكاح فيه نظر و كذا لو زوّج الصّغير بأكثر من مهر المثل و لو زوجها الوليّ بالمجنون أو الخصي صحّ لكن لها الفسخ و كذا لو زوّج الطّفل بذات عيب موجب للفسخ و لو زوّجه برتقاء لم يسقط خيار الفسخ مع الجبّ و لو زوّجها بمملوك فلا خيار لها بعد البلوغ أمّا الصّبي لو زوّجه بمملوكه ففي ثبوت الخيار له إشكال و لو تصادق الزوجان على إنكاح الأب أو الجدّ فأنكر لم يعتدّ بإنكاره و ثبت النكاح و كذا لو اتفقا على النكاح بحضرة شاهدين و أنكر الشاهدان و لو بلغت بعد تزويج الوليّ فذكرت أنّ بينهما و بين الزوج رضاعا أو ما يوجب بطلان النكاح ففي قبول قولها نظر أقربه القبول بالنسبة إليها أمّا لو أذنت البالغة في تزويجها من شخص بعينه أو زوّجها و مكّنت الزوج من نفسها ثم ادّعت التحريم فإنّه لا يقبل منها [- يا -] قال الشيخ ره عقد النكاح لا يقف على الإجازة فلو زوّجها الأجنبي كان العقد باطلا في نفسه لا يصحّ بالإجازة و كذا في طرف الزوج و قال لكن قد روى أصحابنا في تزويج العبد خاصة أنّه موقوف على إجازة مولاه فأمّا نكاح الأمة فمنصوص عليه أنّه زنى إذا كان بغير إذن سيّدها و لو قيل بوقوفه على الإجازة كالبيع كان وجها [- يب -] لا يسلب الفسق ولاية النكاح سواء كانت ولاية إجبار كالأب و الجد أو اختيار كغيرهما أو هما في حقّ البالغة و سواء كان الفسق متجدّدا أو لا أمّا الكافر فلا ولاية له على المسلمة سواء كان حربيّا أو ذميّا و سواء كان عدلا في دينه أو لا قال الشيخ رحمه اللّٰه لو زوّج الذمّي ابنته الذمّية من مسلم صحّ العقد عند من أجاز العقد عليهن من أصحابنا فأثبت له الولاية و هو جيد و يثبت ولاية المسلم على الكافرة و الخرس لا يسلب ولاية النكاح إذا أعلمت إشارته و كذا العمى و الصنائع الدنية كالحارس و الكنّاس و الحجّام و الحائك [- يج -] المجنون لا يزوّجه وليّه إلاّ مع الحاجة بأن يراه يتبع النساء و لو كان له حال انتظرها و كذا صاحب البرسام [- يد -] إذا كان الأب كافرا أو مجنونا أو عبدا كانت الولاية للجدّ مع انتفاء الصفات عنه و لو زال فمات عن الأب عادت ولايته و لو اختار الأب زوجا و الجدّ آخر فإن سبق عقد أحدهما صحّ نكاحه و لو اقترنا ثبت عقد الجدّ و لو تشاحّه في إيقاع العقد قدّم اختيار الجدّ [- يه -] إذا زوّج الصغيرين من له الولاية لزمهما العقد فلو مات أحدهما ورثه الآخر و لو عقد عليهما

ص: 6

من لا ولاية له وقف على الإجازة بعد البلوغ فإن مات أحدهما قبل بلوغه بطل العقد و لا ميراث سواء كان الآخر قد أجاز النكاح بعد بلوغه أو لا فإن بلغ أحدهما و أجاز ثمّ مات عزل ميراث الآخر منه فإن أجازه بعد بلوغه حلف أنّه لم يجز للطمع في الميراث و ورث فإن امتنع فلا ميراث له [- يو -] لا يجوز نكاح الأمة بدون إذن مولاها سواء كانت لرجل أو لامرأة و سواء كان النكاح دائما أو منقطعا و للشيخ هنا تفصيل ضعيف و لو كانت لمن عليه ولاية فنكاحها بيد الولي فإن زوّجها لم يكن للمولى عليه الفسخ بعد زوال عذره [- ين -] من تحرّر بعضه لا ولاية عليه لمولاه فلا يجوز له إجباره على النكاح و لو أذن المولى لعبده في العقد صحّ فإن عيّن المهر فزاد كانت الزيادة في ذمة العبد يتبع بها بعد العتق و إن أطلق انصرف إلى مهر المثل و البحث في الزيادة كما تقدّم و هل يثبت مهر المثل مع الإطلاق أو المسمى مع التعيين في ذمة المولى أو في كسب العبد الأقرب الأوّل و كذا البحث في نفقة الزوجة [- يح -] لا ولاية للأمّ و لا لغيرها من القرابات سوى الأب و الجدّ و مع بلوغها و رشدها فلا ولاية عليها مطلقا كما تقرّر لكن يستحبّ لها أن تستأذن أباها في العقد و أن توكّل أخاها مع فقده و لو كان لها أخوان استحب أن يجعل الأمر إلى الأكبر و لو اختار كلّ من الإخوة رجلا استحبّ لها اختيار خيرة الأكبر و لو زوّجها الأخوان بالوكالة فالعقد للسابق فلو دخلت بالأخير ردّت إلى الأوّل بعد العدة و كان لها المهر و لحق به الولد لو حملت و لو اقترن العقدان فالأقرب البطلان أمّا لو لم يأذن فإنّ لها أن تخيّر عقد من شاءت منهما و الأولى عقد الأكبر و لو دخلت بأحدهما فهو إجازة له و لو زوّجت الأمّ ولدها فإن رضي لزم و إلاّ بطل قيل و يلزمها المهر و يحمل على ادّعائها الوكالة و لو زوّجها أجنبي فادعت الإذن و قال الزّوج زوّجك من غير إذن فالقول قولها مع اليمين [- يط -] للمولى إجبار العبد على النكاح و كذا المدبّر أمّا المكاتب المطلق أو المشروط و من انعتق بعضه فليس له إجبارهما و لو امتنع المولى مع طلب العبد لم يجبر على إنكاحه و لو كان العبد بين شريكين كان لهما معا إجباره على النكاح و ليس لأحدهما ذلك إلاّ بإذن الآخر و لو طلب العبد النكاح لم يجبر الممتنع من الشريكين عليه لكن يستحبّ له إجابته و كذا لو كان لواحد و لو زوّج أمته من عبده جاز و لم يجب المهر فيه لكن يستحبّ ذكره [- ك -] قد ذكرنا أنّ الأقرب أنّ مهر العبد المأذون له في التزوّج و نفقة زوجته على مولاه و قال الشيخ يكونان في كسبه إن كان له كسب فيجب على مولاه إرساله نهارا للتكسب و ليلا للاستمتاع و لو تكفّل مولاه بالنفقة و المهر كان له استخدامه نهارا و الوجوب يتعلّق بما يستأنف من الكسب لا بما مضى مما هو في يده لمولاه و كذا لو تزوّج بمهر مؤجل ثبت في كسبه بعد الأجل قال و لو لم يكن ذا كسب قيل فيه قولان أحدهما في ذمّته يتبع به بعد العتق في المهر و النفقة و قيل على المولى و لم يرجّح أحدهما [- كا -] إذا أذن في النكاح مطلقا تناول الصّحيح خاصّة فإن نكح فاسدا فرّق بينهما فإن دخل وجب المهر في ذمته يتبع به بعد العتق لا في رقبته و إلاّ فلا و كذا لو تزوّج بغير إذن مولاه و مع إطلاق الإذن يجوز أن ينكح حرة أو أمة و في أيّ بلد شاء لكن لا يسافر إلى الزوجة إلاّ بإذن المولى و لو عيّن المالك فخالف كان موقوفا إن كان أجازه مولاه و إلاّ بطل فلو تزوّج أمة بإذن مولاه ثمّ أمره بشرائها لم ينفسخ النكاح مطلقا إن قلنا إنّ العبد لا يملك و إلاّ كان فيه تفصيل و لو تزوّج من انعتق بعضه بأمة مع الإذن صحّ فلو اشتراها بما يملكه بانفراده من نصيب الحريّة بطل النكاح و كذا لو اشتراها بكسب جميعه [- كب -] للمولى إجبار الأمة على النكاح و المدبرة و أمّ الولد دون المكاتبة و من انعتق بعضها و لو طلبت إحداهما التزويج فالأقرب أنّ لمولاهما منعهما عنه [- كج -] لو تزوّج عبده فالمهر في ذمّة مولاه دخيل في كسبه فلو ضمنه السيّد صحّ و لها مطالبة السيّد خاصّة فإن طلقها قبل الدخول سقط عن السيّد نصفه إن كان قد ضمن و إن لم يكن قد ضمن عاد النصف من الكسب إلى السيّد و لو طلّقها بعد العتق عاد النصف من الكسب إليه و لو باعه السيّد عليها بطل النكاح فإن كان قبل الدخول بطل البيع و إلاّ جاء الدور و إن كان بعده صحّ و انفسخ النكاح [- كد -] إذا زوّجه تعلّق المهر و النفقة بالسيّد على ما قلناه و على قول الشيخ يكسبه فإذا ضمنه كان له أن يسافر به و يمنعه من الكسب و إلاّ فلا و لو زوّج أمته وجب أن يرسلها ليلا للاستمتاع و له إمساكها نهارا للخدمة و السّفر بها فإذا أمسكها نهارا فالأقوى سقوط النفقة عن الزّوج و إن لم يمسكها وجبت [- كه -] يجوز للوليّ أن يوكّل غيره في تزويج المولى عليه و لا يفتقر الوكالة إلى شهود كالنكاح و لا فرق في ذلك بين ولاية الإجبار كالأب و الجدّ و بين ولاية الاختيار كالوكيل و كما يجوز للوليّ أن يوكّل مع تعيين الزّوج فكذا يجوز [- مط -] [- كو -] لو زوّجها الوليّ بغير الكفو كان لها الفسخ و لو زوّجت هي نفسها كان لازما و الكفاءة فسّرها الشيخ رحمه اللّٰه بالإيمان و القيام بالنفقة و لو زوّجت نفسها بدون مهر المثل لم يكن لأحد الاعتراض و لو ادّعى وكالة الغائب في التزويج فتزوّجها له و ضمن المهر ثمّ حلف الموكّل رجعت على الوكيل بنصف المهر لا بجميعه و لو مات الغائب لم يرثه إلاّ مع البيّنة بالوكالة أو تصديق الورثة و لو زوّجه بأكثر من المأمور لم يصحّ المهر و كذا

ص: 7

لو زوجه بغير المجلس و لو زوّجه بأقلّ منه جاز و لو قال لها إنّ زوجك الغائب طلّقك و وكّلني في استيناف العقد بألف فعقد و ضمن ثمّ أنكر الغائب فالنكاح الأوّل بحاله و هل ثبت في ذمة الضّامن فيه تردّد ينشأ من براءة ذمّة الأصل فالفرع أولى و من اعتراف الفرع ثبوت الحقّ في ذمّته [- كز -] إذا أذنت الجماعة في التزويج فزوّجها كلّ واحد منهم برجل كان العقد للسابق و إن دخل بها الثاني و ترد إلى الأوّل بعد العدّة و لها مهر المثل و لو لم يدخل فلا مهر و لا عدة و لو اقترنا أو لم يعلم السّبق و عدمه أو لم يعلم عين السابق بطل الجميع و لو علم سبق أحدهما ثمّ أشكل توقّف أبدا حتى يتبيّن و لو ادعى كلّ منهما علمها بالسّبق فحلفت أو نكلت فحلفا أو نكلا بطل النكاحان و لو اعترفت لهما قال الشيخ فهو كالاعتراف و يبطل العقدان و لو قيل ببقاء الدّعوى كان وجها و لو نكلت فحلف أحدهما و نكل الآخر صحّ نكاح الحالف و لو اعترفت لأحدهما ثبت نكاحه و قوّى الشيخ رحمه اللّٰه إحلافها على عدم العلم للثاني لأنّها لو اعترفت لزمها مهر المثل فإذا حلفت بقي التداعي بينهما و كذا لو ادعى زوجيّتها اثنان فاعترفت لأحدهما فإن اعترفت للثاني ففي إلزامها بمهر المثل وجهان و إن نكلت أخلف الثاني و لا يحكم بها له و قوّى الشيخ عدم لزوم مهر المثل فلا فائدة حينئذ في إحلافه و الأقرب عدم سماع الدعوى على الثاني و لو ادعى وارث الزّوج أن أخاها زوّجها بغير إذنها فالقول قولها و لو سمع من الرّجل ادعاء زوجيّة المرأة و كذا المرأة حكم بالتوارث بينهما و لو سمع من أحدهما دون الآخر ورث الساكت المقرّ دون العكس و لو تزوّج امرأة في عقد و امرأتين في آخر و ثلاثا في آخر و أشكل صحّ عقد الواحدة خاصّة إن قلنا ببطلان العقد فيما إذا تزوّج رابعة و خامسة في عقد و إلاّ فلا [- كح -] العبد المأذون له في التجارة إذا كان له أمة فهي لسيّده له أن ينكحها من شاء سواء كان على العبد دين مستغرق لقيمتها أو لا و له أن يطأها و لا يعتبر في ذلك كلّه رضا العبد و لا ظهور الحجر على العبد و ليس للعبد ولاية النكاح على ابنته بل أمرها إلى مالكها إن كانت مملوكة و لو وكّل حرّ عبدا في عقد النكاح جاز سواء كان إيجابا أو قبولا [- كط -] يقول الوليّ للوكيل في القبول زوّجت فلانة من فلان و لا يقول منك و يقول الوكيل قبلت لفلان و لو قال قبلت و سكت فالأقرب الانعقاد و لو قبل الوكيل نكاحا و نواه لموكّله لم يقع له بخلاف البيع [- ل -] للأب أن يزوّج ابنه الكبير المجنون و لا يزيد على واحدة و إن جاز أن يزوّج من الصغير أربعا و كذا الجدّ و هل يزوّج الصغير المجنون فيه نظر أما المجنونة فيزوّجها مع المصلحة و إن كانت صغيرة و لو بلغت عاقلة ثمّ جنّت عادت ولاية الأب و هل للمعتقة في المرض تزويج نفسها فيه تردّد ينشأ من إمكان عودها إلى الرقّ و من حصول الحرّية حالة العقد

المقصد الثالث في المحرمات
اشارة

ذكر اللّٰه سبحانه و تعالى في كتابه خمس عشرة امرأة محرّمة منها ما هو بالنّسب و منها ما هو بالسّبب فالنسب الأمّ و البنت و الأخت و العمّة و الخالة و بنات الأخ و بنات الأخت و السبب ضربان أحدهما يقتضي التأبيد و الآخر على الجمع فالأوّل الرضاع و المصاهرة و أسباب أخر و نحن نذكر أحكام ذلك كلّه في فصول

الأوّل في المحرّمات بالنسب

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] المحرمات بالنسب سبعة الأمّ حقيقة و مجازا فالحقيقة الوالدة و المجاز أمّهاتها و إن علون و كذا أمّ الأب و أمّهاتها و أمّ الجدّ و أمّ أبي أمّ الأب و البنت حقيقة و مجازا فالحقيقة بنت الصّلب و المجاز بنت البنت و بنت الابن و إن نزلتا و الأخت سواء كانت لأب أو لأمّ أو لهما و العمّة سواء كانت حقيقة أو مجازا فالحقيقة أخت الأب لأبيه أو لأمّه أو لهما و المجاز أخت الجدّ و إن علا ذلك و الخالة حقيقة و مجازا فالحقيقة أخت الأمّ و المجاز أخت أمّ الأم و إن علت و أخت أبي الأمّ و إن علا سواء كانت من الأب أو الأمّ أو منهما و بنات الأخ حقيقة و مجازا فالحقيقة بنت الأخ و المجاز بنت ابن الأخ أو بنت بنت الأخ و إن سفلن و بنات الأخت حقيقة و مجازا فالحقيقة بنت الأخت و المجاز كبنت ابن الأخت أو بنت بنت الأخت و إن سفلن و هؤلاء يحرّمن على التأبيد و الضابط فيه أنّه يحرم على الرّجل أصوله و فروعه و فروع أوّل أصوله و أوّل فرع من كلّ أصل بعد أصل و إن علا [- ب -] النسب يثبت بالوطي الصحيح و الشبهة و لا يثبت بالزنى شرعا فلو ولد من الزنا لم يلتحق به و لا يحلّ له و لا لأولاده و آبائه و أعمامه وطؤه إن كان أنثى و إن كان ذكرا لم يحلّ له بنت الزاني و لا ينعتق عليه لو ملكه أمّا المنفيّة باللعان فإنّها لا تحرم عليه إن لم يكن قد دخل بالأمّ و لا على غيره مطلقا [- ج -] لو وطئت المطلّقة بالشبهة فاتت بولد لأقلّ من ستّة أشهر من وطي الثاني و لأكثر من عشرة من وطي الأوّل لم يلتحق بأحدهما و لو كان بين العشرة و الستة فهو له و إن كان لستة من الثاني و لأقلّ من عشرة من الأوّل احتمل القرعة و لحوقه بالثاني و حكم اللبن تابع للنسب و لو لاعن لنفي الولد بطل النسب عن صاحب الفراش و كان اللبن تابعا أيضا و لو اعترف به بعد ذلك عاد نسبه و ليس له ميراث منه بل الولد يرثه

الفصل الثّاني في الرضاع
اشارة

و مطالبه أربعة

الأوّل في أركانه

و هي ثلاثة المرضعة و اللبن و المحلّ فهاهنا [- د -]

ص: 8

مباحث [- ا -] المرضعة كلّ امرأة حيّة والدة بالنكاح الصّحيح دائما كان أو متعة أو ملك يمين و شبهة كنكاح الشبهة و سواء كانت الولادة عن تمام أو سقط فلا اعتبار بلبن البهيمة و لا لبن الرّجل و لا الميّتة و لا من درّ لبنها من غير ولادة و لا من لبنها من زنى و يعتد بلبن المنكوحة بالشبهة على الأقوى و يستحبّ أن يكون عاقلة مسلمة عفيفة وضيئة و يكره استرضاع الكافرة فإن اضطر استرضع الذمّية و منعها من شرب الخمر و أكل لحم الخنزير و كره له تسليم الولد لتحمل إلى منزلها و يتأكّد الكراهية في استرضاع المجوسيّة و يكره أيضا استرضاع من ولدت أو ولدت من زنى و ذات البدعة في دينها و التشويه في خلقها و الحمق [- ب -] لا يشترط دوام النكاح وقت الرّضاع فلو طلّق الحامل أو المرضع فأرضعت بعد مفارقته بلبنه نشر الحرمة سواء أرضعته قبل انقضاء العدّة أو بعدها انقطع لبنها ثمّ عاد أو ثبت و لم ينقطع و سواء زاد أو نقص و كذا لو تزوّجت بآخر و دخل بها و حملت و لو انقطع اللبن ثمّ عاد في وقت إمكانه للثاني كان له دون الأوّل و لو اتصل حتّى وضعت من الثاني كان ما قبل الوضع للأوّل و ما بعده للثاني [- ج -] يشترط في اللبن وصول عينه صرفا إلى المحلّ بامتصاص الطفل من الثدي فلو حصل منه جبن أو أقط أو مزج بغيره من مائع أو غيره مؤثّر في التغذية أو لا لم ينشر الحرمة و كذا لا اعتداد به لو وجر في حلقه أو سعط به أو حقن أو قطر في إحليله أو جراحه بحيث يصل إلى المعدة و إنّما الاعتبار بما يرتضعه من الثدي و لو جعل في فم الصّبي مائع و رضع فامتزج حتّى خرج عن كونه لبنا لم ينشر [- د -] المحلّ هو معدة الصّبي الحيّ فلا اعتبار بإيصال اللبن إلى جوف من تجاوز الحولين و لو رضع العدد إلاّ رضعة فتمّ الحولان ثمّ أكمله بعدهما أو أكمل الحولان و لم يرو من الأخيرة لم ينشر بخلاف ما لو تمّت الرضعة مع كمالهما و لا اعتبار بإيصال اللبن إلى معدة الميّت

المطلب الثاني في شرائطه

و هي أربعة الأول أن يكون اللبن عن نكاح صحيح و قد تقدّم الثاني العدد و هو ما أنبت اللحم و شدّ العظم أو يرتضع يوما و ليلة أو خمس عشرة رضعة فما زاد فلو رضع دون العشرة لم يعتدّ به و في العشرة قولان و يشترط في الرضعات أمور ثلاثة أن يكون الرضعة كاملة و تواليها و ارتضاعها من الثدي و تقدير الرّضعة عرفيّ و قيل أن يروى الصبيّ و يصدر من قبل نفسه فلو التقم الثدي و ترك ثمّ عاود فإن كان تركه أوّلا للإعراض فهي رضعة كاملة و إن كان لا كذلك كالتنفس أو الالتفات إلى ملاعب أو الانتقال من ثدي إلى آخر فهما رضعة واحدة و لو منع قبل إكمال الرضعة سقطت من العدد و نعني بتوالي الرضعات عدم الفصل برضاع أخرى فلو رضع من واحدة بعض العدد ثم رضع أخرى بطل حكم الأوّل و لو كان للرّجل خمس عشرة مرضعة أو أقلّ فارتضع منهنّ العدد لم يعتدّ ما لم يكمل من واحدة خمس عشرة رضعة متوالية و لو فصل لا برضاع امرأة أخرى بل بوجر الصبيّ اللبن أو بحقنته أو بتسعطه لم يعد فصلا و لو شككنا في العدد فلا تحريم و لو شككنا في وقوعه بعد الحولين فكذلك تغليبا لأصالة عدم التحريم على أصالة بقاء المدّة الشرط الثالث وقوعه في الحولين بالنسبة إلى المرتضع و هل يشترط في ولد المرضعة ذلك الأقرب عدمه فلو كمل لولدها حولان ثمّ أرضعت من اللبن من له دونهما نشر الحرمة الرابع أن يكون اللبن لفحل واحد فلو أرضعت اثنين بلبن فحلين لم يحرّم أحدهما على الآخر و لو أرضعت واحدا كمال العدد من لبن فحلين فلا حرمة و لم تصر أمّا و لو أرضعت بلبن فحل واحد جماعة حرم بعضهم على بعض و لو أرضعت زوجاته جماعة كلّ واحدة واحدا حرم التناكح بينهم

المطلب الثالث في أحكامه

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] إذا حصل الرضاع بشرائطه انتشرت الحرمة من جهة المرتضع إلى المرضعة و الفحل و منهما إليه فأمّا من جهته إليهما فإنّما يتعلّق به خاصّة و بنسله دون من هو في طبقته كإخوته و أخواته أو أعلى منه كأمّهاته و جدّاته و أخواله و خالاته أو آبائه و أجداده و أعمامه و عمّاته و يكون الحكم فيمن هو في طبقته أو أعلى حكم من لم يحصل معه رضاع فيجوز للفحل نكاح أخت المرتضع و نكاح أمهاته و جدّاته و إن كان للمولود أخ حلّ له نكاح المرضعة و نكاح أمّهاتها و أخواتها كذا ذكره في المبسوط ثم قال و روى أصحابنا إن جميع أولاد هذه المرضعة و جميع أولاد الفحل يحرمون على هذا المرتضع و على أبيه و جميع إخوته و أخواته و أنّهم صاروا بمنزلة الإخوة و خالف جميع الفقهاء في ذلك قال و أمّا الحرمة المنتشرة من جهتهما إليه فإنّها تعلّقت بكلّ واحد منهما و من كان من نسلهما و أولادهما و من كان في طبقتهما من إخوتهما و أخواتهما و من كان أعلى منهما من آبائهما و أمهاتهما و جملته أنّك تقدّر كولدهما من النسب فكلّ ما حرم على ولدهما من النسب حرم عليه فالمرضعة أمّ رضاعا و أختها خالة و أخوها خال و أمّها جدّة كلّهن حرام عليه و لو كان لأمّه من الرضاع بنت من غير أبيه من الرضاع حرمت عليه إن كانت من النسب و إن كانت من الرضاع لم يحرم و زوج المرضعة أب من الرضاع و أخوه عمّ المرتضع و أخته عمّته و آباؤه أجداده و إن كان لهذا الفحل ولد من غير هذه المرضعة فهو أخ لأب يحرم على

ص: 9

المرتضع سواء كان من الولادة أو من الرضاع و لو أرضعت ذات الابن ذات الأخت جاز للابن نكاح الأخت و هذه جملة أصول الرضاع يهتدى منها إلى تفاصيل فروعه و نازع ابن إدريس في بعضها فقال لا يجوز للفحل أن يتزوّج بأخت المرتضع و لا بجدّته كما لا يجوز في النسب أن يتزوج بأخت ابنه و لا بأمّ امرأته قال و ليس التحريم في النسب لأجل المصاهرة لأنّه لا مصاهرة هناك و هو خطاء قال و كذلك أمّ أمّ ولده من الرضاع تحرم كما حرمت من النّسب و فيه ضعف لأنّها حرمت في النسب للمصاهرة أيضا لا باعتبار النسب [- ب -] كلّ من ينتسب إلى الفحل من الأولاد و إن نزلوا يحرمون على هذا المرتضع سواء كانوا أولادا نسبا أو رضاعا و كلّ من ينتسب إلى المرضعة ولادة و إن نزلوا يحرمون عليه و لا يحرّم عليه من ينتسب إليها بالبنوّة رضاعا [- ج -] لا يجوز لأب المرتضع أن ينكح في أولاد صاحب اللبن ولادة و لا رضاعا و لا في أولاد زوجته المرضعة ولادة لأنّهم في حكم ولده و قد تقدّم رواية أصحابنا في ذلك أمّا أولاد الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن فهل لهم أن ينكحوا في أولاد هذه المرضعة و أولاد فحلها الوجه الجواز و لو أرضعت امرأة ابنا و بنتا لاثنين جاز لإخوة كلّ منهما أن ينكح في إخوة الآخر [- د -] الرضاع شرائطه إذا سبق النكاح منع من صحّته و إذا حصل عقيبه أبطله فلو تزوّج رضيعة فأرضعتها امرأة محرمة عليه فإن كانت عمّته أو خالته لم تحرم و إن أرضعتها أمّه أو أخته أو بنته حرّمت عليه و إن أرضعتها امرأة أبيه فإن كان بلبن أبيه حرمت عليه و إلاّ فلا و كذا التفصيل لو أرضعتها امرأة ابنه أو أخيه و ثبت للرّضيعة نصف المسمّى إن تولّت المرضعة إرضاعها و يرجع الزوج به على المرضعة إن قصدت الفسخ و إن لم يقصد فلا رجوع على إشكال في تضمين البضع و إن انفردت المرتضعة بالارتضاع مثل أن سعت إليها فامتصّت ثديها من غير شعور المرضعة سقط مهرها و لو زوّج أمّ ولده بعبده الصغير فأرضعته من لبن مولاه حرّمت على العبد و المولى و كذا لو تزوجت كبيرة بصغير ثم فسخت إما لعيب أو لعتق متجدد أو لغيرهما ثم تزوّجت و أرضعته بلبن الثاني حرّمت عليهما معا [- ه -] لو أرضعت إحدى زوجتيه الأخرى فإن كان بلبنه حرمتا مؤبّدا و إن كان من غيره فالأمّ كذلك و البنت أيضا إن كان دخل بالأمّ و إلاّ حرمت جمعا و للصغيرة نصف المسمى و يرجع به الزوج على الكبيرة و للكبيرة مهرها إن كان دخل بها و إلاّ فلا شيء لها لأنّ الفرقة جاءت منها قبل الدخول و لو أرضعت الكبيرة زوجتيه حرمن إن كان دخل بالكبيرة و إلاّ فالكبيرة مؤبّدا و الصغيرتان جمعا و لو أرضعت زوجته الصغيرة إحدى الكبيرتين ثمّ الأخرى حرمن كلهنّ و قيل تحرم المرتضعة و أولى المرضعتين و قوّاه الشيخ و هو ضعيف و لو أرضعت بعد طلاقه زوجته الأخرى حرمتا أيضا [- و -] لو أرضعت أمته الموطوءة زوجته حرمتا معا و عليه نصف مهر الصغيرة و لا يرجع به على الأمة و لا يزول ملكه عنها و لو كانت أمته غير موطوءة لم يحرّم الزوجة و لم ينفسخ نكاحها و لو كانت مكاتبته رجع عليها لأنّ السيّد يثبت له حقّ على مكاتبه و لو كانت موطوءة بالعقد رجع به عليها بعد العتق [- ن -] لو تزوّج كلّ من الرّجلين بامرأة آخر بعد الطلاق ثمّ أرضعت إحداهما الأخرى حرمت المرضعة عليهما معا و المرتضعة على من دخل بالمرضعة و لو طلق زوجتيه فتزوّجهما آخر و أرضعت إحداهما الأخرى حرمت الكبيرة عليهما معا مؤبّدا و الصغيرة على من دخل بالكبيرة و لو زوّج ابنه الصّغير بابنة أخيه الصغيرة ثمّ أرضعت جدّتهما أحدهما انفسخ النكاح لأنّ المرتضع إن كان هو الذكر فهو عمّ زوجته أو خالها و إن كان الأنثى فهي عمّته أو خالته [- ح -] لو أرضعت زوجته زوجتين من ثلاث صغائر بلبن غيره دفعة واحدة بأن تعطي كلّ واحدة ثديا من الرضعة الأخيرة حرمت الكبيرة عينا و الصّغيرتان كذلك إن كان دخل بالكبيرة و إلاّ جمعا فإن أرضعت الثالثة حرّمت عينا إن كان دخل بالكبيرة و إلاّ لم تحرم عينا و لا جمعا و لو أرضعت إحدى الثلاث ثمّ الآخرتين دفعة حرمت الكبيرة عينا و الأولى كذلك إن كان دخل و إلاّ جمعا و الأخيرتان عينا إن كان دخل و إلاّ جمعا أيضا و لو أرضعتهن على التعاقب حرّمت عينا و الأولى إن كان دخل بها و إلاّ جمعا و أمّا الثانية فإن كان دخل بالأمّ حرّمت عينا و إلاّ لم تحرم عينا و لا جمعا و أمّا الثالثة فيحتمل تحريمها خاصّة كمن تزوّج بأخت امرأته فإنّ التحريم يختصّ بها و يحتمل تحريمها مع الثانية لأنّهما بإرضاع الثالثة صارتا أختين في حالة واحدة فانفسخ نكاحهما دفعة واحدة و هو قويّ هذا إذا لم يدخل بالأمّ فإن كان قد دخل حرمن كلّهن مؤبّدا [- ط -] لو أرضعت زوجاته الثلاث الرابعة حرمت المرضعات مؤبّدا و الصغيرة كذلك فإن كان قد دخل بإحداهن و إلاّ جمعا و لو أرضعت بنات زوجته الثلاث ثلاث زوجاته كلّ بنت زوجة دفعة بأن يرضعن الرضعة الأخيرة في حالة واحدة حرمت الكبيرة لأنها جدّة زوجاته فإن كان دخل بها حرمت الصّغائر مؤبّدا و إلاّ انفسخ نكاحهن و جاز له تجديد العقد عليهن جمعا لأنهنّ بنات خالات و لكلّ من الصغائر نصف المسمّى يرجع به الزّوج على المرضعات و للكبيرة النّصف إن لم يكن دخل و الجميع مع الدخول يرجع به الزوج أيضا على البنات و لو تعاقب الإرضاع حرمت الكبيرة بالأولى و حرمت الصغيرة إن كان دخل بالكبيرة عينا و إلاّ جمعا و أمّا الثانية و الثالثة فإن كان دخل بالكبيرة

ص: 10

فإنهما تحرمان مؤبدا و لهما نصف المسمى و يرجع على مرضعة كلّ واحدة به و إن لم يكن دخل كان نكاحهما بحاله و لو أرضعت أمّ زوجته الكبيرة الزوجة الأخرى انفسخ نكاحهما لأنّ الصّغيرة أخت و لو أرضعتها جدّتها صارت خالة و لو أرضعتها أخت الكبيرة فالكبيرة خالة فإن رضيت فلا فسخ لأنّه يجوز الجمع بين المرأة و خالتها و إن أرضعتها أمّ أبي الكبيرة فالصغيرة عمّة للكبيرة لأنّها أخت أبيها و انفسخ النكاح هنا إذ لا يمكن اعتبار رضا العمة لصغرها و لو أرضعت امرأة أخ الكبيرة الصّغيرة فالكبيرة عمة إن رضيت لم ينفسخ النكاح و ينفسخ النكاح في كلّ هذه المواضع للجمع و لا تحرم للتأبيد سواء دخل بالكبيرة أو لا [- ى -] يحرم من المصاهرة في الرضاع ما يحرم منها في النسب فمن تزوّج امرأة لها أمّ من الرّضاع أو بنت حرمتا عليه مؤبّدا و لو كان لها أخت من الرضاع حرمت جمعا لا عينا و لو كان لها بنت أخ أو بنت أخت حرمتا جمعا إن لم ترض العمّة و الخالة و إلاّ فلا تحريم و لو نكح الأب من الرضاع أو الابن امرأة حرم على الآخر نكاحها و لو زنى بامرأة حرّم عليه أمّها من الرّضاع إن قلنا بالتحريم في النسب و لو لاط بغلام حرم عليه أمّه و أخته و بنته من الرضاع كالنسب و بالجملة حكم الرضاع حكم النسب في التحريم سواء و للابن أن ينكح أمّ البنت التي لم ترضعه و لو أرضعت امرأة صبيّين صارا أخوين و لكلّ منهما أن ينكح أمّ أخيه من النسب بخلاف الأخوين من النسب لأنّ أمّ الأخ من النسب إنّما حرمت لأنّها منكوحة الأب بخلاف أمّ الأخ من الرضاع و كذا لو كان لأخيه من النسب أمّ من الرّضاع جاز له أن يتزوّج بها و كذا لو أرضعت أمّه من النسب صبيّا صار أخاه و كان له أن يتزوّج أمّه [- يا -] لو وطئ الأب زوجة الابن للاشتباه ففي تحريمها على الولد إشكال منشأه الآية و أصالة التحليل و تردّد الشيخ فيه و الأقرب التحليل فعلى التحريم لو لم يعلم الولد فوطئها حرّمت عليهما معا و لها على المولد المسمّى إن كان دخل قبل الفسخ و إلاّ فالنصف و مهر المثل لوطيها بالشبهة و على الأب مهر المثل أيضا و لا يرجع الابن على الأب و إن كان قد حال بينه و بينها بخلاف ما لو أرضعتها أمّه لأنّ الأب لزمه مهر المثل بالوطي و لا يجب عليه ثانيا أمّا الأمّ فلم يجب عليها للزوجة مهر بإرضاعها و يحتمل الرجوع لأنّ المهر ثبت على الأب بوطئه و إتلاف بضعها عليها و وجب لولده عليه لأجل الحيلولة فلا يسقط أحدهما بالآخر و قوّاه الشيخ تفريعا على التحريم و هو قويّ [- يب -] قد بيّنا أنّ اللبن تابع للنسب فلو زنى بامرأة و أرضعت بلبنه مولودا لم يصر أبا و لا المرضعة أمّا و لا الولد أخا أمّا لو وطئ لشبهة فاتت بولد و رضعت من لبنه كان المرتضع تابعا فإن لحق الولد بالأول فالمرتضع كذلك و كذا الثاني و لو انتفى عنهما بأن أتت به لأقلّ من ستة أشهر من وطي الثاني و لأكثر من عشرة من وطي الأوّل فالمرتضع منفيّ عنهما أيضا و لو أمكن إلحاقه بهما ألحق بمن يخرجه القرعة فمن خرج اسمه فهو له و تبعه المرتضع و ليس لولد الشبهة أن يتزوّج ببنت أحدهما قبل القرعة و أمّا بعدها فيجوز له نكاح بنت من انتفى عنه بها و لو نفى الرّجل الولد باللعان فأرضعت الأمّ بلبنه كانت أمّا للمرتضع و لم يكن الزوج أبا و لو استلحقه بعد اللعان لحقه و ورثه الولد و هو لا يرث الولد و كان الرضيع تابعا أيضا [- يج -] لو أرضعت أمّ ولده زوجة ولده حرمت زوجة الولد عليه مؤبدا دون أمّ الولد على الوالد و للصغيرة نصف المسمّى على الولد قال الشيخ و يرجع به على سيّدها كما لو جنى عبده القنّ فاختار أن يفديه و يضمن أقلّ الأمرين من القيمة أو نصف المسمّى [- يد -] لو أرضعت امرأة صغيرة فتزوّج بهما رجل قبل إكماله صحّ فإن أكملته انفسخ نكاحهما و حرمت الكبيرة مؤبدا و الصغيرة كذلك إن كان دخل بالكبيرة و إلاّ جدّد العقد إن شاء و للصغيرة نصف المهر و يرجع الزوج به على الكبيرة إن انفردت بإرضاعها و للكبيرة المهر إن كان دخل بها و إلاّ فالنّصف إن لم يكن سببا في الفسخ و إلاّ فلا

المطلب الرّابع في لواحقه

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] لا يثبت الرضاع إلاّ بشاهدين عدلين و قال بعض علمائنا يثبت بشهادة رجل و امرأتين و أربع نساء أيضا و هو متروك و لو أقرّ الرجل قبل العقد أو المرأة ثبت حكم التحريم و لو أقر أحدهما بعد العقد لم يلتفت إليه إلاّ بالبيّنة أو تصديق الآخر له لكن إن كان المقرّ الزوج قبل الدخول انفسخ النكاح و كان لها نصف المهر و لو كان معه بيّنة أو صدّقه فلا شيء عليه و له إحلافها مع ادعاء العلم و إن كان بعد الدخول ثبت لها المهر المسمى كملا سواء أقام بيّنة أو لا صدّقته أو لا و إن كان المرأة لم يقبل قولها و يستحبّ له أن يطلّقها لتحلّ لغيره و لا يندفع النكاح لو لم يطلقها لكنّها لا يقدر على طلب المهر و لو كان مقبوضا لم يقدر الزوج على استرداده مع الإنكار فإن ادّعت علمه بذلك أحلف على نفي العلم فإن حلف فهي على النكاح و إلاّ حلفت على القطع و فرّق بينهما [- ب -] لو أقرّ بالرضاع مع عدم الاحتمال لم يؤثّر تحريما كمن أقرّ لأصغر سنّا منه أنّها أمّه من الرضاع فإنّها لا تحرم عليه و كذا لو أقرّ لعبده و هو أكبر سنّا منه أنّه ابنه لم يعتق عليه [- ج -] إذا أقرّ أحدهما قبل العقد بالرضاع المحرّم ثمّ رجع و قال وهمت

ص: 11

أو كذبت لم يقبل رجوعه في ظاهر الحكم و تدين فيما بينه و بين اللّٰه تعالى فإن كان صادقا في الأوّل حرمت ظاهرا و باطنا و إن كان كاذبا حرمت ظاهرا خاصّة [- د -] لا يقبل الشهادة في الرضاع إلاّ مفصلة فلو شهد بأنّ هذا ابن هذا من الرضاع أو أخوه لم يسمع حتّى يقولا تشهد أنّها أرضعته خمسة عشر رضعة متفرّقات خلص اللبن منهن إلى جوفه في الحولين بمصّ الثدي لم يفصل بينهنّ برضاع أخرى و يبني الشاهدان في وصول اللبن إلى الجوف على الظاهر من تحريك شفتيه عند التقام الثدي المعلوم وجود اللبن فيه مصّا على العادة حتّى يصدر من قبل نفسه للشبع لا للعود و لا يكفي أن يحكي القرائن فيقول رأيته قد التقم الثدي و حلقه يتحرّك و لو أدخلته تحت ثيابها و لم يشاهداه ملتقما ثديها لم يجز لهما أن يشهدا [- ه -] قد بيّنا أنّ الرضاع إنّما يستتبع أحكامه لو حصل اللبن عن ولادة و هو إنما يتحقق في المرأة فالخنثى إذا ولدت حكم بأنّها امرأة إلاّ على ما يروى في الشواذ أن خنثى ولدت و أولدت فينشر لبنها الحرمة إن كانت امرأة و إن كانت ذكرا لم ينشر و إن كان مشكلا وقف المولود على ما ينكشف منه فإن كان رجلا لم ينشر و إلاّ نشر [- و -] قال الشيخ في الخلاف إذا حصل الرّضاع المحرّم لم يحلّ للفحل نكاح أخت المرتضع بلبنه و لا لأحد من أولاده من غير المرضعة و منها لأنّ إخوته و أخواته صاروا بمنزلة أولاده و ليس بمعتمد و الوجه جواز النكاح بين أخت المرتضع و أولاد صاحب اللبن و قد تقدّم [- ن -] روي أنّه إذا ربّت المرأة جديا بلبنها فإنّه يكره لحمه و لحم ما كان من نسله عليها و ليس ذلك بمحظور

الفصل الثاني في المصاهرة

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] من وطئ امرأة بالعقد الصّحيح أو الملك أو الإباحة حرم عليه أمّها و إن علت و بناتها و إن نزلن سواء كنّ بنات بنت أو بنات ابن و سواء تقدمت ولادتهنّ أو تأخّرت و سواء كن ربائب في حجره أو لم تكن تحريما مؤبدا بالعقد الدائم و المنقطع و ملك اليمين و لو عقد و لم يدخل حرمت أمّ الزوجة و إن علت تحريما مؤبدا على أشهر الروايتين و حرمت بناتها و إن نزلن تحريم جمع بمعنى أنّه لو طلق الأم قبل الدخول جاز له العقد على البنات لكن يكره له ذلك إذا نظر من الأمّ إلى ما يحرم على غيره النظر إليها و كذا يحرم على الجمع أخت الزوجة سواء دخل بالزوجة أو لم يدخل فإن طلق الزوجة طلاقا بائنا جاز له العقد على أختها في الحال و إن كان رجعيّا لم يجز حتّى تخرج من العدّة فإن عقد على الأختين دفعة واحدة كان عقدهما باطلا على ما اختاره في المبسوط و هو مذهب ابن إدريس و في النهاية يختار أيّهما شاء و به رواية صحيحة و إن عقد مرتّبا كان عقد الثانية باطلا دون الأولى و يحرم أيضا على الجمع بين بنت أخت الزوجة و بنت أخيها إلاّ برضى العمّة و الخالة فلا يجوز له الجمع بين العمّة و بنت الأخ و لا بين الخالة و بنت الأخت إلاّ برضى العمّة و الخالة سواء تقدّم عقدهما أو تأخر و سواء كانت العمّة و الخالة حقيقية كالعمّة الدّنيا و الخالة الدّنيا أو مجازا كالعمّة العليا و الخالة العليا فإن عقد على بنت الأخ أو بنت الأخت و معه العمة أو الخالة كان العقد موقوفا إن أجازتاه صحّ و لم يكن لهما بعد ذلك اختيار و إن فسختاه بطل و قال ابن إدريس يكون العقد باطلا و لا بدّ من تجديده مع الرضا و هل للعمّة و الخالة فسخ نكاحهما و اعتزال الزوج قال الشيخ نعم و اختاره ابن إدريس و جعل ذلك فسخا لا طلاقا و لا نفقة لها فيه و له أن يتزوج بأختها في الحال و عندي فيه نظر فإن طلّق واحدة منهما بائنا جاز له العقد على بنت الأخ أو بنت الأخت في الحال و إن كان رجعيّا لم يجز إلاّ برضاهما أو بعد العدّة و هكذا حكم الرّضاع في جميع ما تقدّم و له أن يدخل العمّة و الخالة على بنت الأخ أو بنت الأخت و لا يعتبر رضى المدخول عليها [- ب -] تحرم حليلة الابن و هي منكوحته بالعقد أو الملك أو الإباحة تحريما مؤبّدا و لو عقد الابن و لم يدخل حرمت أيضا مؤبّدا على الأب و كذا تحرّم منكوحة الأب على الولد سواء كانت منكوحة بالعقد أو الملك أو الإباحة تحريما مؤبّدا و سواء كانت المعقود عليها مدخولا بها أو لا و لا فرق بين الأب الحقيقي و المجازي و كذا في طرف الولد فيحرم على الولد منكوحة الجد لأبيه أو لأمّه و إن علا و على الأب منكوحة ابن ابنه أو ابن بنته و إن نزل و سواء كان أب النسب أو الرضاع و كذا الولد و لا يحرم أمّ منكوحة أحدهما على الآخر و إن علت و لا بناتها و إن نزلن نعم يكره للرجل أن يتزوّج ابنه بنت امرأته المدخول بها إذا كان قد رزقت بعد مفارقتها له و لو كانت ولادتها متقدّمة على نكاح الأم لم يكن مكروها [- ج -] لا تحرم مملوكة الأب على الابن مؤبّدا بمجرّد الملك و لا مملوكة الابن على الأب بذلك و لو وطئ أحدهما مملوكته حرّمت على الآخر تحريما مؤبّدا و لا يجوز للولد أن ينكح مملوكة أبيه إلاّ بالإذن أو الملك فإن فعل من غير شبهة كان زانيا و عليه الحدّ و المهر مع الإكراه و في المطاوعة إشكال و قوّى الشيخ رحمه اللّٰه سقوطه لعموم النهي عن مهر البغي و لو حملت فالولد مملوك للمولى لا ينعتق عليه و لو كان لشبهة سقط الحدّ فإن حملت من الشّبهة عتق على الأب و لا قيمة على الابن و أمّا المهر فكما تقدّم و لا تصير أمّ ولد لأنّها علّقت بمملوك ثمّ عتق بالملك لأجل النسب و كذا لا يجوز للأب أن يطأ جارية ابنه من غير إذن أو عقد فإن فعل فلا حدّ سواء وطئها الابن قبل

ص: 12

ذلك أو لا و عليه المهر مع الشبهة و أما مع العلم فإن كانت مكرهة وجب و إلاّ فالأقرب سقوطه و لو حملت لم ينعتق و على الأب فكّه إلاّ أن يكون أنثى و الأقرب أنّها لا تصير أمّ ولد و لو كان الولد صغيرا جاز للأب أن يقوم مملوكته على نفسه ثمّ يطأها بالملك [- د -] يجوز الجمع بين الأختين في الملك و لا يجوز الجمع بينهما في الوطي فإذا وطئ إحداهما حرمت الأخرى حتّى تخرج الموطوءة من الملك ببيع أو هبة أو كتابة و كذا لا يجمع بينهما و بين عمتها و لا خالتها في الوطي إلاّ برضا العمّة أو الخالة و يجوز الجمع بينهما في الملك و لا يكفي في تحليل الأخرى رهن الأولى لأنّ المنع من الوطي لحقّ المرتهن لا للتحريم و لا استبراؤها أيضا فإن باع الموطوءة أو كاتبها فوطئ الأخرى ثمّ ردّت عليه الأولى بعيب أو فسخ كتابة لم يحلّ له المردودة حتّى يحرم التي وطئها فإن وطئ الثانية بعد وطي الأولى قبل إخراجها عنه و كان عالما بتحريم ذلك عليه قال الشيخ حرمت عليه الأولى حتّى يموت الثانية فإن أخرج الثانية عن ملكه ليرجع إلى الأولى لم يجز له الرّجوع إليها و إن أخرجها من ملكه لا لذلك جاز له الرجوع إلى الأولى قال و إن لم يعلم تحريم ذلك عليه جاز له الرجوع إلى الأولى على كلّ حال إذا أخرج الثانية عن ملكه و الأقرب عندي أنّ الثانية محرّمة دون الأولى لكن يستحبّ له التربّص حتى يستبرأ الثانية و لو أخرج الأولى من ملكه حلّت الثانية و لا حدّ عليه على التقادير و لو كان له أمتان أختان فوطئ إحداهما حرّمت الأخرى و إن كاتب الموطوءة حلّت له الأخرى فإن فسخ الكتابة للعجز قبل وطي الأخرى كان مخيرا بين الأمتين [- ه -] إذا تزوّج امرأة جاز له شراء أختها لا وطيها بملك اليمين سواء كان شراؤها متقدّما على النكاح أو متأخّرا و لو كانت له أمة يطأها بملك اليمين جاز له أن يتزوّج بأختها فتحرم عليه الأمة ما دامت الثانية في حبالته و تحلّ له المنكوحة و إن لم تحرّم التي وطئها ببيع أو شبهه و يجوز أن يتزوّج بأخت أخيه إذا لم تكن أختا له و روي أن تركه أفضل و كذا يجوز للسيّد أن يتزوّج بأختي عبده إذا كانت إحداهما أخته من أبيه و الأخرى من أمّه و يجوز أن يجمع بين المرأة و زوجة أبيها ابنها أو وليدته إذا لم تكن أمّها و بين لا يخلوا هذا الفرع عن تشويش في العبارة أو الفتوى امرأة الرّجل و بنت امرأته إذا كانت من غيره و يحل أن يتزوّج الرّجل ابنه بأم امرأته أو ابنتها و روي كراهية أن يزوج الرّجل بضرّة أمه مع غير أبيه [- و -] من قبّل جاريته بشهوة أو لمسها كذلك لم يتعلّق به تحريم أختها و كذا لو نظر إلى فرجها و لا تحريم أمّها و لا بنتها و قال الشيخ تحرم و هو ممنوع و هل تحرم على أبيه و ابنه بمجرّد النظر أو التقبيل أو اللمس من غير وطي قال الشيخ نعم و نحن نمنع ذلك و نحمل النهي على الكراهية عملا بالأصل و لو نظر إلى ما يسوق لغير مالكها النظر إليه أو قبّل أو لمس بغير شهوة لم ينشر الحرمة إجماعا [- ن -] الزنا الطاري لا ينشر الحرمة فلو زنى بأمّ امرأته بعد العقد أو بابنتها أو لاط بأخيها أو ابنها أو أبيها لم تحرم امرأته عليه و كذا لو زنى الأب بجارية الابن و بالعكس لم تحرم على مالكها و قال الشيخ تحرم سواء زنى بها قبل الوطي أو بعده و قال الشيخ إذا زنى بجارية أبيه قبل أن يطأها الأب حرم على الأب المالك وطؤها و إن كان قد وطئها بعد وطي الأب لم تحرم و ليس بمعتمد أمّا الزنا السابق على العقد فالمشهود أنّ من زنى بعمّته أو خالته حرّمت عليه ابنتاهما أبدا و يلوح من كلام ابن إدريس المنع و كذا لو لاط بغلام أو رجل فأوقب فإنّه يحرم على اللائط أمّ المفعول به و أخته و بنته تحريما مؤبّدا سواء كان اللواط بإيقاب الحشفة بكمالها أو بجزئها بعد أن يتحقّق الإيقاب و سواء كانا صغيرين أو كبيرين أو بالتفريق و لا تحرم على المفعول به أقارب الفاعل و لا تحريم مع عدم الإيقاب من الطرفين و يحرم مع الإيقاب جدّة المفعول و إن علت و بناته و إن نزلن و لو كان له أمّ أو أخت أو بنت من الرضاع فالأقرب تحريمهن أيضا و لا تحرم بنت أخيه و لا أخت أبيه و لو لاط المجنون فالأقرب التحريم عليه بعد زوال عذره و لو لاط مكرها على إشكال أو تشبّه عليه بامرأة فكذلك أمّا الزنا السابق بغير ذلك ففيه روايتان إحداهما أنّه ينشر حرمة المصاهرة كالوطي الصحيح و الأخرى لا ينشر و اختلف علماؤنا باعتبار الروايتين على قولين فعند الشيخ يحرم أمّ المزني بها و ابنتها و يحرم على الأب من زنى بها الابن و بالعكس و خالف المفيد و السيّد المرتضى في ذلك [- ح -] وطي الشبهة و عقدها هل ينشر حرمة المصاهرة أم لا قال الشيخ نعم و فيه إشكال أقربه أنّه لا ينشر و إن سقط الحدّ معه و لحق به الولد و لا فرق بين شبهة العقد كمن تزوّج فاسدا مثل نكاح الشغار مع عدم علمه بالتحريم و بين شبهة الوطي كمن وطئ امرأة اشتبهت عليه بزوجته و بين شبهة الملك كمن اشترى جارية شراء فاسدا أو تشبّهت عليه أمة الغير بأمته الحكم في ذلك كلّه سواء و حكم الرضاع في جميع ما تقدّم حكم النسب [- ط -] أقسام الوطي ثلاثة مباح طلق فيتعلّق به تحريم المصاهرة سواء كان بعقد أو ملك يمين أو إباحة فتحرم به أمّ الموطوءة و إن علت على الواطي و بناتها و إن نزلن و تحرم الموطوءة خاصّة على أب الواطي و إن علا و على ابنه و إن نزل تحريما مؤبدا و تصير به

ص: 13

هؤلاء المحرّمات محرما فيجوز له النظر إلى أمّ الموطوءة و ابنتها و حرام محض كالزنى فإنّه لا يتعلّق به تحريم المصاهرة على الأقوى و لا يقتضي حرمة المحرم إجماعا و وطي شبهة ففي اقتضائه تحريم المصاهرة خلاف تقدّم و لا يقتضي حرمة المحرم إجماعا و لو أكره امرأة على الزنا لم يثبت تحريم المصاهرة على الأقوى لأنّ هذا الوطي زنى في حقّه

الفصل الثالث في باقي الأسباب الموجبة للتحريم المؤبّد

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] لا يجوز للرجل أن يدخل بزوجته إذا لم يبلغ سنّها تسع سنين فإن دخل فعل حراما ثمّ إن أفضاها فرّق بينهما و لم تحلّ له أبدا و عليه ديتها و الإنفاق عليها حتّى يموت أحدهما و إن لم يفضها ففي التحريم الأبدي إشكال و الشيخان رحمهما اللّٰه أطلقا القول بالتّحريم على من وطئ امرأته لدون تسع سنين و لم يشرطا الإفضاء و كذا أطلق ابن إدريس التحريم الأبدي بمجرّد الوطي قبل التسع لكنّه قال إنّها لا تبين منه إلاّ بطلاق أو موت و لا يلزم من التفريق بينهما و التحريم أبدا بينونتها منه و الظاهر أنّ مراد الشيخين بالتحريم و وجوب التفريق أبدا البينونة و في الحديث ما يساعد قول ابن إدريس [- ب -] من تزوّج امرأة في عدّتها عالما بالتحريم و العدّة معا فرّق بينهما و لم تحلّ له أبدا سواء دخل بها أو لم يدخل و سواء كانت عدّة الطلاق الرجعي أو البائن أو عدّة الوفاة و إن لم يكن عالما بالعدّة و التحريم معا و إن كان عالما بأحدهما فإن دخل بها حرّمت أبدا و عليه المهر و عليها عدّتان تمام العدّة من الزوج الأوّل و عدّة أخرى من الثاني و إن لم يدخل كان العقد فاسدا و له استينافه بعد الانقضاء و الدخول يتحقّق بالوطي في القبل أما الوطي في الدبر فالأقرب أنّه كذلك و لو وطئ من غير استيناف عقد مع علمه ببطلان الأوّل فالأقرب دخوله تحت الزاني بذات العدّة و إن كانت المرأة عالمة بذلك لم يجز لها الرجوع إلى هذا الزوج بعقد آخر و لا فرق بين تزويج الدوام و المتعة في ذلك و لو دخل مع الجهل فحملت لحق به الولد إن جاء لستة أشهر فصاعدا منذ دخل بها و لا يسقط مهرها عن الأوّل و لو علم بالتحريم فلا مهر لها على الثاني هذا إذا تغاير الزوج أمّا لو تزوّج بها المطلق ثلاثا في عدتها من غير محلّل ففي التحريم مؤبّدا نظر و لو تزوّج بذات بعل لشبهة كمن طلق رجعيّا ثمّ راجع و لم يعلم المرأة فتزوّجت بآخر بعد قضاء العدّة ظاهرا و دخل بها الثاني فإنّ النكاح الثاني باطل إجماعا و هل تحرم مؤبّدا لا نعرف لعلمائنا فيه فتوى و حمله على ذاك العدّة قياس مع أنّ الأقرب ذلك و ثبوت الحكم فيه بطريق التنبيه لا القياس و كذا لو بلغها موت زوجها أو طلاقه فتزوّجت على ظاهر الحال و لو تزوّج بذات بعل عالما حرّمت أبدا و في رواية صحيحة عن عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام أنّ من تزوّج امرأة و لها زوج و هو لا يعلم فطلقها الأوّل أو مات عنها ثمّ علم الأخير أ يراجعها قال لا حتّى تنقضي عدّتها و عن زرارة عن الباقر عليه السّلام في امرأة فقدت زوجها أو نعي إليها فتزوّجت ثمّ قدم زوجها بعد ذلك فطلقها قال تعتدّ منهما جميعا ثلاثة أشهر عدّة واحدة و ليس للآخر أن يزوّجها أبدا و في طريقها ابن بكير و هي تدلّ على مساواة النكاح للعدّة [- ج -] من زنى بذات بعل سواء دخل بها البعل أو لا أو في عدّة رجعيّة حرمت عليه أبدا سواء علم في حال زناه كونها ذات بعل أو عدّة رجعيّة أو لم يعلم و لو زنى بذات عدّة بائن أو عدّة وفاة فالوجه أنّه لا تحرم عليه عملا بالأصل و ليس لأصحابنا في ذلك نصّ و على ما قلناه من التنبيه يحتمل التحريم مع العلم لأنّا قد بيّنا ثبوته مع العقد فمع التجرّد عنه أولى و هو الأقرب و لو زنى بمتمتع بها في المدّة حرّمت أبدا و لو انقضت المدّة قبل انقضاء العدّة فالإشكال كما قلناه في عدّة البائن و التحريم يحصل مع الزنا في القبل أو الدبر لصدق اسم الزنا عليهما و لو زنى بذات بعل لشبهة فالوجه التحريم أمّا الأمة الموطوءة فالوجه أنّها لا تحرّم و لو زنى بامرأة ليست ذات بعل و لا في عدّة فإنّها لا تحرم عليه و إن لم يتب و شرط الشيخ ره في بعض أقواله التوبة و كذا لو كانت مشهورة بالزنى و لو زنت امرأته فكذلك لا تحرم عليه و إن أصرّت [- د -] المحرم إذا عقد على امرأة فإن كان عالما بالتحريم حرمت عليه أبدا سواء دخل بها أو لم يدخل و إن لم يكن عالما بالتحريم فسد عقده و لا تحرم مؤبّدا بل يجوز له العقد عليها بعد الإحلال و إن كان عالما بالإحرام و لم يفرّق علماؤنا بين الدخول و عدمه بل أطلقوا القول بجواز المراجعة مع الجهالة إلاّ ابن إدريس فإنّه قال إنّها تحرم أبدا مع الدخول و إن كان جاهلا و لا نعرف مستنده في ذلك و لا فرق بين أن يكون الإحرام للحجّ أو العمرة و لا بين الإحرام الواجب أو التطوع و الوجه إنّ الإحرام في الحج الفاسد كذلك إذ يحرم عليه ما يحرم في الصحيح و لو زنى بها في إحرامه فالوجه أنّها لا تحرم مؤبّدا و لا فرق بين التزويج الدائم و المنقطع في ذلك و الظاهر أنّ مراد علمائنا بالعقد في المحرم و العقد في ذات العدّة إنّما هو العقد الصحيح الذي لو لا المانع ترتّب عليه أثره أمّا العقد الفاسد فإن كان العاقد يعلم فساده فلا اعتبار به و إن لم يعلم فساده كمن اعتقد تسويغ نكاح الشغار لشبهة ففي الاعتداد به إشكال أقربه أنّه كالصّحيح [- ه -] من لاعن امرأته حرمت عليه أبدا و كذا لو قذف زوجته الصمّاء و الخرساء

ص: 14

بما يوجب اللعان لو لم نكن صماء أو خرساء و لو قذفها بما لا يوجب اللعان لو لا المانع لم تحرم عليه و كذا لو قذف غيرهما من النساء سواء كانت ذات عيب أو لا و لو كانت صماء بغير خرس فقذفها بما يوجب اللعان حرّمت أبدا على إشكال [- و -] من طلق امرأته تسع تطليقات للعدّة ينكحها بينها رجلان حرمت على المطلق أبدا و ظاهر هذه الفتوى يتناول الحرّة لأنّ الأمة تفتقر إلى نكاح أربعة رجال فحينئذ يحتمل تحريمها في السّت إذا الطلقتان للأمة بمنزلة الثلاث للحرّة و فيه ضعف و تحريمها في التاسعة إذا نكحها بينها أربعة رجال لصدق التطليقات التسع و نكاح رجلين عليها و هو ضعيف أيضا و عدم التحريم في طرف الأمة مطلقا و هو أقواها و إن كان لا يخلو عن نظر و لا فرق في التحريم في طرف الحرّة بين الزوج الحرّ و غيره و لو تخلل بين الطلقات التسع للحرّة طلقات الستة و نكحها أكثر من رجلين فالوجه ثبوت التحريم المؤبّد

الفصل الرّابع في باقي المحرمات بقول مطلق

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] قد بيّنا أحكام المحرمات على التأبيد و بقي حكم المحرمات في حال دون أخرى و هذا الفصل مقصور على ذلك فمن عقد على امرأة حرم على غيره نكاحها سواء كان العقد دائما أو منقطعا ما دامت في حباله فإذا فارقها بموت أو طلاق جاز نكاحها و كذا لا يجوز الجمع بين الأختين في النكاح الدائم و المنقطع و ملك اليمين و قد تقدّم ذلك فإن عقد على إحدى الأختين حرّمت الأخرى حتّى يطلق الأولى فإن طلقها بائنا جاز له العقد على أختها في الحال و كذا لو مات و إن طلقها رجعيا لم تحل له الثانية حتّى تخرج الأولى من عدّتها فإن عقد على الثانية و الأولى في حبالته كان العقد باطلا فإن وطئ الثانية فرّق بينهما قال الشيخ رحمه اللّٰه و لا يرجع إلى الأولى حتّى تخرج التي وطئها من عدّتها فإن جاءت بولد و كان جاهلا لحق به و الأقرب عندي جواز الرجوع إلى الأولى من غير انتظار العدّة و لا فرق في ذلك كلّه بين الدائم و المنقطع و قد روي في المتمتعة إذا انقضى أجلها أنّه لا يجوز العقد على أختها حتّى ينقضي عدّتها و الوجه عندي الاستحباب في ذلك و جواز العقد على الأخت بعد انقضاء الأجل في الحال [- ب -] لا يجوز العقد على الأمة و عنده حرّة إلاّ بإذن الحرة فإن عقد من غير استيذان قال الشيخ يتخيّر الحرة في الفسخ و الإمضاء و الاعتزال و قال ابن إدريس يقع باطلا لا يؤثّر الرّضى في صحّته بل يفتقر إلى تجديده و لو قيل بوقوعه موقوفا كان حسنا أمّا القول بجواز فسخ عقد الحرّة المقدّم فضعيف و لو عقد عليهما في حالة واحدة كان العقد على الحرة ماضيا و عقد الأمة باطل عند الشيخ و ابن إدريس و لو قيل بوقوعه موقوفا كان وجها و لو عقد على الحرّة و عنده زوجة أمة كان العقد ماضيا و لا خيار للأمة هنا و لا فيما تقدّم ثمّ إن كانت الحرة عالمة فلا خيار لها أيضا و إن لم تكن عالمة بأنّ له زوجة أمة كانت بالخيار في عقد نفسها بين الفسخ و الإمضاء و لا خيار لها في عقد الأمة و متى اختارت الحرة العقد على الأمة المتقدّمة أو المتأخّرة لم يكن لها بعد ذلك اختيار و لا خيار للحرّة لو كانت له أمة ينكحها بالملك و حكم المتمتع بها حكم الدوام فلو تمتّع بأمة على حرّة كان للحرّة فسخ عقدها أو يقع باطلا على الخلاف و لو جمعهما في عقد صحّ عقد الحرّة و بطل عقد الأمة و لو عقد على الحرّة و عنده أمة متمتّع بها تخيّرت الحرّة في فسخ نكاحها و لو عقد على الحرّة دائما و عنده أمة متمتع بها فالوجه ثبوت الخيار للحرة أيضا و كذا لو عقد على حرّة دائما ثمّ على أمة متمتع بها فإنّ الحرة يتخيّر بها و كذا لو جمعهما في عقد و كذا البحث لو كانت الحرّة متمتعا بها و الأمة دائما [- ج -] شرط بعض علمائنا في نكاح الأمة دائما أمرين عدم الطول و هو عدم الثروة و هو العجز عن المهر و النفقة و خوف العنت و هو المشقّة من الترك فمن وجد الطول أو أمن العنت لم يجز له نكاح الأمة و من جمع الشرطين جاز له العقد على أمة واحدة لا غير و الأقرب أنّهما شرطان في الندبيّة لا الجواز فيكره لفاقدهما العقد على الأمة و إن كان سائغا [- د -] لا يجوز للحرّ أن يعقد على أكثر من أربع حرائر بالعقد الدائم فمن تزوّج أربعا من الحرائر بالدوام حرم عليه ما زاد غبطة إلاّ أن يفارق إحدى الأربع بموت أو طلاق أو ما أشبهه من اللعان و شبهه فإن ماتت إحداهن أو طلقها بائنا جاز له العقد على أخرى في الحال و إن طلقها رجعيّا لم يجز له العقد حتّى تخرج المطلقة عن عدّتها و لو ادعى إقرارها بانقضاء العدة فأنكرت فالقول قولها و عليه النفقة و كان له أن يتزوّج بالرابعة أو بالأخت و لو كان له ثلاث فتزوّج اثنتين في عقد واحد قيل يتخيّر بأيّتهما شاء و قيل يقع باطلا و كذا لو تزوّج اثنين عقيب طلاق الرابعة أو موتها و لو رتّب ثبت عقد الأولى خاصّة و لو تزوّج خمسا في عقد واحد فالأقرب البطلان مع احتمال التخيير و يجوز له أن يعقد بالمتعة على من شاء من غير حصر في أربع و إن كان الأفضل أن لا يتجاوزهن و كذا يجمع بين أيّ عدد كان في الوطي بملك اليمين [- ه -] لا يجوز للحرّ أن يعقد من الإماء دائما على أكثر من أمتين و يجوز أن يعقد منقطعا على أكثر من اثنتين و يجوز للحرّ أن يجمع في الدائم بين حرّتين و أمتين و بين ثلاث حرائر و أمة و لا يجوز له أن يجمع بين ثلاث حرائر و أمتين و لا بين أربع حرائر و أمة و لا بين ثلاث إماء و إن لم تكن معهنّ حرّة و لا فرق في الإماء بين القنّ و أمّهات الأولاد

ص: 15

و المكاتبات المشروطة و المطلقات اللواتي لم يؤدّين شيئا أمّا المطلقة إذا أدّت شيئا و من انعتق بعضها ففي تحريم ما زاد على اثنتين منهن إشكال أقربه التحريم تغليبا لجانب الحرمة و يجوز أن يعقد على الإماء أيّ عدد شاء في المتعة و كذا ينكح بملك اليمين ما شاء و كذا الإباحة [- و -] لا يجوز للعبد أن يعقد على أكثر من حرّتين غبطة و يجوز أن يعقد على أربع إماء كذلك و على حرة و أمتين و لا يجوز له العقد على حرة و ثلاث إماء و لا على حرّتين و أمة و لا حصر في المنقطع و التحليل في الحرائر و الإماء كالحرّ و لو انعتق بعض الأمة فهي كالحرة بالنسبة إليه تغليبا للحرمة و إن ألحقناها بالأمة في الحرّ للعلة أمّا من انعتق بعضه فالأقرب أنّه بحكم الحرّ في العدد و حكم العبد بحسنات ما فيه من الجهتين و لا يباح له أكثر من حرّتين أو أمتين أو حرّة و أمتين [- ز -] لا يحرم الحامل من الزنا على الزاني و لا على غيره و لا يفتقر في إباحة العقد عليها إلى الوضع [- ح -] من طلق الحرة ثلاث طلقات بينها رجعتان حرمت عليه حتّى تنكح زوجا غيره سواء كانت تحت حرّ أو عبد فإذا طلّقها الثاني أو مات عنها جاز للأوّل العقد عليها إن حصل شرائط المحلل الآتية فيما بعد و هكذا دائما في طلاق السنة تحرم بعد كلّ ثلاث و تحلّ مع المحلّل أمّا طلاق العدّة فقد بيّنا أنّها تحرم في تسع أمّا الأمة فإذا طلقها زوجها الحرّ أو العبد طلقتين حرمت على الزوج حتّى تنكح غيره فإذا نكحت غيره و فارقها جاز للأوّل العقد عليها و هكذا تحرم بعد كلّ طلقتين و تحلّ مع المحلل و الإشكال في الفرق بين طلاق العدّة و السنّة في الأمة تقدّم و من انعتق بعضها ففي عدة طلاقها إشكال [- ط -] من منع من نكاح الأمة مع وجود الطول و أمن العنت سوغ نكاحها مع وجود من يقرضه المهر و مع رضا الحرة بتأخير صداقها أو تفويض بعضها لأنّ لها أن تطالبه بفرض صداقها فيجب في الذّمة فتلحقه الضّرر و كذا يجوز مع وجود واهب و اقتصر في التسويغ على الواحدة فإن تزوّج أمتين دفعة بطل العقد عنده و إن رتّب ثبت عقد الأولى و لو عقد دفعة على أربع حرائر و أمة فسد عقد الأمة خاصّة و لو تزوّج الأمة ثمّ وجد الطول لم يفسد عقده إجماعا و لو قال بعد العقد كنت واجدا للطول حين العقد و صدّقه المولى حكم بفساد العقد في حقّهما و إن كذّبه ففي حقّه خاصة و لو كان ذا مال فقال استفدته بعد العقد فالقول قوله و لو تزوّج بأمة أبيه ثمّ ورثها بطل النكاح فإن وصّى بها أبوه لغيره و خرجت من الثلث فإن اختار الموصى له إمضاء العقد صحّ و إلاّ كان له فسخه و لو كان القبول بعد الوفاة و قلنا الملك به بطل النكاح و إن قلنا إنّه كاشف عن الملك حين الوفاة فلا بطلان و هكذا التفصيل لو قلنا بانتقال الموصى به إلى الوارث أما إذا قلنا ببقائه على حكم مال الميّت و هو الحقّ فلا بطلان على التقديرين [- ى -] لا يجوز للعبد أن يتزوّج الأمة على الحرّة كما قلنا في الحرّ إلاّ برضى الحرّة و كذا لا يجمع بينهما في عقد واحد من دون الرضا [- يا -] لو كانت تحته حرّة صغيرة لا يمكنه وطؤها جاز له نكاح الأمة على القولين و كذا لو كانت كبيرة غائبة لا يصل إليها على إشكال و لو وجد ما يشتري به أمة جاز له العقد على الأمة إذا لم يرغب إليه حرّة [- يب -] من تزوّج امرأة ثمّ علم أنّها كانت قد زنت لم يكن له فسخ العقد و لها الصّداق عليه و لا يرجع به على الوليّ و في رواية له الرجوع [- يج -] إذا تزوّجت المطلقة ثلاثا و شرطت على المحلّل في العقد أنّه لا نكاح بينهما بطل العقد و قيل يلغو الشرط خاصّة و لو شرطت الطلاق صحّ النكاح و بطل الشرط و المهر و لها مهر المثل مع الدخول و لو لم يصرّح بالشرط و كان في نيّتهما ذلك أو نيّة الزوجة أو الوليّ لم يفسد النكاح و كلّ موضع حكم فيه بصحة العقد فإنّها تحلّ على الزوج الأوّل مع الدخول و الفرقة و انقضاء العدّة و كلّ موضع حكم فيه بفساد العقد فإنّها لا تحلّ [- يد -] نكاح الشغار باطل و هو أن يزوّج بنته أو وليته برجل على أن يزوّجه الرجل بنته أو وليّته و يجعلا بضع كلّ واحدة مهرا للأخرى و لو عقدا كذلك فلا نكاح بينهما و لو قال زوّجتك بنتي على أن تزوّجني بنتك على أن يكون نكاح بنتي مهرا لبنتك بطل نكاح بنته و صحّ نكاح بنت المخاطب و لو قال زوّجتك بنتي على أن تزوّجني بنتك على أنّ صداق كلّ واحدة منها مائة صحّ النكاح و قال الشيخ رحمه اللّٰه و يبطل المهر لأنّه جعل صداق كلّ واحدة تزويج الأخرى و شيئا آخر فيبطل الشرط فيبطل المهر و لا فرق بين اختلافهما في المهر و اتفاقهما و إنّما حكم بصحّة النكاح هنا لأنّه لم يشترك في البضع اثنان بخلاف الأولى التي جعل بضع كلّ واحدة منهما ملكا للرّجل بالزوجيّة و للبنت بالمهر و لو قال زوّجتك بنتي على أن تزوّجني بنتك على أن بضع كلّ واحدة منهما مع عشرة دراهم مهر للأخرى بطل أيضا و لو قال زوّجتك بنتي على أن تزوّجني بنتك و لم يعيّن مهرا صحّ النكاحان و وجب مهر المثل و لو قال زوّجتك جاريتي على أن تزوّجني بنتك و تكون رقبة جاريتي صداقا لبنتك صحّ النكاحان معا

المقصد الرابع في نكاح المشركات
اشارة

ص: 16

و أنكحه الكفّار و الإماء و العبيد و المتعة و مباحث أخر و فيه فصول

الأوّل في نكاح المشركات

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] لا يجوز للمسلم نكاح غير الكتابيّات من سائر أصناف الكفّار سواء كان بعقد دوام أو متعة أو ملك يمين بلا خلاف أمّا الكتابيات من اليهود و النصارى و المجوس فالمشهور تحريمهن بالعقد الدائم و أمّا في المتعة و ملك اليمين فروايتان أقربهما الجواز على إشكال في المجوسيّة هذا في الابتداء و يجوز في الكتابيّات استدامة كأن يسلم الذمّي و عنده كتابية فإنّه يستديم نكاحها [- ب -] اليهود لهم كتاب التوراة و النصارى لهم الإنجيل أمّا المجوس فقيل كان لهم كتاب ثمّ نسخ و رفع من بين أظهرهم فلهم شبهة كتاب فلحقوا بالكتابيين في أحكامهم أمّا السامرة فهم قوم من اليهود و يخالفونهم في بعض الفروع فحكمهم حكم أهل الذمّة و قيل ليسوا منهم فحكمهم حينئذ حكم الحربيّين أمّا الصابئون فقيل هم نصارى و قيل إنّهم يخالفونهم في الأصول و يقولون إنّ الفلك ناطق و يعبدون الكواكب فحكمهم حكم الحربيّين أيضا و أمّا من له كتاب غير التوراة و الإنجيل من الكفّار فحكمهم حكم الحربي أيضا و ذلك مثل صحف إبراهيم و زبور داود و أمّا من انتقل إلى دين أهل الكتاب فإن كان بعد النسخ كانوا بحكم الحربيّين أيضا و إن كان قبله فحكمهم حكم أهل الذمّة [- ج -] إذا قلنا بجواز نكاح الذمّية ثبت لها ما ثبت للزوجات المسلمات من الحقوق كالسكنى و النفقة و الكسوة و القسم و أحكام الإيلاء من مطالبته بالفتنة عند انتهاء المدّة أو الطلاق و يثبت له عليها حقوق الأزواج كالتمكين من الاستمتاع و السكنى حيث شاء و يجوز له وطؤها قبل الغسل من الحيض أو النفاس عند انقطاعهما و لو قلنا بالمنع في المسلمة فكذا هاهنا فيلزمها الغسل و إن لم يصحّ منها النيّة تحصيلا لحقّ الآدمي و إن تعذّر تحصيل حقّ اللّٰه تعالى و كذا لو كانت مسلمة مجنونة فإنّه يجبرها على الغسل و إن لم يصحّ منها النيّة و أمّا الغسل من الجنابة فالأقرب أنّه ليس له إجبارها عليه و الحاصل أنّ كلّ ما يمنع من الاستمتاع فله إجبارها على إزالته و كلّ ما يمنع من كمال الاستمتاع ففي إجبارها عليه نظر و ما لا يمنع منه و لا من كماله فليس له إجبارها عليه فطول شعر البدن و الأظفار إن منع من الاستمتاع أجبرت على إزالته و إلاّ فلا و له منعها من البيعة و الكنيسة و الخروج من بيتها و شرب الكثير من الخمر و فيما دون الإسكار احتمال فلو كانت مسلمة و أرادت شرب النبيذ على مذهب الحنفي منعت و في منع الكافرة من أكل لحم الخنزير احتمال قوى الشيخ ره عدم المنع و كذا ليس له منع المسلمة عن أكل الثوم و البصل و أشباههما و له منع المشركة من لبس جلد الميّتة و من النجاسات التي يتعدى إليه

الفصل الثّاني في إسلام أحد الزوجين

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] إذا أسلم زوج الكتابيّة دونها فهو باق على نكاحها سواء أسلم قبل الدخول أو بعد و يجوز له نكاحها بالعقد السابق مع كفرها و يكون حكمها ما تقدّم سواء كانا في دار الإسلام أو في دار الحرب أو اختلفت الداران بهما و لو أسلمت الكتابيّة دون زوجها فإن كان قبل الدخول انفسخ العقد و لا مهر لها و إن كان بعده انتظر عدّة الطلاق فإن أسلم فيها كان النكاح باقيا و إن انقضت على كفره بانت منه و لها المهر و قال الشيخ إن كان الزوج بشرائط الذمّة كان النكاح باقيا غير أنّه لا يمكن من الخلوة بها و لا من الدخول عليها ليلا و ليس بمعتمد و العدة للحرة ذات الأقراء ثلاثة و للأمة قرءان و لغيرها ثلاثة أشهر و لو كانت آيسة في سنّ من تحيض انتظرت العدّة بالأشهر أيضا مع الدخول [- ب -] إذا أسلمت دونه بعد الدخول فقد قلنا إنّها ينتظر العدّة و عليها نفقتها سواء خرجت العدّة و هو باق على الشرك أو أسلم قبل الانقضاء [- ج -] غير الكتابيين من أيّ أصناف الكفّار كانوا إذا أسلم أحد الزوجين منهم فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال سواء كان المسلم الرّجل أو المرأة و لو كان بعد الدخول انتظرت العدّة فإن أسلم الآخر فيها كان النكاح باقيا و إلاّ انفسخ العقد و لا فرق بين أن يكون المسلم الرجل أو المرأة و لا اعتبار بالدار في هذا الحكم و على الزوج نفقة العدّة مع الدخول كما قلنا هاهنا إن كانت هي المسلمة و لو كان المسلم هو فإن انقضت العدّة قبل إسلامها لم يكن لها نفقة و إن أسلمت في الأثناء كان لها النفقة عن المستقبل و فيما مضى وجهان أقواهما السقوط فلو قال أسلمت بعد شهرين من إسلامي فلا نفقة فيهما عليّ و قالت بل بعد شهر فالقول قوله مع اليمين و كذا لو قالت قبل انقضاء العدة فالزوجيّة باقية و لي النفقة فقال بل بعد الانقضاء فلا نفقة فالقول قوله و لو أسلم أحدهما و تخلّف الآخر حتّى انقضت العدّة وقعت البينونة و لو اختلفا فقال الزوج أنا أسلمت و تخلّفت أنت فلا نفقة لك و قالت بل أسلمت أنا فلي النفقة احتمل تقديم قوله عملا بثبوت البينونة و أصالة براءة الذّمة و قولها بوجوب النفقة عليه أوّلا و الأصل البقاء [- د -] إذا أسلم الكافر و عنده أكثر من حرائر وثنيّات بالعقد الدّائم فأسلمن أو كنّ كتابيات و إن لم يسلمن تخيّر أربعا و فارق البواقي سواء ترتّب عقده عليهنّ أو وقع دفعة واحدة و سواء اختار الأوائل

ص: 17

أو الأواخر في المرتبات فإن كان حرّا و لو كن إماء و حرائر تخيّر أمتين و حرّتين أو أربع حرائر و لو كن أربعا لا أزيد ثبت عقده عليهنّ و لا اختيار و لو أسلمت المرأة و قد تزوّجت باثنين فإن كان مترتّبا كان عقد الثاني باطلا و إن وقعا دفعة بطلا معا و لا اختيار لها فيهما و لو أحرم عقيب إسلامه كان له الاختيار حالة الإحرام لأنّه ليس ابتداء عقد و العبد يستديم حرّتين أو حرّة و أمتين أو أربع إماء [- ه -] إذا أسلم الكافر عن أمّ و بنتها زوجتين فإن كان قد دخل بهما حرمتا معا أبدا و إن كان قد دخل بالبنت خاصّة ثبت عقدها و حرّمت الأمّ مؤبّدا و إن كان قد دخل بالأمّ خاصة حرّمت البنت مؤبّدا و هل يحرم الأمّ مؤبدا بمجرّد العقد على البنت هاهنا قال الشيخ نعم و إن لم يكن دخل بهما قال الشيخ يتخيّر أيتهما شاء إذ عقد الشرك لا يحكم بصحته إلاّ بانضمام الاختيار في حال الإسلام و لهذا لو تزوّج عشرا فاختار منهنّ أربعا لم يجب للبواقي مهر و لا نفقة و لا متعة بمنزلة من لم يقع عليهن عقد فإذا اختار الأم كان بمنزلة من لم يعقد على البنت و يحتمل لزوم نكاح البنت أو عقد الشرك صحيح كما لو تزوّج أختين فإنّه يختار أيّتهما شاء فيكون صحيحا فيهما و صحّة النكاح في البنت يقتضي التحريم المؤبّد في الأمّ و اختيار الشيخ هنا لا يجامع اختياره في الثالث و لو كانت الأمّ و البنت أمتين له فإن كان وطئهما حرمتا معا أبدا و إن وطئ إحداهما حرمت الأخرى كذلك و إن لم يكن وطئ شيئا منهما تخيّر [- و -] لو أسلم عن أختين تخيّر أيّتهما شاء و خلّي سبيل الأخرى سواء دخل بهما أو لا و كذا لو كان عنده امرأة و عمّتها أو خالتها إذا لم تجز العمّة و الخالة نكاح بنت الأخ أو بنت الأخت و لو أجازتا صحّ نكاح الجميع و كذا لو أسلم عن حرّة و أمة [- ن -] لو أسلم الحرّ عن أكثر من أمتين زوجات تخيّر اثنتين منهنّ ترتّب عقدهنّ أو اتفق و سواء دخل بهن أو لا و سواء كان واجدا للطول أو لا و لو أسلم عن حرّة و ثلاث إماء فإن أسلمن معه و ثبت نكاح الحرة و بطل نكاح الإماء إن لم ترض الحرّة و إن رضيت اختار اثنتين منهنّ و انفسخ نكاح الثالثة و لو أسلمت الحرة خاصّة ثبت نكاحها و وقف نكاح الإماء على رضاها فإن أجازته اختار اثنتين إن أسلمن في العدة أو كنّ كتابيّات و لو أسلمت الإماء خاصّة فإن أسلمت الحرّة في العدّة ثبت نكاحها و كان حكم الإماء ما تقدّم و إذا انقضت على الشرك بطل نكاحها و اختار اثنتين من الإماء و لو طلق الحرّة قبل إسلامها بائنا فإن انقضت العدّة على الشّرك تبين أنّ الفرقة وقعت حين اختلاف الدين و إن أسلمت في العدّة ثبت الطلاق و اختار من الإماء اثنتين و من منع من نكاح الإماء مع الطول لا يبطل نكاح الإماء بثبوت نكاح الحرّة قبل الطلاق [- ح -] لو أسلم و عنده ثماني حرائر فأسلم معه أربع كان له اختيارهنّ و انتظار الباقيات فإن خرجت العدّة و هنّ على الشرك و قع الفسخ في المشركات و ثبت نكاح الأربع و الاعتداد من حين اختلاف الدّين و إن أسلمن في العدّة كان له أن يختار أربعا من شاء منهن فينفسخ نكاح الآخر من حين الاختيار و يعتددن من ذلك الوقت أيضا و لو أسلم أربع و كان البواقي كتابيّات كان له أن يختار الكتابيّات و إن بقين على الكفر فينفسخ نكاح المسلمات من حين الاختيار [- ط -] لو أسلم عن أربع إماء زوجات فأسلمت واحدة كان له اختيار المسلمة و انتظار الباقيات فإن أسلمن قبل انقضاء العدّة كان له أن يختار اثنتين و انفسخ نكاح الباقيتين من حين الاختيار و إن أقمن على الكفر حتّى انقضت العدّة حصلت البينونة باختلاف الدين و كان نكاح الأولى لازما بغير اختياره و لو اختار فسخ نكاح المسلمة لم يكن له لأنّ الباقيات قد لا يسلمن إلى انقضاء العدة فيكون نكاحها لازما فلو فسخ نكاحها لم يصحّ الفسخ في الحال إلاّ أن يسلم اثنتان و يختار نكاحهما فينفسخ نكاح الأولى و الزائد على الاثنتين و لو اختار نكاح الأولى احتمل عدم صحّة الاختيار لأنّ فسخه لم يصح و الصحّة لأنّ الفسخ إنّما لا يصحّ إذا قام البواقي على الكفر إلى انقضاء العدّة فأما إذا أسلمن فيها فإن فسخ نكاح من شاء صحيح و كذا لو كان عنده ثماني حرائر فأسلم أربع لم يكن له فسخ نكاحهنّ إلاّ أن يسلمن الباقيات فإن فسخ قبل إسلامهنّ ثمّ أسلمن ففي جواز اختيارهنّ ما تقدّم من الاحتمال [- ى -] قد بيّنا أنّه يجوز أن ينكح الإماء مع وجود الطول و منع بعض علمائنا من ذلك فعلى المنع لو أسلم بعضهن و هو معسر ثمّ أسلم بعضهنّ و هو موسر اختيار نكاح من أسلم و هو معسر لانفساخ نكاح من أسلم و هو موسر إذ الاعتبار بحال اجتماع إسلامه و إسلامها و هو حالة الاختيار و اليسار لا يمنع من الاختيار للأولى لتجدده [- يا -] لو أسلم عن حرّة و أربع زوجات إماء فأسلم الإماء معه ثمّ أعتقن و تأخّرت الحرّة قال الشيخ لم يكن له اختيار الإماء قبل العتق لتمسكه بالحرّة و لا بعده لأنّ وقت الاختيار وقت اجتماع إسلامه و إسلامهنّ و هن حينئذ إماء فإن لم يختر و أسلمت الحرّة في العدّة ثبت نكاحها و انفسخ نكاحهنّ إلاّ أن يخيّر فله أن يختار اثنتين و إن لم يسلم اختار اثنتين من الإماء لا أزيد لأنّ المراعي وقت ملك الاختيار و هنّ حينئذ إماء لا وقت وجوده و لو خالف و اختار فإن أسلمت الحرة في العدّة انفسخ نكاح البواقي و التي اختارها إلاّ أن تخيّر الحرّة و إن لم يسلم ففي صحّة نكاح

ص: 18

الاثنتين اللتين اختارهما احتمال أمّا لو أعتقن قبل إسلام الزوج و إسلامهنّ ثمّ أسلم و أسلمن أو بعد إسلامه قبل إسلامهن ثم أسلمن كان له أن يختار أربعا لأنّ حالة الاختيار حالة اجتماع إسلامه و إسلامهن فإن اختارهنّ انفسخ نكاح الحرّة باختياره إن أسلمت في العدة و باختلاف الدين إن لم تسلم و إن أخّر الاختيار حتّى تسلم الخامسة قال الشيخ كان له ذلك و يحتمل إلزامه باختيار ثلاث منهنّ و تأخير اختيار الرابعة لينظر حال الخامسة إذ يلزمه نكاح ثلاث منهنّ فلا معنى لتأخير الثلاث الآخر فإن أسلمت في العدّة تخيّر بينها و بين الرابعة و إن انقضت عن الشرك ثبت عقد الأربع [- يب -] لو أسلم العبد عن أمتين و أربع حرائر فأسلمن كان له أن يختار أمتين و حرّة أو حرّتين و ليس للأمتين أن تختار فراقه و هل للحرائر ذلك قال الشيخ نعم فيبقى عنده أمتان يثبت عقده عليهما [- يج -] لو كان تحت العبد أربع إماء فأسلمن ثمّ أعتقن و تأخّر إسلامه كان لهن اختيار الفسخ فتكملن عدة الحرائر إن أسلم في العدّة و إن بقي على الشرك حتّى أنقضت العدة بالاختلاف و ظهر بطلان الفسخ لمصادقة البينونة و هل يكملن عدّة الحرائر فيه وجهان و المقام فإن أسلم في العدّة اختار اثنتين و إن انقضت أقام على الشرك انفسخ النكاح من حين الاختلاف و يثبت العدّة منه و هل يكملن عدّة الحرائر قوّى الشيخ عدم ذلك للبراءة و لو اخترن المقام قبل إسلامه لم يعتدّ به و لا يسقط حقهنّ من الفسخ عند إسلامه و إن سكتن عن اختيار الفسخ و المقام لم يبطل لأنّه على التراخي فإن أقام الزوج على الشرك حتّى انقضت العدّة وقع الفسخ باختلاف الدّين و كان ابتداء العدّة من حين الفسخ و قوّى الشيخ رحمه اللّٰه أنهنّ لا يكملن عدّة الحرة و إن أكملن فيها فإن اخترن فراقه انفسخ النكاح و اعتددن (- ح -) عدّة الحرائر و إن اخترن المقام تخير اثنتين و لو أسلم العبد قبلهنّ ثمّ أعتقن كان لهن اختيار الفسخ فإن كنّ مشركات فلا حكم لاختيارهنّ المقام معه فإن انقضت العدّة على الشرك انفسخ نكاحهنّ و إن أسلمن تخيّر اثنتين و خيار المعتقة على الفور و لو ادّعت عدم علمهما بالعتق و كان مما يخفى عليها كان القول قولها مع اليمين و إلاّ فلا و لو ادّعت جهالة الحكم قوّى الشيخ القبول منها و القول قولها مع اليمين و لو أعتق العبد و الأمة معا قال الشيخ لا خيار لها و لو أعتقت دونه و لم يعلم حتّى أعتق ففي ثبوت الخيار وجهان و قال بعض علمائنا بثبوت الخيار للمعتقة و إن كانت تحت حرّ فلا يسقط خيارها بعتقه هنا [- يد -] لو أسلم العبد عن أربع من حرائر و أسلم معه اثنتان ثمّ أعتق ثمّ أسلم الباقيتان كان له أن يختار اثنتين لأنّه حين ثبوت الاختيار كان عبدا فإذا اختار اثنتين و فارق اثنتين كان له أن يتزوّجهما لأنّه حرّ و لو أسلم ثمّ أعتق و أسلمن لزمه نكاح الأربع لأنّه يجوز له نكاح الأربع وقت اجتماع الإسلام

الفصل الثّالث في الاختيار و كيفيته

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] إذا أسلم الحرّ و تحته أربع كتابيات ثبت عقده عليهنّ و لو كنّ وثنيّات أو مجوسيّات انتظرت العدّة فإن أسلمن ثبت عقده عليهنّ و لا خيار له و إن انقضت العدّة على الشرك انفسخ النكاح من حين الاختلاف و لا خيار أمّا لو كنّ أكثر من أربع حرائر وثنيّات فأسلمن في العدّة مع الدخول وجب عليه أن يختار أربعا و يفارق البواقي من حين الاختيار و يعتددن من تلك الحال فإن امتنع من الاختيار حبسه الحاكم فإن اختار و إلاّ أخرجه و عزّره فإن امتنع أعاده إلى السّجن فإن اختار و إلاّ أخرجه ثانيا و عزّره فإن اختار و إلاّ أعاده إلى السجن و هكذا إلى أن يختار و ليس للحاكم أن يختار عنه و لو جنّ بعد إسلامه اختار الوليّ عنه [- ب -] يجب على الزوج الإنفاق على الجميع إلى أن يختار فيسقط النفقة على من اختار فراقها فإن مات قبل الاختيار و تحته ثماني نسوة وجبت عدّة الوفاة على الجميع فإن كنّ حوامل اعتددن بأبعد الأجلين و إن كنّ آيسات أو صغائر اعتددن بأربعة أشهر و عشرة أيّام و إن كن من ذوات الأقراء اعتددن بأبعد الأجلين أيضا و هو أربعة أشهر و عشرة أيّام و ثلاثة أقراء و يوقف سهم الزوجة لهنّ فإن اصطلحن إمّا بالتخصيص لبعضهنّ أو بالتفضيل له أو بالمساواة دفع إليهن و إن لم يصطلحن بقي موقوفا فإن طلبت الأربع فما دون منه شيئا لم يعطين و إن طلبت خمس منهن أعطين ربع الثمن مع الولد و ربع الربع مع عدمه تضعن به ما اصطلحن عليه و إن طلبت ست أعطين نصف و هكذا و توقف الباقي و لا يسقط حقّ من أخذ مما تخلّف و لو كان فيهن موليا عليها لم يكن للولي أن يأخذ أقلّ من ثمن الموقوف لأنّه أقلّ نصيبها مع القسمة و لو كنّ أربع وثنيّات و أربع كتابيات فأسلم الوثنيّات مع إسلامه ثمّ مات قبل الاختيار احتمل أن لا يوقف شيء لأنّ الإيقاف إنّما يكون مع تيقن الوارثات [توقف] و يحتمل هذا أن يختار الكتابيّات فلا يرثن و قوّاه الشيخ فيكون ميراثا لباقي الورثة و يحتمل الإيقاف حتّى يصطلحن كما يوقف الميراث مع الحمل و إن شككنا في إرثه إلاّ أن نصيبهنّ لا يدفع إليهن مع اصطلاحهن حتّى يصطلحن مع بقيّة الورثة الذين يكون لهم نصيب الزوجات إن لم تكن وارثات لتردّدهم بينهم بخلاف الأولى لتيقّن إرث الزوجات هناك [- ج -] اختلاف الدين فسخ لا طلاق و كذا الاختيار فلا يعد في الثلاث فإن أسلم و عنده وثنية أو مجوسيّة قبل الدخول انفسخ النكاح و كان لها نصف المسمّى إن كان

ص: 19

مباحا و إلاّ فنصف مهر المثل و إن لم يسمّ شيء فهو مفوّضة لها المتعة و إن كان بعد الدخول وجب المسمّى المباح كملا و مهر المثل إن لم يسمّ أو سمّى حراما و لو أسلمت هي أوّلا فإن كان قبل الدخول سقط المهر بأجمعه و إن كان بعده ثبت الجميع و لو أسلما دفعة أو كانت كتابية فالنكاح بحاله و كذا الصّداق المباح و لو قالا سبق إسلام أحدنا قطعا و لا نعلم التعين فإن لم يكن المرأة قبضت شيئا من المهر فليس لها المطالبة لإمكان سبقها و إن كانت قبضته رجع الزّوج بنصفه خاصّة و ليس له المطالبة بالباقي لإمكان سبقه فيوقّف حتّى يتبيّن و لو اختلفا في السابق فالقول قولها استصحابا للمهر و لو ادّعى الاستصحاب في الإسلام و ادعت سبق أحدهما فالأقوى تقديم قول الزوج عملا باستصحاب النكاح [- د -] الاختيار قد يكون قولا مثل اخترتك أو اخترت نكاحك أو اخترت حبسك أو أمسكتك أو مسكت نكاحك أو ثبّتك أو ثبت نكاحك و ما أشبه ذلك و قد يكون فعلا بأن يطأ أو يقبل أو يلمس بشهوة على إشكال فيهما و لو رتّب في الاختيار ثبت عقد الأربع الأولى و اندفع البواقي و لو قال لما زاد على الأربع اخترت فراقكنّ اندفع و ثبت نكاح البواقي و لو قال للأربع اخترتكنّ و أمسكتكنّ صحّ نكاحهنّ و اندفع البواقي و لو قال للأربع طلّقتكن ثبت نكاحهنّ و طلقن و انفسخ نكاح البواقي و كذا لو أطلق واحدة ثبت نكاحها و طلّقت و كان له اختيار ثلاث و إن قال للأربع فارقتكن لم يكن اختيارا و اندفع نكاحهن و ثبت عقد البواقي و الظهار و الإيلاء ليسا اختيارا على إشكال إذ لو حلف على الأجنبيّة ألاّ يطأها ثمّ تزوّجها و وطئها وجبت الكفّارة و الظهار يواجه به غير الزوجة فإن اختار غير من طاهر أو آلى منها سقط حكمهما و إن اختار إحداهما تعلّق بها حكمهما و كان العود من حين الاختيار إن لم يفارقها و مدّة الإيلاء من حين الاختيار و قال الشيخ رحمه اللّٰه الذي يقتضيه مذهبنا أنّ الظهار و الإيلاء اختيار إذ لا يقعان بغير الزوجة و فيه قوّة و لو قذف إحداهنّ فإن اختارها سقط الحدّ بالبيّنة أو باللعان و إن اختار غيرها ثبت الحدّ إلاّ مع البيّنة هذا إذا طلّق أو ظاهر أو آلى أو قذف بعد إسلامهنّ و لو قال قبله فإن انقضت العدّة عزّر عن القذف و له دفعه بالبيّنة خاصّة و سقط حكم البواقي فإن أسلمن فيها فإن اختار غيرها فلا حكم و إن اختارها ثبت حكم الجميع و في القذف و التعزير أيضا و له دفعه بالبيّنة و اللعان [- ه -] لو أسلم و أسلم ما زاد على الأربع معه وجب أن يختار أربعا و ليس له اختيار ما دونهنّ كما أنّه ليس له اختيار الزائد و لا يجب اختيارهن دفعة بل يجوز متعاقبا [- و -] لو قال الأربع فسخت نكاحهنّ و قصد حلّ النكاح فسخا انفسخ عقدهنّ إن كان الباقي أربعا فما زاد و لو كان الباقي أقلّ من أربع لم يجز و هل يكون لاغيا حتّى يثبت الاختيار للأربع من الجميع أو يثبت نكاح البواقي و يتخيّل تمام الأربع من اللواتي فسخ نكاحهنّ الأقرب الثاني و لو قصد بالفسخ الطلاق لم يقع الطلاق إلا أن يكون ممن يعتقد ذلك فيقع و أمّا في غيره فلا و هل يكون اختيارا لمن قصدهن بالطلاق بلفظ الفسخ فيه إشكال أقربه ذلك و لو كنّ أربعا لا غير فأسلمن معه ثبت نكاحهنّ و لا خيار له فإن قال فسخت نكاحهنّ لم يصحّ سواء قصد حلّ النكاح أو الطلاق لأنّ الفسخ إنّما يكون بالعيب [- ن -] الاختيار ليس ابتداء عقد و إنّما هو تبيين لمن كان صحيح النكاح منهن و تصحيح العقد الأوّل فيهن فلو أسلم عن ثماني و أسلم معه أربعة فإن اختارهنّ انفسخ نكاح البواقي و إن تربص إسلام البواقي فمات المسلمات قبل إسلامهنّ ثمّ أسلمن لم يبطل الاختيار فإن اختار الأحياء لم يرث الموتى و إن اختار الموتى ورثهنّ [- ح -] ليس الاختيار كالفسخ بل بينهما مخالفة في الحكم فلو أسلم و تحته خمس فأسلمت واحدة فاختارها صحّ و لو أسلمت ثانية فاختارها أيضا صحّ و هكذا إلى الأربع فسقط عصمة الخامسة و لو اختار فسخ نكاح المسلمة أوّلا لم يكن له ذلك لأنّه لا يملك فسخ النكاح في واحدة حتّى يزيد عدد المسلمات على الأربع فلو أسلم البواقي فالأقرب جواز اختيار نكاح من فسخ نكاحها أوّلا لوقوع الفسخ لاغيا و لو قال حين أسلم كلّما أسلمت واحدة فقد اخترت فسخ نكاحها لم يصحّ سواء قصد الفسخ أو الطلاق و لا يثبت اختيارها لو قصد الطلاق لأنّه تعليق للفسخ بالشرط و من شرطه التنجيز و علّق الطلاق به فكان باطلا أيضا و لا اعتداد به في الاختيار لأنّه تعليق للنكاح على شرط إذ تعليق الطلاق عليه يستلزمه [- ط -] لو أسلم و تحته وثنيّة مدخول بها باقية على الشرك فتزوّج بأختها أو أربع سواها في عقد واحد قبل انقضاء عدّتها كان العقد فاسدا لا موقوفا و كذا لو كان تحته أربع وثنيّات فتزوّج بالخامسة قبل انقضاء العدّة و لو أسلمت الوثنيّة دونه فتزوّج بأختها فإن انقضت العدة و هو على الشرك انفسخ نكاح الأولى حين اختلاف الدين و صحّ نكاح الثانية و لو أسلم هو و الأخرى في العدة تخيّر من شاء من الأختين [- ى -] لو تزوّج المشرك متعة ثمّ أسلما بعد انقضاء المدة فلا نكاح بينهما و إن أسلما قبلها كان النكاح باقيا إلى حين الانقضاء و لو أسلم الزّوج أوّلا بعد الدخول انتظرت العدّة فإن أسلمت و قد بقي من الأجل شيء كان

ص: 20

أملك بها تلك المدّة و إلاّ فلا نكاح و هل يرجع من المهر بنسبة المدّة الفائتة بعد إسلامه الأقرب ذلك و لو أسلم قبل الدخول فانقضت المدّة و العدّة و هي مشركة فالأقرب ثبوت نصف المهر لها و لو أسلمت دونه قبل الدخول فالأقرب عدم المهر و ينفسخ النكاح في الحال فلو أسلم في المدّة لم يملك نكاحها و إن كان بعد الدخول ثبت لها من المهر بقدر ما استوفاه من الأيّام و الأقرب ثبوت الباقي لأنّ الامتناع منه [- يا -] لو تزوّج المشرك بشرط الخيار أبدا انعقد فاسدا فإن أسلما لم يقرّا على النكاح إلاّ بعقد مستأنف سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما و لو كان الخيار إلى مدّة فإن أسلما قبل انقضائها أقرّا عليه [- يب -] لو تزوّج بها و هي معتدّة فإن أسلما و هي في العدّة لم يقرّا عليه لأنّه لا يجوز ابتداؤه في حال الإسلام و إن أسلما بعد انقضائها أقرّا عليه و لو تزوّج بحليلة أبيه أو ابنه أو امرأة طلّقها ثلاثا أو لاعنها ثمّ أسلما لم يقرّا عليه و لو غصبها حال الشرك ثمّ أسلما لم يقرّا عليه و لو غصبها حال الشرك ثمّ أسلما لم يقرّا عليه و كذا لو طاوعته على الوطي من غير عقد [- يج -] إذا أسلم بعد أن طلق كلّ واحدة من الأختين ثلاثا ثمّ أسلما و أراد التزويج بإحداهما قبل أن ينكح غيره لم يكن له ذلك اعتبارا بصحّة طلاق المشرك كما يصحّ نكاحه و لو أسلم و أسلمتا ثمّ طلقهما ثلاثا يقال له تطلّق من كنت تختار منهما فإذا عيّن جاز له العقد على الأخرى و لو أسلم عن ثماني نسوة و أسلمن معه فطلّقهن ثلاثا كلّف اختيار أربع فإذا عيّنهن وقع بهنّ الطلاق و حلّ له نكاح الباقيات

الفصل الرّابع في الارتداد

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] إذا ارتد أحد الزّوجين عن الإسلام قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال فإن كان المرتدّ الرجل ثبت لها نصف المسمّى الصحيح و نصف مهر المثل إن كان سمى فاسدا و المتعة إن لم يسمّ و إن كان المرأة سقط المهر و إن كان بعد الدخول ثبت المهر ثمّ إن كان المرتدّ الرجل عن فطرة انفسخ النكاح في الحال و وجب قتله و تعتدّ المرأة عدّة الوفاة و لا يعاد عليه لو تاب و إن كان عن غير فطرة وقف الفسخ على انقضاء عدة الطلاق فإن انقضت و لم يرجع فلا نكاح بينهما و إن رجع في أثنائها كان أملك بها و لو كان المرتدّ المرأة انتظرت عدّة الطلاق فإن رجعت كان أملك بها و إلاّ فلا نكاح بينهما و يتبيّن انفساخ النكاح من حين الارتداد لا من حيث انقضاء العدّة و لو ارتدّا معا فالتفصيل كما قلناه [- ب -] المرتدّ يمنع من وطي الزوجة المسلمة المدخول بها لأنّ النكاح موقوف على انقضاء العدة فإن وطئها و لم يرجع في العدّة كان عليه مهر المثل و كذا لو كانت هي المرتدة فوطئها أو ارتدّا معا و إن رجعا أو رجع المرتد منهما في العدّة فلا مهر لذلك الوطي عليه [- ج -] المرتدة لا يصح نكاحها للمسلم لشركها و لا للكافر لتحرمها بالإسلام [- د -] إذا أسلم زوج المشركة دونها ثمّ ارتد فإن أقامت الزوجة على الشرك حتّى انقضت العدّة من حين أسلم فقد بانت منه من حين الإسلام باختلاف الدّين و إن أسلمت في الأثناء تبيّن عدم البينونة باختلاف الدّين و يضرب لها عدّة من حين ارتد فإن عاد إلى الإسلام قبل انقضائها فهما على الزوجيّة و إن لم يعد حتّى انقضت فقد بانت من حين الارتداد [- ه -] إذا كان تحت المشرك ثماني مشركات فأسلم و أسلمن معه فارتدّ قبل أن يختار وقف النكاح على انقضاء العدة فإن أراد أن يختار أربعا حال ارتداده لم يكن له ذلك فإن عاد قبل الانقضاء كان له الاختيار و إن انقضت قبل رجوعه حصلت البينونة منهن حين الارتداد [- و -] إذا كان تحت المسلم كتابيّة فانتقلت عن دينها إلى ما لا يقرّ أهله عليه كعبادة الأصنام لم يقرّ عليه إجماعا فيحتمل عدم قبول غير الإسلام منها و قبول الرجوع و قبول أيّ دين يقرّ أهله عليه فإن كان الانتقال قبل الدخول انفسخ النكاح و إن كان بعده فإن رجعت إلى دين الإسلام أو دينها أو دين يقرّ عليه على الخلاف في العدّة فهما على النكاح و إلاّ بانت بانقضاء العدة و إن انتقلت إلى دين يقرّ عليه فإن كان إلى اليهوديّة أو النّصرانيّة فإن قلنا بقبوله كان النكاح بحاله و إلاّ انفسخ العقد إن كان قبل الدخول و وقف على انقضاء العدة إن كان بعده و إن انتقلت إلى المجوسيّة انفسخ العقد قبل الدخول و وقف على الانقضاء بعده فإن رجعت في العدّة أو أسلمت فهما على النكاح إن قلنا بقبول الرجوع و إن خرجت العدة انفسخ النكاح و لو انتقلت زوجة الذمّي إلى غير دينها من ملك الكفر وقع النسخ في الحال و لو عادت إلى دينها فكذلك بناء على أنّه لا يقبل منها إلاّ الإسلام

الفصل الخامس في باقي مباحث متعلق بأنكحة الكفّار

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] أنكحة المشركين صحيحة و طلاقهم واقع فلو طلّق المشرك زوجته ثلاثا ثمّ أسلما لم يحلّ له مراجعتها إلاّ بالمحلّل و لو كان للمسلم زوجة ذمّيّة فطلقها ثلاثا فتزوّجت بذميّ و طلّقها حلّت للأوّل [- ب -] إذا أسلم الذميّ و تحته أكثر من أربع حرائر ذميّات اختار أربع منهنّ كالحربي لا فرق بينهما إلاّ في شيء واحد و هو أنّ الحربي إذا قهر امرأة منهم و كان يعتقد ذلك نكاحا و أسلموا أقرّ على ذلك بخلاف الذمّي فإنّه لا يقرّ على مثل ذلك

ص: 21

لأنّ أهل الذمّة لا يجوز لهم ذلك و على الإمام الذبّ عنهم و دفع من قهرهم و المستأمن إذا قهر امرأة على نفسها و كان يعتقد ذلك نكاحا أقرّ عليه إذا أسلما لأنّ المستأمنين لا يلزمهم الإمام نصرتهم و إنّما هم آمنون من المسلمين و أهل الذّمة و لهذا لو قصدهم أهل الحرب لم يلزم الإمام دفعهم بخلاف أهل الذّمة [- ج -] إذا تزوّج مجوسيّ أو وثنيّ بذمّية أقرّهما الحاكم إذا ترافعا إليه و كذا لو تزوّج ذمّي بمجوسيّة أو وثنيّة و لو تزوج مرتدّ بمرتدّة لم يقرّا عليه و إن تابا و يجوز للذمّي أن تتزوّج بحربيّة من أهل الكتاب و غيرهم أمّا المسلم فلا يحلّ له ذلك و لا بالذميات من أهل الكتاب [- د -] لا يجوز للمسلم أكل ذبيحة الكفّار و إن كانوا أهل كتاب و لا نكاح نسائهم و كذا المتولّد بين الحربي و أهل الذمّة قال الشيخ و في أصحابنا من أجاز نكاح أهل الذمّة و أكل ذبائحهم و الولد يتبع المسلم من أبويه في الإسلام و في الإقرار بالحرّية يتبع الأب إذا كان بين مشركين مختلفين قال بعض الجمهور و يتبع الأمّ في الحرّية و الرّق [- ه -] إذا ترافع الكفّار إلى الحاكم تخيّر بين الحكم بينهم و بين دفعهم إلى أهل نحلتهم سواء كانوا حربيّين أو مستأمنين أو أهل ذمّة أو كان أحد الخصمين من جنس من هذه و الآخر من الآخر و لا يجب على الحاكم الحكم بينهم و إن كانوا أهل ذمّة و لا يجب على الحاكم أعداء الخصم إن استعداه على خصم و لا يجب على الخصم إذا استدعاه الحاكم الترافع إليه لأنّه إذا لم يجب على الحاكم الحكم لا يلزم الخصم أن يرتفع إليه [- و -] إذا حكم الحاكم بين الكفّار وجب أن يحكم بما يقتضيه شرعنا فإذا أراد المشرك ابتداء نكاح مشركة عنده عقده لهما كما يعقده للمسلمين و إجبار المنكوحة و عدمه كما في المسلمين و إن أراد استدامته حكم بصحّته إن كان يسوغ له ابتداؤه عليها بعد أن يكون الواقع في الشرك يعتقدونه صحيحا لازما و الحاصل أن كلّ نكاح لو أسلما عليه أقرا عليه فإنّه يحكم بينهما بصحّته إذا ترافعا إلينا مشركين و المهر الصحيح يحكم بصحّته سواء كان مقبوضا أو لا و إن كان فاسدا فإن كان مقبوضا لزم و استقرّ و إلاّ سقط و قضي بمهر المثل و إن قبض بعضه سقط من مهر المثل بإزائه فإن كان خمرا عشرة أزقاق و قبضت منه خمسة فإن كانت متساوية وجب نصف مهر المثل و إن كانت مختلفة فالأقرب اعتباره بالقيمة عند مستحلّيه و لو كان كلابا أو خنازير فالقيمة من غير التفات إلى العدد و لو كان للكافر ابن صغير كان له تزويجه كالمسلم

الفصل السّادس في مباحث يتعلق بأنكحة المماليك

و فيه [- كو -] بحثا [- ا -] قد بيّنا أنّه لا يجوز للعبد و لا للأمة أن يزوّجا أنفسهما إلاّ بإذن المولى فإن بادر أحدهما من غير إذن قيل يبطل و الأقرب أنّه موقوف على إذن المولى فإن أجازه صحّ و إلاّ بطل و على المولى مهر عبده و نفقته و زوجته و له مهر أمته و كذا لو كان كلّ واحد منهما لمالك أو أكثر و أذن البعض لم يمض إلاّ بإذن الباقي و كذا لا يحلّ وطي المكاتبة مطلقة كانت أو مشروطة و لا العقد عليها إلاّ بإذن المولى و كذا المكاتب [- ب -] إن كان الأبوان رقّا فالولد للمولى فإن كان مولاهما واحدا فالولد له و إلاّ كان لهما بالسّوية سواء شرطا الملك أو أطلقا و لو اشترطه أحدهما أو شرط زيادة فيه لزم و لو كان أحدهما حرّا تبعه الولد سواء الحرّ الأب أو الأمّ إلاّ أن يشترط المولى رقّ الولد فيلزم [- ج -] لو تزوّج الحر أمة من غير إذن المالك و وطئها قبل الإجازة مع العلم بالتحريم كان عليه الحدّ فإن كانت عالمة فلا مهر لها و إلاّ ثبت المهر للمولى و الولد رقّ له و لو كان الزّوج جاهلا أو حصلت له شبهة سقط الحدّ دون المهر و انعقد الولد حرّا و على الأب قيمته يوم سقوطه حيّا لمولاه و كذا لو عقد عليها بمجرّد دعواها الحرّية فيلزمه المهر و قيل عشر قيمتها مع البكارة و نصفه مع الثيبوبة و لو كان دفع إليها مهرا استعاد ما وجد منه و كان الولد رقّا و على الزوج فكّهم بالقيمة و يجب على المولى دفعهم إليه و لو لم يكن له مال سعي في قيمتهم و إن امتنع قيل وجب على الإمام أن يفديهم من سهم الرقاب [- د -] إذا تزوّج العبد حرّة على أنّه حرّ ثمّ بان أنّه عبد و كان مأذونا له في التزويج تخيّرت المرأة بين الفسخ و الإمضاء فإن فسخته قبل الدخول فلا مهر و إن كان بعده فلها المسمّى و عليها العدّة و لا نفقة لها و لا سكنى و إن كانت حاملا و قلنا النفقة للحمل ثبت لها و إلاّ فلا و إن كان غير مأذون فالنكاح موقوف على الإذن و لو شرطت نسبا فبان بخلافه أعلى أو أدون أو صفة كالبياض أو السواد أو الطول أو القصر أو الحسن أو القبح فبان الخلاف صحّ العقد و ثبت لها الخيار في طرف العبوديّة إذا شرطت حريّته و في طرف النسب إذا شرطت رفيعا فبان دونه سواء كان مساويا لها أو أدون أو أرفع منها و قوّى الشيخ رحمه اللّٰه سقوط خيارها إذا بان دون الشرط و كان مساويا لها أو أعلى و لو كان الغرور من جهتها فإن كان في الحرّية بأن تزوّج بها على أنّها حرّة فبانت أمة قال الشيخ الأظهر في الروايات البطلان فإن لم يدخل فرّق بينهما و لا مهر و إن دخل فلها المهر و يكون للسيّد لأنّه من كسبها و يرجع الزّوج به على المدلّس فإن كان الوكيل استعاده منه مع يساره و ينتظر اليسار مع عسره و إن كان الزّوجة تبعها به بعد العتق و إن أحبلها فالولد حرّ و على الأب قيمته يوم سقط حيّا و يرجع به على الغار أيضا قال و قيل النكاح صحيح و حينئذ هل يثبت الخيار للزوج المذهب نعم و إن كان الغرور بغير الحرّية من النسب أو الصفات كالحسن و غيره ثمّ ظهر الخلاف فالنكاح

ص: 22

صحيح و هل يثبت الخيار فيه احتمال و لو تزوّجها على أنّها مسلمة فبانت كتابيّة بطل العقد و من قال منا بصحة العقد عليهن أوجب الخيار [- ه -] لو تزوّج عبده بأمته كان عقدا صحيحا لا إباحة مجرّدة قيل و يجب أن يعطيها المولى شيئا من ماله و الأولى الاستحباب و كان الفراق هنا بيد المولى فيأمره باعتزاله و إن لم يوقع طلاقا و يكون ذلك فسخا بينهما و لو مات المولى تخيّر الوارث في فسخ العقد و إيقاعه [- و -] إذا تزوّج العبد بحرّة مع علمها بعدم الإذن و التحريم لم يكن لها مهر و لا نفقة و كان أولادها رقا لمولاه و لو كانت جاهلة فالأولاد أحرار و لا قيمة عليها و لها المهر يتبع به العبد بعد عتقه و لو تزوّج العبد بأمة غير مولاه كان الولد لمولاه و مولى الجارية معا سواء أذنا في النكاح أو لم يأذنا و لو أذن أحدهما دون الآخر كان الولد لمن لم يأذن أما لو زنى العبد بأمة غير مولاه فإنّ الولد هنا لمولى الأمة خاصّة [- ن -] لو تزوّج حرّ بأمة اثنين ثمّ اشترى حصّة أحدهما بطل العقد و حرّم وطيها سواء أجاز الشريك العقد بعد الابتياع على خلاف أو لا و لو حلّلها له الشريك ففي إباحة الوطي قولان و كذا لو ملك نصفها و كان الباقي حرا لم يجز له وطيها بالملك و لا بالعقد الدائم و لو هايأها قيل جاز له عقد المتعة عليها في زمانها المختصّ بها [- ح -] للمولى أن يتزوّج بأمته و يجعل صداقتها عتقها فيقول تزوّجتك و أعتقتك و جعلت مهرك عتقك فيلزمها عقد النكاح قال الشيخ ره و لو قدّم العتق على التزويج عتقت و كانت بالخيار في النكاح و منهم من منع ذلك و جعل المعتبر تقديم العتق لأنّ العقد لا يتناول الأمة فعلى قول الشيخ لو قدّم العتق عتقت فإن اختارت النكاح فلا بحث و إن امتنعت منه فعليها قيمتها يوم العتق فإن رضيت بأن يتزوّجها بالقيمة و كانت معلومة صح و إلاّ فلا و لو تزوّجها بغير القيمة صح و لها عليه المسمّى و له عليها قيمتها و لو طلق التي جعل عتقها صداقها قبل الدخول قال الشيخ رجع نصفها رقا و استسعت فيه فإن امتنعت كان له من خدمتها يوم و لها يوم و يجوز أن يشتري من سهم الرقاب و قال ابن البراج يرجع بنصف القيمة و هي حرة و اختاره ابن إدريس و هو عندي قويّ و لو قال لها أعتقتك على أن أتزوّج بك و لم يقل و عتقك صداقك نفذ العتق على تردّد و الأقرب عدم وجوب قبول النكاح فإن امتنعت فالوجه ثبوت القيمة و لو كان للحرة مملوك فقال له أعتقتك على أن تتزوّج بي وقع العتق و لم يجب التزويج قال الشيخ و لا شيء لها لأنّ النكاح حقّ له و الحظ له فيه و لو قال لغيره أعتق عبدك على أن أزوّجك بنتي فأعتقه نفذ العتق و لم يجب على الباذل التزويج و هل عليه للسيّد قيمة العبد قال الشيخ فيه قولان و الظاهر أنّ مراده للجمهور بناء على قول الرّجل السيد العبد أعتق عبدك عن نفسك على أن علي مائة درهم ففي وجوب البدل قولان و قوى الشيخ العدم لأصالة براءة الذمة [- ط -] إذا قتلت الأمة نفسها بعد الدخول لم يسقط مهرها و كذا لو قتلها السيد و لو قتلت نفسها قبل الدخول أو قتلها سيّدها لم يسقط المهر أيضا و قوّى الشيخ سقوطه و كذا البحث في الحرة [- ى -] يجوز بيع الأمة المزوّجة و يكون ذلك كالطّلاق و عندنا فإن أجاز المشتري النكاح صح فإن فسخه كان مفسوخا و خياره على الفور فإن علم و لم يفسخ لزم العقد و كذا العبد إذا بيع و كان تحته أمة و لو كان تحته أمة فبيع قال الشيخ يثبت للمشتري الخيار أيضا على رواية و منع ابن إدريس ذلك و حكم بلزوم النكاح و لو كانا لمالك فباعهما لاثنين كان لكل واحد من المشتريين الخيار و كذا لو باعهما على واحد و لو باع أحدهما دون الآخر كان للمشتري الخيار بين الفسخ و الإمضاء و كذا للبائع على من عنده و لو كان كل منهما لمالك فباع أحدهما أحد الزوجين تخير المشتري أيضا و المالك الآخر بين الفسخ و الإمضاء و لو حصل بينهما أولاد كانوا لموالي الأبوين [- يا -] إذا باع الجارية فاختار المشتري الإمضاء ثمّ سافر بها لم يكن لها نفقة و كذا لو لم يرسلها إلى الزوج ليلا و نهارا أما لو مكّنه منها دائما فإنّه يجب لها النفقة على الزوج و على المولى إرسالها ليلا للاستمتاع و لا يجب إرسالها نهارا فلا نفقة لها حينئذ [- يب -] إذا زوّج أمته فإن كان سمّى مهرا صحيحا فهو له فإن باعها قبل الدخول سقط المهر و لو أجاز المشتري كان المهر له لأن الإجازة كالعقد المستأنف و لو باعها بعد الدخول فالمهر للأوّل سواء أجاز الثاني أو فسخ و قال الشيخ إن كان الأوّل قبض المهر فهو له فإن كان بعد الدخول فقد استقر له و إن كان قبله رد نصفه و إن كان لم يقبضه فلا مهر لها لا للأوّل و لا للثاني فإن اختار المشتري الإمضاء و لم يكن قد قبض الأوّل المهر كان للثاني لأنّه يحدث في ملكه فإن دخل بها بعد الشراء استقر له الكل و إن طلقها قبل الدخول كان عليه نصف المهر الثاني فإن كان الأوّل قد قبض المهر و رضي الثاني بالعقد لم يكن له شيء و إن باعها قبل الدخول فرضي المشتري بالعقد و دخل بها الزوج بعد البيع كان نصف المهر للسيد الأوّل و نصفه للثاني و إن كان قد قبض الأوّل بعض المهر ثمّ باعها لم يكن له المطالبة لباقي المهر سواء دخل بها أو لم يدخل لأنّه حال بينه و بين الاستمتاع بها و إن كان الثاني رضي بالعقد كان له المطالبة بباقي المهر و إن لم يرض لم يكن له ذلك [- يج -] للسيّد الاستخدام بالجارية المزوّجة و إن كره الزوج نهارا و له المسافرة بها و ليس للزوج ذلك و للمولى أيضا إجارتها مدة

ص: 23

من الزمان من غير رضى الزوج [- يد -] لو زوج عبده ثمّ باعه قال الشيخ للمشتري الفسخ و على المولى نصف المهر و منع بعض علمائنا من الأمرين [- يه -] لو باع أمة و ادعى أنّ حملها منه و أنكر المشتري لم يقبل قوله في إفساد البيع و هل يقبل في التحاق النسب قيل نعم لأنّه إقرار لا يتضرّر به الغير و فيه نظر ينشأ من حصول التضرر به كما لو مات المقر و لا وارث له سواه [- يو -] يجوز للمولى عتق جاريته المزوجة سواء كان الزوج قد دخل بها أو لا و سواء كان الزوج عبدا للمولى أو لغيره أو حرا و على كل تقدير يثبت للجارية خيار فسخ النكاح و قيل إنّما يثبت لو كانت تحت عبد و لو كانت تحت حر فلا اختاره الشيخ و هو قوي و الخيار على الفور و لو عتق العبد لم يكن له خيار و لا لمولاه و لا لزوجته حرّة كانت أو أمة و لا لمولى الجارية و لو زوّج عبده أمته ثمّ أعتق الأمة أو أعتقهما معا كان لها الخيار و كذا لو كانا لمالكين ثمّ أعتقت الجارية أو أعتقتا معا فإن الخيار لها خاصّة و لو عتقت و لم يعلم كان لها الخيار مع العلم و إن وطئها قبله و لو جهلت الحكم فالأقرب ثبوت خيارها على إشكال و لو طلّقها الزوج رجعيا ثمّ أعتقت كان لها الفسخ أيضا و الصّبر حتى ينقضي العدّة و لا يدل ذلك على الرضا بالنكاح لجواز استناد الصّبر إلى رجاء الفرقة فلو صبرت فراجعها في العدة ففسخت النكاح انفسخ و عندي في ذلك إشكال [- يز -] أمّ الولد لا ينعتق بالولادة بل هي باقية على الرقيّة لكن لا يجوز بيعها ما دام ولدها حيّا إلاّ في ثمن رقبتها إذا كان دينا على مولاها و لا مال له سواها قيل و يجوز بيعها بعد وفاة المولى في الدين المحيط بالتركة و إن لم يكن ثمنا و ليس بجيد و لو مات الولد و أبوه حي بيعت مطلقا و عادت إلى محض الرقّ و لو مات المولى و الولد حيّ عتقت من نصيب الولد و لو عجز النصيب قيل يلزم الولد السعي في المتخلّف من قيمتها و قيل تستسعى هي فيه و هو أقرب و لو كان ثمنها دينا فأعتقها مولاها و تزوّجها و جعل عتقها صداقها ثمّ أولدها و أفلس بثمنها و مات نفذ العتق و النّكاح و كان الولد حرّا و قال الشيخ يباع في الدّين و يعود الولد رقّا و ليس بمعتمد [- يج -] إذا تزوّج العبد بإذن مولاه بحرّة أو أمة لغيره كان الطلاق بيد العبد و لو طلّق مولاه لم يقع و ليس للمولى إجباره على الطلاق و لا منعه عنه و لو زوّجه بأمته صحّ العقد و كان الطلاق بيد المولى و له أن يفرّق بينهما بغير لفظ الطلاق فيأمرها باعتزاله أو يقول فسخت عقدكما سواء دخل العبد أو لا و هل يكون ذلك طلاقا قيل نعم حتّى لو كرّره مرتين و بينهما رجعة حرمت إلاّ بالمحلّل و قيل يكون فسخا مجردا و هو أقرب أمّا لو أتى بلفظ الطلاق فإنّه يكون طلاقا حقيقة و لو طلّقها الزوج ثمّ باع مالك الجارية جاريته أتمت العدة و هل يجب على المشتري استبراؤها زيادة على العدّة قيل نعم و ليس بجيّد [- يط -] قد بيّنا أنّه إذا أعتقت الأمة تحت عبد كان لها الخيار إلاّ في صورة واحدة و هي أنّه إذا زوّج أمته و قيمتها مائة بمائة و يملك مائة فأعتقها في مرضه ثم مات أو أوصى بعتقها فإنّه لا خيار لها قبل الدخول لأنّه يسقط مهرها فيزيد قيمتها على الثلث فيسترق بعضها فيبطل خيارها فيدور و لو دخل بها قبل العتق ثبت الخيار لاستقرار المهر بالدخول و لو كانت تحت حرّ فأعتقت ففي ثبوت الخيار خلاف فإن قلنا بسقوطه لو كانت تحت عبد فأعتق ثم أعتقت لم يكن لها خيار لأنّه يعتبر حين حرّيتها و في تلك الحال هي تحت حرّ و لو أعتقت أوّلا و لم تعلم حتّى أعتق ففي سقوط خيارها نظر [- ك -] لو ادّعت بعد عتقها جهالة العتق فإن كانت نائية في بلد آخر أو محلّة قبل قولها مع اليمين و إن كانت في موضع لا يخفى عنها لم يقبل منها و لو ادّعت جهالة الحكم فالأقرب تصديقها مع اليمين [- كا -] كلّ موضع يثبت لها الخيار بعد العتق إن اختارت فراقه قبل الدخول سقط المهر و إن كان بعده فإن كان الدخول قبل العتق ثبت المسمّى لاستناد الفسخ إلى حالة العتق الحاصل بعد الدخول و إن كان بعده وجب مهر المثل لاستناد الفسخ إلى حالة العتق فصار الوطي كأنّه في نكاح فاسد و إن اختارت المقام قال الشيخ إن كان المهر مسمّى فهو للسيّد و إن كانت مفوّضة فالمهر لها لأنّ المهر في المفوّضة يجب بالفرض حين الفرض و هي حينئذ حرّة [- كب -] إذا طلّق العبد الأمة رجعيّا ثمّ أعتقت كان لها الفسخ و سقطت الرجعة و لا تستأنف عدّة أخرى بل تتمّ عدّة حرّة و لو سكتت لم يسقط خيارها فإن راجعها في العدة كان لها خيار الفسخ و تبتدي بعدّة الحرة من حين اختيار الفسخ هنا و لو خرجت العدّة و لم يراجعها انقطعت العصمة بينهما و العدّة هنا عدّة حرة و إن اختارت المقام معه قبل مراجعتها لم يعتد به فإن لم يراجعها حتّى انقضت العدّة فقد بانت فإن راجعها كان لها اختيار الفسخ فإن فسخت انقطع النكاح و عليها عدة الحرّة من حين الفسخ و لا يبطل اختيار المقام المتقدّم خيار الفسخ [- كج -] لو أعتقت الصبيّة تحت عبد لم يسقط خيارها و انتظر بلوغها فتختار على الفور و للزوج الاستمتاع بها قبل البلوغ و ليس لوليها أن يختار عنها و كذا المجنونة و كذا لو زوّج الكافر ابنه الصغير بعشر ثمّ أسلم و أسلمن تبعه ابنه و كان النكاح موقوفا حتّى يبلغ و يختار و يمنع الولد هنا من الاستمتاع بهنّ بخلاف العبد [- كد -] لو انعتق بعضها لم يثبت لها الخيار و إنّما يثبت

ص: 24

لها مع كمال الحرّية و كذا الاختيار للعبد إذا أعتق و تحته أمة [- كه -] خيار الأمة إلى حاكم و لا الإشهاد عليه و تعتدّ عدّة الحرّة للطلاق من حين اختيار الفسخ و يكون بائنا ليس للزوج الرّجعة فيها إلاّ بعقد مستأنف [- كو -] إذا أعتقت تحت عبد فطلّقها قبل أن يختار قال الشيخ الذي يليق بمذهبنا عدم وقوعه أصلا لاستلزامه إبطال الاختيار و يحتمل وقوعه إذ العتق لا يزيد النكاح فقد صارت ملكه فيقع و يحتمل وقوعه مراعى فإن اختارت الفسخ لم يقع لاستناد الفسخ بعد العتق إلى حالة العتق فصار كان النكاح انفسخ في تلك الحال فيكون الطلاق واقعا في نكاح مفسوخ و إن اختارت النكاح وقع

الفصل السّابع في النكاح بملك اليمين

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] وطي الإماء يستباح بأمور ثلاثة العقد عليهن بإذن أهلهنّ و قد سلف و ملكهن و إباحة المولى لهنّ و هذا الثالث في الحقيقة داخل في الأوّلين لأنّ الإجماع منعقد عليه فعند المرتضى قدّس اللّٰه روحه أنّه من الأوّل و عند الشيخ رحمه اللّٰه أنّه من الثاني إذ الإباحة نوع تمليك للمنافع و الأوّل من الأقسام ينحصر في عدد فالحرّ لا يستبيح أكثر من أمتين و العبد لا يستبيح أكثر من أربع و أمّا القسمان الباقيان فلا ينحصران في عدد بل يجوز للحرّ و العبد معا أن يستبيحا بهما مهما شاءا من غير حصر [- ب -] يحرم على المالك مملوكته إذا زوّجها حتّى يحصل الفرقة و تقضي عدّتها إن كانت ذات عدّة و لا يجوز له النظر منها إلاّ ما لا يجوز لغير المالك و ليس للمولى الفسخ للعقد إلاّ أن يكون الزوج مملوكه و لو باعها تخيّر المشتري في الفسخ و الإمضاء [- ج -] إذا اشترى أمة لم يجز له وطيها حتّى يستبرئها بحيضة إن كانت ممن تحيض أو بخمسة و أربعين يوما و لو كان لها زوج فأجاز نكاحها لم يكن له بعد ذلك فسخ النكاح و كذا لو علم و لم يفسخ و لو فارق الزوج حلّت عليه بعد العدة و لو لم يجز نكاحه كفاه الاستبراء عن العدّة [- د -] يجوز شراء ذوات الأزواج من أهل الحرب و بناتهم و ما يسبيه الكفّار منهم [- ه -] كلّ من ملك أمة بأيّ وجه كان لا يجوز له وطيها قبلا حتّى يستبرئها بحيضة أو بخمسة و أربعين يوما و لو ملكها حائضا أو كانت لعدل و أخبر باستبرائها أو كانت لامرأة خلافا لابن إدريس في الثلاثة أو آيسة أو حاملا سقط استبراؤها و لو ملك أمة فأعتقها كان له العقد عليها و الوطي في الحال من غير استبراء و الأفضل استبراؤها و لو كان قد وطئها و أعتقها لم يكن لغيره العقد عليها إلاّ بعد العدة ثلاثة أشهر أو ثلاثة أقراء [- و -] يجوز للرجل تحليل جاريته لغيره و الصيغة فيه أحللت لك وطيها أو جعلتك في حلّ من وطيها و لا تحلّ بلفظ العارية و هل يحلّ بلفظ الإباحة قولان و لو قال وهبتك وطيها أو سوّغتك أو ملّكتك ففي تسويغها بذلك إشكال و لو قال أجزتك وطيها لم يجز و لو حلّل أمته لمملوكه ففي تسويغها له روايتان إحداهما الجواز مع التعيين للموطوءة لأنّه نوع إباحة و المملوك أهل لها و الثاني المنع لأنّه تمليك و العبد ليس بصالح له [- ز -] يجوز تحليل المدبرة و أمّ الولد و لو انعتق بعضها فأحلّته لم تحلّ و لو هايأها فعقد عليها متعة في يومها فالمرويّ الجواز و لو كانت مشتركة فأحلّ أحد الشريكين لصاحبه حلّت [- ح -] يجب أن يقتصر المستبيح على ما حلّله المالك و ما يقتضي العادة تناوله فلو أحلّ له التقبيل أو اللمس لم يحلّ له الوطي و لا الاستخدام و لو أباحه الاستخدام لم يجز له سواه و لو أباحه الوطي جاز له التقبيل و اللمس و حرم عليه الاستخدام و لو وطئ في موضع المنع كان عاصيا و عليه عوض البضع و كان الولد رقّا للمولى [- ط -] يجوز أن يحلّل الرّجل جاريته لمملوك غيره بإذن مولاه و لا يجوز للمملوك الوطي بدون الإذن [- ى -] إذا أحلّ جاريته للحرّ فإن شرط رقية الولد لزم الشرط و إن شرط الحرّية كان حرا و إن أطلق فروايتان إحداهما إنّ الولد رقّ لمولى الجارية و هي خيرة الشيخ و الثانية أنّه حرّ و هو المعتمد و على قول الشيخ يجب على الأب فكّ الولد بالقيمة يوم سقوطه حيّا و عندنا لا شيء عليه [- يا -] اشترط الشيخ في بعض أقواله في التحليل ضبط المدّة و فيه نظر [- يب -] إذا اشترى أمة حاملا قال الشيخ في النهاية لم يجز له وطيها حتّى تضع أو يمضي عليه أربعة أشهر و عشرة أيّام فإن أراد وطيها قبل ذلك وطيها فيما دون الفرج و في الخلاف أنّه مكروه و هو الأجود عندي [- يج -] إذا طلّقت الأمة بعد الدخول بها ثمّ باعها مولاها في العدة أتمت العدّة قال في المبسوط و يجب عليها الاستبراء بعدها لأنّهما حكمان لا يتداخلان و الأقرب جواز وطيها للمشتري بعد العدّة [- يد -] الحرّة إذا اشترت زوجها المملوك أو ورثته أو انتقل إليها بأحد وجوه التمليكات بطل النكاح و ليس لها أن يبيحه أو يعقد عليه فإن أرادت ذلك لم يكن إلاّ بأن يعتقه و تتزوّج به [- يه -] إذا تزوّج العبد بإذن مولاه فالنفقة على المولى فإن أبق المملوك قال الشيخ سقطت النفقة و بانت من الزوج و عليها العدّة منه فإن عاد قبل خروج العدة فهو أملك بها و إن خرجت العدّة قبل عوده انقطعت العصمة و ليس بجيّد بل النفقة ثابتة و كذا الزوجيّة [- يو -] يجوز أن يطأ الجارية و في البيت غيره و أن ينام بين الأمتين و يكره ذلك في الحرائر و كذا يكره وطي الفاجرة و من ولدت من الزّنا [- يز -] إذا زوّج مملوكة بحرة فإن المهر في ذمة المولى فإن

ص: 25

باعه قبل الدخول قال الشيخ وجب نصف المهر على المولى و قال ابن إدريس يجب الجميع و فيه نظر [- يح -] إذا أعتق أمته المزوّجة ثمّ مات الزّوج و ورثته فلو علّق عتقها بموت الزّوج قال الشيخ لم يكن لها ميراث و كان عليها عدّة الحرّة و منع ابن إدريس من هذا العتق لأنّ العتق بالشرط باطل و التّدبير إنّما يصحّ إذا علّق بموت المولى [- يط -] إذا أعتق أمّ ولده فارتدّت بعد ذلك و تزوّجت ذميّا و أتت منه بولد قال الشيخ كان أولادها من الذمّي رقّا للّذي أعتقها فإن لم يكن حيّا كانوا رقّا لأولاده و يعرض عليها الإسلام فإن رجعت و إلاّ وجب عليها ما يجب على المرتدة عن الإسلام و منع ابن إدريس رقية الأولاد

الفصل الثامن في نكاح المتعة

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] نكاح المتعة هو النكاح المنقطع و هو أن يتزوّجها مدّة معيّنة كاليوم و الشهر و السنة و غير ذلك من الأزمنة المحصورة و قد اتفقت الإماميّة على تسويغه عملا بنصّ القرآن و بالمتواتر من النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله أنّه أباحها و أجمع المسلمون على ذلك و ادعاء النسخ لم يثبت لاستناده إلى عمر و قوله ليس بحجة [- ب -] لا بدّ في هذا العقد من الإيجاب و هو زوّجتك و أنكحتك أو متّعتك مدّة كذا بمهر كذا و القبول و هو ما يدلّ على الرضا مثل قبلت النكاح أو المتعة و لو قال قبلت أو رضيت و اقتصر جاز و لو بدأ بالقبول فقال تزوّجت فقالت زوّجتك صحّ و لا ينعقد بلفظ الهبة و التمليك و الإجارة و العارية و يشترط في الإيجاب و القبول الإتيان بصيغة الماضي فلو قال أقبل أو أرضى و قصد الإنشاء لم يقع و قيل لو قال أتزوّجك مدّة كذا بمهر كذا و قصد الإنشاء فقالت نعم أو زوّجتك صحّ [- ج -] لا بدّ في هذا العقد من ذكر الأجل المعلوم و المهر المعيّن فلو أخلّ بهما بطل إجماعا و كذا لو أخلّ بالمهر و لو ذكر المهر و أخلّ بالأجل قال الشيخ ينعقد دائما و قيل يبطل العقد و هو الأقوى [- د -] ليس للأجل تقدير شرعي بل تقديره منوط برضاهما سواء طال أو قصر لكن يجب أن يكون معيّنا لا يتطرّق إليه الزيادة و النقصان و لو عقد عليها بعض يوم صحّ إذا قدّره بالغاية المعيّنة كالزوال و الغروب و لو ذكر أجلا مجهولا بطل العقد على أصحّ القولين و لو قدّر المدّة بالفعل كالمرة و المرّتين فإن قيّده بزمان معلوم صحّ و لم يجز له الزيادة على المشترط في تلك المدة و إن أطلق بطل و قيل ينعقد دائما و في رواية يصحّ و لا ينظر إليها بعد إيقاع ما شرطه و هي ضعيفة و لا يشترط في الأجل اتصاله بالعقد بل يجوز أن يعقد عليها شهرا متصلا بالعقد أو متأخرا عنه على إشكال فلا يجوز لها نكاح غيره فيما بين العقد و المدّة و لا نكاحه فيها إلاّ بعقد آخر و لا له أن يتزوّج بأختها قبل حضور الشهر و انقضائه و لو ذكر شهرا و أطلق اقتضى الاتصال بالعقد فلو تركها حتى انقضى قدر الأجل المسمّى خرجت من عقده و استقرّ لها الأجر و قال ابن إدريس يبطل للجهالة [- ه -] المهر ليس له قدر في نظر الشرع بل يصحّ على ما يتّفقان عليه من كثير و قليل بشرط أن يكون معلوما بالكيل أو الوزن أو المشاهدة أو الوصف مملوكا فلو عقد على المجهول غير المشاهدة أو على ما لا يصح تملكه بطل العقد و يجوز أن يعقد على صبرة من طعام مشاهدة أو كفّ منه [- و -] يشرط في الزّوجة أن يكون مسلمة أو كتابية و في المجوسيّة إشكال و يمنعها من شرب الخمر و أكل لحم الخنزير و استعمال المحرّمات و لا يجوز المتمتّع بالوثنيّة و لا الناصبة المعلنة بالعداوة كالخوارج و لا يجوز للمسلمة أن يتمتّع إلاّ بالمسلم و لا للمؤمنة أن يتمتّع بالمخالف [- ن -] المتعة كالدوام في تحريم المصاهرة فلو تمتع بامرأة حرم عليه أمها و بنتها مطلقا مع الدخول و إن علت الأولى و سفلت الثانية و قد تقدّم و كذا لا يجوز أن يتمتّع بأمة و عنده حرّة على الدوام إلاّ بإذنها فإن بادر من دون إذنها وقف على رضاها فإن أجازته صحّ و إلاّ بطل و قيل يبطل إلاّ مع الإذن و الأقرب أنّ الحرة لو كانت متعة كانت كالدائم و لو تمتّع بهما في عقد واحد صحّ على الحرة و وقف على الأمة على الرضا أو كان باطلا على الخلاف و لو أدخل الحرّة على الأمة كان للحرّة الخيار في فسخ عقدها و الرضا به و كذا لا يجوز أن يدخل عليها بنت أخيها و لا بنت أختها إلاّ مع رضى العمّة و الخالة فإن فعل كان باطلا [- ح -] يستحب أن يكون المرأة مؤمنة عفيفة و يكره التمتّع بالزانية فإن فعل منعها من الفجور و ليس شرطا و يستحبّ له أن يسألها عن حالها مع التهمة فإن كان لها زوج تركها و لا يجب عليها السؤال و يكره التمتع بالبكر من دون إذن أبيها فإن لم يكن لها أب كره ذلك فإن فعل كره له اقتضاضها و ليس بمحرم و لو شرطت عدمه حرم عليه [- ط -] لو أسلم المشرك و عنده كتابيّة بالعقد المنقطع ثبت عقده ما دام الأجل و كذا لو كنّ أكثر و لو أسلمت دونه مع الدخول فإذا انقضت العدّة أو خرج الأجل و لم يسلم انفسخ العقد و إن لحق بها في العدّة مع بقاء الأجل فهو أحقّ بها و لو لم يدخل بها انفسخ العقد من حين أسلمت و لو كانت غير كتابية فأسلم أحدهما بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدة أو خروج الأجل أيّهما حصل قبل إسلام الآخر انفسخ النكاح و إن أسلم الآخر مع بقاء العدّة و الأجل كان العقد باقيا و لو كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال و لو أسلم و عنده حرّة و أمة ثبت عقد الحرّة و كان عقد الأمة موقوفا على رضى الحرّة [- ى -] يجب دفع المهر بالعقد و لو وهبها أيّامها قبل الدخول سقط نصفه فإن كان قد وهبته المهر ثمّ وهبها رجع عليها بالنصف و لو دخل استقر المهر بأجمعه إن وقّت

ص: 26

له بالمدّة و لو أخلّت ببعضها كان له أن يضع من المهر بنسبتها و ينسب جميع المهر إلى المدّة لا نصفه و لو منعته عن نفسها جميع المدة فلا مهر لها بخلاف ما لو وهبها و لو بان فساد العقد بأن ظهر لها زوج أو كانت أخت زوجته و ما أشبه ذلك فإن لم يكن دخل بها فلا مهر و لو قبضته كان له استعارته و إن كان قد دخل كان لها ما أخذت و ليس عليه تسليم ما بقي و الوجه ثبوت المهر مع الجهالة منها و استعارة ما أخذت مع علمها و لو حصل لها عذر يمنع الوطي مدّة الأجل كالحيض و المرض ففي سقوط المهر إشكال [- يا -] لا يجب في العقد من الشرائط سوى ذكر المهر و الأجل و ما عداهما فمستحبّ ذكره مثل أن يذكر أن لا نفقة لها و لا ميراث و أنّ عليها العدّة بعد الأجل و لو أخلّ بشيء من ذلك انعقد مع ذكر الشرطين و كلّ شرط يشرطه في العقد إنّما يلزم لو قارن العقد لا ما يتقدّمه أو يتأخّر عنه و لا يشترط مع ذكره في العقد إعادته بعده و يجوز أن يشرط عليها الإتيان ليلا أو نهارا أو في وقت بعينه معين و أن يشرط المرّة أو المرات في الزمان المعيّن فلا يجوز التعدية و لو شرطت ألاّ يقربها في الفرج لم يجز له وطيها فيه و لو أذنت له بعد ذلك جاز على رواية [- يب -] ولد المتعة لاحق بأبويه لا يجوز لأحدهما نفيه عنه و يجوز العزل عنها و لا يقف على إذنها و لو عزل فاتت بولد لحق به و لم يجز له نفيه لمكان العزل و لو نفاه عن نفسه انتفى ظاهرا و لم يفتقر إلى لعان [- يج -] المتعة لا يقع بها طلاق بل تبين إما بهبة الزوج أيّامها أو بخروج الأجل و لا يقع بها إيلاء و لا لعان على الأقوى و في الظهار إشكال أقربه الوقوع [- يد -] لا يقع بهذا العقد توارث بين الزوجين سواء شرطا سقوطه أو أطلقا و لو شرطا أو أحدهما التوارث قال الشيخ توارثا عملا بالشرط و الأقرب عندي المنع و لا نفقة لهذه الزوجة و لا سكنى و لا يجب لها القسمة و يجوز له أن يتمتّع بأكثر من الربع من غير حصر سواء كنّ حرائر أو إماء و الأفضل أن لا يتجاوز الأربع [- يو -] إذا دخل بها و انقضى أجلها أو وهبها أيّامها فإن كانت من ذوات الحيض وجب عليها الاعتداد بحيضتين و إن لم تكن من ذوات الأقراء و هي في سنهنّ اعتدت بخمسة و أربعين يوما و إن لم يكن دخل بها فلا عدّة عليها و لو مات عنها في الأجل اعتدت بأربعة أشهر و عشرة أيّام سواء دخل بها أو لا إن كان حائلا و قيل شهران و خمسة أيّام و المعتمد الأول و إن كانت حاملا اعتدت بأبعد الأجلين و لو كانت أمة حاملا اعتدت بشهرين و خمسة أيّام [- يز -] إذا انقضى أجل المتمتعة و لم يدخل بها لم يجز له وطيها إلاّ بعقد جديد سواء كان المنع منه أو منها و لو منعته أيّامه لم يكن له المطالبة بأيّام عوضها بل يرجع عليها بالمهر إن كان سلّمه إليها [- يح -] الإشهاد و الإعلان ليسا واجبين هنا و لا مستحبّين و إن كانا مستحبّين في نكاح الغبطة إلاّ أن يخاف التهمة بالزنى فيستحبّ حينئذ الإشهاد [- يط -] المرأة إن كانت صغيرة لم يجز العقد عليها إلاّ بإذن وليّها أمّا الأب و الجدّ له كالدوام و إن كانت أمة لم يجز إلاّ بإذن مالكها و لو كان المالك امرأة افتقر إلى إذنها و في رواية يجوز من غير إذنها و أنكر المفيد رحمه اللّٰه ذلك و تأوّلها بالوطي من غير إذنها مع العقد عليها بالإذن و هو حسن و إن كانت حرة بالغة رشيدة كان لها العقد من غير وليّ [- ك -] يجوز أن يعقد على امرأة عقد المتعة مرّات كثيرة مرّة بعد أخرى إذا خرج مدّة العقد الأوّل و إن لم يخرج بعد من العدّة و كذا يجوز أن يعقد على أختها بعد الأجل قبل خروج العدّة و لا يجوز لغيره العقد عليها إلاّ بعد خروج عدّتها و إذا عقد عليها مدّة و أراد الزيادة فيها قبل الانقضاء وهبها أيّامها ثم استأنف عليها مهما أراد من الزمان

الفصل التاسع في مباحث متفرّقة

و هي [- و -] مباحث [- ا -] المحلّل نكاحه صحيح إذا عقد عقدا صحيحا شرعيّا فإن قال تزوّجتك إلى أن أطأك أو حتّى أطأك كان باطلا و لو قال تزوّجتك فإذا وطئتك طلّقتك صحّ النكاح و بطل الشرط و لها مهر المثل و لو نكحها معتقدا أنّه يطلّقها إذا أباحها أو يعتقد الزوجة أو هما ذلك أو شرطا ذلك قبل العقد ثمّ تعاقدا صحّ العقد و وجب المسمّى و كلّ موضع حكمنا فيه بصحّة العقد تعلّق به أحكام النكاح الصحيح و كلّ موضع حكمنا فيه بالإفساد فإنّ الإحصان لا يثبت بالوطي فيه و هل يبيحها للزوج الأوّل يحتمل ذلك لأنّه نكاح يثبت به الإحصان و يدرأ به الحدّ و يجب به المهر و يحتمل عدمه لأنّه وطي لا يثبت به اللعان فجرى مجرى ملك اليمين و قوّى الشيخ الأخير [- ب -] الكفاءة شرط في النكاح و هي التساوي في الإيمان من طرف الزوج خاصّة فلا يجوز للمؤمنة أن يتزوّج بغير المؤمن و إن كان مسلما و يجوز للمؤمن أن يتزوّج بمن شاء من المسلمات لكن يستحبّ له أن يتزوّج بالمؤمنة أيضا و هل يشترط تمكّن الزوج من النفقة قيل نعم و الأقرب أنّه ليس شرطا و لو تجدّد عجز الزوج عن النفقة ففي ثبوت خيار الفسخ للمرأة روايتان أقواهما سقوطه و العجم أكفاء العرب و العرب أكفاء قريش و يجوز للهاشمية التزوّج بغيره و بالعكس و لا اعتبار بالصنائع عندنا فيجوز لصاحب الصنعة الدنيّة كالحائك و الحجّام و الحارس و القيّم و الحمامي أن تتزوّج بالمترفعة و صاحبة النسب الشريف و الصنعة الجليلة كالتجارة و النقابة و لو رضيت

ص: 27

المرأة بدون مهر المثل لم يكن للأولياء الاعتراض عليها و يجوز إنكاح الحرّة بالعبد و بالعكس و لو خطب المؤمن القادر على النفقة وجب إجابته و إن كان أدون في النسب و لو انتسب الرّجل إلى قبيلة فبان من غيرها كان للزوجة الفسخ قاله الشيخ و الأقرب عندي أنّه ليس لها ذلك و يكره أن يزوّج الفاسق خصوصا إذا كان شارب خمر و لو تزوّج امرأة ثمّ علم أنّها كانت زنت لم يكن له فسخ العقد و لا الرجوع على الولي بالمهر على الأقوى [- ج -] وطي الحائض محرّم في الفرج فإذا انقطع الدّم حلّ نكاحها و هل يشترط الغسل الأقرب عدمه نعم يستحبّ متأكدا و لو وطئها حائضا استغفر اللّٰه تعالى و عزر و في وجوب الكفّارة قولان تقدّما [- د -] يكره للمحتلم أن يجامع قبل الغسل و لو وطئ امرأة لم يكن له وطئها ثانيا و لا وطئ غيرها من غير غسل [- ه -] الوطي في الدبر مكروه و ليس بحرام يتعلّق به ما يتعلّق بالوطي في القبل من إفساد الصوم و وجوب الكفّارة و الغسل و المهر و العدّة إلاّ في شيئين الإحصان فإنه لا يثبت به و عدم التحليل للمطلق ثلاثا [- و -] الاستمناء باليد حرام يجب به التعزير

المقصد الخامس في العيوب و التدليس
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في العيوب

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] العيوب أربعة في الرّجل و سبعة في المرأة فعيوب الرّجل الجنون و الخصاء و العنن و الجبّ و في المرأة الجنون و الجذام و البرص و القرن و الإفضاء و العمى و العرج [- ب -] الجنون هو فساد العقل و يثبت لكلّ من الزوجين خيار الفسخ لو وجد الآخر مجنونا سواء كان مطبقا أو لا إلاّ أنّ المرأة إذا تزوّجت فوجدته مجنونا فإن كان الجنون قبل العقد كان لها الفسخ و إن كان يعقل أوقات الصلوات و إن حدث بعده كان لها الفسخ إلاّ أن يعقل أوقات الصلوات فلا خيار لها قاله بعض أصحابنا و الأقرب عندي ثبوت الاختيار سواء كان دائما أو أدوارا عقل معها أوقات الصلوات أو لا و سواء حدث قبل الدخول أو بعده و لا يثبت الخيار لأحدهما مع السهو السريع زواله و لا مع الإغماء العارض لمرض كالمرّة فإن زال المرض و بقي الإغماء كان للآخر الفسخ [- ج -] الخصاء هو سلّ الأنثيين و يتسلّط المرأة به على الفسخ إن سبق العقد و إن حدث بعده فلا خيار لها و قيل لها الخيار و الوجاء هو رضّ الخصيتين و هو في معنى الخصاء فحكمه حكمه و لو تزوّجت فوجدته خصيّا أو موجوءا و اختارت الصبر معه لم يكن لها بعد ذلك خيار و إن أبت فرّق بينهما قال الشيخ إن كان قد خلا بها كان لها الصداق و على الإمام أن يعزّره لئلا يعود إلى مثل ذلك و ليس بمعتمد [- د -] الجبّ إن استوعب العضو أو أكثر بحيث لا يقدر معه على الجماع ثبت لها الخيار و إن قدر معه على الجماع بأن يبقى منه ما يولج بمثله يقدر ما يغيب منه في الفرج قدر حشفة الذكر فلا خيار لها [- ه -] العنن مرض يضعف معه القوّة عن نشر العضو بحيث يعجز معه عن الإيلاج و هو من عنّ أي أعرض و العنن الإعراض لأنّ الذكر يعرض إذا أراد الإيلاج و يثبت به خيار الفسخ للمرأة إن كان قبل العقد و كذا إن تجدّد بعده قبل الدخول و لو تجدّد بعده فلا خيار لها و كذا لا خيار لها لو عجز عن وطيها و أمكنه وطي غيرها و كذا لو وطئها دبرا و عنّ قبلا فلا خيار [- و -] لو تجدّد الجبّ فلا خيار لها و فيه قول آخر و لو بان خنثى و هو الذي له الفرجان و حكم له بالرجولية لم يكن لها خيار و كذا المرأة الخنثى إذا حكم لها بالأنوثية فلا خيار للزوج [- ز -] لو كان الرجل عقيما لا يولد أو كانت المرأة كذلك فلا خيار للآخر [- ح -] الجذام مرض يظهر معه يبس الأعضاء و تناثر اللحم و لا يكفي قوّة الاحتراق و لا تعجّر الوجه و لا استدارة العين فإن كان في المرأة كان للرجل خيار الفسخ فإن كان في الرّجل لم يكن للمرأة الخيار و لو كان بها علامات الجذام لم يثبت به الخيار ما لم يشهد عدلان عارفان بأنّه جذام فإن لم يكن فعلى المنكر اليمين [- ط -] البرص هو البياض الظاهر على صفحة البدن لغلبة البلغم فإن كان في المرأة كان للرجل خيار الفسخ به و إن كان في الرجل لم يكن لها خيار و لا يحكم بالفسخ مع الاشتباه فلو ادعت أنّه بهق فإن كان لمدّعي البرص بيّنة و إلاّ كان القول قولها مع اليمين و قليل البرص و الجذام مثل كثيرها [- ى -] القرن بفتح القاف و سكون الراء قيل عظم في الفرج يمنع الوطي و قيل العظم لا يكون في الفرج لكن يلحقها عند الولادة حال ينبت اللحم في فرجها و هو الذي يسمّى العفل و الرتق لحم ينبت في الفرج يمنع دخول الذكر فالألفاظ الثلاثة مترادفة حينئذ فإن كان هذا العيب لا يمنع من دخول الذكر لم يكن له خيار سواء كان لصغر آلته أو لخلوّ المدخل عن المانع و إن حصل في بعضه و إن منع من دخول الذكر ثبت له الخيار و إن أراد الزوج فتق الموضع لم يكن له ذلك و لو أرادته هي لم يمنع فإن زال سقط خياره و لو خيط الشفران كان الحكم فيه كالرتق أيضا يثبت به الخيار مع المنع من دخول الذكر و امتناعها من المعالجة و لو بانت عاقرا فلا خيار له أيضا [- يا -] الإفضاء قال ابن إدريس هو تصيير مخرج البول و مدخل الذكر واحدا و قال غيره هو صيرورة مدخل الذكر و مخرج الغائط واحدا و على كلا التقديرين يثبت به الخيار للزوج لعدم الانتفاع بها [- يب -] العمى هو ذهاب البصر من العينين معا و يثبت به الخيار للزوج خاصّة نصّ الشيخ عليه في النهاية و هي رواية

ص: 28

داود بن سرحان الصحيحة عن الصادق ع و قال في الخلاف و المبسوط بعد عدّ عيوب المرأة ستّة و في أصحابنا من ألحق به العمى و لم يجعله معدودا في الستة و هو يشعر بأنّه ليس عيبا و لا خيار له لو كانت عوراء أو على أحد عينيها بياض أو كان ضوؤهما قاصرا إجماعا [- يج -] العرج إن كان بيّنا في المرأة ثبت للرجل به الخيار و إلاّ فلا و به روايتان صحيحتان و هو الّذي اختاره في النهاية و التهذيب و لم يجعله في الخلاف و المبسوط معدودا في العيوب

الفصل الثّاني في أحكام العيوب

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] لا يردّ الرّجل بعيب سوى الأربعة المتقدّمة و قد روي أنّ من انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها ينفسخ نكاحه و لا يردّ المرأة من عيب سوى السّبعة المتقدّمة و قيل المحدودة في الزنا إذا لم يعلم الزوج بذلك يثبت له خيار فسخ نكاحها [- ب -] إذا كان بكلّ واحد منهما عيب ثبت لكلّ واحد منهما الخيار سواء اتفق العيب أو اختلف [- ج -] إن كان العيب بالمرأة ففسخ الزّوج قبل الدخول فلا مهر و إن كان بعد الدخول ثبت لها المسمى كملا و يرجع به الزّوج على المدلّس و لو كان العيب بالرّجل ففسخت المرأة قبل الدخول فلا مهر إلاّ في العنة فيثبت لها نصف المهر و إن فسخت بعد الدخول فلها المسمّى و كذا لو كان بالخصاء بعد الدخول فلها المهر كملا إن حصل الوطي و لو كان العيب بالمرأة و لم يعلم فطلقها قبل الدخول وجب لها نصف المهر و لا يسقط عنه لو ظهر بعد الطلاق و إذا فسخ الزّوج أو الزوجة بعد الدخول وجب العدّة و لا نفقة لها فيها و لا سكنى إن كانت حائلا و إن كانت حاملا فكذلك إن قلنا إنّ النفقة للمرأة و إن قلنا للحمل وجبت [- د -] إذا رجع الزوج على الغار فإن كان ممن يجوز له النظر إلى وليّته كالأب و الجدّ و العمّ كان له الرجوع مع علم الولي بتغريره و مع عدمه لتفريطه بترك الاستعلام و إن كان ممن لا ينظر إليها كابن العمّ و الأجنبي فإن علم بالعيب رجع عليه و إن لم يعلم كان الرجوع على المرأة فإن ادعى الزوج علمه فالقول قوله مع اليمين لإنكاره و كذا القول قوله مع اليمين لو ادّعت المرأة علمه و أنكر و كلّ موضع يرجع فيه على غير المرأة فإنّ الزوج يرجع بجميع المهر الذي أدّاه و إن كان الرجوع على المرأة فالأقرب أنّه يرجع به إلاّ ما يجوز به أن يكون مهرا [- ه -] عيوب الرّجل أربعة فالمتجدّد منها بعد الدخول إن كان خصاء أو جبّا أو عنّة لم يتسلّط المرأة به على الفسخ و كذا إن تجدّد بعد العقد قبل الدخول إلاّ العنّة و إن كان جنونا ثبت لها الخيار و إن تجدّد بعد الوطي و الأقرب في الجبّ المتجدّد بعد الوطي ثبوت الخيار لها و أمّا عيوب المرأة فإن تجدّدت بعد العقد و الوطي لا يفسخ به و إن تجدّدت بعد العقد و قبل الوطي فالأقرب أنّه كذلك و إنّما يثبت لها الفسخ لو حصلت قبل العقد قال الشيخ رحمه اللّٰه و الأظهر في الأخيار ثبوت الخيار في المتجدّد و أطلق ما يحتمل التجدّد قبل الوطي و بعده قال فإن فسخ أحدهما قبل الدخول فلا مهر و إن كان بعده فإن كان العيب حدث بعد العقد قبل الدخول سقط المسمّى و وجب مهر المثل لأنّ الفسخ استند إلى حال حدوث العيب صار كأنّه كان مفسوخا و إن كان بعده ثبت المسمّى [- و -] لو علم بالعيب قبل العقد فلا خيار له و كذا المرأة و لو حدث بها عيب آخر قبل العقد و لم يعلم به فإن كان مخالفا للأوّل لم يسقط خياره و إن كان من جنسه في موضع آخر بأن يكون بها برص في موضع و حدث بها في آخر فكذلك فإن كان في ذلك الموضع بأن اتسع فالأقرب سقوط خياره لأنّ الرضا به رضا بما يتولّد منه [- ز -] خيار الفسخ في العيب و التدليس معا على الفور فلو علم أحد الزوجين بعيب صاحبه و أخّر الفسخ بمقدار إيقاعه لزم العقد و لا يفتقر الفاسخ إلى الحاكم و إنّما يحتاج إليه مع ثبوت العنّة لضرب الأجل و لها التفرد بعد انقضائه و تعدّد الوطي بالفسخ خلافا للشيخ فإنّه أوجب الحكم و لو لم يعلم أحدهما بسقوط خياره مع العلم لم يكن عذرا أمّا لو لم يعلم ثبوت الخيار له فالأقرب عدم السقوط و لا يريد بالفور هنا أنّ له الفسخ بنفسه و إنّما يريد به أنّ المطالبة بالفسخ على الفور يأتي إلى الحاكم و تطالب بالفسخ فإن اتّفقا على العيب و إلاّ كان على المدّعي البيّنة و على المنكر اليمين [- ح -] الفسخ بالعيب ليس بطلاق فلا يطّرد معه تضيف المهر و لا يعدّ في الثلاث و لا يفتقر إلى ما يفتقر إليه الطلاق من الشرائط كالشهود و الطهارة من الحيض [- ط -] إذا اختلفا في العيب فالقول قول المنكر مع يمينه و عدم البيّنة و لا يثبت العنن إلاّ بإقرار الزوج أو البيّنة بإقراره أو نكوله مع يمينها و لو ادّعت الغبن فأنكر فالقول قوله مع يمينه و قيل يقام في الماء البارد فإن تقلّص حكم بقوله و إن بقي مسترخيا حكم لها و ليس بمعتمد و لو ثبت العنن ثمّ ادعى الوطي فالقول قوله مع اليمين و كذا القول قوله لو ادّعى وطيها دبرا أو وطي غيرها و لو ادّعى الإصابة قبلا و كانت بكرا فإن شهد أربع نسوة بالبكارة فقال الزّوج كذبن لم يسمع و إن قال وطئتها و عادت عذرتها فالأقرب أنّ القول قول المرأة مع اليمين إمّا بعدم وطيه أو بأن هذه بكارة الأصل و لو نكلت حلف و سقط خيارها فلو نكل فالوجه تقديم قولها لأنّ الظاهر أنّ هذه بكارة الأصل [- ى -] إذا ثبت العنّة فإن رضيت به فلا خيار لها بعد ذلك و إن رفعت أمرها إلى الحاكم أجّلها سنة من حين الترافع لتمر به الفصول الأربعة فإن كان ذلك من رطوبة زال في فصل اليبس و إن كان من حرارة زال في البرودة فإن واقعها فيها أو بعدها أو واقع غيرها فلا

ص: 29

خيار لها فإن لم يتمكّن كان لها الفسخ و نصف المهر [- يا -] إذا بقي من المجبوب بقية يمكنه الوطي بها سقط خيارها فإن ادّعت عدم إمكانه و أنكر احتمل تقديم قوله عملا بأصالة سلامة العقد و تقديم قولها عملا بالظاهر إذ الظاهر عجز المقطوع ذكره فإن ثبت عجزه باعترافه أو نكوله مع يمينها ثبت لها الخيار في الحال و لا يفتقر إلى مدّة و لو اختلفا هل الباقي مما يمكن الوطي به احتمل تقديم قومها لأنّ أصل السلامة زال و الرجوع إلى اعتباره بالصّغر و الكبر لا إليهما [- يب -] إذا كان له أربع فعنّ عن جميعهنّ ضربت المدّة لهن و إن عنّ بعضهن لم يكن لها خيار و لا حكم بانفرادها [- يج -] صحيح الذكر يخرج من العنّة بغيبوبة الحشفة في الفرج حتّى يلتقي الختانان و أمّا مقطوعهما فهل يخرج منها بغيبوبة الجميع أو تقدر الحشفة فيه تردّد و لو وطئها في الدّبر خرج من العنّة و كذا لو وطئها و هي حائض أو نفساء [- يد -] لو علمت بالعنة فصبرت فطلقها رجعيّا ثم راجعها لم يكن لها خيار الفسخ و لو كان الطلاق بائنا فزوّجها بعقد جديد فالأقرب سقوط خيارها و لو تزوّجها فادعت عننه فوطئ و سقطت دعواها ثمّ طلقها بائنا و تزوّجها بعقد جديد فادّعت عننه سمعت دعواها

الفصل الثالث في التدليس

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] لو تزوّج امرأة على أنها حرّة فبانت أمة كان له الفسخ فإن كان قبل الدخول فلا مهر و إن كان بعده فلمولاها المهر و قيل العشر مع البكارة و نصفه مع الثيوبة و يبطل المسمّى و الأوّل أقرب و يرجع بما غرمه على المدلّس فإن كان هو المولى لم يكن لها المهر و إن كان قد تلفّظ بما يقتضي الحرّية كانت حرّة و لو كانت هي المدلّسة كان المهر للمولى و يرجع به الزوج عليها بعد العتق بأجمعه لأنّ السيّد قبض المهر و لو كان دفع المهر إليها استعاده و إن تلف بعضه رجع عليها بالتالف بعد العتق و لو كان الزوج عبدا مأذونا له في النكاح فالأقرب ثبوت الخيار له فإن اختار الإمساك ثبت لسيّدها المهر و إن اختار الفسخ قبل الدخول فلا مهر و إن كان بعده فلها المسمّى على السيّد و إن كان غير مأذون له فإن قلنا ببطلان العقد و كان قد دخل تبعته بالمهر بعد عتقه و إن لم يكن دخل فلا مهر و إن قلنا بصحّته وقف على إجازة المولى فإن أجاز صحّ العقد و كان للعبد الخيار في الفسخ و يجب المهر على المولى بعد الدخول على إشكال فإن فسخه كان باطلا فإن أوجبنا المهر على العبد أو المولى كان له الرجوع على الغارّ منهما أو من الوكيل فإن غرّته هي و الوكيل رجع بالنّصف على الوكيل معجّلا و بالنّصف عليها بعد العتق قال الشيخ و لو أتت بولد كان حرّا لأنّه دخل في العقد على ذلك و عليه القيمة يوم سقوطه حيّا لسيّد الأمة و في محلّها أقوال ثلاثة أحدها في كسبه و الثاني في رقبته و الثالث في ذمته و يرجع بها على الغارّ و هذه الأقوال للجمهور و الحكم في المدبّرة و أمّ الولد حكم الأمة القنّ [- ب -] لو تزوّج امرأة على أنّها حرّة فبانت مكاتبة قوّى الشيخ البطلان و يحتمل الصحّة و ثبوت الخيار فإن اختار الإمساك ثبت لها المسمّى لا للسيّد و إن اختار الفسخ فإن كان قبل الدخول فلا مهر و إن كان بعده ثبت لها المسمّى و قال الشيخ مهر المثل و كذا لو قلنا ببطلان العقد و إذا رجعت بالمهر رجع هو على المدلّس فإن كان الوكيل رجع بالجميع و إن كانت هي رجع بالزائد عن أقلّ ما يكون مهرا و لو أتت بولد كان حرّا و عليه قيمته فإن قلنا قيمة ولد المكاتبة المقتول للسيّد فالقيمة هنا له فإن كان الغار الوكيل رجع عليه بكمالها و إن كانت هي رجع عليها بما في يدها لأنّه كالدين و إن قلنا للأمّ فكذلك هنا فإن كان الغارّ هو الوكيل رجع عليه بالقيمة و إن كانت هي تقاصّا و لو ضربها جان فألقته ميّتا وجب عليه الكفارة و عليه دية الجنين للأب إن لم يكن الجاني و لمن يليه إن كان هو الجاني لا للسيّد لأنه إنّما يأخذ مع خروجه حيّا و لا للأم لأنّها مكاتبة لا ترثه [- ج -] لو تزوّجت الحرّة برجل على أنّه حرّ فخرج عبدا كان لها خيار الفسخ فإن فسخت قبل الدخول فلا مهر لها و إن كان بعده فلها المسمّى ثم إن كان مأذونا له كان لازما للسيّد أو في كسبه على الخلاف و إن لم يكن مأذونا كان ثابتا في ذمّته يتبع به بعد العتق [- د -] لو تزوّج بامرأة على أنّها بنت مهيرة فكانت بنت أمة فإن شرط كان له الخيار فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر لها و إن كان بعده كان لها المهر و يرجع به على المدلّس أبا كان أو غيره لكن إن كانت هي المدلّسة لم يرجع بأقلّ ما يصلح مهرا [- ه -] لو تزوّج بنته من المهيرة و أدخل عليه بنته من الأمة ردّها مع المهر إن كان دخل بها و يرجع به على السابق و يردّ عليه امرأته و لا يسقط فيه مهرها و كذا كلّ من أدخل عليه غير زوجته فظنّها زوجته سواء كانت أرفع أو أخفض و يثبت مهر المثل للموطوءة بالشبهة [- و -] لو تزوّج رجلان بامرأتين فأدخل كلّ منهما على غير زوجها ثبت لكلّ منهما على واطئها مهر المثل و على زوجها المسمّى و يردّ كلّ واحدة على زوجها و ليس له وطيها حتّى تنقضي عدتها من الوطي و يرجع كلّ غارم عن الوطي على السابق و لو ماتت المرأتان في العدة ورث كلّ واحد زوجته و كذا لو مات الرّجلان ورثت كلّ زوجة زوجها و يعتدّ بعد الفراغ من العدّة الأولى عدّة الوفاة و لو حملتا من الوطي اعتدتا بوضعه للواطئ ثمّ عدّة الوفاة بعدها للزّوج [- ز -] لو تزوّج و شرط البكارة فخرجت ثيّبا لم يكن له الفسخ و كان له أن ينقص من مهرها شيئا و هو ما بين مهر البكر و الثيّب

ص: 30

و يرجع فيه إلى العادة [- ح -] قد بيّنا أن الأقوى المنع من نكاح الكتابية دائما و جوازه متعة فلو استمتع امرأة فخرجت كتابيّة لم يكن له الفسخ إلاّ بهبته المدة و لا إسقاط شيء من مهرها و كذا لو تزوّجها دائما على القول الآخر و لو اشترط إسلامها فخرجت كتابيّة كان له الفسخ في الموضعين و يثبت لها المهر مع الدخول و يسقط مع عدمه و لو تزوّجها على أنّها كتابيّة متعة أو دواما و قلنا بجوازه فخرجت مسلمة فالأقرب سقوط الخيار و لو قلنا بتحريم الدوام في الكتابية لو تزوّجها دائما على أنّها كتابية فبانت مسلمة قوّى الشيخ البطلان لإنشائه عقدا يعتقد بطلانه [- ط -] كلّ موضع حكم فيه ببطلان العقد فإنّه يثبت للمرأة مع الدخول مهر المثل و كلّ موضع حكم فيه بصحّته فلها المسمّى مع الوطي و إن لحقه الفسخ سواء كان الفسخ بعيب سابق على الوطي أو متجدّد و لو لم يكن دخول لم يكن لها مهر في البطلان و الفسخ و لا نصفه إلاّ في الطلاق و الفسخ بالعنّة على ما سلف

المقصد السّادس في الصداق
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في المسمّى

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] الأصل في الصدق الكتاب و السنّة و الإجماع قال تعالى وَ آتُوا اَلنِّسٰاءَ صَدُقٰاتِهِنَّ نِحْلَةً أمّا تدينا مأخوذ من الانتحال و هو التديّن أو أنّه من النحلة و هي الهبة لأنّ الاستمتاع مشترك بينهما فثبوت المهر لها نحلة أو لأنّ الصداق في الشرائع القديمة للأولياء فهو لهنّ نحلة [- ب -] ذكر المهر في العقد ليس بواجب لكنّه مستحبّ و كلّ ما يملك يصحّ أن يكون مهرا سواء كان عينا أو منفعة فلو عقد على منفعة الحرّ كتعليم الصنعة أو شيء من القرآن أو غير ذلك من الأعمال المحلّلة صحّ و كذا على إجارة الزوج نفسه مدّة معيّنة خلافا للشيخ في بعض أقواله [- ج -] إذا عقد المسلم على خمر أو خنزير لم يصحّ المسمّى سواء كانت الزوجة مسلمة أو كتابيّة و هل يبطل النكاح قيل نعم و قيل لا و هو الأقرب و على تقدير الصحّة قيل ثبت قيمة المسمّى عند مستحلّيه و قيل مهر المثل و هو أقرب و لو سمّاه الذمّي صحّ فلو أسلما أو أسلم أحدهما بعد القبض برئت ذمّة الزّوج و إن كان قبله دفع القيمة سواء كان عينا أو مضمونا [- د -] لا تقدير في المهر في القلّة و الكثرة بل ما تراضيا عليه الزوجان من القليل و الكثير صحّ أن يكون مهرا فلو سمّى أقلّ من نصاب القطع في السّرقة لزم بل جاز أن يكون كفّا من برّ أو مثقالا من سكّر ما لم يقصر عن التقويم كحبّة من حنطة و كذا في طرف الكثرة و لو سمّى أزيد من خمسين دينارا مهما كانت الزيادة لزمت و لو بلغ مائة قنطار و قول السيّد المرتضى قدّس اللّٰه روحه لو زاد على الخمسين ردّ إليها غير معتمد نعم الأفضل أن لا يتجاوز السنّة المحمديّة و هي خمسمائة درهم و تخفيف الصداق أفضل من زيادته [- ه -] تعليم القرآن يجوز أن يكون صداقا و ليس بمكروه فلا بدّ من تعيين المهر من السورة أو الآيات المشترطة و يجوز أن يقدّره بالمدّة كاليوم و الشهر و يتعلّم هي ما شاءت و لو أبهم فسد المهر و وجب مهر المثل مع الدخول و الأقرب أنّه لا يشترط تعيين الحرف كقراءة حمزة أو غيره بل يكفيها الجائز في السّبعة دون الشاذة و لو أصدقها تعليم سورة معيّنة و هو لا يحسنها فإن قال على أن أحصّل لك تعليم ذلك جاز لأنهما منفعة في الذّمة و إن قال على أن أعلّمك أنا احتمل الصحّة كما لو أصدقها مالا و لا شيء له و البطلان لتعيّنه بفعله و هو غير قادر و الأوّل أقرب و لو طلبت منه تعليم غير السّورة المشترطة لم يجب عليه سواء كانت أسهل أو أصعب و لو طلبت منه أن يعلّم المشترطة غيرها من الأشخاص لم يجب عليه لاختلاف الناس بالذكاء و البلادة و لو تعلّمت المشترطة من غيره أو تعذّر تعلّمها شيئا منها فالأقرب ثبوت أجرة تعليم السّورة و لو اختلفا فقالت تعلمتها من غيره فقال بل منّي فالقول قولها مع اليمين و كذا لو قالت علّمني غير السورة لأنّ الأصل عدم الإقباض فإن لقّنها السّورة فنسيتها برئت ذمّته لحصول القبض و التفريط لسببها و إن لقّنها البعض فنسيته فإن كان بعض آية لم يكن إقباضا لأنّه مذاكرة و إن كان آية فما زاد كان إقباضا و لا يجب عليه إعادة التعليم لما نسيته [- و -] لو تزوّج المسلم كتابيّة على أن يصدقها تعليم شيء من القرآن فإن قصدت به التفكّر و طمع الزوج في الاستبصار صحّ و إن قصدت المباهاة بحفظ كتاب المسلمين لم يصحّ قاله الشيخ و وجب مهر المثل مع الدخول و لو أصدق الذمّي تعليم التوراة و الإنجيل فترافعوا إلينا أبطلنا المهر إن لم يكن علّمها و أوجبنا مهر المثل لأنّه مبدّل مغيّر لا يجوز جعله مهرا و إن كان قد علّمها فقد استوفت لأنّا لا ننقّص ما تقابضوه و لو تزوّج المسلم بذميّة و أصدقها تعليم التوراة و الإنجيل لم يصحّ و وجب لها مهر المثل سواء علّمها أو لا و لو أصدقها تعليم شعر يجوز تعليمه كالحكم و المواعظ و الآداب جاز و إن لم يجز تعليمه كهجاء المؤمنين و السخف بطل المسمّى و وجب مهر المثل و قيمة التعليم على إشكال [- ز -] إذا طلّقها قبل تعليم السورة المشترطة بعد الدخول استقر الصّداق و هل تعلّمها من وراء الحجاب قال الشيخ الأقوى ذلك كما يجوز سماع المرأة في المعاملات و يحتمل المنع خوف الافتتان فيثبت لها الأجرة و إن كان قبل الدّخول فإن قلنا بالأجرة استحقّت أجرة النصف و إن قلنا بالتعليم احتمل هنا الأجرة لاختلاف الآيات في السهولة و ضدّها و قسمة الآيات بالحروف

ص: 31

و إن طلق بعد التعليم فإن كان بعد الدخول فلا بحث و إن كان قبله رجع عليها بنصف الأجرة [- ح -] إذا تزوّجها على أن يعلّم غلامها صنعة أو قرآنا و جعله صداقا جاز و لو أصدقها ردّ عبدها الآبق و جملها الشارد فإن كان الموضع معلوما صحّ فإن طلّقها قبل الدخول رجع عليها بنصف أجرة الردّ إن فعله و إلاّ رجعت هي بنصف الأجرة و هل لها إلزامه بردّه نصف المسافة الأقرب عدمه أمّا لو طلّقها بعد الدخول قبل الردّ فإنّه يلزمه الردّ قطعا و لو لم يجده في ذلك الموضع وجب عليه أجرة الردّ بعد إسقاط ما قابل فعله و إن كان مجهولا بطل المسمّى و وجب لها مهر المثل مع الدخول لا الأجرة لعدم العلم بمقدارها قبل العقد و بعده [- ط -] منافع الحرّ يجوز أن يكون مهرا بشرط التعيين فإذا أصدقها خياطة ثوب معينة فتلف قبل الخياطة كان لها أجر مثل الخياطة و كذا كلّ مهر تلف وجبت قيمته و إن كان فاسدا فمهر المثل مع الدخول و إن تعطّل الخيّاط و كان المهر خياطته بنفسه وجب عليه الأجرة و بطل المسمّى و إن كان خياطة مطلقة لزمه علمه بغيره فإن كانا سليمين فطلّقا بعد الدّخول وجب عليه الخياطة إن لم يكن فعلها و إن كان قبله فالأقرب وجوب نصف الأجرة مع احتمال خياطة نصفه إن انضبطت و لو اختار خياطة الجميع لم يكن لها المطالبة بغير ذلك على إشكال و إن طلق بعد الخياطة قبل الدخول رجع عليها بنصف الأجرة [- ى -] قد ذكرنا أنّ من شرط المهر التعيين فإن أبهمت ثبت مهر المثل مع الدخول و المتعة مع الطلاق قبله و يكفي في المهر مشاهدته إن كان حاضرا و لو جهل وزنه أو كيله كقطعة من ذهب و قبضة من فضّة و قبّة من طعام و لو تزوّجها على خادم و أطلق أو دار كذلك قيل كان لها خادم وسط دار كذلك و عندي فيه نظر و لو تزوّج امرأتين فما زاد بمهر واحد صحّ العقد و المهر و قسط على مهور الأمثال و لو تزوّج امرأتين لإحداهما زوج بألف لم يكن الألف للأخرى خاصّة بخلاف ما لو تزوّجها و الحائط و يقسّم الألف على مهر مثلهما فما يخصّها فهو مهرها لا مهر المثل [- يا -] لو تزوّجها على كتاب اللّٰه و سنّة نبيّه و لم يسم مهرا كان مهرها خمسمائة درهم و لو سمّى لها مهرا و لأبيها شيئا لم يلزم ما سمّاه الأب و ثبت لها المسمّى و لو تزوّجها بمهر معين و شرط عليها أن تعطي أبيها منه شيئا قيل صحّ المهر و الشرط و فيه نظر قال الشيخ إن كان على سبيل الهبة لم يلزمها الوفاء به و كان بأجمعه لها و إن كان على سبيل التوكيل في القبض فكذلك [- يب -] إذا أصدقها عبدا فبان مستحقّا كان لها قيمته و لو بان حرّا قال الشيخ رحمه اللّٰه الأقوى قيمته لو كان عبدا و لو قيل بمهر المثل كان وجها و لو أصدقها عبدا مجهولا فإنّه يجب مهر المثل قطعا لعدم إمكان الرجوع إلى قيمته و لو تزوّجها بخلّ فبان خمرا قال الشيخ ره كان لها مهر المثل أيضا و قيل لها قيمته عند مستحلّيه و يحتمل قيمة الخلّ أمّا لو تزوّجها بهذا الحرّ أو بهذا الخمر فالوجه هنا بطلان المهر و الرجوع إلى مهر المثل و لو تزوّجها على عبدين فبان أحدهما حرّا فسد فيه و وجب قيمته لو كان عبدا و صحّ في الآخر و هل لها المطالبة بقيمتهما و دفع الآخر إشكال و لو قال بهذا الحرّ و هذا العبد بطل في الحر و كان لها قد رخصته من مهر المثل و الآخر و لا يكون العبد خاصّة هو كمال المهر في الموضعين [- يج -] لو تزوّجها بمهر سرّا و بأزيد منه علانية أو بالعكس كان الحكم للأوّل و لا اعتبار بالأخير [- يد -] لو زوّجها الوليّ بدون مهر المثل قيل يبطل المهر و لها مهر المثل و قيل يصحّ المسمّى و هو الأقرب مع المصلحة و لو زوّجه الوليّ بأكثر من مهر المثل فالأقرب لزوم المسمّى مع المصلحة

الفصل الثاني في تسمية ما يزيد و ينقص من الأعيان

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] المهر تملكه المرأة بالعقد و لا يتوقّف في تملك جميعه إلى الدخول ثمّ إن طلّقها الزوج قبل الدخول رجع بنصفه و قبل الطلاق فالجميع ثابت و يكون من ضمان الزوج حتى تقبضه و زيادته لها سواء كان في يده أو يدها و لها إن تتصرّف فيه قبل قبضه بالبيع و الهبة و ما شاءت من أنواع التّصرفات [- ب -] إذا أصدقها عينا فتلفت قبل القبض وجب لها مثل تلك العين إن كانت من ذوات الأمثال و إلاّ قيمة يوم التلف إن تلفت في يده من غير مطالبة و إن طالبته ثمّ تلفت وجب أكثر القيمة من وقت المطالبة إلى وقت التلف هذا إذا تلف بسببه أو بأمر سماوي و لو أتلفه أجنبيّ تخيّروه في إلزام الزّوج بما ذكرنا إمّا بالقيمة يوم الإتلاف أو بأكثر القيمة مع المطالبة على ما قلنا من التفصيل فيرجع الزوج على المتلف بقيمته يوم الإتلاف خاصّة و إلزام المتلف بقيمته يوم إتلافه رجع هل لها أن ترجع على الزّوج بتفاوت القيمة من يوم المطالبة إلى وقت الإتلاف لو رجعت على الأجنبيّ بالقيمة الأقرب ذلك و لو أتلفته هي كان ذلك قبضا منها و ليس لها الرجوع مع تلف المهر قبل القبض بمهر المثل بل بالقيمة [- ج -] قد بيّنا أنّ المهر مضمون في يد الزوج لو تلف رجعت عليه بقيمته و هل يضمنه بقيمته يوم التلف أو بأعلى القيم من حين العقد و إن لم يطالب به إلى حين التلف الأقرب الأوّل [- د -] إذا وجدت بالمهر عيبا كان لها ردّه و لو حدث به العيب بعد العقد قبل القبض كان لها الأرش و هل لها الردّ و المطالبة

ص: 32

بالقيمة قيل نعم و لو أصدقها نخلا حائلا فأثمر في يدها أو يده بعد العقد فالثمرة لها و لو كانت في يده حتّى انتهت فأخذها و وضعها في أوان و جعل عليها سيلان الرطب ليحفظ رطوبتها كما يصنعه أهل الحجاز فإن لم ينقص قيمتها بذلك و لا بإخراجها دفعها إليها و لا شيء عليه و إن نقصت القيمة نقصانا متناهيا ردّها مع الأرش و إن كان غير متناه بل حكم أهل الخبرة بنقصها كلّ وقت فالوجه ردّها مع أرش النقصان الموجود و كلّ ما نقصت رجعت عليه و لو لم ينقص بوضعها في الأواني لكنّها ينقص بإخراجها فللزوج إخراجها و دفع الأرش و لو دفع الزوج الأواني مع الثمرة ففي وجوب القبول على المرأة إشكال هذا إذا كان السّيلان من ثمرتها و إن كان من ثمرته دفع الثمرة دونه و عليه أرش النقصان كما تقدّم و كلّ موضع حكم فيه بإخراج الثمرة من الآنية فالأجرة فيه على الزّوج [- ه -] لو كان المهر أمة حرم عليه وطيها فإن فعل عالما بالتحريم حدّ و الولد مملوك و لا تصير أمّ ولد فإن طاوعته فلا مهر و إلاّ كان المهر للسيّدة و إن كان جاهلا بأن يكون قريب العهد بالإسلام أو نائيا عن بلاده كجفاة العرب أو يكون مالكيا يعتقد انتقال النصف خاصة بالعقد فلا حدّ و الولد حرّ لاحق به و عليه قيمته للسيّدة بيوم سقوطه حيّا و المهر و لا تصير أمّ ولد في الحال فإذا ملكها بعد ذلك ففي صيرورتها أمّ ولد إشكال و الضابط أنّه إذا أحبل الأمة بحرّ في ملكه فهي أمّ ولد و في غير ملكه إشكال و بمملوك في غير ملكه لا تصير أمّ ولد و إن ملكها بعد فإذا أحبلها الزّوج نقصت فعليه الأرش و لها الردّ و المطالبة بالقيمة لا بمهر المثل [- و -] يجوز جمع العقود المختلفة في عقد واحد كبيع و صرف مثل أن يبيع دراهم و ثوبا بذهب و كذا إن اتّحد الجنس مثل أن باع دراهم و ثوبا بدراهم لكن يجب نقصان ما انضم إليه المتاع عن الآخر و كبيع و إجارة مثل بعتك عبدي و آجرتك داري بكذا أمّا لو قال آجرتك داري و بعتكها بكذا قال الشيخ بطلا لأنّ مالك الرقبة يملك المنافع و عندي فيه نظر و كبيع و كتابة مثل بعتك عبدي هذا و كاتبتك بألف إلى نجمين قال الشيخ يبطل البيع لأنّ بيع عبده من عبده باطل و فيه نظر أمّا الكتابة فصحيحة و يقسّط العوض و كبيع و نكاح مثل زوجتك بنتي و بعتك عبدها بكذا فإنّهما يصحّان و يقسط الثمن على مهر المثل و قيمة العبد و لو قال زوّجتك بنتي و هذه الألف لك بعبدك هذا صحّا و كان بعض العبد مهرا و بعضه مبيعا فيبسط قيمته عليهما و لو قال زوّجتك بنتي و بعتك هذا الألف بألف بطل البيع و المهر دون النكاح و ثبت مهر المثل و لو قال زوّجتك هذه الجارية و بعتكها بألف صحّ البيع و بطل النكاح و المهر و كان عليه من الثمن بنسبة القيمة و مهر المثل و هل يتخيّر البائع الوجه ذلك و لو اشترت المرأة زوجها صحّ البيع و بطل النكاح و سقط المهر سواء كان قبل الدخول أو بعده و ليس لها معاودته إلاّ بإعتاقه و العقد عليه ثانيا أو بيعها إياه ثمّ تجديد العقد

الفصل الثالث في الشرط في المهر و العقد

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] إطلاق العقد يقتضي تعجيل المهر فإن شرطا الحلول أو أطلقا وجب دفعه إليها بالعقد مع المطالبة و إن شرطا التأجيل وجب أن يكون الأجل محروسا من الزيادة و النقصان فإن شرطا أجلا مجهولا فالوجه بطلان المسمّى و ثبوت مهر المثل و يجب دفع مهر المثل مع الدخول من غير تأجيل و إذا سمّيا أجلا معينا لم يجب دفعه قبل الأجل سواء دخل بها أو لا و ليس لها الامتناع من تسليم نفسها قبل حلوله و لو شرطا تأجيل بعضه و حلول الباقي صحّ [- ب -] إذا كان الصداق حالاّ كان لها أن تمنع نفسها حتّى تقبضه و إن كانت قد سلمت نفسها فإن لم يدخل بها كان لها الامتناع بعد ذلك لأنّ التسليم هو القبض و القبض في النكاح هو الوطي و إن كان قد دخل بها قال في الخلاف ليس لها الامتناع و لها إجباره على الصداق و قوّى في المبسوط جواز امتناعها حتّى تستوفيه [- ج -] إذا كان الزوج معسرا لم يكن لها الامتناع بعد الدخول و هل لها ذلك قبل الدخول قيل نعم و هو قويّ و يلوح من كلام ابن إدريس عدمه و إذا سلّم الزوج المهر لم يجز لها بعد ذلك الامتناع فإن امتنعت كانت ناشزا إن كانت كبيرة و لو طلبت إمهال يومين أو ثلاثة قوّى الشيخ ثبوت ذلك لها لإصلاح أمرها و الاستعداد لزوجها و الأقرب عندي عدم وجوبه و إن كانت صغيرة دون البلوغ لم تجب تسليمها إليه و إن التزم بحضانتها و تربيتها و لو امتنع من بعض هذه لم يجب عليه لو طلب أهلها نقلها إليه [- د -] لو كان المهر مؤجلا فلم يحصل الدخول حتّى حلّ لم يكن لها الامتناع من تسليم نفسها حتّى يقبض و لو كان بعضه حلاّ و بعضه مؤجّلا وجب تعيين الأجل و تعيين قدر المؤجل و لها الامتناع حتّى يقبض الحال فإذا قبضته لم يجز لها أن تمنع قبل حلول الباقي و لا بعده على ما تقدّم [- ه -] إذا كان الزّوج كبيرا و المرأة كذلك و امتنع كلّ منهما من تسليم ما عليه قال الشيخ الأقوى نصب عدل يأمر الزوج بتسليم الصداق إليه فإذا فعل أمرها بتسليم نفسها إليه فإذا فعلت أعطاها العدل الصّداق فإذا امتنعت من تسليم نفسها قبل دفع الزّوج الصداق كان لها ذلك على ما قلنا و لا يسقط نفقتها في

ص: 33

مدّة امتناعها لأنّها بذلت نفسها إن دفع الواجب لها فإذا امتنع لم يسقط نفقتها و لو كانت نضوا خلقة فسلّم مهرها لم يكن لها الامتناع و لا يستمتع لها في الفرج مع تضرّرها بل في غيره و خيّر بين إمساكها كذلك و تطليقها مع استرجاع نصف المهر منها و ليس له الفسخ كالرتقاء و إن لم يتضرر كان له الاستمتاع في الفرج فإن كان لعارض كان لها منع نفسها حتى تبرأ أو لا نفقة لها حتى تبرأ أو تسلّم نفسها و لو سلّمت نفسها لزمته النفقة و كذا لو سلّمت نفسها و هي صحيحة فمرضت و نحلت فعليه النفقة و لا يمكّن من جماعها مع الضرر و إن كانا صغيرين لم يكن لها نفقة و قوّى الشيخ عدم وجوب تسليم الصداق و كذا لو كان كبيرا و هي صغيرة و إن كان صغيرا و هي كبيرة فبذلت نفسها فالذي قوّاه الشيخ عدم النفقة و عدم وجوب المهر و فيه نظر [- و -] الشروط المذكورة في العقد إن نافت مقتضاه كانت باطلة مثل أن يشترط عليها في العقد أنه لا يتزوّج عليها و لا يتسرّى و أنّه لا نفقة لها و لا ميراث و العقد صحيح و كذا للمسمّى و لو شرط عليها أن يتزوّج عليها أو يتسرّى أو يسافر بها أو ينفق عليها فالشرط صحيح لأنّه من مقتضيات العقد إجماعا و لو شرطت عليه أن لا يطأها في الفرج قال الشيخ رحمه اللّٰه بطل النكاح لأنّه إخلال بالمقصود قال و روى أصحابنا أنّ الشرط صحيح و العقد صحيح و لا يكون له وطيها فإن أذنت له بعد ذلك كان له وطيها قال و عندي أنّ هذا يختص عقد المتعة دون الدوام و في طريق الرواية ضعف و لو شرطت أن يطأها ليلا خاصّة أو شرط هو ذلك قال لا يفسد العقد و له وطيها متى شاء و كذا لو شرط عليها أن لا يدخل عليها سنة أو شرطت هي ذلك فإنّه يبطل الشرط و يصحّ العقد و لو شرطت عليه أن لا يخرجها من بلدها قال في الخلاف و المبسوط لا يلزم الشرط و يصحّ العقد و المهر و هو اختيار ابن إدريس و قال في النهاية يلزم الشرط أيضا و به رواية صحيحة عن أبي العباس عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام و في رواية حسنة عن ابن زياد عن الكاظم عليه السّلام في رجل تزوّج امرأة على مائة دينار على أن تخرج معه إلى بلاده فقال إن أراد أن يخرج بها إلى بلاد الشرك فلا شرط له عليها في ذلك و لها مائة دينار التي أصدقها أيّاها و إن أراد أن يخرج بها إلى بلاد المسلمين و دار الإسلام فله ما اشترط عليها و المسلمون عند شروطهم و ليس له أن يخرج بها الذي بلاده حتى يؤدي إليها صداقها أو ترضى بذلك بما رضيت و هو جائز له و ابن إدريس منع هذه الرواية و صحّح العقد و أوجب عليها الخروج معه أين شاء و لم يتعرّض بما يجب عليه من المهر و الأقوى عندي ما تضمّنته الرواية لجودة سندها و اختلاف الأغراض بذلك فوجب أن يكون مشروعا و لو شرطت أنّ بيدها الجماع و الطلاق صحّ العقد و المهر و بطل الشرط و لو شرطت تأجيل المهر صحّ فإن شرطت فيه أنّه متى لم يأت بالمهر قبل الأجل فلا نكاح بينهما بطل الشرط و صحّ العقد و هي رواية حسنة عن ابن قيس عن الباقر عليه السّلام و لو أعتق عبده على أن يزوّجه أمته فإن تزوّج عليها أو تسرّى فعليه مائة دينار فتزوّج أو تسرّى عليها ففي رواية محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام عليه شرطه و لو شرط الرجل لامرأته أن يتزوّج عليها أو هجرها أو اتّخذ عليها سريّة ففي رواية محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام يبطل الشرط و يصحّ العقد و في رواية حسنة عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السّلام فيمن تزوّج امرأة و شرط عليها أن يأتيها إن شاء أو ينفق عليها شيئا مسمّى قال لا بأس و عن زرارة قال سأل أبو جعفر عليه السّلام عن الجارية يشترط عليها عند عقده النكاح أن يأتيها متى شاء كلّ شهر أو جمعة يوما و من النفقة كذا و كذا فليس ذلك الشرط بشيء و عن ابن سنان عن الصادق عليه السّلام في رجل قال لامرأته إن نكحت عليك أو تسرّيت فهي طالق قال ليس ذلك بشيء إنّ رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله قال من اشترط شرطا سوى كتاب اللّٰه تعالى فلا يجوز ذلك له و لا عليه [- ن -] إذا تزوّجها على عين و شرط لها الخيار مدّة من الزمان فإن كان في أصل العقد بطل النكاح فإن لم يدخل فلا شيء لها و إن دخل كان لها مهر المثل و إن كان الخيار في المهر صحّ العقد و المهر و الشرط [- ح -] إذا تزوّجها على عين موصوفة صحّ الصداق و لزمه تسليمه و لا يتخيّر الزوج بين رفع العين و دفع القيمة [- ط -] لو سمّى لها تسمية فاسدة وجب لها مهر المثل مع الدخول بالغا ما بلغ ما لم يتجاوز السنة المحمّدية و هي خمسمائة درهم فإن تجاوز ردّ إليها و لا اعتبار بالأقلّ من المسمّى و مهر المثل [- ى -] يردّ المهر بالعيب و إن كان يسيرا و لا يشترط العيب الفاحش [- يا -] لو تزوّج ذمّي بذمّية على أن لا مهر لها أو سكت عن ذكره وجب لها بالدخول مهر المثل و كان لها بالعقد المطالبة بالفرض و لو سمّى لها خمرا أو خنزيرا ثمّ أسلما قبل التقابض لزم قيمة المسمّى عند مستحليه لا العين و لا مهر المثل

الفصل الرابع في التفويض

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] التفويض تفصيل من فوّض أمره إليه أي أسنده و المرأة إذا فوّضت نفسها فقد أسندته إلى الزّوج و لم يقدّر معه مهرا و قيل التفويض الإهمال كأنّها أهملت أمر المهر فلم تسمه و هو قسمان تفويض بضع و هو

ص: 34

الذي يتصرف إليه إطلاق التفويض بأن يقول تزوّجتك و لا يذكر المهر أو يقول هي زوّجتك على أن لا مهر عليك و تفويض مهر و هو أن يقول تزوّجتك على أن تفوضي ما شئت أو ما شئنا أو ما شاء زيد أو يقول هي زوّجتك على أن تفرض ما شئت أو ما شئنا أو ما شاء زيد [- ب -] ليس ذكر المهر شرطا في العقد فلو تزوّجها و لم يذكر مهرا أو شرط أن لا مهر صحّ العقد و لو قالت زوّجتك على أن لا مهر عليك في الحال و لا في ثانية قال الشيخ صحّ العقد و كانت مفوّضة و بلغوا الشرط و عندي فيه نظر و كذا الإشكال عندي في كلّ شرط فاسد مقرون بالعقد [- ج -] إنّما يصحّ التفويض للبضع في حقّ البالغة الرشيدة إذا أذنت فيه أمّا الصغيرة و السفيهة فلا يتحقّق فيهما التفويض فلو زوّجهما الولي مفوضين كان لهما مهر المثل مع الدخول على إشكال ينشأ من استناد أمرهما إلى الوليّ مع المصلحة و كذا لو زوّجهما الوليّ بدون مهر المثل هل يثبت المسمّى مع المصلحة أو مهر المثل إشكال [- د -] يجوز للسيّد أن يزوّج جاريته مفوّضة لأنّ المهر له سواء كانت صغيرة أو كبيرة و كذا المدبرة و أمّ الولد أمّا المكاتبة فلا إلاّ بإذنها و إذا زوّج الجارية مفوضة ثمّ باعها كان ثمنهن المهر بين الزوج و المولى الثاني إن أجاز النكاح و يكون المهر له دون الأوّل و لو أعتقها الأوّل قبل الدخول فرضيت بالعقد كان لها المهر خاصّة [- ه -] كل موضع حكمنا بأنّها مفوّضة لم يجب لها بالعقد مهر و لا المطالبة بالمهر و إنّما لها المطالبة بفرض المهر و يجب المهر لها بالفرض منهما إن اتفقا أو فرض الحاكم إن اختلفا فترافعا إليه [- و -] مفوّضة البضع إذا طلّقها قبل الدخول و قبل الفرض كان لها عليه المتعة واجبا حرة كانت أو مملوكة و لا مهر و إن طلّقها بعد الفرض قبل الدخول وجب لها نصف المفروض لا المتعة و إن دخل بها قبل الفرض وجب لها مهر المثل و لا متعة سواء طلّقها أو لا و إن مات أحدهما فإن كان بعد الفرض ثبت ما فرضناه أجمع و إن كان قبله توارثا و لا مهر لها و لا متعة سواء كان الميّت الرجل أو المرأة لأنّ مهر المثل عندنا لا يجب بنفس العقد و إنّما يجب بالدخول مع التفويض أو فساد المسمى أو إكراه المرأة على الزّنا أو وطيها بشبهة أو فوضها بغير إذنها مع الدخول أو فوضها الوليّ لصغرها أو سفهها مع الدخول أيضا على إشكال [- ز -] المعتبر في مهر المثل حال المرأة في الشرف و الجمال و عادة أقاربها من الأمّ و الأخت و العمّة و الخالة و بناتهن و نظائرهنّ ما لم يتجاوز خمس مائة درهم فإن تجاوز ذلك ردّ إليها و يعتبر أيضا النساء اللواتي في بلدها لاختلاف عادات البلاد في المهر و يعتبر بمن هو في سنّها و عقلها و يسارها و ضدّه و بكارتها و ثيبوبتها و صراحة نسبها في الطرفين و بالجملة كلّ صفة يختلف المهر بها معتبرة و لو لم يكن لها أقارب ففي اعتبار أهل بلدها إشكال و على تقديره لو فقدن ففي اعتبار أقرب البلد إلى بلدها إشكال أيضا و لو كان الزوج من عشيرتها و عادة نسائها تخفيف المهر إذا تزوّجن بالعشائر خفّف و كذا لو كانت العادة تخفيفه عن الأشراف و كان الزوج منهم [- ح -] إذا وجب مهر المثل كان حالاّ و لم يلزمها التأخير و إذا اعتبرنا بنسائها من الطرفين اعتبر الأقرب فالأقرب و لو وطئ المفوّضة بعد سنين كثيرة و قد تغيرت صفتها اعتبر مهر المثل بحال العقد لأنّه سبب وجوبه [- ط -] إذا لم يسمّ مهرا و هي مفوّضة البضع إذا طلّقها قبل الدخول فقد بيّنا أنّ لها المتعة قال الشيخ المعتبر في حال المتعة إنّما هو بالزّوج فالموسر يتمتع بجارية أو ثوب مرتفع أو عشرة دنانير و المتوسّط بخمسة دنانير و نحوها و الفقير بدينار و نحوه و قال في المبسوط لا اعتبار بهما جميعا عندنا و قال قوم الاعتبار بالرّجل خاصّة و هو الأقوى و هو يدلّ على تردّده في ذلك و الاعتبار في اليسار و الإعسار في العادة و لا يستحقّ المتعة إلاّ المطلّقة التي لم يفرض لها مهر و لم يدخل بها فلو حصلت البينونة بفسخ أو موت أو لعان أو غير ذلك سواء كان من قبله أو قبلها أو منهما فلا مهر و لا متعة و لو اشترى المملوكة المفوّضة زوجها بطل العقد و لا مهر و لا متعة و لو دخل ثبت مهر المثل لا المتعة و يثبت المتعة سواء كان الزّوج حرّا أو عبدا و سواء كانت الزّوجة حرّة أو أمة [- ى -] المفوّضة إذا طلبت مهرا لم يجب إليه و إن طلبت فرضه كان لها ذلك قبل الدخول أو بعده فإن ترافعا إلى الحاكم فرض لها مهر المثل من غير زيادة و لا نقصان ما لم يتجاوز السّنة فيردّ إليها و لا يجوز له فرضه حتّى يعلم قدر مهر مثلها و إن تراضيا بفرضه فإن فرضا مهر المثل جاز و إن زاد على مهر السنة و إن فرضا أقلّ أو أكثر مع علمهما بمهر المثل لزم و إن جهلاه صحّ الفرض أيضا و لو فرض لها أجنبيّ و دفعه إليها ثمّ طلّقها الزوج قبل الدّخول احتمل ردّ الجميع إلى الأجنبيّ و إلزام الزّوج بالمتعة لعدم ثبوت الولاية و الوكالة و كان فرضه كالعدم و صحة الفرض إما مع ردّ النّصف إلى الزّوج لأنّه حقّ واجب على الزّوج فصحّ أداء غيره له و بالأداء ملكه الزّوج و إمّا مع ردّ النصف إلى الأجنبي لأنّه قضى ما وجب عليه و بالطلاق سقط النصف فلم يسقط به حقّ عمّن قضاه عنه فعاد إليه و كذا الإشكال ليتبرّع أجنبيّ بأداء المسمّى قبل الطلاق ثمّ طلق الزّوج هل يرجع النصف إلى المتبرّع أو الزّوج و لو فرض الزوج شيئا لم يرضه لم يصحّ الفرض إذا كان دون مهر المثل و لم يلزمه فإذا طلّقها قبل الدخول كان لها المتعة و لا اعتبار بما فرضه [- يا -] يستحبّ أن لا يدخل بالمعوّضة

ص: 35

حتّى يفرض لها المهر و كذا يستحبّ لمن سمّى مهرها أن لا يدخل بها حتّى يوفيها أو شيئا منه أو غيره و لو هدية و لو لم يسمّ مهرا و قدّم لها شيئا و دخل بها قال الشيخ كان ذلك مهرها و ليس بمعتمد بل يثبت لها مهر المثل و يحتسب ما دفعه منه إن لم يهبها إياه [- يب -] مفوّضة المهر إن يتزوّجها على حكمها أو حكمه فيصحّ فإن كان الحاكم الزّوج لزم ما يحكم به قلّ أو كثر و جاز أن يحكم بمهما شاء مما يصحّ أن يكون مهرا و إن كان الزّوجة لزم ما يحكم به قليلا كان أو كثيرا ما لم يتجاوز مهر السنّة و هو خمسمائة درهم فيردّ إليها و لو جعلا الحكم إليهما لزم ما يتّفقان عليه قلّ أو كثر و إن اختلفا وقف حتّى يصطلحا و على التقادير الثلاثة لا يجب مهر المثل و لا المتعة بل ما يحكم به الحاكم منهما و لو طلّق مفوّضة المهر قبل الدخول بعد الحكم لزم نصف ما حكم به و إن كان قبل الحكم أيضا ألزم من إليه الحكم أن يحكم و كان لها النصف فإن كانت هي الحاكمة لزمه نصف ما يحكم به ما لم يزد في الحكم عن مهر السّنة و لو مات الحاكم قبل الحكم و قبل الدخول فالمرويّ ثبوت المتعة لها و ابن إدريس قال لا مهر لها و لا متعة [- يج -] المدخول بها لا متعة لها بل إن كان لها مسمّى ثبت خاصّة دون المتعة و إن لم يكن لها مسمّى ثبت مهر المثل خاصّة دون المتعة لكن يستحبّ لها المتعة في الموضعين و عليه حملنا الرّواية الدالّة عليه قوله تعالى وَ لِلْمُطَلَّقٰاتِ مَتٰاعٌ لقرينة الإحسان

الفصل الخامس في الثابت للمطلقات

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] إذا تزوج و طلّق قبل الدخول فإن لم يكن سمى شيئا ثبت لها المتعة كما تقدّم و إن كان قد سمّى المهر ثبت لها نصفه و سقط عن الزوج نصفه و إن كان الطلاق بعد الدخول فإن كان قد سمّى ثبت ما سماه إن كان صحيحا و إلاّ القيمة و إن لم يكن سمّى ثبت لها مهر المثل إذا عرفت هذا فنقول إذا أصدقها عينا و طلّقها قبل الدخول بعد تسليم الصداق إليها فإن كان بحاله رجع في نصفه و إن كان ناقصا نقصان عين تخيّر بين الرجوع بنصف العين أو بالأقلّ من قيمة العين يوم العقد و الإقباض و إن كان نقصان قيمة لم يكن له الرّجوع بالتفاوت بل حقّه في العين خاصّة و إن كان زائدا زيادة منفصلة كالولد و الثمرة كانت الزيادة بأجمعها لها و رجع بنصف العين خاصّة و إن كانت متّصلة كالسمن و تعلّم الصنعة تخيّرت بين إعطائه نصف العين مع الزيادة و بين إعطائه القيمة فإن أعطته نصف العين وجب عليه أخذها لأنّه حقّه و زيادة و إن امتنعت تردّد الشيخ في إجبارها و عدمه و الأقرب عندي عدم إجبارها و أخذ القيمة منها و ليس هاهنا نماء لا يتبع الأصل و يمنع من الرجوع إلاّ في هذه المسألة و إن زاد من وجه و نقص من آخر مثل إن سمنت و نسيت صنعة تخيّر كل منهما فإن اتّفقا على نصف العين جاز و إن امتنعت من تسليم نصفها و امتنع هو من الرجوع في النصف كان لهما ذلك و على تقدير الامتناع من أحدهما يرجع الزوج بنصف القيمة خالية عن النقص و الزيادة و إن طلّقها بعد تلف العين في يدها فإن كانت مثليّة رجع بنصف المثل و إن لم تكن مثليّة رجع بأقلّ الأمرين من قيمتها حين العقد إلى حين التسليم و إن طلّقها و العين في يده بحالها كان لها نصفها و إن زادت زيادة منفصلة فالزيادة بأجمعها لها و لها نصف العين و إن كانت متّصلة تخيّرت بين أخذ النصف و دفع الآخر و بين أخذ الكلّ و إعطائه قيمة النصف غير زائد و إن نقصت تخيّرت بين أخذ نصف العين ناقصة و الأقوى أنّ لها الأرش و بين أخذ نصف القيمة غير ناقص و إن زادت من وجه و نقصت من آخر تخيّرت بين أخذ نصفه و إعطائه الآخر فتخيّر عليه حينئذ لأنّ النقص مضمون عليه و بين فسخه و مطالبته بنصف القيمة و الأقوى أنّ لها أيضا الرجوع في نصف العين مع أرش النقصان و لا يجبر بالزيادة و كل موضع حكمنا فيه للزوج بالقيمة فإنّما ثبت له أقلّ القيمتين من يوم العقد و يوم الإقباض [- ب -] إذا طلّقها قبل الدخول قال الشيخ رحمه اللّٰه الأقوى أنّه يملك النصف بغير اختياره فنماء النصف من حين الطلاق له و يحتمل أنّه يملك أن يملك فالنماء المتجدّد بعد الطلاق بأجمعه لها إلى حين الاختيار و لا يفتقر في تملّك الزوج للنصف إلى حكم الحاكم و لا في تضمينها إياه و لو تجدّد العيب في يدها بعد الطلاق فإن فرطت بإهمالها بعد مطالبته ضمنت النقصان قطعا و كذا لو لم يطالب على إشكال ضعيف [- ج -] لو أصدقها نخلا حائلا فأثمر في يدها ثمّ طلقها قبل الدخول فإن طالبها بنصف النخل و نصف الثمرة لو يكن له ذلك و يكون حقه في نصف قيمة النخل خاصّة و إن بذلت نصف العين و نصف الثمرة لزمه القبول سواء كان النخل مؤبرا أو غير مؤبّر و إن طلب قطع الثمرة ليرجع في نصف العين فارغة لم يلزمها ذلك و لو قالت أنا أقطع الثمرة الآن ليرجع في النصف أجبر على ذلك و كذا لو كانت جارية فسمنت ثمّ هزلت فعليه قبض النصف و لو طلبت الصبر منه لتدرك الثمرة ثمّ يرجع في العين لم يلزمه و لو بدّل تأخير الرجوع إلى وقت الجذاذ ليرجع في نصف العين لم يلزمها ذلك و لو قال أنا أرجع في النصف و أقبضه ليزول عنك الضمان ثمّ أدفعه إليك و يكون حقّي أمانة في يدك و الثمرة بأجمعها لك فالأقوى إجبارها عليه و لو طلب الرجوع في نصف النخل دون الثمرة و

ص: 36

و يكون النصف في يده و يبقى الثمرة إلى الجذاذ كان له ذلك و كذا البحث في الشجرة المثمرة و لو أصدقها نخلا حاملا إمّا مؤبّرا أو غير مؤبر ثمّ طلّقها بعد الزيادة كان حكمها حكم النماء المتّصل و قد سلف [- د -] لو أصدقها أرضا فحرثتها ثمّ طلّقها قبل الدخول لم يجب عليها دفع العين للزيادة بالحرث المتّصل و لو اختارت تسليمها بالزيادة لزمه القبول بخلاف النخل المثمر و لو زرعت الأرض أو غرستها كان حكمها حكم النخلة إذا أثمرت عندها و قد تقدّم إلاّ في شيء واحد و هو أنّه إذا دفعت نصف الأرض المزروعة لم يجب عليه القبول لاشتغاله بما أودعته و لو طلّقها بعد الحصاد لم يجبر على قبول العين إن كان قد أضرّ الزرع بها و إلاّ أجبر و كذا لو طلّقها أوان الحصاد [- ه -] إذا كان الصداق جارية حائلا أو بهيمة فحملت في يده و ولدت ثمّ طلّقها قبل الدخول كان الولد بأجمعه لها و نصف عين الأمّ و لو زادت الأمّ كان لها دفع نصف القيمة و إن نقصت رجعت بأرش النقصان و إن تلف الولد في يده رجعت بقيمته عليه سواء منعها أو لم يطالبه و لو تلفت الأمّ خاصّة أخذت الولد و رجعت بنصف قيمة الأمّ و لو كانت حاملا لمملوك ثمّ طلقها قبل الدخول تخيّرت المرأة بين ردّ نصف الأمّ و نصف الولد و بين ردّ قيمة نصفهما و يقوم الولد حين الوضع و الزيادة في الرّحم غير معتبرة و لو كانت الأمة حاملا ثم طلّقها بعد الحمل قبل الوضع كان لها إلزامه بنصف القيمة لحدوث النقص بالحبل و أخذ الجميع و دفع نصف القيمة للزيادة أيضا به و إذا رجعت بالقيمة احتمل رجوعها بأكثر القيمة من حين العقد إلى حين الطلاق و بنصف المهر خاصة [- و -] إذا اقتضت الصّداق ثمّ ارتدّت قبل الدخول رجع بالمهر أجمع فإن زاد زيادة منفصلة كانت الزيادة لها و إن كانت متّصلة تخيّرت بين ردّ العين مع الزيادة و بين ردّ القيمة من دون الزيادة [- ز -] يجوز للمرأة أن يتصرّف في الصداق قبل القبض فلو باعته أو وهبته ثمّ رجع إليها فطلّقها قبل الدخول رجع في نصف العين [- ح -] إذا كان المهر جارية فولدت في يده ثم طلّقها قبل الدخول رجع في نصف الجارية دون الولد سواء كان للولد سبع سنين أو أقلّ لكن يكره التفرقة و يستحبّ له أخذ قيمة النصف و ليس واجبا خلافا للشيخ في بعض أقواله [- ط -] إذا تزوّج الذمّي على خمر و قبضتها فصارت خلاّ ثم طلّقها قبل الدخول رجع الزوج بنصف العين و يحتمل عدم الرجوع بشيء لأنّه زاد فسقط حقّه من العين و لا قيمة للمسمّى و لو استهلكت الخلّ ثمّ طلّقها لم يرجع بشيء قطعا لأنّ حقه مع استهلاك العين في القيمة حين العقد [- ى -] لو أصدقها خشبا فشقّته أبوابا فزادت فطلّقها قبل الدخول سقط حقّه من العين فإن بذلت نصفها لم يلزمه القبول أمّا لو أصدقها سبيكة فصاغتها فبذلت له النصف من العين لزمه القبول و لو أصدقها حليّا فكسّرته و صاغته على ما كان عليه لم يكن له الرجوع في العين لأنّ صياغتها زيادة و يحتمل رجوعه في نصف العين لأنّه لم يحصل زيادة على ما ملكته منه و كذا لو كانت الجارية سمينة فهزلت ثمّ سمنت أمّا لو صاغتها على غير تلك الصّفة الأولى فللزوج المطالبة بنصف القيمة و لها المنع من الرجوع في نصف العين و لو أصدقها صيدا برّيا و هما حلالان فأحرم ثم طلّقها عاد الصّيد إلى ملكه و لزمه إرساله [- يا -] لو رهنت الصداق فطلّقها لم يكن له فسخ الرهن و كذا لو وهبته و أقبضت و إن لم يقبض ففي إجبارها على الفسخ نظر و كذا لو باعته بخيار لها فطلّق في مدّة الخيار و لو آجرته لم يكن له فسخ الإجارة و رجع في نصف القيمة و لو أمهلها حتى يخرج المدّة لم يلزمها ذلك لأنّه يكون مضمونا عليها و لها الامتناع منه على إشكال إلاّ أن يقول أنا أقبضه و أرده إلى المستأجر أمانة فله ذلك [- يب -] لو طلقها بعد تدبير المهر لم يرجع في النصف على إشكال أمّا لو أوصت به فإنّ له الرجوع في العين قطعا و لو طلّقها بعد رجوعها في التدبير فإنّه يرجع في العين قطعا و لو طلّقها قبل الرجوع ثمّ رجعت بعد أن أخذ الزّوج القيمة سقط حقّه من العين و إن كان قبله احتمل أن يأخذ حقّه من العين و عدمه لثبوت حقّه في القيمة و قوّى الشيخ الأوّل و لو طلّقها بعد عتقه رجع بنصف القيمة خاصّة [- يج -] إذا زوّج الرّجل ابنه الصغير على مهر معلوم و كان الولد موسرا تعلّق المهر بذمّة الولد و لزمه في ماله و إن كان معسرا تعلّق بذمّته و يكون الأب ضامنا فإن مات الأب خرج المهر من أصل تركته سواء بلغ الولد و أيسر أو مات قبل ذلك فلو دفع الأب المهر عن الصبيّ للضمان أو تطوّعا و بلغ الصبيّ فطلق قبل الدخول أو ارتدّت المرأة رجع المهر كلّه أو نصفه إلى الابن لأنّ دفع الأب يتضمّن هبته للابن و هذا كما لو قال أعتق عبدك عني ففعل فإنّه يعتق عن الآمر و ولاؤه له دون المأمور و لا يحتاج الأب إلى استدعاء الابن لولايته عليه بالصغر فإن عاد إلى الابن لم يكن للأب الرجوع فيه سواء عادت العين أو القيمة و لو قال الأب إنّما دفعته و لا أرجع به قبل قوله لأنّه أمين عليه و لو أصدق الأب عينا من ماله عن ابنه الصغير جاز و ملكها الابن فلو رجعت إليه كان الحكم ما تقدّم و لو طلّق الولد قبل دفع الصداق و إن كان موسرا لزم نصف المسمّى و إن كان معسرا أو ضمن الأب عنه وجب على الأب دفع النصف و لو أدّى الأب عن ولده الكبير المهر تبرّعا أو أجنبي

ص: 37

كذلك برئ الولد فإن طلّق رجع إليه النّصف و لم يكن للأب انتزاعه و لا للأجنبيّ مع احتمال ثبوته لهما لأنّ الكبير لا يملك إلاّ باختياره و إنّما أسقط عنه الحقّ فإذا سقط نصفه رجع النصف إلى الدافع و فيه قوّة [- يد -] لو تزوّج السّفيه أو المحجور عليه بغير إذن الوليّ لم يصحّ النكاح و لو أجازه الوليّ فعلى بعض أقوال الشيخ لا يصحّ الإجازة لوقوعه فاسدا و كذا المجنون و لا مهر هنا فإن دخل أحدهم قال الشيخ عليه مهر المثل لأنّه يجري مجرى الإتلاف ثمّ قوّى عدمه أيضا لأنّها رضيت ببذله فلا عوض لها [- يه -] إذا دخل الزّوج دخولا يوجب الغسل قبلا أو دبرا وجب المهر كملا و إن طلّق قبل الدخول وجب نصف المهر و لا خلاف في التقديرين أمّا لو لم يدخل بها و لكنّه خلّى و أرخى الستر ثمّ طلّقها فيه قولان أحدهما يجب عليه نصف المهر و الثاني يجب كملا و بهما روايات و الأقرب الأوّل و لو خلا بها و ادّعت الدخول فالأقرب أنّ القول قول الزوج مع اليمين و لو جامعها بين الفخذين و لم يولج فالأقرب نصف المهر أيضا فإن سبق الماء إلى فرجها أو استدخلته فحملت منه فإنّ العدة تجب قطعا و هل يجب كمال الصداق فيه إشكال و على هذا لو أتت بولد يمكن أن يكون منه و لم ينفه و لكنّه أنكر الوطي في الفرج كان في المهر الإشكال [- يو -] لو دبّر عبده ثمّ جعله صداقا انفسخ تدبيره على ما اخترناه نحن و عند الشيخ التدبير باق فإذا طلقها قبل الدخول صار بينهما نصفين فإذا مات المولى تحرّر و المعتمد ما قلناه [- يز -] لو طلّقها بائنا أو خالعها بعد الدخول ثم تزوّجها في عدّته بمهر جديد صحّ فإن طلّقها قبل الدخول بها كان لها نصف المهر [- يح -] لو تزوّجها بعبدين فمات أحدهما في يدها و طلّقها قبل الدّخول رجع عليها بنصف الموجود و نصف قيمة الميّت و لو أعطاها عوضا عن المهر عبدا آبقا و شيئا آخر ثمّ طلّقها قبل الدخول رجع بنصف المسمّى دون العوض و كذا لو أعطاها متاعا أو عقارا فليس له له إلاّ نصف ما سمّاه [- يط -] إذا مات الزوج قبل الدخول استحقت المرأة المهر كملا و يستحب لها ترك نصفه و لو مات هي قبل الدخول قال الشيخ كان لأوليائها نصف المهر و قال المفيد في أحكام النساء يكون لورثتها المهر كملا و هو اختيار ابن إدريس و هو قويّ و لو ماتت المرأة بعد الدخول و لم يكن قبضت المهر و لا طالبته به كره لورثتها المطالبة به و ليس بمحظور [- ك -] المريض يصحّ نكاحه فإن تزوّج في مرضه و دخل لزمه المهر كملا و ورثته المرأة و إن لم يدخل و مات في مرض العقد بطل العقد و لا ميراث لها و لا مهر

الفصل السّادس في عفو المرأة عن المهر

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] يجوز للمرأة البالغة الرشيدة أن تعفو عن جميع حقّها و عن بعضها و كذا الذي بيده عقدة النكاح و هو الأب أو الجدّ للأب أو وكيل المرأة على قول إلاّ أنّ الذي بيده عقدة النكاح ليس له أن يعفو عن جميع المهر و لا عن جميع النصف مع الطلاق قبل الدخول بل له أن يعفو عن البعض من النصف قبل الدخول و إنّما يصحّ عفوه بشرائط أن يكون المرأة صغيرة سواء كانت بكرا أو ثيّبا و كان الوليّ أبا أو جدّا و لا يكون الزّوج قد وطئها لأنّه بالوطي يتلف بدل المهر و يكون بعد الطلاق لأنّه قبله معرض لإتلافه أمّا المرأة الرشيدة فإنّها مالكة للعفو مطلقا و كذا الزّوج له أن يعفو عن النصف الذي يستحقّه بالطلاق و ليس لوليّه ذلك إن حصل الطلاق [- ب -] إذا عفا الزّوج عن نصيبه أو الزّوجة عن نصيبها فإن كان المهر موجودا لم يخرج عن ملك أحدهما بمجرد العفو لأنّه هبة فيفتقر إلى القبض أمّا لو كان دينا على الزّوج أو تلف في يد الزوجة فإنّ العفو كاف لأنه أبرأ و لا يفتقر إلى القبول و لو عفا الذي عليه المال لم ينتقل عنه نصيبه إلاّ بالتسليم [- ج -] إذا كان الصداق عينا في يده و كان العافي المرأة صحّ بلفظ العفو و الهبة و التمليك لا بلفظ الإبراء و الإسقاط و يفتقر إلى القبول لا إلى مضيّ زمان يمكن فيه القبض و إن كان العافي الزوج و قلنا يملك بالطلاق صحّ بلفظ العفو و الهبة و التمليك دون الإبراء و الإسقاط و افتقر إلى القبول و الإقباض و إن قلنا يملك أو يملك صحّ أيضا بلفظ الإسقاط و الإبراء و إن كان في يدها و عفت افتقر إلى لفظ التمليك و القبول و الإقباض و إن كان هو العافي افتقر أيضا إلى ذلك عقد الإقباض إن قلنا يملك بالطلاق و إن قلنا يملك أن يملك كفأه إسقاط حقّه قبل الاختيار و إن كان دينا في ذمّة الزّوج و عفت المرأة عن حقها و نصفه صحّ بلفظ العفو و الإسقاط و الإبراء و التمليك و أشباه ذلك و لا يفتقر إلى القبول و إن عفا الزّوج لم يصحّ إن قلنا إنّه يملك بالطلاق و إن قلنا إنّه يملك بالاختيار و عفا قبل الاختيار سقط حقّه و ثبت المهر بأجمعه و إن كان في ذمّتها فإن عفا الزّوج صحّ و إن عفت هي لم يصحّ [- د -] إذا عفا الزوج عن المهر قبل الطّلاق أو عن بعضه لم يصحّ سواء كان دينا أو عينا فإن طلّق بعد ذلك قبل الدخول كان له المطالبة بحقه و لو عفت المرأة عنه أو عن بعضه صحّ عفوها دينا كان أو عينا فإذا طلّقها قبل الدخول فإن كانت قد عفت قبل الطلاق عن جميع المهر رجع الزّوج عليها بنصفه سواء كان دينا أو عينا و إن كانت قد عفت عن النصف لم يرجع عليها بشيء و لا يرجع هي أيضا عليه بشيء إن كان دينا غير مقبوض و إن كانت عينا كانت بينهما و لو وهبته صداقها قبل الدخول ثمّ ارتدت فالأقرب رجوعه عليها بجميع الصداق و لو خالعها قبل الدخول بجميع مهرها رجع عليها بالنصف سواء كان الصداق عينا أو دينا مقبوضا أو غير مقبوض

ص: 38

و إن خالعها على نصفه فإن كانت دينا برئت ذمّته منه أجمع و لا يرجع عليها بشيء و إن كان عينا كانت بينهما [- ه -] مفوّضة البضع إذا أبرأت الزوج من مهر المثل فإن كان بعد الدخول صح الإبراء إن لم يعلما كميّته و إن كان قبله لم يصحّ لعدم ثبوته و كذا لو أبرأته من حقّها من المطالبة بمهر المثل و لو أبرأته عن المتعة قبل الطلاق لم يصحّ و لو أبرأته منها بعده صحّ و لو تزوّجها و ذكر مهرا صحيحا ثمّ أبرأته منه صح الإبراء و لو أبرأته من غير جنسه مثل إن كان دنانير فأبرأته من الدراهم لم يصحّ و إن كان مهرا فاسدا و ثبت مهر المثل فأبرأته منه صحّ و كذا لو أبرأته من بعضه إذا كان البعض معلوما كالنصف و شبهه و إن لم يعلما كميّة المهر و لو تزوّجها على مشاهد غير معلوم المقدار صحّ فلو تلف في يده فأبرأته منه صحّ قبل الطلاق و بعده لأنّ الإبراء لا يستدعي العلم بالمقدار و كذا لو أبرأته من مائة و هو لا يعلم بها كأنّه أتلف عليه شيئا لا يعلم به ففي صحّة الإبراء إشكال ينشأ من مصادفة الإبراء الثبوت في الذمّة فيصحّ و من أنّه أبرأ ممّا يعتقد أنّه ليس له عليه فلم يصحّ و كذا البحث لو باع مال مورّثه و قد انتقل إليه بموته و لم يعلم [- و -] يستحبّ تقديم المهر قبل الدخول فإن دخل قبله كان دينا عليه و لم يسقط بالدخول سواء طالت المدّة أو لا و سواء طالبت به أو لا

الفصل السّابع في اختلاف الزوجين

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] إذا اختلفا في أصل المهر بأن ادّعت استحقاق مهر في ذمّته و أنكر هو فإن كان قبل الدخول فالقول قوله مع يمينه إذا لم تكن هناك بيّنة عملا بالبراءة الأصليّة مع إمكان تجرّد العقد عن المهر و لو كان بعد الدخول فالمشهور أنّ القول قوله أيضا عملا بالبراءة و عندي فيه إشكال و الأقرب فيه أنّ يستفسر هل سمّى أم لا فإن ذكر تسميته كان القول قوله مع اليمين و إن ذكر عدمها ألزم مهر المثل و إن لم يجب بشيء حبس حتى يبيّن و لا إشكال لو قدّره بأقلّ ما يصلح أن يكون مهرا و لو قال هذا ابني منها ففي وجوب مهر المثل نظر [- ب -] لو اختلفا في قدره أو وصفه أو جنسه و لا بيّنة فالقول قوله مع اليمين سواء كان قبل الدخول أو بعده و سواء وافق أحدهما مهر المثل أو لا و لو أقام كلّ منهما بيّنة على ما يدعيه فالأقرب تقديم بيّنتها مع اليمين [- ج -] لو ادّعى إقباض المهر و أنكرته فالقول قولها مع اليمين سواء كان قبل الدخول أو بعده و في رواية عندنا أنّ القول قوله بعد الدخول و لو دفع قدر المهر فقالت دفعته هبة و قال بل صداقا فالقول قوله مع اليمين [- د -] إذا مات الزوجان و اختلف ورثتهما كان الحكم حكمها لو اختلفا و كذا لو مات أحدهما و اختلف الآخر و ورثه الميّت [- ه -] إذا خلا بها فادعت المواقعة فإن أمكن الزّوج إقامة البيّنة على الإبكار بأن تدعي المواقعة قبلا و هي بكر فيقيم بيّنته على بقاء البكارة فالحكم للبيّنة و إلاّ كان القول قوله مع اليمين عملا بالأصل و هو عدم المواقعة و قيل القول قولها عملا بشاهد الحال في الخلوة صحيحة بحليلته [- و -] لو تزوّجها على تعليم سورة أو صنعة فقالت علّمني غير الصداق فالقول قولها مع اليمين و لا أجرة له على تعليمها ما ادّعته [- ز -] لو أقامت بيّنة على أنّه تزوّجها في وقتين بمهرين فادعى تكرار العقد الواحد و ادّعت المغايرة فالقول قولها مع اليمين سواء اتّفق المهران جنسا و وصفا و قدرا أو اختلفا و هل يجب المهران كملا أو مهر و نصف فيه نظر و كذا لو أقام بيّنة أنّه باعه الثوب بعشرين يوم الخميس و بثلاثين يوم الجمعة لزم المشتري الثمنان لإمكان رجوعه إلى البائع [- ح -] يجوز لوليّ الصغيرة و المجنونة قبض مهرهما و يبرأ ذمّة الزوج بذلك أمّا الكبيرة الرّشيدة فليس للأب و لا لغيره قبض مهرها سواء كانت بكرا أو ثيّبا إلاّ بإذنها [- ط -] إذا وطئها فأفضاها فإن كان قبل بلوغها حرّمت عليه أبدا و لو لم يفضها لم تحرم و يجب عليه المهر فيهما و الدية في الأوّل و الإنفاق حتّى يموت أحدهما و لو كان بعد بلوغها لم تحرم و وجب عليه المهر و لها منعه حتّى يبرأ براءة تأمن معه النكاية فإذا اندمل محكما لزمها تمكينه فإن اختلفا فقال الزوج اندمل اندمالا محكما و أنكرت فالقول قولها مع اليمين قال الشيخ و لا دية و عندي فيه نظر ثمّ قال هذا إذا كان في عقد صحيح أو عقد شبهة فإن كان مكرها لها فعليه الدية على كلّ حال و لا مهر و الأقرب وجوبه عليه [- ى -] لو كان في ملكه أبوها و أمّها فقال أصدقتك أباك فقالت بل أمّي حلف و عتق الأب

الفصل الثّامن في الوليمة

و هي مشتقّة من الولم و هو القيد سمّي بذلك لأنّه يجمع و يضمّ و هي هاهنا كذلك لأنّ فيها اجتماع الزّوجين و هي يقع على كلّ طعام يتخذ لحادث و لسرور و اشتهر استعمالها في طعام العرس و سمّي الطعام عند الولادة الخرس و عند الختان الغديرة و عند القدوم النقيعة و عند البناء الوكيرة و عند حلق رأس المولود يوم السابع العقيقة و عند حداق الصبيّ الحداق و ليس شيء من هذه الأطعمة واجبا بالإجماع إلاّ عند السيّد المرتضى قدّس اللّٰه روحه في العقيقة فإنّه أوجبها و ليس بمعتمد بل هذه الأطعمة كلّها مستحبّة و إجابة الداعي إلى الوليمة و غيرها مستحبّة ليست واجبة على الأعيان و لا على الكفاية سواء كان الداعي مسلما أو ذميّا و لو دعاه اثنان استحب إجابة السابق فإن اتفقا أجاب الأقرب إلى داره و لو كان المدعوّ صائما فإن كان واجبا استحبّ الحضور لا للأكل و إن كان تطوّعا كان إفطاره عنده أفضل و لا يجب على الحاضر الأكل سواء كان صائما تطوّعا

ص: 39

أو مفطرا بل يستحب و لو علم اشتمال الوليمة على المنكر كشرب الخمر و ضرب العود و المزامير حرم عليه الحضور إلاّ أن يعلم أنّه يزول بإنكاره فيحضر و ينكر و لو لم يعلم فحضر و شاهد المنكر فإن أمكنه إزالته وجب و إن لم يمكنه وجب عليه الخروج و إن لم يتمكّن جلس و لا إثم عليه بالسّماع و غيره ما لم يستمع و لو كان في الدّار صور منقوشة غير ذات أرواح كالشّجر و غيره جاز له الحضور و لو كان فيها صور الحيوان فإن كان مما يوطأ جاز الحضور أيضا و إن كان على الستور أو على غير موطوء أو ما يتّكأ عليه قال الشيخ رحمه اللّٰه لم يجز الحضور و لا يكره الدخول إلى دار منقوشة الجدران بالسّتور بغير حاجة

المقصد السّابع في القسم و النشوز و الشقاق
اشارة

و فيه فصول

الأول في القسم

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] لكلّ من أحد الزوجين حقّ على الآخر يجب عليه القيام به لصاحبه فحقّ الرّجل على المرأة التمكين من الاستمتاع و أن لا تخرج من بيته إلاّ بإذنه و حقّ المرأة المهر و النفقة و الكسوة و السكنى و الإخدام و القسمة فيجب على كل واحد منهما أن يكفّ عما يكرهه صاحبه من قول أو فعل و أن يوفي الحقوق من غير استعانة بغيره و مرافعة إلى الحاكم و أن يظهر الكراهية في تأدية الحقّ بل يؤدّيه باستبشار و انطلاق وجه و أن لا يمطلّ صاحبه من حقوقه مع قدرته عليها فإن مطل حينئذ إثم [- ب -] قال الشيخ القسم لا يجب ابتداء بل له أن يبيت عند أصدقائه أو في المساجد إلاّ أن يريد أن يبتدئ بواحدة منهنّ في المبيت فيجب عليه القسمة حينئذ و هو حسن و قيل القسمة تجب ابتداء إذا عرفت هذا فالقسمة حقّ على الزوج سواء كان حرا أو عبدا و سواء كان خصيا أو عنّينا أو سليما و سواء كان عاقلا أو مجنونا لكن المجنون يقسّم عنه الوليّ فمن كان له زوجة واحدة كان لها ليلة من أربع ليال و له ثلاث يبيت فيها أين شاء و لو كان له زوجتان كان لهما ليلتان و له ليلتان إن شاء يبيتهما عند إحداهما أو يقسّمهما عليهما أو عند غيرهما و لو كان له ثلاث كانت الرابعة له يضعها أين شاء و لو كان له أربع كان لكل واحدة ليلة لا يجوز له الإخلال بها إلاّ مع العذر أو السفر أو الإذن منهنّ أو من صاحبة الليلة [- ج -] إذا وهبت إحدى الأربع ليلتها له جاز و يضعها أين شاء و له الامتناع من قبول ذلك لأنّ القسمة حقّ مشترك بين الزوجين و لو وهبت لإحدى الأربع غير معينة أو للباقيات أو أسقطت حقّها من القسم صارت الليلة منصرفة إليهن إلاّ في الأخيرة يبيت عند كلّ واحدة ليلة ثمّ يرجع إلى الأولى بعد يومين و قد كان يرجع إليها بعد ثلاثة أيّام و إن وهبت لواحدة معيّنة صحّ و لا يعتبر رضى الموهوبة لها و لا غيرها فإن كانت ليلة الموهوبة تلي ليلة الواهبة و لها ليلتين و إن لم يليها لم يكن له أن يوالي لها ليلتين و لو وهبت ثلاث منهنّ لياليهن للرابعة كان عليه أن يتوفّر عليها و ليس له أن يبيت عند غيرها [- د -] لو رجعت الواهبة فيما مضى لم يصحّ و لا يقضي لها و لو رجعت في المستقبل جاز حتّى لو رجعت في بعض الليل كان عليه أن ينتقل إليها و لو رجعت و لم يعلم الزوج حتّى بات عند نسائه ليالي لم يقض لها ما مضى قبل علمه [- ه -] لو دفع إليها عوضا عن ليلتها فقبلت قال الشيخ لم يصحّ و كان عليه أن يعدل لها فيوفيها ما ترك من القسم لأنّها معاوضة على ما ليس بعين و لا منفعة و إنّما هو مأوى [- و -] إذا قسّم بين نسائه فالأقرب جواز أن يبتدئ بمن شاء منهنّ حتى يأتي عليهنّ ثمّ يجب التسوية على الترتيب و قيل يبدأ بالقرعة و الوجه حمله على الاستحباب فيقرع صاحب الزوجتين واحدة و صاحب الثلاث اثنين و صاحب الأربع ثلاثا [- ز -] الواجب في القسمة الكون عندهنّ و المضاجعة لهنّ و يجب عليه التسوية في ذلك أمّا الجماع فليس بواجب لكن الأولى التسوية بينهن فيه و كذا الأولى التسوية في فاضل النفقة عن الواجب [- ح -] القسم إنما يجب بالليل دون النهار فليس له أن يدخل في ليلة إحداهما إلى الأخرى و له أن يدخل بالنهار إلى من شاء منهنّ و لو كان معاشه بالليل كالحارس و البزار و من أشبههما قسم نهارا فإن الليل في حقّه كالنهار في حقّ غيره [- ط -] لو كان له زوجات حرائر و إماء قسّم للحرّة ليلتين و للأمة ليلة و لا يسوّي بينهما في القسمة و لو كانت الإماء ملك يمين لم يكن لهنّ قسمة و كذا لو كانت الزوجات متعة لم يكن لهنّ قسمة أيضا فلو بات عند أمته أو متعته ليلة لم يقضها للزوجات و الذميّة كالأمة فلو كان له زوجات مسلمات و كتابيات قسّم للمسلمة ليلتين و للكتابيّة ليلة و لا يساوي بينهن و لو كانت له زوجتان ذمّية حرة و أمة مسلمة كانتا سواء في القسمة و لو بات عند الحرّة ليلتين فأعتقت الأمة و رضيت بالعقد كان لها الثلثان سواء عتقت في أوّل الليل أو في أثنائه و لو عتقت في آخر ليلتها لم يبت عندها أخرى لأنّها استوفت حقّها و استأنف القسمة بينهما بالسّوية و لو بات عند الأمة ليلة ثم أعتقت قبل استيفاء الحرّة قيل يقضي للأمة ليلة لأنّها ساوت الحرّة و لو وهبت الأمة ليلتها للزوج أو لبعض الضرائر جاز و ليس للمولى فيه مدخل كما لو وجدت الزوج عنينا أو خصيّا أو مجبوبا فرضيت به لم يكن للمولى الاعتراض [- ى -] النهار تابع لليلة الماضية فلصاحبتها نهار تلك الليلة

ص: 40

لكن له أن يدخل فيه إلى غيرها لحاجة كعبادة أو دفع نفقة أو زيارتها أو استعلام حالها أو لغير حاجة و ليس له الإطالة و الأقرب جواز الجماع و لو استوعب النهار قضاه لصاحبة الليلة و كذا لو جاز في القسمة فإنّه يقضي و لو جامع في الليل غير صاحبة الليلة لم يقض الجماع و كذا في النهار و ليس له الدخول ليلا إلى غير صاحبة الليلة إلاّ لضرورة فإن استوعب الليلة قضى و لو دخل لغير حاجة لم يطل فإن جامع في الزمان اليسير لم يقض الجماع و لا الليلة [- يا -] الأولى أن يقسّم ليلة ليلة لأنّ النبي صلّى اللّٰه عليه و آله كذا فعله و لأنه أقرب لعهدهنّ به فإذا أراد أن يقسم ليلتين أو ثلاثا أو أزيد فالوجه اعتبار رضاهن لما فيه من الإضرار و التغرير إذ قد يحصل لبعضهنّ القسم و يلحقه ما يقطعه عن القسم للباقيات [- يب -] يقسّم للرتقاء و المريضة و الحائض و النّفساء و المحرمة و المولى منها و المظاهرة لا الصّغيرة و الناشزة و المجنونة المطبقة بمعنى أنّه لا يقضي لهنّ ما سلف و كذا يجب على العنين و المجبوب القسمة فلو بات أحدهما عند إحداهنّ قضى للباقيات [- يج -] يجب على الزوج أن ينزل كلّ واحدة منزلا بانفرادها غير مشارك من زوجاته أو أقاربه و ليس له أن يجبر إحدى زوجاته على السّكنى مع الأخرى و لو أسكنهما في خان أو دار كبيرة و كان سكنى مثلهما جاز و إلاّ فلا فإن نزل هو منفردا عنهنّ جاز و يتخيّر بين المضيّ إليهنّ و هو الأولى و الاستدعاء لهنّ و له أن يمضي إلى البعض و يستدعي البعض فإن استدعى واحدة منهنّ فامتنعت سقط حقّها من القسم و النفقة حتّى تعود إلى طاعته و كذا المجنونة يسقط حقّها من القسم إن خاف على نفسه منها و إلاّ فلا و على وليّها أن يسلّمها للقسمة مع الأمن و لو سافرت بغير إذنه فهي ناشز لا نفقة لها و لا قسم و لو سافرت معه بإذنه أو لحاجة لها أو في حاجته بإذنه و إن كانت منفردة كان لها النفقة و القسم و لو سافرت بإذنه لحاجة لها فالأقرب أنّ لها النفقة و القسم [- يد -] إذا كان للمجنون أربع زوجات و ابتدأ حال عقله كان على الولي أن يطوف به على الباقيات ليوفيهن حقوقهنّ و إن كان جنونه قبل القسمة و رأى الوليّ ميله إليهن طاف به عليهن أو استدعاهنّ إليه أو حمله إلى بعضهنّ و استدعى البعض و إن لم ير ميلا إليهنّ لم يطف به عليهن فإن حمله إلى بعضهن فقد جاز و عليه القضاء للآخر فإن أفاق المجنون قضى ما جاز فيه الوليّ [- يه -] إذا خرج من عند صاحبة الليلة في أثناء الليل لضرورة أو أكره على ذلك قضى لها من الآتية مثل ذلك الزمان قدرا و يتخيّر بين أن يقضي في النصف الأول أو الأخير لكن المستحبّ قضاء مثل ما فات زمانا فإذا قضى من أوّل الليل لم يبت باقي الليل عندها و لا عند غيرها بل ينفرد عنهنّ و كذا إن قضاه من آخره لم يبت أوّله عند إحداهنّ إلاّ مع الضّرورة فيستمرّ عندها [- يو -] إذا ظهر إضراره بالمرأة أسكنها الحاكم إلى جنب ثقة ليطّلع على أحوالها فيمنعه الحاكم من ظلمها و كذا الزّوج [- يز -] للزّوج منع زوجته من الخروج عن منزله إلاّ بإذنه و عن عيادة أهلها و أقاربها في مرض و غيره و عن حضور تجهيزهم و إخراجهم و تعزيتهم لكن يكره له منعها عن مثل هذه الحقوق [- يح -] لو قسّم للأربع ليلة فنشزت الرابعة بعد استيفاء الثلاث سقط حقّها فإذا عادت لم يقض بها و لو طلّقها بعد حضور ليلتها من غير نشوز أثم لأنّه أسقط حقّها بعد وجوبه فإذا راجعها أو تزوّجها بعقد مستأنف قضى لها تلك اللّيلة قاله الشيخ و فيه نظر و لو أسقط لكلّ واحد من الأربع عشرا فوفّى ثلاثا ثم بات منفردا في العشر الأخرى قضى للرابعة عشرا و لو بات العشر عند الثلاث قضى لها ثلاثة عشر ليلة و ثلث ليلة و لو قسّم لكلّ واحدة منهن خمسة عشر فنشزت واحدة و ظلم أخرى و أقام عند الأخريين ثلاثين يوما فقدمت الناشزة قسم للمظلومة ثلاثا و للقادمة يوما خمسة أدوار فيحصل للمظلومة خمسة عشر يوما و خمسة للقادمة ثم يقسّم بعد ذلك بين الأربعة قسما مبتدأ [- يط -] لو كان له زوجتان في بلدين قسّم بينهما و ليس له إسقاط حقّ إحداهما بعدها فإمّا أن يحضرها أو يمضي إليها فتوفيها قسمتها و لا يحتسب غيبته في الطريق من حقّ إحداهما و لو قسّم لثلاث زوجات من أربع فجلس ليلة الرابعة فإن أمكنه إيفاء حقّها في الحبس بأن كان مسكن مثلها أو دونه و رضيت استدعاها و وفاها قسمتها و إن لم يمكنه قضاها بعد خروجه و لو حبس قبل القسمة فاستدعى إحداهن لزمه استدعاء الباقيات فإن امتنعت واحدة سقط حقّها [- ك -] لو تزوّج بكرا حضّها بسبع ليال و يخصّ الثيب بثلاث و لا يقضي ذلك و يقدّمهما على غيرهما فيحصل لهما التخصيص و التقديم فلو قسّم لثلاث كلّ واحدة خمسة عشر فوفّى اثنتين و ظلم الثالثة و تزوّج بكرا خصّها بسبع ثمّ قسم ثلاثا للمظلومة و واحدة للجديدة خمسة أدوار و لو تزوّج امرأتين كره أن تزفّا إليه في ليلة واحدة فإن فعل قدّم السابقة في الدخول و إن تساويا أقرع بينهما و لو كان له امرأتان قسّم لهما ليلة فبات عند إحداهما ثمّ زفت الثالثة بدأ بها ثمّ قضى للعتيقة يوما و نصفه للجديدة ثم ابتدأ بالقسمة و التخصيص للبكر بالسبع و الثيب بالثلاث إنّما هو بالليل و أمّا النهار فتابع يأوي إليهما فيه عند قضاء حوائجه الواجبة و المندوبة و المباحة و له صرف النهار أجمع في مهامّه أمّا اللّيل فلا يخرج فيه إلاّ لضرورة و لو زفّت إليه زوجة أمة فالأقرب تخصّصها بنصف ما تخصّص به الحرّة مع احتمال المساواة [- كا -] لو أراد السفر دون زوجاته جاز و ليس لهنّ منعه لأنّ الحاضر يجوز له التفرّد عن الجميع و إنّما عليه التسوية إذا قسّم و لو أراد إخراجهنّ معه لزمهنّ إجابته و كن معه كما في الحصر و لو أراد السفر

ص: 41

ببعضهنّ جاز و له الخيار في التخصيص لكنّ الأولى القرعة و لا يلزمها المسافرة بمن يخرجها القرعة لكن لو أراد استصحاب غيرها قال الشيخ ليس له ذلك و إذا سافر بها لم يقض للباقيات و لو زفّت إليه امرأتان في ليلة و أراد أن يسافر بإحداهما قال الشيخ لا بدّ من القرعة فمن خرج اسمها سافر بها و يدخل حقّ العقد و هو التخصيص بسبع للبكر و بثلاث للثيّب لكونها معه فإذا رجع احتمل عدم قضاء حقّ العقد للأخرى و ثبوته و قوّاه الشيخ لوجوب حقّها قبل السفر فصار كما لو قسّم لبعض نسائه و سافر فإنّه يقضي للباقيات و لو استصحب إحدى زوجاته بغير قرعة قال الشيخ يقضي لمن بقي بقدر غيبته مع التي خرج بها و لو كان بقرعة لم يقض طالت المدّة أو قصرت و لو أراد النقلة من بلد إلى آخر فحمل بعض نسائه لم يقض للباقيات مدّة سفره إلى بلد النقلة و لو أقام فيه مع الخارجة معه مدّة قضاها لهن و لو أراد سفر غيبة و رجوع لا سفر نقلة فسافر بإحداهن بقرعة لم يقض مدّة قطع المسافة و أيّ بلد أقام فيه إقامة مسافر لم يقض عنه و إن أقام أكثر من عشرة أيّام قضى للباقيات و لو سافر بإحداهنّ بقرعة إلى بلد ثمّ عزم على السّفر بعد وصوله إلى آخر سافر بها و لم يقض للباقيات و لو تزوّج في طريقه و أراد حملها خصّصها بحقّ العقد إمّا بسبع أو بثلاث ثمّ قسّم بينها و بين القديمة معه و لو أراد حمل إحداهما أقرع فإن خرجت الجديدة سافر بها و سقط حقّ العقد باستصحابها قاله الشيخ و فيه إشكال من حيث إنّ السّفر لا يدخل في القسم و إن خرجت على القديمة سافر بها و قضى للجديدة حقّ العقد

الفصل الثّاني في النشوز

و هو الخروج عن الطاعة و هو مأخوذ من الارتفاع و قد يحصل من الزّوج و من الزوجة فإن ظهرت أمارته منها كأن تقطب في وجهه و تثاقل و تدافع إذا دعاها وعظها و خوّفها و لا يهجرها و لا يضربها فإن عادت و إلاّ هجرها في المضجع بأن يحول ظهره إليها في الفراش أو يعزل فراشه عنها و لا يضربها فإن صرحت بالنشوز و الامتناع عن طاعته فيما يجب له بأن يدعوها إلى الفراش فتمتنع و أصرّت عليه جاز له ضربها إجماعا و لو صرّحت بالامتناع و لم يحصل بعد إصرار كان له هجرها و يحتمل جواز ضربها لعموم الآية و عدمه لجواز الرّجوع بالهجر و يصير تقدير الآية فَعِظُوهُنَّ إن وجدتم أمارات النشوز وَ اُهْجُرُوهُنَّ إن امتنعن وَ اِضْرِبُوهُنَّ إن أصررن و الوعظ مثل أن يقول اتقي اللّٰه فإنّ حقي عليك واجب و ما أشبه ذلك و الهجران يهجرها في المضاجع لا عن الكلام فإن فعل فلا يزيد على ثلاثة أيّام و الضرب ما يرجى به عودها إلى طاعته و لا يكون مبرحا و لا مدميا و يتّقي الوجه و المواضع المخوفة و لا يوالي الضرب على موضع واحد و لو حصل بالضرب تلف ضمن و لو حصل النشوز من الرّجل يمنع حقوقها طالبه الحاكم و ألزمه بها و يجوز للمرأة ترك بعض حقوقها من قسمة و نفقة استمالة له و يحل للزّوج قبوله و لو منعها بعض حقوقها أو أغارتها فبذلت له مالا ليخلعها به صحّ و ليس إكراها قاله الشيخ

الفصل الثّالث في الشقاق

و هو فعال من الشقّ كأنّ كلّ واحد منهما في شقّ أي جانب و ناحية من الآخر فإن بان أنّه من المرأة فهو النشوز و قد سبق و إن بان أنّه من الرجل فهو نشوز أيضا فيسكنها الحاكم إلى جنب ثقة يمنعه من الإضرار بها و إن بان أنّه منهما سلّمهما إلى أمين ليمنع كلّ واحد منهما من التعدّي و إن اشتبه و ادعى كلّ منهما ظلم صاحبه له و لم يقع بينهما صلح على مقام و لا على تفرقة و طلاق بعث الحاكم حكمين من أهلهما لينظرا في أمرهما و يفعلا المصلحة و يجوز أن يكون الحكمان من غير أهلهما أو أحدهما من أهل أحدهما و الآخر أجنبيّ لكن الأولى أن يكونا من أهلهما و ليس واجبا خلافا لابن إدريس و بعثهما على سبيل التحكيم لا التوكيل فإن اتفقا على الإصلاح فعلا و إن لم يستأذنا و إن اتفقا على التفريق لم يصحّ إلاّ برضى الزوج في الطلاق و رضى المرأة في البذل إن كان خلعا و لا بدّ في الحكمين من أن يكونا حرّين ذكرين عدلين و يمضي حكمهما في الصلح مع حضور الزوجين و غيبتهما و غيبة أحدهما و إذا شرطا أمرا وجب أن يكون سائغا فلو شرطا ترك بعض النفقة أو القسمة أو أن لا يسافر بها لم يلزم الوفاء به

المقصد الثّامن في الولادة و العقيقة و الحضانة
اشارة

و فيه فصول

الأول في سنن الولادة

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] يجب عند الولادة استبداد النساء بالمرأة دون الرجال إلاّ مع الحاجة بأن يعدم النساء عندها و يجوز للزوج تولّى ذلك لانكشافه على العورة و إن كان هناك نساء [- ب -] يستحبّ عند الولادة غسل المولود مع أمن الضرر و الأذان في أذنه اليمنى و الإقامة في اليسرى و أن يحنك بماء الفرات و تربة الحسين عليه السّلام فإن تعذّر ماء الفرات فبماء عذب فإن تعذّر إلاّ ماء ملح جعل فيه شيء من العسل أو التمر ليحلو و يحنّك به [- ج -] يستحب تسميته بإحدى الأسماء المستحسنة و روي استحباب التسمية يوم السابع و أفضلها ما تضمّن العبودية للّه تعالى ثمّ أسماء الأنبياء عليهم السلام و أفضلها محمّد ثمّ أسماء الأئمّة عليهم السلام و روي عن أبي الحسن عليه السلام قال لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمّد و أحمد و عليّ و الحسن و الحسين عليهم السّلام أو جعفر أو طالب أو عبد اللّٰه أو فاطمة من النساء و يستحبّ الكنية مخافة النبز و يكره التّسمية بحكم و حكيم و خالد و مالك و حارث و ضرار و عن الصادق عليه السّلام أنّ النبي صلّى اللّٰه عليه و آله نهى عن أربع كنى عن أبي عيسى و عن أبي الحكم و عن أبي مالك و عن أبي القسم لما كان الاسم محمّدا [- د -] يستحبّ التهنئة لمن ولد له بأن يقال شكرت الواهب و بورك

ص: 42

لك في الموهوب و بلغ أشدّه و رزقت برّه [- ه -] روي استحباب أكل السفرجل للمرأة الحامل فإنّ الولد يكون أطيب ريحا و أصفى لونا و قال أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام خير تموركم البرني فأطعموها النساء في نفاسهنّ يخرج أولادكم حكماء و عن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله أوّل ما يأكل النفساء الرطب فإن لم يكن إبّانه فسبع تمرات من تمر المصر و عن الرضا عليه السّلام أطعموا حبالاكم اللبان فإن يكن في بطنها غلام خرج ذكيّ القلب عالما شجاعا و إن يكن جارية حسن خلقها و خلقتها و عظمت عجيزتها و حظيت عند زوجها

الفصل الثّاني في سنن اليوم السابع

و هي الحلق و الختان و ثقب الأذن و العقيقة فهاهنا [- ه -] مباحث [- ا -] يستحبّ يوم السابع أن يحلق رأس الصّبي قبل العقيقة و يتصدّق بوزنه ذهبا أو فضّة و يكره القنازع و هو أن يحلق موضع من الرأس و يترك آخر [- ب -] الختان مستحبّ يوم السابع و لو أخّر جاز و لا يجوز تأخيره إلى البلوغ فإن بلغ و لم يختن وجب أن يختن نفسه أما خفض الجواري فإنّه مستحبّ و لا يجب و إن بلغن و لو أسلم الكافر و هو غير مختن وجب أن يختن نفسه و إن طعن في السنّ و المرأة لو أسلمت استحبّ خفضها و لم يجب و لو مات المسلم غير مختن مع بلوغه لم يجب ختنه و يستحبّ ثقب الأذن يوم السابع أيضا و ليس بواجب بلا خلاف [- ج -] العقيقة مستحبّة استحبابا مؤكدا و قال المرتضى قدّس اللّٰه روحه إنّها واجبة و ليس بمعتمد [- د -] يستحب أن يكون العقيقة و الحلق في موضع واحد و لن يعقّ عن الذكر بذكر و عن الأنثى بأنثى و لا يجزي في القيام بالسنّة الصدقة بثمنها و لو عجز الأب أخّرها إلى المكنة و لو لم يعق الوالد استحبّ للولد مع بلوغه أن يعقّ عن نفسه و يستحبّ أن يجمع العقيقة صفات الأضحية و أن يخصّ القابلة بربعها الذي يلي الورك بالفخذ و لو لم تكن له قابلة أعطيت الأمّ ذلك يتصدّق به و لو مات الصبيّ يوم السابع قبل الزوال سقطت و لو مات بعده لم تسقط استحبابها و يكره للأبوين أن يأكلا من العقيقة و روي و لا أحد من عياله و أن يكسر عظامها بل يفصّل أعضاؤه و روي أنّه يستحبّ إطعام عشرة من المسلمين في العقيقة قال الصادق عليه السّلام فإن زادوا فهو أفضل و قال إن كانت القابلة يهودية لا تأكل من ذبيحة المسلمين أعطيت قيمة ربع الكبش [- ه -] روي عن الباقر عليه السلام قال إذا ذبحت العقيقة فقل بسم اللّٰه و باللّٰه و الحمد للّه و اللّٰه أكبر إيمانا باللّٰه و ثناء على رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و العصمة لأمره و الشكر لرزقه و المعرفة بفضله علينا أهل البيت فإن كان ذكرا فقل اللّٰهمّ إنّك وهبت لنا ذكرا و أنت أعلم بما وهبت و منك ما أعطيت و كلّ ما صنعنا فتقبّله منّا على سنّتك و سنّة نبيّك و رسولك صلّى اللّٰه عليه و آله و اجتنب عنّا الشيطان الرّجيم لك سفكت الدّماء لا شريك لك و الحمد للّه ربّ العالمين

الفصل الثّالث في الرّضاع

و فيه [- ه -] مباحث [- أ -] من السنّة أن يرضع المولود حولين كاملين فإن نقص ثلاثة أشهر لم يكن به بأس و إن نقص غير ذلك كان جورا على الصّبي غير جائز و يجوز الزيادة على الحولين إلاّ أنّه لا يكون أكثر من شهرين و لا يستحقّ المرضعة على الزائد على الحولين أجرة [- ب -] أفضل الألبان التي يرضع بها الصبيّ لبان الأمّ فإن كانت حرّة لم تجبر على إرضاعه سواء كانت شريفة أو مشروفة موسرة أو معسرة دنيّة أو نبيلة و سواء كانت ممّن ترضع ولدها في العادة أو لا و كذا لو كانت الزّوجة أمة أو متمتعا بها أمّا أمّ الولد فللمولى إجبارها على إرضاع ولدها [- ج -] لو كانت الحرّة مطلقة طلاقا بائنا و طلبت الأجرة على إرضاع الولد جاز للأب العقد عليها و إعطاؤها الأجرة و لو كانت في حبالته أو مطلّقة طلاقا رجعيّا فللشيخ قولان أحدهما أنّه لا أجرة لها و لا يصحّ للأب أن يعقد عليها عقد إجارة للإرضاع و الثاني جواز ذلك و هو الأقرب عندي قال و كذا لو استأجرها لخدمته أو خدمة غيره لم يجز لاستغراق وقتها في حقوقه من الاستمتاع [- د -] لو تبرّعت الأمّ بإرضاعه لم يجب على الزوج الزيادة في نفقتها و لو لم تتبرّع و طلبت الأجرة وجب على الأب دفعها إليها إن لم يكن للولد مال و لو تبرّعت أجنبيّة بإرضاعه فرضيت الأمّ بالتبرّع فهي أحقّ به و إن لم ترض كان للأب تسليمه إلى المتبرّعة و كذا لو طلبت الأمّ أجرة و طلبت الأجنبيّة أقلّ كان للأب تسليمه إلى الأجنبية و لو ادّعى الأب وجود متبرّعة و أنكر الأمّ فالقول قول الأب مع يمينه على إشكال و إذا أخذت الأمّ الأجرة كان لها أن ترضع بنفسها و بغيرها و لا يجب على الأب دفع أجرة ما زاد على الحولين و ليس للأب تسليمه إلى المتبرّعة مع تبرّع الأمّ و لا إلى المستأجرة بما ترضى به الأمّ [- ه -] لو سلّمه إلى المتبرّعة أو امتنعت الأمّ من إرضاعه فسلّمه إلى المستأجرة لم يسقط حضانة الأم و تأتي المرضعة فترضعه عندها و لو تعذّر حمل الصّبي إليها وقت الإرضاع فإن تعذّر سقطت حضانتها

الفصل الرّابع في الحضانة

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] الحضانة ولاية و سلطنة لكنّها بالأنثى أليق فإذا افترق الأبوان و بينهما ولد و تنازعاه فإن كان بالغا رشيدا فأمره إلى نفسه ينضمّ إلى من شاء سواء كان ذكرا أو أنثى و لا حقّ لأحد الأبوين فيه غير أنّه يكره للأنثى مفارقة أمّها حتّى يتزوّج و إن كان طفلا فالأمّ أحقّ بالذكر حولين مدّة الرضاع و بعد ذلك يكون الأب أولى به منها و الأمّ أحقّ بالأنثى الصغيرة إلى أن يبلغ سبع سنين ثمّ يصير الأب أولى بها منها [- ب -] إنّما تثبت الحضانة

ص: 43

للأمّ حولين للذكر و سبعا للأنثى ما لم تتزوّج فإن تزوّجت بغير الأب سقطت حضانتها عنهما و كان الأب أولى بهما منها فإن طلّقها الزّوج رجعيّا لم تعد الحضانة و إن كان بائنا عادت الولاية لها ما لم يخرج الحولان في الذكر و السبع في الأنثى فإن تزوّجت بآخر سقطت حضانتها فإن طلّقها بائنا عادت و هكذا و المفيد رحمه اللّٰه جعل الحضانة للأمّ في الأنثى تسع سنين و الشيخ في الخلاف و المبسوط لم يفرق بين الذكر و الأنثى بل جعل الحضانة للأمّ مدّة سبع سنين و لم يفصّل و ما اخترناه هو الأظهر [- ج -] لو كانت الأمّ مملوكة سقطت حضانتها و كذا لو كانت كافرة و الأب مسلم و كذا الأب لو كان مملوكا و الأمّ حرّة فهي أولى بالحضانة إلى أن يبلغ الولد أو يعتق الأب و لو كان كافرا و المرأة مسلمة فهي أولى بالحضانة إلى البلوغ أو إسلامه سواء تزوّجت الأمّ الحرة المسلمة أو لا و كذا لو مات الأب كانت الأمّ أولى بالذكر و الأنثى إلى وقت بلوغهما من الوصيّ و غيره [- د -] إذا صار الأب أولى بالولد إمّا لتزويج أمّه أو لبلوغه المدّة التي قرّرناها لم يمنع من الاجتماع بأمة فالذكر يذهب إلى أمّه و الجارية يأتي أمّها إليها من غير إطالة و لا انبساط في بيت مطلّقها و لو مرض الولد لم يمنع أمّه من مراعاته و تمريضه و إن مرضت الأمّ لم يمنع الولد من التردّد إليها ذكرا كان أو أنثى و لو مات الولد حضرته أمّه و تولّت أمره و أخرجه و كذا لو ماتت الأمّ حضرها الولد [- ه -] إذا كان للولد أمّ كانت أحقّ به مدّة الحضانة فإن ماتت كان الأب أولى به من كلّ أحد فإن فقدا معا فالحضانة للأقارب و يترتّبون ترتّب الإرث فالأخت للأب و الأمّ أولى من الأخت لأحدهما و الأخت للأب أولى من الأخت للأمّ قال الشيخ نظرا إلى كثرة النصيب ثم تردّد و قال لو قلنا بالقرعة كان قويّا ثمّ قال العمة و الخالة سواء يقرع بينهما و أمّ الأب أولى من الخالة و أمّ الأب مع أمّ الأمّ يتساويان و الجدّة أولى من الأخوات و ابن إدريس منع من الحضانة لغير الأبوين و الجدّ للأب خاصّة بطريق الولاية [- و -] إذا اجتمع قرابة يتساوون في الدّرجة كالعمّة و الخالة أو الأختين أقرع بينهم فمن خرجت القرعة له كان أولى بالحضانة [- ز -] كلّ أب خرج من الحضانة بفسق أو كفر أو رقّ فهو كالميّت و يكون الجدّ أولى و لو كان الأب غائبا انتقلت حضانته إلى الجد و لو كان الأبوان مملوكين فلا حضانة لهما على الحرّ و لا على المملوك بل أمره إلى سيّده لكن الأولى لسيّده أن يقرّه مع أمّه و لو أراد أن ينقله عنها إلى غيرها ليحضنه كان له ذلك و كذا لو كان أحد أبويه حرّا و هو مملوك أمّا لو كان أحد أبويه حرّا و الولد غير مملوك فالحضانة للحرّ خاصّة و من لم يكمل فيه الحرّية فهو كالقنّ سواء [- ح -] لا يسقط عن الأب الموسر نفقة ولده بحضانة أمّه [- ط -] المجنون أمره إلى الأب و إن بلغ ذكرا كان أو أنثى و البكر البالغة العاقلة لا ولاية للأب عليها و إن اتّهمت [- ى -] الأنثى التي لا محرميّة لها كبنت العمّة و بنت الخالة هل يثبت لها الحضانة الأقرب ذلك و لو اجتمع الذكور و الإناث من الأقارب المتساويين في الدرجة كالعمّة و الخالة و الأخت و الجدّ فالأقرب تقديم الأنثى في الحضانة و لم أقف فيه على نصّ منّا

الفصل الخامس في أحكام الأولاد

و فيه [- يز -] بحثا [- ا -] أولاد المعقود عليها دائما يلحقون بالزوج بشروط ثلاثة الدخول و مضيّ ستة أشهر من حين الوطي و عدم تجاوز أقصى الحمل و هو تسعة أشهر أو عشرة و قيل سنة و ليس بمعتمد فلو تجرّد العقد عن الدخول لم يلحق به و كذا لو جاءت به لأقلّ من ستّة أشهر من حين الوطي حيّا كاملا أو لأكثر من عشرة أشهر إمّا باتّفاقهما أو بغيبوبة المدّة الزائدة عن أقصى الحمل [- ب -] مع اختلال أحد الشرائط لا يجوز له إلحاقه به و يجب نفيه عنه و لو حصلت شرائط الإلحاق لم يجز له نفيه و إن جاءت به لأقلّ الحمل سواء اتّهم أمّه بالفجور أو تيقنه و لو نفاه حينئذ لم ينتف إلاّ باللعان أمّا لو علم إخلال أحد الشرائط فإنّه ينتفي عنه بغير لعان و لو اعترف بالدّخول و ولادة الزّوجة له لأقل الحمل أو أكثره وجب عليه الإقرار به فلو أنكره لم ينتف إلاّ باللعان و كذا لو اختلفا في المدّة [- ج -] لو اختلفا في الدخول فالقول قول الزوج مع يمينه و كذا لو اختلفا في الولادة لأنّه يمكنها إقامة البيّنة عليها فإن اتفقا على الولادة و الدخول و المدّة و اختلفا في النسب فالقول قولها و يلحقه الولد و لو اعترف بالولد ثمّ نفاه بعد ذلك لم يقبل نفيه و ألزم الولد و لو وطئها غيره فجورا كان الولد لصاحب الفراش لا يجوز له نفيه عنه فإن نفاه لاعن أو حدّ [- د -] لو طلّق زوجته فاعتدت ثمّ جاءت بولد ما بين الفراق إلى كثرة مدة الحمل و لم توطأ بعقد و لا شبهة عقد لحق به و لو تزوّجت ثمّ جاءت بولد لدون ستة أشهر كاملا من وطي الثاني فهو للأوّل ما لم يتجاوز أقصى الحمل و إن كان لستّة أشهر فصاعدا كان للثّاني و كذا لو باع السيّد جاريته الموطوءة فأتت بولد لدون ستّة أشهر من وطي الثاني كان لاحقا بالمولى و الأوّل إن كان لستة أشهر فصاعدا كان للثاني [- ه -] لو أحبل امرأة من الزّنا ثم تزوّجها أو اشتراها من مولاها لم يجز له إلحاقه به و كذا ولد الزنا مطلقا لا يجوز لأحد أبويه إلحاقه به [- و -] إذا وطئ أمته فجاءت بولد لستّة أشهر فصاعدا لزمه الإقرار به و لو نفاه لم يفتقر إلى لعان و حكم بنفيه ظاهرا ما لم يتقدّم النفي اعتراف و كذا لو اعترف به بعد النفي فإنّه يلحق به و لو وطئها المولى ثمّ الأجنبي كان

ص: 44

الولد للمولى و لو انتقلت إلى موال و وطئها كلّ واحد منهم حكم بالولد لمن هي عنده إن جاءت لستّة أشهر فصاعدا منذ وطئها و لو جاء لأقلّ كان للّذي قبله إن كان لوطيه ستّة أشهر فصاعدا و إلاّ فللّذي قبله و هكذا [- ز -] لو كانت الأمة لشركاء فوطئوها في طهر واحد و ولدت و تداعوه أقرع بينهم فمن خرج اسمه ألحق به و أغرم حصص الباقين من قيمته يوم سقوطه حيّا و قيمة أمّه و إن ادعاه واحد ألحق به و ألزم حصص الباقين من قيمة الأمّ و الولد [- ح -] لا يجوز نفي الولد مع وطي المرأة أو الجارية في القبل لمكان العزل و لو نفاه كان عليه اللعان إن كانت الأمّ زوجته أمّا مملوكته فينتفي الولد من غير لعان [- ط -] يجب الاعتراف بولد المتعة مع حصول شرائط الإلحاق و هي الدخول و مجيئه لستة أشهر فصاعدا و عدم تجاوزه أقصى الحمل و لا يجوز له نفيه لمكان الشبهة و لا لمكان العزل سواء اشترط إلحاقه به في العقد أو لا و لو نفاه أثم و لا يجب عليه لعان و ينتفي ظاهرا [- ى -] لو وطئ أمته ثمّ وطئها غيره فيجوز إلحاق الولد بالمولى و لا يجوز له نفيه إذا اشتبه عليه الأمر فإن نفاه انتفى ظاهرا من غير لعان قال الشيخ رحمه اللّٰه فإن غلب على ظنّه أنّه ليس منه لشيء من الأمارات لم يلحقه بنفسه و لا يجوز له نفيه و ينبغي أن يوصي له بشيء من ماله و لا نورّثه ميراث الأولاد و فيه إشكال و لو جاءت جاريته بولد و لم يكن قد وطئها جاز له بيع الولد على كلّ حال [- يا -] قال الشيخ إذا اشترى جارية حبلى فوطئها قبل مضي أربعة أشهر و عشرة أيّام فلا يبيع ذلك الولد لأنّه غذّاه بنطفته و كان عليه أن يعزل له من ماله شيئا و يعتقه و إن كان وطيه لها بعد أربعة أشهر و عشرة أيّام جاز له بيع ذلك الولد على كلّ حال و كذا لو كان الوطي قبل ذلك لكنّه يكون قد عزل عنها فإنّه يجوز له بيع الولد و الأقرب جواز بيع الولد [- يب -] الوطي بالشبهة يلحق به النسب كالصحيح فلو اشتبهت عليه أجنبيّة فظنّها زوجته أو مملوكته فوطئها و جاءت منه بولد لحق به و كذا لو وطئ أمة غيره بشبهة لكن هنا يلزمه قيمة الولد يوم سقوطه حيّا [- يج -] لو ظنّ خلو المرأة عن زوج و ظنّت هي موت زوجها أو طلاقه فتزوّجها ثمّ بان حياته و كذب المخبر بالطلاق ردت على الأوّل بعد الاعتداد من الثاني و لو حبلت من الثاني لحق به الولد مع الشرائط سواء استندت في الموت أو الطلاق إلى حكم حاكم أو شهادة شاهدين أو إخبار واحد و لا نفقة لها على الزوج الأخير في عدّته لأنّها لغيره بل على الأوّل لأنّها زوجته و لو أكذب شهود الطلاق أنفسهم غرّروا و لو لم ينقض الحكم و يرجع عليهم بالدّرك [- يد -] إذا وطئ اثنان امرأة في طهر واحد و كان وطيا يلحق به النسب إمّا بأن يكون وطي شبهة من كلّ واحد منهما بأن يظنّها كلّ واحد أنّها زوجته فيطؤها أو يكون نكاح كلّ واحد منهما فاسدا بأن وطئها أحدهما في نكاح فاسد ثمّ يتزوّج بآخر نكاحها فاسدا و يطأها أو يكون وطي أحدهما في نكاح صحيح و الآخر في فاسد و يأتي به لمدّة يمكن أن يكون من كلّ واحد منهما فإنّه يقرع بينهما فمن خرج اسمه ألحق به و لا يلحق بهما معا و لا بمن يلحقه القافّة [- يه -] لا فرق بين أن يكون المتنازعان حرّين أو عبدين مسلمين أو كافرين أو مختلفين أو أبا و ابنا فإنّ القرعة ثابتة في ذلك كلّه و لو كان مع أحدهما بينة حكم لها و تبع الولد من قامت له البيّنة في الإسلام و الكفر و كذا لو ألحقته القرعة بأحدهما فإنّه يلحقه زينا و نسبا و لا يحتاج إلى قرعة للدين [- يو -] الأسباب التي يلحق بها الأنساب الفراش المنفرد بأن ينفرد بوطيها يلحق بها النسب و الدعوى المنفرد بأن يدّعي مجهول النسب وحده من غير منازع مع التنازع يحكم فيه بالقرعة كما تقدّم أو بالبيّنة و لو انفرد أحدهم بالدعوى حكم له و إن اشترك الفراش و أمّا المرأة فيلحق الولد بها بالبيّنة أو بدعواها إذا كان ممكنا و لو تداعاه امرأتان أقرع بينهما كالرّجل [- يز -] الجميل و هو الذي يجلب من بلاد الشرك بأمان أو بغيره إذا أسلم أو كان مسلما ثمّ قدم و اعترف بنسب مجهول النسب في دار الإسلام و كان المدعي طفلا لحق نسبه به و إن كان كبيرا افتقر إلى التّصديق منه فيه سوى ادعى بنوته أو أخوته أو غيرهما من جهات النسب

الفصل السادس في النفقات
اشارة

و أسبابها ثلاثة الزوجية و القرابة و الملك فهاهنا مطالب

الأوّل في نفقة الزّوجات
اشارة

و النظر في مقامات

الأولى في الشرط

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] الزوجيّة سبب في وجوب النفقة على الزّوج بشرطين دوام العقد و التمكين التام من الزّوجة فلو كان العقد منقطعا لم يجب النفقة و لو كان دائما و منعت الزّوج من نفسها سقطت النفقة عنه أيضا و إنّما يجب النفقة لها لو مكّنت نفسها تمكينا تامّا بأن تخلّي بينها و بينه بحيث لا يخصّ موضعا و لا وقتا فلو بذلت نفسها في زمان دون زمان أو مكان دون مكان مما يسوغ فيه الاستمتاع سقطت نفقتها إلى أن تعود إلى تمام التمكين [- ب -] المشهور أنّ وجوب النفقة يتوقّف على التمكين لا بمجرّد العقد و حينئذ إن كانا بالغين و مكّنت بأن يقول قد سلمت نفسي إليك في أيّ مكان شئت وجبت لها النفقة و لو قالت أسلم نفسي إليك في منزلي أو في الموضع الفلاني أو البلد الفلاني دون غيره لم يكن تسليما تامّا كما لو قال البائع أسلم إليك السّلعة على أن يتركها في مكان بعينه لم يكن تسليما يستحقّ به أخذ العوض و كذا المولى لو سلّم الأمة إلى زوجها ليلا خاصّة لم يكن لها نفقة على الزّوج و لو تعاقد النكاح و لم يطالبها بالتمكين و لا طالبته بالتسليم و سكتا و مضى زمان على ذلك

ص: 45

لم يكن لها نفقة عن ذلك الزمان لأنّ النفقة تجب بالتمكين لا بإمكانه [- ج -] لو كان الزوج غائبا فإن كانت غيبة بعد أن مكّنته وجبت النفقة عليه و هي جارية عليه زمان غيبته و إن كانت قبله فلا نفقة لها فإن رفعت أمرها إلى الحاكم و بذلت له التسليم لم يكن لها نفقة حتّى يكتب الحاكم إلى حاكم البلد الذي فيه الزوج ليستدعيه فإن سار إليها و تسلّمها أو وكّل على التّسليم و بذلته وجبت النفقة حينئذ فإن امتنع نظر الحاكم إلى مدّة السّير فإذا انقضت فرض لها النفقة [- د -] لو كانت الزّوجة مراهقة تصلح للوطي قال الشيخ حكمها حكم الكبيرة إلاّ في فضل واحد و هو أنّ الخطاب مع الكبيرة في موضع السكنى و التمكين الكامل و هاهنا إذا قام وليّها مقامها في التسليم استحقّت النفقة و لو لم يكن لها وليّ أو كان غائبا أو منعها فسلّمت هي نفسها وجبت النفقة و إن لم تكن ممن يصحّ تصرفها لأنّ الزوج استحقّ القبض و قد حصل و لا اعتبار في كون المقبوض منه من أهل الإقباض كما لو دفع الثمن و قبض المبيع من صبيّ أو مجنون أو وجده في الطريق صحّ [- ه -] لو كان الزّوج كبيرا و هي صغيرة لا يجامع مثلها لم يجب لها نفقة قاله الشيخ و قال ابن إدريس تجب عليه النفقة مع أنّه شرط في وجوب النفقة التمكين و لو أمكن الاستمتاع منها بما دون الوطي لم يعتدّ به لأنّه استمتاع نادر لا يرغب فيه غالبا و لو كان الزوج صغيرا و هي كبيرة و بذلت نفسها قال الشيخ لا نفقة لها و لو قيل بوجوبها كان وجها لتحقّق التمكين من طرفها و لو كانا صغيرين فلا نفقة [- و -] المريضة لا تسقط نفقتها و كذا الرتقاء و القرناء و من بفرجها مرض يمنع من وطيها و الضعيفة إذا كان الزوج عظيم الآلة تمنع الزوج من وطيها و لا تسقط نفقتها [- ز -] إذا سافرت لحجّ واجب أو عمرة كذلك لم يسقط نفقتها سواء كان بإذنه أو بغير إذنه و لو كان لحجّ مندوب فإن كان بإذنه لم يسقط سواء كان معها أو لا و كذا غير الحجّ من المندوبات و المباحات و لو كان إحرامها بغير إذنه لم ينعقد و لا يسقط نفقتها إن كان معها و لو كانت منفردة سقطت و لو سافرت لحاجة لها منفردة عنه فإن كان بإذنه لم يسقط نفقتها و إن كان بغير إذنه سقطت و لو اعتكفت بإذنه لم يسقط نفقتها سواء كان معها أو لا و إن اعتكفت بغير إذنه لم ينعقد اعتكافها فإن كان معها لم يسقط نفقتها و إلاّ سقطت [- ح -] لو صام ندبا كان له منعها فإن أفطرت استحقت النفقة و إن امتنعت لم تسقط نفقتها لأنّ له وطيها فإن منعته من الوطي سقطت النفقة و أطلق الشيخ رحمه اللّٰه سقوط النفقة مع الامتناع من الإفطار و لو كان واجبا مضيّقا كرمضان و النذر المعيّن بإذنه أو قبل نكاحه لم يكن له منعها و لا تسقط نفقتها و كذا قضاء رمضان إذا تضيّق شعبان المقبل و لم يبق سوى أيّام القضاء و إن كان موسّعا كالنذر المطلق و صوم الكفّارة و قضاء رمضان قبل التضييق قال الشيخ له منعها عنه لعدم تضييقه فإن امتنعت سقطت النفقة و إن أفطرت استحقّها و فيه نظر و لو نذرت الصوم في حبالته بإذنه صحّ نذرها و إن كان بغير إذنه لم ينعقد سواء أطلقت النذر أو قيّدته و لو طلّقها الزّوج لم يجب عليها فعله سواء كان مطلقا أو مقيّدا فات وقته أو لم يحضر على إشكال و أمّا الصلاة فليس له منعها عن الفريضة في أوّل وقتها و إن كانت قضاء أو منذورة غير معيّنة الوقت كان له منعها عن المبادرة قاله الشّيخ و له منعها عن نوافل الصلاة و الصيام و إن كان من الرواتب كعرفة [- ط -] لو هربت منه كانت ناشزا لا نفقة لها سواء كانت في موضع يعرفه أو لا و كذا لو منعته عن التمكين التام و لو زوّج أمته كان له إمساكها نهارا للخدمة و عليه إرسالها ليلا للاستمتاع فإن أرسلها ليلا و نهارا كانت نفقتها على الزّوج و لا خدمة لها عليه و إن أرسلها ليلا خاصّة سقطت جميع نفقاتها عن الزّوج [- ى -] يثبت النفقة للزوجة سواء كانت مسلمة أو ذمّية أو أمة مع التمكين التّام و المطلقة رجعيّا كالزّوجة أما البائن فلا نفقة لها و لا سكنى سواء كانت البينونة عن طلاق أو فسخ إلا أن يكون المطلقة بائنا حاملا فلها النفقة و السّكنى حتى تضع قال الشيخ و النفقة للحمل لا للأمّ للدوران و تظهر الفائدة في الحرّ إذا تزوّج أمة و شرط مولاها رقيّة الولد و في العبد إذا تزوّج حرّة و أمة و شرط مولاه الانفراد بالولد و في النكاح الفاسد أمّا المتوفّى عنها زوجها فلا نفقة لها و لو كانت حاملا فروايتان أقربهما سقوط النفقة و الأخرى ينفق عليها من نصيب ولدها [- يا -] النكاح المفسوخ من أصله كالشغار لا يستحقّ بالعقد فيه مهر و لا نفقة و يفرّق بينهما و لو دخل جاهلا بالفساد فإن كان قد سمّى ثبت المسمّى و إلاّ مهر المثل و يفرّق بينهما و لا نفقة لها و لا سكنى و لو جهلت قال الشيخ لها النفقة عندنا لعموم الأخبار و لو وقع صحيحا ثمّ فسخ لعيب قبل الدخول فلا نفقة و لا مهر و إن كان بعده فلا نفقة أيضا و لها المسمّى أو مهر المثل إن لم يسمّ و لو كانت حاملا فلها النفقة أيضا [- يب -] النفقة على الحامل تجب يوما فيوما كغيرها و إن ادعت و شهدت لها القوابل أطلقت لها النفقة من حين الطلاق إلى حين الشهادة ثم لها يوما فيوما و هو مشكل على تقدير أن يكون النفقة للحمل فإن بان البطلان ردّت ما أخذت و لو أسقطت بالولد لم يعد عليها بالنفقة إلى حين الإسقاط و لو لم يكن دفع النفقة فإن قلنا النفقة للأمّ لأجل الحمل أخذت منه النفقة من حين الطلاق إلى حين الإسقاط و إن قلنا للحمل فإشكال و لو بذل الورثة السكنى للحامل أو السلطان لتحصن ماء الرجل لم يلزمها القبول و لو ادّعى الزوج بعد وضعها أنّه كان طلّقها

ص: 46

قبله فالقول قولها مع اليمين على نفي العلم لأنّه يدّعي إسقاط حقّها من النفقة و السكنى و ليس له مراجعتها و له نكاح رابعة غيرها و أختها و كذا لو طلقها رجعيّة و ادّعت أنّ الطلاق بعد الوضع و أنكر فالقول قولها مع اليمين و لها النفقة و يحكم عليه بالبينونة [- يج -] لو نفى حمل زوجته لاعنها و لا نفقة لها حينئذ و لا سكنى و تعتدّ بوضعه و كذا لو طلّقها و ظهر بها حمل يلتحق به ظاهرا فنفاه و لاعنها و لو أكذب نفسه بعد اللعان و استلحقه وجبت النّفقة و عاد النسب من طرفه لا من طرف الولد على معنى أنّ الولد يرث أباه و من يتقرّب به دون العكس و لو كانت قد أرضعته قبل التكذيب ثمّ أكذب نفسه لزمه أجرة الرضاع و بالجملة كلّ ما يسقط باللعان يثبت مع التكذيب [- يد -] لو طلّقها رجعيّا و ظهر بها أمارات الحمل ثمّ بان البطلان استرجع ما زاد عن العدة و القول قولها في مدة أقرائها فلو قالت لا أعلم كم انقضت عدّتي إلاّ أنّ عادتي في الحيض و الطهر كذا عمل به و لو قالت إنّ حيضي يختلف رجع بما زاد عن الأقلّ و لو قالت لا أعلم قدره قال الشيخ يرجع بما زاد عن أقلّ ما يمكن انقضاء الأقراء به و لو كانت حاملا و أتت به لمدة يمكن أن يكون منه فالولد له و النفقة عليه إلى حين الوضع و إن أتت به أكثر من أقصى مدّة الحمل من حين الطلاق لحق به الولد في هذه المدّة و قدر العدّة لأنّ الطّلاق رجعي و إن أتت به لأكثر من ذلك انتفى عنه بغير لعان و لا ينقضي عدّتها به عنه فيكون عدّتها بالأقراء فإن نسبته إلى غير الزوج و ذكرت أنّه وطئها بعد الأقراء استعيدت الفاضل و إن قالت بعد قرءين فلها نفقتهما و لا شيء لها عن مدّة الحمل و عليها تتمّة الاعتداد بالقرء الثالث بعد الوضع و لها نفقته و إن قالت عقيب الطلاق فعدّتها بعد الوضع ثلاثة أقراء فلا نفقة لها عن مدّة الحمل فيردّها و يأخذ نفقة الأقراء بعد الوضع و إن نسبته إليه و أنكر فالقول قوله مع اليمين فإن قالت وطئني بعد الأقراء ردّت الزائد و إن قالت بعد الطلاق فالأقرب سقوط النفقة عنه عما زاد عن ثلاثة أقراء و لو ارتدّت المسلمة سقطت نفقتها فإن رجعت في العدّة عادت لما يستقبل فإن كانت حاملا و قلنا النفقة لها فكذلك و إن كانت للحمل وجبت على إشكال

المقام الثاني في قدر النفقة

و فيه [- ر -] مباحث [- ا -] الواجب في النفقة ستّة الطعام و الإدام و الإخدام و الكسوة و آلة التنظّف و السكنى و الضابط قيام الرجل بما يحتاج المرأة إليه من ذلك تبعا للعادة في أمثالها من أهل بلدها [- ب -] قال الشيخ نفقة الزوجة مقدّرة معتبرة بحال الزوج لا بحالها فإن كان موسرا فعليه كلّ يوم مدّان و إن كان متوسطا فمدّ و نصف و إن كان معسرا فمدّ و قال ابن إدريس إنّها غير مقدرة بل الواجب كفايتها زاد عن المقدّر أو نقص و هو جيّد و المعتبر هو غالب قوت أهل البلد ففي العراق البرّ و الحجاز التمر و في اليمن الذّرة فإن لم يكن فما يليق بالزّوج قال الشيخ يدفع الحبّ فإن طلبت غيره لم يجب و لو دفع غيره لم يلزمها القبول و لو اتّفقا على أخذ دراهم أو غيرها عوضه جاز و كذا لو دفع دقيقا أو خبزا و لو كانت من ذوات الأخدام أنفق على خادمتها واجبا بقدر سدّ الخلّة و لا يقدّر بقدر [- ج -] يجب عليه الإدام مع الطعام و يرجع في جنسه إلى غالب أدم البلد فالعراق بالشيرج و خراسان بالسّمن و الشام بالزّيت و يرجع في قدره إلى العادة و كذا يجب عليه أدم مقادمها قال الشيخ و يفرض لها اللحم في كلّ أسبوع مرّة يكون يوم الجمعة لأنّه العرف و القدر يرجع إلى العرف و كذا الخادم إلى العرف الخادم و لها أخذ الإدام و إن لم يأكل و لو تبرّمت بجنس واحد من الأدم أبدله بآخر [- د -] يجب عليه الكسوة للزوجة و المرجع في جنسها و عددها إلى العادة فيعطي الزوجة القميص و السراويل و المقنعة و النعل و لا يجب السراويل لخادمها و لها عوض النعل الخفّ لأنّها يدخل و يخرج و يجب في الشتاء زيادة جبّة محشوة بقطن لليقظة و لحاف للنّوم و يرجع في جنسه إلى عادة أمثالها و يزاد ذات التجمل زيادة على ثبات البذلة ما يتجمّل أمثالها به و لو كانت عادتها الحرير و الكتّان فالأقرب إلزام الزوج به مع يساره و لا بدّ لها من فراش تجلس عليه نهارا و وسادة للنّوم و ملحفة و لا يجب فراش آخر للنّوم و للخادمة وسادة و كساء للغطاء و لا يلزمه لها فراش و من آلة الطبخ و الشرب من قدر و مغرفة و كوز و جرّة و يكفي أن يكون من الخزف و الحجر و الخشب و لا يستحق خفّا بخلاف الخادمة [- ه -] يجب عليه الإخدام إن كانت المرأة من ذوي الحشمة و المناصب المقتضية للخدمة و لا يجب عليه شراء خادمة و تمليكها بل الواجب الإخدام إمّا باستئجار حرّة أو مملوكة أو شراء و لو خدمها بنفسه أجزأه و لا يلزمه أكثر من خادم واحد و إن كانت من ذوي الحشم التي تخدم في بيت أبيها بأكثر من واحدة و لو خدمت نفسها لم يكن لها المطالبة بنفقة الخادم و لو قالت أنا أخدم نفسي و آخذ النفقة لم يجب و لو لم تكن من ذوات الخدم خدمت نفسها و لم يجب عليه الإخدام إلاّ في حال المرض و له إبدال خادمتها المألوفة بغير ريبة و له أن يخرج سائر خدمها إلاّ الواحدة و له منع أبويها من الدخول إليها و الرقيقة المنكوحة لا يستحق خادما و إن كانت تخدم لجمالها و المرجع في الإخدام إلى العرف في مثلها و لا اعتبار بما تربت هي به نفسها فلو كانت من ذوي الأقدار فتواضعت و تقدمت كان لها أن تطالب بالأخدام و إن كانت بالضدّ فتكبّرت و ترفّعت عن الخدمة و لو كان

ص: 47

لها مال و جهاز إلى خدمة لم يجب عليه و إنّما يجب إخدامها هي و إذا وجب الخادم تخيّر بين أربعة أشياء أن يشتري خادما أو يكتري أو يكون لها خادم ينفق عليه بإذنها أو يخدمها بنفسه فيكفيها ما يكفيه الخادم و لا خيار لها في التعيين و لو كان الخادم مشترى أو كان لها و أنفق عليه كانت فطرته عليه دون المستأجر و لو اختارت المرأة خادما و اختار الرّجل غيره قدّم اختياره [- و -] يجب عليه آلة التنظيف و هو المشط و الدهن و لا يجب الكحل و الطيب و لا لخادمها آلة التنظيف هل للزّوج منعها من تعاطي أكل الثوم و ما له رائحة مؤذية فيه إشكال و الأقرب أنّ له منعها من تناول السمّ و الأطعمة الممرضة و لا يستحقّ الدواء للمرض و لا أجرة الحجّام و الفصّاد و لا أجرة الحمام أمّا لو اشتدّت البرد و احتاجت إليه فالأقرب استحقاقها له [- ز -] يجب عليه السكنى في دار تجري عادة أمثالها بالسّكنى فيها و يليق بها إما بعارية أو إجارة أو ملك و لها المطالبة بالتفرّد بالمسكن عن مشاركة غير الزّوج

المقام الثالث في كيفيّة الإنفاق

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] يجب عليه تمليك الحبّ و مئونة الطحن و الخبز و إصلاح اللحم و ليس عليه أن يكلّفها الأكل معه و لو دخل بها و استمرّت تأكل معه و تشرب على العادة لم يكن لها مطالبة بالنفقة مدة مؤاكلته و لو لم يدخل بها و مضت مدة لم تطالبه بالنفقة فيها لم يكن لها مطالبة بعد ذلك بها إذ لا وثوق بحصول التمكين لو طلبه أمّا لو بذلت نفسها فإنّه يجب عليه النفقة من تلك المدّة و إن لم يدخل بها [- ب -] لها طلب النفقة صبيحة كلّ يوم و ليس عليها الصبر إلى الليل و لو ماتت في أثناء النهار أو طلّقها فيه لم يستردّ ما وجب لها و لو نشزت ففي الاسترداد نظر أقربه الجواز فإنّما يجب النفقة مع التمكين يوما فيوما فلو طلبت أزيد من نفقة يوم لم يجب إجابتها و لو دفع نفقة شهر ثمّ طلقها أو ماتت قبل انقضائه كان له أن يسترجع ما بقي من الشهر إلاّ نفقة يوم الطلاق [- ج -] يكفي في الكسوة الإمتاع دون التمليك على إشكال و لو أعطاها كسوة لمدّة جرت العادة بها و اختلقها قبل انقضائها لم يكن لها المطالبة بالبدل كما لو سرقت و كذا لو أعطاها قوت يوم فتلف قبل أكله و لو انقضت المدّة و هي باقية احتمل عدم التجديد لحصول الكفاية الواجبة بما عليها و وجوبه كما لو دفع إليها قوت يوم فلم تأكله إلى الغد فإنّه لا يسقط قوتها قوّاه الشيخ و لو دفع كسوة و لم تعيّن المدّة فإن اختلقها قبل انقضاء مدّة العادة لم يكن لها المطالبة بالبدل [- د -] لو دفع إليها كسوة لمدّة فأرادت بيعها فإن قلنا إنّه إمتاع لم يكن لها ذلك و إن قلنا إنّه تمليك كان لها أمّا لو دفع إليها القوت فإنّها تتصرف فيه كيف شاءت من بيع و أكل و غيره ما لم يضرّ بها فإن أدّى إلى ضررها فالأقوى أنّ له المنع و على القول بأنّ الكسوة إمتاع لو أراد الزوج تبديلها كان له ذلك و لو أراد أن يكسوها ثيابا مستأجرة فله أيضا و ليس له الامتناع و فيه نظر و بالجملة فالتردّد عندي في أنّ الكسوة إمتاع أو تمليك لها للتّمكين فإنّه إمتاع قطعا [- ه -] لو مكّنت من نفسها و لم ينفق عليها و انقضى ذلك اليوم على التمكين استقرّت النفقة في ذمّته و لم تسقط بانقضاء اليوم سواء قدّرها الحاكم أو لا و لا اعتبار بحكم الحاكم فلو انقضت مدّة على التمكين و لم ينفق عليها كانت النفقة في ذمّته و لها المطالبة بها سواء طلقها بعد ذلك أو لا و لو دفع نفقة لمدة فانقضت و هي متمكنة فيها ملكتها و لو دفع إليها كسوة لمدّة فطلّقها قبل انقضائها كان له استعادتها و لو انقضت المدّة المضروبة لم يكن له الاستعادة [- و -] لو كان غائبا فحضرت عند الحاكم و بذلت التمكين لم يجب النفقة إلاّ بعد إعلامه فإن علم و لم يعد أو لم ينفذ وكيله سقطت عنه قدر وصوله و لزمت الزائد و لو نشزت و عادت إلى الطاعة لم يجب النّفقة حتّى تعلم و ينقضي زمان يمكنه الوصول إليها أو وكيله و لو ارتدّت سقطت نفقتها و لو غاب و أسلمت عادت نفقتها عند إسلامها و الفرق أنّ الردّة سبب السقوط و قد زالت و في الأولى الموجب لخروج عن قبضته بالنشوز و لا يزول إلاّ بالعود إلى قبضته و عندي فيه نظر [- ز -] لو كان له على زوجته دين حان و هي موسرة جاز له أن يقاصها يوما فيوما و لو كانت معسرة أو كان الدين مؤجّلا لم يجز المقاصة لأنّ قضاء الدين فيما يفضل عن القوت و لا تجب الدفع قبل الأجل و لو رضيت بذلك لم يكن له الامتناع [- ح -] نفقة الزوجة مقدّمة على نفقة الأقارب و الفاضل عن قوته يصرفه إليها فإن فضل دفع الفاضل إلى أقاربه و لا يدفع إليهم إلاّ ما يفضل عن واجب نفقة الزوجة [- ط -] إن قلنا النفقة يجب بالعقد بشرط عدم النشوز لو اختلفا في النشوز كان عليها البيّنة [النّفقة] و إن قلنا بالتمكين كان عليها البيّنة بالتمكين و لو نشزت بعض يوم سقطت نفقة البعض لا جميعه على إشكال و لو نشزت المجنونة سقطت نفقتها في الرفس و لو امتنعت العاقلة عن الزفاف فناشزة و لو حملت المطلّقة رجعيّة من شبهة سقطت النفقة عن الزوج مدة الحمل فإذا عادت إلى عدّته كان لها النفقة فيها عليه و له الرجعة في عدّته لا في مدّة الحمل و لو أنفقت على الولد المنفي باللعان ثمّ أكذب نفسها ليس لها الرجوع بالنفقة لتبرّعها و المعتدّة عن شبهة لا نفقة لها سواء كانت في نكاح أو وطي و سواء حملت أو لا إلاّ أن يجعل النفقة اعتبار كفايته على إشكال في الاستحقاق و لو مات قبل الوضع سقطت [- ى -] أهل البادية كأهل الحضر في النفقة فيلزمه من جنس طعامهم و كسوتهم و مساكنهم [- يا -] إذا أسلمت وثنية و أسلم زوجها معها في العدّة أو بعدها فلها النفقة و لو أسلم دونها فلا نفقة و إن أسلمت كان لها النفقة من حين إسلامها و ليس لها نفقة الزمان

ص: 48

الذي انقضى على الشرك أمّا لو كانت ذميّة فإنّ النفقة لها في ذلك الزّمان لجواز استبقائها زوجه و إن استمرت على كفرها و لو ارتدّت زوجة المسلم بعد الدّخول سقطت نفقتها فإن عادت إلى الإسلام قبل انقضاء عدّتها وجب لها النفقة من حين الإسلام و لا نفقة لها عن زمان الارتداد و لو دفع الوثنيّ إلى امرأته نفقة مدّة ثمّ أسلم و أقامت على الشرك حتّى انقضت العدّة استردّ ما دفعه و لو قالت دفعته هبة فقال بل سلفا في النفقة فإن كان قد شرط وقت الدفع أنّها نفقة مستقبلة استردّها و إن أطلق فالأقرب أنّه كذلك و القول قوله و لو كانت المرتدّة حاملا سقط نفقتها زمان ردّتها إن قلنا إنّ النفقة لها و إن قلنا للحمل فالأقرب الثبوت على الإشكال و كذا لو أسلم و تخلّفت في الشرك حاملا

المقام الرابع في المعسر بالنفقة و العبد و المكاتب

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] إذا أعسر الرّجل بنفقة زوجته أو بكسوتها أو بمسكنها أو إدامها أو بنفقة خادمها أنظر حتّى يوسّع اللّٰه تعالى عليه و لا خيار للمرأة في فسخ النكاح و لا بفسخ الحاكم و لا يلزمه به و الأقرب سقوط حقّه من الحبس في المنزل بل يجوز لها الخروج للتكسّب و لا يحلّ لها الامتناع من التمكين فإذا أيسر فالوجه أنّ لها المطالبة بما اجتمع لها وقت إعساره هذا إذا لم ينفق عليها بالكليّة أما لو أنفق نفقة المعسر ثمّ أيسر لم يكن لها المطالبة بالتفاوت عن الماضي [- ب -] الواجد إذا ماطل بالنّفقة و منعها أجبره الحاكم على دفعها فإذا امتنع حبس إلى أن يدفع و لو ظهر له على مال أنفق منه و لو كان غائبا و ثبت إعساره لم يكن لها الفسخ بل تصبر إلى اليسار و لو كان موسرا و أمكن المطالبة طالبه الحاكم و إلاّ أنفق عليه من ماله الموجود و لو لم يكن له مال انتظر به و لو وجدت له مالا و لم يتمكّن من الرفع إلى الحاكم جاز لها أن يأخذ منه بقدر ما يجب لها من النفقة سواء كان من جنس حقّها أو من غيره [- ج -] المعسر بالصّداق ينظر حتّى يوسّع اللّٰه تعالى عليه و ليس للمرأة فسخ نكاحه نعم لها الامتناع من تسليم نفسها حتّى تقبضه [- د -] لا تسقط نفقة الزّوجة عندنا بمضي الزمان سواء يفرضه [فرضه] الحاكم أو لا [- ه -] إذا اختلفا في الإنفاق فقالت لم ينفق عليّ و ادعى هو الإنفاق فإن كان قبل التمكين فلا فائدة إذ لا يجب لها شيء و إن كان بعده و كانت تحت قبضه احتمل تقديم قولها عملا بالأصل و تقديم قوله عملا بالظاهر من شاهد الحال من أنّه أنفق عليها في مدّة تسليمها نفسها و لا فرق بين أن يكون الزوج حاضرا أو غائبا أمّا لو غاب عنها و ادّعى بعد عوده أنّه كان قد خلّف لها نفقة فإنّ عليها اليمين مع عدم البيّنة و لو كانت الزوجة أمة كانت الدعوى مع السّيد و لو اتفقا على الإنفاق و ادعت يساره و إنفاقه نفقة المعسر و أنكر اليسار لم يقبل قوله إلاّ ببيّنة إن علم له أصل مال و إلاّ قبل مع اليمين و لو واقعها [وافقها] على اليسار و ادعى نفقة الموسر و ادعت نفقة المعسر فالأقرب أنّ القول قولها مع اليمين و عدم البيّنة [- و -] النفقة يجب لزوجة العبد القن و المدبّر و المكاتب إذا كانت حرّة ممكّنة من نفسها دائما أو أمة مكّنه سيّدها منها دائما كما يجب على الحرّ المعسر سواء شرطت النفقة عليه حال العقد أو لا قال الشيخ وجب في كسب العبد إن كان ذا كسب و إلاّ في رقبته يباع منه كلّ يوم قدر نفقته فإن تعذّر بيع كلّه و وقف ثمنه على النفقة و قد انتقل ملك سيّده عنه إلى آخر و الأقرب عندي أنّ نفقته على سيّده فله أن يسافر به و على قول الشيخ ليس له ذلك إلاّ أن يضمن النفقة و لو طلّق العبد زوجته بائنا فلا نفقة لها و لو كانت حاملا قال الشيخ لا نفقة لها لأنّ النفقة للحمل ثمّ قال و لو قلنا إنّ عليه النفقة لعموم الأخبار في أنّ الحامل لها النفقة كان قويّا [- ز -] المكاتب المشروط نفقة زوجته في كسبه و كذا المطلق إذا تحرّر بعضه قال الشيخ و يكون نصيب الرقيّة نفقة المعسر و نصيب الحرّية بحسب حاله فيها قال و لا يجب على المكاتب نفقة ولده من زوجته و يلزمه نفقة الولد من أمته [- ح -] إذا كاتب عبده جاز للعبد شراء الرقيق لأنّ له تنمية المال فلو اشترى جارية لم يكن له وطيها إلاّ بإذن المولى فإن أذن كان مملوكا لأبيه و لا يعتق عليه و لا يجوز له بيعه و لا عتقه و نفقته عليه بخلاف ولد زوجته الحرّة أو الأمة قال الشيخ و نفقة ولد المكاتب من زوجته الحرة عليها و إن كانت مملوكة فعلى سيّدها و لو كانت مكاتبة لم يكن ولدها مكاتبا و الأليق بمذهبنا أنّه موقوف يعتق بعتق أمّه و نفقته على أمّه كما ينفق على نفسها ممّا في يدها و لو كانت مكاتبة لسيّده فكذا إلاّ أنّه إذا أجاز اختار المكاتب أن ينفق على ولده منها جاز

المطلب الثاني في نفقة الأقارب

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] إنّما يجب الإنفاق بالقرابة على الولد و إن نزل ذكرا كان أو أنثى و على الأب و إن علا و الأمّ و إن علت و لا يجب على أحد غير هؤلاء من أخ أو أخت أو عمّ أو عمّة سواء كان ممن ينفق عليه أو لا و سواء كان وارثا أو لا و سواء كان ذا رحم محرم كالأخ و أولاده و العمّ و الخال و الخالة أو غير ذي رحم نعم يستحب الإنفاق عليهم و يتأكّد في الوارث [- ب -] يشرط في وجوب الإنفاق على الأقارب الفقر فلا يجب النّفقة على الغني صغيرا كان أو كبيرا عاقلا كان أو مجنونا بخلاف الزّوجة فإنّها يجب مع الغنى و الفقر و الأقرب اشتراط العجز عن الاكتساب و لو كان قادرا على تحصيل الكفاية بالتكسّب سقط وجوب النفقة و لا يشترط النقص عن طريق الخلقة كالزمن و لا من طريق الحكم كالصغير و المجنون بل يجب الإنفاق على مستوي الخلقة البالغ العاقل مع عجزه عن التكسب و فقره [- ج -] يشترط في وجوب النفقة على المنفق قدرته فلو لم يتمكن إلاّ من قدر كفايته سقطت النفقة عنه و اقتصر على نفقة نفسه فإن فضل له شيء فلزوجته فإن فضل للأبوين و الأولاد و لو كان

ص: 49

عن قدر كفايته ما يمون به من يجب نفقته عليه من ذوي أرحامه جاز له أن ينكح و إن علم عجزه عن النفقة عليهم [- د -] لا يشترط في المنفق عليه الإيمان و لا العدالة فيجب النفقة على القريب و إن كان فاسقا أو كافرا مع الشرائط نعم يشترط الحرّية فلو كان مملوكا سقطت نفقته عنه و وجبت على مالكه و لو عجز المالك عن نفقته أو ماطل بها فالأقرب سقوطها عن القريب و ألزم بيعها أو النفقة [- ه -] يجب نفقة الولد على أبيه فإن عجز أو عدم فعلى أب الأب فإن عجز أو عدم فعلى جدّ الأب و هكذا فإن عدم الآباء أو عجزوا فعلى أمّ الولد فإن عجزت أو عدمت فعلى أبيها و أمّها و إن علوا الأقرب فالأقرب و لو تساووا اشتركوا في الإنفاق و لو أيسر الأقرب عادت النفقة إليه [- و -] إذا اجتمع الأب و الأمّ فالنفقة على الأب و كذا الجدّ مع الأقرب لا يتقسّط النفقة على الجدّ و الأمّ و الجدّ من قبل الأب و إن علا أولى بالإنفاق من الجدّ من قبل الأمّ و من الأمّ نفسها و لو اجتمع أبو أمّ و أمّ أمّ فهما سواء و كذا أمّ الأمّ و أمّ الأب أو أب الأمّ و أمّ الأب [- ز -] يجب النفقة على أب المنفق و أمّه إذا كان المنفق موسرا و هما معسران سواء كانا صحيحين أو لا أمّا إذا كانا قادرين على الاكتساب أو كان الولد فقيرا يعجز عن استفصال نفقتهما فإنّها لا تجب و كذا يجب النفقة على الأجداد الذكور و الإناث و الأبوين مع الحاجة و لا يجب على الولد إعفاف الأب و لا نفقة زوجته و لو كان الأب و الأمّ معسرين و لا يجد الولد سوى نفقة أحدهما تساويا و كذا أحد الأبوين مع الولد ذكرا كان أو أنثى أمّا لو كان له أب و جدّ معسران و عجز عن نفقتهما قدم الأقرب و كذا الجدّ و جدّ الأب و الابن و ابن الابن و لو كان له أب و ابن موسران كانت نفقته عليهما بالسواء و كذا لو كان له أمّ و بنت موسرتان أو ابن و بنت كذلك و لو كان له أب و جدّ موسران كانت نفقته أجمع على أبيه خاصّة و لو كان له ابن ابن موسر و بنت موسرة فنفقته على البنت خاصّة و لو كان للمعسر ابنان موسران أحدهما غائب أنفق الحاكم من مال الغائب نصف النفقة و لو لم يكن له مال استقرض الحاكم عليه و لو لم يجد المقرض ألزم الحاضر بالإنفاق نصفها عليه و نصفها قرضا على أخيه [- ح -] لا تقدير في النفقة بل الواجب قدر الكفاية من الإطعام و الكسوة و المسكن و ما يحتاج إليه من زيادة الكسوة في الشتاء للتّدثر يقظة و نوما و ينفق على أبيه دون أولاده لأنّ نفقة الإخوة ليست واجبة و ينفق على ولد نفسه و أولاده لأنّ نفقة ولد الولد واجبة [- ط -] نفقة الأقارب تجب على طريق المواساة لسدّ الخلّة فلو امتنع الموسر من الإنفاق جاز لمن يجب له النفقة منهم أخذ ما يحتاج إليه من ماله إن لم يتمكّن من الحاكم و لو تمكّن منه دفع أمره إليه و ألزمه الإنفاق فإن امتنع حبسه أبدا حتّى ينفق و لو وجد له مالا أنفق منه و يبيع عليه عقاره و متاعه و يصرفه في النفقة و لا يقضي نفقة الأقارب إذا فات وقتها بخلاف الزوجة لأنّها تجب لسدّ الخلّة فلا تستقرّ في الذّمة سواء قدّرها الحاكم أو لا أمّا لو أمره بالاستدانة عليه للنفقة فاستدان وجب عليه القضاء [- ى -] يجب نفقة الأقارب على الموسر و هو الذي فضل له عن قوت يومه شيء و يباع عقاره و عبده في نفقة الأقارب و لو قدّر على التكسّب وجب عليه الإنفاق

المطلب الثّالث في نفقة المماليك

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] يجب على الإنسان النفقة على ما يملكه من عبد أو أمة أو دابة ثمّ المولى بالخيار في العبد و الأمة بين الإنفاق عليهما من ماله أو من كسبهما و لو قصر كسبهما وجب على المولى الإكمال [- ب -] لا تقدير للنفقة على الرّقيق بل يجب قدر الكفاية من إطعام و إدام و كسوة و سكنى على حسب عادة مماليك أمثال السيّد من أهل بلده و لا اعتبار بالغالب فلو قصر الغالب عن كفايته وجب على السيّد الإتمام و لو فضل الغالب عنه كان الواجب قدر الكفاية خاصّة و يرجع في الجنس إلى غالب قوت البلد سواء كان قوت سيّده أو فوقه أو دونه [- ج -] لا فرق بين المملوك الذي يلي طعام السيّد و غيره لكن يستحبّ للسيّد أن يطعمه ما يقدّمه إليه و أن يجلسه للأكل معه و ليس واجبا و كذا يستحبّ له أن يطعم من لم يل طعامه منه لكنّ الأوّل آكد [- د -] الكسوة يرجع فيها إلى عادة مماليك أمثال سيّده و لا يقتصر على ستر العورة و يستحب التسوية بين عبيده الذكور فيها و لا يجب تفضيل النفيس على الخسيس و كذا الإماء لكن إن كان فيهن سريّة زادها في الكسوة استحبابا [- ه -] لو امتنع السيّد من الإنفاق أجبر عليه أو على البيع سواء في ذلك القنّ و المدبّر و أمّ الولد و لو امتنع حبسه الحاكم و يجوز له أن ينفق من ماله على مماليكه قدر كفايتهم و أن يبيع عقاره و متاعه مع الامتناع في ذلك [- و -] يجوز أن يخارج المملوك و هو أن يضرب عليه ضربة يدفعها إلى مولاه و يكون الفاضل له فإن فضل قدر الكفاية صرفه في نفقته و إن عجز تمّم السيّد و إن زاد كانت الزيادة للمولى و لا يجوز له أن يضرب عليه ما يقصر كسبه عنه إلاّ إذا قام بها المولى و لو عجز العبد عن العمل أو كان مريضا وجب على المولى الإنفاق عليه و لا يسقط نفقته بالعجز عن التكسب أمّا لو أقعد أو أعمى أو جذم فإنّه ينعتق و لا يجب على المولى النفقة عليه حينئذ [- ز -] لا يجوز للمولى أن يكلّف عبده ما لا يقدر عليه من العمل و يجوز له أن يوجر أمّ الولد للإرضاع و عليه مئونة ولدها إذا كان ملكه و لو لم يفضل لبنها عن رضاع ولدها لم يجز له إجارتها للرضاع و لا صرف لبنها إلى غير ولدها إلاّ أن يقيم للولد مرضعة تكفيه و ليس لها فطام ولدها قبل الحولين و لا الزيادة إلاّ بإذن السيّد [- ح -] لو امتنع العبد من المخارجة فالوجه أنّ للسيّد إجباره على ذلك ما لم يتجاوز بذل

ص: 50

المجهود و قال الشيخ رحمه اللّٰه ليس للسيّد ذلك و لو طلب العبد المخارجة لم يجب على المولى إجابته [- ط -] يجب النفقة للبهائم لسلوكه سواء كانت مأكولة أو لا و الواجب القيام بما يحتاج إليه و إن اجتزأت بالرعي أخرجها إلى المرعى و إلاّ وجب عليه علفها فإن امتنع أجبر على بيعها أو ذبحها إن كانت يقصد للذّبح أو الإنفاق عليها و لو كان لها ولد أخذ من لبنها ما يفضل عنه و لو لم يفضل لم يجز أخذ شيء من لبنها و لو استغنى الولد الرعي أو العلف جاز أخذ اللبن أجمع و يجوز غصب العلف و الخيط لجراح الدابة عند العجز و لو أجدبت الأرض وجب علف السائمة و لو امتنع بيعت عليه و لا يجب عمارة العقار و الدار أمّا سقي الزرع و ما يتلف بترك العمل فالأقرب إلزامه بالعمل من حيث إنّه تضييع للمال فلا يقرّ عليه تم الجزء الثاني من كتاب تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية بسم اللّٰه الرّحمن الرّحيم

القاعدة الثالثة في الإيقاعات

اشارة

و فيها كتب

كتاب الفراق

اشارة

و فيه مقاصد

المقصد الأوّل في الطلاق
اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل في أركانه و شرائطه
اشارة

و أركانه ثلاثة الفاعل و الفعل و المحلّ فهاهنا مطالب أربعة

الأوّل المطلّق

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] يشترط في المطلّق التكليف و القصد و يشتمل التكليف على البلوغ و العقل و الاختيار فلو طلّق الشيء لم يقع سواء كان أذن له الوليّ أو لا هذا إذا كان سنّه أقل من عشر سنين أو أكثر دون البلوغ إذا لم يحسن الطّلاق و لو بلغ عشرا و كان ممّن يحسن الطلاق قال الشيخ يقع طلاقه و كذا عتقه و وصيّته و صدقته و منع ابن إدريس ذلك و هو الأقوى و ليس للوليّ أن يطلّق عن الصّبي حتّى يبلغ و يطلّق بنفسه [- ب -] المجنون المطبق لا اعتبار بطلاقه و كذا غير المطبق إذا وقع طلاقه حال جنونه و يطلّق عنه الوليّ و لو لم يكن له وليّ طلّق عنه السلطان أو من نصبه للنّظر في ذلك مع حاجة إلى ذلك و قال ابن إدريس إن كان يعقل في بعض الأوقات طلّق وقت حضور عقله و إن لم يعقل أصلا فسخت المرأة النكاح و لا حاجة إلى طلاق الوليّ فمنع لهذا العذر و هو فاسد إذ قد تختار المرأة النكاح و المصلحة على عدمه و لذا إذا بلغ الطفل فاسد العقل فإنّ للوليّ أن يطلق عنه [- ج -] النائم لا يقع طلاقه و كذا السّكران و من زال عقله بإغماء أو شرب مرقد سواء كان لحاجة أو ليذهب عقله و ليس للوليّ أن يطلّق عن هؤلاء لأنّ عذرهم متوقّع للزوال [- د -] المكره لا يقع طلاقه و لا شيء من تصرّفاته سوى إسلامه إذا كان حربيّا و إنّما يتحقّق الإكراه إذا كان المكره قادرا على فعل ما توعّد به و غلبته الظن أنّه يفعله مع امتناع المكره و أن يكون المتوعّد به مضرّا بالمكره في نفسه أو من يجري مجرى نفسه كالأب و الولد سواء كان الضّرر قتلا أو جرحا أو شتما أو ضربا أو أخذ مال أو حبس طويل و يختلف باختلاف المكرهين في احتمال الإهانة و الإكراه مع الضرر اليسير و لو كان الإكراه بالقتل أو القطع استوى فيه جميع الناس و لو كان بالضرب و الشتم و الحبس اختلف باختلاف أحوالهم فالشتم عند الوجيه الذي يغض منه ذلك إكراه و لو أكره على الطّلاق أو دفع مال غير مستحقّ يتمكّن من دفعه فالأقرب أنّه إكراه أمّا لو أكره على الطلاق أو فعل ما يستحقّ المرأة فعله فليس بإكراه سواء كان بذل مال أو غيره و لو أكره على الطلاق فطلّق ناويا له فالأقرب أنّه غير مكره إذ لا إكراه على القصد و كذا لو أكره على طلاق زوجة فطلق غيرها أو على واحدة فطلّق ثلاثا و لو أكره على طلاق إحدى زوجيته فطلّق معيّنة فإشكال [- ه -] القصد شرط في الطلاق فلو نطق بالصّيغة ساهيا أو نائما أو غالطا و بالجملة من غير نيّة لم يقع و كذا لو كان اسم زوجته طالقا فقال يا طالق و نوى النداء أو أطلق أو كان اسمها طارقا فقال يا طالق ثم قال التفت لساني و لو نسي أنّ له زوجة فقال زوجتي طالق لم يقع و لو أوقع و قال لم أقصد دين نيّته [بنيّته] و قبل منه ظاهرا و لو تأخّر تفسيره ما لم يخرج العدّة و لو أوقع الصيغة هزلا لم يقع و كذا العتق و لو خاطب امرأة بالطلاق ظنّا أنّها زوجة الغير فإذا هي زوجته لم يقع و لو لقّن الأعجميّ لفظ الطلاق و هو لا يفهم لم يقع [- و -] لا يشترط وقوع الطلاق من الزوج مباشرة فلو وكّل في الطلاق فأوقع الوكيل حال غيبة الموكّل وقع الطلاق إجماعا سواء كان الوكيل رجلا أو امرأة و لو وكّل اثنين و أطلق أو شرط الإجماع لم يقع طلاق أحدهما منفردا فإذا اجتمعا عليه وقع و لو أوقعه الوكيل و هو حاضر قال الشيخ لا يقع و الصّحيح عندي خلافه و كذا قال لا يصحّ لو وكّلها في طلاق نفسها فطلّقت و الحق وقوعه فلو قال طلّقي نفسك ثلاثا فطلّقت واحدة قيل يبطل و الوجه أنّها يقع واحدة و كذا لو قال طلّقي نفسك واحدة فطلّقت ثلاثا أمّا لو قال طلّقي نفسك إن شئت واحدة فطلقت ثلاثا أو طلّقي نفسك إن شئت ثلاثا فطلّقت واحدة

ص: 51

فالوجه البطلان لأنّه شرط مشيّة الواحدة أو الثلاث و لم يحصل [- ز -] و العبد إن تزوّج بإذن مولاه حرّة أو أمة لغيره كان الطلاق بيد العبد ليس للمولى إجباره عليه و لا منعه و لو كان بأمة السيّد كان له أن يفرّق بينهما بطلاق و غيره بأن يأمر كلّ منهما باعتزال صاحبه و قال ابن الجنيد طلاق العبد إلى مولاه سواء كانت الزوجة حرّة أو أمة لسيّده أو غير سيّده

المطلب الثاني المحلّ

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] محلّ الطلاق كلّ امرأة عليها ولاية تامّة بعقد صحيح دائم فلا يقع الطلاق بالرجل سواء قالت هي أنت طالق أو قال هو أنا منك طالق و إن نوى و لا بالأجنبيّة سواء علّقه بالنكاح أو لا و سواء كانت معيّنة بأن يقول إن تزوّجتك فأنت طالق أو أنت طالق أو غير معيّنة كان يقول كلّ من أتزوّجها فهي طالق و سواء علّقه بالاسم خاصّة كقوله فلانة طالق أو مع قصد الوصف كقوله فلانة الأجنبيّة و لا ينقص العدد لو نكحها و عنينا بتمام الولاية استمرار العقد فلو طلّق المطلّقة منه لم يقع سواء كانت مطلّقة رجعيّة أو بائنة ما لم يرجع في الرجعيّة ثمّ يطلّق فيصادف التمام و شرطنا العقد لعدم وقوعه بالأمة و المحلّلة و المشتبهة و شرطنا صحّة العقد لعدم قبول عقد الشبهة له و العقد الفاسد فلو طلّق في عقد فاسد لم يصحّ بل يفرّق بينهما بغير طلاق و شرطنا دوامه لانتفاء قابلية عن المتعة و يشترط فيه إضافة الطلاق إليها [- ب -] الخلوّ من الحيض و النفاس شرط في صحّة الطلاق إن كانت المرأة مدخولا بها حائلا حاضرا زوجها غير غائب عنها مدّة يعلم انتقالها من قرء إلى آخر فلو طلّق الحائض أو النفساء و هي مدخول بها غير حامل و الزوج حاضر معها أو غائب دون المدّة لم يقع الطلاق سوى علم بذلك أو لا و لو طلّق غير المدخول بها أو الحامل أو التي غاب عنها قدرا يعلم انتقالها فيه من طهر إلى آخر جاز طلاقها مطلقا و إن اتفق في الحيض و كذا لو خرج في طهر لم يقربها فيه جاز طلاقها مطلقا و اعتبر الشيخ في الغيبة شهرا فما زاد و المعتمد ما قلنا حتى أنّه لو علم أنّها تحيض كلّ شهر حيضة جاز له طلاقها بعد شهر و لو علم أنّها لا تحيض إلاّ في كلّ خمسة أشهر مثلا لم يكن له طلاقها حتّى يمضي هذه المدة و لو عاد من غيبته فوجد امرأته حائضا لم يجز له طلاقها حتّى تطهر و إن لم يكن واقعها [- ج -] قال الشيخ رحمه اللّٰه إذا كان الزوج حاضرا و هو لا يصل إلى زوجته بحيث يعلم حيضها فهو بمنزلة الغائب فإذا أراد طلاق امرأته صبر عليها ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر ثمّ يطلّقها إن شاء و منع ابن إدريس ذلك و خصّص جواز طلاق الحائض الحائل المدخول بها بالغائب خاصّة [- د -] يشترط كون المرأة مستبرأة بأن يطلّقها في طهر لم يقربها فيه بجماع فلو واقعها في طهر لم يقع طلاقه في ذلك الطهر و هذا الشرط إنّما هو في البالغة غير اليائسة الحائل فلو كانت صغيرة لم تبلغ المحيض أو كانت آيسة منه و مثلها لا تحيض أو كانت حاملا جاز طلاقها في طهر المواقعة لو كانت مستبرأة بأن ينقطع الدم عنها و هي من ذوات الحيض فإنّه لا يجوز له طلاقها إلاّ أن يمضي عليها ثلاثة أشهر من حين المواقعة معتزلا عنها فيها و لو طلّقها قبل ذلك لم يقع [- ه -] هل يشترط تعيين المطلّقة أم لا قولان أقواهما الاشتراط فلو طلّق إحداهما لا يعينها بطل و لا تطلقان معا و هو يكون بالاسم كقوله فلانة طالق أو بالإشارة كقوله هذه و لو قال زوجتي طالق و له واحدة صحّ و لو كان له أكثر فإن نوى معيّنة صحّ إجماعا ما نواه و ديّن بنيته و إن أطلق فعلى ما اخترناه البطلان و على الآخر يصحّ و يستخرج بالقرعة و كذا لو قال واحدة من زوجاتي أو زينب و له اثنان كلّ منها زينب أو إحداكما و لو قال هذه طالق أو هذه قال الشيخ تعيّن للطلاق من شاء و لو قال هذه طالق أو هذه و هذه طلقت الثالثة و عين من شاء من الأولى و الثانية و لو مات استخرج الواحد بالقرعة و يحتمل على الجواز تعيّن الأولى خاصّة أو الآخرتين معا و لو قال إحداهما طالق و أشار إلى الزوجة و الأجنبيّة ثمّ قال أردت الأجنبيّة دين بنيته و كذا لو كان له جارة و زوجة اسمهما زينب و قال زينب طلق و قال قصدت الجارة و لو قال للأجنبيّة ظنّا أنّها زوجته أنت طالق لم تطلّق زوجته و لو قال يا زينب فأجابته عمرة و هما زوجتان فقال أنت طالق طلقت المنوية لا المجيبة و لو قصد المجيبة ظنّا أنّها زينب قال الشيخ تطلّق زينب و فيه نظر من حيث عدم قصد المجيبة و توجّه الخطاب إلى غير المنويّة و لو قال زينب طالق و زوجته زينب ثمّ قال قصدت هذه الأجنبيّة قال الشيخ قبل قوله ما دامت في الحبال أو في العدّة و بعد خروجها من العدّة لا يقبل [- و -] لو نادى إحدى زوجتيه فأجابته و لم يعلم عينها فقال أنت طالق و قصد المجيبة وقع الطلاق و كذا لو رءاها تحت ساتر و لم يعلم عينها أو رأى ظهرها و لم يعيّنها فطلّقها لأنّ المطلّقة هنا معينة في نفسها فإذا طلّق كذلك أو طلّق واحدة معيّنة و اشتبهت كلّف الامتناع ممّن وقع الاشتباه فيه و إن كنّ أربعا كما لو اختلطت زوجته بأخته و اشتبهتا و عليه أن يبيّن المطلّقة بيان إقرار واجبا و لا بيان شهوة و اختيار فإن قال هذه المطلّقة حكم بطلاقها و بزوجيّة البواقي و كذا لو قال هذه التي لم أطلّقها تعينت للزّوجية و الأخرى للطلاق إن كانتا اثنتين و إلاّ يبيّن البواقي و لو قال طلّقت هذه لا بل هذه حكم بطلاقهما معا و كذا لو كانت ثالثة و قال لا بل هذه طلّقن و لو قال طلّقت هذه لا بل هذه أو هذه حكم بطلاق الأولى و إحدى الآخرتين و يلزم إلى البيان فيهما و كذا لو قال طلّقت هذه أو هذه لا بل هذه طلّقت الثالثة و بيّن في الأوّلتين و لو قال في الأربع

ص: 52

طلّقت هذه أو هذه لا بل هذه أو هذه طلّقت واحدة من الأوّلتين و واحدة من الآخرين فعليه أن يبيّن في الأوليين و الأخريين و لو عين فوطئ واحدة منهما قال الشيخ لم يقع التعيين لأنّ الطلاق لا يقع بالفعل و كذا تعيينه و فيه نظر قال فيكلف البيان فإن قال الموطوءة غير المطلّقة حكم فيه عليها بطلاق الأخرى و إن قال هي الزّوجة و كان الطلاق رجعيّا كان رجعية و إلاّ عزّر و لا حدّ للشبهة قال و لا مهر و الطلاق و العدّة من حين الإيقاع الطلاق لا من حين الإقرار به إلاّ مع الوطي فالعدّة من حين الوطي [- ز -] إذا أطلق الطلاق و لم يعيّن فقد بيّنا أنّ الأقوى بطلاقه و قيل يصحّ و يعيّن اختيار الإقرار على الفور فلو أخّر أثم فإن قال اخترت تعينه في هذه طلّقت و بقيت الأخرى زوجته و لو قال في هذه لا بل في هذه طلقت الأولى خاصّة و كذا لو قال في هذه و هذه و الوطي هنا بيان و قوّى الشيخ أنّ العدّة من حين التلفّظ بالطلاق لا من حين التعيين و الأقوى عندي أنّه من حين التعيين و هو تخريج و عليه النفقة في الأولى و الثانية حتّى يبيّن إقرارا أو اختيارا [- ح -] إذا ماتتا و اشتبه الطلاق بعد تعيّنه كلّف البيان إقرارا و وقف تركتهما فإذا عيّن للطلاق إحداهما كان ميراثها لغيره دونه إلاّ أن تموت في عدّة الرجعيّة و يأخذ نصيبه من الثانية و القول قوله مع تكذيب الوارث و إن كان مبهما فعلى قولنا يرثهما لبطلانه و على الصّحة إذا عيّنه في إحداهما كان ميراثها لورثتها غيره و له ميراث الأخرى و لا اعتبار هنا بتكذيب الورثة لأنّه بيان اختيار و شهوة و لو مات هو دونهما من غير بيان وقف نصيب الزوجة حتّى يصطلحا أو يقوم البيّنة قال الشيخ و الأقوى أنّه لا يقوم الوارث مقامه في التعيين للمعيّن المشتبه و للمبهم قال و ينبغي أن يرجع إلى القرعة و لو توسّط موته بين موتهما و كان الطلاق بائنا معيّنا فإن عيّن الوارث الأولى للطلاق قبل قوله و لو عيّن الثانية احتمل عدم القبول للتهمة فيوقف له ميراث زوج من الأولى و للثانية من تركته من ميراث زوجته حتى يقوم أو يصطلح الورثة و فيحلف على نفي العلم بالطلاق الأول و القطع على طلاق الثانية [- ط -] إذا أبهم الطلاق و ماتت إحداهما لم يتعيّن الأخرى له و كان إليه التعين على القول بالصحّة و لو كان له أربع زوجات فقال زوجتي طالق و لم يعيّن لم يطلّق الجميع و لا يحمل على الجنس و لو أراده احتمل طلاقهنّ فإن قلنا التعيين شرط بطل مع عدم الإرادة و إلاّ كان إليه التعيين [- ى -] لا بدّ من استناد الطلاق إلى الجملة فلو قال يدك أو رجلك أو شعرك أو قلبك و رأسك أو نصفك أو ثلثاك أو وجهك طالق لم يقع

المطلب الثالث الصيغة

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] صريح الطلاق عندنا لفظة واحدة هي قوله أنت أو هذه أو فلانة أو غيرها من ألفاظ التعيين طالق و زاد ابن الجنيد اعتدى و به روايتان حسنتان يشرط أن ينوي به الطّلاق و لو خيّرها و قصد الطلاق فإن اختارت زوجها أو سكتت و لو لحظة فلا حكم له و إن اختارت نفسها عقيب التخيير قال ابن الجنيد يقع الطلاق رجعيّا و في رواية زرارة عن أحدهما عليه السّلام أنّه بائنة و كذا في رواية حمران عن الباقر عليه السّلام و الأقرب أنّه لا يقع به شيء [- ب -] لا يقع الطلاق بشيء من الكنايات كقوله أنت مقليّة أو بريئة أو بتّة أو بتلة أو الحقي بأهلك أو حبلك على غاربك أو أنت بائن أو حرام سواء نوى به الطلاق أو لا و كذا لو قال هل فارقت أو خليت أو أبنت فقالت نعم و لا يقع شيء لو اعتقد الطلاق و لم يتلفّظ به [- ج -] لو قال أنت طلاق أو الطلاق أو من المطلقات لم يكن شيئا و إن نواه و لو قال مطلّقة قال الشيخ الأقوى وقوعه مع البيّنة قال و لو قال طلّقتك وقع و لو سئل هل طلّقت فلانة فقال نعم قال وقع و عندي فيه نظر [- د -] لو نطق بالصريح بغير العربيّة مع العجز عن النطق بالعربيّة وقع و لا يقع مع القدرة و كذا لا يقع بالإشارة إلاّ مع العجز عن النطق و كذا الأخرس يطلّق بالإشارة و لو كتب الطلاق مع القدرة لم يقع سواء كان حاضرا أو غائبا و قال الشيخ يقع في الغائب و ليس بجيّد و لو عجز فكتب الصيغة ناويا وقع و لو أمر غيره أن يكتب أن فلانة طالق لم يقع بالأمر فإن طلق قولا ثمّ أمره وقع بالإيقاع [- ه -] يشترط في الصّيغة النيّة فلو تلفّظ بالصريح من غير نيّة لم يقع و يدين في ذلك لو قال لم أنو و تجريدها عن الشرط و الصّفة و هل يشترط الواحدة قيل نعم فلو قال أنت طالق ثلاثا فما زاد أو اثنتين لم يقع و قيل لا يشترط و يقع واحدة و يلغو الزائد و لا خلاف عندنا في أنّه لا يقع ما زاد على واحدة و كذا يشترط عدم تبعيض الطّلقة فلو قال أنت طالق نصف طلقة أو ثلث طلقة أو ثلثي طلقة أو ثلاثة أرباع طلقة لم يقع و لو قال أنت طالق نصفي طلقة أو ثلاثة أثلث طلقة أو ثلاثة أنصاف طلقة قال الشيخ لا يقع شيء و كذا لو قال نصف طلقتين أو ثلثا و لو قال لا ربع زوجاته أو وقعت بينكن طلقة لم يقع شيء و كذا طلقتين أو ثلاثا و لو قال أوقعت أربع طلقات قال الشيخ يقع بكلّ واحدة طلقة و نحن نتابعه و إن قصد الإخبار بمعنى الحكم عليه لا بمعنى الإنشاء [- و -] لو قال أنت طالق واحدة في اثنين طلّقت واحدة و إن كان عارفا بالحساب و لو قال أنت طالق واحدة بعدها واحدة وقعت واحدة قال الشيخ و لو قال أنت طالق طلقة قبلها طلقة وقعت طلقة لقوله أنت طالق و يلغو الزائد و كذا لو قال بعدها أو معها و لو قال أنت طالق طالق طلقت واحدة سواء كانت مدخولا بها أو لا و لو كان المطلّق مخالفا يعتقد وقوع الثلاث حكم عليه بما يعتقده و كذا لو قال المخالف أنت طالق ثلاثا [- ز -] لو قال أنت طالق أعدل طلاق أو أكمله أو أحسنه أو أقبحه أو بمكّة أو الحجاز أو الدنيا أو لرضى فلان و قصد الغرض أو أن دخلت الدار بفتح أن أو بتشديدها مع الكسر أو بالتخفيف مع الواو وقعت

ص: 53

واحدة و لو قصد الشرط في لرضى فلان لم يقع و لو قال أنت طالق و قال أردت أن أقول طاهر قبل منه و دين بنية [- ح -] لو حلف بالطلاق لم يقع و كذا لو علّقه بشرط سواء كان معلوما أو مجهولا و كذا لو علّقه بمشيّة اللّٰه تعالى سواء قال أنت طالق إن شاء اللّٰه أو إلاّ أن يشاء اللّٰه أو متى شاء اللّٰه أو إذا شاء اللّٰه أو ما شاء اللّٰه و كذا إن شاء زيد و إن لم يشأ أو إلاّ أن يشاء سواء قال زيد قد شئت أو لا و إن طلعت الشمس أو عند طلوعها أو عند هلال شوال أو إن كان الطلاق يقع بك سواء علم بإمكان وقوع الطلاق بها أو لا و لو قال أنت طالق إذا [إن] شاء اللّٰه فالأقرب وقوعه و لو قال أنت طالق في مكّة أو بمكّة وقع لأنّ وقوعه يستلزم تحقّقه في كل مكان و لو قال أردت إذا كنت بمكّة قبل منه و بطل الشرط [- ط -] من ليس من ذوات الحيض لصغر أو كبر و الحامل و غير المدخول بها ليس لطلاقها سنّة و لا بدعة بل يقع مباحا و البدعة طلاق الحائض مع الدخول و الحضور أو في حكمه و الموطوءة في طهر الطلاق و هو غير واقع عندنا و مع انتفاء الوصفين يكون طلاق السنّة فإذا طلق الأولى لا بالبدعة و لا بالسنة أو طلّقها لإحداهما طلقت واحدة و لغت الضميمة و لو قصد مع البدعة في الصّغيرة وقوعه زمانها لم يقع تديينا له بالنيّة و كذا لو أطلق أنت طالق ثمّ قال نويت إن دخلت الدار قبل و في الثانية إذا قال للسنّة وقع مع الخلو من الحيض و الجماع لا مع واحد منهما و لو قال للبدعة لم يقع سواء خلت عن وصفي الجماع و الحيض أو لا و لو قال مع الخلوّ منهما أنت طالق طلقتين واحدة للسنّة و أخرى للبدعة وقعت واحدة و لو قال أنت طالق في كلّ قرء طلقة طلّقت واحدة سواء كانت حاملا أو صغيرة أو يائسة أو من ذوات الحيض مدخولا بها و لا مع الشرائط [- ى -] لو قال يا مائة طالق أو أنت مائة طالق قال الشيخ وقعت واحدة و فيه نظر أمّا لو قال أنت طالق مائة طلقة صحّت واحدة قطعا و لو قال أنت طالق طلاق الجرح فإن نوى طلاق البدعة لم يقع و إن نوى غيره و احتمل مجامعته للطلاق وقع و إلاّ فلا و لو سألته واحدة الطّلاق فقال نسائي طوالق فإن قصد السائلة أو غيرها أو الجميع عمل بقصده و لو قال أنت طالق لو لا أبوك لطلّقتك لم يطلّق لأنّه قصد الحلف فصار كقوله و اللّٰه لو لا أبوك لطلّقتك [- يا -] إذا قال أنت طالق ثلاثا إلاّ ثلاثا وقعت واحدة و كذا أنت طالق طلقة إلاّ طلقة أو أنت طالق غير طالق و لو نوى هنا الرّجعة صحّ لأنّ إنكار الطّلاق رجعة و لو أراد النقص حكم بالطّلقة و لو قال زينب طالق ثم قال أردت عمرة قبل و لو قال بل عمرة قال الشيخ طلقتا و فيه نظر أمّا لو قال بل عمرة طالق فإنّها تطلّقان [- يب -] لو قال أنت طالق الآن أو اليوم وقع و لو قال أنت طالق غدا لم يقع و لو قال اليوم و غدا وقعت طلقته و لو قال أنت طالق ثلاثا يا زائنة إن شاء اللّٰه أو إن دخلت الدار رجع الاستثناء و الصفة إلى الطّلاق و لو قال يا طالق أنت طالق ثلاثا إن شاء اللّٰه وقعت واحدة بقوله يا طالق و لو قال أنت طالق إلى شهر لم يقع في الحال و لا بعد أشهر و اللام فيما ينظر للتأقيت فيلغو كقوله أنت طالق لرمضان و في غيره للتعليل كقوله لرضا فلان فتطلّق في الحال و إن سخط فلان و لو قال هنا أردت الباقية قبل و لغا

المطلب الرّابع في الشرائط

و هي يرجع إلى شرائط المطلق و الطّلاق و المطلّقة و قد ذكرنا شرائط ذلك و قد يرجع إلى غيرها و هي الشهادة فعندنا أنّ الطلاق لا يقع إلاّ بحضور شاهدين عدلين يسمعان الإنشاء سواء قال لهما اشهدا أو لا فلو تلفّظ بالطلاق من دون سماعهما كان لغوا و كذا يلغو مع سماع العدل الواحد أو سماع جماعة فسّاق أو مجهولي الحال و لا يقبل شهادة النساء منضمّات و لا متفرّدات و لا بدّ من اجتماعهما في الإنشاء و لو شهد كلّ في مجلس بانفراده لم يقع و لا يقبل لو شهد أحدهما بالإقرار و الآخر بالإنشاء و لو شهدا بالإقرار سمعت و إن تفرّقا و لو أوقع من غير شهادة ثمّ أشهد فإن أتى بالإنشاء وقع من حين الإشهاد و إلاّ كان لغوا و لو أوقع الوكيل بحضور الزوج و عدل فالأقرب وقوعه و لا يثبت بهما و لو أوقعه بحضور عدلين ظاهرا فعلم الزّوج فسقهما ففي وقوعه نظر و لو لم يعلم الزوج فسقهما ففي وقوعه بالنسبة إلى الشاهدين نظر

الفصل الثاني في أقسامه

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] الطّلاق قسمان بدعة غير واقع و هو طلاق الحائض أو النفساء المدخول بها مع حضور الزّوج أو غيبته دون المدّة المشترطة و الموطوءة في طهر الطلاق و المستدخلة نطفة إلى فرجها و لو ظهر حملها لم يكن بدعيّا و المطلّقة ثلاثا بغير رجوع بينهما و يقع في الأخير واحدة على الأقوى و سنّة و هو بائن و رجعيّ فالأوّل ما لا رجعة فيه و هو طلاق غير المدخول بها و المبائنة من الحيض و مثلها لا تحيض و غير البالغة و المختلعة و المبارئة ما لم ترجعا في البذل و المطلّقة ثلاثا برجعتين بينها إن كانت برجعة بينهما إن كانت أمة و الرجعي ما للزوج المراجعة فيه و إن لم يرجع فإن راجع في العدّة و واقع و طلّقها في طهر آخر ثمّ راجعها في العدّة و وطئها و طلّقها في طهر آخر كان طلاق العدة و حرّمت حتّى تنكح زوجا غيره فإذا عادت إليه بعد فراق أو موت و طلّق ثلاثا كالأوّل حرّمت حتّى تنكح غيره فإذا عادت بعد فراق أو موت و طلّق ثلاثا للعدة حرمت أبدا في التاسعة و لا يحرم من المطلقات مؤبّدا غير هذه و لو تجرّد هذا الطلاق من الوطي أو راجع بعد العدّة بعقد جديد لم يكن طلاق العدة أمّا لو راجع في المختلعة بعد رجوعها في البدل و وطئها فالأقرب أنّه طلاق العدّة و لو تزوّجها في العدّة بعقد جديد فالوجه أنّه ليس طلاق عدّة [- ب -] لو طلّقها رجعيا ثمّ

ص: 54

راجعها في العدّة و طلّقها من غير مواقعة في طهر آخر فالأصحّ وقوعه و ليس طلاق عدّة فإن راجعها في العدّة و طلّقها في طهر آخر من غير مواقعة حرمت حتّى تنكح زوجا غيره و لا تحرم في التاسعة مؤبّدا أمّا لو طلّقها في طهر المراجعة من غير وطي فالأقرب صحّته فإن راجعها في ذلك الطهر ثمّ طلّقها فيه من غير وطي حرمت حتّى تنكح زوجا غيره سواء كان المجلس واحدا أو تعدّد و لو طلّقها ثمّ لمسها بشهوة ثمّ طلّقها ثمّ لمسها بشهوة من غير وطي ثمّ طلّقها حرّمت حتّى تنكح زوجا غيره [آخر] و لو وطئ لم يجز الطلاق إلاّ في طهر آخر إذا كانت المطلّقة يشترط فيها الاستبراء [- ج -] كلّ امرأة استكملت الطلاق ثلاثا حرّمت حتّى تنكح زوجا غيره سواء كانت مدخولا بها أو لا رجعها أو لا و لو طلّقها فخرجت من العدّة ثم عقد عليها و طلّقها فخرجت العدّة ثمّ تزوّجها و طلّقها ثالثة حرمت حتّى تنكح زوجا غيره فإذا فارقها حلّت للأوّل و لا يهدم العدّة تحريمها في الثالثة و لو طلّق الحامل و راجعها جاز له وطيها و طلاقها ثانية في ذلك الطهر أو الحيض للعدّة قيل و لا يجوز للسنّة [- د -] و لو شكّ هل أوقع طلاقا أو لا لم يلزمه الطلاق و لو تيقّنه و شكّ في عدده عمل على الواحدة و لو طلّق غائبا ثمّ حضر و دخل بالزّوجة ثمّ ادّعاه لم يلتفت إلى بيّنته و يلحق به الولد المتجدّد [- ه -] يصبر الغائب المطلّق عن تزويج رابعة أو أخت للمطلقة تسعة أشهر لاحتمال الحبل و لو علم خلوّها منه اكتفى بالعدّة [- و -] ينقسم الطلاق إلى واجب هو طلاق المولى لوجوبه عليه أو الفيء أيّهما فعل كان واجبا و محظور و هو طلاق البدعة و مندوب هو طلاق المشاقة المسنونة و مكروه مع التيام الأخلاق و من النكاح حرام في العدّة و الردّة و الإحرام و مستحبّ مع الحاجة و المكنة و مكروه مع عدمهما قال الشيخ يستحبّ ألاّ يتزوّج أكثر من واحدة [- ز -] لو حملت من زنى أو شبهة كان حكمها حكم الحامل منه في طلاقها مع الوطي و الحيض

الفصل الثالث في طلاق المريض

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] يكره للمريض الطّلاق فإن طلّق صحّ و يتوارثان إن كان رجعيّا في العدّة و لا يرثها في البائن فيها و لا بعدها و ترثه هي في البائن و الرجعي ما بين الطلاق إلى سنة ما لم يتزوّج بغيره أو يبرأ من مرضه فلو برأ ثمّ مرض و مات في أثناء السنّة أو تزوّجت بغيره فيها أو مات بعد السنة بلحظة لم ترثه إلاّ في العدة الرجعيّة [- ب -] لو طلّق أربعا في مرضه ثمّ تزوّج أربعا و دخل بهنّ و مات في السنة ورث الثمن أو الربع المطلقات و الزوجات الثمان بالسّوية [- ج -] لو كان الفسخ من المرأة المريضة إمّا بأن تعتق تحت الزوج أو بأن يكون الزوج ذا عيب لم يتوارثا في العدّة و لا بعدها سواء ماتت في ذلك المرض أو لا و لو فسخ المريض لعيب و لاعنها لم ترثه [- د -] لو طلق الأمة فأعتقت في العدة الرجعيّة ورثته و لو خرجت العدّة أو كان الطلاق بائنا لم ترثه لانتفاء الشبهة على إشكال و كذا لو أسلمت الكتابية بعد الطلاق و لو طلّقها بائنا قبل علمه بعتقها لم ترثه و لو كان بعد العلم ورثت فلو ادّعت الطلاق بعد العتق و قال الوارث قبله قدّم قول الوارث مع اليمين و كذا لو ادّعت المطلقة وقوع الطلاق في المرض و قال الوارث في الصّحة فالقول قوله [- ه -] لو سألته الطلاق أو خالعته أو بارأته ففي توريثها نظر قال الشيخ و الصحيح أنّها ترث و لو قال طلقت في الصّحة ثلاثا فالأقرب عدم القبول بالنسبة إليها و لو ارتد الزّوج لم ترثه و لو طلّقها ثمّ ارتدت ثمّ عادت إلى الإسلام ففي توريثها نظر

الفصل الرابع في الرجعة

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] إنّما يثبت الرجعة للمطلقة بغير عوض ذات العدّة فيها مع عدم استيفاء عدد الطّلاق و هو ثلاث في الحرّة سواء كان الزوج حرّا أو عبدا و اثنتان في الأمة سواء كان الزوج حرّا أو عبدا فعدد الطلاق عندنا يعتبر بحال المرأة لا الرّجل فإذا استوفت الحرّة ثلاث طلقات برجعتين و الأمة طلقتين برجعة متخلّلة لم يكن للزوج رجعة و كذا غير ذات العدّة كالصغيرة و اليائسة و غير المدخول بها و لو انضمّ العوض إلى الطلاق كان بائنا ما لم يرجع المرأة فيه في العدّة فيصير رجعيّا على معنى أن له الرّجعة في العدّة و هل يلزمه حكم الرجعي من المئونة و الموارثة فيه نظر أقربه عدم اللزوم [- ب -] لو طلّق الأمة مرّة فأعتقت ثمّ تزوّجها أو راجعها بقيت على طلقة فيحرم عليه لو طلقها ثانيا إلاّ بالمحلّل و قال ابن الجنيد تحرم في الثالثة و لو أعتقت قبل الطلاق كانت كالحرة الأصليّة من كونها على ثلاث [- ج -] يصحّ الرّجعة بالقول مثل راجعتك و ارتجعتك و أمسكتك و رددتك و بالفعل كالوطي و التقبيل و الملامسة بشهوة و لا يفتقر إلى تقدّم النطق و لا نية الرجعة و إن كان الطلاق رجعية و الأخرس يرجع بالفعل أو بالإيماء و الإشارة الدالّة عليها و لو عقد في العدّة ففي كونه رجعة نظر ينشأ من بطلانه شرعا و دلالته على التمسك بها و قوّى الشيخ الثاني و لو علّق الرّجعة بشرط فالأقرب البطلان و لو ارتدت مطلقة فراجع لم يصحّ على إشكال و لو رجعت استأنفت الرّجعة إن شاء و لو طلّق الذميّة ثمّ راجعها في العدّة فالأقرب الجواز [- د -] لا يشترط في صحّة الرّجعة علم الزوجة و لا الشهادة بها فلو راجعها بشهادة اثنين و هو غائب في العدّة صحّت الرجعة فإن تزوّجت حينئذ كان فاسدا سواء دخل الثاني أو لا و لا مهر على الثاني مع عدم

ص: 55

الدخول و لا عدّة و مع الدخول المهر و العدّة و يرجع إلى الأول بعدها و لو لم يشهد على الرجعة فالقول قول الثاني مع يمينه فيحلف على عدم علمه بالرّجعة و إن نكل حلف الأوّل و هل يمينه كالبيّنة أو الإقرار قوّى الشيخ الأوّل فلا يجب على الثاني شيء مع عدم الدخول للحكم ببطلان العقد و مع الدخول المهر و على الثاني يجب نصف المهر مع عدم الدخول لقبول قوله في بطلان النكاح دون سقوط المهر كما لو قال عن زوجته هذه أختي من الرضاعة و مع يمينه إن صدّقته الزوجة ردّت إليه قال الشيخ و يثبت للأوّل عليها مهر المثل لمكان الحيلولة و إن أنكرت فالقول قولها مع اليمين فإن حلفت سقطت دعواه و هي زوجة الثاني و إن لم يحلف حلف الأوّل و صارت زوجته و لو بدأ بخصومتها فاعترفت له لم يقبل قولها و لزمها مهر المثل و إن أنكرت فالقول قولها و الأقرب توجّه اليمين لإسقاط مهر المثل و لو نكلت ثمّ ترجع إلى خصومة الثاني و كلّ موضع اعترفت فيه بالمراجعة و منعت من العود لحن الثاني و لو فارقته ردّت إلى الأوّل كما لو اشترى عبدا ممن ادّعى أنّه أعتقه أو غصبه من زيد و لا يفتقر في الردّ إلى نكاح متجدّد و لو صدّق المولى زوج أمته في الرّجعية فكلّ موضع قلنا في حقّ الحرة القول قول الزوج فهنا كذلك و كلّ موضع قدّمنا قول الحرّة فالقول قول السيّد و الزوج أيضا لا قولها نعم القول قول الأمة في انقضاء العدّة [- ه -] لو راجع فأنكرت الدخول و ادّعاه فالقول قولها مع اليمين فلا عدّة معها و لا رجعة له و لا يرجع عليها بالصّداق المقبوض و يرجع هي بالنصف مع عدم القبض و لو ادّعت الدخول فأنكره حلف و عليها العدّة و لا نفقة و لا سكنى و لا رجعة له و يرجع عليها بنصف الصداق إن كانت قبضته و إلاّ رجعت هي بالنّصف و لو قال أخبرتني بانقضاء العدّة و راجعتها ثمّ قالت لم تنقض صحّت الرجعة لأنّه لم يقرّ بالانقضاء بل أخبر عنها و لو ادّعت انقضاء العدّة بالحيض في المحتمل قدّم قولها مع اليمين و يقدّم قول الزّوج لو ادعته بالأشهر و لو ادّعى الزوج الانقضاء قدم قولها لأصالة بقاء الزّوجية و لو ادّعت الحامل الوضع قبل قولها من غير تكليف إحضار الولد لجواز موته أو أخذه سرقة و لو ادعت الحمل فأنكر و أحضرت ولدا فأنكر ولادتها له و ادعى التقاطها له قدّم قوله [- و -] لو ادّعت الانقضاء و صدّقها و ادعى الرجعة قبله قدّم قولها مع اليمين و لو راجعها فادّعت بعد الرجعة الانقضاء قبلها قدّم قوله مع اليمين و لو ادّعى مراجعة الأمة في العدّة و صدقته و ادّعى المولى خروجها قبل الرجعة قدّم قول الزّوج و الأقرب توجّه اليمين و لو قال زوج الحرة قبل الانقضاء راجعتك بالأمس فالوجه تقديم قوله لقدرته على الإنشاء و لو صدّقناها فالأقرب أنّ إقراره إنشاء [- ز -] الإشهاد على الرّجعة مستحبّ غير واجب و لا شرط فالقول قول المنكر مع اليمين و لو قال في العدّة كنت راجعتك أمس صحّ الرّجوع و لو قال راجعتك للمحبة أو الإهانة و قال أردت كنت أحبّها في النكاح أو أهينها فيه فراجعتها إليه صحّت الرجعة لأنّه راجعها إلى النكاح و لو قال أردت أنّي كنت أحبها قبل النكاح أو أهينها قبله فراجعتها إلى ذلك لم يكن رجعة لأنّه لم يردها إلى النكاح و لو مات قبل البيان على الرّجعة حمل على الرجعة بناء على الظاهر و كذا يصحّ لو قال راجعتك و لا يشترط إلى النكاح [- ح -] العدّة يكون إمّا بالأقراء فالقول قولها في انقضائها بها مع اليمين إن ادعت المحتمل و أقلّه ستّة و عشرون يوما و لحظتان و الأخيرة دلالة لا جزء و أقلّه في الأمة ثلاثة عشر يوما و لحظتان و إمّا بالوضع قال الشيخ و أقلّه عند المخالف ثلاثون يوما لأنّ النطفة مستحيل علقة بعد أربعين و العلقة مضغة كذلك و يوضع المضغة أو ما يتصوّر فيه خلقة آدميّ يخرج من العدّة قال و ليس لنا نصّ فيه و الاحتياط أن نقول بهذا أو بالأشهر فلو قال طلّقتك في شوّال فقالت بل في رمضان قدّم قوله مع اليمين و بالعكس القول قولها مع اليمين و لا نفقة في الزائد على ما أقرّ به و لو أنكرت الرّجعة بعد الانقضاء قدّم قولها و إن رجعت صدّقت و إن كان في إنكارها إقرار بالتحريم لأنّها جحدت في حقّ الزّوج ثمّ أقرت جانبه أمّا لو أقرّت بتحريم رضاع أو نسب لم يكن لها الرجوع و لو زعمت أنّها لم ترض بعقد النكاح ثمّ رجعت فالأقرب القبول لحقّ الزّوج

الفصل الخامس في المحلّل

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] إذا طلّقها ثلاثا إن كانت حرة أو معتقا نصفها أو اثنين إن كانت أمة على الشرائط سواء كانت مدخولا بها أو لا حرمت عليه حتّى تنكح زوجا غيره و يشترط في المحلّل البلوغ و لا اعتبار بوطي المراهق خلافا للشيخ و ابن الجنيد و الوطي قبلا بحيث تغيب الحشفة و أن يكون ذلك بالعقد الدائم لا بالملك و لا الإباحة و لا المتعة فإذا وطئ المحلّل بهذا الشرائط حلّت للأوّل بعد مفارقة المحلّل لموت أو طلاق أو غيره من فسخ بعيب أو ردّة أو لعان و لا يفتقر إلى المحلّل إلاّ في المطلقة ثلاثا لا فيما دونها و لا في المفسوخ نكاحها بغير طلاق كالمردودة بالعيب و الارتداد و أمّا الخلع فإنّه كالطلاق سواء جعلناه فسخا أو طلاقا فينتقض به عدد الطلاق و لو خالعها ثلاثا حرّمت حتّى تنكح زوجا غيره على القولين [- ب -] لا يشترط الإنزال فلو أكسل بعد التقاء الختانين حلّت و لو كان خصيّا و غيّب الحشفة فكذلك و في رواية لا يحلّل فيه و كذا المجبوب إذا بقي منه ما يقدر على إيلاج قدر الحشفة و لو بقي دون ذلك أو لم يبق شيء لم يحلّل [- ج -] لا فرق بين أن يكون المحلّل حرا أو عبدا مسلما أو ذمّيا و لا بين أن

ص: 56

تكون المرأة حرة أو أمة مسلمة أو ذمّية و لو أصابها محرّما لعارض كالإحرام و الصوم و الحيض و النفاس قال الشيخ الأقوى عدم التحليل لفساد المنهي عنه و لو تزوّجت الذمّية بذمي حلّت للمسلم إن سوّغنا له النكاح و كذا لو أسلمت بعد وطي الذمّي و لو تزوّجها و ارتدّ ثمّ وطئها في حال ردّتها ثمّ رجعت إلى الإسلام لم تحلّ بذلك الوطي و هذا غير متصوّر لأنّ الردّة إن كانت قبل الوطي انفسخ النكاح و صار وطي أجنبيّ لا يحلل قطعا و إن كانت بعده حلّت بالأوّل [- د -] لا يحلّ للمطلّق ثلاثا أو اثنتين للأمة نكاح المطلّقة بعقد دائم و لا متعة و لا ملك يمين و لا تحليل حتى تنكح زوجا غيره فلو عقد عليها قبله متعة لم تحلّ له و كذا لو ملك الأمة بعد طلقتين و كذا لا يحلّ للأوّل لو وطئها المحلّل متعة أو بملك اليمين أو التحليل و لا يحلّ بالوطي في الدّبر و إن أسند إلى العقد الدائم و عقد الشبهة لا يحلّل و يحلّ للأوّل لو أفضاها المحلّل أو أصابها و هي مجنونة أو هو مجنون أو هما [- ه -] لو انقضت مدة فادّعت التزويج و الفرقة و انقضاء العدّة و أمكن قبل و في رواية جرادة الصحيحة عن الصادق عليه السّلام تصدّق إذا كانت ثقة و لو رجعت قبل العقد حرم العقد و لا يقبل رجوعها بعده و لو ادعت إصابة المحلّل لها و صدّقها حلّت للأوّل و إن أنكر المحلّل قيل يعمل بما يغلب على ظنّه من قولهما و لو قيل يعمل بقولهما كان وجها [- و -] إذا طلّقها مرّة أو مرّتين فتزوّجت بغيره ثمّ فارقها فيه روايتان إحداهما أنّها تبقى مع الأوّل على ما بقي من العدد فإذا استوفت الثلاث منضمّة إلى الطلاق الأوّل حرّمت حتّى تنكح غيره و هي روايات صحيحة السّند و الثانية هي التي عمل عليها الشيخ و أكثر علمائنا أنها يبقى على ثلاث مستأنفات و يهدم الثاني الطلاق كما يهدم الثلاث و عندي في ذلك تردّد و حمل الشيخ الروايات بعدم الهدم على كون الزوج متعة أو مراهقا أو لم يدخل [- ز -] يجوز التوصّل بالحيل المباحة إلى المباح دون المحرّمة و لو توصّل بالمحرّمة حصل الغرض و أثم و لو ارتدت لفسخ نكاح الزّوج فعلت حراما و انفسخ نكاحه و لو حملت ولدها على الزنا بامرأة لتمنع أباه من العقد عليها أو التسري حرمت الموطوءة إن نشرنا الحرمة بالزنى و لو زوّجته بها لم يأثم و لو أنكر الاستدانة خوفا من الإقرار بالإبراء أو القضاء جاز الحلف مع صدقه بشرط التّورية بما يخرجه عن الكذب و كذا يحلف على نفي الاستدانة و لو كان فقيرا أو خاف الحبس و يوري النية أبدا نيّة الحالف إذا كان مظلوما في الدعوى و نيّة المدّعي المحقّ و يورّي لو أكرهه على أن يحلف على عدم الفعل المباح أنّه لا يفعله بالشام مثلا أو في السماء و لو أكرهه على الطلاق فقال زوجتي طالق و نوى طلاقا سابقا أو نساء طوالق و نوى الأقارب جاز و كذا يجوز و إن لم ينو شيئا لأن طلاق المكره عندنا باطل و كذا لو قال كلّ جارية لي حرة و نوى السّفن و لو أكره على اليمين فقال ما فعلته و جعل ما موصولة صحّ و لو أكره على الجواب بنعم فقال و عنى الإبل أو قال نعم و عنى به نعام البرّ قصدا للتخلّص جاز لو حلف ما كاتبت فلانا و نوى كتابة العبيد أو لا عرفته أي ما جعلته عريفا أو ما أعلمته أي ما شققت شقته و ما سألته حاجة و عنى شجرة صغير في البرّ أو ما أخذت له حملا و أراد السنجاب أو بقرة أو أراد العيال أو ثورا و عنى به القطعة الكبيرة من الأقط أو عنزا و عنى الأكمة السوداء أو زجاجة و عنى كبة غزل أو فروجه و عنى الدّراعة أو ما شربت له ماء و عنى المني لم يحنث و لو حلف لصدقته و المخلص أن يخبر بالنقيضين بأن يقول فعلت ما فعلت فيعلم الصدق في أحدهما

المقصد الثّاني في الخلع و المبارأة
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الحقيقة

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] الخلع بذل المرأة لزوجها مالا فدية لنفسها لكراهية و اختلف علماؤنا في وقوع الخلع بمجرّده من غير تلفظ بالطّلاق فالذي أفتى به الشيخ عدم الوقوع و ذكر أنّه مذهب المتقدّمين منّا كعليّ بن بابويه و عليّ بن رباط و غيرهم قال و باقي المتقدّمتين لا أعرف لهم فتيا في ذلك أكثر من الرّوايات التي لا يدل على عملهم بها و أوجب الشيخ إتباعه بالطلاق بأن يقول خلعتك على كذا فأنت طالق أو يقول فلانة مختلعة على كذا فهي طالق و نصّ السيّد المرتضى و ابن الجنيد على وقوعه بمجرّده و هو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل و سلاّر و عليه روايات صحيحة و عليها أعمل [- ب -] و إذا قلنا بوقوع الخلع مجردا كان طلاقا لا فسخا على ما يشهد به الروايات الصحيحة فيحسب من عدد الطلاق و لا يقع إلاّ بصريح مثل أن يقول خالعتك على كذا قال ابن حمزة أو تقول المرأة اختلعت نفسي منك على كذا فيجيب إليه و لا يقع بالكناية مثل مانحتك أو أبنتك أو بتتك أو فاديتك و لا بالتقايل و يقع بلفظ الطلاق مثل طلقتك على كذا مع سؤالها و يقع التطليقة حينئذ بائنة ما لم ترجع في الفدية [- ج -] لو قال خلعتك و لم يذكر فدية لم يقتضيها و لا يقع طلاقا و لا خلعا و إن نوى المال و لو طلبت منه طلاقا بعوض فخلعها مجرّدا عن لفظ الطلاق لم يقع و لو طلبت خلعا بعوض فطلّق به قال الشيخ ينبغي لمن أجاز ذلك من أصحابنا أنّه لا يقع لأنّه أعطاها غير ما طلبت قال و لو قالت خالعني على ألف و نوى الطلاق فقال طلّقتك صحّ الخلع عندنا و عندهم و لو قال طلّقني على ألف فقال خالعتك على ألف و نوى الطلاق لم يقع و على مذهب بعض أصحابنا القائلين بوقوع الفرجة بالخلع ينبغي الوقوع [- د -] لو قال مبتدئا أنت طالق بألف أو و عليك ألف صحّ الطلاق رجعيّا و لا تلزمها الفدية و إن تبرعت بعد ذلك بضمانها و لو دفعتها كانت هبة لها حكم الهبة و لا يصير التطليقة بائنة [- ه -] لو قالت طلقني بألف كان الجواب على الفور فإن تأخّر كان رجعيّا [- و -] الخلع منه محظور و هو أن يكرهها و يعضلها بغير حقّ ليفتدي نفسها فيبطل الخلع و عليه ردّ ما أخذه

ص: 57

عوضا و يقع الطلاق إن أتبع به رجعيّا و لو زنت قال الشيخ حلّ له عضلها و إخراجها بالعضل لا الاقتداء للآية و لو منعها حقّها فبذلت الفدية و اختلعت نفسها قال الشيخ الذي يقتضيه المذهب أنّه ليس بإكراه و منه مباح بأن يخافا ألاّ يقيما حدود اللّٰه بأن تكره المرأة المقام معه فيخاف منعه عن حقّ الّذي أوجبه اللّٰه تعالى عليها له فيحل له الاقتداء [- ز -] إذا قالت المرأة لزوجها إنّي لا أطيع لك أمرا و لا أبر لك قسما و لا أغتسل لك من جنابة و لأوطئن فراشك من تكرهه أو علم من حالها ذلك و إن لم يتلفّظ به حلّ الخلع و جاز له أن يقترح عليها مهما شاء من قليل و كثير سواء كان أكثر مما أعطاها من المهر أو أقلّ و سواء كان من جنسه أو من غير جنسه و هل يجب خلعها مع هذا القول الظاهر من كلام الشيخ ذلك و منعه ابن إدريس و جوّز عدم الخلع أمّا لو كان الأخلاق ملتئمة و لا كراهة لأحد منهما لصاحبه فبذلت له شيئا ليخلعها عليه كان الخلع باطلا عندنا و لو طلّقها حينئذ بعوض وقع رجعيّا و لم يملك العوض

الفصل الثاني في أركانه و شرائطه

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] أركانه خمسة الخالع و المختلعة و العوضان و الصّيغة أمّا الخالع فيشترط استقلاله بالطلاق فلا يقع عن الصّبي و إن كان مراهقا بإذن وليّه أو بغيره و لا من المجنون و لا من المكره و لا السكران و لا الغضبان غضبا يرفع القصد و يصحّ من السفيه لكن لا تبرأ المختلعة بتسليم العوض إليه بل إلى الوليّ و يصحّ من المفلّس و الذمّي و الحربي و لو خالع وليّ الطفل بطل لأنّه طلاق [- ب -] يشترط في المختلعة شروطا الطلاق و كونها طاهرا طهرا لم يقربها فيه بجماع إن كان مدخولا بها غير بائنة و لا صغيرة و لا حبلى و كان الزوج حاضرا معها و إلاّ فلا و يصحّ خلع الحامل و إن كانت حائضا كما يصحّ طلاقها و لو وطئ اليائسة أو الصّغيرة أو الحبلى جاز خلعها في ذلك الوقت و يشترط كونها أهلا لالتزام المال فلو التزمت الأمة تبعت به بعد العتق إن لم يكن بإذن المولى و لو أذن صحّ و هل يكون ضامنا فيه إشكال و ينصرف إطلاق إذنه إلى مهر المثل فإن عيّن و بذلت زيادة تبعت بها و لو بذلت عينا فأجاز المولى صحّ الخلع و البذل و إلاّ صحّ الخلع خاصة و كان عليها القيمة أو المثل بعد العتق و لو خالعت السفيهة فسد و لو أذن لها الوليّ فالوجه الصحّة مع المصلحة و لو بذلت المكاتبة المطلقة صحّ و ليس للمولى الاعتراض و المشروط كالقنّ [- ج -] يشترط في المعوض كونه مملوكا للزوج ملكا تامّا بالعقد الدائم فلا يصحّ خلع المطلقة طلاقا بائنا و لا رجعيّا و لا المختلعة و لا المنكوحة بالمتعة أو ملك اليمين أو عقد الشبهة و لو ارتدت فخالعها ثمّ رجعت إلى الإسلام ففي جوازه إشكال أمّا لو أصرّت فإنا نبيّن البطلان قطعا [- د -] يشترط في الفدية العلم بالمشاهدة أو الوصف الرافع لجهالة القدر و الجنس و الوصف و التموّل فلو كان مجهولا فسد الخلع و كذا لو خالعها على ألف و لم يذكر المراد و لا قصده أو على حمل الجارية أو الدابة و لو أطلق النقد انصرف إلى غالب نقد البلد و يتعيّن غيره لو عيّنه و لا تقدير فيه بل يجوز الزائد على ما أعطاها و الناقص عنه و لو خالعها على غير متموّل كالخمر و الخنزير فسد الخلع فإن أتبع بالطلاق كان رجعيّا و لا فدية و لو خالعها على خلّ فبان خمرا صحّ و له خلّ بقدره [- ه -] يشترط في الصيغة التّصريح إمّا بلفظ الخلع أو الطلاق خاصّة على ما تقدّم فتجريدها من الشرط فلو خالعها بشرط أو طلقها كذلك بطلا ما لم يكن الشرط من مقتضيات الخلع فيقع مثل أن يقول إن رجعت رجعت أو يشترط هي الرجوع في الفدية و لو قال خالعتك إن شئت لم يصحّ و لو شاءت و كذا لو قال إن ضمنت لي ألفا أو إن أعطيتني أو ما شاكله أو متى أو مهما أو أيّ وقت أو أيّ حين كل ذلك باطل [- و -] يشترط في الخلع ما يشترط في الطلاق من حضور شاهدين عدلين و النيّة كالطلاق و إن وقع بالصّريح و غيره مما تقدّم و مع صحّته يقع بائنا ما لم ترجع المرأة فيما بذلته فيثبت له الرجعة إن شاء و لا يقع بالمختلعة طلاق بحال و لا إيلاء و لا ظهار و يلحق بها ذلك إذا رجعت و رجع

الفصل الثّالث في أحكامه و لواحقه

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] إذا خالعها و كانت ذات عدّة فرجعت في البذل في عدتها صحّ رجوعها و كان له أن يرجع ما لم يكن قد تزوّج بأختها أو برابعة فليس له الرجوع و لا يبطل ذلك رجوعها و لو رجعت في العدّة و لم يعلم الزوج حتّى خرجت العدّة فالأقرب صحّة رجوعها و لا رجعة له و قال ابن حمزة إن أطلقا الخلع لم يكن للزوج الرجوع في البضع و لا لها الرّجوع في البذل إلاّ برضاء الآخر و إن قيد الرّجل بالرجوع في بضعها و المرأة بالرجوع فيما افتدت به جاز الرّجوع في العدّة و فيه نظر و الأقرب جواز الرجوع سواء شرطاه بأن قال فإن رجعت كان لي الرجوع أو أطلقا و لو رجعت و لم يعلم فرجع هو بعد رجوعها مع استمرار الحمل فالأقرب جواز الرجوعين أمّا لو رجع قبل رجوعها ثمّ رجعت فالوجه صحة رجوعها خاصّة و لو قال إن رجعت رجعت ابتني على صحة الرجوع مع الشرط [- ب -] يجوز الخلع بسلطان و غيره قال ابن الجنيد لا يكون إلاّ عند سلطان قيّم بأمر المسلمين و عليه دلّت رواية زرارة عن الباقر عليه السّلام [- ج -] إذا خالعها لم يكن له الرّجوع إلاّ أن ترجع في العدّة فيما بذلته و لو لم تكن ذا عدة بأن خالع غير المدخول بها و اليائسة أو الصّغيرة لم يكن له الرجوع مطلقا سواء كان بلفظ الطلاق أو بغيره و سواء ردّ العوض أو لا و لو خالعها على دينار و شرط له الرجعة و إن لم يرجع لم يصحّ الخلع و لا الشرط [- د -] لو قالت طلّقني واحدة بألف فقال طلقتك بألف صحّ الخلع و لزمها الألف لأنّ الخلع عقد معاوضة

ص: 58

ينعقد بالاستدعاء و الإيجاب و كذا لو قال طلّقتك و سكت لأنّ الإيجاب مبنيّ على الاستدعاء و لو قالت طلّقني ثلاثا بألف فقال طلّقتك ثلاثا قال الشيخ لا يقع واحدة لأنّها بذلت العوض في مقابلة الثلاث فإذا لم يصحّ بطل من أصله فلو قالت إن طلّقتني واحدة فلك عليّ ألف فطلّقها فالوجه ثبوت الفدية [- ه -] لو اتفقا على ذكر القدر و اختلفا في الجنس قدّم قول المرأة مع اليمين و لو اتفقا على القدر و عدم ذكر الجنس و اختلفا في الإرادة فالأقرب أنّه كذلك خلافا للشّيخ حيث أبطل الخلع و كذا لو ادّعى أحدهما الإطلاق و الآخر تعيين النقد أو قال خالعتك على ألف في يدك فقالت بل على ألف في ذمّة زيد أو قال على ألف فقالت بل على مائة أو قال طلّقتك بالعوض جوابا لسؤالك فقالت بل بعد انقضاء مدّة فإذا خلعت بانت و لا عوض و لو قالت طلّقتني بألف ضمنتها لك فلا رجعة عليّ فأنكر قدّم قوله مع اليمين و لا يقبل منها لو قامت شاهدا و امرأتين أو شاهدا و بذلت يمينا و لو أقامت شاهدين اختلفا فقال أحدهما خالعت بألف و قال الآخر بألفين لم يثبت الخلع لعدم اتّفاق الشاهدين و لو اختلفا في أصل العوض فالقول قولها مع اليمين و يحصل البينونة و يقبل لو أقام شاهدا و يمينا [- و -] يصحّ بذل الفداء منها و من وكيلها و ممّن يضمنه بإذنها و في ضمان المتبرّع إشكال و لو قال له أبوها و لو طلّقها و أنت بريء من صداقها فطلّقها طلّقت رجعيّا و لا يبرأ و لا ضمان على الأب سواء قال هي طالق و أنا بريء من صداقها أمّا لو قال له طلّقها على ألف من مالها و عليّ ضمان الدرك فطلّقها وقع الطلاق بائنا و لا فدية في مالها و على الضامن الدّرك للألف لا لمهر المثل و إن لم يرض بدفع الألف و كذا لو قال طلّقها على عبدها هذا و عليّ ضمانه فطلّقها لم يأخذ العبد و ضمن القيمة فلو قال خالعتك على ألف في ذمّتك فقالت بل في ذمّة زيد قدّم قولها مع اليمين و لا عوض عليها و لا على زيد و بانت منه و كذا لو قالت بل خالعك فلان و العوض عليه أمّا لو قالت خالعتك على ألف ضمنها فلان عنّي أو دفعها أو أبرأتني منها أو يزنها عنّي زيد فعليها الألف مع عدم البيّنة [- ز -] إذا قالت طلّقني على ألف اقتضى الحلول و الجودة و الأداء من مالها فإن قالت مؤجّلة أو رديّة أو يضمنها عنّي فلان صحّ لها ما شرطه بشرط تعيين الأجل و جنس الرداءة و لو قالت طلّقني ثلاثا بألف قال الشيخ لا يصحّ لو طلّقها لأنّه مشروط و فيه نظر إذا البدل في مقابلة الطلاق لا يعدّ شرطا فإن قصدت الثلاث ولاء لم يصح البذل و كذا لو بذلت في مقابلة طلاق فاسد و قيل يصحّ له الثلاث إذا طلّقها ثلاثا ولاءً و لو قصدت ثلاثا برجعتين صحّ فإن طلّقها ثلاثا كذلك فله الألف فإن طلّقها واحدة قيل له ثلث الألف و لو كانت على طلقة معه فقالت طلقني ثلاثا بألف فطلّقها واحدة قال الشيخ إن كانت عالمة أنّها معه على طلقة كان عليها الألف و إن لم تعلم استحق ثلثها فإن ادّعى علمها و أنكرته فالوجه تقديم قوله مع اليمين و كذا لو قالت بذلت الألف في مقابلة طلقة في هذه النكاح و طلقتين في نكاح جديد و ادّعى البذل في مقابلة الباقي [- ح -] لو قالت طلّقني واحدة بألف و طلّقها ثلاثا استحق الألف سواء أرسلها أو برجعتين على إشكال ضعيف و كذا لو قالت طلّقني واحدة و لك ألف أو على ألف و لو قالت طلّقني عشرة طلقات بألف فطلّقها واحدة استحقّ العشر إن قسّطنا العوض على الأجزاء و إن طلّقها اثنتين استحقّ الخمس و إن طلّقها ثلاثا استحقّ الألف على إشكال و لو قالت طلّقني واحدة بألف فقال أنت طالق أنت طالق أنت طالق استحق الألف فإن قال الألف في مقابلة الثانية بطلت الفدية و الثانية و صحّت الأولى رجعيّة و إن قال في مقابلة الجميع قال الشيخ صحت الأولى و له الثلث و لو كانت على طلقة فقالت طلّقني ثلاثا بألف واحدة تكملة الثلاث و اثنتان في نكاح بعد المحلّل فطلّقها بانت منه و كان له ثلث الألف و بطل في الاثنتين و لو قالت خذ هذه الألف و طلّقني بعد شهر لم يصح لأنّه سلف في طلاق [- ط -] لو جعلت الفدية برضاع ولده جاز بشرط تعيين المدة و هو قدر اللبن و كذا يصحّ على نفقة الولد بشرط تعيين المدّة و القدر من المأكول و الملبوس جنسا و وصفا و علمها معا فإذا انقضت مدّة الرضاع كان للأب أخذ القدر من الطعام و الأدم فإن فضل كان للأب و إن نقص فعليه الإتمام و إن مات الصّبي بعد انقضاء مدّة الرّضاع أخذ الأب المقدّر من الطعام و الأدم إدرارا يوما بيوم لا دفعة و إن مات قبل الانقضاء رجع بأجرة مثل الباقي و ما قدّره من النفقة و ليس له المطالبة بإرضاع غيره باقي المدّة [- ى -] إذا خالعها بعين فتلفت قبل القبض لزمها المثل أو القيمة إن لم يكن مثلها و لو عابت فله الأرش إن أمسكها أو الردّ و المطالبة بالمثل أو القيمة و لو كان على موصوف فدفعته على الوصف وجب عليه قبوله فإن كان صحيحا استقرّ ملكه و إن كان معيبا تخيّر بين الإمساك بالأرش و الرّد مع مطالبة العوض على ما وصف و لو خالع على حبشيّ فبان زنجيا أو على ثوب نقر فبان أسمر تخيّر بين الإمساك بالأرش و الردّ مع المطالبة بالمثل أو القيمة و لو خالعها على أنّه إبريسم فبان كتان صحّ الخلع و له قيمة الإبريسم و ليس له إمساك الكتان و لو خالعها على ما في البيت من المتاع و لا متاع فيه فسد الخلع إن لم يعيّن الفدية و إلاّ وجب له المثل أو القيمة و لو خالعها على عين فبانت مستحقّة قيل يبطل الخلع و يحتمل الصحّة و ثبوت المثل له أو القيمة إن لم يكن مثليا [- يا -] قال الشيخ ليس للأب أن يخالع على بنته الصغيرة أو السفيهة أو المجنونة بشيء لأنّه لا حظ لها في إسقاط مالها

ص: 59

و عندي فيه نظر [- يب -] لو دفعت ألفا و قالت طلّقني بها متى شئت لم يصحّ البذل فإن طلّق كان رجعيّا و الألف لها و لو خالع اثنين فما زاد بفدية واحدة صحّ و كانت بينهما بالسّوية و لو قالتا طلّقنا بألف و طلّق واحدة كان له نصف الألف على إشكال فإن عقّب بطلاق الأخرى بطل العوض و كان رجعيا لتأخّر الجواب من الاستدعاء المقتضي للتعجيل و لو قال أنتما طالقتان طلقتا بائنا و كان له العوض و لو قالتا طلّقنا بألف و ارتدّتا و طلّقهما على الفور عقيب الارتداد فإن لم يكن دخل بطل للفسخ بالارتداد و إن كان قد دخل فإن عادتا إلى الإسلام في العدّة وقع الطلاق من ذلك الوقت و عليهما العدّة من حين الوقوع و يستحقّ العوض و إن أقامتا على الكفر لم يقع الطلاق [- يج -] إذا خالع الأجنبي المرأة من زوجها فإن كان بإذنها من مالها صحّ لأنّه وكيل و إن كان من ماله بغير إذنها فالذي قوّاه الشيخ عدم الصحّة و عندي فيه نظر [- يد -] يصحّ الخلع من العبد و إن لم يأذن المولى فالعوض لسيّده فإن دفعته إلى العبد بإذن السيّد أو بغير إذنه لكن أخذه السيّد منه برئت ذمّتها و إلاّ لم تبرأ فإن استرجعت و دفعته إلى السيّد و إن تلف أو أتلفه في يده غرمته للسيّد بالمثل أو القيمة و يرجع على العبد بعد عتقه أمّا لو دفعت امرأة السفيه العوض إليه و تلف في يده أو أتلفه فإنّها تغرم للوليّ و لا يرجع عليه في الحال و لا بعد الفك و لو دفعت بإذن الوليّ فالوجه براءة ذمّتها به [- يه -] يجوز التوكيل في الخلع من المرأة في استدعاء الطلاق و تقدير العوض و تسليمه و من الرّجل في شرط العوض و قبضه و إيقاع الطلاق و يصحّ التوكيل من كلّ منهما مطلقا فيقتضي الإطلاق من المرأة خلعها من زوجها لمهر مثلها حالا من نقد البلد و لو خالعها بدون مهر المثل أو مؤجّلا أو دون نقد البلد جاز و إن خلعها بأكثر من مهر المثل قال الشيخ صحّ الخلع و سقط المسمى و عليها مهر المثل و إن عيّنت قدرا فخالع الوكيل به أو بدونه لزمها و إن خالع بأكثر قال الشيخ يقوى في نفسي فساد الخلع فعلى قوله هل يبطل الطلاق أو يقع رجعيّا الوجه الثاني و لا يلزمها فدية و لا يضمن الوكيل و الزوج إذا أطلق اقتضى ما يقتضيه إطلاق المرأة فإن خالع وكيله بأكثر من مهر المثل صحّ و إن كان بدونه أو مؤجّلا أو بدون نقد البلد بطل الخلع و لو طلّق به لم يقع به أيضا و لو عيّن قدرا فخالع بأزيد صحّ و إن خالع بدونه بطل و التوكيل يصح من كلّ من يصحّ منه مباشرة الخلع و الأقرب جواز تولي الواحد الطرفين [- يو -] خلع المريض جائز لمهر المثل و بدونه لأنّ له الطلاق بغير عوض و حكم المرأة في الميراث ما تقدّم و لو خالعت المريضة بمهر المثل فما دون صحّ من الأصل و إن زاد كانت الزيادة خاصّة من الثلث لا جميعه و لو خالعته بقدر ميراثه منها ففي الصّحة نظر [- يز -] خلع المشركين جائز سواء كان من أهل الذمّة أو الحرب فإن كان البذل صحيحا أمضي سواء ترافعا إلينا قبل القبض أو بعده فإن كان فاسدا كالخمر و ترافعا بعد القبض لم نعترض [يعترض] للمقبوض و إن كان قبله لم يؤمر بالإقباض قال الشيخ و يقوى في نفس الحكم بالقيمة عند مستحلّيه و إن قبض البعض كان حكمه حكم المقبوض جميعه و غيره حكم غير المقبوض و لو ترافعا بعد الإسلام قبل التقابض حكم بالقيمة عند مستحلّيه فإن كان بعده لم ينقض [- يج -] لو قالت طلّقني بألف على أن تطلق ضرّتي أو على أن لا تطلقها ففعل قال الشيخ يقوى في نفسي صحة الطلاق و العوض و لو قالت طلّقني بألف على أن تعطيني عبدك هذا قال فقد جمعت بين شراء و خلع و جمع الزّوج بين بيع و خلع فالأقوى صحّتهما و يقسّط الفدية على قيمة العبد و مهر المثل لو خرج معيبا

الفصل الرّابع في المبارأة

و هي أن تكون الكراهة منهما معا فيقول بارأتك على كذا فأنت طالق و لو طلّق من غير ذكر المبارأة وقع بائنا و سلّم العوض أمّا لو تجرد لفظ المبارأة من الطلاق فإنه لا يقع إجماعا بخلاف الخلع فإن فيه خلافا تقدم و لو قال عوض بارأتك فاسختك أو أبنتك أو غيره من الكنايات و أتبعه بالطلاق صحّ إذ المقتضي للفرقة الطلاق خاصّة فإن تجرّد لم تصحّ و يشترط في المباري و المبارية ما يشترط في المخالع و المخالعة و يقع الطلاق بائنا كالخلع إلاّ أن ترجع المرأة في العدّة و البدل فيرجع ما دامت في العدّة ما لم يتزوّج برابعة أو بأختها و بعد انقضاء العدّة لا رجوع لأحدهما و لا يجوز هنا أن يأخذ الزّوج أكثر ممّا أعطاها و هو يحلّ له المثل المشهور نعم و يلوح من كلام ابن أبي عقيل المنع ففارقت الخلع في المنع من أخذ الزائد و في وجوب الإتباع بلفظ الطلاق و في اشتراكهما في الكراهية

المقصد الثّالث في الظهار
اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في أركانه

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] أركان الظهار أربعة المظاهر و المظاهر منها و الصيغة و المشبهة [الشبيه] بها فالمظاهر يشترط فيه ما يشترط في المطلّق من البلوغ و العقل و الاختيار و القصد فلا يصحّ ظهار الصّبي و المجنون و المكره و فاقد القصد بالسّكر و الإغماء و الغضب و هل يشترط و له الإسلام قال الشيخ نعم و لا يصحّ ظهار الكافر لأنّه لا يقرّ بالشرع و الظهار و حكم شرعيّ و لأنّه لا يصحّ منه الكفّارة لاشتراط نيّة القربة فيها و ابن إدريس جوّز ذلك عملا بالعموم و الكافر متمكّن من الكفّارة بتقديم الإسلام و هو قويّ و كلام ابن الجنيد يشعر بمقالة الشيخ و يصحّ ظهار العبد و المدبّر و المكاتب و المعسر و الحر و الخصي و المجبوب إن قلنا بعموم التحريم [- ب -] إذا طلّق الكافر عقيب ظهاره فلا كفّارة كالمسلم و إن أسلم من غير طلاق و هي كتابيّة كان الظهار باقيا و إن كانت وثنيّة فإن كان إسلامه قبل الدّخول بانت و إن كان بعده و أسلمت قبل انقضاء العدة عادت إلى الزوجيّة و بقي حكم الظهار و إن انقضت العدّة كافرة بانت و لا كفّارة و إن أسلمت هي دونه قبل الدخول بانت و لا كفّارة و إن أسلمت بعده فإن لم يسلم الزوج في العدّة بانت و لا كفّارة و إن أسلم فيها عادت الزّوجية و الظهار على حاله [- ج -] يشترط في المظاهرة النكاح فلا يقع بالأجنبيّة و لو علّقه بالنكاح و أن يكون طاهرا

ص: 60

طهرا لم يقربها فيه بجماع مع حضور الزوج و عدم الصغر و اليأس و الحبل و يشترط تعيينها فلو ظاهر من إحدى زوجتيه من غير تعيين لم يقع و يكفي التعيين بالنيّة و هل يشترط الدخول نصّ الشيخ على ذلك و به رواية صحيحة عن الفضيل بن يسار عن الصادق عليه السّلام و هو اختيار ابن بابويه و قال ابن إدريس لا يشترط عملا بالعموم و نحن في ذلك من المتوقّفين [- د -] لا فرق بين أن يكون الزوجة حرّة أو أمة و هل يقع من الرجل على مملوكته نصّ الشيخ على ذلك و هو مذهب ابن أبي عقيل و منع منه ابن إدريس و نقله عن المرتضى و المفيد و الحقّ عندي الأوّل للعموم و عليه دلّت رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن أحدهما عليهما السّلام و رواية إسحاق بن عمّار الصحيحة عن أبي إبراهيم عليه السلام و رواية حمزة بن حمران عن الصادق عليه السّلام متأوّلة مع ضعف سندها و في وقوعه بالمتمتع بها خلاف أقربه الوقوع و هو اختيار ابن أبي عقيل [- ه -] إن شرطنا الدخول وقع و إن كان الوطي دبرا صغيرة كانت أو كبيرة مجنونة أو عاقلة مسلمة أو كافرة و كذا يقع بالمريضة التي لا توطأ بالرتقاء و بالمطلقة رجعيّا قبل الرجوع [- و -] الصيغة الصريحة أن تقول أنت عليّ كظهر أمّي و كذا لو قال هذه أو زوجتي أو فلانة و سواء قال عليّ أو منّي أو عندي أو معي أو قال أنت كظهر أمّي أو مثل ظهر أمي على إشكال فيهما و كذا يقع لو قال جملتك أو جسمك أو نفسك أو ذاتك أو جثّتك أو كلّك عندي كظهر أمّي و لو ذكر عوض الظهر شيئا من الأعضاء كقوله أنت عليّ كبطن أمّي أو كرأس أمي أو كفرج أمّي أو شبّه عضوا من أعضاء زوجته مثل أن يقول فرجك أو رأسك أو رجلك و ما أشبه هذا عليّ كظهر أمّي أو قال رجلك عليّ كرجل أمّي أو بطنك كبطن أمّي أو فرجك كفرج أمي و نوى الظهار قال الشيخ يقع و منع المرتضى من ذلك كلّه سوى لفظة الظّهر و اختاره ابن إدريس و فيه قوّة و أو قال أنت عليّ كأمّي أو مثل أمّي و قال أردت الكرامة لم يقع و إن قال أردت التّحريم قال الشيخ يقع و فيه الإشكال و قال ابن الجنيد لا يقع و إن أطلق و لم يكن له نيّة لم يكن ظهارا و لو ظاهر إحدى زوجتيه و قال للأخرى أشركتك معها أو أنت شريكتها أو أنت كهي لم يقع بالأخرى سواء نوى الظهار أو لا [- ز -] لو قال أنت طالق كظهر أمّي طلّقت مع نيّة الطلاق و لغا الزائد إن لم ينو الظهار أو نوى به تأكيدا لتحريم الطلاق و لو نوى به الظهار قال الشيخ وقعا كما لو قال أنت طالق كظهر أمّي إن كان الطلاق رجعيّا و إن نوى بالطلاق الظهار و بيّنه بقوله كظهر أمّي و دين ذلك ما لم تخرج من العدة و يقع لاغيا و لا يقبل لو فسّر بعد العدّة و لو قال أنت عليّ حرام كظهر أمّي قال الشيخ لا يتعلّق به حكم الطّلاق و لا ظهار و لا تحريم عين سواء طلق أو نوى به الظهار أو الطلاق أو الأمرين أو تحريم العين و الأولى عندي وقوعه إن نواه لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه السّلام قد سأله عن كيفيّة الظهار فقال يقول الرجل لامرأته و هي طاهر من غير جماع أنت عليّ حرام مثل ظهر أمّي أو أختي و هو يريد بذلك الظهار و لو قال أنت طالق و نوى به الظهار أو أنت عليّ كظهر أمّي و نوى به الطلاق كان لغوا و كذا لو قال أنت عليّ حرام و إن نوى الظهار و لو قال أنت عليّ كظهر أمي حرام وقع الظهار إن قصده [- ح -] يشترط في الصّيغة النيّة فلا يقع ظهار الساهي و النائم و غير القاصد و القاصد غيره و يدين بنيّته في ذلك و وقوعها بحضور شاهدين عدلين يسمعانه فلو ظاهر و لم يسمعه الشاهدان بطل و لم يلزمه حكمه و هل يشترط تجريدها من الشرط قال السيّد المرتضى نعم و اختاره ابن إدريس و قال الشيخ لا يشترط فلو قال أنت عليّ كظهر أمّي إن دخلت الدار و وطئتك وقع الظهار مع حصول الشرط و به روايات صحيحة فلو ظاهر إحدى زوجتيه إن ظاهر ضرّتها ثمّ ظاهر الضرّة وقع الظهاران و إن ظاهر زوجته إن ظاهر فلانة الأجنبيّة و أطلق أو نوى ظهارا شرعيّا فإذا ظاهرها و هي أجنبيّة لم يقع الظهاران و إن تزوّجها و ظاهر منها صحّ و هل يقع ظهار المشروط فيه إشكال ينشأ من جعل الشرط منوطا بالاسم فيقع و بالوصف فيبطل و قوّى الشيخ الثاني و إن قصد النطق بلفظ الظهار وقع ظهاره المشروط عند مواجهة الأجنبيّة به و لو قال إن تظاهرت من فلانة أجنبيّة فامرأتي عليّ كظهر أمّي و قصد الشرعيّ لم يقع الظهار و إن ظاهر الأجنبيّة و لو تزوّجها و ظاهرها وقع ظهاره دون المشروط لعدم الصيغة المعلّق بها المشروط و لو قال إن تظاهرت من فلانة فامرأتي عليّ كظهر أمّي و كانت أجنبيّة و قصد الشرعي لم يقع مع ظهاره منها و هي أجنبيّة و إن قصد النطق بظهاره منها وقع عند مواجهتها و إن تزوّجها و ظاهرها وقع الظهاران إن قصد الشرعيّ و لو قال أنت عليّ كظهر أمّي إن شاء زيد فقال زيد شئت وقع و لو قال إن شاء اللّٰه لم يقع و لو قال إن لم أتزوّج عليك فأنت عليّ كظهر أمّي لم يتحقّق الظهار إلاّ عند الموت و لا كفّارة في التركة [- ط -] لا يقع الظهار إذا جعله يمينا و لا في إضرار و لا معلّقا بانقضاء الشهر أو دخول الجمعة مثلا و هل يقع موقّتا كأن يقول أنت عليّ كظهر أمّي شهرا و سنة مثلا قال الشيخ لا يقع و يلوح من كلام ابن الجنيد وقوعه و حينئذ إذا انقضت المدة بطل الظهار و حلّت من غير تكفير [- ى -] يقع الظهار مع المشتبه بالأم إجماعا و لو علّقه بظهر غيرها من المحرمات المؤيدة كما لو قال كظهر أختي أو بنتي أو عمّتي أو خالتي أو غيرها من المحرمات نسبا أو رضاعا فالذي نصّ الشّيخ و ابن الجنيد و ابن أبي عقيل و جماعة وقوعه و قال ابن إدريس لا يقع و الأقرب عندي الأوّل و عليه دلّت رواية زرارة الصحيحة عن الباقر

ص: 61

عليه السّلام و لو شبّهها بغير أمّه من المحرّمات بما عدا لفظة الظهر لم يقع و كذا لو شبّهها بمحرمة و بالمصاهرة تحريم جمع أو تأبيد كأمّ الزوجة و أختها و بنت أختها و زوجة الأب و الابن و لو قال كظهر أبي أو أخي أو عمّي لم يقع إجماعا لأنّه ليس بمحلّ الاستحلال و كذا لو قالت هي أنت عليّ كظهر أبي أو أمّي

الفصل الثاني في أحكامه

و فيه [- ن -] مباحث [- ا -] إذا وقع الظهار بشرائطه حرم عليه الوطي قبل الكفّارة و هل يحرم ما دونه من التقبيل و الملامسة بشهوة قال الشيخ الأقوى عندنا التحريم لقوله مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسّٰا و هو صادق على ما دون الوطي و فيه نظر هذا إذا كان مطلقا و إن كان مشروطا لم يحرم حتّى يقع الشرط سواء كان الشرط الوطي أو غيره [- ب -] إذا ظاهر لم تجب الكفّارة إلاّ بالعود و هو العزم على الوطي فمتى أراد الوطي وجبت عليه الكفّارة و هل لها استقرار أو معنى وجوبها تحريم الوطي حتّى يكفر فيه نظر أقربه الأوّل لدلالة الآية عليه فإن وطئ قبل الكفّارة لزمه كفّارتان و كلّما كرّر الوطي قبل التكفير تكررت الكفّارة و لو طلّقها بعد الظهار بائنا سقطت الكفّارة و لا يعود إليه لو جدّد العقد و كذا لو طلّقها رجعيّا و راجعها في العدّة عادت الكفّارة عليه و الأقرب أن نفس الرجعة ليست عودا و لو اشتراها بطل العقد فلو وطئها بالملك لم تجب الكفّارة و لو ابتاعها غير الزّوج ففسخ سقط حكم الظهار و لا كفّارة و إن تزوّجها ثانيا و لو باع أمته المظاهر منها سقط حكم الظهار فإن اشتراها لم يعد و لو جنّ الزّوج ثمّ عاد لم يسقط الكفّارة و لو طلّق بعد العود ففي الكفّارة إشكال [- ج -] الظهار محرّم لأنه تعالى وصفه بالمنكر و قيل لا عقاب فيه لتعقيبه بالعفو [- د -] لو ظاهر من أربع بلفظ واحد مثل أن يقول أنتنّ عليّ كظهر أمّي كان عليه عن كلّ واحدة كفّارة و لا يجزيه كفّارة واحدة و لو ظاهر من واحدة مرارا وجب بكلّ مرّة كفّارة سواء فرّق الظهار أو تابعه ما لم يقصد التأكيد و لو وطئها قبل التكفير لزمه عن كلّ وطي كفّارة واحدة [- ه -] يحرم الوطي قبل الكفارة سواء كفّر بالعتق أو الصيام أو الإطعام و لو وطئها في خلال الصوم استأنف سواء وطئها ليلا أو نهارا و لو وطئ غيرها نهارا بطل التتابع لا ليلا و لو عجز عن الكفّارة قال الشيخ يحرم عليه حتّى يكفّر و قال ابن إدريس يجزيه الاستغفار و هو قوي و كذا لو ظاهر مائة مرّة مثلا و عجز عن تعدّد الكفّارة [- و -] إذا ظاهر فإن صبرت المرأة فلا بحث فإن رافعته خيّره الحاكم بين الرّجعة مع التكفير و بين الطلاق و ضرب له مدّة للتخيير ثلاثة أشهر من حين المرافعة فإن انقضت و لم يختر ضيّق عليه في المطعم و المشرب حتّى يختار أحدهما و لا يجبر على الطلاق و لا تطلّق عنه و لو ظاهر و لم ينو العود فكفّر لم يجزيه [- ز -] لو ظاهرها أو تركها أكثر من أربعة أشهر و لم يكفّر لم يكن موليا و لو قال إن ظاهرت من زينب فعمرة عليّ كظهر أمّي و هما زوجتان ففي اختصاص الشّرط بذلك النكاح نظر

المقصد الرّابع في الإيلاء
اشارة

و فيه فصلان

الأول في أركانه

و فيه [- د -] مباحث [- ا -] أركان الإيلاء أربعة الحالف و المحلوف به و المحلوف عليه و المحلّ و يشترط في الحالف البلوغ و كمال العقل و الاختيار و القصد حرّا كان أو عبدا مسلما أو كافرا سليما أو خصيّا صحيحا أو مريضا و في المجبوب إشكال أقربه الجواز كالعاجز [- ب -] المحلوف به هو اللّٰه تعالى و أسمائه المختصّة و الغالبة و صفاته و لا يقع الإيلاء بغير ذلك من طلاق أو عتاق أو تحريم أو التزام صوم أو صدقة أو غير ذلك و يشترط في الإيلاء النطق باليمين مع القصد بأيّ لسان كان و لو آلى من زوجته و قال للأخرى شركتك معها لم يقع بالثانية و إن نواه و لو امتنع من وطيها بغير يمين لم يكن موليا و إن طال هجره لها و لا تضرب له المدّة و إن قصد الإضرار [- ج -] المحلوف عليه هو الجماع في القبل و صريحه تغيّب الحشفة في الفرج و إيلاج الذكر و النيك و المحلّ الجماع و الوطي فإن قصده بهما صحّ و إلاّ فلا و لو قال لا جمع رأسي و رأسك مخدّة أو بيت أو لا ساقفتك و قصده للشيخ قولان أقربهما الوقوع و كذا لأسوأنك لأطيلن غيبتي عنك لا باشرتك لا لامستك لا أصبتك لا باضعتك و لا فرق بين الصريح و و المحتمل عندنا في افتقارهما إلى النية و القصد فلو قال في الصّريح لم أقصد قبل منه و لو قال و اللّٰه لا أجنبت منك كان موليا و كذا إن قال لا أغتسل منك و أراد لا أجامعك فلا يلزمني الغسل بخلاف لا أغتسل من جماعك لأنّي لا أرى وجوب الغسل من التقاء الختانين أو لأني أطأ غيرك بعدك فأغتسل من جماعها دونك أو أني أترك الغسل دون الجماع أو لا أجامعك إلاّ جماعا ضعيفا و لا جامعتك في دبرك أو في الحيض أو النفاس أمّا لو قال إلاّ في دبرك كان موليا و كذا إلا جماع سوء أراد في الدبر أو لا أغيب الحشفة أجمع كان موليا بخلاف لا جامعتك جماع سوء [- د -] يشترط في المولي منها أن يكون منها منكوحة بالعقد الدائم مدخولا بها فلو آلى من مملوكته أو المتمتع بها أو من غير المدخول بها و إن كانت زوجة دوام لم يقع و لا فرق بين الحرّة و الأمة إذا كانت زوجة في صحّة الإيلاء منها و لا بين المسلمة و الذميّة و يقع بالمطلقة رجعيّا في العدّة و لا يجب [تحسب] عليه مدّة العدّة من مدّة الإيلاء فإن تركها حتّى ينقضي عدتها بانت و إن راجعها فابتدأ المدّة من حين المراجعة و لا يقع في البائن و لا بالأجنبيّة و إن علّقه بالنكاح

الفصل الثّاني في أحكامه

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] يشترط في وقوع الإيلاء النيّة و لو تجرّد عنها لم يقع و وقوعه في إضرار فلو حلف إصلاح اللبن لأجل

ص: 62

الولد و في صلاحه إمّا لتوفّره على العبادة أو الحرب أو غيرهما أو صلاحها لم يقع و هل يشترط تجريده عن الشرط الأقرب ذلك [- ب -] لا يقع الإيلاء حتّى يكون الحلف مطلقا أو مقيّدا بالدّوام أو بمدة تزيد على أربعة أشهر أو مضافا إلى فعل لا يحصل إلاّ بعدها غالبا كقوله ما بقيت أو حتّى أمضي من بغداد إلى هند و أعود فلو حلف أن لا يطأها أربعة أشهر فما دون لم يقع و لا يفعل ينقضي لدونها غالبا أو محتملا و لو قال لا وطئتك حتّى أدخل الدار لم يقع لإمكان التخلّص من الكفّارة مع الوطي بالدخول و كذا لا أصبتك سنة إلاّ مرة فإن وطئ وقع الإيلاء و كذا إلاّ عشر مرّات أو مائة مرّة مع استيفاء العدد أن تخلّف قدر التربّص فصاعدا و إلاّ بطل حكمه لكن متى وطئ قبل السّنة حنث و كذا لا وطئتك سنة إلاّ يوما [- ج -] إذا آلى و انعقد و قرّبها في المدّة حنث و وجب عليه كفّارة اليمين و انحل الإيلاء و إن استمرّ اعتزاله تخيّرت بين الصّبر عليه حتّى يفي أو يطلّق و المرافعة إلى الحاكم بنفسها أو بوكيلها فإن دافعت خيّره الحاكم بين الفيئة و التكفير و بين الطلاق و ضرب لمدّة التخيير أربعة أشهر قال الشيخ مبدؤها من حين المرافعة لا من حين الإيلاء و فيه نظر فإن خرجت المدّة و لم يختر أحدهما لزمه و ضيّق عليه في المطعم و المشرب فإن امتنع حبسه حتّى يفيء إلى المباشرة أو يطلّق و المدّة في الحرّة و الأمة و الزّوج الحرّ و المملوك سواء أربعة أشهر و هي حق للزّوج و ليس للزّوجة فيها مطالبته و مع انقضائها بغير وطي لا تطلّق من غير طلاق و ليس للحاكم طلاقها عنه و لا إجباره على أحدهما تعيينا و إذا طلّق الزوج خرج من حقّها و كانت المطلّقة رجعيّة فإن وطئ في مدّة التربّص لزمته كفّارة اليمين إجماعا و إن وطئ بعدها فللشيخ قولان أجودهما اللزوم و لو وطئ المولى ساهيا أو مجنونا أو اشتبهت بغيرها من حلائله انحلّ حكم الإيلاء و لا كفّارة و كذا لو حلف مدّة معيّنة و دافع بعد الموافقة حتى انقضت المدة [- د -] لو أسقطت حقّها من المطالبة لم يسقط في المستقبل و لا يضرب لها مدّة أخرى و لو اختلفا في انقضاء المدّة قدّم قول مدّعي البقاء مع اليمين و كذا يقدّم قول مدّعي تأخير الإيلاء و لو ادّعى الإصابة قدّم قوله مع اليمين و كذا لو أنكر أصل الإيلاء و ادّعته و إذا حلف على الإصابة و أطلق و أراد الرّجعة بدعوى الوطي الذي حلف عليه فالأقرب أنه لا يمكن و كان القول قولها في نفي العدّة و الوطي على قياس الخصومات [- ه -] لو جنّ في المدة بعد ضربها احتسب زمان الجنون و تربّص به حتّى يفيق أو استمرّ و لو انقضت المدّة و هناك ما يمنع الوطي كالحيض و المرض كان لها المطالبة بفيئة العاجز على إشكال و لو تجددت أعذارها في أثناء المدّة قال الشيخ ينقطع الاستدامة عدا [عند] الحيض و لا ينقطع بإعذار الرّجل ابتداء و اعتراضا و لا يمنع من الموافقة انتهاء فلو انتقضت و هو محرم ألزم بفيئة العاجز و كذا الصّائم و لو جامعها آثما و آتيا بالفيئة و كذا كلّ وطي محرّم كما في الحيض و النفاس أما لو ارتدّ في أثناء المدّة أو طلّق رجعيّا فإنّه ينقطع الاستدامة عند الشيخ فيهما فإن تاب أو راجع استؤنفت العدة و فيئة القادر غيبوبة الحشفة في القبل و هل يجزي بروكها عليه أو تغيّب الكرة فيه نظر و العاجز إظهار العزم على الوطي مع القدرة و يمهل القادر لو طلبه بما جرت العادة كالأكل و توقع خفته من النوم و الاستراحة و صلاة النافلة [- و -] لو ترافع الذميان تخيّر الحاكم بين الحكم بينهما بموجب شرعنا و بين ردّهما إلى أهل نحلتهما [- ز -] لو ظاهر ثمّ آلى صحّا فيوقف بعد انقضاء مدّة الظهار فإن طلّق وفى عنهما و إن امتنع ألزم الوطي و التكفير للظهار و يلزمه كفارة الإيلاء [- ح -] لو اشترى المولى منها و أعتقها و تزوّجها لم يعد الإيلاء و كذا لو اشترته الحرّة و أعتقه و تزوّج بها و لو حلف على أجنبيّة ألاّ يطأها انعقدت يمينه و لو لم يكن موليا و إن تزوّج بها سواء بقي من مدّة اليمين أكثر من أربعة أشهر أو لا لأن الإضرار شرط في الإيلاء و هو منتف عن الأجنبيّة [- ط -] لو قال لأربع و اللّٰه لا وطئتكن لم يكن موليا في الحال فلا يحنث إلاّ بوطي الجميع و جاز له وطي ثلاث منهنّ فتعيّن الرابعة للتحريم و ترافعه ثم يفيئه بعد المدّة و لو ماتت إحداهنّ قبل الوطي انحل الإيلاء بخلاف ما لو طلّقها أو طلّق اثنتين أو ثلاثا و لو قال لا وطئت واحدة منكن تعلّق الإيلاء بالجميع و ضربت المدّة لهنّ عاجلا و يحنث بوطي واحدة و ينحلّ الإيلاء في البواقي و لو طلّق بعضهنّ بقي الإيلاء في المتخلّف و لو قصد هنا واحدة قيل و لو قال لا وطئت كلّ واحدة منكن كان موليا من كلّ واحدة كالمنفردة فمن طلّقها وفاها و بقي الإيلاء في المتخلّف و كذا لو وطئها قبل الطلاق فيلزمه الكفّارة عنها و يبقى الإيلاء في المتخلف [- ى -] لو كرّر الإيلاء لم يتكرّر الكفّارة سواء قصد التأكيد أو المغايرة أو أطلق إلاّ أن يتغيّر الزمان مثل و اللّٰه لا وطئتك خمسة أشهر فإذا انقضت فو اللّه لا وطئتك سنة فيتعدّد الإيلاء إن قلنا بوقوعه مشروطا و لها المرافعة فإن ماطل حتّى انقضت خمسة أشهر انحلّت و يدخل وقت الإيلاء الثاني و على ما اخترناه من بطلان المشروط لا يقع الثاني و قال الشيخ يقع الثاني عملا بالظاهر المتناول للإيلاء بصفة و فرّق بينه و بين الطلاق و العتاق بالإجماع فيهما قال فإن فاء بعد مدة التربص فاء بقدر مدة التربّص خرج من الأوّل و إن طلّق رجعيا فكذلك راجع أو لا و إذا انقضت الخمسة دخل وقت الثاني فإن كان في الأوّل فاء أو دافع حتّى انقضت ثمّ أو طلّق أو راجع كان في الثاني كأنّه آلى منها الآن فيضرب له أربعة بعد الخمسة فإن فاء بعدها خرج من حكمه و إن دافع حتّى انقضت السنة أثم و خرج من حكمه و إن طلّق رجعيّا و راجع و قد بقي أكثر

ص: 63

من أربعة تربّص و وقف بعد التربّص و إلاّ لم يتربّص و ينحلّ الإيلاء دون اليمين فيحنث لو وطئ قبل الانقضاء و لا يحتسب عليها الزمان من حين الطلاق إلى الرجوع و لو قال و اللّٰه لا أصبتك خمسة أشهر و اللّٰه لا أصبتك سنة كانا إيلاءين معجّلين يتداخلان خمسة أشهر فيتربّص عقيب اليمين أربعة فإن خرج منهما و كذا إن دافع حتى انقضيا [انقضّا] و لو دافع حتى انقضت القصيرة بقي المتخلّف من الطويلة فإن طلّق انحلّت الأولى و كذا الثانية إن لم يراجع أو راجع و لم يبق مدّة التربّص و يبقى حكم اليمين في الأخير و إن بقي مدّة التربّص وقف و تربّص [- يا -] إذا طلّق المولى رجعيّا وفى فإن راجع ضربت له مدّة أخرى و وقف بعد انقضائها فإن فاء أو طلّق وفى فإن راجع ضربت له أخرى و وقف بعد انقضائها فإن طلّق ثالثا بانت [- يب -] إذا قال و اللّٰه لا أصبتك أربعة فإذا انقضت فو اللّه لا أصبتك أربعة قال الشيخ لا يكون موليا لأنّ المولي من يوقف بعد التربص للفيئة أو الطلاق و بعد الأولى لا يطالب بفيئتها لانقضائها و لا بفيئة الثانية لأنّ التربّص لها و ما وجد [- يج -] لو قال إن وطئتك فأنت زانية لم يكن إيلاء و لا قذفا و إن وطئها لانتفاء احتمال التصديق و التكذيب و لو قال إن وطئتك فو الله لا وطئتك لم يكن في الحال موليا و على القول بجوازه مشروطا يقع عند غيبوبة الحشفة فإن لم ينزع حنث و كفّر و انحلّ الإيلاء سواء بقي على حاله أو كمل له الإيلاج و إن نزع لم يحنث به و لو قال لا وطئتك إن شئت و جوّزنا المشروط فالصفة مشيّتها ألاّ يقرّبها فإن لم يشأ أو شاءت في غير وقت المشيّة بحيث لا يكون كلامها جوابا لكلامه كالقبول في البيع لم ينعقد و إن شاءت في وقتها انعقد و لو قال و اللّٰه لا أقربك إن شئت أن أقربك علّقه بعقد الصّيغة [بضد الصفة] الأولى و معناه إن شئت أن أقربك فو اللّه لا فعلت فإن شئت [شاءت] في وقتها انعقد و إلاّ فلا و لو قال و اللّٰه لا أقرّبك إلاّ أن تشاءني فهو مطلق قد علّق حكمه و يمنع انعقاده بالصفة فإنه استثناء فهو في النفي و كان معناه إلاّ أن تشاءني أن أقربك فإن شاءت في غير وقتها أو لم تشأ انعقد و إن شاء في وقتها انحلّ بخلاف الأوّلين لأنّ الصيغة موضوعة لانعقادها هناك و هذه لحلّها و لو قال و اللّٰه لا وطئتك إلاّ برضائك لم يكن موليا [- يد -] إنما تضرب المدّة مع المطالبة منها فلو آلى و هو غائب صحّ الإيلاء لكن لا يضرب الحاكم المدّة فإذا بلغ المرأة فارتفعت إلى الحاكم و ضربت لها المدّة صحّ فإذا انقضت كان لها المطالبة بنفسها أو وكيلها فإن طالب الوكيل و طلّق وفاها و إن امتنع طولب بالفيئة بحسب القدرة فإذا فاء فيئة العاجز طولب بالمسير إليها و استدعائها و مع خوف الطريق يطالب بأحدهما مع القدرة و لو فاء و هو محرم حرم عليه الوطي لكن لو فعله انحلّ الإيلاء و هل للمرأة الامتناع من تمكينه حينئذ الأقرب ذلك و كذا في كلّ وطي محرّم كالحيض و لو وطئ المجنون حال جنونه أو جنونها و فاءها فلا مطالبة لها بعد الإفاقة و لا يحنث به

المقصد الخامس في اللعان
اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في أركانه

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] أركان اللعان أربعة السبب و الملاعن و الملاعنة و الكيفيّة و السبب أمران القذف و إنكار الولد و يشترط في الأوّل قذف الزوجة المحصنة المدخول بها السليمة من الصّمم و الخرس بالزنا قبلا أو دبرا مع دعوى المشاهدة و عدم البيّنة و في الثاني لحوقه به ظاهرا بأن يضعه لستة أشهر فصاعدا من حين وطيه و كونها موطوءة له بالعقد الدائم فيتعيّن الحد لو رمى الأجنبيّة أو الزوجة الصّماء أو الخرساء أو السليمة إذا لم يدع المشاهدة و لا لعان و كذا ينتفي اللعان بقذف المشهورة بالزنا و المحصنة مع البيّنة [- ب -] إذا قذف زوجته فحدّ و له إسقاط الحدّ بالبيّنة أو اللعان و مع فقد البينة إذا لم يلاعن حدّ و لا يحبس حتّى يلاعن فإذا لاعن حبست المرأة و لها إسقاطه باللعان فإن لم يفعله حدّت و لا تحبس على اللعان و لا يكفي في سقوط الحدّ عنها لعان الزّوج [- ج -] الأعمى لا يصحّ منه اللعان بالقذف فيحد قطعا إلا مع البيّنة لانتفاء المشاهدة و يصحّ منه بنفي الولد أمّا الأخرس فإن عقلت إشارته أو كان يحسن الكتابة كتب صح لعانه و قذفه مع احتمال العدم لافتقار اللعان إلى لفظ الشهادة و الإشارة ليست صريحة في القذف و لا يصحّ القذف بالكتابة و عندي في ذلك تردّد فإن جوزنا لعانه فلاعن بالإشارة المفهومة ثمّ تكلّم و أنكر اللعان و قال لم أقصده لم يقبل فيما له و يقبل فيما عليه فيطالب بالحدّ و يلحقه النسب و لا تعود الزّوجية فلو قال أنا ألاعن للحدّ و نفي النسب أجيب إليه أمّا لو أنكر القذف و اللعان معا فإنّه لا يقبل في القذف لتعلّق حق الغير به و حكم اللعان ما تقدّم و لو أصاب الصّحيح مرض بعد القذف و قال مسلمان عارفان إنّه يزول انتظر زواله و إن قالا لا يزول لاعن بالإشارة و كذا لو أشار حكما بطوله [- د -] لو كان للزوج القاذف بيّنة فللشيخ قولان في جواز العدول إلى اللعان أقربه العدم و لو قذفها بزنا أضافه إلى ما قبل الزّوجية تردّد الشيخ ففي الخلاف ليس له اللعان اعتبارا بحالة الزنا و في المبسوط له ذلك اعتبارا بحالة القذف و هو قوي و كذا له اللعان لنفي النسب لو أضافه إلى الزنا قبل زوجيّته بشهر أو شهرين و حملت و احتاج إلى رفع النسب فله أن يلاعن و لو قذفها في العدّة الرّجعية كان له اللعان بخلاف البائن بل يحدّ و لو أضافه إلى زمان الزوجيّة إلاّ أن يريد نفي النسب فله أن يلاعن أيضا فإن كان الولد قد انفصل لاعن

ص: 64

في الحال لنفيه و إلاّ تخيّر بين الصّبر إلى الانفصال و بين اللعان في الحال و كذا يتخيّر في الزّوجة الحامل بين ملاعنتها في الحال لنفي الولد و إن لم يقذفها و بين الصبر إلى الوضع و لم يعترض الشيخ لتحريم الثانية على التأبيد و الأقوى التحريم لصدق اللعان عليها مع احتمال عدمه لأنّ التحريم يتعلق بفرضه اللعان و هنا يتعلّق بالبينونة [- ه -] لا يجوز له قذف الزّوجة مع الشبهة و لا مع غلبة الظّن و لا مع إخبار الثقة و لا مع الشياع أنّ فلانا زنى بها و لا نفي الولد للشبهة أو الظّن أو لمخالفته إياه في الصفات و لا بعد استلحاقه فإن نفاه بعد الاعتراف حدّ و لا لعان سواء كان منفصلا أو حملا و لو أنكر ولد الشّبهة انتفى و لا لعان و مع العلم بانتفاء الحمل لاختلال بعض شروط الالتحاق يجب نفيه و اللعان و لا يلحق بنسبه من ليس منه [- و -] لو قذفها بالسّحق فلا لعان فإن ادعى المشاهدة حدّ و لو قذفها بالوطي في الدبر كان قاذفا يجب به الحدّ و له إسقاطه بالبيّنة و اللعان [- ز -] لو قذف المجنونة في حال إفاقتها أو في حال جنونها و أضافه إلى حال الصّحة لزمه الحدّ و لو أضافه إلى حال الجنون لزمه التعزير لكنّهما يتوقّفان على المطالبة فإن كان هناك نسب نحتاج إلى نفيه جاز له أن يلاعن لنفيه و إن لم يكن نسب فالأقرب أنّه ليس له ذلك فإن أفاقت و طالبت بالحدّ أو التعزير كان له أن يلاعن لإسقاطهما و إن كانت مجنونة لم يكن له أن يلعن إلاّ أن يطالبه المقذوفة فإذا لاعن لنفي النسب أو لإسقاط الحدّ وجب على المقذوفة الحدّ بلعانه إلاّ أنّه لا يقام عليها في حال جنونها لكن ينتظر الإفاقة فإما أن يلاعن أو يقام عليها الحدّ و لو أبرأته قبل اللّعان من الحدّ أو التعزير كان له اللعان لنفي النسب فإن لم يكن نسب لم يكن له اللعان لإزالة الفراش لإمكانه بالطلاق و ليس لوليّ المجنونة المطالبة بالحدّ ما دامت حيّة و كذا ليس لسيّد الأمة و العبد مطالبة زوجها بالتعزير في قذفهما و إنّما المطالبة و العفو لهما و الأقرب أنّ لهما مطالبة سيّدهما بالتعزير لو قذفهما على إشكال و لو ماتا ورث التعزير و كان له المطالبة به على إشكال ضعيف و حدّ القذف حقّ آدمي موروث يرثه الأنساب خاصّة دون الأسباب و لا تختص العصبات به و يسقط بالعفو و إذا ورثه جماعة كان لهم استيفاؤه فإن عفا بعضهم أو أكثرهم إلاّ واحدا كان له استيفاء الجميع [- ح -] لو ولدت تامّا لأقلّ من ستة أشهر لم يلحق به و انتفى بغير لعان و كذا لو مضى لأزيد من عشرة أشهر أو سنة على الخلاف من وطيه لكن في الأخير يفتقر إلى اللعان و لو اختلفا بعد الدخول في زمان الحمل تلاعنا و إنّما يلحق الولد مع إمكان الوطي من الزوج فلا يلحق الولد بالزّوج الصّبي لدون تسع سنين و يلحق إذا بلغ عشرا فلو أنكر الولد أخّر اللعان حتّى يبلغ رشيدا و لو مات قبله ورث الولد و الزوجة إن لم تنكره و لو كان الزوج خصيّا مجبوبا فالأقرب أنه لا يلحقه بخلاف فاقد أحدهما و الوطي في الدبر فلا ينتفي ولد أحدهما إلاّ باللعان و هل نفي الولد على الفور قيل نعم فلو حضر الولادة و لا عذر و لم ينكر لم يكن له إنكاره بعد ذلك و عندي فيه نظر أمّا لو أخّر بما جرت العادة به كالسعي إلى الحاكم فإنّه لا يسقط إنكاره إجماعا و كذا لو أمسك حتّى تضع لاحتمال الشّك له في الحمل و لو قال علمت الحمل و لم أنفه لجواز موته أو سقوطه بطل نفيه و لا يسمع نفيه بعد الاعتراف به صريحا أو فحوى كقوله آمين أو إن شاء اللّٰه عقيب بارك اللّٰه في مولدك هذا بخلاف بارك اللّٰه فيك أو أحسن إليك فيحدّ مع النفي في الأوّل دون الثاني [- ط -] لو طلّق و ادّعت حملها منه فأنكر الدخول قال الشيخ إن أقامت بيّنة بإرخاء الستر لاعن و حرمت و عليه المهر و إن لم تقم بيّنة فعليه نصف المهر و عليها مائة سوط و قال ابن إدريس لا يثبت اللعان بإرخاء الستر و هو جيّد و لا حدّ عليه لأنّه لم يقذف و لم ينكر ولدا يجب الإقرار به [- ى -] لو قذف زوجته و نفى الولد سقط الحدّ بالبيّنة و انتفى الولد باللعان لا بالبيّنة و لو تزوّجت و أتت بولد لدون ستّة أشهر من وطي الثاني و لتسعة فما دون من فراق الأوّل لحق بالأوّل و لم ينتف إلاّ باللعان [- يا -] يعتبر في الملاعن البلوغ و العقل و لا يشترط الإسلام و لا الحرّية و لا كونه سليما من حدّ القذف فلو قذف الكافر أو العبد أو المحدود في الزنا زوجته أو في نفي ولده كان له إسقاط الحدّ أو التعزير باللعان و رواية ابن سمان عن الصادق عليه السّلام متأوّلة [- يب -] يشترط في الملاعنة البلوغ و العقل و السّلامة من الصّمم و الخرس و العقد الدائم فلو قذف المجنونة أو الصّبية فلا لعان إلاّ أن تفيق المجنونة و يطالب بالحدّ فله اللّعان و كذا الصّبية إن لم يعتبر الدخول و لو قذف زوجته الصماء أو الخرساء حرمتا عليه أبدا و لا لعان و لو قذف المتمتّع بها أو المنكوحة بالملك أو التحليل عزّر أو حد و لا لعان سواء كان بالزنى أو بنفي الولد و في اعتبار الدخول قولان المرويّ اشتراطه و قال ابن إدريس إنّه شرط في نفي الولد لا القذف و هل يشترط حرّيتها قال المفيد نعم فلا لعان بين الحرة و المملوكة و اختاره ابن إدريس و قال الشيخ لا يشترط و عليه اعتمد لرواية جميل بن دراج الحسنة عن الصادق عليه السّلام و كذا يثبت بين المملوك و زوجته الحرّة عملا برواية الحلبي الحسنة عنه عليه السّلام و بين المملوك و زوجته الأمة عملا برواية محمّد بن مسلم الصحيحة عن أحدهما عليهما السلام و هل يشترط إسلام المرأة قال المفيد نعم و اختاره ابن إدريس و قال الشيخ لا يشترط و هو الحقّ لرواية جميل فلو قذف المسلم زوجته الذمية أو الكافر زوجته الكافرة

ص: 65

أو نفى أحدهما الولد كان عليه التعزير أو يلاعن أمّا الموطوءة بالملك فلا يفتقر في نفي الولد إلى اللعان و إن اعترف بالوطي بل ينتفي عنه و لا تصير الأمة فراشا بالملك و لا بالوطي و يجوز لعان الحامل لكن يؤخّر الحدّ عنها حتّى تضع إن وجب و لو قذف زوجته المحدودة في القذف حدّ و لاعن و كذا المحدود لو قذف زوجته [- يج -] لا يثبت اللعان بالقذف المطلق ما لم يقرنه بدعوى المشاهدة و لا يجوز له اللعان حتّى يشاهد و لا يحلّ له التعويل على اختبار الثقة أو الاشتهار بين الملاء و لا نفي ولد يمكن أن يكون منه [- يد -] لو ادعى أنّ قذفه حال جنونه و ادعته حال عقله قدّم قول من له البيّنة فإن لم يعلم له حالة جنون فالقول قولها مع اليمين و إن علمت فالقول قوله مع اليمين و لو قذف الذّمي زوجته و ترافعا إلينا عزّر و له إسقاطه باللعان و لو أنكر القذف فالقول قوله إلاّ أن يشهد مسلمان بالقذف [- يه -] إذا ثبت زناها بالبيّنة أو بإقرارها فقذفها قاذف بذلك الزنا وجب التعزير لا الحدّ سواء كان زوجا أو أجنبيّا و هل للزوج إسقاطه اللعان قوّى الشيخ العدم و إن كان قذفها الزوج و لاعنها و امتنعت منه تحقّق الزنا باللعان فإن قذفها الزوج عزّر و إن قذفها أجنبيّ حدّ و إن لاعنه ثبت الحدّ على الزّوج و غيره سواء كان الزّوج نفى نسب ولدها أو لم ينف أو كان الولد باقيا أو قد مات أو لم يكن لها ولد و لو قذف زوجته و امتنع عن اللعان فحدّ ثمّ عاد و قذفها بذلك الزنا لم يحدّ على إشكال و عزّر للسّبب و ليس له إسقاطه باللعان و لو قذفها أجنبيّ و لا بيّنة فحدّ ثمّ قذفها ثانيا بذلك الزنا لم يحدّ أيضا و عزّر للنّسب [- يو -] لو ادّعت على زوجها القذف فأنكر فأقامت بيّنة بالقذف كان له أن يلاعن و لو أنكر القذف و الزنا فقامت عليه البيّنة بالقذف حدّ و لا يسمع بيّنته و لا لعانه [- ين -] لو قذف الصّبي عزّر و لا حدّ و لا لعان و إن بلغ و لو قال البالغ ركبت رجلا فدخل ذاك منه في ذلك منك حدّ أو يلاعن و لو قال يا زانية بنت الزانية حدّ لكلّ واحدة حدّا كاملا و له إسقاط حدّ البنت بالبيّنة و اللعان و إسقاط حد الأم بالبينة خاصّة و أيّهما بدأ بالحدّ كان للآخر المطالبة بالآخر و لا توالي بين الحدّين بل يترك حتّى يبرأ و لو كان عبدا فكذلك لأنّه يحدّ في القذف و الشرب كالحرّ [- يح -] لو قذف و لم يلاعن فحدّ بعض الحدّ فبذل اللعان قبل منه و لو قذف حدّ الرّجل فأراد أن يلاعن بعده مكّن منه إن كان هناك ولد و إلاّ فلا و لو قذف المنكوحة للشبهة حدّ و لم يلاعن سواء كان للزنا أو لنفي النسب

الفصل الثّاني في كيفيّة اللعان و أحكامه

و فيه [- لد -] بحثا [- أ -] إذا قذف الرجل زوجته و أراد لعانها اشترط الحاكم أو من ينصبه لذلك قال الشيخ و لا يفتقر إلى حضوره بل إلى استدعائه و إلقائه على الزوجين و يستوفي عليهما اللعان قال فلو بدأ به قبل أن يأمره الحاكم به لم يعتدّ به قال و لو تراضيا برجل يلاعن بينهما جاز و يلزم بنفس الحكم مثل الحاكم و لا يفتقر في لزومه إلى تراضيهما و يبدأ الرّجل فيقول أشهد باللّٰه إنّي لمن الصّادقين فيما رميتها به أربع مرّات ثمّ يقول ألا لعنة اللّٰه عليّ إن كنت من الكاذبين ثمّ تقول المرأة أشهد باللّٰه إنّه لمن الكاذبين فيما رماني أربع مرّات ثم تقول إنّ غضب اللّٰه عليّ إن كان من الصادقين و لو تراضيا برجل من العامّة فلاعن بينهما ففي الجواز نظر و يشتمل اللعان على واجب و ندب فالواجب التلفظ بالشهادة على ما قلناه و قيام الرجل عند اللّفظ و كذا المرأة و قيل يكونان معا قائمين بين يدي الحاكم و بدأة الرّجل بالشّهادة ثم اللعن و بعده المرأة على الترتيب و تعيّن المرأة بالإشارة إن كانت حاضرة من غير حاجة إلى اسمها و نسبها أو الاسم و النسب مع الغيبة أو الصفات المختصة بها و التلفظ بالعربيّة مع القدرة و يجوز غيرها مع العجز فيفتقر الحاكم إلى مترجمين لا أقلّ و النّدب جلوس الحاكم مستدبر القبلة و وقوف الرّجل عن يمينه و المرأة عن يمين الرّجل و حضور سامع و وعظ الحاكم و التخويف بعد الشهادات لهما قبل اللّعن و الغضب [- ب -] يجوز التغليظ بالمكان بأن يلاعن الحاكم بينهما إن كان بمكّة بين الركن و المقام و في المدينة بين القبر و المنبر و إن كان بيت المقدّس ففي المسجد عند الصخرة و إن كان في غير ذلك ففي الجامع و بالزمان بإيقاعه بعد العصر و باجتماع الناس و بالقول و هو تكرار الشهادات أربع مرّات و هو شرط في اللعان و الزمان و المكان و الاجتماع ليست شروطا و لا واجبة [- ج -] الحائض لا تدخل المسجد فيبعث الحاكم من يستوفي الشهادات منها و يستحب أن يكون أربعة نفر و لعلّه واحد و كذا لو كانت مخدّرة و لا يكلّفها الخروج و لو كانا ذميّين تلاعنا في الموضع الذي يعتقدان تعظيمه من البيعة و الكنيسة و بيت النار و لو كانا وثنيين لاعن بينهما في مجلسه [- د -] يجب بدأة الرّجل أولا باللعان فلو بدأت المرأة لم يعتدّ به و كذا يجب استيفاء الألفاظ على ترتيبها فلو نقص أحدهما أو غير الترتيب لم يعتدّ به أيضا و لو حكم الحاكم بالقرعة في ذلك كلّه لم ينفذ حكمه [- ه -] يتعلّق بالقذف وجوب الحدّ على الزوج و بلعانه سقوط الحدّ في حقّه و وجوبه في حقّها أو بلعانهما سقوط الحدّين و انتفاء الولد عن الزوج دون المرأة و زوال الفراش و تأبيد التحريم و لا يكفي في هذه الأحكام الأربعة لعان الزوج خاصّة و لا يفتقر بعد اللعان إلى حكم الحاكم فلو أكذب

ص: 66

نفسه في أثناء اللعان أو نكل حدّ و لا يثبت شيء من الأحكام و لو نكلت أو أقرّت رجمت و لا حدّ عليه و كان الفراش باقيا أمّا لو أكذب نفسه بعد اللعان فإنّه لا يعود الفراش و لا يزول التحريم المؤبّد و لا يرث هو و لا من يتقرّبه الولد المنفي و يرثه الولد و الأقرب سقوط الحدّ عنه و لو اعترفت بعد اللعان لم يحدّ إلاّ أن يقرّ أربعا على إشكال و فرقة اللعان فسخ لا طلاق و لا يرتفع التحريم المؤبّد بالتكذيب [- و -] يشترط في كلّ شهادة من الأربع أن يقول أشهد باللّٰه إنّي لمن الصّادقين فيما رميتها به من الزنا و إن نفى الولد زاد و إن هذا الولد من زنا و ليس منّي و اقتصر على أحدهما لم يجز و كذا في اللعن و لو لاعنها و سكت عن نفي النسب حرمت و له نفيه بعد ذلك باللعان حملا كان أو لا و يقول المرأة أشهد باللّٰه إنه لمن الكاذبين فيما رماني به و لا تذكر نفي النسب و تشير إليه مع حضوره و نسبه مع غيبته [- ن -] لو أتى بالغضب عوض اللّعن أو أتت هي باللّعن عوضه لم يصحّ و كذا لو أبدل لفظ الشهادة بالحلف أو القسم أو الإيلاء [- ح -] لو قذفها برجل معيّن أو برجال كذلك حدّ للمرأة حدا كاملا و كذا لكلّ واحد فإن لاعن سقط حدّ المرأة خاصّة و إن أقام البيّنة سقط الحدّان و لو صدقته المرأة حدت للزنا و للقذف و حدّ هو للقذف و من قذف عند الحاكم غيره و علم الحاكم جهل المقذوف بالقذف أنفذ و أعلمه ليطالب الحدّ بخلاف ما لو قال سمعت ناسا يقولون إن فلانا زنا بفلانة [- ط -] إذا اعترفت قبل اللعان سقط الحدّ عن الزّوج بالمرة و لا يجب عليها الحدّ إلاّ أن يقرّ أربعا و لا ينتفي النسب إلاّ باللعان لأنّ تصادقها على الزنا لا ينفي النسب الثابت بالفراش فللزوج أن يلاعن لنفيه و فيه نظر و ليس له أن يلاعن للزنا بعد التّصديق إجماعا بل يجب عليها الحدّ و لا يسقط الفراش و لا يثبت التحريم و لو رجعت عن تصديقه سقط الحدّ و يحتاج إلى اللعان لأنّ الرّجوع عن إقرار الزنا مقبول [- ى -] إذا مات الزوج قبل اللعان أو قبل إكماله ورثته المرأة و ولدها المنفيّ و إن ماتت قبل لعانه أو قبل إكماله ورثها هو و عليه الحدّ للوارث و لو أراد دفعه باللعان جاز على إشكال و لو أراد نفي النسب كان له أن يلاعن لنفيه و قال الشيخ إن قام رجل من أهلها مقامها و لاعنه سقط ميراثه و هو ضعيف [- يا -] لو نكل عن إكمال اللعان حدّ للقذف و كذا لو نكلت هي عن اللعان بعد لعانه أو عن إكماله رجمت و لو انقطع كلامه بعد القذف لاعن بالإشارة و إن رجا عود نطقه [- يب -] إذا قال هذا الولد ليس منّي احتمل أنّه من زنا فيكون قذفا فيحدّ إلاّ أن يلاعن و احتمل أنّه لا يشبه خلقي و خلقي فلا حدّ فالقول قوله في إرادته مع اليمين فإن نكل حلفت المرأة على إرادته القذف فيحدّ أو يلاعن أو يقيم البيّنة و احتمل أنّه من زوج غيري فإن لم يعلم لها زوج لم يقبل هذا التفسير لو أراده و ألزم بالمحتمل و إن علم فإن عرف فراق الأوّل و نكاح الثاني و وقت الولادة ألحق بالأوّل إن أتت به لأقلّ من ستة أشهر من وطي الثاني و لدون عشرة من فراق الأوّل و بالثاني إن أتت لأكثر من عشرة من فراق الأوّل و لستة فما زاد من نكاح الثاني إلاّ أن يلاعن و لغيرهما إن أتت به لأكثر من عشرة و أقلّ من ستة و إن احتمل منها التقطته أو استعارته فعليها البيّنة بالولادة و تسمع فيه شهادة النّساء و إن انفردن فإن تعذّر حلف الزوج على نفي العلم بالولادة و انتفى النسب بغير لعان و إن نكل حلفت و لحق النسب إلاّ أن يلاعن و إن نكلت تردد الشيخ بين إيقاف اليمين على بلوغ الصّبي ليحلف و يثبت نسبه و بين عدمه لأنّ اليمين حقّها و إن نكلت عنها فسقط و لا يثبت بعد ذلك فعلى الأوّل يحلف الصّبي بعد بلوغه و يثبت النسب إلاّ أن يلاعن الأب و على الثاني لا يلحق إلاّ النسب إلاّ بالبيّنة و لو قال لامرأته هذا الولد ليس منّي بل زنى بك فلان فله أن يلاعن و ينفي النسب و كذا لو لم يعيّن المنسوب إليه و لو قال ليس منّي و لا أصبتك و لست بزانية لم يكن قاذفا لأنّه قد يكون ولده بأن يطأ دون الفرج فيسبق الماء إليه و إن لم يصبها أو بأن يستدخل ماءه فلا يلاعن و لو قال وطئك فلان بشبهة و هذا ولده فالقرعة هنا عندنا و لا لعان لأنّ كلّ موضع يمكن نفي النسب بغير لعان لم يجز نفيه باللعان و لو قال غصبك فهو قاذف له دونها و له أن يلاعن لنفي النسب و عليه حدّ القذف له [- يج -] لو قال لابن الملاعنة لست ابن فلان و لو قال أردت أنّ الشرع منع من نسبه فليس بقذف فإن صدّقته المرأة و إلاّ حلف فإن نكل حلفت و حدّ و إن قال أردت أن أمّه أتت به من زنا فهو قذف يحدّ له و كذا يحدّ لو قال له بعد أكذب أبيه نفسه بعد اللعان [- يد -] لو لاعن لنفي النسب فوضعت آخر قبل ستة أشهر فهما حمل واحد فإن نفاه انتفى و إن أمسكه لحقه فيلحقه الأوّل و إن وضعه لأكثر من ستة أشهر فهو حمل آخر له حكم بانفراده و له نفيه باللعان و إن كانت الزوجة قد بانت بالأوّل و إن أمسكه لحق به دون الأول فإن لاعن عن الحمل فوضعه ثمّ وضعت آخر قبل ستة أشهر انتفى باللّعان لتناوله جميع الحمل و إن كان بعدها انتفى الثاني بغير لعان لبينونتها بالأوّل و حملت بالثاني وقت البينونة بخلاف ما إذا لاعن عن المنفصل لاحتمال وطيها قبل اللعان و إذا استلحق أحد الولدين التّوأمين لحقه الآخر إن كان بينهما دون ستة أشهر فإن صرّح بالقذف في نفي الآخر حدّ و لا يلاعن [- يه -] لو لاعن زوجته

ص: 67

الأمة لنفي النسب أو للزّنى حرّمت أبدا فإن اشتراها لم يحلّ له وطيها و كذا لو طلّقها اثنين ثمّ اشتراها لم يحلّ له قال الشيخ و قال شاذ من أصحابنا إنّها تحلّ و لا نفقة للبائن باللّعان و لا سكنى إلاّ أن يكون حاملا و لم ينف حملها [- يو -] يجوز اللعان لنفي نسب الولد الميّت سواء كان للولد ولد أو لا فلو ولدت توأمين و مات أحدهما و نفى الآخر كان له أن يلاعن لنفيهما [- ين -] لو قال لزوجته يا زانية فقالت زنيت بك حدّ الرجل دون المرأة إن قصدت نفي الزنا عنهما و إن قصدت زناهما معا سقط الحدّ عنه و وجب عليها حد قذفه و حدّ الزنا إن اعترفت أربعا و لو قصدت زناها خاصّة بأن يقول وطئتني للشبهة مع علمي بالتحريم لم يحدّ للقذف و حدت للزنى إن اعترفت أربعا و القول قولها في قصدها مع اليمين و لو ادّعى قصد قذفها له فإن نكلت حلف و حدت و لو قالت أنت أزنى منّي احتمل القذف و عدمه و لو قال لها أنت أزنى من فلانة و قصد أنّ فلانة زانية أزنى منها حدّ لها و له إسقاط حدّ زوجته باللعان و إن لم يقصد الشريك حدّ لزوجته لاحتماله كما في قوله أصحاب الجنّة و لو قصد نفيه عنهما قبل مع اليمين و لو أنكرتاه و لو قال أنت أزنى النّاس لم يكن قذفا لانتفاء الزنا عن جماعة الناس و لو قصد أزنى من زناة الناس حدّ لها خاصّة و لو قال لها أنت أزنى من فلانة و ثبت زنى فلانة بالبيّنة و كان عالما حدّ و إن كان جاهلا لم يحدّ و لو قال لها أنت زان قوّى الشيخ عدم الحدّ إن كان من أهل الأعراب و إلاّ وجب و كذا قوى العدم لو قالت له يا زانية و لو قال لغيره زنأ في الجبل احتمل الصعود فلا حدّ و الزنا فيه فيحدّ و يقبل تفسيره مع اليمين و لو نكل حلف مدّعي القذف و حدّ و لو قال زنى من غير قيد فإن كان من أهل اللّغة رجع إليه في التفسير و إن كان عاميا حدّ لأن العامة لا تفرّق بين زناة و زنيت و الوجه عندي قبول تفسير العامي أو فسّره لغيره و لو صرّح بالتاء فقال زنيت في الجبل و قال أردت الترقي و تركت الهمزة فالأقرب القبول و لو قال لزوجته زنيت و أنت صغيرة و فسّر الصغر بما لا يحتمل معه القذف كبنت اثنين أو ثلاث للسب دون القذف و لا يسقط باللعان و لو فسّر بما يحتمل كبنت تسع أو عشرة حدّ للقذف و له إسقاطه باللعان و لو قال زنيت و أنت نصرانية فصدّقته في الثاني خاصة أو قامت بيّنة عزّرت و له إسقاط باللعان و القول قوله مع اليمين لو ادعت عدم إرادة قذفه حالة الكفر و إن كذّبته فيهما و ثبت ولادتها في الإسلام حدّ و له أن يلاعن و إن لم يعلم حالها فالقول قوله مع اليمين و يعزّر و يلاعن لسقوطه إن شاء و يحتمل تقديم قولها فإن نكلت حلف و عزّر و لو قال لها زنيت ثمّ قال بعده إنّما أردت في حال ما كنت نصرانية و قالت بل أردت الآن قدّم قولها مع اليمين و لو قال زنيت و أنت أمة و عرفت الرقية عزّر و له اللعان و إن عرفت الحرية في الأصل حدّ و إن جهل احتمل الأمرين و لو قال أنت الآن أمة فقالت بل حرّة و جهل الحال احتمل الأمرين أيضا و لو قال أكرهت على الزنا لم يحدّ و الأقوى تعزيره على السّب و كذا زنى بك نائمة أو زنى بك صبي لا يجامع مثله و لو قال يجامع مثله حدّ [- يح -] لو طلّقها بعد القذف فتزوّجت بآخر فقذفها وجب لها عليهما حدّان فإن لاعنا و امتنعت حدّت حدّين و لو قذف أجنبيّة فحدّ ثمّ قذفها به عزّر و إن قذفها بآخر حدّ ثانيا قبل حدّه بذلك حدّ حدّا واحدا و إن كان بعده فحدّان و لو تزوّجها بعد قذفه ثمّ قذفها ثانيا فإن أقام بيّنة سقط الحدّان و إلاّ ثبتا و له إسقاط الثاني خاصّة باللعان و لو قذف زوجته ثمّ قذفها بآخر قبل اللعان فعليه حدّ واحد و يكفي لعان واحد و يذكر في كلّ شهادة موجب الكثرة من الزمان أو الفاعل و إن لم يعيّنها بل أطلق قال فيما رميتها به من الزنيين و لو لاعن ثمّ قذف ثانيا بزنى أضافه إلى ما قبل اللعان حدّ و القول قوله لو قالت قذفني قبل التزويج و لو قال بعده أو بعد البينونة و قال قبلها و قولها لو قالت قذفني و أنا أجنبية فقال بل أنت زوجتي و أنكرت الزّوجيّة [- يط -] لو قال لها يا زانية فقالت بل أنت زان عزرا و له إسقاطه باللعان و لا يسقط عن المرأة إلاّ بالبيّنة و لو قال للزوجة و الأجنبية زنيتما و أقام البيّنة حدتا و إن لاعن سقط حدّ زوجته خاصّة و إن لم يفعلهما حدّ لكلّ واحد حدّا كاملا و لو قذف جماعة بلفظ واحد فإن جاءوا به مجتمعين فعليه حدّ واحد و إن جاءوا به متفرّقين حدّ لكلّ واحد حدّا كاملا سواء كانوا ذكورا أو إناثا أو بالتفريق و سواء كنّ زوجات أو أجانب أو بالتفريق فإن أقام بينة حدّ من أقام البيّنة عليه و له إسقاط حدّ الزوجات باللعان و يفتقر إلى تعدّده و لا يتّحد برضاهنّ بلعان واحد و يبدأ بلعان من يخرجه القرعة مع التشاح [- ك -] إذا قذف زوجته بزنى في طهر جامعها فيه و أتت بولد كان له أن يلاعن لنفيه و لو قذف محصنا حدّ فإن ثبت زنى المقذوف قبل حدّه سقط قال الشيخ و يقوى عدمه [- كا -] إنّما يجب الحدّ بقذف المحصن و هو الحرّ المكلّف المسلم العفيف عن الزنا و كذا المرأة و يجب بقذف غيره التعزير و يخرج المحصن عن إحصانه بالوطي المحرّم الّذي لم يصادف ملكا كالعاقد على المحارم أو وطي جارية أبيه أو ابنه أو المرهونة عنده و يجب به الحدّ أمّا المصادف كالحائض و المحرمة و المظاهرة و المولى منها فلا حدّ للزنى بل للقذف و لا خروج عن الإحصار و كذا وطي الشبهة و الوطي من الصّبي و القبلة و الملامسة و مقدّمات الزنا و الرّدة الطّارية بعد القذف و لا الزنا

ص: 68

الطّاري و لو ادعى القذف و أقام شاهدين حبس القاذف القذف حتى ثبت العدالة قاله الشيخ بخلاف ما لو أقام واحدا و يحبس في المآل بالواحد و لا يصحّ الكفالة بالبدن لحدّ اللّٰه تعالى أو لحد الآدمي [- كب -] قول الرّجل لامرأته زنيت أو يا زانية أو زنى فرجك صريح في القذف و كذا النيك و إيلاج الحشفة دون زنيت [زنت] يدك أو رجلك أو عينك و الأقرب في بدنك الصريح فلا يقبل قوله في الصريح لو فسّر بغيره بخلاف الكناية فيقبل قوله لو أراد العدم مع اليمين إن كذّبته و ليس له أن يحلف كاذبا على إحفاء نيّته و إن لم يحلف فله أن لا يقر بالبيّنة حتى لا يؤذى للقذف لكن يجب عليه الحدّ بينه و بين اللّٰه مع احتمال وجوب الاعتراف لتوفية الحدّ و لو قال يا حلال ابن الحلال أو ما أحسن ذكرك في الجيران أو ما أنا بزان و لا أمي زانية أو للقرشي يا نبطي أو يا فاسقة أو يا غلمة أو يا شبقة فإن قصد القذف حدّ و إلاّ عزّر و لو قال بارك اللّٰه لك أو ما أحسن وجهك لم يكن قذفا و إن قصده [- كج -] إذا شهد أربعة على امرأة بالزنى أحدهم زوجها فإن كان قد تقدم قذفه حدّوا أجمع و له خاصّة إسقاط حدّه باللعان و إن لم يتقدّم القذف ففيه روايتان أقربهما أنّه كذلك لقوله تعالى ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ و استدلال الشيخ بقوله وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلاّٰ أَنْفُسُهُمْ ليس بذلك القويّ [- كد -] لو قذفها و نفى الولد و أقام أربعة بالزنى لم ينتف النسب و إنما ينفيه باللعان سواء كان حملا أو منفصلا [- كه -] يجب عليه الحدّ بالقذف و يسقط باعترافها فلو ادّعاه و أنكرت فأقام شاهدين باعترافها قال الشيخ مذهبنا أنّه لا يثبت إلاّ بأربعة كالزنى و لو أقام أربعة سقط الحدّ عنه إجماعا و كذا يسقط عنها لأنّ الرجوع عن الإقرار يسقط الرجم و لو عجز القاذف عن البيّنة فهل له مطالبة المقذوف باليمين أنّه لم يزن فيه نظر و ليس دعوى الإقرار بمجرّدها قذفا و لو عدم البيّنة كان له إحلافها إن كان قذف أوّلا فإن نكلت حلف القاذف أنّها أقرّت فيسقط حدّه و لا يجب عليها حدّ [- كو -] لو ادعى أنّ المقذوف مشركة أو أمة حالة القذف و قالت قبله قدّم قوله مع اليمين و كذا لو أنكرته أصلا و لو قال كنت مرتدة حالة القذف فأنكرت فالقول قولها مع اليمين و لو أقام بيّنة بصغرها حالة القذف و أقامت بالكبر فإن كانتا مطلقتين ثبتتا معا فإن اتحد التاريخ تعارضتا قال الشيخ و يستعمل بالقرعة و فيه نظر [- كز -] لو شهدا بأنّه قذف زوجته و قذفهما لم يقبل شهادتهما لهما و لا للزوجة فإن أسقط أحدهما و مضت مدّة عرف صلاح الحال بينهم ثمّ أعاد الشهادة الزوجة قال الشيخ يقوى عندي قبولها و لو ادّعيا قذفهما و أبرءاه ثمّ شهدا بقذف الزوجة بعد زوال العداوة فهاهنا القبول أولى و كذا لو شهدا بقذفها فحكم ثمّ ادّعيا قذفهما أمّا لو لم يحكم فالأقرب الرّد للعداوة و يقبل لو شهدا بأنّه قذف زوجته و قذفنا لكن عفونا و حسن الحال بيننا و لو شهدا بقذف زوجته و أمّهما قبل لهما و لو شهدا بأنّه قذف ضرة أمّهما قبل و كذا لو شهدا بطلاقها [- كح -] لا يثبت دعوى القذف إلاّ بشاهدين متّفقين فلو شهد أحدهما بالقذف بالعربيّة أو يوم الخميس و الآخر بالعجميّة أو يوم السبت لم يثبت أمّا لو شهدا بالإقرار بالصيغتين أو في الوقتين فإنّهما يقبلان بخلاف ما لو شهد أحدهما بالقذف و الآخر بالإقرار به أو شهد أحدهما أنّه أقرّ أنّه قذفها بالعربية و الآخر أنّه أقرّ أنّه قذفها بالعجمية لأنّ العربيّة و العجميّة هنا عائدتان إلى القذف لا إلى الإقرار به و لو شهد أحدهما أنّه قال القذف الّذي كان منّي كان بالعربيّة و شهد الآخر أنه قال القذف الذي كان مني كان بالعجميّة احتمل عدم القبول لأنهما قذفان و ثبوته لإقراره بالقذف و قوله بالعربية أو العجمية إسقاط لإقراره [- كط -] نفي الولد على الفور فلو أخر مع القدرة بطل نفيه و لا يجب مخالفة العادة في مشيه إلى الحاكم فإن أخّر و قال لم أعرف ولادتها قدّم قوله مع اليمين إن كان بعيدا عنها و إن كانا في دار واحدة لم يقبل و لو قال عرفت الولادة و لا أعرف أنّ لي النفي قدّم قوله مع اليمين إن احتمل الصدق بأن يكون قريب عهد بالإسلام أو نشأ في بلاد بعيدة عنه و لو لم يكن كذلك لم يقبل و لو لم يتمكّن من النفي لمرض أو حبس أو حفظ مال أو اشتغال بمطالبة غريم كان له النفي عند زوال العذر و يجب عليه الإشهاد على إقامته على النفي إن تمكّن فإن لم يشهد مع المكنة بطل نفيه و لو كان بعيدا وجب عليه الحضور و النفي فإن تأخّر بطل نفيه إلاّ لخوف في الطريق أو غيره من الأعذار و الحكم مع التمكّن من الشهادة ما تقدّم و لو حضر و قال لم أسمع لولادتها قدّم قوله مع اليمين و كذا لو قال سمعت و لم أصدقه ما لم يبلغ التواتر [- ل -] إنّما يلحق الولد مع إمكان الوطي و لا يكفي العقد المجرّد للقادر على الوطي إذا لم يعلم إمكان وطيه فلو تزوّج عند الحاكم و طلّقها في المجلس ثلاثا ثمّ أتت بولد من حين العقد لستة أشهر لم يلحقه و كذا لو تزوّج مشرقي بمغربيّة ثمّ أتت بولد لستة أشهر من حين العقد و كذا لو تزوّج ثمّ غاب و انقطع خبره فقيل للمرأة إنّه مات فاعتدّت و تزوّجت و جاءت بأولاد ثمّ جاء الأوّل فلا ولد للأوّل [- لا -] لو عفت عن الحدّ و لا نسب انحصر غرض اللعان في قطع النكاح و دفع عار الكذب و الانتقام منها و الأقرب جواز اللعان بمجرّد هذه الأغراض و أولى بالجواز لو سكتت عن الحدّ و ما عفت و الأصل فيه أن طلبها هل يشترط في اللعان أم لا و لو قصد نفي النسب لم يتوقف اللعان على طلبها و لو قال زنى بك ممسوخ أو هي رتقاء فلا لعان لعلم كذبه و يعزّر تأديبا [- لب -] من شرائط اللعان النكاح الدائم على ما تقدّم فلو قذف الأجنبيّ حدّ و لا لعان و الطلاق الرّجعي لا يمنع اللعان

ص: 69

و لو ارتد الزّوج فإن كان عن فطرة فلا يلاعن و يحدّ بالقذف و إن كان عن غير فطرة فلا يلاعن و يحد بالقذف و كان عن غير فطرة فلاعن و عاد إلى الإسلام تبيّن صحّة اللعان و لو أصرّ تبيّن فساده و لو وطئ في نكاح فاسد أو شبهة لم يصحّ اللعان للمقذوف و لا لنفي النسب و لو ظنّ صحّة النكاح فلاعن ففي سقوط الحدّ نظر يترتّب على سقوطه باللعان الفاسد و كذا البحث في سقوط حدّ المرتدّ إذا لاعن و أصرّ و لو اشترى زوجته فأتت بولد لا يمكن أن يكون بعد الشراء فله اللعان و إن احتمل فلا لعان فلو ادعى الوطي في الملك و الاستبراء بعده لم يلحقه نسب ملك اليمين و الأقرب لحوقه بالنكاح فله النفي باللعان [- لج -] لو قذفها بأجنبيّ و ذكره في اللعان لم يسقط حق الأجنبي و أولى بعدم السقوط لو لم يذكر فيه [- لد -] إذا ولدت توأمين بينهما أقلّ من ستّة أشهر فإن نفاهما ثم استلحق أحدهما لحقه الثاني و لا يتبعّض و يغلب جانب الإثبات و لو نفى الحمل فأتت بتوأمين انتفيا و له أن ينفي أولادا عدّة بلعان واحد و بين التوأمين المنفيين إخوة الأم لا إخوة الأب و لو استلحق الولد المنفي لحق به و إن كان اعترافه به بعد الموت و يرثه و كذا لو نفى بعد الموت ورثة و كذا لو نفى بعد الموت ثمّ استلحقه و لو استلحقه بعد اللعان لم يعد النسب لكن يرثه الولد لو مات الأب و لا يرث الأب لو مات الولد و الأقرب أنّه لا يشترط تصديق الولد في الاعتراف نعم لو صدّقه في النّفي ففي إرثه إشكال و لو قتل هذا الأب ولده فالأقرب ثبوت القصاص لانتفاء الحرمة من طرف الأب و كذا لو قذفه ثبت له الحدّ عليه

المقصد السّادس في العدّة
اشارة

و فيه فصول

الأوّل من لا عدّة عليها

و فيه [- ج -] مباحث [- أ -] الزوجة إن لم يكن مدخولا بها لم يكن عليها عدّة من الطلاق و الفسخ عدا الوفاة و الدخول يحصل بإيلاج الحشفة قبلا و لا يشترط الإنزال و لو خلا بها من غير وطي لم يجب العدّة على أقوى القولين سواء وطئها فيما دون الفرج أو لا و سواء كان الخلوة تامّة بأن يكون في منزله أو غير تامّة بأن يكون في منزل أبيها و لو اختلفا مع الخلوة في الإصابة فالقول قوله مع اليمين في العدم فإن أقامت شاهدين أو شاهدا أو امرأتين حكم بالبيّنة و يقبل الشاهد و اليمين لأنّ القصد استحقاق كمال المهر قال الشيخ و الذي يقتضيه أحاديث أصحابنا أنّه إن كان هناك ما يعلم صدق قولها مثل إن كانت بكرا فوجدت كما كانت فالقول قولها و إن كانت ثيّبا فالقول قول الرّجل لأن الأصل عدم الدخول و هذا القول مضطرب و لو كان طلّقها ثمّ ادّعى الدّخول و أقام شاهدا واحدا لم يحلف معه لأنّه يثبت الرجفة و ليست مالا و لو أتت من أنكر دخولها بولد لستّة أشهر من حين العقد لحق نسبه لإمكان أن يكون منه بأن يطأها فيما دون الفرج فيسبق الماء إلى الفرج أو تستدخل ماءه فتحمل منه و له نفيه باللعان و لا يجب المهر لو اتفقا على الوطي فيما دون الفرج أو استدخال الماء و لو اختلفا فيه مع نفي الولد الملحق به فالقول قول الزوج مع اليمين و لو لحقه نسب الولد و لم ينفه و اختلفا في الإصابة قال الشيخ الأقوى أنّ عليه المهر كملا [- ب -] المجبوب إن بقي من ذكره ما يمكنه الوطي به بقدر الحشفة فحكمه حكم الصحيح و إن لم يبق منه شيء لحق به الولد لإمكان الحمل إن حملت و عدّة الوفاة فأمّا عدة الطلاق فلا يجب أمّا الخصيّ و هو من قطعت خصيتاه و المسلول و هو من سلّت بيضتاه فإنّه يجب له العدّة بالدخول من الطلاق و غيره و إن لم يكن هناك حمل [- ج -] اليائسة و هي التي بلغت خمسين سنة أو ستّين إن كانت قرشيّة أو نبطية لا عدّة عليها إلاّ في الوفاة خاصّة لا في طلاق و لا في غيره و كذا الصغيرة و هي التي لها دون تسع سنين سواء دخل بها أو لا و هي رواية زرارة الحسنة عن الصادق عليه السّلام و إليه ذهب معاوية بن حكيم من قدماء علمائنا قال الشيخ و جميع فقهائنا المتأخرين و قال السيّد المرتضى رحمه اللّٰه يجب العدّة عليهما مع الدخول ثلاثة أشهر لعموم قوله وَ اَللاّٰئِي يَئِسْنَ مِنَ اَلْمَحِيضِ إلى قوله وَ اَللاّٰئِي لَمْ يَحِضْنَ و ليس فيه دلالة صريحة على مطلوبه للتقييد بالريبة فقد تلخّص من ذلك أنّ غير المدخول بها لا عدّة عليها في الطلاق و الفسخ و كذا اليائسة و الصّبية و يجب عدّة الوفاة عليهنّ

الفصل الثّاني في عدة الحرائر في الطلاق

و فيه [- و -] مباحث [- أ -] المطلّقة الحرّة المدخول بها إن كانت من ذوات الأقراء فعدّتها ثلاثة أقراء سواء كانت تحت حرّ أو عبد و حكم كلّ فسخ عدا الموت حكم الطلاق في العدّة و يحتسب الطهر الّذي يقع فيه الطلاق من الثلاثة إن لم يتعقّب الحيض الطلاق بلا فصل فلو حاضت مع انتهائه اللفظ الواقع في الطهر بحيث لم يحصل زمان يتخلّل الطلاق و الحيض صحّ الطّلاق و لا يحتسب ذلك الطهر من الثلاثة بل يفتقر إلى ثلاثة أقراء مستأنفة بعد الحيض و القول قولها لو ادّعت بقاء جزء من الطهر عقيب الطلاق فيكمل قرءين آخرين [- ب -] إنّما يتحقّق حصول الأقراء الثلاثة إذا رأت الدّم الثالث فحينئذ ينقضي العدّة بأوّل لحظة ترى الدّم فيها فيكون دلالة لا جزءا من العدّة خلافا للشيخ هذا إذا كانت عادتها مستقرة و إن اختلفت صبرت إلى انقضاء أقلّ الحيض و أقلّ زمان ينقضي فيه عدّة الحرة ستّة و عشرون يوما و لحظتان الأخيرة دلالة لا جزء على ما تقدّم و يظهر الفائدة في الرّجعة فلو أخبرت بعد انقضاء هذه الأيّام بحصول الأقراء الثلاثة صدقت سواء كانت لها عادة أكثر من ذلك أو لا و عليها اليمين إن كذّبها الزوج فإن أخبرت بانقضاء العدّة في دون ذلك لم يقبل فإن مضى زمان الإمكان و قالت وهمت في الأخبار و الآن انقضت عدّتي قبل قولها و إن كانت مقيمة على ما أخبرت به فالوجه أنّه لا يحكم بالانقضاء و لو ادّعت الانقضاء بالوضع

ص: 70

الفقير لا زكاة عليه و هو من يحل له أخذ زكاة المال و قال ابن الجنيد يجب على من فضل عنده من مئونته و مئونة عياله صاع و ليس بمعتمد [- د -] إنما تجب على الغني و هو من ملك قوت سنته له و لعياله أو يكون ذا كسب أو صنعة يقوم بأوده و أود عياله و زيادة مقدار الزكاة و للشيخ هنا قول آخر [- ه -] النية معتبرة في إخراجها فالكافر تجب عليه و لا يصحّ منه أداؤها و تسقط بالإسلام بعد الهلال لا قبله و لو أسلم عبد الكافر قبل الهلال و لم يبع لم يكلف مولاه الإخراج عنه [- و -] الفطرة تجب على أهل البادية كما تجب على أهل الحضر [- ن -] يجب أن يخرج الفطرة عن نفسه و عن جميع من يعوله سواء كان للعائل ولاية أو لا و سواء كان المعول مسلما أو كافرا حرا أو عبدا قريبا أو بعيدا غنيا أو فقيرا أو سواء وجبت العيلولة أو تبرّع بها و يجب عليه الإخراج عن زوجته و عبده إن لم يعلها غيره و لو عالهما غيره وجبت على العائل [- ح -] يجب على الزوج إخراج الفطرة عن زوجته و إن كانت غنية و لا يجب عليها و كذا كل من وجبت زكاته على غيره يسقط عنه و إن كان لو انفرد وجبت عليه كالضّيف الغني و المرأة الموسرة و لو نشزت سقطت مئونتها و لم تجب عليه فطرتها و ابن إدريس أخطأ هنا حيث أوجبها عليه و ادعى الإجماع و هو غريب و الزّوجة الصغيرة و غير المدخول بها إذا لم تمكنا من أنفسهما لم يجب عليه نفقتهما و لا فطرتهما [- ط -] المطلقة رجعية يجب على الزّوج إن لم يخرج عنها أما البائن فلا يجب عليه عنها و لو كانت حاملا و أوجبنا النفقة للحمل فكذلك و إلاّ وجبت [- ى -] المتمتع بها لا يجب فطرتها على الزوج إلا أن يعولها تبرّعا [- يا -] زوجة المعسر أو المملوك إذا كانت موسرة فلا زكاة على الزوج قطعا و هل يسقط عن الزّوجة قال الشيخ نعم و عندي فيه إشكال و الأصل فيه أن الوجوب إن ثبت على الزّوج ابتداء فالوجه ما قاله الشيخ و إن وجبت عليها و يتحملها الزّوج فالفطرة واجبة عليها و كذا البحث في أمة الموسر إذا كانت تحت معسر أو مملوك نصّ الشيخ على سقوط فطرتها عن مولاها و البحث كما تقدّم [- يب -] لو أخرجت الزوجة عن نفسها فإن كان بإذن الزّوج أجزأ عنها و إلا فلا [- يج -] لو كانت الزّوجة من أهل الإخدام فاتخذت خادما بأجرة لم يجب على الزوج فطرته إذا لم يعله و إن كان ملكا لها فإن اختار الزوج الإنفاق عليه وجب عليه فطرته و إلا فلا و لو استأجرت خادما و شرطت نفقته فإن اختار الزّوج ذلك وجبت فطرته و إلا فلا [- يد -] يخرج عن ولده مع العيلولة صغيرا كان أو كبيرا موسرا أو معسرا [- يه -] لو كان الولد صغيرا معسرا وجبت فطرته على الأب و لو كان موسرا فنفقته في ماله فإذا لم يعله الأب تبرعا قال الشيخ لا يسقط الفطرة عن الأب لأنه من عياله و الوجه عندي سقوط الفطرة عن الأب لانتفاء العيلولة وجوبا و تبرّعا و عن الولد لانتفاء التكليف أما الكبير فيجب فطرته عليه و لو كان فقيرا فعلى الأب و كذا البحث في الآباء و الأجداد و حكم ولد الولد حكم الولد سواء كان ولد ابن أو بنت [- يو -] لو كان للولد خادم فإن كان محتاجا إليه للزمانة أو الصّغر ففي وجوب فطرته على الأب مع اعتبار الولد تردّد [- ين -] يجب على المولى الإخراج عن عبده و إن كان غائبا أو آبقا أو مرهونا أو مغصوبا سواء رجا عوده أو لا و سواء كان مطلقا أو محبوسا كالأسير مع علم حياته و لو لم يعلم حياته قال الشيخ لا يلزمه الفطرة عنه و أوجبها ابن إدريس و عندي في ذلك نظر [- يح -] قال الشيخ لا يجب على الغاصب إخراج الفطرة عن العبد المغصوب و لا على المالك و ليس بجيد [- يط -] إذا اشترى عبدا و نوى التجارة وجب عليه فطرته و لا يسقط زكاة التجارة فيه ندبا أو وجوبا على الخلاف و لو كان له عبيد للتجارة في يد المضارب وجبت فطرتهم على المالك [- ك -] لو ملك عبده عبدا فإن أحلنا التمليك فالزكاة على المولى و إن سوغناه فالأقرب وجوبها على المولى أيضا [- كا -] فطرة عبد المكاتب المشروط على مولاه و الوجه أن زوجته كزوجة القن [- كب -] من نصفه حر و نصفه مملوك فعلى المولى نصيب الرقية و على العبد نصيب الحرّية و إن ملك بها نصابا و لو كان أحدهما معسرا سقط نصيبه و وجب على الآخر و لو كان بين السيّد و العبد مهاباة أو بين أرباب العبد المشترك لم يدخل الفطرة فيه [- كج -] القن إذا تزوّج بإذن مولاه كانت فطرة امرأته على مولاه سواء كانت حرة أو أمة أما لو لم يأذن وجبت فطرتها عليها إن كانت حرة و على مولاها إن كانت أمة [- كد -] المملوك الكافر إذا كانت له زوجة كافرة وجبت فطرتهما على المولى [- كه -] لو زوج أمته بعبد غيره أو مكاتبته و سلمها إليه وجبت فطرتها على مولاه و لو زوّجها من حرّ معسر سقطت فطرتها عن المولى لسقوط نفقتها عنه بالتسليم و عن المعسر و لو زوّجها من موسر و سلمها إليه وجب فطرتها على الزوج و لو منعها عنه في وقت وجب الفطرة على السّيد [- كو -] لو آجر عبده كانت فطرته على مالكه دون المستأجر [- كن -] لو أوصى لرجل برقبة عبد و لآخر بمنفعته كانت الفطرة على مالك الرقبة [- كح -] فطرة المشترك على أربابه بالحصص و لا فرق بين أن يكون بين اثنين أو أزيد و يجوز أن ينفق الشّريكان في جنس المخرج و أن يختلفا [- كط -] لا يجب أن يخرج على الجنين [- ل -] اختلف علماؤنا في الضيافة المقتضية لوجوب الفطرة فبعضهم اشترط ضيافة الشهر كله و آخرون العشر الأواخر و آخرون آخر ليلة من الشهر بحيث يهل الهلال و هو في ضيافة

ص: 71

و لو جبر السّبق بغيا فللزّوج الرجعة لأصالة البقاء و يستحبّ له تركها لجواز الانقضاء و لو ادّعى تأخّر الطلاق عن الولادة فقالت لا أعلم لم يكن جوابا و ألزمت التصديق أو التكذيب فإن نكلت حلف و كذا لو قالت تأخّرت الولادة فقال لا أعلم كلّف إحدى الأمرين فإن نكل حلفت [- ح -] لو أتت بولد بعد الطلاق لتسعة فما دون من حين الطلاق لحقه في البائن و الرّجعي سواء أقرّت بانقضاء العدّة أو لا و استحقّت النفقة و السكنى حتى تضع و إن كان لأكثر و كان بائنا لم يلحقه و ينتفي بغير لعان و تنقضي العدّة بوضعه لإمكان كونه منه و إن كان رجعيّا لحق به إن أتت به لدون أكثر زمان الحمل من وقت انقضاء العدّة و إن أتت به لأكثر لم يلحقه و لو وضعته لأكثر من تسعة أشهر من حين الطلاق البائن أو من حين انقضاء عدّة الرّجعي فإن ادّعت أنّه تزوّجها بعقد جديد و صدّقها حكم عليه بالمهر و النفقة و ثبت الفراش فإن اعترفت أو قامت البيّنة بولادة هذا الولد و إلاّ فالقول قوله مع اليمين على نفي العلم بولادتها و إن أنكر قبل قوله مع اليمين فإن نكل حلفت و ثبت النكاح فإن ثبت الولادة لزمه الولد بالفراش و لم ينتف إلاّ باللعان و إن نكلت لم يثبت النكاح و في إحلاف الولد إشكال فلو مات الزوج و خلّف ولدا واحدا فحكمه حكم الزوج إلاّ أنّه يحلف على نفي العلم بالنكاح و في إلحاق الولد إشكال لا على نفيه و ليس له أن يلاعن مع الاعتراف بالفراش و الولادة و كذا لو كان أكثر و صدّقوها و إن صدّقها واحد و كذّبها آخر و حلف أخذ من المصدّق بنسبة حصته من الميراث و لا يثبت النسب بإقراره إلاّ أن يكونا عدلين و كذا المرأة تأخذ بالنّسبة من حصّة المقرّ و لو كانا عدلين أخذت من الجميع و كذا البحث لو كان الوارث غير ولد و لو أنكر الوارث حلف و إن نكل حلفت و ثبت المهر و الفراش و إن نكلت قوّى الشيخ عدم إتيان اليمين إلى أن يبلغ الولد [- ط -] لو تزوّجت في عدّتها فرق بينهما و لا ينقطع العدّة للأوّل إن لم يدخل الثّاني أو دخل مع علم التحريم و العدّة و لو دخل مع جهل أحدهما لحقه النسب و صارت فراشا و انقطعت عدّة الأول و يفرّق بينهما و تكمل عدة الأول ثمّ يستأنف أخرى للثاني إن لم يكن حاملا و إن كانت حاملا من الأوّل بأن يأتي به لأقلّ من ستة أشهر من وطي الثاني اعتدت بوضعه من الأول و استأنفت ثلاثة أقراء بعده للثاني فعلى الأوّل النفقة و له الرجعة مدّة الحمل و إن التحق بالثاني اعتدت بوضعه له ثمّ استأنفت كمال العدّة للأوّل و له مراجعتها بعد الوضع في كمال عدّته و هل له الرّجعة في زمان الحمل قوّى الشيخ ذلك و لا يمنع تحريم الوطي من الرجعة كالإحرام و إن أمكن إلحاقه بما أقرع فمن خرج اسمه ألحق به و اعتدت بوضعه له و للآخر بثلاثة أقراء بعده و إن لم يمكن إلحاقه بأحدهما أكملت بعد وضعه عدّة الأوّل ثم استأنفت أخرى للثاني [- ى -] كل فسخ عدا اللعان و الموت فإن حكمه حكم الطلاق في الاعتداد بوضع الحمل منه

الفصل الرابع في عدّة الوفاة

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] الحرة المنكوحة بالعقد الصّحيح إذا مات زوجها لم تخل إما أن تكون حاملا منه أو لا فإن لم يكن حاملا اعتدت بأربعة أشهر و عشرة أيّام سواء كانت صغيرة أو لا بالغا كان زوجها أو لا دخل بها أو لا و إن كانت حاملا اعتدت بأبعد الأجلين فإن وضعت قبل انقضاء أربعة أشهر و عشرة أيام صبرت حتّى تنقضي و إن انقضت قبل وصفها تصبر حتى تضع [- ب -] الحامل يكون أوّل عدّتها من حين الموت فإن وافق أوّل الهلال اعتدت بأربعة أشهر هلالية ثمّ عشرة أيّام من الخامس و تبين لغروب الشمس من عاشره و إن كان في أثناء الشهر أو في بعض يوم حسب ما بقي من الشهر و احتسبت بثلاثة أشهر بالهلال و تتمّ من الخامس ثلاثين يوما إلى مثل ذلك الوقت الذي مات فيه و لا فرق بالاعتداد بأربعة الأشهر و عشرة الأيّام بين أن تحيض فيها أو لا [- ج -] لو مات صبيّ له دون تسع سنين و امرأته حامل اعتدت بالشهور دون الحمل سواء ظهر الحمل بعد موته أو قبله ثمّ إن كان الحمل لشبهة أو عقد فاسد اعتدت به عن الملتحق به ثمّ بعد الوضع تعتدّ بالأشهر عدّة الوفاة و إن كان من زنى لم يعتد له و اعتدت بأربعة أشهر و عشرة أيام من حين الموت [- د -] إذا وضعت بعد الشهود خرجت من العدة بمجرّد الوضع و لا يشترط في ذلك خروجها من النفاس و كذا في الطلاق إذا تزوّجت لم يجز الدخول حتّى تطهر [- ه -] المنكوحة بعقد الشبهة إن لم يدخل بها و فرّق بينهما فلا عدة سواء مات العاقد أو لا و إن دخل و فرّق بينهما اعتدت بثلاثة أقراء من حين الفرقة إن كانت من ذوات الحيض و إن كانت من ذوات الشهور اعتدت بثلاثة أشهر و إن كانت حاملا اعتدت بوضع الحمل و لا تعتد عدة الوفاة بل تعتدّ لو مات قبل أن يفرّق بينهما بما فصّلناه [- و -] إذا طلّق زوجته بائنا فإن مات في العدة أكملت عدة الطّلاق و إن كان رجعيّا استأنف عدّة الوفاة و انقطعت عدة الطلاق و إن كانت قد خرجت العدة ثمّ مات لم يكن عليها عدّة أخرى و لو راجعها في العدّة ثمّ طلقها رجعيا قبل المسيس ثانيا و مات استأنفت عدّة الوفاة و إن كان بائنا استأنفت عدّة الطلاق أمّا لو كان الطلاق الأول بائنا ثمّ جدّد عقدا آخر و طلّقها قبل الدخول ثمّ مات فإنّها تكمل عدّة الطلاق [- ز -] لو طلّق واحدة غير معيّنة فإن قلنا التعيين شرط فلا عبرة بذلك الطلاق و إن لم نجعله شرطا و مات قبل التعيين اعتدت كلّ واحدة بعدّة الوفاة سواء دخل بهنّ أو لا و لو كنّ حوامل اعتددن بأبعد الأجلين و سواء أ كان الطلاق بائنا أو رجعيا تغليبا لجانب الاحتياط و لو عيّن قبل الموت انصرف إلى المعيّنة و اعتدت للطلاق من حين إيقاعه مبهما لا من حين تعيينه قاله الشيخ و يحتمل من حين التعيين فإن كان الطلاق

ص: 72

بائنا و مات قبل إكمالها أكملت عدّة الطلاق و إن كان رجعيّا استأنفت عدّة الوفاة و لو مات بعد مضيّ ثلاثة أشهر أو ثلاثة أقراء من حين إيقاع الطلاق و قيل ذلك من حين التعيين فعلى قول الشيخ بانت و لا تستأنف أخرى و على الاحتمال تستأنف عدّة الوفاة و ترث و لو كان الطلاق معيّنا ثمّ اشتبه و مات قبل أن يتعيّن فإن لم يدخل بهما اعتدت كلّ واحدة بأربعة أشهر و عشرا و إن كانتا حاملتين اعتدت كلّ واحدة بأبعد الأجلين و إن كانتا حاملتين و مات عقيب الطلاق بلا فصل اعتدت كلّ واحدة بأبعد الأجلين من مضي ثلاثة أقراء أو أربعة أشهر و عشرا فإن مضت مدة حاضت فيها كلّ واحدة قرءا اعتدّت كل واحدة بأبعد الأجلين من قرءين أو أربعة أشهر و عشرة [- ح -] المطلّق تعتدّ زوجته من حين الطلاق سواء كان حاضرا أو غائبا فلو أوقع الطّلاق غائبا و لم يثبت حتّى مضت مدّة العدة جاز لها التزويج من غير استيناف عدّة أخرى و لو علمت الطلاق و لم تعلم وقت إيقاعه اعتدت من حين البلوغ و لو مات الحاضر اعتدت للوفاة من حين الموت و لو كان غائبا اعتدت من حين بلوغ الخبر سواء كان المخبر عدلا أو لا لكن لم تنكح إلاّ بعد ثبوت الوفاة و الفائدة الاكتفاء بتلك العدّة [- ط -] المتمتّع بها إن كانت حرّة و مات زوجها قبل انقضاء أيّامها كانت عدتها أربعة أشهر و عشرة أيّام و قيل شهران و خمسة أيّام و هو ضعيف سواء دخل بها أو لا إن كانت حاملا و إن كانت حاملا كانت عدتها أبعد الأجلين كالدائم و لو مات بعد انقضاء الأجل أتمّت عدة الفرقة إمّا حيضتان أو شهر و نصف لأنّ انقضاء الأجل كالطلاق البائن و عدّة الأمة في الوفاة شهران و خمسة أيام و إن كانت حاملا فأبعد الأجلين [- ى -] يجب على المتوفّى عنها زوجها دائما كان أو منقطعا الحداد و هو صفة في العدّة و هو أن تتجنب المعتدة كلّ ما تدعو النفس إليها مثل الطّيب و الزينة و لبس الطيب و التزيين بخضاب و دهن و غيره سواء كانت الزوجة صغيرة أو كبيرة مسلمة أو ذمّية و تردّد ابن إدريس في الصغيرة لأنّ الحداد تكليف و ليست من أهله و على قول الشيخ يتولى منها الولي و للشيخ في الأمة المزوجة قولان أحدهما أنّه لا حداد عليها و الآخر عليها الحداد و هو قول ابن إدريس و عندي في ذلك نظر [- يا -] لا حداد على غير المتوفّى عنها زوجها من المعتدّات سواء كانت عدّة رجعيّة أو بائن أو فسخ أو ردّة أو لعان أو غير ذلك و الأقرب أنّ المفقود زوجها عليها الحداد و لو مات الواطي بالشبهة اعتدت الموطوءة عدّة الطلاق حاملا كان أو حائلا و لا حداد عليها و كذا لا حداد على أمّ الولد لموت سيّدها [- يب -] الحداد إنّما هو في البدن و هو أن يجتنب كلّ ما يجلب الأبصار إليها و تدعو إلى مباشرتها من تحسين و تطييب و زينة أمّا المسكن فلها أن تسكن حيث شاءت حسنا كان أو غيره و الدّهن الطيب كدهن الورد و البان و البنفسج لا يجوز لها استعماله في بدنها و غير الطيب كالشيرج و السمن و البزر يجوز استعماله في غير الشعر و لو نبت لها لحية منعت من دهنها و الكحل الأسود لا يجوز لها استعماله فإن اضطرت استعمله ليلا و مسحته نهارا و الأبيض كالتوتياء يجوز استعماله ليلا و نهارا و يجب الكحل بالصبر لما فيه من تحسين العين و الدّمام و هو الكلكون و هو تحمير الوجه لا يجوز لها استعماله و كذا إسفيداج العرائس و الخضاب و الحليّ من ذهب أو فضة و يتجنّب الطيب في ثيابها و بدنها و الغالية و إن ذهبت رائحتها لأنّها تسود فهي خضاب و لا تقليم الأظفار و لا حلق العانة و لا يمنع من لبس الفاخر من الثياب كالمروي المرتفع و النيسابوري و الديبقي و القصب و غير ذلك مما يتّخذ من قطن أو كتان أو صوف أو وبر و ما يتخذ من الإبريسم قال الشيخ الأولى تجنّبه سواء اتخذ بصبغ أو غيره أمّا الثوب المصبوغ فإن كان الصبغ لنفي الوسخ عنه كالسواد فإنّه جائز و كذا الديباج الأسود و إن كانت للزينة كالحمرة و الصفرة و غيرهما فإنّها يمنع منها و ما تردّد بين الزينة و غيرها كالأخضر و الأزرق فإن كانت مشبعة يضرب إلى السواد لم يمنع منه و إن كانت صافية تميل إلى الحمرة منعت [- يج -] الذمّية يجب عليها العدّة و الحداد سواء كان الزوج مسلما أو كافرا [- يد -] لا يجوز للمعتدة أن تتزوج قبل إكمال عدّتها سواء كانت عدة بائن أو رجعي و سواء كانت عدّة وفاة أو طلاق و سواء دخل الأوّل أو لا في الوفاة فإن تزوّجت وقع فاسدا لا يتعلّق به حكم إلاّ سقوط نفقتها و سكناها لنشوزها و لا تنقطع العدّة لأنّها لم تصر فراشا فإن وطئها الثاني مع علم التحريم أو علمه خاصة فلا عدّة له و إن جهلا معا أو جهل الرجل خاصّة كان له عدّة بعد الأول إن كانت حائلا و لا يتداخل العدتان و إن كانت حاملا فكذلك لكنّ تقدّم عدة الثاني هنا و لو خالعها ثمّ عقد عليها قبل انقضاء العدّة انقطعت العدّة فإن طلقها قبل الدخول لم يكن عليها عدّة و قوّاه الشيخ بعد حكمه بوجوبها و لو طلقا بائنا ثم وطئها لشبهة فالأقرب تداخل العدّتين لأنّهما لواحد سواء كانت حاملا أو حائلا و لو اشترى الجارية بعد طلاقها و مضى بعض العدّة فإن لم يعلم تخيّر في الفسخ فإن اختار الإمضاء أو كان عالما سقط خياره و ليس له وطيها حتى تنقضي العدة فإذا انقضت قال الشيخ لا تحلّ حتّى يستبرئها و لا يدخل الاستبراء في العدة لأنّهما حقان لآدميّين و عندي في ذلك نظر [- يه -] لو ظن حرّة على فراشه زوجته فوطئها فلا حدّ و عليه مهر المثل و يلحقه النسب و عليها عدّة الحرّ و لو كانت المرأة عالمة بالتحريم و جهل الواطي لحقه النسب و وجبت له العدّة و حدّت المرأة و لا مهر و لو كانت أمة فكذلك إلاّ في العدة فإنّها عدة أمة و المرويّ أنّ عليه عوض مهر الأمة العشر أو نصفه على التفصيل

ص: 73

و على الواطي قيمة الولد يوم سقوطه حيّا للسيّد و لو اعتدت من المحلل فتزوّجها الأوّل في العدّة فكان حكمهم حكم الأجنبي في التحريم المؤبّد و عدمه [- يو -] المطلقة رجعيّا لها النفقة و إن كانت حاملا مدّة العدّة يوما فيوما و البائن لا نفقة لها إن كانت حائلا و إن كانت حاملا فلها النفقة يوما فيوما و لا ينتظر وضعها و نكاح الشبهة لا نفقة فيه إلاّ أن تكون حاملا فيثبت النفقة للحمل فإذا تزوّجت في عدّتها و حملت و قلنا النفقة للحامل لم يجب لها نفقة لاحتمال أن يكون من الأوّل فيستحقّ النفقة و من الثاني فلا يستحق فلا تدفع إليها بالشكّ فإن وضعته و له مال أنفق منه و إلاّ منهما حتّى يلتحق بأحدهما بالقرعة و يطالب الزّوج بنفقته أقصر المدّتين من مدّة الحمل و مدّة الأقراء و إن قلنا للحمل استحقّت النفقة عليهما نصفين مدة الحمل و مع الوضع ينفق من مال الولد إن كان له مال و إلاّ وجبت نفقة أقصر المدّتين لأنّها قد أخذت النفقة لمدة الحمل فلا يستحق المطالبة لغيره و لو كان الطلاق بائنا فكذلك إلاّ أنّها لا ترجع بعد الوضع كما قلنا هناك ترجع بنفقة أقل المدّتين

الفصل الخامس في المفقود

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] الغائب إن كانت غيبة غير منقطعة يعرف خبره فالزّوجية باقية و إن بعدت المسافة و طالت الغيبة ما لم يثبت وفاته و إن كانت منقطعة لا يسمع خبره و لا يعلم حاله من حياة و موت فإن صبرت المرأة فلا بحث و إن رفعت أمرها إلى الحاكم أجّلها أربع سنين من حين الرفع و بعث في طلبه و معرفة حاله في الآفاق فإن عرفت حياته وجبت عليها الصبر أبدا و أنفق عليها الحاكم من بيت المال إن لم يكن له مال و إن لم يعرف خبره و مضت المدّة فإن كان للغائب وليّ ينفق عليها وجب عليها الصبر أبدا و إن لم يكن له وليّ فرق الحاكم بينهما و اعتدت عدّة الوفاة من حين التفريق و جاز لها التزويج عند خروج العدّة [- ب -] لو جاء الغائب و قد خرجت من العدة و نكحت فلا سبيل عليها لأنّ عقده سقط اعتباره في نظر الشرع و كذا إن جاء بعد خروج العدّة قبل النكاح على الأقوى أمّا لو جاء و هي في العدّة فهو أملك بها إجماعا و كذا لو ظهر موته بعد النكاح الثاني و لا عدة ثانية عليها سواء كان موته قبل العدّة أو معها أو بعدها [- ج -] إذا صبرت وجبت لها النفقة دائما و إن رفعت أمرها إلى الحاكم و أجّلها أربع سنين وجبت النفقة فيها أيضا أمّا في زمن العدّة فلا نفقة لها سواء عاد زوجها قبل الانقضاء أو لا [- د -] لو ظاهر الغائب أو آلى أو قذف أو طلّق فإن كان في زمن العدّة أو قبلها صح و لزمه ما يلزم الزوج الحاضر و إن اتفق بعدها لم يعتد به [- ه -] لو أتت بولد بعد التزويج لستّة أشهر فصاعدا حكم به للثاني فإن ادعاه الأوّل بسبب الزوجيّة القديمة لم يسمع منه و إن قال إنّي دخلت سرّا و وطئتها قال الشيخ يستخرج بالقرعة و ليس بمعتمد بل الوجه لحوقه بالثاني و لو مات الغائب بعد العدّة لم ترثه و لم تعتد له ثانيا و كذا لو ماتت هي سواء عقد الثاني أو لا و لو مات أحدهما في العدّة فالأقرب أن الآخر يرثه

الفصل السّادس في عدّة الإماء و الاستبراء

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] إذا كان الزوجة أمة و طلّقت قبل الدخول فلا عدّة عليها و إن كان بعده و كانت حائلا فعدّتها قرءان هما طهران إن كانت من ذوات الحيض و أقلّ مدّة انقضائها ثلاثة عشر يوما و لحظتان الأخيرة دلالة كالحرة و إن كانت من ذوات الشهور فعدّتها شهر و نصف سواء كان زوجها حرا أو عبدا و لو كانت حاملا فعدتها وضع الحمل إجماعا [- ب -] لو أعتقت قبل الطلاق فعدّتها عدّة الحرة و لو أعتقت بعده فإن كان الطلاق بائنا أتمّت عدّة الأمة و إن كان رجعيّا أكملت عدّة الحرّة هذا إذا أعتقت في العدة فإن أعتقت بعدها لم يجب الإكمال [- ج -] لو طلّق العبد الأمة واحدة بعد الدخول ثمّ أعتقت فإن اختارت الفسخ فلا رجعة له أو كملت عدّة الحرة و لا يجب استيناف العدّة و إن أمسكت من غير اختيار و انقضت العدّة من غير رجعة ماتت و العدّة عدة الحرة و إن راجع ثبت لها الخيار على الفور فإن اختارت الفسخ فالأقرب أنّها تستأنف عدة حرّة لا تكملها و لو طلّق زوجته حرّة أو أمة رجعيا ثم راجعها انقطعت العدّة فإن طلقها استأنفت العدّة و لا تكملها قطعا سواء وطئها بعد المراجعة أو لا و لو خالعها ثمّ تزوّجها ثمّ طلقها ثم راجعها ثمّ خالعها قبل الدخول لم يكن عليها عدّة قال الشيخ و الأحوط استيناف العدّة و كذا لو خالعها بعد الدخول ثمّ تزوجها ثمّ طلقها قبل الدخول [- د -] عدّة الذمّية كالحرة في الطلاق و الوفاة [- ه -] عدّة الأمة في الوفاة إن كانت حائلا شهران و خمسة أيّام و إن كان حاملا فأبعد الأجلين و لو كانت أمّ ولد لمولاها و مات زوجها فعدّتها أربعة أشهر و عشرة أيّام و إن كانت حاملا فأبعد الأجلين [- و -] أمّ الولد من المولى إذا طلّقها زوجها و مات في العدة فإن كان رجعيّا استأنفت عدة الحرة أربعة أشهر و عشرة أيّام و إن كانت حاملا فأبعد الأجلين و إن كان بائنا أكملت عدّة الطلاق و لو كانت الأمة غير أمّ ولد و مات زوجها في العدّة استأنفت للوفاة عدة الأمة إن كان الطلاق رجعيا و إن كان بائنا أتمت عدّة الطلاق خاصّة [- ز -] لو مات زوج الأمة ثمّ أعتقت في العدة أتمت عدّة الحرّة و لو دبّر المولى جاريته التي يطأها ثمّ مات اعتدت بعد وفاته بأربعة أشهر و عشرة أيّام و لو أعتقها في حياته اعتدت بثلاثة أقراء بوطيه

ص: 74

[- ح -] لا فرق بين انتقال الجارية بالبيع و غيره من وجوه الانتقالات كالاستغنام و الصلح و الميراث و غير ذلك في الاستبراء فمن يجب استبراؤها مع البيع يجب مع غيره و من يسقط استبراؤها هناك يسقط هنا فكلّ من اشترى جارية حرم عليه وطيها إلاّ بعد الاستبراء بقرء أحدها لم يكن صغيرة دون البلوغ أو آيسة و لو كان له زوجة فابتاعها بطل النكاح و حلّ له وطيها من غير استبراء و استبراء المملوكة كان في حقّ المولى و يحرم وطي المكاتبة فإذا انفسخت حلّ من غير استبراء و لو تاب المرتدّ من المولى أو الأمة لم يجب الاستبراء و لو طلّقت الأمة بعد الدّخول حرم على المولى الوطي قبل العدة و كفت عن الاستبراء و لو ابتاع حربيّة فاستبرأها لم يجز وطئها حتّى تسلم فإن أسلمت كفّت الاستبراء الأوّل و كذا لو ابتاع المحرم فاستبرأها حلّ وطئها بعد إحلاله من غير استبراء [- ط -] لو مات مولى الأمة الذي كان يطأها اعتدت بقرء واحد سواء كانت أمّ ولد أو لا و لو زوّج السيّد أمّ ولده حرم عليه وطيها فإن مات السيّد لم يلزمها الاستبراء عنه و لو مات الزوج أوّلا اعتدت بأربعة أشهر و عشرة أيّام و روي نصف ذلك فإن مات السيّد قبل انقضاء عدتها لم يلزمها الاستبراء عنه أيضا و لو انقضت العدّة قبل موت السيّد لم يكن عليها استبراء له و لو مات السيّد بعد الانقضاء لزمها الاستبراء عنه [- ى -] إذا اشترى جارية و وطئها بائعها وجب عليه استبراؤها إن أراد وطيها أو تزويجها و لو أراد أن يعتقها و يتزوّجها قبل الاستبراء قال الشيخ لم يكن له ذلك و روي في بعض أخبارنا جوازه و الأوّل أحوط و لو لم يطأها البائع بأن كان صغيرا أو مجبوبا أو عنينا أو امرأة أو كان قد وطئها و استبرأها قال الشيخ لم يجز له وطيها قبل الاستبراء و يجوز تزويجها قبل ذلك و روي في بعض أخبارنا جواز وطيها إذا اشتراها من امرأة أو ثقة أخبر باستبرائها قال و الأوّل أحوط [- يا -] يجوز لمشتري الجارية و سابيها التّلذّذ بمباشرتها و النظر إليها بشهوة و سائر أنواع الاستمتاع و اللمس و غير ذلك سوى الوطي في القبل فإنّه لا يجوز قبل الاستبراء في صور وجوبه [- يب -] إذا ورث جارية و استبرأها قبل القبض اعتدّ بذلك الاستبراء قال الشيخ و لو كان ابتاعها و لم يقبضها فاستبرئت بحيضة ثمّ قبضها لم يعتدّ به و ليس بجيّد و استبراء الحامل بوضع الحمل و لو ادّعى المشتري سبق الحمل على البيع صدّق إن وضعته لأقلّ من ستّة أشهر من حين الوطي و إلاّ كان القول قول البائع مع اليمين إن اشتبه و إلاّ فلا و لو ظهر الحمل و ادّعى البائع أنّه منه و صدقه المشتري بطل البيع و إن أكذبه و لم يكن البائع أقرّ به قبل البيع لم يقبل دعواه في بطلان البيع و كونها أمّ ولد قال الشيخ و الأقوى قبوله في النسب لعدم تضرّر المشتري به و فيه نظر و إن كان قد أقرّ به أوّلا و النفقة لأقلّ من ستّة أشهر بعد الاستبراء لحقه الولد و بطل البيع و إن أتت به لأكثر من ستّة أشهر لم يلحق به ثمّ إن كان المشتري قد وطئها و أتت به لدون ستّة أشهر من وطيه أو لم يكن قد وطئها لم يلحقه و كان مملوكا له و إن أتت به لستّة أشهر فصاعدا لحق به و كانت أمّ ولد [- يج -] توضع الأمة مدّة الاستبراء عند المشتري سواء كانت حسنة أو قبيحة

الفصل السّابع في نفقة المطلقات

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] المطلقة رجعيّا يستحقّ النفقة و السكنى فلا يجوز لها الخروج من منزل الرجل الذي طلّقت فيه و يحرم عليه إخراجها منه إلاّ أن تأتي بفاحشة و هو أن يفعل ما يوجب الحدّ فيخرج لإقامته و أدنى ما تخرج لأجله أن تؤذي أهله و لو اضطرت إلى الخروج جاز لها بعد انتصاف الليل و ترجع قبل الفجر و لا يشترط إذنه و كذا تخرج لأداء الحجّ الواجب و إن لم يأذن و لا يجوز لها في الندب إلاّ بإذنه [- ب -] لا سكنى للمطلّقة بائنا و لها أن تخرج أين شاءت من غير إذن و له إخراجها أيضا إلاّ أن تكون حاملا و كذا لا نفقة لها إلاّ مع الحمل فلها السكنى و النفقة حتّى تضع [- ج -] النفقة يجب يوما فيوما مدّة العدّة و كذا المسكن سواء كانت الزوجة مسلمة أو ذميّة أو أمة يرسلها مولاها ليلا و نهارا و لو منعها ليلا أو نهارا فلا نفقة لها و لا سكنى و لا نفقة للموطوءة بالشبهة مدّة العدّة إلاّ أن تكون حاملا فيثبت لها النفقة حتّى تضع عند الشيخ [- د -] الرجعية ليس لها أن تخرج و ليس لزوجها إخراجها من المسكن الذي طلّقت فيه و لو اتّفقا على الانتقال عنه فالأقرب الجواز و لو أتت بالفاحشة و هي شتيمة أهله أو ما يوجب الحدّ نقلت عن المسكن إلى أقرب المواضع إليه و لو شتمها أهله نقلهم عنها هذا إذا اتّحد المسكن و لو كانت في منفرد لم تنقل عنه لعدم الفائدة و لو كان المسكن ضيّقا انتقل الزوج و أهله و استقرّت هي فيه مدة العدة [- ه -] إذا خرجت من المنزل لإقامته الحدّ ردت إليه بعد استيفائه و لو أخرجت للشتم لم تعتد إليه و أسكنها في غيره و لا يسقط حقّها من الإسكان بالفاحشة و الإيذاء [- و -] إنّما يجب إسكانها في منزل الطلاق لو كان ملكا للزوج لو كانت له فيه إجازة أو إعارة لم يرجع صاحبها إلى انقضاء العدّة و لو انقضت مدّة الإجارة قبل انقضاء العدّة أو رجع المعير نقلها إلى أقرب المواضع و كذا لو خرب المنزل و لو كانت قبل الطلاق في ملكها و طلقها فيه فإن أقامت فيه بإجارة منه أو إعارة جاز و إن طلبت سكنى غيره لزمه و كذا لو كانت الدار لأبويها و هي يسكن معها

ص: 75

كالأجنبي [- ز -] يجب عليه إسكانها في منزل مثلها و يختلف بالنسبة إليها فالرّفيعة في منزل متسع و الوضيعة في منزل ضيق و المعتبر بحالها حالة الطلاق فلو كانت قبله في منزل أدون كان لها المطالبة بالواجب و الارتحال عن مسكن الطلاق إليه و لو كانت في أرفع كان للزوج نقلها إلى الملائم و إبقاؤها و لو أراد السكنى معها جاز مع اتّساع المنزل [- ح -] لو باع المنزل بعد الطلاق فإن كانت معتدّة بالشهور صحّ البيع و إن كانت بالأقراء أو الوضع بطل و لو حجر عليه قبل الطلاق ضربت بأجرة المثل مع الغرماء و لو كان بعده و لا مسكن له فكذلك و لو كان المسكن له كانت أحقّ بالسكنى فيه و يجوز البيع للحاكم إن كانت معتدّة بالشهور قبل الانقضاء و المتخلّف لها من أجرة المسكن في ذمته إلى الميسرة [- ط -] المعتدّة بالأشهر تضرب أجرة المثل فيها و تضرب الحامل بأجرة أقلّ الحمل و ذوات الأقراء بالأقلّ أيضا فإن اتفق و إلاّ أخذت نصيب الزائد و أعادت إن فسد الحمل قبل الأوّل لتضرب فيه هي و الغرماء بحسب ما بقي لهم و هل تضرب في أول المدّة بالجميع أو كلّ يوم بأوّله فيه نظر فإن أسكنها استيجار مسكن الطلاق بما ضرب لها تعيّن سكناها فيه و إلاّ سكنت في أقرب المواضع إليه [- ى -] لو أمرها بالانتقال ثمّ طلّقها فإن كان قبله اعتدّت فيه و إن كان بعد استقرارها في الثاني اعتدت فيه و إن كان في الطّريق اعتدت في الثاني و الاعتبار بانتقال البدن دون القماش و العيال و لو صارت في الثاني ثمّ عادت لنقل قماشها و عيالها فطلّقها فيه اعتدت في الثاني و لو أمرها بالسفر ثمّ طلّقها قبل الخروج لم يجز لها السفر و اعتدّت في منزلها و إن خرجت و لم تفارق المنازل قوّى الشيخ وجوب العود إلى الأول فإن فارقت بنيان البلد لم يلزمها العود و جاز لها و إن كان أذن لها في الحجّ أو الزيارة أو النزهة لزمها العود بعد قضاء الحجّ و مضي ثلاثة أيّام للزيارة أو النزهة فإن لم تجد رفقة و خافت فلها الإقامة و إن وجدت رفقة و أمنت لزمها العود مع الأمر به إن علمت وصولها إلى البلد و قضاء باقي العدّة و إن علمت عدم تمكّنها قال الشيخ الأقوى وجوب العود أيضا لأنها مأمورة به و هو حسن و لو أذن لها في مقام مدّة في البلد الثاني جاز لها المقام فيه تلك المدّة [- يا -] إذا أذن لها في الإحرام و أحرمت ثمّ طلّقها خرجت لأداء الحجّ إن خافت فواته ثمّ تعود و تقضي باقي العدّة و إن اتّسع لهما إن كانت محرمة بعمرة قال الشيخ الأليق بمذهبنا أنّها تقيم و تقضي عدّتها ثمّ تحجّ و تعمر و لو طلّقها ثمّ أحرمت أتمّت العدّة ثمّ أكملت العمرة و إن كان لحجّة فكذلك إن لم يكن قد فات الوقت و إن فات تحلّلت بعمرة و قضت إن كان واجبا في القابل [- يب -] لو أذن لها في الخروج إلى بلد أو منزل فخرجت ثمّ طلّقها و اختلفا فقالت نقلتني إلى هذا فأنكر قدّم قوله لأنّه أعرف بقصده [- يج -] لو طلّق البدوية جاز لها الانتقال إن انتقل جميع أهل حلّتها أو أهلها و إن كان في الباقي متعة و لو انتقلوا دون أهلها و كان فيهم متعة لم يجز لها الانتقال و كذا لو هرب جميع أهلها لخوف اختصّوا به إلاّ أن تشاركهم في الخوف [- يد -] لو خافت المرأة انهدام المسكن أو اللصوص أو ما أشبه ذلك جاز لها الانتقال و لو وجب عليها حقّ و كانت برزة استدعاها الحاكم لاستيفائه و المحاكمة [- يه -] لو طلّقها و لا مسكن له وجب عليه أن يستأجر لها مسكنا و لو كان غائبا استأجرت الحاكم لها من ماله فإن لم يجد له أقرض عليه و يجوز له أن يفوض إليها التقرض عليه ما تستأجر به مسكنا و لو استأجرت و اقترضت من غير إذن الحاكم لم يكن لها الرجوع مع وجود الحاكم و ترجع مع فقده و لو وجد الحاكم من يتطوّع ببذل المسكن له لم يكن الاقتراض و لو طلّقها في منزلها و انقضت العدّة و لم تطالب بالأجرة لم يكن لها الرجوع بها و كذا لو اكترت و سكنتها و لم تطلب بالأجرة حتّى انقضت العدّة و لو طالبت في الأثناء كان لها الأجرة من وقت المطالبة [- يو -] لو طلّق الساكن في السفينة فحكمها حكم الدار و لو لم تكن مسكنا أو كانت دون مثلها أسكنها أين شاء [- يز -] لو مات فورث المسكن جماعة لم يكن لهم قسمته إن كان بقدر مسكنها إلاّ بإذنها أو مع انقضاء عدتها هذا إذا كانت حاملا [- يح -] لا نفقة في المتوفّى [للمتوفّى] عنها زوجها و لا سكنى لها و لو كانت حاملا و قال الشيخ رحمه اللّٰه يثبت لها النفقة من مال ولدها و ضعّفه المفيد و الأقوى خيرة المفيد [- يط -] المرتدّ عن فطرة تبين زوجته في الحال و يقسّم أمواله بين تركته و تعتدّ عدة الوفاة من حين الارتداد و عن غير فطرة تعتدّ من حينه عدّة الطلاق و الزنديق من يبطّن الكفر و يظهر الإيمان و لا يقبل توبته

كتاب العتق و توابعه

اشارة

و فيه مقاصد

الأول في العتق
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في فضيلته و ماهيته و صيغته و شرائطه

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] العتق فيه فضل كثير و ثواب عظيم بالنصّ و الإجماع قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداه من النار و قال صلّى اللّٰه عليه و آله من أعتق مؤمنا أعتقه اللّٰه بكلّ عضو منه عضوا من النار و إن كانت أنثى أعتق اللّٰه بكلّ عضوين منها عضوا من النار و قال الصادق عليه السّلام يستحبّ للرّجل أن يتقرّب عشية عرفة و يوم عرفة بالعتق و الصدقة و لا خلاف في القربة به [- ب -] العتق لغة الخلوص و منه عتاق الخيل و عتاق الطير أي خالصتها و سمّي البيت عتيقا لخلوصه من أيدي الجبابرة و شرعا تخليص الرّقبة من الرقّ يقال عتق العبد و أعتقته أنا و هو عتيق و معتق [- ج -] صيغة العتق إمّا صريحة و هو لفظان التحرير و الإعتاق و إمّا كناية مثل فككت رقبتك أو أنت سائبة أو لا سبيل لي عليك أو لا سلطان أو اذهب حيث شئت و قد خلّيتك و إنما يقع بالصّريح خاصة دون الكنايات

ص: 76

سواء نوى بها العتق أو لا [- د -] يشترط في العتق الإتيان باللفظ الصريح مع النيّة فلا يقع بمجرد النيّة عن اللفظ و لا باللفظ الذي ليس بصريح و إن نوى العتق و لا باللفظ الصّريح مجردا عن النيّة و لا يكفي الإشارة مع القدرة على النطق و لا الكتابة و من شرطه التجريد عن الشرط أو الصّفة فلو علّقه بأحدهما لم يقع و كذا لو قال يدك حرة أو رجلك أو غيرهما من الأعضاء لم يقع بخلاف الجزء المشاع مثل نصفك أو ثلثك أو غيرهما و كذا يقع بما يعبر به عن الجملة مثل بدنك أو جسدك و لا يقع من الحالف به و لو قال يا حرة و قصد العتق ففيه نظر ينشأ من بعد احتمال الإنشاء و لو قال لمن اسمها حرّة أنت حرة تحرّرت مع قصد الإنشاء و يصدّق في قصد الأخبار و لو جهل لم يحكم بالحرّية سواء كان اسمها القديم ذلك أو الحادث و لو قال يا سيّدي أو يا مولاي أو أنت سيّدي أو مولائي لم يتحرّر بذلك و إن قصده و لو قال لعبد غيره أعتقتك منشئا لغا و مخبرا ينتزع بعد شرائه [- ه -] من شرائط العتق صدوره من البالغ العاقل المختار القاصد إلى العتق المتقرّب به إلى اللّٰه تعالى الجائز التصرّف فلا يقع من الطفل و إن بلغ عشرا على الأقوى و لا من المجنون و لا من المكره و لا الساهي و الغافل و السكران و لا من غير المتقرب به إلى اللّٰه تعالى كمن أعتق لغرض دنيويّ من جلب نفع أو دفع ضرر و يبطل باشتراط التقرّب عتق الكافر سواء كان ذميّا أو حربيّا لأنّه لا يعرف اللّٰه تعالى و جوّزه في الخلاف و لا يقع من المحجور عليه لسفه أو فلس [- و -] يشترط في العتق الملك فلا يقع العتق قبله سواء علّقه به أو لا نعم لو نذر عتقه عند ملكه صحّ و كذا في كلّ عتق مشروط فإنّه يقع بالنذر خاصّة و لو أعتق عبد غيره لم ينفد و إن اشتراه بعد ذلك و كذا لو أجاز المالك و لو كان العبد لولده الصّغير لم يصحّ عتقه فإن قوّمه على نفسه ثمّ أعتقه صحّ عتقه [- ز -] الأقرب عدم اشتراط تعيين المعتق و لو أعتق أحد مماليكه كان التعيين إليه مع احتمال وجوب القرعة و لو عدل عما عيّنه إلى غيره لم يقبل رجوعه و التعيين يكون بالقول مثل اخترت تعيينه في هذا و هل يقع بالفعل الأقرب ذلك مثل أن يطأ إحدى الجاريتين فتعيّن الأخرى للعتق على إشكال و الإشكال في اللمس بشهوة و النظر كذلك آكد أمّا الاستخدام فالوجه أنّه لا يعيّن و لو مات قبل التعيين فالأقرب القرعة دون تعيين الوارث و لو ادعى إرادة معيّن من المطلق صدق و حلف للغير إن ادعاه و لو أعتق معيّنا ثمّ نسيه وجب الصبر حتّى يذكر و يعمل بقوله في الذكر مع اليمين لو ادعى غير المعين إرادته و لا يقبل رجوعه و الأقرب عتقهما و إن لم يذكر لم يستعمل القرعة ما دام حيّا و لو مات أقرع و لو ادعى الوارث العلم رجع إليه مع اليمين لو ادّعاه الغير فإن نكل قضي عليه و لو ضمّه إلى من لا يصحّ عتقه كما لو قال عبدي أو حماري حرّ ففي صحّة ذلك نظر [- ح -] يشترط إسلام محل العتق فلا يجوز عتق المملوك الكافر و قيل يصحّ و قيل مع النّذر و يكره عتق المخالف و العاجز عن التكسّب فإن فعل استحب له إعانته و يستحبّ عتق المؤمن خصوصا إذا ملك سبع سنين و يجوز عتق المستضعف و ولد الزنا و قول ابن إدريس ضعيف عندي

الفصل الثّاني فيمن يصحّ استرقاقه

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] إنّما يسترق أهل الحرب و هم جميع الكفّار عدا اليهود و النصارى و المجوس القائمين بشرائط الذمّة و لو أخلّوا بها صاروا حربيّا ثمّ يسري الرقّ في أعقابهم و إن أسلموا بعد الاسترقاق [- ب -] يجوز استرقاق جميع الكفّار و إن كان السابي لهم كافرا أو فاسقا و كذا يجوز شراء ما يسبيه بعض الكفّار منهم و أن يشتري من الكافر بعض أولاده أو زوجته أو أحد ذوي أرحامه إذا كانوا مستحقّين للسّبي و كذا يجوز شراء ما يسبيه الظالمون و كذا سبي المؤمنين [- ج -] كلّ من أقرّ على نفسه من البالغين العقلاء بالعبودية مع جهالة حرّيته تحكم برقّه و كذا من قامت عليه البيّنة بالعبوديّة و إن كان صبيّا أو مجنونا أو أنكر و كذا الملتقط في دار الحرب و لو كان العبد يباع في أسواق المسلمين و يد المالك عليه جاز شراؤه و لا يقبل دعواه بالحريّة إلاّ بالبيّنة [- د -] من ملك أحد أبويه و إن علا أو أحد أولاده و إن نزل ذكورا كانوا أو إناثا عتق عليه في الحال سواء كان المالك ذكرا أو أنثى و كلّ ذكر ملك إحدى المحرّمات عليه نسبا عتقت عليه في الحال و بالجملة كلّ من ملك بعض أبعاضه أعني أصوله و فروعه عتق عليه سواء كان الملك باختياره كالشراء و الاتّهاب أو بغيره كالإرث و الاستغنام و يجوز أن يملك من الذكور و الإناث من عدا من ذكرناه كالأخ و العمّ و بنت الخال و كذا المرأة سواء كان وارثا أو لا نعم يستحبّ عتق الأخ لو ملك و كذا باقي ذوي الأرحام و يتأكّد في الوارث و يتحقّق العتق في العمودين و المحرّمات من الإناث حين استقرار البيع فلو اشترى بخيار للبائع عتق حين العقد لا حين الانقضاء [- ه -] اختلف علماؤنا في الرضاع قال الشيخ إنّ العمودين منه و المحرمات من الإناث كالأخت و بنتها و بنت الأخ و العمّة و الخالة كالنسب في العتق و المفيد و ابن إدريس على جواز استرقاقهم و الأوّل عندي أقوى [- و -] و لو ملك بعضا ممّن يعتق عليه عتق ذلك البعض فإن كان معسرا أو ملكه بغير اختياره لم يقوّم عليه و إن ملكه موسرا باختياره قال الشيخ يقوم عليه و للوليّ قبول الوصيّة للطفل أو المجنون بمن يعتق عليه مع انتفاء الضّرر لا معه و أن يقبل الوصيّة بالبعض منه إن كان معسرا لا موسرا على قول الشيخ و لو اشترى المريض قريبه عتق من الثلث ما يحتمله و لو ملكه بوصيّة أو هبة احتمل أن يحتسب من رأس المال أو من الثلث فعلى الأوّل يعتق على المحجور عليه للفلس و المديون

ص: 77

المريض و لو اشترى [اشتراه] بمحاباة فقدر المحاباة يخرج عن [على] الاحتمالين و الباقي لا يعتق و لو قهر الحربيّ مثله صحّ بيعه و لو قهر أباه فإشكال ينشأ من دوام القهر المبطل للعتق مع فرضه و دوام القرابة الموجبة للعتق و لو اشترى وكيله من يعتق عليه فكشرائه و لو أوصى له ببعض ابنه فمات قبل القبول فقبله أخوه له شري على الميّت على قول الشيخ إن خرج من الثلث كما لو قبله حيّا و لو أوصى له ببعض ابن أخيه فمات فقبل أخوه احتمل على قوله عدم العتق على الأخ و لو باع على الأب و الأجنبي صفقة عتق نصيب الأب و سرى إلى نصيب الشريك و وجبت عليه القيمة على ما اختاره الشيخ فلو قال لمن هو أكبر منه هو ابني لم يعتق عليه بملكه له و لو ملك من ولده من الزنا فالوجه أنّه لا يعتق عليه و لو اشترى أمة و حملها أعتقت عليه خاصّة فإن وضعته أنثى عتقت أيضا و إلاّ فلا و لو اشترى الأم الابن و الزوج الأمّ الحامل منه مع الحمل صفقة عتقت الأمّ على الابن و غرم حصة الزّوج عند الشيخ فإن كان الولد أنثى عتقت عليهما و لا يرجع أحدهما على الآخر بشيء و إلاّ عتق على الزوج و رجع الابن بقدر نصيبه منه عليه و لو زوّج الشريكان الجارية من ابن أحدهما فولدت عتق نصيبه على الجدّ و لا يسري إذ لا اختيار [- ز -] إذا أعمي المملوك أو جذم أو أقعد أو نكل به صاحبه عتق و نزاع ابن إدريس في الأخير ضعيف لرواية أبي بصير الصحيحة عن الباقر عليه السّلام [- ح -] إذا أسلم المملوك في دار الحرب سابقا على مولاه و خرج إلينا قبله عتق عليه [- ط -] من مات و له وارث مملوك لا غير و خلّف ما يفي بثمنه دفع إلى مولاه و عتق

الفصل الثالث في عتق السراية

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] من أعتق بعض عبده قلّ أو كثر سرى إلى الباقين إن كان مشاعا و لا يستثنى العبد و لو أعتق عضوا معيّنا لم يصحّ سواء كان أمكن حياته بدونه كاليد و الرّجل أو لا يمكن كالرأس و البطن [- ب -] لو أعتق شركاء له في عبد قوّم عليه الباقي بشروط ثلاثة أن يكون موسرا بمال فاضل عن قوت يوم و دست ثوب فمن عليه دين بقدر ماله ففي كونه معسرا إشكال و المريض معسر بالزائد عن الثلث و الميّت معسر فلو قال إذا مت فنصيبي منك حرّ لم يسر لانتقال ماله إلى الورثة و لو كان معسرا بالبعض فالأقرب السراية بذلك القدر و أن يعتق باختياره فلو ورث نصف قريبه لم يسر و لو اتّهب أو اشترى فعند الشيخ يسري و قوّم [يقوّم] عليه نصيب الشريك و عندي فيه نظر و أن يتمكّن العتق من نصيبه أوّلا فلو أعتق نصيب شريكه أوّلا لغا و لو قال أعتقت نصف هذا العبد عتق جميع نصيبه أوّلا و قوّم عليه نصيب الشريك و الأقرب أنّه فيما لو قال بعت نصفه أو أقرّ بنصف التخصيص بنصيبه فيهما [- ج -] الشريك المعتق يقوّم عليه نصيب شريكه إن كان موسرا و إن كان معسرا سعى العبد في فكّ باقيه فإن أيسر بعد العتق لم يرجع العبد عليه بشيء و قال الشيخ إن قصد الإضرار فكّه مع يساره و بطل مع عسره و إن قصد التقرّب سعى العبد في فكّ حصته الشريك مع يسار المعتق و إعساره و ما اخترناه أقرب فإنّ العتق للإضرار باطل [- د -] لو امتنع العبد في [من] السعي أو عجز كان له من نفسه ما أعتق و للشريك حصّته و الكسب بينهما و النفقة و الفطرة عليهما و يجوز المهاياة فيتناول المعتاد و غيره و مع تمكّن العبد من السعي ليس للمولى استخدامه و لا مطالبته بالضريبة و لو ورث لم يشاركه المولى لأنّه يرث بجزئه الحرّ [- ه -] الأقرب عدم اشتراط انتفاء تعلّق حقّ لازم أو غيره بمحلّ السراية كالرهن و الكتابة و الاستيلاد و الجناية و التدبير نعم لو كان وقفا فالأقوى عدم السريان [- و -] لو تعدّد المعتق و اتحد زمانه قوّمت حصص المتخلف عليهم بالسّوية و إن تفاوتت الحصص و لو كان أحدهم معسرا اختصّ بتقويم الجميع الباقي و لو أعسر أحدهم بالبعض قوم عليه بمقدار يساره و على الموسر بباقي الجميع [- ز -] الأقوى أنّ حصّة الشريك يعتق بالأداء و يحتمل بالعتق و قوّى الشيخ أنّه إن وقع تبينا [تعينا] عتقه وقت العتق و إلا لم يعتق فعلى الأوّل لو اختلفا في القيمة قدّم قول الشريك لأنّه ينتزع منه و لو أعتق الشريك فالأقوى نفوذه لمصادفته الملك بخلاف ما لو باع أو وهب لاستحقاق العتق و يجب على المعتق قيمة النصيب فلو هرب أو فلس آخر حتّى إذا وجد أدّى و عتق بالأداء ف [و] القول قوله في عدم العتق مع اليمين فيبقى نصيب الشريك على الرقّ على الثاني و يتحرّر على الأوّل و لو ادّعى كلّ عتق شريكه تحالفا و استقرّ بينهما على الثاني و يحرّر على الأوّل و لو كانا معسرين جاز له أن يحلف معهما إن كانا عدلين و يتحرّرا و يحلف مع أحدهما و يتحرّر نصفه و لو كان أحدهما فاسقا جاز أن يحلف مع العدل و يتحرّر النّصف و لو كانا فاسقين فالوجه أنّه يستسعى في قيمته لهما لاعتراف كلّ منهما بعتق الشريك و لو اشترى أحدهما نصيب صاحبه عتق عليه و لم يسر و لا ولاء له و لو أكذب نفسه في شهادته لم يقبل و لو اشترى كلّ نصيب صاحبه تحرّر و لا ولاء لأحدهما عليه و إن أكذبا أنفسهما على إشكال و يعتبر القيمة حين العتق و القول قول الشريك في نفي العيب و لو مات المعتق أخذت القيمة من التركة من الأصل مع الصحّة و إلاّ فمن الثلث و لا تقويم مع الوصيّة بعتقه و لم يخلف قوله و لا مع الوصيّة بعتق النصيب خاصّة و إن خلف و لا مع التدبير و لو مات العبد قبل دفع القيمة فعلى الثاني يجب دفعها قطعا و كذا على الأوّل على إشكال و لا فرق بين أن يكون الشريكان مسلمين أو كافرين أو بالتفريق [- ح -] يقع

ص: 78

الملك أوّلا ثمّ ينعتق على التقادير و يكون الولاء كلّه للمعتق فهذا مع اليسار و لا يملك مع الإعسار بل يستسعى العبد فله من الولاء بقدر ما أعتق [- ط -] لو ادّعى الشريك صنعة يزيد بها القيمة فالأقرب تقديم قول المعتق على التقادير [- ى -] المعتق يجبر على دفع القيمة مع يساره و الشريك على رفع يده مع أداء المعتق القيمة و لو أوصى بعتق نصيبه لم يقوّم عليه نصيب شريكه و إن كان غنيّا و أمّا لو أعتق عند الموت فإنّه يقوّم عليه ما يحتمله الثلث و كذا لو أوصى بعتق النصيب و في التكميل و هل يعتبر في الأخير رضاء الشريك فيه إشكال [- يا -] لو أعتق نصيبه من حبلى فلم يقوّم عليه حتّى وضعت و هو موسر قوّمت عليه حبلى و عتق معها ولدها إن قلنا بالسراية بالإعتاق و تبعيّة الحمل و إن قلنا بالأداء سرى العتق في الحمل و قوّم النصيب منه يوم سقوطه [- يب -] لو كان المعتق معسرا لم يقوّم عليه و استسعي العبد و هل يحكم بحريته أجمع و ثبوت قيمته في ذمّته يسعى فيها أو بالرقية في الباقي حتّى يؤدي السّعاية الأقرب يثبت الثاني فلو مات و في يده مال كان لسيّده بقيّة السّعاية و الباقي ماله موروث لورثته إن قلنا بالأوّل و على الثاني يكون نصيب الرقية لمولاه و يستسعى حين عتق الأوّل فلو أعتق الثاني نصيبه صحّ على الثاني لا على الأوّل و هل يستلزم إسقاط حقّ السّعاية الأقرب ذلك [- يج -] إذا ادعى المعسر عتق الموسر و شهد عدل جاز له الحلف و إن امتنع العبد من اليمين فيثبت له قيمة نصيبه على الموسر و لو لم يكن شاهد عتق نصيب المدّعى لاعترافه بالحريّة بالسراية إن قلنا بالعتق بالإعتاق و لا يقبل شهادته و لو كان عدلا ثمّ يحلفه فإن نكل استحقّ باليمين المردودة قيمة نصيبه و لم يعتق نصيب المدّعى عليه و لو ادعى عتق المعسر لم يعتق منه شيء و لو كان عدلا حلف معه العبد [- يد -] لو أعتق صحيحا نصف أحد العبدين المتساويين قيمة المشتركين بينه و بين غيره و لا شركة سرى إلى نصيب شريكه فإن أعتق النصف من العبد الآخر عتق و لا سراية لإعتاقه و إن أعتق الأوّل في مرض الموت عتق ثلثه خاصّة و لا سراية و يقف عتق الباقي على إجازة الورثة و لو أعتق الأوّل في الصحّة و أعتق الثاني في مرضه لم ينفذ الثاني لاشتغال ذمّته بقيمة الأوّل [- يه -] لو شهدا بعتق نصيب الموسر ثمّ رجعا بعد العتق و غرما قيمة العبد له أجمع و لو شهدا على مريض بعتق عبد ثلث التركة فحكم الحاكم ثمّ شهد آخران بعتق آخر هو الثلث و رجع الأوّلان و تاريخهما أسبق و كذّبهما الورثة في الرجوع عتق الأوّل و لا يقبل رجوعهما و لم يغرما و يحتمل إلزامهما بشراء الثاني و إعتاقه لمنعهما عتقه بشهادتهما المرجوع عنهما و لو صدّقهما الورثة عتق الثاني و رجعوا عليهما بقيمة الأوّل و إن تأخر تاريخهما بطل عتق المحكوم بعتقه و لا غرم و لو أطلقهما أو إحداهما أو اتفق التاريخان أقرع فيعتق الثاني إن حرجت عليه و يبطل الأوّل و لا غرم و الأوّل إن خرجت عليه ثمّ إن كذّبهما الورثة في الشهادة عتق الثاني و رجعوا عليهما بقيمة الأوّل و إن كذّبوهما في الرجوع فلا غرم [- يو -] لو وكّل شريكه في عتق نصيبه فأعتق نصيب نفسه و سرى و قوّم عليه على إشكال ينشأ من الإذن و الولاء كلّه له و إن أعتق نصيب الموكّل سرى أيضا و قوّم نصيب الوكيل على الموكّل على إشكال ينشأ من تقديم المباشر في الإتلاف على السبب في الضمان و الولاء كلّه للموكّل و إن أطلق و لم ينو شيئا احتمل انصرافه إلى نصيبه و إلى نصيب الشريك و انصرافه إليهما

الفصل الرّابع في الأحكام

و فيه [- ين -] بحثا [- ا -] لو شرط على المعتق شرطا في نفس العتق وجب عليه الوفاء به فإن شرط عوده إلى الرق عند المخالفة قال الشيخ يعاد عندنا و الوجه بطلان العتق و لو شرط خدمته سنة مثلا لزم فإن مات المولى استحقّ الورثة الخدمة باقي المدّة فإن أبق حتّى انقضت فالوجه ثبوت الأجرة لهم عليه و هل يشترط في وجوب الخدمة قبول العبد الوجه ذلك فلو لم يقبل فالوجه بطلان العتق و مع القبول يعتق في الحال و عليه الخدمة و لو قال أنت حرّ و عليك ألف احتمل الصحّة كالخدمة فيفتقر إلى رضاء العبد و البطلان لأنّه في الحقيقة شرط و الخدمة استثناء و كذا أنت حرّ على ألف و مع الصحّة لو قال أحدكما حرّ على ألف فقبلا عتق من تعينه و يحتمل وجوب المسمّى و عدمه للإبهام فيجب قيمة رقبته و كذا لو مات قبل البيان و أقرع [- ب -] لا يجزي التدبير في كفارة العتق و لو أمر غيره بعتق عبده عن كفارته وقع عن الآمر و انتقل إليه عند الأمر [- ج -] لو نذر عتق أوّل مما يلده فولدت اثنين دفعة عتقا و لو خرجا على التعاقب و اشتبه الأوّل منهما أقرع و لو علم السابق اختص بالعتق و لو خرج ميّتا و الآخر حيّا احتمل عتق الحيّ منهما و الأقوى البطلان و لو نذر عتق أوّل مملوك يملك فملك جماعة دفعة قيل بطل النذر و قيل يقرع للرواية و قيل يتخيّر و لو قال أوّل ما أملكه عتقوا الجمع و لو نذر عتق كلّ ولد تلده أمته لزم فإن باعها ثمّ ولدت لم يعتق و لو نذر عتق آخر عبد يملك لم يحكم بعتق أحد حتّى يموت فيتحرّر أخيرهم و في كسبه السابق على الموت إشكال الأقرب أنّه للوارث و لو كانت أمة فحكم أولادها حكم الكسب في الإشكال و كذا المهر لو وطئها قبل الموت و هل يحرم عليه وطيها قبل ملك غيرها إشكال و لو ملك اثنين دفعة ثمّ مات عليهما فكالأول في الاحتمالات و لو نذر عتق أمته إن وطئها صحّ فإن أخرجها عن ملكه انحلت اليمين و لا تعود بعود ملكها و لو نذر عتق كلّ عبد له قديم عتق من مضى عليه في ملكه ستة أشهر فصاعدا و لو نذر عتقه عند أداء ألف إليه لزمه فلو اتّفق السيّد و العبد على الإبطال لم يبطل و لو لم يؤدّ العبد

ص: 79

لم يعتق و كذا لا يعتق لو أبرأه السيّد و لا يبطل الشرط و لو مات السيّد قبل الأداء انفسخ النذر و لو زال ملكه عنه ببيع و شبهه زال النذر فإن عاد إلى ملكه عاد على إشكال إلاّ مع إرادة التّخصيص بذلك الملك و ما يكسبه العبد قبل الأداء للسيّد نعم يحتسب له ما يأخذه المولى من الألف فإذا أكمل أداءها عتق و الفاضل في يده لسيّده و لو ولدت الأمة قبل الأداء لم يتبعها في العتق [- د -] لو أعتق بعض عبيده فقيل هل أعتقت عبيدك فقال نعم انصرف إلى من باشر عتقه خاصّة و الوجه وجوب التعدّي في البعض فلو كان المعتق واحدا حكم عليه بعتق ما يفسّره من الأكثر في الظاهر عملا بإقراره و لم يتعدّ في نفس الأمر الواحد [- ه -] العبد لا يملك شيئا و إن ملّكه مولاه فلو كان بيده مال ثمّ أعتق فهو لمولاه سواء علم به المولى أو لا و سواء ملّكه مولاه إياه قبل العتق أو لا و سواء استثناه مولاه أو لا و للشيخ هنا تفصيل و رديّ [- و -] لو أعتق ثلث عبيده و لهم ثلث صحيح و قيمتهم متساوية أقرع بينهم فيجزءون ثلاثة أجزاء واحد للحرّية و يكتب اسم كل اثنين في رقعة فإن خرج على الحرّية تحرّر الخارج و إن أخرج على الرقية احتج [احتيج] إلى إخراج ثانية ثمّ يتحرّر الباقيان في الثالثة و لو اختلف القيمة و أمكن التعديل بها عددا فعل و إن لم يكن بأن يكون قيمة اثنين مثل قيمة واحد و قيمة ثلاثة مثله أيضا فالأولى إلغاء العدد و اعتبار القيمة و لو أمكن التعديل دون العدد بأن تساوى قيمة اثنين واحدا أو قيمة أربعة مثله اعتبرت القيمة و لو كان بالعكس بأن يكون قيمة اثنين ألفا و اثنين خمسمائة و اثنين سبعمائة فالتجزية بالعدد فيجعل كلّ اثنين جزءا و يضمّ كلّ واحد ممّن قيمتها قليلة إلى واحد ممّن قيمتهما كثيرة و يجعل المتوسطين جزءا فإن وقعت قرعة الحرّية على جزء قيمته أكثر من الثلث اعتبرت قيمتهما فيعتق من يقع له قرعة الحرّية و من الآخر يتمّ الثلث و إن وقعت على جزء أقلّ عتقا ثمّ كمل الثلث من الجزءين الباقيين بالقرعة و لو لم يمكن تعديلهما عددا و قيمة كخمسة قيمة أحدهم ألف و اثنان ألف و اثنان ثلاثة آلاف احتمل تجزيتهم ثلاثة فيجعل أكثرهم قيمة جزءا و يضمّ إلى الثاني أقلّ الباقيين قيمة و يجعلهما جزءا و الباقيين جزءا و يقرع بينهم بسهم حرّية و سهمي رقّ و يعدل الثلث بالقيمة و احتمل عدم التجزئة بل يخرج بالقرعة على واحد واحد حتّى يستوفى الثلث فيكتب رقاع بعددهم و لو كانوا ثمانية قيمتهم متساوية احتمل أن يكتب ثمان رقاع ثمّ يخرج على الحرّية حتّى يستوفى الثلث و تجزيتهم أربعة أجزاء فيقرع بسهم حرّية و ثلث رقّ فيعتق من خرج للحرّية ثمّ بين الستة بسهم حرية و سهمي رقّ ثم يعاد بين من خرجت له الحرّية فيعتق الخارج ثمّ يكمل الثلث من الآخر و تجزيتهم ثلاثة و يقرع فإن خرج سهم الحرّية على الاثنين عتقا و كمل الثلث بالقرعة من الباقين و إن خرجت لثلاثة أقرع بينهم بسهم رقّ و سهمي حرّية [- ز -] لو أوصى بعتق عبد فإن خرج من الثلث وجب على الوارث إعتاقه فإن امتنع أعتقه الحاكم و يحكم بحرّيته حين الإعتاق لا الوفاة و ما اكتسبه بينهما يحتمل اختصاصه به لاستقرار سبب العتق بالوفاة و اختصاص الوارث لثبوت الرقيّة عند الكسب و هو الوجه و العتق في مرض الموت من الثلث على الأقوى فلو أعتق ثلث إماء كل التركة عتقت واحدة بالقرعة فإن كان بها حمل تجدّد بعد الإعتاق فهو حرّ إجماعا و إن لم يمت و إن كان سابقا على الإعتاق فالوجه رقيّته و لو أعتق ثلاثة لا يملك غيرهم فمات أحدهم قبل سيّده أقرع بينه و بين الأحياء فإن خرجت عليه حكم له بالحرّية و إلاّ بالرّقية و لا يحتسب من التركة فيتحرّر من الباقيين ما يحتمل الثلث منهما بالقرعة و لو دبّر الثلاثة و هم التركة أو أوصى بعتقهم فمات أحدهم قبله بطل تدبيره و الوصية فيه فأقرع بين الحيين خاصة فإن عتق من أحدهما ثلثهما و لو مات المدبّر بعد موت مولاه أقرع بينه و بين الأحياء و موت العبد بعد موت السيّد قبل امتداد يد الوارث إليه هل يكون بمنزلة الموت قبل موت السيّد احتمال و كذا بعد ثبوت اليد قبل القرعة من حيث إنّه محجور على التصرّف فيه على ضعف [- ح -] لو أعتق أمته و تزوّجها ثمّ مات و لا تركة و ثمنها دين عليه لم تردّ في الرّق و لو استولدها كان الولد حرّا كأمّه و للشيخ هنا قول رديّ [- ط -] لو أوصى بعتق بعض عبده أو بعتقه و لا مال سواه لم يقوّم عليه و لا على الورثة و كذا لو أعتقه عند موته منجّزا و لا شيء غيره عتق من الثلث و لا تقويم و الاعتبار بقيمة الموصى به بعد الوفاة و بالمنجز عند الإعتاق و بالتركة بأقلّ الأمرين من حين الوفاة إلى حين قبض الوارث و لو كان للمعتق مال غير العبد المنجز عتقه مثلا قيمته فما زاد عتق أجمع و إن كان أقلّ من مثليه عتق بقدر ثلث المال كله فإذا كان العبد نصف المال عتق ثلثاه و إن كان ثلثي المال عتق نصفه و إن كان ثلاثة أو باعه عتق أربعة أتساعه و طريقه أن تضرب قيمة العبد في ثلاثة ثمّ ينسب إليه مبلغ التركة فما خرج بالنسبة عتق من العبد مثله فلو كان قيمته ألفا و المال ألف ضربت القيمة في ثلثه يكون ثلاثة آلاف ثمّ تنسب إليها الألفين تكون ثلثيهما فيعتق ثلثاه و لو كانت قيمته ثلاثة آلاف و التركة ألف ضربت قيمته في ثلاثة تبلغ تسعة و ينسب إليها التركة أجمع يكون أربعة أتساعها و لو كانت القيمة أربعة آلاف و التركة ألف ضربت قيمتهم في ثلاثة يكون اثني عشر و نسب إليها خمسة آلاف يكون ربعها و سدسها فيعتق ربع العبد و سدسه و هكذا و لو كان عليه دين مستوعب فلا عتق و لو تعدّد المعتق و الدين قاصرا بقدر نصف العبيد جعلوا قسمين و كتب رقعة للدين و أخرى

ص: 80

للتركة فيباع من يخرج للدّين فيه و يعتق ثلث الباقي بالقرعة و لو كان الدين ربع القيمة كتب أربع رقاع واحدة للدين و ثلاث للتركة ثمّ يقرع للحرّية ثانية و يجوز أن يكتب رقعة للدّين و أخرى للحرية و اثنتان للتركة و لو أعتق المريض عبده و هو يخرج من الثلث فعتق ثم ظهر دين مستوعب بيع في الدين إن قلنا يحكم بالوصيّة في المنجّزات [- ى -] لو أعتق المريض ثلاثة متساوية و هي التركة فعتق أحدهم بالقرعة ثم ظهر عليه دين مستوعب بطل العتق و القسمة و لو دفع الوارث الدّين [منه] فيه ليصحا قوّى الشيخ إجازته و لو كان بقدر نصفهم احتمل بطلانها على ضعف فتقضي [فيبقى] الدين بعد القرعة بين الدّين و التركة ثمّ يقرع للحرّية و صحتها على الأقوى فيباع نصف المعتق في الدّين و يطالب الورثة بثلثي [بثلث] الدّين إمّا من الباقيين أو غيرهما و لو أعتقهم أو دبّرهم أو أوصى بعتقهم فعتق أحدهم بالقرعة ثمّ ظهر له ضعفهم حكم بعتقهم من حين أعتقهم أو من حين موته فيبطل التصرّف فيهم بالبيع و غيره و الكسب لهم و لو ظهر بقدرهم عتق ثلثاهم فيقرع بين الرقيقين و يحكم بحرّية من يخرجا لقرعة من حين الإعتاق أو الوفاة لا من حين القرعة على إشكال ضعيف و كلّما ظهر له مال عتق كل العبدين الذين رقّا بقدر ثلثه [- يا -] إذا نذر المريض العتق فالوجه أنّه من الثلث و لو علّق نذره في صحته على شرط فوجد في مرضه احتمل خروجه من الأصل لانتفاء التهمة وقت النذر و من الثلث و لو نذر عتق ما تلده الحامل ففي جواز بيعها مع الحمل قبل الولادة إشكال فإن سوّغناه لم يبطل البيع بعد الولادة و كذا لو نذر عتق عبده إذا فعل شيئا ثمّ باعه قبل فعله ثمّ فعله أو عند مجيء السنة فباعه قبلها و لو نذر إن لم يفعل الشيء الفلاني و لم يعين وقتا فهو حرّ لم يتحرّر حتّى يموت و لو باعه قبل ذلك صحّ و لو نذر إن فعل فهو حر فباعه قبل الفعل ثمّ اشتراه ثم فعل فالأقوى العتق مع احتمال عدمه [- يب -] إذا دفع العبد إلى الأجنبي مالا ليشتريه و يعتقه ففعل فإن كان بعين المال فالبيع و العتق باطلان فإن كان في الذمّة صحّا و عليه دفع الثمن من عنده لأنّ المدفوع أوّلا للمولى [- يج -] لو أعتق المريض عبدا و أوصى بعتق آخر فإن عيّنهما اعتبرنا قيمة المعتق حين الإعتاق و الموصى به عقيب الوفاة و التركة بأقلّ الأمرين من حين الوفاة إلى حين قبض الوارث لها فإن خرجا من الثلث عتقا و إلاّ بدئ بعتق المنجّز و دخل المنقص على ثلث و لو أبهم قوّمت التركة بعد الموت فالثلث للمعتق فيقرع بعد تعيين ثلث العتق بين المعتق و الموصى به فإذا عرف المنجّز ألقي التقويم الأوّل و اعتبرت قيمة المنجّز حين الإعتاق و الموصى به حين الوفاة و لو أوصى بعتق عبده و قيمته الثلث أو أقلّ أو أزيد بما دون الضعف صحّ إجماعا و عتق ما يساوي الثلث و لو كانت الزيادة بقدر الضعف قال الشيخ يبطل الوصيّة و ليس بمعتمد و الحقّ المساواة و لو أوصى لعبده بالثلث فما دون أعتق من الوصيّة فإن قصرت قيمته أعطي الفاضل و لو أعتق عبده عند موته و عليه دين قال الشيخ إن كان ثمن العبد ضعف الدين صحّ العتق و استسعي العبد في قضاء الدين و الحقّ إحلاف ذلك [- يد -] لو أعتق الحبلى بمملوك لم يسر إلى الحمل سواء علم المولى أو لا و سواء استثناه أو لا و قول الشيخ إن لم يستثنه كان حرّا ليس بجيد [- يه -] لو أمره بعتق عبده عنه فأعتقه صحّ العتق عن الآمر و هل يستعقب القيمة فيه إشكال و لو قال و عليّ قيمته لزم أداء القيمة أمّا لو قال و عليّ كذا ففي لزوم المعين إشكال و لو أذن له فيه ثمّ رجع فأعتقه المالك و لم يعلم بالرجوع فالأقرب وقوعه عن الآمر و عليه الضمان [- يو -] لو شهدا بعتق العبد فأنكر العبد فالوجه سماع البيّنة و لو شهدا بالعتق فحكم به ثم رجعا ضمنا ثم شهد آخران بالعتق قبل الشهادة سقط الضمان [- يز -] الولاء تابع للعتق تبرعا إذا لم يتبرأ المعتق من ضمان الجريرة و هو لحمة كلحمة النسب فإنّ المعتق سبب لوجود الرقيق لنفسه كما أنّ الأب سبب و يستلزم الإرث كالنسب مع شرائطه نذكرها في باب المواريث إن شاء اللّٰه تعالى و له فروع و تفاصيل مسائل نذكرها هناك

المقصد الثاني في التدبير
اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في ماهيته و شرائطه

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] التدبير تفعيل من الدّبر و هو العتق المؤخّر إلى بعد الموت و سمّي تدبيرا لأنّه إعتاق في دبر الحياة و هو جائز بإجماع العلماء كافة إذا قرن بموت المولى و الأقرب جوازه مع اقترانه بموت غيره كزوج المملوكة و من جعلت له الخدمة [- ب -] يشترط في التدبير الصيغة و لفظه الصريح أنت حرّ بعد موتي أو عتيق أو معتق أو أنت رقّ في حياتي و حرّ بعد وفاتي أو إذا متّ فأنت حرّ و لو قال دبّرتك أو أنت مدبّر لم يقع و لو قال عقيبه فإذا متّ فأنت حرّ وقع بذلك لا بما تقدّم و لا ينعقد الشرط و لا ما يعتبر به عن الذات بلفظ فلو قال متى أو أيّ حين أو أيّ وقت قام مقام إذا و كذا لو قال أنت أو هذا أو فلان أو مملوكي [- ج -] يشترط في الصيغة تجريدها عن الشرط فلو قال إن قدم المسافر أو إذا أهلّ الشهر فأنت حرّ بعد وفاتي لم يقع و كذا لو قال بعد وفاتي بسنة أو شهر أو إن أدّيت إلى ولدي أو إلي كذا فأنت حرّ بعد وفاتي أو أنت حرّ بعد وفاتي إن شئت أو متى شئت أو أيّ وقت أو أيّ حين أو أيّ زمان [- د -] يشترط النيّة فلا عبرة بتدبير الساهي و الغالط و السكران و المكره و قال ابن إدريس لا بدّ فيه من نيّة القربة [- ه -] إنّما يقع التدبير من البالغ العاقل القاصد المختار الجائز التصرف فلا اعتبار بتدبير الصبي و إن كان مميّزا و لا المجنون و لا الكافر و إن كان ذمّيا إن اشترطا نيّة التقرب و يصحّ من السفيه و المفلس على إشكال في السفيه [- و -] لو دبر المسلم ثمّ ارتد لم يبطل تدبيره و ينعتق لو مات على ردّته إن كانت عن غير فطرة و إن كانت عنها لم ينعتق بموته لخروجه

ص: 81

عن ملكه و لو دبّر المرتد عن غير فطرة ففي صحة تدبيره إشكال أمّا المرتدّ عنها فلا يصحّ تدبيره قطعا و لو سوّغنا تدبير الكافر فدبّر مثله ثمّ أسلم العبد بيع عليه و إن لم يرجع في تدبيره و لو مات قبل البيع و قبل الرجوع يتجرّد من الثلث و لو قصر الثلث تحرّر بقدره و كان الباقي للوارث فيستقرّ على المسلم و يباع على الوارث الكافر و يصحّ تدبير الأخرس بالإشارة المعلومة و كذا رجوعه و لو خرس بعد التدبير فرجع بالإشارة صحّ [- ز -] لا يقع التدبير من الحالف به

الفصل الثّاني في أحكامه

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] التدبير ضربان مطلق كقوله إذا مت فأنت حرّ و مقيّد كقوله إذا متّ في سفري هذا أو مرضي أو سنتي أو شهر كذا أو بمرض كذا أو في موضع كذا فأنت حرّ و هو سائغ بقسميه [- ب -] التدبير بمنزلة الوصيّة يجوز الرّجوع فيه و في بعضه سواء كان عبدا كاملا أو بعضه و ينعتق المدبّر بموت المولى من الثلث فإن قصر عنه تحرّر ما يحتمل [يحتمله] الثلث و كان الباقي للوارث و لو لم يكن سواء تحرّر ثلثه و رقّ الثلثان و لو كان له مال غائب عتق ثلثه و يوقف الباقي فكلّما حصل من الغائب شيء عتق من العبد بنسبته ثلثه و مع قدوم الغائب يتبين تحرير العبد من حين الوفاة فالكسب بعدها كلّه له و لو تلف الغائب تبيّن رقّية الثلثين و كذا لو كان عوض الغائب دينا و لو كان عليه دين مستوعب بطل التدبير سواء كان التدبير سابقا أو لاحقا خلافا للشيخ و لو قصر الدين تحرّر من المدبّر بقدر ثلث الباقي [- ج -] المدبّر لا يخرج بتدبيره عن الملك فللمولى كسبه و بيعه و هبته و التصرّف فيه كيف شاء كالقنّ و يبطل التدبير [- ح -] و قال الشيخ رحمه اللّٰه إن رجع في تدبيره ثمّ باعه أو قصد ببيعه الرّجوع صحّ البيع في رقبته و إن لم يرجع و لا قصده بالبيع بتناول البيع الخدمة مدّة حياة المولى دون الرقية فإذا مات المولى تحرّر و ليس بمعتمد [- د -] لا فرق في جواز البيع بين أن يكون التدبير مطلقا أو مقيدا و لا بين كون المملوك ذكرا أو أنثى [- ه -] لو قال الشريكان إذا متنا فأنت حر قوّى الشيخ صحّته فإن ماتا عتق من ثلثيهما و إن مات أحدهما عتق نصيبه من ثلثه و كان الآخر مدبّرا إلى أن يموت الثاني فيكمل الحرية فيه من الثلث و كسبه بعد موت الأوّل إلى موت الثاني بين العبد و الثاني و الوجه عندي البطلان إلاّ مع تجويز التعليق بموت الغير نعم لو قال كلّ واحد منهما إذا متّ فنصيبي حرّ كان تدبيرا صحيحا و كان الحكم فيه ما تقدّم و لو خرج نصيب أحدهما خاصة تحرر أجمع و تحرّر من الثاني بنسبة الثلث [- و -] يجوز وطي المدبّرة فإن حملت منه لم يبطل التدبير فإذا مات عتقت من الثلث فإن عجز عتق الفاضل عنه من نصيب ولدهما و لو تجدّد حملها بمملوك إمّا من زنا أو شبهة أو عقد كان الحمل مدبرا و للمولى الرجوع في تدبيرهما معا و في تدبير أحدهما دون الآخر و قول الشيخ هنا غير معتمد و لو كان الحمل سابقا لم يلحقه التدبير بالسراية و إن علم به خلافا للشيخ رحمه اللّٰه و لو ادّعت تجدّده فالأقرب تقديم قول الوارث في سبقه على التدبير و لو رجع في تدبيرها فأتت بولد لستة أشهر فصاعدا من حين الرجوع لم يكن مدبّرا لإمكان تجدّده و لو كان لدونها كان مدبّرا و المدبّر إذا ولد بعد التدبير مملوكا فهو مدبّر كأبيه و كذا يجوز وطي ابنة المدبّرة و المدبّر [- ز -] يجوز للمدبّر الرجوع في تدبيره إمّا قولا مثل رجعت أو فعلا كأن يهب و إن لم يقبض أو يقف أو يعتق أو يوصي به و إن ردّ الموصى له و إنكار التدبير ليس رجوعا و إن حلف المولى و الدعوى به صحيحة و يسمع فيه شاهدان و الأقرب ثبوته بشاهد و امرأتين و شاهد و يمين و لو ادّعاه على الورثة فاعترفوا حكم عليهم و لو أنكر بعضهم كان له إحلافه و لا يقوم على المقرّ و كذا إنكار الوصيّة و الوكالة أمّا البيع الجائز ففي إنكاره إشكال و لا إشكال في إنكار الرجعي رجعه و لو قال لمدبّره إذا أدّيت إلى ورثتي ألفا فأنت حرّ فالوجه أنّه رجوع و كذا إن دخلت الدار فأنت مدبّر أو باعه بيعا فاسدا أو أوصى به وصيّة باطلة [- ح -] لو دبّر جماعة عتقوا بموته إن خرجوا من الثلث و إلاّ بدئ بالأوّل فالأوّل و كان النّقص على الأخير و لو جهل الترتيب استخرج بالقرعة و كذا لو دبّرهم بلفظ واحد و هل يشترط تعيين المدبّر فيه إشكال فعلى العدم هل يتخير الوارث أو يقرع الأقرب الأخير [- ط -] لو دبّر بعض عبده صحّ و لم يسر التدبير و لا العتق لو حصل بعد الموت و للمرتضى قول ضعيف و لو كان له شريك لم يكلّف التقويم و لو دبّره أجمع ثمّ رجع في بعضه صحّ الرّجوع و لو دبّر الشريكان ثمّ أعتق أحدهما فالوجه التقويم عليه و لو دبّر أحدهما ثمّ أعتق قوّم عليه و لو أعتق الآخر فالوجه التقويم أيضا [- ى -] يبطل التدبير بإباق المدبّر فإن رزق أولادا بعد الإباق من أمة كانوا رقا و قبله على التدبير و ارتداد المدبّر لا يبطل تدبيره إلاّ أن يلتحق بدار الحرب قبل الموت و لو التحق بعده كان حرّا من الثلث و لو علّق التحرير بموت من جعلت الخدمة فأبق العبد لم يبطل التدبير [- يا -] كسب المدبّر قبل الموت لمولاه و بعده له أن يخرج من الثلث فإن ادّعى الوارث تقدّمه فالقول قول العبد مع اليمين و لو أقاما بيّنة حكم لبيّنة الوارث و إن أقرّ المدبّر أنّه كان في يده في حياة سيّده ثمّ تجدّد ملكه عليه بعد موته قدّم قول الوارث و لو أقام العبد بيّنة قبلت و يقدّم على بيّنة الورثة و لو لم يخرج من الثلث كان له من الكسب بقدر ما تحرّر و الباقي للورثة [- يب -] لو أعتق منجّزا و دبّر قدّم المنجّز و إن كان

ص: 82

في مرض الموت و لو اجتمع التدبير و الوصيّة بالعتق أو بغيره تساويا و يبدأ بالأوّل فالأوّل و ليس العتق المتوقّف على الإعتاق بعد الموت بمقتض لتأخيره عن التدبير [- يج -] لو دبّر ثمّ باع أو وقف أو وهب كان ذلك رجوعا و يصحّ ما فعله من العقود و شبهها فلو عاد إلى ملكه ببيع أو غيره لم يعد التدبير و كذا لو أوصى بشيء ثم أخرجه عن ملكه بطلت الوصيّة و لو عاد لم يعد و الأقرب أنّ رهن المدبّر ليس إبطالا له فيعتق بعد الموت و يؤخذ من التركة قيمته تكون رهنا [- يد -] لو دبّر عبدين دفعة و له مال غائب أقرع بينهما فيعتق ممن يخرجه القرعة ثلثاه و يوقف الثلث و العبد الآخر فإذا حصل من الغائب شيء كمل من عيّنته القرعة فإذا حصل آخر عتق من الثاني من الثلث إلى أن يعتق و لو تعذّر حضور الغائب لم يرد العتق على قدر ثلثهما و لو خرج الذي وقعت له القرعة مستحقّا بطل العتق فيه و عتق من الآخر ثلثه و لو كانت قيمة المدبّر مائة و له مائة غائبة عتق ثلثه و رقّ ثلثه و وقف الثلث و لو كان له ابنان على أحدهما مائتان له عتق من المدبّر حصة من عليه الدين أجمع و هي النصف و ثلث حصّة الآخر و كلّما استوفى من أخيه شيئا عتق ثلثه و لو كان الدّين عليهما عتق أجمع [- يه -] أرش ما يجنى على المدبّر لمولاه و لا يبطل التّدبير و ديته لو قيل له و هي قيمته مدبّرا و لو قتل المدبّر سيّده بطل تدبيره أمّا أمّ الولد فلا يبطل حكمها بقتلها مولاها و لو جنى على غير مولاه تعلّق أرش الجناية برقبته و للمولى فكّه بأرش الجناية و له بيعه فيها فإن فكّه فالتدبير باق و إن بيع بطل التدبير و صرف الثمن إلى المجني عليه و لو كانت الجناية غير مستوعبة فباع بعضه بقي الباقي على التدبير و لو مات المولى قبل فكّه انعتق و لا يثبت أرش الجناية في تركة المولى لكن إن أوجبت قصاصا اقتصّ منه و إن أوجبت مالا أخذ منه [- يو -] يصحّ تدبير المكاتب فإن أدّى مال الكتابة عتق بها و بطل التدبير و كان ما في يده له و إن عجز و فسخت الكتابة بطلت كتابته دون تدبيره فإذا مات المولى عتق من الثلث و ما في يده لسيّده و إن مات المولى قبل الأداء و العجز عتق بالتدبير من الثّلث فإن عتق منه ما يحتمله و يسقط من مال الكتابة بإزائه و كان الباقي مكاتبا و لو كاتب المدبّر احتمل بطلان التدبير أمّا لو قاطعه على مال ليعجّل عتقه لم يبطل التدبير و يجوز تدبير الحمل و لا يسري إلى الأمّ فإن أتت به لدون ستة أشهر من حين التدبير حكم بالتدبير فيه و إلاّ فلا و يجوز الرجوع في تدبيره كالمنفصل [- يز -] لا اعتبار برد المملوك تدبير مولاه سواء ردّه في حياة المولى أو بعد وفاته [- يح -] قد بيّنا أنّ التدبير بمنزلة الوصيّة يجوز الرجوع فيه و يخرج من الثلث و هذا إنّما هو في المندوب المتبرّع به أمّا التدبير الواجب بالنذر و شبهه فلا يجوز الرجوع فيه و يخرج من صلب المال و لا يخرج بالنذر عن الملك فيجوز له استخدامه و وطيه إن كانت جارية نعم لا يجوز له بيعه و لا إخراجه عن ملكه و يجوز له أن يوجره و له عتق المدبّر تبرّعا في كفّارة ظهار أو قتل أو نذر عتق و إن لم يرجع لفظا خلافا للشيخ أمّا المدبر واجبا فهل له ذلك عندي فيه نظر

المقصد الثالث في الكتابة
اشارة

و فيه مطلبان

الأول في أركانها
اشارة

و فصوله أربعة

الأوّل الماهيّة و الصيغة

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] الكتابة عقد مستقل بنفسه يفتقر إلى الإيجاب و القبول و ليست بيعا للعبد من نفسه و لا عتقا بصفة و هي جائزة بالنّص و الإجماع مستحبّ مع أمانة العبد و قدرته على التكسّب و تتأكّد مع التماس العبد و لا تجب و لا تستحبّ مع فقد أحد الوصفين و لا تكره كتابة غير المتكسّب [- ب -] لو باع العبد من نفسه بثمن مؤجّل أو حالّ لم يصحّ على إشكال و لا يكون كتابة [- ج -] الكتابة لا يثبت فيها خيار المجلس لأنّها ليست بيعا و لا يثبت فيها خيار الشرط [- د -] صيغة الكتابة أن يقول كاتبتك على كذا و يذكر أجلا معيّنا و ينوي العتق عند الأداء و لا يفتقر إلى أن يقول فإذا أدّيت فأنت حرّ مع النيّة له و يقول العبد قبلت أو ما شابهه و لو قال إن أدّيت إليّ ألفا فأنت حرّ لم يصحّ كتابة و لا عتقا [- ه -] الكتابة ضربان مطلقة و هي التي اقتصر فيها على الأجل و العوض و النية مع الصّيغة و مشروطة و هي التي زيد فيها على ذلك الردّ في الرّق عند العجز و هي لازمة إن كانت مطلقة إجماعا من الطّرفين و إن كان مشروطة فكذلك من طرق السيّد ما لم يحصل العجز قال الشيخ و جائزة من جهة العبد لأنّ له تعجيز نفسه و فيه منع [- و -] يجوز أن يشترط في الكتابة ما هو سائغ بخلاف غيره فلو شرط الوطي بطل الشرط و الأقوى بطلان العقد أيضا و يجب الوفاء بالشرط السائغ إذا وقع في العقد و لو شرط خدمته شهر بعد العتق بالأداء لم يستبعد جوازه

الفصل الثاني في السيد

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] يشترط فيه البلوغ فلا يصحّ كتابة الصّبي و إن بلغ عشرا أو كان مراهقا أو أذن له الوليّ [- ب -] يشترط فيه العقل فلو كاتب المجنون لم يصحّ و لو كان الجنون يعتوره فكاتب في زمن صحته صحّ و لو ادّعى العبد الكتابة فيها و ادعى المولى وقوعها حالة الجنون قدّم قول المولى بخلاف دائم العقل و ليس لوليّ الطفل و المجنون كتابة عبدهما سواء كان الولي أبا أو غيره فإن فعل كان ما يؤدّيه العبد للسيّد و لا يعتق به و لو قيل بالجواز مع المصلحة كان وجها [- ج -] يشترط فيه الاختيار فلو كاتب المكره لم يقع [- د -] يشترط فيه زوال الحجر بالفلس و السّفه فلو كاتب أحدهما عبده لم يصح و لا بدّ من القصد فلا اعتبار بعبارة الساهي و النائم و الغافل و السكران [- ه -] يصحّ كتابة الذمّي فإذا كاتب مثله على خمر أو خنزير و تقابضا حال الكفر حصل العتق

ص: 83

لا بمعنى أن الحاكم يحكم بصحّته بل لا يتعرّض له كما يحكم ببقاء الزوجيّة لو تزوّجها على خمر و تقابضا ثمّ أسلما و لو تقابضا بعد الإسلام قبل الترافع أبطل الحاكم الإقباض و حكم على المكاتب بقيمته عند مستحلّيه و لا يبطل الكتابة و لو ترافعا بعد الإسلام قبل التقابض فكذلك و لو تقابضا البعض حالة الكفر وجبت قيمة الباقي و كذا الحكم لو أسلم أحدهما [- و -] لو أسلم العبد خاصّة بيع على مولاه و ليس للمولى كتابته و لو اشترى الذمّي مسلما لم يصحّ و لو أسلم مكاتب الذمّي لم يبطل الكتابة على مولاه فإن عجز و رقّ بيع عليه حينئذ [- ز -] الحربي يصحّ أن يملك فيصحّ كتابته سواء كان في دار الحرب أو الإسلام فإن دخلا مستأمنين لم يتعرّض الحاكم لهما فإن ترافعا إليه ألزمهما حكم الكتابة إن كانت صحيحة و إلاّ بيّن لهما فسادها و إن دخلا و قد أكره أحدهما الآخر بطلت الكتابة لأن العبد إن قهر سيّده ملكه و إن قهره السيّد على رده رقيقا بطلت و إن دخلا من غير قهر و قهر أحدهما في دار الإسلام لم تبطل الكتابة لأنّ القهر لا يؤثر فيهما إلاّ بالحق و إن دخلا مستأمنين لم يمنعا من الرجوع و لو أراده السيّد فإن امتنع المكاتب لم تجبر على طاعته و تخير السيّد بين المقام للاستيفاء و عقد الذمة مع طول المدة و بين التوكيل فيه فيعتق مع الأداء و تخيّر المكاتب مع الأداء بين عقد الأمان للإقامة و بين الرجوع و لو عجز استرقّه السيّد و يردّ إليه لأنّ أمان المال لا يبطل ببطلان أمان النفس و لو كاتبه في دار الحرب فهرب إلينا بطلت الكتابة سواء دخل مسلما أو لا و لا يبطل لو جاء بإذن مولاه فإن سبي سيّده و قتل ينقلب الكتابة إلى ورثته و إن منّ عليه الإمام أو فاداه أو هرب فالكتابة بحالها و إن استرقّه فكذلك إن عتق و إن مات أو قتل فالمكاتب للمسلمين يعتق بأداء المال إليهم و يسترقّونه مع العجز و للمكاتب أداء المال إلى الحاكم أو أمينه قبل عتق سيده أو موته فيوقف على ما ذكر و يعتق المكاتب بالأداء و السيّد رقيق [- ح -] لو كاتب المسلم عبده ثمّ ظهر المشركون فأسروا المكاتب فانقلب من الدار إلى دار الحرب لم يملكوه و الكتابة باقية و كذا لو دخل الكافر بأمان و كاتب عبده ثمّ ظهر المشركون فقهروا المكاتب فانقلب منهم أو غلبهم المسلمون فإن كتابته باقية و قوّى الشيخ وجوب تخليته مثل المدّة التي حبسه فيها المشركون ليتكسّب مالا قال و كذا لو كاتب عبده ثمّ حبسه و يقوى عندي في الأوّل العدم و في الثاني لزوم الأجرة فعلى ما اخترناه إن أدّى بعد الحلول و إلاّ عجّزه مولاه و لو لم ينقلب و حلّ عليه المدة فالوجه أنّ للمولى فسخ الكتابة و إن لم يراجع الحاكم فإن جاء و لم يدع مالا صحّ الفسخ و إن ادعاه و أقام البيّنة به عند الفسخ أبطل الفسخ و دفع المال إلى السيّد [- ط -] لو كاتب في دار الحرب جاء بإذن سيّده استمرت الكتابة و إن كان بغير إذنه فهو قاهر له على نفسه فيملكها و يعتق و يبطل الكتابة ثمّ يتخيّر بين الإقامة مع عقد الذمة و بين اللحوق بدار الحرب [- ى -] المرتدّ عن فطرة يزول تصرفه عن أمواله فلو كاتب لم تصحّ و أمّا المرتد عن غير فطرة فإن كاتب قبل حجر الحاكم عليه احتمل البطلان و الصحّة فإن أدى العبد قبل الحجر إليه عتق بالأداء و إن أدّى بعده إلى الحاكم عتق فإن دفع إلى مولاه لم يصحّ الدفع و لا يعتق فإن كان باقيا أخذه و دفعه إلى الحاكم و عتق حينئذ و إن تلف [هلك] من ضمانه فإن دفع حينئذ غيره إلى الحاكم و إلاّ كان له تعجيزه فإن أسلم السيّد كان عليه أن يحتسب له بما دفع و يعتق عليه و الوقف فإن أسلم المولى علمت الصحّة و إلاّ البطلان و إن كاتب بعد الحجر فالوجه البطلان أمّا لو كاتب السيّد ثمّ ارتد فالكتابة لا تبطل قطعا لكن الدفع إلى الإمام فإن دفع إلى المرتدّ فالحكم كما تقدّم في المرتد قبل الكتابة [- يا -] المريض يصحّ كتابته فإن برأ لزمت من الأصل و إن مات فيه صحت من الثلث فالزائد موقوف على إجازة الوارث و لو كاتبه في الصّحة و وضع النجوم في المرض اعتبرنا خروج الأقلّ من الثلث فإن كانت قيمة الرقبة أقل فليس لهم سواها لو عجز نفسه و إن كانت النجوم أقل فليس لهم غيرها و كذا لو أوصى بوضع النجوم عنه أو بإعتاقه و لو أقرّ في المرض بقبض النجوم من مكاتبه في الصّحة قبل من الأصل مع انتفاء التهمة و إلاّ فمن الثلث

الفصل الثالث في العبد

و فيه [- د -] مباحث [- ا -] يشترط فيه التكليف فلا يصحّ كتابة الصّبي و إن كان مميّزا و لا المجنون و لا ينعتق أحدهما مع الأداء و تصحّ لمن يعتوره أدوارا في وقت إفاقته [- ب -] قوّى الشيخ اشتراط إسلام العبد إذا كان السيّد مسلما فلو كاتب السيّد عبده الكافر لم يصحّ و إن كان ذميّا و هو قول لا بأس به [- ج -] قوّى الشيخ أيضا اشتراط كتابة الجميع مع اتّحاد المالك فلو كاتب نصف عبده لم يصحّ و عندي فيه نظر و لو كان النصف الآخر حرّا صح إجماعا و كذا لو كان رقيقا لغيره و أذن و لا يسري الكتابة إلى حصة الشريك و لا يرجع به على العبد و يؤدّي العبد نصف كسبه إلى الشريك فإن دفعه في الكتابة لم يعتق به و ليس له دفع جميع كسبه إلى المكاتب و إن أذن الشريك في الكتابة و لو هايأه الشريك فكسب في نوبته أو أعطى من سهم الرقاب فله أداء جميعه إلى المكاتب و لو كان ثلثه حرّا و ثلثه مكاتبا و ثلثه رقيقا فورث بجزئه الحرّ و أخذ بجزئه المكاتب من سهم الرقاب فله صرف جميعه في الكتابة [- د -] لو كاتباه معا صح سواء اتّفق العقدان أو تفرّق و سواء اتّفقت حصصهما أو اختلفت و سواء اتفقا في العوض مع تساويهما في الحصص أو اختلفا و سواء اتّفق أحدهما مع الاختلاف في البدل أو اختلفا مع اتفاق البدل أو اختلافه

ص: 84

و لو كاتباه بعوض واحد قسّط على قدر ملكيهما و لو كاتباه لم يكن له الدفع إلى أحدهما خاصّة فإن دفع إليه وحده كان لهما و لو أذن أحدهما لصاحبه جاز و لو كاتباه ثمّ عجّزه أحدهما و أراد الثاني إبقاء الكتابة في نصيبه بالإنظار صحّ و لو مات المولى فعجّزه أحد الوارثين و أنظره الآخر في نصيبه صحّ

الفصل الرابع العوض

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] العوض شرط في الكتابة فلو تجرّدت عنه لم يصحّ و يشترط أن يكون دينا فإن العين ملك غيره إذ لا مال له و هل يشترط الأجل قال الشيخ نعم و الأقرب المنع فعلى قول الشيخ لا يجب تعدّده بل يجوز أن يكون واحدا نعم يجب تعيينه فلو كاتبه و شرطه أجلا مجهولا لم يصح إجماعا [- ب -] يشترط في العوض أن يكون معلوم الوصف و القدر و لو جهل أحدهما لم يصحّ و لو كاتبه على عبد مطلق بطلت و لم يجب عليه عبد وسط و لا بدّ و أن يكون وقت الأداء معلوما إمّا حالاّ أو مؤجّلا بأجل معيّن فلو قال كاتبتك إلى عشرة آجال كلّ أجل سنة جاز و لو قال كاتبتك إلى عشرة سنين جاز فإن قال تؤدي إليّ في هذه العشر سنين و عنى ظرفية المدّة للأداء بطل لجهالة وقت الأداء و لو كاتبه إلى أجلين مختلفين كستة و عشر سنين جاز و هكذا نجم كلّ أجل يصحّ التساوي فيه و التفاضل و الأقرب في العوض المطلق انصرافه إلى الحلول دون البطلان [- ج -] العوض إن كان من الأثمان فإن كان النقد واحدا أو غالبا كفى الإطلاق و إلاّ وجب التعيين و إن كان من الأعواض وجب وصفه بما يصف المسلم سواء كان حيوانا أو غيره و لو كان منفعة جاز بشرط علمها كخدمة شهر و خياطة ثوب و بناء دار معلومين و يجوز أن يجمع بين منفعة و عين فلو كاتبه على خدمة شهر و دينار صحّ فإن أطلق كان الدينار حالاّ و إن قيّده بأجل لزم سواء كان عقيب الشهر أو متقدما عليه أو في أثنائه أو متأخّرا عنه بأجل آخر فإن مرض العبد شهر الخدمة أو بعضه بطلت الكتابة لتعذّر العوض [- د -] لا يشترط في مدّة المنفعة اتصالها بالعقد فلو كاتبه على خدمة شهر بعد هذا الشهر صحّ و منع الشيخ ضعيف و لو قال على أن تخدمني شهرا من وقتي هذا ثمّ شهرا عقيب هذا الشهر صحّ و كذا لو قال على أن تخدمني شهرا أو خياطة كذا أثوابا عقيب الشهر و إطلاق الخدمة يكفي لأنّها معلومة بالعرف و يلزمه خدمة مثله و لو قال على منفعة شهر لم يجز للجهالة [- ه -] الأحكام المختلفة يجوز اجتماعها مع عدم التضاد كبيع و إجارة بشيئين لا شيء واحد فلو كاتبه و باعه شيئا بعوض واحد صحّ و يقسط العوض عليهما بالنسبة و كذا لو ضمّ إلى الكتابة غيرها من عقود المعاوضات [- و -] لا يشترط في العوض قدر خاصّ بل يجوز على كلّ قليل و كثير بشرط العلم بقدره و وصفه وصفا يشتمل على كلّ ما يتفاوت الثمن لأجله و يكره أن يتجاوز به القيمة و إذا كاتبه على جنس لم يلزمه قبض غيره و إن أعطاه خيرا من النقد المشترط فإن كان يتّفق في جميع ما يتّفق فيه المسمّى لزمه القبول و إن كان لا يتّفق في بعض البلدان التي يتّفق فيه المسمّى لم يلزمه [- ز -] لو كاتب عبديه صفقة صحّ و قسّط العوض على قدر القيمتين و يعتبر القيمة وقت العقد و من أدى حصّته عتق و إن لم يؤدي الآخر و من عجز منهما رقّ خاصّة و لو شرط كفالة كلّ واحد منهما صاحبه و ضمان ما عليه صحّ و لو استوفى من أحدهما و نسي التعيين فالوجه الصبر ما دام حيّا لرجاء التذكر فإن ذكره عتق المسمّى فإن ادّعى الآخر الأداء حلف المولى و بقي عليه نجومه فإن نكل عتق أيضا فإن مات المولى قبل الذكر أقرع الورثة و حلفوا الآخر على نفي العلم إن ادّعاه عليهم و يتعدّد اليمين بتعدّدهم فإن أقام أحدهما البيّنة بالأداء أعتق إن كان قبل القرعة و رقّ الآخر إن عجز و إلاّ بقي على كتابته و إن كان بعدها احتمل ذلك أيضا لأنّ القرعة ليست عتقا بل هي كاشفة و البيّنة أقوى منها و أن يعتقا معا و كذا البحث لو ذكر السيّد المؤدّي منهما [- ح -] لو ادّعى من قلّت قيمته من الثلاثة المكاتبين صفقة بمائة أدّاها بالسّوية و كون الفاضل عن قيمته فرضا [قرضا] على الآخر أو وديعة عند السيد و [لو] ادعى من كثر قيمته الأداء على القيمة قوّى الشيخ تقديم الأوّل لأنّ يدهم على المال بالسّوية و يحتمل الثاني عملا بالظاهر المقتضي لأداء كلّ واحد ما عليه لا أزيد و يحتمل التفصيل فإن كان المؤدّى جميع الحقّ فالأوّل و إن كان البعض فالثاني و لو أدّى أحد المكاتبين عن صاحبه قبل العتق و السيد جاهل لم يصحّ و صرف الأداء إلى المؤدّي إن حلّ عليه و إلاّ استرده أو جعله أمانة و إن كان عالما بأن قال هذا عن صاحبي فالوجه جوازه و يرجع به على الرقيق إن كان بإذنه و إلاّ فلا و إن كان بعد العتق صحّ فإن أدّى ما يعتق به بإذنه رجع و إلاّ فلا و إن أدّى ما لم يعتق به بإذنه فهو قرض عليه فإن كان معه ما يفي في القرض و مال الكتابة صرف فيها و إلاّ قدّم مع التشاح الدّين و لو كانا لسيّدين فأدّى أحدهما عن رقيقه بعد العتق صحّ مطلقا و إن كان قبله لم يصحّ و إن علم القابض ما لم يرض المالك و له الرجوع على القابض و إن أخر حتى عتق الدافع احتمل الرجوع على القابض لوقوع القبض فاسدا و العدم لزوال الرقيّة المقتضية للفساد [- ط -] لو ظهر استحقاق العوض المدفوع بطل الدفع و حكم بفساد العتق فإن دفع غيره عتق مع بقائه الأجل و إن مات قبل الدفع ثانيا مات عبدا و إن ظهر معيبا فإن رضي به المولى استقرّ العتق فإن اختاره مع الأرش فله و الأقرب أنّ له الردّ و إبطال العتق و لو تلف العين عند السيّد أو حدث فيها عيب استقرّ الأرش و عاد حكم الرق في العبد فإن عجز عن الأرش استرقّه المولى و يحتمل مع تجدّده عيب آخر ردّه بالأول مع أرش الحادث و لو قال السيّد

ص: 85

بعد قبض المستحقّ هذا حرّ أو أنت حرّ لم يحكم بعتقه لأنّ ظاهره الأخبار و لو ادّعى العبد العتق بذلك قدّم قول السيّد [- ى -] لو كان العوض مؤجّلا فدفعه العبد قبله لم يجب على المولى قبوله سواء كان عليه ضرر في التقديم أو لا

المطلب الثّاني في الأحكام
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في تصرفاته

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] المكاتب كالحرّ بالتصرفات إلاّ فيما فيه تبرّع أو خطر فلا ينفذ عتقه و لا هبته و لا شراء قريبه بالمحاباة و لا بيعه بالعين و لا يبيع بالنسيئة و إن تضاعف الثمن و يحتمل الجواز مع الرهن و الضمين و يجوز أن يشتري به و ليس له أن يدفع به رهنا و لا أن يضارب بماله و يجوز أن يقبض مال غيره قراضا أو قرضا و يقبل إقراره بالبيع و ليس له إهداء طعام و لا إعارة دابة و لا يدفع المبيع قبل قبض الثمن و لا يكاتب و لا يتزوّج و لا يزوّج عبده و لا أمته و إن كان على وجه النظر و لا يتسرّى خوفا من طلق الجارية و لا يقبل هبة من يعتق عليه مع انتفاء كسبه و لا يزوّج المكاتبة و لا يكفّر إلاّ بالصيام و لو كفّر بغيره من عتق أو إطعام لم يجز و في الإجزاء مع إذن المولى نظر و لا يقرض ماله و لو فعل جميع ذلك بإذن مولاه صحّ [- ب -] لو فعل أحد هذه العقود بغير إذن المولى وقع باطلا فلو عتق بالأداء لم ينفذ منها شيء [- ج -] لو أعتق تبرعا بإذن مولاه نفذ سواء أعاد إلى الملك للعجز أو لا لكن مع العود الولاء للمولى و مع العتق له فيكون موقوفا قبل الحالتين فإن مات قبلهما دقيقا استقرّت للسيّد و لو مات العتيق فالوجه إيقاف الميراث حتّى يعتق فيكون له أو يعجز أن يموت فللسيّد [- د -] لو اشترى من يعتق على سيّده صحّ فإن عجز رجع إلى السيّد و عتق عليه و كذا لو قبله في الهبة أو الوصية و لو اشترى أباه لم يصحّ بدون إذن المولى و لو أذن صحّ و لا يملك بيعه و يكون موقوفا على كتابته و ينفق عليه بحكم الملك لا النسب و كذا لو أوصى له به فإذا قبله في قبوله بأن يكون مكتسبا فالأقرب جواز قبوله و إن لم يأذن المولى و على التقديرين إن عتق المكاتب عتق الأب بعتقه و إن عجز استرقّهما المولى [- ه -] كلما يكتسب المكاتب فهو له قبل الأداء أو بعده و لو سأل الناس لم يكن للمولى منعه و إن شرط فالوجه بطلان الشرط [- و -] لو تزوّجت المكاتبة كان العقد موقوفا على رضاء المولى و إن كانت مطلقة و مع الإذن يملك المهر هي و ليس للمكاتب وطي أمته بدون الإذن و إن كان مطلقا فإن استولد فولده كحكمه ينعتق بعتقه و يرقّ برقّه و الأقرب أنّ أمته مستولدة مع العتق [- ز -] ليس له أن يحج مع حاجته إلى زائد النفقة و لو لم يحج جاز إذا لم يأت و له البيع و الشراء إجماعا و النفقة ممّا في يده على نفسه بالمعروف و على رقيقه و الحيوان المملوك و تأديب عبيده و تعزيرهم دون إقامة الحدّ على إشكال و المطالبة بالشفعة و الأخذ بها من سيّده و إقراره بالبيع و الشراء و الدّين و الأقرب ثبوت الرّبا بينه و بين مولاه و له السفر سواء بعد أو لا فإنّ شرط المولى في الكتابة عدمه ففي بطلانه نظر و معه يقوى الإشكال في صحّة الكتابة و على الصحّة له ردّه فإن عجز فالوجه أنّه ليس للمولى تعجيزه إلاّ مع العجز عن الأداء [- ح -] لو جنى عبد المكاتب كان له افتكاكه بالأرش مع الغبطة له لا بدونها و لو كان للمملوك أب و المكاتب لم يكن له افتكاكه بالأرش و إن قصر عن قيمة الأب على إشكال

الفصل الثّاني في تصرّفات السيّد

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] ينقطع بالكتابة تصرّفات المولى عن رقبة العبد إلاّ أن يعجز مع اشتراط العود في الرقّ عنده فليس له بيعه بدون ذلك و لا هبته و لا نقل الملك منه و ليس له التصرّف في ماله إلاّ بما يتعلّق بالاستيفاء سواء كانت الكتابة مطلقة أو مشروطة [- ب -] الأقرب عندي أنّ للسيّد بيع النجوم و إن كانت الكتابة مشروطة و يخرج على قول الشيخ عدم الجواز فحينئذ إن قبض المشتري النجوم فالوجه العتق لأنّ المشتري كالوكيل فيردّ عليه و العتق على قولنا ظاهر [- ج -] لو أوصى السيّد بمال الكتابة لرجل صحّ فإن سلّم مال الكتابة إلى الموصى له عتق و كذا لو أبرأه منه و إن أعتقه لم يصحّ و إن عجز فاسترقه الوارث كان ما قبضه الموصى له ملكا له بالوصيّة و الأمر في تعجيزه إلى الوارث و إن أراد الموصى له إنظاره و يبطل حق الموصى له بالتعجيز و لو أراد الوارث إنظاره لم يملك الموصى له [لم يكن للموصى له] تعجيزه و لو أوصى به للمساكين و نصب قيما للتفرقة لم يبرأ المكاتب بإبراء القيّم و لا يدفع المال إلى المساكين بل يدفعه إلى القيم و لو أوصى بدفع المال إلى غرمائه تعيّن القضاء منه و إن أوصى بقضاء ديونه مطلقا كان على المكاتب الجمع بين الورثة

ص: 86

و الوصي بقضاء الدين و يدفعه إليهم بحضرته [- د -] ليس للمولى وطي المكاتبة بالملك و لا بالعقد سواء كانت مطلقة أو مشروطة و سواء شرط النكاح في عقد الكتابة أو لا فإن طاوعته عزّرت و يعزر للشّبهة مع الشرط و عدمه و الوجه ثبوت المهر عليه لها سواء طاوعته أو أكرهها و كرّر الوطي فإن كان قبل أداء المهر لم يتعدّد المهر و إلاّ تعدّد و هل تصير أمّ ولد لو ولدت منه الأقرب ذلك فتعتق عند موت مولاها من نصيب ولدها مع العجز و الولد حرّ و لا قيمة عليه و ليس له وطي بنت المكاتبة و يعزّر لو فعله و المهر موقوف بملكه إن أعتقت بعتق أمّ الولد و لو أحبلها فالأقرب أنّها أمّ ولد على إشكال و الولد حرّ و لا قيمة عليه للبنت لأنّ أمّها لا تملكها و لا لولدها و ليس له وطي جارية مكاتبة و يأثم لو فعل و يعزّر و عليه المهر للسيّد و الولد حر و تصير أمّ ولده و عليه قيمتها للسيّد و هل يجوز قيمة الولد إشكال و التعزير الذي أوجبناه إنّما هو للعالم منهما فلو جهل أحدهما عزّر الآخر [- ه -] ليس للمولى إجبار المكاتبة على النكاح و لا المكاتب و لا مملوك أحدهما فليس لواحد منهما التزويج بدون إذنه و كذا البحث في بنت المكاتبة و لو اتّفقوا على التزويج صحّ [- و -] لو كاتب أحد الشريكين لم يكن لأحدهما وطيها فإن خالفا عزرا مع العلم و على كلّ منهما مهر مثلها كملا و لو وطئ أحدهما عزّر و عليه مهر المثل و يقاص بقدر نصيبه مع التماثل بين عوض الكتابة و مهر المثل و الحلول و تأخذ نصف المهر تدفعه إلى غير الواطي و لو عجزت و رقّت بعد قبض المهر من الواطي اقتسماه بالسويّة مع بقائه و إن كان قبله فإن كان في يدها مال بقدر مهر المثل دفعته إلى غير الواطي و إلا برئت ذمّة الواطي عن النصف و غرم للآخر النصف

الفصل الثالث في حكم ولد المكاتبة

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] لا يجوز للمولى وطي المكاتبة على ما تقدّم فإن وطئ فالولد حر و الكتابة بحالها و هي أمّ ولد فإن أدّت قبل موت السيّد عتقت و إلاّ جعلت في نصيب ولدها لو مات قبل الأداء و كذا لو استرقّها مولاها للعجز و لو مات سيّدها و لا عجز قبل الأداء لم يبطل الكتابة [- ب -] لو ولدت بعد الكتابة من زنا أو من مملوك أو من حرّ مع شرط الرقيّة لم يسر الكتابة إلى الولد بل يكون موقوفا يعتق بعتقها و يسترقّ برقّها [- ج -] ولد الحرين حرّ و لو كان أحد أبويه رقّا فإن شرطت رقيّته تبعه و إلاّ كان حرا سواء كان الرقيق الأب أو الأمّ و ولد الأمة من سيّدها حرّ و من زنا رقّ و كذا من العبد و ولد المدبّرة مدبّر و ولد المكاتبة موقوف على ما تقدّم [- د -] لو قتل هذا الولد احتمل صيرورة القيمة للسيّد لأنّ أمّه لو قتلت كان قيمتها لسيّدها و للأمّ لأنّه لا يملك التصرّف فيه مع كونه قنّا فلا يستحقّ قيمته و قوّاه الشيخ و لو جنى عليه أو كسب فالأقوى أنّه موقوف بملكه إن عتق و إلاّ فلسيّده فإن أشرفت أمّه على العجز كان لها الاستعانة به و لو مات الولد قبل عتق الأمّ فكسبه كقيمته لو قتل و نفقته من كسبه فإن قصرت فالأقوى على السيّد لأنّه يسترقه مع العجز و يحتمل أخذ الناقص من بيت المال و لو أعتقه مولاه فإن قلنا كسبه للسيّد أو أنّه موقوف و ليس للأمّ الاستعانة به عند العجز صحّ و إن قلنا إنّه للأمّ أو بالوقف مع جواز الاستعانة لم ينفذ و الأقوى عندي نفوذه على التقديرين [- ه -] ولد بنت المكاتبة كأمّه و قد مضى أو ولد ابنها إن كان من حرّة فهو حرّ و إن كان من أمة فهو موقوف و ليس للسيّد وطيها لو كانت أنثى كما أنّه ليس له وطي الجدّة فإن وطئ فالمهر موقوف و لو أحبلها لحقه النسب و كانت أمّ ولد و ليس عليه قيمة الولد و لو اكتسب ولد بنت المكاتبة أو ابنها لنفق عليه منه و وقف الباقي و لم يكن للسيّد أخذه [- و -] لو ولدت المكاتبة من مولاها فقد تقدّم حكم ولدها فإن ولدت بعد ذلك من زوج حرّ فهو حرّ إلاّ أن يشترط المولى بتبعيّته للأمّ فيكون كأمّه فكذا لو كان من زنا فإن عتقت أمّه بالأداء عتق و إن عجزت استرق و لو مات السيّد قبل الأداء و العجز جعلت في نصيب ولدها و عتقت و عتق ولدها بالتبعيّة لها [- ز -] لو ادّعى المولى تقدّم الولادة على الكتابة و ادعت المكاتبة تأخّرها ليتبعها الولد قدّم قول المولى مع اليمين و لو ادّعى ملكيّة ولد المكاتب و ادّعى المكاتب ملكيّته فالقول قول المكاتب مع اليمين لثبوت يده دون المولى و صورته أن يتزوّج المكاتب بأمة مولاه ثم يشتريها فالولد حال الزوجيّة للمولى و بعد الشراء للمكاتب لأنّه ابن أمته و فارق الأولى لأنّ اليد تدلّ على الملكية لا الوقف [- ح -] إذا كاتباها ثمّ وطئها أحدهما فأتت بولد بعد الاستبراء من وطيه لم يلحق بالسيّد و هو ولد مكاتبة من زوج أو زنا و قد تقدّم فإن قبله لحق به و هو حرّ و نصيبه من الأمّ أمّ ولد و لا يقوّم على الواطي نصيب الشريك و هي بأجمعها مكاتبة تعتق بالأداء فإن عجزت رقّت و نصفها أمّ ولد و يعتق النصف من نصيب الولد و لا يقوم الباقي عليه و لا على الوارث و لو كان موسرا قوم عليه لمساواة الإحبال العتق و حينئذ يحتمل التّقويم في الحال فتبطل الكتابة فيه و صار جميعها أمّ ولد و نصفها مكاتبا للواطي و يعتق بالأداء و يسري فإن فسخ المولى للعجز كانت أمّ ولد يعتق بموته من نصيب ولدها و التقويم عند العجز فإن أدّت عتقت و إن عجزت قوّم على الواطي نصيب الشريك و صارت كلّها أمّ ولد و الولد حرّ لاحق بالواطي و لا قيمة عليه إن وضعته بعد التقويم و عليه النصف إن وضعت قبله و لو وطئاها معا فلا حدّ و يعزران مع العلم لا بدونه و على كل واحد منهما مهر كامل يطالب به مع عدم الحلول و معه يقاصّ و إن كانت قد أدت عتقت و طالبتهما و إن فسخا الكتابة للعجز بعد قبض المهرين لم يطالب أحدهما الآخر فإن كانا في يدها اقتسماهما و إلا تلف بينهما و إن فسخا قبل القبض سقط عن كل منهما نصف ما عليه و قاصّ في الآخر و إن تفاوتا في مهر المثل بأن وطئها أحدهما بكرا أو حسنة أو صحيحة و الآخر بالضد تقاصّا في المساوي و رجع صاحب الفضل على شريكه بنصيبه و لو أفضاها أحدهما رجع شريكه بنصف قيمتها عليه و لو تداعيا تحالفا و سقط حكمه و إن نكل أحدهما لزمه نصف القيمة و كذا لو اختلفا في أصل الوطي [- ط -] لو أتت بولد ينتفي عنهما بأن تأتي به لأكثر من عشرة أشهر من وطي الأول و لدون ستة من وطي الثاني فهو موقوف معها و إن أمكن لأحدهما خاصة فهو له و يكون حكمه في وجوب المهر و قيمة النصف من الأم و الولد على ما تقدم فيما إذا أجلها أحدهما و أما الذي لم يحبل من وطيه فإن كان هو الواطي الثاني فإن كان وطيها بعد صيرورة جميعها أم ولد الأول فعليه جميع المهر الأول إن كان قد فسخ الكتابة و إلا بينه و بينها و إن كان قبل الصيرورة فعليه نصف المهر للأول إن كان قد فسخ الكتابة في نصيبه و إلاّ فلهما و إن كان هو الأول وجب عليه المهر كملا و نصف المهر لها مع بقاء الكتابة و للمستولد مع الفسخ و لو كان المستولد معسرا فنصيب [نصيبه] أم ولد و لا يسري إلى نصيب شريكه و الكتابة بحالها في جميعها و على كل منهما مهر كامل لها فإن عدت المكاتبة عتقت و بدّل حكم الاستيلاد و إن عجزت و فسخا فنصفها أم ولد و الكسب و المهر بينهما و يتقاصّان مع التساوي و يرد الفاضل من هو عليه ثم كل موضع أتت بولد بعد أن صارت أم ولد للأول لم يجب على الأول قيمته عنه و كل موضع أتت به قبل التقويم فعليه نصف قيمته الثاني و أما الولد مع إعسار الأب فنصفه حر و نصف [نصفه] رق و يحتمل انعقاد جميعه حرّا و إن كان الذي لم يحبل من وطيه هو الأول فعلى الثاني ما قلنا إنه على الأول فعلى الثاني ما قلنا إنه على الأول من وجوب جميع المهر للأول فإنه ممتنع هنا إذ لا يمكن أن يكون وطيه صادف كونها أم ولد للثاني و إن أمكن التحاقه بهما أقرع بينهما [ى] لو ولدت من كل منهما ولدا اعترف به و اتفقا عليه فقسمان الأول أن يتفقا على السابق منهما فإن أدت عتقت بالأداء و إن عجزت و فسخت الكتابة و كانا مؤسرين فعلى السابق نصف المهر

ص: 87

لشريكه و نصفها أمّ ولد له و يسري الإحبال بنفسه أو به و بأداء القيمة فيجب عليه نصف قيمتها و أمّا الولد فإن وضعته بعد صيرورة جميعها أمّ ولد فلا شيء عليه عنه و إن وضعته قبل ذلك بأن يجعل لدفع القيمة مدخلا في صيرورتها أمّ ولد و لم تدفع إلاّ بعد الوضع وجب عليه نصف قيمته لشريكه و أمّا الثاني فإن كان وطيه بعد صيرورتها أمّ ولد فقد وطئ أمة غيره بشبهة و أولدها حرّا فعليه العقر و قيمة الولد و إن وطئها قبله فعليه نصف مهرها و نصف قيمة الولد و لا تصير أمّ ولد و إن كان الأوّل موسرا فالحكم فيه ما مضى و أمّا الثاني فالوجه أنّ ولده حرّ أيضا و عليه قيمته تؤخذ منه مع يساره و لو كانا معسرين فهي أمّ ولد لهما معا نصفها أمّ ولد للأوّل و نصفها للثاني و إن كانت الكتابة باقية فلها على كلّ واحد منهما مهر كامل و ولد كلّ واحد منهما حرّ و على أبيه نصف قيمته لشريكه و لو كان الأوّل معسرا فحكمه كما لو كانا معسرين الثاني أن يختلفا فيدّعي كلّ السبق له فلها المهر على كلّ واحد منهما و كلّ واحد يقرّ بنصف قيمة الجارية لصاحبه و يدّعي قيمة ولده عليه فإن استوعب ما يدّعيه و ما يقرّ به تقاصّا و تساقطا و إن زاد ما يقرّ به فلا شيء عليه لتكذيب خصمه إياه في إقراره و إن زاد ما يدعيه فله اليمين على صاحبه في الزيادة و يحتمل القرعة فيكون أمّ ولد لمن يخرجه القرعة

الفصل الرّابع في جناية المكاتب و الجناية عليه

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] إذا جنى المكاتب على سيّده عمدا في طرف اقتص السيّد أو عفا على مال يثبت في رقبة العبد مع التراضي و الكتابة بحالها على التقديرين و إن كان خطأ يثبت المال و إن كانت في نفس عمدا اقتص الوارث أو عفا على مال و إن كانت خطأ فالمال إذا تقرّر هذا فله أن يفدي نفسه في الخطإ بالأرش مما كان و كذا في العمد لأنّه من مصلحته و يثبت المال في ذمّته لأنّ السيّد معه كالأجنبي يصحّ له معاملته فإن وفى ما بيده بالأرش و مال الكتابة أدّاهما و إن قصر كان للمولى مطالبته بالأرش و تعجيزه فإن عجّزه و فسخ الكتابة سقط عنه المالان [- ب -] لو كانت الجناية على أجنبيّ فله القصاص و العفو على مال إن كانت عمدا و إلاّ وجب المال و تعلّق برقبته فإن فدى نفسه لم يكن للمولى منعه قال الشيخ و الفداء هنا بأقلّ الأمرين من قيمته و الأرش و لو كان الأرش أكثر افتقر إلى إذن المولى لأنّه ابتياع لنفسه بأكثر من القيمة و هو لا يملك التبرّع و الوجه عندي جواز دفع الأكثر و إذا دفع الأرش أو الأقل برئت ذمّته و بقي مال الكتابة فإن عجز استرقّه السيّد إن شاء و إن عجز عن عوض الجناية كان للأجنبيّ بيعه فيها إلاّ أن يختار السيّد افتكاكه و بقاء الكتابة فله ذلك و لو جنى على النفس بما يوجب القصاص فإن اقتصّ منه كان كما لو مات [- ج -] لو جنى عبد المكاتب اقتصّ منه في العمد و بيع في الخطإ و للمكاتب افتكاكه بالأرش إن ساوى القيمة أو قصر و لو زاد لم يكن له ذلك إلاّ بإذن المولى [- د -] لو كان عليه حقّ غير مال الكتابة كأرش الجناية أو ثمن المبيع أو عوض القرض فإن كان الجميع حالا و في يده مال و لم يحجر عليه تخيّر في تعجيل قضاء ما شاء و إن كان البعض مؤجّلا أو أراد تعجيله صحّ بإذن السيد لا بدونه لأنّ الثمن يزيد بالتعجيل فإن رفع مال الكتابة أوّلا عتق و كان الباقي في ذمته و لو حجر الحاكم عليه لقصور ماله و سؤال الغرماء فالنظر في ماله إلى الحاكم فيبدأ بدفع عوض القرض و ثمن المبيع فإن وسع لهما و إلاّ بسط عليهما و إن فضل شيء دفع في الأرش و للسيّد تعجيزه حينئذ و إن قصر عن الأرش كان للسيّد فسخ الكتابة و بيعه في الجناية فإن فضل شيء فللسيّد و لو امتنع السيد من الفسخ كان للحاكم بيعه في الجناية إلاّ أن يفديه السيّد و لو مات المكاتب انفسخت الكتابة و يسقط حقّ السيّد من المال و حقّ المجني عليه من الأرش و يبقى ما في يده للمقرض و ثمن المبيع فإن فضل شيء كان للسيّد الملك لا الكتابة و لو لم يكن في يده مال فإن اختار أرباب الحقوق الصبر جاز و لا يلزمهم الوفاء به سواء ثبت بعقد المعاوضة أو بغيرها كالقرض و سائر الديون بل لهم الرجوع في ذلك متى شاءوا و إن اختاروا المطالبة لم يكن لصاحب القرض و ثمن المبيع حقّ في ذمّته فليس له تعجيزه و للسيّد و المجنيّ عليه التعجيز فإن عجزاه بطلت الكتابة و قدّم حقّ المجني عليه و إن امتنع السيّد من تعجيزه رفع المجنيّ عليه أمره إلى الحاكم ليفسخ الكتابة و يبيعه إلاّ أن يفديه السيّد [- ه -] لو جنى على جماعة عمدا اقتصّ لهم و خطأ يثبت لهم الأرش فإن قام ما في يده بالأرش افتك رقبته به فإن فضل شيء صرفه في الكتابة و إلاّ عجزه السيّد و استرقه و إن لم يكن بيده مال بيع في الجنايات و قسط ثمنه على الجميع سواء تعاقبت الجناية عليهم أو اتفقت زمانا و سواء كان بعضها قبل التعجيز و الباقي بعده أو الجميع قبله و لو أبرأه بعضهم و في ثمنه على الباقيين و لو اختار السيّد الفداء بالأرش أجيب إليه و قيل بأقلّ الأمر من قيمته و الأرش هذا إذا لم يستوعب كلّ واحدة من الجنايات و لو كانت الجناية توجب القصاص في النفس فإن جنى دفعة واحدة فالحكم كما تقدّم و إلاّ كان للأخير [- و -] لو قطع يد سيّده عمدا اقتصّ في الحال و لو عفا على مال أو كانت الجناية خطأ قيل له المطالبة في الحال فإن وسع ما بيده للأرش و مال الكتابة الحال أدّاهما و عتق و إن قصر عجزه السيّد إن شاء فيسقط الأرش و مال الكتابة و قيل بعد الاندمال فإن اندمل قبل أداء الكتابة فالحكم ما تقدّم و إن اندمل بعده العتق و لزمه نصف الدية [- ن -] لو أعتقه السيّد قبل الاندمال و لا مال في يده سقط الأرش لانتفاء المال و الرقية قد أتلفها بعتقه و لو كان في يده مال احتمل أخذ الأرش منه لأنّ له الاستيفاء قبل العتق فكذا بعده لأنّ العتق

ص: 88

[- ح -] ليس إبراء عن المال و عدمه لأنّ الأصل في محل الأرش الرقّية و المال تابع و قد تلف بالعتق [- ح -] يجوز كتابة العبيد في عقد واحد فيكون كلّ واحد مكاتبا على ما يخصّه من العوض و لا يتحمل أحدهم عن غيره فإذا جنى بعضهم لزمه حكم جنايته و لا يلزم غيره شيء منها [- ط -] يجوز أن يملك المكاتب أباه و ابنه بأن يوهب أحدهما فيقبل أو يطأ جاريته إلاّ أنّه لا يتصرّف فيهما فإن جنى أحدهما لم يكن له أن يفديه بغير إذن مولاه ثمّ إن كان للجاني كسب دفع منه و إلاّ بيع في الجناية إن استوعب قيمته أو بقدرها إن لم يستوعب فإن لم يحصل راغب بيع الجميع و دفع الفاضل عن الأرش إلى المكاتب و كذا المكاتبة إذا أتت بولد و قلنا إنّه يكون موقوفا معها لا قنّا لمولاها [- ى -] لو كان للمكاتب عبيد فجنى بعضهم على بعض جناية خطأ أو شبه عمد سقط حكمها و إن كانت عمدا فله القصاص دفعا للإقدام و له العفو فإن عفي على مال لم يثبت إذ لا يتحقّق للمولى على عبده مال و لو كان العبد القاتل أباه لم يكن له القصاص إذ لا يقتل به فلا يقتل بعبده و لو كان ابنه كان له قتله و لو كان المقتول من العبدين ابن القاتل لم يقتص و لو كان أباه اقتصّ [- يا -] إذا جنى المكاتب خطأ أو عمدا و عفي عنه على مال تعلق برقبته كالقنّ فإن بادر مولاه بعتقه نفذ و لزمه أرش الجناية لمنعه بالعتق من البيع و إن بادر العبد بأداء مال الكتابة عتق و ضمن الأرش [- يب -] إذا جنى المكاتب جنايتين و أكثر ثمّ أدّى مال الكتابة و عتق فعلى القول بضمان أرش الجناية مع العتق يضمن هنا أرش سائر الجنايات لإتلافه الرقبة بالعتق و على القول بضمان الأوّل من قيمته و أرش الجناية قال الشيخ فيه هنا قولان أحدهما أنّه يضمن أقلّ الأمرين من قيمته و جناية كلّ واحد لأنّ كلّ جناية اقتضت ذلك و قد منع منه بأدائه و عتقه فضمنه و الثاني أنّه يضمن أقلّ الأمرين من قيمته و أرش سائر الجنايات و الظاهر أنّ القولين للجمهور ثمّ اختار الشيخ الثاني لتعلّق الجنايات أجمع برقبة فإذا أتلفها بالعتق لم يضمن إلاّ الرقبة و كذا إن أعتقه سيّده و لو عجزه السيّد و ردّه في الرق صار قنّا فللسيّد تسليمه ليباع في الجنايات و فداؤه فقيل بالأقلّ من قيمته أو أرش الجنايات و اختاره الشيخ و قيل بأرش الجنايات بالغة ما بلغت و لو بقي على الكتابة من غير تعجيز و اختار أن يفتدي نفسه فداها بأقلّ الأمرين من أرش كل جناية بالغة ما بلغت أو القيمة و قيل بالأقلّ من أرش جميع الجنايات أو القيمة و اختاره الشيخ [- يج -] لو جنى عبد المكاتب عليه خطأ أو عمدا و عفي على مال سقط حكم الجناية لأنّ المولى لا يثبت له على عبده مال و لو كان العبد الجاني على المكاتب أباه و ابنه قال الشيخ الأصحّ أنّه لا يملك بيعه لأنّه لا يثبت للمولى على عبده مال و الأب هنا عبد و لو ملك المكاتب أباه ثمّ جنى عليه عمدا كان للأب القصاص لأنّ حكم الأب معه حكم الأحرار و ليس له بيعه و التصرّف فيه و الابن ثبت له حكم الحريّة بعقد الكتابة فهما متساويان و ليس للمملوك الاقتصاص من مالكه في غير هذا الموضع [- يد -] لو فعل عبد المكاتب ما يوجب تعزيرا كان للمكاتب تعزيره و كذا لو فعل ما يوجب حدّا حدّه على ما رواه علماؤنا [- يه -] إذا قتل المكاتب انفسخت الكتابة إن كانت مشروطة أو مطلقة مع عدم الأداء و إن كان للسيّد قيمة على القاتل و تركته و لو كان القاتل السيّد كان ما يتركه له و لو جنى عليه بما دون النفس و الأرش له فإن كان الجاني السيّد و اتّفق مع مال الكتابة جنسا تقاصّا بما حلّ و أخذ المكاتب الباقي و إلاّ أخذ الجميع و لو أخذ الأرش قبل الاندمال ثمّ سرت إلى النفس قبل العتق بالأداء انفسخت الكتابة و للسيّد مطالبة الجاني بباقي القيمة و إن سرت بعد العتق به فعلى الجاني تمام الدية لورثة المكاتب و لو كان السيّد هو الجاني أخذ منه باقي الدّية لورثته فإن لم يكن له وارث فللإمام [- يو -] إذا جنى على المكاتب المشروط عبد أو مكاتب مثله لم يملك السيّد منعه على القصاص سواء كان العبد للمولى أو الأجنبي و قوّى الشيخ منع المكاتب عن القصاص في حقّ عبد مولاه إلاّ بإذنه و له أن يعفو عن المال و على غير مال و مطلقا فيسقط المال و لا اعتراض للمولى أمّا لو كانت الجناية خطأ و عفي عن المال كان للمولى منعه و كذا البحث فيما لو عفي على بعض الأرش إذا صالح ببعضه [- يز -] إذا قتل المكاتب فهو كما لو مات فإن كان القاتل المولى لم يثبت عليه شيء و إن كان أجنبيّا يثبت القيمة لا غير إن كان حرّا و إلاّ كان للمولى القصاص و إن جنى على طرفه فإن

ص: 89

كان المولى فلا قصاص و كذا إن كان أجنبيّا حرا و الأرش للمكاتب و إن كان مملوكا فله القصاص [- يح -] المطلق إذا أدّى من مكاتبته شيئا تحرّر منه بحسابه فإن جنى بعد تحرّر بعضه على حرّ أو مكاتب مساو له أو كانت حرّية الجاني أقلّ اقتصّ منه و إن جنى على مملوك أو على مكاتب أقلّ حرّية منه لم يقتصّ منه بل يلزم من أرش الجناية بقدر ما فيه من الحرّية و تعلّق برقبته بقدر رقيّته و لو كانت الجناية خطأ تعلّق بالعاقلة بقدر الحرّية و برقبته بقدر الرقية و للمولى أن يفدي قدر الرقيّة بنصيبها من أرش الجناية سواء كانت الجناية على عبد أو حرّ و لو جنى على هذا المكاتب حرّ أو من حرّيته أزيد فلا قصاص عليه بل الأرش و إن كان رقّا اقتصّ منه

الفصل الخامس في الوصيّة له

و به و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] لا يجوز الوصيّة برقبة المكاتب و إن كان مشروطا فإن عجز و رقّ قبل موت الموصي لم يصحّ الوصيّة لوقوعها فاسدة و لو أوصى له برقية مع العجز و فسخ الكتابة صحّ و كذا يصحّ الوصيّة بمال الكتابة و لو قال إن عجز و رقّ فهو لك بعد موتي صحّت الوصيّة إذا عجز في حياة الموصي و إن عجز بعد موته لم يستحقّه و لو قال إن عجز بعد موتي فهو لك كان تعليقا للوصيّة على صفة توجد بعد الموت و لو أوصى له بما يعجّله المكاتب صحّ فإن عجل شيئا فهو للموصي و إن لم يعجل حتّى حلّت نجومه بطلت وصيّته [- ب -] إذا أوصى برقبته مع العجز و الاسترقاق و بمال الكتابة لواحد صحّ و كذا لاثنين فإن أدّى إلى صاحب المال أو أبرأه منه عتق و بطلت وصيّة الرقية و إن عجز فالوجه أنّه ليس للموصى له بالرقية استرقاقه نعم إن عجّزه الوارث فاسترقه انتقل إلى الموصى له بالرقية و بطلت الوصيّة بالمال و لو كان الموصى له بالمال قد قبض منه شيئا كان له و لو أوصى بالرقية إن عجز فعجز فالوجه أنّ للموصى له استرقاقه و إن اختلفه هو و الموصى له بالمال في فسخ الكتابة عند العجز قدّم قول صاحب الرقية و كذا إن اختلف صاحب الرقبة و الوارث [- ج -] إذا أوصى بمال الكتابة صحّت الوصيّة من الثلث فإذا أدّاه عتق و إن عجز كان للوارث الفسخ فتبطل الوصيّة معه فلو طلب الموصى له الصبر قدّم قول الوارث [- د -] إذا كانت الكتابة فاسدة فأوصى بما في ذمّته بطلت الوصيّة و لو أوصى له برقبته أو بما يقبضه منه صحّت [- ه -] يصحّ الوصيّة للمكاتب مطلقا من مولاه فإذا قال ضعوا عنه أكثر ما عليه وضع النّصف و زيادة و التعيين في قدر الزيادة إلى مشيّة الوارث و لو قال ضعوا أكثر ما عليه و نصفه وضع أكثر من ثلاثة أرباعه و الزيادة إلى مشيّة الوارث و لو قال ضعوا أكثر ما عليه و مثله وضع الكلّ و بطلت الزيادة لانتفاء محلّها [- و -] إذا قال ضعوا عنه ما شاء من كتابته فشاء الجميع لم يصحّ و إن شاء الأكثر صحّ و لو قال ضعوا عنه ما شاء و لم يقيّد بقوله من كتابته أو من مال الكتابة قوّى الشيخ أنّه كالأوّل عملا بالعرف و يحتمل إن شاء هنا الجميع وضع عنه لتناول اللفظ له بخلاف الأوّل لأنّ من للتبعيض هناك و لو قال ضعوا عنه بعض كتابته أو بعض ما عليه وضع ما شاء الوارث و إن قلّ من أوّل نجومه أو من آخرها و كذا لو قال ضعوا عنه ما شئتم أو ما يخفّ أو ما يثقل أو ما يكثر أو ما يعظم إلى غير ذلك [- ز -] لو قال ضعوا عنه نجما من نجومه تخيّر الوارث في وضع أيّ نجم شاء سواء كانت نجومه متّفقة أو مختلفة و لو قال ضعوا عنه أيّ نجم شاء كان ذلك إلى مشيئته فيلزمهم وضع ما يختاره و لو قال ضعوا عنه أكبر نجومه و ضعوا عنه أكثرها مالا و إن قال ضعوا عنه أكثر نجومه لزمهم وضع أكثر من نصفها و يحتمل أن ينصرف ذلك إلى واحد منها أكثرها مالا كما قلنا في أكبر نجومه و لو تساوت النّجوم تعيّن الأوّل و لو قال ضعوا عنه أوسط نجومه و لم يكن فيها إلاّ وسط واحد تعيّن بأن يكون متساوية القدر و الأجل و عددها مفرد كالثلاثة و الأوسط الثاني و الخمسة الأوسط الثالث و أوسط السّبعة الرابع و هكذا و إن كان عددها مزدوجا و هي مختلفة المقدار فبعضها مائة و بعضها مائتان و بعضها ثلاثمائة فالأوسط المائتان فتعيّن و إن كان متساوية المقدار مختلفة الأجل بأن يكون اثنان منها إلى شهر و واحد إلى شهرين و واحد إلى ثلاثة تعيّنت الوصيّة فيما هو إلى شهرين و إن اتّفقت هذه المعاني في واحدة تعيّنت الوصيّة فيه و إن كان لها أوسط في القدر و أوسط في الأجل و أوسط في العدد تخالف بعضها بعضا اختار الوارث وضع ما شاء و القول قوله مع يمينه في عدم علمه بما أراد الموصي ثمّ يعيّن ما شاء و قوّى الشيخ هنا القرعة و كذا يعيّن الوارث لو كان فيها أوسطان و الواحد أوسط كلّ عدد وتر و الاثنان أوسط كلّ شفع كالستّة أوسطه اثنان و هما الثالث و الرابع و أوسط الثمانية الرابع و الخامس لأنّ الأوسط أن يكون ما بعده مثل السابق و كذا لو أوصى للغير بأوسط نجومه [- ح -] إذا أعتق مكاتبه في مرض الوفاة أو أبرأه من مال الكتابة خرج من الثلث على الأقوى فإن كان الثلث بقدر الأوّل من قيمته و مال الكتابة عتق و إن قصر الثلث عنه عتق ما يحتمله الثلث و بطلت في الزائد و استسعي في باقي الكتابة فإن عجز استرقّ الورثة بقدر الباقي و لو برأ المريض بعد العتق أو الإبراء لزم العتق و الإبراء و لو أوصى بعتق المكاتب فمات و لا مال سواه و لم يحلّ مال الكتابة عتق ثلثه و لا ينتظر حلول الكتابة لأنّه إن أدّى حصل للورثة المال و إن عجز استرقّوا ثلاثة و يبقى ثلثاه مكاتبا يتحرّر عند أداء ما عليه و المريض إذا كاتب عبده و برأ لزمت و إن مات في مرضه اعتبر من الثلث لأنّه بمنزلة الهبة إذ هو معاملة بماله على ماله فإن خرجت قيمته من الثلث نفذت الكتابة فيه أجمع و يعتق عند أداء المال و إن لم يكن سواء صحّت في ثلثه فإن أدّى حصته من مال الكتابة عتق و بطلت الكتابة في الزائد و لا يحتسب من الثلث من مال الكتابة

الفصل السّادس في أحكام المكاتب المطلق

ص: 90

قد بيّنا أن الكتابة مطلقة و مشروطة فالمطلقة أن يكاتبه على نجوم مخصوصة في أوقات مخصوصة و لا يذكر فيه الردّ في الرق عند العجز فإن أدّى شيئا من كتابته عتق بحسابه و لا سبيل إلى ردّه في الرقّ فإن عجز فيما بعد كان على الإمام أن يؤدّي ما بقي عليه من سهم الرّقاب و إن لم يكن أو كان ما هو أهمّ كان لسيّده منه بقدر ما بقي و له من نفسه بقدر ما تحرّر منه فإن هايأه مولاه صحّ و كان له كسبه يومه و كسب يوم سيّده لسيّده فإن مات هذا المكاتب و ترك مالا و أولادا ورث منه مولاه بقدر ما بقي من العبوديّة و كان الباقي لولده الأحرار و لو كان المكاتب رزق الولد بعد الكتابة من أمة له كان حكم ولده حكمه و يسترقّ منه مولى الأب بقدر ما بقي على أبيه فإن أدّى الابن ما كان بقي على الأب صار حرّا لا سبيل لمولاه عليه و إن لم يكن له مال استسعاه مولى الأب فيما بقي فإن أدّاه صار حرّا و هذا المطلق يرث و يورث بحساب ما يعتق منه و يمنع الميراث بقدر ما بقي من الرقّ و كذا إن أوصى له صحّ له منها بقدر ما عتق عنه و إن فعل ما يوجب حدّا أقيم عليه بقدر ما تحرّر حدّ الحرّية و الباقي حدّ الرقيّة و لا يقتصّ منه للعبد و عليه من الأرش بقدر ما تحرّر و يتعلّق برقبته نصيب الرقيّة فيفديه مولاه إن شاء و لا يقتصّ له من الحر و له من الأرش بمقدار ما تحرّر منه بالنسبة إلى دية الحر و بمقدار ما بقي من الرقّ بالنسبة إلى قيمة العبد و كلّما يتعلّق بذمّته يطالب بكسبه و ما يجب عن خطئه فعلى الإمام لأنّه عاقلته إلاّ أن يكون مولاه شرط ولاءه له و تنفذ وصيّته هذا المطلق بمقدار ما تحرر منه في ثلثه و الباقي للورثة و مردودة في نصيب الرقيّة و يؤخذ من كسبه بمقدار ما تحرّر منه و ما استدانه و نصيب الرقية يؤخذ من مولاه إن استدانه بإذنه و إن استدانه بغير إذن مولاه تعلّق جميعه بكسبه يقضى منه دين الغرماء و الباقي بينه و بين السيد و إن وطئ السيّد المطلقة حدّ بمقدار ما تحرّر منها و روي عنه بمقدار الرقّ و يجب عليها مثل ذلك إذا لم يستكرهها و ليس لها أن تتزوج إلاّ بإذن سيّدها فإن فعلت بطل النكاح فإن أذن و قد أدّت بعض مكاتبتها و رزقت أولادا كان حكم ولدها حكمها و يسترقّ منهم بحساب ما بقي من ثمنها و يطلق بحساب ما انعتق إذا كان تزويجها بمملوك أو بحرّ شرط عليه رقيّة الولد و إن كان بحرّ من غير شرط فالولد أحرار و الحكم في المهر على ما للأول و ليس للمطلق أن يتصرف في نفسه بالتزويج و لا بهبة المال و لا بالعتق بل يتصرّف بالبيع و الشراء خاصّة

الفصل السّابع في اللواحق

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] الكتابة الفاسدة لا يتعلّق بها حكم عندنا بل تقع لاغية و لا ينعتق للمكاتب بأداء المال و لا بالإبراء و لا يملك العبد المكتسب بل هو لمولاه [- ب -] إذا جنّ المولى بعد انعقاد الكتابة لم تبطل كما لو مات و يتولى قبض المال وليّه فإن دفع العبد إليه حال جنونه لم يعتدّ بذلك الدّفع و لو جنّ العبد بعد العقد لم يبطل أيضا لكن لو أدّى المال حال جنونه إلى مولاه عتق [- ج -] لو ادّعى العبد الكتابة فصدّقه الوارثان ثبت الكتابة و إن كذّباه افتقر إلى شاهدين ذكرين و لا يكفيه شاهد و يمين لأنّ القصد الحرّية فإن عدم البيّنة حلفا على نفي العلم فإن حلفا ثبت رقيّته و إن نكلا حلف العبد و ثبت كتابته و إن نكل كان رقيقا و إن حلف أحدهما و نكل الآخر حلف العبد في حصّة الناكل و يثبت الكتابة في نصفه و الرقيّة في الآخر و إن صدّقه أحدهما و كذّبه الآخر يثبت الكتابة في نصيب المصدّق و كان الحكم مع المكذّب على ما تقدّم و لو كان المصدق عدلا معه حر ثبت الكتابة فيه أجمع و إن لم يكن معه شاهد فالحكم ما تقدّم ثمّ كسبه قبل عقد الكتابة لسيّده ينتقل إلى الوارثين و ما تجدّد بعد العتق يكون نصفه له و الآخر للمكذّب و ما بعد ذلك يفرد في كلّ يوم من كسبه بنفقته و الباقي بينهما فإن اتفقا على المهاياة فعلا و إلاّ لم يجبر الممتنع عليها فإن قصر نصيبه عن مال الكتابة كان للمصدق فسخ الكتابة و يكون ما في يده له خاصّة لأنّ المكذّب أخذ حقّه من الكسب و لو ادعى المكذّب بعد أخذ نصيبه من الكسب أنّ ما في يد العبد كان قبل الكتابة أو قبل موت الأب فالقول قول المصدق فإن أدّى و عتق لم يسر إلى نصيب الشريك و لا يقوّم عليه و لو كان السيّد شرط الولاء استحقّ المصدّق جميعه لسقوط حقّ المنكر بتكذيبه فإذا مات أخذ المصدّق نصيب الحرّية بكماله [- د -] لو صدّقه الوارثان في ادّعاء الكتابة أو قامت البيّنة عتق بالأداء و كان الولاء للأب إن شرطه و ليس له أن يؤدّي إلى أحدهما و لو أبرءاه من مال الكتابة عتق و كان الولاء للأب مع الشرط و لو أعتقاه قال الشيخ كان الولاء للأب أيضا مع الشرط و عندي فيه نظر و لو أبرأه أحدهما برأ من نصيبه و عتق نصيبه و لا يتوقّف عتقه على أداء حصّة شريكه و الأقرب أنّه لا يقوم عليه حصّة شريكه أمّا لو أعتق أحدهما حصّته فالأقرب التقويم عليه في الحال لا بعد التعجيز و حينئذ يكون ولاؤه له أجمع و في صورة الإبراء لو عجز و رقّ الباقي و مات كان ولاء نصيب الحريّة مع شرط الأب و يحتمل اشتراكهما في الولاء و أمّا نصيب الرقيّة فالشراء [- ه -] المكاتب المشروط لا ينعتق منه شيء حتّى يؤدي جميع المال و فطرته على مولاه و أمّا المطلق فإنّ كلّ جزء من المال يؤدّيه يعتق بأدائه منه و الفطرة بالحصص و الكسب كذلك و لو طلب أحدهما المهاياة قيل يجبر الممتنع عليها و عندي فيه توقّف [- و -] إذا مات المشروط بطلت الكتابة سواء كان ما بقي عليه قليلا أو كثيرا و كان ما تركه مال و ولد رقيق لمولاه و المطلق إذا أدّى من مكاتبته شيئا و خلف ولدا حرّا في الأصل كان له من تركته بإزاء ما عتق منه و لمولاه الباقي و هل يأخذ السيّد ما يخلف من مال الكتابة أم لا فيه إشكال و على تقدير الأخذ هل يأخذ

ص: 91

من نصيب الوارث أو من أصل المال فيه إشكال أيضا و لو كان الولد من جارية له رزق بعد عقد الكتابة ضمان كان مكاتبا كأبيه و ينعتق منه مثل ما انعتق من الأب فيرث نصيب الحرّية و للمولى نصيب ما يحلف عليه ثمّ يأخذ المولى من الولد ما يحلف على أبيه و ينعتق الولد أجمع بالأداء و هل ما يأخذ المولى من نصيب الولد خاصّة أو من أصل المال و يرث الولد الباقي أجمع الظاهر في المذهب الأول و بالثاني روايات صحيحة و أنا في ذلك من المتوقّفين و لو مات قبل أن يؤدّي شيئا فالّذي يعطيه عبارة علمائنا أنّ تركته للمولى و إن كان له ولد حرّ و لو كان له ولد و رقّ بعد الكتابة من جاريته فهل يكون للمولى أو يكون مكاتبا ينعتق بأداء ما على أبيه إشكال مع قوّة الثاني و في صورة وجوب الأداء على الوارث لو لم يخلف المكاتب مالا سعى الأولاد فيما بقي على أبيهم و مع الأداء ينعتق الأولاد و لو امتنعوا من السعي أجبر الأولاد على إشكال و هذا المطلق إذا أوصى له بوصيّة صحّ له منها بقدر ما فيه من حريّته و بطل نصيب الرقيّة و لو كان الموصى له المالك صحّت الوصيّة له أجمع و لو وجب عليه حد أقيم عليه من حدّ الأحرار بنسبته ما انعتق منه و بنسبة الرقيّة من حدّ العبيد و لو زنى المولى بمكاتبته سقط عنه من الحدّ بقدر ماله فيها من الرقّ و حدّ بالباقي [- ز -] لو جاء المكاتب بالنجم فقال المولى إنّه حرام لا أقبضه افتقر إلى البيّنة و يسمع منه الدّعوى لإمكان قيام البيّنة به فيؤخذ منه فإن أقامها طولب المكاتب بعوضه و إن تعذّرت حلف المكاتب فإن امتنع حلف المولى و كان كالبيّنة و إن نكل ألزم السيّد بقبوله أو الإبراء فإن قبضه فكان دعواه التحريم المطلق لم يمنع من إمساكه و إن كان دعواه الغصب من فلان ألزم بدفعه إليه و برأ العبد منه و لو أبرأه من مال الكتابة لم يلزمه قبضه و لو امتنع من الإبراء و القبض كان للحاكم القبض عنه و يعتق المكاتب [- ح -] ليس للمكاتب وطي جارية بغير إذن مولاه فإن بادر فلا حدّ و يلحق به الولد و لا مهر عليه و الولد كالأب حكمه حكمه لا يعتق عليه و ليس له بيعه و يكون موقوفا على كتابته فإن عتق عتق الولد و تصير الأمة أمّ ولد في الحال فإن عجز رقّ هو و الجارية و الولد [- ط -] لو كان في يد المكاتب مال قوّى الشيخ عدم وجوب الزكاة فيه و هو قويّ عندي أيضا إن كان مشروطا و إن كان مطلقا و ملك بنصيب الحرّية نصابا وجبت عليه الزكاة [- ى -] أوجب الشيخ الإيتاء و هو إعانة المكاتب بحطّ شيء من مال الكتابة و إيتائه شيئا يستعين به على الأداء للآية و أطلق و حمله بعض علمائنا على الندب و ابن إدريس أوجب أن يعطي المطلق العاجز من مال الزكاة إن كان على المولى زكاة و إن لم يكن عليه زكاة كان على الإمام أن يفكّه من سهم الرّقاب و هو عندي حسن ثم قال الشيخ يجوز الإيتاء ما بين الكتابة و العتق و يتعيّن إذا بقي عليه القدر الذي يؤتيه لا بعد العتق و لا يتقدّر بقدر بل يجزي ما يقع عليه الاسم ثمّ السيّد مخيّر بين أن يحطّ عنه بعض مال الكتابة و بين أن يؤتيه من جنس مال الكتابة أو من عين مال الكتابة الذي يقبضه منه و في هذين يلزم العبد القبول و إن أتاه من غير جنسه قال الشيخ لا يجب على العبد القبول قال و لو أدّى العبد مال الكتابة و عتق قبل الإيتاء تعلّق بالإيتاء بترك المولى و لو كان له عليه دين و قصرت التركة بسط الدين و مال الإيتاء بالحصص و يقدّم على الوصايا كالدّين [- يا -] لو اختلفا فقال المولى كاتبتك على ألفين أو إلى ستة في نجمين و قال المكاتب بل على ألف أو إلى سنتين أو إلى سنة في ثلاثة نجوم فالوجه عندي تقديم قول المكاتب في الأوّل و قول المولى في الآخرين [- يب -] الولاء عندنا لا يثبت إلاّ في العتق المتبرع به إذا لم يتبرأ المولى منه أمّا العتق الواجب أو الحاصل عن الكتابة فلا ولاء فيه إلاّ أن يشترطه المولى فإن شرط مولى المكاتب الولاء في عقد الكتابة ثمّ تزوّج بمعتقه كان الولد حرّا تبعا لأمّه فإن تحرّر المكاتب انجرّ الولاء إليه فإن مات فادّعى سيّده أداء مال الكتابة و عتقه ليثبت الولاء على ولده و أنكر مولى الأمّ ذلك و لا بيّنة قدّم قول مولى الأمّ عملا بالأصل من بقاء الولاء و عدم الأداء [- يج -] لو ادّعى المكاتب دفع النجوم إلى المولى افتقر إلى البيّنة و يسمع شاهدان أو شاهد و امرأتان أو شاهد و يمين و إن كانت الكتابة لا يثبت إلاّ بشاهدين فإن فقدت حلف المولى و طولب فإن دفع و إلاّ عجّزه مولاه [- يد -] إذا اجتمع على المشروط ديون غير مال الكتابة و حل مال الكتابة فإن قصر عن الجميع قدّم الدين ثمّ إن شاء المولى عجّزه و استرقّه و المطلق يقسّط ما في يده على مال الكتابة و ديون الأجانب بالحصص و لو مات المشروط انفسخت الكتابة و برئت ذمته من مال الكتابة و أخذ الديّان تركته و الفاضل للسيد بحقّ الملك و إن قصر لم يجب على السيد الإكمال [- يه -] لو كان له موليان فكاتباه على ألف فادّعى التسليم إليهما كان القول قولهما مع اليمين إذا لم يكن بيّنة و لا يخرج عن الكتابة بحلفهما فإن عجز استرقّاه فإن صدّقه أحدهما عتق نصيبه و لم يسمع شهادته على المكذب فيحلف المكذّب مع عدم البيّنة ثمّ إن شاء طالب المكاتب بخمسمائة و إن شاء طالب بنصفها و طالب المصدّق بالباقي لاعترافه بقبض خمسمائة من الكسب المشترك فإن رجع على العبد بخمسمائة فلا بحث و إن رجع على الشريك بنصفها لم يكن للشريك الرجوع به على المكاتب لاعترافه بأنّه ظلم و لا يرجع بالظلم إلاّ على الظالم فإن عجز المكاتب عمّا لزمه أداؤه استرقّ نصيبه و كان ما في يده بينهما نصفين و كذا ما يكسبه فإن قلنا يقوّم

ص: 92

على الشّريك إذا عتق نصيبه بالكتابة و احتمل عدم التقويم هنا لأنّ التقويم حقّ العبد لتكميل أحكامه و هو يزعم أنّه بأجمعه حر و أنّه لا التقويم على الآخر و لو ادّعى المكاتب دفع الألف إلى أحدهما ليقبض حقه و يدفع الباقي إلى شريكه فإن اعترف بأنّه قبض خمسمائة و أنّ المكاتب دفع بنفسه إلى شريكه خمسمائة و أنكر الشريك فالقول قوله في عدم قبض ما زاد على خمسمائة مع اليمين و عدم البيّنة فإذا حلف سقطت دعواه و ليس له إحلاف الآخر لأنّه لا يدعي عليه شيئا و يكون للآخر أن يأخذ من المكاتب نصف حقّه و من الشريك الباقي و لا يرجع الشريك على العبد بشيء لاعترافه بالظلم فإن عجز المكاتب و فسخ المكذب صار نصيب شريكه حرّا و قوّم عليه لأنّ المكاتب لا يدعي حرّية هذا النّصيب و لو اعترف بأنه قبض الألف منه و ادعى دفع نصيب المكذّب إليه فالقول قول المكذّب مع يمينه ثمّ إن شاء طالب المكاتب بجميع حقّه و إن شاء طالب المصدّق به أجمع لاعترافه بقبض ألف من كسب العبد فإن رجع على المكاتب عتق و للمكاتب الرجوع على المصدّق و إن صدّقه في الدفع إلى الشّريك للتفريط حيث دفع دفعا غير مبرئ و إن رجع على المصدق لم يرجع على المكاتب لاعترافه بالظلم و ليس للمكاتب إلزام المكذّب بالقبض من المقرّ لأنّ له قبض حقّه ممن عليه أصله و ليس للمكذب إلزام المكاتب بالقبض من المقرّ لأنّه يجري مجرى الإجبار على الكسب و لو اختار المكذّب الرّجوع على المكاتب فعجز دعا نصيبه رقيقا و له على المقرّ خمسمائة التي اعترف بقبضها لأنّه مال مكاتب قد عجز و رقّ و لو تمحّل المكاتب فأدّى خمسمائة إلى المنكر عتق و كان للمكاتب مطالبة المقرّ بخمس المائة التي اعترف بقبضها [- يو -] لو دفع إلى أحد مولييه حصّة من مال الكتابة بغير إذن شريكه لم يصحّ القبض و كان للشريك أن يأخذ منه بنسبة حصته و لا يعتق حصّته من المكاتب لعدم الاستيفاء و لو أدّى المكاتب إليهما الباقي عتق و إن عجز رقّ لهما و لو كان بإذن شريكه صحّ الأداء و عتق نصيب القابض فإن قلنا بالتقويم قوّم هنا على القابض مكاتبا و عتق عليه و ما في يده من الكسب يكون للذي لم يقبض بقدر ما قبضه شريكه لأنّ كسبه قبل عتقه لهما فإن فضل في يده شيء كان بين المكاتب و بينه لأنّ هذا الكسب كان في ملكهما فما يخصّ شريكه انتقل إلى العبد بعتق حصّته بالكتابة لأنّ الفاضل في يد المكاتب له هذا إن قلنا بالتقويم في الحال و يحتمل عدم التقويم عند العجز فإن فسخ مولاه قوّمناه رقيقا و إلاّ مكاتبا ثمّ إن كان في يده مال كان للإذن نصفه و الباقي للمكاتب فإن مات قبل التقويم انفسخ عقد الكتابة بموته فنصف ما ترك للإذن و الآخر لوارثه الحرّ [- يز -] لو وطئ المكاتبة مولاها فعل حراما و صارت أمّ ولد بالإحبال فإن أدّت عتقت و ملكت ما في يدها و إن عجزت كان له الفسخ و تصير أمّ ولد مطلقة له وطيها و لمولاها ما في يدها و لو مات السيّد عتقت من نصيب ولدها و لو مات المولى قبل الأداء و قبل العجز عتقت من نصيب ولدها قال الشيخ و الذي يقتضيه مذهبنا أنّ ما في يدها لها و لو أعتق المولى المكاتب و له مال فالوجه أنّ المال للمكاتب [- يح -] لو دفع المكاتب بعض العوض قبل حلوله على أن يبرئه المولى من الباقي قال الشيخ لم يجز لمضارعته بالجاهليّة الذي هو الزيادة لزيادة الأجل و الوجه عندي الجواز قال و لو دفع البعض قبل الأجل و طلب إبراءه من الباقي ففعل المولى صحّ القبض و الإبراء [- يط -] لو كان للمكاتب على سيّده مال و حلّ عليه مال الكتابة فإن اتّفقا جنسا تقاصّا سواء كانا من الأثمان أو الأعواض و إن اختلفا لم يقع التقاص إلاّ بالتراضي و هل يفتقر إلى أن يقبض أحدهما ماله و يدفعه عوضا عن الحقّ الثّابت في ذمّته قال الشيخ نعم و عندي فيه نظر قال و لو كان المالان من الأعواض اشترط قبض كلّ واحد منهما ثمّ يردّ كل واحد منهما إلى صاحبه ما قبضه عوضا عمّا له عليه و هو أشكل من الأوّل و لو باع المكاتب من مولاه دينه على الأجنبي بمال الكتابة لم يجز لأنّه بيع دين بدين و لو أحال به صحّ [- ك -] لو أعتق المكاتب بإذن مولاه صحّ و كان الولاء له فإن استرقّه مولاه للعجز صار الولاء للمولى و كذا لو مات قبل الأداء فلو أعتقه مولاه بعد استرقاقه فالوجه عود الولاء إليه و لو مات العبد قبل أداء المكاتب و تعجيزه و لا مناسب له احتمل أن يكون موقوفا كالولاء إن عتق المكاتب أخذ المال و إن استرق أخذه المولى و احتمل انتقاله إلى المولى لأنّ الولاء يمكن انتقاله من شخص إلى غيره فجاز أن يكون موقوفا و الميراث لا ينتقل فلا يقف [- كا -] الأقوى عندي جواز بيع المولى مال الكتابة قبل قبضه و قوّى الشيخ خلافه فعلى قوله ليس للمشتري مطالبة المكاتب بشيء و ليس للمكاتب الدفع إليه فإن دفع لم يعتق لأنّ المشتري قبضه لنفسه و قبضه لنفسه باطل فصار كالعدم فللمكاتب الرجوع على المشتري بما دفعه إليه و للمشتري الرجوع على السيّد بما دفعه ثمنا و مال الكتابة باق في ذمّة العبد و يحتمل العتق مع تصريح المولى بإذن الإقباض فيبرأ ذمة المكاتب من المال و للسيّد مطالبة المشتري بما قبضه و للمشتري الرّجوع عليه بما دفعه ثمنا و لو كان للسيّد على المكاتب مال غير مال الكتابة كثمن مبيع أو أرش جناية جاز بيعه من الأجنبيّ [- كب -] لو مرض السيّد بعد الكتابة فأبرأه من مال الكتابة أو أعتقه فإن برأ لزم و إن مات في ذلك المرض فقد بيّنا أنّه يعتبر الأقلّ من قيمته و مال الكتابة فإن خرج من الثلث عتق و إن قصر الأقلّ بأن كان له سوى المكاتب مائة و القيمة مائة و خمسون و مال الكتابة فإنا نضم الأقلّ إلى ماله و ينفذ بحسابه فيعتق ثلثاه و يبقى ثلثه بثلث مال الكتابة و لو كانت القيمة مائة و مال الكتابة مائة و خمسين عتق ثلثاه بحكم القيمة و بقي ثلثه بثلث مال الكتابة فإن أداه عتق و يحتمل أن يقال يأتي هنا الدّور لزيادة مال الميّت بالخمسين التي أدّاها لأنّه حسب على الورثة بمائة و الزائد بمائة ثبت بعقد السيّد ورث عنه فيزيد بما يعتق منه و الحاصل أنّ الورثة حصل لهم من كتابة العبد خمسون عن ثلث

ص: 93

العبد المحسوب عليهم بثلث المائة فيزاد لهم ثلث الخمسين التي أداها فيعتق من العبد قدر ثلثها و هو تسع الخمسين و ذلك نصف تسعه فصار العتق ثابتا في ثلثه و نصف تسعه و حصل للورثة المائة و ثمانية أتساع الخمسين رقّ و هو مثلا ما عتق منه و لو لم يؤدّ العبد الخمسين رقّ ثلثه و كذا لو أوصى بعتقه و كان يخرج من ثلثه الأقلّ من قيمته أو مال كتابته الحكم فيه كما تقدّم إلاّ أنه هنا يحتاج إلى إيقاع العتق و لو لم يكن سواه و حلّ مال الكتابة فإن كان معه وفاء بالباقي أداه و عتق أجمع و لو عجز عتق ما يخرج من الثلث و استرقّ الباقي و لو لم يحلّ عتق ثلثه معجّلا قاله الشيخ لحصول ثلثيه أو ثلثي المال للورثة قطعا و يحتمل الانتظار إلى الحلول فإن أدّى عتق جميعه و إن عجز عتق بعضه و لا يعتق منه شيء معجّلا لئلاّ يتخيّر للوصيّة ما يعتق و يتأخّر حقّ الوارث و في قول الشيخ قوّة [- كج -] لو كاتب على دنانير فأبرأه من دراهم أو بالعكس لم يصحّ البراءة و لو قال أردت قيمة الدراهم من الدّنانير صحّت البراءة في قيمتها و لو ادعى العبد ذلك و أنكر السيّد فالقول قوله مع اليمين و كذا القول قول ورثة السيّد لو مات في ذلك و يحلفون على نفي العلم بأنّ مورّثهم أراده و لو قال السيّد قبضت آخر كتابتك لم يكن إقرارا باستيفاء الجميع لاحتمال إرادة قبض النجم الأخير دون ما قبله فالقول قوله مع يمينه لو ادّعى المكاتب إرادة الجميع و لو قال قبضت آخر كتابتك إن شاء اللّٰه بطل إقراره لتعلّقه بالاستثناء و كذا لو قال إن شاء زيد لتعلّقه بالصّفة و الإقرار لا يقبل التعليق بالاستثناء و لا الصّفة [- كد -] يصحّ الوصيّة بالكتابة فإن خرجت قيمة العبد من الثلث أجبر الورثة على ذلك إلاّ أن يردّ العبد و لو طلب بعد الردّ الكتابة لم يجب ثم الموصي إن عيّن قدرا كوتب عليه فإذا أدّى المال لم يحتسب من التركة بل هو حقّ للورثة كما لو أوصى بنخل فأثمر أو بماشية فنتجت فيعتق العبد و الولاء للسيّد إن شرط و إن لم يؤدّ المال استرقّه الوارث و لو لم يعيّن كوتب على ما جرت به العادة بكتابة مثله و العرف يقتضي الكتابة بأكثر من القيمة و لو قصر الثلث عن قيمته كوتب القدر الذي يحتمله الثلث و لو ضم إلى الكتابة غيرها و قصر الثلث عن الجميع قال الشيخ يقدّم الكتابة كما لو أوصى بوصايا في جملتها عتق فإنّه يقدّم العتق و يمكن الفرق بأنّ عقد الكتابة و إن قصد به العتق إلاّ أنّه معاوضة و لهذا لو أوصى لرجل بعبد و لآخر بأبيه فإنّهما سواء و إن كان القصد بوصيّة الأب العتق و لو أوصى بكتابة عبد من عبيده تخيّر الورثة في التعيين و ليس لهم كتابة أمة و بالعكس و لو كان له خنثى دخل في لفظ العبد و الأمة إن ألحق بأحدهما و إلاّ فلا و لو أوصى بكتابة أحد رقيقه دخل الخنثى في التخيير [- كه -] لو زوّج بنته من مكاتبه ثمّ مات لم ينفسخ الكتابة فإن لم ترثه البنت بأن تكون قاتلة أو كافرة فالنكاح بحاله و إن ورثته أو بعضه انفسخ النكاح و يحتمل عدم الفسخ لأنّها ترث الدين لا الرقبة إلاّ مع العجز و لهذا لو أبرأته من الدّين عتق و كان الولاء المشترط للمولى دونها و لو اشترى المكاتب زوجته الأمة من سيّده أو من غيره فالأقوى انفساخ النكاح [- كو -] لا تنفسخ الكتابة بموت المولى و ينعتق العبد بدفع المال إلى الوارث و لو تعدّد لم ينعتق بالدفع إلى البعض و لو كانوا غير رشيدين وجب الدفع إلى الجدّ فإن فقد فإلى الوصيّ إن كان و إلاّ الحاكم و لو كان البعض غير رشيد دفع إلى الرشيد حقّه و الباقي إلى الوليّ و لو أوصى بدفعه إلى معيّن دفعه المكاتب إلى الموصى له أو إلى الوصي ليدفعه إليه و لو أوصى بدفعه إلى غير معيّن وجب على المكاتب دفعه إلى الوصي فإن قرّنه بنفسه لم يعتق بذلك و لو أوصى بدفعه إلى غرمائه تعيّن القضاء منه قيل فيدفعه المكاتب إلى من شاء من الوصيّ أو الغرماء و لا حقّ للورثة فيه و لو أوصى بقضاء الدين و لم يعيّن مال الكتابة للقضاء كان على المكاتب الجمع بين الورثة و الوصيّ بقضاء الدين و يدفعه إليهم بحضرته [- كز -] ليس للمولى مطالبة المكاتبة بالمال قبل الحلول و لا يجب على المولى قبضه لو دفعه المكاتب قبله و يجب بعده فإن حلّ النجم وجب على المكاتب الدفع فإن عجز تخيّر السيّد بين الصبر و الفسخ و إن كان قادرا على الأداء و امتنع منه قال الشيخ يفسخ المالك أيضا و يحتمل عندي إجبار المكاتب على الأداء فإن تعذّر فسخ المالك الكتابة و إذا عجّز نفسه كان للمولى الفسخ بنفسه و لا يحتاج إلى حاكم إن كان المكاتب حاضرا و لو كان غائبا افتقر إلى الحاكم ليثبت المال و التعذّر فيستحلفه الحاكم مع البيّنة و يقضي له بالفسخ [- كج -] يستحبّ للمولى إنظار المكاتب حاضرا بعد الحلول فإن أنظره لم يجب الوفاء و لا يجبر على اختيار الفسخ فإذا رجع المولى في التأجيل طالب إن عجز فسخ و إن كان معه ما يؤدّي من جنس مال الكتابة لم يكن له فسخ و يجب الصبر إلى أن يحضره من منزله القريب و كذا إن كان من غير الجنس و احتاج إلى المصارفة و إن كان في موضع بعيد يحتاج إلى مدّة طويلة لم يجب الصبر و لو كان العبد غائبا رفع المولى أمره إلى الحاكم و أثبت الحلول و حلّفه على عدم القبض ليكتب إلى حاكم البلد الّذي فيه المكاتب فإن كان المكاتب عاجزا كتب إلى الحاكم الأوّل ليجعل للسيّد الفسخ و إن كان قادرا طالبه بالخروج إلى بلد السيّد أو التوكيل في الأداء فإن أخّر أحدهما مع الإمكان كان للسيّد الفسخ فإن وكّل السيّد من يقبض في بلد المكاتب لزمه الدفع إليه فإن امتنع ثبت خيار السيّد و لو جعل السيّد الخيار في الفسخ إلى وكيل القبض مع الامتناع جاز و مع حصول الوكيل لا يعتبر مدّة المسير إليه [- كط -] حدّ العجز أن يؤخّر نجما إلى نجم أو يعلم من حاله العجز و قيل أن يؤخّر النجم عن محله

ص: 94

و به رواية [- ل -] إذا جنّ المكاتب أثبت له الكتابة و الحلول و حلف على عدم القبض فإن وجد الحاكم حينئذ له مالا سلّمه إليه و عتق و إلاّ جعل له التعجيز مع عدم المال و ألزمه الإنفاق عليه بعوده رقّا فإن وجد الحاكم بعد فسخ السيّد له مالا يفي مال الكتابة أبطل فسخ السيّد و كذا لو أفاق و أقام بيّنة بالتسليم إلاّ أن للسيّد أن وضعت في الأولى دون الثانية [- لا -] لو ادّعى المكاتب التسليم و أقام شاهدا جاز له الحلف معه و لو ادّعى غيبته الشاهد أنظر ثلاثة أيّام فإن جاء و إلاّ حلف السيد و لو جاءه فجرح فادّعى شاهد عدل أنظر أيضا ثلاثة أيّام [- لب -] المكاتب المشروط رقّ ما لم يؤدّ جميع مال الكتابة فلو تخلّف عليه و لو درهم واحد و عجز عنه كان رقيقا إن عجّزه مولاه و لا يعيد عليه ما أخذه منه و يستحبّ للمولى الصبر عليه و لو لم يعجز لم يكن للمولى الفسخ و لو اتفقا على التقايل جاز له و لا يبطل الكتابة بموت المالك و للوارث المطالبة بالمال فإن أدّى إليه عتق كالمولى [- لج -] لو كاتبه ثمّ حبسه مدّة قيل يجب أن يؤجّله مثل تلك المدّة و الوجه عندي إلزامه بالأجرة عن تلك المدّة [- لد -] لا يدخل حمل الموجود وقت الكتابة في كتابة الأمّ و لو حملت بعد الكتابة من مملوك كان حكم الولد حكم الأم يعتق منه بحسابها و لو كان من حرّ كان الولد حرّا و لو حملت من مولاها لم يبطل الكتابة فإن مات مولاها و عليها شيء من مال الكتابة عتقت من نصيب ولدها و لو لم يكن ولد سعت في مال الكتابة للوارث [- له -] لو أبرأه أحد الورّاث من نصيبه من مال الكتابة أو أعتق نصيبه صحّ و عتق و لا يقوّم عليه على الأقوى [- لو -] العبد لا مال له عندنا و إن ملّكه مولاه و عند الشيخ يملك مع التمكين فإذا كاتبه و له مال فالأقوى على قول الشيخ أنّه للمولى ما لم يشترطه للمكاتب و لو كان له ولد فهو للمولى أيضا [- لز -] لا يعتق المكاتب إلاّ بالأداء إذا لم يبرأه المالك سواء كان معه مال الكتابة أو لا و لو كان بيده مال الكتابة و لم يؤدّه إلى المالك كان باقيا على الرقية و إن تلف و حلّ النجم و عجز لم يعتق و لا يثبت المال في ذمته إلاّ أن يشاء المالك بقاء الكتابة و لو كان المال باقيا و حلّ مال الكتابة و امتنع من الأداء احتمل أن لا يكون عجزا بل يؤديه الإمام منه و احتمل أن يكون عجزا فيعجّزه المولى و يسترقّه إن شاء [- لح -] لو كاتب بإذن مولاه صحّ فإن شرط الولاء و عجز الأوّل و أدّى الثاني فولاؤه للسيّد الأوّل و لو أدّى الثاني قبل عجز الأوّل و قبل الأداء فالوجه أنّ الولاء موقوف ليس للسيّد إلاّ أن يعجز الأوّل و لو مات الثاني قبل عتق المكاتب فميراثه موقوف أيضا [- لط -] لو أوصى بعتقه عند عجزه فادعى العجز قبل حلول النجم لم يعتق لأنّه لم يجب عليه شيء يعجز عنه و إن ادّعاه بعد الحلول و كان معه ما يؤدّيه لم يلتفت إليه لانتفاء العجز و إن لم يكن معه مال ظاهر فإن صدّقه الورثة أعتق و إن كذّبوه حلف و أعتق و كان ما في يده للورثة [- م -] العجز لا ينفسخ به الكتابة بل يثبت به استحقاق الفسخ فإن فسخ مولاه ملكه و ما معه و إلاّ كان باقيا على الكتابة و الوجه أنّ للمولى انتزاع ما في يده مع العجز و إبقاء الكتابة لحالها [- ما -] لو اشترى المكاتب من يعتق عليه بإذن مولاه صحّ و كسبه للمكاتب و نفقته عليه و إن أعتقهم السيّد لم يصحّ كما لا يصحّ لو أعتق مملوك المكاتب و لو أعتقه المكاتب فإن كان بإذن المولى صحّ و إلاّ فلا و لو أعتق المكاتب صحّ العتق و عتق من يعتق عليه تبعا له و لو مات المكاتب و لم يخلف وفاء عادوا رقيقا و لو كانت الكتابة مطلقة عتق منهم بنسبة ما عتق منه و لو اشترى المكاتب زوجته أو المكاتب زوجها صحّ الشراء و بطل النكاح

المقصد الرابع في أمّهات الأولاد

و فيه [- يز -] بحثا [- ا -] أمّ الولد هي التي ولدت من سيّدها في ملكه فإذا وطئ أمته فأتت له بولد بعد وطيه لستّة أشهر فصاعدا ألحق نسبه و كان الولد حرا و صارت بذلك أمّ ولد و لا يسري حرّية الولد إلى الأم و إن أتت به تاما لأقلّ من ذلك لم يلحقه النسب و لم تصر أمّ ولد [- ب -] إنّما تصير الأمة أمّ ولد بشروط ثلاثة أحدها أن تعلق منه بحرّ و ذلك بأن يطأ الحرّ جاريته و يخلق من مائه ولد سواء كان الواطي مسلما أو ذميّا فلو علقت أمة الذمّي منه ثمّ أسلمت بيعت عليه و قيل يحال بينه و بينها و يجعل على يد امرأة ثقة و لو لم يبع حتى مات مولاها فالوجه عتقها من نصيب الولد أمّا المملوك إذا ملّكه مولاه جارية و قلنا إنّه يملك فإنّه إذا وطئ أمته و استولدها فولده مملوك و لا يثبت للأمة حكم الاستيلاد و إن أذن له المولى في التسرّي و لو اشترى المكاتب أمة للتجارة فأحبلها كان الولد موقوفا أمّا الأمّ فإنّها لا تنعتق بموت المكاتب قبل أداء ما عليه و لا يثبت لها حكم الاستيلاد مع عجزه و أطلق الشيخ صيرورتها أمّ ولد و هل يملك المكاتب بيعها و التصرف فيها الوجه عدم ذلك و لو عتق لحقها حكم الاستيلاد الثاني أن تعلّق منه في ملكه سواء كان الوطي مباحا أو محرّما كالوطي في الحيض أو النفاس أو الصوم أو الإحرام أو الظهار و لو وطئ مولى المرهونة بغير إذن المرتهن فأحبلها فإنّها تصير أمّ ولد في حقّ الراهن و المرتهن و لو علقت منه في غير ملكه لم تصر بذلك أمّ ولد إذا علّقت منه بمملوك مثل أن يطأها في ملك غيره بنكاح و يشترط المولى الولد أو يطأها زنى سواء ملّكها بعد ذلك أو لا و سواء ملكها بعد انفصال الولد أو قبله و لو علّقت منه في غير ملكه بحرّ بأن يطأها للشبهة أو يفرض من أمة فيتزوّجها على أنّها حرّة أو يشتريها فيظهر استحقاقها فلا تصير أمّ ولد في الحال فإن ملكها بعد ذلك قال الشيخ تصير أمّ ولد و عندي فيه نظر الثّالث أن تضع خلق آدميّ و يرجع في ذلك إلى أهل الخبرة من القوابل فلو وضعت مضغة لم يظهر فيها شيء من خلق الآدمي فشهد الثقات من القوابل أنّ فيها صورة خفيّة تعلّق بها أحكام

ص: 95

أمّهات الأولاد و لو لم يشهدن بذلك لكن علم أنّه مبدأ خلق آدميّ إمّا بشهادتهنّ أو غير ذلك تعلّق به الأحكام أيضا [- ج -] أم الولد مملوكة لا تتحرّر بموت المولى بل من نصيب ولدها و يجوز للمولى التصرّف فيها بالوطي و الاستخدام و غير ذلك إلاّ البيع و الهبة و لا يجوز بيعها ما دام ولدها حيّا إلاّ في ثمن رقبتها إذا كان دينا على مولاها و ليس له سواها و في اشتراط موت المولى حينئذ خلاف و السيّد رحمه اللّٰه منع من بيعها مطلقا و لو مات الولد قبل مولاها جاز بيعها و هبتها و صارت ملكا طلقا [- د -] لو مات المولى و ولدها حيّ عتقت من نصيب ولدها و إن استوعبته و لو لم يف أو لم يكن سواها عتق نصيبه منها وسعت في الباقي و في رواية إن كان الولد موسرا قوّمت عليه و المعتمد الأوّل و لا يعتق من أصل التركة عندنا [- ه -] أمّ الولد هل يجوز كتابتها فيه إشكال ينشأ من أنّها عقد على الرقبة فأشبه البيع و من عدم التصادم لو سبقت الكتابة [- و -] لو أوصى لأمّ ولده فالأقرب عندي أنّها تعتق من الوصيّة فإن فضل شيء عتق من نصيب ولدها و قيل يعتق من نصيب الولد و تعطى الوصيّة [- ز -] لا فرق بين أن يكون الولد ذكرا أو أنثى و لو تعدّد الولد عتقت من نصيبهما معا على النسبة و لو أتت بولد من زوج أو زنى فالولد رقّ للمولى و لا يثبت له حكم الاستيلاد و لا ينعتق بموت السيّد و كذا ما تكسبه أمّ الولد في حال حياة المولى فإنّه لمولاها [- ح -] لو تزوّج أمة فأحبلها فالولد مملوك للبائع إن اشترط رقيّته و إلاّ فهو حرّ فإن اشتراها معا تحرّر الولد قال الشيخ و تصير الأمّ أمّ ولد و كذا تصير أمّ ولد لو اشتراها قبل الولادة [- ط -] إذا جنت أمّ الولد خطأ تعلّق الجناية برقبتها و للمولى الخيار كالقنّ بين تسليمها للبيع و بين فدائها إمّا بالأقلّ من أرش الجناية و القيمة لو بالأرش على الخلاف و كذا يتخيّر المولى لو جنت إليه أو إلى ورثتهم على قدر الجنايات و بين الفداء و لو مات قبل الفداء فلا شيء على المولى مع عدم التفريط و لو نقصت قيمتها قبل فدائها وجب فداؤها بقيمتها يوم الفداء فيسقط التألف إن قلنا بالأقلّ و لو زادت القيمة زادت الفداء و لو كسب بعد جنايتها فهو لسيّدها و يقوّم معيبة بعيب الاستيلاد و لو أتلفها سيّدها فعليه قيمتها [- ى -] أمّ الولد إذا أعتقها مولاها وجب عليها الاستبراء بثلاثة أقراء إن كانت من ذوات الحيض و إلاّ فثلاثة أشهر و إن مات مولاها قبل العتق استبرأت بأربعة أشهر و عشرة أيّام [- يا -] للمولى أن يزوّج أمّ الولد بغير رضائها و يملك المولى المهر و كذا للمولى إجارتها للخدمة و جميع التصرّفات من الوطي و غيره إلاّ البيع و له أرش ما يجني عليها و لو تلفت في يد غاصب ضمن القيمة لمولاها [- يب -] لو شهد على إقراره بالاستيلاد رجلان و حكم به ثم رجعا غرما قيمة الولد إن استندت حريّته إلى الشهادة و لو لم يغرما في الحال قيمة الجارية لأنها إذا لا تسلط البيع خاصّة و لا قيمة له فإذا مات المولى فإن قلنا بوجوب التقويم على من ملك جزءا واحدا من أبويه مطلقا فلا غرامة أيضا و إلاّ غرما ما يقوم على الولد [- يج -] إذا وطئ الأب جارية ابنه فإن كان صغيرا و قوّمها صارت أمّ ولد مع الإحبال و إن كان كبيرا و لم يقوّمها كان زانيا لكن لا حدّ عليه و لا تصير الجارية أمّ لولد و على الأب المهر و لا يلزمه قيمتها و لو وطئ الابن جارية الأب حدّ مع علمه بالتحريم و إلا تصير أمّ ولد له و عليه المهر و ولده يعتق على جدّه و تحرم على الأب مؤبّدا على إحدى الروايتين و لا يجب على الابن قيمتها لأنّه لم يمنعه من غير الاستمتاع فإن وطئها الأب فعل محرّما و لا حدّ عليه و تصير أمّ ولد لأنه وطي صادف ملكا و لو زوّج أمته ثمّ وطئها فعل حراما و تصير أمّ ولدها يعتق بموته و ما تلده بعد ذلك من الزوج حكمه حكم أمته [- يد -] لو ملك أحد المحرمات عليه بالرّضاع فإن قلنا إنّه كالنسب في العتق فلا بحث و إن قلنا إنّه لا يقتضي العتق لم يحلّ له الوطي إجماعا فإن وطئ فالولد حرّ و هي أمّ ولد و كذا لو ملك أمة و بنته فاستولدها و لو وطئ ربّ المال أمة من مال المضاربة فاستولدها صارت أمّ ولد و خرجت عن المضاربة و إن كان فيها ربح جعل في مال المضاربة و لو وطئ المرهونة فاستولدها احتمل أن يقال خرجت من الرّهن و عليه قيمتها للمرتهن يحصل رهنا و الأقوى خلافه و لو قذف أمّ الولد قاذف عزر بغير حدّ و لا يقتص من الحرّة لها و تصلّي مكشوفة الرأس و لو قتلت سيّدها عمدا أو خطأ عتقت من نصيب ولدها و كان عليها موجب الجناية من دية أو قصاص [- يه -] لو باع أمّ ولده بطل الشراء فإن تلفت في يد المشتري كان ضامنا لأنه بيع فاسد [- يو -] قال الشيخ لو أسقطت نطفة كانت أمّ ولد و تظهر الفائدة هنا بالاعتداد خاصّة [- يز -] قال الشيخ إذا مات المولى و لم يخلّف غيرها و كان ثمنها دينا على مولاها قوّمت على ولدها و يترك إلى أن يبلغ فإذا بلغ أجير على ثمنها فإن مات قبل البلوغ بيعت في ثمنها و قضي به الدين و الحكم الأوّل غير معتمد

كتاب الأيمان و توابعها

اشارة

و فيه مقاصد

الأوّل في نفس اليمين

و فيه [- بو -] بحثا [- ا -] اليمين عبارة عن تحقيق ما يحتمل المخالفة بذكر اسم اللّٰه تعالى أو صفاته المختصّة أو العالية و مشروعيتها ثابتة بالنصّ و الإجماع [- ب -] لا ينعقد اليمين إلا باسم اللّٰه كقوله و مقلّب القلوب الذي فلق الحبّة و برأ النّسمة و الّذي نفسي بيده و الّذي أصلّي له و أصوم أو بأسمائه المختصّة به كقوله و اللّٰه و الرّحمن أو الغالبة فيه كقوله و الرّب و الخالق و الباري و الرازق و الرّحيم و كلّ هذه ينعقد بها اليمين مع القصد و لو أراد بهذه غير اللّٰه لم يكن يمينا و لو حلف بما لا ينصرف إطلاقه إليه لم ينعقد و إن نوى بها الخلق لاشتراكها فليس لها حرمة اليمين كقوله و الموجود و الحيّ و السميع و البصير و القادر

ص: 96

و ينعقد لو قال و جلال اللّٰه و عظمة اللّٰه و كبرياء اللّٰه مع القصد و لو قال و قدرة اللّٰه و علم اللّٰه انعقد إن قصد الصفات و هو كونه قادرا عالما و إن قصد المعاني لم ينعقد و لو قال و كلام اللّٰه لم ينعقد و كذا لو قال و خلق اللّٰه و رزق اللّٰه و معلوم اللّٰه و لو حلف بالقرآن لم ينعقد و كذا لا ينعقد لو قال و حق اللّٰه مطلقا و ينعقد لو قصد به اليمين و لو قال عهد اللّٰه عليّ كان عهدا لا يمينا و لو قال و ميثاق اللّٰه و كفالته و أمانته لم ينعقد و لو قال أستعين باللّٰه أو أعتصم باللّٰه أو أتوكّل على اللّٰه لم يكن يمينا و إن قصد بها الحلف إجماعا [- ج -] لا ينعقد اليمين عندنا إلاّ بالقصد سواء نطق بما ثبت له العرفان كقوله و اللّٰه و الرحمن أو ثبت له العرف الشرعي كقوله أقسم باللّٰه أو العادي كقوله و حق اللّٰه أو لم يثبت له بحرف أصلا كقوله أعزم باللّٰه [- د -] ألفاظ القسم ثلاثة باللّٰه و تاللّه و اللّٰه و ينعقد بما يتبعها كقوله اللّٰه تعالى لأفعلنّ مع قصد حذف الحرف [حرف الخفض] [الجرّ] و الخفض و لو قال اللّٰه لم ينعقد و ينعقد لو قال لعمر اللّٰه و ايمن اللّٰه و ايم اللّٰه و م اللّٰه أو أقسم باللّٰه أو أحلف باللّٰه أو أقسمت باللّٰه أو حلفت باللّٰه و لو قال أردت الإخبار عن الماضي أو الوعد بالمستقبل قبل و لم يلزمه حكم اليمين و لو قال أقسم أو أحلف و لم يقل باللّٰه أو حلفت أو أقسمت و لم يقل باللّٰه أو حلفت أو أقسمت لم ينعقد و إن قصد به اليمين و لو قال أشهد باللّٰه و أطلق لم ينعقد و لو نوى به اليمين قال الشيخ لم ينعقد و فيه قوّة للعرف و لو قال أعزم باللّٰه و لم يقصد اليمين لم ينعقد و لو قصد اليمين فكذلك و لو قال بله و قصد الرطوبة فليس بيمين إجماعا و لو قصد اليمين فالأقوى بغير اللّٰه تعالى و أسمائه و صفاته على ما تقدم فلو حلف بالقرآن أو بكلام اللّٰه تعالى لم ينعقد و كذا انعقاده و حمل حذف الألف على اللحق و لو قال لأهل اللّٰه و نوى اليمين ففي الانعقاد نظر [- ه -] لا ينعقد اليمين عندنا بالمصحف أو بالنبيّ أو بأحد الأئمّة أو بالصّدقة أو بالحجّ أو بالتبرّي من اللّٰه أو من رسوله أو من القرآن أو أحد الأئمّة أو قال هو يعبد الصّليب أو غير اللّٰه أو هو مستحلّ الخمر أو الميّتة أو حلف بالطلاق أو التحريم أو الظّهار أو العتاق أو قال أيمان البيعة تلزمني و أيمان البيعة هي الّتي رتّبها الحجاج ليستحلف بها عند البيعة و الأمر المهمّ للسلطان و كانت البيعة على عهد رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله بالمصافحة فلمّا ولّى الحجاج رتّبها أيمانا يشتمل على اليمين باللّٰه تعالى و الطلاق و العتاق و صدقة المال سواء عرفها أو لم يعرفها و لا يلزمه بذلك كفّارة و للشيخين رحمهما اللّٰه قول أنّ من حلف بالبراءة من اللّٰه أو من رسوله أو من أحد الأئمّة أثم إن خالف ما علّق البراءة به و يجب عليه كفارة ظهار و قول الرجل يا هناه و لا بل شانك أي لا أب لشانيك و غير ذلك من أيمان الجاهلية لا ينعقد به اليمين [- و -] متعلّق اليمين إن كان واجبا كما إذا حلف أنّه يصلّي الفرائض أو يصوم شهر رمضان أو يحجّ حجّة الإسلام أو لا يزني أو لا يظلم أو لا يشرب الخمر أو غير ذلك من الواجبات انعقدت اليمين و يجب بالحنث فيها الكفّارة و كذا إن كان مندوبا كما إذا حلف أنّه يصلي النافلة أو يصوم تطوّعا أو يتصدّق ندبا أو يحجّ مستحبا لا فرق بينهما في الانعقاد و تعلّق الكفّارة مع الحنث و إن كان مباحا كما إذا حلف أنّه يدخل الدار أو لا يدخلها أو يسلك طريقا دون آخر و ما أشبه ذلك فإن كان البرّ أرجح في الدنيا وجب الوفاء فإن حنث كفر و أثم و كذا إن تساوى الفعل و الترك و إن كان الترك أولى في الدنيا جاز الحنث و لا كفّارة و لا ينعقد اليمين و إن كان مكروها قتل أن يحلف أن لا يفعل النوافل و لا يتصدّق تطوعا لم ينعقد اليمين و لا كفّارة مع الحنث و إن كان محرّما مثل أن يحلف ليقتلن مؤمنا أو ليفعلنّ الزنا أو ليقطعنّ رحمه و ليهجون المسلمين لم ينعقد اليمين و يحرم البقاء عليها و يجب الحنث و لا كفّارة [- ز -] قال بعض الناس اليمين كلّها مكروهة كقوله وَ لاٰ تَجْعَلُوا اَللّٰهَ عُرْضَةً لِأَيْمٰانِكُمْ و ليس بمعتمد لما ثبت أنّ النبي (ص) حلف و الآية محمولة على ترك البرّ لقوله وَ لاٰ يَأْتَلِ أُولُوا اَلْفَضْلِ مِنْكُمْ الآية فاليمين على الطاعة مستحبّة و يمين اللغو غير منعقدة و هي أن يحلف من غير نيّته و لا يجب بها كفّارة سواء كان بصريح أو كناية و سواء كان على الماضي أو على المستقبل [- ح -] لا ينعقد اليمين على الماضي سواء كان نفيا أو إثباتا و سواء كان صادقا في يمينه أو كاذبا إمّا مع قصد الكذب و يسمّى الغموس أو مع ظنّ الصدق و يكره اليمين عند الحاكم على الحقّ مع الصدق و يحرم مع الكذب إلاّ مع الضّرورة فيجب التورية إن عرفها [- ط -] يمين المناشدة لا تنعقد و هي أن يقسم عليه غيره فلو قال أسألك باللّٰه أو أقسم عليك باللّٰه و قصد اليمين لم ينعقد و لا يجب الكفّارة لو أحنثه المحلوف عليه لا على الحالف و لا على المحلوف عليه [- ى -] يجوز الاستثناء بمشيئة اللّٰه تعالى و ليس بواجب فإذا استثني به رفع حكم اليمين و يشترط فيه الاتصال أو حكمه بأن يستثني بعد القطع لانقطاع النفس أو الصوت أو العيّ أو للسعال و التذكر و لو أخّر الاستثناء من غير عذر انعقدت اليمين و سقط أثره و رواية عبد اللّٰه بن ميمون عن الصادق عليه السلام الصّحيحة الدالة على جواز استثناء الناسي إلى أربعين يوما متأوّلة و يشترط في الاستثناء أيضا النطق فلو حلف و نوى الاستثناء بالمشيئة انعقدت يمينه و لم يؤثّر الاستثناء و لا بدّ في الاستثناء القصد إليه فلو تلفّظ عقيب اليمين لسبق لفظه به أو لأنّ عادته في ذلك من غير قصد الاستثناء لم يؤثّر أيضا و انعقدت اليمين و كذا لو لم يقصد الاستثناء بل قصد أنّ أفعاله لا يكون إلاّ بمشيئة اللّٰه تعالى و لا يشترط في الاستثناء نيّته مع ابتداء اليمين بل عند التلفّظ به

ص: 97

[- يا -] لو علّق اليمين بشرط صحّ و كانت موقوفة فإن وجد الشرط انعقدت و إلاّ فلا فلو قال و اللّٰه لا دخلت الدار إن شاء زيد فإن قال زيد قد شئت أن لا تدخل فدخل حنث و لو قال لم أشاء انحلت اليمين و له الدخول قبل العلم بمشيّة زيد و العلم بالمشيئة أن يقول بلسانه و لو لم يعلم حال زيد إمّا لموت أو غيبة أو جنون لم يمنع من الدخول [- يب -] لا فرق بين تقديم الشرط و تأخيره فلو قال و اللّٰه إن شاء اللّٰه لأفعلنّ أو لا فعلت انحلت اليمين و لو قال و اللّٰه إن شاء زيد لأفعلنّ كانت موقوفة على مشيّة زيد فإن شاء وقعت اليمين و إلاّ فلا و لو قال و اللّٰه لأشربنّ إلاّ أن يشاء اللّٰه أو لا أشرب إلاّ أن يشاء اللّٰه لم يحنث بالشرب و لا بتركه و لو قال و اللّٰه لا أشرب إلاّ أن يشاء زيد فقد منع نفسه من الشرب إلاّ أن يوجد مشيّة زيد فإن شاء فله الشرب و إن لم يشأ لم يشرب و لو لم يعلم مشيّته لغيبته أو جنون أو موت لم يشرب فإن شرب حنث و لو قال و اللّٰه لأشربن إلاّ أن يشاء زيد فقد التزم بالشرب إلاّ أن يشاء زيد لا أن يشرب لأن الاستثناء ضدّ المستثنى منه و المستثنى منه إيجاب فإن شرب قبل مشيّة زيد برّ و إن قال قد شئت ألاّ تشرب انحلت اليمين لأنّها معلّقة لعدم مشية لترك الشرب و إن قال قد شئت أن يشرب أو ما شئت أن لا يشرب لم ينحلّ اليمين فإن خفيت مشيّته لزمه الشرب و لو قال و للّه لأشرب اليوم إن شاء زيد فقال زيد قد شئت ألاّ يشرب فشرب حنث و إن شرب قبل مشيته لم يحنث و الاستثناء بمشية اللّٰه تعالى توقف الطلاق و العتاق فلا يقعان [- يج -] قد بيّنا أنّه لا ينعقد اليمين على فعل الغير كما لو قال و اللّٰه ليفعلنّ لا في حقّ الحالف و لا المحلوف عليه و كذا لا ينعقد على المستحيل عادة كما لو قال و اللّٰه لأصعدن إلى السّماء و لا على المستحيل عقلا كردّ أمس و لا يجب بهما كفّارة و إنّما ينعقد على فعل الممكن الواجب أو المندوب أو ترك الحرام أو ترك المكروه أو فعل المباح إذا تساوى أو كان البرّ أرجح في مصلحة الدّين أو الدنيا و لا ينعقد على ترك هذه الأشياء و لو حلف لم يكفّر و لو حلفت أن لا تخرج مع زوجها ثمّ احتاجت إلى الخروج خرجت معه و كذا لو حلف ألاّ يتزوّج عليها أو لا يتسرّى لم ينعقد و لو عجز عن المحلوف عليه بعد اليمين انحلت اليمين [- يد -] يشترط في الحالف العقل و البلوغ و الاختيار و القصد إلى اليمين فلا يصحّ من المجنون و لا الصبي و لا المكره و لا النائم و لا السّكران و هل يصحّ من الكافر الأقوى الصحة و منع الشّيخ في الخلاف بعيد نعم الأقرب أنّه لا يصحّ منه التكفير بل يجب عليه التكفير بتقديم الإسلام و لا يصحّ يمين الغضبان مع زوال رشده بالغضب [- يه -] لا ينعقد يمين الولد بدون رضا الوالد و لا يمين الزّوجة بدون إذن الزوج و لا يمين العبد بدون إذن المولى و لو حلف أحد هؤلاء في فعل واجب أو ترك قبيح انعقدت و لو حلف في غير ذلك كان للأب حلّ يمين الولد و كذا الزّوج و المولى و لا كفّارة [- يو -] لو حلف و لم يقصد لم ينعقد و لو حلف بالصريح و يقبل قوله في عدم القصد

المقصد الثّاني في متعلّق اليمين

و فيه [- لح -] بحثا [- ا -] المرجع في الأيمان إلى النيّة فإذا نوى الحالف على ما يحتمله اللفظ انصرف اليمين إليه سواء كان موافقا للظاهر بأن ينوي الموضوع الأصلي كما لو نوى بالعام العموم و بالمطلق الإطلاق و باللفظ حقيقته أو مخالفا بأن ينوي بالعام الخاص أو بالعكس و بالإطلاق المقيّد و بالعكس و باللفظ مجازه كما لو حلف أن لا يأكل اللحم و يقصد معيّنا أو لا يشرب ماء و يقصد ماء مقيّدا أو يحلف ما رأيت فلانا و يعني ما رأيت أربيته أو لا سألته حاجة و يعني بها الشجرة الصغيرة أو يحلف لا شربت لفلان ماء من عطش و ينوي به العموم و كلّ هذا مقبول لصرف اليمين إليه و لو نوى ما لا يحتمله اللفظ كما لو حلف لا يأكل خبزا و عنى لا يدخل بيتا لم يتناول اليمين مفهوم اللفظ لعدم النسية و لا ما نواه لعدم الاحتمال و لو لم ينو شيئا حمل اللفظ على حقيقته كما لو حلف لا يلبس ثوبا من غزل امرأته و لم ينو العموم و لا الخصوص و لو كان اللفظ عاما و السّبب خاصّا فإن نواه قصر عليه مثل من دعي إلى غذاء فحلف أن لا يتغذى أو لا يدخل بلد الظلم رءاه فيه فزال الظلم و لو لم ينو ففي الأخذ بعموم اللفظ أو بخصوص السبب إشكال و لو حلف لعامل ألاّ يخرج إلاّ بإذن فعزل أو لا يرى منكرا إلاّ رفعه إلى فلان القاضي فعزل فالأقرب انحلال اليمين مع احتمال عدم الانحلال فلو رأى المنكر في ولايته و أمكنه رفعه و لم يرفعه حتّى عزل فالأقرب الحنث و لو اختلف السّبب و النيّة مثل أن يمنّ عليه امرأته بغزلها فحلف ألاّ يلبس ثوبا من غزلها و نوى اجتناب اللبس خاصّة دون الانتفاع بالثمن و غيره قدمت النيّة [- ب -] إذا حلف على فعل حنث بابتدائه ثمّ إن كان الفعل ينسب إلى الاستدامة كما ينسب إلى الابتداء حنث بها كالابتداء و إلاّ فلا فلو حلف لا سكنت هذه الدار حنث بابتداء السكنى و بالاستدامة فيخرج منها لو كان فيها و يبرأ بخروجه عقيب اليمين فإن أقام بعد اليمين زمانا يمكنه الخروج فيه حنث و إن أقام لينقل قماشه و رحله أو أقام دون اليوم و الليلة و لو خرج عقيب اليمين ثم أعاد لنقل رحله و عياله لا للسكنى لم يحنث سواء ترك في الدار ما يمكن سكناها معه أو لا و لو خرج عقيب اليمين بنيّة الانتقال و ترك أهله و ماله مع إمكان نقلهم لم يحنث و لو حلف لا ساكنت فلانا حنث في الابتداء و الاستدامة أيضا فإذا كان ساكنا معه فإن تحولا أو أحدهما في أوّل حال الإمكان لم يحنث فإن أقاما على المساكنة حنث و الاعتبار في الانتقال بأن يزول عن المكان بنية الانتقال و لو كانا في خان فسكن كلّ واحد منهما بيتا فليسا بمتساكنين و كذا لو كانا في بيتين لدار كبيرة لكلّ منهما غلق منفرد و لو كانت الدار صغيرة فهما متساكنان و إن انفرد كلّ منهما بغلق و لو كان أحدهما في بيت الدار الكبيرة

ص: 98

و الأخرى في الصّفة أو كان في صفتها أو في بيتها و ليس لأحدهما غلق دون الآخر فهما متساكنان و لو جعل بينهما جدار و لكل من البيتين باب فليسا بمتساكنين لكن يشترط انتقال أحدهما في الحال و العود إلى البناء فلو مكثا لبناء الجدار قبل الانتقال حنث و لو انفرد بحجرة من دار طريقها على الدار فالأقرب أنّه ليس بمساكنه و لو نوى أنّه لا يساكنه في درب أو بلد فهو على ما نواه و كذا لو نوى أن لا يساكنه في بيت واحد و لو حلف لا يساكنه في هذه الدار فقسماها حجرتين و بيتا بينهما حائطا و فتح كلّ منهما لنفسه بابا ثمّ سكنا فيهما لم يحنث و لو حلف لا سكنت هذه الدار فأكره على المقام لم يحنث و كذا لو كان في جوف الليل و لم يجد منزلا لا يتحوّل إليه أو يحول بينه و بين المنزل حائلا من أبواب مغلقة أو خوف على نفسه أو أهله فأقام أياما ناويا للنقلة متى قدر و لو لم ينو النقلة حنث و لو حلف على نقل متاعه بنى على العادة بحيث لا يترك النقل المعتاد و لا يلزمه جمع دواب البلد و لا النقل بالليل و لا وقت الاستراحة عند التعب و لا وقت الصّلاة و لو حلف لا يسكن الدار فعاد مريضا بها أو زار صديقا لم يحنث و لو حلف لا سكنت هذه الدار لم يتناول اليمين عياله و ماله و كذا لو حلف ليخرجنّ من هذه الدار لم يقتض اليمين إخراج أهله كما لو حلف ليخرجن من البلد و مع الخروج فالأقرب أنّ له العود ما لم ينو هجرانه و هل يبرّ بالصعود على السطح الأقرب العدم [- ج -] لو حلف لا يدخل دارا حنث إذا صار بحيث لو رد بابه لكان من ورائه و يحنث بدخولها من بابها أو من غير بابها و لو نزل إليها من السطح أو بدخول شيء منها أو غرفة من غرفها أو الدهليز و لا يحنث لو نزل إلى سطحها سواء كان محجّرا أو غير محجّر و لو وقف على عتبة الدار في بدن الحائط لم يحنث و لو تعلّق بعض شجرة في الدار لم يحنث و لو صعد عليها فإن كان يحيط لموضعه منها سور الدار حنث و إن كان أعلى من ذلك أو كان يحيط به سترة السطح لم يحنث و لو كان في الدار نهر جار فدخل في النهر إلى الماء الذي في الدار حنث و لو قام على حائط الدار لم يحنث و لو حلف على الخروج من الدار لم يبر بالصعود إلى السطح و لو حلف أن لا يضع قدمه في الدار فدخلها راكبا أو ماشيا متنعّلا أو حافيا يحنث و لو حلف لا أدخل و هو في الدار لم يحنث بالمقام و لو حمل فأدخل مع عدم تمكّنه من الامتناع لم يحنث إجماعا و لو حمل بإذنه فأدخل حنث و كذا لو أدخل بغير إذنه مع تمكّنه من الامتناع و لو أكره بالضرب على الدخول فدخل لم يحنث [- د -] لو حلف لا يدخل هذه الدار من بابها فدخلها من غير الباب لم يحنث و لو حوّل الباب إلى مكان آخر فدخل به حنث و كذا لو قال لا دخلت من باب هذه الدار و إن جعل لها بابا آخر مع بقاء الأوّل فدخل من الثاني حنث و لو قلع الباب و نصب في دار آخر و بقي السّلوك حنث بدخوله و لم يحنث بالدخول في الموضع الذي نصب فيه الباب لأنّ الدخول في السلوك لا في المصراع و لو حلف لا دخلت الدار من هذا الباب ففتح باب آخر لم يحنث بالدخول فيه و إن ركّب عليه مصراع الأوّل و لو حلف لا يدخل بيتا فدخل غرفته لم يحنث [- ه -] لو حلف ألاّ يدخل دار زيد أو لا يكلّم زوجته أو عبده كانت اليمين تابعة للملك و إن لم يسكن الدار فإذا باع الدار أو طلّق الزوجة أو أعتق العبد أو باعه انحلت اليمين و لو دخل دارا يسكنها زيد بأجرة أو عارية أو غصب لم يحنث أمّا لو حلف لا يدخل مسكن زيد تعلّقت اليمين بالجميع لا بالمملوك غير المسكون فيه و لو حلف لا دخلت دار زيد فدخل دار عبده حنث بخلاف دار مكاتبه و كذا لو حلف لا يلبس ثوبه فلبس ثوب العبد و لو حلف لا دخلت دار العبد أو لا يلبس ثوبه فدخل دارا جعلت برسمه أو لبس ثوبا جعل برسمه فالأقوى عدم الحنث مع احتمال ثبوته إذ يمتنع إضافة الملك فيتعيّن إضافة الاختصاص أمّا لو حلف لا يدخل دار المكاتب حنث بدخول ما جعل برسمه لانقطاع تصرّف المولى عنه و فيه نظر و لو حلف لا يركب سرج دابة حنث بما هو منسوب إليها و لو حلف أن يدخل الدار لم يبرّ إلاّ أن يدخل بجملته و لو حلف ألاّ يدخل فأدخل يده أو رجله لم يحنث و لو حلف لا دخلت دار زيد هذه ففي بقاء اليمين بعد زوال ملكه تردّد ينشأ من اعتبار الإشارة المتعلّقة بالعين بعد زوال الإضافة و من اعتبار النسبة و يتعلّق اليمين على البيت للحضري بيت الحاضرة خاصّة و للبدويّ به و بيت الشعر و الأدم و لو حلف لا يدخل دارا فدخل عرصة دار انهدمت لم يحنث و لو حلف لا دخلت هذه الدار حنث بدخول العرصة بعد الانهدام و كذا البحث في البيت المطلق و المعيّن إذا دخل عرصته بعد الانهدام و لو حلف لا يدخل بيتا فالأقوى أنّه يحنث بدخول دهليز الدار و صفتها و صحّتها و هل يحنث بدخول المسجد أو الحمام قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يحنث لعدم تناول العرف له و يحتمل الحنث لقوله تعالى فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اَللّٰهُ أَنْ تُرْفَعَ و قوله عليه السلام نعم البيت الحمام و لو حلف لا دخلت الدار اقتضى التأبيد و لو نوى مدّة صحّ و دين بنيّته [- و -] إذا حلف ألاّ يدخل على زيد بيتا فدخل عليه مع علمه بكونه فيه حنث و لو لم يعلم أو علم و نسي لم يحنث و لو كان فيه زيد و عمرو فدخل مع العلم بكون زيد حنث أيضا سواء نوى الدخول على زيد أو أطلق و لو نوى الدخول على عمرو قوّى الشيخ عدم الحنث و الأقوى الحنث و لو دخل الحالف بيتا ثمّ دخل فيه المحلوف عليه فإن خرج الحالف في الحال لم يحنث و كذا

ص: 99

لو أقام معه و لو حلف لا يدخل الدار فدخلها مكرها أو ناسيا أو جاهلا بكونها هي المحلوف عليها لم يحنث [- ز -] لو حلف لا يلبس ثوبا حنث بالابتداء و الاستدامة فلو كان لابسا له قبل اليمين وجب عليه نزعه عقيب اليمين أوّل حال الإمكان فإن أخّر عن ذلك حنث و كذا لو حلف لا يركب الدابة و كذا لا سكنت هذه الدار و لا ساكنت زيدا و لا ضاجعته أمّا لو حلف لا تزوّجت و له زوجة لم يحنث بالاستدامة و كذا لو حلف لا تطيب و لو حلف لا يصوم و هو صائم فأتمّ يومه فالأقوى الحنث و لو حلف لا يسافر و هو مسافر فرجع أو أقام لم يحنث و إن مضى في سفره حنث [- ح -] المسمّى إن اتّحد انصرفت اليمين إليه كالرجل و المرأة و الإنسان و الحيوان و إن تعدّد حمل على الشرعي دون اللغوي و على الحقيقة دون المجاز الخفيّ فإن اشتهر المجاز و خفيت الحقيقة على أكثر الناس انصرف إطلاق اليمين إلى المجاز العرفي دون الحقيقة الخفيّة كالرواية و الغاية سواء كان المجاز بعض أفراد الحقيقة كالدابة أو لا و لو أضاف إلى العام ما تقضي العادة بتخصيصه بسبب الإضافة تخصّص كمن حلف لا يأكل رأسا انصرف إلى ما يتعارف عنده فيدخل فيه الإبل و البقر و الغنم و لو كان في بلد كثير الصّيد بحيث يكثر فيه رأسه حنث به و هل يحنث برءوس الطير و الحيتان قال الشيخ لا و الضّابط العرف هذا مع الإطلاق و لو نوى ما يحتمله اللفظ انصرف إلى ما نواه و إن بعد و لو حلف لا شربت هذا النهر أو هذه البركة حنث بالبعض لقضيّة العرف و كذا لو علّقه على اسم الجنس أو الجمع كما لو حلف لا آكل الخبز و لا أشرب الماء و لا أجالس الفقراء و المساكين أو علّقه على اسم جنس مضاف كماء النهر و لو حلف لا صمت يوما لم يحنث حتّى يكمّله و كذا لو حلف لا صلّيت صلاة و لو حلف لا صمت أو لا صلّيت حنث في الصيام بطلوع الفجر مع نية الصّوم و في الصّلاة بتكبيرة الافتتاح و لا يشترط السجدة [- ط -] لو حلف لا لبست هذا الثوب و كان رداء حالة اليمين فارتدى به أو اتّزر أو اعتم أو جعله قميصا أو سراويل أو قباء و لبسه حنث و إن كان قميصا فارتدى به أو سراويل فاتّزر به حنث و لو قال لا ألبسه و هو رداء فغيّره من كونه رداء و لبسه لم يحنث و لو قال لا لبست شيئا حنث بكلّ ما يصلح إضافة اللبس إليه كالقميص و العمامة و القلنسوة و الدرع و الجوشن و الخفّ و النّعل و لو حلف ليلبسنّ امرأته حليّا برّ بالخاتم من الفضة و المتحفة من اللؤلؤ و الجوهر و لا يبرّ بالودع و خرز الزجاج و هل يبرّ بالعقيق و الشيخ يحمل على عرفه أو ذلك يسمى حليّا في السواد و لو حلف لا يلبس حليّا فلبس دراهم أو دنانير في مرسلة فالأقوى الحنث لأنّه يسمى حليا و لا يحنث لو لبس سيفا محلّى و منطقة محلاّة و لو حلف لا يلبس خاتما حنث بلبسه في غير الخنصر [- ى -] لو حلف ألاّ يأكل طعاما اشتراه زيد فأكل ما اشتراه زيد و عمرو أو صفقة واحدة تردّد الشيخ في الحنث و عدمه و الأقوى عندي العدم و كذا لو اشترى أحدهما نصفه مشاعا ثمّ الآخر النّصف الآخر أمّا لو اشترى زيد نصفه معيّنا ثمّ خلطه بالنّصف الآخر فأكل الجميع أو أكثر من النصف حنث إجماعا و لو أكل أقل من النّصف لم يحنث و لو أكل من طعام اشتراه زيد ثمّ باع نصفه مشاعا فأكل أكثر من النصف أو أقلّ على إشكال حنث و لو باعه أجمع أو اشتراه لغيره ففي الحنث تردّد و لو حلف لا يلبس من غزل فلانة فلبس ثوبا من غزلها و غزل غيرها حنث و لو حلف لا يلبس ثوبا من غزلها فلبس من غزلها و غزل غيرها فالأقوى عدم الحنث و كذا لو حلف لا يلبس ثوبا نسجه زيد فلبس ما نسجه زيد و غيرها و حلف لا يأكل من قدر طبخها فأكل ما طبخه هو و غيره أو لا يدخل دارا اشتراها فدخل ما اشتراها هو و غيره أو لا يلبس ثوبا خاطه زيد فلبس ثوبا خاطه هو و غيره أمّا لو حلف لا يلبس ما خاطه زيد حنث بما يخيطه زيد و عمرو و لو حلف لا يدخل دارا لزيد فدخل دارا له و لغيره ففي الحنث إشكال و لو حلف لا كلمتهما و قصد الامتناع عن كلام كلّ واحد منهما حنث بكلام أحدهما و إن قصد الجمع لم يحنث إلاّ بكلامهما اتّحد الزمان أو اختلف و لو قال لا كلمت زيدا و لا عمرا حنث بكلام كلّ واحد منهما و لو حلف على فعل شيئين فقال و اللّٰه لا آكل لحما و خبزا لم يحنث بأكل أحدهما إلاّ أن يقصد المنع من كلّ منهما [- يا -] لو حلف لا يشم ريحانا فالأقرب انصرافه إلى الفارسيّ لأنّه المتعارف و يحتمل عوده إلى الحقيقة و هو كلّ نبت أو زهر طيّب الريح كالورد و البنفسج و النرجس و لا يحنث بشمّ الفاكهة و لو حلف لا يشمّ وردا و لا بنفسجا لم يحنث بشم ماء الورد و لا دهنه و لا دهن البنفسج و يحنث بشم يابس الورد و البنفسج و لو حلف لا يأكل شواء حنث بأكل المشوي دون غيره من البيض و شبهه و لو حلف لا يركب حنث بركوب السفينة و لو حلف لا يأكل بيضا دخل فيه النادر كبيض النّعام لا بيض السّمك أو الجراد و لا يسمّى بيضا غير بيض الحيوان [- يب -] و لو حلف لا يأكل شيئا فشربه أو لا يشربه فأكله لم يحنث و لو حلف لا يشرب فمصّ قصب السكّر أو حبّ الرمّان و رمى بالثفل لم يحنث و لو حلف لا يأكل سكرا فوضعه في فيه حتّى ذاب و ابتلعه فالأقوى عدم الحنث و لو حلف لا يطعم شيئا حنث بالأكل و الشرب و المصّ و لو حلف لا يأكله و لا يشربه فذاقه لم يحنث و إن ازدرده و لو حلف لا يذوقه فأكله أو شربه أو مصّه حنث و لو حلف ليأكل أكلا بالفتح لم يجز حتّى يأكله ما يعدّه النّاس أكلة و هي المرة من الأكل و لو ضمّ انصرف إلى اللقمة و لو حلف لا يأكل ثمرة فامتزجت بغيرها لم يحنث حتّى يتحقّق أنّه أكلها فله أن يأكل حتّى يبقى من المشتبه واحدة [- يج -] إذا حلف ليفعلنّ شيئا لم يبرّ إلاّ بفعل الجميع و لو حلف أن لا يفعله لم يحنث بفعل البعض فلو حلف ألا يشرب ماء هذا الإناء لم يحنث بشرب بعضه و لو حلف لا شربت ماء هذا النهر حنث بالبعض صرفا لليمين إلى الممكن و لو حلف لا شربت من الفرات حنث بالكرع و بالاغتراف ثم الشرب و لو حلف لا شربت من هذا الإناء لم يحنث بصب الماء في غيره و الشرب و لو حلف

ص: 100

لا شربت من ماء الفرات فشرب من نهر تأخذ منه حنث و لو حلف لا شربت من الفرات فالأقوى الحنث بالشّرب من النّهر [- يد -] إذا حلف على شيء عيّنه بالإشارة فتغيّرت صفته فإن استحالت أجزاؤه و تغيّر اسمه لم يحنث كمن حلف لا يأكل هذه البيضة أو هذه الحنطة فيصير فرخا أو زرعا و إن بقيت الأجزاء دون الاسم حنث كما لو حلف لا أكلت هذا الرطب فصار تمرا أو لا كلّمت هذا الصّبي فصار شيخا أو لا آكل هذا الحمل فصار كبشا أو لا آكل هذا الرطب فيصير دبسا أو ناطقا على إشكال أو لا آكل هذا اللّبن فيصير مصلا أو جبنا [أقطا] أو لا أدخل هذا الدار فيصير مسجدا أو حمّاما أو براحا و لو تبدّلت الإضافة كما لو حلف لا كلمت زوجة زيد هذه و لا دخلت داره هذا أو لا كلمت عبده هذا أو لا كلمت زيدا زوج هند أو عمرا سيّد جوهر فزالت النسب حنث و لو حلف لا ضربت عبد زيد فرهنه زيد أو جنى جناية تعلّق أرشها برقبته فضربه حنث لأنّ الرّهن و الجناية لم يخرجاه عن النسبة و لو زالت الصّفة و تغيّر الاسم ثمّ عادت حنث أيضا كما لو حلفت لا يركب هذه السفينة فنقضت ثمّ أعيدت أو لا كتبت القلم فكسر ثمّ بري أو لا قصصت بهذا المقصّ فكسر ثم أعيد و لو تغيّرت الصفة بما يبقى الاسم معه حنث كاللحم إذا شوى أو طبخ أو الرّجل يمرض أو العبد يباع و لو حلف لا يأكل تمرا فأكل رطبا أو بسرا أو بلجا لم يحنث و لو حلف لا يأكل رطبا لم يحنث بأكل التمر أو البسر أو البلح و لو حلف لا يأكل عنبا فأكل زبيبا أو رطبا أو ناطقا أو لا يكلم شابا فكلم شيخا أو لا يشتري جديا فاشترى تيسا أو لا يضرب عبدا فضرب عتيقا لم يحنث و لو حلف لا يأكل رطبا أو لا يأكل بسرا فأكل منصفا أو مذنبا حنث بخلاف ما لو حلف لا يأكل بسرة أو رطبة و لو حلف لا يأكل لبنا حنث بلبن الأنعام أو الصّيد أو الآدميّة حليبا و رابيا و مائعا و مجمدا لا بالجبن و السمن و الأقط و الكشك و الزّبد إلاّ أن يظهر فيه لبن و لو حلف لا يأكل زبدا فأكل سمنا أو جبنا أو لبنا لم يظهر فيه الزّبد لم يحنث و كذا لا يحنث لو حلف لا يأكل سمنا فأكل زبدا أو لبنا أو شيئا مما يصنع من اللبن أو شيئا من الأدهان و يحنث بأكل السّمن منفردا في عصيدة أو حلواء أو طبيخ يظهر فيه طعمه و كذا الحنث لو حلف لا يأكل خلاّ فأكل طبيخا فيه خلّ يظهر طعمه فيه أو حلف لا يأكل شعيرا فأكل حنطة فيها حبات شعير إلاّ أن يقصد أن لا يأكله منفردا و لو حلف على الدهن فالأقرب الحنث بالسمن و لو حلف لا يأكل من لحم شاة و لا يشرب لبنها لم يتعدّ التحريم إلى نسلها [- يه -] لو حلف لا يأكل فاكهة حنث بكلّ ثمرة يخرج من الشجرة يتفكّه بها كالعنب و الرّطب و الرّمان و السفرجل و التّفاح و الأترج و التّوت و النبق و الموز و الأقرب عدم الحنث بيابس هذه كالتمر و الزبيب و التين و المشمش و الإجاص و لا يحنث بالزيتون و البطم و البلوط و سائر الشجر البرّي غير المستطاب كالزعرور الأحمر و حبّ الآس دون المستطاب و الصنوبر و القثاء ليس بفاكهة و كذا الخيار و القرع و الباذنجان و غيرها من الخضر و في البطيخ إشكال أقربه أنّه فاكهة و لو حلف لا يأكل أدما حنث بكل ما جرت العادة بأكل الخبز به سواء كان مما يصطبغ به كالطبخ [كالبطّيخ] و المرق و الخلّ و الزيت أو من الجامدات كالشواء و الجبن و الباقلي و الزيتون و البيض و التمر و الملح مع الخبز و لو حلف لا يأكل طعاما حنث بكل ما يسمّى طعاما من قوت أو أدم أو حلواء أو تمر سواء كان جامدا أو مائعا و في الماء إشكال ينشأ من قوله تعالى وَ مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي و من عدم الانصراف إليه عند الإطلاق و كذا الإشكال في الدواء و يحنث بما جرت العادة بأكله من نبات الأرض دون ما لم تجر به العادة كورق الشجر و لو حلف لا يأكل قوتا حنث بالخبز و التمر و الزّبيب و اللحم و اللبن سواء اختصّ أهل بلده بقوت أحدهما أو لا و كذا يحنث بأكل السويق و الدقيق و الحبّ الذي يقتات خبزه دون العنب و الحصرم و الخلّ و لو حلف لا يأكل لحما لم يحنث بالشحم و الملح الذي في العظام و الدماغ و الكبد و الطحال و الرّئة و الكرش و المصران و في القلب إشكال و كذا القانصة و الأقرب عدم الحنث بالألية و شحم البطن و في شحم الذي على الظّهر أو الجنب و في تضاعف اللحم نظر أقربه إلحاقه بالشحم و لا يحنث بأكل المرق و الأقرب الحنث بالرأس و الكادع و اللسان و لو حلف لا يأكل الشحم لم يحنث بما في الجوف من الشحم الذي على الكلي و غيره و الأقرب الحنث بشحم الظهر و ما في اللحم و الألية [- يو -] لو حلف لا يأكل لحما فإن نوى معيّنا انصرف إليه و إلاّ انصرف إلى لحم الأنعام و الصيد و الطائر و الأقوى عدم انصرافه إلى السمك و يحنث بأكل اللحم المحرّم كالميتة و الخنزير و المغصوب [- يز -] لو حلف لا يلبس ثوبا فاشترى به أو بثمنه ثوبا أو لبسه أو انتفع بالثمن لم يحنث و لو قصد قطع المنّة ففي الانصراف إلى هذه نظر ينشأ من اعتبار السّبب و عدمه و الأقرب العدم و كذا لا يحنث لو انتفع بغير الثوب من مال المحلوف عليه كأكل طعامه و سكنى داره و إن قصد قطع المنّة في لبس الثوب و لو حلف لا يلبس ثوبا منّ به عليه قطعا للمنة فاشتراه غيره ثمّ كساه إياه أو اشتراه الحالف و لبسه ففي الحنث إشكال ينشأ من الأخذ بعموم اللفظ أو بخصوص السبب و الأقرب عدم الحنث و كذا لا يحنث لو حلف لا يأوي مع زوجته في دار فآوى في غيرها و إن قصد الجفاء على إشكال و لو حلف بسبب فزال مثل أن كان السبب المنّة عليه فملك هو الدار أو غير من منّ عليه لم يحنث [- يح -] لو حلف ليضربن عبده في غد فمات الحالف من يومه لم يحنث و كذا إن جنّ من يومه و لم يفق إلاّ بعد خروج الغد و لو أمكنه ضربه في الغد و مضى الغد متمكّنا و لم يضربه حنث و لو مات العبد من يومه لم يحنث و كذا لو مات العبد في الغد قبل التمكّن من ضربه و لو مات في غد بعد التمكّن من ضربه قبل ضربه حنث و كذا لو مات الحالف في

ص: 101

غد بعد التمكّن من ضربه قبل ضربه حنث و يبرّ بضربه في غد أيّ وقت كان منه و لا يبرّ بضربه في غد و هو ميّت و لا بضربه ضربا لا يؤلمه على إشكال و لا بحتفه أو نتف شعره أو عصر ساقه بحيث يتألّم و لا يحنث لو هرب العبد من يومه و لو مرض أو مرض الحالف فإن لم يتمكّن من ضربه لم يحنث و إلاّ حنث و لو تلف العبد من يومه يفعله أو اختياره حنث و هل يحنث في الحال أو الغد فيه تردّد ينشأ من انعقاد يمينه حال حلفه و قد تعذّر عليه الفعل فيحنث في الحال و من كون الحلف مخالفة ما عقد يمينه عليه فلا يحصل إلا بترك الفعل في وقته و كذا لو حلف ليشربن ماء الكوز غدا فاندفق اليوم لم يحنث إلاّ أن يكون اندفاقه بفعله أو اختياره [- يط -] لو حلف ليصومنّ حينا وجب عليه صوم ستة أشهر و كذا لو حلف لا يكلّمه حينا و الأقرب التوالي في الثاني لا الأوّل و لو حلف لا يكلمه حقبا فذلك ثمانون عاما و لو حلف ليصومنّ زمانا انصرف إلى خمسة أشهر و بل يتعدى إلى غيره كما لو حلف لا يكلمه زمانا فيه نظر و لو نوى في هذه المواضع شيئا معيّنا انصرف إلى ما نواه و لو حلف لا يكلّمه دهرا أو عمرا طويلا أو بعيدا برّ بالقليل و الكثير و لو حلف لا يكلمه الدّهر أو الأبد اقتضى العموم و في الزمان نظر و الأقرب في العمر العموم و إن حلف لا يكلمه أيّاما فهي ثلاثة أشهر و كذا لو قال أشهرا أو شهورا [- ك -] لو حلف أن يقضيه حقّه في وقت فقضاه قبله لم يحنث إن أراد أن لا يجاوز ذلك الوقت و إلاّ حنث و كذا في غيره من الأفعال كأكل شيء أو بيعه أو شرائه إذا قيّد بوقت معيّن ففعل قبله حنث و كذا لو فعل بعضه قبل وقته و الباقي في وقته و لو حلف أن يقضيه حقّه فقضاه عوضا عنه حنث و لو أبرأه صاحب الحقّ لم يحنث و لو حلف ليقضيه عند رأس الهلال أو مع رأسه أو إلى رأس الهلال أو إلى استهلاله أو عند رأس الشهر أو مع رأسه برّ بقضائه عند غروب الشمس من ليلة الشهر و إن أخّر مع الإمكان حنث و لو شرع في عدّه أو وزنه أو كيله فتأخّر القضاء لكثرته فالأقرب عدم الحنث و لو حلف لا يبيع ثوبه بعشرة فباعه بها حنث و لو باعه بأقلّ أو بأكثر لم يحنث و لو كان سبب يمينه الامتناع عن البيع بالعشرة للنقص حنث بالأقلّ و لو حلف لا أشتريه بعشرة فاشتراه بأقلّ لم يحنث و إن اشتراه بها أو بأكثر حنث و لو حلف أن يطلّق في غد و طلّقها قبله بائنا حنث و لا يحنث بالرّجعية [- كا -] لو حلف أن لا يفارقه حتّى يستوفي حقّه منه ففارقه الحالف مختارا حنث سواء أبرأه من الحقّ أو فارقه و الحقّ عليه و لو فارقه مكرها لم يحنث سواء حمل مكرها حتّى فرق بينهما أو أكره بالضرب و التهديد و كذا لو كان ناسيا أو هرب منه الغريم بغير اختياره و حدّ التفرّق أن يفترقا عن مجلسهما كالبيع و لو أذن الحالف في الفرقة ففارقه حنث و كذا لو فارقه من غير إذن و لا هرب مع إمكان ملازمته و المشي معه أو إمساكه و لم يفعل و لو قضاه قدر حقّه ففارقه ظنا منه الوفاء فخرج رديئا أو بعضه لم يحنث و كذا لو خرج مستحقا فأخذه المالك و لو علم بالحال ففارقه حنث و لو فلّسه الحاكم ففارقه بإلزام الحاكم لم يحنث و إن لم يلزمه المفارقة لكن فارقه للعلم بوجوب المفارقة احتمل الحنث و عدمه و لو أحاله الغريم بحقّه ففارقه احتمل الحنث لعدم الاستيفاء منه و عدمه للبراءة منه أمّا لو كانت يمينه لا فارقتك و لي قبلك حقّ لم يحنث بعد الحوالة و الضمان و الإبراء و يحنث بالكفيل و الرهن و لو قضاه عن حقّه عوضا احتمل الحنث لأن يمينه على الحق و عدمه للبراءة منه و لو كانت يمينه لا فارقتك حتّى تبرأ من حقي لم يحنث و كذا لا يحنث لو قبض وكيله قبل مفارقته و لو قال لا فارقتني حتّى أستوفي ففارقه المحلوف عليه مختارا أو فارقه الحالف كذلك احتمل الحنث و عدمه و لو قال لا افترقنا فهرب منه المحلوف عليه قبل القبض حنث إن أمكنه الإلزام و لو أكرها على الفرقة لم يحنث و لو حلف لا فارقتك حتّى أوفيك حقّك فأبرأه الغريم لم يحنث و لو كان الحقّ عينا فوهبها له فقبلها حنث إن كان قبل أن يقبضها الغريم و لو قال لا أفارقك و لك قبلي حقّ لم يحنث بالإبراء و الهبة [- كب -] لو قال لعبده و اللّٰه لأضربنك إن خرجت إلاّ بإذني أو بغير إذني أو إلاّ أن آذن لك أو حتّى أذن لك أو إلى أن آذن لك فمتى خرج بغير إذنه يختم الضرب و هل يقتضي التكرار إشكال و لو خرج بإذنه لم يجب الضرب و هل ينحلّ اليمين فيه نظر فلو خرج بعدها بغير إذنه احتمل عدمه مطلقا و يحتم الضرب إن قال إلاّ بإذني أو بغير إذني دون البواقي لأنّها غايات فإذا أذن انتهت غاية يمينه و لو أذن له في الخروج ثمّ نهاه قبل الخروج يحتم الضرب بالخروج و لو نهاه بعد الخروج بإذنه فخرج لم يتحتم الضرب إلاّ مع القول بالتكرار و لو حلف ليضربنّه إن خرج بغير إذنه لغير عيادة مريض فخرج لعيادة مريض ثمّ يتشاغل لغيره أو قال إن خرجت إلى غير الحمام بغير إذني فخرج إلى الحمام و عدل إلى غيره احتمل الحنث إذ القصد عدم الذهاب إلى غير الحمام و العيادة و عدمه لعدم خروجه إلى غيرهما و لو خرج للعيادة و غيرها و للحمّام و غيره حنث و لو حلف ليضربنّه إن خرج لا لعيادة مريض فخرج لعيادة مريض و غيره تحتم الضرب و لو حلف ليضربنّه إن خرج بغير إذنه ثمّ أذن فصعد سطحها أو خرج إلى صحنها لم يحنث و لو حلف أن لا يخرج من البيت فخرج إلى السّطح أو إلى صحنه حنث و لو حلف ألاّ يخرج إلاّ بإذن زيد فمات زيد قبل الإذن فخرج حنث على إشكال [- كج -] لو حلف أن يتصدّق بماله دخل فيه كلّ ما يسمّى مالا سواء كان حيوانا أو صامتا و سواء كان زكويّا أو غير زكويّ و سواء كان عينا أو دينا

ص: 102

حالا أو مؤجّلا أو عبدا آبقا [أمة] أو أمّ ولد أو مكاتبا مشروطا أو مدبرا دون حقّ الشفعة و استحقاق سكنى الدار أو زرع الأرض بالأجرة و لو حلف أن يضربه عشرة أسواط قيل يجزي الضّغث يحتمل توجّه اليمين إلى الضرب بالآلة المعتادة كالسوط و الخشبة و لو خاف على المضروب الضّرر العظيم أجزأ الضغث هذا مع اعتبار المصلحة كاليمين على الحدّ أو التعزير و لو كانت على التأديب للأمر الدنيويّ لم يجب الوفاء و لا كفّارة مع العفو و لو قلنا بإجزاء الضغث أو كان المضروب مضروبا بالسوط حتى ضرب الثلاث اشترط إصابة كلّ قضيب جسد المضروب و يكفي الظنّ بالوصول و يكفي ما يسمّى ضاربا و هو بما يؤلم و أن يضربه بسوط واحد عشرة مرّات أو بعشرة أسواط إمّا مرّة إن قلنا بإجزاء الضغث أو عشر مرّات أمّا لو حلف أن يضربه بعشرة أسواط لم يكف السوط الواحد عشر مرات و كفى الضغث المشتمل على العدد مرّة واحدة و لو حلف أن يضربه عشرة ضربات فهو كعشر مرات و لو حلف ليضربنّه عشر مرّات لم يكف الضّغث [- كد -] لو حلف ألاّ يكلم زيدا فكتب إليه أو أرسل إليه رسولا لم يحنث و كذا لو أشار إليه و كلّم غير المحلوف عليه بقصد استماع المحلوف عليه فإن ناداه بحيث يسمع فلم يسمع لتشاغله أو غفلته فالأقرب الحنث و لو كان ميتا أو غائبا أو مغمى عليه أو أصمّ لا يعلم بتكليمه إياه لم يحنث و لو سلّم عليه حنث و لو سلّم على جماعة و هو أحدهم أو كلّهم فإن قصد المحلوف عليه مع الجماعة حنث و إن قصدهم دونه لم يحنث و إن أطلق حنث و لو لم يعلم أنّ المحلوف فيهم لم يحنث و لو سلّم عليه وحده جاهلا به لم يحنث أيضا و لو وصل يمينه بكلامه مثل و اللّٰه لا كلّمتك فإن ذهب أو فتحقق ذلك أو فما علمته أو ما شابه ذلك حنث إلاّ أن ينوي كلاما غير هذا و لو صلّى بالمحلوف عليه إماما ثمّ سلّم من الصّلاة لم يحنث و لو صلّى مأموما فأرتج عليه ففتح عليه الحالف لم يحنث لأنّ ذلك كلام اللّٰه تعالى لا كلام الآدميّين و لو حلف أن لا يتكلّم لم ينعقد اليمين و لو فرض المصلحة في المنع انعقدت فإن قرأ حينئذ فالأقرب الحنث إلاّ أن يكون في الصّلاة و كذا لو ذكر اللّٰه تعالى و لو استأذن عليه إنسان فقال أدخلوها بسلام آمنين حنث و لو حلف أن لا يفعل شيئا ثلاثة أيّام أو ثلاث ليال لم يكن له الفعل في الليالي التي بين الأيام و لا في الأيام التي بين اللّيالي [- كه -] لو حلف ألاّ يتكفل بمال فكفل ببدن إنسان لم يحنث و لو حلف أن لا يستخدم عبدا فخدمه و هو ساكت من غير أمر و لا نهي احتمل عدم الحنث مطلقا و الحنث إن كان عبده لا عبد غيره و لو حلف رجل أن لا يفعل شيئا فقال الآخر يميني في يمينك لم يلزمه شيء و إن نوى أنّه يلزمني ما يلزمك [- كو -] إذا حلف أن يعقد انصرف إلى الصّحيح سواء قيّده بالصحيح أو أطلق و لو حلف ليتبيّن لم يبرأ إلاّ بالصحيح و لو حلف لا نكحت فلانة فنكحها فاسدا لم يحنث و كذا لو حلف لا يشتري فابتاع فاسدا و يحنث ببيع فيه الخيار و العقد اسم للإيجاب و القبول و لو حلف لا يبيع أو لا يزوّج فأوجب البيع و النكاح و لم يقبل المتزوّج و المشتري لم يحنث و لو حلف لا يهب أو لا يعير لم يحنث بالإيجاب خاليا عن القبول و في الوصيّة و الهديّة و الصّدقة إشكال أقربه الحنث بمجرّد الإيجاب و لو حلف ليتزوجنّ على امرأته برّ بالإيجاب و القبول الصحيح و إن تزوّج دون زوجته في الشّرف أو لم يدخل بها أو واطأ امرأته على النكاح لا يغيظها به ليبرّ في يمينه كما لو تزوّج بعجوز و لو حلف لا تسريت فوطئ جاريته حنث و إن لم ينزل أو لم يحصنها [يحضنها] و يحجبها [- كز -] لو حلف لا يهب له فأهدى إليه أو أعمره حنث و لو أعطاه من الصّدقة الواجبة أو النذر أو الكفّارة لم يحنث و يحتمل في الصّدقة المندوبة الحنث لكونها نوع هبة و لا يخرجها تخصيصها باسم عن جنسها كالهدية و العمرى و العدم لأنّه عليه السّلام كان يقبل الهدية دون الصدقة و لو أوصى له لم يحنث و كذا إن أعاره أو أضافه أو باعه أو حاباه أو أسقط عنه دينا و في الوقف عليه إشكال و لو حلف أن لا يتصدّق عليه فوهب له لم يحنث [- كح -] إذا حلف أن لا يفعل شيئا انصرف إلى المباشرة و إلى الأمر به مع صلاحيّة النسبة به فلو حلف المتاجر لا يبيع انصرف إلى المباشرة فلو باع وكيله لم يحنث فلو حلف السّلطان لا يضرب انصرف إلى الأمر به و لو حلف لا يحلق رأسه فالأقرب الحنث بالأمر و لو حلف لا يضرب امرأته فلطمها أو لكمها أو ضربها بعصا و غيرها حنث و لو غصبها أو خنقها أو جز شعرها جزا يؤلمها قاصدا للإضرار لم يحنث و كذا ينصرف يمينه إلى العمد فلو حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا لم يحنث و كذا لو فعله مكرها [- كط -] للحالف أن يتأوّل في يمينه مثل ما كاتبت فلانا و بعني كتابة الرقيق و لا عرّفته أي جعلته عريفا و لا سألته حاجة أي شجرة صغيرة و إن نوى في يمينه مثل أن يدّعي عليه محقّ بشيء هو غير قادر عليه فيحلف إنّك لا تستحقّ عندي شيئا و ينوي في ضميره الآن فهذا كلّه سائغ إن كان الحالف مظلوما بأن يستحلفه ظالم على شيء لو صدّقه أظلمه أو ظلم غيره و إن كان الحالف ظالما لم يقبل نيته و لا تأويله و لا توريته بل النيّة نيّة المستحلف و ينصرف اللفظ إلى ما عناه المستحلف و لو لم يكن ظالما و لا مظلوما سمعت نيّته و قبل تأويله الصدق و انصرف اللفظ إلى ما عناه [- ل -] لو حلف أن لا يتزوج على زوجته فتزوّج قبل أن يطلّقها حنث و كذا لو طلّقها رجعيّا و تزوّج قبل خروج العدّة و لو قال و اللّٰه لا بعت لفلان شيئا فدفع المحلوف عليه سلعته إلى ثالث ليبيعها فدفعها إلى حالف فباعها لم يحنث إن كان دفعها بغير إذن الدافع إليه لعدم صحّة البيع و إن كان قد أذن له في التوكيل في بيعها و علم حنث و إلاّ فلا و لو حلف لا بعت له ثوبا فدفعه المحلوف عليه إلى وكيله فقال بعه أنت فدفعه إلى الحالف فباعه

ص: 103

لم يحنث لأنّه لم يبع للذي حلف إلاّ أن يكون نوى أن لا يبيع سلعة تملكها المحلوف عليه [- لا -] لو حلف على شيئين إثباتا لم يبر بأحدهما فلو قال و اللّٰه لأصلينّ و أصومنّ وجبا معا و لا يجب جمعهما في الإيجاد و لو حلف عليهما نفيا جاز له فعل أحدهما لا فعلهما فلو قال و اللّٰه لا أكلت هذين الرغيفين جاز له أكل أحدهما [- لب -] إذا حلف ليعتقنّ مماليكه دخل فيه العبيد و الإماء سواء كانوا قنّا أو مدبّر أو أمهات أولاد أو مكاتبين مشروطين و لو كان له أشقاص في عبيده عتق عليه الأشقاص و لا يدخل المكاتب المطلق و إن لم يؤدّ شيئا من المال و لو حلف أن يعتق عبده إن لم يضربه غدا فباعه اليوم ثمّ اشتراه بعد غد لم يحنث و إن اشتراه في الغد وجب عليه عتقه و لو حلف أن يضربه غدا فباعه في يومه أو في غده ثمّ خرج الغد و لم يضربه حنث و لو حلف ليطأنَّ امرأته اليوم فحاضت بعد إمكان الوطي فالأقرب عدم الحنث إذا وطئها حائضا [- لج -] قد بيّنا أنّ النفي يقتضي التأبيد إلاّ مع نيّة التقييد فلو قيل له كلّم زيدا اليوم فقال و اللّٰه لا كلّمته فإن نوى المقيّد في الأمر تخصّص و إن أطلق احتمل التأبيد عملا بمقتضى اللفظ و التقييد للعرف و لو حلف أن لا يكلّم الناس فكلّم واحدا فالأقرب أنّه لا يحنث و لو حلف لا كلمت زيدا و عمرا لم يحنث بكلام أحدهما و قول الشيخ هنا مدخول [- لد -] لو حلف أن لا يرى منكرا إلا رفعه إلى الوالي فلان فرءاه و لم يرفعه مع إمكانه حتّى مات أحدهما حنث و لو لم يتمكّن حتّى مات لم يحنث و لو عزل فإن كان نيّته رفعه حال الولاية لم يرفعه بعد العزل و لا يتحقّق الحنث في الحال لجواز عود الولاية فيرفعه إليه و إن لم يكن له نيّة احتمل البرّ برفعه إليه معزولا اعتبارا بالعين و العدم اعتبارا بالعين و الصّفة و لو حلف أن يرفعه إلى وال لم يحنث بموت الأوّل و لو حلف أن يرفعه إلى الوالي احتمل عوده إلى الموجود حال اليمين فيبقى كالأوّل و إلى الماهيّة الكلّية فيبقى كالثاني و هو أقرب [- له -] قد بيّنا أنّ إطلاق اليمين ينصرف إلى العرف لكن يحتمل مراعاة عرف واضع اللسان و عرف الحالف و فهمه فلو حلف البدوي لا يدخل بيتا حنث ببيت الشعر و الجلد [الكلة] و الخيمة و في البلدي وجهان و لو قال در خانه نروم [نشوم] لم يحنث ببيت الشعر و الخيمة إذا لم يثبت هذا العرف بالفارسيّة و لو حلف على الجوز حنث بالهندي و على التمر لا يحنث بالهندي و لو حلف لا يأكل البيض ثمّ حلف أن يأكل ما في كم فلان و كان بيضا فاتخذ منه الناطف لم يأكل البيض و بر في اليمين و لو حلف على ما اشتراه زيد لم يحنث بما يملكه بهبة أو رجع إليه بإقالة أو رد عيب أو قسمة أو صلح عن دين أو شفعة و لو حلف أن لا يشتري فتوكّل لغيره في الشراء لم يحنث فيما أضافه إلى الموكل و لو حلف لا يأكل ما اشتراه زيد لم يحنث بما اشتراه وكيله و يحنث لو حلف على طعام زيد و لو حلف لا يبيع الخمر فباع لم يحنث إلاّ أن يريد صورة العقد و لو حلف أن لا يحجّ حنث بالفاسد لانعقاده و لو حلف لا آكل لحم هذه البقرة و أشار إلى سخلة حنث بلحمها تغليبا للإشارة و لو حلف لا يلبس ما غزلته فلانة حمل على المغزول في الماضي و لو حلف لا يلبس ثوبا من غزلها حمل على الماضي و المستقبل و لو لبس ما خيط بغزلها لم يحنث و لو حلف لا يلبس ثوبا ففرشه و نام عليه لم يحنث و كذا لو تدثّر به على الأقوى و لو حلف لا لبست قميصا فارتدى بقميص احتمل الحنث و عدمه و لو فتقه و اتزر به لم يحنث و لو حلف على مهاجرة زيد ففي الحنث بالمكاتبة نظر و لو حلف أن لا يتكلّم انصرف إلى النطق باللسان و في الحنث بترديد الشعر مع نفسه نظر و لو حلف لأثنينّ على اللّٰه بأحسن الثناء فليقل لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك [- لو -] الحالف إن قيّد فعله بوقت تعيّن و إن أطلق لم يجب الفور بل وقته العمر و يتضيّق عند غلبة الظنّ بالوفاة سواء أطلق أو قيّده بشرط على الأقوى و لو حلف ليقضينّ حقّه لم يحنث بالتأخير إلاّ أن يفوت بموت أحدهما فيتحقّق الحنث و لو حلف لا رأيت منكرا إلا رفعته إلى القاضي لم يجب البدار بل عمره و عمر القاضي مهلته و لو رأى المنكر بعد اطلاع القاضي احتمل وجوب الدفع إليه و عدمه [- لز -] إذا حلف على شيء اقتضى التعلّق بما يصدق عليه ذلك الشيء في الحال فلو حلف لا يدخل دار فلان لم يحنث بدخول دار يملكها فلان بعد اليمين و لو حلف أن يعتق كلّ مملوك يملكه غدا دخل فيه ما يملكه في الحال و ما سيملكه في باقي اليوم إذا بقي إلى الغد و ما يستحدث في ملكه في غد و لو حلف أن يعتق كلّ مملوك يشتريه في غد اختصّ بما يشتريه في الغد و لو حلف لا يدخل بغداد فمرّ بها في سفينة ففي الحنث إشكال ينشأ من كون دجلة تمرّ من بغداد حقيقة و من كون بغداد موضع يقع عليه اليد و دجلة لا يقع عليها يد البغدادي و لو قال و اللّٰه لا أكلّمك حتى تكلّمني فكلما معا حنث و لو حلف لا يتزوّج بالكوفة فزوّجه الفضولي بالكوفة امرأة بمكّة و أجازت بمكّة احتمل الحنث بوقوع العقد بالكوفة و عدمه لأنّ الإجازة من تتمّته و قد وقعت بمكّة [- لح -] إذا حلف أن يعطي من يخبره فأخبره جماعة استحقّ كلّ واحد ما حلف عليه سواء أخبروه دفعة أو على التعاقب و لو حلف أن يعطي من سره فهو للمخبر الأوّل فلا يستحقّ المخبر الثاني شيئا و لو كان المخبر الأوّل جماعة استحقّ كلّ واحد منهم و لو حلف أن يعطي أوّل من يدخل داره استحقّ من يدخل عقيب اليمين و إن لم يدخل غيره و لو حلف أن يعطي آخر داخل فهو لآخر من يدخل قبل موته

المقصد الثالث في أحكام اليمين

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] إذا حلف على فعل موقّت وجب عليه الإتيان

ص: 104

به في وقته فلو تجدّد العجز قبل الوقت انحلّت اليمين كما لو حلف ليعتقن غدا مملوكه فيموت اليوم أو ليحجنّ في هذا العام فيعجز [- ب -] قد بيّنا أنّ مبنى الأيمان على المتعارف فإن كان حقيقة تعيّن الانصراف إليه و كذا إن كان مجازا غلب على الحقيقة و إلاّ فالحقيقة فلو حلف لا شربت الماء من عطش احتمل عوده إلى الحقيقة و إلى المتعارف فيعم ما عداه [- ج -] الحنث يتحقّق بالمخالفة اختيارا و لا يتحقّق بالمخالفة مع الإكراه أو الجهل أو النسيان [- د -] تكره اليمين الصّادقة على القليل من المال و يجب الكاذبة مع المصلحة كما إذا أراد تخليص مظلوم و إن أحسن التورية وجبت و يحرّم اليمين على المحرم و حلّ اليمين على الواجب و المندوب و الأصلح من المباح و المتساوي منه [- ه -] لو حلف بالبراءة من اللّٰه تعالى أو من رسول اللّٰه أو من أحد الأئمّة عليهم السّلام أثم في الماضي و المستقبل صدق أو كذب و قال الشيخ لو حلف على المستقبل بها و خالف وجب عليه كفارة الظهار [- و -] لا بدّ في اليمين من النية و الضمير ثمّ إن كان الحالف محقّا كانت النيّة نيته و إن كان مبطلا كانت النية نيّة المستحلف [- ز -] قد بيّنا أنّ اليمين إنّما يكون باللّٰه تعالى أو بأسمائه أو بصفاته و لو رأى الحاكم استحلاف الكفّار بالتورية و الإنجيل أو بشيء من كتبهم أردع لهم جاز له استحلافهم بذلك [- ح -] إذا حلف أن لا يمسّ جارية غيره أبدا ثمّ ملكها جاز له وطؤها لأنّه حلف أن لا يمسّها حراما و لو تعلّقت اليمين بالعين حرّمت أبدا [- ط -] إذا انعقدت اليمين على المستقبل وجب الوفاء بها فإن أخلّ وجبت الكفّارة و لو كان الخلاف أرجح في الدّين أو الدّنيا جاز له الحلّ و لا كفارة و لو حلف على ترك شيء ففعله حنث و وجبت الكفّارة و إن كانت على فعل شيء فتركه فإن كانت اليمين موقتة و خرج الوقت وجبت الكفارة أيضا و إن كانت مطلقة لم يحنث إلاّ بفوات وقت الإمكان [- ى -] إذا خالف مقتضى اليمين ناسيا أو جاهلا لم يجب الكفّارة و كذا لو فعله مكرها لمن حلف أن لا يدخل دارا فأدخل مربوطا أو ضرب أو هدّد حتّى دخل و لا كفّارة في يمين الغموس و لا يمين اللغو [- يا -] إذا حلف على شيئين يمينا واحدا كما لو قال و اللّٰه لأصلينَّ و أصومنّ فحنث فيهما أو في أحدهما فكفّارة واحدة و كذا لو حلف أيمانا متكررة على شيء واحد إن قصد التّأكيد و كذا إن قصد تعدّد اليمين على إشكال و لو حلف أيمانا على أجناس متعدّدة منها فحنث في واحدة فعليها الكفّارة فإن حنث في أخرى فكفارة أخرى سواء أخرج الأوّل أو لا [- يب -] لا يجب التكفير قبل الحنث فإن كفّر قبله لم يجز عن الكفارة لو حنث سواء كانت الكفارة صياما أو غيره و لو ظاهر و لم ينو العود ثمّ كفّر لم يجز به عن كفّارة الظهار لأنّه كفّر قبل الوجوب و إذا وجبت الكفارة في الظهار وجب تقديمها على الجماع سواء كانت الكفّارة عتقا أو صياما و لو جامع قبل التكفير وجب عليه كفارة أخرى [- يج -] إذا قال حلفت و لم يكن قد حلف كان كاذبا و لا كفّارة عليه و لو حلف على ترك شيء صار فعله حراما

المقصد الرّابع في النذر
اشارة

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] يشترط في النذر صدوره نطقا من البالغ العاقل المسلم المختار القاصد فلو نذر الصّبي أو المجنون أو الكافر أو المكره أو فاقد القصد بسكر أو غضب أو عدم أمنية أو غير ذلك لم يقع قال الشيخ يكفي في النذر النيّة و الضمير عن النطق و ليس بجيّد [- ب -] لا بدّ في النذر من نيّة القربة و لو نذر الكافر حال كفره ثمّ أسلم استحبّ له الوفاء به و لو قصد بالنذر منع نفسه لا للّه لم ينعقد و يشترط في نذر المرأة بغير الواجب إذن زوجها و في نذر المملوك بذلك إذن المالك فإن بادر من غير إذن لم ينعقد و إن تحرر و لو أجاز المالك ففي صحته إشكال نعم لو أذن له في النذر فنذر انعقد و كذا ينعقد لو علقه بتحريره [- ج -] المشهور عند علمائنا وقوع النذر المطلق و قال السيّد المرتضى رحمه اللّٰه لا يقع إلاّ معلقا بالشرط و ليس بمعتمد [- د -] صيغة النذر أن يقول للّه عليّ كذا و يسمّى تبرّعا إن خلا عن الشرط و برّا إن قصد شكر النعمة أو دفع البليّة و زجرا إن قصد المنع عن الفعل المجعول شرطا مثل للّه عليّ كذا إن رزقت ولدا أو شفاني اللّٰه من المرض أو إن فعلت معصية أو إن لم أفعل طاعة و في التبرّع نازع المرتضى رحمه اللّٰه و الإجماع على انعقاد البواقي [- ه -] إن قصد بالنذر و الشكر وجب أن يكون الشرط سائغا إما واجبا أو ندبا أو مباحا يتساوى طرفاه أو يترجّح وجود الشرط على عدمه في الدّين أو الدنيا و لو كان العدم أولى لم ينعقد النذر كما قلنا في اليمين سواء و يجب أن يكون الجزاء طاعة اللّٰه تعالى [- و -] لا ينعقد النذر بالطلاق و لا بالعتاق و لا مجردا من ذكر اللّٰه تعالى نعم لو قال عليّ كذا استحب له الوفاء و إنّما يجب الوفاء لو قال للّه عليّ كذا و لو عقب النذر بقوله إن شاء اللّٰه لم يلزمه شيء و لو قال للّه على صوم إن شاء زيد لم يلزمه شيء و إن شاء زيد [- ز -] قدّمنا أنّ الملتزم بالنذر يشترط فيه كونه طاعة كالصوم و الصّلاة و الحج و لو كان واجبا فالأقوى انعقاد النذر فيه لفائدة وجوب الكفّارة بالإخلال و لا ريب في انعقاد النذر بفروض الكفايات كالجهاد و تجهيز الموتى و بصفات فروض الأعيان كما لو نذر المشي في حجّة الإسلام أو طول القراءة في الفرائض أو زيادة الذكر في الركوع و بالعبادة المندوبة كصلاة النافلة و بالقربات كعيادة المريض و إفشاء السلام و زيارة القادم و تجديد الوضوء دون المباحات كالأكل و النوم نعم لو قصد بالأكل التقوّي على العبادة فيثاب عليه لزم و لو نذر ما هو طاعة و ليس بطاعة لزمه الإتيان بالطاعة خاصّة و لو نذر الجهاد في جهة تعيّنت الجهة و لم يجزه ما يساويها في المسافة و المئونة [- ح -] لا يشترط كون الشرط مقدورا و يشترط كون الجزاء مقدورا فلو نذر الصوم العاجز عنه لم ينعقد و لا يجب عليه كفّارة و كذا لو تجدّد العجز مع عدم سبق الوجوب و لو عجز لعارض يرجى زواله انتظر و لا كفّارة عليه فإن استمر إلى

ص: 105

أن صار غير مرجو الزّوال سقط و لو زال العجز بعد فوات وقت النذر المعيّن فلا قضاء

الفصل الثّاني في أنواع الجزاء
الأوّل الصوم

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] إذا نذر صوما فإن أطلق أجزأه يوم واحد و لو نذر صوم أيّام و أطلق فأقلّه ثلاثة أيّام و لو عين عددا وجب و لا يجب التتابع إلاّ أن يشترط فيتعيّن نعم يستحب له المبادرة و يصوم العدد في أيّ وقت شاء مما يصحّ صومه فلو صامه في رمضان لم يجزه فإن عيّن الشهر تعيّن فإن أخل به لغير عذر وجب عليه القضاء و الكفّارة عن خلف النذر و لو نذر صوم سنة معيّنة و لم يشترط التتابع وجب عليه صيام تلك السنة إلاّ العيدين و أيّام التشريق إن كان بمنى و إن كان بغير منى وجب صيام أيام التشريق و لا يقضي العيدان لو لا أيام التشريق إذا كان بمنى أو يجب عليه تتابع الصوم فإن أفطر في أثناء السنة لعذر قضاه و إن كان لغير عذر وجب مع الكفّارة و يبني في الحالين و إن شرط التتابع لفظا ثمّ أفطر في الأثناء لغير عذر وجب الاستيناف و الكفّارة و إن كان لعذر وجب البناء و القضاء و لا كفّارة و قال بعض علمائنا إذا تجاوز نصف السنة بيوم واحد جاز له التفريق و ليس بجيّد و لو نذر صوم سنة مطلقة و لم يشترط التتابع جاز صومها متتابعا و متفرّقا و يصوم إمّا اثني عشر شهرا بالأهلة أو بالعدد كلّ شهر ثلاثون يوما فإن صام شوّالا قضى بدل العيد يوما و لو كان ناقصا قضى يومين لأنّه لم يصم ما بين الهلالين و قيل يقضي يوما واحدا و يصوم رمضان عن الفرض لا النّذر و يقضي شهرا بدله و كذا يقضي يوم النحر و أيّام التشريق إن كان بمنى و لو شرط التتابع وجب فإن أفطر لعذر لم يسقط التتابع و لا كفّارة و يصوم عن رمضان و العيدين شهرا و يومين و لا ينقطع التتابع لأنّه عذر و كذا الحيض عذر و السفر الضروري أيضا دون الاختياري و لو أفطر لغير عذر وجب الاستيناف و لا كفارة هنا [- ب -] إذا نذر الاعتكاف اقتضى وجوب الصّوم فإن عيّن زمانا و مكانا تعيّن إذا لم يقصّر الزمان عن ثلاثة و لا خرج المكان عن أحد المواطن الأربعة و لو أطلقها تخيّر في إحدى المواطن الأربعة و وجب عليه الاعتكاف ثلاثة أيّام و لو نذر أربعة أيّام و لم يشترط التتابع فاعتكف ثلاثة و خرج في الرابع وجب عليه قضاؤه فيضمّ إليه آخرين و الأقرب نيّة الوجوب فيهما و الأقرب أنّه إذا شرع في اعتكاف مندوب بنية النّدب جوّز إيقاع الثالث عن المنذور و لا يفتقر إلى آخرين و كذا لو نذر اعتكاف يوم و لم يشترط نفي الزائد [- ج -] إنّما ينعقد نذر الصوم إذا كان طاعة فلو نذر صوم العيد و أيّام التشريق و هو بمنى لم ينعقد و لا يجب عليه قضاء و لا كفّارة و كذا لو نذر صوم أيّام حيضها و لو نذر صوم يوم فاتفق أن كان هو العيد وجب الإفطار و الأقوى عندي عدم وجوب القضاء و لو اتفقت حائضا أفطرت و في القضاء نظر أقربه الوجوب و لو نذر صوم قدوم زيد لم ينعقد و لو نذر صوم أوّل يوم من رمضان قيل لا ينعقد لوجوب الصوم بغير النذر و الأقوى عندي انعقاده و لو نذر صوم أيام متفرقة فالأقوى جواز التتابع و كذا لو نذر صوما في بلد معيّن فالأقوى عندي جواز الصّوم في غيره و لو نذر أن يصوم حينا و لم يعيّن وجب صوم ستّة أشهر و لو نذر أن يصوم زمانا صام خمسة أشهر و لو عيّن بالنيّة فيهما غير ذلك لزم فما نواه و لو كان يوما واحدا [- د -] لو نذر أن يصوم يوم قدوم زيد دائما سقط اليوم الذي يقدم فيه سواء قدّم ليلا أو نهارا و سواء تناول الناذر قبل قدومه أو لا و سواء قدم قبل الزّوال أو بعده و وجب صوم ذلك اليوم فيما يأتي من الزمان دائما و يصوم ذلك اليوم في رمضان عن رمضان و لا يقضيه و لو اتّفق يوم عيد أفطره و الوجه عدم القضاء و ليس له أن يصوم فيه ما لا يتعيّن صومه كقضاء رمضان و النذر المطلق و كفارة اليمين أمّا لو وجب عليه صوم شهرين متتابعين كفّارة عن قتل أو ظهار قال الشيخ رحمه اللّٰه الأقوى أنّه يصوم ذلك اليوم في الشهر الأوّل عن الكفّارة و يقضيه و في الثاني عن النذر و قال ابن إدريس يسقط الكفّارة بالصوم و ينتقل طعام و كلامهما رديّ و الأقرب صومه عن النّذر في الشهر الأوّل و الثاني معا و لا ينقطع به التتابع لأنّه عذر سواء تقدّم النذر الكفارة أو تأخر و لو نذر هذا صوم شهرين متتابعين فالأقرب تداخل النذرين و لو نذر صيام شهر من يوم يقدم فلان فقدم في أول رمضان فإن قلنا بصحّة نذر رمضان أجزأه صيامه لرمضان و نذره و ينوي عنهما و إلاّ صام عن رمضان و سقط نذره [- ه -] لو نذر أن يصوم شهرا متتابعا و لم يسمّه فمرض في بعضه احتمل وجوب الاستيناف و البناء و لا كفّارة على التقديرين و لو عيّن الشهر و جنّ جميعه لم يجب القضاء و لا الكفارة و لو صام ناذر المعيّن قبل الوقت لم يجزه و لو مات بعد إمكان الأداء وجب على وليه القضاء عنه [- و -] من وجب عليه صوم شهرين متتابعين بنذر أو كفّارة فصام شهرا و من الثاني شيئا ثمّ فرّق في الباقي أجزأه و هل يأثم قولان و لا كفارة قولا واحدا و لو أفطر في الأوّل لعذر بنى و لا كفّارة و إن كان لغير عذر استأنف و كفّر إن كان النذر معيّنا و أثم و الأحوط أنّ المفطر في الأوّل لعذر يصوم في أول أوقات الإمكان و هل هو واجب فيه نظر و من وجب عليه صوم شهر متتابع فصام خمسة عشر يوما جاز له تفريق الباقي على الخلاف ما لم يكن الصوم معيّنا سواء كان الوجوب بالنذر أو بالكفّارة إذا كان عبدا و لا يجب التتابع في قضاء المتتابع سواء كان رمضان أو نذرا قيد بالتتابع [- ز -] لو نذر صوم يوم معيّن فعجز عنه سقط النذر و استحبّ له الصّدقة عنه بمدّ و لو ابتدأ بصوم تطوع فنذر في أثناء النهار إتمام ذلك الصّوم لزم و لو نذر ابتدأ صوم بعض يوم لغا و لم يجب يوم كامل و لو نذر صوم الاثنين و يوم يقدم زيدا أبدا فقدم يوم اثنين لزمه الاثنين لا غير و لو نذر صوم الدهر سقط العيدان و أيّام التشريق إن كان بمنى و صام رمضان عنه لا عن النّذر و لو حاضت المرأة أفطرت و لا قضاء و

ص: 106

كذا لو سافر أو مرض و لو أفطر عمدا كفّر و لا قضاء على إشكال و لو قيل يقضي من تركته كان وجها و حينئذ ففي جواز الاستنابة مع الحياة إشكال و كذا لو أفطر هذا الناذر يوما من شهر رمضان و لو صام بعض الأيّام قضاء عمّا أفطره إمّا من رمضان أو من النذر فالوجه عدم وقوعه عمّا نواه و وجوب قضاء آخر و كفارة خلف النذر و حيث لم ينوه عمّا نذره و لو نذر الصوم المكروه كيوم عرفة لمن يضعفه عن الدعاء و مع الشك في الهلال ففي الانعقاد نظر

الثّاني الحج

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] من نذر الحج و أطلق وجب عليه الإتيان به و لا يشترط الفور و لا يجب العمرة و كذا لو نذر العمرة لم يجب الحجّ و يكفي المرة و يتعيّن الوقت و العدد إن عيّنهما و لو عيّن الوقت فأحصر أو صدّ سقط و لا قضاء و لو مات ناذر الحج بعد إمكان أدائه خرج من صلب ماله أجرة الحج [- ب -] لو نذر أن يحج ماشيا لزمه الوفاء به و كذا الاعتمار فإن أطلق تعيّن المشي من بلد النذر و قيل من الميقات فلو ركب أعاد و لو ركب بعض الطريق بغير عذر و كان النذر مقيّدا بوقت وجب عليه كفارة خلف النذر و إن كان مطلقا قيل يعيد الحجّ بمشي ما ركب و الأقوى الإعادة ماشيا و إن كان لعذر فإن كان النذر مقيّدا أجزأ و هل يجب سياق بدنة المرويّ ذلك و الأقرب عندي الاستحباب و إن كان مطلقا فالأقوى توقّع المكنة سواء قلنا إنّ المشي يجب من بلده أو من الميقات فالإحرام من الميقات إلاّ أن ينذره متقدّما [- ج -] لو نذر أن يحجّ ماشيا فعجز لم يسقط عنه الحجّ و يجب أن يحجّ راكبا و هل يجب على ناذر المشي أن يقف مواضع العبور الأقرب أنّه مستحبّ و يسقط فرض المشي عن ناذره بعد طواف النساء و لو نذر أن يحجّ راكبا فمشى فالأقرب أنّه يحنث فيكفّر عن خلف النذر و إذا أفسد الحجّ المنذور ماشيا وجب القضاء مشيا و كذا إن فاته الحجّ و يسقط عن من فاته توابع الوقوف من المبيت بمزدلفة و منى و الرمي و يتحلّل بعمرة و يمضي في الحجّ الفاسد حتّى يتحلّل منه و هل يجب المشي إلى التحلّل فيه نظر أقربه عدم الوجوب ثمّ يجب قضاء النذر إن كان مطلقا أو فرط في إتيان الموقت [- د -] لو نذر أن يطوف على أربع قال الشيخ عليه طوافان ليديه و رجليه و الأقرب بطلان النذر [- ه -] لو نذر أن يحجّ و ليس له مال فحجّ عن غيره قال الشيخ أجزأ عنهما و ليس بمعتمد [- و -] لو نذر إن رزق ولدا أن يحجّ بالولد أو يحج عنه ثمّ مات حجّ بالولد أو عنه من صلب المال

الثّالث إتيان المساجد

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] إذا نذر أن يمشي إلى بيت اللّٰه الحرام انصرف إلى بيت اللّٰه سبحانه و تعالى بمكّة و لزمه ذلك و كذا يجب عليه لو نذر أن يمشي إلى المسجد الحرام و لو نذر أن يمشي إلى الحرم ففي الانعقاد نظر و ينعقد لو نذر أن يمشي إلى الصّفا و إلى المروة أو منى و لا ينعقد لو نذر المشي إلى عرفة و إلى قريب من الحرم [- ب -] لو نذر أن يمشي إلى بيت اللّٰه الحرام لا حاجّا و لا معتمرا فالوجه عندي بطلان النذر و لو نذر أن يمشي إلى بيت اللّٰه الحرام فقد قلنا إنّه يجب عليه ذلك و يجب الإتيان بنسك إمّا بحجّ أو عمرة و لو نذر أن يمشي إلى بيت اللّٰه تعالى احتمل انصرافه إلى بيت اللّٰه الحرام و عوده إلى أحد المساجد [- ج -] إذا نذر المشي مطلقا لم يجب الوفاء به لأنّه ليس في نفسه طاعة و لو قصد إمّا بالنيّة أو اللفظ المشي إلى المسجد الحرام أو مسجد النبي (ص) أو المسجد الأقصى وجب عليه ما نذره و كذا لو نذر غير هذه الثلاثة من المساجد قال الشيخ و يجب أن يصلّي فيه ركعتين و عندي فيه نظر و لو قصد المشي إلى موضع لا مزية فيه لم ينعقد نذره و لو نذر القصد إلى أحد المشاهد وجب و كذا لو نذر المشي إلى بعض المؤمنين و لو نذر المشي إلى مكّة فهو كما لو نذر قصد مسجد الحرام و لو نذر أن يأتي إلى بيت اللّٰه الحرام أو يذهب إليه لزمه و وجب الحج أو العمرة إن كان ممن يجب عليه الدخول بإحرام و إلاّ فلا و يخيّر بين المشي و الركوب

الرابع الصلاة

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] إذا نذر صلاة غير معيّنة القدر قيل لزمه ركعتان و قيل ركعة و هو الوجه عندي و إن عين العدد لزمه و يجب عليه ما يجب في الفرائض اليوميّة من الشرائط كالطهارة و استقبال القبلة و غيرهما فإن كان العدد أزيد من ركعتين و أطلق احتمل وجوب التشهد و التسليم عقيب كلّ ركعتين و عدمه و إن عيّن انفصال كلّ ركعتين بتشهد و تسليم وجب و إن عيّن انفصال كلّ عشرة ركعات مثلا احتمل الوجوب [- ب -] إذا لم يعيّن الوقت جاز له التأخير إلى قبل الوفاة بمقدار الأداء و إن عيّنه تعيّن فإن أخلّ به عامدا كفّر و قضى و إلاّ وجب القضاء خاصّة و يجب أن يكون الوقت معيّنا مما يصحّ إيقاعه فيه فلو عينت الصّلوة وقت الحيض أو النّفاس لم ينعقد النذر و كذا لو عيّن وقتا لا يتسع لها [- ج -] إذا لم يعيّن مكانا صلى أين شاء و إن عيّن موضعا فإن كان له مزيّة الفضيلة كالمسجد تعيّن فلو أوقعها في غيره لم يجز و وجب عليه الإعادة فيه و لو عين موضعا معيّنا من المسجد تعيّن و إذا عين موضعا فيه مزية فصلى فيما هو أفضل منه ففي الإجزاء نظر و كذا في المساوي و لو عيّن أحد الأوقات المكروهة فالوجه أنّه يتعيّن و لا يجزيه غيره و لو نذر صلاة النافلة وجبت على هيئتها كما لو نذر صلاة عليّ عليه السّلام أو صلاة جعفر و لو نذر صلاة الأعرابي لم يجز له الإخلال بالصفة و لا الفصل بالتسليم في غير موضعه و لو نذر أن يصلي مثل صلاة الكسوف أو العيد أو يأتي بأكثر من سجدتين في ركعة أو سجدة واحدة أو بغير ركوع ففي انعقاده نظر و منع ابن إدريس من نذر خمس ركعات بتسليمة

الخامس الصّدقة

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] إذا نذر أن يتصدّق و لم يعيّن قدرا أجزأ الصّدقة

ص: 107

بأقلّ ما يتموّل و يصحّ الصّدقة به فلو تصدّق بدون ذلك لم يجزه كما لو تصدّق بحبة من حنطة و لو تصدق بتمرة أجزأه و لو عيّن قدرا وجب عليه الوفاء به إلا أن يكون دون المجزيّ فالوجه البطلان [- ب -] لو نذر الصدقة على قوم بأعيانهم لم يجز العدول عنهم إذا كانوا من أهل الاستحقاق و كذا لو نذر الصّدقة في موضع معيّن بعينه فإن عدل عن ذلك وجب الإعادة على من عيّنه و لو أطلق جاز صرفها إلى من شاء ممن يستحقّ الصّدقة و إن كان كافرا على إشكال [- ج -] إذا نذر أن يتصدّق بمال كثير لزمه ثمانون درهما قال ابن إدريس إن كان العرف في بلد الناذر المعاملة بالدنانير وجب التصدق بثمانين دينارا و لو قال بمال جليل أو خطير أو عظيم أو نفيس أو جمّ عيّن ما شاء و لو فات قبل التعيين عيّن الوارث [- د -] لو نذر أن يتصدّق بجميع ماله لزمه ذلك فإن تضرر قوّم ماله و يتصدّق على التدريج بقدره و لا يجزيه الثلث و لا المال الزكويّ [- ه -] لو نذر الصّدقة بنوع تعيّن و لا تجزيه قيمته و لا ثلثه و لو نذر الصّدقة بقدر من المال فأبرأ غريمه من ذلك القدر يقصد به وفاء النذر فالوجه عدم الإجزاء و إن كان الغريم من أهل الصّدقة حتّى يقبضه و لو نذر أن يتصدّق بمال و في نيّته أنّه ألف لزمه ما نواه و كذا لو نذر أن يصلّي و نوى ركعات معيّنة أو يصوم و نوى أياما بأعيانها و إن لم يتلفّظ بالمقدار [- و -] من نذر أن يخرج شيئا من ماله في سبيل من سبل الخير و لم يعيّن تخيّر بين الصّدقة على فقراء المؤمنين و جعله في الحجّ أو الزيارة أو بناء المسجد أو قنطرة أو غيره من المصالح

السّادس العتق

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] إذا نذر عتق عبد مسلم وجب عليه الوفاء و لو نذر عتق كافر فإن أطلق لم ينعقد و إن عيّنه ففي الانعقاد قولان و لو نذر عتق عبد و أطلق لزمه عتق المسلم [- ب -] إذا أطلق النذر أجزأه عتق الصغير و الكبير الصّحيح و المعيب الذكر و الأنثى و الوجه إجزاء الشقص أما لو قيّد العتق بالرقبة وجب كمال الرقبة لا بعضها و لو عيّن رقبة بعينها لم يجزه غيرها و إن كان أكمل [- ج -] لو نذر عتق كلّ عبد له قديم لزمه عتق من مضى في ملكه ستّة أشهر و لو نذر أن يفعل قربة و لم يعيّنها تخيّر بين الصوم يوما و بين صلاة ركعة و بين صدقة ما يتموّل و إن قلّ و بين عتق رقبة و بين غيرها من أنواع القرب و لو قال للّه عليّ نذر و أطلق لم يلزمه شيء [- د -] لو نذر أن لا يبيع مملوكا لزمه النّذر فإن اضطر إلى بيعه قال الشيخ رحمه اللّٰه ليس له بيعه و الوجه الجواز [- ه -] لو نذر عتق رقبة بعينها فمات قبل العتق فإن كان قد تمكّن منه لزمه الكفّارة و إلاّ فلا شيء عليه و على التقديرين لا يلزمه عتق عبد

السّابع الهدي

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] إذا نذر أن يهدي إلى مكّة و أطلق انصرف إلى أقلّ ما يسمّى من النعم هديا و قيل يلزمه ما يجزي في الأضحية و قيل يجزي أقلّ ما يتموّل و لو بيضة [- ب -] لو نذر أن يهدي بدنة و أطلق انصراف الإطلاق إلى الكعبة و لو نوى منى لزمه و لو نذر الهدي إلى غير هذين الموضعين لم يلزمه الوفاء به [- ج -] لو نذر أن يهدي إلى بيت اللّٰه تعالى غير النعم قيل يبطل و قيل يباع و يصرف في مصالح البيت و يحتمل التّفرقة في مساكينه و لو نذر أن يهدي عبده أو أمته أو جارية إلى بيت اللّٰه أو إلى أحد المشاهد بيع ذلك و صرف ثمنه في مصالح البيت أو المشهد الذي نذر له و في معونة الحاج أو الزائرين و لا يصرف إليهم ذلك إلاّ بعد تلبّسهم بالسّفر إلى الحجّ أو الزيارة و تناول اسم الحاج أو الزّائرين لهم و الوجه تعميم الحكم فلو نذر أن يهدي داره أو أرضه بيع و صرف ثمنه في ذلك [- د -] إذا نذر الإهداء إلى مكّة فالوجه وجوب الذبح بها أو النحر و لو نذر نحر هدي بمكّة تعينت البدنة و وجب النحر بها و هل يتعيّن الصدقة بها الأقرب ذلك و كذا البحث في منى و لو نذر نحره أو ذبحه بغير هذين قال الشيخ لا ينعقد و الأقوى انعقاده [- ه -] لو نذر هدي بدنة تعيّنت الأنثى من الإبل فإن تعذّر عليه الإبل وجب عليه بقرة فإن تعذّر ذلك فسبع شياه و لا يجزي البقرة و لا الشياة مع التمكّن من البدنة [- و -] لو نذر إهداء الشمع أو الزيت و أشباهه إلى المساكن المشرّفة كالمشاهد و المساجد وجب عليه الوفاء به و منع بعض الجمهور من إهداء ذلك إلى المشاهد لأنّ النبيّ ص لعن المتّخذات على القبور المساجد و السّرج و ليس بمعتمد [- ز -] لو نذر أن يستر الكعبة أو يغطّيها لزمه و يجوز تستر الكعبة بالحرير و كذا لو نذر تطيّب مسجد النّبي ص أو غيره من المساجد [- ح -] لو نذر أن يضحي ببعض البلاد فالوجه لزوم الذّبح به و التفرقة فيه و لو نذر أن يهدي ظبية إلى مكّة لزمه التبليغ و يتصدّق بها حيّة و لا يجب و كذا لو نذر ذلك في بعير معيب

الفصل الثّالث في اللواحق

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] العهد لازم كاليمين و النذر و صورته أن يقول عاهدت اللّٰه أو علي عهد اللّٰه أنّه متى كان كذا فعليّ كذا و إنّما يجب الوفاء به إذا كان ما عاهد عليه واجبا أو ندبا أو ترك حرام أو ترك مكروه أو مباح يترجّح فعله إن عاهد على الفعل أو تركه إن عاهد على الترك على الطّرف الآخر في الدنيا أو يتساوى الطرفان و لو ترجّح الطرف الآخر على ما عاهد عليه فليفعل الأرجح و لا كفّارة عليه بمخالفة العهد كما قلنا في اليمين و النذر [- ب -] لا ينعقد العهد إلاّ من مكلّف مختار عاقل ناطق به لفظا مع النيّة و لو تجردت النية عن النطق لم ينعقد خلافا للشيخ [- ج -] اختلف علماؤنا في كفارة خلف النذر فقيل كفارة يمين و به رواية حسنة و قيل كفّارة من أفطر يوما من شهر رمضان و الأقوى عندي الأوّل و كذا الخلاف في كفّارة خلف العهد

ص: 108

و إنّما يجب الكفّارة مع المخالفة عمدا اختيارا و لو خالف ناسيا أو مكرها لم يجب الكفّارة [- د -] قد بيّنا أن نذر المعصية لا ينعقد فلو نذر أن يذبح ولده كان لاغيا و لا يجب به كفّارة و كذا لو نذر أن يذبح نفسه أو أجنبيّا أو قريبا و ما روي عن الباقر عليه السلام من تحقق كفّارة اليمين في النذر لغير اللّٰه فمحمول على الاستحباب مع أنّ في الرّواية ضعفا و في حديث السّكوني ذبح كبش يتصدّق لحمه على المساكين فيمن نذر نحر ولده و هي محمولة على الاستحباب [- ه -] روي أنّ من نذر أن لا يتزوّج حتّى يحجّ ثمّ تزوج قبل الحجّ وجب عليه الوفاء بالنذر سواء كانت حجّته حجّة الإسلام أو حجّة التطوّع لأنّه عدل عن طاعة إلى مباح [- و -] إذا أطلق النذر لم يجب الفور فيه سواء كان حجّا أو صوما أو غيرهما لكنّه يستحب له المبادرة و إن عيّنه بوقت لم يجز له التأخير عنه فإن أخّره وجب عليه القضاء و كفّارة خلف النذر [- ز -] من نذر أنّه متى رزق ولدا حج به أو حجّ عنه ثمّ مات الناذر وجب أن يحجّ بالولد أو عنه من صلب ماله و لو نذر ترك بيع ما الأولى ترك بيعه فباعه ففي صحّة البيع إشكال فإن قلنا بانعقاده وجبت الكفّارة و إلاّ فلا

المقصد الخامس في الكفارات
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في أقسامها

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] الكفّارة إمّا مخيرة أو مرتّبة أو كفّارة الجمع فالمخيرة كفّارة من أفطر يوما من شهر رمضان مع وجوبه بما تقدّم من موجبات التكفير و هي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا و كفّارة من أفطر يوما نذر صومه على الأقوى و هي كفّارة رمضان و كذا كفّارة الحنث في العهد على الأقوى و اختلف في كفّارة الحنث في النّذر غير الصوم فالأقوى عندي كفّارة يمين و كفارة اليمين هي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن عجز عن ذلك كلّه صام ثلاثة أيّام متتابعات و المرتبة كفارة الظهار و هي عتق رقبة فإن عجز صام شهرين متتابعين فإن عجز أطعم ستّين مسكينا و كذا كفّارة قتل الخطاء و كفّارة من أفطر يوما يقضيه من شهر رمضان بعد الزوال إطعام عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيّام متتابعات و لا كفّارة في قضاء النّذر المعيّن و لا غيره من قضاء الواجبات و كفّارة الجمع كفّارة قتل العمد ظلما للمؤمن و هي عتق رقبة و صوم شهرين متتابعين و إطعام ستّين مسكينا و اختلف علماؤنا في كفّارة الإحرام هل هي مرتّبة أو مخيّرة عدا كفّارة الحلق و قد سبق البحث في ذلك كلّه [- ب -] قال الشيخ رحمه اللّٰه من حلف بالبراءة من اللّٰه أو من رسوله أو من أحد الأئمّة عليهم السّلام كان عليه كفّارة ظهار فإن عجز كان عليه كفّارة يمين و قال ابن إدريس يأثم و لا كفّارة عليه و روى ابن بابويه قال كتب محمّد بن الحسن العسكري عليه السّلام في رجل حلف بالبراءة من اللّٰه أو من رسوله فحنث ما توبته و كفّارته فوقع عليه السلام يطعم عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ و يستغفر اللّٰه عزّ و جلّ و على هذه الرواية اعمل [- ج -] لو جزّت المرأة شعرها في المصاب قال الشيخ كان عليها كفّارة قتل الخطاء عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا مع أنّه أفتى بالترتيب في كفارة القتل فيحتمل إرادته هنا و إرادة المقدار مع التخيير في الرواية دلّت على التخيير مع ضعف سندها فقيل يأثم و لا كفّارة و على تقدير الكفارة لو جزّته في غير المصاب بغير ضرورة ففي إلحاقه بالمصاب نظر أمّا لو جزّته للحاجة فلا كفّارة و لو جزّت بعضه ففي إلحاقه بالجميع إشكال و الجزّ هو القص فلو نتفه أجمع لم يلحق بالجزاء على إشكال و لو حلقته فالأقرب إلحاقه بالجزّ و لا فرق بين أن يفعل ذلك مباشرة أو تأمر بفعله على إشكال [- د -] لو انتفت المرأة شعرها في المصاب وجب عليها كفّارة يمين و يتساوى جميع الشعر و بعضه على إشكال فالبحث في النتف بغير المصاب كالجزّ [- ه -] لو خدشت وجهها في المصاب وجب عليها كفّارة اليمين و لا يشترط استيعاب الوجه بالخدش و لا إخراج الدم و في الرواية دلالة على اشتراط الدّم و لا قطع الجلد بأسره بل لو قطعت ظاهره تعلّق به الحكم و لو لطمت خدّها من غير خدش لم يجب عليها كفّارة و لو خدشت غير الوجه من سائر جسدها لم يتعلّق به حكم و لا كفّارة على الرّجل بالجزّ و الخدش و النتف [- و -] لو شقّ الرّجل ثوبه في موت ولده أو زوجته وجب عليه كفّارة يمين و لا كفّارة عليه لو شقه على غيرهما من الأب و الأخ و غيرهما و إن كان أجنبيّا بل يستغفر اللّٰه تعالى و في إلحاق أمّ الولد و السّرية بالزوجة إشكال أما المتمتع بها فإنّها زوجة و كذا المطلقة رجعيّا و لا يتعلّق الكفارة بشق العمامة و غيرها و لا كفّارة على المرأة بالشّق على من كان بل يستغفر اللّٰه تعالى و لا فرق بين شقّ الثوب أجمع أو بعضه و لا بين كون الولد للصلب أو ولد الولد ذكرا كان أو أنثى لذكر كان أو الأنثى على إشكال [- ز -] من تزوّج امرأة في عدّتها فارقها و كفّر بخمسة أصوع من دقيق و قال ابن إدريس إنّه يستحب و لا فرق بين كون الطلاق رجعيا أو بائنا و لا بين كونه عالما بالتحريم و العدّة أو جاهلا بهما أو بأحدهما على إشكال و لا بين كون المرأة حرّة أو أمة و لا بين كون التزويج دائما أو منقطعا و لا بين كون العدّة للنكاح الدائم أو المنقطع و لا بين كون الفرقة بالطلاق أو غيره كاللعان و الارتداد و الفسخ بالعيب و لا بين كون التزويج منضمّا إلى الدخول أو لا و لو اشترى المدخول بها ففسخ أو لم يفسخ ثمّ وطئ بالملك مع الجهل لم يجب عليه الكفّارة و كذا مع العلم و لو زنى بذات العدّة فلا كفّارة عالما كان أو جاهلا و في رواية

ص: 109

أبي بصير عن الصادق عليه السلام في رجل تزوّج امرأة و لها زوج فقال إذا لم يرفع خبره إلى الإمام فعليه أن يتصدّق بخمسة أصوع دقيقا هذا بعد أن يفارقها و في هذا الرواية دلالة على وجوب الكفّارة على من يتزوّج بذات البعل و قال السيّد المرتضى من تزوج امرأة و لها زوج و هو لا يعلم بذلك فعليه أن يفارقها و يتصدّق بخمسة دراهم و لا يجزي غير الدقيق من الحنطة و الشعير و غيرهما و يجزي الدّقيق من الحنطة و الشعير و الذرّة و الدخن و الأقرب أجزأ الخمسة من الخبز [- ح -] من نام عن العشاء و لم يستيقظ حتّى يمضي نصف الليل قضاها و أصبح صائما كفارة عن ذلك الفعل أفتى به الشيخ و الرّواية به مقطوعة و قال ابن إدريس إنّه مستحبّ و الأقرب عدم إلحاق غير النائم به و لا يجب الصوم على العامد و لا على السكران و لا على الناسي و مع القول بوجوب الصوم فالأقرب اختصاص النائم عمدا به سواء نوى الصلاة بعد الانتباه أو لا أمّا ناسي الصّلوة إذا استوعب النوم الوقت فلا صوم عليه و كذا لا صوم على النائم من غير العتمة [- ط -] قال الشيخ من وجب عليه صوم يوم نذره فعجز عن صيامه أطعم مسكينا مدّين من طعام كفّارة لذلك اليوم و قد أجزأه و في رواية محمد بن منصور عن الكاظم عليه السلام في رجل نذر صياما فثقل الصوم عليه قال تصدّق كلّ يوم بمدّ من حنطة و قال ابن إدريس إن كان عجزه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه كالعطاش الذي لا يرجى برؤه فقول الشيخ صحيح و إن كان المرض يرجى برؤه كالحمى وجب عليه الإفطار و القضاء من غير إطعام [- ى -] قال الصادق عليه السّلام كفّارة الضحك اللّٰهمّ لا تمقتني و قال عليه السّلام كفّارة عمل السّلطان قضاء حوائج الإخوان و قال عليه السّلام سئل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله ما كفّارة الاغتياب قال تستغفر اللّٰه لمن اغتبته كلّما ذكرته و قال الصادق عليه السّلام كفّارة المجالس أن يقول عند قيامك فيها سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ اَلْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ وَ سَلاٰمٌ عَلَى اَلْمُرْسَلِينَ وَ اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ [- يا -] روى ابن بابويه في حديث صحيح عن الرضا عليه السلام أنّه سئل يا ابن رسول اللّٰه قد روي لنا عن آبائك عليهم السلام فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفّارات و روي عنهم أيضا كفّارة واحدة فبأي الخبرين يأخذ فقال بهما جميعا من جامع الرّجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاثة كفّارات عتق رقبة و صيام شهرين متتابعين و إطعام ستين مسكينا و قضى ذلك اليوم و إن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفّارة واحدة و قضى ذلك اليوم و إن كان ناسيا فلا شيء عليه [- يب -] من ضرب مملوكه فوق الحدّ استحب التكفير بعتقه

الفصل الثاني في خصالها
اشارة

و هي خمسة العتق و الصيام و الإطعام و الكسوة و الاستغفار فالنظر يتعلق هنا بأمور خمسة

النظر الأول في العتق

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يشترط في الرقبة الإيمان و السلامة و كمال الرقّ و الخلو عن العوض و قد أجمع علماؤنا على اعتبار الإيمان في كفّارة القتل و اختلفوا في اعتباره في غيرها من الكفّارات فقال السيّد المرتضى و أكثر علمائنا باعتباره و هو الأقوى عندي و خالف فيه الشيخ و المراد بالإيمان الإسلام فيجزئ عتق المخالف عندي الناصب و الغلاة [- ب -] يجزي في الرقية الذكر و الأنثى و الكبير و الصّغير و إن كان بعد سقوطه حيّا بلا فصل و في رواية حسين بن سعيد عن رجاله عن الصادق عليه السّلام أنّ رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله قال كلّ العتق يجوز له المولود إلاّ في كفّارة القتل فإنّ اللّٰه تعالى يقول فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ يعني بذلك مقرّة قد بلغت الحنث و يجزي في الظهار صبيّ مميز ولد في الإسلام و مضمون الرواية جيّد و يحكم بإسلام الصّبي بإسلام أحد أبويه [- ج -] يجب كون الرقبة منفصلة فلا يجزي الحمل و إن كان أبواه مسلمين و لا قبل كمال انفصاله و لو أعتقه حين الولادة ثمّ مات أجزأ إن كان تحرك بعد الولادة حركة الأحياء [- د -] يجزي الأخرس إذا كان قد سبق منه الإسلام أو كان أحد أبويه مسلما و لو كانا كافرين فبلغ و أسلم بالإشارة أجزأ سواء صلّى أو لا و المسبيّ من أطفال الكفّار لا يجزي و إن انفرد به السابي المسلم عن أبويه الكافرين و لو أسلم المراهق فالوجه عدم الإجزاء نعم ينبغي أن يفرّق بينه و بين أبويه لئلاّ يمنعاه عن عزم الإسلام [- ه -] يكفي في الإسلام الإقرار بالشهادتين و لا يشترط في الإجزاء الصلاة و لا التبرّي مما عدا الإسلام و يجزي ولد الزنا إذا كان مسلما و حكم بعض علمائنا بكفره ضعيف و لو كانت أعجميّة و عرف مولاها أو الحاكم لغتها أجزأت و إلاّ افتقرت إلى مترجمين عدلين يشهدان بالإسلام [- و -] يشترط السلامة من العيوب الموجبة للعتق و هي العمى و الجذام و البرص و الإقعاد و تنكيل المولى به و لا يشترط السلامة عن غير ذلك فيجزي الأصم و الخصيّ و أقطع اليدين أو إحدى الرّجلين لا مقطوعهما و الأقرع و الأعرج و الأعور و أقطع الأذنين و الرتقاء و الهرم و العاجز و المريض سواء رجئ برؤه أو لا و سواء مات في مرضه ذلك أو لا و الأبرص و في إجزاء المجنون المطبق عندي إشكال إذا لم يسبق منه الإسلام و لا ولد عليه و لو أعتق المرتد حال ردته لم يجز على ما اخترناه سواء كان عن فطرة أو لا و لو أعتقه بعد رجوعه إلى الإسلام فإن كان عن غير فطرة أجزأ و إن كان عن فطرة فالوجه عدم الإجزاء و كذا لو أعتق من وجب قتله حدّا مع التوبة و لو قتل عمدا فأعتقه في الكفّارة فللشيخ قولان أقواهما عدم الجواز و كذا القولان في الخطاء و الأقرب الإجزاء و يضمن المولى الدية و لو عفا الوليّ صح عتقه في الموضعين و لا بد من تجديد العتق في العمد

ص: 110

لو سبق العتق على ما اخترناه و كذا لا يجزي لو جنى ما يجب العتق بالقصاص فيه كالعنّين و يجزئ لو جنى غير ذلك و لو جنى دون النفس على عبد عمدا فالوجه الإجزاء و إن تعذّر القصاص و يضمن المولى حينئذ [- ز -] المكاتب المطلق إذا أدّى من كتابته شيئا لم يجز عتقه لنقصان الملك و لو لم يؤد شيئا أو كان مشروطا فالوجه الإجزاء و لو كانت الكتابة فاسدة أجزأ إجماعا أمّا المدبّر فإن أعتقه بعد نقض التّدبير أجزأ إجماعا و إن أعتقه قبله فالأقوى الإجزاء خلافا للشيخ في نهايته و يجزي عتق أمّ الولد سواء كان ولدها حيّا أو ميّتا و ولدها المولود بعد كونها أمّ ولد و لا يجزي منذور العتق سواء استقرّ الوجوب فيه بأن يكون مطلقا أو مقيّدا بشرط حصل أو لم يستقر بأن تعلق شرط يتوقّع وجوده و لو فات الشرط أجزأ و يجزي الآبق و الغائب إذا لم يعرف موته و إن انقطع خبره و لو ظهرت وفاته قبل العتق لم يجز و لو كان في ظهار و وطئ ففي تكرير الكفّارة حينئذ إشكال و لو أعتق المرهون صحّ إن أجاز المرتهن و إلاّ فلا و قال الشيخ يصحّ مع عدم الإجازة إذا كان موسرا فيطالب بالمال إن كان حالاّ و يرهن عوضه إن كان مؤجّلا و لو أعتق المغصوب صحّ عتقه و أجزأ عن الكفّارة حينئذ لو أعتق جزءا من عبده المختصّ و نوى به التكفير صحّ و سرى العتق إليه أجمع و لو نوى إعتاق الجزء للذي باشره بالإعتاق عن الكفارة دون غيره ففي الإجزاء إشكال و لو كان مشتركا فأعتق نصيبه من الكفّارة و هو موسر أجزأ و إن قلنا بعتقه أجمع بالإعتاق إذا نوى إعتاق جميعه من الكفّارة و لو نوى عتق نصيبه خاصة ففي الإجزاء إشكال و إن قلنا يعتق بأداء قيمته حصة الشريك عتق نصيبه فإن نواه عن الكفّارة ثمّ دفع قيمته و نوى الإعتاق عن الكفّارة فالأقرب الإجزاء و لو نوى عتق الجميع عند الإعتاق و لم ينو عند الأداء ففي الإجزاء نظر و لو كان معسرا صحّ العتق في نصيبه و لم يجز عن الكفّارة و إن نواه و لا يسري العتق إلى نصيب الشريك و إن أيسر بعد ذلك و لو ملك النصيب فنوى إعتاقه عن الكفّارة فالأقرب الإجزاء لتحقّق عتق الرقبة و إن كان متفرّقا و لو أعتق نصفين من عبدين مشتركين لم يجزه لعدم تحقق عتق النسمة و كذا لو كان نصف الرقيق حرّا و لو اشترى من يعتق عليه و نوى إعتاقه عن الكفّارة فالوجه عدم الإجزاء لأنّ النيّة لم يصادف ملكا قبل الشراء و لا بعده و للشيخ قولان أحدهما الإجزاء [- ط -] لو قال له أنت حرّ و عليك كذا لم يجز عن الكفّارة لاشتماله على العوض فلم يتمحّض القربة و كذا لا يجزي لو قيل له أعتق عبدك عن كفّارتك و عليّ كذا فأعتقه على ذلك و في وقوع العتق حينئذ إشكال فإن قلنا بوقوعه وجب له العوض على الجاعل فإن ردّ المالك العوض لم يجز عن الكفّارة و هل يقع العتق عن باذل العوض الأقرب أنّه يقع عن المالك و لا فرق بين تقدّم ذكر العوض و تأخره مثل أعتقت عبدي على أن عليك كذا عن كفارتي أو أعتقته عن كفارتي على أن عليك كذا و لا فرق بين أن يقول عقيب الاستدعاء أعتقه عن كفارتي على أن عليك كذا أو أعتقه عن كفارتي لابتناء الجواب على الاستدعاء فإن قال رددت عليك العوض ليجزي عن كفّارته لم يجزه و لو قصد العتق مجرّدا عن العوض صحّ و لو قال أعتق مستولدتك على ألف فأعتق صحّ و استحقّ العوض و لا يجزي عن الكفارة [- ى -] لو أعتق عنه غيره بمسألته صحّ و أجزأ عن الكفّارة سواء شرط عليه عوضا أو لم يشترط و مع شرط العوض فيلزمه العوض عن العتق و لو لم يشترط أو شرط عدمه لم يلزمه و لو أعتق عنه متبرّعا صحّ عن المعتق لا عن المعتق عنه لفقد النيّة و لو أعتق عن ميّت فإن كان وصيّا فيه صحّ و كذا إن كان وارثا سواء أعتق من مال الميّت أو من ماله عنه و إن كان أجنبيّا لم يجز على إشكال و لا فرق بين الكفّارة المخيرة و المرتّبة في ذلك و لو قال أعتق مستولدتك عنّي على ألف فأعتق فالأقرب الإجزاء لأنّ ذلك ليس بيعا و لو قال إذا جاء الغد فأعتق عبدك عنّي بألف و أعتق في الغد صحّ و استحقّ و لو قال عبدي عندك حرّ بألف إذا جاء الغد فقال قبلت لم يصحّ و لو قال له أعتقه عنّي على خمر أو خنزير فأعتق ففي نفوذ العتق إشكال فإن قلنا بوقوعه ففي نفوذه عن الآمر نظر و مع النفوذ هل يستحقّ المالك عوض الخمر قيمته عند مستحليه أو قيمة العبد لنساء العوض أو لا يستحقّ شيئا إشكال (- يا -) إذا أعتق عنه بمسألة قيل يملكه الآمر بشروع المالك في الإعتاق و قيل يظهر مع الإعتاق أنّه ملك بالسؤال و الأقرب أنّه يملكه بعد الإعتاق ثمّ ينعتق عنه كما لو اشترى أباه فإنّه يملكه بالشراء ثمّ ينعتق في ثاني الحال و كذا لو أباحه في أكل طعام قيل يملكه المتناول بأخذه فيجوز له أن يلقم غيره و قيل يملكه بوضع في فيه و قيل يملكه بالابتلاع و قوّى الشيخ الأوّل و الوجه عندي أنّه إذن في الإتلاف لا تمليك [- يب -] لو اشتراه بشرط العتق فأعتقه عن الكفّارة صحّ و أجزأ عنه لعدم تحقّق أخذ العوض هنا قال الشيخ لا يجزي لأنّا إمّا أن نجبره على العتق فلا إجزاء لوجوبه عن غير الكفّارة و إمّا أن يجعل للبائع الخيار فيكون عتقه مستحقّا بسبب متقدّم و لو اشترى عبدا ينوي إعتاقه عن كفّارته فوجد به عيبا لا يمنع من الإجزاء في الكفارة فأخذ أرشه و أعتقه عن الكفّارة أجزأه و كان الأرش له و لو أعتقه قبل العلم بالعيب ثمّ ظهر عليه فله أخذ الأرش أيضا و لا يصرف الأرش في الرقاب

النّظر الثّاني الصوم

و يجب مع العجز عن العتق في الظهار و قتل الخطاء صوم شهرين متتابعين على الحرّ و على العبد صوم شهر واحد و معنى التتابع أن يوالي بين صوم أيّامهما فلا يفطر فيهما و لا يصوم عن غير الكفارة فإن أفطر في الشهر الأوّل لعذر بنى عند زوال العدد سواء كان العذر حيضا أو مرضا أو سفرا

ص: 111

مضطرا إليه أو إغماء أو جنونا و خوف الحامل و المرضع على أنفسهما عذر و كذا خوفهما على الولد خلافا للشيخ في أحد قوليه و لو أكره بأن وجر الماء في حلقه كان عذرا و لو ضرب حتّى أكل فكذلك خلافا للشيخ في بعض أقواله و هل يجب المبادرة إلى الإتمام بعد زوال العذر فيه نظر و إن كان لغير عذر استأنف فلو تمكن من العتق قبل الشّروع في الاستيناف تعيّن العتق و كذا لو أفطر بعد الأوّل و لم يصم من الثاني شيئا و لو صام الأوّل و من الثاني و لو يوما واحدا ثمّ أفطر جاز البناء سواء كان لعذر أو لا إجماعا منّا و هل يأثم لو كان إفطاره لغير عذر قولان و لو عرض في الشهر الأوّل ما لا يصح صومه عن الكفّارة كرمضان أو عيد الأضحى أو أيّام التشريق بمنى بطل التتابع و وجب الاستيناف بعد انقضاء هذه الأيّام هذا مع العمد أمّا المحبوس بحيث لا يعلم الشهور لو توخّى شهرين فعرض في أثناء الأوّل مثل هذه الأيّام فالأقرب عدم انقطاع التتابع و لو نوى في الشهر الأوّل الصوم عن غير الكفّارة وقع عمّا نواه و لم يحصل بالتتابع و لو صام شعبان و رمضان عن الكفّارة لم يجزه شعبان إلاّ أن يسبق منه و لو يوما في رجب ليزيد على الشهر و لا رمضان عن الكفّارة و يجزيه عن رمضان و لا يجب عليه أن ينوي التتابع بل الواجب فعله و إذا صام من أوّل الشهر اعتبر بالهلالين تامّين كانا أو ناقصين و لو ابتدأ بالصوم بعد مضي بعض الشهر سقط اعتبار الهلال فيه و صام تمام الشهر فإذا أهمل الثاني و صامه أجمع احتسب له عن شهر و إن كان ناقصا ثم يصوم ما فات من أيام الأوّل و يكمله ثلاثين و إن كان ناقصا و بل يتم ما فات من الأوّل و لا بدّ فيه من نيّة الكفارة منضمة إلى نيّة الصوم و لا يجب تعيين جهة الكفارة و لا ينقطع التتابع بوطء الظاهر ليلا لكن يعصي و لو وطئ بعد عتق النصف من المشترك لم يجزه لو أعتق الباقي و الأقرب أنّ نسيان النية لا يتقطع التتابع و يصوم خمسة عشر يوما للعبد يحصل تتابع الشهر و كذا لو كان الشهر على حرّ قاله الشيخ قال و لو كان التتابع في ثلاثة فصام يومين بنى

النّظر الثالث الإطعام

إذا عجز من وجب عليه المرتّبة عن الصيام وجب عليه الإطعام ففي الظهار و قتل الخطاء و العمد إطعام ستّين مسكينا كل مسكين مدّ من طعام على أقوى القولين و كذا يجب إطعام الستّين في كفّارة إفطار رمضان أو النذر المعيّن و يجب في كفّارة اليمين إطعام عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ و يجوز إخراج الخبز و الدقيق و السّويق و الحبّ لا الشبل من كلّ ما يسمّى طعاما في جميع الكفارات إلا كفارة اليمين فإنّ الواجب فيها الإطعام من أوسط ما يطعم أهله و لو طعم مما يغلب على قوت البلد جاز و يستحبّ ضمّ الإدام إليه و ليس واجبا و أعلاه اللحم و أوسطه الخلّ و الملح و يجب صرف الكفارة إلى العدد أجمع مع المكنة فلو دفعها ستّين يوما إلى مسكين واحد لم يجز و لا يجوز التكرار على ما دون العدد مع التمكّن من الكفّارة الواحدة فإن لم يحصل العدد جاز أن يكرّر عليهم حتّى يستوفي الواجب و لا يجوز دفعها إليه في يوم واحد بل يطعم إطعام عشرة مساكين في عشرة أيّام و إطعام ستين في ستين يوما و لو وجد بعض العدد لم يجز له الاقتصاد على أقلّ منه فلو وجد خمسة أطعمهم يومين و لو وجد أربعة فكذلك و خصّص بالمدين في الثالث أيّ اثنين شيئا و لوجه أنّه ليس له دفعها إلى الأربعة كما ليس له إطعام ما زاد على العدد من مقدار العدد و لا يجب التجمع بل يجوز إعطاء العدد مجتمعين و متفرقين و المدّ رطلان و ربع بالعراقي فإن دفع مدّ الحب أجزأ و الوجه الإجزاء لو طحنه و خبزه و إن نقص ورثه و في إجزاء المدّ من الدقيق كيلا نظر ينشأ من انتشار إجزائه في المكيل بخلاف الحبّ و يجوز إطعامهم و التسليم إليهم و أن يكون بعضهم صغارا و لا يجوز أن يكونوا أجمع كذلك و لو كانوا كذلك احتسب الاثنان بواحد و لا يجوز صرفها إلى غير المؤمنين و أولادهم قال الشيخ فإن لم يجد أحدا من المؤمنين أصلا و لا من أولادهم أطعم المستضعفين ممّن خالفهم و منع ابن إدريس ذلك و قد وقع الاتفاق على منع الكافر و الناصب و الأقرب جواز إطعام المؤمن الفاسق و لو دفعها إلى من يظنّه فقيرا فبان غنيّا فإن أمكن الارتجاع وجب و إلاّ أجزأه و كذا لو بان كافرا أو عبدا و لا فرق بين أن يكون الدافع الإمام أو غيره و يجوز أن يطعم واحدا في يوم واحد من كفارتين و لا يجوز للمظاهر المسيس قبل التكفير سواء في ذلك العتق و الصّيام و الإطعام و له وطء في حال الإطعام لم يلزمه الاستيناف و لا يعدل في المرتبة إلى الإطعام إلاّ بعد العجز عن الصوم و عذر إذا حصلت منه المشقة المضرة بالترك

النّظر الرّابع في الكسوة

و لا تجب في غير كفّارة اليمين و يتخيّر الحانث بينهما و بين العتق و الإطعام و يجب كسوة العدد و هو عشرة نفر لكل واحد ما يسمّى ثوبا إزارا أو سراويل أو قميص و لو تعذّر العدد كرّر عليهم كالإطعام و الأقرب أنّه يكفي ما يواري الرضيع إن أخذ الوليّ له و إن أخذ لنفسه فالأقرب عدم الإجزاء و لا يشترط المخيط و لا الحديد بل يجزي المستعمل إلاّ إذا تخرّق بالاستعمال أو قارب الانمحاق و يجزي الثوب من الصوف و الكتّان و الإبريسم و لا يجزي الشمشك و لا القلنسوة و لا الخف و لا النعل و لا المنطقة و في الدرع إشكال

النظر الخامس في الاستغفار

و من عجز عن الكفّارة و أبعاضها كان فرضه الاستغفار و يسقط عنه مع الإتيان به و إن تجدّدت له القدرة و كلّ من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعجز صام ثمانية عشر يوما فإن عجز تصدّق عن كلّ يوم بمدّ

ص: 112

من طعام فإن عجز استغفر اللّٰه و لا شيء عليه و هل يدخل في ذلك الكفارات المرتبة الأقرب ذلك لكن لا ينتقل إلى صوم ثمانية عشر يوما إلاّ بعد العجز عن الإطعام و في رواية لا شيء في اللطم على الخدود سوى الاستغفار و التوبة و هو يؤذن بالوجوب و روى عاصم بن حميد عن أبي بصير عن الصادق (ع) قال كل من عجز عن الكفّارة التي تجب عليه من عتق أو صوم أو صدقة في يمين أو نذر أو قتل أو غير ذلك مما يجب على صاحبه فيه الكفّارة فالاستغفار له كفارة ما خلا يمين الظهار فإنّه إذا لم يجد ما يكفّر به حرّمت عليه أن يجامعها و فرّق بينهما إلاّ أن ترضى المرأة أن يكون معها و لا يجامعها و عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن بعض أصحابنا عن الطيالسي عن أحمد بن محمّد عن داود بن فرقد عن الصادق عليه السلام في كفّارة الطمث أنّه تصدّق إذا كان في أوّله بدينار و في أوسطه نصف دينار و في آخره ربع دينار قلت فإن لم يكن عنده ما يكفّر به قال فليتصدّق على مسكين واحد و إلاّ استغفر اللّٰه و لا يعود فإنّ الاستغفار توبة و كفّارة لكلّ من لم يجد السّبيل إلى شيء من الكفّارة و هذا عام في المظاهر و غيره و روى محمّد بن يعقوب عن علي عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمّار عن الصادق عليه السلام أنّ الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفّارة فليستغفر ربّه و لينو أن لا يعود قبل أن يواقع ثمّ ليواقع و قد أجزأ ذلك عنه عن الكفّارة فإذا وجد السّبيل إلى ما يكفّر به يوما من الأيّام فليكفي و إن تصدّق بكفه و يطعم نفسه و عياله فإنّه يجزيه إذا كان محتاجا و إلاّ يجد ذلك فليستغفر اللّٰه ربّه و ينوي أن لا يعود فحسبه بذلك و اللّٰه كفّارة و هذا الحديث و إن كان جيّد السّند لكن فيه بحث ذكرناه في كتاب استقصاء الاعتبار و فيه دلالة على الاكتفاء في الاستغفار للمظاهر و حلّ الوطء له معه و بعض علمائنا حرّم عليه الوطء عملا بالحديث الأوّل و الأقرب عندي الجواز

الفصل الثالث في الأحكام

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] من ملك رقبة أو ملك ثمنها و أمكنه الشراء فهو واجد للعتق لا ينتقل فرضه مع الترتيب و لو ملك رقبة يفتقر إلى خدمتها لمرض أو منصبه الذي لا يليق به مباشرة الأعمال فله الصّوم و كذا لو وجد الثمن و لم يتمكّن من الشراء و لو اضطرّ لنفقته و كسوته و لا يباع دار سكناه و لا ثياب الجسد و لو كان في المسكن زيادة عن قدر الحاجة بيع الزائد و لو كان العبد نفيسا أو الدار كذلك و أمكن الاستبدال بالأدون فيهما فالوجه عدم الوجوب أمّا لو كان له رأس المال أو ضيعة إذا بيعا التحق بالمساكين الذين يأخذون الصدقة فالوجه وجوب بيعهما و قيل حدّ العجز عن الإطعام ألاّ يكون معه ما يفضل عن قوته و عن قوت عياله ليوم و ليلة [- ب -] لو كان له مال غائب لم يجز له العدول إلى الصوم في المرتّبة بل يجب الصبر حتّى يصل أو يتحقّق اليأس من وصوله فيجوز له الانتقال و لو كان الصبر يتضمّن مشقة كما في الظهار ففي وجوب التأخير إشكال [- ج -] الاعتبار في المرتّبة بحال الأداء لا حال الوجوب فلو وجد العتق حال الوجوب ثمّ أعسر قبل الإخراج انتقل إلى الصوم و لم يستقرّ العتق في زمنه و لا يعد عاصيا لعدم الفوريّة و لو كان عاجزا عن العتق فشرع في الصوم لم يجب العدول عنه إلى العتق و لو صام يوما واحدا لكن يستحبّ العدول و كذا البحث لو عجز عن الصوم فشرع في الإطعام ثمّ أمكن الصوم [- د -] لو ملك الكفّارة و عليه دين مثلها و هو مطالب به فهو عاجز و لو لم يكن مطالبا به فالوجه أنّه كذلك و كذا لو ملك دابّة يضطرّ إلى ركوبها و لو تكلّف المعسر العتق أجزأه [- ه -] لا يدفع الكفّارة إلى الطفل بل إلى وليّه و لا تدفع إلى من يجب نفقته على الدافع كالأبوين و إن علوا و الأولاد و إن نزلوا أو الزوجة و المملوكة و لو قيل يجوز دفعها إليهم إذا كان الدافع فقيرا كان وجها و يجوز دفعها إلى غير هؤلاء من الأقارب و للزوجة الدفع إلى زوجها و بالجملة كلّ من يمنع الزكاة من الأقارب و الأغنياء و الكفّار و الرقيق يمنع من الكفّارة و الأقرب منع بني هاشم منها و لو دفع إلى من ظاهره الفقر فبان غنيّا أجزأه و منع الشيخ رحمه اللّٰه من إعطاء المكاتب و الأقرب تسويغه كما يجوز صرف الزكاة إليه قال و لو عتق بعضه و هو فقير جاز إعطاؤه قال و الغاذي و الغارم و ابن السّبيل الذين يأخذون الزكاة مع الغنى يمنعون من الكفّارة [- و -] لا يجوز إخراج القيمة في الكفّارة و إن دفع أضعافها و لا تلفيقها بأن يعتق نصف عبد و يصوم شهرا أو يتصدّق على ثلاثين مسكينا أو يطعم خمسة و يكسو خمسة سواء كانت الكفّارة مخيّرة أو مرتبة و سواء في ذلك العتق و غيره و كذا لا يجوز إطعام المسكين بعض الطعام و كسوته بعض الكسوة إجماعا و لو أطعم بعض المساكين برّا و بعضهم تمرا فالوجه عندي الإجزاء و كذا لو كسا بعضهم كتانا و بعضهم صوفا أو شعرا و لا يجزي إخراج المعيب فلو كان الحبّ مسوّسا أو متغير الطعم أو فيه تراب خارج عن العادة أو ديدان لم يجز و يجيء على القول بالمنع عن القيمة عدم إجزاء دفع المعيب مع الأرش [- ز -] كلّ من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعجز صام ثمانية عشر يوما فإن لم يقدر تصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام فإن عجز استغفر اللّٰه سبحانه و لا شيء عليه و لو قدر على صوم شهر فالوجه وجوبه و لو قدر على صومها متفرّقا فالوجه وجوب الشهرين و إن عجز فالوجه التتابع في الثمانية عشر [- ح -] يشترط في التكفير النيّة فلو أعتق أو أطعم أو صام أو كسا من غير نية لم يكن مجزيا و يشترط نيّة القربة فلا يصحّ عتق الكافر أصليّا كان أو مرتدّا حربيّا أو ذميّا و كذا إطعامه و صومه و يشترط نية التكفير فلو نوى العتق متقرّبا إلى اللّٰه تعالى و لم ينو عن الكفّارة لم يجزه

ص: 113

فهل يشترط تعيين الكفّارة الأقرب العدم إن لم يتعدّد تعدّدت من جنس واحد كظهارين و الاشتراط إن اختلف السّبب كظهار و قتل خلافا للشيخ في بعض أقواله فلو كان عليه ظهاران فأعتق عن أحدهما و لم يعيّن ثمّ أعتق عن الآخر كذلك أجزأه أمّا لو كان عليه ظهار و قتل فأعتق عن أحدهما و لم يعيّن ثمّ أعتق عن الآخر من غير تعيين أجزأه عند الشيخ و كذا لو أعتق و نوى الكفّارة مطلقا ثمّ عجز فصام شهرين متتابعين بنيّة الكفّارة من غير تعيين و كذا لو أعتق عبديه و نوى إعتاق نصفه كلّ منهما عن كفارة صحّ لسراية العتق في الجميع عند عتق النّصف و كذا لو أعتق نصف عبده عن كفّارة معيّنة و لو كان عليه كفّارة و جهل سببها من ظهار أو قتل فأعتق و نوى التكفير صحّ و لو شكّ بين النذر و الظّهار فأعتق و نوى التكفير لم يجزه و لو نوى برء ذمّته أجزأه و لو نوى العتق مطلقا لم يجزه لأنّ احتمال إرادة التطوّع أظهر عند الإطلاق و كذا لو نوى الوجوب مطلقا و قوّى الشيخ هنا الإجزاء و لو كان عليه كفّارتان فأعتق عبديه و نوى عتق كلّ منهما عنهما معا لم يجزه كما لو أعتق في الواحدة نصفي عبدين و لو أعتق أحدهما عن إحداهما لا يعينهما ثمّ أعتق الآخر عن معيّنة تعين الأوّل في الأخرى و لو أعتق الأوّل عن معيّنة و أطلق الثاني وقع عن الأخرى و لو أطلق الأوّل ثمّ عيّنه تعيّن و لو أراد بعد ذلك جعله عن الأخرى لم يصحّ و كذا لو عيّنه وقت العتق ثمّ أراد نقله إلى الأخرى و وقت النيّة وقت التكفير فلا يصحّ قبله و لو أعتق و نوى سببا و أخطأ فيه لكون السّبب غيره لم يجزه [- ط -] العبد لا يملك شيئا و إن ملّكه مولاه على الأقوى فهو عاجز ففرضه في الكفّارات مخيّرها و مرتّبها الصوم فإن كفّر بغيره من دون إذن المولى لم يجزه و لو أذن له المولى فالأقوى الجواز و كذا يجزيه لو أعتق عنه مولاه و لا يتحقق يمينه إلاّ بإذن مولاه فإن حلف من دون إذن لم يلزمه الكفّارة و إن حنث بإذن مولاه خلافا للشيخ رحمه اللّٰه و لو أعتق قبل الحنث ففي لزوم حكم اليمين إشكال و في انعقاد يمينه فيما لا يبطل حقّ السيّد نظر فإن قلنا بالانعقاد و أذن له السيّد في الحنث جاز له الصوم من دون إذنه و إن حنث من دون إذنه لم يكن له الصوم إلاّ بإذنه و لو حلف بإذن السيّد انعقدت يمينه فإن حنث بإذنه كفر بالصوم و لم يكن للمولى منعه و إن حنث من غير إذنه قيل كان له منعه من الصوم و إن لم يكن مضرّا و فيه نظر و لو حلف بإذن مولاه و أعتق و أيسر قبل الشروع في الصوم وجب عليه العتق و لو حنث قبل الإعتاق ثمّ أعتق قبل الشروع في الصوم اعتبر بحال الأداء فإن كان موسرا وجب العتق و يلتحق من المعتق نصفه بالإحرار فإن كان موسرا بما فيه من الحرّية وجب عليه العتق أو الإطعام أو الكسوة و إلا كان عليه الصيام [- ى -] من مات و عليه كفّارة واجبة مرتّبة أخرجت أقلّ قيمة رقبة مجزية من أصل المال و لو أوصى بما يزيد عن ذلك و لم يجز الورثة أخرج الزائد من الثلث بعد إخراج المجزي من الأصل و إن كان مخيّرة أخرج أقلّ الخصال قيمة من الأصل و إن أوصى بالأزيد و لم يجز الورثة أخرج الزائد من الثلث فإن أقامت الخصلة الدنيا و ما حصل من الوصيّة بالعليا أخرجت و إلاّ بطلت الوصيّة بالزائد و أخرجت الدنيا من الأصل [- يا -] قد بيّنا وجوب نيّة القربة في التكفير و إنّما يتحقّق ذلك من إباحة السّبب فلا يجزي لو كان السبب محرما بأن نكل بعبده مثل أن يقلع عينيه أو يقطع رجليه و ينوي به التكفير فإنّه ينعتق و لا يجزي عن الكفّارة

كتاب الإقرار

اشارة

و فيه مطلبان

الأوّل في الإقرار بالمال
اشارة

و فيه مقاصد

الأول في المقرّ

يعتبر فيه البلوغ و العقل و الحرّية و الاختيار و القصد و جواز التصرّف فلا اعتبار بإقرار الصّبي و إن أذن وليّه و إن كان مميّزا و لو أقرّ المراهق فادّعى المقرّ له البلوغ و أنكر فالقول قوله و لا يمين إلاّ أن يختلفا بعد البلوغ فيحلف أنّه حين أقرّ لم يكن بالغا و من سوغ من علمائنا وصيّة و صدقته سوّغ إقراره بهما و لو ادّعى البلوغ بالاحتلام في وقت إمكانه صدّق من غير نيّة و لا يمين و إلاّ لزم الدور و لو ادّعاه بالسنّ كلّف البينة و المجنون مسلوب القول مطلقا و المملوك لا ينفذ إقراره في حقّ مولاه فلو أقرّ بمال تبع به بعد العتق و لا يطلب به ما دام مملوكا نعم لو كان مأذونا في التجارة فإن أقرّ بما يتعلّق بها قيل و يؤخذ ما أقرّ به مما في يده و لو كان أكثر لم يضمنه المولى بل تبع به بعد العتق و كذا لو أقرّ بعد الحجر بدين أسنده إلى حالة الإذن و لا ينفذ إقرار المولى عليه بالمال و لو أقرّ عليه بجناية توجب مالا قيل و لو أوجب قصاصا لم يجب نعم يقضى بمال فيباع أو بفدية أو يستعبده المجنيّ عليه و لو أقرّ برقبته لغير مولاه لم يقبل و كذا لو أقرّ به مولاه لرجل و أقرّ هو برقيته لآخر و لو أقرّ بجناية توجب أرشا أو قصاصا تبع به بعد العتق أيضا و لا يقبل إقراره بالحدّ و لا ينفذ إقرار المكره بمال و لا حدّ الإقرار بهما و كذا غير القاصد كالساهي و النائم و السكران و لا يمضي إقرار المحجور عليه للسفه بالمال و يقبل بما عداه كالخلع و الطلاق و الحدّ و موجب القصاص و لو أقرّ بالسّرقة قيل في الحدّ لا بمال و لو زال الحجر لم يحكم بما أقرّ به حال السفه و يقبل إقرار المريض بالمال مع التهمة من الثلث للأجنبي و الوارث و من الأصل لهما مع انتفائها على الأقوى و أمّا المفلس فإنّه يمضي إقراره و في مشاركة المقرّ و الغرماء نظر و لا يعتبر حالة المقر فلو أقرّ الفاسق حكم عليه بمقتضى إقراره و كلّ من لا يتمكّن من الإنشاء لا ينفذ إقراره و لو أقرّ المريض بأنّه وهب حالة الصحّة لم ينفذ

ص: 114

من الأصل و لو أقرّ بدين مستغرق و مات و أقرّ وارثه بدين مستغرق فإن جوّزنا الإقرار من الأصل أو لم يكن متهما قدّم إقرار الموروث لوقوع إقرار الوارث بعد الحجر و لو كان متّهما فالوجه نفوذ إقراره في الثلث و إقرار الوارث في الباقي و لو أقرّ بعين مال لشخص ثم أقرّ بدين مستغرق لم يكن للثاني شيء و كذا لو أقرّ بالعين أخيرا لم يكن للأول شيء و لو ادّعى المقرّ الإكراه لم يقبل إلاّ ببيّنة و لو كان هناك أمارة كقيد أو حبس أو توكيل ففي قبول قوله مع اليمين نظر و لو ادّعى الجنون حال الإقرار افتقر إلى البيّنة و المكاتب المشروط حكمه حكم القن و كذا المطلق إذا لم يتحرّر منه و لو تحرّر منه شيء قيل بإزاء ما تحرّر منه و كان الباقي موقوفا على العتق

المقصد الثاني في المقرّ له

و يشترط فيه أمران أهليّة التملّك و عدم التكذيب فلو أقرّ للدابة بطل و لو قال بسببها صحّ للمالك و حمل على الاستيجار و لو فسّره بغير ذلك قبل كما لو قصد أرش الجناية بالركوب و عندي فيه نظر و الأقرب بطلان الإقرار لأنّه لم يذكر لمن هو و شرط صحّته الإقرار ذكر المقرّ له نعم لو قال بسببها لمالكها أو لزيد عليَّ بسببها صحّ و لو أقرّ لعبد لزمه الحقّ لمولاه و لو أقر للحمل صحّ أطلق السّبب أو فصّله كالإرث أو الوصيّة و لو أسنده إلى سبب باطل كالجناية عليه لم يبطل الإقرار و يملك الحمل ما أقر له إن خرج حيّا لدون ستة أشهر من حين الإقرار و إن سقط ميّتا و كان المقرّ له قد فسّره بالميراث رجع إلى باقي الورثة و إن فسّره بالوصيّة رجع إلى ورثة الموصي و إن كان قد أطلق طولب بالتفسير فإن تعذّر بموت أو غيره بطل كمن أقرّ لرجل لا يعرف و إن ولدته بعد الإقرار بما يزيد عن أكثر مدة الحمل بطل و إن وضعته فيما بين الأكثر و الأقلّ و لم يكن لها زوج و لا مالك حكم له به و لو كان لها زوج أو مالك لم يحكم له لإمكان تجدّده بعد الإقرار و يمكن القول بالحكم بناء على العادة و لو تعدّد الحمل تساويا سواء كانا ذكرين أو ذكرا و أنثى إن أسند إلى الوصيّة المطلقة و إن أسنده إلى الميراث أو الوصيّة المفصّلة تفاوتا و لو سقط أحدهما ميّتا استحقّ الآخر جميع ما أقرّ به و لو قال للمسجد أو لمقبرة الموتى عليّ كذا قبل أن أضاف إلى من وقف عليه أو أطلق و كذا إن أسنده إلى السّبب الباطل على إشكال و لو كذّب المقرّ له لم يسلم إليه و يترك في يد المقرّ أو يحتفظ الحاكم و لو رجع المقرّ له عن الإنكار سلّم إليه و لو رجع المقر في حال إنكار المقرّ له فالوجه أنّه لا يقبل لأنّه يثبت الحقّ لغيره بخلاف المقرّ له فإنه اقتصر على الإنكار

المقصد الثالث في المقرّ به

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] لا يشترط تعيين المقرّ به بل يصحّ الإقرار بالمجهول كما يصحّ بالمعلوم و لا أن يكون ملكا للمقرّ بل لو كان ملكا له بطل إقراره كما لو قال داري أو مالي لفلان و لو قال الشاهد إنّه أقرّ له بدار و كانت ملكه إلى أن أقر بطلت الشهادة و لو قال هذه الدار لفلان و كانت ملكي إلى وقت الإقرار حكم عليه بأوّل إقراره لكن يشترط كون المقرّ به تحت تصرّفه فلو أقرّ بما في يد غيره لم ينفذ و لو أقرّ بحرّية عبد غيره لم يقبل فلو اشتراه صحّ و عتق عليه و كان فداء من جانبه و بيعا من جهة البائع و لا يثبت هنا خيار الشرط و المجلس كما لا يثبت في بيع العبد على من ينعتق عليه و لا ولاء للمشتري عليه و لا للبائع فإن مات العبد و له كسب فللمشتري أخذ قدر الثمن من تركته لأنّه إن كذب فالتركة له و إن صدق فللبائع من حيث الولاء و قد استعاد ما ظلمه البائع به [- ب -] إذا عيّن المقرّ به ألزم بما عيّنه و إن أبهم فقال له علي مال ألزم التفسير بما يتموّل و يقبل بما يفسّره و إن قل و لو فسّر بما لا يملك عادة كالحبّة من الحنطة و قشر الجوزة و السّرجين النجس و كلب العقور و ردّ السّلام لم يقبل و ألزم ببيان آخر و كذا لو فسّره بما لا يملك المسلم كالخمر و الخنزير و جلد الميّتة و يقبل ذلك من الكافر لمثله و لو فسّره بكلب الصيد أو الزرع أو الماشية أو الحائط قبل أمّا لو قال له علي شيء و فسّره بجلد الميّتة أو السّرجين النجس أو الخمر لم يقبل لعدم ثبوته في الذمة و كذا لو فسّر بحبة الحنطة و لو فسّره بحدّ قذف أو حقّ شفعة قبل و لو قال غصبتك أو غبنتك لم يلزمه شيء لأنّه يغصبه نفسه و يغبنه في غير المال و لو قال غصبتك شيئا و فسّره بنفسه لم يقبل لتغاير المفعول الأوّل و الثاني و لو فسّره بمال و إن قلّ قبل و لو فسّره بكلب أو سرجين احتمل القبول و لو فسّره بما لا نفع فيه أو لا يباح الانتفاع به لم يقبل [- ج -] إذا عيّن الوزن انصرف إلى ما عيّنه و إن أطلق انصرف إلى ميزان البلد و كذا الكيل و النقد و لو تعدّد انصرف إلى الغائب و لو تساوى النقدان أو الوزنان في الاستعمال رجع إليه في التفسير و لو قال له مال جليل أو عظيم أو نفيس أو خطير أو مال أيّ مال أو عظيم جدّا قبل تفسيره بالقليل و لو قال مال كثير قال الشيخ يكون ثمانين و ليس بمعتمد بل يرجع إليه بالتفسير و إن قلّ و لو قال غصبت شيئا لم يقبل تفسيره بالخمر و الخنزير و نفس المقرّ له على إشكال و لو قال له علي أكثر مما لفلان ألزم بقدر ما لفلان و زيادة و يرجع إليه في تعيين الزيادة و كذا يرجع إليه في ظنه مقدار مال فلان فلو قال كنت أظنّه عشرة قبل و إن كان أزيد و كذا لو قال أكثر مما يشهد به المشهود على فلان و لو قال لم أرد الكثرة في المقدار بل إنّ الدين أكثر بقاء من العين و أكثر بقاء من الحرام قبل و له التفسير بالأقلّ مما لفلان و مما يشهد به الشهود في المقدار [- د -] إذا امتنع من تفسير المبهم حبس حتّى يبيّن و لو مات فسّر الوارث و لو قال أنسيت احتمل الرجوع إلى المدّعي مع اليمين و لو فسّر بدرهم فقال

ص: 115

المدّعي بل أردت عشرة لم يقبل دعوى الإرادة بل عليه أن يدّعي تفسير العشرة و القول قول المقرّ في عدم اللزوم و لو فسّر بالمستولدة فالوجه القبول [- ه -] لو قال له علي درهم من نقد الإسلام ألزم بدرهم فيه ستة دوانيق عشرة منه تساوى سبعة مثاقيل و لو أطلق ألزم ما يتعامل به الناس زاد أو نقص و يقبل تفسيره لغيره و لو قال له درهم درهم لزمه واحد و لو قال له درهم و درهم أو فدرهم أو ثمّ درهم لزمه درهمان و لو قال في فدرهم أردت فدرهم لازم له لا يلزمه أكثر من واحد و لو قال له درهم و درهمان لزمه ثلاثة و لو قال له درهم و درهم و درهم لزمه ثلاثة فإن قال أردت بالثالث تأكيد الثاني قبل منه و لو قال أردت تأكيد الأوّل لم يقبل للفصل و كذا لا يقبل التأكيد لو غاير في حروف العطف مثل له درهم فدرهم ثمّ درهم و لو قال درهم مع درهم أو تحت درهم أو فوق درهم لزمه واحد لاحتمال مع درهم لي و لو قال درهم قبل درهم أو بعد درهم احتمل الدّرهم و الدرهمان لأنّ التقدّم و التأخّر لا يحتمل إلاّ في الوجوب و لو قال له درهم قبله و درهم بعده درهم لزمه الثلاثة مع احتمال للواحد [- و -] لو قال له درهم بل درهم لزمه واحد و يحتمل إيجاب درهمين لتغاير ما بعد الإضراب و ما قبله فيجبان كما لو قال بل دينار و لو قال له قفيز حنطة بل قفيز شعير لزمه القفيزان و لو قال درهم بل درهمان لزمه درهمان لا غير و كذا لو قال قفيز شعير بل قفيزان أمّا لو قال قفيز شعير بل قفيزان حنطة لزمه ثلاثة و الأصل أنّ الإضراب إن كان إلى ما يدخل فيه الأوّل لزمه الثاني و إن كان إلى المخالف لزمه الأوّل و الثاني و لو قال له هذا الدرهم بل هذان لزمه الثلاثة لأن الأوّل ليس بعض الثاني و لو قال له درهمان بل درهم لزمه الدّرهمان بخلاف الاستثناء [- ز -] لو قال له عليّ من واحد إلى عشرة فإن قلنا بدخول الغاية في الغاية لزمه عشرة و إلاّ تسعة و يحتمل ثمانية و لو قال أردت مجموع الأعداد لزمه خمسة و خمسون و اختصار حسابه أن يزيد الواحد على العشرة ثمّ يضربها في نصف العشرة و لو قال درهم في عشرة و لم يرد الضرب لزمه واحد و لو قال درهم ناقص و وصل قبل و يرجع إليه في قدر النقصان و لو فصل لم يقبل و كذا لو كان التعامل بالناقص غالبا احتمل القبول و كذا لو فسّر الدراهم بالمغشوشة و لو فسّر بالفلس لم يقبل و لو قال عليّ درهمات أو دراهم صغار و فسّر بالناقص لم يقبل و لو قال ما بين درهم و عشرة لزمه ثمانية [- ح -] يحمل الجمع المنكر و المعرّف على أقلّ مراتبه و هو الثلاثة فلو قال له عندي دراهم أو الدراهم لزمه ثلاثة و لو قال أردت بالجمع معنى الاجتماع احتمل القبول و لو قال له عليّ ثلاثة ألف و لم يبيّن طولب بتغيير الجنس فإن فسّر بما يملك قبل و لا فرق بين جمع القلّة و الكثرة في ذلك كلّه [- ط -] لو قال له عندي زيت في جرّة أو سيف في غمد أو غصبته ثوبا في منديل أو حنطة في سفينة لم يدخل الظرف في الإقرار و لو قال له عندي عبد عليه عمامة كان إقرارا بالعمامة أيضا مع احتمال ضعيف أمّا لو قال له عندي دابة عليها سرج لم يكن مقرّا بالسّرج لأنّ للعبد أهلية اليد بخلاف الدابة و لو قال له عندي جرة فيها زيت أو غمد فيه سيف فالوجه عدم دخول المظروف و لو قال له دابة بسرجها أو سفينة بطعامها دخل الظرف و المظروف و لو قال عندي خاتم و جاء به و فيه فصّ و لو قال ما أردت الفص ففي قبول قوله إشكال و كذا الإشكال لو أقرّ بجارية فجاء بها و هي حامل استثنى الحمل و لو قال له ألف في هذا الكيس و لم يكن فيه شيء لزمه الألف و لو كان الألف ناقصا ففي لزومه الإتمام إشكال و لو قال لا ألف التي في الكيس لم يلزمه الإتمام فإن لم يكن فيه شيء احتمل لزومه و عدمه و لو قال له في هذا العبد ألف درهم فإن فسّره بأرش الجناية قبل و إن فسّر بكون العبد مرهونا بالألف فالوجه القبول و لو قال وزن في شراء عشره ألفا و اشتريت جميع الباقي بألف قبل سواء وافق القيمة أو خالفها و لم يلزمه أكثر من عشر العبد و لو قال فقد عني ألفا في ثمنه كان قرضا و لو قال أوصي له بألف من ثمنه بيع و صرف إليه من ثمنه ألف و لو أراد أن يعطيه ألفا من ماله من غير ثمن العبد لم يلزمه القبول و إن قال جنى العبد بألف تعلّقت برقبته قبل و لو أنكر المقرّ له شيئا من تفسيره كان القول قول المقر مع يمينه و لو قال له في هذا المال ألف أو في ميراث أبي ألف قبل و لو قال له في مالي أو في ميراثي من أبي أو من ميراثي من أبي ألف لم يلزمه للتناقض و لو قال في هذه المسائل بحق واجب أو بسبب صحيح أو ما جرى مجراه صحّ في الجميع [- ى -] لو قال له عشرة و درهم ألزم بدرهم و رجع في تفسير العشرة إليه و يقبل ما يفسّره و إن قلّ مما يتموّل من العشرات و كذا عشرة و درهمان و لو قال عشرة و ثلاثة دراهم أو خمسة عشر درهما أو مائة و خمسة عشر درهما أو ألف و مائة و خمسة و عشرون درهما أو خمسون و ألف درهم أو خمسون و مائة درهم فالجميع دراهم و لو قال أردت بالألف و ما بعدها غير الدراهم و غيرت بالدرهم العدد الأخير فالوجه قبول قوله مع الاحتمال و لو قال علي درهم و ألف أو ثلاثة دراهم و ألف كانت الألف مجهولة و لو قال درهم و نصف ففي النّصف احتمال ضعيف للإجمال و لو قال له عليّ معظم ألف أو جل ألف أو قريب من ألف و أكثر الألف لزمه أكثر من النصف [- يا -] إذا أقرّ بالدراهم و أطلق ألزم الوافية الجيدة الحالة و لو فسّر بأضداد ذلك متّصلا قبل إلاّ في التأجيل و إن كان نفلا لم يقبل و إن كان وديعة أو غصبا و لو قيل بمساواة التأجيل لغيره كان وجها و إلاّ لزم سدّ باب الإقرار بها على

ص: 116

صفتها لو كانت ثابتة على هذه الصّفة و لو أطلق الإقرار في بلد دراهمه ناقصة أو مغشوشة فالأقرب الحمل على دراهم البلد و لو فسّر بسكة غير البلد و هي أجود قبل و كذا إن كانت مساويه أو أدون و لو قال له عشرة معدودة لزمه و لو كان في بلدها يتعاملون به عددا حمل قوله عليه [- يب -] إذا قال له عليّ كذا درهم بالرّفع لزمه درهم و تقديره شيء هو درهم و بالجر يلزمه جزء درهم يرجع إليه في قدره و قيل يلزمه مائة درهم و في النصب يلزمه درهم و نصبه على التمييز و قيل يلزمه عشرون درهما و لو لم يعربه قبل تفسيره بجزء الدرهم و كذا البحث لو قال كذا كذا كأنّه قال شيء شيء هو درهم و تقديره بالجرّ جزء جزء درهم و قيل لو قال كذا كذا درهما لزمه إحدى عشر و لو قال كذا كذا درهم بالرفع لزمه واحد لأنّه ذكر شيئين و أبدل منهما درهما تقديره هما درهم و كذا لو نصب لأنّ كذا يحتمل أقلّ من درهم فإذا عطف مثله ثمّ فسّرهما بدرهم جاز و قيل يلزمه أحد و عشرون [- يج -] لو قال له هذا الثوب أو هذا العبد ألزم بالبيان و يقبل قوله فإن أنكر المقرّ له كان القول قول المقرّ مع اليمين و للحاكم انتزاع ما أقرّ به و حفظه عنده و له إقراره في يد المقرّ و لا يدفعه إلى المقرّ له فلو عاد المقرّ له إلى تصديق المقرّ ففي القبول نظر و لو امتنع المقرّ من التعيين فعيّنه المقرّ له طولب بالجواب فإن أنكر حلف و إن نكل عن اليمين قضى عليه مع يمين المدّعي

المقصد الرّابع في الصّيغة

و هي اللفظ الدّال على الإخبار عن حقّ ثابت مثل لك عندي أو عليّ أو في ذمّتي أو قبلي أو لك عندي فيما أعلم أو في علمي و ما أشبه ذلك بأيّ لسان كان و لو قال المدّعي لي عليك ألف فقال نعم أو أجل أو بلى أو صدقت أو أنا مقرّ به أو بدعواك أو بما ادّعيت أو لست منكرا فهو إقرار على إشكال في الأخير لاحتمال السّكوت المتوسّط بين الإقرار و الإنكار و لو قال المدّعي لي عليك ألف فقال زنها أو خذها أو زن أو خذ لم يكن إقرارا و كذا لو قال أنا مقرّ و لم يقل به و لو قال أنا لمقرّ فالوجه أنّه وعد و ليس بإقرار و لو قال أ ليس عليك ألف لي فقال بلى لزمه و لو قال نعم قيل لا يلزمه و الوجه اللزوم و لو قال اشتر منّي هذا العبد أو استوهب فقال نعم فهو إقرار و لو قال لي عليك ألف فقال قبضتها أو رددتها أو أبرأتني منها كان إقرارا و لو علّق الإقرار بشرط بطل فلو قال لك كذا إن شئت أو شاء زيد أو شاء اللّٰه إلاّ أن يقصد هنا التبرك لم يكن إقرارا و كذا لو قال إن قدم زيد أو رضي فلان أو شهد أو إذا جاء رأس الشهر فلك عليّ كذا و لو قال لك علي كذا إذا جاءته رأس الشهر لزمه و كذا يلزمه لو قال إن شهد لك فلان فهو صادق في الحال و إن لم يشهد بخلاف ما لو قال إن شهد لك فلان صدّقته لأنّه قد يصدق الكاذب و لو قال ملكت هذه الدار من فلان أو غصبتها منه أو قبضتها منه كان إقرارا له بالدار بخلاف تملّكها على يده لاحتمال المعونة و لو قال كان لفلان عليّ ألف ألزم به و كذا إن قال كان له عليّ ألف و قضيته و له اليمين و كذا لو قال و قضيته منها مائة و لو قال لي عليك مائة فقال قضيتك منها خمسين ألزم بالخمسين بعد اليمين و لا يلزمه الخمسون الأخرى لاحتمال رجوع الضمير إلى المائة التي يدّعيها و لو قال له عليّ ألف و قضيته إيّاها ألزم و الوجه عدم توجّه اليمين في القضاء لاعترافه في الحال و كذا لو قال و قضيته بعضها و الإقرار بالإقرار إقرار

المقصد الخامس في الاستثناء

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] الاستثناء متّصل و منفصل فالأوّل يخرج ما بعد الاستثناء عمّا قبله بشرطين الاتصال لفظا عادة و بقاء شيء بعد الاستثناء و شرط بقاء الأكثر و ليس بجيّد و الثاني يخرج قيمة المستثنى من المستثنى منه بالشرطين و إن كان غير مكيل أو موزون منهما كما لو قال له عندي عشرة أقفزة إلا ثوبا أو عشرون دينارا إلا عبدا فإذا أقرّ بشيء و استثنى منه كان مقرّا بالباقي بعد الاستثناء و إذا قال له علي مائة إلاّ عشرة كان مفسّرا بتسعين و لا فرق بين أدوات الاستثناء مثل له عشرة سوى درهم أو ليس درهما أو خلا أو عدا أو ما خلا أو ما عدا أو لا يكون أو غيره و لو قال له عشرة غير درهم برفع غير لزمه عشرة و لو لم يكن من أهل العربيّة ألزم بتسعة [- ب -] إنّما يصح الاستثناء لو اتّصل فلو سكت للتنفّس كان متّصلا و لو سكت سكوتا يمكنه الكلام فيه أو فصل بأجنبيّ بين المستثنى و المستثنى منه بطل الاستثناء فلو قال له علي كرّ حنطة و كرّ شعير إلاّ كر حنطة و قفيز شعير بطل استثناء الكر لاستيعابه و بطل أيضا استثناء القفيز للفصل بالاستثناء الأول و لو قال له كرّ حنطة و كرّ شعير إلاّ قفيز حنطة قيل إن الفصل هنا ليس بأجنبي على إشكال [- ج -] لا يصحّ الاستثناء المستوعب فلو قال له عشرة إلاّ عشرة بطل الاستثناء و لزمه عشرة و يصحّ استثناء الأكثر فلو قال له عشرة إلاّ تسعة لزمه واحد و كذا لو قال عشرة إلاّ ثوبا و فسر قيمة الثوب بعشرة فإنّه يبطل و لو فسّر بتسعة صحّ و لزمه واحد و لو قال له عشرة إلاّ درهم بالرفع كان صفة فيلزمه العشرة [- د -] الاستثناء من الإثبات نفي و من النفي إثبات فإذا قال له عشرة إلاّ واحد لزمه تسعة و لو قال ما له عندي شيء إلاّ درهم أو ما له عشرة إلاّ درهم و لو نصب هنا فقال إلاّ درهما لزمه الدّرهم لم يلزمه شيء [- ه -] إذا كرّر الاستثناء فإن كان بحرف العطف خرجا معا من المستثنى منه فإذا قال له عشرة إلاّ ثلاثة و إلاّ ثلاثة لزمه أربعة و كذا لو كان الثاني مساويا للأوّل أو أكثر مثل له عشرة إلاّ ثلاثة إلاّ ثلاثة أو إلا ثلاثة إلاّ أربعة فيلزمه في الأوّل أربعة و في الثاني ثلاثة و لو كان الثاني أقلّ من الأوّل خرج منه لا من المستثنى منه أوّلا فإذا قال له عشرة إلاّ اثنين إلاّ واحدا لزمه تسعة [- و -]

ص: 117

يصحّ الاستثناء من العين فلو قال له هذه الدار إلاّ هذا البيت أو الخاتم إلاّ الفصّ و كذا له هذه الدار إلاّ ثلثها أو إلاّ ربعها و كذا لو قال له هذه الدار و هذا البيت لي صحّ لأنّه في معنى الاستثناء إذا اتّصل كلامه و لو قال له هذه العبيد إلاّ واحدا صحّ استثناؤه المجهول كما يصحّ إقراره به و يرجع إليه في تعيين المستثنى فإن أنكر المقرّ له كان القول قول المقرّ مع يمينه و لو عيّن من عد المستثنى صحّ و كان الباقي له و لو هلك العبيد إلاّ واحد فذكر أنّه المستثنى قبل و كذا لو قال غصبتك هؤلاء العبيد إلاّ واحدا فهلكوا إلاّ واحدا قبل تفسيره به و لو قال له عليّ ثلاثة إلاّ ثلاثة إلاّ درهمين احتمل بطلانهما لأنّ الأوّل مستوعب و الثاني فرعه و صحّتهما و يكون مقرّا بدرهمين لأنّه استثنى من ثلاثة الاستثناء درهمين فبقي منها درهم مستثنى من الإقرار و صحّة الاستثناء الثاني من الإقرار لأنّ الأوّل باطل لاستيعابه و الثاني راجع إلى الأوّل لبطلان ما بينهما [- ز -] الظاهر أنّ المتّصل حقيقة دون المنفصل فيحمل المطلق عليه فإذا قال له ألف إلاّ درهما فالجميع دراهم و لو فسّره بالمنفصل قيل إذا بقي شيء بعد وضع الدرهم و لو استوعبت قيمة الدرهم الألف احتمل بطلان الاستثناء و صحته فيكلّف تفسيرا يبقى معه شيء و لو قال له ألف درهم إلاّ خمسين فالاستثناء دراهم و لو قال له ألف درهم إلاّ ثوبا فالاستثناء منقطع يطالب بالبيان لقيمة الثوب فإن بقي بعد القيمة شيء صحّ الاستثناء و إلاّ احتمل الوجهان و لو قال له إلاّ شيء كلّف بيان المستثنى و المستثنى منه و يصحّ التفسيران بقي بعد الاستثناء شيء و إلاّ فلا [- ح -] الحقّ أنّ الاستثناء يرجع إلى الجملة الأخيرة إلاّ أن يكون هناك قرينة تصرفه إليهما فإذا قال له عشرة دنانير و عشرة دراهم إلاّ واحدا رجع الواحد إلى الدراهم و لو قال أردت الاستثناء من الدنانير لم يقبل للفصل و لو قال إلاّ اثنين فكذلك و لو قال أردت الاستثناء منهما فالوجه القبول و لو قال له درهم و درهم إلاّ درهما قبل فإن جعلنا الاستثناء راجعا إلى الجملتين لزمه درهم و إن قلنا إنّه راجع إلى الأخيرة لزمه الدرهمان و الحق عندي بطلان الاستثناء على التقديرين

المقصد السّادس في اللواحق

و فيه [- كا -] بحثا [- أ -] إذا أقر لميت دفع إلى ورثته فإن قال لا وارث له سوى هذا و لم يعرف له غيره أمر بالتسليم إليه و لو أقرّ لغائب و قال هذا وكيله لم يؤمر بالتسليم إليه [- ب -] إذا ادّعى مالك العبد بيعه على من ينعتق عليه فأنكر فالقول قول المنكر مع يمينه فإذا حلف سقط اليمين عنه و عتق العبد [- ج -] لو أقرّ بما في يده مجهول صحّ فإذا قال هذه الدار غصبتها من أحد هذين أو قال هي لأحدهما قبل ثمّ يطالب بالبيان فإن عيّن أحدهما دفعت إليه و لو ادّعاها الآخر كانا خصمين فإن ادّعى علم المقرّ فاعترف له غرم له و إن أنكر فله اليمين عليه و لا غرم و لو قال لا أعرفه عينا فصدّقاه نزعت من يده و كانا خصمين و إن كذّباه حلف على عدم العلم و نزعت من يده و كانا خصمين و لو تبيّن بعد ذلك مالكها قبل منه كما لو بيّنه ابتداء و يحتمل أنه إذا ادعى كل منهما أنّه المغصوب منه توجّهت عليه اليمين لكلّ واحد منهما فإن حلف لأحدهما لزمه دفعها إلى الآخر لأنّه يجري مجرى تعيينه و إن نكل عن اليمين لهما معا فسلّمت إلى أحدهما بقرعة أو غيرها غرمها للآخر لأنّه نكل عن يمين توجّهت عليه فقضى عليه و لو أقرّ للمجهول مطلقا مثل أن يقول هذا العبد لرجل أو لامرأة حكم عليه بانتفاء ملكه فإن حضر المدّعي و أنكر المقرّ إرادته فالقول قوله مع اليمين فإن نكل و حلف المدّعي ثمّ حضر آخر و ادّعاه و صدّقه ففي التغريم نظر [- د -] إذا قال له عندي دراهم ثمّ فسّر إقراره بأنّها وديعة قبل تفسيره سواء فسّر بمتّصل أو منفصل فيثبت فيها أحكام الوديعة من قبول ادعاء التلف و الردّ و كذا لو فسّره بدين و لو قال له عندي وديعة رددتها إليه أو تلفت لزمه الضمان لمناقضة الإقرار فإن المردود و التالف ليس عنده و لا هو وديعة أمّا لو قال كان له عندي وديعة و تلفت فإنّه يقبل قوله إجماعا و لو قال له عليّ دراهم وديعة لم يقبل قوله فلو ادّعى تلفها لم يقبل و لو قال لك علي مائة درهم ثمّ أحضرها و قال هذه التي أقررت بها و هي وديعة كانت لك عندي فقال المقرّ له هذه وديعة و التي أقررت بها غيرها و هي دين عليك احتمل تقديم قول المقرّ و المقرّ له و الثاني أقوى و لو قال في إقراره لك علي مائة في ذمّتي فإن القول قول المقر له و لو وصل كلامه الأوّل فقال لك عليّ مائة وديعة قبل و لو قال لك في ذمّتي ألف و جاء بها و قال هي وديعة و هذه بدلها قبل قوله و لو قال له علي ألف درهم و دفعها و قال كانت وديعة كنت أظنها باقية فبانت تالفة لم يقبل لتكذيب إقراره أمّا لو ادعى تلفها بعد الإقرار قبل و لو قال له عليّ مائة وديعة دينا أو مائة مضاربة صحّ و لزمه ضمانها لأنّه قد يتعدّى فيهما فيكون دينا و لو قال أردت أنّه شرط عليّ ضمانها لم يقبل لأنها لا يصير بذلك دينا و لو قال له عندي مائة وديعة شرط ضمانها عليّ لم يلزمه الضمان لأنّها لا تصير بالشرط مضمونة و لو قال أودعني مائة فلم أقبضها أو أقرضني مائة فلم آخذها قبل متّصلا لا منفصلا [- ه -] لا يقبل رجوع المقرّ عن إقراره إلاّ في حدّ الرّجم أمّا حقوق الآدميّين و حقوق اللّٰه تعالى كالزكاة و الكفّارة فلا يقبل رجوعه فإذا كان في يده دار و قال هذه الدار لزيد لا بل لعمرو حكم بها لزيد و غرم لعمرو القيمة إلاّ أن يصدّقه زيد و كذا لو ادّعى على ميّت بعين فصدقه الوارث ثمّ ادعاها آخر فصدّقه

ص: 118

أو قال غصبت هذه الدار من زيد لا بل من عمرو أو قال غصبتها من زيد و غصبها زيد من عمرو و لا فرق بين اتصال الكلام و انفصاله أمّا لو قال غصبت هذه الدار من زيد و ملّكها لعمرو فإنّها تدفع إلى زيد و لا يغرم لعمرو لعدم تعارض الإقرارين و لو قال ملّكها لعمرو غصبتها من زيد فالأقرب دفعها إلى عمرو و يغرم لزيد و كذا البحث لو قال هذه الألف دفعها إلي زيد و هي لعمرو أو هي لعمرو دفعها إلي زيد و لو قال هذه لزيد و غصبها زيد من عمرو دفعت إلى زيد و في الغرم لعمرو احتمال و لو قال دفع إليّ درهم و لم أقبض أو أنقدني [لي] و لم أقبض فالوجه القبول [- و -] لو أقرّ يد لعبد في يده فأنكر المقرّ له قال الشيخ يعتق و ليس بمعتمد بل يبقى على الرقيّة المجهولة المالك و لو أقر أنّ المولى أعتق عبده فالقول قول المولى و لا يمين إلاّ أن يدّعي العبد فلو اشتراه المقرّ صحّ في طرف البائع و عتق على المشتري فإن مات هذا العبد فللمشتري قدر الثمن من تركته لأنّه مع صدقه يكون الولاء للمولى إذا لم يكن وارث سواه و مع كذبه يكون المال للمشتري [- ز -] لو عقّب إقراره بما يقتضي السقوط لم يؤثر في الإقرار فإذا قال له عليّ عشرة من ثمن خمر أو خنزير أو ثمن مبيع فاسد لم أقبضه وجب العشرة و كذا له عليّ ألف من ثمن عبد إن سلّم سلّمت أو له عليّ ألف لا يلزمني و لو قال له عليّ ألف و قطع ثمّ قال من ثمن مبيع لم أقبضه لزمه الألف و كذا لو وصل على الأقوى سواء كان المبيع معيّنا أو مطلقا و لو قال له عليّ ألف قضيتها ألزم و لو قال ألف مؤجل من جهة العقل قبل و لو قال من جهة القرض لم يقبل و لو أطلق فالوجه قبول التأجيل و لو قال ابتعت بخيار أو ضمنت بخيار أو كفلت بخيار قبل إقراره بالعقد و لم يثبت الخيار و لو قدّم الشرط بطل الإقرار و في تأخيره إشكال و لو قال له عشرة لا بل تسعة ألزم بعشرة بخلاف عشرة إلاّ واحدا و لو أقرّ ثمّ ادعى أنّه أشهد مواطاة للمقرّ له تبعا للعادة توجّهت اليمين على المقرّ له و كذا لو أقرّ بالبيع و قبض الثمن ثمّ ادعى أنّ الإشهاد بقبض الثمن مواطاة و ليس هذا تكذيب لإقراره على ما توهّمه بعض الناس أمّا لو شهد الشاهدان بالإقباض مشاهدة لم يقبل إنكاره و لا يثبت له اليمين و كذا لو أقيمت البيّنة عليه بالإقرار فأنكر الإقرار لم يلتفت إليه و لا يمين له و لو أقرّ الأعجمي غير الفاهم و قال لقنت بالعربيّة قبلت دعواه بلا خلاف [- ح -] إنّما يبطل إقرار المكره إذا كان الإكراه على الإقرار لا على غيره فإذا أكره على الإقرار لزيد بشيء فأقرّ به لعمرو صحّ إقراره أو أقر لزيد بغيره و لو أكره على أداء مال فباع متاعه ليؤدي ذلك صحّ البيع لأنّه لم يكره على البيع [- ط -] يصحّ الإقرار لكلّ من يثبت له الحقّ فلو أقرّ للعبد بتعزير القذف قبل سواء صدّقه المولى أو كذبه و للعبد المطالبة بذلك و العفو دون السيّد و لو كذّبه العبد لم يقبل [- ى -] لو قال له هذه الدار سكنى أو هبة أو عارية احتمل الحكم بالإقرار بالدار و الضمائم لأنّها دافعة ما أثبته و الأقرب الحكم بالإقرار بالبدل و لا يكون إقرارا بالدار لأنّ البدل سائغ في كلام العرب فيثبت فيها حكم ذلك و له أن لا يسكنه إيّاها و أن يعود في العارية و الهبة غير المعوّض عنها [- يا -] لو أقر بدرهم ثمّ أقرّ به في مجلس آخر فإن أطلق فيهما أو وصفهما بصفة واحدة أو بصفتين مختلفتين يمكن اجتماعهما أو أطلق أحدهما و وصف الآخر أو أسندهما إلى سبب واحد فهما واحد و لو ادّعى المقرّ له التغاير فله اليمين و لو كان أحدهما أكثر دخل الأقلّ في الأكثر و لو وصفهما بصفتين متضادّتين أو أسندهما إلى سببين مختلفين تغايرا مثل أن يقول له درهم أبيض ثمّ يقول في وقت آخر له درهم أسود أو له عليّ درهم من ثمن مبيع ثمّ يقول له عليّ درهم من قرض و لا يدخل الأقلّ هنا في الأكثر [- يب -] إذا قال له عليّ درهمان في عشرة و قال أردت الحساب لزمه عشرون و إن قال أردت درهمين مع عشرة على ما يستعمله العامّة لزمه اثنا عشر و إن كان من أهل الحساب و لو قال أردت درهمين في عشرة لي قبل و لو قال درهمان في دينار لم يحتمل الحساب و سئل عن مراده فإن عنى العطف لزمه الدّرهمان و الدينار و إن قال أسلمتهما في دينار فصدّقه المقر له بطل إقراره لبطلان السلم في الصرف و إن كذّبه فالقول قول المقرّ له مع اليمين و لو قال له عليّ إما درهم أو دينار أو له عليّ درهم أو دينار كان مقرا بأحدهما و يرجع بالتفسير إليه و لو قال له إمّا درهم و إما درهمان كان مقرا بدرهم و الثاني مشكوك فيه لا يلزم به [- يج -] لو قال داري هذا لفلان كان متناقضا و يحتمل الصحّة لأنّ الإضافة قد يكون مع الاختصاص من دون التمليك كقوله تعالى وَ لاٰ تُؤْتُوا اَلسُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ و لاٰ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ و كذا لو قال له في داري نصفها أو من داري بعضها و لو قال له في هذا العبد شركة صحّ و قيل تفسيره بأقلّ من النّصف [- يد -] إذا أقرّ الوارث بدين على الميّت قبل إقراره إجماعا و تعلّق الدّين بالتركة فإن لم يخلّف تركته لم يلزم الوارث شيء و إن خلف تخيّر الوارث بين القضاء من عين التركة أو من ماله و يلزمه أقلّ الأمرين من القيمة أو قدر الدين و كذا البحث لو تعدد الوارث و يثبت الدّين بإقرار الميّت أو بالبيّنة أو بإقرار جميع الورثة فإن اختار الورثة قضاء الدين من مالهم ألزم كلّ واحد

ص: 119

من الدّين بقدر نصيبه من التركة و لو أقرّ أحدهم و أنكر الباقون ألزم من الدين بقدر ميراثه و تخيّر في القضاء فلو كانا اثنين لزمه نصف الدين أو يؤدّي نصف ما في يده و لا يلزمه أداء الدين أجمع أو جميع ميراثه [- يه -] لو ادّعى اثنان عينا بسبب يوجب الشركة كالميراث أو الابتياع معا فأقرّ بنصفها لأحدهما فذلك لهما جميعا و إن لم يقتض السّبب الاشتراك لم يشاركه الآخر و كان على خصومة و لو أقرّ لأحدهما بالجميع و كان المقرّ له يعترف للآخر بالنّصف سلّمه إليه و كذا إن كان قد تقدّم إقراره بذلك و إن لم يكن اعترف للآخر و ادّعى الجميع أو أكثر من النصف فله ما ادعاه و لو لم يدّعه و لم يعترف به للآخر احتمل دفعه إلى مدّعيه أو إلى الحاكم حتّى يثبت مدّعيه [- يو -] قد بيّنا أن إقرار المريض من الأصل مع انتفاء التهمة و من الثلث معها و لا يبطل بالكليّة فلو أقرّ لزوجته بمهر مثلها أو دونه لزمه لانتفاء التهمة من حيث إنّه أقر لحقّ وجد سببه و لم يعلم البراءة منه و كذا لو اشترى من وارث شيئا و أقرّ له من الثمن المثلي و لو أقرّ بإقرار واحد لمن يتّهم في طرفه و لمن لا يتّهم مضى في حقّ غير المتّهم من الأصل و في حقّ المتّهم من الثلث و لو أقرّ الوارث فالأقرب القبول و يرث من الأصل و لو أقرّ بعتق أخيه المملوك له و هو أقرب الوراث إليه فالوجه اعتبار التهمة فإن انتفت صحّ العتق و ورث المال و إن وجدت عتق من الثلث فإن قصر الثلث عتق ما يحتمله الثلث و ورث من الباقي منه و من التركة بقدر ما فيه من الحرّية و كان الباقي للأبعد منه [- ين -] لو خلف ألفا فادّعى شخص إيداعها و ادّعى الآخر ألف دينار فقال الوارث صدقتها فالأقرب أنّ صاحب الوديعة أحقّ و لو ادّعى العبد العتق و آخر دينا و لا تركة سواء فقال الوارث صدّقتها فالأقرب عتق العبد [- يح -] لو قال عليّ و على زيد كذا قبل قوله في نصيبه سواء فسّره بالنّصف أو أقلّ أو أكثر و لو قال له عليّ أو على زيد كذا لم يكن إقرارا و لو قال له عليّ و على الحائط كذا فالوجه وجوب الجميع عليه و كذا لو قال أو على الحائط [- يط -] لو أقرّ بسبق يدي الغير على ما يملكه لم يخرج عن ملكه مثل أن يقول فلان خاط ثوبي هذا بدرهم ثمّ قبضته منه أو أعرت فلانا ثوبي هذا ثمّ استعدته أو أسكنته داري هذه ثمّ استرجعتها و ادعى الآخر الثوب و الدار و كذا لو قال غصبني هذا العبد ثمّ استخلصته و ادّعى الآخر ملكيّته أمّا لو قال أخذت منك ألف درهم و كانت وديعة لي عندك فأنكر الإيداع و ادعى الملكيّة فالقول قول المقرّ له [- ك -] لو أقرّت بنكاح رجل و ماتت ثمّ صدقها الزوج بعد الموت جاز تصديقه و عليه المهر و له الميراث و لو ادّعى غلام في يد رجل أنّه ابن فلان و أمّه أمّ ولد له فصدّقه المقرّ له و كذبه ذوي اليد فالقول قول الغلام إذا جهلت رقّية و لو قال ماتت أختك أو بنتك و تركت هذا المال الّذي في يدي بيننا نصفين لو أرباعا فأنكر الأخ الزوجيّة افتقر الزوجية إلى البيّنة [- كا -] لو أقرّ الحربي بعد إسلامه فقال أخذت من مالك ألفا حالة الحرب فقال الحربيّ بل بعد الإسلام فالوجه سقوط الضمان و كذا لو أعتق عبده ثمّ قال قطعت يدك أو استهلكت مالك قبل العتق فقال بل بعده أو قال للّذي بعد إسلامه أتلفت عليك خمرا أو خنزيرا حالة الكفر فقال بل بعد الإسلام و لو تزوّج مجهولة النسب فأقرت أنّها أمة فلان جاز إقرارها على نفسها لا في إبطال حقّ الزّوج في النكاح فإن ولدت بعد ذلك لأكثر من ستة أشهر فالأقرب أنّ الولد حرّ

المطلب الثاني في الإقرار بالنسب

و فيه [- يا -] بحثا [- أ -] إذا أقرّ بابن له ثبت نسبه بشروط أربعة أن يكون المقرّ به مجهول النسب فلو عرف نسبه لم يصحّ الإقرار و أن لا يتنازعه غيره فلو نازعه منازع لم يثبت النسب إلاّ بالبيّنة أو القرعة و أن يكون البنوّة ممكنة فلو أقرّ ببنوة من هو مثله في السنّ أو أكبر منه أو أصغر بما لم يجر العادة بمثله لم يلتفت إليه و لو كان مملوكا لم يعتق عليه و أن يكون الولد ممن لا قول له كالصغير و المجنون أو يصدّق المقرّ إن كان ذا قول أمّا غير الولد من الأنساب فلا يثبت نسبه إلاّ بتصديق المقرّ به فإذا أقرّ بنسب غير الولد للصّلب و لا وارث له و صدّقه المقرّ به توارثا بينهما و لا يتعدى التوارث إلى غيرهما إلاّ إلى أولادهما و لو كان له ورثة مشهورون لم يقبل إقراره في النسب [- ب -] إذا أقرّ بولد الصّغير فكبر و أنكر لم يلتفت إلى إنكاره لثبوت نسبه أولا و لو طلب إحلافه لم يستحلف لأنّ الأب لو جحد بعد إقراره لم يقبل منه و كذا لو أقرّ بالمجنون ثمّ زال جنونه و أنكر و لو مات مجهول النسب فأقرّ إنسان ببنوّته ثبت نسبه صغيرا كان أم كبيرا و يسقط هنا اعتبار التصديق سواء كان له مال أو لم يكن و يكون ميراثه للمقرّ و لو أقرّ بابن ابنه و ابنه ميّت اعتبر فيه الشروط الأربعة مع التصديق [- ج -] إذا خلّف ابنا فأقرّ بآخر ثمّ أقرا بثالث فإن كانا عدلين ثبت نسب الثالث و إلاّ شاركهما من غير ثبوت النسب فلو أنكر الثالث الثاني لم يثبت نسب الثاني و يأخذ الثالث نصف التركة و الأوّل الثلث و الثاني السّدس و هو تتمة نصيب الأوّل و لو خلّف اثنين معلومي النّسب فأقرّ بثالث ثبت نسبه مع العدالة و لو أنكر الثالث أحدهما لم يلتفت إليه و تساووا في التركة و لو كان المقرّ أحدهما و أنكر الآخر لم يثبت نسبه لكن يشارك في الميراث فيأخذ فضل ما في يد المقرّ عن ميراثه للمنكر النصف و للمقرّ الثلث و له السدس و ليس له نصف ما في يد المقرّ و أصل ذلك أنّ الوارث إذا أقرّ بدين لم يجب دفع جميعه بل قدر حصّته فلو مات المنكر و ورثه المقرّ خاصّة شارك الآخر

ص: 120

[- د -] لا يثبت النسب إلاّ بشاهدين ذكرين عدلين و لا يثبت بشهادة رجل و امرأتين و لا بشهادة النساء و إن كثرن و لا بشهادة رجل و يمين و لا بشهادة فاسقين و إن كانا وارثين و لا بإقرار جميع الورثة إذا لم يكن فيهم عدلان و لو شهد اثنان من الورثة و كانا عدلين يثبت النسب في حقّ باقي الورثة و لا يشترط تصديق باقيهم [- ه -] إذا أقرّ الوارث في الظّاهر بمن يحجبه دفع إليه ما في يده فلو خلف الميّت أخا فأقرّ بابن دفع إليه التركة و كذا الأخ إذا أقر بأخ من الأبوين أو ابن الابن إذا أقرّ بابن الصّلب و لو شهد الإخوان و كانا عدلين بابن للميّت ثبت نسبه و أخذ الميراث و لا يكون ذلك دورا و لو كانا فاسقين أخذ الميراث و لم يثبت النسب و لو أقرّ أحد الأبوين و أنكر الآخر دفع المقرّ جميع ما في يده و كان النصف للآخر و لو كان معهما زوجة فأقرّت بالابن فإن صدّقاها أخذت الثمن و دفع الباقي إلى الولد و إن كذّباها دفع إليها ثمن و إلى الولد باقي نصيبها و هو ثمن آخر و إلى الأخوين الباقي فكلّ وارث في الظاهر أقرّ بمن هو أولى منه دفع إليه جميع ما في يده و لو أقرّ بمساو له دفع إليه من نصيبه بنسبة نصيبه و لو أقرّ الأخ بولدين دفعة فصدّقاه تقاسما التركة و منع الأخ و يثبت النسب و لو صدّقه كلّ واحد عن نفسه لم يثبت النسب و ثبت الميراث و دفع إليهما ما في يده و لو تناكرا بينهما لم يلتفت إلى إنكارهما و لو صدّق أحدهما صاحبه دون الآخر فالتركة بينهما نصفين و لو كانا توأمين لم يلتفت إلى إنكار المنكر منهما سواء تجاحدا معا أو جحد أحدهما صاحبه و لو أقرّ الأخ بنسب واحد منهما ثبت نسب الآخر إن صدّقه و إلاّ شارك في الميراث [- و -] لو أقرّ العم بأخ للميّت ثمّ أقر بابن فإن صدّقه الآخر دفع المال إلى الولد و إن كذّبه أخذ الأخ المال و عزم العمّ للابن مثله و لو كان الثاني مساويا للثالث بأن أقرّ العمّ بأخ آخر فإن صدّقه الأخ الأوّل دفعت التركة إليهما بالسويّة و إن كذّبه دفعت التركة إلى الأوّل و غرم العمّ للأخ الثاني نصف التركة و لو أقرّ الوارث بزوج للميتة و لم يكن لها ولد أعطاه نصف ما في يده و إن كان لها ولد أعطاه ربع ما في يده و لو أقر بزوج آخر لم يقبل و لو أكذب إقراره الأوّل لم يقبل في حقّ الأوّل و يغرم للثاني مثل ما حصل للأوّل و لو أقرّ بزوجة للميّت و ليس له ولد أعطاها ربع ما في يده و إن كان لها ولد أعطاها ثمن ما في يده و لو أقرّ بثانية أعطاها نصف الرّبع أو نصف الثمن و لو أقرّ بثالثة أعطاها ثلث أحدهما و لو أقرّ برابعة أعطاها ربع أحدهما هذا مع تكذيبهنّ له فإن صدّقته الأولى في الثانية كان الربع أو الثمن بينهما و لا يغرم شيئا ثمّ إن صدّقتاه على الثالثة دفعتا إليها نصيبها ثمّ إن صدّقته على الرابعة اقتسمن في نصيب الزوجيّة بالسّوية من غير غرم و لو أقر بهن دفعة واحدة ثبت لهن الرّبع أو الثمن بالسويّة من غير غرم و لو أقرّ بخامسة لم يلتفت إليه فإن أنكر إحدى الأوّل لم يلتفت إلى إنكاره و غرم لها ربع إحدى النصيبين و لو كان للميّت زوجة فأقرّ الوارث بأخرى فإن صدّقته الأولى اقتسمتا نصيب الزوجيّة و إن كذّبته لم يكن للثانية شيء لأنّ الفضل الذي يستحقّه في يد غير المقرّ و كذا ما يكون مثل ذلك كان يخلف أخا من أب و أخا من أمّ فيقرّ الأخ من الأمّ بأخ للميّت فإن صدّقه الآخر شاركه و إلاّ فلا شيء له سواء أقر بأنّه أخاه من أبوين أو من أب أو من أمّ لأنّ ميراثه في يد غير المقرّ و لو أقرّ بأخوين من أمّ دفع إليهما ثلث ما في يده لاعترافه باشتراكهم في الثلث فلكلّ واحد تسع و في يده سدس و هو تسع و نصف تسع فيفضل في يده نصف تسع و هو ثلث ما في يده [- ز -] لو ادعى نسب المكلّف فأنكر لم يثبت النسب فإن مات المقرّ ثمّ صدقه المنكر ثبت نسبه و ورث و لو أقرّ رجل بزوجيّة امرأة أو أقرّت امرأة بزوجيّة رجل فلم يصدقه المقرّ به إلاّ بعد موته ورثه على إشكال و إذا ثبت النسب بالإقرار و التصديق في حقّ البالغ أو بالإقرار في حقّ الطفل ثمّ أنكر المقرّ له لم يقبل إنكاره و لو اتّفقا على الرّجوع عنه لم يسقط النسب و لو أقرت المرأة بولد قبل إقرارها سواء كانت ذات زوج أو لا فإذا أقرّ ببنوة صغير لم يكن إقرارا بزوجيّة أمّه و إن كانت مشهورة بالحرية و لو أقرّ ببنوة ولد أمته و ليس لها زوج لحق به و حكم بحرّيته [- ح -] لو كان له أمتان لكلّ منهما ولد فقال أحد هذين ولدي من أمتي فإن كان لكلّ منهما زوج يمكن إلحاق الولد به لم يصح إقراره و لحق الولدان بالزوجين و لو كان لإحداهما زوج دون الأخرى انصرف إلى الولد الأخرى لأنّه الذي يمكن إلحاقه به و إن لم يكن لواحدة منهما زوج و أقرّ السيد بوطيهما معا لحق الولدان به إذا أمكن أن يولدا بعد وطيه و لو أمكن في إحداهما دون الأخرى انصرف الإقرار إلى من أمكن و إن لم يكن أقرّ بوطئها صحّ إقراره و يثبت حرّية المقرّ به فيكلّف البيان و يقبل بيانه و لو ادّعت الأخرى أن ولدها هو الّذي أقرّ به فالقول قوله مع اليمين و لو مات قبل التعيين قال الشيخ يعيّن الوارث فإن امتنع أقرع بينهما و لو كان له أمة لها ثلاثة أولاد و لا زوج لها و لا أقرّ بوطئها فقال أحد هؤلاء ولدي صحّ و طولب بالبيان فإن عيّن أحدهم ثبت نسبه و حرّيته و الآخران رقّ و لو اشتبه المعيّن و مات استخرج بالقرعة و كذا لو لم يعيّن هؤلاء الوارث [- ط -] إذا خلّف ابنين فأقرّ أحدهما بثالث و أنكر الآخر لم يثبت النسب و أخذ المقرّ به ثلث ما في يد المقرّ فلو مات المنكر و خلف ابنا و صدق عمّه على إقراره ثبت النسب إذا كانا عدلين و دفع ثلث ما أخذه

ص: 121

أبوه و لو أقرّ لشخص فأنكر المقرّ له نسب المقرّ من الميّت استحقّ المقرّ له الكل إلاّ أن يقيم المقرّ البيّنة بالنسب [- ى -] إذا أقرّ بنسب البالغ شاركه في الميراث و لم يثبت النسب و لو مات المقرّ ورثه المقرّ له و لو مات المقرّ له لم يرثه المقرّ إلاّ أن يكون قد صدّقه فيثبت نسبه و يرثه و لا يتعدّى إلى غيرهما إلاّ إلى أولادهما دون غيرهم من ذوي النسب إلاّ مع التصديق لهما [- يا -] لو أقرّ بعتق عبديه يثبت حرّيتهما فلو ادّعى آخر غصبهما و أنّهما عبداه فشهدا له لم يقبل شهادتهما و إلاّ لبطل العتق فيبقى الشهادة على المولى فتبطل و ذلك دور

كتاب الجعالة

و صورتها أن يقول من ردّ عبدي مثلا فلانا فله درهم و صيغتها اللفظ الدالّ على الإذن في الفعل بشرط عوض فلو ردّه إنسان ابتداء من غير جعل فهو متبرّع لا شيء له و كذا إذا ردّ من لم يسمع نداه فإنّه قصد التبرّع و لو كذب الفضولي فقال قال فلان من ردّ فله درهم لم يستحقّ الراد على المالك و لا على الفضولي شيئا لأنّه لم يضمن أمّا لو قال الفضولي من ردّ عبد فلان فله درهم لزمه لأنّه الجاعل و لا يفتقر إلى القبول و يصحّ على كلّ عمل مقصود محلّل سواء كان معلوما مثل من خاط ثوبي أو حجّ عنّي فله دينار أو مجهولا مثل من ردّ عبدي فإن مسافة الردّ مجهولة و يشترط في الجاعل أهليّة الاستيجار و لا يشترط تعيين العامل أمّا العوض فلا بدّ و أن يكون معلوما بالكيل أو الوزن أو العدد إن كان من أحدهما و لو كان مجهولا مثل من ردّ عبدي فله شيء أو ثوب أو عبد ثبت بالردّ أجرة المثل و لو قيل بجواز الجعل المجهول إذا لم يمنع الجهالة التّسليم مثل من ردّ عبدي فله نصفه و من ردّ ضالّتي فله ثلثها كان حسنا و لو قال من ردّ من بلد كذا فله دينار فردّ من نصف الطريق استحقّ النصف و لو ردّ من أبعد من البلد لم يستحقّ عن الزيادة شيئا و لو عيّن الجعالة لواحد فردّه غيره لم يستحق جعلا و لو قال من ردّ فله دينار فردّه اثنان تشاركا في الجعل و لو عيّن واحدا فعاونه غيره لقصد معاونة العامل احتمل أن يكون الكلّ للعامل و أن يكون النصف و لا شيء للمعاون و إن قصد طلب أجرة فلا شيء له و للعامل النصف و لو جعل الكلّ من الثلاثة جعل أزيد من الآخر فجاءوا به جميعا فلكلّ واحد ثلث ما جعل له و لو كانوا أربعة فلكلّ واحد الرّبع و على هذا و كذا لو ساوى بينهم في الجعل و لو جعل لبعضهم معيّنا و لبعضهم مجهولا فجاءوا به أجمع فلصاحب المعلوم ثلث جعله و للمجهول ثلث أجرة المثل و لو جعل على فعل يصدر عن كلّ واحد منهم استحقّ كلّ منهم جعلا كاملا مثل أن يقول من دخل داري فله درهم فدخلها جماعة استحقّ كلّ واحد درهما بخلاف من ردّ عبدي و يستحقّ العامل الجعل بالتسليم فلو جاء به إلى البلد فهرب لم يستحقّ الجعل و إنّما يستحقّ الجعل إذا بذله الجاعل أوّلا فلو حصلت الضالّة في يد إنسان قبل الجعل لزمه التسليم و لا أجرة له و كذا لو تبرّع و الجعالة جائزة قبل التلبّس و بعده فإن تلبّس العامل وجب على الجاعل دفع أجرة ما عمل فلو أتمّ العامل العمل بعد رجوع الجاعل و علمه به لم يستحق أجرة على التمام سواء دفع الجاعل إليه أجرة ما عمل أو لا و لو لم يعلم بالرّجوع استحق الجعل كملا مع الفعل و لو رجع العامل عن العمل قبل إتمامه لم يستحقّ أجرة على ما عمل و لو رجع الجاعل عن الجعالة الأولى إلى جعالة أزيد أو أنقص عمل بالأخيرة و إذا بذل جعلا فإن عيّنه لزمه دفعه مع العمل و إن لم يعيّنه لزمه مع الردّ أجرة المثل و قد روي في ردّ الآبق إذا لم يعيّن المالك أربعة دنانير إن ردّ من غير المصر و ديناران ردّ من المصر و كذا قيل في البعير و لو نقصت قيمة العبد عن المقدر الشّرعي وجب من غير نقصان درهم عن القيمة سواء كان الرادّ معروفا بردّ الإباق أو لم يكن و قال الشيخ رحمه اللّٰه إنّه على الأفضل و هو حسن و لو استدعى المالك الردّ و لم يبذل أجرة لم يكن للراد شيء لتبرّعه و كذا لو ردّ العامل من غير جعل مطلق أو مقيد من المالك سواء في ذلك العبد و غيره و الأمة ليست كالعبد فلو أطلق المالك الجعل منها ثبت أجرة المثل لا المقدر الشرعي أمّا البعير فشامل للذكر و الأنثى و يقف استحقاق الأجرة على تمام العمل فلا يستحقّ بالبعض البعض حتى لو مات العبد على باب الدار أو هرب قبل التسليم فلا أجرة و لو أنكر المالك شرط الأجرة أو شرطه في عبد معيّن أو سعى العامل في الردّ بأن يقول العامل حصل في يدي بعد الجعل و قال المالك بل قبله فالقول قوله و لو اختلفا في قدر الجعل أو جنسه فالقول قول الجاعل أيضا مع يمينه و يثبت للعامل أقلّ الأمرين من أجرة المثل و مدّعاه و قال الشيخ يثبت له أجرة المثل و يحلف الجاعل على نفي ما ادعاه العامل لا على ثبوت ما ادعاه و لو قرن الجعالة بمدّة صحّ مثل من ردّ عبدي اليوم فله كذا أو من بنى هذا الحائط في شهر فله كذا بخلاف الإجارة و لو قال من ردّ عبدي فله دينار فردّ أحدهما استحقّ نصف الدّينار و لو قال من ردّ عبدي من بلد كذا فله دينار فردّه من غير ذلك البلد لم يستحقّ شيئا و لو ردّه من بلد الشرط إلى نصف الطريق و مات العبد لم يستحقّ عوضا و لو قال من وجد لقطتي فله كذا استحقّ العامل العوض بالردّ لا بمجرد الوجدان عملا بقرينة الحال تم الجزء الثالث من كتاب تحرير الأحكام على يد أقل الأنام محمد حسن الجرفارقاني 1315

ص: 122

بسم اللّٰه الرّحمن الرّحيم

القاعدة الرّابعة في الأحكام

اشارة

و فيها كتب

كتاب اللّقطة

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في اللقيط

و فيه [- يد -] بحثا [- أ -] اللّقيط و الملقوط و المنبوذ و المفقود واحد و هو كلّ صبيّ ضائع لا كافل له فلا يتعلّق الحكم بالتقاط البالغ العاقل و لا بمن له كافل كالأب أو الجدّ أو الأمّ فلو كان أحد هؤلاء موجودا أجبر على أخذه و إنّما يتعلّق الحكم بالصّبي غير المميّز و المميّز على إشكال أقربه جواز التقاطه لعجزه عن القيام بدفع ضرورته [- ب -] لو التقط الصبيّ اثنان على التعاقب ألزم الأوّل بأخذه و لو التقطاه دفعة ألزما معا بأخذه إن تساويا و يحتمل القرعة و لو ترك أحدهما لصاحبه جاز و إن لم يأذن الحاكم لاختصاص ملك الحضانة بهما [- ج -] لو كان اللقيط مملوكا وجب حفظه و إيصاله إلى المالك صغيرا كان أو كبيرا ذكرا كان أو أنثى فإن أبق أو ضاع أو هلك من غير تفريط فلا ضمان على الملتقط و إن كان بتفريط يضمن و القول قول الملتقط مع اليمين في عدم التفريط و في القيمة معه و له الرّجوع بما أنفق عليه و لو تعذّر استيفاء النفقة بيع فيها و يجوز أخذ الآبق لمن وجده فإن وجد صاحبه دفعه إليه مع البيّنة أو اعتراف العبد بأنّه سيّده و لو لم يجد سيّده دفعه إلى الإمام أو نائبه فيحفظ لسيّده أو يبيعه مع المصلحة و ليس للملتقط بيعه و لا تملكه بعد تعريفه لأنّ العبد يتحفّظ بنفسه فهو كضوال الإبل فإن باعه فالبيع فاسد و لو باعه الإمام للمصلحة صحّ و لو جاء صاحبه و اعترف أنّه كان قد أعتقه فالوجه عدم القبول و ليس للسيّد أخذ الثمن و يصرف إلى بيت المال و لو عاد السيّد و أنكر العتق و طلب دفع إليه إذ لا منازع له قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يجوز أخذ البالغ و المراهق لأنّهما كالضالّة الممتنعة و يجوز أخذ الصغير لأنّه معرض للتلف [- د -] يشترط في ملتقط اللقيط البلوغ و العقل و الحرّية و الإسلام فلا اعتبار بالتقاط الصبي و لا المجنون و لا العبد فلو التقطه انتزع منه إلاّ أن يأذن له المولى و لو أذن له في التقاطه جاز فإن رجع في الإذن بعد الالتقاط لم يجز و إن كان قبله لم يلتقط و حكم المدبّر و المكاتب و أمّ الولد و المعتق بعضه كذلك و لو لم يجد العبد أحدا يلتقطه سواه فالوجه وجوب التقاطه و ليس للكافر التقاط للمحكوم بإسلامه ظاهرا فلو التقطه انتزع من يده و لو كان الطفل محكوما بكفره كان له التقاطه و هل يعتبر عدالة الملتقط قيل نعم لأنّ الحضانة استيمان و لا يؤمن من ادّعاء رقّه فينتزعه الحاكم و يدفعه إلى ثقة [- ه -] أخذ اللقيط واجب على الكفاية و لا يجب الإشهاد عند أخذه و لا نفقته على الملتقط نعم يجب عليه الحضانة و ينفق الملتقط عليه من ماله إذا كان ذا مال مع إذن الحاكم فإن بادر و أنفق من مال اللقيط من دون إذن الحاكم ضمن إلاّ عند الضّرورة و كان يتعذّر الوصول إلى الحاكم مثلا فينفق و لا ضمان و لو لم يكن ذا مال أنفق عليه السلطان من بيت المال فإن تعذّر استعان الملتقط بالمسلمين و يجب عليهم دفع النفقة على الكفاية فإن تعذّر ذلك أيضا أنفق الملتقط عليه و رجع عليه إذا أيسر إن نوى الرجوع و لو لم ينو كان متبرعا لا رجوع له و كذا لو نوى الرجوع و وجد المعين و لم يستعن به و كذا لو اتفق غير الملتقط مع نيّة الرجوع فله ذلك و هل يشترط الإشهاد فيه نظر و منع ابن إدريس من الرجوع و إن أشهد و نواه [- و -] لو التقط مستور الحال غير معروف بعدالة و لا ضدّها فالأولى إقراره في يده بناء على الظاهر من حال المسلم و لو أراد السّفر به احتمل منعه لمال لا يؤمن من ضياع نسبه فإنّه إنّما يطلب موضع التقاطه فينتزعه الحاكم و الجواز لأنّه أمين و كذا لو التقطه بدويّ لا استقرار له احتمل الوجهان و لو التقطه في البادية جاز النقل إلى الحضر لما فيه من الرفاهيّة و كلّ موضع قلنا بانتزاعه فإنما ينتزع مع وجود من هو أولى من الملتقط [- ز -] لو التقطه مسلم و كافر دفعة فإن كان محكوما بإسلامه فالمسلم أولى و كذا البحث في العدل و الفاسق و لو كان محكوما بكفره احتمل تساويهما فالقرعة و أولويّة المسلم و كذا الاحتمال لو كان كلّ منهما يقرّ في يده لو انفرد إلاّ أن أحدهما أنفع للّقيط من الآخر كالموسر و المعسر و الرّجل و المرأة سواء و لا يترجّح المرأة كما رجحت في ولدها و لو رأياه معا فيسبق أحدهما إلى أخذه فهو أولى و كذا لو رآه أحدهما قبل صاحبه فسبق الآخر إلى أخذه فهو أولى من السابق في الرؤية و لو قال أحدهما للآخر ناولنيه فناوله إياه فإن نوى أخذه لنفسه فهو أولى و إن نوى النيابة احتمل الوجهان في نيابة تملك المباح و لو اختلف في سبق التقاطه حكم لمن هو في يده مع اليمين و لو كان في يدهما أقرع بينهما فيحلف من خرجت له و يحتمل عدم اليمين و كذا لو لم يكن في يدهما مع احتمال أن يسلم الحاكم هنا إلى من شاء من الأمناء و لو وصف أحدهما شيئا مستورا فيه كشامة في جسده لم يكن أولى كما لو وصف مدّعي المتاع و يحتمل تقديمه كما لو وصف اللقطة و لو اختص أحدهما بالبيّنة حكم له و لو أقاما بيّنة قدّم سابق التاريخ و لو تعارضتا أقرع و لو كانت يد أحدهما عليه و أقاما بيّنة حكم للخارج [- ح -] اللقيط حرّ و يحكم بإسلامه إن التقط في دار الإسلام أو في دار الكفر إذا كان فيها مسلم و لو كان واحدا و لو لم يكن في دار الكفر مسلم أصلا حكم بكفره فيسترقّ و كذا لو وجد في دار الإسلام بعد استيلاء

ص: 123

الكفّار عليها و لم يبق فيها مسلم واحد و لو وجد في قرية ليس فيها مسلم احتمل الحكم بكفره و إنّما يحكم بإسلامه ظاهرا في الموضع الذي حكمنا فيه بالإسلام فلو ادّعى كافر بنوته و أقام بيّنة حكم بكفره و إذا بلغ اللقيط و أسلم فهو مسلم سواء كان ممن حكم بإسلامه أو بكفره و إن اعتقد الكفر و هو ممن حكم بإسلامه فهو مرتد يستتاب فإن تاب و إلاّ قتل إلاّ أن يوجد في دار الحرب و فيها مسلم و احتمال إلحاقه بالكافر الأصليّ متجدد و لو كان صبيّا مميّزا و وصف الإسلام حيل بينه و بين الكافر و الصبيّ غير المميّز و المجنون لا يتصوّر إسلامهما إلاّ تبعا و للتبعيّة ثلاث جهات إسلام الأبوين فكلّ من ولد عن مسلم أو مسلمة فهو مسلم و إن طرأ إسلام أحدهما حكم بإسلامه في الحال و كذا لو أسلم أحد الأجداد أو الجدّات إذا لم يكن الأقرب حيّا و لو كان حيّا ففي التبعيّة نظر و إسلام السابي إذا كان منفردا عن الأبوين عند الشيخ و لو استرقه المسلم و معه أبواه لم يحكم بإسلامه و لو باعه الكافر من مسلم لم يحكم بإسلامه لأنّ الأثر إنّما هو في ابتداء الملك و تبعية الدار فمن وجد في دار الإسلام حكم بإسلامه و اللقيط لا ولاء عليه لأحد من المسلمين بل هو سائبة يتولى من شاء فإن مات و لا وارث له فميراثه للإمام [- ط -] اللقيط إن لم يتوال أحدا فعاقلته على الإمام فإذا جنى خطأ فديته على الإمام و كذا لو كانت عمدا و هو صغير و لو كان كبيرا وجب عليه القصاص و لو جنى شبيه العمد فالدّية في ماله و لو قتل خطأ فالدّية للإمام و لو قتل عمدا تخيّر الإمام بين القصاص و أخذ الدّية مع بذل الجاني لها و لو جنى عليه في الطرف عمدا فإن كان بالغا اقتصّ أو عفا على مال أو مطلقا و إن كان صغيرا قال الشيخ لا يقتصّ الإمام و لا يأخذ الدّية لعدم معرفة مراده وقت بلوغه كالطفل و لا يقتص له أبوه و لا الحاكم و الوجه عندي جواز استيفاء الإمام ما هو أصلح له من القصاص أو الدّية مع بذل الجاني و كذا وليّ الطفل و إن كانت الجناية خطأ و هو صغير أخذ الإمام الدية له و يتولّى ذلك الملتقط إذ ولايته مختصّة بالحضانة و على قول الشيخ رحمه اللّٰه ينبغي حبس الجاني إلى وقت بلوغه و لو بلغ فاسد العقل تولّى الإمام استيفاء حقّه إجماعا [- ى -] اللقيط يملك كغيره و يده قاضية بالملك فكلّما أوقف عليه أو أوصى له و قبله الحاكم أو وهب له فهو ملكه و كذا ما كان متّصلا به أو كان متعلقا بمنفعة فيده عليه كثوبه الملبوس و ما هو مشدود فيه أو في بدنه أو مجعول فيه كالسرير و السقط و البسط و ما فيه من فرش أو دراهم و الثياب التي تحته و عليه و الدابة المشدودة في ثيابه أو المشدود عليها أو الخيمة أو الدار الموجودة فيهما و ما وجد فيهما أمّا ما يوجد بعيدا منه في غير داره أو خيمته أو كان مدفونا تحته و إن كان معه رقعة مكتوبة بأنّه له على إشكال فلا يد له عليه و في القريب منه مثل ما يوجد بين يديه أو إلى جانبه نظر و كلّما حكم بأنّه ليس له فهو كاللقطة [- يا -] إذا بلغ رشيدا فأقرّ على نفسه بالرّق حكم عليه به إذا لم يعرف حرّيته و لا كان مدّعيا لها و لو لم يقرّ بذلك حكم له بالحرّية فلو قذفه قاذف بعد بلوغه حدّ ثمانين فلو ادّعى القاذف أنّه رقّ و ادّعى المقذوف الحرّية فللشيخ قولان أحدهما الحدّ للحكم بحرّيته ظاهرا و هو الأقرب و لهذا وجب القصاص له من الحرّ و التعزير لحصول الشبهة و لو قطع حرّ طرفه و تنازعا وجب القصاص و لو قذف اللقيط حرّا و ادّعى الرقية فمن أوجب من علمائنا كمال الحدّ على العبد فلا بحث و من أوجب نصفه فالوجه سقوط نصف الحدّ [- يب -] إذا ادّعى واحد بنوّته و هو صغير ألحق به فإن كان حرّا مسلما دفع إليه و ألزم بالنفقة عليه و إن كان عبدا لحق به و لا حضانة و لا نفقة عليه و لا على مولاه و لا يحكم برقّه و إن كان ذميّا لحق به و لا حضانة له و عليه نفقته و لا يحكم بكفره نعم لو أقام الكافر بيّنة فالأقرب الحكم بكفره و كلّ موضع حكمنا بثبوت نسبه للرّجل فلا يثبت في طرف زوجته و إن عزاه إليها إلاّ أن تصدقه المرأة و لو كان المدّعي امرأة لم يثبت نسبه منها إلاّ أن يبلغ و يصدّقها أو يقيم البيّنة و لو ادّعى بنوّته مسلم و كافر أو حرّ و عبد و لا بيّنة قال الشيخ يحكم به للمسلم و للحر و فيه نظر و لو تساويا و أقام أحدهما بيّنة حكم له و إن أقاما بينة أقرع بينهما و كذا لو عريت دعواهما عن بيّنة و لو كان الملتقط أحدهما لم يحكم له به بمجرّد اليد إذ الترجيح لليد إنّما هو في المال و لو كان المدعي واحدا فألحق به ثمّ جاء آخر فادعاه لم يزل عن نسبه الأوّل و قيل لو ادّعت الأمّ بنوّته ثبت نسبه بها فلا يلحق بزوجها و لو ادّعاه امرأتان حكم لذي البيّنة فإن سقطتا أو تعارضتا احتمل القرعة و لو ادعاه رجل و امرأة فلا تعارض و ألحق بهما لاحتمال حصوله منهما عن نكاح بينهما و لو قال الرّجل هذا ابني من زوجتي و صدقته الزّوجة و قالت امرأة أخرى إنه ابني فهو ابن الرّجل و لا يرجّح دعوى الزّوجية [- يج -] لو ادّعى رقّ اللقيط مدع افتقر إلى البيّنة فإن فقدت سقطت دعواه و البيّنة إن أشهدت بالملك أو باليد لم يثبت إلاّ بشهادة رجلين أو رجل و امرأتين أو رجل و يمين و إن شهدت بالولادة سمعت فيه شهادة أربع نساء فإن شهدت باليد فإن كان للملتقط لم تسمع لعلمنا بسبب يده و تسمع إن كانت لغيره و إن ادعى الرقية مدع بعد بلوغه كلف البيّنة و إن أقامها بطلت تصرفات اللقيط و إن فقدت و صدّقه اللقيط حكم عليه بالرقية إذا لم يكن ادّعى الحرية أولا و لا يبطل تصرّفاته السابقة على الإقرار و لو أقرّ اللقيط برقيّته لرجل فكذّبه انتفت الرقية عنه فإن عاد و أقرّ بها لآخر فالوجه الحكم

ص: 124

عليه بذلك إذا لم يكذّبه الثاني و لو أقرّ بالرقيّة بعد النكاح فإن كان ذكرا قبل الدخول فسخ [فسد] النكاح في حقّه و عليه نصف المهر و إن كان بعد الدخول فسد و عليه المهر كملا و ولده حرّ كأمّه و هل يتبع بالمهر أو يتعلّق برقبته فيه نظر و لو كان في يده مال استوفي المهر منه لأنّه لم يثبت إقراره به لسيّده بالنسبة إليها و لو كان اللقيط أنثى فالنكاح صحيح في حقّه فإن كان قبل الدخول فلا مهر و إن دخل فللسيّد أقلّ الأمرين من المسمّى و العشر أو نصفه و إن طلّقها بعد الدخول اعتدّت عدّة الحرة لأن العدّة حقّ الزوج في الطلاق و لهذا لا يجب إلاّ بالدخول و إن مات اعتدت عدّة الأمة لأنّ المغلب فيها حقّ اللّٰه تعالى و لهذا وجبت قبل الدخول و الأولاد أحرار لا يجب قيمتهم و إن جنى ما يوجب القصاص فعليه القود حرّا كان المجنيّ عليه أو عبدا لأنّ اعترافه بالرقّ يوجب القود و إن كانت خطاء تعلّقت برقبته فإن كان الأرش أكثر من القيمة و الجناية سابقة على الإقرار استوفي ممّا في يده إن كان ذا مال و إن جنى عليه و كان الجاني حرّا سقط القصاص و إن أوجبت مالا بالرقّ وجب أقلّ الأمرين (- يد -) لو اختلف اللقيط و الملتقط في أصل الإنفاق فالقول قول الملتقط لأنّه أمينه و كذا لو اختلفا في قدره و لم تزد دعوى الملتقط على المعروف و لو زادت فالقول قول اللقيط في نفي الزائد و لو كان اللقيط مالا و أنكر الإنفاق منه فالقول قول الملتقط لأنّه أمين و الوجه أنّ الملتقط لا يستقلّ بحفظ مال اللقيط إلاّ بإذن الحاكم مع القدرة

الفصل الثاني في الملتقط من الحيوان

و فيه (- يح -) بحثا [- ا -] الملقوط من الحيوان يسمّى ضالّة و أخذه في صور الجواز مكروه إلاّ مع تحقّق التلف فيصير طلقا و لا يجب الإشهاد به عند أخذه نعم يستحبّ لجواز تطرق الموت على الملتقط [- ب -] البعير إذا وجده في كلإ و ماء لم يجز أخذه و كذا لو وجد في غيرهما إذا كان صحيحا فإن أخذه ضمنه و يبرأ بالتسليم إلى مالكه إن وجده و لو لم يجد سلّم إلى الحاكم ليرسله في الحمى إن كان و إلاّ باعه الحاكم و حفظ ثمنه لمالكه و لا يبرأ الملتقط لو أرسله في موضع التقاطه أو في غيره و لو وجده في غير كلاء و لا ماء و تركه صاحبه من جهد جاز أخذه و يملكه الآخذ و لا ضمان لأنّه كالتالف و ليس لصاحبه المطالبة به [- ج -] الأقرب أنّ حكم الدابة و البقرة حكم البعير فإن وجدهما في كلاء و ماء أو كانت صحيحة لم يجز له أخذها لأنّها تمتنع من صغار السباع و إن وجدها في غير كلاء و لا ماء و تركها صاحبها من جهد جاز أخذها و تملّكها و لا ضمان و في الحمير إشكال من حيث عدم صبرها عن الماء و عدم امتناعها من الذئب فأشبهت الشاة و فارقت البعير فالوجه جواز أخذها [- د -] الشاة إن وجدت في الفلاة جاز أخذها لأنّها لا تمتنع من صغار السباع فهي معرضة للتلف و يتخير الواجد بين التملك و الضمان و بين احتفاظها أمانة في يده لصاحبها و لا ضمان و بين الدفع إلى الحاكم ليحفظها أو يبيعها على مالكها و يوصل ثمنها إلى صاحبها و لا ضمان [- ه -] حكم صغار الإبل و البقر و الدابة و الحمير حكم الشاة لوجود المعنى المسوّغ لأخذ الشاة فيها أمّا ما يمتنع من صغار السباع لطيرانه كالطيور أو لسرعته كالظّباء و الصبور إذا ملكت ثمّ ضلّت أو لنابه كالكلاب و الفهود فلا يجوز أخذها لمشاركتها ما يمتنع لكبر جثته كالإبل في الامتناع و لو كانت الصيود مستوحشة إذا تركت رجعت إلى الصّحراء و عجز عنها صاحبها فالوجه جواز التقاطها [- و -] للإمام أو نائبه أخذ الضّالة على وجه الحفظ لصاحبها و لا يلزمه التعريف بل يعرف الملتقط و لو كان الملتقط هو الإمام أو نائبه فالوجه لزوم التعريف لهما مع احتمال العدم لأنّ الضوال تطلب عندهم أمّا لو أخذها غير الإمام أو غير نائبه ليحفظها لصاحبها فإنّه يضمنها لانتفاء الولاية له عن صاحبها أمّا لو وجدها في موضع يخاف عليها منه مثل أن يجدها في أرض مسبعة يغلب على ظنّه افتراس الأسد لها إن تركها على حالها أو قريبا من دار الحرب يخاف عليها منهم أو في برّية لا ماء لها و لا مرعى فالوجه جواز أخذها للحفظ و لا ضمان فإذا حصلت في يده دفعها إلى الإمام أو نائبه و لا يملكها بالتعريف لعدم ورود الشرع بذلك فيها و كلّ ما يحصل من الضوال عند الإمام فإنّه يشهد عليها و يسمّها بأنّها ضالة فإن كان له حمى تركها فيه و إن رأى المصلحة في بيعها باعها و حفظ ثمنها بعد أن يجليها و يحفظ صفاتها [- ز -] إذا وجد الضوال في العمران لم يجز أخذها سواء كانت ممتنعة أو لا و لو أخذها تخيّر بين إمساكها لصاحبها أمانة و عليه نفقتها من غير رجوع بها على المالك و بين دفعها إلى الحاكم فإن لم يجد الحاكم أنفق و رجع بالنفقة و لو كان شاة حبسها ثلاثة أيّام فإن جاء صاحبها دفعها إليه و إن لم يأت باعها و تصدّق بثمنها و الوجه عندي جواز إبقائها في يده و الإنفاق عليها من غير رجوع و على تقدير البيع فالوجه جواز احتفاظ الثمن لصاحبها و مع الصّدقة فالوجه الضمان [- ح -] يجوز التقاط الكلب المنتفع به و يلزمه التعريف سنة فإن لم يجد صاحبه انتفع به إن شاء مع الضمان و إن شاء احتفظه أمانة من غير ضمان [- ط -] يجوز لكلّ أحد أخذ الضالة في موضع الجواز من بالغ و غيره و عاقل و غيره و حر و غيره مسلم و كافر و ينتزع وليّ الطفل و المجنون منهما ما يجدانه و يتولّى التعريف عنهما سنة فإن لم يأت المالك فعل المصلحة من الإبقاء أمانة أو التمليك لهما [- ى -] إذا وجد الشاة في فلاة جاز له أكلها في الحال بإجماع العلماء كقوله عليه السّلام خذها فإنّما هي لك أو لأخيك أو للذئب و يلزمه حينئذ الضمان و جاز

ص: 125

إمساكها على صاحبها و ينفق عليها من ماله أو يبيعها و يحتفظ ثمنها لصاحبها و له أن يتولّى البيع بنفسه من غير إذن الحاكم لأنّه أولى من أكلها و الوجه وجوب التّعريف كغيرها (- يا -) إذا وجد آخذ الضالة سلطانا رفع أمره إليه لينفق عليها أو يبيعها و إن لم يجد أنفق من نفسه و هل يرجع به قيل لا لأنّ الحفظ واجب عليه و لا يتمّ إلاّ بالنفقة و لأنّه ربما تكرّرت النفقة إلى أن يستغرق ثمنها و قيل نعم دفعا للضّرر الحاصل بالالتقاط و لو كان للضالّة نفع كالظهر و اللبن و الخدمة قال الشيخ يكون بإزاء النفقة و الوجه التقاص [- يب -] لا يضمن الواجد للضالّة بعد الحول و التعريف إلاّ أن يقصد التملّك و لو قصد الحفظ لم يضمن إلاّ مع التفريط أو التعدي و لو قصد التملّك ضمن و لو نوى بعد ذلك الاحتفاظ لم يزل الضمان و لو قصد الحفظ ثمّ نوى التملك ضمن (- يج -) إذا أكل ثمن الضالة أو نفسها لزمه الضمان لصاحبها و لا يجب عزل ثمنها و لو عزل عوضها شيئا ثمّ أفلس كان صاحب الضالّة أسوة للغرماء في المعزول أمّا لو باعها و حفظ ثمنها فجاء صاحبها كان الثمن مختصّا به عن غير مشاركة

الفصل الثالث في الملتقط من المال

و يسمّى لقطة قال الخليل اللقطة بسكون القاف المال الملقوط و بالتحريك الملتقط و قال غيرهما سواء في أنّه المال و فيه (- كد -) بحثا [- ا -] يكره أخذ اللقطة مطلقا قلّت أو كثرت فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال إيّاكم و اللقطة فإنّها ضالة المؤمن و هو حريق من حريق جهنّم و قال الباقر عليه السّلام لا يأكل من الضالّة إلا الضّالون و قال الصادق عليه السّلام أفضل ما يعمله الإنسان في اللّقطة إذا وجدها أن لا يأخذها و لا يتعرّض لها فلو أنّ الناس تركوا ما يجدونه لجاء صاحبه فيأخذه و تشتدّ الكراهية للفاسق و بالخصوص للمعسر [- ب -] اللقطة قسمان أحدهما يجوز أخذها و لا يلزمه التعريف و هو ما كان قيمته أقلّ من درهم و كذا ما يجده في كلّ موضع خرب قد باد أهله و استنكر رسمه فإن ظهر صاحبه و أقام بيّنة كان له الرجوع به إن كان موجودا أو بمثله أو قيمته إن كان تالفا سواء في ذلك ما قلّت قيمته عن الدّرهم و ما يجده في المواضع الخربة الثاني ما يزيد قيمته على ذلك فإن وجده في الحرم قيل يحرم التقاطه و قيل يكره و على التقديرين إن أخذه وجب عليه الأخذ بنيّة الإنشاد و لا يجوز له أخذه بنيّة التملك قبل الحول و لا بعده فإن أخذه على هذا الوجه كان ضامنا و إن أخذه بنيّة الإنشاد وجب التعريف سنة فإن جاء صاحبه و إلا تخير بين احتفاظه دائما و بين الصّدقة و لا يجوز له تملّكه فإن تصدّق به ففي الضمان قولان أقربهما ثبوته و إن وجده في غير الحرم وجب عليه التعريف سنة فإن جاء المالك و إلاّ تخير الملتقط بعد التعريف حولا بين ثلاثة أشياء التملّك و الاحتفاظ لمالكها و الصّدقة بها فإن تملّكها أو تصدّق بها وجب عليه الضمان و إن احتفظها أمانة فلا ضمان (- ج -) التعريف حولا إنّما يجب فيما يبقى كالثياب و الأمتعة و الأثمان أما ما لا بقاء له كالطعام فإنّه يتخيّر بين التقويم على نفسه ثمّ ينتفع به فإن جاء صاحبه دفع إليه قيمته مع التلف و بين دفعه إلى الحاكم ليبيعه و يحفظ ثمنه لصاحبه و لا ضمان و لو كان بقاء اللقطة يفتقر إلى علاج كالرطب المفتقر إلى التجفيف تخيّر الواجد بين فعل ذلك و بين الدفع إلى الحاكم ليبيع بعضها و يصرف ثمنه في إصلاح الباقي أو يبيعها أجمع و يعرف الثمن و لا ضمان [- د -] يكره أخذ ما يقلّ قيمته و يكثر منفعته كالعصاء و الشظاظ و العقال و الوتد و الحبل و كذا يكره التقاط النعلين و الإداوة و السوط و قيل يحرم [- ه -] من وجد في داره أو صندوقه شيئا لا يعرفه فإن كان ممّن يتصرّف فيها غيره كان لقطة و إلاّ كان له و من وجد مالا مدفونا في أرض لا مالك لها فهو له يخرج خمسه إن بلغ النصاب و لو كان لها مالك أو بائع عرفهما فإن عرفاه فهو لهما و إلاّ فهو للواجد بعد الخمس إن بلغ نصاب الزكاة و كذا لو وجد شيئا في جوف دابة يعرف البائع فإن لم يعرفه أخرج خمسه بعد إخراج مئونة السّنة لأنّه من جملة الفوائد و كان الباقي له أمّا لو وجد شيئا في جوف سمكة فهو لواجده و لم ينصّ أكثر علمائنا على تعريف البائع هنا و هو يعطي افتقار تملك المباح إلى النية و سلار و ابن إدريس أوجبا تعريف البائع كالشاة و لو أودعه لصّ مالا فإن علم أنّه ملكه أو جهل حاله وجب عليه ردّه عليه و لو علم أنّه ليس له لم يرده عليه مع القدرة فإن ردّه حينئذ ضمن سواء كان المودع مسلما أو كافرا ثمّ المستودع إن عرف المالك وجب عليه ردّه إليه و إن جهله كان حكمه حكم اللقطة [- و -] لو عرف أن اللقطة تتلف بترك أخذها فالوجه استحباب أخذها لا وجوبه و لو لم يعلم ذلك و علم من نفسه الأمانة لم تزل كراهيّة الالتقاط و لو علم الخيانة من نفسه فالأقرب شدة الكراهية لا التحريم و يستحبّ لآخذ اللقطة الإشهاد عليها و يعرف الشهود بعض أوصاف اللقطة لتظهر فائدة الإشهاد و لو ترك الإشهاد لم يضمن [- ز -] كلّ من له أهليّة الاكتساب جاز التقاطه فلو التقط الصبيّ أو المجنون صحّ و قوّى التعريف عنهما وليّهما و كذا يصحّ التقاط الكافر و لا يجوز لهؤلاء الثلاثة الالتقاط من الحرم لأنّهم ليس لهم أهليّة للأمانة و في الفاسق إشكال أمّا العبد فيجوز له أخذ اللقيطتين معا و في رواية عن الصادق عليه السّلام لا يعرض المملوك

ص: 126

لها و كذا المدبّر و أمّ الولد و أولى بالجواز المكاتب و لم أقف لعلمائنا على نصّ في انتزاع اللقيطتين من يد الفاسق أو ضمّ حافظ إليه مدّة التعريف [- ح -] إذا التقط العبد بغير إذن مولاه تخيّر المولى مع علمه بين الأخذ لها و التعريف فإذا مضى الحول تملّكها إن شاء و عليه الضمان و إن أراد حفظها لصاحبها و لا ضمان و بين إبقائها في يد العبد و لا ضمان على المولى و قيل عليه الضمان لتفريطه بالإهمال إذا لم يكن أمينا و الوجه الأوّل فإذا عرّفها العبد حولا و تخيّر مولاه التملّك فله ذلك و عليه الضمان و لو نوى العبد التملّك لم يصحّ و الوجه أنّه حينئذ يكون ضامنا يتبع بها بعد العتق و لو أتلفها العبد من غير علم مولاه تعلق الضمان بذمة العبد و للمولى الخيار إن شاء عرّف بنفسه و إن شاء عرّف العبد و يملك و من جوّز تمليك العبد مع إذن المولى لو أذن له مولاه في التملك بعد الحول ملك العبد و ضمن السيّد و إن شاء المالك بيع العبد و لو تلفت اللقطة في يد العبد قبل الحول فلا ضمان إلاّ مع التفريط فيتبع بها حينئذ و كذا لو تلفت بعد الحول إذا لم ينو السيّد التملّك [- ط -] إذا التقط الصبيّ انتزعه المولى من يده و يتملّك له بعد مدّة التعريف و لو أتلف الصبي ضمن و إن تلف من يده احتمل الضمان لأنّه ليس أهلا للأمانة و لم يسلّطه المالك عليه بخلاف الإيداع فإن قصر الوليّ و لم ينتزعه من يد الصبيّ حتّى أتلفه أو تلف في يده فالضمان على الوليّ و كذا البحث في المجنون [- ى -] لو أعتق السيّد عبده بعد الالتقاط كان له انتزاعها من يده لأنّه اكتساب و الأقرب أنّه لا يشترط في التقاط العبد إذن المولى و لو علم العبد الخيانة من مولاه سترها عنه و سلّمها إلى الحاكم ليعرّفها ثمّ يدفعها إلى سيّده بعد الحول بشرط الضمان و لو أعلم سيّده الخائن بها فلم يأخذها أو أخذها منه و عرّفها حولا ثمّ تلفت من غير تفريط من أحدهما فلا ضمان و إن خان المولى في التّعريف تعلّق الضمان بمن شاء المالك منهما و المكاتب المشروط إذا عجز بعد التقاطه فحكمه حكم العبد القنّ أمّا قبل العجز فحكمه حكم الحرّ و كذا المطلق حكمه حكم الحرّ مطلقا و من انعتق بعضه إن كان بينه و بين مولاه مهايأة دخلت في المهاياة فيكون لمن التقطت في يومه و إن لم يكن مهايأة فهي بينهما و لو كان العبد مشتركا بين اثنين فلقيطته لهما (- يا -) لا يملك اللقطة قبل الحول و إن نوى التملّك و عليه الضمان مع النيّة و لا يبرأ بالرجوع إلى نيّة الحفظ نعم لو نوى قبل الحول التملّك بعده فلا ضمان قبل الحول و عليه الضمان بعده و هل يدخل في ملكه بعد الحول بمجرّد هذه النيّة السابقة أو يفتقر إلى نيّة أخرى الأقوى الأول و لو لم ينو قبل الحول ثمّ حال الحول ففي دخول اللقطة في ملكه من غير نيّة التملّك قولان أقواهما عندي عدم الدخول فلا ضمان حينئذ ما لم يفرط أو ينوي التملّك و النماء الحاصل قبل النيّة و بعد الحول للمالك و لا زكاة على المالك و لا على الملتقط و يثبت ضد هذه الأحكام لو قلنا بالدخول بغير اختياره (- يب -) إذا عرّفها حولا جاز له أن يتملّكها سواء كان غنيا أو فقيرا و لا يجب الصّدقة بها و لا يفتقر في تملّكها إلى قوله اخترت تملّكها بل يكفي النيّة و لا يفتقر إلى التصرّف أيضا و يملك الملتقط اللقطة ملكا مراعى يزول بمجيء صاحبها فإن وجدها المالك كان أحق بها و ليس للملتقط دفع القيمة أو المثل برضاه على إشكال و لو وجدها المالك معيبة فإن كان الملتقط نوى التملّك وجب عليه الأرش سواء كان من قبله أو قبل غيره و لو طلب المالك المثل أو القيمة فالوجه عدم الوجوب على الملتقط و إن لم يكن نوى التملّك لم يجب عليه أرش إلاّ أن يكون بتفريطه و لو تعذّر ردّ اللقطة بعد التملّك وجب على الملتقط المثل إن كان مثليّا و إلاّ القيمة و الوجه أنّ القيمة المعتبرة هي قيمة وقت التملّك و هل يملك الملتقط اللقطة بعد التعريف و النيّة بغير عوض ثبت في ذمته و إنّما يتجدّد العوض في ذمته بمطالبة المالك كما يتجدّد ملك الزوج لنصف الصداق بالطلاق أو بعوض ثابت في ذمّته لصاحبها فيه احتمال قال الشيخ في بعض كتبه يضمن بمطالبة المالك لا بنيّة التملّك و في أكثر كتبه الضمان يتعلّق به مع النيّة و لو مات الملتقط بعد التعريف و نيّة التملّك انتقلت إلى ورثته كذلك و لو كان قبل التعريف عرّفوها و تعلّقت الأحكام بهم كتعليقها بالمورث (- يج -) التعريف واجب على الملتقط سواء نوى التملّك بعد الحول أو الاحتفاظ لعموم الأمر به و لأنّ فائدة الحفظ وصولها إلى المالك و إنما يتمّ بالتعريف و مدّة التعريف حول و يجب أن يكون الحول عقيب الالتقاط بلا فصل لقولهم عليهم السّلام فإن ابتليت فعرّفها سنة عقب بالفاء و وقته النهار دون الليل و ينبغي أن يكثر من التعريف في يوم الوجدان و بعده على التدريج و لا يجب التوالي في السنة و لو فرّق التعريف جاز قيل و أقلّ ما يعرّف في الأسبوع دفعة و إيقاعه بالغدوات و العشيّات عند اجتماع الناس في أيّام المواسم و الأعياد و أيّام الجمع و مجتمعات الناس و مكانه الأسواق و أبواب المساجد و الجوامع و مجامع الناس كالمشاهد و غيرها ينبغي أن يكون في موضع الالتقاط إن كان في بلده و لو سافر به لزمه التعريف في السفر في أيّ بلد أراد و كذا لو وجده في الصحراء و يكره داخل المسجد و كيفيّته أن يذكر الجنس خاصّة فيقول من ضاع له ذهب أو فضة و لو أبهم أزيد كان أولى فيقول من ضاع له مال أو شيء و له أن يتولّى التعريف بنفسه و بنائبه فإن وجد متبرّعا و إلاّ استأجر من مال الملتقط و لا يرجع به على المالك سواء قصد الحفظ أو التملّك بعد التعريف و كذا لقطة ما لا يصحّ تملّكه بعد التعريف و لو دفع الملتقط من اللقطة شيئا إلى من يعرفها لزمه ضمانه للمالك (- يد -) تأخير التعريف حرام فلو أخّره عن الحول الأوّل مع إمكانه أثم و لا يسقط التّعريف عنه بالتأخير و لو تركه بعض الحول عرف باقيه و في الحول الثاني ما ترك من الأوّل و على كلّ التقديرين له التملك بعد التعريف حولا و كذا إذا صار ضامنا و عرّف سنة تملّكها إن شاء و قيل لا يجب التّعريف إلا

ص: 127

مع نيّة التملّك و ليس بجيّد لما فيه من خفاء حالها عن المالك و لا يجوز تملّكها إلاّ بعد التعريف و إن بقيت أحوالا و هي في مدّة الحول أمانة لا يضمنها الملتقط إلاّ مع التعدي أو نيّة التملّك و لو أخّر التعريف لا بنيّة التملّك ففي الضمان إشكال أقربه العدم و لو تلفت في حول التعريف من غير تفريط فهي من المالك و لو زادت فيه فهي للمالك أيضا سواء كانت الزيادة متّصلة أو منفصلة و بعد التعريف حولا إن نوى التملّك ضمن و لو جاء المالك فهل له الانتزاع قيل لا بل له المثل أو القيمة إن لم تكن مثليّة و عندي فيه نظر أما الزيادة المنفصلة فإنّها للملتقط إذا حصلت بعد الحول و المتصل للمالك و لو لم ينو التملّك فالزيادة المنفصلة بعد الحول للمالك أيضا فإن جدّد نيّة التملّك بعد النماء ملك النماء و إذا جاء المالك طالبه كالأصل (- يه -) لو كان الملتقط اثنين فعرفاها حولا ملكاها جميعا عند بعض علمائنا و عندي أنّها يملكان بالاختيار و النيّة فلو اختار أحدهما التملّك دون الآخر ملك نصفها و ضمنه و لا ضمان على صاحبه و الاعتبار بالأخذ فلو رأياها معا فبادر أحدهما فأخذها أو رآها أحدهما فأعلم بها صاحبه فأخذها فهي للآخذ و لو أمره بإعطائه إيّاها فأخذها فإن كان قد أخذها لنفسه فهي له دون الآمر و إن كان قد أخذها للآمر فهي للآمر على إشكال (- يو -) كلّما جاز التقاطه في غير الحرم جاز تملكه سواء كان من الأثمان أو العروض و إذا التقط عازما على تملّكها بغير تعريف فعل محرّما و ضمن سواء كان عرفها أو لا و يملك مع التعريف حولا (- يز -) لو جاء المالك و عرّفها و وصف الأوصاف الخفيّة كالقدر و النقد و الوكاء و العقاص لم يجب على الملتقط دفعها إليه و لو أقام بيّنة وجب فإن تبرع الملتقط بالدفع إلى الواصف لم يمنع منه و لو امتنع لم يجبر على التسليم فإن دفعها بالوصف فأقام آخر بيّنة بها سلّمت إليه فإن كانت تالفة تخيّر في مطالبة أيّهما شاء فإن رجع على الملتقط رجع الملتقط على الآخذ ما لم يكن قد اعترف له بالملك و إن رجع على الآخذ لم يرجع الآخذ على الملتقط و لو أقاما بينتين و لا ترجيح فالقرعة فإن خرجت للثاني انتزعت من الأوّل و لو كانت تالفة لم يضمن الملتقط إن كان دفعه بحكم الحاكم و يضمن إن كان باجتهاده و لو أقام الأوّل بيّنة بعد تملّك الملتقط فدفع العوض إليه ضمن الملتقط للثاني مطلقا لأنّ الحق في ذمّته لم يتعيّن بالدفع إلى الأوّل و يرجع الملتقط على الأوّل لتحقّق فساد الحكم ما لم يكن قد اعترف له بالملكيّة و ليس للثاني الرجوع على الأول لأنّ مقبوضه مال الملتقط لا اللقطة و لو وصفها الأول من غير بينة فدفعت إليه ثمّ وصفها الثاني بغير بيّنة أقرت في يد الأوّل و لا ضمان و لو جاء مدّع لها من غير وصف و لا بيّنة لم يجز دفعها إليه سواء ظنّ كذبه أو صدقه لأنّها أمانة فلا تدفع إلى غير مالكها فإن دفعها إليه الملتقط ضمن و له استعادتها و لو أقام آخر بيّنة انتزعت له فإن هلكت رجع على من شاء فإن رجع على الدافع رجع على الآخذ و إن رجع على الآخذ لم يرجع على الدافع (- يح -) إذا جوّزنا للمالك أخذ العين الملتقط بعد التملّك قهرا فوجدها قد خرجت منه ببيع أو هبة أو غيرهما لم يكن له الرجوع فيها و له البدل المثل أو القيمة و لو رجعت إلى الملتقط بفسخ أو شراء و غيرهما فللمالك أخذها إن لم يكن أخذ البدل و إن كان قد أخذه استقرّ ملك الملتقط و إذا اختلف المالك و الملتقط في المثل أو القيمة فالقول قول الملتقط مع يمينه (- يط -) لو أخذ اللقيط ثمّ ردّها إلى موضعها ضمنها و لو دفعها إلى الحاكم فلا ضمان و نقل ابن إدريس وجوب الضمان إذا دفع الحيوان إلى الحاكم و لقطة الحرم كذلك إذا ردّها إلى موضعها لم يبرأ و لو ضاعت اللقطة من ملتقطها بغير تعريف فلا ضمان عليه فإن التقطها آخر و عرف أنّها ضاعت من الأوّل وجب عليه ردّها إليه و إن لم يعرف فعرّفها حولا كان له تملّكها فإن تملكها لم يكن للأوّل نزعها منه و إن لم ينو التملّك احتمل رجوع الأوّل بها على ضعف فإن جاء صاحبها أخذها من الثاني و ليس له مطالبة الأوّل لعدم تفريطه و لو دفعها الثاني إلى الأوّل امتنع فقال عرّفها أنت فعرّفها حولا ملكها لأنّ الأوّل ترك حقّه و لو قال عرّفها و ملكها لي كان نائبا فيملّكها الأوّل و لو قال عرّفها و تكون بيننا صحّ لأنّه أسقط حقّه من النصف و وكّله في الباقي و لو قصد الثاني بالتعريف تملّكها لنفسه احتمل أن يملكها الثاني أو الأوّل و كذا لو علم الثاني بالأوّل فعرفها و لم يعلمه بها و لو غصبها غاصب من الملتقط فعرفها لم يملكها لأنّه لم يوجد منه سبب الملك و هو الالتقاط بخلاف الملتقط الثاني [- ك -] لو اصطاد سمكة فوجد فيها درّة فهي له فإن باعها الصيّاد و لم يعلم فقولان أحدهما يعرفها البائع فإن طلبها كان له أخذها و هو الوجه عندي و الثاني للمشتري و كذا لو وجد في جوفها عنبر أو شيء ممّا يخلق في البحر و لو وجد دراهم أو دنانير فالوجه أنّها لقطة لأنّها لا يخلق في البحر و كذا الدرّة المثقوبة أو المتّصلة بذهب أو فضة فهي لآدمي فإن وجدها الصياد لزمه التعريف لأنّه الملتقط و إن وجدها المشتري فعليه التعريف و أطلق علماؤنا القول في ذلك فأوجبوا تعريف البائع فإن عرّفها فهي له و إلاّ أخرج الخمس و حلّ له الباقي و لم يجعلوه كاللقطة و لو اصطاد غزالا فوجده مخضوبا أو في عنقه حرزا أو في أذنه قرطا أو نحو ذلك فهو لقطة و لو ألقى شبكة في البحر فوقعت فيها سمكة فجذبت الشبكة فمرت بها في البحر فصادها رجل فالسمكة له و الشبكة يعرّفها و كذا لو نصب فخّا فوقع فيها صيد فأخذه فذهب به و صاده آخر فهو لمن

ص: 128

صاده و الآلة لقطة و لو ذهب الكلب أو الفهد أو الصّقر عن صاحبه فدعاه فلم يجبه و مشى في الأرض أيّاما فسقط في دار رجل فدعاه فأجابه ردّه إلى مالكه و كذا لو دعاه فلم يجبه فصاده بشبكة و لو أخذت ثيابه من الحمام فوجد بدلها لم يكن له أخذها فإن أخذها كانت لقطة و لو وجد قرينة تدلّ على أنّ صاحبها تركها عوضا عمّا أخذه بأن كانت المأخوذة أجود و لم يقع اشتباه احتمل القول بإباحة التصرّف من غير تعريف لأنّ مقصود التعريف إعلام صاحبها بها و لو دلّت القرينة على الاشتباه بأن كانت المتروكة أجود عرفها فإن باعها بعد الحول ملك من ثمنها قدر قيمة ثيابه و كان الباقي لقطة تملّكها و يعرفه للمالك و لا فرق بين أن يبيعها بعد الحول بإذن الحاكم أو بدون إذنه أمّا لو باع قبل الحول بإذن الحاكم فالحكم فيه كذلك و إن باعها بدون إذنه لم يصحّ البيع و كان لصاحبها فسخه و إلزام من شاء بأرش النقص بالاستعمال و الأجرة و لو التقط في دار الحرب و ليس فيها مسلم فالوجه أنّها له من غير تعريف بناء على الظاهر إلاّ أن يكون دخل دارهم بأمان فيلزمه التعريف و كذا لو كان فيها مسلم و يملكها دون الجيش (- كا -) إذا مات الملتقط قبل تمام التعريف عرّفها الوارث باقي الحول و لا يفتقر إلى الاستيناف ثمّ يتخيّر في التملّك و الاحتفاظ و إن مات بعده و بعد التملك ورثها الوارث فإن جاء صاحبها أخذها من الوارث و يحتمل وجوب القيمة أو المثل لا العين و لو كانت معدومة فالمالك غريم للميّت بمثلها أو بالقيمة و يشارك الغرماء و لو لم ينو التملّك كان للوارث نيّة ذلك و يكون الغريم هو دون الميّت و لو لم ينو الوارث التملّك أيضا فهي أمانة لا يضمنها إلاّ بالتعدي و لو لم يعلم تلفها و لم يوجد في تركة الميّت فالمالك غريم لأنّ الأصل البقاء و يحتمل عدم اللزوم لأنّ الأصل براءة الذمة مع احتمال التلف بغير تفريط و كذا البحث في الوديعة (- كب -) لو عرف اللقطة أو الضالة أو المنبوذ أو العبد المغصوب أو الآبق في غير بلده فأقام بيّنة تشهد على شهوده بالصّفة لم تدفع إليه لاحتمال التساوي في الأوصاف مع اختلاف الأعيان و يكلف إحضار الشهود لتشهدوا بالعين و لا يجب حمل العبد إلى بلد الشهود سواء تعذّر حمل الشهود أو لا و لا بيعه على من يحمله و لو رأى الحاكم ذلك صلاحا جاز فإن تلف العبد قبل الوصول أو بعده و لم يثبت دعواه ضمن المدعي القيمة و الأجرة (- كج -) لو ترك دابة فيملكه من جهد ملكها الآخذ لها و لو تركها ليرجع إليها أو ضلّت عنه فهي لمالكها و عليه النفقة إذا نوى الآخذ الرجوع به و لو ترك متاعا لم يملكه أخذه لأنّه لا يخشى عليه التلف كالحيوان و كذا العبد للعادة بإمكان تخلّصه و لو أخذ العبد أو المتاع ردّهما إلى المالك و هل يستحقّ أجرة تخلصهما فيه نظر أقربه الثبوت إن كان قد جعل المالك له جعلا و إلاّ فلا و ما ألقاه ركّاب البحر فيه لتسلم السفينة فالأقرب أنّه المخرجة إن أهملوه و إن رموه بنيّة الإخراج له فالوجه أنّه لهم و لا أجرة لمخرجه مع التبرّع و لو انكسرت السفينة فأخرج بعض المتاع بالغوص و أخرج البحر بعض ما غرق فيها ففي رواية عن الصادق عليه السّلام أنّ ما أخرجه البحر لأهله و ما أخرج بالغوص فهو لمخرجه و ادعى ابن إدريس الإجماع على هذا الحديث (- كد -) إذا وجد ما دون الدرهم حلّ له التصرّف فيه من غير تعريف فإن أقام صاحبه البيّنة دفعه الملتقط إليه و إن كان تالفا ضمن القيمة و كذا ما يجده في المواضع الخربة و لو وجد ما زاد على الدرهم فاشترى به جارية ثمّ جاء المالك كان له المطالبة بالمال و لا يجب عليه أخذ النسبة فإن أجاز شراه انعتقت بعد ذلك و لم يجز له بيعها و التحقيق أنّ الملتقط إن اشترى بعين المال قبل البينة [السنة] كان الحكم ما قاله الشيخ رحمه اللّٰه و إن اشترى في الذمة أو بعد الحول لنفسه كانت الجارية للملتقط و عليه المال و من وجد كنزا في دار انتقلت إليه بميراث كان له و بشركائه في الميراث و إن انتقل إليه بالبيع عرّف البائع فإن عرفه و إلاّ أخرج خمسه إن بلغ النصاب و كان الباقي له و إن أوجد الطعام فأكله لم يسقط عنه التعريف و لا فرق في إباحة الطعام بين وجدانه في الصحراء أو البلدان فلا يجب بيعه في البلد

كتاب إحياء الأموات

اشارة

المشتركات أربعة الأراضي و المعادن و المياه و المنافع فهاهنا [و فيه] فصول

الفصل الأوّل في أقسام الأراضي
اشارة

و فيه (- يا -) بحثا [- ا -] قسم علماؤنا الأرضين أربعة أقسام

الأوّل أرض من أسلم عليها أهلها طوعا من غير قتال

كأرض المدينة و هي إمّا عامرة و إمّا موات فالعامر لأربابه ملك لهم يصحّ لهم بيعه و وقفه و سائر أنواع التصرّفات قال الشيخ رحمه اللّٰه فإن تركوها خرابا أخذها الإمام و قبّلها من يعمّرها و أعطى صاحبها طبقها و أعطى المتقبل حصّة من الباقي يتركه في بيت مال المسلمين لمصالحهم و منع ابن إدريس ذلك و جعل الأرض لمالكها لا يتصرّف أحد فيها من غير إذنه و أمّا الموات فهي للإمام خاصّة لا يملكه أحد بالإحياء ما لم يأذن له الإمام و إذنه شرط و مع الإذن يملكه المحيي

الثّاني ما أخذ بالسيف عنوة

و هي إما عامرة وقت الفتح و إمّا موات فالعامرة للمسلمين قاطبة المقاتلة و غيرهم و الإمام يقبّلها لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك و على المتقبّل إخراج ما قبّل به يخرج منه الإمام الخمس لأربابه و الباقي يضعه في بيت المال يصرف في مصالحهم من سدّ الثغور و تجهيز العساكر و بناء القناطر و غير ذلك من المصالح و لا زكاة فيما يؤخذ من حقّ الرقبة لأنّ نصيب كلّ واحد من المسلمين لا يبلغ النصاب و ما يبقى

ص: 129

بعد ذلك للمتقبّل يخرج منه الزكاة إن بلغ نصابا و ليس لأحد بيع شيء من رقبة هذه الأرض و لا وقفها و لا هبتها و لا غير ذلك لاشتراك المسلمين فيها قاطبة و للإمام أن ينقلها من تقبّل إلى غيره عند انقضاء المدّة و لو مات لم يصحّ إحياؤها لأنّ المالك لها معروف و هو المسلمون قاطبة و أمّا الموات منها وقت الفتح فإنّها للإمام خاصّة

الثالث أرض الصلح

و هي أرض الجزية صالح أهلها عليها و يلزمهم ما صالح الإمام عليه من النصف أو الثلث و غير ذلك و ليس عليهم غيره فإذا أسلموا كان حكم أرضهم حكم أرض من أسلم أهلها عليها طوعا و يسقط عنهم الصلح لأنّه يؤخذ جزية و لو باعوا أرضهم من مسلم انتقلت الجزية إلى رءوسهم و لو صولحوا على أنّ الأرض للمسلمين كان حكمها حكم المفتوح عنوة و هؤلاء يملكون أرضهم و يصحّ لهم التصرّف فيها بالبيع و الشراء و غيرهما من أنواع التصرفات و للإمام أن يزيد و ينقص في مال الصلح بعد انقضاء مدّة الصلح بحسب ما يراه من زيادة الجزية و نقصانها

الرّابع كلّ أرض انجلى أهلها عنها أو كانت مواتا

فأحييت فإنّها للإمام خاصّة و له التّصرف فيها بالبيع و الهبة و الشراء و غير ذلك حسب ما يراه و كان له أن يقبلها من شاء بما شاء و نقلها بعد مدة القبالة من متقبّل إلى غيره إلاّ الأرض التي أحييت بعد مواتها فإنّ المحيي أولى بالتصرّف فيها ما دام يتقبّلها بما يتقبلها غيره فإن امتنع كان للإمام نقلها عنه و على المتقبّل الزكاة إن بلغ نصيبه النصاب و كذا الإمام و تلخيص هذا أنّ البلاد ضربان بلاد الإسلام و بلاد الشرك فبلاد الإسلام إمّا عامرة و هي لأربابها خاصّة و إمّا موات فإن لم يجر عليهم ملك مسلم فهي للإمام خاصّة و إن جرى عليها ملك ثمّ عطّلت فإن كان المالك أو وارثه معلوما فهو أحقّ بها و لا يخرج بخرابه بها عن التملّك لصاحبه و لا يصحّ لغيره إحياؤها و إن لم يكن صاحبها معيّنا فهي للإمام خاصة لا يملكها المحيي من دون إذن الإمام و بلاد الشرك عامرها لهم و مواتها للإمام إن لم يجر عليها ملك أحدهم و إن جرى عليها ملك أحد فإن تعيّن فهي له و إن لم يكن معلوما فهي للإمام فلا فرق بين القسمين إلاّ في شيء واحد و هو أن بلاد الشرك تملك بالقهر و بلاد المسلمين لا تملك بذلك [- ب -] الموات هو ما لا ينتفع به لعطلته إمّا لانقطاع الماء عنه أو لاستيلاء الماء عليه أو لاستيجامه أو لغير ذلك و بالجملة الأرض الخرب الدارسة يقال لها موات و تسمّى ميتة و مواتا بفتح الميم و الواو و أما الموتان بضمّ الميم و سكون الواو فهو الموت الذريع و رجل موتان القلب بفتح الميم و سكون الواو فهو الذي لا يفهم و يتعلق بها الأحكام ثلاثة إحياء و حمى و إقطاع و قد بيّنا أنّ هذه الأرض للإمام خاصّة ليس لأحد إحياؤها إلاّ بإذنه و إذنه شرط في الإحياء سواء كان قريبا من العمران أو لم يكن و الذمّي لا يملك بالإحياء و لو أذن له الإمام فالوجه أنّه يملكه و إن كان في بلاد الإسلام و لو بادر مبادر فأحياها لم يملكها من دون إذنه و لو كان الإمام غائبا كان المحيي أحقّ بها ما دام قائما بعمارتها فإن تركها فزالت آثاره فأحياها غيره كان الثاني أحقّ فإذا ظهر الإمام كان له رفع يده عنها و ما هو بقرب العامر يصحّ إحياؤه إذا لم يكن مرفقا له [- ج -] المرجع في الإحياء إلى العادة لعدم تنصيص الشارع عليه و يختلف باختلاف الغايات فما يطلب سكناه يفتقر إلى الحائط و لو بخشب أو قصب و السّقف في بعضه و ما يطلب خطيرة يفتقر إلى الحائط خاصّة و لا يشترط فيه السقف و لا تغليق الباب و ما يطلب للزراعة يفتقر إلى التحجير بالمرز أو المسناة و سوق الماء إليها بساقية و شبهها و لا يشترط الحرث و لا الزّرع و لو زرع أو غرس و ساق الماء تحقّق الإحياء و لو عضد الشجر في المستأخمة أو قطع الماء عن المعارف و هيأها بالثمار كان إحياء و لو نزل منزلا فنصب فيه شعرا أو خيمة لم يكن إحياء و أمّا التحجير فيكون بنصب المبروز أو حفر الخندق [- د -] يشترط في التملّك بالإحياء أمور ستّة أن لا يكون مملوكا لمسلم فإنّ ذلك يمنع من مباشرة الإحياء و الموات إذا ذبّ عنها الكفّار في أرضهم فاستولى عليها طائفة لم يملكوا بالاستيلاء و لا تحصل لهم الأولويّة من دون الإحياء الثاني أن لا يكون حريما للعامر كالطريق و الشرب و حريم البئر و العين و الحائط الثّالث أن لا يضعه الشارع موطنا للعبادة كعرفة و المشعر و منى و لو عمر ما لا يتضرّر به المتعبّدون كاليسير ففي الجواز نظر أقربه العدم الرّابع أن لا يكون محجّرا فلو سبق المحجّر لم يجز إحياؤه و للمحجر منعه من الإحياء فإن قهره فأحياها لم يملك الخامس أن لا يكون مقطعا من إمام الأصل كما أقطع النبيّ ص بلال بن الحرث العقيق و أقطع الزبير حفر فرسه يعني عدوه فأجرى فرسه حتّى قام و رمى بسوقه فقال أعطوه من حيث وقع السوط و حكمه قبل الإحياء حكم المتحجر فليس لأحد إحياؤه السادس أن لا يكون قد حماه النبيّ ص و لا مقام الأصل مع بقاء الحاجة فإنّ ذلك يفيد المنع من المشاركة [- ه -] التحجير لا يفيد ملكا بل أولويّة و اختصاصا فإن نقله إلى غيره كان الثاني بمنزلته و لو مات فوارثه أحقّ به و لو باعه لم يصحّ لأنّه لم يملكه و إذا اقتصر على التحجير و أهمل العمارة ألزمه الإمام بالإحياء أو التخلية بينها و بين غيره فإن امتنع أخرجها من يده و لو سئل الإمهال لعذر أنظر و لو أحياه غيره في مدّة الإنظار لم يملكه و إن أحياه بعد المدّة ملكه المحيي [- و -] حد الطريق في المواضع المبتكرة في أرض المباحة خمس أذرع و قيل سبع أذرع و هو الأقوى فيتباعد الثاني عن الأوّل بهذا

ص: 130

القدر و حريم الشرب مطرح ترابه و المجاز على جانبيه و لو كان النهر في ملك آخر فتنازعا في حريمه قضي به لصاحب النهر بناء على الظاهر على إشكال و حريم تبر المعطن هي التي يستقى منها لشرب الإبل أربعون ذراعا فلو أراد الثاني حفر بئر أخرى ليستقي إبله تباعد هذا القدر و حريم الناضح و هي التي تسقى منها بالناضح و هو الجمل لسقي الذرع ستون ذراعا فيتباعد الثاني في بئر ناضحة هذا القدر و حدّ ما بين العين إلى العين خمسمائة ذراعا في الأرض الصلبة و ألف ذراع في الرخوة و روى محمد بن علي بن محبوب قال كتب رجل إلى الفقيه عليه السلام في رجل كانت له قناة في قرية فأراد رجل أن يحفر قناة أخرى فوقه فما يكون بينهما في البعد حتّى لا يضر بالأخرى في أرض إذا كانت صعبة أو رخوة فوقع عليه السّلام على حسب أن لا يضرّ أحدهما بالآخر و قضى رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله أن يكون بين القناتين في العرض إذا كانت أرض رخوة ألف ذراع و إن كانت أرض صلبة يكون خمسمائة ذراع و حريم الحائط في المباح مقدار مطرح ترابه للحاجة عند الاستهدام و للدار مقدار مطرح ترابها و مصب مياهها أو مسلك الدخول و الخروج و هذه التقديرات كلّها إنّما هي في الأرض المباحة الموات أمّا في الأملاك المعمورة فلا حريم لها و لكلّ واحد أن يتصرّف في ملكه بحسب العادة و إن تضرّر صاحبه و لا ضمان و لو اتخذه حماما أو موطنا للقصار و الجداد لم يمنع و كذا لو كان يتأذى الجار بالريح كالمدبغ و لو حفر إنسان في داره بئرا و أراد جاره أن يحفر لنفسه بئرا في ملكه بقرب تلك البئر لم يمنع منه و كذا لو حفر بئرا في ملكه و أراد جاره أن يحفر في ملكه بالوعة أو كنيفا لم يمنع منه و إن كان ماء البالوعة و الكنيف يتعدى إلى بئر جاره و لو حفر أحدهما في داره بئرا و حفر الجار أعمق منها بحيث يسري ماء جاره إليه لم يمنع من ذلك و من كان له مصنع فأراد جاره غرس شجرة يسري عروقها فتشق حائط المصنع لم يمنع منه إن لم تدخل العروق في الحائط [- ز -] ما كان يتعلّق بمصالح القرى كمرعى ماشيتها و مخبطها و مسيل مائها و مطرح قمامها و ترابها و آلاتها لا يجوز إحياؤه و لو كان لإنسان شجرة في موات فله حريمها قدر ما يمدّ إليه أغصانها حواليها و في النخل مدى جرائدها و لو أحيا أرضا و غرس في جانبها غرسا يبرز أغصانه إلى المباح أو يسري عروقه إليه لم يكن لغيره إحياؤه و لو طلب الإحياء كان للغارس منعه و لو سبق إلى شجر مباح فسقاه و أصلحه فهو أحقّ به [- ح -] ما به صلاح العامر كالطرق و غيرها مما ذكرنا أنّه حريم العامر الأقرب أنّه مملوك لصاحب العامر [- ط -] الحمى أن يمنع الناس من رعي الشجرة و الكلإ في أرض موات و قد كان العزيز من الجاهلية إذا انتجع بلدا مخصبا أصعد كلبا على جبل أو مرتفع ثمّ استوى الكلب و وقف له من كلّ ناحية من يسمع صوته بالعواء فحيث انتهى صوته حماه من كلّ ناحية لنفسه و ترعى مع العامّة فيما سواه و نهى رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله عن ذلك لما فيه من التضيق على الناس و قال لا حمى إلاّ للّه و لرسوله إذا ثبت هذا فإنّ للنبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله أن يحمي لنفسه و للمسلمين كما حمى عليه السّلام النقيع لخيل المهاجرين بالنقيع بالنون و ليس لآحاد المسلمين أن يحموا لأنفسهم و لا لغيرهم إجماعا و أمّا إمام الأصل فإن له أن يحمي لنفسه و للمسلمين عندنا [- ى -] و للإمام أن يحمي لخيل المجاهدين و إبل الصدقة و نعم الضوالّ و الجزية و لا يضيق على المسلمين في حماه فإذا حمى النبي صلى اللّٰه عليه و آله و الإمام لمصلحة فزالت جاز نقض الحمى و لو نبت في ملك لإنسان كلأ جاز له منع غيره منه (- يا -) للإمام أن يقطع آحاد الناس قطائع من الموات و هو يفيد الاختصاص لا التملّك فإن أحياه المقطع ملكه بالإحياء و إلاّ كان أولى من غيره بالإقطاع ثمّ إن أحياه ملكه و إلاّ كان للإمام استرجاعه و لو طلب الإمهال لعذر أمهل بقدر زواله و لو سبق سابق فأحياه لم يملكه إلاّ أن يكون بإذن الإمام و لا ينبغي للإمام أن يقطع أحدا من الموات ما يمكنه عمارته لما فيه من التضيق على الناس في مشترك بما لا فائدة فيه و ليس له أن يقطع ما لا يجوز إحياؤه كالمعادن الظاهرة و يجوز أن يقطع المعادن الباطنة

الفصل الثّاني في المعادن

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] المعادن قسمان ظاهرة و باطنة و الظاهرة ما لا يفتقر تحصيلها إلى طلب و استنباط و توصل إلى ما فيها من غير مئونة كالملح و النفط و الكبريت و القير و الموميا و الكحل و الترام و الياقوت و أحجار الرحى و مقالع الطين و أشباه ذلك و الباطنة ما لا يوصل إليها إلاّ بالعمل و المئونة كمعادن الذهب و الفضّة و الحديد و النحاس و الرّصاص و البلور و الفيروزج و غير ذلك مما يكون في بطون الأرض و الجبال و لا يظهر إلاّ بالعمل و المئونة عليها و قد اختلف علماؤنا في المعادن ظاهرها و باطنها فقيل إنّها للإمام خاصة و يجعلها من الأنفال و على هذا القول لا يملك بالإحياء من دون إذن الإمام و قال آخرون إنّها للمسلمين لا يختص الإمام منها إلاّ بما يكون في الأودية التي هي ملكه و أما ما كان في أرض المسلمين و يد مسلم عليه فلا يستحقّه ع و هذا عندي أقرب [- ب -] المعادن الظاهرة لا يملك بالإحياء و لا يختص بها أحد بإحيائها و لا بالتحويط حولها و لا بالتحجير و لا بإقطاع السلطان بل هي مباحة كالمياه الجارية فمن سبق إلى موضع منه لم يزعج قبل قضاء وطره و لو قام يريد أخذ فوق حاجته فالوجه أنّه لا يمنع و لو سبق إليه اثنان أقرع بينهما إن لم يمكن الجمع بينهما و يحتمل تمكينهما و يقسم الحاصل بينهما و كل من أخذ شيئا من المعدن ملكه و يجب عليه الخمس فيه [- ج -] المعادن الباطنة يملك بالإحياء و يجوز للإمام إقطاعها لمن شاء و لو كانت ظاهرة كان حكمها حكم المعادن الظاهرة

ص: 131

و إنّما تملك و تحيا إذا كانت باطنة لا تظهر إلاّ بالعمل و إحياؤها يكون بالحفر عليها حتّى يبلغ نيلها و يظهرها و يملكها المحيي بذلك و يجوز للإمام إقطاعها و لا ينبغي له أن يقطع إلاّ ما يقدر المقطع على عمله لئلا تضيق على الناس من غير فائدة و لو سبق إليها أحد كان أولى فإن أحياها و ليس للإمام بعد ذلك إقطاعها بغيره و إن عمل فيها عملا لا يبلغ به النيل و هو تحجير يفيد أولويّة لا تمليكا فإن أهمل أجبره الإمام على إتمام العمل أو التخلية و يمهل لو ذكر عذرا بقدر زواله ثمّ يطالب بأحد الأمرين [- د -] الأرض الموات إذا أحياها إنسان ملكها فإن ظهر فيها معدن ملكه تبعا لها لأنّه من أجزائها سواء كان ظاهرا أو باطنا بخلاف ما لو كان ظاهرا قبل إحيائه و كذا لو اشترى أرضا فظهر فيها معدن فهو له دون البائع بخلاف الكنز و لو حجر أرضا أو أقطعها و ظهر فيها معدن قبل إحياءها كان له إحياؤها و يملكها و يملك المعدن أيضا و لو كان له إلى جانب المملحة أرض موات إذا حفر بها بئر و سبق إليه الماء و صار ملحا صح تملّكها بالإحياء و لو حجرها إنسان كان أولى بها من غيره و كذا لو أقطعه إيّاها الإمام كان أولى [- ه -] لو شرع إنسان في حفر معدن و لم يصل إلى المنتهى كان أولى به و ليس للإمام إقطاعه لغيره و لو حفر آخر من ناحية أخرى لم يكن للأوّل منعه و لو وصل إلى ذلك العرق لم يكن له منعه لأنه إنّما يملك المكان الذي حفره فالعرق الذي في الأرض لا يملكه بذلك فإذا وصل إليه غيره من جهة أخرى فله أخذه أما لو وصل الأول إلى العرق فهل للثاني الأخذ منه من جهة أخرى الوجه المنع و أنّ الأوّل يملك حريم المعدن و لو ظهر في ملكه معدن بحيث يخرج النيل عن أرضه فحفر إنسان من خارج أرضه فهل له الأخذ مما خرج عن أرضه فيه إشكال ينشأ من أنّ الأوّل إنما يملك ما هو من أجزاء أرضه و لو عمل جاهليّ في أرض المشركين حتّى وصل إلى المعدن ثمّ فتح البلد المسلمون لم يكن المعدن غنيمة و لا يملكه الغانمون و يكون على الإباحة كالموات لأنّه لا يعلم هل قصد الجاهلي التملك فيغنم أو لا فيبنى على أصل الإباحة [- و -] لو ملك إنسان معدنا فعمل فيه غيره بغير إذنه فالحاصل للمالك و لا أجر للعامل لتبرّعه بالعمل و لو عمل بإذن المالك على أن ما يخرجه للعامل قال الشيخ لا يصحّ لأنها هبة مجهولة و المجهول لا يصحّ تملّكه إلاّ أن يجدّد عقد الهبة بعد الإخراج و يقبضه إياه و لا أجرة للعامل لأنّه عمل لنفسه و إنّما يثبت الأجر إذا عمل لغيره بعمل صحيح أو فاسد و ينزل ذلك منزلة من وهب زرعه المجهول لغيره فقبله الموهوب و صفاه و لا شيء له من الزّرع و لا أجرة على عمله و إن عمل بإذن المالك للمالك و لم يعيّن أجرة ثبت له أجرة المثل إذا كان العمل مما يستحقّ عليه أجرة و إن عيّن أجرة معيّنة صحّ و كذا الجعالة إن كانت مجهولة ثبت أجرة المثل و إلاّ يثبت ما جعل له و الوجه عندي أنّ المالك إذا أذن له في العمل لنفسه كان إباحة و له الرجوع فيما أخذه العامل ما دامت العين باقية و لا أجرة له لو رجع المالك و لو قال اعمل فيه كذا و لك الحاصل بشرط أن يعطيني ألفا لم يصح و لو استأجره لحفر عشرة أذرع في دور كذا بدينار صحّ لأنّها إجارة معلومة فإن ظهر عرف ذهب فقال استأجرتك لتخرجه بدينار لم يصحّ لجهالة العمل و لو قال إن استخرجته فلك دينار صحّ جعالة لصحة الجعالة مع جهالة العمل إذا كان العوض معلوما

الفصل الثالث في المياه

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] أقسام الماء ثلاثة محرز في الأواني فهو ملك لمحرزه بإجماع العلماء و ماء الأنهار و ماء الآبار و الأوّل قسمان إمّا نهر مملوك أو غيره و الثاني إمّا أن يكون عظيما كالنيل و الفرات و الدّجلة و غيرها مما يشاركها في عدم التضرّر بالسّقي منها فهذا لا يزاحم فيه و لكلّ أحد أن يسقي كيف شاء أو يكون صغيرا يزدحم فيه الناس و يقع فيه التشاح أو يكون سيلا يتشاجر أهل الأرض الشاربة منه و يقصر عن كفايتهم فيبدأ بمن في أوّل النهر و هو الذي يلي فوهته و يحبس عليه الماء للزرع إلى الشراك و للشجر إلى القدم و للنخل إلى الساق ثمّ يرسل إلى الذي يليه فيضع كذلك إلى أن ينتهي الأراضي التي عليه و إن لم يفضل عن الأوّل شيء أو عن الثاني أو عمّن يليهم فلا شيء للباقين لأنّهم ليس لهم إلاّ ما فضل و لا يجب إرساله قبل ذلك و إن أدّى إلى تلف الأخير و الأصل في ذلك قصّة [قضية] الزبير [مع] الأنصاري في شراج الحق و لو كان أرض صاحب الأعلى مختلفة بالعلو و السفل سقى كلّ واحد على حدته و لو استوى اثنان في القرب من الفوهة اقتسما الماء بينهما إن أمكن و إلاّ أقرع فيقدّم من يقع له و لو كان الماء لا يفضل عن أحدهما سقى من يقع له القرعة بقدر حصّة [حصته] من الماء ثمّ تركه للآخر و ليس له السقي بجميع الماء لمساواة الآخر له في الاستحقاق و القرعة للتقدم في استيفاء الحق لا في أصله بخلاف الأعلى و الأسفل فإنّ الأسفل لا حق له إلاّ في فاضل الأعلى و لو زادت أرض أحدهما قسّم الماء على قدر الأرض لمساواة الزائد من الأرض في القرب فاستحقّ جزءا من الماء و لو كان لجماعة رسم شرب من نهر غير مملوك أو سيل فجاء آخر ليحيي مواتا أقرب إلى رأس النهر من أرضهم لم يكن له أن يسقي قبلهم لأنّهم أسبق و من ملك أرضا ملك حقوقها و مرافقها فلا يملك غير إبطال حقّها و الأقرب أنّه ليس لهم منعه من إحياء ذلك الموات لأنّ جهة حقّهم في النهر لا في الموات فلو سبق إنسان إلى سيل ماء أو نهر غير مملوك فأحيا في أسفله مواتا ثمّ أحيا آخر فوقه ثمّ أحيا ثالث فوقهما كان للأوّل و هو الأسفل السقي أوّلا ثمّ الثاني ثمّ الثالث و أمّا النهر المملوك فإن كان منبع الماء مملوكا كان يشترك جماعة في استنباط عين و إجرائها فإنّهم

ص: 132

يملكونها لأنّ ذلك إحياء لها فإنّ معنى الإحياء أن ينتهي العمارة إلى قصدها بحيث يتكرّر الانتفاع بها على صورتها و يشتركون فيها و في ساقتيها على قدر نفقتهم عليها و يملكون الماء و ليس لأحد التصرّف فيه إلاّ بإذنهم صريحا أو عرفا كالوضوء منه و الشرب و الغسل و غسل الثوب بخلاف شرب الماشية الكثيرة مع قلّة الماء فإنّه ضرر على المالك و إن كان النهر يأخذ من الماء المباح بأن يأخذ من نهر كبير فما لم يتّصل الحفر لا يملكه و إنّما هو تحجر [تحجير] و شروع في الإحياء فإذا اتّصل الحفر كمل الإحياء و ملكه و إن لم يجر الماء فيه لأنّ الإحياء يحصل بالتهيئة للانتفاع و يصير مالكا لقرار النهر من كلّ جانب و لحريمه أيضا و الماء الحاصل في هذا النهر لمالكه الأولوية على غيره و لا يملكونه بجريانه بل يكونون أولى من غيرهم قاله الشيخ رحمه اللّٰه [- ب -] لو كان النهر المملوك لجماعة كان ماؤه بينهم على قدر النفقة على عمله و كذا أصله فإن كفى الجميع فلا بحث و إلاّ فإن تراضوا على قسمته بالمهاياة أو غيرها صحّ و إن تشاحوا قسّمه الحاكم على قدر حقوقهم فيه فيوضع خشبة صلبة أو حجر مستوي الطّرفين و الوسط فيوضع على موضع مستو من الأرض في مصدم الماء فيه ثقوب متساوية في السعة على قدر حقوقهم يخرج من كلّ ثقب إلى ساقية منفردة لكلّ واحد منهم فإن حصل الماء في ساقية انفرد به فإن اختلف [اختلفت] الحقوق بأن يكون لأحدهم نصفه و للآخر ثلثه و للثالث سدسه جعل فيه ستة ثقوب لصاحب النصف ثلاثة يصبّ في ساقيته عشرة ثقوب و لصاحب الثلث اثنان و لصاحب السّدس واحد و لو كان لواحد الخمسان و الباقي لاثنين متساويين جعل فيه عشرة ثقوب لصاحب الخمسين أربعة تصب في ساقية و لكل واحد من الآخرين ثلاثة تصب في ساقية له و لو كان لعشرة لخمسة منهم أراض قريبة و لخمسة بعيدة جعل الأصحاب القريبة خمسة ثقوب لكلّ واحد ثقب و للباقي خمسة تجري في النهر إلى أن يصل إلى أرضهم ثمّ يقسم بينهم قسمة أخرى و لو أراد أحدهم أن يجري ماؤه في ساقية أخرى لتقاسمه في موضع آخر لم يجز إلاّ برضاهما و لو قلنا بمقالة الشيخ رحمه اللّٰه في أنّ هذا الماء غير مملوك لأرباب النهر بل يكون أولى من غيرهم يحتمل أن يكون الماء في هذا النهر حكمه في نهر غير مملوك و أنّ الأسبق أحقّ بالسّقي منه ثمّ الذي يليه لأنه غير مملوك فكان السابق أولى [- ج -] إذا حصل نصيب إنسان في ساقيته كان له أن يسقي به ما شاء سواء كان لها رسم شرب من هذا النهر أو لم يكن و له أن يعطيه من يسقي به و كذا لو كان له داران إحداهما إلى درب غير نافد و ظهر أحدهما إلى ظهر الأخرى جاز له فتح باب بينهما و كذا لو كان يسقي من هذا النهر بدولاب جاز له أن يسقي بذلك الماء أرضا لا رسم لها فيه و كذا لو كان الدولاب يغرف من نهر غير مملوك جاز أن يسقي بنصيبه من الماء أرضا لا رسم لها فيه [- د -] لكلّ واحد من المشتركين في النهر المملوك أن يتصرّف في ساقية المختصّة به بما أحبّ من إجراء غير هذا الماء فيها أو عمل رحى عليها أو دولاب أو عبارة و غير ذلك من التصرّفات أمّا النهر المشترك فلا يتصرّف أحد منهم فيه بشيء من ذلك إلاّ برضا أربابه أجمع و لو أراد أحد الشركاء أن يأخذ من ماء النهر قبل حقّه شيئا يسقي به أرضا في أوّل النهر أو غيره أو أراد غير الشركاء ذلك لم يجز و لو فاض ماء النهر المملوك إلى ملك إنسان فهو مباح إذا كان منبع الماء مباحا كالطائر يعشش في ملك إنسان فإنّه لا يملكه بذلك [- ه -] إذا قسّم الشركاء ماء النهر المشترك بالمهاياة صحّ إذا جعل حقّ كلّ واحد منهم معلوما كأن يجعلوا لكلّ واحد يومين أو أقلّ أو أكثر و كذا لو قسّموا النهار بالساعات إذا ضبطت و لو أراد أحدهم أن يسقي أرضا لا حقّ لها في النهر في نوبته أو يؤثر به غيره أو يقرضه إياه جاز إذا لم يضر الحافة و النهر و لو أراد أن يجري مع مائه في هذا النهر ماء آخر له في نوبته مع عدم الضرر فالوجه الجواز [- و -] إذا احتاج النهر المملوك إلى كرى أو سدّ ثقب فيه أو إصلاح حاشيته أو شيء منه فعلى أربابه بحسب ملكهم فيه فيشترك الجميع في الإنفاق إلى أن يصلوا إلى الأوّل ثمّ لا شيء على الأوّل و يشترك الباقون إلى أن يصلوا إلى الثاني ثم يشترك من بعده كذلك إلى آخره كلّ ما انتهى العمل من أوّله إلى موضع واحد منهم لم يكن عليه فيما بعده شيء لأنّ الأوّل إنّما ينتفع في موضع شربه ثمّ يختص بالانتفاع من دونه بما بعده و يحتمل اشتراك الجميع في الأجرة و الإنفاق فإنّ الأول ينتفع بالسقي بالحدّ الواصل إليه و بمصب مائه بما بعده و لو فضل عن جميعهم ما يحتاج إلى مصرف فنفقته على الجميع [- ز -] أقسام الآبار ثلاثة ما يحفر في ملك و ما يحفر في الموات للتملك و في هذين القسمين يملك الحافر البئر و ماءها و يجوز بيعه إذا أحرزه في آنية و عينه بالقدر و لو باع ماء البئر لم يجز لعدم التميز و ما يحفر في الموات لا للتملك قال الشيخ إنّ الحافر لا يملك لأنّه لم يقصد به التملك و إنّما يملك له بالإحياء ما يقصد تملّكه به نعم يكون أولى من غيره مدة مقامه فإذا رحل كان السابق أولى فإن عاد المالك فالوجه عدم أولويّته قال الشيخ رحمه اللّٰه و كلّ موضع قلنا إنّه يملك البئر فإنّه أحق من مائها بقدر حاجته لشربه و شرب ماشيته و سقي زرعه فإن فضل بعد ذلك شيء

ص: 133

وجب عليه بذله بلا عوض للمحتاج إليه لشربه و شرب ماشيته من السائلة و غيرهم و لا يجب لسقي زرعه بل يستحبّ و الوجه عندي عدم الوجوب في الجميع [- ح -] إحياء البئر حفرها إلى أن يظهر الماء فإن لم يصل إليه فهو كالحجر و البئر التي لها ماء ينتفع المسلمون فيه و ليست ملكا لأحد فلا يجوز لأحد الاختصاص بها و كذا العيون التابعة في المباحة و ماء العيون و كلّ ماء لم يظهر بعمل و لا جرى بحفر نهر بل لكلّ أحد أخذ ساقية منه فيجري الماء إلى أرضه [- ط -] القناة المشتركة كالنهر المملوك يملكه الحافرون لها بحسب الاشتراك في العمل و لهم القسمة بنصب خشبة فيها ثقب متساوية و يصحّ المهاياة و الوجه عدم لزومها

الفصل الرابع في المنافع

و فيه (- يج -) بحثا [- ا -] منفعة الطرق الاستطراق فيها و الناس فيها شرع سواء و لا يجوز الانتفاع فيها بغير الاستطراق بما يضرّ المارة و يجوز بما لا يفوت فيه منفعة الاستطراق كالجلوس الّذي لا ضيق فيه ثمّ السابق إلى الجلوس في المباح أولى فلا يجوز له إزعاجه فإن قام بطل حقّه فإن عاد بعد أن سبق إلى مكانه لم يكن له الدّفع و لو قام قبل استيفاء غرضه بعزم العود فالوجه عدم الاختصاص و لو جلس للبيع و الشراء احتمل المنع إلى المواضع المتسعة كالرحاب و في موضع الجواز لو قام و رحله باق فهو أولى من غيره و لو رفعه بنيّة العود فالوجه عدم الأولويّة و إن استضرّ بتفريق معامليه و لو سافر أو قعد في موضع آخر أو ترك الحرفة أو طال مرضه زال اختصاصه قطعا و لا يجوز إقطاع مثل هذه المواضع إذا الملك ليس مطلوبا منه و كذا لا يجوز تحجيره و لا إحياؤه [- ب -] منفعة المساجد الكون للعبادة و يجوز الجلوس فيها لغيرها فمن سبق إلى مكان من مسجد فهو أحقّ به مدة جلوسه فإن قام بطل اختصاصه و لو عاد كان كغيره و لو قام بنية العود فإن كان رحله باقيا فيه فهو أولى و إلاّ فلا سواء قام لتجديد طهارة أو إزالة نجاسة أو غيرهما و لو سبق اثنان إلى موضع فإن أمكن الاجتماع و إلاّ أقرع و لو جلس في موضع منه ليقرأ عليه القرآن أو العلم و تألّفه أصحابه فهو كمقاعد الأسواق [- ج -] منفعة المدارس و الربط الاستيطان فيها كما اشترطه الواقف فمن سكن بيتا ممن له السكنى فهو أحقّ به و إن طالب المدة و لو شرط الواقف سكنى مدّة لم يتجاوزها و لو شرط الاشتغال بالعلم لزم فإن أهمل أخرج و إلاّ لم يجز إزعاجه و لو شرط الواقف في سكنى البيت عددا لم يجز الزيادة عليه و إلاّ كان له المنع من المشاركة في السكنى ما دام متّصفا بما يستحقّ به السكنى و لو فارق لعذر ففي الأولويّة مع عوده إشكال و لو طال الاستيطان على هذه الانتفاعات المشتركة و صار كالتملك الذي أبطل أثر الاشتراك ففي الإزعاج إشكال [- د -] الطرق الناقذة هواؤها كالموات فيما لا يضرّ بالمارة و لكلّ واحد أن يتصرف في هوائه بما لا ضرر فيه على المارة كإخراج الرواشن و الأحجّة و الساباط إذا كانت عالية و لو عارض فيه مسلم فالوجه عدم فعله ثمّ الضّرر يحصل بمنع المحمل مع الكنيسة و لو كانت مضرّة وجب إزالتها إجماعا و هل يجب لو أظلم بها الطريق الوجه ذلك و يجوز فتح الأبواب و الروازن و الشبابيك فيها و لو على الدرب بعد الوضع وجب إزالته و لو أخرج بعض روشن ما لم يكن لمقابله معارضته و إن استوعب عرض الدّرب فإن سقط ذلك الروشن جاز [لمقابله إخراج روشن فإن سبق لم يكن للأوّل منعه و لو سبق الأول إلى إعادة روشنه لم يكن] لمقابله منعه و لا يجوز غرس شجرة و لا بناء دكّة في الطرق النافذة و إن لم يضيق الطريق نعم لو بنى في الزائد عن المقدار الذي حددناه لم أستبعد جوازه و لا يجوز أن يحفر في النافذة بئرا لنفسه سواء جعلها لماء المطر أو ليستخرج فيها ما ينتفع به و لو أراد حفرها للمسلمين و نفعهم أو نفع الطريق مثل أن يحفرها ليسقي الناس من مائها و تشرب منه المارة أو لينزل فيها ماء المطر عن الطريق فإن كان مما يضرّ بالمارة لم يجز و إن حفرها في زاوية من طريق واسع و يجعل عليها ما يمنع السقوط فيها و لا يضيّق الممرّ على المسلمين جاز و يجوز نصب الميازيب إلى الطريق الأعظم لقضاء العادة و قد نصب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله ميزاب العباس و قلعه عمر فمنعه عليّ عليه السلام و أخبره بأنّه فعل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله فردّه كما كان [- ه -] الطرق المرفوعة لا يجوز لأحد إحداث باب فيها متجدّدا إلاّ بإذن جميع أربابها و كذا لا يجوز إخراج روشن و لا ساباط و لا إخراج جناح و لا بناء دكان و لا حفر بالوعة و لا نصب ميزاب فيها إلاّ بإذن جميع أربابها سواء كان فاعل ذلك من أرباب الدّرب أو من غيرهم و يجوز جميع ذلك بإذن أربابه و لو صالحهم من ذلك على عوض معلوم جاز بشرط كون ما يخرجه معلوم المقدار في الخروج و العلوّ و كذا البحث فيما يخرجه إلى ملك إنسان معيّن و لا فرق في الدّرب المرفوع بين إحداث ما يضرّه و ما لا يضرّه و لو أراد فتح باب لا يستطرق فيه منع دفعا للشبهة و يجوز فتح الروازن و الشبابيك من غير إذنهم و لو أذنوا في الممنوع جاز و لم يكن لغيرهم المنع و لو أراد حفر البالوعة في الدرب المرفوع كان لأربابه المنع سواء كان لنفعه أو لنفعهم و لو أحدث في الطريق المرفوع حدثا بغير إذن أربابه جاز لكلّ أحد له فيه حقّ إزالته و لو أذنوا في فتح الباب أو حفر البالوعة أو إخراج روشن أو جناح أو ميزاب فالأقرب جواز الرجوع لهم بعد الوضع ما لم يكن بعقد صلح لازم أما قبل الفعل فإنّه يجوز قطعا و على تقدير الرجوع بعد الفعل ففي لزوم الأرش

ص: 134

لهم نظر أقربه أنّه عارية [- و -] إذا كان لاثنين بابان في درب مرفوع أحدهما أقرب إلى رأسه فهما مشتركان فيه إلى باب الأوّل و ينفرد الثاني بما بين البابين و لو كان في الزقاق فاصل إلى صدره و تداعياه فهما سواء فيه و يجوز لكلّ منهما أن يقدّم بابه إلى رأس الدّرب و لو أراد بعد النقل الرجوع إلى موضعه الأوّل جاز و لو أراد كلّ منهما نقل بابه إلى داخل الدرب لم يكن له ذلك و يحتمل ذلك لأنّ له جعل بابه في أوّل البناء في أيّ موضع شاء و الأوّل أولى و لو قيل للثاني الدخول إلى صدر الدرب كان قويّا لأنّه على ما اخترناه أوّلا لا منازع له فيه و على الاحتمال لكلّ منهما ذلك و لو أراد كلّ منهما أن يفتح في داره بابا آخر أو يجعل داره دارين يفتح لكلّ واحدة بابا جاز إذا وضع البابين في موضع استطراقه و لو كان ظهر دار أحدهما إلى شارع نافذ ففتح في حائطه بابا إليه جاز أمّا لو كان بابه في الشارع و ظهر داره في الزقاق المرفوع فأراد أن يفتح بابا في المرفوع لم يكن له ذلك و لو كان له داران ظهر كلّ واحد منهما إلى ظهر الآخر و لكلّ منهما باب في زقاق مرفوع جاز له فتح باب في الحائط الفاصل بينهما [- ز -] الحائط المشترك لا يجوز فتح باب فيه و لا طاق إلاّ بإذن شريكه و كذا لا يغرز فيه وتدا و لا يبني عليه حائطا و لا سترة و لا فتح روزنة و لا شباك و لا يتصرّف فيه بشيء إلاّ بإذن شريكه و لو فعل شيئا من ذلك بغير إذنه كان للشريك إزالة ما أحدثه و إلزامه بالأرش و كذا لا يجوز فعل شيء من ذلك في حائط الجار إلاّ بإذنه و أمّا الاستناد إليه و استناد ما لا يضر به فلا بأس لعدم التحرّز منه فصار كالاستظلال و لا يجوز وضع خشبة على الحائط المشترك و لا على حائط الجار إلاّ بإذن الشريك و المالك و لو كان خشبة واحدة و لو التمس ذلك من الجار لم يجب عليه إجابته لكنّ يستحبّ سواء كان مضرّا بالحائط أو لم يكن و سواء مع عدم الضّرر الاحتياج إلى الوضع و عدمه و لو لم يمكن التسقيف إلاّ به مع الحاجة إليه و لو أذن الجار في الوضع جاز له الرجوع قبل الوضع إجماعا و بعد الوضع الجواز أولى مع الأرش و لو انهدم لم يعد الطرح إلاّ بإذن مستأنف و يجوز له أن يصالحه ابتداء على الوضع بشرط ذكر عدد الخشب و وزنه و طوله و لا يجوز وضعه على جدار المسجد أيضا سواء كان مضرّا به أو نافعا له و لو أذن الجار في الوضع فوضعه أو صالحه على وضعه ثمّ سقط أو قلعه أو أسقط الحائط ثمّ أعيد لم يكن له إعارة خشبة إلاّ أن يكون الصلح لمدة باقية فله الوضع إلى انتهائها و من استحقّ وضع خشبة على جاره فأراد إعارته أو إجارته لذلك جاز إن [إذا] لم يكن الضرر أكثر و لو أراد صاحب الحائط إعارة حائط أو إجارته على وجه يمنع هذا المستحقّ عن وضع خشبة لم يكن له ذلك و لو أراد هدم الحائط لغير حاجة لم يملك ذلك و لو أراد هدمه للخوف من سقوطه كان له ذلك و عليه إعادته و لو أراد تحويل الحائط لم يملك ذلك إلاّ بإذن صاحب الخشبة و لو أعاره الحائط لوضع الخشب فوضعه ثمّ أراد صاحب الحائط هدمه بغير حاجة فالوجه أنّه ليس له ذلك إلاّ مع الأرش و أمّا لو انهدم أو استهدم فنقضه لم يجب عليه الإعادة فإن أعاده لم يملك المستعير ردّ خشبة إلاّ بإذن مستأنف و كذا لو انقلعت خشبة المستعير لم يكن له إعادتها إلاّ بإذن جديد و كذا لو أزالها أجنبيّ عدوانا و لو آجره الحائط مدّة من الزمان ليبني عليه جاز بشرط أن يكون البناء معلوم العرض و الطول و السمك و الآلات من الطين و اللبن و الآجر و إذا زال قبل المدّة فله إعادته سواء زال بسقوطه أو سقوط الحائط و لو سقط الحائط سقوطا لا يعود انفسخت الإجارة في الباقي و رجع من الأجرة بنسبة ما يخلّف من المدّة و لو صالحه المالك على رفع بنائه عنه أو خشبته جاز كما يصحّ الصّلح على الوضع و كذا لو كان له مسيل ماء في أرض غيره أو ميزاب فصالح صاحب الأرض مستحقّ ذلك على إزالته بعوض جاز و لو سقط الخشب أو الحائط فصالحه على أن لا يعيده بشيء جاز و لو وجد بناه أو خشبة على حائط مشترك أو على حائط جاره أو وجد ميزابه يقذف في ملك غيره أو مجازه فيه و لم يعلم سببه ففي استحقاقه الاستمرار نظر و كذا الإشكال في إعادته بعد زواله و لو اختلفا في استحقاق ذلك احتمل تقديم صاحب الخشب و البناء و الميزاب و المسيل لأنّ الظاهر أنّه يجوز [يحق] و عدمه لأنّ الأصل عدم الاستحقاق (- ح -) لو تداعيا جدارا و كان متّصلا ببناء أحدهما فهو أولى مع اليمين و عدم البيّنة و لو كان متّصلا بهما أو غير متّصل بأحدهما و لا بيّنة قضي للحالف منهما فإن حلفا أو نكلا فهو لهما و لو كان لأحدهما عليه بناء أو عقد معتمدا عليه أو قبة أو سترة أو كان في أصل الحائط خشبة طرفها الآخر تحت حائطه منفرد به فهو أولى و كذا لو كان لأحدهما عليه خشب موضوع فإنّه أرجح من الآخر و لو كان خشبة واحدة و لا اعتبار بالخوارج و وجوه الأجر و لا كون الأجرة الصّحيحة مما يلي أحدهما و لا الترويق و لا التحسين و لا الروازن فلو اختلفا في خصّ قضي لمن إليه معاقد قمطه على رواية و لو تنازع صاحب العلو و السّفل في جدران البيت فهي لصاحب السفل و لو تنازعا في جدران الغرفة فهي لصاحب العلو و لو تنازعا في سقف الغرفة فهو لصاحبها و كذا لو تنازعا في سطحها و لو تنازعا في الدّرجة فهي لصاحب العلو و لو تنازعا في الخزانة التي تحت الدرجة فهي لهما و العرصة التي عليها الذوبة لصاحب العلو و لو تنازع صاحب السفل في الخان و صاحب العلو في الصحن قضي بما يسلك فيه إلى العلو بينهما و اختص صاحب السّفل بالباقي و لو تنازعا في مسناة [مثناة] بين نهر أحدهما و صحراء الآخر فهي لهما بعد التحالف و لو تنازع راكب الدابة

ص: 135

و قابض لجامها قيل هي لهما و الأقوى الحكم بها للراكب مع اليمين و يتساويان لو تنازعا في ثوب في يد أحدهما أكثر أو في عبد و لأحدهما عليه ثياب أمّا لو تنازعا في دابة و لأحدهما عليه حمل فإنّه يحكم بها لصاحب الحمل مع يمينه و لو تداعيا غرفة على بيت أحدهما و بابها إلى غرفة الآخر حكم بها لصاحب البيت [- ط -] لو انهدم الحائط المشترك لم يجبر الممتنع من الإعادة عليها و لو طلب شريكه البناء لم يكن له منعه و له بناؤه بإنقاضه أو بآلات من عنده فإن بناه بإنقاضه فالحائط على الشركة و إن بناه بآلات من عنده فالحائط للباني و لو أراد الشريك منعه من بنائه بآلات من عنده فالوجه ذلك فإذا بناه بإنقاضه لم يكن للشريك نقضه و لا للباني و إن بناه بآلات من عنده فللباني نقضه و ليس للشّريك ذلك و لا له وضع خشبة و رسومه عليه و لو أراد الباني النقض فقال للشريك أنا أدفع نصف قيمة البناء و لا تنقضه لم يجبر و لو قال إمّا أن تأخذ نصف قيمته لا تنفع بوضع خشبي أو تقلعه لنعيد البناء بيننا لزمه الإجابة و لو لم يرد الشريك الانتفاع فطالبه الباني بالغرامة أو القيمة لم يلزمه ذلك و لو كان قد أذن له في الإنفاق و ضمنه كان له المطالبة و لو لم يكن بين ملكيهما حائط و طلب أحدهما من الآخر بناء حاجز لم يجبر الممتنع و لو أراد البناء وحده لم يكن له البناء إلاّ في ملكه و لو كان العلو لرجل و السّفل لآخر فانهدم السقف و طلب أحدهما المباناة من الآخر لم يجبر الممتنع و لو انهدمت حيطان السّفل لم يكن لصاحب العلو مطالبة بإعادتها و لو طلب صاحب العلو بناء لم يكن لصاحب السفل منعه فإن بناه صاحب العلو بالإنقاض فهو كما كان و إن بناه بآلة من عنده لم يكن لصاحب السفل الانتفاع به من طرح الخشب و رسم الوتد و له السكنى في السفل و لو طلب صاحب السفل البناء فإن امتنع صاحب العلو لم يجبر على البناء [- ى -] لو انهدم الحائط المشترك بفعل أحدهما فإن كان قد خيف سقوطه و وجب هدمه فلا شيء على الهادم و إن كان لغير ذلك وجب عليه إعادتها سواء هدمه لحاجة أو غيرها و الشريك في الحائط لا يجوز له التصرّف فيه ببناء و غيره إلاّ بإذن شريكه سواء قلّ الضرر أو كثر و لو هدمه بإذن شريكه و شرط إعادته وجب عليه الإعادة و لو أذن في الهدم و لم يشترط الإعادة لم يلزم الهادم و لو قيل بلزوم الأرش مع الهدم بغير الإذن لا الإعادة كان وجها و لو كان الحائط نصفين فاتّفقا على بنائه على الثلث جاز و لو اصطلحا على أن يحمله كلّ واحد منهما ما شاء بطل الصلح للجهالة (- يا -) لو كان بينهما نهر أو قناة أو دولاب أو ناعورة أو عين فاحتاج إلى عمارة لم يجبر الممتنع و لو أنفق أحدهما عليه لم يكن له منع شريكه من الانتفاع بالماء و لو كان بينهما عرصة جدار فاتفقا على قسمتها جاز طولا و عرضا و لو اختلفا طلب أحدهما القسمة طولا و الآخر عرضا أجبر الممتنع على ما لا ضرر فيه و لو كان فيهما ضرر لم يجز القسمة و لو طلب القسمة عرضا و لا يفي العرض بحائطين لم يجبر الممتنع و إن وفى بهما احتمل الإجبار لانتفاء الضرر و عدمه لانتفاء القرعة إذ معها ربّما يحصل لكلّ منهما ما يلي ملك جاره فلا ينتفع به فلو أجبرناه لأجبرناه على أخذ ما يليه من غير قرعة و لا مثل لذلك في الشرع و لو اقتسماه عرضا فبنى كلّ منهما حائطا و بقيت بينهما فرجة لم يجبر أحدهما على سدّها و لا يمنع منه لو أراده و لو كان بينهما حائط فاتفقا على قسمته طولا جاز و يعلم بين نصيبهما بعلامة و لو اتّفقا على القسمة عرضا احتمل جوازه لانحصار الحقّ فيهما و عدمه لعدم تميز نصيب أحدهما من الآخر بحيث يمكنه الانتفاع بنصيبه دون صاحبه فإنّه لو وضع خشبة على أحد جانبيه كان ثقله على الحائط أجمع و لو طلبا قسمة الحائط لم يجبر الممتنع (- يب -) للرجل أن يتصرّف في ملكه و إن استضرّ جاره فله أن يبني حماما بين الدور و يفتح خبازا بين العطارين و يجعله دكان قصارة و يحفر بئرا إلى جانب بئر جاره و لو كان سطح أحدهما أعلى من سطح الآخر لم يجب على صاحب الأعلى بناء سترة نعم يحرم عليه الشرف و لو حصلت أغصان شجرته في هواء ملك غيره أو هواء جدار له فيه شركة أو على نفس الجدار وجب على مالك الشجرة إزالة تلك الأغصان إما بردّها إلى ناحية أخرى أو بالقلع و لو امتنع من إزالته أجبر و لو تلف بها شيء بعد الأمر بالإزالة ضمنه و لصاحب الهواء إزالته إمّا بالقطع أو بالعطف و ليس له القطع مع إمكان العطف فإن أتلفها مع إمكان عدولها عنه بغيره ضمن و لا يفتقر في ذلك إلى إذن الحاكم و لو صالحه على إبقائه على الجدار أو في الهواء صحّ سواء كان الغصن رطبا أو يابسا بشرط تقدير الزيادة أو انتهائها و العوض و لو صالحه على ذلك بجزء من ثمرها أو بجميعه لم يجز و كذا الحكم لو امتدّ من عروق شجر إنسان إلى أرض جاره سواء أثرت ضررا أو لا أو مال حائطه إلى ملك جاره أو زلق من أخشابه إليه (- يج -) لو صالحه على موضع قناة من أرضه يجري فيها ماء و بيّنا موضعها و عرضها و طولها جاز و لا حاجة إلى بيان العمق لأن ملك الموضع يستلزم ملكه إلى تخومه فله أن ينزل ما شاء و إن صالحه على إجراء الماء في ساقية من أرض مالك الأرض مع بقاء ملكه عليها جاز مع تقدير المدّة و العلم بالموضع الذي يجري الماء منه و كذا لو كانت الأرض التي فيها الساقية مستأجرة مع المصالح إذا لم يزد على مدته و كذا لو كانت الأرض وقفا على المصالح و سواء كانت الساقية محفورة أو لا و لو مات الموقوف عليه كان لمن انتقل الوقف إليه فسخ الصلح فإذا فسخه رجع المصالح على ورثة الميّت بقسط ما بقي من المدّة و لو صالحه على إجراء ماء سطحه من المطر على سطحه أو في أرضه عن سطحه أو في أرضه عن أرضه جاز إذا علما

ص: 136

مقدار جريان الماء بالمشاهدة أو المساحة لاختلاف الماء بصغر السّطح و كبره بشرط ذكر المدّة و لا يملك صاحب الماء المجرى و لو كان السطح معه مستأجرا أو عارية لم يكن له المصالحة على إجراء الماء فيه لأنّه يستضرّ بذلك بخلاف الساقية في الأرض المستأجرة و لو أراد أن يجري ماء في أرض غيره بغير إذنه لم يجز و إن انتفى الضرر سواء كان هناك ضرورة أو لا و لو صالحه على أن يسقي أرضه من نهره أو من عينه مدّة معلومة جاز و لا يجوز بيع حقّ الهواء لانتزاع جناح من غير أصل يعتمده البناء و كذا بيع حقّ مسيل الماء و مجراه و حقّ الممرّ و كلا الحقوق المقصودة على التأبيد و إن جاز الصّلح عليها لأنّ الجهالة لا يمنع من الصلح بخلاف البيع فلو صالحه على حقّ البناء على أرض وجب ذكر قدر البناء و كيفيّة الجدار لاختلاف الأعراض في تثاقله

كتاب الغصب

اشارة

و فيه مقصدان

الأوّل في أسباب الضّمان

و فيه (- يه -) بحثا [- ا -] أسباب الضمان ثلاثة مباشرة الإتلاف و هو إيجاد علّة التلف كالقتل و الأكل و الإحراق و التسبب و هو إيجاد ملازم العلّة بأن يوجد ما يحصل الهلال عنده بعلّة أخرى إذا كان السبب يقصد لتوقّع تلك العلّة كالحافر في محلّ العدوان فيتردى فيه إنسان و إثبات اليد إمّا مع العدوان كالغصب أو بدونه كاللقطة [- ب -] الغصب هو الاستيلاء على مال الغير بغير حقّ و هو محرّم بالنص و الإجماع قال اللّٰه تعالى لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ و قال اللّٰه تعالى يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله حين قضى مناسكه و وقف بمنى في حجّة الوداع أيّها الناس اسمعوا ما أقول لكم و اعقلوه فإنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم في هذا الموقف بعد عامنا هذا ثمّ قال أيّ يوم أعظم حرمة قالوا هذا اليوم ثمّ قال أيّ شهر أعظم حرمة قالوا هذا الشهر ثم قال أيّ بلدة أعظم حرمة قالوا هذه البلدة قال فإنّ دماءكم و أموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا إلى يوم تلقونه فيسألكم من أعمالكم ألا هل بلّغت قالوا نعم يا رسول اللّٰه قال اللّٰهمّ اشهد ألا و من كانت عنده أمانة فليردّها إلى من ائتمنه عليها فإنّه لا يحلّ دم امرئ مسلم و لا ماله إلاّ بطيبة نفسه فلا تظلموا أنفسكم و لا ترجعوا بعدي كفّارا و قال عليه السّلام من غصب شبرا من الأرض بغير حقّه طوق به يوم القيمة من سبع أرضين و قد أجمع العقلاء كافّة على تحريم الغصب [- ج -] لا يكفي في الغصب رفع يد المالك بل لا بدّ من إثبات يد الغاصب فلو منع المالك عن إمساك دابة المرسلة فتلفت أو من القعود على بساطه فتلف أو من بيع متاعه فتلف أو نقصت قيمة السوقية أو تعيّبت لم يضمن و كذا لو مدّ بمقود دابة عليها مالكها فتلفت بغير المدّ و لو حبس صانعا مدّة عن عمله فكذلك لا يضمن أجرته و لا يضمن الحرّ لو غصبه و إن كان صغيرا و لو تلف بسبب كالحرق و لدغ الحيّة و العقرب و وقوع الحائط قال الشيخ رحمه اللّٰه يضمنه الغاصب إذا كان صغيرا و إن لم يكن بسببه و لو استأجر الحرّ و منعه عن العمل لم يستقرّ الأجرة و لو سكن الضعيف عن مقاومة المالك معه لم يضمن و لو كان المالك خارجا عن الدار ضمن الضعيف و لو قعد على بساط غيره أو ركب دابته ضمن و إن لم يسر بها و كذا لو مدّ بمقودها فقادها إذا لم يكن المالك عليها أو كان عليها و تلفت بذلك الفعل [- د -] يمكن غصب العقار كالدار و المزارع و غير ذلك من الأراضي فيضمنها الغاصب و لو أتلفها ضمنها إجماعا كهدم حيطانها و تفريق أجزائها و كشط ترابها و إلقاء الحجارة فيها و نقص ما يحصل بغرسه أو بنائه و لو دخل أرض إنسان أو داره و المالك غائب ضمنها سواء قصد ذلك أو ظنّ أنها داره أو دار من أذن له في الدخول إليها على إشكال أقربه عدم الضمان إلاّ مع قصد الاستيلاء ليتحقّق معنى الغصب الذي هو الاستقلال بإثبات اليد عليه من دون إذن المالك و قد يتحقّق الغصب بأن يسكن غيره فيه و لو سكن مع المالك قهرا فالوجه أنّه يضمن النصف [- ه -] لو غصب الأمة الحامل كان غاصبا للحمل فلو تلف الحمل ألزم بقيمته بأن يقوم الأمة حاملا أو غير حامل و يلزم بالتفاوت و لو تلف بعد الوضع ألزم بالأكثر من قيمته وقت الولادة إلى يوم التلف و كذا البحث في الدابة الحامل و لو اشترى بالبيع الفاسد الأمة الحامل أو الدابة الحامل ضمن الأصل و الحمل معا [- و -] لو استخدم الحرّ لزمته الأجرة و كذا لو استأجر دابة فحبسها مدّة الانتفاع أو حبسها من غير إجارة [- ز -] الخمر و الخنزير إن غصبا من مسلم لم يضمنا سواء كان الغاصب مسلما أو كافرا و لو غصبا من ذمي مستتر بهما ضمنها الغاصب مسلما كان أو كافرا و لو لم يكن الذميّ مستترا بهما لم يضمنا و يضمنان في موضعه بالقيمة لا بالمثل و إن كان المتلف ذميّا و لو كانت الخمر باقية ردّها على الذميّ لا المسلم و لو أمسكها حتّى صارت خلا ردّها على مالكها فإن تلفت ضمنها له و لو أراقها فجمعها غيره فتخلّلت عنده لم يلزمه ردّ الخلّ لأنّه أخذها بعد زوال اليد عنها و لو غصب كلبا يجوز اقتناؤه و يجب ردّه و لو أتلفه ضمنه بالتقدير الشّرعي و لو حبسه كان عليه أجرته و لو غصب جلد ميتة لم يجب ردّه لو أتلفه أو أتلف الميّتة بجلدها لم يكن عليه شيء و لو كسر صنما أو صليبا أو مزمارا أو طنبورا لم يضمن و يحتمل أن كان إذا فصّل صلح لمباح و إذا كسر لم يصلح لزمه ما بين قيمته مفصلا و مكسّرا و لو كسر آنية ذهب أو فضة لم يضمن و لو كسر آنية الخمر لم يضمنها [- ح -] لا يثبت الغصب فيما ليس بمال كالحرّ و لا يضمن بالغصب و إنّما يضمن بالإتلاف فلو أخذ حرّا فحبسه فمات عنده لم يضمنه و لو استعمله مكرها لزمه أجرة مثله و لو حبس الحرّ و عليه ثياب لم يضمنها صغيرا كان أو كبيرا و أمّ الولد مضمونة بالغصب و كذا ما له قيمة من الكلاب

ص: 137

دون كلب الهراش و يضمن منفعة الكلب و لو اصطاد الغاصب ملك الصيد و عليه الأجرة و لو اصطاد العبد فالصيد للمالك و حينئذ فالوجه دخول أجرته تحته و لو ضمن العبد المغصوب بعد إباقه ففي سقوط أجرته بعد الضمان احتمال [- ط -] كلّ فعل يحصل به التلف فهو موجب للضمان و إن لم يكن غصبا كمن باشر الإتلاف لعين فقتل حيوانا مملوكا أو خرق الثوب أو لمنفعة كمن سكن الدار أو ركب الدابة و كالمسبب بأن يحفر بئرا في غير ملكه عدوانا أو يطرح العاثر في الطرق و أشباه ذلك و لو اجتمع المباشر و السبب فالضمان على المباشر كمن أوقع غيره في بئر حفرها ثالث متعدّيا فالضمان على الدافع و لو كان متلف المال مكرها فالضمان على المكره لضعف المباشرة بالإكراه من [عن] السبب [- ى -] لو فتح قفصا عن طائر أو حلّ دابة فذهبا ضمنهما سواء هاجهما حتّى ذهبا أو لا و سواء ذهبا عقيب الفتح و الحلّ أو مكثا ثمّ ذهبا و كذا لو فكّ قيدا عن عبد مجنون فأبق أمّا لو كان العبد عاقلا أو فتح بابا على مال فسرق فلا ضمان و لو فتح القفص و حلّ الدابة فوقفا فجاء آخر نفرهما فالضمان على المنفر لأنّ سببه أخصّ فاختصّ به الضمان كالدافع مع الحافي و لو وقع طائر إنسان على جدار فنفره آخر فطار لم يضمنه لأنّ تنفيره لم يكن سبب فواته لأنه كان ممتنعا قبل ذلك و لو رماه فقتله ضمنه و إن كان في داره لإمكان تنفيره بغير قتله (- يا -) لو حلّ زقا فيه مائع فاندفق ضمنه سواء خرج في الحال أو على التدريج أو خرج بعضه قبل أسفله فسقط لو ثقل أحد جانبيه فمال على التدريج حتّى سقط أمّا لو قلبته الريح أو زلزلة الأرض أو كان جامدا فذاب بالشمس ففي الضمان إشكال من حيث حصول المباشر فضعف السبب و لو قرب آخر منه نارا فأذابه فسال فالضمان على المقرب فإن سببه اختصّ بحصول التلف عقيبه و لو أذابه أحدهما أوّلا ثمّ فتح الثاني رأسه فاندفق فالضمان على الثاني و لو فتح زقّا مستعلي الرأس فخرج بعضه و استمرّ خروجه على التدريج فنكسه آخر فاندفق فضمان ما بعد التنكيس على الثاني و ما قبله على الأوّل و لو دلّ السرق على المال ضمنه على إشكال و كذا لو أحلّ رباط سفينة فذهبت أو غرقت التهذيب لو أوقد في ملكه نارا أو في موات فطارت شررا إلى دار جاره فأحرقها أو سقى أرضه فسال الماء إلى جاره فغرقها لم يضمن إن لم يفرط بخروج فعله عن العادة و لو علم أو غلب على ظنّه التعدّي إلى الإضرار اختيارا ضمن بأن أجّج نارا تسري في العادة لكثرتها أو في ريح شديدة تحملها أو فتح الماء في أرض غيره أو أوقد في دار غيره و لو سرى إلى غير الدار التي أوقد فيها و الأرض الذي فتح الماء فيها ضمن لأنها سراية عدوان و لو أرسل الماء في ملكه بقدر حاجته و هو يعلم أنّه ينزل إلى ملك غيره و أنّه لا حاجز يمنعه ضمن و كذا لو طرح نارا في زرعه و هو يعلم اتصال زرعه بزرع غيره و أن النار تسري إليه ضمن (- يج -) لو ألقى صبيّا في مسبعة أو حيوانا يضعف عن الفرار فأكله السّبع ضمنه و لو غصب شاة فمات ولدها جوعا ففي الضمان إشكال و كذا لو غصب دابة فتبعها الولد أو حبس مالك الماشية عن حراستها فاتفق التلف و لو ألقت الريح إلى داره ثوب غيره لزمه حفظه لأنّه أمانة حصلت تحت يده على إشكال و إن لم يعرف صاحبه فهو لقطة و لو عرف صاحبه لزمه إعلامه فإن لم يفعل ضمنه و لو سقط طائر في داره لم يلزمه حفظه و لا إعلام صاحبه لأنّه محفوظ بنفسه و لو دخل برجه فأغلق عليه بنيّة إمساكه لنفسه ضمنه و لو لم ينو ذلك لم يضمنه لأن له التصرف في برجه كيف شاء (- يد -) المقبوض بالبيع الفاسد مضمون و كذا المقبوض بالسوم و لو استوفى المنفعة بالإجارة الفاسدة ضمن أجرة المثل و لو أكلت الدابة حشيش غيره ضمن صاحب الدّابة مع تفريطه في حفظها و لو استعار دابة غيره فأكلت ضمن المستعير مع تفريطه سواء تلفت لمالكها أو لغيره و لو كانت البهيمة في يد الراعي ضمن الراعي مع تفريطه دون المالك و إذا جحد المودع فهو غاصب من وقت الجحود و لو غصب آخر من الغاصب تخيّر المالك في الرجوع على أيهما شاء و له إلزامها بالبدل الواحد (- يه -) قال الشيخ رحمه اللّٰه لو خشي سقوط حائط جاز أن يسند بجذع الغير بغير إذنه و احتجّ عليه بالإجماع و فيه نظر

المقصد الثاني في الأحكام

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] يجب ردّ المغصوب مع بقاء عينه و لو أخرجه من بلد الغصب وجب عليه ردّه بعينه و إن غرم عليه أضعاف قيمته و لو دفع الغاصب أجرة الردّ و مكّنه منه في موضعه أو بذل له أكثر من قيمته لم يجب على المالك القبول و لو رضي المالك في موضعه بغير أجرة الردّ أو طلب ردّه إلى بعض الطريق وجب على الغاصب الإجابة بخلاف ما لو طلب حمله إلى مكان آخر في غير طريق الرد و إن كان أقرب أو طلب أجرة الردّ و لو تعسّر الردّ وجب مع إمكانه كاللوح ترقع به السفينة و هي على الساحل أو في اللجة و اللوح في أعلاها و لو خيف الغرق لم يجب و للمالك أخذ القيمة فإذا أمكن رد اللوح استرجعه و ردّ القيمة و لو خيف غرق مال الغاصب خاصّة قلعت و لو استدخل الخشبة في بنائه وجب ردّها بعينها و إن أدّى إلى خراب البناء و كذا لو غصب حجرا فبنى عليه أو خيطا فخاط به ثوبا و لو بلي الخيط و انكسر الحجر أو تلفت الخشبة ردّ القيمة و لو أمكن نزع الخيط من الثوب وجب و ضمن النقص و لو خشي تلفه بانتزاعه ضمن القيمة و لو خاط به جرح حيوان لا حرمة له كالمرتدّ و الكلب العقور و الخنزير وجب ردّه و لو كان له حرمة و خشي من نزعه تلف الحيوان أو الشين أو بطوء البئر وجبت القيمة و لو كان الحيوان مأكول اللحم فالأقرب أنّه كذلك و كلّ موضع يجب فيه ردّ العين لو دفع الغاصب القيمة لم يجب القبول و كذا لو طلبها المالك [- ب -] لو خرج المغصوب بما يمكن

ص: 138

تمييزه كلّف التمييز و إن شقّ كالحنطة بالشعير أو الدخن بالذرّة أو السّمسم بالعدس أو صغار الحبّ بكباره أو أسود الزبيب بأحمره و أجرة المميز على الغاصب و لو لم يمكن تمييز الجميع وجب تمييز ما أمكن و إن لم يمكن تمييزه فإن خلطه بمثله كان شريكا و لو مزجه بأدون أو أجود أو بغير جنسه كالزّيت بالشيرج ألزم الغاصب بالمثل لاستهلاك العين و لو بذل الغاصب مع المزج بالأجود حقّه منه وجب القبول و كذا لو رضي المالك مع المزج بالأدون بقدر حقّه منه لزم الغاصب دفعه و لو اتّفقا على أن يأخذ أكثر من حقّه من الرّديء أو دون حقّه من الجيّد لم يجز لأنّه ربا و يجوز العكس دون حقّه من الرديء و أكثر من حقّه من الجيّد إذ لا مقابل للزيادة و إنّما هي تبرع و الوجه عندي المنع في الجميع مع البيع و الجواز في الجميع مع الصلح و لو مزجه بما لا قيمة له كاللّبن بالماء فإن أمكن تخليصه وجب و إن لم يمكن فإن كان المزج يفسده رجع بمثله و إلاّ بالعين و أرش النقصان [- ج -] لو حدث في المغصوب عيب ضمن الغاصب الأرش سواء كان النقص من الغاصب أو من غيره أو من قبل اللّٰه تعالى إذا كان النقص مستقرّا لتخريق الثوب و تكسير الإناء و تسويس الطعام و خراب البناء و تمزيق الثوب سواء مزّقه قليلا أو كثيرا و لو كان النقص غير مستقرّ كعفن الحنطة قال الشيخ رحمه اللّٰه يضمن قيمة المغصوب و الوجه أنّه يضمن النقص و كلّما تجدّد نقص ضمنه و الأرش قدر نقص القيمة في جميع الأعيان و روى علماؤنا في عين الدابة ربع القيمة و قال الشيخ في عين الدابة نصف قيمته و في العنين كمال القيمة و كذا كلّ ما في البدن منه اثنان و يتساوى بهيمة القاضي و غيره في الأرش [- د -] لو تلف المغصوب أو تعذّر ردّه فإن كان مثليا و هو ما يتماثل أجزاؤه و يتفاوت صفاته كالحبوب و الأدهان وجب ردّ مثله فإن تعذّر المثل ضمن قيمته يوم الردّ لا يوم الإعواز سواء حكم الحاكم بالقيمة عند الإعواز فزادت قيمته أو نقصت أو لم يحكم و لو قدر على المثل بعد دفع القيمة لم يرد عليه و لو وجد المثل بأكثر من ثمن المثل فالوجه وجوب الشراء و إن لم يكن مثلها وجب قيمته فإن لم يختلف من حين الغصب إلى حين الدفع فلا بحث و إن اختلف فإن كان بمعنى في المغصوب من صغير و كبير و سمن و هزال و تعلّم و نسيان و نحوه وجبت القيمة أكثر ما كانت و إن كان الاختلاف فيها لتغيير الأسعار فالأكثر على ضمان القيمة يوم الغصب لأنّه الوقت الذي أزال يده عنه و الوجه عندي ضمان القيمة يوم التلف لأنّ الواجب بالذمّة مع بقاء العين ردّها و إنّما يصار إلى القيمة مع تعذّر الردّ و هو يوم التلف و قال الشيخ رحمه اللّٰه يضمن أعلى القيم يوم الغصب إلى حين التلف و لا عبرة بزيادة القيمة و لا بنقصانها بعد ذلك و الذّهب و الفضة يضمنان بالمثل و قال الشيخ بالقيمة بنقد البلد كما لا مثل له و لو تعذّر المثل و كان نقد البلد بخلاف المضمون في الجنس ضمنه بالنقد و إن كان من الجنس و يساوي المضمون و النقد وزنا جاز و إن تفاوتا قوّم بغير جنسه [- ه -] القيمة السوقية لا يضمن نقصانها بتفاوت الأسعار مع ردّ العين و يضمن الصنعة كالأصل فلو غصبه حليّا فكسره وجب عليه أرشه و كذا لو غصب آنية فكسّرها و لو أتلف المعمول من الحديد و الرصاص و النحاس و الأواني و غيرها و الحليّ من الذهب و الفضة و المنسوج من الحرير و الكتان و القطن و المغزول عن ذلك و شبهه ضمن الأصل بمثله و قيمة الصنعة و إن زادت على الأصل ربويّا كان أو غير ربويّ بخلاف البيع لأن الصّناعة لا تقابلها العوض في العقود و تقابلها في الإتلاف و لهذا لا ينفرد بالعقد و تنفرد بالإتلاف و لو كانت الصّنعة محرّمة لم تكن مضمونة سواء أتلفها خاصّة أو أتلفها مع الأصل [- و -] لو غصب عبدا فمات في يده ضمن قيمته و إن تجاوزت دية الحرّ و لو قتله الغاصب قيل عليه قيمته ما لم يتجاوز دية الحرّ فلا يضمن الزائد و الوجه عندي ضمانه بسبب الغصب و لو قتله غير الغاصب فعليه القيمة ما لم يتجاوز دية الحرّ فلا يضمن الزائد بل يكون الزائد على الغاصب و الأصل على القاتل و لو جنى عليه الغاصب بما دون النفس فإن كانت مقدّرة في الحرّ فهي كذلك في العبد بالنسبة إلى قيمته و إلاّ ففيهما الحكومة و الأقرب عندي إلزام الغاصب بأكثر الأمرين من أرش النقص أو دية العضو لأنّ سبب ضمان كلّ واحد منهما قد وجد فعليه أكثرهما فلو كان تساوي ألفا ثم زادت قيمته فساوى ألفين ثمّ قطع يده فنقص ألفا ألزمه الألف و ردّ العبد لأنّ زيادة السّوق مضمونة مع تلف العين و يد العبد كنصفه و إن نقص ألفا و خمسمائة فعلى ما اخترناه يضمن ألفا و خمسمائة و يردّ العبد و على القول الآخر يرد ألفا و العبد و إن نقص خمسمائة وجب عليه الألف و العبد معا و لو جنى عليه غيره ضمن ما فيه مقدّر في الحرّ بقدره من القيمة فإن زاد الأرش فالزائد على الغاصب و ما لا تقدير فيه فالأرش على الجاني و لو مثّل الغاصب به قال الشيخ رحمه اللّٰه عتق و عليه القيمة و الأقرب اختصاص العتق بالتمثيل بالمولى و لو جنى الغاصب عليه بكمال قيمته قال الشيخ يتخيّر المالك بين دفعه و أخذ القيمة و بين إمساكه بغير شيء تسوية بين الغاصب و غيره و ليس بمعتمد بل يجب دفعه مع القيمة و لو قطع غير الغاصب يده تخيّر المالك في الرجوع على أيّهما شاء فإن رجع على الجاني فله عليه نصف قيمته و لا يرجع على أحد و يضمن الغاصب الزيادة إن زاد الأرش و لا يرجع على أحد و إن رجع على الغاصب لزمه الأكثر من الأرش و نصف القيمة على ما اخترناه فإن تساويا أو كان الأرش أقلّ رجع الغاصب على الجاني

ص: 139

لأنّ التلف حصل بفعله فاستقرّ الضمان عليه و إن زاد الأرش رجع الغاصب على الجاني بنصف القيمة لأنه أرش جنايته فلا يجب عليه الأكثر و لو جنى العبد المغصوب عمدا فقتل ضمن الغاصب القيمة و إن طلب ولي الدم الدّية ألزم الغاصب بأقلّ الأمرين من قيمته و الدية و لو جنى على الطرف عمدا فاقتصّ ضمن الغاصب الأرش و هو ما ينقص من قيمة العبد دون أرش العضو لأنّه ذهب بسبب غير مضمون فاشتبه سقوطه بغير جناية و إن طلب منه الأرش تعلق أرش العضو برقبته و ضمن الغاصب أقلّ الأمرين و لو جنا على سيّده فجنايته مضمونة على الغاصب أيضا لأنّها من جملة جناياته الموجبة للنقص و لو زادت جناية العبد على قيمته ثمّ مات فعلى الغاصب قيمته يدفعها إلى سيّده فإذا أخذها تعلّق بها أرش الجناية فإذا أخذ ولي الجناية القيمة من المالك رجع المالك على الغاصب بقيمة أخرى لأنّ المأخوذة أوّلا استحقّت بسبب وجد في يده فكانت من ضمانه أما لو كان العبد وديعة فجنى بما يستغرق قيمته ثمّ قتله المستودع وجب عليه قيمته و تعلّق بها أرش الجناية فإذا أخذها وليّ الجناية لم يرجع المالك على المستودع لأنّه جنا و هو غير مضمون و لو جنا العبد في يد المالك بما يستغرق قيمته ثمّ غصبه غاصب فجنى في يده بالمستغرق أيضا بيع في الجنايتين و قسّم ثمنه بينهما و رجع المالك على الغاصب بما أخذه الثاني لأن الجناية في يده كان للمجني عليه أوّلا أخذه دون الثاني لأنّ الّذي أخذه المالك من الغاصب هو عوض ما أخذه المجني عليه ثانيا فلا يتعلّق به حقّه و يتعلّق به حقّ الأوّل لأنّه بدل عن قيمة الجاني و لو مات العبد في يد الغاصب فعليه قيمته بينهما و يرجع المالك على الغاصب بنصف القيمة [- ز -] لو نقصت عين المغصوب دون قيمته لأنه مقدم ضامن للجناية الثانية و يكون للمجني عليه أولا أن يأخذه كما قلناه فإن كان الذاهب جزءا مقدّرا لبدل كعبد خصاه و زيت أغلاه ضمن نقص العبد بقيمته و هو دية ما أتلفه و نقص الزّيت بمثله مع ردّ العبد و الزيت و إن كانت الجناية يستغرق قيمة العبد و لو سقط ذلك العضو بآفة فلا شيء له لأنّه يزيد قيمته و إن لم يكن مقدّرا كالسمن المفرط إذا ذهب و لم ينقص قيمته فالواجب ردّه و لا شيء عليه و لو كان النقص في مقدار البدل لكن الذاهب منه أجزاء غير مقصودة كعصير أغلاه حتّى ذهب ثلثاه فنقصت عينه دون قيمته و قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يضمن شيئا و يردّ الباقي لأنّ أجزاء الذاهبة لا قيمة لها و يقصد إذهابها و الوجه عندي وجوب الضمان و لو نقصت العين و القيمة معا وجب ضمان النقيصين كرطل زيت قيمته دراهم أغلاه فنقص ثلثه و صارت قيمته الباقي في نصف درهم وجب عليه ثلث رطل و سدس درهم و لو كانت قيمته الباقي ثلثي درهم فليس عليه أكثر من ثلث رطل و لو خص العبد فنقصت قيمته لم يكن عليه أكثر من ضمان خصيه و لو سمن العبد في يد الغاصب سمنا ينقص به القيمة أو كان شابا فصار شيخا أو كانت الجارية ناهدا فسقط ثدياه وجب أرش النقص إجماعا و لو كان العبد أمردا فنبت لحيته فنقصت قيمته ضمن النقصان و يحتمل عدم الضمان لأنّ النابت لا يقصد قصدا صحيحا فكان كالصّناعة المحرّمة و البحث في المدبّر و المكاتب المطلق الّذي لم يؤدّ شيئا و المشروط و أمّ الولد كالبحث في القن و لو تحرّر بعض العبد كان حكم ذلك البعض حكم الأحرار [- ح -] لو تعذّر ردّ العين كعبد آبق أو دابة شردت وجب على الغاصب قيمته و يملكها المغصوب منه و لا يملك الغاصب العين بل متى قدر عليها وجب ردّها و يستردّ القيمة و لو حبسها إلى أن يأخذ القيمة و يجب عليه ردّ نماء المغصوب المتّصل و المنفصل أو أجرة مثله إلى حين دفع البدل إن كان ذا أجرة و هل يجب عليه أجرة ما بين دفع بدله إلى ردّه قيل نعم و الأقرب عدم الوجوب و يجب على المالك ردّ ما أخذه بدلا إلى الغاصب إن كان باقيا بعينه و ردّ زيادته المتّصلة كالسّمن دون المنفصلة و لو غصب عصيرا فصار خمرا وجب عليه قيمة العصير إن تعذّر المثل فإن صار خلا وجب ردّه و ما نقص من قيمة العصير و يسترجع ما أداه من بدله و لو غصب شيئين فتلف أحدهما فنقصت قيمة الباقي بالتفريق كالخفين ردّ الباقي و قيمته التالف مجتمعا و أرش النقص فلو ساويا ستة دراهم و صار الباقي يساوي درهمين رده و ردّ أربعة دراهم و كذا لو شقّ ثوبا بنصفين فنقصت قيمة كلّ منهما بالشق ثمّ تلف أحدهما و لو كانا باقيين درهما مع أرش الشقّ و لو لم ينقصه الشقّ ردهما بغير شيء و لو تلف أحدهما ردّ الباقي و قيمة التلف و لو أخذ أحد الخفين فأتلفه و نقصت قيمة الآخر في يد المالك بسبب الانفراد ضمن التالف مجتمعا و في ضمان نقص قيمة الآخر نظر [- ط -] تصرّفات الغاصب لا يخرج العين عن ملك المالك سواء بقي الاسم و الصّفة أو زالا و سواء حصل التغير من الغاصب أو من غيره فلو غصب حنطة فطحنها أو كتانا فغزله أو نسجه لم يملكه الغاصب و للمالك أخذه و أرش نقصه إن نقص و لا شيء للغاصب في زيادته و لو استأجر الغاصب على عمل شيء من ذلك فالأجرة عليه فإن حصل نقص كذبح الشاة يخيّر المالك في أرش النقص بين الرجوع على الغاصب أو على الذابح فإن كان الذابح عالما بالغصب استقرّ الضمان عليه و إلاّ استقر الضمان على الغاصب لغروره و لو غصب ثوبا فلبسه فأبلاه فذهب نصف قيمته ثم غلت الثياب فعادت

ص: 140

قيمته وجب ردّه و ردّ الأرش فلو كان يساوي عشرة و نقص بالاستعمال خمسة ثمّ تغيّر سعره فساوى عشرة ردّ الثوب و خمسة و كذا لو رخصت الثياب فصارت قيمته ثلاثة ردّ الثوب و خمسة لا غير و لو غصب الثوب و نقص بعض أجزائه فعليه أرش النقص فإن أقام عنده مدّة لمثلها أجرة لزمه الأجرة أيضا و لم يتداخلا سواء استعمله أو تركه و سواء كان ذهاب بعض الأجزاء بالاستعمال أو بغيره و لو نقصت العين عند الغاصب ثمّ باعه فتلف عند المشتري تخيّر في تضمين من شاء فإن ضمن الغاصب وجب أكثر ما كانت قيمته من حين الغصب إلى حين التلف و إن ضمن المشتري ضمن أكثر ما كانت قيمته من حين قبضه إلى حين التلف و إن كان له أجرة فله الرجوع على الغاصب بالجميع و إن شاء رجع على المشتري بأجرة مقامه في يده و بالباقي على الغاصب و يرجع المشتري على الغاصب بما غرمه مع الجهل لا مع العلم و لو غصب طعاما فأطعمه غير المالك تخيّر المالك في تضمين من شاء فإن رجع على الآكل لم يرجع على الغاصب مع علمه و يرجع مع الجهل و إن رجع على الغاصب رجع الغاصب على الآكل مع علمه و لا يرجع مع الجهل و لو أطعمه المالك فأكله عالما بأنّه طعامه برئ الغاصب و إن لم يعلم فالضمان على الغاصب فلو وهب المغصوب لمالكه أو أهداه إليه فالوجه براءة ذمته و كذا إن باعه إيّاه أو أقرضه أمّا لو أودعه إيّاه أو أجره أو رهنه أو أعاره لم يبرأ من الضمان إلاّ أن يكون المالك عالما لأنّه لم يعد إليه سلطانه و إنّما قبضه أمانة و لو زوّج الجارية من المالك فاستولدها مع الجهل نفذ الاستيلاد و برئ الغاصب و لو قال الغاصب المعير لمالك العبد هو عبدي فأعتقه فالوجه عدم نفوذ العتق لغروره و لو قيل بنفوده فالأقرب الرجوع بالغرم و لو غصب حبّا فزرعه أو بيضا فاحتضنه فالزرع و الفرخ لمالك الحبّ و البيض و لا شيء للغاصب عن العلم و السقي و لو غصب شاة فأنزى عليها فحلا فالولد لصاحب الشاة و لو غصب فحلا فأنزاه على شاته فالولد له و عليه أجرة الضراب لصاحب الفحل و أرش ما نقص من الفحل إن نقص و قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يضمن أجرة الضراب و ليس بمعتمد [- ى -] إذا زادت قيمة المغصوب بفعل الغاصب فإن كانت أثرا كتعليم الصّنعة و خياطة الثوب و نسج الغزل ردّه بغير أجرة و لو نقص قيمته بشيء من ذلك ضمن الأرش و لو صاغ النقرة حليا ردّها كذلك فلو كسره ضمن الصنعة و إن كانت من جهته لأنّها صارت تابعة للنقرة فإن أجبره المالك على ردّه إلى النقرة وجب و لا يضمن أرش الصّنعة و يضمن ما نقص من قيمة أصل النقرة بالكسر و إن كانت عينا مثل أن صبغ الثوب بصبغ منه كان له قلع الصبغ و عليه أرش ما نقص من الثوب بالقلع و للمالك قلع الصبغ عن الثوب لأنّه في ملكه بغير حق و لو أراد صاحب الثوب أخذ الصبغ بقيمته أو الغاصب أخذ الثوب بقيمته لم يجبر الآخر و لو اتّفقا على التبقية فإن لم يتغيّر قيمة أحدهما بالاجتماع كانا شريكين فإن باعاه كان الثمن بينهما على النسبة و إن زادت قيمتهما لزيادة الثياب في السوق فالزيادة للمالك و إن كانت لزيادة الصّبغ في السوق فالزيادة للغاصب و إن كانت لزيادتهما معا فهي بينهما على نسبة زيادة كلّ منهما و إن كانت الزيادة بالعمل فهي بينهما لأنّ زيادة الغاصب بالأثر للمغصوب منه و لو نقصت القيمة بغير الأسعار لم يضمن الغاصب و إن نقصت للعمل ضمن الغاصب إن نقص المجموع عن قيمة الثوب و لو زاد كان الزائد للغاصب و لا شيء على المالك بنقص الصّبغ و لو كانت قيمة الثوب خمسة و الصبغ كذلك ثمّ زادت قيمة الثوب في السّوق فساوى سبعة و نقص الصبغ فساوى ثلاثة و ساوى المجموع عشرة فلصاحب الثوب سبعة و الباقي للغاصب و لو ساوى اثنى عشر فلصاحب الثّوب نصفها و خمسها و للغاصب خمسها و عشرها و لو صار قيمة الثوب في السوق ثلاثة و الصبغ سبعة انعكس الحال و لو أراد المالك بيع الثوب لم يملك الغاصب منعه و لو أراد الغاصب بيع الثوب كان للمالك منعه و لو كان المالك و لم ينقص أحدهما بالاجتماع ردّه و لا شيء عليه و إن نقص بالصبغ ضمن الغاصب و لو نقص السعر لم يضمنه و لو كانا لمالكين و لم ينقص القيمة فهما شريكان و لو زادت فالزيادة لهما و إن نقصت للصبغ فالضمان على الغاصب و إن نقصت قيمة أحدهما للسعر لم يضمنه و لو أراد صاحب الصبغ قلعه أو المالك أجبر الممتنع و على الغاصب أرش النقص من كلّ منهما (- يا -) زوائد المغصوب و فوائده مضمونة في يد الغاصب فلو غصب عبدا أو أمة قيمته مائة فسمن أو تعلّم صنعة فساوى مائتين ضمن الغاصب ما ينقص من الزيادة سواء طالب المالك بردّها زائدة أو لم يطالب و كذا يضمن الغاصب ما يتجدّد من لبن و ولد و ثمر و منافع كسكنى الدار و ركوب الدابة و كلّ منفعة لها أجرة بالعادة سواء تلف منفردا أو مع الأصل و سواء تجدّد في يد الغاصب أو غصبها زائدة ثمّ نقصت عنده و لو غصبها و قيمتها مائة قسمت فبلغت ألفا ثمّ تعلّمت صنعة فبلغت ألفين ثمّ هزلت و نسيت فبلغت مائة ردّها و ردّ ألفا و تسع مائة و لو بلغت بالسّمن ألفا ثمّ هزلت فبلغت مائة ثمّ تعلّمت فبلغت ألفا ثمّ نسيت فعادت إلى مائة ردّها و ردّ ألفا و ثمانمائة لأنّها نقصت بالهزال تسع مائة و بالنسيان تسعمائة و لو سمنت فبلغت ألفا ثمّ هزلت فعادت إلى مائة ثمّ تعلّمت فعادت إلى ألف ردّها و تسع مائة

ص: 141

أمّا لو سمنت فبلغت ألفا ثمّ هزلت فعادت إلى مائة ثم سمنت فعادت إلى الألف ردّها و لا شيء عليه لأنّه عاد ما ذهب و يحتمل وجوب ردّها زائدة مع ضمان نقص الزيادة الأولى كما لو كانا من جنسين فإن ملك الإنسان لا يخير بملكه و الزيادة الثانية غير الأولى أمّا لو تعلّمت فبلغت ألفا ثم نسيت ثمّ تعلّمت ما نسيه و بلغت الألف مائة فإنّه يردّها بغير شيء لأن العلم الثاني هو الأوّل و لو تعلّمت علما آخر غير الأولى أو صنعه غير الصّنعة التي نسيها أو لا ففي التغاير نظر و لو مرض المغصوب ثم برأ و ابيضّت عينه ثم ذهب بياضها ردّه و لا شيء عليه و كذا لو حملت فنقصت ثمّ وضعت و زال نقصها و لو ردّ المغصوب ناقصا بمرض أو عيب فعليه أرشه فإن زال عيبه في يد مالكه لم يلزمه ردّ ما أخذ من أرشه و كذا إن أخذ المغصوب دون أرشه ثمّ زال العيب قبل أخذ أرشه لم يسقط ضمانه و لو زادت القيمة لزيادة الصفة ثم زالت الصّفة ثمّ عادت الصّفة ناقصة عن قيمته الأولى ضمن التفاوت (- يب -) لو باع الغاصب فالأقرب أنّه كان كالفضولي يقف على الإجازة و يضمن المشتري العين و المنافع و لا يرجع على الغاصب مع علمه و يرجع مع الجهل و يتخيّر المالك في الرجوع على من شاء منهما فإن رجع على الغاصب رجع الغاصب على المشتري العالم لا الجاهل و إن رجع على المشتري رجع المشتري على الغاصب بما دفعه من الثمن إن كان المشتري جاهلا و إلاّ فلا و للمالك مطالبته بالمثل أو القيمة و لا يرجع بذلك على الغاصب و ما يغرمه المشتري ما لم يحصل له في مقابلته نفع كالنفقة و العمارة فله الرّجوع على البائع و ما يحصل له نفع في مقابلته كسكنى الدار و ثمرة الشجرة و الصوف و اللبن ففيه قولان أحدهما أنّ الضمان على الغاصب خاصة لأنّه سبب و المباشرة ضعيفة بالغرور و الثاني التخيير فإن رجع على الغاصب لمكان الحيلولة رجع على المشتري و إن رجع على المشتري لاستقرار التّلف في يده لم يرجع على الغاصب و لو وطئها المشتري فعليه العشر مع النكاح و نصفه مع الثيوبة و أرش ما ينقص بالولادة و ينعقد الولد حرا و عليه فداؤه يوم سقوطه حيّا لا يوم المطالبة و يفديه بقيمته لا بمثله و يرجع بذلك كلّه على البائع و لو أقامت عنده مدّة لمثلها أجرة فعليه الأجرة و كلّ ضمان يجب على المشتري فللمالك الرجوع على من شاء منهما فإن رجع على المشتري و كان عالما بالغصب لم يرجع على الغاصب على ما بيّناه و إن كان جاهلا فأقسامه ثلاثة قيمتها و أرش بكارتها و بدل جزء من أجزائها فهذا لا يرجع به لأنّه دخل مع البالغ على أن يكون ضامنا لذلك بالثمن فإذا ضمنه لم يرجع به و بدل الولد فهذا يرجع به لأنّه دخل على أن لا يكون الولد مضمونا عليه و لم يحصل من جهته إتلاف و إنّما الشرع أتلفه بحكم بيع الغاصب و كذا نقص الولادة و الثالث مهر مثلها و أجر نفعها ففي الرّجوع به قولان أحدهما يرجع به لأنّه دخل في العقد على أن يتلفه بغير عوض و الثاني لا يرجع به لأنّه غرم ما استوفى بدله كقيمة الجارية و إن رجع بذلك كلّه على الغاصب فكلّما رجع به على المشتري لم يرجع به على الغاصب (و كلما يرجع به على الغاصب) رجع على المشتري رجع به على الغاصب لا يرجع به الغاصب و قد تقدّم بيان ذلك كلّه و لو ردّها جاهلا فماتت من الوضع ضمن الغاصب و لا يملك المشتري ما يقبضه بالبيع الفاسد سواء كان البائع المالك أو الغاصب أو غيرهما و يضمنه و ما يتجدّد من نمائه و ما يزاد به قيمته كزيادة صفة فإن تلف عنده ضمن العين بأعلى القيم من حين قبضه إلى حين تلفه إن لم يكن مثليّا و الوجه عندي أنّه يضمنه بقيمته يوم التلف (- يج -) لو وطئها الغاصب جاهلين بالتحريم لزمه مهر المثل و قيل العشر مع البكارة و نصفه مع عدمها و لا يجب إلاّ مهر واحد و إن تعدّد الوطي و لا حدّ عليه و لو افتضها بإصبعه لزمه أرش البكارة فإن وطئها بعد ذلك لزمه الأمران و لو ذهبت البكارة بالوطي لم يجب عليه أكثر من المهر أو العشر و إن حملت فالولد حرّ لا حق به للشبهة فإن وضعته ميّتا لم يضمنه لأنّ التقويم إنّما يجب للحيلولة و لم تحصل هنا و إن وضعته حيّا فعليه قيمته يوم الولادة و أرش ما ينقص منها بالولادة و أجرتها مدّة بقائها في يده و لو ضربها الغاصب فألقته ميّتا ضمن لمولاها دية جنين أمّه و لو ضربها أجنبي فألقته ميّتا ضمن الضارب للغاصب دية جنين حرّ و ضمن الغاصب للمالك دية جنين أمه و لو كانا عالمين بالتحريم فإن طاوعته حدّا معا و لا مهر و قيل يجب عوض الوطي للمالك لأنه حقّه فلا يسقط برضاء الأمة و لو كانت بكرا لزمه أرش البكارة على القولين و لو أكرهها على الوطي اختصّ الحدّ به و وجب المهر للمالك و هل يتعدّد المهر بتعدّد الوطي بالإكراه نظر فإن حملت فالولد رقّ لمولاها و لا يلحق بالواطي فإن وضعته حيّا وجب ردّه معا و إن أسقطته ميّتا لم يضمن لعدم العلم بحياته و لو وصفته حيّا ضمنه الغاصب لو مات بقيمته و عليه أرش ما نقص بالولادة و لا يتخيّر بالولد و لو ضربها الغاصب فألقته ميتا ضمن عشر قيمة أمه و إن ضربها أجنبيّ فكذلك و للمالك تضمين من شاء منهما و يرجع الغاصب على الضارب إن رجع عليه و لو كان الغاصب عالما و هي جاهلة فعليه الحد و المهر و لا يلحق به الولد و لو كان بالعكس لحق به الولد و سقط عنه الحد و المهر و حدت هي (- يد -) لو غصب أرضا فزرعها أو غرسها فالزّرع و الغرس للغارس و الزارع و عليه أجرة الأرض للمالك و إزالة الغرس و الزرع

ص: 142

و طمّ الحفر و أرش الأرض إن نقضت و لو بذل صاحب الأرض قيمة الغرس أو الزرع لم يجب على الغاصب القبول و كذا لو بذل الغاصب قيمة الأرض للمالك و لو وهبه الغاصب الزرع و الغرس لم يجب على المالك قبوله سواء كان في قلعه غرض صحيح أو لم يكن و لو غصب الأرض و الغرس من واحد فغرسها في الأرض أجبر على قلعه إن طالبه المالك و عليه تسوية الأرض و أرش النقصان و نقص الغرس و الأجرة و إن لم يكن في قلعه غرض صحيح فالوجه أنّه كذلك أيضا و لو أراد الغاصب قلعه و منعه المالك لم يكن له القلع و كذا البحث لو بنى في الأرض و لو جصّص الدار و روّقها كان للمالك مطالبة بإزالته ذلك سواء كان له فيه غرض صحيح أو لم يكن و على الغاصب أرش النقصان و لو طلب الغاصب قلعه فله ذلك سواء كان له قيمته بعد الكشط أو لم يكن و لو كشط تراب الأرض لزمه ردّه و فرشه على ما كان و لو منعه المالك و كان في ردّه غرض من إزالة ضرر و ضمان فله فرشه و ردّه و لو ضرب التراب لبنا لم يكن له أجرة و لو جعل فيه تينا كان له حله و أخذ تبنه و لو جعله أجرا أو فخارا لزمه ردّه بغير أجرة و للمالك إجباره على كسره و يحتمل عدمه لأنّه سفه و لو حفر في الأرض المغصوبة بئرا ألزمه طمّها و لو منعه المالك لم يكن له الطمّ و ضمان سقوط الغير فيها يزول برضاء المالك و على الغاصب أجرة الأرض منذ غصبها إلى وقت تسليمها و كذا كلّ ما له أجرة سواء استوفى المنفعة أو تركها و لو بناها من آلاته ضمن أجرة الأرض خاصّة و لو بناها من الآلات المغصوب ضمن أجرة دار مبنيّة و لو غصب دارا فنقصها فعليه أجرة دار إلى حين نقصها و أجرة مهدومه إلى حين ردّها و أرش النقص و لو لم يزرع الغاصب الأرض فنقصت لترك الزرع كأرض البصرة ضمن النقصان و لو أخذ المالك الأرض و هي مزروعة كان له إجبار الغاصب على قلعه كالغرس و لو أراد المالك إبقاء الزرع إلى وقت حصاده بأجرة و رضي الغاصب صحّ و لو أراد أخذ الزرع و دفع القيمة لم يجبر الغاصب على القبول و لو أثمرت الشجرة كانت الثمرة للغاصب و للمالك قلعها قبل إدراكها و ليس للمالك شيء من الثمرة و إن كانت موجودة في النخل بل له الأجرة و الإلزام بقلع الغرس و طمّ الحفر و أرش النقص و لو غصب شجرا فالثمرة للمالك و على الغاصب أرش ما ينقص من الثمرة بالتجفيف و ليس عليه أجرة الشجرة إذ لا أجرة له (- يه -) لو أجر الغاصب العين فالإجارة باطلة و للمالك إلزام من شاء بأجرة المثل فإن ضمن المستأجر لم يرجع لأنّه دخل في العقد على أنّه يضمن المنفعة و يسقط عنه المسمّى فإن كان دفعه إلى الغاصب رجع به إن كان جاهلا بالغصب و لو تلفت العين في يده فإن غرمه المالك رجع على الغاصب و إن كان عالما لم يرجع على أحد و لو غرم الغاصب الأجر و القيمة رجع بالأجر على المستأجر مطلقا و بالقيمة مع العلم و لو أودع المغصوب أو وكّل وكيلا في بيعه فتلف ضمّن المالك من شاء فإن ضمّن الغاصب رجع على المستودع و الوكيل إن كانا عالمين و لا يرجع أحدهما لو ضمّنه المالك و إن كانا جاهلين و رجع على الغاصب لم يرجع عليهما بقيمة و لا أجرة و إن رجع عليهما رجعا على الغاصب و لو أعاره فتلفت عند المستعير تخيّر المالك فإن عزم المستعير مع علمه لم يرجع و إن غرم الغاصب رجع و إن كان جاهلا رجع بقيمة العين على الغاصب إن غرمه و لا يرجع الغاصب عليه بها إن رجع المالك عليه و هل يرجع المستعير على الغاصب بالأجرة لو غرمها للمالك فيه احتمال من حيث أنّه دخل على أنّ المنافع له غير مضمونة و من حيث أنّه انتفع بما غرمه و كذا البحث فيما يتلف من الأجزاء بالاستعمال و لو ردّها المستعير أو المستودع على الغاصب فللمالك تضمينه و يستقرّ الضمان على الغاصب و لو وهبه لعالم بالغصب استقرّ الضمان على المتهب و لو كان جاهلا تخير المالك فإن ضمّن المتّهب رجع على الغاصب بالقيمة و الأجر لأنّه غيّره و إن ضمن الواهب لم يرجع على المتهب و فيه احتمال و لو اتجر بالمغصوب فالربح للمالك إن اشترى بالعين و إلاّ فله و عليه الضمان و لو ضارب به فكذلك و عليه أجرة العامل إن كان العامل جاهلا و لو غصبه في بلد فطالبه في آخر لزمه دفعه إليه سواء كان أثمانا أو عروضا و سواء كانت القيمة في البلدين واحدة أو اختلفت بأن كانت أزيد في بلد الغصب أو أنقص و سواء كان في حمله مئونة أو لم يكن و المتزوّج من الغاصب لا يرجع بالمهر (- يو -) لو غصب أمة حاملا فالولد مضمون و كذا الدابة و لو غصبها حائلا فحملت عند الغاصب و ولدت ضمن ولدها فإن أسقطته ميتا لم يضمنه لعدم العلم بحياته على إشكال نعم يجب ما نقص من الأمّ بالولادة سواء ولدته حيّا أو ميّتا [- يز -] لو غصب فصيلا فكبر في داره و لم يخرج من الباب وجب نقضه و ردّ الفصيل و لا ضمان على صاحبه و كذا لو دخلت دابة دار آخر بسبب من صاحب الدار و لم يمكن إخراجها إلاّ بالنقض و إن كان بسبب من صاحب الدابة أو لم يكن منهما تفريط ضمن صاحب الدابة النقص و كذا لو غصب خشبة و لم يكن إخراجها إلاّ بالنقص سواء كان النقص أقلّ ضررا من كسر الخشبة أو أكثر و لو غصب دارا فأدخلها فصيلا له أو خشبة و لم يمكن إخراجها إلاّ بالنقص أو الكسر ذبح الفصيل

ص: 143

و أخرج لحمه و كسرت الخشبة و لو أدخلت دابة رأسها في قدر و لم يمكن إخراجه إلاّ بكسرها كسرت و ضمن صاحب الدابة إن كانت يده عليها أو فرط في حفظها و لو لم يكن يده عليها و فرّط صاحب القدر بأن يجعلها في الطريق فلا ضمان و لو لم يفرط أحدهما و لم يكن المالك معها ضمن صاحب الدابة لأنّ ذلك لمصلحته و لو باع دارا و فيها حيوان أو أوان لا يخرج إلاّ بنقص الباب نقص و ضمن البائع و لو غصب جوهرة فابتلعها دابة ذبحت و دفعت الجوهرة إلى مالكها و ضمن الغاصب قيمة الدابة و لو كان الحيوان آدميّا ضمن الغاصب قيمة الجوهر و لو ابتلعت شاة رجل جوهرة غير مغصوبة ذبحت و ضمن صاحب الجوهرة النقص إلاّ أن يكون التفريط من صاحب الشاة و لو قال من عليه الضمان أنا أتلف مالي و لا أغرم شيئا فله ذلك [- يح -] لو اختلف المالك و الغاصب في القيمة بعد التلف و لا بيّنة فالقول قول الغاصب لأنّه الغارم مع يمينه و قال أكثر علمائنا القول قول المالك مع اليمين و لو ادعى الغاصب ما يعلم كذبه بأن يدعي أنّ ثمن العبد حبّة لم يلتفت إليه و يطالب بالمحتمل و لو ادعى المالك بعد تلفه صفة تزيد بها القيمة كتعلّم صنعة و أنكر الغاصب فالقول قول الغاصب مع يمينه إذا لم يكن للمدعي بيّنة و لو ادّعى الغاصب عيبا فأنكر المالك و لا بيّنة فالقول قول المالك مع اليمين و لو اختلفا بعد زيادة قيمة المغصوب في وقت زيادته فقال المالك زادت قبل تلفه و قال الغاصب بعد التلف فالقول قول الغاصب و لو وجد معيبا فقال الغاصب كان معيبا قبل غصبه و قال المالك تعيب عندك فالقول قول المالك لأنّ الأصل الصحّة و يحتمل تقديم قول الغاصب عملا بالبراءة و بأنّ الظاهر عدم التغيّر و لو غصب خمرا فقال المالك تخلّل عندك و أنكر الغاصب فالقول قوله لأنّ الأصل بقاؤه على حاله و لو اختلفا في ردّ المغصوب أو ردّ مثله أو ردّ قيمته فالقول قول المالك مع يمينه و لو اختلفا في التلف فالقول قول الغاصب فإذا حلف طالبه المالك بالبدل لتعذّر العين و لو مات العبد فقال المالك رددته بعد موته و قال الغاصب قبل موته فالقول قول المالك مع يمينه و قال في الخلاف لو عملنا في هذه بالقرعة كان جائزا و لو اختلفا فيما على العبد من ثوب أو خاتم فالقول قول الغاصب مع يمينه لأنّ يده على الجميع و لو باع شيئا ثمّ ادّعى أنه كان غاصبا له وقت بيعه و أنّه انتقل إليه بعد ذلك بسبب صحيح إمّا ميراث أو بيع أو غيرهما و أقام بيّنة قيل لا يسمع لتكذيبه إيّاها بمباشرة البيع و قيل يسمع بيّنته إن لم يضمّ إلى لفظ البيع ما يدلّ على الملكيّة و إلا ردّت و كذا لو قال بعد البيع ما يدل على ذلك كأن يقول قبضت ثمن ملكي أو أقبضته ملكي أو نحو ذلك و هو حسن [- يط -] لو باع عبدا فادعى ثالث أن البائع غصبه و أقام بيّنة بطل البيع و رجع المشتري على البائع بالثمن و لو لم يكن بيّنة فأقر له البائع و المشتري فكذلك و إن أقرّ البائع وحده لم يقبل في حقّ المشتري و غرم القيمة و للبائع إحلافه فإن لم يكن قبض الثمن فليس له المطالبة لأنّه لا يدّعيه و الوجه المطالبة بأقلّ الأمرين من الثمن و قيمة العبد و إن كان قبضه لم يكن للمشتري استرجاعه فإن عاد العبد إلى البائع بفسخ أو غيره وجب ردّه على المالك و يسترجع ما أعطاه لو كان إقرار البائع في مدّة خياره انفسخ البيع و لو أقرّ المشتري وحده لم يقبل في حقّ البائع و ردّ العبد فإن كان قد دفع الثمن لم يكن له استرجاعه و إن لم يكن دفعه وجب رده عليه و لو ضمّ البائع وقت البيع إلى لفظه ما يدل على الملكيّة لم يسمع بيّنته فإن أقامها المدّعي قبلت و لا يقبل شهادة البائع و لو أنكراه جميعا كان له إحلافهما و إن كان المشتري قد أعتق العبد لم يقبل إقرارهما و لو وافقهم العبد احتمل القبول لأنّه مجهول النسب أقرّ بالرقّ لمن يدّعيه و عدمه لأنّ الحرّية حقّ اللّٰه تعالى و لهذا لو اعترف بالحرّية إنسان ثمّ أقرّ بالرقّ لم يقبل و كذا لو شهد شاهدان بالعتق مع اعتراف العبد و السيّد بالرّق سمعت و الأوّل أقوى و إذا حكم بالحرّية فللمالك تضمين أيّهما شاء بقيمة يوم العتق فإن ضمن البائع رجع على المشتري لأنّه أتلفه و إن رجع على المشتري رجع على البائع بالثمن خاصّة و لو مات العبد و خلف مالا فهو للمدّعي إن لم يخلف وارثا و لا ولاء عليه و لو شهد بالغصب اثنان و اختلفا فشهد أحدهما أنّه غصبه يوم الخميس و الآخر يوم الجمعة لم يتمّ البيّنة و حلف مع من شاء منهما أمّا لو شهد أحدهما أنّه أقرّ بالغصب يوم الخميس و شهد الآخر أنّه غصبه يوم الجمعة يثبت البيّنة [- ك -] لو بنى المشتري مع جهله بالغصب فقلع بناؤه فالأقرب أنّه يرجع بأرش نقص الآلات على البائع و لو تعيّب المبيع في يده احتمل الرجوع على البائع بما يغرمه لأنّ العقد لا يوجب ضمان الأجزاء بخلاف الجملة

كتاب الشّفعة

اشارة

و فصوله ثلاثة

الأوّل المحلّ

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] الشفعة استحقاق أحد الشريكين حصة شريكه في عقار ثابت للقسمة بسبب انتقالها بالبيع و إنّما يثبت في الأرضين كالبساتين و الدّور و العراص و أشباه ذلك و هل يثبت في المنقول قولان أقربهما السقوط نعم يثبت في الشجر و النخل و الأبنية و الأخشاب تبعا للأرض و لو بيع ذلك منفردا يبنى على القولين و من علمائنا من أوجب الشفعة في العبد دون غيره من الحيوان و كذا لا شفعة في حجرة عالية مشتركة مبنيّة على سقف لصاحب السّفل لأنّه الأرض

ص: 144

لها فلا ثبات و لو كان السّقف للشّريكين في العلو احتمل الشفعة و عدمها لأنّ السّقف في الهواء فلا ثبات له [- ب -] لا شفعة فيما لا يقبل القسمة إلاّ بإبطال منفعته المقصودة كالنهر و الحمام و الطريق و الطاحونة و بئر الماء و لو كان الحمام و الطريق أو النهر مما لا يبطل منفعته بعد القسمة يثبت الشفعة و كذا لو كان مع البئر بياض أرض بحيث يسلم البئر لأحدهما أو كانت البئر متسعة يمكن أن يقسم بئرين يرتقي الماء منهما أو كان للرّحى حصن يمكن قسمته بحيث يحصل الحجران في أحد القسمين أو كان فيها أربعة أحجار دائرة يمكن أن ينفرد كلّ منهما بحجرين [- ج -] لا يثبت الشفعة في الزرع و الثمرة الظاهرة و إن بيع مع الأرض أمّا الدولاب و الناعورة فالأقرب دخوله في الشفقة إذا بيع مع الأرض و لا يدخل الحبال الّتي تركت عليها الدلاء في الشفعة إلاّ عند القائلين بالتعميم و لو بيعت الشجرة مع قرارها من الأرض مفردة عما يتخلّلها من الأرض فحكمها حكم ما لا ينقسم من العقارات [- د -] يثبت الشفعة في الأرض المقسومة بالاشتراك في الطريق أو الساقية إذا بيع معها و لو بيعت الأرض منفردة عن الطّريق أو الشرب فلا شفعة و يثبت في الطريق و الشرب خاصّة إن كانا قابلين للقسمة و إلاّ فلا و لا يثبت الشفعة للجارّ إلاّ بالاشتراك في الطريق و الشرب إذا بيع مع أحدهما و لو باع المقسوم و المشترك بثمن واحد يثبت الشفعة في المشترك خاصّة بحصة من الثمن [- ه -] إنّما يثبت الشفعة إذا انتقلت الحصّة بالبيع فلا يثبت فيما انتقلت بغيره من العقود سواء كان بعوض معلوم كالصداق و عوض الخلع و الصلح و غيرها من العقود أو بغير عوض كالهبة و الصّدقة و غيرهما [- و -] لو كان الشقص مشتركا مع الوقف و بيع لم يكن للموقوف عليه شفعة و إن كان واحدا إن قلنا إنّه غير مالك على الخصوص و إن قلنا إنّه يملك الرقبة يثبت الشفعة و هو اختيار السيد المرتضى و هو جيّد و لو بيع الوقف لوقوع الخلف الموجب للخراب على ما اختاره بعض علمائنا كان للشريك أخذه بالشفعة

الفصل الثاني في المستحقّ

و فيه [- ح -] مباحث [- أ -] إنّما يستحق الشفعة الشريك بالحصّة المشاعة القادر على الثمن فلا يثبت الشفعة بالجوار و لا فيما قسم و ميّز إلاّ مع الاشتراك بالطريق و الشرب و لا مع عجز الشفيع عن الثمن و لو ماطل أو هرب بطلت شفعته و لو ادعى غيبة الثمن انظر ثلاثة أيّام فإن لم يحضره بطلت شفعته و لو قال إن الثمن في بلد آخر انظر بقدر وصوله إليه و زيادة ثلاثة أيّام ما لم يتضرّر المشتري و لو دفع العاجز عن الثمن رهنا أو ضمينا لم يجب على المشتري القبول و كذا لو بذل عوضا عنه و إذا أخذ بالشفعة لم يلزم المشتري تسليم الشقص حتّى يقبض الثمن و إذا أجّل مدّة و لم يحضر الشفيع الثمن فهاهنا فسخ الحاكم الأخذ و كذا لو هرب الشفيع بعد الأخذ و للمشتري الفسخ من غير حكم حاكم [- ب -] لا يثبت الشفعة للذمّي على المسلم و كذا الحربي و تثبت للمسلم على الذّمي و للذمي على مثله و على غيره من الكفّار و كذا لغير الذّمي على مثله و على الذمّي فإن تبايعاه بخمر أو خنزير و كان الشفيع مسلما أخذ بالقيمة عندهم و إن كان منهم و أخذ الشفيع المثل لم ينقض ما فعلوه و إن تقابض المتبايعان دون الشفيع و ترافعوا إلينا فالوجه ثبوت الشفعة و يأخذ بالقيمة لا المثل و يثبت لكلّ مسلم و إن اختلفوا في الآراء و المذهب و يثبت للبدوي على الغرويّ و بالعكس [- ج -] يثبت الشفعة للغائب سواء قربت غيبته أو بعدت فإن لم يعلم بالبيع إلاّ وقت قدومه فله المطالبة و إن طالت غيبته و كذا لو علم و لم يتمكّن من المطالبة في الغيبة و لا من التوكيل و لو تمكّن بطلت شفعته و حكم المريض و كلّ من لم يعلم بالبيع لعذر حكم الغائب و لو قدر الغائب على الإشهاد على المطالبة فلم يفعل لم يبطل شفعته سواء سافر عقيب العلم أو أقام لعذر و لا خلاف أنّه إذا عجز عن الإشهاد لا يبطل شفعته و كذا لو قدر على إشهاد من لا يقبل قوله خاصّة أو على من لا يقدم معه إلى بلد المطالبة على الأولى و كذا لو لم يقدر إلاّ على إشهاد واحد أو على إشهاد من يفتقر إلى التزكية لما فيه من المشقة و لو أشهد على المطالبة ثم أخّر القدوم مع إمكانه فالوجه بطلان شفعته و كذا لو لم يقدر على السير و قدر على التوكيل فترك و لو عجز عن القدوم أو لحقه به ضرر لم يبطل شفعته بترك القدوم و لو لم يقدر على الإشهاد و تمكّن من القدوم أو التوكيل فلم يفعل بطلت شفعته و لو كان المرض لا يمنعه من الطلب كالصداع اليسير فهو كالصّحيح و لو منعه من الطلب كالحمّى فهو كالغائب في الإشهاد و التوكيل و المحبوس إن كان ظلما أو بدوين يعجز عنه فهو كالغائب و إن كان محبوسا بحق يقدر عليه فهو كالمطلق و لو كان للغائب وكيل عام الوكالة فله الأخذ بالشفعة مع المصلحة للغائب و كذا لو كان وكيلا في الأخذ و إن لم يكن مصلحة و لو ترك هذا الوكيل الأخذ كان للغائب المطالبة بها مع قدومه سواء ترك الوكيل لمصلحة أو لا [- د -] يثبت الشفعة للصّبي و يتولّى الأخذ الوليّ فإن ترك الوليّ الأخذ فإن كان الغبطة في الترك بطلت الشفعة و لم يكن للصّبي بعد بلوغه المطالبة بها و إن كانت الغبطة في الأخذ لم يبطل الشفعة بترك الوليّ و كان للصبيّ بعد بلوغه المطالبة بها و لا غرم على الوليّ و لو أخذ الوليّ مع الغبطة بالأخذ لم يكن للصبيّ بعد بلوغه النقض و إن كانت الغبطة في الترك لم يصحّ الأخذ و يكون المالك

ص: 145

باقيا على المشتري دون الصبي و الوليّ و لو كان وصيّا لاثنين فباع لأحدهما نصيبا في شركة الآخر كان له الأخذ للآخر بالشفعة و لو كان الوصيّ شريكا فباع حصّة الصّغير كان له الأخذ بالشفعة على الأقوى و لو باع الوصيّ نصيبه كان له الأخذ للصّغير بالشفعة مع الغبطة و كذا الأب و لو باع شقص الصبيّ المشترك معه كان له الأخذ بالشّفعة و لو بيع شقص في شركة حمل لم يكن لوليّه أن يأخذ له بالشفعة لأنّه لا يمكن تمليكه بغير الوصيّة و الميراث فإذا ولد الحمل ثمّ كبر احتمل أن يأخذ بالشفعة كالصبيّ إذا كبر و لو عفا وليّ الصبيّ عن الشفعة و كانت الغبطة في الأخذ لم يصحّ العفو و كان للوليّ الأخذ بها أمّا لو كانت الغبطة في الترك فعفا ثمّ صار الحظ في الأخذ لم يكن له الأخذ و لا الطفل إذا بلغ [- ه -] حكم المجنون حكم الصبيّ سواء و كذا السّفيه و أمّا المغمى عليه فلا ولاية عليه و حكمه حكم الغائب ينتظر إفاقته و أمّا المفلس فله الأخذ بالشفعة و الترك و ليس لغرمائه الأخذ بها و لا إجباره على الأخذ و لا على العفو لأنّه إسقاط حقّ سواء كان الحظّ في الأخذ أو الترك لأنّه يأخذ في ذمّته و ليس بمحجور عليه في ذمته و لهم منعه من دفع ماله في ثمنها و إذا ملك الشقص بالشفعة تعلّق حقوق الغرماء به سواء أخذه برضاهم أو بدونه و للمكاتب الأخذ و الترك و ليس لسيّده الإعراض و للمأذون له الأخذ بالشفعة فإن أسقطها السيّد سقطت و إن كره العبد و إن عفا العبد لم ينفذ عفوه و إذا بيع شقص في شركة مال المضاربة فللعامل الأخذ بها مع الغبطة فإن عفا فللمالك الأخذ و لو اشترى المضاربة بمال القراض شقصا في شركة رب المال فليس لربّ المال فيه شفعة على الأقوى لأنّ الملك له و لو كان فيه ربح فكذلك سواء قلنا إنّ العامل يملك بالظهور أو بالإنضاض لأنّه شراء مأذون فيه و إن لم يكن ظهر فيه ربح لم يكن للعامل اعتراض و كان له الأجرة من عمله و لو كان المضارب شفيعه و لا ربح في المال فله الأخذ بها لأنّ الملك لغيره فإن كان فيه ربح و قلنا لا يملك بالظهور فكذلك و إن قلنا يملك بالظهور احتمل الشفعة و عدمها كرب المال و إن باع المضارب شقصا في شركته لم يكن له الأخذ بالشفعة لأنّه متّهم على إشكال [- و -] يثبت الشفعة بين شريكين باع أحدهما فيأخذ الآخر إجماعا و لو زاد الشركاء على اثنين قال أكثر علمائنا يبطل الشفعة و قال بعضهم يثبت مطلقا على عدد الرءوس و قال آخرون يثبت في الأراضي و لا يثبت في العبد إلاّ للواحد و الأقوى عندي الأوّل و على القول بنبوتها مع الكثرة إنّما يثبت على عدد الرءوس لأنّ كلّ واحد لو انفرد لاستحقّ الجميع فأشبه بالمعتقين في السراية و خيّر ابن الجنيد أخذها على عدد الرءوس أو على قدر السهام و إذا كان الشفعاء أربعة فباع أحدهم و عفا الآخر فللباقين أخذ المبيع أجمع و ليس لهما الاقتصار على حقّها و قال ابن الجنيد لهما ذلك و لو كانوا غائبين فحضر واحد أخذ الجميع أو ترك فإن حضر الآخر أخذ النصف أو ترك فإن حضر ثالث أخذ منهما الثلث أو ترك فإن حضر الرابع أخذ الربع أو ترك و لو نما الشقص في يد الأول نماء منفصلا ثم حظر الثاني لم يشاركه في النماء و كذا لو نما ما أخذه الثاني في يده ثمّ حضر الثالث لم يشاركه في المنفصل و لو وهب بعضهم حصته عن الشفعة لبعض لم يصحّ لأنّ ذلك عفو فلا يصحّ لغير من هو عليه كالقصاص و لو امتنع الحاضر من الأخذ حتّى يحضر الغائب لم يبطل شفعته على إشكال و لو عفا لم يبطل الشفعة و كذا لو حضر ثلاثة و عفوا كان للرابع أخذ الجميع أو الترك و لو قال الحاضر لا أخذ إلاّ قدر حقّي احتمل بطلان شفعته لقدرته على أخذ الجميع و تركه فكان كالمنفرد و ثبوتها لأنّ الترك لعذر و هو قدوم الغائب فعلى هذا لو كانوا ثلاثة فأخذ الأوّل الشقص كلّه بالشفعة فقدم الثاني و أخذ نصيبه و هو الثلث فإذا قدم الثالث أخذ من الثاني ثلث ما في يده فيضيفه إلى ما في يد الأول و يقتسمان نصفين فيقسم الشقص على ثمانية عشر لأنّ الثالث أخذ من الثاني ثلث الثلث و مخرجه تسعة فيضمّه إلى الثلث و هي ستة صارت سبعة ثمّ قسّما السبعة نصفين و لا نصف لها يضرب اثنين في تسعة يكون ثمانية عشر للثاني أربعة أسهم و لكلّ من الشريكين سبعة لأنّ الثاني ترك سدسا كان له أخذه و حقّه منه ثلثاه و هو التسع فيوقره على شريكه في الشفعة و الأوّل و الثالث سواء في الاستحقاق و لم يترك أحدهما شيئا من حقّه فيجمع ما معهما فيقسمه فيكون كما قلنا و لو حصر واحد أخذ الجميع ثمّ حضر الثّاني قاسمه فإن حضر الثالث و طالبه فنسخت القسمة و لو ردّه الأوّل بعيب كان للثاني الأخذ و لو ورث إخوان دارا و اشتراها بينهما نصفين أو غير ذلك فمات أحدهما عن اثنين فباع أحدهما نصيبه فالشفعة بين أخيه و عمّه و لا يختصّ بها الأخ و لو أخذ الحاضر الجميع دفع الثمن و ليس له التأخير بحصص الغائبين من الثمن فإذا دفع ثمّ حضر الثاني و طلب أخذ النصف و دفع إلى الأوّل نصف الثمن فإن خرج الشقص مستحقا كان دركه على المشتري دون الشفيع الأوّل لأنّه كالغائب عنه في الأخذ فيرجعان معا على المشتري و لا يرجع أحدهما على الآخر و إذا اقتسم الحاضران نصفين فحضر الغائب و أحد الشريكين غائب أخذه من الحاضر ثلث ما في يده و يأخذ له الحاكم من حصة الغائب الثلث و لو لم يكن حاكم انتظر حتّى يتقدم الغائب لأنّه موضع عذر و لو باع أحد الثلاثة من شريكه استحقّ الشفعة الثالث خاصّة لأنّ المشتري لا يستحقّ على نفسه شيئا و يحتمل استحقاقه

ص: 146

لأنّه شريك و لا نقول يأخذ من نفسه بل يمنع الشريك من أخذ حقّه و حينئذ يثبت لشريك المشتري قدر نصيبه لا غير أو العفو و إن قال له المشتري قد أسقطت شفعتي فخذ الجميع أو اترك لم يصح لاستقرار ملكه على قدر حقّه فجرى مجرى الشفيعين إذا أخذا بالشفعة ثم عفا أحدهما عن حقّه و كذا إذا أخذ الحاضر الجميع ثمّ حضر الآخر فقال له الأوّل خذ الكلّ أو دع فقد أسقطت شفعتي لم يكن له ذلك و ليس للمشتري هنا خيار تبعيض الصفقة لو أخذ الشريك البعض و لو باع الشريك من ثلثه صفقة فللشفيع أخذ الجميع و الأخذ من الاثنين و من واحد لأنها بمنزلة عقود فإذا أخذ نصيب واحد لم يكن للآخرين مشاركته في الشفعة و لو باعه من ثلاثة في عقود متفرّقة ثمّ علم الشفيع فله أخذ الجميع و إن أخذ نصيب الثاني و عفا عن الأوّل شاركه الأوّل في الشفعة و إن أخذ من الثالث و عفا من الأوّلين شاركاه و إن أخذ من الثلاثة لم يشاركه أحد منهم لأنّ أملاكهم قد استحقّها بالشفعة فلا يستحقّ عليه بها شفعة و يحتمل شركة الثاني في شفعة الثالث لأن الشفعة تستحق بالملك لا بالعفو و يشاركه الأوّل في شفعة الثاني و الثالث و لو باع اثنان من اثنين فهو بمنزلة عقود أربعة و للشفيع أخذ الجميع و الرّبع و النصف و ثلاثة الأرباع و ليس لبعضهم شفعة لانتقال المبيع إليهم دفعة فيتساوى الآخذ و المأخوذة منه و لو وكل أحد الثلاثة شريكه في بيع نصيبه مع نصيبه فباعهما لواحد فلشريكهما الشفعة فيهما و في أحدهما و هذه الفروع إنّما يتأتى على القول بثبوت الشفعة مع الكثرة [- ز -] لو باع الشريك الواحد نصف حصّة لواحد ثمّ باع الباقي عليه أو على غيره ثمّ علم الشفيع كان له أخذ الجميع و الأوّل خاصة و الثاني خاصة و كذا لو باعه من أكثر من اثنين [- ح -] قال السيّد المرتضى إنّ لإمام المسلمين و خلفائه المطالبة بشفعة الوقوف التي ينظرون فيها على المساكين أو على المساجد و مصالح المسلمين و كذا كلّ ناظر بحق من وصيّ و وليّ له أن يطالب بشفعته مع أنّه قال إنّ الشّفعة لا تثبت مع الكثرة قال ابن إدريس إن كان الوقف على جماعة المسلمين أو على جماعة فمتى باع صاحب الطلق فليس لأصحاب الوقف الشفعة و لا لوليّه ذلك لزيادة الشركاء على اثنين و إن كان على واحد صحّ ذلك

الفصل الثالث في كيفيّة الأخذ

و فيه [- ط -] بحثا [- أ -] يملك الشفيع الشقص بأخذه و بكلّ لفظ دل على أخذه مثل أخذته بالثمن أو تملّكته أو نحو ذلك و هل يملك بالمطالبة الأقرب أنّه لا يملك و إلاّ لم يسقط الشفعة بالعفو بعد المطالبة و لا يفتقر التملّك إلى حكم حاكم نعم يفتقر إلى أن يكون الثمن و الشقص معلومين و لو كان أحدهما مجهولا فقال أخذت الشقص بمهما كان أو أخذت الشقص بالثمن مهما كان لم يصحّ و له المطالبة بالشفعة ثمّ يتعرّف قدر الثمن و المبيع فيأخذه بثمنه [- ب -] إنّما يستحقّ الشفيع الأخذ بالشفعة بعد العقد لا قبله إجماعا و هل يتوقّف على انقضاء الخيار الذي للبائع قال الشيخ رحمه اللّٰه نعم و فيه قوة من حيث أن في الأخذ إسقاط حقّ البائع من الفسخ و إلزام البيع في حقّه بغير رضاه و قال آخرون لا يتوقّف لأنّ الملك انتقل بالعقد و نحن في ذلك من المتوقفين أمّا لو كان الخيار للمشتري خاصّة فإنّ الشفعة تثبت فإن باع الشفيع حصته في مدّة خيار البائع عالما بالبيع الأوّل سقطت شفعته و يثبت الشفعة فيما باعه للمشتري الأوّل و يتخرّج على قول الشيخ ثبوتها للبائع لعدم الانتقال عنده و لو باعه قبل علمه بالبيع الأول سقطت الشفعة أيضا إن قلنا بسقوطها في حقّ من نقل ملكه جهلا على ما يأتي و إلاّ كان له الشفعة على المشتري الأوّل و للمشتري الأوّل الشفعة فيما باعه الشريك [- ج -] اختلف علماؤنا في اشتراط الفور في الشفعة للعالم المتمكن فقال الشيخ رحمه اللّٰه أنّه شرط فلو أخّر المطالبة مع علمه و تمكّنه من المطالبة بطلت شفعته و إلاّ لتضرّر المشتري لعدم استقرار ملكه و منعه من التصرف بالعمارة و قال السيّد المرتضى رحمه اللّٰه و ابن الجنيد و ابن إدريس لا يبطل الشفعة إلاّ بالإسقاط و إن تطاول الزمان لأنّه حق مالي فلا يسقط بترك طلبه كغيره من الحقوق ثمّ أجاب السيّد بأن المشتري بذل للشفيع بتسليم المبيع فإما أن يتسلم أو يترك شفعته فيزول الضرر عن المشتري و نحن في ذلك من المتوقّفين فعلى قول الشيخ رحمه اللّٰه لو أخّر الطلب مع إمكانه بطلت شفعته و إن كانا في المجلس و لو أخّرها لعذر مثل أن يعلم ليلا فيؤخّره إلى الصّبح أو لشدة جوع أو عطش حتّى يأكل أو يشرب أو لطهارة أو إغلاق باب أو للخروج من الحمام أو ليؤذّن و يقيم و يصلّي متأيدا أو ليشهدها في جماعة يخاف فوتها لم يبطل الشفعة و كذا كلّ عذر يمنعه عن مباشرة الطلب و عن التوكيل و لا يجب أن يتجاوز عادته في المشي و لا قطع العبادة الواجبة أو المندوبة و جاز الصبر حتى يتمها و لو دخل الوقت صبر حتّى يتطهر و يصلّي الصلاة بسنتها و لو علم بالشبهة مسافرا و قدر على السعي أو التوكيل فأهمل بطلت شفعته و لو عجز عنهما لم تبطل و إن لم يشهد بالمطالبة و لو كان المشتري حاضرا عنده في هذه الأحوال و أمكنه مطالبته من غير اشتغال عن اشتغاله بطلت شفعته إن لم يطلب و إن كان المشتري غائبا و فرغ من حوائجه

ص: 147

مشى على عادته فإذا لقيه بدأه بالسلام أو دعا له عقيبه بمجرى العادة و لو اشتغل بكلام آخر أو سكت لغير حاجة بطلت شفعته و لو أخبره مخبر بالبيع و صدّقه لقرائن دلّت على صدقه و لم يطالبه بطلت شفعته و لو قال لم أصدّقه و كان ممن يحكم بشهادته كرجلين عدلين بطلت شفعته و إن كان ممّن لا يعمل بقوله كالصّبي و الفاسق و الواحد العدل لم تبطل و لو وجده في غير بلده و لم يطالبه و قال إنّما تركت لأطالبه في البلد الذي فيه البيع أو المبيع أو لآخذ الشقص في موضع الشفعة بطلت شفعته إذ ليس ذلك عذرا و لو قال نسيت فلم أذكر المطالبة أو نسيت البيع بطلت لأنّه خيار على الفور إذا أخّره نسيانا و يحتمل عدم البطلان لأنّه عذر و كذا التردّد لو قال جهلت استحقاق الشفعة مع إمكانه في حقّه [- د -] لو أظهر المشتري له أنّ الثمن أكثر مما وقع عليه العقد فترك لم يبطل شفعته و لا يفتقر إلى اليمين بأنه لم يترك إلاّ لكثرة الثمن و كذا لو أظهر أنّ المبيع سهام قليلة فبانت كثيرة أو بالعكس و أنّ الثمن دراهم فبان دنانير أو بالعكس سواء تساوت قيمتها أو لا أو أنّ الثمن نقد فبان عرضا أو بالعكس أو نوع من العرض فبان غيره أو أنّ المشتري اشتراه لنفسه فبان لغيره أو بالعكس أو أنّ الشراء لواحد فبان لاثنين أو بالعكس أو أنّه اشتراه لشخص فبان لآخر أو أنّه اشترى الجميع بثمن فبان أنّه اشترى نصفه بنصفه أو أنّه اشترى نصفه بثمن فبان أنّه اشتراه أجمع بنصفه أو أنّه اشترى الشقص وحده فظهر أنّه اشتراه هو و غيره أو بالعكس و لو أظهر أنّه اشتراه بثمن فترك فبان بأكثر أو أنّه اشترى الجميع بثمن فترك فبان شراء البعض به بطلت شفعته [- ه -] الشفيع يأخذ الشقص بالثمن الذي وقع عليه العقد و يسلّمه أوّلا فإن امتنع لم يجب على المشتري التسليم حتّى يقبض فإن كان الثمن مثليا كالذهب و الفضّة و غيرهما أعطاه الشفيع مثله و إن لم يكن مثليّا اختلف علماؤنا فالأكثر على ثبوت الشفعة و قال بعضهم تسقط و عليه دلّت رواية عليّ بن رئاب الصّحيحة عن الصادق عليه السّلام و لأنّها يجب بمثل الثمن و هذا لا مثل له و على القول الأوّل يأخذه بقيمة الثمن وقت العقد و ليس للشفيع تبعيض حقّه بل يأخذ الجميع بكلّ الثمن أو يدع و لا يلزمه ما يغرم المشتري من دلالة أو وكالة أو أجرة حافظ أو غير ذلك من المؤن و يأخذ الثمن الذي وقع عليه العقد سواء كانت قيمته الشقص أكثر أو أقلّ و لو كان البائع مريضا و باع بثمن المثل صحّ سواء باع للوارث أو لغيره و لو باع بالمحاباة صحّ ما قابل الثمن و كان الزائد من الثلث فإن خرج صحّ البيع في الجميع و للشفيع أخذه بالشفعة بذلك الثمن و لا يمنعها كونه مسترخصا و كذا إن لم يخرج أو أجاز الورثة و إن لم يجز صحّ بقدر الثلث و بطل الزائد فيتخيّر المشتري فإن أخذه كان للشفيع أخذ ما حصل له بالبيع و المحاباة بالشفعة بمثل الثمن و إن فسخ لتبعيض الصفقة كان للشفيع الأخذ كما لو ردّ المشتري بالعيب و لو زاد المشتري في الثمن أو نقصه البائع بعد العقد و انقضاء الخيار فهو هبة أو إبراء لا يثبت في حقّ الشفيع بل يدفع كمال الثمن من غير زيادة و لا نقصان و كذا لو كانت الزيادة في وقت الخيار أو النقيصة و قال الشيخ رحمه اللّٰه يلحق بالعقد بناء على أنّ الانتقال بانقضاء الخيار و ليس بمعتمد و يستحب على قول الشيخ لو كان الثمن غير مثليّ وجوب القيمة يوم انقضاء الخيار و لو كان الثمن مؤجّلا فللشيخ قولان أحدهم تخيير الشفيع بين دفع الثمن عاجلا و أخذ الشقص و بين الصبر إلى الأجل و بين أخذه بالثمن في محلّه و دفع الثمن بعد الأجل و الثاني أخذ الشقص عاجلا و إقامة كفيل بالمال ليدفعه عند الأجل إن لم يكن مليّا و هو الأقوى عندي و إذا أخذه الشفيع بالأجل فمات الشفيع أو المشتري حلّ الدّين على الميّت منهما دون صاحبه و لا يجب على المشتري دفع الشقص ما لم يبذل الشفيع الثمن الذي وقع عليه العقد و لو باع شقصا مشفوعا منضما إلى ما لا شفعة فيه صفقة يثبت الشفعة في الشقص بحصّته من الثمن و لا يثبت في الآخر و لا خيار للمشتري هنا لأنّ تبعيض الصّفقة تجدّد في ملكه باستحقاق الشفعة و لو باع شقصين من موضعين يجب فيهما الشفعة لو أخذ صفقة و شريك أحدهما غير شريك الآخر فلهما أن يأخذ أو يقسّم الثمن على قدر القيمتين و لو أخذ أحدهما دون الآخر صحّ و ليس له أخذ الحصّتين و لو كان الشريك واحدا فله أخذهما و تركهما و أخذ أحدهما دون الآخر و لو اشتراه بمائة و دفع عرضا يساوي عشرة لزم الشفيع مائة أو يترك [- و -] تصرّف المشتري في المبيع قبل الأخذ بالشفعة صحيح فإن باعه تخيّر الشفيع بين فسخ البيع و أخذه بالبيع الأوّل بثمنه و بين إمضائه و الأخذ من الثاني فلا ينفسخ الأوّل و كذا لو باعه الثاني على ثالث إن أخذ من الأوّل انفسخ الآخران و إن أخذ من الثاني انفسخ الثالث خاصّة و إن أخذ من الثالث لم ينفسخ شيء فإذا أخذه من الثالث دفع إليه الثمن الذي اشترى به و لم يرجع على أحد و إن أخذه من الثاني يدفع إليه الثمن الذي اشترى به و رجع الثالث عليه بما أعطاه لانفساخ عقده و لو تصرف المشتري بما لا يجب فيه الشفعة كالوقف و الهبة و الرهن و جعله مسجدا فللشفيع فسخ ذلك و يأخذه بالثمن الّذي وقع عليه العقد و يأخذ الشفيع الشقص ممن هو في يده و يفسخ عقده و يدفع الثمن إلى

ص: 148

المشتري لا الموهوب و لو تقايل المتبايعان لم يسقط الشفعة و للشفيع فسخ الإقالة و الدرك باق على المشتري و كذا لو رد المشتري بيعت و لو رضي الشفيع بالبيع ثمّ تقايلا لم يكن له بالإقالة شفعة لأنّها فسخ لا بيع و لو سأل البائع الشفيع الإقالة فأقاله لم يصح لأنّها إنّما تثبت بين المتعاقدين نعم لو باعه إيّاه صحّ [- ن -] الشفيع إنّما يأخذ من المشتري و دركه عليه فلو ظهر الشقص مستحقّا رجع بالثمن على المشتري و يرجع المشتري على البائع و إن أخذه معيبا فله ردّه على المشتري أو أخذ أرشه منه و المشتري يردّ على البائع أو يأخذ منه الأرش سواء كان الشفيع أخذ من البائع أو من المشتري و حكم الشفيع حكم المشتري في الردّ بالعيب فإن علم المشتري بالعيب دونه فالشفيع ردّه على المشتري و يسقط الأرش لأنّه يأخذ بالثمن الذي استقرّ عليه العقد و إن علم الشفيع دون المشتري فلا أرش لأحدهما و لا ردّ لأنّ الشّفيع أخذه عالما بعيبه و المشتري زال ملكه عنه بأخذ الشفيع فلا ردّ و لا أرش لأنّه استرجع جميع ثمنه فأشبه بما لو ردّه على البائع و يحتمل الأرش لأنّه عوض الجزء الفائت فإن أخذ الأرش سقط عن الشفيع من الثمن بقدره و لو علما معا فلا أرش لأحدهما و لا ردّ و لو جهلا فإن ردّه الشفيع تخيّر المشتري بين الأرش و الردّ و إن أخذه الشفيع بالأرش فلا ردّ للمشتري و له الأرش و لو أخذه الشفيع بغير أرش فالوجه أنّ للمشتري أخذ الأرش من البائع ثمّ إن كان الشفيع أسقطه عن المشتري توفّر عليه و إلاّ سقط من الثمن عن الشفيع بقدره لأنّه الثمن الّذي استقرّ عليه البيع و سكوته لا يسقط حقّه و لو اشتراه المشتري بالبراءة من العيوب فإن علم الشفيع بالشرط فحكمه حكم المشتري و إلاّ فحكمه حكم ما لو علم المشتري دون الشفيع و إذا كان الشقص في يد المشتري أخذه الشفيع و إن كان في يد البائع قيل له خذ من البائع أو دع و لا يكلّف المشتري القبض من البائع و لو امتنع سواء طلبه الشفيع أو لا و يكون قبض الشفيع من البائع كقبض المشتري و الدرك مع ذلك على المشتري و ليس للشفيع فسخ البيع و لو نوى الفسخ و الأخذ من البائع لم يصحّ [- ح -] لو غرس المشتري أو بنى بأن يظهر للشفيع أنّه موهوب أو اشتراه بأكثر من ثمن المثل فيقاسمه ثمّ يظهر الخلاف بعد الغرس و البناء أو يكون غائبا فيقاسمه وكيله أو مجنونا أو وصيّا فيقاسمه الوليّ ثمّ يقدّم أو يعقل أو يبلغ بعد البناء و الغرس فإذا طلب الشفيع بالشفعة كان للمشتري قلع بنائه و غرسه و ليس عليه تسوية الحفر و لا أرش النقص لأنّه تصرف في ملكه فلا يقابله ثمن و للشفيع أن يأخذ بجميع الثمن أو يدع و لو امتنع المشتري من الإزالة كان للشفيع قلعه و يضمن ما نقص من الغرس و البناء بالقلع و لو بذل قيمة الغرس و البناء كانا له مع اختيار المشتري و لو قيل بوجوب إلزام المشتري بالقلع و لا شيء له كان وجها و على قول أصحابنا لا يجب قيمة الغرس مستحقّا للبقاء في الأرض لأنّه لا يستحقّ ذلك و لا قيمة مقلوعا لأنّه لو وجب قيمته مقلوعا لملك قلعه من غير أرش و لأنّه قد لا يكون له قيمة بعد القلع و إنّما طريق ذلك أن يقوم الأرض و فيها الغرس و البناء ثم تقوم خالية عنهما فيكون بينهما قيمة الغرس و البناء فيدفعه الشفيع إلى المشتري إن اتفقا أو ما نقص منه إن اختار القلع و يحتمل أن يقوّم الغرس و البناء مستحقا للترك بالأجرة أو لأخذه بالقيمة إذا امتنعا من قلعه و لو كان للغرس وقت يقلع فيه لو قلع قبله لم يكن له قيمة أو يكون قيمته قليلة جاز للشفيع قلعه لأنّه يؤد الأرش و لو غرس أو بنى مع الشفيع أو وكيله ثمّ أخذه الشفيع فالحكم في أخذ نصيبه من ذلك كالحكم في الجميع و لو زرع المشتري فللشفيع الأخذ و ليس له قلع الزّرع لقلّة لبثه في الأرض و أجرة له لأنّ المشتري زرعه في ملكه و قيل يتخير الشفيع بين الأخذ في الحال و الصبر إلى الحصاد و ليس بمعتمد و كذا لو أثمر النخل في ملك المشتري ثم أخذ الشفيع كان عليه التبقية إلى أوان أخذه و إذا نما الشقص في يد المشتري نماء متّصلا كالشجر يكبر فللشفيع أخذه مع الزيادة و لو كان النماء منفصلا كالغلّة و الأجرة و الثمرة فهي للمشتري و يجب بقاؤها إلى حين أخذها و لو اشتراه و فيه طلع غير مؤبّر فأبّره المشتري ثمّ أخذه الشفيع فالثمرة للمشتري و يأخذ الأرض و النّخل بحصتهما من الثمن و لو تجدّد الطّلع في يد المشتري فأخذه الشفيع قبل التأبير قال الشيخ الطلع للشفيع لأنّه بمنزلة السّعف و ليس بمعتمد [- ط -] لو تلف المبيع في يد المشتري سقطت الشفعة سواء كان بفعله أو لم يكن قبل المطالبة أمّا لو أتلفه بعد المطالبة فإنّه يكون مضمونا عليه و لو تلف بعضه كانهدام المبيع أو تعيبه فإن كان بغير فعل المشتري أو بفعله قبل المطالبة تخيّر الشفيع بين الأخذ بكلّ الثمن و بين الترك لا بحصّته الموجود من الثمن و إن كان بفعل المشتري بعد المطالبة ضمن المشتري النقص و يحتمل ضمانه إذا فعل ذلك قبل المطالبة فيأخذ الشفيع بحصّته من الثمن و كذا إن كان بفعل آدمي غير المشتري لأنّه يرجع بدله إلى المشتري فلا يتضرّر و إلا تقاص على التقديرات كلّها للشفيع سواء كانت في المبيع أو منفعة له عنه و لو ظهر عيب سابق فأخذ المشتري أرشه فللشفيع أخذه بما بعد الأرش و لو أمسكه المشتري بغير أرش أخذه الشفيع بغير أرش أو ترك [- ى -] لو اشترى بثمن فظهر مستحقّا فإن كان الشراء بالعين بطل المبيع و لا شفعة و لو أجاز مالك الثمن الشراء صحّ البيع و ثبت الشفعة و على تقدير عدم الإجازة لو كان الشفيع قد أخذ بالشفعة لزمه ردّ

ص: 149

ما أخذ على البائع و إن كان قد اشترى بثمن في الذمّة ثمّ فقد الثمن فبان مستحقّا ثبت الشفعة فإن تعذر قبض الثمن من المشتري لإعسار أو غيره فللبائع فسخ البيع و يقدّم حق الشفيع و لو دفع الشفيع الثمن فبان مستحقا لم يبطل شفعته و وجب عليه دفع عوضه و إنّما يثبت غصبيّة ما دفعه المشتري بالبيّنة أو بإقرار الشفيع و المتبايعين فلو أقرّ المتبايعان و أنكر الشفيع لم يقبل قولهما عليه و يأخذ بالشفعة و يدفع الثمن إلى صاحبه و يرجع البائع على المشتري بعوضه إن كان الثمن في الذمّة و إن كان بالعين رجع بقيمة الشقص و لو أقر الشفيع و المشتري دون البائع بطلت الشفعة و وجب على المشتري ردّ مثل الذي دفعه إلى البائع أو قيمته و يبقى الشقص معه بزعم أنّه للبائع فيشترى الشقص منه و يتبارءان و لو أقرّ الشفيع و البائع و أنكر المشتري ردّ البائع الثمن على صاحبه و بطلت الشفعة و ليس للبائع مطالبة المشتري بشيء و إن أقرّ الشفيع خاصة بطلت شفعته و لا ينفذ في حق المتعاقدين و لو كان الثمن غير مثلي فوجد البائع به عينا فردّه قبل أخذ الشفيع احتمل تقديم حقّه لأنّ في أخذ الشفعة إبطال حقّ البائع من الشقص و الشفعة تثبت لإزالة الضرر فلا تزال بالضرر و تقديم حقّ الشفيع لسبق حقّه و الأقرب الأوّل لأنّ حقّ البائع أسبق لاستناده إلى وجود العيب و هو متحقّق حال البيع و الشفعة تثبت بالبيع فإن لم يردّ البائع المعيب حتّى أخذ الشفيع كان له ردّ الثمن و ليس له استرجاع المبيع لأنّ الشفيع ملكه بالأخذ فلم يملك البائع إبطال ملكه و لكن يرجع بقيمة الشقص و يرجع بقيمته و هل يتراجعان يحتمل ذلك لأنّ الشفيع إنّما يأخذ بالثّمن الذي استقر عليه العقد و ذلك قيمة الشقص فأيّهما كان دفع أكثر رجع بالفضل على صاحبه و لو لم يردّ البائع الثمن و لكن أخذ أرشه فإن كان الشفيع دفع قيمة الثمن معيبا رجع المشتري عليه بما أدّى من أرشه و إن كان دفع قيمته صحيحا لم يرجع المشتري على الشفيع بشيء لأنّه دفع ما وقع العقد عليه صحيحا و لو عفا البائع عن الأرش لم يرجع الشفيع على المشتري لأنّه بمنزلة إسقاط بعض الثمن و لو عاد الشقص إلى المشتري بملك مستأنف كبيع أو هبة أو غيرهما لم يكن للبائع أخذه و ليس للمشتري ردّه على البائع بدون اختياره و لو تلف الثمن المعيّن قبل القبض احتمل ثبوت الشفعة مطلقا و رجوع البائع بقيمة الشقص و سقوطها إن لم يكن الشفيع قبض الشقص لبطلان البيع حيث تعذر التسليم فيبطل الشفعة المتفرعة عليه [- يا -] لو ادّعى بيع نصيب نفسه على أجنبيّ فأنكر حلف الأجنبيّ مع عدم البيّنة و هل يثبت للشريك الشفعة قال الشيخ رحمه اللّٰه نعم لأنّ البائع أقرّ بحقّين فلا يسقط أحدهما بإنكار الآخر حقّه و يحتمل سقوطها لأنّها فرع البيع و لم يثبت و على الأوّل يأخذ الشفيع من البائع و يسلّم الثمن إليه و دركه على البائع و يحتمل مع إنكار الأجنبي انتفاء استحقاق محاكمة الشفيع و البائع للمشتري ليثبت البيع في حقّه و العهدة عليه لأنّ مقصود البائع الثمن و قد حصل من الشفيع و مقصود الشفيع أخذ الشقص و ضمان العهدة و قد حصل من البائع فلا فائدة في المحاكمة لكن الأقوى عندي الأوّل فإن أقرّ البائع بقبض الثمن من المشتري بقي الثّمن الذي على الشفيع لا يدّعيه أحد فيأخذه الحاكم فإن ادّعاه البائع أو المشتري دفع إليه و إن تداعياه فأقرّ المشتري بالبيع و أنكر البائع القبض فهو للمشتري لإقرار البائع له و لأنّ البائع لا يدّعي هذا الثمن إنّما يستحقّ على المشتري و قد اعترف بالقبض منه [- يب -] لو ادعى تأخير شراء شريكه عنه طلب منه تحرير الدعوى بتعيين المكان الذي فيه الشفعة و قدر الشقص و الثمن و يدّعي الشفعة فيه فإذا فعل سأل المدّعى عليه فإن اعترف لزمه و إن أنكر و قال إنّما اتّهبته أو ورثته فلا شفعة عليّ فالقول قوله مع اليمين و عدم البيّنة و لو نكل قضي عليه أمّا مع يمين المدّعي أو بدونها و لو قال لا يستحقّ عليّ شفعته فالقول قوله مع اليمين و يكفيه الحلف على قوله و لا يكلّف اليمين على أنّه لم يشتر بعده و لو نكل قضي عليه بالشفعة و يعرض عليه الثمن فإن أخذه دفع إليه و إلاّ احتمل بقاؤه في يد الشفيع إلى أن يدعيه فيدفع إليه و أخذ الحاكم فمتى ادعاه المشتري دفع إليه و لو اعترف بالشراء و أنكر التأخير فالقول قوله مع اليمين و لو قال اشتريته لفلان و كان حاضرا فإن صدّقه يثبت الشفعة عليه و لو قال هذا ملكي لم أشتره انتقلت الحكومة إليه و إن كذّبه حكم بالشراء للمقرّ و أخذ منه بالشفعة و إن كان غائبا أخذه الحاكم دفعه إلى الشفيع و كان الغائب على حجته و يحتمل عدم الأخذ إلى أن يحضر الغائب و لو قال اشتريته لولدي الصّغير أو لمن له عليه ولاية احتمل عدم الشفعة لثبوت الملك للطفل و لا يجب الشفعة بإقرار الوليّ و ثبوتها لأنّه ملك الشراء له فصحّ إقراره فيه و الأقرب الأوّل أمّا لو أقرّ بعد اعترافه لهما بشرائه لنفسه لم يثبت فيه الشفعة إلاّ بالبيّنة أو بإقرار الغائب بعد حضوره و الصبيّ بعد بلوغه و لو كان الشريك غائبا فادّعى الحاضر على من حصّة الغائب في يده أنّه اشتراه من الغائب فصدّقه احتمل أخذه بالشفعة لأنّ من العين في يده يصدق في تصرّفه و عدمه لأنّه إقرار على غيره و الأوّل أقوى و كذا لو باع القابض و ادعى الشفيع إذن الغائب فإن أوجبنا الشفعة و قدم الغائب فأنكر البيع أو الإذن قدّم قوله مع اليمين و يأخذ الشقص و يطالب بالأجرة من شاء منهما فإن طالب الوكيل رجع على الشفيع لتلف المنافع في يده و إن طالب الشفيع لم يرجع على أحد أمّا لو ادعى الوكيل الإذن و باع فأخذ الشريك بالشفعة استقرّ الضمان على الوكيل

ص: 150

لأنّه عاد فإن رجع الغائب على الشفيع رجع الشفيع على الوكيل و إن رجع على الوكيل لم يرجع على الشفيع و لو ادّعى على الوكيل أنه اشترى الشقص الذي في يده فقال إنّما أنا وكيل أو مستودع قدّم قوله مع اليمين و لو كان للمدعي بيّنة حكم بها و لو نكل احتمل القضاء عليه لأنّه لو أقرّ يقضى عليه و لو ادّعى على رجل شفعة في شقص اشتراه فأنكر المشتري ملكيّة المدّعي فالوجه عدم الاكتفاء باليد و يفتقر إلى البيّنة فإن ادّعى علم المشتري حلف المشتري على نفي العلم و لو نكل قضي عليه و لو ادعى على شريكه شراء نصيبه من زيد فصدّقه زيد و أنكر الشريك و قال بل ورثته من أبي فأقام المدّعي بيّنة لسبق ملك زيد لم يثبت الشفعة لأنّها لم يشهد بالبيع و إقرار و يد على المنكر للبيع لا يقبل و لو ادعى كلّ من الشريكين الشفعة على صاحبه قبيلا عن زمن التملّك فإن قالا دفعة فلا شفعة لأنّها إنما تثبت بملك سابق في ملك متجدّد و إن ادعى كلّ منهما السّبق حكم لمن أقام البيّنة و لو أقاما بيّنة تعارضتا فيحتمل القرعة و سقوط البينتين فيبقى الملك مشتركا و إن لم يكن لهما بيّنة قدّمنا دعوى السابق و سألنا خصمه فإن أنكر حلف و سقطت دعوى الأوّل ثمّ تسمع دعوى الثّاني فإن أنكر الأوّل و حلف سقطت دعواه أيضا و لو نكل الثاني عقيب دعوى الأوّل عن اليمين قضي عليه أمّا مع يمين صاحبه أو بدونها على الخلاف و لم يسمع دعواه لأنّ خصمه قد استحقّ ملكه و لو حلف الثاني و نكل الأوّل قضي عليه و لو أقام أحدهما بيّنة بالشراء مطلقا لم يحكم بها لعدم الفائدة و لو أقام بيّنة على شريكه بالابتياع فأقام الشريك بينة بالإرث قال الشيخ يقرع بينهما و لو ادعى الشريك الإيداع قدّمت بيّنة الشفيع لعدم التنافي بين الإيداع و الابتياع و لو شهدت بالابتياع مطلقا و شهدت الأخرى أنّ المودع أودعه و ما هو ملكه في تاريخ متأخّر قال الشيخ رحمه اللّٰه قدّمت بيّنة الإيداع لتفرّدها بالملك و يكاتب المودع فإن صدق قضي ببيّنته و سقطت الشفعة و إن أنكر قضي بالشفعة و لو شهدت بينة الشفيع أنّ البائع باع و هو ملكه و شهدت بيّنة الإيداع مطلقا قضي بالشفعة من غير مراجعة المودع [- يج -] لو اختلف المتبايعان في الثمن فقال البائع ألفان و قال المشتري ألف قدّم قول البائع مع اليمين إذا لم يكن هناك بيّنة فيأخذ الألفين من المشتري و للشفيع أخذه بألف سواء حكم الحاكمين بألفين أو لا و كذا البحث لو أقام البائع بينة و لو قال المشتري صدقت البيّنة و كنت أنا كاذبا أو ناسيا لم يقبل رجوعه و لو اختلف المشتري و الشفيع فالقول قول المشتري لأنّه الذي ينتزع الشيء من يده و لو أقام أحدهما بيّنة حكم له و لا يقبل شهادة البائع لأحدهما و لو أقاما بيّنة فالوجه القضاء ببيّنة الشفيع لأنّه الخارج و لو كان الاختلاف بين المتبايعين و أقام كل منهما بيّنة قال الشيخ يقرع و ليس بجيّد لأنّ القول قول البائع مع يمينه إذا كانت السلعة موجودة فالبيّنة بيّنة المشتري و لو اشترى شقصا بعوض و اختلفا في قيمته و تعذّر إحضاره فالقول قول المشتري كما لو اختلف في قدر الثمن و لو قال لا أعلم قيمته فالقول قوله مع اليمين فإذا حلف سقطت الشفعة [- يد -] الشفعة تورث كالأموال قاله السيّد رحمه اللّٰه و كذا اختيار المفيد و قال الشيخ لا تورث لرواية طلحة بن زيد و هو بتري و الأوّل أقوى سواء كان الميّت قد طالب بها أو لا و على ما اخترناه ينتقل الحقّ إلى بيع الورثة على حسب مواريثهم فللزوجة الثمن مع الولد فإن ترك بعض الورثة حقّه قوّم الحق على سائر الورثة و لم يكن لهم أخذ الجميع أو الترك و لو مات مفلس و له شقص قد باع شريكه كان لورثته المطالبة بالشفعة و لو كان للميّت دار فبيع بعضها في قضاء دينه لم يكن لوارثه الشفعة لأنّه لا يستحق الشّفعة على نفسه و لو كان الوارث شريكا للمورث فبيع نصيب المورّث في الدين لم يكن للوارث شفعة لأنّ نصيب المورث انتقل إلى الوارث فلا يستحقّ على نفسه الشفعة و لو اشترى شقصا مشفوعا و وصّى به ثمّ مات فللشفيع أخذه لتقدّم حقّه و يدفع الثمن إلى الورثة فيبطل الوصيّة حينئذ لتلف الموصى به و لو أوصى رجل بشقص ثمّ مات فباع الشريك قبل قبول الموصى له فالوجه أن للورثة الشفعة لا للموصى له لعدم الانتقال قبل القبول و لو كان قد قبل الوصيّة في حياة الموصي كان له المطالبة و عند من يقول من علمائنا بانتقال الوصيّة بالموت خاصّة فالشفعة للموصى له فإذا قيل استحقّ المطالبة و لا يستحقّ المطالبة قبل القبول لعدم العلم بانتقال الملك إليه و إنّما يعلم بقبوله فإذا قبل عرف تملكه و إن ردّ تبين أنّه للوارث و حينئذ فالأقرب أنّه للوارث المطالبة لأنّ الأصل عدم القبول و بقاء الحقّ لهم فإذا طالب الوارث ثم قبل الموصى له فالشفعة له فلا بدّ من طلب من الموصى له لأنّ الطلب الأوّل قد ظهر أنّه من غير المستحقّ و على القول الأوّل لو طالب الوارث بالشفعة فلهم الأخذ فإذا قيل الموصى له أخذ الشقص الموصى به دون المشفوع و لو لم يطالب الوارث حتّى قبل الموصى له فلا شفعة للموصى له لثبوت البيع قبل تملّكه و هل يستحقّها الوارث يبتني على ما لو باع الشريك قبل علمه ببيع الأوّل و المرتد عن فطرة ينتقل أمواله إلى ورثته فلو اشترى شقصا لم يصحّ و لا شفعة للشريك أمّا لو كان عن غير فطرة فإن تصرفاته صحيحة فلو اشترى ثبت لشريكه الشفعة و لو بيع شقص في شركة المرتدّ و كان المشتري كافرا فله الشفعة و لو ارتدّ الشفيع المسلم عن فطرة قبل تمكّنه من الطلب فالوجه انتقال

ص: 151

الشّفعة إلى الورثة أمّا لو تمكّن و لم يطلب ثمّ مات ابتنى على الفورية و لو كان عن غير فطرة كان له المطالبة من الشريك الكافر لا المسلم و لو كان قد طالب بالشفعة قبل ارتداده فالوجه أنّه يأخذ في الموضعين و إذا مات المسلم قبل المطالبة فإن لم يتمكّن من الطلب انتقلت الشفعة إلى ورثته و إن كان قد تمكّن فإن كان قد رضي بالبيع فلا شفعة و إن لم يعلم حاله ابتنى على الفورية و لو يخلف الشفيع وارثا طالب الإمام فلو انتقلت الشفعة إلى وارثين فعفا أحدهما ثم طالب الآخر بها ثمّ مات الطالب فورثه العافي فله أخذ الشقص بها [- يه -] لو باع الشفيع نصيبه مع علمه ببيع شريكه بطلت شفعته و كذا لو باع البعض إن قلنا ببطلان الشفعة مع الكثرة و إن أثبتناها احتمل البطلان أيضا لأنّه أسقط ما يتعلّق بذلك البعض فيسقط الجميع لأنّ الشفعة لا يتبعّض و الصحّة لأنّه قد بقي من نصيبه ما يستحقّ به الشفعة في جميع المبيع لو انفرد (و كذا لو بقي لعدم السقوط) و حينئذ للمشتري الأوّل على المشتري الثاني الشفعة في المسألتين إذا باع الأول و البعض على تقدير سقوطه شفعة البائع الثاني و إن قلنا بعدم السقوط فله أخذ الشقص من المشتري الأوّل و هل للمشتري الأوّل شفعة على المشتري الثاني فيه احتمال من حيث أنّه شريكه و إن ملكه يؤخذ بالشفعة فلا يأخذ الشفعة به و على تقدير الثبوت له الأخذ سواء أخذ منه المبيع بالشفعة أو لا و للبائع الثاني الأخذ من المشتري الأوّل أمّا لو باع الشفيع ملكه قبل علمه بالبيع الأوّل قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يسقط شفعته و يحتمل سقوطها لزوال السبب و هو الملك الذي يخاف الضرر بسببه و على قوله رحمه اللّٰه للبائع الثاني أخذ الشقص من المشتري الأوّل فإن عفا عنه فللمشتري الأول أخذ الشقص من المشتري الثاني فإذا أخذ منه فهل للمشتري الأوّل الأخذ من الثاني فيه احتمال و لو باع الشريك و شرط الخيار للمشتري ثمّ باع الشفيع نصيبه ثبت الشفعة للمشتري الأوّل لتحقّق الانتقال بالعقد و لو كان الخيار للبائع أو لهما فالشفعة للبائع الأوّل بناء على أنّ الانتقال إنّما يحصل بانقضاء الخيار [- يو -] لو قال الشفيع للمشتري بعني ما اشتريت أو هبني أو ملّكني أو قاسمني بطلت شفعته و لو قال صالحني عن الشفعة على مال فالوجه أنّها لا تسقط لأنّه لم يرض بإسقاطها و إنّما رضي بالمعاوضة عنها و لو صالحه عنها بعوض صحّ و بطلت الشفعة لأنّه من الحقوق الماليّة فصحّت المعاوضة عليه و لو قال آخذ نصف الشقص بطلت شفعته لأنّه ترك البعض فسقطت و لو قال الشريك قبل البيع قد أذنت في البيع أو أسقطت شفعتي و ما أشبه ذلك لم يسقط شفعته و له المطالبة بها متى وجد البيع و لو توكّل للشفيع في البيع لم يسقط شفعته أيضا سواء كان وكيلا للبائع أو للمشتري على إشكال منشؤه الرضاء بالبيع و لو قال لشريكه بع نصف نصيبي مع نصف نصيبك ففعل ثبت للشفعة لكلّ منهما في المبيع من نصف نصيب صاحبه و لو ضمن الشفيع الدرك عن البائع أو عن المشتري أو شرطا له الخيار فاختار إمضاءه البيع لم يسقط شفعته على إشكال منشؤه تمام العقد به فأشبه البائع و لو شهد على البيع أو بارك للمشتري فيما اشترى أو للبائع فيما باع و أذن للمشتري في الشراء أو للبائع في البيع لم يبطل شفعته على إشكال و لو جهلا قدر الثمن بطلت الشفعة لتعذّر تسليم الثمن و لو قال المشتري أنسيت الثمن و لا بيّنة فالقول قوله مع اليمين و بطلت الشفعة و لو قال لم أعلم كميّة الثمن لم يكن جوابا صحيحا و كلّف جوابا غيره و قال الشيخ رحمه اللّٰه تردّ اليمين على الشفيع و لو كان المبيع في بلدنا فأخّر المطالبة توقعا للوصول بطلت الشفعة و كذا لو تلف الثمن المعيّن قبل قبضه لبطلان البيع [- يز -] يجوز الاحتيال لإسقاط الشفعة و يسقط الشفعة به و ذلك مثل أن يشتري بألف و يبرئه من تسع مائة فيبقى الذي يزنه المشتري مائة أو يدفع عوضا عنه يساوي مائة فللشفيع الأخذ بألف أو الترك أو يشتري البائع من المشتري عبدا قيمته مائة بألف ثمّ يبيعه الشقص بالألف و يشتري جزءا من الشقص بمائة ثمّ يهبه البائع الباقي أو يهب الشقص للمشتري و يعوّضه المشتري عن الهبة بالثمن فإن خالف أحدهما ما تواطئا عليه و طالب صاحبه بما أظهر له لزمه في ظاهر الحكم و يحرم عليه في الباطن لأنّ صاحبه إنّما رضي بالعقد للتواطؤ و لو تعاقدا في الباطن بثمن و أظهر أكثر منه لإسقاط الشفعة لم يجز إجماعا و كذا لو باعه في الباطن و أظهر الانتقال بغير البيع كصلح أو هبة أو إقرار لم يجز [- يج -] قد بيّنا أن الشفعة تسقط مع كثرة الشفعاء عند أكثر علمائنا و أثبتها آخرون فلو اشترى شقصا له شفيعان فادّعى عفو أحدهما و شهد له الآخر لم يقبل لأنّه يطلب توفير الشفعة عليه فإن عفا الشاهد بعد ردّ شهادته ثمّ شهد لم تقبل لأنها ردّت للتهمة فصار كالفاسق إذا ردّت شهادته ثمّ تاب و أعادها و لو عفا قبل الشهادة ثمّ شهد قبلت و لو ادعى عليهما فأنكرا و حلفا بقيت الشفعة و إن حلف أحدهما و نكل الآخر فإن صدق الحالف الناكل على عدم العفو لم يفتقر إلى يمين و كانت الشفعة بينهما و لو ادّعى عفوه فنكل قضى له بالشفعة سواء ورثا الشفعة أو كانا شريكين و لو شهد أجنبيّ بعفو أحدهما حلف الآخر معه و أخذ الجميع و إن عفا الآخر حلف المشتري و لو

ص: 152

كانوا ثلاثة فشهد اثنان بعد عفوها بعفو الثالث قبل و لو شهد البائع بعفو الشفيع قبلت بعد قبض الثمن لا قبله لاحتمال قصد استرجاع المبيع لو ثبت فلس المشتري فلو شهد لمدبّره أو مكاتبه المشروط بعفو شفعته أو بشراء شيء لمكاتبه فيه شفعته لم يقبل و لو كان مطلقا قبل و لو باع اثنان لواحد كان الشفيع أخذ نصيب أحدهما و لو قارض أحد الثلاثة الآخر فاشترى نصف حصّة الثالث لم يكن لهما شفعة لأنّ أحدهما ربّ المال و الآخر العامل فهما كالشريكين و لو باع الثالث باقي حصّته على أجنبيّ ثبت لهما الشفعة و لو باع أحد الثلاثة حقّه على أجنبيّ فطالب أحد الشريكين فقال المشتري إنّما اشتريته لشريكك لم تؤثر في استحقاق الطالب لثبوت الشفعة بينهما سواء اشترى الأجنبي لنفسه أو لأحدهما فإن ترك المطالبة بناء على ذلك ثمّ ظهر الكذب لم يبطل شفعته و لو أخذ نصف المبيع للخبر ثمّ تبيّن الكذب و عفا الشريك كان له أخذ الباقي لأنّ اقتصاره على أخذ النصف مبنيّ على الخبر و لو امتنع من أخذ الباقي احتمل سقوطه حقّه من الذي أخذه لأنّه يملك تبعيض صفقة المشتري و عدم السقوط لإقرار المشتري بما يتضمّن استحقاقه للنّصف فلا يبطل برجوعه عن إقراره و لو أنكر الشريك كون الشراء له و عفا شفعته و أضرّ المشتري على الإقرار للشريك فللشفيع أخذ الجميع لعدم المنازع و الاقتصار على النصف لإقرار المشتري و لو قال أحد الشريكين للمشتري شرائك باطل و قال الآخر إنّه صحيح فالشفعة كلها للمعترف و كذا لو قال لم يشتره بل اتّهبه و صدّقه الآخر على الشراء و لو عفا أحد الشفيعين قبل البيع أو ضمن عهدة الثمن أو توكّل في البيع أو الشراء و قال لا شفعة لي لذلك توقّرت على الآخر و لو اعتقد أنّ له شفعة فترافعا إلى حاكم فحكم بسقوط الشفعة توقّرت على الآخر لأنّها سقطت بحكم الحاكم فلو باع أحد الثلاثة نصيبه على الثاني ثمّ باعه الثاني على أجنبي ثمّ علم الثالث فإن أخذ بالعقد الثاني أخذ جميع ما في يد مشتريه لأنّه لا شريك له في شفعته و إن أخذ بالأوّل أخذ نصف المبيع و هو السّدس لأنّ المشتري شريكه فيأخذ نصف السدس من المشتري الأوّل و نصفه من الثاني لأنّ الأوّل اشترى الثلث فكان بينهما نصفين فلما باع الثلث و في يده ثلثان و قد باع نصف ما في يده و الشفيع يستحقّ ربع ما في يده و هو السّدس فصار منقسما في يدهما نصفين فيأخذ من كلّ منهما نصف السّدس و يدفع ثمنه إلى الأوّل و يرجع المشتري الثاني على الأوّل بربع الثمن فيصحّ من اثنا عشر و يرجع إلى أربعة للشفيع النصف و لكلّ منهما الربع و لو أخذ بالعقدين أخذ جميع ما في يد الثاني و ربع ما في يد الأول فله ثلاثة أرباع الدار و لشريكه الربع و يدفع إلى الأوّل نصف الثمن الأوّل و يدفع إلى الثاني ثلاثة أرباع الثمن الثاني و يرجع الثاني على الأوّل بربع الثمن الأوّل لأنّه يأخذ نصف مشتري الأوّل و هو السّدس فيدفع إليه نصف الثمن و قد صار نصف هذا النصف في يد الثاني و هو ربع ما في يده فيأخذه منه و يرجع الثاني على الأوّل بثمنه و بقي المأخوذ من الثاني ثلاثة أرباع ما اشتراه فأخذها منه و دفع إليه ثلاثة أرباع الثمن و إن كان المشتري الثاني هو البائع الأوّل لم يختلف الحكم و لو كانت الدار بين الثلاثة لأحدهم النّصف و للآخرين النصف فاشترى صاحب النصف من أحدهما حقّه ثمّ باع ربعا بما في يده لأجنبي ثمّ علم الشريك فإن أخذ بالبيع الثاني أخذ جميعه و دفع إلى المشتري ثمنه و إن أخذ بالأول فله ثلث المبيع و هو نصف سدس لأنّ المبيع كلّه ربع فثلثه نصف سدس يأخذ ثلثيه من المشتري الأوّل و ثلثه من الثاني و مخرج ذلك من ستة و ثلاثين النصف ثمانية عشر و لكلّ واحد منهما تسعة فلمّا اشترى صاحب النصف تسعة يثبت الشفعة بينه و بين شريكه أثلاثا فالشريكة ثلثها ثلاثة فلمّا باع صاحب النصف ثلث ما في يده حصل المبيع من الثلاثة ثلثها و هو سهم بقي في يده البائع منهما سهمان و رد الثلاثة إلى الشريك يصير في يده اثنى عشر و هي الثلاث و يبقى في يد المشتري الثاني ثمانية و هي تسعان و في يد صاحب النصف ستة عشر و هي أربعة أتساع و يدفع الشريك الثمن إلى المشتري الأوّل و يرجع المشتري الثاني عليه بتسع الثمن الذي اشترى به لأنّه قد أخذ منه تسع مبيعه و إن أخذ بالعقدين أخذ من الثاني جميع ما في يده و أخذ من الأوّل نصف التسع و هي سهمان من ستّة و ثلاثين فيصير في يده عشرون سهما هي خمسة أتساع و يبقى في يد الأوّل ستة عشر سهما و هي أربعة أتساع و يدفع إليه ثلث الثمن الأوّل و يدفع إلى الثاني ثمانية أتساع الثمن الثاني و يرجع الثاني على الأوّل بتسع الثمن الثاني و هذا البحث على قول من يجعل الشفعة على قدر الأربعاء و لو باع أحد الأربعة نصيبه على اثنين منهم استحقّ الرابع الشفعة عليهما و استحقّ كلّ من المشتري بين الشفعة على صاحبه فإن طلب كلّ واحد قسم المبيع بينهم أثلاثا و صارت الدار بينهم كذلك و إن عفا الرابع وحده قسم المبيع بين المشتريين نصفين و كذلك إن عفا الجميع عن شفعتهم فيصير لهما ثلاثة أرباع الدار و للرابع الربع بحاله و إن طالبت الرابع وحده أخذ منها نصف المبيع لأنّ كلّ واحد منهما له من الملك مثل ما للطالب فشفعة مبيعه بينه و بين شفيعه نصفين فيحصل للرابع ثلاثة أثمان أراد و باقيها بينهما نصفين و يصحّ من ستّة عشر و إن طالب الرابع و حدّ أحدهما دون الآخر قاسمه الثمن نصفين فيحصل للمعفوّ عنه ثلاثة أثمان و الباقي بين الرابع و الآخر نصفين و يصح من ستة عشر و إن عفا أحد المشتريين و لم يعفو من الآخر و لا الرابع قسّم مبيع المعفو عنه بينه و بين الرابع نصفين و مبيع الآخر بينهم أثلاثا فيحصل للّذي لم يعف عنه ربع و ثلث ثمن و ذلك سدس و ثمن و الباقي بين الآخرين نصفان و يصحّ من ثمانية و أربعين و إن عفا الرابع عن أحدهما و لم يعف أحدهما عن صاحبه أخذ ممن لم يعف عنه ثلث الثمن و الباقي بينهما نصفين و يكون الرابع كالعافي في الفرض المتقدم و يصحّ من ثمانية و أربعين و إن عفا الرابع و أحدهما عن الآخر و لم يعف الآخر فلغير العافي ربع و سدس و الباقي

ص: 153

بين العافيين نصفين لكلّ واحد منهما سدس و ثمن فيصحّ من أربعة و عشرين و لو كان لزيد النصف و لعمرو الثلث و لبكر السّدس فاشترى بكر من زيد ثلث الدار ثمّ باع عمرو سدسها و لم يعلم عمرو بشرائه للثلث ثمّ علم فله المطالبة بحقّه من شفعة الثلث و هو ثلثاه و ذلك تسعا الدار فيأخذ من بكر ثلثي ذلك و قد حصل ثلثه الباقي في يده بشرائه للسّدس فينفسخ بيعه فيه و يأخذه بشفعة البيع الأوّل و يبقى من بيعه خمسة أتساعه لزيد ثلث شفعته فيقسم بينهما أثلاثا و يصحّ المسألة من مائة و اثنين و ستين ثلث المبيع أربعة و خمسون لعمر و ثلثاها بشفعة ستّة و ثلاثون يأخذ ثلثيها من بكر و هي أربعة و عشرون و ثلثها في يده اثنى عشر بينهما و السدس الذي اشتراه سبعة و عشرون قد أخذ منها اثنى عشر بالشفعة بقي منهما خمسة عشر له ثلثاها عشرة و يأخذ منها زيد خمسة فحصل لزيد اثنان و ثلاثون و لعمرو مائة فذلك نصف الدار و تسعها و نصف تسع تسعها و يدفع عمرو إلى بكر ثلثي الثمن في المبيع الأوّل و عليه و على زيد خمسة أتساع الثمن الثاني بينهما أثلاثا و إن عفا عمرو عن شفعة الثلث فشفعة السدس الذي اشتراه بينه و بين زيد أثلاثا و يحصل لعمرو أربعة أتساع الدار و لزيد تسعاها و لبكر ثلثها و يصحّ من تسعة و إن باع بكر السدس لأجنبي فهو كبيعه إيّاه لعمرو إلاّ أنّ لعمرو العفو عن شفعته في السدس بخلاف ما إذا كان هو المشتري فإنّه لا يصحّ عفوه عن نصيبه منها و إن باع بكر الثلث لأجنبيّ فلعمرو ثلثا شفعة المبيع الأوّل و هو التسعان يأخذ ثلثيهما من بكر و ثلثيهما من المشتري الثاني و ذلك تسع و يبقى في يد الثاني سدس و سدس تسع من أربعة و خمسين بين زيد و عمرو أثلاثا و يصحّ من مائة و اثنين و ستين و يدفع عمرو إلى بكر ثلثي ثمن بيعه و يدفع هو و زيد إلى المشتري الثاني ثمن خمسة أتساع مبيعه بينهما أثلاثا و يرجع المشتري الثاني على بكر بثمن أربعة أتساع مبيعه و إن لم يعلم عمرو حتى باع مما في يديه سدسا لم يبطل شفعته في أحد الوجهين و هذه الفروع نقلناها من المخالفين و لا ينافي على ما اخترناه نحن من بطلان الشفعة مع الكثرة [- يط -] لو باع المكاتب المشروط شقصا على مولاه بنجومه ثمّ عجز فالأقرب ثبوت الشفعة مع احتمال بطلانها لخروجه عن كونه مبيعا و الأخذ بالشفعة ليس بيعا فلا يثبت فيه خيار المجلس

كتاب الصّيد و الذبائح

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الآلة

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] الاصطياد لغاية الصيد بآلة و هو كلّ جرح مقصود حصل به الموت و أقسام الآلة ثلاثة جوارح الحيوان و جوارح الأسلحة و المثقلات و إنّما يؤكل مما مات بالصّيد مقتول الكلب المعلّم من جوارح السباع و بالنصل و إن أصاب معترضا أو بالمعراض إذا خرق اللحم و كذا السهم الخالي من النصل إذا كان حادا و خرق اللحم و لا يحلّ أكل ما مات بغير ذلك كالفهد و النمر و غيرهما من جوارح السباع و الطير فلو اصطاد بالفهد أو النمر أو غيرهما من السباع أو البازي و العقاب و الباشق و غير ذلك من جوارح الطير لم يحل إلاّ ما يدرك ذكاته و يذكيه سواء كان شيء من ذلك معلّما أو غير معلّم [- ب -] كلّما يقتله السيف و السهم و الرمح و كلّ ما فيه نصل حلال مع الشروط الآتية و لا يفتقر إلى التذكية سواء قتل بحدة أو معترضا أمّا المعراض الخالي من الحديد فإنّه يؤكل ما يخرق اللحم منه و كذا السّهم الحادّ الخالي من الحديد و لو قتل شيء من ذلك معترضا لم يحلّ [- ج -] كلّما ما مات بالمثقّلات حرام كما لو رمى الطير ببندقة أو حجارة أو خشبة غير محدّدة و لا خرقت و يجوز الاصطياد بجميع آلات الصّيد من الشرك و الحبالة و الشباك و غير ذلك لكن لا يحلّ منه إلاّ ما يدرك ذكاته و لو كان فيه سلاح و كذا الكلب غير المعلم و هل يحرم أن يرمي الصيد بما هو أكثر منه قال الشيخ رحمه اللّٰه نعم و قيل مكروه [- د -] يشترط في إباحة ما يقتله الكلب أن يكون الكلب معلّما بأن يسترسل إذا أرسله و ينزجر إذا زجره و يمتنع من أكل ما يمسكه إلاّ نادرا و جرحه للصيد و إسلام المرسل و إرساله للاصطياد و التسمية عند الإرسال و عدم غيبوبة الصيد ذوي الحياة المستقرّة [- ه -] التعليم يتحقّق بالاسترسال عند الإرسال و الانزجار عند الزجر و عدم الأكل عند الإمساك فيتكرّر منه ذلك مرّة بعد أخرى و الأقوى عندي الحوالة في ذلك على العرف بأن يتكرّر الصّيد متّصفا بهذه الشرائط ليتحقّق حصولها فيه من غير تقدير المرات و الانزجار بالزجر إنّما يعتبر قبل إرساله على الصيد أو رؤيته أمّا بعد ذلك فإنّه لا ينزجر بحال و إذا كان الكلب معتادا لأكل ما يصيده لم يحلّ مقتوله و إن أمسك عليه أمّا لو كان ممتنعا من الأكل غالبا فأكل نادرا لم يقدح في إباحة ما يقتله و كذا لو شرب دم الصيد و اقتصر و كذا لا يحرم ما تقدم من صيوده و لا يخرج أن يكون معلّما بالندرة فلو صاد بعد الصيد الذي أكل منه لم يحرم لم يخرج عن أن يكون معلّما و لو أكل الكلب المعلّم و اعتاده حرمت الفرسة التي بها ظهر عادته و الأقرب أنّه لا يحرم ما أكل منه قبلها [- و -] و يشترط في المرسل أن يكون من أهل التذكية بأن يكون مسلما أو في حكمه كالصّبي رجلا كان أو امرأة و لو أرسله المجوسي أو الوثنيّ أو الذمّي لم يحلّ و كذا المرتد و المجنون و في الأعمى إشكال إذ لا يتمكّن من قصد عين الصيد و أن يسمى المرسل عند إرساله فلو ترك التسمية عمدا لم يحلّ ما يقتله و لو تركها نسيانا حلّ و أن يرسل الكلب للاصطياد فلو استرسل من نفسه فقتل لم يحلّ سواء سمّي عند إرساله أو لم يسمّ و لو زجره

ص: 154

عقيب الاسترسال فوقف ثمّ أغراه حلّت فريسته لانقطاع الاسترسال بالوقوف عند الانزجار و الإغراء إرسال مبكر و لو استرسل فأغراه فازداد عدوا فالوجه أنّه لا يحلّ و كذا لو أرسله بغير تسمية ثمّ أغراه ثمّ سمّى و زاد في عدوه و لو أرسله لا للاصطياد فاصطاد لم يحلّ

الفصل الثّاني في أحكام الصّيد

و فيه [- يه -] بحثا [- ا -] لو أرسل واحد و سمّي آخر لم يحلّ الصيد إذا قتله و كذا لو سمّي و أرسل كلبه و أرسل آخر كلبه و لم يسمّ و اشتركا في قتل الصيد فإن كان الآخر ترك التّسمية عمدا لم يحلّ و إن كان سهوا حلّ لأنّه يحلّ مع انفراده فمع المسمّى أولى و لو أرسل كلبه و أرسل مجوسيّ كلبه فقتلا صيدا لم يحلّ و كذا لو اختلف الآلة بأن يرسل أحدهما كلبا و الآخر سهما أو رمياه بسهميهما فمات سواء وقعت سهماهما دفعة أو على التعاقب إلاّ أن يكون المسلم أوّلا قد ذبحه أو جعله في حكم المذبوح و لو انعكس الحال حرم و كذا لو اشتبه و لو أرسل المسلم و الكافر كلبا واحدا فقتل صيدا لم يبح و كذا لو أرسله مسلمان سمّى أحدهما دون الآخر أو أرسل المسلم كلبين أحدهما معلم و الآخر غير معلّم أو أرسل المعلّم و استرسل معلّم آخر و لو أرسل مسلم كلبه و كافر كلب فرد الكافر الصّيد إلى كلب المسلم فقتله حلّ و لو أرسل المسلم كلبه فأثبت الصّيد ثمّ أرسل الكافر كلبه فقتله حرم و ضمن الكافر قيمة الصّيد و لو أرسل جماعة كلابا و سمّوا فوجدوا الصّيد قتيلا لا يدرون من قتله حلّ أكله فإن اختلفوا و كانت الكلاب متعلّقة به فهو للجميع و إن كان البعض متعلّقا به فهو لصاحبه و في الصورتين لا بدّ من اليمين و لو كانت الكلاب ناحية فالوجه القرعة [- ب -] التسمية المعتبرة في الصيد و الذّبح ذكر اللّٰه تعالى فلا يجب الزائد فلو قال اللّٰه و سكت كفاه و لا يجب بسم اللّٰه و اللّٰه أكبر و شبهه و يحتمل وجوب ما يفهم منه التعظيم مثل بسم اللّٰه أو اللّٰه أكبر أو سبحان اللّٰه أو لا إله إلاّ اللّٰه و اللّٰه أكبر أو الحمد للّه لأنّه المفهوم من الذكر و لو قال اللّٰهمّ اغفر لي كفاه و إن كان فيه طلب حاجة و لا يشترط العربيّة بل لو سمى بغيرها أجزأه و إن قدر عليها و يشترط التسمية عند إرسال الكلب أو السّهم و لو تركها و سمّى عند عضّ الكلب فالوجه الجواز [- ج -] لو غاب الصيد و حياته مستقرّة ثمّ وجد مقتولا أو ميّتا بعد الغيبة لم يحلّ لجواز استناد القتل إلى غير الكلب سواء وجد الكلب واقفا عليه أو بعيدا عنه و كذا لو غاب الصيد ثمّ وجده مقتولا و فيه سهمه سواء كان نهارا أو ليلا و سواء تشاغل عنه و ترك طلبه أو لم يترك طلبه و سواء وجد فيه أثرا غير سهم أو لا و لو رمى الصّيد فتردّى من جبل أو وقع في الماء فمات لم يحلّ لاحتمال استناد الموت إلى غير الآلة نعم لو صيّر حياته غير مستقرّة حلّ لأنه يجري مجرى المذبوح و كذا لو كان الوقوع في الماء غير قاتل بأن يكون الحيوان من طير الماء أو كان التردّي غير قاتل و لو رمى سهما فأرسله الريح إلى الصيد فقتله حلّ و إن كان لو لا الرمح لم يصل و كذا لو أصاب السهم الأرض ثمّ وثب فقتل و لو أصاب الطير في الهواء أو على شجرة أو جبل فوقع في الأرض فمات فالوجه أنّه إن كان لو لا السقوط لم يمت لم يحلّ و إن كانت بحيث يموت و إن لم يسقط على الأرض حلّ [- د -] الاعتبار في حلّ الصّيد بالمرسل لا المعلم فلو علّمه الكافر و أرسله المسلم حلّ مقتوله و لو علّمه المسلم و أرسله الكافر لم يحلّ لأنّ الكلب آلة كالسكين و التسمية شرط عند إرسال الكلب و رمي السهم و طعن الرّمح و قطع المذبوح و نحره و لو تقدّمت بزمن يسير جاز و لو سمّى على سهم ثمّ ألقاه و رمى بغيره حلّ و لا بدّ من قصد الصّيد فلو رمى هدفا و سمّى فأصاب صيدا لم يحلّ و كذا لو قصد رمي إنسان أو صيد غير محلّل أو عبثا و لو قصد صيدا فأصابه و غيره حلاّ معا و كذا لو أرسل كلبه على صيد فأخذ آخر في طريقه حلّ و كذا لو عدل عن طريقه إليه و أرسله على صيود كبار فتفرّقت عن صغار ممتنعة فقتلها حلّت و لا فرق في ذلك بين السّهم و الكلب و لو لم ير صيدا و لا علمه فرمى سهمه أو أرسل كلبه فصاد لم يحلّ و إن قصد الصيد لأنّ القصد إنّما يتحقّق مع العلم و لو رأى سواعا أو سمع صوتا فظنّه آدميّا أو بهيمة أو حجرا فرماه فبان صيدا لم يحلّ سواء أرسل سهما أو كلبا و كذا لو ظنّه كلبا أو خنزيرا و لو ظنّ أنّه صيد حلّ و لو شك أو غلب على ظنّه أنّه ليس بصيد لم يحلّ و لو رمى حجرا فرماه بظنّه صيدا فقتل صيدا احتمل الحلّ لأنّ صحة القصد يبني على الظنّ و عدمه لأنّه لم يقصد صيدا على الحقيقة [- ه -] يشترط في الكلب أن يجرح الصيد فيقتله فلو خنقه لو مات بصدفة أو إتعابه أو مات تحت الكلب غما لم يحلّ بل إنّما يحلّ لو مات بعقر الكلب و إذا عضّ الكلب صيدا كان موضع العضة نجسا يجب غسله و قول الشيخ في الخلاف ضعيف و يحلّ أكل صيد الكلب البهيم [- و -] الصيد الذي يباح بعقر الكلب أو السهم في غير موضع التذكية هو كلّ ممتنع سواء كان وحشيّا أو إنسيّا و كذا ما يصول من البهائم أو يسقط في بئر و شبهها و لا يمكن تذكيته فإنّه يكفي عقره سواء كان العقر في موضع التذكية أو غيرها و يحلّ بذلك و لو كان رأس المتردي في الماء فالوجه التحريم لما فيه من إعانة الماء على القتل فاجتمع المبيح و المحرّم و لو رمى فرخا لم ينهض بسهم لم يحلّ و كذا لو رمى طائرا و فرخا لم ينهض فقتلهما حلّ الطائر دون الفرخ و لو تقاطعت الكلاب الصّيد قبل إدراكه لم يحرم و لو أخذ الصيد جماعة فتناهبوه و وزّعوه قطعة قطعة حل أكله إن كانوا جميعا قد صيّروه في حكم المذبوح أو أوّلهم فإن كان الأول لم يصيره في حكم المذبوح بل أثبته و صار غير ممتنع و فيه حياة مستقرّة وجب أن يذكّوه في موضع التذكية فإن يوزّعوه قبل ذلك حرم و لو

ص: 155

قطعت الآلة منه شيئا كان المقطوع ميتة و يذكّى الباقي إن كانت حياته مستقرّة و لو قطعته بنصفين فلم يتحرّكا حلاّ و لو تحرّك أحدهما حلّ خاصّة و الأقرب عندي أنّهما يؤكلان إن لم يكن في المتحرّك حياة مستقرّة و إن كان فيه حياة مستقرّة و هو الذي يمكن أن يعيش مثله اليوم و اليومين و نصف اليوم وجب تذكية ما فيه الحياة و حرم الباقي و في رواية يؤكل ما فيه الرأس و في أخرى يؤكل الأكبر و كلاهما شاذّ و لو نصب منجلا للصيد فعقرت صيدا لم يحلّ كما لو نصب سكينا فذبحت شاة فكذا يحرم ما قتله الشباك و الحبالة [- ز -] تحرم الاصطياد بالآلة المغصوبة و لا يحرم الصيد بل يملكه الصائد دون مالك الآلة و عليه الأجرة لصاحبها سواء كانت الآلة كلبا أو سلاحا أمّا السهم المسموم فيحرم مقتوله لإعانة السم على قتله و لو علم أنّ السمّ لم يعن على قتله لكون السهم أوحى منه حلّ و لو أرسل كلبه على صيد فوجده ميّتا و وجد مع كلبه كلبا لا يعرف حاله هل سمّي عليها أم لا و لم يعلم القاتل منهما حرم و كذا لو غاب الصيد عن العين ثمّ وجد مقتولا إلاّ أن يكون الكلب قد عقره و صيّر حياته غير مستقرّة إمّا بأن أخرج حشوته أو فلق قلبه أو قطع الحلقوم و المريء و الودجين ثمّ غاب بعد ذلك و كذا السهم [- ح -] إذا أرسل الكلب أو الآلة فجرحه و أدركه المرسل حيّا فإن لم يكن حياته مستقرّة فهو بحكم المذبوح و في الرواية أدنى ما يدرك ذكاته إن يجده تطرق عينه أو تركض رجله أو يحرّك ذنبه أو يده و إن كانت مستقرّة و الزمان يتسع لذبحه لم يحلّ أكله حتّى يذبح و إن لم يتسع لذبحه فالوجه عندي أنّه لا يحلّ و قيل يحلّ و كذا لا يحلّ لو وجده ممتنعا فجعل يعدوا خلفه فوقف له و قد بقي من حياته زمانا لا يتسع لذبحه و قال الشيخ رحمه اللّٰه إذا أخذ الكلب المعلّم صيدا فأدركه صاحبه حيّا وجب أن يذكّيه فإن لم يكن ما يذكّيه فليتركه حتّى يقتله ثمّ ليأكل إن شاءوا قال ابن إدريس يجب التذكية و لا يحلّ قتيل الكلب لأنّه بعد القدرة عليه غير ممتنع و هو حسن و كذا البحث لو ذبحه كافر ثمّ ذبحه مسلم فإن كان الأوّل صيّر حياته غير مستقرّة حرم و إلاّ حلّ و بالعكس لو انعكس الفرض و على قول الشيخ لو كان به حياة يمكن بقاؤه إلى أن يأتي به منزلة لم يبح إلاّ بالذكاة لأنّه مقدور على تذكيته [- ط -] إذا رماه فأثبته و صار غير ممتنع ملكه و إن لم يقضه فإن أخذه غيره وجب عليه ردّه إلى الأوّل و لو رماه فجرحه و لم يثبته و رماه آخر فأثبته ثم رماه الثالث فقتله فليس على الأوّل شيء و لا له و مالكه الثاني فإن كان بإثباته صيره في حكم المذبوح حلّ و لا شيء على الثالث إذا لم يفسد من أجزائه شيء بسببه و إن لم يصيره الأوّل في حكم المذبوح فإن كان الثالث قد أصاب بذبحه فذبحه حلّ و عليه أرش ذبحه و إن أصاب غير المذبوح لم يحلّ و ضمنه مجروحا بجرحين و لو رماه الأوّل فأثبته ثمّ رماه الثاني فإن كان الأوّل موحيا بأن يذبحه أو يقع في قلبه فالثاني لا ضمان عليه إلاّ أن ينقصه برميه شيئا فيضمن نقصه و يحل إن كان الأول غير موح فالثاني إن وحاه حرم إلاّ أن يكون قد ذبحه و إن لم يوحه فإن ذكي بعد ذلك حلّ و إن لم يدركه ذكاته فإن كان الأول لم يقدر عليهما فعلى الثاني كمال قيمته معيبا بالعيب الأوّل لأنّ جرحه هو الذي حرمه فكان الضمان عليه و إن قدر على ذكاته و أهمل حتّى مات بالجرحين فعلى الثاني نصف قيمته معيبا للأوّل و لو كانت الجناية على حيوان مملوك لغيرهما فكذلك و في تقسيط الضمان ستّة أوجه أحدهما أنّ على كل واحد أرش جنايته و نصف قيمة الصيد بعد الجنايتين فإذا كانت قيمته عشرة و نقص بجناية الأوّل درهما و كذا بجناية الثاني فعلى كلّ واحد خمسة و لو نقص بالأولى درهمين و بالثاني درهما فعلى الأوّل خمسة و نصف و على الثاني أربعة و نصف و بالعكس لو انعكس الفرض و يشكل بأنّ الثاني جني عليه و قيمته دون قيمة ما جنى عليه الأوّل و أنّه لم يدخل أرش الجناية في بدل النفس و جوابه أنّ كلّ واحد منهما قد انفرد بإتلاف ما قيمته درهم و تساويا في إتلاف الباقي بالسراية فتساويا في الضمان و الدخول إنّما يكون في بدل نفس لا ينقص بدلها بإتلاف بعضها كالآدمي أمّا البهائم فلا فإنّه لو جنى عليها ما أرشه درهم نقص ذلك من قيمتها فإذا سرى إلى النفس أوجبنا ما بقي من قيمة النفس و لم يدخل الأرش الثاني أن يدخل نصف جناية كلّ منهما فيما ضمنه من نفسه لأنّ الجناية إذا صارت نفسا سقط حكمها فكلّ منهما قد أتلف بجنايته نصف نفس فدخل نصف جنايته فيها فعلى الأوّل نصف درهم و نصف قيمة يوم جنايته فعليه خمسة و نصف و على الثاني خمسة دراهم ثمّ يرجع الأوّل على الثاني بنصف أرش جنايته لأنّه جنى على النصف الذي ضمنه الأوّل و قوّمناه عليه بقيمته قبل جناية الثاني و هو نصف درهم فيحصل على الأوّل خمسة و على الثاني خمسة الثالث على الأوّل خمسة و نصف و على الثاني خمسة و لا رجوع بل يقسّم عشرة و نصف على عشرة فما يخصّ خمسة و نصف على الأوّل و ما يخصّ خمسة على الثاني فتضرب خمسة و نصف في عشرة يكون خمسة و خمسين يقسمها على عشرة و نصف يخصها خمسة و سبع و ثلثا سبع لأنّ خمسة في عشرة و نصف اثنان و خمسون و نصف و يبقى اثنان و نصف و هي سبع و ثلثا سبع من عشرة و نصف لأنّ سبعها واحد و نصف ثمّ يضرب ما على الثاني و هو خمسة في عشرة يكون خمسين يقسمها على عشرة و نصف يكون أربعة و خمسة أسباع و ثلث سبع الرابع لا يدخل أرش جناية الأوّل في بدل النفس و يدخل الثاني لأنّ الأوّل انفرد بالجناية و الثاني وجدت جنايته مع جناية الأوّل فعلى الأوّل أرش جنايته درهم و نصف

ص: 156

قيمته بعدها و هو أربعة و نصف و على الثاني نصف قيمته أربعة و نصف خاصّة الخامس يدخل أرش جنايته كلّ منهما في بدل النفس فعلى الأول نصف قيمته يوم جنى عليه و هو خمسة و على الثاني نصف قيمته يوم جنى عليه و هو أربعة و نصف لأنّ الجناية صارت نفسا و سقط اعتبارها السّادس يدخل جناية كلّ منهما في بدل النفس و يضمّ قيمته صحيحا و معيبا بالأوّل و يبسط القيمة عليها فالأوّل جنى عليه و قيمته عشرة فيفرض كأنّه انفرد بقتله و الثاني جنى عليه و قيمته تسعة فيفرض انفراده بقتله و يضم المجموع يكون تسعة عشرة فتقسم على قيمة الصّيد و هي عشرة فعلى الأوّل عشرة أجزاء من تسعة عشر من عشرة و على الثاني تسعة من تسعة عشر من عشرة و هذه الوجوه لا تخلو من ضعف فإنّ الأوّل سوّى فيه بين الجنايتين مع أنّ الثاني جنى و قيمته أقلّ و لم يدخل أرش الجناية في بدل النفس و الثاني لهذين أيضا و الثالث للثاني فإنّه أوجب نصف أرش جنايته و الرابع فاسد لإسقاط حكم جناية الثاني لأنّها صارت نفسا و أوجب أرش الجناية الأوّل و قد صار نفسا و الخامس فاسد لأنّه لم يوجب لصاحب الصيد كمال قيمته و أقربهما السادس و يردّ عليه أنّه أوجب على كلّ منهما أكثر من قيمة نصف الصيد و إنّما أتلف نصفه و لو جنى ثلثه نقص بجناية كلّ واحد درهمان و مات فعلى الوجه الأوّل يجب على كلّ واحد أرش جنايته و ثلث قيمته بعد الجنايات و قيمته أربعة فعلى كلّ واحد ثلاثة و ثلث و كذا على الوجه الثاني إلاّ أنّه يدخل فيه ثلث جناية كلّ واحد منهم في النفس فعلى الأوّل درهم و ثلث أرش جنايته و ثلث دراهم و ثلث قيمته الثلاث و على الثاني درهم و ثلث أرش جناية و درهمان و ثلثا قيمته ثلاثة و على الثالث درهم و ثلث أرش جناية و درهمان قيمة ثلثه فعلى الأوّل أربعة و ثلثان و على الثاني أربعة و على الثالث ثلاثة و ثلث و يرجع الأوّل على الثاني بثلثي درهم و على الثالث بثلثي درهم فيبقى عليه ثلاثة و ثلث و يرجع الثاني على الثالث بثلثي درهم و يبقى عليه ثلاثة و ثلث منها ثلثان مما كان على الأوّل و على الثالث ثلاثة و ثلث منها ثلثان مما كان على الأوّل و ثلثان مما كان على الثاني و على الوجه الثالث على الأوّل أربعة و ثلثان و على الثاني أربعة و على الثالث ثلاثة و ثلث يكون اثنى عشر تقسط على عشرة فيسقط من نصيب كلّ واحد السّدس و على الوجه الرابع على الأوّل أرش جنايته درهمان و يكون الباقي بين الثلاثة فعلى الأوّل أربعة دراهم و ثلثان و على كلّ منهما درهمان و ثلثان و على الوجه الخامس مدخل أرش الجنايات في النفس فعلى الأوّل ثلاثة و ثلث و على الثاني درهمان و ثلثان و على الثالث درهمان فذلك ثمانية يسقط درهمان و على السادس على الأوّل عشرة و على الثاني ثمانية و على الثالث ستة يكون أربعة و عشرين يقسّم على عشرة فمن عليه عشرة فهي من أربعة و عشرين ربع و سدس فعليه ربع قيمة الصيد و سدسها أربعة و سدس و من عليه ثمانية فهو ثلثها فعليه ثلث قيمة الصيد ثلاثة و ثلث و على الثالث ستّة هي ربعها فعليه ربع القيمة درهمان و نصف و لو كان الصيد مباحا فرماه الأوّل فأثبته ثمّ رماه الثاني و أدرك الأول ذكاته و لم يذكّه فلا ضمان على الأوّل و على الثاني للأول ما أوجبناه و لو كانا ضامنين و قد تقدّم و كذا لو كانت الجنايتان على حيوان مملوك لأحدهما سقط ما قابل جناية المالك و كان له مطالبة الآخر بنصيب جنايته [- ى -] ما يثبت من الصيود في آلات الصيد كالحبالة و الشبكة و الشرك يملكه ناصبها و كذا كلّ ما يعتاد الاصطياد به فإن أخذه آخذ ردّه عليه و إن لم يمسكه الشبكة بل انفلت منها لم يملكه لأنّه لم يثبته و كذا إن أخذ الشبكة و انفلت بها فإن صاده غيره ملكه و ردّ الشبكة على الأوّل و لو مشى بالشبكة على وجه لا يقدر على الامتناع فهو لصاحبها لأنّها أزالت امتناعه و لو انفلت بعد إثباته لم يخرج عن ملكه و كذا لو أمسكه الصائد بيده ثمّ انفلت منه لأنّه امتنع منه بعد ثبوت يده عليه فلم يزل ملكه عنه و لو أطلقه من يده لم يخرج ملكه عنه و لو نوى إطلاقه و قطع نيّته عن تملكه فالأقرب أنّه لا يملكه غيره و لا يخرج عن ملكه و قيل يخرج كما لو وقع منه شيء حقير و أهمله فإنّه يكون كالمبيح له و لو رماه فأصابه و لم يخرجه عن الامتناع فدخل دار قوم فأخذه صاحبها ملكه بأخذه لا بدخوله الدار و كذا لو رماه فتحامل طائرا أو عاديا بحيث لا يقدر عليه إلاّ بسرعة العدو لم يملكه و كان لمن أمسكه و لو رماه الأوّل و لم يثبته فرماه الثاني فأثبته فهو للثاني فإن رماه بعد ذلك الأول فقتله فإن أصاب محلّ الذكاة حلّ و عليه ما نقص بذلك و إن أصاب غير محلّ الذكاة حرم و عليه كمال قيمته مجروحا بجرحين لأنّ الجرح الأوّل كان مباحا و الثاني من المالك و لو رمياه معا فقتلاه حلّ و ملكاه سواء تساوى الجرحان أو لا و لو سبق جرح أحدهما فأثبته فهو له و لو كان مما يمتنع بأمرين كرجله و جناحه فكسر الأوّل رجله و كسر الثاني جناحه احتمل التسوية بينهما فيه لأنّ إثباته بهما و اختصاص الثاني به لأنّه المثبت و هو الأجود عندي [- يا -] لو رمى الصيد اثنان فعقراه على التعاقب و وجد ميّتا و لم يعلم السابق فإن صادفا بذبحه فذبحاه فهو حلال و كذا لو أدرك ذكاته و ذكّي و لو لم يدرك ذكاته لم يحلّ لاحتمال أن يكون الأوّل أثبته و لم يصيره في حكم المذبوح ثمّ

ص: 157

قتله الثاني فلو قال كلّ منهما أنا أثبتته أوّلا و أنت قتلته فعليك ضمانه حلف كلّ منهما للآخر و لم يثبت لأحدهما على الآخر شيء و إن حلف أحدهما و نكل الآخر حلف مع نكوله على ما ادّعاه و استحقّه و لو قال الأوّل أنا رميته أوّلا فأثبتته و أنت قتلته فقال الآخر إنّك أصبته و لم تثبته و بقي على امتناعه و أنا أثبتته فإن كان يعلم أنّه لا يبقى معها امتناع كأنّها كسرت جناح ما يمتنع بالطيران فالقول قول الأوّل و إن كان مما يجوز أن يمتنع معها فالقول قول الثاني مع يمينه لأنّ الأصل الامتناع فلا يزول بجرح الأوّل و لو أصابا صيدا دفعه فإن أثبتاه معا فهو لهما و لو كان المثبت أحدهما خاصّة فهو له و لا ضمان على الجارح لأنّ جنايته صادفت مباحا لا مملوكا و لو جهل المثبت سهما فالصيد بينهما و يحتمل القرعة [- يب -] لو توحّل الصيد في أرض إنسان لم يملكه بذلك و لو اتّحد موحله للصيد فتوحّل بحيث لا يمكنه التخلّص لم يملكه أيضا لأنّها ليست آلة معتادة للصّيد على إشكال و كذا لا يملك الصّيد معششة في داره و لو وثب سمكة إلى سفينة لم يملكها صاحب السفينة ما لم يقبضها و لو وثب سمكة فسقطت في حجر إنسان فهو له دون صاحب السفينة و لو قصد صاحب السفينة الصيد بها بأن جعل في السفينة ضوءا بالليل و دقّ بشيء كالجرس ليثبت السّمك فيها و يثبت في السفينة فالوجه أنّه يملكها و لو وقعت في حجر إنسان فكذلك دون من وقعت في حجره على إشكال و لو أغلق عليه بابا و لا مخرج له ففي تملّكه بذلك نظر و كذا لو ألجأه إلى مضيق لا يمكنه الخروج منه و الوجه عندي أنّه لا يملكه ما لم يقبضه باليد أو بالآلة [- يج -] لو أصاد طيرا و عليه أثر ملك بأن كان مقصوصا لم يملكه الصائد و كذا لو أصاد غيره و عليه أثر ملكه بأن وجد في عنق الصيد قلادة أو في أذنه قرطا سواء كان ممتنعا أو لا و لو انتقلت الطيور من برج إلى آخر لم يملكها الثاني [- يد -] يكره صيد الوحش و الطير ليلا و صيد السّمك يوم الجمعة قبل الصّلاة و أخذ الفراخ من أعشاشهن و ليس ذلك بمحظور [- يه -] صيد السّمك إخراجه من الماء حيّا سواء كان المخرج له مسلما أو كافرا و من أيّ أجناس الكفّار كان لكن يشترط في الكافر مشاهدة إخراجه حيّا سواء مات في يده بعد إخراجه قبل أخذ المسلم له منه أو لم يمت إلاّ بعد أخذ المسلم و للشيخ رحمه اللّٰه قول في الإستبصار يقتضي اشتراط أخذه منه حيّا و ليس بجيّد و لا يشترط فيه التسمية بل لو وجد ميّتا حلّ أكله سواء كان عدلا أو فاسقا و لو وثب فأخذه قبل موته حلّ و كذا لو حرز الماء عنه فأخذه حيّا من الجدد أو نبذه البحر إلى الساحل فأخذه حيّا و لا يكفي مشاهدته له دون أخذه بيده أو بآلته و قيل يكفي إدراكه بنظره و ليس بجيّد و لا يشترط فيه التسمية و لو وجد ميتا في يد كافر لم يحلّ و إن أخبر بإخراجه حيّا ما لم يعلم أنّه مات بعد إخراجه حيّا و لو أخذ السّمك حيّا ثمّ أعيد في الماء فمات فيه لم يحل و إن كان ناشيا في الآلة لأنّه مات فيما فيه حياته قال الشيخ رحمه اللّٰه لو نصب شبكة في الماء فاجتمع فيها سمك كثير و مات بعضه في الماء و اشتبه حلّ أكل الجميع و كذا ما يصاد في الحظائر و يجتمع فيها جاز أكل الجميع مع فقد الطريق إلى تمييز الميّت من الحي و الحق عندي تحريم الجميع و إذا صيد السمك و جعل في شيء و أعيد في الماء فمات فيه حرم و إن أعيد إلى غير الماء حتّى مات حلّ و هل يحل أكل السمك حيا قيل لا و الأقرب الجواز لأنّه مذكى و ما يقطع من السّمك بعد إخراجه من الماء ذكّي سواء ماتت أو وقعت في الماء مستقرّة الحياة لأنّه قطع بعد التذكية و لا يحرم السّمك لو صيد بشيء نجس يأكله السّمك فيصاد به سواء كان مما يتفرّق كالدم أو لا كالميتة

الفصل الثالث في الذباحة

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] يشترط في الذابح الإسلام أو حكمه كالصّبي فلو ذبح الوثني كان ميتة سواء سمعت منه التسمية أو لا و في أكل ذبيحة اليهود و النصارى روايتان أصحّهما المنع سواء سمعت تسميته أو لا و في رواية ثالثة يؤكل ما سمعت تسميته عليه و يحرم أكل ما ذبحه الناصب و هو المعلن بالعداوة لأهل البيت عليهم السلام كالخوارج سمّى أو لا و إن أظهر الإسلام و ذبيحة أطفال المشركين و إن أحسنوا و سمّوا و اشترط ابن إدريس رحمه اللّٰه أن لا يكون مخالفا للحقّ و جوز أكل ذبيحة المستضعف الذي لا يعرف الحقّ و لا يعتقد ضدّه و يؤكل ذبيحة الصبيّ ولد المسلم المميز إذا أحسن و المرأة المسلمة و الخصي و الخنثى و الجنب و الحائض و الأعمى و الأخرس إن أشار بالتسمية و العدل و الفاسق و الأغلف و ولد الزنا و ما يذبحه المسلم بالكنائس أهل الكتاب و أعياده مع التسمية و المجنون الذي بحكم المسلم و لو اشترك في الذبح مسلم و غيره لم يحلّ و كذا لا يحلّ أكل ما ذبح الصبيّ غير المميز و عندي في المجنون نظر أقربه المنع و كذا السّكران الذي لا يحصل شيئا [- ب -] لا يصحّ التذكية إلاّ بالحديد فإن ذبح بغيره مع التمكّن منه لم يحلّ و يجوز في حال الضّرورة الذبح بكلّ ما يفري الأوداج و باقي الأعضاء من زجاج و ليط و قصب و خشب و مروة حادة و غير ذلك و هل يجوز مع الضرورة الذبح بالسّن و الظفر قال الشيخ رحمه اللّٰه لا و يحرم لو فعل و جوّزه ابن إدريس و هو الأقوى سواء كان منفصلين أو متّصلين و كذا ما عداهما من العظام و غيرها إذا حصل به قطع الأعضاء [- ج -] يجب نحر الإبل خاصّة و ذبح باقي الحيوانات و النحر هو الطعن بجربة و شبهها في وهدة اللبة التي بين أصل عنق البعير و صدره و الذبح في الحلق تحت اللحيين بأن يقطع أعضاء الذبح فلو نحر المذبوح أو ذبح المنحور مختارا لم يحل إذا مات بذلك و لو أدرك ذكاته فذكّاه قيل حلّ و فيه نظر من حيث عدم استقرار الحياة و يجب في التذكية قطع الأعضاء الأربعة المريء و هو مجرى الطعام و الشراب و الحلقوم و هو مجرى النفس و الودجان و هما العرقان المحيطان بالحلقوم و لو قطع البعض لم يحلّ و يجب قطع كلّ واحد بكماله [- د -] يجب في التذكية استقبال القبلة بالذبح و النحر مع الإمكان فلو أخل بذلك عامدا كان ميتة و لو كان ناسيا

ص: 158

حلّ و لو لم يتمكّن من استقبال القبلة إمّا للجهل بها أو لسقوط المذبوح و المنحور في بئر مثلا حلّ الذبح و النحر إلى غير القبلة و يجب فيها التسمية و هي ذكر اللّٰه تعالى عند التذكية فلو أهمل عامدا كان ميتة و إن كان ناسيا حلّ و لو قال بسم محمد أو بسم اللّٰه و محمد لم يحلّ و لو قال بسم اللّٰه و محمّد رسول اللّٰه جاز [- ه -] اشترط الشيخ المفيد رحمه اللّٰه في إباحة المذكّى أمرين الحركة القويّة إمّا بيده أو رجله أو شيء من أعضائه و خرج الدّم المسفوح لا المتثاقل و الأقرب الاكتفاء بأحدهما أيّهما كان و لو خرج الدّم متثاقلا و لم يتحرّك حركة تدلّ على الحياة لم يحلّ إجماعا [- و -] يكره إبانة الرأس من الجسد في التذكية قبل الموت عامدا قال الشيخ في بعض كتبه يحرم فإن فعل حرمت الذّبيحة و ليس بجيّد و كذا يكره قطع النخاع و هو العرق الأبيض الذي ينظم الخرز من الرقبة إلى الذنب و قيل يحرم و كذا يكره قطع شيء منها قبل الموت و لو فعل لم يحرم المقطوع و كذا يكره سلخ الذبيحة قبل موتها و قال الشيخ يحرم و لو سلخت قبل البرد لم يحلّ أكلها و ليس بجيّد و لو انفلت الطير قبل التذكية جاز أن يرميه بنشاب أو رمح أو سيف فإن صير حياته غير مستقرّة حلّ و إلاّ ذبحه [- ز -] لو قطع رقبة المذبوح من قفاه و بقيت أعضاء الذبح فإن كانت حياته مستقرّة ذبحت و حلّت و إن لم يبق حياة مستقرّة لم يحل و كذا البحث لو عقرها السبع و كلّما يتعذّر ذبحه أو نحره من الحيوان إمّا لاستعصابه أو لوقوعه في مضيق لا يمكن معه التذكية في موضعها و خيف موته جاز عقره بالسيوف و غيرها مما يخرج و يحلّ و إن لم يتّفق العقر في موضع التذكية و لا استقبال القبلة [- ح -] يكره أن يقلب السّكين فيذبح إلى فوق بل ينبغي أن يبتدئ من فوق إلى أن يقطع الأعضاء و يستحبّ ربط يدي الغنم و رجله و إطلاق الأخرى و أن يمسك على صوفه أو شعره إلى أن يبرد و لا يمسك على شيء من أعضائه و عقل يدي البقر و رجليه و إطلاق ذنبه و شدّ أخفاف يدي الإبل إلى آباطه و إطلاق رجليه و إرسال الطير بعد الذبح من غير إمساك و لا يعقل و يكره الذّبح صبرا و هو أن يذبح حيوان و آخر ينظر إليه و الذبح ليلا إلاّ لضرورة و يوم الجمعة قبل الزوال [- ط -] ما يباع في أسواق المسلمين من الذبائح و اللحوم حلال يجوز شراؤه و أكله و لا يجب التفتيش عن حاله سواء كان البائع مؤمنا أو مخالفا يعتقد إباحة ذبائح أهل الكتاب على إشكال و كذا ما يوجد في يد المخالف من الجلود و إن كان يعتقد إباحة استعمال جلد الميّتة بعد الدبغ على إشكال أقربه عندي المنع في الموضعين و لو وجد ذبيحة مطروحة لم يحلّ له أكلها ما لم يعلم أنّها تذكية مسلم أو يوجد في يده [- ى -] يجب متابعة الذبح حتّى يقطع أعضاء الأربعة فلو قطع بعض الأعضاء ثمّ أرسله فصارت حياته غير مستقرة ثمّ قطع الباقي ففي إباحته نظر من حيث أن حياته غير مستقرّة و إن إزهاق الروح حصل بالتذكية لا غير و لو شرع الذابح في الذبح فانتزع آخر حشوته أو فعل ما لا يستقر معه الحياة معا لم يحلّ و إذا تيقّن بقاء الحياة بعد الذبح فهو حلال و إن تيقّن الموت قبله فهو حرام و إن اشتبه اعتبر بالحركة القويّة أو خروج الدم المسفوح المعتدل لا المتثاقل فإن لم يعلم ذلك حرم و إذا قطع الأعضاء فوقع المذبوح في الماء قبل خروج الروح أو وطيه ما خرج الروح به لم يحرّم [- يا -] ذكاة السّمك إخراجه من الماء حيّا على ما تقدّم و كذا إن وجده على الجدد فأخذه بيده أو آلته و لا يكفي مشاهدته و ذكاة الجراد أخذه حيّا سواء كان أخذه مسلما أو كافرا و لا يراعى فيه التسمية و لو مات قبل أخذه لم يحلّ و لو احترق أجمة و احترق الجراد فيها لم يحلّ سواء قصد ذلك أو لا و يحرم من الجراد ما مات في الماء أو الصحراء قبل أخذه و يحرم الدّباء منه و هو الذي لم يستقلّ بالطيران بعد فإن أخذ لم يحل أكله فيباح أكل الجراد حيّا و أكل بما فيه [- يب -] ذكاة الجنين ذكاة أمّه بشرطين أحدهما تمام خلقته بأن يشعر أو يؤبر و الثاني أن لا يلجه الروح فلو لم يتمّ خلقته لم يحل أصلا و لو تمّت خلقته و ولجته الروح لم يكن بدّ من تذكية و قيل إذا لم يشعر أو يؤبر و ولجته الروح لم يحلّ إلاّ بالتذكية و فيه بعد و قيل أيضا لو خرج حيا و لم يتّسع الزمان للتذكية حلّ و فيه إشكال [- يج -] كلّ حيوان مأكول يقع عليه التذكية على معنى أنّه يصير بعد الذبح طاهرا و يقع من غير مأكول اللحم على السباع كالأسد و النمر و الفهد و الثعلب و لا يشترط في استعمال جلدها بعد التذكية الدباغ خلافا للشيخ و في المسوخ كالفيل و الدبّ و القرد قولان أقواهما قول المرتضى رحمه اللّٰه و هو الوقوع و الأقوى في الحشرات كالفأر و ابن عرس و الضبّ عدم الوقوع أمّا الآدمي و كلّ نجس العين كالكلب و الخنزير فلا يقع عليه الذكاة إجماعا

كتاب الأطعمة و الأشربة

اشارة

و فيه مطلبان

الأوّل في حال الاختيار
اشارة

و فيه فصلان

الأول في الحيوان
اشارة

و أقسامه ثلاثة

الأوّل في البهائم

و فيه [- د -] مباحث [- أ -] يباح من حيوان الحضر الإبل و البقر و الغنم و يكره الخيل و أشدّ منه كراهة الحمر الأهليّة و أشدّ منهما كراهية البغل و قيل إن الحمار أشد كراهة و يحرم ما سوى ذلك مثل الكلب و الخنزير و السنّور و يباح من حيوان البرّ البقر الوحشية و الكباش الجبلية و الغزلان و اليحامير و الحمار الوحشي على كراهته و يحرم السباع أجمع سواء كانت ذوات أنياب قوية تعدو على الناس كالسبع و النمر و الذئب و الفهد أو ذوات أنياب ضعيفة لا تعدو على الناس كالضبع و الثعلب و الأرنب و ابن آوى و يحرم اليربوع و الضبّ و القنفذ و السنّور بريّا و إنسيّا و الوبر بفتح الواو و سكون

ص: 159

الباء و هي دويبة سوداء أكبر من السنور دون الأرنب لا أذناب لها و الخز و هي دابة صغيرة تخرج من البحر تشبه الثعلب ترعى في البرّ و تنزل البحر لها وبر يعمل منه ثياب و الفنك و السّمور و السنجاب و العظاء و اللحاة و هي دويبة كالسّمكة تسكن الرمل فإذا رأت الإنسان غاصت و تغيبت فيه و هي صقيلة تشبه بها أنامل العذارى و الوزغ و الحرباء و الحشار كلّها حرام كالحيّة و الفأرة و العقارب و الجرذان و الخنافس و الصراصر و بنات وردان و القمل و البراغيث و الديدان و الجعلان و المسوخ كلّها حرام كالفيل و الدب و القردة [- ب -] الحيوان المحلّل قد يعرض له التحريم بالجلل و هو أن يغتذي عذرة الإنسان لا غير فإن كان مختلطا بأكل العذرة و غيرها كان مكروها لا محظورا و يحلّ الجلال بالاستبراء فيستبرئ الناقة بأربعين يوما بأن يربط و يطعم علفا طاهرا هذه المدّة و البقرة بعشرين يوما و الشاة بعشرة أيّام و لو جلّ أحد البهائم غير هذه الثّلاثة حرم و وجب استبراؤه بمدّة يخرجه عن اسم الجلل بأن يصير غذاؤه أجمع ممّا يجوز أكله [- ج -] لو شرب الحيوان المحلّل لبن خنزيرة و اشتدّ حرم لحمه و لحم نسله و لو رضع دفعة أو دفعتين فما زاد بحيث لا يشتدّ لحمه كان مكروها غير محظور و يستحب استبراؤه بسبعة أيّام فإن كان مما يأكل العلف كبشا و غيره أطعم ذلك و إلاّ يسقى من لبن ما يجوز شرب لبنه سبعة أيّام و لو شرب خمرا لم يحرم لحمه و يطهر بالغسل و يؤكل و لا يؤكل ما في جوفه و قوى ابن إدريس الكراهيّة و لو شرب بولا لم يحرم و غسل ما في بطنه و أكل و لو شرب لبن امرأة و اشتد كره لحمه و لم يكن محظورا [- د -] لو وطئ الإنسان حيوانا حرم أكل لحمه و لحم نسله و وجب إحراقه بالنار فإن اشتبه بغيره قسّم قسمين و أقرع و هكذا حتّى يبقى واحدة

الثاني الطيور

و فيه [- ط -] مباحث [- أ -] يحرم من الطيور كلّ ذي مخلاب قوي به على الطائر كالبازي و الصقر و العقاب و الشاهين و الباشق أو ضعف كالنسر و الحداء و الزحمة و البغاث و القداف من الغربان و هو الكبير الأسود الذي يأكل الجيف و يفرس و يسكن الخربان و كذا الأغبر الكبير الذي يفرس و يصيد الدراج و كذا الأبقع طويل الذنب و أمّا الزّاغ و هو غراب الزّرع الصغير الأسود ففيه قولان أقربهما الكراهيّة و يحرم الخفّاش و الطاوس و في الخطاف روايتان و جزم ابن إدريس بتحريمه [- ب -] يحرم من الطير كلّ ما كان صفيفه أكثر من دفيفه و لو تساويا و كان الدفيق أكثر حلّ و يحرم أيضا ما ليس له قانصة و لا حوصلة و لا صيصيّة و يحلّ ما وجد فيه أحدها ما لم ينصّ على تحريمه [- ج -] يكره الهدهد و الفاختة و القبّرة و الحبارى على رواية شاذّة و السقراق بكسر السّين و القاف الصّرد و الصوّام بضم الصاد و هو أغبر اللون طويل الرقبة أكثر ما يثبت في النخل [- د -] الحمام كلّه حلال كالغمارى و الدباسى و الورشان و الحجل و الدراج و القبج و القطا و الطيهوج و الكروان و الكركي و كذا جميع الدجاج حبشيا كان أو غير حبشي و الصعوة و العصافير و القنابر و الزرازير [- ه -] يعتبر في طير الماء ما يعتبر في طير المجهول فإن غلب دفيفه و ساوى الصفيف أو كان له قانصة أو حوصلة أو صيصيّة حلّ سواء كان يأكل السّمك أو لا و إن لم يكن فيه شيء من ذلك كان حراما [- و -] لو كان الطير جلاّلا حرم حتّى يستبرأ فالبطة بخمسة أيّام و شبهها و الدجاجة و شبهها بثلاثة أيّام و ما عدا ذلك يستبرأ بما يزيل حكم الجلل [- ز -] يحرم الزنابير و الذباب و البق و البراغيث و غير ذلك من المستخبثات [- ح -] البيض تابع فكلّ طير يؤكل لحمه حلّ أكل بيضه و يحرم بيض ما يحرم أكله فإن اشتبه أكل ما اختلف طرفاه و اجتنب ما اتفق [- ط -] المجثمة حرام و هي الدابة أو الطير تجعل غرضا و ترمى بالنشاب حتّى تموت و كذا المصبورة و هي التي تجرح و تحبس حتّى تموت

الثالث حيوان البحر

و فيه [- ه -] مباحث [- أ -] إنما يحلّ من حيوان البحر السّمك الذي له فلس خاصّة و هو القشر و يحرم ما عدا ذلك سواء كان سمكا ليس له فلس أو لم يكن سمكا و الجرّي بكسر الجيم حرام و كذا الجريث و في الزمار و المارماهي و الزهو روايتان إحداهما التحريم و هو قول ابن إدريس و الآخر الكراهية و هو قول الشيخ رحمه اللّٰه و يحرم السّلحفاة و الضفادع و الرقاق و السرطان و جميع حيوان البحر كخنزيره و كلبه و ما عداه غير السمك ذي الفلس على ما تقدّم [- ب -] يجوز أكل الكنعت و الربيثا بفتح الراء و الإربيان بكسر الألف و هو أبيض كالدود و الجراد و الطمرة بكسر الطاء و تسكين الميم و الطبراني بفتح الطاء و الإبلامي بكسر الهمزة لأنها أسماك ذات فلوس [- ج -] يحرم الجلال من السمك إلاّ بعد استبرائه يوما إلى الليل في ماء طاهر يطعم شيئا طاهرا و يحرم ما نضب عنه الماء و مات قبل أخذه و الطافي و هو ما يموت في الماء سواء مات بسبب كضرب العلق و حرارة الماء أو بغير سبب أو يموت في شبكة الصائد أو حظيرته و لو اختلط الميّت بالحيّ و لم يتميّز فالصّحيح تحريم الجميع و لو وجد سمكة على الساحل و لم يعلم أ ذكية أم ميتة فليرمها في الماء فإن طفت على ظهرها فهي ميتة و إن طفت على وجهها فهي ذكية [- د -] إذا شق جوف سمكة فوجد فيها أخرى حلّت إن كانت ذات فلس و إلاّ فلا و اشترط ابن إدريس حياتها وقت الأخذ و هو جيّد أما لو شق جوف حيّة فوجده فيها سمكة ذات فلس قال الشيخ إن لم يكن منسلخة حلّ أكلها و إلاّ فلا و قال ابن إدريس إنما يحلّ لو كانت حيّة سواء انسلخت أو لم تنسلخ و لو كانت ميتة فإنّها لا تحلّ على التقديرين و هو جيّد [- ه -] بيض السمك تابع فما كان مباحا فبيضه مباح و ما كان حراما فبيضه حرام و لو اشتبه أكل الخشن لا الأملس

الفصل الثاني في غير الحيوان
اشارة

فهو إمّا جامد أو مائع

النظر الأوّل في الجامد
اشارة

و يحرم منه خمسة أشياء

الأول الأعيان النجسة

إمّا بالذات كالعذرات و إمّا بالامتزاج

ص: 160

كالأعيان الطاهرة إذا عرض لها التنجيس بملاقاة النجاسة فإن قبلت الطهارة حلّت بعد التطهير و إلاّ فلا و لو باشر الكافر طعاما برطوبة نجس و حرم استعماله حربيّا كان أو ذميّا

الثّاني في حكمها

كلّ ما أبين من حيّ يحرم أكله و استعماله و الاستصباح به مطلقا أمّا الدهن إذا عرض له التنجيس فإنّه يجوز الاستصباح به تحت السماء خاصّة و يحلّ من الميّتة و ما لا يحلّ له الحياة كالصوف و الشعر و الوبر و الريش بشرط الجزّ أو غسل موضع الاتصال و كالقرن و العظم و الظلف و السنّ و البيض إن اكتسى القشر الأعلى و الإنفحة مستثناة مما يحلّه الحياة من الميّتة و سوّغ الشيخ رحمه اللّٰه استعمال لبن الميّتة للرواية و الوجه المنع و لو امتزج الذكيّ بالميّت اجتنب الجميع حتى يعلم الذكيّ منه و لو بيع على مستحلّ الميّتة جاز مع قصد بيع الذكي و الرواية حسنة دالّة على الإطلاق و لو وجد لحما لا يدرى أ ذكي هو أو ميّتة قال الشيخ يطرح في النار فإن انقبض فهو ذكيّ و إن انبسط فهو ميتة للرواية

الثّالث يحرم من الذبائح تسعة أشياء

الدم و الفرث و القضيب و الفرج ظاهره و باطنه و الطحال و الأنثيان و المثانة و المرارة و المشيمة و أضاف أكثر علمائنا النخاع و هو الخيط الأبيض الذي ينظم الخرز ممتدا من الرقبة إلى الذّنب و العلباء و هي عصبتان عريضتان صفراوان ممدودتان من الرقبة على الظهر إلى الذنب و الغدد و ذات الأشاجع و هي أصول الأصابع التي يتصل بعصب ظاهر الكف و الحدق الذي هو السّواد و الخرزة التي في وسط الدّماغ التي هو المخ و لونها يخالف لونه و هي بقدر الحمّصة إلى الغبرة ما يكون و يكره الكلي و أذنا القلب و العروق و إذا شوي الطحال مثقوبا حرم ما تحته من اللحم و غيره و لو كان اللحم فوقه حلّ خاصّة و لو لم يكن مثقوبا لم يحرم ما تحته

الرابع الطين و كله حرام

طاهرا كان أو نجسا و يجوز أكل الطين الأرمني للمنفعة و كذا يجوز تناول قدر الحمّصة من تربة الحسين عليه السّلام للاستشفاء

الخامس السموم القاتلة

قليلها حرام أما ما لا يقتل قليله و يقتل كثيره كالأفيون و السقمونيا و شحم الحنظل فإنّه يجوز تناول القليل الذي يؤمن معه التلف أمّا ما يخاف التلف كالمثقال من السّقمونيا فإنّه يحرم استعماله و كذا لو خيف تغير المزاج

النظر الثاني في المائعات
اشارة

و يحرم منها خمسة أشياء

الأوّل المسكرات

أجمع كالخمر و النبيذ و النبع و هو المتخذ من العسل و النقيع و هو المتخذ من الزبيب و المرز المتخذ من الذرة و الفضيخ المتّخذ من التمر و البسر و كل ما أسكر كثيره فالقليل منه حرام و حكم الفقاع حكم المسكر بالإجماع و يحرم العصير إذا غلا بأن يصير أسفله أعلاه سواء غلا من نفسه أو بالنار فإن غلى بالنار و ذهب ثلثاه حلّ و لا يحلّ لو ذهب أقلّ و لو انقلب خلاّ حلّ الجميع مطلقا و كذا الخمر يحلّ لو انقلب خلاّ سواء كان انقلب بعلاج أو بغير علاج و إن كان العلاج مكروها و لا فرق بين استهلاكه ما يعالج به أو لا و لو عولج بنجاسة أو بشيء نجس أو باشره كافر لم يطهر بالانقلاب و لو ألقي في الخمر خل حتّى استهلكه الخلّ أو بالعكس لم يحلّ و لم تطهر و قول الشيخ رحمه اللّٰه إذا وقع قليل خمر في خلّ لم يجز استعماله حتّى يصير ذلك الخمر خلا ليس بجيد و لا يعوّل على قول من يستحلّ شرب العصير مع الغليان في ذهاب ثلثيه من المسلمين و الوجه الكراهة و يقبل قول من لا يستحلّ شربه إلاّ بعد ذهابهما فيه و بصاق شارب الخمر المسكر و غيره من النجاسات طاهر ما لم يكن متغيرا بها و كذا دمع المكتحل بالنجس طاهر ما لم يتلون به و أواني الخمر طاهرة بعد الاستظهار بالغسل حتّى يزول العين سواء كانت خشبا أو قرعا أو خزفا غير مغضور أو كانت مدهونة و المنع الوارد في ذلك على الكراهية و الذي إذا باع خمرا أو خنزيرا ثم أسلم حلّ له قبض الثمن و لا يحرم شيء من الربوبات و الأشربة و إن شمّ منها رائحة المسكر كربّ الرمان و الأترج و السكنجبين و غيرها لأنّه لا يسكر كثيره و يكره في العصير و الاستشفاء بمياه الجبال الحارّة و أكل ما باشره الجنب و الحائض المتهمان و ما يعالجه غير المتوفى من النجاسات و سقي الدواب المسكر

الثاني الدم المسفوح حرام نجس

سواء كان المذبوح مأكولا أو لم يكن و غير المسفوح كدم الضفادع و البراغيث كذلك إلاّ ما يستخلف في لحم المأكول المذكّى مما لا يدفعه الحيوان فإنّه طاهر سائغ و لو وقع شيء من الدم المسفوح في غيره حرم و قيل لو وقع يسير الدم في قدر يغلي على النار حلّ المرق إذا ذهب الدم بالغليان و ليس بمعتمد و الحق تحريمه و غسل اللحم و التّوابل و لو وقع غير الدم من النجاسات أريق المائع و غسل الجامد إجماعا

الثالث البول هو حرام

من كلّ حيوان يحرم أكله كالكلب و الخنزير و الأسد أو يحلّ أكله كبول الشاة و سوغ بول الإبل خاصّة للاستشفاء و قيل يحلّ بول كل مأكول اللحم و ليس بمعتمد و كذا يحرم المني و غيره من الأعيان النجسة و يحرم استعمال شعر الخنزير فإن اضطرّ استعمل ما لا دسم فيه و غسل يده و يجوز الاستقاء بجلد الميّتة لغير الصلاة

الرابع لبن محرّم الأكل

حرام كلبن الهرة و الذئب و يحلّ لبن كلّ مأكول اللحم و يكره لبن مكروه اللحم كالأتن و ليس محرّما

الخامس كلّ مائع عرض له التنجيس بملاقاة النجاسة

حرام أكله و لا يقبل التطهير و يجوز الاستصباح بالدهن النجس تحت السماء و يحرم تحت الظلال لا لنجاسة الدخان فإن دخان النجس طاهر و كذا ما أحالته النار من الأعيان النجسة إلى الرماد و الدخان و يجوز بيع الدهن النجس و يجب الإعلام بالنجاسة و لو وقعت النجاسة في الجامد كالسّمن و الدبس حال جمودهما ألقيت النجاسة و ما يحيط بها و حلّ الباقي و لو عجن الخمير بماء نجس لم يطهر إلا أن يصير رمادا

المطلب الثّاني في حال الاضطرار
اشارة

و فيه [- ز -] مباحث [- أ -] المضطر الذي هو يخاف التلف أو المرض أو الضعف المؤدي إلى التخلّف عن الرفقة مع خوف العطب بدونها أو ضعف الركوب

ص: 161

المؤدي إلى ظنّ التلف و هذا يحلّ له تناول ما حكمنا بتحريمه و لا يشترط أن يصبر حتى يشرف على الموت لعدم انتفاعه بالأكل حينئذ ثمّ إذا جاز الأكل وجب و لا يترخّص الباغي و هو الخارج على الإمام العادل و قيل طالب الميّتة و لا العادي و هو القاطع الطريق و قيل الذي يعدو شبعه [- ب -] المأذون فيه للمضطر تناول ما يسدّ به الرمق من المحرمات فلو تجاوز حرم إلاّ أن يكون في بادية و يخاف أن لم يشبع أن لا يتقوّى على المشي و يهلك فيشبع و يجب قصد الحفظ بالتناول فلو قصد التنزه حرم و الأقرب تسويغ التزود من الميّتة فإن وجد مضطرا آخر لم يجز له بيعه عليه فإن استويا في الضرورة فهو أحقّ و إلاّ وجب عليه دفع الفاضل عنه إلى المضطر [- ج -] يباح الخمر لتسكين العطش و للشيخ قولان و لا يجوز التداوي به و لا بشيء من المسكرات سواء مازجها غيرها أو لا و لا يحلّ تناول الترياق للتداوي و يجوز عند الضرورة و التداوي بالمسكر مطلقا للعين [- د -] يباح للمضطر أكل كل حرام إلاّ ما فيه سفك دم معصوم فليس له قتل ذمّي و لا معاهد و لا قتل عبد و ولده و يحلّ له الميّتة من الآدميّ و غيره مطلقا و له قتل مباح الدم كالمرتد و الزاني المحصن و إن كان ذلك منوطا بالإمام و قتل الحربية و ولد الحربي و لو لم يجد إلاّ نفسه قيل يقطع من فخذه و شبهه و الوجه المنع [- ه -] لو وجد خمرا و بولا تناول البول و لو وجد طعام من ليس بمضطر و لا ثمن له وجب على مالكه بذله و لا عوض له و لو وجد الثمن فإن طلب المالك ثمن مثله وجب دفعه إليه و لم يحلّ له الميّتة و لا يجب على صاحب الطعام بذله بدونه و إن طلب أكثر فالوجه وجوب الدفع مع حصوله و قال الشيخ لا يجب الزيادة و لو امتنع المالك من بذله بالأكثر من ثمن المثل حلّ للمضطر قتاله و كان دم المالك هدرا و دم المضطر مضمونا و لو كان قادرا على سلبه فاشتراه من المالك بأكثر من ثمن المثل وجب عليه المسمّى على قولنا و هو ظاهر على ما اختاره الشيخ أيضا لأنّه صار مختارا [- و -] لو وجد طعام الغير فله أخذه لكن الوجه أنّه يستأذن المالك أوّلا فإن منعه قهره عليه و لو أوجر المالك المضطر الطعام ففي استحقاق القيمة عليه إشكال و لو واطأه فاشتراه بأزيد من ثمن المثل كراهة لإراقة الدماء قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يلزمه الزيادة لأنّه مكره في بذلها [- ن -] لو وجد الميّتة و طعام الغير فإن بذل الغير طعامه بغير عوض أو بعوض مقدور عليه لم يحلّ الميّتة و لو كان صاحب الطعام غائبا أو حاضرا و امتنع من بذله و قوّى على دفع المضطر أكل الميّتة و إن ضعف المالك عن المنع أكله المضطر و ضمن و لا يحلّ له الميّتة و الصّيد في حقّ المحرم كطعام الغير و لو كان الصّيد مذبوحا فهو أولى من الميّتة لعموم تحريم الميّتة

تتمّة لا يجوز تناول مال الغير إلاّ بإذنه

و يجوز مع عدم الإذن الأكل من بيت من تضمّنه الآية إلاّ إذا عرف منه الكراهية فيحرم عليه الأكل حينئذ و ليس له أن يحمل منه شيئا و إن لم يعلم الكراهيّة و هل يحلّ أكل ما يمرّ به الإنسان من ثمر النخل و الزرع و الشجر فيه روايتان و يستحبّ للأكل غسل يده قبل الأكل و بعده و مسح اليد بالمنديل و التسمية عند الشروع فإن تعدّدت الألوان سمّى عند تناول كلّ واحد منها و إن قال بسم اللّٰه على أوله و آخره أجزأه و الحمد عند الفراغ و الأكل و الشّرب باليمين اختيارا و يكره باليسار إلاّ لضرورة و ينبغي أن يبدأه صاحب الطعام بالأكل و أن يكفّ أخيرا و يبدأ بغسل يد من على يمينه ثمّ يدور حتّى ينتهي إليه و يجمع غسالة الأيدي في إناء واحد فإذا فرغ استلقى على قفاه و وضع رجله اليمنى على اليسرى و التخلّل و لفظ فتات الخبز و البدأة بالصلاة لا مع انتظار غيره له و يكره الاتكاء عند الأكل و التملي و ربّما حرم و الأكل على الشبع و الأكل ماشيا و الشرب بنفس واحد بل ينبغي أن يكون بثلاثة أنفاس و الأكل من طعام لم يدع إليه و قطع الخبز بالسكين و الشرب من عروة الكوز و من ثلمته و التخلل بعود ريحان أو قصب

كتاب الميراث

اشارة

و فيه مقاصد

الأوّل في أسبابه

و فيه [- ج -] مباحث [- أ -] كان التوارث في ابتداء الإسلام بالحلف فكان الرّجل يقول للرّجل دمي دمك و ذمتي ذمتك و مالي مالك تنصرني و أنصرك و ترثني و أرثك و يتعاقدان الحلف بينهما على ذلك فيتوارثان به دون القرابة و ذلك قوله تعالى وَ اَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمٰانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ثمّ نسخ و صار التوارث بالإسلام و الهجرة فإذا كان للمسلم ولد لم يهاجر ورثه المهاجرون دونه و ذلك قوله تعالى وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهٰاجِرُوا مٰا لَكُمْ مِنْ وَلاٰيَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ حَتّٰى يُهٰاجِرُوا ثم نسخ ذلك بقوله تعالى وَ أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ و أنزل اللّٰه تعالى آيات التوارث [- ب -] إنّما يثبت الميراث بأمرين نسب و سبب و مراتب النسب ثلاث الأولى الأبوان و الأولاد و إن نزلوا الثانية الإخوة و أولادهم و الأجداد و إن علوا الثالثة الأخوال و الأعمام و السبب إمّا بالزوجية و إمّا بالولاء و مراتب الولاء ثلاث ولاء العتق و ضامن الجريرة و الإمام [- ج -] لا يثبت الميراث عندنا بالقضيب بل الفاضل عن ذو الفروض لمساواتهم إذا لم يكن له فرض بالقرابة كأبوين و زوج للزوج النصف و للأم الثلث و الباقي للأب و لو فقد المساوي لم يعط الأبعد بل ردّ الفاضل على ذوي الفروض عد الزوج و الزوجة فإنّه لا يرد عليهما إلاّ على ما يأتي كأبوين و بنت و أخ للبنت النصف و لكلّ من الأبوين السدس و الباقي يردّ عليهما و على البنت بالنسبة و لا شيء للأخ

المقصد الثاني في ميراث الأنساب
اشارة

و فيه مطالب

الأوّل في مقادير السهام

و فيه [- د -] مباحث [- أ -] السّهام ستة النصف و نصفه و هو الربع و نصف نصفه و هو الثمن و الثلثان و نصفه و هو الثلث و نصف نصفه و هو السدس فالنصف لأربعة سهم البنت و الأخت للأبوين أو للأب و الزوج مع عدم الولد و الربع لاثنين سهم الزوج مع

ص: 162

الولد و الثلثان لاثنين البنتان فصاعدا و الأختان فصاعدا للأبوين أو للأب و الثلث لاثنين الأم مع عدم الحاجب و لما زاد على الواحد الأم و السدس لثلاثة للأب مع الولد و للأمّ معه أو مع الإخوة و للواحد من ولد الأم [- ب -] يصحّ اجتماع النّصف مع مثله كزوج و أخت لأبوين و مع الربع كبنت و زوج أو أخت لهما و زوجة و مع الثمن كزوجة و بنت و مع الثلث كزوج و أخوين للأم و مع السدس كبنت و أبوين و يصحّ اجتماع الرّبع مع الثلثين كزوج و بنتين أو زوجة و أختين للأبوين و مع الثلث كزوجة و أخوين للأمّ و مع السّدس كزوج و أبوين و بنت أو زوجة و أخ من الأمّ و إخوة من الأبوين و يصحّ اجتماع الثمن مع الثلثين كزوجة و بنتين و مع السّدس كزوجة و أبوين و ولد و لا يجتمع النصف و الثلثان لبطلان العول بل يدخل النقص على الأختين و لا يجتمع الربع و الثمن و لا الثمن مع الثلث و لا الثلث مع السدس تسمية [- ج -] العول باطل عندنا لامتناع أن يجعل اللّٰه تعالى في مال ما لا يفي به و إنّما يحصل بمزاحمة الزوج أو الزوجة فيدخل النقص على البنت أو البنات أو الأب أو الأخت من قبله أو من قبل الأبوين أو على الأخوات كذلك دون الزوج و الزوجة و دون الأمّ و من يتقرّب بها [- د -] مخرج النصف من اثنين و نصفه أربعة و نصف نصفه من ثمانية و مخرج الثلثين و نصفه من ثلاثة و مخرج نصف نصفه من ستّة و لو اجتمعت سهام فاجعل المخرج لأقلّ المتداخلين كالنصف و الثمن فالمخرج ثمانية و لو كانا غير متداخلين فخذ أقلّ عدد يخرجان منه كالثلث و الرّبع من اثني عشر و الثمن و من الثلث أربعة و عشرين

المطلب الثّاني في ميراث الأبوين و الأولاد

و فيه [- يا -] بحثا [- أ -] الأب إن انفرد أخذ المال و كذا الأمّ لكن الثلث لها بالتسمية و الباقي بالردّ و لو اجتمعا فللأمّ الثلث و للأب الباقي و لو كان معها إخوة حجبوا الأمّ عن الثلث إلى السدس و كان الباقي للأب بشروط خمسة العدد و هو أن يكونوا ذكرين أو ذكر و امرأتين أو أربع نساء فلو كانوا أقلّ من ذلك لم يحجبوا و انتفاء موانع الإرث أعني الكفر و القتل و الرقّ و وجود الأب و انفصالهم فلا يحجب الحمل و إن يتقرّبوا بالأبوين أو بالأب فلو كانوا من قبل الأمّ فلا حجب و لا يحجب أولاد الأخوة و إن تعدّدوا و لا من الخناثى أقلّ من أربعة [- ب -] الابن إذا انفرد فله المال فلو كان اثنين فصاعدا فكذلك بينهم بالسّوية و للبنت المنفردة النصف و الباقي ردّ عليها و للبنتين فصاعدا إذا انفردن الثلثان و الباقي لهما أولهنّ بالردّ و لو اجتمع البنون و البنات فللذكر ضعف الأنثى [- ج -] للأب مع الابن السّدس و الباقي للابن و كذا الأم و لو اجتمعا معه فلهما السدسان و الباقي للابن و لو كانا مع الأبناء فلهما السدسان و الباقي للأبناء بالسّوية و للأب مع البنت السدس و للبنت النصف و الباقي يردّ عليهما أرباعا و كذا الأمّ معها و لو اجتمعا مع البنت فلهما السدسان للبنت النصف و الباقي يردّ عليهم أخماسا إلاّ مع الإخوة الحاجبين فيختصّ الردّ بالأب و البنت أرباعا و لكلّ من الأبوين مع البنتين فصاعدا السدس و للبنتين فصاعدا الثلثان بالسّوية و لأحدهما مع البنتين فصاعدا السدس و للبنتين فصاعدا الثلثان بالسّوية و الباقي يردّ على أحد الأبوين أو معهما فلكلّ واحد من الأبوين السّدس و الباقي للأولاد و للذكر مثل حظّ الأنثيين [- د -] لو اجتمع أحد الأبوين مع الزوج أو الزوجة فللزّوج أو الزوجة نصيبهما الأعلى و الباقي لأحد الأبوين فإن كان أمّا فلها الثلث و الباقي بالردّ و لو اجتمع الأبوان و أحد الزّوجين فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى و للأم ثلث الأصل مع عدم الإخوة و السّدس معهم و الباقي على التقديرين للأب و لو كان معهم ولد ذكر فلكلّ واحد من الأبوين السدس و لأحد الزّوجين نصيبه الأدنى و الباقي للولد الذكر إن كان واحدا و إن كان أكثر فلهم بالسويّة و لو كان عوض الذكر أنثى فلكلّ من الأبوين السدس و للبنت النصف و لأحد الزوجين نصيبه الأدنى و للباقي يردّ على البنت و الأبوين أخماسا و مع الإخوة يردّ على البنت و الأب أرباعا و لو اجتمع الأبوان و أحد الزوجين مع البنتين فصاعدا فللأبوين السدسان و لأحد الزوجين نصيبه الأدنى و الباقي للبنتين فصاعدا و دخل النقص على البنات خاصّة و كذا يدخل النقص على البنت مع الزوج و الأبوين و لو اجتمع أحد الزّوجين و الأبوان و الأولاد الذّكور و الإناث فلأحد الزوجين نصيبهما الأدنى و لكلّ من الأبوين السدس و الباقي للأولاد للذكر ضعف الأنثى [- ه -] أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الأبوين و في حجبهما عن أعلى السهمين إلى أدناهما و شرط ابن بابويه رحمه اللّٰه في توريثهم عدم الأبوين و أخذ على الفضل بن شاذان في قوله بمثل ما قلناه و لا يرث أحد من أولاد الأولاد ذكورا كانوا أو إناثا مع وجود الولد للصلب ذكرا كان أو أنثى و يمنعون كلّ من يمنعه الأولاد من الأجداد و الإخوة و غيرهم و يرث معهم الزّوج و الزوجة نصيبهما الأدنى و يترتبون الأقرب فالأقرب فلا يرث البعيد من الميّت مع القريب منه [- و -] اختلف علماؤنا في كيفية القسمة بينهم فالمشهور أن كلّ واحد منهم يأخذ نصيب من يتقرّب به فلابن البنت الثلث مع بنت الابن و لبنت الابن الباقي و لو خلف ابن بنت لا غير فله النّصف نصيب أمّه و الباقي يرد عليه و لو شاركه الأبوان نزل معهما منزلة أمه في النصيب و الردّ و لو خلف بنت ابن لا غير فلها المال و لو شاركها الأبوان فلهما السّدسان و للبنت الباقي و لو اجتمع الأولاد الابن و أولاد البنت فلأولاد الابن الثلثان بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين

ص: 163

و لأولاد البنت الثلث كذلك و قيل بالتساوي و هو ضعيف و لو خلّف أولاد بنت مع الأبوين فللأولاد النصف للذكر مثل حظّ الأنثيين و للأبوين السدسان و الباقي يردّ على الأبوين و أولاد البنت أخماسا و لو خلّف أولاد بنتين فللأبوين السدسان و للأولاد الثلثان و يأخذ كلّ أولاد بنت نصيب أمهم للذكر ضعف الأنثى على الأشهر و ذهب السيد المرتضى إلى أنّ أولاد الأولاد كآبائهم في القسمة فلبنت الابن ثلث المال و لابن البنت الثلثان لإطلاق الابن على ابن البنت و البنت على بنت الابن حقيقة و الأوّل هو الأقوى عندي و هو اختيار الفضل رحمه اللّٰه لكنّه أفتى في بنت ابن و ابن ابن بأن للذكر مثل حظّ الأنثيين فإن قصد مع اتحاد أبويهما فجيّد و لا مناقضة فيه كما ألزم به و إلاّ توجهت عليه المناقضة [- ن -] يخصّ أكبر الأولاد الذكور من تركة أبيه ثياب جسده و خاتمه و سيفه و مصحفه بشروط ثلاثة أن لا يكون الولد سفيها و أن لا يكون فاسد الاعتقاد و أن يخلّف الميّت شيئا سوى هذه فلو لم يخلّف غيرها لم يخصّ بشيء و على هذا الولد قضاء إما على أبيه من صلاة و صيام و لو كان الأكبر أنثى لم يحضّ بشيء و حبي الأكبر من الذكور و لو تعدّدت هذه الأشياء قال ابن إدريس خصّ بما كان يعتاد لبسه و يديمه دون ما سواه و فيه نظر [- ح -] هذه الأشياء لا تحتسب على الولد المخصوص بها من نصيبه و تخصيصه بها واجب لا مستحب و خالف السيّد المرتضى رحمه اللّٰه في الأوّل فقال يخصص فيحتسب عليه بقيمته من سهمه و خالف أبو الصّلاح في الثاني و قال التخصيص مستحبّ لا واجب [- ط -] لا يرث الجدّ و لا الجدّة مع الأولاد و لأولادهم و لا مع الأبوين نعم يستحبّ للأبوين إطعام الجدّين سدس الأصل بشرط زيادة نصيب المطعم عن السّدس فلو خلّف أبويه لا غير و جدّه و جدته من قبل أبيه و جده و جدّته من قبل أمّه أطعم الأب الجدّين من قبله سدس الأصل و كذا الأمّ استحباباً لا وجوبا و لو كان أحد الجدّين لا غير اختصّ بالسّدس كملا من مطعمه كان مع الأبوين و الأجداد إخوة يحجبون الأمّ عن الثلث إلى السّدس استحب للأب أن يطعم الجدّ أو الجدّة أو هما من قبله سدس الأصل و لم يستحبّ للأمّ ذلك و لو كان مع الأبوين و الأجداد زوج استحبّ للأم إطعام الجدّ أو الجدة أو هما من قبلها سدس الأصل و سقط أجداد الأب [- ى -] هذه الطعمة بالسّوية بين الجدّ و الجدّة سواء كانا من الأب أو من الأمّ [- يا -] لا يطعم الجدّ للأب و لا الجدّة له إلاّ مع وجود الأب و لا الجدّ للأمّ و لا الجدّة لها إلاّ مع وجود الأمّ

المطلب الثالث في ميراث الإخوة و الأجداد

و فيه [- ين -] بحثا [- أ -] هؤلاء إنّما يرثون إذا عدمت المرتبة الأولى فلا يرث أحد من الإخوة و لا من الأجداد مع أحد الأبوين أو مع أحد الأولاد و أولاد الأولاد فإن لم يوجد أحد من الأبوين و لا من الأولاد و لا من أولاد الأولاد ورث الإخوة و الأجداد و يتشاركون على ما يأتي [- ب -] الأخ للأب و الأمّ إذا انفرد فله المال و لو كان معه أخ أو إخوة تساووا فيه و للأخت لها النّصف و الباقي ردّ عليها و للأختين لهما فما زاد الثلثان بينهما أو بينهن بالسّوية و الباقي ردّ عليهما أو عليهن و لو اجتمع الإخوة و الأخوات فللذّكر مثل حظّ الأنثيين و لو فقد الإخوة و الأخوات من الأبوين قام مقامهم الإخوة و الأخوات من قبل الأب خاصّة على التفصيل الذي قلناه فللأخ المنفرد المال و كذا للأخوين و الإخوة بالسّوية و للأخت النّصف و الباقي ردّ عليهما و للأختين فصاعدا الثلثان بالسّوية و الباقي ردّ عليهما أو عليهنّ و لا يرث أحد من الإخوة و الأخوات من قبل الأب مع أحد من الإخوة و الأخوات من قبل الأبوين بل المتقرب بالسّببين أولى واحداً كان أو أكثر ذكرا كان أو أنثى و للأخ من الأمّ المنفرد السدس و الباقي له بالردّ و كذا للأخت و لو اجتمع أخوان فما زاد أو أختان فما زاد أو اجتمع الإخوة و الأخوات من قبلها خاصّة تساووا في الثلث و الباقي لهم بالردّ ذكورا كانوا أو إناثا أو ذكورا و إناثا و لو اجتمع الإخوة المتفرّقون فللمتقرب بالأمّ السّدس إن كان واحدا ذكرا كان أو أنثى و الباقي للمتقرب بالأبوين واحدا كان أو أكثر ذكرا كان أو أنثى أو بالتفريق للذكر ضعف الأنثى لكن لو كان المتقرّب بالأبوين أنثى كان لها النصف و ما زاد على سهام التقرّب بالأمّ لها بالرّد و لو كان اثنتان فما زاد فلهم الثلثان و الزائد بالرّد و لو كان المتقرّب بالأمّ اثنين فما زاد فلهم الثلث بالسويّة ذكورا كانوا أو إناثا أو بالتفريق و الباقي للمتقرّب بالأبوين على ما فصّلناه و سقط المتقرب بالأب ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو أكثر [- ج -] لو فقدت الكلالة من الأبوين و اجتمع الكلالة من الأمّ مع الكلالة من الأب فإن لم يكن فاضل فلا بحث و إن فضل كأخت من أمّ مع أخت من أب أو مع أختين منه أو أختين من أم مع أخت من الأب ففي الردّ قولان أحدهما أنّه مختصّ بالمتقرّب بالأب لدخول النقص عليه لو دخل الزّوج أو الزوجة و لقول الباقر عليه السلام في ابن أخت لأب مع ابن أخت لأمّ إنّ لابن الأخت للأم السّدس و الباقي لابن الأخت للأب و الثاني أنه يردّ على الجميع بالنسبة و هو الأقوى و الرواية في طريقها ابن فضال [- د -] لو اجتمع الإخوة المتفرقون و أحد الزّوجين أخذ أحد الزوجين نصيبه الأعلى و المتقرب بالأمّ السّدس إن كان واحدا و الثلث إن كان أكثر و الباقي للمتقرّب بالأبوين للذكر مثل حظّ الأنثيين و سقط المتقرّب بالأب و لو فقد المتقرّب بالأبوين قام المتقرّب بالأب مقامه على هيئة في القسمة [- ه -] للجدّ المنفرد المال سواء كان لأب أو لأم و كذا الجدّة و لو اجتمعا من طرف واحد فللذكر ضعف الأنثى إن كانا من قبل الأب و إن كانا من قبل الأمّ تساويا و لو اجتمع الأجداد الأربعة فللجدّ و الجدة من قبل الأب الثلثان للذكر ضعف الأنثى و للجد و الجدة من قبل الأم الثلث بالسّوية و لو كان المتقرب بالأب واحدا و كذا

ص: 164

المتقرب بالأمّ فللمتقرب بالأمّ الثلث ذكرا أو أنثى و للمتقرب بالأب الثلثان ذكرا كان أو أنثى و نقل ابن إدريس عن بعض علمائنا للواحد من الأم جدّا كان أو جدّة السّدس و للباقي للمتقرّب بالأب و المشهور الأوّل و كذا لو تعدّد الجدّ من قبل الأب و اتّحد الجدّ من قبل الأمّ و بالعكس فإن للمتقرّب بالأم الثلث اتّحد أو تعدّد [- و -] لو اجتمع الأجداد و أحد الزوجين أخذ أحد الزوجين نصيبه الأعلى و للجدّ أو الجدّة أو هما من قبل الأمّ الثلث و الباقي للمتقرّب بالأب [- ز -] الأجداد أو الإخوة يمنعون من يتقرّب بهم من الأعمام و الأخوال و أولادهم و يمنع الأجداد آباءهم و أجدادهم و لا يمنعون أولاد الإخوة كما لا يمنع الإخوة و أولادهم آباء الأجداد أو أجدادهم فلو خلّف الجدّ الأدنى و الأبعد كان الميراث للأدنى و لو خلّف الجد و الإخوة تشاركوا و لو خلف الجدّ الأدنى و أولاد الإخوة تشاركوا على ما يأتي [- ح -] لو خلّف جدّ أبيه و جدّته من قبل أبيه و جدّ أبيه و جدّته من قبل أمّه و جدّ أمّه و جدّتها من قبل أبيها و جدّها و جدّتها من قبل أمّها فلأجداد الأمّ الثلث بينهم أرباعا و لأجداد الأب الثلثان للجدّ و الجدّة من قبل أب الأب ثلثا الثلثين للذكر ضعف الأنثى و للجدّ و الجدّة من قبل أمّ الأب الثلث أثلاثا و ينقسم من مائة و ثمانية و لو كان معهم أحد الزّوجين أخذ نصيبه الأعلى و لأجداد الأمّ الأربعة الثلث كملا أرباعا و الباقي لأجداد الأب على ما بيّناه [- ط -] قد يتّحده جدّ أبي الميّت و جدّ أمّه فيكون له نصيب الجدّين لو جامع الجد من أحدهما و تشاركه الجدّ الّذي في درجته بالسوية [- ى -] إذا اجتمعت الإخوة و الأجداد كان الجدّ كالأخ و الجدة كالأخت فإذا خلّف أخا و أختا من قبل الأب و الأمّ و مثلهما من قبل الأمّ و جدّا من قبل الأب و جدّة من قبله و مثلهما من قبل الأمّ كان الجدّ من قبل الأب كالأخ من قبل الأبوين و الجدّة من قبله كالأخت من قبلها و الجدّ من الأم كالأخ من قبل الأمّ و الجدّة من قبلها كالأخت منها فللمتقرّب من الأمّ و الإخوة و الأجداد الثلث بينهم أرباعا و الثلثان للإخوة و الأجداد من قبل الأب للذكر ضعف الأنثى و لو عدم الإخوة من قبل الأبوين قام الإخوة من قبل الأمّ مقامهم في مقاسمة الأجداد كما في المتقرب بالأبوين و لو كان هناك زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى و للمتقرّب بالأمّ من الإخوة و الأجداد الثلث بالسّوية و الباقي للمتقرّب بالأبوين من الإخوة و الأجداد للذكر ضعف الأنثى أو للمتقرّب بالأب وحده مع الأجداد و كذلك عند عدم المتقرّب بالأبوين [- يا -] الأجداد إنّما ينزلون منزلة الإخوة إذا جامعوهم و كانوا في نسبة واحدة و لو اختلف النسبة بأن يخلف جدّا لأمّه و أخا لأبيه أو لأبويه فللجدّ الثلث و الباقي للأخ و كذا لو خلّف جدّا لأمّه مع أخ من الأبوين أو من الأب و لو خلّف أخا و أختا لأمّ و جدّا أو جدّة لأب كان للأخ أو الأخت من الأمّ السّدس و الباقي لأحد الجدين و لو خلّف أحد الجدّين للأمّ و أحد الجدّين أو هما للأب مع إخوة من الأبوين أو من الأب خاصّة فلأحد الجدّين للأمّ الثلث و الثلثان لأحد الجدّين من الأب أو لهما مع الإخوة لهما أو للأب عند عدم المتقرّب بالأبوين و يكون الجدّ هنا كالأخ و الجدّة كالأخت و لو خلّف الجدّين من الأمّ مع إخوة و أخوات من قبلها و أحد الجدين من قبل الأب فلم يتقرب بالأمّ من الأجداد و الإخوة الثلث بينهم بالسّوية و لأحد الجدّين للأب الباقي و لو خلّف الجدّين من قبل الأمّ أو أحدهما و أختا من الأبوين فللجدّين أو لأحدهما من الأمّ الثلث و للأخت للأبوين الباقي و لو كانت الأخت من قبل الأب خاصّة ففي اختصاصها بالباقي إشكال [- يب -] لو عدم الجدّ الأدنى قام مقامه الأبعد في مقاسمة الإخوة و يكون حكمه حكم الأدنى فجدّ الأب لأبيه أو لأمّه كالأخ من قبل الأب و الأمّ أو من قبل الأب و جدّة الأب لأبيه أو لأمّه كالأخت من قبل الأبوين من قبل الأب عند عدم الأخت من الأبوين و كذا البحث في جدّ الأمّ و جدّتها من قبل أبيها و من قبل أمّها فإنّهم بمنزلة الإخوة و الأخوات من قبل الأمّ بقي هنا إشكال و هو أن يجتمع جدّ الأب أو جدّته من قبل أبيه و جدّه أو جدّته من قبل أمّه مع الإخوة من قبل الأب أو من قبل الأبوين [- يج -] أولاد الإخوة و الأخوات يقومون مقام آبائهم عند عدمهم و يأخذ كلّ منهم نصيب من يتقرّب به فإن خلّف ابن أخ الأب و أمّ أو لأب أو بنت أخ كذلك فله المال و لو اجتمعا لواحد فالمال لهما للذكر ضعف الأنثى و لو كانا لاثنين في نسبة واحدة فالمال بينهما نصفين و لو كان أحدهما ولد أخ من الأبوين و الآخر ولد أخ من الأب سقط المتقرّب بالأب بالمتقرّب بالأبوين و لو كان ابن أخت لهما أو للأب فله النّصف نصيب أمّه و الباقي ردّ عليه و كذا لو كانوا أولاد جماعة لأخت فلهم النّصف بالتسمية و الباقي بالردّ للذكر ضعف الأنثى و لو كانوا أولاد الأختين فلهما الثلثان لأولاد كلّ أخت الثلث بينهم للذكر ضعف الأنثى و الباقي ردّ عليهم كذلك و لو كانوا أولاد إخوة و أخوات فلكل أولاد أخ أو أخت نصيب من يتقرب بينهم للذكر ضعف الأنثى و لو خلف أولاد أخ أو أولاد أخت لأم فلهم السدس نصيب من يتقرّبون به و الباقي يردّ عليهم الذكر و الأنثى فيه سواء و لو كانوا أولاد أخ و أولاد أخت للأمّ فلهم الثلث و الباقي بالردّ لأولاد الأخ النصف بالسّوية واحدا كان أو أكثر و لأولاد الأخت النصف الآخر كذلك و إن كان واحدا و لو اجتمع أولاد الإخوة المتفرّقين سقط أولاد الأخوة من الأب و كان لأولاد الإخوة من الأمّ الثلث لكلّ ولد أخ نصيب ابيه واحدا كان أو أكثر بالسّوية و لأولاد الإخوة من الأبوين الباقي و لو خلّف أولاد أخ من أب أو أمّ و أولاد أخ من أمّ فلأولاد الأخ من الأم السدس بالسوية و الباقي لأولاد

ص: 165

الأخ من الأبوين للذكر ضعف الأنثى و لو خلّف أولاد الأخت لأب و أولاد أخت لأمّ خاصّة فلأولاد الأخت من الأمّ السدس بالسّوية و لأولاد الأخت من الأب النّصف للذكر ضعف الأنثى و في ردّ الباقي قولان كما سبق في الإخوة [- يد -] لو دخل أحد الزّوجين على أولاد الكلالة أخذ نصيبه الأعلى و سقط أولاد كلالة الأب كان لأولاد كلالة الأمّ الثلث إن كانوا أكثر من واحد لكلّ نصيب من يتقرّب به بالسّوية و السّدس إن كانوا لواحد كذلك و الباقي لأولاد كلالة الأبوين لكلّ واحد نصيب من يتقرب إليه للذكر ضعف الأنثى فيدخل النقص عليهم كما يدخل على آبائهم دون المتقرّب بالأمّ و لو فقدوا أولاد كلالة الأبوين قام مقامهم أولاد كلالة الأب في جميع ما تقدّم إلاّ في الردّ إذا كانوا الأنثى [- يه -] لا يرث أحد من أولاد الإخوة مع الإخوة و إن كثرت الوصلة و قال الفضل بن شاذان في أخ لأم و ابن أخ لأب و أم إنّ للأخ السّدس و الباقي لابن الأخ للأبوين لأنّه يجمع السّببين و هو غلط فإن كثرة الأسباب إنّما تعتبر مع التساوي في الدّرجة مع أنّه قال في ابن أخ لأب و أمّ مع أخ لأب المال كلّه للأخ من الأب [- يو -] الأقرب من أولاد الأخ يمنع الأبعد فلو خلّف أولاد أخ و أولاد أولاد أخ فالمال لأولاد الأخ خاصّة سواء كانوا الأب أو لأمّ أو لهما و سواء كان أولاد أولاد الأخ لأب أو لأمّ أو لهما و هكذا في مراتب التنازل و يمنع أولاد الإخوة و الأخوات كلّ من يمنعه الإخوة و الأخوات من الأعمام و الأخوال و أولادهم و يرث معهم الأزواج و الأجداد و إن علوا كما يرثون مع الإخوة [- يز -] أولاد الإخوة و الأخوات و إن نزلوا سواء كانوا من قبل أب أو من قبل أمّ أو من قبلهما يقاسمون الأجداد مع عدم الإخوة و الأخوات و يأخذون نصيب من يتقرّبون به فلو خلّف أولاد أخ لأب و أمّ و أولاد أخت لهما و مثلهم من قبل الأمّ و جدّ و جدّة من قبل الأب و مثلهما من قبل الأم فللجدّين و كلالة الأمّ الثلث للجد ربعه و كذا للجدّة و لأولاد الأخ من الأمّ ربع آخر و لأولاد الأخت من قبلها الربع الباقي و ثلثا الثلاثة للجدّ من الأب و لأولاد الأخ من الأبوين للجدّ من ذلك نصفه و النّصف الآخر لأولاد الأخ للذكر ضعف الأنثى و الثلث الباقي بين الجدة و أولاد الأخت للجدّة من ذلك نصفه و النّصف الآخر لأولاد الأخت من الأبوين و لو كان هناك زوج أو زوجة أخذ نصيبه الأعلى و للجدّين من قبل الأم و لأولاد الإخوة من قبلها الثلث كملا يقسّم بينهم على ما بيّناه و الباقي للأجداد من قبل الأب و لأولاد الإخوة من قبل الأبوين على ما فصّلناه و لو خلّف أولاد الأخت للأبوين و جدّا فلأولاد الأخت الثلث و الباقي للجدّ

المطلب الرابع في ميراث الأعمام و الأخوال

و فيه [- يه -] بحثا [- أ -] هؤلاء إنّما يرثون عند عدم الآباء و إن علوا أو الأولاد و إن نزلوا و الإخوة و أولادهم و إن نزلوا فللعمّ المنفرد المال و كذا ما زاد بالسّوية و للعمة المال أيضا و كذا العمّتان و العمّات و لو اجتمع الذكور و الإناث فللذكر ضعف الأنثى هذا إذا كانوا من قبل الأب و الأمّ أو من قبل الأب و الأم لو كانوا من قبله فالذكر و الأنثى فيه سواء و لو انفردت العمّة أو العمّ من قبل الأم فالمال بأجمعه لها أو له [- ب -] لو اجتمعت العمومة و العمات المتفرقون فللمتقرّب بالأمّ السدس إن كان واحدا ذكرا كان أو أنثى و الثلث إن كان أكثر الذكر و الأنثى فيه سواء و للمتقرّب بالأبوين الباقي واحدا كان أو أكثر ذكرا كان أو أنثى و للذكر ضعف الأنثى و سقط المتقرب بالأب [- ج -] العمومة من قبل الأب و العمّات من قبله يقومون مقام المتقرّب بالأبوين عند عدمهم و القسمة بينهم للذكر ضعف الأنثى فلو خلّف عمومة من قبل الأب و عمومة من قبل الأمّ فللمتقرّب بالأمّ الثلث الذكر و الأنثى فيه سواء و للعمومة من الأب الباقي للذكر ضعف الأنثى و لو كان المتقرّب بالأمّ و المتقرّب بالأب كذلك فللمتقرب بالأمّ السّدس ذكرا كان أو أنثى و للمتقرّب بالأب الباقي ذكرا كان أو أنثى [- د -] لو اجتمع أحد الزوجين مع العمومة المتفرّقين فله نصيبه الأعلى و للمتقرّب بالأمّ السدس إن كان واحدا و الثلث إن كان أكثر الذكر و الأنثى فيه سواء و الباقي للمتقرّب بالأبوين واحدا كان أو أكثر فللذكر ضعف الأنثى سقط المتقرب بالأب و لو عدم المتقرب بالأبوين قام المتقرّب بالأب مقامه على هيئة في النقص و القسمة [- ه -] العمومة يمنعون من يتقرب بهم من أولادهم فلا يرث ابن عمّ و إن زادت وصلته مع عمّ و إن قصرت وصلته إلاّ في الأسئلة إجماعيّة و هي ابن عمّ لأب فإن المال لابن العمّ للأبوين و سقط العم للأب خاصة و كذا لو خلّف ابن عمّ للأبوين مع عمّ للأب فالمال للعمة دون ابن العمّ و لو خلف ابن عم للأبوين مع عم للأب و معهما خال فالثلث للخال و للعمّ الثلثان و سقط ابن العم خاصّة و قال بعض المتأخّرين المال للخال لسقوط العمّ بابن العم و سقوط ابن العم بالخال و الوجه الأوّل لتغيير الصورة و لو خلّف بني عمّ للأبوين مع عم أعمام للأب فالوجه اختصاص بني العمّ دون الأعمام [- و -] للخال المنفرد المال و كذا الخالين و الأخوال و الخالة و الخالتين و الخالات و لو اجتمع الذكور و الإناث تساووا إن كانوا من جهة واحدة و إن تفرّقوا فللمتقرب بالأمّ السدس إن كان واحدا ذكرا كان أو أنثى و الثلث إن كان أكثر الذكر و الأنثى فيه سواء و الباقي للمتقرّب بالأبوين ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو أكثر للذكر مثل الأنثى و لو فقد الخئولة من الأبوين قام المتقرّب بالأب مقامهم و لهم نصيبهم كهيئتهم [- ز -] لو اجتمع أحد الزّوجين مع الخئولة المتفرّقين فله نصيبه الأعلى و للمتقرب بالأم سدس الثلث إن كان واحد و ثلث الثلث إن كان أكثر و الباقي للمتقرّب بالأبوين بالسّوية و إن اختلفوا فلو خلّفت زوجها و خالا من قبل الأمّ و خالا من الأبوين فللزّوج النّصف و للخال للأمّ سدس الثلث و قيل سدس الباقي و المتخلّف للخال من الأبوين و لو فقد المتقرّب بالأبوين قام المتقرب بالأب مقامهم [- ح -] لو اجتمع الأعمام و الأخوال فللأخوال الثلث واحدا كان أو أكثر ذكورا كان أو إناثا أو هما معا بالسّوية إذا كانوا من جهة واحدة و الباقي للأعمام واحدا كان أو أكثر ذكورا كانوا أو إناثا أو ذكورا و إناثا للذكر مثل حظّ الأنثيين [- ط -] لو اجتمع الأعمام المتفرّقون

ص: 166

و الأخوال المتفرّقون فللمتقرّب بالأمّ من الأخوال سدس الثلث إن كان واحدا و ثلث الثلث إن كانوا أكثر بالسّوية ذكورا كانوا أو إناثا أو ذكورا و إناثا و للمتقرّب بالأبوين من الأخوال الباقي واحدا كان أو أكثر ذكورا كانوا أو إناثا أو ذكورا و إناثا و سقط المتقرّب بالأب و للمتقرّب بالأبوين من الأعمام المتخلّف من الباقي للذكر ضعف الأنثى و سقط المتقرب بالأب و للمتقرّب بالأم من الأعمام سدس الثلثين إن كان واحدا و ثلثه إن كان أكثر بالسّوية ذكورا كانوا أو إناثا أو ذكورا و إناثا و للمتقرّب بالأبوين من الأعمام المتخلّف من الثلثين للذكر ضعف الأنثى و سقط المتقرّب بالأب من الأعمام و لو عدم المتقرّب من الأبوين من الأعمام و الأخوال قام المتقرّب بالأب مقامه [- ى -] كلّ واحد من الأعمام الذكور و الإناث سواء تقرّبوا بسبب واحد أو بسببين يمنعون أولادهم و إن تقرّبوا بالسببين إلاّ المسألة الإجماعية و هي ابن العم للأبوين يمنع العمّ للأب خاصّة و كلّ واحد من الأخوال الذكور و الإناث سواء تقرّبوا بسبب واحد أو بسببين يمنعون أولادهم و إن تقربوا بالسّببين مطلقا من غير استثناء و كذا كل واحد من الأعمام الذكور و الإناث و إن تقرّبوا بسبب واحد يمنعون أولاد الأخوال و إن تقرّبوا بسببين و كلّ واحد من الخئولة و إن تقرّب بسبب واحد يمنع أولاد العمومة و إن تقربوا بالسّببين فلو خلّف عمّا لأب أو لأمّ أو لهما أو عمة كذلك مع ابن خال للأبوين أو بنت خالة كذلك فالمال للعمّ خاصّة و كذا لو خلّف خالا لأب أو لأمّ أو لهما مع ابن عم للأبوين فالمال للخال خاصّة و كذا لا يرث مع أولاد العمومة و العمّات و أولاد الخئولة و الخالات أحد من أولاد أولادهم و إن تقربوا بسببين من غير استثناء أيضا فابن العمّ للأب يمنع ابن ابن العمّ للأبوين و كذا كلّ بطن أقرب يمنع الأبعد و كذا يسقط ابن ابن العمّ للأبوين مع عمّ للأب [- يا -] لو اجتمع أحد الزّوجين مع العمومة و العمات و للخئولة و الخالات ثلث الأصل بينهم بالسّوية إن كانوا من جهة واحدة و الباقي للأعمام و العمّات و لو تفرقت الخئولة و العمومة أخذ أحد الزوجين نصيبه الأعلى و الأخوال الثلث سدسه لمن يتقرّب بالأمّ منهم إن كان واحدا و الثلث إن كان أكثر و الباقي من الثلث للأخوال من قبل الأبوين و سقط المتقرّب بالأب و الباقي بعد نصيب الأخوال و أحد الزّوجين للأعمام سدسه للمتقرّب بالأمّ إن كان واحدا و الثلث إن كان أكثر الذكر و الأنثى فيه سواء و الباقي للمتقرّب بالأبوين إن كان واحدا أو أكثر للذكر ضعف الأنثى و سقط المتقرّب بالأب و لو عدم المتقرّب بالأبوين من الأعمام و الأخوال قام مقامهم المتقرب بالأب بينهم على حسابهم [- يب -] العمومة و العمّات و الخئولة و الخالات و أولادهم و إن نزلوا يمنعون عمومة الأب و عماته و خئولته و خالاته و عمومة الأمّ و عماتها و خئولتها و خالاتها فإن عدم عمومة الميّت و عماته و خئولته و خالاته و أولادهم و إن نزلوا قام مقامهم عمومة الأب و عماته و خئولته و خالاته و عمومة الأمّ و عماتها و خئولتها و خالاتها و أولادهم و إن نزلوا كلّ بطن و إن نزلت أولى من العليا فأولاد العمومة الأب و عمّاته و أولاد خئولته و خالاته و أولاد عمومة الأمّ و عمّاتها و أولاد خئولتها و خالاتها و إن نزلوا أولى من عمومة الجدّ و عمّات و خئولته و خالاته و عمومة الجدّة و عماتها و خئولتها و خالاتها و عمومة الأجداد و خئولتهم أولى من أولادهم و إن نزلوا أولى من عمومة جدّ الجدّ و خئولته و هكذا [- يج -] لو فقد العمومة و أولادهم و الخئولة و أولادهم و خلّف عمّ الأب و عمّته و خاله و خالته و عمّ الأمّ و عمتها و خالتها فالثلث لعمومة الأمّ و خئولتها بالسّوية أرباعا قاله الشيخ و الثلثان لعمومة الأب و خئولته ثلث الثلثين لخال الأب و خالته بالسّوية و ثلثاه لعمّه و عمّته للذكر ضعف الأنثى و يقسم من مائة و ثمانية و لو كان في الفريضة زوج أو زوجة أخذ نصيبه الأعلى و الثلث للمتقرّب بالأم من الأعمام و الأخوال بالسّوية بينهم و الباقي للمتقرّب بالأب من الأعمام و الأخوال ثلثه للخال و الخالة بالسّوية و ثلثاه للعمّ و العمّة للذكر ضعف الأنثى [- يد -] أولاد العمومة و العمات و الخئولة و الخالات يأخذون نصيب من يتقربون به فلبني العمّ نصيب أبيهم و كذا لبني العمة و لبني الخال نصيب أبيهم و كذا لبني الخالة فلو خلّف أولاد العمومة المتفرّقين فلأولاد الخئولة الثلث سدسه لأولاد الخال و الخالة بالسّوية و لو كانوا أولاد خالين فالثلث لكلّ منهم نصيب أبيه و كذا لو كانوا لأكثر و الباقي من الثلث لأولاد الخئولة من الأبوين و سقط أولاد الخئولة من الأب و لو عدم أولاد الخئولة من الأبوين قام مقامهم أولاد الخئولة من الأب و لأولاد العمومة الثلثان سدسه لأولاد العمة من قبل الأم بالسّوية و لو كانوا أولاد عمّين فما زاد فلهم الثلث لكلّ منهم نصيب من يتقرّب به و الباقي لأولاد العمومة من الأبوين و سقط أولاد العمومة من الأب و لو عدم المتقرّب بالأبوين قام المتقرّب بالأب مقامهم كهيئتهم و لو كان هناك زوج أو زوجة أخذ نصيبه الأعلى و أخذ أولاد الخئولة الثلث موفّرا و كان النقص داخلا على أولاد العمومة كآبائهم [- يه -] لو اجتمع للوارث سببان ورث بهما إن لم يكن أحدهما مانعا للآخر كابن عم لأب هو ابن خال لأمّ أو ابن عم هو زوج أو بنت عمة هي زوجة أو عمّ لأب هو خال لأمّ و لو منع أحدهما الآخر ورث من جهة المانع كابن عم هو أخ فإنّه يرث من جهة الإخوة خاصة

المقصد الثالث في الميراث بالسبب
اشارة

و فيه مطالب

الأوّل السبب قسمان زوجية و ولاء

فالزوجية يثبت بها الإرث مع جميع مراتب الوارث من الأنساب و إن قربوا و من الأسباب لا يمنع الزوجين مانع من الإرث سوى الكفر و القتل و الرقّ و إنما الولاء فلا يثبت به الإرث إلاّ مع فقد كل الأنساب الوارث قربوا أو بعدوا فلو خلّف ابن ابن عمّ و إن نزل كان أولى بالميراث من المعتق و غيره من أسباب الولاء ثمّ الولاء ثلاثة أوّلها ولاء العتق و يرث مع فقد كلّ الأنساب

ص: 167

الثاني ولاء تضمّن الجريرة و يرث مع فقد كلّ الأنساب و المعتق و لا يرث مع وجود المعتق الثالث ولاء الإمامة و يرث مع فقد كلّ الأنساب و مع فقد المعتق و فقد ضامن الجريرة و لا يرث مع وجود أحد من الأنساب و لا مع وجود المعتق و لا مع ضامن الجريرة و هل يرث مع الزوجين فيه خلاف

المطلب الثّاني في ميراث الأزواج

و فيه [- ح -] مباحث [- أ -] للزوج الربع مع الولد ذكرا كان أو أنثى فلو خلّف زوجها و ابنتها فللزوج الربع و للبنت النصف و الباقي ردّ على البنت خاصّة و لو كان معهما أحد الأبوين فله السّدس و للزوج الرّبع و للبنت النصف و الباقي يردّ على البنت و أحد الأبوين أرباعا و لا شيء للزوج من الردّ و كذا البحث لو كان بدل الولد ولد الولد و إن نزل و لو لم يكن هناك ولد و لا ولد ولد و إن نزل فللزّوج النصف و الباقي لغيرهم من الوارث على ما تقدّم تفصيله [- ب -] للزوجة مع الولد الثمن ذكرا كان أو أنثى و كذا ولد الولد و إن نزل و لا يردّ عليها الفاضل لو كان المشارك بنتا بل على البنت خاصّة أو على البنت و أحد الأبوين أو هما كما قلنا في الزوج و لو لم يكن هناك ولد و لا ولد ولد و إن نزل كان للزّوج الربع و الباقي لغيرهما من الوارث و لا يردّ على الزوجة مع وجود الوارث و إن بعد [- ج -] لو خلّفت المرأة زوجها و ضامن جريرة لا سواهما فللزّوج النصف و لضامن الجريرة الباقي و لو خلّف الرّجل زوجته و ضامن جريرة لا غيرهما فللزوجة الربع و الباقي لضامن الجريرة أمّا لو فقد جميع الأنساب و الأسباب و لم يخلّف الميّت أحدا سوى أحد الزّوجين فللزوج النصف و الباقي ردّ عليه أمّا لو كانت زوجة ففيها أقوال أحدها أنّه يردّ عليها الفاضل عن الرّبع مطلقا و الثاني لا يرد مطلقا بل يكون الباقي بعد الربع للإمام و الثالث أنّه يردّ عليها حال غيبة الإمام لا وقت ظهوره و هو الأقوى عندي [- د -] سهم الزوجة و هو الثمن مع الولد أو ولد الولد و إن نزل و الربع مع عدمهم ثابت للواحدة و لما زاد عليها فلو خلّف أربع زوجات و ولدا فللزوجات الأربع الثمن بينهن بالسّوية و الباقي للولد و لو خلف الأربع و أحد الأبوين خاصّة فللأربع الربع بينهن بالسّوية و الباقي لأحد الأبوين و كذا لو انضم إليهنّ غير من ذكرناه في التقديرين من الأولاد و القرابات [- ه -] الزوجة إنّما ترث ما دامت في حبالته سواء دخل بها أو لم يدخل و كذا الزّوج و لو طلقته رجعيّا توارثا في العدة و إن مات أحدهما بعد العدة فلا ميراث للآخر منه و لو طلّقت بائنا كالمختلعة و المبارئة مع عدم الرجوع في البذل في العدّة و كاليائسة و الصّبية و غير المدخول بها فلا توارث بينهما لا ترث المرأة الرّجل و لا الرّجل المرأة سواء وقع الموت في العدّة أو بعدها هذا في حقّ الصحيح أمّا المريض فإن تزوّج في حال مرض الموت لم ترثه الزّوجة إلاّ أن يدخل بها و لو مات قبل الدخول فلا مهر لها و لا ميراث و لو طلق المريض رجعيّا توارثا في العدّة و لو خرجت العدة ورثته هي ما بينها و بين سنة من حين الطلاق بشرط أن لا تزوّج بغيره و لا أبرأ من مرضه مدّة السنة سواء تزوّج بها في الصحّة مطلقا أو المرض مع الدخول و لو طلق بائنا لم يرث هو لو ماتت في العدة و بعدها و ترثه هي إلى سنة بالشرطين [- و -] لو طلّق الرجل إحدى الأربع و تزوّج أخرى ثمّ اشتبهت المطلقة بغيرها من الثلث الأول فللأخيرة ربع نصيب الزوجات من الربع مع عدم الولد و الثمن معه و المتخلّف من النصيب يقسّم بين المطلقة و الثلث التي وقع الاشتباه فيها بالسّوية [- ز -] الزّوجة إن كان لها من الميّت ولد ذكرا كان أو أنثى ورثت الثمن من جميع ما ترك الرجل و لو لم يكن لها ولد منها لم ترث من الأرض شيئا و يعطى حصتها من الأموال و الأقمشة و الأثاث و يقوم الآلات كالأخشاب و القصب و الآجر و اللبن من الأبنية و يعطى حصتها من قيمته ذلك و قيل إنّما يمنع من الدّور و المساكن لا غير و قال المرتضى رحمه اللّٰه يقوم رقبة الأرض أيضا و يعطى حصّتها من قيمتها كالأبنية و المشهور هو الأوّل و في رواية أنّها لا ترث من السلاح و الدّواب شيئا و الأقرب الأوّل و لا فرق بين أن يكون لها ولد منه قد مات أو لم تلد منه [- ح -] لو زوّج الصغيرين أبواهما أو جدهما لأبويهما توارثا و لو زوّجهما غيرهما وقف العقد على رضاهما بعد البلوغ فإن بلغا و رضيا لزم العقد و توارثا و إن مات أحدهما قبل البلوغ بطل العقد سواء بلغ الآخر قبل موته و أجاز أو بعد موته أو لم يبلغ و لو بلغ أحدهما رشيدا و أجاز ثمّ مات و بلغ الآخر بعد موته فإن لم يرض فلا ميراث له و بطل العقد فإن أجاز أحلف أنّه لم يرض للرغبة في الميراث فإن حلف أخذ نصيبه و إن نكل فلا ميراث له و هل يسقط غير الميراث من توابع الزوجة كالعدة و المهر فيه نظر

المطلب الثالث في الميراث بالولاء بالعتق

و فيه [- لو -] بحثا [- أ -] العتق قسمان واجب إمّا بأصل الشرع كمن ملك من ينعتق عليه من الأقارب و الرضاع و إمّا بفعل المكلّف كما في النذر و اليمين و العهد و الكفّارات و كمن مثل بعبده و ندب و هو ما تبرّع المكلّف بعتقه من غير سبب موجب للعتق فالأوّل لا يثبت به ميراث و الثاني قسمان أحدهما ما يبرأ المعتق من ضمان الجريرة فيه و هو كالأول في أنّه لا يثبت به ميراث و الثاني ما ليس كذلك و به يثبت الميراث للمنعم بشرط أن لا يخلّف العتيق وارثا مناسبا قريبا كان أو بعيدا إذا فرض أو غيره [- ب -] لو تبرّأ المتبرّع بالعتق من ضمان الجريرة لم يرث سواء أشهد بالبراءة أو لم يشهد و الوجه أن التبرّي إنّما يؤثر حال العتق فلو تبرّع بعتقه ثمّ بعد ذلك أسقط الضمان فالوجه أنّ الولاء لا يسقط أما لو شرط سقوط الضمان وقت

ص: 168

العتق فإنّ الولاء يسقط إجماعا [- ج -] المكاتب لا ولاء عليه لأنّه اشترى نفسه من مولاه أمّا المدبّر و الموصى بعتقه فالوجه أن ولاءهما للمدبّر و الموصي و أمّ الولد عندنا ينعتق من نصيب ولدها فلا ولاء لمولاها عليها لأنّه لم يباشر عتقها و لا للولد لأنّ النسب لا يجامع الولاء عندنا [- د -] لو تبرّع بالعتق عن ميّت أو عن حيّ من غير مسألة فولاؤه للمعتق لا المعتق عنه و لو أمره بالعتق عنه فعتق فالولاء للمعتق عنه لا المعتق أمّا لو أمره بالعتق عنه بعوض فعتق فالوجه أنّه كذلك و كذا لو قال أعتق عبدك عني على ثمنه و لو قال أعتق عبدك و الثمن عليّ فالولاء للمعتق و على الضامن الثمن [- ه -] لو مات العتيق و لم يخلف وارثا من الأنساب فإن بعد و خلّف زوجا أو زوجة كان لهما نصيبهما الأعلى و الباقي للمنعم بالعتق [- و -] لا يصحّ بيع الولاء و لا هبة و لا اشتراطه في بيع و يورث على ما يأتي تفصيله [- ز -] شرط الميراث بالولاء التبرّع بالعتق و عدم التبرّي من ضمان الجريرة و عدم المناسب للعتق و إن بعد فإذا اجتمعت الشروط و مات العتيق فميراثه للمنعم أو كان واحدا ذكرا كان أو أنثى و لو كان المنعم أكثر من واحد تشاركوا في الولاء بالحصص سواء كانوا رجالا أو نساء أو رجالا و نساء فإن عدم المنعم اختلف علماؤنا فقال ابن بابويه يكون الولاء للأولاد الذكور و الإناث لأن الولاء كالنّسب و به أفتى الشيخ في الخلاف إن كان المعتق رجلا و قال المفيد رحمه اللّٰه الولاء للأولاد الذكور دون الإناث سواء كان المنعم رجلا أو امرأة و قال في النهاية إن كان المعتق رجلا فالولاء لأولاده الذكور خاصّة و إن كان امرأة فالولاء لعصبتها و هو المشهور [- ح -] يرث الولاء الأبوان و الأولاد و لا يشركهما أحد من الأقارب فإن عدم الأولاد قام أولاد الأولاد مقامهم و يأخذ كلّ منهم نصيب من يتقرّب به كالميراث في غير الولاء و لو عدم الأبوان و الأولاد و إن نزلوا ورثه الإخوة و الأخوات من الأبوين أو من الأب و الأجداد و الجدات من قبله و قيل تمنع الإناث فإن عدم الإخوة و الأجداد ورثه الأعمام و العمّات و أولادهم الأقرب فالأقرب و لا يرث الولاء من يتقرب بالأمّ من الإخوة و الأخوات و الأجداد و الجدّات و الأخوال و الخالات و لو فقد المتقرّب بالأب ورث الولاء مولى المولى فإن عدم قرابته مولى المولى من قبل الأب دون الأم و إن فقدوا فالإمام [- ط -] العتيق لا يرث من المنعم فلو مات المعتق و لا وارث له فميراثه للإمام دون العتيق [- ى -] اختلف علماؤنا في أنّ النساء هل ترث من الولاء أمّا إذا قربن بالأمّ فلا و إن قربن بالأب فقولان و الإجماع على أنّهن يرثن من أعتقن أو أعتق من أعتقن أو جرّ الولاء إليهنّ من أعتقن فلو مات رجل و خلّف ابن معتقه و بنت معتقه فالميراث لابن المعتق خاصّة على أحد القولين و على الآخر للذكر ضعف الأنثى و لو لم يخلّف إلاّ بنت معتقه فالمال للإمام على الأوّل و لهما على الثاني و كذا لو خلّف أمّ معتقه أو جدة معتقه أو غيرهما و لو خلّف بنت معتقه و ابن عمّ معتقه فالمال لابن العم على الأوّل و للبنت على الثاني و لو أعتق الرّجل و ابنته عبدا ثمّ مات الرّجل عنها و عن ابن ثمّ مات العبد فللبنت النصف لأنّها مولاة نصفه و لها على أحد القولين ثلث النّصف الآخر و الباقي و هو ثلثا النصف للابن و على القول الآخر لا شيء لها في النصف الباقي بل جميعه للابن و لو ماتت البنت قبل العبد و خلّفت ابنا فلابنها النصف و لأختها النصف و على قول الآخر يرث أخوها الثلث و لو خلفت بنتا فالولاء بأجمعه لأخيها على أحد القولين و على الآخر يرث الأخ الثلث و لو مات الابن قبل العبد و خلّف بنتا ثمّ مات العبد فللبنت المعتقة النصف و الباقي للإمام على أحد القولين و على الآخر يكون للمعتقة الثلثان و الثلث لبنت الابن [- يا -] جرّ الولاء صحيح من مولى الأمّ إلى مولى الأب فلو أولد العبد من معتقه ابنا فولاء الولد لمعتق الأمّ فإن أعتق الأب بعد ذلك انجرّ الولاء من معتق الأمّ إلى معتق الأب فإن لم يكن مولى الأب فلعصبة مولى الأب فإن لم يكن عصبة فلمولى عصبة مولى الأب فإن فقد المولى و العصبات فلضامن الجريرة فإن فقد فالولاء للإمام و لا يرجع إلى مولى الأمّ [- يب -] لو كانت أولاد المعتقة مماليك فولاؤهم لمن أعتقهم و إن أعتقوا حملا مع أمهم و لا ينجر ولاهم و إنما ينجر مع عدم مباشرة العتق لهم و لو حملت بهم بعد العتق فولاؤهم لمولى أمّهم إن كان أبوهم رقّا و لو كان حرّا في الأصل لم يكن لمولى أمّهم ولاء لو كان أبوهم معتقا فولاؤهم لمولى الأب و لو كان أبوهم قد أعتق بعد ولائهم انجرّ ولاؤهم من مولى أمّهم إلى مولى الأب [- يج -] لو أولد المملوك من معتقه حرّا فولاء الولد لمولى الأمّ فإن مات الأب مملوكا و أعتق الجدّ قال الشيخ رحمه اللّٰه ينجر الولاء إلى معتق الجد لأنه قائم مقام الأب لو أعتق الجد و الأب مملوكين فكذلك لا ينجبر الولاء إلى معتقه فإن أعتق الأب بعد ذلك انجرّ الولاء من معتق الجدّ إلى معتق الأب لأنه أقرب [- يد -] لو اعتقت مملوكا فأعتق المملوك آخر فميراث الأول لمعتقه مع عدم المناسب و ميراث الثاني للأوّل مع عدم المناسب و وجود الأول فإن لم يكن الأوّل فميراث الثاني لمعتقه أيضا لأنّها مولاة مولاه فإن اشترت إياها فأعتق أبوها آخر و مات الأب ثمّ الآخر و لا وارث له فميراث الآخر للبنت النصف بالتسمية و الباقي بالردّ إن قلنا إنّ النساء يرثن الولاء و إلاّ كان الميراث لها بالولاء [- يه -] لو اشترت بنتا عبد من معتقه أبا لهما فميراثه لهما بالتسمية و الردّ فإن مات إحداهما فميراثها للأخرى بالتسمية و الردّ و لا ميراث لمعتق الأمّ لوجود المناسب فإن مات الأخرى و لا وارث فالأقرب عدم الانجرار إليهما بعتق الأب أو لا يجتمع استحقاق الولاء بالنسب و العتق و لو ماتت قبل الأب ورثهما بالنسب [- يو -] ولاء ابن العبد من المعتقة لمولى الأمّ فإن اشترى عبدا فأعتقه فولاؤه له فإن اشترى العتيق أب الابن فأعتقه انجرّ الولاء من مولى

ص: 169

الأم إلى مولى الأب و كان كلّ من الأبوين و العتيق الثاني مولى لصاحبه فإن مات الأب فميراثه لابنه فإن مات الابن و لا نسيب له فميراثه لمعتق الأب و إن مات المعتق و لا نسب له فولاؤه للابن و لو مات أو لا نسب لها قال الشيخ يرجع الولاء إلى مولى الأمّ و ليس بمعتمد [- ين -] لو اشترى أب واحد ولديه عبدا فأعتقاه ثمّ مات الأب ثمّ العبد فللمشتري ثلاثة أرباع تركته و للآخر الرّبع [- يح -] لو أنكر العتيق ولد العتيقة و تلاعنا فميراث الولد لمولى الأمّ مع عدم النسب من قبلها فإن اعترف به الأب بعد ذلك لم يرثه و لا المنعم عليه لانقطاع الميراث من الأب و من يتقرّب به و إن عاد النسب [- يط -] لو خلّف المعتق ثلاث بنين كان الولاء بينهم بالسّوية فإن مات أحدهم و خلّف اثنين ثمّ مات الثاني و خلّف ثلاثة ثم مات الثالث و خلّف أربعة فالولاء بينهم أثلاثا لكلّ قوم منهم نصيب أبيه ليس على عدد الرءوس [- ك -] لو أولدت الأمة عبدا لمولاها فأعتقهما معا فولاء الولد لمعتقه فإن أعتق الأب بعد ذلك لم ينجرّ الولاء إليه لأنّ المباشر للعتق أولى و لو تجدّد ولد آخر قبل العتق كان تابعا للأمّ في الحرّية و ولاؤه لمعتق أمّه فإن أعتق الأب بعد ذلك انجرّ ولاء الابن الثاني إلى معتق الأب دون الأوّل [- كا -] لو طلّق العبد الأمة طلقتين أو خالعها ثمّ أعتقت أو أتت بولد يمكن إلحاقه به و نفيه عنه بأن يأتي لستة أشهر فصاعدا إلى تسعة فولاء الولد لمولى الأمّ فإن أعتق الأب بعد ذلك لم ينجرّ الولاء إليه لجواز أن يكون موجودا حال العتق و أن يكون معدوما و الأصل بقاء الرقّ قاله الشيخ في الخلاف بناء على قاعدته من أنّ الحمل يتبع الأمّ في العتق [- كب -] لو جوّزنا عتق الكافر على ما ذهب إليه الشيخ في الخلاف كان الولاء له و لو كان العتيق مسلما و لو مات قبل إسلام المولى و لا وارث له فميراثه للإمام و لا يرثه الكافر و لو مات بعد إسلامه ورثه و لو أسلم المولى دونه فميراثه لمولاه إذا لم يكن له وارث مسلم و لو سبي المولى و استرق ثم أعتق فعليه الولاء لمعتقه و له الولاء على عتيقه و هل يثبت لمعتق السيّد ولاء على العتيق فيه احتمال ينشأ من أنّه مولى مولاه و من عدم الإنعام عليه فإن كان قد اشتراه مولاه فأعتقه فكلّ منهما مولى صاحبه و كذا إن أسره مولاه فأعتقه و لو أسره مولاه و أجنبيّ فأعتقاه فالولاء بينهما نصفين فإن مات بعد المعتق الأوّل فلشريكه نصف ماله لأنّه مولى نصف مولاه على أحد الاحتمالين و على الآخر لا شيء له لأنّه لم ينعم عليه و لو سبي المعتق فاشتراه رجل فأعتقه بطل ولاء الأوّل و انتقل الولاء إلى الثاني لبطلان ملك الأوّل بالسبي فالولاء التابع له أولى و لو أعتق المسلم كافرا صحّ على أحد الأقوال لنا و ولاؤه للمسلم فإن هرب إلى دار الحرب ثمّ أسره المسلمون قيل لا يصحّ استرقاقه لأنّ فيه إبطال ولاء المسلم و الأقرب جواز استرقاقه عملا بالمقتضي و هو الكفر فإذا أعتق احتمل أن يكون الولاء للثاني لأنّ الحكمين إذا تنافيا كان الثابت هو المتأخّر كالناسخ و أن يكون الأوّل لأنّ ولاءه ثبت و هو معصوم فلا يزول بالاستيلاء كالملك [- كج -] إنّما ينجرّ الولاء إلى مولى الأب بشروط ثلاثة عبوديّة الأب حين الولادة فلو كان حرّا في الأصل فلا ولاء على ولده و إن كان مولى ثبت الولاء على ولده لمواليه ابتداء و لا ينجرّ و كون الأمّ مولاه فلو كانت حرّة في الأصل فأولادها كذلك و إن كانت أمة فولدها رقيق لسيّدها فإن أعتقه فولاؤه له و لا ينجرّ عنه و إن أعتقها المولى فأتت بولد لدون ستة أشهر فقد مسه الرق و عتق بالمباشرة إن قلنا إنّ الحمل تابع و إلاّ بقي على الرقية و إن أتت به لأكثر من ستّة أشهر مع بقاء الزّوجية لم يحكم بمسّ الرّق و انجرّ الولاء لاحتمال حدوثه بعد العتق فلم يمسّه الرّق و لم يحكم برقيته بالشكّ و إن كانت بائنا و أنت به لأكثر من مدّة الحمل من حين القرعة لم يلحق بالأب و ولاؤه لمولى أمّه و إن أتت به لأقلّ من ذلك لحقه الولد و انجرّ ولاؤه الثالث أن يعتق العبد فلو مات رقا لم ينجرّ الولاء إجماعا فإن اختلف سيد العبد و مولى الأمة في حرّية الأب بعد موته فالقول قول مولى الأم لأنّ الأصل بقاء الرقّ و عدم الانجرار [- كد -] إذا كان أحد الزوجين الحرين حرّ الأصل فلا ولاء على ولدهما سواء كان الأب الحرّ أعجميا أو عربيّا و سواء كان مسلما أو ذميا أو مجهول النسب أو معلومه و لو تزوّج عبدا بمعتقه فأولدها ولدا فتزوّج الولد بمعتقه فأولدها ولدا فولاء الولد الثاني لمولى أمّ أبيه لأنّ له الولاء على أبيه فكان له عليه كما لو كان مولى جدّه و لأنّ ثبوت الولاء على الأب يمنع من ثبوته لمولى الأمّ و يحتمل أن يكون الولاء لمولى أمّه لأن الولاء الثابت على أبيه من جهة أمّه و مثل ذلك الولاء ثابت في حقّه [- كه -] لو خلّف بنت مولاه و مولى أبيه فإن قلنا إنّ النساء يرثن الولاء فميراثه لبنت مولاه و إن منعناهنّ فميراثه للإمام لأنّه إذا ثبت عليه ولاء من جهة مباشرة العتق لم يثبت عليه بإعتاق أبيه و لو كان له معتق أب و معتق جدّ و لم يكن هو معتقا فميراثه لمعتق أبيه إن كان ابن معتقه ثمّ لعصبة معتق أبيه ثم لمعتق معتق أبيه فإن لم يكن له أحد منهم فللإمام و لا يرجع إلى معتق جدّه و إن كان ابن حرة الأصل فلا ولاء عليه و ليس لمعتق أبيه شيء [- كو -] لو أسلم رجل على يدي رجل لم يرثه بذلك و اللقيط حرّ لا ولاء لأحد عليه و لا لملتقطه

المطلب الرابع في باقي أقسام الولاء

و فيه [- ه -] مباحث [- أ -] إذا مات و لم يخلّف نسبا و إن بعد و لا مولى نعمة كان ميراثه لضامن جريرته و هو الذي يعاقد من أعتق في كفّارة أو نذر و غيرهما من الواجبات أو من تبرأ المتبرّع بعتقه من ضمان جريرته أو من كان حرّا في الأصل و لا قريب له بأن يضمن عنه جريرته و حدثه [- ب -] لا ميراث لضامن الجريرة مع القريب و إن بعد و لا مع ولي النعمة و يشارك الزوج و الزوجة فيأخذان نصيبهما

ص: 170

الأعلى و الباقي للضامن مع عدم النسب و المنعم [- ج -] لو لم يخلف مناسبا و لا منعما و لا ضامن جريرة كان ميراثه للإمام و هو القسم الثالث من أقسام الولاء و لا يرث إلاّ مع فقد الأنساب كلّهم و المعتق إذا كان الميّت مولى و ضامن الجريرة [- د -] إذا كان الإمام ظاهرا فميراث من لا وارث له للإمام يصنع به ما شاء و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يضعه في فقراء أهل بلده و ضعفاء جيرانه تبرّعا منه عليه السّلام بذلك دون أن يكون ذلك واجبا و إن كان غائبا حفظ له عليه السّلام إلى حين ظهوره فإن لم يتمكّن من إيصاله إليه قسّم في الفقراء و المساكين و لا يعطى سلطان الجور منه على حال إلاّ مع التغلب أو الخوف [- ه -] يختصّ بالإمام ما يغنمه السريّة بغير إذنه و ما يتركه المشركون فزعا و يفارقونه من غير حرب أما ما يؤخذ صلحا أو جزية فهو للمجاهدين و مع عدمهم لفقراء المسلمين و ما يؤخذ سرقة من أهل الحرب في زمن الهدنة يعاد عليهم و إن لم يكن هدنة فلأخذه و عليه الخمس فيه و من مات من أهل الحرب و لا وارث له فميراثه للإمام

المقصد الرّابع في موانع الإرث
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الكفر

و فيه [- يا -] بحثا [- أ -] موانع الإرث ثلاثة الكفر و القتل و الرقّ فالكافر لا يرث المسلم سواء كان ذميّا أو حربيّا أو مرتدا و سواء كان المسلم كافرا في الأصل أو لا و سواء قرب الكافر أو بعد و سواء خلّف المسلم وارثا غيره أو لا فلو مات مسلم و خلّف ولدا كافرا أو قريبا مسلما و إن بعدت قرابته كان ميراثه للبعيد المسلم و إن كان يقربه بالكافر و لو لم يخلّف قريبا و خلّف مولى نعمة فميراثه لمولى النعمة فإن لم يكن فلضامن الجريرة فإن فقد فللإمام و لا يرثه الولد الكافر و يرث المسلم الكافر أصليا كان أو مرتدا إجماعا منّا [- ب -] لو مات الكافر الأصليّ و له ورثة كفّار و لا مسلم فيهم فميراثه لهم و لو كان له وارث مسلم و إن بعد كمولى النعمة أو ضامن الجريرة فميراثه للضامن المسلم دون ورثته الكفّار و لو كان الكافر مرتدا و له وارث مسلم و إن بعد كضامن الجريرة فميراثه للضامن و لا يرثه القريب الكافر و لو لم يكن له وارث مسلم ورثه الإمام و لا شيء للكافر و في رواية شاذّة يرثه وارثه الكافر كالأصلي [- ج -] الكفار يتوارثون مع عدم الوارث المسلم سواء اتّحد دينهم أو اختلف فيرث اليهودي مثله و من عدله كالنصرانيّ و المجوسيّ و عابد الوثن و الشمس و غيرهم و بالعكس و لا فرق بين أهل الذمّة و غيرهم في ذلك بل يرث الحربي الذمّي و بالعكس سواء اتّحدت الدار أو اختلفت [- د -] المرتدّ لا يرث المسلم و يرث الكافر و لو ارتد متوارثان فمات أحدهما لم يرثه الآخر بل ينتقل تركته إلى وارث المسلم فإن لم يكن له وارث مسلم فميراثه للإمام و الزنديق و هو الذي يظهر الإسلام و يستر بالكفر فهو المنافق كالمرتدّ [- ه -] المرتد إن كان عن فطرة لم يقبل توبته و يقسّم تركته من حين الارتداد تبين منه زوجته و تعتد عدّة الوفاة سواء قتل أو بقي و هل يتجدّد له ملك شيء كما لو استأجر فيه نظر و لو فرض دخوله انتقل إلى ورثته في ثاني الحال و إن كان عن غير فطرة استتيب فإن تاب و إلاّ قتل و أمواله باقية عليه إلى أن يقتل أو يموت و تعتد زوجته من حين الارتداد مع الدخول عدة الطلاق فإن رجع قبل خروج العدة فهو أملك بها و إن خرجت العدّة و لم يرجع بانت منه فإن مات في العدة ورثته لا بعدها و أمّا المرتدة فلا تقتل و إن كانت عن فطرة بل تحبس و تضرب أوقات الصلاة و أموالها باقية عليها لا يقسّم إلاّ بعد موتها و ينفسخ نكاحها من زوجها قبل الدخول و بعده يقف على انقضاء العدة [- و -] المسلمون يتوارثون و إن اختلفوا في المذاهب فالإمامي يرث السنّي و بالعكس أمّا الغلاة و الخوارج فلا يرثون مسلما [- ز -] لو أسلم الكافر على ميراث قبل قسمته شارك الورثة إن ساواهم في الدّرجة و اختص بالمال أجمع دونهم إن كان أولى منهم و لو أسلم بعد القسمة فلا شيء له و لو كان الوارث واحدا لا ميراث و لانتفاء القسمة هنا و لو لم يكن وارث سوى الإمام فأسلم فهو أولى من الإمام عليه السلام على رأي و يمنع من الميراث إن كان قد نقل المال إلى بيت المال على رأي و مطلقا على رأي و لو أسلم و قد قسّم بعضه شارك فيما لم يقسّم و في مشاركته فيما قسم نظر و كذا لو أسلم بعد نقل بعض التركة إلى بيت المال على ما اختاره بعض علمائنا و لو كان الوارث زوجا أو زوجة فأسلم الكافر أخذ ما فضل عن نصيب الزوجيّة على إشكال إذ هو وارث واحد و يحتمل المشاركة مع الزوجة دون الزّوج و بالجملة الإشكال ينشأ من الردّ على الزوجين و عدمه [- ح -] المرتدّ ترثه ورثته المسلمون و لا يصير ماله فيئا للمسلمين و لو ارتد الزوجان معا لم يتوارثا ثمّ إن كان بعد الدّخول عن غير فطرة من الرّجل وقف الفسخ على انقضاء عدّة الطلاق فإن خرجت و لم يرجعا انفسخ النكاح و إن رجعا فيها فهو له أملك و لو رجع أحدهما انتظر الآخر فإن خرجت العدّة قبل عوده فلا نكاح و لو كان قبل الدخول أو ارتداد الرّجل عن فطرة انفسخ النكاح في الحال [- ط -] لو مات الكافر و لا وارث له فميراثه للإمام [- ى -] يحكم بإسلام الطفل إن كان أحد أبويه مسلما في الأصل و كذا لو تجدّد إسلامه قبل بلوغ الطفل و لو تجدد إسلام الأب بعد بلوغ الطفل لم يتبعه في الإسلام و إنما يتبعه لو أسلم أحد الأبوين حال صغر فإن بلغ الولد حينئذ فامتنع عن الإسلام قهر عليه فإن أصرّ كان مرتدّا و لو مات الأب كافرا فأسلم الجدّ تبعه الولد أيضا في الإسلام و كان حكمه حكم الأب سواء فإن أسلم الجد و الأب كافر حيّ فهل يتبع الولد الجدّ في الإسلام قوّاه الشيخ رحمه اللّٰه فعلى هذا لو مات المسلم و الكافر و خلف أبا و ابنا صغيرا كافرين فأسلم الأب قبل القسمة شاركهم هو و الابن [- يا -] إذا مات الكافر و خلّف أولادا صغارا و ابن أخ و ابن أخت مسلمين فإن كانت أمّ الأولاد مسلمة يتبعها الأولاد في الإسلام و كان ميراثه لأولاده خاصّة فإذا بلغوا و اختاروا الكفر قهروا على الإسلام

ص: 171

فإن امتنعوا كانوا مرتدّين و كان ميراثهم من أبيهم لورثتهم حال ارتدادهم و إن كانت الأمّ كافرة كان الميراث لابن الأخ و ابن الأخت المسلمين أثلاثا قال الشيخ رحمه اللّٰه و ينفق ابن الأخ ثلثي النفقة على الأولاد و ابن الأخت الثلث فإن بلغ الأولاد و أسلموا فهم أحقّ بالتركة و إن اختاروا الكفر استقر ملك ابن الأخ و ابن الأخت على التركة و منع الأولاد و صار في ذلك إلى رواية مالك بن أعين الصحيحة عن الباقر عليه السّلام و منع ابن إدريس ذلك و جعل الميراث لابن الأخ و ابن الأخت المسلمين فإنّ أولاد الكفّار كآبائهم و لا نفقة و لو بلغ الأطفال و أسلموا لم يدفع التركة إليهم مع القسمة و هو الوجه

الفصل الثّاني في باقي الموانع

و فيه [- كو -] بحثا [- أ -] القاتل لا يرث المقتول إذا كان عمدا ظلما سواء كان القاتل أبا أو غيره فيرثه غير القاتل و إن بعد من ذوي الأسباب أو الأنساب و لو لم يوجد سوى القاتل كان الميراث لبيت المال و لو كان القتل غير ظلم كالقتل قصاصا أو حدّا أو دفعا عن نفسه أو جهادا للباقي أو الكافر لم يمنع القاتل من الميراث [- ب -] اختلف علماؤنا في القاتل خطأ فقال بعضهم لا يرث كالعمد و الرواية مقطوعة السّند و قال آخرون يرث مطلقا و هو الأشهر و جمع المفيد رحمه اللّٰه بين الأخبار فقال يرث من التركة و لا يرث من الدّية و هو حسن الوجه إلحاق شبيه الخطاء بالخطاء و كذا من أمره العاقل ببطّ جراحة أو قطع سلعة فتلف أو قصد مصلحة مولاه بماله فعله من سقى دواء أو بطّ جراح فمات و النائم و الساقط على إنسان من غير اختيار و سائق الدابة و قائدها و راكبها و الصبيّ و المجنون إذا قتل غيرهما [- ج -] لا فرق في العمد بين المباشرة و التسبيب و كذا في الخطاء فلو شهد مع جماعة ظلما عمدا على مورثه فقتل لم يرثه و إن كان خطأ ورثه من التركة و لو شهد بحقّ فقتل ورثه لأنّه سائغ و لو قتل أكبر الإخوة الثاني ثمّ الثالث الأصغر و لا وارث سواهما لم يسقط القصاص عن الأكبر لأنّ ميراث الثاني للثالث و الأصغر نصفين فلما قتل الثالث الأصغر لم يرثه و ورثه الأكبر فيرجع إليه نصف دم نفسه فإن أدى الثالث إليه نصف الدية كان له قتله و إلاّ فلا و أمّا الثالث فعليه القصاص للأكبر من الأصغر و يرثه و لو اقتصّ الأكبر أوّلا سقط القصاص عنه لأنّه ورثه و يحتمل أن لا يرثه لأنّه تعدّى باستيفاء حقّه أوّلا [- د -] لو قتل الولد أباه لم يرثه فإن كان للقاتل ولد و لا ولد للأب ورث الجدّ و لم يمنع من الميراث بجناية أبيه و لو كان للقاتل ولد كافر منع أيضا و كان الميراث لولد الولد و لو لم يكن هناك ولد ولد و لا غيره فالميراث للإمام فإن أسلم الكافر كان أولى به على ما تقدّم من الخلاف [- ه -] الزّوج و الزوجة يرثان من الدية سواء كان القتل عمدا أو خطأ و لا يرثان من القصاص شيئا و إنّما يرثان من الدّية في العمد إذا رضي الورثة و القاتل بأدائها و لو لم يحصل التراضي لم يكن للزوج و لا للزوجة المطالبة بشيء من الدية سواء عفي الورثة عن القصاص أو اقتصّوا أمّا لو وقع التراضي بالدية ثمّ عفوا عنها كان للزوج و الزوجة أخذ نصيبها منها [- و -] يرث الدّية كلّ مناسب و مسابب عدا من يتقرّب بالأمّ فإن فيهم خلافا و لو لم يكن للمقتول وارث سوى الإمام كان له المطالبة بالقود أو الدية مع رضى القاتل عمدا بها و ليس له العفو [- ز -] الدية في حكم مال الميّت يقضى منها ديونه و ينفذ منه وصاياه سواء كان القتل عمدا إذا وقع الرضا بالدية أو خطاء و لو وقع عمدا فاختار الديان الدّية و الورثة القصاص قدّم اختيار الورثة و لا يجب عليهم دفع الدية و لا شيئا منها [- ح -] الرق مانع من الإرث في الوارث و الموروث فلو مات العبد فميراثه لمولاه فإن العبد لا يملك سواء ملكه مولاه أو لا و سواء كان قنّا أو أم ولد أو مدبرا أو مكاتبا مشروطا أو مطلقا لم يؤدّ شيئا و سواء كان له وارث حرّ أو مكاتب بكتابته أو مدبّر بتدبيره أو لا و لو انعتق بعضه ورث مولاه نصيب الرقية و كان نصيب الحرّية لورثته و لو مات الحرّ و له وارث حرّ و آخر مملوك فميراثه للحرّ و إن بعد كضامن الجريرة و لا شيء للعبد و إن قرب كالولد و لو كان الحرّ يتقرب بالعبد لم يسر المنع إليه و ورث كما لو خلف ولدا مملوكا و للولد ولد حر فإنّ الحر يرث الجدّ دون المملوك [- ط -] لو أعتق المملوك على ميراث قبل قسمته شارك إن كان مساويا للورثة و اختص بالمال أجمع إن كان أولى و إن أعتق بعد القسمة لم يكن له شيء و كذا لو كان الوارث الحرّ واحدا لم يكن له شركة [- ى -] لو لم يخلّف الحرّ وارثا سوى المملوك فإن كان المملوك أحد أبوي الميّت أو ولده لصلبه اشترى من التركة من مولاه بالقيمة العدل و أعتق و أعطي باقي التركة و لو امتنع مولاه من البيع أجبر على ذلك و هل يفكّ غير الأبوين و ولد الصّلب من الأنساب كالأخ و العمّ و الجدّ و ولد الولد و غيرهم منع المفيد رحمه اللّٰه ذلك و هو اختيار السيّد و ابن إدريس و قال الشيخ يفكّ كلّ مناسب مع فقد الأبوين و الولد و به رواية ضعيفة قال الشيخ في النهاية و حكم الزّوج و الزوجة حكم الأقارب في وجوب الفكّ و به رواية جيدة بل تدل على حكم الزوجة و أنها تفكّ [- يا -] لو لم يفضل من التركة شيء عن القيمة وجب الفكّ و العتق أما لو قصرت فالأقوى عدم الوجوب بل ينتقل المال إلى الإمام و قال بعض علمائنا يفكّ بقدر التركة و يسعى المملوك في الباقي و ليس بجيّد و لو كان الوارث اثنين و قصرت التركة عنهما معا لم يجب شراء أحدهما و إن وفت به التركة أو فضل نصيبه عن قيمته على إشكال و كان الميراث للإمام و لو كان العبد قد انعتق بعضه ورث من نصيبه بقدر حرّيته و منع بقدر الرقية و أعطي باقي النصيب غيره فإن لم يوجد سواء احتمل صرف الباقي إليه يأخذه بجزئه الحرّ و شراء الباقي من نصيب الرقية و دفعه إلى الإمام [- يب -] أمّ الولد لا ترث و كذا

ص: 172

المدبّر من مدبّره و لو كان معتقا و كذا المكاتب المشروط و المطلق الذي لم يؤدّ شيئا [- يج -] اللعان سبب في قطع الميراث بين الزوجين و في سقوط نسب الأب من الولد فلو مات الابن لم يرثه الأب و لا من يتقرّب به خاصّة و بالعكس و ميراثه لأمّه و من يتقرّب بها من الإخوة و الأخوال و الأجداد و يرثه ولده و زوجه و زوجته فإن خلّف أمّه و أولادا فلأمّه السّدس و الباقي للأولاد للذكر ضعف الأنثى و لو لم يكن ولد فلأمّه الثلث و الباقي ردّ عليها و في رواية أنّ الزائد عن الثلث للإمام ع و هي شاذة و لو فقدت الأمّ و الأولاد فلإخوته و أخواته و أولادهم و أجداده من قبلها بالسّوية و يترتبون الأقرب فالأقرب فإن فقدوا فالأخوال و الخالات كذلك و أولادهم فإن فقدوا فللإمام إن لم يكن مولى و لا ضامن الجريرة و لا يرث الأب و لا من يتقرب بالأب و للزّوج و الزوجة نصيبهما مع كل درجة و يرث هو قرابة أمّه و قيل لا يرثهم إلاّ أن يعترف به الأب و ليس معتمد و لو اعترف به أبوه قبل إكمال اللعان توارثا و لو اعترف به بعد انقضاء اللعان لم يرثه الأب و لا من يتقرّب به و يرثه الولد و هل يرث الولد من يتقرّب بالأب قال أبو الصّلاح نعم و الأقرب المنع لانقطاع النسب باللعان و اختصاص الإقرار بالمقر [- يد -] لو خلّف ابن الملاعنة أخوين أحدهما الأب و أمّ و آخر لأمّ تساويا في الميراث و كذا لو كانا أختين أو بالتفريق أو ابن أخت لهما و ابن أخت لأمّ و لو خلّف أخا و أختا لأبويه مع الجدّين للأمّ تساووا لسقوط اعتبار نسب الأب و لو ماتت أمّه و لا وارث سواه فميراثها له و لو كان لها أبوان و أحدهما فلهما السّدسان و السدس للواحد و الباقي له إن كان ذكرا و إن كان أنثى فلها النصف و الباقي يردّ عليها و على الأبوين أو أحدهما و لو أنكر الحمل فلاعن فولدت توأمين توارثا بالسّوية [- يه -] ولد الزنا لا يرث أحدا من أبويه و لا من يتقرّب بهما لانقطاع نسبه منهما و لا يرثه أحدهما و لا من يتقرب بهما و ميراثه لولده و زوجه و زوجته فإن لم يكن له ولد و لا ولد ولد و إن نزل فللإمام و روي أنّ ثلث ماله لأمّه و الباقي للإمام و ليس بمعتمد [- يو -] من تبرأ عند السّلطان من جريرة ولده و ميراثه قال الشيخ رحمه اللّٰه يكون ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه و ليس بجيّد و الوجه أنّ أباه يرث دون العصبة [- ين -] لو مات و عليه دين مستوعب للتركة لم ينتقل إلى الوارث و كانت على حكم مال الميّت على إشكال أقربه الانتقال و صيرورة التركة بمنزلة الرّهن و يظهر الفائدة في النماء المتجدّد بعد الموت و لو لم يكن الدّين مستوعبا انتقل إلى الورثة ما فضل و كان مقابل الدّين باقيا على حكم مال الميّت [- يح -] اشتباه تاريخ الموت في غير الغرق و الهدم على أحد القولين أو حتف أنفهما مانع من الإرث و كذا التقارن مطلقا فلو مات أب و ابن حتف أنفهما و اشتبه تقدّم موت أحدهما أو علم تقارنهما في الموت لم يرث الأب من الابن و بالعكس بل يرث كلا منهما ورثته غير صاحبه [- يط -] المفقود أو الأسير الذي انقطع خبره لا يورث إلاّ أن يعلم موته أو ينقضي مدّة لا يمكن أن يعيش مثله إليها غالبا و يعتبر المدة من وقت ولادة المفقود لا من وقت غيبته و إذا قضى بموته ورثه أقاربه الموجودون وقت الحكم لا وقت الغيبة و أما ميراثه من الحاضرين فيجب التوقّف في نصيبه إذا مات له قريب و يقسّم باقي التركة فإن بان حيّا أخذه و إن علم أنّه مات بعد موت مورثه دفع نصيبه من ماله إلى ورثته و إن علم أنّه كان ميّتا حين موت مورثه ردّ الموقوف إلى ورثة الأوّل و إن مضت المدّة و لم يعلم خبره رد أيضا إلى ورثة الأوّل للشك في حياته حين موت مورثه فلا يورث مع الشك و كذا لو علمنا موته و لم يعلم هل مات قبل الموروث أو بعده و قال ابن بابويه رحمه اللّٰه يطلبه السّلطان أربع سنين في الأقطار فإن لم يعرف له خبرا قسّم تركته و اعتدت زوجته و هو مذهب علمائنا في فسخ النكاح و أمّا الميراث فالأقرب ما تقدّم و إن كان الاحتياط في البضع أشدّ من المال لكن عارضه تضرر المرأة بطول الغيبة و ميراث المفقود للأحياء من ورثته يوم قسم ماله لا من مات قبل ذلك و لو بيوم [- ك -] لو كان أحد ورثة الميّت مفقودا أعطى كلّ واحد من الحاضرين اليقين و توقّف الباقي حتّى يظهر أمر المفقود أو تمضي مدّة الانتظار فتعمل المسألة على أنه حي ثم على أنه ميت و يضرب إحداهما في الأخرى إن تباينتا أو في إن اتفقتا و يجتزي بإحداهما إن تماثلتا و بالأكثر إن تناسبتا و يعطى كلّ واحد أقلّ النصيبين فلو خلّف أمّا و بنتا حاضرين و أبا غائبا فرض موته فيكون للأمّ بالفرض و الردّ الربع و للبنت الباقي عنهما فأصل الفريضة أربعة و فرض حياته فيكون للبنت بالميراث و الردّ ثلاثة الأخماس و للأم خمس و للأب آخر يضرب خمسة في أربعة يصير عشرين فيأخذ البنت بأضرّ الأحوال اثني عشر سهما و الأمّ كذلك أربعة أسهم و توقف للأب أربعة و لهم أن يصطلحوا على ما زاد عن نصيب المفقود فللأم أن تأخذ خمسة من الستة عشر إن رضيت البنت و للبنت أن تأخذ خمسة عشر من الستة عشر إن رضيت الأمّ و لو كان الحاضر يرث حالة موت الغائب كما لو خلّف زوجة و أخا و ولدا غائبا لم يعط شيئا فيأخذ للزوجة الثمن و يوقف الباقي فإن استمرّ الاشتباه بعد المدّة أو عرف موته قبل موت الموروث سلم الباقي إلى الأخ و إلاّ فلا و لو خلّفت زوجا و أختين لأب و أخا له غائبا أعطى الزّوج النصف و الأختان الربع و لو كان الغائب حاجبا غير وارث كما لو خلف أبويه و أخويه غائبين ففي تعجيل الحجب نظر أقربه التعجيل فيأخذ الأمّ السدس و الأب الثلثين و يؤخر السّدس للأمّ لكن هنا و إن حكمنا بالحجب لكن

ص: 173

يحكم بموتها في حقّ الأب فلا يتعجّل السدس المحجوب عن الأمّ و حينئذ يحكم في الأخوين بالحياة بالنظر إلى طرف الأمّ و بالموت بالنظر إلى طرف الأب [- كا -] الحمل يرث بشرطين انفصاله حيّا و إن سقط بجناية جان و وجوده عند الموت فلو خلا من أحدهما كان كالمعدوم من أصله و لو جاء الأكثر من أقصى مدّة الحمل من حين الموت لم يرث و إن جاء لدون ستّة أشهر من حين الموت ورث و لو جاء لما بين المدّتين ورث أيضا لأنّ النسب يثبت و الميراث تابع إذا كانت خالية من مولى يطؤها أو زوج فإن كان لها لم يرث إلاّ أن يقرّ الورثة إن كان موجودا حال الموت و لا يشترط اتّصافه بالحياة وقت الموت فلو مات الموروث و هو علقة أو نطفة ورث و يعلم حياته وقت سقوطه بأمرين الاستهلال و الحركة البيّنة و لو اشتبهت الحركة لم يرث لجواز استنادها إلى اختلاج أو تقلّص عصب و عضلة أمّا لو قبض أصابعه و بسطها فهو دليل الحياة و لو خرج نصفه فصرّخ ثمّ مات و انفصل فالأقرب أنّه لا يرث و لو ولدت توأمين فاستهل أحدهما و اشتبه فإن كانا ذكرين أو أنثيين فلا بحث و إن كانا ذكرا و أنثى فالوجه القرعة [- كب -] يعزل للحمل نصيب ذكرين لأنّ الغالب عدم الزائد و كل من الذكورة و الأنوثة محتمل فقدّر أضرّ الأحوال فلو خلّف معه أبوين و زوجة فلكل من الأبوين السّدس و للزوجة الثمن فإن سقط ميتا أكمل لكلّ منهم نصيبه و لو خلف ابنا أعطي الثلث و لو كانت بنتا فالخمس و يتسلّط الحاضرون على ما سلّم إليهم و لو ادعت المرأة الحمل حكم بقوله و وقّف النصيب فإن ظهر كذبها سلّم إلى باقي الورثة [- كج -] الحميل هو الذي يجلب من بلاد الشرك و يسترقّ فإذا تعارف منهم اثنان أو جماعة بنسب يوجب الموارثة في شرع الإسلام قبل قولهم في ذلك من غير بيّنة [- كد -] اللقيط إن توالى إلى إنسان يضمن جريرته و حدثه كان ميراثه له مع عدم النسب و ضمان جريرته عليه و إن لم يتوال أحدا فميراثه للإمام و ليس لملتقطه شيء [- كه -] المشكوك فيه هو أن يطأ الرّجل امرأته أو جاريته ثمّ يطؤها غيره في تلك الحال و تضع قال الشيخ رحمه اللّٰه لا ينبغي له أن يلحقه به لحوقا صحيحا بل ينبغي أن ينفق عليه فإذا حضرته الوفاة عزل له شيئا من ماله و لو مات الولد لم يكن له شيئا من تركته و كانت لبيت المال إن لم يخلف وارثا و قال ابن إدريس إن الولد لاحق بالأب و يتوارثان و هو الحقّ و لو وطئ اثنان جارية مشتركة بينهما فأتت بولد أقرع بينهما فمن خرج اسمه لحق به الولد و توارثا و ضمن للباقين من الشركاء حصصهم فإن وطئها نفسان في طهر واحد بعد انتقالها من واحد منهما إلى الآخر كان الولد لاحقا بمن عنده الجارية [- كو -] الأسير الذي مع الكفّار يرث إجماعا

المقصد الخامس في اللواحق
اشارة

و فيه فصول

الأول في ميراث الخنثى و المشكل أمره

و فيه [- ز -] مباحث [- أ -] الخنثى من له فرج الرجال و النساء و قد وقع الإجماع على أنه يعتبر حاله بالمال فيورث من حيث يبول فإن بال من فرج الرجال فهو رجل و إن بال من فرج النساء فهو امرأة فإن بال منهما اعتبر بالسابق فمن أيّهما سبق منه البول ورث عليه فإن اتفقا اعتبر بالمتأخّر في الانقطاع فمن أيّهما انقطع منه البول أخيرا ورث عليه فإن اتفقا فهو المشكل و قد اختلف علماؤنا فيه فالذي اختاره المفيد و المرتضى رحمهما اللّٰه أنّه يعدّ أضلاعه فإن اتفق جنباه فهو أنثى و إن اختلفتا فهو ذكر و ارتضاه ابن إدريس و قال الشيخ رحمه اللّٰه في أكثر كتبه يعطى نصف سهم ذكر و نصف سهم امرأة و هو الأقوى عندي و للشيخ قول آخر و هو الرّجوع إلى القرعة [- ب -] الخنثى إن انفرد فله المال و إن شاركه من نوعه غيره فعلى ما اخترناه يكون التركة بينهم بالسّوية و إن كثروا على القولين الآخرين من عد الأضلاع و القرعة فكذلك إن تساووا في الذكورية أو الأنوثية و إلاّ فللذكر ضعف الأنثى [- ج -] اختلف الفقهاء القائلون بما اخترناه في كيفيّة توريثهم إذا اجتمعوا مع الذكور و الإناث أو مع أحدهما فقال بعضهم يجعل للأنثى سهمين و للخنثى ثلاثة و للذكر أربعة لأنا نجعل للأنثى أقلّ عدد له نصف و هو اثنان و للذكر ضعف ذلك أربعة و للخنثى نصفهما و هو حسن و قال آخرون يجعل مرة ذكرا و مرة أنثى و تقسم التركة على هذا مرّة و على هذا أخرى ثمّ يضرب إحداهما في الأخرى إن تباينتا و في وفقهما إن اتفقتا و يجتزي بإحداهما إن تماثلتا أو بأكثرهما إن تناسبتا و يضربهما في اثنين ثمّ يجمع ما لكلّ واحد منهما و هذه القسمة يوافق الأولى في بعض المواضع و تخالفها في البعض كما لو اجتمع الخنثى مع ذكر و أنثى فعل العمل الأوّل يصح من تسعة للخنثى الثلث ثلثه و على الثاني مسألة الذكوريّة من خمسة و الأنوثية من أربعة تضرب إحداهما في الأخرى يبلغ عشرين ثمّ يضرب اثنين في عشرين يبلغ أربعين للبنت سهم في خمسة و سهم في أربعة و ذلك تسعة و للذكر سهمان في خمسة و سهمان في أربعة و ذلك ثمانية عشر و للخنثى سهم في خمسة و سهمان في أربعة و ذلك ثلاثة عشر سهما و هي دون ثلث الأربعين و لو لم يكن في المسألة بنت فعلى الأوّل الفريضة من سبعة و على الثاني من اثني عشر للذكر سبعة و للخنثى خمسة و لو لم يكن في المسألة ذكر فعلى الأوّل الفريضة من خمسة و على الثاني من اثني عشر للخنثى سبعة و للأنثى خمسة [- د -] لو اجتمع مع الزوج أو الزوجة صحّت مسألة الخناثى ثم ضربت على الأول مخرج فرض أحد الزّوجين في نصيبه و يقسم المجتمع عليها فلو ترك ابنا و بنتا و خنثى و زوجة ضربت ثمانية في تسعة يبلغ اثنين و سبعين للزوجة تسعة و ذلك واحد في تسعة و للذكر ثمانية و عشرون حصلت من ضرب أربعة في سبعة و للخنثى أحد و عشرون من ثلاثة من ثلاثة في سبعة و للأنثى أربعة عشر حصلت من ضرب اثنين في سبعة و على الثاني ضربت مخرج نصيب أحد الزوجين في المسألة فلو وجد ابن و بنت و خنثى مع زوج ضربت أربعة في أربعين يصير مائة و ستّين فللزوج أربعون و للأنثى سبعة و عشرون و للذكر أربعة و خمسون و للخنثى تسعة و ثلاثون و لو اجتمع أبوان و خنثى فعلى تقدير الذكوريّة الفريضة من ستة و على تقدير الأنوثية

ص: 174

من خمسة تضرب إحداهما في الأخرى يصير ثلاثين للخنثى تسعة عشر و للأبوين أحد عشر و لو كان معها أحدهما ضربت أربعة في ستّة فلها نصف سهم الذّكر عشرة و نصف سهم الأنثى تسعة و للأب خمسة و لو كان مع الأبوين خنثيان فما زاد فللأبوين السدسان و الباقي للخنثيين و لو كان معهما أحد الأبوين ضربت خمسة في ستّة و اثنين في ثلاثين و للخناثي تسعة و أربعون و للأب أحد عشر و لو كان مع أحد الأبوين خنثى و أنثى فعلى الأوّل يصحّ نصيب الأمّ بضرب خمسة في ستة يصير ثلاثين (ثمانين في ثلاثين) لسقوط الردّ ثمّ تضرب خمسة سهام الخنثى و الأنثى في ستّين فللأب خمسة و خمسون و للأنثى ثمانية و تسعون و الباقي للخنثى و على الثاني يضرب خمسة على تقدير الأنوثية في ستة ثمّ اثنين في المجتمع لسقوط نصف ردّ الأب و لا يحصل في المجتمع الثلث فيضرب ثلاثة في ستين يبلغ مائة و ثمانين للأب بالفرض و نصف الردّ ثلاث و ثلاثون و للخنثى ستّة و ثمانون و للأنثى أحد و ستّون [- ه -] لو كان الإخوة أو الأعمام خناثى عمل فيهم كما ذكر في الأولاد فلو خلّف أخا ذكرا و أختا و ولد أب خنثى فعلى تقدير الذكوريّة الفريضة من خمسة و على تقدير الأنوثيّة الفريضة من أربعة فتضرب إحداهما في الأخرى ثم اثنين في المجتمع و يعمل كما تقدّم في الأولاد و لو كانت الإخوة من قبل الأمّ لم يحتج إلى حساب التساوي الذكور و الإناث و كذا الأخوال و أمّا كون الأنثى أبا أو جدّا ففيه بعد إذ الولادة تظهر أمره إلاّ أن ينظر إلى ما روي عن شريح في امرأة أولدت و ولدت قال الشيخ رحمه اللّٰه و لو كان الخنثى زوجا أو زوجة فله نصف ميراث الزّوج و نصف ميراث الزوجة [- و -] من فقد الفرجين كما نقل عن شخص وجد ليس له في قبله إلاّ لحمة ثابتة كالرّبوة ترشح البول منها رشحا و ليس له قبل و عن آخر ليس له إلاّ مخرج واحد بين المخرجين منه يتغوّط و منه يبول و عن آخر ليس له مخرج لا قبل و لا دبر و إنّما يتقيأ ما يأكله و يشربه فإنّه يرث بالقرعة بأن يكتب على سهم عبد اللّٰه و على سهم آخر أمة اللّٰه و تمزجها بالرقاع المبهمة و تسترها عن نظرك و تدعو اللّٰه تعالى فتقول اللّٰهمّ أنت اللّٰه لا إله إلاّ أنت عالم الغيب و الشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بيّن لنا أمر هذا المولود حتّى يورّث ما فرضت له في كتابك ثمّ تخرج سهما فتعمل على ما خرج [- ز -] من له رأسان و بدنان على حقو واحد يوقظ أحدهما بعد نومه فإن انتبها معا فهما واحد أو إن انتبه أحدهما خاصّة فهما اثنان يرث نصيب شخصين

الفصل الثاني في ميراث الغرقى و المهدوم عليهم

و فيه [- و -] مباحث [- أ -] إذا غرق اثنان فما زاد توارثوا بشروط أربعة أن يكون لهم أو لأحدهم مال فإن التوارث إنّما يكون في المال و أن يكونوا ممّن يتوارثون بأن يرث كلّ منهم من صاحبه فلو لم يكن بينهم موارثة أو كان أحدهم يرث صاحبه دون العكس لم يتوارثوا كأخوين غرقا و لهما أولاد أو لأحدهما خاصّة و أن يشتبه الحال في تقدّم موت بعضهم على بعض فلو علم السبق لأحدهما بعينه ورثه الآخر و لو علم الاقتران بطل هذا الحكم أيضا و ورث كلّ واحد منهم ورثته الأحياء دون صاحبه و أن يحصل الموت بسبب الغرق أو الهدم فلو ماتا حتف أنفهما فلا توارث و إن اشتبه المتقدّم بل يرث كلّ واحد منهم وارثه الحيّ و هل يثبت هذا الحكم مع حصول الموت بسبب غير الغرق و الهدم مما يحصل معه الاشتباه كالقتل و الإحراق فيه نظر أقربه السقوط لأنّ شرط التوريث حياة الوارث بعد مورّثه و هو غير معلوم فلا يثبت التوريث مع الشكّ في شرطه و لأن توريث كلّ واحد منهما خطاء قطعا لأنّ الحال لا يخلو من السبق و التقارن و توريث السابق و المقارن خطاء فإنّما صرنا إلى ذلك في الغرقى و المهدوم عليهم للإجماع المستند إلى النقل [- ب -] إذا حصلت الشرائط ورث بعضهم من بعض من بلاد ماله دون طارقه و هو ما ورثه من ميّت معه على الأصحّ و قال المفيد رحمه اللّٰه يرث مما ورث منه أيضا و ليس بمعتمد و إلاّ لزم التسلسل و التوريث لمن فرض حيّا بعد موته و لأنّه روي أنّه لو كان لأحدهما مال انتقل إلى من لا مال له [- ج -] اختلف علماؤنا في تقديم الأقلّ نصيبا في التوريث فأوجبه المفيد رحمه اللّٰه و هو جيّد على أصله و للشيخ رحمه اللّٰه قولان أحدهما الوجوب تعبّدا إذ الفائدة إنّما تظهر على قول المفيد و الآخر الاستحباب و هو الأقوى فلو غرق أب و ابن فرض موت الابن أوّلا فيأخذ الأب نصيبه من التركة و ينتقل عنه إلى ورثته الأحياء ثمّ يفرض موت الأب فيورث الابن نصيبه عنه و ينتقل عنه إلى ورثته الأحياء و لا يرث كلّ واحد مما ورث من الآخر و كذا البحث في الزوج و الزوجة [- د -] لو غرق اثنان يتوارثان و كلّ واحد منهما أولى من ورثة الآخر الأحياء انتقل مال كلّ واحد منهما إلى الآخر ثمّ من الآخر إلى ورثته فلو غرق أب و ابن و للأب إخوة و للابن إخوة من الأمّ انتقل مال الأب إلى الابن ثمّ من الابن إلى إخوة الابن و انتقل مال الابن إلى الأب ثمّ من الأب إلى إخوة الأب و لو كان لكلّ واحد منهما أو لأحدهما شريك في الميراث ورث هو و الشريك كما لو كان للأب أولاد أحياء و للابن أولاد أيضا ورث الأب من تركة الابن السدس و الباقي لأولاد الابن الأحياء و ورث الولد من تركة الأب نصيبه و كان الباقي لأولاد الوالد و ينتقل ما ورثه كلّ واحد منهما من صاحبه إلى ورثته الأحياء دون الميّت [- ه -] لو غرق إخوان من درجة واحدة لم يتقدّم أحدهما على الآخر لتساويهما في الاستحقاق و انتقل مال كلّ واحد منهما إلى الآخر ثمّ منه إلى ورثته و لو لم يكن لهما وارث انتقل مال كلّ واحد منهما إلى صاحبه و منه إلى الإمام و لو كان لأحدهما وارث انتقل مال

ص: 175

الآخر ثم منه إلى ورثته و ماله إلى الآخر ثمّ منه إلى الأم و لو كان لأحدهما مال و ليس للآخر شيء انتقل مال ذي المال إلى الآخر و منه إلى ورثته و لا شيء لورثته ذوي المال [- و -] لو غرق أزيد من اثنين و كانوا يتوارثون كان الحكم كما تقدّم في الاثنين بأن يفرض موت أحدهم أولا فيرثه الأموات الباقون و الأحياء فيأخذ الأحياء نصيبهم و أمّا نصيب الأموات فيقسّم على ورثتهم الأحياء دون الأموات فلو غرق إخوة ثلاثة لأب و لكلّ واحد منهم أخ لأمّ فرض موت أحدهم أوّلا فيقسم تركته على اثني عشر للأخ من الأمّ سهمان و لكلّ ميّت خمسة ينتقل منه إلى أخيه لأمّه و كذلك يفرض في الأخوين الباقيين فيكون لكلّ أخ من الأمّ سهمان من اثني عشر من تركة أخيه و خمسة من تركة كلّ واحد من الأخوين الباقيين فيكمل لكلّ أخ اثني عشر سهما و لو غرق الزوج و الزوجة و ابنهما و بنتاهما و خلف الرجل أخا و المرأة أبا و الابن زوجة و إحدى البنتين زوجا فيفرض موت الرّجل و أصل تركته اثنان و ثلاثون أربعة للزوجة ينتقل إلى أبيها و أربعة عشر للابن لا ينقسم على ورثته فيضرب وفق الأربعة مع نصيبه و هو اثنان في الفريضة يبلغ أربعة و ستين للزوجة ثمانية ينتقل إلى أبيها و للابن ثمانية و عشرون منها سبعة لزوجته و الباقي إلى جدّه و للبنت ذات الزوج أربعة عشر للزوج منها سبعة و الباقي للجدّ و للأخرى أربعة عشر لجدّها ثمّ يفرض موت الزوجة و أصل تركتها ثمانية و أربعون ثمانية لأبيها و اثنا عشر لزوجها و أربعة عشر لابنها و ليس لها ربع فيضرب اثنين في أصل الفريضة يصير ستّة و تسعين ستة عشر لأبيها و أربعة و عشرون لزوجها و ينتقل إلى أخيه و ثمانية و عشرون لابنها تأخذ زوجته منها سبعة و للجدّ الباقي و أربعة عشر للبنت ذات الزّوج ينتقل منها سبعة إلى زوجها و الباقي إلى جدّها و أربعة عشر للبنت الأخرى و ينتقل إلى جدّها ثمّ يفرض موت الابن فأصل تركته اثنا عشر ثلاثة لزوجته و أربعة لأمّه و ينتقل إلى أبيها و خمسة لأبيه و ينتقل إلى أخيه ثمّ يفرض موت البنت ذات الزوج فلزوجها ثلاثة من ستّة و لأمّها اثنان ينتقل إلى أبيها و سهم لأبيها ينتقل إلى أخيه ثمّ يفرض موت البنت الأخرى فلأمّها الثلث و ينتقل إلى أبيها و للأب الثلثان و ينتقل إلى أخيه

الفصل الثالث في ميراث المجوس

اختلف علماؤنا في توريث المجوس على أقوال ثلاثة فالمشهور توريثهم بالسبب الصّحيح و الفاسد و النّسب كذلك و قال المفيد رحمه اللّٰه يورثون بالأسباب الصحيحة دون الفاسدة و بالأنساب الصّحيحة و الفاسدة و هو اختيار الفضل بن شاذان من المتقدّمين و ابن إدريس من المتأخّرين و حكي عن يونس بن عبد الرّحمن أنّهم يورّثون بالأنساب الصّحيحة دون الفاسدة و الأسباب الصحيحة دون الفاسدة و نعني بالسبب الفاسد ما يحصل عن نكاح محرّم في شرعنا سائغ في اعتقادهم كما لو نكح أحدا و أخته فأولدها فالنسب و السبب فاسدان و قال المفيد رحمه اللّٰه لا بأس به و على قول الشيخ رحمه اللّٰه لو اجتمع الأمران لواحد ورث بهما كأمّ هي زوجة أو (بنت) ينتهي زوجته لها نصيب الزوجية و البنتيّة أو الأمومة فإن لم يكن سواها ردّ عليها الباقي بالنسب دون السبب و إلاّ أخذ المشارك نصيبه فلو كانت الأخت زوجة و لا ولد فلها الربع بالزوجية و النصف بالإخوة و الباقي ردّ عليها بالإخوة و لو كان أحد الأمرين يمنع الآخر ورث من جهة المانع كأخت هي بنت ورثت من جهة البنتيّة دون الإخوة و كذا بنت هي بنت بنت ترث من جهة البنت و كذا عمّة هي أخت من أب لها المال بالإخوة و كذا عمّة هي بنت عمّة لها نصيب العمة و كذا أخت هي أم ترث من جهة الأمومة و لو خلّف جدّة لأم هي أخت لأب ورثت نصيبها معا و كذا أخت لأمّ هي جدة لأب و لو تزوّج بنته فأولدها بنتا ثم مات فلها الثلثان و للزوجة الثمن و الباقي ردّ عليهما أمّا المسلم فلا يرث بالسبب الفاسد فلو تزوّج من يحرم عليه نكاحها لم يتوارثا سواء كان التحريم مجتمعا عليه كأمّ الرضاع أو مختلفا فيه كأمّ المزني بها أو بنت المزني بها و سواء كان الزوج معتقدا للتحليل أو التحريم و يرث بالنسب الصحيح و الفاسد مع الشبهة فإن الشبهة كالعقد الصحيح في التحاق النسب فلو وطئ مسلم بعض محارمه بشبهة أو اشتراها و لمّا يعلم فوطئها فولدت له و اتّفق لها مثل أنساب المجوس فالحكم فيه مثل ما تقدّم و غير المجوس من الكفار إذا تحاكموا إلينا ورّثناهم على كتاب اللّٰه تعالى و سنّة نبيّه صلّى اللّٰه عليه و آله بالأنساب و الأسباب الصحيحين دون الفاسدين

الفصل الرابع في حساب الفرائض

و فيه [- ج -] مباحث [- أ -] العددان إمّا متساويان أو مختلفان و المختلفان إما متداخلان و هما اللذان يكون أحدهما جزءا من الآخر و لا يزيد على نصفه كالخمسة و العشرة و الخمسة و العشرين و يسميان أيضا المتناسبين و أمّا متوافقان و هما اللذان لا يعدّ أحدهما الآخر بل يعدّهما معا عدد ثالث أكثر من واحد و هما المتشاركان و ذلك العدد الثالث هو مخرج الكسر المشترك فيه كالستة و العشرة فإنّ الاثنين يقسمها جميعا فهما متوافقان بالنصف و كالتسعة مع خمسة عشر فإنّ الثلاثة يقسمهما معا فهما متوافقان بالثلث و طريق معرفة ذلك أن تنقص ذلك الأقلّ من الأكثر فيبقى أكثر من الواحد فلو أسقطت التسعة من خمسة عشرة بقي ستة فإذا أسقطت الستة من التسعة بقي ثلاثة فإذا أسقطت الثلاثة من الستة مرتين فنيت و لو فضل بعد الإسقاط اثنان فالموافقة بالنصف كالعشرة و الاثني عشر و لو بقي أربعة فالموافقة بالرّبع و هكذا إلى العشرة و لو بقي أحد عشرة فالموافقة بالجزء منهما و أمّا متباينان و هما اللذان إذا أسقطت أقلّهما من الأكثر مرة أو مرارا بقي واحدا كثلاثة

ص: 176

عشر مع عشرين إذا أسقطت منها بقي سبعة فإذا أسقطت سبعة من ثلاثة عشر بقي ستّة فإذا أسقطت ستة من سبعة بقي واحد و كثلاثة عشر مع ثلاثين إذا أسقطت منها مرّتين بقي أربعة فإذا أسقطت ثلاثة عشر ثلاث مرّات بقي واحد فإذا أسقطت الأربعة أربع مرّات فني بها [- ب -] الفريضة قد تكون وفق السّهام و قد تزيد و قد تقصر و في الزيادة يردّ على ذوي السهام سوى الزّوج و الزوجة و الأمّ مع الإخوة و ذوي السّبب الواحد مع ذوي السببين فلو خلّف أبوين و بنتا فللأبوين السدسان و للبنت النصف و الباقي يردّ أخماسا و مع الحاجب أرباعا فتضرب مخرج الردّ في أصل الفريضة و ينقسم التركة من المجتمع و لو وجد واحد من كلالة الأمّ مع أخت من الأب فالرد أرباعا على أقوى القولين و لو قصرت الفريضة فلا عول و إنّما يقصر بدخول الزّوج و الزوجة كما لو خلّفت أبوين و زوجا و بنتا فللزوج الرّبع و للأبوين السدسان و يدخل النقص على البنت فيأخذ الباقي و كذا لو كان بدل البنت ابنتين فصاعدا كان النقص داخلا عليهن خاصّة و كذا لو خلّف زوجة و أبوين و بنتين فصاعدا فللأبوين السّدسان و للزوجة الثمن و النقص داخل على البنتين و لو خلّف أخوين لأمّ و أختين فصاعدا لأب و زوجة فللزّوجة الربع و للأخوين الثلث و الباقي للأختين من قبل الأب أو من قبل الأب و الأمّ يدخل النقص عليهن دون من يتقرب بالأمّ خاصّة و لو خلّفت زوجا و أختا لأب أو لأب و أمّ فصاعدا و أخوين فصاعدا من الأمّ فللزوج النصف و للأخوين فصاعدا من الأمّ الثلث و للواحد السدس و الباقي للمتقرّب بالأب أو بالأبوين يدخل النقص عليهنّ دون المتقرّب بالأمّ خاصّة [- ج -] إن انقسمت الفريضة من غير كسر فلا بحث كأخت مع زوج الفريضة من اثنين و كأبوين و بنتين الفريضة من ستّة و إن انكسرت فإمّا على فريق واحد أو أكثر فالأوّل إن لم يكن بين نصيبهم من التركة و عددهم وفق ضربت عدد رءوسهم في أصل المسألة فما بلغ صحت منه المسألة كأبوين و ثلاث بنات أصل الفريضة ستّة و للأبوين سهمان و أربعة للبنات و لا وفق بين الأربعة و الثلاثة فتضرب عددهن و هو ثلاثة في أصل الفريضة تبلغ ثمانية عشر للأبوين ستّة و لكلّ بنت أربعة و إن كان بين النصيب و العدد وفق فاضرب الوفق من العدد لا من النصيب كأبوين و ستة بنات للأبوين سهمان من ستة و للبنات أربعة و هي توافق عددهن في النصف فتضرب نصف عددهن و هو ثلاثة في أصل الفريضة يبلغ ثمانية عشر الثاني أن ينكسر على أكثر من طريق واحد و أقسامه ثلاثة الأوّل أن يوافق سهام كلّ فريق عدد رءوسهم بجزء فيردّ عدد كل فريق إلى جزء الوفق الثاني أن لا يوافق أحدهم الثالث أن يوافق بعضهم دون الآخر فما وافق فيرد عدد ذلك الفريق إلى الوفق و ما لم يوافق فاتركه بحاله ثم تنظر بعد ذلك في الأعداد فإن تماثلت اقتصرت على ضرب أحدها في الفريضة كأربعة إخوة من الأبوين و مثلهم من الأمّ أصل الفريضة ثلاثة لا ينقسم تضرب أربعة في الفريضة و هو واحد العددين و إن تداخلت اقتصرت على ضرب الأكثر كثلاثة إخوة من أمّ و ستة لأب و فريضتهم ثلاثة تضرب ستّة في أصل الفريضة و إن توافقت ضربت وفق إحداهما في عدد الآخر ثم تضرب المرتفع في أصل الفريضة كأربع زوجات و ستة إخوة و الفريضة من أربعة و حصّة الزوجات تنكسر عليهن و كذا حصّة الإخوة و بين الأربعة و الستة وفق بالنصف فتضرب نصف أحدهما في الآخر يبلغ اثني عشر ثمّ تضرب اثني عشر في الفريضة فإن تباينت الأعداد ضربت أحدهما في الآخر ثمّ ضربت المجتمع في أصل الفريضة كأخوين من أمّ و خمسة من أب ينكسر الثلاثة عليهم و لا وفق بين أعدادهم و لا تداخل فتضرب اثنين في خمسة ثمّ المجتمع منهما في أصل الفريضة

الفصل الخامس في المناسخات

المناسخة أن يموت بعض الورثة قبل القسمة و بطلت قسمة الفريضتين من أصل واحد فإن كان ورثة الثاني و الثالث و من بعدهم هم ورثة الأوّل على طريق ميراثهم من الميّت الأوّل قسمت مال الميّت الأوّل بين الباقين كأربعة إخوة لميت و أختين ثمّ مات أخ ثمّ مات أخ آخر ثمّ ماتت أخت قسّمت مال الأوّل و الثاني و الثالث و الرابع على أخوين و أخت أخماسا كان كل واحد منهم لم يخلف سوى أخوين و أخت و إن كان ورثة الثاني يرثون منه خلاف ميراثهم من الأوّل أو ورثوا من الثاني و لم يرثوا من الأوّل صحّحت مسألة كلّ واحد من الموتى و استخرجت نصيب الميّت الثاني من مسألة الميّت الأوّل ثمّ نظرت فإن صحّ نصيبه على مسألة صحت المسألتان من مسألة الأوّل كامرأة خلّفت زوجا و أخوين لأمّ و أخا لأب ثمّ مات الزوج و خلف ابنا و بنتا مسألة الأوّل من ستّة للزوج ثلاثة و هي تنقسم على تركته فيقسّم تركة الزوجة ستّة أسهم سهمان لأخويهما من أمهما و سهم لأخيها من أبيها و سهمان لابن زوجها و سهم لبنت زوجها و إن لم يصحّ من مسألة الأوّل نظرت فإن كان بين نصيب الميّت الثاني من فريضة الأول و الفريضة الثانية وفق فاضرب وفق الفريضة الثانية في فريضة الأولى لا وفق النصيب كأخوين من أمّ و مثلهما من أب و زوج مات الزوج و خلّف ابنا و بنتين فريضة الأوّل اثنا عشر نصيب الزوج ستة لا ينقسم على أربعة و بينهما موافقة بالنصف فتضرب جزء الوفق من الفريضة الثانية و هو اثنان لا الوفق من النّصيب في اثني عشر و إن لم يكن بينهما وفق فاضرب الفريضة الثانية في الأولى كزوج و أخوين من أمّ و أخ لأب مات الزوج و خلّف ابنين و بنتا نصيب الزوج ثلاثة

ص: 177

من ستة لا ينقسم على خمسة و لا وفق بينهما فاضرب الخمسة في الفريضة الأولى و هكذا العمل فيما زاد على اثنين فإن انقسمت تركة الثالث من الأول على صحّة و إلاّ عملت في فريضته مع الفريضتين كما عملت في فريضة الثاني مع الأوّل و هكذا دائما

الفصل السّادس في قسمة التركات

مقدّمة إذا طلبت أقلّ عدد ينقسم على مختلفين فاعرف النّسبة بينهما فإن تداخلا فالمطلوب هو أكثر منهما و لا حاجة إلى عمل آخر و إن تشاركا في كسر فالمطلوب هو الحاصل من ضرب ذلك الكسر من أحدهما في الآخر كما إذا طلبنا عددا ينقسم على تسعة و خمسة عشر و قد اشتركتا في الثلث فثلث أيّهما ضربت في الأخرى حصلت خمسة و أربعون و هي أقلّ عدد ينقسم عليهما و إن كانا متباينين فالمطلوب هو الحاصل من ضرب أحدهما في الآخر كما إذا طلبنا أقلّ عدد ينقسم على سبعة و عشر فهو سبعون لأنّها الحاصل من ضرب أحدهما في الآخر و هكذا العمل إذا أردت أقلّ عدد ينقسم على أعداد مختلفة فإنّك إذا عرفت العدد المنقسم على اثنين منها ثمّ عرفت العدد المنقسم عليهما و على الثالث منها ثمّ المنقسم عليهما و على الرابع و هكذا فقد وجدت العدد المنقسم عليها جميعا كما إذا أردت معرفة أقلّ عدد ينقسم على ثلاثة و أربعة و خمسة و ستة و ثمانية فالمنقسم على الثلاثة و الأربعة اثنا عشر لأنّهما متباينان و المنقسم عليها و على الخمسة ستّون لأنهما أيضا متباينان و المنقسم عليها و على الستة أيضا ستون لأنّهما متداخلان و المنقسم عليها و على الثمانية مائة و عشرون لأنّهما متشاركتان في الربع فمائة و عشرون هي أقلّ عدد ينقسم على الأعداد المذكورة و الكسر ضربان مفرد و مركّب فالمفرد كالسدس و المركب مضاف كنصف السّدس أو جزء من خمسة عشر في جزء من ثلاثة و المعطوف كالنصف و السّدس فخرج الكسر المفرد و هو العدد المنسوب إليه أو المسمّى له كالسدس مخرجه ستّة و جزء من خمسة عشر مخرجه خمسة عشر و مخرج المضاف هو الحاصل من ضرب مخرج المضاف في مخرج المضاف إليه فمخرج نصف السدس الحاصل من ضرب اثنين مخرج النصف في ستة مخرج السّدس و هو اثنا عشر تخرج المعطوف هو العدد المنقسم على المخارج كالنّصف و السّدس و العشر فإن مخرج الجميع ثلاثون إذا عرفت هذا فإذا أردت معرفة سهام كلّ وارث من التركة فانسب سهام كلّ وارث من الفريضة و خذ له من التركة بتلك النسبة فما كان فهو نصيبه كزوج و أبوين أصل الفريضة ستة للزوج ثلاثة و هي نصف الفريضة فيأخذ من التركة نصفها و للأمّ سهمان و هي ثلث الفريضة فتأخذ ثلث التركة و للأب سهم فتأخذ له سدس التركة و إن شئت قسمت التركة على الفريضة فما خرج بالقسمة ضربته في سهام كلّ واحد منهما فما بلغ فهو نصيبه مثلا التركة أربعة و عشرون و الفريضة ستة كما تقدّم يقسّم التركة على ستة سهم يخرج أربعة لكلّ سهم يضرب الخارج و هو أربعة في سهام كلّ وارث فالمرتفع نصيبه فإذا ضربت أربعة في ثلاثة سهام الزوج حصل اثني عشر فيكون للزوج اثنا عشر دينارا و يضرب أربعة في اثنين سهام الأمّ يكون ثمانية فيحصل لها ثمانية دنانير و يضرب أربعة في واحد سهم الأب يكون أربعة فيكون للأب أربعة دنانير و هاهنا طريق آخر و هو أنّ التركة إن كانت صحاحا فحرر العدد الذي يصح منه الفريضة ثمّ خذ ما حصل لكلّ وارث و اضربه في التركة فما حصل فاقسم على العدد الذي صحّحت منه الفريضة فما خرج فهو نصيب الوارث كزوج و أبوين و بنت و التركة عشرون دينارا أصل الفريضة اثنا عشر للزوج ثلاثة تضربها في عشرين يبلغ ستين تقسمها على اثني عشر يخرج خمسة فيكون للزوج خمسة دنانير و للأب سهمان يضربان في عشرين يبلغ أربعين تقسمها على اثني عشر يخرج ثلاثة و ثلث فيكون للأب ثلاثة دنانير و ثلث دينار و كذا للأمّ و للبنت خمسة تضرب في عشرين يكون مائة تقسم على اثني عشر تخرج ثمانية و ثلث فيكون للبنت ثمانية دنانير و ثلث دينار و إن كان فيها كسر فابسط التركة من جنس ذلك الكسر بأن تضرب مخرج ذلك الكسر في التركة ثم تضيف الكسر إلى المرتفع و تعمل ما عملت في الصحاح فما اجتمع للوارث قسمته على ذلك المخرج مثلا كانت التركة فيما فرضناه أوّلا عشرين دينارا و نصفا فابسط التركة أنصافا يكون أحد و أربعين فاعمل فيه كما عملت في الصحاح فما خرج لكلّ واحد من الورثة من العدد المبسوط فاقسمه على اثنين فما خرج نصيبا للواحد فهو نصيب الواحد من الجنس الذي تريده و لو كان الكسر ثلثا قسمت التركة على ثلاثة و هكذا إلى العشر تقسم على عشرة و لو كانت المسألة عددا أصمّ فاقسم التركة عليه فإن بقي ما لم يبلغ دينارا فابسطه قراريط و اقسمه و إن بقي ما لا تبلغ قيراطا فابسطه حبّات و اقسم و إن بقي ما لا يبلغ حبّة فابسطه أرزات و اقسمه فإن بقي ما لا يبلغ أرزة فانسبه بالإجزاء إليها و عليك بالتحفّظ من الغلط فاجمع ما يحصل للوارث فإن ساوى المجموع التركة فالقسمة صواب و إلاّ فلا

كتاب القضاء

اشارة

و فيه مقدمة و فصول

أما المقدّمة

ففيها [- د -] مباحث [- أ -] القضاء سائغ بالنصّ و الإجماع قال اللّٰه تعالى وَ أَنِ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اَللّٰهُ و قال تعالى فَلاٰ وَ رَبِّكَ لاٰ يُؤْمِنُونَ حَتّٰى يُحَكِّمُوكَ فِيمٰا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاٰ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّٰا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً و ذمّ من أعرض عن الحكم و قد دعي إليه فقال تعالى وَ إِذٰا دُعُوا إِلَى اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذٰا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ

ص: 178

و مدح من أجاب إليه بعد الدعاء فقال تعالى إِنَّمٰا كٰانَ قَوْلَ اَلْمُؤْمِنِينَ إِذٰا دُعُوا إِلَى اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنٰا وَ أَطَعْنٰا وَ أُولٰئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ و بعث رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله عليّا عليه السّلام قاضيا إلى اليمن و بعث عليّ عليه السلام عبد اللّٰه بن العباس قاضيا إلى البصرة و أجمع المسلمون كافّة على مشروعية نصب القضاة بين الناس و الحكم بينهم [- ب -] القضاء من فروض الكفايات إذا قام به البعض سقط عن الباقين و إن أخلّوا به أجمع استحقّوا بأسرهم العقاب لما فيه من القيام بنظام العالم و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الانتصاف للمظلوم قال رسول اللّٰه ص إنّ اللّٰه لا يقدس أمة ليس فيهم من يأخذ للضّعيف حقّه و للفوائد الحاصلة منه بولاة النبي ص و الأنبياء من قبله فكانوا يحكمون لأممهم [- ج -] و في القضاء خطر عظيم و إثم كبير لمن لم يجتمع فيه الشرائط و درجة القضاء عالية و شروطه صعبة جدّا و لا يتعرّض به أحد حتّى يثق من نفسه القيام بذلك و إنّما يثق بذلك إذا كان عارفا بالكتاب و ناسخه و منسوخه و عامّه و خاصّه و ندبه و إيجابه و محكمه و متشابهه عارفا بالسنّة و ناسخها و منسوخها عالما باللغة مطلعا بمعاني كلام العرب بصيرا بوجوه الإعراب ورعا عن محارم اللّٰه زاهدا في الدنيا متوفرا على الأعمال الصالحة مجتنبا للذّنوب و السيئات شديد الخدر من الهوى حريصا على التقوى هذه عبارة الشيخين رحمهما اللّٰه و روي عن النبي ص أنّه قال من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكّين و عن أمير المؤمنين ع القضاة أربعة ثلاثة منهم في النّار و واحد في الجنّة قاض قضى بالباطل و هو يعلم أنّه باطل فهو في النار و قاض قضى بالباطل و هو لا يعلم أنّه باطل فهو في النّار و قاض قضى بالحقّ و هو لا يعلم أنّه حقّ فهو في النار و قاض قضى بالحقّ و هو يعلم أنّه حق فهو في الجنّة و قال الصادق ع الحكم حكمان حكم اللّٰه عزّ و جلّ و حكم أهل الجاهلية فمن أخطأ حكم اللّٰه عزّ و جلّ حكم بحكم أهل الجاهليّة و من حكم بدرهمين بغير ما أنزل اللّٰه عزّ و جلّ فقد كفر باللّٰه تعالى و عنه ع أيّ قاض قضى بين اثنين فأخطأ سقط أبعد من السماء و عن الباقر ع من حكم بدرهمين فأخطأ فقد كفر و عن النبي ص أنّه قال يؤتى بالقاضي العدل يوم القيمة فمن شدة ما يلقاه من الحساب يودّ إن لم يكن قضاء بين اثنين في نمرة [- د -] القضاء قد يجب على الشخص بأن يكون من أهله جامعا لشرائطه و ليس هناك غيره فيتعيّن على الإمام نصبه و يجب عليه القبول فإن لم يعلم الإمام بحاله وجب عليه أن يأتي الإمام و تعرفه نفسه ليولّيه القضاء أمّا لو كان هناك غيره ممّن جمع الشرائط فإنّه يجب على كلّ واحد منهم على الكفاية على ما تقدّم و لو عيّن الإمام أحدهم تعيّن و وجب عليه و قال الشيخ في المبسوط لا يجب ثمّ إن لم يكن له كفاية استحب له أن يليه لما فيه من طلب رزق مباح على فعل طاعة و هو أولى من طلبه على فعل مباح و إن كان ذا كفاية فإن كان مشهورا بالعلم معروفا به يقصده الناس يستفتونه و يتعلّمون منه فالمستحبّ له الترك لأنّ التدريس و التعليم طاعة و عبادة مع السلامة و أمن من ضرر القضاء و إن كان خامل الذكر لا يعرف علمه و لا يعلم فضله و لا ينتفع الناس بعلمه استحب له التولية ليدلّ على نفسه و يظهر فضله و ينتفع الناس به و ليس له بذل المال على ذلك و ما ذكرناه نحن أوّلاً أقرب و أما الجاهل بالأحكام الشرعية و مأخذها فإنّه يحرم عليه التولية و إن كان ثقة مأمونا و كذا العالم بالأحكام و طرقها القادر على استنباط المسائل من مظانها إذا كان فاسقا و لا ينفذ أحكام أحدهما

الفصل الأوّل في التّولية و العزل

و فيه [- يز -] بحثا [- أ -] قد بيّنا استحباب تولّي القضاء لمن يثق من نفسه القيام بشرائطه و يجب على الكفاية و إذا علم الإمام خلوّ بلد عن قاض وجب عليه نصب قاض به فإن امتنعوه أهل البلد أثموا و حلّ قتالهم ظلما للإجابة لاحتياج كلّ بلد إلى حاكم يفصل قضاياهم و لا يمكنهم المضيّ إلى بلد الإمام و من تمكّنه ذلك فربّما شقّ عليه فوجب أغناهم عنه و على الإمام البحث و السؤال لأهل المعرفة بأحوال الناس إن لم يعرف من يصلح للقضاء فإن ذكر له رجل لا يعرفه أحضره و سأله فإذا عرف اجتماع شرائط الحكم فيه ولاّه و إلاّ طلب غيره و لو امتنع الجامع للشرائط لم يجبر مع وجود مثله إلاّ أن يلزمه الإمام فيجب عليه [- ب -] يشترط في القاضي البلوغ و العقل و الإيمان و العدالة و طهارة المولد و العلم و الذكورة و الحرّية على إشكال و البصر كذلك و المعرفة بالكتابة على تردّد فلا ينعقد القضاء للصبيّ و إن كان مراهقا و لا للمجنون سواء كان جنونه مطبقا أو أدوارا و لا لغير المؤمن لأنّه ليس أهلا للأمانة و لا للفاسق كذلك أيضا و لا لولد الزّنا لنقصه و عدم صلاحيّته للإمامة و عدم قبول شهادته في الأشياء الجليلة و لا لغير العالم المستقلّ بأهليّة الفتوى البالغ رتبة الاجتهاد و يشترط معرفة الأحكام و العلم بستة أشياء الكتاب و السنة و الإجماع و الاختلاف و القياس و لسان العرب أمّا الكتاب فيحتاج في معرفته إلى عشرة أشياء الخاصّ و العام و المقيد و المطلق و المحكم و المتشابه و المجمل و المبين و الناسخ و المنسوخ لا في الكتاب أجمع بل في الآيات المتعلّقة بالأحكام و هي نحو من خمس مائة آية و أمّا السنة فيحتاج إلى معرفة ما يتعلّق منها بالأحكام دون سائر الأخبار و يفتقر إلى أن يعرف منها ما يعرف من الكتاب و زيادة معرفة التواتر و الآحاد و المرسل و المتّصل و المسند و المنقطع و الصحيح و الضعيف و يحتاج إلى معرفة المجمع عليه و المختلف فيه و شرائط الإجماع و أمّا القياس فقد أجمع علماؤنا على أنه ليس بحجّة في الأحكام إلاّ ما نصّ على علّته فإن في هذا النوع من القياس خلافا و الأقرب عندي العمل به فعلى هذا يجب أن يكون عارفا بكيفية شرائطه و الاستنباط منه و يجب أن يعرف من النحو و اللغة و التصريف ما يتعلّق بالأحكام من الآيات و الأخبار الواردة عن النبيّ ص و الأئمّة المعصومين ع و يجب أن يعرف

ص: 179

شرائط الاستدلال و كيفية تركيب البراهين و التّرجيح و شرائطه و لا يشترط في ذلك البلوغ إلى الغاية فإن حصول ذلك متعذّر في أكثر الحكام بل المعتبر أصول الأحكام بحيث يتمكن من الاستنباط و استخراج ما يرويه عليه من الفروع فإن المسائل الفرعية فرعها المجتهدون في كتبهم فلا يكون شرطا في الاجتهاد و هل يتجزى الاجتهاد أم لا الأقرب نعم لما روي عن الصادق ع قال إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور و لكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضائنا فاجعلوه بينكم فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه نعم يشترط أن يكون عارفا بجميع ما وليه و لا يكفيه فتوى العلماء [- ج -] لا ينعقد القضاء للمرأة في الحدود و غيرها و لا للعبد لأن القضاء من المناصب الجليلة فلا يليق به و حكم المدبر و المكاتب المطلق و إن أدى شيئا من مال الكتابة و تحرّر بعضه حكم القن و فيه نظر و أمّا الأعمى فالذي ذكره الشيخ رحمه اللّٰه أنّه لا ينعقد قضاؤه لعدم تمييزه بين المقرّ و المقرّ له و ما يكتبه كاتبه بين يديه و هو حسن و هل ينعقد قضاء الأمي فيه نظر ينشأ من شدّة الحاجة إلى الضبط الذي لا يتيسر بغير الكتابة و من كون النبي ص في أوّل أمره خاليا عن الكتابة و هو سيّد الحكام و الأقرب الاشتراط و قوّة التمييز في النبي ص لا يحصل لأحد غيره و الأقرب انعقاد القضاء للأخرس و الأصمّ [- د -] ينبغي أن يكون الحاكم قويّا من غير عنف لينا من غير ضعف لئلاّ يطمع القوى في باطله و لا يئس الضعيف من عدله حينما بصيرا مميزا بالأمور ذا فطنة وقّادة لا يؤتى من غفلة ضابطا صحيح السمع قويّ البصر و البصيرة عارفا بلغات أهل ولايته شديد العفة كثير الورع نزها بعيدا من الطمع صادق اللّهجة ذا رأي شديد ليس بجبّار و لا عنود فقد روي عن علي ع أنّه قال لا ينبغي أن يكون القاضي قاضيا حتى يكون فيه خمس خصال عفيف حليم عالم بما قبله يستشير ذوي الألباب لا يخاف في اللّٰه لومة لائم و يجوز له أن يحضر الولائم لما فيها من الترغيب فإن كثرت و لم يتمكّن من الجميع ترك الجميع و لا يخصّص أحدا بالحضور إلا أن يكون في أحدها ما يمنعه كالمنكر أو يكون بعيدا و له عيادة المرضى و شهادة الجنائز و إتيان القادم و زيارة الأخوان و الصالحين [- ه -] لا يجوز الولاية إلاّ من الإمام المعصوم أو من فوض إليه الإمام ثمّ الإمام إن كان ظاهرا كان أمر التولية إليه و لا يجوز لغيره تولية أحد القضاء إلاّ بإذنه و لو استقضى أهل البلد قاضيا و تحاكموا إليه لم ينفذ حكمه و لم يثبت ولايته و لو تراضى خصمان بواحد من الرعية و ترافعا إليه فحكم لم يلزمهما الحكم و إن كان غائبا نفذ قضاء الفقيه المأمون من فقهاء أهل البيت ع الجامع لشرائط الفتوى لقول الصادق ع فاجعلوه قاضيا فإنّي قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه و لا يجوز العدول عنه إلى قضاة الجور فمن عدل إليهم كان فاسقا مأثوما لما رواه عبد اللّٰه بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السّلام قال أيّما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم اللّٰه تعالى فقد شرّكه في الإثم و في الصحيح عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام أنّه قال أيّما رجل كان بينه و بين أخ مماراة في حق فدعاه إلى الرّجل من إخوانكم ليحكم بينه و بينه فأبى إلاّ أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال اللّٰه عزّ و جلّ أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ مٰا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحٰاكَمُوا إِلَى اَلطّٰاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ [- و -] إذا ولّى من يتعيّن عليه القضاء فإن كان ذا كفاية حرم عليه أخذ الرزق على القضاء لأنّه يؤدّي فرضا و لما رواه عبد اللّٰه بن سنان في الصّحيح قال سئل أبو عبد اللّٰه ع عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق فقال ذلك سحت و إن لم يكن ذا كفاية جاز له أخذ الرزق عليه لأنّ بيت المال للمصالح و هذا من أعظمها و إن لم يتعيّن عليه القضاء و كان ممن يجوز له القضاء فإن كان ذا كفاية استحب له أخذ الرزق و إن أخذ جاز و إن لم يكن ذا كفاية جاز له أخذ الرزق عليه إجماعا أمّا أخذ الأجرة عليه فإنّه حرام بالإجماع سواء تعيّن عليه أو لم يتعيّن و سواء كان ذا كفاية أو لا و ليس له أخذ الجعل من المتحاكمين سواء كان القضاء متعيّنا عليه أو لا و سواء كان محتاجا أو لا و كذا لا يجوز للشاهد أخذ الأجرة على الشهادة تحمّلا و أداء سواء تعيّن عليه أو لا و سواء كان محتاجا أو لا و كذا المؤذن نعم يجوز للشاهد و المؤذّن إذا كانا محتاجين أخذ الرزق من بيت المال و كذا يجوز للقاسم و كاتب القاضي و المترجم و صاحب الديوان و والي بيت المال و من يكل للنّاس و يزن و ينتقد و يعلّم القرآن و الآداب أخذ الرزق من بيت المال أمّا الرشوة فإنّها حرام على أخذها و يأثم الدافع لها أن توصل بها إلى الحكم بالباطل و لو توصّل إلى الحقّ لم يأثم و يأثم المرتشي على التقديرين و يجب عليه دفع الرشوة إلى صاحبها سواء حكم له أو عليه و لو تلفت ضمنها أما الهدية فإن كانت ممّن له عادة بقبول الهديّة منه فلا بأس إلا أن يفعل ذلك لأجل الحكم فتحرم و إن كانت مما لا عادة له بالإهداء فالوجه تحريمها لأنّه كالرشوة [- ز -] إذا وجد اثنان متساويان في الشرائط تخير الإمام في نصب أيّهما شاء إن تساويا في الفضيلة و لو تفاوتا فيها بأن يكون أحدهما أفضل من صاحبه أو أزهد منه فالوجه وجوب تقديم الفاضل على المفضول و يحتمل جواز تقديم المفضول لأن نقصه ينجبر بنظر الإمام خلاف الرئاسة العامّة [- ح -] إذا أذن الإمام له في الاستخلاف جاز و إن منعه لم يجز له الاستنابة و إن أطلق فإن كان هناك إجازة تدل على تسويغ الاستنابة جازت و إلاّ فلا كما لو اتسعت الولاية و العادة قاضية بكثرة الثواب فيها و عجز اليد الواحدة عنها [- ط -] ولاية

ص: 180

القضاء يتجزأ فيه فلو استنابه في الحكم بين الرّجال خاصّة لم يكن له الحكم بين النساء و لا بينهنّ و بين الرجال و بالعكس و كذا لو استنابه في القضاء في الأموال دون النفوس أو بالعكس لم الولاية و لو استثنى شخصا عن ولايته سقطت عنه [- ى -] يجوز نصب قاضيين في بلد واحد بأن يخص كلّ واحد منهما بطرف و لو أتت لكل واحد منهما الاستقلال في جميع البلد فالأقرب الجواز و لو نصبهما على أن لا يستقلّ أحدهما دون الآخر لم يجز لكثرة الاختلاف في الاجتهاد فيؤدّي إلى بقاء الخصومات [- يا -] لا يجوز تولية من لا يصلح للقضاء و إن اقتضت المصلحة توليته ففي انعقاد ولايته نظر أقربه المنع و تولية عليّ ع لمن لا يرتضيه ليس بحجّة لأنه كان يشاركه فيما ينفذه فيكون هو الحاكم في تلك الواقعة بالحقيقة [- يب -] إذا استخلف القاضي نائبا شرط فيه ما يشترط في القاضي من بلوغ رتبة الاجتهاد إلاّ أن يخصّه بالنظر في التزكية و تعيين الشهود و سماع البيّنة فالوجه اشتراط علمه بما يحتاج إليه في ذلك دون اشتراط منصب الاجتهاد و ليس له أن يشترط على النائب الحكم بخلاف اجتهاده أو بخلاف اعتقاده [- يج -] لا ينفذ حكم من لا يقبل شهادته على المحكوم عليه كالولد على الوالد و العبد على المولى و العدوّ على عدوّه و إن كان بالبيّنة لأنّ له الاستقصاء في دقائق أداء الشهادة و الردّ بالتهمة و له التسامح و لو تولّى وصيّ اليتيم القضاء فهل يقضي له فيه نظر ينشأ من كونه خصما في حقّه كما في حقّ نفسه و من أنّ كلّ قاض فهو وليّ الأيتام [- يد -] إذا ولاه الإمام قضاء بلد فإن كان نائيا بعيدا لا يشيع خبر توليته إليهم سيّر الإمام معه شاهدين و أشهدهما على نفسه بالتولية و كذا لو كان البلد قريبا و لم يستقص خبره أمّا لو كان البلد قريبا يمكن استفاضة الخبر إليه فإنّه يثبت ولايته بالاشتهار و الاستفاضة و كذا يثبت بالاستفاضة النسب و الملك المطلق و الموت و النكاح و الوقف و العتق و لا يثبت الولاية بدون هذين الشيئين و لا يجب على أهل البلد قبول قوله المجرّد عن أحدهما و إن شهدت له الأمارات المفيدة للظنّ [- يه -] إذا حدث بالقاضي ما يمنع الانعقاد انعزل و إن لم يشهد الإمام بعزله كالجنون و الفسق و النسيان و لو جنّ ثمّ أفاق لم تعد ولايته و لا ينعزل بالسهو السّريع زواله مع تمكّنه من الضبط و لو حكم من عرض له المانع لم ينفذ حكمه و إن لم يعزله الإمام و لو لم يحدث به مانع لكن رأى الإمام تولية غيره أولى أو كان عزله مصلحة كان له عزله تحصيلا للمصلحة الزائدة و لو لم يكن هناك مصلحة زائدة و لا حضر من هو أولى منه ففي جواز عزله اقتراحا نظر أقربه الجواز لأنّها ولاية تثبت بنظر الإمام فيتبع اختيار المنوب و لو حصلت ريبة عند الإمام من القاضي جاز له عزله و كفاه غلبة الظنّ في ذلك و كلّ موضع يجوز عزله مع جواز إبقائه هل ينعزل بالعزل لو يتوقّف على سماعه الأقرب الثاني لما فيه من الضرر و لو كتب إليه إذا قرأت كتابي هذا فأنت معزول انعزل مع قراءته أو القراءة عليه [- يو -] إذا مات الإمام انعزل القضاة أجمع و هو أحد قولي الشيخ رحمه اللّٰه و لو مات القاضي الأصلي ففي انعزال نائبه نظر و إذا عزله الإمام بعد سماع البيّنة ثمّ ولى وجب الاستعارة و لو خرج من ولايته ثمّ عاد لم يحتج إلى الاستعادة [- يز -] إذا اتّفق في البلد فقيهان في حال غيبة الإمام ع و كلّ منهما له أهليّة الفتوى و الحكم كان الخيار للمدّعي في رفعه إلى من شاء منهما و كذا لو تعدّدوا و لو رضيا بالفقيهين و اختلف الفقيهان أنفذ حكم الأعلم الأزهد لما رواه داود بن الحصين عن الصادق ع في رجلين اتّفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف فرضيا بالعدلين و اختلف العدلان بينهما عن قول أيّهما يمضي الحكم قال ع ينظر إلى أفقههما و أعلمهما بأحاديثنا و أورعهما فينذ حكمه و لا يلتفت إلى الآخر و عن داود بن الحصين عن محمد بن حنظلة عن الصادق ع قال قلت في رجلين اختار كل واحد منهما رجلا فرضيا أن يكون الناظرين في حقّهما فاختلفا فيما حكما و كلاهما اختلفا في حديثنا قال الحكم ما حكم به أعدلهما و أفقههما و أصدقهما في الحديث و أورعهما و لا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر قال قلت فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا ليس يتفاضل واحد منهما قال فقال ينظر ما كان روايتهما في ذلك الّذي حكما المجمع عليه أصحابك فيؤخذ به من حكمنا و يترك لله الشاذ الذي ليس بمشهور و عند أصحابك فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه و إنّما الأمور ثلاثة أمر بيّن رشده فيتبع و أمر بيّن غيّه فيجتنب و أمر مشكل يردّ حكمه إلى اللّٰه عزّ و جلّ قال رسول اللّٰه ص حلال بيّن و حرام بيّن و شبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات و من أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات و هلك من حيث لا يعلم قلت فإن كان الخبران عنكم مشهورين فقد رواهما الثقات عنكم قال ينظر فما وافق حكمه الكتاب و السنة و خالف العامّة أخذ به قلت جعلت فداك وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة و الآخر مخالفا لها بأيّ الخبرين يؤخذ قال بما يخالف العامّة فإن فيه الرشاد قلت جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا قال ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم و قضاتهم فيترك و يؤخذ بالآخر فقلت و إن وافق لحكامهم و قضاتهم الخبران جميعا قال إذا كان كذلك فارجه حتّى تلقى إمامك فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات

الفصل الثاني في الآداب

و فيه [- يا -] بحثا [- أ -] يستحبّ للقاضي إذا ورد إلى بلد ولايته و لا يعرف أحدا فيه أن يبحث عمّن يثق به في ذلك البلد ليسأله عن أحوال ذلك البلد و يتعرّف منه ما يحتاج إلى معرفته و يسأل عن العلماء فيه و أهل الفضل و العدالة و الصلاح و سائر ما يحتاج إلى معرفته ثم يقصد الجامع فيصلّي فيه ركعتين و يسأل اللّٰه تعالى التوفيق و العصمة و الإعانة له و يبعث مناديا ينادي إن فلانا قدم عليكم قاضيا فاجتمعوا لقراءة

ص: 181

عهده في وقت كذا و ينصرف إلى منزله الذي أعدّ له و يستحبّ أن يكون وسط البلد ليتساوى ورود أهله إليه فإذا اجتمعوا قرأ العهد عليهم ثمّ يواعدهم ليوم يجلس فيه للقضاء [- ب -] يستحبّ أن يجلس للقضاء في موضع بارز كرحبة أو فضاء ليسهل الوصول إليه و إن حكم في المسجد صلّى فيه ركعتين عند دخوله تحيّة و يجلس مستدبر القبلة ليكون وجه الخصوم إليها و قيل يستقبل القبلة لقوله ع خير المجالس ما استقبل به القبلة و لا يكره الحكم نادرا في المسجد و هل يكره دائما قيل لا لقضاء عليّ ع بجامع الكوفة و يكره اتّخاذ حاجب وقت الحكم [- ج -] إذا جلس للحكم يستحبّ له أن يكون على أكمل حال و أعدلها و لا يجلس على التراب و لا على بادية المسجد و يكون عليه سكينة و وقار و لا يستعمل الانقباض المانع عن النطق بالحجّة و لا اللين المخوف معه جرأة الخصوم و له أن ينتهر الخصم إذا التوى و يصيح عليه و يعزّره إن استحقّ التعزير و إن حصلت منه إساءة أدب كقوله حكمت عليّ بغير الحقّ أو ارتشيت فله التأديب و العفو [- د -] يستحبّ أن يجلس و هو خال من الغضب و الجوع الشديد و العطش و الفرح الشديد و الحزن الكثير و الهمّ العظيم و الوجع المولم و مدافعة أحد الأخبثين و النعاس و الغم ليكون أجمع لقلبه و أحضر لذهنه و أبلغ في تفطّنه و أكثر لتيقّظه و لو قضى و الحال هذه نفذ حكمه إن كان حقّا [- ه -] يستحبّ إذا ورد البلد أن يبدأ أوّلا يأخذ ما في يد الحاكم المعزول من الحجج و القضايا المودعة عنده و يأخذ الودائع التي أودعت لأجل الحكم ثمّ يسأل عن أهل السّجن و يبعث ثقة يكتب اسم كلّ محبوس و سبب حبسه و اسم غريمه ثمّ ينادى ثلاثة أيّام بأنّ القاضي ينظر في أمر المحبوس يوم كذا فإذا كان يوم المواعدة ترك الرقاع بين يديه ثمّ أخذ رقعة و نظر إلى اسم المحبوس و طلب خصمه فإذا حضر أخرج المحبوس من السجن و نظر بينه و بين غريمه و لا يسأل الغريم من سبب الحبس لأن الظاهر أنّ الحاكم إنّما حبسه بحقّ ثمّ يسأل المحبوس عن ذلك فإن قال حبسني بحقّ حال أنا مليّ به قال له الحاكم أخرج إليه منه و إلاّ رددتك إلى السجن و إن قال أنا معسر به سأل خصمه فإن صدّقه أطلقه و إن كذّبه و كان الحقّ مالا طلب من المحبوس البيّنة بالإعسار و كذا لو عرف له مال و ادّعى تلفه و إن لم يعرف له أصل مال و لا كانت الدعوى مالا طلب البيّنة من الغريم فإن فقدها أحلف المحبوس على الإعسار و أطلق و إن أقام الغريم بيّنة و بان له مال افتقر إلى تعيّنه فإن صدّقها طولب بالحق و إن قال إن هذا المال في يدي لغيري سئل عن التعيين فإن كذّبه المقر له طلب بالحق فإن صدّقه احتمل القبول لأنّ البينة شهدت بالملك لمن لا يدّعيه و عدم القبول فيقضى الدين من المال لأنّ البينة شهدت لصاحب اليد بالملك فتضمّنت شهادتها وجوب القضاء منه و لا يلزم من سقوط الشهادة في حقّ نفسه لإنكاره سقوطها فيما تضمّنه و لأنّه متّهم في إقراره لغيره و لو لم يظهر للمحبوس غريم و قال حبسني الحاكم ظلما أشاع أمره فإن لم يظهر له خصم أطلقه قال الشيخ بعد إحلافه و في مدّة الإشاعة لا يحبس و لا يطلق بل يراقبه و الأقرب أنّه لا يطالب بكفيل ببدنه و لو ظهر خصم و ادّعى أنّ الحاكم حبسه لأجله و صدّقه فالحكم كما تقدّم و إن أنكر المحبوس فإن أقام المدعي بيّنة أنّه خصمه و أنّه حبسه حكم عليه و إن لم يكن معه بيّنة أطلقه بعد الإحلاف لأنّه لا خصم له ثمّ يسأل عن الأوصياء على الأيتام و المجانين و المساكين و يعتمد معهم ما يجب من تضمين أو إنفاذ أو إسقاط ولاية لبلوغ اليتيم و رشد المجنون أو ظهور جنايته أو ضمّ مشارك إن عجز الوصيّ فإنّ الصّغير و المجنون لا قول لهما و المساكين لا يتعيّن لأحد منهم فإذا حضر الوصيّ عنده فإن كان الحاكم قبله أنفذ وصيّة لم يعزل لأنّ الحاكم لم يعزله و ما نفذ وصيّة إلاّ بعد معرفته بالصلاحية في الظاهر و لكن يراعيه فإن تغيّرت حاله بفسق عزله و إن كان يعجز أضاف إليه آخر و إن كان الأوّل لم ينفذ وصية نظر فيه فإن كان أمينا قويا أقره و إن كان ضعيفا ضم إليه غيره و إن كان فاسقا عزله و استبدل به غيره فإن كان الوصي قد تصرّف و فرّق الثلث حال فسقه فإن كان أهل الثلث بالغين عاقلين معيّنين وقعت التفرقة موقعها لأنّهم قبضوا حقوقهم و إن كانوا غير معيّنين كالفقراء و المساكين قال الشيخ رحمه اللّٰه عليه الضمان لأنّه ليس له التصرّف و يحتمل عدم الضمان لأنّه أوصله إلى أهله و كذا إن فرّق الوصيّة غير الموصى إليه بتفريقها و الأقرب ما قاله الشيخ رحمه اللّٰه أمّا لو تصرّف في مال الوقف على المساجد و المشاهد و المصالح من ليس له أهليّة الحكم فإنّه يكون ضامنا و إن كان قد صرفه في وجهه إذا لم يكن الواقف و لا الحاكم جعلا له النظر فيه [- و -] ينظر في أمناء الحكم و هو من ردّ الحاكم إليه النظر في أمر الأطفال و حفظ أموالهم و أموال المجانين و تفرقة الوصايا التي لم يعيّن لها وصيّ و الحافظون لأموال الناس من وديعة أو مال محجور عليه فإن كانوا صالحين كذلك أقرّهم و إلاّ استبدل بهم إن فسقوا و ضمّ إليه غيرهم إن عجزوا ثمّ ينظر في اللقطة و الضوال التي تحت نظر الحاكم فيبيع ما يخشى تلفه و ما يقتضيه المصلحة كالمحتاج إلى نفقة تستوعب قيمته و يحفظ ثمنها لأربابها و يحفظ مثل الأثمان و الجواهر على أربابها ليدفع إليهم إن ظهروا [- ن -] ينبغي للحاكم أن يحاضر أهل العلم و أن يشهد حكمه ممّن يثق بفطنته منهم بحيث إن أخطأ بين له الصواب و يخاوضهم في الأمور المشتبهة ليظهر له الصواب بالمباحثة و لا يجوز له التقليد بل الفائدة في محاضرة العلماء استخراج الأدلة و التعرف للحقّ بالاجتهاد و لا يجوز له أن يحكم بقول غيره سواء ظهر الحقّ في خلافه أو لا و سواء ضاق الوقت أو لا و كذلك ليس للمفتي أن يفتي

ص: 182

بالتقليد و لو أخطأ الحاكم فأتلف لم يضمن و كان على بيت المال [- ح -] و ينبغي أن يحضر مجلسه شهود يستوفي بهم الحقوق و يثبت بهم الحجج بحيث إن أقرّ غريم شهدوا عليه و كذا إن حكم أشهدهم بحكمه و لو تعدّى أحد الغريمين الصّواب عرّفه الحقّ برفق فإن عاد زجره و إن احتاج إلى التأديب أدّبه و إذا اتّضح له الحكم حكم و يستحبّ أن يرغبهما في الصلح فإن اشتبه صبر حتى يظهر الحق له و لا يحكم بدونه و لو صالحهما و رضيا جاز و إن لم يظهر له الحق و اجتهد فظهر له الصواب وجب أن يحكم بما أدّاه اجتهاده فإن تغير اجتهاده قبل الحكم حكم بما تغيّر اجتهاده إليه و لا يجوز له أن يحكم بالاجتهاد الأوّل لأنّه يعتقد بطلانه [- ط -] حكم الحاكم لا يزيل الشيء عن صفته فلو حكم بعقد أو فسخ أو طلاق نفذ حكمه ظاهرا لا باطنا فلو تعمّد رجلان و شهدا على آخر بطلاق زوجته ففرّق الحاكم بينهما لم يجز لأحد الشاهدين نكاحها و لو ادّعى رجل نكاح امرأة و أقام شاهدي زور فحكم الحاكم لم يحلّ له و لم يصر زوجته و لو استأجرت امرأة شاهدي زور فشهدا لها بطلاق زوجها و هما يعلمان كذبهما و تزويرهما فحكم الحاكم بالطّلاق لم يحلّ لها أن تتزوّج و لم يحل لأحد الشاهدين نكاحها و إذا أقام شاهدي زور بنكاح امرأة و هو يعلم كذبهما لم يحلّ له و لزمها في الظاهر و عليها أن يمتنع ما أمكنها فإن أكرهها فالإثم عليه دونها فإن وطئها الرّجل فعليه الحدّ إن لم يعتقد الإباحة و هل يحلّ لها أن تتزوّج بغيره الوجه ذلك غير أنّه لا يجوز الجمع بينهما في الوطء بل يحرم على المحقّ ما دام الآخر حاضرا عندها فإذا غاب الزوج الظاهر جاز للآخر الوطء [- ى -] يكره للحاكم أن يشترى أو يبيع لنفسه بل ينبغي له أن يولّي غيره ذلك و لا ينبغي أن يكون الوكيل معروفا لأنّه يستحيى منه أو يخاف فيجابى فيكون مرتشيا بقدر المسامحة و لو احتاج إلى المباشرة و لم يجد من يكفيه جاز من غير كراهة و كذا يكره أن يرتّب قوما بأعيانهم للشهادة دون غيرهم و قيل يحرم لما في ذلك من المشقّة و لاستواء العدول في القبول فلا تخصيص [- يا -] ينبغي للحاكم أن يتّخذ كاتبا و يجب أن يكون عاقلا بالغا مسلما عدلا بصيرا و يكفي الواحد و أن يتّخذ مترجمين و لا يكفي الواحد و يشترط عدالتهما و يكفي الاثنان و إن ترجما عن الزنا و يعتبر في التّرجمة لفظ الشهادة و لو كان القاضي أصمّ وجب أن يتخذ مستمعا و في اشتراط العدد نظر ينشأ من مساواته للمترجم فإنّه ينتقل عين اللفظ كما أنّ المترجم ينقل معناه و من وقوع الفرق بينهما فإن المستمع لو غيّر اللفظ لعرف الخصمان و الحاضرون بخلاف المترجم نعم لو كان الخصمان أصمّين وجب العدد لجواز غفلة الحاضرين فإن اشترطنا العدد فالأقرب عدم اشتراط لفظ الشهادة و إن لم يشترط فلا يراعى لفظ الشهادة لأنّه يسلك بها مسلك الرواية و إذا شرطنا العدد في المستمع فلا بدّ من رجلين و إن كانت الخصومة في مال و كذا في الشهادة على الوكالة بالمال لأنّ المشهود عليه ليس بمال في نفسه و الأقرب أنّ أجرة المستمع على بيت المال لا على الخصمين

الفصل الثالث في وظائف الحكم

و فيه [- ك -] بحثا [- أ -] إذا دخل الخصمان عدل بينهما في الكلام و السلام و الجلوس و النظر و الإنصات و العدل في الحكم و إنّما تجب التسوية مع التساوي في الإسلام و الكفر و لو كان أحدهما مسلما جاز أن يكون الذمّي قائما و المسلم قاعدا أو أعلى منزلا و لا يضيف أحد الخصمين إلاّ و معه الآخر و لا يجوز له أن يلقّن أحد الخصمين ما فيه ضرر على خصمه مثل أن يريد الإقرار فيلقّنه الإنكار أو اليمين فيلقنه النكول أو النكول فيحرّيه على اليمين أو يحس من الشاهد بالتوقّف فيحرصه على الشهادة أو يكون مقدما على الشهادة فيزهده عنها أو يأمر أحد الخصمين بالكلام لأنّه نصبه لسدّ باب المنازعة و لو سكت الخصمان استحبّ أن يقول لهما تكلّما أو ليتكلم المدّعى و لو احتشماه آخر من يقول ذلك و لا يواجه بالخطاب أحدهما و يكره للحاكم أن يشفع في إسقاط أو إبطال [- ب -] إذا ورد الخصوم مترتبين بدأ بالأوّل فالأول فإن وردوا جميعا أقرع بينهم فإذا خرجت القرعة للخصمين حكم بينهما و إن حكم بين شخصين و خصمه فقال لي دعوى أخرى مع هذا الخصم أو مع غيره لم يسمع منه و يقال له اجلس حتّى إذا لم يبق أحد من الحاضرين نظرت في دعواك الأخرى فإذا فرغ الكلّ فقال الأخير بعد فصل خصومته لي دعوى أخرى لم يسمع منه حتى يسمع دعوى الأوّل الفائتة ثمّ يسمع دعواه و إن ادّعى المدّعى عليه على المدّعي حكم بينهما لأنا إنما نعتبر الأول فالأول في المدعي لا في المدعى عليه و إذا تقدّم الثاني فادّعى على المدّعي الأول أو المدعى عليه الأوّل حكم بينهما و لو كثر الواردون دفعة كتب أسماءهم في رقاع و وضعها بين يديه و أخذ رقعة رقعة فينظر في أمر صاحبها و خصمه و لو حضر مسافرون و مقيمون فيهما سواء ما لم يستضر المسافرون فيقدّمون و لو قطع المدّعى عليه دعوى المدعي بدعوى لم يسمع حتى ينتهي الحكومة ثمّ يستأنف الدعوى [- ج -] إذا حضر الخصمان فسبق أحدهما بالدعوى ثم ادّعى الآخر سكته الحاكم حتّى ينتهي الحكومة مع المدّعي و لو ادّعيا معا دفعة واحدة سمع من الذي عن يمين صاحبه و لو ازدحموا على المفتي و المدرس فليحكم بالسّبق فإن تساووا أقرع إلا إذا كان ما يطلب منه من العلم غير واجب و إليه الاختيار [- د -] الإمام يقضي بعلمه مطلقا و أما غيره من القضاة فإنّه كذلك في حقوق الناس و الأقوى القضاء بالعلم أيضا في حق اللّٰه تعالى و لا يجوز أن يحكم بالظن الذي لا يستند إلى البينة و لا يشترط في العلم حصوله في زمان ولايته أو مكان ولايته بل يحكم به كيف حصل و لو رأى الحاكم خطّه أنّي قضيت على فلان بكذا لم يجز له

ص: 183

إمضاؤه إلاّ أن يذكر الواقعة بحدودها و كذا الشهادة و إن علم أنّه لا يزور عليه و لو نسخ الشهادة و حفظ المكتوب عنده و أمن التزوير لم يجز له الإقامة ما لم يذكر الشهادة أمّا رواية الأحاديث فإنّه لا يعتمد فيه على مجرّد الخطّ إن أمكن التحريف لكن إن صحّح النسخة و حفظها بنفسه من التغيير فالأقرب جواز الرواية ففي كلّ صورة يجوز للحاكم الحكم فيها فإنّه يجوز أن يحكم من غير حضور شاهد يشهد الحكم [- ه -] إذا انتفى علم الحاكم بالدعوى طلب البيّنة فإن عرف عدالتها حكم و إن عرف الفسق أطرح و إن جهل الأمرين بحث عنهما و طلب التزكية و إن عرف إسلام الشاهدين و لا يجوز له التعويل في الشهادة على حسن الظاهر بل لا يحكم إلاّ بعد الخبرة الباطنة بحال الشاهدين و لو حكم بالظاهر من حاله العدالة ثم تبيّن فسقهما وقف الحكم و لو لم يعرف الحاكم العدالة فالتمس المدّعى حبس المنكر ليعدلهما قال الشيخ رحمه اللّٰه له ذلك لقيام البيّنة بما ادعاه و ليس بجيّد لما فيه من تعجيل العقوبة قبل ثبوت السبب [- و -] يستحبّ السؤال عن التزكية سرّا فإنّه أبعد من التهمة لجواز أن يتوسّل الشاهد إلى الاستمالة و التعرف إلى المزكّي بحسن الحال ثمّ يشافه القاضي المزكي ظاهرا في آخر الأمر و ينبغي أن يكون للقاضي جماعة من المزكّين أخفياء لا يعرفون [- ز -] الاستزكاء حق اللّٰه تعالى فلو سكت الخصم وجب على القاضي طلبه إلا أن يعلم بعدالتهما فيحكم بعلمه و لو اعترف الخصم بالعدالة حكم عليه من غير طلب المزكّي و لو قال إنّهما عدلان لكنهما زلاّ في هذه القضيّة فالأقرب الحكم عليه لاعترافه بالعدالة [- ح -] ينبغي للقاضي أن يعرّف المزكي الشاهدين و الخصمين لتجويز معرفته بعداوة بينهما و هل يشترط إعلامه بقدر المال الأقرب أنّه ليس كذلك لأنّه إذا زكّاه في اليسير زكّاه في الجليل إلا على ما اختاره الشيخ رحمه اللّٰه من أنّ ولد الزنا يقبل شهادته في اليسير من المال مع فرض عدالته [- ط -] لا بد للمزكّي من الخيرة الباطنة و المعرفة المتقادمة بحال الشاهد حتّى يسوغ له تزكيته و تثبت مطلقة فلا يجب ذكر السبب فإنّ سبب العدالة لا ينحصر و يجب ذكر السّبب في الجرح لوقوع الخلاف فيه و لا يفتقر إلى تقادم المعرفة بلى يكفي العلم بسبب الفسق و لو أسند السبب إلى الزنا أو اللواط لم يكن قذفا و يجب على المزكّي أن يقول أشهد أنّه عدل مقبول الشهادة أو هو عدل لي و عليّ فإنّ العدل قد لا يقبل شهادته لغفلته و لا يكفي أن يقول لا أعلم منه إلاّ الخير و يقبل تزكية الأب لولده و بالعكس و هل يقبل جرح الولد للوالد الأقرب العدم [- ى -] ليس للشاهد أن يشهد بالجرح إلاّ بعد المشاهدة بسبب الفسق أو أن يشيع ذلك بين الناس شياعا موجبا للعلم و لا يكفي الظنّ في ذلك و إن كثر المخبرون أما العدالة فيكفي فيها غلبة الظن بانتفاء أسباب الجرح المستندة إلى تأكد الصّحبة و كثرة الملازمة و المعاملة و مع ثبوت العدالة يحكم بالاستمرار عليها إلى أن يظهر المنافي و قيل إن مضت مدّة يمكن تغيّره فيها جدّد البحث عنه و لا تقدير للمدّة بل بحسب ما يراه الحاكم [- يا -] لو اختلف الشهود في الجرح و التعديل حكم بالجرح لأنّ سببه قد يخفى عن الآخرين و لو تعارضت البينتان فيهما قال في الخلاف يقف الحاكم عن الحكم و لو شهد عدل بالجرح و آخران بالتعديل حكم بالعدالة و له التوقّف مع الريبة و إذا عدله المزكّون فللقاضي التوقّف إذا انفردتا مع الفسق لأنّه محلّ الريبة و يجوز للحاكم التفريق للمشهود خصوصا مع الريبة و إذا كان الشاهد فقيها فله الإضرار على كلمة واحدة و هو أن يقول أعرف عدالتهما و لا يلزمه التفصيل و ليس للقاضي إجباره لكن يبحث عن جهات آخر فلو أصرّ الشاهد و بحث القاضي و لم تزل الريبة وجب القضاء و ليس له القضاء مع الريبة قبل البحث [- يب -] صفات المزكّي كصفات المشهور و يزيد أقران العلم بالجرح و التعديل و الخبرة الباطنة بحال الشاهد و لا بدّ من الذكورة و العدد و ينبغي أن يكون المزكّي صاحب عفّة و نزاهة ذا عقل وافر بريئا من البغضة لئلا يطعن في الشهود و لا يكون من أهل الهواء و العصبية يميل إلى من وافقه على من خالفه و إذا شهد عند الحاكم بالعدالة فله أن يقبل الشهادة من غير كشف و سؤال و لو أقام المدّعى عليه بيّنة أنّ هذين الشاهدين شهدا بهذا الحقّ عند حاكم فرد شهادتهما بفسقهما بطلت شهادتهما و يستحبّ للحاكم أن يسأل عن شهوده كل وقت لأنّ الرّجل ينتقل من حال إلى حال و لا يقبل شهادة المتوسّمين و هو أن يحضر شاهدان يشهدان عند الحاكم و لا يعرفهما و عليهما سيماء الخير [- يج -] ليس على الحاكم الثاني تتبع أحكام المعزول نعم لو ادّعى المحكوم عليه أنّ المعزول حكم عليه بالباطل وجب النظر فيه و كذا لو ثبت عنده ما يبطل حكم الأوّل أبطله لا فرق في ذلك بين حقوقه تعالى و حقوق الناس و لو قضى الأوّل على غريم بضمان مال و أمر بحسبه فحضر الثاني نظر فإن كان الحكم موافقا للحقّ أنفذه و إلاّ أبطله سواء استند في الحكم إلى دليل قطعيّ أو اجتهادي و كذا كلّ حكم حكم به الأوّل فظهر الثاني بطلانه فإنّه ينقضه و كذا لو كان الخطاء في حكم نفسه نقضه و استأنف الحكم بالصواب أو لو كان القاضي الأول لا يصلح للقضاء نقضت أحكامه أجمع سواء أصاب فيها أو أخطأ [- يد -] لو قال المعزول بعد العزل كنت قضيت لفلان لم يقبل قوله و لو قال قبل العزل قبل و إن لم يكن بينة لأنّه من أهل الإنشاء في الحال أمّا لو شهد عدلان بعد

ص: 184

العزل على قضائه ثبت و لو كان هو أحد العدلين لم تقبل إن قال أشهد أنّي قضيت و لو أشهد أنّ قاضيا قضى ففيه نظر [- ير -] لو ادعى رجل على المعزول أنّه أخذ منه رشوة رفعه إلى القاضي المنصوب و حكم بينهما و لو ادّعى أنّه أخذ منه المال بشهادة فاسقين فكذلك فإن حضر و اعترف ألزم المال و إن قال لم أحكم إلاّ بشهادة عدلين قال الشيخ رحمه اللّٰه يطلب منه البيّنة لاعترافه بنقل المال و ادعائه المزيل للضمان و فيه نظر لأنّ الظاهر من الحكّام بذل الجهد و الاستظهار في الأحكام فيكون القول قوله مع اليمين لادّعائه الظاهر و لو ادعى مجرّد الحكم دون أخذ المال فالوجه أنّه كالأول و لو ادّعى الأمين أنّه أخذ شيئا أجرة لم يقبل تصديق المعزول له لكن يطالب بالزائد عن أجرة المثل و الأقرب أنّه لا يحلف على قدر أجرة المثل و لو ادّعى على شاهدين أنّهما شهدا عليه بزور أحضرهما الحاكم فإن اعترفا ألزمهما و إن أنكر أو أقام المدّعي بيّنة على إقرارهما بذلك فكذلك و إن لم يقم بيّنة ففي إحلافهما نظر ينشأ من كونهما منكرين و على المنكر اليمين و من تطرّق الدعاوي و في الشهادة فربما منع ذلك من ردّ الشهادة فربما منع ذلك من أداء الشهادة و الأوّل أقوى [- يو -] إذا استعدى رجل على آخر إلى الحاكم لزمه أن يعديه و يستدعي خصمه مع حضوره و إن لم يحرّر الدعوى سواء علم بينهما معاملة أو لا و سواء كان المستعدي ممن يعامل المستعدى عليه أو لا و لو كان المستعدى عليه امرأة برزة فكالرّجل و إن كانت مخدّرة أقرت بالتوكيل فإن توجّهت اليمين عليها بعث الحاكم أمينا معه شاهدان فاستحلفهما و إن أقرّت شهدا عليها و يجوز أن يبعث الحاكم إلى منزلها من يقضي بينهما فإن اعترفت للمدّعي أنّها خصمه حكم بينهما و إن أنكرت طلب شاهدين من أنسابهما يشهدان أنّها المدّعى عليها ثمّ يحكم بينهما من وراء الستر فإن لم تكن بيّنة التحفت بجلباب و أخرجت من وراء الستر و إن كان المدعى عليه غائبا في غير ولايته لم يكن له أن يعدي عليه و له الحكم عليه و إن كان في ولايته و له في بلده خليفة أثبت الحقّ عنده و كتب به إلى خليفته و لم يحضره و إن لم يكن هناك بينة أنفذه إلى خليفته ليحكم بينه و بين خصمه و إن لم يكن له خليفة و كان فيه من يصلح للقضاء أذن له في الحكم بينهما و إن لم يكن له فيه من يصلح للقضاء طولب بتحرير الدعوى لاحتمال ادعاء ما ليس بحقّ كالشفعة للجار فيلزم المشقة بالإحضار بغير حق بخلاف الحاضر في البلد فإذا حرّر الدعوى طلب خصمه بعدت المسافة أو قربت و لو كان حاضرا و اختفى نادى رسول الحاكم ثلاثا أنّه إن لم يحضره ختم على بابه و يجمع أهل محلّته و أشهدهم على إعذاره فإن لم يحضر و سأل المدّعي ختم بابه ختمها فإن لم يحضر حكم عليه كما يحكم على الغائب و لو ادّعى أحد الرعية على القاضي فإن كان هناك إمام رافعه إليه و إن لم يكن و كان في غير ولايته رافعه إلى قاضي تلك البقعة و إن كان في ولايته رافعه إلى خليفته [- يز -] ينبغي للحاكم أن يفرّق بين الشهود و يستحبّ فيمن لا قوّة له أو في موضع الريبة أمّا إذا كان الشهود من أهل الفضل و البصيرة فإنّه يكره للحاكم ذلك و لا يجوز له أن يتعتع الشاهد بأن يداخله في التلفّظ بالشهادة أو يتعقّبه بل يصبر عليه حتّى ينتهي الشهادة فإن تلعثم أو تردّد لم يجز له ترغيبه بالشهادة و لا تزهيده عنها و كذا يحرم عليه منع الغريم عن الإقرار بحقّ آدميّ و يجوز في حقّ اللّٰه تعالى كما قال رسول اللّٰه ص لماعز لعلك قبلتها لعلك لمستها و هو يؤذن بكفّه عن الإقرار و منعه عنه و له وعظ الشاهدين مع الريبة [- يج -] لو نسي العاطي الحكم فشهد عنده عدلان بأنّه قضى ففي القبول نظر ينشأ من إمكان رجوعه إلى العلم لأنه يرجع إلى فعله فلا يقبل فيه الظن كالشهادة لو نسيها فشهد عنده عدلان بأنّه قد شهد و من قبول هذه الشهادة لو شهدا عند غيره فكذا عنده و لو شهدا بالحكم عند غيره أنفذه إن لم ينكر و لم يكذّبهما أمّا في الرواية فيجوز مع نسيان المروي عنه كما نقل عن بعضهم أنّه كان يقول حدثني فلان عنّي و لو ادعى إنسان على قاض إنّك قضيت لي فأنكر لم يكن له رفعه إلى قاض آخر و لا يتوجّه عليه اليمين كالشاهد إذا أنكر الشهادة [- يط -] إذا اعترف الغريم فقال المقرّ له للحاكم أشهد لي على إقراره و شاهدين لزمه ذلك لاحتمال نسيانه و لو ثبت عنده حقّ بنكول المدعى عليه و يمين المدّعي فسأله المدعي أن يشهد على نفسه لزمه لو ثبت عنده بينة فسأله الإشهاد احتمل اللزوم لاشتمال الحكم على تعديل البيّنة و عدمه إذ بالحقّ بينه و لو حلف المنكر و سأل الحاكم الإشهاد على خروجه عن العهدة لزمه و في جميع ذلك لو سئل الكتابة احتمل اللزوم لأنه وثيقة فهو كالإشهاد إذ هو مذكر للشاهدين و عدمه إذ لا اعتبار بالخطّ و إنّما المرجع إلى الذكر و إذا كتب صورة الواقعة ذكر الواقعة و أسماء الخصمين و حلاهما إن لم يعرفا فإن سأل صاحب الحقّ الحاكم أن يحكم بما يثبت في المحضر الذي نسخ فيه صورة الواقعة لزمه الحكم به فإنفاذه فيقول حكمت له به أو ألزمته الحقّ و أنفذت الحكم به فإن طالبه أن يشهد له على حكمه لزمه و يجمع محاضر كلّ أسبوع و وثائقه و حججه في إضبارة و يكتب عليه أسبوع كذا و يجعل محاضر الشهر في كيس و يكتب محاضر شهر كذا ثمّ يجمع ما للسنة فيكتب عليه قضايا سنة كذا ليكون إخراج ما يحتاج إليه أسهل عند طلبه و يكتب نسخة أخرى في يد المدّعي بحيث توجد إحداهما لو ضاعت الأخرى و ينبغي للحاكم إطلاق ثمن الكاغذ من بيت المال و إن لم يكن هناك فضل أحضر الملتمس و لا يجب إلى الحاكم دفع القرطاس من خاصّته و مع حضور الكاغذ يجب على الحاكم الكتابة [- ك -] يستحب للخصمين

ص: 185

الجلوس بين يدي الحاكم و لو كانا قائمين بين يديه جاز و ليس له أن يجلس أحدهما دون الآخر مع تساويهما في الإسلام و الكفر

الفصل الرّابع في كيفيّة الحكم

و فيه [- ز -] مباحث [- أ -] الدعوى إن كانت بوصيّة أو إقرار سمعت و إن كانت مجهولة و إن كانت في غيرهما قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يسمع إلاّ محرّرة فلو ادعى شيئا مجهولا لم يسمع لأنّ الحاكم يسأل المدعى عليه فإن اعترف به لزمه و لا يمكنه أن يلزمه بالمجهول و فيه نظر و على قوله رحمه اللّٰه إن كانت الدعوى أثمانا افتقر إلى ذكر الجنس و النوع و القدر فيقول عشرة دنانير مضروبة صحاحا مثلا و إن كانت من العروض المثليّة ضبطها بالصفات و لا يحتاج إلى ذكر القيمة و إن لم يكن مثليّا وجب ذكر القيمة و لو كان المدّعى به تالفا فإن كان مثليّا ادّعى مثله و ضبطه بالوصف و إن لم يكن مثليّا ادّعى القيمة لأنّها تجب بتلفه و إن ادعى جرحا له أرش معلوم صحّ ذكر الجرح و إن لم يذكر الأرش و إن لم يكن مقدرا وجب ذكر الأرش و لو ادعى على أبيه دينا لم يسمع حتى يدعي موت أبيه و أنّه ترك شيئا في يد ولده بقدر الدين و لو كان فيه وفاء للبعض ذكر ذلك القدر و لو جهل المدّعي تحرير الدعوى فهل للقاضي تلقينه التحرير فيه نظر أقربه الجواز لأنّ ذلك تحقيق للدعوى و هل يشترط إيراد الدعوى بصورة الجزم أو يكفي قوله أظنّ أو أتوهّم فيه نظر فإن قلنا بسماعها لم يكن له الحلف بالردّ و لا مع إقامة شاهد واحد بل يجب البيّنة عليه أو يحلف المنكر و ليس للمنكر حينئذ الردّ بل إمّا أن يحلف أو يخرج عن الحقّ و فيه إشكال [- ب -] إذا حرّر المدعي دعواه فللحاكم أن يسأل خصمه عن الجواب و يحتمل توقّف ذلك على التماس المدّعي لأنّه حقه فيتوقف على المطالبة و الأوّل أقرب لأنّ شاهد الحال يدلّ عليه فإن إحضاره و الدعوى إنّما يراد ليسأل الحاكم الغريم فيقول لخصمه ما تقول فيما يدّعيه أو ما عندك فيه فإن أقرّ لزم الحقّ و إن لم يقله الحاكم قضيت بخلاف البيّنة لأنها تتعلق باجتهاد الحاكم و ليس للحاكم أن يحكم عليه إلاّ بمسألة المدعي لأنّه حقّه فيتوقّف استيفاؤه على مطالبته و يحتمل أن يحكم عليه من غير مسألة أمّا لو كان المدعي جاهلاً بمطالبة الحاكم فإن الحاكم يحكم عليه أو ينبّهه على ذلك الحكم لئلاّ يضيع حقّه بجهله فيترك المطالبة و كيفيّة الحكم أن يقول الحاكم قد ألزمتك ذلك أو قضيت عليه أو أخرج إليه من ماله أو أدفعه إليه و إن طلب المدّعي أن يكتب الإقرار كتب له إن كان يعرفه بنسبه أو يشهد عنده شاهدان عدلان بالنسب و لو شهد عليه بالحلية جاز و إن لم يعرف النسب و إن استوفى الحقّ من المحكوم عليه فقال للحاكم اكتبه لي محضرا بقبض الحقّ منّي لئلا يطالبني الخصم مرّة أخرى في موضع آخر فالوجه وجوب إجابته و لو قال أريد الكتاب الذي ثبت به الحقّ لم يلزم المدعي دفعه إليه لأنّه ملكه و لاحتمال خروج العوض مستحقا فيعود إلى ماله و كذا كلّ من كان له كتاب بدين فاستوفاه أو عقار باعه لم يلزمه دفع الكتاب و لو ادّعى المقرّ الإعسار فإن صدّقه غريمه أو ثبت بالبينة أو عرف ماله انظر حتّى يوسر و في رواية يسلم إلى غرمائه ليستعملوه أو يؤاجره و إن جهل حاله بحث الحاكم عنه ثمّ إن عرف له أصل مال أو كانت الدعوى مالا حبس حتّى يثبت إعساره و إن لم يعرف له أصل مال و لا كانت الدعوى مالا فالقول قوله مع اليمين [- ج -] إن أنكر الخصم و قال لا حق للمدّعي فإن كان المدعي عارفا بأنّه موضع المطالبة بالبيّنة تخيّر الحاكم بين السكوت و بين قوله أ لك بيّنة و إن كان جاهلا قال الحاكم ذلك فإن قال لا بيّنة لي قال له الحاكم لك يمينه فإن سأل الإحلاف أحلفه الحاكم و ليس للحاكم أن يستحلفه قبل مسألة المدّعي لأنّه حقّه فليس له استيفاؤه من غير مطالبة مستحقّه فإن استحلفه الحاكم قبل طلب المدّعي أو بادر الخصم فحلف وقعت يمينه لاغية و أعادها الحاكم مع مطالبة المدّعي بها و إن أمسك المدّعي عن إحلاف المنكر ثمّ أراد إحلافه بالدعوى المتقدّمة جاز لأنه لم يسقط حقّه منها و إنّما أخّرها و إن قال أبرأتك من هذه اليمين سقط حقّه منها في هذه الدعوى و له أن يستأنف الدعوى لأنّ حقه لا يسقط بالإبراء من اليمين فإن استأنف الدعوى و أنكر الخصم فله إحلافه لأنّ هذه الدّعوى مغايرة للتي أبرأه من اليمين فيها فإن حلف سقطت الدعوى و لم يكن للمدعي إحلافه في غيرها في هذا المجلس و لا في غيره و كذا لو أبرأه من الحقّ الذي ادّعاه [- د -] إذا حلف المنكر عند الحاكم بسؤال المدّعي سقطت الدعوى عنه فإن عاود المطالبة أثم و لم يسمع دعواه و لو ظفر للغريم بمال لم يحلّ له أخذ شيء منه و لو أقام بيّنة لم تسمع و قيل يعمل بها ما لم يشترط المنكر سقوط الحقّ باليمين و قيل إن نسي بينة سمعت و المرويّ الأوّل و لو أقام بعد الإحلاف شاهدا واحدا و بذل اليمين معه لم يكن له ذلك نعم لو أكذب الحالف نفسه جاز مطالبته و حلّت مقاصّته بما يجده له مع امتناعه عن التسليم و لو ادّعى صاحب الحقّ أنّ الحالف أكذب نفسه فأنكر كانت دعوى مسموعة يطالب فيها بالبيّنة و المنكر باليمين [- ه -] لو امتنع المنكر من اليمين بعد طلب المدعي و توجهها عليه فلم يحلف و ردّ اليمين على المدعي لزم المدّعي الحلف فإن حلف ثبت حقّه و إن نكل سقطت دعواه و إن نكل المنكر و لم يرد قال له الحاكم إن حلفت و إلاّ جعلتك ناكلا ثلاث مرات استظهارا لا وجوبا فإن حلف برئ و إن ردّ فكذلك و إن بقي على النكول قيل يقضى عليه بالنكول و قيل يردّ اليمين على المدّعي فإن حلف ثبت حقّه و إن امتنع سقط و هو الأقوى و لو بذل المنكر اليمين بعد النكول لم يلتفت إليه [- و -]

ص: 186

لو قال المدّعي عند سؤال الحاكم له أ لك بينة نعم لي بينة جاز للحاكم أن يقول له أحضرها فإذا حضرت لم يسألها الحاكم عن شيء ما لم يلتمس المدعي و مع الإقامة لا يحكم إلاّ بسؤال المدّعي و إن عرف العدالة و بعد أن يسأل المنكر عن الجرح فإن قال نعم و سأل الإنظار أنظره ثلاثة أيّام فإن أقام بيّنة بالجرح سقطت البينة و عادت المنازعة و إن تعذّر الجرح حكم بعد سؤال المدّعي و لا يستحلف المدّعي مع البيّنة إلاّ أن يكون الشهادة على ميّت فيستحلف على بقاء الحق في ذمته استظهارا و الأقرب أنّ الصبيّ و المجنون و الغائب كذلك و يدفع الحاكم من مال الغائب قدر الحق بعد التكفيل للقابض و لو قال المدّعي لي بينة و هي غائبة خيره الحاكم بين الصبر حتّى يحضر و بين إحلاف الغريم و لو سأل حبسه أو كفيلا حتّى يحضر بيّنة لم يلزم إجابته و لو أقام المدعي البيّنة و لم يثبت عدالتها و سأل حبس غريمه أو مطالبته بكفيل حتّى يثبت عدالتها لم يكن له ذلك أمّا لو أقام شاهدا واحدا و ثبت عدالته و كان الحق لا يثبت إلاّ بشاهدين لم يحبس الغريم أيضا و لو كان يثبت بشاهد و يمين ثمّ سأل ذلك قال الشيخ يجاب إليه لأنّه يمكنه إثبات حقّه باليمين و ليس بجيّد لأنّه إلزام بحقّ لم يثبت موجبه و لو أقام المدّعي شاهدا واحدا و رضي بيمين المنكر استحلف فإن عاد قبل إحلاف المنكر فبذل اليمين احتمل إجابته إلى ذلك و عدمها [- ز -] أو لم يقرّ الخصم و لم ينكّر و سكت فإن كان لآفة من طرش أو خرس توصّل الحاكم إلى معرفة جوابه بالإشارة المفيدة لليقين فإن افتقر إلى المترجم وجب اثنان عدلان و إن كان عنادا حبس حتّى يجيب و قيل يقهر على الجواب و قيل بل يقول الحاكم إمّا أن تجيب و إمّا أن أجعلك ناكلا و أردد اليمين على المدّعي فإن أصرّ ردّ الحاكم اليمين على المدّعي و الأوّل مروي

الفصل الخامس في القضاء على الغائب

و فيه [- ح -] مباحث [- أ -] يقضى على الغائب عن مجلس الحكم مطلقا سواء كان مسافرا أو حاضرا و قيل يعتبر في الحاضر تعذّر حضوره عن مجلس الحكم سواء كان للغائب وكيل أو شفيع أو لم يكن [- ب -] لا بدّ و أن يكون الدعوى على الغائب معلومة بأن يعين جنس المال و قدره و أن تكون صريحة بأن يقول إنّي مطالب به و لا يكفي قوله لي عليه كذا و لا بدّ من أن يكون معه بيّنة و يدّعي جحود الغائب فلو أقرّ أنّه معترف لم تسمع بيّنته إلا لأخذه المال و لو لم يتعرض لجحوده السماع و عدمه و لو شيئا مستحقا و إن لم يدع الجحود [- ج -] قد بيّنا أنّ الأقوى وجوب إحلاف المدّعي على الغائب مع البيّنة على بقاء الحقّ و عدم الإبراء و الاستيفاء و لا يجب التعرّض في اليمين لصدق الشهود و لو ادّعى وكيله على الغائب فلا يمين و يسلّم الحقّ و لو ادّعى وكيل الغائب على الحاضر فقال أبرأني موكّلك الغائب أو سلمت إليه لم ينفعه و يسلّم المال ثمّ يثبت الإبراء أو يصير إلى أن يحلف الغائب و إلاّ أدّى إلى تعذّر استيفاء الحقوق بالوكالة مع الغيبة و يحتمل التوقّف لإمكان الأدلة [- د -] إنّما يقضى على الغائب في حقوق الناس كالديون و العقود و الأرش و القصاص أمّا حقوق اللّٰه تعالى كالحدّ في الزنا و اللواط و شبههما فلا و لو اشتمل الحكم على الحقّين قضي بالمختصّ بالناس كغرم المال في السرقة دون القطع فيها و للحاكم أن يتصرّف في المال الحاضر لليتيم الغائب و عن لا بيّنة و له نصب قيّم في ذلك المال [- ه -] إذا سمع البيّنة فحضر الغائب قبل الحكم عرّفه الحاكم الدعوى و البيّنة و العدالة فإن اعترف حكم عليه باعترافه و إن ادّعى القضاء أو الإبراء أو الجرح أجل ثلاثة أيّام ليالي بالبيّنة على ذلك فإن أقام البيّنة و إلاّ حكم عليه و إن حضر بعد الحكم فإن اعترف ألزمه و إن أقام بيّنة بالقضاء أو الإبراء برئ و إن جرح الشهود لم يسمع منه حتّى يثبته مقيّدا و هو أن الفسق كان موجودا حال الحكم أو قبله لجواز تجدده بعده [- و -] إذا أقرّ المحكوم عليه أنّه هو المشهود عليه ألزم و إن أنكر و كانت الشهادة بوصف يحتمل المشاركة فيه غالبا فالقول قوله مع اليمين إلاّ أن يقيم المدعي البيّنة أنّه الغريم و إن كان الوصف ما يندر المشاركة فيه لم يلتفت إلى إنكاره و لو ادّعى أن في البلد من يشاركه في الوصف أو في الاسم و النسب كلّف بيانه فإن كان حيّا كلّف إحضاره و سئل فإن اعترف أنّه الغريم ألزم و أطلق الأوّل و إن أنكر وقف الحكم حتّى تظهر إما بأن يحضر الشهود و يشهدون على العين أو بأن يذكروا مزيّة لأحدهما يتميّز بها عن صاحبه و إن كان المساوي ميتا فإن دلت الحال على براءته بأن يقادم عهد موته عن الواقعة أو عن الغريم ألزم الأوّل و إن اشتبه أخّر الحكم حتّى يظهر [- ر -] المحكوم به إذا كان غائبا فإن كان دينا ميزه بالقدر و الجنس و إن كان عقارا ميزه بالحدّ أمّا ما عداهما من الأقمشة و الرقيق و الحيوان احتمل الحكم على غيبة بعد تمييزه بالصفات النادرة الاشتراك خصوصا إذا عسر اجتماعها كالمحكوم عليه و احتمل تعلّق الحكم بالقيمة فلا يجب ذكر الصفات و يحتمل عدم الحكم بل يسمع البيّنة و يكتب إلى القاضي الآخر ليسلم العبد الموصوف إليه ليحمله إلى بلد الشهود ليعيّنوه بالإشارة و لا يجب على سيد العبد ذلك بل يكلّف المدّعي إحضار الشهود ليشهدوا بالعين فإن تعذر إحضارهم لم يجب حمل العبد إلى بلدهم و لا بيعه على من يحمله و لو رأى الحاكم ذلك صلاحا جاز فإن تلف العبد قبل الوصول أو بعده و لم يثبت دعواه ضمن المدعي قيمة العبد و أجرته و إذا حمله الحاكم للمصلحة ألزم الغريم بكفيل ليأخذ العبد من صاحب اليد و بالقيمة ثمّ يستردّها إن ثبت ملكه فيه و لو كان المحكوم عليه و العبد حاضرين إلاّ أن المدّعى عليه لم يحضره مجلس الحكم طولب بإحضاره بعد قيام الحجّة بالصفة و إن عرف القاضي العبد حكم بعلمه من دون الإحضار و إن أنكر وجود

ص: 187

العبد في يده طولب المدّعي بالبيّنة على أنّه في يده فإن أقام أو حلف بعد النكول حبس إلى أن يحضره أو يدّعي التّلف فإن أحضر أعاد الشهود الشهادة على العين و لو حلف المنكر أنّه ليس في يده هذه العبد الموصوف و لا بيّنة بطلت الدعوى و لو شهدت البيّنة أنّ العبد الذي في يده للمدّعي ثبت الحكم و لا حاجة إلى الوصف [- ح -] أجمع علماؤنا على أنّه لا اعتبار بكتاب قاضي إلى قاض و لا يجوز العمل به أمّا إذا حكم الحاكم و شهد بحكمه عدلان و حضر الخصومة و كيفيّة الحكم و أشهدهما على حكمه ثمّ أقاما البيّنة عند حاكم آخر ثبت ذلك الحكم عند المشهود عنده و أنفذ الثاني ما ثبت عنده لا أنّه يحكم بصحّة الحكم في نفس الأمر و إنّما يمضي ما حكم به الأوّل لينقطع الخصومة و إن لم يحضر الشاهدان الحكومة بل حكى القاضي لهما و أشهدهما على حكمه ففي القبول نظر و كذا الإشكال لو أخبر الحاكم حاكما آخر بأنّه ثبت عنده كذا و أنّه حكم به أمّا لو أخبره أنّه ثبت عنده و لم يخبره بالحكم فإنّه لا ينفذه قطعا و لا اعتبار بالكتابة سواء كان الكتاب مختوما أو لا و لو تغيّرت حال الأوّل بموت أو عزل لم يقدح ذلك في العمل بحكمه أمّا لو تغيّرت بفسق فإنّه لا اعتبار بحكمه و ما سبق إنفاد حكمه على فسقه يقرّ عليه و لا اعتبار بتغيّر المكتوب إليه فلو حكم و شهد بحكمه عدلان و كتب بصورة الحكم إلى آخر فتغيّرت حال الثاني لم يبطل حكم الأوّل و جاز لكلّ من يثبت عنده حكمه بشهادة الشاهدين إنفاد ما حكم به و لو شهد الشاهدان بتفصيل الحكم بخلاف ما في الكتاب جاز لأنّه لا عبرة بالكتاب نعم لو حدث للقاضي الثاني الريبة توقف في الحكم و لو قال القاضي أشهدا بأنّ ما في هذا الكتاب خطّي لم يكف و كذا لو قال ما في الكتاب حكمي نعم لو قرأه عليهما و فصّل لهما ما فيه و حضر الخصومة و الحكم جاز لهما الشهادة فيكون المعتبر حينئذ ما علماه لا ما في الكتاب و لو قال المقرّ له أشهد عليّ بما في القبالة فأنا عالم به ففي الاكتفاء به نظر فإن قلنا به فلا بدّ و أن يحفظ الشاهد القبالة أو ما فيها و إذا كتب الأوّل فليذكر في الكتاب اسم المحكوم عليه و اسم أبيه و جدّه و تحلّيه بحيث يتميّز عن غيره فإن أنكر المأخوذ كونه مسمى بذلك الاسم حلف و انصرف القضاء عنه و إن نكل حلف المدعي و توجّه الحكم عليه و لو لم يحلف على نفي الاسم بل على أنّه لا يلزمني شيء لم يقبل و لو قصر القاضي فكتب أنّي حكمت على جعفر بن محمّد فالحكم باطل حتّى لو أقرّ رجل بأنّه جعفر بن محمّد و أنّه المقصود بالكتاب و لكن أنكر الحقّ لم يلزمه شيء بالقضاء المبهم و لو لم يحكم الأوّل و لكن اقتصر على سماع البيّنة لم يفد شيئا و افتقر الثاني إلى سماع البيّنة أيضا

الفصل السّادس في الدعاوي و البيّنات
اشارة

مدار هذا الفصل على خمسة مطالب الدعوى و الجواب و اليمين و النكول و البيّنة

المطلب الأول في الدعوى

و فيه [- ى -] مباحث [- أ -] من كان له عين في يد غيره كان له انتزاعها و لو قهرا ما لم يحصل فتنة و لا يفتقر إلى إذن الحاكم أمّا العقوبة فيقف استيفاؤها على إذن الحاكم و أمّا الدين فإن كان الغريم مقرّا به باذلا له لم يكن لصاحبه الأخذ من دون إذن الغريم أو الحاكم لأنّ الغريم مخيّر في جهة القضاء فلا يتعيّن الحقّ إلاّ بتعينه أو تعيين الحاكم مع غيبة و لو كان الغريم معترفا مماطلا أو جاحدا و هناك بيّنة ثبت عند الحاكم و الوصول إليه ممكن ففي جواز الأخذ من دون الحاكم تردّد ينشأ من جواز الاقتصاص مطلقا و من كون التعيين منوطا بنظر الغريم أو الحاكم و قصّ الشيخ رحمه اللّٰه على الجواز و لو كان جاحدا و لا بيّنة هناك أو تعذّر الوصول إلى الحاكم و وجد الغريم من جنس ماله جاز له الأخذ مستقلاّ بقدر حقّه سواء كان المال وديعة عنده أو لا و منع الشيخ رحمه اللّٰه من الأخذ من الوديعة و الوجه الكراهية و لو كان المال من غير الجنس جاز أن يأخذ بقدر حقّه بعد التقويم بالقيمة العدل و لا اعتبار حينئذ برضاء المالك و إذا أخذ ما يساوي دينه باعه و قبض الدين من الثمن و كان كالوكيل عن المالك فإن تلف قبل البيع قال الشيخ ره الأليق بمذهبنا عدم الضمان و هو وجه و يحتمل الضمان لأنّه قبض لم يأذن فيه المالك فيتقاصان حينئذ و ليس له الانتفاع قبل البيع و عليه المبادرة إلى البيع فلو قصر و نقصت القيمة ضمن النقصان و لا يضمن ما ينقص قبل التقصير و لو أخذ ما يزيد على مقدار حقّه فهو من ضمانه إلاّ مع التعذّر بأن يكون حقّه مائة و لم يجد سوى سيف يساوي مائتين أو جارية كذلك فالأقرب هنا عدم الضمان و كذا لو احتاج إلى نقب جداره فالأقرب أنّه لا يضمن النقب لاحتياجه إليه و لو كان حقّه صحاحا فوجد المكسور جاز أن يتملّك و يرضى به و لو كان بالعكس فليس له التملّك و لا البيع بالمكسور مع التفاضل للربا بل يبيعه بالدنانير و يشتري بها من الدراهم قدر حقّه و لو استحق كلّ واحد منهما على صاحبه ما لا يحصل التقاصّ فيه إلاّ بالتراضي فجحد أحدهما فللآخر أن يجحد [- ب -] المدّعي هو الذي يخلّي و سكوته و قيل الّذي يدعي خلاف الظاهر أو خلاف الأصل و تظهر الفائدة في الزوجين إذا أسلما قبل الدخول و ادّعى الزوج المعيّة في الإسلام ليدوم النكاح و ادّعت المرأة التعاقب فإن عرفنا المدعي بالأوّل فالمدّعي هنا المرأة لأنّ الزوج لا يخلّي و سكوته و إن عرّفناه بالثاني فالمدّعي الزوج لأنّ الذي يدّعي خلاف الظاهر فإنّ الاصطحاب نادر و الحلّي هو التعاقب في الإسلام إذا عرفت هذا فالمنكر في مقابلته [- ج -] يشترط في المدعي البلوغ و كمال العقل و أن يدّعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه بأن يكون وكيلا أو وصيّا أو وليّا أو حاكما أو أمينه و أن يدّعي ما يصحّ تملّكه

ص: 188

أو لمن يدّعي عنه فلو ادّعى الصغير أو المجنون أو من لا ولاية له عليه أو ادّعى خمرا أو خنزيرا أو كان مسلما لم تسمع دعواه و لا بدّ من صحة الدعوى فلو ادعى أنّ له عليه شيئا لم تسمع و لو قال وهب منّي لم يسمع حتّى يدعي القبض و كذا لو قال وقف عليّ أو رهن عندي إن قلنا باشتراط القبض في الرهن لو ادّعى البيع افتقر إلى أن يقول و يلزمه التسليم إليّ لجواز الخيار فيحلف المنكر أنّه لا يلزم التسليم [- د -] لو قامت عليه البيّنة بملك أو حقّ فليس له أن يحلف المدّعي مع البيّنة ما لم يقدّم دعوى صحيحة كبيع أو إبراء و لو ادّعى فسق الشهود و علم الخصم به أو فسق الحاكم الذي حكم عليه ففي السماع تردّد ينشأ من أنّه ليس حقّا لازما و لا يثبت بالنكول و لا اليمين المردودة و لأنّه تشير إفسادا و من أنه ينتفع به في حقّ لازم كما لو قذف ميّتا و طلب الوارث الحدّ فادّعى علمه بزناه و لو ادّعى الإقرار ففي تحليف منكره إشكال ينشأ من أنّ الإقرار لا يثبت حقّا في نفس الأمر بل يقضي به ظاهرا و ليس الإقرار عين الحقّ و كذا لو قال بعد قيام البيّنة قد أقرّ لي بهذا و كذا لو توجّه اليمين على المدّعى عليه فقال قد حلّفني عليه مرّة و أراد يحلفه عليه ففي سماع هذه الدعاوي إشكال و لا يسمع الدعوى على القاضي و الشاهد بالكذب لما في ذلك من الفساد العظيم [- ه -] لو قال المنكر بعد قيام البيّنة أمهلوني فلي بيّنة رافعة حتّى أحضرها أجّل ثلاثة أيّام و لو قال أبرأني عن الحقّ فحلفوه سمع و أحلف المدّعي على عدم الإبراء قبل الاستيفاء و لو أبرأني عن الدعوى لم تسمع و لو قال أبرأني موكّلك استوفي في الحال [- و -] لا يفتقر صحّة الدعوى إلى التفصيل من كلّ وجه في نكاح و لا غيره إلاّ في دعوى القتل لعظم خطره و عدم استدراك فائته فلو قالت هذا زوجي كفا في ادعاء النكاح و إن لم يضم إليه دعوى شيء من حقوق الزوجيّة و لو ادّعى البيع لم يفتقر إلى ضمّ قيد الصّحة و لو أنكر الزوجيّة بعد ادعائها لم يكن ذلك طلاقا فلو رجع سلّمت الزوجة إليه و لو بقي على إنكاره لم ينتف الدعوى إلاّ باليمين فإن نكل قضي عليه بالنكول على أحد قول علمائنا و على الآخر يردّ اليمين على الزوجة فإذا حلفت ثبتت الزوجيّة و في تمكين الزوج منها إشكال ينشأ من إقراره على نفسه بتحريمها و من حكم الحاكم بالزوجيّة و كذا البحث لو كان المدعي للزوجيّة هو الرّجل [- ز -] لو ادّعى أنّ هذه بنت أمته لم تسمع لاحتمال أن تلدها في ملك غيره أو حرّة لم ينتقل إليه و كذا لو قال ولدتها في ملكي لاحتمال أن تكون حرّة أو ملكا لغيره و لو أقام بيّنة بذلك لم تسمع ما لم تشهد بأنّ البنت ملكه و كذا البحث لو قال هذه ثمرة نخلتي أو هذه بيضة دجاجتي و لو أقرّ من في يده الجارية أو الثمرة أنّ هذه بنت جاريته أو ثمرة نخلته لم يحكم عليه لو فسّره بما ينافي الملك أمّا لو قال هذا الغزل من قطن فلان أو هذا الخبز من حنطته أو هذه الدجاجة من بيضته فإنّه يحكم بالملك للمقرّ له [- ح -] لو ادعى من يباع في الأسواق الحرّية لم تسمع منه إلاّ بالبيّنة و كذا لو ادعى العتق أمّا لو ادعى مجهول الحال الحرّية في الأصل فالقول قوله مع يمينه و لو ادعى الإباق كلّف بالبيّنة و يجوز شراء من يوجد في أيدي الناس من العبيد بظاهر اليد خصوصا مع سكوت العبد و لا يفتقر إلى الإقرار [- ط -] لو ادعى دينا مؤجلا سمعت دعواه و إن لم يلزم به شيء في الحال و يسمع دعوى الاستيلاد التدبير و لو سلم ثوبا إلى دلال قيمته خمسة و أمره أن يبيعه بعشرة فأنكر فله أن يقول لي عليه ثوب إن تلف فعليه خمسة و إن باع فعشرة و إن كان باقيا فعليه ردّه سمعت هذه الدّعوى مع التردّد للحاجة [- ى -] من ادّعى ما لا يد لأحد عليه قضي له به لعدم المنازع و لما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّٰه قال قلت عشرة كانوا جلوسا و وسطهم ليس فيه ألف درهم فسأل بعضهم بعضا أ لكم هذه الكيس فقالوا كلّهم لا فقال واحد منهم هو لي فلمن هو قال للذي ادعاه و روى الحسن بن يقطين عن أمية بن عمرو عن المتغيري قال سئل أبو عبد اللّٰه ع عن سفينة انكسرت في البحر فأخرج بعضه بالغوص و أخرج البحر بعض ما غرق فيها فقال أمّا ما أخرجه البحر فهو لأهله اللّٰه أخرجه و أمّا ما أخرج بالغوص فهو لهم و هم أحقّ به قال ابن إدريس إنّ ما أخرجه البحر فهو لأصحابه و ما تركه أصحابه آيسين منه فهو لمن وجده و غاص عليه لأنّه بمنزلة المباح كالبعير يترك في غير كلاء و لا ماء من جهل فإنّه يكون لواجده و ادّعي الإجماع على ذلك

المطلب الثاني في الجواب

و هو إمّا إقرار أو إنكار أو سكوت و فيه [- ه -] مباحث [- أ -] لو قال المدّعى عليه لي عن دعواك مخرج أو لفلان عليّ أكثر من مالك استهزاء و قال الشهود عدول لم يكن إقرارا و لو قال لي عليك عشرة فقال ليس يلزمني العشرة كفى في الإنكار و كلف في اليمين أنّه ليس عليه عشرة و لا شيء منها و إن اقتصر على نفي العشرة كان ناكلا عن اليمين فيما دون العشرة لأنّ المدعي للعشرة مدّع لأجزائها فللمدعي أن يحلف على عشرة الأشياء نعم لو أضاف المقدار إلى عقد بأن يقول أشتري بعشرة فيقول ما اشتريت بعشرة أو يقول نكحني بخمس فيحلف أنّه لم ينكح بالخمس لم يكن للمدعي هنا اليمين على الأقلّ للتناقض [- ب -] لو قال مزّقت ثوبي فلي عليك الأرش كفاه أن يقول لا يلزمني الأرش و إن لم يتعرّض للتمزيق لجواز أن يمزّقه و لا يلزمه الأرش فلو أقرّ لطولب بالبيّنة و يتعذّر عليه و كذا لو ادعى عليه دينا فقال لا يستحقّ عندي شيئا لم يكلّف الحلف على عدم الاقتراض لجواز الاستيفاء و الإبراء و لو ادعى عينا فقال لا يلزمني التسليم كفى في الجواب لجواز أن يكون رهنا أو مستأجرة

ص: 189

فلو أقام المالك البيّنة بالملك وجب التسليم و كذا لو قال إنّه في يدي بإجارة فالقول قول المالك مع اليمين لا قول ذي اليد و لو فصل الجواب و قال إن ادّعيت ملكا مطلقا فلا يلزمني التسليم و إن ادّعيت مرهونا فقل حتّى أجيب لم يسمع و لو احتال فأنكر المالك عقيب إنكار المدّعي الدين فالوجه الجواز كمن ظفر بغير جنس حقّه [- ج -] لو ادعى شيئا فقال من هو في يده ليس لي بل هو لفلان اندفعت الحكومة عنه سواء أسند المالك إلى حاضر أو إلى غائب فإن قال المدّعي أريد إحلافه على عدم علمه بأنّ العين لي قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يحلف و لا يغرم و لو نكل فالوجه وجوب إحلافه لأنّ فائدة اليمين ظاهرة و هو الغرم لو امتنع لا القضاء بالعين لو نكل أو ردّ لأنّه حال بين المالك و ماله بإقراره لغيره ثمّ المقرّ له إن انكسر و قال إنها للمدّعي حكم له بها و إن لم يقل ذلك و لكن قال ليست لي حفظها الحاكم لخروجها عن المقرّ و لم يدخل في ملك المقرّ له و يحتمل أن يسلم إلى المدّعي إذ لا منازع له و أن يترك في يد ذي اليد إلى قيام حجّته لأنّه أقرّ للثالث و بطل إقراره بردّه فصار كأنّه لم يقرّ و الأوّل أقوى فإن رجع المقرّ له و قال غلطت بل هو لي ففي قبول ذلك منه إشكال و لو رجع المقرّ و قال غلطت بل هو لي فإن كان في يده فالأقرب القبول و إن لم يكن في يده فالأقرب العدم لانتفاء سلطنة اليد و هكذا كلّ من نفى عن نفسه شيئا ثمّ رجع فيه قبل أن يقرّ لغيره أو بعده لكن المقرّ له ردّ الإقرار فإن قلنا بقبول رجوعه و طلب المدّعي إحلافه فإن كان قد حلّفه أوّلا لفائدة الغرم مع الاعتراف لم يكن له ذلك و إن لم يكن حلّفه أوّلا كان له إحلافه رجاء أن يقرّ له به و لو قال المقرّ له أنّها للمدعي سلّمت إليه و لو قال إنّها لثالث انتقلت الحكومة إلى الثالث و لو كان المقرّ له غائبا كان للمدّعي الإحلاف أيضا للغرم لا للقضاء بالعين لو نكل أو ردّ اليمين و لو أقرّ بها للمدّعي لم يسلّم إليه لأنّه اعترف بها لغيره و يلزمه قيمتها و لو كان مع المدعي بيّنة سمعها الحاكم و قضى على الغائب و كان الغائب على خصومته إذا حضر فله أن يقدح في شهوده أو يقيم بيّنة تشهد له باعتراف المدّعى له و لو أقام الغائب البيّنة بأنّ العين ملكه ففي القضاء له قولان مبنيّان على تقديم بيّنة الداخل و الخارج و لو أقام ذو اليد بيّنة تشهد للغائب بها سمعها الحاكم و لم يقض بها لأنّ البينة للغائب و الغائب لم يدع هو و لا وكيله و إنّما الفائدة سقوط اليمين عن المقرّ له إذا ادّعى عليه العلم و لو ادعى وكالة الغائب كان له إقامة البيّنة عن الغائب و لو ادّعى رهن الغائب أو إجارته فالأقرب سماع البيّنة عن الغائب بالملك لتعلّق المقر بحقّ و لو أقام المقرّ البيّنة للغائب لدفع محذور اليمين عنه ثمّ حضر الغائب افتقر إلى إعادة البيّنة و يحكم له بها فإن أقام المدّعي بيّنة قضي له دون بيّنة الغائب لأنّ الغائب إذا حضر صار صاحب اليد نائبا عنه و كان اليد للغائب فيقضى للخارج و لو أقام المقرّ بيّنة بالرهن أو الإجارة قدّمت بينة المدّعي أيضا لأنّه خارج و لو صدّق ذو اليد المدّعي على دعواه فأقام الغائب البيّنة بالملك انتزعت من المدّعي و لم يكن على ذي اليد غرم لأنّ الحيلولة إنّما حصلت بالبيّنة لا بالإقرار فإن أقرّ للغائب بعد تصديق المدّعي لم يغرم للمدّعي لأنّ رجوعه إلى الغائب بالبيّنة لا بالإقرار و لو أقرّ لمجهول و لم يعيّنه لم يندفع الخصومة عنه بل يطالب بالبيان أو يحلف فإن نكل حلف المدّعي و أخذه و لو أقرّ لصبيّ أو مجنون فالخصم وليّهما و لا يحلف الوليّ بل يطالب المدّعي بالبيّنة أو يؤخّر إلى البلوغ و الرشد ثمّ يحلّف الصّبي و المجنون و كذا لو قال هو وقف على الفقراء اندفعت الحكومة عنه و لم ينجع إلاّ بالبيّنة إذ لا يمكن تحليف المنسوب إليه نعم للمدّعي إحلافه للغرم [- د -] لو خرج المبيع مستحقّا بالبيّنة فللمشتري الرجوع على البائع بالثمن فإن صرّح في نزاع المدّعي بأنّه كان ملك البائع فالوجه عدم الرّجوع لاعترافه بكذب المدّعي و أنّه ظالم و يحتمل الرجوع إن قال إنّما قلت ذلك على رسم الخصومة أمّا لو قال إنه ملكي ثم قال أسندت ذلك إلى الشراء من البائع فالأقرب هنا الرجوع و لو ضمّ إليه ادّعى الملكية للبائع فكالأول و لو أقام بيّنة بجارية فأحبلها ثمّ كذّب نفسه فالولد حرّ و عليه قيمته لمولاه و عليه مهر الجارية و أمّا الجارية فيحتمل دفعها إلى الأوّل و دفع القيمة لثبوت حكم الاستيلاد لها [- ه -] إذا ادّعى على العبد فالغريم مولاه سواء ادّعى مالا أو جناية و لو ادعى جناية العمد فاعترف المولى لم يتوجّه على العبد القصاص و لا يضمن المولى و طريق التخلّص مطالبة العبد بالجواب فإن اعترف كمولاه اقتصّ منه أوّلا كان للمجني عليه في رقبته بقدر الجناية و له تملّكه إن استوعبته

المطلب الثالث في اليمين
اشارة

و النظر في أمور

الأوّل في الكيفيّة

و فيه [- ز -] مباحث [- أ -] لا يستحلف أحد إلاّ باللّٰه تعالى سواء كان الحالف مسلما أو كافرا و قيل يضمّ في يمين المجوسي إلى لفظة الجلالة ما يزيل الاحتمال لأنّه يسمّى النّور إلها و لا يجوز الحلف بغير أسماء اللّٰه تعالى الخاصّة به أو الغالبة عليه كالرّحمن فلو حلّفه بالكتب المنزلة أو الأنبياء أو الأئمّة أو الأماكن الشريفة أو بشيء من الكواكب أو بغير ذلك من مخلوقات اللّٰه تعالى كانت لاغية و لا يجوز الإحلاف بشيء من ذلك لأنّه بدعة و كذا لا يجوز الحلف بالقرآن و لا بالبراءة من اللّٰه و لا من رسوله و لا من أحد من الأئمّة ع و لا من الكتب المنزلة و لا يجوز الحلف بالكفر و لا بالعتق و لا بالطلاق [- ب -] ينبغي للحاكم إذا توجّهت اليمين على أحد أن يخوّفه باللّٰه تعالى و يعظه و يذكّره العقاب الذي يستحقه على اليمين الكاذبة و الوعيد

ص: 190

عليها فإن رجع حكم عليه بمقتضى الشرع و إن أصرّ استحلفه باللّٰه تعالى أو بشيء من أسمائه و لو رأى الحاكم إحلاف الذمّي بما يقتضيه دينه أردع جاز [- ج -] الواجب في اليمين أن يقول قل و اللّٰه ما له قبلي حقّ لكن ينبغي للحاكم أن يغلّظ بالقول و الزمان و المكان و ليس واجبا و إن التمسه المدّعي و لا يعدّ الناكل عن التغليظ ناكلا و لا يقهر عليه و لو حلف على عدم التغليظ لم يؤمر بحلّ اليمين فالتغليظ بالقول مثل أن يقول قل و اللّٰه الذي لا إله إلا هو الرّحمن الرّحيم الطالب الغالب الضار النافع المدرك المهلك الذي يعلم من السر ما يعلمه من العلانية ما لهذا المدّعي على ما ادّعاه و لا له قبلي حقّ منه أو نحو ذلك من الألفاظ المشتملة على الثناء على اللّٰه تعالى و أمّا بالمكان فإن يستحلفه في المسجد أو المشهد أو الحرم أو المواضع التي ترهب من الجرأة على اللّٰه تعالى و أو بالزمان فإن يحلفه يوم الجمعة أو العيد و بعد العصر و غير ذلك من الأوقات الشريفة و يغلظ على الكافر بالمواضع التي يعتقد شرفها و الأزمنة التي يعظّمها و يعتقد حرمتها [- د -] ينبغي التغليظ في الحقوق كلّها و إن قلّت إلاّ الأموال فلا يغلّظ فيها بما دون نصاب القطع و لو أنكر السيّد عتق عبد قيمته دون نصاب القطع لم يغلّظ يمينه فإن نكل غلظ على العبد لأنّه يدّعي العتق و لا يغلّظ على المخدرة بحضور الجامع و تعذر بالتخدّر [- ه -] لو افتقر إلى إحلاف الأخرس حلّفه بالإشارة و الإيماء إلى اسم اللّٰه تعالى و وضع يده على اسم اللّٰه تعالى في المصحف أو غيره و يفهم بمنعه على الإنكار كما يعرف إقراره و إنكاره و ينبغي أن يحضر يمينه من له عادة يفهم أغراضه و إشاراته و روى محمّد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن الأخرس كيف يحلّف إذا ادّعى عليه دين و لم يكن للمدعي بيّنة فقال إن أمير المؤمنين ع أتي بأخرس فادّعى له دين فأنكره و لم يكن للمدّعي بيّنة فقال أمير المؤمنين ع الحمد للّه الذي لم يخرجني من الدنيا حتّى بيّنت للأمّة جميع ما يحتاج إليه ثمّ قال ايتوني بمصحف فأتي به فقال للأخرس ما هذا فرفع رأسه إلى السماء و أشار أنّه كتاب اللّٰه ثم قال ايتوني بوليّه فأتوه بأخ له فأقعده إلى جنبه ثمّ قال يا قنبر عليّ بدواة و صحيفة فأتي بهما ثمّ قال لأخي الأخرس قل لأخيك هذا إنّه عليّ فيقدم إليه بذلك ثمّ كتب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع و اللّٰه الذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشهادة الرّحمن الرّحيم الطالب الغالب الضار النافع المهلك المدرك الذي يعلم السرّ و العلانية أنّ فلان بن فلان المدّعي ليس له قبل فلان بن فلان الأخرس حقّ و لا طلبة بوجه من الوجوه و لا سبب من الأسباب ثمّ غسله و أمر الأخرس أن يشربه فامتنع فألزمه الدين و هذه الرواية قضيّة في عين فلا تعدّي و إنّما العمل على الإشارة [- و -] لا ينبغي للحاكم أن يحلف أحدا إلاّ في مجلس حكمه إلاّ في حق المعذور كالمريض و العاجز و المرأة المخدرة فيستحلف الحاكم من ينوب عنه في الاستحلاف و للحاكم حبس المرأة إذا توجّه عليها الحق و امتنعت من أدائه كما له حبس الرجال [- ن -] شرط اليمين أن يطابق الإنكار و إن تقع بعد عرض القاضي و أن يكون القاضي المتولّي للإحلاف عن المتخاصمين

النظر الثّاني في الحالف

و فيه [- ز -] مباحث [- أ -] يشترط فيه البلوغ و كمال العقل و الاختيار و القصد و أن يتوجّه عليه دعوى صحيحة في حقّه فلا يمين في الحدود إذ لا مدّعي لها و قال الشيخ رحمه اللّٰه لو قذفه بالزنا و لا بيّنة فإن ادّعاه جاز أن يحلف ليثبت الحدّ على القاذف و فيه نظر إذ لا يمين في حدّ و منكر السرقة يحلف لإسقاط الغرم فلو نكل أو ردّ حلف المدّعي و ثبت الغرم دون القطع و كذا لو أقام شاهدا و حلف و لا يحلف القاضي و الشاهد إذا نسبتهم إلى الكذب دعوى فاسدة نعم لو ادّعى على القاضي المعزول توجّهت اليمين و يحلف في إنكار النسب و النكاح و العتق و الرجعة و غير ذلك مما يتوجّه الجواب عن الدعوى فيه و يثبت اليمين في حقّ كلّ مدّعى عليه سواء كان مسلما أو كافرا عدلا أو فاسقا رجلا أو امرأة [- ب -] لو ادعى الصبيّ البلوغ صدّق بغير يمين مع الاحتمال و لو قال أنا صبيّ لم يحلف بل ينتظر بلوغه و لو ادعى الصبيّ المشرك أنّه استنبت الشعر بالعلاج مع الاحتمال صدّق [- ج -] لا يحلف الوصيّ على نفي الدين عن الميّت لأنّه لو أقرّ لم يقبل إقراره و كذا لو أنكر الوكالة لم يحلف الوكيل على نفي العلم بالوكالة لأنّه لا يؤمر بالتسليم إليه مع الاعتراف بالوكالة و للخصم أن يحلف الوكيل على نفي العلم بأنّه ما عزله و هل لوكيل الخصومة إقامة البيّنة على وكالته من غير حضور الخصم الأقرب ذلك و إن كان حقا على الخصم لأنّه يثبت حق نفسه [- د -] اليمين إنما تتوجّه على المنكر و على المدّعي مع ردّ المنكر أو عند النكول على رأي و مع الشاهد الواحد و مع اللوث في دعوى الدم أمّا المدعي و لا شاهد له فلا يمين عليه و إن ردّ المنكر أو نكل حلف المدّعي فإن نكل سقطت دعواه و إن حلف المنكر فالمشهور سقوط الدعوى عنه سواء أقام المدّعي بيّنة بعد ذلك أو لا و لا تحلّ له مطالبة بعد ذلك بشيء و لا تسمع بيّنته و قال المفيد رحمه اللّٰه إذا التمس المدّعي يمين المنكر فحلف له ثمّ جاء المدّعي ببينة تشهد له بحقّه الذي حلّف خصمه ألزمه الحاكم الخروج منه إليه اللّٰهمّ إلاّ أن يكون المدّعي يشترط للمدعى عليه أن يمحو عنه كتابه عليه أو ترضى بيمينه في إسقاط دعواه فإن اشترط له ذلك لم يسمع له بينة من بعد و إن لم يشترط له ذلك سمعت و الوجه الأوّل و لا خلاف في أنّه لو اعترف المنكر بعد يمينه بالدعوى و ندم على إنكاره فإنّه يطالب و إن كان قد حلف [- ه -] لا يمين على الوارث إذا ادّعى عليه بحقّ على مورثه إلاّ أن يدّعى عليه العلم بموت المورث و العلم بالحقّ و أنّه ترك في يده مالا و لو ساعد المدّعي على عدم أحدهما لم يتوجه على الوارث يمين [- و -] لو كان له بيّنة فأعرض عنها و طلب إحلاف المنكر كان له ذلك و كذا لو قال أسقطت البيّنة وقعت باليمين فإن رجع بعد الإحلاف لم يكن له ذلك و إن رجع قبله قيل ليس له ذلك و لو قيل بأنه يجاب إلى ذلك كان وجها و كذا البحث لو أقام شاهدا

ص: 191

واحدا و توجّهت عليه اليمين فطلب إحلاف المنكر و أعرض عن شاهده و لو نكل المنكر حينئذ حلف المدعي إن قلنا بعدم القضاء بالنكول فإن حلف ثبت حقّه و إلاّ سقط و لو ردّ اليمين فكذلك [- ز -] لو ادّعى عليه دين و هو معسر جاز أن يحلف أنّه لا حقّ له و يورّى واجبا إن عرفها

النظر الثّالث في المحلوف عليه

و فيه [- ز -] مباحث [- أ -] يجب أن يحلف على القطع و البتّ في فعل ينسبه إلى نفسه نفيا كان أو إثباتا و كذا على الإثبات المنسوب إلى غيره و لو حلف على نفي فعل الغير حلف على نفي العلم فيقول لا أعلم على مورثي دينا و لا أعلم منه جناية و بيعا و هذا القسم في الحقيقة راجع إلى الأوّل [- ب -] لا يجوز له أن يحلف على البتّ و القطع إلاّ مع العلم و لا يكفي غلبة الظنّ و لا الخطّ و إن علم عدم التزوير عليه و لو قيل له قبض وكيلك حلف على نفي العلم لا علي نفي الفعل و لو نفى عن عبده ما يوجب أرش الجناية حلف على نفي العلم أيضا و في نفي إتلاف بهيمته التي قصر يجب البتّ [- ج -] النيّة نيّة الحالف إن كان محقّا و إن كان مبطلا و النية نيّة المحلوف له فلو ورى حينئذ لم ينفعه التورية و صرفت اليمين إلى ما حلّفه الحاكم عليه و لو استثنى بالمشيئة و سمع الحاكم استعاد اليمين منه و إن لم يسمع يؤثر الاستثناء و لو كان الحاكم يرى الشفعة مع الكثرة و الحالف لا يرى ذلك لم يكن له أن يحلف عند الحاكم على نفي اللزوم بتأويل اعتقاد نفسه بل إذا لزمه القاضي صار لازما ظاهرا و عليه تحليفه و هل يلزمه باطنا فيه نظر و الأقرب أنّه إن كان مجتهدا لم يلزمه و إن كان مقلّدا ألزمه [- د -] فائدة اليمين قطع المنازعة لا أبرأ الذمّة في نفس الأمر و لا يستبيح الحالف ما حلف عليه إذا كان مبطلا [- ه -] لو قال المدّعي كذب شهودي بطلت البيّنة و هل تبطل الدعوى فيه نظر ينشأ من عدم استلزام الأخبار بكذب الشهود الإخبار بكذبه في دعواه لاحتمال إرادته أنّهم قالوا من غير علم و هو الوجه فإذا قلنا لا يبطل دعواه لو ادّعى عليه الخصم إقراره بكذب الشهود و أقام شاهدا لم يكن له أن يحلف معه إذ ليس مضمونه إثبات المال بل الطعن في الشهود و إن قلنا بالأضعف و هو إسقاط الدعوى كان له أن يحلف لأنّ المقصود إبطال الدعوى و لو امتنع المنكر عن الحلف و قال حلّفني مرّة في هذه الواقعة فيحلف على أنّه ما حلّفني ففي لزوم ذلك إشكال نعم لو أقام بيّنة سمعت فإن قلنا بالقبول لو ادعى المدّعي أنّه حلّفني مرّة على أنّي ما حلفته فيحلف على أنّه ما حلّفني احتمل عدم الإجابة لأدائه إلى التسلسل [- و -] لو ادّعى صاحب النصاب أبداله في أثناء الحول (أو إخراج الزكاة أو النقصان المحتمل في الخرص قبل من غير يمين و كذا لو ادّعى الذمّي الإسلام قبل الحول) و لو مات و عليه دين يحيط بالتركة لم ينتقل إلى الوارث و كانت في حكم مال الميّت على ما قوّاه الشيخ و الأقوى عندي الانتقال إلى الورثة و يتعلّق حقّ الغرماء كالرّهن و لو حصل نماء بعد الموت فالأقرب أنّه للوارث و لو لم يحط الدّين انتقل ما فضل عن الدين و على التقديرين للوارث المحاكمة على ما يدّعيه لورثه لأنّه قائم مقامه فإذا ثبت له حقّ تعلّق حقّ الديان به [- ز -] لا يجوز أن يحلف إنسان ليثبت مالا لغيره فلو ادعى غريم الميّت مالا على آخر مع شاهد فإن حلف الوارث ثبت و إن امتنع لم يحلف الغريم و لو ادعى رهنا و أقام شاهدا أنّه للراهن لم يكن له أن يحلف بل إن حلف الراهن تعلّق حقّ الرهانة به و إلاّ فلا و لو ادعى جماعة الورثة مالا للميّت و أقاموا شاهدا حلف كلّ واحد منهم مع الشاهد فيثبت الدّعوى بعد إحلافهم أجمع و قسّم المدّعي بينهم على الفريضة و إن كان وصيّة قسموه على حسب ما تعلّقت الوصيّة به و لو امتنعوا أجمع لم يحكم لهم بشيء و لو حلف بعض و امتنع الآخرون أخذ الحالف قدر نصيبه من العين فلم يكن للممتنع شيء و لا يشارك الحالف فيما أخذ و لو كان بعضهم صغيرا أو مجنونا أخّر نصيبه إلى بلوغه أو رشده فإن حلف بعد ذلك أخذ و إلاّ فلا و لو مات قبل كماله كان لورثته الحلف و استيفاء حقّه و لو ادّعى جماعة على واحد حقّا واحدا أو حقوقا متّفقة أو مختلفة فأنكر و لا بيّنة كان لكلّ واحد منهم يمين بانفراده و لو رضي الجميع منه بيمين واحدة عن الجميع فالوجه الجواز و نقل ابن إدريس عن قوم كما قلناه و عن آخرين أنّه لا يجوز للحاكم أن يقتصر على يمين واحدة

النّظر الرابع في اليمين مع الشاهد

و فيه [- يه -] بحثا [- أ -] يقضى بالشاهد و اليمين في الأموال كالدين و القرض و الغصب و في عقود المعاوضات كالبيع و الصرف و الصلح و المساقاة و المزارعة و الشركة و الإجارة و القراض و الهبة و الوصيّة له و الجناية الموجبة للدية كالخطاء و شبه العمد و قيل الأب ولده و الحرّ العبد و كسر العظام و الجائفة و المأمومة و بالجملة كلّ ما هو مال أو المقصود منه المال و هل يقبل في النكاح إشكال أقربه القبول في طرف المرأة دون الرّجل و لا يقبل في الخلع و الطلاق و الرّجعة و القذف و القصاص و الولاء و الوديعة عنده و الرضاع و الولادة و العتق و التدبير و المكاتبة و النسب و الوكالة و الوصيّة إليه و عيوب النساء أمّا الوقف فإن قلنا بانتقاله إلى الموقوف عليه ثبت بالشهادة و اليمين و هو الأقرب و إلاّ فلا [- ب -] لا يجوز له أن يحلف مع الشاهد إلاّ مع العلم و لا يخلد إلى قول الشاهد و إن كان ثقة [- ج -] كل موضع قبل فيه الشاهد و اليمين فإنّه لا فرق فيه بين المدّعي المسلم و الكافر و الفاسق و العدل و الرّجل و المرأة [- د -] لو ادّعى السّرقة و أقسام شاهدا جاز أن يحلف معه لغرم المال لا للحل و لو ادّعى أنّه رمى سهما عمدا فقتل أخاه ثمّ نفذ إلى أخيه الآخر فقتله خطاء و أقام شاهدا حلف لثبوت الدية في الخطاء و لا يثبت العمد باليمين

ص: 192

مع الشاهد [- ه -] يشترط في اليمين مع الشاهد ما يشترط في الإيمان من كمال الحالف و تولّي اليمين الحاكم غير المتنازعين و مطابقتهما للدعوى و يشترط زيادة على ما تقدّم شهادة الشاهد أوّلا و ثبوت عدالته ثمّ اليمين بعد ذلك فلو بدأ باليمين قبل شهادة الشاهد لو قبل التعديل لم يعتدّ بها و افتقر إلى إعادتها بعد الشهادة و التزكية [- و -] الأقرب أنّ القضاء يتمّ بالشاهد و اليمين لا بأحدهما منفردا فلو رجع الشاهد غرم النصف و يقرب من هذا البحث في التزكية لو رجع المزكي خاصّة ففي الغرم له إشكال ينشأ من أنّ القضاء بالشهادة أو بها مع التزكية [- ز -] لو ادعى عبدا في يد غيره أنّه كان ملكه ثمّ أعتقه فأنكر المتشبث فأقام المدعي شاهدا قال الشيخ رحمه اللّٰه يحلف مع شاهده و يستنقذه و فيه نظر لأنّه يثبت الحرّية دون المال و لو قال هذه الجارية مملوكتي و ولدها متى ولدت في ملكي و أقام شاهدا حلف معه و يثبت ملك المستولدة و يثبت للجارية حكم أمّ الولد باعترافه فينعتق عند موته من نصيب الولدان عاد إليه و لا يثبت نسب الولد و لا حرّيته [- ح -] لو حلف الورثة مع شاهد واحد على دين لمورّثهم استحقّوا فإن نكل بعضهم استحقّ الحالف نصيبه و لا يشاركه الناكل و ليس لولد الناكل بعد موته الحلف أمّا لو مات قبل النكول فإن لولده أن يحلف و هل تجب إعادة الشهادة فيه إشكال و لو كان فيهم غائب حلف إذا حضر من غير إعادة الشهادة و كذا إذا بلغ الصبيّ منهم أو عقل المجنون و لو جاء الوارث الناكل بشاهد آخر فالأقرب وجوب إعادة الشهادة لأنّها دعوى جديدة و لو ادّعى شخصان الوصية لهما فحلف أحدهما مع الشاهد و الآخر غائب فحضر افتقر إلى إعادة الشهادة لأنّ ملكه منفصل بخلاف حقوق الورثة فإنّه إنّما ثبت أوّلا لشخص واحد و هو الميّت [- ط -] لو حلف بعضهم مع الشاهد احتمل أخذ نصيب الغائب من يد المدّعى عليه و عدمه و لا شركة للغائب فيما أخذ الحاضر إن كانت الدّعوى دينا أما لو كانت عينا و أخذ نصيبه منها بالشاهد و اليمين فإنّ الغائب إذا حضر و امتنع من اليمين أخذ نصيبه مما أخذه كما لو ادّعى الوارثان عينا فأقرّ المتشبث لأحدهما فصالحه كان للآخر الشركة و لو أقام أحدهم شاهدين انتزع نصيب المجنون و الصبيّ و نصيب الغائب إن كان عينا و في الدين في انتزاع نصيب الغائب احتمال [- ى -] لو ادّعى بعض الورثة أنّ الميّت أوقف عليهم ملكا و على نسلهم و أقاموا شاهدا واحدا حلفوا معه على ما اخترناه من قبول الشاهد و اليمين في الوقف و يقضى لهم فإن امتنعوا حكم بنصيب غيرهم ميراثا للغير و بنصيب المدّعيين للوقف بالوقفية لكن لا يسمع دعواهم في الوقف لو كان هناك دين مستوعب و لو فضل بعد الدين شيء كان نصيب المدّعيين للوقف من الفاضل وقفا و نصيب الباقيين ميراثا و كذا ما يجب إخراجه من الوصايا و لو حلف بعض ثبت نصيب الحالف وقفا و كان الباقي طلقا يقضي منه الديون و الوصايا و الفاضل يكون ميراثا و الحاصل من الفاضل للمدّعيين الممتنعة من اليمين يكون وقفا و لو انقرض الممتنع كان للبطن الّذي يأخذ بعده الحلف مع الشاهد و لا يبطل امتناع الأوّل حقّهم و لو ادّعى أحد الثلاثة أنّ أباهم وقف عليهم و على أولادهم على الترتيب و حلفوا مع شاهد واحد ثبت الوقف فلا يفتقر البطن الثاني بعدهم إلى استيناف يمين و كذا لو انقرضت البطون و صار تجديد الإحلاف لأنّهم حلفوا أوّلا على الجملة و يشكل سقوط اليمين عن البطن الثاني لأنّهم يأخذون الحقّ من الواقف فلا بدّ من التجديد لأنّهم لا يستحقون بيمين غيرهم أمّا لو قلنا إنّ البطن الثاني يأخذ الحق من البطن الأول فإنّه لا يمين عليهم بعد إحلاف البطن الأوّل و لو نكل البطن الأوّل فالبطن الثاني لا يستحقون أن يحلفوا فإن حلفوا استحقوا إن قلنا إنهم يأخذون من الواقف و إن قلنا يأخذون من البطن الأول لم يحلفوا لبطلان حقّ الأول بالنكول و لو حلف واحد ثمّ مات فشرط الواقف أن يكون الآخرين لكنهما أبطلا حقهما بالنكول فيحتمل صرفه إلى ولد الحالف لالتحاق الآخرين بالموتى لنكولهم و صرفه إليهما و يستحقّان بيمين الميّت و بطلان الوقف لتعذّر مصرفه و أمّا نصيب الناكلين فيبقى في يد المدعى عليه فإن قلنا بصرفه إلى الناكلين فالأقرب إيجاب الحلف عليهم و لو ادّعى الوقف على التشريك بينهم و بين أولادهم و حلف الثلاثة ثبت الوقف عليهم فإذا أولد لأحدهم ولد صار الوقف أرباعا بعد أن كان أثلاثا و يوقف ربع الطفل و نماؤه فإن بلغ و حلف استحقّ و إن نكل قال الشيخ رحمه اللّٰه يرجع ربعه إلى الإخوة لأنّهم أثبتوا الوقف عليهم ما لم يحصل المزاحم و بامتناعه جرى مجرى المعدوم و فيه نظر ينشأ من اعتراف الإخوة بعدم استحقاقهم إياه و لو قال المدّعى عليه ردّه إليّ فلا طالب له غيري لم يردّ إليه و قد انتزع من يده بحجّة و لو مات أحد الإخوة قبل بلوغ الطفل عزل له الثلث من حين وفاة الميّت لأنّ الوقف صار أثلاثا و قد كان له الرّبع إلى حين الوفاة فإن بلغ و حلف أخذ الجميع و إن رد مكان الربع إلى حين الوفاة لورثة الميّت و الأخوين و الثلث من حين الوفاة للأخوين و فيه إشكال [- يا -] لو ادّعى قتل العمد و أقام شاهدا لم يحلف معه إن كان العمد موجبا للقصاص نعم يكون شهادة الواحد لوثا فيحلف القسامة و لو ادّعى قتل الخطاء حلف مع الشاهد يمينا شهادة واحدة [- يب -] لا يقبل في الأموال امرأتين و يمين المدّعي [- يج -] لو ادّعى الرّجل أنه خالع امرأته فأنكرت فأقام شاهدا لم يحلف معه لإثبات مال الفدية و لو ادّعت المرأة الخلع لم يقبل بشاهد و يمين لأنها تقصد فسخ النكاح و ليس مالا [- يد -] إذا أقام المدعي شاهدا واحدا خيّر بين الحلف معه و بين إقامة شاهد آخر و بين رفض

ص: 193

شاهده و إحلاف المنكر فإن اختار الأخير و هو إحلاف المنكر ثمّ اختار أن يستردّ ما بذله و يحلف هو قال الشيخ رحمه اللّٰه لم يكن له لأنّ من بذل اليمين لخصمه لم يكن له أن يستردّها بغير رضاه كيمين الردّ إذا بذلها المدعى عليه للمدعي لم يكن له أن يستردّها إلى نفسه بغير رضاه فإن اختار أن يقيم على ذلك و يستخلف المنكر فإن حلف المنكر سقطت الدعوى عنه و إن لم يحلف فقد نكل ثمّ لا يقضي عليه بالنكول على أقوى القولين و لا مع إقامة الشاهد بل تردّ اليمين إلى المدّعي إذ ليست هذه اليمين التي بذلها فإنّ هذه يمين الردّ يقضى بها في الأموال و غيرها و بذل يمين مع الشاهد لا يقبل في غير الأموال [- يه -] لو باع زيدا و أقرّ بعين لعمرو فادّعى خالد بها فأقام زيد شاهدا واحدا بانتقالها من خالد إليه و صدّقه عمرو على ذلك فالأقرب إحلاف زيد مع شاهده و لو امتنع أو مات فالأقرب إحلاف عمرو بأن خالدا نقلها إلى زيد ببيع أو غيره أو أنّه أقر له بها

المطلب الرابع في النكول

و فيه [- ط -] مباحث [- أ -] لا يتمّ القضاء بالنكول على أقوى القولين بل حكم النكول ردّ اليمين على المدّعي و بطلان حقّ الناكل من اليمين حقّ لا يعود و إنّما يبطل حقّه إذا تمّ النكول و إنّما يتم إذا صرح و قال لا أحلف و أنا ناكل و لو سكت بعد عرض القاضي عليه اليمين عرّفه القاضي أنّه إذا عرض عليه اليمين ثلثا و امتنع بسكوت أو غيره لله و في الحقّ بيمين المدّعي فإذا فعل القاضي ذلك فقال قد قضيت بنكوله لم يكن له الحلف بعد ذلك و كذا لو قال للمدّعي احلف فهو كالقضاء بالنكول و لو أقبل على المدّعي بوجهه فقال الناكل أنا أحلف قبل أن يقول الحاكم للمدّعي احلف فالأقرب أنّ له الرجوع و لو لم ينتبهه القاضي على حكمه و قضى بنكوله فقال الناكل كنت جاهلا بحكم النكول فالأقرب أنّ الحكم ينفذ [- ب -] كلّ موضع حكمنا فيه بالنكول و أنّه ليس له الرجوع إلى اليمين و لو رضي المدعي بيمينه فالأقرب أنّ له ذلك [- ج -] المدّعي إن نكل عن اليمين المردودة و قال لا أحلف فهو كحالف المدّعى عليه و لا يمكّن من العود إلى اليمين بعد ذلك بل لا تسمع دعواه إلا ببينة و إن طلب الإمهال أخّر ليتذكر الحساب أمّا المنكر فإنّه لو طلب الإمهال لم يجب إليه لأنّ الحق عليه بخلاف من الحقّ له و لو أقام المدعي شاهدا واحدا و طلب الإمهال عن اليمين أمهل و لو نكل لم يسمع منه اليمين و لا دعواه إلاّ ببيّنة كاملة و إذا حلف المدّعي فهو كإقرار الخصم لا كالبيّنة فلا يثبت في حقّ غير الحالف [- د -] لو مات من لا وارث له فالإمام وارثه فإن شهد له بحقّ شاهد لم يحلف الإمام بل يحبس المدين حتّى يعترف و يؤدّي أو يحلف و ينصرف و لو ادّعى الوصيّ على الوارث أنّ الموصي أوصى للفقراء لم يحلف الوصيّ لا الفقراء لعدم تعيينهم بل يحبس الوارث حتّى يحلف أو يعترف و لو ادعى وصيّ الطفل دينا على آخر فأنكر و نكل لم يردّ اليمين على الوصي بل يوقف إلى أن يبلغ الطفل و يحلف [- ه -] كلّ ما هو مال أو المقصود منه المال فعلى المدّعي البينة فإن عدمها حلف المدّعى عليه فإن لم يحلف ردّ اليمين على المدّعي فإن نكل سقطت الدعوى و ما ليس بمال و لا المقصود منه المال كالنكاح و الطلاق و العتق و النسب و غير ذلك يجب على المدعي البينة فإن عدمها فعلى المنكر اليمين فإن لم يحلف لم يردّ اليمين على المدعي و لا يحلف أيضا مع شاهد واحد و يحكم له بشاهد و امرأتين [- و -] يكفي مع الإنكار الحلف على نفي الاستحقاق فلو ادعى عليه غصبا أو إجارة فقال لم أغصب و لم أستأجر قيل لزمه الحلف على وفق الجواب لأنّه لم يجب به إلاّ و هو قادر على اليمين عليه و قيل له إن يحلف على وفق الجواب و على نفي الاستحقاق [- ز -] لو ادّعى المنكر الإبراء و الإقباض انقلب مدّعيا و المدّعي منكرا فيكفي اليمين على بقاء الحق و إن حلف على نفي ما ادعاه الخصم كان أبلغ و ليس لازما [- ح -] كلما يتوجّه الجواب عن الدعوى فيه يتوجّه معه اليمين و يقضى على المنكر به مع النكول و اليمين كالعتق و النكاح و النّسب و غير ذلك [- ط -] للمشهود عليه أن يمتنع من التسليم حتّى يشهد القابض و لو لم يكن عليه بالحق شاهد قيل لا يلزم الإشهاد و يحتمل الوجوب حذرا من توجّه اليمين عليه مع الإنكار و لا يجب على المدّعى دفع الحجّة مع القبض لاحتمال خروج المقبوض مستحقّا و لا على البائع دفع كتاب الأصل إلى المشتري لأنّه حجة له على البائع الأوّل فيرجع عليه بالثمن لو خرج المبيع مستحقّا

المطلب الخامس في البيّنة
اشارة

و النظر فيه في أمرين

الأوّل الشرائط

و سيأتي في كتاب الشهادات إن شاء اللّٰه تعالى

النظر الثاني في تصادم الدعاوي
اشارة

و فيه أقسام

الأوّل في دعوى الأملاك

و فيه [- ير -] بحثا [- أ -] إذا تداعيا عينا فإن كانت يدهما عليها و لا بيّنة قضي بها بينهما نصفين بعد أن يتحالفا إذ كلّ واحد مدعي في النصف مدعى عليه في النصف الآخر و يبدأ القاضي في الحلف بمن يراه أو بمن يخرجه القرعة فإن حلفا أو نكلا استقرّت العين بينهما فيحلف كل واحد منهما على النفي فلو حلف واحد و نكل الثاني ردت اليمين على الأوّل فيحلف على الإثبات في النصف الآخر لأنّ هذه يمين المدعي المردودة أمّا لو نكل الأوّل الذي بدأ به القاضي تحكما أو بالقرعة فيعرض على الثاني يمين النفي و اليمين المردودة و الأقرب أنّه يكتفي بيمين واحد جامعة بين النفي و الإثبات فيحلف أنّ جميع الدار له ليس لصاحبه فيها حق و لو قال و اللّٰه إنّ النصف الذي يدعيه ليس له فيه حقّ و النّصف الآخر لي كفاه و لو كانت العين في يد أحدهما حكم بها للمتشبث مع يمينه إن التمسها الخصم و لو نكل حلف الآخر و قضى له بها و لو كانت في يد ثالث حكم بها لمن صدّقه الثالث بعد الإحلاف من المدعى عليه و على الثالث

ص: 194

اليمين لو ادّعى الخصم عليه بالملك لفائدة الغرم مع الاعتراف لا للقضاء بالعين و لو قال الثالث هي لهما قضي بها بينهما نصفين بعد أن يحلف كلّ لصاحبه و لو كذّبهما أقرّت في يده و حلف لهما إن ادعيا علمه و لا يجب عليه نسبة التملك إلى نفسه أو إلى غيره و لو قال المتشبث لا أملكها لو لا أعرف صاحبها أو هي لأحد كما و لا أعرفه عينا فالوجه التقارع و يحلف من خرجت القرعة له فإن نكل حلف الآخر فإن نكلا قسّمت بينهما و لو ادّعى أحدهما النّصف فصدّقه و ادعى الآخر النّصف الآخر فكذبه حكم للأوّل بالنصف و أحلف الثالث الثاني و ليس للثاني إحلاف الأوّل [- ب -] لو ادّعى كلّ واحد منهما جميع العين و أقاما بيّنتين فإن أمكن الجمع بين البيّنتين جمع و إن تعارضتا بأن يشهد إحداهما أنّ هذه العين لزيد و تشهد الأخرى أنّها بعينها لعمرو فإن كانت العين في يدهما قضي بها بينهما نصفين لأن يد كلّ واحد على النّصف و قد أقام بيّنة فيقضى له بما في يد غريمه إذ البيّنة بيّنة الخارج على أقوى القولين فلا تسمع بيّنة كلّ واحد منهما على ما في يده بل على ما في يد خصمه و هل يحلف كلّ واحد على النصف المحكوم له به أو يكون له من غير يمين أقوى عندي الأوّل مع احتمال الثاني و إن كانت في يد أحدهما فلعلمائنا قولان أحدهما القضاء للخارج إن شهدتا بالملك المطلق أو شهدتا بالسبب أو شهدت للخارج بالسبب و لو شهدت بالمطلق للخارج أو بالسبب لذي اليد حكم لذي اليد سواء كان السّبب مما يتكرّر كالبيع و الصّناعة أو لا يتكرّر كالنتاج و قال ابن إدريس يقضى للخارج أيضا و ليس بجيّد و الثاني قول آخر للشيخ رحمه اللّٰه أنّه يقضى للمتشبّث دون الخارج لأنّ له بيّنة و يد و لأنّ عليا ص قضى لذي اليد دون الخارج و أيّ البيّنتين قدّمناها ففي استحلاف صاحبها نظر ينشأ من تساقط البينتين عند التعارض فيبقى كما لو لم يقم بيّنته و من عدم التساقط مع رجحان أحدهما فيحكم بالراجح كما لو تعارض خبران واحدهما أرجح فإنّه يعمل بالراجح و يسقط الآخر كذلك البيّنة الراجحة يعمل بها و يسقط الأخرى و إن كانت في يد ثالث قضي لأرجح البيّنتين عدالة فإن تساوتا قضي لأكثرهما عددا فإن تساويا أقرع بينهما فمن خرج اسمه أحلف و قضي له فإن امتنع من خرجت القرعة له من اليمين أحلف الآخر و قضي له و إن نكلا قضي به بينهما بالسّوية و قال في المبسوط إن شهدتا بالملك المطلق قضي بالقرعة و إن شهدتا بالملك المقيّد قسّم بينهما و لو شهدت إحداهما بالتقييد و الأخرى بالإطلاق قضي بالشهادة المقيّدة دون الأخرى و الأوّل أقرب إلى المنقول و إن كان الثاني ليس بعيدا من الصواب و على القول الأوّل هل يفتقر من قضي له بكثرة العدالة أو الشهود إلى يمين الأقرب ذلك و لو لم يكن لأحدهما بيّنة و قال من هي في يده ليست لي و لا أعرف لمن هي احتمل القسمة و القرعة و لا بدّ من الإحلاف على التقديرين [- ج -] يتحقّق التعارض بين الشاهدين و الشاهد و المرأتين و لا يتحقق بين شاهدين و يمين و لا بين شاهدين و المرأتين و شاهد و يمين بل يحكم بالشاهد و المرأتين دون الشاهد و اليمين [- د -] يحكم بالقرعة إذا كان في يد ثالث و استوت البيّنتان عدالة و عددا مع يمين من خرجت له القرعة و لا فرق في ذلك بين ما يستحيل الجمع و يقع التكاذب صريحا كما لو شهدت إحداهما بالموت في وقت و الأخرى بالحياة في ذلك الوقت بعينه و بين ما لا يستحيل الجمع بل يتوهّم بتأويل كما لو شهدتا على الملك فإنّه يحتمل أن يكون كلّ واحد سمع وصيّة له أو شراءه أو غيره و كلّ موضع قضينا فيه بالقسمة فإنّما هو في موضع يمكن فرضها فيه كالأموال و إن كان لا يحكم فيها بالقسمة كالدرة و العبد إذ المراد بالقسمة هنا تخصيص كلّ واحد منهما بنصف العين و إن كان النصف مشاعا أمّا ما لا يمكن فيه القسمة فإنّ الحكم فيها القرعة كما لو تداعى اثنان زوجيّة امرأة و نسب ولد [- ه -] أو أقرّ الثالث بها لأحدهما مع تعارض البيّنتين المتساويين عدالة و عددا هل ينزل إقراره منزلة اليد حتى ترجح به البينة إن قلنا بترجيح بيّنة ذي اليد أو ترجيح الأخرى إن قلنا بترجيح بيّنة الخارج فيه نظر فإن قلنا إنّ إقراره ليس كاليد فهل يرجّح به صاحب التّصديق الأقرب العدم لأنّ هذه يد مستحقّة الإزالة بالبيّنتين [- و -] إذا تساوت البيّنتان في التاريخ تعارضتا و كذا إن أطلقتا التاريخ أو أطلقت إحداهما و عيّنت الأخرى أمّا لو شهدت إحداهما على الملك لزيد سنة و شهدت الأخرى لعمرو منذ سنتين فالأقدم أولى على إشكال و إن كانت المتأخّرة قد شهدت بالسبب أيضا و لو كان السبق في جانب و اليد في جانب ففي ترجيح السبق إلى اليد أو التساوي نظر و إذا شهدت البيّنة بملك بالأمس و لم يتعرّض للحال لم تسمع و افتقر إلى أن يقول و هو ملكه في الحال أو لا أعلم له مزيلا و لو قال لا أدري زال أم لا لم يقبل و لو قال اعتقد أنّه ملكه بمجرّد الاستصحاب فالوجه القبول و لو شهد بأنّه أقرّ له بالأمس ثبت الإقرار و استصحب موجب الإقرار و إن لم يتعرّض الشاهد للملك في الحال و لو قال المدّعى عليه كان ملكك بالأمس فالأقرب انتزاعه من يده و كذا لو قال الشاهد هو ملكه بالأمس اشتراه من المدّعى عليه بالأمس و أقرّ له المدّعى عليه بالأمس سمع و لو شهد أنّه كان في يد المدّعي بالأمس قبل و جعل المدّعي صاحب يد و لو قال كان ملكه بالأمس اشتراه من فلان غير صاحب اليد لم يسمع ما لم يضمّ إليه أنّه ملكه في الحال فإن اشتراه من فلان لا يكون حجّة على صاحب اليد بخلاف ما لو قال اشتراه من صاحب اليد و لو قيل إنّ البيّنة لو شهدت على الملك بالأمس قبلت و إن لم ينضمّ أنّه ملكه في الحال كان وجها كما لو شهدت على إقراره بالأمس [- ز -] البيّنة لا توجب الملك لكن يكشف عنه و من ضروريّة التقدّم و لو بلحظة على الإقامة

ص: 195

فلو كان المدّعى دابة فنتاجها الذي ينتج قبل الإقامة للمدّعى عليه و ما ينتج بعد الإقامة و قبل التعديل للمدعي و الثمرة الظاهرة على الشجرة كذلك و كذا جنين الأمة و لا يعتبر انفصال النتاج و الثمرة و الجنين بل متى تحقّق وجوده قبل الشهادة و إن كان في بطن الدابّة أو الأمة فهو للمدّعى عليه لإمكان انفصاله في الملك بالوصيّة و هذا كلّه في البيّنة المطلقة التي لا تتعرض للملك السابق و مع هذا التقدير إذا أخذ من المشتري بحجّة مطلقة رجع على البائع و لو أخذ من المشتري رجع على الأوّل أيضا و يحمل مطلقة إذا لم يدّع على المشتري إزالة ملكه منه على أنّ الملك سابق فيطالب البائع بالثمن و تعجّب بعض الفقهاء في ترك نتاج في يده حصل قبل البيّنة و بعد الشراء لم يرجع هو على البائع و الأقرب أن يقال لا يرجع إلاّ إذا ادعى ملك سابق على شرائه لأنّا قد بيّنا أنّ البيّنة لا يقتضي الزوال إلاّ من الوقت و لو ادعى المشتري أنّك أزلت الملك فأنكر و قامت البينة على إزالته فلا رجوع له و لو ادعى ملكا مطلقا فشهد به الشاهد و ذكر السّبب لم يضرّ لكن لو أراد المدعي الترجيح بالسبب وجب إعادة الشهادة بعد دعوى السّبب لأنّ ذكر السّبب قبل ادعائه لغو و لو ذكر الشاهد سببا غير السّبب الذي ادّعاه المدّعي تناقضت الدعوى و الشهادة فلا تسمع في السّبب و الأقرب سماعها في أصل الملك [- ح -] لعلمائنا في تقديم بيّنة ذي اليد على بيّنة الخارج أو بالعكس قولان سبقا فإن قلنا بتقديم بيّنة ذي اليد فهل يسمع دعواه و بيّنته للتسجيل قبل ادعاء الخصم لا أعرف لأصحابنا نصّا في ذلك و منع أكثر الجمهور منه إذ لا بيّنة إلاّ على خصم فطريقه أن ينصب لنفسه خصما و الأقرب عندي سماع بيّنته لفائدة التسجيل و لو كان له خصم لا بيّنة له فأراد إقامة البينة لدفع اليمين عنه فيه احتمال أنّها لا تسمع إذ الأصل في جانبه اليمين و إنّما يعدل إلى البيّنة حيث لا يكفيه اليمين و الوجه عندي السماع كما تسمع بيّنة المودع و إن قدر على اليمين و كذا للداخل إقامة البيّنة بعد إقامة المدّعي البيّنة قبل التّعديل و لو أزيلت يده ببينة المدّعي ثمّ أقام بيّنة فإن ادعى ملكا مطلقا فهو بيّنة من الخارج و إن ادعى ملكا مستندا إلى ما قبل إزالة يده و زعم غيبوبة بيّنته فهل هي بيّنة من خارج أو داخل فيه نظر ينشأ من سبق يده و أنّه الداخل و البيّنة تشهد له بالملك المستند إلى ذلك الزمان و من كون تلك اليد قد اتصل القضاء بزوالها أمّا لو أقام بعد القضاء باستحقاق الإزالة قبل الإزالة و التسليم فإنّ بيّنته بيّنة داخل [- ط -] لو أقام الخارج بيّنة على الملك المطلق و أقام الداخل بيّنة على أنّه ملكه اشتراه من الخارج قدّمت بينة الداخل على القولين و الأقرب أنّه تزال يده قبل إقامة البيّنة لاعترافه للأوّل بالملك و كذا لو ادعى الإبراء من الدين أمر بدفع المال فإذا ثبت الإبراء استعاد و لو كانت بيّنة حاضرة سمعت قبل إزالة اليد و لو أقرّ لغيره بملك في يده لم تسمع بعده دعواه حتّى يدّعي تلقّي الملك من المقرّ له و لو أخذ منه ببيّنة فجاء يدعي مطلقا احتمل أن لا يسمع حتّى يذكر في الدعوى تلقي الملك منه لأن البيّنة في حقّه كالإقرار و السماع لأنّ المقرّ مؤاخذ بإقرار نفسه في الاستقبال و إلاّ لم يكن للأقارير فائدة أمّا حكم البيّنة فلا يلزم بكلّ حال و لو ادّعى أجنبيّ الملك مطلقا سمع منه إذ البيّنة المقامة على غيره ليست حجّة عليه [- ى -] الشهادة بالملك أولى من الشهادة باليد لأنّ اليد تحتمل العارية و الإجارة و الملك و الشهادة بسبب الملك أولى من الشهادة بالتصرف و لو ادّعى دارا في يد غيره فأنكر المتشبث و أقام المدّعي بيّنة أنّها كانت في يده بالأمس أو منذ سنة قال الشيخ رحمه اللّٰه لا تسمع هذه الدّعوى و لا البيّنة سواء شهدت باليد منذ أمس أو بالملك منذ أمس أمّا لو شهدت البيّنة بسبب يد الثاني و أسندت اليد إلى الأوّل كان يشهد أنّه كان في يد المدّعي و أنّ المتشبث غصبه إيّاها أو قهره عليها أو استأجرها منه أو استعارها قضي للمدّعي للشهادة بالملك و سبب يد الثاني بخلاف ما إذا لم يشهد بالسّبب لأنّ اليد إذا لم يعرف سببها دلت على الملك و لا يزال بالمحتمل [- يا -] لو ادعى عينا في يد غيره و أن الغير غصبه إيّاها و أقام بيّنة بذلك فادعى آخر بأن المتشبث أقرّ له بها و أنّها ملكه و أقاما بيّنة بذلك حكم لبيّنة المغصوب منه لأنّها شهدت بالملك و سبب يد الثاني و التي شهدت بالإقرار و لا تعارض هذه البيّنة لأنّ ظهر أنّ الإقرار كان بعين مغصوبة فلا ينفد إقراره و لا يغرم المدّعى عليه للمقرّ له لأنّه لم يحل بينه و بين ملكه و إنّما الحائل البيّنة [- يب -] لو تداعيا شاة مذبوحة و في يد كلّ واحد منهما بعضها منفصلا و لا بيّنة قضي لكلّ واحد بما في يده بعد الإحلاف و لو أقاما بيّنتين حكم لكلّ واحد بما في يد الآخر إن قلنا بتقديم بيّنة الخارج و إلاّ فكالأوّل و لو كان في يد كل واحد منهما شاة فادّعى كلّ واحد منهما الشاة التي في يد صاحبه و لا بيّنة تحالفا و كانت الشاة التي في يد كلّ واحد لصاحبها و لو أقاما بيّنتين فلكلّ واحد الشاة التي في يد صاحبه و لا تعارض و لو ادعى كلّ واحد منهما أنّ الشاتين له دون صاحبه و أقاما بينتين تعارضتا و قضى لكلّ واحد بما في يد غريمه إن قلنا ببيّنة الخارج [- يج -] إذا ادعى عينا في يد زيد و أقام بها بيّنة فحكم له بها حاكم ثمّ ادعاها الأوّل على زيد و أقام بها بيّنة و إن قدمنا بيّنة الخارج لم تسمع بينة الأوّل لتقديم بيّنة زيد و إن قدّمنا بينة الداخل نظر في الحكم كيف وقع فإن كان قد حكم بها لزيد لأنّ الأوّل لا بيّنة له ردّت إلى الأوّل لقيام البيّنة له و اليد و إن حكم بها لأنّ الحاكم يرى تقديم بيّنة الخارج لم ينقص حكمه لأنّه يسوغ فيه الاجتهاد و كذا لا ينقض لو جهل الحال فإن جاء ثالث فادّعاها و أقام بها بيّنة فبيّنته و بينة زيد متعارضتان و لا يحتاج زيد إلى إقامة بيّنة لأنّها شهدت له مرة فلم يحتج إلى إعادتها حالة التنازع [- يد -] لو ادّعى حيوانا و أقام بينة أنه ملكه منذ سنة فدلّت بيّنة على أقل من ذلك قطعا سقطت البيّنة لتحقّق كذبها و كذا لو شهدت أنّه لم تنتج في يده منذ سنة فدلت سنه على أكثر من ذلك قطعا و لو ادّعى رقية صغير السنّ مجهول النسب و هو في يده

ص: 196

قضي له بذلك ظاهرا فإن بلغ و ادّعى الحرّية لم يقبل دعواه للحكم برقيّته أوّلا و لو ادّعى أجنبيّ نسبه فالأقرب القبول و لا تزال يد مدّعي الرقية عنه و كذا لو ادّعاه اثنان و هو في يدهما و لو كان كبيرا و أنكر فالقول قوله لأنّ الأصل الحرّية و لو ادّعى اثنان رقيّته فاعترف لهما قضي به لهما و إن اعترف لأحدهما كان مملوكا له دون الآخر [- يه -] لو ادعى دارا في يد زيد و ادّعى عمرو نصفها و أقام البيّنة فلمدّعي الجميع النصف بغير مزاحم و يتقارعان في النّصف الآخر فيحكم به لمن يخرجه القرعة بعد إحلافه فإن امتنع من اليمين أحلف الآخر فإن امتنعا قسم النّصف بالسوية فيصير لمدعي الجميع ثلاثة الأرباع و لمدّعي النصف الربع و لو أنكرهما من العين في يده و كان لأحدهما بيّنة حكم له و إن أقاما بيّنة أخذت من يده و حكم للأرجح في العدالة و العدد فإن تساويا أقرع و لو أقرّ بها لأحدهما فهل يكون المقرّ له كصاحب اليد من حيث أنّ المتشبّث مقرّ بأن يده نائبة عنه الوجه ذلك و لو كانت في يدهما و لا بيّنة قضي لهما بها بالسّوية و على مدّعي النّصف اليمين للمستوعب و لا يمين على المستوعب و لو أقام كلّ منهما بيّنة قضى للمستوعب بالنّصف الذي لا منازعة فيه و تعارضت البينتان في النصف الآخر فإن حكمنا للخارج قضي به للمستوعب أيضا و إن قدّمنا بيّنة الداخل فهو لمدّعي النّصف فاستقرّت بينهما و لو كانت في يد ثلاثة فادّعى أحدهم النّصف و الآخر الثلث و الثالث السّدس فيد كلّ واحد على الثلث لكنّهم تصادقوا في كيفيّة التملّك و لا تعارض و يفضل في يد صاحب السدس سدس آخر لمدّعي النصف و كذا لو قامت لهم البيّنة بذلك [- يو -] لو كانت الدار في يد ثلاثة فادّعى أحدهم الجميع و الثاني النّصف و الثالث الثلث و لا بيّنة قضي لكلّ واحد بما في يده و هو الثلث و يحلف مدّعي النّصف و الثلث للمستوعب و مدّعي الثلث و المستوعب لمدّعي النّصف و ليس لمدعي الثلث يمين على أحد لأنّ حقه بأجمعه في يده و إن كان لأحدهم بيّنة فإن كان هو المدّعي الكلّ أخذ الجميع و إن كان مدّعي النّصف أخذه و قسّم الباقي بين الآخرين نصفين لصاحب الكلّ السدس بغير يمين و يحلف على نصف السدس و يحلف الآخر على الرّبع الّذي يأخذه جميعه و إن كان مدّعي الثلث أخذه و الباقي بين الآخرين نصفين لمدّعي الكلّ السّدس بغير يمين و يحلف على السدس الآخر و يحلف الآخر على جميع ما يأخذه و لو أقام كلّ واحد بيّنة فإن حكمنا ببيّنة الداخل فالحكم كما لو لم يكن بيّنة لأنّ لكل واحد بيّنة و يدا على الثلث و إن قدّمنا بيّنة الخارج سقطت بيّنة صاحب الثلث لأنّها داخلة و للمستوعب الربع بما في يده بغير منازع و الثلث الذي في يد مدّعي النّصف لقيام البيّنة للمستوعب به و الربع مما في يد مدّعي الثلث إذ لا ينازعه فيه سوى مدعي الثلث و هو داخل و بقي نصف السدس في يد مدّعي الثلث يقرع بين المستوعب و مدعي النّصف لتصادم البيّنتين فيه و يحلف من يخرجه القرعة و يقضى له فإن امتنع أحلف الآخر فإن امتنعا قسّم بينهما نصفين و بقي نصف السّدس في يد المستوعب لمدّعي النّصف فيحصل للمستوعب عشرة و نصف من اثني عشر و لمدّعي النصف واحد و نصف و لو كانت في يد غيرهم و اعترف أنّه لا يملكها و لا بيّنة فالنّصف لمدّعي الكلّ لعدم المنازع و يقرع بينهم في النّصف الباقي فإن خرجت لصاحب الكلّ أو لصاحب النصف حلف و إن خرجت لصاحب الثلث حلف و أخذ الثلث ثمّ يقرع بين الآخرين في السّدس فمن خرجت له القرعة حلف و أخذ و لو أقام كلّ واحد بيّنة فالنّصف لمدّعي الكلّ لعدم المنازع و السدس الزائد يتنازعه مدّعي الكلّ و مدّعي النّصف و الثلث يدّعيه الثلاثة و قد تعارضت البيّنات فيه فيترجّح في الأعدل و الأكثر في العدد و مع التساوي يعمل بالقرعة و يحلف من خرجت القرعة له من مدعي النصف و مدعي الكلّ فإن نكل حلف الآخر و إن نكلا قسّم بينهما و يتقارع الثلاثة في الثلث فحلف من خرجت القرعة له فإن نكل أحلف الآخران و قسّم بينهما فإن نكلا قسّم الثلث أثلاثا و لو حلف أحدهما و نكل الآخر فهو للحالف و يصحّ من ستّة و ثلاثين لمدّعي الكل النّصف و نصف السّدس و ثلث الثلث و لمدّعي النّصف نصف السدس و ثلث الثلث و لمدعي الثلث ثلث الثلث و يحتمل قيمة العين على حسب العول لصاحب الكلّ ستة لصاحب النصف ثلاثة و لصاحب الثلث سهمان فيصحّ من أحد عشر سهما لكن أصحابنا على الأوّل [- يز -] لو كانت الدار في يد أربعة فادّعى أحدهم الجميع و الثاني الثلثين و الثالث النصف و الرابع الثلث ففي يد كلّ واحد الرّبع فإن لم يكن بيّنة قضي لكلّ واحد بما في يده و أحلفنا كلا منهم لصاحبه و لو أقام كل واحد بيّنة بما ادعاه فإن قضينا ببيّنة الداخل فكذلك يقسم أرباعا و إن قضينا ببيّنة الخارج سقط اعتبار بيّنة كلّ واحد بالنظر إلى ما في يده و يكون ثمرتها فيما يدعيه ممّا في يد غيره فيجمع بين كلّ ثلاثة على ما في يد الرابع و يؤخذ منه و يحكم فيه بالقرعة و اليمين و مع الامتناع من الحلف يحلف الآخر و إن امتنعوا قسّم بينهم فيصحّ من اثنين و سبعين فيخلص لمدّعي الجميع ممّا في يد الثاني نصفه و نصف تسعة و هو عشرة من ثمانية عشر بغير منازع سواه و هو داخل و الثالث يدّعي ثلث ما في يده و هو ستة فيقارع المستوعب و يحكم للخارج بالقرعة مع اليمين فإن امتنع أحلف الآخر و إن نكلا معا قسّم بين المستوعب و الثالث و الرابع يدّعي تسع ما في يده و هو اثنان يقارع المستوعب فيهما و يأخذه من يخرجه القرعة بعد اليمين فإن امتنع حلف الآخر فإن امتنعا قسّم بينهما و يخلّص للمستوعب مما في يد الثالث تسعة لا يدّعيها سوى الثالث هو داخل فيحكم بها للمستوعب و الثاني يدعي مما في يد الثالث خمسة أتساعه و هو عشرة فينازع المستوعب و يحكم للخارج بعد

ص: 197

اليمين فإن امتنع حلف الآخر فإن امتنعا قسم بينهما و الرابع يدّعي مما في يد الثالث اثنين فينازع المستوعب و يحكم للخارج بعد اليمين فإن امتنع حلف الآخر فإن امتنعا قسم بينهما و يخلّص للمستوعب مما في يد الرابع اثنان لا يدّعيهما سوى الرابع و هو داخل فيحكم بها للمستوعب و الثاني يدّعى منها عشرة فينازع للمستوعب فيحلف الخارج بالقرعة فإن امتنع حلف الآخر و حكم له فإن امتنعا قسّم بينهما و الثالث يدّعي منها ستة فيقارع المستوعب و يحكم للخارج بعد اليمين فإن نكل حلف الآخر فإن امتنعا قسّم بينهما و يؤخذ جميع ما في يد المستوعب لأنّه داخل و الثلاثة الآخر خارج و الثاني يدعي منه عشرة و الثالث يدعي ستّة و الرابع يدّعي اثنين فيحكم لهم بذلك فقد حصل للمستوعب ستّ و ثلاثون و للثاني عشرون و للثالث اثنا عشر و للرابع أربعة و ذلك مع امتناع الخارج بالقرعة عن اليمين و مقارعته و على الحكم بالعول يحصل للمستوعب ستّة و للثاني أربعة و للثالث ثلاثة و للرابع سهمان و لو كانت الدار في يد خامس لا يدّعيها و أقام كلّ واحد بيّنة خلص لصاحب الكلّ الثلث بغير منازع و يتعارض بيّنة و بيّنة مدّعي الثلثين في السدس فيقارعان فيه و يحكم لمن يخرجه القرعة بعد اليمين فإن امتنع أحلف الآخر فإن نكل قسّم بينهما ثمّ يتعارض بيّنة مدّعي الجميع و مدّعي الثلثين و مدّعي النّصف في سدس آخر فيقرع بينهم فيه و يحكم به للخارج بالقرعة بعد الإحلاف فإن امتنع أحلف الآخران و قسّم بينهما فإن نكلا قسّم بين الثلاثة ثمّ يقع التعارض بين البيّنات الأربع في الثلث فيقرع بينهم و يخصّ به من يخرجه القرعة بعد الإحلاف فإن نكل أحلف الثلاثة فإن نكلوا أجمع قسّم الثلث بينهم أرباعا فيصحّ من ستة و ثلثين لمدّعي الكلّ عشرون و لمدّعي الثلثين ثمانية و لمدّعي النصف خمسة و لمدّعي الثلث ثلاثة و كذا البحث لو لم يكن لأحدهم بيّنة

القسم الثاني في الاختلاف في العقود

و فيه [- يد -] بحثا [- أ -] لو تداعيا عينا في يد زيد فقال كلّ منهما هذه العين لي اشتريتها من زيد بمائة و نقدته الثمن فإن لم يكن لأحدهما بيّنة فإن أنكرهما حلف لكلّ واحد منهما و كانت العين له و إن أقرّ بها لأحدهما سلّمت إليه و حلف الآخر و إن أقرّ لكلّ واحد منهما بنصفها سلمت إليهما و حلف لكلّ واحد منهما على نصفها و لو قال لا أعلم لمن هي منكما تقارعا و قضي بها لمن يخرجه القرعة بعد اليمين و لو حلف المتشبث أنّها له ثمّ أقرّ بها لأحدهما سلمت إليه فإن أقرّ بها للآخر أغرم له و لو أقام كلّ واحد بينة فإن كانتا مورّختين و اختلفتا في التاريخ كان تشهد إحداهما بالشراء في شعبان و الأخرى في رمضان حكم بها للأوّل و كان البيع الثاني باطلا لأنّه باع ما لا يملكه و يطالب بردّ الثمن إذ لا تعارض فيه و إن اتفقتا في التاريخ أو كانتا مطلقتين أو إحداهما مطلقة و الأخرى مورّخة تعارضتا لتعذر الجمع ثمّ نظر فإن كانت العين في يد أحدهما حكم لذي اليد على رأي و للخارج على رأي و إن كانت في يد البائع لم يلتفت إلى إنكاره و لا إلى اعترافه بل يحكم بالقرعة مع تساوي البيّنتين عدالة و عددا فمن خرجت له حلف و أخذ و إلاّ حلف الآخر و لو نكلا قسّمت بينهما و يرجع كلّ منهما بنصف الثمن و الأقرب أنّ لكلّ منهما الفسخ لتبعّض الصفقة قبل القبض و لو فسخ أحدهما كان للآخر أخذ الجميع لعدم المزاحم و لو امتنع أجبر على الأخذ و كلّ من لم يسلّم له من العين شيء إمّا يقرعه أو قسمة فإنّه يرجع إلى الثمن إذ لا تضاد في اجتماع الثمنين [- ب -] لو ادّعى أحدهما أنّه اشترى العين من زيد بمائة و ادّعى الآخر أنّه اشتراها من عمرو بمائة و أقام كلّ منهما بيّنة بدعواه فإن كانت العين في يد أحدهما قدمت بيّنة الخارج أو الداخل على اختلاف الرأيين و يرجع الآخر على بائعه بالثّمن و إن كانت في يدهما قسّمت بينهما لأنّ لكلّ واحد بيّنة و يدا فيحكم إمّا للداخل أو الخارج و على كلّ واحد من التقديرين تستقرّ بينهما و يرجع كلّ منهما على بائعه بنصف الثمن و لو كانت في يد أحد البائعين و تساوت البينتان عدالة و عددا أقرع بينهما و رجع كلّ منهما على بائعه بنصف الثمن و لهما الفسخ و الرجوع بالثمنين و لو فسخ أحدهما جاز و لم يكن للآخر أخذ الجميع لأنّ النصف الآخر لم يرجع إلى بائعه و لو ادّعى كلّ واحد منهما أنّه اشترى العين من بائعه و أنها ملكه و أقاما البيّنتين بذلك و تساويا عدالة و عددا أقرع بينهما و حكم لمن يخرجه القرعة بعد يمينه فإن نكل أحلف الآخر و لو نكلا قسّمت العين بينهما و ليس لأحدهما الرجوع على بائعه بشيء إن كانا قد اعترفا بقبض السلعة من البائع لاعترافه بسقوط الضمان عن البائع و لو ادّعى كلّ واحد من الاثنين على المتشبّث بأنّه غصب العين منه و أقاما بيّنة فإن اتفقتا في التاريخ أو كانتا مطلقتين أو إحداهما تعارضتا و إن تقدّم تاريخ إحداهما فالأقرب الترجيح بالسبق و لو شهدت البيّنة بأنّه أقرّ ببعضه من كلّ واحد منهما لزمه دفعه إلى الذي أقرّ له به أوّلا و يغرم قيمته للآخر [- ج -] لو ادعى اثنان أنّ زيدا اشترى من كلّ منهما العين التي في يده و أقاما بيّنة فإن اعترف لأحدهما قضي عليه بالثمن و كذا إن اعترف لهما قضي عليه بالثمنين و لو أنكر فإن كان التاريخ مختلفا أو مطلقا أو كان لأحدهما مطلقا و الآخر معيّنا ثبت العقدان و لزمه الثمنان لإمكان أن يشترى من أحدهما ثمّ يملكها الآخر فيشتريها منه و مهما أمكن الجمع بين البيّنتين وجب بخلاف ما لو كان البائع

ص: 198

واحدا و المشتري اثنين فأقام أحدهما بالشراء في شعبان و الآخر بالشراء في رمضان لأنّه إذا ثبت الملك للأوّل لم يبطله بأن يبيعه الثاني مرّة ثانية أمّا هاهنا فإن شراؤه من كلّ واحد منهما يبطل ملكه لأنّه لا يجوز أن يشترى ملك نفسه و يمكن أن يبيع البائع ما ليس له و إن كان التاريخ واحدا تحقق التعارض لامتناع كون الملك الواحد في الوقت الواحد لاثنين و امتناع إيقاع عقدين في زمان واحد فيحكم بالقرعة فمن خرجت له القرعة أحلف و قضي له بالثمن و يحلف الآخر و يبرأ و لو امتنعا من اليمين قسّم الثمن بينهما [- د -] لو ادّعى شراء عبد في يد زيد منه و ادعى العبد العتق من زيد و لا بيّنة لهما فإن أنكرهما حلف لهما و العبد له و إن أقرّ لأحدهما ثبت ما أقرّ به و يحلف للآخر فإن أقام أحدهما بيّنة بما ادعاه ثبت و لو أقاما بيّنتين قدّم أسبقهما تاريخا و بطل الآخر و إن اتفقتا في التاريخ أو كانتا مطلقتين أو إحداهما تعارضتا فإن كان في يد المشتري قدّمت بيّنة إن قلنا بتقديم بيّنة الداخل و إلاّ بينة العبد إن قلنا بتقديم بيّنة الخارج و لو كان في يد المولى أقرع و حلف الخارج بالقرعة و حكم له فإن امتنع أحلف الآخر و حكم له فإن نكلا قسّم نصفين فصار نصفه حرّا و نصفه رقّا للمشتري و يرجع بنصف الثمن فإن فسخ لتبعيض الصفقة عتق كلّه و إن اختار الإمساك قوّم على البائع و سرى العتق إلى جميعه لقيام البيّنة عليه بمباشرة العتق مختارا و قد ثبت العتق في نصفه بشهادتهما [- ه -] إذا ادّعى عينا في يد زيد و أنّه اشتراها من عمرو بثمن نقده إياه و إن عمرا وهبه تلك الدار لم يقبل بيّنته حتّى يشهد أنّ عمرا باعه إيّاها أو وهبها له و هي ملكه أو يشهد أنّها ملك المدّعي اشتراها من عمرو أو يشهد بأنّه باعها أو وهبها له و سلّمها إليه فإن مجرّد الهبة و الشراء لا تعارض اليد المعلومة لأنّ الإنسان قد يبيع أو يهب ما لا يملك أما إذا شهدت بالملك للبائع أو المشتري أو بالتسليم فإنّه يحكم به للمدعي لأنّهم شهدوا بتقديم اليد أو بالملك [- و -] لو كان في يده صغيرة فادّعى نكاحها لم يقبل إلاّ بيّنته و لا يخلى بينه و بينها و لو ادّعى رقيتها قبل [- ز -] لو ادعى ملك عين و أقام بيّنة و ادّعى آخر أنّه باعها منه أو وهبها إياه أو وقفها عليه أو ادعت امرأته أنه أصدقها إيّاها و أقام بذلك بيّنة قضي له بها لأنّ البيّنة المتأخرة شهدت بأمر خفيّ عن الأوّل و لو ادّعى ملك عين في يد الآخر فادّعى المتشبّث أنّها في يده منذ سنين و أقام بيّنة فهي لمدّعي الملك لإمكان أن يكون ملك زيد في يد عمرو [- ح -] لو ادّعى أنّه آجره الدابة التي في يده و ادّعى آخر أنّه أودعه إيّاها و لا بيّنة حكم لمن يصدّقه المتشبث و لو كان لكل منهما بيّنة بدعواه تحقّق التعارض و عمل بالقرعة مع تساوي البيّنتين عددا و عدالة [- ط -] لو شهد اثنان على إقراره بألف لزيد و شهد أحدهما أنّه قضا ثبت الإقرار فإن حلف مع شاهد القضاء ثبت و إلاّ حلف المقرّ له أنّه لم يقبضه و ثبت له الألف و هل يكون ذلك تكذيبا لشاهده فيه نظر الأقرب أنّه تكذيب فإن كان ذلك بعد الحكم بشهادته بالإقرار لم يؤثّر في ثبوت الإقرار و إن كان قبل الحكم فالوجه أنّه إن حلف مع الشاهد الآخر على دعواه بالإقرار ثبت و إلاّ فلا و لو شهد أحدهما عليه ألفا و شهد الآخر أنّه قضاه ألفا لم يثبت عليه الألف لأنّ شاهد القضاء لم يشهد عليه بالألف إلاّ ضمنا لأنّ شهادته تضمّنت أنّها كانت عليه و الشّهادة لا تقبل إلاّ صريحة [- ى -] لو ادّعى عليه ألفا قرضا فقال المدّعى عليه لا يستحق عليّ شيئا فأقام بينة بالقرض فأقام المدعى عليه بيّنة بالقضاء بالألف و لم يعرف التاريخ برئ بالقضاء لأنّه لم يثبت عليه إلاّ ألف واحدة و إنّما يكون القضاء لما عليه فيصرف القضاء إلى الألف الثابتة أمّا لو قال ما أقرضتني ثمّ أقام بيّنة بالقضاء لم يقبل بيّنته لأنّه لإنكاره القرض تعيّن صرفها إلى قضاء غيره و لو شهدت بيّنة القضاء بقضاء الألف التي ادّعاها المدّعي فالأقرب أنّها لا تسمع لأنه يكذّب لبيّنته بإنكاره القرض و لو لم ينكر القرض إلاّ أنّ بيّنة القضاء كانت مورّخة بتاريخ سابق على القرض لم يصرف القضاء إلى القرض لأنّ القضاء بعد الوجود و لو شهد عليه اثنان بالإقرار لزيد بدين و شهد آخر بإبراء زيد للمقرّ من كلّ حقّ فإن اتحد التاريخ حكم بالإبراء و إن تقدّم تاريخ أحدهما حكم بالمتأخر و لو أطلقتا التاريخ فالأقرب القرعة [- يا -] لو اختلف المتئاجران في قدر الأجرة بأن يتّفقا على استيجار الدار شعبان لكن يقول المالك بمائتي درهم و يقول المستأجر بمائة درهم أو في جنسها بأن يقول المالك بمائة دينار و يقول المستأجر بمائة درهم أو في المدة بأن يدّعي المالك الإجارة شعبان بمائة درهم فيقول المستأجر شعبان و رمضان بمائة درهم أو في قدر العين فيقول المالك أجرتك هذا البيت من الدار شعبان بمائة فيقول المستأجر بل الدار بأجمعها بمائة فإن لم يكن بيّنة و كان الاختلاف بعد مضيّ المدة قال الشيخ رحمه اللّٰه سقط المسمّى و وجب على المستأجر أجرة المثل لهلاك المنفعة في يده فتعذّر ردها فإن تحالفا عقيب العقد انفسخ العقد و رجعت الدار إلى مالكها و لا أجرة إلى المستأجر و إن كان في الأثناء انفسخ المتخلّف و على المستأجر أجرة المثل عمّا مضى و يأخذ المتخلّف من أجرة المدة الباقية و يردّ العين إلى المالك هذا مع عدم البيّنة و لو أقام أحدهما بيّنة حكم بها و لو أقام كلّ واحد بيّنة فإن اتحد التاريخ بأن تشهد إحداهما أنّه أجره عند غروب الشمس يوم كذا و تشهد الأخرى بالإجارة عند ذلك الوقت أو أطلقتا بأن شهدت إحداهما أنّه أجرة شهر رمضان بكذا و الأخرى أنّه أجرة شهر رمضان

ص: 199

بكذا أيضا أو شهدت إحداهما مطلقة و الأخرى مقيّدة فالحكم في الثلاثة واحد و حينئذ يحكم بالتعارض فيقرع و يحكم لمن يخرجه القرعة مع يمينه و لو اختلف التاريخ بأن شهدت إحداهما أنّه أجرة الدار مع غروب الشمس يوم كذا بدينار و شهدت الأخرى أنّه أجرة البيت عند طلوع الشمس في ذلك اليوم بعينه بدينار فلا تعارض فإن سبقت بيّنة المستأجر أنّه استأجر الدار أجمع شهر رمضان بدينار ثبت مدّعاه و بطلت بينة المؤجر لأنّ البيت داخل في عقد المستأجر فيكون العقد الثاني باطلا و إن سبقت بيّنة المؤجر أنّه أجرة البيت بدينار صحّ فإذا استأجر الدار كلّها بعد ذلك كان العقد على البيت باطلا و فيما بقي من الدار يكون صحيحا عندنا هذا خلاصة ما ذكره الشيخ رحمه اللّٰه و يحتمل أن يقال إذا اختلفا في قدر الأجرة فأقاما بيّنة و اتّحد التاريخ يقضى بيّنة المؤجر لأنّ القول قول المستأجر مع عدم البيّنة لأنّه اختلاف على ما في ذمة المستأجر فالقول قوله مع يمينه فيكون البيّنة من طرف المدّعي و هو المؤجر أمّا لو كان الاختلاف في قدر المستأجر بأن يقول المالك آجرتك البيت بعشرة فيقول المستأجر بل الدار بعشرة و أقاما بيّنة فالأقرب القرعة و قيل القول قول المؤجر و الوجه ما قاله الشيخ رحمه اللّٰه من استعمال القرعة لأنّ كلّ منهما مدّع فإن اتفق تاريخ البيّنتين أو أطلقتا أو إحداهما تعارضتا و إن اختلف التاريخ يحكم للسابق لكن إن كان السابق بيّنة البيت حكم بإجارة البيت بأجرته و هو الدينار و بإجارة بقيّة الدار بالنّسبة من الدّينار [- يب -] لو اختلف المتئاجران في شيء من الدار فإن كان ممّا ينقل و يحوّل كالأثاث و شبهها فهي للمستأجر لجريان العادة بخلوّ الدار المستأجرة من الأقمشة و إن كان مما يتبع الدار في البيع كالأبواب المنصوبة و الحوابي المدفونة و الرفوف المستمرة فهو للمالك و لو أشكل الحال كالرفوف و المصراع للباب المقلوع فالوجه أنّه للمستأجر مع اليمين لأنّ يده عليه و لو اختلف التّجار و صاحب الدار في القدوم و المنشار و آلة النجارة حكم لذي اليد و هو النجار مع اليمين و لو كان في الدكان نجّار و عطار فاختلفا فيما فيه احتمل الحكم لكلّ واحد بآلة صناعة [- يج -] لو اختلف الزوجان في متاع البيت قضى لمن قامت له البيّنة و لو لم يكن بيّنة قيد كلّ واحد منهما على النصف فيحلف لصاحبه و يكون بينهما بالسّوية سواء كان ممّا يختصّ الرّجال أو النساء أو يصلح لهما و سواء كانت الدار لهما أو لأحدهما و سواء كانت الزوجيّة باقية بينهما أو زائلة و سواء تنازع الزوجان أو الوارث اختاره الشيخ رحمه اللّٰه في المبسوط و قال في الإستبصار يحكم بجميع المتاع للمرأة لأنها تأتي بالمتاع من أهلها و قال في الخلاف ما يصلح للرجال للرّجل و ما يصلح للنساء للمرأة و ما يصلح لهما يقسّم بينهما و اختاره ابن إدريس و هو الأقوى عندي و لو ادّعى أبو الميّتة أنّه أعارها بعض ما في يدها من متاع و غيره كان كغيره إن أقام بيّنة حكم له بدعواه و إلاّ فلا و في رواية يفرّق بين الأب و غير فيصدق الأب دون غيره و ليست وجها [- يد -] لو تداعيا زوجيّة امرأة فصدقت أحدهما حكم

القسم الثالث في الاختلاف في المواريث و الوصايا و النسب

و فيه [- يد -] بحثا [- أ -] لو مات المسلم عن ولدين ادّعى أحدهما إسلامه قبل موت أبيه و صدّقه الآخر ثمّ ادّعى الآخر ذلك فكذّبه الأوّل فالقول قول الأوّل مع يمينه على نفي العلم فيحلف أنّه لا يعلم أن أخاه أسلم قبل موت أبيه و يأخذ التركة و كذا لو كان مملوكين فأعتقا و اتّفقا على سبق عتق أحدهما على الموت و اختلفا في سبق عتق الآخر و لو اتّفقا على وقت إسلامهما و اختلفا في وقت موت أبيهما بأن يكون أحدهما أسلم في شعبان و الآخر في غرة شوال و ادّعى المتأخر موت الأب في شوال و ادّعى المتقدم موته في رمضان قدّم قول المتأخر مع يمينه لأنّ الأصل بقاء الحياة و كانت التركة بينهما و لو ادّعى أحد الورثة تقدّم إسلامه على القسمة و أنكر الورثة ذلك فالقول قول الورثة و لو اتفقوا على إسلامه في وقت و ادّعى غيره من الورثة سبق القسمة و أنكر فالقول قوله مع يمينه [- ب -] لو ماتت امرأة و ولدها و خلّفت زوجها و أخاها فادّعى الزوج سبق موت الزوجة على موت الولد و ادعى الأخ سبق موت الولد فإن أقام أحدهما بيّنة حكم بها و إن لم يكن هناك بيّنة فالقول قول الأخ مع يمينه في نصيبه من مال أخته لأنّ الميراث لا يتحقّق إلاّ مع تيقّن حياة الوارث و القول قول الزوج مع يمينه في مال ابنه كذلك أيضا فلا ترث الأم من الولد و لا الولد من الأمّ و يحكم بتركة الابن للزوج بأجمعها و تركة الزّوجة بين الأخ و الزّوج نصفين [- ج -] لو ادّعى الابن أنّ هذا العين ميراث من أبيه و ادّعت الزوجة أنّ الأب أصدقها إيّاها و أقاما بيّنة حكم بها للمرأة و لا تعارض لأنّ بيّنة الزوجة شهدت بما يمكن خفاؤه عن بيّنة الولد و كذا لو ادّعى أجنبيّ أنّ هذا العين باعها للموروث منه و ادّعى الوارث أنّها تركة [- د -] لو ادّعى العين التي في يد زيد له و لأخيه إرثا عن أبيهما و أقام بيّنة فإن كانت كاملة و هي ذات الخبرة الباطنة و المعرفة المتقادمة و شهدت بأنّها لا يعلم وارثا غيرهما سلّم إلى المدعي النصف و كان الباقي في يد المتشبث أو ينتزعه الحاكم و يسلّم إلى الثقة و لا يطالب المدّعي بيمين على نفي الوارث غيرهما و لا بضامن لما يقبضه و إن لم يكن البيّنة كاملة و شهدت بأنّها لا تعلم أنّ له وارثا غيرهما أو كانت من أهل الخبرة و لم تقل إنّا لا نعلم له وارثا غيرهما أخّر التسليم حتّى يبحث الحاكم عن الوارث و يستقصي في البحث حتّى

ص: 200

يغلب ظنّه أنّه لو كان وارث لظهر أمره و يسلّم إلى الحاضر نصيبه و يضمّنه استظهارا و لو كان ذا فرض أعطي مع اليقين بانتقال الوارث نصيبه كملا و مع عدم اليقين يعطيه أقلّ النصيبين فيعطي الزوج الرّبع و الزوجة ربع الثمن معجّلا من غير ضمين فإذا بحث الحاكم و لم يظهر وارث آخر سلّم إليه باقي الحصّة مع الضمين و لو كان الوارث ممن يحجب غيره كالأخ فإن أقام البيّنة الكاملة أعطي المال و إن أقام بيّنة غير كاملة أعطي بعد البحث و الاستظهار و الضّمين و لو قالت البيّنة لا تعرف له وارثا في غير هذا البلد لم يدفع إليه كما لو قال لا نعرف له وارثا في هذه المحلّة [- ه -] لو أوصى بعتق عبده إن قتل فادعى العبد القتل و أقام بيّنة و ادّعى الوارث موته حتف أنفه و أقاموا البيّنة على وجه لا يمكن الجمع بينهما بأن تدعى بيّنة الموت أنّهم شاهدوا خروج روحه حتف أنفه فالوجه التعارض و يحكم بالقرعة و لو أوصى بعتق غانم إن مات في رمضان و بعتق سالم إن مات في شوّال فأقام غانم البيّنة بموته في رمضان و أقام سالم البيّنة بموته في شوّال فالوجه التعارض و يحتمل تقديم بيّنة رمضان لأنّ معها زيادة و لو أوصى بعتق غانم إن مات في مرضه و بعتق سالم إن برئ منه و أقام كلّ منهما البيّنة بما ادّعاه تعارضت البينتان و حكم بالقرعة [- و -] إذا ادعى كلّ من العبدين عتق مولاه المريض و قيمة الثلث و أقاما بيّنتين أقرع مع عدم المعرفة بالسابق أو مع العلم بالاقتران و لو كان قيمة أحدهما السدس و خرجت القرعة له عتق و عتق من الآخر نصفه لتكملة الثلث [- ز -] لو شهد عدلان أنّ الميّت أعتق غانما و قيمته الثلث و شهد وارثان أنّه أعتق سالما و هو ثلث فإن أخرجنا المنجّزات من الأصل عتقا و إلاّ أقرع إن لم نعرف السابق أو عرفنا الاقتران و لو وقعت القرعة على من هو أقل من الثلث أعتق و أعتق من الآخر تكملة الثلث و إن وقعت على الأزيد من الثلث صحّ فيه عتق المساوي للثلث و بطل الزائد و لو عرف السابق صحّ عتقه و بطل عتق الآخر و لو شهد العدلان أنّه أوصى بعتق غانم و شهد الوارثان بأنّه رجع عن عتقه و أعتق سالما بعد موته و قيمة كلّ واحد الثلث احتمل القبول من الوارث حيث انتفت التهمة بالرجوع إلى البدل و لو كان سالما سدس المال صارت متّهما فيعتق غانم بالشهادة و يعتق سالم بالإقرار و لو شهد العدلان بالوصيّة لزيد و عدلان من الورثة بالرجوع و أنّه أوصى لعمرو قال الشيخ يقبل شهادة الرجوع لأنّهما لا يجران نفعا و فيه نظر من حيث أنّ المال يؤخذ من يدهما فهما غريما المدّعي و عندي في ذلك كلّه إشكال ينشأ من التّهمة الحاصلة بسبب شهادة الورثة [- ح -] لو شهد شاهدان بالوصيّة لزيد و شهد شاهد بالرجوع و أنّه أوصى لعمرو كان لعمرو أن يحلف مع شاهده لأنّها شهادة منفردة لا تعارض الأوّل و لو شهدت بيّنة بأنّه أوصى لزيد بالسدس و شهدت أخرى بأنّه أوصى لبكر بالسّدس و شهدت ثالثة بأنّه رجع عن إحدى الوصيتين فإن أبطلنا الرجوع المبهم سلّم إلى كلّ واحد سدس و إن قلنا بالصحّة فالوجه القرعة و قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يقبل الرجوع لعدم التعيين فهي كما لو شهدت بدار لزيد أو عمرو و فيه نظر [- ط -] إذا وطئ المرأة اثنان في طهر واحد وطيا يلحق به النسب بأن تكون مشتبهة عليهما أو زوجة لأحدهما و مشتبهة على الآخر أو يعقد الاثنان عقدا فاسدا توهما الحلّ به ثمّ تأتي الولد لستة أشهر فصاعدا إلى أقصى مدّة الحمل حصل الاشتباه في الإلحاق فعندنا يحكم بالقرعة فمن خرجت له الحق به النسب سواء كان الواطيان مسلمين أو عبدين أو بالضدّ أو مختلفين في الإسلام و الكفر و الحرّية و الرق و سواء كانا أجنبيّين أو أحدهما أبا للآخر و سواء أقام كلّ واحد منهما بيّنة أو لم يقم أحدهما بيّنة و لو أقام أحدهما دون الآخر حكم لصاحب البيّنة و النسب يلحق بالفراش المنفرد و الدّعوى المنفردة و بالفراش المشترك و الدعوى المشتركة و يقضى فيه بالبيّنة و مع عدمهما بالقرعة و لا اعتبار بالقيافة و لا يجوز الإلحاق بمن يلحقه القيّاف [- ى -] لو شهد شاهدان أنّه أوصى لزيد بثلث ماله و شهد ثالث أنّه وصّى لعمرو بثلث ماله فالشاهدان أقوى و لا يعارضهما الشاهد و اليمين فيحكم لزيد بالثلث و يقف وصيّة عمرو على الإجازة و قد يلوح من كلام الشيخ في بعض المواضع التعارض بين الشاهدين و الشاهد و اليمين فعلى هذا يحلف عمرو مع شاهده و يقرع بينهما إن جهل السابق و يقسّم مع التقارن أمّا لو شهد الثالث بأنّه رجع عن وصيّته لزيد و وصّى لعمرو بثلثه فإنّه لا تعارض بينهما و يحلف عمرو مع شاهده و الفرق تقابل البيّنتين في الأولى فقدّمت الأقوى منهما و عدم التقابل في الثانية [- يا -] لو ادّعى الورثة أنّ الميّت طلّق الزّوجة قبل موته فأنكرت فالقول قولها مع اليمين فإن اعترفت بالطلاق و انقضاء العدّة و ادعت أنّه راجعها فالقول قول الورثة و إن اختلفوا في انقضاء العدّة فالقول قولها في عدم الانقضاء [- يب -] لو أقرّ اثنان من أهل الحرب بنسب يوجب التوارث ثبت نسبهم و لو سببا فإن أقامت البيّنة من المسلمين بذلك فكذلك و لا يقبل شهادة الكفّار في ذلك و إن لم تقم البيّنة لم يقبل إقرارهم و لو أعتقوا تبرّعا فكذلك لما فيه من الضرر على المعتق بتفويت الإرث بالولاء و لو صدّقهما بعتقهما قبل و إن لم يصدّقهما

ص: 201

فميراث كلّ واحد منهما لمعتقه و الأقرب عندي القبول مع العتق [- يج -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لو أقام العبد شاهدين بالعتق و افتقر إلى البحث عن عدالتهما و سأل التفريق حتّى يثبت العدالة فرّق قال و كذا لو أقام مدّعي المال شاهدا واحدا و ادّعى أن له شاهدا آخر و سأل حبس الغريم إلى أن يقيمه أجيب إلى ذلك لأنّه متمكّن من إثبات حقّه باليمين و فيه نظر من حيث أنّه تعجيل للعقوبة قبل ثبوت الحقّ [- يد -] لو شهد اثنان أنّ هذا ابن الميّت و لا نعلم له وارثا سواه و شهد آخر أن هذا الآخر ابن الميّت و لا نعلم له وارثا سواه فلا تعارض بينهما و ثبت نسب الغلامين و يكون الإرث بينهما و لا فرق بين أن يكون البيّنة كاملة أو لا لجواز أن يعلم كلّ من الشاهدين ما لم يعلمه الآخر

الفصل السابع في القسمة
اشارة

و فيه مطالب

الأوّل في أركانها

و هي اثنان القاسم و المقسوم و فيه [- ط -] مباحث [- أ -] يستحبّ للإمام أن ينصب قاسما و ليس بلازم و لو نصب قاسما جاز أن يقسّم الخصمان بأنفسهما و يقاسم غيره [- ب -] يشترط في القاسم المنصوب من قبل الإمام البلوغ و كمال العقل و الإيمان و العدالة و المعرفة بالحساب لأنّ عمله متعلّق به فهو كالفقه في الحاكم و لا يشترط الحرّية فلو كان عبدا جاز و لا يشترط ذلك في القاسم الذي يتراضى به الخصمان فلو تراضيا بقسمة الكافر جاز كما لو تراضيا بالقسمة بأنفسهما [- ج -] القسمة إن اشتملت على الردّ وجب العدد في القاسم المنصوب من قبل الإمام و هو عدلان لأنّ لاشتمالها على التّقويم و لو رضي الشريكان بواحد جاز و إن لم يكن في القسمة ردّ كفى الواحد و المقوّم يشترط فيه العدد و ليس للقاضي أن يقضي بالتقويم ببصيرة نفسه و إن جوّزنا القضاء بالعلم لأنّه تخمين و يحكم بالعدالة ببصيرة نفسه قال الشيخ رحمه اللّٰه و الأحوط أنّه لا بد من خارصين [- د -] القاسم إن كان من قبل الحاكم و عدل السهام و أقرع كانت القرعة حكما يلزم القسمة به و إن نصبه الشريكان لم يلزم القسمة بالتعديل و القرعة بل لا بدّ من رضاهما بعد القرعة و كذا لو اقتسما بأنفسهما و أقرعا لم يلزم القسمة إلاّ بتراضيهما بعد القرعة لأنّه لا حاكم بينهما و لا من يقوم مقامه [- ه -] و يخرج الإمام للقاسم رزقه من بيت المال لأنّه من المصالح و قد اتخذ على ع قاسما و جعل له رزقا في بيت المال فإن لم يكن هناك إمام أو كان و ضاق بيت المال عن رزق القاسم كانت أجرته على المتقاسمين ثمّ إن استأجره كلّ واحد منهم ليقسّم نصيبه بأجرة معيّنة جاز فإن استأجره جميعا في عقد واحد بأجرة معيّنة عن الجميع و أبهموا نصيب كلّ واحد منهم من الأجرة لزم كلّ واحد من المعيّن بقدر نصيبه من المقسوم و كذا لو لم يقدّروا الأجرة كان له عليهم أجرة المثل بالحصص لا على عدد الرءوس بالسّوية و ليس لواحد أن ينفرد باستئجاره دون إذن الشريك لأنّ تردّده في الملك المشترك ممنوع دون الإذن فيكون العمل ممنوعا و الإجارة فاسدة بل بعقد واحد بإذن الآخرين أو الوكيل بإذن جميعهم و إن كان الشريك طفلا فطلب وليّه القسمة و لا غبطة منعه القاضي و إن كان هناك غبطة وجب عليه دفع نصيبه من الأجرة من مال الطفل و لو طلب الشريك القسمة و لا غبطة فالوجه وجوب الحصة من الأجرة على وليّ الطّفل من مال الطفل [- و -] المقسوم إمّا متساوي الأجزاء كالحبوب و الأدهان و الخلول و الألبان أو متفاوت الأجزاء كالعقار و الأشجار فالأول أن طلب أحد الشريكين القسمة فيه أجيب إليها فإن امتنع شريكه أجبره سواء قلّت أو كثرت و يقسم كيلا و وزنا متساويا و متفاضلا ربويّا كان أو غيره و لو قسّما بقسمين و لم يعلّما قدر كلّ واحد من القسمين لكن تراضيا على أن يأخذ أحدهما أحد القسمين و الآخر يأخذ الثاني جاز لأنّ القسمة تميّز حقّ لا بيع عندنا و أمّا الثاني فإن انتفى الضرر مع القسمة أجبر الممتنع عليها و إن تضرّر الشريكان بالقسمة كما في الحمامات و العضائد الضيقة و الجواهر فلا يجبر الممتنع على القسمة و إن تضرّر أحد الشريكين دون الآخر فإن طلب المتضرّر و القسمة أجبر الممتنع عليها و إن طلبها الآخر غير المتضرّر لم يجبر المتضرّر عليها [- ز -] الضرر المانع من الإجبار على القسمة للشيخ رحمه اللّٰه فيه قولان أحدهما عدم الانتفاع بالنّصيب بعد القسمة و الثاني نقصان القسمة و هو الأقوى عندي [- ح -] القسمة إن لم تشتمل على ضرر و لا ردّ أجبر الممتنع عليها و يسمى قسمة إجبار و إن اشتملت على أحدهما لم يجبر أحد الشريكين عليها و يسمّى قسمة تراض و لو تضمّنت القسمة إتلاف العين و اتفقا عليها منعهما الحاكم لما فيه من إضاعة المال [- ط -] لو كانا شريكين في أنواع كلّ واحد منها متساوي الأجزاء كحنطة و شعير و تمر و زبيب فطلب أحدهما قسمة كلّ نوع على حدته أجبر الممتنع و إن طلب قسمتها أعيانا بالقيمة لم يجبر الممتنع و الثواب إن نقصت قيمته بالقطع لم يجبر الممتنع على قسمته و إن لم ينقص قسّم و يقسّم الثياب و العبيد بعد التعديل بالقسمة قسمة إجبار و لو كان بينها ثياب أو حيوان أو أوراق فاتفقا على قسمتها جاز سواء اتّفقا على قسمة كلّ جنس أو على قسمتها أعيانا بالقيمة و لو طلب أحدهما قسمة كلّ نوع على حدته و طلب الآخر قيمته أعيانا بالقيمة قدّم قول من طلب قسمة كلّ نوع على حدته مع إمكانه و إن طلب أحدهما القسمة أو امتنع الآخر و كان مما لا يمكن قسمته إلاّ بأخذ عوض عنه من غير جنسه أو قطع ثوب في قطعه نقص لم يجبر الممتنع

المطلب الثاني في كيفيّة القسمة

و فيه

ص: 202

[- ى -] مباحث [- أ -] أنواع القسمة ثلاثة أفراز و تعديل و ردّ القسمة الأولى قسمة الأفراز و هي تقع في متساوي الأجزاء كالثوب الواحد و العرصة الواحدة المتساوية و المكيلات و الموزونات و هذه القسمة يجبر الممتنع عليها مع طلب الآخر بشرط أن يبقى الحصص بعد القسمة منتفعا بها المنفعة التي كانت و لو كان الحمّام كبيرا تبقى المنفعة به عند إحداث مستوقد آخر و يبرأ أخرى فالأقرب الإجبار و لو ملك عشر دار و هو لا يصلح السكنى منفردا فطلب شريكه القسمة لم يجبر المالك و لو طلب المالك لغرض صحيح أجيب فلو باع صاحب الأقلّ كان لصاحب الأكثر الشفعة دون العكس لأنّ انتفاء القسمة مستلزم لانتفاء الشفعة لأنّ الشفعة لدفع ضرر مئونة القسمة الثانية قسمة التعديل مثل أن يكون بين شخصين عبدان متساويا القيمة فعندها يجبر الممتنع على القسمة و لو كان لهما ثلاثة أعبد قيمة عبد مساوية لقيمة العبدين قسّمت بينهما و لو كان لهما عبد و جوهرة متساويا القيمة فالأقرب عدم الإجبار على القسمة بعد التعديل لاختلاف الأغراض باختلاف الأعيان و لو كان بينهما قطع من الأرض متباينة و آحادها يقبل قسمة الأفراز لم يجبر على قسمة التعديل بالقيمة الثالثة قسمة الردّ بأن يكون لها عبدان قيمة أحدهما ستة و الآخر عشرة فإذا ردّ أحدهما للآخر دينارين استويا لم يجبر أحدهما عليه و لو طلب أحدهما أن يأخذ الأدون و خمس الأعلى ليتخلّص في أحد العبدين عن الشركة فالأقرب أنّه لا يجبر لعدم انقطاع الشركة [- ب -] لو كان لثلاثة دار لأحدهم نصفها و لكلّ من الآخرين ربعها و إذا قسمت أرباعا استضرّ الآخران و إن قسمت نصفين لم يستضرّ أحد فطلب صاحب النصف القسمة أجبر كلّ من الآخرين فيأخذ نصفه و يأخذ الآخران النصف يكون مشتركا بينهما و يحتمل أن لا يجب الإجابة لعدم فائدة القسمة في حقّهما و هي تمييز حقّ كلّ واحد منهما [- ج -] لو كان لهما دار ذات علو و سفل فطلب أحدهما قسمتها بحيث يحصل لكلّ منهما حصّة من العلو و السّفل بالتعديل و أمكن أجبر الممتنع و لو حصل ضرر لم يجبر و لو طلب قسمة السّفل بانفراده و العلو بانفراده لم يجبر الآخر و كذا لو طلب لغد السّفل بانفراده و الآخر لشريكه [- د -] لو كان لهما دار كبيرة أو خان كبيرة فطلب أحدهما قسمة ذلك و لا ضرر أجبر الممتنع على القسمة و يفرد بعض المساكن عن بعض و إن كبرت ميل المساكن و لو كان بينهما داران أو خانان و طلب أحدهما جميع نصيبه في إحدى الدّارين أو أحد الخانين و يجعل الباقي نصيبا لشريكه لم يجبر الممتنع سواء كانا متجاورين أو متباعدين و سواء كانت إحدى الدارين حجرة الأخرى أو لا [- ه -] لو كان بينهما أرض و زرع فطلب أحدهما قسمة الأرض خاصّة أجبر الممتنع و إن طلب قسمة الزرع خاصّة فكذلك إن ظهر و إن كان لم يظهر لم يجبر و لو طلب قسمة كلّ واحد منهما على حدته أجبر الآخر و لو طلب قسمة الأرض و الزرع بعضا في بعض لم يجبر الآخر لأنّ الزرع كالمتاع ليس من أجزاء الأرض [- و -] لو كان بينهما أرض واحدة لا ضرر في قسمتها أجبر الممتنع سواء كانت فارغة أو مشغولة بشجر أو بناء فإن كان فيهما نخل و كرم و شجر مختلف الأجناس قسّمت كالدار الواسعة بعضا في بعض و لو طلب قسمة كلّ عين على حدّتها فالأقرب أنّه لا يجبر الآخر لاشتماله على الضرر و لو كان بينهما قراحان متعدّدة و طلب أحدهما قسمتها بعضا في بعض لم يجبر الممتنع و لو طلب قسمة كلّ قراح بانفراده أجبر الآخر و كذا الحبوب المختلفة و يقسّم القراح الواحد و إن اختلفت أشجار أقطاعه و لا يقسم الدكاكين المتجاورة بعضها في بعض قسمة إجبار لأنّها أملاك متعدّدة يقصد كلّ واحد منهما بالسكنى منفردا فهي كالأقرحة المتعدّدة و لو كانت الأرض ثلاثين جريبا قيمة عشرة منها كقيمة عشرين أجبر الممتنع من القسمة عليها و لو كان بينهما أرض قيمتها مائة في أحد نصفيها بئر قيمتها مائة و في النصف الآخر شجرة قيمتها مائة عدلت بالقيمة و جعلت البئر مع أحد النصفين و الشجرة مع الآخر و لو كانت بين ثلاثة لم تجب القسمة لأنّ البئر يخلص لأحدهم و الشجرة للثاني و الأرض للثالث و ذلك مما لا نفع فيه و لو كانت قيمة الأرض أكثر من مائة بحيث يأخذ بعض الشركاء سهمه و يبقى منها شيء مع البئر و الشجرة ينتفع به وجبت القسمة بأن يكون قيمة الأرض مائتين و خمسين فيبلغ الجميع أربع مائة و خمسين فيجعل كلّ منها مائة و خمسين نصيبا فيضمّ إلى البئر خمسين و إلى الشجرة خمسين و يتقارعان و لو كانت الأرض لاثنين و أراد قسمة البئر و الشجرة دون الأرض لم تكن قسمة إجبار و كذا الأرض ذات الشجرة إذا اقتسما الشجرة دون الأرض أو بالعكس لم يكن قسمة إجبار و لو اقتسماها بشجرها كانت قسمة إجبار لأنّ الشجر يدخل في الأرض فيصير الجميع كالشيء الواحد و لهذا وجب فيه الشفعة إذا بيع مع الأرض [- ز -] القسمة عندنا تميز حقّ عن غيره و ليست بيعا نعم لو اشتمل على الردّ تضمنت معاوضة في القدر الذي يقابله العوض و إن لم يكن بيعا على الحقيقة فيجوز فصل الوقف عن الطلق أمّا فصل الوقف عن الوقف فلا يجوز لأنّه كالتغيير بشرط الوقف و لو أشرف على الهلاك و اقتضت المصلحة قسمته فالوجه الجواز كما أجزنا البيع حينئذ و لو قيل بقسمة الوقف بعضه من بعض مطلقا أمكن إذ القسمة ليست بيعا و الأقرب عدم جوازها إذ البطن الثاني يأخذ الوقف عن الواقف و لا يلزمه ما فعل البطن الأوّل و لو تعدّد الواقف و الموقوف عليه فالأقرب جواز القسمة [- ح -] يشترط في قسمة الرضا التراضي بعد القرعة

ص: 203

و لا بدّ فيه من اللفظ نحو رضيت و ما أدّى معناه و لا يكفي السكوت أمّا قسمة الإجبار فلا يشترط فيها الرضا بعد القرعة لأنّ قرعة قاسم الحاكم بمنزلة حكمه و لا يفتقر في قسمة التراضي إلى قوله رضيت بالقسمة أو قاسمتك بل يكفي رضيت بذلك [- ط -] القسمة إن وقعت في ذوات الأمثال جازت التسوية بالوزن و الكيل و إن كانت في عرصة متساوية الأجزاء فالتسوية بالمساحة و يبسط على أقلّ الحصص بأن يقسم أسداسا إذا كان لأحدهم النصف و للثاني الثلث و للآخر السدس و لو افتقر إلى التعديل بالقيمة عدل كذلك ثمّ يكتب اسما الملاّك على ثلاثة رقاع و يدرجها في بنادق من طين أو شمع متساوية و يسلمها إلى من لم يشاهد ذلك فيخرج واحدة و يقف القسام على الطرف فإن خرج اسم صاحب النّصف أعطاه الجزء الأوّل و الثاني و الثالث ثم يخرج فإن خرج اسم صاحب الثلث أعطاه الرابع و الخامس و تعيّن السادس لصاحب السدس و إن خرج اسم صاحب السدس أعطاه الرابع و تعيّن الآخران لصاحب الثلث و تعيّن ما منه ابتدأ التسليم إلى اختيار القسام فيقف على أيّ طرف شاء و لا يخرج في هذه على السهام بل على الأسماء كما صورناه لئلاّ يؤدّي إلى تفرّق السهام و هو ضرر أمّا لو كان الملك لاثنين نصفين فإنّ القاسم يخرج إن شاء على السّهام كما قلناه و إن شاء على الأسماء بأن يكتب كلّ نصف في رقعة و تميز كلّ نصف بما لا يشاركه فيه الآخر و يستر الرقعتين ثمّ يأمر من لم يطلع على الصورة بإخراج إحداهما على اسم أحد المتقاسمين فما خرج فله الباقي للآخر [- ى -] الأجزاء إن كانت متساوية قيمة و الأنصباء متساوية بأن يكون الأرض لستّة و أجزاؤها متساوية فإنّها تقسم ستّة أجزاء ثم تكتب ستة رقاع متساوية في كلّ واحدة اسم واحد ثمّ يقال للمخرج أخرج واحدة على هذا السهم فمن خرج اسمه كان السهم له ثم يخرج أخرى على سهم آخر حتى يبقى الأخير و إن كتب في الرّقاع أسماء السهام كتب في رقعة الأوّل و في أخرى الثاني و هكذا ثمّ يخرج الرقعة على واحد بعينه فما خرج في الرقعة من السهم كان له و هكذا و إن تساوت الأنصباء و اختلفت القسمة عدلت الأرض بالقيمة و يجعل ستّة أجزاء و الاعتبار بالمساحة فيجوز أن يكون أحد النصيبين جريبا و الآخر اثنين إذا تساوت قيمتهما ثمّ يخرج القرعة على ما سبق و إن تساوت الأجزاء و اختلف الأنصباء جعلت سهاما بقدر أقلّها و كتب ثلاثة رقاع بأسمائهم ثمّ يخرج فإن خرج صاحب النصف كان له الأوّل و الثاني و الثالث ثم يخرج أخرى فإن خرج صاحب الثلث فله الرابع و الخامس و يبقى السادس لصاحب السدس و لو خرجت رقعة صاحب الثلث أوّلا فله الأوّل و الثاني ثمّ إن خرجت رقعة صاحب النصف فله الثالث و الرابع و الخامس و إن خرجت رقعة صاحب السدس فله الثالث و يبقى الباقي لصاحب النصف و لو اختلف الأنصباء و القيمة عدل القاسم السهام و جعلها ستّة أجزاء ثم فعل في الرقاع كما تقدّم و لو افتقرت القسمة إلى الردّ بأن يكون في حصّة أحدهما بناء أو شجر لم يجبر أحد عليها لأنّها نوع معاوضة و المعاوضة لا يجبر عليها فإن اتفقا على الردّ و عدلت السّهام لم يلزم بنفس القرعة بل لا بدّ من الرضا بعدها لأنّ كلّ واحد منها لا يعلم حصول العوض له

المطلب الثالث في الأحكام

و فيه [- يب -] بحثا [- أ -] الأقرب قبول شهادة القاسم إن لم يكن بأجرة و لو كان بأجرة حصل التهمة فلا يقبل شهادته (- ح -) لأنه يوجب الأجرة لنفسه [- ب -] لو ادعى أحد الشريكين الغلط في القسمة فإن أعطى دون حقّه و أنكر الآخر فالقول قول المنكر مع يمينه و لا يقبل دعوى المدّعي إلاّ بالبيّنة و إن أقام شاهدين على الغلط نقضت القسمة و أعيدت و إن لم يكن هناك بيّنة كان له إحلاف الشريك سواء كانت القسمة تلزم بالقرعة أو تتوقف على التراضي كما لو اقتسما بأنفسهما فإنّه يسمع دعواه و يحلف خصمه أيضا مع عدم البيّنة و على كلّ تقدير فليس له إحلاف قاسم القاضي على عدم الغلط لأنّه حاكم و لو حلف بعض الشركاء و نكل الباقون أحلف مدّعي الغلط و أفادت عينه نقض القسمة في حقّ الناكلين دون الحالفين [- ج -] لو اقتسما ثمّ ظهر استحقاق البعض للغير فإن كان معيّنا في نصيب أحدهما بطلت القسمة و لا يجبر من ظهر الاستحقاق في يده بين الفسخ و الرجوع بما بقي من حقّه و لو كان المستحقّ في نصيبهما مشاعا على السواء لم يبطل القسمة لأنّ ما يبقى لكلّ واحد منهما بعد المستحقّ قدر حقّه نعم لو تضرّر أحدهما بالمستحقّ أكثر من أن يسدّ طريقه أو مجرى مائه أو ضوئه و نحوه بطلت القسمة لأنّه يمنع التعديل و لو كان المستحقّ في نصيب أحدهما أكثر بطلت أيضا و لو كان المستحق مشاعا في نصيبهما بطلت القسمة لأنّ الثالث شريك فلا بدّ من رضاه بالقسمة و للشيخ رحمه اللّٰه قول آخر إنّه لا يبطل فيما زاد على المستحقّ و الأوّل أجود و لا فرق في ذلك بين أن يعلما حال القسمة أو أحدهما بالمستحقّ و بين أن لا يعلما [- د -] لو ظهر في نصيب أحدهما عيب لم يعلمه قبل القسمة كان له فسخ القسمة أو الرّجوع بالأرش كالبيع و يحتمل بطلان القسمة لأنّ التعديل شرط فيها و لم يوجد بخلاف البيع [- ه -] لو بنا أحدهما في نصيبه أو غرس ثمّ ظهر استحقاق ذلك النصيب فنقض بناؤه و قلع غرسه لم يرجع على الشريك بشيء من البناء و الغرس و أبطلت

ص: 204

القسمة لأنّ القسمة عندنا ليست بيعا و لم يغيّره الشريك و لم ينتقل إليه من جهته ببيع و إنما أفرز حقّه من حقّه فلم يضمن له ما غرم فيه و لو كان البناء سابقا للأوّل قبل الشريكين ثمّ ظهر الاستحقاق فالبناء للمالك فإن كان من وصل إليه دفع عوضا عنه إلى شريكه كان له الرجوع بالعوض [- و -] إذا اقتسم الورثة التركة ثمّ ظهر دين على الميّت لا وفاء له إلاّ فيما اقتسموه لم يبطل القسمة لكن إن قاسم الورثة بالدين فالقسمة بحالها و إن امتنعوا نقضت القسمة و بيعت التركة في الدين و لو أجاب أحدهم و امتنع الآخر بيع نصيب الممتنع خاصّة و بقي نصيب المجيب بحاله و لو كان هناك وصيّة لا بجزء من المقسوم فالبحث فيه كما في الدين كما لو أوصى بمائة دينار و لم يعين المال و لو كان بجزء من المقسوم فالبحث فيه كما لو ظهر البعض مستحقا على ما تقدّم من التفصيل [- ز -] لو طلب أحد الشريكين من الآخر المهاياة من غير قسمة إمّا في الأجزاء بأن يجعل لأحدهما بعض الدار يسكنه أو بعض الأرض يزرعه و الباقي لشريكه أو في المدّة بأن يسكن أحدهما الدار سنة أو يزرع الأرض سنة و الآخر سنة لم يجبر الممتنع نعم لو اتّفقا عليها جاز و لا يلزم بل لكلّ منهما فسخها و لو طلب أحدهما القسمة كان له ذلك و انتقضت المهاياة [- ح -] إذا طلب الشريكان القسمة من الحاكم فإن عرف الحاكم الملك لهما بنفسه أو بالبيّنة أجابهما إلى ذلك و إن لم يعرف و لم يقم عنده بيّنة و كانت يدهما عليه و لا منازع فللشيخ قولان أحدهما أنّه لا يقسّم لأنّها قد تكون لغيرهم فإذا اقتسما سلّط كلّ واحد على نصيبه و ثبت له ذلك بالحكم و الثاني أنّه يقسم لأنّ اليد تقضي بالملكيّة ظاهرا [- ط -] إذا اتّفق الشريكان على المهاياة فرجع أحدهما قبل استيفاء نوبته فله ذلك فإن استوفى ثمّ رجع جاز أيضا لكن يغرم أجرة ما انفرد به [- ى -] لو كان في دار سطحان يجري ماء أحدهما على الآخر فاقتسما فمنع الشريك الآخر من جريان ماء سطحه على سطح الآخر الحاصل له بالقسمة فإن كان بينهما شرط أنّه يردّ الماء فله المنع و إن لم يشترط فالأقرب أنّه ليس له ذلك لأنّهما اقتسما الدار و أطلقا فاقتضى ذلك أن يملك كلّ واحد حصّته بحقوقها كما لو اشتراها بحقوقها و من حقّها جريان مائها فيما كان يجري إليه معتادا له [- يا -] لو اقتسما دارا فحصلت الطريق في نصيب أحدهما و كان لنصيب الآخر منفذ يستطرق منه صحّت القسمة و إن لم يكن له منفذ بطلت و لو علم أنّه لا طريق له و رضي به صحّت القسمة [- يب -] يجوز للأب و الجدّ و الوصيّ و الحاكم و أمينه قسمة مال الطفل و المجنون و يجوز لهم قسمة التراضي من غير زيادة في العوض و كذا يجوز للوكيل العام القسمة مع المصلحة لموكّله

الفصل الثّامن في نوادر القضايا و الأحكام

روى أبو شعيب المحامل عن الرفاعي قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل قبّل رجلا يحفر له بئرا عشر قامات بعشرة دراهم فحفر له قامة ثمّ عجز قال يقسم عشرة على خمسة و خمسين جزءا فما أصاب واحدا فهو للقامة الأولى و الاثنين للاثنين و الثلاثة للثلاثة و على هذه الحساب إلى عشرة و الوجه حمل هذه الرواية على موضع ينقسم فيه أجرة المثل على هذا الحساب و لا استبعاد في ذلك و روى حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين ع أتى بعبد لذمي قد أسلم فقال اذهبوا فبيعوه من المسلمين و ادفعوا ثمنه إلى صاحبه و لا تقرّوه عنده و روى جرير عن أبي عبيدة عن زياد بن عيسى الحذاء قال قلت لأبي جعفر ع و أبي عبد اللّٰه ع رجل دفع إلى رجل ألف درهم يخلّطها بماله و يتّجر بها قال فلمّا طلبها منه قال ذهب المال و كان لغيره معه مثلها و مال كثير لغير واحد فقال كيف صنع أولئك قال أخذوا أموالهم فقال أبو جعفر و أبو عبد اللّٰه ع يرجع عليه بماله و يرجع هو على أولئك بما أخذوا و تحمل هذه الرواية على أنّ العامل خرج مال الأوّل لغيره بغير إذنه ففرّط و أمّا أرباب الأموال الباقية فقد كانوا قد أذنوا في المزج محمّد بن إسماعيل عن جعفر بن عيسى قال كتبت إلى أبي الحسن ع جعلت فداك المرأة تموت فيدّعي أبوها أنّه أعارها بعض ما كان عندها من متاع و خدم أ يقبل دعواه بلا بيّنة أم لا تقبل دعواه إلاّ ببيّنة فكتب إليه يجوز بلا بيّنة قال و كتبت إليه إن ادعى زوج الميّتة و أبو زوجها و أمّ زوجها من متاعها أو خدمها مثل الّذي ادعى أبوها من عارية بعض المتاع أو الخدم أ يكونون بمنزلة الأب في الدّعوى فكتب لا و هذه الرواية محمولة على الظاهر من أنّ المرأة تأتي بالمتاع من بيت أهلها و حمل ابن إدريس قوله ع يجوز بلا بيّنة على الاستفهام تارة و أسقط حرفه و على الإنكار لمن يرى عطيّة ذلك بغير بيّنة أخرى و تتمّة الخبر تنافي ذلك محمد بن الحسين أبي الخطاب عن زيد بن إسحاق عن هارون بن حمزة قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل استأجر أجيرا فلم يأمن أحدهما صاحبه فوضع الأجر على يد رجل فهلك ذلك الرّجل و لم يدع وفاء فاستهلك الأجر فقال المستأجر ضامن لأجرة الأجير حتى يقضى إلاّ أن يكون الأجير دعاه إلى ذلك فرضي بالرّجل فإن فعل فحقّه حيث وضعه و رضي به محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر ع يقول قضى أمير المؤمنين ع برد الحبيس و إنفاذ المواريث يونس بن عبد الرّحمن عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام قال قلت عشرة كانوا جلوسا و وسطهم كيس فيه ألف درهم فسأل بعضهم بعضا أ لكم هذا الكيس فقالوا كلّهم لا فقال واحد منهم هو لي فلمن هو قال للذي ادعاه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و عن بن

ص: 205

مسكين عن رفاعة النحاس عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام قال إذا طلّق الرجل امرأته و في بيتها متاع فلها ما يكون للنساء و ما يكون للرّجال و النساء قسم بينهما و إذا طلّق الرّجل المرأة فادّعت أنّ المتاع لها و ادّعى أنّ المتاع له كان له ما للرّجال و لها ما للنساء عليّ بن محمّد القاساني عن قاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن عبد العزيز محمد بن الدّراوردي قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عمن أخذ أرضا بغير حقّها و بنى فيها قال يرفع بناؤه و يسلم التربة إلى صاحبها ليس لعرق ظالم حقّ ثم قال قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله من أخذ أرضا بغير حقّ كلّف أن يحمل ترابها إلى المحشر عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عن أبيه ع عن علي ع أنّه قضى في رجلين اختصما في خصّ فقال إنّ الخصّ للذي إليه القمط و القمط هو الحبل و الخصّ الطين الذي يكون في السواد بين الدور فكان من إليه الحبل أولى من صاحبه الحسن بن عليّ بن يقطين عن أمية بن عمرو عن الشعيري قال سئل أبو عبد اللّٰه عليه السّلام عن سفينة انكسرت في البحر فأخرج بعضه بالغوص و أخرج البحر بعض ما غرق فيها فقال أمّا ما أخرجه البحر فهو لأهله اللّٰه أخرجه و أمّا ما أخرج بالغوص فهو لهم و هم أحقّ به محمّد بن أبي عمير عن جميل بن درّاج عن جماعة من أصحابنا عنهما عليهما السلام قال الغائب يقضى لهم عليه إذا قامت عليه البيّنة و يباع ماله و يقضى عنه دينه و هو غائب و يكون الغائب على حجّته إذا قدم قال و لا يدفع المال إلى الذي أقام البيّنة إلاّ بكفلاء محمّد بن يحيى الخراز عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه أنّ عليا ع كان يفلس الرّجل إذا التوى على غرمائه ثمّ يأمر به فيقسّم ماله بينهم بالحصص فإن أبى باعه فقسّمه بينهم يعني ماله عنه عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه أنّ عليا ع كان يحبس في الدين فإذا تبيّن له إفلاس و حاجة خلّى سبيله حتى يستفيد مالا و روى السّكوني عن أبي عبد اللّٰه عن أبيه عن علي ع أن امرأة استعدت على زوجها أنه لا ينفق عليها و كان زوجها معسرا فأبى أن يحبسه و قال إنّ مع العسر يسرا عنه عن جعفر عن أبيه أن عليا ع كان يحبس في الدين ثمّ ينظر إن كان له مال أعطي الغرماء و إن لم يكن له مال دفعه إلى الغرماء فيقول لهم اصنعوا به ما شئتم إن شئتم أجروه و إن شئتم استعملوه و ذكر الحديث و هذا الرواية ضعيفة السّند فلا تعويل عليها و روى أبو بصير عن أبي جعفر ع قال إنّ الحاكم إذا أتاه أهل التّورية و أهل الإنجيل يتحاكمون إليه كان ذلك إليه إن شاء حكم بينهم و إن شاء تركهم و روى طلحة بن زيد و السّكوني جميعا عن جعفر عن أبيه ع عن علي ع أنّه كان لا يجيز كتاب قاض إلى قاض في حدّ و لا غيره حتّى وليت بنو أمية فأجازوا بالبيّنات و روى هارون بن حمزة عن أبي عبد اللّٰه ع قال قلت رجلان من أهل الكتاب يهوديان أو نصرانيان كان بينهما خصومة فقضى بينهما حاكم من حكامهما يجوز فأبى الذي قضى عليه أن يقبل و سئل أن يردّ إلى حكم المسلمين قال يردّ إلى حكم المسلمين و روى جرير عن محمد بن مسلم و زرارة عنهما جميعا قال لا يحلف أحد عند قبر النبيّ ص على أقلّ مما يجب فيه القطع و روى عاصم بن حميد عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر ع قال قلت له جعلت فداك في كم يجري الأحكام على الصّبيان قال في ثلاث عشر سنة أو أربعة عشرة سنة قلت فإنّه لم يحتلم فيها قال و إن لم يحتلم فإن الأحكام تجري عليه و روى أبو بصير قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل دبر غلامه و عليه دين فرارا من الدّين قال لا تدبير له فإن كان دبّره في صحة منه و سلامة فلا سبيل للديان عليه و يحمل الحكم الثاني على من نذر التدبير و أوجبه لأنّه بدون النذر وصيّة متأخرة عن الدّين و روى غياث بن كلوب عن إسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه أنّ عليّا ع كان يقول لا ضمان على صاحب الحمام فيما ذهب من الثياب لأنّه إنّما أخذ الجعل على الحمام و لم يأخذ على الثياب و روى عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد اللّٰه ع أنه قال على الإمام أن يخرج المحبسين في الدّين يوم الجمعة إلى الجمعة و يوم العيد إلى العيد و يرسل معهم فإذا قضوا الصلاة و العيد ردّهم إلى السّجن و روى ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر ع قال قال عليّ ع لا يحبس في السّجن إلاّ ثلاثة الغاصب و من أكل مال اليتيم من اؤتمن على أمانة فذهب بها و إن وجد له شيئا باعه غائبا كان أو شاهدا و حمل الشيخ رحمه اللّٰه هذا الحديث على أنّه ما كان يحبس أحدا على وجه العقوبة إلاّ الثلاثة أو ما كان يحبس الحبس المخصوص إلاّ المذكورين فأمّا غيرهم من الغرماء و غيرهم فإنه كان يحبسهم على غير ذلك الوجه أحمد بن محمّد عن أبي محبوب عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال سمعت ابن أبي ليلى يحدث أصحابه قال قضى أمير المؤمنين ع بين رجلين اصطحبا في سفر فلمّا أراد الغذاء أخرج أحدهما من زاده خمسة أرغفة و أخرج الآخر ثلاثة أرغفة فمرّ بهما عابر سبيل فدعواه إلى طعامهما فأكل الرجل معهما حتّى لم يبق شيئا فلما فرغوا أعطاها العابر بهما ثمانية دراهم ثواب ما أكل من طعامهما فقال صاحب الثلاثة أرغفة لصاحب الخمسة أرغفة أقسمها نصفين بيني و بينك و قال صاحب الخمسة لا بل يأخذ كلّ واحد منهما من الدراهم عدد ما أخرج من الزاد قال فأتيا أمير المؤمنين ع في ذلك فلما سمع مقالتهما قال لهما اصطلحا فإن قضيّتكما دية فقالا اقض بيننا بالحقّ قال فأعطى صاحب الخمسة أرغفة سبعة دراهم و أعطى صاحب الثلاثة أرغفة درهما و قال لهما أ ليس أخرج أحدكما خمسة أرغفة و أخرج الآخر ثلاثة قالا نعم قال أ ليس أكل معكما

ص: 206

ضيفكما مثل ما أكلتما قالا نعم قال أ ليس كلّ واحد منكما أكل ثلاثة أرغفة غير ثلاث قالا نعم قال أ ليس أكلت أنت يا صاحب الثلاثة ثلاثة أرغفة غير ثلاث و أكلت أنت يا صاحب الخمسة ثلاث أرغفة غير ثلث و أكل الضّيف ثلاثة أرغفة غير الثلث أ ليس بقي لك يا صاحب الثلاثة ثلث رغيف من زادك و بقي لك يا صاحب الخمسة رغيفان و ثلث و أكلت ثلاث غير ثلث فأعطاكما بكلّ ثلث رغيف درهما فأعطى صاحب الرغيفين و ثلث سبعة و أعطى صاحب الثلاثة رغيف درهما سعد بن عبد اللّٰه عن محمّد بن الحسين عن بشر بن يسير عن عمار عن عاصم قال حدّثني مولى السلمان عن عبيدة السلماني قال سمعت عليا ع يقول يا أيها الناس اتقوا اللّٰه و لا تفتوا النّاس بما لا تعلمون فإنّ رسول اللّٰه ص قد قال قولا آل منه إلى غيره و قد قال قولا من وضعه غير موضعه كذب عليه فقام عبيدة و علقمة و الأسود و أناس منهم فقالوا يا أمير المؤمنين فما نضع بما قد خبّرنا به في المصحف قال يسأل عن ذلك علماء آل محمّد ص أحمد بن أبي عبد اللّٰه البرقي عن أبيه عن علي ع قال يجب على الإمام أن يحبس الفساق من العلماء و الجهّال من الأطباء و الغالين من الأكرياء و قال ع حبس إلا عبد الحدّ ظلم محمد بن علي بن محبوب عن محمّد بن عيسى عن صفوان عن داود بن الحصين عن عمر بن حنظلة قال سألت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فيتحاكمان إلى السلطان و إلى القضاة أو يحلّ ذلك فقال ع من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت المنتهى عنه و ما يحكم له به فإنّما يأخذ سحتا و إن كان حقّه ثابتا لأنّه أخذ بحكم الطاغوت و قد أمر اللّٰه تعالى أن يكفر به قال اللّٰه تعالى يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحٰاكَمُوا إِلَى اَلطّٰاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ فقال فكيف يصنعان و قد اختلفا فقال ينظر إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإنّي قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنّما بحكم اللّٰه تعالى استخف و علينا ردّ و الرادّ علينا الرادّ على اللّٰه فهو على حدّ الشرك باللّٰه قلت فإن كان كلّ واحد منهما اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقّهما و كلاهما اختلفا في حديثنا قال إنّ الحكم ما حكم به أعدلهما و أفقههما و أصدقهما في الحديث و أورعهما و لا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر قال قلت فإنّهما عدلان مرضيان عند أصحابنا ليس يتفاضل كل واحد منهما على صاحبه قال فقال ينظر ما كان من روايتهما في ذلك الّذي حكما المجمع عليه أصحابك فيؤخذ به من حكمنا و يترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه و إنّما الأمور ثلاثة أمر بيّن رشده فمتّبع و أمر بيّن غيه فيجتنب و أمر مشكل يردّ حكمه إلى اللّٰه عز و جلّ و إلى الرسول ص حلال بيّن و حرام بيّن و شبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات و من أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات و هلك من حيث لا يعلم قلت فإن كان الخبران عنكم مشهورين و قد رواهما الثقات عنكم قال ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب و السنة و خالف العامّة فيؤخذ به و يترك ما خالف حكمه حكم الكتاب و السنّة و وافق العامّة قلت جعلت فداك أ رأيت أنّ المتقين غبي عليهما معرفة حكمه من كتاب و سنّة و وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة و الآخر مخالفا لهم بأيّ الخبرين يأخذ قال بما يخالف العامّة فإنّ فيه الرشاد قلت جعلت فداك فإن وافقهما الخبران قال ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم و قضاتهم فيترك و يؤخذ بالآخر قلت فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا قال إذا كان ذلك فارجه حتّى تلقى إمامك فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات

كتاب الشهادات

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في صفات الشاهد
اشارة

يشترط في الشاهد ستّة البلوغ و العقل و الإيمان و العدالة و طهارة المولد و انتفاء التهمة فهاهنا مطالب

الأول البلوغ

و هو شرط في قبول الشهادة فلا يقبل شهادة الصبيّ إلاّ إذا بلغ عشر سنين فتقبل شهادتهم في الجراح و القصاص بشرطين آخرين عدم تفرّقهم قبل الشهادة و اجتماعهم على المباح فلو تفرّقوا عن الحالة التي تجارحوا عليها لم تقبل شهادتهم و في رواية يؤخذ بأوّل كلامهم و قيل يقبل شهادتهم إذا بلغوا العشر مطلقا و ليس بجيّد بل الأولى الاقتصار على قبولهم في الشجاج و القصاص فيما دون النفس بالشرطين و لا يقبل شهادة الصّبايا و إن كثرن

الثّاني العقل

فلا يقبل شهادة المجنون إجماعا سواء ذهب عقله بجنون أو سكر و لو كان الجنون يتناوله أدوارا و شهد حال إفاقته و إقامتها حال الإفاقة قبلت شهادته بعد الاستظهار بمعرفة تفطّنه حال التحمّل و الأداء فلو ارتاب الحاكم طرحها و يردّ شهادة المغفل الذي في طبيعته البله بحيث لا يتفطّن لتفاصيل الأشياء إلاّ أن يعلم الحاكم عدم غفلته فيما شهد به إذا كان المشهود به مما لا يسهو فيه و لو كان الشاهد يعرض له السهو غالبا استظهر الحاكم في التفتيش عن حاله حتّى يغلب على ظنّ الحاكم صدقه و تنبّهه

المطلب الثالث الإيمان

و فيه [- و -] مباحث [- أ -] لا يقبل شهادة الكفّار مطلقا إلاّ في الوصيّة على ما يأتي و لا تقبل في غير ذلك على أحد من المسلمين إجماعا و هل يقبل شهادتهم على أمثالهم الأصحّ المنع و قيل يقبل شهادة الذميّ على الذي إذا تساويا في العقيدة فيقبل شهادة اليهودي على مثله لا غير و النصراني على مثله لا غير و بالجملة كلّ ملة تقبل على ملتهم و الرواية به ضعيفة في طريقها سماعة و أفتى بها الشيخ رحمه اللّٰه في النهاية و روى ابن بابويه عن عبد اللّٰه عن على الحلبي عن الصادق ع يجوز شهادة أهل الذمّة على غير أهل ملّتهم إذا عرفت هذا فعندنا كما لا يقبل شهاداتهم على أمثالهم كذا

ص: 207

لا تقبل لأمثالهم و الشيخ رحمه اللّٰه أفتى بقبول شهادتهم لأمثالهم كما أفتى بقبول شهادتهم عليهم [- ب -] يقبل شهادة أهل الذّمة خاصّة في الوصيّة بالمال لا غير بشرط عدم العدول من المسلمين و لا يقبل شهادتهم بالوصيّة في الولاية و لا يشترط السفر و الغربة و بالاشتراط رواية مطرحة و قال الشيخ رحمه اللّٰه في المبسوط لا خلاف في أنّ شهادة أهل الذّمة لا تقبل على المسلم إلاّ ما ينفرد به أصحابنا في الوصيّة خاصّة في حال السّفر عند عدمه المسلم و قول الشيخ رحمه اللّٰه هنا يوهم اشتراط السفر [- ج -] لا يشترط عدم الفسّاق من المسلمين فلو وجد فسّاق المسلمين و شهدوا لم تقبل و لو شهد أهل الذّمة قبلت و يشترط في أهل الذّمة الصلاح في مذهبهم لأنّ فاسق المسلمين غير مقبول فالأولى منع فاسق غيرهم [- د -] الأقرب إحلاف الشاهدين من أهل الذّمة بعد العصر أنّهما ما خانا و لا كتما و لا اشتريا به ثمنا و لو كان ذا قربى و لا نكتم شهادة اللّٰه إنا إذا لمن الآثمين على ما تضمّنه الآية و لم أقف فيه لعلمائنا على قول [- ه -] يثبت الإيمان بمعرفة الحاكم أو قيام البيّنة أو الإقرار [- و -] لا يقبل شهادة المخالف للحقّ من أي فرق الإسلام كان سواء صار إلى ما اعتقده بشبهة أو لا و إنّما يقبل شهادة المؤمن خاصّة

المطلب الرابع العدالة

و فيه [- يج -] بحثا [- أ -] العدالة شرط في قبول الشهادة فلا يقبل شهادة الفاسق إجماعا قال اللّٰه تعالى إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا و العدالة كيفية راسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى و المروّة و تحصل بالامتناع عن الكبائر و عن الإصرار على الصغائر أو الإكثار منها و المراد بالكبائر كلّما توعد اللّٰه تعالى عليه النار كالزنا و القتل و اللواط و غصب الأموال المعصومة و شرب الخمر و عقوق الوالدين و الرّبا و قذف المحصنات المؤمنات و أمّا الصّغائر فإن دوام عليها أو وقعت منه في أكثر الأحوال ردّت شهادته إجماعا و لو وقعت منه ندرة قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يقدح في العدالة لعدم الانفكاك منها إلاّ فيما يقل فلو شرطنا عدمها أجمع أقضى إلى أن لا يقبل شهادة أحد بالإطلاق و ذلك ضرر عظيم و منع ابن إدريس ذلك و التجأ في التخلص عن الإلزام إلى التوبة التي يمكن فعلها الكلّ أحد في كلّ وقت [- ب -] لا يقدح في العدالة ترك المندوبات أجمع و إن كان مصرّا على تركها إلاّ أن يؤذن ذلك بالتهاون بالسّنن [- ج -] المخالف من المؤمنين في الفروع لا يردّ شهادته إذا لم يخالف الإجماع و لا يفسق و إن كان مخطئا في اجتهاده أما المخالف في شيء من أصول العقيدة فإن شهادته تردّ و إن كان مسلما سواء استند في ذلك إلى التقليد أو إلى الاجتهاد و سواء خالف إجماع المسلمين و ما علم ثبوته من الدّين ضرورة أو لا و المسائل الأصوليّة التي تردّ الشهادة بمخالفتها كلّما يتعلّق بالتوحيد و ما يجوز عليه تعالى من الصفات و ما يستحيل عليه و العدل و النبوّة و الإمامة أمّا الصفات التي لا مدخل لها في العقيدة مثل المعاني و الأحوال و الإثبات و النفي و ما شابه ذلك من فروع علم الكلام فلا يردّ شهادة المخطي فيها [- د -] العدل هو الذي يعتدل أحواله في دينه و أفعاله أمّا الدّين فإن لا يرتكب كبيرة و لا يصرّ على صغيرة و لا يخلّ بشيء من الواجبات و لا يترك جميع المندوبات بحيث يعلم منه التهاون بالسّنن و أمّا الأفعال فيجتنب الأمور الدنية كالأكل في السّوق للفقيه دائما مع عدم المبالاة و كشف ما جرت العادة بتغطيه من بدنه و الاستهزاء به بحيث يضحك الناس أو يحدّث الناس بمباضعة أهله و نحو ذلك مما يدلّ على رذيلة و دناءة و أمّا الصّنائع فلا يردّ أحد من أربابها و إن كانت مكروهة أو دنية كالحياكة و الحجامة و لو بلغت في الدناءة كالزبّال و الوقاد مع الوثوق بتقواه و لو كانت الصنعة محرّمة ردّت شهادته كصانع المزمار و الطنبور [- ه -] القاذف إن كان زوجا فتبيّن قذفه بالشهود أو اللعان أو الإقرار أو كان أجنبيّا فبيّنه بالبيّنة أو الإقرار لم يتعلّق بقذفه فسق و لا حدّ و لا ردّ شهادة و إن لم يبيّن وجب الحد و حكم بفسقه و ردّت شهادته و لو تاب القاذف لم يسقط الحدّ و زال الفسق إجماعا و قبلت شهادته سواء جلد أو لم يجلد و حدّ التوبة أن يكذب نفسه إن كان كاذبا بمحضر من الناس و يخطّي نفسه إن كان صادقا و قيل يكذب نفسه مطلقا ثمّ إن كان صادقا ورى باطنا و الأوّل أقرب و الثاني مرويّ و إن كان ليس بعيدا من الصواب لأنّه تعالى سمى القاذف كاذبا إذا لم يأت بأربعة شهداء على الإطلاق لأنّه كذب في حكم اللّٰه و إن كان صادقا و الأقرب الاكتفاء بالتوبة و عدم اشتراط إصلاح العمل لقوله ع التوبة تجب ما قبلها و النائب من الذنب كمن لا ذنب له و لأنّ المغفرة تحصل بالتوبة و الإصلاح المعطوف على التوبة يحتمل أن يكون المراد به التوبة و عطف لتغاير اللفظين و القاذف في الشتم تردّ شهادته و رواية حتّى يتوب و الشاهد بالزنا إذا لم يكمل البيّنة يحدّ و لا يقبل روايته و شهادته و يفسق حتّى يتوب بأن يقول ندمت على ما كان منّي و لا أعود إلى ما اتهم فيه و التوبة إن كانت عن معصية لا يوجب عليه حقّا كشرب خمر و كذب و زنا فالتوبة منه النّدم و العزم على أن لا يعود و قيل لا يشترط الثاني و إن أوجبت حقا للّه تعالى أو لآدمي كمنع الزكاة و غصب المال فالتوبة منه بما تقدّم و أداء الحق أو مثله أو قيمته مع العجز فإن عجز عن ذلك نوى ردّه متى قدر عليه و إن كان عليه حقّ قصاص أو قذف اشترط في التوبة تمكين

ص: 208

نفسه ليصل المستحق إلى حقّه و إن كان عليه حدّ للّه كزنا أو شرب مسكر فالندم و ألزم على ترك العود كافيان في التوبة و لا يشترط الإقرار به و لا تمكين نفسه للإمام بل ينبغي ستره و ترك الإقرار به سواء اشتهر ذلك عنه أو لا فإن كان مبتدعا فتوبته الاعتراف بالبدعة و الرجوع عنها و اعتقاد ضدّ ما كان يعتقد منها [- و -] اللعب بآلات القمار كلّها حرام كالنرد و الشطرنج و الأربعة عشر و غير ذلك يفسق فاعله و تردّ شهادته إلاّ أن يتوب سواء قصد الهزل أو اللهو أو القمار و هو المشتمل على العوض و سواء اعتقد تحريمه أو لا [- ن -] العود و ألزم و الصّنج و الطنبور و المغرفة و الرّباب و الغصب و غير ذلك من جميع آلات اللهو حرام يفسق فاعله و مستمعه أمّا الدّف فيكره في الأملاك و الختان خاصّة و يحرم في غيرهما [- ح -] شارب المسكر تردّ شهادته و يفسق سواء كان خمرا أو نبيذا أو تبعا أو فضيحا و كذا الفقّاع و العصير إذا غلا من نفسه أو بالنار و إن لم يسكر إلاّ أن يذهب ثلثاه و يبقى ثلثه و سواء شرب قليلا من ذلك كلّه أو كثيرا معتقدا للتحريم أو لا و لا يحرم غير العصير من التمر أو البسر ما لم يسكر و يجوز اتخاذ الخمر للتخليل [- ط -] الغنا حرام و هو مدّ الصوت المشتمل على الترجيع المطرب يفسق فاعله و تردّ شهادته به سواء كان في شعر أو قرآن و كذا مستمعه سواء اعتقد إباحته أو تحريمه و لا بأس بالحداء و هو الإنشاد الذي يساق به الإبل يجوز فعله و استماعه و كذا نشيد الأعراب و سائر أنواع الإنشاد ما لم يخرج إلى حدّ الغنا [- ى -] الشعر الكذب حرام و كذا هجاء المؤمنين و التشبيب بامرأة معروفة غير محلّلة يفسق فاعله به و يردّ شهادته و لا بأس بما عدا ذلك لكن يكره الإكثار فيه [- يا -] الحسد حرام و كذا بغضة المؤمن و التظاهر بذلك قادح في العدالة [- يب -] لبس الحرير المحض للرّجال حرام في غير الحرب يردّ بها الشهادة و لا بأس بالافتراش له على إشكال و كذا لبس كلّ محرم كالتختم بالذّهب و التحلّي به للرجال [- يج -] يجوز اتخاذ الحمام للأنس بها و الاستفراخ و حمل الكتب و يكره للتطيير و الفرجة و الرهان عليها قمار يفسق فاعله و أمّا المسابقة المشروعة بالخيل و غيرها من الحيوانات المشروع فيها عقد الرهان فإنّها جائزة و كذا المناضلة بالنشاب و الحراب و السيوف

المطلب الخامس انتفاء التهمة

و فيه [- و -] مباحث [- أ -] كل من يجرّ بشهادته نفعا أو يستدفع بها ضررا تردّ شهادته بذلك و إن كان عدلا فلو شهد على من جرح مورّثه ردّ شهادته لأنّ بدل الجرح و هو المال يحصل له بالإرث و الجرح سبب للموت المفضي إلى الإرث أمّا لو شهد في مرض موت مورّثه له بمال أو شهد لمورثه المجروح بمال قبلت شهادته و لو شهد اثنان من العاقلة بجرح شهود قتل الخطإ ردت شهادتهما و إن كانا فقيرين أو بعيدين لاحتمال يسارهما و موت من هو أقرب منهما مع احتمال القبول فيهما و لو خلّف اثنين فشهدا أحدهما على الآخر بألف درهم دين على المورّث قبلت هذه الشهادة لأنّه لا يجب عند الانفراد بالإقرار إلاّ حصّة المقرّ فلا يستدفع بهذه الشهادة ضررا و لو شهد الرّجلان بوصية لهما من تركة فشهد الشاهدان أيضا بوصيّة فيها قبلت الشهادات و لو شهد بعض الرفقاء لبعض على قاطع الطريق لم تقبل للتهمة و لو قالوا عرضوا لنا و أخذوا أولئك سمعت و لو شهدت غرماء المفلّس أو الميّت لهما بدين أو عين لم تسمع شهادتهم و تقبل لو شهدوا لغريم حيّ غير محجور عليه و إن كان معسرا و لا يقبل شهادة الشفيع ببيع شقص له فيه شفعته و لا شهادة السيّد لعبده المأذون له في التجارة و لا لمكاتبه و لا شهادة أحد الشفيعين على الآخر بإسقاطه شفعته إن جوّزنا الشفعة مع الكثرة و لا شهادة بعض غرماء المفلس على بعضهم بإسقاط دينه و استيفائه و لا يقبل شهادة الشريك فيما هو شريك فيه و لا شهادة الوصيّ فيما هو وصيّ فيه و لا شهادة الوكيل لموكّله و لا شهادة الوكيل و الوصي بجرح شهود المدّعي على الموكّل أو الموصي و يقبل شهادة الشريك لشريكه فيما ليس شريكا فيه و كذا الوكيل لموكّله فيما ليس وكيلا فيه و الوارث بالجرح بعد الاندمال و شهادة أحد الشفيعين على الآخر بإسقاط شفعته بعد أن أسقط الشاهد شفعته و نحو ذلك مما ينتفى فيه التهمة [- ب -] العداوة الدينيّة لا تمنع قبول الشهادة على عدوّه فإنّ المسلم يشهد على الكافر أمّا الدنيويّة فإنّها تمنع القبول سواء تضمّنت الفسق أو لا و سواء كان العداوة ظاهرة موروثة أو مكتسبه و يتحقّق العداوة بأن يعلم أنّ كلّ واحد منهما يفرح بمساءة صاحبه و يغتم بمسرّته و ينبغي الشر له و هذا القدر لا يوجب فسقا و يردّ به الشهادة أو يقع بينهما تقاذف و لو عرف ذلك من أحدهما ردّت شهادته خاصّة و لو شهد على رجل بحقّ فقذفه المشهود عليه لم تردّ شهادته بذلك و يقبل شهادة العدوّ لعدوّه لانتفاء التهمة [- ج -] النّسب و إن قرب لا يمنع قبول الشهادة فتقبل شهادة الأب لولده و عليه و الولد لوالده و الأخ لأخيه و عليه و لا يقبل شهادة الولد على والده على الأشهر سواء شهد بمال أو بحق متعلّق ببدنه كالقصاص و الحد و لا فرق بين الأب الأدنى و الأبعد على إشكال و تقبل شهادة الأب من الرضاعة لابنه و بالعكس و شهادته عليه و بالعكس و تقبل شهادة كلّ من الزوجين لصاحبه لكن شرط أصحابنا في قبول شهادة الزوجة لزوجها انضمامها إلى غيرها من أهل

ص: 209

العدالة و شرط آخرون ذلك في الزّوج أيضا و ليس بجيّد و تظهر الفائدة فيما تقبل فيه شهادة الواحد مع اليمين و شهادة المرأة في الوصية و تقبل شهادة الصّديق لصديقه و إن تأكّدت الصّحبة و الملاطفة و تقبل شهادة الأخ لأخيه و إن كان منقطعا إليه في صلته و برّه [- د -] يردّ شهادة السائل في كفّه لأنّه يسخط إذا منع إذا كان معتادا و لو وقع منه ذلك ندرة للحاجة لم يمنع قبول الشهادة و لا يقبل شهادة الطفيلي و هو الذي يأتي طعام الناس من غير دعوة و لو لم يتكرّر ذلك منه قبلت شهادته و من سأل من غير أن يحلّ له المسألة ردّت شهادته و يقبل شهادة من يأخذ الصدقة إذا كان من أهلها و لو لم يكن من أهلها ردّت شهادته [- ه -] يقبل شهادة البدويّ على من هو من أهل القرية سواء في ذلك الجراح و غيره و يقبل شهادة أهل القرى على أهل البادية مع اجتماع الشرائط و يقبل شهادة الأجير و الضيف فإن حصل لهما ميل إلى المستأجر و المضيف لأنّ العدالة تمنع من إقدامها على الباطل [- و -] المتبرّع بالشهادة قبل سؤال الحاكم يقتضي التهمة فلا يقبل شهادته سواء شهد قبل الدّعوى أو بعدها قبل الاستشهاد نعم هذا الردّ لا يقتضي الفسق هذا في حقوق الناس أمّا في حقّه تعالى أو الشهادة للمصالح العامّة كالوقف على القناطر و شبهه فالأقرب أنّ التبرّع لا يمنع الشهادة إذ لا مدّعي لها و لو اختفى الشاهد في زاوية أو من وراء جدار حتّى ينطق المشهود عليه مسترسلا فيشهد عليه سمعت شهادته و لا يحمل ذلك على جرحه على الشهادة لأنّ الحاجة قد تدعو إلى ذلك

المطلب السّادس طهارة المولد

يشترط في الشاهد طهارة المولد عند أكثر علمائنا فلا تقبل شهادة ولد الزنا و قال الشيخ رحمه اللّٰه يقبل شهادته في الشيء اليسير مع تمسّكه بالصّلاح و ليس بجيّد و لو جهل حاله قبلت شهادته و إن قذفه بعض الناس بذلك

الفصل الثّاني فيما ظنّ أنّه شرط و ليس كذلك

و فيه [- يا -] بحثا [- أ -] الحرّية ليست شرطا مطلقا فيقبل شهادة المملوك لسيده و لغير سيّده على غير سيّده و لا يقبل شهادته على سيّده و قيل بالمنع مطلقا اختاره ابن الجنيد و قيل يقبل مطلقا و الأظهر ما قلناه و لو أعتق قبلت شهادته مطلقا [- ب -] حكم المدبّر و المكاتب المطلق الّذي لم يؤدّ شيئا و المشروط مطلقا و أمّ الولد حكم القنّ أمّا المطلق إذا أدّى من مال الكتابة شيئا فقد قال الشيخ رحمه اللّٰه تقبل على مولاه بقدر ما تحرّر منه و الأجود المنع [- ج -] لا فرق في قبول شهادة العبد بين الحدّ و القصاص و غيرهما بل قوله مقبول في الجميع إذا جمع شرائط القبول و الأمة كالحرة يقبل شهادتها فيما يقبل فيه شهادة النساء إلاّ على سيّدها [- د -] لو أشهد السيّد عبدين له على أنّ حمل الأمة منه ثمّ مات فشهدا بذلك فردت شهادتهما و حاز الميراث غيره ثمّ أعتقهما فأعاد الشهادة قبلت و رجعا في الرقّ فإن شهدا أوّلا بأنّ مولاهما كان قد أعتقهما كره للولد تملّكهما لأنّهما أحييا حقّه [- ه -] يقبل شهادة الأعمى فيما لا يحتاج فيه إلى المشاهدة كالإقرار و البيع و غيره من العقود إذا عرف صوت المتلفّظ معرفة لا يعتريه فيها شكّ أو عرفه عنده عدلان و لو تحمّل الشهادة و هو بصير ثمّ عمي جاز أن يشهد و قبلت شهادته إذا عرف المشهود عليه باسمه و نسبه أو عرفه عنده عدلان و لو شهد عند الحاكم ثمّ عمي قبلت الحكم حكم الحاكم بشهادته و لا يقبل شهادته فيما يفتقر فيه إلى الرّؤية كالزنا إلاّ أن يشهد قبل العمى ثمّ يقيم الشهادة بعد العمى فإنّها تقبل و لو شهد على من لا يعرفه قبل عماه فمسكه بيده ثمّ عمي جاز أن يشهد على المقبوض بعينه قطعا و تقبل شهادة الأعمى إذا ترجم للحاكم عبارة من يقرّ عند الحاكم [- و -] يقبل شهادة الأخرس تحملا و أداء إذا عرف الحاكم من إشارته ما يشهد به فإن جهلها الحاكم اعتمد على مترجمين ممن يعرف إشارته و لا يكفي الواحد و لا يكون المترجمين شاهدي فرع على شهادة الأخرس بل يثبت الحكم بشهادة الأخرس أصلا لا بشهادة المترجمين فرعا و لو شهد الناطق بالإيماء و الإشارة من غير عذر لم تقبل [- ز -] يقبل شهادة الأصمّ و قد روي أنّه يؤخذ بأوّل قوله و لا يؤخذ بثانيه و كذا يقبل شهادة ذوي الآفات و العاهات في الخلق إذا كانوا من أهل العدالة [- ح -] لا يشترط في الشهادة أمر المشهود عليه بها فلو سمع الشاهد المقرّ شهد عليه و إن لم يأمره بالشهادة عليه و لا فرق في ذلك بين الأقوال و الأفعال و لو حضر الشاهدان حسابا و شرط المتحاسبان عليهما أن لا يحفظا عليهما كان للشاهدين أن يشهدا بما سمعا و تقبل شهادة المستخفي إذا كان عدلا و هو الّذي يخفى نفسه عن المشهود عليه ليسمع إقراره و لا يعلم به سواء كان المشهود عليه ضعيفا ينخدع أو لا [- ط -] من فعل شيئا من الفروع مختلفا فيه معتقدا إباحته لم تردّ شهادته سواء وافقه الحاكم في ذلك الاعتقاد أو لا و لو فعل ما اجتمعت الإماميّة على تحريمه أو ترك ما أوجبت الإماميّة فعله لم يقبل شهادته و إن وافق غيرهم من المسلمين و إن فعل الفرع المختلف فيه بين الإماميّة معتقدا تحريمه ردّت شهادته و إن اعتقد الحاكم إباحته [- ى -] لا يشترط في الشاهد استجماع شرائط الشهادة وقت التحمّل فلو شهد الصّغير أو الكافر أو الفاسق المتظاهر بفسقه على شيء ثمّ زال المانع و أقاموا تلك الشهادة قبلت و لو أقام الصبيّ أو الكافر الشهادة فردّت ثمّ أعادها بعد الكمال قبلت و كذا الفاسق إذا أقام بالشهادة حال فسقه المعلن به ثمّ تاب و أعاد الشهادة سمعت أمّا الفاسق المستتر بفسقه إذا أقام الشهادة فردّت ثمّ تاب و أعادها فالأقرب أيضا القبول فإن احتمل العدم

ص: 210

بسبب التهمة الحاصلة من شاهد حاله و هو إرادة إصلاح ظاهره و لو تاب المشهور بالفسق ليقبل شهادته فالأقرب عدم القبول حتى تشتهر حاله على الصّلاح و قال الشيخ رحمه اللّٰه يجوز أن يقول تب أقبل شهادتك و ارتضاه ابن إدريس و لو أقام العبد الشهادة على مولاه فردّت ثمّ أعتق فأعادها قبلت و كذا لو شهد الولد على والده فردّت ثمّ أقامها بعد موت الأب قبلت و لا بدّ في القبول من إعادة الشهادة و لا يكفي الإقامة أوّلا لأنّها مردودة و لو شهد السيّد لمكاتبه أو الوارث لمورثه بالجرح قبل الاندمال فردّت شهادته ثمّ أعتق المكاتب و اندمل الجرح و أعاد تلك الشهادة قبلت و كذا كلّ شهادة مردودة للتهمة أو لعدم الأهليّة إذا أعيدت بعد زوال التهمة أو حصول الأهلية [- يا -] تقبل شهادة الوصيّ على من هو وصي عليه و كذا شهادته له فيما لا ولاية له عليه فيه و لا تصرف و لا يجر بشهادته نفعا مثل أن يتسع المال للثلث الموصى به له بسبب شهادة الوصيّ و يقبل شهادته مع اليمين فيما يقبل فيه شهادة الواحد و اليمين و قال الشيخ ره يقبل شهادة الوصيّ على من هو وصيّ له و له غير أن ما يشهد به عليه يحتاج أن يكون معه غيره من أهل العدالة ثمّ يحلف الخصم على ما يدعيه و ما يشهد له مع غيره من أهل العدالة لا يجب مع ذلك يمين فإن قصد رحمه اللّٰه اشتراط الشاهد الآخر عينا فهو ممنوع و إن قصد اشتراطه لا عينا بل ما يقوم اليمين مقامه فهو جيّد و أمّا الإحلاف إذا شهد على الموصي فلأنّها شهادة على الميّت

الفصل الثالث في مستند الشهادة

و فيه [- يا -] بحثا [- أ -] لا يجوز للشاهد أن يشهد إلاّ مع العلم قال اللّٰه وَ لاٰ تَقْفُ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ و سئل رسول اللّٰه ص عن الشهادة فقال ع هل ترى الشمس على مثلها فاشهد أو دع ثم الشهادة أمّا على فعل أو قول فالأوّل يفتقر فيه إلى حاسة الأبصار و الثاني إليها و إلى حاسّة السّمع و لو تحقق الأعمى استناد القول إلى شخص معيّن و علم ذلك يقينا كفت حاسّة السمع و قبلت شهادته و يقبل شهادة الأصمّ على الأفعال كالغصب و السرقة و القتل و إرضاع الولادة و الزنا و اللواط و من لا يعرف نسبه فلا بدّ من الشهادة على عينه فإن مات أحضر مجلس الحكم فإن دفن لم ينبش و قد تعذرت الشهادة عليه [- ب -] لو شهد على من لا يعرفه لم يجز له التحمّل على النسب بل يشهد على تلك العين و لو شهد عنده عدلان بالنسب شهد عليه مستندا إلى شهادة المعرّفين بالتعريف فيقول اشهد على فلان بتعريف فلان و فلان و لا يكون في الإقرار شاهد فرع [- ج -] النكاح و البيع و الشراء و الصلح و الإجارة و غيرها من العقود يفتقر إلى حاسّة السّمع لفهم اللفظ و إلى البصر لمعرفة اللافظ إلاّ أن يعلم استناد الصوت إلى شخص معيّن يعرفه قطعا [- د -] يكفي في النسب و الموت و الملك المطلق و الوقف و النكاح و الولاية و الولاء و العتق الاستفاضة بين الناس فإذا اشتهر بين الناس أن هذا هو ابن فلان شهد بذلك لأنّ ثبوت النسب إنّما هو من جهة الظاهر و كذلك الموت لتعذّر مشاهدة الميّت في أكثر الأوقات للشهود و كذلك الملك المطلق إذا سمع من الناس أنّ هذه الدار لفلان شهد بذلك فإنّ الملك المطلق لا يمكن الشهادة عليه بالقطع و الوقف لو لم يسمع فيه الاستفاضة لبطلت الوقوف على تطاول الأزمنة لتعذّر بقاء الشهود و الشهادة الثالثة عندنا لا تسمع و هي تراد للتأبيد و النكاح يثبت بالاستفاضة فإنّا نعلم أنّ خديجة ع زوجة رسول اللّٰه كما تقضى بأنّها أمّ فاطمة ع و التواتر هنا بعيد لأنّ شرطه استواء الطرفين و الواسطة و الطّبقات الوسطى و المتّصلة بنا و إن بلغت التواتر لكن الأولى غير متواتر لأنّ شرط التواتر الاستناد إلى الحسّ و الظاهر أن المخبرين أوّلا لم يخبروا عن المشاهدة بل عن السماع و إذا اشتهر بين الناس أنّ الإمام ولّى قاضيا بلدا ثبت ولايته [- ه -] الأقرب اشتراط أخبار جماعة يثمر قولهم العلم فيما يكفي فيه الاستفاضة و لا يكفي شاهدان عدلان و قال الشيخ رحمه اللّٰه يكفي فيه ذلك فلو شهد عدلان بالنّسب أو بما تقدّم صاد السامع متحملا و شاهد أصل لا شاهد على شهادتهما لأنّ ثمرة الاستفاضة الظنّ و هو يحصل بهما قال رحمه اللّٰه و لو سمعه يقول عند الكبير هذا ابني و هو ساكت مع سماع الولد أو سمعه يقول هذا أبي و سكت الأب مع سماعه شهد بالنسب لأنّ سكوته يدلّ على الرضا و فيه نظر [- و -] الشاهد بالاستفاضة لا يشهد بالسبب إلاّ أن يكون مما يثبت بالاستفاضة فلو سمع مستفيضا أنّ هذا ملك زيد ورثه عن أبيه الميّت شهد بالملك و سببه و لو سمع مستفيضا أنّ هذا الملك لزيد اشتراه من عمرو شهد بالملك لا بالبيع و كذا لا يشهد بالهبة و الاستغناء و الاستيجار بالاستفاضة و لو شهد بالملك و البيع مستندا إلى الاستفاضة سمع قوله في الملك خاصّة دون السّبب [- ز -] يكفي في الشهادة بالملك الاستفاضة مجرّدة عن مشاهدة التصرّف و بالعكس فلو شاهد إنسانا يتصرف في الملك بالبناء و الهدم من غير معارض جاز له أن يشهد بالملك مستندا إلى التصرّف مطلقا و كذا لو شاهد الدار في يده جاز له أن يشهد باليد قطعا و الأقرب جواز الشهادة له بالملك أيضا لأنّ اليد قاضية بذلك و قيل ليس له ذلك و إلاّ لم تسمع دعوى الدار التي في يد هذا لي كما لا تسمع ملك هذا لي و ليس بجيّد لأنّ دلالة اليد ظاهرة و يجوز الصرف عن الظاهر و لأنّا نسمع قول الدار التي في تصرّف هذا لي مع الحكم بالملكيّة هناك [- ح -] لو كان لواحد يد و الآخر سماع مستفيض رجّحت اليد لأنّ السماع قد يحتمل إضافة الاختصاص المطلق المحتمل

ص: 211

للملك و غيره فلا يزال اليد المعلومة بالمحتمل [- ط -] نعني بالتصرف القاضي بالملكية تصرف الملاك كالبناء و الهدم و البيع و الرهن أمّا مجرد الإجارة و إن تكرّرت ففيه احتمال إذ قد يصدر من المستأجر مدّة طويلة مع أنّ الأقرب الشهادة بالملكيّة و الإعسار يجوز الشهادة به مع الخبرة بالباطن و شهادة القرائن كالصبر على الضرّ و الجوع في الخلوة و تقبل شهادة الأعمى مستندا إلى الاستفاضة فيما يثبت فيه الاستفاضة [- ى -] لو شهد عدلان أن فلانا مات و خلف من الورثة فلانا و فلانا لا نعلم له وارثا غيرهما قبلت شهادتهما و إن لم يبيّنا أنّه لا وارث له سواهما لعدم الاطلاع عليه فيكفي فيه الظاهر مع اعتضاده بالأصل هذا إن كان من أهل الخبرة الباطنة و إن لم يكونا من أهل الخبرة الباطنة بحث الحاكم عن وارث آخر فإن لم يظهر سلم التركة إليهما بعد الاستظهار بالتضمين و لو قالا لا نعلم له وارثا بهذه البلدة أو بأرض كذا لم يقبل مع احتمال القبول [- يا -] لا يجوز أن يشهد إلاّ مع الذكر و إن وجد خطّه مكتوبا و علم عدم التزوير عليه و إن كان خطه محفوظا عنده سواء أقام غيره من العدول الشهادة أو لم يقم خلافا لبعض علمائنا حيث جوّز إقامة الشهادة بما يجده بخطّه مكتوبا إذا أقام غيره الشهادة

الفصل الرابع في تفصيل الحقوق

و فيه [- ه -] مباحث [- أ -] الحقوق قسمان أحدهما حقّ اللّٰه تعالى و الآخر حقّ الآدميّ أمّا حق اللّٰه تعالى فمنه الزنا و لا يثبت إلاّ بأربعة رجال و بثلاثة رجال و امرأتين أو برجلين و أربع نساء لكن الأخير يجب به الجلد لا الرجم و يجب بالأوّلين الحدان معا و إن شهد رجل و ستّ نساء أو أكثر لم تقبل و وجب جلد القاذف عليهم و كذا لو شهد ما دون الأربعة منفردين عن النساء أو شهد النساء فإنّه لا يثبت و يجب حدّ القذف على الشهود و منه اللواط و السّحق و إنّما يثبت كلّ منهما بأربعة رجال خاصّة فلو شهد ما دون الأربع حدّ و الفرية و لا يقبل فيه شهادة النساء و إن كثرن و إن ضمن إلى الرجال مطلقا بخلاف الزنا و أما إتيان البهائم فالأقرب ثبوته بشاهدين رجلين و لا يثبت بشهادة النساء منفردين و لا منضمّين و أمّا باقي حقوق اللّٰه تعالى كالسرقة و شرب الخمر و الردة فلا يثبت إلاّ بشاهدين و لا يثبت بشاهد و امرأتين و لا بشاهد و يمين و لا بشهادة النساء و إن كثرن ففي إلحاق الإقرار بالزنا بغيره من الإقرارات بالحقوق في قبول الشاهدين فيه أو بالأصل في اشتراط الأربعة فيه خلاف و الأقرب الأوّل و على القولين فلا يقبل فيه شهادة رجل و امرأتين [- ب -] حقوق الآدمي ثلاثة منها ما لا يثبت إلاّ بشاهدين و هو الطلاق و الخلع و الوكالة و الوصيّة إليه و النسب و رؤية الأهلّة و الرّجعة و الجناية الموجبة للقود و العتق و النكاح و القصاص و البلوغ و الولاء و العدّة و الجرح و التعديل و العفو عن القصاص و بالجملة كلّ ما لا يكون مالا و لا المقصود منه المال و يطلع عليه الرّجال و يمكن القول بثبوت النكاح و العتق و القصاص بشاهدين و شاهد و امرأتين و منها ما يثبت بشاهدين و شاهد و امرأتين و شاهد و يمين و هو الديون و الأموال كالفرض و القراض و الغصب و حقوق الأموال كالأجل و الخيار و الشفعة و الإجارة و قتل الخطاء و كلّ جرح لا يوجب إلاّ المال كالمأمومة و الجائفة و كلّ عمد لا يوجب القصاص كقتل السيد العبد و المسلم الكافر و الأب ولده و كل عقود المعاوضات كالبيع و السلم و الصّلح و الإجارات و المساقاة و الرهن و الوصيّة له و كذا فسخ العقود و قبض نجوم الكتابة إلاّ النجم الأخير لترتّب العتق عليه فإن أجزنا في العتق شاهدا و امرأتين قبل و إلاّ فلا و لو شهد على السرقة رجل و امرأتان ثبت المال دون العقوبة و لو شهد رجل و امرأتان بالنكاح فإن قبلنا فيه شهادة الواحدة و المرأتين فلا بحث و إلا ثبت المهر دون النكاح و في الوقف إشكال و الأقرب ثبوته بشاهدين و شاهد و امرأتين و شاهد و يمين و منها ما يثبت بالرّجال و النساء منفردات و منضمات و هو الولادة و الاستهلال و عيوب النساء الباطنة و الأقرب قبول شهادة النساء منفردات في الرضاع و إن كان الأكثر قد منع من قبولها [- ج -] يقبل شهادة امرأتين مع رجل في الديون و الأموال و شهادة امرأتين مع اليمين و لا يقبل فيه شهادة النساء و إن كثرن إلا مع رجل أو يمين و يقبل شهادة المرأة الواحدة في ربع ميراث المستهلّ و في ربع الوصيّة و شهادة امرأتين في النصف و ثلث في ثلاثة أرباع و أربع في الجميع و لا يفتقر في الواحدة إلى يمين لثبوت الربع و لا في الاثنتين لثبوت النصف و لو طلب الموصى له الجميع و أقام امرأتين جاز له أن يحلف و يأخذ الجميع و إن لم يحلف ثبت له النصف و كلّ موضع يقبل فيه شهادة النساء لا يثبت بأقلّ من أربع قال المفيد رحمه اللّٰه يقبل شهادة امرأتين مسلمتين مستورتين فيما لا يراه الرجال كالعذرة و عيوب النساء و النفاس و الحيض و الولادة و الاستهلال و الرضاع و إذا لم يوجد على ذلك إلا شهادة امرأة واحدة مأمونة قبل شهادتها فيه و يشترط فيهن ما يشترط في الرجال من العدالة و غيرها مما سبق و لو شهد أربعة بالزنا قبلا فشهد أربع نساء بالبكارة درئ عنها الحدّ و في حدّ الشهود قولان أقربهما السقوط [- د -] ليست الشهادة شرطا في شيء فلو تعاقدا عقدا و لا شاهد فيه صحّ سواء كان نكاحا أو غيره إلاّ في الطلاق فلا يقع إلاّ مع شهادة عدلين و يستحب الشهادة

ص: 212

في النكاح و الرجعة و البيع [- ه -] الأقرب وجوب التحمّل للشهادة على من له أهليّة الشهادة و قيل لا يجب و الأول مروي و لا يجب على الأعيان قطعا بل على الكفاية فإن أقام به غيره سقط عنه بشرط أن يكون ذلك الغير ممّن يقوم به الحجّة و إن لم يقم به غيره تعيّن عليه و أمّا الأداء فإنّه كالتحمل في وجوبه على الكفاية إجماعا فإن قام غيره سقط عنه و إلاّ تعيّن عليه الأداء إلاّ أن يكون الشهادة مضرّة به ضررا غير مستحقّ فلا يجب عليه الأداء على الكفاية و لو عدم الشهود إلاّ اثنان تعيّن عليهما وجوب التحمّل و وجوب الأداء إلاّ أن يكون الشهادة مضرة بهما ضررا غير مستحقّ فلا يجب عليهما التحمّل و لو تحمّلا حالة انتفاء الضرر ثمّ خافا من الأداء سقط الأداء عنهما و قد روي أنّه يكره للمؤمن أن يشهد للمخالف له في الاعتقاد لئلاّ يلزمه الإقامة فربّما ردّت شهادته فيكون مذلّ نفسه

الفصل الخامس في اللواحق

و فيه [- كو -] بحثا [- أ -] إذا حكم الحاكم ثمّ ظهر في الشهود ما يمنع القبول فإن كان متجدّدا بعد الحكم لم يقدح و إن كان سابقا على إقامة الشهادة و خفي على الحاكم نقض الحكم [- ب -] لو شهدا و لم يحكم ثمّ ماتا قبل الحكم حكم بشهادتهما و كذا لو شهدا و لم يزكّيا ثم ماتا قبل التزكية زكّيا بعد الموت و فلو شهدا ثم فسقا قبل الحكم حكم بشهادتهما لأن المعتبر العدالة عند الإقامة و كذا لو كفرا و لو كان حقّ اللّٰه تعالى كحدّ الزنا لم يحكم لبنائه على التخفيف و الأقرب في حدّ القذف و القصاص الحكم لتعلّق حق الآدمي به أمّا السرقة فيحكم بالمال دون القطع و لو حدث ذلك بعد الحكم لم ينقض و لو كان حدّا للّه تعالى و حكم و تجدّد الفسق قبل الاستيفاء لم يستوف و إن كان مالا استوفي و لو شهدا ثمّ جنا أو عميا فيما يشترط فيه البصر حكم بشهادتهما كما لو ماتا سواء كان المشهود به حدا أو غيره [- ج -] لو شهدا لمن يرثانه فمات قبل الحكم فانتقل المشهود به إليهما لم يحكم بشهادتهما [- د -] لو حكم الحاكم بشهادة الشاهدين فقامت بيّنة بالجرح مطلقا لم ينقض الحكم لإمكان تجدّد الفسق بعد الحكم و لو شهدا به موقّتا و كان متأخرا فكذلك و إن كان متقدّما على الشهادة نقض و لو كان بعد الشهادة و قيل الحكم لم ينقض بل يحكم بالشهادة إلاّ في حد اللّٰه تعالى و إذا نقض الحكم فإن كان قتلا أو جرحا فلا قود و الدية في بيت المال و لو كان المباشر للقصاص هو الوليّ فالوجه أنّه لا يضمن إن كان قد اقتصّ بحكم الحاكم و إذنه و لو باشر بعد الحكم قبل الإذن ضمن الدّية و لو كان المشهود به مالا فإنّه يستعاد إن كانت العين باقية و إن كانت تالفة فعلى المشهود له لأنّه ضمن بالقبض بخلاف القصاص و لو كان معسرا قال الشيخ ره يضمن الإمام و يرجع به على المحكوم عليه مع يساره و فيه نظر لاستقرار الضمان على المحكوم له بتلف المال في يده [- ه -] لو ثبت أنّهم شهدوا بالزّور نقض الحكم و استعبد المال فإن تعذّر غرم الشهود و لو كان قتلا ثبت القصاص على الشهود فكان حكمهم حكم الشهود إذا رجعوا عن الشهادة و اعترفوا بالعمد في الكذب و لو باشر الوليّ القصاص و اعترف بالتزوير سقط الضمان عن الشهود و كان القصاص على الوليّ [- و -] الحق إن كان لآدمي تعين كالمال و النكاح و العقود و العقوبات كالقصاص و حدّ القذف لم يسمع الشهادة فيه إلاّ بعد الدعوى لأنّ الشهادة حقّ الآدمي فلا يستوفى إلاّ بعد مطالبة و إذنه و إن كان حقا لآدمي غير معيّن كالوقف على الفقراء و المساجد و المقابر المسبلة أو الوصية بشيء من ذلك أو كان حقا للّه تعالى كحدّ الزنا و الزكاة و الكفّارة لم يفتقر الشهادة إلى تقدّم الدعوى في ذلك كلّه و لو شهد اثنان بعتق عبد أو أمة ابتدأ يثبت ذلك سواء صدّقها المشهود بعتقه أو لم يصدّقهما [- ز -] لو كان عند الشاهد شهادة لآدمي فإن كان صاحبها عالما بها لم يجب على الشاهد أداؤها إلاّ بعد أن يسأله صاحبها و إن لم يكن عالما بها فإن علم أنّ حقّه يثبت بدون شهادته لم يجب عليه إعلامه و إن لم يثبت حقّه إلا بشهادته وجب على الشاهد أن يعرف صاحب الشهادة عند الحاكم [- ح -] يعتبر لفظ الشهادة في الأداء فيقول أشهد بكذا و لو قال أعلم أو أعرف أو أتيقن أو أخبر عن علم أو بحقّ لم يسمع [- ط -] لو شهد امرأة بالوصيّة بالمال ثبت الربع على ما تقدم و لو شهدت بالولادة لم تقبل و لو شهد اثنتان بالوصيّة بالمال ثبت النصف على ما بيّناه و لو شهد رجل واحد ففي إلحاقه بالمرأة أو بالمرأتين نظر و كذا البحث في ميراث المستهلّ و يقبل شهادة النساء في ولادة الزوجات و المطلّقات [- ى -] يثبت الإعسار بشهادة عدلين و لا يفتقر إلى ثالث [- يا -] يشترط في قبول الشهادة موافقتها لدعوى المدّعي فإذا ادّعى المدّعي سمع الحاكم دعواه ثمّ استشهد شاهدين فإن اتّفقا في الشهادة و وافقت شهادتهما دعواه سمعها و حكم بها و إن خالفت الشهادة الدّعوى أو اختلفت الشهادتان طرحها [- يب -] لو شهد اثنان من الأربعة في الزنا أنّه زنى في هذا البيت أو في وقت الغداة أو على هيئة مخصوصة و شهد آخران بالزنا على غير تلك الهيئة أو في غير ذلك الوقف أو غير ذلك المكان سقطت الشهادة و حدّوا أجمع للفرية و كذا كلّ شهادة على فعلين مثل أن يشهد اثنان أنّه زنى بامرأة و آخران أنّه زنى بأخرى و لو شهد اثنان أنّه زنى بها في زاوية بيت و آخر أنّه زنى بها في زاوية منه أخرى حدّوا أجمع للفرية و سقطت الشهادة سواء تقاربت الزاويتان أو تباعدتا [- يج -] يشترط في قبول الشهادة توارد الشاهدين على المعنى الواحد فإن اتّفقا معنى حكم بشهادتهما و إن اختلفا لفظا مثل أن يقول أحدهما أنّه غصب و يشهد الآخر أنّه انتزع قهرا ظلما أمّا لو اختلفا معنى فإنّه لا يثبت بشهادتهما مثل أن يشهد أحدهما بالبيع و يشهد الآخر بالإقرار بالبيع فإنّهما أمران مختلفان فإن حلف مع أحدهما ثبت ما حلف عليه و إلاّ فلا [- يد -] إذا كانت الشهادة على فعل و اختلفت الشاهدان في زمانه

ص: 213

أو مكانه أو صفة له يدل على تغاير الفعلين لم يكمل شهادتهما مثل أن يشهد أحدهما أنّه غصبه دينارا يوم السّبت و يشهد الآخر أنّه غصبه دينارا يوم الجمعة أو يشهد أحدهما أنه غصبه دينارا في الدار و يشهد الآخر أنّه غصبه في السوق أو يشهد أحدهما أنّه غصبه دينارا مصريّا و يشهد الآخر أنه غصبه دينارا بغداديّا لأنّ الفعلين متغايران و لم يشهد بكلّ واحد منهما سوى شاهد واحد و لو شهد بكلّ فعل شاهدان و اختلفا في المكان أو الزمان أو الصّفة ثبتا جميعا بشهادة البيّنة العادلة لكلّ واحد منهما بحيث لو انفردت ثبت الحقّ و شهادة الأخرى لا تعارضهما لإمكان الجمع بينهما إلاّ أن يحصل التعارض إمّا بأن يكون الفعل مما لا يمكن تكرّره كقتل رجل بعينه فتعارض البينتان لعلمنا بكذب إحداهما أو بأن يحصل التنافي في الفعل مثل أن يشهد اثنان أنّه سرق وقت الزوال كبشا أبيض في موضع كذا و شهد اثنان بأنّه سرق في ذلك الوقت بعينه كبشا أسود في موضع آخر لا يمكن حصوله فيهما دفعة فإن ادعى الأمرين المتنافيين لم يقبل دعواه و لا يسمع بيّنته و إن ادّعى أحدهما ثبت له ما ادّعاه و لو شهد اثنان أنّه سرق مع الزّوال كبشا أسود و شهد آخران أنه سرق مع الزوال كبشا أبيض أو شهد اثنان أنّه سرق هذا الكبش غدوة و شهد آخران أنه سرقه عشيّا لم يتعارضا لإمكان أن يسرقه عند الزوال كبشين أبيض و أسود فيشهد كلّ بيّنة بأحدهما و يمكن أن يسرق كبشا غدوة ثمّ يعود إلى صاحبه أو غيره فيسرقه عشيا فإن ادعاهما المشهود أثبتا له في الصورة الأولى و في الصورة الثانية الكبش المشهود به حسب و إن لم يدع المشهود له سوى إحدى الكبشين ثبت له و لم يثبت له الآخر [- يه -] لو شهد أحدهما أنّه سرق دينارا و شهد الآخر أنّه سرق درهما لم يثبت لكن له أن يحلف مع أحدهما و مع كل واحد منهما فإن حلف مع أحدهما ثبت له الغرم فيما حلف عليه و إن حلف مع كلّ واحد منهما يثبت الدينار و الدرهم و لا يثبت القطع لأنّ الحدّ لا يثبت باليمين و لو شهد اثنان أنّه سرق ثوبا أبيض غدوة و شهد آخران أنّه سرقه بعينه على وجه لا يمكن الجمع بينهما ثبت التعارض فيسقط القطع للشبهة و لا يسقط الغرم [- يو -] لو شهد أحدهما أنّه باع هذا الثوب منه بدينار و شهد الآخر أنّه باعه منه في ذلك الوقت بدينارين لم يثبتا أو كان له المطالبة بأيّهما شاء مع اليمين و لا تعارض لأنّ التعارض إنّما يكون بين البيّنتين الكاملتين و لو شهد له مع كلّ واحد شاهد آخر ثبت الديناران و كذا لو شهد أحدهما أنّه باع اليوم و شهد الآخر أنّه باع بأمس و شهد أحدهما أنّه طلّقها أمس بمحضر من شاهدين و شهد الآخر أنّه طلّقها اليوم بمحضر من شاهدين لم تكمل الشهادة لأنّ كلّ واحد من البيع و الطلاق لم يشهد به إلاّ واحد فكان كما لو شهدا بالغصب في وقتين و يحتمل القبول لأنّ المشهود به شيء واحد يجوز أن يعاد مرّة بعد أخرى فيكون واحدا فاختلافهما في الوقت ليس باختلاف فيه و الأوّل أقرب [- يز -] لو شهد أحدهما أنّه أقرّ بقتل أو دين أو غصب ببغداد يوم الخميس و يشهد الآخر أنّه أقرّ بذلك بعينه يوم السبت بالكوفة فإن لم يتعارضا كملت الشهادة و ثبت المقر به و إن تعارضا بأن يكون الزمان واحدا مع تباعد الأمكنة أو يكون مختلفا و لا يفي الزمان المتخلّل بينهما للسفر من أحد البلدين إلى آخر لم تكملا و حلف مع أحدهما يمينا لإثبات حقّه و كذا لو شهد أحدهما أنّه أقرّ عنده بأنه قتله يوم الخميس و شهد الآخر أنّه أقرّ عنده أنّه قتله يوم الجمعة فإنّ التعارض متحقّق كما لو شهد أحدهما أنّه أقرّ عنده أنّه غصبه ثوبا و شهد الآخر أنّه أقرّ عنده أنّه غصبه دينارا و كذا لو شهد أحدهما بالقذف غدوة و الآخر عشيّة أو بالقتل كذلك لم يحكم بشهادتهما لأنّها شهادة على فعلين [- يح -] لو شهد أحدهما بالإقرار بألف و الآخر بألفين ثبت الألف بهما و الآخر بانضمام اليمين و لو شهد بكلّ واحد شاهدان ثبت الألف بشهادة الجميع و الألف و الأخرى بشهادة اثنين و كذا لو شهد أحدهما أنّه سرق ثوبا قيمته دينارا و شهد الآخر أنّه سرقه و قيمته ديناران ثبت الدينار بشهادتهما و الآخر بالشاهد و اليمين و لو شهد بكلّ صورة شاهدان ثبت الدّينار بشهادة الجميع و الآخر بشاهدين [- يط -] لو شهد أحدهما أنّه أقرّ بالعربيّة و الآخر أنّه أقرّ بالعجميّة قبل لأنّه إخبار عن شيء واحد و كذا لو شهد أحدهما أنّه أقرّ بدينار يوم الخميس بدمشق و أقرّ الآخر أنّه أقر به يوم الجمعة بمصر قبل و كذا لو شهد أحدهما أنّه أقرّ أنّه قتله أو غصبه كذا يوم الخميس بمصر و شهد الآخر أنّه أقر أنّه قتله أو غصبه كذا يوم الجمعة بدمشق قبل لأنّ المقرّ به واحد و قد شهد اثنان بالإقرار به صلت شهادتهما كما لو كان الإقرار بهما واحدا فإن جمع الشهود لسماع الشهادة متعذر بخلاف ما لو كان الإقرار بفعلين مختلفين مثل أن يقول أحدهما أشهد أنّه أقرّ أنّه قتله يوم الخميس و قال الآخر أشهد أنّه أقرّ أنّه قتله يوم الجمعة أو قال أحدهما أشهد أنه أقرّ أنه قذفه بالعربيّة و قال الآخر أشهد أنّه أقر أنّه قذفه بالعجمية فإن الشهادة غير كاملة و كذا لو شهد أحدهما أنّه تزوّجها أمس و شهد الآخر أنه تزوّجها اليوم لم يثبت الشهادة [- ك -] لو شهد أحدهما أنّه غصب هذا العبد و شهد الآخر أنّه أقر بغصبه لم يكمل الشهادة و لو شهد أحدهما أنه غصب هذا العبد من زيد أو أنّه أقرّ بغصبه منه و شهد الآخر أنّه ملك زيد لم يكمل شهادتهما [- كا -] لو شهد أحدهما بالإقرار بألف و الآخر بالإقرار بألفين ثبت الألف بشهادتهما على ما تقدّم هذا إن أطلقا

ص: 214

الشهادة و لم يختلف الأسباب و الصّفات فإن اختلفت بأن يشهد أحدهما بألف من قرض و يشهد الآخر بخمس مائة من ثمن مبيع أو يشهد أحدهما بألف بيض و الآخر بخمس مائة سواد أو يشهد أحدهما بألف دينار و الآخر بخمس مائة درهم لم يكمل البيّنة و كان له أن يحلف مع كلّ واحد منهما و يستحقّهما و لو شهد له شاهدان بألف و شاهدان آخران بخمسمائة و لم يختلف الأسباب أو الصفات دخلت الخمس مائة في الألف و وجبت له بالأربعة و لو اختلفت الأسباب أو الصّفات وجب له الحقان و لم يدخل أحدهما في الآخر [- كب -] لو أنكر العدل أن يكون شاهدا ثمّ شهد بعد ذلك و قال كنت نسيتها قبلت شهادته لأنّه يجوز أن يكون قد نسيها و حينئذ فلا شهادة عنده فلا يكذب مع إمكان صدقه [- كج -] لو ادّعى فطلب الحاكم منه البيّنة فقال لا بيّنة لي ثمّ أتى بعد ذلك ببيّنة فالأقرب القبول لجواز أن ينسى أو يكون الشاهدان قد سمعا إقرار الغريم و صاحب الحقّ لا يعلم و يحتمل التفصيل و هو عدم السّماع إن كان الإشهاد قد تولّيه بنفسه لأنّه أكذبها و القبول إن تولاّه وكيله أو شهد من غير علمه و كذا البحث لو قال كلّ بيّنة لي زور أمّا لو قال لا أعلم أنّ لي بينة ثمّ أقام البيّنة سمعت منه قطعا [- كد -] لو اختلف في الشجة هل هي موضحة أم لا و افتقر إلى العارف كالطبيب يعتبرها لم يكف الواحد و كذا لو اختلف في مرض لا يعرفه إلاّ الأطبّاء أو في داء الدابة الذي لا يعرفه إلاّ البيطار [- كه -] لو أشهده بألف فطلب صاحب الحقّ أن يشهد له بمائة مثلا فالأقرب جواز ذلك لأنّ الاعتراف بالألف يستلزم الاعتراف بالمائة [- كو -] يجوز أن يشهد الإنسان على مبيع و إن لم يعرفه و لا عرف حدوده و لا موضعه إذا عرف المتبايعان ذلك و يكون شاهدا على إقرارهما بوصف المبيع

الفصل السادس في الشهادة على الشهادة

و فيه [- ى -] مباحث [- أ -] يقبل الشهادة على الشهادة في حقوق الناس سواء كانت عقوبة كالقصاص أو غير عقوبة كالطلاق و الغصب و العتق و النسب أو مالا كالقرض و الدين و القراض و عقود المعاوضات كالبيع و الإجارة و الصلح أو ما لا يطلع عليه الرجال غالبا كعيوب النساء و الولادة و الاستهلال و لا يقبل في الحدود مطلقا سواء كانت للّه تعالى محضا كحدّ الزنا و اللواط و السّحق أو مشتركة كالقذف و حدّ السّرقة على خلاف فيهما [- ب -] لا يجوز تحمل الشهادة إلاّ إذا قال الشاهد اشهد علي شهادات أو يسمعه و قد شهد بين يدي حاكم فله أن يشهد على شهادته و إن لم يشهده و لو قال في غير مجلس القضاء لفلان على فلان حقّ كذا و أنا شاهد به بسبب كذا مثل ثمن مبيع أو أرش جناية أو غير ذلك ففي جواز شهادة الفرع إشكال أمّا لو كان لم يذكر شاهد الأصل السبب فإنّه ليس للفرع أن يشهد قطعا لأنّ الإنسان يتساهل في غير مجلس الحكم و لو سمعه يقول أشهد أنّ لفلان كذا شهادة مثبوتة عندي لا أتمادى فيها فالأقرب جواز الشهادة على شهادته و كذا لو سمعه يسترعي شاهدا آخر أمّا لو قال أنا أشهد بكذا فليس للشاهد أن يتحمّل لجواز إرادة الوعدة [- ج -] إذا قال شاهد الأصل اشهد علي شهادتي أنّني أشهد بكذا كان أعلى مراتب الاسترعاء و للفرع أن يقول أشهدني على شهادته و لو سمعه يشهد عند الحاكم فهو دون الأولى و أدون منهما أن يسمعه يشهد جزما لا عند الحاكم و فيهما ليس للفرع أن يقول أشهدني بل يقول أشهد أنّ فلانا شهد عند الحاكم بكذا أو أشهد أنّ فلانا شهد بكذا بسبب كذا [- د -] يجب أن يشهد على شاهد شاهدان إذ المراد إثبات شهادة الأصل و إنّما يتحقّق باثنين و لو شهد اثنان على كلّ واحد من شاهد الأصل جاز و كذا لو شهد اثنان على شاهد الأصل و أحد الاثنين و ثالث على شهادة الأصل الآخر أو شهد شاهد أصل و هو مع آخر على شهادة أصل آخر أو شهد اثنان على جماعة بأن يشهد الاثنان على شهادة كل واحد منهم أو شهد اثنان على شهادة رجل و امرأتين أو شهدا على شهادة أربع نساء فيما يقبل فيه شهادة النساء منفردات و لو شهد واحد فرع على شاهد أصل و شهد آخر غير الأوّل على شهادة أصل آخر لم تقبل و لا يشترط أن يشهد على شاهدي الأصل أربعة بحيث يكون الاثنان على أحدهما مغايرين للاثنين على الآخر بل يجوز أن يشهد اثنان على الأصلين بحيث يكون كلّ واحد من الفرعين يشهد على كلّ واحد من الأصلين و لو شهد بالحقّ شاهد أصل و شاهدا فرع يشهدان على أصل آخر جاز [- ه -] إنّما يقبل شهادة الفرع بشروط ثلاثة الأوّل تعذر شهادة الأصل إمّا بموت أو مرض أو حبس أو خوف من سلطان أو غيره أو غيبة فلو تمكن شاهد الأصل من الحضور لم تسمع شهادة الفرع و لا تقدير للغيبة بل ضابطها اعتبار المشقة على شاهد الأصل في حضوره و لا يشترط مسافة القصر الثاني أن يتحقّق شروط الشهادة من العدالة و غيرها في كلّ واحد من شهود الأصل و الفرع و لو عدل شهود الفرع شهود الأصل جاز و إن لم يشهدا بعدالتهما جاز أيضا لكن يتولّى الحاكم ذلك فإن عرف عدالتهما حكم و إلاّ بحث عنهما و لا بدّ من استمرار هذا الشرط و وجود العدالة في الجميع إلى انقضاء الحكم و يعتبر هاهنا عدالة شاهدي الأصل عند الاسترعاء و إن لم يكن وقت الحكم و استمرارها إلى وقت الحكم فلو طرئ الفسق أو الردّة أو العداوة على شاهد الأصل امتنع شاهد الفرع و كذا لو طرئ العبوديّة للمشهود عليه و لا يمنع طريان العمى فيما يشترط فيه الرؤية و لو مات شهود الأصل أو الفرع لم يمنع الحكم و كذا لو ماتت شهود الأصل قبل أداء الفرع

ص: 215

شهادتهم و كذا لو جنوا الثّالث أن يعيّنا شاهدي الأصل و يسمّياهما فلو لم يسمّياهما لم يقبل شهادتهما و إن عدّدهما [- و -] لو شهد شاهدا فرع و أنكر الأصل الفرع قال الشيخ رحمه اللّٰه يقبل شهادة أعدلهما فإن تساويا طرحت شهادة الفرع و قال ابن بابويه في رسالته يقبل شهادة الثّاني و يطرح إنكار الأصل مع التساوي في العدالة و كلاهما ليس بجيّد بل الأولى طرح شهادة الفرع لأنّ الأصل إن صدق كذب الفرع و إلاّ كذب الأصل و على كلا التقديرين تبطل شهادة الفرع و تحمل الرواية التي أفتى بها الشيخ رحمه اللّٰه على ما لو قال الأصل لا أعلم [- ز -] لو شهد الفرعان ثمّ حضر شاهد الأصل فإن كان بعد الحكم لم يقدح في الحكم وافقا أو خالفا و إن كان قبله سقط اعتبار الفرع و كان الاعتبار بشاهد الأصل [- ح -] الأقرب عدم قبول شهادة النساء على الشهادة مطلقا سواء كان المشهود به مما تقبل فيه شهادة النساء منفردات كالعيوب الباطنية و الاستهلال و الوصيّة أو لا تقبل و سواء كان شاهد الأصل من النساء أو من الرجال [- ط -] لو أقرّ بالزنى بالعمة أو الخالة أو بوطي البهيمة أو باللواط ثبت بشاهدين و قبل في ذلك الشهادة على الشهادة و لا يثبت الحدّ و لا التعزير بذلك بل انتشار حرمة النكاح و تحريم أكل الدابة و وجوب بيعها في بلد الغربة [- ى -] ليس على الفروع أن يشهدوا على صدق شهود الأصل

الفصل السّابع في الرجوع

و فيه [- كز -] بحثا [- أ -] إذا رجع الشهود أو بعضهم قبل الحكم لم يحكم سواء شهدوا بحدّ أو مال أو حقّ و لو رجعوا بعد الحكم و الاستيفاء و تلف المحكوم به لم ينقض الحكم و ضمن الشهود و لو رجعوا بعد الحكم و قبل الاستيفاء فإن كان حدّا نقض الحكم سواء كان للّه تعالى أو لآدمي لأنّ رجوعهم شبهة فيدرأ الحد لها و إن كان مالا عينا أو دينا لم ينقض سواء سلم العين إلى المشهود له أو لا و سواء كانت العين باقية أو لا و غرم الشهود ما شهدوا به و قال الشيخ رحمه اللّٰه في النهاية إذا كان الشيء قائما بعينه ردّ على صاحبه و لم يغرم الشاهدان و ليس بمعتمد [- ب -] لو شهد أربعة بالزنا ثمّ رجعوا حدّوا فإن قالوا غلطنا فالأقرب وجوب الحدّ للفرية أيضا و لو لم يصرّحوا بالرّجوع بل قالوا للحاكم توقّف ثمّ عادوا و قالوا اقض فالأقرب جواز القضاء و هل يجب إعادة الشهادة الأقرب الوجوب [- ج -] لو شهد اثنان بالقتل أو الجرح فاستوفى الحاكم بعد التعديل ثمّ رجعا فإن قالا تعمّدنا اقتص منهما و إن قالا أخطأنا كان عليهما الدية و إن قال أحدهما تعمّدت و قال الآخر أخطأت اقتصّ من العامد و أخذ نصف الدّية من المخطي و إذا اعترفا معا بالعمد فللولي قتلهما و ردّ الفاضل عن دية صاحبه و له قتل البعض و ردّ الآخر قدر جنايته و لو رجع وليّ القصاص و كان هو المباشر و اعترف بالتزوير فعليه القصاص فإن رجع الشاهدان أيضا فهل الشاهدان كالممسك أو كالشريك الأقرب الأوّل لأنّ المباشر أولى من السبب و لو رجع المزكي فالأقرب أنّه كالشريك لكن لا يجب فيه القتل بل الدّية على إشكال و لو قال الشاهد تعمّدت و لكن ما علمت أنّه يقتل بقولي فالأقرب القصاص و كذا لو ضربه ضربا يقتل به المريض دون الصّحيح فإنّه يجب القصاص [- د -] لو قال أحد شهود الزنا بعد الرّجم تعمّدت فإن صدّقه الباقون كان للولي قتل الجميع و يردّ ما فضل عن دية المرجوم و إن شاء قتل واحدا و يردّ الباقون بقدر جنايتهم على المقتول و إن شاء قتل أكثر من واحد بعد أن يردّ ما فضل عن دية صاحبه و يكمل الباقون من الشهود ما يعوز بعد وضع نصيب المقتولين و لو لم يرجع الباقون نفذ إقرار من رجع في حقّ نفسه خاصّة فإن اختار الوليّ قتله و أدّى الوليّ إليه ثلاثة أرباع الدية و إن اختار أخذ الدية منه كان عليه الرّبع و كذا لو قال أخطأت و في النهاية إن قال تعمّدت قتل و أدّي الثلاثة إليه ثلاثة أرباع الدية قال و إن رجع اثنان و قالا أوهمنا ألزما نصف الدية و إن قالا تعمّدنا كان للوليّ قتلهما و يؤدّى إلى ورثتهما دية كاملة بالسويّة بينهما و يردّ الشاهدان الآخران على ورثتهما نصف الدية و إن اختار الوليّ قتل واحد قتله و أدّى الآخر مع الباقين من الشهود على ورثة المقتول الثاني ثلاثة أرباع ديته و الحق ما قلناه نحن أوّلا [- ه -] لو شهدا بطلاق امرأة ثمّ رجعا أو رجع أحدهما قبل الحكم بطلت شهادتهما و بقيت على الزوجية و إن رجعا بعد الحكم فإن كان ذلك قبل الدخول ضمنا نصف المهر المسمى للزوج و إن كان بعد الدخول لم يضمنا شيئا قال ابن إدريس لأنّ الأصل براءة الذّمة و ليس خروج البضع عن ملك الزوج له قيمة كما لو أتلفا عليه ما لا قيمة له لم يلزمهما ضمان أمّا قبل الدخول فيلزمه نصف المهر فيجب أن يغرماه له لأنّهما غرماه إياه و أتلفاه بشهادتهما و قال الشيخ رحمه اللّٰه في النهاية لو شهدا بالطلاق على رجل فاعتدت و تزوّجت ثمّ دخل بها ثمّ رجعا وجب عليهما الحد و و ضمنا المهر للزوج الثاني و ترجع المرأة إلى الأوّل بعد الاستبراء بعدته من الثاني و مقصود الشيخ ره بوجوب الحدّ إنّما هو التعزير بشهادتهما بالزور و أمّا الرجوع إلى الأوّل فليس بجيّد و أمّا إلزامهما بالمهر الثاني فهو بناء على نقض الحكم و ليس بمعتمد و قوّى في المبسوط عدم الضمان مع الدخول لأنّ الأصل براءة الذمة و يضمن نصف المسمى إن كان قبله ثمّ قال و منهم من قال إن كان المهر مقبوضا لزمهما كمال المهر و إن لم يكن مقبوضا لزمهما نصفه لأنّه إذا كان مقبوضا لا يسترد منه شيئا لاعترافه لها به لبقاء الزّوجية بينهما فلما حيل بينهما رجع بالجميع

ص: 216

عليهما و ليس كذلك إذا كان قبل القبض لأنّه لا يلزمه الإقباض نصفه فلهذا رجع بالنصف عليهما قال و هذا قويّ و عندي في هذه المسألة إشكال ينشأ من كون الرجوع إنّما يثبت على الشاهد فيما يتلفه بشهادته و وجوب نصف المهر قبل الدخول أو المهر بعده لم يتلف من الزوج شيئا لأنه واجب عليه سواء طلق أو لم يطلق و الحاصل أن بشهادتهما بالطلاق قبل الدخول لم يتلفا نصف المهر لأنّه واجب عليه بالعقد و بعد الدخول لم يتلف المهر لاستقراره في ذمّته بالدخول و إنّما أتلفا بشهادتهما البضع عليه فيجب عليهما ضمانه و إنّما يضمن بمهر المثل فيجب مهر المثل مع الدخول لأنّهما أتلفا البضع عليه و نصف قبل الدخول لأنّه إنّما ملك نصف البضع و لهذا إنّما يجب عليه نصف المهر و يحتمل ما ذكرناه أوّلا من تضمين نصف المسمّى إن كان قبل الدخول لأنّهما ألزماه للزوج بشهادتهما و قرراه عليه و كان بمعرض السقوط بالردّة و الفسخ من قبلها و عدم التضمين إن كان بعد الدخول لأنّ المهر تقرّر بالدّخول فلم يقرّرا عليه شيئا و البضع غير متقوم به فإنّها لو ارتدّت أو أسلمت أو قتلت نفسها أو فسخت نكاحها قبل الدّخول برضاع من ينفسخ به نكاحها لم يغرم شيئا و هذا هو الأقوى عندي [- و -] لو شهد على امرأة بنكاح فحكم به الحاكم ثمّ رجعا فإن طلّقها الزوج قبل دخوله بها لم يغرما شيئا لأنّهما لم يفوّتا عليها شيئا و إن دخل بها و كان المسمّى بقدر مهر المثل أو أكثر منه و وصل إليها فلا شيء عليهما لأنّها أخذت عوض ما فوّتاه عليها و إن كان دونه فعليهما ما بينهما و إن لم يصل إليهما فعليهما ضمان مهر مثلها لأنّه عوض ما فوّتاه عليها [- ز -] لو شهدا بعتق عبد أو أمة فحكم به الحاكم ثمّ رجعا ضمنا القيمة سواء تعمد أو أخطأ لأنّهما أتلفاه بشهادتهما و لو شهدا بكتابة عبده ثمّ رجعا فإن عجز و رده في الرقّ فلا شيء عليهما و يحتمل أن يقال عليهما ضمان أجرة مدة الحيلولة إن ثبت و إن أدّى و عتق فالوجه الرجوع بجميع القيمة لأنّ ما أدّاه كان من كسبه الذي يملكه السيد و لو طلب تغريمها قبل انكشاف الحال فالوجه أنه يغرمها ما بين قيمته سليما و مكاتبا و لو شهدا باستيلاد أمته ثمّ رجعا فالوجه أنّه يرجع عليهما بما نقصها الشهادة من قيمتها و إن شهدا بطلاق رجعي فالوجه أنّه لا يرجع بشيء إن قلنا بالرجوع فيما إذا رجعا بعد الدخول لأنه قد كان متمكنا من تلافي ما شهدا به بالرّجعة فالبينونة حصلت باختياره [- ح -] لو شهدا بمال ثمّ رجعا بعد الحكم غرما ما شهدا به للمحكوم عليه و لا يرجع به على المحكوم له سواء كان المال قائما أو تالفا لأنّهما حالا بينه الضمان و بين ملكه فلزمهما و لأنّهما سبب الإتلاف بشهادة الزور فضمنا و هو أحد قولي الشيخ ره و له قول آخر أنّهما يغرمان إن كان المال تالفا و إن كان باقيا بعينه ردّه على صاحبه و لم يغرما شيئا و ليس بجيّد و إن رجعا أو أحدهما قبل الحكم بطلت الشهادة و لم يغرما شيئا إجماعا و لو رجعا أو أحدهما قبل الحكم بطلت الشهادة و لم يغرما شيئا إجماعا و لو رجعا بعد الحكم قبل الاستيفاء فالحكم كما لو رجعا بعد الاستيفاء لا ينقض الحكم بل يستوفي المحكوم و له المال من المحكوم عليه و يرجع المحكوم عليه بما غرمه على الشاهدين و لو اصطلح المحكوم عليه و المحكوم له عن الحقّ الثابت بالشاهدين بشيء رجع المحكوم عليه على الشاهدين بأقلّ الأمرين فلو أبرأ المحكوم له لم يرجع على الشاهدين بشيء [- ط -] لو رجع أحد الشاهدين وحده لم يحكم الحاكم إن كان رجوعه قبل الحكم و إن رجع بعد الحكم قبل الاستيفاء في الحدود لم يستوفي الحاكم و إن رجع بعد الاستيفاء لزمه حكم إقراره وحده فإن أقرّ بما يوجب القصاص وجب عليه و إن أقرّ بالخطاء وجب عليه نصيبه من الدّية و إن كان مالا غرم نصفه و لو كان الشهود أكثر من اثنين في الحقوق الماليّة أو القصاص أو أزيد من أربعة في الزنا فرجع الزائد قبل الحكم و الاستيفاء لم يمنع ذلك الحكم و الاستيفاء و إن رجع بعد الاستيفاء أو بعد الحكم خاصّة ضمن نصيبه و يحتمل عدم الرجوع فعلى الأوّل لو شهد أربعة بالقصاص فرجع واحد منهم فإن قال تعمّدت اقتصّ منه و ردّ عليه الوليّ ثلاثة أرباع الدية و إن قال أخطأت أغرم ربع الدية فإن رجع اثنان لزمهما النصف و إن رجع ثلاثة لزمهم ثلاثة أرباع و إن شهد ستة بالزنا فرجع واحد ضمن السّدس و إن رجع اثنان ضمنا الثلث و على قول الثاني لا ضمان عليهما و لو رجع ثلاثة فعليهم ربع الدية و إن رجع أربعة فعليهم النصف و إن رجع خمسة فعليهم ثلاثة أرباعها و إن رجع الستة فعلى كلّ واحد السدس و لو شهد ثلاثة بالمال فرجع أحدهم فعلى قول الأوّل يضمن الثلث و على الثاني لا شيء عليه و لا خلاف أنّه لو رجع الثلاثة دفعة فإن كلّ واحد يغرم الثلث [- ى -] لو حكم بشهادة رجل و امرأتين فرجع الرجل ضمن النصف و لو رجعت امرأة ضمنت الرّبع و لو رجعوا أجمع ضمن الرجل النصف و كلّ امرأة الرّبع و لو شهد رجل و عشر نسوة فرجعوا أجمع ضمن الرجل السدس و كلّ امرأة نصف السدس و لو رجع الرّجل خاصّة ضمن السدس على الأوّل و على الثاني النصف و لو رجع ثمان من النسوة خاصّة فعلى الأوّل عليهن بقدر نصيبهنّ من الشهادة لو رجعوا أجمع و على الثاني لا شيء عليهنّ و لو شهد أربعة بأربع مائة فحكم الحاكم ثم رجع واحد عن مائة و آخر عن مائتين و الثالث عن ثلاثمائة و الرابع عن أربعمائة فعلى الأوّل على كلّ واحد مما رجع عنه بقسطه فعلى الأوّل خمسة و عشرون و على الثاني خمسون و على الثالث خمسة و سبعون و على الرابع مائة لاعتراف كلّ منهم بتفويت ربع ما رجع عنه و على الثاني يلزم الراجع عن ثلاثمائة و أربعمائة خمسون لأنّ المائتين التي رجعا عنهما قد بقي بها شاهدان [- يا -] لو شهد أربعة بالزنا و اثنان

ص: 217

بالإحصان فرجم ثمّ رجعوا أجمع ضمنوا له أجمع لأن القتل حصل بمجموع الشهادتين فيجب الغرم على الجميع كما لو شهدوا أجمع بالزنا و هل يوزع على عدد الرءوس أو يكون على شهود الزنا النّصف و على شهود الإحصان النصف فيه احتمال لأنّهما حزبان فلكلّ حزب نصف و يحتمل سقوط الضمان عن شهود الإحصان لأنّهم شهدوا بالشرط دون السّبب و السبب للقتل إنّما هو الزنا فيضمن شهوده خاصّة و لو شهد أربعة بالزنا و اثنان منهم بالإحصان ثمّ رجعوا بعد الرجم عن الشهادتين فإن قلنا بالتشريك بين شهود الزنا و الإحصان يحتمل أن يكون على شاهدي الإحصان الثلثان ثلث بشهادة الزنا و ثلث بالإحصان و على الآخرين الثلث على التقدير الأوّل و على الثاني يجب على شاهدي الإحصان نصف الدية بشهادة الإحصان لأنّهما حزب و ربع بشهادة الزنا و على الآخرين ربع آخر و يحتمل وجوب نصف الدّية على شاهدي الإحصان بالشهادتين معا و النصف على الآخرين بشهادة الزنا لأنّ الدية تقسّط على عدد الرءوس لا على قدر الجناية كما لو جرحه واحد جرحا و آخر جرحين و سرى الجميع [- يب -] لو شهدا بالسّرقة فقطع المشهود عليه ثمّ رجعا فإن قالا أوهمنا غرما دية اليد و إن قالا تعمدنا فللوليّ قطعهما و ردّ دية يد عليهما و قطع يد واحد و يردّ الآخر نصف دية اليد على المقطوع و لو قالا أوهمنا و أتيا بآخر و قالا إنّ السارق هذا غرما دية يد الأوّل و لم يقبل قولهما على الثاني لعدم ضبطهما [- يج -] لو شهدا أنّه أعتق هذا العبد على ضمان مائة درهم و قيمة العبد مائتان فحكم الحاكم بشهادتهما ثمّ رجعا رجع المولى على الشاهدين بمائة لأنّها تمام القيمة و رجع الضامن بالمائة التي شهدا بضمانها و كذا لو شهدا بطلاق امرأة على رجل قبل الدخول على مائة و نصف المسمّى مائتان غرما للزوج مائة لأنّهما فوتاها بشهادتهما المرجوع عنها و لو شهدا على رجل بنكاح امرأة بصداق معيّن و شهد آخران بدخوله بها ثمّ رجعوا أجمع بعد الحكم بالصداق احتمل وجوب الضمان أجمع على شاهدي النكاح لأنّهما ألزماه المسمّى و وجوب نصفه عليهما و النصف الآخر على شاهدي الدخول لأنّهما قوداه و شاهدا النكاح أوجباه فقسم بينهم أرباعا و لو شهد حينئذ بالطلاق شاهدان ثمّ رجعا لم يلزمهما شيء لأنّهما لم يتلفا عليه شيئا يدعيه و لا أوجبا عليه ما ليس بواجب [- يد -] لو شهد شاهدا فرع على شاهدي أصل فحكم الحاكم بشهادتهما ثمّ رجع شاهدا الفرع ضمنا و يحتمل عدم الضمان إن شهد بعد رجوعهما شاهد الأصل و لو رجع شاهد الأصل وحدهما لزمهما الضمان لثبوت الحقّ بشهادتهما و لهذا اعتبرنا تعديلهما و يحتمل عدم الضمان لأنّ الحكم تعلّق بشهادة شاهد الفرع لأنّهما جعلا شهادة شاهدي الأصل شهادة فلم يلزم شاهدي الأصل ضمان لعدم تعلّق الحكم بشهادتهما و الأوّل أقرب و لو حكم الحاكم بشهادة شاهدي الفرع عليهما و لم يرجع شاهدي الأصل لكن كذّبا شاهدي الفرع في الشهادة عليهما أو قالا نحن لا نشهد بذلك لم ينقض الحكم و لم يتعلّق الضمان بأحد بخلاف ما لو رجع شاهدي الأصل بأن قالا شهدنا غلطا أو تعمدنا التزوير [- يه -] لو حكم الحاكم بشهادة رجل و يمين فرجع الشاهد احتمل إيجاب النصف عليه لأنه إحدى حجتي المدعي و إيجاب الجميع لأن اليمين قول الخصم و ليس حجّة على خصمه و إنّما هي شرط الحكم فجرت مجرى مطالبة الحكم بالحكم و لأنّ كونها حجّة إنّما يحصل بشهادة الشاهد و لهذا لم يجز تقديمها على الشهادة [- يو -] لو شهدا بتعريف اثنين فحكم الحاكم ثمّ رجع المعرفان غرما ما شهدا به الشاهدان لأنّ الحكم ثبت بهما و هل يجريان مجرى شاهدي الأصل لو رجعا في تضمين الجميع أو مجرى الشاهد الواحد فيضمنان النصف فيه نظر أمّا لو أنكر المعرّفان التعريف عند الشاهدين فلا ضمان [- يز -] لو شهد اثنان و زكاهما اثنان فحكم الحاكم ثم رجع المزكّيان ضمنا ما حكم به الحاكم و هل يجب الجميع أو النصف احتمال سبق في المعرفتين و لو رجع ضمن أحدهما بقدر نصيبه و يحتمل عدم الرجوع إذا أمكن التعديل بعد الرجوع بغيرهما و كذا في التعريف [- يح -] إذا رجعوا عن الشهادة بعد الحكم و قالوا تعمدنا وجب عليهما القصاص في القتل و الجرح و لا تعزير و لو كانت الشهادة بمال عزروا و غرموا و يحتمل عدم التعزير لأنّ رجوعهم توبة و لو قالوا أخطأنا لم يعزّروا و يغرموا [- يط -] لو أنكر الشاهدان الشهادة عند الحاكم المعزول لم يغرما شيئا و لو أنكر الشهادة عند المنصوب غرما لأنّه كالرجوع و لو رجعوا ضمنوا في الحالين و لا يغرم الحاكم المعزول لأنّ الأصل صحّة حكمه و لو رجع الحاكم عن حكمه بعد الاستيفاء لزمه الضّمان سواء اعترف بالعمد في الحكم بالباطل أو بالخطاء و سواء كان معزولا أو لم يكن أمّا لو ثبت خطاؤه في الحكم بالقصاص أو القتل فإنّ الضمان على بيت المال [- ك -] حكم الحاكم تبع للشهادة و إن كانت محقّة نفذ الحكم باطنا و ظاهرا و إلاّ نفذه ظاهرا و لا يستبيح المشهود له ما يحكم به الحاكم مع علمه بالغلط و يباح له مع العلم بصحّة الشهادة أو الجهل بحالها [- كا -] إذا حكم بشهادة اثنين في قطع أو قتل و أنفذ ذلك ثمّ ظهر كفرهما أو فسقهما لم يجب على الشاهدين ضمان بخلاف الرجوع عن الشهادة فإنّ الراجع معترف بكذبه و يضمن الحاكم لحكمه بشهادة من لا يجوز شهادته و لا قصاص لأنّه مخطئ و يجب الدية و محلّها بيت المال لأنّه نائب عن المسلمين و وكيلهم و خطاء الوكيل في حقّ موكّله عليه و لا يجب على عاقلته الإمام و سواء تولّى الحاكم ذلك بنفسه أو أمر من تولاّه و إن كان الوليّ لأنّه سلطه

ص: 218

و الوليّ يدّعي أنّه حقّه [- كب -] لو شهد أربعة بالزنا فزكّاهم اثنان فرجم المشهود عليه ثمّ بان أنّ الشهود فسقة أو كفرة فلا ضمان على الشهود لعدم اليقين بكذبهم و هل يضمن المزكّيان أو الحاكم فيه تردّد ينشأ من كون شهادة المزكّي شرطا لا سببا و من كونهما شهداء بالزور شهادة أفضت إلى قتله و لو تبيّن فسق المزكّين فالضمان على بيت المال لأنّ التفريط من الحاكم إمّا لو فرّط الحاكم في البحث عن عدالة الشاهدين أو عن عدالة المزكّيين فالضمان عليه في ماله و لو جلّد الحاكم إنسانا بشهادة شهود ثمّ بان فسقهم أو كذبهم فعلى الإمام الضمان من بيت المال لما حصل من أثر الضّرب و لو ظهر فسق الشاهدين سابقا على الشهادة بالمال بعد الحكم نفذ الحكم و لم يغرم الشاهدان [- كج -] لو ادّعى المشهود عليه فسق الشاهدين سمعت دعواه قبل الحكم عليه و بعده و لو أقام بيّنة بالفسق سمعت ببيّنة سواء كان الحاكم عليه هو المدّعي عنده بالفسق أو غيره فإنّ الحاكم إذا شهد عنده اثنان بفسق شاهدي الحقّ عند غيره نقض حكم ذلك الغير و لو أقامت البينة أنّ الحاكم الآخر حكم بشهادة عبدين فإن كان الذي حكم بشهادتهما يعتقد الحكم بشهادة العبيد لم ينقض حكمه لأنّه حكم باجتهاده في مسألة اجتهادية و إن كان ممن لا يعتقد ذلك نقضه لأنّ الحاكم به يعتقد بطلانه [- كد -] شهادة الزور من الكبائر العظام روي عن النبي ص أنّه قال عدلت شهادة الزور الشرك باللّٰه ثلاث مرّات ثم قرأ فَاجْتَنِبُوا اَلرِّجْسَ مِنَ اَلْأَوْثٰانِ وَ اِجْتَنِبُوا قَوْلَ اَلزُّورِ و عنه ص أنّه قال أنا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا بلى يا رسول اللّٰه قال الإشراك باللّٰه و عقوق الوالدين و كان متكئا فجلس فقال ألا و قول الزور و شهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا لينتبه سكت و قال النبي ص لا ينقضي كلام شاهد الزور بين يدي الحاكم حتّى يتبوّأ مقعده من النار و كذلك من كتم الشهادة و عن الباقر ع ما من رجل يشهد شهادة زور على رجل مسلم ليقطع ماله إلاّ كتب اللّٰه له مكانه ضنكا إلى النار و يجب تعزير شاهد الزور بما يراه الإمام و ادعاء له للخير في مستقبل الوقت و اشتهاره بين قبيلته ليعرف حاله و كان عليّ ع إذا أخذ شاهد زور فإن كان غريبا بعث به إلى حيّه و إن كان سوقيا بعث به إلى سوقهم ثمّ يطيف به ثمّ يحبسه أياما ثم يخلّى سبيله و عن الصادق ع قال شهود الزور يجلدون حدّا ليس له وقت ذلك إلى الإمام و يطاف بهم حتّى يعرفوا و لا يعودوا قال قلت فإن تابوا أو أصلحوا تقبل شهادتهم بعد فقال إذا تابوا تاب اللّٰه عليهم و قبلت شهادتهم بعد أمّا لو تعارضت البيّنتان أو ظهر فسق الشاهد أو غلطه في شهادته فلا يؤدّب به لأنّ الفاسق قد يصدّق و التعارض لا يعلم به كذب إحدى البينتين بعينها و الغلط قد يعرض للصادق العدل [- كه -] إذا علم أنّ الشاهدين شهدا بالزور ظهر بطلان الحكم و وجب نقضه فإن كان مالا ردّ إلى صاحبه و إن كان إتلافا فعلى الشاهدين ضمانه و لو ثبت ذلك بإقرارهما على أنفسهما من غير موافقة الحاكم كان ذلك رجوعا منهما عن الشهادة و قد تقدّم حكمه [- كو -] إذا تاب شاهد الزور و مضت مدة يظهر فيها التوبة و الندم و ظهر صدقه فيها و عدالته قبلت شهادته بعد ذلك [- كز -] إذا غير المقر العدل شهادته بحضرة الحاكم فزاد فيها أو نقص قبل الحكم بشهادة الأولى احتمل القبول لأنّها شهادة من عدل غير متّهم لم يرجع عنها فيجب الحكم بها و العدم لأنّ كلّ واحد منهما تردّ الأخرى و تضادها و الأوّل مرجوع منها و الثانية غير موثوق بها لأنّها من شاهد أقر بلفظه و لا يؤخذ بأوّل قوليه و ذلك مثل أن يشهد بمائة ثمّ يقول بل هي مائة و خمسون أو يقول بل هي سبعون و لو شهد بمائة ثمّ قال قبل الحكم قضاه منها خمسين احتمل الوجهين أيضا أمّا لو شهد أنّه أقرضه مائة ثمّ قال قضاه منه خمسين فإنّ شهادته تقبل في باقي مائة وجها واحدا

كتاب الحدود

اشارة

و فيه مقاصد

الأوّل في حدّ الزنا
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في موجبه

و فيه [- يج -] بحثا [- أ -] الزنا موجب للحدّ و نعني به إيلاج ذكر الإنسان في فرج امرأة قبل أو دبر محرمة عليه من غير عقد و لا شبهة عقد و لا ملك و يكفي في تحقّقه غيبوبة الحشفة في القبل أو الدبر و يشترط في إيجابه الحدّ العلم بالتحريم و الاختيار و البلوغ و لو انتفى العلم بالتحريم أو أكره على الزّنا أو كان صبيّا لم يجب الحدّ و يشترط في الرجم زيادة على ما تقدّم الإحصان [- ب -] لو تزوّج من يحرم عليه نكاحها كالأمّ و البنت و الأخت و المرضعة و ذات البعل و المعتدة و زوجة الأب أو الابن كان العقد باطلا بالإجماع فإن وطئها مع علمه بالتحريم وجب عليه الحدّ و لا يكون العقد وحده شبهة في سقوط الحدّ و لو وطئ جاهلا بالتحريم سقط الحدّ و هكذا كلّ نكاح أجمع على بطلانه كالخامسة و المطلّقة ثلثا أمّا النكاح المختلف فيه كالمجوسيّة فإنّه لا حدّ فيه و كذا كل نكاح و لو وطئ جاهلا بالتحريم سقط الحد و هكذا كلّ نكاح توهّم الواطي الحل فيه و لو استأجرها للوطي وجب الحدّ و لم يسقط به إلاّ أن يتوهّم الحلّ به و لو وجد على فراشه امرأة و ظنها زوجته فوطئها أو زفت إليه غير زوجته فوطئها ظنّا أنّها زوجته أو تشبّهت عليه غير زوجته بها أو دعا زوجته أو جاريته فجاءته غيرها فظنها المدعوّة فوطئها أو اشتبه عليه لعماه سقط الحدّ [- ج -] إذا تشبهت الأجنبيّة بزوجته فوطئها مع الاشتباه حدّت هي خاصة و في رواية يقام عليها الحدّ جهرا و عليه سرّا و هي متروكة [- د -] لو أباحته الوطي فتوهم الحلّ سقط الحدّ و لو لم يشتبه لم يسقط و لو أكره

ص: 219

على الزنا سقط الحدّ فالإكراه يتحقّق في طرف الزّوجة و في تحقّقه في طرف الرّجل إشكال أقربه الثبوت لأنّ التخويف بترك الفعل و الفعل لا يخاف منه فلا يمنع الانتشار و يثبت للمكرهة على الواطي مهر مثل نسائها [- ه -] لو وطئ جارية مشتركة بينه و بين غيره فإن توهّما الحلّ فلا حدّ و إن كان عالما بالتحريم سقط عنه بقدر نصيبه و حدّ بنسبة نصيب الشريك و لو اشترى أمّه أو أخته من الرضاع ففي العتق قولان فإن قلنا بالعدم لم يبح له وطئها فإن وطئ مع الشبهة فلا حدّ و إن وطئ مع علمه بالتحريم وجب الحدّ و كذا لو اشترى من ينعتق عليه و لو وطئ جارية غيره بغير إذنه حدّ مع العلم بالتحريم لا مع الشبهة [- و -] الإحصان الذي يجب به الرّجم إنّما يتحقّق للبالغ العاقل الحرّ الواطي لفرج مملوك بالعقد الدائم الصحيح أو الملك المتمكن منه بحيث يغدو عليه و يروح فالبلوغ شرطه إجماعا فلو وطئ الصبيّ زوجته ثمّ بلغ لم يكن محصنا و أما العقل فالذي اختاره الشيخان ره عدم اشتراطه فلو وطئ المجنون زوجته ثمّ عقل كان محصنا و لو وطئ المجنون عاقلة وجب عليه الحدّ رجما كان أو غيره عندهما و الحق خلافه و الحرّية شرط إجماعا فلو وطئ العبد ثمّ أعتق لم يكن محصنا حتّى يطأ في حال حرّيته سواء كان تحته حرة أو أمة و الوطي لا بدّ منه فلو عقد البالغ العاقل الحرّ على امرأة و لم يدخل بها ثمّ زنى لم يكن محصنا و لا رجم عليه و دوام العقد شرط فلو وطئ متمتّعا بها لم يكن محصنا و ملك اليمين تحصّن كالزّوجة و لو وطئ زوجته أو مملوكته ثمّ غاب بحيث لا يتمكّن من الغدو عليه و الرواح خرج عن الإحصان أمّا لو غاب دون ذلك بحيث يتمكّن من الغدو عليه و الرواح فإنّه محصن و لو كان حاضرا في بلدها إلاّ أنّه ممنوع عنها بحبس و شبهه لم يكن محصنا و لا بدّ من كون العقد صحيحا فلو وطئ في نكاح فاسد لم يكن محصنا [- ز -] إحصان المرأة كإحصان الرّجل سواء لكن يعتبر في طرفها كمال العقل إجماعا فلا رجم و لا حدّ على مجنونة زنى بها عاقل حال جنونها و إن كانت محصنة [- ح -] لا يشترط الإسلام في الإحصان فالذّميان محصنان و لو كانت زوجة المسلم ذمّية تحصّنا معا [- ط -] لو طلّق زوجته بائنا خرجت عن الإحصان و كذا الزوج و لو راجع المخالع لم يجب عليه الرجم إلاّ بعد الوطي في الرّجعة و لو أعتق المملوكة أو المكاتب لم يجب الرجم إلا أن يجامعا بعد العتق و لو طلّق الرّجل زوجته رجعيّا لم يخرجا عن الإحصان فإن تزوّجت بغيره عالمة بالتحريم كان عليها الحدّ تامّا و كذا الزوج إن علم التحريم و العدّة و لو جهل أحدهما فلا حدّ و لو علم أحدهما خاصّة اختصّ بالحدّ التام دون الجاهل و تقبل دعوى الجهالة من أيّهما كان مع الإمكان [- ى -] المرتدّ إن كان عن فطرة خرج عن الإحصان لتحريم الزوجة عليه مؤبّدا و إن كان عن غير فطرة لم يخرج عن الإحصان لإمكان رجعته إلى الزوجة بالعود إلى الإسلام في العدّة فلو أسلم بعد ذلك كان محصنا و لو نقض الّذي العهد و لحق بدار الحرب بعد إحصانه فسبى و استرق ثمّ أعتق خرج عن الإحصان [- يا -] لو زنى و له زوجة له منها ولد فقال ما وطئها لم يرجم و لو كان لامرأة ولد من زوج فانكسرت وطيه لها لم يثبت إحصانها لأنّ الولد يلحق بإمكان الوطي و الإحصان يعتبر فيه تحقّقه قطعا و إذا شهدت بيّنة الإحصان بالدخول كفى فلا يفتقر إلى لفظ المجامعة و المباضعة إلاّ أن يشتبه عليهما الدخول بالخلوة و لو قالا جامعها أو وطئها أو ما أشبهه ثبت الإحصان دون باشرها و مسها و أتاها و أصابها لاحتماله غير الوطي [- يب -] لو جلّد الزاني على أنّه بكر فبان محصنا رجم إلاّ أن يتوب [- يج -] إذا ادّعى الواطي أو الموطوءة الزوجيّة سقط الحدّ و لا يكلّف المدعي بيّنة و لا يمينا و كذا لو ادّعى ما يصلح شبهة بالنسبة إليه و الأعمى يحدّ حدّا كاملا فإن ادّعى الشبهة قبل مع الاحتمال

الفصل الثاني فيما يثبت به الزنا
اشارة

و هو قسمان

الأوّل البيّنة

و فيه [- يب -] بحثا [- أ -] إنّما يثبت الزنا بأمرين البيّنة و الإقرار و يشترط في البيّنة شهادة أربعة رجال فيجب معه الرّجم بشرط الإحصان و الجلد مع عدمه و كذا لو شهد به ثلاثة رجال و امرأتان و لو شهد به رجلان و أربع نسوة ثبت الزنا فلم يجب الرجم بل الجلد و إن كان الزاني محصنا و لو شهد رجل و ستّ نساء فما زاد لم يثبت و وجب عليهم حدّ الفرية و لا يثبت بشهادة النساء منفردات و لا بما دون الأربع من الرجال و الخناثى حكمهم حكم النساء في الشهادة [- ب -] يشترط في الشهود اتفاقهم في الشهادة بالمعاينة لإيلاج الفرج في الفرج كالميل في المكحلة فلو شهد بعض بالمعاينة و بعض لا بها حدّ و أجمع للفرية و كذا لو شهدوا بالزّنى و لم يعاينوا الإيلاج حدّوا للفرية و لا حدّ على المشهود عليه نعم لو لم يشهدوا بالزنا بل شهدوا بالمضاجعة أو المعانقة أو الإصابة فيما دون الفرج سمعت شهادتهم و وجب على المشهود عليه التعزير [- ج -] يشترط في شهادتهم بالزنا أن يقولوا وطئها من غير عقد و لا شبهة عقد و لا ملك و يكفي أن يقولوا لا نعلم بينهما سبب التحليل و لا يشترط في شهادتهم العلم بالنفي [- د -] يشترط اتفاق الشهود في القول الواحد و الزمان الواحد و المكان الواحد و لو شهد بعض بالوطي قبلا أو في ضحوة النهار أو في زاوية معيّنة و شهد الباقون بخلاف ذلك لم يثبت و حدّوا أجمع للفرية و لو شهد اثنان بأنّه أكرهها و آخران بالمطاوعة سقط الحدّ عنها و هل يثبت على الزاني وجهان أحدهما

ص: 220

السقوط لعدم كمال البينة على فعل واحد فإن فعل المطاوعة غير فعل المكرهة فهما فعلان و لم يكمل على كلّ واحد أربعة و الثاني وجوب الحدّ لاتفاق الأربعة على زناه و الاختلاف إنّما هو في فعلها لا فعله و لو شهد اثنان بالزنا في زاوية بيت و شهد اثنان بالزنا في زاوية أخرى لم يثبت الزنا على ما قلناه سواء تباعدت الزاويتان أو تقاربتا و كذا لو اختلفا في الزمان المتقارب و المتباعد و لو شهد اثنان أنّه زنى بها في قميص أبيض و آخران في أحمر و اثنان أنّه زنى في ثوب كتان و آخران في ثوب خزّ ففي كمال الشهادة إشكال [- ه -] يشترط في إقامتهم للشهادة دفعة أو اجتماعهم لأدائها فلو شهد بعض قبل مجيء الباقين حدّوا للقذف و لم ينتظر إتمام الشهادة لأنّه لا تأخير في حدّ نعم يستحبّ للحاكم تفريق الشهود في الإقامة بعد الاجتماع و ليس واجبا و لا يشترط اجتماعهم حال مجيئهم فلو جاءوا متفرّقين واحدا بعد واحد و اجتمعوا في مجلس واحد ثمّ أقاموا الشهادة ثبت الزنا [- و -] لا يقدح تقادم الزنا في الشهادة فلو شهدوا بزنا قديم وجب الحدّ و كذا الإقرار بالقديم يوجب الحدّ و لا يسقط الحدّ إذا شهدوا بالزنا فصدّقهم المشهود عليه و لو أقرّ مرة أو دون الأربع لم يمنع ذلك سماع البيّنة و العمل بها و لو تمّت البيّنة عليه و أقر على نفسه إقرارا تاما ثمّ رجع عن إقراره لم يسقط عنه الحدّ برجوعه و كذا لا يسقط الشهادة بتكذيبه و لو شهد شاهدان أو اعترف هو مرّتين لم تكمل البيّنة و لم يجب الحدّ [- ز -] لو تاب قبل قيام البيّنة سقط عنه الحدّ و لو تاب بعد قيامها لم يسقط جلدا كان أو رجما و لو تاب بعد الإقرار تخيّر الإمام بين إقامته الحدّ عليه و عدمها رجما كان أو جلدا و لو أقرّ بما يوجب الرجم ثمّ أنكر سقط الرّجم و لو أنكر حدّا اعترف به غير الرّجم لم يسقط بالإنكار [- ح -] لو شهد الأربعة ثمّ غابوا أو ماتوا حكم الحاكم و أقام الحدّ و يجوز الشهادة بالحدّ من غير مدع و يستحبّ لمن شهد بالزنا عدم الإقامة و إذا لم تكمل شهود الزنا وجب عليهم الحدّ و كذا لو كملوا أربعة غير مرضيين كالعميان و الفسّاق و لو رجع واحد منهم عن الشهادة حدّ خاصة و لا يجب على الثلاثة و لو رجعوا أجمع حدّوا [- ط -] لو شهد أربعة بالزنا قبلا فادّعت البكارة و شهد لها أربع نسوة بها سقط عنها الحدّ و في حدّ الشهود قولان الأقرب السقوط لكمال النصاب مع احتمال صدقهم لإمكان عود البكارة بعد الوطي فلو كان ذلك شبهة و لو شهدت بأنّها رتقاء أو ثبت أنّ الرجل مجبوب فالأقرب ثبوت الحدّ عليهم للعلم بكذبهم [- ى -] لو شهد أربعة على رجل بالزنا بامرأة و شهد أربعة أخرى على الشهود أنّهم الذين زنوا بها فالأقرب ثبوت الحدّ على الأولين للزنا و القذف و لو شهدوا بالزنا دبرا لم يقبل أقلّ من أربعة و لا يكفي فيه اثنان أمّا ما ليس بوطي في الفرجين كما لو شهدوا بالتّفخيذ و شبهه مما يوجب التعزير فإنّه يكفي فيه شاهدان [- يا -] يجب على الحاكم إقامة حدود اللّٰه تعالى بعلمه أمّا حقوق الناس فيقف إقامتها على المطالبة حدا كان أو تعزيرا و يحكم بعلمه فيها أيضا و للسيّد إقامة الحدّ على عبده و جاريته و للأب إقامة الحدّ على ولده و للزّوج إقامة الحدّ على زوجته بعلمهم [- يب -] لو حبلت امرأة لا زوج لها و لا مولى لم يقم عليها الحدّ و لا تسأل عن ذلك فإن سئلت و ادّعت الإكراه أو الوطي بالشبهة أو لم تعترف بالزنا فلا حدّ و لو استأجر امرأة لعمل شيء فزنا بها أو استأجرها ليزني بها و فعل أو زنى بامرأة ثمّ تزوّجها وجب عليهما الحدّ و لو وطئ امرأة له عليها القصاص وجب عليه الحدّ

القسم الثّاني الإقرار

و فيه [- يب -] بحثا [- أ -] إنّما يثبت الزنا بالإقرار أربع مرّات فلو أقرّ أقلّ منها لم يجب الحدّ و وجب التعزير و يشترط في الإقرار بلوغ المقرّ و رشده و اختياره و حرّيته و لو كان يعتوره الجنون فأقرّ حال إفاقته أنه زنى و هو مفيق أو قامت عليه بينة بذلك حدّ و إن أقر حال إفاقته و لم يصفه إلى حال إفاقته أو قامت عليه البيّنة بالزنا و لم يضفه إلى حال إفاقته فلا حدّ لاحتمال وجوده حال جنونه [- ب -] النائم كالمجنون فلو زنى بنائمة أو استدخلت امرأة ذكر نائم فلا حدّ عليه و لو أقرّ حال نومه لم يلتفت إليه و لو أقرّ حال يقظته بزنا أضافه إلى نومه سقط عنه الحدّ أمّا السكران فإن أقرّ حال سكره لم يلتفت و لو زنى و هو سكران لم يجب الحدّ [- ج -] يشترط في المقرّ إمكان صدور الفعل عنه فلو أقرّ المجبوب بالزنا فلا حدّ و كذا لو قامت به البيّنة للعلم بكذبها أمّا الخصيّ أو العنين لو أقرّا فإنّهما يحدّان و كذا الشيخ الكبير لإمكانه في طرفه و إن بعد [- د -] لو أكره على الإقرار بالزنا لم يثبت و لا يحدّ إجماعا و الحرّية شرط فلو أقرّ العبد بالزنا لم يقبل منه نعم لو صدّقه مولاه وجب الحدّ و حكم المدبّر و أمّ الولد و من عتق أكثره حكم الرقّ لا يثبت الزنا بإقرارهم و يثبت عليهم أجمع بالبيّنة قال الشيخ رحمه اللّٰه في الخلاف و المبسوط بشرط تعدّد المجالس فلو أقر أربعا في مجلس واحد لم يقبل و عندي فيه نظر و الأقرب القبول و يستوي الرجل و المرأة في كلّ ما تقدّم من الإقرار و عدده و كذا الخنثى و البكر و الثيّب [- ه -] يعتبر في صحّة الإقرار ذكر حقيقة الفعل لتزول الشّبهات فإن النّبي ص قال لماعز لعلّك قبّلت أو غمّزت أو نظرت قال لا قال أ فنكتها لا تكنّي قال نعم قال حتّى غاب ذلك منك في ذلك منها قال نعم قال كما يغيب المرود في المكحلة و الرشا في البئر قال نعم قال هل تدري ما الزّنا قال نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرّجل من امرأته حلالا فعند ذلك أمر برجمه و الأخرس إن فهمت إشارته قامت مقام النطق و إن لم تفهم إشارته لم يتصوّر منه إقرار و لو قامت عليه البيّنة بالزنا حدّ [- ز -] لو أقرّ أنّه زنى بامرأة أربع مرّات فكذّبته فعليه الحدّ دونها و لو أقرّ أنّه وطئ امرأة و ادّعى أنّها امرأته فأنكرت المرأة الزوجيّة فإن لم تقر المرأة بالوطي فلا حدّ عليه لعدم إقراره بالزنا و لا مهر لأنها

ص: 221

لا تدّعيه و إن اعترفت بوطيه لها و أقرّت بأنّه زنى بها مطاوعة فلا مهر عليه أيضا و لا حدّ على أحدهما إلاّ أن يقر أربع مرات و إن ادعت الإكراه أو اشتبه عليها فعليه المهر لاعترافه بسببه و لا حدّ على أحدهما و لو قال زنيت بفلانة لم يثبت الزنا في طرفه حتّى يقرّ أربعا و هل يثبت القذف للمرأة فيه إشكال [- ح -] لو أقرّ بحدّ و لم يبيّنه لم يطالب بالبيان و ضرب حتّى ينهى عن نفسه قيل و لا يتجاوز المائة و لا ينقص من ثمانين و هو جيّد في طرف الكثرة لا القلّة و في التقبيل و المضاجعة في إزار واحد و المعانقة التعزير [- ط -] يستحبّ للحاكم التعريض بالرجوع للمقرّ بالزنا إذا تم رد الوقوف عن إتمامه فإن النبي ص أعرض عن ماعز حين أقرّ عنده ثمّ جاءه من الناحية ألا ترى فأعرض عنه حتّى تمّم إقراره أربعا ثم قال لعلك قبلت لعلّك لمست و قال الذي أقرّ بالسّرقة عنده ما أخالك فعلت و يكره لمن علم حاله أن يحثه على الإقرار فقد روي أنّ النبي ص قال لهزال و قد كان قال لماعز بادر إلى رسول اللّٰه ص قبل أن ينزل فيك قرآن ألا سترته بثوبك كان خيرا لك [- ى -] يقبل شهادة الأربعة على الزّاني و الزانية و لا يفتقر في ذلك إلى زيادة و كذا يقبل شهادة الأربعة على أكثر من اثنين و لا يشترط حضور الشهود عند إقامة الحدّ فإن ماتوا أو غابوا لا فرارا أقيم الحدّ و يجب على الشهود الحضور موضع الرّجم لوجوب بدأتهم به خلافا للشيخ ره [- يا -] لو شهد أربعة و الزوج أحدهم فيه روايتان إحداهما ثبوت الحدّ على الزوجة و الثاني سقوطه عنها و ثبوت حدّ القذف في طرف الشهود و للزوج خاصة إسقاط حدّه باللّعان و جمع الشيخ ره بينهما بحمل الأولى على ما إذا لم يسبق من الزوج قذف مع حصول باقي الشرائط و الثانية على ما إذا سبق قذف الزوج أو اختلّ بعض شرائط الشهادة و هو حسن [- يب -] إذا شهد أربعة فردّت شهادة بعضهم فإن ردّت بأمر ظاهر من تظاهر فسق أو كفر لا يخفى عن أحد حدّ الأربعة للفرية و إن ردّت بأمر خفيّ كفسق خفيّ لا يطلع عليه أكثر الناس حدّ المردود شهادته خاصّة

الفصل الثالث في الحدّ
اشارة

و فيه [- كب -] بحثا [- أ -] كان الحدّ في ابتداء الإسلام للثيّب الحبس حتى يموت و للبكر أن يوبخ عليه بالكلام حتّى يتوب ثم نسخ برجم الثيّب و جلد البكر و أقسام الحدّ خمسة قتل و رجم و جلد و رجم معا و جلد و جزّ و تعذيب و القتل يجب على من زنا بذات محرم كالأمّ و البنت و الأخت و بنت الأخ و بنت الأخت و العمّة و الخالة و الزاني بامرأة أبيه و الذمّي إذا زنى بمسلمة و الزاني بامرأة مكرها لها سواء كان أحد هؤلاء محصنا أو غير محصن و سواء كان مسلما أو كافرا و سواء كان شابا أو شيخا و حرّا كان أو عبدا و لو أسلم الذمّي الزاني بالمسلمة قتل أيضا و أمّا المسلمة فإنّها تحدّ بالرجم أو الجلد على ما تستحقّه و قال ابن إدريس إنّ هؤلاء إن كانوا محصنين جلدوا ثمّ رجموا و إن كانوا غير محصنين جلدوا ثمّ قتلوا بغير الرّجم جمعا بين الأدلّة و في الرواية يضرب بالسيف و كذا المرأة إلاّ المكرهة [- ب -] الرجم خاصّة يجب على الشاب و الشابة إذا كانا محصنين و لو كان أحدهما محصنا دون الآخر رجم المحصن دون صاحبه و قال ابن إدريس يجب عليه الجلد أوّلا ثمّ الرجم و هو المشهور اختاره السيّد المرتضى و المفيد ره و اختاره الشيخ ره في التبيان و الأوّل قوله في النهاية [- ج -] الجلد و الرجم معا يجبان على الشيخ و الشّيخة إذا كانا محصنين إجماعا يبدأ بالجلد أوّلا ثمّ الرجم و الجلد مائة جلدة و لو كان أحدهما محصنا اختص بالحدّين و جلّد الآخر خاصّة و روي أنّ من يجب عليه الحدّ إن يجلد مائة ثمّ يترك حتّى يبرأ جلده ثمّ يرجم [- د -] إنّما يجب الرّجم على المحصن بشرط أن يزني ببالغة عاقلة فلو زنى البالغ المحصن بالصّبية غير البالغة أو بالمجنونة لم يجب الرّجم سواء كان شابا أو شيخا بل يجلد مائة أمّا المرأة المحصنة فإذا زنى بها الصبي فإنّه يجب عليها الجلد خاصّة دون الرّجم و لو زنى المجنون بها وجب عليها الحدّ تامّا و في ثبوته في طرف المجنون قولان أقربهما السقوط [- ه -] الجلد خاصّة يجب على الزاني غير المحصن إذا لم يكن قد أملك سواء كان شابا أو شيخا و كذا المرأة و قيل يجب على الرّجل الجلد و التغريب و جز الشعر و المشهور الأوّل [- و -] الجلد و التغريب و الجزّ يجب على البكر الحرّ الذكر غير المحصن و المراد بالبكر هو الّذي أملك و لم يدخل فإنّه يجب عليه جلد مائة و يجزّ رأسه و يغرب عن مصره إلى غير سنة و لا جزّ على المرأة و لا تغريب بل تجلد مائة لا غير و المملوك لا جزّ عليه و لا تغريب أيضا بل يجلّد خمسين [- ز -] إذا اجتمع الجلد و الرّجم بدئ بالجلد ثمّ الرّجم و في تركه حتى يبرأ جلده قولان نشأ من قصد الإتلاف و تأكيد الزجر و كلّ حدّين اجتمعا و يفوت أحدهما بالآخر فإنّه يبدأ أوّلا بما لا يفوت معه الآخر [- ح -] يجلد الزاني مجرّدا من ثيابه و قال الشيخ ره يجلد على الحال التي وجد عليها قائما أشدّ الضرب و روي متوسّطا و الأوّل أقوى لقوله تعالى وَ لاٰ تَأْخُذْكُمْ بِهِمٰا رَأْفَةٌ و يفرق الجلد على جسده و تبقى وجهه و رأسه و فرجه أمّا المرأة فإنّها تضرب جالسة قد ربطت عليها ثيابها [- ط -] يدفن المرجوم إلى حقويه و المرأة إلى صدرها و يرجم بالأحجار الصغار لئلاّ يتلف سريعا من ورائه و يتّقى وجهه إلى أن يموت ثمّ يدفن المرجوم بعد الصلاة عليه و يؤمر قبل رجمه بالاغتسال [- ى -] لو فرّ الرجل أو المرأة من الحفيرة فإن ثبت الزنا بالبيّنة أعيد و إن ثبت بالإقرار فقولان أحدهما أنّه لا يعاد مطلقا و هو اختيار المفيد و الثاني أنّه لا يعاد أن أصابه شيء من الحجارة و إن لم يصبه الحجر أعيد اختاره الشيخ و لو فر من يجب عليه

ص: 222

الجلد أعيد مطلقا [- يا -] الزنا إن ثبت بالشهود كان أوّل من يرجمه الشهود وجوبا ثمّ يرجمه الإمام ثم يرجمه الناس و إن ثبت بالإقرار بدأ الإمام بالرّجم ثمّ يرجم الحاضرون و ينبغي إعلام الناس بذلك ليتوفّر على حضوره و من يجب حضور طائفة إقامة الحدّ أو يستحب قولان و في أقلّ عدد الطائفة أقوال قيل واحد و قيل عشرة و قيل ثلاثة و لا يرجمه من للّه في قبله حدّ و هل هو على الكراهية أو التحريم نظر [- يب -] لو عاد البكر من التغريب قبل الحول أعيد تغريبه حتّى يكمل الحول مسافرا و يبنى على ما مضى و ينبغي أن يغرب عن بلده أو قريته إلى موضع آخر حسب ما يراه الإمام و ليس للمسافة حدّ محدود فلو غربه إلى ما دون مسافة القصر جاز و لا يحبس في البلد الذي ينفى إليه فإن زنى الغريب غرب إلى بلد غير وطنه و إن زنى في البلد الّذي غرب إليه غرّب منه إلى غير البلد الذي غرب منه [- يج -] المملوك إذا زنى جلد خمسين جلدة محصنا كان أو غير محصن ذكرا كان أو أنثى و لا جزّ على أحدهما و لا تغريب و لو زنى عبد ثمّ عتق حد حدّ العبيد لأنّه إنّما يستوفى الحدّ الذي وجب عليه و لو زنى الذميّ الحرّ ثم لحق بدار الحرب ثمّ استرقّ حدّ حد الأحرار و لو كان أحد الزانيين حرّا و الآخر مملوكا حدّ كلّ واحد منهما حده و كذا لو زنى بكر بثيب حد كلّ واحد منهما حدّه و لو زنا بعد العتق و قبل العلم به حدّ حدّ الأحرار و لو أقيم عليه حدّ العبد قبل العلم بالحرية يقم عليه و لو عفا السيّد عن عبده لم يسقط الحدّ عنه و للسيّد إقامة الجلد على المملوك ذكرا كان أو أنثى و كذا المملوكة سواء كانت مزوجة أو غير مزوّجة و سواء ثبت بالبيّنة أو الإقرار أو العلم و لا يفتقر في ذلك إلى إذن الإمام و كذا حدّ شرب الخمر و قطع السرقة و قتل الردة و لو كان العبد مشتركا لم يكن لأحدهما الإقامة بل يجتمعان على ذلك و لو انعتق بعضه لم يكن للمولى حده و لا لمرهونة و لا المستأجرة و للمولى سماع البيّنة و الجرح و التعديل و يشترط أن يكون المولى ثقة عارفا بقدر الحدود فإن كان قويّا في نفسه فله إقامته بنفسه و إن كان ضعيفا أقام عوضه من يقيم الحدّ و لو كان السيد فاسقا أو مكاتبا فالذي قوّاه الشيخ ره جواز الإقامة لهما للعموم و لو كان المولى صبيا أو مجنونا لم يكن له الإقامة و لا لوليهما و لو زنى بأمة ثمّ قتلها فعليه الحد و قيمتها و المكاتب المشروط و الذي لم يؤد شيئا و أمّ الولد و المدبّر كالقنّ أمّا من انعتق بعضه فإنّه يحد من حدّ الأحرار بنسبة ما انعتق منه و من حدّ المماليك بنسبة ما فيه من الرقيّة فلو عتق نصفه وجب عليه خمس و سبعون جلدة و لا جزّ عليه و لا تغريب و لا رجم [- يد -] إذا تكرّر الزنا من الحر فأقيم الحد عليه مرتين قتل في الثالثة و قيل في الرابعة و هو أقوى و لو تكرّر من المملوك سبعا و أقيم الحدّ عليه في كلّ مرة قتل في الثامنة و قيل في التاسعة و هو أولى و لو تكرّر من الحرّ أو المملوك الزنا مرارا كثيرة و لم يحد فيما بينهما لم يجب سوى حدّ واحد و روى أبو بصير عن الباقر ع إن زنى بامرأة واحدة مرارا فعليه حدّ واحد و إن زنى بنسوة فعليه في كلّ امرأة حدّ و في طريقها علي بن حمزة و هو ضعيف [- يه -] الذميّ إذا زنى بمسلمة قتل مطلقا و إن زنى بذمية تخيّر الإمام بين إقامة الحد عليه بمقتضى شرع الإسلام و بين دفعه إلى أهل نحلته ليقيموا الحد عليه بمقتضى اعتقادهم و لا يتعين عليه الحكم بينهم أمّا لو تحاكم المسلم و الذمي فإنّه يجب على الإمام الحكم بينهم و ليس له دفعه إلى أهل الذمّة [- يو -] الحامل لا يقام عليها الحد سواء كان جلدا أو رجما حتّى تضع و ترضع الولد إن لم تحصل له مرضع سواء كان الحمل من زنا أو غيره و لو لم يظهر الحمل و لم تدعه لم يؤخر بل تحدّ في الحال و لا اعتبار بإمكان الحمل من الزنا نعم لو ادعت الحمل قبل قولها [- ين -] يرجم المريض و المستحاضة و لا يجلد أحدهما إذا لم يجب قتله و لا رجمه حذرا من السراية و ينتظر بهما البر و لو اقتضت المصلحة التعجيل ضرب بضغث فيه مائة شمراخ و لا يشترط الوصول كلّ شمراخ إلى جسده و لا تؤخّر الحائض لأنّ الحيض ليس بمرض [- يح -] لو زنى العاقل ثمّ جنّ لم يسقط الحدّ بل يستوفى منه و إن كان مجنونا جلدا كان أو رجما لرواية أبي عبيدة الصحيحة عن الباقر ع في رجل وجب عليه حدّ فلم يضرب حتّى خولط فقال إن كان أوجب على نفسه الحدّ و هو صحيح لا علة به في ذهاب عقله أقيم عليه الحدّ كائنا ما كان و كذا لا يسقط الحد بإعراض الارتداد [- يط -] لا يقام الجلد على الزاني و غيره في شدة البرد و لا شدة الحرّ و يتوخّى في الشتاء وسط النهار و في الصيف طرفاه و لا يقام الحدّ في أرض العدوّ لئلاّ يلحق المحدود الغيرة فيدخل أرض العدوّ [- ك -] لا يحدّ من التجأ إلى حرم اللّٰه أو حرم رسوله أو أحد الأئمّة ع بل يضيق عليه في المطعم و المشرب ليخرج و يستوفى منه الحد و لو أحدث ما يوجب الحدّ في الحرم حد فيه و لو زنى في شهر رمضان ليلا أو نهارا أو في مكان شريف أو زمان شريف عوقب زيادة على الحد بما يراه الإمام [- كا -] لو وجد مع امرأته رجلا يزني بها ساغ له قتلهما معا و لا إثم و في الظاهر يقتل إلاّ أن يقيم البيّنة على دعواه أو يصدقه الوليّ و لو أفضى بكرا بإصبعه لزمه مهر نسائها و إن كانت أمة لزمه عشر قيمتها و قيل يلزمه الأرش و لو تزوّج أمة على حرة مسلمة فوطئها قبل الإذن فعليه اثنا عشر سوطا و نصف ثمن حدّ الزاني [- كب -] لا حدّ على الصبيّ و الصبيّة إذا زنيا بل يؤدبا أما المجنون و المجنونة فلا حدّ عليهما على الأقوى في طرف المجنون و أمّا في طرف المجنونة فلا خلاف و لا تأديب عليهما و حدّ البلوغ ما رواه الشيخ ره

ص: 223

عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن حمزة بن حمران قال سألت أبا جعفر ع متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامّة و تقام عليه و يؤخذ بها فقال إذا خرج عنه اليتم و أدرك قلت فلذلك حدّ يعرف قال إذا احتلم و بلغ خمس عشر سنة أو أشعر أو أنبت قبل ذلك أقيمت عليه الحدود التامّة و أخذ بها و أخذت له قلت فالجارية متى يجب عليها الحدود التامّة و أخذت بها و أخذت لها قال إنّ الجارية ليست مثل الغلام إنّ الجارية إذا تزوّجت و دخل بها و لها تسع سنين ذهب عنها اليتم و دفع إليها مالها و جاز أمرها في الشراء و البيع و أقيمت عليها الحدود التّامة و أخذ بها لها و الغلام لا يجوز أمره في الشراء و البيع و لا يخرج من اليتم حتّى يبلغ خمس عشر سنة أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك و في طريقه عبد العزيز العبدي و فيه ضعف و نحوه رواه يزيد الكناسي عن الباقر عليه السّلام

خاتمة الزنا من أعظم الكبائر

قال رسول اللّٰه ص لم يعمل ابن آدم عملا أعظم عند اللّٰه عز و جلّ من رجل قتل نبيّا أو هدم الكعبة التي جعلها اللّٰه قبلة لعباده أو أفرغ ماؤه في امرأة حراما و قال ع الزنا يورث الفقر و يدع الديار بلاقع و قال ع ما عجّت الأرض إلى ربّها عزّ و جل كعجّها من ثلاث من دم حرام يسفك عليها أو اغتسال من زنا أو النوم عليها إلى قبل طلوع الشمس و عن الصادق ع عن أبيه ع قال قال يعقوب لابنه يوسف ع يا بنيّ لا تزن فإنّ الطير لو زنى لتناثر ريشه و عن الباقر ع قال كان فيما أوحى اللّٰه تعالى إلى موسى بن عمران ع يا موسى من زنى زني به و لو في العقب من بعده يا موسى بن عمران عف تعفّ أهلك يا موسى بن عمران إن أردت أن يكثر خير من أهل بيتك فإيّاك و الزنا يا ابن عمران كما تدين تدان و صعد رسول اللّٰه ص المنبر و قال ثلاثة لا يكلّمهم اللّٰه يوم القيامة و لا ينظر إليهم و لا يزكّيهم و لهم عذاب أليم شيخ زان و ملك جبّار و مقل مختال و سأل عبد اللّٰه بن مسعود رسول اللّٰه ص فقال أيّ الذنب أعظم فقال أن يجعل للّه ندّا و هو خلقك قال قلت ثمّ أيّ قال أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك فقال قلت ثمّ أيّ فقال أن تزني بحليلة جارك

المقصد الثاني
اشارة

في حدّ اللواط و السّحق و القيادة و فيه فصول

الأوّل في اللواط

و فيه [- ى -] مباحث [- أ -] اللواط من أعظم الكبائر و هو عندنا أفحش من الزنا ذمّه اللّٰه تعالى في عدّة مواضع و قال رسول اللّٰه ص لعن اللّٰه من عمل عمل قوم لوط و روى ابن بابويه قال يصلب اللائط يوم القيامة على شفير جهنّم حتى يفرغ اللّٰه من حساب الخلق ثمّ يلقيه في النار فيعذّبه بطبقة طبقة حتّى يرده إلى أسفلها و لا يخرج منها و حرمة الدّبر أعظم من حرمة الفرج لأنّ اللّٰه عز و جلّ أهلك أمة لحرمة الدّبر و لم يهلك أحدا لحرمة الفرج [- ب -] اللواط هو وطي الذكران سواء كان بإيقاب أو بغيره و هو قسمان الأوّل الإيقاب و يجب فيه القتل على الفاعل و المفعول مع بلوغهما و رشدهما سواء كانا حرّين أو عبدين و مسلمين أو كافرين محصنين أو غير محصنين أو بالتفريق و الثاني ما ليس فيه إيقاب كالتفخيذ أو بين الأليتين و فيه قولان أحدهما جلد مائة مطلقا و الثاني ما اختاره الشيخ و هو الرجم إن كان محصنا و جلد مائة إن لم يكن و الأوّل أقوى و روي في الإيقاب الرجم مع الإحصان و الجلد مع عدمه و المشهور ما قدمناه [- ج -] لا فرق في مسمى اللواط بين الحرّ و العبد و المسلم و الكافر و المحصن و غيره خلافا للشيخ في المحصن مع عدم الإيقاب و لو لاط البالغ بالصبي فأوقبه قتل البالغ و أدّب الصّبي و كذا لو لاط بمجنون و لو لاط بعبد قتلا مع الإيقاب و جلّدا مع عدمه سواء كان العبد ملكه أو غير ملكه و لو ادعى العبد الإكراه درئ عنه الحدّ دون مولاه [- د -] لو لاط المجنون بعاقل حدّ العاقل قتلا مع الإيقاب و جلدا مع عدمه و هل يثبت في طرف المجنون الأقرب من القولين السقوط و لو لاط الذّمي بالمسلم قتل مطلقا سواء أوقب أو لم يوقب و لو لاط بمثله تخيّر الإمام بين إقامة الحدّ عليهم بموجب شرع الإسلام و بين دفعهم إلى أهل نحلتهم ليقيموا الحدّ عليهم بمقتضى شرعهم [- ه -] حدّ الإيقاب القتل و يتخيّر الإمام في قتله بين ضربه بالسيف و تحريقه و رجمه و إلقائه من شاهق و إلقاء جدار عليه و لو قتله بغير النار جاز له إحراقه بعد ذلك بالنار [- و -] لو تكرّر الفعل من اللائط بغير الإيقاب فحدّ مرتين قتل في الثالثة و قيل في الرابعة و هو أقرب و لو لم يحدّ لم يجب سوى الجلد مائة و إن تكرّر منه كثيرا [- ز -] المجتمعان في إزار واحد مجرّدين و ليس بينهما رحم يعزّران من ثلاثين سوطا إلى تسعة و تسعين فإن تكرّر منهما ذلك ثلاث مرات و تخلّل التعزير حدّا في الثالثة [- ح -] يثبت اللواط سواء كان بإيقاب أو بدون إيقاب بالإقرار أربع مرات أو شهادة أربع رجال بالمعاينة و يشترط في المقرّ البلوغ و العقل و الحريّة و الاختيار سواء كان فاعلا أو مفعولا فإن أقر دون الأربع عزّر و لم يحدّ و لو شهد دون أربعة رجال حدّوا للفرية و لم يثبت على المشهود عليه حدّ و لا تعزير و لا تقبل فيه شهادة النساء منفردات و لا منضمّات و يحكم الحاكم بعلمه أمّا ما كان أو غيره على الأقوى [- ط -] إذا تاب اللائط قبل قيام البيّنة سقط الحدّ و إن تاب بعده لم يسقط و لو تاب بعد إقراره أربعا تخيّر الإمام في العفو و الاستيفاء و لو تاب ثمّ أقرّ فلا حدّ عليه و لا تعزير [- ى -] التقبيل للغلام بشهوة حرام

ص: 224

فقد روي أنّ من قبّل غلاما بشهوة لعنه ملائكة السماء و ملائكة الأرض و ملائكة الرحمة و ملائكة الغضب و أعدّ له جهنم و ساءت مصيرا و في حديث آخر من قبّل غلاما بشهوة ألجمه اللّٰه تعالى يوم القيامة بلجام من نار إذا ثبت هذا فإذا قبل غلاما ليس له بمحرم بشهوة عزر بحسب ما يراه الإمام

الفصل الثاني في السحق

و فيه [- ط -] مباحث [- أ -] السحق هو دلك فرج امرأة بفرج أخرى و هو محرّم بالإجماع روي عن النبيّ ص قال إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان و روى هشام و حفص بن البختري أنّه دخل نسوة على أبي عبد اللّٰه ع فسألته امرأة منهن عن السّحق فقال حدّها حدّ الزاني فقالت امرأة ما ذكر اللّٰه تعالى ذلك في القرآن فقال بلى فقالت أين هو قال هن أصحاب الرسّ [- ب -] حدّ السّحق جلد مائة حرّة كانت أو أمة مسلمة كانت أو كافرة محصنة كانت أو غير محصنة فاعلة كانت أو مفعولة و قال الشيخ ره إن كانت محصنة رجمت و إن كانت غير محصنة حدت مائة سوط و الأقرب الأوّل [- ج -] إذا تكرّرت المساحقة مع إقامة الحدّ ثلاثا قتلت في الرابعة و لو تكرّر و لم تقم الحدّ فحدّ واحد [- د -] إذا تابت المساحقة قبل قيام البينة سقط الحدّ و إن تابت بعد قيام البيّنة لم يسقط و لو تابت قبل الإقرار سقط و لو تابت بعده تخيّر الإمام بين إقامة الحدّ و إسقاطه [- ه -] تعزر الأجنبيتان تحت إزار واحد مجرّدتين بما دون الحدّ فإن تكرّر الفعل و التعزير مرتين أقيم الحدّ عليهما في الثالثة فإن عادتا قال الشيخ ره قتلتا و الأقرب التعزير [- و -] لو وطئ زوجة فساحقت بكرا فحملت قال الشيخ ره وجب على المرأة الرجم و على الجارية إذا وضعت جلد مائة و ألحق الولد بالرّجل و ألزمت المرأة المهر للجارية و أنكر ابن إدريس الرّجم و إلحاق الولد لأنّه غير مولود على فراشه و إيجاب المهر لأنّ المرأة مطاوعة أمّا إنكار الرّجم فحسن لأن الأقرب في حدّ السحق جلد مائة مطلقا سواء كانت محصنة أو غير محصنة و أمّا إنكاره لإلحاق الولد فليس بجيّد لأنّه ماء غير زان و قد تخلّق منه الولد فيلحق به و أمّا إنكاره المهر فليس بجيّد أيضا لأنّها سبب في إذهاب العذرة و ديتها مهر نسائها و ليست كالزانية المطاوعة لأنّ الزانية أذنته في الاقتضاض بخلاف هذه [- ز -] لا كفالة في حدّ و لا تأخير فيه مع الإمكان و انتفاء الضرّر بإقامته و لا شفاعة في إسقاطه [- ح -] إنّما يثبت السحق بشهادة أربعة رجال عدول و لا يثبت بشهادة النساء منفردات و لا منضمات و إن كثرن أو الإقرار من البالغة الرشيدة الحرة المختارة أربع مرّات [- ط -] لو ساحقت المرأة جاريتها وجب على كلّ واحدة منهما مائة سوط و لا ينتصف في حقّ الأمة لأنّ الحرة و الأمة سواء في حدّ السّحق و لو ادّعت الجارية الإكراه قبل منها و المجنونة إذا ساحقت لم يجب عليها الحدّ سواء كانت فاعلة أو مفعولة و قال الشيخ ره تحد الفاعلة المجنونة دون المفعولة المجنونة و ليس بجيّد و لو تساحقت المسلمة الكافرة حدّت كلّ واحدة منهما و لو تساحقت الذميتان تخيّر الإمام في إقامة الحدّ عليهما بمقتضى شرع الإسلام و في دفعهما إلى أهل ملّتهما و لو تساحقت البالغة الصّبية حدّت البالغة كملا و أدّبت الصبيّة و لو تساحقت الصبيّتان أدّبتا

الفصل الثالث في القيادة

القوّاد هو الجامع بين الرّجال و النساء للزنا أو بين الرّجال و الرجال للواط و حدّه ثلاثة أرباع حدّ الزاني خمسة و سبعون سوطا قال الشيخ ره و يحلق رأسه و يشهر في البلد و ينفى عنه إلى غيره من الأمصار من غير حدّ لمدة نفيه سواء كان حرّا أو عبدا مسلما كان أو كافرا و قال المفيد ره بذلك إلاّ النفي فإنّه لم يوجبه بالمرة الأولى بل بالثانية أمّا المرأة فإذا فعلت ذلك فإنّها تضرب بالعدد المذكور و لا يحلق رأسها و لا تشهر و لا تنفى و تثبت بشهادة عدلين أو الإقرار مرتين و يشترط في المقرّ البلوغ و العقل و الحرّية و الاختيار و القصد و لو أقرّ مرّة واحدة عزّر و من رمى غيره بالقيادة كان عليه التعزير بما دون حدّ الفرية

المقصد الثالث في وطي الأموات و البهائم و ما يتبع ذلك

و فيه [- ح -] مباحث [- أ -] من وطي امرأة ميّتة كان حكمه حكم وطي الحيّة في تعلق الإثم و الحدّ و اعتبار الإحصان و عدمه فلو كانت أجنبيّة و لا شبهة هناك و كان الرّجل محصنا رجم و إن كان شيخا جلد أوّلا ثمّ رجم و إن كان مملوكا جلّد مائة و حلق رأسه و نفي و إن لم يكن مملوكا جلّد خاصّة و حكمه حكم الزنا بالحية من غير فرق إلاّ أنّه هنا يغلظ عليه العقوبة لأنّها كحرمة الأموات بما يراه الإمام و لو كانت الميّتة زوجته أو أمته عزّر و سقط الحدّ للشبهة [- ب -] يثبت الزنا بالميتة بشاهدين أو الإقرار مرتين من العاقل المختار الحرّ قال الشيخ ره لأنّها شهادة على واحد بخلاف الزنا بالحيّة و اختار ابن إدريس أنّه لا يثبت إلاّ بشهادة أربعة رجال أو الإقرار أربع مرات لأنّه زنا و لأنّ شهادة الواحد قذف فلا يندفع الحدّ إلاّ بتكملة الأربعة و هو أقرب [- ج -] حكم المتلوّط بالأموات حكم المتلوط بالأحياء إلاّ أنّ العقوبة هنا أغلظ فلو حدّ بغير القتل عزّر زيادة على الحدّ بما يراه أردع [- د -] إذا وطئ بهيمة و كان بالغا رشيدا عزّر بما يراه الإمام و روي أنّه يقتل و في رواية يحدّ و في أخرى يضرب خمسة و عشرين سوطا ثمّ ينظر في الدابة فإن كانت مأكولة اللحم كالشّاة و البقرة حرم لحمها و لبنها و لحم نسلها و وجب ذبحها و إحراقها بالنار و يغرم ثمنها لمالكها إن لم يكن له و إن كانت غير مأكولة اللحم بالعادة كالخيل و البغال و الحمير فإنّها و إن كانت مذكاة إلاّ أنّ المقصود منها الظهر أو كانت محرّمة بالشرع لم يذبح بل يغرم

ص: 225

الواطي ثمنها لصاحبها إن لم يكن له ثمّ يخرج من البلد الذي وقعت فيه تلك الجناية و يباع في غيره قال المفيد ره ثمّ يتصدق بثمنها الذي بيعت به و قيل يعاد على الغارم و لو كانت الدابة له بيعت في غير البلد و دفع الثمن إليه عند بعض علمائنا و تصدّق به عند آخرين [- ه -] وجوب ذبح المأكول تعبدا و احترازا من شياع نسلها و إحراقها لئلاّ يشتبه لحمها بالمحلّلة و أمّا بيع غير المأكولة فأمّا تعبّدا و لئلا يعيّر الواطي بها [- و -] يثبت هذا الفعل بشهادة رجلين عدلين و لا يثبت بشهادة النّساء انفردن أو انضمن إلى الرّجال و يثبت أيضا بالإقرار و لو مرّة واحدة إن كانت الدّابة له و إن كانت لغيره ثبت التعزير خاصّة دون ذبح دابّة الغير و إخراجها من بلدها و قال بعض علمائنا يثبت بالإقرار مرتين لا مرّة واحدة و ليس بجيّد و لو تكرّر التقرير ثلاثا لتكرر الفعل قتل في الرابعة و قال ابن إدريس في الثالثة [- ز -] لو اشتبهت الموطوءة بغيرها قسم ما وقع فيه لاشتباه قسمين و أقرع بينهما فما وقعت القرعة عليه قسّم من رأس بقسمين و أقرع بينهما و هكذا إلى أن لا يبقى إلاّ واحد فتؤخذ و يصنع بها ما يجب من إحراق أو بيع و ليس ذلك على جهة العقوبة لها بل لما تقدم من الفائدة أو المصلحة اللطفية [- ح -] من استمنى بيده حتّى أنزل عزّر بما يراه الإمام و روي أنّ عليّا ع ضرب يده حتى احمرت و زوجه من بيت المال و ليس ذلك لازما بل هو خاص بتلك القضية لمصلحة و يثبت الاستمناء بشهادة عدلين أو الإقرار و لو مرة و قيل إنّما يثبت بالإقرار مرّتين لا مرّة واحدة و ليس بمعتمد

المقصد الرابع في حدّ المسكر و الفقاع

و فيه [- ك -] بحثا [- أ -] الخمر حرام بالنصّ و الإجماع قال اللّٰه تعالى قُلْ إِنَّمٰا حَرَّمَ رَبِّيَ اَلْفَوٰاحِشَ مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا وَ مٰا بَطَنَ و الإثم و هو الخمر قال تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْخَمْرِ وَ اَلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمٰا إِثْمٌ كَبِيرٌ و قال اللّٰه تعالى يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا اَلْخَمْرُ وَ اَلْمَيْسِرُ إلى قوله فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ و فيه عشرة أدلة دالة على التحريم و قال رسول اللّٰه ص كلّ شراب مسكر فهو حرام و قال عليه السّلام الخمر شرّ الخبائث من شربها لم يقبل اللّٰه صلاته أربعين يوما فإن مات و هي في بطنه مات ميتة جاهلية و لعن في الخمر عشرة فقال لعن اللّٰه الخمر و عاصرها و معتصرها و بائعها و مشتريها و حاملها و المحمول إليها و ساقيها و شاربها و آكل ثمنها و روى ابن بابويه قال حرّم رسول اللّٰه ص كلّ شراب مسكر و لعن الخمر و غارسها و حارسها و حاملها و المحمولة إليه و بائعها و مشتريها و آكل ثمنها و ساقيها و عاصرها و شاربها و روي أنّ شارب الخمر كعابد الوثن و قال الصادق ع لا تجالسوا شارب الخمر فإنّ اللعنة إذا نزلت عمّت من في المجلس و قال ع شارب الخمر إن مرض فلا تعوده و إن مات فلا تشهدوه و إن شهد فلا تزكّوه و إن خطب إليكم فلا تزوّجوه فإن من زوج ابنته شارب خمر فكأنّما قادها إلى النار و من تزوّج ابنته مخالفا له على دينه فقد قطع رحمها و من ايتمن شارب خمر لم يكن له على اللّٰه تبارك و تعالى ضمان و الأحاديث في ذلك كثيرة [- ب -] يجب الحدّ بتناول المسكر و الفقاع من العالم بالتحريم المختار في التناول العالم بالمسكر البالغ الرشيد سواء تناول بشرب أو اصطناع أو مزجه بالغذاء و الدواء و كيف كان و المراد بالمسكر هنا ما من شأنه أن يسكر سواء أ سكر أو لا لقلته فإنّ القطرة يجب بتناولها الحد كما يجب بتناول الكثير و سواء كان المسكر خمرا و هو المعتصر من العنب أو نقيعا و هو المتّخذ من الزبيب أو تبعا و هو المتخذ من العسل أو مزرا و هو المتّخذ من الشعير أو الحنطة أو الذرة أو نبيذا و هو المتخذ من التمر و كذا المعمول من جنسين فما زاد [- ج -] العصير من العنب إذا غلا حرم و كان حكمه حكم الخمر في تعلّق الحدّ بتناوله سواء غلا من نفسه أو بالنار و حدّ الغليان أن ينقلب أسفله أعلاه و إن لم يقذف بالذبل و يستمر تحريمه إلى أن يذهب ثلثاه أو ينقلب خلاّ و لا يحرم بمرور ثلاثة أيام عليه إذا لم يغل أمّا غير عصير العنب فإنّما يحرم إذا حصلت فيه الشدّة المسكرة و التمر إذا غلا و لم يبلغ حدّ الإسكار فالأقرب بقاؤه على التحليل حتّى يبلغ الشدّة المسكرة و كذا الزبيب إذا نقع بالماء فغلى من نفسه أو بالنار [- د -] حكم الفقاع حكم المسكر في التحريم و الحدّ ما تناول شربا أو اصطناعا و تداويا مع الاختيار و العلم بالتحريم و البلوغ و الرشد و ليس بمسكر و إنّما أجمع أصحابنا كافّة على إلحاقه بالمسكر في أحكامه أجمع [- ه -] لا حدّ على من أكره على الشرب سواء خوف حتى شرب أو وجر في حلقه و لا على من جهل التحريم أو جهل المشروب و ثبت الحدّ على من شربه في دواء كالترياق أو تناوله بغير الشرب و إن قصد الدواء ما لم يبلغ التلف على ما سبق البحث فيه [- و -] يثبت هذا الفعل بشهادة عدلين ذكرين أو الإقرار مرتين و لا يكفي المرّة الواحدة و لا يفتقر مع الإقرار إلى وجود الرائحة و لا يثبت بشهادة النساء منفردات و لا منضمّات و لو شهدا بشربها أو شهد أحدهما بشربها و الآخر بقيئها أو شهدا بقيئها ثبت الحد و لو ادّعى الإكراه أو الجهل بالتحريم مع إمكانه أو بالمسكر قبل منه و يشترط صدور الإقرار من البالغ العاقل الحرّ المختار [- ز -] حدّ المسكر ثمانون جلدة سواء شربه أو تناوله بغير الشرب و سواء شرب القليل و لو قطرة أو الكثير و سواء ينفعل عنه أو لا و سواء كان المتناول رجلا أو امرأة حرّا كان أو عبدا و في رواية يحدّ العبد أربعين جلدة و هي مطرحة هذا إذا كان الشارب مسلما فإن كان كافرا و تظاهر بالشرب أو خرج بين المسلمين سكران جلد ثمانين جلدة و إن استتر في منزله أو بيعته أو كنيسته بالشرب و لم يخرج سكران بين المسلمين لم يحدّ [- ح -] يجلد الشارب عريانا على ظهره و كتفه و يتقى وجهه و فرجه و لا يقام الحدّ عليه حتّى يفيق

ص: 226

فإن تكرّر الحدّ مرّتين قتل في الثالثة و قيل لا يقتل حتّى يحدّ ثلاث مرات فيقتل في الرابعة و لو تكرّر الفعل منه و لم يحدّ كفى حدّ واحد [- ط -] لو شرب الخمر مستحلاّ قتل إن كان عن فطرة و إن لم يكن عن فطرة استتيب فإن تاب و إلاّ قتل و قيل يستتاب مطلقا سواء كان عن فطرة أو عن غيره فإن تاب و إلاّ قتل و الأوّل أقوى و إذا تاب أقيم عليه الحدّ و لو شرب ما عداه من المسكرات مستحلاّ لم يقتل لوقوع الخلاف بين المسلمين بل يقام الحدّ سواء شربها مستحلا أو محرّما و لو باع الخمر مستحلاّ استتيب فإن تاب و إلاّ قتل و لو لم يكن مستحلاّ عزر و ما عدا الخمر إذا باعه مستحلاّ يستتاب و لا يقتل مع امتناعه بل يؤدّب [- ى -] لو تاب قبل قيام البيّنة سقط الحدّ و إن تاب بعدها لم يسقط و لو ثبت الحدّ بإقراره و تاب تخيّر الإمام بين الإقامة و العفو و قيل يتحتّم هنا الاستيفاء و هو أقوى [- يا -] لا ينبغي للمسلم أن يجالس شرّاب شيء من المسكرات و لا أن يجلس على مائدة يشرب عليها شيء من ذلك خمرا كان أو غيره و كذا الفقاع فمن فعل ذلك أدب حسب ما يراه الإمام [- يب -] كلّ من استحلّ شيئا من المحرّمات المجمع على تحريمها كالميتة و الدم و لحم الخنزير و الربا كان مرتدّا فإن كان مولودا على الفطرة قتل و إلاّ استتيب فإن تاب و إلاّ ضربت عنقه و إن تناول شيئا في ذلك محرّما له كان عليه التعزير فإن عاد بعد ذلك عزّر و غلظ عقابه فإن تكرّر منه فعل به كما فعل أوّلا و تغلظ زيادة فإن عاد في الرابعة قتل و يعزّر آكل الجرّي و المارماهي و الزمار و مسوخ السمك و مسوخ البرّ و سباع الطير و الطحال و غير ذلك مما يحرم أكله فإن عاد ثانية عزّر قال ابن إدريس فإن استحلّ شيئا من ذلك قتل و عندي فيه نظر و إذا تاب من وجب عليه التعزير قبل قيام البيّنة سقط عنه فإن تاب بعدها لم يسقط و إن تاب بعد الإقرار قبل أن يرفع إلى الحاكم سقط الحد و إن تاب بعد إقراره عند الحاكم أقيم الحدّ عليه [- يج -] لو شرب المسكر في شهر رمضان أو موضع شريف أو زمان شريف أقيم عليه الحدّ و أدّب بعد ذلك بما يراه الإمام [- يد -] من قتله الحدّ أو التعزير فلا دية له و لا كفارة في قتله و قال الشيخ ره في المبسوط الذي يقتضيه مذهبنا أنّه يجب الدّية في بيت المال و ليس بجيّد و لو مات المحدود بالحدّ فبان فسق الشاهدين كانت الدية على بيت المال لأنّه من خطاء الحاكم و لو أنفذ الحاكم إلى امرأة حامل لإقامة حدّ فأجهضت فزعا منه فخرج الجنين ميتا فعلى الحاكم الضمان و محلّ الضمان قال الشيخ ره في بيت المال لأنّه من خطاء الحاكم و قال ابن إدريس يكون على عاقلته الإمام و الكفّارة في ماله و استدلّ على ذلك بقضيّة عمر بن خطاب حيث بعث إلى امرأة فأجهضت و أشكل عليه الحال فأفتاه أمير المؤمنين عليه السّلام بوجوب الدية على العاقلة و الأوّل أقوى لأنّ عمر ليس حاكما عنده ع في نفس الأمر و لو أمر الحاكم بضرب المحدود زيادة على الحدّ فمات فإن كان الحدّاد جاهلا فعلى الحاكم نصف الدّية في ماله لأنّه شبيه العمد و إن كان سهوا فالنصف على بيت المال و لو كان الحدّاد عالما فعليه القصاص لأنّه مباشر للإتلاف و لو أمره الحاكم بالاقتصار على الحدّ فزاد الحداد عمدا اقتص منه و إن زاد سهوا فالنصف على عاقلته سواء غلط في حساب الأسواط أو لا [- يه -] قد بيّنا أن من تناول المسكر حدّ سواء شربه أو ثرد في الخمر أو اصطنع به أو طبخ به لحما فأكل من مرقه أو لتّ به سويقا فأكله و لو عجن به دقيقا ثمّ خبزه احتمل سقوط الحدّ لأنّ النار أكلت أجزاء الخمر نعم يعزّر و لو قلنا بحدّه كان قويّا و لو احتقن بالخمر لم يحد لأنّه لم يشرب و لم يأكل و لو أسقط به حدّ لأنّه وصل إلى باطنه من حلقه و لو شربها مكرها لم يحد و لو اضطر إليها بأن لم يجد دافعا للقصة مائعا سواها و كذا لو خاف التلف من العطش و ليس له التداوي بها [- يو -] لا يكفي في الحدّ وجود الرائحة في فيه لاحتمال المضمضة و الإكراه و شرب ما يحصل به مثل تلك الرائحة كرب التفّاح و لو وجد سكران أو تقيّأ فالأقرب سقوط الحدّ لاحتمال الإكراه و الجهل و لا ينسحب ذلك على إذا ما شهد واحد بشربها و آخر بقيئها و إذا شهد العدلان بأنّه شرب مسكرا حدّ و لا يحتاج جاره إلى بيان نوعه و لا إلى ذكر عدم الإكراه أو ذكر علم بأنّه مسكر لأنّ الظاهر الاختيار و العلم [- يز -] إذا زاد على الحدّ فعليه نصف الضمان و لا يقسط الدية على الأسواط [- يح -] يضرب الشارب قائما ليأخذ كلّ عضو منه حصة من الضرب و يتقى وجهه و فرجه و رأسه لأنّها مقاتل و يكثر من الضرب في مواضع اللحم كالأليتين و الفخذين و لا يمدّ و لا يربط و يضرب بالسّوط و لا يقوم مقامه الأيدي و النعال و تضرب المرأة جالسة و قد ربطت عليها ثيابها لئلا تنكشف و لا يقام الحدّ في المساجد [- يط -] إذا انقلب الخمر خلاّ حلّت سواء انقلبت بعلاج أو من قبل نفسها و سواء عولجت بإلقاء شيء فيها أو بنقلها من الشمس إلى الظلّ و بالعكس [- ك -] التعزير يكون بالضرب أو الحبس أو التوبيخ أو بما يراه الإمام و ليس فيه قطع شيء منه و لا جرحه و لا أخذ ماله و التعزير فيما يسوغ فيه التعزير واجب و لا يجب ضمانه لو تلف بالتعزير السائغ

المقصد الخامس في حدّ السرقة
اشارة

و فيه فصول

الأوّل السارق

و فيه [- يد -] بحثا [- أ -] يشترط في السارق البلوغ و العقل و ارتفاع الشبهة و الشركة و هتك الحرز و الإخراج سرّا و انتفاء الأبوة و العبودية فلو سرق الطفل لم يحدّ و يؤدّب و إن تكرّرت سرقته قال في النهاية يعفى عنه أوّل مرة فإن عاد أدّب فإن عاد حكّت أنامله حتّى تدمى فإن عاد قطعت أنامله فإن عاد قطع كما يقطع الرجل للرواية و لو سرق المجنون لم يجب حدّ لسقوط التكليف عنه قيل و يؤدّب [- ب -] يشترط في الحدّ ارتفاع

ص: 227

الشبهة فلو توهم الملك في المسروق فبان غير مالك سقط الحد و كذا لو كان المال مشتركا و أخذ منه ما يظنّ أنّه قدر نصيبه فبان أنّه أخذ زيادة عليه بقدر النّصاب [- ج -] يشترط ارتفاع الشركة فلو سرق الشريك من المال المشترك بقدر نصيبه حمل على قسمته فاسدة و لم يقطع و إن زاد بقدر النصاب قطع و لو سرق من مال الغنيمة ما يزيد عن نصيبه بقدر النصاب قطع و إلا فلا و في رواية لا قطع مطلقا [- د -] يشترط في الحدّ هتك الحرز منفردا أو مشاركا فلو هتك غيره فأخرج هو فلا قطع على أحدهما و لو لم يكن المال محرزا لم يجب القطع و الحرز لم ينص الشارع على تعيينه و إنما ردّهم فيه إلى العرف فكلّما عدّ في العرف حرزا فهو حرز كالمحرز بقفل أو غلق أو دفن و قال الشيخ ره أنّه كل موضع ليس لغير مالكه الدخول إليه إلاّ بإذنه و هو يختلف باختلاف الأموال فالذهب و الفضّة و الجواهر يحرز في صندوق مقفل أو بيت مغلق و الإبل في الساحة و الرحبة بشرط أن يكون عليها حائط و غلق و الثياب في الدار و الدكان و الضابط في ذلك ما قدّمناه من القفل و الغلق و الدفن [- ه -] يشترط أن يخرج المتاع بنفسه أو مشاركا سواء باشر الإخراج أو أخرجه بالسّبب بأن يشدّه بالحبل ثمّ يأخذ به من خارج الحرز أو يضعه على دابة أو على جناح طائر من شأنه العود إليه أو يأمر صبيّا غير مميّز بإخراجه لأنّه كالآلة أمّا لو كان مميّزا فإنّه ليس كالآلة فلا قطع على الآمر و لا على الصبيّ لعدم التكليف و لو اشترك رجلان في النقب و دخل أحدهما فأخرج المتاع وحده أو أخذه و ناوله الآخر خارجا من الحرز أو رمى به إلى خارج الحرز فأخذه الآخر فالقطع على الداخل وحده [- و -] يشترط انتفاء الأبوة فلا يقطع الأب لو سرق من مال ولده و إن نزل و يقطع الولد لو سرق من مال والده و كذا تقطع الأمّ و إن علت إذا سرقت من مال الولد و بالعكس و كذا جميع الأقارب يثبت الحدّ عليهم و إن كانوا ذوي رحم يحرم بينهم التناكح [- ز -] يشترط انتفاء العبودية للمالك فلا يقطع على العبد لو سرق من مال مولاه و المدبّر و أمّ الولد و المكاتب المشروط كالقن و كذا المطلق و إن تحرّر بعضه و يقطع هؤلاء كلهم إذا سرقوا من غير المالك و لا يقطع المولى لو سرق من مال مكاتبه [- ح -] يشترط أن يأخذ سرا فلو هتك الحرز ظاهرا قهرا و أخذ المال لم يقطع و إنّما يقطع إذا أخذ المال على وجه الخفيّة و الاستتار و لا يقطع المستأمن لو خان و لا المختطف و لا المستلب و لا المختلس و لا جاحد العارية و لا جاحد الوديعة و غيرهما من الأمانات [- ط -] لا فرق بين أن يكون السارق مسلما أو كافرا حرا أو عبدا ذكرا أو أنثى فيقطع كلّ واحد منهم و يقطع الآبق إذا سرق من غير مال سيّده و لا يقطع بسرقة نفسه لأنّه لا قطع على العبد إذا سرق من مال مولاه و الحربيّ إذا دخل مستأمنا إلينا فسرق قطع و يقطع المرتد إذا سرق و كذا يقطع المسلم إذا سرق من مال الذمي و بالعكس و لا يقطع المرتد إذا سرق من مال الحربي و لا يقطع عبد الغنيمة إذا سرق منها بل يؤدّب [- ى -] لا يقطع الراهن إذا سرق الرهن من المرتهن و إن استحقّ المرتهن إمساكه و لا المؤجر إذا سرق العين المستأجرة من المستأجر و يقطع المسلم إذا سرق من بيت المال إلاّ أن يكون له فيه حقّ فيقطع إن سرق أكثر من حقّه بقدر النصاب و كذا لو سرق من الغنيمة من يستحقّ الخمس قبل إخراج الخمس أو رقاب الغانم أو سيّده [- يا -] الأجير إن سرق من مال المؤجر و قد أحرز عنه قطع و في رواية لا يقطع و هي محمولة على حالة الاستيمان و في الضيف قولان أحدهما لا قطع عليه مطلقا و هو المرويّ و الآخر يقطع إن أحرز من دونه و هو أقوى و سواء منعه الضيف قراه فسرق بقدره أو لم يمنعه و لو أضاف المضيف ضيفا فسرق الثاني قطع [- يب -] إذا سرق أحد الزّوجين من صاحبه و كان قد أحرز دونه بقفل أو غلق أو دفن قطع و إن لم يحرز من دونه فلا قطع [- يج -] إذا أحرز المضارب مال المضاربة أو أحرز المودع مال الوديعة أو المستعير العارية أو الوكيل المال الموكّل فيه فسرقه أجنبي قطع لأنه ينوب مناب المالك في الإحراز و لو غصب عينا أو سرقها و أحرزها فسرقها سارق لم يجب عليه القطع و يحتمل القطع و لو سرق نصابا أو غصبه و أحرزه فهتك المالك الحرز و أخذ ماله فلا قطع فيه إجماعا و لو سرق غير ماله فإن اشتبه عليه بماله أو اشتبه عليه فظن أنّ هتك الحرز بالنسبة إلى ماله يسوغ له غير ماله لم يقطع فإن لم يشتبه قطع على إشكال من حيث تمكن الشبهة باعتبار أن له هتك هذا الحرز و أخذ مال السارق مع عدم عينه و كذا البحث لو أخذ ماله و أخذ من غيره بقدر النصاب متميّزا عن ماله و إن لم يكن متميزا عن ماله قيل قطع عليه و لو سرق منه مالا آخر من غير الحرز الذي فيه ماله أو كان له دين على إنسان فسرق من ماله قدر دينه من حرزه فإن كان الغاصب أو الغريم باذلا لما عليه أو قدر المالك على أخذ ماله فتركه و سرق مال الغاصب أو الغريم قطع لانتفاء الشبهة و إن عجز فلا قطع [- يد -] لو أخرج المتاع فقال صاحب المنزل سرقته و قال الآخذ وهبته أو أذنت لي في إخراجه فلا حدّ فالقول قوله مع يمينه و يغرم المخرج و لا قطع للشبهة

الفصل الثاني المسروق

و فيه [- يد -] بحثا [- أ -] لا قطع إلاّ فيما بلغ ربع دينار ذهبا خالصا مضروبا عليه بسكّة المعاملة أو ما بلغ قيمته ذلك قطعا لا باجتهاد المقوم و لا قطع فيما دون ذلك و إن بلغت قيمته ثلاثة دراهم و لا يشترط بلوغ دينار أو عشرة دراهم و لو كان فيه غشّ أو تبر يحتاج إلى تصفية لم يجب القطع حتّى يبلغ ما فيه من الذهب ربع دينار و لو سرق ربع دينار

ص: 228

قراضة أو تبرا خالصا أو حليّا نقص عن ربع دينار خالصا فلا قطع و لو بلغ ربع دينار خالصا و نقص عن ربع دينار مضروب فلا قطع و قوّى الشيخ رحمه اللّٰه عدم اشتراط الضرب و يقطع في خاتم وزنه سدس دينار و قيمته ربع و الدينار هو المثقال من مثاقيل الناس إلاّ لم يتغيّر [- ب -] يشترط في المسروق الماليّة فلو سرق ما ليس بمال كالحرّ فلا قطع فيه صغيرا كان أو كبيرا بل يقطع إذا سرق حرا صغيرا و باعه ليرتدع و ينزجر هو و غيره في المستقبل و لو كان على الحرّ ثياب أو حليّ بقدر النصاب و لو سرق عبدا صغيرا فعليه القطع و لو كان كبيرا و لو كان نائما أو مجنونا أو أعجميا يميز سيّده عن غيره في الطاعة قطع سارقه لأنّه كالصّغير و لو كان كبيرا مميزا فلا قطع و لو كانت المجنونة أو النائمة أمّ ولد قطع سارقها كالقنّ و كذا المدبّر و المكاتب المشروط و لو سرق من مال المكاتبة قطع إن لم يكن سيّده و لو سرق نفس المكاتب فلا قطع عليه لأنّ ملك سيّده ليس بتام عليه فإنّه لا يملك منافعه و لا استخدامه و لا أخذ أرش الجناية عليه [- ج -] كلّ ما يعدّ مالا يقطع سارقه سواء كان طعاما أو ثيابا أو حيوانا أو أحجارا أو عبدا أو نورة أو زرنيخا و سواء كان الطعام رطبا يسرع الفساد إليه كالفاكهة و البطائخ أو لا و كذا يقطع لو سرق ما كان أصله مباحا في دار الإسلام كالصيد و الخشب و إن لم يكن ساجا و لا آبنوسا و لا صندلا و لا قتادا و لا معمولا من الخشب و كذا يقطع لو سرق النورة و الجصّ و الزرنيخ و الملح و الحجارة و اللبن و الفخار و الزجاج و القرون لو سرق ماء محرزا فبلغ قيمته النصاب قطع و كذا الكلأ و التراب و الطين الأرمني و غيره و يقطع سارق المصحف و لو سرق عينا موقوفة فإن قلنا بانتقال الوقف إلى الموقوف عليه قطع و إلاّ فلا و في الطير و حجارة الرخام رواية بسقوط الحدّ [- د -] يشترط في الحدّ أخذ المسروق من حرز فلا قطع على من سرق من الأرحية و الحمامات و المواضع المأذون في غشيانها كالمساجد و هل يصير حرزا بمراعاة المالك لها قال الشيخ ره في الخلاف و المبسوط نعم و منع ابن إدريس من ذلك و يلوح من كلامه في النهاية المنع أيضا فإنّه قال فأما المواضع التي يطرقها النّاس كلّهم و ليس يختصّ بواحد دون غيره فليست حرزا كالخانات و الحمّامات و المساجد و الأرحية و ما أشبه ذلك من المواضع فإن كان الشيء في أحد هذه المواضع مدفونا أو مقفّلا عليه فسرقه إنسان كان عليه القطع لأنّه بالقفل و الدفن قد أحرزه [- ه -] يشترط في القطع السرقة من حرز فلا بدّ من الشرطين السرقة و الحرز فلو سرق من غير حرز أو انتهب من حرز فلا قطع و الأقوى عندي ما اختاره ابن إدريس و هو أنّ الحرز واحد في جميع الأموال و قال الشيخ ره أنّه يختلف فما كان حرزا لمثله ففيه القطع و ما لم يكن حرزا لمثله في العرف فلا قطع فحرز البقل و الخضروات في دكان من وراء شريحة يغلق أو يقفل عليها و حرز الذّهب و الفضّة و الجوهر و الثياب في الأماكن و الحريزة و تحت الأغلاق الوثيقة و كذا الدكاكين الحريزة فمن جعل الجوهر في دكان البقل تحت شريحة فقد ضيّع ماله ثمّ قوّى الشيخ بعد هذا ما اخترناه من تساوي الحرز بالنسبة إلى الجميع [- و -] قال الشيخ ره الإبل إذا كانت راعية فحرزها بنظر الراعي إليها مراعيا لجمعها بأن يكون على نشر مثلا أو على موضع مستو من الأرض و لو كان خلف جبل ينظر إلى البعض خاصّة لم يكن الآخر محرزا و إن كانت باركة فحرزها نظر المالك أو الذي هي في يده إليها و إن لم يكن ناظرا إليها فإنّما تكون محرزة بشرطين أن يكون معقولة و أن يكون معها و إن كان نائما فإن لم يكن معقولة أو كانت و ليس عندها لم يكن محرزة و إن كانت مقطرة فإن كان سابقا ينظر إليها فهي محرزة و إن كان قائدا فإنّما يكون في حرزه بشرطين كونه بحيث إذا التفت إليها شاهدها أجمع و كثرة الالتفات إليها و المراعاة قال و كلّ موضع هي حرز بالنسبة إليه فالمتاع المحمول عليها في حرز أيضا فإن سرق الجمل و حمله قطع فإن كان صاحبه نائما عليه فلا قطع لعدم خروج يد المالك عنه [- ز -] لو كان معه ثوب ففرشه و نام عليه أو اتّكأ إليه أو توسّده فهو في حرز في أيّ موضع كان في بلد أو بادية قال الشيخ ره فإن تدحرج عن الثوب زال الحرز و إن كان بين يديه متاع كالثياب بين يدي البزاز فحرزها النظر إليها فإن سرق من بين يديه و هو ينظر إليه ففيه القطع و إن سها أو نام عنه زال الحرز و عندي في ذلك كلّه نظر [- ح -] إذا ضرب فسطاطا أو خيمة و شدّ الأطناب و جعل متاعه فيها فإن لم يكن معها فليست في حرز و إن كان معها نائما أو غير نائم قال الشيخ فهو و ما فيها في حرز فإن سرق قطعة منها فبلغ نصابا أو سرق من جوفها ففيه القطع لأنّ الخيمة حرز لما فيها و كلّما كان حرزا لما فيه فهو حرز في نفسه و عندي في ذلك نظر قال الشيخ ره البيوت إن كانت في بريّة أو في البساتين أو الرباطات في الطرق فليست حرزا ما لم يكن صاحبها فيها سواء أغلقت أبوابها أو لم يغلق لأنّ الناس لا يعدّون مثل هذه حرزا مع الغيبة و إن كان صاحبها فيها و أغلق الباب فهي حرز نام أو لم ينم و إن كانت في بلد أو قرية فهي حرز مع الإغلاق و إن لم يكن صاحبها فيها و أمّا الدور و المنازل فإن كان باب الدار مغلقا فكلّ ما فيها و في خزانتها في حرز و إن كان باب الدار مفتوحا و أبواب الخزائن مفتّحة فلا حرز و إن كان باب الدار مفتوحا و باب الخزانة مغلقا فما في الخزائن في حرز و ما في الدار

ص: 229

في غير حرز و إن كان المالك فيها و باب الدار مفتوحا فإن كان المالك مراعيا لما فيها فهي في حرز و إلاّ فلا و آجر الحائط في حرز و كذا باب الدار المنصوب سواء كان مغلقا أو مفتوحا و أمّا باب الخزانة فإن كانت الدار مغلقة فهي في حرز و إن كانت مفتوحة فإن كان باب الخزانة مغلقا فهي في حرز و إلاّ فلا الحلقة باب الدار المستمرّة فيها في حرز فإن بلغت نصابا فعلى قالعها القطع هذا خلاصة ما ذكره رحمه اللّٰه و ينبغي أن يشترط عدم الزحام الشاغل للحسّ عن حفظ المتاع و الملحوظ بعين الضعيف في الصحراء ليس محرزا إذا كان لا يبالي به و المحفوظة في قلعة محكمة إذا لم يكن ملحوظا ليس محرزا و لو ادّعى السارق أنّ المالك نام و ضيّع سقط القطع بمجرد دعواه و الغنم محرزة بإشراف الراعي عليها عند الشّيخ و فيه نظر [- ى -] قال الشيخ ره يقطع سارق ستارة الكعبة و فيه نظر لتساوي الناس في الانتساب إليها و لو أخرج من البيت إلى صحن الخان شيئا قطع لأنّه أخرجه من حرز إلى غير حرز و إن كان باب الخان مغلقا لاشتراك الناس في الصّحن و لو انفرد بالدار فإن كان باب البيت و الدار مفتوحين أو مغلقين أو كانت باب البيت مفتوحا و باب الدار مغلقا فلا قطع و لو انعكس الأخير قطع و لو نقله من زاوية من الحرز إلى زاوية أخرى فلا قطع أمّا لو أخرجه من بيت مغلق إلى بيت آخر مغلق و كانت باب الدار التي استطرقها به مفتوحة فالأقرب القطع و لو أخرجه من الصندوق المقفّل إلى البيت المغلق و الدار المغلقة فلا قطع [- يا -] لا قطع على من سرق من الجيب أو الكم الظاهرين و يقطع لو كانا باطنين و لو سرق ثمرة على شجرها لم يقطع و لو أحرزت فسرقها بعد الإحراز قطع و روي عن الصادق ع أنّه قال لا قطع على من سرق مأكولا في عام مجاعة و لو استحفظ رجل آخر متاعه في المسجد فسرق فإن كان قد فرط في مراعاته و نظره إليه فعليه الغرم إن كان قد التزم حفظه و إن لم يلتزم و لم يجبه إلى ما سأله لكن سكت لم يلزم عزم و لا قطع على السارق في الموضعين و إن حفظ المتاع بنظره إليه فسرق فلا غرم عليه و على السارق القطع على ما اختاره الشيخ و لو هدم الحائط فلا قطع على من سرق الأجر منه و كذا لو هدم السارق الحائط و لم يأخذه فلا قطع كما لو أتلف المتاع في الحرز و لو كانت الدار في الصحراء لا حافظ فيها لم يكن حائطها محررا و لو سرق باب مسجد منصوبا أو باب الكعبة المنصوب فيجب على قول الشيخ ره القطع و فيه نظر أقربه العدم [- يب -] لو آجر بيتا ثمّ نقبه و سرق مال المستأجر قطع و كذا لو أعار بيتا ثمّ نقبه و أخذ مال المستعير و لو غصب بيتا فأحرز فيه ماله فسرقه منه أجنبيّ أو المغصوب منه فلا قطع [- يج -] النباش إذا سرق الكفن قطع سواء كان القبر في برّية ضائعة أو في بيت محروس أو من مقابر البلاد و المطالب بالقطع الوارث و إن كان الكفن من متبرّع لأنّه ملكه و لهذا لو أكل الميّت سبع أو أخذه سيل كان الكفن للوارث و لا بدّ من إخراج الكفن فلو أخرجه من اللحد و وضعه في القبر فلا قطع فالكفن الذي يقطع بسرقته ما كان مشروعا و هو خمسة أثواب للرجل و سبعة للمرأة الواجب و الندب فالعمامة للرجل و القناع للمرأة ليسا من الكفن و كذا ما يلبس الرجل أو المرأة زيادة على ما ذكرنا فلا يقطع بأخذه و إن بلغ نصابا و لو ترك في تابوت فسرق التابوت أو ترك معه ذهبا أو فضة أو جواهر لم يقطع شيء منها و لا يفتقر الحاكم في قطع النبّاش إلى مطالبة الوارث إن قلنا إنّه يقطع زجرا و هل يشترط بلوغ قيمة الكفن النصاب قيل نعم و قيل يشترط في المرة الأولى دون الثانية و الثالثة و قيل لا يشترط و الأقرب الأوّل و لو نبش و لم يأخذ عزّر فإن تكرّر منه الفعل و فات السلطان جاز له قتله ليرتدع غيره عن مثله [- يد -] لو سرق ما يتوهّم أنّه لا يبلغ النصاب و كان بالغا قطع فلو سرق دنانير ظنها فلوسا لا يبلغ نصابا قطع و لو سرق قميصا قيمته دون النصاب لكن في جيبه دينار لا يعرف به فالأقرب القطع

الفصل الثالث في الحجّة

و فيه [- ح -] مباحث [- أ -] و هي إمّا بالإقرار أو البيّنة و يشترط في الإقرار صدوره عن البالغ العاقل الحر المختار فلا عبرة بإقرار الصبي و لا المجنون و لا العبد و لا المكره و لا يجب على العبد القطع بإقراره فإن صدّقه المولى فالأولى القطع و لا يكفي إقرار المولى دون اعتراف العبد بل يكون المولى شاهدا واحدا إن كان عدلا [- ب -] لو أقرّ المكره لم ينفذ إقراره لا في القطع و لا في الغرم فلو اتّهم بالسرقة فانكسر فضرب و اعترف ثمّ ردّ السرقة بعينها قال الشيخ ره يقطع و قيل لا يقطع لاحتمال كون المال في يده من غير جهة السرقة و هو جيّد [- ج -] يشترط في الإقرار العدد و هو صدوره من أهله مرّتين فلا قطع لو أقر مرة واحدة بل يجب الغرم في المال خاصة و لو أقرّ مرة و رجع لم يقطع لأنّه لا يجب بالمرّة القطع من دون الرجوع فمعه أولى و يجب غرم المال و لا يقبل الرجوع فيه و لو أقرّ مرتين و رجع وجب غرم المال إجماعا و هل يقطع قال الشيخ لا و ابن إدريس أوجب القطع [- د -] يثبت القطع بشهادة عدلين و لا يثبت بشهادة الواحد نعم يحلف صاحب المال مع شاهده و يأخذ المال و يسقط القطع و لو شهد رجل و امرأتان ثبت المال و لا قطع أيضا و لو ادّعى عليه السرقة فأنكر كان له إحلافه في المال فإن ردّ اليمين على المدعي أحلف

ص: 230

للمال لا للقطع و لو ادّعى عليه الزنا بجارية بالإكراه كان له إحلافه لإسقاط العقر فإن ردّ اليمين كان له أن يحلف و يثبت العقر لا لحدّ [- ه -] لو قامت البيّنة بالسرقة من غير مرافعة المالك لم يقطع و إنّما القطع موقوف على مطالبة المالك فلو لم يرافعه لم يرفعه الإمام و إن قامت البيّنة و لو وهبه المسروق سقط الحدّ و كذا لو عفي عن القطع فأمّا بعد المرافعة فلا يسقط بهبة و لا عفو و لو سرق مالا فملكه قبل المرافعة سقط الحدّ و لو ملكه بعد المرافعة لم يسقط [- و -] لا تسمع البيّنة على السرقة مطلقا بل لا بدّ فيه من التفصيل لما فيه من اشتراط الحرز و النصاب و قد يخفى مثل هذا على أكثر النّاس و كذا شهادة الزنا أمّا القذف المطلق فموجب للحدّ و إذا قامت شهادة حسبته على السرقة في غيبة المالك سمع الحاكم لكنّ لا يقطع إلا أن يرافعه المالك و لو قامت بيّنة الحسبة في الزنا بجارية حدّ دون حضور المالك و إذا حضر المالك بعد شهادة الحسبة و طلب قطع من غير استيناف الشهادة [- ز -] لو ادّعى السارق الملك بعد البيّنة اندفع القطع عنه و إن لم يكذب الشاهد مثل أن يقول كان قد وهب مني قبل السرقة و الشاهد اعتمد على الظاهر و إن نفى أصل ملك المسروق منه و شهدت البيّنة بالملك قطع و إلاّ فلا [- ح -] يشترط في الشهادة على السرقة معرفة الشاهدين بملك المسروق منه العين المسروقة أو إقرار السارق له بالملك فلو شاهدوه و قد نقب و أخذ المال و لم يعلموا أنّه للمسروق منه و تناكر المسروق منه و السارق و في الملك قال اقطع و كذا يشترط مشاهدتهم له و قد هتك الحرز أو اعترف عندهم بذلك

الفصل الرّابع في الحدّ

و فيه [- ز -] مباحث [- أ -] إذا سرق البالغ العاقل النصاب وجب عليه ردّ المال و قطع يده اليمنى و المراد باليد هنا الأصابع الأربع و يترك له الراحة و الإبهام و لا يقطع من الكرع فإن سرق ثانية قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم و يترك له العقب يعتمد عليها في الصّلاة فإن سرق ثالثة حبس دائما يخلّد في السجن فإن سرق في السجن من حرز النصاب بعد ذلك قتل و لو تكرّرت السرقة و لم يقطع كفي قطع واحد [- ب -] لو سرق من جماعة و دفع إلى الإمام تداخلت الحدود و وجب قطع اليمنى لا غير سواء جاءوا به مجتمعين أو متفرّقين أمّا لو سرق فقطع ثمّ سرق ثانيا قطع سواء سرق من الذي سرق منه أوّلا أو من غيره و سواء سرق ملك العين التي قطع بها أو غيرها [- ج -] إذا سرق و كانت يمينه شلاء قطعت و لا يقطع يسراه و لو كانت اليسار شلاء أو كانتا شلاّوين قطعت اليمنى و لو لم يكن له يسار قطعت يمينه أيضا و في رواية لا يقطع و الوجه الأوّل و لو كانت له يمين حين السرقة فذهبت لم يقطع اليسار و لو سرق و لا يمين له قال في النهاية قطعت يساره و في المبسوط انتقل إلى رجله و لو لم يكن له يسار قطعت رجله اليسرى و لو سرق و لا يد له و لا رجل حبس و في الجميع إشكال ينشأ من تعلّق الحدّ بعضو فلا ينتقل إلى غيره و قال في النهاية إذا لم يكن له اليمنى فإن كانت قطعت في قصاص أو غير ذلك و كانت له اليسرى قطعت اليسرى فإن لم يكن أيضا اليسرى قطعت رجله اليمنى فإن لم يكن له رجل لم يكن عليه أكثر من الحبس و قال في المسائل الحلية المقطوع اليدين و الرجلين إذا سرق ما يوجب القطع وجب أن نقول الإمام مخيّر في تأديبه و تعزيره أي نوع أراد يفعل لأنّه لا دليل على شيء بعينه و إن قلنا يجب أن يحبس أبدا لانتفاء إمكان القطع و غيره ليس بممكن و لا يمكن إسقاط الحدود كان قويا و اختار ابن إدريس التعزير [- د -] لو تاب قبل ثبوت الحد سقط القطع دون الغرم و لو تاب بعد قيام البيّنة وجب القطع و لم تقبل توبته في إسقاط القطع فلو تاب بعد الإقرار دفعتين قال الشيخ ره يتخير الإمام في العفو و الاستيفاء و منع ابن إدريس و أوجب القطع [- ه -] إذا أريد قطع السارق أحبس و ضبط لئلاّ يتحرك فيجني على نفسه و يشدّ بحبل و يمدّ حتّى يتبيّن مفاصل الأصابع و يوضع على أصلها كصين حادّة و يدقّ من فوقه دقة واحدة حتّى ينقطع أو يقطع بآلة حادة يمدّ عليها مدّة واحدة و لا يكرّر القطع فيعذبه فإذا قطعت الأصابع استحبّ حسم اليد بالزيت المغليّ فيجعل اليد فيه حتى ينحسم خروج الدّم و يسدّ أفواه العروق فإذا قطعت أصابعه قال الشيخ ره تعلّق في عنقه ساعة لأنه أودع و لا ينبغي إقامة الحدّ في حرّ أو برد و لو فعل ذلك جاز و لو مات بالسراية فلا ضمان و إن كان في الحر أو البرد [- و -] لو كانت له إصبع زائدة فإن كانت خارجة عن الأربع ثبت على حالها و إن كانت ملصقة بإحداها فالأقرب ترك قطع الأصلية إذا لم يمكن إبقاء الزائدة إلاّ بها و لو أمكن قطع بعض الأصلية قطع و لو كانت يده ناقصة إصبعا و إصبعين أو ثلاثا اكتفينا بقطع الباقي و لا يتعدى القطع إلى الإبهام و لا إلى زائدة في سمت الأربع و لو لم يكن له إلاّ الكف فعلى قول الشيخ ره ينتقل إلى اليسار [- ز -] لو سبق الحدّاد فقطع اليسرى عمدا فالقصاص عليه و القطع باق و إن غلط فالأقرب وجوب الدية عليه و بقاء الحد و في رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر ع أنّ عليا ع قال لا يقطع يمينه و قد قطعت شماله و لو كان على معصم واحد كفان قطعت أصابع الأصليّة

الفصل الخامس في اللواحق

و فيه [- يه -] بحثا [- أ -] يشترط في القطع إخراج النصاب من الحرز سواء حمله إلى منزله أو تركه خارجا من الحرز و سواء أخرجه بمباشرة أو رمى به إلى خارج الحرز أو شد فيه حبلا ثمّ أخرج

ص: 231

فمدّه به أو شدّه على بهيمة ثمّ ساقها به و تركه في نهر جار فخرج به ففي هذا كلّه يجب القطع و سواء دخل الحرز فأخرجه أو نقبه ثمّ أدخل إليه يده أو عصى و اجتذبه سواء كان البيت صغيرا لا يمكنه دخوله أو كبيرا و لو رمى المتاع فأطارته الريح فأخرجه فعليه القطع لأنّ ابتداء الفعل منه كما قلنا في الماء و لو ترك المتاع على دابة فخرجت بنفسها على دابّة من غير سوق أو ترك المتاع في ماء راكد فانفتح فخرج المتاع أو على حائط في الحرز فأطارته الريح فالأقرب سقوط القطع و لو دخل حرزا فاحتلب لبنا من ماشية و أخرجه قطع و لو شربه في الحرز أو شرب منه ما ينقص النّصاب فلا قطع [- ب -] لو نقب و أخذ النصاب و أحدث منه حدثا ينقص به قيمته عن النصاب ثمّ أخرجه فلا قطع كما لو خرق الثوب أو ذبح الشاة فنقصت القيمة عن ربع دينار و لو نقصت القيمة من الثوب بالشق و في الشاة بالذّبح و لم ينقص عن النصاب ثمّ أخرجهما و قيمتهما بعد الشقّ و الذبح نصاب قطع و لو ابتلع جوهرة قيمتها النصاب و تعذر إخراجها بعد خروجه سقط القطع لأنّه كالتالف و لو خرجت حينئذ و لا يسقط الضمان على التقديرين و لو كان خروجها ممّا لا يتعذر بالنظر إلى عادته قطع لأنّه كالإيداع في الوعاء و لو تطيب في الحرز بطيب و خرج و لم يبق عليه من الطيب ما إذا جمع كان نصابا فلا قطع فإن بلغ وجب القتل و لو سحب منديلا أو عمامة أو خشبة و خرج بعضه إلى خارج الحرز و بقي الباقي من الحرز فلا قطع سواء كان الخارج بقدر النصاب أو أقلّ [- ج -] لا يشترط إخراج النصاب دفعة على الأقوى فلو أخرجه في دفعات فالأقرب وجوب الحدّ إن لم يتخلل اطلاع المالك و لم يطل الزمان بحيث لا يسمّى سرقة واحدة كما لو أخرجه في ليلتين و إخراج البرّ شيئا فشيئا على الفواصل في حكم الدفعة و كذا جرّ المنديل شيئا فشيئا و لو جمع من البذر المبثوث في الأرض المحرزة ما يبلغ نصابا قطع و لو أخرج نصابا من حرزين فلا قطع إلاّ أن يكونا في دار واحدة [- د -] لو اشترك نفسان فما زاد في سرقة فإن بلغ نصيب كلّ واحد منهم نصابا وجب القطع عليهم أجمع و لو قصر فلا قطع و هو أقوى قوله الشيخ ره و في النهاية إذا سرق نفسان فصاعدا ما قيمته ربع دينار وجب عليهما القطع و لو سرق الاثنان ما يبلغ قيمته نصف دينار قطعا و لو كان أحدهما لا قطع عليه كأب المسروق منه قطع الآخر و لو أقرّ بمشاركة سارق فأنكر الآخر قطع المقرّ خاصّة [- ه -] لو هتك الحرز جماعة و دخلوا فأخرج بعضهم المتاع اختصّ بالقطع و لا قطع على الآخرين سواء كان نصيب كلّ واحد نصابا أو أقلّ و لو أخرج أحدهما دون النصاب و الآخر أكثر من النصاب فكمل النصابين فالقطع على الآخر خاصّة دون من أخرج الأقلّ و لو أخرج أحدهما دون النصاب و الآخر نصابا تامّا فالحدّ على من أخرج النصاب وحده و لو دخلا دار أحدهما في سفلها و جمع المتاع و شدّه بحبل و الآخر في علوّها مد الحبل فرمى به وراء الدار فالقطع على المخرج خاصّة إن كان قد هتك الحرز و إلاّ فلا قطع عليهما و كذا لو نقبا نقبا و قرّبه أحدهما من النقب و أدخل الخارج يده فأخرجه فالقطع على المخرج و كذا لو وضعها الداخل في وسط البيت و أخرجها الخارج فالقطع على المخرج و قال في المبسوط لا قطع على أحدهما لأنّ كلّ واحد منهما لم يخرجه عن كمال الحرز و لو نقب أحدهما وحده و دخل آخر وحده فأخرج المتاع فلا قطع على أحدهما لأنّ الأوّل لم يسرق و الثاني لم يهتك و كذا لو نقب رجل و أمر غيره فأخرج المتاع إن كان المأمور صبيا مميزا و إن لم يكن مميّزا قطع الآمر و لو اشتركا في النقب و دخل أحدهما فأخرج المتاع وحده أو أخذه و ناوله الآخر خارجا من الحرز أو رمى به إلى خارج الحرز فأخذ الآخر فالقطع على الداخل وحده [- و -] قطع السارق موقوف على مطالبة المسروق منه على ما تقدّم فلو سرق و قال سرقت ملكي سقط القطع بالدعوى لأنّه صار خصما في المال فلا يقطع بحلف غيره و لو قال المسروق منه هو لك فأنكر فلا قطع و لو قال السارق هو ملك شريكي في السرقة فلا قطع و إن أنكر شريكه و يقطع المنكر و لو قال العبد السارق هو ملك سيّدي فلا قطع و إن كذّبه السيّد و لو أخرج المال و أعاده إلى الحرز قيل لا يسقط القطع لوجود السبب و فيه نظر من حيث أنّ القطع موقوف على المرافعة فإذا دفعه إلى صاحبه لم يبق له مطالبته و لو سرق مالا فملكه قبل المرافعة سقط الحدّ و لو ملكه بعدها لم يسقط أمّا لو أقرّ المسروق منه أنّ العين كانت ملكا للسارق أو قامت له به بيّنة أو أنّ له فيه شبهة أو أنّ المالك أذن له في أحدها لم يقطع و لو أقرّ له بالعين سقط القطع لأنّ إقراره يدل على تقدم ملكه و لو أخرجها و قيمتها النصاب فلم يقطع حتّى نقصت قيمتها قطع [- ز -] يجب على السارق ردّ العين و إن تلفت وجب عليها المثل أو القيمة إن لم يكن لها مثل أو كان و تعذر و إن نقصت فعليه أرش النقصان و لو مات صاحبها دفعت إلى ورثته و إن لم يكن وارث فإلى الإمام و لا يسقط الغرم بالقطع و كذا لا يسقط القطع بالغرم سواء كان السارق موسرا أو معسرا و لو سرق مرّات كثيرة و قطع غرم الجميع و الأخيرة أيضا و لو صبغه السارق فزادت قيمته وجب ردّه و القطع معا [- ح -] لو سرق و لم يقدر عليه ثم سرق ثانية قطع بالأولى لا بالأخيرة و أغرم المالين معا و لو قامت الحجّة بالسرقة ثمّ أمسكت حتّى قطع ثمّ شهدت عليه بالأخرى

ص: 232

قال في النهاية قطعت رجله بالثانية و منع من القطع الثاني بعض علمائنا و هو حسن [- ط -] يشترط في المال المسروق الحرمة فلا قطع على من سرق خمرا أو خنزيرا من مسلم أو ذمّي و لا على سارق الطنبور و الملاهي و أواني الذهب و الفضة التي يجوز كسرها إذا قصد السارق بإخراجه الكسر و إن قصد السرقة و رضاضها نصاب قطع و يصدّق في قصده و من الشبهة كون الشيء مباح الأصل كالحطب و لا كونه رطبا كالفواكه و لا كونه معرضا للفساد كالمرقة و الشمع المشتعل و إن كان حنفيا يعتقده [- ى -] إذا نقب أو فتح الباب المغلق قد تحقّقت السرقة و كذا لو صعد على الحائط الممتنع و نزل منه إلى الدار فإن نقب منه و عاد للإخراج ليلة أخرى قطع إلا أن يطلع المالك و يهمل و لو أخرج شاة فتبعها سخلتها أو غيره فلا قطع في التابع و لو حمل حرا و منعه ثيابه فلا قطع في الثياب و فيه نظر إلا أن يكون ضعيفا فيضمنها و لا قطع لأنّه ليس بسارق [- يا -] يستوي في القطع الحرّ و العبد و الأمة و الحرة و المسلم و الذمّي و الحربي و المعاهد و يستوفى في القطع من الذمّي قهرا إذا سرق مال مسلم و إن سرق مال ذمّي فإذا ترافعوا إلينا [- يب -] ينبغي للحاكم التعريض بالإشارة على السارق بالإنكار فيقول و ما أظنّك سرقت [- يج -] لو سرق صليبا من ذهب أو فضّة يبلغ ربع دينار و قطع و كذا لو سرق إناء معدّا لحمل الخمر لأنّ الإناء لا تحريم فيه و إنّما يحرم عليه نيّته و قصده فكان كما لو سرق سكينا معدة لقطع الطريق و لو سرق إناء فيه خمر يبلغ قيمته النصاب قطع و يقطع من سرق في بيت المال فيما لو اختلف الشاهدان في الزمان فقال أحدهما سرق يوم الخميس و الآخر سرق يوم الجمعة أو المكان فقال أحدهما سرق من هذا البيت المال و قال الآخر من بيت آخر أو العين فقال أحدهما سرق ثوبا و قال الآخر آنية فلا قطع و لو قال أحدهما سرق ثوبا أبيض و قال الآخر ثوبا أسود أو قال أحدهما سرق هرويّا و الآخر مرويّا لم يقطع و كذا لو قال ثورا و الآخر بقرة [- يه -] لو كان النصاب مشتركا بين اثنين فما زاد قطع سارقه فلو أقرّ أنّه سرق منهما نصابا فصدّقه أحدهما دون الآخر لم يقطع و إن وافقاه قطع و لو حضر أحدهما فطالب و لم يطالب الآخر لم يقطع

المقصد السّادس في حدّ المحارب

و فيه [- كا -] بحثا [- أ -] المحارب من جرّد السلاح لإخافة الناس في برّ أو بحر ليلا كان أو نهارا في مصر و غيره و سواء كان في العمران أو في البراري و الصحاري و على كلّ حال و هل يشترط كونه من أهل البريّة الظاهر من كلامه في النهاية الاشتراط و الوجه المنع إذا عرف أنّه قصد الإخافة سواء كان المحارب ذكرا أو أنثى خلافا لابن إدريس ثمّ رجع إلى ما قلناه و هل يثبت لمن جرّد السّلاح مع ضعفه عن الإخافة فيه نظر أقربه الثبوت و يكفي في قصده و لا يثبت هذا الحكم للطليع و لا للردء و إنّما يثبت لمن باشر الفعل فأمّا من كثر أوهية أو كان ردءا و معاونا فإنّما يعزّر و يحبس و لا يكون محاربا [- ب -] اللصّ محارب فإذا دخل دارا متغلّبا كان لصاحبها محاربته فإن أدّى الدفع إلى قتله ضاع دمه و لا يضمنه الدافع و لو جنى اللصّ عليه ضمن و يجوز الكفّ و لو أراد نفس صاحب المنزل وجب الدفع و حرم الاستسلام فإن عجز عن المقاومة و أمكن الضرب أو الصياح وجب [- ج -] يثبت المحاربة بشهادة رجلين عدلين و بالإقرار و لو مرّة واحدة و لا يقبل شهادة النساء منفردات و لا منضمات و لو شهد بعض اللصوص على بعض لم تقبل و كذا لا تقبل شهادة المأخوذين بعضهم لبعض و تقبل للرفقة بأن يقولوا عرضوا لنا و أخذوا هؤلاء و لو أضافوا أنفسهم لم يقبل مثل أن يقولوا خذوا مال هؤلاء و مالنا [- د -] اختلف علماؤنا في حدّ المحارب على قولين فالمفيد ره و ابن إدريس خير الإمام بين القتل و الصلب و القطع مخالفا و النفي مطلقا إلاّ أن يقتل فيتحتّم القتل و قال الشيخ بالتفصيل فإن كان قد قتل قتل و لو عفا وليّ الدم قتله الإمام و لو قتل و أخذ المال استعيد منه و قطعت يده اليمنى و رجله اليسرى ثمّ قتل و صلب و إن أخذ المال و لم يقتل قطع مخالفا و هي و لو خرج و لم يأخذ المال اقتصّ منه و نفي و لو اقتصر على شهر السلاح و الإخافة نفي لا غير عملا بروايات و الأصح الأوّل عملا بنص القرآن في التخيير و برواية جميل بن دراج عنه عن الصادق ع [- ه -] المحارب إن قتل يقتل مطلقا سواء كان المقتول مكافئا أو غير مكافئ كالمسلم بالكافر و الحرّ بالعبد و الأب بالولد فإن عفا وليّ الدّم قتل حدا و يصلب المحارب إذا اختار الإمام طلبه حيّا على ما ذهبنا إليه من التخيير و على قول الشيخ ره يصلبه مقتولا و لا يترك على خشبة أكثر من ثلاثة أيّام ثم ينزل و يغسّل و يكفن و يصلى عليه و يدفن و من لا يصلب إلاّ بعد القتل يؤمر بالغسل قبل القتل ثمّ لا يجب تغسيله ثانيا [- و -] إذا قتل المحارب غيره طلبا للمال تحتّم قتله قودا إن كان مكافئا و حدّا إن لم يكن مكافئا أو عفا وليّ الدم و لو قتل لا لطلب المال فهو كقتل العمد أمره إلى الوليّ يسقط قتله بعفوه و لو جرح طلبا للمال فالقصاص إلى الوليّ فإن عفا الوليّ فالأقرب السقوط [- ز -] نفي المحارب عن بلده و عن كلّ بلد يقصده و يكتب إلى كلّ بلد دخله بالمنع من مبايعته و معاملته إلى أن يتوب و إن قصد بلاد الشرك لم يمكن من الدخول إليها فإن مكنوه قوتلوا حتّى يخرجوه [- ح -] إذا تاب المحارب

ص: 233

قبل القدرة عليه سقط الحدّ دون القصاص في النفس و الجراح دون أخذ المال و لو تاب بعد الظفر به لم يسقط الحدّ و لا القصاص و لا ضمان المال [- ط -] لا يعتبر في قطع المحارب أخذ النصاب خلافا للشيخ في بعض كتبه و لا أخذه من حرز و هذا إنّما يظهر فائدته على ما ذهب إليه الشيخ أمّا عندنا فلا فإنّه يجوز قطعه و إن لم يأخذ المال [- ى -] يبدأ في قطع المحارب بيده اليمنى ثمّ يقطع رجله اليسرى بعد أن تحسم يده و تحسم اليسرى أيضا و لو لم تحسم في الموضعين جاز و يوالي بين القطعين بعد الحسم و لو فقد أحد العضوين قطعنا الآخر و لم ينتقل إلى غيره قال الشيخ ره إذا كان الطرفان معدومين قطعنا يده اليسرى و رجله اليمنى [- يا -] لو مات المحارب بعد أن قتل أخذت الدية من تركته و إن قتل جماعة اشتركوا في قتله فإن قتل بأحدهم كان للآخرين الدية و لو عفا الوليّ على ما قتل حدّا و أخذت الدية من تركته و إن اختار المحارب الصلح عليها و الجرح الساري يوجب قتلا متحتّما و من استحقّ يساره بالقصاص و يمينه بالسرقة قدّم القصاص ثمّ يهمل حتّى يندمل ثمّ يقطع للسرقة و لو استحقّ يمينه للقصاص ثمّ قطع الطريق قطع يمينه للقصاص و قطعت رجله من غير مهلة [- يب -] إذا اجتمعت حدود مختلفة كالقذف و القطع و القتل يبدئ بالجلد ثمّ القطع ثم القتل و لا يسقط ما دون القتل باستحقاق القتل و لو أخّر مستحقّ الطرف حقّه استوفى الجلد ثمّ قتل و لو كانت الحدود للّه تعالى يبدئ بما لا يفوت معه الآخر [- يج -] الخناق يقتل و يستعاد منه ما أخذ و من بنج غيره أو أسكره بشيء احتال عليه ثمّ أخذ ماله عوقب و أدّب و استعبد منه ما أخذه و إن جنى البنج و الإسكار عليه ضمن الجناية و لا قطع عليه و المحتال على أموال الناس بالمكر و الخديعة و تزوير الكسب و الرسالة الكاذبة و شهادة الزّور و غير ذلك يعزّر و يعاقب بما يراه الإمام رادعا و يغرم ما أخذه و يشهر و لا قطع عليه و المستلب الذي يسلب الشيء ظاهرا لا قاهرا من الطرقات من غير اشتهار سلاح و لا قهر يعاقب و يضرب ضربا وجيعا و يستعاد منه ما أخذ و لا قطع عليه و المختلس كذلك [- يد -] لا فرق في السلاح بين السيف و غيره و لو لم يكن سلاح لم يكن محاربا و لو عرض للمارّة بالعصا و الحجارة فالأقرب أنّه يكون محاربا و لو كان المحاربون جماعة و فيهم صبيّ أو مجنون أو والد لمن قتلوه سقط القتل قصاصا و حدّا عن الصبيّ و المجنون و قصاصا خاصّة عن الأب و لم يسقط القتل في حقّ الباقين و يضمن الصبي و المجنون ما أخذاه من المال و دية قتلهما على عاقلتهما [- يه -] للإنسان أن يدفع عن نفسه و حريمه و ماله و إن قلّ و لو قدر على الدفع عن غيره فالأقوى الوجوب مع أمن الضرر و يجب اعتماد الأسهل فإن اندفع الخصم بالكلام اقتصر عليه و لو لم يندفع فله ضربه بالأسهل ما لم يعلم أنّه يندفع به و يحرم عليه حينئذ التخطّي إلى الأصعب فإذا ذهب موليا لم يكن له قتله و لا ضربه و لا اتباعه و لو افتقر في الضرب إلى العصا ساغ له فإن لم يكف جاز بالسلاح و يذهب دمه هدرا سواء كان جرحا أو قتلا و سواء كان الدافع حرّا أو عبدا و كذا المدفوع و لو قتل الدافع كان شهيدا و يضمنه المدفوع و لو ضربه الدافع معطلة لم يكن له أن يثني عليه و لا يبدأ الدافع ما لم يتحقّق قصده إليه و له دفعه ما دام مقبلا فإذا أدبر كفّ عنه و لو ضربه مقبلا فقطع يده فلا ضمان عليه في الجراح و لا في السراية فإن ولّى فضربه فقطع رجله فالرّجل مضمونة بالقصاص أو الدية إن اندملت و لو سرت الأولى فلا ضمان فيها و لو اندملت الأولى و سرت الثانية ثبت القصاص في النفس و لو سرتا معا ثبت القصاص بعد ردّ نصف الدّية فإن عاد المدفوع بعد قطع العضوين فقطع الدافع يده الثانية فاليدان غير مضمونتين و لو سرى الجميع قال في المبسوط عليه ثلث الدية إن تراضيا و إن اقتصّ الوليّ جاز له ذلك إذا ردّ ثلثي الدّية و الوجه عندي أنّ عليه نصف الدية لأنّ الجرحين من واحد فصار كما لو جرحه واحد مائة و الآخر جرحا واحدا ثمّ سرى الجميع فإنّ الدّية عليهما بالسّوية قال الشيخ ره و لو قطع يده ثمّ رجله مقبلا و يده الأخرى مدبرا و سرى الجميع فعليه نصف الدية فإن طلب الوليّ القصاص كان له ذلك بعد ردّ نصف الدية و لو لم يمكنه الدفع إلا بالقتل أو خاف أن يبدره بالقتل إن لم يقتله فله ضربه بما يقتله أو يقطع طرفه و ما أتلفه فهو هدر [- يو -] كلّ من عرض لإنسان يريد ماله أو نفسه فحكمه ما ذكرنا فيمن يريد دخول المنزل في الدفع بالأسهل فالأسهل فإن كان بينه و بينهم نهر كبير أو خندق أو حصن لا يقدرون على اقتحامه لم يكن له رميهم و لو لم يمكن إلاّ قتالهم فله قتالهم و قتلهم [- يز -] للمرأة أن تدافع عن مالها و فرجها و كذا الغلام و يجب عليها الدفاع و أن لا يمكنا غيرهما من الفعل بهما فإن خافا على أنفسهما القتل و لم يندفع الخصم إلاّ بالتمكين ساغ لهما ذلك و كان لهما قتله بعد ذلك [- يج -] لو وجد مع زوجته أو مملوكته أو غلامه من ينال دون الجماع فله دفعه فإن امتنع فهو هدر و لو وجد رجلا يزني بامرأته فله قتلهما و لو قتل رجلا و ادّعى أنّه وجده مع زوجته فأنكر الولي فالقول قول المنكر مع يمينه و الأقرب الاكتفاء بالشاهدين لأنّ البيّنة تشهد على وجوده مع المرأة لا على الزّنا و لو قتل رجلا فادّعى الهجوم على منزله و عدم التمكن من دفعه إلاّ بالقتل فعليه القود إلاّ مع البيّنة فإن شهدت البيّنة أنّهم رأوا المقتول مقبلا إليه بسلاح مشهور فضربه

ص: 234

هذا فقد هدر دمه و إن شهدوا أنّه كان داخلا داره و لم يذكروا سلاحا أو ذكروا سلاحا غير مشهور لم يسقط القود بذلك و لو تجارح اثنان و ادّعى كلّ منهما ناحية عن نفسه حلف كلّ منهما على إبطال دعوى صاحبه و ضمن ما جرحه [- يط -] من اطّلع على قوم فلهم زجره فإن أصرّ كان لهم رميه بحصاة أو عود فإن جنى الرمي فهدر و لو بدءوه بالرمي من غير زجر ضمنوه و إن كان المطلع رحما لصاحب المنزل كان لهم زجره و لو رموه بعد الزجر و لم ينزجر ضمنوا أمّا لو كان بعض النساء مجرّدة جاز رميه مع عدم الانزجار بالزجر لأنّه ليس للمحرم هذا الاطلاع [- ك -] لو كان المطّلع أعمى لم يجز رميه لأنّه لا يرى شيئا و لو كان إنسانا عاريا في طريق لم يكن له رمي من نظر إليه و لو زجره فلم ينزجر ففي جواز الرّمي نظر و لو كان باب المنزل مفتوحا فاطّلع فيه مطّلع جاز زجره فإن لم ينزجر فلصاحب المنزل رميه و كذا لو كان في الباب ثقب واسع و لو اطّلع فزجره فلم ينزجر فرماه فقال لم أقصد الاطلاع لم يضمنه و ليس لصاحب الدار رمي الناظر بما يقتله و لو لم يندفع الناصر بالرمي بالشيء اليسير انتقل إلى ما هو أكبر منه و هكذا حتّى يأتي على نفسه و سواء كان الناظر في طريق أو ملك نفسه [- كا -] للإنسان دفع الدابة الصائلة عن نفسه فلو تلقت بالدفع فلا ضمان فلو لم يندفع إلاّ بالقتل جاز قتلها و لا ضمان و لو قتل المحرم صيد الصائلة لم يضمنه و لو قتله ليأكله في المخمصة ضمنه و لو قتل الإنسان آخر لصيالته لم يضمنه و لو قتله ليأكله في المخمصة و كان محقون الدّم فعليه القصاص و لو عضّ يد غيره فجذب المعضوض يده فوقعت أسنان العاضّ فلا ضمان سواء كان المعضوض ظالما أو مظلوما لأنّ العضّ محرّم إلاّ أن يكون مباحا له مثل أن يمسكه في موضع يتضرر بإمساكه أو يعضّ يده و نحو ذلك مما لا يمكن التخلص من ضرره إلاّ بالعضّ فيكون الجاذب ضامنا لأسنانه و لو عضّ أحدهما يد الآخر و افتقر المعضوض في التخلص إلى أن يعضّ العاضّ فله عضّه و يضمن الظالم منهما ما تلف من المظلوم و ما تلف من الظالم كان هدرا و يجب على المعضوض تخليص يده بالأسهل فإن احتاج إلى الأصعب انتقل إليه فإن افتقر إلى اللكم أو الجرح جاز و لو تعذّر ذلك جاز أن يبعجه بسكّين أو خنجر فإن انتقل إلى الأشقّ مع إمكان التخليص بالأسهل كان ضامنا و الأقرب تجويز جذب يده و إن سقطت الأسنان مطلقا لأنّ جذب يده مجرّد تخليص ليده و ما حصل من سقوط الأسنان حصل ضرورة للتخلص الجائز

المقصد السّابع في حدّ الردّة

و فيه [- كز -] بحثا [- أ -] المرتد عن الإسلام هو الراجع عنه إلى الكفر و هو قسمان من ولد على فطرة الإسلام و هو المرتد عن فطرة و هذا لا يستتاب و لا تقبل توبته لو تاب بل يجب قتله في الحال و يبين منه زوجته حال ارتداده و تعتد عدّة الوفاة و يقسّم أمواله بين وارثه و إن التحق بدار الحرب أو هرب من الإمام بحيث لا يقدر عليه أو اعتصم بما يحول بينه و بينه لثاني من من أسلم عن كفر ثم ارتدّ فهذا يستتاب فإن امتنع من العود إلى الإسلام قتل و يجب استتابته و في قدر استتابته قولان أحدهما ثلاثة أيّام للرواية و الثاني القدر الذي يمكن معه الرجوع و لا تزول عنه أملاكه بارتداده و لا بامتناعه من التوبة و لا بالتحاقه بدار الكفر بل بالقتل خاصّة نعم ينفسخ النكاح بينه و بين زوجته من حين الارتداد و تعتد عدّة الطلاق فإن انقضت العدة و لم يرجع بانت منه و إن رجع في أثناء العدّة فهو أولى بها و تقضى ديونه من أمواله و يؤدّى الحقوق الواجبة عليه كنفقة الزوجات و الأقارب ما دام حيّا فإذا قتل سقطت النفقة و قضيت الدّيون الثابتة عليه [- ب -] يشترط في المرتدّ البلوغ و العقل و الاختيار فلا اعتبار بردّة الصبيّ بل يؤدّب و لا المجنون و المغمى عليه و السكران كالمجنون و لا اعتبار بالمكره فلو نطق بالكفر كان لغوا و لو ادّعى الإكراه و ظهرت الأمارة قبل منه و لو شهد شاهدان على ردّته فقال كذبا لم يسمع و لو قال كنت مكرها صدق مع الأمارات و لو نقل الشاهد لفظه فقال صدق و لكنّي كنت مكرها قبل إذ لا تكذيب فيه بخلاف ما إذا شهد بالردة فإنّ الإكراه ينافي الردة دون اللفظ [- ج -] المرتدة عن الإسلام لا تقتل سواء ارتدت عن فطرة أو لا بل تحبس دائما و تضرب أوقات الصلاة و لو تابت فالوجه القبول توبتها و سقوط ذلك عنها و إن كانت عن فطرة [- د -] المرتدّ عن غير فطرة إذا قتل أو مات كانت تركته لورثته المسلمين فإن لم يكن له وارث مسلم فهو للإمام و أولاده الأصاغر بحكم المسلمين فإن بلغوا مسلمين فلا بحث و إن اختاروا الكفر استتيبوا فإن تابوا و إلاّ قتلوا سواء ولدهم قبل الإسلام أو بعده أمّا لو ولدهم حال ارتداده فإن كانت الأمّ مسلمة كانوا بحكمهما كما قلنا في الأب و إن كانت مرتدة أو كافرة و الحمل بعد ارتدادهما فالأولاد بحكمهما و هل يجوز استرقاقهم تردّد الشيخ فتارة جوزه لأنّهم كفرة ولدوا بين كافرين و تارة منع لأنّ الأب لا يسرق لتحرمه بالإسلام فكذا الولد [- ه -] إذا ولد المرتدّ عن غير فطرة ولد و كان الحمل به حال ارتداد أبويه فقد قلنا إنّه كافر فإن قتله قاتل مسلم لم يقتل به أمّا لو ولد الوالد حال إسلام الأب أو قبله أو كانت الأمّ مسلمة فإنّ الولد كالمسلم فإن قتله مسلم قبل وصفه الكفر قتل به سواء قتله قبل بلوغه أو بعده [- و -] يحجر الحاكم على أموال المرتدّ عن غير فطرة لئلاّ يتصرف فيها بالإتلاف فإن رجع فهو أحقّ بها و إن التحق بدار الحرب بقيت محفوظة أو بيع ما يخشى تلفه فإن رجع إلى الإسلام فهو أحقّ بها و إن مات انتقلت إلى ورثته المسلمين و لا يقسم بينهم ما دام الأب باقيا و هل يحصل الحجر بمجرّد الردّ أو يضرب الحاكم فيه نظر [- ز -] إذا تكرّر الارتداد عن غير فطرة قال الشيخ ره يقتل في الرابعة قال و روى أصحابنا أنّه يقتل في الثالثة [- ح -] الزنديق و هو الذي يظهر الإيمان و يبطّن الكفر يقتل بالإجماع [- ط -] الكافر إذا أكره على الإسلام حكم بصحة

ص: 235

إسلامه إن كان ممن لا يقرّ على دينه و إن كان 555555 ممن يقرّ على دينه لم يصحّ إسلامه مكرها [- ى -] قال الشيخ ره في المبسوط السكران يحكم بإسلامه و ارتداده و فيه نظر و الأقرب المنع إذا لم يمكن مميزا و هو اختياره في الخلاف و لو جنّ بعد ردّته لم يقتل لأنّ جواز القتل مشروط بامتناع قبوله من التوبة و لا حكم لامتناع المجنون أما لو كان الارتداد عن فطرة فإن الوجه أنه يقتل [- يا -] المرتدّ إذا أتلف على مسلم مالا في دار الحرب أو دار الإسلام حالة الحرب أو بعد انقضائها ضمن و الوجه أنّ الحربي كذلك و لو قتل المرتد مسلما عمدا فللوليّ قتله قصاصا و يسقط قتل الردّة و إن عفا على مال أو عفا مطلقا قتل بالردّة و لو قتل خطاء كانت الدية في ماله مخفّفة مؤجّلة لأنّه لا عاقلة له فإن قتل أو مات حلّت كالدين المؤجّل [- يب -] لو تزوّج المرتدّ لم يصحّ سواء تزوّج بمسلمة أو كافرة و تسقط ولايته في النكاح فلو زوّج ابنته المسلمة لم يصح و في سقوط ولايته عن تزويج أمته نظر أقربه عدم السقوط لعلة أن يزوّجها و إن كانت مسلمة على إشكال و إذا دخل بزوجته المسلمة بعد أن تزوجها مرتدا فإن كانت عالمة بالتحريم فلا مهر لها و إلاّ ثبت لها المهر و فرّق بينهما [- يج -] لو تاب المرتدّ فقتله من يعتقد بقاؤه على الردّة قال الشيخ يثبت الحد لوجود المقتضي و هو قتل المسلم ظلما و فيه إشكال من حيث عدم القصد إلى قتل المسلم [- يد -] إذا نقض الذمّي العهد و لحق بدار الحرب فأمواله باقية على الأمان فإن قتل أو مات وارثه الكافر الذمّي و الحربيّ فإن كان الوارث ذمّيا فماله باق على الأمان و إن كان حربيّا زال الأمان عنه و أولاده الصّغار باقون على الذمّة فإذا بلغوا يخيّروا بين عقد الجزية لهم و بين الانصراف إلى مأمنهم ثمّ يصيرون حربيّا [- يه -] كلمة الإسلام أشهد أن لا إله إلاّ اللّٰه و أنّ محمّدا رسول اللّٰه و لا يجب زيادة أبرأ من كلّ دين غير الإسلام لأنّه تأكيد و لو كان مقرّا باللّٰه سبحانه و بالنبي ص لكن اعتقد عدم عموم نبوّته أو أنّه لم يوجد بعد بيّن له و أرشد إلى أن يظهر له الحق [- يو -] لو ارتدّ المجنون لم يكن لارتداده حكم بل هو باق على إسلامه فلو قتله مسلم ضمنه [- ين -] يقتل المرتدّ بالسّيف و لا يجب إحراقه بالنار و القتل إلى الإمام و الأقرب أنّ للمولى قتل عبده بالردّة و لو قتله مسلم أخطأ و لا قود عليه و لا دية [- يح -] تصرّفات المرتدّ عن فطرة في ماله بالبيع و الهبة و العتق و التدبير باطلة أمّا المرتدّ عن غير فطرة فالأقرب أنّه موقوف فإن رجع إلى الإسلام بنينا الصحّة و إن قتل أو مات بطل تصرّفه أمّا لو تصرّف بعد حجر الحاكم عليه فإنّه باطل و لو وجد للمرتدّ عن غير فطرة سبب يقتضي الملك كالصيد و الاحتشاش و الاتهاب و إيجار نفسه خاصّة أو مشتركة ثبت الملك له و أما المرتد عن فطرة فالوجه أنّه لا يدخل في ملكه و يحتمل الدخول ثمّ ينتقل إلى الوارث [- يط -] الردة قطع الإسلام من المكلّف إمّا بالفعل كالسجود للصنم و عبادة الشمس و إلقاء المصحف في القاذورات و كل فعل صريح في الاستهزاء و إمّا بالقول عنادا و استهزاء أو اعتقادا و كل من اعتقده حلّ شيء أجمع على تحريمه من غير شبهة فهو مرتد أمّا الجاهل فلا يحكم بارتداده حتّى يعرف ذلك و يزول عنه الشبهة و يستحلّه بعد ذلك فإن تاب و إلاّ ضربت عنقه أمّا لو أكل لحم خنزير أو ميتة أو شرب الخمر لم يحكم بارتداده بمجرّد ذلك لإمكان أن يفعل محرما [- ك -] لو صلّى بعد ارتداده لم يحكم بعوده إلى الإسلام بمجرّد ذلك سواء فعل ذلك في دار الحرب أو دار الإسلام و سواء صلّى جماعة أو فرادى و إذا ثبت ردّته بالبيّنة أو غيرها فشهد الشهادتين كفى في إسلامه و لو كان كفره بعموم البيعة لم يثبت إسلامه حتّى يشهد أنّ محمدا رسول اللّٰه ص إلى جميع الخلائق أو يتبرأ من كلّ دين غير الإسلام و إن اعتقد أنّ محمدا ص مبعوث لكن زعم أنّه غير النبي ص لزمه مع كلمة الشهادتين الإقرار بأنّ هذا المعبود هو رسول اللّٰه ص و إن كفر بجحود فرض لم يحكم بإسلامه حتّى يقرّ بما جحده و الأقرب عدم وجوب إعادة الشهادتين و كذا إن جحد نبيّا من أنبياء اللّٰه تعالى الذين أخبر اللّٰه تعالى عنهم أو كتابا من كتبه أو ملكا من ملائكته أو استباح محرّما فلا بدّ في رجوعه من الإقرار بما جحده و أمّا الكافر يجحد الدين من أصله فإنّ إسلامه يحصل بالشهادتين و لو لم يعتقد التوحيد افتقر إلى الشهادة به و إن اعتقده كفاه الشهادة بالرسالة و لو قال الكافر أنا مسلم أو مؤمن فالأقرب الاكتفاء بذلك و لو شهد الكافر بالشهادتين ثمّ قال لم أرد إلا و يجبر على الإسلام و يحتمل عدم الإجبار [- كا -] لو أكره المسلم على الكفر لم يحكم بكفره و لا يبين منه امرأته و يغسل لو مات و يصلّى عليه فإذا زال الإكراه عنه فالوجه عدم تكليفه بإظهار إسلامه و لو ظهر الكفر بعد زوال الإكراه عنه فالوجه أنّه يحكم بكفره حين زوال الإكراه [- كب -] لو وجب على المسلم حدّ ثمّ ارتد ثمّ أسلم لم يسقط عنه الحد و كذا جميع الحقوق و الجنايات التي تجب عليه سواء لحق بدار الكفر أو لا و سواء أسلم أو لا [- كج -] من سبّ اللّٰه تعالى كفر و كذا من استهزأ باللّٰه تعالى أو بآياته أو برسله أو كتبه سواء فعل ذلك على سبيل الجدّ أو الهزل و كذا من سبّ النبي ص أو أحد الأئمّة ع جاز لسامعه قتله ما لم يخف الضّرر على نفسه أو ماله أو بعض المؤمنين [- كد -] من ادعى النبوة وجب قتله و كذا من صدق من ادّعاها و كذا من قال لا أدري محمد بن عبد اللّٰه صادق أو لا و كان على ظاهر الإسلام [- كه -] السحر عقد و رمي و كلام يتكلّم به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثّر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة و قد يحصل به القتل و المرض و التفريق

ص: 236

بين الرجل و المرأة و بغض أحدهما لصاحبه و محبّة أحد الشخصين للآخر و هل له حقيقة أم لا فيه نظر فمن عمل بالسحر قتل إن كان مسلما و أدب إن كان كافرا من غير أن يقتل و الأقرب أنّه لا يكفر بتعلّمه و تعليمه محرما و لو استحلّه فالوجه الكفر و السحر الذي يجب به القتل هو ما يعدّه في العرف سحرا كما نقل الأموي في مغازيه أنّ النجاشي دعا السواحر فنفخن في إحليل عمارة بن الوليد فهام مع الوحش فلم يزل معها إلى أمارة عمر بن الخطاب فأمسكه إنسان فقال خلّني و إلاّ متّ فلم يخلّه فمات من ساعته و قيل إنّ ساحرة أخذها بعض الأمراء فجاء زوجها كالهائم فقال قولوا لها تخلّ عنّي فقالت ايتوني بخيوط و باب فأتوها بذلك فجلست على الباب و جعلت تعقد فطار بها الباب فلم يقدروا عليها و أمثال ذلك فأمّا الّذي يعزم على المصروع و يزعم أنّه يجمع الجنّ و يأمرها فتطيعه فلا يتعلّق به حكم السحر و الذي يحلّ السّحر بشيء من القرآن أو الذكر و الأقسام فلا بأس و إن كان بالسحر حرم على إشكال [- كو -] يثبت الردّة بشهادة شاهدين عدلين ذكرين أو الإقرار مرّة و لا يثبت بشهادة النساء انضممن أو انفردن و ينبغي للحاكم أن يستظهر في سماع الشهادة فلا يقبل فيها الإطلاق بل لا بدّ من التفصيل لاختلاف المذاهب في التكفير [- كز -] كلّ من فعل محرّما أو ترك واجبا فللإمام تعزيره بما لا يبلغ الحدّ و كميّته منوطة بنظر الإمام و يختلف باختلاف أحوال الحياة و لا يبلغ حدّ الحرّ في الحرّ و لا حدّ العبد في العبد ففي الحرّ من سوط إلى تسعة و تسعين و في العبد إلى تسعة و أربعين و كلّما فيه التعزير من حقوق اللّٰه تعالى يثبت بشاهدين أو الإقرار مرّتين و يعزّر من قذف أمته أو عبده كالأجنبيّ و يكره أن يزاد في تأديب الصبيّ على عشرة أسواط و كذا المملوك فإن ضرب عبده في غير حدّ حدّا استحبّ له عتقه

المقصد الثامن في حدّ القذف
اشارة

و فيه مطالب

الأوّل القذف

و فيه [- ط -] مباحث [- أ -] القذف الموجب للحدّ هو الرمي بالزنا أو اللواط أو النيك أو إيلاج الحشفة مع الوصف بالتحريم مثل أنت زان أو لائط أو زنيت أو ليط بك أو زنيت أو لطت أو يا زان أو يا لائط أو يا منكوحا في دبره و ما يؤدي هذا المعنى صريحا مع معرفة القائل لموضوع اللّفظ بأيّ لغة كان [- ب -] لو قال لولده الذي اعترف به لست ولدي وجب عليه حدّ القذف و كذا لست لأبيك أو زنت بك أمّك أو ابن الزانية و لا حدّ بالتعريض و الكناية كقوله للقرشي يا نبطي و لو أراد به الزنا فهو قذف و يصدق في قصده و يعزّر و كذا لو قال يا ابن الحلال أو أنا لست بزان [- ج -] لو قال زنا فرجك فهو قذف و لو قال لامرأته زنيت بك فهو إقرار و قذف أمّا بالإقرار فإن أكمله أربعا حدّ و إلاّ عزّر و أمّا القذف فيوجب الحدّ بأوّل مرّة و إن كان يحتمل غير القذف لإمكان تفسيره بالإكراه لكنّ الظاهر القذف و لو قال لزوجته يا زانية فقالت زنيت بك فإن أردت زنا قبل النكاح سقط حدّ القذف عن الزّوج و وجب عليها حدّ القذف له و حدّ الزنا إن أقرّت أربعا و إن قالت قصدت نفي الزنا قبل قولها و حدّ الزوج للقذف [- د -] لو قال يا زانية فقالت أنت أزنى منّي فهو قاذف و في طرفها احتمال و لو قال للولد المنفي باللّعان لست من الملاعن فهو قاذف إن أراد تصديق الزوج و إن أراد النفي الشرعي فليس بقاذف و لو قال للقرشي لست من قريش ثم قال أردت أنّ واحدة من أمهاته زنت فليس بقاذف لأنّه لم يعيّن تلك الواحدة بل يجب به التعزير [- ه -] لو قال زنت بك أمّك أو يا ابن الزانية فهو قذف للأمّ و لو قال زنا بك أبوك أو يا ابن الزاني فهو قذف لأبيه و لو قال يا ابن الزانيين فهو قذف للأبوين و لو قال ولدت من الزنا قال الشيخ يكون قذفا للأمّ و فيه نظر لاحتمال انفراد الأب بالزنا أو الأمّ و لا يثبت الحدّ مع الاحتمال فلا يحدّ لاحتمالهما بهما و لو قال ولدتك أمّك من الزنا فالاحتمال هنا أضعف و كان قذفا للأمّ و لو قال يا زوج الزانية أو يا أخا الزانية أو يا أبا الزانية أو يا ابن الزانية فالقذف هنا للمنسوب إليها لا للمواجه فإن كان الولد كافرا و الأمّ مسلمة أو الأب وجب الحدّ لهما مع النسبة إليهما و لو قال للمسلم يا ابن الزانية و كانت الأمّ كافرة أو أمة قال في النهاية يجب الحدّ لحرمة الولد و الأشبه التعزير [- و -] لو قال زنيت بفلان أو لطت به وجب عليه حدّ للمواجه و في ثبوته في المنسوب إليه إشكال قال الشيخ ره يجب لأنّه فعل واحد متى كذب في أحدهما كذب في الآخر و يحتمل العدم و منع الوحدة لأنّ موجب الحدّ في الفاعل الأثر و في المنفعل التأثّر و هما متغايران فلعلّ أحدهما كان مكرها [- ز -] لو قال لابن الملاعنة يا ابن الزانية وجب الحد و لا يجب لو قال لابن المحدودة قبل التوبة أمّا لو قال بعد التوبة ثبت الحد [- ح -] لو قال له يا ديّوث أو يا كشحان أو يا قرنان أو يا قرطبان و كان عارفا بموضوع اللفظة في عرف المستعملين و أنّها تفيد القذف وجب الحدّ و إن لم يعرف قائلها فائدتها فلا حدّ و يعزّر إن قصد بها الأذى و قيل الديوث هو الذي يدخل الرّجال على امرأته و قال تغلب القرطبان الذي يرضى أن يدخل الرجال على نسائه و قال القرنان و الكشحان لم أرهما في كلام العرب و معناه

ص: 237

عند العامة مثل معنى الدّيوث أو قريب منه و قيل القرنان من له بنات و الكشحان من له أخوات و القوّاد المسمار في الزنا و القذف به يوجب التعزير [- ط -] كلّ تعريض يكرهه المواجه و لا يفيد القذف وضعا و لا عرفا يوجب التعزير لا الحدّ كقوله أنت ولد حرام أو حملت بك أمّك في حيضها أو يا فاسق أو يا شارب الخمر و المقول له متظاهر بالسرّ أو قال لزوجته لم أجدك عذراء و لو قال يا خنزير أو يا رقيع أو يا وضيع أو يا خسيس أو يا كلب أو يا مسخ أو غير ذلك و كان المقول له مستحقّا للاستحقاق فلا حدّ عليه و لا تعزير و إن لم يكن مستحقا لذلك عزّر و كذا لو عيّره بشيء من بلاء اللّٰه تعالى أو أظهر ما هو مستور منه كقوله يا أجذم أو يا أبرص أو يا أعمى أو يا أعور و لو قذف رجل آخر فقال ثالث للقاذف صدقت فالأقرب استحقاق التعزير دون الحدّ و لو قال أخبرني فلان أنّك زنيت لم يكن قاذفا سواء صدّقه المخبر أو كذّبه و عليه التعزير و إن صدقه المخبر و لو قال من رماني فهو ابن الزانية فرماه رجل فلا حدّ عليه إجماعا و كذا لو اختلف رجلان في شيء فقال أحدهما الكاذب هو ابن الزانية فلا حدّ لأنّه لم يعيّن أحدا

المطلب الثاني القاذف

و فيه [- ه -] مباحث [- أ -] يعتبر في القاذف البلوغ و العقل و الاختيار إجماعا فلو قذف الصّبي بالغا لم يحدّ بل يعزّر و كذا لو قذف المجنون الكامل و لو أكره البالغ على القذف فلا حدّ و لا تعزير [- ب -] لا فرق بين أن يكون القاذف في دار الحرب أو في دار الإسلام فإنّ الحدّ الكامل يجب عليه في الدارين [- ج -] هل يشترط في الحدّ الكامل الحرّية الأشهر عدم الاشتراط فلو قذف العبد العاقل حرا محصنا وجب عليه ثمانون كالحر و قيل عليه نصف الحدّ و الأوّل أقوى لعموم الآية [- د -] لا فرق في القاذف بين الذكر و الأنثى و المسلم و الكافر [- ه -] لو ادّعى المقذوف حرية القاذف فأنكر القاذف فعلى قولنا لا فائدة لوجوب الحدّ عليه كملا أما على القول الآخر فالقول قول القاذف لأنه شبهة

المطلب الثالث في المقذوف

و فيه [- د -] مباحث [- أ -] يشترط في المقذوف البلوغ و كمال العقل و الحرّية و الإسلام و العفة عن الزنا و يقال لجامع هذه الصفات المحصن و هو لفظ مشترك بين معان أربعة وردت في الكتاب العزيز أحدها هذا قال تعالى وَ اَلَّذِينَ يَرْمُونَ اَلْمُحْصَنٰاتِ الثاني المزوّجات قال تعالى وَ اَلْمُحْصَنٰاتُ مِنَ اَلنِّسٰاءِ إِلاّٰ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ .. مُحْصَنٰاتٍ غَيْرَ مُسٰافِحٰاتٍ الثالث الحرائر قال تعالى وَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ اَلْمُحْصَنٰاتِ اَلْمُؤْمِنٰاتِ - وَ اَلْمُحْصَنٰاتُ مِنَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتٰابَ - فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مٰا عَلَى اَلْمُحْصَنٰاتِ مِنَ اَلْعَذٰابِ الرابع الإسلام قال تعالى فَإِذٰا أُحْصِنَّ قال ابن مسعود إحصانها إسلامها إذا ثبت هذا فمن قذف محصنا بالمعنى الأوّل وجب بقذفه الحدّ و من قذف فاقدها أو فاقد بعضها فلا حدّ بل يجب عليه التعزير [- ب -] لو كان المقذوف صبيّا حرا أو بالغا مملوكا أو حرا بالغا كافرا أو حرّا بالغا مسلما متظاهرا بالزنا فلا حدّ بل فيه التعزير بحسب ما يراه الإمام في ذلك كلّه سواء كان القاذف جامعا لها أو لا [- ج -] لو قذف الأب ولده المحصن و إن نزل لم يحدّ كاملا بل عزّر و لو قذف الزّوج زوجته حدّ كملا فإن كانت ميتة كان لورثتها المطالبة بالحدّ كملا فإن عفا بعضهم كان للباقي الحدّ كملا و لو كان الورثة أولاده لم يكن لهم المطالبة بالحدّ و لو كان لها أولاد منه و من غيره كان للولد من غيره الحد كملا و لو قذف الولد أباه حدّ كملا و كذا لو قذفت الأمّ ولدها حدّت كملا و كذا الولد لو قذف أمّه أو الأقارب [- د -] لو كان المقذوف صبيّا لم يحدّ القاذف كملا بل عزّر وحده دون البلوغ فلا حدّ على من قذف من بلغ عشر سنين و يجب الحدّ كملا على قاذف الخصي و المجبوب و المريض المدنف و الرتقاء

المطلب الرّابع في الأحكام

و فيه [- يج -] بحثا [- أ -] حدّ القذف ثمانون جلدة حرا كان القاذف أو عبدا على الأقوى و يجلّد بثيابه و لا يجرّد و يضرب متوسطا دون ضرب الزنا و يشهر القاذف ليجتنب شهادته فإن حد في القذف ثمّ قذف ثانية حدّ مرة أخرى سواء كان المقذوف هو الأوّل أو غيره فإن قذف ثالثة قتل سواء كان المقذوف هو الأوّل أو غيره و قيل بل يقتل في الرابعة و هو أولى و لو قذف مرارا عدّة و لم يحد لم يقتل و لو قذف فحدّ فقال الذي قلت كان صحيحا وجب بالثاني التعزير لأنه ليس صريحا في القذف و إذا تكرّر القذف مرارا عدّة وجب له حدّ واحد لا أكثر [- ب -] يثبت القذف بشهادة عدلين أو الإقرار أو مرتين و يشترط في المقرّ البلوغ و العقل و الحرّية و لا يقبل فيه شهادة النساء انفردن أو انضممن و لو أنقضت البيّنة أو الإقرار فلا حدّ و لا يمين على المنكر [- ج -] يشترط في إقامة الحدّ بعد تمام القذف بشروطه أمران مطالبة المقذوف لأنّه حقّه و أن لا يأتي القاذف بالبيّنة لقوله تعالى ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ و كذا يشترط عدم إقرار المقذوف لأنّه كالبيّنة و إن كان القاذف زوجا اشترط ثلاث و هو امتناعه من اللعان و يشترط في الطلب الاستدامة إلى إقامة الحدّ فلو طلب ثمّ عفا عن الحدّ سقط [- د -] لو قذف جماعة بألفاظ متعدّدة واحدا بعد الآخر فلكلّ واحد حدّ و لو قذفهم بلفظ واحد مثل

ص: 238

أن يقول يا زناة فإن اجتمعوا في إحضاره فللكلّ حدّ واحد فإن جاءوا به متفرقين فلكلّ واحد حدّ كامل و كذا ما يوجب التعزير و كذا لو قال يا ابن الزانيين فالحدّ للأبوين فإن جاءوا به مجتمعين فلهما معا حدّ واحد و إن افترقا في المطالبة على التعاقب فلكلّ واحد حدّ [- ه -] حدّ القذف موروث يرثه من يرث المال من الذكور و الإناث عدا الزوج و الزوجة و إذا ورث الحدّ جماعة فعفا بعضهم لم يسقط من الحدّ شيء و كان للباقيين المطالبة بالحدّ على الكمال و إن كان الباقي واحدا و لو عفا الجميع أو كان المستحقّ واحد فعفا سقط الحدّ و لو قال ابنك زان أو لائط أو بنتك زانية أو يا أب الزانية أو يا أب الزاني فالقذف للولد و البنت لا للأب فإن سبق الابن أو البنت بالعفو سقط و إن سبق الأب بالمطالبة قال الشيخ ره كان له استيفاء الحدّ و له العفو و ليس بمعتمد [- و -] يجوز العفو عن الحدّ من مستحقّه قبل ثبوت الحقّ و بعده و ليس للحاكم المداخلة فيه و لا يقام الحدّ إلاّ مع مطالبة مستحقّه به و لو تقاذف اثنان سقط الحد و عزّرا معا و لو تنابز الكفّار بالألقاب و التعيير بالأمراض و خشي حدوث فتنة حبسها الإمام بما يراه [- ز -] لو قذف الغائب لم يقم عليه الحدّ حتّى يقدم و يطلب و لو قذف عاقلا فجنّ بعد قذفه و قبل طلبه فالأقرب أن لوليّه المطالبة و العفو و كذا لو قذف الصبيّ فالوجه أنّ للأب المطالبة [- ح -] إذا قال يا لوطي سئل فإن قال أردت أنّك من قوم لوط فلا شيء عليه و إن قال أردت أنّك تعمل عمل قوم لوط فهو كقذف الزنا يجب به الحدّ و كذا لو قذف امرأة بالوطي في دبرها أو قذف رجلا بوطي امرأة في دبرها فعليه الحد و لو قال أردت أنّك على دين لوط أو أنّك تحبّ الصبيان أو تقبلهم أو تنظر إليهم بشهوة أو أنّك تتخلّق بأخلاق قوم لوط أو أنك منهيّ عن الفاحشة كنهي لوط قبل تفسيره و عزّر فيما يوجب الأذى و لو قذفه بإتيان البهيمة فالأقرب التعزير بخلاف ما لو قذفه بالزنا بالصّبية أو المجنونة أو الأمة و لو قذفه بالمباشرة دون الفرجين أو بالوطي بالشبهة أو قذف امرأة بالمساحقة أو بالوطي مستكرهة أو قذف باللمس أو بالنظر فلا حدّ و الضابط أنّ كلّ ما لا يوجب الحدّ عليه بفعله لا يجب الحدّ على القاذف به و يجب في ذلك كلّه التعزير و لو قال الرّجل يا مخنّث و قصد أن فيه طباع التأنيث و التشبيه بالنساء أو قال لامرأة يا قحبة و قصد أنّها يستعدّ لذلك فلا حدّ عليه و لو قصد بشيء من ذلك الزنا حدّ و لو قال أنا احتلمت بأمّك البارحة عزّر [- ط -] لو قذف رجلا فلم يقم عليه الحدّ حتّى زنا المقذوف لم يسقط الحدّ عن القاذف على أقوى الوجهين و يحتمل سقوطه و اعتبار استدامة الشروط إلى حال إقامة الحدّ و لو وجب الحدّ على ذمّي أو مرتدّ فلحق بدار الحرب ثمّ عاد لم يسقط عنه الحدّ و لو قال القاذف كنت صغيرا حين القذف و قال المقذوف كنت كبيرا فالقول قول القاذف و لو أقام كلّ منهما بيّنة بدعواه فإن أطلقت البيّنتان أو اختلفتا في التاريخ فهما قذفان يوجب أحدهما الحدّ و الآخر التعزير و إن اتفقتا في التاريخ تعارضتا و سقطتا و كذا لو تقدّم تاريخ بيّنة المقذوف [- ى -] لو قذف مسلما محصنا و قال أردت أنه زنى و هو مشرك لم يلتفت إلى قوله و حدّ القاذف و كذا الحر لو كان عبدا و لو قال له زنيت في كفرك أو عبوديتك ففي الحدّ إشكال أقربه الوجوب [- يا -] لو قذف أمّ النبي ص أو بنته أو قذف النبي ص فهو مرتدّ [- يب -] إنما يجب الحدّ بقذف ليس على صورة الشهادة الكاملة النصاب فلو شهد وحده أو مع اثنين حدّ و الشهادة هي التي تؤدي في مجلس القضاء بلفظ الشهادة و ما عداه قذف [- يج -] التعزير يجب في كلّ جناية لا حدّ فيها كالوطي في الحيض للزوجة و الأجنبيّة فيما دون الفرج و سرقة ما دون النصاب أو من غير حرز أو النهب أو الغضب أو الشتم بما ليس بقذف و أشباه ذلك و تقديره بحسب ما يراه الإمام و روى الشيخ عن يونس عن إسحاق بن عمّار قال سألت أبا إبراهيم ع عن التعزير كم هو قال بضعة عشر سوطا ما بين العشرة إلى العشرين و قد وردت أحاديث في أشياء مخصوصة بأكثر من ذلك غير أنّه لا يجوز الزيادة به على الحدّ و ليس لأقله قدر معيّن لأنّ أكثره مقدّر فلو قدّر أقلّه كان حدّا و هو يكون بالضرب و الحبس و التوبيخ من غير قطع و لا جرح و لا أخذ مال و التعزير واجب فيما يشرع فيه التعزير و لا ضمان لمن مات به

كتاب الجنايات

اشارة

و فيه مقدمة و مقاصد

و أما المقدّمة

ففيها [- د -] مباحث [- أ -] القتل من أعظم الكبائر قال اللّٰه تعالى وَ لاٰ تَقْتُلُوا اَلنَّفْسَ اَلَّتِي حَرَّمَ اَللّٰهُ إِلاّٰ بِالْحَقِّ يعني بالقود و ما شابهه و قال تعالى وَ إِذَا اَلْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ و قال تعالى وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزٰاؤُهُ جَهَنَّمُ خٰالِداً فِيهٰا وَ غَضِبَ اَللّٰهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذٰاباً عَظِيماً و قال رسول اللّٰه ص أوّل ما ينظر اللّٰه بين الناس في الدماء و مرّ ص بقتيل فقال من لهذا فلم يذكر له أحد فغضب ثمّ قال و الذي نفسي بيده لو اشترك فيه أهل السماء و الأرض لأكبّهم اللّٰه في النار و روى ابن بابويه في الصحيح عن الصادق ع قال من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيمة بين عينيه مكتوب آيس من رحمة اللّٰه و عن الصادق ع قال قال رسول اللّٰه ص حين قضى مناسكه و وقف بمنى في حجّة الوداع أيّها الناس اسمعوا ما أقول لكم و اعقلوه فإنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم في هذا الموقف بعد عامنا هذا ثمّ قال أيّ يوم أعظم حرمته قالوا هذه الأيام قال فإن دماءكم و أموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا إلى يوم تأتونه فيسألكم عن أعمالكم ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللّٰهمّ اشهد ألا و من كانت عنده أمانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها فإنّه لا يحلّ دم امرئ مسلم و لا ماله إلا

ص: 239

بطيبة نفسه فلا تظلموا أنفسكم و لا ترجعوا بعدي كفّارا و عن الباقر ع قال قال رسول اللّٰه ص أوّل ما يحكم اللّٰه عزّ و جلّ فيه يوم القيامة الدماء فيقول ابنا آدم فيفصل بينهما ثمّ الذين يلونهما من أصحاب الدماء حتّى لا يبقى منهم أحد من الناس بعد ذلك حتّى يأتي المقتول بقاتله فيشخب دمه في وجهه فيقول هذا قتلني فيقول أنت قتلته فلا يستطيع أن يكتم اللّٰه حديثا و عن الصادق ع في رجل يقتل رجلا مؤمنا قال يقال له مت أيّ ميتة شئت إن شئت يهوديّا و إن شئت نصرانيّا و إن شئت مجوسيا و الأحاديث في ذلك كثيرة [- ب -] يقبل توبة القاتل و إن كان عمدا فيما بينه و بين اللّٰه تعالى و قال ابن عباس لا يقبل توبته لأنّ قوله تعالى وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً إلى آخره نزلت بعد قوله وَ لاٰ تَقْتُلُوا اَلنَّفْسَ إلى قوله إلاّ من تاب بستة أشهر و لم يدخلها النسخ و الصحيح ما قلناه لقوله تعالى وَ هُوَ اَلَّذِي يَقْبَلُ اَلتَّوْبَةَ عَنْ عِبٰادِهِ و قال اللّٰه تعالى إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مٰا دُونَ ذٰلِكَ لِمَنْ يَشٰاءُ و في الحديث عن النّبي ص من طريق الجمهور أنّ رجلا قتل مائة رجل ظلما ثمّ سئل هل له من توبة فدلّ على عالم فسأله فقال و من يحول بينك و بين التوبة و لكن أخرج من قرية السوء إلى القرية الصالحة فأعبد اللّٰه فيها فخرج تائبا فأدركه الموت في الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب فبعث اللّٰه إليهم ملكا فقال قيسوا ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب فاجعلوه من أهلها فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة بشبر فجعلوه من أهلها و لأنّ التوبة تسقط عقاب الكفر فالقتل أولى و الآية مخصوصة بمن لم يثبت أو أن هذا جزاء القاتل فإن شاء اللّٰه تعالى استوفاه و إن شاء غفر له و النسخ و إن لم يدخل الآية لكن دخلها التخصيص و التأويل [- ج -] روى ابن بابويه في الصحيح عن عبد اللّٰه بن سنان و ابن بكير عن الصادق ع قال سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمّدا أ له توبة فقال إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له و إن كان قتل بغضب أو بسبب شيء من أمر الدنيا فإن توبته أن يقاد منه و إن لم يكن علم به أحد انطلق إلى أولياء المقتول فأقرّ عندهم بقتل صاحبهم فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية و أعتق نسمة و صام شهرين متتابعين و أطعم ستين مسكينا توبة إلى اللّٰه عزّ و جلّ و في هذا الحديث فوائد كثيرة منها أنّ القاتل إن قتل المؤمن لإيمانه فلا توبة له لأنّه يكون قد ارتد لأنّ قتله لإيمانه إنّما يكون على تقدير تكذيبه فيما اعتقده و لا يقبل توبة المرتد عن فطرة و منها أنّه لو قتله على غير هذا الوجه قبلت توبته و هو خلاف ما نقل عن ابن عبّاس و منها أنّ حدّ التوبة تسليم القاتل نفسه إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوه و إن شاءوا عفوا عنه و منها أنّ كفارة العمد هي كفّارة الجمع إذا عرفت هذا فالقتل يشتمل على حقّ للّه تعالى و هو المخالفة بارتكاب هذا الذنب العظيم و هو يسقط بالاستغفار و على حقّ للوارث و هو يسقط بتسليم نفسه أو الدية أو عفو الورثة عنه و حقّ للمقتول و هو الآلام التي أدخلها عليه بقتله و تلك لا ينفع فيها التوبة لا بدّ من القصاص في الآخرة و يمكن أن يكون قول ابن العباس إشارة إلى هذا [- د -] أقسام القتل ثلاثة عمد محض و خطأ محض و خطأ شبيه العمد فالعمد يحصل بقصد البالغ العاقل إلى القتل بما يقتل غالبا أو نادرا على الأقوى إذا حصل به القتل و هذا يحصل بالقصد إلى الفعل الذي يحصل به الموت و إن لم يكن قاتلا في الغالب إذا لم يقصد به القتل كالضرب بحصاة أو عود خفيف أو غرز الإبرة التي لا يعقب ألما ظاهرا الأقرب إلحاقه بشبيه العمد دون العمد فلا قصاص فيه نعم لو أعقب ورما و ألما حتّى مات وجب القصاص و أمّا شبه العمد فإن يقصد إلى فعل يحصل معه الموت من غير قصد إلى الموت و لا يكون ذلك الفعل مؤديا إليه غالبا كمن يضرب للتأديب فيموت و أمّا الخطاء المحض فإن يرمي طائرا مثلا فيصيب إنسانا و الأصل في العمد أن يكون الفاعل عامدا في فعله و قصده و شبيه العمد أن يكون عامدا في فعله مخطئا في قصده و الخطاء المحض أن يكون مخطئا فيها

المقصد الأوّل في العمد
اشارة

و مطالبه أربعة

الأوّل في علّة تحققه
اشارة

و فيه فصول

الأول في تمييز المباشر و السّبب و الشرط

و فيه [- ح -] مباحث [- أ -] العمد يقع إمّا بالمباشر أو بالتسبيب فالمباشر كالذبح و الخنق و الضرب بالسيف و السكين و القتل و الجرح و لو بغرز الإبرة في المقتل كالعين و الفؤاد و الخاصرة و الصدغ و أصل الأذن سواء بالغ في إدخالها في البدن أو لا أمّا لو غرز بالإبرة في غير المقتل فإن بالغ في إدخالها في البدن فهو كالجرح الكبير لأنّه قد يشدّ ألمه و يقضى إلى الموت و إن كان يسيرا أو جرحه بالكبير جرحا لطيفا كشرطة الحجام فما دون فإن بقي من ذلك زمنا حتّى مات ثبت القود و إن مات في الحال فالوجه أنّه شبيه العمد على ما قلنا و روي أنّه يوجب القصاص و أمّا السّبب فما له أثر في التوليد كشهادة الزور و تقديم الطعام المسموم إلى الضيف [- ب -] الفعل الذي يحصل الموت عقيبه ينقسم إلى شرط و علّة و سبب فالشرط هو الذي يحصل عنده لا به كحفر البئر مع التردية فإنّ الموت بالتردية لكن الحفر شرط و كذا الإمساك مع القتل و لا يتعلّق القصاص بالشرط و العلّة ما تولّد الموت إمّا ابتداء بغير واسطة كجزّ الرقبة و إمّا بوسائط كالرمي فإنّه يولد الجرح و الجرح يولد السراية و السراية تولّد الموت و أمّا السبب فماله أثر في التوليد لكنّه يشبه الشرط من وجه كما قلنا في شهادة الرمي و شبهها [- ج -] لو رماه بسهم فقتله أو رماه بحجر يقتل مثله أو خنقه بحبل و لم يرخ عنه حتّى مات أو أرسله منقطع النفس أو ضمنا حتى

ص: 240

مات فهو عمدا أمّا لو حبس نفسه يسيرا لا يقتل مثله غالبا ثمّ أرسله فمات وجب القصاص إن قصد القتل و الدّية إن لم يقصد أو اشتبه القصد [- د -] لو ضربه بعصا مكرّرا ما لا يحتمله مثله غالبا بالنسبة إلى بدنه و زمانه فمات فهو عمد كما لو ضرب المريض ضربا يقتل المريض دون الصّحيح و لو ضربه ضربا لا يقتل مثله فحصل به مرض و استمر حتّى مات فهو عمد و لو حبسه عن الطعام و جوعه حتّى مات جوعا وجب القصاص و كذا لو حبسه مدّة عن الشراب لا يحتمل مثله الصبر عنه فمات و لو كان به بعض الجوع فحبسه حتّى مات جوعا فإن علم جوعه فالقصاص كما لو ضرب مريضا ضربا يقتل به المريض و إن لم يعلم احتمل القصاص و كلّ الدية و النصف على ضعف [- ه -] لو حصل السبب و قدّر المقصود على دفعه فإن كان السبب مهلكا و الدفع غير موثوق به فالقصاص على فاعل السبب كما لو جرحه و ترك معالجة الجرح فمات لأنّ السراية من الجرح المضمون لا من ترك المداواة و لو فقد المعينان فلا قصاص كما لو قصده فلم يعصب حتّى نزف الدّم أو ألقاه في ماء قليل فبقي مستلقيا حتّى غرق و لو كان السّبب مهلكا لكن الدفع سهل وجب القصاص كما لو ألقى العارف بالسباحة فيما مغرق فلم يسبح لأنّه ربّما ذهل عن السباحة و كذا لو ألقاه في نار فوقف حتّى أحرق لأنّ الأعصاب قد تتشنّج بملاقاة النار فيعسر الحركة و لو عرف أنّه ترك الخروج تخاذلا فلا قود لأنّه أعان على نفسه و الأقرب عدم الدية أيضا لاستقلاله بإتلاف نفسه [- و -] سراية الجراح عمدا مضمونة فلو جرح المكافي فسرت الجراحة إلى النفس فمات المجروح وجب القود في النفس سواء كان الجرح مما يقتل غالبا أو لا يقتل أصلا إذا عرف أنّ الموت حصل بسرايته و لو اشتبه فلا قود في النفس و لا دية بل في الجرح و لا اعتبار بقصد الجارح في السراية فلو لم يقصد الإتلاف فحصل به الجرح المقصود وجب القود و كذا لو سرت الجراحة إلى غير النفس فإنّها مضمونة توجب القصاص في العضو الآخر أو الدية سواء كان ممّا لا يمكن مباشرته بالإتلاف كما لو هشمه في رأسه فذهب ضوء عينيه وجب القصاص فيه إجماعا أو يمكن مباشرته بالإتلاف كما لو قطع إصبعا فتأكلت أخرى و سقطت من مفصل و لو قطع إصبعا فشلّت الأخرى وجب القصاص في المقطوعة و الأرش في الشلاء و سراية القود غير مضمونة و هي أن يقطع طرفا فيجب القود فيه فاستوفى منه المجني عليه ثمّ مات الجاني بسراية الاستيفاء لم يلزم المستوفى شيء [- ز -] لو ألقى نفسه من شاهق على إنسان و كان الوقوع ممّا يقتل غالبا أو نادرا مع قصد الملقي نفسه إلى إتلاف الأسفل فهلك الأسفل وجب على الملقي نفسه القود و إن لم يقتل غالبا أو لم يقصد الإتلاف فهو شبيه عمد و دم الملقي نفسه هدر [- خ -] الذي اختاره الشيخ ره لا حقيقة للسحر و في الأحاديث ما يدلّ على أنّ له حقيقة فعلى ما ورد في الأخبار لو سحره فمات بسحره ففي القود إشكال و الأقرب الدية لعدم اليقين بذلك و لو أقر أنّه قتله بسحره فعليه القود عملا بإقراره و في الأحاديث يقتل الساحر قال الشيخ ره في الخلاف يحمل ذلك على قتله حدّا و على قول الشيخ ره لا يثبت على الساحر قصاص و لا دية و إن أقرّ أنّه قتله بسحره و لو قال الساحر إن سحره يقتل نادرا فلا قصاص إلاّ أن يعترف بالقصد إلى القتل

الفصل الثاني في اجتماع المباشر و السبب
اشارة

و هو قسمان

الأول أن يكون السبب أغلب

و فيه [- ز -] مباحث [- أ -] الإكراه يوجب إيجاد داعية في المكره إلى القتل غالبا فعندنا القصاص على المكره المباشر دون الآمر و لا يتحقّق الإكراه في القتل بل يجب على المكره تحمل الضرر و لا يقتل المؤمن المعصوم الدّم و لو بلغ الضرر إلى القتل فيقتل هو و لا يقتل غيره نعم يخلّد الآمر السجن و قد روي أنّه يقتل الآمر و يحبس القاتل دائما و المعتمد الأوّل و لو طلب الوليّ الدية كانت على المباشر أيضا دون الآمر و يتحقّق الإكراه فيما عدا القتل هذا إذا كان المقهور بالغا عاقلا و لو كان غير مميّز كالطفل و المجنون فالقصاص على المكره دون المباشر لأنّه كالآلة سواء في ذلك المباشر الحرّ و العبد و لو كان صبيّا غير بالغ إلاّ أنّه مميّز عارف و هو حرّ فلا تودوا الدّية على عاقلته و إن كان مملوكا تعلقت الجناية برقبته و لا قود و قال في الخلاف إن كان المملوك صغيرا أو مجنونا فالدية و لا قود و ليس بمعتمد [- ب -] لو قال له اقتلني و إلاّ قتلتك لم يسغ القتل فإنّ التحريم لا يرتفع بالإذن فإن قتله سقط القصاص لأنّه أسقط حقّه بالإذن فلا يتسلّط الوارث و عندي فيه نظر و لو قال اقتل نفسك فإن كان مميّزا فلا شيء على المكره و إن كان غير مميّز فعلى الآمر القود و هل يتحقّق إكراه العاقل هنا إشكال [- ج -] يتحقّق الإكراه فيما دون النفس إجماعا فلو قال اقطع يد هذا فالقصاص على الآمر دون المباشر و لو قال اقطع يد هذا أو هذا و إلاّ قتلتك فاختار القاطع يد أحدهما احتمل القصاص على المباشر لأنّ الإكراه لم يقع على التعيين فهو مخيّر فيه و الأقوى أنّه على الآمر لتحقّق الإكراه و عدم التخلّص إلاّ بأحدهما [- د -] شهادة الزور تولّد في القاضي داعية القتل فهي سبب في الإتلاف على ما تقدّم تعريف السبب فيتعلّق القصاص بالشاهدين مع الحكم و الاستيفاء و لا ضمان على القاضي و لا الحدّاد و لو علم الوليّ التزوير و باشر القصاص كان القود عليه لوجود المقتضي و هو القتل العمد و العدوان قصدا مع انتفاء مانعيّة الغرور [- ه -] لو قدّم إليه طعاما مسموما فأكله جاهلا به فللولي القود لانتفاء حكم المباشرة بالغرور و لو كان المتناول عالما به و هو مميّز فلا قود و لا دية و لو لم يكن مميّزا فكالجاهل و لو جعل السم في طعام صاحب المنزل فوجده صاحبه فمات قال الشيخ ره عليه القود و فيه نظر و لو ترك سما

ص: 241

في طعام نفسه و تركه في منزله فدخل إنسان فأكله من غير إذنه فلا ضمان عليه بقصاص و لا دية سواء قصد بذلك قتل الآكل مثل أن يعلم أنّ ظالما يريد هجوم داره فيترك السم في الطّعام ليقتله فكان كما لو حفر بئرا في داره ليقع فيها اللصّ و لو دخل بإذنه و أكل الطعام المسموم من غير إذنه فلا ضمان أيضا و لو كان السمّ مما لا يقتل غالبا فإن قصد إتلافه بإطعامه إياه فهو عمد و إن أطعمه إياه و لم يقصد القتل فهو شبيه عمد فإن اختلف فيه هل يقتل مثله غالبا أم لا و هناك بيّنة عمل بها و إن لم يكن بيّنة فالقول قول الساقي لأصالة عدم وجوب القصاص فلا يثبت بالشك و إن ثبت أنّه قاتل فقال لم أعلم أنّه قاتل احتمل القود لأنّ السمّ من جنس ما يقتل غالبا فأشبه ما لو جرحه و قال لم أعلم أنّه يموت منه و عدمه لجواز خفائه و كان شبهة في سقوط القود فيجب الدّية [- و -] لو حفر بئرا في طريق أو في داره و غطّاها و دعا غيره فأجازه عليها فوقع فمات فعليه القود لأنّه مما يقتل غالبا و قد قصده [- ز -] لو جرحه مجهزا فداوى نفسه بدواء سمي فمات فالجارح قاتل و عليه القود و لو لم يكن الجرح مجهزا فإن كان السمّ مجهزا فالقاتل هو المقتول فعلى الجارح القصاص في الجرح خاصّة أو الأرش فيه إن لم يكن فيه قصاص و لو كان السمّ غير مجهز و الغالب معه السلامة و حصل الموت فقد حصل الموت بفعل الجارح و المجروح فليسقط ما قابل فعل نفسه و يقتصّ من الجارح في النفس بعد ردّ نصف الدّية و كذا لو كان السمّ غير مجهز و كان الغالب معه التلف و كذا لو خاط المجروح جرحه في لحم حيّ فسرى فيها فعلى الجارح القصاص في النفس بعد ردّ نصف ديته

القسم الثاني أن لا يكون السّبب أغلب

و فيه [- و -] مباحث [- أ -] السبب قد يصير مغلوبة كما لو ألقاه من شاهق فتلقّاه إنسان بسيفه و قطعه بنصفين فالحوالة في القصاص على المباشر و لا شيء على الملقي سواء عرف ذلك أو لم يعرف أمّا لو ألقاه في ماء مغرق فالتقمه الحوت فالقصاص على الملقي لأنّ فعل الحوت لا يعتبر فهو كنصل منصوب في عمق البئر و يحتمل عدم القصاص لأنّه لم يقصد إتلافه بهذا النوع و اجتياز الحيوان شبهة فيجب الدّية أمّا لو ألقاه إلى الحوت فالتقمه فعليه القود لأنّه مما يقتل مثله بالطبع فصار كالآلة [- ب -] قد يعتدل السبب و المباشر كالإكراه على القتل فالقصاص على المباشر دون المكره و عليه الكفّارة أيضا و حرمان الميراث متعلق به أيضا دون الآمر و لو أكره إنسانا على أن يرمي إنسانا ظنّه الرامي جرثومة فلا قصاص على الرامي لجهالته و هل يثبت على الآمر فيه نظر فإن أوجبناه عليه فلا شيء على المباشر و إن أخرجناه عن الفعل بالكلّية فعلى عاقلته المباشر الدّية لأنّه بالنّسبة إليه خطأ و لو أكره صغيرا غير مميّز على القتل فالحوالة في القصاص هنا على الآمر لأنّ الصغير كالآلة و لو أمسكه واحد و قتله آخر قتل القاتل و حبس الممسك دائما و لو نظر لهما ثالث سملت عيناه و لا يرجع أحدهم على الوليّ بشيء [- ج -] لو أكرهه على صعود نخلة فزلقت رجله فمات فالقصاص على المكره على إشكال و الأقرب وجوب الدّية عليه أمّا لو أكرهه على قتل نفسه فلا قصاص على المكره إذ لا معنى لهذا الإكراه و لو أمره بالنزول إلى بئر فمات فهو كما لو أمره بالصعود على الشجرة يضمن الدية و لو كان ذلك لمصلحة عامّة كان الدية من بيت المال و لو أمره من غير إكراه فلا دية و لا قود و أمر المتغلب المعلوم من عادته السطوة عند المخالفة كالإكراه و لو أمره سلطان واجب الطاعة تقبل من علم المأمور أنّه مظلوم إمّا لمعرفته بفسق الشاهدين أو بنحو ذلك لم يعذر نعم لو قال إنّ الخروج عن طاعته نائب الإمام فساد فظننت ذلك مبيحا فالوجه أنّه شبهة يسقط بها القصاص و يثبت الدية عليه و يباح بالإكراه كلّ شيء من الزنا و شرب الخمر و الأوطار و إتلاف مال الغير و كلمة الردة و غير ذلك إلاّ القتل و الأقرب وجوب هذه الأشياء معه [- د -] لو أنهشه حيّة يقتل مثلها غالبا وجب عليه القصاص و لو كان يقتل نادرا فإن قصد القتل فهو عمد و إلاّ فهو شبيهه كالإبرة و لو ألقى عليه حية قاتلا فنهشته فهلك فالقود عليه لجريان العادة بالتلف معه و لو جمع بينهما في بيت واحد فالأشبه ذلك [- ه -] لو أغرى به كلبا عقورا فقتله فالقود عليه لأنّه كالآلة و كذا لو ألقاه إلى أسد فافترسه سواء كان في مضيق أو برّية إذا لم يمكنه الاعتصام منه و لو كتفه و ألقاه في أرض مسبعة فافترسه الأسد اتفاقا فلا قصاص و عليه الدية و المجنون الضاري كالسبع [- و -] لو حفر بئرا في الطريق المسلوك فدفع إنسان غيره فيها فالقصاص على الدافع دون الحافر و لو لم يدفعه أحد فالدية على الحافر

الفصل الثّالث في طريان المباشرة على المباشرة

و فيه [- ز -] مباحث [- أ -] لو جرحه ثمّ عضّه الأسد و سرتا وجب على الجارح القود بعد أن يردّ عليه المقتص نصف الدية [- ب -] إذا كان أحد المباشرين أقوى قدّم فلو جرحه الأوّل و حياته مستقرّة بعد الجرح و قطع الثاني رأسه فالقود على الثاني سواء كان جرح الأوّل ممّا يفضي معه بالموت غالبا كشقّ الجوف و المأمومة أو لا يفضي به كقطع الأنملة و يقتصّ من الأوّل في الجراح و لو صيّره الأول في حكم المذبوح بحيث لا يبقى حياته مستقرة فقدّه الثاني بنصفين فالقصاص على الأوّل و يعزّر الثاني و لا يقتصّ منه و الأولى إلى أن فعله بالجاني على الأموات [- ج -] لو قطع واحد يده من الكرع ثمّ قطعها الثاني من المرفق ثمّ مات فإن كان جراحة الأوّل برأت قبل قطع الثاني فالقاتل الثاني خاصة و على الأوّل القصاص في يده و لو لم يبرئ فهما قاتلان و يجب القصاص على الأوّل و الثاني بعد ردّ الدية

ص: 242

عليهما بالسّوية و لا ينقطع سراية الأوّل لأنّ الألم الحاصل بفعله لم يزل بل الضم إليه الألم الثاني فضعفت النفس عن احتمالهما فرضت بهما بخلاف ما لو قطع واحد يده ثمّ قتله آخر لانقطاع السراية بالتعجيل و في الأول نظر و لا فرق بين أن يقطعه الثاني عقيب قطع الأول أو بعده بحيث يأكل و يشرب ثمّ يقطعه الثاني و كذا لو عاش بعدهما معا و أكل و شرب [- د -] لو قطع واحد يده و آخر رجله فاندمل أحدهما و سرى الآخر فمن اندمل قطعه فهو جارح و الآخر قاتل يقتصّ منه بعد ردّ دية الجرح المندمل و لو قطع أحد الثلاثة رجله و أوضحه الثالث ثمّ سرى الجميع فللوليّ قتل الثلاثة بعد ردّ ديتين عليهم و له قتل واحد و يردّ الآخران على ورثته ثلثي ديته و له قتل اثنين به و يردّ الآخر عليهما ثلث الدّية و يردّ وليّ المجنيّ عليه ثلث الدية و لو برأت جراحة أحدهم و مات من الآخرين اقتصّ الوليّ من الذي يؤاجره في الجرح و قتل الآخران بعد أن يردّ عليهما دية كاملة يقتسمانها أو يقتل أحدهما و يردّ الآخر عليه نصف الدية فلو ادّعى الموضح أنّ جرحه برأ و كذبه الآخران فإن صدّقه الوليّ سقط عنه القصاص و ثلث الدّية و طالبه بالقصاص في الموضحة أو ديتها و لا يقبل قول الوليّ في حقّ الشريكين لكن إن طلب القود كان له قتلهما بعد أن يردّ عليهما الدية و لو طلب الدية لم يكن له إلزامهما بأكثر من الثلثين و إن كذبه الوليّ حلف و له القصاص أو المطالبة بثلث الدية و إن شهد الشريكان بالاندمال لزمهما الدية كاملة و للوليّ أخذها منهما إن صدّقهما و إن لم يصدّقهما و عفا إلى الدية لم يكن له أكثر من ثلثيها لأنّه لا يدّعي أكثر من ذلك و يقبل شهادتهما إن كان قد تابا و عدلا فيسقط عنه القصاص و ما زاد عن أرش الموضحة [- ه -] لو اتّحد القاطع فقطع يد رجل ثمّ قطع رجله ثمّ سرت الجرحان قتل و هل يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس قال في المبسوط و الخلاف نعم مطلقا و هي رواية أبي عبيدة عن الباقر ع و في النهاية إن فرّق ذلك لم يدخل و يقتص منه في الطّرف و النفس و إن ضربه واحدة فجنت جنايتين لم يكن عليه أكثر من القتل و هو المعتمد و لو قطع يده فسرت إلى نفسه فالقصاص في النفس لا في الطرف لأنّ السراية تتمة الجناية و قد اتّفق علماؤنا على أنّ دية الطرف تدخل في دية النفس و إن اختلفوا في القصاص على ما تقدّم [- و -] لو قتل مريضا مشرفا وجب القود و كذا لو قتل من نزع أحشاؤه و هو يموت بعد يومين أو ثلاثة قطعا لأنّه أزهق حياة مستقرّة بخلاف حركة المذبوح [- ز -] ظنّ الإباحة شبهة في سقوط القود فلو قتل رجلا في دار الحرب يظن كفره فبان إسلامه وجبت الكفّارة و الدّية و لو قتل من عهده مرتدّا فظهر رجوعه ففي القود إشكال ينشأ من عدم القصد إلى قتل المسلم و من رجوع ولاية قتل المرتد إلى الإمام فيكون عاديا بقتله و الأقرب الدّية و لو قتل من ظنّه أنه قاتل أبيه فخرج برئ العهدة ففي القود إشكال و لو ضرب مريضا ظنّه صحيحا ضربا يهلك المريض وجب القود فإن ظنّ الصحة لا يبيح الضّرر

الفصل الرّابع في الاشتراك

و فيه [- ى -] مباحث [- أ -] إذا اشترك جماعة في قتل واحد قتلوا أجمع به إن اختار الوليّ ذلك بعد أن يردّ عليهم ما فضل من دية المقتول فيأخذ كلّ منهم ما فضل من دية جنايته و إن اختار قتل واحد منهم قتله و أدّى الباقون إلى ورثته قدر جنايتهم و له قتل أكثر من واحد و يؤدي إليهم الباقون قدر جنايتهم و ما فضل يؤديه الوليّ فلو قتل ثلاثة واحدا و اختار الوليّ قتلهم أدى إليهم ديتين يقتسمونها بينهم بالسّوية فلو قتل اثنين أدّى الثالث ثلث الدية إليهما و يردّ الولي ثلثي الدّية و لو قتل واحدا أدّى الباقيان إلى ورثته ثلثي الدية و لا شيء على الولي و لو طلب الدّية كانت عليهم بالسّوية إن اتفقوا على أدائها [- ب -] يتحقّق الشركة بأن يفعل كلّ منهم ما يقتل لو انفرد أو ما يكون له شركة في السراية مع القصد إلى الجناية و ليس التساوي في السبب شرطا فلو جرح أحدهما مائة جرح و الآخر جرحا واحد و سرى الجميع إلى النفس تساويا في القصاص فلو قتلهما الولي ردّ إلى ورثتهما دية كاملة بينهما بالسّوية و لو قتل أحدهما ردّ الآخر على ورثته نصف الدّية و لو تراضوا بالدّية كانت عليهما بالسّوية و كذا لو كان الجرحان خطاء كانت الدية عليهما نصفين و كذا لو جرحه أحدهما موضحة و الآخر مأمومة أو جائفة فمات من الجرحين [- ج -] لو اشترك الجماعة في الجناية على الطرف اقتص منهم و ردّ المجني عليه ما فضل لكلّ واحد منهم عن جنايته فلو قطع ثلاثة يد واحد كان للمجني عليه قطع يد الثلاثة و يردّ عليهم دية يدين يقتسمونها بينهم بالسّوية و له قطع يد اثنين و يردّ الثالث عليهما ثلث دية اليد و يردّ المجني عليه عليهما ثلثي دية يد و له قطع يد واحدة و يرد الآخران على المقتصّ منه ثلثي دية يده و لو طلب المجني عليه الدية كانت عليهم أثلاثا و كذا البحث لو كان الجاني أكثر من ثلاثة و يتحقّق الشركة بصدور الفعل عنهم أجمع إمّا بأن يشهدوا عليهما يوجب قطع يده ثم يرجعوا أو يكرهوا إنسانا على قطعه أو يلقوا صخرة على طرفه فيقطعه أو يضعوا حديدة على المفصل و يعتمدوا عليها جميعا أو يمدونها توأمين و لو قطع كل واحد منهم جزءا من يده لم يقطع يد أحدهم و كذا لو قطع كلّ واحد منهم من جانب أو جعل أحدهم آلة فوق يده و الأخرى تحت يده و اعتمدا حتّى التقتا فلا قطع على واحد منهما على كل

ص: 243

واحد القصاص في جنايته لانفراد كلّ واحد منهما بجنايته و كذا لو وضعوا منشارا على مفصله ثمّ مدّه كلّ واحد مرّة حتى بانت اليد لأن كل واحد لم يقطع اليد و لم يشارك في قطع الجميع و كلّ موضع يمكن الاختصاص منهم بمفرده وجب [- د -] لو اشترك الأب و الأجنبي في قتل الولد وجب القصاص على الأجنبي دون الأب و لا يسقط القود عن الأجنبي لمشاركة الأب ثمّ يرد الأب على الأجنبي نصف الدية و كذا لو اشترك الصبيّ و البالغ أو المجنون و العاقل و الحرّ و العبد في قتل العبد فإنّ القصاص لا يسقط عن البالغ و لا عن العاقل و لا عن العبد بمشاركة الصبيّ أو المجنون أو الحرّ و يضمن هؤلاء الثلاثة نصف الدية يؤدونها إلى المقتول قصاصا و لو عفا الوليّ عن أحد القاتلين إما على الدية أو مطلقا لم يسقط القصاص عن الآخر و كذا لو قتله اثنان أحدهما تعمدا و الآخر خطأ فإنّ القصاص يجب على العامد و يؤدي عاقلة المخطئ إليه نصف الدّية و يقتل شريك نفسه و شريك السبع بعد أن يردّ عليه نصف الدية [- ه -] لو اشترك في قتل الرّجل امرأتان قتلتا به و لا ردّ إذ لا فاضل لهما عن ديته و لو قتله أكثر من اثنين قتلن به جمع و ردّ الوليّ إليهن فاضل دياتهن عن دية المقتول فلو كان القاتل ثلاثة نسوة فاختار الوليّ قتل الجميع و قتلهن و أدى إليهن دية امرأة بينهنّ بالسّوية و له قتل اثنتين فتؤدّى الثالثة إليهما ثلث دية الرّجل و له قتل واحدة و يردّ على ورثتها الباقيتان ثلث ديتها و يرجع الوليّ عليهما بنصف دية الرّجل و لو تفاوتت النسوة في الدية و قتلهنّ الوليّ أكمل لكلّ واحد ديتها بعد وضع أرش جنايتها [- و -] لو اشترك رجل و امرأة في قتل رجل فللوليّ قتلها معا و يؤدى إلى ورثة الرجل نصف الدية و لو قتل الرّجل خاصّة فتؤدي المرأة إلى ورثته ديتها و له قتل المرأة و يأخذ من الرجل نصف ديته و لو اصطلحوا على الدية كانت على الرّجل و المرأة نصفين قال المفيد ره لو قتلهما الوليّ ردّ نصف دية الرّجل على أولياء الرجل و أولياء المرأة أثلاثا و قال الشيخ ره إذا قتلوا الرجل خاصّة ردّت المرأة عليه نصف ديتها ألفين و خمسمائة درهم و كلاهما غير معتمد [- ز -] لو اشترك حرّ و عبد في قتل حرّ كان للوليّ قتلهما معا ثمّ إن كانت قيمة العبد أكثر من نصف الدية ردّ أولياء المقتول إلى مولاه الفاضل ما لم يتجاوز قيمة دية الحرّ فيردّ إليها و يؤدّون إلى أولياء الحرّ نصف ديته و لو قتلوا الحرّ خاصّة أدّى مولى العبد إلى ورثته نصف ديته أو يسلم من العبد إليهم بقدر جنايته و يشترك ورثة الحرّ و مولاه فيه و ليس لورثة الحرّ قتله و لو قتلوا العبد خاصّة كان على الحر نصف الدية يأخذ منها المولى ما فضل له من قيمة عبده عن أرش جنايته و الباقي إن فضل فضل للوليّ و إن كانت قيمة العبد أقلّ من أرش جنايته و هو نصف الدية أو بقدره ثمّ اختار وليّ المقتول قتلهما قتلهما و أدّى إلى ورثة الحرّ نصف ديته و ليس له الرجوع على مولى العبد بالتفاوت من قيمته و أرش جنايته لو كانت القيمة أقلّ و لو قتل الوليّ الحرّ تخيّر المولى بين فكّ العبد بأرش جنايته يسلّمه إلى ورثته الحرّ و بين دفع العبد إلى ورثة الحرّ ليسترقوه و إن قتل الوليّ العبد خاصة رجع على ورثة الحرّ بنصف الدية إن رضي الجاني بالدية هذا أجود ما قيل في هذا الباب و قال في النهاية لو اختار الوليّ قتلهما قتلهما و أدى إلى سيد العبد ثمنه و إن قتل العبد لم يكن لمولاه على الحرّ سبيل [- ح -] لو اشترك عبد و امرأة في قتل حر فللولي قتلهما ثمّ إن زادت قيمة العبد على نصف الدّية ردّ الوليّ الزائد إلى مولاه ما لم يتجاوز دية الحرّ فترد إليها و إن لم يرد قيمة العبد على النصف لم يكن لمولاه شيء و لا لورثة المرأة و لو قتل المرأة الوليّ استرق العبد إن ساوت قيمته أرش الجناية أو استرق ما يساوي القيمة و لو قتل العبد فإن كانت قيمته نصف الدية أو أقلّ لم يكن لمولاه شيء و يرجع الوليّ على المرأة بنصف الدية إن رضيت بأدائها و إن كانت قيمة العبد أكثر من نصف الدية ردّت المرأة على مولاه الفاضل ما لم يتجاوز دية الحرّ فتردّ إليها و لو فضل من أرش الجناية عن قيمته شيء كان الفاضل للوليّ [- ط -] كلّ موضع يجب الردّ على الوليّ فإنّه يقدّم على الاستيفاء [- ى -] لو قتل جماعة من العبيد رجلا حرّا عمدا تخيّر الولي في القتل و الاسترقاق فإن قتل الجميع و فضلت قيمتهم عن ديته ردّ الفاضل فإن تساووا في القيم تساووا في الردّ و إن تفاضلوا ردّ على كلّ واحد منهم ما فضل من قيمته عن أرش جنايته و لو فضل البعض اختصّ بالردّ دون الباقي و لو استرق الجميع و لم يكن هناك فضل فلا شيء لمواليهم و إلاّ كان لصاحب الفضل من عبده بقدر ما فضل من قيمته عن أرش جنايته و كذا التفصيل لو قتلوا امرأة أو عبدا فللولي قتل البعض فإن تساوت قيمتهم دية الحرّ أو دية المرأة أو قيمة العبد كان لمواليهم الرجوع إلى موالي المعفوّ عنهم بقدر نصيبهم من الأرش أو يسلموا العبيد إليهم و إن قتلوا من قيمته أكثر من الدية ردّ الولي الفاضل على مواليهم و كان الرجوع لمواليهم الرجوع إلى الموالي الآخر بقدر جنايات عبيدهم أو يسلمونهم أو ما يقوم مقام أرش جنايتهم للاسترقاق و إن قتلوا من قيمة أقلّ كان لهم الرّجوع بالباقي من الدية على موالي الباقين أو يدفعون العبيد أو ما يساوي الباقي من الدية إليهم

المطلب الثاني في الواجب بالعمد
اشارة

و يجب بالقتل العمد القصاص عينا لا أحد الشيئين القود أو الدية و إنّما يجب القصاص بشروط ينظمها فصول

الفصل الأوّل التساوي في الحرّية شرط في القصاص

و فيه [- كد -] بحثا [- أ -] يقتل الحرّ بالحر سواء كان القاتل مجدع الأطراف معدوم الحواس و المقتول صحيح أو بالعكس لعموم الآية و كذا إن تفاوتا في العلم و الشرف و الغنى و الفقر و الصحّة و المرض

ص: 244

و إن أشرف به على الهلاك و القوّة و الضعف و الكبر و الصغر و إن ولد في الحال و السلطان و السوقة و لا يشترط في وجوب القصاص كون القتل في دار الإسلام بل متى قتل في دار الحرب مسلما عامدا عالما بإسلامه وجب القود سواء كان قد هاجر أو لم يهاجر و قتيل الغيلة كغيره في وجوب القصاص أو العفو للوليّ فله الخيرة بين القصاص و العفو و ليس للسلطان معه اعتراض و الغيلة أن يخدع الإنسان فيدخل بيتا أو نحوه فيقتل أو يؤخذ ماله و يجري القصاص بين الولاة و العمال و رعيّتهم [- ب -] يقتل الحرّ بالحرّ و الحرّة بالحرّة و يقتل الحرة بالحرّ و ليس لأوليائه المطالبة بتفاوت الديتين على الأشهر و يقتل الحرّ بالحرة بعد ردّ نصف الدية عليه و يقتل كلّ من الرجل و المرأة بالخنثى و بالعكس فإن كان الخنثى قد ظهر إلحاقه بأحد الصّنفين كان حكمه حكمه و إن لم يظهر و اشتبه حاله فالوجه أنّ المرأة يقتل به و ليس لوليه المطالبة بالتفاوت و يقتل بالمرأة بعد ردّ تفاوت ديته و هي نصف دية الرجل و نصف دية المرأة و كذا يقتل بالرّجل و لا ردّ و يقتل الرّجل بعد ردّ فاضل دية الرّجل عن ديته [- ج -] كلّ من يقتص بينهم في النفس يقتصّ بينهم في الأطراف فيقتص للمرأة من الرّجل من غير ردّ و يتساوى ديتهما في الطرف ما لم يبلغ ثلث دية الرّجل فإذا بلغت ذلك رجعت المرأة إلى النصف فيقتص لها منه مع ردّ التفاوت حينئذ و كذا البحث في الجراح يتساويان فيها دية و قصاصا ما لم يبلغ ثلث الدية فإذا بلغت الثلث نقصت المرأة إلى النصف و به روايات صحيحة و قال الشيخ ره ما لم يتجاوز الثلث و به رواية [- د -] يقتل العبد بالعبد و بالأمة و الأمة بالأمة و العبد و هل يشترط التساوي في القيمة أم لا أطلق علماؤنا القصاص و لم يعتبروا ذلك و يقتصّ بينهم في الأطراف كما يقتصّ في النفس و لو أعتق القاتل لم يسقط القصاص و لا ردّ و لو اختار سيّد العبد المقتول الدية كان له استرقاق العبد القاتل و لا يضمن مولاه شيئا سواء أعتقه بعد القتل أو لا و لو جرح عبد عبدا ثمّ أعتق الجارح و مات المجروح قتل [- ه -] لا يقتل الحرّ بالعبد و لا الأمة و لو اعتاد قتل العبيد قال الشيخ ره يقتل حسما لمادة الفساد و إنّما يجب على القاتل قيمة العبد أو الأمة يوم قتل و لا يتجاوز بقيمة العبد دية الحرّ و لا بقيمة الأمة دية الحرة فإن تجاوزت قيمة العبد دية الحرّ ردّت إلى دية الحرّ و كذا الأمة و لا يقتل المولى بعبد بل يعزّر و يكفّر و قيل يغرم قيمته و يتصدّق بها و القول قول الجاني في قيمة العبد مع يمينه إن لم يكن مع المولى بيّنة يشهد له بالقيمة و لو كان العبد ذميّا لذميّ لم يتجاوز بالذكر دية مولاه و لا لقيمة الأنثى دية الذميّة و في المسلم عبد الذمي إشكال أمّا الذمّي عبد المسلم فإن فيه قيمته ما لم يتجاوز دية مولاه المسلم و لو كان العبد لامرأة كان على قاتله قيمته و إن تجاوزت دية مولاه و لو تجاوزت دية الحرّة ردّت إليها و الأمة لو كانت لرجل كان على قاتلها قيمتها ما لم يتجاوز دية الأنثى الحرة فإن تجاوزت ردّت إليها [- و -] العبد يقتل بالحرّ إن قتله عمدا و لورثة الحرّ الخيار بين قتله و استرقاقه و ليس لمولاه خيار فلو اختار الولي أحد الأمرين لم يكن لمولاه افتكاكه و لو جرح العبد حرا فللمجروح القصاص أو استرقاقه إن أحاطت جنايته بقيمته و إلاّ استرق منه بقدر جنايته و ليس لمولاه خيار و لو كانت الجناية أكثر من القيمة لم يضمن مولاه الفاضل و لو طلب المجني عليه الأرش فكّه مولاه بأرش الجناية أو سلّمه إن أحاطت الجناية بقيمته و إن زادت القيمة أخذ بالنسبة و لو باعه أخذ أرش الجناية من الثمن و الفاضل للمولى و لو اشتراه المجني عليه من مولاه بأرش الجناية سقط القصاص لأنّ عدوله إلى الشراء اختيار للمال ثمّ إنّ كان الأرش معلوما صحّ البيع و إلاّ فلا [- ز -] لو قتل العبد عبدا قتل به إن اختار مولى المقتول و إن طلب الدية تعلّقت برقبة الجاني فلمولى المقتول استرقاقه إن تساوت القيمتان أو كانت قيمة القاتل أقلّ و لا يضمن المولى شيئا و إن كانت قيمته أزيد استرق مولى المقتول منه بقدر قيمة عبده و لا يضمنه المولى فإن تبرّع المولى بفكه فكه بأرش الجناية و لو كان القتل خطاء تخيّر مولى القاتل بين فكّه بقيمته و دفعه أو ما يساوي القيمة إن كانت قيمة القاتل أكثر و لا خيار لمولى المقتول و لو أعوز لم يضمنه المولى [- ح -] المدبّر كالقنّ فإن قتل مدبّر حرا قتل به و إن شاء الولي استرقه و لا ينعتق بموت المدبّر و كذا لو قتل عبدا قنا و لو كان قتله خطأ تخير مولاه بين فكه بأرش الجناية و يبقى على التدبير و بين تسليمه للرق فإذا مات المدبّر قيل ينعتق و يسعى في فكّ رقبته فقيل بالدية و قيل بقيمته و هو الصحيح لبطلان التدبير بالاسترقاق و بقاؤه رقا بعد موت المدبّر و لا يقتل الحرّ بالمدبر و لا من انعتق بعضه و يقتل المدبّر بمثله و بالقنّ [- ط -] المكاتب المشروط و المطلق الذي لم يؤدّ شيئا كالقن يقتل كل منهما بالقنّ و بمثلهما و بالحرّ و لو كان المطلق قد أدى شيئا تحرّر منه بقدر ما أدّى فلا يقتل بالقنّ و لا بالمدبّر و لا بالمشروط و لا بمن انعتق منه أقلّ و لو قتل حرّا عمدا قتل به و للولي استرقاق نصيب الرقية و لو قتل عبدا لم يقتل به و لكن يسعى في نصيب الحريّة و يسترق الباقي منه أو يباع في نصيب الرقّ و إن كان القتل خطأ أدّى الإمام قدر نصيب الحريّة من الدية لأنّه عاقلته و يتخيّر المولى بين فكّ نصيب الرقية من الجناية و يبقى مكاتبا و بين تسليم الحصة لتقاصص بالجناية و يبطل الكتابة فيها و رجّح الشيخ ره في الإستبصار رواية عليّ بن جعفر عن أخيه ع الدالة على مساواة المكاتب الذي انعتق نصفه للحرّ [- ى -] لو قتل العبد حرّا عمدا يقتل به و للوليّ استرقاقه و لو طلب الوليّ من المولى بيعه و دفع ثمنه لم يجب لأنّه لم يتعلّق بذمّة المولى شيء و إنّما تعلّق بالرقبة التي سلّمها و يحتمل الوجوب كالرهن و لو قتل العبد مولاه

ص: 245

قتل به و للوليّ استرقاقه و لو كان العبدان لمالك واحد فقتل أحدهما الآخر عمدا كان للمولى قتله و العفو عنه و ليس له قتله في الخطاء [- يا -] لو قتل العبد خطاء أو جرح حرّا كان المقتول و المجروح أو عبدا تخيّر المولى بين افتكاكه و بين دفعه على ما قلناه و كلّ موضع خيّرنا المولى بين الفكّ و الدفع فإنّه تخيّر بالفكّ بأرش الجناية سواء زادت عن قيمة العبد الجاني أو لا و بالدفع و قيل بل تخير بالفكّ بأقلّ الأمرين من الأرش و قيمة الجاني و هو أحد قولي الشيخ و ليس بعيد من الصّواب و لو عفا وليّ المقتول على مال لم يجب على المولى دفعه بل يدفع العبد و له دفع المال فإن كان المقتول عبدا و عفا مولاه على مال فالوجه أنّ المولى تخيّر بين دفع الجاني إن أحاطت جنايته بقيمته أو دفع ما ساواه ابنه و بين فكّه بأقلّ الأمرين من قيمته القاتل أو المقتول و على القول الآخر يفديه بقيمة المقتول أو يدفعه [- يب -] لو قتل عبد عبدين عمدا كلّ واحد لمالك و اختاروا القود فالوجه اشتراكهما في القود ما لم يتخيّر الأوّل استرقاقه قبل الجناية الثانية فإن اختار استرقاقه قبل الجناية الثانية كان للثاني خاصّة و قيل يقدّم الأوّل لسبق حقّه و يسقط الثاني لفوات محلّ الاستيفاء و لو اختار الأوّل المال و ضمنه المولى المال تعلّق حقّ الثاني برقبته فإن اقتص بقي المال المضمون في ذمّة المولى و لو لم يضمنه المولى و استرقّه الأوّل تعلّق حقّ الثاني به فإن قتله فلا شيء للأول و إن استرق اشترك الموليان و الوجه عندي أنّه للثاني بعد استرقاق الأوّل له [- يج -] لو قتل العبد عبدا الاثنين اشتركا في القود و الاسترقاق فإن طلب أحدهما القود و الثاني المال لم يجب على المولى لكن إن افتكّ نصيب العافي على المال كان للآخر قتله بعد ردّ نصيب من عفاه من قيمته على مولاه لا ما دفعه مولاه و لو لم يفتكه المولى كان لطالب المال منه بقدر حصته من العبد المقتول و للآخر القود مع رد قيمة حصّة شريكه [- يد -] لو قتل عشرة أعبد عبدا لرجل عمدا فعليهم القصاص فللمولى قتلهم و يؤدّي إلى سيّد كلّ واحد منهم ما فضل من قيمته عن جنايته إن كان هناك فضل و لو فضل لبعضهم خاصّة ردّ عليه و لو لم يفضل لأحدهم شيء بأن كانت قسيمة المقتول تساوي قيمة العشرة لم يكن لمواليهم شيء و لو زادت قيمة المقتول عن دية الحرّ هنا فالوجه الردّ إلى دية الحرّ و يجعل أصلا و على كلّ عبد عشرها فإن زادت قيمته العشرة على الدية و زادت قيمة المقتول فالأقرب ردّ قيمة المقتول إلى دية الحرّ و كذا قيمة كلّ من زادت قيمته عن دية الحرّ من العشرة و لو طلب المولى الدية تخيّر مولى كلّ واحد بين فكّه بأرش جنايته أو دفعه و قيل بأقلّ الأمرين من أرش الجناية و قيمة الجاني و لو دفع كلّ واحد العبد و فضل له من قيمته شيء كان الفاضل عن أرش الجناية له و لو قتل البعض ردّ مولى كل واحد من الأحياء عشر الجناية أو دفع كلّ واحد من عبده بقدر أرش جنايته إلى مولى المقتصّ منهم فإن لم ينهض ذلك بقيمة المقتولين أتمّ مولى المقتول ما يعوز أو اقتصر على قتل من ينهض الردّ بقيمة و لو كانت قيمة المقتصّ منهم لا ينهض بقيمة المجنيّ عليه كان الردّ على مولاه إن كانت قيمة كلّ واحد من المقتصّ منهم بقدر أرش الجناية [- يه -] لو قتل حرّ حرّين فليس لأوليائهما سوى قتله فليس لهما المطالبة بالدّية فإن قتلاه فقد استوفيا حقّهما و لو بدر أحدهما فقتله استوفى حقّه و كان للآخر المطالبة بالدية من التركة لأنّها بدل عن النفس عند التعذر كقيم المتلفات و لو لم يكن هناك تركة أخذت من الأقرب فالأقرب و لو قطع يمين رجلين قطعت يمينه بالأوّل و يساره بالثاني فإن قطع يد ثالث قيل قطعت رجليه و قيل يجب الدّية لفوات محلّ القصاص و مساويه و كذا لو قطع يمين رابع و لو قطع و لا يد له و لا رجل فالدية [- يو -] لو قتل العبد حرّين على التعاقب فالأقرب اشتراكهما فيه ما لم يحكم به للأوّل فيكون لأولياء الأخير إن اختاروا قتلوه و إن أرادوا استرقوه و قيل يكون لأولياء الأخير و المعتمد الأوّل و يكفي في اختصاص الأوّل به أن يختار استرقاقه و إن لم يحكم له الحاكم فإذا اختار وليّ الأوّل استرقاقه ثمّ قتل بعد الاختيار كان للثاني [- ين -] لو أعتقه مولاه بعد أن قتل حرّا عمدا فالأقرب عندي الصحّة لكن لا يسقط حقّ الوليّ من القود و الاسترقاق فإن اقتصّ منه أو استرقه بطل عتقه و إن عفا على مال افتكّه مولاه عتق و كذا لو عفا عنه مطلقا و كذا البحث في البيع و الهبة و لو كان القتل خطاء قيل يصحّ العتق و يضمن المولى الدية و عليه دلت رواية عمرو بن شمر عن الباقر ع و عمرو ضعيف و قيل لا يصحّ إلاّ أن يتقدّم ضمان الدية أو دفعها و لو قتل عبدا عمدا فإن لم تعتبر القيمتين فالبحث كالحرّ و إن اعتبرناهما و كانت قيمة القاتل أكثر فإن اقتصّ ظهر بطلان العتق و كان الفاضل لمولاه و يحتمل عدم القصاص و إن عفا عنه على مال و أفتكه مولاه نفذ العتق و إلاّ استرقّ المولى منه بقدر قيمة عبده و حكم بحرّية الباقي [- يح -] قيمة العبد مقسومة على أعضائه كما أن دية الحرّ مقسومة عليها و الحرّ أصل للعبد فيما فيه مقدّر و كلّ ما فيه واحد ففيه كمال قيمته كما أنّ الحرّ في عضوه الواحد منه كمال ديته و ما فيه اثنان و فيهما كمال القيمة كالعينين و اليدين و الرجلين و في كلّ واحد منهما نصف قيمته و كلّ ما فيه عشرة ففي كلّ واحد عشر القيمة كالأصابع و كل ما لا تقدير فيه فالعبد فيه أصل للحرّ فإن الأرش إنّما يتقدّر بأن يفرض الحرّ عبدا سليما من الجناية و ينظر قيمته (- ح -) ثمّ يفرض عبدا معيبا بالجناية و ينظر قيمته حينئذ ثمّ يؤخذ من الدية بنسبة تفاوت القيمتين إذا عرفت هذا فلو جنا على العبد بما فيه كمال

ص: 246

القيمة تخيّر مولاه بين إمساكه و لا شيء له و بين دفعه و أخذ قيمته فلو قطع يده و رجله دفعة ألزمه مولاه بالقيمة و دفعه إليه أو أمسكه بغير شيء و لو قطع يده خاصّة كان له إلزامه بنصف قيمته و لا يدفع من العبد شيئا و لو قطع واحد يده و آخر رجله قيل تخيّر مولاه بين دفعه إليهما و أخذ القيمة بكمالها منهما و بين إمساكه بغير شيء و الحقّ أنّ له إلزامهما بكمال قيمته و لا يدفع العبد [- يط -] لو جرح العبد المملوك فسرت إلى نفسه كان لمولاه أخذ القيمة منه بأعلى القيم من حين الجناية إلى وقت الموت فإن تحرّر فسرت إلى نفسه و مات حرا فللمولى أقلّ الأمرين من قيمة الجناية أو الدية عند السراية فإنّ القيمة إن كانت أقلّ فهي الّتي يستحقّها المولى و الزيادة بالحرّية فلا يملكها و إن نقصت من السّراية لم يلزم الجاني ضمان النقصان فإنّ دية الطرف يدخل في دية النفس و ذلك بأن يقطع واحد يده و هو رقّ فعليه نصف قيمته إن كانت بقدر الدية ثمّ قطع آخر يده بعد تحرّره ثمّ آخر رجله و سرى الجميع سقطت دية الطرف و كانت دية النفس عليهم أثلاثا فيأخذ المولى ثلث الدية من الأوّل بعد إن كان له نصف الدّية منه و للورثة الثلثان و قيل للمولى هنا أقلّ الأمرين من ثلث القيمة و ثلث الدّية [- ك -] لو قطع حرّ يد عبد ثمّ أعتق و سرت فلا قود لعدم التساوي وقت الجناية و عليه دية حرّ لأنّها مضمونة فكان الاعتبار بها حال الاستقرار فللسيّد نصف القيمة وقت الجناية و لورثة المجني عليه ما زاد و لو تجاوزت قيمته دية الحرّ فللمولى نصف دية الحر خاصّة و لو قطع آخر رجله بعد الحرّية و سرى الجرحان فلا قصاص في الأوّل في الطّرف و لا النفس لأنّ انتفاء القصاص في الجناية يوجب انتفاؤه في السراية و على الثاني القود بعد ردّ نصف الدّية عليه و على الأول نصف دية الحر فيأخذ المولى أقلّ الأمرين من نصف قيمة العبد و من نصف الدية [- كا -] لو قطع يد عبد ثمّ أعتق ثمّ قطع رجله فعلى الجاني نصف قيمته وقت الجناية لمولاه و عليه القصاص في الجناية حال الحرّية للعبد فإن اقتص المعتق في الرجل جاز و إن طلب الدية اختص بالنصف فيها إن رضي الجاني فإن سرى الجرحان فلا قصاص في الأولى و يثبت في الثانية فيكون للمولى الأقلّ من نصف القيمة و نصف الدية و لورثة المعتق القصاص في النفس بعد ردّ نصف الدية على الجاني و لو اقتصّ الوارث في الرّجل خاصّة أخذ المولى نصف القيمة وقت الجناية و كان الفاضل للوارث فيجتمع له القصاص في الرّجل و فاضل دية اليدان زادت ديتها عن نصف قيمة العبد [- كب -] لو قطع عين عبد ثمّ أعتق ثمّ قطع ثاني يده ثمّ ثالث رجله فلا قود على الأوّل سواء اندمل جرحه أو سرى و أمّا الآخران فعليهما القود في الطرفين إن اندملت و إن سرت الجراحات كلّهما فعليهما القصاص في النفس بعد ما يفضل لهما عن جنايتهما و لو عفا الوارث عنهما فعليهم الدّية أثلاثا و في مستحقّ السيّد وجهان أحدهما أقلّ الأمرين من نصف القيمة أو ثلث الدية لأنّه بالقطع استحقّ نصف القيمة فإذا صارت نفسا وجب ثلث الدية فكان له الأقلّ و الثاني أقلّ الأمرين من ثلث القيمة أو ثلث الدية فإنّ الجناية حيث سرت كان الاعتبار بما آلت إليه و لو قطع الأوّل إصبعه و قطع الآخران يديه بعد الحرّية فعلى الوجه الأوّل ثبت الدية عليهم أثلاثا للسيّد منها أقلّ الأمرين من أرش الإصبع و هو عشر القيمة أو ثلث الدية و لو كان الجاني حال الرقّ قطع يديه و الآخران قطعا رجليه وجبت الدية أثلاثا و كان للسيّد منها أقلّ الأمرين من جميع قيمته أو ثلث الدية و على الوجه الآخر ثبت للمولى في المسألتين أقلّ الأمرين من ثلث القيمة أو ثلث الدية و لو كان الجانيان في حال الرقّ و الآخر في حال الحرّية فمات فعليهم الدّية و للسيّد من ذلك في أحد الوجهين أقلّ الأمرين من أرش الجنايتين أو ثلثي الدّية و على الآخر أقلّ الأمرين من ثلثي القيمة أو ثلثي الدية و لو كانت الجناة أربعة واحد في الرقّ و ثلثه في الحرّية و سرت الجنايات فللسيّد في إحدى الوجهين الأقلّ من أرش الجناية أو ربع الدية و في الآخر الأقلّ من ربع القيمة أو ربع الدية و لو انعكس الفرض فله في أحد الوجهين الأقلّ من أرش الجنايات الثلث أو ثلث أرباع الدية و في الآخر الأقلّ من ثلاثة أرباع القيمة أو ثلاثة أرباع الدية [- كج -] يجري القصاص بين العبيد في الأطراف كما يجري القصاص بينهم في النفس [- كد -] لا يقتل الكافر الحرّ بالعبد المسلم بل يجب عليه قيمته لمولاه و يقتل حدا لنقضه العهد و لو قتل عبد مسلم حرّا كافرا لم يقتل به بل لورثته المطالبة بدية الذمّي فإن دفعها المولى و إلاّ استرقوا العبد إن كانوا مسلمين و بيع على المسلمين إن كانوا كفّارا و لو قتل من نصفه حرّ عبدا لم يقتل به و كذا لو قتله حرّ لم يقتل به و لو قتل مثله قتل به و لو اشترى المكاتب المشروط أباه ثمّ قتله احتمل القصاص و عدمه و لو قتل غير أبيه من عبيده فلا قصاص و لو كان المكاتب مطلقا قد انعتق بعضه انعتق من الأب بنسبته و لا يقتل به أيضا اعتبارا بنصيب الرقيّة

الفصل الثاني التساوي في الدين

و فيه [- يد -] بحثا [- أ -] يشترط في المقتصّ منه مساواته للجاني أو كونه أخفض منه فيقتل المسلم بمثله و الكافر بمثله و إن كانا حرّين على إشكال و بالمسلم و لا يقتل المسلم بالكافر سواء كان ذميّا أو حربيّا أو مستأمنا أو غيره لكن يعزر و يغرم دية الذمي و قيل إن اعتاد قتل أهل الذمة اقتصّ منه بعد ردّ فاضل ديته و منع ابن إدريس ذلك [- ب -] يقتل الذمّي بمثله و بالذمّية بعد ردّ فاضل ديته و الذمّية بالذمّية و بالذمّي و لا يرجع عليها بالفضل و سواء اتفق القاتل و المقتول في الملّة أو اختلفا فيقتل اليهودي بالنصراني و المجوسيّ و بالعكس [- ج -] الذمّي إن قتل مسلما عمدا دفع هو و ماله إلى أولياء المقتول

ص: 247

و لهم الخيرة في قتله و استرقاقه فلا فرق في تملك أمواله بين ما ينقل منها و ما لا ينقل و لا بين العين و الدين و هل يسترق الأولياء أولاده الأصاغر قال الشيخ نعم و منعه ابن إدريس و إذا اختار الأولياء القتل يؤدي ذلك عنهم السلطان قال ابن إدريس و إذا اختاروا قتله لم يكن لهم على ماله سبيل لأنّه لا يدخل في ملكهم إلا باختيارهم استرقاقه و لو أسلم فإن كان قبل الاسترقاق لم يكن لهم على ماله و أولاده سبيل و ليس لهم استرقاقه بل لهم قتله كما لو قتل و هو مسلم و إن كان بعد الاسترقاق لم يسقط عنه شيء من الأحكام و يكفي في الاسترقاق اختيار الوليّ رقه و إن لم يكن حاكم [- د -] لو قتل الكافر كافرا ثمّ أسلم القاتل أو جرح الكافر مثله ثم أسلم الجارح و سرت جنايته الكافر لم يقتل به كما لو كان مؤمنا حال قتله و لعموم قوله ع لا يقتل مؤمن بكافر نعم يجب الدية على القاتل إن كان المقتول ذا دية [- ه -] لو جرح مسلم ذميّا فأسلم المجروح ثم سرت الجناية إلى النفس فلا قصاص و لا قود و كذا لو قطع يد عبد ثم أعتق و سرت الجناية و كذا الصبيّ لو قطع يد بالغ ثمّ بلغ الجاني و سرت بعد ذلك جنايته لأنّ التساوي غير حاصل وقت الجناية فلم يوجب قصاصا حال ثبوتها و يثبت في جميع ذلك دية النفس الكاملة للمسلم لأنّ الجناية وقعت مضمونة فكان الاعتبار بأرشها حين الاستقرار أمّا لو قطع يد حربيّ أو يد مرتدا فأسلم ثم سرت فلا قود و لا دية لأنّ الجناية وقعت غير مضمونة فلم يضمن سرايتها و لو رمى ذمّيا بسهم فأسلم ثمّ أصابه فمات فلا قود و عليه دية المسلم و كذا لو رمى عبدا فأعتق ثمّ أصابه و كذا لو رمى حربيا أو مرتدّا فأسلم قبل الإصابة ثمّ أصابه فمات فعليه دية المسلم لأنّ الإصابة حصلت في محقون الدّم مسلم [- و -] لو قطع مسلم يد مثله فارتدّ ثمّ مات بالسراية فلا قصاص في النفس و لا دية لها و لا كفّارة و كذا لو قطع يد ذمّي فصار حربيّا ثم مات بالجناية و يضمن اليد فإن كانت يد مسلم وجب فيها القصاص و يستوفيه وارثه المسلم فإن لم يكن مسلم استوفاه الإمام و قال في المبسوط الذي يقتضيه مذهبنا انتفاء القصاص و الدية لأنّ الطرف يدخل في النفس قصاصا و دية النفس هنا غير مضمونة و فيه نظر من حيث أنّ الجناية وقعت مضمونة فلا يسقط باعتراض الارتداد و لا يلزم من دخوله في ضمان النفس سقوطه عند سقوط ضمان النفس باعتبار عارض عرض بعد الاستحقاق فيه فإن عاد إلى الإسلام ثم مات بالسراية فإن كان إسلامه قبل أن يحصل سراية ثبت القصاص في النفس فإن حصلت سراية و هو مرتدّ ثمّ كملت السراية و هو مسلم قيل لا قصاص في النفس لأنّ وجوبه مستند إلى الجناية و كلّ السراية و السراية هنا يسقط حكم بعضها و الأقرب وجوب القصاص في النفس لأنّ الاعتبار في الجناية المضمونة بحال الاستقرار و إن كانت الجناية خطأ يثبت الدية لأنّ الجناية صادقت محقون الدم و كانت مضمونة في الأصل إذا عرفت هذا فإنّه يضمن المقطوع بأقلّ الأمرين من دية أو دية النفس فلو قطع يديه و رجليه ثمّ ارتد و مات ففيه دية النفس خاصة لأنّه لو لم يرتدّ لم يجب أكثر من الدّية فمع الردة أولى و يحتمل ضمانه بدية المقطوع فيجب ديتان لأنّ الردّة قطعت حكم السراية فاشتبه القطاع حكمها باندمالها أو بقتل آخر له و الأوّل أقرب [- ز -] لو قطع مسلم يد يهوديّ فتنصر فإن قلنا لا يقرّ على دينه فهو كما لو جنى على مسلم فارتدّ فإن قلنا يقرّ وجبت دية يد نصراني و لو قطع يد مسلم فارتد ثمّ قطع آخر رجله ثمّ أسلم و سرى القطعان إلى النفس فعلى الأوّل القصاص إن قلنا إن اعتراض بعض السراية غير مؤثر في وجوب القصاص و إذا اقتصّ منه في النفس وجب ردّ نصف الدية إليه و إلاّ فعليه دية يد مسلم و للوليّ القصاص في اليد أو المطالبة بديتها و أمّا الثاني فلا قصاص عليه في النفس و لا في الرّجل و لا دية فيهما [- ح -] لا يقتل الذميّ بالحربيّ و يقتل بالمرتدّ لأنّه محقون الدّم بالنسبة إليه و لو قتل مرتد ذمّيا ففي القود إشكال ينشأ من تحرّم المرتدّ بالإسلام و من التساوي في الكفر و الأقرب القتل نعم لو رجع إلى الإسلام لم يقتل الذمّي و عليه دية و لو جرح مسلم نصرانيا ثمّ ارتد الجارح و سرت الجراحة فلا قود لعدم التكافؤ حال الجناية و عليه دية الذمي [- ط -] لو قتل المسلم مرتدا فلا قصاص و الأقرب أنّه لا دية عليه أيضا و إن أساء بقتله فإن أمره إلى الإمام و لو وجب على مسلم قصاص فقتله غير الوليّ وجب عليه القود و لو وجب قتله بزنا أو لواط فقتله غير الإمام فلا قود و لا دية لأنّ عليّا قال لرجل قتل رجلا ادعى أنّه وجده مع امرأته عليه القود إلاّ أن تأتي ببينة و في تخصيص الحكم بذلك نظر و الأقرب انتفاء القود مطلقا لأنّه مباح الدم و قتله واجب فصار كالحربي و لا يجب في ذلك كلّه كفّارة و لا دية [- ى -] يقتل المرتدّ بالمسلم و بالمرتدّ و يقدّم القصاص على قتل الردة و لو عفا الوليّ إلى الدية و رضي الجاني فقتل بالردّة أخذت الدية من تركته [- يا -] لو قتل عبد مسلم عبدا مسلما لكافر ففي القود إشكال ينشأ من المساواة الموجبة للتكافؤ في الدماء و من كون المستحقّ كافرا و الأقرب عدم القصاص و له المطالبة بالقيمة أمّا لو قتل مسلم مسلما و لا وارث له سوى الكافر كان المطالبة بالقود للإمام لأنّ الكافر لا يرث المسلم [- يب -] يقتل ولد الرشدة بولد الزنية مع تساويهما في الإسلام و عند من يرى أنّ ولد الزنا كافر لا يقتل به المسلم و المعتمد ما قلناه

الفصل الثالث في انتفاء الأبوة

و فيه [- ز -] مباحث [- أ -] لا يقتل الأب بولده بل يجب على الأب الدية لورثة الولد غيره و يعزّر و يجب عليه كفّارة الجمع و كذا

ص: 248

لا يقتل الجدّ للأب و إن علا بالابن و إن نزل و يقتل الولد بالأب و الجدّ و إن علا و بالأمّ و تقتل الأمّ و آباؤها و أجدادها الذكور و الإناث بالولد و كذا الأقارب سواء تقرّبوا بالأب كالإخوة و الأعمام أو بالأمّ أو بهما سوى الأجداد من قبل الأب و تقتل الجدة من قبل الأب بالولد كما يقتل الأمّ به و لا فرق في الولد بين الذكر و الأنثى و كذا لا يقتل الجدّ للأب بابن بنته و لا ببنت ابنه و لا ببنت بنته و سواء قتل حذفا بالسّيف أو ذبحه [- ب -] لا فرق بين كون الأب مساويا للولد في الدين و الحرّية أو مخالفا فلا يقتل الأب الكافر بولده المسلم و لا الأب العبد بولده الحرّ لأنّ المانع من القصاص شرف الأبوة و لا يقتل الولد المسلم بالأب الكافر لعدم التكافؤ الولد الحرّ بالأب العبد [- ج -] لو تداعى اثنان صغيرا مجهولا ثمّ قتلاه لم يقتلا به لاحتمال الأبوة في طرف كلّ واحد منهما فلا يتهجم على الدّم مع الشبهة و لا يحكم بالقرعة أما لو ألحق بأحدهما قبل القتل بالقرعة ثمّ قتلاه قتل الآخر و كذا لو قتله الآخر و لو قتله من ألحق به لم يقتل و لو قتله أحدهما قبل القرعة لم يقتل به لاحتمال أن يكون هو الأب و لو رجعا عن إقرارهما به لم يقبل رجوعهما لأنّ النسب حقّ الولد و قد اعترفا به فلا يقبل رجوعهما كما لو ادّعاه واحد و ألحق به ثمّ رجع عنه و لو رجع أحدهما خاصّة صحّ رجوعه و ثبت نسبه من الآخر فإذا قتلاه قتل الراجع خاصّة و ردّ عليه نصف الدّية من الآخر و على كلّ واحد كفّارة قتل العمد و لو قتله الراجع خاصّة قتل به و لو قتله الآخر لم يقتل به و أغرم الدية لورثة الولد غيره و لو اشترك اثنان في وطي امرأة بالشبهة و أطهر واحد و أتت بولد و تداعياه ثمّ قتلاه قبل القرعة لم يقتلا به و لا أحدهما لاحتمال الأبوّة في حقّ كلّ واحد منهما و لو رجع أحدهما ثمّ قتلاه أو قتله الراجع أو الآخر فلا قود أيضا في حقّ الراجع و الآخر لأنّ البنوّة هنا يثبت بالفراش لا بالدعوى المجرّدة و رجوعه لا ينفي نسبه من طرفه لأن النسب هنا إنّما ينتفي باللعان [- د -] كما لا يثبت للولد القصاص على والده بالأصالة و كذا بالتبعية فلو قتل الأب الأم لم يكن القصاص من الأب و له المطالبة بالدية يأخذها منه أجمع سواء كان الولد ذكرا أو أنثى و سواء كان الولد واحدا أو أكثر و لو كان للزوجة ولدا آخر من غير الأب كان له أن يقتصّ و يردّ على الولد منهما نصف الدّية و كذا لو تعدّد الولد من الأب و اتحد الولد من غيره فالحكم القصاص بعد ردّ نصيب الأولاد الآخر من الدية و كذا لو قذف الأب زوجته لم يكن لولده منها المطالبة بالحدّ بعد موتها و لو كان لها ولد من غيره كان له المطالبة بالحدّ على الكمال [- ه -] لو قتل رجل رجلا أخاه فورثه ابن القاتل لم يجب القصاص لما تقدّم و لو قتل خال ابنه فورثت أم الابن القصاص ثمّ ماتت بقتل الزوج أو غيره فورثها الابن سقط القصاص لأنّ ما منع مقارنا أسقط طارئا و يجب الدّية و لو قتل أبو المكاتب المكاتب أو عبدا له لم يجب القصاص لأنّ الوالد لا يقتل بالولد و لا بعبده فإن اشترى المكاتب أحد أبويه ثم قتله فلا قصاص لأنّ السيّد لا يقتل بعبده [- و -] لو قتل أحد الولدين أباه ثم الآخر أنه فلكلّ منهما على الآخر القود و يقرع في التقدم في الاستيفاء إن تشاحّا فيه فإن بدر أحدهما فاقتصّ كان لورثة الآخر الاقتصاص منه و لو قتل أوّل الإخوة الأربعة الثاني ثم الثالث الرابع و كل منهم غير محجوب عن ميراث صاحبه فللثالث القصاص من الأوّل بعد ردّ نصف الدية إليه لأنّ الرابع يستحقّ نصف نفسه فلما قتله الثالث لم يرثه و كان ميراثه للأوّل و رجع نصف قصاصه إليه و لورثة الأوّل إن كان قد قتل قبل قتل الثالث بالرابع لأنّ ميراثه للأوّل خاصّة فإن لم يكن قبل كان له القصاص و إذا قتله الأوّل ورثه لأنّه استيفاء لا ظلم و يرث ما يرثه عن أخيه الثاني و إن عفا عنه عن الدية وجبت عليه بكمالها مقاصة بنصفها [- ن -] لو قتل زوجة الابن و كان الابن هو الوارث فلا قصاص و يجب الدّية و يجوز للجلاد قتل أبيه و كذا الغازي بإذن الإمام و لا يمنع من ميراثه لأنّه قتل سائغ

الفصل الرابع كمال القاتل

و فيه [- ط -] مباحث [- أ -] لا يقتل المجنون القاتل سواء قتل عاقلا أو مجنونا و يثبت الدية على عاقلته سواء كان المجنون دائما أو أدوارا إذا قتل حال جنونه و لو قتل حال رشده لم يسقط القود باعتراض الجنون و كذا العاقل لو قتل ثمّ جنّ قتل و لا يسقط الجنون الطاري القود [- ب -] الصبيّ كالمجنون في سقوط القود عنه و إن تعمّد القتل و عمده و خطاؤه واحد تؤخذ الدية فيهما من عاقلته سواء قتل صبيا أو بالغا رشيدا و روي أنّه يقتص من الصبي إذا بلغ عشر سنين و في رواية إذا بلغ خمسة أشبار و يقام عليه الحدود و الأقرب أنّ عمده خطأ محض يلزم العاقلة أرش جنايته حتى يبلغ خمس عشرة سنة لو كان ذكرا أو تسعا إن كان أنثى بشرط الرشد فيهما [- ج -] لو ادّعى الوليّ بلوغ الجاني و ادعى القاتل صغره حال القتل فالقول قول الجاني مع يمينه لقيام الاحتمال فلا يتهجّم على تفويت النفس و يثبت الدية في مال الصبيّ إلا أن يقوم البيّنة بأن القتل وقع في الصغر فيجب على العاقلة و لو ادّعى الوليّ على من يعتوره الجنون القتل حالة الإفاقة فادّعى الجاني القتل حالة الجنون فالقول قول الجاني مع يمينه و يثبت الدية [- د -] كما يعتبر العقل في طرف القاتل كذا يعتبر في طرف المقتول فلو قتل العاقل مجنونا لم يقتل به و يثبت الدية على القاتل إن كان القتل عمدا أو شبيه العمد و إن كان خطاء فالدية على العاقلة و لو قصد القاتل دفعه و لم يندفع إلاّ بالقتل كان هدرا و روي أنّ الدية في بيت المال

ص: 249

[- ه -] لو قتل البالغ الصبي قتل به على الأصحّ سواء كان الصبيّ مميّزا أو غير مميّز إن كان القتل عمدا و إن كان شبيه عمد فالدية كاملة في مال الجاني و إن كان خطأ فالدية على العاقلة [- و -] لا قود على النائم لعدم قصده و يثبت الدية عليه لأنّه شبيه عمد و ربّما قيل إنّ الدية يثبت على العاقلة لأنّه خطاء محض أمّا السكران ففي ثبوت القود في طرفه إشكال أقربه السقوط لعدم تحقّق العمد و يثبت الدية عليه في ماله إن لم يوجب القود عليه و إلحاقه بالصاحي في الأحكام لا يخرج فعله عن وجهه و من بنج نفسه أو شرب مرقد إلاّ لعذر لا قصاص عليهما بل يجب الدية [- ز -] ذهب الشيخ ره إلى أن عمد الأعمى خطاء محض يجب لقتله لغيره عمدا الدية على العاقلة و الحق عندي خلافه و أنّ عمده عمد كالمبصر [- ح -] يشترط في القصاص كون المقتول محقون الدم فلا يقتل المسلم بالمرتدّ و كذا كلّ من أباح الشرع قتله أو هلك بسراية القصاص أو الحدّ و لا يشترط التفاوت في تأبد العصمة فيقتل الذمّي بالمعاهد لا الحربي [- ط -] لا يشترط التساوي في الذكورة فيقتل الذكر بالأنثى بعد ردّ الفاضل و بالعكس و لا ردّ و لا يعتبر التفاوت بالعدد فيقتل الجماعة بالواحد بعد ردّ الفاضل من دياتهم عن جنايتهم و لا يشترط عدم مشاركة من لا يقتص منه كما لو شارك الخاطي أو الأب أو الحرّ في العبد أو المسلم في الكافر أو البيع بل يقتص من الشريك الذي يقتص منه لو انفرد و يؤخذ من الآخر الدية يردّ عليه

المطلب الثالث فيما يثبت به
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الدعوى

و فيه [- ح -] مباحث [- أ -] يشترط في المدعي البلوغ و كمال العقل حال الدعوى و لا يضرّه لو أسند القتل إلى زمان كونه جنينا إذ يصح استناد الدعوى إلى التسامح [- ب -] يشترط في صحّة الدّعوى تعلّقها بشخص معيّن أو بأشخاص معيّنين و أن يكون ممن يصحّ منه مباشرة الجناية فلو ادعى على جماعة فلا يتعذر اجتماعهم على القتل كأهل البلد أو على غائب لا يتصوّر منه مباشرة الجناية لم يسمع الدعوى و لو رجع إلى الممكن قبلت دعواه و لو قال قتله أحد هؤلاء العشرة و لا أعرف عينه و أريد يمين كلّ واحد أجيب إلى ذلك لتضرّره بالمنع و عدم تضرّرهم باليمين و لو أقام بيّنة سمعت لإثبات اللوث أن لو خصّ الوارث أحدهم و كذا في دعوى الغصب و السرقة و المعاملات و إن قصر نهاية في المعاملات [- ج -] هل يشترط في الدعوى التفصيل بتعيين القاتل و نوع القتل من كونه عمدا أو خطاء قيل نعم فلو أجمل و ادعى القتل مطلقا لم يسمع و قيل يستفصله القاضي في كونه عمدا أو خطأ و منفردا قتل أو مشاركا و ليس ذلك تلقينا بل تحقيقا للدعوى و هو الأقرب و لو ادّعى عليه أنّه قتل مع جماعة لا يعرف عددهم سمعت دعواه و لا يقضي بالقود و لا بالدية لعدم العلم بحصة المدّعى عليه منها و يقضي بالصلح حقنا للدم [- د -] لو ادّعى القتل و لم يبيّن العمد أو الخطاء فالأقرب السماع و يستفصله الحاكم و لو لم يبيّن قيل طرحت دعواه و سقطت البيّنة بذلك لو أقامها على هذه الدعوى إذ الحكم بها متعذّر لعدم العلم بالمحكوم به و فيه نظر [- ه -] يشترط كون المدّعى عليه مكلفا فلو كان سفيها صح فيما يقبل إقرار السفيه فيه و إن لم يقبل إقراره صحّ لأجل إنكاره حتّى يسمع البيّنة و يعرض اليمين عليه إذ الخصومة ينقطع يمينه [- و -] يشترط عدم تناقض الدعوى فلو ادّعى على شخص أنّه تفرّد بالقتل ثمّ ادّعى على غيره الشركة لم تسمع الدعوى الثانية لأنّ الأولى مكذبة له سواء أبرأ الأوّل أو شركه و لو أقرّ الثاني كان له إلزامه عملا بإقراره [- ز -] لو ادّعى العمد ففسّره بالخطاء أو بالعكس لم يبطل أصل الدعوى و لو قال ظلمته بأخذ المال و فسر بأنّه كذب في الدعوى استردّ منه المال و لو فسّر بأنّه حنفي لا يرى القسامة لم يستردّ لأنّ المعتبر رأي القاضي لا رأي الخصمين [- ح -] يثبت القتل بأمور ثلاثة الإقرار و الشهادة و القسامة

الفصل الثاني الإقرار

و فيه [- د -] مباحث [- أ -] يعتبر في الإقرار صدوره من بالغ عاقل مختار حرّ قاصد فلا يقبل إقرار الصبي و لا المجنون و لا السكران و لا المكره و لا العبد و لا المدبّر و لا المكاتب المشروط و لا المطلق الذي لم يؤدّ شيئا و لا أمّ الولد و لو انعتق بعضه قبل في نصيب الحرّية دون الرقية ثمّ لا يجب به القود نعم لو لم يؤدّ الدّية حتّى تحرر وجب القود و لا ينفذ إقرار النائم و لا الساهي و لا الغافل [- ب -] يقبل إقرار المحجور عليه لفلس أو سفه بما يوجب القصاص كالعمد و يستوفى منه القصاص و إن كان الإقرار بالنفس و لو أقرّ بما يوجب الدية كالخطاء و المأمومة ثبت و لكن لا يشارك الغرماء [- ج -] الأقرب الاكتفاء في الإقرار بالمرّة الواحدة و الشيخ ره قال بالمرّتين و اختاره ابن إدريس و المعتمد الأوّل لو أقرّ واحد بأنّه قتله عمدا و أقرّ آخر بأنّه الذي قتله خطأ تخيّر الولي في تصديق أيهما شاء و ليس له على الآخر سبيل و لو اتّهم رجل بالقتل فأقرّ به ثمّ جاء آخر فأقرّ أنّه هو القاتل و رجع الأوّل عن إقراره درئ عنهما القود و الدّية و أخذت الدّية لأولياء المقتول من بيت المال و هي قضية الحسن ع في حياة أبيه ع

الفصل الثالث في البيّنة

و فيه [- ط -] مباحث [- أ -] لا يثبت القتل الموجب للقصاص بشهادة النساء منفردات و لا منضمات و إنّما يثبت بشاهدين عدلين و لا يثبت أيضا بشاهد واحد و يمين المدّعي و يثبت بالشاهد و اليمين و الشاهد و المرأتين ما يوجب الدية كعمد الخطاء و الخطاء المحض و الهاشمة و المنقلة و المأمومة و كسر العظام و الجائفة و لو رجع بالعفو إلى المال لم يثبت إلاّ بعدلين و يقبل الشاهد و المرأتان و الشاهد و اليمين و على قتل الأب ولده عمدا و لو كان القتل موجبا للقود عند الشهادة ثمّ رجع إلى المال لم يقبل لأنّها كانت باطلة و لو شهد رجل و امرأتان على هاشمة

ص: 250

مسبوقة بإيضاح لم يقبل في الهاشمة في حقّ الأرش و لو شهدوا بأنّه رمى عمدا إلى زيد فمزق السهم و أصاب عمرا خطأ يثبت الخطاء لأنّ قتل عمرو منفصل عن قتل زيد فتغايرا أمّا الهشم فلا ينفصل عن الإيضاح فكانت الشهادة واحدة و قد سقط بعضها فيسقط الباقي على إشكال و لو قالوا نشهد أنّه لو صحّ ثم دعا بعد ذلك و هشم أو ادّعى قتل عمرو خطأ فشهدوا و ذكروا الكيفيّة قبلت و لا يثبت الموضحة و لا العمد بالتبعيّة [- ب -] يشترط في الشهادة خلوصها عن الاحتمال مثل أن يقولوا ضربه بالسيف فمات من الضربة أو ضربه فقتله أو ضربه فانهر دمه فمات في الحال من ذلك أو ضربه فلم يزل مريضا من الضّربة حتّى مات و إن طالت المدّة فإن أنكر المدّعى عليه الموت بغير الجناية فالقول قوله مع يمينه و لو أنكر ما شهدت به البيّنة لم يلتفت إليه أمّا لو قالت البيّنة تشهد أنّه جرح و أنهر الدم لم يكف ما لم يشهدوا على القتل و لو شهدوا بأنّه جرح و أنهر الدم و مات المجروح لم يقبل قتله ما لم يقل لاحتمال الموت بسبب آخر عقيب الجراحة فإنّ استناد الموت إلى الجراحة إنّما يعرف بقرائن خفيّة فلا بدّ من ذكر القتل و يحتمل القبول كما يكفي الشهادة على اليد و التّصرف في الملك و الوجه الأوّل و لو قال أوضح رأسه لم يكف حتّى يتعرّضوا للجراحة و إيضاح العظم و لو شهدوا بالجرح و الإيضاح و عجزوا عن تعيين محلّ الموضحة لوجود موضحات متعدّدة في رأسه سقط القصاص لتعذّر معرفة محلّ الاستيفاء و يثبت الأرش [- ج -] لو شهدوا بأنّه قتله بالسحر لم يقتل لعدم الرؤية نعم لو شهدوا عليه بإقراره بذلك قبل و لو قال الساحر أمرضته بالسحر لكن مات بسبب آخر فهل يكون إقراره بالأمراض لوثا يثبت معه للوارث القسامة فيه نظر و كذا لو أقرّ أنه جرحه و مات بسبب آخر و الأقرب أنّه ليس لوثا [- د -] لو قال الشاهد ضربه فأوضحه قتل في الموضحة و لو قال اختصما ثمّ افترقا و هو مجروح أو ضربه فوجدناه مشجوجا لم يقبل لاحتمال أن يكون ذلك من غيره و كذا لو قال فجرى دمه و لو قال فأجرى دمه قبلت و لو قال أسال دمه قتلت في الدامية دون الزائد و لو قال قطع يده و وجدناه مقطوع اليدين و عجز الشاهد عن التعيين سقط القصاص و يثبت الدية و لا يكفي قول الشاهد جرحه فأوضحه حتّى يقول هذه الموضحة لاحتمال غيرها [- ه -] يشترط أن لا يتضمّن الشهادة جرّا و لا دفعا فلو شهد على جرح المورث قبل الاندمال لم يقبل و يقبل بعد الاندمال و لو أقام قبل الاندمال فردّت ثمّ أعادها بعده قبلت و لو شهد بدين أو عين لمورثه المريض قبلت و لو شهدا على الجرح و هما محجوبان ثمّ مات الحاجب فالأقرب القبول دون العكس و لو شهد العاقلة على فسق بنته الخطاء لم يقبل و إن كانوا من فقراء العاقلة و إن كانوا من الأباعد الذين لا يصلهم العقل مع وجود القريب قبلت و لو شهد اثنان على رجلين بالقتل فشهد المشهود عليهما على الشاهدين بالقتل لمن شهد الأولان بقتله على وجه غير التبرّع لم يقبل قول الآخرين لأنّهما دافعان فإن صدق الوليّ الأوليّين حكم له و طرحت الشهادة الثانية و إن صدق الأخيرين أو الجميع سقط الجميع و لو شهد أجنبيان على الشاهدين بالقتل على غير وجه التبرّع كان للولي الأخذ بأيّ الشهادتين أرادوا و ليس له الجميع [- و -] يشترط اتفاق الشاهدين على الفعل الواحد فلو شهد أحدهما أنّه قتله غدوة أو بالسّكين أو في الدار و الآخر أنّه قتله عشية أو بالسيف أو في السوق لم يثبت و هل يثبت اللوث قال الشيخ في المبسوط نعم و فيه إشكال ينشأ من تكاذبهما و لو شهد أحدهما على الإقرار بالقتل المطلق و شهد الآخر على الإقرار بالقتل العمد ثبت أصل القتل و القول قول المدّعى عليه في نفي العمديّة و لو أنكر القتل لم يلتفت إليه لأنّه الكذاب للبيّنة و لو اعترف بالعمد حكم عليه و إن قال خطاء و صدّقه الولي وجبت الدية في ماله و إن كذّبه فالقول قول الجاني مع اليمين و لو شهد أحدهما أنّه أقرّ بقتله عمدا و شهد الآخر عليه أنّه أقرّ بقتله خطاء قبلت الشهادة بمطلق القتل و لا يثبت العمد و لو شهد أحدهما أنّه قتل عمدا و شهد الآخر بالخطاء ففي ثبوت أصل القتل إشكال نعم يكون شهادة الواحد هنا لوثا و يثبت الولي دعواه بالقسامة معها [- ن -] لو شهد اثنان على رجل بالقتل و شهد آخران على غيره به سقط القصاص و وجبت الدية عليهما نصفين لما عرض من الشبهة بتصادم البيّنتين و أفتى به الشيخ ره للرواية و يحتمل تخيّر الولي في تصديق أيّهما شاء كما لو أقرّ اثنان كلّ واحد بقتله منفردا و اختاره ابن إدريس و منع من الشريك بينهما في الدية و لو كان القتل خطاء كانت الدية على عاقلتهما [- ح -] لو شهد اثنان على زيد بأنه قتل عمدا و أقرّ آخر أنّه الذي قتل و برئ المشهود عليه تخير الوليّ في الأخذ بقول البيّنة و المقرّ قال الشيخ ره فللولي قتل المشهود عليه و يردّ المقر نصف ديته و لم يقتل المقرّ و لا ردّ لإقراره بالانفراد و له قتلهما بعد أن يردّ على المشهود عليه نصف الدية دون المقرّ و لو طلب الدّية كانت عليهما نصفين و دلّ على ذلك رواية زرارة عن الباقر ع و منع ابن إدريس من قتلهما معا أو إلزامهما بالدية إلا أن تشهد البيّنة بالشريك و يقرّ المقرّ به أمّا مع الشهادة بالمنفرد و إقرار المقر به فلا تشريك و الأقرب تخيّر الولي في إلزامه أيّهما شاء و ليس له على الآخر سبيل و لا يردّ أحدهما على الآخر إلاّ أن الرّواية مشهورة بين الأصحاب [- ط -] لو ادّعى قتل العمد فأقام شاهدا أو امرأتين ثمّ عفا قال الشيخ ره لا يصحّ لأنّه عفا عما لم يثبت له و الوجه الصحّة لأنّ العفو لا يستلزم الثبوت عند الحاكم بل لو عفا قبل أن يشهد له أحد صحّ عفوه

الفصل الرابع في القسامة
اشارة

و النظر في أطراف

الأوّل في مظنّته

و فيه [- ز -] مباحث [- أ -] إنّما يثبت القسامة في القتل

ص: 251

أو الجرح مع اللّوث فلا قسامة في المال و لا مع انتفاء اللوث و المراد به قرينة حال تدلّ على صدق المدّعي ظنّا لا قطعا كقتيل في محلّة بينهم عداوة أو قتيل دخل ما و تفرق عنه جماعة محصورون أو قتيل في صفّ الخصم المقابل أو قتيل في الصحراء و على رأسه رجل معه سكين أو قتيل في قرية مطروقة أو حلّة من حلال العرب أو محلّة منفردة مطروقة بشرط العداوة في ذلك كلّه فإن انتفت فلا لوث أمّا لو وجد في محلّة منفردة عن البلد لا يدخلها غير أهلها أو في دار قوم أو وجد متشخّطا بدمه و عنده ذو سلاح عليه الدّم فإنّه لوث و إن لم يكن هناك عداوة [- ب -] لو وجد قتيلا بين قريتين فاللوث لأقربهما إليه فإن تساويا في القرب تساويا في اللوث و لو وجد في زحام على قنطرة أو جسرا و مصنع أو سوق أو في جامع عظيم أو شارع و لم يعرف قاتله فالدّية على بيت المال و كذا لو وجده في فلاة و لا أحد عنده [- ج -] يثبت اللوث بشهادة الواحد العدل و بإخبار جماعة يرتفع المواطاة بينهم قطعا أو ظنا من الفساق أو النساء و لو أخبر جماعة من الصّبيان أو الكفّار فإن بلغ حدّا لتواتر يثبت الدعوى و إلاّ فلا و لو قيل إن أفاد خبرهم الظنّ كان لوثا أمكن و لا يثبت اللوث بالكافر الواحد و إن كان أمينا في نحلته و لا الفاسق المنفرد و لا الصبي و لا المرأة [- د -] إذا ارتفعت التهمة فلا قسامة بل للوليّ إحلاف المنكر يمينا واحدة كغيرها من الدعاوي و لا يجب التغليظ و لو نكل قضي عليه بمجرّد النكول عند قوم و بإحلاف المدّعي يمينا واحدة على رأي آخرين [- ه -] قول الرجل المجروح قتلني فلان ليس بلوث و لو ادّعى القتل من غير وجود قتيل و لا عداوة فحكمها حكم سائر الدعاوي و كذا إن وجد القتيل و التفت التهمة فإن حلف المنكر و إلاّ رددنا اليمين الواحدة على المدّعي و يثبت ما يدّعيه من قود إن كان القتل عمدا أو دية إن كان خطأ و لو وجد قتيلا في قرية يخلّطهم غيرهم نهارا و يفارقهم ليلا فإن وجد نهارا فلا لوث و إن وجد ليلا يثبت اللوث و لو وجد قتيلا في دار نفسه و فيها عبده كان لوثا و للورثة القسامة لفائدة التّسلط بالقتل أو لافتكاك بالجناية من الرهن [- و -] يسقط اللوث بأمور أحدها تعذّر إظهاره عند القاضي فلو ظهر عند القاضي على جماعة فللمدّعي أن يعين فلو قال القاتل واحد منهم فحلفوا و نكل واحد فله القسامة على ذلك الواحد لأنّ نكوله لوث و لو نكلوا جميعا فقال ظهرت الآن لوث معيّن و قد سبق منه دعوى الجهل احتمل تمكنه من القسامة و عدمه الثاني ادعاء الجاني العينية فإذا حلف سقط بيمينه اللوث فإن ادعى الوليّ أنّ واحدا من أهل الدار التي وجد القتيل فيها قتله جاز إثبات دعواه بالقسامة فإن أنكر الغريم كونه فيها وقت القتل فالقول قوله مع يمينه و لم يثبت اللوث لأنّ تطرق اللّوث إنّما هو إلى من في الدار و ذلك لا يثبت إلاّ بالبيّنة أو الإقرار و لو أقام على العينية بيّنة بعد الحكم بالقسامة نقض الحكم و لو كان وقت القتل محبوسا أو مريضا و استبعد كونه قاتلا فالأقرب سقوط اللوث في طرفه الثالث لو شهد الشاهدان أن فلانا قتل أحد هذين المقتولين لم يكن لوثا و لو قال قتل هذا القتيل أحد هذين فهو لوث لتعسّر تعيين القاتل و يحتمل انتفاء اللوث فيهما الرابع عدم خلوص اللوث عن شكّ فلو وجد بالقرب من القتيل ذو سلاح ملطخ بالدّم مع سبع من شأنه القتل بطل اللوث الخامس تكذيب أحد الورثة فإنّه يعارض اللوث في حقّ المكذّب خاصّة و لو قال أحدهما القاتل زيد و قال الآخر ليس القاتل زيدا فالأقرب انتفاء اللوث في حقّ المكذّب خاصّة و لو قال أحدهما القاتل زيد و آخر لا أعرفه و قال الثاني القاتل عمرو و آخر لا أعرفه فلا تكاذب فلعلّ ما جهله هذا عينه ذلك ثم معيّن زيد معترف بأنّ المستحق عليه نصف الدية و حصّة منه الربع فلا يطالب إلاّ بالربع و كذا معيّن عمرو [- ز -] ليس من مبطلات اللوث أن لا يكون على القتيل أثر جرح و تخنيق و لا عدم ظهور صفة القتل فلو ظهر اللوث في أصل القتل دون كونه خطاء أو عمدا فللولي القسامة على ما يعينه و لو كان أحد الوليّين غائبا فادّعى الحاضر دون الغائب أو ادعيا جميعا و نكل أحدهما عن القسامة أو قال أحدهما قتله هذا و قال الآخر قتل هذا و فلان فيحلفان في هذه الصورة على من اتّفقا عليه و يستحقّان نصف الدية أو نصف النفس و لا يجب أكثر من نصف الدّية عليه لأنّ أحدهما يكذب الآخر في النصف الآخر فيبقى اللوث في حقّه في نصف الدّم الذي اتفقا عليه و لم يثبت في النصف الذي كذبه أخوه فيه و لا يحلف الآخر على الآخر لتكذيب أخيه له في دعواه عليه و لو شهدت البيّنة بغيبة المدعى عليه يوم القتل غيبة لا تجامع القتل بطل اللوث فإن شهدت البينة أنّه لم يقتل لم يقبل لأنّها شهادة على النفي و لو قال ما قتله هذا بل هذا سمعت لأنّها شهدت بإثبات يضمن النفي و كذا لو قال ما قتله لأنه كان في بلد بعيد

الطرف الثاني في كيفيّة القسامة

و فيه [- يا -] بحثا [- أ -] إذا ثبت اللوث حلف المدّعي خمسين يمينا هو و قومه إن بلغوا خمسين حلف كل واحد يمينا واحدة و إن نقصوا كرّرت عليهم الأيمان حتّى يتمّوا الخمسين و لو لم يحلف مع الوليّ أحد من قومه أو لم يكن له قوم كرّرت عليه خمسون يمينا و هل يجب الموالاة فيه نظر فإن قلنا به فلو جنّ ثمّ أفاق بني للغدر و لو عزل القاضي استأنف و كذا لو مات في أثنائه استأنف الوارث [- ب -] اليمين خمسون في العمد و الخطاء المحض و الشبيه بالعمد و قيل إنّها

ص: 252

في الخطاء المحض و الشبيه بالعمد خمس و عشرون يمينا و الأوّل أحوط [- ج -] لو كان المدّعون جماعة قسمت عليهم الخمسون بالسّوية و يحتمل القسمة بالحصص و مع ثبوت الكسر يتمّم المكسر اليمين كاملة و لو نكل البعض أو كان غائبا حلف الحاضر على قدر حصة خمسين يمينا و لم يجب الارتعاب فإن كانوا ثلاثة حلف الأوّل خمسين و أخذ الثلث فإذا حضر الثاني حلف نصف الخمسين و أخذ الثلث فإذا حضر الثالث حلف ثلث الأيمان و أخذ الثلث و كذا لو كان صغيرا لو أكذب أحد الوليّين صاحبه لم يقدح في اللوث و حلف لإثبات حقّه خمسين يمينا و لو خلّف أخا خنثى لأب و أخا لأمّ حلفت الخنثى خمسة أسداس الأيمان لاحتمال الذكوريّة و حلف الأخ ربع الأيمان لاحتمال الردّ هذا مع غيبة أحدهما في حقّه إذا حضر و لو مات الوليّ قام ورثته مقامه و حلف كلّ واحد منهم قدر نصيبه من الأيمان فلو خلّف الميّت ذكرين ثمّ مات أحدهما و خلف ذكرين حلف الباقي من الذكرين نصف القسامة و كل واحد من ولدي الولد الرّبع و لو مات الوليّ في أثناء الأيمان قال الشيخ ره يستأنف الورثة الأيمان لأنّ الورثة لو أتمّوا لأثبتوا حقّهم بيمين غيرهم [- د -] لو أقام المدعي شاهدا واحدا باللّوث حلف خمسين يمينا و إن شهد بالقتل فكذلك إن كان القتل عمدا و إن كان خطاء أو شبيه العمد ثبت مع اليمين الواحدة كغيرها من الدعاوي [- ه -] الأقرب عدم اشتراط حضور المدعى عليه وقت القسامة فإن الحكم عندنا يثبت على الغائب و الإيقاع الأيمان في مجلس واحد فلو حلف في مجلسين أو مجالس متعدّدة جاز إذا استحلفه الحاكم و لو حلف من غير أن يستحلفه الحاكم وقعت إيمانه لاغية [- و -] لو كان المدّعى عليهم أكثر من واحد فالأقرب أن على كلّ واحد خمسين يمينا كما لو انفرد لأنّ كلّ واحد منهم يتوجّه عليه دعوى بانفراده [- ز -] إذا ثبت اللوث كان القسامة على المدّعي أوّلا فيحلف خمسين يمينا على المدّعى عليه أنه قتله و لو كان له قوم يحلفون معه حلف كلّ واحد يمينا واحدة إن بلغوا خمسين و إلاّ كررت عليهم الأيمان بالسوية و لو لم يحلفوا أصلا حلف هو الخمسين و لا يبدأ بإحلاف المنكر فإن امتنع المدّعي و قومه من القسامة أحلف المنكر و قومه خمسين يمينا أنه لم يقتل فإن لم يبلغ قومه خمسين كررت عليهم الأيمان بالسويّة فإن نكل قومه أو لم يكن له قوم حلف هو خمسين يمينا ببراءته فإن نكل عن الإيمان أو عن بعضها ألزم الدعوى و قيل له ردّ اليمين على المدّعي و ليس بجيّد لأنّ الردّ هنا من المدعي فلا يعود إليه [- ح -] إذا حلف المنكر القسامة لم يجب عليه الدية لإسقاط الدعوى عنه بالأيمان و لو لم يحلف المدّعون و لم يرضوا بيمين المدّعى عليه فالأقرب سقوط حقّهم و يحتمل الفداء من بيت المال و قد رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أذينة عن زرارة قال سألت أبا عبد اللّٰه عن القسامة فقال هي حقّ إنّ رجلا من الأنصار وجد قتيلا في قليب من قلب اليهود فأتوا رسول اللّٰه ص فقالوا يا رسول اللّٰه ص إنا وجدنا رجلا في قليب من قلب اليهود فقال ايتوني بشاهدين من غيركم فقالوا يا رسول اللّٰه ص ما لنا شاهدان من غيرنا فقال لهم رسول اللّٰه ص فليقسم خمسون رجلا منكم على رجل يدفعه إليكم قالوا يا رسول اللّٰه كيف نقسم على ما لم نره قال تقسم اليهود قالوا يا رسول اللّٰه و كيف ترضى باليهود و ما فيهم من الشرك أعظم فراده رسول اللّٰه ص و على هذا أعمل لكثرة الروايات المعتمدة به و لو تعذّر فداه من بيت المال لم يجب على المدّعى عليه شيء و لو امتنع المدّعى عليهم من اليمين لم يحبسوا حتّى يحلفوا بل يثبت الدعوى عليهم و يثبت القصاص إن كان القتل عمدا أو الدية إن كان خطأ [- ط -] يثبت القسامة في الأعضاء كما يثبت في النفس مع اللوث و في قدرها هنا خلاف قيل يثبت ستة أيمان فيما فيه الدية و إن قصر عن الدية سقطت من السّت بالنسبة ففي اليد الواحدة ثلاث أيمان و لو كان العضو أقلّ من السدس كالإصبع وجبت يمين واحدة و قيل إن كان فيه الدّية وجب خمسون كالنفس و إن قصر عن الدّية فالنسبة من الخمسين و هو أحوط [- ى -] يشترط في القسامة ذكر القاتل و المقتول و الرفع في نسبهما بما يزيل الاحتمال و تخصيص القتل بالانفراد أو التشريك و نوعه من كونه عمدا أو خطاء أو شبيه عمد و إن كان من أهل الأعراب كلّف البيان به و إلا كفاه ما يعرف به قصده و لا يشترط في القسامة أن تقول في اليمين أنّ النيّة نية المدّعي خلافا لقوم و لو ادّعى على اثنين أنهما تعمدا أقسم و ثبت القود عليهما و كذا لو أقسم على أكثر من اثنين و يستحقّ بها قتل الجماعة و يكفي القسامة الواحدة عليهما و لو ادعى على اثنين و له على أحدهما لوث حلف خمسين يمينا و يثبت دعواه على ذي اللوث و كان على الآخر يمين واحدة كالدعوى في غير الدّم فإن قتل ذي اللوث ردّ عليه نصف الدّية [- يا -] يستحب الاستظهار في أيمان القسامة باللفظ فيقول و اللّٰه الّذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرّحيم الطّالب الغالب الضارّ النافع إنّ هذا قتل أبي و لو أتى بغير ذلك من ألفاظ التأكيد جاز و لو اقتصر على لفظه و اللّٰه أو باللّٰه أو تاللّه مجرورا أجزأ و لو رفعه و لحن أجزأ لعدم تغيّر المعنى به و ينبغي للحاكم وعظ الحالف و تخويفه

الطرف الثالث في الحالف

و فيه [- و -] مباحث [- أ -] يحلف القسامة كلّ من يستحقّ الدّية أو القصاص أو يدفع أحدهما عنه أو قوم أحدهما معه كماله و علمه بما يحلف عليه فلا قسامة للأجنبي بالأصالة نعم لو أحضر المدّعي مع اللوث من قومه خمسين رجلا حلف كلّ واحد يمينا لثبت القتل و يستحقّ الوليّ القصاص دون باقي القسامة و كذا في طرف المنكر يحلف هو أو هو و من يقوم معه من قومه مع إثبات التهمة عليه القسامة [- ب -] لا يجوز للمدّعي و لا لقومه الحلف إلاّ مع العلم و لا يكفي الظنّ في ذلك و إن كان عاليا يقارب اليقين [- ج -] لا يقسم الصبيّ و لا الغائب إذا لم يحصل له العلم و لا المجنون

ص: 253

و يحلف المرأة و لو كان أحد الوليين صبيّا أو غائبا حلف الحاضر البالغ على قدر نصيبه و استوفى الدية إن اتفقا عليها أو كانت الدعوى الخطأ و إن لم يتّفق الخصمان على الدية و كان القتل عمدا كان له القصاص أيضا أو أدفع نصيب الغائب أو الصبيّ من الدية [- د -] للمسلم القسامة على الكافر إجماعا و هل يثبت للكافر على المسلم القسامة قال الشيخ ره الأقوى ذلك لعموم الأخبار غير أنّه لا يثبت بذلك قصاص بل الدية فإذا ادّعى الكافر على المسلم قتل أبيه الكافر يثبت اللوث كان للكافر أن يحلف القسامة و يأخذ الدية و لو كان المقتول مسلما و الوارث كافرا لم يرثه عندنا و كان ميراثه للإمام و ليس للإمام أن يحلف القسامة و لو قيل بالمنع من قسامة الكافر على المسلم كان وجها [- ه -] لمولى العبد أن يقسم مع اللوث و إن كان المدّعى عليه حرا يثبت الدّية لا القود إن كان الجاني حرا و للمكاتب أن يقسم على عبده كالحرّ فإن عجز قبل الحلف و النكول حلف السيّد و إن كان بعد النكول لم يحلف كما لا يحلف الوارث بعد نكول الموروث و لو قتل عبد إنسان فأوصى بقيمته لأم ولده و مات فللورثة أن يقسموا و إن كانت القيمة للمستولدة لأنّ لهم حظا في تنفيذ الوصيّة كما لو أقام الوارث شاهدا بدين لموروثه مع ثبوت دين عليه مستوعب فإنّ اليمين على الوارث و يأخذ صاحب الدّين و كذا هنا فإن نكلوا قوّى الشيخ عدم إحلاف أمّ الولد كما لا يحلف صاحب الدين هناك [- و -] إذا ارتدّ الولي منع القسامة قال الشيخ ره لئلاّ يقدم على اليمين الكاذبة كإقدامه على الردّة فإن خالف و أقسم في الردّة قال يقع موقعها لعموم الأخبار و قال شاذ من الجمهور فلا يقع موقعها لأنّه ليس من أهل القسامة قال هو غلط لأنّه نوع من الاكتساب و المرتدّ لا يمنع من الاكتساب في مهلة الاستتابة و هو يشكل بما أنّ الارتداد يمنع الإرث فيخرج عن الولاية فلا قسامة و لو كان الارتداد قبل القتل لم يقسم فإن عاد وارثه إلى الإسلام ورث إن كان قبل القسمة و إلاّ فلا و لو كان الارتداد عن فطرة لم يكن له أن يقسم لخروجه عن أهلية التملك و إذا كان عن غير فطرة فحلف القسامة حال ردّته على ما اختاره الشيخ ره استحقّ الدية و وقف الحال فإن قتل بردّته انتقلت إلى ورثته المسلمين و إن عاد ملكها و إذا قتل من لا وارث له فلا قسامة إذ إحلاف الإمام غير ممكن

الطّرف الرّابع في الأحكام

و فيه [- ه -] مباحث [- أ -] إذا ثبت اللوث و حلف المدّعي القسامة فإن كان القتل عمدا وجب القصاص سواء كان المدعى عليه واحدا أو أكثر و يقتل الجميع بعد ردّ فاضل نصيبهم من الديات و إن كان القتل خطاء يثبت الدية على القاتل لا على العاقلة فإنّ العاقلة إنّما يضمن الدية مع البيّنة لا مع القسامة [- ب -] لو قال الولي بعد القسامة غلطت في حق هذا المنكر و القاتل غيره بطلت القسامة و لزمه ردّ ما أخذ بيمينه و إن قال ما أخذته حرام سئل عن معناه فإن فسّر بكذبه في الدعوى عليه بطلت قسامته و ردّ المال فإن فسّر بأنّه حنفيّ لا يرى اليمين في طرف المدعي لم يبطل القسامة لأنّها يثبت باجتهاد الحاكم فيقدّم على اعتقاده و إن فسّر بأنّ المال مغصوب و عين المالك ألزم بالدفع إليه و ليس له رجوع على الغريم و إن لم يعيّن أقرّ في يده [- ج -] لو استوفى بالقسامة فقال آخر أنا قتلته منفردا قال في الخلاف تخيّر بين ردّ المال و الرجوع على المقر و بين البقاء على القسامة و في المبسوط ليس له ذلك لأنّه لا يقسم إلاّ مع العلم و هو أجود و لو قيل إن كذبه الوليّ لم يبطل القسامة و لم يلزم المقرّ شيء لأنه يقرّ لمن يكذّبه و إن صدّقه ردّ ما أخذه و بطلت دعواه على الأوّل لأنّه يجري مجرى الإقرار ببطلان الدعوى و ليس له مطالبة المقرّ كان وجها [- د -] إذا امتنع المدّعي من القسامة مع اللوث أحلف المنكر القسامة فإن نكل ألزم الدعوى قصاصا كان أو دية و لو حلف مع اللوث و استوفى الدية فشهد اثنان أنّ المدّعى عليه كان غائبا حال القتل غيبة يمتنع معها القتل بطلت القسامة و استعيد الدّية [- ه -] لو اتّهم بالقتل و قام اللوث حبس إذا طلب الوليّ ذلك حتّى يحضر بيّنته لرواية السكوني عن الصادق ع أنّ النبي ص كان يحبس في تهمة الدم ستة أيّام فإن جاءوا للأولياء بالبينة و إلاّ خلّي سبيله

المطلب الرابع في كيفيّة الاستيفاء

و فيه [- كب -] بحثا [- أ -] الواجب بقتل العمد العدوان القصاص لا الدية و لا أحد الأمرين فلو عفا الولي على مال لم يسقط القود ثمّ إن رضي الجاني يثبت الدية و إلاّ فلا و لو عفا و لم يشترط المال سقط القصاص و لا دية له و إذا طلب الوليّ الدية فاختار الجاني دفعها جاز و إلاّ لم يجب عليه سوى بذل نفسه فإن بذل القود لم يكن للوليّ مطالبة بشيء و لو بذل الجاني الدية لم يجب على الوليّ القبول فإن فادى نفسه بأضعاف الدّية لم يجب أيضا فإن رضي بالزائد على الدية و اتفقا عليه جاز [- ب -] إنّما يجب القصاص في النفس مع تيقّن التلف بالجناية فإن اشتبه اقتصر على القصاص في الجناية دون النفس و لا تقتص إلاّ بالسّيف و يعتبر لئلا يكون مسموما خصوصا بالطرف فإن اقتص الطرف بالمسموم و جنى السمّ ضمن المقتصّ و لا يقتص بالآلة الكالة لئلا يتعذّب فإن فعل أساء و لا شيء عليه و لا يجوز للمولى التمثيل بالجاني و لا قتله بغير ضرب العنق بالسيف و إن كان هو قد فعل غير ذلك من التغريق و التحريق و الرضخ و القتل بالمثقل [- ج -] لو قطع أعضاؤه ثمّ ضرب عنقه فقولان أشبههما أنّه إن فرّق ذلك بأن ضربه فقطع عضوا ثمّ ضربه فقتله فعل به ذلك و قيل يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس و إن مات بغير ذلك كان حكمه حكم الجاني إذا مات قبل الاستيفاء القصاص منه و لو

ص: 254

اختار الوليّ الاختصار على ضرب العنق فله ذلك و إن قطع أعضاؤها التي قطعها أو بعضها ثمّ عفا عن قتله إلى الدية فليس له ذلك لأنّ جميع ما فعله بوليّه لا يستحقّ به سوى دية واحدة لأنّ دية الطرف يدخل في دية النفس إجماعا و إن بقي من الدية شيء بعد قطع البعض كان له استيفاؤه و إن قطع ما يجب به أكثر من الدية ثمّ عفا احتمل الرّجوع عليه بالزيادة لأنّه لا يستحقّ لأكثر من الدّية و احتمل عدمه لأنّه فعل بعض ما فعل بوليّه و على القول بدخول قصاص للطّرف في النفس لو فعل بالجاني كما فعل بوليّه أساء و لا شيء عليه [- د -] لا يضمن المقتص سراية القصاص سواء سرت إلى النفس أو غيرها بأن اقتص من إصبع فسرت إلى الكفّ إلاّ أن يتعدّى فإن اعترفت به عمدا اقتصّ منه في الزائد و إن قال أخطأت أخذت منه دية الزيادة و القول قوله لو تخالفا في العمد مع اليمين لأنّه أبصر ببيّنته و كلّ من يجري القصاص بينهم في النفس يجري في الطرق و من لا يقتص له في النفس لا يقتص له في الطرف [- ه -] لو تعدّى المقتصّ بأن جرحه موضحة و كان يستحقّ باضعة فعليه ضمان الزائد فإن ادّعى لله الزيادة حصلت باضطراب الجاني أو بشيء من جهة فالقول قوله لاحتمال ذلك و هو المنكر و لو اعترف بالتعدّي ثمّ سرى الاستيفاء الذي حصل فيه الزيادة فعليه نصف الدية إن أخطأ و إن تعمّد اقتص منه بعد ردّ نصف الدية عليه لأنّ السراية حصلت من فعلين مباح و محرّم و لو قتل الجاني بالسيف فزاد المقتصّ بالقصاص بأن قطع أعضاؤه أو بعضها فإن عفا بعد ذلك أو قتل احتمل الضمان في الطرف لأنه قطعه بغير حقّ فوجب ضمانه كما لو عفا ثمّ قطعه و عدمه لأنّه قطع طرفا من جملة يستحقّ إتلافها فلا يضمنه كما لو قطع إصبع من يد المستحق قطعها [- و -] مستحقّ القصاص إن كان واحدا كان له المبادرة إلى الاستيفاء و هل يحرم من دون إذن الإمام الأولى الكراهية فله الاستيفاء بدون إذنه و قيل يحرم و يعزر لو بادر و يتأكّد الكراهية في الطرف و ينبغي للإمام إحضار شاهدين على الاستيفاء لئلاّ يجحد المجنيّ عليه الاستيفاء و يعتبر الآلة لئلا يكون كالّة أو مسمومة و للوليّ الاستيفاء بنفسه إن اختاره و إن لم يحسن أمر بالتوكيل فيه فإن تعذّر إلاّ بعوض كان العوض من بيت المال فإن لم يكن أو كان هناك ما هو أهمّ منه كانت الأجرة على الجاني لأنّ عليه إيفاء الحقّ فصار كأجرة الكيّال و يحتمل وجوبها على المقتصّ لأنّه وكيله فكانت الأجرة على موكّله كغيره و الذي على الجاني التمكين دون الفعل و لهذا لو أراد أن يقتص من نفسه لم يمكن منه و لو قال الجاني أنا أقتصّ لك من نفسي لم يجب تمكينه و هل يجوز يحتمل المنع لقوله تعالى وَ لاٰ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ و لأنّ معنى القصاص أن يفعل به كما فعل [- ن -] مستحقّ القصاص إن كان أكثر من واحد لم يجز الاستيفاء إلا بعد الاجتماع إما بوكالة لأجنبي أو لأحدهم أو بالإذن فإن بادر و اقتصّ أساء و ضمن حصص الباقين من الدية و لا قصاص عليه و لم يجز أن يتولاّه جميعهم لما فيه من التعذيب و قال الشيخ ره يجوز لكل منهم المبادرة إلى الاستيفاء و لا يتوقّف على إذن الآخر لكن يضمن السابق حصص من لم يأذن [- ح -] يستحق القصاص و يرثه الدية كلّ من يرث المال عدا الزوج و الزّوجة فإنّهما لا يستحقّان في القصاص شيئا نعم لهما نصيبهما من الدية إن كان القتل خطأ و كذا إن كان عمدا و رضي الورثة بالدّية و إلاّ فلا شيء لهما و قيل إنّما يرث القصاص العصبة دون من يتقرّب بالأمّ من الإخوة و الأخوات و الأخوال و الأجداد من قبلهما و ليس للنساء عفو و لا دية و الأقرب ما قلناه أولا و كذا يرث الدية من يرث المال و البحث فيه كالأول إلا أنّ للزّوج و الزوجة نصيبهما منها على التقديرات [- ط -] لو كان بعض الأولياء غائبا أو صبيّا قال الشيخ ره الحاضر البالغ استيفاء القصاص بعد ضمان حصص الغائبين و الصغار من الدية ثمّ قال لو كان للصغير أب أو جدّ له لم يكن لوليّه استيفاء القصاص حتّى يبلغ سواء كان القصاص في النفس أو الطرف و لو قيل له الاستيفاء كان حسنا ثم قال و يحبس القاتل حتى يبلغ الصبيّ أو يفيق المجنون [- ى -] لو اختار أحد الأولياء القصاص و الباقي الدية فإن دفعها القاتل مختارا جاز و هل يسقط القود المشهور عدم السقوط و في رواية أنه يسقط و الوجه الأوّل فنقول لطالب القصاص القود بعد أن يرد على الجاني نصيب من فاداه و لو لم يردّ الجاني على طالب الدية شيئا ردّ طالب القود على طالب الدّية نصيبه منها و اقتصّ و لو عفا البعض عن القصاص و الدية كان للباقين القود بعد أن يردوا نصيب العافي على القاتل [- يا -] لو قتله أحد الأولياء من غير إذن الباقين أساء و ضمن و هل يرجع الباقي على المقتص أو على تركة الجاني بنصيبهم فيه احتمال من حيث أنّ المقتصّ أتلف محلّ حقّه فله الرجوع بالعوض كما لو أتلف الوديعة و من حيث أن محل القود تلف فيرجع في تركته بالدية كما لو أتلفه أجنبيّ و كما لو عفا شريكه عن القصاص بخلاف الوديعة فإنها ملك لهما و الجاني ليس ملكا و إنّما له عليهم حقّ فأشبه ما لو قتل غريمه فعلى هذا يرجع على ورثة الجاني و يرجع ورثة الجاني على قاتله بديته إلاّ قدر حقه إذا ثبت هذا فلو كان الجاني أقلّ دية من قاتله كامرأة قتلت رجلا له ابنان فقتلها أحدهما بغير إذن الآخر فللآخر نصف دية أبيه في تركة المرأة و يرجع ورثتها بنصف ديتها على قاتلها و على الأوّل يرجع الولد على أخيه بنصف دية المرأة لأنه القدر الذي فوته على أخيه و لا يرجع على ورثة المرأة بشيء لأنّ أخاه أتلف جميع الحقّ و على الأوّل لو أبرأ شريكه صحّ الإبراء و لم يكن لورثة الجاني الرجوع عليه بشيء و على الثاني لو أبرأ ورثة الجاني

ص: 255

صح و ملكوا الرجوع على الشريك بنصيب العافي [- يب -] عفو أحد الأولياء لا يسقط القصاص للباقين القود بعد ردّ نصيب من عفا إلى الجاني و لا قصاص عليه و إن حكم الحاكم بعدم القصاص نعم لو كان القاتل هو العافي وجب عليه القصاص سواء عفا مطلقا أو على مال و رضي به الجاني و إذا عفا عن القاتل سقط عنه القصاص و القود و لا يحبس سنة و لا يضرب و إذا أقر أحد الوليين أن شريكه عفا على مال لم ينفذ إقراره في حق شريكه و لا يسقط حقّ أحدهما من القود و للمقر أن يقتل لكن بعد ردّ نصيب شريكه من الدّية فإن صدّقه الشريك فالرّد له و إلاّ كان للجاني حقّ الشريك من القصاص باق على حاله و لو قتل الأب و الأجنبي الولد فعلى الأجنبي القود دون الأب و يرد الأب عليه نصف الدية و كذا العامد مع الخاطي و المسلم مع الذمّي في الذمي و شريك السبع يقتصّ منه بعد ردّ نصف الدّية على الجاني [- يج -] المحجور عليه للفلس أو السفه استيفاء القصاص و لو عفا على مال و رضي القاتل صحّ و قسم المال على الغرماء و لو اختار القصاص لم يكن للغرماء منعه و لوارث المفلس استيفاء القصاص فإن أخذ الدية صرفت في الديون و الوصايا و هل للوارث استيفاء القصاص من دون ضمان ما عليه من الديون الوجه ذلك للآية و قيل لا للرّواية و لو صالح المفلّس أو السفيه قاتل العمد على أقلّ من الدّية فالوجه الجواز و لو عفا المريض على غير مال أو على أقلّ من الدية صحّ سواء خرج من الثلث أو لا لأنّ الواجب القصاص عينا أمّا لو كان القتل خطأ فالوجه اعتبار الثلث و لو قتل من لا وارث له كان وارثه الإمام فله العفو على مال و استيفاء القصاص و هل له العفو من غير شيء قيل لا و ليس لولي الطفل العفو على غير مال و هل يجوز له العفو إلى مال مع كفاية الصبيّ الوجه الجواز و يحتمل المنع لما فيه من تفويت حقّه من غير حاجة و لوليّ المجنون العفو على مال لا مطلقا و لكلّ من الوليين استيفاء القصاص و إن بذل الجاني الدّية و لو كان الأصلح أخذ الدية فبذلها الجاني ففي منع الولي من القصاص إشكال [- يد -] لو قتل جماعة على التعاقب فلوليّ كلّ واحد القود و لا يتعلّق حقّ بعضهم ببعض فإن سبق الأوّل إلى القتل استوفى حقّه و سقط حقّ الباقين لا إلى بدل و إن بادر المتأخر فقتله أساء و سقط حقّ الباقين و يشكل بتساوي الجميع في سبب الاستحقاق و لو قيل إن اتفق الوليّان على قتله قتل بهما و لو أراد أحدهما القود و الآخر الدّية احتمل وجوب القود لطالبه و أخذ الدية من التركة سواء كان مختار القود الثاني أو الأوّل و سواء قتلها دفعة أو على التعاقب و لو بادر أحدهما إلى قتله استوفى و للآخر الدية في ماله كان وجها فلو طلب كلّ وليّ قتله بوليه مستقلا من غير مشاركة قدّم الأوّل لسبق حقّه فإن عفا وليّ الأوّل فلوليّ الثاني القتل فإن طلب وليّ الثاني القتل أعلم الحاكم وليّ الأوّل فإن سبق الثاني فقتل أساء و استوفى حقه و لوليّ الأوّل الدّية و إن عفا الأولياء إلى الدّيات و رضي القاتل صحّ و لو قتلهم دفعة أقرع في المتقدّم في الاستيفاء و كان للباقين الدية [- يه -] يصحّ التوكيل في استيفاء القصاص فإن وكّل ثمّ غاب و عفا عن القصاص بعد استيفاء التوكيل بطل العفو و إن كان قبله و علم الوكيل اقتصّ من الوكيل و لو لم يعلم الوكيل فلا قصاص لانتفاء العدوان و على الوكيل الدية لأنه باشر قتل من لا يستحقّ قتله و يرجع بها على الموكّل لأنّه غار أمّا لو كان العفو إلى الدية فلا ضمان على الوكيل لأنّها لا تثبت إلاّ صلحا و لو بذلها الجاني و لم يعلم الوكيل و اقتصّ أخذت الدية من الوكيل لورثة الجاني و رجع الموكّل على ورثة الجاني بالدية و رجع الوكيل على الموكّل بما أداه و يظهر فائدة أخذ الورثة من الوكيل ثمّ دفعهم إلى الموكّل ثم دفع الموكّل إلى الوكيل فيما إذا كان أحد المقتولين رجلا و الآخر امرأة فيأخذ ورثة الجاني ديته من الوكيل و يدفعون إلى الموكّل دية وليّه ثمّ يردّ الموكّل إلى الوكيل قدر ما عرفه و لو وكّله في استيفاء القصاص ثمّ عزله قبل القصاص ثمّ استوفى فإن كان الوكيل قد علم بالعزل فعليه القصاص لورثة الجاني و للموكل الرجوع على الورثة بدية وليّه و لو لم يعلم فلا قصاص و لا دية لبطلان العزل إن قلنا إنّ الوكيل إنّما ينعزل بالإعلام و إن قلنا إنّه ينعزل بالعزل و إن لم يعلم فلا قصاص على الوكيل و يغرم الدية لمباشرته الإتلاف و يرجع بها على الموكّل و يرجع الموكّل على الورثة [- يو -] لو قطع يدا فعفا المقطوع ثمّ قتله القاطع فللوليّ القصاص في النفس بعد ردّ دية اليد و كذا لو قتل مقطوع اليد قتل بعد ردّ دية اليد عليه إن كان المجني عليه أخذ ديتها أو قطعت في قصاص و إن كانت قطعت من غير جناية و لا أخذ لها دية قتل القاتل من غير ردّ و كذا لو قطع كفا بغير أصابع قطعت كفّه بعد ردّ دية الأصابع و لو اقتصّ الولي من القاتل و تركه ظانا موته و كان به رمق فعالج نفسه و برأ فالأقرب أنّه إن كان قد ضربه بما ليس له الاقتصاص به لم يكن له القصاص في النفس حتّى يقتص منه في الجراحة و إلاّ كان له قتله كما لو ضربه في عنقه و ظنّ الإبانة فظهر خلافها فله القصاص و لا يقتص منه لأنّ فعله جائز [- يز -] لو قطع يد رجل ثمّ قتل آخر قطعنا يده أولا ثم قتلنا بالثاني و كذا لو بدأ بالقتل ثم بالقطع توسّلا إلى استيفاء الحقين و لو سرى القطع في المجني عليه قبل القصاص تساويا في استحقاق القتل و صار كما لو قتلهما و قد سبق حكمه أمّا لو سرى بعد قطع يده قصاصا كان للولي أخذ نصف الدّية من تركة الجاني لأن قطع اليد بدل عن نصف الدية و قيل لا يجب شيء لأنّ دية العمد إنّما يثبت صلحا و الأقرب عندي أنّه يرجع بالدية أجمع لأن

ص: 256

للنفس دية على انفرادها و الذي استوفاه وقع قصاصا فلا يتداخل و لو قطع يد آخر فاقتص ثمّ سرت جراحة المجنيّ عليه فلوليّه القصاص في النفس و لو قطع يهوديّ يد مسلم فاقتصّ المسلم ثمّ سرت جراحة المسلم فلوليّه قتل الذمّي و لو طلب الدّية كان له دية المسلم و هل يسقط منها دية يد الذّمي قيل نعم و الوجه ما قلناه و لو قطعت امرأة يد رجل فاقتصّ ثمّ سرت جراحته فلوليّه القصاص و لو طلب الدية فله دية كاملة على ما اخترناه و قيل ثلاثة أرباع الدية و لو قطعت يده و رجله فاقتصّ ثمّ سرت جراحاته فلوليّه القصاص في النفس و هل له الدية قيل لا لأنّه استوفى ما يقوم مقام الدّية و الوجه أنّ له ذلك لما تقدّم و لو قطع يد رجل فاقتص ثمّ مات المجني عليه بالسراية ثمّ الجاني بها وقع القصاص بالسراية من الجاني موقعه و كذا لو قطع يده ثمّ قتله فقطع الوليّ يد الجاني ثمّ سرت إلى نفسه و لو سرى القطع إلى الجاني أوّلا ثمّ سرى قطع المجنيّ عليه لم يقع سراية الجاني قصاصا لأنّها حصلت قبل سراية المجنيّ عليه هدرا و لو هلك قاتل العمد سقط القصاص و هل يسقط الدّية قال في المبسوط نعم و تردّد في الخلاف و في رواية أبي بصير إذا هرب فلم يقدر عليه حتّى مات أخذ من ماله و إلاّ فمن الأقرب فالأقرب [- يح -] لا يقتصّ من الحامل حتّى تضع و لو تجدّد الحمل بعد الجناية فإن ادعت الحمل و شهد لها القوابل ثبت و إن تجرّدت دعواها قيل لا يلتفت إليها لأنّها تدفع بذلك السلطان بالقتل فالأحوط العمل بقولها فإن ظهر الكذب اقتصّ منها و إلاّ صبر حتّى تضع و هل يجب الصبر حتّى يستقل الولد بالاغتذاء قيل نعم و الوجه ذلك إن لم يكن للولد ما يعيش به غير لبن الأمّ و إلاّ فلا و لو قتلت المرأة قصاصا فظهر أنّها حامل فالدية على القاتل و لو جهل المباشر و علم الحاكم ضمن و لو سلطه الحاكم من غير علم أيضا فالدية على بيت المال و لا يؤخّر القصاص في غير الحامل و من التجأ إلى الحرم ضيق عليه في المطعم و المشرب ليخرج و يقتص منه و لو أوقع الجناية في الحرم اقتصّ منه فيه [- يط -] إذا عفا مستحقّ العمد عن القصاص مطلقا سقط حقّه بغير عوض و لو عفا عن الدية لم يصحّ عفوه و كان له القصاص لأنها لا تثبت إلا صلحا و لو عفا عن أحدهما لا بعينه ففي صحّته و سقوط القود به نظر و لو عفا عنهما سقط القود و لا دية و لو عفا عن الدية لم يسقط القصاص و له الرجوع إلى الدية إن رضي الجاني و لو قال عفوت عنك فالأقرب رجوعه إلى القصاص و يحتمل الرجوع إلى نيّته و السّفيه و المفلّس كالبالغ في استيفاء القصاص و عفوه و كالصبيّ في إسقاط الدية [- ك -] إذا أذن في القطع و القتل فلا دية فيه و إن كان محرما إذ لا يباح القتل بالإذن و لا يسقط الكفّارة و يصحّ العفو بعد القطع قبل السراية عن الماضي فلو قطع يده فعفا المجنيّ عليه قبل الاندمال فإن اندملت فلا قصاص و لا دية و لو قال عفوت عن الجناية سقط القصاص و الدّية و لو سرت فللولي القصاص في النفس بعد ردّ ما عفا عنه و لو عفا عن الجناية و السراية فالوجه صحّة العفو عن الجناية خاصّة لأنّ العفو عن السراية أبرأ ممّا لم يجب و يحتمل الصحّة قال في الخلاف يصحّ العفو عن الجناية و عمّا يحدث عنها فلو سرت صحّ العفو من الثلث لأنّه وصيّته لأن العفو و إن كان قبل الوجوب إلاّ أنّه بعد سببه [- كا -] لو كان الجاني عبدا فقال المجنيّ عليه أبرأتك لم يصحّ و إن كانت الجناية تتعلّق برقبته لأنّه ملك للسيّد و لو أبرأ السيّد صحّ و فيه نظر من حيث أنّ الإبراء إسقاط لما في الذمة و لو قال عفوت عن أرش هذه الجناية صحّ و لو كان القتل خطأ محضا فأبرأ القاتل لم يصحّ و لو أبرأ العاقلة صحّ و كذا يصحّ لو قال عفوت من أرش الجناية و لو كان القتل شبيه العمد فأبرأ القاتل صحّ و كذا لو قال عفوت عن هذه الجناية أو من أرشها و لو أبرأ العاقلة لم يبرأ القاتل [- كب -] عفو الوارث صحيح فإن استحقّ الطرف و النفس فعفوه عن أحدهما لا يسقط الآخر و لو عفا بعد مباشرة سبب الاستيفاء بطل كما إذا عفا عن الجناية بعد الرمي قبل الإصابة

المقصد الثاني في قصاص الطرف

و فيه [- كب -] بحثا [- أ -] يجب القصاص في الطرف مع إتلافه عمدا دون الخطاء المحض و شبيه العمد و يتحقق العمد فيه بما يتحقق في النفس من الجناية عليه بما يتلفونه غالبا أو القصد إلى بما يتلف به نادرا و يشترط فيه التساوي في الإسلام و الحرّية و كون المقتصّ منه أخفض و انتفاء الأبوّة فلا يقتصّ من الأب و إن علا للابن و يقتص للرجل من المرأة و لا ردّ إن تجاوز ثلث الدية و للمرأة من الرّجل و لا ردّ فيما قصر عن الثلث و فيما بلغه بشرط ردّ التفاوت و يقتصّ للذمّي من مثله و من الكافر مطلقا لا من المسلم و للحرّ من العبد و لا يقتصّ للعبد من الحرّ [- ب -] يشترط في قصاص الطرف أمور ثلاثة التساوي في المحلّ و الصفات و العدد فيقطع اليمنى بمثلها لا باليسرى و لا بالعكس و لا السبّابة بالوسطى و لا زائدة بأصليّة و لا بالعكس و لا زائدة بزائدة مع تغاير المحلّ و إن تساويا في الحكومة و أمّا الصفات فلا يقطع الصّحيحة بالشلاء و إن رضي الجاني نعم يقطع الشلاّء بمثلها و بالصحيحة إلاّ أن يحكم أهل المعرفة بعدم الحسم فيثبت الدّية حذرا من السراية و لا يضمّ إلى الشلاء أرش و كذا ذكر الأشل و هو الذي لا يتقلص في برد و لا يسترسل في حرّ و لا يقطع الصحيح بذكر العنين و يقطع ذكر الصّحيح البالغ بذكر الصّبي و الخصي و ذكر الشاب بالشيخ و الأغلف و المجنون سواء و يقطع العنين بذكر الصحيح و يقطع أذن الأصمّ بأذن السميع و بالعكس و الأنف الشام بفاقده و بالعكس و أنف المجذوم بالصّحيح إذا لم يسقط منه شيء و الأذن الصحيحة بالأذن المثقوبة إذا لم يكن شيئا و لا تؤخذ الصحيحة بالمخرومة إلاّ أن يرد دية الخرم و إلاّ اقتصّ إلى حد الخرم و يأخذ دية الباقي أمّا العدد فلا يقطع

ص: 257

الكفّ الكامل بالناقص بإصبع و لو قطع يد كاملة و يده ناقصة إصبعا فالمجنيّ عليه قطع الناقصة و تردّد الشيخ ره في أخذ دية الإصبع فأوجبه في الخلاف و منع منه في المبسوط إلاّ أن يكون قد أخذ ديتها فله المطالبة حينئذ و الأقرب عندي ما ذكره في الخلاف و لو كانت يد الجاني كاملة فللمجنيّ عليه قطع الأصابع الأربع و المطالبة بالحكومة في الكفّ [- ج -] لو قطع يمين غيره و لا يمين له قطعت يسراه و لو لم يكن له يسار قطعت رجله عملا بالرّواية و لو قطع أيدي جماعة قطعت يداه و رجلاه الأوّل فالأوّل و مع قطع الأعضاء الأربعة يؤخذ الدّية للمتخلّف و كلّ ما انقسم إلى يمين و يسار كالأذنين و المنخرين و العينين و اليدين و الأليتين و الأنثيين لا يؤخذ إحداهما بالأخرى و إن عملنا بالرواية في اليدين فلا نتخطاها إلى غيرهما و كذا ما انقسم إلى أعلى و أسفل كالجفنين و الشفتين لا يؤخذ الأعلى بالأسفل و لا بالعكس و كذا لا يؤخذ أنملة عليا بسفلى و لا بالعكس و لا يؤخذ السن بالسنّ إلاّ أن يتّفقا في الموضع و الاسم و لا يؤخذ أصليّة بزائدة و لا بالعكس و إن اتّحد الموضع و يؤخذ الزائدة بمثلها مع الاتفاق في المحلّ [- د -] يعتبر التساوي في المساحة في الجراح طولا و عرضا و لا يعتبر نزولا بل يراعى الاسم لتفاوت الأعضاء بالسمن و الهزال و لو كان رأس الشاج أصغر استوعبنا رأسه و لم تكمل بالقفا و لا بالجبهة بل اقتصرنا على ما يحمله العضو و أخذ للزائد بنسبة المتخلّف إلى أصل الحرج من الدّية فيؤخذ بقدر ما يحتمله الرأس من الشجة و ينسب الباقي إلى الجميع فإن كان بقدر الثلث فله ثلث أرش الموضحة و على هذا الحساب و لو كان المجني صغيرة العضو فاستوعبه الجناية لم نستوعب في المقتصّ بل اقتصرنا على قدر الجناية مساحة و لو زاد المقتصّ على ما استحقّه قصاصا فعليه أرش كامل لتلك الزيادة لأنّه فارق الباقي في الحكم فأفرد بحكم و يحتمل أن عليه قسطا لأنّ الجميع موضحة واحدة [- ه -] يشترط في القصاص في الشجاج و الأعضاء انتفاء التعزير فلا قصاص فيما فيه تعزير في النفس كالمأمومة و الجائعة و يشترط أيضا إمكان الاستيفاء من غير حيف و لا زيادة فلا قصاص في الهاشمة و المنقلة و لا في كسر شيء من العظام إمّا للتعزير في النفس أو لعدم ضبط الهشم بحيث لا يزيد و لا ينقص و يثبت في الشجاج و الموضحة إجماعا و كذا في كلّ جرح ينتهي إلى عظم فيما سوى الرأس و الوجه كالساعد و العضد و الساق و الفخذ و يثبت أيضا في الحارصة و الباضعة و السمحاق و في كلّ جرح لا تعزير فيه و يمكن استيفاء الحق فيه من غير زيادة و لا نقصان و لا يقتص في الشجاج بالسّيف و لا بالآلة يؤمن معها استيفاء ما زاد على الحقّ و لا بالآلة المسمومة بل يقتص بالسكين الحادة أو الموسي و إنّما يقتص العارف بالقصاص و لا يمكن الجاهل به سواء كان مستحقه أو لا و لو كان المستحق علي عارفا بالاستيفاء مكّن منه [- و -] اختلف قول الشيخ ره في الاقتصاص قبل الاندمال فجوّزه في الخلاف مع استحباب الصبر و منع منه في المبسوط لتجويز السراية في المجني عليه فيدخل قصاص الطرف في النفس و الوجه ما قاله في الخلاف أمّا لو قطع عدة من أعضائه يزيد على الدية خطأ و طلب الديات قبل الاندمال اقتصر على دية النفس فإن اندملت استوفى الباقي و إلاّ سقط الزائد لأنّ دية الأطراف يدخل في دية النفس إجماعا [- ز -] إذا اقتص من الجراح و كان على الموضع شعر حلقه و تعمّد في موضع الشجّة من الرأس فيعلم طولها بخيط و شبهه و يضعها على رأس المشجوج و يأخذ حديدة عرضها كعرض الشجة فيضعها في أوّل العلامة و يجرها إلى آخرها و تأخذ مثل الشجة طولا و عرضا لا عمقها بل الاسم على ما قلناه و لو شقّ ذلك على الجاني جاز أن يستوفى ذلك منه في أكثر من دفعة و لا يقتص في الطرف في شدّة البرد و الحرّ بل في اعتدال النهار و لا يقتصّ إلاّ بحديدة و لو اقتص في العين انتزعها بحديدة معوجة [- ح -] يؤخذ الأذن بالأذن إجماعا و يستوي الكبير و الصغير و أذن الأصمّ و السميع لأنّ ذهاب السّمع نقيص في الرأس لأنّه محلّه لا الأذن و الصحيحة بالمثقوبة في محلّ الثقب لا في غير محلّه و لا بالمخرومة بل يقتص إلى حدّ الخرم و الثقب و يؤخذ دية ما تخلف و كما يثبت القصاص في الأذن أجمع فكذا في أبعاضها بالنسبة من المساحة فيؤخذ نصف الأذن الكبيرة بنصف الصغيرة و لو اقتصّ المجني عليه في الأذن ثمّ ألصقها كان للجاني إزالتها لتحقّق المماثلة و الوجه وجوب ذلك لأنّها تجب ما لم تخف الضرر بإزالتها و لو قطع بعضها وجب القصاص فيه و كان الحكم في إلصاقه كالأذن و لو قطعها فتعلّقت بجلده يثبت القصاص لإمكان المماثلة فإن ألصقها المجنيّ عليه لم يكن للجاني إزالتها لأنها لم تبن من الحيّ فليس بتحسير و على قول من أوجب الإزالة هناك للمماثلة ينبغي إيجابه هنا و لو ألصقها المجنيّ عليه قبل الاستيفاء فالتصقت و ثبت ففي وجوب القصاص إشكال ينشأ من وجوبه بالإبانة و قد حصلت و من عدم الإبانة على الدوام فلا يستحقّ إبانته أذن الجاني على الدوام أمّا لو سقطت بعد ذلك قريبا أو بعيدا فله القصاص و الأقرب وجوب القصاص مطلقا و إن قلنا بعدمه فله الأرش و لو قطع المجني عليه أذن الجاني فألصقها الجاني لم يكن للمجني عليه إزالتها لأنّ الواجب الإبانة و قد حصلت و لو كان المجني عليه لم يقطع جميع الأذن و إنّما قطع البعض فألصقه الجاني كان للمجني عليه قطع جميعها لأنّه استحق إبانة الجميع و لم يكن الإبانة [- ط -] يثبت القصاص في العين إجماعا و يستوي عين الشاب و الشيخ و الصغير و الكبير و المريضة و الصّحيحة و العمشاء و السليمة و لا يؤخذ صحيحة بقائمة و لو كان الجاني أعور خلقة قلعت عينه الصّحيحة الواحدة من الصّحيح مع تساوي المحل فإن عمي فإن ألحق أعماه و لا يردّ عليه و لو قلع الصحيح عينه الصّحيحة تخيّر

ص: 258

بين أخذ الدية ألف دينار و بين قلع عين واحدة من الجاني و هل يأخذ مع ذلك نصف الدّية للشيخ قولان أحدهما نعم و هو اختياره في النهاية و الثاني ليس له ذلك و هو اختياره في الخلاف و به قال ابن إدريس و فيه قوّة هذا إذا كان العور خلقة أمّا لو كان بجناية جان سواء أخذ أرشها أو استحقّه و لم يأخذه فإنّ عينه الصّحيحة بخمس مائة دينار و لو قلع الأعور عين مثله قلعت عينه و لا ردّ و لو اختلفا في المحلّ فعلى الجاني الدية كاملة ألف دينار و كذا إن قلعها خطاء و لو قلع الأعور عيني صحيح تخيّر المجني عليه في أخذ عينه الصحيحة بعينه لأنّه ذهاب بجميع البصر كجنايته و إن اختار أخذ دية كاملة و ليس له قلع عينه الصّحيحة بإحدى عينيه و أخذ الدّية عن الأخرى و إن احتمل ذلك احتمالا قريبا و لو لطمه فذهب بضوء عينه دون العين توصّل في المماثلة بأخذ الضوء دون العضو بأن تؤخذ مرآة محماة بالنار بعد أن يوضع على أجفانه قطن مبلول ثمّ يستقبل عين الشمس بعينه و يقرّب المرآة منها و يكلّف النظر إليها فإنّ الضوء يذوب و يبقى العين قائمة و يؤخذ الجفن بالجفن مع التساوي في المحلّ و يؤخذ جفن البصير بجفن مثله و بالضرير و جفن البصر لتساويهما في السّلامة و النقص في العين [- ى -] يثبت القصاص في الحاجبين و شعر الرأس و اللحية فإن نبت فلا قصاص بل يثبت فيه الأرش و كذا في باقي الشعر يثبت فيه الأرش دون القصاص [- يا -] يثبت القصاص في الذكر إجماعا و يستوي ذكر الصّغير و الكبير و الشيخ و الشاب و الذكر العظيم و الصغير و الصحيح و المريض و المختون و الأغلف و الخصي و السليم و لا يقاد الصّحيح بالعنّين بل يجب فيه ثلث الدية و يؤخذ ذكر العنّين بمثله و يؤخذ بعض الذكر بمثله و ذلك بالأجزاء دون المساحة فيؤخذ النصف بالنصف و الربع بالربع و لا اعتبار بتساويهما في المسافة و يثبت في الخصيتين القصاص و في إحداهما مع التساوي في المحلّ إلاّ أن يحكم أهل المعرفة بذهاب منفعة الأخرى فيسقط القصاص و يثبت الدية و يثبت في الشفرين القصاص كما يثبت في الشفتين و لو كان الجاني رجلا فلها الدية و لو كان المجنيّ عليه خنثى فإن ظهرت الذكوريّة فيه و جنى عليه رجل اقتصّ منه في الذكر و الأنثيين و كان له في الشفرين الحكومة و لو جنى عليه امرأة كان عليها في الشفرين الحكومة و في الذكر الدية و لو تبيّن أنّه امرأة و جنى عليه رجل وجب عليه في الشفرين الدية و في المذاكير الحكومة لأنها زائدة و إن جنى عليه امرأة كان عليها في الشفرين القصاص و في المذاكير الحكومة و لو طلب القصاص قبل ظهور حاله لم يكن له بعد ذلك و إن طلب الدّية أعطي أقلّ الدّيتين و هو دية شفرين فإن ظهرت الذكورة بعد ذلك أكمل له دية الذكر و الأنثيين و الحكومة في الشفرين و لو ظهر أنّه أنثى أعطى الحكومة في الباقي و لو طلب دية عضو مع بقاء القصاص في الباقي لم يكن له ذلك فإن طلب الحكومة في أحد العضوين مع بقاء القصاص في الآخر أجيب إليه و أعطي أقلّ الحكومتين فإن ظهر أنه ذكر اقتصّ في المذاكير و إن ظهر أنّه أنثى أكمل له حكومة المذاكير و اقتصّ في الشفرين و لو لم يكشف حاله و أمر منه لم يثبت له قصاص على الرجل و لا على المرأة في شيء من الأعضاء و يعطى نصف دية الذكر و الأنثيين و نصف دية الشفرين و حكومة في نصف ذلك كلّه و يثبت القصاص في الأليتين و هم الناتيان بين الفخذ و الظهر و جانبي الدبر [- يب -] يثبت القصاص في الأنف إجماعا و يستوي الكبير مع الصّغير و الأقنى مع الأفطس و الأشمّ مع فاقده لأنّ ذلك العلّة في الدماغ و الأنف صحيح و إن كان بأنفه جذام أخذ به الأنف الصحيح ما لم يسقط منه شيء لأنّ ذلك مرض و لو سقط منه شيء لم يقتصّ من الصّحيح إلاّ أن يكون من أحد جانبيه فيؤخذ من الصّحيح مثل ما بقي و الذي يجب فيه القصاص هو المارن و هو ما لان منه و القصبة أيضا و لو قطع الأنف كلّه مع القصبة وجب القصاص في الجميع و قال في المبسوط الذي يؤخذ قودا و يجب فيه كمال الدية هو المارن من الأنف و هو ما لان منه و ينزل عن قصبة الخياشم التي هي العظم فهو من قصبة الأنف كاليدين من الساعد و لو قطعه مع قصبة الأنف فهو كما لو قطع اليد مع بعض الساعد فيتخيّر المجنيّ عليه بين العفو إلى الدية في المارن و الحكومة في القصبة كما لو قطع يده من نصف الساعد و بين أخذ القصاص في المارن و الحكومة في القصبة و عندي فيه نظر و لو قطع بعض الأنف نسب المقطوع إلى أصله و أخذ من الجاني بتلك النسبة بالأجزاء فإن كان المقطوع نصفا أخذ نصف أنف الجاني و إن كان ثلثا فالثلث و لا يعتبر المساحة لئلاّ يستوعب أنف الجاني لو كان صغير الأنف و يثبت القصاص في أحد المنخرين بشرط التساوي في المحلّ بالأيمن و الأيسر و يؤخذ الحاجز بالحاجز [- يج -] يثبت القصاص في السنّ بشرط التساوي في المحلّ و يؤخذ الصّحيحة بمثلها و المكسورة بالصّحيحة و الأقرب أنّ له أرش الباقي فإن قلع سنّ متغير و هو الغلام الذي قد سقطت من اللبن و نبت مكانها يقال لمن سقطت رواضعه و هي سنّ اللبن ثغر فهو مثغور فإذا ثبت قيل اثغر و الثغر لغتان فإن قال أهل الخبرة إنّ هذه لا تعود أبدا فللمجنيّ عليه القصاص و إن حكموا باليأس من عودها بعد مدّة فإن انقضت المدّة و لم يعد ثبت القصاص أيضا و إن عادت في تلك المدّة لم يثبت القصاص و يثبت الأرش و لو عادت بعد اليأس من عودها و الحكم من أهل الخبرة أنّها لا تعود احتمل أن يقال هذه العائدة هبة من اللّٰه تعالى مجدّدة فحينئذ إن كان المجني عليه قد اقتص أو أخذ الدية استوفى حقّه و إلا كان له القصاص

ص: 259

أو الدية و يحتمل أن يقال إن هذه العائدة هي الأولى فإن كان المجنيّ عليه أخذ الدّية استعيد منه الدية لا الأرش و إن كان قد اقتصّ أخذ منه الدية لا الأرش أيضا لأنّا علمنا أنّه أخذ ما لا يستحقّ و لا يقتصّ منه لعدم القصد إلى العدوان و إن لم يكن اقتصّ و لا أخذ الدية يثبت له الأرش و قيل لا أرش له و ليس بمعتمد و أمّا إن كان الصّبي غير مثغر فلا قصاص في الحال و لا دية لإمكان العود و ينتظر سنة فإن عادت ففيها الحكومة و إلاّ كان فيها القصاص و لو عادت ناقصة أو متغيّرة فعليه أرش الساقطة و أرش نقصان العائدة و قيل في سنّ الصّبي مطلقا بعير و لو مات الصبي قبل اليأس من عودها فللوارث الأرش و لو اقتصّ البالغ السنّ ثم عادت سنّ الجاني فإن قلنا إنّها هبة فلا شيء عليه و إن قلنا إنّها الأولى قال الشيخ ره الذي يقتضيه مذهبنا أن للمجني عليه قلعها أبدا و لو عادت سنّ المجنيّ عليه بعد الاستيفاء للقصاص فعاد الجاني قلعها فإن قلنا هي هبة وجب على الجاني الدية لفوات محلّ القصاص منه و إن قلنا هي الأولى ظهر عدم الاستحقاق القصاص أوّلا فيثبت للجاني الدية و يثبت للمجني عليه دية و لو أخذ الجاني سنة المقلوعة قصاصا فأثبتها فنبت عليها اللحم لم يجب قلعها لأنّها ليست نجسة بخلاف الأذن و لا يؤخذ سنّ بضرس و لا بالعكس و لا ثنيّة عليا بسفلى و لا ثنيّة بضاحك لعدم التساوي في المحلّ و لا أصليّة بزائدة و لا بالعكس و إن اتحد المحلّ و لا زائدة بزائدة مع تغاير المحلّ و إذا عادت سن من لم يثغر قصيرة ضمن الناقص بالحساب ففي ثلثها ثلث الدية و في ربعها الربع و يجري القصاص في بعض السنّ فلو كسر سنّ مثغر يردّ من سنّه بقدر ما ذهب و يؤخذ ذلك بالنسبة بالأجزاء لا بالمساحة فإن كان الذاهب نصفا أخذ منه نصف سنّه و على هذا الحساب و لا يقتصّ بالكسر لئلا يتصدّع أو ينكسر من غير موضع القصاص و لا يقتص إلاّ أن يحكم أهل الخبرة بالأمن من انقلاعها [- يد -] يثبت القصاص في اليدين و في كلّ واحدة منهما إجماعا بشرط التساوي في المحلّ فلا يقطع يمين بيسار و لا بالعكس إلاّ مع العدم على ما قلناه أوّلا فإن قطع الأصابع من مفاصلها ثبت القصاص فيها أجمع و إن قطعها من نصف الكف فله قطع الأصابع و حكومة في نصف الكفّ لأنّه ليس بمفصل محسوس فلا يؤمن الحيف من القصاص فيه و إن قطع من الكوع فله قطع اليد من الكوع لأنّه مفصل محسوس و ليس له قطع الأصابع و المطالبة بالحكومة في الباقي و له قطع الأصابع من غير شيء و لو قطع نصف من الذراع فليس له القصاص من ذلك الموضع لأنّ العروق و الأعصاب مختلفة الوضع فيه و له القطع من الكوع و المطالبة بالحكومة في نصف الذراع و هل له أن يقطع الأصابع خاصة و يطالب بالحكومة في الكف الأقرب أنه ليس له ذلك لإمكان أخذه قصاصا فليس له الأرش و إن قطع من المرفق فله القصاص و ليس له القطع من الكوع و المطالبة بالحكومة في الساعد و لو قطع من العضد فلا قصاص منه و له القصاص من المرفق و له حكومة الزائد و إن قطع من المنكب فله القصاص منه و لو خلع عظم المنكب و يقال له مشط الكتف فإن حكم ثقتان من أهل الخبرة بإمكان الاستيفاء من غير أن يصير جائفة استوفى و إلا فالدية و له الاستيفاء من المنكب و المطالبة بالأرش و حكم الرجل و الساق كاليد و الذراع و الفخذ كالعضد و الورك كعظم الكتف و القدم كالكف و لو قطع الأقطع يد من له يدان فله القصاص و لو قطع يده من له يدان قطعت له يد واحدة و لا ردّ بخلاف عين الأعور و كذا الأذنان و الرجلان و لو قطع ذو اليد الناقصة إصبعا يدا كاملة فالمجني عليه قطع الناقصة و أخذ دية الإصبع الناقصة اختاره في الخلاف و منعه في المبسوط إلاّ أن يكون أخذ ديتها و لو انعكس الحال قطع من الجاني الأصابع الأربع و أخذ حكومة الكفّ و لا يؤخذ الكاملة بالناقصة و لو قطع إصبع رجل فسرت إلى كفّه ثمّ اندملت ثبت القصاص فيها و الأقرب أنّه ليس له القصاص في الإصبع و أخذ دية الباقي [- يه -] لو قطع ذو الإصبع الزائدة كفا زائدة إصبعا مساوية لها ثبت القصاص للتساوي و لو اختصت الزائدة بالجاني و كانت خارجة عن الكفّ يمكن القصاص في اليد مع بقائها اقتصّ منه و إن كانت في سمت الأصابع منفصلة يثبت القصاص في الخمس و أخذ الحكومة في الكف و إن كانت متّصلة ببعض الأصابع ثبت القصاص في أربع غير المتصلة و أخذ دية الخامسة و الحكومة في الكفّ و لو كانت الزائدة للمجني عليه فله القصاص في اليد و دية الزائدة و هي ثلث دية الأصليّة و لو كان في أصابع المجنيّ عليه إصبع شلا لم يجز أخذ الصحيحة بها فيقتص في الأربع و يؤخذ ثلث دية الإصبع عن الشلاّء و الحكومة في الكفّ و لو كانت إحدى الخمس من المجنيّ عليه زائدة و خمس الجاني أصليّة ثبت القصاص في الأربع و له أرش الزيادة و الحكومة في الكفّ و لو كان بالعكس ثبت القصاص لأنّ الناقص يؤخذ بالكامل هذا إن كان المحلّ واحدا و لو كان في أنامل الجاني أنملة ذات طرفين لم يقطع بالواحدة بل أخذ دية الأصلية و لو انعكس الحال اقتص منه و أخذ منه دية الزائدة و هي ثلث دية الأنملة الأصليّة و لو تساويا ثبت القصاص [- يو -] ثبت القصاص في الأصابع مع التساوي في المحلّ فالإبهام من اليمنى بمثلها و السبّابة منها بمثلها و هكذا و لا يقطع الأصليّة بالزائدة و لا بالعكس مع تغاير المحل و إن اتحد المحل قطعت و كذا لا يقطع الزائدة بالزائدة إلاّ مع تساوي المحلّين و كلّ عضو يؤخذ قودا مع وجوده تؤخذ الدّية مع فقده فلو قطع إصبعين و له واحدة أو قطع كفا تاما و ليس للقاطع أصابع قطع الموجود له و أخذ منه ديته الفائت و لو قطع من واحد الأنملة العليا و من آخر الوسطى فإن سبق صاحب العليا اقتص له و كان للآخر الوسطى و إن سبق صاحب الوسطى آخر فإن اقتص صاحب العليا اقتصّ له و إن كان عفا كان لصاحب الوسطى القصاص بعد رد الدية العليا و لو سبق صاحب الوسطى فقطع استوفى حقّه و زيادة فعليه دية العليا و لصاحب العليا على الجاني دية العليا و لو كان القطع لصاحب الوسطى أولا أخر حتّى يستوفي صاحب العليا كما لو سبق بالجناية على صاحب

ص: 260

العليا توصلا إلى استيفاء الحقّين و لو قطع إصبع رجل و يد آخر اقتصّ للأول ثمّ للثاني و رجع بدية إصبع و لو قطع اليد أوّلا اقتص لصاحبها و أخذ صاحب الإصبع الدية و لو قطع ذو يد لها أظفار يد من لا أظفار له لم يكن له القصاص لأنّ الكاملة لا تؤخذ بالناقصة و يثبت له الدية و لو كانت المقطوعة ذات أظفار إلاّ أنّها خضراء أخذ بها السليمة لأنّه مرض و المرض لا يمنع القصاص و لو قيل يثبت القصاص في الأوّل أيضا و في اليد الكاملة للناقصة إصبعا بعد ردّ دية التفاوت كان وجها كما قلنا في الأنملة الوسطى لصاحبها أخذها مع العليا بعد ردّ دية العليا و لو كانت خامسة المجني عليه زائدة و خامسة الجاني أصلية فقد قلنا إنّه لا يقتصّ من الخامسة بل يقتصّ من الأربع و يأخذ حكومة في الكفّ و دية الزائدة و هي ثلث دية الأصليّة و لو أمكن قطع ما تحت الأصابع الأربع من الكفّ على محاذاتها اقتصّ منه و كان له ثلث دية الأصليّة عن الزائدة و حكومة فيما تحتها من الكفّ خاصّة [- ين -] يؤخذ الناقصة بالناقصة إذا تساوى محلّ النقص لا مع الاختلاف فلو كان المقطوع من إحداهما الإبهام و من الأخرى السبابة فلا قصاص في المختلف و يأخذ صاحب الدية و القصاص في الثلث الباقية و يؤخذ الناقصة بالكاملة مع ردّ دية الفائت من الناقصة على الأقوى و إذا قطع أنملتي شخصين قدّم الأوّل في الاستيفاء فإن بادر الثاني و استوفى أساء و لا شيء عليه و للأوّل دية أنملته و لو قطع العليا و لا عليا له فقطع المجنيّ عليه الوسطى لم يقع قصاصا و ثبت لكلّ منهما الدّية على الآخر و للجاني القصاص من وسطى المجني عليه إن لم يرض بالدّية [- يح -] ما لا يجوز أخذه قصاصا لا يحلّ لو تراضيا عليه فلو تراضيا على قطع إحدى اليدين بصاحبتها فقطعها المقتصّ احتمل سقوط القود في الأولى بإسقاط صاحبها و في الثانية بإذن صاحبها في قطعها و دياتها متساوية و يحتمل وجوب القصاص للأوّل لأنّ حقّه لم يسقط بأخذ عوضه إذ لا يصح عوضا فيبقى حقّه في القصاص و للثاني الدية و لا قصاص له و لو قال المقتص للجاني أخرج يمينك لا قطعها فأخرج يساره فقطعها من غير علم قال في المبسوط يقتضي المذهب سقوط القود و فيه نظر لأنّ الواجب قطع اليمنى فيكون القصاص في اليمنى باقيا بعد الاندمال توقيا من السراية بتوارد القطعين و أما الجاني فإن كان قد سمع الأمر بإخراج اليمنى و إخراج اليسرى مع علمه بعدم الإجزاء و قصد إلى إخراجها فلا دية له و لو قطعها المقتصّ مع العلم قال في المبسوط سقط القود إلى الدية لأنّه بذلها للقطع فكان شبهة في سقوط القود و يحتمل ثبوته لعدم الجواز مع الإذن و كلّ موضع يلزمه دية اليسرى يضمن سرايتها و ما لا فلا و لو اختلفا فقال بذلها مع العلم لا بدلا فأنكر الباذل فالقول قول الباذل لأنه أعرف بيّنة و لو كان المقتصّ مجنونا فبذل له الجاني عن العضو فقطعه ذهب هدرا لانتفاء ولاية الاستيفاء عن المجنون و يكون قصاص المجنون باقيا و يثبت له الدية لانتفاء المحلّ لأنّ الباذل أبطل حقّ نفسه و لو بادر المجنون إلى القصاص من غير بذل قيل وقع الاستيفاء موقعه و قيل لا لانتفاء الأهلية عن المجنون فيكون قصاص المجنون باقيا و قد فات محلّه فله الدية و على عاقلته الدية فيما استوفاه و هو جيّد [- يط -] لو قطع إصبعا فأصاب اليد آكلة من الجرح و سقطت من المفصل ثبت القصاص في الكفّ فإن بادر صاحبها فقطعها من الكوع لئلاّ يسري إلى بدنه ثمّ اندمل فعلى الجاني القصاص في الإصبع و الحكومة فيما يأكل من الكفّ و لا شيء عليه فيما قطعه المجني عليه و لو لم يندمل و مات من ذلك فالجاني شريك نفسه يجب عليه القصاص في النفس بعد ردّ نصف الدّية عليه و لو قطع المجنيّ عليه موضع الآكلة خاصّة بأن يقطع اللحم الميّت لا غير ثمّ سرت الجناية فالقصاص على الجاني لأنه سراية جرحه و إن أخذ من اللحم الحيّ فمات فالجاني شريك [- ك -] ثبت القصاص في اللسان إجماعا بشرط التساوي في الصحّة فلا يقطع بالأخرس و يؤخذ الأخرس بالصحيح و يؤخذ بعض الصحيح ببعض و يعتبر التقدير بالأجزاء لا بالمساحة و يؤخذ بالنّسبة و يؤخذ الشفة بالشفة مع التساوي في المحلّ [- كا -] لو قطع يدي رجل و رجليه خطأ فإن سرت إلى نفسه فدية كاملة لا أزيد و إن اندملت ثبت ديتان و لو مات و اختلف الولي و الجاني فادعى الوليّ موته بعد الاندمال و ادعى الجاني موته بالسراية فإن كان الزمان قصيرا لا يحتمل الاندمال فيه فالقول قول الجاني و إن أمكن الاندمال فالقول قول الوليّ لتساوي الاحتمالين و الأصل وجوب الدّيتين فإن اختلفا في المدة فالقول قول الجاني و لو قطع يد واحد فمات المقطوع فادعى الولي موته بالسراية و ادعى الجاني الاندمال فإن مضت مدّة يمكن الاندمال فالقول قول الجاني و إلاّ فالقول قول الوليّ و لو اختلفا في المدّة فالقول قول الوليّ على إشكال و لو ادّعى الجاني أنه شرب سمّا فمات و ادّعى الوليّ موته بالسراية تساوى الاحتمالان فيرجح قول الجاني لأنّ الأصل عدم الضمان و كذا لو قدّ الملفوف في الكساء بنصفين و ادّعى الوليّ حياته و الجاني موته فالأصل عدم القصاص من جنايته و استمرار الحياة من جانب الملفوف فيرجّح قول الجاني و فيه نظر و لو ادّعى نقصان يد المجني عليه بإصبع احتمل تقديم قوله عملا بأصالة عدم القصاص و قول المجني عليه إذ الأصل السلامة هذا إن ادعى نفي السلامة أصلا أمّا لو ادعى زوالها طارئا فالأقرب أنّ القول قول المجني عليه [- كب -] لو كان على يد الجاني أصابع متساوية

ص: 261

ليس فيها زائدة فللمجني عليه أخذ خمس أصابع و يطلب سدس دية اليد و يحطّ شيء بالاجتهاد لأنّ كلّ سدس استوفاه كان في صورة خمس و إن كان فيها زائدة بالفطرة و ألبس على أهل الصنعة فلا قصاص لئلاّ يؤخذ الزائدة بأصليّة فإن بادر و أخذ خمسا فهو تمام حقّه و لا أرش له بعده و إن احتمل أن يكون الزائدة هي المستوفاة و لو كان الإصبع أربع أنامل فقطع صاحبها أنملة من معتدل أخذ منه واحدة و طولب بما بين الربع و الثلث و إن قطع اثنين قطعنا و طالبناه بما بين النصف و الثلثين و إن قطع ثلثه قطعنا ثلثه و طولب بما بين الكلّ و ثلاثة أرباع

المقصد الثالث في الخطإ و شبيه العمد
اشارة

و يثبت بهما الدية لا القصاص و النظر فيه يتعلّق بفصول

الأوّل في الموجب

و فيه [- يح -] بحثا [- أ -] الضمان يجب بالإتلاف أمّا مباشرة أو تسبيبا و ضابط المباشرة الإتلاف من غير قصد كمن رمى غرضا فأصاب إنسانا أو ضرب للتأديب فيتّفق الموت و أما السّبب فهو ما يحصل التلف عنده لا به كحفر البئر و نصب السكّين و إلقاء الحجر و سيأتي تفصيل ذلك إن شاء اللّٰه تعالى [- ب -] الطبيب يضمن ما يتلف بعلاجه إن كان قاصدا أو عالج طفلا أو مجنونا بغير إذن الوليّ أو بالغا عاقلا لم يأذن و لو كان الطبيب عارفا و عالج بالغا رشيدا بالإذن فآل إلى التلف قيل لا ضمان للحاجة و تسويغه شرعا خصوصا مع الإذن و قيل يضمن لحصول التلف بفعله و هو الأقوى و حينئذ يضمن في ماله و لو أبرأه المريض قبل العلاج قيل يصحّ لرواية السكوني عن الصادق ع قال أمير المؤمنين ع من تطبّب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليّه و إلاّ فهو ضامن و لأنّه ممّا يمسّ الحاجة إليه فلو لا تسويغه لحصل الضرر و قيل لا يصح لأنّه أبرأ ممّا لم يثبت و روى السكوني عن الصادق عليه السّلام أنّ عليا ع ضمن ختّانا قطع حشفة غلام و هذا الرواية مناسبة للمذهب و لا فرق بين أن يأخذ البراءة من وليّه أو لا لأنّه قطع غير المأمور [- ج -] النائم إذا انقلبت على غيره فأتلفه قيل يضمن في ماله و قيل الضمان على العاقلة و هو أقوى و اضطرب ابن إدريس هنا و لو انقلبت الضئر على الطفل فقتلته فإن كانت طلبت بالمضادة الفخر لزمها الدية في مالها و إن كانت طلبت ذلك للحاجة و الضرورة فالدية على العاقلة و عندي في هذا التفصيل نظر لأنّ فعل النائم إن كان خطأ فالدية على العاقلة على التقديرين و إن كان شبيه العمد فالدية في ماله على التقديرين فالتفصيل لا وجه له [- د -] إذا أعنف بزوجته جماعا في قبل أو دبر أو ضما فماتت ضمن الدّية و كذا المرأة لو فعلت بالزوج ذلك ضمنت و قال الشيخ ره إن كانا مأمونين لم يكن عليهما شيء و في الرواية ضعف [- ه -] إذا حمل على رأسه متاعا فكسره و أصاب به إنسانا فجنى عليه في نفس أو طرف أو جرح ضمن المتاع و ما جناه في ماله [- و -] لو صاح بصبيّ أو مجنون أو بالغ كامل مريض أو اغتفل الرشيد البالغ أو فاجأه بالصّيحة ضمن و لو صاح بالبالغ العاقل من غير اغتفال و لا مفاجاة فمات فلا ضمان إلاّ أن ينسب الموت إلى الصيحة فيضمن و كذا لو ذهب عقل البالغ أو الصّبي بالصيحة قال الشيخ ره و يضمن ذلك العاقلة و فيه نظر من حيث أنّ الصالح قصد الإخافة فهو عمد الخطإ و كذا لو شهر سيفا في وجه إنسان أو زلّه من شاهق فمات خوفا أو ذهب عقله ضمن أمّا لو طلب إنسانا بسيف مشهور ففرّ فألقى نفسه في بئر أو نار أو ماء أو إلى سبعة فافترسه الأسد أو انخسف السّطح الذي ألقى نفسه عليه و نحوه فمات قال الشيخ ره لا ضمان لأنّه ألجأه إلى الهرب لا إلى الوقوع فهو المباشر لإهلاك نفسه فيقوى أثره على السبب و كذا لو صادفه في هربه سبع فأكله و لو قيل بالضمان كان وجها و لو كان المطلوب أعمى ضمن الطالب ديته لأنّه سبب ملجئ و كذا يضمن لو كان مبصرا فهرب فوقع في بئر مغطاة أو اضطره إلى مضيق فافترسه الأسد لأنّه يفرس في المضيق غالبا [- ز -] إذا صدم إنسانا فمات المصدوم فديته على الصادم في ماله فإن قصد به الإتلاف وجب القصاص و لو مات الصادم ذهب هدرا سواء قصد إتلاف المصدوم أو لا هذا إذا كان المصدوم في ملكه أو موضع مباح أو في طريق واسع و لو كان في طريق ضيق و كان المصدوم واقفا قيل يضمن المصدوم دية الصادم إذا لم يقصد الصّدم لأنّه فرط بوقوفه في موضع ليس له الوقوف فيه كما إذا جلس في الطريق الضيّق و عثر به إنسان و لو قصد الصّدم ذهب دمه هدرا على كلّ تقدير و ضمن دية المصدوم [- ح -] إذا اصطدم حران فماتا فكلّ واحد شريك في قتل نفسه و قتل صاحبه ففي تركة كلّ واحد منهما كفارتان و على عاقلة كلّ واحد نصف دية صاحبه إن كان خطاء محضا و إلاّ وجب نصف الدية في التركة لا كمال الدية و يسقط النصف الآخر عنه و لو كان راكبين و تلفت الدابتان و معهما زاد في تركة كلّ واحد منهما ضمان نصف دابة الآخر و يقع التقاص في الدّية و القيمة و لو كان أحدهما فارسا و الآخر راجلا ضمن الراجل نصف دية الفارس و نصف قيمة الفرس و ضمن الفارس نصف دية الرّجل و لا فرق بين أن يكونا مقبلين أو مدبرين أو أحدهما مقبلا و الآخر مدبرا و لو كان أحدهما يسير بين يدي الآخر فأدركه الثاني فصدمه فمات الثاني فالأوّل ضامن لأنّه الصادم و الآخر مصدوم [- ط -] لو اصطدم الصّبيان و الركوب منهما فنصف دية كلّ واحد منهما على عاقلة الأخرى و لو ركبهما وليهما فكذلك و لو ركبهما أجنبي فضمان كلّ واحد منهما عليه بتمام الدية لكلّ منهما و لو كانا عبدين سقطت جنايتهما لأنّ نصيب كلّ واحد منهما هدر و ما على صاحبه فهو فات بموته و لا يضمنه المولى و إن مات أحدهم

ص: 262

تعلقت قيمته برقبة الحيّ فإن هلك قبل استيفاء القيمة سقطت لفوات المحلّ و لو كان أحدهما حرّا و الآخر عبدا فماتا تعلّق نصف دية الحرّ برقبة العبد ثمّ انتقلت إلى قيمته و تعلق نصف قيمة العبد بتركة الحر فيتقاصان و لو مات العبد وحده تعلّقت قيمته بالحرّ و إن مات الحرّ تعلّقت برقبة العبد ديته فإن قتله أجنبي فعليه قيمته و يحوّل ما كان متعلّقا برقبته إلى قيمته و لو مات أحد الحرّين بالتصادم ضمن الباقي نصف دية التالف و في رواية عن الكاظم ع يضمن الباقي دية الميّت و هي شاذة و لو تصادم حاملتان ففي تركة كلّ واحدة نصف دية الأخرى و نصف حملها و نصف حمل نفسها و لو غلبت الدابتان الراكبين احتمل إهدار الجناية إحالة على الدّواب و اعتبارها إحالة على الركوب [- ى -] لو اصطدمت سفينتان فإن كان بتفريط القيّمين بأن كانا قادرين على الضبط أو الردّ عن الأخرى أو العدول بها فلم يفعل أو لم يكمّل آلاتها من الرجال و الحبال فإن كانا مالكين ضمن كلّ واحد لصاحبه نصف ما تلف و كذا الحمالان لو اصطدما فأتلفا أو أتلف أحدهما و لو كانا غير مالكين ضمن كلّ واحد نصف السفينتين و ما فيهما في مالهما سواء كان التالف مالا أو نفسا و لو لم يفرطا بأن غلبتهما الرياح القويّة فلا ضمان و يقبل قول الملاّح في عدم التفريط مع اليمين و لو فرّط أحدهما خاصة ضمن ما تلف بفعله في سفينته و سفينة الآخر و كذا البحث في المتصادمين و لو كانت إحدى السّفينتين واقفة و الأخرى سائرة و وقعت السائرة على الواقفة بتفريط القيّم لم يكن على صاحب الواقفة ضمان ما تلف في السائرة و على السائرة ضمان ما تلف في قيم السائرة و الواقفة و إن لم يفرّط فلا ضمان [- يا -] لو خرق سفينة فغرقت بما فيها و كان عمدا و هو مما يغرقها غالبا و يغرق من فيها لكونهم في اللّجة أو لعدم معرفتهم بالسباحة فعليه القصاص و ضمان السفينة و الأموال و إن كان خطأ فعليه ضمان الأموال و السفينة و العبيد في ماله و أمّا الأحرار فعلى عاقلته فلو كان عمد الخطأ بأن أراد إصلاح موضع فقلع لوحا له أو أراد إصلاح مسمار فثقب موضعا و كانت السّفينة سائرة فهو ضامن في ماله ما يتلف من مال و نفس و لو خيف على السفينة الغرق فألقى بعض الركبان متاعه لتجف و تسلم من الغرق لم يضمنه أحد و لو ألقى متاع غيره بغير إذن ضمنه وحده فإن قال لغيره ألق متاعك فقبل منه لم يضمنه لأنّه لم يلزم ضمانه و لو قال ألقه و أنا ضامن له أو و عليّ قيمته لزمه ضمانه له و لو قال ألقه و على ركبان السّفينة ضمانه فألقاه فإن قصد أن علي ضمان الجميع و كذا على الركبان ضمن الجميع و إن قصد التشريك لزمه ما يخصّه و لا يلزم غيره من الركبان شيء و إن قال ألقه على أن أضمنه لكم أنا و ركبان السفينة فقد أذنوا لي في ذلك فألقاه ثمّ أنكروا الإذن ضمن الجميع و لو قال ألق متاعي و تضمنه لي فقال نعم و ألقاه ضمنه و إن قال الخائف على نفسه أو غيره ألق متاعك و عليّ ضمانه لزمه و إن كان ملقي المتاع أيضا محتاجا و يحتمل سقوط قدر حصة المالك و لو كانوا عشرة سقط العشر و فيه ضعف و لو كان المحتاج هو المالك فقط و ألقى بضمان غيره فعلى الأوّل جاز له الأخذ دون الثاني و لو لم يكن خوف فقال ألق متاعك و عليّ ضمانه فالأقرب عدم الضمان و كذا مزّق ثوبك و عليّ ضمانه أو أجرح نفسك لأنّه ضمان ما لم يجب من غير ضرورة [- يب -] إذا مر بين الرماة فأصابه سهم فالدية على عاقلة الرامي و لو ثبت أنّه قال حذار فلا ضمان مع السماع لما روي أنّ صبيّا دقّ بخطره رباعية صاحبه فوقع إلى أمير المؤمنين ع فأقام البيّنة أنّه قال حذار فدرأ عنه القصاص و قال قد أعذر من حذّر و لو قدم إنسانا إلى هدف يرميه الناس فأصابه سهم عن غير تعمّد فالضمان على من قدّمه لا على الرامي لأنّ الرامي كالحافر و المقرّب كالدافع و لو عمد الرامي فالضمان عليه و إن لم يقدمه أحد فالضمان على الرامي إن كان عمدا و إلاّ فعلى عاقلته [- يج -] إذا وقع من علوّ على غيره عمدا فقتله فهو عمد إن كان مما يقتل غالبا و إن كان مما لا يقتل غالبا فهو شبيه العمد و إن وقع مضطرا إلى الوقوع أو قصد الوقوع لغير ذلك فهو خطأ و الدية على العاقلة و لو أوقعه الهواء أو زلق فلا ضمان و يؤخذ الدية من بيت المال و الواقع هدر على التقديرات و لو دفعه دافع فدية المدفوع على الدافع و كذا دية الأسفل و في النهاية دية الأسفل على الواقع و يرجع بها على الدافع لرواية عبد اللّٰه بن سنان الصحيحة عن الصادق ع [- يد -] المزحفان العاديان يضمن كلّ منهما ما يجنيه على الآخر و لو كفّ أحدهما فصان الآخر فقصد الكاف الدفع لم يكن عليه ضمان إذا اقتصر على ما يحصل به الدفع و يضمن الآخر و لو تجارح اثنان و ادّعى كلّ منهما قصد الدفع عن نفسه حلف المنكر و ضمن الجارح و لو أمره نائب الإمام بالصعود إلى نخلة أو النزول في بئر فمات فإن أكرهه ضمن الدية و إن كان لمصلحة المسلمين فالدية في بيت المال و إن لم يكرهه فلا دية أصلا و لو أدّب زوجته بالمشروع فماتت قال الشيخ ره يضمن الدية لأنّه مشروط بالسلامة و فيه نظر لأنّه من جملة التعزيرات السائغة فلا ضمان بسببه و لو أدّب الصّبي أبوه أو جده لأبيه فعليه الدية في ماله و لو أمر ذو السلعة الطبيب بقطعها فمات فلا دية له على القاطع و لو كان مولى عليه فالدية على القاطع إن كان أبا أو جدّا للأب و إن كان أجنبيّا فالأقرب الدية في ماله لا القود لأنّه لم يقصد القصد [- يه -] من دعا غيره ليلا فأخرجه من منزله فهو له ضامن حتّى يرجع إليه بذلك حكم الباقر ع في زمن المنصور و نقله عن رسول اللّٰه ص فإن فقد ضمن الدية و لو وجد مقتولا فادعى قتله على غيره و أقام بينة برئ و ألزم القاتل و إن فقد البيّنة فالوجه سقوط القود و يجب الدية في ماله و إن وجده ميّتا ففي لزوم الدّية نظر و الأقرب عدمه و قال ابن إدريس إن لم يكن بينهم عداوة فلا دية و إن كان بينهم عداوة كان لأوليائه القسامة على أيّ أنواع القتل به أرادوا فإن اختلفوا على العمد كان لهم

ص: 263

القود لأنّ العداوة و الإخراج لوث [- يو -] إذا دفع الولد إلى ظئر ثمّ أعادته إليه فأنكره أهله فالقول قول الظئر ما لم يعلم كذبها لأنّها مأمونة فإن ثبت كذبها لزمها الدية أو إحضار الولد بعينه أو من يحتمل أنّه هو و لو استأجرت الظئر أخرى و دفعته إليها من غير إذن أهله فجهل أمره ضمنت الدية [- يز -] روى عبد اللّٰه بن طلحة عن الصادق ع قال سألته عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها فلمّا جمع الثياب تابعته فكابرها على نفسها فواقعها فتحرّك ابنها فقام فقتله بفأس كان معه فلمّا فرغ حمل الثياب و ذهب ليخرج حملت عليه بالفأس فقتلته فجاء أهله يطلبون بدمه من الغد فقال أبو عبد اللّٰه ع اقض علي هذا كما وصفت لك فقال يضمن مواليه الذين طلبوا بدمه دية الغلام و يضمن السارق فيما ترك أربعة آلاف درهم لمكابرتها على فرجها أنّه زان و هو في ماله غرامة و ليس عليها في قتلها إياه شيء لأنّه سارق و عبد اللّٰه بن طلحة فطحي فالسّند ضعيف و يحمل هذه الرواية على أنّ المهر أربعة آلاف درهم و هو دليل على أنّه لا يتقدّر بخمسين دينارا في مثل هذا بل بمهر أمثالها مهما بلغ و إيجاب الدّية لفوات محلّ القصاص لأنّها قتلته دفعا عن المال لا قصاصا و منع ابن إدريس هذه الرواية و لم يوجب الدية لفوات محلّ القصاص و أوجب مهر المثل في تركته [- يح -] روى عبد اللّٰه بن طلحة عن أبي عبد اللّٰه الصادق ع قالت قلت رجل تزوّج امرأة فلمّا كان ليلة البناء عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الحجلة فلمّا دخل الرّجل يباضع أهله ثار الصديق و اقتتلا في البيت فقتل الزّوج الصديق و قامت المرأة فضربت الزّوج ضربة فقتلته بالصديق قال تضمن المرأة دية الصديق و تقتل بالزّوج و في تضمين دية الصّديق نظر منعه ابن إدريس لأنّ دمه هدر و يحتمل أن تكون قد أخرجته من منزله ليلا فكانت ضامنة لديته على ما تقدّم

الفصل الثاني في الأسباب

و فيه [- ك -] بحثا [- أ -] السبب ما لولاه لما حصل التلف لكن التلف مسند إلى غيره كحفر البئر و نصب السكين و إلقاء الحجر فإن التلف لم يحصل من هذه بل من العشار الصادر عن المتحرّك لكن حصل معها و يثبت معه الضمان في ماله و لا يعقل العاقلة ما يتلف بالسّبب فيضمن واضع الحجر في ملك غيره أو في الطريق المسلوك في ماله و كذا لو نصب سكينا فمات العاثر بها أمّا لو وضع الحجر أو نصب السكين في ملك نفسه أو في مكان مباح فإنّه لا يضمن و حفر البئر كوضع الحجر يضمن إن كان في ملك غيره أو في طريق مسلوك و لا يضمن لو كان في ملك نفسه أو مكان مباح و لو حفر بئرا في ملك غيره فرضي المالك سقط الضمان عن الحافر و لو حفر في الطريق المسلوك لمصلحة المسلمين فالأقرب سقوط الضمان لأنّه فعل سائغ و لو ألقى قمامة المنزل المزلقة كقشور البطيخ و شبهه أو رشّ الدّرب بالماء فهلك به إنسان أو دابة ضمن و الأقرب اختصاص الضمان في الدابة مطلقا و في الآدمي الذي لم يشاهد القمامة و الرشّ [- ب -] حكم البناء في الطريق حكم الحفر فإذا بنى لنفسه في طريق ضيق أو ملك غيره ضمن و كذا في الطريق الواسع و إن كان مسجدا أمّا لو كان البناء فيما زاد على القدر الواجب من الطريق و هو سبع أذرع فلا ضمان به و كذا لو بنى المسجد للمسلمين في طريق واسع في موضع لا يضرّ كالزاوية فلا ضمان و كذا لا ضمان فيما فيه مصلحة المسلمين كقلع حجر يضرّ بالمارة و وضع الحصى في حفرة ليملأها و يسلك السلوك بها و تسقيف ساقية فيها و وضع حجر في طين فيها ليطأ الناس عليه و بناء القناطر سواء أذن الإمام في ذلك أو لا أمّا لو منع الإمام منه فإن فاعله ضامن و لو سقف مسجدا أو فرش فيه بادية أو بنى فيه حائطا أو علّق فيه قنديلا أو جعل فيه رفا فتلف به شيء فلا ضمان و إن لم يأذن فيه الجيران و لو حفر العبد بئرا في ملك إنسان بغير إذنه أو في طريق يتضرّر به المارة فتلف به شيء فالضمان يتعلق برقبته يباع فيه و لا يلزم سيّده شيء و كذا لو أعتق ثمّ تلف بعد العتق فالضمان عليه لا على سيّده [- ج -] إذا حفر بئرا في ملك مشترك بينه و بين غيره بغير إذن ضمن ما تلف به جميعه لأنّه متعدّ بالحفر و يحتمل إيجاب نصيب شريكه لأنّه الذي تعدّى فيه فلو حفر بئرا في ملك إنسان أو وضع فيه ما يتعلّق به الضمان فأبرأه المالك من ضمان ما يتلف به ففي الصحة إشكال ينشأ من أنّ المالك لو أذن فيه ابتداء لم يضمن و من أنّ حصول الضمان لتعدّيه بالحفر و الإبراء لا يزيله لأنّ الماضي لا يمكن تغيره عن الصفة التي وقع عليها و لأنّ الضمان ليس حقّا للمالك فلا يصحّ الإبراء منه و لأنه إبراء مما لم يجب فلم يصحّ كالإبراء من الشفعة قبل البيع و لو استأجر أجيرا فحفر في ملك غيره بغير إذنه و علم الأجير ذلك فالضمان عليه وحده و إن لم يعلم فالضمان على المستأجر فلو استأجر أجيرا ليحفر له في ملكه بئرا أو يبني له بناء فتلف الأجير لم يضمنه المستأجر لقول النبي ص البئر جبار و العجماء جبار و المعدن جبار نعم لو كان الأجير عبد مستأجر بغير إذن سيّده أو صبيا بغير إذن وليّه فإنّه يضمن لتعديه باستعماله و تسبيبه إلي إتلاف حقّ غيره و لو حفر بئرا في ملك نفسه فوقع فيها إنسان أو دابة فهلك به فإن كان الداخل دخل بغير إذن المالك فلا ضمان على الحافر لعدم العدوان منه و إن دخل بإذنه و البئر بيّنة مكشوفة و الداخل بصير يبصرها فلا ضمان أيضا و إن غفل عن نفسه و إن كان الداخل أعمى أو كانت في موضع مظلم أو كانت مغطاة فلم يعلم الداخل بها حتّى وقع ضمن المالك و لو اختلفا فادعى وليّ الهالك الإذن و المالك عدمه فالقول قول المالك و لو ادعى المالك أنّها كانت مكشوفة و ادعى الآخر أنّها كانت مغطّاة فالقول قول وليّ الهالك لأنّ الظاهر معه فإن الظاهر أنّها لو كانت مكشوفة لم يسقط و يحتمل تقديم قول المالك لأصالة البراءة و عدم التغطية [- د -] إذا بنى في ملكه حائطا أو في

ص: 264

موضع مباح لم يضمن ما يتلف بوقوعه و كذا لو وقع إلى الطريق فمات إنسان بغباره و لو بناه مائلا إلى غير ملكه أو إلى الطريق أو بناه في غير ملكه ضمن ما يتلفه به و لو بناه في ملكه مستويا فمال إلى الطريق أو إلى غير ملكه وجب إزالته فإن أهمل مع المكنة ضمن و لو وضع قبل التمكن من الإزالة لم يضمن ما يتلف به لعدم العدوان و لو بناه في ملكه مستويا أو مائلا إلى ملكه فسقط من غير استهدام و لا ميل فلا ضمان و لو مال قبل وقوعه إلى ملكه و لم يتجاوزه فلا ضمان عليه و لو كان الحائط لصبيّ كان الضمان على الولي مع علمه بالميل إلى الطريق أو إلى ملك الغير و تمكنه من الإزالة و عدمها و إذا مال الحائط إلى ملك غيره معيّن فأبرأه المالك سقط الضمان عنه و كذا لو أبرأه ساكن الدار التي مال إليها و لو مال إلى ملك مشترك أو درب مشترك غير نافذ لم يزل الضمان عنه بإبراء واحد منهم و إذا باع الملك و الحائط مائل فالضمان على المشتري إن أهمل مع المكنة و إن وهبه و لم يقبضه لم يزل الضمان عنه و لو لم يمل الحائط لكن يشق فإن لم يظنّ سقوطه لكن الشقوق بالطول لم يجب نقضه و كان حكمه حكم الصحيح و إن خيف سقوطه بأن يكون الشقوق بالعرض وجب الضمان كالمائل [- ه -] يجوز نصب الميازيب إلى الطرق و هل يضمن لو وقعت فأتلفت قال العلامة ره لا ضمان و قال الشيخ ره نعم يضمن لأنّ نصبها مشروط بالسلامة و في رواية ابن الصباح الكناني الصحيحة عن الصادق ع قال من أضر بشيء من طريق المسلمين فهو ضامن و روى السكوني عن الصادق ع قال قال رسول اللّٰه ص من أخرج ميزابا أو كنيفا أو واثق دابة أو حفر بئرا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن و يحتمل التفصيل فإن سقط الميزاب كلّه فعليه نصف الضمان لأنه تلف بما وضعه على ملكه و ملك غيره و إن انقصف فسقط منه ما خرج من الحائط ضمن الجميع [- و -] يجوز إخراج الرواشن و الأجنحة في الطريق المسلوك إذا لم يضرّ بالمارة فلو سقط خشبة من الروشن فأتلف إنسانا أو دابة أو مالا قال الشيخ ره يضمن نصف الدّية لأنه هلك عن مباح و محرم فعلى هذا لو وقعت خشبة ليست مركبة على حائط وجب ضمان ما أتلفت و كذا لو انتقضت الموضوعة على حائط فسقط الجارح عن الحائط خاصّة و البحث في الساباط كذلك و لو أخرج الجناح أو الرّوشن أو الساباط في درب غير نافذ بغير إذن أربابه ضمن كالنافذ و هل يضمن من يتعدى بالدخول في الدرب بغير إذن أربابه فيه نظر و كذا من حفر بئرا في ملك غيره فتلف فيها متعدّ بالدخول إليه من غير إذن مالكه و لو أذن أرباب الدرب لم يضمن [- ن -] لو بالت دابة في طريق فزلق به إنسان قال الشيخ ره يضمن و الأقرب عندي ذلك إن وقف بها و إلاّ فلا و لو وضع جرّة أو حجرا أو غيرهما على حائطه أو سطحه فرمته الريح على إنسان فقتله أو تلف شيء به لم يضمن إذا لم يفرّط في الوضع لأنّه تصرّف في ملكه بغير عدوان أما لو فرط في الوضع بأن وضعها مائلة أو متزلزلة متعرّضة للسقوط فإنّه يضمن لأنّه كالحائط المائل [- ح -] لو سلّم ولده الصغير إلى معلم الساحة فغرق ضمن المعلم في ماله لأنه سلمه إليه ليحتاط في الحفظ و لو لم يفرط المعلم ففي الضمان نظر و كذا لو كان الولد مجنونا أما لو كان بالغا رشيدا فإنّه لا يضمنه إذا لم يفرط لأن الكبير في يد نفسه [- ط -] إذا أضرم نارا في ملك غيره ضمن ما يتلف من الأموال و الأنفس مع تعذر الفرار في ماله و إن قصد إتلاف النفس فهو عامد يجب عليه القود في النفس و الضمان في المال و إن قصد بإضرام النار إحراق المنزل و المال خاصة و تعدى الإتلاف إلى النفس من غير قصد ضمن المال في ماله و إن كانت دية الأنفس على عاقلته لأنّه مخطئ في إتلافها و إن لم يقصد الاحتراق بل أضرم نارا لحاجته فتعدّت النار باتصال الأحطاب إلى ملك غيره ضمن ما يتلف من الأموال في ماله و من الأنفس على عاقلته لأنّه مخط و إن أضرم النار في مكان له التصرّف فيه بحقّ ملك أو إجارة فإن تعدى في ذلك بأن زاد على قدر الحاجة مع غلبة ظنّه بالتعدي كما في أيّام الأهوية ضمن و إن لم يتعدّ بأن أضرم قدر الحاجة من غير اتصال بملك الغير أو بحطبه و كان على وجه المعتاد فحملها الريح أو سرت إلى ملك غيره أو عصف الأهوية بغتة فحملتها فأتلفت فلا ضمان و كذا البحث في فتح المياه [- ى -] يجب حفظ الدابة الصائلة كالبعير المغتلم و الكلب العقور و الدابة العضاضة فلو أهمل المالك ضمن جنايتها و لو جهل حالها أو علم و لم يفرط فلا ضمان و لو جنى على الصائلة جاز فإن كان للدفع فلا ضمان و إن كان لغيره ضمن و لو جنت الهرة المملوكة قال الشيخ ره يضمن المالك بالتفريط في حفظها مع الضرورة و فيه إشكال من حيث أنّ العادة لم تجر بربطها و يجوز قتلها حينئذ و الأقوى ما ذكره الشيخ ره و من ربط من الحيوانات المؤذية ما لا يحل اقتناؤه كالسّبع و الحيّة ضمن ما يتلف بسببها فإن دخل دار غيره فعقره كلب فإن كان الدخول بإذن مالك الدار ضمن عقر الكلب و إلا فلا و لو حصل الكلب العقور أو السنور الضاري عند إنسان من غير اقتنائه و لا اختياره فأفسد لم يضمن و لو أتلف الكلب بغير العقر مثل أن ولغ في إناء إنسان أو بال لم يضمن مقتنية لأنّه لا يختصّ بالكلب العقور و لو اقتنى سنورا فأكل فراخ الناس ضمن ما يتلفه و إن لم يكن له عادة لم يضمن سواء في ذلك الليل و النهار و لو اقتنى حماما أو غيره من الطير فأرسله فلقط حبا لم يضمنه لأنه كالبهيمة و العادة إرساله [- يا -] لو هجمت دابة على أخرى فجنت الداخلة ضمن صاحبها إن فرّط في حفظها و لو جنت المدخول عليها كان هدرا و في قضيّة عليّ ع في زمن النبي ص فإنّه روي أن ثورا قتل حمارا على عهد النبي ص فرفع ذلك إليه و هو في الناس من أصحابه فهم أبو بكر

ص: 265

و عمر قال يا أبا بكر اقض بينهم فقال يا رسول اللّٰه بهيمة قتلت بهيمة ما عليها شيء فقال يا عمر اقض بينهم فقال مثل قول أبي بكر فقال يا عليّ اقض بينهم فقال نعم يا رسول اللّٰه إن كان الثور دخل على الحمار في مستراحه ضمن أصحاب الثور و إن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان عليهم قال فرفع رسول اللّٰه ص يده إلى السماء و قال الحمد لله الذي جعل مني من يقضي بقضاء النبيّين [- يب -] راكب الدابّة يضمن ما تجنيه بيديها و رأسها و لا ضمان عليه فيما تجنيه برجليها و كذا القائد أمّا لو وقف بها أو ضربها ضمن ما تجنيه بيديها و رجليها و لو ضربها غيره ضمن الضارب جنايتها أجمع و السابق كالواقف و لو ركبها اثنان تساويا في الضمان فإن كان الأوّل صغيرا أو مريضا و كان المتولّي لأمرها هو الثاني فالضمان عليه و لو كان صاحب الدابة معها يراعيها ضمن ما تجنيه بيديها و رجليها دون الراكب و لو ألقت الراكب فإن كان بتنفير المالك ضمن و إلاّ فلا و لو كان مع الدابة قائد و سائق تساويا في الضمان و الجمل المقطور على الجمل الذي عليه راكب يضمن جنايته لأنّه في حكم القائد له بخلاف الحمل الثالث لأنّه لا يتمكّن من حفظه عن الجناية و لو كان مع الدابة ولدها أو غيره لم يضمن جنايته لأنّه لا يمكنه حفظه و حكم الدابة فيما قلنا حكم سائر ما يركب من البغال و الحمير و الجمال و غيرها سواء [- يج -] لو أركب مملوكه دابّة ضمن المولى جنايته و بعض الأصحاب شرط صغر المملوك و هو جيّد و لو كان بالغا تعلّقت الجناية برقبته إن كانت على نفس آدمي و لو كانت على مال لم يضمن المولى و لا يستسعى العبد بل يتبع به بعد العتق [- يد -] إذا جنت الماشية على الزرع ليلا ضمن صاحبها لأن عليه حفظ الماشية بالليل و إن جنت نهارا لم يضمن لأنّ على صاحب الزرع حفظه بالنهار و عليه دلت رواية السّكوني و هو ضعيف و الوجه اشتراط التفريط في الضمان فإن تحقق من صاحب الماشية ضمن سواء كان ليلا أو نهارا و كذا لو كان يد المالك أو غيره عليها فأتلفت ضمن ذو اليد و لو ضمنها المالك فأخرجها غيره ضمن المخرج و لو أتلفت البهيمة غير الزرع لم يضمن مالكها ما أتلفته إلاّ أن يكون يده عليها سواء كان ليلا أو نهارا [- يه -] روي عن أمير المؤمنين ع أنّه قضى في بعير بين أربعة بقر عقله أحدهم فوقع في بئر فانكسر أنّ على الشركاء حصته لأنّه حفظ و ضيّعوا [- يز -] إذا أفلت دابة من صاحبها فربحت إنسانا فقتله أو كسرت شيئا من أعضائه أو أتلفت شيئا من ماله لم يكن على صاحبها ضمان و هي قضية عليّ ع في زمن رسول اللّٰه ص قال الباقر ع بعث رسول اللّٰه ص عليا ع على اليمين فأفلت فرس لرجل من أهل اليمن و هو يعدو فمرّ برجل فنفحه برجله فقتله فجاء أولياء المقتول إلى الرجل فأخذوه و دفعوه إلى عليّ ع فأقام صاحب الفرس البينة أنّ فرسه أفلت من داره و نفخ الرّجل فأبطل ع دم صاحبهم قال فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى رسول اللّٰه ص فقالوا يا رسول اللّٰه إنّ عليا ع ظلمنا و أبطل دم صاحبنا فقال رسول اللّٰه ص إنّ عليّا ليس بظلام و لم يخلق الظلم لأنّ الولاية لعليّ من بعدي و الحكم حكمه و القول قوله لا يردّ ولايته و قوله و حكمه إلاّ كافر و لا يرضى ولايته و قوله و حكمه إلا مؤمن فلمّا سمع اليمانيون قول رسول اللّٰه ص في عليّ ع قالوا يا رسول اللّٰه ص رضينا بحكم عليّ و قوله فقال رسول اللّٰه ص هو توبتكم مما قلتم [- يح -] إذا غشيه دابة فخاف أن تطأه فزجرها عن نفسه فجنت على الراكب أو على غيره لم يكن عليه شيء لأنّه قصد الدفع عن نفسه و إذا استقلّ البعير أو الدابة بحملهما كان صاحبهما ضامنا [- يط -] لو خوف حاملا فأجهضت وجب عليه دية الجنين و لو ماتت المرأة فزعا وجبت الدية لها و لو استعدى على الحامل و ألقت جنينها أو ماتت خوفا ضمن المتعدّي إن كان ظالما بإحضارها عند الحاكم و كلّما يظهر كونه سببا و لكن احتمل حصول الهلاك بغيره فهو كشبيه العمد إذا قصد و ما شك في كونه سببا احتمل أن يقال الأصل براءة الذمّة أو الحوالة على السبب الظاهر [- ك -] لو أخذ طعام إنسان أو شرابه في برّية أو مكان لا يقدر فيه على طعام و شراب فهلك بذلك فهلكت دابّته ضمن و لو اضطرّ إلى طعام و شراب لغيره فطلبه منه فمنعه إياه مع غناه في تلك الحال فمات ضمن المطلوب منه لأنّه باضطراره إليه صار أحقّ من المالك و له أخذ قهرا فمنعه إياه سبب إلى إهلاكه بمنعه ما يستحقّه و لو لم يطلبه منه لم يضمنه و كذا كلّ من رأى إنسانا في مهلكة فلم ينجه منها مع قدرته على ذلك لم يلزمه ضمانه

الفصل الثالث في اجتماع الموجبات

و فيه [- ى -] مباحث [- أ -] إذا اجتمع المباشر و السبب قدّم المباشر في الضمان و لا يجب على السّبب إلاّ مع ضعف المباشرة فلو حفر بئرا في طريق فأوقع إنسان غيره فيها فالضمان على الدافع دون الحافر و لو أمسك واحدا فذبحه آخر اقتصّ من الذابح دون الممسك و لو وضع حجرا في كفة المنجنيق ضمن الجاذب دونه إلاّ مع ضعف المباشر فالحوالة في الضمان على السبب كمن غطى بئرا حفرها في غير ملكه فدفع غيره ثالثا من غير علم فالضّمان على الحافر و كالنار من خوف إذا وقع في بئر لا يعلمها و لو حفر في ملك نفسه بئرا و سترها و دعا غيره ضمن لسقوط المباشرة مع الغرور و لو وضع صبيّا في مسبعة فافترسه سبع وجب الضمان [- ب -] إذا اجتمع سببان قدّم الأسبق في الضمان فلو حفر بئرا و نصب آخر حجرا فعثر به إنسان فوقع في البئر فالضمان على واضع الحجر هذا إذا تساويا في العدوان و لو كان العدوان مختصا بأحدهما ضمن دون صاحبه كمن حفر بئرا في ملك نفسه و وضع أجنبي حجرا فيه و لو كان نصب سكّينا في بئر فتردى إنسان على تلك السكين فالضمان على الحافر مع تساويهما في العدوان و لو حفر بئرا قريب

ص: 266

العمق فعمّقها غيره فالضمان على الأوّل و يحتمل تساويهما لتناسب الجنايتين و لو تعثر بحجر في الطريق فالضمان على واضعه و لو تعثر بقاعد فالضمان على القاعد و لو تعثّر بقائم فالماشي هدر و ضمان القائم على الماشي لأنّ الوقوف من موافق المشي دون القعود و لو وقع في حفرة اثنان فهلك كل منهما بوقوع الآخر فالضمان على الحافر لأنّه كالملقي [- ج -] روى أبو جميلة عن سعد الإسكاف عن الأصبغ قال قضى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع في جارية ركبت أخرى فنخسها ثالثة فقمصت المركوبة فصرعت الراكبة فماتت أنّ ديتها على الناخسة و المنخوسة بالسّوية و أبو جميلة ضعيف و قال المفيد ره على الناخسة و القامصة ثلثا الدية و يسقط الثلث لركوبها عبثا و هو جيّد قال ابن إدريس إن كانت الناخسة ملجئة للقامصة فالضمان عليها و إلا فعلى القامصة و هو حسن و المشهور بين الأصحاب ما تضمّنته الرواية [- د -] روى محمّد بن قيس عن أبي جعفر ع عن أمير المؤمنين ع في أربعة شربوا المسكر فجرح اثنان و قتل اثنان فقضى دية المقتولين على المجروحين بعد أن يرفع جراحة المجروحين من الدية و إن مات أحد المجروحين فليس على أحد من أولياء المقتولين شيء و في رواية السكوني عن أبي عبد اللّٰه ع أنه جعل دية المقتولين على قبائل الأربعة و أخذ دية جراحة الباقين من دية المقتولين و قال ابن إدريس يقتل القاتلان بالمقتولين فإن اصطلح الجميع على الدية أخذت كملا من غير نقصان [- ه -] روى السكوني عن الصّادق ع و محمد بن قيس عن الباقر ع أنّ ستّة غلمان كانوا في الفرات فغرق واحد منهم فشهد ثلاثة منهم على اثنين أنهما غرقاه و شهد اثنان على الثلاثة أنهم غرقوه فقضى بالدية ثلاثة أخماس على الاثنين و خمسان على الثلاثة و هذه قضيّة في واقعة عرف على ع الحكم فيها بذلك لخصوصية لا تتعدّى إلى غيرها [- و -] إذا رمي ثلاثة بالمنجنيق فقتل الحجر أحدهم سقط ما قابل فعله من الدّية و هو الثلث و ضمن الباقيان ثلثي الدّية لورثته و يتعلّق الجناية بمن يمدّ الحبال دون ممدّ الخشب أو المساعد بغير المدّ و لو قصدوا أجنبيّا بالرّمي فهو عمد و لو لم يقصدوه كان خطأ و قال الشيخ ره لو اشترك ثلاثة في هدم حائط فوقع على أحدهم فقتله ضمن الآخران ديته لأنّ كلّ واحد ضامن لصاحبه و الوجه عندي أنّهما يضمنان ثلثي ديته [- ن -] روى الحسين بن سعيد عن النّضر عن عاصم عن محمّد بن قيس عن أبي جعفر ع قال قضى أمير المؤمنين ع في أربعة نفر اطلعوا في زبية الأسد فخرّ أحدهم فاستمسك بالثاني و استمسك الثاني بالثالث و استمسك الثالث بالرابع فقضى بالأوّل فريسة الأسد و غرم أهله ثلث الدية لأهل الثاني و غرم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية و غرم الثالث لأهل الرابع الدية كاملة و عن مسمع بن عبد الملك و أبي عبد اللّٰه أنّ قوما احتفروا زبية للأسد باليمن فوقع فيها الأسد فازدحم الناس عليها لينظرون إلى الأسد فوقع رجل يتعلّق بأحد تعلّق الآخر بآخر و الآخر بآخر فجرحهم الأسد فمنهم من مات من جراحة الأسد و منهم من جرح فمات فتشاجروا في ذلك حتّى أخذوا السيوف فقال أمير المؤمنين علي ع هلموا أقضي بينكم فقضى أنّ للأوّل ربع الدية و للثاني ثلث الدّية و للثّالث نصف الدية و للرابع دية كاملة و جعل ذلك على قبائل الذين ازدحموا فرضي بعض القوم و سخط بعض فرفع ذلك إلى النبيّ ص و أخبره بقضاء أمير المؤمنين ع فأجازه و في طريق هذه الرواية إلى مسمع ضعف و الأولى مشهورة بين الأصحاب و الوجه عندي أنّ على الأوّل دية كاملة للاستقلال بإتلاف الثاني و على الثاني دية الثالث و على الثالث دية الرابع و إن شركتا بين مباشر في الجذب و الإمساك و المشارك على الأوّل دية للثاني و عليه و على الثاني دية الثالث و على الثلاثة دية الرابع و ما حكم به علي ع إذا ثبت مخصوص بوقائع اقترنت بأمور أوجب فيها ذلك الحكم الخاص [- ح -] إذا سقط رجل في بئر فسقط عليه آخر فقتله ضمنه ثمّ إن كان قد تعمّد الرمي و هو مما يقتل غالبا وجب القصاص و إن كان مما يقتل و هو شبيه عمد و إن وقع خطأ فالدّية على عاقلته مخفّفة و إن مات الثاني بوقوعه على الأوّل فهو هدر سواء مات الأوّل أو لا و لو قاد البصير أعمى فوقعا في بئر خيّر البصير أو لا و وقع الأعمى فوق البصير فقتله احتمل تضمين الأعمى دية البصير و العدم لأنه الّذي قاده إلى ذلك المكان و كان السبب في وقوعه عليه و لهذا لو فعله قصدا لم يضمنه الأعمى و ضمن هو الأعمى [- ط -] لو سقط إنسان في بئر فجذب غيره فوقع المجذوب فمات الجاذب بوقوعه عليه فالجاذب هدر لأنّه مات من فعله فإن مات المجذوب ضمنه الجاذب و لو مات معا فالجاذب هدر و عليه دية الثاني في ماله فإن جذب الثاني ثالثا فماتوا أجمع بوقوع كلّ منهم على صاحبه فالأوّل تلف بفعله و فعل الثاني فيسقط نصف ديته و يضمن الثاني النّصف و الثاني مات بجذبة الثالث عليه و جذب الأوّل فيضمن الأوّل نصف ديته و لا ضمان على الثالث و للثالث الدية فإن رجّحنا المباشر فديته على الثّاني و إن شرّكنا بين القابض و الجاذب فالدية على الأوّل و الثاني بالسّوية فإن جذب الثالث رابعا فمات بعض على بعض فللأول ثلث الدية لأنه مات بجذبه للثاني عليه و بجذب الثاني الثالث عليه و بجذب الثالث الرابع فسقط مقابل فعله و بقي الثلثان على الثاني و الثالث دون الرابع و للثاني ثلثا الدية أيضا لأنّه مات بجذب الأوّل و بجذبة الثالث و الرابع عليه فيسقط ما قابل فعله و كان على الأوّل و الثّالث الثلثان و للثالث ثلثا الدية لأنه مات بجذبة الرابع و بجذب الثاني و الأوّل له فسقط ما قابل فعله و وجب له الثلثان على الأول و الثاني و لا شيء على الرابع و له الدية كاملة فإن رجّحنا المباشر فديته على الثالث خاصّة و إن شركنا بينه و بين المشارك بالجذب فديته على الثلاثة الأول أثلاثا و لو وقع أربعة في البئر من غير جذب فماتوا بغير الوقوع مثل أن يكون البئر عميقا يموت الواقع فيه بنفس الوقوع

ص: 267

أو كان فيه ماء يغرق الواقع فيقتله أو أسد يأكلهم فليس على بعضهم ضمان بعض لعدم تأثير فعل بعضهم في هلاك بعض و إن شككنا في ذلك لم يوجب ضمانا عملا بأصالة البراءة و إن مات بعضهم بوقوع بعض قدم الرابع هدر لأنّ غيره لم يفعل فيه شيئا و إنّما هلك بفعله و عليه دية الثالث لأنه قتله بوقوعه عليه و دية الثاني عليه و على الثالث نصفين و دية الأوّل على الثلاثة أثلاثا [- ى -] لو حفر بئرا في ملكه فسقط جدار جاره لم يضمن إلا أن يقصّر بمخالفة العادة في سعة البئر بحيث يدخل إلى ملك الجار

كتاب الدّيات

اشارة

و فيه مقصدان

الأوّل في مقاديرها
اشارة

و فيه فصول

الأوّل في دية النفس

و فيه [- يو -] بحثا [- أ -] دية الحرّ المسلم أحد الستة أمّا مائة من مسان الإبل أو مائتا بقرة أو مائتا حلة كلّ حلة ثوبان من برود اليمن أو ألف دينار أو ألف شاة أو عشرة آلاف درهم و هذه الستة أصول في نفسها و للجاني الخيار في رفع أيّهما شاء و ليس بعضها مشروطا بعدم البعض و يتغلّظ هذه الدّية بأمور ثلاثة و هي الوقوع في حرم اللّٰه تعالى و حرم رسوله أو أحد مشاهد الأئمّة ع على ما أفتى به الشيخ في النهاية و لو رمى في الحلّ إلى الحرم فقتله فيه لزم التغليظ و في العكس إشكال و لو جنى في الحلّ و التجأ إلى الحرم لم يقتص منه فيه بل يضيق عليه في المطعم و المشرب حتّى يخرج و لو جنى في الحرم اقتصّ منه فيه لانتهاكه الحرمة الثاني الوقوع في الأشهر الحرم و هي ذو القعدة و ذو الحجة و المحرّم و رجب و التغليظ في هذين بإلزام دية و ثلث للجاني من أيّ الأجناس كان و الثلث لمستحق الدية و لا تغليظ في الأطراف الثالث كون القتل عمدا أو شبه عمد و التغليظ هنا ليس بزيادة المقدار بل الصّفة و التأجيل و لا تغليظ بالإحرام و لا بذي الرّحم [- ب -] في أسنان الإبل في دية الخطأ روايتان إحداهما خمس و عشرون بنت مخاض و خمس و عشرون بنت لبون و خمس و عشرون جذعة و الثانية و هي أصحّ طريقا عن عبد اللّٰه بن سنان قال سمعت أبا عبد اللّٰه يقول قال أمير المؤمنين ع في الخطإ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو بالحجر أن دية ذلك تغلظ و هي مائة من الإبل منها أربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها و ثلاثون حقّة و ثلاثون بنت لبون و الخطاء يكون فيه ثلاثون حقة و ثلاثون بنت لبون و عشرون بنت مخاض و عشرون ابن لبون ذكرا [- ج -] دية العمد كدية الخطاء إلاّ أنّ أسنان الإبل هاهنا أرفع من أسنانها هناك و هو مائة بعير من مسان الإبل و أمّا شبيه العمد فروايتان أصحّهما طريقا ما ذكرناه عن عليّ ع أنّها ثلاثون بنت لبون و ثلاثون حقّة و أربعون خلفة و هي الحامل و في الأخرى ثلاث و ثلاثون حقة و ثلاث و ثلاثون جذعة و أربع و ثلاثون ثنيّة طروقة الفحل [- د -] دية العمد تستأدى في سنة واحدة من مال الجاني مع التراضي بالدية و لا يجب حالّة و لا يجوز تأخير إلى ثلاث سنين و أمّا دية الخطاء فتستأدى ثلاث سنين سواء كانت تامّة أو ناقصة أو دية طرف من العاقلة فهي محققة في السّن و الصفة و الاستيفاء و لا يضمن الجاني منها شيئا و لا يرجع العاقلة عليه بشيء و قال المفيد ره إنّ العاقلة يرجع بها على الجاني و ليس بمعتمد و أمّا دية شبيه العمد فقال المفيد ره تستأدى في سنتين فهي أخفّ من دية العمد في السنّ و الاستيفاء و يضمنها الجاني في ماله إجماعا [- ه -] للجاني أن يبذل أي أصناف الديات شيئا في الخطاء المحض و الشبيه بالعمد و أمّا في العمد فإن وقع الصلح بينه و بين الوليّ على الدية مطلقا تخيّر أيضا بين المسانّ من الإبل أو ما ذكر من باقي الأنواع و إن تراضيا على ما زاد و لو كان أضعاف الدية أو ما نقص أو كان مساويا أو مغايرا من العروض و شبهها جاز [- و -] للجاني أن يبذل من إبل البلد و من غيرها و من إبله و من غيرها أدون أو أعلى إذا لم يكن مراضا و كانت بالصفة المشترطة و في إلزام قبول القيمة السوقية مع وجود الإبل نظر أقربه العدم و في الرواية الصّحيحة عن علي بن أبي طالب ع قيمة كلّ بعير مائة و عشرون درهما أو عشرة دنانير و من الغنم قيمة كلّ ناب من الإبل عشرون شاة و في الصحيح عن الحسين بن سعيد عن معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن دية العمد فقال مائة من فحولة الإبل فإن لم يكن فمكان كلّ حمل عشرون من فحولة الغنم و الرواية الأولى يعطي أنّ الدية من الفضّة اثنا عشر ألف درهم و عليه دلّت رواية الحلبي و عن عبد اللّٰه المغيرة و النضر بن سويد الصحيحة عن عبد اللّٰه بن سنان عن الصادق ع قال سمعت يقول من قتل مؤمنا متعمّدا قيد إلاّ أن يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدية فإن رضوا بالدية و أحب ذلك القاتل فالدية اثنا عشر ألفا درهم أو ألف دينار أو مائة من الإبل و إن كان في أرض فيها الدنانير فألف دينار و إن كان في أرض فيها الإبل فمائة من الإبل و إن كان في أرض من الدراهم بحساب اثنا عشر ألفا و المشهور بين علمائنا عشرة آلاف درهم لرواية أخرى و لا خالف في تقدير باقي الأصناف قال الشيخ ره لا يلزم من الدراهم أكثر من عشرة آلاف درهم و عليه أكثر الروايات و رواية اثنا عشر ذكر الحسين و أحمد بن سعيد بن محمد بن عيسى معا أنّه روى أصحابنا أنّ ذلك من وزن ستة و إذا كان ذلك كذلك فهو يرجع إلى عشرة آلاف و لا تنافي بين الأخبار [- ز -] الخيرة في أداء إحدى الأصناف الستة إلى من وجبت عليه من القاتل أو العاقلة فأيّها أحضرها لزم الوليّ قبوله فإن أعوز صنف منها فله العدول إلى غيره سواء كان أعلى قيمة أو أدون و كذا لو لم يعوز و الأقرب أنّه لا يعتبر قيمة الإبل بل متى وجدت على الصفة المشروطة أجزأت و وجب أخذها قلّت قيمتها أو كثرت و ما روي في الأحاديث من اعتبار قيمة كلّ بعير بمائة و عشرون درهما فمحمول على الغالب لا الواجب و كذا البحث في البقر و الغنم و الحلل [- ح -] لا يقبل في الإبل المعيب و لا عجف و يجزي العراب و البخاتي و الخلفة في شبه العمد هي الحامل و قوله ع في بطونها

ص: 268

أولادها تأكيد و قيل ما تحمل إلاّ ثنية و هي التي لها خمس سنين و دخلت في السّادسة و أيّ ناقة حملت فهي خلفة و الأقرب اشتراط الثنيّة لقول علي ع أ و معك خلفة ما بين ثنية عامها إلى باذل فإن أحضر خلفة فأسقطت قبل القبض وجب الإبدال و إن أسقطت بعده أجزأ و يرجع في الحمل إلى أهل الخبرة فإن قبض الوليّ ثمّ قال لم يكن حوامل و قد ضمرت أجوافها فقال الجاني بل ولدت عندك فإن قبضها بقول أهل الخبرة فالقول قول الجاني عملا بظاهر إصابتهم و إن قبضها بغير قولهم فالقول قوله عملا بأصالة عدم الحمل [- ط -] يجب دية العمد في آخر الحول و دية شبيه العمد في سنتين و يجب في آخر كلّ حول نصفها و دية الخطاء المحض في ثلاث سنين في آخر كل حول ثلثها و يعتبر ابتداء السنة من حين وجوب الدية لا من حين حكم الحاكم فإن كان الواجب دية نفس فابتداء السنة من حين الموت و إن كان دية جرح اندمل من غير سراية مثل أن قطع يدا فبرأت بعد مدة فابتداء المدة من حين القطع و إن كان ساريا مثل أن قطع إصبعه فسرت إلى كفّه ثمّ اندمل فالابتداء من حين الاندمال لأنّ استقرار الأرش لا يحصل إلاّ عنده قال الشيخ ره و يستأدى الأرش في سنة واحدة عند إسلامها إذا كان ثلث الدية فما دون لأن العاقلة لا يعقل حالا و لو كان دون الثلثين حلّ الثلث الأوّل عند انسلاخ الحول و الثاني عند انسلاخ الثاني و لو كان أكثر من الدية كقطع يدين و رجلين و كان لاثنين حلّ لكل واحد عند انسلاخ الحول ثلث الدية و إن كان لواحد حلّ له ثلث عن كلّ جنايته سدس و في جميع ذلك إشكال من حيث احتمال اختصاص التأجيل بالدية دون الأرش و لو كان الواجب دون الموضحة لم يحمله العاقلة لأنّها لا تحمل ما دون الموضحة و يجب حالاّ كإتلاف المال و يجب الدية الناقصة كدية المرأة و الذمّي و العبد في ثلاث سنين [- ى -] دية المرأة الحرة المسلمة على النّصف من دية الرّجل من جميع الأجناس و يتساوى جراح المرأة و الرّجل و أطرافهما إلى أن يبلغ ثلث الدية فإذا بلغت الثلث نقصت المرأة إلى النصف و ربما قيل ما لم يتجاوز الثلث فإذا تجاوزت رجعت إلى النّصف و الأوّل أصحّ لرواية أبان بن تغلب الصحيحة عن الصادق ع و رواية جميل بن دراج الصّحيحة عنه ع [- يا -] دية الذمي من اليهود و النصارى و المجوس ثمان مائة درهم و في رواية دية المسلم و في أخرى أربعة آلاف درهم و حملها الشيخ ره على المعتاد بقتلهم فيغلّظ الإمام بما يراه حسما للجرأة عليهم و دية نسائهم على النصف و جراحاتهم من دياتهم كجراحات المسلمين من دياتهم و في التغليظ بما يغلظ به على المسلم نظر و الأقرب تساوي ديات الجراح من نساء أهل الكتاب و ديات رجالهنّ إلى أن يبلغوا الثلث ثمّ ينقص المرأة إلى النّصف و لا دية لغير الأصناف الثلاثة من الكفّار كعباد الأوثان و غيرهم سواء كانوا ذوي عهد أو لا و سواء بلغهم الدعوة أو لا [- يب -] ولد الزنا إذا أظهر الإسلام ديته كدية المسلم و قيل دية الذمّي و ليس بمعتمد [- يج -] دية العبد قيمته ما لم يتجاوز دية الحرّ فإن تجاوزت ردّت إليها و يؤخذ من الجاني إن كان عمدا أو شبيه عمد أو من عاقلته إن كان خطأ و دية الأمة قيمتها ما لم يتجاوز دية الحرة المسلمة فتردّ إليها و لا يتجاوز بقيمة عبد الذمّي ديته مولاه و لا بقيمة مملوكة الذمية دية السيّدة و في المسلم عبد الذمي نظر [- يد -] دية أعضاء العبد و الأمة و جراحاتهما معتبرة بدية الحرّ و الحرّة فيما فيه دية الحرّ قيمة من العبد و الأمة قيمتهما كاللسان و الذكر و اليدين و الرّجلين إلاّ أنّه إذا جني عليه بما فيه كمال قيمته لم يكن لمولاه المطالبة بشيء إلاّ أن يدفعه إلى الجاني و يأخذ قيمته أو يمسكه بغير شيء و كلّ ما في الحرّ منه مقدّر فهو في العبد كذلك بالنسبة إلى قيمته ففي اليد نصف القيمة و ليس للجاني أخذه و دفع القيمة بل للمولى المطالبة بأرش الجناية مهما نقصت عن القيمة مع إمساك العبد و كلّ ما لا تقدير فيه في الحرّ ففيه الأرش و يعتبر في العبد فيفرض الحرّ عبدا سليما من الجناية و يقوّم ثمّ يفرض عبدا معيبا بالجناية و يقوّم و ينسب إحدى القيمتين إلى الأخرى فيؤخذ من الدية بنسبة التفاوت فالعبد أصل للحرّ فيما لا تقدير فيه كما أنّ الحر أصل له فيما فيه مقدر [- يه -] لو جنى العبد على الحرّ خطأ لم يضمن المولى بل يجب عليه دفع العبد أو يفديه بأرش الجناية الخيار في ذلك إليه و قيل يفديه بأقل الأمرين و قيمة العبد أو أرش الجناية و لا خيار للمجنيّ عليه و لو كانت الجناية لا تستوعب القيمة تخيّر المولى بين فكّه بأرش الجناية و بين تسليم العبد ليسترقّ منه المجنيّ عليه بقدر تلك الجناية و لا فرق في ذلك كلّ من القن و المدبّر و المكاتب المشروط و المطلق الذي لم يؤدّ شيئا و أمّ الولد و الذكر و الأنثى [- يو -] لو قتل مسلما في دار الحرب على دين الكفّار و لم يعلم إسلامه فالأقرب الدية خاصّة دون القصاص و كذا لو رمي إلى مرتدّ فأسلم قبل الإصابة و كذا في كلّ قتل عمد صدر عن ظنّ في حال المقتول و الصابئون من النصارى و السامرة من اليهود فإن كانوا معطلة دينهم فلا دية لهم

الفصل الثاني فيما دون النفس
اشارة

و هو إمّا إبانة أو إبطال منفعة أو جرح

الطّرف الأوّل في الإبانة

و هو قطع طرف فكلّ عضو لا تقدير فيه ففيه الأرش و التقدير ورد في ثمانية عشر على المشهور و فيه ما قدّره الشارع و كلّ ما في الإنسان منه واحد ففيه الدية كاملة و ما فيه اثنان ففيهما الدية أيضا و في أحدهما النصف إلاّ ما يستثنيه و سيأتي تفصيل ذلك كلّه في مباحث [- أ -] في الأنف الدية كاملة إذا استوصل و كذا في مارنه و هو ما لان منه قال الشيخ في المبسوط الدية إنّما هي في المارن و هو ما لان من الأنف دون قصبة الأنف و دون ذلك المنخران و الحاجز إلى القصبة فإن قطع الأنف و القصبة معا فعليه دية و حكومة في الزيادة و هو الأقرب عندي و لو كسره ففسد ففيه الدّية فإن جبر على غير عيب فمائة دينار و في و هي الحاجز بين المنخرين نصف الدية و قال ابن بابويه هي مجتمع المارن و قال أهل اللغة هي طرف المارن و في إحدى المنخرين نصف الدّية و في رواية غياث عن أبي جعفر ع قال قضى أمير المؤمنين في كلّ جانب من الأنف ثلث دية الأنف و في غياث ضعف غير أنّ مضمونها جيّد لأنّ المارن يشتمل على ثلاثة أشياء من جنس فتوزعت الدّية عليها أثلاثا و في شلل الأنف ثلثا ديته فإن قطع بعد الشلل فالثلث فإن نفذت في الأنف نافذة لا ينسد ففيها ثلث دية النفس فإن صلحت فالخمس مائتا دينار و لو كانت النافذة في إحدى المنخرين إلى الحاجز فالسدس إن لم يبرأ فإن برأت فالعشر فإن قطع بعض الأنف ففيه بقدره من الدية يمسح و يؤخذ بالنسبة فإن قطع نصفه فالنصف و ربعه الربع و على هذا و لو قطع الأنف و ما تحته من اللحم ففي الأنف الدّية و في اللحم حكومة و لو ضربه فأعوج أو تغير لونه فالحكومة و لو قطعه إلاّ جلده و بقي معلّقا فلم يلتحم و احتج إلى قطعه ففيه الدّية لأنّه قطع الجميع بعضه بالمباشرة و الباقي بالتسبيب و إن ردّه فالتحم ففيه الحكومة لأنّه لم يبن و إن أبانه فردّه فالتحم فالدّية لأنّه لا يقرّ على هذا و الإمام يجبره على الإزالة لأنّه نجس [- ب -] في اللسان الدية كاملة إذا استوصل قطعا و كان صحيحا و في لسان الأخرس ثلث الدّية و في لسان الصغير الدية إن بلغ حدّا ينطق ببعض الحروف و نطق أو لم يبلغ لكن ظهر أثر القدرة على النطق بالتحريك و البكاء و لو بلغ حدّا ينطق فلم ينطق فالظاهر عدم القدرة على الكلام فكان فيه ثلث الدية و لو كان صغيرا جدّا و لم يظهر عليه أثر القدرة و لا عدمها

ص: 269

لطفوليّته فالأقرب الدّية لأنّ الأصل السلامة و يحتمل الثلث لأنه لسان لا كلام فيه فكان كالأخرس مع عدم تيقّن السّلامة فإن كبر منطّق ببعض الحروف علمنا صحّته و أوجبنا فيه الدّية بقدر ما ذهب من الحروف و لو بلغ إلى حدّ يتحرّك بالبكاء و غيره و لم يتحرّك فقطعه قاطع فثلث الدية لأنّه لو كان صحيحا لتحرك فإن قطع بعض الصحيح اعتبر بحروف المعجم و هي ثمانية و عشرون حرفا سوى لا و تبسط الدية على الحروف بالسّوية و يؤخذ نصيب ما يعدم منها فيتساوى و اللثية و غيرها ثقيلها و خفيفها و الاعتبار بما يذهب من الحروف لا بالمقطوع فلو قطع نصف لسانه فذهب ربع الكلام وجب ربع الدية و لو انعكس فالنصف هذا هو المشهور و في المبسوط إن استويا مثل أن يقطع ربع لسانه فيذهب ربع كلامه فالربع بقدر الذاهب منهما كما لو قلع إحدى عينيه فذهب بصرها و إن ذهب من أحدهما أكثر من الآخر فإن قطع ربع لسانه فذهب ربع كلامه وجب بقدر الأكثر و هو نصف الدّية في الحالين لأنّ كلّ واحد من اللسان و الكلام مضمون بالدية منفردا فإذا انفرد نصفه بالذهاب وجب النصف و هو الأقرب عندي و يؤيّده ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّٰه ع قال إذا ضرب الرجل على رأسه فثقل لسانه عرض عليه حروف المعجم فما لم يفصح به كانت الدية و القصاص من ذلك و في الصحيح عن عبد اللّٰه بن مسكان نحو ذلك و كذا في خبر سليمان بن خالد عن الصادق ع هو يدلّ على أنّ الدية يقسم على الحروف و إن لم يذهب شيء من اللسان و في أحاديث أخرى أنّ في اللسان الدية فعلمنا أنّه لو ذهب من الكلام نصفه و لم يذهب شيء من اللسان وجب نصف الدية و لو ذهب نصف اللسان و لم يذهب من الكلام شيء وجب نصف الدية أيضا فإن ذهب الحروف أجمع فالدّية كاملة و لو لم يذهب من الحروف شيء لكن صار سريع النطق أو ازداد سرعة أو صار ثقيلا أو ازداد ثقلا فلا تقدير فيه و فيه الحكومة و كذا لو نقص فصار ينقل الحروف الفاسد إلى الصحيح و لو جنى آخر بعد الأوّل اعتبر بما بقي و أخذ بنسبة ما ذهب بعد جناية الأوّل و لو أعدم واحد كلامه من غير أن يقطع منه شيئا ثمّ قطعه آخر فعلى الأوّل الدية و على الثاني الثلث فعلى هذا إذا قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام وجب نصف الدية فإن قطع آخر بقيّة اللّسان فعلى القول الأوّل عليه نصف الدية اعتبارا بالباقي من الحروف من غير نظر إلى اللّسان و على ما اختاره الشيخ في المبسوط و اخترناه نحن عليه ثلاثة أرباع الدية لأنّه قطع ثلاثة أرباع لسانه و لو قطع نصف لسانه فذهب ربع كلامه فعلى الأوّل عليه ربع الدّية و على ما اخترناه النصف فإن قطع آخر باقيه كان عليه ثلاثة أرباع الدية لأنّه أذهب ثلاثة أرباع كلامه و لو جنى على اللسان فأذهب الذوق ففيه الدية و إن لم يقطع من اللسان شيئا و لا ذهب من نطقه شيء و لو قطع لسان الأخرس فذهب ذوقه فالدية فإن جنى على اللسان الناطق فأذهب كلامه و ذوقه فديتان فإن قطعه فذهبا معا ففيه دية واحدة لأنّهما يذهبان تبعا لذهابه فيجب ديته خاصّة كما لو قتله لم يجب إلا دية واحدة و إن ذهب منافعه و يبسط الدّية على ثمانية و عشرين حرفا ففي الحرف الواحد ربع سبع الدية و في الحرفين نصف السبع و على هذا لا فرق بين ما خف من الحروف على اللسان و ما ثقل و كثر هجاؤه كالسين و الشين و الصاد و الباء و التاء و لو جنى على شفته فذهب بعض الحروف فالوجه أنّه يجب فيه بقدره و كذا إن ذهب بعض حروف الحلق بجنايته و ينبغي أن يحسب بقدره من الثمانية و العشرين و لو ذهب حرف فعجز عن كلمة مثل أن أعدم الحاء فصار مكان محمّد ممد و مكان أحمد أمد لم يجب سوى أرش الحرف و إن ذهب حرف فأبدل مكانه آخر مثل أن يقول في درهم دلهم و في دعهم دنهم فعليه ضمان الذاهب فإن جنى عليه ثانيا فأذهب البدل وجبت دية أيضا و لو حصل في كلامه تمتمة أو فأفأة أو سرعة فعليه حكومة فإن جنى عليه آخر فأذهب كلامه ففيه الدية كاملة كمن جنى على عين فعمشت ثمّ جنى آخر فذهب ضوؤها و لو كان الثغ من غير جناية فذهب إنسان بكلامه أجمع فإن كان مأيوسا من زوال ففيه يقسّط ما ذهب من الحروف و إن كان غير مأيوس من زوالها كالصبي أو الكبير إذا أمكن إزالته لتعنته بالتعليم ففيه الدّية كاملة لأنّ الظّاهر زوالها و لو قطع بعض اللسان عمدا ثبت فيه القصاص و يعتبر فيه بالأجزاء لا بالمساحة فإن كان قد قطع نصف اللسان مساحة قطع نصف لسانه بالمساحة و إن قطع الثلث فالثلث و على هذا فإن اقتص فذهب من كلام الجاني مثل ما ذهب من كلام المجني عليه أو أكثر فقد استوفى حقّه و لا شيء في الزائد لأنّه من سراية القود و هي غير مضمونة و إن ذهب أقلّ فللمقتص دية ما بقي لأنّه لم يستوف بدله و لو قطع لسانه فنبت و عاد لم يجب ردّ ما أخذ من الدية لأنه هبة من اللّٰه تعالى مجدّدة فإنّ العادة جارية بأنّ اللسان إذا قطع لا يعود فالعائد ليس هو الذاهب و أمّا إن جنى عليه فذهب بكلامه من غير أن يقطع شيئا من اللسان فأخذ الدية ثمّ عاد كلامه استعيد منه الدية لأنّه لو ذهب كلامه لما عاد فلما رجع علم أنّه لم يذهب قاله في المبسوط و قال في الخلاف لا تسترد و هو حسن و لو قطع نصف لسانه فذهب كلامه أجمع وجبت الدية فإن قطع آخر باقيه فعاد كلامه لم يجب ردّ الدية لأنّ الكلام الصادر عن اللسان قد ذهب و لم يعد إلى اللسان و إنّما عاد في محلّ آخر بخلاف المسألة و لو قطع لسانه و ذهب كلامه فدية واحدة فإن عاد اللسان دون الكلام لم تردّ الدية و كذا إن عاد كلامه دون لسانه و لو كان للسان طرفان فقطع أحدهما فذهب كلامه أجمع ففيه الدية و إن لم يذهب شيء من الكلام فهو زيادة فيه ففيه حكومة و إن ذهب بعض الكلام فإن تساوى الطرفان و كان ما قطعه بقدر ما ذهب من الكلام وجب و إن كان أحدهما أكثر وجب بقدر الأكثر على ما اعتبرناه نحن أوّلا و إن كان أحدهما منحرفا عن سمت اللسان فهو زيادة و فيه حكومة و لو ادّعى الصّحيح ذهاب نطقه عند الجناية صدق مع القسامة لتعذر البينة و في رواية عن عليّ ع يضرب لسانه بإبرة فإن خرج الدّم أسود صدق و إن خرج أحمر كذّب و لو ادّعى الجاني بعد القطع بكمه و ادّعى الصحة قدّم قول الجاني مع يمينه لإمكان إقامة البيّنة على الصّحة فإنّه من الأعضاء الظاهرة و لو سلم الجاني أنّه كان صحيحا ثمّ خرس و قطعه بعده ادعى المجني عليه السّلامة قال الشيخ ره الأقوى تقديم قول المجني عليه مع اليمين [- ج -] في الذكر الدية كاملة إذا كان صحيحا سواء كان دقيقا أو غليظا طويلا أو قصيرا لشاب أو شيخ أو طفل صغير أو من سلت خصيتاه و سواء قدر به على الجماع أو لم يقدر أمّا ذكر العنين ففيه ثلث الدية فكذا الأشل و لو قطع الفحل ذكر الخصي عمدا اقتص منه و ثبت الدّية في الحشفة فما زاد و إن استوصل و لو قطع الحشفة فقطع آخر الزائد فعلى الأوّل الدية كملا و على الثاني حكومة و لو قطع الحشفة و بعض العصبة فالدية خاصّة كما لو قطع الذكر أجمع و لو قطع بعض الحشفة فعليه ديته خاصّة و يعتبر بالمساحة بالنسبة إلى الحشفة خاصّة لا من جميع الذكر و لو قطع بعض ذكر العنين اعتبر بحسابه و يؤخذ بنسبة مساحة المقطوع إلى جميع الذكر سواء الحشفة و بعضها و ما زاد عليها

ص: 270

و لا يعتبر بعض الحشفة فيه بالنسبة إلى الحشفة بل إلى جميع الذكر سواء و كذا الحشفة أجمع لا يجب فيها الثلث بل يعتبر مساحتها بالنسبة من أصل الذكر و يؤخذ بتلك النسبة فإن جنى على ذكر الصّحيح فصار أشلّ فعليه ثلثا الدية فإن قطعه آخر بعد الشلل فعليه الثلث فإن جنى عليه فعاب فصار به دمل أو برص أو جراح أو تعرض رأسه ففيه حكومة فإن قطع آخر هذا المعيب فالدّية كاليد فإن قطع بعضه طولا مثلا أن يشقّه باثنين و يقطعه فعليه ما يخصّه من الدية و هو النّصف و لو قطع نصفه طولا فعليه النّصف فإن ذهب الجماع به فالدّية كملا و كذا لو جنى عليه بغير القطع فذهب جماعة و لو ذهب الجماع بالقطع تداخلت الدية و لو ثقب ذكره فيما دون الحشفة فصار البول يخرج من الثقب فالحكومة [- د -] في شعر الرأس إذا لم ينبت الدّية كاملة و كذا اللحية سواء كانا خفيفتين أو كثيفتين و سواء كان ذلك لشاب أو شيخ فإن نبتا ففي اللّحية الثلث أفتى به الشيخ ره و ابن إدريس و هي رواية عن علي ع ضعيفة السند و في شعر الرأس إذا نبت الأرش و الأقوى عندي في اللحية ذلك و أيضا و قال المفيد ره في شعر الرأس إذا لم ينبت ديتها فإن نبت مائة دينار و كذا اللحية و المعتمد الأوّل و في شعر المرأة إذا لم ينبت ديتها فإن نبت فمهر نسائها و متى يؤخذ الدية و يعلم عدم الإنبات الظاهر أنّه سنة لما رواه الشيخ عن أبي بصير عن عيسى بن مهران عن أبي غانم عن منهال بن خليل عن ثلمة بن نمام قال إهراق رجل قدرا فيها مرق على رأس رجل فذهب شعره فاختصموا في ذلك إلى علي ع فأجله سنة فجاء فلم ينبت شعره فقضى ع بالدية و لو طلب الدّية قبل ذلك فإن حكم أهل الخبرة بعدم النبات بأن يذهب على وجه لا يرجى عوده مثل أن يغلب على رأسه ماء حار فيتلف نبت الشعر فينقطع بالكلية بحيث لا يعود دفعت إليه و إلاّ فلا و لو طلب الأرش و إبقاء الباقي حتى يستبان حاله دفع إليه و لو نبت بعد السنة فالأقرب ردّ ما فضل من الدية عن الأرش و كذا لو نبت بعد حكم أهل المعرفة بعدم رجوعه و في ثبوت القصاص في الشعر إشكال من حيث أن إتلافه إنّما يكون بالجناية على محلّه و هو غير معلوم المقدار فلا يمكن المسافة فيه و لو ذهب بعض شعر الرأس أو بعض شعر اللحية على وجه لا ينبت ففيه من الدية بحساب الباقي و يعتبر بنسبة المحلّ المقلوع منه إلى الجميع بالآخر و لو نبت ففيه الأرش و لا يعتبر نسبة إلى أرش الجميع بالجزء [- ه -] في العنق إذا كسر فصار الإنسان أصعر الدّية كاملة و رواه مسمع عن الصادق ع عن أمير المؤمنين ع قال قال رسول اللّٰه ص في الصعر الدية و الصعر أن يثنى عنقه فيصير في ناحية و منه قوله تعالى وَ لاٰ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّٰاسِ أي لا تعرض عنهم و كذا لو جنى على العنق بما يمنع الازدراد و لو زال فلا دية و يثبت الأرش و لو جنى عليه فصار الالتفات عليه شاقا أو ابتلاع الماء أو غيره فالحكومة لأنّه لم يذهب المنفعة كلّها و لا يمكن تقديرها [- و -] في الظهر الدية كاملة لرواية الحلبي الصّحيحة عن الصادق ع في الرجل يكسر ظهره فقال فيه الدية كاملة و كذا الصلب و كذا لو أصيب الظهر فاحدودب أو صار بحيث لا يقدر على القعود فإن صلح كان فيه ثلث الدية و في رواية طريف إذا كسر الصلب فجبر على غير عيب فمائة دينار و إن عثم فألف دينار و لو كسر فشلث الرجلان فدية للصّلب و ثلثا دية للرجلين و قال في الخلاف و لو كسر الصّلب فذهب مشيه و جماعه فديتان فعلى هذا الوجه لو جبر صلبه فعادت إحدى المنفعتين وجب دية واحدة و لو عادت ناقصة فدية و حكومة عن نقص العائدة فإن ادّعى ذهاب الجماع و شهد أهل الخبرة بأن هذه الجناية تؤدي إليه فالقول قول المجنيّ عليه مع يمينه و لو كسر صلبه فشل ذكره وجب دية الصّلب و ثلثا دية للذكر و لو ذهب ماؤه دون جماعة احتمل وجوب الدية لأنّه ذهب بمنفعة مقصودة و يحتمل الحكومة لأنه لم يذهب المنفعة أجمع [- ن -] في النخاع إذا قطع الدية كاملة [- ح -] في كسر البعصوص بحيث لا يملك الغائط الدية [- ط -] في كسر العجان بحيث لا يملك الغائط و لا البول و إن عمت الدّية كاملة [- ى -] في اقتصاص البكارة بالإصبع مع خرق المثانة بحيث لا تملك بولها ديتها و في رواية ثلث ديتها و في أخرى مثل مهر نسائها و المعتمد الأوّل [- يا -] في إفضاء الرّجل لزوجته بالوطي قبل تسع سنين الدية خمسمائة دينار و حرمت عليه أبدا و عليه المهر و الإنفاق عليها حتّى يموت أحدهما و اختلف في الإفضاء فقيل إن يصير مخرج البول و الحيض واحدا و قيل إن يصير مخرج الحيض و الغائط واحدا و كلاهما عندي وجه و يجب الدّية بأيّهما كان لذهاب منفعة الجماع معهما فإن أفضاها الزّوج بالوطي بعد البلوغ فلا شيء عليه لأنّه فعل مأذون فيه شرعا و في رواية السّكوني عن جعفر عن أبيه ع عن علي ع أنّ رجلا أفضى امرأة فقوّمها قيمة الأمة الصّحيحة و قيمتها مفضاة ثمّ نظر ما بين ذلك فجعلها من ديتها و أجبر الزوج على إمساكها و لو أفضاها غير الزّوج فالدية خاصّة و هل يشترط عدم البلوغ (- ح -) فيه نظر أقربه العدم سواء كان زنى بإكراه لها أو بدونه أو بوطي شبهة و لو كانت بكرا لم يتداخل أرش البكارة و دية الإفضاء و لو حصل مع ذلك استرسال البول فالحكومة أيضا لكن مع الإكراه ثبت لها مع الدّية المهر و لو طاوعته فلا مهر و عليه الدية و لو كانت بكرا وجب المهر و الدّية و أرش البكارة جميعا و يلزم ذلك في ماله لأنّ الجناية إمّا عمد أو شبيه عمد و من افتض جارية بإصبعه فذهب بعذرتها كان عليه مهر نسائها سواء كان الفاعل رجلا أو امرأة فإن افتضها بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها الدّية و في رواية ثلث الدّية و الأوّل أولى و يجب مهر نسائها مضافا إلى الدية [- يب -] في العينين معا الدية كاملة إجماعا و في كلّ واحدة النصف سواء كانت كبيرة أو صغيرة أو مليحة أو قبيحة أو صحيحة أو مريضة أو حولاء أو رمضاء أو عمشاء أو جاحظة أو فيها بياض و لا ينقص البصر و لو نقص البصر نقص من الديّة بقدره و في الصّحيحة من الأعور الدية كاملة ألف دينار في الرجل و خمسمائة في المرأة إن كان العور خلقة أو بآفة من اللّٰه تعالى و كان بجناية جان خمسمائة دينار و سواء كان قد أخذ ديتها أو استحق الدّية و لم يأخذها و لو فقأ الأعور عين صحيح فقئت عينه الصّحيحة و لا يرد عليه شيء فإن الحق أعماه فإن فقأ الصّحيح عينه الصّحيحة كان الأعور بالخيار بين أخذ الدية كاملة و بين قلع إحدى عيني الصحيح لمساوية لها في المحل و أخذ نصف الدية و لو خسف عين الأعور المعيبة كان عليه ثلث دية الصّحيحة سواء كان العور من اللّٰه أو بجناية جان و سواء أخذ الأرش أو لا و أخطأ ابن إدريس هنا ففرق بين أن يكون العور من اللّٰه أو بجناية قد استحق أرشه و أوجب في الأوّل نصف الدية و ادّعي عليه الإجماع و في الثاني الثلث و سبب خطائه سوء فهمه لكلام الشيخ ره و العين القائمة إذا خسف بما كان فيها ثلث دية العين الصّحيحة و لو قلع العين الصحيحة من الأعور و القائمة الذاهبة من اللّٰه تعالى كان عليه دية النفس في العين الصحيحة و ثلث دية العين عن القائمة و لو كان العور بجناية جان كان عليه نصف الدية عن العين الصّحيحة و ثلث دية العين عن القائمة فإن ادعى قالع العين أنّها كانت عمياء في الأصل قدّم قوله مع اليمين و عدم البيّنة و إن ادعى تجدّد العمى قدّم قول المجنيّ عليه مع اليمين عملا بأصالة السلامة و يحتمل تقدّم قول الجاني عملا بأصالة البراءة و قوّاهما معا الشيخ ره و لو جنى على الصحيحة ففيها حكومة [- يج -] في الأذنين معا الدية و في كلّ واحدة نصف الدّية و يجب الدية بقطع أشرافها و هو العضو الغضروفي الناتي عن جانبي الرأس و الجلد القائم بين العذار و البياض إلى حولها سواء كان سميعة أو صماء في غيرها و في بعضها فبحساب ديتها و يعتبر بالمساحة من أصل الأذن فيؤخذ بالنسبة بعد التقدير بالأجزاء و في شحمة كلّ أذن ثلث دية الأذن قال الشيخ ره و في خرمها ثلث ديتها قال ابن إدريس يعني أنّ في خرم الشحمة

ص: 271

ثبت دية الشحمة و لو قطع بعض الأذن غير الشحمة اعتبر بالمساحة من جميع الأذن مع الشحمة سواء كان من أعلى أو من أسفل عدا الشحمة أو من أوسطه و في استحشاء الأذن و هو شللها ثلثا دية الأذن و في قطعها بعد الشلل الثلث [- يد -] في الشفتين معا الدية كاملة إجماعا و حدّ السّفلى عرضا ما تجافى عن الأسنان و اللثة مما ارتفع عن جلدة الذقن و حد العليا عرضا ما تجافى عن الأسنان و اللثة إلى اتصاله بالمنخرين و الحاجز و حدّهما في الطول طول الفم إلى حاشية الشدقين و ليست حاشية الشدقين منهما و سواء كانتا غليظتين أو دقيقتين أو مختلفتين و سواء كانتا طويلتين أو قصيرتين و اختلف علماؤنا في تقدير كلّ واحدة فقال أبي عقيل ره أنّهما سواء لرواية عبد اللّٰه بن سنان الحسنة عن الصادق ع قال ما كان في الجسد منه اثنان ففيه نصف الدية و عن هشام بن سالم قال كلّما كان في الإنسان اثنان ففيه الدية و في أحدهما نصف الدية و إن لم يسندها إلى الإمام إلاّ أن هشاما ثقة و الظاهر أنه سمعها من الإمام ع و عن سماعة قال سألته إلى أن قال و الشفتان العليا و السفلى سواء في الدية و قال المفيد ره في العليا ثلث الدية و في السّفلى الثلثان لأنّ المنفعة بها أكثر و بما ثبت عن آل محمّد ع و قال الشيخ ره في النهاية و طريف كتابه في السفلى ستمائة دينار و في العليا أربعمائة لما رواه الحسن بن محبوب عن أبي جميلة عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّٰه ع قال في الشفة السّفلى ستة آلاف و في العليا أربعة آلاف لأنّ السّفلى تمسك الماء و قال في المبسوط بقول المفيد ره و في أبي جميلة ضعف و قال ابن بابويه ره في العليا نصف الدية و في السفلى الثلثان و هو منقول عن طريق و أجود ما بلغنا من الأحاديث في هذا الباب ما أفتى به أبو عقيل و في قطع بعض الشفة بنسبة مساحتها و لو جنى عليهما فتقلصتا فلم ينطبقا على الأسنان قال الشيخ ره كان عليه الدية و يحتمل الأرش و لو استرختا فثلثا الدية فإن قطعهما آخر بعد الشلل فالثلث فإن تقلّصتا بعض التقلّص فالحكومة فإن شقّ الشفتين حتى بدت الأسنان وجب عليه ثلث الدية فإن برأ أو صلح فخمس الدية و لو كان ذلك في إحداهما كان فيه ثلث ديتها فإن برأت فخمس ديتها [- يه -] في اللحيين معا الدية كاملة و هما العظمان اللّذان يقال لملتقيهما الذقن و يثبت فيهما الأسنان السفلى و يتّصل طرف كلّ واحد منهما بالأذن هذا إذا قلعا منفردين عن الأسنان كلحيي الصبي أو من لا أسنان له فإن قلعا مع الأسنان فديتان و في نقص المضغ بالجناية عليهما أو تصلّبهما الأرش و في كلّ واحد منهما نصف الدية [- يو -] في الحاجبين معا نصف الدية و في كل واحد ربع الدية مائتان و خمسون دينارا و ادعى ابن إدريس عليه الإجماع و ما أصيب من ذلك فبحسابه مساحة و قال الشيخ ره في المبسوط فأمّا اللحية و شعر الرأس و الحاجبين فإنّه يجب فيها عندنا الدية و هو يشعر بوجوب الدية فيهما و الأصل ما ذكرناه أوّلا و إن كان الحديث الدالّ على أنّ كلّما في الأسنان منه اثنان ففيه الدية يدلّ عليه [- ين -] في اليدين معا الدية كاملة و في كلّ واحدة النصف سواء اليمين و الشمال و حدّها المعصم و هو المفصل الّذي بين الكف و الذراع فلو قطعت مع الأصابع فدية واحدة خمس مائة دينار و إن قطع لأصابع منفردة ففيها خمس مائة دينار و لو قطع كفا لا أصابع له فالحكومة سواء ذهبت الأصابع بجناية جان أو من قبل اللّٰه تعالى و لو قطع مع اليد بعض الزند ففي اليد خمس مائة دينار و في الزائد حكومة و لو قطع اليد ثمّ قطع بعض الزند فدية اليد خمسمائة و في الزائد حكومة سواء كان القطعان من واحد أو اثنين و لو قطع اليد من المرفق أو من المنكب فالزائد على الكوع فيه حكومة قال الشيخ ره اليد الّتي يجب نصف الدّية فيها هي الكفّ إلى الكوع و هو أن يقطعها من المفصل الذي بينها و بين الذراع فإن قطع أكثر من ذلك كان فيها دية و حكومة بقدر ما يقطع فإن كان من نصف الذراع أو المرفق أو العضد أو المنكب ففي الزائد حكومة و كلّما كانت الزيادة أكثر كانت الحكومة أكثر و عندنا أن جميع ذلك فيه مقدّر ذكرناه في كتاب تهذيب الأحكام و هو يعطي أنّ الحكومة ليست مذهبا له و إنّما نقلها عن المخالف و قال المفيد ره في اليدين إذا استوصلتا الدية كاملة و كذلك في الذراع و الذراعين و العضد و العضدين و هو يعطي أن في الذراع منفردا الدية و كذا العضد و قال أبو الصلاح في الساعدين الدية و في أحدهما نصف الدية و في بعض ذلك بحسابه يقاس و يؤخذ ما قطع بحساب دية السّاعد أو العضد و هو موافق للمفيد ره و يعضده ما دلّت الروايات عليه من أنّ كلّ ما في الإنسان منه اثنان ففيه الدية و عليه اعتمد أمّا لو قطع اليد من المرفق أو المنكب فدية اليد خاصّة و لو كان له كفّان في ذراع أو يدان على عضد و أحدهما باطشة دون الأخرى أو إحداهما أكثر بطشا أو في سمت الذراع و الأخرى منحرفة عنه أو إحداهما تامّة و الأخرى ناقصة إصبعها فالأولى أصليّة و الأخرى زائدة فالأولى يجب فيها نصف الدّية و القصاص بقطعها عمدا و في الأخرى حكومة و قال في المبسوط في الزائدة ثلث دية الأصليّة فإن تساويا في البطش و التمام و السمت فإحداهما زائدة لا بعينها فإن كانتا غير باسطين ففيهما ثلث دية اليد و حكومة و لا يجب دية اليد الكاملة لأنّه لا نفع فيهما فهما كاليد الشّلاء و إن كانتا باسطين ففيهما جميعا دية و حكومة و قال الشيخ فيهما دية و ثلث فإن قطع إحداهما فلا قود لاحتمال أن يكون هي الزائدة و فيها نصف ما فيهما إذا قطعتا و هي نصف دية يد و حكومة و لو قطع إصبعا من إحداهما وجب أرش نصف إصبع و حكومة و إن قطع ذو اليد التي لها طرفان يدا مفردة فالأقرب عدم القصاص لأنّ إحداهما الأصليّة غير معلومة فيجب الدية و لو طلب المجني عليه أخذ أحدهما فالوجه عندي إجابته لأنّ المأخوذة إن كانت أصليّة أجزأت لأنّها المستحقة فإن كانت زائدة فكذلك لأنّ الناقص يؤخذ بالكامل و في يد الأعسم و قدم الأعرج دية اليد الصحيحة و القدم الصّحيحة لأنّ العسم لاعوجاج في الرسغ و ليس عيبا في الكفّ و العرج لمعنى في غير القدم و ليس عيبا فيه و في اليد الشلاّء ثلث دية اليد الصحيحة و في اليدين ثلث دية النفس و لا يجب الدية بكمالها و في رواية يجب الدية أجمع و المشهور الأوّل و لو قطع يد أقطع أو رجل أقطع فله نصف الدية

ص: 272

أو القصاص من مثلها إن كان عمدا سواء كان ذهاب اليد الأخرى بآفة من اللّٰه تعالى أو بجناية جان أو في سبيل اللّٰه و كذا في أذن من قطعت أذنه أو منخر من قطع منخره و لا يجب فيه أكثر من نصف الدية و إن كان ذاهبا من قبل اللّٰه تعالى و لو جنى على اليد فعوّجها أو نقص قوّتها أو شانها فعليه الحكومة و كذا لو كسر يده ثمّ برأت لزمه الأرش [- يح -] في الرّجلين معا الدية و في كلّ رجل النّصف سواء اليمنى و اليسرى و حدها من مفصل الساق و القدم و في الأصابع منفردة دية كاملة و لا شيء فيها مع الانضمام و قال الشيخ في الساقين و الفخذين مقدر عندنا قال أبو الصلاح في الساقين الدية و في أحدهما نصف الدية و في الفخذين الدية و في أحدهما النصف و هو جيّد للروايات الدالّة على أنّ الدية يثبت في كلّ ما في الإنسان منه اثنان و لو قطع الرجل من أصل الركبة أو من أصل الفخذ فالوجه عندي أنّ عليه دية الرجل خاصّة أمّا لو قطع رجل ثم قطع الساق وجب عليه ديتان و لو قطع بعض الساق قال أبو الصّلاح يعتبر في الأصل بالمساحة و يثبت من الدية بنسبة الفائت و يحتمل الحكومة و لو ضربه فشلت الرجلان فثلثا الدية و في إحداهما ثلثا ديتها و في رواية الدية كملا في شللهما معا و المشهور ما قلناه فإن قطعت بعد الشلل فثلث الدية و لو كان له قدمان على ساق أو قدمان و ساقان على ركبة أو قدمان و ساقان و فخذان على ورك فإن اختصّت إحداهما بالبطش فهي الأصليّة و إن كانتا باطشتين لكن إحداهما أكثر بطشا فهي الأصليّة فإن تساوتا و إحداهما خارجة عن سمة الخلقة فهي الزائدة فإن كانتا على سمت الخلقة و إحداهما ناقصة إصبعا فهي الزائدة فإن تساوتا فإحداهما أصليّة و الأخرى زائدة و الحكم فيها كما في اليدين سواء إلاّ أن في الرجلين تفصيلا و هو أنّ إحداهما إذا كانت أطول من الأخرى و لا يمكنه المشي على القصيرة لمنع الطويلة من وصولها إلى الأرض فإذا قطع قاطع الطويلة فإن لم يقدر على المشي على القصيرة حينئذ فعليه القود أو الدّية لظهور أنّها أصليّة و إن قدر على المشي على القصيرة فعليه دية الزائدة و هي ثلث الأصليّة أو الحكومة على ما اخترناه لظهور أنّ القصيرة هي الأصليّة و إنّما تعذر المشي عليه لطول الزائدة فإن قطعت القصيرة بعد الطويلة ففيها القود أو دية الأصليّة و لو جنى على الطويلة فشلت ففيها ثلث الدية لأنّ الظاهر أصالتها و لا يمكن الصبر لينظر هل يمشي على القصيرة أم لا فإن قطعها آخر بعد الشلل ففيه ثلث دية الرجل فإن لم يقدر على المشي على القصيرة استقرّ الحكم و إن قدر ظهر زيادة الطويلة فيستردّ من الدية الفاضل و لو كان له قدمان في رجل واحدة و كانت إحداهما أطول من الأخرى و كان الطويل مساويا للرجل الأخرى فهو الأصلي و إن كان زائدا عنها و الآخر مساويا فالمساوي أصليّ و الأعرج معروف و الأعسم قبل الأعسر و قيل من في رسغه ميل عند الكوع فلو قطع قاطع رجل الأعرج أو يد الأعسم ففي كل واحد نصف الدية قال الشيخ لظاهر الخبر و قد روي في التّهذيب عن محمد بن محمد بن يحيى عن يوسف بن الحرب عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي عن أبيه عبد الرحمن عن جعفر عن أبيه ع أنّه جعل في الرجل العرجاء ثلث ديتها و هو جيّد إن كان العرج شللا و في الرّجل الشلاء ثلث دية الصحيحة و لو ضرب رجليه فشلتا فعليه ثلثا الدية و في إحداهما ثلثا ديتها و في رواية في شلل الرّجلين الدّية و يحمل على تعذّر المشي بالكليّة و في شلل كلّ عضو صحيح ثلثا ديته و في قطعه بعد الشلل الثلث [- يط -] و في ثديي المرأة ديتها و في كلّ واحد النصف سواء اليمين و اليسار بالإجماع و لو جنى عليهما فانقطع لبنهما أو تعذر نزوله فالحكومة و لو قطعها مع شيء من جلد الصدر ففيهما ديتها و في الزائد حكومة و لو أجاف مع ذلك الصدر فعليه دية الثدي و حكومة الجلد و دية المجائفة و لو جنى عليهما فشلا قال الشيخ فيهما الدية و الوجه ثلثا الدية و في أحدهما ثلثا ديته و لو استرخيا فالحكومة و لو لم يكن فيهما لبن في الحال إلاّ أنّ المرأة حملت و جاء وقت اللبن فلم يكن فيها لبن سئل أهل الخبرة فإن قالوا إنّ ذلك للجناية وجبت الحكومة و كذا إن قالوا أنّه قد يكون للجناية و بغيرها لأنّ انقطاع اللبن وقت العادة يستند ظاهرا إلى الجناية و وقت نزول اللّبن في العادة للحامل لأربعين يوما فإذا وضعت فشرب اللبأ لم يدر منها لبن حتّى يمضي ثلث أو مدّة النفاس ثمّ يدر لبنها فإن قطع الحلمتين و هما اللتان كهيئة الزر في رأس الثدي يلتقمهما الطفل ففيهما الدّية أمّا حلمتا الرّجل فقال في المبسوط أنّ فيهما الدية و كذا في الخلاف و قال ابن بابويه في حلمة ثدي الرّجل ثمن الدية مائة و خمسة و عشرون دينارا و كذا ذكره الشيخ في التهذيب عن طريقه و الأقرب عندي ما قاله الشيخ في المبسوط و الخلاف للأحاديث الدالة على إيجاب الدية فيما فيه اثنان [- ك -] في الأليتين الدية و في كلّ واحدة نصف الدية سواء اليسرى و اليمنى و هما ما أشرف على الظهر عن استواء الفخذين و يثبت فيهما الدية إذا أخذتا إلى العظم الذي تحتهما و في ذهاب بعضهما بقدره فإن جهل المقدار وجبت الحكومة [- كا -] في الخصيتين الدية كاملة إجماعا و في كلّ واحدة النصف و في رواية عبد اللّٰه سنان الحسنة عن الصادق ع أنّ في البيضة اليسرى ثلثي الدية و في اليمنى الثلث لأنّ الولد من البيضة اليسرى قال المفيد ره في كلّ واحد نصف الدية قال و قد قيل إنّ في اليسرى منهما ثلثي الدّية و في اليمنى ثلث الدّية و اعتلّ من قال ذلك بأنّ اليسرى من الأنثيين يكون منها الولد و بفسادها يكون العقم قال و لم يحقّق ذلك برواية صحت عندي و في أدرة الخصيتين أربعمائة دينار فإن فحج فلم يقدر على المشي أو مشى مشيا لا ينتفع به فثمان مائة دينار فالأدرة بضمّ الهمزة و سكون الدال غير المعجم و فتح الراء غير المعجمة انتفاخ الخصيتين و لو قطع الذكر و الأنثيين معا وجب الدّيتان سواء قطعهما قبل الذكر أو بعده [- كب -] في الشفرين دية المرأة كملا و هما اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم و هما الأسكتان بكسر الهمزة و أهل اللغة يقولون إنّ الشفرين حاشية الأسكتين

ص: 273

كما أن للعينين شفتان ينطبقان عليهما و شفرها هي الحاشية التي يثبت فيها أهداب العين و الأسكتان كالأجفان و الشفران بضم الشين كشفر العين و في كل واحد فيهما نصف الدية و يستوي في الدّية السليمة و الرتقاء و البكر و الثيب و الكبيرة و الصّغيرة و لا فرق بين أن يكونا غليظتين أو دقيقتين قصيرتين أو طويلتين فإن جنى عليهما فشلا فثلثا الدية فإن قطعا فالدية فإن اندمل المكان فخرجت في موضع الاندمال فعلى الجارح حكومة و في الركب و هو مثل موضع العامة من الرّجل و هو الجلد الناتي فوق الفرج الحكومة [- كح -] قال الشيخ ره في المبسوط و الخلاف في الترقوتين مقدر عند أصحابنا و يمكن أن يشير بذلك إلى ما نقل عن طريق و هو أن في الترقوة إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون دينار [- كد -] في الأجفان الأربعة الدية بلا خلاف و اختلف في تقدير كلّ جفن ففي المبسوط في كلّ جفن ربع الدية قال و روى أصحابنا أنّ في السّفلى ثلث ديتها و في العليا ثلثاها و به أفتى في الخلاف و في موضع آخر في الأعلى ثلث الدية و في الأسفل النصف اختاره في النهاية و هو قول المفيد ره و هو رواية ظريف و ينقص هنا سدس الدية و في الجناية على بعضها بحساب ديتها و لو قلعت مع العين فديتان [- كد -] في أهداب العين و هو الشعر النابت على الأجفان إذا ذهب بمفردها فأعد إنباتها الدية قال الشيخ في المبسوط و الخلاف و فيهما مع الأجفان ديتان و قال ابن إدريس ره فيها الحكومة إن قلعت بمفردها و إن قلعت مع الأجفان فلا شيء فيها أصلا و وجبت الدية للأجفان و كان شعر الأجفان كشعر اليد فإنّه تابع لقطعها لا شيء فيه و لا بأس بهذا القول و ما عدا شعر الرأس و اللحية و الأهداب و الحاجبين فلا شيء مقدر فيه بل فيه الحكومة إن قلع منفردا و إن قلع منضمّا إلى العضو النابت عليه فلا شيء فيه كشعر الساعدين و الساقين و غيرهما [- كو -] في أصابع اليدين العشرة الدية و كذا في العشرة من الرجلين إجماعا و اختلف في تقدير كلّ إصبع فقيل من كلّ إصبع من أصابع اليدين عشر الدية مائة دينار و كذا في أصابع الرجلين و قيل في الإبهام ثلث الدية و كذا في إبهام الرّجل ثلث ديتها و باقي الثلثين يقسم على الأصابع و الأوّل أقوى لرواية عبد اللّٰه بن سنان الصّحيحة عن أبي عبد اللّٰه ع و رواية الحلبي الحسنة عنه ع و غيرها من الروايات و دية كلّ إصبع مقسومة على ثلاثة أنامل بالسّوية إلاّ الإبهام فإنّها يقسم على اثنين بالسّوية و في الإصبع الزائدة ثلث دية الأصليّة و في شلل كلّ إصبع ثلثا ديتها و في قطعها بعد الشلل ثلث ديتها سواء كان الشلل خلقة أو بجناية جان و في الظفر إذا لم يثبت عشرة دينار و كذا لو نبت أسود و إن نبت أبيض كان فيه خمسة دنانير و الرواية و إن كانت ضعيفة إلاّ أنّ الشهرة تعضدها و في رواية عبد اللّٰه بن سنان في الظفر خمسة دنانير و لا فرق بين الأظفار و سواء كانت في اليدين أو في الرجلين و لا بين أظفار الأصابع من الإبهام و الخنصر و غيرهما و لا بين ظفر الصّبي الصغير و الشيخ الكبير [- كز -] في الأسنان الدية كاملة إجماعا و تقسم على ثمانية و عشرين سنّا اثنا عشر مقاديم و ستة عشر مآخير فالمقاديم ثنيتان و رباعيتان و نابان في الأعلى و كذا في الأسفل و المآخير ضاحك و ثلاثة أضراس من كلّ جانب ففي كلّ واحد من المقاديم خمسون دينار فذلك ستّمائة دينار و في المآخير في الكلّ أربعمائة دينار حصة كلّ ضرس خمسة و عشرون دينار فذلك ألف دينار و لا فرق بين أن يقلع الجميع دفعة أو على التعاقب و لا فرق بين السنّ البيضاء و السّوداء خلقة و الصفراء و إن كانت الصّفراء بجناية بخلاف السوداء و فيما زاد على ثمانية و عشرين من الأسنان ثلث دية الأصليّة إن قلعت منفردة و لو قلعت منضمّة إلى البواقي لم يكن فيها شيء و قيل فيها الحكومة لو قلعت منفردة و يعتبر الزائدة بالمحلّ فإن كانت في المقاديم فثلث دية السنّ من المقاديم و إن كانت من المآخير فثلث دية الضرس فإن اسودت بالجناية و لم تسقط أو تصدعت و لم تسقط فثلثا ديتها فإن سقطت بعد ذلك فالثلث الباقي و الدية المقدّرة كلّ سنّ تامة أصلية مثغورة و نعني بالمثغورة النابتة بعد سقوط سنّ اللبن من أبدل أسنانه و بلغ حدّا إذا أقلعت سنّه لم يعد بدلها و قد لا يسقط سن اللبن فيصير أصلية إذا بلغ الحدّ الذي يسقط منه السنّ و ينبت عوضها فأمّا من الصّبي الذي لم يثغر فلا يجب بقلعها في الحال لقضاء العادة بعود سنه لكن ينظر شيء لأنّ الغالب أنّها تنبت فإن نبت عرف أنّ الساقطة من اللبن فيلزم الأرش و إن لم ينبت فدية سنّ المثغر و بعض الأصحاب أوجب فيها بعيرا و لم يفصّل و الرواية ضعيفة و لو عادت قصيرة أو مشوهة فالحكومة لأنّ الظاهر أنّ ذلك بسبب الجناية و كذا إن كان فيها ثلمة لا يمكن تقديرها و إن أمكن تقديرها ففيها بقدر ما ذهب منها كما لو كسر من سنّه ذلك القدر و إن نبتت أطول من أخواتها ففيها الحكومة أيضا لأنّ ذلك عيب و إن نبت مائلة عن صفّ الأسنان بحيث لا ينتفع بها فالأقرب الحكومة و كذا إن كان ينتفع بها و لو مات الصّبي قبل اليأس من عودها احتمل الدّية لأنّه قلع سنّا آيس من عودها و الحكومة لعدم اليأس بالقلع لو بقي و لو قلع سنّ مثغر وجب ديته في الحال لأنّ الظاهر أنّها لا تعود فإن عادت قال الشيخ ره الأقوى عدم استرداد الدية لأنّ العائدة هبة من اللّٰه تعالى مجدّدة و لو قلع سنّ من لم يثغر فمضت مدة يئس من عودها و حكم بوجوب الدية فعادت بعد ذلك سقطت الدية و ردّت و الأقوى أنّها لا تستردّ كما في سنّ الكبير إذا عادت و لو قلع سنا مضطربة لكبر أو مرض و كانت منافعها باقية من المضغ و حفظ الطعام و الريق وجبت دية السن كاملة و كذا إن ذهب بعض منافعها و بقي البعض لأنّ جمالها و بعض منافعها باق و إن ذهبت منافعها أجمع فهي كاليد الشلاّء فيها ثلث دية السنّ و لو قلع سنا و فيها آكلة أو داء و لم يذهب شيء من أجزائها وجب فيها دية السنّ الصحيحة و إن سقط شيء من أجزائها سقط من الدية بقدره و لو جنى على السنّ فاضطربت و طالت عن الأسنان كان فيها ثلثا دية سقوطها و لو قيل إنّها تعود بعد مدّة انتظرت فإن ذهبت و سقطت وجبت ديتها و إن عادت إلى الصحّة فالحكومة و إن بقيت مضطربة فثلثا دية سقوطها فإن قلع السنّ فردّها صاحبها فثبتت في موضعها فعليه الدية و لا يجب قلعها الدية لأنها ليست نجسة فإن قلعها بعد ذلك آخر كان عليه حكومة و إن جعل عوضها عظما طاهرا أو ذهبا و ثبتت فقلعه قالع كان عليه الحكومة أمّا لو جعل عوضها عظما نجسا فقلعه قالع لم يجب عليه شيء و لو جنى على سن فذهبت حدّتها و كلّت فعليه حكومة فإن قلعها بعد ذلك قالع فعليه دية سنّ كاملة و إن ذهب منها جزء ففي الذاهب بقدره فإن قلعها بعد ذلك قالع نقص من ديتها بقدر الذاهب و الدية في السنّ المقلوعة مع سنحها و هو النابت في اللثة و لو كسر البارز منها خاصّة ففيه نظر أقربه أنّ فيه دية السنّ فإن كسر الظاهر ثمّ قلع آخر السنح فعلى الأوّل دية كاملة للسن و على الثاني حكومة للسنح فإن كسر بعض الظاهر ففيه من الدية بالنّسبة فإن كان نصف الظاهر فنصف دية السنّ و هكذا فإن جاء آخر فقلع الناتي من الظاهر و جميع السنح احتمل وجوب ما بقي من الدية من الظّاهر و حكومة في السنح و الأقرب أن يقال إن انقلع نصف الظاهر طولا و بقي النصف و كلّ السنح فعلى الثاني نصف الدية يتبعه

ص: 274

ما تحته من السنح و حكومة فيما بقي من السنح و إن قطع الأوّل نصفها عرضا و قلع الثاني الباقي مع جميع السنح فعلى الأوّل نصف دية السن و كذا على الثاني لأن السنح تابع و لو كسر الأول الظاهر من السنّ ثمّ قلع السنح فعليه دية كاملة للسن و حكومة في السنح لتعدد الجناية فإن انكشفت اللثة عن بعض السن فالدية في قدر الظاهر عادة دون ما انكشف على خلاف العادة و إن اختلفا في قدر الظاهر اعتبر ذلك بأخواتها فإن لم يكن لها شيء يعتبر به و لم يعرفه أهل الخبرة فالقول قول الجاني مع يمينه المجني عليه و الجاني الثاني فقال الجاني قطع الأول نصفها و قال المجني عليه قطع ربعها فالقول قول المجني عليه لأن الأصل سلامة السن [- كح -] في كل ضلع خالط إذا كسر و نفسه دينارا و في كل ضلع يلي العضدين إذا كسر عشرة دنانير [- كط -] في كسر عظم من عضو خمس دية ذلك بالعضو فإن صلح على غير عيب فأربعة أخماس دية كسره و في موضحة ربع دية كسره و في رض ثلث دية ذلك العضو فإن برأ على غير عيب فأربعة أخماس دية دفعه و في فكه من العضو بحيث يتعطل العضو ثلثا دية العضو فإن صلح على فأربعة أخماس دية فكه [- ل -] من داس بطن إنسان حتى أحدث في ثيابه ديس بطنه حتّى يحدث في ثيابه و يفتدى ذلك بثلث الدية لرواية السّكوني و فيه ضعف و من ضرب امرأة مستقيمة الحيض على بطنها فارتفع حيضها تنظر بها سنة فإن رجع طمثها فالحكومة و إن لم يرجع و غرم ثلث ديتها

الطرف الثّاني في إبطال المنافع

و فيه [- يب -] بحثا [- أ -] في العقل الدية كاملة و في نقصه الأرض بحسب ما يراه الحاكم إذ لا تقدير للنقصان فيه و في المبسوط تقدّر بالزمان فإن جنّ يوما و أفاق يوما فالذاهب النصف فإن جنّ يوما و أفاق يومين فالذاهب الثلث و على هذا و لا قصاص في ذهابه و لا في نقصانه لعدم العلم بمحلّه و لو شجه فذهب عقله فديتان و إن كان بضربة واحدة و في رواية و لو ضربه على رأسه فذهب عقله انتظر سنة فإن مات فيها فالدية و كذا إن مضت و لم يعد عقله و لو قطع يده فزال عقله فديتان و إن زال عقله و أخذت الدّية ثمّ عاد ثم يرتجع الدية لأنّه هبة من اللّٰه تعالى مجدّدة و لو شككنا في زوال عقله راعيناه في الخلوات و لا نحلفه لأنّه يتجانن في الجواب و لو صار مدهوشا أو يفزع مما لا يفزع منه أو يستوحش إذا خلا فقد ذهب عقله و لو ذهب بعض عقله و لا يمكن تقديره ففيه حكومة و لو جنى عليه فأذهب عقله و سمعه و بصره و كلامه فأربع ديات مع أرش الجراح إن حصل جراح أو قطع عضو و لو مات بالجناية لم يجب سوى دية واحدة [- ب -] في السمع الدّية كاملة إجماعا و في ذهاب سمع إحدى أذنيه نصف الدية و لو حكم أهل الخبرة بعوده بعد مدّة فوقعت فإن لم يعد فالدية و إن عاد فالحكومة و إذا ادّعى ذهاب سمعه فكذبه الجاني أو قال لا أعلم صدقه و حصل شكّ في ذهابه جرّب بصوت منكر بغتة و اعتبر عند الصوت العظيم و الرعد القويّ و الصياح عند الاستغفال فإن علم صدقه حكم له بالدّية و إلاّ أحلف القسامة و حكم له إذا ادّعى ذهابه عقيب الجناية و لو قيل السّمع باق و قد وقع في الطريق ارتتاق فتعطل المنفعة فهو كزوالها و يحتمل الحكومة و لو أذهب السّمع فتعطل النطق فديتان و إذا قطعت الأذنان فذهب السّمع فديتان و لو ادّعى نقصان سمعه من أذنيه معا اعتبر بضرب الجرس من أربع جهاته فإن تساوت المسافات صدق و إلاّ كذب فإذا تساوت فنسبت إلى من هو في مثل سنه بقرب المسافة و بعدها و أخذ بالنسبة و لو ادّعى نقصان سمع إحداهما قيس إلى الأخرى بأن يسدّ الناقصة و يطلق الصّحيحة ثم يصاح به حتّى يقول ما أسمع ثمّ يعاد عليه ثانيا من الجهة الأخرى فإن تساوت المسافتان صدّق ثمّ يفعل كذلك في الجهات الأربع فإن تساوت المسافات صدّق و سدّت الصحيحة و أطلقت الناقصة و يعتبر بالصوت حتّى يقول لا أسمع ثمّ تكرّر عليه الاعتبار من جهاته الأربع فإن تساوت المسافات صدق ثمّ يمسح مسافة الصحيحة و الناقصة و يلزم الدية بحساب التفاوت و لا يقاس السمع في يوم ريح بل يتوقع سكون الهواء في المواضع المعتدلة [- ج -] في الإبصار الدية كاملة مع إبطاله و بقاء الحدقة و يستوي فيه الأعمش و الأخفش و من في حدقته بياض لا يمنع أصل البصر و في ضوء إحدى العينين النّصف و لو جنى على رأسه جناية فداواها فذهب البصر بالمداواة فعليه ديته لأنّه ذهب بسبب فعله و لو ادّعى ذهاب البصر و شهد به شاهدان من أهل الخبرة أو رجل و امرأتان إن كان خطأ أو شبه عمد يثبت الدعوى فإن آيس من عوده أو رجا لكن لا في مدّة مضبوطة استقرّت الدية و إن رجا عوده بعد مدّة و انقضت فلم يعد أو مات قبل المدّة فالدية أيضا و إن عاد في المدّة فالأرش و لو اختلفا في عوده فالقول قول المجنيّ عليه مع يمينه و كذا لو مات في مدّة التربّص فادّعى الجاني العود و الوليّ عدمه فالقول قول الوليّ مع يمينه و لو جاء أجنبيّ فقلع عينه في مدّة التربّص استقرّ على الأول دية البصر كملا أو القصاص و على الثاني ثلث دية العين فإن ادعى الأوّل عود ضوئها و أنكر الثاني فالقول قول الثاني مع اليمين فإن صدق المجنيّ عليه الأوّل سقط حقّه عنه و لم يقبل قوله على الثاني و لو عاد و قد رجا عوده لا في مدّة مضبوطة استعيدت من الدية الفاضل عن الحكومة و إذا ادعى ذهاب بصره و عينه قائمة أحلف القسامة و قضي له و في رواية يقابل بالشمس فإن بقيا مفتوحتين صدق و لو ادّعى نقصان ضوء إحدى عينيه اعتبر بما اعتبرناه في السّمع و أحسن ما قيل فيه ما روى يونس في الحسن عن الصادق ع و محمّد بن قيس في الصّحيح عن الباقر ع قال قضى أمير المؤمنين ع إذا أصيب الرّجل في إحدى عينيه أن يؤخذ بيضة نعامة و يربط على عينه المصابة عصابة ثمّ يمشى بها و ينظر ما ينتهى عينه الصحيحة ثمّ تغطى عينه الصّحيحة و ينظر ما ينتهي عينه المصابة فيعطى ديته من حساب ذلك قال المفيد ره و طريق ذلك أن يشدّ عينه الصحيحة و يأخذ الرجل البيضة و يبعد حتّى يقول ما بقيت أبصرها فيعلم عنده ثمّ يأخذ البيضة و يعتبر الجهات الأربع فإن تساوت صدّق ثم يشدّ المصابة و يطلق الصحيحة و يعتبر في الجهات الأربع فإن تساوت صدّق و إن اختلفت كذب ثمّ ينظر مع صدقه التفاوت فيما بين مدى عينه الصّحيحة و عينه المصابة فأعطى من ديتها بحساب ذلك و لو ادعى النقصان في العينين معا اعتبر من الجهات الأربع مدى نظره فإن تساوت المسافات صدّق و إن اختلفت كذّب ثمّ ينظر مع صدقه التفاوت بين مدى نظره بالمساحة و نظر من هو في أبناء سنّه فيعطى بحسبه من الدية بعد الاستظهار بالأيمان و لا يقاس عين في يوم غيم و لا في أرض مختلفة الجهات و لو ادّعى قالع العين ذهاب بصرها قبل القطع و كذّبه المجنيّ عليه فالقول قول المجنيّ عليه مع يمينه أمّا لو ادّعى الجاني عدم البصر من الأصل فالقول قوله مع اليمين [- د -] في الشمّ الدية كاملة و لو ادّعى ذهابه عقيب الجناية اعتبر بالأشياء الطيبة و المنتنة و استقبل بالروائح الحادّة ثمّ يستظهر عليه بالأيمان و يقضى له به و روي أنّه يحرق له إحراق فإن دمعت عيناه و يجري أنفه فهو كاذب و إلاّ فهو صادق و لو ادّعى النقص حلف لعسر الامتحان و قضى له الحاكم بما يراه و لو أخذ دية الشمّ ثمّ عاد لم تعد الدية و لو قطع الأنف فذهب الشمّ فديتان [- ه -] في الذوق الدية لأنّه منفعة واحدة في الإنسان فيدخل تحت عموم قولهم ع كلما في الإنسان منه واحد ففيه الدية و يجرّب بالأشياء المرّة المنفردة و يرجع فيه مع الاشتباه عقيب الجناية إلى دعوى المجنيّ عليه مع الاستظهار بالأيمان و مع النقصان يقضي الحاكم بما يراه تقريبا [- و -] في الصوت الدية فإن أبطل معه حركة اللسان فدية و ثلثا دية اللسان إن لحقه حكم الشلل [- ز -] في المضغ الدية

ص: 275

إذا سلب مغرس لحيته فإن جنى على سنّه فتعذّر المضغ به فكمال الأرش [- ح -] لو أصيب فتعذّر عليه الإنزال حالة الجماع فالدية و في قوّة الإمناء و الإحبال كمال الدية فيهما و في قوّة الإرضاع حكومة و في إبطال الالتذاذ بالجماع أو الطعام إن أمكن كمال الدية و كذا لو ارتتق منفذ الطعام بالجناية على العتق و بقي معه قوّة حياة مستقرة فجزّ غيره رقبته فكمال الدية و في الإفضاء الدية من الزّوج و الزاني على ما بيّناه و لو لم يكن الوطي إلاّ بالإفضاء فالوطي غير مستحقّ [- ط -] في منفعة البطش و المشي كمال الدية فلو ضرب صلبه فبطل مشيه فالدية و لو ذهب مع ذلك جماعه فديتان [- ى -] في سلس البول الدية و قيل إن دام إلى الليل ففيه الدية و إن كان إلى الظهر فثلثا الدية و إلى ارتفاع النهار ثلث الدّية و روى هذا التفصيل إسحاق بن عمّار عن الصادق ع قال إن كان البول يمرّ إلى الليل فعليه الدية لأنه قد منعه المنفعة و إن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية و إن كان إلى ارتفاع النهار فعليه ثلث الدّية و في إسحاق قول و في الطريق إليه صالح بن عقبة و قد ذكرنا في كتاب خلاصة الأقوال و الكتاب الكبير في الرجال أنّه كذاب غال لا يلتفت إلى رواياته [- يا -] في صدغ الرجل إذا أصيب فلم يستطع أن يلتفت إلاّ ما انحرف نصف الدية خمس مائة دينار و هي رواية ابن فضال عن الرضا ع [- يب -] في انقطاع النفس الدية كاملة و في نقصه بحسب ما يراه الإمام

الطرف الثالث في الشجاج و الجراح

كلّ جرح في الرأس أو الوجه يسمى شجاجا و في البدن يسمى جراحا و الشجاج ثمان الحارصة و الدامية و المتلاحمة و السمحاق و الموضحة و الهاشمة و المنقلة و المأمومة فهنا [- ك -] مباحث [- أ -] الحارصة هي التي تقطع الجلد فيها بعير و هل هي الدامية قال الشيخ نعم و الأكثر على أنّ الدامية مغايرة ففي الدامية أذن بعيران و هي التي تقطع الجلد و تأخذ في اللحم يسيرا و الباضعة و هي التي تأخذ في اللحم كثيرا و لا تبلغ السمحاق و فيها ثلاثة أبعرة و هي المتلاحمة أيضا و عند الشيخ أنّهما متغايران ثمّ السمحاق و هي التي تبلغ السمحاق التي هي الجلدة الرقيقة المغشية للعظم و فيها أربعة أبعرة ثمّ الموضحة و هي التي تكشف عن وضح العظم و هو بياضه و فيها خمسة أبعرة ثمّ الهاشمة و هي التي تهشم العظم و فيها عشرة أبعرة أرباعا إن كان خطاء أو أثلاثا إن كان شبيه العمد و لا قصاص فيها ثمّ المنقلة و هي التي تحوج إلى نقل العظم و فيها خمسة عشر بعيرا ثمّ المأمومة و هي التي تبلغ أمّ الرأس و هي الجلدة التي تجمع الدماغ كالخريطة و فيها ثلث الدية ثلاثة و ثلاثون بعيرا و الدامغة و هي التي تفتق الخريطة و يبعد معها السلامة و لم يذكر علماؤنا ديتها لبعد السلامة معها فإن فرضت ففيها ما في المأمومة و الحكومة لخرق جلدة الدماغ و أمّا الجائفة فهي التي تصل إلى الجوف من أيّ الجهات كان و لو من ثغرة النحر و فيها ثلث الدية [- ب -] لا قصاص في الهاشمة و المنقلة و المأمومة و الجائفة لما فيها من التعزير و ليس له أن يقتصّ في الموضحة بالسمحاق و يأخذ دية الزائد لإمكان القصاص في الجناية و لو اتّفقا على ذلك جاز [- ج -] لو أوضحه اثنين وجب لكلّ موضحة خمس من الإبل فإن وصل الجاني بينهما حتّى صارتا واحدة أو سرتا فذهبت ما بينهما فهما موضحة واحدة و لا يلزمه أكثر من خمسة أبعرة و لو وصل بينهما غيره وجب على الأوّل ديتان و على الثاني ثالثة و لو وصلهما المجنيّ عليه فعلى الأوّل ديتان و لا شيء فيما فعله المجنيّ عليه فإن ادّعى الجاني بأنه شق بينهما و انكسر المجنيّ عليه فالقول قول المجنيّ عليه لأنّ الدّيتين ثبتتا و لم يثبت السقوط و كذا لو قطع يديه و رجليه ثم مات بعد مدّة يمكن فيها الاندمال و اختلف الجاني و الوليّ قدّم قول الوليّ مع يمينه [- د -] يجب أرش الموضحة في الصغيرة و الكبيرة و البارزة و المستورة بالشعر فإنّ الموضحة ما أفضى إلى العظم و لو بقدر إبرة و لو شجّة واحدة و اختلفت مقاديرها أخذ دية الأبلغ لأنّه لو كانت كذلك كلّها لم ترد على دية الموضحة و لو شجّه بعضها موضحة و بعضها دونها لم يلزمه أكثر من دية الموضحة [- ه -] لو شجّه في عضوين فلكلّ شجة عضو دية على انفراده و لو اتحدت الضربة و لو شجه في رأسه و جبهته فالأقرب أنّهما عضو واحد و لو أوضحه في رأسه من أوّله إلى آخره ثمّ جرّ السكين إلى قفاه وجب في الموضحة أرشها و الحكومة في جرح القفا [- و -] لو جرحه موضحتين ثمّ برأت إحداهما ثمّ زال الحاجز بفعل الجاني أو بالسراية فعليه أرش موضحتين و كذا لو أوضحه ثمّ جرحه موضحة متّصلة بالأولى قبل اندمالها وجب دية موضحة واحدة أمّا لو اندملت الأولى وجبت ديتان و لو أوضحه موضحتين ثمّ قطع اللحم الّذي بينهما في الباطن و ترك الجلد الذي فوقها احتمل تعدّد الأرش لانفصالهما ظاهرا و عدمه لاتصالهما باطنا و لو جرحه جرحا واحدا ثمّ أوضحه في طرفيه و ما بينهما دون الموضحة ففيه أرش موضحتين لأنّ ما بينهما ليس بموضحة [- ن -] يعني بالبعير في الحارصة عشر الدية و كذا بالبعيرين في الدامية خمس العشر و كذا فيما عداهما [- ح -] لو وسع إنسان موضحة غيره ظاهرا و باطنا فعلى كلّ واحد دية موضحة و لو وسعها الجاني لم يجب عليه أكثر من واحدة و لو أوضحه موضحات بعضها عمد و بعضها خطأ أو بعضها قصاص و بعضها عدوان ففي تعددهما احتمال أقربه التعدّد [- ط -] حكم الهشم يتعلق في الهاشمة بالكسر و إن لم يكن جرح و لو أوضحه اثنتين و هشمه فيهما و اتصل الهشم باطنا قال الشيخ في المبسوط هما هاشمتان لأنّ الهشم إنّما يكون تبعا للإيضاح فلو كانتا موضحتين كان الهشم هاشمتين بخلاف الموضحة فإنّها ليست تبعا لغيرها و فيه نظر و لو هشم هاشمتين و بينهما حاجز فيهما هاشمتان [- ى -] لو أوضحه فأتمّها آخر هاشمة و ثالث منقلة و رابع مأمومة فعلى الأوّل خمسة و على الثاني ما بين الموضحة و الهاشمة خمسة أيضا و هو ينافي ما قدمناه من أنّ الحكم يتعلّق بالهشم و إن لم يكن هناك جرح و لو قيل إن الهشم إذا لم يكن معه جرح لم يجب دية الهاشمة كان وجها و حينئذ يحتمل أن يقال يجب خمسة أبعرة لأنّ في الموضحة خمسة و في الهاشمة عشرة فتفرد الهشم بخمسة و يحتمل الحكومة و على الثالث ما بين الهاشمة و المنقلة خمسة أيضا و على الرابع تمام دية المأمومة ثمانية عشر

ص: 276

بعيرا [- يا -] لو جرح في عضو ثمّ أجاف لزمه دية الجرح و دية الجائفة مثل أن يشقّ الكتف حتى يحاذي الجنب ثم يجيفه و يتحقق الجائفة بالوصول إلى الجوف و لو بغرز إبرة و لو خرق شدقه فوصل إلى باطن الفم فليس بجائفة لأنّ داخل الفم كالظاهر و كذا لو طعنه في وجنته و كسر العظم و وصل إلى فيه و لو جرحه في ذكره فوصل إلى مجرى البول من الذكر فليس بجائفة [- يب -] لو أجافه جائفتين بينهما حاجز فعليه ثلثا الدية و لو خرق الجاني بينهما أو سرى إلى الحاجز فهما واحدة و لو خرق أجنبيّ بينهما أو المجنيّ عليه وجب على الأول ديتان و على الثاني دية أخرى و لا شيء في فعل المجنيّ عليه و لو أجافه فأوسعها آخر فعلى كلّ واحد دية جائفة و إن وسعها الثاني ظاهرا أو باطنا فعليه الحكومة و لو أدخل السكين و أخرجها من غير جرح عزر و لا شيء عليه و لو خاطها ففتقها الثاني قبل أن يلتئم و لم يحصل بالفتق جناية قال الشيخ يعزّر و الأرش و الأقرب الأرش لما فيه من الألم و عليه أرش الخيوط و أجرة الخياطة و لو فعل ذلك بعد التحاقها فعليه أرش الجائفة و ثمن الخيوط و إن التحم بعضها ففتقه فعليه أرش جنايته و إن فتق غير الملتحم فعليه أرشه لا الجائفة و لو فتق بعض ما التحم في الظاهر دون الباطن أو بالعكس فالحكومة و لو طعنه في جوفه فخرج من ظهره قال في المبسوط هما جائفة واحدة و في الخلاف اثنتان و هو أقوى [- يج -] قيل في النافذة في شيء من أطراف الرجل مائة دينار و في كتاب طريف في الخدّ إذا كانت فيه نافذة و يرى منها جوف الفم فديتها مائة دينار و إن عوفي فبرأ و التأم و به أثر بيّن و شين فاحش فديته خمسون دينارا فإن كانت نافذة في الخدّين كليهما فديتها مائة دينار و ذلك نصف دية التي يرى منها الفم فإن كانت رميه بنصل نشب في العظم حتّى نفذ إلى الحنك فديتها مائة و خمسون دينارا جعل منه خمسين دينارا لموضحتها و إن كانت ثاقبة و لم ينفذ فديتها مائة دينار [- يد -] في احمرار الوجه بالجناية من لطمة أو شبهها دينار و نصف و في اخضراره ثلاثة دنانير و في اسوداده ستة دنانير و هي رواية إسحاق بن عمّار عن الصادق ع و قيل ثلاثة و مائتين و الأوّل أقرب و دية هذه الجنايات الثلث في البدن على النصف و لو لطمه في وجهه و لم يؤثّر فلا ضمان [- يه -] دية الشجاج في الرأس و الوجه سواء و في البدن مثلها بنسبة دية العضو الذي يتّفق فيه من دية الرأس ففي حارصة اليد خمسة دنانير و على هذا و كلّ عضو ديته مقدرة ففي شلله ثلثا ديته و في قطعه بعد الشلل الثلث و لو كان غير مقدّر فالحكومة [- يو -] المرأة و الرجل يتساويان في ديات الأعضاء و الجراح و القصاص إلى أن يبلغ ثلث دية الرّجل فإذا بلغت الثلث نقصت المرأة إلى النصف سواء كان الجاني رجلا أو امرأة و يقتص لها منه من غير ردّ إلى أن يبلغ الثلث ثمّ لا يقتصّ لها إلاّ مع الردّ [- ين -] كلّما فيه دية الرّجل من الأعضاء و الجراح فيه من المرأة ديتها و من الذمّي و الذمّية ديتهما و العبد قيمته و كلّ ما فيه مقدّر في الحرّ فهو بنسبة من دية المرأة و الذمّي و قيمة العبد و ما لا تقدير فيه ففيه الحكومة و هي الأرش و ذلك بأن يفرض عبدا سليما من الجناية و يقوّم حينئذ ثمّ يفرض عبدا به تلك الجناية و يقوّم ثم يؤخذ من الدية بنسبة الناقص من القيمتين إلى الزائدة فإذا كان عبدا صحيحا قيمته عشرة ثمّ معيبا قيمته تسعة وجب في الجناية عشر دية الحر و يجعل العبد أصلا كما كان الحرّ له أصلا في المقدّر و لو كان المجنيّ عليه مملوكا أخذ المولى قدر النقصان و إنّما يكون التقويم بعد برء الجرح فلو لم ينقص شيئا بالجناية بعد البرء مثل أن قلع لحية امرأة أو قلع سلعة أو ثؤلولا أو بطّ جراحا احتمل وجوب الأرش لأنّه لا ينفكّ عن ألم و لأنّه جزء مضمون فحينئذ يقوم في أقرب الأحوال إلى البرء لتعذّر تقويمه عند البرء و لعدم نقصه فلو لم ينقص (- ح -) قوّم و الدم جار إذ لا بد من نقص حينئذ للخوف عليه و يحتمل العدم لأنّه محسن بإزالة الشين و يقوم لحية المرأة على الأوّل كأنّها لحية بنصفه ذهاب لحيته فإن كانت إذا قدرت ابن عشرين نقصها ذهاب لحيتهما يسيرا و إن قدّرناها ابن أربعين نقصها كثيرا قدّرت ابن عشرين [- يح -] كلّما يجب فيه الدية ففيه من العبد قيمته لكن إن طلب مولاه الفداء دفع العبد و لا يجب له القيمة و الملك في العبد معا و ما فيه نصف الدية ففيه نصف القيمة و على هذا و الأمة مثل العبد لأنها تشبه بالحرة فيما فيه من الدية من الحرّة فيه من الأمة قيمتها و ما فيه النصف فالنصف و هكذا فإذا بلغت ثلث قيمتها فالأقرب ردّ جنايتها إلى النصف ففي ثلاثة أصابع ثلاثة أعشار قيمتها و في أربعة خمسها [- يط -] لو كان المقتول خنثى مشكلا ففيه نصف دية ذكر و نصف دية أنثى و يحتمل إيجاب ديته الأنثى لأنّه من اليقين و جراحه فيما لم يبلغ الثلث دية جرح الذكر و إن بلغ الثلث كقطع اليد ففيه ثلاثة أرباع الذكر سبعة و ثلاثون بعيرا و نصف و يقاد به الذكر مع الردّ و الأنثى من غير ردّ [- ك -] الإمام وليّ من لا قارب له يقتصّ في العمد أو يأخذ الدية إن دفعها الجاني و الأصحّ أنّه ليس له العفو و يأخذ الدية في الخطاء و الشبيه و ليس له العفو

الفصل الثّالث في دية الجنين

و فيه [- ك -] بحثا [- أ -] دية جنين الحرّ المسلم إذا تمّت خلقته و لم تلجه الرّوح مائة دينار ذكرا كان أو أنثى و جنين الذمّي عشر دية أبيه ثمانون درهما و في رواية عشر دية أمه و الأوّل أظهر و المملوك عشر قيمة أمّه المملوكة و لو كانت أمه حرّة فالأقرب عشر دية أمه ما لم تزد على عشر قيمة أبيه و لم أقف في ذلك على نصّ هذا هو المشهور عندنا و في بعض الروايات في الجنين عشرة عبد أو أمة و هي محمولة على مساواة الغرة لدية الجنين [- ب -] لا فرق بين الذكر و الأنثى قبل أن تلجه الرّوح بل يجب فيه مائة دينار مع تمام خلقته و قال الشيخ في المبسوط في الذكر مائة دينار و في الأنثى خمسون و ليس بمعتمد و لو كان الحمل زائدا عن واحد ففي كلّ واحد دية كاملة مائة دينار و لا كفارة على الجاني أما لو ولجته الروح

ص: 277

ففيه دية النفس و الكفارة [- ج -] لو ضربها فألقت جنينا قد ولجته الرّوح وجب فيه دية كاملة فإن كان ذكرا فألف دينار و إن كان أنثى فخمس مائة دينار بشرط أن يعلم حياته و سقوطه بالجناية سواء علمت حياته باستهلاله أو ارتضاعه أو تنفسه أو عطاسه أو غير ذلك من الأمارات الدالّة على الحياة و لا يكفي سكون الحركة لاحتمال كونها عن ريح و لا يشترط الاستهلال لو علم بغيره و يعلم سقوطه بالجناية و موته منها بسقوطه عقيب الضربة و موته أو بقائه متألّما إلى أن يموت أو بقاء أمّه متألمة إلى أن تسقط و لو ألقته حيّا حياة مستقرّة فقتله ثان فعلى الثاني القصاص أو الدية أمّا لو لم يكن حياته مستقرّة فالقاتل هو الأوّل و على الثاني دية رأس الميّت إن قطعه و إلاّ أدب و ألزم بالنسبة و لو وقع حيا سالما آمنا من غير ألم لم يضمنه الضارب لأنّ الظاهر أنّه لم يمت من الجناية و لا يشترط في وجوب الدية الكاملة أن يكون سقوطه لستة أشهر فصاعدا بل متى ولدته حيّا كان فيه دية كاملة و إن كان لدون ستّة أشهر [- د -] لو ألقت جنينا لم يتمّ خلقته ففي الدية قولان ففي المبسوط و الخلاف غرّة و المشهور توزيع الدية على مراتب النّقل ففي النطفة بعد استقرارها في الرحم عشرون دينارا و إن كان بعد إلقائها فيه بلا فصل و في العلقة أربعون و في المضغة ستون و في العظم ثمانون و فيه بعد الكمال مائة دينار حتّى يستهلّ فإذا استهلّ فالدية كاملة قال الشيخ ره و فيما بين ذلك بحسابه قال ابن إدريس معناه أنّ النطفة يمكث في الرّحم عشرون يوما ففيها بعد وضعها في الرحم إلى عشرين يوما عشرين دينارا ثمّ بعد عشرين يوما لكلّ يوم دينارا إلى أربعين يوما و هي دية العلقة و هكذا و الروايات لا تساعده على ذلك فإنّ الروايات دلّت على أن بين كلّ مرتبة و أخرى أربعين يوما [- ه -] يتعلق بوضع كل واحد من العلقة و المضغة و العظم و تتبين انقضاء العدة و صيرورة الأمة أم الولد لفائدة التسلط على بطلان التصرفات السابقة و هل بوضع النطفة أم ولد قال الشيخ في النهاية نعم و فيه بعد [- و -] لو قتل المرأة فمات الجنين العلم بحياته فدية المرأة و نصف دية الذكر و نصف دية الأنثى عن الجنين فيلزمه ألف دينار و مائتان و خمسون دينارا عن الأمّ خمس مائة و عن الجنين سبع مائة و خمسون و قيل بالقرعة و ليس بجيّد لأنها تثبت مع الإشكال و الإشكال مع النقل [- ز -] لو فزع مجامعا فعزل فعليه دية النطقة عشرة دنانير و لو عزل المجامع عن حرة اعتبارا بغير إذنها فعليه عشرة دنانير لها و هل هو فيه نظر عليه لو عزل عن الأمة سواء كانت مملوكة أو زوجته و إن كرهت [- ح -] لو شربت الحامل دواء فألقت جنينا أو ألقته بفعل غير ذلك مباشرة أو تسبيبا فعليها دية ما ألقته لورثته غيرها و لو أفزعها مفزع فألقته فالدية على المفزع [- ط -] يرث دية الجنين وارث المال الأقرب فالأقرب على الجنين كأنه سقط حيّا و لو كان الجاني أباه أو أمّه لم يرثا من الدية شيئا و كانت الدية لغيرهما و إن بعد [- ى -] دية أعضاء الجنين بنسبة ديته فلو ضربها فألقت عضوا كاليد فإن ماتت لزمه ديتها دية الجنين و إلاّ فدية اليد خمسون و لو ألقت أربع أيد فدية جنين واحد لاحتمال أن يكون لواحد و إن بعد و كذا لو ألقت رأسين و لو ألقت العضو ثمّ الجنين ميتا دخل دية العضو في دية الجنين فيلزمه مائة دينار و لو ألقته حيّا فمات لزمه دية النفس كملا و دخلت به العضو فيها و لو بقي حيّا مستقر الحياة ضمن دية اليد خاصة و لو تأخر وقوعه فإن شهد أهل الخبرة أنّها يد حي فنصف الدية و الأقرب وجوب نصف دية الأنثى ثمّ إن وضعه اعتبر حاله و أكمل إن كان ذكرا و إن ماتت هي قبل وضعه و مات لزمه دية الأم و إتمام دية الجنين المجهول و إن شهدوا أنّها يد ميّت أو اشتبه فخمسون [- يا -] إنّما يجب دية الجنين إذا سقط من الضربة و يعلم أن يسقط عقيب الضرب أو تبقى متألمة إلى أن يسقط فعلى ما قلناه و لو ضرب من في رحمها ثم مات أو ماتت ثم خرج حيا حركة أو انتفاخ فسكنت الحركة لم يضمن الجنين لعدم العلم فإذا ألقته ميّتا ضمنه سواء ألقته في حياتها أو بعد موتها و لو ظهر بعضه من بطن أمّه وجب ديته و لو ألقت ما يشتبه أن يكون علقة أو دم فساد أو ما يشتبه أن يكون مضغة أو غيرها لم يجب دية العلقة و لا المضغة [- يب -] إذا ألقت ما يشتبه جنينا ميتا ثمّ ماتت ورث نصيبها من ديته ثمّ يرثها ورثتها و إن أسقطته حيّا ثمّ مات قبلها فكذلك و إن ماتت قبله ثمّ ألقته ميتا لم يرث أحدهما صاحبه و إن خرج حيا ثمّ مات ورثها ثمّ ترثه ورثته و لو اختلف وارثهما في أقدمها موتا لم يورث أحدهما من الآخر [- يج -] لو ألقت جنينا ميّتا ثمّ آخر حيّا ففي الأوّل مائة و في الثاني دية النّفس [- يد -] يعتبر قيمة الأمة المجهضة عند الجناية لا وقت الإلقاء [- يه -] لو ضرب ذمية حاملا فأسلمت و ألقته لزمه دية جنين مسلم لأنها وقعت مضمونة و الاعتبار بحال الاستقرار و لو كانت حرّية فأسلمت ثمّ ألقت فلا ضمان و لو كانت أمة فأعتقت ثمّ ألقته قال الشيخ للمولى أقل الأمرين من عشر القيمة وقت الجناية أو الدية لأنّ العشر إن كان أقل فالزيادة بالحرية فلا يستحقّها المولى فيكون لوارث الجنين و إن كانت دية الجنين أقلّ كان له الدية لأن حقّه نقص بالعتق و هو بناء على الغرة أو على أن يكون جنين الأمة يجوز أن يزيد على جنين الحرّة و الأقرب أنّ له عشر قيمة أمته وقت الجناية [- يو -] العاقلة تضمن دية الجنين عن الجاني إن كان قتله خطأ مباشرة في ثلاث سنين فإن ادعى الوليّ حياة الجنين و صدّقه الجاني ضمنت العاقلة دية جنين ميّت و ضمن المقر ما زاد و لو أنكر و أقاما بينة قدم قول بيّنة الوليّ لأنها تشهد بزيادة [- ين -] لو ضربها فألقته فمات عند سقوطه فالضارب قاتل يقتل به إن كان عمدا و يضمن الدية في ماله إن كان شبيه عمد و العاقلة إن كان خطأ و كذا لو بقي مريضا حتّى مات أو وقع صحيحا و كان لا يعيش مثله و يجب عليه الكفّارة في جميع ذلك [- يح -] لو وطئها مسلم ذمّي بشبهة في طهر واحد فسقط بالجناية أقرع بين الواطئين و يجب دية جنين من يلحق به بالقرعة و لو ضرب ذمّية فألقت جنينا فادعى ورثته أنه من مسلم حملت عليه من وطي شبهة فاعترف الجاني لزمه دية جنين المسلم و إن أنكر فالقول قوله مع اليمين و في الخطاء القول قول العاقلة فإن صدق الجاني الورثة حكم عليه لا على العاقلة و لو كانت الأمة بين شريكين و حملت بمملوك فضربها أحدهما فألقته ضمن لشريكه نصف عشر قيمة أمّه و يسقط ضمان نصيبه و إن أعتقها الضارب بعد ضربها عتق نصيبه منها و من ولدها و عليه نصف قيمة الأمة و نصف قيمة الجنين و لا يجب عليه ضمان ما أعتقه

ص: 278

لأنّه حين الجناية لم يكن مضمونا و لو كان معسرا ضمن حصّة الشريك من الجنين دون حصته من الجارية فإن قلنا بسريان العتق إلى الجنين فعليه نصف دية الجنين يرثها وارثه و لو كان المعتق غير الضّارب و كان معسرا عتق نصيبه من الجنين و أمّه إن قلنا بالسريان فعلى الضارب الكفّارة و دية نصف الجنين الحرّ و نصيبه هدر و إن كان موسرا قوم عليه نصيب شريكه من الجارية فإن قلنا ينعتق النصيب باللفظ فعلي الضارب دية الجنين الحرّ و إن قلنا بالأداء فكالمعسر و لو ضرب بطن أمته ثمّ أعتقها ثمّ ألقت جنينا ميتا لم يضمنه و لو كانت مشتركة بين اثنين فضرباها ثمّ أعتقاها معا فوضعت جنينا ميّتا فعلى كلّ واحد نصف عشر قيمة أمة لشريكه لأنّ كلّ واحد منهما جنى على الجنين و نصفه له فسقط عنه ضمانه و لزمه ضمان نصفه لشريكه [- يط -] لو ادعت الحرة على إنسان أنّه ضربها فأسقطت فالقول قوله مع اليمين و لو أقرّ بالضرب أو قامت به بيّنة و أنكر الإسقاط فالقول قوله مع يمينه على نفي العلم و إن ثبت الضرب و الإسقاط و ادّعى أن الإسقاط من غير الضرب فإن حصل عقيب الضرب أسند إليه و إلاّ فلا فإن ادّعى أنّها شربت دواء أو ضربها غيره فألقته فالقول قولها مع اليمين و إن أسقطت بعد الضرب بأيّام فإن بقيت متألّمة فالقول قولها مع اليمين و إلاّ فالقول قوله مع يمينه [- ك -] في قطع رأس الميّت الحرّ المسلم مائة دينار و في قطع جوارحه بحساب ديته و كذا في شجاجه و جراحه و لو يورث عنه بل يتصدّق بها عنه أو يحج عنه أو يصرف في غيرهما من وجوه البرّ و قال المرتضى لبيت المال

الفصل الرّابع في الجناية على الحيوان

و فيه [- ه -] مباحث [- أ -] من أتلف حيوانا مأكول اللحم كالإبل و البقر و الغنم على غيره بالذكاة فعليه الأرش بين كونه حيّا و مذكّى و اختار الشيخان دفعه إلى الجاني و إلزامه بقيمته للمالك لإتلافه أتمّ منافعه أمّا لو أتلفه بغير الذكاة فإنّه يجب عليه قيمته للمالك يوم إتلافه و يسقط من قيمته ما يبقى منه مما ينتفع به كالشعر و الصوف و الوبر و الريش إذا دفعه إلى المالك و لو قطع بعض أعضائه أو كسر شيئا من عظامه أو جرحه وجب عليه الأرش إن كان حياته مستقرّة و إلاّ فالقيمة [- ب -] لو أتلف غير مأكول اللحم مما يقع عليه الذكاة كالأسد و النمر و الفهد فعليه الأرش و إن كان لا بالذكاة فعليه قيمته يوم الإتلاف و لو كسر شيئا من عظامه أو جرحه أو قطع منه شيئا ضمن أرشه و لو تلف عقيب ذلك الجناية ضمن القيمة [- ج -] لو أتلف كلب الصيد فقتله فعليه أربعون درهما و الشيخ خصّه بالسلوقي و هو منسوب إلى قرية باليمن يقال لها السلوقي و في كلب الغنم كبش و قيل عشرون درهما و هي رواية ابن فضال عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّٰه ع و هي أشهر و الأولى أصحّ طريقا و في كلب الحائط عشرون درهما و في كلب الزرع قفيز من برّ و لا قيمة لغير ذلك من الكلاب و غيرها و لا يضمن قاتلها شيئا أمّا ما يملكه الذمّي كالخنزير فإنّه يضمن قاتله بقيمته عند مستحلّيه بشرط الاستتار و في أطرافه الأرش و لو أتلف خمر الذمي مستترا و آلة اللهو كذلك ضمنها المتلف و إن كان مسلما و لو أظهرها فلا ضمان فلو كان ذلك لمسلم فلا ضمان على المتلف و إن كان كافرا [- د -] دية الكلاب مقدّرة على القاتل أمّا الغاصب فإنّه يضمن بالقيمة السوقية إن زادت عن المقدر لو تلفت في يده و إن نقصت فالوجه الضمان بالمقدّر [- ه -] لا دية لجنين الدابة مقدرة بل أرش ما نقص من أمّها فتقوّم حاملا و حائلا و يلزم الجاني بالتفاوت و في رواية يلزمه عشر قيمة الأمّ و المعتمد الأوّل

الفصل الخامس في الكفّارة بالقتل

و فيه [- ح -] مباحث [- أ -] القتل إن كان عمدا وجبت كفارة الجمع و هي عتق رقبة و إطعام ستين مسكينا و صيام شهرين متتابعين و إن كان خطاء وجبت المرتّبة و هي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يتمكّن فإطعام ستين مسكينا و كذا في قتل شبيه العمد [- ب -] إنّما يجب المرتبة في الخطاء مع مباشرة القتل لا مع التسبيب فلو طرح حجرا أو حفر بئرا أو نصب سكينا في غير ملكه فعثر به عاثر فهلك وجبت الدية دون الكفّارة [- ج -] إنّما يجب الكفّارة بقتل المسلم و من هو بحكمه من الأطفال و إن كان جنينا لم تلجها الرّوح بعد تمام خلقته سواء كان ذكرا أو أنثى حرّا أو عبدا عاقلا أو مجنونا مملوكا للقاتل أو لغيره [- د -] لا يجب الكفّارة بقتل الذمي و غيره من أصناف الكفّار معاهدا كان أو غير معاهد حلّ قتله أو حرم [- ه -] لو قتل مسلما في دار الحرب عالما بإسلامه من غير ضرورة وجب القود و الكفّارة و لو ظنّه كافرا فلا دية و عليه الكفّارة و لو بان أسيرا ضمن الدية و الكفّارة لعجز الأسير عن التخلّص [- و -] لو اشترك جماعة في القتل فعلى كلّ واحد كفّارة كملا [- ز -] يجب الكفّارة على قاتل العمد إن عفي عنه إلى الدية أو مطلقا و إن قتل قصاصا قال في المبسوط يسقط و الوجه وجوبها في ماله [- ح -] الأقرب سقوط الكفّارة عن الصبي و المجنون و عن قاتل نفسه

المقصد الثاني في محلّ الدية

و فيه [- كج -] بحثا [- أ -] القتل إن كان عمدا وجبت الدية على الجاني في ماله إن رضي منه بها و كذا إن كان شبيه العمد و لو فقد القاتل وجبت الدية في تركته و قال الشيخ في المبسوط إذا هلك قاتل العمد سقط القصاص و الدية و تردّد في الخلاف في سقوط الدية و الوجه ما قلناه من وجوب الدّية في تركته فإن لم يكن له تركة وجب على الأقرب فالأقرب من ورثته و عليه دلّت رواية أبي بصير و أمّا دية الخطإ المحض فهي على العاقلة سواء كان للجاني مال و قدر عليه أو لا و المراد بالعاقلة العصبة و المعتق و ضامن الجريرة و الإمام و سميّت عاقلة لأنّها تحمل العقل و العقل هنا الدية سمّيت عقلا لأنها يعقل لسان وليّ المقتول أو سمّيت العاقلة عاقلة لأنّهم يمنعون على القاتل [- ب -] العصبة من تقرّب بالأبوين أو بالأب خاصّة من الذكور كالإخوة و أولادهم و الأعمام و أولادهم سواء كانوا من أهل الإرث في الحال أو لا و قيل العصبة هم الذين يرثون القاتل لو قتل و فيه نظر فإنّ الدية قد يرث الإناث

ص: 279

و كذا الزّوج و الزوجة و المتقرّب بالأم على الأصحّ و يختصّ بها الأقرب فالأقرب كما يورث الأموال بخلاف العقل فإنّه يختصّ الذكور من العصبة دون من يتقرب بالأمّ و دون الزّوج و الزّوجة و قيل الأقرب ممّن يرث بالتسمية و مع عدمه يشترك في العقل بين من يتقرّب بالأمّ و من يتقرّب بالأب أثلاثا و ما قلناه أجود [- ج -] الأقرب دخول الآباء و الأولاد في العقل و قال في المبسوط و الخلاف بعد دخولهم و لا يشتركهم القاتل في الضمان و لا أهل الديون و لا أهل البلد إذا لم يكونوا عصبة و لا المولى من أسفل و إنّما يعقل المولى من أعلى و لا يدخل في العقل كلّ من يقرب بالأمّ و لا الزوج و الزوجة و على قول الشيخ ره من أنّ الأولاد و الآباء لا يدخلون في العقل لو كان الولد ابن عمّ لم يعقل قال لو لا قلنا إنّه يعقل من حيث أنّه ابن عمّ كان قويّا و لا يعقل المرأة و لا الصبيّ و لا المجنون و إن ورثوا من الدّية و لا يتحمّل الفقير شيئا و يعتبر الفقير عند المطالبة و هو جيّد و هو حول الحول [- د -] و يشترك في العقل الحاضر و الغائب و يبدأ في قيمته بين العاقلة بالأقرب فالأقرب و لا يشترك القريب و البعيد مع اتساع القريب فيقسّم على الآباء و الأولاد عندنا خلافا للشيخ ثمّ على الإخوة ثمّ على أولادهم و هكذا حتى إذا استوعب المناسب انتقل إلى المعتق ثمّ على عصابته ثمّ على المولى ثمّ على عصابة الأقرب في ذلك فالأقرب فإذا اتّسعت أموال قول للعقل لم يعدهم إلى من بعدهم و يقدّم من يتقرّب بالأبوين على من تقرّب بالأب كالإرث و لو قيل بعدم التّقديم كان وجها لأنّ قرابة الأمّ لا مدخل لها في العقل [- ه -] لا يعقل إلاّ من عرف كيفيّة انتسابه إلى القاتل بأن يعرف نسبه من القاتل أو يعلم أنّه من قوم يدخلون كلّهم في العقل و من لا يعرف كيفيّة انتسابه لا يدخل إلى العقل و إن كان من قبيلتيه إلاّ أن يعلم انتسابه بالأب و كيفية انتسابه فلو كان القاتل قرشيّا لم يلزم قريشا كلّهم و إن رجعوا إلى أب واحد لتفرّقهم فصار كلّ قوم ينتسبون إلى أب يتميّزون و إن لم يثبت القاتل من أحد أخذت الدية من بيت المال و إذا أقرّ المجهول ألحقناه به فإن ادعاه آخر و أقام البيّنة قضي له و أبطل الأوّل فإن ادعاه ثالث ببيّنة أنّه ولد على فراشه قضي له به لاختصاصه مع شهادة النسب بالسّبب [- و -] لا يتحمّل العاقلة ما دون الموضحة و هو الأشهر و قال في الخلاف يتحمّل العاقلة القليل و الكثير و المشهور ما قلناه و يتحمّل الموضحة فما زاد [- ن -] لا يعقل العاقلة إقرارا و لا صلحا و لا جناية عمد إلاّ مع عدم القاتل و تركته على ما اخترناه نحن أو لا سواء كانت جناية العمد يوجب القصاص أو الدية كقتل الأب ولده و المسلم الكافر و الحرّ العبد و كالمأمومة و الجائفة [- ح -] لو جنى على نفسه عمدا أو خطأ كانت هدرا و لا يضمنه العاقلة و لو اقتصّ بحديدة مسمومة فسرى إلى النفس جاهلا بالسمّ فعلى العاقلة لعدم القصد إلى إتلافه و لو وكّل في استيفاء القصاص ثم عفي عنه فقتله الوكيل من غير علم بعفوه لم يضمن العاقلة [- ط -] الذمّي إذا جنى كانت الجناية في ماله عمدا كانت أو خطأ دون عاقلته فإن عجز عن الدّية فعاقلته الإمام لأنّه يؤدي الجزية إليهم كما يؤدّي المملوك الضريبة إلى مولاه [- ى -] المملوك إذا جنى جناية تعلّقت برقبته عمدا كانت الجناية أو خطأ و لا يلزم المولى ضمانها سواء كان قنّا أو مدبّرا أو مكاتبا أو أمّ ولد و عمد الصبيّ و المجنون خطأ يضمنه العاقلة [- يا -] ضامن الجريرة يعقل المضمون و لا يعقل عنه المضمون و لو دار الضمان دار العقل و لا يجتمع الضمان مع عصبة و لا معتق لأنّ عقده مشروط بجهالة النسب و عدم المعتق نعم لو وجد و لا نسب و لا منعم كانت الحوالة في العقل عليه مع يسره دون الإمام [- يب -] لا يضمن العاقلة عبدا بمعنى أنّ العبد إذا قتل كانت قيمته في مال القاتل لا على عاقلة القاتل خطأ لأنّه مال يختلف قيمته باختلاف صفة و لا يضمن بهيمة و لا إتلاف مال بل يخصّ العاقلة بضمان الجناية على الآدميّ خاصّة [- يج -] لا يحتمل العاقلة صلحا بأن ينكر القاتل دعوى القتل و لا بيّنة فيصالح على الدية أو بعضها و لا يضمن إقرارا أيضا بأن يقرّ القاتل على نفسه بقتل الخطإ بل يلزم المقرّ بالدية في ماله [- يد -] يضمن العاقلة الدية في ثلث سنين يؤدّي عند انسلاخ كلّ سنة ثلث المال سواء كانت تامّة أو ناقصة كدية المرأة و الذمّي أو أرشا و في المبسوط تستأدى في آخر السنة إن كان بقدر ثلث الدّية [- يه -] يحمل العاقلة دية الطرف إذا كان بقدر الموضحة فما زاد و دية المرأة و ما بلغ من جراحها أرش الموضحة و دية الجنين الكامل قبل أن تلجه الرّوح و خطأ الإمام و الحاكم في الحكم و الاجتهاد على بيت المال و في غيره على عاقلته [- يو -] جناية العمد عمدا على رقبة اقتصّ منه أو يسترق و الخيار في ذلك إلى الوليّ و جنايته خطأ تتعلّق برقبته فإن شاء مولاه دفعه و إن شاء فداه قبل بأقلّ الأمرين من الأرش و قيمته و قيل بالأرش أجمع أو يدفعه فإن أعتقه مولاه ضمن الأرش إن كان خطأ و إن كان عمدا فالأقرب بطلان العتق و لو باعه أو وهبه صح و لم يزل الجناية عن رقبته و يتخيّر المشتري مع جهالته بين الفسخ و الإمضاء [- ين -] الدية تجب ابتداء على العاقلة فلا يرجع العاقلة بها على الجاني على الأصحّ بل و لا يشاركهم نعم لو لم يكن له عاقلة و لا شيء في بيت المال أخذت الدية من ماله [- يح -] قيل يقسط الإمام الدّية على العاقلة على الغني عشرة قراريط و على الفقير خمسة قراريط و الأقرب أنّه يقسّطها بحسب ما يراه الإمام نعم لا يجحف و يأخذ من البعيد مع قصور القريب عن التقسيط و من الموالي مع وجود العصبة فإن اتسعت أخذ من عصبة المولى و لو زادت فعلى مولى الموالي ثمّ على عصبة مولى المولى و هكذا فإن زادت على العاقلة أجمع أخذ من الإمام قال الشيخ لو كانت الدية دينارا و له أخ واحد أخذ منه نصفه و من الإمام الباقي و هو بناء على قوله في تضمّن العاقلة ما دون الموضحة و لو زادت العاقلة عن الدية لم يختصّ بها البعض [- يط -] ابتداء زمان التأجيل الموت و في الطرف حين الجناية لا من وقت الاندمال و في السراية و لا يقف ضرب الأجل على حكم الحاكم و لو مات الموسر من وقت الاندمال بعد الحول أخذ من تركته و لو مات قبل الحول أو افتقر أو جنّ لم يلزمه شيء و لو كان فقيرا حال

ص: 280

القتل فاستغنى عند الحول احتمل الحول فإن بلغ الصبيّ أو أفاق المجنون فالاحتمال أضعف [- ك -] إذا كانت العاقلة غايبة كتب الحاكم إلى تلك البلدة بالواقعة لينتزع الدّية عليهم و لو لم يتمكن عاقلته أو عجزت أخذت من الجاني فإن عجز أخذ من الإمام للرواية و قيل مع فقد العاقلة أو فقرها يؤخذ من الإمام دون الجاني أمّا دية شبه العمد ففي مال الجاني فإن مات أو هرب قيل يؤخذ من الأقرب إليه ممن يرث ديته فإن لم يكن فمن بيت المال [- كا -] يعقل المريض الموسر و إن كان ذمّيا و الشيخ و إن بلغ الهرم و الأعمى [- كب -] لو قتل الأب ولده عمدا أخذت الدّية منه للوارث غيره و لا نصيب له منها و لو انتفى الوارث كانت للإمام و لو قتله خطأ فالدّية على عاقلته يرثها غير الأب على الأقوى فإن لم يكن وارث غير الأب و قلنا بنفي ميراثه من أمّه فلا يجب و إلاّ فالوجه عدم الأخذ من العاقلة و كذا لو قتل الابن أباه خطأ [- كج -] لو رمى الذمّي طيرا ثمّ أسلم ثمّ قتل السهم مسلما لم يعقل عنه عصبته من الذمّة و لا من المسلمين لأنّه رمى و هو ذمّي و يضمن الدية في ماله و لو رمى مسلم طائرا ثمّ ارتدّ ثم أصاب مسلما قال الشيخ لا يعقل عنه المسلمون و لا الكفّار و يحتمل أن يعقل عنه المسلمون لأنّ ميراثه لهم و لو تزوّج عبد يعتقه فأولدها فأولادهم لمولى أمّهم فإن جنى أحدهم بالعقل على مولى الإمام لأنّه عصبته و وارثه فإن عتق أبوه انجرّ الولاء إليه فإن سرت الجناية بعد عتق الأب أو رمى لهم فأعتق أبوه قبل الإصابة لم يحمل عقله أحد لأنّ مولى الأمّ قد زال ولاؤه عنه قبل قتله و موت الأب لم يكن له عليه ولاء حال جناية فتكون الدّية من ماله فهذا آخر ما أخذناه في هذا الكتاب و هو قيم يعرض طالب التوسط في هذا الفنّ و من أراد الإطالة له فعليه بكتابنا الموسوم بتذكرة الفقهاء الجامع لأصول المسائل و فروعها مع إشارة وجيزة إلى وجوهها و ذكر الخلاف الواقع بين العلماء و إيراد ما بلغنا من كلام الفضلاء و من أراد الغاية و قصد النهاية فعليه بكتابنا الموسوم بمنتهى المطلب في تحقيق المذهب و اللّٰه الموفق للصّواب منه المبدأ و إليه المآب ثمّ هذا الكتاب المستطاب في يوم الثامن من شهر صفر المظفر سنة 1314 أربع عشر و ثلاث مائة بعد الألف من الهجرة النبويّة المصطفويّة عليه الصّلاة و السّلام و التحية و على أولاده المهديّين الطيّبين الطاهرين و عترته الأكرمين و ذريته المعصومين كتبه العبد الآثم الجاني ابن محمّد علي محمد حسن الكلپايكاني في سنة 1314

ص: 281

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.