تحریر الأحکام المجلد 1

هویة الکتاب

تحریر الأحکام

كاتب: علامه حلی، حسن بن یوسف

عدد المجلدات:2ج

لسان: العربية

الناشر: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام) لإحیاء التراث - قم - ایران

کد کنگره: 1300 /ع8ت3 182/3 BP

محرر الرقمي: میثم الحیدري

ص: 1

اشارة

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ و به نستعين

الحمد للّه المتقدّس بكماله عن مشابهة المخلوقات المتنزّه بعلوّه عن مشاركة الممكنات القادر على إيجاد الموجودات العالم بكلّ المعلومات المتفرّد بوجوب الوجود في ذاته المتوحّد بالاستغناء عن غيره في ماهيّته و صفاته المنعم على عباده بإرسال الأنبياء لتعليم الشرائع و الأديان المكمل إنعامه بالتّكليف الباقي ببقاء نوع الإنسان ليرتقي بطاعته إلى أعلى الدّرجات و لينال بامتثال أوامره ما أعدّ له من الحسنات و صلّى اللّٰه على أشرف البشر محمّد المشفّع في [يوم] المحشر و على آله الأبرار صلاة تتعاقب عليهم تعاقب الأعصار أمّا بعد فإنّ هذا الكتاب الموسوم بتحرير الأحكام الشرعيّة على مذهب الإماميّة قد جمعنا فيه معظم المسائل الفقهيّة و أوردنا فيه أكثر المطالب التكليفيّة الشرعية الفرعيّة من غير تطويل بذكر حجّة و دليل إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الموسوم بمنتهى المطلب في تحقيق المذهب فإنّه قد شمل المسائل أصولها و فروعها و ذكر الخلاف الواقع بين المسلمين إلاّ ما شذّ و استدلال كلّ فريق على مذهبه مع تصحيح الحقّ و إبطال الباطل و إنّما اقتصرنا في هذا الكتاب على مجرّد الفتاوى لا غير مستعينين باللّٰه تعالى فإنّه الموفّق لكلّ خير و هو حسبنا و نعم الوكيل و رتّبناه على مقدّمة و قواعد

أما المقدّمة

اشارة

ففيها أبحاث [مباحث]

الأوّل الفقه لغة الفهم و اصطلاحا

العلم بالأحكام الشّرعية الفرعيّة المستدل على أعيانها بحيث لا يعلم كونها من الدّين ضرورة فخرج العلم بالذوات و الأحكام العقليّة و النقلية و التقليدية و علم واجب الوجود و الملائكة و أصول الشريعة و لا يرد إطلاق الفقيه على العالم بالبعض و كون الفقه مظنونا لأنّ المراد بالعلم الاستعداد التامّ المستند إلى أصول معلومة و ظنيّة الطّريق لا تنافي علميّة الحكم

الثاني ثبت في علم الكلام وجوب التكليف

و لا يتمّ الامتثال إلاّ بمعرفة الأحكام الشرعيّة الحاصلة بالفقه فيجب العلم به و السمع و وجوبه على الكفاية عملا بالآية و مرتبته بعد علم الكلام و اللغة و النحو و التصريف و الأصول و فائدته نيل السّعادة الأخرويّة و تعليم العامّة نظام المعاش في المنافع الدّنيويّة و موضوعه أفعال المكلّفين من حيث الاقتضاء أو التخيير و مبادئه من الكلام و الأصول و اللغة و النحو و القرآن و السّنة و مسائله المطالب المستدلّ عليها فيه

الثالث في فضيلته

و هو معلوم بالضرورة قال اللّٰه تعالى قُلْ هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَعْلَمُونَ و قال تعالى إِنَّمٰا يَخْشَى اَللّٰهَ مِنْ عِبٰادِهِ اَلْعُلَمٰاءُ و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله يا علي نوم العالم أفضل من عبادة العابد يا علي ركعتان يصلّيهما العالم أفضل من ألف ركعة يصلّيها العابد يا علي لا فقر أشد من الجهل و لا عبادة مثل التفكّر و عن الصادق عليه السّلام أنه قال إذا كان يوم القيامة جمع اللّٰه الناس في صعيد واحد و وضعت الموازين فيوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجّح مداد العلماء على دماء الشهداء و قال عليه السّلام العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا يزيده سرعة السّير من الطّريق إلاّ بعدا و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله الأنبياء قادة و العلماء سادة و مجالستهم عبادة و قال النظر إلى وجه العالم عبادة و قال اللّٰهمّ ارحم خلفائي قيل يا رسول اللّٰه و من خلفاؤك قال الّذين يأتون من بعدي يروون حديثي و سنّتي و من أكرم فقيها مسلما لقي اللّٰه يوم القيامة و هو عنه راض

ص: 2

فصل و يحرم كتمان العلم و الفقه

قال تعالى إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مٰا أَنْزَلْنٰا مِنَ اَلْبَيِّنٰاتِ وَ اَلْهُدىٰ مِنْ بَعْدِ مٰا بَيَّنّٰاهُ لِلنّٰاسِ فِي اَلْكِتٰابِ أُولٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اَللّٰهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اَللاّٰعِنُونَ و قال إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مٰا أَنْزَلَ اَللّٰهُ مِنَ اَلْكِتٰابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولٰئِكَ مٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ اَلنّٰارَ و قال عليه السّلام من كتم علما ألجمه اللّٰه يوم القيامة بلجام من نار و قال عليه السّلام إذا ظهرت البدع في أمّتي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة اللّٰه

فصل و روي عن زين العابدين عليه السّلام أنه قال حقّ العالم التعظيم له

و التوقير لمجلسه و حسن الاستماع إليه و الإقبال عليه و أن لا ترفع عليه صوتك و لا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتّى يكون هو الذي يجيب و لا تحدّث في مجلسه أحدا و لا تغتاب عنده أحدا و أن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء و أن تستر عيوبه و تظهر حسناته و لا تجالس له عدوّا و لا تعادي له وليّا فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة اللّٰه بأنّك قصدته و تعلّمت علمه للّه جلّ اسمه لا للناس و أمّا حق رعيّتك بالعلم فأن تعلم أنّ اللّٰه عز و علا إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم و فتح لك من خزائنه فإن أحسنت في تعليم الناس و لم تخرق بهم و لم تضجر عليهم زادك اللّٰه من فضله و إن أنت منعت النّاس علمك أو حرمت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقّا على اللّٰه أن يسلبك العلم و بهاءه و يسقط من القلوب محلّك

فصل و يستحبّ طلب العلم و يجب على الكفاية

لقوله عليه السّلام طلب العلم فريضة و قال صلّى اللّٰه عليه و آله طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ألا إن اللّٰه يحب بغاة العلم و قال صلّى اللّٰه عليه و آله لا خير في العيش إلا لرجلين عالم مطاع أو مستمع واع و قال عليه السّلام من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك اللّٰه به طريقا إلى الجنّة و إنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به و إنّه يستغفر لطالب العلم من في السّماوات و من في الأرض حتى الحوت في البحر و فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة البدر و إنّ العلماء ورثة الأنبياء لأنّ الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما و لكن ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظّ وافر و قال صلّى اللّٰه عليه و آله نعم وزير الإيمان العلم و نعم وزير العلم الحلم و نعم وزير الحلم الرّفق و نعم وزير الرّفق العزة [العبرة الصبر] و قال صلّى اللّٰه عليه و آله طالب العلم يستغفر له حيتان البحر و طيور الهواء و قال صلّى اللّٰه عليه و آله اغد عالما أو متعلّما أو مستمعا أو محبّا لهم و لا تكن الخامس فتهلك و قال صلّى اللّٰه عليه و آله من خرج من بيته يلتمس بابا من العلم لينتفع قلبه و يعلّمه غيره كتب اللّٰه له بكلّ خطوة عبادة ألف سنة صيامها و قيامها و حفته الملائكة بأجنحتها و صلّى عليه طيور السّماء و حيتان البحر و دواب البرّ و أنزله اللّٰه بمنزلة سبعين صدّيقا و كان خيرا له أن لو كانت الدّنيا كلّها له فجعلها في الآخرة

فصل و يحرم الإفتاء بغير علم و كذا الحكم

قال تعالى وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اَللّٰهِ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ قال وَ لاٰ تَقْفُ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ و قال تعالى وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اَللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ اَلْكٰافِرُونَ و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من عمل بالمقاييس فقد هلك و أهلك و من أفتى الناس و هو لا يعلم الناسخ من المنسوخ و المحكم من المتشابه فقد هلك و أهلك و قال صلّى اللّٰه عليه و آله من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر ممّا يصلح

فصل و يجب على العالم العمل كما يجب على غيره لكنّه في حق العالم آكد

و لهذا جعل اللّٰه ثواب المطيعات و عقاب العاصيات من نساء النبيّ ضعف ما جعل لغيرهن لقربهنّ من الرّسول صلّى اللّٰه عليه و آله و استفادتهنّ العلم و روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه حدث عن النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله قال العلماء رجلان رجل عالم أخذ بعلمه فهذا ناج و رجل تارك لعلمه فهذا هالك و إن أهل النّار ليتأذون من ريح العالم التّارك لعلمه و إن أشدّ أهل النّار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى اللّٰه سبحانه فاستجاب له و قبل منه فأطاع اللّٰه فأدخله الجنّة و أدخل الداعي إلى النّار بتركه علمه قال عليه السّلام إن أخوف ما أخاف خصلتان اتباع الهوى و طول الأمل أما اتباع الهوى فيصدّ عن الحقّ و أمّا طول الأمل فينسي الآخرة و قال صلّى اللّٰه عليه و آله الفقهاء أمناء الرّسل ما لم يدخلوا في الدّنيا قيل يا رسول اللّٰه و ما دخولهم في الدّنيا قال اتباع السّلطان فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم

فصل و العلم من أشرف الكيفيّات النّفسانية و أعظمها

به يتميز الإنسان عن غيره من الحيوانات و به يشارك اللّٰه تعالى في أكمل صفاته و طلبه واجب على الكفاية و مستحبّ على الأعيان على ما بيّناه و هو أفضل من العبادة فيجب على طالبه أن يخلص للّه تعالى في طلبه و يتقرّب به إليه لا يطلب به الرّياء و الدّنيا بل وجه اللّٰه تعالى فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله منهومان لا يشبعان طالب دنيا و طالب علم فمن اقتصر من الدّنيا على ما أحلّ اللّٰه له سلم و من تناولها من غير حلها هلك إلاّ أن يتوب أو يراجع و من أخذ العلم من أهله و عمل بعلمه نجا و من أراد به الدّنيا فهو حظه و قال صلّى اللّٰه عليه و آله علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل

فصل و لكلّ علم أسرار لا يطلع عليها من الكتب فيجب أخذه من العلماء

و لهذا قال صلّى اللّٰه عليه و آله خذ العلم من أفواه الرّجال و نهى عن الأخذ ممن أخذ علمه من الدّفاتر و قال لا يغرنّكم الصّحفيون و أمر عليه السّلام بالمحادثة في العلم و المباحثة فإنّها

ص: 3

تفيد النّفس استعدادا تاما لتحصيل المطالب و استخراج المجهولات قال صلّى اللّٰه عليه و آله تذاكروا و تلاقوا و تحدّثوا فإنّ الحديث جلاء القلوب إنّ القلوب لترين كما يرين السّيف و جلاؤه الحديث و قال صلّى اللّٰه عليه و آله إن اللّٰه عز و علا يقول تذاكر العلم بين عبادي مما يحيا عليه القلوب الميّتة إن هم انتهوا فيه إلى أمري و قال صلّى اللّٰه عليه و آله قال الحواريّون لعيسى صلّى اللّٰه عليه يا روح اللّٰه من نجالس قال من يذكّركم اللّٰه رؤيته و يزيد في علمكم منطقه و يرغبكم في الآخرة عمله

فصل و أفضل العلم بعد المعرفة باللّٰه تعالى علم الفقه

فإنّه الناظم لأمور المعاش و المعاد و به يتمّ كمال نوع الإنسان و هو الكاسب لكيفيّة شرع اللّٰه تعالى و به يحصل المعرفة بأوامر اللّٰه تعالى و نواهيه الّتي هي سبب النجاة و بها يستحقّ الثواب فهو أفضل من غيره و روي عن الكاظم عليه السّلام قال دخل رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال ما هذا فقيل علاّمة قال و ما العلاّمة فقالوا إنّه أعلم الناس بأنساب العرب و وقائعها و أيّام الجاهلية و الأشعار و العربيّة قال فقال [النبي] رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله ذلك علم لا يضرّ من جهله و لا ينفع من علمه ثم قال النبي ص إنّما العلم ثلاثة علم آية محكمة أو فريضة عادلة أو سنّة قائمة و ما خلاهنّ فهو فضل و قال صلّى اللّٰه عليه و آله من أراد اللّٰه به خيرا يفقهه في الدّين و قال عليه السّلام من حفظ من أمتي أربعين حديثا ينتفعون به بعثه اللّٰه يوم القيامة فقيها عالما و لنقتصر من المقدّمة على هذا

القاعدة الأولى في العبادات

اشارة

و هي كتب

كتاب الطّهارة

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد

أمّا المقدّمة

ففيها أبحاث [- ا -] الطهارة في اللغة النظافة و في الشّرع ما له صلاحية التأثير في استباحة الصّلاة من الوضوء و الغسل و التيمّم و هي أقسامها [- ب -] العلم بالطّهارة واجب بوجوب فعلها المتوقّف عليه و هو معلوم بالضرورة من دين النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله [- ج -] كلّ واحد من الثلاثة واجب و ندب فالوضوء يجب للصّلاة و الطّواف الواجبين و لمسّ كتابة القرآن إن وجب و يستحب لمندوبي الأولين و لدخول المساجد و قراءة القرآن و الكون على طهارة و التجديد و حمل المصحف و النّوم و صلاة الجنازة و السّعي في الحاجة و زيادة المقابر و نوم المجنب [الجنب] و جماع المحتلم و الذّكر للحائض و الغسل يجب للثلاثة المتقدّمة و دخول المساجد و قراءة العزائم إن وجبا أو لصوم الجنب إذا بقي من الليل مقدار فعله و صوم المستحاضة إذا غمس الدم القطنة و يستحبّ لثلاثين تأتي و التيمّم يجب للصّلاة و الطواف الواجبين و لخروج المجنب في أحد المسجدين منه و يستحب لما عداه و يشترك الثلاثة في وجوبها بالنّذر و شبهه

المقصد الأوّل في المياه

اشارة

و فصوله ثلاثة

الأول في المطلق
اشارة

و فيه ثلاثة مباحث [- ا -] المطلق هو المستحقّ لصدق الاسم عليه من غير تقييد مع امتناع سلبه و هو في الأصل طاهر مطهّر من الحدث و الخبث و كذا لو مزج بطاهر إن بقي الإطلاق و إن تغيّر الوصف و لو زال الإطلاق فمضاف ثم المطلق إن كان جاريا نجس [ينجس] بتغيّر لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة لا بملاقاتها و لو تغيّر بعضه اختصّ بالحكم و الجرية مع تغيّرها لها حكم بانفرادها و لا معه طاهرة و لو وقعت النجاسة في جانب النهر أو قراره لم تنجس [لجريان المادة] الجريات المادة عليها و لو كان إلى جانب النهر ماء واقف متّصل بالجاري لم ينجس بالملاقاة و إن قلّ و لو تغيّر بعض الواقف المتّصل بالجاري اختصّ بالتّنجيس دون الآخر و يشترط في ذلك كله زيادة الجاري على الكرّ و حكم ماء الحمام حكمه إذا كان له مادة تزيد على الكر و حكم ماء المطر حال نزوله حكمه و لو استقر على الأرض و انقطع تقاطره ثم لاقته نجاسة اعتبر فيه الكريّة [- ب -] الواقف غير البئر إن كان كثيرا كرا وحده ألف و مائتا رطل بالعراقي أو ثلاثة أشبار و نصف طولا في عرض و عمق هو كرّ فما زاد لا ينجس بملاقاة النّجاسة بل بتغير أحد أوصافه بها و ما نقص عن الكر ينجس بملاقاة النجاسة و إن قلّت كرءوس الإبر من الدّم و لو تغيّر أحد طرفي الكثير و كان الباقي كرّا اختصّ المتغيّر بالتنجيس و لو اضطرب فزال التغيّر طهر و لا فرق في ذلك بين مياه الغدران و الحياض و الأواني و لو وصل بين الغديرين بساقية اتّحدا و اعتبرت الكرّية فيهما مع الساقية جميعا أمّا لو كان أحدهما أقلّ من كرّ فوقعت فيه نجاسة ثم وصل بغدير بالغ كرا فالأولى زوال النجاسة أمّا ماء البئر فالأقرب عدم تنجيسه بملاقاة النجاسة و لا خلاف في نجاسته بالتغيّر بها [- ج -] تطهير الجاري المتغير بالنجاسة بإكثار الماء المتدافع حتّى يزول التغيّر و الواقف بإلقاء كر دفعة فإن زال تغيّره و إلاّ ألقي آخر و هكذا و القليل بإلقاء كر دفعة لا بإتمامه كرا على الأصحّ و لا بالنبع من تحته و لا يطهر المتغيّر من هذه المياه بزوال التغيّر من نفسها أو من طول المكث أو من تصفيق الرياح أو من إلقاء أجسام طاهرة غير الماء و تطهير [يطهر] البئر بالنزح حتّى يزول التغيّر و على القول بالتّنجيس بالملاقاة تطهر بنزح الجميع إن وقع فيها مسكر أو فقاع أو منيّ أو دم حيض أو استحاضة أو نفاس أو مات فيها بعير و لو تعذّر تراوح عليها أربعة رجال اثنين اثنين يوم إلى اللّيل و ينزح كر لموت الدابة أو الحمار أو البقرة و سبعين دلوا لموت الإنسان و خمسين للعذرة الذائبة و الرطبة و الدّم الكثير و أربعين لموت الثعلب أو الأرنب أو الخنزير أو السّنور أو الكلب و لبول الرّجل و ثلاثين لماء المطر المخالط للبول و العذرة و خرء

ص: 4

الكلاب و عشر للعذرة اليابسة و الدّم القليل كدم الطير و الرّعاف اليسير و سبع لموت الطّير من النعامة و الحمامة و ما بينهما و الفأرة إذا تفسخت و انتفخت و بول الصبي غير البالغ و اغتسال الجنب و لا تطهر عند الشيخ و لوقوع الكلب إذا خرج حيّا و خمس لذرق جلاّل الدّجاج و ثلاث لموت الفأرة و الحيّة و دلو للعصفور و شبهه و بول الرّضيع الذي لم يغتذ بالطعام

فروع

[- ا -] لا فرق بين صغير الحيوان و كبيره و لا بين الذكر و الأنثى و السمين و المهزول و لا بين المسلم و الكافر خلافا لقوم [- ب -] لا فرق بين بول المسلم و الكافر و الأقرب عدم الفرق بين الذكر و الأنثى [- ج -] قيل وجوب السّبع في الجنب يتعلّق بالارتماس بحيث يغطّي ماء البئر رأسه و الرّوايات غير مساعدة له و في رواية محمد بن مسلم الصّحيحة عن أحدهما عليهما السّلام تعليق الحكم على الدّخول و الظاهر أنّ نزح السّبع مع خلوّ البدن عن النجاسة [- د -] يستحبّ نزح ثلاث دلاء للوزغ و العقرب [- ه -] إذا وقع فيها نجاسة لم يقدّر لها منزوح فإن تغيّر الماء نزح حتّى يزول التغيّر و إلاّ فلا شيء عندنا أما القائلون بالتنجيس فقال بعضهم ينزح منها أربعون و آخرون أوجبوا نزح الجميع [- و -] الدلو التي ينزح بها دلو العادة فلو اتّخذ دلوا عظيما تسع العدد فالأقرب عدم الاكتفاء به [- ز -] لا ينجس جوانب البئر بما يصيبها من المنزوح و يحكم بالطهارة عند مفارقة آخر الدّلاء لوجه الماء و المتساقط معفوّ عنه و هو تخريج و لا يجب غسل الدلو بعد الانتهاء [- ح -] لا يجب النّية في النزح و يجوز أن يتولاه الصّبي و البالغ المسلم و غيره مع عدم المباشرة [- ط -] لو وجدت الجيفة في البئر فغيّرت ماءها حكم بالتنجيس من حين الوقوف على التغيّر و لو لم يتغيّر لم ينجس عندنا و عند القائلين به يحكم بالنّجاسة من حين الوجدان [- ي -] لو تكثّرت النجاسة فإن اتحد النوع كفى المنزوح الواحد و إلاّ تعدّد على قول ضعيف [- يا -] الأقرب إلحاق جزء الحيوان بكلّه [- يب -] إنّما يجزي العدد بعد إخراج النجاسة أو استحالتها في البئر [- يج -] لو صبّ الدلو الأول في البئر لم يجب نزح ما زاد على العدد لكن لا يحتسب منه أمّا لو صبّ الأخير فيها فالأقرب إلحاقه بما لم يرد فيه نصّ إن زاد على الأربعين و كذا لو صبّ في غيرها و لو ألقيت النجاسة العينيّة و ما وجب لها من المنزوح في الطاهرة فالأولى التداخل [- يد -] لو غار ماؤها قبل النّزح ثم ظهر فيها بعد الجفاف سقط النزح لتعلّقه بالماء الّذي لا يعلم عوده بعينه لا بالبئر و لسقوطه عند الذّهاب مع عدم دليل تجدّده [- يه -] لو سيق إليها الماء الجاري و صارت متّصلة به فالأولى الطهارة

الفصل الثاني في المضاف و الأسئار

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] المضاف و هو المعتصر أو الممتزج مزجا يسلبه إطلاق الاسم طاهر ما لم يقع فيه نجاسة فينجس و إن كثر و طاهره لا يرفع الحدث إجماعا و لا الخبث على الأصحّ و لو مزج بالمطلق اعتبر في رفعهما ثبوت الإطلاق و يستعمل فيما عداهما فإن نجس لم يجز استعماله في الأكل و الشّرب إلاّ مع الضّرورة و يطهر بإلقاء كرّ من المطلق فما زاد عليه دفعة بشرط أن لا يسلبه الإطلاق و لا يغيّر أحد أوصافه [- ب -] كلّ حيوان طاهر العين فإنّ سؤره طاهر و كلّ ما هو نجس العين فسؤره نجس كالكلب و الخنزير و الكافر و المسوخ إن قلنا بنجاستها فأسئارها نجسة و إلاّ فلا و المسلمون على اختلاف مذاهبهم أطهار عدا الخوارج و الغلاة [- ج -] يكره سؤر الجلاّل و آكل الجيف مع خلوّ موضع الملاقاة من النجاسة و الحائض المتهمة و الدّجاج و البغال و الحمير و الفأرة و الحيّة [- د -] الأقوى أنّ سؤر ولد الزّنا مكروه خلافا لابن بابويه [- ه -] حكم الشيخ بنجاسة سؤر المجسمة و المجبرة و ابن إدريس بسؤر غير المؤمن و المستضعف [- و -] يجوز للرّجل أن يستعمل فضل وضوء المرأة و غسلها و لا يكره و إن خلت به و بالعكس

الفصل الثالث في الأحكام و الأواني

و فيه [- كط -] بحثا [- ا -] إذا حكم بنجاسة الماء لم يجز استعماله في الطهارة مطلقا و لا في الأكل و الشرب إلاّ عند الضرورة [- ب -] يستحبّ أن يكون بين البئر و البالوعة خمس أذرع إن كانت البئر فوقها أو كانت الأرض صلبة و إلاّ فسبع و لو تقاربتا لم يحكم بنجاسة البئر ما لم يعلم وصول ماء البالوعة إليها عند الأكثر و عندي ما لم يتغيّر بمائها [- ج -] الماء المسخّن بالشمس في الآنية يكره الطهارة به و تغسيل الأموات بماء أسخن بالنّار مكروه إلا مع الضّرورة [- د -] الماء المستعمل في إزالة النجاسة نجس سواء كان من الغسلة الأولى أو الثّانية تغيّر بالنجاسة أو لا و للشيخ خلاف هنا و استثنى أصحابنا عنه ماء الاستنجاء فإنّه طاهر ما لم يتغيّر بالنّجاسة أو يقع على نجاسة من خارج المخرج [- ه -] الماء المستعمل في الوضوء طاهر مطهّر إجماعا و كذا المستعمل في الغسل و منع الشيخ من رفع الحدث به [- و -] روى ابن بابويه أنّه يكره التّداوي بالمياه الحارّة من الجبال التي يشمّ منها رائحة الكبريت [- ز -] ماء البحر طاهر مطهّر و خلاف ابن المسيّب و ابن عمر لا اعتداد به مع إجماع المسلمين [- ح -] قد بيّنا أنّ ماء المطر كالجاري فلو سال ميزابان أحدهما بول و الآخر مطر و امتزجا كانا طاهرين و كذا لو وقع المطر على سطح نجس و سال ماؤه كان طاهرا ما لم يتغير بالنّجاسة [- ط -] إذا مات في الماء القليل حيوان له نفس سائلة نجس الماء و لا ينجس لو لم تكن النفس سائلة [- ى -] قد بيّنا أنّ المضاف طاهر غير مطهّر فلو كان معه مطلق لا يكفيه للطهارة و معه ماء ورد إذا تيمّم به كفاه و لم يخرج

ص: 5

عن الإطلاق جاز له التيمم و الطهارة به و هل يجب نصّ الشيخ على عدمه و عندي فيه إشكال [- يا -] الماء إذا تغيّر بطول بقائه لم يخرج عن كونه مطهّرا ما لم يسلبه التغير الإطلاق لكنّه مكروه لقول الصادق عليه السّلام في الماء الآجن لا يتوضّأ منه إلاّ أن لا تجد غيره [- يب -] الحوض الصغير من الحمام إذا نجس لم يطهر بإخراج المادة ما لم تغلب عليه [- يج -] لو وجد في الكرّ نجاسة و شكّ في وقوعها قبل بلوغ الكرية أو بعدها فالأصل الطهارة [- يد -] لو شكّ في نجاسة متيقن الطّهارة أو في طهارة متيقّن النجاسة بنى على اليقين و لو وجده متغيّرا و شكّ في استناد التغيّر إلى النجاسة بنى على الطّهارة [- يه -] لو أخبره عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول و لو أسندها إلى سبب و لو شهد عدلان بالنجاسة وجب الاجتناب و لهذا يرده المشتري و خلاف ابن البراج ضعيف [- يو -] لو علم بالنجاسة بعد الطهارة و شكّ في سبقها عليها فالأصل الصّحة و لو علم سبقها على الطّهارة و شكّ في بلوغ الكرية أعاد و لو شكّ في نجاسة الواقع أو في كون الحيوان الميّت من ذوات الأنفس بنى على الطهارة [- يز -] إذا حصل الجنب عند غدير أو قليب و خشي إن نزل [يزل] فساد الماء رشّ عن يمينه و يساره و أمامه و خلفه ثمّ استعمله [- يح -] إذا كان على جسد الجنب أو الحائض نجاسة عينية كان المستعمل نجسا إجماعا أمّا لو خليا عنها فهو طاهر أيضا و في التطهير به خلاف سبق فلو بلغ المستعمل في الكبرى كرا تردّد الشيخ في زوال المنع و عندنا لا إشكال أما المستعمل في الأغسال المسنونة أو غسل الثوب أو الآنية الطاهرين فإنّه مطهر إجماعا [- يط -] غسالة الحمام لا يجوز استعمالها و في رواية عن الكاظم عليه السّلام لا بأس بها [- ك -] حيوان الماء إن كان ذا نفس سائلة كالتمساح ينجس الماء بموته فيه إن كان قليلا و إلاّ فلا [- كا -] الحيوان المتولّد من الأجسام الطاهرة كالفأرة طاهر و كذا من النّجسة كدود العذرة و الآدمي ينجس بالموت إجماعا منّا [- لب -] الصيد المحلّل إذا وقع في الماء القليل مجروحا خاليا من النجاسة فمات فيه فإن كان الجرح قاتلا فهو حلال و الماء طاهر و إلاّ فلا فيهما سواء علم استناد الموت إلى الماء أو اشتبه و لو قيل إنّه مع الاشتباه يكون الماء طاهرا و الحيوان محرّما عملا بالأصلين كان قويا [- كج -] لو لاقى الحيوان الميّت أو غيّر من النجاسات ما زاد على الكرّ من الماء الجامد ففي التنجيس إشكال ينشأ من قوله عليه السّلام إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء و اليبوسة غير مخرجة عن الحقيقة بل مؤكّدة لتحقّقها فلو نقص عن الكر فهل يكون حكمه حكم الجامدات أم لا فيه تردّد [- لد -] الثلج إن أمكن التطهير به بأن يعتمد المتطهر عليه حتّى يتحقّق مسمّى الغسل جاز و إلاّ فلا و لو اتّصل بالثلج الكثير ماء قليل و وقع فيه نجاسة ففي نجاسته إشكال من حيث إنّه متصل بالكر و إنّه متصل بالجامد اتّصال مماسّة لا ممازجة و اتحاد [- كه -] إذا كان معه إناءان نجس أحدهما و اشتبه اجتنبهما و تيمّم قال الشيخ و يجب الإراقة و ليس بمعتمد عندي و لا يجوز له التحري و حكم ما زاد على إناءين حكمهما في المنع من التحرّي سواء كان هناك أمارة أو لم تكن و سواء كان الطاهر هو الأكثر أو لا و سواء كان المشتبه بالطاهر نجسا أو نجاسة أو مضافا و لو انقلب أحدهما لم يجز التحرّي أيضا و لو خاف العطش أمسك أيّهما شاء و يجوز له تناول أيّهما شاء و لا يلزمه التحري و لو لم يكونا مشتبهين شرب الطاهر و تيمّم و لو استعمل الإناءين و أحدهما نجس مشتبه و صلّى لم تصحّ صلاته و لم يرتفع حدثه سواء قدّم الطهارتين أو صلّى بكلّ واحد صلاة أمّا لو كان أحدهما مضافا فالوجه أنّه يتطهّر بهما و ابن إدريس لم يحصّل الحقّ هنا [- كو -] لو تعارضت البيّنتان في إناءين قال في الخلاف سقطت شهادتهما و رجع إلى الأصل و في المبسوط إن أمكن الجمع نجسا و لم يتعرّض للنقيض و الوجه فيه وجوب اجتنابهما و الحكم بنجاسة أحدهما لا بعينه [- كز -] إذا عجن عجين بماء نجس و خبز لم يطهر و قول الشيخ هنا ضعيف و في رواية يباع على مستحلّي الميّتة و في أخرى يدفن [- لح -] إذا توضأ بالنجس لم يرتفع حدثه فإن صلّى به كانت باطلة سواء خرج الوقت أو لا أمّا لو غسل ثوبه بماء نجس عالما فكذلك و جاهلا يعيد صلاته في الوقت و لو سبقه العلم فكذلك على الأقوى [- كط -] الطهارة بماء زمزم غير مكروهة و يكره ما مات فيه العقرب و الوزغة أو دخلتا فيه حيّين [حيّتين]

المقصد الثاني في الوضوء

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في موجباته

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يجب بخروج البول و الغائط و الريح و النّوم الغالب على السمع و البصر و كلّ ما أزال العقل من إغماء و جنون و سكر و الاستحاضة القليلة [- ب -] الاستحاضة إن كانت قليلة وجب بها الوضوء خاصة و إن كانت كثيرة وجب الوضوء و الغسل معا و كذا يجبان بالحيض و النفاس و مسّ الأموات [- ج -] لا يجب الوضوء بحدث سوى ما ذكرناه من مذي أو وذي أو قيح أو رعاف أو نخامة أو فتح خراج أو مسّ ذكر أو دود خارج من أحد السّبيلين ما لم يكن متلطخا بالعذرة أو قيء أو خروج دم سوى الدماء الثلاثة للمرأة أو مسّ قبل أو دبر و قول ابن بابويه من مسّ باطن ذكره بإصبعه أو باطن دبره انتقض وضوؤه و قول ابن الجنيد من مسّ ما انضمّ عليه الثقبان نقض وضوءه و من مسّ ظاهر الفرج من غير شهوة تطهر إذا كان محرما و من مسّ باطن الفرجين فعليه الوضوء من المحلّل

ص: 6

و المحرّم بعيدان من الصّواب [- د -] القهقهة غير مبطلة للوضوء و إن أبطلت الصّلاة خلافا لابن الجنيد في الحكم الأوّل [- ه -] أكل ما مسته النار لا ينقض الوضوء و كذا شرب اللّبن مطلقا [- و -] الرّدة لا تنقض الوضوء و لا التيمّم و كذا إنشاد الشعر و الكلام الباطل و الغيبة و القدرة و لا حلق الشّعر و لا نتفه و لا قصّ الأظفار و لا القرقرة في البطن [- ز -] لو ظهرت مقعدته لعلّة لم ينتقض الوضوء إلا مع خروج شيء من الغائط و هل يشترط الانفصال فيه إشكال [- ح -] لا تنتقض الطهارة بظنّ الحدث و هو وفاق [- ط -] لو خرج البول أو الغائط أو الرّيح من غير الموضع المعتاد لم ينتقض ما لم يصر معتادا و للشيخ هاهنا تفصيل و لو اتفق المخرج في غير الموضع المعتاد خلقة انتقضت الطهارة بخروج الحدث منه إجماعا و كذا لو انسدّ المعتاد و انفتح غيره أمّا لو لم ينسدّ فإن ساواه في العادة نقض و إن شدّ فلا [- ى -] لو خرج البول من الأغلف حتّى صار في غلفته نقض [- يا -] النّوم ناقض مطلقا متى غلب على الحاستين و قول ابن بابويه الرجل يرقد قاعدا لا وضوء عليه لا يلتفت إليه أمّا السنة فإن حصل معها فقد الإحساس نقضت و إلاّ فلا [- يب -] الاستحاضة القليلة الدّم ناقضة خلافا لابن أبي عقيل و لا تجمع المستحاضة بين صلاتين بوضوء واحد سواء كانا فرضين أو أحدهما أو نفلين و لو توضأت قبل الوقت لم يصحّ و لو انقطع دمها بعد الطهارة قبل الدّخول استأنفت فلو صلّت من غير استئناف أعادت الصّلاة و لو انقطعت في الأثناء فالوجه عدم الاستئناف و هل يجب عليها مقارنة الطّهارة للصّلاة نصّ في المبسوط عليه و نحن نتوقّف مع قربه

الفصل الثّاني في آداب الخلوة
اشارة

و النّظر في أمور ثلاثة

الأوّل في كيفيّة التخلّي

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] يجب ستر العورة مطلقا و هي القبل و الدّبر و يستحبّ ستر جميع البدن [- ب -] يحرم عليه استقبال القبلة و استدبارها بالبول و الغائط في الصحارى و البنيان خلافا لابن الجنيد فيهما و للمفيد و سلار في الأخير و يجب الانحراف في موضع قد بني على ذلك [- ج -] يكره استقبال الشمس و القمر بفرجه في البول و الغائط و استقبال الرّيح بالبول و البول في الأرض الصّلبة و قائما و أن يطمح ببوله في الهواء و في الماء جاريا و راكدا و الجلوس للحدث في المشارع و الشوارع و مواضع اللعن و تحت الأشجار المثمرة و في النزال و حجرة الحيوان و أبنية الدور و المواضع التي يتأذى الناس بها [- د -] يكره السّواك على حال الخلاء و الأكل و الشّرب و الكلام إلاّ بذكر اللّٰه تعالى أو حكاية الأذان أو قراءة آية الكرسي أو حاجة يضرّ فوتها [- ه -] يكره طول الجلوس على الخلاء و أن يمسّ الرّجل ذكره بيمينه عند البول رواه ابن بابويه عن الباقر عليه السلام و استصحاب دراهم بيض رواه الشيخ و الرواية به ضعيفة و الاستنجاء باليمين مكروه و كذا باليسار إذا كان فيها خاتم عليه اسم من أسماء اللّٰه تعالى أو أسماء أنبيائه أو أحد من الأئمّة عليهم السّلام أو فصّه من حجر زمزم فإن كان فيه حوّله

النظر الثاني في آداب التخلي

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] يستحبّ تغطية الرأس عند دخول الخلاء و تقديم اليسرى عنده و اليمنى عند الخروج بخلاف المسجد فيهما [- ب -] يستحبّ التسمية و الدّعاء عند الدّخول و عند الاستنجاء و عند الفراغ و عند الخروج و أن يمسح بطنه عنده [- ج -] يستحب الاستبراء في البول للرّجل فإن وجد بللا بعده كان طاهرا و لا يعيد وضوءه و لو لم يستبرأ أجزأه فإن وجد بللا أعاد طهارته و لو وجده بعد الصّلاة أعاد الوضوء خاصّة و يغسل الموضع

النّظر الثّالث في الاستنجاء

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] يجب غسل مخرج البول بالماء و لا يجزي سواء مع القدرة و أقل ما يجزيه مثلا ما عليه و البكر كالثيب و الأغلف إن كان مرتتقا فكالمختتن و إلاّ كشف البشرة إذا بال و غسل المخرج و لو لم يكشفها وجب كشفها بالغسل المخرج و يجب غسلها مع نجاستها [- ب -] لو تعذّر الماء أجزأه المسح بالحجر و شبهه فإذا تمكّن بعد ذلك وجب الغسل و لو خرج من الذكر دود أو حصى أو غيره مما ليس ببول و لا دم و لا مني لم يجب غسله سواء كان جامدا أو مائعا [- ج -] لو توضّأ قبل غسل المخرج جاز و لو صلّى أعاد الصّلاة خاصة و قول ابن بابويه يعيد الوضوء أيضا ليس بمعتمد [- د -] لو بال لم يجب عليه سوى غسل مخرج البول لا غيره و كذا لو تغوّط و لم يبل لم يجب عليه غسل مخرج البول [- ه -] لا يجب على المرأة إدخال إصبعها في فرجها [- و -] الاستنجاء من الغائط واجب ثم إن تعدّى المخرج لم يجز غير الماء و إلا تخيّر بينه و بين الأحجار و الماء أفضل و الجمع أكمل و حدّه الإنقاء من العين و الأثر و لا اعتبار بالرائحة و يكفي في الأحجار إزالة العين [- ز -] يشترط في الأحجار العدد و هو ثلاثة فلا يجزي الأقل و إن نقي به خلافا للمفيد و لو لم يحصل النقاء بالثلاث وجب الزائد حتى ينقى و يستحب أن يقطع على وتر و لو استعمل الواحد ذا الشّعب الثلاث أجزأه و خلاف الشيخ ضعيف و لو استعمل ثلاثة أحجار كلّ واحد منهم من كلّ حجر بشعبه أجزأهم و يشترط الطّهارة فلا يجزي النجس إجماعا [- ح -] يجوز استعمال ما شابه الحجر في الإزالة كالخرق [كالخزف] و المدر و الخشب و الجلد [- ط -] لا يجوز استعمال الصّقيل كالزّجاج و الفحم الرخو و ما شابهه مما يزلج عن النجاسة [- ى -] لا يجوز استعمال العظم و الروث و لا

ص: 7

المطعوم و لا ما له حرمة كحجر زمزم [- يا -] لو استعمل ما نهي عنه لحرمته فالأقرب الطهارة [- يب -] لو استجمر بالنجس لم يجزيه و لو كسره و استعمل الطاهر جاز و كذا لو أزيلت النجاسة بغسل أو استعمل الطرف الطاهر و لو تقادم عهد الحجر النجس و زالت عين النجاسة لم يطهر و لو استجمر بحجر ثم غسله أو كسر النّجس و استعمل الباقي أجزأه [- يج -] لو استنجى بالخرقة و قلبها جاز الاستنجاء بها ثانيا إن كانت صفيقة تمنع من النفوذ و إلا فلا و يلزم الشيخ إطلاق المنع و لو كانت طويلة جاز استعمال طرفيها و يحصل بالعدد خلافا للشيخ إلاّ بعد القطع [- يد -] يجوز الاستجمار بالصوف و الشعر [- يه -] محل الاستجمار بعد الأحجار المزيلة للعين طاهر [- يو -] إذا حصل الإنقاء طهر سواء تواردت الثلاثة على جميع المحل أو توزعت أجزاؤه و قول بعضهم إنه تلفيق فيكون بمنزلة مسحة و لا يكون تكرارا ضعيف للفرق بينهما [- يز -] إنّما يجب الاستنجاء في مخرج الغائط بخروجه أو خروج نجاسة كالدّم أمّا الدود و الحصى و الحقنة الطاهرة فلا [- يح -] ليس على النائم و لا على من خرج منه ريح استنجاء و هو قول العلماء كافة [- يط -] الواجب في الاستنجاء إزالة النجاسة عن الظاهر [- ك -] لو انسدّ المخرج المعتاد و انفتح آخر ففي إجزاء الاستجمار فيه إشكال [- كا -] لا يفتقر مع استعمال الماء إلى تراب إجماعا

الفصل الثّالث في آداب الوضوء

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] السواك مندوب إليه مرغّب فيه و فيه فضل كثير و ليس بواجب و آكده عند الوضوء و الصّلاة و السّحر و يكره في الخلاء و الحمام و يجوز للصائم نهارا بالرطب و اليابس في أوّل النهار و آخره و يكره تركه أكثر من ثلاثة أيّام و فيه اثنا عشر فائدة رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السّلام قال هو من السّنة و مطهرة للفم و مجلاة للبصر و يرضي الرحمن و يبيض الأسنان و يذهب بالحفر و يشدّ اللّثة و يشهي الطعام و يذهب بالبلغم و يزيد في الحفظ و يضاعف الحسنات و يفرح به الملائكة [- ب -] يستحب وضع الإناء على اليمين و الاغتراف بها إن كانت الآنية يغترف منها باليد [- ج -] يستحبّ غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء مرّة واحدة من حدث النّوم و البول و مرتين من الغائط و ثلاثا من الجنابة و ليس بواجب و الظاهر أنّ المراد باليد هنا من الكوع و كراهة غمس بعضها قبل الغسل كالجميع و كذا غمسها قبل كمال العدد و كغمسها قبل الشروع [- د -] لا فرق بين كون يد النائم مشدودة أو مطلقة أو في دعاء أو كون النائم مسرولا أو لا عملا بالعموم [- ه -] هذا الاستحباب مختصّ بالمسلم المكلّف [- و -] المراد من النوم الناقض قلّ زمانه أو كثر [- ز -] لا يفتقر غسل اليدين إلى نيّة و لا تسمية [- ح -] لو اجتمعت أحداث الثلاثة تداخل الغسل [- ط -] يستحبّ التّسمية عند الطهارة و ليست واجبة و لو فعلها خلال الطهارة لم يأت بالمستحبّ و صورتها بسم اللّٰه و باللّٰه اللّٰهمّ اجعلني من التّوابين و اجعلني من المتطهّرين [- ي -] يستحب المضمضة و الاستنشاق باليمنى ثلاثا ثلاثا قبل الوضوء و ليسا بواجبين يبدأ بالمضمضة ثلاثا ثمّ يستنشق ثلاثا و يستحبّ فيهما الدعاء

الفصل الرّابع في آداب الحمام و غيره
اشارة

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] يجب عليه إذا دخل الحمام ستر عورتيه قبله و دبره و يستحبّ دخوله بمئزر إذا لم يره غيره [- ب -] قال الصّادق عليه السّلام إذا دخلت الحمام فقل في الوقت الذي تنزع ثيابك اللّٰهمّ انزع عنّي ربقة النّفاق و ثبّتني على الإيمان فإذا دخلت البيت الأوّل فقل اللّٰهمّ إنّي أعوذ بك من شرّ نفسي و أستعيذ بك من أذاه و إذا دخلت البيت الثاني فقل اللّٰهمّ أذهب عنّي الرّجس النجس و طهّر جسدي و قلبي و خذ من الماء الحارّ و ضعه على هامتك و صبّ منه على رجليك و إن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل فإنّه ينقي المثانة و البث في البيت الثاني ساعة فإذا دخلت البيت الثالث فقل نعوذ باللّٰه من النار و نسأله الجنّة تردّدها إلى وقت خروجك من البيت الحار و إياك و شرب الماء البارد و الفقّاع في الحمام فإنّه يفسد المعدة و لا تصبّن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن و صبّ الماء البارد على قدميك إذا خرجت فإنّه يسل الداء من جسدك فإذا لبست ثيابك فقل اللّٰهمّ ألبسني التقوى و جنّبني الرّدى فإذا فعلت ذلك أمنت من كل داء [- ج -] يجوز قراءة القرآن في الحمام و يكره للعريان و يجوز النكاح فيه [- د -] روي عن الصّادق عليه السلام قال لا تتّك في الحمام فإنّه يذيب شحم الكليتين و لا تسرّح في الحمام فإنه يرقّق الشعر و لا تغسل رأسك بالطين فإنّه يسمج الوجه و لا تتدلّك بالخزف فإنّه يورث البرص و لا تمسح وجهك بالإزار فإنّه يذهب بماء الوجه و روي أن المراد بذلك طين مصر و خزف الشام و قال الكاظم ع لا تدخلوا الحمام على الرّيق و لا تدخلوه حتى تطعموا شيئا [- ه -] قال الصادق عليه السّلام غسل الرّأس بالخطمي في كلّ جمعة أمان من البرص و الجنون و قال عليه السّلام غسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر و يزيد في الرزق [- و -] يستحبّ التّنوير في كلّ خمسة عشر يوما مرة

فصول في الفطرة

[- ا -] حلق العانة مستحب و السنة إزالتها بالنّورة [- ب -] نتف الإبط من الفطرة و كان الصادق عليه السّلام يطلي إبطيه في الحمام و يقول نتف الإبط يضعف المنكبين و يوهن و يضعف البصر و قال عليه السّلام حلقه أفضل من نتفه و طليه أفضل من حلقه [- ج -] قصّ الأظفار من الفطرة قال الرضا عليه السّلام قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء و استحموا يوم الأربعاء

ص: 8

و أصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس و تطيّبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة [- د -] قصّ الشارب من الفطرة قال الصادق عليه السّلام أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام و عن الباقر عليه السّلام قال من أخذ من أظفاره و شاربه كلّ جمعة و قال حين يأخذه بسم اللّٰه و باللّٰه و على سنّة محمّد و آل محمّد صلوات اللّٰه عليه و عليهم لم يسقط منه قلامة و لا جزازة إلاّ كتب اللّٰه تعالى له بها عتق نسمة و لم يمرض إلاّ مرضة الّذي يموت فيه [- ه -] فرق الرأس من الفطرة قال الصادق عليه السّلام من اتّخذ شعرا فلم يفرقه فرقه اللّٰه بمنشار من نار [- و -] السّنن الحنيفيّة عشر خمس في الرأس و هي المضمضة و الاستنشاق و السّواك و فرق الشعر و قصّ الشّارب و خمس في البدن قصّ الأظفار و حلق العانة و الإبطين و الختان و الاستنجاء [- ز -] يستحبّ إزالة الشعر من الأنف قال الصادق عليه السّلام إنه يحسّن الوجه [- ح -] اتخاذ الشعر أفضل من إزالته [- ط -] يستحبّ الخضاب قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من أطلى و اختضب بالحنّاء آمنه اللّٰه عزّ و جلّ من ثلاث خصال الجذام و البرص و الأكلة إلى طلية مثلها و قال الصادق عليه السّلام الخضاب بالسّواد أنس للنّساء و مهابة للعدو و قال عليه السّلام في قوله تعالى وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ قال منه الخضاب بالسواد و قتل الحسين بن عليّ عليه السّلام و هو مخضوب بالوسمة و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله لعلي عليه السّلام يا علي درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم في غيره في سبيل اللّٰه و فيه أربع عشرة خصلة يطرد الرّيح من الأذنين و يجلو البصر و يلين الخياشيم و يطيّب النكهة و يشدّ اللّثة و يذهب بالصّفار و يقلّ وسوسة الشيطان و تفرح به الملائكة و يستبشر به المؤمن و يغيظ به الكافر و هو زينة و طيب و يستحيي منه منكر و نكير و هو براءة له في قبره

الفصل الخامس في أفعال الوضوء و كيفيّته
اشارة

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -]

النّية
اشارة

شرط في الطهارة المائية بنوعيها و الترابية و هي القصد و محلّها القلب فلا يشترط النطق و لو نطق بها و لم تخطر بباله لم يجزه و لو نطق بغير ما نواه فالمعتبر النّية القلبيّة و كيفيّتها أن ينوي التقرب إلى اللّٰه تعالى على جهة الوجوب أو النّدب و هل يشترط استباحة شيء لا يستباح إلاّ بالطّهارة أو رفع الحدث و هو إزالة المانع من كلّ فعل يفتقر إلى الطهارة أو لا يشترط خلاف و وقتها عند غسل الكفين و يتضيّق عند غسل الوجه و يجب استدامتها حكما إلى الفراغ

فروع

[- ا -] لو نوى ما لا يشرع له الطهارة كالأكل مثلا لم يرتفع حدثه إجماعا [- ب -] لو نوى ما ليس من شرطه الطهارة بل من فضله كقراءة القرآن أو النوم قال الشيخ لا يرتفع حدثه لأنّه لم ينو رفعه و لا ما يتضمّنه و عندي فيه توقّف أمّا لو نوى وضوءا مطلقا فالوجه ما قاله الشيخ [- ج -] لو جدّد الطهارة فتبيّن أنّه كان محدثا ففي الإجزاء إشكال [- د -] لو نوى المجنب الاستيطان في المسجد أو قراءة العزائم أو مسّ الكتابة ارتفع حدثه أمّا لو نوى الاجتياز نصّ الشيخ على عدمه [- ه -] لو ضمّ نية التبرّد إليها أجزأه لحصوله بدونها أمّا لو ضمّ الرياء فالوجه عندي البطلان [- و -] لو غربت النيّة عن خاطره في أثناء الطهارة أجزأه [- ن -] لو نوى قطع النّية في أثناء الطّهارة لم يبطل فعله الأوّل و لا اعتداد بما فعله بعده و لو أعاد النية أعاد ما فعله بغير نيّة بشرط عدم طول الفصل المؤدي إلى الجفاف [- ح -] لو شكّ في النّية بعد الفراغ لم يلتفت و لو كان في الأثناء أعاد [- ط -] لو وضّأه غيره اعتبرت نيّة المتوضّئ [- ي -] الكافر لا يصحّ منه الطّهارة و إن وجبت عليه لاشتراط الإسلام في صحّة التقرّب [- يا -] لو نوى بطهارته صلاة معيّنة ارتفع حدثه و جاز الدّخول به في غيرها [- يب -] المستحاضة و صاحب السلس و المتيمّم ينوون استباحة الصّلاة دون رفع الحدث [- يج -] لو فرّق النّية على أعضاء الوضوء لم يجز أمّا لو نوى لكلّ فعل بانفراده ففي الإجزاء نظر [- يد -] لا يعتبر النّية في رفع الخبث عن البدن و الثوب إجماعا [- يه -] لو اجتمعت أسباب توجب الوضوء كفى الواحد و لا يجب تعيين الحدث المرفوع و لو نوى رفع حدث معيّن ارتفع الباقي و لو كان عليه أغسال قال الشيخ رحمه اللّٰه إن نوى غسل الجنابة أجزأ عن غيره و إن نوى غيره لم يجز عنه و فيه قوة

- ب - الثاني يجب غسل الوجه
اشارة

و حدّه من قصاص شعر الرأس إلى مجاوز شعر الذقن طولا و ما دارت عليه الإبهام و الوسطى عرضا فالخارج ليس من الوجه و يجب أن يغسل من أعلى الوجه إلى الذقن فلو نكس لم يجزئه على الأقوى و لا يجب غسل ما استرسل من اللحية و لا تخليلها بل يغسل الظاهر

فروع

[- ا -] لو نبت للمرأة لحية فكالرّجل [- ب -] لا يجب تخليل الأهداب و لا الشارب و لا العنفقة و لا الحواحب سواء كانت كثيفة أو خفيفة بل يجب غسل هذه المواضع إن فقد الشعر و إلاّ فإمرار الماء على ظاهر الشّعر و قول ابن أبي عقيل متى خرجت اللّحية و لم تكثر فعلى المتوضئ غسل الوجه حتّى يصل الماء إلى بشرته غير معتمد [- ج -] لا اعتبار بالأنزع و لا الأغم و لا من يفضل يداه عن المعتاد أو تقصر أو يخرج وجهه في القدر عن المعتاد بل يرجع كلّ منهم إلى مستوي الخلقة بمعنى أنّ كلّ ما يجب غسله في المستوي يجب هنا [- د -] لا يجب غسل ما خرج عمّا حددناه كالعذار و لا

ص: 9

يستحب بل يحرم إن اعتقده [- ه -] الأذنان ليستا من الوجه لا يجوز غسلهما للوضوء و لا تخليلهما [- و -] لو غسل الشعر النابت على الوجه ثمّ زال عنه أو انقلعت جلدة من بدنه أو ظفره أو قصّه لم يؤثّر في طهارته

- ز - يجب غسل اليدين
اشارة

و حدّهما من المرفق إلى أطراف الأصابع و يجب أن يبدأ باليمين قبل اليسار و بالمرفق ثمّ ينتهي إلى الأصابع فلو نكس لم يجزئه على الأقوى و يجب إدخال المرفق في الغسل و الواجب فيه و في غسل الوجه ما يسمّى غسلا بأقل اسمه و لا يجزيه المسح

فروع

[- ا -] لو قطع بعض يديه وجب غسل الباقي من المرفق و لو قطعت من المرفق سقط فرض غسلها [- ب -] لو خلق له لحم نابت أو جلد منبسط في محلّ الفرض أو يد زائدة أو إصبع وجب غسله و لو كانت فوق المرفق لم يجب غسلها سواء حاذى بعضها محلّ الفرض أو لا [- ج -] لو لم يعلم اليد الزائدة من الأصليّة غسلهما [- د -] لو انقلعت جلدة من غير محلّ الفرض حتّى تدلت من محلّ الفرض وجب غسلهما و بالعكس لا يجب و لو انقلعت من أحد المحلّين فالتحم رأسها في الآخر و بقي وسطها متحافيا كان حكمها حكم النابت في المحلين [- ه -] الوسخ تحت الظفر المانع من وصول الماء إلى ما تحته يجب إزالته إن لم يشقّ

- و - يجب مسح الرأس
اشارة

و أقلّه ما يحصل به اسم المسح و يستحبّ قدر ثلاث أصابع عرضا و محلّه مقدّم الرأس و يجب بنداوة الوضوء فلا يجوز استئناف ماء جديد له و يجوز مقبلا و مدبرا على كراهية و على البشرة و الشعر المختص بها و لو جمع عليه شعر غيره و مسح عليه لم يجز و كذا لو مسح على ساتر كالعمامة

فروع

[- ا -] لو جفّ ماء الوضوء أخذ من لحيته و أشفار عينيه و مسح برأسه فإن لم يبق نداوة استأنف الوضوء [- ب -] لو مسح على حائل رقيق لا يمنع من وصول الماء إلى البشرة لم يجزه [- ج -] قد بيّنا أنّ المسح لا يتقدّر بقدر بل الواجب أقلّ اسم المسح فالزائد عليه لا يوصف بالوجوب و كذا في كلّ ما يشبهه [- د -] يستحبّ أن تضع المرأة القناع و يتأكد في المغرب و الصبح [- ه -] لو غسل موضع المسح لم يجزه [- و -] لا يمسح على [الجمّة] الجبهة و لا على ما يجمع على مقدّم الرأس من غير شعر المقدّم و لو خضب رأسه بما يستره أو طيّنه لم يجز المسح عليه و لو كان على رأسه جمّة فأدخل يده تحتها و مسح أجزأه [- ز -] مسح جميع الرأس بدعة و كذا مسح الأذنين

- ح - يجب مسح الرجلين
اشارة

من رءوس الأصابع إلى الكعبين و هما النابتان في وسط القدم و يجوز منكوسا و البدأة بأيّهما كان و يجب المسح على البشرة و يحرم على الحائل كالخفّ و شبهه إلاّ مع الضّرورة أو التقيّة و لو زال السّبب أعاد الطهارة على أحوط القولين و لو قطع بعض موضع المسح مسح على ما بقي و لو قطع من الكعب سقط المسح

فروع

[- ا -] لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح بل يجزي بإصبع واحدة [- ب -] يجب المسح بنداوة الوضوء كما قلنا في الرأس و لا يجوز استئناف ماء جديد فإن لم يبق نداوة أخذ من لحيته و أشفار عينيه و مسح برجليه فإن لم يبق استأنف و لو أخرج رجليه من الماء و مسح عليهما رطبتين ففي الإجزاء نظر [- ج -] يجب الانتهاء في المسح إلى الكعبين و هما المفصلان اللذان يجتمع عندهما القدم و الساق و يجب إدخالهما في المسح [- د -] الواجب المسح فلا يجزي الغسل بل يبطل طهارته معه و لو فعله للتقيّة أو للضّرورة صحّ وضوؤه فلو زال السبب ففي الإعادة نظر [- ه -] لو أراد التنظيف قدّم غسلهما على الطّهارة أو أخّره [- و -] يجوز المسح على النعل العربيّة و إن لم يدخل يده تحت الشراك

الفصل السّادس في الأحكام

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] الترتيب واجب يبدأ بالوجه ثمّ باليد اليمنى ثم اليسرى ثمّ يمسح الرأس ثمّ الرجلين فلو خالف عمدا أعاده و نسيانا يعيد إن كان جفّ الوضوء و إلا غسل على ما يحصل معه الترتيب فلو نكس صح غسل الوجه و لو نكس ثانيا مع بقاء الرطوبة حصل به و باليمنى و لو نكس ثالثا معه حصل باليسرى ما لم يستأنف و لو غسل أعضاءه دفعة حصل بالوجه و لو تواردت عليه في الماء الجاري جريات ثلاث حصل بالأعضاء المغسولة و لو انغمس في الواقف ناويا رفعه حصل بالوجه و لو أخرج أعضاءه مرتبا حصل بالمغسولة و لو لم يرتّب حصل بالوجه إدخالا و باليمنى إخراجا [- ب -] الموالاة واجبة و هي المتابعة بين الأعضاء مع الاختيار و مراعاة الجفاف مع الاضطرار و لو أخلّ بها فعل محرما و الوجه أنّه لا يبطل وضوؤه إلاّ مع الجفاف و قبل الإكمال و لو فرّق لعذر لم يجب الإعادة إلاّ مع الجفاف في الهواء المعتدل و لو جفّ ماء الوضوء لحرارة الهواء المفرطة جاز البناء و مع إفراط حرارته يغسل متواليا بحيث لو اعتدل لم يحكم بجفاف السابق [- ح -] و لا يجوز استئناف ماء جديد المسح [- ج -] الفرض في الغسلات مرة و الثانية سنة و قول ابن بابويه متروك و الثالثة بدعة و لا تكرار في المسح إجماعا و لو غسل بعض أعضائه مرة و بعضها مرّتين جاز و لو اعتقد وجوب الثانية لم يثب بفعلها عليه و هل يخرج ماؤها عن كونه ماء الوضوء و يحرم المسح به إشكال أقربه ذلك [- د -] كلّ ما يمنع من إيصال الماء إلى البشرة يجب إزالته أو تحريكه بحيث يصل الماء إلى البشرة و لو كان الخاتم واسعا استحبّ تحريكه [- ه -] الجبائر تنزع و يمسح على العضو مع المكنة أو يكرّر الماء حتى تصل إلى البشرة أولا مسح عليها سواء

ص: 10

كان العضو تحتها طاهرا أو نجسا و لو زال العذر و استأنف على إشكال و لو استوعبت الجبيرة محلّ الفرض مسح عليها أجمع و لو تعدّته مسح على المحاذي خاصّة و لو تجاوزت محلّ الكسر بما لا بدّ منه فكالمكسور بخلاف ما منه بدّ و لا توقيت في المسح عليها و لا فرق بين الطهارتين فيها و لا بين شدّها على طهارة و غيرها و إذا اختصّت بعضو مسح عليها و غسل الباقي فلا تيمّم معه و لو عمّت مسح على الجميع و لو استضرّ بالمسح تيمّم [- و -] يحرم أن يوضّئه غيره مع المكنة و يجوز مع الضرورة و يكره الاستعانة [- ز -] من توضأ لصلاة جاز أن يدخل به في غيرها و كذا من توضأ لنافلة دخل به في الفريضة و بالعكس [- ح -] لا يجوز للمحدث مسّ كتابة القرآن و يجوز لمس هامشه فلا فرق بين المنسوخ حكمه و غيره أما المنسوخ تلاوته فيجوز لمسه [- ط -] من دام به السّلس يتوضأ لكلّ صلاة و من به البطن إذا تجدّد حدثه في الصّلاة قال الشيخ يتطهّر و يبني [- ي -] يستحب الدعاء عند غسل كل عضو و مسحه [- يا -] يستحب أن يبدأ الرّجل بغسل ظاهر ذراعيه و في الثانية بالباطن و المرأة بالعكس [- يب -] يستحب أن يتوضّأ بمدّ و يغتسل بصاع [- يج -] يكره مسح بلل الوضوء عن الأعضاء [- يد -] يجب أن يكون ماء الغسل و الوضوء مملوكا أو في حكمه فلو توضأ أو اغتسل بالمغصوب مع علمه بالغصبيّة لم يرتفع حدثه و لا يعذر لو علم الغصب و جهل التحريم و كذا لو اشتراه بعين مغصوبة أمّا لو اشتراه شراء فاسدا أو كانت الآنية التي يغترف منها أو التي يفيض بها الماء على بدنه أو كان مصبّ الماء مغصوبا فالوجه صحة الطهارة على إشكال و لو استعمل المغصوب في إزالة النجاسة طهر و أثم

الفصل السّابع في السّهو
اشارة

فيه من تيقن الحدث و شك في الطهارة تطهّر و كذا لو تيقّنهما و شكّ في المتقدّم و لو تيقّن ترك عضو أتى به و بما بعده إن لم يجفّ المتقدّم و إلا أعاد و لو شكّ في شيء من أفعال الطهارة فإن كان على حال الطهارة أعاد على ما شك فيه و ما بعده إن لم يجف المتقدّم و إن انصرف لم يلتفت و لو ترك غسل أحد المخرجين و صلّى أعاد الصّلاة دون الطهارة عامدا و ناسيا و جاهلا و لو جدّد ندبا و صلّى و ذكر إخلال عضو مجهول أعاد إن اشترطنا نيّة الاستباحة أو رفع الحدث بخلاف الشكّ بعد الانصراف و إلاّ فلا و لو صلّى بكل منهما صلاة أعادهما على الأوّل و إلاّ الأولى و لو أحدث عقيب طهارة منهما و لم يعلمها أعاد الصّلاتين مع الاختلاف و إلا واحدة ينوي بها ما في ذمّته و كذا لو صلّى بطهارة ثمّ أحدث و توضأ و صلّى أخرى و ذكر إخلال عضو من إحداهما لا بعينها و لو صلّى الخمس و ذكر الحدث عقيب إحدى الطهارات أعاد أربعا و ثلاثا و اثنين

فروع

[- ا -] لو ظنّ الحدث مع يقين الطهارة لم يلتفت إلى الظنّ [- ب -] لو تيقّن وقت الزوال أنّه نقض طهارة و توضأ عن حدث و شكّ في السابق استصحب حال السّابق على الزوال و لو شكّ في الطّهارة و الحدث نظر إلى ما قبل ذلك الزمان و استصحب حاله [- ج -] لا يجوز لمن لحقه الشك في تعيين ترك العضو من إحدى الطّهارتين مع تخلّل الحدث أن يصلّي ثالثة إلاّ بطهارة ثالثة و لا أن يقضي إحداهما إلاّ بثالثة [- د -] يمنع الصبي من مسّ كتابة القرآن [- ه -] الدراهم المكتوبة عليها القرآن يحرم مسّها للمحدث [- و -] لو غسل المحدث بعض أعضائه لم يخرج عن المنع [- ز -] لو تصفحه بكمّه أو قلبه بعود أو كتب المصحف بيده لم يكن به بأس [- ح -] يجوز مسّ كتب التفاسير و الأحاديث و كتب الفقه للمحدث و الجنب إجماعا

المقصد الثالث في الغسل

اشارة

و فيه مقدّمة و فصول

أمّا المقدّمة

ففي أنواعه و هي ضربان واجب و ندب فالواجب ستّة غسل الجنابة و الحيض و الاستحاضة و النفاس و مسّ الأموات من الناس بعد بردهم بالموت و قبل تطهيرهم بالغسل و غسل الأموات و الندب ثلاثون غسل يوم الجمعة و ليس بفرض على الأصحّ و وقته من الفجر الثاني إلى الزّوال فلو اغتسل في أي زمان منه أجزأه و كلما قرب منه كان أفضل و يقضي لو فات يوم السّبت و الأقرب بعد ظهر الجمعة نيّة القضاء و لو خاف عوز الماء قدّمه يوم الخميس و لو وجده فيه فالأقرب استحباب إعادته فلو تركها أو تركه فيه تهاونا ففي استحباب قضائه يوم السّبت إشكال و لو أحدث عقيبه أجزأه و كفاه الوضوء و هو مستحبّ لآتي الجمعة و تاركها و لا بدّ فيه من النيّة و كيفيّته مثل غسل الجنابة و أوّل ليلة من شهر رمضان و ليلة نصفه و سبع عشرة و تسع عشرة و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين و ليلة الفطر و يومي العيدين و ليلة نصف رجب و يوم المبعث و ليلة نصف شعبان و يوم الغدير و يوم المباهلة و يوم عرفة و يوم نيروز الفرس و غسل الإحرام و الطواف و زيارة النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام و المفرّط في صلاة الكسوف مع احتراق القرص كلّه على رأي و المولود و من سعى إلى مصلوب بعد ثلاثة أيام ليراه و التّوبة عن فسق أو كفر و صلاة الحاجة و صلاة الاستخارة و غسل دخول الحرم و المسجد الحرام و مكّة و الكعبة و المدينة و دخول مسجد النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله و ما يستحب للفعل و المكان يقدّم عليهما و ما يستحبّ للزمان يكون بعد دخوله و لو اجتمعت

ص: 11

أغسال مندوبة لم يتداخل و لو انضمّ إليها غسل واجب كفاه نيّته على قول ضعيف و الوجه جواز الإتيان بها للجنب و الحائض كالمحدث

الفصل الأوّل في الجنابة
اشارة

و مطالبه ثلاثة

الأوّل في السبب

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] إنّما تكون الجنابة بالجماع في القبل بحيث تغيب الحشفة أو الدّبر على رأي و إنزال المني و هو الماء الغليظ الذي يقارنه الشهوة و فتور الجسد و منيّ المرأة رقيق أصفر و يشترك فيهما الرّجل و المرأة و لو لم يعلم كون الخارج منيّا اعتبر بالدفق و الشهوة و علم أنّه منيّ وجب الغسل و إلاّ فلا [- ب -] كيف خرج المني وجب الغسل سواء كان بشهوة أو لا بدفق أو لا يقظة و نوما [- ج -] لو أحسّ بانتقال المنيّ فأمسك ذكره فلم يخرج فلا غسل [- د -] لو رأى في النّوم أنّه قد احتلم فاستيقظ فلم يجد منيّا لم يجب الغسل إجماعا و لو استيقظ فوجد المنيّ وجب الغسل و لا اعتبار بالعلم بالخروج في وقته و لو استيقظ فرأى مذيا لم يجب الغسل سواء تذكّر الاحتلام أو لا و لو رأى في ثوبه منيّا فإن كان الثوب مختصّا به وجب الغسل و إلاّ فلا و يعيد الصّلاة من آخر نومة إلاّ أن يدلّ أمارة على التّقدم فيعيد من أدنى نومة تحتمل الإضافة إليها و قول الشيخ هنا مدخول و هل يجوز لأحد المشتركين في الثوب الواجدين المني فيه الائتمام بصاحبه الأقرب نعم لأنّ الشّرع أسقط نظره عنهما و يجوز لكلّ منهما قراءة العزائم و غيرها [- ه -] لو خرج منيّ الرّجل من فرج المرأة بعد غسلها لم يجب عليها الغسل [- و -] الجماع الذي يحصل معه التقاء الختانة موجب للغسل على الرّجل و المرأة سواء حصل الإنزال أو لا [- ز -] الأصحّ عندي وجوب الغسل بالجماع في دبر المرأة على الرجل و المرأة و كذا بالجماع في دبر الغلام [- ح -] في وطء البهيمة المجرّد عن الإنزال إشكال أقربه عدم الوجوب [- ط -] لا فرق بين وطء الحيّ و الميّت البالغ و غيره المكره و الطائع و النّائم و المستيقظ [- ي -] لو غيّب بعض الحشفة و لم ينزل لم يجب الغسل و لو انقطعت الحشفة أو لم تكن له خلقة فأولج الباقي بقدر الحشفة وجب الغسل [- يا -] لو أولج ذكره في قبل خنثى مشكل أو أولج الخنثى المشكل ذكره أو وطئ أحدهما الآخر ففيه إشكال ينشأ من احتمال كون أحدهما زائدا و من حيث تعلّق الحكم بالتقاء الختانين من غير اعتبار الأصالة و الزيادة و مع الإنزال يختص الغسل بالمنزل [- يب -] لو وطئ الصّبي أو الصّبية ففي لحوق حكم الجنابة بهما إشكال [- يج -] لو لحق الكافر السّبب لحقه الحكم و لو أسلم وجب عليه الغسل سواء اغتسل حال كفره أو لا [- يد -] لو ارتدّ المغتسل لم يبطل غسله

المطلب الثّاني في أحكام الجنابة

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] يحرم على الجنب قراءة كلّ واحدة من العزائم و هي سجدة لقمان و حم السّجدة و النجم و اقرأ باسم ربّك و يتناول التحريم السّورة و أبعاضها و لو نوى بالتّسمية جزأها حرم و لا يحرم قراءة غير العزائم و يكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غيرها و يتأكد الكراهيّة في سبعين و ما زاد و قول بعض أصحابنا إنّ الزائد على السّبعين حرام ضعيف [- ب -] يحرم عليه مسّ كتابة القرآن و ما عليه اسم اللّٰه تعالى و هل يحرم مسّ اسم أحد من الأنبياء أو الأئمّة عليهما السّلام قال الشيخان نعم و الأولى عندي الكراهيّة [- ج -] يكره له مسّ المصحف و حمله و يجوز مس كتب التفسير و الأحاديث و حمل المصحف بغلافه و مسّ كتابة التوراة و الإنجيل و القرآن المنسوخ تلاوته أما المنسوخ حكمه خاصّة فلا و يجوز له أن يذكر اللّٰه تعالى [- د -] يحرم عليه اللبث في المساجد خلافا لسلاّر و يجوز له الاجتياز إلا في المسجد الحرام و مسجد النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله فإنّ الجواز فيهما محرّم و لو احتلم في أحدهما تيمّم للخروج [- ه -] يحرم عليه وضع شيء فيها و يجوز له أخذ ماله منها [- و -] لو خاف الجنب على نفسه أو ماله و لم يمكنه الخروج من المسجد و لا الغسل تيمّم و جلس فيه إلى أن تزول الضّرورة و لو توضأ لم يجز له الاستيطان فيه [- ز -] يكره له النّوم قبل الوضوء و الأكل و الشرب قبله أو قبل المضمضة و الاستنشاق و الجماع قبل الغسل للمحتلم و لا بأس بتكرير الجماع و الخضاب و الادهان

المطلب الثّالث في الغسل

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] إذا أجنب الرّجل أو المرأة وجب عليهما الغسل و اختلف الفقهاء في وجوبه لنفسه أو لغيره و الأقرب الأوّل و قد بيّنا وجه القولين و صحّحنا الحقّ منهما في كتاب منتهى المطلب و بيّنا خطأ ابن إدريس [- ب -] النّية شرط في الغسل و وقتها عند غسل اليدين و يتضيّق عند غسل الرأس و يجب استدامتها حكما و يكفيه أن ينوي مع الوجوب و القربة رفع الحدث و إن لم يذكر السّبب [- ج -] يجب إيصال الماء إلى كلّ البشرة بأقلّ ما يسمّى غسلا و لو كان بعض أجزاء البدن محتاجا إلى التخليل وجب و كذا يجب نقض الضفائر إن لم يصل الماء إلى أصولها إلاّ به و يجب إيصال الماء إلى أصول الشعر و يستحب تخليل ما يصل إليه الماء [- د -] الترتيب شرط فيه يبدأ بالرأس و الرقبة ثمّ بالجانب الأيمن ثمّ الأيسر فيعيد ما يحصل معه الترتيب لو خالف و يسقط عن المرتمس على الأقوى و عن الواقف تحت المطر أو الميزاب أو المجرى و لو بقيت لمعة في جسده أجزأه غسلها إن كانت في الأيسر و إلا غسلها و أعاد الأيسر و لو وجد المرتمس اللمعة ففي إعادة غسله نظر [- ه -] لا فرق بين

ص: 12

الرّجل و المرأة في ذلك كلّه [- و -] لا يجب غسل المسترسل من الشعر و اللحية بل البشرة المستورة بهما سواء كان الشعر خفيفا أو كثيفا و يجب غسل الحاجبين و الأهداب ليصل الماء إلى ما تحتها و يستحبّ تخليل الأذنين مع الوصول و يجب لا معه [- ز -] الموالاة غير واجبة هنا إجماعا [- ح -] يستحب الاستبراء للرّجل المجنب عن الإنزال بأن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثم منه إلى طرفه ثم ينتره ثلاثا ثلاثا و للشيخ قول بالوجوب و المضمضة و الاستنشاق ثلاثا ثلاثا و إمرار اليد على الجسد و كذا في الوضوء على أعضائه و الغسل بصاع فما زاد و الدعاء [- ط -] يكفي غسل الجنابة عن الوضوء فإن توضّأ معتقدا عدم الإجزاء كان مبدعا و لا يستحب و إن اعتقد الإجزاء و الأقرب عدم اكتفاء غيره عنه [- ي -] لو اجتمعت أغسال واجبة كفى الواحد فإن نوى رفع الحدث أو الجنابة أجزأ عن الوضوء و إن نوى الحيض أو غيره فعلى عدم الاجتزاء إشكال في رفع الجنابة فإن قلنا برفعه فلا وضوء و إلاّ وجب و هل يرتفع مع الوضوء فيه نظر ينشأ من الإذن في الدخول في الصّلاة للحائض معهما و من كون الغسل غير رافع للجنابة لعدم إرادته و لا الوضوء لعدم صلاحيّته فنحن في هذا من المتوقّفين [- يا -] إذا جرى الماء تحت قدمي الجنب أجزأه و إلاّ غسلهما [- يب -] إذا اغتسل المنزل ثمّ رأى بللا بعده فإن تيقّن أنّه منيّ أو لم يعلمه و لم يبل و لم يستبرئ أعاد و لو بال و لم يجتهد توضأ و لو بال و اجتهد لم يلتفت [- يج -] لو صلّى ثمّ رأى بللا علم أنّه منيّ أعاد الغسل لا الصّلاة على الأقوى [- يد -] لو جامع و لم ينزل لم يجب الاستبراء و لو رأى بللا يعلم أنه منيّ أعاد الغسل أما المشتبه فلا بخلاف الموجود بعد الإنزال [- يه -] الاستبراء على الرّجال خاصّة فلو رأت المرأة بللا فلا إعادة لأنّ الظاهر أنه من مني الرّجل و أوجب ابن إدريس الإعادة [- يو -] لو حدث في أثناء الغسل قيل يعيد و قيل يتمّ و لا شيء عليه و قيل يتمّ و يتوضأ و الأوّل أقرب و لو أحدث في أثناء غيره من الواجبات فالأقرب أنه كذلك لكن إن كان قدم الوضوء وجب إعادته و لو أحدث في أثناء المندوب فالوجه الإتمام إن قلنا بعدم رفع الحدث [- يز -] لا يجوز أن يغسّله غيره مع القدرة و يجوز لا معها و يكره الاستعانة [- يح -] هل يجب على الزوج ثمن الماء الّذي تغتسل به المرأة الأقرب عدمه مع غنائها و وجوب تخليتها لتنتقل إلى الماء إليها

الفصل الثّاني في الحيض
اشارة

و هو الدم الأسود الغليظ الّذي يخرج بحرقة و حرارة غالبا و لقليله حدّ يقذفه الرّحم مع بلوغ المرأة ثم يصير لها عادة في أوقات متداولة بحسب مزاجها لحكمة تربية الولد فإذا حملت صرفه اللّٰه تعالى إلى غذائه فإذا وضعت أزال اللّٰه تعالى عنه صورة الدّم و كساه صورة اللبن ليغتذي به الطفل مدّة رضاعه فإذا خلت من الحمل و الرّضاع بقي الدّم و لا مصرف له فيستقرّ في مكان ثمّ يخرج غالبا في كل شهر ستّة أيام أو سبعة أو أقلّ أو أكثر بحسب قرب مزاجها من الحرارة و بعده و قد علّق الشارع عليه أحكاما نحن نذكرها في مطالب

الأول في ماهيّته

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] الحيض غالبا هو الدّم العبيط فإن اشتبه بدم العذرة أدخلت القطنة فإن خرجت منغمسة فحيض و إن خرجت مطوقة فعذرة و إن اشتبه بدم القرح أدخلت إصبعها فإن كان خارجا من الأيمن فقرح و إن كان من الأيسر فحيض على قول الشيخ و ابن بابويه و الرواية لا تساعدهما و ابن جنيد عكس القول [- ب -] لا حيض مع الصغر و هو ما نقص عن تسع سنين و لا مع الكبر و هو ما زاد على خمسين في غير القرشية و النبطية و ستّين فيهما [- ج -] اضطرب قول علمائنا في الحبلى هل ترى الحيض أم لا و الأقرب عندي أنها تراه فتفعل ما تفعل الحائض

الثاني في وقته

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] أقلّ الحيض ثلاثة فلو رأته دون الثلاثة لم يكن حيضا و أكثره عشرة و الزائد غير حيض و هل يشترط التوالي في الثلاثة أم يكفي كونها من جملة العشرة الأقرب الأول و القولان للشيخ [- ب -] إذا رأته زائدا عن الثلاثة و لم يتجاوز العشرة و أمكن أن يكون حيضا فهو حيض و لا اعتبار باللون [- ح -] [- ج -] إذا رأت الدم في شهر أياما معيّنة ثمّ طهرت ثم رأته في آخر ثانيا بتلك العدة صار ذلك عادة ترجع إليها و لا حاجة إلى معاودة الدّم ثالثا كما لا اعتداد في العادة بما رأته أولا [- د -] أقلّ الطهر عشرة أيام و لا حد لأكثره و تحديد أبي الصلاح بثلاثة أشهر على سبيل التغليب [- ه -] الصفرة و الكدرة في أيّام الحيض حيض و في أيام الطهر طهر و كذا غيرهما من ألوان الدم [- و -] لو رأت ثلاثة أيّام ثم انقطع ثم عاد قبل العاشر و انقطع عليه فالدمان و ما بينهما حيض و لو تجاوزت العشرة فله تفصيل يأتي و لو تأخر عشرة ثم عاد كان الأول حيضا بانفراده و الثاني كذلك إن اجتمعت فيه الشرائط

المطلب الثّالث في المتجاوز عن العادة

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] قد بيّنا أنّ الأقلّ ثلاثة و الأكثر عشرة فالمرأة إما مبتدئة أو ذات عادة مستقيمة أو مضطربة و إما ذات تميز أو لا فالأقسام أربعة جامعة وصفي التميز و العادة و فاقدتهما و فاقدة العادة أو التميز أما الجامعة لهما فإن اتحد الزمان

ص: 13

فلا بحث إجماعا و إن اختلف فللشيخ قولان أصحّهما العمل على العادة و أما فاقدتهما المبتدئة فإن انقطع العشرة فما دون إلى الثلاثة فهو حيض و إن تجاوزت رجعت إلى عادة نسائها فإن فقدن أو اختلفن تحيضت في كلّ شهر سبعة أيّام أو ستّة و قيل ثلاثة و قيل عشرة و قيل في الأول ثلاثة و في الثاني عشرة و قيل تجعل عشرة طهر أو عشرة حيضا و الوجه تخيّرها في تخصيص السّبعة فما تخصّصه فهو الحيض و لا تقضي عبادة غيره و أما فاقدة العادة المستقيمة فإمّا مبتدئة أو مضطربة و كلاهما ترجعان إلى التميز بشروط اختلاف اللون و بلوغ ما هو بصفة دم الحيض ثلاثة و عدم تجاوزه الأكثر و مجاوزة المجموع العشرة و لا يشترط في التميز التكرار و لو رأت ثلاثة أيام أسود و ثلاثة أصفر ثم عشرة أسود قال الشيخ رحمه اللّٰه تحيّضت بالعشرة الأخيرة و قضت ما تركته في الثلاثة الأولى و قيل لا تميز لهذه و لو رأت خمسة أيّام دم الاستحاضة ثمّ الأسود بقيّة الشهر قال الشيخ يحكم في أوّل يوم ترى ما هو بصفة دم الحيض إلى تمام العشرة بأنه حيض و ما بعده استحاضة فإن استمرّ على هيئة جعلت بين الحيضة الأولى و الثانية عشرة طهرا و ما بعد ذلك من الحيضة الثانية و الأقرب عندي الرّجوع إلى الرّوايات و تثبت العادة بتساوي التميز مرّتين عددا و وصفا فتعمل في الثالثة عليه و أمّا فاقدة التميز فإنّها ترجع إلى عادتها إن كانت مستقيمة و إن كانت مضطربة و لا تميز رجعت إلى الروايات و لها الخيار في التخصيص [- ب -] لو رأت ذات العادة المستقيمة عددها متقدّما أو متأخّرا لا فيها حكمت بأنّه حيض لتقدّمها تارة و تأخّرها أخرى سواء كان بصفة دم الحيض أو لا و لو رأت قبل العادة و فيها أو فيها و بعدها أو قبلها و فيها و بعدها و لم يتجاوز الأكثر فالجميع حيض و إلاّ فالعادة لا غير [- ج -] لو كان عادتها في كلّ شهر عددا معيّنا فرأته في الشهر مرّتين فهما حيضان مع تخلّل الطهر و لو زاد عددها فهو حيض مع عدم التجاوز و معه استحاضة [- د -] لو كانت عادتها مختلفة مترتبة مثل أربعة في الأوّل و خمسة في الثّاني و ستة في الثالث ثم أربعة في الرابع و خمسة في الخامس و ستة في السّادس و هكذا رجعت في الشهر الأول الذي استحيضت فيه إلى نوبته و لو نسيتها تحيّضت بالأربعة و لو تيقّنت الأزيد تحيضت بالخمسة و هكذا أمّا لو اختلفت لا على ترتيب مثل أربعة في الأوّل و ستة في الثاني و ثلاثة في الثالث و هكذا فإن ذكرت النوبة تحيّضت عليها و إلا بثلاثة [- ه -] لو نسيت العدد فإن ذكرت أوّل الحيض أكملته ثلاثة و إن ذكرت آخره جعلته نهايتها و تعمل في بقيّة الزمان ما تعمله المستحاضة و تغتسل لانقطاع دم الحيض في كلّ وقت يحتمل و تقضي صوم عشرة احتياطا ما لم يقصر وقتها عنها و لو لم تذكر الأوّل و الآخر بل يوما منه مثلا فهو الحيض بيقين فيحتمل أن يكون آخره و أوّله و ما بينهما فتعمل في المتقدّم ما تعمله المستحاضة و تغتسل فيه عند كلّ صلاة و كذا في المتأخّر و تغتسل لاحتمال الانقطاع إلى آخر المحتمل و لو ذكرت العدد خاصّة فالوجه تخيّرها و قيل تعمل في جميع الزّمان ما تعمله المستحاضة و تغتسل للانقطاع في كلّ وقت محتمل له و تقضي صوم العدد و لو نسيتهما معا تحيّضت في كلّ شهر بسبعة أيام و تتخير في التخصيص [- و -] لو ذكرت بعد التخصيص أنّ أيّامها غيره رجعت إلى أيّامها [- ز -] ذاكرة العدد خاصّة قد تعلم الوقت إجمالا فإن زاد العدد على نصفه فالزائد و ضعفه حيض بيقين فلو قالت حيضي ستّة في العشر الأوّل فالسادس و الخامس حيض بيقين فإن خيرناها في الأربعة فلا بحث و إلاّ عملت ما تعمله المستحاضة في الأربعة الأولى فاغتسلت آخر السّادس عند كلّ صلاة لاحتمال الانقطاع و هكذا إلى العاشر و لو قالت سبعة ضعفنا اليومين فكان من أوّل الرّابع إلى آخر السابع حيض بيقين و لو قالت خمسة من العشر الأوّل فاليوم الأوّل طهر بيقين فالسّادس حيض بيقين و لو كان الحيض نصف الوقت أو أقصر فلا حيض بيقين فإن خيّرت فلا بحث و إلاّ عملت ما تعمله المستحاضة في الزمان كلّه ثم تغتسل من آخر العدد إلى آخر الزّمان عند كلّ صلاة لاحتمال الانقطاع عندها إلاّ أن تعرف وقته فتغتسل عند تكرّره خاصّة و كذا من نسيت الوقت أصلا و لو تيقّنت حيض خمسة أيّام و أنّ أحد اليومين إمّا الخامس أو الخامس و العشرون مثلا حيض فمن أوّل العاشر إلى آخر العشرين طهر بيقين و يوم الثلاثين كذلك و الباقي مشكوك فيه و لو قالت حيضي عشرة و كنت مرجح إحدى العشرات الأخرى بيوم فيومان من أوّل الشهر و آخره طهر بيقين و لو قالت بيومين فيومان من أوّله و يومان من آخره طهر بيقين و لو قالت حيضي تسعة و أخلط إحدى العشرات بيوم فيومان من أوّل الشهر و يومان من آخره طهر و هكذا و لو قالت حيضي بيقين خمسة و أخلط بيوم فالستة الأولى و الآخرة و الخامس عشر و السادس عشر طهر بيقين و لو قالت حيضي عشرة و أمزج النصف الأول و الثاني بيوم فالستة الأولى و الأخيرة طهر بيقين و الخامس عشر و السادس عشر حيض بيقين و لو قالت حيضي تسعة و نصف و أمزج إحدى النصفين الثاني بيوم كامل و الكسر من أوله فقد علمت حيضها و هو من نصف السابع إلى آخر السادس عشر و الباقي طهر بيقين و لو

ص: 14

كان الكسر من آخره فمن أوّل الشهر إلى آخر الرابع عشر و من نصف الرابع و العشرين إلى آخره طهر بيقين و الباقي حيض بيقين [- ح -] إذا رأت ثلاثة أيّام دم الحيض و يوما نقاء و يوما دما و انقطع على العشرة فالجميع حيض و إن تجاوز رجعت ذات العادة إليها سواء استوعبها الدم أو تخلّلها النقاء بعد توالي الثلاثة و يجوز لزوجها وطؤها بعد العادة في أيام النقاء و إن جاز انقطاعه على العاشر و إن نسيتها رجعت إلى التميز فتترك العبادة كلّما رأت الدّم و تفعلها مع النقاء و تجعل بين الحيضتين أقلّ الطهر و كذا المبتدئة

المطلب الرّابع في الأحكام

و فيه [- لو -] بحثا [- ا -] يحرم على الحائض الصّلاة و الصوم و لا ينعقدان لو فعلتهما و تتركهما ذات العادة برؤية الدم في وقت عادتها إجماعا أمّا المبتدئة و المضطربة فقال الشيخ تتركهما بمجرّد الرؤية مع الاحتمال فإن استمرّ ثلاثة أيّام فهو حيض قطعا و إلاّ قضت ما تركت من الصّلاة و الصّوم و قال السيّد تتركهما بعد مضي ثلاثة أيّام [- ب -] يحرم عليها اللبث في المساجد إجماعا إلاّ من سلاّر و يجوز لها الاجتياز إلاّ في المسجدين و لو اتّفق لها الحيض في أحدهما تيمّمت للخروج و هل يكره لها الاجتياز في غيرهما للشيخ قولان [- ج -] يحرم عليها وضع شيء في المساجد و يجوز لها الأخذ منها [- د -] يحرم عليها الطواف إجماعا [- ه -] يحرم عليها قراءة العزائم و أبعاضها حتّى البسملة إذا نوت أنّها منها و لا يحرم غيرها بل يكره ما زاد على سبع أو سبعين على الخلاف [- و -] يحرم عليها مسّ كتابة القرآن إجماعا [- ز -] يحرم على زوجها وطؤها و يختصّ التحريم بالقبل و ما فوق السرة و دون الركبة يجوز الاستمتاع به و يكره ما بينهما و قول المرتضى بالتحريم ممنوع و رواياته متأوّلة و معارضة بغيرها [- ح -] يحرم طلاقها إذا كان الزّوج حاضرا و دخل بها إجماعا و لو طلّق لم يقع عندنا [- ط -] يحرم عليها الاعتكاف [- ي -] يجب عليها الغسل عند انقطاع الدم و هو شرط في الصّلاة و الطواف و الصّوم و كيفيّته مثل غسل الجنابة إلاّ أنّه لا بدّ معه من الوضوء [- يا -] يجب عليها الاستبراء إن انقطع لأقلّ من عشرة أيّام بأن تدخل قطنة فإن خرجت ملوثة صبرت المبتدئة حتّى تنقى أو تبلغ العشرة و ذات العادة تستظهر بعد عادتها يوم أو يومين فإن استمر إلى العاشر و انقطع قضت ما فعلته من الصوم و إن تجاوز أجزأها ما فعلته و إن خرجت نقيّة اغتسلت [- يب -] يجب عليها قضاء الصّوم و الصّوم في الحيض ليس بواجب بل سبب الوجوب فائت و قول بعض فقهاء الجمهور بوجوبه غلط [- يج -] لا يجب عليها قضاء الصّلاة و لو دخل الوقت و هي طاهر فلم تصل مع الإمكان ثمّ حاضت قضت و لو مضى أقلّ من الأداء و الطهارة لم يجب و لو دخل الوقت و هي حائض فطهرت وجب عليها قضاء الصلاة مع الترك إن بقي من الوقت ما يتسع للطهارة و أداء ركعة فلو بقي إلى الغروب مقدار خمس ركعات و الطهارة و أهملت قضتهما و إن وسع أربعا قضت العصر خاصّة و إن وسع لأقلّ من ركعة سقطتا [- يد -] لو سمعت سجدة التلاوة فالحقّ عندي أنّها تسجد لرواية عليّ بن رباب الصحيحة عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام و أبي عبيدة عن الباقر عليه السّلام و لا فرق بين الجماع و الاستمتاع و منع الشيخ ضعيف [- يه -] يستحبّ لها أن تتوضّأ لكلّ صلاة لا لرفع الحدث و لا للاستباحة بل تنوي التقرّب و تذكر اللّٰه تعالى في مصلاّها بقدر صلاتها و لو توضّأت بنية التقرّب في وقت توهم الحيض فبان طهرا لم تدخل به في الصّلاة و الفرق بينه و بين المجدد دقيق و لو نوت في هذا الوقت رفع الحدث لم تدخل به أيضا و لو اغتسلت عوض الوضوء لم تفعل المستحبّ و لو فقدت الماء فالوجه عدم التيمّم [- يو -] يكره لها الخضاب و حمل المصحف و لمس هامشه [- يز -] يحرم على زوجها وطؤها قبلا إجماعا و قد تقدم فلو وطئ متعمدا عالما بالتحريم في أوّله كفّر بدينار قيمته عشرة دراهم و في وسطه بنصف دينار و في آخره بربع دينار و هل الكفّارة على الوجوب أو على الاستحباب قولان أقواهما الاستحباب و يجب عليه الاستغفار و يعزّر و لو كانت أمته تصدق بثلاثة أمداد من طعام سواء كان في أوّله أو وسطه أو آخره و الأوّل و الأوسط و الأخير يختلف باختلاف العادة و لو عجز عن الكفّارة سقطت وجوبا و استحبابا و لو عجز عن البعض فالوجه دفع الباقي و لا فرق بين وطء الزوجة و الأجنبيّة و لو وطئ جاهلا أو ناسيا فالوجه عدم التعلّق و لو وطئها طاهرا فحاضت في أثنائه وجب عليه النزع مع العلم فإن أهمل تعلّقت به الكفارة و لو وطئ الصّبي لم يتعلق به إثم و لا كفارة و لو كرّر الوطء فالوجه التفصيل و هو التكرير مع اختلاف الزمان [- يج -] لو وطئ عالما لا مستحلاّ عزّر فإن استحله قتل فإن كان جاهلا فلا عقوبة و يجب عليه الامتناع من الوطء حالة الاشتباه تغليبا للحرمة [- يط -] لا يجب الكفّارة على المرأة و إن غرت زوجها و حكم النّفساء حكم الحائض في ذلك [- ك -] لا فرق في الإخراج بين المضروب و التبر بشرط أن يكون صافيا من الغش و في القيمة نظر و الأقرب عدم الإجزاء [- كا -] وطء المستحاضة مباح عندنا

ص: 15

و لا يتعلّق به كفارة إجماعا [- لب -] لو انقطع دم الحائض حلّ وطؤها قبل الغسل و خلاف ابن بابويه ضعيف لكنّه مكروه و يستحبّ للزوج إذا غلبته الشهوة أن يأمرها بغسل فرجها و لو كانت عادتها أقلّ من العشرة فانقطع عليها حلّ وطؤها [- لج -] عرق الحائض طاهر و كذا الجنب و إن كان من حرام و الإبل الجلالة [- كد -] إذا كان على الحائض جنابة فليس عليها أن تغتسل حتّى ينقطع حيضها فلو اغتسلت لم يرتفع جنابتها [- كه -] قد بيّنا أنّه لا بدّ مع غسل الحيض من الوضوء قبله أو بعده و تنوي بالمتقدّم استباحة الصّلاة و هل تنوي به رفع الحدث أو بالمتأخر لا غير فيه نظر و ابن إدريس قال تنوي بالغسل رفع الحدث تقدّم أو تأخّر و بالوضوء الاستباحة تقدّم أو تأخّر [- كو -] يستحبّ لها الغسل للإحرام و الجمعة و الزيارات و غير ذلك من الأغسال المندوبة

الفصل الثالث في الاستحاضة

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] هو في الغالب الدّم الأصفر البارد الرقيق الخارج بفتور و قد يتفق أن يكون بهذه الصّفات حيضا إذا كان في العادة [- ب -] كل دم تراه المرأة بعد عادتها في الحيض إذا تجاوز العشرة أو بعد أكثر أيّام النفاس أو لدون البلوغ أو مع عن اليأس و مع الحبل على رأي أو أقلّ من ثلاثة أيّام و لم يكن دم جرح و لا قرح فهو استحاضة [- ج -] يجب على المستحاضة الاستبراء بأن تدخل قطنة فإن لطخها الدم و لم يغسلها وجب عليها إبدالها عند كلّ صلاة و الوضوء المتعدد و خلاف ابن أبي عقيل لا اعتداد به و لو غمسها الدم و لم يسل لزمها تغيير القطنة و الخرقة و الغسل لصلاة الغداة و الوضوء لكلّ صلاة و لو سال وجب عليها تغيير القطنة و الخرقة و الغسل لصلاة اللّيل و الغداة إن كانت متنفّلة و غسل آخر لصلاة الظهرين و ثالث للعشاءين يجمع بينهما بأن تقدم المتأخّرة و تؤخّر المتقدّمة و الوضوء لكلّ صلاة [- د -] إذا فعلت هذه الأغسال صارت طاهرا و تستبيح مع الوضوء كلّ ما يستباح به ما شرطه الطّهارة و يجوز وطؤها و لو لم تفعل الأغسال كان حدثها باقيا و لا يصح صومها بل يجب عليها قضاؤه و الأقرب إباحة وطئها و لو أخلّت بالوضوء أو الغسل لم يصح صلاتها [- ه -] يجب عليها التحفظ من تعدي الدّم بقدر الإمكان بأن تحتشي و تستثفر و تحتاط بحشو القطن و ما أشبهه [- و -] قال الشيخ إذا انقطع دمها انتقض وضوؤها و الوجه ذلك إن كان للبرء و إلاّ فلا [- ز -] يجب عليها الغسل كغسل الحائض [- ح -] إذا اغتسلت ثمّ أحدثت ما يوجب الصغرى أجزأها الوضوء الواجد و لو توضأت قبل الغسل ثم أحدثت ما يوجب الصغرى ففي الاكتفاء بالغسل نظر و كذا ما يوجب الطهارتين

الفصل الرابع في النفاس

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] النفاس دم الولادة و هو إمّا بعدها أو معها و لا اعتبار بالموجود قبلها سواء كانت الولادة للتمام أو النقصان أو الإسقاط و لو ولدت و لم تر دما فلا نفاس [- ب -] أكثر عشرة أيّام على أظهر الأقوال في المبتدئة أمّا ذات العادة في الحيض فترجع إليها إن تجاوز العشرة و إلاّ فالجميع نفاس و لا حدّ لأقله بل جائز أن يكون آنا واحدا [- ج -] حكمها حكم الحائض في جميع الأشياء إلاّ في تحديد الأقلّ [- د -] لو ولدت و لم تر دما إلاّ في العاشر فهو النفاس دون ما قبله و لو رأت عقيب الولادة ثمّ انقطع و رأته فيه فالدمان و ما بينهما نفاس و لو ولدت ولدين فابتدأ النفاس من الأوّل و عدد أكثر الأيّام من الثاني و لو اتصل الدم فالزائد عن العشرة من وضع الثاني استحاضة سواء صادف أيّام عادتها في الحيض أو لا [- ه -] لو وضعت مضغة فهو نفاس أمّا النطفة و العلقة فلا و لو خرج بعض الولد فالدم نفاس [- و -] لو انقطع الدم لدون عشرة أدخلت قطنة فإن خرجت نقيّة فهي طاهر و إلاّ صبرت نفساء حتّى تنقى أو يمضي أكثر الأيّام و هي عشرة إن كانت عادتها و إلاّ فعادتها و استظهرت بيوم أو يومين و بعض المتأخّرين غلط هنا [- ز -] لا ترجع إذا تجاوز الدّم إلى عادتها في النفاس لتضمّن الأحاديث الحوالة على الحيض و هل ترجع إلى عادة أمّها و أختها في النفاس الوجه لا و رواية أبي بصير ضعيفة [- ح -] إذا تجاوز النفاس الأكثر فهو استحاضة سواء صادف أيّام العادة في الحيض أو لا لأنّه دم حيض احتبس فلا يعقبه حيض [- ط -] لو كانت مبتدئة أو مضطربة أو ذات عادة منسيّة فإن انقطع العشرة فنفاس و لو تجاوز احتمل جلوسها ستة أيّام أو سبعة و احتمل عشرة [- ي -] الأقرب أنّ الاستظهار بيوم أو يومين غير واجب [- يا -] لو ولدت و لم تر دما حتّى مضت عشرة أيام ثمّ رأته ثلاثة و انقطع على العشرة فهو حيض و إلاّ فاستحاضة

الفصل الخامس في غسل الأموات
اشارة

و مطالبه خمسة

الأوّل في الاحتضار

و فيه [- د -] مباحث [- ا -] يستحب الإكثار من ذكر الموت و الاستعداد له و أن لا يبيت إلاّ و وصيّته تحت رأسه و الصّبر على المرض و حسن الظنّ باللّٰه تعالى

ص: 16

و ترك تمني الموت لضر وقع به و عيادة المريض و الإذن للعائدين من الدخول عليه و الدعاء له و ترغيبه في التوبة و الوصيّة و أن يلي أمره أوفق أهله به [- ب -] يجب في الاحتضار شيء واحد على الكفاية و هو استقبال القبلة بالميت بأن يلقى على ظهره و يجعل وجهه و باطن قدميه إليها على خلاف [- ج -] يستحب أن يلقّن الشهادتين و الإقرار بالنّبي و الأئمّة عليهم السّلام و كلمات الفرج و أن ينقل إلى مصلاه و إن مات ليلا أسرج عنده مصباح و لا يترك وحده بل يكون عنده من يقرأ القرآن فإذا مات غمّضت عيناه و أطبق فوه و مدت ساقاه و يداه إلى جنبه و غطّي بثوب و أخذ في تجهيزه عاجلا إلا أن يشتبه موته فيستبرأ بالعلامات أو يصبر عليه ثلاثة أيام [- د -] يكره أن يحضره جنب أو حائض و أن يترك على بطنه حديد

المطلب الثاني في التغسيل

و فيه [- كد -] بحثا [- ا -] التغسيل واجب على الكفاية و يستحب أن يستقبل به القبلة كما في الاحتضار و أن يوضع على سرير أو ساج و أن يغسّل تحت الظلال و أن يجعل للماء حفيرة و يكره الكنيف و لا بأس بالبالوعة و أن ينزع قميصه من تحته بفتق جيبه و يستر عورته و يليّن أصابعه برفق [- ب -] يجب إزالة النّجاسة عن بدنه أولا إن كانت و أن يغسّل بماء السدر و يبدأ بالرأس ثم بالجانب الأيمن ثم الأيسر [- ج -] ينبغي أن يغسّل رأسه برغوة السّدر أولا فإن لم يوجد فبالخطمي و يغسّل فرجه بالسدر و الحرض و يغسّل يداه و يبدأ بشق رأسه الأيمن و أقل ما يلقى في الماء من السدر ما يحصل به الاسم فإذا فرغ من تغسيله بماء السّدر وجب أن يغسّله بماء الكافور على ما تقدّم ثم يغسّله بماء القراح ثالثا مرتّبا كالجنابة [- د -] يستحب أن يغسّل كل عضو منه ثلاث مرات في كلّ غسلة و أن يمسح بطنه في الغسلتين الأوليين برفق إلا في الحامل و أن يقف الغاسل على الجانب الأيمن و يغسّل يديه مع كلّ غسلة و ينشّفه بثوب بعد الفراغ [- ه -] يكره أن يجعل الميّت بين رجليه و أن يقعده أو يقصّ أظفاره أو يرجّل شعره أو يغسل مخالفا فإن اضطرّ غسله غسل أهل الخلاف [- و -] وضوء الميّت مستحب لا واجب على أقوى القولين [- ز -] لا يجوز الاقتصار على أقل من الغسلات المذكورة إلا على الضرورة فإن عدم الكافور و السدر غسل بالقراح و هل يكفي الواحدة فيه إشكال و لو قصر الماء إلا عن واحدة فالأقوى وجوب الغسل بماء السدر و هل يؤمّم للباقي الأقرب السقوط [- ح -] لو خيف من تغسيله تناثر جلده كالمجدور و المحترق أو خاف الغاسل من استعمال الماء و لم يتمكن من إسخانه أو فقد الماء تيمم بالتراب كالحي العاجز [- ط -] أولى الناس بتغسيل الميّت و باقي أحكامه أولاهم بالميراث و الرّجال أولى من النّساء و الزّوج أحق من كل أحد فإن طلقها رجعيّا فكالزّوجة و بائنا كالأجنبيّة و يستوي المدخول بها و غيرها و أمّ الولد و الزوجة و في الأمة غير أمّ الولد إشكال قال ابن الجنيد و يغسّل الخنثى أمته [- ي -] لا يجوز أن يتولى التّغسيل كافر إلا مع الضرورة فإن مات مسلم غسله مثله فإن فقد فذات الرّحم من فوق الثياب فإن فقدت أمرت النساء الأجانب الكافر بالاغتسال أولا ثم علمته غسل الإسلام فيغسّله و في إعادة الغسل مع وجود المسلم قبل الدفن إشكال و كذا لو ماتت مسلمة غسّلها مثلها فإن فقدت غسّلها ذو الرّحم المحرم من فوق الثياب فإن فقد غسّلتها الكافرة و لو فقدت دفنت بغير غسل و روي أنهم يغسّلون محاسنها و يديها و وجهها و لا يغسّل الرّجل الأجنبيّة إلا إذا كانت لدون ثلاث سنين مجرّدة و كذا المرأة [- يا -] كل مظهر للشهادتين يجوز تغسيله إلا الخوارج و الغلاة [- يب -] الشهيد بين يدي الإمام إذا مات في المعركة لا يغسّل و لا يكفّن و لا يحنّط بل يصلّى عليه فإن نقل منها حيّا ثم مات غسّل و كفّن و صلّي عليه [- يج -] من وجب عليه القتل كالمرجوم و المحدود يؤمر بالاغتسال أولا و التكفن ثم يقتل و يصلّى عليه و يدفن بغير غسل ثان [- يد -] الشهيد الجنب كالطّاهر لا يغسّل أيضا عملا بالعموم في واقعة أحد [- يه -] الصبي و البالغ متساويان في الشهادة فلا يغسّل الصّبي بل يدفن بثيابه [- يو -] إذا جرح في المعركة و مات قبل انقضاء الحرب و نقله فهو شهيد أكل أو لا و إن مات بعد انقضائها غسّل و إن لم يأكل [- يز -] لو وجد في المعركة ميّتا و ليس به أثر فهو شهيد و كذا لو وجد غريقا أو محترقا حال القتال و لو بقي بعد القتال و لو ساعة فليس بشهيد [- يح -] كل قتيل سوى من قتل بين يدي الإمام يجب تغسيله و تكفينه و قتيل أهل البغي لا يغسّل و لا يصلّى عليه و قتيل أهل العدل في جهاد أهل البغي لا يغسّل و يصلّى عليه [- يط -] لا فرق بين أن يقتل بسيف أو غيره و لو رجع عليه سلاحه فقتله فهو شهيد [- ك -] لو وجد بعض الميّت فإن كان فيه الصدر أو الصدر وحده فهو كالجملة و إن كان غيره فإن كان فيه عظم غسل و لفّ في خرقة و دفن و كذا السّقط الأربعة أشهر فصاعدا و إن خلا من العظم لفّ في خرقة و دفن و كذا السّقط لدون أربعة [- كا -] إذا اجتمع ميتان أو أكثر بدئ بمن يخشى فساده فإن تساويا قدّم الأب على الابن و ابن الابن على الجدّ و أسن الأخوين على أصغرهما و من تخرجه القرعة مع التّساوي [- كب -] إذا خرج من الميّت نجاسة بعد تغسيله أزيلت عن بدنه و لا يحتاج إلى إعادة الغسل و لا الوضوء خلافا لابن أبي عقيل [- كج -] الحائض و الجنب يغسّلان كالطّاهر [- كد -] يجب النية في تغسيل الميّت لا التسمية [- كه -] المقتول يغسّل بدمه ثم يصبّ عليه الماء و لا يدلّك جسده و يربط الغاسل جراحاته بالقطن و التعصيب فإن بان الرأس غسل أولا ثم الجسد و يضع القطن فوق الرقبة و يضم إليه الرأس و يجعل في الكفن و كذا في القبر و يوجّه إلى القبلة

المطلب الثالث في التكفين

و فيه [- ل -] بحثا [- ا -] التكفين فرض

ص: 17

على الكفاية و الواجب أن يكفن بثلاثة أثواب على أظهر القولين مئزر و قميص و إزار [- ب -] يجزي عند الضرورة واحد [- ج -] يستحب أن يزاد الرّجل حبرة عبرية غير مطرّزة بالذّهب فإن تعذرت فلفافة أخرى و خرقة لشدّ فخذيه طولها ثلاثة أذرع و نصف في عرض شبر أو أزيد بقليل يشدّ طرفاها على الحقوين و يلف بالمسترسل الفخذان بقوة و تزاد المرأة على كفن الرّجل لفافة لثدييها و نمطا استحبابا [- د -] يستحب العمامة للرّجل و القناع للمرأة [- ه -] يحرم التكفين في الحرير و يكره الممتزج و الكتان [- و -] يكره الأكمام المبتدأة للأكفان [- ز -] يستحب التكفين بالقطن المحض [- ح -] إذا جمع الكفن فرش الحبرة على موضع طاهر و ينثر عليها شيئا من الذريرة و فرش فوقها الإزار و ينثر أيضا عليه ذريرة و فرش فوقه القميص [- ط -] يستحبّ أن يكتب على الحبرة و القميص و الإزار و العمامة اسمه و أنّه يشهد الشهادتين و أسماء الأئمّة عليهم السّلام بتربة الحسين عليه السّلام و إن لم توجد فبالإصبع و يكره بالسواد [- ي -] يكره أن يقطع الكفن بالحديد و أن يبلّ الخيوط بالريق [- يا -] ينبغي أن يخاط الكفن بخيوط منه [- يب -] يستحب أن يشدّ جريدتان خضران من النخل قدر عظم الذراع فإن لم يوجد فمن السدر فإن تعذّر فمن الخلاف فإن تعذّر فمن غيره من الشجر الرطب [- يج -] إذا جمع الغاسل الكفن و فعل ما ذكرناه و فرغ من غسله شرع في تحنيطه و يستحب أن يكون بعد اغتساله فإن تعذّر توضأ للصّلاة فيعمد إلى قطن فيذر عليه ذريرة و يضعه على قبله و دبره و يحشو القطن في دبره ثم يلفّ فخذيه بالخرقة ثم يؤزّره بالإزار و يكون عريضا يبلغ من صدره إلى رجليه ثم يعمد إلى الكافور فيسحقه بيده ثم يمسح به مساجده و الواجب أقل ما يقع عليه الاسم و أكمل الفضل في ثلاثة عشر درهما و ثلث و دونه أربعة دراهم و أدون منه مقدار درهم فإن تعذر دفن بغير كافور ثم يردّ القميص عليه ثم يأخذ الجريدتين فيجعل إحداهما من جانبه الأيمن مع الترقوة ملتصقة بجلده و الأخرى من الأيسر بين القميص و الإزار ثم يعمّمه فيثني وسط العمامة على رأسه بالتدوير و يحنّكه بها و يطرح طرفيها على صدره ثم يلفه في اللّفافة فيطوي الجانب الأيسر على الأيمن و الأيمن على الأيسر و كذا الحبرة و يعقد طرفيها من قبل رأسه و رجليه [- يد -] يكره أن يجعل في سمعه و بصره و فيه شيء من الكافور و يكره أيضا أن يجعل فيها قطن إلا أن يخاف خروج شيء منها فينتفي الكراهيّة [- يه -] لا يجوز أن يقرّب الميّت شيئا من الطّيب عدا الكافور و الذريرة [- يو -] المحرم لا يجوز أن يقرب شيئا من الكافور لقوله عليه السّلام لا تقرّبوه طيبا فإنّه يحشر يوم القيامة ملبّيا [- يز -] إذا فضل من الكافور شيء مسحه الغاسل على صدره [- يح -] هل الكافور المستعمل في الماء للغسلة الثّانية محسوب من أكمل الفضل أو لا فيه نظر [- يط -] إذا لم يوجد للميت كفن جاز أن يكفّن في قميصه إذا كان نظيفا و يقطع أزراره دون الأكمام [- ك -] الصّبي في التّغسيل و التكفين كالبالغ و ولد الزنا كغيره و النفساء كغيرها [- كا -] الجريدة توضع مع جميع الأموات من البالغين و غيرهم إلا المخالف فإن تعذر وضعها في الكفن للتقية طرحت في القبر فإن تعذر دفن بغير جريدة [- لب -] إذا سقط من الميّت شيء من شعره أو بدنه وجب طرحه معه في الكفن [- كج -] لو خرجت منه نجاسة بعد التغسيل و لاقت جسده غسلت بالماء و إن لاقت كفنه فكذلك فإن خرجت بعد طرحه في القبر قرض الكفن [- كد -] كفن المرأة على زوجها و إن كانت ذات يسار و إنّما يلزمه قدر الواجب [- كه -] يؤخذ الكفن المفروض من أصل المال مقدما على الدّيون و الوصايا و الميراث فما فضل صرف في الدّين إن كان فإن فضل أو لم يكن صرف في الوصيّة فإن فضل أو لم تكن صرف إلى الورثة [- كو -] إذا لم يكن له كفن دفن عريانا و لا يجب على المسلمين بل يستحب استحبابا مؤكدا و كذا ما يحتاج إليه من كافور و غيره [- كز -] للورثة أن يمتنعوا من بذل الفاضل على القدر الواجب في الكفن و لبعضهم أيضا و لو اتفقوا على البذل و هناك دين و التركة قاصرة فللغرماء المنع [- كح -] تجمير الأكفان مكروه و كذا إتباع الجنازة بالمجمرة [- كط -] لو أراد أهل الميّت أن ينظروه لم يمنعوا و كذا لو أرادوا تقبيله فإن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله قبل عثمان بن مظعون مرتين [- ل -] المحرم يغطّى رأسه و رجلاه كالحلال

المطلب الرّابع في الصّلاة عليه
اشارة

و النظر يتعلق بأمور ثلاثة

الأوّل من يصلّى عليه

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] يجب الصّلاة على كل ميّت مسلم أو في حكم المسلم كالصبي إذا بلغ ست سنين و يستحب على من لم يبلغها إذا ولد حيا أما السّقط فلا يصلّى عليه و إن ولجته الروح و لا فرق بين الحر و العبد و الذكر و الأنثى في ذلك كلّه [- ب -] الشهيد يصلّى عليه فإن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله صلّى على شهداء بدر و أحد و كبّر على حمزة سبعين تكبيرا [- ج -] الغائب لا يجوز الصلاة عليه سواء كان في البلد أو غيره و ما نقل من صلاة النبيّ صلّى اللّٰه عليه و آله على النجاشي محمول على الدعاء و التّرحم [- د -] النفساء يصلى عليها و هو وفاق و خلاف الحسن البصري لا اعتداد به لانقراضه و فعل رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله على خلافه فإنّه صلّى على امرأة ماتت في نفاسها [- ه -] إذا اشتبه قتلى المشركين بقتلى المسلمين صلّى على الجميع صلاة واحدة و صرفها إلى المؤمنين بالنية [- و -] إذا وجد ميّت و لم يعلم إسلامه و لم يظهر عليه أثره كالختان فإن كان في دار الإسلام غسّل و صلي عليه و إلا فلا [- ز -] إذا وجد بعض الميّت فإن كان فيه الصدر أو الصدر وحده صلّي عليه و إلا فلا [- ح -] قطاع الطّريق و تارك الصّلاة و المقتول قصاصا أو حدا و الميّت حتف أنفه في قتال الكفار و الشهيد عندنا و قتيل الحربي اغتيالا من غير قتال أو بقتال و القتيل ظلما و

ص: 18

المبطون و الغريب يصلّى عليهم [- ط -] الخوارج و الغلاة لا يصلّى عليهم [- ي -] يصلّي الإمام على الغال و هو الذي كتم غنيمته أو بعضها ليختص بها و على قاتل نفسه

النظر الثّاني في المصلّي

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] أولى الناس بالصّلاة عليه أولاهم بميراثه و الأب أولى من الأخ و الولد أولى من الجد و كذا ولد الولد أولى منه و الأخ من الطرفين أولى من المتقرب بأحدهما و الزوج أولى بالمرأة من كل أحد و الذكر أولى من الأنثى و الحرّ أولى من العبد [- ب -] إنما يتقدّم الوليّ مع استجماع شرائط الإمامة فإن فقدها استناب [- ج -] إذا تساوى الأولياء قدم الأفقه فالأقرأ فالأسن فالأصبح [- د -] لو كان هناك عبد فقيه و حرّ غير فقيه أو أخ رقيق و عمّ حرّ فالأقرب تقديم الحر [- ه -] لو تساويا في الصفات رجع إلى القرعة أو التراضي [- و -] لا يجوز لأحد أن يتقدّم إلا بإذن الولي و إن كملت فيه الشّرائط [- ز -] إمام الأصل أولى من كل أحد و يجب على الولي تقديمه فإن لم يقدّمه قيل لم يجز له التقديم لأنّه حقّ الولي و الأقرب الجواز لأنه من الأمر بالمعروف و الهاشمي أولى من غيره مع استجماع الشرائط و تقديم الولي له و يستحب له تقديمه [- ح -] للمرأة أن تؤم بمثلها جماعة [- ط -] الولي أولى ممن أوصى الميّت إليه بالصّلاة و من الأمير [- ي -] إذا قدم الولي غيره فهل لذلك الغير الاستنابة فيه نظر أقربه أنه ليس له ذلك لأن رغبة الولي يجوز أن يستند إلى علمه باستجابة دعائه و هو غير متحقق في النّائب [- يا -] يجوز للنساء أن يصلّين جماعة و منفردات و مع اجتماعهن تقف إمامتهنّ في وسطهنّ [- يب -] إذا اجتمعت جنائز و تشاح أولياؤهم فيمن يتقدّم للصّلاة عليهم قدّم الأولى بالإمامة

النّظر الثالث في كيفية الصلاة

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] يستحبّ لمن شيّع الجنازة أن يمشي خلفها أو إلى أحد جانبيها متفكرا في أمر الآخرة و إعلام المؤمنين ليتوفروا على تشييع المؤمنين و تربيع الجنازة و هو حملها بجوانبها الأربع بأن يبدأ بالجانب الأيمن من مقدم السّرير فيضعه على كتفه الأيمن ثم يضع القائمة اليمنى من عند رجليه على كتفه الأيمن أيضا ثم يضع القائمة اليسرى من عند رجليه على كتفه الأيسر ثم القائمة اليسرى من عند رأسه على كتفه الأيسر و أن يقول من رأى جنازة الحمد للّه الذي لم يجعلني من السّواد المخترم و الإسراع بها و أن لا يجلس حتى يوضع الجنازة عن أعناق الرجال و يكره المشي أمامها إلا لعارض و الركوب خلفها إلا لضرورة و التحدّث بشيء من أمور الدنيا و الضحك و رفع الصوت و لا يستحب القيام لو رأى الجنازة [- ب -] كيفيّة الصّلاة أن يكبّر المصلّي خمس تكبيرات بأن يكبر و يتشهد الشهادتين ثم يكبر و يصلّي على النبي و آله عليهم السّلام ثم يكبر و يدعو للمؤمنين ثم يكبر و يدعو للميّت إن كان مؤمنا و عليه إن كان منافقا و بدعاء المؤمنين المستضعفين إن كان كذلك و إن جهل حاله سأل اللّٰه تعالى أن يحشره مع من يتولاه و إن كان طفلا سأل اللّٰه تعالى أن يجعله له و لأبويه فرطا ثم يكبر الخامسة و ينصرف [- ج -] يجب فيها النيّة و استقبال القبلة و جعل رأس الجنازة إلى يمين المصلّي و التكبيرات و هل الدّعاء بينها واجب أم لا الأقرب وجوبه و لا يشترط فيها الطهارة بل يستحبّ [- د -] لا يجوز التباعد عن الجنازة بما يعتد به إلا مع اتّصال الصفوف و لا الصلاة عليه إلا بعد تغسيله و تكفينه فإن تعذر الكفن طرح في القبر و سترت عورته ثم صلّي عليه [- ه -] يستحب فيها الجماعة و وقوف الإمام عند وسط الرّجل و صدر المرأة و أن ينزع نعليه و يرفع يديه في كل تكبيرة على أقوى القولين و الوقوف بعد الصّلاة حتى ترفع الجنازة و الصّلاة في المواضع المعتادة لها و يجوز في المساجد [- و -] يكره أن يصلّي على الجنازة الواحدة مرّتين لأن المراد المبادرة و هو ينافي ذلك [- ز -] يقتصر المصلّي على المنافق على أربع تكبيرات و ينصرف بالرابعة [- ح -] العراة يقف إمامهم في وسطهم و لا تبرز عنهم كالنّساء و غيرهم من الأئمّة يتقدم أمام الصّف و إن كان المؤتم واحدا و لو اقتدى النساء بالرّجال وقفن خلفهم و الحائض تنفرد عن النساء في صفّ بانفرادها [- ط -] إذا اجتمعت جنازة رجل و امرأة جعل الرجل مما يلي الإمام و يجعل صدرها عند وسطه ليقف الإمام موضع الفضيلة بالنّسبة إليهما معا و لو كان معهما طفل لا يصلّى عليه جعل وراء المرأة مما يلي القبلة لأن المرأة أحوج إلى الشفاعة منه و إن كان معهم عبد جعل متوسّطا بين الرّجل و المرأة و إن كان معهم خنثى جعل متوسّطا بين العبد و المرأة و الأفضل تفريق الصّلاة و مع الجمع ينبغي التقديم بخصال دينية ترغب في الصّلاة عليه و عند التساوي لا يستحق القرب إلا بالقرعة أو التراضي [- ي -] لو سبق الإمام بالتكبير تابعه المأموم ثم يكبر الفائت ولاء و إن رفعت الجنازة و لو دفنت أتم على القبر و لو أدرك الإمام بين تكبيرتين لم ينتظر تكبيرة الإمام و لو سبق المأموم أعاد مع الإمام استحبابا [- يا -] من لم يصلّ على الجنازة يستحب له أن يصلي على القبر يوما و ليلة ثم لا يصلّي بعد ذلك على أظهر القولين [- يب -] يصلى على الجنازة في كل وقت و إن كان أحد الأوقات الخمسة ما لم تتضيّق وقت فريضة حاضرة و لو كان في ابتدائه قدمت الفريضة ما لم يخف على الميّت [- يج -] لو صلّى بعض الصّلاة فأحضرت جنازة أخرى تخير بين استئناف الصّلاة عليها من رأس و بين إتمام الصّلاة على الأولى و استئنافها للثانية [- يه -] لا قراءة في هذه الصّلاة و لا تسليم و لا افتتاح و لا استعاذة [- يو -] لا يشترط في الصّلاة أربعة نفر و لا الذكور بل يكفي الواحدة و إن كان امرأة [- يز -] إذا صلى على جنازة ثم تبيّن أنها مقلوبة أعاد الصّلاة عليها بعد تسويتها و إن دفنت فقد مضت الصّلاة

ص: 19

[- يح -] لو لم يكبر المأموم الثانية قصدا حتى كبر الإمام الثالثة فالوجه أن صلاته لا تبطل بل يكبر الثانية له و إن كانت ثالثة للإمام ثم يتبعه و يكبّر بعد فراغ الإمام الخامسة

المطلب الخامس في الدفن
اشارة

و فيه [- كد -] بحثا [- ا -] دفن الميّت واجب على الكفاية و أقل الفرض حفيرة تحرس الميّت عن السّباع و يكتم رائحته مع القدرة بعد غسله و تكفينه و الصّلاة عليه و أن يضجع على جانبه الأيمن مستقبل القبلة بحيث لا ينكب و لا يستلقى [- ب -] يستحب أن يحفر القبر قدر قامته أو إلى الترقوة و يجعل اللحد مما يلي القبلة و هو أفضل من الشق و يجعل سعة اللحد قدر ما يتمكّن الرّجل فيه من الجلوس ثم توضع الجنازة على الأرض إذا وصلت إلى القبر مما يلي رجليه إن كان الميّت رجلا و قدّام القبر إن كانت امرأة و أن ينقل في ثلاث دفعات و أن يرسل إلى القبر سابقا برأسه و المرأة عرضا و أن ينزل من يتناوله حافيا كاشفا رأسه حالاّ أزراره داعيا عند إنزاله و أن يحل عقد الأكفان من قبل رأسه و رجليه و أن يوضع شيء من تربة الحسين عليه السلام معه و التلقين و الدعاء له و شرج اللبن و الخروج من قبل رجلي القبر و إهالة الحاضرين التراب بظهور الأكف مسترجعين و رفع القبر مقدار أربع أصابع و أن لا يطرح فيه من غير ترابه و تربيعه و صبّ الماء عليه من قبل رأسه دورا و إلقاء الفاضل على الوسط و وضع اليد عليه و التّرحم و وضع لبنة أو لوح عند رأسه و ترك شيء من الحصى على القبر و تلقين الوليّ له بعد انصراف الناس رافعا صوته [- ج -] يكره فرش القبر بالساج إلا مع الضرورة و نزول ذي الرّحم القبر إلا في المرأة و زوجها أفضل فإن تعذّر فأحد ذوي أرحامها فإن تعذّر فالنساء فإن تعذر فبعض المؤمنين و إهالة التراب على ذي الرّحم و تجصيص القبور و تجديدها بعد اندراسها و لا بأس بتطيينها ابتداء و نقل الميّت إلى غير بلد موته إلا إلى أحد المشاهد فإنّه مستحبّ و الاستناد إلى القبر و الاتكاء عليه و المشي و التغوّط بين القبور و حفر قبر مع العلم بدفن آخر إلا لضرورة و بناء المسجد على القبر و الصّلاة عليه [- د -] يحرم نبش القبور و نقل الموتى بعد دفنهم و شق الثوب على غير الأب و الأخ [- ه -] راكب البحر إذا تعذّر دفنه في الأرض وضع في وعاء بعد تغسيله و تكفينه و الصّلاة عليه ثم يترك في البحر أو يثقل بشيء [- و -] يدفن الشهيد بثيابه و ينزع عنه الخفان و إن أصابها الدّم على خلاف [- ز -] الصبي و المجنون حكمهما في الشهادة و أحكامها حكم البالغ العاقل [- ح -] إذا ماتت الحامل دون الولد شق بطنها من الجانب الأيسر و أخرج الولد و خيط الموضع و لو مات الولد دونها أدخلت القابلة أو من يقوم مقامها يدها في فرجها و قطعت الصّبيّ و أخرجته قطعة قطعة مع تعذر خروجه [- ط -] الذّمية الحامل من مسلم تدفن في مقابر المسلمين لحرمة ولدها و يستقبل بظهرها القبلة [- ي -] لا يترك المصلوب على خشبته أكثر من ثلاثة أيام ثم ينزل بعد ذلك و يدفن بعد الصّلاة عليه [- يا -] يستحب أن يدفن الميّت في أشرف البقاع فإن مات في بلد لا أحد من الأئمّة عليهم السّلام فيه استحبّ نقله إلى بعض المشاهد فإن تعذّر دفن في مقبرة من يذكر بخير و فضيلة من شهداء أو صالحين [- يب -] الدفن في المقبرة أفضل من الدفن في البيت اقتداء برسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله حيث دفن أصحابه في المقابر و لما فيه من التوسعة على الورثة في منازلهم [- يج -] يستحب للإنسان اتخاذ مقبرة له يدفن فيها هو و أهله و عشيرته [- يد -] يكره دفن الميتين في قبر واحد [- يه -] السابق في المقبرة المسبّلة أولى و يقرع مع عدم السبق فإذا دفن في المسبلة لم يكن لغيره الدفن فيه إلا بعد اندراسه و العلم بأنّه قد صار رميما فإن حفره فوجد عظما ردّه و حفر غيره [- يو -] لو استعار أرضا للدفن جاز للمالك الرجوع قبله لا بعده إلا أن يبلى الميّت أما لو غصبها فدفن فيها كان للمالك قلع الميّت و الأفضل تركه و لو كان أحد الوارثين غائبا فاختار الحاضر الدفن في أرض مشتركة بينهما استحبّ للغائب مع حضوره ترك نقله و لو اتفقت الورثة على دفنه في موضع لم يكن لأحدهم نقله بعد ذلك و لو اختار بعضهم الملك و بعضهم المسبّل قدم اختيار المسبّل [- يز -] قال الشيخ إذا دفن ميّت في القبر ثم بيعت الأرض جاز للمشتري نقل الميّت و الأفضل تركه و في الإطلاق نظر بل الصّحيح أن ذلك في المغصوب [- يح -] إذا أخذ السيل الميّت أو أكله السّبع كان الكفن للورثة إلا إذا كان من متبرع ففي العود إليه إشكال [- يط -] يستحب أن يخمر قبر المرأة بثوب إذا أريد دفنها و يكره في الرّجال [- ك -] يكره تسنيم القبور و إنما المستحبّ تسطيحها [- كا -] جمع الأقارب في مقبرة واحدة حسن فإنّ رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله لما أقبر عثمان بن مظعون أمر بوضع حجر عند رأسه فلم يقدر المأمور فحسر عن ذراعيه ثم نقله فوضعه عند رأسه و قال أعلم بها قبر أخي و ادفن إليه من مات من أهله [- كب -] لو بلع الميّت شيئا له قيمة كثيرة فإن كان له أو لغيره ففي جواز شق بطنه و إخراجه إشكال ينشأ من حرمة الميّت و جواز الأخذ من التركة و من تضييع المال و الإضرار بالوارث و المالك و لو وقع في القبر ما له قيمة جاز نبشه و أخذه [- كج -] لو دفن من غير غسل أو وجّه إلى غير القبلة أخرج و غسل أو وجّه إلى القبلة ثم دفن أما لو دفن بغير صلاة أو بغير تكفين فالأقرب ترك نبشه و الأولى أن حكم التكفين حكم التغسيل و لو كفّن بثوب مغصوب فالوجه جواز نبشه و إعادة العين إلى صاحبها [- كد -] يستحب زيارة المقابر و التّرحم على أهلها و الدعاء لهم و قراءة القرآن عندهم للرجال و النساء و ما

ص: 20

يهدى إليه من ثواب القربات بنفعه

خاتمة يستحب التّعزية

و هو الحمل على الصبر بوعد الأجر و الدعاء للميّت و المصاب بعد الدفن و قبله و أقله أن يراه صاحبها قال الشيخ رحمه اللّٰه و يكره الجلوس للتّعزية يومين و ثلاثة و فيه نظر قال و يجوز لصاحب المصيبة أن يتميّز عن غيره بإرسال طرف العمامة أو أخذ مئزر فوقها في الأب و الأخ و لا يجوز في غيرهما و ليس في التعزية شيء موظف و يستحب تعزية جميع أهل المصيبة من الرّجال و النساء و الصّبيان إلا الشّاب من النساء الأجانب و يكره تعزية أهل الذّمة و يعزّ المسلم بقريبه الكافر و الدعاء للحيّ و يعزّ الكافر بقريبه المسلم و الدّعاء للميّت و يستحب إصلاح طعام لأهل المصيبة كما أمر رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله في موت جعفر ع و البكاء جائز غير مكروه فإن رسول اللّٰه ص بكى على ابنه إبراهيم و على عثمان بن مظعون و على جماعة من أصحابه و يحرم اللطم و الخدش و جزّ الشعر و النوح بالباطل

تتمّة

يجب على من مسّ ميّتا من النّاس بعد برده بالموت و قبل تطهيره بالغسل الاغتسال و كذا لو مسّ قطعة منه فيها عظم سواء قطعت من حيّ أو ميّت و لو مسّ ما لا عظم فيه وجب عليه غسل موضع الملاقاة خاصة و كذا لو مسّ ميّتا من غير الناس و لو مسّ الميّت بعد أن تيمم لعذر وجب الغسل و الأقرب وجوب الغسل على من مسّ الميّت بعد غسل الكافر له لا بعد القتل بالرّجم و الحدّ مع سبق الغسل قبل القتل و لا الشّهيد و في مسّ الميّت الكافر إشكال

المقصد الرابع في التيمّم

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الأسباب المبيحة للتيمم
اشارة

و ينظمها شيء واحد و هو العجز عن استعمال الماء ثم إن العجز له أسباب نذكرها في مباحث

السّبب الأوّل فقدان الماء

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] يجب مع فقدان الماء الطلب غلوة سهمين في كل جهة من الجهات الأربع مع سهولة الأرض و غلوة سهم من كل جهة مع حزونتها [- ب -] لو تحقق عدم الماء في هذه الأبعاد فالوجه عدم وجوب المطلب [- ج -] لو غلب على ظنه وجود الماء في الزائد عنه وجب طلبه مع المكنة إلا أن يضيق الوقت [- د -] لا فرق بين جوانب المنزل و صوب المقصد [- ه -] لو دخل عليه وقت صلاة أخرى و قد طلب في الأولى ففي وجوب الطلب ثانيا إشكال أقربه عدم الوجوب و لو انتقل عن ذلك المكان وجب إعادة الطلب و لا ينتقض تيمّمه إلا بالوجدان [- و -] قد بيّنا وجوب طلب الماء فلو أخل به ثم تيمّم و صلّى فإن استمرّ الفقد صحت الصّلاة و إن عصى بترك الطلب و إن وجد الماء مع أصحابه أو في رحله بعد التيمّم و الصّلاة توضأ و أعاد الصّلاة [- ز -] لو وجد من الماء ما لا يكفيه لطهارته تيمم و لا يجب استعماله في بعض الأعضاء لا في الغسل و لا في الوضوء و لو كان على جسده أو ثوبه نجاسة و معه واجد من الماء ما لا يكفيه لهما أزال النجاسة بالماء و تيمّم للصّلاة [- ح -] لو أراق الماء في الوقت عصى و في وجوب القضاء إشكال أما لو أراقه قبل الوقت فلا قضاء [- ط -] لا فرق بين قصير السّفر و طويله [- ي -] لا يشترط السّفر بل لو عدم الماء في الحضر تيمّم و صلّى و لا إعادة [- يا -] لو طلب قبل دخول الوقت لم يعتدّ به بل يجب بعد الدخول

السّبب الثّاني العجز عن الوصول إليه مع وجوده

كما لو كان في بئر و لا آلة هناك لو ازدحم الواردون مع ضعفه عن المقاومة و هنا [- ح -] مباحث [- ا -] لو وجد الماء بالثمن و عجز عنه وجب عليه التيمّم لأنه غير واجد [- ب -] لو تمكن من الثمن وجب عليه شراؤه ما لم يخف الضرر في الحال سواء قل الثمن أو كثر أضعافا مضاعفة على أظهر القولين و كذا البحث في الآلة [- ج -] لو وهب الماء أو الآلة لو أعير وجب القبول و لو وهب الثمن لم يجب [- د -] لو خاف فوت الوقت مع الاشتغال بتحصيل الماء و إن كان موجودا أو فوت العيد تيمّم [- ه -] لو باعه بثمن في الذمة يقدر على أدائه في بلده وجب عليه شراؤه و لو لم يقدر لم يجب [- و -] لو فضل الماء عن حاجة صاحبه لم يجز المكابرة عليه [- ز -] لو وهب ماءه في الوقت فهو باق على ملكه ما لم يتصرف الموهوب [- ح -] لو وجد الماء لغسل الميّت وجب شراؤه من تركته فإن لم يكن تركة لم يجب على أحد شراؤه

السّبب الثّالث الخوف

من التلف أو المرض الشديد أو الشين أو تلف المال أو ضياعه أو اللّص أو السّبع أو البرد فإن هذه الأشياء مبيحة للتيمّم و هنا [- ح -] مباحث [- ا -] لو تمكن خائف البرد من إسخان الماء وجب عليه و لم يجز له التيمّم [- ب -] لو كان معه ماء و خاف العطش باستعماله تيمم و كذا لو خاف عطش رفيقه أو حيوان له حرمة [- ج -] لو وجد خائف العطش مع الطاهر ماء نجسا شرب الطّاهر أو أبقاه لوقت الحاجة و تيمّم [- د -] لو تألم باستعمال الماء و أمن العاقبة وجب استعماله [- ه -] لو كان الماء عند مجمع الفساق و خافت المرأة من المكابرة عليها وجب التيمّم [- و -] لو خاف جبنا لا عن سبب كمن يخاف بالليل و ليس هناك شيء يخافه سوى مجرّد الوهم لم يجز له التيمم على أحسن الوجهين [- ز -] لو كان مريضا لا يقدر على الحركة و لا وجد المعاون جاز له التيمّم و لو وجد المعاون قبل وجود الوقت فهو واجد و لو خاف خروج الوقت قبل مجيئه انتظر تضيق الوقت [- ح -] لو كان المريض لا يتضرّر باستعمال الماء وجب عليه الوضوء

الفصل الثاني فيما يتيمّم

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] يصحّ التيمّم بكل ما يقع عليه اسم الأرض سواء تفرّقت أجزاؤه كالتراب أو لم يتفرق كالطّين اليابس و يجوز التيمّم بالأعفر و الأسود و الأصفر و الأحمر و الأبيض و هو المأكول و السنج و البطحاء و أرض النّورة و الجصّ و كل ذلك تراب [- ب -] يجوز التيمّم بالمستعمل في التيمّم و بتراب القبر و الممتزج بغيره مع بقاء اسم التراب و الأقرب جواز التيمّم بالحجر [- ج -] يكره التيمّم بالسّبخة و الرمل

ص: 21

[- د -] لا يجوز التيمّم بالمعادن و الرماد و ما أشبه التراب في النعومة و ليس به كالأشنان و الدقيق و لا بالتراب المغصوب و لا النجس و لا الوحل مع وجود التراب [- ه -] يستحب التيمّم أن يكون من ربى الأرض و عواليها لا من الهابط [- و -] لو فقد التراب و الحجر تيمّم بغبار ثوبه أو لبد سرجه أو عرف دابته و لو فقد ذلك تيمّم بالوحل بأن يضع اليد عليه ثم يفركه بعد يبسه و تيمّم به و لو لم يجد إلا الثلج اعتمد عليه بيده حتى يحصل فيها نداوة فيصرفها في بعض أعضاء الطهارة إلى أن ينتهي بما يسمّى غسلا فإن تعذّر ذلك تيمّم به على رأي

الفصل الثالث في الكيفية

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] يجب فيه النية المشتملة على الفعل و الوجه و الاستباحة و القربة و استدامتها حكما و لا يجوز نية رفع الحدث و لو نوى الجنب التيمّم بدلا من الوضوء لم يجز [- ب -] يجب أن يضع يديه على الأرض ثم يمسح الجبهة بهما من قصاص شعر الرأس إلى طرف الأنف ثم يمسح ظهر كفه اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع ببطن اليسرى ثم ظهر اليسرى ببطن اليمنى كذلك [- ج -] الترتيب هنا واجب بأن يبدأ بالجبهة ثم اليمنى ثم اليسرى و لو عكس أعاد على ما يحصل معه الترتيب [- د -] الموالاة أيضا واجبة و كذا استيعاب مواضع المسح فلو أخل بجزء لم يصح [- ه -] لا يجب استيعاب الأعضاء على أظهر القولين [- و -] التيمم إن كان بدلا من الوضوء اكتفى فيه بالضّربة الواحدة للوجه و اليدين و إن كان بدلا من الغسل ضرب ضربة للوجه و أخرى لليدين على أظهر الأقوال [- ز -] لو قطعت كفاه سقط مسحهما و مسح على الجبهة و لو قطع بعضها مسح على الباقي [- ح -] يجب القصد إلى الصعيد و لو تعرّض لمهبّ الريح لم يكفه [- ط -] يجب أن يباشر المسح للوجه و اليدين بنفسه فلو يمّمه غيره بإذنه و هو قادر لم يجزه و إن كان عاجزا أجزأه [- ي -] يجب نقل التراب فلو كان على وجهه تراب فردده بالمسح لم يجز و لو نقل من سائر أعضائه إلى وجهه أو من يده إلى وجهه أو من يده إلى وجهه فالأقرب عدم الجواز و لو معك وجهه في التراب لم يجز [- يا -] يكفي نية استباحة الصّلاة مطلقا و لا يفتقر إلى تعيين الفرض و النفل من الصّلاة و لو نوى استباحة الفرض دخل به في النفل و يجوز النفل به بعد وقت تلك الفريضة و قبل فعلها إن سوغنا التيمّم في أول الوقت و لو نوى النفل جاز الدخول به في الفرض و كذا حكم جميع الطهارات و لو نوى استباحة فرضين أجزأه و صحّ الدّخول فيهما [- يب -] لا يلزمه إيصال التراب إلى منابت الشعر و إن خفت [- يح -] لو كان في إصبعه خاتم نزعه ليقع المسح على جميع أجزاء الممسوح و لا يلزمه أن يفرج أصابعه لا في الضّربة الأولى و لا الثانية

الفصل الرّابع في الأحكام

و فيه [- مب -] بحثا [- ا -] لا يجب إعادة الصّلاة بالتيمّم إذا وقعت بشروطها سواء كان في سفر أو حضر و كذا المتعمد للجنابة إذا لم يجد الماء و كذا من منعه زحام الجمعة خلافا للشيخ و سواء كان على جسده نجاسة لا يتمكن من إزالتها أو لم يكن أمّا لو أخل بالطلب و صلى ثم وجد الماء في رحله أو مع أصحابه فإنّه يتوضأ و يعيد الصّلاة و لو طلب فلم يجد ثم تيمّم و صلّى ثم وجد الماء في رحله أو مع أصحابه فإنّه يتوضأ و يعيد الصّلاة و لو طلب فلم يجد ثم تيمّم و صلّى ثم وجد الماء في الوقت فلا يعيد [- ب -] لو تيمّم و على جسده نجاسة صحّ تيمّمه كالمائية [- ج -] لا يجوز التيمّم قبل دخول الوقت إجماعا و يجوز مع تضيقه بالإجماع و في الجواز مع السعة قولان أقواهما الجواز [- د -] يستحب نفض اليدين بعد ضربهما على الأرض ثم يمسح جبهته بعده [- ه -] لو أوصل التراب إلى محل الفرض بخرقة أو خشبة لم يجزه [- و -] كل ما ينقض الوضوء ينقض التيمّم و يزيد عليه وجدان الماء مع التمكن من استعماله و لا ينتقض بدخول الوقت و لا بخروجه ما لم يحدث أو يجد الماء و لو وجد الماء فلم يتطهّر ثم فقده جدد التيمّم [- ز -] لو وجد الماء و قد فرغ من الصّلاة لم يعد إجماعا و لو وجده قبل الشروع انتقض تيممه إجماعا و لو وجده في الأثناء فلا إعادة و لو تلبّس بتكبيرة الإحرام و فيه خلاف و لا يجوز أن يعدل بالفرض إلى النفل و لا فرق في ذلك بين الفرض و النّفل [- ح -] لو عدم الماء و التراب فأقوى الأقوال سقوط الصّلاة أداء و قضاء [- ط -] كل ما يستباح بالطّهارة المائية يستباح بالتيمّم [- ي -] يجوز أن يصلّي بتيمّم واحد صلوات اللّيل و النّهار فرائضها جميعا و نوافلها سواء نوى فريضة معينة أو مطلقة أو نوى نافلة أو صلاة مطلقة و لو نوى به فرض الطواف دخل نفله و بالعكس و لو نوى الصّبي لإحدى الخمس ثم بلغ بغير المبطل استباح به الفرائض و النوافل على إشكال و لو ذكر فائتة ضحوة النهار فتيمم لأدائها و لم يؤدّ إلا ظهرا [الظهر] بعد الزوال صحّ أداؤه [- يا -] الجنب إذا انتقض تيمّمه بحدث أصغر تيمّم بدلا من الغسل لا من الوضوء لأن التيمم عندنا لا يرفع الحدث [- يب -] يجوز التيمّم لصلاة الجنازة و إن كان الماء موجودا و لا يجوز الدخول به في غيرها [- يج -] إذا اجتمع ميّت و محدث و جنب و معهم من الماء ما يكفي أحدهم اختصّ به مالكه و لو كان مباحا أو ملك مالك يسمح ببذله لو أوصى لأحق الناس به اختص به الجنب و قيل الميّت [- يد -] لو كان بدل المحدث حائضا كان الجنب أولى منها و لو كان الماء للميّت اختصّ به و الفاضل للورثة لا يجوز استعماله بغير إذن إلا مع خوف العطش فيؤخذ بالتقويم و الجنب أولى من المحدث لاستفادته ما لا يستفيده المحدث و لو كان وفق المحدث فهو أولى لاستفادته كمال الطهارة و لو قصر عنهما فالجنب أولى لإمكان صرفه في بعض الأعضاء و لو كفى كلّ واحد و فضل منه فضلة لا تكفي الآخر فيه تردد ينشأ من كون الفضلة

ص: 22

يستعملها الجنب و من استفادة الجنب ما لا يستفيده المحدث [- يه -] لو تغلب المرجوح أساء و صحّت طهارته [- يو -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لو وجد الماء بعد الركوع لم ينصرف فإن فقده قبل الفراغ أعاد التيمّم لما يستقبل من الصّلوات و وجهه أنه متمكن و المنع الشرعي لا يقتضي زواله و الأقرب عدم وجوب إعادة التيمّم أما لو دخل في نافلة و قلنا بجواز الإبطال و حيث الإعادة [- بز -] الارتداد لا يبطل التيمّم [- يح -] العاصي بسفره يباح له التيمّم مع الشروط و لا يعيد [- يط -] لو نسي الجنابة فتيمّم للحدث لم يجزه عندنا أمّا مع القول بالتّسوية في الكيفية فالأقرب الجواز [- ك -] لو نوى للجنابة استباح ما استباحه المحدث المتطهر و بالعكس و لو أحدث الأول حدثا أصغر بطل تيمّمه و لو تيمّم للجنابة و الحدث ثم أحدث بطل تيمّمه مطلقا و هل يجب على الحائض و شبهها تيممان الأقرب ذلك على إشكال [- كا -] لو تيمّم الميّت ثم وجد الماء في أثناء الصّلاة عليه فالوجه وجوب تغسيله على إشكال [- كب -] لو وجد المتيمّم ما يغلب على الظنّ وجود الماء فيه كالركب أو الخضرة لم يبطل تيمّمه و إن وجب الطلب سواء بان بطلان ظنه أو لا و لو كان في الصّلاة لم يبطل صلاته لأنها لا تبطل مع تيقّن الماء فمع توهّمه أولى [- كج -] لا يجب التيمّم للنجاسة في البدن مع تعذّر الماء بل يمسحها بالتراب فلو كان محدثا تيمّم للحدث لا للنجاسة و غسلها و لو كانت النجاسة على الثوب المنفرد غسله و تيمّم و لو وجدت النجاسة في الثوب و البدن غسل البدن دون الثوب إذا لم يسع الماء [- كد -] لو أمكن الجريح غسل بعض جسده أو بعض أعضائه في الوضوء جاز له التيمّم و لا يغسل الأعضاء الصحيحة فإن غسلها و تيمّم كان أحوط قال الشيخ رحمه اللّٰه سواء كان أكثر بدنه أو أعضائه صحيحا أو سقيما و لا فرق بين تقديم غسل الصّحيح على التيمّم و تأخيره و لا يجوز التبعيض بأن يغسّل السليم و تيمم باقي الأعضاء تيمّما و كذا لو كان بعض أعضائه المغسولة مريضا لا يقدر على غسله و لا مسحه [- كه -] تيمّم لصلاة الخسوف بالخسوف و لصلاة الاستسقاء باجتماع النّاس في الصّحراء و للفائتة بذكرها و للنافلة الراتبة بدخول وقتها [- كو -] المحبوس بدين يقدر على قضائه لا يعذر و يصير كما لو كان الماء قريبا منه و تمكّن من استعماله فلم يستعمله حتى ضاق الوقت [- كز -] يجوز للعادم الجماع و إن كان معه ماء يكفيه للوضوء قبل الوقت لعموم قوله فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّٰى شِئْتُمْ و ليس بمكروه فإذا جامعها و معه ماء لا يكفيه للغسل غسل فرجه و فرجها ثم تيمّما و صلّيا [- كج -] إذا كان الثوب نجسا صرف الماء في غسله و تيمّم و لو لم يكن ماء نزعه و صلى عريانا و لا إعادة عليه و لو لم يتمكن من النزع صلّى فيه بتيمّم و لا إعادة و قول الشيخ رحمه اللّٰه لا تعويل عليه لضعف مستنده [- كط -] لو وجد فاقد الماء و التراب أحدهما بعد الدخول في الصّلاة انصرف و تطهر و هو تخريج [- ل -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يجب عليه إذا طلع الركب عليه بعد التيمّم سؤالهم عن الماء لتضيق الوقت و يخاف الفوت و قد مضى وقت الطلب و هو جيد على أصله [- لا -] لا يبطل التيمم بنزع العمامة و الخف و هو ظاهر على أصلنا [- لب -] لو أحدث المتيمّم من جنابة حدثا أصغر و معه من الماء ما يكفيه للوضوء تيمّم و قول السّيد ضعيف [- لج -] يجوز التيمم لكل ما يتطهر له من صلاة فريضة و نافلة قال الشيخ في المبسوط و مس مصحف و سجود تلاوة و دخول مسجد و غيرها [- لد -] إذا انقطع دم الحائض جاز الوطء من دون غسل و لا يشترط التيمّم [- له -] الكافر لا يصح تيمّمه سواء كان بنية الإسلام أو لا و قول أبي يوسف إذا تيمّم بنية الإسلام و أسلم صلّى بذلك التيمّم باطل [- لو -] لو أحدث المتيمّم في صلاة حدثا يوجب الوضوء ناسيا و وجد الماء توضأ و بنى على ما مضى من صلاته ما لم يتكلّم أو يستدبر القبلة قال الشيخان و هي رواية زرارة و محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام و هي صحيحة و نازع ابن إدريس في ذلك و هو قولي [- لز -] يكره أن يؤم المتيمّم المتوضّئين و نقل ابن إدريس عن بعض علمائنا عدم الكراهة [- كح -] لو شاهد المأموم المتوضّئ الماء في أثناء الصّلاة و لم يشاهد إمامة المتيمّم لم يفسد صلاته [- لط -] لو ظنّ فناء مائه فتيمّم و صلّى لم يجزئه إن أخلّ بالطلب و إلا أجزأه و لو كان الماء معلقا في عنقه أو على ظهره فنسيه فإن طلب أجزأه و إلا فلا و كذا لو كان معلقا على رحله سواء كان راكبا و الماء مقدم الرّحل أو مؤخره [- م -] لو وجد جماعة متيممون ما يكفي أحدهم في المباح انتقض تيمّمهم جميعا و كذا لو كان ملكا لأحدهم أو لأجنبي فأباح من شاء منهم أما لو وهب الجميع أو أباحهم على الجمع لم ينتقض تيمّمهم و لو أذن لواحد انتقض تيمّمه خاصّة و لو مرّ المتيمّم على الماء و لم يعلم به لم ينتقض تيمّمه [- ما -] لو لم يجد الماء إلا في المسجد و كان جنبا فالأقرب جواز الدخول مع خلوّ بدنه من النجاسة و أخذ الماء و الاغتسال به خارجا و لو فقد الآنية اغتسل فيه ما لم يفتقر إلى اللبث [- مب -] روى الشيخ في الصّحيح عن محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام أنه سئل عن الرّجل يقيم بالبلاد الأشهر ليس فيها ماء من أجل المراعي و صلاح الإبل قال لا و في التحريم نظر

المقصد الخامس في النجاسات

اشارة

و النظر في أمرين

الأوّل في أنواعها
اشارة

و هي عشرة

الأوّل و الثّاني البول و الغائط

من كل حيوان له نفس سائلة لا يؤكل لحمه سواء كان حراما في الأصل كالأسد أو عرض كالجلاّل و كموطوء الإنسان و قول الشيخ رحمه اللّٰه في المبسوط إن بول الطّيور كلّها طاهر سواء أكل لحمها أو لا و كذا ذرقها إلا الخشّاف ضعيف و رواية أبي بصير و إن كانت حسنة لكنها معارضة بغيرها أمّا بول

ص: 23

ما يؤكل لحمه و ذرقه من أصناف الحيوان فإنه طاهر إلا الدّجاج فإن فيه خلافا و بول ما لا نفس له سائلة و ذرقه طاهران و يكره بول البغال و الحمير و الدّواب و أرواثها

الثّالث المني

نجس من كلّ حيوان ذي نفس سائلة حل أكله أو حرم آدميّا كان أو غيره و الأصحّ طهارة منيّ ما لا نفس له سائلة و المذي و الوذي طاهران

الرّابع الدم المسفوح من كل حيوان ذي عرق

لا ما يكون رشحا كدم السّمك و شبهه نجس أما دم ما لا نفس له سائلة فإنه طاهر كالبق و البراغيث و السّمك و لا بأس بالصّديد و القيح قاله الشيخ رحمه اللّٰه قال صاحب الصّحاح القيح المدة لا يخالطها دم و الصّديد ماء الجرح المختلط بالدّم قبل أن يغلظ المدّة و الدم المستخلف في اللحم المذكى ممّا لا يقذفه المذبوح طاهر

الخامس الميّتة من كل حيوان ذي نفس سائلة نجسة

سواء كان آدميّا أو لم يكن و كذا أبعاضها و المنفصل من كل حيوان ينجس بالموت نجس و إن أبين من الحيّ و ما لا تحله الحياة كالعظم و الشعر فهو طاهر و إن أبين من الميّت إلا أن يكون من حيوان نجس العين كالكلب و الخنزير و الكافر و خلاف المرتضى ضعيف و اللّبن من الميّتة المأكولة اللحم بالذكاء نجس و في رواية زرارة الصحيحة عن الصادق عليه السّلام لا بأس به و الإنفحة من الميّتة طاهرة لرواية زرارة الصحيحة عن الصادق عليه السّلام و البيضة من الميّتة طاهرة إن كانت قد اكتست الجلد الفوقاني

السادس الكلب

نجس العين و اللعاب و لو نزا على طاهر فأولده روعي الاسم

السّابع الخنزير

حكمه في التنجيس حكم الكلب و جميع الرطوبات المنفصلة منهما و سائر أجزائهما حلتها الحياة أو لا نجسة أما كلب الماء فالأصح فيه الطهارة لأن إطلاق اسم الكلب عليه بالمجاز

الثامن المسكرات

كلّها نجسة و قول ابن بابويه ضعيف و الروايات معارضة بمثلها و عمل الأصحاب و كذا العصير إذا غلا ما لم يذهب ثلثاه و بصاق شارب الخمر طاهر ما لم يكن متلوثا به و لو انقلب الخمر خلا طهر سواء كان من قبل نفسه أو بعلاج أو طرح أجسام طاهرة فيه و إن كان المستحب تركه لينقلب من قبل نفسه و لو طرح فيها أجسام نجسة و استهلكت ثم انقلبت أو باشرها المشرك فإن الانقلاب لا يطهّرها

التّاسع الفقاع

نجس و حكمه حكم الخمر عندنا بلا خلاف

العاشر الكافر

نجس و هو كل من جحد ما يعلم ثبوته من الدّين ضرورة سواء كانوا حربيّين أو أهل كتاب أو مرتدّين و كذا الناصب و الغلاة و الخوارج و الأقرب أن المجسمة و المشبّهة كذلك و ما عدا هذه الأعيان طاهر ما لم يباشر شيئا منها برطوبة كالهرة و الحمر الأهلية و البغال و الفيل و غيره من المسوخ و السّباع و الثعلب و الأرنب و الفأرة و الوزغة و سائر الحشرات خلافا للشيخ و كذا في عرق الجنب من الحرام و عرق الإبل الجلالة خلافا له و القيء طاهر خلافا لشذوذ سواء خرج قبل الاستحالة أو بعدها ما لم يستحل غائطا فإنّه يكون نجسا و في نقضه خلاف سلف و كذا النخامة و البلغم سواء نزل من الرأس أو خرج من الصدر و الحديد طاهر و رواية إسحاق بن عمار ضعيفة و طين الطّريق طاهر ما لم يعلم فيه النجاسة و طين المطر طاهر و يستحبّ إزالته بعد ثلاثة أيام و لو وقع عليه في الطريق ماء و لا يعلم نجاسته لم يجب عليه السؤال إجماعا و بنى على الطهارة

النظر الثاني في الأحكام

و فيه [- لب -] بحثا [- ا -] يجب إزالة النجاسة عن الثّوب و البدن للصّلاة و الطواف و دخول المساجد و عن الأواني لاستعمالها و لا فرق في ذلك بين كثير النجاسة و قليلها في وجوب الإزالة إلا الدم فإن فيه تفصيلا يأتي و لو جبر عظمه بعظم نجس وجب النزع مع الإمكان سواء ستره اللحم أو لا [- ب -] عفي عن النجاسة مطلقا فيما لا يتم الصّلاة فيه منفردا كالتكة و الجورب و الخف و القلنسوة و النعل و أضاف ابن بابويه العمامة و هو ضعيف و الوجه أن الرّخصة في هذه الأشياء إذا كانت في محالها [- ج -] الدّم إن كان حيضا أو استحاضة أو نفاسا وجب إزالة قليله و كثيره عن الثوب و البدن و إن كان غيرها كان نجسا فإن شق إزالته و لم يقف سيلانه كالجروح الدامية و القروح اللازمة كان عفوا في الثوب و البدن قل أو كثر و إن لم يخرج عن النجاسة و يستحب غسل الثوب في اليوم مرّة و إن وجد طاهرا ففي وجوب الإبدال إشكال و إن لم يشق إزالته فإن كان فوق الدرهم البغلي سعة وجب إزالته إجماعا عن الثوب و البدن و إن كان دونه لم يجب إزالته إجماعا و إن كان نجسا و إن كان قدر الدّرهم فقولان أقربهما وجوب الإزالة و لو كان الدم متفرقا فالأولى اعتبار الدّرهم سعة على تقدير الجمع فيزيله و لا ما يحصل القصور عن الدرهم به و لا فرق بين الدماء كلها في ذلك عدا الدماء الثلاثة و استثناء الراوندي و ابن حمزة دم الكلب و الخنزير حسن و لو أصاب الدم نجاسة غير معفو عنها لم يعف عنه [- د -] يجب غسل الثوب من النجاسة بالماء المطلق و لو لم يزل أثر دم الحيض بالغسل استحب صبغه بالمشق [- ه -] لو اتّصل الدّم من أحد وجهي الثوب الصفيق إلى آخر فهما نجاسة واحدة و إلا تعددتا [- و -] لا يجزي الفرك في المني سواء كان يابسا أو رطبا مني آدميّ أو حيوان ذكر أو أنثى [- ز -] يستحب قرص الثوب و حته ثم غسله في الماء في دم الحيض و الواجب الغسل خاصة [- ح -] يغسل الثوب من البول مرتين و النجاسة الثخينة أولى بتعداد الغسل إلا ما لا يشاهد من النجاسة فإنها تطهر بالمرة [- ط -] لا بدّ من عصر الثوب و دلك الجسد و يكفي الدّق و التقليب فيما يعسر عصره و لو أخلّ بالعصر لم يطهر الثوب [- ي -] لو غسل بعض الثوب النجس طهر المغسول خاصّة و يكفي في بول الرضيع صب الماء عليه وحده ما لم يغتذّ بالطعام و تحديد ابن إدريس بالحولين ضعيف [- يا -] المرأة المربّية

ص: 24

للصّبي إذا لم يكن لها سوى ثوب واحد و تصيبه النجاسة دائما و لا يتمكن من غسله في كل وقت تجتزي بغسله مرة واحدة في اليوم و يستحب أن تجعل الغسلة آخر النّهار و لتقع الفرائض الأربع في طاهر و اليوم اسم للنهار و الليل [- يب -] الكلب و الخنزير إذا أصابا الثوب و أحدهما رطب وجب غسل موضع الملاقاة و لو اشتبه وجب تعميم الغسل و لو كانا يابسين استحبّ رش الثوب بالماء و لو كان في البدن غسل موضع الملاقاة رطب و مسحه بالتراب يابسا [- يج -] البول إذا أصاب الأرض أو الحصير أو البارية و جفّ بالشمس طهر محلّه و قول الراوندي و ابن حمزة بجواز الصّلاة عليه مع نجاسته باطل لقول الباقر عليه السّلام في رواية صحيحة من زرارة و قد سئل عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلّى فيه إذا جففته الشمس فصلّي عليه فهو طاهر و هو نصّ في الباب و لو جفّ بغير الشمس لم يطهر إجماعا و للشيخ قول آخر في الخلاف ضعيف [- يد -] غير البول من النجاسات المائعة كالخمر و شبهه لا يطهر بتجفيف الشمس على أحد قولي الشيخ [- يه -] إنما يطهر بتجفيف الشمس ما تقدم من الأرض و الحصر و البواري و النباتات و شبهها [- يو -] لا يطهر بالشمس ما يبقى فيه أجزاء النجاسة بعد التجفيف [- يز -] قال الشيخ الأرض إذا أصابها بول فألقي عليها ذنوب من ماء بحيث يقهر لونه و ريحه تطهر و يبقى الماء على طهارته و عندي فيه نظر و رواية الأعرابي ضعيفة عندنا و معارضة بما روي عنه عليه السّلام من قوله فيها خذوا ما بال عليه من التراب و أريقوا على مكانه ماء [- يح -] إنما تطهر الأرض بإجراء الماء الكثير عليها أو وقوع المطر أو السّيل بحيث يذهب أثر النجاسة أو بوقوع الشمس حتى يجفّ في البول و شبهه على إشكال قال الشيخ رحمه اللّٰه أو بزوال الأجزاء النّجسة أو تطيين الأرض بالطّاهر و ليسا في الحقيقة مطهرين و لا فرق في التطهير بين قليل المطر و كثيره إذا زال العين و الأثر و لو لم تزل الرائحة و اللون لم يطهر و لو كانت النجاسة جامدة أزيلت عينها و لو خالطت أجزاء التراب أزيل الجميع [- يط -] يطهر التراب باطن الخف و أسفل النعل و في القدم إشكال و الصحيح طهارتها و النار تطهّر ما أحالته [- ك -] قال علم الهدى الصقيل كالسّيف إذا لاقاه نجاسة طهر بالمسح و فيه إشكال [- كا -] إذا استحالت الأعيان النجسة فقد طهرت كالخمر إذا انقلبت و كالنطفة و العلقة إذا تكوّنت إنسانا و كالدم إذا صار قيحا أو صديدا أمّا الخنزير و شبهه إذا وقع في ملاّحة فاستحال ملحا فإنه لا يطهر و حكم الشيخ بتطهير اللبن المضروب بماء نجس مع صيرورته آجرا أو خزفا و لا يطهر الدبس النّجس إذا انقلب خلاّ و لو انقلبت الأعيان النجسة ترابا ففي طهارتها إشكال و الكافر إذا أسلم طهر بدنه دون ما لاقاه برطوبة من ثيابه و غيرها قبل الإسلام و لو تاب المرتد عن غير فطرة فكذلك أما المرتد عن فطرة فالوجه أنه كذلك أيضا [- كب -] إذا علم بالنجاسة في موضع معيّن من ثوبه أو بدنه غسله وجوبا و إن اشتبه وجب غسل كل ما يحتمل إصابة النجاسة له و لو علم حصولها في أحد الثوبين و جهل التعيين غسلهما معا و لو لم يجد الماء نزعهما و صلّى في غيرهما إن وجد و إلا صلى عريانا و لا تجزي و قال أكثر علمائنا يصلّي في كلّ واحد منهما مرة و هو الحق عندي و قول ابن إدريس إن الواجب افتتاح الصّلاة مع العلم بوجوبها لا مع الشك خطأ لأنهما عندنا واجبتان إحداهما بالاشتباه و الأخرى بالأصالة و لو تعدّدت الثياب النجسة صلى بعددها و زاد صلاة على ذلك العدد و لو صلى الظهرين في أحدهما ثم كرّرهما في الآخر صحتا معا و لو صلّى الظهر في ثوب ثم العصر في آخر ثم الظهر فيه ثم العصر في الأول صحّت الظهر و لو غسل أحد الثوبين المشتبهين و صلّى فيه صحّت الصّلاة إجماعا و لا يجوز أن يصلّي في الآخر و لو جمعهما و صلى فيهما لم تصح صلاته سواء غسل أحدهما أو لا و مع وجود الطاهر بيقين لا يجوز أن يصلّي في المشتبه مع الإفراد و التعدد [- كج -] لو كان معه ثوب نجس لا غير نزعه و صلى عريانا بالإيماء و لا إعادة عليه قاله الشيخ و في رواية علي بن جعفر الصحيحة عن أخيه موسى عليه السّلام يصلّي فيه و الوجه عندي التخيير [- كد -] من صلّى في ثوب نجس مع العلم أعاد الصّلاة مطلقا و لو نسي حالة الصّلاة فالوجه الإعادة في الوقت لا خارجه خلافا للشيخ و لو لم يسبقه العلم ثم علم بعد الصّلاة لم يعد لا في الوقت و لا خارجه على خلاف في الأول [- كه -] لو دخل في الصلاة و لم يعلم ثم تجدد له العلم بسبق النجاسة نزعه و إن لم يكن غيره و أخذ ساترا و لو احتاج إلى فعل كثير قطع الصلاة و ستر عورته و لو لم يملك الساتر نزعه و أتم من جلوس إيماء و لو حمل حيوانا طاهرا مأكول اللحم صحّت صلاته و كذا غير المأكول و لو حمل قارورة مضمومة فيها نجاسة فقد تردد الشيخ في الخلاف و أفتى في المبسوط بالبطلان و يكره للمرأة أن تصل شعرها بشعر آدميّ رجلا أو امرأة و لا بأس بالحيوان الطاهر و لو شرب خمرا أو أكل ميتة فالأقوى وجوب القيء و لو أدخل دما تحت جلده فنبت اللحم نزعه مع المكنة و لو كان وسطه مشدودا بطرف حبل و طرفه الآخر مشدودا في نجاسته كالكلب لم تبطل صلاته سواء كان واقفا على الحبل أو حاملا له و سواء كان الكلب كبيرا لا يتحرك بحركته أو يتحرك و كذا لو كان مشدودا في سفينة فيها نجاسة سواء كان الشدّ في النجس أو الطاهر و يجوز الصلاة في ثياب الصّبيان و يكره في ثياب شارب الخمر و غيره من المحرمات ما لم يعلم إصابتها لها [- لو -] يحرم الأكل و الشرب في آنية الذهب و الفضة إجماعا و كذا يحرم

ص: 25

عندنا استعمالها في غير الأكل و الشرب و نص الشيخ على تحريم اتخاذها سواء الرّجل أو المرأة في ذلك أما المفضّض ففيه قولان أقربهما الكراهية و يحول الفم عن موضع الفضّة وجوبا قاله الشيخ و يجوز اتخاذ الأواني من غير الجوهرين و إن غلت أثمانها و أواني المشركين طاهرة حتى يعلم نجاستها و لو تطهر من آنية الذّهب و الفضة فالأقرب صحة طهارته بخلاف ما لو توضأ في الدار المغصوبة و كذا لو جعل آنية الذهب أو الفضة مصبّا لماء الطهارة [- كز -] تغسل الآنية من ولوغ الكلب ثلاث مرات أولاهن بالتراب خلافا لابن جنيد في العدد و للمفيد في الترتيب و إذا غسلت طهرت و لم يجب تجفيفها و لو لم يجد التراب قال الشيخ اقتصر على الماء و الأقرب حينئذ عدم الاكتفاء بالمرتين و لو وجد ما يشبهه كالأشنان و الصّابون أجزأ استعماله و هل يجزي مع وجود التراب إشكال و لو خيف فساد المحل باستعمال التراب فهو كالفاقد و لو غسله بالماء مع وجود التراب لم يجزه و هل يمزج التراب بالماء قال ابن إدريس نعم و لم يثبت و لو تكرر الولوغ اتحد الغسل تعدد الكلب أو اتحد و لا يغسل بالتراب إلا من الولوغ خاصة و يلحق بالكلب ما تبعه في الاسم و جزم في المبسوط و الخلاف على مساواة الخنزير له و لم يثبت و الحقّ عندي أنه يغسل من ولوغ الخنزير سبع مرّات لرواية علي بن جعفر الصحيحة عن أخيه الكاظم عليه السّلام [- كح -] إذا وقع فيه نجاسة بعد غسله بعض العدد تداخلا و لو غسله بالتراب ثم بالماء مرة ثم ولغ استأنف و لا يجب الإكمال ثم الاستئناف و لو وقع إناء الولوغ في ماء قليل نجس الماء و لو كان في كثير لم يحصل للمغسول غسله إلا مع القول بعدم الترتيب أو يكون الوقوع بعد التراب [- كط -] يغسل الإناء من الخمر و الجرذ سبعا استحبابا على خلاف و يغسل من غير الولوغ من النجاسات ثلاثا استحبابا و الواجب الاتقاء و نصّ في الخلاف و المبسوط على الثلاث [- ل -] يطهر بالغسل من الخمر ما كان من الجواهر الصّلبة التي لا تتشرب أجزاؤها الخمر كالرصاص و الخزف المطلي أما القرع و الخشب و الخزف غير المغضور فالأقرب زوال النجاسة عنه خلافا لابن الجنيد [- لا -] جلد الميّتة لا يطهر بالدّباغ سواء كان طاهرا في الحياة أو لم يكن خلافا لابن الجنيد [- لب -] لا يجوز استعمال شيء من الجلود إلا ما كان طاهرا في حال الحياة ذكيا فإن كان مأكولا لم يفتقر إلى الدباغ و هل يفتقر ما لا يؤكل لحمه مع التذكية إلى الدباغ نصّ الشيخ و علم الهدى عليه و مع الدّباغ لا يفتقر إلى الغسل و لا يفتقر الدبغ إلى فعل بل لو وقع المدبوغ في المدبغة فاندبغ طهر

كتاب الصّلاة

في معاني الصلاة

و هي في اللغة الدعاء و في الشرع أذكار معهودة مقترنة بحركات و سكنات مخصوصة يتقرب بها إلى اللّٰه تعالى و هي من أكمل العبادات و أهمها في نظر الشرع قال الصادق عليه السّلام أول ما يحاسب العبد به الصّلاة فإذا قبلت قبل سائر عمله و إذا ردّت ردّ عليه سائر عمله و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله ليس منا من استخف بصلاته لا يرد عليّ الحوض لا و اللّٰه ليس مني من شرب مسكرا لا يرد علي الحوض لا و اللّٰه و قال الصادق عليه السّلام إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصّلاة و سأله معاوية بن وهب من أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم و أحب ذلك إلى اللّٰه عز و جلّ ما هو فقال عليه السّلام ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصّلاة أ لا ترى أن العبد الصّالح عيسى بن مريم عليه السّلام قال و أوصاني بالصّلاة و الزكاة ما دمت حيّا و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى و هي واجبة بالنّص و الإجماع و معرفتها واجبة لأن التكليف يستدعي العلم بالفعل الذي وقع التكليف به لاستحالة تكليف ما لا يطاق فيجب معرفتها إما بالدليل أو بالتقليد لمن يصحّ تقليده من المجتهدين فلو صلّى بتقليد العامي لم يعتدّ بها و الصّلاة فعل يشتمل على أشياء و يشترط له أشياء و يبطله أمور إما عمدا أو سهوا و ينقسم إلى أنواع كثيرة و أنا أسوق إليك لب الفتاوى المتعلقة بذلك كله و أهذب لك فروعه و أحيلك بالبراهين و ذكر الخلاف على كتابنا الكبير الموسوم بمنتهى المطلب بعون اللّٰه تعالى و هذا الكتاب يشتمل على مقاصد

المقصد الأوّل في المقدمات

اشارة

و فيه فصول

الفصل الأول في أعدادها

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] الصلاة قسمان واجب و نفل فالواجب أمران أحدهما واجب بأصل الشرع و هو خمس صلوات في كل يوم و ليلة الظهر أربع ركعات و العصر مثلها و كذا العشاء الآخرة و المغرب ثلاث ركعات و الغداة ركعتان و ترتيبها الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء ثم الصّبح هذا في الحضر و أما في السفر فيسقط في الرباعيات شطرها و يستقر الباقيتان على حالهما و يجب أيضا صلاة الجمعة و العيدين و الكسوف و الآيات و الزلزلة و الطواف و الأموات فالثّاني ما وجب بالنذر و اليمين و العهد و أما النفل فقسمان موقّت و غير موقّت فالموقّت أقسام أحدها النوافل اليوميّة و هي أربع و ثلاثون ركعة أمام الظهر ثمان و بعدها كذلك للعصر و بعد المغرب أربع و بعد العشاء ركعتان من جلوس يحسبان بركعة و ثمان صلاة اللّيل و ركعتا الشفع و الوتر و ركعتان للفجر و تسقط نوافل النّهار عدا ركعتي الفجر في السفر و في الوتيرة خلاف و الباقي من النوافل يأتي [- ب -] النوافل تصلّى كل ركعتين منها بتشهد و تسليم إلا صلاة الأعرابي و الوتر و سيأتي بيانهما فلو زاد على اثنتين لم يجز قاله في المبسوط [- ج -] ركعتا الفجر أفضل من الوتر [- د -] يستحب تقديم نافلة المغرب على سجدة الشكر فيها و روي عن الكاظم عليه السّلام التعفير عقيب المغرب

ص: 26

و قال إن الدعاء فيها مستجاب [- ه -] صلاة الضحى بدعة عندنا [- و -] يستحب التطوّع قائما و لو تطوّع جالسا جاز و ينبغي أن يتربّع فإذا أراد الركوع قام و ركع

الفصل الثاني في المواقيت
اشارة

و النظر يتعلق بأمور

النظر الأوّل في وقت الرفاهية

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] لكلّ صلاة وقتان أوّل و آخر فالأول وقت الفضيلة و الآخر وقت الإجزاء و لا يمكن أن يكون الوقت قاصرا عن الفعل إلا إذا كان القصد وجوب القضاء لاستحالة تكليف ما لا يطاق و قد وقع الإجماع على جواز التكليف مع التوافق أما مع فضل الوقت فالصّحيح جوازه خلافا لمن منع الواجب الموسّع و قد ذكرناه في علم الأصول ثم الواجب الموسّع لا يختص زمان منه بالوجوب دون آخر و يتضيّق الوجوب عند آخره و وجوب العزم عند التأخير إلى ثاني الحال من أحكام الإيمان لا لتحقق البدليّة [- ب -] يدخل وقت الظهر بزوال الشمس و انحرافها عن دائرة نصف النهار المعلوم بزيادة ظل كلّ شخص في جانب المشرق بعد نقصانه أو ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن يستقبل القبلة إلى أن يمضي مقدار أربع ركعات ثم يشترك الوقت بينها و بين العصر إلى أن يبقى لغروب الشمس مقدار أربع ركعات فيختص بالعصر روى ذلك داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السلام و هي مناسبة للدلائل العقلية فإذا غربت الشمس دخل وقت المغرب و يعرف غروبها بغيبوبة الحمرة المشرقية و لا يكفي استتار القرص على أصحّ القولين إلى أن يمضي مقدار ثلاث ركعات ثم يشترك الوقت بينها و بين العشاء إلى أن يصير لانتصاف الليل مقدار أربع ركعات فيختص العشاء الآخرة و وقت الصبح طلوع الفجر الثاني المستطير ضوؤه الصادق لا الفجر الأوّل الكاذب الّذي هو يبدو مستطيلا ثم ينمحي أثره و يمتد الوقت إلى طلوع الشمس [- ج -] وقت الفضيلة للظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله و للعصر عند الفراغ من فريضة الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه و للمغرب من غروب الشمس إلى غيبوبة الشفق و هو الحمرة من جانب المغرب و للعشاء الآخرة إلى ثلث اللّيل و للصبح من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الحمرة المشرقية و اللّٰه أعلم

النّظر الثاني في أوقات النوافل

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] وقت نافلة الظهر من الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله و في النهاية إلى أن يبلغ زيادة الظل قدمين [- ب -] وقت نافلة العصر من عند الفراغ من فريضة الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه و في النهاية إلى أربعة أقدام [- ج -] وقت نافلة المغرب بعدها إلى ذهاب الحمرة المغربية [- د -] وقت الوتيرة عند الفراغ من العشاء و يمتدّ بامتداد وقتها قال الشيخ و يستحب أن يجعلها بعد كل صلاة يريد أن يصلّيها [- ه -] وقت صلاة الليل بعد انتصافه و كلما قرب من الفجر كان أفضل [- و -] وقت ركعتي الفجر عقيب صلاة اللّيل إلى طلوع الحمرة و تأخيرها إلى الفجر الأوّل أولى

النظر الثالث في أوقات المعذورين

و يغني بالعدد ما يسقط القضاء كالجنون و الصّبا و الحيض و الكفر و له أحوال ثلاثة الأولى أن يخلو عنها آخر الوقت بقدر الطهارة و أداء ركعة كما لو طهرت الحائض قبل الغروب فيلزمها العصر و لو طهرت قبله بمقدار الطّهارة و خمس ركعات وجبت الظهر أيضا و الأربع في مقابلة الظهر لا العصر على إشكال و تظهر الفائدة في المغرب و العشاء و كذا لو طهرت قبل انتصاف الليل بمقدار الطّهارة و ركعة وجبت العشاء و لو كان بمقدار خمس وجبت الفريضتان و يكون مؤدّيا لكمال الفريضة على رأي و لو أهمل حينئذ وجب القضاء و لو قصر الوقت عن ركعة لم يجب الحالة الثانية أن يخلو أوّل الوقت فإذا دخل الوقت و مضى مقدار الطّهارة و ما يتسع للصّلاة بكمالها وجب الصّلاة و لو حصل العذر وجب القضاء عند زواله و لو لم يتسع لكمال الفريضة لم يجب القضاء الحالة الثالثة أن يعم العذر جميع الوقت فتسقط الصلاة أداء و قضاء

النّظر الرّابع في الأوقات المكروهة للنوافل

يكره ابتداء النوافل في خمسة أوقات ثلاثة منها للوقت عند طلوع الشمس و غروبها و قيامها نصف النهار إلا يوم الجمعة و اثنان للفعل بعد الصّبح و بعد العصر إلا النوافل المرتّبة و ما له سبب كصلاة الزيارة و التحيّة و الإحرام و الطواف أما قضاء النوافل في هذه الأوقات فليس بمكروه و كره المفيد قضاءها عند طلوع الشمس و غروبها خاصة أما الفرائض فلا تكره إجماعا و كذا المنذورة سواء أطلق النذر أو قيّده و كذا صلاة الجنائز و يستحب إعادة الصلاة الواجبة جماعة لمن صلّى منفردا و إن كان في أوقات النهي كالصبح و العصر و المغرب و لا فرق بين مكة و غيرها في الكراهية و لا بين الصيف و الشتاء عملا بالعموم

النظر الخامس في الأحكام

و فيه [- يز -] بحثا [- ا -] الصّلاة في أوّل الوقت أفضل إلا للمتنفل في الظهرين و للجمع في الحر الشديد و للمفيض إلى المشعر في العشاءين و للمستحاضة الكثيرة الدم في الظهر و المغرب و للمصلّي العشاء إلى أن يغيب الشفق المغربي و لا إثم في تعجيل الصّلاة التي يستحبّ تأخيرهما [- ب -] لو أخر في أوّل الوقت لم يأثم و إجزاء ما يأتي به و يكون مؤديا مع الاختيار و يستقر الوجوب بمضي مقدار الطهارة و الفريضة من الوقت و لو تضيّق الوقت تحتم و عصى بالتأخير فلو ظهر فساد ظنه و لما يخرج الوقت فهو أداء و لو مات بعد المكنة قبل الضّيق لم يعص و قضي عنه [- ج -] لو أدرك المكلف من وقت صلاتي الأولى قدرا تجب به ثم جنّ أو حاضت المرأة ثم زال العذر بعد وقتهما

ص: 27

لم تجب الثانية [- د -] الصّبي المتطوّع بوظيفة الوقت إذا بلغ في الأثناء بما لا يبطلها استأنف مع بقاء الوقت و في المبسوط يتم و لو كان قد فرغ وجب عليه الاستئناف مع إدراك الطهارة و ركعة [- ه -] لا يجوز الصلاة قبل دخول وقتها فمن صلّى قبل الوقت عامدا أو جاهلا أو ناسيا بطلت صلاته و روي تقديم نافلة الليل على انتصافه للمسافر أو للشاب الممنوع بالرطوبة من الاستيقاظ و قضاؤها من الغد أفضل [- و -] لو ظن دخول الوقت فصلّى ثم ظهر فساد ظنّه أعاد إلا أن يكون الوقت دخل و هو متلبّس و لو بالتسليم و المرتضى و ابن الجنيد أوجبا الإعادة و لو شك في دخول الوقت لم يصل حتى يستيقن أو يغلب على ظنه إذا فقد طريق العلم و لا يجوز له العدول إلى الظن مع إمكان العلم [- ز -] معرفة الوقت واجبة و لو أخبره عدل بدخول الوقت فإن لم يكن طريق سواه و الإخبار عن علم بنى عليه لإفادته الظن و لو كان طريق علمي لم يعوّل على قوله و لو كان الإخبار عن اجتهاد لم يقلد و اجتهد و لو سمع الأذان من ثقة عارف و لم يتمكن من العلم رجع إليه و إلا فلا [- ح -] الأعمى يقلد فإن ظهر بطلان الإخبار قبل دخول الوقت أعاد إذا لم يدخل متلبسا [- ط -] لو شك في دخول الوقت و صلى حينئذ لم يعتدّ بصلاته و لو اتفقت في الوقت [- ي -] لو خرج وقت نافلة الظهر و قد تلبّس منها و لو بركعة زاحم بها الفريضة و كذا العصر [- با -] لو ذهبت الحمرة المغربية و لم يكمل نوافل المغرب ابتدأ بالعشاء و لا يزاحم بما بقي بل يقضيه و لو طلع الفجر و قد صلى أربع ركعات خفف الباقي ثم صلّى الفريضة و لو صلى دون الأربع بدأ بالفريضة [- يب -] من فاتته فريضة فوقتها حين يذكرها ما لم تتضيق الحاضرة و لو ذكرها في أوّل وقت الحاضرة استحب تقديمها على الحاضرة سواء اتّحدت الفائتة أو تعدّدت و قيل بالوجوب و لو ذكر في أثناء الحاضرة عدل بنيته استحبابا أو وجوبا على الخلاف مع إمكان العدول [- يج -] لو ظن أنّه صلى الظهر فاشتغل بالعصر ثم ذكر عدل و لو كان بعد الفراغ فإن صلى في الوقت المختص بالظّهر أعاد بعد الظهر و إلا اكتفى بالظهر و كذا لو دخل الوقت المشترك و هو في العصر [- يه -] يستحب قضاء نافلة الليل بالنهار و نافلة النهار بالليل لما فيه من المبادرة إلى السّنن [- يو -] قال الشيخ رحمه اللّٰه الصّلاة الوسطى هي الظهر و قال علم الهدى العصر [- يز -] قال الشيخ يكره تسمية العشاء بالعتمة و الصّبح بالفجر

الفصل الثالث في القبلة
اشارة

و مطالبه أربعة

الأول [- ا - في القبلة

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] القبلة هي الكعبة أو جهتها و قال الشيخ رحمه اللّٰه الكعبة قبلة من شاهدها أو كان في حكم المشاهد ممن كان في المسجد و المسجد قبلة لمن كان في الحرم و الحرم قبلة لمن نأى عن الحرم و الأوّل أقرب [- ب -] من كان في المسجد يجوز أن يستقبل مهما أراد من جدرانها و كذا من صلّى جوف الكعبة [- ج -] لا اعتبار بالبينة فلو خربت و العياذ باللّٰه صلى إلى جهتها [- د -] يكره الفريضة جوف الكعبة و يستحبّ فيها النافلة فلو صلّى جوفها بعد خرابها أبرز بين يديه بعضها و لو صلّى على طرفها لم يصحّ و لو صلّى جوفها و الباب مفتوح صلّت صلاته و إن لم يكن هناك عتبة مرتفعة [- ه -] لو صلّى في المسجد جماعة فخرج بعض الصّف عن سمت الكعبة بطلت صلاة الخارج خاصة و لو وقف على طرف الكعبة و بعض بدنه على محاذاة ركن لم يصحّ صلاته [- و -] لو صلى على سطحها أبرز بين يديه منها شيئا و صلّى قائما و لا يحتاج إلى نصب شيء قدّامه و رواية الشيخ هنا ضعيفة و لو لم يبرز شيئا بطلت صلاته [- ز -] لو صلى على موضع أرفع منها كجبل أبي قبيس استقبل جهتها و كذا لو صلى في موضع منخفض عنها [- ح -] كل إقليم يتوجهون إلى ركن من الأركان الأربعة فأهل العراق إلى العراقي و هو الذي فيه الحجر و أهل الشام إلى الشامي و أهل المغرب إلى الغربي و اليمن إلى اليمانيّ [- ط -] كل قوم من هؤلاء لهم علامات وضعها الشارع لمعرفة القبلة فعلامة العراق و من والاهم جعل الفجر على المنكب الأيسر و المغرب على الأيمن و الجدي محاذي المنكب الأيمن و عين الشمس عند الزّوال على طرف الحاجب الأيمن مما يلي الأنف و القمر ليلة السابع عند المغرب في القبلة و ليلة إحدى و عشرين في القبلة وقت الفجر و أما علامة الشام فأن يكون بنات النعش حال غيبوبتها خلف الأذن اليمنى و الجدي خلف الكتف اليسرى إذا طلع و موضع مغيب سهيل عن العين اليمنى و طلوعه بين العينين و الصّبا على الخدّ الأيسر و الشمال على الكتف الأيمن و أمّا أهل المغرب فأن يكون الثريا على يمينه و العيّوق على شماله و الجدي على صفحة خدّه الأيسر و أما أهل اليمن فأن يكون الجدي وقت طلوعه بين عينيه و سهيل حين مغيبه بين كتفيه و الجنوب على مرجع كتفه اليمنى [- ي -] يستحب لأهل العراق التياسر قليلا إلى يسار المصلّي منهم

المطلب الثاني في المستقبل

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] يجب الاستقبال في فرائض الصّلوات مع العلم بجهة القبلة و لو جهلها عوّل على الأمارات المفيدة للظنّ و الواقف بالمدينة ينزّل محراب رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله في حقّه منزلة الكعبة فليس له الاجتهاد فيه بالتيامن و التياسر [- ب -] القادر على العلم لا يجوز له الأخذ بالظنّ و الاجتهاد و القادر على الاجتهاد لا يجوز له التقليد و يجب أن يعوّل على قبلة البلد إذا لم يعلم أنها بنيت على الغلط و الأعمى العاجز يقلد المكلف المسلم العارف و لو فقده قال الشيخ رحمه اللّٰه يقلد الصّبي و المرأة و ظاهر كلامه في

ص: 28

الخلاف لم يعد أنه يصلّي إلى أربع جهات مع السّعة و مع الضّيق يتخير و لو صلّى من غير تقليد بل برأيه و لم يستند إلى أمارة فإن أخطأ أعاد إن أصاب على إشكال [- ج -] لو فقد المبصر العلم اجتهد فإن غلب على ظنه الجهة لأمارة عمل عليه قاله العلماء كافة و لو لم يغلب الظن و لا أمارة هناك و اشتبه الحال صلى إلى أربع جهات كل فريضة مع السّعة و مع التضيّق يصلّي ما يتّسع له الوقت و لو كانت واحدة و يتخير في الواجبة أو الساقطة [- د -] لو صلّى باجتهاد ثم حصلت أخرى قال الشيخ يعيد الاجتهاد إلا أن يعلم عدم تغير الأمارات فلو اجتهد ثانيا و ظنّ غير الجهة الأولى لم يعد صلاتها أما لو تغيّر اجتهاده في الصّلاة فإنه ينحرف ما لم يكن مستدبرا أو مشرقا أو مغربا فيستأنف [- ه -] العامي يرجع إلى قول العدل اختاره في المبسوط و ظاهر كلامه في الخلاف أنه يصلّي إلى أربع جهات [- و -] لو اجتهد و صلّى ثم شك في اجتهاده بعد الصلاة أعاد الاجتهاد و لو كان في الأثناء استمر أمّا لو بان له الخطأ و لم يعرف جهة القبلة إلا بالاجتهاد المحوج إلى الفعل الكثير فإنه يقطع و يجتهد [- ز -] لو صلّى الأعمى بقول واحد و أخبره آخر بخلافه مضى في صلاته مع التساوي في العدالة و لو صلّى بقول بصير ثم أبصر في الأثناء عمل على اجتهاده فإن وافق و إلاّ عدل إلى ما اجتهده و لا يستأنف و لو احتاج في الاجتهاد إلى فعل كثير فالأقرب الاستمرار أما لو كان مقلدا ثم أبصر فإنّه يمضي في صلاته قطعا و لو شرع مجتهدا في الصّلاة باجتهاده فعمي استمرّ على اجتهاده و لو استدار انحرف و لو اشتبه و وجد المرشد أتمّ و إن تطاول استأنف مع المرشد و إلا إلى أربع جهات [- ح -] من وجب عليه الأربع للاشتباه إذا غلب على ظنه الجهة في الصلاة فإن كان ما عليه الفعل استمر و إلا انحرف إليها قال في المبسوط و لو كان مستدبرا استأنف و الأقرب عندي الاستئناف ما لم يكن بين المشرق و المغرب و لو أخبره المجتهد بالخطإ فتبيّن استأنف ما لم يكن بين المشرق و المغرب [- ط -] لو اختلف اجتهاد رجلين عمل كل باجتهاده إذا كانا من أهل الاجتهاد و هو العالم بأدلة القبلة و إن جهل أحكام الشرع و لا فرق بين أن يتساويا في العلم أو يتفاوتا مع تساويهما في شرائط الاجتهاد في القبلة و لو ضاق وقت أحدهما عن الاجتهاد قلّد الآخر و ليس لأحدهما مع الاختلاف الائتمام بصاحبه [- ي -] لو اتفق الإمام و المأمومون في الجهة بالاجتهاد ثم عرض ظن الفساد استدار فإن غلب ظن المأمومين عليه تابعوه و إلا أتموا منفردين و لو اختلفوا رجع كل إلى ظنّه [- يا -] المقلد يرجع إلى أوثق المجتهدين عدالة و معرفة و لو رجع إلى المفضول مع الشّرائط فالأقرب الصحة و لو تساويا تخير و لا عبرة بظنّه إصابة المفضول [- يب -] المجتهد مع العذر عن الاجتهاد بمرض و شبهه كالمقلد [- يج -] لو صلى مقلدا فأخبره مجتهد فإن كان عن يقين رجع إلى قوله و إلا إلى الأعدل و مع التّساوي استمرّ

المطلب الثالث فيما يستقبل له

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] الاستقبال شرط في الفرائض أداء و قضاء مع المكنة و الأقرب أن النافلة كذلك و يجب الاستقبال بالذبيحة و بالأموات وقت الاحتضار و التغسيل و الصّلاة و الدفن و مع شدّة الخوف يسقط فرض الاستقبال فإن تمكن من الاستقبال بتكبيرة الافتتاح وجب و إلا فلا أما طالب العدو مع الأمن فإنّه يجب أن يستقبل [- ب -] لا يجوز الفريضة على الراحلة مع القدرة و إن تمكن من استئناف الواجبات على رأي و يجوز لا معها فيستقبل ما أمكن و لو لم يتمكن استقبل بتكبيرة الإحرام فإن لم يتمكن سقط و لا بأس بالتنفل على الراحلة اختيارا و يتوجّه حيث توجّهت و يستحب أن يتوجّه بتكبيرة الإحرام سواء كان مسافرا أو لا و إن كان الأفضل النزول [- ج -] إذا صلى على الراحلة فرضا مع الضرورة و نفلا مع الاختيار و لم يتمكن من الاستيفاء بالأفعال أومأ للركوع و السجود و جعل السجود أخفض [- د -] لا فرق بين الحمار و البعير و الفرس و غيرها من أصناف الحيوانات طاهرة كانت أو نجسة ما لم يتعد نجاستها فيجب التوقي بالحائل مع المكنة [- ه -] لو لم يتمكن من الاستقبال في الابتداء و تمكن في الأثناء وجب [- و -] قبلة المصلي على الراحلة حيث توجّهت فلو عدل فإن كان إلى القبلة جاز إجماعا و إلا فالأقرب الجواز للآية [- ز -] لو صلى على الراحلة اضطرارا فاحتاج إلى النزول نزل و تمم على الأرض و لو كان يتنفل على الأرض فاحتاج إلى الركوب ركب و أتم الصّلاة ما لم يحتج إلى فعل كثير [- ح -] لا يجوز أن يصلّي الفريضة ماشيا مع الاختيار و هو قول كل من يحفظ عنه العلم و المضطر يصلي على قدر مكنته و يستقبل القبلة ما تمكن و إلا فبالتكبيرة و يجوز التنفل ما شاء اختيارا [- ط -] حكم المنذورات و صلاة الجنائز حكم الفرائض الخمس في جميع ما تقدّم [- ي -] البعير المعقول و الأرجوحة المعلقة بالحبال لا يصحّ الفريضة فيهما اختيارا على إشكال

المطلب الرّابع في أحكام الخلل

و فيه [- د -] مباحث [- ا -] من ترك الاستقبال في الفريضة عمدا مختارا وجب عليه الإعادة في الوقت و خارجه و لو ظنّ الاستقبال ثم تبيّن الخطأ في الأثناء انحرف إن كان بين المشرق و المغرب و إلا استأنف و لو بان الخطأ بعد الفراغ و كان بينهما فلا إعادة و إن كان إليهما أعاد في الوقت لا خارجه و إن كان مستدبرا قال الشيخان يعيد في الوقت و يقضي خارجه و قال السّيد المرتضى بعيد يقضي [- ب -] قال الشيخ حكم الناسي و المصلّي لشبهة حكم الظان حتّى إنه إن كان الوقت باقيا أعاد إن كان بين المشرق و المغرب و إن خرج لم

ص: 29

يعد و فيه إشكال [- ج -] لا يجوز التعويل على قول الكافر في القبلة مع فقد الاجتهاد و المسلم العارف و لو أفاده الظن فالأقرب القبول و كذا الفاسق و لو وجد للمشركين كالنصارى قبلة إلى المشرق في محاريبهم ففي جواز الاستدلال بها على المشرق تردّد و لو أخبره مسلم لا يعرف عدالته و لا فسقه فالأقرب القبول و لو لم يعلم حال المخبر و شك في إسلامه و كفره لم يقبل قوله بدون الظن بخلاف الشك في عدالة المسلم لأن حاله يبتني على العدالة أما الصّبي فلا يقبل قوله و يقبل من المرأة و الواحد [- د -] المصلي في السفينة يستقبل القبلة مع المكنة و إلا بتكبيرة الإحرام ثم يستقبل صدرها

الفصل الرّابع في اللباس
اشارة

و فيه مطالب ثلاثة

الأوّل فيما يحرم الصّلاة فيه من اللباس

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] لا يجوز الصّلاة في جلد الميّتة و إن دبغ و يكتفى في العلم بالتذكية وجوده في يد مسلم لا يستحل جلد الميّتة أو في سوق المسلمين أو في بلد الغالب فيه الإسلام مع عدم العلم بالموت و لا يكفي الأخير فلو وجد مطروحا لم يحكم بالتذكية و كذا يحرم حمائل السيف من الميّتة و شبهها لقول الصادق عليه السلام لا تصلّ في شيء منه و لا شسع و لا فرق بين الميّت الطاهر في حياته و النجس و المأكول اللحم و غيره و لا بين أن يكون على جسده ثوب طاهر غيره أو لا يكون و لو أخبره مستحل الميّتة بالتذكية لم يقبل بخلاف ما لو أخبره بطهارة الثوب المطروح [- ب -] لا يجوز الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه كالسباع و شبهها سواء كانت طاهرة حال الحياة كالسبع و الفهد أو نجسة كالكلب و الخنزير و سواء ذكّيت أو لم تذك و سواء دبغ جلدها أو لم يدبغ و أطلق الشيخ في الخلاف القول بنجاسة المسوخ و كذا المفيد و علم الهدى و نحن في هذا من المتوقفين [- ج -] لا يجوز الصّلاة في شعر كل ما يحرم أكله و لا في صوفه و لا في وبره إلا الخزّ الخالص و الحواصل و السنجاب على قول و في وبر الثعالب و الأرانب و الفنك و السّمور روايتان الأقوى المنع [- د -] في التكة و القلنسوة من جلد ما لا يؤكل لحمه إشكال أحوطه المنع و لو عملت القلنسوة من وبر ما لا يؤكل لحمه أو التكّة منه أو من حرير محض فللشيخ قولان [- ه -] أجمع علماء الإسلام على تحريم لبس الحرير المحض للرجال في حال الصّلاة و غيرها إلا عند الضرورة و على تسويغه للنساء في غير الصّلاة و هل يسوغ لهن الصّلاة فيه منع ابن بابويه منه و الحق خلافه و لو صلى الرّجل فيه مختارا بطلت صلاته و لا فرق بين أن يكون الحرير ساترا أو غير ساتر بأن تكون العورة مستورة بغيره أما في حال الضرورة أو الحرب فلا بأس بلبسه للرجال و يجوز لهم افتراشه و الوقوف عليه أمّا الممتزج بغيره فلا بأس بلبسه للرجال و الصلاة فيه و إن كان الإبريسم غالبا ما لم يستهلكه بحيث يصدق عليه أنه إبريسم و لا بأس بالثوب المكفوف بالحرير المحض على كراهيته و الكف ما يوضع في رءوس الأكمام و أطراف الذيل و حول الزيق و لا يحرم على الولي تمكين الطفل من لبسه [- و -] يحرم الصّلاة في الثوب المغصوب مع العلم بالغصب أجمع عليه علماء الأمصار و لو صلّى فيه عالما بالغصبية بطلت صلاته عند علمائنا أجمع و لا فرق بين أن يكون ساترا أو غيره بأن يكون فوق السّاتر أو تحته و الأقرب بطلان الصّلاة في الخاتم المغصوب و شبهه و لو جهل الغصب صحّت صلاته و لو علمه و جهل التحريم بطلت و لو علم في أثناء الصّلاة نزعه و أتمّ الصّلاة إلا أن لا يكون عليه غيره و يحتاج في الساتر إلى فعل كثير فيستأنف بعد الساتر و لو أذن المالك للغاصبية أو لغيره صحت الصّلاة فيه و لو أذن مطلقا جاز لغير الغاصب دونه عملا بشاهد الحال و لو تقدم العلم بالغصبية ثم نسي حال الصّلاة ففي صحتها إشكال [- ز -] تبطل الصلاة في خاتم ذهب و كذا المنطقة و الثوب المنسوخ بالذهب و المموّه به للرجال خاصة و هل يجوز افتراشه فيه إشكال أقربه التحريم و يكره في خاتم حديد و منع بعض أصحابنا منه تعويلا على رواية ضعيفة [- ح -] قال الشيخان لا يجوز الصّلاة فيما يستر ظهر القدم كالشمشك و النعل السندي و كرهه في المبسوط و هو الأقرب أما ما له ساق كالخف و الجرموق فلا بأس به إجماعا بشرط أن يكون من جلد ما يصحّ الصّلاة فيه و لا يشترط فيه الطهارة و يستحب في النعل العربي [- ط -] يحرم الصّلاة في الثوب النجس مع العلم بالنجاسة غير المعفوّ عنها و قد سلف

المطلب الثاني فيما يجوز الصلاة فيه

و فيه [- لد -] بحثا [- ا -] جلد كل ما يؤكل لحمه مع التذكية يجوز الصّلاة فيه ذهب إليه علماء الأمصار و كذا الصوف و الشعر و الوبر منه سواء جرّ من حيّ أو مذكّى و لو قلع من الميّت قال الشيخ لا يجوز استعماله و الأقرب جوازه مع الغسل و الخلوّ عن شيء من أجزائه و لو شك في الصوف هل هو مما يؤكل لحمه أو لا لم يجز الصّلاة فيه [- ب -] يجوز الصّلاة في الخزّ الخالص لا المغشوش بوبر الثعالب و الأرانب و لو كان الثوب من إبريسم و خزّ جازت الصّلاة فيه و الأقرب المنع في الخزّ المغشوش بصوف ما لا يؤكل لحمه و شعره و يختص الرّخصة بوبر الخز لا بجلده عملا بالتوقيف على مورد النصّ [- ج -] يجوز الصّلاة في ثوب واحد للرجال إذا كان صفيقا و تكره إذا كان شافا رقيقا و لو حكى ما تحته لم يجز [- د -] تكره في الثّوب الذي تحت وبر الأرانب و الثعالب و الذي فوقه و منع الشيخ لرواية مرسلة ضعيف [- ه -] تكره في ثياب السود ما عدا العمامة و الخف و كذا يكره المزعفر و المعصفر و الأحمر للرجال [- و -] يكره أن يأتزر

ص: 30

فوق القميص و لا يكره تحته [- ز -] يكره اشتمال الصماء بإجماع العلماء و هو أن يلتحف بالإزار و يدخل طرفيه تحت يده و يجمعهما على منكب واحد [- ح -] يكره السّدل في الصّلاة كما يفعل اليهود و هو أن يتلفّف بالإزار فيدخل في الإزار و لا يرفعه على كتفيه و هذا تفسير أهل اللغة في اشتمال الصماء [- ط -] يجوز أن يصلّي الرّجل في ثوب واحد يأتزر ببعضه و يرتدي بالباقي [- ي -] يكره الصّلاة في عمامة لا حنك لها [- يا -] يكره أن يؤمّ الرّجل في غير رداء و هو الثوب الذي يجعل على الكتفين [- يب -] يكره استصحاب الحديد بارزا في الصلاة [- يج -] تكره في ثوب يتّهم صاحبه بعدم توقيه من النجاسة [- يد -] يجوز الصّلاة في ثوب عمله أهل الذّمة إذا لم يعلم مباشرتهم له بالرّطوبة و يستحب غسله حينئذ أما مع العلم فيجب و كذا غيرهم من أصناف الكفار [- يه -] لو صلّى في ثوب غيره أياما ثم أخبره صاحبه بنجاسته لم يعد صلاته لرواية عيص بن القاسم الصّحيحة عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام [- يو -] يكره الصّلاة في ثوب فيه تماثيل و لو غيّر الصّورة زالت الكراهية و لو كان في قبلته وسادة ذات تمثال حوّلها و يجوز أن يصلّي على بساط فيه تماثيل و لو كانت معه دراهم عليها تماثيل سترها عن نظره و تكره في خاتم عليه صورة و في خلخال للمرأة مصوّت و لو كان أصمّ لم يكره لها [- يز -] يكره الصّلاة في اللّثام للرجل إذا لم يمنع من سماع القراءة و لو منع حرم و لو كان اللّثام على جهته وجب كشفه عند السّجود و يكره النقاب للمرأة [- يح -] قال الشيخان و علم الهدى يكره للرّجل أن يصلّي و عليه قباء مشدود إلا في الحرب و لا يتمكن من حلّه قال في التهذيب ذكر ذلك عليّ بن الحسين بن بابويه و سمعناها من الشيوخ مذاكرة و لم أجد به خبرا مسندا [- يط -] يجوز أن يصلّي و معه فأرة المسك و كذا يجوز و عليه البرطلة [- ك -] يجوز للرّجل و المرأة أن يصلّيا مختضبين أو عليهما خرقة الخضاب مع طهارتها و الأولى نزع الخرقة و أن يصلّي بارز اليد و كذا يجوز للرّجل أن يصلّي و يداه تحت ثيابه و إن أخرجهما كان أولى [- كا -] يجوز الصّلاة في ثياب القطن و الكتان و جميع ما تنبته الأرض من حشيش مملوك و في حكمه مع الخلو من النجاسة إجماعا [- كب -] يجوز أن يصلي و في كمه طائر يخاف فوته أو في فيه خرز أو لؤلؤ إذا لم يمنع القراءة و لو منع حرم [- لج -] قال الشيخ لا يجوز أن يصلّي الرجل و هو معقوص الشعر و لو فعل بطلت و يجوز للمرأة و عندي فيه نظر أقربه الكراهية قال في الصّحاح عقص الشعر ظفره وليّه على الرأس كالكبة و قيل جعله كالكبّة في مقدّم الرأس على الجبهة و على هذا إن منع من السّجود فالحق ما قاله الشيخ و إلا فلا [- لد -] يجوز أن يصلّي و على ثوبه شيء من شعره أو ظفره إذا لم ينفضهما لأنهما طاهران

المطلب الثّالث في ستر العورة
اشارة

و النظر في أمرين

الأوّل العورة

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] أجمع علماء الإسلام على وجوب ستر العورة و هو شرط في الصّلاة عندنا و العورة في الرّجل القبل و الدبر و قول ابن البراج إنها من السّرة إلى الرّكبة لم يثبت عندي و هل البيضتان منها في بعض الرّوايات إذا سترت القضيب و البيضتين فقد سترت العورة و لا فرق بين الحرّ و العبد و ليست السرة و لا الركبة من العورة بإجماعنا و أمّا في المرأة فالجسد كله عورة يجب ستره في الصّلاة ما عدا الوجه و الكفين و ظهر القدمين [- ب -] المرأة البالغة الحرة يجب عليها ستر رأسها في الصّلاة بخلاف الأمة و الصّبية [- ج -] الأولى استحباب القناع للأمة و لم أقف فيه على نصّ [- د -] أم الولد كالأمة و إن كان ولدها حيّا و كذا المدبّرة و المكاتبة المشروطة و المطلقة التي لم تؤدّ من مكاتبتها شيئا أما المعتق بعضها بكتابة و غيرها فكالحرّة [- ه -] لو صلت الأمة مكشوفة الرأس فأعتقت في الأثناء أخذت الساتر مع القدرة و عدم الفعل الكثير و لو احتاجت إليه فالأقرب قطع الصّلاة مع سعة الوقت و الاستمرار مع الضّيق و سوّغ الاستمرار في الخلاف و لو لم تعلم بالعتق حتّى أتمت الصّلاة صحّت صلاتها و لو علمته و لم تعلم وجوب الستر لم تعد [- و -] لو بلغت الصّبية في الأثناء بالمبطل استأنفت الصّلاة و كذا بغيره مع إمكان الأداء و إلا أتمت استحبابا [- ز -] لا يجوز للأمة كشف شيء من جسدها عدا الوجه و الكفين و القدمين و الرأس [- ح -] الخنثى المشكل يجب عليه ستر فرجيه إجماعا و إن كان أحدهما زائدا و هل يجب ستر جميع جسده كالمرأة لأن الشرط لا يتيقن حصوله بدونه أو لا يجب لأصالة البراءة فيه إشكال [- ط -] يجب أن يكون الساتر ما يحول بين الناظر و بين لون البشرة و يستحب للرّجل أن يستر جميع جسده و يتعمّم و يتحنّك و يرتدي في الصّلاة و يستحبّ للمرأة أن تصلّي في ثلاثة أثواب درع و قناع و إزار [- ي -] روى غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السّلام قال قول أمير المؤمنين عليه السّلام لا تصلّي المرأة عطلا

النّظر الثّاني في أحكام الخلل

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] الفاقد الساتر لا يسقط عنه فرض الصّلاة و لو وجد جلدا طاهرا أو حشيشا يمكنه الاستتار به وجب و لو وجد طينا وجب عليه تطيين العورة [- ب -] لو فقد الساتر صلى قائما مع أمن المطلع بالإيماء للركوع و السجود و إلا جالسا موميا بهما لرواية علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام و السيد أطلق القول بالجلوس و الإيماء و ليس بمعتمد و لا فرق بين الرجل و المرأة [- ج -] لو صلى على ما أمر لم يعد و لو صلّى على غير المأمور كأن يقوم و يركع و يسجد مع الخوف من الاطلاع فإنّه يعيد و إن لم يره أحد [- د -] لو انكشفت عورته في الأثناء و لم يعلم صحت صلاته و لو علم في الأثناء سترها سواء طالت

ص: 31

المدة قبل علمه أو لم تطل أدّى ركنا أو لا و لو علم به و لم يستره أعاد سواء انكشفت ربع العورة أو أقل أو كثر و لو قيل بعدم الاجتزاء بالسّتر كان وجها لأن الستر شرط و قد فات الخامس إذا صلّى قائما أو جالسا يضمّم و لا يتربع لئلا تبدو العورة [- و -] لو وجد حفيرة دخلها و صلّى قائما بركوع و سجود و هي رواية أيّوب بن نوح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّٰه عليه السّلام [- ز -] لو وجد وحلا أو ماء كدرا لو نزله لستره وجب مع انتفاء المشقة و كذا لو وجد بارية يستتر بها و لو وجد ما يستر إحدى العورتين وجب و صلّى كالعاري و هل يتخير في ستر أيهما شاء قيل نعم و قيل القبل أولى لاستقبال القبلة و استتار الدّبر بالأليتين و كون الركوع و السجود إيماء فلا يظهر كظهور القبل و هو حسن [- ح -] قال في المبسوط لا بأس أن يصلّي في ثوب و لا يزرّر جيبه فإن كان في الثوب خرق لا يحاذي العورة جاز و إن حاذاه لم يجز و يجوز أن يصلّي في قميص واحد و أزراره محلولة واسع الجيب كان أو ضيقه دقيق الرقبة كان أو غليظها سواء كان تحته مئزر أو لم يكن و لو كان الجيب واسعا فظهر له عورته لو ركع جاز [- ط -] لا يجب على العاري تأخير الصّلاة إلى آخر الوقت خلافا للمرتضى و سلاّر و لو غلب على ظنه وجود السّاتر في أثناء الوقت فالوجه وجوب التّأخير [- ي -] لو وجد المعير وجب القبول و لا يجب على المعير الإعارة بل يستحبّ و لو وجد الواهب قال الشيخ يجب القبول أيضا و هو حسن و لو وجد البائع و معه ثمن لا يتضرّر يدفعه وجب و إن زاد عن ثمن المثل و إلا لم يجب [- يا -] لو لم يجد إلا ثوبا نجسا فالأقرب الصّلاة عاريا و لو لم يجد إلا مغصوبا لم يجز له لبسه و لو لم يجد إلا حريرا أو جلد ما لا يؤكل لحمه و هو طاهر لم يجب لبسه و في المبسوط لو لم يجد إلا جلدا طاهرا أو ورقا أو قرطاسا وجب ستر العورة به [- يب -] لو وجد العاري ما يستر عورته وجب و لا يجب ستر المنكبين بل يستحب و لو لم يجد ثوبا يطرحه على عاتقه طرح شيئا و لو حبلا و يكتفي في الاستحباب عنهما كان كالخيط و شبهه [- يج -] يستحبّ للعراة الجماعة و يصلّون جلوسا يتقدّمهم إمامهم بركبتيه و يركع و يسجد بالإيماء و هل يركع المأمومون و يسجدون على الأرض أو بالإيماء قال الشيخ بالأول و السّيد بالثاني و كذا يستحب للنساء العراة أن يصلّين جماعة كالرجال و لو احتاجوا إلى وضع صفوف أومأ المتقدّمون للركوع و السجود إجماعا و لو اجتمع النساء العواري و الرجال جاز أن تصلين النّساء خلف الرّجال على إشكال [- يد -] لو كان معهم من له ثوب يصلّي فيه بركوع تام و سجود كامل فإن أعاره و صلى عاريا لم يصحّ صلاته و لو بذل لهم صاحب الثوب ثوبه و خافوا خروج الوقت صلوا عراة و لو صلوا جماعة أمّهم صاحب الثوب و لو كان أمّيا لم يؤمهم و لا يأتمّ بهم و لو ضاق الوقت و أراد إعارته استحب إعارته للقارىء ليأتمّ به الأمّي و لو أعار الأمي كان الحكم ما تقدّم و لو استووا أعار بالقرعة و لو كان معهم نساء استحبّ له تخصيصهنّ به [- يه -] يجب ستر العورة عن العيون في غير الصلاة و لا يجب في الخلوة إلا في الصّلاة [- يو -] روي عن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله أنه لعن الواصلة و المستوصلة و الواشمة و المستوشمة و الواشرة و المستوشرة و في رواية عوض الواشمة النامصة و المتنمّصة و ليس تعليل التحريم في الوصل نجاسة الشعر و لا تحريم نظره إذا كان من أجنبية و قيل إن كانت غير ذات بعل فالعلّة التهمة و إلا فالتلبيس على الزوج و لو أذن لم يحرم

الفصل الخامس في المكان
اشارة

و مطالبه ثلاثة

الأول فيما يحرم الصّلاة فيه

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] يحرم الصّلاة في المكان المغصوب بإجماع العلماء و إن كانت جمعة و لو صلّى فيه مع العلم بالغصبيّة و المكنة من الخروج بطلت صلاته و إن جهل التحريم و لو كان جاهلا بالغصبيّة أو مضطرا صحّت صلاته و لا فرق بين الغاصب و من أذن له قاله الشيخ رحمه اللّٰه و هو جيّد لأن الغاصب لا يصحّ تصرّفه مباشرة فكذا إذنه و حمل بعض المتأخرين الإذن هنا على المالك فاستبعد هذا القول و ليس بجيّد [- ب -] لا فرق بين أن يغصب رقبة الأرض بأن يدعيها أو منافعها بأن يدعي إجارتها و كذا لو أخرج روشنا أو ساباطا في موضع يحرم عليه أو غصب سفينة و صلى فيها أو على بساط مغصوب [- ج -] لو أذن له المالك صحّت صلاته سواء كان المأذون له الغاصب أو غيره و لو أذن غير المالك لم يعتدّ به و لو أذن المالك مطلقا صحت صلاة غير الغاصب دونه و لو دخل ملك غيره بغير إذنه و علم بشاهد الحال عدم كراهية المالك للصّلاة فيه صحّت و على هذا يجوز الصّلاة في البساتين و إن لم يعرف أربابها فلو كان البستان مغصوبا فالأقرب المنع [- د -] لو أمره المالك بالخروج وجب المبادرة و يصلّي خارجا و لو ضاق الوقت صلّى و هو آخذ في الخروج و يومئ للركوع و السّجود و يستقبل ما أمكن و أطبق العقلاء كافة على تخطئة أبي هاشم في هذا المقام [- ه -] لا يجوز الصّلاة في مكان يتعدى نجاسته إليه و لو لم يتعدّ جاز إذا كان موضع الجبهة طاهرا و كذا البساط و سواء تحرّك النّجس بحركته أو لا و لو بسط على النجس طاهرا و صلّى عليه صحّت إجماعا و لو صلى و قدمه فوق حبل مشدود في رقبة كلب صحّت صلاته و كذا لو شدّ الطرف الآخر في وسطه أو يده [- و -] الأقرب عدم تحريم الفريضة جوف الكعبة خلافا لقوم [- ز -] قال الشيخان رحمهما اللّٰه

ص: 32

لو صلت المرأة و الرجل عن أحد جانبيها أو خلفها مصليا بطلت صلاتهما و كرهها السّيد و هو الحق [- ح -] لو كانت قدامه أو إلى أحد جانبيه قائمة أو جالسة أو على أيّ حال كان غير مصلية لم تبطل صلاته إجماعا و كذا لو كانت قدامه أو إلى أحد جانبيه و بينهما بعد عشرة أذرع أو كان بينهما حائل و لو كان الرّجل أعمى فالوجه الصّحة و لو غمّض الصحيح عينه فإشكال [- ط -] لو كانا في موضع ضيّق لا يتمكنان من التباعد صلى الرّجل أولا ثم المرأة و لو صلّت المرأة أولا صحّت صلاتهما [- ي -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لو صلّت خلف إمام بطلت صلاة من إلى جانبيها أو خلفها و لو صلت إلى جنبه بطلت صلاتها و صلاة الإمام دون صلاة المأمومين

المطلب الثّاني فيما يجوز الصّلاة فيه

و فيه [- كر -] بحثا [- ا -] يجب بأصل الشرع صلاة واحدة في مكان واحد و هي ركعتا الطواف في مقام إبراهيم و ما عداها لا يجب في غيره من الأمكنة إلا بالنذر و في اشتراط اختصاص المنذور بمزية الفضيلة كالمسجد و السّوق إشكال [- ب -] يجوز الصّلاة في الأماكن كلها عدا ما استثنيناه و يستحب المكتوبة في المسجد إلا جوف الكعبة و النافلة في المنزل أفضل خصوصا نافلة اللّيل [- ج -] يكره الصّلاة في الحمام و منع أبي الصلاح ضعيف لرواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام و رواية أبي الصّلاح ضعيفة قال و في صحة الصّلاة نظر [- د -] لا بأس بالصلاة في المسلخ و على سطح الحمام [- ه -] يكره الصّلاة في المقابر سواء تكرّر الدفن في القبر أو لا و نقل الشيخ عن بعض علمائنا البطلان و لو جعل بينه و بين القبر حائلا أو تباعد عنه بمقدار عشرة أذرع زالت الكراهية و المنع و لو نقل الميّت من قبر جازت الصّلاة عليه [- و -] يكره السجود على القبر و أن يصلّى إليه و منع ابن بابويه منهما قال الشيخ رحمه اللّٰه رويت رواية بجواز النوافل إلى قبور الأئمّة عليهم السّلام و الأصل الكراهية [- ن -] يكره الصلاة في معاطن الإبل و هي مباركها حول الماء للشرب منه عللا بعد نهل قاله صاحب الصحاح و الفقهاء قالوا هي المبارك مطلقا و منع أبو الصّلاح الجواز و لو صلّى فيها صحّت عندنا و يشكّك فيه أبو الصّلاح و لا تزول الكراهية بغيبوبة الإبل عنها حال الصّلاة [- ح -] لو صلى إلى المعطن لم يكن مكروها و كذا لو صلّى في مكان مرتفع تحته معطن [- ط -] لا يكره الصلاة في مرابض الغنم و قال أبو الصلاح لا يجوز [- ي -] يكره الصّلاة في مرابط الخيل و البغال و الحمير سواء كانت وحشية أو إنسية و قول أبي الصلاح لا يجوز ضعيف [- يا -] يكره الصّلاة في بيت فيه كلب [- يب -] يكره الصلاة في بيوت الغائط و إليها و في المزابل و في بيت يبال فيه و لا بأس بالصلاة على سطحه [- يج -] يكره الصلاة في بيوت المجوس و لو اضطر رشه بالماء استحبابا و صلّى فيه و كذا تكره في بيوت الخمور و المسكرات [- يد -] لا بأس بالصّلاة في بيوت اليهود و النصارى و في بيعهم و كنائسهم [- يه -] يكره الصّلاة في بيوت النيران و حرّمه أبو الصلاح [- يو -] يكره الصّلاة في جواد الطرق و لا بأس بالظواهر التي بينها و لا فرق في الكراهية بين ما كثر استطراقه و ما قل و لا بين أن يكون فيها سالك وقت الصلاة أو لم يكن و لو بنى ساباطا على الجادة لم تكره الصّلاة فيه [- يز -] يستحب أن يجعل بينه و بين ممرّ الطريق ساترا بإجماع العلماء قدر ذراع تقريبا و لو لم يجد استتر بالسهم و الحجر و العنزة و غيرها و لو لم يجد جعل بين يديه كومة من تراب أو خط بين يديه خطا و هي رواية محمّد بن إسماعيل عن الرضا عليه السّلام و لو كان معه عصا لا يمكنه نصبها وضعها عرضا بين يديه و لا بأس أن يستتر بالبعير و الحيوان و الإنسان إذا جعل ظهره إليه و لا فرق بين مكة و غيرها في استحباب السترة و يستحب للمصلّي أن يدنو من سترته و في رواية ابن سنان الصحيحة عن الصادق عليه السّلام أقل ما يكون بينك و بين القبلة مربض عنز و أكثر ما يكون مربط فرس و سترة الإمام سترة لمن خلفه و ليست السترة واجبة بالإجماع و لو صلى إلى سترة مغصوبة أجزأ و لم يمتثل في السترة [- يح -] لا يقطع الصّلاة ما يمرّ بين يدي المصلّي و لو كان امرأة أو حمارا أو كلبا أسود و لو مرّ إنسان بين يدي المصلّي في طريق مسلوك لم يكن له ردّه و إلا استحب ما لم ينته إلى الفعل الكثير و لو عبره الإنسان كره ردّه [- يط -] قال أبو الصّلاح يكره الصلاة إلى إنسان مواجه و المرأة نائمة أشد كراهية و هو حسن [- ك -] يكره أن يصلي إلى نار مضرمة و قال أبو الصلاح لا يجوز و تردد في إفساد الصّلاة و كذا يكره إلى الصّورة و التماثيل و المصحف و الباب المفتوحين و منع أبو الصّلاح في المصحف و تردّد في الفساد و لا فرق بين حافظ القرآن و غيره و يكره تزويق القبلة و نقشها و كتبة شيء عليها لاشتغال النظر به [- كا -] روى علي بن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال لا بأس أن يصلّي الرّجل و أمامه شيء من الطير و النخلة و فيها حملها أو الكرم و فيه حمله [- كب -] يكره أن يصلي إلى سيف مشهرا و غيره من السّلاح و منع أبو الصلاح و تردد في الإفساد و قال تكره إلى السّلاح المتواري قال الشيخ رحمه اللّٰه لو خاف من العدو لم تكره الصّلاة إلى السّيف المشهر [- لج -] يكره الصلاة في مذابح الأنعام و منع أبو الصّلاح [- كد -] يكره الصّلاة في قرى النمل و بطون الأودية و أرض السبخة و أرض الثلج و مجرى الماء و في السّفينة و لا بأس بها على ساباط يجري تحته نهر أو ساقية و لا فرق بين طاهر الماء و نجسه و الأقرب كراهية الصلاة على الماء الواقف [- كه -] يكره الصّلاة في ثلاث مواطن

ص: 33

بطريق مكة وادي ضجنان و البيداء و ذات السّلاسل و تكره في وادي الشقرة [- لو -] البيداء لغة المفازة و ليست مرادة بل ما رواه الشيخ رحمه اللّٰه في الصحيح عن البزنطي عن أبي الحسن عليه السّلام قال كان أبو جعفر عليه السّلام إذا بلغ ذات الجيش جد في السير و لا يصلّي حتى يأتي معرّس النبي صلّى اللّٰه عليه و آله قال و ذات الجيش دون الحفرة بثلاثة أميال و قد ورد أنها أرض خسف بها و بينها و بين ذي الحليفة ميل و ضجنان جبل بمكة و الصّلاصل جمع صلصال و هي التي لها صوت و الشقرة بفتح الشين و كسر القاف واحد الشقر و هو شقائق النعمان و هو كلّ موضع فيه ذلك و قيل موضع مخصوص بطريق مكة و قيل هذه مواضع خسف يكره الصلاة فيها و في كل أرض خسف بها لسخط ربها عليها و قد عبر أمير المؤمنين عليه السّلام من أرض بابل و صلّى في الجانب الغربي من الفرات و ردّت له الشّمس هناك و لم تكن قد فاتت بالكليّة [- لز -] يكره الصّلاة في أرض الرّمل المنهال و في أرض الوحل و خوض الماء

المطلب الثالث فيما يسجد عليه

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] أجمع علماؤنا كافة على أنه يحرم السجود إلا على الأرض أو ما أنبتته الأرض ما لم يكن مأكولا أو ملبوسا و لا يجوز السجود على ما استحال من الأرض و خرج بالاستحالة عن اسمها كالمعادن سواء كانت منطبعة كالقير و النفط و الزئبق أو غير منطبعة كالعقيق و لا يجوز السجود على ما نبتت من الأرض من المأكولات كالبقول و الجمار و في الحنطة و الشعير إشكال أقربه الجواز [- ب -] لا يجوز السجود على ما أنبتت الأرض من الملبوسات و في القطن و الكتان قولان أشهرهما المنع و يجوز في حال التقية [- ج -] لا يجوز السجود على كور العمامة لا من حيث إنّه حائل [حامل له] على ما يلوح من كلام الشيخ بل من حيث إنه ملبوس فلو كانت العمامة من خوص مثلا صح السجود على كور العمامة و كذا يصحّ لو وضع بين جبهته و كور العمامة قطعة من خشب و شبهها ليسجد عليها [- د -] لا يجوز أن يسجد على بعض أعضائه اختيارا و لا على القير و النّفط و الكبريت و الصّهروج و جميع ما خرج بالاستحالة عن اسم الأرض و لا على الزجاج و لا على الثلج [- ه -] يجوز السجود على الأرض و على ما نبت منها غير مأكول و لا ملبوس و السجود على الأرض أفضل من النبات [- و -] يجوز السجود على القرطاس و يكره إذا كان مكتوبا [- ز -] يجوز السجود على الخمرة إذا كانت معمولة بالخيوط و لو كانت معمولة بالسّيور قال الشيخ لا يجوز إذا كانت ظاهرة تشتمل على الجبهة [- ح -] يجوز الوقوف على ما لا يجوز السجود عليه كالصوف و الشعر إذا كان ما يقع الجبهة عليه مما يصح السجود عليه [- ط -] لا يجوز السّجود على الوحل فإن اضطر أومأ [- يا -] لا يجوز أن يسجد على شيء من بدنه فإن خاف الحرّ سجد على ثوبه فإن فقد سجد على كفه و السجود على القطن و الكتان حال الضّرورة أولى من الثلج و لو صلى على ما منع منه للضرورة أو التقية فلا إعادة [- يب -] شرط موضع الجبهة الملك أو حكمه و الطهارة و هل يشترط طهارة مواضع باقي الأعضاء السبعة جزم به أبو الصلاح خلافا للجماعة و يشترط فيه الملك إجماعا [- يج -] إذا تيقن حصول النجاسة في موضع و جهل تعيّنه فإن كان منحصرا لم يسجد على شيء منه و إلا فلا بأس

الفصل السّادس في الأذان و الإقامة
اشارة

و مطالبه أربعة

الأوّل في محله

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] الأذان لغة الإعلام و في الشرع أذكار مخصوصة للإعلام بأوقات الصّلاة و هما من وكيد السّنن قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة و قال عليه السّلام ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة يغبطهم الأولون و الآخرون رجل نادى بالصّلوات الخمس في كل يوم و ليلة و رجل يؤمّ قوما و هم به راضون و عبدا أدّى حقّ اللّٰه و حقّ مواليه و في الصحيح عن محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام قال إذا أذنت في أرض فلاة فأقمت صلّى خلفك صفان من الملائكة و إن أقمت قبل أن تؤذن صلى خلفك صف واحد و عن عبد اللّٰه بن علي عن بلال قال سمعت رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله يقول من أذّن في سبيل اللّٰه صلاة واحدة إيمانا و احتسابا و تقربا إلى اللّٰه عز و جلّ غفر اللّٰه له ما سلف من ذنوبه و منّ عليه بالعصمة فيما بقي من عمره و جمع بينه و بين الشهداء في الجنة و الأخبار في ذلك كثيرة [- ب -] الأذان و الإقامة ليسا بواجبين في شيء من الصّلوات الخمس و نقل السّيد عن بعض علمائنا وجوبهما على الرجال خاصة في كل صلاة جماعة في سفر أو حضر و يجبان عليهم جماعة و فرادى في الفجر و المغرب و صلاة الجمعة و يجب عليهم الإقامة دون الأذان في باقي الصلوات الواجبة و هذا القول لا يعوّل عليه و للشيخ في وجوبهما في الجماعة قولان أحدهما الوجوب و هو اختيار المرتضى في بعض كتبه و المفيد رحمهما اللّٰه و الأصح الاستحباب فلو صلّوا بغير أذان و إقامة أدركوا فضيلة الجماعة قال الشيخ و لو قضوا فائتة وجب الأذان و هو نبأ على قاعدته [- ج -] محل الأذان و الإقامة الصّلوات الخمس خاصة أداء و قضاء للمفرد و الجامع و يتأكدان فيما يجهر فيه بالقراءة و آكده الغداة و المغرب [- د -] الجماعة الثانية في المسجد يجتزون بأذان الأولى ما دامت الصفوف لم تتفرق و لو تفرقت أذنوا و أقاموا [- ه -] لو سمع الإمام أذان غير جاز أن يجتزئ به في الجماعة و إن كان منفردا قال الشيخ رحمه اللّٰه لو أذن بنية الانفراد ثم أراد الجماعة استحب له الاستئناف و الأقرب الاجتزاء

ص: 34

بالأذان الأول لأن الاجتزاء يحصل بأذان غيره إذا كان منفردا فبأذانه أولى [- و -] يستحب لقاضي الصّلوات الخمس الأذان و الإقامة لكل صلاة و إلا أذّن لأوّل ورده و أقام ثم اجتزأ في البواقي بالإقامة [- ز -] لو جمع بين صلاتين أذّن للأولى و أقام و صلّى الثانية بإقامة سواء كان في أوّل وقت الأولى أو الثانية [- ح -] يجمع بين الظهرين يوم الجمعة بأذان واحد و إقامتين و كذا بين الظهرين بعرفة و كذا بين العشاءين بمزدلفة و هل الأذان الثاني في هذه بدعة الأشبه ذلك [- ط -] الأذان مستحبّ للرّجل و المرأة بشرط أن تسرّ [- ي -] لا يؤذّن لشيء من النوافل و لا لغير الخمس من الفرائض بل يقول المؤذن الصّلاة ثلاثا [- يا -] يستحب الأذان في السّفر و رخّص في تركه و الاجتزاء بالإقامة له و يستحبّ للراعي و يكتفي في المصر بأذان واحد إذا كان أهله بحيث يسمعونه و الأفضل أن يؤذن كلّ واحد

المطلب الثّاني في كيفيتهما

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] صورة الأذان اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر أشهد أن لا إله إلا اللّٰه أشهد أن لا إله إلا اللّٰه أشهد أن محمّدا رسول اللّٰه أشهد أنّ محمّدا رسول اللّٰه حيّ على الصّلاة حيّ على الصّلاة حي على الفلاح حي على الفلاح حي على خير العمل حيّ على خير العمل اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر لا إله إلا اللّٰه لا إله إلا اللّٰه و الإقامة مثل ذلك إلا أنه يكبر مرتين في أوّلها و يسقط تهليله في آخرها و تضيف بعد الدعاء إلى خير العمل قد قامت الصّلاة مرّتين فالمجموع خمسة و ثلاثون فصلا في المشهور [- ب -] الترجيع و هو تكرار الشهادتين أكثر من مرتين مكروه و قال في المبسوط إنه تكرير التكبير و الشهادتين فإن أراد المؤذن تنبيه غيره جاز تكرير الشهادتين [- ج -] التثويب في أذان الغداة و هو قول الصّلاة خير من النّوم بدعة [- د -] يكره أن يقول بين الأذان و الإقامة حي على الصّلاة حي على الفلاح [- ه -] الترتيب واجب في الأذان و الإقامة و يجوز في السّفر إفراد فصولهما و في رواية مرسلة عن الصادق عليه السّلام تفضيل تثنية الإقامة على الجمع بينهما إفراد [- و -] آخر فصول الأذان لا إله إلا اللّٰه [- ز -] يستحب الوقوف في فصولهما فلا يظهر إعرابها و الترتيل في الأذان و الإحدار في الإقامة و الفصل بينهما بركعتين أو سجدة أو جلسة أو خطوة إلا في المغرب فيفصل بينهما بخطوة أو سكتة أو تسبيحة و روي استحباب الجلوس بينهما في المغرب [- ح -] يستحب إذا فصل بالجلوس أن يقول اللّٰهمّ اجعل قلبي بارّا و رزقي دارا و عملي سارا و عيشي قارّا و اجعل لي عند قبر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله مستقرا و قرارا [- ط -] يستحب رفع الصوت به إن كان رجلا و أن يكون مستقبل القبلة و يتأكّد كل ذلك في الإقامة [- ي -] يكره الكلام في خلالهما و لو فعل لم يعد ما لم يخرج عن الموالاة و كذا لو سكت طويلا يخرج به عن الموالاة [- يا -] قال الشيخان رحمهما اللّٰه و المرتضى قدّس اللّٰه روحه يحرّم الكلام بعد قد قامت الصّلاة إلا فيما يتعلق بها كتقديم إمام أو تسوية صف و الوجه عندي الكراهية و لو تكلم خلال الإقامة استحب له إعادتها و لو تكلم في أثناء الأذان بالمحرم لم يبطل أذانه

المطلب الثّالث في المؤذن

و فيه [- يز -] بحثا [- ا -] يعتبر فيه الإسلام و العقل لا البلوغ و إن أذن الرّجال و يستحب أن يكون عدلا و ليست شرطا [- ب -] يعتبر بأذان العبد [- ج -] ليس على النّساء أذان و لا إقامة و يجوز أن يؤذن النساء و يعتدون به شرط أن تسرّ به قال الشيخ و يعتدّ بأذانهنّ الرّجال و الوجه تخصيص المحارم و تجتزي المرأة بالشهادتين [- د -] الخنثى المشكل لا يؤذن للرجال و لا تؤذّن المرأة لها [- ه -] يستحب أن يكون المؤذّن متطهّرا من الحدثين و ليست الطهارة شرطا و يتأكد في الإقامة و لو أحدث خلاله تطهّر و بنى و في الإقامة يعيد و لو أحدث في أثناء الصّلاة أعادها و لم يعد الإقامة و لو تكلم أعادها أيضا [- و -] يستحب أن يكون صيّتا و أن يؤذن على المرتفع قال الشيخ و يكره الأذان في الصّومعة و لا فرق بين أن يكون المؤذن عند الأذان في المنارة أو على الأرض [- ز -] يستحب أن يكون قائما و يتأكد في الإقامة [- ح -] يجوز أن يؤذن راكبا و على الأرض أفضل و ماشيا و الوقوف أفضل و يتأكد في الإقامة [- ط -] يكره أن يلتفت بأذانه يمينا و شمالا بل يستحبّ الاستقبال [- ي -] يستحب أن يرتفع صوته بالأذان ما لم يستضرّ به في جميع فصوله و لو كان للحاضرين جاز إسماعهم خاصّة و أن يكون حسن الصوت [- يا -] يستحب أن يكون بصيرا و لو كان أعمى جاز إذا كان معه من يسدّده فإن ابن أمّ مكتوم كان مؤذّن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و هو أعمى كان يؤذّن بعد بلال و يستحب أن يكون بصيرا بالأوقات و لو كان جاهلا جاز إذا استرشد [- يب -] يستحبّ أن يجعل المؤذّن إصبعيه في أذنيه حال الأذان و لا يستحبّ في الإقامة [- يج -] لا يختص الأذان بقوم دون آخرين و لو تشاحّ المؤذّنون قدّم من اجتمع فيه الصّفات المرجّحة و مع الاتفاق يقرع [- يد -] قال الشيخ يجوز أن يكون المؤذّنون اثنين اثنين إذا أذنوا أذانا واحدا و لو بنى كل واحد منهم على فصول الآخر لم يستحبّ و يجوز أن يؤذن جماعة في وقت واحد و أن يؤذن واحد بعد واحد و لو احتيج في الإعلام إلى زيادة على اثنين استحبّ و يجوز أن يتولى الأذان واحد و الإقامة آخر و أن يفارق موضعه ثم يقيم و قيل لا يقيم حتى يأذن له الإمام [- يه -] يكره أن يكون المؤذن لحانا [- يو -] يستحب له أن يظهر الهاء في لفظتي اللّٰه و الصّلاة و الحاء من الفلاح [- يز -] يستحب أن يكون فصيحا و يكره أن يكون

ص: 35

ألثغ و إن لم يتغيّر به المعنى جاز فإنّ بلالا كان يجعل الشين سينا

المطلب الرابع في الأحكام

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] من نام في خلال الأذان أو الإقامة ثم استيقظ استحب له استئنافه و يجوز له البناء إن حصلت الموالاة عادة و كذا إن أغمي عليه [- ب -] لو ارتد في أثنائه استأنف و لو حصلت الموالاة تمم و لو ارتدّ بعد فراغه اعتدّ به و أقام غيره [- ج -] لو ترك المنفرد الأذان و الإقامة متعمدا أو دخل في الصلاة مضى بينهما و لا يرجع و إن كان ناسيا رجع إلى الأذان و الإقامة ثم استأنف صلاته ما لم يركع قاله السّيد المرتضى و الشيخ رحمه اللّٰه عكس الحال و لم يفصّل في المبسوط بل أطلق الاستئناف مع عدم الركوع قال ابن أبي عقيل و لو تركه متعمّدا أو مستخفا فعليه الإعادة و في رواية محمّد بن مسلم الصحيحة عن الصادق عليه السّلام يرجع الناسي ما لم يتلبس بالقراءة و لو ذكر تركهما بعد الصّلاة لم يعد إجماعا [- د -] أجمع علماء الإسلام على المنع من تقديم الأذان قبل الوقت في غير الفجر أما فيه فيجوز قبله لتنبيه النائمين فيعيده مع طلوعه و لا يشترط اثنينية المؤذن و لا يكره قبل الفجر في رمضان و ينبغي أن يجعل ضابطا يستمرّ عليه ليؤذّن في الليالي كلها في وقت واحد [- ه -] ينبغي الأذان في أوّل الوقت [- و -] إذا دخل المسجد و كان الإمام ممن لا يقتدى به أذّن لنفسه و أقام و لم يعتدّ بأذانه و لو صلّى خلفه فإن خشي فوات الصّلاة معه اقتصر على التكبيرتين و على قوله قد قامت الصّلاة و روي أنه يقول حي على خير العمل مرّتين [- ز -] اختلف علماؤنا في تحريم أجرة الأذان مع عدم التطوّع قاله في النهاية و في المبسوط يجوز أخذ الأجرة من بيت المال و من خاصّ الإمام و قال المرتضى يكره و الأقرب جواز أخذ الرزق عليه من بيت المال و في الأجرة نظر [- ح -] يستحب حكاية قول المؤذن قال ابن بابويه روي أنه يزيد في الرزق و كل من ليس بمصلّ إذ استمع و كان متكلما قطع كلامه و إن كان قرآنا و حكاه و يترك صلاة التحية لو دخل المسجد حالة الأذان [- ط -] قال في المبسوط لو قاله في الصّلاة لم تبطل إلا في قوله حي على الصّلاة فإنه متى قاله عالما بالمنع فسدت صلاته لأنه ليس بتمجيد و لا تكبير و لو قال بدلا منه لا حول و لا قوة إلا باللّٰه لم تبطل صلاته [- ي -] روي أنه إذا قال أشهد أن لا إله إلا اللّٰه يقول و أنا أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له و أن محمّدا عبده و رسوله رضيت باللّٰه ربّا و بالإسلام دينا و بمحمد رسولا و بالأئمة الطاهرين أئمة ثمّ يقول اللّٰهمّ ربّ هذه الدّعوة التامّة و الصلاة القائمة آت محمّدا الوسيلة و الفضيلة و ابعثه المقام المحمود الذي وعدته و ارزقني شفاعته يوم القيامة و يقول عند أذان المغرب اللّٰهمّ هذا إقبال ليلك و إدبار نهارك و أصوات دعاتك فاغفر لي قال ابن بابويه قال الصادق عليه السّلام من قال حين يسمع أذان الصبح اللّٰهمّ إني أسألك بإقبال نهارك و إدبار ليلك و حضور صلاتك و أصوات دعاتك أن تتوب علي إنك أنت التواب الرّحيم ثم قال مثله حين يسمع أذان المغرب ثم مات من يومه أو ليلته مات تائبا [- يا -] إذا نقص المؤذن من أذانه شيئا تمّمه مع نفسه [- يب -] يقوم الإمام و المأمومون إذا قال المؤذّن قد قامت الصّلاة [- يج -] روي أن هشام بن إبراهيم شكا إلى الرضا عليه السّلام سقمه و أنّه لا يولد له فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله ففعل فذهب سقمه و كثر ولده قال محمد بن راشد و كنت دائم العلة في نفسي و خدمي فلما سمعت ذلك من هشام عملت به فزال عنّي و عن عيالي العلل [- يد -] روي في الصّحيح عن الباقر عليه السّلام أن أقل المجزي من الأذان أن يفتتح الليل بأذان و إقامة و النهار بأذان و إقامة و يجزيك في سائر الصّلوات إقامة بغير أذان [- يه -] الأذان عندنا وحي من اللّٰه تعالى على لسان جبرئيل عليه السّلام علمه رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و علي ع يسمع لا بالمنام كما يقوله العامة [- يو -] الإقامة أفضل من الأذان و الجمع بينهما أفضل و الجمع بينهما و بين الإقامة أفضل و الإقامة بانفرادها أفضل منهما

المقصد الثاني في أفعال الصّلاة و تروكها

اشارة

أفعال الصّلاة على ضربين واجب و ندب و لا بدّ من معرفة كل واحد منهما ليوقعه على وجهه فإنّه لو فعل الواجب بنية النّدب يبطل صلاته و لو فعل النّدب بنية الواجب دخل تحت حكم من فعل فعلا ليس من أفعال الصّلاة و ينقسم التّروك أيضا إلى واجب و ندب ثم الواجب من الأفعال منه ما هو ركن يبطل الصّلاة بالإخلال به عمدا و سهوا و منه ما ليس بركن و أنا أبين لك الأفعال الواجبة ثم أعقبها بالمندوبة ثم أختم ذلك بالتروك في مطالب

الأوّل في الأفعال الواجبة
اشارة

و فيه فصول

الفصل الأوّل في القيام

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] القيام ركن مع القدرة فإن أمكنه الاستقلال به و تركه عمدا أو سهوا بطلت صلاته و لو تعذّر و أمكنه أن يعتمد على حائط أو عكّاز أو شبهه وجب و إن تمكن من القيام بعض الصّلاة وجب أن يقوم قدر مكنته و لو لم يتمكّن صلى جالسا و لو أمكنه القيام و خشي زيادة المرض أو بطأه صلى جالسا [- ب -] لو أمكنه القيام و عجز عن الركوع قائما و السّجود لم يسقط عنه القيام بل يصلّي قائما و يومئ للركوع ثم يجلس و يومئ للسجود [- ج -] لو عجز عن القعود صلى مضطجعا على جانبه الأيمن بالإيماء مستقبلا للقبلة بوجهه و لو عجز عن الاضطجاع صلّى مستلقيا موميا برأسه فإن لم يستطع برأسه فبعينيه بأن يجعل فتحهما قياما و تغميضهما ركوعا و فتحهما انتصابا و تغميضهما سجودا و فتحهما جلوسا و تغميضهما سجودا ثانيا و فتحهما رفعا و هكذا في الرّكعة الثّانية و أجرى الأفعال على قلبه و فعل الأذكار [- د -] لو عجز عن حالة في أثناء الصّلاة انتقل إلى ما دونها مستمرا كالقائم

ص: 36

يعجز فيقعد و كذا بالعكس لو تمكّن من الحالة العليا انتقل إليهما كالقاعد يتمكن من القيام فإنّه يقوم و يتمّ صلاته و الوجه أنه يترك القراءة حتّى يعتدل و لو مرض في قيامه فليقرأ في هويّه و لو برأ بعد القراءة لزم القيام دون الطّمأنينة ليهوي إلى الركوع و لو خفّ في الركوع قبل الطمأنينة كفاه أن يرتفع منحنيا إلى حد الركوع و لو قدر القاعد على الارتفاع إلى حد الركوع وجب [- ه -] لو عجز القاعد عن السجود رفع ما يسجد عليه فإن لم يتمكّن أومأ و لو عجز عن القيام فصلى قاعدا ثم تمكّن من القيام للركوع وجب أن يقوم و يركع [- و -] يستحب له أن يتربع حال القراءة و يثني رجليه في الرّكوع و السجود و يتورك في التشهد [- ز -] لو كان قيامه كهيئة الركوع لحدب أو كبر وجب أن يقوم على ما يمكنه و إن كان لقصر السّقف أو شبهه و لم يتمكن من الصّلاة في غيره قام على مكنته [- ح -] لو تمكن من القيام منفردا و عجز عنه مأموما وجب القيام و الانفراد [- ط -] لو كان المرض في عينيه فقال أهل الطب إن صلّى بالاستلقاء أمكن المداواة جاز ذلك [- ي -] يستحب للقائم أن يفرّق بين قدميه من ثلاث أصابع إلى شبر و أن يستقبل بأصابع رجليه القبلة

الفصل الثاني في النية
اشارة

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] النية ركن في الصّلاة إجماعا و هي عرض حال في القلب و هو قصد و إرادة للفعل مقترنة به لو أخل بها عمدا أو سهوا بطلت صلاته و لا اعتبار بالنطق بها لأن المميز لجهات الأفعال الواقعة عن المكلف هو الإرادة لا غير و ليس النطق مستحبّا [- ب -] كيفية النية أن يستحضر صفة الصّلاة في ذهنه و يقصد إلى تعيين الصّلاة من كونها ظهرا أو عصرا مثلا و إلى الأداء أو القضاء و إلى الوجه أعني الوجوب أو النّدب و إلى التقرّب إلى اللّٰه خاصة

فروع

[- ا -] لو نوى الأداء فبان خروج الوقت لزمه الإعادة لأنه لم ينو القضاء [- ب -] لو ظن خروج الوقت فنوى القضاء ثم بان الكذب أعاد [- ج -] يسقط نية التعيين فيما إذا نسي تعيين الفائتة خاصة [- د -] لو كان عليه ظهر و عصر فنوى بالصّلاة أحدهما لم يجز عن واحدة منهما [- ج -] لا يشترط نية القصر و الإتمام [- د -] يشترط فيها مقارنتها لتكبيرة الافتتاح و يجب استمرارها حكما إلى الفراغ فلو دخل نيّته متردّدة بين الإتمام و القطع لم يعتدّ بها و لو دخل نيته صحيحة ثم نوى قطعها و الخروج منها أو أنّه يستخرج منها أو تردّد هل يخرج أم لا قال الشيخ لا تبطل صلاته و يقوى عندي أنها تبطل و ما قواه الشيخ هو الأقوى عندي [- ه -] لو نوى فعلها تنافي الصّلاة و لم يفعل لم تبطل صلاته [- و -] لو نوى بأحد أفعال الصّلاة غيرها بطلت صلاته [- ز -] لو نوى ببعض أفعال الصّلاة الرياء بطلت صلاته لأنه منهيّ عنه و النهي يدلّ على الفساد [- ح -] يجوز نقل النية في مواضع كذاكر الفائتة أو طالب فضيلة الجماعة و سورة الجمعة [- ط -] لو أخر نيّته عن التكبير لم يصحّ [- ي -] لو صلّى مأموما اشترط أن ينوي الائتمام بخلاف الإمام [- يا -] لو شك هل نوى أم لا في الحال استأنف و لو كان بعد الانتقال أو ذكر النية استمر و لو عمل عملا مع الشك الموجب للاستئناف بطل و لو شك هل نوى فرضا أو نفلا في الحال استأنف و لو شك هل أحرم بظهر أو عصر في الحال استأنف

الفصل الثّالث في تكبيرة الإحرام

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] التكبيرة ركن في الصّلاة و جزء منها فلو أخل بها عمدا أو سهوا بطلت صلاته و صورتها اللّٰه أكبر فلو أخل بحرف منها أو أتى بمعناها أو بغير العربيّة مع القدرة أو أتى بأكبر معرّفا خلافا لابن الجنيد أو عكس الترتيب لم يصحّ [- ب -] الأعجم يجب عليه التعلّم و لا يشتغل بالصّلاة مع سعة الوقت و لو ضاق أحرم بلغته [- ج -] الأخرس ينطق بالممكن فإن عجز عن النطق أصلا كبّر بالإشارة بإصبعه و أومأ [- د -] يجب أن يأتي بأكبر على وزن أفعل فلو مدّ صار جمع كبر و هو الطبل فإن قصده بطل و لا ينبغي أن يمدّ الهمزة من لفظة الجلالة لأنه يبقى مستفهما و لو قصده بطل [- ه -] يجب على المصلّي أن يسمع نفسه بالتكبير إن كان صحيح السّمع و إلا أتى بما لو كان صحيحا سمعه [- و -] يجب أن يكبر قائما فلو اشتغل بالتكبير و هو أخذ في القيام لم يتمّه أو شرع في الركوع كالمأموم المسبوق قبل إتمامه بطلت صلاته و إن كانت نافلة [- ز -] لو أتى بالتكبير مقطّعا لم يصحّ لأن التعظيم إنما يحصل بالإخبار [- ح -] يستحب التوجّه بسبع تكبيرات إحداها تكبيرة الإحرام أيّها شاء جعلها الفرض فإن نوى بها أولى التكبيرات وقعت البواقي في الصّلاة و له أن ينوي الأخيرة و الوسطى [- ط -] هذه السّبع يستحب في سبعة مواطن في أول كل فريضة و أوّل صلاة الليل و الوتر و أول نافلة الزوال و أول نافلة المغرب و أول ركعتي الإحرام و في الوتيرة و يستحب أن يأتي بينها بثلاثة أدعية [- ي -] يستحب أن يأتي بعد تكبيرة الإحرام بالتّوجه روى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السّلام قال يجزيك في التوجه إلى اللّٰه تبارك و تعالى في الصّلاة أن تقول وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ على ملة إبراهيم حَنِيفاً مسلما و ما أنا من المشركين إِنَّ صَلاٰتِي وَ نُسُكِي وَ مَحْيٰايَ وَ مَمٰاتِي لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ لاٰ شَرِيكَ لَهُ وَ بِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَ أَنَا أَوَّلُ اَلْمُسْلِمِينَ و قال الشيخ رحمه اللّٰه و إن قال في التوجّه وجّهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض على ملة إبراهيم و دين محمّد و منهاج عليّ حنيفا مسلما إلى آخر الدعاء كان أفضل و كذا قال ابن بابويه [- يا -] يستحب رفع اليدين بالتكبير في فرائض الصّلوات و نوافلها إلى أن يحاذي بهما شحمتي أذنيه و إن كانت يده تحت ثيابه و لو يسيرا و ذكر

ص: 37

قبل انتهاء التكبير رفع يديه مستحبّا و لو انتهى لم يرفع [- يب -] يستحب مدّ الأصابع و ضمها و الاستقبال بباطنها إلى القبلة و يكره أن يتجاوز بهما رأسه [- يج -] يستحبّ للإمام أن يسمع من خلفه التكبير إذا لم يبلغ العلو المفرط و لو لم يمكنه إلا به أسمع من يليه و يسمع المأموم غيره و لا يستحبّ له أن يسمع من خلفه غير تكبيرة الإحرام من السّبع و لا للمأموم إسماع الإمام [- يد -] يستحب بعد التّوجه التّعوذ باللّٰه من الشيطان أمام القراءة في الفرائض و النوافل و صورته أعوذ باللّٰه من الشّيطان الرّجيم و يجوز أعوذ باللّٰه السميع العليم من الشيطان الرّجيم قال الشيخ و يستحب الإسرار به [- يه -] التّعوذ مستحبّ في أوّل ركعة من الصّلاة خاصة و لا يستحبّ في الباقي و لو تركه عمدا أو نسيانا حتى قرأ مضى في قراءته و لا يعيدها في الركعة الثانية [- يو -] لو كبر و نوى الافتتاح انعقدت صلاته فإن كبر ثانية بنية الافتتاح بطلت صلاته فإن كبّر ثالثة بنية الافتتاح انعقدت و هكذا [- ير -] لو كان في لسانه آفة من تمتمة أو لثغة أو غيرها و أوجبت تغيير الحروف وجب عليه التعلم بقدر الإمكان و لو لم يمكنه أو لم يكن مغيره لم يكن به بأس [- يح -] لو أدرك الإمام راكعا كبر للافتتاح واجبا ثم إن أدرك تكبيرة الركوع استحب له فعلها و إلاّ فلا و لو نوى بها تكبيرة الركوع أو الافتتاح و الركوع معا بطلت صلاته [- يط -] يستحب للمأموم أن يكبّر بعد فراغ الإمام من التكبيرة و لو كبّر معه جاز و إن كبّر قبله لم يصحّ و يجب أن يقطعها بتسليمة و استأنف بعده أو معه تكبيرة الافتتاح

الفصل الرّابع في القراءة

و فيه [- و -] بحثا [- ا -] القراءة واجبة و يتعين الحمد و سورة كاملة في كل ركعة مرة من الثنائية و في أولتي الثلاثية و الرّباعية و يتخير في الثّالثة و الرابعة بين الحمد وحدها و أربع تسبيحات صورتها سبحان اللّٰه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر و إن قال ذلك ثلاث مرات كان أفضل و قيل يجب و ليس بمعتمد [- ب -] لا يجوز الإخلال بشيء من الحمد و السّورة و لو بحرف فلو أخل عمدا بطلت صلاته و كذا الإعراب و التشديد [- ج -] يجب ترتيب كلمات الحمد و آيها و في السّورة أيضا كما هي في المصحف و كذا يجب تقديم الحمد على السورة فلو خالف في شيء من ذلك عمدا أعاد الصّلاة و إن كان ناسيا استأنف القراءة ما لم يركع فيمضي و إن ذكر [- د -] يجب الموالاة في القراءة فلو قرأ خلالها من غيرها استأنف و كذا لو نوى قطع القراءة و سكت و لو سكت لا بنية القطع أو نواه و لم يقطع لم يبطل صلاته و يجوز أن يقطع القراءة لسكوت و دعاء لا يخرج به عن اسم القارئ [- ه -] بسم اللّٰه الرّحمن الرّحيم آية من كل سورة إلا براءة فلو أخل بها في الحمد أو في السّورة بطلت صلاته إن كان عمدا و إلا فلا و يجب أن يقرأها بنية أنها من سورة معينة فلو قرأها من غير نية تعيّن عليه إعادتها عند قراءة السورة و كذا يعيدها لو عدل عن سورة إلى أخرى [- و -] لا يجوز مع الاختيار الاقتصار على الحمد من دون السّورة الكاملة في الأوليين من الفرائض و يجوز للضرورة خلافا للشيخ في بعض أقواله [- ز -] لا يجزي في القراءة الترجمة و لا مرادفها من العربيّة [- ح -] لو لم يحسن القراءة وجب عليه التّعلم بالعربيّة و لو عجز أو ضاق الوقت و كان يحسن بعضها قرأه و لو لم يحسن شيئا منها قرأ من غيرها ما تيسّر و الأقرب وجوب الإتيان بسورة كاملة إن كان يعلمها و هل يجب أن يأتي بسورة أخرى عوض الحمد فيه إشكال و لو لم يحسن سورة كاملة قرأ ما يحسنه و الأقرب أنّه لا يجب أن يقرأ بعدد آيها و لو لم يحسن إلا آية واحدة منها قرأها و اجتزأ بها و الأقرب سقوط وجوب تكريرها سبعا و لو لم يحسن إلا بعض آية فالأقرب أنّه إن كان يسمّى قرآنا وجب قراءته و إلا فلا و لو لم يحسن شيئا من القرآن أصلا كبر اللّٰه و هلله و سبّحه بقدر القراءة ثم يجب عليه التّعلم [- ط -] لو لم يحفظ شيئا من القرآن و ضاق الوقت وجب عليه أن يقرأ من المصحف إن كان عارفا و الأقرب عدم إجزاء القراءة من المصحف مع إمكان التعلم [- ي -] الأخرس يحرّك لسانه بالقراءة و يعقد بها قلبه [- يا -] قد بينا أن الحمد لا يجب في الأخيرتين بل يتخير المصلّي بينها و بين التسبيح و يستحب للإمام القراءة فيهما و لا يجب قراءة سورة بعد الحمد فيهما [- يب -] لا يجزي عن السّورة في الأوليين تكرار الحمد بل يجب سورة أخرى غير الحمد متأخرة عنها فلو عكس قرأ الحمد ثم أعاد السّورة أو غيرها إن لم يتعمّد [- يج -] يجوز أن يقرأ السّورة الواحدة في الركعتين مكرّرا لها فيهما و أن يقرأ فيهما سورتين متساويتين و أن يقرأ في الثانية بالسّورة التي يلي السّورة التي قرأها في الأولى أو بغيرها من المتقدّمات عليها و المتأخرات [- يد -] لا يتعيّن الحمد في النوافل وجوبا بل ندبا و كذا يستحبّ السّورة بعدها فيها [- يه -] الإعراب واجب فلو أخل به عمدا بطلت صلاته و لو لم يحسنه وجب التّعلم بقدر الإمكان و لو ضاق الوقت صلى على ما يحسنه و الأقرب وجوب ائتمامه بالعارف [- يو -] يجب أن يقرأ بالمتواتر فلو قرأ بمصحف ابن مسعود بطلت صلاته [- يز -] يجوز أن يقرأ بأيّ قراءة شاء من القراءات السبع و لا يجوز أن يقرأ بغيرها و إن اتّصلت رواية [- يح -] يجب أن يخرج الحروف من مخارجها فلو أخرج الضاد في الضّالين و غيره من مخرج الظاء بطلت صلاته إن كان عالما أو جاهلا يمكنه التّعلم و إلا فلا ثم يجب عليه التّعلم و لو أخل بإصلاح لسانه في القراءة مع القدرة بطل صلاته و إلا فلا [- يط -] هل يجب التّرتيب في التسبيح على

ص: 38

ما تلوناه فيه إشكال [- ك -] لو أخل بالقراءة في الأوليين عمدا بطلت صلاته و لا تبطل بالإخلال سهوا و لا يسقط التخيير معه بينها و بين التسبيح في الأخيرتين [- كا -] لا يجوز القران بين سورتين غير الحمد في الركعة من الفرائض و هل هو مبطل للشيخ قولان و يجوز في النافلة بل يستحب في مواضع منها [- كب -] قال علماؤنا الضّحى و أ لم نشرح سورة واحدة و كذا الفيل و الإيلاف فلو قرأ إحداهما بعد الحمد في الفرائض وجب أن يقرأ الأخرى و يجب البسملة بينهما على الأقوى [- كج -] لا يجوز أن يقرأ في الفرائض شيئا من العزائم و يجوز في النوافل و كذا يحرم أن يقرأ ما يفوت الوقت بقراءة [- لد -] يجب الجهر بالحمد و السورة في الصّبح و أولتي المغرب و العشاء و يجب الإخفات في الظّهرين و الثالثة و الرابعة في الحمد من العشاءين و للسّيد هنا خلاف [- كه -] أقل الجهر أن يسمعه القريب الصحيح السمع و أقل الإخفات أن يسمع نفسه [- كو -] يسقط الجهر من المرأة إجماعا [- كن -] حكم القضاء حكم الأداء في ذلك سواء فعل القضاء في الليل أو النهار [- كح -] لو أخل بالجهر أو الإخفات في موضعه عمدا عالما بطلت صلاته و لو كان جاهلا أو ناسيا لم تبطل و لو ذكر في أثناء القراءة الترك انتقل إلى ما يجب عليه و لا يستأنف القراءة [- كط -] يستحب للإمام أن يسمع من خلفه القراءة في الجهرية ما لم يفرط [- ل -] إنما يجب الجهر في القراءة خاصة دون غيرها من أذكار الصّلاة نعم يستحب للإمام الجهر بالتشهد [- لا -] يجب الجهر بالبسملة في مواضع الجهر و يستحب في مواضع الإخفات و يجوز الإسرار بها مع التقيّة و إن وجب الجهر [- لب -] يستحب المخافتة في نوافل النهار و الجهر في نوافل الليل [- لج -] يستحب للمصلّي السّكوت بعد قراءة الحمد و بعد السّورة [- لد -] يستحب ترتيل القراءة و الوقوف في مواضعه و يجب عليه النطق بالحروف بحيث لا يخفى بعضها في بعض [- له -] المعوذتان من القرآن يجوز أن يقرأ بهما في الفرائض [- لو -] يستحب قصار المفصّل في الظهرين و المغرب و متوسّطاته في العشاء و مطولاته في الغداة و يستحب قراءة الجمعة و المنافقون في ظهري الجمعة و الجمعة و أن يقرأ ليلة الجمعة بها و الأعلى و في غداة الجمعة بها و بالإخلاص و في غداة الإثنين و الخميس هل أتى و الغاشية و في نوافل النهار بقصار السورة و في نوافل الليل بمطوّلاتها [- لز -] يستحبّ قراءة قل يا أيّها الكافرون في سبع مواطن أول ركعة من ركعتي الزوال و أول ركعة من نوافل المغرب و أول ركعة من صلاة الليل و أول ركعة من صلاة الغداة إذا أصبح بها و أول ركعتي الفجر و أول ركعتي الطّواف و أول ركعتي الإحرام و روي قراءة التوحيد في هذه الأوائل و الجحد في الثانية [- لح -] يستحب أن يقرأ في أولتي صلاة الليل ثلاثين مرّة قل هو اللّٰه أحد و في البواقي بالطوال [- لط -] إذا قرأ في النافلة عزيمة سجد وجوبا عند موضع السجود ثم قام فأتم السّورة و ركع و لو كانت السّجدة في آخرها قرأ الحمد بعد قيامه ليركع عن قراءة و كذا يجب أن يسجد لو استمع ثم يفعل ما ذكرناه و لو نسيها حتى ركع سجدها مع الذكر و يستحبّ له إذا رفع رأسه من السجود و أن يكبر و لو كان مع إمام لا يسجد و لم يتمكّن من السجود أومأ [- م -] يجوز أن يعدل المصلّي من سورة إلى أخرى ما لم يتجاوز النصف إلا سورة الكافرون و الإخلاص فإنه لا ينتقل عنهما إلا في ظهر الجمعة فإنه ينتقل إلى الجمعة و المنافقين و لو قرأ سورة فغلط جاز له العدول مطلقا لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه السّلام و رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق عليه السّلام و مع العدول يعيد البسملة [- ما -] إذا مر المصلّي بآية رحمة استحب له أن يسأل اللّٰه تعالى إيصالها إليه و بآية نقمة أن يتعوّذ منها [- مب -] إذا تقدم المصلّي سكت عن القراءة فإذا استقر أتمّ [- مج -] قول آمين حرام يبطل به الصّلاة سواء جهر بها أو أسر في آخر الحمد أو قبلها إماما كان أو مأموما و على كل حال و إجماع الإمامية عليه للنقل عن أهل البيت عليهم السّلام و لأنها ليس قرآنا و لا دعاء لأن الاسم مغاير للمسمّى

الفصل الخامس في الركوع

و فيه [- يه -] بحثا [- ا -] الركوع لغة الانحناء و في الشرع كذلك و هو ركن في كل ركعة مرة تبطل الصّلاة بالإخلال به عمدا و سهوا و يجب في الكسوف و الآيات في كل ركعة خمس مرّات على ما يأتي [- ب -] يجب فيه الانحناء إلى حيث يتمكن من وضع يديه على ركبتيه و لو لم يتمكن من هذا الحد وجب الإتيان بالممكن و لو لم يتمكّن من الانحناء أصلا أومأ و لو كان بصورة الراكع لكبر أو زمن قام على حسب حاله ثم انحنى للركوع قليلا ليكون فارقا بين قيامه و ركوعه قال الشيخ و لا يلزمه ذلك و فيه إشكال و لو بلغت يداه في الطّول إلى حيث ينتهي إلى ركبته انحنى كما ينحني مستوي الخلقة و كذا لو كانت أقصر من المستوي [- ج -] يجب فيه الطمأنينة بقدر الذكر الواجب و هي السكون حتّى يرجع كلّ عضو مستقره و لو لم يتمكن منها سقطت [- د -] يجب فيه الذكر كالتسبيح أو التهليل أو التكبير أو التحميد و أوجب جماعة من علمائنا التسبيح خاصّة و الأقرب الأول [- ه -] يجب أن يأتي بالذّكر حالة الركوع فلو اشتغل فيه و هو آخذ في الركوع أو اشتغل بالرفع قبل إكماله لم يجز [- و -] يجب رفع الرأس من الركوع فلو هوى للسجود قبل انتصابه منه من غير عذر لم يجز و لو افتقر إلى الاعتماد على شيء وجب و لو لم يتمكن سقط و لو زال المانع بعد السجود لم يتداركه قال

ص: 39

الشيخ رحمه اللّٰه و كذا لو زال قبل السجود و لو ركع فاطمأن فسقط إلى الأرض من قبل القيام سجد و لا يحتاج إلى القيام لفوات محلّه أما لو سقط قبل ركوعه فإنه يرجع و يأتي بالركوع و لو سقط بعد الركوع قبل الطمأنينة ففي إعادة الركوع إشكال [- ز -] يجب الطمأنينة في الانتصاب بأن يعتدل قائما و يسكن يسيرا [- ح -] يستحب التكبير إذا أراد الركوع و أن يكبّر قائما رافعا يديه بالتكبير محاذيا أذنيه و يرسلهما ثم يركع و أن يضع يديه على ركبتيه مفرجات الأصابع و لو كان بإحدى يديه عذر وضع الأخرى و يرد ركبته إلى خلفه و يسوي ظهره و يمدّ عنقه موازيا ظهره و أن يصف في ركوعه بين قدميه و لا يقدم إحداهما على الأخرى و يجعل بينهما قدر شبر و أن يتجافى حالة الركوع لا يضع شيئا من أعضائه على شيء إلا اليدين على الركبتين و أن يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم و بحمده ثلاثا و أفضل منه خمسا و الأكمل سبعا و يستحب للإمام التخفيف بثلاث و أن يدعو في حال ركوعه فيقول ربّ لك ركعت و لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكّلت و أنت ربي خشع لك سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عصبي و عظامي و ما أقلته قدماي غير مستنكف و لا مستكبر و لا مستحسر ثم يسبّح ثلاثا [- ط -] لا يستحب القراءة في الركوع و لا السّجود إجماعا [- ي -] يستحب للإمام رفع صوته بالذكر فيه [- يا -] يستحب أن يقول بعد انتصابه من الركوع سمع اللّٰه لمن حمده الحمد للّه ربّ العالمين أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة للّه رب العالمين للإمام و المأموم و المنفرد و أن يجهر الإمام به [- يب -] قال الشيخ رحمه اللّٰه و إن قال ربنا لك الحمد لم تبطل صلاته و الأول ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام [- يج -] لو قال من حمد اللّٰه سمع له لم يأت بالمستحب لأنه أخل بالجزء الصوري و لأن الأول دعاء و الثّاني شرط و جزاء [- يد -] لو عطس عند رفعه فقال الحمد للّه ربّ العالمين و نوى به التحميد للعطسة و المستحب بعد الرفع جاز [- يه -] يكره أن يركع و يداه تحت ثيابه بل يستحب أن تكون بارزة أو في كمه

الفصل السّادس في السّجود

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] السجود لغة الخضوع و الانحناء و شرعا وضع الجبهة على الأرض و هو واجب في الصّلاة في كل ركعة سجدتان و مجموعهما ركن تبطل الصلاة بالإخلال بهما عمدا و سهوا و بالواحدة عمدا لا سهوا [- ب -] يجب في كل واحدة منهما السجود على سبعة أعضاء الجبهة و الكفان و الركبتان و إبهامي الرّجلين و لو أخل السجود على بعض هذه عمدا بطلت صلاته عالما كان أو جاهلا و لا تبطل بالسّهو و لو كان على بعض أعضائه مانع يمنع من السجود عليه سجد بباقي الأعضاء و لو كان على جبهته دمل أو شبهه و أمكنه أن يحفر لها حفيرة ينزل فيها ليقع السليم من الجبهة على الأرض وجب و لو لم يمكنه لاستغراق الجبهة بالمانع أو لعدم تمكنه من الحفر أو لغيرهما سجد على أحد الجبينين و على بقية الأعضاء و لو تعذّر على أحد الجبينين سجد على الذقن و لو تعذر ذلك كله أومأ [- ج -] لا يجب السجود على جميع أعضاء الجبهة و شرط بعض الأصحاب الملاقاة بدرهم و ليس بمعتمد و كذا البحث في بقية الأعضاء [- د -] يجب إبراز الجبهة للسجود على ما يصحّ السّجود عليه و وضع الجبهة عليه فلو سجد على كور العمامة بطل إلا أن يكون لعذر و يستحب إبراز اليدين دون غيرهما [- ه -] يجب الانحناء للسجود حتى يساوي موضع جبهته موقفه و يجوز أن يكون موضع السجود أعلى بما لا يعتدّ به كاللبنة لا أزيد و لو وقعت جبهته على المرتفع جاز أن يرفع رأسه و يسجد على المساوي و لو تعذّر أتى بالممكن و لو لم يتمكن من الانحناء مطلقا رفع ما يسجد عليه و إن عجز أومأ [- و -] يجب الذكر في كل واحدة كما قلنا في الركوع و الخلاف فيه كالخلاف هناك و الأولى فيه التسبيح ثلاثا و أفضل منه خمسا و أكمله سبعا و يستحب أن يدعو أمام الذكر فيقول اللّٰهمّ لك سجدت و بك آمنت و عليك توكلت و أنت ربي سجد وجهي للّذي خلقه و صوّره و شق سمعه و بصره تبارك اللّٰه أحسن الخالقين و الحمد للّه ربّ العالمين ثم يقول سبحان ربّي الأعلى و بحمده ثلاث مرات و يجوز فيه الدعاء بغير ذلك من أمور الدنيا و الآخرة [- ز -] يجب فيه الطمأنينة بقدر الذكر الواجب و أن يأتي بالذكر الواجب و هو ساجد فلو أخذ في السجود و هو ذاكر أو رفع رأسه و لم يتمّم لم يجز [- ح -] يجب رفع الرأس من السجدة الأولى و الطمأنينة فيه جالسا [- ط -] يستحب التكبير قائما قبل السجود ثم يهوي رافعا يديه إلى شحمتي أذنيه و كذا يكبّر حال رفعه و للسّجود الثاني حال قعوده رافعا يديه كما قلناه و عند رفعه منه و أن يستقبل الأرض بيديه حال هويه و مساواة موضع سجوده لموقفه أو يكون أخفض و أن يرغم بأنفه قال السّيد بطرف الأنف الذي يلي الحاجبين و أن يدعو بين السّجدتين و يتورك حال جلوسه و الجلوس عقيب السجدة الثانية مطمئنا و الدعاء عند القيام و أن يعتمد على يديه عنده سابقا برفع ركبتيه و أن يبسط كفيه على الأرض حال القيام و لا يضمّهما [- ي -] يكره الإقعاء بين السّجدتين و هو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض و يجلس على عقبيه و أن ينفخ موضع سجوده [- يا -] لو سجد على أنفه دون جبهته لم يجز [- يب -] يستحب له التجافي حال السجود لا يضع شيئا من جسده على شيء و الاعتدال في السّجود

الفصل السّابع في التشهد

و مباحثه عشرة [- ا -] التشهد واجب في كل ثنائية مرة و في الثلاثية و الرباعيّة مرتين و محلّه في الثنائية عند كمالها و في الثلاثية و الرّباعية عند كمال الثانية مرة و عند كمال الصّلاة

ص: 40

أخرى و تبطل الصّلاة بالإخلال به عمدا [- ب -] الواجب في كلّ تشهد خمسة أشياء الجلوس بقدره مطمئنا و الشهادتان و هما أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله و الصّلاة على النبي و على آله و صورتها اللّٰهمّ صل على محمّد و آل محمّد و ما زاد على ذلك مستحب [- ج -] من لا يحسن التشهد يجب عليه التّعلم و مع ضيق الوقت يأتي بما يحسن منه [- د -] يجب الترتيب في التشهد فيبدأ بشهادة التوحيد ثم بشهادة الرّسالة ثم يصلّي على النبيّ ثم يصلّي على آله فلو خالف أعاد [- ه -] الصّلاة على النّبي و آله عليهم السّلام واجبة في التشهدين معا [- و -] يستحب أن يجلس متورّكا بأن يجلس على وركه الأيسر و يخرج رجليه جميعا و يجعل ظاهر قدمه الأيسر إلى الأرض و ظاهر الأيمن إلى باطن الأيسر و أن يضع يديه على فخذيه مبسوطة مضمومة الأصابع و أن يزيد على القدر الواجب فيقول ما رواه أبو بصير عن الصّادق عليه السّلام قال إذا جلست في الركعة الثانية فقل بسم اللّٰه و باللّٰه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا عبده و رسوله أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي السّاعة و أشهد أنّ ربّي نعم الرّب و أن محمّدا نعم الرسول اللّٰهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و تقبّل شفاعته في أمته و ارفع درجته ثم تحمد اللّٰه مرّتين أو ثلاثا ثم تقوم و إذا جلست في الرابعة فقل قلت بسم اللّٰه و باللّٰه و الحمد للّه و خير الأسماء للّه أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له و أشهد أن محمّدا عبده و رسوله أرسله بالحقّ بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة أشهد أنك نعم الرّب و أن محمّدا نعم الرسول التحيات للّه الصّلوات الطّاهرات الطيبات الزاكيات الغاديات الرّائحات السابغات الناعمات للّه ما طاب و زكا و خلص و صفا للّه أشهد أن لا إله إلا اللّٰه وحده لا شريك له و أشهد أن محمّدا عبده و رسوله أرسله بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة أشهد أنّ اللّٰه نعم الرب و أنّ محمدا نعم الرسول و أشهد أنّ الساعة آتية لا ريب فيها و أنّ اللّٰه يبعث من في القبور الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّٰه الحمد للّه ربّ العالمين اللّٰهمّ صل على محمّد و آل محمّد و بارك على محمّد و آل محمّد و سلم على محمّد و آل محمّد و ترحّم على محمّد و آل محمد كما صليت و باركت و ترحمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد اللّٰهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان و لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربّنا إنك رءوف رحيم اللّٰهمّ صلّ على محمد و آل محمّد و امنن علي بالجنّة و عافني من النّار اللّٰهمّ صل على محمّد و آل محمّد و اغفر للمؤمنين و المؤمنات و لا تزد الظالمين إلا تبارا ثم قل السّلام عليك أيّها النبي و رحمة اللّٰه و بركاته السلام على أنبياء اللّٰه و رسله السّلام على جبرئيل و ميكائيل و الملائكة المقرّبين السلام على محمّد بن عبد اللّٰه خاتم النبيين لا نبي بعده السلام علينا و على عباد اللّٰه الصّالحين ثم تسلّم [- ن -] التحيات ليست واجبة في واحد من التشهدين [- ح -] تقديم التسليم على التشهّد مبطل للصّلاة [- ظ -] لو قال أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أنّ محمّدا رسول اللّٰه أجزأه على إشكال و كذا أشهد أن لا إله إلا اللّٰه و أن محمّدا رسوله أو عبده و رسوله أو قال أشهد أن لا إله إلا اللّٰه أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله من غير واو و لو أتى عوض الشهادة بما يساويها في المعنى أو يقاربها فيقول أعلم أو أخبر عن علم أو أتيقن و ما شابهه لم يجز و كذا لو قال أشهد أن الإله واحد و أن الرسول محمّد [- ي -] يجوز الدعاء في التّشهّد مطلقا بالمباح سواء كان للدين أو للدنيا و سواء ورد به الشرع أو لم يرد و يستحب للإمام أن يسمع من خلفه الشّهادتين و إذا قام المصلّي إلى الثالثة قال بحول اللّٰه و قوته أقوم و أقعد و لا يحتاج إلى تكبير خلافا للمفيد

الفصل الثّامن في التسليم

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] الأظهر عندي أن التّسليم غير واجب و يستحبّ مرة في آخر الصّلاة بعد التشهّد و به يخرج من الصّلاة لا غير إن قلنا بوجوبه و حينئذ فالأقرب أنّه لا يجب أن ينوي به الخروج بل يستحب [- ب -] للتّسليم صورتان أيتهما وقعت أجزأه السّلام علينا و على عباد اللّٰه الصّالحين السّلام عليكم و رحمة اللّٰه و بركاته و بأيّهما بدأ كان الثاني مستحبّا أيضا و أوجب العبارة الثانية علم الهدى و أبو الصلاح [- ج -] لا يخرج من الصلاة بقوله السّلام عليك أيّها النبي و رحمة اللّٰه و بركاته على القول بالوجوب و لا بقوله السّلام علينا و على عباد اللّٰه المخلصين أو العابدين أو السلام على عباد اللّٰه الصّالحين و علينا و لو سلّم بالعبارة الثانية جاز أن يقول السّلام عليكم و رحمة اللّٰه و إن لم يقل و بركاته و لو قال السّلام عليكم و اقتصر خرج به عند ابن بابويه و ابن أبي عقيل و ابن الجنيد و قال أبو الصلاح الفرض أن يقول السّلام عليكم و رحمة اللّٰه و عندي في ذلك إشكال و كذا الإشكال لو قال سلام عليكم منكر آمنونا أما لو قال عليكم السّلام فإنّه لا يجزئه قولا واحدا على القول بالوجوب [- د -] المرة الواحدة يجزئه للإمام و المأموم و المنفرد و لكن يستحب للمنفرد أن يسلم تسليمة إلى القبلة و يومئ بمؤخر عينيه إلى يمينه و الإمام بصفحة وجهه و المأموم يسلم بوجهه مرّتين يمينا و شمالا إن كان على يساره غيره و إلا اقتصر على يمينه [- ه -] هل التسليم الأولي من الصّلاة فيه إشكال [- و -] لو نوى بالتسليم الخروج من الصّلاة و الرد على الملكين و على من خلفه إن كان إماما أو على

ص: 41

من معه إن كان مأموما لم يكن به بأس قال الشيخ ينبغي أن ينوي بالتّسليم الأول الخروج من الصّلاة و بالثاني التسليم على الملائكة أو على من في يساره

المطلب الثّاني في الأفعال المندوبة

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] يستحبّ له إذا مشى إلى الصّلاة أن يكون خاضعا خاشعا على سكينة و وقار و أن يقول عند قيامه اللّٰهمّ إنّي أقدم إليك محمدا بين يدي حاجتي و أتوجّه به إليك فاجعلني به وجيها عندك في الدّنيا و الآخرة و من المقرّبين اجعل صلاتي به متقبّلة و ذنبي به مغفورا و دعائي به مستجابا إنك أنت الغفور الرّحيم [- ب -] يستحبّ له إيقاعها في المسجد بخشوع و استكانة جماعة في أوّل الوقت إلا ما استثني [- ج -] يستحب أن يتوجّه بسبع تكبيرات إحداها تكبيرة الإحرام بينها ثلاثة أدعية في سبعة مواطن تقدّمت [- د -] القنوت مستحب في كل ثنائية في الفرائض و النوافل بعد القراءة قبل الركوع لا تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا و لا سهوا و قول ابن بابويه و ابن أبي عقيل ضعيف و آكده في الفرائض و آكده فيما يجهر فيه و في الجمعة قنوتان قبل ركوع الأولى و بعد ركوع الثانية و في مفردة الوتر قبل الركوع و بعده في جميع السنة و لو نسي القنوت حتى ركع قضاه بعد الركوع و لو نسيه حتى ركع في الثالثة ففي قضائه بعد الصّلاة قولان [- ه -] يستحب أن يدعو فيه بالمنقول و إلا فبما شاء و أقله ثلاثة تسبيحات و يجوز الدّعاء بغير العربيّة اختاره محمّد بن الحسن الصّفار و ابن بابويه خلافا لسعد بن عبد اللّٰه نعم يحرم الدعاء بالمحرم إجماعا و يجوز أن يدعو فيه للمسلمين عموما و لإنسان معيّن و أن يسأل المباح من أمور الدّنيا [- و -] يستحبّ فيه الجهر مطلقا و استحبّ المرتضى الإخفات في الإخفاتية و يستحب فيه الإطالة و رفع اليدين تلقاء وجهه مبسوطتين و أن يتلقى بباطنهما السماء و أن يكبر له و أن يرفع يديه به [- ز -] يستحب له أن ينظر حال قيامه إلى موضع سجوده و حال ركوعه إلى ما بين رجليه و حال قنوته إلى باطن كفّيه و في سجوده إلى طرف أنفه و في قعوده إلى حجره [- ح -] يستحبّ له وضع يديه حال قيامه على فخذيه محاذيا لعيني ركبتيه مضمومتي الأصابع و في حال ركوعه على عيني ركبتيه و في سجوده حيال وجهه و في جلوسه على فخذيه [- ط -] التعقيب مستحبّ عقيب الصّلاة كلها و أفضله تسبيح الزهراء عليها السّلام ثم ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام بعد التكبير عقيب التسليم ثلاث مرات يرفع بها فيها يديه إلى شحمتي أذنيه و يضعهما على فخذيه [- ي -] يستحب عقيب الفرائض سجود الشكر و عند تجدّد النّعم و دفع النقم و يستحبّ فيه التعفير و هو أن يضع خده الأيمن على الأرض عقيب السجود ثم خدّه الأيسر روى الباقر عليه السّلام قال أوحى اللّٰه تعالى إلى موسى عليه السّلام أ تدري لم اصطفيتك بكلامي من دون خلقي قال موسى لا يا ربّ قال يا موسى إني قلبت عبادي ظهرا لبطن فلم أجد فيهم أحدا أذل لي نفسا منك يا موسى إنك إذا صلّيت وضعت خديك على التراب و يستحب فيه الدعاء بالمنقول و أن يكون لاطيا بالأرض و أن يعود إلى السجود و يشكر اللّٰه مائة مرّة و ليس فيه تكبير للأخذ و الرفع و لا تسليم [- يا -] سجدات القرآن خمس عشرة أربع منها واجبة و هي سجدة لقمان و حم السجدة و النجم و اقرأ باسم ربّك و إحدى عشر مسنونة في الأعراف و الرّعد و النحل و بني إسرائيل و مريم و الحجّ في موضعين و الفرقان و النّمل و ص و الإنشقاق [- يب -] قال الشيخ رحمه اللّٰه سجود العزائم الأربع واجب على القارئ و المستمع و الأصحّ عندي الاستحباب على السامع [- يج -] قال الشيخ رحمه اللّٰه في الخلاف موضع السّجود في حم عند قوله وَ اُسْجُدُوا لِلّٰهِ و في المبسوط عند قوله إِنْ كُنْتُمْ إِيّٰاهُ تَعْبُدُونَ [- يد -] يجوز فعل هذه السجدات في الأوقات كلها و إن كانت مما يكره فيه النوافل فلا يفتقر شيء منها إلى تكبير إحرام و لا تكبير سجود و لا تشهد و لا طهارة و لا استقبال القبلة و يستحب فيه الدعاء و أن يكبر إذا رفع رأسه و الأقرب اشتراط السّجود على الأعضاء السّبعة [- يه -] السجود على الفور في الواجب و المستحبّ و لو فاته قال في المبسوط يقضي العزائم وجوبا و يتخيّر في النّدب و هو جيّد و لو نسيها وجب مع الذكر [- يو -] يجب السجود أو يستحبّ كلما حصل السّبب [- يز -] لا يشترط لسجود المستمع كون التالي ممن يصلح أن يكون إماما له و لو لم يسجد التالي سجد المستمع وجوبا أو ندبا و لا يقوم الركوع مقام السّجود و لو قرأ على الراحلة و تمكن من السّجود وجب و إلا أومأ و كذا الماشي [- يح -] يستحب للإمام أن لا ينصرف من مصلاّه حتى يتم من خلفه صلاته و روي كراهية الشغل للإمام موضع صلاته [- يط -] يستحب له إذا فرغ من صلاته أن يرفع يديه فوق رأسه تبركا و أن ينصرف عن يمينه [- ك -] يجوز الدعاء على الظالم عقيب الصّلوات [- كا -] يكره النوم بعد الغداة كراهية شديدة و بعد العصر و بعد المغرب قبل العشاء و يستحب القيلولة

المطلب الثالث في التروك

و هي قسمان واجبة و مندوبة فهاهنا [- يح -] مباحث [- ا -] يجب عليه ترك كل ما يبطل الطهارة مع القدرة فلو فعله عمدا أو سهوا بطلت صلاته و قول بعض علمائنا إذا سبقه الحدث تطهر و بنى ضعيف [- ب -] يجب عليه ترك التكفير و هو وضع اليمين على الشمال و لو فعله بطلت صلاته إن كان عمدا مختارا و إلا فلا [- ج -] لا فرق بين التكفير فوق السرة و تحتها و لا بين وضع الكف على الكف أو على الذراع و لا بين أن يضعها معتقدا للاستحباب أو غير معتقد و لا بين وضعها حال القراءة أو غير حالها [- د -] قال الشيخ رحمه اللّٰه يحرم وضع الشمال على اليمين [- ه -] لو وضعها للتقية لم

ص: 42

يكن به بأس [- و -] يحرم عليه الالتفات إلى ما وراءه فإن فعله عمدا بطلت صلاته لا سهوا أما الالتفات يمينا و شمالا فإنه مكروه غير مبطل [- ن -] الكلام بحرفين فصاعدا مما ليس بقرآن و لا دعاء مبطل للصّلاة و إن كان عمدا و إلا فلا و الجاهل كالعالم و سواء كان الكلام لمصلحة أو لغيرها و لو أكره على الكلام بطلت صلاته و إن كان غير مأثوم و لو ظن إتمام الصّلاة فتكلم لم يفسد صلاته خلافا للشيخ في بعض أقواله و لو سلم في الأولين ناسيا قام فأتمّ صلاته و سجد للسّهو و لو تكلم بحرف واحد لم تبطل صلاته عندي في الأفعال الثلاثية المعتلة الطّرفين كق و ع و كلام الأخرس بحركة اللسان تردّد أقربه الإبطال به و لو نفخ بحرفين أفسد صلاته و لو تنحنح بحرفين و سمي كلاما بطلت صلاته و كذا التّأوه بحرفين مبطل و لا تبطل الصّلاة بكل كلام يناجي به ربه أو يدعو به لمصالح المعاش و المعاد [- ح -] يحرم عليه الضّحك في الصلاة بقهقهة أما التبسّم فلا بأس فلو قهقه عمدا بطلت صلاته لا سهوا [- ط -] يحرم عليه فعل الكثير الذي ليس من أفعال الصّلاة فلو فعله عمدا بطلت صلاته و لا يبطل بالسّهو و يجوز للمصلّي أن يعد الركعات بأصابعه أو بشيء يكون معه من الحصاة و شبهه بشرط عدم التلفظ به بل يعقده في ضميره و ليس بمكروه [- ي -] البكاء لشيء من أمور الدّنيا حرام يبطل به الصّلاة إن كان عمدا و إلا فلا و إن كان خوفا من اللّٰه تعالى و خشية من عقابه لم يبطل به الصّلاة و كذا يجوز أن يتباكى في الصّلاة لأمور الآخرة [- يا -] الأكل و الشرب إن كان كثيرا بطلت صلاته إن كان عمدا و إلا فلا قال الشيخ يجوز شرب الماء في النافلة و عندي إن بلغ حدّ الكثرة بطلت صلاته إلا في صلاة الوتر لمن أصابه عطش و هو يريد الصوم في صبيحته تلك الليلة إذا لم يستدبر القبلة [- يب -] يحرم عليه قطع الصّلاة إلا لضرورة دينية أو دنيويّة [- يج -] يكره التثاؤب و التمطي و العبث و التنخم و البصاق و فرقعة الأصابع و التأوّه بحرف و الأنين به و مدافعة الأخبثين و لو صلّى كذلك لم تبطل و نفخ موضع السّجود و رفع البصر في الصّلاة و تغميض العين و لبس الخف الضّيق و التورك و هو أن يعتمد بيديه على وركيه و هو التخصر و السدل و هو وضع الثّوب على الرأس أو الكتف و إرسال طرفيه [- يد -] يجوز أن يستند إلى الحائط و أن يضع يده عليه إلا أن يعتمد عليه بحيث يسقط مع سقوطه و أن يحمد اللّٰه إذا عطس و يصلّي على النبي و آله و أن يفعل ذلك إذا عطس غيره و أن يسمت العاطس إن كان مؤمنا و أن يرد السّلام نطقا مثل قوله سلام عليكم و لا يقول و عليكم السّلام و لو سلّم عليه بغير قوله سلام عليكم قيل لا يجوز إجابته إلا أن يقصد الدّعاء و يكون مستحبّا و عندي فيه إشكال و لو حياه بغير السّلام فالأقرب جواز الردّ به لعموم الآية و لا يكره للداخل السلام على المصلّي و لو ترك المصلّي رد السّلام مع تعيينه عليه فالوجه بطلان صلاته [- يه -] يجوز الدعاء في جميع أحوال الصّلاة بالمباح و لو دعا بالمحرم بطلت صلاته [- يو -] يجوز للرّجل و المرأة الإيماء للحاجة و تصفيق إحدى يديه بالأخرى و ضرب الحائط و التسبيح و تلاوة القرآن لإجابة غيره في الصّلاة و يكره ذلك لغير ضرورة [- ين -] لا يقطع الصّلاة رعاف و لا قيء و لو جاءه الرعاف أزاله و أتم الصّلاة ما لم يحتج إلى فعل المنافي و لا يقطع الصّلاة ما يمرّ بين يديه [- يح -] قال الشيخ رحمه اللّٰه و لو نوى أن يصلّي بالتطويل لم يبطل صلاته لو خففها و هو جيد

المقصد الثالث في باقي الصّلوات

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الجمعة

و مباحثه [- لب -] [- ا -] الجمعة ركعتان بدل الظهر و هي واجبة إجماعا بشرائط نذكرها و تجب عند زوال الشمس و يخرج وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله و لو علم اتساع الوقت للخطبة و ركعتين خفيفتين وجبت الجمعة و لو علم أو غلب على [في] ظنّه قصور الوقت لم تجب و صلّى ظهرا و يجب السعي مع القرب عند الزوال و مع البعد قبله بحيث يدركها و يستحب في أوّل النهار مغتسلا قد مسّ شيئا من الطيب جسده و يسرح لحيته و يحلق رأسه و يقص أظفاره و يأخذ من شاربه و يستاك و يلبس أنظف ثيابه و يتعمم و يرتدي و يدعو أمام توجّهه و يكون على سكينة و وقار و يتنفل بعشرين ركعة أربعة منها زيادة على باقي الأيام ستا عند انبساط الشمس و ستا عند ارتفاعها و ستا قبل الزوال و ركعتين عنده و لو أخر النافلة أو صلى بين الفريضتين ستّا جاز [- ب -] يستحب للمصلّي أن يمشي إلى الجمعة إن كان قريبا و لو وجد البعيد مشقة ركب و إذا أتى المسجد جلس حيث ينتهي به المكان و يكره أن يتخطى رقاب الناس سواء ظهر الإمام أو لا و سواء كان له مجلس يعتاد الجلوس فيه أو لا و لو تركوا الصفوف الأولى خالية جاز له و أن يتخطاهم إليها و لا يكره للإمام التخطّي و ليس له أن يقيم غيره و يجلس موضعه و إن كان معتادا للجلوس فيه أو كان الجالس عبده و لو آثره غيره جاز و في التخصيص به نظر و لو فرش له مصلّى لم يكن مختصا لأن السّبق بالأبدان لا بما يجلس عليه [- ج -] من شرائط الجمعة الإمام العادل أو من نصبه فلو لم يكن الإمام ظاهرا و لا نائب له سقط الوجوب إجماعا و هل يجوز الاجتماع حينئذ مع إمكان الخطبة قولان [- د -] العدد شرط في الوجوب و الجواز و هو خمسة نفر الإمام أحدهم و اشترط الشيخ سبعة و ليس بمعتمد و لو انفضوا في أثناء الخطبة أو بعدها

ص: 43

قبل التلبس بالصّلاة سقطت الجمعة و لو كان ذلك بعد التلبس بالتكبير وجب الإتمام و لو لم يبق إلا الإمام و كذا لو مات الإمام في أثناء الصّلاة لو عرض له حدث يبطل الصّلاة قدم الجماعة من يتم بهم الجمعة [- ه -] الخطبتان شرط في الجمعة و لا يكفي الخطبة الواحدة و يشترط في كل خطبة حمد اللّٰه و الثناء عليه و الصّلاة على النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و قراءة سورة خفيفة من القرآن و الوعظ و لو قرأ عزيمة نزل و سجد و سجد المستمع معه و وقتها عند زوال الشمس صيفا و شتاء و في جواز تقديمها على الزوال قولان و يجب تقديمهما على الصّلاة فلو صلّى أولا لم تنعقد الجمعة و أن يكون الخطيب قائما وقت إيراده مع القدرة و أن يسمع العدد المعتبر فصاعدا و أن يفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة و في اشتراط الطهارة للخطبتين قولان [- و -] الجماعة شرط في الجمعة فلو صلّيت فرادى لم تنعقد و إذا حضر إمام الأصل وجب عليه الحضور و التّقدم و لو منع لعارض جاز له الاستنابة [- ن -] انفراد الجمعة شرط فيها بمعنى أنه لا يصحّ جمعتان في موضعين بينهما أقل من ثلاثة أميال سواء كانا في بلد واحد أو بلدين فلو صلّى جمعتان و بينهما أقل من فرسخ بطلتا إن اقترنتا و إن سبقت إحداهما بطلت اللاحقة سواء كانت السابقة هي جماعة الإمام الراتب أو غيره و سواء كانت إحداهما في المسجد الجامع و الأخرى في غيره أو لا أو كان إحداهما في قصبة البلد و الأخرى في أقصاه و لو لم يعلم سبق إحداهما أو علم و جهل عينها أو علم عينها و اشتبه بطلتا و مع بطلانهما للاقتران إن أمكنت الجمعة وجبت و إلا وجب الظهر أما لو بطلتا للفرضين الأخيرين و بقي من الوقت ما يمكن فعل الجمعة هل يجب أم لا قال الشيخ رحمه اللّٰه يجب الجمعة و الوجه عندي أنهم يصلون ظهرا لأن إحداهما صحيحة و وجوب الإعادة لجهل التعيين لا يقتضي الفساد في نفس الأمر أما لو جهلنا كيفية وقوعهما فالوجه ما قاله الشيخ رحمه اللّٰه و يعتبر السبق و لو بتكبيرة الإحرام و لو أحرم فأخبر في الأثناء بالأخرى استأنف الظهر و لا يجزيه الإتمام ظهرا [- ح -] المصر ليس شرطا في الجمعة بل تجب على أهل السواد و القرى و لا يشترط القرية أيضا بل تجب على أهل الخيام و بيوت الشعر إذا كانوا قاطنين و ليس الاستيطان شرطا فلو أقام في بلد على سبيل التجارة أو طلب العلم و في نيته الإسراح مع قضاء وطره وجب عليه الجمعة و ليس إقامة الجمعة في البيان شرطا بل يجوز إقامتها في الصّحراء و ليس بقاء الوقت مع التلبس بها شرطا فلو دخل في الجمعة في وقتها ثم خرج و لم يتمها تممها جمعة إماما كان أو مأموما و الأقرب عندي اشتراط إدراك الركعة أما لو فات الوقت و لم يتلبّس بها فإنّها تفوت و لا يقضي جمعة بل يقضي ظهرا [- ط -] إنما تجب الجمعة على الذكور المكلفين الأحرار الحاضرين أو من هو بحكمهم السالمين من العمى و المرض و العرج و الشيخوخة الحاصل معها العجز عن الحركة فلا تجب على العبد و لا المكاتب و لا المدبر و لا المخارج و لو أذن له المولى استحبّ له الحضور و لو حضر وجبت عليه و في الانعقاد به قولان و لو انعتق بعضه فهايأه مولاه لم تجب الجمعة و إن اتفقت في يوم نفسه و قول الشيخ هنا ضعيف و لو صلّى الظهر فأعتق لم يجب عليه الحضور و المسافر لا يجب عليه الجمعة ما لم يستوطن بلد الغربة شهرا لو ينوي مقام عشرة أيام و لو حضر الجمعة أو نوى المقام عشرة أيام و أقام شهرا وجبت عليه و انعقدت به و إنما يسقط الجمعة عن المطيع بسفره و لو صلّى الظهر فخرج عن حكم المسافر لم يجب عليه حضور الجمعة و الأعمى لا يجب عليه الجمعة و إن وجد قائدا و لو حضر وجبت عليه و انعقدت به و لو صلى الظهر ثم حضر سقطت عنه و المريض يسقط عنه الجمعة سواء زاد المرض بالحضور أو لم يزد و لو حضر وجبت عليه و انعقدت به و لو صلّى الظهر ثم حضر سقطت الجمعة و لم يبطل ظهره التي صلاها سواء زال عنه المانع أو لا و كذا كل من لا يجب عليه الجمعة و يسقط الجمعة عن الأعرج و لو حضر وجبت عليه و انعقدت به [- ي -] لا يجب الجمعة على من كان بينه و بينها أزيد من فرسخين و تجب على من بينه و بينها فرسخان فما دون و لو حضر الأول وجبت عليه و انعقدت به و يستحب له الحضور و لو لم يحضر و حصلت شرائط الوجوب وجبت عليه الجمعة في موطنه أو يكلف الحضور و لو نقص البعد عن فرسخين وجب عليه الحضور أو فعل الجمعة في موطنه مع الشرائط [- يا -] يسقط الوجوب مع المطر في الطريق المانع من الحضور أو الوحل الذي يشق معه السعي و كذا مع كل عذر يتعذر معه الفعل [- يب -] الكافر تجب عليه و لا تصحّ منه [- يج -] من سقطت عنه الجمعة يجوز أن يصلّي الظهر في أول وقتها و لا يجب عليه التأخير و لا يستحب [- يد -] قيل الإصغاء إلى الخطبة واجب و الكلام في أثنائها حرام و عندي فيه إشكال لكن لا يبطل الجمعة معه إجماعا [- يه -] إنما يتعلق النّهي حال الخطبتين لا قبلهما و لا بعدهما و لا يكره تسميت العاطس و لا ردّ السّلام قال الشيخ رحمه اللّٰه و يكره للخطيب الكلام و ليس بمحرم [- يو -] من وجب عليه الجمعة فصلّى الظهر وجب عليه السعي فإن أدركها صلاّها و إلا أعاد ظهره [- يز -] لو فاتته الخطبة و ركعة و أدرك مع الإمام الثانية فقد أدرك الجمعة و كذا لو أدرك الإمام راكعا في الثانية و لو كبر و ركع و شك هل كان الإمام راكعا أم رافعا فالوجه فوات الجمعة و وجبت الظهر [- يح -] يعتبر في الإمام التكليف فلا يصحّ إمامة المجنون إجماعا و لا الصّبي و إن كان مراهقا و الإيمان فلا يصحّ إمامة المخالف و العدالة فلا يصحّ إمامة الفاسق و طهارة المولد فلا يصحّ إمامة ولد الزنا و الذكورة فلا يصحّ إمامة النساء في الجمعة و لا الخنثى و الحرّية عند قوم و الأقرب عندي جواز إمامة العبد

ص: 44

مع كمال العدد بغيره و كذا يجوز أن يكون المسافر إماما إذا تم العدد بغيره و كذا المريض و الأعمى و لا يؤم الأجذم و الأبرص و إذا حضر إمام الأصل تعين الاجتماع معه و يتولى هو الخطبة و لو خطب أمير فعزل و ولي غيره صلى بهم و في وجوب إعادة الخطبة نظر و لا يشترط في الثّاني حضوره للخطبة [- يط -] يستحب للخطيب إذا صعد أن يتوكأ على قوس أو عكاز أو سيف أو شبه ذلك و يسلم على الناس خلافا للشيخ رحمه اللّٰه و إذا سلم يرد الناس عليه قال الشيخ يستحب أن يصعد دون الدرجة العالية من المنبر فإذا صعد جلس للاستراحة حتى يفرغ المؤذنون فإذا فرغوا خطبهم قائما و لو كان له عذر خطب جالسا فإن زال في الأثناء وجب القيام و لو خطب جالسا من غير عذر بطلت صلاته و صلاة من خلفه مع العلم لا مع عدمه قال الشيخ و لا ينبغي أن يفصل بين الأذان و الخطبة بجلوس و غيره و يستحبّ أن يستقبل الناس بخطبته و لا يلتفت يمينا و لا شمالا و لو استدبر الناس و استقبل القبلة و خطب جاز مع السماع و يستحب للناس استقبال الخطيب لأنه أبلغ في السماع و لا يستحب للبعيد غير السامع ذلك و إذا فرغ الخطيب من الخطبة نزل و ابتدأ المؤذنون بالإقامة و صلى بالناس الجمعة ركعتين [- ك -] يستحب أن يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة الجمعة و في الثانية المنافقين و لو قرأ غيرهما ناسيا قطع القراءة و ابتدأ بالجمعة و المنافقين و لو تجاوز النصف نقل نيته إلى النفل مستحبّا و أعاد الجمعة بالسّورتين و قول ابن إدريس ضعيف [- كا -] يستحبّ الجهر أن يقرأ في صلاة الجمعة و في ظهرها و قول المرتضى بعيد [- كب -] إذا أذّن المؤذن حرم البيع على من يجب عليه الجمعة و لو وجبت على أحد المتعاقدين حرم عليه خاصة و قال الشّيخ رحمه اللّٰه يكره للآخر للإعانة [لإعانته] و لو باع من يحرم عليه انعقد البيع و قول الشيخ هنا ليس بجيد و الأقرب مساواة غير البيع له من العقود المساوية له في الاشتغال [الانتقال] [- لج -] إذا دخل و الإمام يخطب كره له الصّلاة تحية و غيرها بل يسمع و لا يكره له الصّدقة على السّؤال [- لد -] إذا ركع مع الإمام ثم زوحم في السجود فلم يتمكن من متابعته لم يسجد على ظهر غيره بل ينتظر المكنة فإن أمكنه السجود و اللحاق به قبل الركوع فعل و إن لم يتمكن صبر حتى يسجد الإمام و يتابعه و لا يركع معه فإذا سلم الإمام قام و صلى ركعة أخرى و لو نوى بالسجدتين للثانية بطلت صلاته و قول الشيخ في الخلاف ضعيف و الوجه أنه يشترط نية أنهما للأولى خلافا لابن إدريس و يستحب للإمام أن يطيل في القراءة إذا عرف أنه قد زوحم بعض المأمومين [- له -] لو لم يتمكن من متابعته في الركوع و السجود في الركعتين معا فلا جمعة له و لو زوحم في ركوع الأولى و سجودها حتى قام الإمام إلى الثانية فهل له أن يركع و يسجد ثم يقوم إلى الثانية فيه نظر أقربه الجواز و لو زوحم عن سجود الأولى فاشتغل بقضائه فلما فرغ وجد الإمام رافعا من ركوع الثانية فقد لحق الجمعة و الأقرب أنه يصبر حتى يفرغ الإمام ثم يأتي بالثانية و لو لم يتمكّن من السّجود و اللحاق به و صبر ليتابعه في الثانية فلم يتمكن من السجود معه حتى قعد للتشهد فالأقرب فوات الجمعة و يستقبل الظهر و لو زوحم عن ركوع الأولى لا يسجد مع الإمام بل يصبر حتى يركع الثانية و يتابعه و يدرك الجمعة بعد قضاء الثانية [- كو -] لو أحدث الإمام استخلف سواء فرغ من الخطبة و شرع في الصلاة أو لا و الأفضل استخلاف من سمع الخطبة و لو مات الإمام أو أغني عليه أو أحدث و لم يستخلف استخلف المأمومون غيره ليتمّ بهم و لو لم يستخلفوا و نوى الجميع الانفراد ففي بطلان الجمعة نظر و الأقرب جواز استخلاف من فاتته الجمعة و يصلّي هو الظهر [- كر -] يستحب لمن يصلّي الظهر إيقاعها في المسجد الأعظم و لو صلّى الظهر من وجبت عليه الجمعة و شك هل صلّى قبل صلاة الإمام أو بعدها أعاد و هل يشترط في صحّة ظهره فعلها بعد فراغ الإمام من الجمعة أو فعلها في وقت يعلم أنّه لو سعى فاتته الجمعة فيه إشكال أما من لا يجب عليه الجمعة فإنه يجوز له فعل الظهر قبل صلاة الإمام إجماعا و لا يكره لهؤلاء الاجتماع في الظهر [- كح -] يحرم السّفر بعد زوال الشمس على من يجب عليه الجمعة قبل فعلها إلا لضرورة و يكره بعد الفجر و يباح قبله [- كط -] الأذان الثاني يوم الجمعة بدعة و إذا صلى الجمعة أقام للعصر و صلاّها بغير أذان و لو صلّى الظهر لفوات أحد شرائط الجمعة بأذان و إقامة إما منفردا أو مجتمعا ففي سقوط أذان العصر قولان [- ل -] إذا كان الإمام من لا يقتدى به قدم المأموم صلاته على صلاة الإمام و لو لم يتمكن صلّى معه فإذا سلم الإمام قام فأتمّ ظهره [- لا -] لو ضاق الوقت عن الخطبتين سقطت الجمعة و لو أدرك خطبتين خفيفتين و ركعتين وجبت الجمعة و لو أدركهما خفيفتين و ركعة فظاهر كلامه في المبسوط أنه يصلّي الظهر و لو قيل بإدراك الجمعة كان وجها و لو خطب و صلى و شك هل كان الوقت باقيا أو خارجا صحّت صلاته [- لب -] يستحب الإكثار من الصّلاة على النّبي صلى اللّٰه عليه و آله يوم الجمعة و روي ألف مرّة و في غيره مائة مرة و الإكثار من العمل الصّالح و الصّدقة فيه و قراءة سورة التوحيد بعد الفجر مائة مرّة و الاستغفار مائة مرّة و قراءة سورة النساء و هود و الكهف و الصّافات و الرّحمن و زيارة النّبي صلى اللّٰه عليه و آله و الأئمّة عليهم السّلام خصوصا الحسين عليه السّلام و يكره فيه إنشاد الشعر و الحجامة

الفصل الثّاني في صلاة العيدين

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] صلاة

ص: 45

العيدين واجبة على الأعيان بشرائط الجمعة إلا الخطبة و تجب جماعة مع الشرائط إلا مع العذر و يجوز أن يصلّيها حينئذ منفردا ندبا كما يصلي جماعة و لو فقدت إحدى الشرائط سقط الوجوب و استحب الإتيان بها جماعة و فرادى سفرا و حضرا و لو أخل بها مع الشرائط عوقب على ذلك فإن امتنع قوم من فعلها قوتلوا على ذلك [- ب -] وقت هذه الصّلاة من طلوع الشمس إلى الزوال و يستحب الخروج إلى المصلّى بعد انبساط الشمس و تأخير الخروج يوم الفطر عن الخروج يوم الأضحى [- ج -] لو فاتت هذه الصلاة عمدا أو نسيانا أو جهلا لم تقض واجبا و لا ندبا سواء كانت فرضا أو نفلا [- د -] كيفية هذه الصّلاة في العيدين واحدة و هي ركعتان يقرأ في كل واحدة منهما بعد تكبيرة الافتتاح الحمد و سورة و يستحب أن يقرأ في الأولى بعد الحمد الأعلى و في الثانية الشمس فإذا فرغ من القراءة في الأولى كبر و قنت و دعا بالمنقول خمس مرات ثم كبر السادسة و ركع بها و يكبر في الثّانية أربع مرات يقنت عقيب كل تكبيرة ثم يكبر الخامسة و يركع بها فيكون الزائد من التكبيرات تسعا خمس في الأولى و أربع في الثانية غير تكبيرة الإحرام و تكبيرتي الركوع [- ه -] رفع اليدين مع كل تكبيرة مستحب و كذا الجهر بالقراءة [- و -] التكبير الزائد متأخر عن القراءة في الركعتين خلافا لابن الجنيد [- ز -] الأقرب أنّ التكبيرات الزائدة مستحبّة و كذا القنوت بينها و قال المرتضى بوجوبه [- ح -] لو نسي التكبير و ركع لم يقضه بعد الركوع و قال في الخلاف يقضيه بعد الصّلاة و لو شك في عدد التكبيرات بنى على اليقين و لو أدرك بعض التكبيرات مع الإمام أتمّ مع نفسه و لو خاف فوت الركوع أتى بها ولاء و لو خاف الفوت تركها و قضى بعد التسليم [- ط -] يستحبّ للمصلي أن يتنظف و يغتسل و يتطيب و يلبس أفخر ثيابه و يستاك و تلبس العمامة شتاء و صيفا و الإصحار بالصّلاة إلا بمكة فإنه يصلي في المسجد الحرام و يستحب للإمام أن يخرج ماشيا حافيا ذاكرا للّه سبحانه و عليه السكينة و الوقار و لو كان موطنه بعيدا من المصلّى أو كان عاجزا أو ذا علّة جاز له أن يركب [- ي -] لا أذان و لا إقامة في العيدين بل يقول المؤذن الصّلاة ثلاثا [- يا -] يستحب له أن يطعم شيئا من الحلاوة قبل خروجه في الفطر و بعد عوده في الأضحى مما يضحي به [- يب -] لو لم يتمكن من الخروج إلى الصحراء صلاها في المسجد أو في منزله و قال الصادق عليه السّلام على الإمام أن يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة و يوم العيد إلى العيد و يرسل معهم فإذا قضوا الصّلاة و العيد ردهم إلى السّجن [- يج -] الخطبتان واجبتان كوجوبهما في الجمعة بعد الصلاة و تقديمهما بدعة و لا يجب استماعهم إجماعا [- يد -] يستحب أن يخطب قائما و لو خطب جالسا جاز و كذا لو خطب على راحلته [- يه -] يكره التنفل قبل صلاة العيد و بعدها إلى الزوال للإمام و المأموم إلا في المدينة فإنه يستحب أن يصلّي في مسجد الرّسول صلّى اللّٰه عليه و آله ركعتين قبل الخروج و لا يكره قضاء الواجب و يكره قضاء النافلة و الخروج بالسلاح يوم العيد إلا لعذر [- يو -] يستحب التكبير للجامع و المنفرد المسافر و الحاضر الرّجل و المرأة الحر و العبد ليلة الفطر عقيب صلاة المغرب و العشاء و يوم الفطر عقيب الصّبح و العيد و أضاف ابن بابويه عقيب [صلاة] ظهري العيد و ظاهر كلام السّيد المرتضى و ابن الجنيد يعطي الوجوب سواء كبر الإمام أو لا و في الأضحى يكبر عقيب خمس عشرة صلاة إن كان بمنى أوّلها ظهر النحر و في غيرها عقيب عشر و قال المرتضى بوجوبه أيضا و صورة التكبير في الفطر اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر الحمد للّه على ما هدانا و له الشكر على ما أولانا و يزيد في الأضحى و رزقنا من بهيمة الأنعام و لو فاتته صلاة يكبر عقيبها قضاها و كبر سواء قضاها في أيّام التشريق أو غيرها و لا يشترط فيه الطهارة و لا القبلة [- ين -] يكره السفر بعد الفجر يوم العيد إلا بعد أن يشهد الصّلاة و يحرم بعد طلوع الشمس قبل الصّلاة [- يح -] لا ينقل المنبر من موضع بل يعمل شبه المنبر من طين استحبابا [- يط -] إذا اجتمع العيد و الجمعة تخيّر من صلّى العيد في حضور و أوجبه أبو الصّلاح و الأقرب ثبوت التخيير لأهل السواد دون أهل المصر و على الإمام إعلامهم ذلك في خطبته و لا يثبت التخيير للإمام و يستحب للإمام أن يذكر في خطبته في الفطر الحث على الفطرة و وجوبها و جنسها و قدرها و وقت إخراجها و مستحقها و من يجب عليه و يستحبّ و باقي أحكامها و في الأضحى الحث على الأضحية و وصفها و جنسها و يستحب لأهل الأمصار التعريف آخر نهار عرفة و أعظمه استحبابا في حضرة الحسين عليه السّلام

الفصل الثالث في صلاة الكسوف

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] صلاة الكسوف واجبة على الأعيان عند كسوف الشمس و خسوف القمر و الزلزلة و الآيات كالظلمة الشديدة و الرياح الشّديدة و الصيحة و غير ذلك من أخاويف السماء [- ب -] هذه الصّلاة ركعتان في كل ركعة خمس ركوعات و كيفيتها أن ينوي و يكبّر ثم يقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثمّ يقوم فيقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثم يقوم فيقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثم يقوم هكذا خمسا ثم يسجد اثنتين و يقوم فيقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثم يقوم فيقرأ الحمد و سورة ثم يركع ثم يقوم هكذا خمسا ثم يسجد مرتين و يتشهد و يسلّم و يجوز أن يقرأ مع الحمد في كلّ مرة بعض السّورة ثم يركع فإذا قام أتمّها من غير أن يقرأ الحمد و لو كان أتم السّورة قام من الركوع و قرأ الحمد و سورة أو بعضها

ص: 46

و قول ابن إدريس هنا لا يعول عليه و هل يجب قراءة سورة كاملة في الأولى مع الحمد و كذا في الثانية إشكال و الأقرب الوجوب [- ج -] يستحب الإطالة بقدر زمان الكسوف و الجماعة خصوصا مع احتراق جميع القرص و قراءة سور الطوال مع سعة الوقت و إطالة الركوع بقدر زمان القراءة و إطالة السجود و التكبير عند كل رفع من كل ركوع إلا في الخامس و العاشر فإنّه يقول فيهما سمع اللّٰه لمن حمده و القنوت في القيام الثاني قبل الركوع و الرابع و السادس و الثامن و العاشر و دونه في الاستحباب القنوت في الخامس و العاشر و الجهر في الكسوفين و البروز بها تحت السّماء [- د -] لو سبق الإمام بركوع فالأقرب فوات تلك الركعة فينبغي المتابعة في باقي الركعات إلى أن يقوم الإمام في ثانيته فيقتدي [فيبتدئ] المأموم بالصّلاة فإذا سلّم الإمام أتمّ هو الثانية [- ه -] أول وقت صلاة الكسوف و الخسوف ابتداؤه و آخره ابتداء الانجلاء و لو لم يتّسع الوقت لها لم يجب و لو خرج الوقت المتّسع و لم يفرغ منها أتمها أما الرّياح و الزلازل و ما يشبهها من الآيات السّريع زوالها فالأقرب عندي أن وقتها العمر كلّه و هذه الأشياء علامات الوجوب ليست أوقاتا فيصلّيها أداء و إن سكنت [- و -] لو لم يعلم الكسوف حتى خرج الوقت فإن كان قد احترق القرص كله وجب القضاء و إلا فلا خلافا للمفيد و لو فاتت نسيانا فالأقرب عندي القضاء مطلقا و في المبسوط و النهاية يقضي مع الاستيعاب لا بدونه و لو علم و فرط قضى مطلقا أما غير الكسوف من الآيات فلا يجب القضاء مع الجهل و يجب مع العلم و التفريط أو النسيان [- ن -] لا يجب ترتيب هذه الصّلاة مع الفرائض اليوميّة لو فاتت أو كذا لا يجب ترتيبها في أنفسها لو فاتته منها صلوات متعددة [- ح -] لو استترت الشمس أو القمر بالسحاب و هما منكسفان صلى و لو غابت الشمس كاسفة أو طلعت على القمر المنخسف صلى أيضا و كذا لو غاب القمر ليلا في حال انخسافه أو طلع الفجر على القمر المنخسف أو ابتدأ خسوفه وقت طلوع الفجر [- ط -] تجب هذه الصّلاة على النساء و الرّجال و الخناثى و المسافر و الحاضر و الحر و العبد و لا يشترط إذن الإمام و لا المصر و يستحب للحائض أن تجلس في مصلاّها تذكر اللّٰه تعالى بعد الوضوء بقدر زمان الكسوف و كذا النفساء [- ي -] لو فرغ من الصّلاة و لم ينجل الكسوف أعاد الصّلاة استحبابا و قول ابن إدريس بعدم استحبابه و بعض علمائنا بوجوبه ضعيفان [- يا -] لا يستحب فيها الخطبة [- يب -] لو اتفق الكسوف في وقت فريضة فالوجه عندي أن الوقتين إن اتسعا تخير في البدأة بأيهما شاء ثم يعقب بالأخرى و إن ضاق وقت إحداهما تعينت البدأة بها و لو تضيقا صلى الحاضرة و قول السيّد في المصباح و الشيخ في النهاية لا يساعدهما رواية محمّد بن مسلم و يزيد العجلي الصحيحة عنهما عليهما السّلام عليه [- يج -] لو دخل في الكسوف و خاف فوات الحاضرة قطعها و صلى الحاضرة ثم عاد فأتم الكسوف و به روايات صحيحة تخصّص عموم إبطال الفعل الكثير [- يد -] لو صلّى الحاضرة فانجلى الكسوف فإن صلى مع تضيق الحاضرة فالوجه عدم القضاء مع عدم التفريط و وجوبه معه [- يه -] لو اجتمعت مع صلاة الاستسقاء و الجنازة و العيد بدأ بالجنازة مع خوف التغيير أو بما يخاف فوته و لو تساووا في اتساع الوقت بدأ بالجنازة ثم بالكسوف ثم بالعيد ثم بالاستسقاء [- يو -] لو اجتمعت مع النافلة تقدم صلاة الكسوف سواء كانت النافلة موقتة أو لا راتبة أو لا فإن خرج وقت النافلة قضاها [- يز -] لو تضيّق وقت الكسوف حتى لا يدرك ركعة لم تجب و لو أدركها فالوجه الوجوب و لو قصر الوقت عن أقل صلاة يمكن لم تجب على إشكال [- يح -] تصلّى هذه الصّلاة في كل وقت و إن كان وقت كراهية [- يط -] قيل يجوز أن يصلّي صلاة الكسوف على ظهر الدابة و ماشيا و الوجه التقييد بالعذر و يجوز معه لا بدونه

الفصل الرّابع في الصلوات المندوبة
اشارة

أما النوافل اليومية فقد مضت و أما غيرها فيشتمل على أقسام

الأول صلاة الاستسقاء

و هي مستحبة عند قلة الأمطار و غور الأنهار و كيفيتها مثل صلاة العيد إلا أنه يقنت هنا بالاستغفار و سؤال الرّحمة بإرسال الماء و أفضله ما نقل عن أهل البيت عليهم السّلام و يستحب هذه الصّلاة بعد أن يصوم الناس ثلاثة أيام و يخرج الإمام بهم يوم الثّالث و ينبغي أن يكون يوم الإثنين فإن لم يتفق فالجمعة و لا يخرج المنبر من موضعه خلافا للسيّد بل يعمل منبرا من طين و يخرج الإمام بالنّاس إلى الصحراء حفاة على سكينة و وقار و يخرج معهم الشّيوخ و الأطفال و العجائز و يفرّق بين الأطفال و أمهاتهم و يمنع أهل الذمة و الكفار من الخروج و يصلّي بهم في الصّحراء لا في المساجد إلا بمكة و يستسقي بأهل الصّلاح فيأمرهم بالخروج من المعاصي و الصّدقة و ترك التّشاجر و يأمرهم بالاستغفار وقت الصّلاة و لا أذان فيها و لا إقامة بل يقول المؤذّن الصلاة ثلاثا و يصلى جماعة و فرادى و لا يشترط فيها إذن الإمام و يصلّى في كلّ وقت و إن كان وقت كراهية و يجهر فيها بالقراءة فإذا فرغ الإمام من الصّلاة حول رداءه فجعل ما على اليمين على اليسار و بالعكس و لا يستحبّ لغيره ثم يستقبل الإمام القبلة و يكبر اللّٰه مائة مرّة ثم يسبّح اللّٰه على يمينه مائة مرّة ثم يهلّل عن يساره مائة مرّة ثم يستقبل الناس ثانيا و يحمد اللّٰه مائة مرة يرفع بذلك كله صوته

ص: 47

و يتابعه الناس ثم يخطب خطبتين و لو لم يحسن دعا بدلهما و هل التكبير و التهليل و التسبيح و التحميد متقدّم على الخطبة أو متأخر ذهب السّيد و المفيد إلى الثّاني و الشيخ إلى الأول و لو تأخّرت الإجابة خرجوا ثانيا و ثالثا إلى أن يجابوا و لو تأهّبوا للخروج فسقوا لم يخرجوا و لو خرجوا فسقوا قبل الصّلاة لم يصلوا نعم يستحبّ صلاة الشكر في الموضعين و يستحب لأهل الخصب أن يدعوا لأهل الجدب و إذا نذر الإمام أن يصلّي للاستسقاء انعقد نذره و لا يلزم غيره بالخروج معه و كذا لو نذر غير الإمام و لو نذر الإمام أن يستسقي هو و غيره انعقد نذره في حق نفسه خاصّة و يستحب له أن يخرج فيمن يطيعه كالولد و شبهه و إذا انعقد نذره صلاها في الصحراء و لو نذر أن يصليها في المسجد انعقد و يعيد لو صلاّها في غيره و لو نذر أن يخطب انعقد و جاز قائما و قاعدا و على منبر و غيره و لو نذر على المنبر وجب و لم يجزئ على الحائط و شبهه و كما يستحب لانقطاع الغيوث يستحب لنضب ماء العيون و الآبار و يستحب إذا كثر المطر بحيث يبلغ حدّ الضّرر الدعاء إلى اللّٰه تعالى بإزالة ذلك قال الشيخ و لا يجوز أن يقول مطرنا بنوء كذا لأن النبي صلى اللّٰه عليه و آله نهى عنه

الثّاني نافلة شهر رمضان

خلافا لابن بابويه و هي ألف ركعة زائدة على باقي الشهور و في ترتيبها روايتان إحداهما أنه يصلّي في كل ليلة عشرين ركعة إلى آخر الشهر و في كل ليلة من تسع عشرة و إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين زيادة مائة ركعة و في العشر الأواخر في كل ليلة زيادة عشر ركعات الثانية أنه يقتصر في كل ليلة من ليالي الإفراد على مائة فيبقى عليه ثمانون يصلّي في كل جمعة من الشهر عشر ركعات بصلاة عليّ و فاطمة و جعفر بن أبي طالب عليهم السلام و في آخر جمعة عشرين ركعة بصلاة عليّ عليه السّلام و في عشية تلك الجمعة عشرين ركعة بصلاة فاطمة عليها السّلام و يستحب أن يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و قل هو اللّٰه أحد عشر مرات و الجماعة في هذه النافلة بدعة و يستحب الدعاء بين كل ركعتين بالمنقول و لا يصلّي ليلة الشك شيئا من نوافل رمضان

الثالث باقي النوافل

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] يستحبّ صلاة التسبيح استحبابا مؤكدا و هي صلاة جعفر بن أبي طالب و هي أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في الأولى مع الحمد الزلزلة و في الثانية معها العاديات و في الثالثة معها النصر و في الرابعة معها التّوحيد فإذا فرغ من القراءة قال سبحان اللّٰه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر خمس عشرة مرة ثم يركع و يقوله عشرا ثم يرفع رأسه و يقوله عشرا ثم يسجد و يقوله عشرا ثم يرفع رأسه و يقوله عشرا ثم يسجد ثانيا و يقوله عشرا ثم يرفع رأسه و يقوله عشرا فذلك خمس و سبعون و هكذا في كلّ ركعة و يدعو في آخر سجوده بالمنقول و عن الصادق عليه السّلام استحبابها مجردة عن التسبيح للمستعجل ثم يقضي التسبيح و هو ذاهب في حوائجه [- ب -] صلاة فاطمة عليها السّلام مستحبة و هي أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و قل هو اللّٰه أحد خمسين مرّة [- ج -] صلاة علي عليه السّلام مستحبّة و هي ركعتان في الأولى منهما الحمد مرة و القدر مائة مرة و في الثانية الحمد مرّة و التوحيد مائة مرة و قيل إن الأولى صلاة علي عليه السّلام و هذه صلاة فاطمة عليها السّلام [- د -] صلاة الرسول صلى اللّٰه عليه و آله مستحبة يوم الجمعة يقرأ الحمد في الأولى مرة و إنا أنزلناه خمس عشر مرة ثم يركع و يقرؤها خمس عشر مرة ثم يرفع رأسه و يقرؤها كذلك ثم يسجد و يقرؤها خمس عشرة مرّة ثم يرفع رأسه و يقرؤها كذلك ثم يسجد ثانيا فيقرؤها خمس عشر مرة ثم يرفع رأسه و يقوم فيفعل كما فعل في الأولى [- ه -] الصلاة الكاملة مستحبة و هي أربع ركعات بتسليمتين يوم الجمعة قبل الصّلاة يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب عشر مرات و قل أعوذ برب الناس عشر مرّات و قل أعوذ برب الفلق كذلك و التّوحيد عشر مرّات و الجحد عشر مرات و كذا آية الكرسي و شهد اللّٰه عشر مرات ثم يدعو بالمنقول [- و -] صلاة الأعرابي مستحبّة يوم الجمعة عند ارتفاع النّهار و هي عشر ركعات يقرأ في الأولى الحمد مرة و الفلق سبع مرات و في الثانية الحمد مرة و قل أعوذ برب الناس سبع مرات فإذا سلم قرأ آية الكرسي سبعا ثم يقوم فيصلّي ثمان ركعات بتسليمتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و النصر مرّة و التّوحيد خمسا و عشرين مرّة [- ن -] صلاة ليلة الفطر مستحبة و هي ركعتان يقرأ في الأولى الحمد مرة و التّوحيد ألف مرّة و في الثانية الحمد مرّة و التوحيد مرة واحدة [- ح -] صلاة الغدير مستحبّة و هي ركعتان قبل زوال الشمس من يوم الغدير بنصف ساعة يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرة و كلّ واحدة من التّوحيد و إنا أنزلناه و آية الكرسي عشر مرات [- ط -] صلاة ليلة النّصف من شعبان مستحبة و هي أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة و التّوحيد مائة مرة و هي ليلة مولد صاحب الأمر عليه السّلام و يستحب إحياؤها [- ي -] صلاة ليلة المبعث و يومها مستحبة و هي اثنتا عشرة ركعة يقرأ في كلّ ركعة الحمد و المعوذتين و التوحيد أربع مرات ثم يدعو بالمنقول [- يا -] صلاة الاستخارة مستحبة و كذا صلاة الحاجة و صلاة الشكر مستحبّة أيضا عند تجدّد الغم و دفع النقم و هي ركعتان يقرأ في الأولى الحمد و التوحيد و في الثانية الحمد و الجحد و صلاة التوبة أيضا مستحبة و قد أورد الشيخ رحمه اللّٰه أحاديث كثيرة في نوافل متعدّدة هذه من مهماتها

المقصد الرّابع

اشارة

في اللواحق و فيه فصول

الفصل الأول في الخلل الواقع في الصّلاة

و مباحثه عشرون [- ا -] يجب إعادة الصّلاة على من أخل بواجب منها عمدا سواء كان ركنا أو غير ركن و نعني بالركن ما يجب

ص: 48

إعادة الصّلاة بتركه عمدا أو سهوا و بغيره ما يجب إعادة الصّلاة بتركه عمدا لا سهوا سواء كان الواجب شرطا أو جزءا أو كيفيّة أو تركا و كذا لو فعل ما يجب تركه أو ترك ما يجب فعله جاهلا بوجوبه إلا الجهر و الإخفات فإنه لو تركهما جهلا لم يجب عليه الإعادة و لو جهل غصبيّة الثوب أو المكان و صلّى فيهما أو جهل نجاسة الثوب أو البدن أو موضع السجود لم يعد و لو علم ذلك و جهل الحكم لم يعذر و كذا لو توضأ بماء مغصوب مع العلم بالغصبيّة فإنّه يعيد الوضوء و الصّلاة و لو جهلها لم يعد واحدا منهما و لو علم أن الجلد ميتة و صلّى فيه أعاد و لو لم يعلم أنه ميتة فإن كان شراؤه من سوق المسلمين أو كان في يد مسلم لم يعد و إن وجده مطروحا أو أخذه من غير مسلم أو لم يعلم أنه من جنس ما يصلّى فيه ثم صلّى فيه أعاد [- ب -] إذا أخل بركن سهوا فإن تجاوز محلّه أعاد الصّلاة كمن أخل القيام حتى نوى أو بالنية حتّى كبر أو بالتكبير حتى قرأ أو بالركوع حتى سجد أو بالسّجدتين حتى ركع سواء في ذلك الركعتان الأوليان و الأخريان و لو كان المحل باقيا أتى به كمن أخل بالركوع و هو قائم لم يسجد أو بالسّجدتين و هو قائم لم يركع و للشيخ رحمه اللّٰه قول آخر بالفرق بين الأوليين و الأخريين غير معتمد [- ج -] لو زاد في الصّلاة ركوعا عمدا أو سهوا بطلت صلاته و كذا لو زاد سجدتين أما لو زاد ركعة عمدا فإنه يعيد و لو كان سهوا فإن لم يكن جلس في آخر الصّلاة بقدر التشهد أعاد قولا واحدا و إن كان قد جلس بقدره فالوجه عندي عدم الإعادة لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه السّلام و لو ذكر الزيادة قبل الركوع قعد و سلم و سجد سجدتي السّهو و لو ذكر بعد الركوع قبل السجود فالوجه التشهد و التسليم إن كان قد جلس بقدر التشهد و إلا أعاد [- د -] لو سلم ثم تيقّن النقيصة كمن سلم ناسيا في الأوليين أو صلى ركعة من الغداة و تشهد و سلّم فإنه يأتي بالنقيصة و يسجد للسهو إلا أن يبطل الطهارة أو يلتفت إلى ما وراءه ناسيا و إن فعل ما يبطلها غير ما ذكرناه كالكلام فقولان أقربهما صحة الصّلاة و كذا لو ترك التسليم ثم ذكر بعد المبطل [- ه -] لو شك في الركوع و هو قائم ركع لأنّه في محله فإن ذكر حالة الركوع أنه قد كان ركع أعاد الصلاة قاله ابن أبي عقيل و هو الوجه عندي و قال الشيخ و السيّد رحمهما اللّٰه يرسل نفسه و لا يرفع رأسه [- و -] لو ترك سجدتين و علم أنهما من ركعة واحدة أعاد الصّلاة و كذا لو لم يعلم هل هما من ركعة أو ركعتين لأن المسقط لما في الذّمة غير معلوم التحقق و لو علم أنهما من ركعتين قضاهما بعد التسليم و سجد للسّهو سواء كانتا من الأوليين أو الأخريين [- ن -] لو شك في عدد الثنائية كالصبح و صلاة السفر و الجمعة و العيد و الكسوف أو في الثلاثية كالمغرب أو في الأوليين من الرباعيّات أعاد و قول ابن بابويه ضعيف و لو ذكر بعد الشك فإن لم يكن قد أبطل صلاته بفعل ما ينافيها بنى على ما ذكر و إلا أعاد و كذا يعيد لو لم يذكر كم صلّى مطلقا أو كان في الصلاة فلم يدر صلى أم لا [- خ -] لا حكم للسّهو في مواضع من نسي القراءة أو قراءة الحمد أو السورة حتى ركع أو الجهر أو الإخفات أو الذكر في الركوع أو الطمأنينة فيه حتى رفع رأسه أو الطمأنينة في القيام حتى سجد أو الذكر في السّجود الثاني أو السجود على الأعضاء السبعة أو الطمأنينة فيه حتى رفع منه أو كثر سهوه و تواتر فإنّه لا يلتفت و يبني على وقوع ما شك في وقوعه من غير جبران قال الشيخ حد الكثرة أن يسهو ثلاث مرات متوالية و لا حكم للسّهو في السّهو أي في موجبه و قيل في وقوعه و كذا لا حكم له إذا شك في شيء و قد انتقل عنه بل يستمرّ على فعله سواء كان ركنا أو غير ركن كمن شك في تكبيرة الافتتاح و هو في القراءة أو فيها و هو راكع أو فيه و هو ساجد أو في السجود أو التشهد و قد قام و للشيخ رحمه اللّٰه في السجود و التشهّد قول آخر أما لو شك في قراءة الفاتحة و هو في السّورة فإنه يقرأ الفاتحة ثم السّورة لاتحاد محلّ القراءة و لا سهو في النافلة بل للمصلّي أن يبني على ما أراد و يستحب البناء على الأقل و لا سهو على المأموم إذا حفظ عليه الإمام و بالعكس و لو انفرد كل منهما بالسّهو اختصّ بموجبه و لو اشترك السهو اشتركوا في الموجب و لو أدرك المأموم ركعة مع الإمام أتمّ صلاته بعد تسليم الإمام و لا سجود للسّهو عليه [- ط -] لو سها عن قراءة الحمد فذكر و هو في السّورة رجع فقرأ الحمد ثم السّورة و لو سها عن السّورة ثم ذكر قبل الركوع قرأ السّورة و ركع و كذا يتدارك لو سها عن تسبيح الركوع أو السجود و هو فيها و لو سها عن الركوع فذكر و هو قائم ركع و لو ذكر ترك سجدة قبل الركوع سجد و بعده يقضيها و يسجد للسهو سواء في ذلك الأوليان و الأخريان على خلاف و لو ذكر ترك السّجدتين قبل الركوع سجدهما و بعده يعيد الصّلاة و لو ذكر ترك أربع سجدات من أربع ركعات قضاها بعد الفراغ و سجد للسّهو و لو نسي التشهد الأول فذكر قبل الركوع رجع فتشهد ثم سجد للسّهو على قول و لو ركع مضى في صلاته و قضاء بعد التسليم و سجد للسّهو و لو نسي الثّاني و ذكر بعد التسليم قضاه و سجد للسهو و لو أحدث قبل قضائه تطهر و قضاه و سجد للسهو و قيل يعيد الصّلاة لأن التسليم وقع في غير موضعه [محله] و ليس بجيد و لو كان الناسي للتشهد إماما و لم يرجع رجع المأمومين و لو ذكر بعد الركوع فرجع لم يجز للمأمومين متابعته و لو ذكر و هو قائم و قد ركع المأمومون وجب على الإمام الرّجوع و في الوجوب على المأمومين إشكال أقربه الرّجوع مع السهو أما مع تعمدهم فالإشكال

ص: 49

أقوى أقربه الاستمرار حتى يلحقهم الإمام و يقضون التشهد بعد التسليم و لو انعكس الفرض وجب على المأمومين خاصة الرجوع و لو نسي الصّلاة على النبيّ صلى اللّٰه عليه و آله و ذكر بعد التسليم قضاها و لو كان في التشهّد الأول فالأقرب الرجوع قبل الركوع و في وجوب إعادة التشهد إشكال و لو ذكر بعد الركوع قضاها بعد التسليم و الأقرب وجوب سجود السّهو [- ي -] إذا شك فيما زاد على الأوليين من الرباعيات فإن غلب على الظّن أحد الطرفين عمل عليه و إن تساوى الطرفان بنى على الأكثر و يصلّي بعد التسليم ما شك فيه و خير ابن بابويه بين هذا و بين البناء على اليقين و طرح الشك و لو شك بين الاثنين و الثلاث بنى على الثلاث و أتم الصّلاة ثم صلى للاحتياط ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس و كذا لو شك بين الثلاث و الأربع و لو شك بين الاثنين و الأربع بنى على الأكثر و صلى بعد التسليم ركعتين من قيام و لو شك بين الاثنين و الثلاث و الأربع بنى على الأكثر و صلّى ركعتين من قيام و ركعتين من جلوس و لو شك بين الأربع و الخمس بنى على الأربع و سجد للسّهو بعد التسليم و لو ذكر بعد الاحتياط ما فعل لم يجب عليه الإعادة و إن كان ناقصا سواء كان الوقت باقيا أو لا و لو ذكر قبل الاحتياط فإن كان للكمال فلا شيء عليه و إن كان للنقصان كان حكمه حكم من سلم في الأوليين ناسيا و إن كان في الاحتياط و ذكر النقصان فالوجه الإعادة و لو ذكر الشاك بين الاثنين و الثلاث و الأربع بعد الاحتياط بالركعتين من جلوس أنّه صلّى ثلاثا فالوجه صحة صلاته و عدم وجوب الركعتين من قيام و لو ذكر حينئذ أنه صلى اثنين بطلت صلاته و لو بدأ بالركعتين من قيام و ذكر الثلاث بطلت صلاته و لو ذكر الركعتين صحّت و لم يجب عليه الرّكعتان من جلوس [- يا -] لو شك بين الاثنين و الثلاث و هو قائم كأنه يقول لا أدري قيامي لثانية أو ثالثة بطلت صلاته لأنّه في الحقيقة شك في الأوليين و لو قال لا أدري قيامي لثالثة أو رابعة فهو شك بين الاثنين و الثلاث و لو قال لا أدري لرابعة أو لخامسة قعد و صلّى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس و سجد للسّهو و لو قال لثالثة أو لخامسة قعد و صلّى ركعتين من قيام و سجد للسّهو و كذا الحكم لو قال لا أدري قيامي من الركوع لثانية أو ثالثة قبل السجود و كذا باقي المسائل إلا ما قبل الأخيرة فإنّ الأقرب عندي فيها البطلان [- يب -] لا بد في الاحتياط من النية و تكبيرة الافتتاح [الإحرام] و قراءة الفاتحة و لا يجب السّورة و لو أحدث قبل الاحتياط فالأقرب عدم البطلان أما لو أحدث قبل قضاء السّجدة فأقوى إشكالا [- يج -] يجب سجود السهو على من تكلم ناسيا أو سلم ناسيا في غير موضع أو شك بين الأربع و الخمس و هو جالس أو نسي السّجدة أو التشهد حتى ركع أو قام في حال قعودا و بالعكس ناسيا و قال ابن بابويه يجب لكل نقيصة أو زيادة سهوا عملا برواية الحلبي الصحيحة عن الصادق عليه السّلام و هو الأقوى عندي [- يد -] لو سها في النافلة بما يوجب السجدتين في الفريضة لم يجب السّجود و لو قام إلى الثالثة فيها فركع ساهيا أسقط الركوع و تشهد و سلم و لا سجود للسهو في صلاة الجنائز و لا في سجود التلاوة و لا في سجود السهو [- يه -] يجب في سجود السّهو النية و السّجدتان على الأعضاء السبعة و التشهد و التسليم و ليس فيهما تكبير واجب و يقول فيهما بسم اللّٰه و باللّٰه السّلام عليك أيّها النّبيّ و رحمة اللّٰه و بركاته أو يقول بسم اللّٰه و باللّٰه اللّٰهمّ صلّ على محمد و آل محمّد و هل هذا الذكر واجب فيه إشكال أقربه العدم [- يو -] السجود للسّهو بعد الفراغ من الصّلاة سواء كان لزيادة أو نقصان على الأقوى [- ين -] لو نسي سجدتي السهو سجدهما متى ذكر سواء تكلم أو لا و سواء طال الزمان أو قصر [- يح -] لا يتداخل سجود السّهو لو تعدّد السبب اتفق أو اختلف [- يط -] لا يسجد لما يتركه عمدا لأن الواجب مبطل و المندوب لا سهو فيه [- ك -] هل يشترط الطهارة لسجود السّهو إشكال أقربه العدم أما السجدة المتروكة من الصلاة فيشترط فيها ذلك

الفصل الثاني في القضاء

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] لا يجب القضاء لفوات الصّلاة وقت الصّغر و الجنون و الكفر الأصلي و الإغماء و الحيض و النفاس و عدم المطهر و يجب على من فاتته غير هؤلاء عمدا و سهوا و نوما إلا الجمعة و العيدين [- ب -] لا يجب الصّلاة على الصّبي حتى يبلغ إما بالاحتلام أو بالإنبات أو بالسّن و هو خمس عشرة سنة في الذكر و تسع في الأنثى أو بالحيض [- ج -] لو زال عقل المكلف بشيء من قبله كالسكر و شرب المرقد وجب القضاء أما لو أكل غذاء مؤذيا فحصل الإغماء المستوعب للوقت أم يجب القضاء و لو أغمي عليه من قبل اللّٰه تعالى سقط القضاء إن استوعب الوقت و إلا وجب إن مضى من الوقت مقدار الطهارة و الصّلاة [- د -] المرتد يقضي زمان ردته و لا يقضي ما فعله زمان إسلامه و يقضي ما فاته فيه زمان إغمائه أو جنونه حالة الارتداد [- ه -] يجب قضاء الفائتة من الفرائض مع الذكر اتحدت أو تعددت وجوبا موسعا على الأقوى [- و -] الحواضر تترتب إجماعا و كذا الفوائت يترتّب بعضها على البعض بالنسبة إلى زمان الفوات فلو فات ظهر و عصر من يومين قضى الأوّل إن كانت عصرا و لو كانا من يوم قدم الظهر وجوبا فإن عكس ناسيا عدل بنيته و لو لم يذكر حتى يفرغ أجزأ ما فعله و هل تتقدم الفائتة على الحاضرة مع سعة الوقت وجوبا أو استحبابا الأقوى عندي الأخيرة فلو دخل في الحاضر مع السعة و عليه

ص: 50

فائتة عمدا صحّت صلاته و لو كان ناسيا فكذلك لكن يستحب له العدول إذا ذكر مع بقاء وقته و لو قبل التسليم و لو صلى فائتة فذكر أن عليه أسبق عدل وجوبا مع الإمكان و لو نسي السابق من الفائتتين ففي سقوط الترتيب نظر أقربه السقوط و الأحوط ثبوته فيقضي لو فاته ظهر و عصر الظهر ثم العصر ثمّ الظهر و لو كان معهما مغرب صلّى الظهر ثم العصر ثم الظهر ثم المغرب ثم الظهر ثم العصر ثم الظهر و لا ترتيب بين الفرائض اليوميّة و غيرها من الواجبات و المنذورات و صلاة الآيات أما الاحتياط فالأقرب صيرورته قضاء إذا لم يفعل في وقت المجبورة فحينئذ يجب الترتيب بينه لو تعدّد بالنسبة إلى المجبورات في بينه و بين غيرها من الفوات بالنّسبة إلى المجبورات من الفوائت أمّا الأجزاء المنسيّة كالسجود و التشهّد مثلا فالوجه فيه الترتيب بينه و بين الفوائت كالكل [- ز -] لا يجوز لمن عليه فريضة فائتة أن ينتقل قبل قضائها فلو ذكر في الأثناء أبطل النافلة و اشتغل بالفريضة [- ح -] لو نسي صلاة و لم يعلم بعينها صلى مغربا و صبحا و أربعا ينوي بها ما في ذمته و يتخيّر فيها بين الجهر و الإخفات و لو نسي صلاة كثيرة معينة غير معلومة العدد كرد من تلك الصلوات إلى أن يغلب على الظّن الوفاء و لو فاتته صلاة واحدة و لم يعلم عددها و لا عينها صلى ثلاثا و أربعا و اثنتين إلى أن يغلب على الظن الوفاء [- ط -] يستحب قضاء النافلة المرتبة مع الفوات و لو لم يعلمها صلى إلى أن يغلب على الظّن الوفاء و لو فات بالمرض لم يتأكد الاستحباب و يستحب أن يتصدق عن كلّ ركعتين بمدّ فإن لم يتمكن فعن كل يوم به و يجوز أن يقضي أوتارا جماعة في ليلة واحدة [- ي -] لا يجب القضاء أكثر من مرة واحدة و يجب القضاء كما فات فالمسافر إذا فاتته فريضة في السّفر قضاها قصرا و لو كان في الحضر و لو فاتته في الحضر قضاها تماما و لو في السّفر و لو فاتته جهريّة وجب قضاؤها كذلك ليلا أو نهارا و كذا يقضي الإخفاتية إخفاتا ليلا أو نهارا [- يا -] من ترك الصّلاة مع وجوبها عليه مستحلا قتل إجماعا و لو تركها جهلا بوجوبها لم يقتل و يؤمر بها و لو تركها تهاونا أمر بها فإن فعل و إلا عزّر أو لا فإن تاب و إلا عزّر ثانيا فإن تاب و إلا قتل و قيل يقتل في الرابعة و يكفر الأول لا الأخير و إن استحق القتل و لا يقبل توبة من وجب عليه القتل و لو فات التّعزير لم يقتل حتى يعزر ثلاثا و لو ترك شرطا مجمعا عليه مستحلاّ كفر و إلا فحكمه ما تقدّم و لو ترك ما اختلف في اشتراطه لم يقتل به و لو اعتقد تحريمه فكذلك و يعيد الصّلاة

الفصل الثّالث في الجماعة
اشارة

و مطالبه ثلاثة

الأوّل في أحكام الجماعة

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] الجماعة مستحبة في الفرائض كلها استحبابا مؤكدا و تجب في الجمعة و العيدين مع الندبية و فضلها متفق عليه قال تعالى وَ اِرْكَعُوا مَعَ اَلرّٰاكِعِينَ و قال عليه السّلام لقوم لتحضرنّ المسجد أو لأحرقنّ عليكم منازلكم و قال عليه السّلام من صلى صلوات الخمس جماعة فظنوا به كل خير و الصّلاة في جماعة تفضل صلاة الفرد بأربع و عشرين صلاة [- ب -] الجماعة تنعقد باثنين فصاعدا و يجوز فعلها في البيت و الصحراء و لا يجب في المسجد و إن كان قريبا و فعل الصلاة فيما كثر فيه الجماعة من المساجد أفضل و لو كان إلى جاره مسجد لا ينعقد الجماعة فيه إلا بحضوره ففعلها فيه أولى و لا يكره إعادة الجماعة في المسجد غير أنّهم لا يؤذّنون و لا يقيمون إلا إذا انقضت الصّفوف فيجوز الأذان و الإقامة و قال الشيخ رحمه اللّٰه يكره التكرار [- ج -] يدرك الجماعة من أدرك الإمام راكعا و لو شك هل كان الإمام رافعا أو راكعا فالأحوط فوات تلك الركعة [- د -] لا يصحّ الجماعة لمن بينه و بين الإمام حائل يمنع المشاهدة عن الصفوف إلا في المرآة و لو وقف الإمام في محراب داخل فصلاة من يقابله ماضية دون صلاة من إلى جانبه إذا لم يشاهدوه و يجوز صلاة الصفوف الّذين وراء الصّف الأوّل لأنهم يشاهدون من يشاهده و لو كان منهم وراء المحرم [الحرم] صحّت جماعته إذا شاهد الإمام أو الصّف و لو كان الحائط قصيرا يمنع من المشاهدة حالة الجلوس خاصّة فالوجه الجواز و لو كان له دار فصلّى فيها جماعة مع مشاهدة من في المسجد صحّت صلاته و كذا لو اتّصلت الصّفوف من داخل المسجد إلى خارجه ثم إليه و إلا فلا و لو كان باب داره بحذاء باب المسجد أو باب المسجد عن يمينه أو يساره و اتصلت الصّفوف من المسجد إليه صحّت صلاته و لو كان في داره قدام هذا الصف صف آخر لم يصح صلاة المتقدم و يصح لو كان خلفه لمشاهدتهم الصّف المتّصل بالإمام [- ه -] لا يجوز أن يكون الإمام أعلى من المأموم بما يعتدّ به و لو صلى حينئذ فالوجه صحة صلاة الإمام لاختصاص النّهي بالمأموم و لو كان أعلى بشيء يسير جاز و يجوز أن يكون المأموم أعلى بالمعتدّ [- و -] لا يجوز تباعد المأموم عن الإمام بما يكون كثيرا في العادة من غير صفوف متّصلة و لو اتصلت الصفوف جاز و يستحب أن يكون بين الصّفين مقدار مربض عنز و يجوز الجماعة في السّفينة الواحدة و في السّفن المتعدّدة اتّصلت أو انفصلت مع المشاهدة للإمام أو لمن خلفه و حيلولة الطريق ليست مانعة من الائتمام مع المشاهدة [- ز -] لا يجب للمأموم أن يتقدّم في الموقف على الإمام فإن فعل بطلت صلاته خاصة و يجوز أن يقف إلى جانبه يمينا و شمالا و خلفه و إن كان واحدا نعم يستحب للواحد أن يقف عن يمين الإمام و إن كانا اثنين وقفا خلفه و إن وقفا عن

ص: 51

يمينه و شماله تركا الفضل و يجوز الوقوف بين الأساطين و يكره للإمام الوقوف في المحراب الداخل في الحائط و المرأة تقف خلف الإمام وجوبا عند بعض علمائنا و كذا الخنثى المشكل و لو اجتمع الخنثى و المرأة وقفت المرأة خلف الخنثى وجوبا على ذلك القول و لو كان الإمام امرأة وقفت النساء إلى جانبها و كذا العاري إذا صلّى بالعراة جلوسا و يبرز عن سمتهم بركبتيه و يكره أن يقف المأموم وحده و لا يبطل صلاته بذلك و يستحب تقديم أهل الفضل في الصّف الأول و يكره تمكين الصبيان و العبيد و المخانيث فيه و يستحب أن يقف الإمام وسط الصّف و يتقدم الرجال على الصّبيان و الصّبيان على الخناثى و الخناثى على النساء و لو وقف النساء في الصّف الأخير فجاء رجال وجب أن يتأخّرن إذا لم يكن للرّجال موقف أمامهنّ [- ح -] إذا كان الإمام ممن يقتدى به لم يجز للمأموم القراءة خلفه في الجهرية و الإخفاتية و يستحبّ في الجهرية إذا لم يسمع و لا همهمة أن يقرأ هذا أجود ما حصلناه من الأحاديث في هذا الباب و إذا فرغ الإمام من الفاتحة قال المأموم الحمد للّه ربّ العالمين استحبابا و لو كان الإمام ممن لا يقتدى به تابعه ظاهرا و وجب القراءة و يخفت بها في الجهرية للتقية و لو قرأ عزيمة و لم يسجد الإمام سجد إيماء و لو فرغ من القراءة قبله سبح اللّٰه إلى أن يركع و يستحب أن يترك آية من السورة فإذا فرغ الإمام قرأها [- ط -] يجب على المأموم متابعة الإمام فلو رفع رأسه عامدا استمر و إن كان ناسيا أعاد و كذا لو أهوى إلى الركوع أو السجود [- ي -] يشترط نية الائتمام في المأموم و لا يشترط في الإمام فلو صلّى منفردا و نوى آخر الائتمام به صحّت صلاتهما و لا بد من تعيين الإمام فلو كان بين يديه اثنان و نوى الائتمام بهما أو بأحدهما لا بعينه لم يصحّ و لو نوى كل من الاثنين الإمامة لصاحبه صحّت صلاتهما معا و لو نوى كلّ منهما الائتمام بصاحبه بطلت صلاتهما و كذا لو شكا فيما أضمراه و لو نوى الائتمام بالمأموم لم يصحّ صلاته و لو أحرم منفردا ثم نوى جعل نفسه مأموما فنوى الانفراد و مفارقة الإمام جاز و يجوز الانفراد من دون النية إذا كان لعذر و لو أحرم مأموما ثم صار إماما أو نقل نفسه إلى الائتمام بإمام آخر جاز في موضع واحد و هو ما إذا حصل للإمام عذر فاستخلف غيره و لو سبق الإمام اثنين ففي ائتمام أحدهما بصاحبه بعد تسليم الإمام إشكال [- يا -] يجوز أن يأتم المفترض بمثله و إن اختلف الفرضان بشرط اتفاقهما في الهيئة فلو صلّى الظهر مع إمام يصلّي العصر جاز أما لو صلاها مع مصلي الكسوف أو العيدين لم يجز و يجوز أن يأتم المتنفّل بالمفترض و بالمتنفّل و أن يأتم المفترض بالمتنفّل في مواضع عند قوم و مطلقا عند آخرين و لو فات المأموم ركعة فصلى الإمام خمسا سهوا صلى المأموم الفائتة منفردا و لا يأتم به في الخامسة و يستحب للمنفرد أن يعيد صلاته إذا وجد من يصلي معه جماعة إماما كان أو مأموما لأن النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله قال إلا رجل يتصدّق على هذا فيصلّي معه [- يب -] وقت القيام إلى الصّلاة إذا قال المؤذن قد قامت الصّلاة حينئذ يكره للمأموم النافلة و لو شرع المأموم في نافلة فأحرم الإمام قطعها و استأنف إن خشي الفوات و إلا أتمّها ركعتين و لحق به و لو شرع في فريضة فأحرم الإمام نقل نيته إلى النفل و أتمها ركعتين ثم استأنف مع الإمام و لو كان إمام الأصل قطع الفريضة و استأنف معه [- يج -] المسبوق يجعل ما يلحقه مع الإمام أول صلاته و يتم ما بقي عليه بعد تسليم الإمام فلو أدركه في الثانية قعد و سبح من غير تشهد فإذا قام الإمام إلى الرابع جلس هو و تشهد خفيفا ثم لحق به فإذا جلس الإمام للتشهد سبّح فإذا سلّم الإمام قام فأتم صلاته و لو أدركه في الأخيرتين جعلهما أولتيه و يتخير في أخيرتيه بين القراءة و التسبيح و لو أدركه في الرابعة قام بعد تسليم الإمام فيصلّي الثانية بالحمد و السورة و في الأخيرتين بالحمد أو التسبيح و لو أدركه بعد رفعه من الأخيرة كبر و سجد معه فإذا سلم الإمام قام فاستقبل صلاته بتكبير مستأنف أما لو أدركه بعد السجود الأخير فإنه يكبر و يجلس معه فإذا سلم قام فاستقبل من غير استئناف تكبير [- يد -] يجوز أن يسلّم المأموم قبل الإمام و ينصرف لضرورة و غيرها و لو استنيب المسبوق أومأ إليهم ليسلّموا عند انتهاء صلاتهم و يقوم هو فيأتي بما بقي عليه

المطلب الثّاني في الإمام

و فيه [- ين -] بحثا [- ا -] يشترط في الإمام الإيمان و العدالة و العقل و طهارة المولد فلا يجوز إمامة الكافر و لا أهل البدع و المخالف للحق و إن كان مرضيّا في مذهبه و لا المستضعف و لا الفاسق قبل توبته و لا ولد الزنا و إن كان عدلا سواء في ذلك كله الأعياد و الجمع و باقي الفرائض و لو لم يعلم فسق إمامه و لا بدعته حتى حين صلى معه بناء على حسن الظاهر لم يعد و لو لم يعلم حاله و لم يظهر منه ما يمنع الائتمام به و لا ما يسوغه لم يصح الصّلاة و المخالف في الفروع يجوز الصلاة خلفه مع عدالته و إن كان مخطئا إلا أن يفعل في الصّلاة ما يعتقد المأموم خاصة بطلان الصّلاة به ففي إبطال صلاة المأموم إشكال و لو فعل شيئا من المختلف فيه يعتقد تحريمه فإن كان ترك ما يعتقده شرطا للصّلاة أو واجبا فيها فصلاته فاسدة و كذا صلاة من ائتم به و إن كان المأموم يخالفه في ذلك الاعتقاد و إن

ص: 52

لم يكن في الصّلاة فكذلك إذا لم يكن صغيرة أو لم يتب و لا يجوز الصّلاة خلف المجنون فإن كان يفيق تارة و يجن أخرى كرهت الصّلاة خلفه وقت إفاقته لجواز احتلامه حال جنونه [- ب -] لا يجوز إمامة الصّبي و إن كان مراهقا عارفا خلافا للشيخ رحمه اللّٰه [- ج -] لا يجوز للقائم الائتمام بقاعد سواء كان إمام الحق أو غيره و سواء كان ممن يرجى زوال مرضه أو لا و لو اعتل الإمام فجلس استخلف و لا يؤمّ المقيد المطلقين و لو أم القاعد بمثله جاز و لو عجز عن القعود فصلى مضطجعا فالوجه أنه لا يجوز للقاعد أن يأتم به و يجوز بمثله و الأقرب أنه لا يجوز لمن يعجز عن الإتيان بركن أن يكون إماما للقادر عليه و أنه يجوز أن يكون إماما لمثله [- د -] لا يجوز إمامة الأمي للقارىء و يجوز العكس و الأمّي من لا يحسن الحمد أو بعضها و إن عرف غيرها و يجوز لمثله فلو ائتم القارئ بالأمي صحّت صلاة الإمام خاصّة و لو ائتم القارئ و أمّي بأمي بطلت صلاة القارئ خاصة و لا فرق في ذلك بين صلاة الجهر و الإخفات و من ترك حرفا من حروف الفاتحة لعجزه عنه أو أبدله بغيره كالألثغ الذي جعل الراء غينا و الأرت الذي يدغم حرفا في حرف و التمتام الذي لا يؤدي التّاء و الفأفاء الذي لا يؤدي الفاء لا يجوز أن يؤم السليم و يجوز أن يؤم مثله و قيل الفأفاء الذي يكرر الفاء و التمتام الذي يكرر التاء و هذان يصح الائتمام بهما و يصحّ إمامة من لا يفصح ببعض الحروف كالصاد و القاف سواء كان أعجميّا أو عربيّا بالفصيح على كراهية و لو كان يبدل حرفا لا يوجد في سورة تعينت قراءتها [- ه -] لا يجوز إمامة اللحان بالمتقن سواء أفسد المعنى كالذي يضم التاء من أنعمت أو لا يفسده و يجوز أن يؤم مثله مع عجزه عن الإصلاح و لو تمكن منه لم تصحّ صلاته و لا صلاة من يأتم منه إذا كان عالما بحاله و لو كانا جاهلين بالفاتحة و كان أحدهما يحسن سبع آيات من غير الفاتحة و الآخر لا يحسن شيئا فهما أميان و يجوز للجاهل الائتمام بالآخر و في جواز العكس إشكال و لو وجد اللحان أو الأمي القارئ المتقن وجب أن يأتم به مع ضيق الوقت عن التعلم و الوجه عدم اكتفاء الأمي بالائتمام مع إمكان التعلم [- و -] و يجوز للسيّد أن يأتم بعبده إذا كان أقرأ منه و هل يجوز لغير السّيد من الأحرار منع الشيخ منه و لا فرق بين القن و المدبر و المكاتب و الوجه جواز إمامة العبد لمثله [- ز -] لا يجوز أن يأتم رجل و لا خنثى بامرأة و لا خنثى في فرض و لا نفل و يجوز للمرأة أن يأتم بالرّجل و إن كان أجنبيّا من غير كراهية و بالخنثى أيضا و بالمرأة في فرائض الصّلاة و نوافلها و إذا صلت المرأة بالنساء قامت معهنّ في الصّف وسطا و لو احتجن إلى جعل صفوف جاز و لو أمت امرأة أخرى صلّت المأمومة عن يمينها و لو ائتمت برجل وقفت خلفه [- ح -] يجوز إمامة الأعمى إذا كان وراءه من يسدده و كذا أقطع اليدين و الخصي و الجندي و كذا يصحّ إمامة الأصم و إن كان أعمى و لا يصحّ إمامة الأخرس و لا أقطع الرجلين بالتسليم و يجوز إذا كان مقطوع إحدى الرجلين و إن كان يخلّ بالسجود على عضو [- ط -] لا يصحّ الصّلاة خلف الكافر مع علمه بكفره و لا المحدث و لو لم يعلمها صحّت صلاته و لو علم في الأثناء نوى الانفراد و صحت صلاته و لو صلى خلف من يشك في إسلامه أعاد لاشتراط العدالة عندنا و لا يحكم بإسلام المصلي بمجرّد صلاته سواء كان في دار الإسلام أو دار الحرب و لا يحكم بارتداده لو قال بعد الصّلاة لم أسلم [- ي -] لا يجوز أن يؤم عاق أبويه و لا قاطع رحمه و يكره أن يؤم المتيمّم للمتوضئين و المسافر للحاضرين و يجوز العكس فيهما فإن أم المسافر أومأ للتسليم و إن ائتم صلى فرضه و لا يجوز له الائتمام مع الإمام و ظاهر أن هذه الكراهية إنما تعلقت بالرباعيات و كذا يكره أن يستناب المسبوق و أن يؤم من يكره المأمومون و يكره أن يؤم الأعرابي بالمهاجرين و المجذوم و الأبرص و المحدود بعد توبته و صاحب الفاخ و السّفيه و الأغلف غير المتمكن من الختان من ليس كذلك [- يا -] لا يتقدّم أحد على غيره في مسجده و لا في منزله و لا في أمارته إلا بإذنه و إن كان أقرأ منه إذا كان ممن يمكنه إمامتهم و لو دخل السّيد بيت العبد كان السّيد أولى بالإمامة و يستحب أن ينتظر الإمام الذي جرت عادته بالصلاة في المسجد و لو خيف فوات وقت الفضل قدم غيره [- يب -] الهاشمي أولى بالإمامة من غيره إذا كان بشرائط الإمامة [- يج -] إذا تشاح الأئمّة كان من يختاره المأمومون أولى فإن اختلفوا قدم الأقرأ و هو الأبلغ في الترتيل و معرفة المخارج و الإعراب فيما يحتاج إليه في الصلاة فإن تساويا في ذلك قدم الأفقه فإن تساويا فالأشرف و هو أعلاهما نسبا و قدرا و أفضلهما في نفسه فإن تساويا فالأقدم هجرة فإن تساويا فالأسن و هو من كان سنه في الإسلام أكثر فإن تساويا فالأصبح وجها و هذا التقديم على سبيل الأولوية فلو قدم المفضول هنا جاز [- يد -] يستحب للإمام إسماع من خلفه الشهادتين في جميع الصّلوات [- يه -] إذا مات الإمام نحي عن القبلة و استناب المأمومون غيره و كذا لو أغمي عليه أو عرض له مانع من حدث و شبهه و يستحب أن يكون النائب ممن شهد الإقامة و لو استناب الإمام اختيارا جاز أيضا [- يو -] إذا دخل المأموم و خشي فوات

ص: 53

الركوع جاز أن يركع و ينتظر من يجيء و يقف معه فإن لم يجئ أحد جاز أن يمشي في ركوعه ليلتحق الصّف قال الشيخ رحمه اللّٰه و إن سجد موضعه و التحق به في الركعة الثانية كان أفضل و يجوز للإمام أن يطول ركوعه بمقدار الركوع دفعتين ليلحق الداخل تلك الركعة و يكره للإمام أن يطول صلاته انتظارا لمن يجيء فيكثر به الجماعة أو ينتظر من له قدر فإن أحس بداخل لم يلزمه التطويل ليلحق الداخل الركوع [- ين -] ينبغي للإمام أن لا يبرح من مكانه حتى يتمّ من فاته شيء من الصّلاة خلف صلاته

المطلب الثّالث في المساجد

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] بناء المسجد فيه فضل كثير و ثواب جزيل قال الصادق عليه السّلام من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى اللّٰه له بيتا في الجنة و قصدها مستحبّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثماني أخا مستفادا في اللّٰه أو علما مستطرفا أو آية محكمة أو رحمة منتظرة أو كلمة تردّه عن ردى أو يسمع كلمة تدله على هدى أو يترك ذنبا خشية أو حياء [- ب -] يستحب الإسراج فيها قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من أسرج في مسجد من مساجد اللّٰه سراجا لم يزل الملائكة و حملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من السراج [- ج -] يستحب للداخل أن يتعاهد نعله أو خفّه لئلا يكون فيها نجاسة و تقديم رجله اليمنى و يقول بسم اللّٰه و باللّٰه السلام عليك أيّها النّبي و رحمة اللّٰه و بركاته اللّٰهمّ صل على محمّد و آل محمّد و افتح لنا باب رحمتك و اجعلنا من عمار مساجدك جل ثناء وجهك و إذا خرج قدم اليسرى و قال اللّٰهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و افتح لنا باب فضلك [- د -] صلاة الفريضة في المسجد أفضل منها في المنزل قال أمير المؤمنين عليه السّلام صلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة و صلاة في المسجد الأعظم تعدل مائة صلاة و صلاة في مسجد القبيلة تعدل خمسا و عشرين صلاة و صلاة في مسجد السّوق تعدل اثني عشر صلاة و صلاة الرّجل في بيته وحده صلاة واحدة أما صلاة النافلة فإنها في المنزل أفضل و خاصة نوافل الليل [- ه -] يكره تعلية المساجد بل يبنى وسطا و يكره أن يبنى مظللة بل يكون مكشوفة و يحرم زخرفها و نقشها بالذهب أو بشيء من الصّور و يكره أن يكون مشرفة بل يبنى جما و لا تبنى المنارة في وسط المسجد بل مع حائط لا يعلى عليه و يجعل الميضاة على أبواب المساجد لا داخلها و يكره جعلها طريقا مع الاختيار و النوم فيها و خاصّة في المسجد الحرام و مسجد النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله و إخراج الحصى منهما فمن أخرجه رده إليهما أو إلى غيرهما من المساجد [- و -] يجوز نقض ما استهدم منها و يستحب إعادته و يجوز استعمال آلته في بناء غيره من المساجد و لا يجوز بيع آلته بحال و لا يجوز أن يؤخذ من المساجد في ملك أو طريق زالت آثاره فمن أخذ شيئا من آلة المسجد ردّه إليه أو إلى غيره من المساجد و يجوز نقض البيع و الكنائس مع اندراس أهلها أو إذا كانت في دار حرب و يجوز أن تبنى مساجد و لا يجوز اتخاذها ملكا و لا استعمال آلتها في الأملاك [- ز -] يحرم إدخال النجاسة إليها و كذا إزالتها [- ح -] يستحب كنس المساجد و تنظيفها و يكره أن يبصق أو يتنخم فيها فإن فعل غطاه بالتراب و لا يقصع فيها للقمل فإن فعل دفنها في التراب و يكره سل السّيف و بري النبل و سائر الصّناعات فيها و كشف العورة و رمي الحصى خذفا و يجتنب البيع و الشرى و تمكين المجانين و الصّبيان و الأحكام و تعريف الضالة و إقامة الحدود و إنشاد الشعر و رفع الأصوات فيها و من أكل مثل الثوم و البصل لا يحضر المسجد حتى يزول رائحته [- ط -] لا ينبغي أن يتنعل و هو قائم بل يجلس و يلبسها و لا يكشف عورته في المساجد و يستحب ستر ما بين السرة إلى الركبة [- ي -] من كان في منزله مسجد جعله لنفسه يصلي فيه جاز له توسيعه و تضييقه و تغييره و لم يخرج عن ملكه [- يا -] لا يدفن الميّت في المساجد [- يب -] يجوز بناء المسجد على بئر الغائط مع الطم و انقطاع الرائحة

الفصل الرّابع في صلاة الخوف

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] صلاة الخوف ثابتة بالنص و الإجماع و حكمها باق غير منسوخ و هي مقصورة سفرا إجماعا و في الحضر إذا صلّيت جماعة و لو صليت فرادى فقولان [- ب -] شروط هذه الصلاة أن يكون العدو مباح القتال و أن لا يؤمن هجومه لكثرته و كون العدو في غير جهة القبلة و أن يكون في المسلمين كثرة يمكنهم أن يفترقوا فرقتين يكفل كل طائفة بمقاومة العدوان لا يحتاج الإمام إلى أن يفرّقهم أزيد من فرقتين [- ج -] الصّلاة إن كانت ثنائية صلّى الإمام بالطائفة الأولى ركعة مخففا و قام إلى الثانية فينوي من خلفه الانفراد واجبا و يتمّون بالتخفيف ثم يذهبون إلى مقاومة العدوّ و تأتي الثانية فيكبّرون و يركع بهم الثّانية له فإذا جلس للتشهد قاموا فأتوا بالثانية و تشهدوا ثم يسلم بهم الإمام و إن كانت ثلاثية فإن شاء صلّى بالأولى ركعة و يقف في الثانية فيتم من خلفه ثم يأتي الثانية فيدخل معه فإذا جلس لتشهده جلسوا من غير تشهد ثم يصلّي الثالثة بهم فإذا جلس للتشهد تشهّدوا معه أول تشهّدهم ثم أتموا الثالثة و سلّم بهم و إن شاء صلى بالأولى ركعتين و بالثانية ركعة و هذه صفة صلاة ذات الرقاع و يجوز أن يصلّي بالأولى كمال الصّلاة ثم يصلي بالثانية مرة أخرى و يكون نفلا له و هي صلاة النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله ببطن النخل [- د -] يجوز للإمام أن يقرأ حال الانتظار فلو فرغ قبل مجيئهم فركع فإن أدركوا ركوعه

ص: 54

تمّت لهم الركعة و إلا فلا [- ه -] لا حكم لسهو المأمومين حال متابعتهم أما حال انفرادهم فحكم سهوهم ما تقدم في باب السّهو و لو سها الإمام سهوا يوجب السجدتين اختصّ بالسّجود [- و -] إذا احتاج الإمام إلى أن يفرقهم أربع فرق صلى الركعتين بفرقتين ثم يعيدهما نفلا و يقتدي به الفرقتان الأخريان هذا الترتيب مع إرادة الجماعة و يجوز أن يصلّي كل واحد بانفراده و لا قصر حينئذ في الحضر [- ح -] الإمام و المأمومون في عدد الصّلاة سواء فلا يجوز أن يصلي بطائفة ركعة و يسلّمون ثم يصلّي الثانية بالأخرى فيحصل له ركعتان و لكل طائفة ركعة و لا يجوز أن يصلي بإحداهما ركعتين من غير تسليم له و بالثانية أخريين فيكون لأربع ركعات و لكل طائفة ركعتان [- ط -] لا يجب التسوية بين الطائفتين و لا كون كل طائفة ثلاثة بل يجوز و لو كان واحدا إذا كان فيه مقاومة [- ي -] يجب أخذ السّلاح في الصّلاة و هو ما يدفع به عن نفسه كالسّيف و السّكين و لا يكون ثقيلا كالجوشن و لا ما يمنع إكمال السجود كالمغفر و لا ما يؤذي غيره كالرمح إذا كان وسط القوم فإن كان طرفا جاز و لو منع الثقيل شيئا من واجبات الصّلاة لم يجز أخذه و لو كان السلاح نجسا ففي جواز أخذه قولان أقربهما الجواز [- يا -] لو كان بالقوم أذى من مطر أو مرض لم يجب أخذ السّلاح إجماعا [- يب -] صلاة الخوف جائزة في الحضر فإن قلنا بالقصر فالكيفيّة ما تقدم و إلا صلى بكل طائفة ركعتين و لو صلى بالأولى ركعة و بالثانية ثلاثا أو بالعكس جاز و لا سجود للسهو و لو فرقهم أربع فرق فصلى كل فرقة ركعة جاز و كذا لو فرقهم ثلاثا و صلّى بإحداهنّ ركعتين [- يج -] لو كان العدو في جهة القبلة قال الشيخ رحمه اللّٰه يجوز أن يصلّى بهم كصلاة النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله بعسفان [- يد -] لو صلّى بهم الجمعة صلاة الخوف خطب بالفرقة الأولى و صلى بهم ركعة ثم صلّى بالثانية أخرى هذا إذا كانت الفرقة الأولى عدد الجمعة و لو كانت أقل لم يجز و لو كملت الفرقة الأولى العدد لكن فارقت بعد الخطبة و جاء الآخرون لم تضل بهم الجمعة إلا بعد إعادة الخطبة و لو صلّى بالأولى الجمعة كاملة لم يكن له أن يصلّي بالثانية جمعة أخرى بل ظهرا [- يه -] لو صلّى بهم في الأمن صلاة الخوف قال الشيخ رحمه اللّٰه جاز مع ترك الأفضل و هو مفارقة الإمام سواء في ذلك صلاة ذات الرقاع و عسفان و بطن النحل ثم قال و لا يجوز صلاة الخوف في طلب العدو لأنه ليس هناك خوف و في الجميع نظر إلا أن يريد به القصر قال و القتال المحرم لا يجوز فيه صلاة الخوف فإن خالفوا و صلوا صحت صلاتهم لعدم إخلالهم بشيء من الأركان بل صاروا منفردين و هو غير مبطل و هو يعطي أنه لم يرد به ما ذكرنا [- يو -] صلاة شدة الخوف تسمى صلاة المطاردة و المسايفة مثل أن ينتهي الحال إلى المعانقة فيصلّي على حسب إمكانه ماشيا و راكبا و يستقبل القبلة بتكبيرة الإحرام إن تمكن و لو لم يتمكن من النزول صلّى راكبا و سجد على قربوس سرجه و إن لم يتمكن أومأ و يجعل إيماء السّجود أخفض و لو خاف صلى بالتسبيح من غير ركوع و لا سجود و يقول عوض كل ركعة سبحان اللّٰه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر و يجب فيه النية و تكبيرة الافتتاح و الأقرب وجوب التشهد و لا يجوز أن يؤخرها حتى يخرج الوقت و يجوز إلى آخره [- ين -] لو صلى موميا فأمن أتم صلاة آمن و بالعكس و اشترط الشيخ رحمه اللّٰه عدم استدبار القبلة و فيه إشكال و لو رأى سوادا فظنه عدوا فصلى موميا أو شاهد عدوّا فصلى بالإيماء ثم بان كذب ظنه أو حصول حائل لم يعد [- يح -] الفار من الزّحف يعيد ما صلاه بالإيماء مع عدم تسويغ الفرار إن تمكن من استيفاء الأفعال حال عدم الفرار و لا إعادة مع تسويغه و كذا العاصي بقتاله يعيد ما صلاه موميا [- يط -] لو خاف من سيل أو سبع جاز أن يصلّي صلاة شدة الخوف قصرا أما الموتحل و الغريق فيصليان على قدر إمكانهما و يوميان للركوع و السجود و لا يقصران إلا في سفر أو خوف [- ك -] لبس الحرير محرّم على الرجال و يجوز في حال الحرب قال الشيخ و لا يجوز فرشه و لا التدثر به و لا الاتكاء عليه قال و كذا الحكم في السّتور المعلقة و يجوز لو كان ذيلا أو جيبا أو كفا أو تكة أو جوربا أو قلنسوة و لبس الذهب محرم على الرجال سواء كان خاتما أو طرازا و على كل حال و لو كان مموها أو مجرى [أو مشجرا] فيه و قد اندرس و بقي أثره لم يكن به بأس [- كا -] لو فاتته صلاة الخوف قضاها صلاة أمن في الكيفية أما العدد فإن كان مسافرا قضاها قصرا و إن كان في الحضر فالأقرب التمام و لو قضى صلاة أمن حالة الخوف صلاّها كما فاتته في العدو و يجوز أن يأتي بالكيفية على هيئة صلاة الخوف

الفصل الخامس في صلاة السفر

و فيه [- كح -] بحثا [- ا -] يجب في السّفر التقصير في الصّلاة و الصوم معا بشروط تأتي إلا في أربعة مواطن مكة و المدينة و جامع الكوفة و الحائر فإنّ الإتمام فيها في الصّلاة أفضل و قال ابن بابويه ينبغي أن ينوي المقام بالمواطن الأربعة عشرة أيام ليتم [- ب -] شرط التقصير قصد بريدين هما ثمانية فراسخ أربعة و عشرون ميلا كل ميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربعة و عشرون إصبعا سواء قطعها في زمان طويل أو قصير في برّ أو بحر و لو قصد أربعة فراسخ فإن عزم على الرجوع من يومه قصر أما لو قصد التردد في ثلاثة فراسخ ثلاث مرات لم يقصر إلا أن لا يبلغ في الرّجوع الأول مشاهدة الجدران و لا سماع الأذان و لو سلك أحد الطريقين و هو مسافة دون صاحب

ص: 55

قصر و إن مال إلى الرّخصة و للشيخ قول آخر بجواز التقصير في أربعة فراسخ و وجوبه في الثمانية و المعتمد ما قلناه [- ج -] لو انتفى قصد المسافة لم يجز القصر و أن تجاوزها فالهائم لا يترخّص و كذا لو قصد ما دون المسافة ثم تجدد له عزم على مثل الأولى و لو تجاوز المجموع المسافة و لو عاد قصر مع بلوغ المسافة و إلا فلا و كذا لو طلب غريما أو آبقا أو دابة شردت و إن سار أياما إذا لم يقصد المسافة و لو قصد في الأثناء قصر [- د -] لو خرج ينتظر رفقة إن حصلت سافر أتم ما لم يبلغ خروجه المسافة فيقصر في طريقه و موضع انتظاره ما لم يتجاوز شهرا و لو عزم على السفر إن خرجوا أو لم يخرجوا قصر إذا خفي الأذان و الجدران ما لم يتجاوز شهرا [- ه -] الاعتبار إنما هو و بالنّية لا الفعل فلو قصد المسافة و خرج و قصر صلاته ثم بدا له لم يعد و يتم في رجوعه إذا لم يبلغ المسافة و لو رجع في أثناء الصلاة صلاها على التمام و لو قصد بلدا بعيدا و في عزمه أنه متى وجد مطلوبه دونه رجع أتم [- و -] لو خرج إلى السفر مكرها فالأقرب وجوب التقصير و قال الشافعي لا يقصر و فيه قوّة و لو قصد الصّبي مسافة فبلغ في أثنائها فالوجه وجوب التقصير و إن لم يكن الباقي مسافة و كذا لو عرض للمسافر الجنون أو الإغماء [- ز -] من شرط التقصير إباحة السّفر فلا يترخص العاصي كالآبق و قاطع الطريق و التاجر في المحرّمات و تابع الجائر و طالب الصّيد لهوا و إنما يجب القصر على كلّ من كان سفره سائغا سواء كان واجبا كالحجّ أو مندوبا كالزيارة أو مباحا كالتجارة و لو كان الصّيد لأجل قوته و قوت عياله قصر و لو كان الصّيد للتجارة قال الشيخ يقصر في الصوم دون الصّلاة و الوجه التقصير فيهما معا و لو كان سفره للتنزه و التفرج في المباح وجب التقصير و كذا يجب لو قصد زيارة المقابر و المشاهد [- ح -] لو كان السفر مباحا فغيّر نيته إلى المعصية انقطع ترخّصه و لو عاد عاد الترخص إن كان المقصود بعد العود مسافة على إشكال و هل يحتسب من المسافة ما تقدّم قطعه مما كان مباحا فيه إشكال و لو سافر إلى معصية فغير نيته إلى المباح قصر و يعتبر المسافة من حين تغيّر النيّة و لو كان السفر مباحا لكنه يعصي فيه قصر [- ط -] من شرائط القصر عدم قطع المسافة بوطن له أو عزم على الإقامة عشرة أيام فلو قصد مسافة و في أثنائها ملك له قد استوطنه ستّة أشهر فصاعدا متوالية أو متفرقة أتم و كذا لو نوى الإقامة عشرة أيّام في أثناء المسافة و لو كان ملكه حدّ المسافة قصر في الطّريق دون البلد الّذي فيه ملكه و كذا لو نوى الإقامة عشرة أيام على حدّ المسافة و لو كان له عدّة أملاك قد استوطنها ستة أشهر اعتبر ما بينه و بين الموطن الأول فإن كان مسافة قصر في الطّريق خاصة و إلا فلا ثم يعتبر ما بين الموطنين فإن كان مسافة قصر في الطّريق دون المواطن و إلا فلا و هل يشترط استمرار الملك حتى لو باع الملك المستوطن يخرج عن التّرخص إشكال أقربه الخروج و لا يشترط استيطان نفس الملك بل البلد الّذي هو فيه و لا يشترط كون الملك مما يصحّ فيه الاستيطان فلو كان له بستان أو مزارع و قد استوطن البلد المدة أتم [- ي -] كلّ من نوى الإقامة عشرة أيّام فإنه يتم في البلد الذي نوى الإقامة فيه فلو عزم على مسافة فصاعدا و نوى الإقامة في أثنائها أتم فيما نوى الإقامة فيه ثم الطريق من مبدإ سفره إليه إن كانت مسافة قصر فيها و إلا فلا و لو عزم المسافر على إقامة عشرة أيام فصاعدا في رستاق ينتقل منه في قربه إلى أخرى و لا عزم له على الإقامة في موضع واحد عشرة أيام لم يبطل حكم سفره و لو دخل بلدا فقال إن لقيت فلانا أقمت عشرة و إلا فلا لم يبطل حكم سفره ما لم يجده [- يا -] من شرط التقصير أن لا يكون سفره أكثر من حضره كالمكاري و الملاح و الراعي و البدوي الذي يطلب القطر و النبت و التاجر الذي يطلب الأسواق و البريد و الأصل في ذلك أن هؤلاء لا يجوز لهم القصر ما لم يكن لهم في بلدهم مقام عشرة أيام فإن أقام أحدهم عشرة أيام في بلده ثم خرج قصر و إن أقام أقل أتم و للشيخ قول آخر إنه لو أقام خمسة قصر صلاة النهار دون صلاة اللّيل و دون الصيام و ليس بمعتمد [- يب -] لا يجوز التقصير حتى يتوارى جدران البلد الذي يسافر منه أو يخفى عليه أذانه و لا يجوز قبل ذلك سواء كانت الجدران عامرة أو خرابا و لو كان إلى جانب البلد بساتين اعتبر بالأذان و لا عبرة بأعلام البلد كالمنابر و لو كان للبلد محال متفرقة فمتى خرج عن محلّته قصر إذا خفيت جدرانها أو أذانها و لو كانت متّصلة لم يقصر حتى يفارق جميعها و البدوي إذا كان مستوطنا في حله قصر إذا خفي عليه الأذان أما العائد من السّفر فإنه يقصر حتى يبلغ سماع الأذان و قال بعض علمائنا يقصر إذا خرج من بيته و يتمّ عند دخوله و به أحاديث لكن الأوّل أقرب [- يج -] المسافر إذا دخل بلدا قصر فيه ما لم ينو مقام عشرة أيام أو يمضي عليه ثلاثون يوما فإن حصل أحد الأمرين أتمّ و لو صلاة واحدة و لو نوى العشرة ثم رجع فإن كان قد صلى على التمام و لو صلاة واحدة استمر عليه حتّى يخرج و إلا قصر و لو كان رجوعه في أثناء الصّلاة فالوجه التقصير لكن الشيخ رحمه اللّٰه أفتى بالإتمام و هو حق إن كان قد دخل في الثالثة و إلا فلا و الأقرب أن الصوم كالصّلاة فلو رجع عن نية الإقامة بعد الشروع في الصّوم أتم و في المهمل إشكال قربه الاعتبار بخروج الوقت و لو دخل في الصّلاة

ص: 56

بنية القصر ثم عزم على الإقامة أكملها تماما [- يد -] مع كمال الشروط يجب التقصير و لا يجوز الإتمام إلا في أحد المواطن الأربعة و قد سبق فلو صلّى تماما عامدا أعاد في الوقت و خارجه و إن كان جاهلا لم يعد و إن كان الوقت باقيا و لو كان ناسيا أعاد في الوقت لا خارجه [- يه -] لو قصر المسافر اتفاقا لم يصحّ و أعاد قصرا [- يو -] لو شك هل المطلوب مسافة أتمّ و إن تبيّن له بعدها أنه مسافة لم يعد [- يز -] لو قصد المسافة فمنع فإن كان بحيث يخفى الأذان قصر ما لم يرجع عن نية السّفر و لو خرج في البحر فردته الريح قصر ما لم يبلغ سماع الأذان [- يح -] لو نوى إقامة عشرة في غير بلده ثم خرج إلى ما دون المسافة فإن عزم على العود و الإقامة أثم في ذهابه و عوده و في البلد و لو عزم على العود دون الإقامة قصر [- يط -] لا يشترط نية القصر في وجوبه و لو كان في أحد المواطن الأربعة [- ك -] لو قصر المسافر معتقدا تحريم القصر لم يصحّ صلاته لفقد نية التقرّب بالصّلاة لاعتقاده أنه عاص [- كا -] لا قصر في الصّلاة إلا في الرّباعيات بلا خلاف فلو قصر في الغداة أو المغرب أو الجمعة أو العيدين جاهلا أو عامدا أو ناسيا بطلت صلاته [- كب -] من نسي صلاة قصر أو تمام صلاها كما فاتته سواء قضى في السّفر أو الحضر [- كج -] لو سافر بعد دخول الوقت قبل أن يصلي فالأقوى الإتمام و لو دخل بلده بعد دخول الوقت فالأقوى الإتمام أيضا [- كد -] قد بينا أن الأوقات في الظهرين و المغربين مشتركة فلا معنى للجمع عندنا فيجوز أن يصلى العصر عقب الظهر و كذا العشاء عقيب المغرب و لا بد من التسليم بينهما و انفصال إحداهما عن الأخرى و لا يشترط في ذلك السفر و لا المطر [- كه -] المسافر إذا ائتم بمقيم اقتصر على فرضه و لا يتابعه في الإتمام و كذا لو صلّى المقيم خلف المسافر لم يتبعه في التقصير و يستحبّ للإمام بعد تسليمه أن يقول لمن خلفه أتمّوا فأنا مسافر لئلا يشتبه على الجاهل و لو تمّم الإمام المسافر بالمأمومين المقيمين فإن فعل ذلك عمدا بطلت صلاته و كذا إن كان ناسيا مع بقاء الوقت أما المأمومون فإن علموا بطلان صلاته بطلت صلاتهم و إلاّ فلا و لو أم المسافر مثله فتمم ناسيا فإن نسي المأموم أيضا أعاد في الوقت خاصة و لو كانا جاهلين صحت صلاتهما و لو كان أحدهما جاهلا صحّت صلاته أما الآخر فعلى التفصيل و يكره للمسافر أن يؤم الحاضر و بالعكس [- كو -] إذا سافر بعد زوال الشمس قبل أن يصلّي النوافل استحب له قضاؤها [- لز -] يستحب للمسافر أن يقول عقيب كلّ صلاة سبحان اللّٰه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر ثلاثين مرة لينجبر نقصان صلاته و هل الاستحباب مختصّ عقيب كل صلاة أو التي يقصر فيها نظر [- لح -] يجوز للمسافر أن يصلي النافلة على الراحلة و يتوجّه حيث توجهت اختيارا و في الفريضة اضطرارا

كتاب الزّكاة

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد

أمّا المقدّمة

ففيها [- و -] مباحث [- ا -] الزكاة لغة النموّ و الطهارة و شرعا القدر المخرج من النصاب [- ب -] الزكاة أحد أركان الإسلام و هي واجبة بالنصّ و الإجماع و فيها فضل كثير قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله و قال الباقر عليه السّلام بينا رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله في المسجد إذ قال قم يا فلان قم يا فلان حتى أخرج خمسة نفر فقال اخرجوا من مسجدنا لا تصلوا فيه و أنتم لا تزكّون و قال الباقر عليه السّلام البر و الصّدقة ينفيان الفقر و يزيدان في العمر و يدفعان عن سبعين ميتة سوء و قال الصادق عليه السّلام إن اللّٰه فرض الزكاة كما فرض الصّيام و قال الكاظم عليه السّلام حصّنوا أموالكم بالزكاة [- ج -] من أنكر وجوب الزكاة و هو ممن يجهل ذلك إما لقرب عهده بالإسلام أو لبعده عن أهل الأمصار لم يحكم بكفره و إلا فهو مرتد [- د -] من منع الزكاة معتقدا لوجوبها أخذت منه من غير زيادة فإن مانع قوتل حتّى يدفعها و لا يحكم بكفره و لا يسبى ذراريه [- ه -] ليس في المال حق واجب سوى الزكاة و الخمس و في وجوب إخراج الضغث و الكف عند الحصار و الجذاد قولان [- و -] الزكاة قسمان زكاة المال و زكاة الفطر و كلّ واحد منهما ضربان واجب و مستحب و نحن نسوق الكلام فذلك كلّه ثم نتبعه بالخمس في مقاصد ثلاثة

المقصد الأوّل فيمن تجب عليه

و فيه ثلاثة و عشرون بحثا [- ا -] شرائط الوجوب البلوغ و العقل و الحريّة و الملك التّام و إمكان التصرف فلا يجب الزكاة في مال الطفل سواء العين و الغلات و المواشي في ذلك و إنما تجب على البالغ على مذهب أكثر علمائنا و الشيخان رحمهما اللّٰه أوجبا الزكاة في غلاته و مواشيه و الأقرب الاستحباب و لو اتجر له وليه في ماله إرفاقا استحب له أن يخرج عنه زكاة التجارة و لو ضمن المال و كان مليا و اتجر لنفسه كان الربح له و الزكاة عليه استحبابا و لو انتفى أحد وصفي الملاءة و الولاية ضمن المال و الرّبح لليتيم و لا زكاة هنا على واحد منهما [- ب -] العقل شرط في وجوب الزكاة فلا يجب في مال المجنون مطلقا و أوجب الشيخان الزكاة في غلاته و مواشيه و الأقرب الاستحباب و البحث في التجارة بماله كالبحث في الطفل سواء و التّكليف بالوجوب على رأي الشيخين و بالاستحباب على رأينا في الطفل و المجنون متعلّق بالولي دونهما [- ج -] الحرية شرط في الوجوب فلا يجب الزكاة على المملوك سواء قلنا إنه يملك ما يملكه مولاه أو لا و إنما يجب على السيّد و لو كان بعضه حرّا و ملك من كسبه أو غيره بقدر حرّيته ما يبلغ

ص: 57

نصابا وجبت الزكاة و إلا فلا و المكاتب المشروط و الذي لم يؤد من كتابته شيئا و المدبر و أم الولد كالقن و لو عجز المشروط عليه فردّ في الرق استقرّ ملك السيّد لما في يده و استأنف الحول و ضمّه إلى ماله [- د -] الإسلام ليس شرطا فلا يسقط الوجوب عن الكافر نعم لا يصحّ منه أداؤها و لو أسلم سقطت و استأنف الحول عند الإسلام [- ه -] إنما يجب الزكاة من ملك أحد النصب الزكوية على ما يأتي بيانها فلا تجب على الفقير و هو من قصر ماله من أحد النصب و يجب الزكاة على المديون إذا ملك نصابا و إن قصر عن الدّين [- و -] من شرط الوجوب كون الملك تاما فلو وهب نصابا لم يجز في الحول إلا بعد القبض و كذا لو اقترض اعتبر الحول بعد القبض و لو أوصي له اعتبر الحول بعد القبول و الوفاة و لو رجع الواهب في هبته في موضع يسوغ له الرجوع فيه فإن كان قبل الحول سقطت و لو كان بعده لم يسقط و الأقرب أن الموهوب لا يضمنه و لو فسخ البائع بخياره فالبحث فيه كالهبة إلا أن المشتري يضمن هنا [- ن -] الغنائم تملك بالحيازة فإذا بلغ حصّته نصابا و حال عليه الحول وجب الزّكاة و الأقرب ابتداء الحول من القسمة سواء كان الغنيمة من جنس واحد أو أجناس مختلفة و لو قيل بوجوبها في الجنس الواحد دون المتعدد كان وجها و لو عزل الإمام حصّة الغانم و كان حاضرا وجبت الزكاة مع الحول و إن كان غائبا اعتبر الحول عند وصوله إليه أو إلى وكيله و خمس الغنيمة نصفه للإمام إن بلغ نصابا وجبت الزكاة و إلا فلا و نصفه لباقي الأصناف لا زكاة فيه لعدم تعيّن أربابه و الأنفال للإمام خاصة إن بلغت نصابا وجبت الزكاة و إلا فلا [- ح -] الوقف لا زكاة فيه و لو ولدت الغنم الموقوفة و بلغت الأولاد نصابا وجبت الزكاة فيها خاصة قال الشيخ و لو شرط الواقف كون الغنم و ما يتوالد منها وقفا فلا زكاة [- ط -] لو خلف المسافر نفقة لأهله قدر النصاب و حال الحول وجبت الزكاة إن كان حاضرا و إلا فلا [- ي -] لو نذر الصّدقة بالنّصاب في الحول سقطت الزكاة و لو نذرها بعد الحول أخرج الزكاة و تصدق بالباقي و كذا يخرج الزكاة لو نذر الصدقة بقدر النصاب من غير تعيين [- يا -] لو اشترى بخيار ملك بالعقد اختصّ الخيار بأحدهما أو اشترك و وجبت الزكاة بعد الحول و إن كان الخيار باقيا و قول الشيخ هنا ضعيف و لو رد على البائع استأنف الحول من حيث الرّد و يتفرع على قول الشيخ رحمه اللّٰه بوجوب الزكاة على البائع في الخيار المشترك أو المختصّ به ثبوت الخيار للمشتري لو أخرج من العين [- يب -] إمكان التصرف شرط في الوجوب فلا تجب في المال المغصوب و المسروق و المجحود و الضالّ و الموروث عن غائب حق يصل إليه أو إلى وكيله و الساقط في البحر و الغائب مع عدم تمكنه أو وكيله منه [- يج -] لو عاد المغصوب أو الضّال أو الغائب استحبّ له أن يزكيه لسنة واحدة و لو ضلت شاة من الأربعين في أثناء الحول انقطع الحول فإن عادت استأنف و لو أسره المشركون و له مال في بلد الإسلام لا يتمكن منه سقط الوجوب [- يد -] المرتدّ إن كان عن فطرة فإن كان بعد الحول أخذت الزكاة من المال و إن كان قبله استأنف ورثته الحول و إن كان عن غير فطرة و لم يخرج ملكه عنه بالقتل و لا الفرار إلى دار الحرب وجبت الزكاة إن تم الحول و إلا أتممناه و لو خرج عن ملكه بالقتل أو الفرار استأنف ورثته الحول و لو أخذ الإمام أو نائبه الزكاة من المرتد ثم أسلم أجزأت عنه و لو أخذها غيرهما لم يجز عنه و كذا لو أدّاها بنفسه و لو أخفى بعض ماله لئلا يؤخذ منه زكاة عزر إلا أن يدعي الشبهة المحتملة و يؤخذ منه الزكاة من غير زيادة و لو أخذ الظالم الزكاة لم يجز عن المالك و بالإجزاء روايات [- يه -] الدين لا زكاة فيه و أوجب الشيخان رحمهما اللّٰه الزكاة فيه إن كان تأخره من جهة مالكه بأن يكون حالا على ملي باذل و لو كان من جهة من عليه الدّين سقطت الزكاة و الاعتماد على الأول نعم يستحبّ له أن يزكيه لسنة مع عوده إليه [- يو -] اللقطة إن كانت نصابا في غير الحرم ملكها إن شاء بعد التعريف حولا و لا زكاة إلا بعد استئناف حول آخر من حين التملك [- يز -] المرأة تملك الصّداق بالعقد فلو حال الحول بعد قبضه وجبت الزكاة و إن لم يدخل فلو طلقها قبل الدخول انقطع الحول في النّصف و تممت في المستخلف إن بلغ نصابا و لو لم يقبضه فلا زكاة كالدّين و لو فسخ العقد لعيب فسقط المهر فلا زكاة مع عدم القبض و لو قبضته فالأقرب الوجوب بعد الحول و تضمن المأخوذ في الزكاة و لو قبضته حولا ثم طلقها قبل الدّخول فإن كانت قد أخرجت الزكاة رجع عليها بالنّصف كملا و إن لم تكن أخرجت فالنّصف كملا للزّوج و عليها حق الفقراء و لو أراد قسمة المال قبل الإخراج جاز فلو قسماه أخذ الساعي من نصفها و لو لم يجد لها شيئا أخذ مما في يد الزوج و الأقرب صحّة القسمة و رجوع الزّوج عليها بقيمته المأخوذ و لو أصدقها حيوانا في الذمة سقط وجوب الزكاة و استحبابها و لو طلقها قبل الدّخول و قبل الإخراج لم يخرج من العين إلا بعد القسمة و لو أصدقها نصابا و طلقها قبل الدخول و قبل تمكنها من الإخراج فالوجه سقوط نصف الفريضة [- يح -] القرض يجب فيه الزكاة على المقترض إن تركه حولا و لو أداره في التجارة استحبت الزكاة فيه و لو استعاده القارض لم يجب الزكاة حتى يحول عنده

ص: 58

الحول كملا و لو اشترط المقترض الزكاة على القارض لم تسقط الزكاة عنه و للشيخ هنا قول غير معتمد أما لو أدى القارض الزكاة عن المقترض فإن ذمته تبرأ بذلك [- يط -] إمكان الأداء شرط في الضمان لا في الوجوب فلو تلف بعد الحول من النصاب شيء قبل التمكن من الإخراج سقط من الفريضة بحسابه و لو لم يتمكن و لم يخرج وجبت عليه الفريضة كملا [- ك -] لو تمكن من الدّفع إلى الإمام إلى النائب و لم يدفع ضمن سواء طالبه الإمام أو النائب أو لا و إن دفعها إلى الساعي فتلفت في يده فلا ضمان و لو مات المالك بعد إمكانه الأداء لم تسقط الزكاة و كذا لو مات قبل التمكن و بعد الحول [- كا -] لو كان له نصاب فاقترض آخر و أرهن الأول وجبت عليه الزكاة في القرض و لا زكاة في الرّهن أيضا على الراهن و يكلف الإخراج من غير الرّهن مع يساره و منه لا معه [- كب -] لو كان معه أربعون شاة فاستأجر راعيا بشاة منها سقطت الزكاة و لو استأجر بشاة في الذمة وجبت الزكاة و لو استأجر بنصاب معيّن وجبت الزكاة على الأجير و لو استأجر في الذّمة ابتغى على القولين [- كج -] و في وجوب الزكاة في مال التجارة قولان أقربهما الاستحباب

المقصد الثّاني فيما تجب فيه و ما يستحب

اشارة

و فيه فصول

الأوّل إنّما يجب الزكاة في تسعة أشياء

الإبل و البقر و الغنم و الذّهب و الفضّة و الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و لا تجب فيما عدا ذلك سواء كان مما يكال أو يوزن أو لا و سواء قصد بزراعته نماء الأرض أو لا و سواء كان عسيلا في الأرض الخراجية أو لا و العلس عند الشيخ رحمه اللّٰه نوع من الحنطة و السلت عنده نوع من الشعير و الأقرب عندي عدم الوجوب فيهما

الفصل الثّاني في زكاة الإبل

و فيه اثنان و عشرون بحثا [- ا -] شروط زكاة الإبل الملك و النصاب و السّوم و الحول و إمكان التصرف و كمال العقل و قد تقدما و نصب الإبل اثنا عشر أولها خمس فلا تجب فيما دونها شيء إجماعا فإذا بلغت خمسا ففيها شاة الثاني عشر و فيه شاتان الثالث خمس عشرة و فيه ثلاث شياه الرابع عشرون و فيه أربع شياه الخامس خمس و عشرون و فيه خمس شياه عند أكثر علمائنا و قال ابن أبي عقيل يجب فيها بنت مخاض و ليس بمعتمد السادس ستّ و عشرون و فيه بنت مخاض السابع ست و ثلاثون و فيه بنت لبون الثامن ست و أربعون و فيه حقّة التاسع إحدى و ستّون و فيه جذعة العاشر ستّ و سبعون و فيه بنتا لبون الحادي عشر إحدى و تسعون و فيه حقتان الثاني عشر مائة و إحدى و عشرون فيؤخذ من كل أربعين بنت لبون و من كل خمسين حقة و هكذا بالغا ما بلغت فيكون في مائة و إحدى و عشرين ثلاث بنات لبون و في مائة و ثلاثين حقة و بنتا لبون و في مائة و أربعين حقتان و بنت لبون و في مائة و خمسين ثلاث حقاق و على هذا الحساب [- ب -] لو كانت الزيادة على مائة و عشرين بجزء من بعير وجبت الفريضة عن إحدى و تسعين و لو اجتمع في مال ما يمكن إخراج الفريضتين منه كالمائتين تخير المالك و الأفضل أن يدفع أرفع الأسنان و هي الحقاق و لو كان عنده أحد الصنفين أخرجه المالك أو اشترى الصّنف الآخر و أخرجه و لو لم يكونا عنده تخير في شراء أيّهما شاء و الأولى الحقاق و إن شاء أخرج أربع جذعات و استرجع ثماني شياه أو ثمانين درهما أو أخرج خمس بنات مخاض و معها عشر شياه أو مائة درهم و لا خيار للساعي في الصعود و النزول و ليس لولي الطّفل و المجنون إخراج أعلى الفريضتين إن قلنا بالوجوب و لو كان عنده أربعمائة جاز أن يخرج متماثلا و متفرقا و لو كان عنده خمس بنات لبون و ثلاث حقاق أخرج الخمس عن المائتين و ليس له إخراج الحقاق و بنت اللبون مع الجبران الشرعي و لا إخراج أربع بنات لبون و حقّة و يطالب بالجبران أما لو كانا ناقصين كأربع بنات لبون و ثلاث حقاق تخير مع الجبران فيدفع بنات اللّبون و حقة و يطالب بالجبران أو ثلاث حقاق و بنت لبون و الجبران و ليس له دفع حقة و ثلاث بنات لبون مع الجبران لكل واحدة إلا بالقيمة [- ج -] لا زكاة فيما دون الخمس و لا فيما بين النّصب من الأشناق لا منضمة و لا منفردة و لا يجب الأزيد من السن الواجب باعتباره و لو تلف أربع من تسع وجبت الشاة كملا سواء تلفت قبل الحول أو بعده و قبل إمكان الأداء أو بعده و لو تلف خمس قبل الحول فلا زكاة و بعده يسقط خمس الشاة إن كان قبل إمكان الأداء و لو هلك ست من ستّ و عشرين بعد الحول قبل إمكان الأداء سقط من بنت المخاض بنسبة التالف و كذا لو هلك خمس من ست و عشرين قال الشيخ هنا يكون قد هلك خمس المال إلا خمس الخمس فيكون عليه أربعة أخماس بنت مخاض و أربعة أخماس خمسها و على المساكين خمس بنت مخاض إلا أربعة أخماس خمسها [- د -] الشاة المأخوذة ينبغي أن تكون الجذعة من الضأن أو الثنيّة من المعز و كذا شاة الجبران و يجزي الذكر و الأنثى سواء كانت الإبل ذكورا أو إناثا و يجزي من غنمه أو غنم غيره قال الشيخ و يؤخذ من نوع البلد لا من نوع بلد آخر لأن المكية و المغربية و النبطية مختلفة و الأقرب عندي الإخراج من أيّ نوع شاء لأنّ التناسب بين الشاتين أقرب من التناسب بين الضأن و المعزى و يجزي هاهنا أحدهما عن الآخر إجماعا [- ه -] يجوز أن يخرج عن الإبل الكرام الشاة الكريمة و اللئيمة و السّمينة و المهزولة و لا يؤخذ المريضة من الإبل الصحاح و لو كانت مراضا و صحاحا و ماكس قومت

ص: 59

الخمس مريضة و صحيحة و أخذ الشّاة ناقصة عن بدل الصّحاح بنسبة النقصان [- و -] لو أخرج بعيرا عن الشاة لم يجزئه إلا إذا كانت قيمته تساوي قيمة الشاة أو تزيد و لو كانت قيمة الشاة تساوي قيمة بنت المخاض جاز إخراج الشاة عنها و لو لم يجد شاة اشترى شاة أو دفع قيمتها السّوقية و لا يجزئه عشرة دراهم إذا كانت أدون [- ز -] من وجب عليه سن و فقدها و وجد الأعلى بدرجة دفعها و استعاد شاتين أو عشرين درهما و لو وجد الأدون دفعها و دفع شاتين أو عشرين درهما فمن وجب عليه بنت مخاض و عنده بنت لبون أخرجها و استعاد من المصدّق ما قلناه و لو انعكس الفرض كان الجبران عليه و لو وجب عليه بنت مخاض و عنده ابن لبون ذكر أجزاءه مع عدم بنت المخاض من غير جبران و لو كانت عنده بنت مخاض معيبة أجزأه ابن اللّبون لا المعيبة و لو كانت عنده بنت مخاض أعلى صفة من الواجب و عنده ابن لبون تعينت بنت المخاض و لو عدمها جاز أن يشتري أيّهما شاء و لا يجبر علو السن في الذكر فائت الأنوثة في غير هذه الصّورة فلو وجب عليه بنت لبون لم يجزئه أن يخرج حقا و لو أخرج عن ابن اللبون حقّا أو جذعا أجزأه و لو أخرج عن بنت المخاض بنت لبون أو عن بنت لبون حقّة أجزأه و لا يجوز أن يؤخذ أنزل من بنت المخاض مع الجبران بل بالقيمة السوقية و كذا لا يؤخذ أعلى من الجذع إلا بالقيمة [- ح -] لو عدم السن و ما يليها صعودا و نزولا لم ينتقل إلى الثالثة بتضاعف الجبران بل بالقيمة السوقية على أقوى القولين [- ط -] لو أراد الجبر بشاة و عشرة دراهم لم يجز بل بشاتين أو عشرين درهما إلا على سبيل التقويم السوقي و لو كانت إبله مراضا و الفريضة معدومة و عنده أدون و أعلى دفع الأدون و الجبران و ليس له دفع الأعلى بأخذ الجبران و لو انتفى الضّرر عن الفقراء جاز [- ي -] لا يثبت الجبران في غير الإبل [- يا -] البخاتي من الإبل و العراب و النجيب و الكريم و اللئيم سواء يضم بعضه إلى بعض و يجب الزكاة مع بلوغ المجموع النصاب فإن تطوّع بالأجود و إلا أخذ من أوسط المال و لو قيل بجواز إخراج ما شاء إذا جمع الشرائط كان حسنا [- يب -] لا تؤخذ المريضة من الصحاح و لا الهرمة و هي الكبيرة من غيرها و لا ذات العوار من السّليمة و لا يؤخذ الربى و هي التي تربى ولدها إلى خمسة عشر يوما و قيل إلى خمسين و لا الأكولة و هي السّمينة المتخذة للأكل و لا فحل الضّراب لقوله عليه السّلام إياك و كرائم أموالهم و لا الحامل لأنه صلى اللّٰه عليه و آله نهى أن يأخذ شافعا و لو تطوع المالك بذلك جاز و لو كانت إبله مراضا لم يكلف شراء صحيحة و لو عدم الفريضة من المراض لم يجب شراء صحيحة فإن اشترى مريضة أجزأه و كذا يجزئه لو أخرج قيمة المريضة و لو كانت إبله صحاحا و مراضا كلف فرضا صحيحا بقيمة صحيح و مريض فلو كانت قيمة الصّحيح عشرين و المريض عشرة كلّف شراء صحيح بخمسة عشر و لو كانت كلها صحاحا و الفرض مريض كلف صحيحا بعد إسقاط التفاوت بين الصحيح و المريض من الفرض و لو كانت أمراضها متباينة أخذ من وسطها [- يج -] المأخوذ في الزكاة يسمى فريضة و ما يتعلق به الزكاة نصابا و ما نقص شنقا و أوّل فرائض الإبل المأخوذة بنت المخاض و هي التي كملت سنة و دخلت في الثانية و الماخض الحامل و المخاض اسم جنس لا واحد له من لفظه و الواحدة خلفة ثم بنت اللبون و هي التي لها سنتان و دخل في الثالثة ثم الحقة و هي التي لها ثلاث سنين و دخلت في الرابعة ثم الجذعة بفتح الذال المعجمة و هي التي دخلت في الخامسة و هي أعلى الأسنان فإذا دخلت في السادسة فهي الثنية فإن دخلت في السابعة فهي الرّباع و الرباعية و إن دخلت في الثامنة فهو سديس و سدس فإذا دخلت في التاسعة فهو بازل أي طلع نابه ثم بعد ذلك بازل عام أو بازل عامين و هكذا [- يد -] السّوم شرط في الإبل و البقر و الغنم إجماعا فلا يجب الزّكاة في المعلوفة و لو علفها بعض الحول قال الشيخ رحمه اللّٰه يعتبر الأغلب و الأقرب عندي اعتبار الاسم و كذا لو اعتلفت من نفسها أو منعها مانع من السوم فعلفها مالكها أو غيره بإذنه أو بغير إذنه [- يه -] الحول شرط في الأنعام الثلاثة و الذهب و الفضة بلا خلاف و يتحقق كمال الحول إذا أهل الثاني عشر و إن لم يكمل أيام الحول و يعتبر النصاب و الملك من أول الحول إلى آخره فلو نقلها عنه في أثناء الحول انقطع فإن استردها استأنف الحول من حين الارتداد و كذا لو عاوضها بجنسها أو بغير جنسها و القول قول المالك في حولان الحول من غير يمين و لو شهد عليه عدلان بحولان الحول قبل و أخذ منه الحق و لو مات المالك انتقل النصاب إلى الوارث و استأنف الحول حين الانتقال [- يو -] لو كان معه خمس من الإبل فحال عليها حولان وجبت شاة واحدة و لو كان قد أخرج عن الأوّل من غير العين ثم حال الثاني وجب عليه شاة ثانية و لو كان معه أزيد من نصاب و حال عليه أحوال وجبت الزكاة متعددة عن كل سنة بعد إسقاط ما يجب في السّنة المتقدّمة عن نصاب المتأخّرة إلى أن ينقص عن النصاب فلو حال على ست و عشرين حولان وجبت بنت مخاض و خمس شياه و لو حال ثلاثة وجبت بنت مخاض و تسع شياه [- ين -] لا يعد السخال مع الأمهات و لا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول و ليس حول أمّهاتها حولها سواء كانت متولدة منها أو من غيرها و سواء كانت أمهاتها تتمة النصاب أو نصابا و سواء وجدت معها في بعض الحول

ص: 60

أو لا و الوجه عندي أن السخال لا يجب فيها النصاب حتى يستغنى عن أمهاتها بالرعي ثمّ تبقى حولا بعده [- يح -] لو كان معه دون النصاب فنتجت في أثناء الحول حتى كمل النصاب استأنف الحول عند كمال النّصاب مع حصول السوم في السخال [- يط -] لو ملك نصابا من الصغار انعقد عليه الحول من حين السّوم و إن لم يكن معها كبار لم يؤخذ منها و لا يجب كبيرة عنها [- ك -] من شرائط الأنعام أن لا يكون عوامل فإنه لا زكاة في العوامل و إن كانت سائمة [- كا -] لو تلف من النصاب شيء ضمن المالك الفريضة كملا إن كان بتفريط و إلا سقط من الفريضة بنسبة التالف من النصاب [- كب -] ينقطع الحول بارتداد المالك إن كان عن فطرة و يستأنف ورثته الحول من حين الارتداد و التمكن و لو كان عن غير فطرة لم ينقطع و وجبت الزكاة عند تمام الحول ما دام باقيا

الفصل الثّالث في زكاة البقر

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] الزكاة تجب في البقر بشروط الإبل و قد تقدّمت إلا أن النّصاب هنا مخالف للنصاب ثم فللبقر نصابان أحدهما ثلاثون و فيه تبيع أو تبيعة و الثاني أربعون و فيه مسنة و هكذا دائما في كل ثلاثين تبيع أو تبيعه و في كلّ أربعين مسنة و ليس فيما نقص على الثلاثين شيء و لا فيما بين الثلاثين و الأربعين [- ب -] لا شيء في الزائد على الأربعين حتى يبلغ ستّين و فيها تبيعان أو تبيعتان [- ج -] التبيع و التبيعة هو الذي له سنة و دخل في الثانية و يسمى جذعا و جذعة للأنثى و المسنة هي التي دخلت في الثالثة و هي الثنية و لا يؤخذ غيرهما في البقر و إذا دخل في الرابعة فهو رباع أو رباعية و هو في الخامسة سديس و سدس و في السادسة صالغ ثم لا اسم له بعده بل يقال صالغ عام و صالغ عامين و هكذا [- د -] ما يؤخذ منه الزكاة يسمّى نصابا و المأخوذ فريضة و ما لا يؤخذ منه يسمى قصار [- ه -] لو اتفق في النصاب الفرضان كمائة و عشرين تخير المالك كما قلنا في الإبل و لو وجب عليه تبيع أو تبيعة فأخرج مسنة أجزأه إجماعا و لو وجب عليه مسنة ففي إجزاء التبيعين أو التبيعتين نظر أقربه الإجزاء مع عدم النقصان قيمة [- و -] الفريضة المأخوذة في الإبل و البقر الإناث خاصة سوى ابن اللبون و هو بدل عن ابن المخاض في الإبل و التبيع في البقر خاصة و لو أعطى مسنا بدل مسنة لم يجزئه إجماعا و لو كانت إبله ذكورا كلها ففي تكليفه الأنثى نظر أقربه جواز الذكر كالمعيب [- ن -] لو فقد السن الواجبة في البقر انتقل إلى غيرها بالقيمة السّوقية أو دفع القيمة [- ح -] البقر العراب و الجواميس جنس واحد يضم أحدهما إلى الآخر و يؤخذ من كل نوع بحصّته فإن ماكس أخذ منه الفريضة بالنسبة إلى الجيد و الرديء فلو كانت الجواميس عشرة و العراب عشرين نظر في الفريضة منهما فإذا كانت من الجواميس بستة و من العراب ثلاثة كلف جاموسة بأربعة أو بقرة بها و كذا لو اختلف البقر في الجودة و الرداءة و الخيار إلى المالك لا الساعي [- ط -] لا زكاة في بقر الوحش إجماعا و المتولّد من الوحشي و الإنسي يعتبر فيه الاسم

الفصل الرّابع في زكاة الغنم

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] شروط زكاة الغنم و شروط زكاة الإبل و البقر من الملك و النصاب و السّوم و الحول و التكليف و إمكان التصرف إلا أن النصاب هنا غير النّصاب هناك و اعلم أن للغنم أربعة نصب أولها أربعون و فيه شاة و الثاني مائة و إحدى و عشرون و فيه شاتان و الثالث مائتان و واحدة و فيه ثلاث شياه و الرابع ثلاثمائة و واحدة ففي كل مائة شاة و هكذا بالغا ما بلغ ففي أربعمائة أربعة و في خمسمائة خمس و هكذا و عند الشيخ رحمه اللّٰه أن في ثلاثمائة و واحدة أربع شياه و في أربعمائة و واحدة يؤخذ من كل مائة شاة و الأوّل أقرب [- ب -] ما يتعلق به الزكاة يسمى نصابا و ما لا يتعلّق به هنا يسمى عفوا و لا زكاة فيما نقص عن الأربعين و لا فيما بين النصب [- ج -] الضأن و المعز سواء يضم بعضها إلى بعض فيؤخذ من كل شيء بقسطه فإن ماكس أخذ بالنّسبة فإذا كان الضأن عشرين و المعز عشرين و قيمة ثنية المعز عشرين و جذع الضأن ثمانية عشر أخذ ثنية قيمتها تسعة عشر أو جذعا قيمة ذلك و لو قيل يجزي إخراج ما يسمّى شاة كان وجها [- د -] لا زكاة في الظباء و المتولّد من الوحشي و الإنسي يعتبر فيه الاسم [- ه -] لو ملك أربعين فحال عليها ستة أشهر ثم ملك أربعين أخرى وجب عليه شاة عند تمام حول الأوّل و إذا تم حول الثانية لم يجب فيها شيء أما لو ملك بعد نصف الحول تمام النصاب الثاني و زيادة واحدة فما زاد وجب عليه عند تمام حول الأوّل شاة و هل يحصل ابتداء انضمام النصاب الأول إلى النصاب الثاني عند ملك الثاني أو عند تمام حول الأول الأقرب الأول و فيه إشكال و لو قيل بسقوط اعتبار نصاب الأول عند ابتداء ملك تمام النّصاب الثاني و صيرورة الجميع نصابا واحدا كان وجها [- و -] أول ما تلد الشاة يقال لولدها سخلة للذكر و الأنثى في الضأن و المعز ثم يقال بهيمة كذلك فإذا بلغت أربعة أشهر فهي في المعز جفر و جفرة و الجمع جفار فإذا جاوزت أربعة أشهر فهي عتود و الجمع عتدان و عريض و جمعها عراض و من حين يولد إلى هذه الغاية يقال لها عناق للأنثى و جدي للذكر فإذا استكملت سنة فالأنثى عنز و الذكر تيس فإذا دخلت في الثانية فهي جذعة و الذكر جذع فإذا دخلت في الثالثة فهي الثنية و الثني و في الرابعة رباع و رباعية و في الخامسة سديس

ص: 61

و سدس و في السادسة صالغ ثم يقال صالغ عام و [صالغ] عامين و أما الضأن فالسّخلة و البهيمة كما في المعز ثم هو حمل للذكر و الأنثى دخل إلى سبعة أشهر ثم و هو جذع إلى سنة و في الثانية ثني أو ثنية ثم يلتحق بالمعز في الاسم و أقيم الجذع من الضأن مقام الثني من المعز لأن جذع الضّأن ينزو لسبعة أشهر و المعز إنما ينزو في السّنة الثانية

الفصل الخامس في زكاة الذهب و الفضّة

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] شروط الزكاة فيهما الملك و النصاب و الحول و كونهما مضروبين منقوشين بسكة المعاملة أو ما كان يتعامل بها دراهم أو دنانير و إمكان التصرّف و التكليف و لا زكاة في السّبائك و النقار و الحلي [- ب -] لكل من الذهب و الفضّة نصابان فالأوّل في الذهب عشرون دينارا و فيه نصف دينار و لا زكاة فيما دون ذلك و لو كان بشيء يسير و ابن بابويه جعل النصاب الأول أربعين و ليس بمعتمد الثاني أربعة دنانير و فيها قيراطان و هكذا دائما في كل أربعة قيراطان و ليس فيما دون أربعة شيء أصلا و الأول في الفضة مائتا درهم و فيها خمسة دراهم و الثّاني أربعون درهما و فيها درهم و كذا دائما في كل أربعين درهم و لا زكاة فيما نقص عن المائتين و إن كان بشيء يسير جدا و لا ما نقص عن الأربعين [- ج -] كل واحد من الجوهرين يعتبر نصابا بنفسه لا بقيمته من الآخر و لو اختلفت الموازين فنقص في بعضها دون الآخر بما جرت العادة به وجبت الزكاة و لو نقص في الموازين أجمع سقطت [- د -] الدراهم في صدر الإسلام كانت صنفين بغلية و هي السّود كل درهم ثمانية دوانيق و طبرية كل درهم أربعة دوانيق فجمعا في الإسلام و جعلا درهمين متساويين وزن كل درهم ستة دوانيق فصار وزن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل بمثقال الذهب و كل درهم نصف مثقال و خمسه و هو الدرهم الذي قدر به النبي صلّى اللّٰه عليه و آله المقادير الشرعيّة في نصاب الزكاة و القطع و مقدار الديات و الجزية و غير ذلك و الدانق ثماني حبات من أوسط حبّ الشعير [- ه -] الاعتبار في بلوغ النصاب بالميزان لا بالعدد و العفو الأول في الذّهب ما نقص عن العشرين و الثاني ما نقص عن أربعة و العفو الأول في الفضة ما نقص عن المائتين و الثاني ما نقص عن أربعين [- ز -] لو مر على العشرين نصف الحول ثم ملك أربعة أخذ نصف دينار عند تمام الحول ثم استأنف حول العشرين أما لو ملك خمسة أخذ بالواجب من العشرين عند كمال الحول و ابتدأ بحول الزائد من حين الملك و أخذ منه الواجب [- ح -] لا يجب في المغشوش من الذهب و الفضّة حتى يبلغ صافيهما نصابا فإذا بلغ فإن أخرج جيدا بمقدار المغشوش أو أخرج من العين و كان الغش متفقا أجزأ و إلا فإن علم مقدار الغش أجزأه أن يخرج عن الصافي خاصة و إن لم يعلم استظهر في الإخراج إما من غير العين أو منها ما يحصل به اليقين بالبراءة و إن لم يفعل أمر بسبكها على إشكال و لو كان المغشوش نصابا لا غير لم يجب الزكاة و لو لم يعلم بلوغ الخالص نصابا استحبّ له الإخراج و لم يكلف السبك و لو كمل بالصافي من المغشوش ما معه من الخالص وجبت الزكاة [- ط -] لا عبرة باختلاف الرغبة مع تساوي الجوهرين في العيار و يضم جيّد الثمن كالرضويّة مع ما هو دونها في القيمة و مساويها في العيار و يستحب أن يخرج من الأعلى و الأوسط و إن أخرج من الأدون جاز و لو أخرج من الأعلى بقدر قيمة الأدون لم يجز [- ي -] المكسور من الدراهم و الدنانير إذا انكسر بعد ضربه و نقشه وجبت الزكاة فيه [- يا -] الحليّ لا يجب فيه الزكاة سواء كان محللا أو محرّما كثر أو قل و لا فرق بين أن يتّخذ للاستعمال أو الإعارة أو الإجارة أو للذخيرة و روي أن زكاته إعادته [- يب -] ما يجري على السقوف و الحيطان من الذّهب حرام سواء الكعبة و المساجد و غيرها في ذلك اختاره الشيخ و رجح في الخلاف إباحته و على التقديرين لا زكاة فيه قال الشيخ و حلية السيف و اللجام بالذّهب حرام قال رحمه اللّٰه و لا نصّ لأصحابنا في تذهيب المحاريب و تفضيضها و تذهيب المصاحف و ربط الأسنان بالذهب و الأصل الإباحة و الأواني من الذهب و الفضّة حرام و لا زكاة فيها و لو أتلفها متلف لزمه قيمة الفضة دون الصنعة لأنها محرّمة [- يج -] لو قصد الفرار بالسّبك فإن سبك قبل الحول فلا زكاة و إن سبك بعده وجبت الزكاة و كذا لو قصد غرضا صحيحا و بعض علمائنا أوجب الزكاة مع قصد الفرار قبل الحول فلو زاد ما وزنه مائتان مائة للصّنعة تخير المالك بين دفع خمسة قيمتها سبعة و نصف و بين جعل ربع العشر من العين و الصنعة أمانة إلى وقت بيعها و بين دفع ذهب أو عرض غيره بقيمة سبعة و نصف و لو دفع مكان الخمسة سبعة و نصف لم يجز لأنّه ربا [- يد -] لا يضمّ السبائك و لا النقار إلى الذهب و الفضّة و كذا لا يضمّ عروض التجارة إليهما

الفصل السّادس في زكاة الغلات

و فيه [- لر -] بحثا [- ا -] الشرط في وجوب الزكاة هنا الملك و النّصاب و التكليف و إمكان التّصرف و النصاب هنا في الغلات الأربع شيء واحد و هو خمسة أوسق فلا يجب الزكاة فيما دونها و لا تقدير في الزائد بل تجب فيه و إن قل [- ب -] الوسق ستّون صاعا بصاع النبي صلّى اللّٰه عليه و آله و الصاع أربعة أمداد و المدّ رطلان و ربع بالعراقي و قول ابن أبي نصير المد رطل و ربع تعويل على رواية ضعيفة و الرطل العراقي مائة و ثمانية و عشرون

ص: 62

درهما و أربعة أسباع درهم و هو تسعون مثقالا و المثقال درهم و ثلاثة أسباع درهم و هذا التقدير تحقيق لا تقريب فلو نقص النصاب عن خمسة أوسق سقطت الزكاة و إن قل [- ج -] النصب معتبرة بالكيل بالأصواع و اعتبر الوزن للضّبط فلو بلغ بهما أو بالوزن وجبت الزكاة قطعا و لو بلغت بالكيل دون الوزن كالشعير لخفته ففي وجوب الزكاة فيه نظر أقربه العدم [- د -] لو تساوت الموازين في النقص اليسير سقطت الزكاة و لو اختلفت فيه وجبت و لو شك في البلوغ و لا مكيال هناك و لا ميزان و لم يوجد أسقط الوجوب دون الاستحباب [- ه -] إنما يعتبر الأوساق عند الجفاف فلو بلغ الرطب النصاب لم يجب الزكاة و اعتبر النصاب عند جفافه تمرا [- و -] لا يجب الزكاة في الغلات الأربع إلا إذا نمت على ملكه فلو اشترى غلة أو وهب له أو ورثها بعد بدو الصلاح وجبت الزكاة على البائع أما لو انتقلت إليه قبل بدو الصّلاح فبدا صلاحها عنده وجبت الزكاة عليه و الأقرب احتساب الثمن من المئونة بخلاف ثمن الأصول و إذا أخرج الزكاة من الغلة لم يتكرر عليه و إن بقيت أحوالا و لو اشترى نخلا و ثمرته قبل بدو الصلاح فالزكاة على المشتري و لو كان بعد بدو الصّلاح فالزكاة على البائع [- ز -] لو مات المالك و عليه دين و ظهرت الثمرة فلا زكاة على الوارث و لو فضل النصاب بعد الدين أما لو صارت تمرا و المالك حيّ ثم مات وجبت الزكاة و لو كان الدين مستغرقا و لو ضاقت التركة فالوجه تقديم الزكاة و قيل بالتحاص [- ح -] إذا بلغت الغلات الأربع النصاب وجب فيها العشر إن كانت تسقى سيحا أو بعلا أو عذيا و لو افتقر سقيها إلى مئونة كالدوالي و النواضح وجب فيها نصف العشر و لا يؤثر حفر الأنهار و السواقي و لا احتياجها إلى الساقي ليحول الماء من موضع إلى آخر في نقصان الزكاة أما لو جرى الماء في ساقية من النهر و استقر في مكان قريب من وجه الأرض و افتقر إلى الآلة في صعوده وجب نصف العشر [- ط -] لو شربت الثمرة سيحا و غير سيح اعتبر الأغلب و حكم له و لو تساويا أخذ من نصف الثمرة بحساب العشر و من نصفها نصف العشر و لو كان له ذرعان أحدهما سائح و الآخر ناضح ضما في تكميل النصاب و أخذ من كل منهما ما وجب فيه و القول قول المالك من غير يمين في أغلبية النّاضح [- ي -] الوجوب يتعلق بالحب إذا اشتدّ و بالثمرة إذا بدا صلاحها و قيل إنما يجب إذا صار الزرع حنطة أو شعيرا أو الرّطب تمرا أو زبيبا و المعتمد الأول و تظهر الفائدة فيما لو تصرف بعد بدو الصلاح قبل صيرورته تمرا و اتفق العلماء كافة على أن الإخراج إنما يجب في الغلة بعد التّصفية و في الثمرة بعد الجفاف [- يا -] لو تلفت بعد الجفاف بتفريط ضمن و بدونه لا ضمان و لو قطعها قبل بدو الصّلاح لحاجة فلا زكاة و لم يكن قد فعل مكروها و إن كان لغير حاجة فلا زكاة أيضا و لكنه فعل مكروها و لو تلف بعضها بعد بدو الصلاح بغير تفريط وجبت الزكاة إذا بلغ المجموع النصاب و سقط من الفريضة بنسبة التالف من المجموع [- يب -] لو اشترى الذمي زرع المسلم قبل بدو الصّلاح و رده بعد اشتداده لعيب فلا زكاة و لو ظهر فساد البيع من أصله ففي الوجوب نظر لعدم تمكنه من التصرف ظاهرا [- يج -] لو كان له رطب لا يجف عاد فوجبت الزكاة فيه بعد بلوغه النصاب و يعتبر بنفسه لا بجنسه [- يد -] لو كان له نخل يتفاوت إدراكه بالسرعة و البطء أو زرع أو كرم كذلك ضم السابق مع اللاحق إذا كانا لعام واحد و كذا البحث لو كان أطلاعه متفاوتا سواء كان في موضع واحد أو في أمكنة متباعدة [- يه -] لو كان له نخل يطلع مرتين في عام ضممناهما فإن بلغ المجموع نصابا تعلقت الزكاة و إلا فلا و قول الشيخ هنا مدخول ضعيف [- يو -] لو كان النخل جيّدا لم يجز الرديء و لو كان رديئا لم يكلف شراء الأجود و لو كان منهما أخرج بالتقسيط على الأفضل و لو أخرج من الأردإ ففي الإجزاء نظر و في رواية حسنة عن محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام قال سألته ما أقل ما يجب فيه الزكاة قال خمسة أوسق و يترك معى فأرة و أم جعرور لا يزكيان و إن كثر أو الظاهر أن مراده عليه السّلام لا يخرج منهما لا أنه لا زكاة فيهما لو بلغا النّصاب [- ين -] الزكاة في الغلاّت تجب بعد المئونة كأجرة السقي و العمارة و الحصار و الجذاذ و الحافظ و البذر و الخراج و بعد حصة السّلطان فإذا أخرجت هذه الأشياء و كان الباقي نصابا وجبت الزكاة و إلا فلا و للشيخ رحمه اللّٰه هنا قول ضعيف [- يح -] يجوز الخرص في الكرم و النخل و الأقرب عدم جوازه في الزرع و يضمن الخارص المالك حصّة الفقراء و وقته بدوّ الصّلاح و يجزي الخارص الواحد و الأفضل اثنان و لا بدّ أن يكون أمينا [- يط -] إذا عرف الخارص المقدار خير المالك في إبقائه أمانة في يده فليس له التّصرف حينئذ بالبيع و الهبة و الأكل و في تضمينه فيتصرف كيف شاء و يجوز أن يضمن الخارص حق المالك و يجوز أن يقسم الثمرة على رءوس النخل فيعين الساعي حصة الفقراء في نخل بعينه [- ك -] ينبغي للخارص التّخفيف عن المالك بقدر ما يستظهر به المالك لما يكون بإزاء المارة فما يتساقط فيأكله الهوام و ما ينتابه الطير و النظر في التخفيف إلى الخارص [- كا -] الخرص لا يفيد التضمين و إن اختار المالك الضمان بل إخراج الزكاة بحكم الخرص لو تلفت بتفريط

ص: 63

من المالك و لم يعلم القدر و لو تلفت من غير تفريط سقطت الحصّة المضمونة بالخرص و لو اختار المالك الحفظ ثم أتلف الثّمرة أو تلفت بتفريطه ضمن حصّة الفقراء بالخرص إن لم يعلم القدر و إلا ضمن القدر و كذا لو أتلفها الأجنبي و لو افتقرت النخلة إلى تجفيف الثمرة جففت و سقط من الخرص بحسابه [- لب -] لو ادعى المالك التلف أو تلف البعض بعد الخرص فإن كان بسبب ظاهر فالقول قوله و لا يمين عليه لو اتهمه الساعي خلافا للشيخ و لو نكل عند الشيخ غرم و لو كان يخفى فالقول قوله و لا يمين أيضا و لو ادعى غلط الخارص بالمحتمل قيل قوله من غير يمين و لو ادعى غير المحتمل لم يقبل منه و لو زاد الخرص فالزيادة للمالك و يستحب له بذلها قاله ابن الجنيد [- كج -] لو لم يخرج الإمام خارصا جاز للمالك أن يخرج خارصا و أن يخرص بنفسه و يحتاط في التقدير و يجوز للمالك قطع الثمرة و إن كره الخارص سواء ضمن أو لم يضمن و منع الشيخ في المبسوط ليس بجيد [- لد -] لا يجوز للساعي أخذ الرطب عن التمر و لا العنب عن الزّبيب إلا بأن يغير حاله عند الجفاف فإن فضل رد الفاضل و إذ نقص استعاد النقصان و لو دفع المالك الرطب عن التمر لم يجزه و لو كان عند الجفاف بقدر الواجب إلاّ بالقيمة السّوقية و عندي فيه نظر [- كه -] لو استأجر أرضا فزرعها ببذره كانت الزكاة على المستأجر و كذا لو استعار أرضا أو غصبها و لو زارع مزارعة فاسدة كانت الزكاة على صاحب البذر و لو كانت صحيحة كان الزكاة عليهما إذا بلغ نصيب كلّ منهما نصابا و لو بلغ نصيب أحدهما وجبت عليه خاصة [- كو -] لو اشترى ثمرة بشرط القطع قبل بدو الصّلاح فلم يقطعها حتى بدا صلاحها فإن طالب البائع بالقطع أو المشتري أو اتفقا جاز و هل تسقط الزكاة عن المشتري قال الشيخ نعم و عندي فيه إشكال و لو اتفقا على التبقية أو بقيت برضا المالك فإن الزكاة تجب على المشتري قولا واحدا [- كز -] الحنطة و الشعير هنا جنسان إجماعا لا تضمّ أحدهما إلى الآخر و إن اتحدا في باب الربا على الأقوى خلافا لابن إدريس

الفصل السّابع في الأحكام

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] لو ثلم النصاب قبل الحول سقطت و إن فعله فرارا و كذا لو بادل جنسا بجنس مماثل أو مخالف و يستأنف في البدل الحول من حين الانتقال و لو وجد به عيبا قبل الحول ردّه و استرجع النصاب و استأنف الحول من حين الرّجوع و إن كان بعد الحول و قبل الأداء بطل الرد إلى أن يؤدّي الزكاة من غير العين على إشكال و إن كان بعد الأداء من العين فكذلك و إن كان من غير العين جاز الردّ و لو كانت المبادلة فاسدة لم يزل ملك واحد منهما فإذا تم الحول وجبت الزكاة على إشكال [- ب -] لو باع النصاب بعد الحول قبل الأداء صحّ في نصيبه و وقف نصيب الفقراء فإن أدى الزكاة من غيره صحّ الجميع و إلا بطل نصيب الفقراء فيتخيّر المشتري (- ح -) و لو عزل نصيبهم و باع الباقي صحّ و لو وهبه بعد الحول صحّ في نصيبه و وقف نصيب الفقراء فإن أدى المالك من غيره صحّ و إلا فلا [- ج -] لا تسقط الزكاة بموت المالك إذا وجبت عليه سواء أوصى بها أو لم يوص و يخرج من طلب المال [- د -] لو تلف المال من غير تفريط سقطت الزكاة و إن كان بتفريط أو بعد إمكان الأداء وجبت [- ه -] يجوز إخراج القيمة في الأنعام و غيرها و منع المفيد في الأنعام بعيد و يجوز إخراج مهما شاء قيمة و القيمة تخرج على أنها قيمة الأصل و الأقرب جواز إخراج المنافع [- و -] لا اعتبار بالخلطة في الزكاة بل يخرج كل من المالكين ما يخصّه من ماله إن بلغ النصاب و إلا فلا شيء و لو بلغ المجموع النصاب أو أكثر سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف كما لو اشتركا في المسرح و المرعى و المحلب و المشرب و الفحل و الراعي و كذا لا أثر للخلطة في نقصان الفريضة فلو كان لثلاثة مائة و عشرون وجب على كل واحد شاة و لا فرق في سقوط اعتبار الخلطة بين الماشية و غيرها [- ز -] لو كان النصاب لواحد وجبت الزكاة عليه و إن كان متفرقا في أماكن مختلفة كما لو كان له أربعون شاة متفرقة في البلاد سواء تباعدت البلدان أو تقاربت و لو كان له ثمانون في بلدين وجبت شاة واحدة [- ح -] الزكاة تجب في العين لا في الذمة سواء كان المال حيوانا أو أثمانا أو غلات فلو كان له نصاب واحد حال عليه حولان و لم يؤد وجبت عليه فريضة واحدة و لو أدى من غير العين وجب عليه الإخراج ثانيا [- ط -] لا يضم جنس إلى غيره فلو كان عنده أربع من الإبل و عشرون من البقر و ثلاثون من الغنم لم يجب عليه شيء و كذا باقي الأصناف [- ي -] الدّين لا يمنع الزكاة و إن استوعب سواء في ذلك الأموال الظاهرة و الباطنة و لا فرق بين حقوق اللّٰه تعالى و حقوق الآدميين [- يا -] لو حال الحول على النصاب فتصدق به أجمع صحّ ثم إن نوى الزكاة أجزأه و إلا ضمن حصة الفقراء

الفصل الثامن فيما يستحبّ فيه الزكاة
اشارة

و فيه مطلبان

الأوّل في مال التجارة

و فيه ثلاثة و عشرون بحثا [- ا -] يستحب الزكاة في مال التجارة على أقوى القولين و هو المال المنتقل بعقد معاوضة يقصد به الاكتساب عند التملك و لا يكفي النية من دون الشراء و لو انتقل بهبة أو ميراث أو نوى القنية فلا زكاة [- ب -] شرط ثبوت الزكاة فيها استحبابا عندنا و وجوبا عند بعض علمائنا الحول و بلوغ القيمة النصاب

ص: 64

و نية الاكتساب بها عند التملك و أن يكون الاكتساب بفعله كالابتياع و الاكتسابات المحللة لا بما يملكه بميراث و إن نواه للتجارة و الأقرب اشتراط كون التملّك بعوض لا بالهبة و الاحتطاب و الاحتشاش و النكاح و الخلع و قبول الوصيّة و يشترط وجود رأس المال طول الحول فلو كان عنده متاع قيمته نصاب فزاد في أثناء الحول لم يبن حول الزيادة على الأصل بل يثبت زكاة رأس المال عند تمام حول الأصل و زكاة الزيادة عند تمام حولها إن بلغت نصابا سواء نض المال في أثناء الحول أو لم ينض [- ج -] قال الشيخ لو اشترى عرضا للتجارة بدراهم أو دنانير لم ينقطع حول الدراهم بل يبني حول العرض على حول الأصل و لو اشترى بنصاب من غير الأثمان كخمسة من الإبل استأنف الحول و لو كان معه سلعة ستة أشهر ثم باعها بنى على حول الأصل [- د -] لو اشترى سلعة للتجارة بسلعة للقنية جرت في الحول من حين انتقالها إليه [- ه -] عروض التجارة يبنى حول بعضها على بعض فلو كان في يده عرض للتجارة ثبت فيه الزكاة إذا أقام في يده ستة أشهر ثم اشترى به عرضا آخر للتجارة و أقام سنة أخرى يثبت الزكاة بخلاف الزكاة الواجبة لو بادل أحد النصيب بغيره و كذا لو نض المال بنى على حول العرض [- و -] يثبت زكاة التجارة في كل حول مع الشرائط [- د -] لو اشترى سلعا في أوقات متعاقبة فإن كانت قيمة كل واحدة نصابا زكى كل سلعة عند تمام حولها و إن بلغ المجموع النصاب زكاه عند حولان الحول عليه أجمع و لو كان الأول نصابا دون الباقي فكلما حال عليه الحول ضم إلى الأول و زكاه كالمال الواحد [- ح -] لو ملك دون النصاب و حال عليه الحول لم يثبت الزكاة و يشترط وجود النصاب في جميع الحول فلو كان دون النصاب ثم كلمه بزيادة القيمة السّوقية أو بنمائه أو بانضمام عرض آخر للتجارة في ملكه اعتبر الحول عند الكمال و لو نقص في أثنائه ثم كمل اعتبر الحول من حين الكمال [- ط -] لو اشترى شقصا بعشرين فحال الحول و هو يساوي مائة و حال الحول على الزيادة يثبت زكاة مائة و يأخذ الشفيع بالعشرين و لو اشترى سلعة فحال الحول ثم وجد بها عيبا فردها به يثبت الزكاة [- ي -] لو باع السّلعة في أثناء الحول استأنف حول الثمن [- يا -] تقوم السلعة بعد الحول بالثمن الذي اشتريت به سواء كان نصابا أو أقل و لا يقوم بنقد البلد و لو بلغت السلعة نصابا بأحد النقدين دون الآخر يثبت الزكاة [- يب -] القدر المخرج هو ربع عشر القيمة من النقد الذي كان رأس المال [- يج -] لو نوى القنية وقت الشراء لم يثبت الزكاة و لو نوى التجارة بعد ذلك أو ورث مالا أو استوهب و قصد أنّه للتجارة لم يصر للتجارة بمجرد النية [- يد -] لو نقص رأس المال في أثناء الحول و لو حبة سقطت الزكاة و إن كان ثمنا ضعاف النصاب و لو بلغ رأس المال استأنف الحول حينئذ و لو نقص بعد الحول و إمكان الأداء لم تسقط الزكاة في الناقص و لو كان قبل إمكان الأداء سقطت فيه خاصة [- يه -] زكاة التجارة تتعلّق بالقيمة فيجوز بيع العروض قبل الأداء [- يو -] زكاة التجارة لا تمنع زكاة الفطرة فلو اشترى رقيقا للتجارة يثبت زكاتها و وجب على المالك زكاة الفطر عنه [- ين -] لا يجتمع زكاة العين و التجارة في مال واحد فلو ملك أربعين سائمة للتجارة و قيمتها نصاب و حال الحول سقطت زكاة التجارة و يثبت زكاة العين [- يح -] لو اشترى أرضا للتجارة فزرعها أو نخلا لها فأثمر ثم وجبت زكاة العين في الزّرع و الثمرة لم تسقط زكاة التجارة في الأرض و النخل و للشيخ رحمه اللّٰه هنا قول ضعيف عندي [- يط -] لو كان معه مائة درهم فاشترى بمائة و خمسين عرضا فإن لم ينقص قيمته كمال الحول ضم إلى الخمسين و يثبت الزكاة و لو كان معه أربعون سائمة فعاوضها بأربعين سائمة و كلاهما للتجارة و كمل الحول عليهما يثبت زكاة التجارة و على قول الشيخ يثبت زكاة العين [- ك -] لو دفع ألفا قراضا على النصف فربح ألفا ضممنا حصة المالك إلى رأس المال و يثبت الزكاة فيه و في حصة العامل أيضا إذا اتفق رأس المال و الزيادة في الحول و لو اختلفا أخذنا زكاة رأس المال مع حوله و إذا حال الحول على الزيادة أخذت الزكاة من حصته و الباقي على العامل و تردّد الشيخ رحمه اللّٰه في تعجيل إخراج حصة الحامل لحصول الملك له بظهور الرّبح و يملك الفقراء حصّتهم منه بظهوره و بين تأخيره إلى القسمة لكونه وقاية و هو عندي أقرب و هنا لا يختص بربحه فإنّه لو كان رأس المال عشرة فربح عشرين ثم ثلاثين كانت الخمسون بينهما و لو استقر ملكه للربح لكان للعامل ثلاثون [- كا -] لو نوى بنصاب التجارة القنية تعين البناء على ما تقدم من الحول لزكاة المال [- كب -] لو اشترى سلعة بدراهم فحال عليها الحول و باعها بالدنانير قومت السلعة دراهم و لو باعها قبل الحول بدنانير ثم حال الحول قومت الدنانير دراهم [- كج -] لو نتج مال التجارة كان النتاج مال التجارة و يجزيه نقصان الولادة في نصاب التجارة و ليس حوله حول الأصل على ما تقدم

المطلب الثّاني في بقية ما يستحب فيه الزكاة

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] يستحب الزكاة في الخيل بشروط أربعة الأول الملك التام فلا يستحب في المستعار

ص: 65

و المستأجر و لا المغصوب و لا الضال الثاني السّوم فلا زكاة في المعلوفة الثالث الحول الرابع الأنوثة فلا زكاة في الذكور [- ب -] يخرج عن كلّ عتيق في كل سنة ديناران و عن كل برذون في كل عام دينار [- ج -] يستحب الزكاة في كل ما يخرج من الأرض غير الغلات الأربع التي يجب فيها الزكاة بشرط الكيل أو الوزن و الملك و النصاب كالأرز و العدس و الذرة و أشباهها [- د -] النصاب هنا كما هو في الغلات الأربع خمسة أوسق [- ه -] القدر المخرج العشر إن كان قد سقي سيحا أو شبهه و نصف العشر إن كان قد سقي بالدوالي و النواضح و أشباهها و لو اجتمعا فكالغلات [- و -] لا يستحبّ الزكاة في الخضر كالبقول و البطيخ و أشباهه [- ز -] يستحب الزكاة في المساكن و العقارات و الدكاكين إذا كانت للغلة و يخرج من غلتها الزكاة و لو لم يكن الدار دار غلة و لا عقارا متخذا للأجرة لم يستحب الزكاة [- ح -] لا يستحب الزكاة في الأقمشة و الأثاث و الفرش و الأواني و الرقيق و الماشية عدا ما تقدم

المقصد الثالث في وقت الإخراج و المتولي له

اشارة

و فيه مطلبان

الأوّل في الوقت

و فيه [- يه -] بحثا [- ا -] لا زكاة في الأنعام و الأثمان حتى يحول الحول و هو مضي أحد عشر شهرا ثم إذا أهل الثاني عشر وجبت الزكاة إذا استمرت الشرائط كمال الحول و وجوبها على الفور و أما الغلات فإذا صفت الغلة و اقتطفت الثمرة وجب الإخراج على الفور و لا يجوز له التأخير سواء طولب بها أو لا مع وجود المستحقّ [- ب -] لو أخر الإخراج مع التمكن و وجود المستحق ضمن و كذا لو بعث إليه زكاة ليفرقها فأخر مع وجود المستحق و إمكان الإخراج ضمن و كذا الوصيّ لو أخر دفع ما أوصي إليه بدفعه و لو كان عليه ضرر في الإخراج جاز التأخير و لو أخرها ليدفعها إلى من هو أحقّ بها كالقرابة أو ذي الحاجة الشّديدة ضمن مع وجود المستحقّ قلت أو كثرت و لا يكون قد فعل حراما و لو كثر المستحقون في البلد و طلب تعميم العطاء جاز له التأخير في الإعطاء لكل واحد بقدر ما يعطى غيره و في الضمان حينئذ إشكال [- ج -] يجوز للمالك عزل الزكاة من دون إذن الساعي و لو أخرجها عن ملكه و لم يسلمها إلى الفقير و لا إلى الساعي و لا إلى الوالي مع المكنة ضمن و لا يكفي الإفراد و لو أخرجها عن ملكه و لم يجد الساعي و لا الفقير و تلفت من غير تفريط فلا ضمان [- د -] لو رفع إلى الفقير الزكاة فأمره الفقير أن يشتري له بها ثوبا أو غيره و لم يقبضها فتلفت ضمن المالك لأن الفقير لم يملك بعد لعدم القبض فالتوكيل فاسد أما لو قبض لم يضمن إلا بالتفريط [- ه -] روي جواز تأخير الزكاة شهرا و شهرين و عندي أنه محمول على العذر و حينئذ لا يتقدّر بغير زواله [- و -] قد روي جواز تقديم الزكاة شهرا و شهرين و ثلاثة و أربعة و عندي أن هذه الرّوايات محمولة على سبيل القرض على الزكاة لا أنه زكاة معجلة و يكون صاحبها ضامنا حتى جاء الوقت و قد أيسر الأخذ و لا يضمن لو بقي على الاستحقاق [- ز -] لو كان معه أقل من نصاب فأخرج زكاة نصاب ناويا أنه إن تم النصاب كان ما أخرجه زكاة معجلة لم يجز إجماعا [- ح -] إذا كان معه نصاب لا أزيد فدفع الزكاة منه قرضا قبل الحول سقط الوجوب و عند الشيخ رحمه اللّٰه يثبت الزكاة ما دامت عينها باقية و لو تلفت انقطع الحول و له استرجاع الثمن [- ط -] إذا دفع الزكاة قبل الحول قرضا فإن بقي المال على صفة الوجوب و المستحق على صفة الاستحقاق احتسب القرض من الزكاة عند الحول و يجوز نقلها إلى غيره و لو تغيرت حال المال أو حال القابض استعيدت العين إن كانت موجودة و القيمة عند القبض إن تلفت و لو زادت العين زيادة متصلة أو منفصلة ففي استعادتها نظر قال الشيخ يستعيدها لأن المالك إنما أقرضها زكاة فلا يملكها بذلك [- ي -] لو تسلف الساعي الزكاة من غير مسألة المالك و لا الفقراء ثم حال الحول و المالك و القابض على الصفات المعتبرة وقعت موقعها و إن تغيرت حال الدافع ردها الإمام على المالك و إن تغيرت حال المدفوع إليه ردها الإمام على غيره و لو كان تغير المدفوع إليه قبل الدفع ضمنها الساعي مع التفريط و عدمه و لو تسلف بمسألتهما و حال الحول و لم يتغير الحال فقد وقعت موقعها و إن تغيرت بعد الدفع فالحكم ما مضى و إن كان قبله و هلكت من غير تفريط قال الشيخ الأولى أن يكون منهما لأن كل واحد منهما إذن به و لو تسلف بمسألة الفقراء و لم يتغيّر الحال فقد وقعت موقعها و إن تغيرت بعد الدفع فكما تقدم و إن كان قبله و هلكت في يد الساعي قال الشيخ يضمن أهل السهمان و لو تسلفها بإذن المالك خاصة و لم يتغير الحال وقعت موقعها و إن تغيرت بعد الدّفع فكما تقدم و إن كان قبله و هلكت في يد الساعي فالمالك ضامن لأن الساعي أمينه [- يا -] ما يتعجله المستحقون متردد بين الزكاة و الاسترداد فلو تغيرت حال المالك أو الفقراء قبل الحول استعيد و كل موضع يستعيد المالك فإنه يأخذ العين مع وجودها و المثل مع عدمها و لو تعذر أو لم يكن مثلية استعاد القيمة و يقع التردد من اعتبار القيمة يوم التلف أو يوم القبض و إنما يستعيد المالك لو قال للفقير وقت الدفع هذه زكاتي جعلتها لك و لو أطلق أو قال هذه صدقة لم يكن له الاسترجاع أطلق أو قيد [- يب -] لو أيسر الفقير فإن كان بعين المدفوع جاز احتسابه من الزكاة و إن

ص: 66

كان بغيره استرجع منه أما لو أيسر بنمائه كما لو كانت إبلا فتوالدت أو أموالا فاتجر بها قال الشيخ لا يرتجع الزكاة و فيه نظر لأن المقبوض عنده قرض و نماء القرض بالمقترض [- يج -] لو أيسر بعد الدفع ثم حال الحول عليه و هو فقير جاز الاحتساب و كذا لو دفعها إلى غني ثم افتقر لأنّ الدفع عندنا على سبيل القرض [- يد -] لو دفع عين نصاب ثم أتلف بعضه قبل الحول سقطت الزكاة و استرجع ما دفعه و إن قصد بالإتلاف الاسترجاع [- يه -] لو عجل عن أحد النصابين فهلك جاز احتسابه عن النصاب الثاني عند الحول

المطلب الثّاني في المتولي للإخراج

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] يجوز للمالك تفريق الزكاة بنفسه في المال الظاهر و الباطن و الأفضل صرفها إلى الإمام العادل و لو كان غائبا فالأفضل دفعها إلى الفقيه المأمون من الإمامية [- ب -] لو أخذ الجائر الزكاة ففي إجزائها روايتان الأقرب عدمه لكن لا يضمن حصة الفقراء مما أخذه [- ج -] لا يجوز للمالك دفعها إلى الجائر طوعا و لو دفعها كذلك ضمن و لو عزلها فأخذها الظالم أو تلفت فلا ضمان [- د -] لو طلبها الإمام وجب صرفها إليه فلو فرقها المالك حينئذ قيل لا يجزئه و عندي فيه نظر [- ه -] لو فرقها بنفسه أو حملها إلى الإمام أو إلى بعض إخوانه ليفرقها سقط سهم السعاة منها [- و -] يشترط في العامل شروط ستة البلوغ و العقل و الحرّية على إشكال و الإسلام و العدالة و الفقه فيها على إشكال و هل يجوز للهاشمي أن يكون عاملا منع الأصحاب منه أما لو تولى جباية زكاة الهاشمي فالوجه جواز أخذ النصيب منها و لو تطوع بالعمالة من غير سهم و لا أجرة جاز و يجوز لمولى الهاشمي أن يكون عاملا [- ز -] الإمام مخير إن شاء استأجر الساعي بأجرة معلومة مدّة معلومة و إن شاء جعل له جعالة عن العمل يدفعها إليه مع توفيته فإن قصر النصيب عنه تيمّم له من باقي السهام و إن فضل دفع الباقي إلى أهل الزكاة و لو قيل إنه ليس بلازم لأنه تعالى جعل له نصيبا كان وجها [- ح -] يجب على الإمام بعث ساع للجباية في كل سنة و أطلق الشيخ ذلك و عندي أنه لو علم من قوم أداؤها إليه أو إلى المستحقّين لم يجب البعث إليهم [- ط -] أجرة الوزان و الكيال و الناقد على ربّ المال و أما الحاسب و الكاتب فيعطيان من سهم العامل [- ي -] ليس للساعي تفرقة الزكاة بنفسه من دون إذن الإمام و لا بيعها إلا مع الحاجة أو العذر فلو باع لا لضرورة لم يصحّ البيع و يستعاد العين و أرشها من المشتري إن نقصت عنده و المثل إن كانت تالفة أو القيمة و ينبغي أن يعرف أهل الصّدقات بأنسابهم و حلاهم و يعرف قدر حاجتهم فإذا أعطى شخصا كتبه و حلاه و لا ينبغي له أن يؤخر التفرقة إلا مع الإذن [- يا -] إذا أخذ الساعي أو الإمام الزكاة دعا لصاحبها و للشيخ قولان في الوجوب أقربهما عندي الاستحباب [- يب -] ينبغي لوالي الصّدقة أن يسم نعمها في أصلب موضع و أكشفه مثل أفخاذ الإبل و البقر و أصول آذان الغنم و يكون ميسم الإبل و البقر أكبر من ميسم الغنم و يكتب على الميسم ما أخذت له من صدقة أو زكاة أو جزية و يكتب اسم اللّٰه تعالى للتبرك به [- يج -] النية شرط في أداء الزكاة و لا بد فيه من التقرب و الوجه و كونها زكاة مال أو فطرة أو صدقة و لا يفتقر إلى تعيين المال و يتوالاها الدافع سواء كان المالك أو الساعي أو الوالي أو الحاكم أو الوكيل و لو دفعها المالك إلى الإمام أو إلى الساعي و نوى وقت الدفع أجزأه سواء نوى الإمام أو الساعي حال دفعها إلى الفقراء أو لا أما لو دفعها إلى الوكيل و نوى حالة الدفع إليه و نوى الوكيل حال الدفع إلى الفقراء أجزأ إجماعا و لو نوى الوكيل خاصة قال الشيخ لا يجزئه و عندي فيه نظر و لو نوى المالك حال الدفع إلى الوكيل و لم ينو الوكيل حال الدفع إلى الفقراء قال الشيخ لا يجزئه أيضا [- يد -] لو أخذ الإمام أو الساعي الزكاة و لم ينو المالك فإن كان أخذها كرها أجزأه و إن كان طوعا قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يجزئه و ليس للإمام مطالبته بها ثانيا [- يه -] يجب مقارنة النّية للدفع و لو نوى بعد الدفع ففي الإجزاء نظر و لو تصدق بجميع ماله و لم ينو بشيء منه الزكاة لم يجزئه [- يو -] لو كان له مال غائب فأخرج زكاة و قال إن كان مالي سالما فهذه زكاته أو تطوعا لم يجزئه خلافا للشيخ رحمه اللّٰه أما لو قال إن كان سالما فهذه زكاته و إن كان تالفا فعن الحاضر و لو أخرج عن الغائب فبان تالفا قال الشيخ لم يجز له صرفه إلى غيره و الوجه عندي الجواز و لو دفع الزكاة إلى الساعي تطوّعا و قال هذه عن مالي الغائب فبان تالفا قبل الرجوع رجع بها عليه مع بقائها و إن كان قد فرقها رجع على الفقراء و لا يضمن الساعي

المقصد الرابع في مستحق الزكاة

اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في الأصناف
اشارة

و هي ثمانية

الأول و الثاني الفقراء و المساكين

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] لا تميز بين الفقير و المسكين مع الانفراد و مع الاجتماع لا بد من مائز و القدر المشترك بينهما هو عدم التمكن من مئونة السنة و اختلف في أيهما أسوأ حالا فللشيخ قولان أحدهما الفقير لقوله عليه السّلام نعوذ باللّٰه من الفقر و قال عليه السّلام اللّٰهمّ أحيني مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني في زمرة المساكين و لأن العرب تبدأ بالأهم و لأنه مشتق من كسر الفقار فإنّه

ص: 67

فعيل بمعنى مفعول أي مكسور فقارة الظهر و هو مهلك و لقوله تعالى أَمَّا اَلسَّفِينَةُ فَكٰانَتْ لِمَسٰاكِينَ و الثاني المسكين لقوله سبحانه أَوْ مِسْكِيناً ذٰا مَتْرَبَةٍ و هو المطروح على التراب لشدته من الحاجة و للتأكيد به و لقول الشاعر أما الفقير الذي كانت حلوبته و لنصّ أهل اللغة عليه و كذا نصّ أهل البيت عليهم السّلام و لا فائدة كثيرة في البحث عن ذلك بل الأصل عدم الغنى الشامل للمعنيين إن تحقق استحق الزكاة إجماعا و اختلف في الغنى المانع فللشيخ قولان أحدهما من يملك نصابا يجب فيه الزكاة أو قيمته و الثاني القدرة على كفايته و كفاية من يلزمه كفاية حولا كاملا [- ب -] يجوز لصاحب الدار و الخادم و الفرس أخذ الزكاة مع حاجته و اعتباره لذلك [- ج -] لو كان له كفاية باكتساب أو صناعة لم يجز له أخذ الزكاة و كذا لو كان له أجرة عقار أو غيره مع الكفاية أما لو ملك نصابا زكويا أو أكثر لا يتمّ به الكفاية جاز له أخذ الزكاة [- د -] لو أعد مالا للإنفاق و ليس له كسب و لا صناعة اعتبرت الكفاية حولا فيعطي لا معها و لا ينتظر به إنفاق ما معه [- ه -] لو كانت له دار غلة يكفيه غلتها لم يجز له أخذ الزكاة و لو لم تكفه جاز [- و -] لو كان معه ما يمون نفسه و عياله بعض السنة جاز أن يتناولها من غير تقدير و قيل لا يتجاوز التتمة و ليس بمعتمد [- ز -] لو كان ذا كسب يكفيه حرم عليه أخذها و لو كان كسبه يمنعه عن النفقة في الدين فالأقرب عندي جواز أخذها [- ح -] لا يشترط في استحقاق الفقراء لزمانه و لا التعفف عن السؤال [- ط -] الزوجة الفقيرة إذا كان زوجها غنيا فإن كان ينفق عليها حرمت عليها منه إجماعا و من غيره و لو منعها الفقر جاز لها الأخذ من غيره [- ي -] الولد المكتفي بنفقة أبيه أو الأب المكتفي بنفقة الابن لا يجوز لأحدهما أخذ الزكاة من صاحبه و في الجواز من غيره إشكال و رواية عبد الرحمن بن الحجاج الصحيحة عن الكاظم عليه السّلام تعطي تسويغه

الصّنف الثالث العاملون على الزكاة

و هم جباة الصدقات و فيه [- د -] مباحث [- ا -] إنما يستحق العامل الصّدقة إذا عمل و لو أخل لم يستحقّ [- ب -] لو فرقها الإمام لم يأخذ منها شيئا [- ج -] إنما يستحق العامل نصيبا من الزكاة لا عوضا و أجرة [- د -] يدخل في العاملين الكاتب و القسّام و الحاسب و الحافظ و العريف أما الإمام و نائبه و القاضي فلا

الصّنف الرابع المؤلفة قلوبهم

و فيه [- د -] مباحث [- ا -] المؤلفة و هم الذين يستمالون إلى الجهاد و يتألفون بإسهامهم من الصدقة و هم قوم مشركون لهم نصيب من الزكاة لمعونة المسلمين في جهاد غيرهم من المشركين و هل هاهنا مؤلفة غيرهم من المسلمين قال الشيخ لا نعرف أصحابنا مؤلفة أهل الإسلام و قال المفيد المؤلفة ضربان مسلمون و مشركون و اعلم أن المؤلفة من المسلمين أربعة أحدها أشراف مطاعون لهم نية حسنة في الإسلام و يعلم ثباتهم عليه لكن لهم نظراء من المشركين إذا أعطوا رغب نظراؤهم في الإسلام الثاني أشراف نيتهم ضعيفة إذا أعطوا رجي حسن نيتهم و ثباتهم الثالث مسلمون في طرف بلاد الإسلام لهم قوة منع من يليهم من المشركين إن أعطوا قاتلوا عن المشركين و إن منعوا لم يقاتلوا و احتاج الإمام في قتالهم إلى مئونة شديدة لتجهيز الجيوش الرابع مسلمون في الأطراف بإزائهم قوم يؤدون الصدقات خوفا منهم إن أعطاهم الإمام جبوها و إن منعهم لم يجمعوها و احتاج الإمام إلى مئونة في تحصيلها قال الشيخ لا يمتنع أن نقول إن للإمام أن يتألف هؤلاء القوم و يعطيهم إن شاء من المؤلفة و إن شاء من سهم المصالح لأن هذا من فرائض الإمام و فعله حجة و لا يتعلق علينا في ذلك حكم اليوم لسقوطه و فرضنا تجويز ذلك و الشك فيه و قول الشيخ رحمه اللّٰه جيد [- ب -] قال الشيخ سهم المؤلفة ساقط الآن و ليس بمنسوخ [- ج -] لو احتيج إلى الجهاد حال غيبة الإمام فالوجه جواز صرف السهم إلى أربابه من المؤلفة [- د -] إذا احتاج الإمام في قتال أهل البغي أو ما في الزكاة إلى التأليف استعان بالمؤلفة و صرف السهم إليهم

الصّنف الخامس الرقاب

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] المراد بالرقاب المكاتبون و العبيد إذا كانوا في ضر و شدة يشترون ابتداء و يعتقون [- ب -] لو وجبت عليه كفارة عتق و هو فقير قال قوم من أصحابنا و يجوز أن يعطي من الزكاة ما يشتري به من الرقبة و يعتقها في كفارته من سهم الرقاب لأن القصد إعتاق الرقبة و قال الشيخ الأحوط أن يعطي ثمن الرقبة من سهم الفقراء فيشتري هو و يعتق عن نفسه و قيل يعطي من سهم الغارمين [- ج -] لو لم يوجد مستحق جاز أن يشتري العبد من مال الزكاة و يعتق و إن لم يكن تحت شدّة [- د -] يجوز صرف السهم إلى السّيد بإذن المكاتب و إلى المكاتب بإذن السيد و بغير إذنه [- ه -] لا يعطى المكاتب من سهم الرقاب إلا إذا فقد ما يؤديه في كتابته و هل يعطى قبل حلول النجم فيه إشكال أقربه الجواز

الصّنف السّادس الغارمون

و هم المذنبون في غير معصية و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] لو أنفق الغارم ما استدانه في معصية لم يقض عنه من الزكاة سواء تاب أو لم يتب نعم لو تاب و كان فقيرا جاز أن يعطى من سهم الفقراء و يقضي هو [- ب -] لو لم يعلم فيما ذا النفقة قال الشيخ لا يقضى عنه و الوجه عندي القضاء [- ج -] لو قضى الغارم دينه من ماله أو من غيره لم يجز له أخذ عوضه من الزكاة إلا أن يكون قضاه من دين آخر

ص: 68

[- د -] لو استغرق السهم الدين جاز للإمام أن يدفعه إلى الغرماء و أن يدفعه إلى الغارم ليقضي هو و لو قصر السهم عن الدين فطلب أخذه ليتجر فيه و يستفضل ما يحصل به تمام الدين فالوجه الجواز [- ه -] الغارم ضربان أحدهما من تحمل مالا لإطفاء فتنة بأن يتلف مال رجل و يجهل متلفه و كاد يقع بسببه فتنة فتحمل رجل قيمته لإسكان الثائرة و سواء مكان التحمل لإطفاء الفتنة الثائرة بالقتل أو بتلف المال و الثاني من استدان لمنفعة نفسه إما للإنفاق في الطاعة أو المباح و القسمان يعطيان من سهم الغارمين [- و -] لو ضمن دينا و كان هو و المضمون عنه موسرين لم يؤد من سهم الغارم و إن كانا معسرين جاز و لو كان المضمون عنه موسرا دون المضمون عنه فالأقرب صرفه إلى الأصيل لإمكانه و لا يصرف إلى الضامن لإيساره مع إمكان الصرف إلى الأصيل [- ز -] يجوز القضاء عن الحيّ و إن كان ممن يجب نفقته مع العجز و يجوز أن يقاص بما عليه و كذا يقضى عن الميّت و يقاص و إن كان ممن يجب نفقته أيضا و الظاهر أن جواز المقاصة إنما هو مع قصور التركة

الصّنف السّابع سبيل اللّٰه

و للشيخ قولان في تفسيره أحدهما الجهاد خاصة و الثاني جميع سبل الخير و مصالح المسلمين كمعونة الزائرين و الحاج و قضاء الدين عن الحي و الميّت و بناء القناطير أو المساجد و أشباه ذلك و الثاني أقوى و الغزاة قسمان المطوعة الّذين ليسوا بمرابطين و لا منهم لهم في الديوان و ليسوا من الجند الذين لهم نصيب من الفيء و إنما يغزون إذا نشطوا و الثاني الّذين لهم سهم من الفيء و هم جند الديوان الذين هم برسم الجهاد و الأولون يأخذون النصيب إجماعا و تردد الشيخ في الثاني و الوجه عندي جواز إعطائهم و لو أراد كل من الصنفين الانتقال إلى صاحبه جاز

الصّنف الثامن ابن السبيل

و في تفسيره قولان أحدهما للشيخ أنه المجتاز بغير بلده المنقطع به و إن كان غنيّا في بلده و يدخل الضيف فيه و الثاني لابن الجنيد أنه المجاز و المنشئ للسّفر و الأقرب عندي الأول فيعطى الثاني من سهم الفقراء مع فقره لا من سهم ابن السّبيل إذا عرفت هذا فإن ابن السّبيل يعطى ما يكفيه لذهابه و عوده إن قصد غير بلده و ما يكفيه لوصوله إلى بلده إن قصده و يعطى في سفر الطاعة و المباح لا المعصية

الفصل الثاني في الأوصاف

و هي ثلاثة الإيمان و أن لا يكون ممّن تجب نفقته و لا هاشميّا من غيره و هاهنا [- ما -] بحثا [- ا -] لا يجوز صرف الزكاة إلى الكافر غير المؤلفة و لا إلى غير المؤمن من سائر أصناف المسلمين فلو خالف لم يجز سواء كان غير المؤمن مستضعفا أو لا [- ج -] حكم زكاة الفطر حكم زكاة المال و جوز بعض علمائنا دفعها إلى المستضعف مع عدم المستحق و الحقّ خلافه [- د -] يجوز أن يعطى زكاة المال و الفطرة أطفال المؤمنين و إن كان آباؤهم فساقا و لا يجوز إعطاء أولاد المشركين و لا أولاد المخالفين للحق [- ه -] اختار الشيخ و السّيد المرتضى رحمهما اللّٰه اشتراط العدالة في المستحقّ و منعه آخرون و هو الأقوى و قال آخرون يشترط مجانبة الكبائر فعلى قولنا يجوز إعطاء الفاسق إذا كان مؤمنا [- و -] الإجماع على منع إعطاء من يجب نفقته على الدافع و هم الأبوان و إن علوا و الأولاد و إن نزلوا و الزّوجة و المملوك من الزكاة الواجبة و يجوز للزّوجة أن تعطي زوجها من زكاتها [- ز -] من عدا من ذكرنا من الأقارب كالأخ و العمّ و الخال لا يمنع من الزكاة مع الشرائط بل هو أولى من الأجنبي سواء كان وارثا أو لم يكن [- ح -] لو كان في عائلته من لا يجب نفقته كيتيم أجنبي جاز دفع الزكاة إليه و الإنفاق عليه من الزكاة [- ط -] أجمع العلماء كافة على تحريم الزكاة على بني هاشم من غيرهم و هم الآن أربعة أولاد أبي طالب و العباس و الحرث و أبي لهب و هل يحل لبني المطلب أفتى به المفيد في الغرية و الحق عندي خلافه [- ي -] يجوز لموالي بني هاشم و هم من أعتقوه أخذ الزكاة المفروضة و لا تحرم على زوجات النبي صلى اللّٰه عليه و آله [- يا -] يجوز للهاشمي أن يتناول الزكاة من مثله من الهاشميين و أخذ المندوبة من غيرهم [- يب -] لو كان الهاشمي فقيرا قد منع من الخمس جاز له تناول الزكاة و هل يتقدر بقدر الحاجة أو يجوز له الزيادة الأقرب الأول [- يج -] لو ادعى شخص الفقر فإن عرف كذبه منع و إن عرف صدقه أعطي و إن جهل قبلت دعواه و لا يكلف بيّنة و لا يمينا و لو عرف له مال و ادعى تلفه قال الشيخ يكلف البيّنة و عندي فيه نظر و لو ادعى العجز عن الاكتساب قبل قوله من غير يمين و إن كان شابا سليما [- يد -] لو ادعى العبد الكتابة و لم يعلم صدقه فإن صدقه السّيد قبل قوله و إن كذبه افتقر إلى البيّنة [- ير -] لو ادعى العزم فإن كان لمصلحة ذات البين فأمره مشهور و إن كان لمصلحة نفسه و لم يعلم صدقه فإن صدقه المدين أو انتفى تكذيبه فالوجه القبول من غير يمين و إن كذبه لم يعط شيئا [- يو -] لو ادعى ابن السبيل الحاجة قبل قوله من غير يمين و كذا لو ادعى تلف ماله و الشيخ كلفه في الثاني اليمين [- ين -] لا يعطى الزكاة المملوك و إن كان طفلا لأنه يكون إعطاء للمالك [- يج -] يجوز أن يعطى أطفال المؤمنين فيتولى الأخذ وليهم سواء كان رضيعا أو لا أكل الطعام أو لا و كذا يجوز الدفع إلى ولي المجنون [- يط -] المخالف إذا أخرج زكاته إلى أهل نحلته ثم استبصر أعاد [- ك -] لو دفع الإمام أو الساعي إلى من يظنه فقيرا فبان غنيا لم يضمن الدافع و لا المالك و للإمام

ص: 69

و النائب الاستعارة من المدفوع إليه مع ظهور غناه شرط ذلك حال الدفع أو لا أعلم أنها زكاة أو لا و مع فقده يستعيد المثل أو القيمة و مع التعذر يذهب من المساكين و لو كان الدافع هو المالك فالأقرب عدم الضمان مع الاجتهاد و ثبوته لا معه فإن وجد العين استعادها و إلا المثل أو القيمة إن شرط وقت الدفع أنها زكاة واجبة و لو لم يشترط فلا رجوع [- كا -] لو بان أن المدفوع إليه عبد المالك فالوجه عدم الإجزاء مطلقا [- كب -] لو دفع إلى من ظاهره الإسلام أو الحرية فبان الخلاف أو بان هاشميا أو من يجب نفقته عليه لم يضمن كما تقدم [- لج -] الفقراء و المساكين و العاملون و المؤلفة يعطون عطاء مطلقا لا يراعى ما يفعلون بالصدقة أما الرقاب و الغارمون و في سبيل اللّٰه و ابن السّبيل فإنهم يعطون مراعى فإن صرف المكاتب ما أخذه في الكتابة و إلا استعيد إن رفع إليه ليصرفه فيها و لو لم يف بما عليه و استرقه سيده قال الشيخ رحمه اللّٰه لا يرتجع و الغارم إن صرف سهمه في الدّين و إلا فالوجه ارتجاعه خلافا للشيخ رحمه اللّٰه و الغازي إن صرف سهمه في الغزو و إلا استعيد و لو فضل منه فضلة بعد الغزو لم يستعدوا ابن السبيل إن دفع صرف سهمه في مئونة سفره و إلا استعيد خلافا للشيخ و لو فضل معه شيء في بلده من الصدقة استعيد [- كد -] الغازي و العاملون عليها و الغارم لمصلحة ذات البين يأخذون مع الغنى و الفقر و الباقي إنما يأخذون مع الفقر لا غير و ابن السبيل يأخذ و إن كان غنيّا في بلده لفقره في بلد الأخذ [- كر -] من يجب نفقته لو كان غازيا أو عاملا أو مكاتبا جاز أن يدفع إليه من سهم من اتّصف بصفته و لو كان ابن سبيل دفع إليه ما يحتاج إليه لسفره مما يزيد عن النفقة الأصلية كالحمولة و مئونة الطريق و لو كان مملوكه مكاتبا جاز أن يدفع إليه مولاه من زكاته ما يعينه على فك رقبته و منع منه ابن جنيد [- كو -] لو سافرت زوجته كان الزائد عن نفقة الحضر منه محتسبا من سهم ابن السبيل و لو كان بغير إذنه كانت عاصية فلا يعطى شيئا و لو كانت مكاتبة جاز لزوجها دفع ما يعينها على فك رقبتها و كذا لو كانت غارمة [- كن -] يجوز أن يخص بالزكاة كلها شخص واحد من صنف واحد و إلا فضل صرفها إلى الأصناف بأسرهم و يجوز تفضيل بعضهم على بعض و أن يعطى الفقير ما يغنيه و ما يزيد عليه دفعة فلو دفع إليه ما يغنيه حرم الزكاة [- كح -] الغارم يعطى قدر الدين خاصة قل أو كثر و كذا المكاتب و ابن السبيل و الغازي يعطى ما يكفيه لغزوه و العامل يعطى سهمه أو أجرته و لو عين له الإمام أجرة و قصر السّهم تممه الإمام من بيت المال أو من سهم غيره و لو زاد نصيبه عن أجرته رد الزائد على باقي السهمان [- كط -] في تحريم نقل الصّدقة من بلدها مع وجود المستحق قولان أقربهما الكراهية و لو نقلها ضمن أما لو لم يوجد المستحق في بلدها فإن النقل سائغ مع ظن السّلامة إجماعا و لا ضمان مع عدم التفريط [- ل -] لو كان المالك في غير بلد المال استحب إخراجها في بلد المال و لو كان بعضه عنده استحب أن يخرج عن كل مال في بلده [- لا -] لو فقد المستحق استحب له عزلها و الإيصاء بها و لو أدركته الوفاة وجبت الوصية بها [- لب -] لو اتصف المستحق بصفات مختلفة جاز أن يأخذ بكل وصف قسطا [- لج -] أقل ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأول و هو خمسة دراهم أو نصف دينار قاله الشيخان و ابنا بابويه و هو الأشهر في الروايات و قال ابن الجنيد و سلار ما يجب في النصاب الثاني و هو درهم أو قيراطان و لم يقدره المرتضى و لا حد لأكثر ما يعطى [- لد -] يستحب أن يعطى زكاة الأثمان و الغلات أهل الفقر المعروفين بأخذ الزكوات و زكاة النعم أهل التجمل [- لر -] لو كان الفقير يترفّع عن الزكاة جاز إعطاؤه و لا يشعر بأنها زكاة [- لو -] يكره للفقير مع الحاجة الامتناع من قبولها [- لز -] من أعطي شيئا ليفرقه في قبيل و كان منهم فإن كان المالك قد عيّن لم يتعد تعيينه و إن لم يعين جاز أن يأخذ مثل غيره لا أزيد [- لح -] أهل السهمان إنما يستحقون عند القسمة إذا أخذوا نصيبهم فإذا مات فقير قبل الأخذ لم ينتقل إلى وارثه شيء [- لط -] يكره للرّجل شراء صدقته و استيهابها و بالجملة يملكها اختيارا و ليس بمحرم و لا بأس بعودها إليه بميراث و شبهه من غير كراهية و كذا لو احتاج إلى شرائها زالت الكراهية [- م -] العبد المبتاع من مال الزكاة إذا مات و لا وارث له ورثه أرباب الزكاة و الرواية به و إن كانت ضعيفة إلا أن محققي علمائنا عملوا بها [- ما -] لو ادعى المالك الإخراج قبل قوله من غير بينة و لا يمين و كذا لو قال هي وديعة أو لم يحل الحول

المقصد الخامس في زكاة الفطر

اشارة

و فيه فصول

الأول فيمن تجب عليه

و فيه [- لا -] بحثا [- ا -] زكاة الفطر واجبة بشرط الحرّية و التكليف و الغنى فلا تجب على المملوك بل تجب على السّيد ابتداء و حكم أمّ الولد و المدبّر و المكاتب المشروط حكم القن أما المطلق و إن لم يؤد شيئا فالفطرة على المولى و كذا إن أدى و عاله مولاه و إن أنفق من كسبه وجب عليه و على السيد بالحصص إن ملك بالحرية ما يجب معه الزكاة [- ب -] لا زكاة على الصبي و المجنون و لا يجب على الولي الإخراج عنهما إجماعا و كذا لا تجب على من أهل شوال و هو مغمى عليه [- ج -]

ص: 70

قبل قولها إذا مضى بعد الوطء و إمكانه وضع أيّ شيء كان و لا يشترط صيرورته مضغة و لو كانت معدة بالشهور فإن اتفقا على زمان الطلاق أو الوفاة احتسب ثلاثة أشهر أو أربعة و عشرة أيّام و إن اختلفا فالقول قول الزوج لأنّ القول قوله في أصل الطلاق و كذا في وقته [- ج -] التي لا تحيض و هي في سنّ من تحيض تعتدّ من الطلاق و الفسخ مع الدخول بثلاثة أشهر أمّا اليائسة لكبر أو الصغيرة التي لم تبلغ فالأصحّ أن لا عدّة عليهما و إن دخل بهما على ما تقدّم خلافا للسيّد و لو كان مثلها تحيض اعتدت بثلاثة أشهر فإن خرجت الثلاثة و لم تر دما خرجت من العدّة و كذا لو رأت الأطهار الثلاثة و إن لم ينقص الأشهر أما لو رأت الدم في الشهر الثالث و تأخّرت الحيضة الثانية و الثالثة فإنّها تصبر سنة لاحتمال الحمل ثمّ يعتدّ بعد ذلك بثلاثة أشهر و هذه هي المسترابة و الشيخ رحمه اللّٰه تعالى قال في النهاية إن تأخّرت الحيضة الثانية صبرت تمام تسعة أشهر ثم تعتد بثلاثة أشهر و إن رأت الحيضة الثانية قبل تمام تسعة أشهر و تأخّرت الثالثة صبرت سنة ثمّ يعتد بثلاثة أشهر و أيّهما مات ما بينه و بين خمسة عشر شهرا ورثه الآخر و فيه إشكال و الرواية ضعيفة [- د -] إذا رأت الدّم بعد الطلاق مرّة ثمّ بلغت سنّ اليأس اعتدت بشهرين آخرين و لو طلّق المستحاضة و عرفت أيّام حيضها اعتدّت بالأقراء و إن لم يعرفها اعتبرت صفة الدّم و اعتدت بما شابه دم الحيض فإن اشتبهت رجعت إلى عادة نسائها فإن اختلفن أو قصدن اعتدت بثلاثة أشهر إن قلنا إنّ هذه تتحيض في كلّ شهر مرّة و على قول بعض علمائنا إنّها تجعل عشرة أيّام طهرا و عشرة حيضا كانت عدتها أربعين يوما و لحظتين و لو كان لها عادة مستقيمة ثمّ اضطربت فصارت بعد أن كانت تحيض في كلّ شهر عشرة لا تحيض إلاّ في شهرين أو ثلاثة و صار عادتها اعتدت بالأقراء المتجدّدة لا بالعادة الأولى و لو صارت لا تحيض إلاّ بعد ثلاثة أشهر أو أزيد اعتدت بالأشهر و الضابط ما تقدّم و من أنّ الاعتبار بالسابق من ثلاثة الأشهر البيض أو ثلاثة الأقراء و لو كانت لا تحيض إلاّ في كلّ أربعة أشهر فما زاد مرّة اعتدت بالأشهر أيضا [- ه -] المعتدة بالأشهر و إن طلّقت في أوّل الهلال اعتدت بثلاثة أشهر أهلّة و إن طلقت في أثناء الشهر اعتدت بهلالين و أخذت من الرّابع تكملة ثلاثين للأوّل و قوى الشيخ تكملة الفائت من الأوّل و تلفق الساعات و الأنصاف و لو ارتابت بالحمد بعد انقضاء العدة و النكاح لم تبطل إلاّ أن يظهر الحمل و يتحقق أنّه من الأوّل و لو حدثت الريبة بعد العدّة و قبل النكاح جاز لها أن تنكح الثاني أمّا لو ارتابت به قبل انقضاء العدّة فإنّها لا تنكح و لو انقضت العدّة حتّى يتحقّق الخلوّ أو تضع الحمد قال الشيخ إذا طلّقها فارتابت بالحمد بعد الطّلاق و ادعته صبر عليها تسعة أشهر ثمّ تعتد بعد ذلك بثلاثة أشهر فإن ادّعت إلى بعد ذلك حملا لم يلتفت إليها و قال ابن إدريس التّسعة كافية و هو جيّد [- و -] الصغيرة عند السّيد المرتضى أو التي لم تحض و هي في سنّ من تحيض عندنا إذا اعتدت بالشهود ثمّ رأت الدم بعد العدّة فإنّ عدتها مضت و لا يلزمها عدّة بالأقراء إجماعا و إن رأت الدّم قبل انقضائها فإنّها تنتقل إلى الأقراء و هل يعتد لها بالطهر قبل الدّم قرء الأقوى ذلك لأنّه انتقال من طهر إلى حيض و يحتمل عدمه لأنّ القرء هو الطهر بين الحيضتين

الفصل الثّالث في عدّة الحامل

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] الحامل تعتدّ من الطلاق بوضع الحمل سواء كانت حرّة أو أمة و سواء وضعته بعد الطلاق بلا فصل أو تأخّر أكثر زمان الحمل و قال ابن بابويه يعتد بأقرب الأجلين فإن مضت ثلاثة أشهر و لم تضع خرجت من العدّة و إن وضعت قبل ثلاثة أشهر خرجت أيضا من العدة و المعتمد الأوّل [- ب -] لا فرق بين أن يكون الحمد تاما أو غير تام بعد أن يعلم أنّه حمل و إن كان علقة سواء ظهر فيه خلق آدميّ من عين أو ظفر أو يد أو رجل أو لم يظهر لكن تقول القوابل بأن فيه تخطيطا باطنا لا يعرفه إلاّ أهل الصّنعة أو يلقى دما متجسدا ليس فيه تخطيط ظاهر و لا باطن لكن شهد القوابل أنّه مبدأ خلق آدمي لو بقي لتخلّق و تصوّر أمّا لو ألقت دما لا يعلم هل هو ما يخلق الآدمي فيه أو لا فإنّ العدة لا تنقضي به و قال الشيخ لو ألقت نطفة أو علقة انقضت بها العدة [- ج -] لو طلّقت فادّعت الحمل صبر عليها تسعة أشهر هي أقصى مدّة الحمل ثمّ لا يلتفت إلى دعواها و في رواية سنة و كذا لو وضعت و كذا فادعت بقاء آخر على أحد القولين [- د -] لو كانت حاملا باثنتين ولدتهما و بينهما أقلّ من ستّة أشهر للشيخ قولان أحدهما أنّها تبين بوضع الأوّل و لا تحلّ للأزواج حتى تضع الجميع و الثّاني أنها إنّما تبين بوضع الجميع و هو الأقوى و كذا لو ارتجعها و قد خرج بعض ولدها صحّت الرجعة و لا تبين إلاّ بوضع حمله الولد [- ه -] لعلمائنا قولان في الحامل هل ترى دم الحيض أم لا فإن قلنا بالأوّل لم ينقض العدّة به بل بوضع الحمل [- و -] تعتدّ الحامل من الزنا إذا طلّقها الزوج بالأشهر لا بالوضع من حين الطلاق و لا اعتبار بالحمل و من الشبهة تعتدّ بالوضع لمن التحق به و بالأشهر بعدّة الطلاق و لا تتداخل العدتان و لو زنت امرأة خالية من بعل فحملت لم يكن عليها عدة من الزنا و جاز لها التزويج و لو لم تحمل فالأقرب أنّ عليها العدّة [- ن -] إذا اتفقا على زمان الوضع ثمّ ادّعت وقوع الطلاق قبله و ادعى هو البعدية قدّم قوله مع اليمين و لو اتّفقا على زمان الطلاق و ادعى تقدّم الولادة عليه و ادّعت تأخّرها قدّم قولها مع اليمين و لو جهلا الزمانين لكن ادعى سبق الولادة و ادعت سبق الطلاق و قدّم قوله لأصالة بقاء الرّجعة

ص: 71

و هو الأقوى [- لا -] يستحب للفقير إخراج الفطرة عن نفسه و عن عياله و لو أخذها استحب له دفعها و لو ضاق عليه أدار صاعا على عياله ثم تصدق به

الفصل الثّاني في قدرها و جنسها

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] الجنس ما كان قوتا غالبا كالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و و الأرز و الأقط و اللبن فلو أخرج أحد هذه أجزأه و إن كان غالب قوت البلد غيره و أفضل هذه الأجناس التمر ثم الزبيب و قيل الأفضل ما يغلب على قوت البلد و هو حسن [- ب -] قدر الفطرة صاع من جميع الأجناس بصاع النّبي عليه السّلام و الصّاع أربعة أمداد و المدّ رطلان و ربع بالعراقي و هو مائة و اثنان و تسعون درهما و نصف و الدّرهم ستة دوانيق و الدانق ثماني حبات من أوسط حبّ الشعير فقدر الصاع تسعة أرطال بالعراقي و ستة بالمدني قال الشيخ رحمه اللّٰه و يجزي من اللّبن أربعة أرطال بالمدني و روايته ضعيفة [- ج -] يجزئه الصاع من سائر الأجناس إذا اعتبر الكيل سواء ثقل أو خف و هل يجزي الوزن من دون الكيل الوجه ذلك [- د -] لو أخرج صاعا من جنسين من الأجناس المنصوصة قال الشيخ لا يجزئه و الأقرب عندي الإجزاء و لو أخرج أصواعا من أجناس مختلفة عن جماعة جاز إجماعا [- ه -] هل يجوز أن يخرج أقل من صاع من جنس أعلى إذا ساوى قيمته صاعا أو من أدون على سبيل التقويم عندي فيه تردّد و لم أقف فيه للقدماء على قول [- و -] لو أخرج من غير الغالب على قوته جاز و إن كان أدون قيمة [- ز -] لا يجزئه إخراج المعيب و يجوز أن يخرج من قديم الطّعام إذا لم يتغيّر طعمه و إن نقصت قيمته عن قيمة الحديث [- ح -] يجوز إخراج القيمة و لا يتقدر بقدر معيّن بل يرجع إلى القيمة السّوقية وقت الإخراج و قدره قوم من علمائنا بدرهم و آخرون بأربعة دوانيق و ليس بشيء [- ط -] قال في الخلاف لا يجزي الدقيق و السّويق من الحنطة و الشعير على أنهما أصل و يجزيان على أنهما قيمة و عندي فيه نظر و كذا البحث في الخبر هل يجزي على أنه أصل أو بالتقويم [- ي -] السلت أنه إن قلنا إنه نوع من الشعير أجزأ على أنه أصل لا قيمة و إلا اعتبرت قيمته و كذا البحث في العلس أما الخلّ و الدبس و ما أشبههما فلا يجزيان أصلا بل بالقيمة و الطعام الممتزج بالتراب مجزئ إن لم يخرج بالمزج إلى حد المعيب فإن خرج وجب إزالته و الزيادة المقاومة

الفصل الثالث في وقتها و مستحقها

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] يجب الفطرة بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان و للشيخ رحمه اللّٰه قول آخر بوجوبها بطلوع الفجر الثاني يوم الفطر و اختاره المفيد و ابن الجنيد [- ب -] لو وهب له عبد فأهل شوال و لم يقبض فالفطرة على الواهب و لو قبل و مات قبل القبض فقبض الوارث قال الشيخ يجب الفطرة عليه و ليس بجيد [- ج -] لو ولد له ولد بعد الهلال أو تزوّج أو اشترى أو أسلم أو بلغ أو صار غنيّا أو زال جنونه لم تجب الفطرة و لو كان قبله وجبت و إن كان قبل الغروب بشيء يسير [- د -] لو مات له ولد أو مملوك أو طلق زوجته أو باع عبده قبل الغروب فلا زكاة و يجب فيما بعده على الخلاف و لو مات العبد بعد الهلال قبل إمكان الأداء عنه وجب الإخراج عنه [- ه -] لو أوصى له بعبد ثم مات الموصي بعد الهلال فالزكاة عليه و إن مات قبله فإن قبل الموصى له قبل الهلال أيضا فالزكاة على الموصى له و إن قبل بعده قال الشيخ لا زكاة على أحد [- و -] لو مات الموصى له كان للوارث القبول فإن قيل قبل الهلال وجبت الفطرة و هل تجب عليه أو في مال الموصى له قال الشيخ بالأول و هو جيّد [- ز -] لو مات بعد الهلال و عليه دين ففطرة عبده في تركته و لو ضاقت التركة وقع التحاص بين الفطرة و الدين و لو مات قبل الهلال قال الشيخ لا يلزم أحدا فطرته إلا أن يعوله و الوجه أن الفطرة على الورثة إن قيل بانتقال التركة إليهم كالراهن و إلا فالوجه ما قاله الشيخ [- ح -] العبد إذا كان نصفه حرّا و هايأه مولاه فوقع الهلال في نوبة أحدهما ففي اختصاصه بالفطرة تردّد أقربه العدم [- ط -] يستحب إخراجها يوم العيد قبل الخروج إلى المصلى و يتضيق عند الصلاة و هل يجوز تقديمها على هلال شوال الأقوى عندي جواز ذلك من أوّل رمضان لا أكثر [- ي -] لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد اختيارا فإن أخّرها أثم و لو لم يتمكن لم يأثم إجماعا ثم إن كان قد عزلها أخرجها مع الإمكان و إن لم يكن قد عزلها فالأقرب صيرورتها قضاء و قيل أداء و قيل يسقط و يصحّ العزل إذا عزلها المالك و يضمن بالتأخير عنه مع وجود المستحقّ و يجوز نقلها من بلده مع عدم المستحق فيه و معه على الخلاف و يضمن [- يا -] يجوز أن يخرجها من المال الغائب عنه و الأفضل إخراجها من بلد المالك و قسمتها فيه [- يب -] تصرف الفطرة إلى من تصرف إليه زكاة المال و يجوز أن يعطى أطفال المؤمنين و إن كان آباؤهم فساقا و لا يجوز صرفها إلى غير المستحق و المستضعف غير مستحق خلافا للشيخ و لو فقد المستحق جاز التأخير و لا ضمان مع وجود المستضعف [- يج -] يجوز صرفها إلى واحد و يجوز للجماعة صرف صدقتهم إلى الواحد دفعة و على التعاقب ما لم يبلغ إلى حدّ الغنى [- يد -] لو أخرجها إلى المستحق فأخرجها أخذها إلى مستحق فأخرجها أخذها إلى دافعها بأن يكون الفقير قد أخذها و تصدّق بها جاز [- يه -] يستحب تخصيص الأقارب بها ثم الجيران مع وجود الأوصاف و يستحب ترجيح أهل الفضل في العلم و الدين

ص: 72

[- يو -] يجوز للمالك أن يتولى التفرقة بنفسه و يستحبّ صرفها إلى الإمام أو نائبه و لو تعذّر صرفت إلى الفقيه المأمون من الإماميّة [- ين -] يجوز أن يعطى صاحب الخادم و الدار و الفرس من الزكاتين و لا يكلف بيع ذلك و لا بعضه [- يح -] يستحب أن لا يعطى الفقير أقل من صاع و يجوز أن يعطى أصواعا و لو اجتمع جماعة لا يسعهم الأصواع جاز أن يعطى الواحد أقل من صاع [- يط -] لا تسقط صدقة الفطر بالموت و تخرج من أصل التركة كالدين و إن لم يوص بها [- ك -] لا يملك المستحق الزكاة إلا مع القبض من المالك أو وكيله فليس للوارث المطالبة بها لو مات المستحق قبل القبض

المقصد السّادس في الخمس

اشارة

و فيه فصول

الأوّل فيما يجب فيه

و فيه [- ل -] بحثا [- ا -] يجب الخمس في سبعة أصناف الغنائم من دار الحرب و المعادن و الكنوز و الغوص و فاضل مئونة عياله عن السنة من أرباح التجارات و الصناعات و الزّراعات و الحلال إذا اختلط بالحرام و لم يتميّز و أرض الذّمي إذا اشتراها من مسلم [- ب -] الغنائم التي تؤخذ من دار الحرب يجب فيها الخمس مما حواه العسكر و ما لم يحوه أمكن نقله أو لا مما يصحّ تملكه [- ج -] ما يؤخذ في دار الحرب منهم إذا كان في أيديهم غصبا من مسلم أو معاهد لا يجب الخمس فيه و يجب ردّه على المغصوب منه [- د -] الخمس يجب في الغنيمة قلت أو كثرت [- ه -] المعادن كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة و يجب فيها الخمس لا الزكاة سواء كانت مائعة كالقير و النّفط و الكبريت أو جامدة سواء كانت منطبعة بانفرادها كالرصاص و النحاس و الذهب و الفضة و الحديد أو مع غيره كالزئبق أو غير منطبعة كالياقوت و الفيروزج و البلخش و العقيق [- و -] في اعتبار النّصاب في المعادن قولان للشيخ أحدهما أنه يعتبر و الثاني أنّه غير معتبر و يجب الخمس في قليلها و كثيرها و الأقرب الأول ثمّ في قلة النّصاب قولان أحدهما عشرون دينارا و هو الأقوى عندي و الثاني دينار واحد اختاره ابن بابويه و أبو الصلاح فلا يجب الخمس في شيء من المعادن حتى يبلغ قيمته عشرين دينارا [- ز -] النصاب معتبر بعد المئونة فإن بلغ بعدها نصابا وجب الخمس و إلا فلا و يعتبر النّصاب فيما أخرج دفعة واحدة أو دفعات لا يتخللها ترك مهملا ثم أخرج دون النصاب لم يجب شيء و لو كملا نصابا أما لو بلغ أحدهما نصابا وجب منه خاصّة و لو تخلل إهمال فلو أخرج دون النصاب و ترك العمل للاشتراء مثلا أو لإصلاح آلة أو طلب أكل أو معادن أو خرج بين المعدنين تراب أو شبهه وجب الخمس إذا بلغ المنضم النصاب ثم يجب في الزائد مطلقا [- ح -] النصاب معتبر في الذّهب و ما عداه بالقيمة و لو اشتمل المعدن على جنسين ضمّ أحدهما إلى الآخر سواء كانا ذهبا أو فضة أو لا [- ط -] لا يعتبر الحول في المعادن [- ي -] المعدن إن كان في ملك ملكه صاحب الملك فيخرج خمسه و الباقي له و إن كان في مباح فالخمس لأربابه و الباقي لواجده [- يا -] قال الشيخ يمنع الذمي من العمل في المعدن فإن أخرج منه شيئا ملكه و أخذ منه الخمس [- يب -] الخمس يجب في المخرج من المعدن و يملك المخرج الباقي و يستوي في ذلك الصغير و الكبير و لو كان المعدن لمكاتب وجب فيه الخمس و لو استخرج العبد معدنا ملكه سيّده و وجب على مولاه خمسه [- يج -] لو باع الواجد جميع المعدن فالخمس عليه و يجب خمس المعدن لا خمس الثمن [- يد -] الكنز هو المال المدفون في الأرض و يجب فيه الخمس سواء وجد في أرض الحرب أو أرض العرب [- يه -] الكنز إن وجد في أرض موات من دار الإسلام أو غيره معهودة بالتملك كآثار الأبنية المتقادمة على الإسلام و جدران الجاهلية و قبورهم فإن كان عليه أثر الإسلام فلقطة و إن لم يكن عليه أثر الإسلام أخرج خمسه و ملك الباقي و إن وجد في أرض مملوكة له فإن انتقلت إليه بالبيع عرف البائع فإن عرفه و إلا عرف البائع قبله و هكذا فإن لم يعرفه أحد منهم فلقطة و إن انتقلت بالميراث عرف باقي الورثة فإن اتفقوا على أنه ليس لمورثهم فهو لأوّل مالك فإن لم يعرفه أحد فلقطة و إن اختلفوا حكم للمعترف بنصيبه و كان حكم المنكر ما مضى هذا إذا كان عليه أثر الإسلام فإن لم يكن عليه أثر الإسلام فللشيخ قولان أحدهما أنه لقطة و الثاني للواجد و إن وجد في أرض مملوكة لغيره مسلم أو معاهد فهو لصاحبها إن اعترف به و إلا فلأول مالك و إن لم يعرفه أحد ففي تملك الواجد إشكال و إن وجد في دار الحرب فهو لواجده سواء كان عليه أثر الإسلام أو لا و يخرج منه الخمس و كذا لو وجده في أرض مملوكة لحربي معين [- يو -] لو استأجر أجيرا ليحفر له طلبا للكنز فوجده فهو للمستأجر و لو استأجره لغير ذلك فالكنز للأجير [- ين -] لو استأجر دارا فوجد كنزا فهو للمالك و لو تداعياه فالقول قول المالك و للشيخ رحمه اللّٰه قول آخر إن القول قول المستأجر أما لو اختلفا في مقداره فالقول قول المستأجر [- يح -] يجب الخمس في كل كنز على اختلاف أنواعه من الذهب و الفضة و الرصاص و الصفر و النحاس و الأواني و غير ذلك [- يط -] لا يعتبر في الكنز الحول بل متى وجد وجب [- ك -] يجب الخمس على الواجد مسلما كان أو ذميّا حرّا أو عبدا صغيرا أو كبيرا ذكرا أو أنثى عاقلا أو مجنونا إلا أن ما يجده العبد لسيده فيجب الإخراج على السيّد أما المكاتب فيملك الكنز يخرج خمسه و الباقي له و الصّبي و المجنون يملكان أربعة أخماسه و الباقي لأربابه يخرجه الولي و

ص: 73

المرأة تملك الكنز [- كا -] يجب إظهار الكنز على واجده و إخراج الخمس منه و لا يسقط الخمس بكتمانه [- كب -] لا يجب في الكنز شيء ما لم يبلغ قيمته عشرين دينارا بعد المئونة عليه من حفر و غيره و ليس له نصاب آخر بل يجب في الزائد مطلقا و لو وجد دون النصاب ثم وجد كنز آخر دونه و اجتمعا نصابا فالأقرب عدم الوجوب [- لج -] الغوص كل ما يستخرج من البحر كاللؤلؤ و المرجان و العنبر و غير ذلك و يجب فيه الخمس إذا بلغ قيمته دينارا و إن نقص لم يجب و لو غاص فأخرج دون النصاب ثم غاص أخرى فأكمله فالأقرب وجوب الخمس إن كان الترك للاستراحة و شبهها و عدمه إن كان بنية الإعراض و الإهمال و لا يعتبر في الزائد نصاب بل يجب فيه الخمس و إن قل [- كد -] قال الشيخ العنبر من نبات البحر و قيل هو من عين في البحر و قيل يقذفه البحر إلى جزيرة فلا يأكله شيء و لا ينقره طائر إلا نصل منقاره فيه و إن وضع أظفاره عليه فصلت و مات فإن أخذ بالغوص اعتبر له نصاب الغوص و إن أخذ من وجه الماء كان له حكم المعادن [- كه -] قال الشيخ الحيوان إن أخذ بالغوص أو قفيا ففيه الخمس أما المصاد من البحر فلا خمس فيه و الأقرب عندي إلحاقه بالأرباح لا بالغوص كيف كان [- كو -] المسك لا شيء فيه [- كن -] أرباح التجارة و الصنائع و الزراعات و جميع أنواع الاكتسابات و فواضل الأقوات من الغلات و الزّراعات عن مئونة السنة على الاقتصاد يجب فيها الخمس إذا فضلت عن مئونة السنة له و لعياله و لا يجب على الفور بل يتربّص إلى تمام السنة و يخرج عن الفاضل خمسه و لا يراعي الحول في شيء مما يجب فيه الخمس سوى هذا و لو احتسب من أوّل السنّة ما يكفيه على الاقتصاد و أخرج خمس الباقي معجلا كان أفضل [- كح -] إنما يجب الخمس في هذا النّوع من فواضل أرباح التجارات و الصّناعات و الزّراعات و لا يجب في الميراث و لا الهبة و لا الهدية خلافا لأبي الصّلاح و لا فوق بين جميع أنواع الاكتسابات فلو غرس غرسا فزادت قيمته لزيادة نمائه وجب الخمس في الزيادة و لو زادت القيمة لتغير السعر لا لزيادة فيه لم يجب [- كط -] الحرام إذا اختلط بالحلال و لم يتميّز أحدهما عن الآخر و لا صاحبه أخرج الخمس و حل الباقي و لو عرف مقدار الحرام وجب إخراجه سواء قل عن الخمس أو كثر و كذا لو عرفه بعينه و لو جهله غير أنه عرف أنّه أكثر من الخمس وجب الخمس و ما يغلب على الظن في الزائد و لو عرف صاحبه وجب صرف ما يخرجه إليه أو إلى ورثته فإن لم يكن له وارث فالإمام و لو ورث مالا ممن يعلم أنه جمعه من حرام و حلال أخرج خمسه مع الجهل كما تقدم [- ل -] لا يعتبر في غنائم دار الحرب و لا الحلال الممتزج بالحرام و لا الأرض المبتاعة من الذّمي نصاب بل يجب الخمس في قليله و كثيره

الفصل الثاني في مستحقّه و كيفية قسمته

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] يقسم الخمس ستة أقسام فنصفه و هو سهم اللّٰه و سهم رسوله و سهم ذي القربى للإمام خاصّة و نصفه للثلاثة فسهم لليتامى و سهم للمساكين و سهم لأبناء السّبيل و يشترط في هؤلاء الثلاثة انتسابهم إلى عبد المطلب بن هاشم بالأب لا بالأم و هم الآن أولاد أبي طالب و العباس و الحرث و أبي لهب و لا يعطى غيرهم شيئا و الأصح منع أولاد المطلب خلافا لابن الجنيد و للمفيد في أحد قوليه [- ب -] قال السّيد المرتضى من انتسب إلى هاشم بالأمومة استحق الخمس و حرمت عليه الزكاة و فيه نظر [- ج -] يعتبر في أخذ الخمس الإيمان و يجوز إعطاء الفاسق [- د -] لا يحمل الخمس عن بلد المال مع وجود المستحق فيه فإن حمله ضمن و لو لم يوجد المستحق جاز النقل و لا ضمان و يعطي من حضر البلد و لا يتبع من غاب [- ه -] المراد بذي القربى هنا الإمام خاصة و هو بأخذ سهم ذي القربى بالنص و سهم اللّٰه و سهم رسوله بالوراثة عن الرسول عليه السّلام و يأخذ الإمام هذه الأسهم مع الحاجة و عدمها أما اليتيم فهو الذي لا أب له ممن لم يبلغ الحلم و لا بد أن يكون هاشميّا و هل يشترط فقره قال الشيخ لا للعموم و عندي فيه نظر إذ يحرم لمن له أب موسر و وجود المال له أنفع من وجود الأب فيكون أولى بالحرمان أما المسكين فالمعنى المراد به المشترك بينه و بين الفقير و ابن السّبيل لا يشترط فيه الفقر بل الحاجة في بلد السفر [- و -] الأحوط قسمة الخمس في الأصناف من غير تخصيص و هل يجوز التخصيص الظاهر من كلام الشيخ المنع و فيه إشكال و لا يجب استيعاب كل طائفة بل لو اقتصر من كلّ طائفة على واحد جاز [- ز -] مستحق الخمس من الركاز و المعادن هو المستحقّ له من الغنائم و لا يجوز صرف حق المعدن إلى من وجب عليه لانتفاء تحقق الإخراج (- ح -) [- ح -] الأسهم الثلاثة التي للإمام ملكه يصنع بها ما شاء من نفقة و صدقة و نفل و غير ذلك و الثلاثة الباقية لأربابها لا يخصّ القريب و لا الذكر و لا الكبير على أضدادهم بل يفرقهم الإمام بحسب ما يراه من تسوية و تفضيل و لا يتبع الغائب فإن فضل عن قدر كفاية الحاضرين شيء جاز حمله إلى الأباعد و لا ضمان

الفصل الثّالث في الأنفال

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] الأنفال هاهنا كل ما يخصّ الإمام و هو كل أرض انجلى عنها أهلها أو سلموها طوعا بغير قتال و كل أرض خربة باد أهلها سواء جرى عليها ملك أحد أو لم يجر و كل أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و رءوس الجبال و بطون الأودية و الآجام و الأرضون الموات التي لا أرباب لها و المعادن و صفايا الملوك و قطائعهم مما كان في أيديهم على جهة الغصب و ما يصطفيه من الغنيمة في الحرب مثل الفرس الفاره و الثوب المرتفع و الجارية الحسناء و السّيف الفاخر و ما أشبه ذلك و ميراث

ص: 74

من لا وارث له سواء كان الميّت ذميّا أو مسلما إذا لم يخلف وارثا و إذا قاتل قوم من غير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة للإمام خاصة [- ب -] قال ابن إدريس اختصاصه عليه السّلام برءوس الجبال و بطون الأودية و المعادن إنما هو فيما يكون في أرضه المختصة به أما ما كان في أرض المسلمين المشتركة أو لمالك معروف فلا اختصاص له عليه السّلام به و هو قوي [- ج -] يحرم التصرف فيما يختص الإمام حال ظهوره إلا بإذن منه فإن تصرف فيه متصرّف كان غاصبا و النماء إن حصل للإمام و تصرف إليه الخمس بأجمعه فيأخذ نصفه يعمل به ما شاء و النصف الآخر يضعه في أربابه على قدر حاجتهم و ضرورتهم قال الشيخان فإن فضل كان الفاضل له و إن أعوز كان عليه و منعه ابن إدريس و عندي في ذلك تردّد [- د -] الأقرب جواز صرف حصص الأصناف الثلاثة إليهم بنفسه فيما يكتسبه غير غنائم الحرب مع وجود الإمام على إشكال [- ه -] أباح الأئمّة عليهم السّلام لشيعتهم المناكح في حال ظهور الإمام و غيبته و ألحق الشيخ رحمه اللّٰه المساكن و المتاجر و إن كان ذلك بأجمعه للإمام أو بعضه و لا يجب إخراج حصّة الموجودين من أرباب الخمس منه قال ابن إدريس المراد بالمتاجر أن يشتري الإنسان مما فيه حقوقهم عليهم السّلام و يتجر في ذلك قال و لا يتوهم متوهم أنّه إذا ربح في ذلك المتجر شيئا لا يخرج منه الخمس [- و -] كما يسوغ للإمام أن يحل في زمانه فكذلك يسوغ له أن يحلّ بعده و منع ابن الجنيد ضعيف [- ن -] اختلف علماؤنا في الخمس في حال غيبة الإمام فأسقطه قوم و منهم من أوجب دفنه و منهم من يرى صلة الذرّية و فقراء الشيعة على وجه الاستحباب و منهم من يرى عزله فإن خشي من الموت وصى به إلى من يثق بدينه و عقله ليسلمه إلى الإمام إن أدركه و إلا وصى به كذلك إلى أن يظهر و منهم من يرى صرف حصّته إلى الأصناف الموجودين أيضا لأن عليه الإتمام عند عدم الكفاية و هو حكم يجب مع الحضور و الغيبة و هو أقوى [- ح -] يجب أن يتولى صرف حصة الإمام في الأصناف الموجودين من إليه الحكم بحقّ النيابة كما يتولى أداء ما يجب على الغائب [- ط -] إذا قاطع الإمام على شيء من حقوقه حل ما فضل عن القطيعة و وجب عليه الوفاء

كتاب الصّوم

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد

أما المقدمة

ففيها [- د -] مباحث [- ا -] الصوم لغة الإمساك و في الشرع عبارة عن الإمساك عن أشياء مخصوصة في زمان مخصوص على وجه مخصوص [- ب -] الصوم ينقسم إلى واجب و مندوب و مكروه و محظور فالواجب ستة شهر رمضان و الكفارات و دم المتعة و النذر و ما في معناه من يمين أو عهد و صوم الاعتكاف الواجب و قضاء الواجب فالندب جميع أيام السنة إلا العيدين و أيام التشريق لمن كان بمنى و يتأكّد منه أربعة عشر صوم ثلاثة أيام في كل شهر هي أول خميس و آخره و أوّل أربعاء في العشر الثّاني و أيام البيض و يوم الغدير و مولد النبي و مبعثه و دحو الأرض و عرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع تحقق الهلال و عاشوراء على وجه الحزن و المصيبة و يوم المباهلة و كل خميس و كل جمعة و أوّل ذي الحجة و هو مولد إبراهيم و باقي العشرة إلا العيد و رجب و شعبان و المكروه يوم عرفة لمن يضعف عن الدعاء أو يشك في الهلال و النافلة سفرا عدا ثلاثة أيّام للحاجة بالمدينة و الضيف نافلة من دون إذن مضيفه و بالعكس و كذا الولد من غير إذن الوالد و المدعو إلى طعام و المحظور تسعة صوم العيدين مطلقا و أيام التشريق لمن كان بمنى و يوم الشك بنية الفرض و صوم نذر المعصية و صوم الصّمت و صوم الوصال و النفل للمرأة و العبد من دون إذن الزوج أو المولى و صوم الواجب سفرا عدا ما استثني [- ج -] صوم شهر رمضان واجب بالنّص و الإجماع و الصوم المشروع هو الإمساك عن المفطرات من أول طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس الذي يجب معه الصّلاتان [- د -] الصوم من أفضل العبادات و أكملها تقربا قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله الصوم جنة من النار و قال عليه السّلام الصائم في عبادة و إن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما و قال عليه السّلام إن اللّٰه تعالى وكل ملائكة بالدّعاء للصّائمين و أخبرني جبرئيل عن ربّه سبحانه أنّه قال ما أمرت ملائكتي بالدعاء لأحد من خلقي إلا استجبت لهم فيه و قال الصادق عليه السّلام نوم الصائم عبادة و صمته تسبيح و عمله متقبل و دعاؤه مستجاب و عن الحسين بن عليّ عليهما السّلام قال جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان مما سأله أنّه قال لأيّ شيء فرض اللّٰه سبحانه الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما و فرض على الأمم أكثر من ذلك فقال النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله إن آدم عليه السّلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض اللّٰه سبحانه على أمته ثلاثين يوما الجوع و العطش و الّذي يأكلونه بالليل تفضل من اللّٰه عز و علا عليهم و كذلك كان على آدم ففرض اللّٰه ذلك على أمّتي ثم تلا هذه الآية كتب عليكم الصّيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات قال اليهودي صدقت يا محمّد فما جزاء من صامها فقال النبي صلّى اللّٰه عليه و آله ما من مؤمن يصوم في شهر رمضان احتسابا إلا أوجب اللّٰه تبارك و تعالى له سبع خصال أولها يذوب الحرام في جسده و الثانية يقرب من رحمة اللّٰه عز و جل و الثالثة يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم و الرابعة

ص: 75

يهون اللّٰه عليه سكرات الموت و الخامسة أمان من الجوع و العطش يوم القيامة و السادسة يعطيه اللّٰه تعالى براءة من النار و السابعة يطعمه اللّٰه من طيبات الجنّة قال صدقت يا محمّد و الأخبار كثيرة في ذلك

المقصد الأول في النّية

و فيه [- كه -] بحثا [- ا -] النية شرط في الصوم فلا يصحّ بدونها واجبا كان أو ندبا رمضان كان أو غيره و يكفي في شهر رمضان نية القربة و هي أن ينوي الصّوم متقرّبا إلى اللّٰه تعالى لا غير و لا يفتقر إلى نية التعيين أعني أن ينوي وجه ذلك الصوم كرمضان أو غيره متقرّبا أما غير رمضان فإن لم يتعين صومه كالنّذر المطلق و الكفارات و القضاء و الصوم النفل فلا بد فيه من نية التّعيين إجماعا و ما يتعيّن صومه غير رمضان كالنذر المعين زمانه قال الشيخ لا يكفي فيه نية القربة بل لا بدّ فيها من نية التعيين و قال السيّد المرتضى تكفي و الأول أقوى [- ب -] نية القربة لا تكفي عن نية التعيين في كل موضع يشترط فيه التعيين و لو ترك التعيين نسيانا فكذلك و نية التعيين لا تكفي عن نية القربة [- ج -] ليس للمسافر أن يصوم رمضان بنيّته أنه منه إذا كان سفر التقصير و هل يجوز صومه بنية النفل أو الواجب غيره الوجه عدمه و تردد الشيخ هاهنا ضعيف [- د -] لو نوى الحاضر في شهر رمضان صيام غيره مع الجهل وقع عن رمضان أما مع العلم فقيل إنه كذلك و قيل لا يجزي عن أحدهما و نحن في هذا من المتوقفين [- ه -] وقت النية في الصّوم المعيّن كرمضان و النذر المعيّن من أول الليل حتى يطلع الفجر فتضيّق قبل طلوعه بمقدار إيقاعها فلو أخرها مع العلم حتى طلع الفجر فسد صوم ذلك اليوم و وجب قضاؤه و لو تركها ناسيا أو لعذر جاز تجديدها إلى الزوال و لو نوى أي وقت كان من الليل أجزأه و يجوز مقارنتها لطلوع الفجر و لا يشترط في النية من الليل الاستمرار على حكم الصوم بل يجوز أن ينوي ليلا و يفعل بعدها ما ينافي الصوم إلى قبل الفجر و أن ينام بعد النية نعم يشترط الاستمرار على النية أما غير المعيّن كالقضاء و النّذر المطلق فوقته من الليل مستمر إلى الزوال و يجوز إيقاعها في أيّ جزء كان من هذا الزمان إذا لم يفعل المنافي نهارا [- و -] وقت نية النفل من الليل إلى الزوال أي وقت نوى من هذه المدة أجزأه عند جماعة من علمائنا و عند الآخرين يمتدّ وقتها بامتداد النّهار فيجوز النية بعد الزوال إلى أن يبقى من النهار ما يصحّ صومه أما لو انتهى النهار بانتهاء النية لم يقع الصوم و هو عندي حسن [- ن -] هل يحكم بالصوم الشّرعي المثاب عليه من وقت النّية أو من ابتداء النهار قال الشيخ في الخلاف بالثاني و هو المعتمد [- ح -] قال الشيخ في الخلاف جوز أصحابنا في رمضان أن يتقدم نيته عليه بيوم أو أيام و في المبسوط لو نوى قبل الهلال صوم الشهر أجزأه النية السّابقة إن عرض له ليلة الصّيام سهو أو نوم أو إغماء و إن كان ذاكرا فلا بدّ من تجديدها و كلاهما عندي مشكل [- ط -] ادعى الشيخ رحمه اللّٰه و السيّد المرتضى قدّس اللّٰه روحه الإجماع على أنه يكفي في رمضان نية واحدة من أوّل الشهر عن الشهر كله و لا يحتاج إلى تجديد نية كل ليلة إذا عرفت هذا فإن الأولى تجديدها كل ليلة إن قلنا بما ذهبا إليه و لا يتعدى الحكم في النذر المعيّن و على قولهما لو فاتته النية من أوّل الشهر لعذر و غيره هل يكتفي بالواحدة في ثاني ليلة أو ثالث ليلة عن باقي الشهر الأقرب عدم الاكتفاء [- ي -] لا يكره صوم الثلاثين من شعبان بل يستحب على أنه من شعبان سواء كان هنا مانع من الرؤية أو لا و سواء كان صائما قبله أو لا و كره المفيد صومه مع الصّحو إلاّ لمن كان صائما قبله [- يا -] لو لم يحصل الرؤية و نوى صومه في رمضان كان حراما و لم يجزئه لو خرج من رمضان و تردد الشيخ في الخلاف فلو ثبت الهلال قبل الزوال جدد النية و أجزأه و لو نواه من شعبان ثم بان من رمضان و النهار باق جدّد نية الوجوب و أجزأه و لو لم يعلم حتى فات النهار أجزأه و لو نوى أنّه إن كان من رمضان فهو واجب و إن كان من شعبان فهو ندب ثم بان أنه من رمضان فللشيخ قولان أحدهما الإجزاء و الثاني عدمه [- يب -] لو نوى الإفطار لاعتقاد أنه من شعبان فبان من رمضان قبل الزوال و لم يتناول المفطر نوى الصّوم الواجب و أجزأه و لو ظهر بعد الزوال أمسك بقية نهاره و وجب القضاء [- يج -] لو نوى الصوم في رمضان ثم نوى الخروج منه بعد انعقاده قال الشيخ لا يبطل صومه و عندي فيه نظر و كذا لو شك هل يخرج أم لا على تردد ضعيف و لو نوى أنه يصوم غدا من رمضان لسنة تسعين مثلا و كانت سنة إحدى و تسعين صحّت نيّته أما لو كان عليه قضاء اليوم الأوّل من رمضان فنوى قضاء اليوم الثّاني أو كان عليه صوم من سنة أربع فنواه من سنة خمس فالوجه عدم الإجزاء [- يد -] لو أخبره عدل واحد بالهلال و قلنا بعدم الاكتفاء فأقرب الوجهين أنه لا يجوز أن ينويه عن رمضان واجبا و كذا لو كان عارفا بحساب المنازل و التسيير أو أخبره العارف بذلك بالهلال من غير مشاهدة [- يه -] لو نوى أنّه صائم غدا إن شاء اللّٰه فإن قصد الشك و التردّد لم يصح صومه و إن قصد التبرك أو أنّه موقوف على المشيئة و التوفيق صحّ صومه [- يو -] لو نوى قضاء رمضان أو تطوّعا و لم يعين لم يصحّ [- يز -] لو نوى ليلة الثلاثين من رمضان أنّه إن كان غدا منه فهو صائم و إن كان من شوال فهو مفطر ففي صحّة الصوم نظر [- يح -] لو ترك النية عامدا حتى زال الشمس

ص: 76

وجب عليه الإمساك و القضاء و هل يثاب على الإمساك الوجه عندي أنه يثاب ثواب الإمساك لا ثواب الصوم [- يط -] لو أصبح بنية الإفطار مع علمه بأنّه من الشهر و وجوبه عليه ثم جدّد النية لم يجز به سواء كان قبل الزوال أو بعد و وجب عليه الإمساك سواء أفطر أو لا ثم يقضي واجبا [- ك -] قال الشيخ في المبسوط النية إرادة فلا يتعلّق بالعدم بل بتوطين النفس على الامتناع أو فعل كراهية بحدوث المفطرات و تحقيقه أن العدم لاستمراره غير مقدور و الصوم عبارة عن نفي المفطرات فلا يتعلق النية به بل متعلق الإرادة توطين النفس على الامتناع و قهرها عليه بتخويفها من العقاب و هو وجودي أو يحدث كراهية يتعلق بإحداث المفطرات [- كا -] صوم الصّبي المميّز شرعي و نيّته معتبرة و لو بلغ قبل الزوال بغير المبطل وجب عليه تحديد نية الفرض و إلا فلا [- كب -] لو نوى صوم يوم الشك عن فرض عليه أجزأه إذا استمر الشك أو بان أنه من شعبان و لو بان أنه من رمضان أجزأه عنه و وجب عليه قضاء ما نواه [- لج -] لو صام أحد الأيام المكروهة عن فرض عليه أجزأه [- كد -] لو أمسكه غيره عما يجب الإمساك عنه فإن نوى مع ذلك كان بحكم الصائم و إن لم ينو وجب القضاء [- كه -] الكافر يجب عليه الصوم و لا يصح منه لامتناع نية التقرب منه ما دام كافرا فإذا أسلم سقط القضاء أما المرتد فيجب عليه و لا يصح منه و يقضي بعد عوده و لو نوى الصوم ثم ارتد في أثنائه ثم عاد قبل تناول المفطر قال الشيخ رحمه اللّٰه صحّ صومه و عندي فيه نظر

المقصد الثاني فيما يقع الإمساك عنه

اشارة

و هو واجب و ندب

الأول الواجب

و فيه [- مح -] بحثا [- ا -] يجب الإمساك عن الأكل و الشّرب و الجماع و الإنزال و الكذب على اللّٰه و على رسوله و الأئمّة عليهم السّلام و الارتماس في الماء و إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق و المقام على الجنابة حتى يطلع الفجر اختيارا و معاودة النوم بعد انتباهته حتى يطلع الفجر و القيء عامد و الحقنة و جميع المحرّمات [- ب -] يحرم على الصائم الأكل و الشرب نهارا سواء كان المأكول معتادا كالخبز و الفواكه أو غير معتاد كالحجر و الخشب و الحصى أو ابتلعه و سواء كان المشروب معتادا كالماء أو غير معتاد كعصارة الأشجار و بالجملة كل ما يبتلعه معتادا كان أو غير معتاد محلّلا أو محرّما و سواء تغذى به أو لم يتغذ و سواء كان مما يتداوى به أو لا أو يشربه كذلك مفطر مع العمد [- ج -] بقايا الغذاء المستخلفة بين أسنانه إذا ابتلعها نهارا عمدا فسد صومه سواء أخرجها من فيه أو لم يخرجها و سواء كان يسيرا أو كثيرا و سواء كان مما يجري به الريق و لا يتميّز منه أو كان يتميز [- د -] الريق إذا جرى على حلقه على ما جرت به العادة لم يفطر به و كذا لو جمعه في فيه ثم ابتلعه و لو أخرجه من فيه إلى طرف ثوبه أو بين أصابعه ثم ابتلعه أفطر و لو ترك في فيه حصى أو شبهه فأخرجه و عليه ريق ثم أعاده في فيه و الريق عليه فالوجه الإفطار و لو ابتلع ريق غيره أفطر و لو أبرز لسانه و عليه ريق ثم ابتلعه لم يفطر [- ه -] لو جمع في فيه فلسا و ابتلعه فإن كان خاليا من الطعام لم يفطر لرواية محمّد بن مسلم عن الصادق عليه السّلام و لو مازجه غذاء و تعمد اجتلابه أفطر و إن لم يبتلعه و لو لم يتعمّد لم يفطر باجتلابه و أفطر بابتلاعه عمدا [- و -] لو ابتلع النخامة المجتلبة من صدره أو رأسه لم يفطر [- ز -] حكم الازدراد حكم الأكل فيما تقدم فلو ابتلع المعتاد أو غيره أبطل لصومه و خلاف السيّد هنا ضعيف [- ح -] الجماع في القبل مفسد للصوم مع العمد إجماعا و كذا الوطء في الدّبر مع الإنزال و مع عدمه على أقوى القولين و لو جامعها في غير الفرجين فإن أنزل أفسد صومه و لو لم ينزل فلا فساد [- ط -] وطء الميّتة في القبل و الدّبر كوطء الحية [- ي -] لو وطئ بهيمة فإن أنزل أفسد صومه و إن لم ينزل تبع وجوب الغسل فإن أوجبناه أفسد صومه و إلا فلا و قال الشيخ لا يجب الغسل و يفطر و الأقرب عندي عدم الإفطار على إشكال [- يا -] لو وطئ الغلام في دبره فإن أنزل أفسد صومه و كذا إن لم ينزل [- يب -] الإجماع على أن الموطوءة في قبلها مختارة عالمة يفسد صومها أما الموطوءة في دبرها أو الغلام الموطوء فالأقرب فساد صومها [- يج -] لو تساحقت امرأتان و أنزلتا أفسدتا صومهما و إن لم تنزلا فلا فساد و لو أنزلت إحداهما اختص الفساد بها و كذا لو ساحق المجبوب [- يد -] كل من أنزل نهارا عمدا أفسد صومه سواء كان باستمناء أو ملامسة أو ملاعبة أو قبلة أو مباشرة و غير ذلك من أنواع ما يوجب الإنزال [- يه -] قال الشيخ لو نظر إلى ما لا يحلّ له النظر إليه عامدا لشهوة فأمنى فعليه القضاء و إن كان نظره إلى ما يحل له النظر إليه فأمنى لم يكن عليه شيء فإن أصغى أو تسمع إلى حديث فأمنى لم يكن عليه شيء [- يو -] لو كان ذا شهوة مفرطة بحيث يغلب على ظنه أنه إذا قبّل أنزل لم يجز له التقبيل و إلا كان مكروها و لو قبل أو لامس أو استمنى بيده و لم ينزل لم يفسد صومه إجماعا و لو أنزل من غير شهوة كالمريض عمدا أفسده صومه [- يز -] لو فكر فأمنى ففي الإفساد نظر و لو خطر بقلبه صورة الفعل فأنزل لم يفسد صومه [- يح -] لو أمذى بالتقبيل لم يفطر [- يط -] قال الشيخان رحمهما اللّٰه الكذب على اللّٰه و على رسوله عليه السّلام و على الأئمّة عليهم السّلام يفسد الصّوم و خالف السّيد المرتضى و هو قويّ [- ك -] المشاتمة و التلفظ بالقبيح لا يوجب الإفطار و كذا الكذب

ص: 77

على غير اللّٰه و غير رسوله و الأئمّة عليهم السّلام [- كا -] إذا قلنا الكذب مفطر استوى الكذب على اللّٰه و على رسوله و على الأئمّة عليهم السّلام في أمر الدين أو الدنيا [- كب -] الارتماس في الماء قال الشيخان يفسد الصوم و قال المرتضى لا يفسده و هو قويّ و للشيخ قول ثان بأنه محرم غير مفسد و هو حسن و عليه أعمل لصحّة الروايات فيه مع أن الشيخ قال لست أعرف حديثا في إيجاب القضاء و الكفارة أو إيجاب أحدهما على المرتمس [- لج -] لا بأس بصبّ الماء على الرأس للتبرد و الاغتسال ليس بمكروه [- لد -] إذا ارتمس مختارا فوصل الماء إلى حلقه أفسد صومه سواء كان قد وصل باختياره أو مضطرا أما لو صبّ الماء على رأسه فدخل الماء خلفه فإن تعمّد الإدخال أو كان الصبّ يؤدي إليه قطعا أفسد صومه و إلا فلا و لا فرق في تحريم الارتماس بين الماء الجاري و الراكد القليل و الكثير [- كه -] إيصال الغبار الغليظ كغبار الدقيق و النفض إلى الحلق اختيارا مفسد للصوم و لو كان مضطرّا أو دخل بغير اختياره أو بغير شعور لم يفطر [- كو -] من أجنب ليلا و تعمد البقاء على الجنابة من غير ضرورة و لا عذر حتى يطلع الفجر أفسد صومه [- كز -] الأقرب أن حكم الحائض و النفساء إذا انقطع دمها قبل الفجر كذلك و قال ابن أبي عقيل إذا طهرتا ليلا و تركتا الغسل حتى يطلع الفجر عامدتين وجب عليهما القضاء خاصّة [- كح -] إذا جامع قبل الفجر ثم طلع و هو على حاله فإن لم يعلم ضيق الوقت نزع و أتم صومه من غير أن يتحرك حركة الجماع و وجب عليه الغسل و القضاء إن كان قد ترك المراعاة و لو نزعه بنية المجامعة أفطر و وجب عليه القضاء و الكفارة و لو راعى الفجر و لم يظنّ قربه فجامع ثم نزع مع أول طلوعه لم يفسد صومه [- كط -] لو طلع الفجر و في فيه طعام لفظه فإن ابتلعه بطل صومه [- ل -] لو أجنب ليلا ثم نام ناويا للغسل حتّى أصبح صح صومه و لو نام على عزم الترك أو لم يعزم على أحدهما فسد صومه [- لا -] لو احتلم نهارا في رمضان نائما أو من غير قصد لم يفسد صومه و جاز له تأخير الغسل إجماعا [- لب -] القيء عمدا يفسد الصوم خلافا للسيّد المرتضى و ابن إدريس و لو ذرعه القيء لم يفطر و القلس و هو ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه و ليس بقيء فإن عاد فهو القيء فعلى هذا لا يفسد الصوم و قيل القلس خروج الطعام و الشراب إلى الفم من البطن أعاده صاحبه أو ألقاه فإن ابتلع شيئا بعد خروجه من حلقه إلى فمه أو خارجه فإن تعمّد أفطر سواء قاء عامدا أو غير عامد و إن لم يتعمد لم يفطر إذا كان القيء عن غير عمد [- لج -] الاحتقان بالمائع حرام و هل يفسد الصوم للشيخ قولان أحدهما الإفساد و هو قول المفيد و الثاني لا يفسد و هو اختيار المرتضى و ابن إدريس و ابن أبي عقيل [- لد -] يكره الاحتقان بالجامد و لا يفسد به الصّوم خلافا لأبي الصّلاح و ابن البراج [- له -] قال الشيخ لو داوى جرحه فوصل الدّواء إلى جوفه أفسد صومه و الوجه عندي عدم الإفساد [- لو -] لو جرح نفسه برمح فوصل إلى جوفه أو أمر غيره بذلك قال الشيخ يفسد صومه و الأقرب خلافه [- لز -] لو قطر في أذنه دهنا أو غيره و وصل إلى الدّماغ لم يفطر خلافا لأبي الصّلاح [- لح -] لو قطر في إحليله دواء أو غيره أو أدخل فيه ميلا لم يفطر سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل [- لط -] يجب الاحتراز في الصوم عن جميع المحرمات و هو فيه آكد منه في غيره [- م -] منع المفيد و أبو الصلاح من السعوط و هو ما يصل إلى الدّماغ من الأنف و أفسدا به الصوم مطلقا و قال الشيخ إنه مكروه غير مفسد ما لم ينزل إلى الحلق و هو الأقوى [- ما -] لا بأس بمضغ العلك و إن كان ذا طعم قويّا أو ضعيفا إذا تحفظ من ابتلاع أجزائه و لو وجد طعمه في حلقه لم يفطر [- مب -] كل ما يدخل الفم و لا يتعدى الحلق لا بأس به كمص الخاتم و مضغ الطعام للصّبي و زق الطائر [- مج -] لو أدخل شيئا في فمه و ابتلعه سهوا فإن كان لغرض صحيح فلا قضاء عليه و إلا وجب القضاء و لو تمضمض فابتلع الماء سهوا فإن كان للتبرد فعليه القضاء و إن كان للصّلاة فلا شيء عليه و كذا لو ابتلع ما لا يقصده كالذباب و لو فعله عمدا أفطر [- مد -] يجوز للصائم السواك سواء كان رطبا أو يابسا أول النهار أو آخره و لو كان السّواك يابسا جاز أن يبل بالماء و يتسوك به و يتحفظ من ابتلاع رطوبته و كذا يجوز أن يتسوّك بالماء إذا قذفه [- مه -] إنما يبطل الصوم بما عددناه إذا وقع عمدا أما لو وقع نسيانا فلا و كذا ما يحصل من غير قصد كالغبار الذي يدخل حلقه من الطريق و كذا لو صبّ في حلقه شيء كرها أما لو توعد على ترك الإفطار و خوّف حتى أكل فكذلك عندنا و قال الشيخ يفطر و ليس بجيّد [- مو -] لو فعل المفطر جاهلا بالتحريم فالوجه الإفساد و في الكفارة نظر [- مز -] لو أكل أو جامع ناسيا فظن فساد صومه فتعمّد الأكل و الشرب قال الشيخ يفطر و يقضي و يكفر و هو جيد قال و ذهب بعض أصحابنا إلى وجوب القضاء خاصة [- مح -] لو عقد الصوم ثم نوى الإفطار و لم يفطر فإن عاد و نوى الصوم فالوجه الصّحة و إلا فالأقوى وجوب القضاء أما لو نوى أنه سيفطر بعد ساعة أخرى فإنه لا يفطر قال الشيخ و لو نوى الإفطار في يوم يعلمه من رمضان ثم جدد نية الصوم قبل الزوال لم ينعقد و فيه نظر

القسم الثّاني فيما يستحبّ اجتنابه

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يكره مباشرة النساء تقبيلا و لمسا و ملاعبة إلا في حق الشيخ الكبير المالك إربه فإن القبلة ليست مكروهة له و كذا من لا

ص: 78

تحرك القبلة شهوته [- ب -] لو قبل و لم ينزل لم يفطر إجماعا و لو أنزل وجب القضاء و الكفارة [- ج -] روى الشيخ في الصحيح عن الكاظم عليه السّلام أنه لا بأس للصائم أن يمص لسان المرأة و كذا المرأة هو حسن لكن ينبغي خلوّ لسانهما من الرطوبة فإن وجدت فليتحفظ من ابتلاعها [- د -] المذي لا ينقض الصّيام و رواية رفاعة بالإتيان بالبدل شاذة و لو كلم امرأته فأمنى لم يكن عليه شيء [- ه -] يكره الاكتحال بما فيه مسك أو طعم يصل إلى الحلق كالصبر و ليس بمفطر و لا محظور [- و -] يكره إخراج الدم الضعف بقصد أو حجامة و ليس ذلك بمحظور و لو لم يضعف لم يكن به بأس و لا يفطر الحاجم و لا المحجوم [- ز -] يجوز للصائم دخول الحمام فإن خاف الضعف أو العطش كره [- ح -] شم الرياحين مكروه و يتأكد في النّرجس و المسك [- ط -] الاحتقان بالجامد مكروه و ليس بمحظور و لا مفطر [- ي -] يكره بل الثوب على الجسد و لا بأس بالرّجل يستنقع في الماء و يكره للمرأة الجلوس فيه و قال أبو الصلاح إنما يفطر و ليس بمعتمد [- يا -] يكره السعوط إذا لم يتعدّ إلى الحلق [- يب -] يكره المماراة في الصوم و التنازع و إنشاد الشعر ليلا و نهارا و إن كان شعر حق

المقصد الثالث فيما يوجب القضاء و الكفارة أو القضاء خاصّة و أحكام ذلك

اشارة

و فيه فصلان

الأوّل فيما يوجبهما أو يوجب القضاء

و فيه [- كر -] بحثا [- ا -] إذا وطئ في فرج المرأة حتى أدخل الحشفة و الصوم واجب عليه وجب عليه القضاء و الكفارة و لا يسقط وجوب القضاء بوجوب الكفارة و لا بالتكفير بالصوم و يتعلق هذا الحكم بوطء البالغة و الصّبية و الميّتة و الحيّة و النائمة و المكرهة و العاقلة و المجنونة و المختارة و المزني بها و الزّوجة [- ب -] يفسد صوم المرأة بذلك و يجب عليها القضاء و الكفارات هذا إذا كانت مختارة و لو أكره امرأته عليه و هما صائمان وجب عليه كفارتان و عليه قضاء واحد و لا قضاء عليها [- ج -] لو كان مجنونا فوطئها و هي صائمة فإن طاوعته لزمها كفارة واحدة و إلا فلا شيء عليهما [- د -] لو زنى بامرأة في نهار رمضان فإن طاوعته لزمهما كفارات و إن أكرهها وجب عليه كفارة عنه و هل يجب عليه أخرى عنها قال الشيخ [- ه -] لو استدخلت ذكره و هو نائم أفطرت دونه و عليها كفّارة عن نفسها و لا كفارة عليه و لا عليها عنه [- و -] لو أكرهته على الجماع وجب عليها كفارة عن نفسها و هل يجب عليه كفارة فيه نظر أقربه الوجوب [- ز -] لو وطئ امرأة في دبرها فأنزل وجب القضاء و الكفارة إجماعا و لو لم ينزل فالأصح أنّه كذلك و لو وطئ غلاما فأنزل وجب القضاء و الكفارة و لو لم ينزل فكذلك و كذا يجب على المفعول رجلا أو امرأة [- ح -] لو وطئ في فرج بهيمة فأنزل وجب القضاء و الكفارة و لو لم ينزل قال الشيخ لا نصّ فيه و يجب القضاء خاصة للإجماع دون الكفارة و منع ابن إدريس من القضاء أيضا و فيه قوة [- ط -] لا فرق بين وطء الزّوجة و غيرها [- ي -] لو استمنى بيده فأنزل أو أنزل عقيب الملاعبة أو الملامسة أو التقبيل أو الوطء في غير الفرجين وجب عليه القضاء و الكفارة قال أبو الصلاح لو أصغى فأمنى قضاه [- يا -] لو تساحقت امرأتان فأنزلتا وجب القضاء و الوجه وجوب الكفارة أيضا [- يب -] لو طلع الفجر و هو مجامع فاستدام الجماع فعليه القضاء و الكفارة و لو نزع في الحال مع أول طلوع الفجر من غير تلوّم فإن فرط في تحصيل الوقت وجب القضاء خاصة و إلا فلا [- يج -] لو ترك نية الصوم من اللّيل و جامع وجب القضاء و الكفارة [- يد -] من أكل أو شرب عامدا في رمضان نهارا مع وجوب الصوم عليه و إسلامه اختيارا وجب عليه القضاء و الكفارة و لا فرق بين الرجل و المرأة و الحرّ و العبد و الخنثى في ذلك و سواء أكل محللا أو محرّما و كذا المشروب و سواء كانا معتادين أو غير معتادين خلافا للسيّد [- يه -] يجب بإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق و القضاء و الكفارة و قال السيّد المرتضى لا تجب الكفارة و هو قويّ [- يو -] أوجب الشيخان الكفارة و القضاء بتعمّد الكذب على اللّٰه و على رسوله و على الأئمّة عليهم السّلام و منع من ذلك السيّد المرتضى و ابن أبي عقيل و هو الأقوى عندي [- يز -] لو أجنب ليلا و تعمّد البقاء على الجنابة حتى طلع الفجر وجب القضاء و الكفارة على قول الشيخين و عند ابن أبي عقيل القضاء خاصة و كذا لو نام غير ناو للغسل حتى طلع الفجر و لو نام على عزم الاغتسال ثم انتبه ثم نام ثانيا ثم انتبه ثم نام ثالثا و استمر حتى طلع الفجر قال الشيخان يجب القضاء و في الكفارة عندي إشكال [- يح -] قد بينا أن الارتماس حرام خلافا لابن أبي عقيل فلا يفسد الصوم خلافا للشيخ و لا يوجب القضاء و الكفارة خلافا له في بعض أقواله [- يط -] قال السيّد المرتضى الحقنة محرمة و لا توجب قضاء و لا كفارة و قال أبو الصلاح يجب القضاء مطلقا و قال الشيخ يجب القضاء بالمائع خاصة [- ك -] لو ارتد عن الإسلام أفطر إجماعا و عليه قضاؤه فإن تناول شيئا من المفطر وجبت الكفارة أيضا [- كا -] لو سافر أو حاضت المرأة أو نفست أفطروا و عليهم القضاء خاصة [- كب -] يجب القضاء خاصّة في الصوم الواجب المتعين بعشرة أشياء من أفطر مع ظن بقاء الليل و لم يرصد الفجر مع القدرة ثم بان طالعا و من اعتمد

ص: 79

إلى غيره في عدم الطلوع مع ترك المراعاة و كان قادرا عليها ثم فعل المفطر و من أخبره غيره بطلوع الفجر فظن كذبه و فعل الفطر و كان طالعا سواء كان المخبر عدلا أو فاسقا أما لو أخبره عدلان بالطّلوع فلم يمتنع فالوجه وجوب الكفارة و من أخبر بدخول الليل خلافا إليه و أفطر ثم بان كذبه مع القدرة على المراعاة و من ظن دخول اللّيل لظلمة عرضت من غيم أو غيره فأفطر ثم تبيّن فساد ظنه خلافا للشيخ في بعض أقواله و من تعمد القيء و لو ذرعه لم يفطر و من احتقن بالمائع و من تمضمض للتبرد دون الطهارة فدخل الماء إلى حلقه و من عاود النّوم ثانيا و هو مجنب مع نية الغسل حتى طلع الفجر و من نظر إلى من يحرم عليه نظرها بشهوة فأمنى و لو كانت محللة لم يجب و لا كفارة في هذه المواضع العشرة [- كج -] في مساواة الاستنشاق للمضمضة في ذلك نظر أقربه العدم [- كد -] روى الشحام عن الصادق عليه السّلام أنّ الصائم إذا تمضمض لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات [- كه -] المشهور بين علمائنا عدم الفرق بين صلاة الفرض و النفل و في رواية صحيحة السّند عن الصادق وجوب القضاء بدخول ماء المضمضة للصّلاة المندوبة دون الواجبة [- كو -] لو تمضمض متداويا أو طرح خرزا أو غيره في فيه لغرض صحيح فسبق إلى حلقه فلا قضاء و لا كفارة و لو كان عابثا قيل وجب القضاء خاصة و فيه نظر [- كن -] لو وصل إلى الجوف بغير الحلق شيء لم يفسد الصوم إلا الحقنة بالمائع و ما ينزل من الفضلات من رأسه إذا استرسل و تعدى الحلق من غير قصد لم يفسد الصوم و لو تعمّد ابتلاعه فسد

الفصل الثاني في الأحكام

و فيه [- كه -] بحثا [- ا -] إنما يجب الكفارة في إفطار ما يتعيّن صومه كرمضان و قضائه بعد الزوال خلافا لابن أبي عقيل و النذر المعيّن و شبهه و في الاعتكاف الواجب و ما عدا ذلك لا يجب فيه الكفارة سواء كان واجبا كالنّذر المطلق و صوم الكفارة و قضاء غير رمضان و قضاء رمضان قبل الزوال أو مندوبا كالأيام المستحب صومها و الاعتكاف المندوب و يفسد الصوم في ذلك كله [- ب -] إنما يفسد الصوم إذا وقع منه المفطر عمدا مختارا مع وجوب الصوم عليه فلو فعل المفطر ناسيا لم يفطر و كذا لو فعله نائما أو مكرها أما لو تعمّد و كان جاهلا بالتّحريم لم يعذر [- ج -] كل موضع يجب فيه القضاء إمّا مفردا أو منضما فإنه يجب يوم مكان يوم لا غير [- د -] كفارة كلّ يوم من رمضان عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا مخيّرا في ذلك سعة و قال ابن أبي عقيل إنها على الترتيب و للسيّد المرتضى قولان [- ه -] الإطعام لكل مسكين مدّ لا فرق في ذلك بين الحنطة و الشعير و التمر و قال الشيخ لكل مسكين مدّان [- و -] روى السّاباطي عن الصادق عليه السّلام و قد سأله عن الصّائم يصيبه عطش حتى يخاف على نفسه قال يشرب بقدر ما يمسك رمقه و لا يشرب حتى يروى و هي جيدة و الأقرب عدم وجوب القضاء و لو شرب زيادة على ما يمسك به الرمق وجب القضاء و الكفارة [- ز -] لو عجز عن الأصناف الثلاثة صام ثمانية عشر يوما فإن عجز تصدّق بما وجد أو صام ما استطاع فإن عجز استغفر اللّٰه و سقطت عنه الكفارة [- ح -] حدّ العجز عن التكفير أن لا يجد ما يصرفه في الكفارة فاضلا عن قوته و قوت عياله ذلك اليوم [- ط -] لا يسقط القضاء بسقوط الكفارة للعجز و لو عجز عنه أيضا سقط و كفاه الاستغفار [- ي -] لو عجز عن صيام شهرين متتابعين و يمكن من صيامهما متفرقة و لم يقدر على العتق و لا الإطعام فالوجه وجوب الشهرين متفرقة و لو عجز صام ثمانية عشر يوما [- يا -] قال الشيخان إذا عجز عن الأصناف الثلاثة صام ثمانية عشر يوما و لا بد فيها من التتابع قاله المفيد و المرتضى فلو عجز عنه و تمكن من صيامها متفرقة فالوجه وجوبها على التّفريق [- يب -] لو عجز عن شهرين و قدر على شهر فالوجه وجوبه و لا ينتقل إلى ثمانية عشر و كذا لو قدر على عشرين يوما على إشكال في ذلك كله و لو عجز عن إطعام ستين و تمكن من إطعام ثلاثين وجب و لو تمكن من صيام شهر و الصّدقة على ثلاثين فالأقرب وجوبهما معا [- يج -] الكفارة في إفطار قضاء رمضان بعد الزوال إطعام عشر مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام و روي أنه عليه كفارة رمضان و حملها الشيخ على المستخف و روي لا شيء عليه و حملها على العاجز [- يد -] المشهور أن كفارة نذر المتعيّن مثل كفارة رمضان و قيل كفارة يمين [- يه -] لو أكل شاكّا في طلوع الفجر و لم يتبيّن طلوعه و لا عدمه و استمرّ به الشك فلا قضاء عليه و له الأكل حتى تيقن الطلوع و لو أكل شاكا في غروب الشمس و استمر الشك وجب القضاء و في وجوب الكفارة نظر و لو ظنّ أنّ الشمس قد غربت ثم استمر الظنّ فلا قضاء [- يو -] لو كرّر السّبب المقتضي لوجوب الكفارة في يومين تكرّرت الكفارة سواء كفر عن الأوّل أو لا و لو كرره في يوم واحد قال الشيخ ليس لأصحابنا فيه نصّ و الذي يقتضيه مذهبنا أنه لا يتكرّر و قال المرتضى بالتكرّر قال ابن الجنيد إن كفر عن الأول كفر ثانيا و إلا كفر كفّارة واحدة عنهما سواء اتخذ السّبب أو اختلف و لا يتكرر القضاء بتكرر السّبب في يوم واحد إجماعا [- يز -] من أفطر مستحلاّ و قد ولد على الفطرة فهو مرتدّ و لو لم يعرف قواعد الإسلام عرّف ثم يعامل بعد ذلك بما يعامل به المولود على الفطرة و لو اعتقد التحريم عزر فإن عاد عزر

ص: 80

فإن عاد قتل في الثالثة و قيل في الرابعة [- يح -] يعزّر من أكره امرأته على الجماع في رمضان بخمسين سوطا و عليه كفارتان و قضاء واحد و لا كفارة عليها و لا قضاء و لو طاوعته عزر كل واحد منهما بخمسة و عشرين سوطا [- يط -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لو وطئها نائمة أو مكرهة صحّ صومها و عليه كفارتان و نحن نمنع ذلك في النائمة قال و لو أكرهها لا جبرا بل ضربها حتى مكّنته من نفسها أفطرت و لزمها القضاء و لا كفارة عليها لأنها دفعت الضرّر بالتمكين كالمريض و الحق عندي سقوط القضاء عنها [- ك -] لو زنى بها فعلى كل منهما كفارة و لو أكرهها قال بعض علمائنا يتحمل عنها الكفارة أيضا و فيه نظر مع حسنه [- كا -] لو طلع الفجر و في فيه طعام لفظه و لو ابتلعه فسد صومه و عليه مع القضاء الكفارة [- كب -] يجوز الجماع حتى يبقى لطلوع الفجر مقدار إيقاعه و الغسل و لو علم ضيق الوقت فجامع وجب القضاء و الكفّارة و لو ظن السّعة فواقع مع المراعاة فلا شيء و لو كذب الظّن و لو كان لا مع المراعاة فالقضاء [- كج -] لو انفرد برؤية الهلال في رمضان و أفطر وجب القضاء و الكفارة [- كد -] لو فعل ما يجب به الكفارة ثم سقط عنه فرض ذلك لمرض أو حيض أو نفاس فالوجه عدم سقوط الكفارة [- كه -] لو تبرّع متبرّع بالتكفير عمن وجب عليه جاز سواء كان المكفر عنه حيّا أو ميّتا إلا في الصوم فإنّه لا يقع نيابة إلا مع الموت

المقصد الرابع فيمن يصحّ صومه

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] البلوغ شرط في وجوب الصوم فلا يجب على الصّبي و إن أطاقه و حدّ البلوغ في الذكر بلوغ خمسة عشر سنة أو الإنبات أو الاحتلام و في الأنثى بلوغ تسع سنين أو عشر و الإنبات أو الاحتلام و الحيض دلالة على سبق البلوغ [- ب -] يستحبّ تمرين الصّبي بالصوم إذا أطاقه و كذا الصّبية و يشدد عليهما ببلوغ سبع مع المكنة و صوم الصّبي المميّز شرعي و نيّة صحيحة و ينوي الندب و قال أبو حنيفة ليس بشرعيّ بل هو إمساك للتأديب و فيه قوة [- ج -] العقل شرط في وجوب الصوم و صحّته فلا اعتبار بصوم المجنون و لا يؤمر به كما يؤمر الصّبي و لو كان يفيق يوما كاملا وجب صوم يوم الإفاقة [- د -] حكم المغمى عليه حكم المجنون سواء سبقت النية أو لا على الأصحّ و لا قضاء عليه مطلقا و لو تجدّد الإغماء في آخر جزء من النهار و بطل صومه في ذلك اليوم خلافا للمفيد [- ه -] الإسلام شرط في صحّة الصوم لا في وجوبه و الكافر يجب عليه و لا يصحّ منه و لو أسلم سقط قضاؤه و أما المرتد فيجب عليه و لا يصحّ منه حتى يرجع و يقضي ما فاته مرتدّا [- و -] الطهارة من الحيض و النفاس شرط في صحة الصوم فلو وجد أحدهما و لو في آخر جزء من النهار بطل صوم ذلك اليوم و يستحبّ لهما الإمساك تأديبا إذا رأتاه بعد الزوال و لو أمسكت إحداهما و نوت الصوم لم ينعقد سواء علمنا التحريم أو لا و يجب عليهما القضاء عند الطّهر و لو انقطع دم إحداهما بعد طلوع الفجر لم يعتدا بالصّوم ذلك اليوم بل أمسكتا تأديبا و وجب القضاء [- ز -] المستحاضة بحكم الطاهر يجب عليها الصوم و يصحّ منها إذا فعلت ما يجب عليها من الأغسال و لو أخلّت بها مع وجوبها بطل الصوم و قضته [- ح -] لا يصح الصوم الواجب من المسافر الذي يجب عليه قصر الصّلاة إلا ناذر الصوم المعيّن إذا قيّده بالسّفر و من عجز عن دم المتعة فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج و إن كان مسافرا و من أفاض من عرفات عامدا عالما قبل الغروب و عجز عن البدنة فإنه يصوم ثمانية عشر يوما و إن كان مسافرا و للمفيد رحمه اللّٰه قول بجواز صوم ما عدا رمضان من الواجب و هو نادر أما صوم النافلة فالوجه أنّه مكروه فيه إلا ثلاثة أيام للحاجة ندبا في المدينة [- ط -] المريض لا يصحّ منه الصوم إن كان يضر به و لو تكلّفه حينئذ لم يجزه و لو لم يضر به و قدر عليه وجب و لم يمنعه المرض و لا فرق في جواز الإفطار بسائر أنواع المرض مع المضرة كوجع الأسنان و العين و الحمى الدائمة و غير الدائمة و المرجع في الضّرر به إلى حال الإنسان نفسه أو قول العارف [- ي -] النائم إذا سبقت النية صح صومه و إن استمرّ إلى اللّيل و لو طلع الفجر عليه نائما و لم ينو ثم استمر إلى الزوال وجب القضاء [- يا -] المجنب إذا ترك الغسل عامدا مع القدرة حتى طلع الفجر لم يصحّ صومه و وجب القضاء و لو استيقظ جنبا انعقد صومه عن رمضان و النذر المعيّن و لا ينعقد عن قضاء رمضان و لا عن نذر مطلق قال الشيخ و لا ندبا

المقصد الخامس في الزمان الذي يصحّ فيه الصوم

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] إنما يصحّ صوم النهار دون الليل و لو نذر صوم الليل منضما أو منفردا لم يصحّ إجماعا [- ب -] لا يصحّ صوم العيدين بالإجماع و لو نذره لم ينعقد [- ج -] صوم أيام التشريق لمن كان بمنى حرام و في اشتراط كونه محرما بحج أو عمرة نظر و هي اليوم الحادي عشر من ذي الحجة و الثّاني عشر و الثالث عشر و لو نذر صومها و هو بمنى لم ينعقد و لو كان بغير منى من الأمصار صحّ صومها ندبا و نذرا و عن قضاء الواجب و بالجملة هي في غير منى كغيرها من الأيّام التي يقع فيها الصوم [- د -] صوم يوم الشك على أنه من شهر رمضان حرام و قد تقدم [- ه -] لو نذر صوم يوم معيّن و أنفق أحد هذه الأيام لم يجز صومه و الأقوى عدم وجوب القضاء

المقصد السادس في شهر رمضان

اشارة

و مطالبه ثلاثة

الأوّل في علامته

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] يعلم الشهر برؤية الهلال فمن رآه وجب عليه الصوم و إن كان واحدا عدلا كان أو غير عدل شهد عند الحاكم أو لم يشهد قبلت

ص: 81

شهادته أو ردت [- ب -] لو لم يره لعدم طلبه أو لعدم الحاسة أو لغير ذلك اعتبر بالشهادة و لا خلاف في اعتبار الشهادة في رؤية الهلال و إنما الخلاف في العدد فاختار سلاّر قبول الواحد في أوّل رمضان خاصة و قال المفيد و المرتضى إنما يقبل عدلان صحوا و غيما و اشترط الشيخ خمسين من البلد مع العلة أو اثنان من خارجه و مع عدم العلة خمسين من البلد و خارجه و الوجه قول المفيد [- ج -] لا يقبل شهادة النّساء في ذلك و لا في شيء من الأهلّة لا منفردات و لا منضمات و لا يقبل في الإفطار إلا شاهدان [- د -] لو شهد عدلان بأوله فصاموا ثلاثين ثم لم ير الهلال مع الصحو لزم الفطر [- ه -] لو انفرد برؤية شوال وجب عليه الإفطار [- و -] لو رآه عدلان و لم يشهدا عند الحاكم أو شهدا و ردّت شهادتهما لعدم معرفته بهما جاز لمن سمعهما الإفطار و لكل منهما أن يفطر و إن لم يعرف عدالة صاحبه و لو أصبح صائما يوم الثلاثين من رمضان فشهد عدلان برؤيته في الماضية أفطر و صلّى العيد إذا كان قبل الزوال و لو كان بعده أفطر و لا صلاة [- ز -] لو رئي في البلد رؤية شائعة وجب الصيام إجماعا [- ح -] لو لم ير الهلال أصلا و غم على الناس أكمل عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صاموا وجوبا من رمضان فإن غم هلال شعبان أكملت عدة رجب ثلاثين و شعبان ثلاثين ثم صاموا و لو غمّت الأهلّة أكمل كل شهر ثلاثين يوما على قول بعض علمائنا و الوجه عندي العمل برواية الخمسة [- ط -] يستحب الترائي للهلال ليلة الثلاثين من شعبان و رمضان على الأعيان و يجب على الكفاية [- ي -] لا يجوز التعويل على الجدول و لا على كلام المنجمين و لا على الاجتهاد فيه و لا على العدد خلافا لمن قسم السنة إلى تام و ناقص و شعبان ناقص أبدا و رمضان تامّ أبدا و لا اعتبار أيضا بغيبوبة القمر بعد الشفق و لا بتطوّقه و لا بعد خمسة أيّام من الماضية و لا برؤية قبل الزوال [- يا -] لو أفطر يوم الشك ثم قامت البيّنة برؤيته قضاه بعد العيد و لو لم يقم بينة لكن أهلّ شوال بعد صوم ثمانية و عشرين قضى يوما واحدا إلا أن يقوم البيّنة بيومين [- يب -] إذا رأى الهلال أهل بلد وجب الصوم على أهل البلاد جميع الناس سواء تباعدت البلاد أو تقاربت و الشيخ رحمه اللّٰه جعل البلاد المتقاربة التي لا تختلف في المطالع كبغداد و البصرة كالبلد الواحد و البلاد المتباعدة كبغداد و مصر لكل بلد حكم نفسه و فيه قوة فعلى قوله لو سافر من رأى الهلال في بلده إلى بلد لم ير الهلال فيه لبعده فلم ير الهلال بعد ثلاثين فالوجه أنه يصوم معهم بحكم الحال [- يج -] لو كان بحيث لا يعلم الأهلّة كالمحبوس و شبهه إذا لم يعلم الشهر يجتهد و يغلب على ظنّه فإن ظن عمل عليه و إلا توخّى شهرا و صامه فإن استمرّ الاشتباه أجزأه و إن وافق رمضان أو كان بعده فكذلك و إن وافق قبله لم يجزئه و الأقرب عدم وجوب البحث و الاجتهاد بعد الصوم و لو وافق بعضه الشهر دون بعض صحّ فيما وافق الشهر و ما بعده دون ما قبله و إذا وافق صومه بعد الشهر فالمعتبر صوم أيام بعده ما فاته سواء وافق بين هلالين أو لم يوافق و سواء كان الشهران تامين أو ناقصين أو مختلفين و لو كان رمضان تاما فصام شوالا و كان ناقصا لزمه قضاء يومين و لو انعكس الفرض لم يجب عليه شيء و لو كانا تامين لزمه قضاء يوم بدل العيد و كذا لو كانا ناقصين و لو صام قبل رمضان و ظهر له ذلك قبل دخوله وجب عليه أن يصومه و لو صام تطوعا فوافق شهر رمضان فالأقرب أنه يجزئه [- يد -] يستحبّ الدعاء عند رؤية الهلال بما روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام و غيره من الأدعية المأثورة [- يه -] وقت وجوب الإمساك هو طلوع الفجر الثاني الذي يجب معه صلاة الصّبح إلى غروب الشمس الذي يجب معه صلاة المغرب و علامته سقوط الحمرة المشرقية قاله الشيخ و قال بعض أصحابنا علامته غيبوبة القرص فلو غاب عن الآفاق ثم شاهد ضوءه على بعض الجبال من بعيد أو بناء عال مثل منارة إسكندريّة جاز الإفطار و ليس بمعتمد و لو اشتبه عليه الغيبوبة وجب عليه الإمساك و يستظهر حتى يتيقّن و لو غاب القرص و بقي له أمارة الظهور فأصحّ الروايتين وجوب الإمساك حتى تذهب علامة ظهوره [- يو -] يستحب تقديم الصلاة على الإفطار إلا أن يكون له من ينتظره للإفطار معه

المطلب الثّاني في شرائطه
اشارة

و هي قسمان

الأوّل شرائط الوجوب

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] العقل و البلوغ شرطان في وجوب الصوم و لو بلغ قبل الفجر وجب صوم ذلك اليوم و لو كان بعده لم يجب و يستحبّ له الإمساك مفطرا كان أو صائما و لا قضاء عليه و لو أفاق المجنون في أثناء الشهر وجب عليه صيام ما بقي و إن أفاق قبل الفجر وجب صوم ذلك اليوم و إلا فلا و كذا المعنى عليه [- ب -] الإسلام شرط في الصّحة على ما قلناه فلو أسلم قبل الفجر وجب صوم ذلك اليوم و ما بعده و إن أسلم بعد الفجر سقط ذلك اليوم خاصة و أمسك استحبابا [- ج -] السلامة من المرض شرط في الوجوب إذا كان الصوم يزيد في المرض أو يبطئ البرء معه أما الصّحيح الذي يخاف المرض بالصوم فالوجه وجوبه عليه و كذا لو كان به شهوة غالبة للجماع يخاف أن تنشق أنثياه و المستحاضة إذا خافت المرض أفطرت [- د -] الإقامة أو حكمها شرط في الصّوم فلا يجب على المسافر سفرا يجب معه قصر الصّلاة و لو صام لم يجزئه

ص: 82

إن كان عالما و إلا أجزأه و لو نوى الإقامة في بلد عشرة أيام وجب الصوم و لو ردّد نيته صام بعد شهر و بالجملة كل من وجب عليه التقصير في الصّلاة وجب عليه التقصير في الصوم و هل يشترط تبييت النية من الليل قال الشيخ نعم فلو بيت نية السفر من الليل ثم خرج أيّ وقت كان من النهار وجب التقصير و القضاء و لو خرج بعد الزوال أمسك و عليه القضاء و إن لم يبيّت بنيته من اللّيل لم يجز له التقصير و كان عليه صيام ذلك اليوم و ليس عليه قضاؤه أي وقت خرج إلا أن يكون قد خرج قبل طلوع الفجر فإنه يجب عليه الإفطار على كل حال و لو قصر وجب عليه القضاء و الكفارة و قال المفيد رحمه اللّٰه المعتبر خروجه قبل الزّوال فإن خرج حينئذ لزمه الإفطار و إن خرج بعده أتم و لا اعتبار بالنية و قال السّيد و ابن بابويه يقصر متى خرج و إن كان قبل الغروب و لم يعتبر التبييت و الأقوى اختيار المفيد [- ه -] لا يجوز الإفطار حتى يغيب عنه أذان مصره أو يخفى عنه جدران بلده [- و -] لو قدم المسافر أو برأ المريض مفطرين استحبّ لهما الإمساك و عليهما القضاء و كذا الحائض إذا طهرت و الطاهر إذا حاضت و لو قدم المسافر أو برأ المريض صائمين فإن كان زوال عذرهما قبل الزوال وجب عليهما الإتمام و أجزأهما و إن كان بعد الزوال استحبّ الإمساك و وجب القضاء و لو عرف المسافر أنه يصل إلى بلده أو موضع إقامته قبل الزوال جاز له الإفطار و إن أمسك حتّى دخل و أتم صومه كان أفضل [- ز -] الخلوّ من الحيض و النفاس شرط في الصوم فلو زال عذرهما في أثناء النهار لم يصحّ صومها و وجب القضاء و كذا لو تجدد في أثناء النهار و لو قبل الغروب بشيء يسير

القسم الثّاني شرائط القضاء

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] يشترط في وجوب القضاء البلوغ حال الفوات فلو فات الصبيّ لم يجب القضاء سواء كان مميزا أو غير مميّز [- ب -] العقل شرط في القضاء فالمجنون إذا فاته شيء من الأيام أو الشهر كله و هو مجنون لم يجب عليه القضاء و كذا المغمى عليه و اليوم الّذي يفيق فيه لا يجب قضاؤه إلا أن يفيق قبل الفجر ثم يفطر فيه و اشترط بعض علمائنا سبق النية في المغمى عليه و ليس بجيّد [- ج -] الإسلام شرط في وجوب القضاء فالكافر الأصلي لا يجب عليه قضاء ما فاته حال كفره و لو أسلم في أثناء الشهر لم يقض الفائت و يجب عليه صيام المستقبل و اليوم الذي أسلم فيه لا يجب قضاؤه إلا أن يسلم قبل الفجر ثم يفطر فيه و لو أسلم بعد الفجر و لم يكن أفطر لم يجب صوم ذلك اليوم أما المرتد فيقضي ما فاته زمان ردته و لا فرق من أن تكون الرّدة باعتقاد ما يوجب الكفر أو بشكه فيه و لو ارتد بعد عقد الصوم ثم عاد لم يفسد صومه و فيه نظر [- د -] لو أزال عقله لسكر أو شرب مرقد وجب عليه قضاء ما يفوته فيه [- ه -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لو طرح في حلق المغمى عليه أو من زال عقله دواء لزمه القضاء إذا أفاق و ليس بجيّد [- و -] شرائط الكفارة هي شرائط القضاء فكل موضع سقط فيه القضاء سقطت فيه الكفارة [- ز -] يستحبّ للمغمى عليه و الكافر القضاء

المطلب الثّالث في الأحكام

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] يتعيّن قضاء الفائت في السنة التي فات فيها ما بينه و بين رمضان الآتي فلو أخر المريض القضاء بعد برئه تهاونا حتى دخل الثاني و لم يقض صام الحاضر و قضى الأوّل و كفر عن كل يوم بمدّين و أقله مد خلافا لابن إدريس و لو كان تأخيره مع العزم على القضاء حتى أدركه الثاني و لم يقض وجب القضاء خاصّة و لو استمرّ به المرض إلى رمضان الثاني و لم يصحّ فيما بينهما صام الحاضر و هل يقضي الفائت قال ابن بابويه نعم و لا كفارة و قال الشيخان يكفر عن كل يوم بما تقدم و لا قضاء عليه و الوجه عندي قول ابن بابويه و على قول الشيخين لو صام و لم يكفر فالوجه الإجزاء [- ب -] ظاهر كلام الشيخ في الخلاف تعميم الحكم في المريض و غيره ممن فاته الصّوم و فيه نظر [- ج -] حكم ما زاد على رمضانين سواء [- د -] لو أخره سنتين فما زاد فيه إشكال و الأقرب عدم تكرر الكفارة [- ه -] لو استمر به المرض حتى مات سقط القضاء و لا كفارة لكن يستحب أن يقضى عنه أما لو برأ من مرضه و تمكن من القضاء و لم يقض حتى مات قضي عنه [- و -] الذي يقضي عن الميّت أكبر أولاده الذكور سواء فاته بمرض أو غيره مع ترك الميّت القضاء و تمكنه و لو لم يكن له ولد ذكر و كان له إناث قال الشيخ رحمه اللّٰه يتصدّق عن كل يوم بمدين من ماله و أقلّه مدّ و قال المفيد يقضي الأنثى و الأول أقوى [- ز -] السيّد المرتضى أوجب الصّدقة أولا فإن لم يكن له مال صام عنه وليّه [- ح -] إن كان الولي واحدا تعين عليه قضاء الجميع و لو كانوا جماعة في سن واحد قضوا عنه بالحصص أو يتطوّع به البعض فيسقط عن الآخر و لو اتحد اليوم أو انكسر فالأقرب أنهم عليهم كواجب الكفاية و لم أقف فيه على نصّ [- ط -] قد بيّنا وجوب الصّدقة مع عدم الوليّ و يخرج من صلب المال [- ي -] لو صام أجنبي عن الميّت بغير قول الولي فالأقرب عدم الإجزاء و لو أمره أو استأجره ففي الإجزاء نظر [- يا -] كل صوم واجب على المريض و غيره كالمنذور و غيره إذا مات مع إمكان القضاء و لم يقضه وجب على الولي القضاء عنه أو الصدقة و لو وجب عليه صوم شهرين متتابعين ثم مات تصدق عنه عن شهر من مال الميّت و الظاهر أنه إما بمدّين عن كلّ يوم أو بمد و قضى

ص: 83

وليه شهرا و للولي أن يصوم الشهرين من غير صدقة سواء كان وجوبهما على التعيين أو التخيير نعم في المخير للوليّ أن يصوم شهرين أو يتصدّق من صلب مال الميّت أو يعتق من أصل المال [- يب -] قال الشيخ حكم المرأة في ذلك حكم الرّجل فما يفوتها من زمن الحيض أو السفر أو المرض لا يجب قضاؤه و لا الصّدقة عنه إلا مع تمكنها من القضاء و الإهمال فيجب على الولي القضاء أو الصّدقة كما قلنا في الرّجل خلافا لابن إدريس [- يج -] إذا مات المسافر بعد تمكنه من القضاء وجب أن يقضى عنه و لو مات في سفره فللشيخ قولان ففي الخلاف لا يجب و في التّهذيب يجب و الأوّل أقوى [- يد -] يجوز لقاضي رمضان الإفطار قبل الزوال لا بعده فإن أفطر بعده لعذر فلا كفارة عليه و إلا أطعم عنه عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام [- يه -] لو أجنب في شهر رمضان و ترك الاغتسال ساهيا من أوّل الشهر إلى آخره وجب قضاء الصّلاة إجماعا و أوجب الشيخ قضاء الصوم و منع ابن إدريس و الأقوى عندي الأول لرواته الحلبي الصحيحة عن الصادق عليه السّلام [- يو -] الأولى تتابع أيام القضاء و ليس واجبا [- يز -] لا يجوز لمن عليه صوم واجب رمضان أو غيره تطوعا أن يصوم حتى يأتي به [- يح -] يجوز القضاء في جميع أيام السنة إلا العيدين و أيام التشريق لمن كان بمنى و أيام الحيض و النفاس و المرض و السّفر و لا يكره القضاء في عشر ذي الحجة [- يط -] لو أصبح جنبا في قضاء رمضان أفطر ذلك اليوم و لم يجز له صومه و كذا في النافلة و كل ما لا يتعيّن صومه أما لو أكل أو شرب ناسيا في قضاء رمضان فالوجه أنّه يتم صومه و للشيخ قول آخر ضعيف

المقصد السّابع في بقية أقسام الصوم

و هو أقسام الأوّل في الواجب منه و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] صوم كفارة قتل الخطإ واجب بعد العجز عن العتق و هو شهران متتابعان و كذا صوم كفارة الظهار [- ب -] صوم كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان واجب و هو شهران متتابعان لكن وجوبه على التخيير بينه و بين الإطعام و العتق [- ج -] صوم كفارة قتل العمد و هو شهران متتابعان واجب مع الصدقة و العتق [- د -] صوم بدل الهدي للمتمتع إذا لم يجد الهدي و لا ثمنه واجب و هو عشرة أيام ثلاثة متتابعة في الحج و سبعة إذا رجع إلى أهله و لا يجب فيها التتابع [- ه -] صوم كفارة اليمين و باقي الكفّارات واجب و صوم الاعتكاف المنذور واجب و اليوم الثالث منه على خلاف و صوم كفارة من أفاض من عرفات قبل غروب الشمس عامدا و لم يجد الجزور و قدره ثمانية عشر يوما و صوم ما يجب بالنذر و اليمين و العهد واجب فهذه أقسام الصوم الواجب [- و -] الصوم المندوب على أقسام كثيرة و المتأكد قد ذكرناه من جملته أوّل خميس في العشر الأول و أول أربعاء في العشر الثاني و آخر خميس في العشر الأخير و في رواية أنّه في الشهر الأوّل كذلك و في الثاني خميس بين أربعاءين و يجوز تأخيرها من الصّيف إلى الشتاء للخفة و إذا أخرها إلى الشتاء جاز صومها متوالية و متفرقة و لو عجز عن صيامها تصدّق عن كل يوم بمدّ استحبابا [- ز -] يستحبّ صوم الأيام الأربعة في السنة يوم مبعث النبي و مولده صلى اللّٰه عليه و آله و دحو الأرض و الغدير و التاسع و العشرين من ذي القعدة و أول يوم في المحرّم و ثالثه و سابعه و يستحب صوم العشر بأسره فإذا كان اليوم العاشر أمسك عن الطعام و الشراب إلى بعد العصر ثم يتناول شيئا من التربة و روي استحباب المحرم بأسره و يوم النصف من جمادى الأولى و ستة أيام من شوال بعد يوم الفطر و يوم الخميس دائما و الإثنين و كل جمعة سواء أفرده أو لا و سواء وافق يوم صومه أو لا و صوم داود عليه السّلام مستحبّ و هو صوم يوم و إفطار يوم [- ح -] يستحب الإمساك و إن لم يكن صوما للمسافر إذا قدم أهله أو بلدا يعزم فيه الإقامة عشرا و قد أفطر و الحائض و النفساء إذا طهرتا في أثناء النهار و للطاهر إذا جاءها أحد الدّمين و للمريض إذا برأ و كان قد أفطر و الكافر إذا أسلم و الصّبي إذا بلغ و إن لم يتناولا شيئا [- ط -] يكره للمسافر أن يتملأ من الطعام أو يروى من الشراب بل يتناول منها قدر الحاجة و يشتد الكراهية في الجماع و ليس بمحرّم خلافا للشيخ و لا يجب به الكفارة إجماعا [- ي -] المستحاضة يجب عليها الصوم كالطاهر و يشترط في صحّة صومها الاغتسال إن وجبت عليها و إلا فلا فلو أخلت في الغسل وجب القضاء [- يا -] يحرم صوم العيدين إجماعا و استثنى الشيخ القاتل في الأشهر الحرم فإنه يصوم شهرين متتابعين و إن دخل فيهما العيدان و أيام التشريق و ليس بمعتمد و كذا البحث في أيام التشريق لمن كان بمنى و صوم الوصال حرام و اختلف فيه ففي النهاية و المبسوط هو أن يجعل عشاءه سحوره و في الإقتصاد صوم يومين من غير فطر و لو أمسك عن الطعام لا بنية الصّيام بل بنية الإفطار لم يكن محرّما و صوم الدهر حرام إذا دخل فيه العيدان و أيام التشريق لمن كان بمنى و لو أفطر هذه السنة لم يكره الباقي الخمسة

المقصد الثامن في التوابع

و فيه [- كز -] بحثا [- ا -] الشيخ الكبير و العجوز إذا عجزا عن الصّوم أفطرا إجماعا و في وجوب الكفارة قولان أحدهما الوجوب للشيخ و الثاني عدمه للسيّد و غيره و للمفيد هنا تفصيل فقال إن عجزا بالكلية فلا قضاء و لا صدقة و إن أطاقاه بمشقة فلا قضاء و وجبت الصدقة قال

ص: 84

الشيخ لست أعرف بالتفصيل نصا و لو عجزا عن الصّدقة سقطت إجماعا [- ب -] للشيخ قولان في قدر الصّدقة ففي النهاية و المبسوط عن كل يوم مدّان مع القدرة و مع العجز مد و في الإستبصار مد و هو جيّد [- ج -] ذو العطاش إذا كان لا يرجى زواله أفطر و يصدق عن كل يوم بمدّ و قيل بمدين و لا قضاء و إن كان يرجى برؤه أفطر إجماعا و يجب القضاء مع البرء و اختلف علماؤنا فقال المفيد و المرتضى لا كفارة عليه و أوجب الشيخ الكفارة [- د -] لا ينبغي لهؤلاء أن يتملئوا من الطّعام و الشراب و لا يواقعوا النساء و الأقرب أن ذلك كله مكروه [- ه -] الحامل المقرب و المرضعة القليلة اللبن إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا و عليهما القضاء و الصّدقة عن كلّ يوم بمدّ [- و -] لو خافتا على الولد كان لهما الإفطار و يجب القضاء و الصّدقة و خالف سلاّر في وجوب القضاء و ليس بمعتمد [- ز -] صوم النافلة لا يجب بالشّروع و يجوز إبطاله و لو قبل الغروب و لا قضاء لكن يستحبّ الإتمام و يتأكّد بعد الزوال و كذا جميع نوافل العبادات إلا الحجّ و العمرة فإنهما يجبان بالشروع و لو دخل في واجب معيّن لم يكن له الخروج منه و لو لم يتعيّن جاز الخروج منه إلا في قضاء رمضان بعد الزوال [- ح -] كل الصوم يلزم فيه التتابع إلا أربعة صوم النذر المجرّد عن التتابع و ما في معناه من يمين و عهد و صوم قضاء رمضان و صوم جزاء الصّيد و السبعة في بدل المتعة [- ط -] من وجب عليه شهران متتابعان إما لكفارة أو نذر أو غير ذلك فأفطر في الأوّل أو بعد انتهائه قبل أن يصوم من الثاني شيئا فإن كان لعذر من مرض أو حيض لم ينقطع تتابعه بل يبني على ما فعله بعد زوال العذر و كذا كل عذر من قبله تعالى أما السّفر فإن تمكن من تركه لم يكن عذرا و إلا فهو عذر و إن كان إفطاره لغير عذر استأنف إجماعا و لو صام الأول و من الثاني و لو يوما ثم أفطر لعذر و غيره فإنه يبني على كل حال و هل يحرم الإفطار قبل إكمال الثاني لغير عذر و إن جاز البناء قولان و لا يجوز لمن عليه شهران متتابعان أن يصوم ما لا يحصل معه صوم شهر و يوم مثل أن يصوم شعبان و لم يكن قد صام من رجب شيئا أو يصوم شوالا خاصة [- ي -] من وجب عليه شهر متتابع لنذر و شبهه فصام خمسة عشر يوما ثم أفطر لعذر و غيره جاز له البناء و لو أفطر قبل ذلك استأنف إلا أن يكون لعذر فإنه يبني و كذا العيد إذا وجب عليه صوم شهر لكفارة و غيرها فتابع خمسة عشر يوما جاز له تفريق الباقي و خالف فيه ابن إدريس [- يا -] ثلاثة الأيام في بدل هدي المتعة متتابعة فلو صام يومين ثم أفطر استأنف إلا في موضع واحد و هو أن يكون قد صام يوم التروية و عرفة فإنّه يفطر العيد و يأتي بالثالث بعد أيام التشريق و لو كان الفصل بغير العيد استأنف مطلقا و كذا يستأنف لو صام يوما ثم أفطر أما السبعة فالوجه عدم وجوب تتابعها [- يب -] كلّ صوم متتابع إذا أفطر في أثنائه لعذر بنى و إن كان لغير عذر استأنف إلا في المواضع الثلاثة المستثناة [- يج -] هل يجوز صيام أيام التشريق بدلا عن الهدي لمن كان بمنى فيه روايتان أصحّهما المنع [- يد -] يكره للمسافر النكاح فلو قدم من سفره و هو مفطر و قد طهرت من الحيض جاز الوطء و لو غرّته و قالت إني مفطرة فجامع فلا كفارة عليه و وجب عليها خاصة و لو علم بصومها فإن طاوعت وجبت عليها الكفارة دونه و لو أكرهها فلا كفارة عليه عنها و الأقرب وجوبها عليه عنها [- يه -] يكره السفر في رمضان للصّائم إلا لضرورة أو مضي ثلاثة و عشرين يوما منه [- يو -] من وجب عليه شهران متتابعان فعجز عن ذلك صام ثمانية عشر يوما [- يز -] لو نذر صوم يوم من رمضان قيل لا ينعقد و الأقوى انعقاده و لو نذر صوم يوم بعينه أو أيام بأعيانها فوافق ذلك اليوم أو الأيام أن يكون مسافرا أفطر و قضى و لو نذر صوم الدّهر و استثنى الأيام التي يحرم فيها الصوم انعقد نذره فلو كان عليه قضاء من رمضان أو وجب ذلك بعد النّذر لزمه أن يصوم فيها القضاء مقدما على النّذر و لا كفارة عليه فيهما إن كان الإفطار لعذر و لو وجب على صائم الدّهر واجبا كفارة مخيرة أو مرتبة فالوجه أنه لا يصوم عنها بل ينتقل فرضه إلى غير الصوم في المرتب و المخير [- يح -] لو نذر صوم يوم قدوم زيد لم ينعقد و قال الشيخ إن وافق قدومه قبل الزوال و لم يكن تناول شيئا مفطرا جدّد النّية و صام ذلك اليوم و إن كان بعده أفطر و لا قضاء فيما بعد و لو نذر يوم قدومه دائما سقط وجوب اليوم الذي جاء فيه و وجب صومه فيما بعد فلو اتفق في رمضان صامه عن رمضان و سقط النذر و لا قضاء و لو صامه عن النذر وقع عن رمضان و لا قضاء [- يط -] لو نذر صوم يوم دائما فوجب عليه شهران متتابعان قال الشيخ يصوم في الأول عن الكفارة ليحصل التتابع فإذا صام من الثاني شيئا صام ما بقي من الأيام عن النذر و قيل يسقط التكليف بالصوم و الأقرب صيام ذلك اليوم عن النذر و لا يسقط به التتابع و لا فرق بين تقدم وجوب الشهرين و تأخّره [- ك -] لو نذر أن يصوم في بلد معيّن فللشيخ قولان أحدهما سقوط التعيين فيصوم أين شاء و الآخر ثبوته [- كا -] لو نذر صوم سنة معيّنة وجب و سقط العيدان و أيام التشريق إن كان بمنى ثم إن لم يشترط التتابع حتى أفطر في

ص: 85

في أثنائها لغير عذر تمّم و قضى ما أفطره و وجب عليه الكفارة في كل يوم بفطرة و لو كان الإفطار في ذلك كله لعذر فإنه يبني و يقضي ما أفطره و لا كفارة و لو نذر صوم سنة غير معيّنة تخيّر في التوالي و التّفريق إن لم يشترط التتابع [- كب -] لو نذر صوم شهر تخيّر بين ثلاثين يوم و بين الصّوم في ابتداء الهلال إلى آخره و يجزئه لو كان ناقصا و لو صام في أثناء الشهر أتمّ ثلاثين و لو نذر شهرا متتابعا توخى ما يصحّ ذلك فيه و تجزّى بالنّصف [- كج -] لو نذر أن يصوم يوما و يفطر يوما صوم داود عليه السّلام فوالى الصوم قال ابن إدريس وجب عليه كفارة خلف النذر [- كد -] لو نذر صوم يوم بعينه فقدّم صومه لم يجزئه و لو نذر الصوم لا على وجه التقرب لم ينعقد نذره و لو نذر صوما و لم يعيّن المقدار أجزأه يوم واحد و لو نذر أن يصوم زمانا و لم يعيّن كان عليه صيام خمسة أشهر و لو نذر حينا كان عليه ستة أشهر و لو نذر العبد بغير إذن مولاه أو الزوجة بغير إذن زوجها لم ينعقد [- كه -] السحور مستحبّ و كلما قرب من الفجر كان أفضل قال ابن بابويه أفضل السحور السويق و التمر و يستحب تعجيل الإفطار بعد صلاة المغرب و لو كان هناك من ينتظر قدم الإفطار قال الصادق عليه السّلام يستجاب دعاء الصائم عند الإفطار و كان علي عليه السّلام يقول اللّٰهمّ لك صمنا و على رزقك أفطرنا فتقبّل منا إنك أنت السّميع العليم و يستحب إفطار الصائم قال الصادق عليه السّلام إفطارك أخاك المسلم يعدل عتق رقبة من ولد إسماعيل و يستحب الإكثار من البرّ في رمضان قال ابن عباس كان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله أجود الناس بالخير و كان أجود ما يكون في شهر رمضان و كان أجود من الرّيح المرسلة [- كو -] ليلة القدر ليلة عظيمة لم ترتفع إجماعا و أكثر العلماء على أنها في شهر رمضان و يستحبّ طلبها في ليالي الشهر و في العشر الأواخر آكد و أكثر الروايات أنها تطلب في إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين فلو نذر أن يعتق بعد مضي ليلة القدر وجب عليه العتق بعد انسلاخ الشهر [- كز -] روى ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه يستحب للرّجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان و عن الصادق عليه السّلام قال أطعم يوم الفطر قبل أن يصلّي و لا يطعم يوم الأضحى حتى ينصرف الإمام

المقصد التّاسع في الاعتكاف

اشارة

و فيه مطلبان

الأول في ماهيّته و شرائطه

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] الاعتكاف لغة اللبث الطويل و في الشّرع عبارة عن لبث مخصوص للعبادة و هو مشروع و سنة إجماعا و ليس بفرض و إنما يجب بالنذر و شبهه و أفضل أوقاته العشر الأواخر من رمضان روى ابن بابويه عن السّكوني بإسناده إلى رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله اعتكاف عشر في شهر رمضان بعد حجتين و عمرتين [- ب -] لا يصحّ الاعتكاف إلا من مكلّف مسلم حرّ أو عبد مأذون له ممن يصحّ منه الصّوم و هو على ضربين واجب و هو ما وجب بالنذر و شبهه و مندوب و هو ما عداه [- ج -] يصحّ اعتكاف الصّبي المميّز كما يصحّ صومه و هل يكون شرعيّا البحث فيه كالصوم [- د -] النية شرط في الاعتكاف و لا بد فيها من نية التقرّب فلو قصد اليمين أو منع النفس أو الغضب لم يعتدّ به و لا بد من الوجه إما واجبا أو مندوبا و لو نوى اعتكاف مدّة لم يلزمه نعم استمرار النية حكما شرط فيه [- ه -] الصوم شرط في الاعتكاف و لا يشترط صوم معيّن بل أيّ صوم أنفق صحّ الاعتكاف فيه سواء كان الصوم واجبا أو ندبا و سواء كان الاعتكاف واجبا أو ندبا فلو اعتكف في رمضان اكتفى فيه بصوم رمضان و لا يصحّ الاعتكاف في زمان لا يصحّ فيه الصوم كالعيدين و أيام الحيض و النفاس و المرض مع التضرر بالصوم و السفر المانع من الصّوم الواجب و النّدب [- و -] الإسلام شرط في الاعتكاف و لو ارتد المعتكف بطل اعتكافه و للشيخ قول بعدمه بل يبني لو رجع و ليس بجيّد [- ز -] العقل شرط في الاعتكاف فلا يقع من المجنون و لا المغمى عليه و لا الصبي و لا السّكران [- ح -] إذن الزوج شرط في حقّ المرأة في الندب و كذا إذن السّيد في العبد و المدبر و المكاتب و أم الولد و لو كان بعضه رقا لم يجز له أن يعتكف بغير إذن مولاه أما لو اعتكف في أيام نفسه فالوجه جوازه و لو أذن لعبده في الاعتكاف أو لزوجته جاز له الرّجوع و المنع ما لم يجب و لو نذرت المرأة أو العبد اعتكافا فلم ينعقد إلا بإذنهما فإن أذنا على المعيّن فنذرا لم يكن لهما الرجوع و لا منعهما و لو أذنا مطلقا جاز المنع عن التعجيل كالموسّع [- ط -] إذن المستأجر شرط في اعتكاف الأجير و كذا ينبغي في الضّيف لافتقاره في صوم التطوع إلى الإذن [- ي -] لو أذن لعبده في الاعتكاف فأعتق بعد التلبّس أتم واجبا إن كان منذورا أو مضى يومان على الخلاف و إلا ندبا و لو دخل بغير إذن فأعتق قال الشيخ رحمه اللّٰه يلزمه و ليس بمعتمد [- يا -] المدة شرط في الاعتكاف و أقل ما يكون ثلاثة أيام بليلتين فلا يصح الاعتكاف أقل من ثلاثة و لو وجب عليه قضاء اعتكاف يوم قضاه و ضم إليه آخرين و لا حصر في الزائد و لو نذر اعتكاف ما زاد على الثلاثة لزمه و لو نذر اعتكاف شهر و لم يعيّن تخير في التتابع و التفريق ثلاثة و لو قيده بالتّتابع وجب و إذا نذر اعتكاف شهر فإنه يأتي إن شاء بثلاثين يوما و إن شاء بما بين هلالين و إن كان ناقصا [- يب -] لو نذر اعتكاف شهر معيّن وجب التتابع فلو أفطر بعد مضي

ص: 86

ثلاثة صحّ ما مضى و أتمّ و قضى ما فات و لا يجب التتابع في قضائه لو فات أجمع و لو نذره و شرط التتابع وجب فلو فات قضاه متتابعا و لو نذر اعتكاف أيام لم يلزم المتابعة إلا في كل ثلاثة إذا لم يشترط المتابعة [- يج -] إذا نذر اعتكاف شهر دخل الأيام و الليالي و لو نذر اعتكاف أيام معدودة و لم يعينها لم يجب التتابع إلا أن يشترطه و لا يدخل معه الليالي بل ليلتان من كل ثلاث و لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام و لم يشترط التتابع لزمه ثلاثة بينهما ليلتان شرط التتابع أو لا و للشيخ قول بعدم دخول الليالي و ليس بجيد و لو نذر اعتكاف أيام متتابعة تضمن ذلك نذر الصّوم فلو اعتكف غير صائم و صام غير معتكف لم يجزئه و لو أفسد صومه انقطع التتابع و وجب عليه إعادة الاعتكاف و لو نذر الاعتكاف مصليا وجب عليه الجمع [- يد -] لو نذر اعتكاف شهر معيّن وجب عليه الدخول فيه مع طلوع هلاله فإذا أهل الشّهر الذي بعده فقد وفى و خرج من الاعتكاف و لو نذر اعتكاف العشر الأواخر دخل قبل المغرب من يوم العشرين فإذا خرج الشهر خرج منه و العشر اسم لما بين العشرين فلو كان الشهر ناقصا أجزأ بالتسعة أما لو نذر اعتكاف عشرة أيام فإنه يلزم الدّخول قبل طلوع الفجر و لو عينها بآخر الشهر فنقص وجب أن يأتي بيوم من الآخر و لو نذر اعتكاف شهر رمضان وجب فلو أخل به وجب أن يقضيه صائما و إن صامه و لم يعتكف فيه [- يه -] لو نذر اعتكاف شهر معيّن أو صومه ففعل ذلك قبله لم يجزئه و لو عاش نصف شهر ثم مات لزمه فداء ما أدرك إن لم يفعله و لا يجب عنه اعتكاف شهر [- يو -] لو نذر اعتكافا مطلقا صحّ و وجب ما يسمّى به معتكفا و أقله ثلاثة أيّام و لو نذر اعتكاف يوم لا غير لم ينعقد و كذا لو نذر اعتكاف ثاني قدوم زيد لا غير و لو نذر اعتكاف ثاني قدوم زيد و أطلق وجب و ضم إليه آخرين [- يز -] لو نذر اعتكاف أيام معيّنة فمرض أو جلس سقط الأداء و وجب القضاء و لو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد أبدا فقدم ليلا لم يجب عليه شيء و لو قدم نهارا سقط ذلك اليوم و وجب عليه اعتكاف باقي الأيام لكن يحتاج في كل اعتكاف إلى أن يضم إليه آخرين [- يح -] المكان شرط في الاعتكاف و هو مسجد جمع فيه نبي أو وصيّ نبي و هي أربعة مساجد المسجد الحرام و مسجد النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله و مسجد الكوفة و مسجد البصرة و جوز ابن أبي عقيل الاعتكاف في كل مسجد [- يط -] اعتكاف المرأة كاعتكاف الرّجل فلا يصحّ اعتكافها إلا في أحد المساجد الأربعة و ليس لها أن تعتكف في مسجد بيتها و هل يجوز الاعتكاف على سطح المسجد الأقرب المنع [- ك -] أو نذر اعتكافا في موضع معيّن تعين و لا يجزئه لو عدل و إن كان أفضل و لو انهدم ما نذر الاعتكاف فيه و لم يقدر على الاعتكاف في موضع منه خرج و أعاد الاعتكاف إذا بني المسجد [- كا -] استدامة اللبث شرط في الاعتكاف فلو خرج لغير الأسباب المبيحة بطل اعتكافه طوعا خرج أو كرها ثم إن لم يمض ثلاثة بطل الاعتكاف و إلا فهي صحيحة إلى حين الخروج

المطلب الثّاني في الأحكام

و فيه [- كز -] بحثا [- ا -] لا يجوز للمعتكف الخروج من الموضع الذي اعتكف فيه إلا لضرورة فلو خرج لغير عذر بطل اعتكافه و إن قصر الزمان فإن كان قد مضى ثلاثة أيام صحّ اعتكافه الماضي و يبطل من خروجه إن كان تطوّعا أو واجبا غير متتابع أو متتابعا من حيث الوقت بأن ينذر الشهر الفلاني فإذا عاد جدد الاعتكاف من حين العود و لو كان النذر متتابعا من حيث الشرط بطل الأوّل و استأنف من حين عوده و قضى ما مضى من الأيام و يجوز أن يخرج للبول و الغائط و الغسل من الاحتلام و أداء الجمعة لو أقيمت في غيره للضرورة عندنا أو مطلقا عند ابن أبي عقيل و لتشييع الجنازة و عيادة المريض و إقامة الشهادة تعين عليه التحمل و الأداء أو لا [- ب -] لو كان إلى جانب المسجد سقاية خرج إليها إلا أن يجد غضاضة بأن يكون من أهل الاحتشام و يجد المشقة بدخولها فيعدل إلى منزله و إن كان أبعد و لو بذل له صديق منزله و هو قريب من المسجد لقضاء حاجته لم يلزمه الإجابة لما فيه من المشقة بالاحتشام بل يمضي إلى منزله و لا فرق بين أن يكون منزله قريبا أو بعيدا ما لم يخرج عن مسمّى الاعتكاف بأن يكون منزله خارج البلد مثلا و لو كان له منزلان أحدهما أقرب تعيّن و لو خرج للجمعة عجل و لا يطيل المكث [- ج -] قال الشيخ رحمه اللّٰه يجوز أن يخرج ليؤذن في منارة خارجة عن المسجد و إن كان بينه و بين المسجد فضاء و هو جيّد إن كان هو المؤذن و قد اعتاد صوته و يبلغ من الإسماع ما لا يبلغ لو أذن في المسجد و لو خرج إلى دار الوالي و قال حي على الصّلاة أيها الأمير و قال الصّلاة أيها الأمير بطل اعتكافه [- د -] يجوز للمعتكف الصعود إلى السّطح في المسجد و أن يبيت فيه على إشكال و لو كان إلى جنب المسجد رحبة ليست داخلة فيه لم يجز الخروج إليها إلا لضرورة [- ه -] قال الشيخ إذا خرج لضرورة مما عددناه لا يمشي تحت الظّلال و لا يخفى يقف فيه إلا لضرورة [- و -] لا يجوز له أن يصلّي في غير المسجد الذي اعتكف فيه إلا بمكة خاصة فإنّه يصلّي في أيّ بيوتها شاء و لو اعتكف في غير مكة فخرج لضرورة فتطاول وقت الضرورة

ص: 87

حتى ضاق وقت الصّلاة عن عوده صلّى أين شاء و لم يبطل اعتكافه [- ز -] إذا طلّقت المعتكفة أو مات زوجها فخرجت و اعتدّت في بيتها استأنفت الاعتكاف و ليس للمطلقة رجعية إتمام الاعتكاف و لو أخرجه السّلطان ظلما لم يبطل اعتكافه إذا لم يطل و يبني و إلا بطل اعتكافه و استأنف إن لم يمض ثلاثة و لو خرج سهوا لم يبطل اعتكافه بل يرجع مع الذكر [- ح -] إذا مرض مرضا يحتاج معه إلى الخروج أو يزيد الصوم فيه خرج ثم يستأنف على إشكال إذا لم يمض ثلاثة بعد البرء و إن مضت ثلاثة أتمّ و لو كان الاعتكاف مندوبا لم يجب القضاء و لو حاضت المرأة خرجت من المسجد فإن طهرت رجعت إلى الاعتكاف و لا تجلس في الرّحبة المجاورة للمسجد إن كانت و كذا النفساء و مع العود تستأنف إن كانت اعتكفت أقل من ثلاثة و إلا أتمت [- ط -] لو أحرم في المسجد الحرام بحجة أو عمرة و هو معتكف لزمه الإحرام و يقيم في اعتكافه إلى أن يتمّ ثم يمضي في إحرامه و لو خاف فوت الحج ترك الاعتكاف فإذا قضى المناسك رجع إليه واجبا مع وجوبه و إلا فلا [- ي -] قال الشيخ رحمه اللّٰه لو أغمي على المعتكف أياما ثم أفاق لم يلزمه القضاء لعدم الدّليل و فيه نظر و الوجه عندي وجوبه مع وجوب الأصل و عدم تعيين زمانه [- يا -] لو أخرج رأسه إلى بعض نسائه ليغسلنه لم يبطل اعتكافه و كذا بعض أعضائه [- يب -] لو نذر الاعتكاف في زمان بعينه تعيّن زمانه و كذا المكان و يسافر إليه إن كان بعيدا فإن كان المسجد الحرام دخل مكة بحجّة أو عمرة [- يج -] لو وقعت فتنة خاف منها على نفسه أو ماله نهبا أو حريقا إن جلس في المسجد خرج ثم عاد عند انطفائها [- يد -] ينبغي للمرأة المعتكفة أن تستتر بشيء بأن تضرب خباءها في ناحية المسجد لا وسطه و روى ابن بابويه في الصّحيح استحباب الاستتار للرجل أيضا [- يه -] الاعتكاف في أصله مندوب فإن أوجبه بنذر أو يمين أو عهد وجب و إلا فلا ثم اختلف علماؤنا ففي المبسوط يجب المندوب بالنّية و الدخول فيه و اختاره أبو الصّلاح و في النهاية لا يجب إلا إذا مضى يومان فيجب الثالث فيجدّد نية الوجوب و كذا لو اعتكف ثلاثة ثم يومين آخرين وجب السّادس و اختاره ابن الجنيد و ابن البراج و قال السيّد المرتضى لم يجب أصلا بل يرجع متى شاء و هو الوجه عندي [- يو -] يستحب للمعتكف أن يشترط على ربّه أنه إذا عرض له عارض أن يخرج من الاعتكاف قال الشيخ فإذا شرط كان له أن يرجع متى شاء و إن لم يشترط فكذلك ما لم يمض يومان و على قول السيّد إن كان مندوبا رجع متى شاء و إن لم يشترط و إن كان واجبا فإن كان معيّنا متتابعا و شرط الرّجوع رجع عند العارض و لا يجب القضاء و كذا لو عين النذر و لم يشترط التتابع و لو عيّنه و شرط التتابع و لم يشترط على ربّه خرج مع العارض و قضى مع الزوال متتابعا و لو لم يشترط التتابع قضاه و لا يجب التتابع و لو لم يعيّن الزمان لكن شرط المتابعة و اشترط على ربّه خرج عند العارض و أتى بالباقي إن كان اعتكف ثلاثة و إلا استأنف و لو لم يشترط على ربّه استأنف متتابعا و لو لم يعيّن و اشترط على ربّه و لم يشترط التتابع خرج مع العارض و استأنف إن كان أقل من ثلاثة و إلا تمّم و لو لم يشترط التتابع و لا عيّن و لا اشترط على ربه خرج و استأنف إن لم يحصل ثلاثة و إلا أتمّ [- يز -] الاشتراط إنما صحّ في عقد النذر و لو أطلقه من الاشتراط لم يصحّ الاشتراط عند إيقاع الاعتكاف و لو اشترط الفرجة في اعتكافه أو الوطء أو البيع للتجارة أو التكسب بالصّناعة في المسجد لم يجز [- يح -] يحرم على المعتكف الجماع و يفسد به عامدا سواء أنزل أو لا و لو وقع سهوا لم يبطل اعتكافه و يحرم عليه القبلة و يبطل بها الاعتكاف و كذا اللّمس بشهوة و الجماع في غير الفرجين و يجوز الملامسة بغير شهوة و لا فرق في تحريم الوطء بين الليل و النهار [- يط -] يحرم عليه البيع و الشرى فإن فعل لم يبطل البيع خلافا للشيخ و كذا يحرم جميع التجارة المشغلة و الصّنائع عن العبادة و لو اضطر إلى شراء غذائه أو شراء قميص يستتر به أو يبيع شيئا ليشتري ثمن قوته جاز [- ك -] يحرم عليه المماراة و الكلام الفحش و للشيخ رحمه اللّٰه قولان في تحريم الطيب [- كا -] يستحب له دراسة العلم و المناظرة فيه و تعليمه و تعلمه بل هو أفضل من الصّلاة المندوبة و يجوز المحادثة حال الاعتكاف و يحرم الصّمت و لو نذره في اعتكافه و الأحسن عندي المنع من جعل القرآن بدلا من كلامه [- كب -] كل ما يفسد الصّوم يفسد الاعتكاف إذا وقع نهارا و كل ما يمنع الاعتكاف من فعله نهارا يمنع من فعله ليلا و لا يفسد الاعتكاف سباب و لا جدال و لا خصومة [- كج -] يجب الكفارة بالجماع على المعتكف سواء جامع نهارا أو ليلا أما غير الجماع كالأكل و الشرب و غيرهما من المفطرات ففي الكفارة إشكال قال المفيد و السيّد المرتضى يجب بذلك كله و الوجه عندي التفصيل و هو إيجاب الكفارة في رمضان أو النذر المعيّن أما لو كان الاعتكاف مندوبا أو واجبا غير معيّن فالوجه عدم وجوب الكفارة إلا بالجماع خاصة [- كد -] الكفارة عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستّين مسكينا مخيرا في ذلك قال السّيد إذا جامع نهارا كان عليه كفارتان و إن جامع ليلا فكفارة

ص: 88

واحدة و أطلق و الأقرب عندي أن الكفارة تتعدّد إن كان الوطء في رمضان و إلا فكفارة واحدة و لو أكره المعتكفة بإذنه على الجماع فسد اعتكافه قال السّيد وجب أربع كفارات و إن أكرهها ليلا فكفارتان و لا يفسد اعتكافها و إن طاوعته نهارا فعليها كفارتان و ليلا كفارة و كذا عليه و فسد اعتكافهما معا و في تعدّد الكفارة بالإكراه هنا نظر [- كه -] كل مباشرة تستلزم إنزال الماء فحكمها حكم الجماع قاله الشيخ و الوجه عندي وجوب القضاء بذلك دون الكفارة [- كو -] لو مات المعتكف قبل الانقضاء فإن كان واجبا وجب على الولي أن يقضي عنه أو يستنيب و إن كان ندبا فلا [- كن -] قال الشيخ قضاء الاعتكاف الواجب واجب على الفور و عندي فيه نظر و يستحبّ قضاء الندب

كتاب الحجّ

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد

أما المقدّمة

ففيها يو مباحث ا الحج لغة القصد يقال بفتح الحاء و كسرها و كذا الحجة و في الشرع عبارة عن قصد البيت الحرام لأداء المناسك في زمان معيّن و أما العمرة فهي لغة الزيادة و في الشرع عبارة عن زيارة البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده [- ب -] الحج من أعظم أركان الإسلام و هو أحد أصول الإسلام الخمسة و هو واجب بالنّص و الإجماع و كذا العمرة [- ج -] الحج و العمرة يجبان مع الشرائط الآتية على الفور في العمر مرة واحدة [- د -] في الحج فضل كثير روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله لقيه أعرابي فقال يا رسول اللّٰه إني أريد الحج ففاتني و أنا رجل مموّل فمرني أصنع في مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاج قال فالتفت إليه رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و قال له انظر إلى أبي قبيس فلو أن أبا قبيس لك ذهبة حمراء أنفقتها في سبيل اللّٰه ما بلغت مبلغ الحاج ثم قال إن الحاج إذ أخذ في جهازه لم يرفع شيئا و لم يضعه إلا كتب اللّٰه له عشر حسنات و محا عنه عشر سيّئات و رفع له عشر درجات فإذا ركب بعيره لم يرفع خفا و لم يضعه إلا كتب له مثل ذلك فإذا أطاف بالبيت خرج من ذنوبه فإذا سعى بين الصفا و المروة خرج من ذنوبه فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه قال فعدّد رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله كذا و كذا موقفا إذا وقفها الحاج خرج من ذنوبه ثم قال أنّى لك ما تبلغ ما بلغ الحاج قال الصادق عليه السّلام و لا يكتب عليه الذنوب أربعة أشهر و تكتب له الحسنات إلا أن يأتي بكبيرة و في الصّحيح عن معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السّلام قال الحاج يصدرون على ثلاثة أصناف صنف يعتقون من النار و صنف يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه و صنف يحفظ في أهله و ماله فذلك أدنى ما يرجع به الحاج و روي أنه الذي لا يقبل منه الحجّ و في الصّحيح عن الرّضا عليه السّلام أن الحج و العمرة ينفيان الفقر و الذنوب كما ينفي الكير الخبث من الحديد و قال الباقر عليه السّلام الحاج و المعتمر و اللّٰه إن سألوه أعطاهم و إن دعوه أجابهم و إن شفعوا شفعهم و إن سكتوا ابتدأهم و يعوضون بالدرهم ألف ألف درهم [- ه -] الدعاء في تلك المواطن مستجاب قال الرضا عليه السّلام ما وقف أحد بتلك الجبال إلا استجيب لهم فأما المؤمنون فيستجاب لهم في آخرتهم و أما الكفار فيستجاب لهم في دنياهم و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله أربعة لا تردّ لهم دعوة حتى تفتح لهم أبواب السماء و تصير إلى العرش دعوة الوالد لولده و المظلوم على من ظلمه و المعتمر حتى يرجع و الصائم حتى يفطر [- و -] تكرار الحجّ مستحبّ قال الصادق عليه السّلام من حجّ حجّتين لم يزل في خير حتّى يموت و من حجّ ثلاث حجج متوالية لم يصبه فقر أبدا [- ز -] لا ينبغي له ترك الحج لأجل الدّين فقد سئل الصادق عليه السّلام عن رجل ذي دين يستدين و يحج قال نعم هو أقضى للدّين [- ح -] يكره الترغيب عن الحجّ قال الصادق عليه السّلام ليحذر أحدكم أن يعوق أخاه عن الحج فيصيبه فتنة في دنياه مع ما يدّخر له في الآخرة [- ط -] المشي مع المكنة أفضل من الركوب كان زين العابدين عليه السّلام يمشي و يساق معه المحامل و الرجال و روي أنه ما تقرّب إلى اللّٰه عزّ و جلّ بشيء أحبّ إليه من المشي إلى بيته الحرام على القدمين و إن الحجة الواحدة تعدل سبعين حجّة [- ي -] ينبغي له إذا عزم على الحج النظر في أمر نفسه و قطع العلائق بينه و بين معامليه و توفية كل ذي حق حقه و تدبير منزله و ترك ما يحتاجون إليه من النفقة و الوصيّة بالمعروف و يتخيّر يوم السّبت أو الثلاثاء و يتجنب الجمعة و الإثنين و السفر و القمر في برج العقرب [- يا -] إذا عزم على الخروج صلّى ركعتين و دعا و استفتح سفره بشيء من الصّدقة فإذا خرج من داره قام على الباب تلقاء وجهه و قرأ فاتحة الكتاب أمامه و عن يمينه و عن يساره و كذا آية الكرسي و دعا بالمأثور و إذا وضع رجله في الركاب دعا و يدعو إذا استوى على الراحلة و يستحب حمل العصا في السّفر [- يب -] يستحب تشييع المسافر و توديعه و الدعاء له قال الباقر عليه السّلام كان رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله إذا ودّع مسافرا أخذ بيده ثم قال أحسن اللّٰه لك الصحابة و أكمل لك المعونة و سهل لك الحزونة و قرّب لك البعيد و كفاك

ص: 89

المهم و حفظ لك دينك و أمانتك و خواتيم عملك و وجهك لكلّ خير عليك بتقوى اللّٰه استودع اللّٰه نفسك سر على بركة اللّٰه عزّ و جلّ [- يج -] يكره السفر وحده و قال الكاظم لعن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله ثلاثة آكل زاده وحده و النائم في بيت وحده و الراكب في الفلاة وحده و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله الرّفيق ثم الطّريق و قال أمير المؤمنين عليه السّلام لا تصحبن في سفر من لا يرى لك من الفضل عليه كما ترى له عليك و قال الباقر عليه السّلام إذا صحبت فاصحب نحوك و لا تصحب من يكفيك فإن ذلك مذلة للمؤمن و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من السنة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا نفقتهم فإن ذلك أطيب لأنفسهم و أحسن لأخلاقهم [- يد -] ينبغي إعانة المسافر قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من أعان مؤمنا مسافرا نفس اللّٰه عنه ثلاثا و سبعين كربة و أجاره في الدنيا من الغم و الهم و نفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم [- يه -] روى السّكوني قال قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم إياكم و التّعريس على ظهر الطريق و بطون الأودية فإنها مدارج السّباع و مأوى الحيات و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله لعليّ يا علي إذا نزلت منزلا فقل اللّٰهمّ أنزلني منزلا مباركا و أنت خير المنزلين ترزق خيره و يدفع عنك شره [- يو -] الحجّ قسمان واجب و ندب فالواجب حجة الإسلام و المنذورة و شبهها و ما وجب بالإفساد و الاستيجار و يتكرر بتكرر السّبب و ما خرج عن ذلك مستحب و إنما تجب حجة الإسلام مع اجتماع الشرائط الآتية على الرجال و النساء و الخناثى و يستحب لفاقد الشرائط كمن عدم الزاد و الراحلة و أمكنه التسكع و يستحب أيضا للعبد إذا أذن له مولاه

المقصد الأول في بيان حجة الإسلام

اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في الشرائط
اشارة

و هي ستة البلوغ و كمال العقل و الحرّية و الزاد و الراحلة و إمكان المسير و أن يكون له ما يمون عياله فاضلا عما يحتاج إليه

الأوّل البلوغ

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] لا يجب على الصّبي الحج إجماعا فإن كان مميزا صحّ إحرامه و حجه و إن كان غير مميّز جاز لوليه الإحرام عنه بمعنى أنه يحرم للصّبي فيصحّ له دون الولي [- ب -] يشترط إذن الولي في إحرام الصّبي و حجه و إن كان مميّزا و الوليّ من له ولاية المال كالأب و الجدّ للأب و الوصيّ دون غيرهم و لو أحرمت أمّه عنه صحّ و إن انتفت الولاية لرواية ابن سنان الصّحيحة عن الصادق عليه السّلام [- ج -] ما يحتاج إليه الصبي من حمولة و غيرها مما يزيد على نفقته الواجبة يثبت على الولي [- د -] إذا عقد الصّبي الإحرام تولى بنفسه ما يتمكن منه و ما يعجز عنه ينوبه الولي و يجرد الصبيّ كما يجرّد البالغ من فخ و الوجه أن إنشاء إحرامه من الميقات و الرمي إذا لم يقدر عليه رمى عنه الولي و يستحب وضع الحصى في يده ثم أخذها و الرمي عنه و الطواف إذا لم يتمكّن من المشي حمله أو غيره و طاف به و ينوي الطواف عن الصّبي [- ه -] كل ما يحرم على البالغ فعله يمنع منه الصّبي و لا يجوز أن يعقد له عقد نكاح و كل ما يلزم المحرم من كفارة في فعله لو فعله الصّبي وجبت الكفارة على الولي إذا كان مما يلزم عمدا و سهوا كالصيد أما ما يلزم بالعمد لا بالسّهو فللشيخ وجهان أحدهما لا يلزمه لأنّ عمد الصّبي خطأ و الثاني يلزمه و الأوّل أقرب و الهدي يلزم الوليّ [- و -] لو بلغ بعد إكمال الحج لم يجزئه عن حجة الإسلام و لو كان في الأثناء فإن كان بعد الموقفين فقد فاته الحج و أتم تطوّعا و وجب عليه حجة الإسلام مع الشرائط و إن أدرك أحد الموقفين بالغا ففي الإجزاء نظر و الوجه الإجزاء و لو بلغ بعد الوقوف بالمشعر قبل مضي وقته فإن عاد أجزأ عنه و إن لم يعد لم يجز عن حجة الإسلام [- ن -] لو وطئ الصبي قبل الوقوف في الفرج فإن كان ناسيا فلا شيء عليه كالبالغ و لا يفسد حجه و إن كان عامدا قال الشيخ رحمه اللّٰه عمده و خطؤه واحد فلا يتعلق به إفسادا للحجّ قال و إن قلنا بفساد الحجّ و لزوم القضاء أمكن و الأول أقوى فإن قلنا بوجوب القضاء فالوجه أنه إنما يجب بعد البلوغ فإذا قضى أجزأه عن حجّة الإسلام إن كان قد أدرك في الفاسدة شيئا من الوقوف بعد بلوغه و إلا فالأقرب عدم الإجزاء

الثّاني العقل

فلا يجب الحج على المجنون المطبق و لا من يعتوره الجنون غالبا أما من يعاوده أحيانا بحيث يتمكن من أفعال الحج عاقلا فإنّه يجب عليه مع الشرائط و حكم المجنون حكم الصّبي غير المميّز فللولي أن يحرم عنه و يأتي بباقي أفعال الحج و لو زال عذره بعد الحج لم يجزئه عن حجّة الإسلام و لو كان في الأثناء فكالصّبي

الثالث الحرية

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] الحرية شرط في وجوب الحجّ بالإجماع فلا يجب على العبد القن و لا المكاتب و إن تحرّر بعضه و لا المدبّر و لا أمّ الولد [- ب -] العبد إذا حج بإذن مولاه صحّ حجه و لو كان بغير إذنه لم يصح و لو أحرم بغير إذن مولاه لم ينعقد و للمولى فسخ إحرامه [- ج -] لو أذن له مولاه في الإحرام فتلبس لم يكن للمولى فسخه و لو أذن له في الحج لم يجزئه عن حجة الإسلام لو أعتق و حصلت الشرائط بل وجب عليه الحج ثانيا و لو أدركه العتق قبل الموقفين أجزأه الحجّ و يدرك الحج بإدراك أحد الموقفين معتقا أما لو أعتق بعد الموقفين معا فإنه لا يجزئه عن حجة الإسلام

ص: 90

و لو أعتق قبل الوقوف أو في وقته و أمكنه الإتيان بالحجّ وجب عليه ذلك و كل موضع قلنا يجزئه الحج لا يجب عليه الدّم و كذا فيما لا يجزئه [- د -] لو أذن له مولاه ثم رجع فإن كان قبل التلبس و علم العبد بذلك بطل الإذن و لا يجوز للعبد الحج (- ح -) حتى و إن كان رجوعه بعد التلبّس لم يجز الرّجوع و لو رجع قبل التلبّس و لم يعلم العبد ثم أحرم بجهالة من الرّجوع قال الشيخ الأولى أنّه يصحّ إحرامه و للسّيد فسخ حجّه [- ه -] لو أحرم بإذن مولاه ثم باعه صح البيع و لا خيار للمشتري مع علمه و إلا فله الخيار و لو كان أحرم بغير إذن سيّده صحّ البيع و لا خيار للمشتري [- و -] الأمة المزوجة ليس لها أن تحج إلا بإذن المولى و الزوج و كذا المكاتب يشترط فيه إذن المولى و لو عتق بعضه و هايأه مولاه ففي جواز إحرامه في أيامه من غير إذن المولى نظر [- ز -] لو أحرم بغير إذن مولاه بطل فلو أعتق قبل فوات الموقفين فإن أمكنه إنشاء إحرام آخر صحّ و أجزأ عن حجة الإسلام و إلا فلا [- ح -] لو أذن له مولاه فأحرم ثم أفسد حجه وجب عليه إتمام الفاسد كالحرّية و يجب عليه القضاء و إن كان رقيقا و لا يجب إجابة المولى في طلب الصبر إلى حين العتق و لو أحرم بغير إذن سيّده ثم أفسده لم يتعلّق به حكم و لو أعتقه مولاه بعد إفساده فإن كان قبل فوات أحد الموقفين أتم حجّه و قضاه في القبال و أجزأه عن حجة الإسلام و لو كان بعد الموقفين أتم حجّه و قضاه في القابل و أجزأه و عليه حجة الإسلام و لا يجزي القضاء عنها قال الشيخ و يبدأ بحجّة الإسلام قبل القضاء و لو بدأ بالقضاء انعقد عن حجّة الإسلام و كان القضاء في ذمّته قال و لو أعتق قبل الوقوف أتم حجّه و قضاه في القابل و أجزأه عن حجة الإسلام [- ط -] لو جنى العبد في إحرامه بما يلزم به الدّم كاللباس و الطيب و حلق الشعر و الوطء و قتل الصّيد و أكله و غير ذلك قال الشيخ يلزم العبد و يسقط الدم إلى الصّوم و لسيده منعه منه و قال المفيد على السيد الفداء في الصّيد و الوجه عندي التفضيل فإن كانت الجناية بإذنه كما لو أذن له في الصيد في إحرامه أو اللباس لزم المولى الفداء عنه و مع العجز يأمره بالصّيام و إن لم يأذن لزم العبد الصوم و سقط الدم [- ي -] لو ملكه مولاه الفداء أجزأ الصّدقة به و لو مات قبل الصّيام جاز أن يطعم المولى عنه و أما دم المتعة فالخيار إلى سيّده بين أن يهدي عنه أو يأمره بالصيام و ليس له منعه من الصوم بغير هدي

الرابع الاستطاعة

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] الاستطاعة شرط في وجوب حجة الإسلام بالنّص و الإجماع و هي الزاد و الراحلة و إمكان المسير فلو فقد الزاد و الراحلة أو أحدهما مع بعد المسافة سقط الحج و إن تمكن من المشي سواء كان عادته سؤال الناس أو لا و يحصل المكنة بملك عين الزاد و الراحلة أو الثمن أو العوض مع وجود البائع و المؤجر [- ب -] لو فقدهما و تمكن من المشي لم يجب عليه فلو حجّ حينئذ ماشيا لم يجزه عن حجة الإسلام و وجب عليه الإعادة [- ج -] لو بذل له زاد و راحلة و نفقة له و لعياله وجب عليه الحجّ مع استكمال الشرائط الباقية و كذا لو حجّ به بعض إخوانه و للشيخ قول بوجوب الإعادة مع الإيسار و فيه ضعف أما لو وهب له مال فإنّه لا يجب عليه القبول سواء كان الواهب قريبا أو بعيدا [- د -] لا يباع دار السكنى في ثمن الزاد و الراحلة و لا خادمه و لا ثياب بدنه و يجب بيع ما زاد على ذلك من ضياع أو عقار أو غيرهما من الذخائر و لو كان له دين حال على موسر باذل بقدر الاستطاعة وجب الحج و لو كان معسرا أو مانعا أو كان الدين مؤجلا سقط الوجوب و لو كان له مال و عليه دين بقدره لم يجب الحج سواء كان الدين مؤجلا عليه أو حالا [- ه -] لا يجب عليه الاستدانة للحج إذا لم يكن له مال غير الدّين و ما روي من الحجّ بمال الولد فعلى سبيل الاستحباب و لا يجب على الولد بذل المال لوالده و لا فرق في ذلك بين أن يكون له من يقضي عنه أو لا إذا كان فاقدا [- و -] لو كان له ما يحج به و تاقت نفسه إلى النكاح لزمه الحج و لا يجوز صرف المال في النكاح و إن حصل العنت أما لو حصلت المشقة العظيمة فالوجه عندي تقديم النكاح [- ز -] لو كان له مال فباعه قبل وقت الحجّ مؤجلا إلى بعد وفاته سقط الحجّ و كذا لو وهب ماله قبل الوقت أو أتلفه [- ح -] لو غصب مالا فحجّ به أو غصب حمولة فركبها حتى أوصلته أثم بذلك و عليه الأجرة و ضمان المال و لم يجزئه الحج و إن كان مستطيعا و عندي فيه نظر [- ط -] القريب من مكة يعتبر الراحلة في حقه بنسبة حاجته و لو لم يحتج لم يعتبر الراحلة و كذا المكي و يعتبر الزاد فيهما و لو عجز كالزّمن و المريض اعتبرت الراحلة أيضا [- ي -] لو حجّ عنه غيره و هو مستطيع لم يجزئه عن حجّة الإسلام سواء كان النائب مستطيعا أو لا [- يا -] لا بد من فاضل غير الزاد و الراحلة قدر ما يمون عياله الذين يجب نفقتهم عليه حتى يرجع إليهم بقدر الكفاية على جاري عادتهم من غير تقتير و لا تبذير و لا يحتسب من يستحبّ نفقته [- يب -] يشترط أيضا أن يكون له ما يفضل عن قضاء ديونه سواء كانت حالة أو مؤجّلة و سواء كانت للّه تعالى كالزكاة أو للآدمي [- يج -] الزاد المشترى هو ما يحتاج من مأكول أو مشروب و كسوة فإن كان يجد الزاد في كل منزل لم يلزمه حمله و إلا لزمه حمله

ص: 91

و أما الماء و علف الدواب فإن كان يوجد في المنازل التي ينزلها على العادة لم يجب حملها و إلا وجب مع المكنة و مع عدمها يسقط [- يد -] الراحلة المشترطة يجب أن يكون راحلة مثله إما بالتّملك أو الأجرة لذهابه و رجوعه فإن كان لا يشتق عليه ركوب القتب أو الزاملة اعتبر ذلك في حقّه و إن كان يلحقه مشقة عظيمة اعتبر وجود المحمل [- يه -] لو كان وحيدا اعتبر نفقته لذهابه و عوده و لو احتاج إلى خادم اعتبر وجوده إما بالملك أو الاستيجار [- يو -] يعتبر في الاستطاعة وجود ما يحتاج إليه في السّفر من الآلات و الأوعية كالغرائر و أوعية الماء فلو فقدها مع الحاجة سقط الفرض [- ين -] لو كان له بضاعة يكفيه ربحها أو ضيعة يكفيه غلتها فالأقرب وجوب بيعها للحج أو صرف البضاعة إليه إذا كان بقدر الكفاية ذهابا و عودا و قدر نفقة عياله كذلك [- يح -] لو كان واجدا للزاد و الراحلة فخرج في حمولة غيره أو نفقة غيره أو كان مستأجرا للخدمة أو غيرها أو كان ماشيا فحج أجزأه و لو لم يكن واحدا لم يجب إلا مع بذل الغير و لا يجب أن يوجر نفسه بالزاد و الراحلة و النفقة لعياله مع العجز فإن فعل وجب الحجّ و كذا لو وجد بعض الزاد و الراحلة و لم يوجد الباذل للباقي لم يجب أن يوجر نفسه بالباقي فإن فعل وجب الحج و يستحب لفاقد الاستطاعة الحج إذا تمكن من المشي ثم يعيد واجبا مع الوجدان [- يط -] لا يعتبر وجود الزاد في المراحل مع وجوده في البلدان التي جرت العادة بحمل الزاد منها و أما الماء فإن كان موجودا في المصانع التي جرت العادة بكونه فيها وجب الحج و إن كان لا يوجد لم يجب الحج و إن وجد في البلاد التي يوجد منها الزاد [- ك -] لو وجد ثمن الزاد و الراحلة وجب شراؤهما مع وجود البائع و لو احتاج إلى الثمن لم يجب الشراء و لو وجده بأكثر من ثمن المثل أو بأكثر من أجرة المثل فإن تضرّر به لم يجب الشراء إجماعا و إن لم يتضرّر فالأقرب وجوب الشراء [- كا -] لو عجز عن الزاد و الراحلة جاز أن يحج عن غيره و لا يجزئه عن حجة الإسلام لو أيسر بل يجب عليه مع الاستطاعة

الخامس إمكان المسير

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] يدخل تحت هذا الشرط الصّحة و إمكان الركوب و تخلية السرب و اتساع الزمان فالمريض لا يجب عليه الحجّ مع الضّرر و إن وجد الزاد و الراحلة بالإجماع و لو لم يتضرر بالركوب وجب عليه الحج مع باقي الشرائط و لو منعه المرض عن الركوب سقط عنه الفرض و كذا المعضوب الذي لا يقدر على الركوب و لا يستمسك على الراحلة من كبر أو ضعف في البنية أو إقعاد و لو وجد هؤلاء الاستطاعة ففي وجوب الاستنابة قولان أحدهما الوجوب اختاره الشيخ و الثاني عدمه اختاره ابن إدريس و الأقرب الأوّل [- ب -] المريض إن كان يرجى برؤه و وجد الاستطاعة و تعذر عليه الحج استحب له أن يستنيب رجلا يحج عنه فإذا استناب ثم برأ و هو مستطيع وجب عليه إعادة الحج بنفسه و لو مات سقط عنه فرض الحج مع الاستنابة و بدونها و لو كان المرض لا يرجى برؤه أو كان العذر لا يزول كالإقعاد و ضعف البدن خلقة و كبر السن وجب أن يحج عنه رجلا مع الاستطاعة فإن مات سقط عنه فرض الحج و لو زال عذره وجب الحج [- ج -] لو وجد المعضوب المال و لم يجد الأجير سقط عنه فرض الاستيجار إلى العام المقبل و لو وجد من يستأجره بأكثر من أجرة المثل فإن أمكنه التحمل من غير ضرر فالوجه الوجوب و إلا فلا [- د -] المعضوب إذا لم يكن له مال سقط عنه فرض الحج مباشرة و استنابة و لو وجد من يطيعه لأداء الحج لم يجب سواء وثق منه بفعله أو لم يثق و سواء كان ولدا أو أجنبيّا و لو بذل له المال و لم يبذل له الفعل فالوجه عدم الوجوب [- ه -] لو كان على المعضوب حجتان كحجة الإسلام و منذورة جاز أن يستنيب اثنين في سنة [- و -] يجوز للصّحيح أن يستنيب في التطوع و يجوز استنابة الضرورة و غيره في الواجب و النّدب [- ز -] قال الشيخ المعضوب إذا أوجب عليه حجة بالنذر أو بإفساد حجه وجب عليه أن يحج عن نفسه رجلا فإذا فعل ذلك فقد أجزأه و إن برأ فيما بعد تولاها بنفسه و عندي فيه تردد [- ح -] تخلية السرب شرط في الوجوب و هو أن يكون الطريق آمنا أو يجد رفقة تأمن معهم علما أو ظنا فلو وجد مانع من عذر و غيره سقط فرض الحج و هل يجب أن يستنيب البحث فيه كالمريض و لو كان هناك طريقان أحدهما آمن سلكه و إن طال إذا لم تقصر نفقته عنه و اتسع الزمان و لو قصرت نفقته عنه أو قصر الزّمان عن سلوكه أو لم يكن له إلاّ طريق واحد و هو مخوف أو بعيد تضعف قوته عن قطعه لمشقة لم يجب عليه و لو كان في الطريق عدوّا و أمكن محاربته بحيث لا يلحقه خوف و لا ضرر فهو مستطيع و لو خاف على نفسه من قتل أو جرح أو على ماله أو بعضه مما يتضرر به لم يجب [- ط -] لو لم يندفع العدو إلا بمال أو خفارة قال الشيخ لم يجب و لو قيل إن أمكن رفع المال من غير إجحاف و لا ضرر وجب و إلا فلا كان وجها و لو بذل له باذل المطلوب منه فانكشف العدوّ وجب الحج و ليس له منع الباذل [- ي -] طريق البحر كطريق البر فلو غلب على ظنه السّلامة في أحدهما تعيّن و إن كان في البحر [- يا -] اتساع الزمان شرط فلو ضاق الوقت عن قطع المسافة سقط الفرض و لو لم يجد الرفقة أو ضاق الوقت عليه حتى لا يلحقهم إلا بمشقة كطي المنازل أو الحث الشديد سقط تلك السنة [- يب -] اشترط الشيخ رحمه اللّٰه الرجوع

ص: 92

إلى كفاية فلو ملك الزّاد و الرّاحلة و النفقة له و لعياله ذهابا و عودا و لم يكن له كفاية يرجع إليها من مال أو حرفة أو صناعة أو عقار لم يجب الحج و اختاره المفيد و ابن البراج و أبو الصّلاح و لم يشترط المرتضى ذلك و اختاره ابن أبي عقيل و هو الأقوى [- يج -] الإسلام ليس شرطا في الوجوب و هو شرط في الصّحة و لو أحرم و هو كافر لم يصحّ إحرامه فإن أسلم قبل فوات الوقوف بالمشعر وجب عليه الرجوع إلى الميقات و إنشاء الإحرام منه فإن لم يتمكن أحرم من موضعه و لا يعتدّ بالأول [- يد -] لو ارتدّ بعد أداء الحجّ مسلما لم يجب عليه إعادته و قوى في المبسوط الإعادة و لو أحرم ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام كان إحرامه باقيا و بنى عليه [- يه -] الأعمى يجب عليه الحج مع الشرائط و وجود قائد يهديه مع الحاجة [- يو -] شرائط الوجوب في الرّجل هي شرائطه في المرأة فإذا اجتمعت الشرائط وجب عليها الحجّ و إن لم يكن لها محرم و لو لم تجد الثقة و خافت من المرافق اشترط المحرم و هو الزوج أو من تحرم عليه على التأبيد نسبا و رضاعا و من تحرم عليه في وقت دون آخر كزوج الأخت و العبد فليس بمحرم و لو كان الأب يهوديا أو نصرانيا فالوجه أنه محرم أما المجوسي فالوجه أنّه ليس بمحرم و الأقرب اشتراط البلوغ و العقل في المحرم [- يز -] نفقة المحرم في محل الحاجة إليه عليها فيشترط في استطاعتهما ملك زاده و راحلته زيادة على ما تقدّم و لو امتنع المحرم من الحج مع بذلها له النفقة فهي كالفاقدة المحرم و لو احتاجت إليه لعدم النفقة و الحاجة إلى الرّفيق فالوجه أنه لا يجب عليه إجابتها [- يح -] إذن الزّوج ليس بمعتبر في الواجب فلو كان عليها حجة الإسلام أو منذورة بإذنه أو قبل تعلّقه بها وجب عليها الخروج و ليس له منعها عنه و يستحب لها أن تستأذنه فإن أذن و إلا خرجت بغير إذنه أما التطوّع فليس لها الخروج فيه إلا بإذنه و لو نذرت الحجّ و هي زوجته فإن أذن لها في النذر صحّ و إلا فلا و حكم المعتدة رجعية حكم الزّوجة أما البائن فإنها تخرج أين شاءت و ليس للزوج منعها و كذا المتوفى عنها زوجها [- يط -] الشرائط التي ذكرناها منها ما هي شرط في الصّحة و الوجوب معا و هو العقل و منها ما هو شرط في الصّحة خاصة و هو الإسلام و منها ما هو شرط في الوجوب خاصة و هو البلوغ و الحريّة و الاستطاعة و إمكان المسير

الفصل الثّاني في أنواع الحج

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] الحج على ثلاثة أنواع تمتع و قران و إفراد فصورة التمتع أن يحرم من الميقات بالعمرة المتمتع بها إلى الحج ثم يدخل مكة فيطوف سبعة أشواط بالبيت و يصلّي ركعتي الطواف بالمقام و يسعى بين الصفا و المروة سبعة أشواط ثم يقصّر و قد أحل من كل شيء أحرم منه ثم ينشئ إحراما آخر للحج من مكة يوم التّروية و إلا فبما يعلم معه إدراك الوقوف ثم يمضي إلى عرفات فيقف بها إلى الغروب ثم يفيض إلى المشعر الحرام فيقف به بعد طلوع الفجر ثم يفيض إلى منى و يرمي جمرة العقبة ثم يذبح هديه ثم يحلق رأسه ثم يأتي مكة ليومه أو من غده فيطوف للحج و يصلّي ركعتيه ثم يسعى سعي الحج ثم يطوف طواف النساء و يصلّي ركعتيه ثم يعود إلى منى ليرمي ما تخلف عليه من الجمار الثلاث يوم الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر و صورة الإفراد أن يحرم من الميقات أو من حيث يصح الإحرام منه بالحجّ ثم يمضي إلى عرفات فيقف لها ثم يقف بالمشعر الحرام ثم يأتي منى فيقضي مناسكه بها ثم يطوف بالبيت للحج و يصلّي ركعتيه ثم يأتي بعمرة مفردة من أدنى الحلّ و صورة القران كذلك إلا أنه يضيف إلى إحرامه سياق الهدي [- ب -] التمتع فرض من نأى عن المسجد الحرام و ليس من حاضريه و لا يجزيهم غيره مع الاختيار و أما القران و الإفراد فهو فرض أهل مكة و حاضريها فلو عدلوا إلى التمتع ففي الإجزاء قولان للشيخ أحدهما أنه يجزي و لا ذم و الثّاني أنه لا يجزي و هو الأقوى عندي [- ج -] حدّ حاضري المسجد الحرام الذين لا متعة عليهم من كان بين منزله و بين المسجد اثنا عشر ميلا من كلّ جانب و للشيخ قول آخر أنه ثمانية و أربعون ميلا و هو اختيار ابن بابويه و هو الأقوى عندي [- د -] لا يجوز إدخال الحج على العمرة و لا بالعكس [- ه -] لا يجوز القران بين الحجّ و العمرة في إحرام واحد قال الشيخ في الخلاف و لو فعل لم ينعقد إحرامه إلا بالحج فإن أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم و إن أراد أن يأتي بأفعال العمرة و يجعلها متعة جاز و لزمه الدّم [- و -] لا يجوز نية حجتين و لا عمرتين و لو فعل قيل ينعقد إحداهما و يلغو الأخرى [- ز -] لو أراد التطوّع بالحج فالتمتع أفضل أنواعه [- ح -] المفرد إذا أحرم بالحج ثمّ دخل مكة جاز له فسخ حجه و جعله عمرة يتمتّع بها و لا يلب بعد طوافه و لا بعد سعيه لئلا ينعقد إحرامه بالتلبية أما القارن فليس له ذلك و كذا يجوز لمن أحرم بعمرة التمتع مع الضّرورة المانعة عن إتمامها العدول إلى الإفراد إما بأن يضيق الوقت أو يحصل حيض أو مرض [- ط -] لو بعد المكي عن أهله ثم عاد و حج على ميقات أحرم منه و جاز له التمتع [- ي -] من كان من أهل الأمصار فجاور بمكة ثم أراد حجة الإسلام خرج إلى ميقات أهله و أحرم منه فإن تعذر خرج إلى أدنى الحل و لو تعذر أحرم من مكّة هذا إذا لم يجاور سنتين فإن مضت عليه سنتان و هو مقيم بمكة صار من أهل مكة و حاضريها ليس له أن يتمتع و للشيخ قول

ص: 93

آخر أنه لا ينتقل فرضه حتى يقيم ثلاثا و المعتمد الأوّل و لو كان له منزلان أحدهما بمكة و الآخر ناء عنها اعتبر الأغلب إقامة فأحرم [و أحرم] بفرض أهله فإن تساويا تخير في التمتع و غيره و لو لم يمض هذه المدة كان فرضه التمتع لا غير فيحرم من الميقات وجوبا مع المكنة [- يا -] للشيخ أقوال في أشهر الحج ففي النهاية شوال و ذو القعدة و ذو الحجّة و في المبسوط شوال و ذو القعدة و إلى قبل الفجر من عاشر ذي الحجة و في الخلاف إلى طلوع الفجر و في الجمل و تسعة من ذي الحجة و الأقرب الأول و لا يتعلّق بهذا الاختلاف حكم للإجماع على فوات الحج بفوات الموقفين و صحّة بعض أفعال الحج فيما بعد العاشر [- يب -] لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره فلو أحرم به قبلها لم ينعقد للحج و انعقد للعمرة رواه ابن بابويه و عندي فيه نظر [- يج -] لا ينعقد إحرام العمرة المتمتع بها إلا في أشهر الحج فإن أحرم في غيرها انعقد للمبتولة على إشكال أما العمرة المبتولة فيجوز في جميع أيام السنة [- يد -] لو دخل المتمتع مكة و خشي فوات الوقت نقل نيته إلى الإفراد ثم يعتمر عمرة مفردة بعد الحجّ و كذا الحائض و النّفساء لو منعهما عذرهما عن التحلل و إنشاء الحجّ

المقصد الثّاني في الإحرام

اشارة

و فيه فصول

الأول في المواقيت
اشارة

و فيه مطلبان

الأوّل في تعيينها

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] لا يجوز الإحرام إلا من إحدى المواقيت التي وقتها رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله للإحرام فميقات أهل المدينة ذو الحليفة و هو مسجد الشجرة و ميقات أهل الشّام الجحفة و هي المهيعة بسكون الهاء و فتح الياء و لأهل اليمن يلملم و قيل ألملم و لأهل الطائف قرن المنازل بفتح القاف و سكون الراء و في الصحاح بفتحها و ميقات أهل العراق العقيق [- ب -] هذه المواقيت مأخوذة بالنص عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله [- ج -] ذو الحليفة ميقات أهل المدينة مع الاختيار أما مع الضرورة فالجحفة [- د -] العقيق ميقات أهل العراق و كل جهاته ميقات فمن أين أحرم جاز لكن الأفضل الإحرام من المسلخ و يليه غمرة و آخره ذات عرق و لا يجوز للحاج تجاوزها إلا محرما [- ه -] هذه المواقيت مواقيت لأهلها و لمن يمر بها مريدا للنسك فلو حج الشامي من المدينة أحرم من ذي الحليفة و لو حج من العراق فميقاته العقيق و كذا غيره [- و -] من كان منزله دون الميقات فميقاته منزله بالإجماع [- ز -] الصبي يجرد من فخ و يجوز أن يحرم به من الميقات [- ح -] هذه المواقيت إنما هي لإحرام العمرة المتمتع بها أو للحجّ مفردا أو قارنا أما حجّ المتمتع فميقاته مكة لا غير و لو أحرم من غيرها متمكّنا لم يجز و وجب عليه العود إلى مكة لإنشاء الإحرام و لو تجاوز ناسيا أو جاهلا عاد فإن حصل له مانع أحرم من موضعه و لو كان بعرفات و كذا لو خاف من الرجوع فوات الحج فإنه يحرم من موضعه و من أيّ موضع أحرم من مكة أجزأه و الأفضل الإحرام من المسجد تحت الميزاب أو مقام إبراهيم عليه السّلام [- ط -] المواقيت التي قدمناها مواقيت الحج على اختلاف ضروبه و للعمرة المفردة إذا قدم مكة حاجّا أو معتمرا أما المفرد و القارن إذا فرغا من المناسك و أرادا الاعتماد أو غيرهما ممن يريده فإنّه يلزمه الخروج إلى أدنى الحل فيحرم به ثم يعود إلى مكة للطواف و السّعي و ينبغي أن يحرم بها من الجعرانة فإن فاته فمن التنعيم فإن فاته فمن الحديبية و الضابط أن يأتي به من أدنى الحلّ

المطلب الثّاني في أحكام المواقيت

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] لا يجوز الإحرام قبل الميقات بحجّ و لا عمرة إلا لمن أراد أن يحرم بالعمرة المبتولة في رجب و خاف أن تقضيه أخّر الإحرام إلى الميقات فإنّه يجوز أن يوقعه قبل الميقات ليدرك جزءا منها في رجب طلبا للفضل فقد روي أنها تقارب الحج و استثنى الشيخان من نذر أن يحرم للحج أو العمرة قبل الميقات فإنه يلزمه بشرط وقوعه في أشهر الحجّ إن كان للحج أو للتمتع بها و إن كان للمفردة جاز مطلقا و منع ابن إدريس من ذلك و الأول أقوى [- ب -] لو أحرم قبل الميقات في غير هذين الموضعين لم ينعقد إحرامه و لو فعل ما ينافيه لم يلزمه شيء و يجب عليه تجديد الإحرام عند الميقات [- ج -] إذا جاء إلى الميقات و أراد النسك وجب عليه الإحرام منه و لا يجوز له تأخيره عنه بالإجماع فلو تركه عامدا مع إرادة النسك وجب عليه الرجوع إلى الميقات و الإحرام منه و لو لم يتمكن من الرجوع بطل حجه و لو أحرم من موضعه لم يجزه و لو عاد إلى الميقات و لم يجدد الإحرام فكذلك و لو جدّده في الميقات لم يكن عليه دم سواء رجع بعد التلبّس بشيء من أفعال الحج كطواف القدوم أو لا و لو تركه ناسيا أو جاهلا أو لا يريد النسك ثم تجدد العزم وجب عليه الرجوع إلى الميقات و إنشاء الإحرام منه فإن لم يتمكن فليمض إلى خارج الحرم و يحرم فإن لم يتمكن أحرم من موضعه و لو أحرم من موضعه مع إمكان الرّجوع لم يجزئه و لا فرق بين الناسي و الجاهل بالميقات و بالتحريم [- د -] لو أسلم بعد مجاوزة الميقات وجب عليه الحج و لزمه الرّجوع فإن لم يتمكن خرج إلى الحلّ فإن لم يتمكن أحرم من موضعه و لا دم عليه و كذا الصّبي و العبد لو بلغ أو أعتق بعد المجاوزة [- ه -] لو كان مريضا يمنعه المرض من الإحرام عند الميقات قال الشيخ جاز له أن يؤخّره عن الميقات فإذا زال المنع أحرم من الموضع الذي انتهى المنع و الظاهر أن مقصوده تأخر كيفية الإحرام من نزع الثياب و كشف الرأس فأما الشروط التي للإحرام فلا يجوز له تأخيرها مع القدرة و لو زال عقله

ص: 94

بإغماء و شبهه سقط الحج فلو أحرم عنه رجل جاز لكن لا يسقط به حجة الإسلام إلا أن يعود عقله قبل الوقوف و لو كان بعد الموقفين لم يجزئه [- و -] لو كان الميقات قرية فخربت و نقلت عمارتها إلى موضع آخر كان الميقات موضع الأولى و إن انتقل الاسم إلى الثانية [- ز -] لو سلك طريقا بين ميقاتين أحرم عند محاذاة الميقات برا كان أو بحرا و هي رواية عبد اللّٰه بن سنان الصحيحة عن الصادق عليه السلام و لو لم يعرف حذو الميقات احتاط و أحرم ثم علم المجاوزة عن محاذاة الميقات ففي وجوب الرجوع إشكال أقربه العدم و لا دم عليه و لو مر على طريق لا يحاذي ميقاتا و الأقرب الإحرام من أدنى الحل [- ح -] من جاور بمكة من أهل الأمصار ثم أراد النّسك فليخرج إلى ميقات أهله و ليحرم منه فإن لم يتمكن فليخرج إلى الحل فإن لم يمكنه أحرم من موضعه ما لم يستوطن سنتين

الفصل الثاني في مقدمات الإحرام

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] يستحب لمن أراد التمتع أن يوفر شعر رأسه و لحيته من أول ذي القعدة و لا يمس منهما شيئا و يتأكد عند هلال ذي الحجة فإن مسّ منهما شيئا ترك الأفضل و لا شيء عليه و في الإستبصار و النهاية هو واجب يجب معه الدم و هو خيرة المفيد [- ب -] يستحب للمعتمر توفير شعر رأسه في الشهر الّذي يريد فيه الخروج إلى العمرة [- ج -] يستحب له إذا بلغ الميقات التنظيف بإزالة الشعر و نتف الإبط و قصّ الشارب و تقليم الأظفار و حلق العانة و الاطلاء و لو كان قد أطلى قبل الإحرام اجتزأه ما لم يمض خمسة عشر يوما فإن مضت استحبّ له الاطلاء ثانيا و الاطلاء أفضل من الحلق و الحلق أفضل من نتف الإبط [- د -] يستحب له الغسل إذا أراد الإحرام من الميقات و ليس بواجب إجماعا و لا فرق بين الذكر و الأنثى و الحر و العبد و البالغ و غيره و يجوز تقديم الغسل على الميقات إذا خاف عوز الماء فيه ما لم يتم أو يمضي عليه يوم و ليلة و لو وجد الماء في الميقات استحب إعادة الغسل و يجزي غسل اليوم لذلك اليوم و غسل اللّيلة لها ما لم ينم فإن نام قبل عقد الإحرام أو لبس مخيطا أو أكل ما لا يحل للمحرم أكله استحب له إعادة الغسل و لو قلم أظفاره لم يعد الغسل و يجوز الادهان بعد الغسل قبل عقد الإحرام إلا أن يكون طيبه يبقى إلى بعد الإحرام [- ه -] لو أحرم من غير غسل أعاد الإحرام مستحبّا [- و -] لو لم يجد الماء للغسل تيمّم قاله الشيخ [- ز -] يستحب له أن يحرم بعد الزوال عقيب صلاة الظهر يبدأ بصلاة الإحرام مستحبّا [- و -] لو لم يجد الماء للغسل تيمّم قاله الشيخ [- ن -] يستحب له أن يحرم بعد الزوال عقيب صلاة الظهر يبدأ بصلاة الإحرام و هي ستّ ركعات فإن لم يتمكّن فركعتان ثم يصلي الظهر ثم يحرم عقيب الظهر و إن لم يتفق وقت الزوال يستحب له أن يكون عقيب فريضة فإن لم يتفق صلى ستّ ركعات ثم أحرم عقيبها فإن لم يتمكن صلى ركعتين يقرأ في الأولى الحمد و قل يا أيّها الكافرون و في الثانية الحمد و التّوحيد مستحبا [- ح -] يكره أن يتطيّب للإحرام قبله و لو كان مما يبقى رائحته إلى بعد الإحرام كان حراما و لو لبس ثوبا مطيبا ثم أحرم و كانت الرائحة تبقى إلى بعد الإحرام وجب نزعه أو إزالة الطيب فإن لم يفعل وجب الفداء

الفصل الثالث في كيفية الإحرام

و فيه [- لب -] بحثا [- ا -] إذا بلغ الحاج الميقات فعل ما ذكرناه و دعا عند غسله و نوى الإحرام ثم لبس ثوبه يأتزر بأحدهما و يتوشح بالآخر و دعا ثم صلى للإحرام ست ركعات ثم يصلّي الفريضة إن كان وقت فريضة و أحرم عقيبها و إلا عقيب النوافل فإذا فرغ من صلاته حمد اللّٰه و أثنى عليه و صلى على محمّد و آله ثم قال اللّٰهمّ إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك إلى آخر الدعاء فإذا فرغ لبى و يكثر من التلبية و لا يزال على هيئته إلى أن يدخل مكة و يطوف و يسعى و يقصر و قد أحل [- ب -] الواجب في الإحرام ثلاثة أشياء النية و لبس ثوبي الإحرام و التلبيات و الباقي نفل و النية كما هي واجبة فهي شرط فيه و كيفيتها أن يقصد بقلبه إلى أمور أربعة ما يحرم به من حجّ أو عمرة متقربا به إلى اللّٰه عز و جلّ و يذكر نوع ما يحرم له من تمتع أو قران أو إفراد و يذكر الوجوب أو النّدب و ما يحرم به من حجة الإسلام أو غيرها لا يجوز له الإخلال بشيء من ذلك و يستحبّ له الاشتراط [- ج -] لو نوى الإحرام مطلقا و لم ينو لا حجا و لا عمرة انعقد إحرامه و كان له صرفه إلى أيّهما شاء إن كان في أشهر الحج على إشكال فإن صرفه إلى الحج صار حجا و كذا إلى العمرة يصير عمرة و لو صرفه إليهما معا لم يصحّ و لو عقده مطلقا قبل أشهر الحج انعقد بعمرة [- د -] يصح إبهام الإحرام و هو أن يحرم بما يحرم به فلان على إشكال فإن علم بما أحرم به فلان انعقد إحرامه بمثله و إن تعذر عليه بموت أو غيبة قال الشيخ رحمه اللّٰه يتمتع احتياطا و لو بان أن فلانا لم يحرم انعقد مطلقا و كان له صرفه إلى أي الأنساك شاء و لو لم يعلم هل أحرم فلان أم لا كان حكمه حكم من لم يحرم و لو لم يعيّن ثم شرع في الطواف قبل التعيين فالأقوى أنه لا يعتدّ بطوافه [- ه -] تعيين الإحرام أولى من إطلاقه [- و -] لو أحرم بنسك ثم نسيه تخير بين الحجّ و العمرة إذا لم يتعيّن عليه أحدهما قاله في المبسوط و في الخلاف جعل ذلك عمرة و هو حسن و لو تعيّن أحدهما انصرف إليه و لو أحرم بهما معا لم يصحّ قال الشيخ و يتخير و كذا لو شك هل أحرم بهما أو بأحدهما فعل أيّهما شاء و لو تجدّد الشك بعد الطواف جعلها عمرة متمتعا بها إلى الحج [- ز -] لو نوى الإحرام بنسك و لبى بغيره انعقد ما نواه دون ما تلفظ به

ص: 95

[- ح -] يستحب أن يذكر في لفظه ما يقصده من أنواع الحج و لو اتقى كان الأفضل الإضمار [- ط -] التلبيات الأربع واجبة و شرط في الإحرام للمتمتع و المفرد فلا ينعقد إحرامهما إلا بها أو بالإشارة للأخرس و عقد قلبه بها و أما القارن فله أن يعقد بها أو بالإشعار أو بالتقليد لما يسوقه [- ي -] صورة التلبيات الواجبة لبّيك اللّٰهمّ لبيك لبيك إن الحمد و النّعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك ذكره الشيخ رحمه اللّٰه في كتبه و قال ابن إدريس هذه الصورة ينعقد بها الإحرام كانعقاد الصّلاة بتكبيرة الإحرام و في رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق عليه السّلام لبّيك اللّٰهمّ لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك [- يا -] ما زاد على ما ذكرناه من التلبيات الواجبة مستحبّ غير مكروه و يستحبّ الإكثار من لبّيك ذا المعارج لبّيك [- يب -] للشيخ رحمه اللّٰه في رفع الصوت بالتلبية قولان أحدهما الوجوب و الأقرب الاستحباب و ليس على النساء جهر بالتلبية و تلبية الأخرس الإشارة بالإصبع و تحريك لسانه و عقد قلبه بها و لا يجوز التلبية بغير العربيّة [- يج -] لا يشترط في التلبية الطهارة إجماعا فيجوز للطاهر و الجنب و المحدث و الحائض [- يد -] يستحب أن يذكر ما يحرم به في التلبية و الإكثار من التلبية إذا شاهد بيوت مكة و المفرد و القارن يقطعان التلبية يوم عرفة عند الزّوال و المعتمر عمرة مفردة يقطعها إذا دخل الحرم إن كان أحرم من خارجه و إن كان قد خرج من مكة للإحرام قطعها إذا شاهد الكعبة [- يو -] الإشعار أو التقليد يقوم كلّ منهما مقام التلبية في حق القارن أيّ الثلاثة شاء عقد إحرامه به و كان الآخر مستحبّا و قال السّيد المرتضى لا ينعقد إحرام الأصناف الثلاثة إلا بالتلبية و هو اختيار ابن إدريس و الأول أقوى و الإشعار هو أن يشق سنام البعير من الجانب الأيمن و يلطخ بالدم ليعلم أنّه صدقة و التقليد هو أن يجعل في رقبة الهدي نعلا أو خيطا أو سيرا أو ما أشبهها قد صلى فيه ليعلم أنه صدقة و الإشعار مختصّ بالإبل و التقليد يشترك بينها و بين البقر و الغنم و لو كانت البدن كثيرة و أراد إشعارها دخل بين كل بدنتين و أشعر أحدهما يمينا و الأخرى يسارا [- يز -] يستحب لمن حجّ على طريق المدينة رفع الصّوت بالتّلبية إذا علت راحلته البيداء و بينها و بين ذي الحليفة ميل إن كان راكبا و إن كان ماشيا فحيث يحرم و إن كان على غير طريق المدينة لبّى من موضعه إن شاء و الأفضل أن يمشي خطوات ثم يلبّي [- يح -] إذا عقد نية الإحرام و لبس ثوبيه و لم يلب و لم يشعر و لم يقلد جاز أن يفعل ما يحرم على المحرم فعله و لا كفارة فإن فعل أحد الثلاثة حرم ذلك عليه و وجبت الكفارة [- يط -] يستحب لمن أحرم بنسك أن يشترط على ربّه عند إحرامه إن لم يكن حجّة فعمرة و أن يحله حيث جلسه و لو نوى الاشتراط و لم يتلفظ به فالوجه عدم الاعتداد به و مع التلفظ به لا يفيد سقوط الحج في القابل لو فاته في عامه بالإجماع بل جواز التحلّل عند الإحصار و قيل يتحلل من غير شرط و لو اشترط حتى أحصر ففي سقوط دم الإحصار قولان أحدهما السقوط قاله السيّد و الآخر عدمه قاله الشيخ و هو الأقوى و لا بد للشرط من فائدة كأن يقول إن مرضت أو فنيت إنفاقي أو فاتني الوقت أو ضاق عليّ أو منعني عدو أو غيره و لو قال أن يحلّني حيث شئت لم يكن له ذلك قال الشيخ لا يجوز للمشترط أن يتحلّل إلا مع نية التحلل و الهدي [- ك -] لا يلبّي في مسجد عرفة و لا في الطواف [- كا -] يستحب أن يأتي بالتلبية نسقا لا يتخلّلها كلام فإن سلم عليه رد في أثنائها و أن يصلي على النبي صلّى اللّٰه عليه و آله بعد فراغه من التلبية [- كب -] لا أعرف لأصحابنا قولا في أن الحلال يلبّي [- كج -] يكره للمحرم إجابة من يناديه بالتلبية بل يقول يا سعد [- كه -] إذا قال لبيك إن الحمد كسر الألف و يجوز الفتح و الأول أولى قال ثعلب من فتحها فقد خصّ و من كسر فقد عمّ [- كه -] لبس ثوبي الإحرام واجب بالإجماع و يشترط كونها مما يصح فيه الصّلاة فلا يجوز فيما لا يجوز فيه الصّلاة كالحرير المحض للرجال و يجوز للنساء الإحرام في الحرير المحض خلافا للشيخ و يستحب الإحرام في ثياب القطن و أفضلها البيض و يجوز في الأخضر و غيره من الألوان عدا السواد فإنه مكروه و لا بأس بالمعصفر و يكره إذا كان مشبعا و يجوز في الحرير الممتزج و في ثوب قد أصابه ورس أو زعفران أو طيب إذا غسل و ذهبت رائحته و لو أصاب ثوبه من خلوق الكعبة و زعفرانها لم يكن به بأس و إن لم يغسله [- كو -] يكره النوم على الفرش المصبوغة و الإحرام في الثياب الوسخة إلا أن يغسل و في الثياب المعلمة [- كن -] لا يلبس ثوبا يزره و لا مدرعة و لا بأس بلبس الطيلسان و لا يزره [- كح -] لا يجوز أن يلبس السراويل إلا إذا لم يجد إزارا فيجوز و لا فدية و لا يجوز لبس القباء فإن لم يجد ثوبا جاز له أن يلبسه مقلوبا و لا يدخل يديه في يدي القباء و لا فدية حينئذ و لو أدخل كتفيه في القباء و يده في كميه و لم يلبسه مقلوبا كان عليه الفداء قال ابن إدريس ليس المراد من القلب جعل ظاهره إلى باطنه و بالعكس بل المراد منه النكس بأن يجعل ذيله فوق أكتافه و به رواية [- كط -] يلبس المحرم نعلين و إن لم يجدهما جاز أن يلبس الخفين و يقطعهما إلى ظاهر القدم كالشمشكين و لا يجوز له لبسهما قبل القطع و قال بعض أصحابنا يلبسهما صحيحين و لو كان واجدا للنعلين لم يجز له لبس الخفين المقطوعين

ص: 96

و كذا لا يجوز لبس القباء المقلوب مع وجود الإزار و لو لم يجد رداء لم يلبس القميص أما لو عدم الإزار فإنه يجوز له التوشح بالقميص و بالقباء المقلوب مخيّر في ذلك [- ل -] يجوز أن يلبس المحرم أكثر من ثوبين يتقي بذلك الحر و البرد و أن يغيرهما لكن يستحبّ له أن يطوف في ثوبيه الذين أحرم فيهما و يكره أن يغسلهما إلا إذا أصابهما نجاسة [- لا -] يكره بيع الثوب الذي أحرم فيه [- لب -] لو أحرم و عليه قميص نزعه و لا يشقه و لو لبسه بعد الإحرام قال الشيخ وجب عليه أن يشقه و يخرجه من قدميه و هي رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق عليه السّلام

الفصل الرّابع في أحكام الإحرام

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] الإحرام ركن من أركان الحج يبطل بالإخلال به عمدا و لو أخل به ناسيا حتى أكمل مناسكه قال الشيخ يصح الحج إذا كان عازما على فعله و أنكره ابن إدريس و هو خطأ [- ب -] لا يقع الإحرام إلا من محلّ فلو كان محرما بالحج لم يجز له أن يحرم بالعمرة و بالعكس [- ج -] يجوز للقارن و للمفرد فسخ حجه إلى التمتع و بالعكس لمن ضاق عليه الوقت عن التمتع أو حصل له مانع كالحيض و المرض و ليس للقارن ذلك [- د -] يجوز للقارن و المفرد إذا قدما مكة الطواف لكنهما يجدّدان التّلبية ليبتقيا على إحرامهما و لو لم يجدّدا التّلبية أصلا و صارت حجتهما عمرة قاله الشيخ في النهاية و المبسوط و قال في التهذيب إنما يحل المفرد لا القارن و أنكر ابن إدريس ذلك و أنهما إنما يحلاّن بالنية [لا يحلان إلا بالنية] لا بمجرّد الطواف و السعي و على قول الشيخ حديثان صحيحان [- هي -] إذا أتم المتمتع أفعال عمرته و قصر فقد أحل و إن كان قد ساق هديا لم يجز له التحلّل و كان قارنا قاله في الخلاف [- و -] إذا فرغ المتمتع من عمرته و أحل ثم أحرم بالحج فقد استقر دم التمتع بإحرام الحج و إن لم يرم جمرة العقبة [- ز -] المتمتع إذا طاف و سعى ثم أحرم بالحج قبل أن يقصر قال الشيخ بطلت متعته و كانت حجته مبتولة و إن فعل ذلك ناسيا فليمض فيما أخذ فيه و قد تمّت متعته و ليس عليه شيء و قال بعض أصحابنا الناسي عليه دم و قال آخرون يبطل الإحرام الثّاني سواء وقع عمدا أو سهوا و يبقى على إحرامه الأول و الوجه ما قاله الشيخ رحمه اللّٰه [- ح -] ينبغي للمحرم بالحجّ من مكة أن يفعل حالة الإحرام يوم التّروية كما فعله أولا عند الميقات من أخذ الشارب و تقليم الأظفار و غير ذلك ثم يمضي بسكينة و وقار فإذا انتهى إلى الرقطاء دون الردم لبى فإذا انتهى إلى الرّدم و أشرف على الأبطح رفع صوته بالتّلبية حتى يأتي منى [- ط -] الإحرام واجب على كل من يريد أن يدخل مكة إلا من يكون دخوله بعد إحرام قبل مضي شهر أو يتكرر كالحطّاب و الحشاش و ناقل الميرة و صاحب الصّنيعة أو يكون دخوله لقتال مباح [- ي -] إحرام المرأة كإحرام الرّجل إلا في رفع الصوت بالتلبية و لبس المخيط و إحرامها في وجهها و لا تخمره و لا تغطيه بمخيط و غيره و تستر سائر جسدها إلا وجهها و يجوز لها أن تسدل على وجهها ثوبا حتى لا يمسه إلى طرف أنفها و ليس لها أن تلبس النقاب و لا البرقع و لا القفّازين و يجوز لها أن تلبس السراويل و الغلالة

المقصد الثالث في الطّواف

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في دخول مكة

و فيه [- ن -] مباحث [- ا -] إذا فرغ المتمتع من الإحرام من الميقات سار إلى أن يقارب الحرم ثم اغتسل قبل دخوله مستحبّا و مضغ شيئا من الإذخر ليطيب فمه و يدعو عند دخول الحرم فإذا نظر إلى بيوت مكة قطع التلبية و حدّها عقبة المدنيين و لو كان على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكة و هي عقبة ذي طوى [- ب -] يستحب إن أراد دخول مكّة أن يغتسل إما من بئر ميمون أو فخ و لو اغتسل ثم نام قبل دخولها أعاده استحبابا ثم يدخلها من أعلاها إذا كان داخلا من طريق المدينة و يخرج من أسفلها داعيا بسكينة و وقار حافيا [- ج -] دخول مكة واجب للمتمتع أولا ليطوف و يسعى و يقصر للعمرة و لا يجب على القارن و المفرد إلا بعد الوقوف و قضاء مناسك منى [- د -] لا يجب على المتكرر في دخول مكة الإحرام لدخولها كل سنة و لا يجب على العبد الإحرام لدخولها و من يجب عليه دخولها بإحرام لو دخلها بغيره لم يجب عليه القضاء [- هي -] لا يكره دخول مكة ليلا [- و -] الحائض و النفساء يستحب لهما الاغتسال لدخول مكة [- ن -] يستحب لمن أراد دخول المسجد الحرام أن يغتسل و يدخله في سكينة و وقار حافيا بخشوع و خضوع من باب بني شيبة و يدعو بالمرسوم فإذا دخل المسجد رفع يديه و استقبل البيت و دعا بالمرسوم

الفصل الثّاني في مقدمات الطواف و كيفيته

و فيه [- لا -] بحثا [- ا -] الطهارة شرط في الطواف الواجب فلا يصحّ بدونه و كذلك خلو البدن و الثوب من النجاسة شرط في الطواف الواجب أيضا سواء كانت النجاسة دما أو غيره قلت أو كثرت [- ب -] الطهارة ليست شرطا في طواف النفل بل الأفضل فيه الطهارة [- ج -] ستر العورة شرط في الطّواف الواجب [- د -] الختان شرط في الطواف للرجل دون المرأة [- هي -] يستحب لمن أراد الطواف أن يغتسل لدخول المسجد و يدخل من باب بني شيبة بعد أن يقف عندها و يدعو و يسلم على النّبي ص و يكون دخوله بخضوع و خشوع و عليه السكينة و الوقار و يدعو إذا نظر إلى الكعبة [- و -] النية شرط في الطواف و هي أن ينوي الطواف للحجّ أو العمرة واجبا أو ندبا قربة إلى اللّٰه فلو طاف بغير نية لم يصحّ طوافه [- ز -] يجب أن يبتدئ بالطواف من الركن الذي فيه الحجّ و يختم به هكذا سبعة أشواط فإن ترك

ص: 97

و لو بخطوة منها لم يجزئه و لم يحل له النساء حتى يعود إليها فيأتي بها [- ح -] يجب أن يطوف على يساره بأن يجعل البيت عن يساره و يطوف عن يمين نفسه فإن جعل البيت عن يمينه و طاف لم يجزئه و وجب عليه الإعادة [- ط -] يجب أن يطوف بين البيت و مقام إبراهيم و يدخل الحجر في طوافه فلو سلك الحجر أو على جداره أو على شاذروان الكعبة لم يجزئه [- ي -] يجب أن يطوف على هذه الهيئة سبعة أشواط فلو طاف دونها لزمه إتمامها و لا يحل له ما حرّم عليه حتى يأتي ببقية الطواف و إن قلّ فإذا فرغ من ذلك صلى ركعتي الطواف واجبا في مقام إبراهيم ع إن كان الطواف واجبا و هو قول أكثر علمائنا [- يا -] يجب أن تصلي هاتين الركعتين في المقام قال الشيخ في الخلاف يستحبّ فعلهما خلف المقام فإن لم يفعل و فعل في غيره أجزأه و ليس بمعتمد [- يب -] لو نسي الركعتين رجع إلى المقام و صلاهما فيه مع المكنة فإن شق عليه صلّى حيث ذكر و لو خرج استناب و لو صلى في غير المقام عامدا لم يجزئه فإن كان ناسيا ثم ذكر تداركه و رجع إلى المقام و أعاد الصّلاة [- يج -] موضع المقام حيث هو الآن و لو كان فيه زحام صلى خلفه فإن لم يتمكن فليصل حياله [- يد -] وقت ركعتي الطواف حين يفرغ منه سواء كان بعد الغداة أو بعد العصر إذا كان طواف فريضة و إن كان طواف نافلة أخرهما إلى بعد طلوع الشمس أو بعد صلاة المغرب و لو طاف في وقت فريضة فإن كان الطواف واجبا فالوجه تخيره بين أداء الفريضة أولا و بين ركعتي الطواف و إن كان نفلا قدم الفريضة و لو صلّى المكتوبة بعد الطواف الواجب لم يجزئه عن الركعتين [- يه -] يستحب أن يقرأ في الأولى الحمد و التوحيد و في الثانية الحمد و الجحد و روي العكس [- يو -] لو كان الطواف نفلا جاز أن يصلّيهما في أي موضع شاء من المسجد [- يز -] لو نسي الركعتين حتى مات قضى وليه و لو نسيهما حتى شرع في السعي قطع السعي و عاد إلى المقام فصلى ركعتين ثمّ عاد فتمم السّعي [- يح -] يستحب له إذا دخل المسجد أن لا يتشاغل بشيء حتى يطوف و لو دخل المسجد و الإمام مشتغل بالفريضة صلى المكتوبة معه فإذا فرغ من صلاته اشتغل بالطواف و كذا لو قربت إقامة الصلاة [- يط -] لا يستحب رفع اليدين عند رؤية البيت [- ك -] ينبغي له أن يستقبل الحجر بجميع بدنه و أن يقف عنده و يدعو و يكبر عند محاذاته و يرفع يديه و يحمد اللّٰه و يثني عليه و يستلم الحجر و يقبله فإن لم يتمكن من الاستلام استلمه بيده و قبّل يده فإن لم يتمكن من ذلك أشار إليه بيده [- كا -] الاستلام مستحبّ و ليس بواجب و ليس بمهموز لأنه افتعال من السلام و هي الحجارة فإذا مسّ الحجر بيده و مسحه بها قيل استلم أي مس السّلام و حكى ثعلب بالهمزة على معنى أنه اتخذه سلاما و جنّته من السّلامة و هي الدّرع [- لب -] مقطوع اليد يستلم الحجر بموضع القطع فإن كانت مقطوعة من المرفق استلمه بشماله [- لج -] يستحب استلام الركن اليماني فإن لم يتمكن استلمه بيده و قبل يده و يستحب استلام الأركان كلها و آكدها الحجر و اليماني و هو آخر الأركان الأربعة قبلة أهل اليمن و هو يلي الركن الذي فيه الحجر و يستحب الوقوف عند اليماني و الدعاء عنده و روي أن رسول اللّٰه ص طاف بالكعبة حتى إذا بلغ الركن اليماني رفع رأسه إلى الكعبة ثم قال الحمد للّه الذي شرفك و عظمك الحمد للّه الذي بعثني نبيا و جعل عليا إماما اللّٰهمّ اهد إليه خيار خلقك و جنّبه شرار خلقك و يستحب الاستلام في كل شوط و أن يدعو في الطواف بالمنقول [- كد -] يستحب له أن يلتزم المستجار في الشوط السابع و يبسط يديه على حائطه و يلصق به خده و بطنه و يدعو بالمأثور و يذكر ذنوبه مفصلة و يستغفر اللّٰه منها و لو نسي الالتزام حتى جاوز موضعه فلا إعادة عليه و لو ترك الاستلام لم يكن عليه شيء [- كه -] قال في المبسوط يستحب الاضطباع و هو أن يدخل إزاره تحت منكبه الأيمن و يجعله على منكبه الأيسر و هو افتعال مأخوذ من الضبع و هو عضد الإنسان و قلبت التاء ظاء لوقوعها بعد ضاد ساكنة [- كو -] يستحب أن يقتصد في مشيه بأن يمشي مستويا بين السّرع و الإبطاء و أن يرمل ثلاثا و يمشي أربعا في طواف القدوم خاصة و لو ترك الرّمل لم يكن عليه شيء و لم يقضه في الأربع الباقية و هو مستحب في الثلاثة الأولى من الحجر و إليه و لو تركه في شوط أتى به في اثنين خاصة و لو تركه في طواف القدوم لم يستحب قضاؤه في طواف الزيارة و الرمل مستحبّ لأهل مكة أيضا و لا يستحب للنساء و لا الاضطباع و المريض و الصّبي إذا حملهما غيرهما رمل بهما ثلاثا و مشى أربعا و لو كان راكبا حرك دابته في الثلاثة الأول [- كز -] الدنو من البيت في الطّواف أفضل من التباعد و لو كان بالقرب منه زحام يمنعه من الرمل وقف إلى أن يجد فرصة و يرمل أو يتأخر إلى حاشية الناس و يرمل و لو عجز عنهما مشى من غير رمل [- كح -] يستحب أن يطوف ثلاثمائة و ستين طوافا فإن لم يتمكن فثلاثمائة و ستّين شوطا و الزيادة تلحق بالطواف الأخير و يصلي لكل أسبوع ركعتين بعد فراغه من الأسبوع و يجوز تأخيرها إلى إكمال الأسابيع [- كظ -] لو تباعد حتى أدخل المقام في الطواف لم يجزئه و كذا لو أدخل السقاية و زمزم [- ل -] لو طاف و ظهره إلى الكعبة لم يجزه

ص: 98

[- لا -] يستحب الطواف ماشيا و لو ركب أجزأه لعذر و غيره و لا دم عليه و إن كان لغير عذر

الفصل الثّالث في الأحكام

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] لو طاف الواجب و هو محدث لم يجزئه و إن كان ساهيا و يجب إعادته و لو طاف طواف التطوع و صلى ثم ذكر أنّه على غير وضوء أعاد الصّلاة خاصّة و لو كان واجبا أعادهما معا و لو طاف في ثوب نجس عامدا أعاد في الفرض و لو علم في أثناء الطواف أزاله و تمم الطواف و لو لم يعلم حتى فرغ أجزأه [- ب -] لو أحدث في طواف الفريضة فإن جاوز النصف تطهر و تمم ما بقي و إلا أعاد من أوله و إن شكّ في الطّهارة فإن كان في أثناء الطواف تطهر و استأنف و إن كان بعده لم يستأنف [- ج -] لو طاف ستة و انصرف فليضف إليها شوطا آخر و لا شيء عليه و إن لم يذكر حتى رجع إلى أهله أمر أن يطوف عنه و لا دم و لو ذكر و هو في السّعي أنه طاف أقل من سبعة قطعه و تمّم الطواف ثم تمم السّعي [- د -] لو قطع طوافه بدخول البيت أو بالسعي في حاجة له أو لغيره في الفريضة فإن كان قد جاوز النصف بنى و إلا أعاده و إن كان نفلا بنى مطلقا و لو دخل عليه وقت فريضة و هو يطوف قطع الطواف و ابتدأ بالفريضة ثم عاد فتمّم طوافه من حيث قطع و هل يبني من حيث قطع أو من الحجر فيه إشكال الأحوط الثاني و الخبر يدل على الأوّل و لو خشي فوات الوتر قطع الطّواف و أوتر ثمّ بنى على ما مضى من طوافه [- ه -] لو حاضت المرأة أو نفست و قد طافت أربعا قطعت الطواف و سعت فإذا فرغت من المناسك أتمّت الطواف بعد طهرها و لو كان دون ذلك بطل الطواف و انتظرت عرفة فإن طهرت و تمكنت من أفعال العمرة و الخروج إلى الموقف فعلت و إلا صارت حجتها مفردة [- و -] الطواف ركن من تركه عمدا بطل حجّه و لو كان ناسيا قضاه و لو بعد المناسك فإن تعذّر العود استناب فيه [- ن -] من شك في عدد الطواف فإن كان بعد فراغه لم يلتفت إليه و إن كان في أثنائه فإن كان الشك في الزيادة كأن يشك هل طاف سبعة أو ثمانية قطعه و لا شيء عليه و إن كان في النقصان مثل أن يشك بين السّتة و السّبعة أو السّتة و الأقل فإن كان طواف الفريضة أعاده من أوّله و إن كان نفلا بنى على الأقل استحبابا و يجوز البناء على الأكثر و يجوز له التعويل على غيره في تعداد الطواف فلو شك أعاد إن كان في النقصان و إلا فلا [- ح -] لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط في طواف الفريضة فلو زاد عمدا بطل طوافه و إن كان سهوا استحب أن يتمم أربعة عشر شوطا ثم يصلّي ركعتي طواف الفريضة و يسعى و يعود إلى المقام فيصلّي ركعتي النفل [- ط -] يجوز القران بين الطوافين في النفل و هل هو محرم في الفريضة فيه إشكال قال ابن إدريس إنه مكروه شديد الكراهة و الأفضل في كل طواف صلاة و القران مكروه في النافلة أيضا و على الإشكال في الفريضة و إذا قرن بين طوافين يستحب الانصراف على وتر مثل أن ينصرف على ثلاثة أسابيع و لا ينصرف على أسبوعين [- ي -] لو ذكر في الشوط الثامن قبل أن يبلغ الركن أنه قد طاف سبعا فليقطع الطواف و لا شيء عليه و إن لم يذكر حتّى يجوزه تمم أربعة عشر شوطا استحبابا و لو شك هل طاف ستة أو سبعة أو ثمانية أعاد في الفريضة [- يا -] لو طاف أقل من سبعة ناسيا ثم ذكر عاد فتمم طوافه إن كان قد طاف أربعة أشواط و إن كان دونها أعاد من أوله و لو لم يذكر حتى رجع إلى أهله أمر من يطوف عنه الباقي أو الجميع [- يب -] لو طاف واجبا و هو محدث عامدا أو ناسيا لم يصحّ طوافه و لو كان على جسده نجاسة عامدا أعاد و لو كان ناسيا و ذكر في الأثناء أزال النجاسة أو نزعه و تمم طوافه و إن لم يذكر حتى فرغ منه نزع الثوب أو غسله و صلّى الركعتين [- يج -] لو تحلل من إحرام العمرة ثم أحرم بالحجّ و طاف و سعى له ثم ذكر أنّه طاف محدثا أحد الطوافين و لم يعلم أيّهما هو أعاد الطوافين معا [- يد -] المريض لا يسقط عنه الطواف فإن كان يستمسك الطهارة طيف به و إلا انتظر به يوما أو يومان فإن برأ طاف بنفسه و إلا طيف عنه مع ضيق الوقت و كذا الكبير و لو طاف بعض الأشواط فاغتسل بما لا يستمسك معه الطهارة انتظر به يوم أو يومان فإن برأ أتم طوافه إن كان قد تجاوز النصف و إلا أعاده و إن لم يبرأ طيف عنه [- يه -] لو حمل محرم محرما فطاف به و نوى كل منهما الطواف عن نفسه أجزأ عنهما [- يو -] يجوز الكلام بالمباح و إن كان شعرا في أثناء الطواف إجماعا و يستحبّ فيه الدعاء بما تقدّم و كذا قراءة القرآن و يجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيه لو اتفق و يجوز له الشرب في الطّواف و لا يكره أن يقال شوط أو شوطان قال الشيخ نعم يستحب أن يقال طواف و طوافان [- يز -] قال الشيخ لا يجوز أن يطوف و عليه برطلة و قال ابن إدريس إنه مكروه في طواف الحج حرام في طواف العمرة نظرا إلى تغطية الرأس [- يح -] من نذر أن يطوف على أربع قال الشيخ يجب عليه طوافان أسبوع ليديه و أسبوع لرجليه و قال ابن إدريس لا ينعقد نذره و الشيخ ذكر روايتين في حق المرأة لا يحضرني الآن حال سندهما [- يط -] طواف الحج ركن فيه بالإجماع كما أن طواف العمرة ركن فيها فلو أخل به عامدا بطل حجّه و إن

ص: 99

أخل به ناسيا وجب عليه أن يعود و يقضيه فإن لم يتمكن استناب فيه و لا يجزي طواف الوداع عنه و لو تركه جاهلا قال الشيخ يجب عليه إعادة الحج و بدنة و توقف ابن إدريس في إيجاب البدنة و الشيخ عول على الرواية الصحيحة عن عليّ بن جعفر عن أخيه ع و التعويل على الرواية [- ك -] من نسي طواف النساء لم يحل له النساء حتى تزور البيت و يأتي به و يجوز له أن يستنيب فيه

المقصد الرّابع في السّعي

و فيه ثلاثة عشر بحثا [- ا -] للسعي مقدمات عشرة كلها مندوبة الطهارة و ليست شرطا و استلام الحجر بعد فراغه من الطواف قبل السّعي و الشرب من ماء زمزم و صبّه على الجسد من الدلو المقابل للحجر و الخروج من الصفا إلى الباب المقابل للحجر و الصّعود على الصّفا و يطيل الوقوف عليه و يحمد اللّٰه و يثني عليه و يدعو و يذكر من آلاء اللّٰه و بلائه و حسن ما صنع به ما قدر عليه و لو لم يتمكن من الإطالة دعا بما تيسّر [- ب -] النية واجبة في السّعي و شرط فيه فيبطل لو أخل بها عمدا أو سهوا و يجب فيها تعيين الفعل و التقرب و الوجوب أو النّدب [- ج -] يجب فيه الترتيب يبدأ بالصّفا و يختم بالمروة فلو بدأ بالمروة أعاد و يسعى بينهما سبعة أشواط يحسب ذهابه من الصفا إلى المروة شوطا و عودة من المروة إلى الصفا آخر هكذا سبع مرات و يجب السعي بين الصفا و المروة في المسافة التي بينهما و لا يجوز الإخلال بشيء منها و لو بذراع و لا يحل له النساء حتى يكمله و لا يجب عليه الصعود على الصّفا و لا المروة [- د -] يستحب أن يسعى ماشيا و لو سعى راكبا جاز و يستحب له المشي في طرفي السعي و الرمل وسطه ما بين المنارة و زقاق العطارين و هو من جملة وادي محسر و الراكب تحرك دابته و لو نسي الرّمل حتى يجوز موضعه ثم ذكر فليرجع القهقرى إلى المكان الذي يرمل فيه و لو تركه عامدا لم يكن عليه شيء و يستحبّ الدعاء حال السّعي بالمنقول [- ه -] السعي واجب و ركن من أركان الحجّ و العمرة يبطلان بالإخلال به عمدا و لو تركه ناسيا أعاده و لا شيء عليه و لو خرج من مكة عاد له و إن لم يتمكن أمر من يسعى عنه [- و -] لو بدأ بالمروة و سعى سبعا أعاد السّعي من أوله سبعا و لا يكفي سقوط الأول و البناء على أنّه بدأ بالصّفا و إن أضاف شوطا آخر و لو تيقن عدد الأشواط و شك فيما به بدأ فإن كان في المزدوج على الصّفا فقد صحّ سعيه و إن كان في المروة أعاد و لو انعكس الفرض انعكس الحكم [- ن -] يجب أن يسعى سبعة أشواط يلصق عقبه بالصفا إن لم يصعد عليه و يبدأ به و يمشي إلى المروة و يلصق أصابعه بها ثم يبتدئ منها يلصق عقبه بها و يرجع إلى الصفا و يلصق أصابعه به و هكذا سبعا فلو نقص و لو خطوة وجب الإتيان بها و لا يحل له ما يحرم عليه مع الإخلال بها و لو أخل بشوط أو ما زاد وجب عليه الإتيان به فإن رجع إلى بلده وجب عليه العود مع المكنة و إتمام السّعي و لو لم يذكر حتى واقع أهله أو قصر أو قلم أظفاره كان عليه دم بقرة و إتمام السّعي و لو لم يحصل العدد أعاد [- ح -] لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط فإن فعله عامدا أعاد السّعي و إن كان ساهيا طرح الزيادة و اعتدّ بالسّبعة و إن شاء أكمل أربعة عشر شوطا [- ط -] يجوز أن يجلس في أثناء السعي للاستراحة و لو دخل وقت صلاة و هو في السّعي قطعه و صلّى ثم تمم سعيه و يجوز قطع السعي لقضاء حاجة له أو لبعض إخوانه ثم يعود فيتمّم ما قطع عليه [- ي -] من طاف بالبيت جاز له تأخير السّعي إلى بعد ساعة أو العشاء و لا يجوز إلى غد يومه [- يا -] لا يجوز تقديم السعي على الطواف فإن قدّمه لم يجز و لو طاف بعض الطواف ثم مضى إلى السّعي ناسيا ثم ذكر في أثناء السعي نقصان الطواف رجع فأتم طوافه ثم عاد فتمّم سعيه [- يب -] لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي فإن فعله عامدا أعاد طواف النساء بعد السّعي فإن كان ناسيا لم يكن عليه شيء [- يج -] لا يجوز للمتمتع أن يقدم طواف الحجّ و سعيه على المضيّ إلى عرفات اختيارا و يجوز للضرورة كالشيخ الكبير و المريض و المرأة إذا خافت الحيض و كذا يجوز تقديم طواف النّساء على الموقفين مع العذر و لا يجوز اختيارا أما القارن و المفرد فقال الشيخ يجوز تقديم طوافهما و سعيهما على المضي إلى عرفات لضرورة و غير ضرورة و أنكر ابن إدريس ذلك

المقصد الخامس في التقصير

و فيه [- ط -] بحثا [- ا -] إذا فرغ المتمتع من سعي العمرة قصر من شعره و قد أحل من كل شيء أحرم منه و التقصير واجب في العمرة فلا يقع الإخلال منها إلا به و يثاب عليه و لا يستحبّ تأخيره و لو أخره لم يتعلق به كفارة [- ب -] لو أخلّ بالتقصير عامدا حتى أحلّ بالحجّ بطلت عمرته و صارت حجته مفردة و لا يدخل أفعال الحج في أفعال العمرة و لو أخل ناسيا صحّت متعته و كان عليه دم وجوبا عند الشيخ و استحبابا عند ابن بابويه [- ج -] لو جامع امرأته قبل التقصير عامدا وجب عليه جزور إن كان موسرا و إن كان متوسّطا فبقرة و إن كان معسرا فشاة و لا يبطل عمرته و المرأة إن طاوعته وجب عليها مثل ذلك و إن أكرهها تحمل عنها الكفارة و لو كان جاهلا لم يكن عليه شيء و لو قبّل امرأته قبل التقصير وجب عليه دم شاة [- د -] التقصير في إحرام المتمتع بها أفضل من الحلق قاله في الخلاف و منع في غيره من الحلق و أوجب به دم شاة مع العمد و لو كان ناسيا أو جاهلا لم يكن عليه شيء [- ه -] أدنى التقصير أن يقص شيئا من شعر رأسه و لو كان يسيرا و أقله ثلاث شعرات و لا

ص: 100

يتقدر بالرّبع و لا يجب أن يقصر من جميع رأسه و لو حلق في إحرام العمرة أجزأه و في التحريم خلاف تقدم و لو حلق بعض رأسه فالأقرب عدم التحريم على القولين و لا دم [- و -] لو قصّ الشعر بأيّ شيء كان أجزأه و كذا لو نتفه أو أزاله بالنّورة و لو قصر من الشعر بالباذل عن حد الرأس أو ما يحاذيه أجزأه و كذا لو قصر من أظفاره أو أخذ من شاربه أو حاجبيه أو لحيته [- ز -] ينبغي للمتمتع أن يتشبه بالمحرمين بعد التقصير في ترك لبس المخيط و ليس بواجب [- ح -] يكره للمتمتع أن يخرج من مكة بعد عمرته قبل أن يقضي مناسكه أجمع إلا لضرورة فإن اضطر إلى الخروج خرج إلى حيث لا يفوته الحج و يخرج محرما بالحج فإن أمكنه الرجوع إلى مكة و إلا مضى إلى عرفات بإحرامه و لو خرج بغير إحرام ثم عاد فإن كان في الشهر الّذي خرج فيه لم يضرّه أن يدخل مكة بغير إحرام و إن دخل في غير الشهر الذي خرج فيه دخلها محرما بالعمرة إلى الحجّ و يكون عمرته الأخيرة هي التي يتمتع بها إلى الحجّ و لو خرج من مكة بغير إحرام ثم عاد في الشهر الذي خرج فيه قال الشيخ يستحب أن يدخلها محرما بالحجّ و يجوز أن يدخلها بغير إحرام تعويلا على رواية إسحاق بن عمار عن الكاظم ع و فيه نظر إذ قد بينا أنه لا يجوز الإحرام بحجّ التمتع إلا من مكة [- ط -] يجوز للمحرم المتمتع إذا دخل مكة أن يطوف و يسعى و يقصر إذا علم أو غلب على ظنه تمكنه من إنشاء إحرام الحج و إدراك عرفات و المشعر و لو كان دخوله مكة بعد الزوال يوم التّروية أو ليلة عرفة أو يوم عرفة قبل الزوال أو بعده و الضابط إدراك عرفات قبل الغروب و قال المفيد إذا زالت الشمس يوم التّروية و لم يكن أحل من عمرته فقد فاتته المتعة و لم يجز له التحلل منها بل يبقى على إحرامه و تنقلب حجته مفردة و الأوّل أقوى

المقصد السّادس في إحرام الحج

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] إذا أحلّ المتمتع من عمرته أحرم بالحج واجبا و يستحبّ أن يكون يوم التروية عند الزوال أن يصلّي الفرضين و يجوز أن يحرم قبل ذلك و بعده إذا علم أنه يقدر على عرفات [- ب -] يجب أن يوقع هذا الإحرام من مكة من أي موضع شاء و الأفضل أن يكون من تحت الميزاب أو المقام و يستحب أن يفعل هنا كما فعل في إحرام العمرة من الاطلاء و الاغتسال و التنظيف بإزالة الشعر و تقليم الأظفار و الدعاء و الاشتراط و غير ذلك ثم يلبس ثوبي إحرامه و يدخل المسجد حافيا بسكينة و وقار و يصلي ركعتين له عند المقام أو في الحجر و إن صلى ست ركعات كان أفضل و إن صلّى الظهر و أحرم عقيبها كان أفضل فإذا صلى أحرم بالحجّ مفردا و يدعو المأثور غير أنّه يذكر الحجّ مفردا و يلبي إن كان ماشيا من موضعه الذي صلّى فيه و إن كان راكبا فإذا نهض به بعيره فإذا انتهى إلى الرّدم و أشرف على الأبطح رفع صوته بالتلبية حتى يأتي منى [- ج -] الواجب في إحرام الحج ثلاثة النية و التلبيات الأربع و لبس الثوبين كما قلنا في إحرام العمرة سواء [- د -] لا يسنّ الطواف بعد إحرام و لو فعله لغير عذر لم يجزئه عن طواف الحج و كذا السعي و لو فعله العذر جاز [- ه -] يجب أن يحرم بالحج لأن عمرته انقضت فلو نسي فأحرم بالعمرة و هو يريد الحج لم يكن عليه شيء و لو نسي الإحرام بالحج يوم التروية حتى حصل بعرفات و لم يمكنه الرجوع أحرم من هناك فإن لم يذكر حتى رجع إلى بلده قال الشيخ تمّ حجّه و لا شيء عليه

المقصد السّابع في الوقوف بعرفات

و فيه ثمانية عشر بحثا [- ا -] يستحب لمن أراد الخروج إلى منى أن لا يخرج من مكة حتى يصلي الظهر يوم التروية و يقيم إلى طلوع الشمس و يجوز للشيخ الكبير و المريض و المرأة و خائف الزحام الخروج من مكة قبل الظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة [- ب -] إذا أحرم بالحجّ خرج إلى منى كما بيناه و يستحبّ له أن يدعو عند التّوجه بالمأثور و يدعو إذا نزل إلى منى ثم يبيت بها مستحبّا ليلة عرفة إلى طلوع الفجر و يكره الخروج قبله إلا لعذر كالمرض و الخوف و المشي و يصلي الفجر في الطريق و الأفضل أن يقيم حتى تطلع الشمس و لو خرج قبل طلوعها جاز لكن لا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس و الإمام لا يخرج من منى حتى تطلع الشمس [- ج -] لو صادف يوم التروية الجمعة فمن أقام بمكة حتّى تزول الشمس ممن يجب عليه الجمعة لم يجز له الخروج حتى يصلي الجمعة و يجوز الخروج قبل الزوال [- د -] يستحب للإمام أن يخطب أربعة أيام من ذي الحجّة يوم السّابع منه و يوم عرفة و يوم النحر بمنى و يوم النفر الأوّل يعلم الناس ما يجب عليهم فعله من المناسك [- ه -] الخطبة بعرفة يوم عرفة قبل الأذان [- و -] المبيت ليلة عرفة بمنى للاستراحة ليس بنسك و لا يجب بتركه شيء [- ز -] يستحب له أن يدعو عند الخروج إلى عرفات بالمأثور فإذا انتهى إلى عرفات ضرب خباه بنمرة و هي بطن عرنة دون الموقف و دون عرفة فإذا زالت الشمس يوم عرفة اغتسل و صلى الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين و يقف للدعاء و حدّ منى من العقبة إلى وادي محسر [- ح -] يجب في الوقوف بعرفات النّية و الواجب نية الوجوب و التقرب إلى اللّٰه و يجب الكون بعرفة إلى غروب الشمس من يوم عرفة و كيف ما حصل بعرفة أجزأه قائما و جالسا و راكبا و نائما إذا كان قد سبق منه النية في وقتها [- ط -] الوقوف قائما أفضل منه راكبا [- ي -] لو مرّ بعرفة مجتازا و هو لا يعلم أنه بعرفة فالوجه عدم الإجزاء و لو دخلها نائما و استمر النوم إلى بعد الفوات ففي الإجزاء نظر

ص: 101

أقربه عدم الإجزاء خلافا للشيخ و المغمى عليه و المجنون إذا لم يفق حتى خرج منها لم يجزئه الوقوف و السّكران إذا زال عقله لم يصح وقوفه و إلا جاز [- يا -] لا يشترط فيه الطهارة و لا ستر العورة و لا استقبال القبلة بالإجماع لكن الطهارة أفضل [- يب -] يستحب أن يضرب خباؤه بنمرة و هي بطن عرنة فإذا أذن المؤذّن قام الإمام فصلى بالناس الظهر و العصر بأذان واحد و إقامتين و المأموم يجمع كالإمام و كذا المفرد و المكي و يتم من كان منزله دون المسافة و إن قصر إمامه و يستحب تعجيل الصّلاة حين تزول الشمس و أن يقصر الخطبة و يقف وقته [في أول وقته] و يستحبّ له الاغتسال للوقوف و يقطع التلبية عند زوال الشمس من يوم عرفة فإذا جاء إلى الموقف بسكينة و وقار حمد اللّٰه و أثنى عليه و كبره و هلله و دعا و اجتهد في الإكثار من الدعاء لإخوانه المؤمنين و يؤثرهم على نفسه و يستحب أن يدعو بدعاء الموقف لزين العابدين ع [- يج -] الوقوف بعرفة ركن من تركه عمدا بطل حجّه بالإجماع و لو تركه ناسيا أو لعذر تداركه فإن لم يمكنه و لحق الوقوف بالمشعر في وقته فقد أدرك الحج و إلا فقد فاته [- يد -] للوقوف بعرفة وقتان اختياري و أوّله زوال الشمس من يوم عرفة و آخره غروبها و اضطراري إلى طلوع الفجر من يوم النحر فلو لم يتمكن من عرفات نهارا و تمكن من الوقوف ليلا وجب و أجزأه إذا أدرك المشعر قبل طلوع الشمس و لو فاته الوقوف نهارا و خاف إن مضى إليها ليلا فوات المشعر يسقط الوقوف بعرفة و أجزأه المشعر [- يه -] لا يجوز أن يخرج من عرفة قبل غروب الشمس فإن فعله عامدا صحّ حجّه و وجب عليه بدنة فإن لم يتمكن صام ثمانية عشر يوما و لو كان ناسيا لم يكن عليه شيء و كذا لو عاد قبل غروب الشمس فوقف حتى غربت و لو كان عوده بعد الغروب لم يسقط الدم و لو لم يأت عرفات نهارا لعذر و حضر بعد غروب الشمس و وقف بها صحّ حجّه و لا شيء عليه و يجوز له أن يخرج منها أي وقت شاء من الليل [- يو -] لو غم الهلال ليلة الثلاثين من ذي القعدة فوقف النّاس يوم التّاسع من ذي الحجة ثم قامت البيّنة أنه يوم العاشر ففي الإجزاء نظر و كذا لو غلطوا في العدد فوقفوا يوم التّروية و لو شهد واحد أو اثنان برؤية هلال ذو الحجة و ردّ الحاكم شهادتهما وقفوا يوم التاسع على وفق رؤيتهم و إن وقف الناس يوم العاشر عندهما [- يز -] عرفة كلها موقف يصحّ الوقوف في أيّ حد شاء منها بالإجماع و حدّ عرفة من بطن عرنة و ثوية و نمرة إلى ذي المجاز فلا يجوز الوقوف في هذه الحدود و لا تحت الأراك فلو وقف بها بطل حجه و ينبغي أن يقف على السّهل على ميسرة الجبل و لا يرتفع إلى الجبل إلاّ عند الضّرورة إلى ذلك [- يح -] يجوز النزول تحت الأراك إلى أن تزول الشمس ثم يمضي إلى الموقف و يستحب له إن وجد خللا أن يسدّه بنفسه و رحله و أن يقرب من الجبل و أن يصلّي مائة ركعة بالتّوحيد و يختمها بآية الكرسي و اجتماع النّاس في الأمصار للتعريف يوم عرفة

المقصد الثامن في الوقوف بالمشعر

و فيه عشرة مباحث [- ا -] إذا غربت الشمس في عرفات فليقض منها قبل الصلاة إلى المشعر داعيا بالمنقول مقتصدا في سيره و عليه السّكينة و الوقار و يكثر من الاستغفار و من ذكر اللّٰه تعالى و لا ينبغي أن يلبي في مسيره و يستحب أن يمضي على طريق المأزمين و أن يصلي المغرب و العشاء بالمزدلفة و إن ذهب ربع الليل أو ثلثه و يجمع بينهما بأذان واحد و إقامتين و لا يصلّي بينهما شيئا من النوافل بل يؤخر نوافل المغرب إلى بعد العشاء و لا يفصل بين الصلاتين و لو فعل لم يأثم و لو لم يجمع بينهما بل صلى كلّ واحدة منهما في أوّل وقتها أجزأه و لو فاته الجمع مع الإمام جمع هو و لو منعه عائق في الطريق و خشي ذهاب أكثر اللّيل صلّى في الطّريق [- ب -] إذا وصل إلى جمع بات بها ذاكرا للّه ثم داعيا متضرّعا مبتهلا و المبيت بها ليس بركن و إن كان الوقوف ركنا [- ج -] يجب فيه النيّة و الواجب نية الوجوب و التّقرب إلى اللّٰه تعالى [- د -] يجب الوقوف بعد طلوع الفجر الثاني و يستحبّ أن يقف بعد أن يصلّي الفجر و لو وقف قبل الصّلاة جاز إذا كان الفجر طالعا و يدعو بالمنقول و يحمد اللّٰه و يثني عليه و يذكر من آلائه و بلائه و حسن ما صنع به ما قدر عليه و يصلّي على النّبي ص و يدعو ثم يقف إلى أن يشرق ثبير و ترى الإبل مواضع أخفافها و يستحبّ فيه الطّهارة و لو وقف على غير طهر أو كان جنبا أجزأه و أن يطأ الصّرورة المشعر برجله أو ببعيره قال الشيخ و بالمشعر الحرام جبل هنا يسمّى قزح يستحب الصّعود عليه و ذكر اللّٰه تعالى عنده [- ه -] الوقوف بالمشعر ركن من تركه عمدا بطل حجّه و يجب بعد طلوع الفجر الثّاني و لا يجوز الإفاضة قبل طلوعه اختيارا فلو أفاض قبل طلوعه عامدا بعد أن يكون قد وقف ليلا وجب عليه دم شاة و صحّ حجه و قال ابن إدريس بطل حجّه و لو كان ناسيا لم يكن عليه شيء و يجوز للخائف و المرأة و غيرهما من ذوي الأعذار الإفاضة قبل طلوع الفجر و يستحبّ لغير الإمام الإفاضة من المزدلفة قبل طلوع الشمس بقليل بعد الإسفار و للإمام بعد طلوعها و لو دفع غير الإمام قبل الإسفار بعد الفجر أو بعد طلوع الشمس لم يكن مأثوما [- و -] جمع كلها موقف و حدها ما بين مأزمي عرفة إلى الحياض إلى وادي محسر يجوز الوقوف في أي موضع شاء منه و لو ضاق عليه الموقف جاز له أن يرتفع إلى الجبل [- ز -] وقت الوقوف

ص: 102

بالمشعر بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس حال الاختيار و يمتدّ وقت الضّرورة إلى الزوال من يوم النحر فيجب الإتيان به و يجزئ مع إدراك عرفات اختيارا و كذا لو أدرك عرفات اضطرارا و المشعر اختيارا أما لو أدرك الاضطراريين ففي إدراك الحج إشكال و لو أدرك أحد الاضطراريين خاصة فاته الحجّ و يلوح من كلام السّيد أنه إن كان عرفة فاته الحج و إن كان المشعر صحّ و عليه دلّت رواية عبد اللّٰه بن المغيرة الصّحيحة عن الصّادق ع و لو أدرك أحد الاختياريين و فاته الآخر اختيارا و اضطرارا فإن كان الفائت هو عرفة صحّ الحج و إن كان هو المشعر ففي إدراك الحج إشكال و لا فرق في فوات الحج بترك الوقوف بالمشعر بين العامل و الجاهل [- ح -] قال الشيخ من ترك الوقوف بالمشعر عمدا وجبت عليه بدنة و الحق بطلان الحجّ و لو ترك الموقفين معا بطل حجه سواء كان عامدا أو ناسيا أو جاهلا و لو نسي الوقوف بعرفة رجع فوقف بها و لو إلى طلوع الفجر إذا علم أنه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس و لو غلب على ظنه الفوات اقتصر على المشعر قبل طلوع الشمس و قد تم حجّه و كذا لو نسي الوقوف بعرفات و لم يذكر بعد الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس و لو نسي الوقوف بالمشعر فإن كان قد وقف بعرفة صحّ حجّه و إلا بطل [- ط -] يستحب أخذ حصى الجمار من المزدلفة و هو سبعون حصاة و يجوز أخذه من الطّريق في الحرم و من جميع مواضع الحرم عدا المسجد الحرام و مسجد الخيف و من حصى الجمار و منع بعض علمائنا من أخذه من المساجد كلها و هو حسن و لو أخذ الحصى من غير الحرم لم يجزئه [- ي -] يستحبّ له الإفاضة من المشعر بعد إسفار الصبح قبل طلوع الشمس و عليه السّكينة و الوقار ذاكرا للّه تعالى مستغفرا داعيا فإذا بلغ وادي محسر و هو واد عظيم بين جمع و منى و هو إلى منى أقرب أسرع في مشيه إن كان ماشيا و إن كان راكبا حرك دابته و لو نسي الهرولة استحبّ له أن يرجع و يهرول فيه و يدعو حالة السّعي في وادي محسر و روى ابن بابويه استحباب الهرولة فيه مائة خطوة و في رواية أخرى مائة أذرع و إذا أفاض قبل طلوع الشمس من المشعر فلا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس و روي كراهة الإقامة بالمشعر بعد الإفاضة

المقصد التّاسع في نزول منى و قضاء المناسك بها

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الرمي

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] إذا أفاض من المزدلفة فليأت إلى منى على سكينة و وقار داعيا بالمنقول و يقضي مناسكه بمنى يوم النحر و هي ثلاثة الأول رمي جمرة العقبة الثاني الذبح الثالث الحلق و ترتيب هذه المناسك واجب [- ب -] إذا نزل استحبّ له المسارعة برمي جمرة العقبة حال وصوله و هي آخر الجمرات مما يلي منى و أولها مما يلي مكة عند العقبة و رمي هذه الجمرة يوم النّحر واجب [- ج -] يجب الرّمي بالحجارة و لا يجوز بغيرها و إن كان به من جنس الأرض كالكحل و الزرنيخ و المدر [- د -] لا يجوز الرمي إلا بالحصى قاله أكثر علمائنا و قال في الخلاف لا يجوز إلاّ بالحجر و ما كان من جنسه من البرام و الجوهر و أنواع الحجارة و لا يجوز بغيره كالمدر و الآجر و الكحل و الزّرنيخ و الملح و الذّهب و الفضة و الوجه الأول لرواية زرارة الحسنة عن الصادق عليه السّلام [- ه -] يجب أن تكون الحصى أبكارا فلو رمى بحصاة رمى بها هو أو غيره لم يجزئه و إن كانت واحدة و لو رمى بحصاة نجسة ففي الإجزاء نظر و لو رمى بخاتم فضة مما يجوز الرّمي به فالأقرب الإجزاء [- و -] يجب كون الحصى من الحرم فلا يجزئه لو أخذه من غيره [- ز -] يستحب أن تكون برشا كحلية ملتقطة منقطة غير مكسرة رخوة و يكون صغارا قدر الأنملة فلو رمى بأكثر من هذا المقدار أجزأه [- ح -] يكره أن تكون صماء أو سوداء أو حمراء أو بيضاء أو مكسرة [- ط -] يجب في الرّمي النّية بأن يقصد فيها الوجوب و القربة إلى اللّٰه تعالى و العدد و هو سبع حصيات في يوم النحر لرمي جمرة العقبة فلو أخل بواحدة وجب عليه الإكمال و إيصال كل حصاة إلى الجمرة بما يسمّى رميا بفعله فلو وضعها بكفه في الرمي لم يجزئه و لو طرحها طرحا ففي الإجزاء نظر ينشأ من صدق الرمي عليه و عدمه و لا يجزئه الرمي إلا أن تقع الحصى في المرمى فلو وقع دونه لم يجزئه [- ي -] يجب إصابة الجمرة بفعله فلو رمى بحصاة فوقعت على الأرض ثم مرت على سمتها أو أصابت شيئا صلبا كالمحمل و شبهه ثم وقعت في المرمى بعد ذلك أجزأه و لو وقعت على ثوب إنسان فنفضها أو على عنق بعير فنفضها فوقعت في المرمى لم يجزه و كذا لو وقعت على الثوب أو العنق فتحرّك فوقعت في المرمى و لو رماها نحو المرمى و لم يعلم هل حصلت في المرمى أم لا فالوجه عدم الإجزاء و لو رمى حصاة فوقعت على أخرى فطفرت الثانية فوقعت في المرمى لم يجزه و كذا لو رمى إلى غير المرمى فوقع في المرمى و لو وقعت على مكان أعلى من الجمرة فتدحرجت فوقعت في المرمى فالأقرب الإجزاء و لو رمى بحصاة فالتقمها طائر قبل وصولها لم يجزه سواء رماها الطائر في المرمى أو لا و لو أصابت الحصاة إنسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار أجزأه و كذا لو أعاد الرمي بحصاة و قلنا إنه لم يجزئه الرمي بها أجزأه [- يا -] يرمي كل حصاة بانفرادها فلو رمى الحصاة دفعة لم يجزئه و لو رمى أكثر من واحدة برمية واحدة و لو اختلفا في الوقوع بأن تلاصقا فيه

ص: 103

و لو أتبع الحجر الحجر فرميتان و إن تساويا في الوقوع [- يب -] يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي من قبل وجهها لا من أعلاها استحبابا و ينبغي أن يرميها مستقبلا لها مستدبرا للكعبة بخلاف غيرها من الجمار و كل أفعال الحج يستحب فيها استقبال الكعبة من الوقوف بالموقفين و رمي الجمار إلا جمرة العقبة فإن رسول اللّٰه ص رماها مستقبلها مستدبرا للكعبة [- يج -] يستحب أن يرميها خذفا بأن يضع كل حصاة على بطن إبهامه و يدفعها بظفر السّبابة و أن يكون بينه و بين الجمرة قدر عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا و أن يكبر مع كلّ حصاة و يدعو بالمنقول [- يد -] يجوز الرمي للمحدث و الجنب و الحائض و الطهارة أفضل و راكبا و راجلا و الرّاجل أفضل و يستحب أن لا يقف عند جمرة العقبة [- يه -] وقت الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها فإذا غربت فات الرمي و قضاه في الغد و يجوز تأخير رمي جمرة العقبة إلى قبل الغروب بمقدار أداء المناسك و وقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس يوم النحر و وقت الإجزاء من طلوع الفجر اختيارا فإن رمى قبل ذلك لم يجزه و يجوز للعليل و صاحب الضرورة و النساء الرمي في الليل قبل فجر النحر و يستحب إذا رمى جمرة العقبة أن يمضي و لا يقف عندها [- يو -] يستحب غسل حصى الجمار الثلاث و قدره سبعون حصاة سبع منها لجمرة العقبة يرمي يوم النحر خاصة و يرمي كلّ يوم من أيام التشريق كل جمرة سبع حصاة يبدأ بالأولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة و سيأتي تتمة الكلام في الرمي إن شاء اللّٰه تعالى

الفصل الثّاني في الذبح
اشارة

و مطالبه تسعة

الأوّل فيمن يجب عليه الهدي

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] إذا فرغ من رمي جمرة العقبة ذبح هديه أو نحره إن كان من البدن و الهدي واجب على المتمتع بالنص و الإجماع و لو تمتع المكي وجب الهدي خلافا للشيخ و في كلامه قوة و لا يجب على المفرد و القارن و يستحب لهما الأضحية [- ب -] دم التمتع نسك لا جبران فإذا أحرم بالحج من مكة وجب الدم و لو أتى الميقات و أحرم منه لم يسقط عنه الدم و لو أحرم المفرد بالحج و دخل مكة جاز أن يفسخه و يجعله عمرة و يتمتع بها و يجب عليه الدّم [- ج -] إذا أحرم بالعمرة و أتى بأفعالها في غير أشهر الحج ثم أحرم بالحج لم يكن متمتّعا و لا يجب عليه الدم و لو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج و أتى بأفعالها في أشهر الحجّ من الطواف و السّعي و التقصير و حجّ من سنته لم يكن متمتعا و لا يلزمه الدّم و لو أحرم المتمتع من مكة بالحجّ و مضى إلى الميقات ثم منه إلى عرفات لم يسقط عنه الدم و لو أحرم المتمتع للحج من غير مكة وجب الرجوع إلى مكة و الإحرام منها سواء أحرم من الحل أو الحرم و لو لم يتمكن مضى على إحرامه و لا دم عليه لهذه المخالفة و لو لم ينو التمتع لم يصحّ له التمتع و لا هدي عليه و لو أحرم المفرد و القارن لعمرتهما من الحرم لم يصحّ و لو طافا و سعيا لم يكونا معتمرين و لا يلزمهما دم و لو اعتمر في أشهر الحج و لم يحج في ذلك العام بل حجّ في القابل مفردا له عن العمرة لم يكن متمتّعا و لا دم عليه [- د -] إنما يجب الدّم على من أحل من إحرام العمرة و لو لم يحلّ منها و أدخل إحرام الحجّ عليها بطلت متعته و سقط الدّم [- ه -] الهدي يجب على من نأى عن مكة و لا يجب على أهل مكة و حاضريها إلا أن يتمتع على تقدير تسويفه و لو دخل الآفاقي متمتّعا إلى مكة ناويا للإقامة بها بعد تمتعه فعليه دم المتعة و لو خرج المكي بنيّة الإقامة بغيرها ثم عاد متمتّعا ناويا للإقامة أو غير ناو فعليه الهدي و لو ترك الآفاقي الإحرام من الميقات و لم يتمكن من الرّجوع أحرم من دونه لعمرته فإذا دخل أحرم بالحجّ من عامه و هو متمتع و عليه دم المتعة و لا دم عليه لإحرامه من دون الميقات [- و -] المملوك إذا حجّ بإذن مولاه لا يجب عليه الهدي و يتخير مولاه بين أمره بالصيام و بين الهدي عنه و الواجب من الصّوم على المملوك كالواجب على الحرّ و كذا المعسر يصوم عشرة أيام و لو لم يذبح المولى عن المملوك وجب عليه الصوم و لا يجوز له منعه منه و لو لم يصم العيد حتى مضت أيام التشريق استحب للمولى أن يهدي عنه و لو أدرك إحدى الموقفين معتقا أجزأه عن حجّة الإسلام و وجب عليه الهدي مع المكنة و لو عجز صام و لا يجب على المولى إجماعا [- ز -] إنما يجب الهدي على المتمكن منه أو من ثمنه إذا وجده بالشراء و لا يجب بيع ثياب التجمل في الهدي بل ينتقل إلى الصوم و يعتبر القدرة في موضعه فلو عدمه جاز الصوم و إن كان قادرا في بلده [- ح -] لو تمتع الصّبي وجب على وليّه أن يذبح عنه فإن لم يجد فليصم عنه عشرة أيام [- ط -] النائب إذا تمتع وجب عليه الهدي لا على المنوب

المطلب الثّاني في كيفية الذّبح

و فيه [- ن -] مباحث [- ا -] تجب فيه النية المشتملة على جنس الفعل و جهته و كونه هديا أو كفارة أو غيرهما و صفته من وجوب أو ندب و التقرب إلى اللّٰه و يجوز أن يتولاها عنه الذابح [- ب -] الإبل يختصّ بالنحر فلو ذبحها لم يجز و البقر و الغنم بالذبح فلو نحرهما لم يجز و يستحب أن يتولى الذبيحة بنفسه و لو لم يحسن الذبيحة ولاّها غيره و استحب له أن يجعل يده مع يد الذابح و ينوي الذابح عن صاحبها و يستحب أن يذكره بلسانه وقت الذّبيحة و لو أخطأ فذكر غير صاحبها أجزأت عن صاحبها بالنية [- ج -] يستحب نحر الإبل قائمة من قبل اليمين قد ربطت يدها ما بين الخف إلى الركبة ثم يطعن في لبتها و هي الوهدة التي بين أصل العنق

ص: 104

و الصدر و لو خاف أن ينفر نحرها باركة [- د -] يجب توجيه الذّبيحة إلى القبلة و يستحب الدعاء بالمأثور و يجب فيه التسمية و لو نسيها حل أكله [- ه -] يجب ذبح هدي التمتع أو نحره بمنى و من ساق هديا في الحجّ نحره أو ذبحه بمنى و إن كان قد ساقه في العمرة نحره أو ذبحه بمكة قبالة الكعبة [البيت] بالموضع المعروف بالجزورة و كل ما يلزم المحرم من فداء عن صيد أو غيره فإن كان معتمرا ذبحه أو نحره بمكة و إن كان حاجا فبمنى و ما وجب نحره بالحرم وجب تفرقة لحمه به [- و -] وقت استقرار وجوب الهدي إذا أحرم المتمتع بالحج و وقت ذبحه يوم النحر [- ز -] أيام النحر بمنى أربعة أولها يوم النحر و ثلاثة بعده و في الأمصار ثلاثة يوم النحر و يومان بعده و هل اللّيالي المتخللة بينها يجوز فيها النحر فيه إشكال

المطلب الثالث في صفات الهدي

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] يجب أن يكون الهدي من بهيمة الأنعام من الإبل أو البقر أو الغنم و أفضله من البدن ثم البقر ثم الغنم [- ب -] يجزي في الهدي الجذع من الضأن و الثني من غيره و جذع الضأن ما له ستّة أشهر و ثني المعز و البقر ما له سنة و دخل في الثانية و في الإبل ما دخل في السّادسة و لا يجزي غير الثني [- ج -] يجب أن يكون الهدي تاما فلا يجزي العوراء و لا العرجاء البين عرجها و لا المريضة كالجرباء و ما شابهه مما يوجب الهزال و لا الكبيرة التي لا مخّ لها لهزالها و قد وقع الإجماع على هذه الصفات الأربع و الوجه عدم اعتبار الخف في العين بل لو كان على عينها بياض لم يجز و لا خلاف في عدم إجزاء ما فيه نقص أكثر من هذه الصفات كالعمياء [- د -] العضباء و هي التي ذهب قرنها لا يجزي و لو كان القرن الداخل صحيحا أجزأت و إن كان ما ظهر منه مقطوعا و لا بأس بمشقوقة الأذن أو مثقوبتها إذا لم يكن قطع من الأذن شيء و لا يجزي العجفاء و هي المهزولة و لا الخرماء و لا الجذاء و هي مقطوعة الأذن [- ه -] الخصي لا يجزي و لو ضحى به وجب عليه الإعادة مع المكنة و يكره الموجوء و الوجه أن مسلول البيضتين كالخصي [- و -] الجماء هي التي لم يخلق لها قرن يجزي و الأقرب إجزاء البتراء و هي مقطوعة الذنب و كذا الصمعاء و هي التي لم يخلق لها أذن أو كان لها أذن صغيرة [- ز -] المهزولة لا يجزي و حدّ الهزال أن لا يكون على كليتها شيء من الشحم و يستحب أن يكون سمينا ينظر في سواد و يمشي في سواد و يبرك في مثله أي يكون سمينا ذا ظل يمشي في ظله و يبرك فيه و ينظر فيه و قيل أن تكون هذه المواضع سوداء [- ح -] لو اشترى هديا على أنه سمين فوجد مهزولا أجزأ عنه و كذا العكس و لو اشتراه على أنّه هزيل فظهرت كذلك لم يجز و لو اشترى هديه ثم أراد أن يشتري أسمن منه فليشتره و ليبع الأول إن أراد و لو اشتراه فوجد به عيبا لم يجز عنه و كذا لو اشتراه على أنّه تام فوجده ناقصا [- ط -] أفضل الهدي من الإبل و البقر الإناث و من الضأن و المعز الذكران و يجوز العكس في البابين و يكره التضحية بالجاموس و البقر و الموجوء و الكبش خير من النعجة و النعجة خير من المعز [- ي -] يستحب أن يكون الهدي مما عرف به استحبابا مؤكدا لا وجوبا

المطلب الرّابع في البدل

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] إذا لم يجد الهدي و وجد ثمنه تركه عند من ينوبه من أهل مكة ليشتري له به هديا و يذبحه في بقية ذي الحجة فإن خرج ذو الحجة و لم يجد اشترى في ذي الحجّة في العام المقبل قال ذلك الشيخان و ابن بابويه و منع منه ابن إدريس و أوجب الانتقال إلى الصّوم و ليس بمعتمد [- ب -] لو لم يجد الهدي و لا ثمنه وجب أن يصوم بدله عشرة أيام ثلاثة في الحج متتابعات و سبعة إذا رجع إلى أهله و يعتبر القدرة عليه في مكانه فلو عدمه في موضعه انتقل إلى الصوم و إن كان قادرا عليه في بلده [- ج -] يجب صوم الثلاثة متتابعا و لا يجب التتابع في السّبعة و يكفي التتابع في الثلاثة بأن يصوم يوم التّروية و عرفة و الثالث بعد أيام التشريق خاصة فلو صام غير هذين اليومين وجب التتابع ثلاثة و لا يجوز تخلل الإفطار بين اليومين و الثالث [- د -] يجب التفريق بين الثلاثة و السبعة إلا أن لا يصوم الثلاثة إلا بعد وصول الناس إلى وطنه أو مضي شهر و إنما يسوغ صوم السبعة إذا رجع إلى أهله فلو صام قبل رجوعه إلى وطنه لم يجزئه و لو أقام بمكة أو في الطريق انتظر وصول أصحابه إلى بلده أو المقام شهرا ثمّ يصوم السبعة و لو نوى الإقامة عشرة أيام كان بحكم المقيم و هل يجوز له صوم السبعة الأقرب عدمه [- ه -] يجوز صوم الثلاثة قبل التلبس بالحج و من أول العشر إذا تلبس بالمتعة و لا يجوز صومها قبل إحرام العمرة و المستحب صوم يوم التروية و ما قبله و عرفة فإن فاته هذه الثلاثة صامها بعد أيّام منى و لا يسقط الصّوم بفوات العشر و لا يجوز أن يصوم أيام التشريق في بدل الهدي و لا غيره و لو لم يصمها بعد أيام التشريق جاز صومها طول ذي الحجة أداء لا قضاء و لو خرج ذو الحجة و أهل المحرم و لم يصمها سقط فرض الصّوم و استقر الهدي في ذمته و وقت وجوب الصّوم وقت وجوب الهدي و إنما يسوغ له تقديمه من أول ذي الحجّة بناء على الظاهر من استمرار عجز العاجز [- و -] من وجب عليه الصيام إن لم يصم فإن لم يكن قد تمكن من صوم شيء من العشرة سقط الصوم و لا يجب على وليه شيء بل يستحبّ أن يقضي عنه و إن تمكن من فعل الجميع و لم يفعل قال الشيخ يقضي الولي الثلاثة وجوبا و السّبعة استحبابا و

ص: 105

و الأقرب وجوب قضاء الجميع و لو لم يتمكن من صيام السبعة أو بعضها وجب على الولي قضاء ما تمكن الميّت من فعله و لم يفعله و استحبّ له قضاء الباقي [- ن -] لو تمكن من صيام السّبعة وجب و لم يجزئه الصّدقة عنها [- ح -] لو تلبس بالصّوم ثم أيسر أو وجد الهدي قال الشيخ لا يجب بل يستحب و يلوح من كلامه اشتراط صوم الثلاثة و ابن إدريس أطلق و لو أحرم بالحج و لم يصم ثم وجد الهدي تعين عليه الذّبح و لا يجزئه الصوم [- ط -] لو تعيّن الصّوم و خاف الضعف عن القيام بالمناسك يوم عرفة أخر الصوم إلى بعد انقضاء أيام التشريق و لو لم يصم الثلاثة و خرج عقيب أيام التشريق صامها في الطريق إذا رجع إلى أهله و الأفضل تقديم صومها في الطريق و لو أهل المحرم تعين عليه الهدي و لو لم يصم الثلاثة حتى وصل بلده و كان متمكنا من الهدي قال الشيخ بعث به فإنه أفضل من الصوم [- ي -] لو مات من وجب عليه الهدي أخرج من صلب تركته [- يا -] من وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر و لم يجد كان عليه سبع شياه على الترتيب و لو لم يتمكن من السّبع صام ثمانية عشر يوما و لو وجب عليه سبع شياه من الغنم لم يجزئه بدنة و لو وجب عليه بقرة فالأقرب إجزاء البدنة

المطلب الخامس في الأحكام

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] الهدي الواحد لا يجزي في الواجب إلا عن واحد مع المكنة و مع عدمها يتعين الصّوم قاله الشيخ في الخلاف و له قول آخر إنه يجزي عن سبعة و عن سبعين إذا كانوا أهل خوان واحد و يجزي في التّطوع عن سبع و عن سبعين سواء في ذلك كله الإبل و البقر و الغنم و كل ما قل المشتركون كان أفضل و اشترط الشيخ اجتماعهم على إرادة التقرب سواء كانوا متطوعين أو مفترضين أو بالتفريق و سواء اتفقت مناسكهم بأن يكونوا متمتّعين أو قارنين أو افترقوا و فيه نظر و يجوز أن يقتسموا اللحم [- ب -] الهدي إما تطوع كمن يخرج حاجا أو معتمرا يسوق معه هديا نيّته نحره بمنى أو بمكة من غير إشعار و لا تقليد فهو باق على ملكه يتصرف فيه و في نمائه كيف شاء و إما واجب إما بالنذر المطلق و حكمه حكم ما وجب بغير النّذر و سيأتي و إما بالمعيّن فيزول ملكه عما عيّنه و ينقطع تصرّفه في حق نفسه فيه و هو أمانة للمساكين و يجب أن يسوقه إلى النحر و يتعلق الوجوب بالعين دون الذمّة فلا يكون مضمونا مع عدم التفريط و إما بغير النذر كدم التمتع و جزاء الصيد و النّذر غير المعيّن و شبه ذلك و هذا القسم إما أن يسوقه ينوي به الواجب من غير أن يعيّنه بالقول فلا يزول ملكه إلا بذبحه و دفعه إلى أهله و له التصرف فيه كيف شاء فإن عطب تلف من ماله و إن عاب لم يجز و إما أن يعيّنه بالقول مثل أن يقول هذا الواجب علي فيتعيّن الوجوب فيه و لا تبرأ الذمة منه و يكون مضمونا عليه و يزول ملكه عنه و ينقطع تصرفه فيه و عليه أن يسوقه إلى النحر فإن وصل نحره و إلا سقط التعيين و وجب إخراج الّذي في ذمته [- ج -] لو ذبح الواجب غير المعيّن فسرق أو غصب بعد الذبح فالوجه الإجزاء [- د -] لو عطب الواجب غير المعيّن أو عاب بما يمنع الإجزاء لم يجزه ذبحه عما في ذمّته و يرجع هذا إلى ملكه يصنع به ما شاء من أكل و بيع و هبة و صدقة و يستحب ذبحه و ذبح الواجب معا فإن باعه تصدق بثمنه [- ه -] لو عين معيبا عما في ذمته لم يجزه و لا يلزمه ذبحه [- و -] تعيين الهدي يحصل بقوله هذا هدي أو بإشعاره أو تقليده مع نية الهدي و لا يحصل بالشراء مع النية و لا بالنية المجردة و لو سرق الهدي من موضع حصين أجزأ عن صاحبه و إن أقام بدله فهو أفضل و لو عطب في موضع لا يجد المستحقّ فلينحره و يكتب كتابا و يضعه عليه ليعلم من يمرّ به من الفقراء أنه صدقة و لو ضلّ فاشترى مكانه غيره ثم وجد الأول فصاحبه بالخيار إن شاء ذبح الأول و إن شاء ذبح الأخير فإن ذبح الأول جاز له بيع الأخير و إن ذبح الأخير لزمه ذبح الأوّل إن كان قد أشعره و إلا جاز له بيعه [- ز -] لو غصب شاة فذبحها عن الواجب عليه لم يجزه رضا المالك و لا عوّضه عنها أو لم يعوّضه [- ح -] لو ضلّ الهدي فوجده غيره فإن ذبحه عن نفسه لم يجز عن واحد منهما و إن ذبحه عن صاحبه فإن ذبحه بمنى أجزأ عنه و إلا فلا و ينبغي لواجد الهدي الضال أن يعرّفه ثلاثة أيام فإن عرفه صاحبه و إلا ذبحه عنه [- ط -] لو اشترى هديا و ذبحه فاستعرفه غيره و ذكر أنه هديه ضل عنه و أقام بذلك شاهدين كان له لحمه و لا يجزي عن واحد منهما و لصاحبه أرش ما بين قيمته مذبوحا و حيّا [- ي -] لو عيّن هديا صحيحا عما في ذمّته أجود فهلك أو عاب بما يمنع الإجزاء لم يلزمه مثل التالف بل مثل ما في ذمّته سواء تلف بتفريطه أو غيره [- يا -] لو ولدت الهدية كان ولدها بمنزلتها في وجوب نحره أو ذبحه سواء عيّنه ابتداء أو بدلا عن الواجب و لو تلفت قبل الذبح أقام بدلها و ذبح الولد أيضا [- يب -] يجوز ركوب الهدي و شرب لبنه ما لم يضرّه به أو بولده فإن شرب ما يضر بالأم أو بالولد ضمنه و لو أضر بقاء صوفها بها أزاله و تصدّق به و لا يتصرف فيه بخلاف اللّبن [- يج -] من السنة أن يأكل من هدي المتعة و ينبغي أن يقسم أثلاثا يأكل ثلثه و يهدي ثلثه و يتصدّق بثلثه على الفقراء و هل الأكل واجب قيل نعم للآية و فيه قوة و مع القول بالوجوب لا يضمن بتركه و يضمن ثلث الصدقة لو لم يتصدّق و هل يضمن لو أخل بالإهداء الوجه الضمان إن كان

ص: 106

بسبب الأكل و إلا فلا [- يد -] لا يجوز الأكل من الواجب عن هدي التمتع سواء كان دم المتعة أو النذر أو جزاء الصيد أو غيرها و يستحب الأكل من هدي التطوّع و لو أكل مما منع من الأكل منه ضمن المثل لحما و لو أطعم غنيا مما له الأكل منه جاز و لو باع منه شيئا أو أتلفه ضمنه بمثله و لو أتلف أجنبي منه شيئا ضمنه بالقيمة [- يه -] الدّماء الواجبة بنصّ القرآن أربعة دم التمتع و هو مرتّب و دم الحلق و هو مخيّر و دم الجزاء و في ترتّبه خلاف و دم الإحصار و هو واجب على التّعيين بغير بدل [- يو -] ما يساق في إحرام الحج يذبح أو ينحر بمنى و في العمرة يذبح أو ينحر بمكة و ما يلزم من فداء ينحر بمكة إن كان معتمرا و بمنى إن كان حاجا و يجب تفرقته على مساكين الحرم و هم من كان في الحرم من أهله أو غير أهله من الحاج و غيرهم ممن يجوز دفع الزكاة إليه و كذا الصّدقة أما الصّوم فلا يختصّ بمكان دون غيره و لو دفع إلى من ظاهره الفقر فبان غنيّا فالوجه الإجزاء و ما يجوز تفريقه في غير الحرم لا يجوز دفعه إلى الفقراء من أهل الذّمة [- يز -] لو نذر هديا مطلقا أو معينا و أطلق مكانه وجب صرفه في فقراء الحرم و لو عين موضعه فإن كان في الحرم تعيّن و فرق على مساكينه و إن عين غيره لزم إذا لم يكن لمعصية كبيوت الأصنام و لو لم يتمكن من إيصاله إلى المساكين بالحرم لم يلزمه إيصاله إليهم و لو تمكّن من الإنفاذ وجب [- يح -] تقليد الهدي مسنون و هو جعل نعل قد صلى فيه في رقبة الهدي و هو مشترك بين الإبل و البقر و الغنم و كذا إشعار الإبل مسنون و هو شق صفحة سنامها من الجانب الأيمن و تلطيخها بالدم ليعرف أنّه صدقة و لا إشعار في البقر و إن كانت ذات سنام و لو تكثرت البدن دخل بينها و شق أحد الهديين من الجانب الأيمن و الآخر من الأيسر [- يط -] الذّبح أو النحر مقدم على الحلق و متأخر عن الرّمي فلو خالف ناسيا لم يكن به بأس و إن كان عامدا أتمّ و أجزأه و كذا لو ذبحه بقية ذي الحجة [- ك -] لو نذر هديا بعينه زال ملكه عنه و انقطع تصرّفه عنه و لا يجوز له بيعه و إخراج بدله [- كا -] لا ينبغي أخذ شيء من جلود الهدي بل يتصدق بها و لا يعطيها الجزّار [- كب -] لا يجوز الحلق و لا زيارة البيت إلا بعد الذبح أو أن يبلغ الهدي محله و هو منى يوم النحر و يجعله في رحله بمنى [- كج -] غير المتمتع لا يجب عليه الهدي فالقارن لا يخرج هديه عن ملكه و له إبداله و التصرف فيه و إن أشعره أو قلده لكن متى ساقه فلا بدّ من نحره بمنى إن كان لإحرام الحجّ و إن كان للعمرة فبفناء الكعبة بالموضوع المعروف بالجزورة و لو هلك لم يضمنه أما المضمون كالكفارات فإنه يجب إقامة بدله و لو عجز هدي السياق عن الوصول إلى مكة أو منى جاز أن ينحر أو يذبح و يعلم بما يدل على أنّه هدي و لو أصابه كسر جاز له بيعه و ينبغي أن يتصدّق بثمنه أو يقيم بدله و لو نذر هدي السياق تعيّن و لا يتعيّن بدونه و لو سرق من غير تفريط لم يضمن و لو ضلّ فذبحه غير صاحبه عن صاحبه أجزأ عنه و لو ضلّ فأقام بدله ثم وجد الأوّل ذبحه و لم يجب ذبح الأخير و لو ذبح الأخير ذبح الأوّل استحبابا ما لم يكن منذورا فإنه يجب ذبحه و يستحب أن يأكل من هدي السياق ثلثه و يهدي ثلثه و يتصدق ثلثه كهدي التمتع و كذا يستحبّ في الأضحية

المطلب السّادس في الضحايا

و فيه [- كح -] بحثا [- ا -] الأضحية مستحبّة استحبابا مؤكدا و ليست فرضا و يجزي الهدي عن الأضحية و الجمع بينهما أفضل [- ب -] أيام ذبح الأضاحي بمنى أربعة يوم النحر و ثلاثة بعده و في الأمصار ثلاثة يوم النحر و يومان بعده و لو فاتت هذه الأيام فإن كانت الأضحية واجبة بالنذر و شبهه لم يسقط و وجب قضاؤها و إلا فاتت أضحية [- ج -] وقت الأضحية إذا طلعت الشمس و مضى بقدر صلاة العيد و الخطبتين سواء صلّى الإمام أو لم يصلّ [- د -] الأيام المعدودات أيام التّشريق و المعلومات عشر ذي الحجّة و يجوز الذبح في اليوم الثالث من أيام التّشريق [- ه -] لا يكره لمن دخل عليه عشر ذي الحجة و أراد أن يضحي أن يحلق رأسه أو تقلم أظفاره و لا يحرم عليه [- و -] روى أصحابنا أن من ينفذ من أفق من الآفاق هديا فإنه يواعد أصحابه يوما يقلدونه فيه أو يشعرونه و يجتنب هو ما يجتنبه المحرم فإذا كان يوم مواعدته حل مما يحرم منه [- ز -] لا يختص الأضحية بمكان بل يجوز في الحرم و غيره و تختصّ الأضحية بالنعم الإبل و البقر و الغنم و لا يجزي إلا الثّني من الإبل و البقر و المعز و يجزي من الضّأن الجذع لسنته و الأفضل الثني من الإبل ثمّ الثني من البقر ثم الجذع من الضّأن و الجذعة من الغنم أفضل من إخراج سبع بدن [- ح -] يستحب أن يكون أملح و هو الأبيض سمينا ينظر في سواد و يبرك في مثله و يمشي في مثله و يكون تامّا فلا يجزي في الضحايا الأعور و لا العجفاء و لا الأعرج البيّن عرجها و لا المريضة و نهى النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله أن يضحى بالمصفرة و هي التي قطعت أذناها من أصلهما حتى بدا صماخها و بالنجقاء و هي العمياء و بالمستأصلة و هي التي استوصل قرناها و بالمشيعة و هي التي يتأخر عن الغنم لهزالها و لو كان لكلال جاز و بالكسر أو يكره الجلحاء و هي المخلوقة بغير قرن [- ط -] يستحب التضحية بذوات الأرحام من الإبل و البقر و بالفحولة من الغنم و لا يجوز التضحية بالثور و لا بالجمل بمنى و يجوز في الأمصار و لا الخصي [- ي -] يجب التذكية بإزهاق الروح و إنما يكون بقطع الأعضاء الأربعة و هي الحلقوم

ص: 107

و المريء خاصة و يجب ذبح البقر و الغنم و نحر الإبل فإن خالف حرّم الحيوان [- يا -] ينبغي أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه فإن لم يحسن جعل يده مع يد الذابح و لو استناب مسلما جاز بخلاف الكافر و إن كان كتابيّا و يجوز ذباحة الصّبيان مع المعرفة و بالشرائط و الأخرس و إن لم ينطق لكن يجب تحريك لسانه بالتّسمية و النساء و السكران و المجنون و يستحب أن يتولى الذبيحة البالغ العاقل المسلم الفقيه [- يب -] يجب استقبال القبلة بالذبح و النّحر و التسمية و لا يكره الصّلاة على النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله و لو نسي التّسمية لم يحرم و لا يقطع رأس الذبيحة إلى أن يموت فإن قطعه قبله كان حراما و في تحريم الذبيحة قولان أقربهما الحل و لو ذبحها من قفاها فهي القفينة فإن بقيت فيها حياة مستقرة قبل قطع الأعضاء الأربعة حلت و إلا فلا و المعتبر في استقرار الحياة وجود الحركة القويّة بعد قطع العنق قبل قطع المريء و الودجين و الحلقوم و إن كانت ضعيفة أو لم يتحرّك لم يحلّ [- يج -] يكره ذباحة الأضحية و غيرها ليلا و يجزي لو فعل [- يد -] يستحب الأكل من الأضحية و ليس بواجب و يستحبّ التقليل و يجوز الأكثر [من الثلث] و لو أكل الجميع ضمن للفقراء قيمة المجزي مع الوجوب و إلا استحبابا و لا يجوز بيع لحم الأضاحي و يكره بيع الجلود فإن فعل تصدّق بثمنه و كذا يكره أن يعطيه الجزار بل يستحب التصدق بها و لا يعطي الجزار من اللحم شيئا لجزارته [- يه -] يجوز أكل كل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام و إذخارها و يكره أن يخرج شيئا مما يضحيه عن منى بل يخرجه إلى مصرفه بها و يجوز إخراج السنام للحاجة و إخراج لحم ما ضحاه غيره أو اشتراه أو أهدي إليه [- يو -] يكره أن يضحي بما يربيه و يستحب بما يشتريه و يستحب التّضحية بما قد عرف به [- يز -] إذا تعذّرت الأضحية تصدّق بثمنها فإن اختلفت الأثمان جمع الأعلى و الأوسط و الأدون و تصدّق بثلث الجميع [- يح -] إذا اشترى شاة تجري في الأضحية بنية أنها أضحية قال الشيخ يصير أضحية بذلك من غير قول و لا إشعار و لا تقليد و إذا عين الأضحية على وجه يصح به التعيين زال ملكه عنها و الظاهر من كلام الشيخ أنه لا يجوز له إبدالها [- يط -] إذا تعينت زال ملكه عنها فإن باعها فسد البيع و يجب ردّها إن كانت باقية و إن تلفت كان على المبتاع قيمتها أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف و لو أتلفها هو كان عليه قيمتها يوم التّلف فإن أمكنه شراء أضحيتين به بأن يرخص الأضاحي كان عليه إخراجهما معا و لو فضل ما يمكن أن يشتري به جزءا من حيوان أن يجزي في الأضحية كالسبع مثلا فعليه أن يشتريه و لو فضل مالا يساوي جزءا مجزيا تصدق به و لو قصرت القيمة عن الأضحية فإن كان المتلف أجنبيّا و أمكن أن يشتري به جزء حيوان للأضحية صرف إليه و إلا تصدق به و لا يلزم المضحي شيء و لو اشترى شاة و عينها للأضحية فوجد بها عيبا لم يكن له ردّها و يرجع بالأرش و يصرفه إلى المساكين استحبابا على الأقوى [- ك -] لو أوجب أضحية بعينها فعابت بما يمنع الإجزاء لم يجب الإبدال و أجزأه ذبحها و لو خلّت فلا ضمان إلا مع التفريط و لو عادت قبل أيام التشريق ذبحها و إن كان بعده ذبحها قضاء و لا أرش عليه [- كا -] لو أوجب أضحية في عام فأخّرها إلى قابل عصى و أخرجها قضاء و لو ذبح أضحيّة غير معيّنة أجزأت عن صاحبها و عليه أرش النقصان يصرفه إلى الفقراء و في وجوبه إشكال و لو أوجب كلّ منها هديا فذبح هدي صاحبه خطأ تخيّر كل منهما في ترك مطالبة صاحبه و تضمينه الأرش [- كب -] يجزي الأضحية عن سبعة و كذا الهدي المتطوع به و إن لم يكونوا أهل بيت واحد أو كان بعضهم غير متقرّب [- كج -] القنّ و المدبّر و أم الولد و المكاتب المشروط لا يملكون شيئا فإن ملكهم مولاهم شيئا ففي ثبوت الملك قولان أحدهما الجواز فإذا ملكهم أضحية جاز أن يضحوا و لو فعلوا من دون إذن سيّدهم لم يجز و لو انعتق بعضه و ملك بما فيه من الحريّة شاة جاز أن يضحي بها من غير إذن

الفصل الثالث في الحلق و التقصير

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] إذا ذبح الحاج هديه وجب عليه الحلق أو التقصير في يوم النحر و هو نسك و يتخير الحاج بينهما أيهما فعل أجزأه و إن كان صرورة أو لبد شعره و قال الشيخان يجب عليهما الحلق و الأقرب أنه مستحب و ليس على المرأة حلق إجماعا و يجزئها من التقصير مثل الأنملة [- ب -] يستحب لمن حلق أن يبدأ بالناصية من القرن الأيمن و يحلق إلى العظمين و يجزي من التقصير ما يقع عليه الاسم [- ج -] لو لم يكن على رأسه شعر سقط الحلق و يمرّ الموسي على رأسه و في وجوبه إشكال [- د -] لو ترك الحلق أو التقصير معا حتى زار البيت فإن كان عامدا وجب عليه دم شاة و إن كان ناسيا لم يكن عليه شيء و كان عليه إعادة الطواف و السعي [- ه -] لو رحل فرمى قبل الحلق رجع و حلق بها أو قصر واجبا و لو لم يتمكن حلق مكانه و ردّ شعره إلى منى ليدفن بها و لو لم يتمكن حلق من مكانه و ردّ شعره إلى منى ليدفن بها و لو لم يتمكن من ردّ الشعر لم يكن عليه شيء و هل رده واجب فيه نظر [- و -] يستحب إذا حلق رأسه بمنى أن يدفنه بها و إن يقلم أظفاره و يأخذ من شاربه و يدعو و تجب فيه النية [- ز -] لا يجوز الحلق قبل وقته و هو يوم

ص: 108

النحر و يجب تأخيره عن الذبح و الرمي و جوّز أبو الصّلاح تقديم الحلق على الرّمي و قال الشيخ في الخلاف ترتيب هذه المناسك مستحب و الأقرب ما قلناه لكن ليس شرطا فلو أخل به أجزأه و لا كفارة [- ح -] لو بلغ الهدي محلّه و لم يذبح قال الشيخ يجوز أن يحلق [- ط -] قال أبو الصّلاح يجوز تأخير الحلق إلى آخر أيام التشريق و هو حسن لكن لا يجوز تقديم زيارة البيت عليه [- ي -] يَوْمَ اَلْحَجِّ الأكبر هو يوم النحر يستحب للإمام أن يخطب فيه و يعلم الناس ما فيه من المناسك من النحر و الإفاضة و الرّمي [- يا -] إذا عقد الإحرام بالتلبية أو ما يقوم مقامهما حرّم عليه عشرون شيئا يأتي و إذا حلق أو قصر حل له ذلك كله إن كان أحرم العمرة و إن كان إحرام الحجّ حل له كلّ شيء إلا الطيب و النساء و الصّيد و إذا طاف طواف الزيارة حلّ له الطّيب و إذا طاف طواف النساء حللن له فمواطن التحلل ثلاثة عند الحلق أو التقصير و عند طواف الزيارة و عند طواف النّساء [- يب -] يستحب لمن حلق أو قصر أن يتشبّه بالمحرمين و ترك لبس المخيط إلى أن يطوف طواف الزيارة و يستحب لمن طاف طواف الزيارة أن لا يمسّ الطيب حتى يطوف طواف النساء [- يج -] إنما يحصل التحلّل بالرمي و الحلق أو التقصير معا

المقصد العاشر في بقية أفعال الحجّ

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في زيارة البيت

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] إذا قضى الحاج مناسكه بمنى من الرمي و الذبح و الحلق أو التقصير رجع إلى مكة و طاف طواف الزيارة إمّا يوم النحر أو في غده للمتمتع و لا يجوز له التأخير عن ذلك و يجوز للقارن و المفرد [- ب -] هذا الطواف ركن في الحج يبطل بالإخلال به عمدا و له وقتان وقت فضيلة و هو يوم النحر بعد أداء مناسك منى و وقت إجزاء و آخره يوم الثاني من أيام النحر للمتمتع فلا يجوز التأخير عنه للمتمتع فلو أخّره عنه أثم و لا كفارة عليه و طوافه صحيح و يجوز للقارن و المفرد تأخيره مع السعي إلى آخر ذي الحجة لكن الأفضل المبادرة كالمتمتع [- ج -] يستحب لمن أراد زيارة البيت أن يفعل كما فعل يوم قدومه من الغسل و تقليم الأظفار و أخذ الشارب و الدعاء و غير ذلك من الوظائف و لا بأس أن يغتسل من منى و يطوف بذلك الغسل و كذا يغتسل نهارا و يطوف ليلا ما لم ينقضه بحدث أو نوم فإن نقضه أعاده استحبابا و يستحب للمرأة الغسل كما يستحب للرّجل و يدعو عند باب المسجد و يأتي الحجر الأسود فيستلمه و يقبّله فإن لم يستطع استلمه بيده و قبّل يده فإن لم يتمكن استقبله و كبر و قال ما ذكرناه أولا ثم يطوف واجبا سبعة أشواط و يبدأ بالحجر و يختم به ثم يصلّي ركعتيه في المقام واجبا ثم يرجع إلى الحجر فاستلمه إن استطاع و إلا استقبله و كبر مستحبّا ثم يخرج إلى الصّفا واجبا للسعي فيصنع كما صنع يوم دخل مكة ثم يسعى سبعة أشواط يبدأ بالصّفا و يختم بالمروة فإذا فعل ذلك فقد أحل من كل شيء إلا النساء ثم يرجع إلى البيت فيطوف طواف النساء أسبوعا يبدأ بالحجر و يختم به واجبا ثم يصلّي ركعتيه في المقام واجبا و قد حل له كل شيء [- د -] يجب في طواف الزيارة النيّة [- هي -] سعي الحج واجب فيه و ركن [- و -] قد بينا أنّ التحلّل الثاني يقع عند طواف الزيارة و هل يشترط فيه السّعي الأقرب العدم [- ز -] طواف النساء واجب على الرجال و النساء و الخناثى و الخصيان من البالغين و غيرهم العبد و الحرّ سواء في الحجّ و العمرة المفردة فلو ترك طواف النساء ناسيا حرمن عليه و وجب عليه العود و الطواف مع المكنة فإن لم يتمكن من الرجوع أمر من يطوف عنه طواف النّساء و قد حللن له و لو مات و لم يكن قد طاف قضاه وليّه عنه [- ح -] قد وردت رخصة في جواز تقديم الطواف و السّعي على الخروج إلى منى و عرفات

الفصل الثّاني في الرّجوع إلى منى

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] إذا قضى الحاج مناسكه بمكة من طواف الحج و سعيه و طواف النّساء و ركعات الطّوافين وجب عليه العود يوم النحر إلى منى و المبيت بها ليالي التشريق و هي ليلة الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر و يسقط ليلة الثالث عشر بالنفر يوم الثاني عشر قبل الغروب و لو ترك المبيت بمنى وجب عليه عن كل ليلة شاة إلا أن يخرج من منى بعد نصف اللّيل قيل يشترط أن لا يدخل مكة إلا بعد طلوع الفجر أو يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة [- ب -] يجوز النفر في اليوم الثاني من أيّام التشريق فلا يجب المبيت ليلة الثالث عشر و لا كفارة لو أخل بها و لو أخل بالمبيت في الليالي الثلاث للشيخ قولان أحدهما وجوب ثلاثة شياه و الثاني شاتان و لو بات بغير مكة وجبت الكفارة و إن كان مشتغلا بالعبادة و كذا لو بات بمكة غير مشتغل بالعبادة [- ج -] الواجب الكون بمنى و لا يجب عليه في الليل ما يزيد على سائر الأوقات [- د -] يجوز له أن يأتي مكة أيام منى لزيارة البيت تطوعا و إن كان الأفضل المقام بها إلى انقضاء أيام التشريق و إذا جاء إلى مكة وجب الرجوع إلى منى للمبيت بها [- ه -] رخص للرعاة المبيت في منازلهم و ترك المبيت بمنى ما لم تغرب الشمس عليهم بمنى فإنّه يلزمهم المبيت بها و كذا يجوز لأهل سقاية العباس ترك المبيت بمنى و إن غربت الشمس و كذا لغيرهم ممن شاركهم في الضرورة كمن له عنده مريض يحتاج إلى المبيت عنده أو من له مال يخاف ضياعه بمكة

الفصل الثّالث في الرمي

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -]

ص: 109

يجب عليه أن يرمي في كل يوم من أيام التشريق الجمار الثلاث كل جمرة بسبع حصيات و أول الرّمي يوم النحر و هو مختص برمي جمرة العقبة بسبع حصيات و في الحادي عشر و هو أول أيام التشريق يجب رمي الجمار الثلاث كل جمرة بسبع حصيات و كذا في الثاني عشر و الثالث عشر إن لم ينفر في الأوّل يبدأ بالرّمي من الجمرة الأولى و هي أبعد الجمرات من مكة و ليرمها عن يسارها من بطن الميل بسبع حصيات يرمهن خذفا يكبر مع كل حصاة و يدعو ثم يقوم عن يسار الطريق و يستقبل القبلة و يحمد اللّٰه و يثني عليه و يصلّي على النبي ص ثم ليقدم قليلا و يدعو و يسأله القبول ثم يتقدم و يرمي الجمرة الثانية و يصنع عندها كما صنع أولا و يقف و يدعو بعد الحصاة السّابعة ثم يمضي إلى الثالثة و هي جمرة العقبة فيختم به الرمي و لا يقف عندها [- ب -] وقت الرمي في الأيام كلها من طلوع الشمس إلى غروبها و في الخلاف لا يجوز إلا بعد الزّوال و ليس بمعتمد نعم الأفضل فعله عند الزوال و قد رخص للعليل و الخائف و الرّعاة و العبيد الرمي ليلا للضرورة و لو نسي رمي بعض الجمرات أو جميعها حتى غربت الشمس قضاه من الغد وجوبا و يستحب أن يرمي الذي لأمسه بكرة و الذي ليومه عند الزوال و يجب الترتيب بين الغائب و الحاضر فيرمي ما فاته أولا و الذي ليومه بعده فما رمى ما ليومه أولا لم يصحّ و لو رمى جمرة واحدة بأربع عشرة حصيات سبعا ليومه و سبعا لأمسه بطلت الأولى و كانت الثّانية لأمسه و لو فاته رمي يومين قضاه يوم الثالث مرتبا على ما قلناه و لا شيء عليه و لو فاته حصاة أو حصاتان أو ثلاث قضاها و لو خرجت أيام التشريق لم يكن عليه شيء و إن قضاها في القابل كان أحوط [- ج -] الترتيب في الجمرات واجب فلو بدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم الأولى أعاد على الوسطى ثم جمرة العقبة و كذا لو بدأ بالوسطى و لو بدأ بجمرة العقبة ثم الأولى ثم الوسطى أعاد على جمرة العقبة خاصة [- د -] يجب أن يرمي كل جمرة بسبع حصيات فلو أخل بواحدة لم يجز و لو أخل ناسيا أتم الناقص و يحصل الترتيب إذا أخل بثلاث حصيات فما دون و لو أخل بأربع فما زاد لم يحصل بالترتيب [الترتيب] فإنّه يجب الإكمال و الإعادة على ما بعدها و لو رمى ستّ حصيات و ضاعت واحدة فليعدها و إن كان من الغد و لا يسقط وجوبها و لو علم أنه أخلّ بحصاة و لم يعلم من أي الجمار هي رمى الثلاث بثلاث حصيات و يجب رمي كل جمرة بسبع مرات فلو رمى السبع دفعة أو أقل من سبع مرات لم يجز [- ه -] يجوز الرمي راكبا و ماشيا أفضل و يستحبّ أن يضع الحصى في كفّه و يأخذ منها و يرمي و يكبّر عند كل حصاة يرميها و المقام بمنى أيام التشريق و أن يرمي الجمرة الأولى عن يمينه و يقف و يدعو و كذا الثانية و يستدبر القبلة في الثالثة و يستقبلها و لا يقف عندها [- و -] يجوز أن يرمي عن العليل و المبطون و المغمى عليه و الصّبي و من ماثلهم من المعذورين [- ز -] لو نسي رمي الجمار كلها في الأيام بأجمعها حتى جاء إلى مكة وجب عليه الرّجوع إلى منى و إعادة الرّمي إن لم يخرج أيام التشريق و إلا قضاه من قابل أو يأمر من يقضي عنه و لا دم عليه و لو أخر رمي جمرة العقبة يوم النحر أعادها يوم الثاني من أيام النحر [- ح -] لو نسي النائب في الرّمي كان حكمه حكم المنوب و لا يشترط في المريض كونه مأيوسا منه و يستحب للنائب عن المريض و الصبي و غيرهما أن يستأذنه و أن يضع المنوب الحصى في كفّ النّائب و له أن يرمي عن المغمى عليه و إن لم يأذن له فلو زال عذر هؤلاء و الوقت باق لم يجب عليهم الإعادة [- ط -] وقت قضاء الرمي بعد طلوع الشمس من اليوم الثّاني [- ي -] يستحب التكبير بمنى أيام التشريق عقيب خمس عشرة صلاة و في سائر الأمصار عقيب عشر أول الصّلوات الظهر يوم النحر و أوجبه المرتضى و لا يستحب عقيب النوافل و صورته اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر اللّٰه أكبر لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر على ما هدانا اللّٰه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام [- يا -] يستحب للإمام أن يخطب بعد الظهر يوم الثالث من أيام النحر و هو الثاني من أيام التشريق و هو النفر الأوّل فيودع الحاج و يعلّمهم تسويغ التعجيل لمن اتقى

الفصل الرابع في النفر من منى

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] إذا رمى الحاج الجمار الثلاث في اليوم الأول من أيام التشريق و في الثاني منها جاز أن ينفر من منى و يسقط عنه رمي اليوم الثالث إن كان قد اتقى النّساء و الصّيد في إحرامه فلو جامع في إحرامه أو قتل صيدا فيه لم يجز له النفر في الأول و وجب عليه المقام بمنى و النفر في الثّاني [- ب -] لا فرق في جواز النفر في الأول بين أهل مكة و غيرهم ممن يريد المقام بمكة أو لا يريد فيجوز للمكي النفر في الأول و إن لم يكن له عذر و يجوز لمن أراد المقام بمكة أن يتعجّل [- ج -] النفر في الأوّل إنما يكون بعد الزوال فلا ينفر قبله إلا لضرورة أو حاجة تدعوه و يجوز أن ينفر في الأخير قبل الزوال [- د -] لو غربت الشمس في ثاني أيام التشريق بمنى وجب المبيت بها و إن اتقى أما لو دخل عليه وقت العصر فإنّه يجوز أن ينفر في الأول و لو دخل من منى فغربت الشمس و هو راحل قبل انفصاله ففي وجوب المقام إشكال أما لو كان مشغولا بالتأهب فغربت الشمس

ص: 110

فالوجه لزوم المقام و لو رحل قبل الغروب ثم عاد لزيارة إنسان أو أخذ متاع لم يلزمه المقام فلو أقام هذا و بات فالأقرب وجوب رمي عليه و إذا نفر في الأوّل بعد الزوال جاز أن ينفذ رحله قبله [- ه -] يجوز لمن نفر في الأول إتيان مكّة و المقام بها و يستحبّ للإمام إذا نفر في الأخير أن ينفر قبل الزوال و أن يصلّي الظهر بمكة ليعلم الناس كيفية الوداع و يجوز للإنسان المقام بمنى بعد النفر أو يذهب حيث شاء لكن المستحب العود إلى مكة للوداع [- و -] إذا نفر في الأوّل دفن حصى اليوم الثالث بمنى استحبابا [- ن -] يستحب للحاج أن يصلّي في مسجد الخيف بمنى مدّة مقامه بها و كان مسجد رسول اللّٰه ص عند المنارة التي في وسط المسجد و فوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا و عن يمينها و يسارها مثل ذلك فمن استطاع أن يكون مصلاه فيه فليفعل و يستحبّ أن يصلّي ستّ ركعات به [- ح -] يستحب لمن نفر في الثاني خاصة أن يأتي المحصب و ينزل به و يصلّي في مسجد رسول اللّٰه ص و يستريح فيه قليلا و يستلقي على قفاه و ليس للمسجد أثر اليوم و إنما المستحبّ النزول بالمحصب و الاستراحة فيه و حدّ المحصب من الأبطح ما بين الجبلين إلى المقبرة و سمي محصبا لإجماع الحصباء فيه و هي الحصى التي يحملها السيل من الجمار إليه

الفصل الخامس في طواف الوداع

و فيه [- ح -] بحثا [- ا -] إذا قضى الحاج مناسكه بمنى استحب له العود إلى مكة لطواف الوداع و يستحب له دخول الكعبة و يتأكد للضرورة و يغتسل لدخولها و يتحفى و يدعو و يصلّي بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين يقرأ في الأولى منهما حم السّجدة و في الثانية عدد آياتها [آيها] ثم ليصلّي في زوايا الكعبة كلها ثم يقوم فيستقبل الحائط بين الركن اليماني و الغربي يرفع يديه عليه و يلتصق به و يدعو ثم يتحوّل إلى الركن اليماني فيفعل به مثل ذلك ثم يفعل ذلك بباقي الأركان ثم ليخرج [- ب -] يكره الفريضة جوف الكعبة و لا بأس بالنافلة [- ج -] يستحب الدعاء عند الخروج بالمنقول [- د -] يستحبّ لمن أراد الخروج من مكة بعد قضاء المناسك طواف الوداع سبعة أشواط و صلاة ركعتيه و لو نوى الإقامة فالأقرب أنه لا وداع عليه [- ه -] طواف الوداع مستحب لا يجب بتركه دم و وقته بعد الفراغ من جميع حوائجه ليكون المبيت آخر عهده [- و -] لو كان منزله في الحرم استحبّ له الوداع و لو أخر طواف الزيارة حتى يخرج لم يسقط استحباب طواف الوداع و لو خرج و لم يودع لم يكن عليه شيء فإن رجع للتوديع جاز فإن كان قد تجاوز الميقات وجب عليه الإحرام إذا وصل إلى الميقات و طواف العمرة لإحرامه و سعيها و لا يجب طواف الوداع و إن كان قد خرج من الحرم و لم يصل إلى الميقات أحرم من موضعه و إن لم يخرج من الحرم لم يجب عليه العمرة [- ز -] الحائض و النفساء لا وداع عليهما و لا فدية عنه بل يستحبّ لها أن تودع من أدنى باب من أبواب المسجد و لا تدخله إجماعا و يستحب للمستحاضة و لو عدمت الماء تيمّمت و طافت كما تفعل في الصّلاة [- ح -] يستحب له أن يشرب من زمزم و أن يشتري بدرهم تمرا و يتصدق به كفارة لما دخل عليه في حال الإحرام من فعل محرّم أو مكروه

المقصد الحادي عشر في تروك الإحرام

اشارة

و فيه فصول

الأوّل فيما يجب اجتنابه
اشارة

يجب على المحرم اجتناب عشرين شيئا صيد البر و النساء و الطيب و لبس المخيط للرجال و الاكتحال بالسواد و بما فيه طيب و النظر في المرآة و لبس الخفين و ما يستر ظهر القدم و الفسوق و هو الكذب و الجدال و هو قول لا و اللّٰه و بلى و اللّٰه و قتل هوام الجسد و لبس الخاتم للزينة و لبس المرأة الحلي للزينة و ما لم يعتد لبسه منه و استعمال دهن فيه طيب و إزالة الشعر و تغطية الرأس و التظليل سائرا و إخراج الدم و قصّ الأظفار و قطع الشجر و الحشيش و يغسّل المحرم الميّت بالكافور و لبس السّلاح

الأوّل الصّيد

و فيه [- كد -] بحثا [- ا -] الصيد حرام على المحرم في حجّ كان أو في عمرة واجبين كانا أو نفلين صحيحين كانا أو فاسدين [- ب -] صيد الحرم حرام على المحل و المحرم و صيد الحل حرام على المحرم خاصّة [- ج -] المراد بالصّيد الحيوان الممتنع و قيل بشرط أن يكون حلالا [- د -] يضمن المحرم الصّيد سواء كان في الحل أو الحرم و كذا المحلّ يضمنه في الحرم و كل ما يحرم و يضمن في الإحرام يحرم و يضمن في الحرم للمحل إلا القمّل و البراغيث فإن قتلها حال الإحرام حرام و لا يحرم على المحل في الحرم [- ه -] لا يحرم شيء من الحيوان الأهلي في الحرم لا للمحلّ و لا للمحرم و لا الدجاج و إن كانا حبشيا [- و -] لا كفارة في قتل السباع طائرة كانت كالبازي و الصّقر أو ماشية كالفهد و النمر إلا الأسد فإن أصحابنا رووا أن في قتله كبشا إذا لم يرده و لو أراده فلا شيء و لا كفارة في الضبع و لا المتولد منه و من الذئب و يراعى في المتولد بين الوحشي و الإنسي الاسم و يرمي الغراب رميا و كذا الحدأة و الزنبور لا كفارة في قتله خطأ و في العمد يتصدق بشيء من الطّعام و يجوز إخراج ما أدخله إلى الحرم أسيرا من السباع [- ز -] الجراد من صيد البر يحرم قتله على المحرم مطلقا و المحلّ في الحرم [- ح -] إنما يحرم صيد البرّ خاصة أما صيد البحر فإنّه حلال و لا فدية في أكله بالإجماع

ص: 111

و المراد بصيد البحر ما يعيش في الماء و يبيض فيه و يفرخ كالسّمك مما يحل و السّلحفاة و السّرطان و نحوهما مما يحرم و لو كان مما يعيش في البرّ و البحر اعتبر بالبيض و الفرخ فإن كان يبيض و يفرخ في الماء فهو بحري و إلا فبري و أما طير الماء كالبط و شبهه فإنه بري لأنّه يبيض و يفرخ فيه و لو كان لجنس من الحيوان نوعان برّي و بحريّ فلكل نوع حكم نفسه [- ط -] صيد البرّ حرام اصطياده و ذبحه و الأكل منه و الإشارة إليه و الدلالة و الإغلاق عليه و كذا فرخه و بيضه و لا يحلّ الإعانة على الصيد و لو تشارك محرمان وجب على كل منها جزاء كامل و لو دلّ المحرم عليه فقتل ضمنه أجمع و إن كان القاتل محلا و لا فرق بين كون المدلول عليه ظاهرا أو خفيّا أما لو رأى المدلول الصّيد قبل الدلالة أو الإشارة فالأقرب عدم تعلق الضّمان به و كذا لو فعل فعلا عند رؤية الصّيد كما لو ضحك أو شرف على الصّيد فرآه غيره و قطن للصيد فصاده [- ي -] لو كان الدال محرما و المدلول محلاّ في الحل فالجزاء كله على المحرم و لو كان في الحرم فعلى كلّ منهما جزاء كامل و لو كان الدال محلاّ و المدلول محرما أو محلاّ في الحرم ضمنه المدلول كملا و هل يضمن الدال فيه نظر و لو كان الدال محلا و المدلول محرما في الحلّ ضمنه المحرم و في ضمان الدال إشكال [- يا -] لو أعاد قاتل الصّيد سلاحا فقتله به قال الشيخ لا نص لأصحابنا فيه و الأقرب عندي عدم الضمان إن أعاره ما هو مستغن عنه كأن يعيره رمحا و معه رمح و الضمان إن أعاره ما لا يتم القتل إلا به و لو أعاره آلة ليستعملها في غير الصيد فصاد بها فلا ضمان على المعير قطعا [- يب -] صيد الحرم يضمن بالدلالة و الإشارة كصيد الإحرام سواء كان في الحل أو في الحرم [- يج -] لو صاد المحرم صيدا لم يملكه إجماعا و لو كان الصيد في منزله لم يزل ملكه عنه [- يد -] لو ذبحه المحرم كان ميتة حراما على المحرم و المحل و كذا لو ذبحه المحل في الحرم و هل يكون حكم الجلد حكم الميّتة أو المذكى إشكال أقربه الأول و لا يحرم لو ذبحه المحلّ في الحل و أدخله الحرم على المحل سواء كان من المحرم فيه إعانة أو إشارة أو دلالة أو لا و يحرم على المحرم و لو صاده الحرام من أجل المحل لم يحلّ إجماعا و كذا لو صاده المحلّ لأجل المحرم لم يبح للمحرم و حل للمحل و لو صاد المحرم صيدا في الحل فذبحه المحل فيه حل للمحلّ خاصّة [- يه -] إذا ذبح المحرم الصّيد كان حراما و استحبّ دفنه [- يو -] إذا اضطر المحرم جاز أن يتناول من الصيد بقدر ما يمسك به الرمق و يحفظ به الحياة و يحرم عليه التجاوز عنه و لو وجد الميّتة أكل الصيد و فداه و لو لم يتمكن من الفداء أكل الميّتة [- يز -] لا يجوز له إمساك الصّيد و هو محرم و يجب عليه إرساله فإن لم يفعل ضمنه و إن بقي سليما حتى يحلّ [- يح -] إذا ذبح المحرم الصيد و أكله ضمن للذبح فداء كاملا و للأكل فداء آخر [- يط -] لو ملك صيدا في الحل ثم أدخله الحرم زال ملكه عنه و وجب إرساله و لو تلف في يده أو أتلفه ضمنه و لو كان مقصوص الجناح أمسكه حتّى ينبت ريشه و يخلي سبيله أو يودعه من ثقة حتى ينبت ريشه [- ك -] حمام الحرم لا يحلّ صيده و إن كان في الحلّ و لو أخرجه وجب عليه إعادته فإن تلف كان عليه قيمته و كذا غيره من صيود الحرم [- كا -] يضمن حمام الحرم المسلم و الكافر و الصّغير و الكبير و الحر و العبد و الرّجل و المرأة [- كب -] المحل إذا رمى من الحل صيدا في الحرم فقتله أو أرسل كلبه عليه فقتله أو قتل صيدا على فرع شجرة في الحرم أصلها في الحل ضمنه في جميع هذه الصّورة و لو رمى المحل من الحرم صيدا في الحل أو أرسل عليه كلبه ضمنه و لو قتل صيدا على غصن في الحلّ أصله في الحرم ضمنه و لو كان الصيد في الحل و رماه الصّائد في الحلّ بسهم أو أرسل عليه كلبه فدخل السّهم أو الكلب الحرم ثم رجع فقتل الصّيد لم يضمنه و لو رمى من الحل صيدا في الحل فقتل صيدا في الحرم ضمنه و لو أرسل كلبه على صيد في الحل فدخل الكلب الحرم و قتل صيدا غيره فيه لم يضمنه و لو أرسل كلبه على صيد فدخل الصيد الحرم فتبعه الكلب فقتله في الحرم فالوجه الضمان لا يجوز له أكل الصيد في هذه المواطن أجمع سواء ضمنه أو لا و لو وقف صيد بعض قوائمه في الحلّ و بعضها في الحرم و قتله قاتل ضمنه سواء أصاب ما هو في الحل أو في الحرم و لو نفر الصيد من الحرم فأصابه شيء حال نفوره ضمنه و لو سكن من نفوره فأصابه شيء فالوجه عدم الضمان [- كج -] لو رمى صيدا فجرحه فمضى لوجهه و لم يعلم حياته و لا موته كان عليه الفداء كملا و لو رآه بعد كسر يده أو رجله سليما كان عليه ربع قيمته [- كد -] يكره للمحلّ قتل الصيد في الحلّ إذا كان يؤمّ الحرم و حرّمه الشيخ و ليس بمعتمد و لو أصابه فدخل الحرم و مات فيه ضمنه على إشكال و كذا يكره الصيد فيما بين البريد و الحرم و حرمه الشيخ و ليس بجيّد

الثّاني الاستمتاع بالنّساء

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] الوطء حرام على المحرم بالإجماع و كذا يحرم عليه أن يعقد على نفسه نكاحا أو تزوّج غيره أو يكون وليّا في النكاح أو وكيلا سواء كان رجلا أو امرأة و لو أفسد إحرامه لم يجز له أن يتزوّج فيه و لو تزوّج محرما بطل النكاح و كان مأثوما و يفرق بينهما سواء كانا محرمين أو أحدهما و لو عقد لغيره كان باطلا و إن كان الغير محلا [- ب -] يكره للمحرم الخطبة سواء كان رجلا أو امرأة و أن يخطب للمحلين [- ج -] لا يجوز للمحرم أن يشهد بالعقد

ص: 112

بين المحلين و لو شهد انعقد النكاح و لا يجوز للإمام أن يعقد في حال إحرامه لأحد [- د -] لو عقد المحرم حال إحرامه على امرأة و كان عالما بتحريم ذلك عليه فرق بينهما و لم يحل له أبدا و إن لم يكن عالما فرق بينهما و تجدد العقد مع الإخلال و لو وكل محلّ مثله فعقد الوكيل بعد إحرام الموكّل بطل النكاح سواء حضره الموكل أو لا علم الوكيل أو لا و لو وكل محرم حلالا فعقد الوكيل بعد إحلال موكله صحّ العقد و إلا بطل [- ه -] إذا اتفق الزّوجان على وقوع العقد في حال الإحرام بطل العقد و لا مهر قبل الدّخول و يثبت بعده مع جهل المرأة بالتحريم و لو ادّعى أحدهما وقوعه حال الإحرام و أنكر الآخر حكم لذي البينة و لو فقدت و كان المنكر الرجل فالقول قوله مع يمينه و صحّ العقد و لو كان المرأة فالقول قولها مع اليمين و يحكم بفساد العقد في حق الزّوج و يثبت عليه أحكام النكاح الصحيح فإن كان قد دخل بها وجب المهر كلا و إن لم يكن دخل قال الشيخ يجب عليه نصف المهر و لو أشكل الأمر فلم يعلم هل وقع في الإحلال أو الإحرام صح العقد قال الشيخ و الأحوط تجديده [- و -] لو شهد و هو محرم فعل حراما و صح العقد و لو أقامها بعد الإحلال فالوجه الحكم بها [- ز -] كما يحرم عليه الشهادة بالعقد حال إحرامه يحرم عليه إقامتها في تلك الحال و لو تحملها محلاّ [- ح -] إذا وطئ العاقد في الإحرام لزمه المسمّى مع التسمية و إلا مهر المثل و يلحق به الولد و يفسد حجه إن كان قبل الوقوف بالموقفين و يجب إتمامه و القضاء من قابل و بدنة و يلزمها العدة و إن لم يكن دخل لم يلزمه شيء من ذلك [- ط -] يجوز له مراجعة امرأته و هو محرم و شراء الإماء لكن لا يقربهنّ سواء قصد به التبري أو لم يقصد [- ي -] يجوز له مفارقة النساء حال الإحرام بكل حال من طلاق أو خلع أو ظهار أو لعان أو غير ذلك من أسباب الفرقة [- يا -] كما يحرم الوطء قبلا كذا يحرم دبرا و يتعلّق به الإفساد كما يتعلق بالقبل و كذا يحرم عليه تقبيل النّساء و ملاعبتهنّ بشهوة و النظر إليهن بشهوة و الملامسة و إن يكن جماعا و يجوز أن يقبّل أمّه و أخته و باقي المحرمات المؤبّدة [- يب -] كل موضع حكم فيه ببطلان العقد فإنه يفرق بين الرّجل و المرأة من غير طلاق

الثالث الطيب

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] الطيب حرام على المحرم بالإجماع أكلا و شمّا و اطلاء و بخورا و ملامسة و لو مات لم يجز أن يحنّط بالكافور و لا يغسل به و لا بشيء من طيب و اختلف علماؤنا فالشيخ اقتصر في النهاية على تحريم المسك و العنبر و الزعفران و الكافور و العود و الورس و هو نبت أحمر يشبه الزعفران المسحوق يوجد على قشور شجرة ينحت منها و في غيرها عمم تحريم كل الطيب و هو الأقوى [- ب -] النبات الطيب منه ما لا ينبت للطّيب و لا يتخذ منه كالشيح و القيصوم و الخامر و الإذخر و الفواكه كلها كالأترج و التّفاح و السّفرجل و أشباهه و ما ينبته الآدميون لغير قصد الطيب كالحناء و العصفر فهذا كله يباح شمه و منه ما يقصد شمه و يتخذ منه الطيب كالياسمين و الورد و النيلوفر و الوجه تحريم شمّه و وجوب الفدية به و منه ما ينبته الآدميّون للطيب و لا يتخذ منه طيب كالريحان و النّرجس و المرزنجوش و الأقرب تحريمه أيضا [- ج -] الحناء ليس بطيب و لا يجب باستعماله فدية و يكره استعماله للزينة [- د -] العصفر ليس بطيب و يجوز للمحرم لبس العصفر و لا يجب به الفدية و يكره إذا كان مشبعا و لا بأس بخلوق الكعبة و شم رائحته سواء كان عالما أو جاهلا أو عامدا أو ناسيا [- ه -] الريحان الفارسي لا تجب به الفدية [- و -] يحرم عليه لبس ثوب مسه طيب محرم و افتراشه و النوم عليه و الجلوس سواء صبغه به أو غمسه فيه و لو غسله حتى ذهب الطيب جاز لبسه إجماعا و لو انقلعت رائحة الثوب لطول الزّمن عليه أو لكونه صبغ بغيره بحيث أخفى رائحته إذا رش بالماء جاز و لو فرش فوق الثوب المطيب ثوبا صفيقا يمنع الرائحة و المباشرة فلا فدية عليه بالجلوس و النوم و لو كان الحائل ثياب بدنه فالوجه المنع [- ز -] لو أصاب ثوبه طيب و معه ماء لا يكفيه لإزالته و الطهارة صرفه في الإزالة و تيمّم و لو أمكنه قطع رائحة ثوب الطيب بشيء غير الماء فعله و توضأ [- ح -] لا بأس بالممشق و هو المصبوغ بالمغرة و كذا المصبوغ بالرّيحان و سائر الأصباغ عدا السوداء و الطيب [- ط -] لو جعل الطيب في خرقة و شمها كان عليه الفداء [- ي -] قال الشيخ يكره له الجلوس عند العطارين الذين يباشرون العطر و تمسّك على أنفه لو جاز في زقاق فيه طيب و لا يقبض على أنفه من الروائح الكريهة قال الشيخ و لو كان الطيب يابسا مسحوقا فإن علق ببدنه منه شيء وجبت الفدية و إن لم يعلق فلا فدية عليه و إن كان يابسا وجبت الفدية إن علق ببدنه رائحته و لو مسّ الطيب المبلول بأيّ موضع من بدنه كان وجب الفداء و كذا لو ابتلعه أو ربطته جراحته به أو احتقن و لو داس بفعله طيبا فعلق بها فإن تعمد وجب الفداء و إلا فلا و لو اضطر المحرم إلى سعوط فيه مسك قال ابن بابويه لا بأس أن يتسعط [- يا -] يحرم على المحرم أكل ما فيه طيب و يجب به الفدية سواء مسّته النار أو لا بقيت أوصافه أو عدمت [- يب -] لو طيب بعض العضو وجب الفداء [- يج -] لو اضطر إلى أكل طعام فيه طيب أو مسّه أكله أو مسه و قبض على أنفه

الرّابع لبس المخيط

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] يحرم على المحرم لبس المخيط

ص: 113

من الثياب إن كان رجلا بلا خلاف [- ب -] يحرم عليه لبس الخفين و ما يستر ظهر القدم اختيارا و يجوز اضطرارا [- ج -] لا يجوز له لبس القباء فإن لم يجد ثوبا غيره لبسه مقلوبا و لا فدية عليه و لا يدخل بدنه في كمّيه و يجوز له لبس السراويل إذا لم يجد إزارا و لا فدية عليه [- د -] لو اضطر إلى لبس الخفين لبسهما قال الشيخ و يشقهما و منعه ابن إدريس و لا يجوز له لبس المقطوع من الخفين مع وجود النعلين فلو لبسه وجبت الفدية [- ه -] يحرم لبس ما يستر ظهر القدم كالجوربين إلا مع الضرورة [- و -] يجوز لبس النعال مطلقا و لا يجب قطع القيد في النعل على العقب [- ز -] لو وجد نعلا لا يتمكن من لبسه فله لبس الخف و لا فدية [- ح -] ليس للمحرم أن يعقد عليه الرداء و لا غيره إلا الإزار و الهميان [- ط -] يجوز للمرأة لبس المخيط و الغلالة إذا كانت حائضا و السراويل مطلقا و الوجه أن الخنثى المشكل لا يجب عليه اجتناب المخيط [- ي -] يحرم على المرأة لبس القفازين و الحلي الذي لم تجر عادتها بلبسه قبل الإحرام و روي جواز لبس الخلخالين و المسك و هو السّوار من ذبل أو عاج

الخامس في باقي المحظورات

و فيه [- ل -] بحثا [- ا -] لا يجوز للمحرم أن يكتحل بما فيه طيب اختيارا سواء كان رجلا أو امرأة و يجب به الفدية [- ب -] لا يجوز أن يكتحل بالسّواد اختيارا و يجوز لغيره [- ج -] لا تجب الفدية بالاكتحال [- د -] لا يجوز للمحرم النظر في المرآة رجلا أو امرأة [- ه -] لا يجوز للمرأة أن تلبس الحلي للزينة و ما لم يعتد لبسه في حال الإحرام و يجوز لها ما عدا ذلك و لا يجوز لها أن تظهره لزوجها [- و -] لا يجوز للمحرم أن يلبس الخاتم للزينة و يجوز للسنة [- ز -] يحرم على الرّجل في حال الإحرام تغطية الرأس و الوجه أن الأذنين منه و يحرم تغطية بعض الرأس كما يحرم تغطية جميعه و المعتاد و غيره سواء في التحريم و يجوز تعصّب الرأس بعصابة عند الحاجة [- ح -] يحرم عليه الارتماس في الماء بحيث يعلو الماء رأسه و يجوز أن يغسّله بالماء و يفيضه عليه و يلبد شعره [- ط -] لو حمل على رأسه مكتلا أو طبقا أو نحوه وجبت الفدية و كذا لو خضب رأسه و إن كان رقيقا أو وضع عليه مرهما يستر رأسه أو طلاه بعسل أو لبن تخيّر [- ي -] لو غطى رأسه ناسيا ألقى القناع واجبا و جدّد التلبية استحبابا و لا شيء عليه و لو ستر رأسه بيده أو ببعض أعضائه ففي الجواز إشكال [- يا -] لا يجب على الرجل كشف وجهه بل يجوز ستره و كشفه و قال الشيخ يجوز تغطية الوجه مع نية الكفارة لا مع عدمها [- يب -] إحرام المرأة في وجهها و لا يجوز لها تغطية و يجوز لها أن تبدل ثوبها من فوق رأسها على وجهها إلى طرف أنفها قال الشيخ و يكون الثوب متجافيا عن وجهها بحيث لا يصيب البشرة فإن أصابها ثم زال أو أزالته بسرعة فلا شيء عليها و إلا وجب الدّم و فيه نظر [- يج -] الخنثى المشكل يجوز له تغطية رأسه و أن يغطي وجهه و لو جمع بينهما لزمته الفدية و كذا لو غطى رأسه و لبس المخيط [- يد -] يحرم على الرّجل التظليل سائرا و يجوز حال نزوله و لو اضطر السائر إلى التظليل بأن لا يتمكن من ملاقاة الشمس أو يكون مريضا أو يخاف المطر المضر به جاز و يفدي و يجوز للمرأة التظليل و كذا الصّبيان أما المريض فيجوز مع الفدية و لو زامل الصّحيح امرأة أو مريضا اختصّا بجواز التظليل دونه [- يه -] يحرم على المحرم إزالة شيء من شعره قليلا و كثيرا سواء كان شعر الرأس أو اللحية أو البدن و لو احتاج جاز مع الفدية إن كان الأذى من غير الشعر كالقمل و القروح و الصّداع و إن كان منه كالنابت في عينه فلا فدية و لا فرق في وجوب الفدية بين حلق الجميع أو البعض و لو نبت الشعر في عينه أو نزل شعر حاجبه فغطى عينه جاز له قلع النابت في عينه و قصّ المسترسل و الأقرب عدم الفدية و لو قطع يده و عليها شعر لم يضمن الشعر و لو نتف إبطه وجب الفداء [- يو -] يجوز للمحرم أن يحلق شعر المحل و لا فدية و لا يجوز أن يحلق للمحرم و لا للمحل ذلك و لو فعلا ذلك أثما و لا كفارة سواء كان بإذنه أو بغير إذنه لكن المحلوق المحرم إن أذن لزمه الفداء و إلا فلا [- يز -] قصّ الأظفار حرام على المحرم اختيارا و إن احتاج جاز و وجب الفداء و كذا بعض الظفر و لو انكسر ظفره كان له إزالته و الأقرب وجوب الفدية [- يح -] اختلف علماؤنا في الحجامة فجوزها ابن بابويه و منعها المفيد و للشيخ قولان و يجوز مع الضرورة و لو احتاج حينئذ إلى قطع شجر جاز و يجب الفدية و لو قلم ظفره فأدمى إصبعه وجب الفداء و لو أفتاه غيره وجب على المفتي دم مع الإدماء و يجوز له أن يبطّ جراحاته و يشق الدمل مع الحاجة و لا فدية و أن يقلع ضرسه كذلك و لو لم يحتج إلى قلعه وجب الدم بالقلع [- يط -] لا يدلك جسده بقوّة لئلا يدميه أو يقلع بعض شعره و لا يستقصي في سواكه و لا يدلك وجهه في وضوء و غيره لئلا يسقط شيء من شعر لحيته و يجوز غسل رأسه بالسّدر و الخطمي و بدنه برفق لئلا يسقط شيء من شعر رأسه أو لحيته و دخول الحمام و لا يدلك جسده فيه بعنف و الأفضل تركه [- ك -] لا يجوز قتل القمل و الصئبان و البراغيث للمحرم و كذا إلقاؤه عن بدنه إلى الأرض أو قتله بالزئبق و يجوز تحويلها من مكان

ص: 114

من جسده إلى مكان آخر منه و أن ينحي عن نفسه القراد و الحلم و يلقي القراد عنه و عن بعيره و لا يجوز قتله قال الشيخ ليس له أن يلقي الحلم عن بعيره بل القراد [- كا -] يحرم على المحرم الفسوق و هو الكذب و إن كان يحرم على غير المحرم أيضا لكنه في حق المحرم آكد [- لب -] يحرم عليه الجدال و هو قوله لغيره لا و اللّٰه و بلى و اللّٰه و يستحب له قلة الكلام إلا فيما ينفع به [- لج -] الإجماع على تحريم استعمال الدهن الطيّب كدهن الورد و البنفسج و البان للمحرم و يجب به الفدية و نص الشيخ على تحريم الادهان بما ليس بطيب كالشرج و السمن لا على أكله قال و لا فدية في الادهان به و لا يجوز الادهان قبل الإحرام بالطيب إذا كانت رائحته تبقى إلى بعد الإحرام و لو اضطر المحرم إلى استعماله جاز مع الفدية و يجوز استعمال ما ليس بطيب حال الإحرام مع الضرورة و لا فدية [- لد -] يحرم على المحرم قطع شجر الحرم و كذا قطع الشوك و العوسج و أخذ ورق الشجر و قطع أغصانها و قطع حشيش الحرم إلا الإذخر و ما أنبته الآدميّون و يجوز قلع شجر الفواكه و النخل و عودي المحالة و ما نبت في منزله بعد نباته لا قبله و يجوز قطع يابس الشجر و الحشيش و ما انكسر و لم يبن و أخذ الكماء و الفقع و لو انكسر غصن شجرة أو سقط ورقها بغير فعل الآدمي جاز استعماله و الوجه أن ما يحصل من ذلك بفعل الآدمي كذلك و يجوز أن يترك إبله لترعى في حشيش الحرم و لا يجوز له قلعه و إعلافه الإبل [- كه -] الشجرة إذا كان أصلها في الحرم و فرعها في الحل حرم قلعها و قطع غصنها و كذا بالعكس و لو كان الأصل في الحل و الغصن في الحرم فقطع الغصن فالوجه جواز قلع الأصل بعد ذلك و لو قلع شجرة من الحرم فغرسها في مكان آخر منه فيبست ضمنها و لو نبتت فلا ضمان و لو غرسها في الحل وجب ردها و لو تعذّر أو يبست ضمنها و لو غرسها في الحل فقلعها غيره منه فالوجه أن الضمان على الأول [- كو -] أوجب الشيخ الضمان في قطع شجر الحرم و منعه ابن إدريس مع التحريم و لو قطع غصنا أو قلع حشيشا فنبت عوضه لم يزل الضمان [- كز -] صيد وجّ و شجره مباح و هو واد بالطائف أما المدينة فلها حرم كحرم مكة لا يجوز قطع شجره و لا قتل صيده إلا أنه لا جزاء فيه و يباح من شجره ما تدعو الحاجة إليه من الحشيش للعلف و لا يجب دخوله بإحرام و لا يجب إرسال الصيد إذا دخل مع صاحبه إليها و حدّ حرم المدينة بريد في بريد و هو من ظل عائر إلى وعير لا يعضد شجرها و لا بأس بصيده إلاّ ما صيد بين الحرتين و عبارة الشيخ في النهاية رديئة [- كح -] الأقرب عندي كراهة لبس السّلاح مع عدم الضرورة و عدمها معها و كذا يكره النوم على الفرش المصبوغة و الإحرام في الثياب المصبوغة بالسّواد أو المعصفر و شبهه و يتأكد في السّواد و النوم عليه و في الثياب الوسخة و إن كانت طاهرة و لبس الثياب المعلمة و استعمال الحناء الزينة و النقاب للمرأة على إشكال و دخول الحمام و تدليك الجسد فيه و استعمال الرياحين و أن يلبي من دعاه بل يقول يا سعد و يجوز أن يؤدب عبده مع الحاجة [- كط -] إذا قتل المحرم حيوانا و شك في أنّه صيد لم يكن عليه شيء و لو علمه صيدا و شك في أي صنف هو لزمه دم شاة [- ل -] يجوز إخراج الفهد من الحرم و يستحب إخراج ماء زمزم للتبرك

الفصل الثّاني فيما يجب على المحرم من الكفارة
اشارة

فيما يفعله عمدا أو خطأ و فيه مطالب

الأوّل الصيد
اشارة

و النظر فيه يتعلق بأمور

الأوّل في الجزاء

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] الصيد قسمان منه ما لكفارته بدل معيّن و منه ما ليس كذلك و الأول خمسة النعامة و بقرة الوحش و حمار الوحش و الظبي و بيض النعامة و بيض القطا و القبج و الثاني خمسة أقسام يأتي [- ب -] يجب الجزاء على قتل الصيد للمحرم بالإجماع و النص سواء قتله عمدا أو سهوا أو خطأ و لو تكرر منه القتل فإن كان ناسيا تكررت الكفارة إجماعا و كذا إن كان عامدا على الأقوى [- ج -] يجب الجزاء بقتله للضرورة و إن كان قتله باعتبارها مباحا [- د -] لو صار عليه صيد فخاف منه القتل أو الجراح أو إتلاف المال و لم يندفع إلا بالقتل جاز قتله إجماعا و الوجه عدم الضمان [- ه -] لو خلص صيدا من سبع أو شبكة أو أخذه ليخلص خيطا من رجله أو نحوه فتلف كان عليه الضمان [- و -] يجب الجزاء بقتل الصيد المملوك للّه تعالى و القيمة للمالك [- ز -] الجزاء واجب على المحرم في عمرة كان أو حجّ متمتعا كان أو قارنا أو مفردا واجبين أو نفلين صحيحتين أو فاسدتين و لو كان الصيد في الحرم و تجرّد عن الإحرام ضمن و لو كان محرما يضاعف الجزاء

النظر الثاني فيما لكفارته بدل

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] دابة الصّيد يضمن بمثلها من النعم لا بالقيمة [- ب -] ما ثبت فيه نصّ مقدّر اتبع إما من النبي ص أو من أحد الأئمّة ع و لا يجب استئناف الحكم [- ج -] يجب في قتل النعامة جزور و لو عجز قوّم البدنة لا الصّيد و فضّ ثمنها على البر و أطعم كل مسكين نصف صاع و لو زاد على ستين مسكينا كان الزائد له و لو نقص لم يجب عليه الإكمال و لو عجز عن الإطعام قوّم الجزور

ص: 115

بدراهم و الدراهم بطعام و صام عن كل نصف صاع يوما و لا يجب عليه أن يصوم أكثر من شهرين و إن زادت القيمة و لا يجب عليه إكمال ستّين يوما مع نقص القيمة [- د -] اختلف علماؤنا في كفارة جزاء الصيد فقال المفيد إنها على الترتيب و آخرون على التخيير و للشيخ قولان [- ه -] لو عجز عن الأصناف الثلاثة صام ثمانية عشر يوما [- و -] في فراخ النعامة قولان أحدهما من صغار الإبل قاله المفيد و الثّاني مثل ما في النعامة سواء قاله الشيخ و في الأول قوة [- ز -] يجب في حمار الوحش و بقرته بقرة و لو لم يجد البقرة قومها و فضّ ثمنها على الحنطة و أطعم كلّ مسكين نصف صاع و لا يجب عليه إطعام ما زاد على ثلاثين مسكينا و لا إتمام ما نقص عنه و لو لم يتمكن من الإطعام صام عن كل نصف صاع يوما و لا يجب عليه صيام ما زاد على ثلاثين و إن زادت القيمة و لا إكمال العدد مع النقصان و لو عجز صام تسعة أيام [- ح -] يجب في الظبي الشاة و كذا في الثعلب و الأرنب و لو عجز عن الشاة في الظّبي قوم ثمنها و فضّه على البرّ و أطعم عشرة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع و لو زاد الطعام عن العشرة كانت الزيادة له و لو نقصت لم يجب عليه الإكمال و لو عجز عن الإطعام صام عن كل نصف صاع يوما و لو زاد التقويم عن خمسة أصوع لم يجب عليه الصّوم عن الزائد و لو نقص لم يجب عليه إلا بقدر التقويم و لو نقص التقويم ربع صاع مثلا فالوجه وجوب يوم كامل و لو عجز عن ذلك كله صام ثلاثة أيام أما الثعلب و الأرنب فقيل فيهما الإبدال كالظبي و نحن فيه من الموقفين [- ط -] إذا كسر بيض النعامة فإن كان قد حرّك فيه الفرخ كان عليه عن كل بيضة بكارة من الإبل و إن لم يكن قد تحرك كان عليه أن يرسل فحولة الإبل في إناثها بعدد البيض فما نتج كان هديا لبيت اللّٰه تعالى و الاعتبار في العدد بالإناث و لا فرق بين أن يكسره بنفسه و بدابته و لو لم يتمكن من الإبل كان عليه عن كل بيضة شاة فإن عجز كان عليه عن كل بيضة إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مدّ فإن عجز كان عليه صيام ثلاثة أيام و لو كسر بيضة فيها فرخ ميت أو كانت فاسدة لم يكن عليه شيء و لو باض الطير على فراش محرم فنقله إلى موضعه فنفر الطير فلم يحضنه قال الشيخ يلزمه الجزاء [- ي -] إذا كسر المحرم بيضة من القطا أو القبج فإن كان قد تحرك فيه الفرخ كان عليه عن كل بيضة مخاض من الغنم و إن لم يكن قد تحرك كان عليه أن يرسل فحولة الغنم في إناثها بعدد البيض فما نتج كان هديا لبيت اللّٰه تعالى و لو عجز عن الإرسال قال الشيخ كان حكمه حكم بيض النعام قال ابن إدريس يريد وجوب الشاة عن كل بيضة مع العجز عن الإرسال و لا استبعاد فيه و الأقرب أن مقصوده وجوب الصّدقة على عشرة مساكين أو الصيام ثلاثة أيام

النّظر الثالث فيما لا بدل له

و فيه [- ط -] بحثا [- ا -] الحمام كل طائر يهدر بان بواتر صوته و يعبّ الماء بأن يضع منقاره فيه فيكرع كما تكرع الشاة و قال الكسائي كل مطوّق حمام إذا عرفت هذا ففي كل حمامة شاة إن كان القاتل محرما في الحل و إن كان محلا في الحرم كان عليه درهم و إن كان محرما في الحرم اجتمع عليه الأمران [- ب -] لو قتل المحرم فرخ الحمام كان عليه حمل قد فطم و رعى من الشجر و لو كان القاتل محلاّ في الحرم كان عليه نصف درهم و لو كان محرما في الحرم اجتمع عليه الأمران [- ج -] لو كسر المحرم بيض الحمام في الحل و لم يكن قد تحرك فيه الفرخ وجب عليه عن كلّ بيضة درهم و إن كان قد تحرك فيه الفرخ كان عليه عن كل بيضة حمل و لو كسره المحل في الحرم كان عليه عن كل بيضة ربع درهم و لو كان محرما في الحرم لزمه درهم و ربع [- د -] لا فرق بين حمام الحرم و الأهلي في القيمة إذا قتل في الحرم إلا [غير] أن حمام الحرم يشترى بقيمته علف لحمامه و الأهلي يتصدّق بثمنه على المساكين [- ه -] في كل واحد من القطا و الحجل و الدّراج حمل قد فطم و رعى من الشجر وحده ما مضى عليه أربعة أشهر [- و -] في كل من العصفور و الصعوة و القبرة و ما أشبهها مدّ من طعام و قال ابن بابويه في الطائر جميعه دم شاة ما عدا النعامة فإنّ فيها جزورا و هو ضعيف [- ز -] في قتل الزنبور عمدا كفّ من طعام و لا شيء في الخطإ قال المفيد فإن قتل زنابير كثيرة تصدق بمدّ من طعام أو تمر و هو حسن و لا شيء في قتل الهوام من الحيات و العقارب و غيرها و لا بأس بقتل القمل و البق و أشباهها للمحلّ في الحرم و لو كان محرما لزمته الكفارة كف من طعام [- ح -] من قتل جرادة و هو محرم كان عليه كف من طعام أو تمر و إن قتل جرادا كثيرا كان عليه دم شاة و لو كان في طريقه و لم يتمكن من التحرز عن قتله لم يكن عليه شيء [- ط -] في كل واحد من الضبّ و القنفذ و اليربوع هدي

النظر الرّابع فيما لا نصّ فيه

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] كل صيد لا مثل له و لا تقدير للشرع فيه يرجع فيه إلى قول عدلين يقومانه و تجب القيمة التي يقدرانها فيه و يشترط في الحكمين العدالة و المعرفة و أن يكونا اثنين فما زاد و يجوز أن يكون القاتل أحدهما إذا كان عدلا [- ب -] قال الشيخ في البط و الإوز و الكركي شاة قال و إن قلنا فيه القيمة لعدم النصّ كان جائزا و هو الظاهر من قول ابن بابويه [- ج -] قال الشيخ رحمه اللّٰه من قتل عظاية كان عليه كف من طعام و هو حسن [- د -] القيمة واجبة في كل ما لا تقدير فيه شرعا

ص: 116

و كذلك البيوض التي لم ينصّ فيها على مقدّر [- ه -] الكبير من ذوات الأمثال يضمن بكبير و الصغير بمثله و إن ضمنه بكبير كان أولى و الذكر بمثله و الأنثى بمثلها و الصحيح بصحيح و المعيب بمعيب و إن ضمنه بصحيح كان أولى و لو اختلف العيب فضمن الأعور بالأعرج لم يجز أما لو فدى الأعور من إحدى العينين بأعور من الأخرى فالوجه الجواز و كذا أعرج إحدى الرّجلين يضمن بأعرج الأخرى و لو فدى الذّكر بالأنثى جاز و جوّز الشيخ العكس و لو قتل ماخضا ضمنها بماخض مثلها لا بالقيمة قاله الشيخ و لو ضمنها بغير ماخض ففي الإجزاء نظر [- و -] لو أصاب صيدا حاملا فألقت جنينا فإن خرج حيّا و ماتا لزمه فداؤهما فيفدي الأم بمثلها و الصغير بمثله أو كبير و إن عاشا و لا عيب فلا شيء و إن حصل عيب ضمن الأرش و لو مات أحدهما دون الآخر ضمن الميّت خاصة و لو خرج ميتا لزمه الأرش و هو ما بين قيمتها حاملا و مجهضا

النظر الخامس في أسباب الضمان

و هو أمران المباشرة و التسبيب و هنا [- كج -] بحثا [- ا -] من قتل صيدا وجب عليه فداؤه و لو أكله لزمه فداء آخر و الرواية دلت على وجوب الجزاء الثّاني و قال بعض أصحابنا إنما يجب جزاء ما قتل و قيمة ما أكل و هو حسن و سواء أدّى جزاء القتل أو لا و لا يتداخلان [- ب -] حكم البيوض حكم الصّيد في تحريم الأكل سواء كسره هو أو محرم آخر أو حلال و لو كسره المحرم فالوجه أنه لا يحرم على المحل أكله قال الشيخ يحرم و ليس بمعتمد [- ج -] لو اشترى محلّ لمحرم بيض نعام فأكله المحرم كان على المحرم عن كل بيضة شاة و على المحل عن كل بيضة درهم [- د -] إنما يضمن بيض الصيد الحرام أما بيض ما يباح أكله كبيض الدجاج الحبشي فإنه حلال لا يجب بكسره شيء [- ه -] لو أتلف جزءا من الصيد ضمنه فلو كسر قرني الغزال قال الشيخ عليه نصف قيمته و في كل واحد ربع قيمته و في عينيه كمال قيمته و في كسر أحد رجليه نصف قيمته و كذا في كسر إحدى يديه و لو كسر يديه معا فكمال القيمة و كذا في رجليه و لو قتله كان عليه فداء واحد [- و -] لو نتف ريشة من حمام الحرم وجب أن يتصدق بصدقة و أن يسلمها باليد التي نتف بها و لو نتف ريشا متعدّدا فإن كان بالتفريق فالوجه تكرر الفدية و إن كان دفعة فالوجه الأرش و لو حفظه حتى ينبت ريشه لم تسقط الفدية [- ز -] لو جرح الصّيد ضمن الجرح على قدره ثم إن رآه سويّا بعد ذلك وجب الأرش و لو أصابه و لم يؤثر فيه لم يكن عليه شيء قال الشيخ لو كسر يده أو رجله ثم رآه و قد صلح و رعى وجب ربع الفداء و لو جرح الصّيد فاندمل و صار غير ممتنع فالوجه الأرش و قال الشيخ يضمن الجميع و لو جرحه فغاب عن عينه و لم يعلم حاله ضمنه أجمع و لو رآه ميتا و لم يعلم هل مات من الجناية أو غيرها ضمنه و لو رماه و لم يعلم هل أثر فيه أم لا لزمه الفداء و لو صيرته الجناية غير ممتنع فلم يعلم أ صار ممتنعا أو لا ضمنه بأعلى الأرشين [- ح -] لو اشترك جماعة في قتل صيد فعلى كلّ منهم فداء كامل و لو كان شريك المحرم حلالا في الحل لم يكن عليه شيء و على المحرم جزاء كامل و لو أصابه الحلال أولا ثم الحرام فالأقرب أن على المحرم جزاءه مجروحا و لو كان السابق محرما فعليه جزاؤه سليما و لو اتفقا في حالة واحدة فعلى المحرم جزاء كامل و لا شيء على المحل و لو اشتركا في قتل صيد حرمي وجب على المحل القيمة كملا و على المحرم الجزاء و القيمة معا و قال في التهذيب على المحرم فداء كامل و على المحل نصف الفداء [- ط -] لو رمى اثنان صيدا فقتله أحدهما [و أصابه] و أخطأ الآخر فعلى كلّ منهما فداء كامل و لو قتله واحد و أكله جماعة كان على كل واحد منهم فداء كامل [- ي -] لو ضرب بطير على الأرض فقتله كان عليه دم و قيمتان قيمة للحرم و الأخرى لاستصغاره إياه و عليه التعزير [- يا -] لو شرب المحرم لبن ظبية كان عليه الجزاء و قيمة اللبن [- يب -] لو جرح صيدا و قتله آخر قال الشيخ يلزم كل واحد منهم الفداء [- يج -] لو رمى الصيد و هو حلال في الحل فأصابه السهم و هو محرم فقتله لم يكن عليه ضمان و كذا لا شيء عليه لو جعل في رأسه ما يقتل القمل ثم أحرم فقتله [- يد -] لو كان معه صيد فأحرم زال ملكه عنه إذا كان حاضرا معه و وجب عليه إرساله و يضمنه لو أمسكه و يزول ملكه و لو لم يمكنه الإرسال و تلف قبل إمكانه فالوجه عدم الضمان و لو أرسله إنسان من يده لم يكن عليه ضمان و لو أمسكه حتى يحل لم يملكه و لم يعد ملكه الأول إليه إلا بسبب مبيح و لو كان الصيد في منزله لم يزل ملكه عنه و كذا لو كان في يد وكيله في غير الحرم و لا يضمنه لو مات بالإمساك و له بيعه و هبته و لا ينتقل الصيد إلى المحرم بابتياع و لا هبة و لا غيرهما من أسباب التمليكات و لو أخذه بأحد الأسباب ضمنه و لو انتقل إليه بالبيع لزمه مع الجزاء القيمة لمالكه و كذا لو أخذه رهنا و لو لم يتلف لم يجز له ردّه على مالكه لدخول الحرم و لو باع الحلال الصيد بخيار لم يجز استرجاعه بعد الإحرام و لو ردّه المشتري بعيب أو خيار فله ذلك و لا يدخل في ملك المشتري و يجب عليه إرساله هذا إذا كان الصيد في الحرم و لو كان في الحلّ جاز ذلك كله و لو ورث صيدا لم يملكه في الحرم و وجب عليه إرساله

ص: 117

و لو باع المحل صيد المحل ثم أفلس المشتري بعد إحرامه لم يكن للبائع أن يختار عين ماله من الصيد لأنه لا يملكه [- يه -] لو أمسك المحرم صيدا فذبحه آخر محرم فعلى كلّ منهما فداء كامل و لو كانا في الحرم يضاعف الفداء ما لم يبلغ بدنة و لو كانا محلين في الحرم وجب على كل منهما فداء كامل من غير تضاعف و لو كان أحدهما محلا و الآخر محرما تضاعف في حق المحرم خاصة و لو أمسكه المحرم في الحلّ فذبحه المحل ضمنه المحرم خاصة و لو نقل بيض صيد ففسد ضمنه و لو أحضنه فخرج الفرخ سليما لم يضمنه [- يو -] لو أغلق بابا على حمام من حمام الحرم و فراخ و بيض فإن هلكت و كان الإغلاق قبل الإحرام ضمن الحمامة بدرهم و الفرخ بنصف و البيضة بربع و إن كان بعد الإحرام ضمن الحمامة بشاة و الفرخ بحمل و البيضة بدرهم و لو كان الإغلاق من المحرم في الحرم وجب الجزاء و القيمة و لو أرسلها بعد الإغلاق سليمة فالوجه عدم الضمان و لو أغلق على غير الحمام من أنواع الصّيود ضمن إذا تلفت بالإغلاق [- يز -] لو نفر حمام الحرم فإن رجع فعليه دم شاة و إن لم يرجع فعن كل طائر شاة [- يح -] إذا أوقد جماعة نارا فوقع فيها طائر فإن كان قصدهم ذلك وجب على كلّ واحد منهم فداء كامل و إلا كان على الجميع فداء واحد [- يط -] لو رمى صيدا فتحرك الصّيد فقتل آخر أو فرخا ضمنهما معا [- ك -] لو وطئ ببعيره أو دابته صيدا فقتله ضمنه و لو كان راكبا عليها سائرا كان عليه ضمان ما تجنيه بيديها و فمها و لا ضمان فيما تجنيه برجلها و لو كان واقفا أو سائقا لها غير راكب ضمن جميع جنايتها و لو انقلبت فأتلفت صيدا لم يضمنه و لو نصب شبكة أو حفر بئرا فوقع فيها صيد ضمنه أما لو حفر البئر بحق كما في ملكه أو موضع متّسع ينتفع بها المسلمون فالوجه سقوط الضمان و لو نصب شبكة قبل إحرامه فوقع فيها صيد بعد إحرامه لم يضمنه [- كا -] لو جرح صيدا فحامل فوقع في شيء تلف به ضمنه و كذا لو نفره فتلف في حال نفوره و لو سكن في مكان و أمن من نفوره ثم تلف ففي الضّمان إشكال و لو نتف المحرم ريش طير أو جرحه و بقي ممتنعا ثم أهلك نفسه بوقوعه في بئر أو صدم حائط ضمن الجرح و لو امتنع و غاب عنه ضمنه كملا قاله الشيخ و لو أمسك صيدا له طفل فتلف بإمساكه ضمن و كذا لو أمسك المحل صيدا له طفل هلك في الحرم و لا ضمان عليه في الأمّ لو تلفت إلا أن يمسكها في الحرم و لو تلفت فراخها في الحلّ قال الشيخ ضمنها و فيه نظر [- كب -] لو أغرى المحرم كلبه على صيد فقتله ضمنه سواء كان في الحلّ أو الحرم و لو أرسله و لا صيد فعرض له صيد فقتله ففي الضّمان إشكال و لو نفر صيدا فهلك بمصادمة شيء أو أخذه خارجا ضمنه و كذا لو ضرب صيدا بسهم فمرق السّهم فقتل آخر أو رمى غرضا فأصاب صيدا ضمنه و كذا لو وقع الصيد في شبكة أو حبالة فأراد تخليصه فتلف أو عاب ضمنه [- كج -] لو أمر المحرم عبده المحل بقتل صيد فقتله فعلى السّيد الفداء و لو كان الغلام محرما بإذن السّيد و قتل صيدا بغير إذن وجب على السّيد الفداء

النظر السادس في اللواحق

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] لو قتل المثلي ضمنه بالمثل أو قوم المثل و اشترى به طعاما و تصدّق به أو صام كما قلناه و غير المثلي يقوّم الصّيد و يشتري بالثمن طعاما أو يصوم عن كلّ مدين يوما و لا يجوز إخراج القيمة بحال و هل هي مخيرة أو مرتبة قولان و لو جرح الصّيد ضمن أرش الجراح بأن يقوم صحيحا و معيبا فإن كان ما بينهما مثلا عشر لزمه عشر مثله [- ب -] إذا أخرج المثل ذبحه و تصدّق به على مساكين الحرم و لا يجزئه أن يتصدّق به حيّا و له ذبحه متى شاء فإن كان الإحرام للحج وجب نحره أو ذبحه بمنى و إن كان للعمرة فبمكة و يستحبّ أن يكون بفناء الكعبة بالجزورة و لو اختار الإطعام قوّم المثل و أخرج بقيمته طعاما إما بمكة أو بمنى على التفصيل و لا يجزي إخراج القيمة و يجزي كلما يسمى طعاما و يتصدّق على كلّ مسكين بنصف صاع و يقوم المثل يوم يريد التقويم و لا يلزمه تقويمه وقت الإتلاف و ما لا مثل له فإن قدره الشارع أخرجه و إلا قوّم الصيد وقت الإتلاف و لو اختار الصّيام صام عن كلّ نصف صاع يوما فإن بقي ما لا يعدل يوما صام يوما كاملا و لا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء و يطعم عن البعض و لا يتعيّن صومه بمكان دون غيره [- ج -] ما لا مثل له من الصّيد تخير قاتله بين أن يشتري بقيمته طعاما فيطعمه المساكين و بين الصوم و لا يجوز له إخراج القيمة و يقوّم في محل الإتلاف أما المثلي فيعتبر في قيمة النعم مكة [- د -] قد مضى أنّه يحرم على المحل في الحرم من الصّيد ما يحرم على المحرم فلو قتل المحل صيدا في الحرم وجب عليه الفداء و لو كان محرما في الحرم كان عليه جزاءان و قال السّيد إذا صاد متعمّدا و هو محرم في الحل كان عليه جزاءان و لو كان في الحرم و هو محرم عامدا إليه تضاعف ما كان يجب عليه في الحلّ و الأقوى قول الشيخ [- ه -] قال الشيخ إنما يتضاعف من الجزاء ما كان دون البدنة و لا يتضاعف ما فيه بدنة و أوجب ابن إدريس التضاعف مطلقا [- و -] لو كان الصيد لا دم فيه و قتله محلّ في الحرم أو محرم في الحل كان عليه القيمة و لو كان محرما

ص: 118

في الحرم كان عليه قيمتان [- ز -] يجوز إخراج جزاء الصيد بعد خروجه قبل موته على إشكال [- ح -] كل من وجب عليه بدنة في كفارة الصّيد و لم يجد أطعم ستّين مسكينا فإن لم يقدر صام شهرين فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما و لو كان عليه بقرة و لم يجد أطعم ثلاثين مسكينا فإن لم يجد [يقدر] صام شهرا فإن عجز صام تسعة أيام و إن كان عليه شاة و لم يجد أطعم عشرة مساكين فإن لم يجد صام ثلاثة أيام [- ط -] منع الشيخ من صيد حمام الحرم حيث كان للمحل و للمحرم و جوّزه ابن إدريس للمحل في الحلّ و الأقرب الأوّل [- ي -] لو قتل المحرم حيوانا و شك في أنّه صيد لم يضمنه و لو أكل لحم صيد و لم يعلم ما هو وجب عليه دم شاة [- يا -] لو اقتتل نفسان في الحرم فعلى كل واحد منهما دم [- يب -] يجوز أن يكون مع المحرم لحم الصّيد إذا لم يأكله و يتركه إلى وقت إحلاله إذا كان قد صاده محلّ [- يج -] لو اشترك محلّون في قتل صيد في الحرم قال الشيخ لزم كل واحد منهم القيمة و إن قلنا يلزمهم جزاء واحد كان قويا و لو اشترك محلون و محرمون في قتل صيد في الحل لزم المحرمين الجزاء دون المحلين و إن اشتركوا في الحرم فعلى المحرمين الجزاء و القيمة و على المحلّين جزاء واحد [- يد -] الخيار في الكفارة بين الإطعام و الذبح و الصّيام إلى القاتل لا إلى الحكمين و المعتبر في المثل هو ما نص الشارع على مقابله حيوانا من النعم كالبدنة في النعامة و البقرة في بقرة الوحش و الشاة في الضبي و لا اعتبار بالصّورة و لا بالقيمة في المنصوص و غيره المعتبر القيمة [- يه -] يجوز في إطعام الفدية التمليك و الإباحة [- يو -] لو قتل المحرم صيدا فأخذه محرم آخر فعلى كل منهما جزاء و لا يرجع كل منهما على الآخر بما ضمن من الجزاء [- يز -] لو أصاب محرم صيودا كثيرة على وجه الإحلال و رفض الإحرام متأولا لم يعتبر تأويله و يلزمه بكل محظور كفارة على حدة [- يح -] لو قتل حمامة مسرولة وجب عليه الضمان

المطلب الثّاني فيما يجب بالاستمتاع

و فيه [- كح -] بحثا [- ا -] إذا وطئ المحرم امرأته عالما بالتحريم عامدا قبل الوقوف بالموقفين فسد حجّه و عليه بدنة و إتمام الفاسد و القضاء في السنة المستقبلة على الفور و يجب على المرأة أيضا مثل ذلك من المضي في الفاسد و البدنة و الحج من قابل مع المطاوعة و لا شيء عليها مع الإكراه و يجب على المكره بدنتان و لا يجزي بدنة الرّجل عن بدنتها مع المطاوعة و لو كانت محلة لم يتعلّق بها شيء و لا يجب عليها كفارة و لا عليه بسببها و نفقتها للحج مع المطاوعة عليها و كذا ثمن ماء غسلها و يجب عليهما أن يفترقا في القضاء إذا بلغا المكان الذي وطئها فيه إلى أن يقضيا المناسك لا من حيث يحرمان و الروايات تدل على التفريق في الحجّة الأولى من ذلك المكان أيضا و هو حسن و معنى الافتراق أن لا يخلو بأنفسهما بل متى اجتمعا كان معهما ثالث قال ابن بابويه لو حجا على غير ذلك الطريق لم يفرق بينهما و هو قريب [- ب -] قال الشيخ الحجة الأولى هي حجة الإسلام و الثانية عقوبة و ابن إدريس عكس الحال و هو الأقوى عندي [- ج -] لو جامع بعد الموقفين صحّ حجّه و عليه بدنة لا غير [- د -] لو وطئ بعد الوقوف بعرفة قبل الوقوف بالمزدلفة فسد حجّه و وجبت البدنة و الإتمام [- ه -] لو وطئ ناسيا أو جاهلا بالتحريم لم يفسد حجه و لا شيء عليه و كذا لو أكره على الجماع [- و -] لا فرق بين الوطء في القبل و الدبر في الأحكام التي تقدّمت على التفصيل الذي ذكرناه و كذا دبر الغلام على إشكال أما إتيان البهيمة فالأقرب عدم الإفساد به و لو استمنى بيده قال الشيخ حكمه حكم المجامع سواء فإن كان قد فعله قبل الوقوف بالموقفين فسد حجه و وجب عليه بدنة و ابن إدريس منع من الإفساد خاصة و نحن فيه من المتوقفين و لو وطئ فيما دون الفرجين وجب عليه بدنة مع الإنزال و لا يفسد حجه و إن كان قبل الموقفين عالما و لو لم ينزل ففي البدنة تردّد [- ز -] لو وطئ قبل التلبية أو الإشعار و التقليد لم يكن عليه شيء و إن تلبس بالإحرام إذا لم يعقده بأحد الثلاثة [- ح -] لو كرّر الوطء و هو محرم فعن كلّ وطء بدنة سواء كفر عن الأول أو لم يكفر و تردد الشيخ في الخلاف في وجوب الثانية مع عدم التكفير و جزم الشيخ في المبسوط بالتكرار [- ط -] لو جامع قبل طواف الزيارة لم يفسد حجه و وجب عليه جزور إن كان غنيّا و إن لم يتمكن فبقرة فإن عجز فشاة و لو جامع في أثنائه وجبت البدنة أيضا [- ي -] لو جامع قبل طواف النساء في إحرام الحجّ وجب عليه بدنة و الحج صحيح سواء كان قد فرغ من سعي الحج أو لم يفرغ و لو جامع في أثناء طواف النساء فإن كان قد طاف خمسة أشواط أتمّه و لا شيء عليه و إن طاف أقل من أربعة وجب عليه بدنة و إعادة الطواف من أوله و لو طاف أربعة قال الشيخ لا كفارة و ليس بمعتمد و ابن إدريس أخطأ هنا [- يا -] لا فرق بين أن يطأ في إحرام حج واجب أو مندوب فلو وطئ في المندوب قبل الموقفين فسد حجّه و وجب إتمامه و الحجّ من قابل و بدنة و لو كان بعد الموقفين فبدنة لا غير و كذا لا فرق بين أن يطأ

ص: 119

امرأته الحرة أو جاريته المحرمة أو المحلّة و لو كانت أمة محرمة بغير إذنه أو محلة فإنه لا يتعلق بها كفارة و لا به عنها و لو كانت محرمة بإذنه و طاوعته ففي تعلق الكفارة بها إشكال أقربه الثبوت فحينئذ يبقى حكمها حكم العبد المأذون له في الحج إذا أفسد حجّه و سيأتي و لو أكرهها فالوجه أنه مبني على حكم المطاوعة إن قلنا بوجوب الكفارة عنها يتحملها السّيد و إلا فلا [- يب -] لو وطئ أمته و هو محلّ و هي محرمة بغير إذنه فلا كفارة و إن كان بإذنه وجب عليه بدنة أو بقرة أو شاة فإن لم يجد كان عليه شاة أو صيام ثلاثة أيام و لو كان محلاّ و هي محرمة بإذنه وجب عليه البدنة سواء كان قبل الموقفين أو بعدهما و سواء طاوعته أو أكرهها لكن مع المطاوعة يفسد حجها و يجب عليه أن يأذن لها في القضاء [- يح -] لو جامع المحل زوجته و هي محرمة تطوعا بغير إذنه فلا كفارة و إن كانت محرمة بإذنه كان حكمه حكم الواجب [- يد -] لو زنى بامرأة فيه تردّد ينشأ من كونه أبلغ في هتك الإحرام فناسب العقوبة بالأحكام المذكورة في وطء الزّوجة و من عدم التنصيص فنحن فيه من المتوقّفين [- يه -] قال الشيخ من وجب عليه بدنة في إفساد الحج فلم يجد كان عليه بقرة فإن لم يجد فسبع شياه على الترتيب فإن لم يجد فقيمة البدنة دراهم أو ثمنها طعاما يتصدّق به فإن لم يجد صام عن كلّ بدنة يوما قال و في أصحابنا من قال هو مخيّر و قال ابن بابويه من وجب عليه بدنة في كفارة فلم يجدها فعليه سبع شياه فإن لم يقدر فصام ثمانية عشر يوما بمكة أو بمنزله [- يو -] لو وطئ في العمرة قبل السّعي فإن كان بعد الطواف فسدت عمرته و وجب عليه بدنة و قضاؤها [- يز -] القارن إذا أفسد حجّه وجب عليه بدنة و القضاء و ليس عليه دم القران [- يح -] إذا قضى الحاج أو المعتمر فعليه في قضاء الحج الإحرام من الميقات و في قضاء العمرة الإحرام من أدنى الحل [- يط -] لو أفسد القضاء الواجب بسبب الإفساد وجب عليه بدنة أخرى و إتمام القضاء الفاسد و الحج من قابل و لا يتكرّر عليه بل يكفيه حجة واحدة صحيحة و كذا لو تكرر إفساد القضاء [- ك -] لو عقد المحرم لمثله على امرأة و دخل المحرم وجب على العاقد كفارة كما يجب على الواطئ و كذا لو كان العاقد محلا على إشكال [- كا -] لو نظر إلى غير أهله فأمنى لم يفسد حجّه و وجب عليه بدنة و إن لم يكرر النظر فإن عجز فبقرة فإن عجز فشاة و لو كرر النظر حتى أمذى لم يجب عليه شيء و لو كرره و لم يقترن به مني و لا مذي لم يكن عليه شيء و إن جرّدها و لو فكر فأنزل لم يكن عليه شيء [- كب -] لو نظر إلى أهله من غير شهوة لم يكن عليه شيء و إن أمنى و لو كان بشهوة فأمنى كان عليه بدنة [- كج -] لو مسّ امرأته بشهوة كان عليه دم شاة سواء أمنى أو لا و إن كان بغير شهوة لم يكن عليه شيء و إن أمنى و الحجّ صحيح على كل التقادير سواء كان قبل الموقفين أو بعدهما [- كد -] لو قبل امرأته بشهوة كان عليه جزور و إن كان بغير شهوة كان عليه شاة و لا يفسد حجه على كلّ تقدير سواء كان قبل الموقفين أو بعده أنزل أو لم ينزل و لم يشترط الشيخ في البدنة الإنزال و شرطه ابن إدريس و لو لم ينزل كان عليه دم شاة كما لو قبّلها بغير شهوة و عندي في ذلك تردّد و قال المفيد من قبّل امرأته و هو محرم فعليه بدنة أنزل أو لم ينزل فإن هويت المرأة ذلك كان عليها مثل ما عليه و يكره للمحرم أن يأكل من يد امرأته أو جاريته شيئا تلقمه إياه [- كه -] من لاعب امرأته فأمنى كان عليه بدنة و هل يجب عليه الكفارة نصّ في المبسوط و التهذيب عليه و هو رواية عبد الرحمن بن الحجاج الصحيحة عن الصّادق ع [- كو -] لو سمع كلام امرأة أو أسمع على من يجامع من غير رؤية لهما فتشاهى فأمنى لم يكن عليه شيء و لو كان برؤية وجبت عليه الكفارة [- كز -] قد بيّنا أنه إذا أفسد حجّه وجب عليه إتمام الفاسد و لا يجعل الحج عمرة و لا يحلّ من الفاسد بل يجب عليه أن يفعل بعد الإفساد كما يفعله لو كان صحيحا و لا يسقط عنه توابع الوقوف من المبيت بمزدلفة و الرمي و غيرهما و يحرم عليه بعد الإفساد كل ما كان محرما عليه قبله من الوطء ثانيا و قتل الصيد و الطيب و غير ذلك من المحرمات و لو جنى في الإحرام الفاسد وجب عليه ما يجب في الإحرام الصّحيح و يجب القضاء من قابل سواء كانت الفاسدة واجبة بأصل الشرع أو بالنذر و شبهه أو تطوعا و يجب على الفور و لو أفسد القضاء لم يجب قضاؤه بل يقضي عن الحج الأول و لو جامع قبل عرفة ثم بعده قبل مزدلفة وجب قضاء واحد و بدنتان [- كح -] لو أحصر في حجّ فاسد فله التحلل فلو حل ثم زال الحصر و في الوقت سعة فله أن يقضي في ذلك العام و لا يتصور القضاء في العام الذي فسد فيه الحجّ في غير هذه الصّورة و لو حج تطوّعا فأفسده ثم أحصر كان عليه بدنة للإفساد و دم للإحصار و كفارة قضاء واحد في القابل

المطلب الثّالث فيما يجب بالطيب و الادهان

و فيه [- ه -] بحثا [- ا -] من تطيّب عامدا وجب عليه دم سواء استعمله اطّلاء أو صبغا أو بخورا أو في الطعام و سواء استعمله في عضو كامل أو بعضه و سواء مسّت الطعام النّار أو لا و لا بأس بخلوق الكعبة و زعفرانها و الفواكه كالأترج و التفاح و الرياحين على ما بيناه و لو كان ناسيا أو جاهلا

ص: 120

بالتحريم لم يكن عليه شيء [- ب -] لا فرق بين الابتداء و الاستدامة فلو تطيب ناسيا ثم ذكر وجبت الإزالة و لو لم يزله وجب الدم و يجب الكفارة بنفس الفعل فلو أزاله بسرعة وجبت الكفارة مع فعله عمدا و إن لم يستدم الطّيب [- ج -] من تطيب عامدا وجب عليه إزالته بسرعة و يستحبّ أن يستعين في غسله بحلال لئلا يباشره و لو غسله بيده جاز و لو فقد الماء مسحه بالتراب أو بالحشيش أو ورق الشجر [- د -] يجوز له شراء الطيب و بيعه لا استعماله و لا شمّه و كذا يشتري المخيط و الجواري [- ه -] من استعمل الدهن الطيب حال الإحرام وجب عليه دم شاة مع العمد و لا شيء مع النسيان و يجب الكفارة للمضطر عند الشيخ

المطلب الرّابع فيما يجب باللّبس و التظليل

و فيه [- ط -] بحثا [- ا -] إذا لبس المحرم ثوبا لا يحلّ له لبسه عمدا وجب عليه دم شاة و لا فرق بين قليل اللبس و كثيره فلا يشترط لباس يوم و ليلة [- ب -] الاستدامة في اللبس كالابتداء فلو لبس ناسيا ثم ذكر وجب خلعه فإن لم يفعل وجب الفداء و ينزعه من أسفله لا من رأسه [- ج -] لو لبس مع الذكر وجبت الفدية بمجرّد الفعل و إن لم يستدمه و لو نزعه من رأسه فعل حراما و تجب الفدية إن قلنا إنه تغطية و إلا فلا [- د -] لو لبس ثيابا كثيرة دفعة وجب عليه فداء واحد و لو كان في مرّات متعددة وجب لكلّ ثوب دم من غير تداخل مع تعدد المجلس [- ه -] لو احتاج إلى اللبس لبس و عليه الفداء و لو اضطرّ إلى لبس الخفين و الجوربين لبسهما قال الشيخ و لا شيء عليه [- و -] لو لبس قميصا و عمامة و خفّين و سراويل وجب عليه لكل واحد فدية [- ز -] إذا لبس ثمّ صبر ساعة ثم لبس شيئا آخر ثم لبس بعد ساعة أخرى وجب عليه عن كلّ لبسة فدية سواء كفّر عن الأولى أو لا [- ح -] لو لبس ناسيا أو جاهلا ثم ذكر أو علم فنزع لم يكن عليه شيء و المكره لا فدية عليه أيضا [- ط -] من غطى رأسه وجب عليه دم شاة و كذا لو ظلل على نفسه حال سيره و لو فعلهما للحاجة أو الضرورة وجبت الفدية و لا شيء على الناسي و الجاهل و المكره إذا أزاله بعد زوال الأعذار

المطلب الخامس في حلق الرأس و قصّ الأظفار

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] إذا حلق المحرم رأسه متعمدا وجب عليه الفداء سواء كان لأذى أو لغيره و لو فعله ناسيا لم يكن عليه شيء و كذا النائم لو قلع شعره أو قربه من النار فأحرقه أما الجاهل فأوجب الشيخ عليه الفدية و عندي فيه نظر [- ب -] الكفارة إما صيام ثلاثة أيام أو دم شاة أو الصّدقة على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع و قيل عشرة لكلّ مسكين مدّ و يتخير المكفّر بين الثلاثة سواء كان لعذر أو غيره [- ج -] يجزي البرّ و الشعير و الزبيب في الفدية و تجب الفدية بما يطلق عليه اسم حلق الرأس [- د -] لا فرق بين شعر الرأس و بين شعر سائر البدن في وجوب الفدية و إن اختلف مقاديرهما فلو نتف إبطيه جميعا وجب عليه دم شاة و لو نتف إبطا واحدا وجب عليه إطعام ثلاثة مساكين و لا يجب به الدم و لو مس رأسه أو لحيته فسقط منهما شيء من الشعر أطعم كفا من طعام و لو فعله في وضوء الصلاة لم يكن عليه شيء [- ه -] اختلف قول الشّيخ في المحرم هل له أن يحلق رأسه المحلّ فجوزه في الخلاف و لا ضمان و منعه في التهذيب [- و -] لو قلع جلدة عليها شعر لم يكن عليه ضمان و لو خلل شعره فسقطت شعرة فإن كانت ميتة فلا ضمان و كذا لو شك و لو كانت ثابتة وجبت الفدية [- ز -] يباح حلق الرأس لأذى و عليه الفدية و يتخيّر بين التكفير قبل الحلق و بعده [- ح -] لو ذبح الشاة في كفارة الحلق لم يبح له أكل شيء منها و يدفعها إلى المساكين [- ط -] يحرم على المحرم قصّ أظفاره و يجب به الفدية مع العمد ففي الظفر الواحد مدّ من طعام و في الظفرين مدّين و في الثلاثة ثلاثة أمداد و كذا فيما زاد إلى العسرة فيجب بها دم و لا شيء على الناسي و الجاهل [- ي -] لو قصّ بعض الظفر وجب عليه ما يجب في جميعه طال أو قصر [- يا -] لو قص أظفار يديه و رجليه معا فإن اتحد المجلس وجب دم واحد و إن كان في مجلسين وجب دمان [- يب -] من أفتى غيره بتقليم ظفره فقلمه فأدماه وجب على المفتي دم شاة

المطلب السّادس في كفارة باقي المحظورات

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] إذا رمى المحرم القملة من جسده أو قتلها وجب عليه كف من طعام سواء كان عمدا أو سهوا أو خطأ [- ب -] يجب في قطع الشجرة الكبيرة من الحرم بقرة و في الصغيرة شاة و في أبعاضها قيمة و عندي فيه نظر [- ج -] من جادل مرّة أو مرّتين صادقا حال إحرامه لم يكن عليه شيء و يجب عليه التوبة فإن جادل ثلاثا وجب عليه دم شاة و لو جادل مرة كاذبا وجب عليه دم شاة فإن جادل مرّتين وجب عليه بقرة فإن جادل ثلاثة فجزور و لا شيء حال النسيان في الصدق و الكذب [- د -] قد بيّنا أن الجدال هو قول الرجل لا و اللّٰه و بلى و اللّٰه و يتحقق الجدال بواحدة منهما لا بمجموع اللفظين [- ه -] لا كفارة في الكذب سوى الاستغفار و لا في لبس السّلاح مع الخوف [- و -] قال الشيخ إذا اقتتل اثنان في الحرم لزم كل واحد منهما دم

المطلب السّابع في اللواحق

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] إذا اجتمعت أسباب مختلفة كاللبس و تقليم الأظفار و الطيب تعدّدت الكفارة اتحد الوقت أو تكرّر كفر عن الأول أو لا و لو اتحد الفعل

ص: 121

فأقسامه ثلاثة إتلاف على وجه التعديل كقتل الصيد فإنه يعدل به و يجب فيه مثله و يختلف بالصّغر و الكبر فتتكرر الكفارة بتكرره و إتلاف مضمون لا على وجه التعديل كحلق الشعر و قلم الأظفار فإن فعل أحدهما دفعة واحدة في وقت واحد وجب فدية واحدة و إن فعل ذلك في أوقات كأن يحلق بعض رأسه غدوة و بعضه عشية وجبت فديتان الثالث الاستمتاع باللباس و الطيب و القبلة فإن فعله دفعة فكفارة واحدة و إلا تعدّدت كفّر عن الأوّل أو لا [- ب -] لو جنّ بعد إحرامه فجامع قبل الموقفين لم يفسد حجّه و لو صاد لزمه الضمان بخلاف غيره [- ج -] الصّبي إذا قتل صيدا ضمنه و إن تطيب أو لبس ناسيا لم يكن عليه شيء و إن كان عامدا فإن قلنا عمده و خطؤه واحد فكذلك و إلا وجبت الكفارة و قد تردّد الشيخ و مع وجوبها هل يجب في ماله أو على الولي إشكال و لو جامع بشهوة فإن قلنا إن عمده عمد فسد حجه إن كان قبل الوقوف و إلا فبدنة على الولي أو في ماله على التردد و إن قلنا إنه خطأ لم يكن عليه شيء و مع القول بإفساد الحج ففي وجوب القضاء وجهان أقربهما السقوط و مع القول بوجوبه ففي إجزائه حال صغره تردّد و إذا أوجبت القضاء لو قضى حال البلوغ فهل يجزئه عن حجة الإسلام الوجه التفصيل و هو أن يقال إن كانت الحجة التي أفسدها لو صحّت إجزاؤه بأن يكون قد بلغ قبل مضي وقت الوقوف أجزأه القضاء و إلا فلا [- د -] لو خرجت قافلة الحجّ فأغمي على واحد منهم لم يصر محرما بإحرام غيره عنه [- ه -] لو قبل امرأته بعد طواف النساء فإن كانت قد طافت فليس عليهما شيء و إن كانت لم تطف فقد روى معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه السّلام أن على الرّجل دما يهريقه عنها [- و -] لو أحصر فبعث بهديه ثم احتاج إلى الحلق لأذى قبل أن يبلغ الهدي محلّه جاز له الحلق و يكفّر بالنسك أو الصّيام أو الصدقة [- ز -] لو قلع ضرسه مع الحاجة لم يكن عليه شيء و إن كان لا معها وجب عليه دم شاة قاله الشيخ لرواية مرسلة

المقصد الثاني عشر في الحصر و الصّد و الفوات

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الصّد

و فيه [- كد -] بحثا [- ا -] الحصر هو المنع عن تتمة أفعال الحج بالمرض خاصة و الصد بالعدو [- ب -] إذا تلبس الحاج بالإحرام و صار محرما ثم صد عن الوصول إلى مكة و لا طريق سواه أو كان لكن قصرت نفقته عنها تحلل سواء كان الإحرام للحج أو العمرة [- ج -] لو كان له طريق سوى موضع الصّد و معه نفقة تكفيه وجب عليه سلوكها و لم يجز له التحلّل سواء بعدت أو قربت خاف الفوات أو لا لأنّه إنما يجوز التحلل بالصد لا بخوف الفوات و هو غير مصدود عن الأبعد فيسلكه و يمضي في إحرامه فإن كان محرما بعمرة لم يفت و إن كان بحج صبر حتى يتحقق الفوات ثم يتحلل بعمرة فليس له التحلّل و الإتيان بالعمرة بمجرد خوف الفوات فإذا مضى على تلك الطريق و أدرك الحج أتمّه فإن فاته تحلل بعمرة و لو قصرت نفقته جاز له التحلّل و كذا لو لم يكن طريق سوى موضع الصّد فإنه يحل و يرجع إلى بلده [- د -] إنما يتحلل المصدود بالهدي و نية التحلّل معا و لو نوى التحلّل قبل الهدي لم يتحلّل و كان على إحرامه حتى ينحر الهدي و لا فدية عليه في نية التحلّل فإن فعل شيئا من المحظورات قبل الهدي فعليه الفداء [- ه -] لا بدل لهدي التحلل فلو عجز عنه و عن ثمنه لم ينقل إلى غيره و بقي على إحرامه و لو تحلل لم يحل [- و -] هل يجب عليه الحلق أو التقصير مع ذبح الهدي فيه تردد مع قرب الوجوب [- ز -] خصّ بعض أصحابنا وجوب الهدي بالمحصور لا بالمصدود و قواه ابن إدريس و الأقرب الأوّل [- ح -] لو ساق المصدود في إحرامه هديا قبل الصّد ثم صدّ هل يكفيه هدي السّياق عن هدي التحلل قولان أحدهما الإجزاء و هو الأقرب [- ط -] لا يتعيّن مكان لنحر هدي التحلل في المصدود بل يجوز نحره موضع الصّد سواء كان حلاّ أو حرما و لو قدر على الحرم ففي وجوب البعث إليه تردّد [- ي -] و كما لا يتعيّن بمكان فكذا لا يختصّ بزمان بل متى صدّ جاز الذبح في الحال و الإحلال [- يا -] إذا منع عن الوصول إلى مكة قبل الموقفين فهو مصدود و كذا لو صدّ عن الوقوف بالموقفين قال الشيخ و كذا لو منع من إحدى الموقفين أما لو منع عن رمي الجمار و المبيت بمنى لم يكن مصدودا و أتم حجّه فيتحلل و يستنيب من يرمي عنه و لو منع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة و السعي كان له أن يتحلل و أن يبقى على إحرامه فإن بقي و لحق أيام منى رمى و حلق و ذبح و إلا أمر من ينوب عنه فإذا تمكن رجع إلى مكة فطاف طواف الحج و سعيه و قد تمّ حجه و لا قضاء و إن تحلل كان عليه الحج من قابل و لو تمكن من البيت و صدّ عن الموقفين أو أحدهما جاز له التحلل و البقاء فإن أقام على إحرامه حتى فاته الوقوف فاته الحجّ و تحلل بعمرة و لا دم عليه لفوات الحج و هل يجوز له أن يفسخ نية الحجّ و يجعله عمرة قبل الفوات فيه إشكال و لو طاف و سعى للقدوم ثم صدّ حتى فاته الحج طاف و سعى ثانيا لعمرة أخرى و لا يجزي بالطواف الأوّل و سعيه لأنه لم يقصد به طواف العمرة و لا سعيها و يجزي بالإحرام الأوّل [- يب -] إذا تحلّل و فاته الحج وجب عليه القضاء

ص: 122

في العام المقبل إن كان الفائت واجبا و إلا فلا و كذا العمرة [- يج -] لا فرق بين الصدّ العام و الخاص و لو حبس بدين و هو قادر على أدائه لم يكن مصدودا و لم يجز له التحلل و لو كان عاجزا عنه تحلّل و كان مصدودا و كذا يتحلل لو حبس ظلما و لو كان عليه دين يحل قبل قدوم الحاج فقدم الحاج فمنعه صاحب الدّين من الحج كان له التحلّل [- يد -] لو أحرم العبد بغير إذن سيده أو الزوجة تطوعا بغير إذن زوجها كان للمولى و الزّوج منعهما من إتمام الحج و تحللا و لا دم عليهما [- يه -] يستحب له تأخير الإحلال لجواز زوال العذر فإذا أخّر و زال العذر قبل تحلله وجب عليه المضي في إتمام نسكه و لو خشي الفوات لم يتحلل و صبر حتى يتحقق ثم يتحلّل بعمرة و لو صابر ففات الحج لم يكن له أن يتحلّل بالهدي و وجب عليه أن يتحلّل بعمرة و عليه القضاء إن كان واجبا و إلا فلا و لو فات الحج ثم زال الصدّ بعده فعليه أن يتحلل بعمرة و لا دم عليه لفوات الحج [- يو -] لو غلب على ظنّه انكشاف العدوّ قبل الفوات جاز له التحلّل و يستحب البقاء على الإحرام فإن انكشف العدوّ أثم و لو اتفق الفوات أحلّ بعمرة [- يز -] لو صدّ فأفسد حجّه جاز له التحلل و وجب عليه دم للتحلل و بدنة للإفساد و القضاء [- يح -] يستحبّ للمحرم أن يشترط على ربّه حال الإحرام كما بيناه فإذا شرط أن يحل متى مرض أو ضاعت نفقته أو نفدت أو منعه ظالم أو غير ذلك من الموانع فإنّه يحل متى وجد ذلك إجماعا و هل يسقط الهدي قال الشيخ لا و قال المرتضى يسقط و لا تأثير للشرط في سقوط الحج من قابل مع وجوبه [- يط -] ينبغي أن يشترط ما له فائدة مثل أن يقول إن مرضت أو فني مالي أو ضاق علي الوقت أو منعني العدوّ و لو قال أن تحلني حيث شئت فليس له ذلك و لو قال أنا أرفض إحرامي و أحلّ فلبس الثياب و ذبح الصّيد و عمل ما يعمل الحلال من غير صدّ أو حصر أو إتمام لم يحل و وجب عليه عن كلّ فعل كفارة و ليس عليه لرفضه للإحرام شيء [- ك -] الصاد لأهل الحجّ إن كانوا مسلمين فالأولى الانصراف عنهم إلا أن يدعو الإمام أو من نصبه إلى قتالهم و يجوز من غير دعاء و إن كانوا مشركين لم يجب قتالهم قال الشيخ و لا يجوز أيضا سواء كانوا قليلين أو كثيرين أو المسلمون أقل أو أكثر مع أنه قال في جانب المسلمين الأولى ترك قتالهم و هو مشعر بجوازه و الأولى استحبابه مع الظن بالظفر [- كا -] لو احتاج الحاج إلى لبس السلاح و ما يجب فيه الفدية لأجل الحرب جاز و عليه الفدية و لو قتلوا أنفسا أو أتلفوا أموالا فلا ضمان فإن كان هناك صيد فقتله الحاج فإن كان لأهل الحرب ففيه الجزاء دون القيمة و إن كان لمسلم أو لا لمالك كان فيه الجزاء و القيمة [- كب -] لو بذل العدوّ الطريق و هم معروفون بالعذر جاز الانصراف و إلا وجب السّلوك و لو طلب العدوّ مالا على بذل الطريق و هم غير مأمونين لم يجب قطعا و إن كانوا ممن يوثق بقولهم و إن كان المال كثيرا كره بذله و إن كان قليلا قال الشيخ لا يجب بذله و جاز التحلل [- كج -] إذا تحلل المصدود قضى أما وجب عليه خاصة فإن كان حجا لم يجب عليه عمرة بل الحج و كذا بالعكس [- كد -] الصّدقة تتحقق في العمرة

الفصل الثاني في المحصور

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] الحصر هو المنع بالمرض عن مكة أو عن الموقفين فمتى منع الحاج بعث هديه مع أصحابه ليذبحوه عنه في موضع الذبح فإن كان قد ساق هديا بعث ما ساقه و إلا بعث هديا أو ثمنه و لا يحل حتى يبلغ الهدي محله و هو منى إن كان حاجّا و مكة إن كان معتمرا فإذا بلغ الهدي محله قصر من شعر رأسه و أحل من كل شيء إلا من النّساء إلى أن يطوف للنساء في القابل إن كان واجبا أو يأمر من يطوف عنه إن كان الحج ندبا فيحل له النساء حينئذ [- ب -] لو وجد المحصور من نفسه خفة بعد أن يبعث هديه و أمكنه المسير إلى مكة فليلتحق بأصحابه فإن أدرك أحد الموقفين في وقته فقد أدرك الحجّ و ليس عليه الحجّ من قابل و إن لم يدركهما فاته الحج و قضاه [- ج -] إذا لم يبعث الهدي بعث الثمن و واعد أصحابه ليشتروه و يذبحوه يوم المواعدة و يبقى على إحرامه إلى ذلك اليوم فيقصر و يحلّ من كل شيء إلا النّساء فلو ردوا عليه الثمن و لم يكونوا وجدوا الهدي أو وجدوه و لم يشتروه و لا ذبحوه عنه لم يبطل تحلله و وجب عليه أن يبعث به في العام المقبل ليذبح عنه في موضع الذبح قال الشيخ و يجب عليه أن يمسك عما يمسك عنه المحرم إلى أن يذبح عنه و منع ابن إدريس ذلك كل المنع قال الشيخ و من بعث بهدي تطوّعا من أفق من الآفاق فليواعد أصحابه يوما بعينه بإشعاره و تقليده و ذبحه ثم ليجتنب ما يجتنبه المحرم من النساء و الثياب و الطيب و غيرها يوم المواعدة بالإشعار إلا أنه لا يلبّي فإن فعل شيئا مما يحرم عليه كان عليه الكفارة كما يجب على المحرم سواء فإذا كان يوم المواعدة بالذّبح أحل و منع ابن إدريس ذلك [- د -] المحصور إذ احتاج إلى حلق رأسه لأذى ساغ له و فداه [- ه -] لا فرق في حكم الإحصار بين الحاج و المعتمر و يقضيان الحج و العمرة مع وجوبهما وجوبا و إلا نفلا و لو كان

ص: 123

المحصور قد أحرم بالحج قارنا لم يكن له أن يحج في القابل إلا كذلك و جوزه ابن إدريس و الأقرب الإتيان بما هو واجب عليه و إن كان نقلا أحرم بمهما شاء و إن كان الأفضل الإتيان بمثل ما خرج عنه [- و -] إذا ساق المحصور هديا كفاه بعثه و أوجب ابنا بابويه و ابن إدريس هديا آخر للإحصار [- ز -] لو اشترط على ربّه جاز له أن يحل وقت بلوغ الهدي محله و هو يوم العيد إلا من النساء من دون إنفاذ هدي و لا ثمنه إلا أن يكون ساقه و أشعره أو قلده [- ح -] قال ابن إدريس المحصور يفتقر إلى نية التحلّل كما دخل في الإحرام بنيته

الفصل الثالث في حكم الفوات

و فيه [- ي -] بحثا [- ا -] قد بينا فوات الحج لمن فاته الموقفان معا فإذا فات الحج تحلّل بطواف و سعى و حلق و هو عمرة مفردة و يسقط بقية أفعال الحج من الرمي و المبيت و لا يمضي في حج فائت و لا بد من نية الاعتماد [- ب -] يستحب له مع فوات الحجّ المقام بمنى إلى انقضاء أيام التشريق و ليس بفرض [- ج -] لا يجب على فائت الحج الهدي و نقل الشيخ عن بعض أصحابنا الوجوب و لو كان قد ساق هديا نحره بمكة لتعيينه للإهداء و مع القول بالوجوب لو لم يسبق لا يجوز تأخيره إلى القابل فلو أخره عصى فإذا قضى وجب عليه ذبحه و لا يجزئه عن هدي القضاء [- د -] إذا كانت دم الفائت واجبا وجب القضاء و لا يجزئه عمرة التحلل و إن لم يكن واجبا لم يجب القضاء و لو كان حجة الإسلام وجب القضاء على الفور [- ه -] من فاته الحج الواجب وجب قضاؤه كما فاته تمتّعا أو قرانا أو إفرادا [- و -] لا يحتاج من فاته الحج إلى تجديد إحرام لعمرة التحلل [- ز -] عمرة التحلل لا تسقط عمرة الإسلام إن كانت الفائتة حجة الإسلام [- ح -] لو أراد فائت الحج البقاء على إحرامه إلى القابل ليحجّ به لم يجز له و وجب عليه التحلّل بالعمرة [- ط -] المكي و غيره سواء في وجوب الهدي بالفوات و عدم وجوبه بخلاف دم التمتع [- ي -] العمرة المفردة لا تفوت بخلاف المتمتع بها

المقصد الثالث عشر في أحكام النساء و العبيد و الصبيان و النائب في الحج

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في أحكام النساء

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] الحج واجب على النساء كوجوبه على الرجال و ليس للزوج منعها عن الواجب لحجّة الإسلام و النذر و شبهه و ما وجب بالإفساد و له منعها عن التطوّع إجماعا و لو أذن لها فيه جاز له الرجوع ما لم يتلبس بالإحرام فلو تلبست بعد رجوعه جاز له أن يحللها و هل يلزمها الهدي كالمحصر الوجه عدمه و لو تلبست بإذنه لم يكن له الرجوع في الإذن و لو تلبّست من غير إذنه في التطوّع جاز له أن يحللها [- ب -] لو كانت حجة الإسلام و لم تستكمل الشرائط جاز له منعها من الخروج إليها و التلبس بها فلو أحرمت بغير إذنه و الحال هذه ففي جواز تحليلها تردّد [- ج -] لو نذرت الحج بغير إذن الزّوج لم ينعقد نذرها و لو كان بإذنه لزم و كان كحجة الإسلام [- د -] حكم المطلقة رجعيّا حكم الزوج ما دامت في العدة فلو خرجت منها أو كانت المطلقة بائنة كان أمرها بيدها [- ه -] إذا خرجت في حجة الإسلام بإذنه فقدر نفقة الحضر عليه و الزائد لأجل السفر عليها و كذا لو حجت بغير إذن الزّوج في الواجب أو بإذنه في التطوع و لو أفسدت حجها فإن مكنت زوجها من وطئها مختارة قبل الوقوف بالمشعر لزمها القضاء و الكفارة في مالها و كذا ما زاد على نفقة الحضر و لو خرجت في التطوع بغير إذنه كانت النفقة أجمع عليها [- و -] جميع ما يجب على الرّجل من أفعال الحجّ و تروكه فهو واجب على المرأة إلا في لبس المخيط و لا يجوز لها تأخير الإحرام عن وقت لمكان الحيض بل يحرم و إن كانت حائضا و تحتشي و تتوضأ و لا تصلي و المستحاضة تفعل ما يلزمها من الأغسال إن وجبت عليها ثم تحرم عند الميقات و النفساء كالحائض [- ز -] لو تركت الإحرام نسيانا أو ظنت عدم جوازه رجعت مع المكنة و أحرمت منه و لو عجزت أو ضاق الوقت خرجت إلى أدنى الحل و أحرمت و إن عجزت أحرمت من موضعها [- ح -] إذا دخلت المرأة مكة طافت و سعت و قصرت كما يفعل الرجل ثم أحرمت بالحجّ و لو حاضت قبل الطواف انتظرت الموقفين فإن طهرت و تمكّنت من الطواف و السعي و التقصير و إنشاء الإحرام للحج و إدراك عرفة صحّ لها التمتّع و إلا بطلت متعتها و صارت حجها مفردة و لا يجب عليها تجديد الإحرام و لا الدّم و كل متمتع خشي فوات الحجّ باشتغاله بالعمرة رفض العمرة و صارت حجته مفردة [- ط -] لو حاضت في أثناء طواف العمرة فإن كانت قد طافت أربعة أشواط قطعته و سعت و قصرت ثم أحرمت بالحج و صحّت متعتها فإذا فرغت من المناسك و طهرت تممت الطواف و منع ابن إدريس من ذلك و لو طافت أقل من أربعة كان حكمها حكم من لم يطف عند الشيخ و قال ابن بابويه لو حاضت بعد ثلاثة أو أقل جاز البناء و صحت المتعة و به رواية صحيحة و لو حاضت بعد الطواف قبل الصّلاة سعت و قضتها بعد المناسك و ليس عليها إعادة الطواف [- ي -] لو حاضت في إحرام الحج قبل طواف الزيارة أقامت بمكة حتّى تطهر وجوبا و تطوف و كذا لو كان قبل طواف النساء و لو كانت قد طافت من طواف النساء أربعة

ص: 124

أشواط جاز لها الخروج من مكة [- يا -] الحائض تودع البيت من باب المسجد و لا يجوز لها دخوله [- يب -] يجوز لها إذا خافت الحيض بعد أفعال العمرة تقديم طواف الزيارة و النساء و منعه ابن إدريس [- يج -] العليلة يجوز أن يطاف بها و لو عجزت طاف عنها وليها و يحرم عنها وليها إذا لم يفعل عند الإحرام و لو كان على الحجر زحام جاز لها ترك الاستلام [- يد -] المستحاضة تطوف بالبيت كالطاهر إذا فعلت ما تفعله المستحاضة و يكره لها دخول الكعبة [- يه -] لو طلقت بعد إحرام الحجّ وجب عليها العدّة فإن ضاق الوقت خرجت لقضاء الحجّ ثم عادت فأتمت العدّة إن بقي عليها شيء و إن كان الوقت متسعا أو كانت محرمة بعمرة فإنها تقيم و تقضي عدتها ثمّ تحجّ و تعتمر قاله الشيخ و الوجه التفصيل فإن كانت حجة الإسلام مضت فيها في أيام العدّة [- يو -] المتوفى عنها زوجها يجوز لها أن تخرج في الحج و إن كان تطوعا

الفصل الثّاني في أحكام العبيد و الصبيان و الكفار في الحج

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] لا يجوز للعبد الحج بغير إذن مولاه و كذا المكاتب و المدبر و أم الولد و من انعتق بعضه و مع الإذن لا يجزئه عن حجة الإسلام لو انعتق ما لم يدركه العتق قبل أحد الموقفين و الزوجة المملوكة ليس لها أن تخرج للحجّ إلا بإذن مولاها و زوجها معا فلو كره أحدهما وجب الامتناع و لو انعتق بعضه و هايأه مولاه قال الشيخ يمكن القول بانعقاد إحرامه فيها و صحة حجّه بغير إذن سيّده [- ب -] إحرام العبد بإذن مولاه صحيح و كذا الصّبي فلو بلغ أو أعتق العبد فإن كان بعد فوات الموقفين أتما حجتهما و لم يجزئهما عن حجة الإسلام و إن كملا قبل الموقفين أجزأهما عن حجة الإسلام و لا يحتاج الصّبي إلى تجديد إحرام و إن كان البلوغ و العتق بعد الوقوف و قبل فوات وقته بأن كملا قبل فجر النحر رجعا إلى عرفات و المشعر إن أمكنهما و إلا أجزأهما المشعر ثم كل موضع يجزئهما عن حجة الإسلام فإنه يلزمهما الدّم إذا كانا متمتعين و إلا فلا [- ج -] الكافر يجب عليه الحج و لا يصحّ منه إلا بشرط تقدم الإسلام فلو مرّ الكافر على الميقات مريدا للنسك و أحرم منه لم يصحّ إحرامه و لو مات على كفره فلا حكم له و لو أسلم بعد مضي زمان الوقوف سقط في تلك السنة و إلا وجب مع المكنة [- د -] المخالف للإماميّة من أهل القبلة إذا حجّ ثم استبصر فإن كان قد أتى بأركان الحج و أفعاله أجزأ عنه و يستحبّ له إعادته (- ح -) و إن كان قد أخل بشيء من أركانه وجب عليه الإعادة و المراد بالركن هنا ما يعتقد أهل الحقّ أن الإخلال به مبطل للحج و كذا باقي العبادات إذا أوقعها على وجهها لا يجب عليه قضاؤها سوى الزكاة إلا أن يدفعها إلى أهل الحق [- ه -] من شهد المناسك و هو سكران لم يحصل شيئا لم يصحّ حجّه و وجب عليه الإعادة و إن كان محصّلا إتيانها على وجهها فالوجه الإجزاء و الشيخ أطلق عدم الإجزاء و الظاهر أن مراده التفصيل

الفصل الثّالث في حجّ النّائب

و فيه [- لد -] بحثا [- ا -] لا يجوز للمستطيع مع التمكن أن يستنيب غيره في الإتيان بالحج الواجب كالإسلام و النذر و أما التطوّع فإن كان المستأجر صرورة جاز أن يستنيب و كذا إن كان غير صرورة مع العجز عن المتطوع و القدرة عليه [- ب -] لو عجز عن أداء الحج الواجب بنفسه و أمكنه إقامة غيره ليحجّ عنه ففي وجوب الاستنابة قولان تقدما و لو لم يجد مالا يقيم به غيره سقط إجماعا و كذا لو وجد مالا و لم يجد النائب [- ج -] يصح الاستيجار للحجّ و تبرأ ذمّة المستأجر إذا كان ميتا أو ممنوعا و يقع حج النائب عن المستأجر لا الأجير [- د -] يشترط في النائب العقل و البلوغ و الإسلام و أن لا يكون عليه حج واجب و الأقرب اشتراط العدالة و يجوز أن يحجّ الرّجل عن مثله و عن المرأة و المرأة عن مثلها و عن الرجل سواء كانت المرأة أجنبيّة أو من أقارب الرّجل و سواء أخذت أجرة أو لا و سواء كانت صرورة أو لم تكن و منع الشيخ في كتابي الأخبار من نيابة المرأة الصرورة و ليس بمعتمد و فاقد الاستطاعة يجوز أن يحجّ عن غيره و إن لم يحج حجة الإسلام سواء تمكن من الحجّ من غير استطاعة أو لم يتمكن و يستحق الأجرة [- ه -] من فقد الاستطاعة و هو صرورة و تمكّن من الحجّ تطوعا جاز له ذلك و يقع عن التطوع و لو نوى حجا منذورا عليه صحّ عن النذر و لا يقع عن حجة الإسلام و لو أحرم بحجة التطوّع و عليه منذورة فإن تعلق النذر بزمان معيّن لم يقع [لم يجز إيقاع] التطوّع فيه فإن أوقعه بنية التطوّع بطل و لم يجزئ عن المنذورة و إن لم يتعلّق بزمان معيّن لم يقع عن المنذورة و هل يقع تطوّعا فيه إشكال [- و -] العبد المأذون له في النيابة تصحّ نيابته عن الحرّ في التطوّع و الواجب [- ز -] لا يجوز النيابة عن المخالف في الاعتقاد إلا أن يكون أبا للنائب قاله الشيخان و منع ابن إدريس الاستثناء [- ح -] يشترط في النيابة نية النّائب عن المنوب عنه بالنّية أو الذكر و يستحبّ له أن يذكره لفظا في الأفعال

ص: 125

كلها و كذا من طاف عن غيره يستحب أن يذكره عند الطواف [- ط -] لا يجوز الحج و العمرة عن حي إلا بإذنه سواء كان الحج فرضا أو نفلا و يجوز عن الميّت مطلقا [- ي -] من استأجر غيره ليحج عنه حجة الإسلام فمات النائب فإن كان بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأ عن المنوب عنه و إن كان قبل ذلك لم يجزئ و اجتزأ في الخلاف بالإحرام خاصة و هو اختيار ابن إدريس و الأول أقوى و لا يجب على الورثة ردّ شيء من الأجرة و لو مات قبل دخول الحرم فللشيخ قولان أحدهما أنه يستعاد منه الأجرة بكمالها و الثاني يستحق من الأجرة بقدر ما عمل و يستعاد الباقي و اختاره ابن إدريس ثم رجع عنه إلى الأوّل [- يا -] لو صد الأجير عن بعض الطّريق قال الشيخان عليه مما أخذ بقدر نصيب ما بقي من الطريق التي يؤدي فيها الحجّ إلا أن يضمن العود لأداء ما وجب و الأقوى عندي الرجوع عليه بالمتخلف إن وقعت الإجارة على تلك السّنة و لا يجب على المستأجر الإجابة في قضاء الحجّ ثانيا و إن وقعت مطلقة وجب عليه الإتيان بها مرة ثانية و ليس للمستأجر فسخ الإجارة و كانت الأجرة بكمالها للأجير قال الشيخ إذا أحصر الأجير تحلل بالهدي و لا قضاء عليه أما المستأجر فإن تطوّع فكذلك و إلا وجب أن يستأجر مرة ثانية و يلزم الأجير ردّ باقي الأجرة أو يضمن الحج ثانيا [- يب -] إذا أحصر الأجير جاز له التحلل بالهدي و يقع ما فعله من المستأجر و يظهر من كلام الشيخ وقوعه عن المحصر و الدم على الأجير و لو أقام محرما حتى فات الحج تحلّل بعمرة و لا يستحق الأجرة على ما فعله من وقت الوقوف إلى التحلل [- يج -] لو أفسد الأجير حج النيابة قال الشيخ وجب قضاؤها عن نفسه و كانت الحجة باقية عليه ثم إن كانت الحجة معينة انفسخت له الإجارة و لزم المستأجر الاستيجار ثانيا و إن كانت مطلقة لم ينفسخ و على الأجير أن يأتي بحجّ آخر في المستقبل عن المستأجر بعد أن يقضي الحجة التي أفسدها عن نفسه و ليس للمستأجر فسخ الإجارة عليه و الحجة التي أفسدها انقلبت عن المستأجر إليه و صار محرما بحجة عن نفسه فاسدة فعليه قضاؤها عن نفسه في العام الثاني ثم يحجّ عن المستأجر في الثّالث و نحن نقول إن كانت الفاسدة حجة الإسلام و الثانية عقوبة برئت ذمّة المستأجر بإكمالها و القضاء في القابل عقوبة على الأجير و لا تنفسخ الإجارة و إن قلنا الأولى فاسدة و الثانية قضاء لزم النائب الجميع و لا يجزي عن المستأجر و يستعيد الأجرة إن تعلقت بزمان معين و إلا وجب على الأجير الحجّ عن المستأجر بعد حجة القضاء و لو قيل بأن حجة القضاء مجزئة كان وجها [- يد -] إذا فعل الأجير شيئا من المحظورات كانت الكفارة عليه في ماله [- يه -] عقد الإجارة عن الحج صحيح و يستحق به الأجرة لا رزقا [لا ردها] و يقع الحج عن المستأجر و يسقط به الفرض سواء كان حيّا أو ميّتا استأجر عنه وليه [- يو -] لا تفتقر الإجارة إلى تعيين محل الإحرام سواء كان للبلد ميقات واحد أو ميقاتان و لو شرط عليه أن يحرم من قبل الميقات لم يلزمه ذلك و لو عين له دون الميقات ثم عجز و استأجر فالوجه وجوب الاستنابة على هذه الهيئة فلو أخره الأجير مع الشرط رجع و أحرم إن تمكن و إلا من حيث المكنة [- يز -] لو استأجره ليحجّ على طريق فحجّ على غيرها استحق الأجرة و هي رواية صحيحة عن حريز عن الصادق عليه السلام و لو تعلق بالمسافة المعينة غرض مقصود و شرطه المستأجر فعدل عنها صح الحجّ و برئت ذمّتهما منه و رجع المستأجر بنسبة التفاوت من الطريق و قال الشيخ لا يرجع و فيه نظر [- يح -] يجب على الأجير الإتيان بالنوع الذي شرط عليه من تمتع أو قران أو إفراد اختاره عليّ بن رباب و قال الشيخ إذ استأجره للقران فتمتع أجزأه و إن أفرد لم يجزه و إن استأجره للتمتع فقرن أو أفرد لم يجزئه و إن استأجره للإفراد فتمتع أو قرن أجزأه و المختار أنه إن كان الحج واجبا فلا بدّ من تعيينه عليه فيجب على الأجير متابعته و إن كان تطوعا و علم من قصد المستأجر الإتيان بالأفضل و إن لم يصرح به في العقد فعلى قول الشيخ لو استأجره لغير التمتع فتمتع استحق الأجرة و على المختار إن علم منه التخيير استحق الأجرة بأيّ الأنواع أتى و إن لم يعلم وقع عن المستأجر و في استحقاق الأجرة إشكال [- يط -] دم التمتع على الأجير و لو شرطه على المستأجر صح و لو استأجره للقران فقرن كان هدي السياق على الأجير و لو شرطه على المستأجر جاز [- ك -] لو استأجره للحج من العراق فوصل إلى الميقات فأحرم بعمرة عن نفسه ثم فعل مناسكها و أحل ثم حج عن المستأجر فإن كان قد خرج إلى ميقات العراق و أحرم و فعل باقي المناسك صحّ حجّه و إن أحرم من مكة فإن كان لعدم تمكنه من الرجوع إلى الميقات صحّ حجه و لا دم عليه و إن تمكن لم يجزه قاله الشيخ و الوجه عندي إجزاء الحج مطلقا و رد التفاوت إن عين له الميقات و إلا فلا و في ردّ التفاوت إشكال بين أن يقال حجّه من العراق أحرم بها من الميقات و حجه من العراق أحرم بها من مكة و يؤخذ بنسبة التفاوت أو يقال حجه من العراق و حجه من مكة و الأول أقوى [- كا -] الإجارة إن كانت معينة كأن يستأجره ليحج عنه بكذا تعيّن على الأجير إيقاعها مباشرة و إن كانت

ص: 126

مطلقة كأن يستأجره ليحصل له حجة و يقصد النيابة مطلقا و فيجوز للأجير الاستنابة و لو أمره بالاستئجار لم يكن له أن يحجّ عنه بنفسه [- كب -] إذا استأجره ليحجّ عنه فإن عين السنة صحّ إن أمكن التلبس بالإحرام في وقته و إلا بطلت سواء وقع العقد في أشهر الحجّ أو في غير أشهره إما مع الحاجة إلى التقدم بالشروع أو بدونها فإن فعل الأجير في السنة المعينة برئت ذمته و إلا بطلت الإجارة و لو لم يعيّن بأن يقول استأجرتك لتحجّ عنّي من غير تعيين الوقت فإنه يصح و يقتضي التعجيل و لو أخّرها الأجير لم تنفسخ الإجارة و ليس للمستأجر الفسخ سواء قبض مال الإجارة أو لا و سواء كان المستأجر حيا مغصوبا أو وصيّ ميّت و يجب عليه الإتيان بالحجّ في أوّل أوقات الإمكان و لو عين له سنة بعد سنة الإجارة بأن يستأجره ليحج عنه في العام الثاني أو الثالث صحّ [- لج -] إذا أخذ الأجير حجة عن غيره لسنة معينة لم يكن له أن يوجر نفسه لغيره تلك السنة بعينها و إن أطلق الأول فإن استأجره الثاني للسنة الأولى فالأقرب عدم الصّحة و إن استأجره للثانية أو مطلقا جاز و إن استأجره الأول للثانية جاز للثاني استئجاره للأولى و مطلقا و الشيخ رحمه اللّٰه قال إذا أخذ الأجير حجة عن غيره لم يكن له أن يأخذ أخرى حتى يقضي التي أخذها فإن أراد ما ذكرناه من التفصيل فهو جيّد و إلا فهو ممنوع [- كد -] لا يجوز لحاضر مكة مع تمكّنه من الطواف الاستنابة فيه و يجوز للغائب و للحاضر غير المتمكن كالمبطون و المغمى عليه [- كه -] يستحب للأجير إعادة فاضل الأجرة و ليس بلازم و كذا يستحبّ للمستأجر أن يتممه للأجير لو أعوز به الأجرة [- كو -] لا بد من العلم بالعوض و تعيين مقداره فلو قال حج عنّي بنفقتك بطلت الإجارة و كذا حج عنّي بما شئت و يجب أجرة المثل إن حج و صحّت الحجّة عن المستأجر و لو قال أول من يحجّ عني فله مائة كانت جعالة صحيحة و لو قال حج عنّي أو اعتمر بمائة قال الشيخ كان صحيحا فمتى حجّ أو اعتمر استحقّ المائة و نحن نقول إن كان جعالة صحّ و إن كان إجارة بطل و لو قال من حجّ عنّي فله عبد أو دينار أو عشرة دراهم صحّ جعالة لا أجرة [- كز -] إذا استأجر اثنان شخصا ليحجّ عنهما حجّة واحدة فأحرم عنهما لم يصحّ إحرامه عنهما و لا عن واحد منهما و لا عن نفسه و لو قيل إن كان الحج ندبا صحّ عنهما كان وجها [- لح -] إذا أحرم الأجير عن نفسه و عن من استأجره قال الشيخ لا ينعقد إحرامه عنهما و لا عن واحد منهما [- كط -] إذا استأجره ليحج في سنة معيّنة فحصلت الاستطاعة في تلك السنة بعد عقد الإجارة و كان صرورة انصرف الزمان إلى حج النيابة دون حجة الإسلام فلو أحرم عن نفسه لم يقع عنها و الوجه عدم وقوعه عن المستأجر و لو استأجره مطلقا فإنه يجوز الحج عن نفسه على إشكال [- ل -] لو أحرم النائب عن المستأجر ثم نقل الحج إلى نفسه لم يصح فإذا أتم الحج استحق الأجرة [- لا -] إذا استأجره للحجّ فاعتمر أو للعمرة فحج قال الشيخ لا يقع عن المستأجر سواء كان حيّا أو ميّتا و لا يستحق أجرة و الوجه عندي وقوع ما فعله عن المستأجر و لا يستحق أجرة [- لب -] لو أحصر الأجير تحلل بالهدي و لا قضاء عليه و يبقى المستأجر على ما كان عليه إن كان الحجّ واجبا وجبت الاستنابة و إلا فلا و لو فاته الموقفان بتفريط لزمه التحلل بعمرة لنفسه و يعيد لأجرة إن كان الزمان معيّنا و إن كان بغير تفريط قال الشيخ يستحق أجرة المثل إلى حين الفوات و لو قيل له من الأجرة بنسبة ما فعله من أفعال الحجّ و يستعاد الباقي كان وجها و لو أفسد الحجّ وجب القضاء و لو أفسد القضاء وجب آخر [- لج -] إذا حصلت الاستطاعة للنائب بعد الحجّ وجب عليه حجة الإسلام عن نفسه إذا كان صرورة و لم يجزئه ما فعله عن غيره [- لد -] من وجب عليه أحد النسكين خاصة جاز له أن ينوب عن غيره في الآخر و يفعل هو ما وجب عليه عن نفسه و لا يجب عليه رد شيء من الأجرة و كذا لو لم يجب عليه أحدهما جاز أن يوجر نفسه عن شخصين لأدائهما في عام واحد

المقصد الرّابع عشر في الحج عن الميّت و الوصيّة بالحج و حجّ النذر

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] من مات بعد تمكنه من الحج و إهماله وجب أن يخرج عنه من يحج عنه من صلب ماله و لا يسقط بالموت و كذا البحث في العمرة و هل يجب أن يحجّ عنه من بلده أو من الميقات سواء كثرت التركة أو قلت الوجه عندي الثاني و هو اختيار الشيخ في الخلاف و المبسوط و في النّهاية الأوّل و لو قصرت التركة حج عنه عن الميقات و هو اختيار ابن إدريس و لو كان عليه دين فإن نهضت التركة بهما صرف فيهما ما يقوم بهما و الفاضل يكون ميراثا و إن قصرت التركة قسمت على أجرة المثل للحج من الميقات و على الدين بالحصص و لو قصرت عن ذلك صرفت في الدّين و إن لم يقصر المجموع [- ب -] لو كان عليه حجة الإسلام و أخرى منذورة أخرجتا معا من صلب المال و للشيخ قول غير معتمد [- ج -] لو نذر الحجّ مطلقا فالوجه وجوب القضاء عنه من الميقات و لو عين الموضع الذي ينشئ منه السّفر للحجّ تعين و قضي عنه منه و مع ضيق التّركة من أقرب الأماكن [- د -] لو لم يخلف ما يفي بحجة الإسلام و النذر و وقت التركة بأحدهما فالأقرب

ص: 127

صرفها إلى حجة الإسلام و إذا صرفت إلى حجة الإسلام فالأقرب عدم وجوب قضاء النذر على الولي لكن يستحبّ [- ه -] من وجب عليه الحج فخرج في الطريق لأدائه فمات قال الشيخ إن كان قبل بلوغ الحرم وجب على وليّه القضاء عنه من تركته و إن كان بعد دخول الحرم أجزأه و الأقرب توجّه الوجوب على من استقر الحجّ في ذمته و فرط في أدائه فإنه يقضي عنه من التركة إذا لم يدخل الحرم لم يجب عليه إلا في عامه الّذي مات فيه فإنّه لا يقضي عنه [- و -] يستحب للإنسان أن يحجّ عن أبويه ميّتين كانا أو حيّين عاجزين و لو تبرع الابن أو غيره بالحجّ عن الميّت برئت ذمة الميّت من حجة الإسلام و إذا حجّ عن غيره وصل ثواب الحجّ إلى ذلك الغير من غير أن ينقص من ثواب الحاج شيء [- ن -] من وجب عليه الحج و فرط فيه ثم عجز عنه بنفسه و نيابته وجب أن يوصي به و لو لم يكن حج واجب و أوصى أن يحجّ تطوّعا صحت الوصيّة و أخرجت من ثلث المال و لو أوصى بحجة الإسلام و لم يعيّن قدر الأجرة انصرف إلى أجرة المثل من صلب المال و لو عينه أخرج أجرة المثل من الأصل و الزائد من الثلث و لو قصر المعيّن عن أجرة المثل وجب على الورثة الإتمام من التركة و لو مات و لا شيء له سوى ما يحجّ به عنه صرف في الحج و لا ميراث [- ح -] من أوصى بحجّ و غيره فإن كان الجميع واجبا أخرج من صلب المال و إن لم يف قسم بالحصص و يبدأ بالحجّ و إن كان الجميع غير واجب أخرج من الثلث فإن وفى الثلث عمل بوصيّته و إلا بدئ بالأول فالأول و لو كان البعض واجبا أخرج من أصل المال و الباقي من الثلث [- ط -] لو أوصى أن يحجّ عنه و لم يعيّن المرّات فإن لم يعلم منه إرادة التكرار حج عنه مرّة واحدة و إن علم منه قصد التكرار حجّ عنه مرات بقدر الثلث و الشيخ أطلق الحجّ عنه بقدر الثلث و الوجه ما قلناه [- ي -] إذا حصل عند إنسان لميّت مال وديعة و يعلم استقرار الحجّ في ذمته و عدم أداء الوارث جاز أن يقطع أجرة الحج و يدفع إلى الورثة ما بقي [- يا -] لو أوصى أن يحج عنه كل سنة بشيء معلوم فقصر جمع نصيب سنتين فما زاد لسنة واحدة [- يب -] إذا أوصى بحجّ واجب فإن لم يعين للأجير الأجرة حج عنه بأقل ما يوجد من يحج عنه من الميقات و إن عيّنهما أعطى المعيّن أجرة المثل من الأصل و الزائد من الثلث فإن رضي المعين و إلا استوجر غيره بالمعين إن ساوى أجرة المثل أو كان أقل و إن كان أكثر فالوجه أن الزيادة للوارث و لا شيء للمعين وارثا كان أو غيره و إن عين الأجير صرف إليه أقل ما يوجد من يحجّ عنه به و لا يجوز العدول عنه مع الرضا و إن لم يرض فهل يجب على الوارث دفع ما يرضى به حتى يبلغ الثلث أو حتّى يبلغ أجرة المثل أو يحجّ عنه غيره بأقل ما يوجد من يحجّ عنه الأقرب الثاني و إن عين الأجرة صرفه الوارث إلى من يختاره إن ساوى أجرة المثل أو كان أقل و إن كان أزيد أخرج مساوي أجرة المثل من صلب المال و الباقي من الثلث و كذا البحث في التطوّع إلا أنه يخرج من الثلث [- يج -] لو أوصى أن يحجّ عنه مرارا أخرج الواجب من الأصل و الباقي من الثلث و لو أوصى أن يحجّ الواجب من الثلث و قصر حج من الأصل و إن أوصى بحجّ تطوع أخرجت من الثلث فإن وسع ما عينه من موضعه حجّ عنه و إلا فمن بعض الطريق و لو لم يتسع الثلث للحجّ أصلا صرف في وجوه البرّ و قيل يصير ميراثا و ليس بجيد و لو خلف مالا يقوم بالحج الواجب من أقرب المواضع فالوجه أنه يكون ميراثا و لو كان هناك دين صرف فيه [- يد -] لو أوصى بالحج فاستوجر شخص أو استأجره ليحجّ عنه فإن فعل الأجير ما شرط عليه استحقّ الأجرة و إن خالف قال الشيخ يستحق أجرة المثل و هو مشكل [- يه -] من نذر أو عهد أو حلف أن يحجّ وجب عليه و يشترط في صحّة النّذر و شبهه كمال العقل و الحرّية فلا ينعقد نذر الصّبي و لا المجنون و لا من غلب على عقله بمرة أو مسكر أو ما شابه ذلك و لا العبد و المكاتب المطلق و إن تحرّر بعضه و لا أم الولد و لا المدبّر فلو نذر العبد كان لمولاه فسخ النذر و لو أذن له مولاه في النذر انعقد و وجب على المولى تمكينه من فعله و إعانته بالحمولة مع الحاجة [- يو -] المرأة إن كانت ذات بعل أو في عدة رجعيّة لم ينعقد نذرها إلا بإذن الزّوج و لو أذن لها الزّوج في النذر صحّ و لزم و وجب على الزوج تمكينها من الحج و لا يجب عليه الإعانة بالمال و ينعقد نذر المطلقة بائنا و المتوفى عنها زوجها و الأمة المزوجة لا ينعقد نذرها إلا بإذن مولاها و زوجها [- يز -] إذا انعقد النّذر وجب الإتيان بما نذره فإن كان مطلقا استحب فعله في أول أوقات الإمكان و إن كان معيّنا وجب وقت تعيينه فإن أهمل وجب القضاء و كفارة خلف النذر و إن فاته لعذر كمرض أو عدوّ و شبه ذلك لم يلزمه فيما بعد [- يح -] إذا نذر الحج و عليه حجة الإسلام فإن قصد بالنذر غير حجة الإسلام لم يتداخلا إجماعا و إن قصد حجة الإسلام تداخلا و إن أطلق قال الشيخ إن حجّ بنية النّذر أجزأ عن حجّة الإسلام و إن نوى الإسلام وجب عليه الإتيان بالنذورة و له قول آخر هو عدم الاكتفاء بواحدة منهما عن الأخرى و هو الوجه عندي [- يط -] لو نذر الحج ماشيا

ص: 128

وجب عليه و إذا احتاج إلى عبور بحر قام في السّفينة استحبابا و لو ركب طريقه اختيارا أعاد و لو ركب بعضه قال الشيخ يقضي فيمشي ما ركب و يركب ما مشى و قال ابن إدريس يقضي ماشيا و هو جيّد و لو عجز ركب إجماعا قال المفيد و لا يسوق شيئا و الشيخ أوجب سياق بدنة هديا كفارة عن ركوبه و قيل إن نذر معيّنا و ركب مختارا قضاه و كفر لخلف النذر و إن ركب للعجز لم يجبره بشيء و إن نذر مطلقا وجب القضاء ماشيا مع المكنة و لا كفارة و هو حسن و عندي في إبطال الحج بالركوب مختارا إشكال [- ك -] يسقط المشي عن ناذره بعد طواف النساء [- كا -] لو نذر الحجّ وجب دون العمرة و بالعكس و كذا يجب ما تعلق به النذر من المرة الواحدة أو التكرار و لو نذر الحجّ و عليه حجّة الإسلام قضاهما معا و بدأ بحجة الإسلام و لو مات استوجر عنه من صلب المال و يجوز استئجار اثنين لأدائهما في عام واحد و لو قصرت التركة استوجر لحجة الإسلام و استحب لوليه قضاء النذر و لو نذر الحجّ أو أفسده و هو مغصوب قيل وجب أن يستنيب و فيه نظر [- كب -] لو نذر الحج راكبا فمشى حنث و لو نذر أن يمشي إلى بيت اللّٰه الحرام انصرف إلى مكة و لو قال إلى بيت اللّٰه و اقتصر قيل ينصرف إلى مكة و قيل يبطل و لو قال إلى بيت اللّٰه لا حاجّا و لا معتمرا فالأقرب بطلان النّذر و لو نذر إن رزق ولدا حج به أو حج عنه ثم مات حج بالولد أو عنه من صلب ماله و لو نذر أن يحج و لم يكن له مال فحج عن غيره قيل أجزأ عنهما و فيه نظر

المقصد الخامس عشر في العمرة و الزيادات و المزار

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في العمرة

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] العمرة واجبة مثل الحج بشرائطه في العمر مرة واحدة على الفور على أهل مكة و غيرهم [- ب -] العمرة ضربان مفردة و متمتع بها فالأولى واجبة على القارن و المفرد و الثانية على المتمتع و تجزي الثانية عن الأولى [- ج -] إذا دخل بعمرة مفردة فإن كان اعتماره في أشهر الحج جاز نقلها إلى التمتع و إن كان في غيرها لم يجز و لو اعتمر في أشهر الحجّ للتمتع لم يجز له أن يخرج من مكة حتّى يقضي مناسك الحج [- د -] لا يكره العمرة المفردة في السنة مرتين و يستحبّ في كل عشرة أيام مع القدرة و قيل لا يكره في كلّ يوم [- ه -] جميع أوقات السنة صالح للمبتولة و أفضل ما يكون في رجب و هي تلي الحجّ في الفضل و لو أدرك إحرام العمرة في آخر أيام رجب فقد أدرك العمرة في رجب و لا يكره إيقاعها في يوم عرفة و لا يوم النحر و لا أيام التّشريق [- و -] قد بيّنا أنه لا يجوز إدخال الحج على العمرة و لا العكس فإن أحرم بعمرة التمتع فضاق الوقت أو حاضت المرأة جعله حجة مفردة و مضى فيه و إن أحرم بالحجّ مفردا ثم أراد التمتع جاز له أن يتحلل ثمّ ينشئ الإحرام بعد ذلك للحجّ فيصير متمتّعا فإما أن يحرم بالحجّ قبل أن يفرغ من مناسك العمرة أو بها قبل أن يفرغ من مناسكه فإنه لا يجوز على حال و لو قرن في إحرامه بين الحجّ و العمرة قال الشيخ انعقد بالحجّ خاصّة فإن أتى بأفعال الحجّ لم يلزمه دم و إن أراد أن يأتي بأفعال العمرة و يحلّ و يجعلها متعة جاز و يلزمه الدم [- ز -] وقت عمرة التمتع أشهر الحجّ فلو أحرم بها في غيرها و فعل باقي أفعالها في أشهر الحج لم يكن متمتعا و لا يلزمه دم [- ح -] ميقات العمرة ميقات الحجّ لمن كان خارجا من المواقيت إذا قصد مكة أما أهل مكة أو من فزع من الحجّ و أراد الاعتمار فإنه يخرج إلى أدنى الحل و ينبغي أن يكون أحد المواقيت التي وقتها النبي ص للعمرة المبتولة [- ط -] شرائط وجوب العمرة شرائط وجوب الحجّ و يجب مرة بأصل الشرع و قد يجب بالنذر و اليمين و العهد و الاستئجار و الإفساد و الفوات فإن من فاته الحج بعد شروعه فيه يجب عليه أن يتحلّل بعمرة و يجب أيضا بالدخول إلى مكة إذ لا يجوز دخولها بغير إحرام إما بالعمرة أو بالحجّ مع انتفاء العذر و عدم تكرار الدخول و يتكرر وجوبها بتكرر السّبب [- ي -] صورة العمرة أن يحرم من الميقات الذي يسوغ له الإحرام منه ثم يدخل مكة فيطوف و يصلّي ركعتيه ثم يسعى بين الصفا و المروة و يقصّر ثم إن كانت عمرة التمتع فقد أحل من كل شيء أحرم منه و يجب عليه بعد ذلك الإتيان بالحج و إن كانت مبتولة طاف بعد التقصير أو الحلق طواف النساء ليحللن له و يصلّي ركعتيه و المتمتع بها يجب على من ليس من أهل مكة و حاضريها و المفردة على أهل مكة و حاضريها و لا يصح الأولى إلا في أشهر الحجّ و تسقط المفردة معها و تصح الثانية في جميع أيام السنة و لو دخل مكة متمتعا لم يجز له الخروج حتّى يأتي بالحجّ و لو خرج بحيث لا يحتاج إلى استئناف إحرام جاز و لو خرج فاستأنف عمرة تمتع بالأخيرة و يتحلل من المفردة بالتقصير و الحلق أفضل و يحتاج في تحليل النساء إلى طواف النساء و طواف النساء واجب في المفردة بعد السعي على كل معتمر من رجل و امرأة و خصي و خنثى و صبي و المتمتع إذا فاتته عمرة المتعة وجب أن يعتمر بعد الحجّ عمرة مفردة و ينبغي له أن يعتمر إذا أمكن الموسي رأسه و إن أخره إلى استقبال الشهر جاز [- يا -] التقصير معيّن في عمرة التمتع و الحلق في المفردة أفضل و لا يجب في

ص: 129

العمرة هدي فلو ساق هديا نحره قبل أن يحلق بفناء الكعبة بالموضع المعروف بالحزورة و لو جامع قبل السعي فسدت عمرته و وجب عليه قضاؤها و التكفير ببدنة [- يب -] من وجب عليه العمرة لا يجوز له أن يعتمر عن غيره و ينبغي إذا أحرم المعتمر أن يذكر في دعائه أنّه يحرم بالعمرة المفردة و إذا دخل الحرم قطع التلبية

الفصل الثّاني في الزيادات

و فيه [- لد -] بحثا [- ا -] من أحدث جرما في غير الحرم فالتجأ إلى الحرم ضيق عليه في المطعم و المشرب حتى يخرج فيقام عليه الحد و لو أحدث في الحرم قوبل فيه بجنايته [- ب -] لا ينبغي لأهل مكة أن يمنعوا الحاج شيئا من دورها و منازلها و الأقرب أن المنع غير محظور [- ج -] يكره أن يرفع أحد بناء فوق الكعبة [- د -] لقطة الحرم لا يجوز أخذها و مع الأخذ يعرف سنة فإن جاء صاحبها و إلا تخير الأخذ بين احتفاظها لصاحبها أمانة و بين الصّدقة بها عن صاحبها و في الضمان مع الصّدقة قولان [- ه -] يكره الحجّ و العمرة على الإبل الجلالات [- و -] يستحب لمن حجّ على طريق العراق أن يبدأ أولا بزيارة النبي ص بالمدينة ثم يمضي إلى مكة [- ز -] إذا ترك الناس الحجّ وجب على الإمام إجبارهم على ذلك و لو تركوا زيارة النبي ص قال الشيخ يجبرهم الإمام عليها و منعه ابن إدريس [- ح -] يكره الصلاة في طريق مكة بأربعة مواطن البيداء و ذات الصلاصل و ضجنان و وادي الشقرة [- ط -] يستحب الإتمام في الحرمين مكة و المدينة ما دام مقيما و إن لم ينو المقام عشرة أيام و لو قصر لم يكن عليه شيء و كذا في جامع الكوفة و الحائر على ساكنه السّلام [- ي -] يجوز للإمام أن ينفق من بيت مال المسلمين على الحاج و الزائرين إذا لم يكن لهم مال [- يا -] من جعل جاريته أو عبده هديا لبيت اللّٰه تعالى بيع و صرف في معونة الحاج و الزائرين [- يب -] يجوز أن يستدين الإنسان للحج إذا كان له مال يفي به لو مات و لو لم يكن له مال كره له الاستدانة [- يج -] يستحبّ لمن انصرف من الحج العزم على العود و سؤال اللّٰه تعالى ذلك و يكره ترك العزم [- يد -] يستحب الدعاء للقادم من الحاج بالمنقول [- يه -] ينبغي للحاج الانتظار للحائض حتى تقضي مناسكها [- يو -] الطواف للمجاور بمكة أفضل من الصلاة ما لم يتجاوز ثلاث سنين فإن جاوزها أو كان من أهل مكة كانت الصلاة له أفضل [- يز -] ينبغي لأهل مكة أن يتشبّهوا بالمحرمين في ترك لبس المخيط [- يح -] الأيام المعدودات عشر ذي الحجة و المعلومات أيام التشريق [- يط -] صرف المال في الحج المفروض أفضل من الصّدقة به على ولد فاطمة بل لو افتقر في الحج إلى ذلك المال لم يجز صرفه في غيره [- ك -] دخول الكعبة مستحبّ للنساء و ليس بواجب و لا يتأكد في حقهنّ كالرّجال [- كا -] يكره المجاورة بمكة و يستحبّ لمن أدّى مناسكه الخروج منها [- كب -] من أخرج شيئا من حصى المسجد كان عليه ردّه أما ثياب الكعبة فقد روى الشيخ أنه ينبغي لمن يصل إليه أن يتخذها للمصاحف أو الصّبيان أو المخدة للبركة [- كج -] لا ينبغي للموسر المتمكن ترك الحج المندوب أكثر من خمسين سنة [- لد -] يستحب الطواف عن الرّسول ص و عن الأئمّة عليهم السلام و عن الوالدين و الأهل و المؤمنين [- كه -] يكره الخروج من الحرمين بعد ارتفاع النهار قبل صلاة الظهرين بهما [- كو -] المسلم إذا حجّ ثم ارتد لم يجب عليه إعادته [- كز -] من بلغ غير مختتن وجب عليه الختان و لو وجب عليه الحج قدم الختان عليه [- لح -] يستحب الشرب من ماء زمزم و إهداؤه [- كط -] المشي أفضل من الركوب مع القدرة إذا لم يضعفه عن أداء الواجبات و لو أضعفه كان الركوب أفضل [- ل -] الحرم أفضل من عرفة و يوم عرفة شريف يستحب فيه الغسل و صلاة مائة ركعة و التعريف في الأمصار و يستحب أن لا يقف فيه الإنسان إلا بوضوء [- لا -] لا بأس بالنظر إلى فرج المرأة و الجارية بعد الحلق [- لب -] المملوك إذا تمتع بإذن مولاه وجب عليه الصوم و إن ذبح عنه مولاه أجزأه رواه معاوية بن عمار في الصّحيح عن الصادق عليه السلام [- لج -] روى السكوني عن الصادق ع عن أبيه عن علي عليه السلام في الرّجل يقول علي بدنة قال يجزي عنه بقرة إلا أن يكون عنى بدنة من الإبل و هي ضعيفة السّند و يكره أن يطعم المشرك لحوم الأضاحي [- لد -] روى زرارة عن الباقر عليه السّلام قال من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له

الفصل الثّالث في المزار

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يستحبّ زيارة النّبي ص استحبابا مؤكدا قال عليه السّلام من زار قبري بعد موتي كمن هاجر إليّ في حياتي فإن لم تستطيعوا فابعثوا إلي بالسّلام فإنّه يبلغني و الأخبار في ذلك كثيرة و يستحب أن يغتسل و يزوره بالمنقول فإذا فرغ من زيارته أتى المنبر و مسحه و مسح رمانتيه و صلّى بين القبر و المنبر ركعتين ثم يأتي مقام جبرئيل ع و يدعو بالمنقول و إذا خرج من المدينة ودعه و رسول اللّٰه ص هو محمّد بن عبد اللّٰه بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف كنيته أبو القاسم ولد بمكة يوم الجمعة سابع عشر ربيع الأول في عام الفيل و بعث يوم السابع و العشرين من رجب و له أربعون سنة و قبض بالمدينة مسموما يوم الإثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة عشرة

ص: 130

من الهجرة و له ثلاث و ستّون سنة أمّه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤيّ بن غالب قبره عليه السلام بالمدينة في الحجرة التي توفي فيها و مكة حرم اللّٰه و المدينة حرم رسول اللّٰه ص و الكوفة حرم أمير المؤمنين عليه السلام و يستحب المجاورة بالمدينة و الإكثار من الصّلاة في مسجد الرسول ص فقد روى إسحاق بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السّلام عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله أن الصّلاة في مسجده مثل ألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام و يكره النوم في المساجد و يتأكد فيه و يستحبّ لمن أقام بالمدينة أن يصوم ثلاثة أيام للحاجة الأربعاء و الخميس و الجمعة و يكون معتكفا في المسجد و يصلّي ليلة الأربعاء عند الأسطوانة التي تلي مقام رسول اللّٰه ص و مصلاّه يصلي عندها و يصلّي ليلة الجمعة عند مقام النبي ص و يستحب لمن جاء المدينة النزول بالمعرّس و الاستراحة و الصلاة فيه و يستحب إتيان المساجد كلها بالمدينة مثل مسجد قبا و مشربة أم إبراهيم ع و مسجد الأحزاب و هو مسجد الفتح و مسجد الفضيح و قبور الشهداء كلهم خصوصا قبر حمزة بأحد فلا يتركه مع الاختيار و مسجد غدير خم موضع شريف فيه نصب رسول اللّٰه ص عليا إماما للأنام فيستحب الصّلاة فيه و الإكثار من الدّعاء [- ب -] يستحب زيارة فاطمة عليها السلام بالمنقول استحبابا مؤكدا روت عليها السلام قالت أخبرني أبي و هو ذا هو أنه من سلّم عليه و على ثلاثة أيام أوجب اللّٰه له الجنّة قال الراوي قلت لها في حياته و حياتك قالت نعم و بعد موتنا و اختلف في قبرها فقيل إنه في الرّوضة بين القبر و المنبر و روي في بيتها الذي في المسجد الآن و روي في البقيع قال الشيخ و الروايتان الأوّلتان متقاربتان و الأفضل زيارتها في الموضعين و من قال إنها دفنت في البقيع بعيد من الصّواب قال ابن بابويه و الصحيح عندي أنها دفنت في بيتها [- ج -] علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أمير المؤمنين عليه السّلام كنيته أبو الحسن ولد بمكة في نفس الكعبة يوم الجمعة لثلاثة عشر ليلة خلت من رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة من الهجرة و قبض عليه السّلام قتيلا بالكوفة ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة و له يومئذ ثلاث و ستّون سنة أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف و هو أول هاشمي ولد في الإسلام من هاشميين و قبره بالغري من نجف الكوفة و في زيارته فضل كثير قال رسول اللّٰه ص للحسين عليه السّلام و هو في حجره و قد سأله يا أبة ما لمن زارك بعد موتك فقال يا بني من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنة و من أتى أباك زائرا بعد موته فله الجنة و من أتى أخاك زائرا بعد موته فله الجنة و من أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة و قال الصادق عليه السّلام من زار أمير المؤمنين عليه السّلام ماشيا كتب اللّٰه له بكل خطوة حجة فإن رجع ماشيا كتب اللّٰه له بكلّ خطوة حجتان و عمرتان و الأحاديث في ذلك كثيرة [- د -] الحسن بن علي بن أبي طالب ع الإمام الزكيّ كنيته أبو محمّد أحد سيدي شباب أهل الجنّة ولد بالمدينة في شهر رمضان سنة اثنين من الهجرة و قبض بالمدينة مسموما في صفر سنة تسع و أربعين من الهجرة و له سبعة و أربعون سنة أمّه فاطمة بنت رسول اللّٰه ص دفن بالبقيع و في زيارته فضل كثير قال رسول اللّٰه ص للحسين ع من زارني حيّا أو ميّتا أو زار أباك حيّا أو ميّتا أو زار أخاك حيّا أم ميّتا أو زارك حيّا أم ميّتا كان حقا علي أن أستنقذه يوم القيامة [- ه -] الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام الإمام الشّهيد أحد سيدي شباب أهل الجنة أبو عبد اللّٰه ولد بالمدينة آخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة و قبض عليه السّلام بكربلاء من أرض العراق قتيلا يوم الإثنين و قيل الجمعة و قيل السّبت عاشر المحرّم قبل الزوال سنة إحدى و ستين من الهجرة و له ثمان و خمسون سنة أمّه فاطمة سيّدة نساء العالمين بنت محمد ص قبره بالطّف بكربلاء بنينوى و الغاضرية في قرى النهروان و في زيارته فضل كثير روى محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام قال مر شيعتنا بزيارة الحسين ع فإن إتيانه يزيد في الرزق و يمدّ في العمر و يدفع مواقع السوء و إتيانه مفترض على كل مؤمن يقر بالإمامة من اللّٰه و عن الحسن عليه السّلام قال من أتى قبر الحسين ع في السنة ثلاث مرات أمن من الفقر و يستحب زيارته في يوم عرفة و العيدين و أوّل رجب و نصفه و نصف شعبان و ليلة القدر و يوم عاشوراء و العشرين من صفر و في كل شهر و يستحب زيارة الشهداء عنده و زيارة ولده علي ع المقتول معه و زيارة العبّاس [- و -] يستحب زيارة الأئمّة في البقيع و هم الحسن بن علي و قد تقدّم و عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام كنيته أبو محمّد ولد بالمدينة سنة ثلاث و ثلاثين من الهجرة و قبض ع بالمدينة سنة خمس و تسعين و له سبع و خمسون سنة أمّه شاه زنان بنت يزدجرد بن كسرى و قبره مع عمّه الحسن ع بالبقيع و محمّد بن علي بن الحسين عليه السّلام باقر علم الأولين و الآخرين كنيته أبو جعفر ولد بالمدينة سنة سبع و خمسين من الهجرة و قبض بالمدينة سنة أربع عشرة و مائة و سنّه سبع و خمسون سنة أمّه أم عبد اللّٰه بنت الحسن بن عليّ ع و هو هاشميّ من هاشميين علويّ من علويين و قبره

ص: 131

بالبقيع مع أبيه و عم أبيه ع و جعفر بن محمد الصادق ع كنيته أبو عبد اللّٰه ولد بالمدينة سنة ثلاث و ثمانين من الهجرة و قبض بالمدينة في شوال سنة ثمان و أربعين و مائة و له خمس و ستّون سنة أمه أمّ فروة بنت القسم بن محمد النجيب بن أبي بكر و قبره مع أبيه و جده و عمه الحسن بن علي ع و في زيارتهم فضل كثير قال الصادق عليه السّلام من زار الأئمّة بالبقيع غفر له ذنوبه و لم يمت فقيرا و قال العسكري ع من زار جعفر أو أباه لم يشك عينه و لم يصبه سقم و لم يمت قتيلا [- ز -] موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين الكاظم العبد الصالح عليه السّلام كنيته أبو محمّد و يكنى أبا إبراهيم و أبا علي و أبا الحسن ع ولد بالأبواء سنة ثمان و عشرين و مائة من الهجرة و قبض مسموما ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست بقين من رجب ثلاث و ثمانين و مائة و له خمس و خمسون سنة أمه أمّ ولد يقال لها حميدة البربرية قبره ببغداد من مدينة في المقبرة المعروفة بمقابر قريش في زيارته فضل كثير قال الرضا عليه السّلام من زار قبر أبي ببغداد كمن زار قبر رسول اللّٰه ص و قبر أمير المؤمنين ع إلا أن لرسول اللّٰه و لأمير المؤمنين ع فضلهما [- ح -] علي بن موسى بن جعفر الرضا ع ولي المؤمنين كنيته أبو القاسم و يكنى أبا الحسن ولد بالمدينة سنة ثمان و أربعين و مائة من الهجرة و قبض ع بطوس في سناباذ من أراضي خراسان في سنة ثلاث و مائتين و له خمس و خمسون سنة أمه أمّ ولد يقال لها أم أنس في زيارته فضل كثير قال عليه السّلام من زارني على بعد داري و مزاري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتى أخلصه من أهوالها إذا تطايرت الكتب يمينا و شمالا و عند الصراط و الميزان [- ط -] محمد بن علي بن موسى بن جعفر الجواد كنيته أبو جعفر ولد بالمدينة في شهر رمضان سنة خمس و تسعين و مائة من الهجرة و قبض ببغداد في آخر ذي القعدة سنة عشرين و مائتين و له خمس و عشرون سنة أمّه أمّ ولد يقال لها الخيزران دفن ببغداد في مقابر قريش عند جده الكاظم ع و في زيارته فضل كثير روى إبراهيم بن عقبة قال كتبت إلى أبي الحسن الثالث ع أسأله عن زيارة أبي عبد اللّٰه ع و زيارة أبي الحسن و أبي جعفر فكتب إلي أبو عبد اللّٰه المقدم و هذا أجمع و أعظم أجرا [- ي -] علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر الإمام المنتجب الهادي كنيته أبو الحسن ولد بالمدينة منتصف ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و مائتين للهجرة و قبض بسرمن رأى في رجب سنة أربع و خمسين و مائتين و له إحدى و أربعون سنة و تسعة أشهر أمّه أم ولد يقال لها سمانة قبره بداره في سرّمن رأى و في زيارته فضل كثير روى زيد الشحام قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع ما لمن زار أحدا منكم قال كمن زار رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله [- يا -] الحسن بن عليّ بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر الإمام العسكري كنيته أبو محمّد ولد بالمدينة في ربيع الآخر سنة اثنين و ثلاثين و مائتين و قبض بسرّمن رأى لثمان خلون من ربيع الأول سنة ستين و مائتين و له ثمان و عشرون سنة أمّه أمّ ولد يقال لها حديثة قبره إلى جانب قبر أبيه في الدار التي لأبيه بسرمن رأى و في زيارته فضل كثير قال عليه السّلام قبري بسرمن رأى أمان لأهل الجانبين قال المفيد إذا أردت زيارة الإمامين بسرمن رأى فقف بظاهر الشباك قال الشيخ هذا المنع من دخول الدار أحوط و لو دخلها لم يكن مأثوما و يستحب زيارة القائم ع في كل وقت في كلّ مكان [- يب -] يستحب زيارة سلمان بالمنقول و كذا زيارة المؤمنين قال الرضا عليه السّلام من أتى قبر أخيه المؤمن من أي ناحية يضع يده و يقرأ إنا أنزلناه سبع مرات أمن من الفزع الأكبر

كتاب الجهاد

اشارة

و توابعه و فيه فصول

الأوّل من يجب عليه

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] الجهاد من أعظم أركان الإسلام و فيه ثواب عظيم قال اللّٰه تعالى لاٰ يَسْتَوِي اَلْقٰاعِدُونَ (مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ) غَيْرُ أُولِي اَلضَّرَرِ وَ اَلْمُجٰاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ بِأَمْوٰالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اَللّٰهُ اَلْمُجٰاهِدِينَ بِأَمْوٰالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى اَلْقٰاعِدِينَ دَرَجَةً وَ كُلاًّ وَعَدَ اَللّٰهُ اَلْحُسْنىٰ وَ فَضَّلَ اَللّٰهُ اَلْمُجٰاهِدِينَ عَلَى اَلْقٰاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً و قال رسول اللّٰه ص و الذي نفسي بيده لغدوة في سبيل اللّٰه أو روحة خير من الدنيا و ما فيها و قال عليه السلام فوق كل ذي برّ برّ حتى يقتل في سبيل اللّٰه فإذا قتل في سبيل اللّٰه فليس فوقه برّ و فوق كل عقوق عقوق حتى يقتل أحد والديه فليس فوقه عقوق و الأخبار في ذلك كثيرة و هو واجب بالنّص و الإجماع و وجوبه على الكفاية إذا قام به من في قيامه كفاية و غنى سقط عن الباقين و هو سائغ في كل وقت إلا في الأشهر الحرم و هي رجب و ذو القعدة و ذو الحجة و المحرّم فإنه لا يسوغ القتال فيها لمن يرى فيها حرمة و من لا يرى لها حرمة جاز قتاله فيها و يجوز في كلّ مكان و قد كان محرما في الحرم فنسخ [- ب -] المهاجرة واجبة و الناس فيها على أقسام ثلاثة أحدها من يجب عليه و هو من أسلم في بلاد الشرك و كان مستضعفا فيهم لا يمكنه إظهار دينه و لا عذر له من مرض و غيره الثاني

ص: 132

من يستحب له و هو من أسلم بين المشركين و له عشيرة تحميه عنهم و يمكنه إظهار دينه و لا ضرر عليه في المقام عندهم كالعباس الثالث من يسقط عنه وجوبا و استحبابا و هو الممنوع لمرض أو ضعف أو عدم نفقته و الهجرة باقية ما دام الشرك باقيا [- ج -] الذكورة شرط في وجوب الجهاد فلا يجب على المرأة و لا الخنثى المشكل و من التحق بالرّجال وجب عليه الجهاد [- د -] البلوغ شرط فلا يجب الجهاد على الصّبي حتى يبلغ [- ه -] العقل شرط في الوجوب فلا يجب على المجنون [- و -] الحرية شرط في الوجوب فلا يجب على العبد و لا المدبر و لا المكاتب المشروط و لا المطلق و إن انعتق أكثره [- ز -] الإسلام ليس شرطا في الوجوب بل يجب على الكفار [- ح -] لو أخرج الإمام العبيد بإذن ساداتهم و النساء و الصبيان جاز الانتفاع بهم و لا يخرج المجنون لعدم الانتفاع به [- ط -] يسقط فرض الجهاد عن الشيخ الكبير لعجزه و ضعف قوته عن الحرب و عن الأعمى و الأعرج إذا لم يقدر على المشي أو الركوب و عن المريض إذا كان يضرّ به [- ي -] لو احتاج إلى نفقة و عجز عنها سقط عنه فرض الجهاد فإذا كانت المسافة قصيرة لم يجب عليه حتى يكون له زاد و نفقة عياله في غيبته و سلاح يقاتل به و إن كانت طويلة افتقر مع ذلك إلى وجود الراحلة و الضابط الحاجة إليها سواء قصرت المسافة أو طالت و الشيخ اعتبر مسافة التقصير و ليس بمعتمد [- يا -] إذا قام بالجهاد من فيه كفاية سقط عن الباقين و لا يجب على غيرهم إلا أن يعيّنه الإمام لاقتضاء المصلحة أو قصور الغانمين عن الدفع أو تعيّنه على نفسه بالنّذر أو بالاستئجار أو إذا التقى الزحفان و تقابل الصفان [- يب -] من تعين عليه الجهاد وجب أن يخرج بنفسه أو يستأجر غيره عنه إلا أن يعينه الإمام [- يج -] الجهاد قد يكون للدعاء إلى الإسلام و قد يكون للدّفع بأن يدهم المسلمين عدو و يشترط في الأول إذن الإمام العادل أو من يأمره الإمام و الثاني يجب مطلقا و كذا لو كان المسلم في أرض العدو من الكفار ساكن بينهم بأمان فدهمهم قوم من المشركين و خشي على نفسه أن يتخلف جاز له مساعدة الكفار و يقصد بالجهاد الدفع عن نفسه لا معاونة المشركين و كذا من خشي على نفسه مطلقا أو ماله إذا غلبت السلامة جاز أن يجاهد للدّفع [- يد -] من وجب عليه فاستأجر غيره للجهاد صحّت الإجارة و لزم الأجير الجهاد و لا يلزمه رد الأجرة و لو عينه الإمام للخروج لم يجز له الاستنابة و لا يجوز لمن وجب عليه الجهاد أن يجاهد عن غيره بجعل فإن فعل وقع عنه و وجب عليه رد الجعل إلى صاحبه قال الشيخ للنائب ثواب الجهاد و للمستأجر ثواب النفقة و أما ما يأخذه أهل الديوان من الأرزاق فليس بأجرة بل يجاهدون لأنفسهم و يأخذون حقا جعله اللّٰه لهم فإن كانوا أرصدوا أنفسهم للقتال و أقاموا في الثغور فهم أهل الفيء لهم سهم من الفيء يدفع إليهم و إن كانوا مقيمين في بلادهم يغرّون إذا خفوا فهم أهل الصّدقات يدفع إليهم سهم منها و يستحب إعانة المجاهدين و مساعدتهم فيها فضل كثير من السّلطان و العامة و كل أحد [- يه -] الفقير إذا بذل له ما يحتاج إليه وجب عليه الجهاد حينئذ و لو كان على سبيل الأجرة لم يجب و لو عجز عن الجهاد بنفسه و كان موسرا ففي وجوب إقامة غيره قولان [- يو -] من عليه دين حال متمكن من أدائه لم يجز له الخروج إلى الجهاد إلا بإذن صاحبه أو بترك [يترك] وفاء أو يقيم كفيلا يرضى به أو يوثقه برهن و إن لم يكن متمكّنا منه فالأقرب جواز خروجه بغير إذن صاحب الدين و إن كان مؤجلا فالوجه أنه ليس لصاحبه المنع و لو تعيّن عليه الجهاد وجب عليه الخروج و إن كان حالا أذن غريمه أولا و يستحب له أن لا يتعرض لمظان القتل بأن يبارز أو يقف في أول المقاتلة [- يز -] من له أبوان مسلمان لم يجاهد تطوّعا إلا بإذنهما و لهما منعه و لو كانا كافرين جاز له مخالفتهما و الخروج مع كراهتهما و لو تعيّن عليه بأحد الأسباب السائغة خرج مع منع أبويه المسلمين و لا يجوز لهما منعه و كذا جميع الواجبات و حكم أحدهما حكمهما معا و لو كان أبواه رقين ففي اعتبار إذنهما إشكال و لو كانا مجنونين لم يعتبر إذنهما و لو سافر لطلب العلم أو التجارة استحبّ له أن يستأذنهما و لو منعاه لم يحرم عليه مخالفتهما بخلاف الجهاد و لو خرج في جهاد تطوعا بإذنهما فمنعاه منه بعد يسره و قبل وجوبه كان عليه أن يرجع إلا أن يخاف أو يمرض أو تذهب نفقته أو نحو ذلك فيقيم في الطريق إن أمكنه و إلا مضى مع الجيش فإذا حضر الصّف تعين بحضوره و لم يبق لهما إذن و لو رجع في الإذن بعد وجوبه عليه و تعيّنه لم يؤثر رجوعهما و لو كانا كافرين فأسلما و منعاه فإن كان بعد تعيّنه لم يعتد بمنعهما و إن كان قبله وجب عليه الرجوع مع المكنة و كذا البحث إذا أذن المدين له ثم رجع و لو أذن في الغزو والداه و شرطا عدم القتال فحضر تعين عليه القتال و لو خرج بغير إذنهما فحضر القتال لم يجز له الرجوع و حكم المولى إذا رجع في الإذن للعبد

ص: 133

حكم الأبوين [- يح -] لو تجدد العذر قبل أن يلتقي الزحفان تخير في الرجوع و المقام إن كان العذر في نفسه كالمرض و إن كان في غيره كرجوع المدين و الأبوين أو المولى في الإذن وجب الرجوع و إن كان بعد التقاء الزحفين جاز الرجوع في الأول دون الثاني [- يط -] يستحب أن يتجنب قتل أبيه المشرك و يجوز قتله [- ك -] الرباط فيه فضل كثير و هو الإقامة عند الثغر لحفظ المسلمين قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم رباط ليلة في سبيل اللّٰه خير من صيام شهر و قيامه فإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمل و أجري عليه رزقه و أمن الفتان و أقله ثلاثة أيام و أكثره أربعون يوما فإن زاد كان جهادا و ثوابه ثواب المجاهدين و يتأكد استحباب المرابطة حال ظهور الإمام و أفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفا لشدة الحاجة هناك [- كا -] إذا رابط حال ظهور الإمام فإن سوغ له القتال جاز له و إن كان مستترا أو لم يسوغه له لم يجز ابتداء بل يحفظ الكفار من الدخول إلى بلاد الإسلام و يعلم المسلمين بأحوالهم و يقاتلهم إن قاتلوه و يقصد الدفع عن نفسه و عن الإسلام لا الجهاد و يكره له نقل الأهل و الذرّية إلى الثغور المخوفة و لو عجز عن المرابطة بنفسه فربط فرسه أو غلامه أو جاريته أو أعان المرابطين كان له في ذلك ثواب عظيم [- كب -] لو نذر المرابطة وجب عليه الوفاء به سواء كان الإمام ظاهرا أو مستترا إلا أنه لا يبدأ العدوّ بالقتال و لا يجاهدهم إلا على وجه الدفع و لو نذر أن يصرف من ماله شيئا إلى المرابطين في حال ظهور الإمام وجب عليه الوفاء به و إن كان في حال استتاره قال الشيخ لا يجب الوفاء به بل يصرفه في وجوه البرّ و الوجه وجوب الوفاء به قال الشيخ و لو خاف الشنعة من تركه وجب عليه حينئذ صرفه إلى المرابطة و الوجه وجوب الصرف مطلقا و لو آجر نفسه لينوب عن غيره في المرابطة فإن كان الإمام ظاهرا وجب عليه الوفاء به و إن كان غائبا قال الشيخ لا يلزمه الوفاء به و يرد عليه ما أخذه فإن لم يجده فعلى ورثته فإن لم يكن له ورثة لزمه الوفاء به و الوجه لزوم الإجارة مطلقا و إذا قتل المرابط كان شهيدا و ثوابه ثواب الشهيد

الفصل الثّاني في كيفيّة الجهاد و من يجب عليه قتاله

و فيه [- كه -] بحثا [- ا -] من يجب قتاله أصناف ثلاثة البغاة و أهل الذّمة إذا أخلّوا بالشرائط و غيرهم من أصناف الكفار و كل من يجب جهاده يجب على المسلمين النفور إليهم إما لكفهم أو لنقلهم إلى الإسلام فإن بدءوا بالقتال وجب جهادهم و إلا فبحسب المكنة و أقله في كل عام مرّة و لو اقتضت المصلحة التأخير عن ذلك جاز بهدنة و غيرها و يجوز فعله في السنة مرتين و أكثر و يجب مع المصلحة [- ب -] إنما يجوز قتال المشركين بعد دعائهم إلى محاسن الإسلام و التزامهم لشرائعه و الداعي هو الإمام أو من نصبه و صورة الدّعاء أن يطلب منهم الانقياد إلى الالتزام بالشريعة و العمل بها و الإسلام و ما تعبدنا اللّٰه به و إنما يشترط الدعاء فيمن لم يبلغه الدّعوة و لا عرف بالبعثة أما العارفون بها و بالتكليف بتصديقه فإنه يجوز قتالهم ابتداء من غير أن يدعوهم الإمام سواء كان الكافر حربيا أو ذميّا و الدعاء أفضل و لو بدر إنسان فقتل كافرا قبل بلوغ الدعوة إليه أساء و لا قود عليه و لا دية قاله الشيخ [- ج -] الكفار ثلاثة أصناف من له كتاب و هم اليهود و النصارى لهم التوراة و الإنجيل فهؤلاء يطلب منهم أحد أمرين إما الإسلام أو الجزية و من له لهم شبهة كتاب و هم المجوس و حكمهم حكم أهل الكتاب و من لا كتاب له و لا شبهة كتاب كعبّاد الأوثان و من لا دين له يتدين به و بالجملة كل من عدا الأصناف الثلاثة فإنه لا يقبل منهم إلا الإسلام فإن أجابوا و إلا قتلوا و لا يقبل منهم الجزية و إن كانوا أعجاما أو كانوا من كفار قريش [- د -] الجهاد للدفع يجب على المقل و المكثر و لا يجوز لأحد التخلف إلا مع الحاجة إما لحفظ المكان أو الأهل و المال أو لمنع الإمام من الخروج فإن أمكن استخراج إذن الإمام في الخروج إليهم وجب إذنه و إلا فلا و نودي بالنفير و الصلاة فإن أمكن الجمع بأن يكون العدوّ بعيدا صلوا ثم خرجوا و إلا كان النفير أولا و صلوا على ظهور دوابهم و لو كانوا في الصلاة أو خطبة الجمعة أتموها و لا ينبغي أن تنفر الخيل إلا عن حقيقة الأمر و لا أن يخرجوا مع قائد معروف بالهرب بل يخرجوا مع شفيق على المسلمين شجاع و إن كان معروفا بالمعصية و لا ينبغي للإمام أن يخرج معه من يخذل الناس و يزهدهم في الجهاد كمن يقول الحرّ شديد أو لا يؤمن هزيمة هذا الجيش و لا المرجف و هو الذي يقول قد هلكت سرية المسلمين و لا مدد لهم و لا طاقة لكم بالكفار لكثرتهم و قوتهم و لهم مدد و صبر و لا من يعين على المسلمين بالتجسّس للكفار و مكاتبتهم بأخبار المسلمين و اطلاعهم على عوراتهم و إيواء جاسوسهم و لا من يوقع العداوة بين المسلمين و يسعى بينهم بالفساد و لو خرج أحدهم لم يكن له سهم و لا رضخ و لو كان الأمير أحد هؤلاء قعد الناس عنه [- ه -] يجوز إخراج النساء للانتفاع بهن و يستحب إخراج

ص: 134

العجائز منهن و يكره الشواب [- و -] يجوز للإمام الاستعانة بأهل الذّمة في حرب الكفار بشرطين أن يكون في المسلمين قلة يحتاج معها إليهم و أن يكونوا ممّن يوثق بهم و يرضخ لهم و لا يبلغ به سهم المجاهدين من المسلمين [- ز -] ينبغي للأمير الرفق بأصحابه في السير و لا يميل مع موافقيه في المذهب و النسب على مخالفيه فيهما و أن يستشير أهل الرأي و يتخير لأصحابه المنازل الجيدة كموارد المياه و مواضع العشب و يحمل من نفقت دابته مع وجود الفضل و يجوز العقبة و لو خاف رجل تلف آخر لموت دابته قيل يجب بذل فاضل مركوبه ليحيي به صاحبه [- ح -] الجهاد موكول إلى نظر الإمام و اجتهاده و يلزم الرعية طاعته فيما يراه سائغا و ينبغي له أن يرتب قوما على أطراف البلاد رجالا يكفون من بإزائهم من المشركين و يأمر بعمل حصون لهم و خنادق و يجعل في كل ناحية أميرا يقلد أمير الحرب و تدبير الجهاد شجاعا ناصحا عارفا و لو احتاجوا إلى المدد استحب للإمام ترغيب الناس في الترداد إليهم كل وقت و المقام عندهم [- ط -] ينبغي للإمام أن يبدأ بقتال من يليه و لو كان الأبعد أشد خطرا و أعظم ضررا كان الابتداء بقتاله أولى و كذا لو كان قريبا و أمكنه الفرصة من الأبعد أو كان الأقرب مهادنا أو منع من قتاله مانع و يستحب له أن يتربص بالمسلمين مع القلة و يؤخر الجهاد حتّى يشتد أمر المسلمين [- ي -] إذا التقى الصّفان حرم الفرار بشرطين أن لا يزيد الكفار على الضعف من المسلمين و أن يقصد بفراره الهرب من الحرب و لا يحرم لو قصد التحرّف لقتال كأن يطلب الأمكن للقتال كاستدبار الشمس أو الرّيح أو يرتفع عن هابط أو يمضي إلى مواد المياه أو ليستند إلى جبل و كذا لا يحرم لو قصد التحيز إلى فئة سواء بعدت المسافة أو قصرت و قلّت الفئة أو كثرت و لو غلب على ظنه الهلاك لم يجز الفرار و قيل يجوز و لو غلب الأسر فالأولى أن يقاتل حتّى يقتل و لا يسلّم نفسه للأسر [- يا -] لو زاد المشركون على الضعف من المسلمين لم يجب الثبات إجماعا و لو غلب على ظنّ المسلمين الظفر استحبّ الثبات و لا يجب و لو غلب على ظنه العطب قيل يجب الانصراف إذا أمنوا معه و قيل لا يجب و هو حسن و كذا القول فيمن قصده رجل فغلب في ظنّه أنه إن ثبت له قتله فعليه الهرب و لو غلب الهلاك في الانصراف و الثبات فالأولى لهم الثبات و في وجوبه إشكال [- يب -] لو انفرد اثنان بواحد من المسلمين لم يجب الثبات و قيل يجب [- يج -] لو قدم العدو إلى بلد جاز لأهله التحصين منهم و لو كانوا أزيد من النصف ليلتحقهم المدد و النجدة و لو لقوهم خارج الحصن جاز التسخير إلى الحصن و ذهاب الدابة ليس عذرا في جواز الفرار و لو تحيزوا إلى جبل ليقاتلوا فيه و هم رجالة جاز و لو تلف سلاحهم فالتجئوا إلى مكان يمكنهم القتال فيه بالحجارة و التستر بالشجر و نحوه جاز و لو ولّوا حينئذ لأبنية القتال بالحجارة و الخشب فالأقرب عدم الإثم و لو ألقى الكفار نارا في سفينة فيها مسلمون فاشتعلت فإن غلبت ظن سلامتهم بالمقام أقاموا و إن غلب بالإلقاء في الماء ألقوا أنفسهم و إن استوى الأمران فالوجه التخيير [- يد -] ينبغي للإمام أن يوصي الأمير بتقوى اللّٰه و الرفق بالمسلمين و أن لا يحملهم على مهلكة و لا يكلفهم نقب حصن يخاف من سقوطه عليهم و لا دخول مطمورة يخشى من قتلهم تحتها فإن فعل شيئا من ذلك أساء و استغفر اللّٰه و لا كفارة عليه و لا دية [- يه -] إذا نزل الإمام على بلد جاز له محاصرته بمنع السابلة دخولا و خروجا و أن ينصب عليهم المنجنيق و يرميهم بالحجارة و يهدم الحيطان و الحصون و القلاع و إن كان فيهم نساء أو صبيان للضرورة و لو لم يحتج إلى ذلك فالأولى تركه و لو فعله جاز و لو كان فيهم أسارى مسلمون و خاف الإمام إن رموهم على الأسارى جاز رميهم و يجوز إلقاء النار إليهم و قذفهم بها و رميهم بالنفط مع الحاجة و يكره لا معها و يجوز قتالهم بجميع أسباب القتل من رمي الحيات القواتل و العقارب و كلّ ما فيه ضرر عظيم و تفريقهم بالماء و فتح الأنهار عليهم و يكره مع القدرة بغيره و هل يجوز بإلقاء السّم في بلادهم الأولى الكراهية [- يو -] يكره قطع الشجر و النخل و لو احتيج جاز و تبييت العدو ليلا و إنما يقاتلون [يلاقون] بالنهار و لو احتيج جاز و يستحب القتال بعد الزوال و لو اقتضت المصلحة تقديمه جاز و لا ينبغي قتل دوابهم في غير حال الحرب لمغايظتهم و الإفساد عليهم سواء خفنا أخذهم لها أو لم يخف و يجوز في حال الحرب قتل دوابهم و كذا يجوز عقرها للأكل مع الحاجة سواء كان مما لا يتخذ إلا للأكل كالدّجاج أو يحتاج إليه للقتال كالخيل أو لا يحتاج إليه في القتال كالبقر و الغنم [- يز -] لو تترس الكفار بنسائهم و صبيانهم فإن كانت الحرب ملتحمة جاز قتالهم و لا يقصد قتل الصّبي و لا المرأة و إن لم تكن ملتحمة بل كان الكفار متحصّنين في حصن أو من وراء خندق كافين عن القتال قال الشيخ يجوز رميهم و الأولى تجنّبهم و لو تترسوا بمسلم فإن لم تكن الحرب قائمة لم يجز الرّمي و كذا لو أمكنت القدرة عليهم بدون الرمي أو أومن شرهم فإن خالفوا و رموهم

ص: 135

وجب القود بقتل المسلم مع العمد و الكفارة و إلا فالدية على العاقلة مع الخطإ و الكفارة عليه و إن كانت الحرب قائمة جاز رميهم و يقصد بالرّمي المشركين هذا إذا خيف منهم لو تركوا و لو لم يخف لكن لا يقدر عليهم إلا بالرّمي فالوجه الجواز [- يح -] لو رمى فأصاب مسلما و لم يعلم أنه مسلم و الحرب قائمة فلا دية و لو علمه مسلما و رمى قاصدا للمشركين و لم يمكنه التوقي فقتله فلا قود و لا دية و هل تجب الكفارة فيهما نص الشيخ على وجوبها [- يط -] لا يجوز قتل صبيان المشركين و لا نسائهم و لا المجانين و إن قاتلت المرأة أو أسرت إلا مع الضرورة و لو وقعت امرأة في صفّ الكفار أو على حصنهم فشتمت المسلمين أو تكشفت لهم جاز رميها [- ك -] الشيخ من أهل الحرب إن كان له رأي و قتال أو قتال خاصّة أو رأي خاصّة قتل و لو لم يكن له قتال و لا رأي لم يجز قتله و كذا الرهبان و أصحاب الصوامع و الأولى إلحاق الزمن و الأعمى بالشيخ الفاني أما العبيد فإن قاتلوا مع ساداتهم قتلوا و إلا فلا و لو قاتل من ذكرناه جاز قتلهم إلا النساء إلا مع الضرورة و المريض إن أيس من برئه فكالزمن و إلا قتل و الفلاّح الذي لا يقاتل يقتل [- كا -] إذا حاصر الإمام حصنا لم يكن له الانصراف إلا بإسلامهم أو يبدلوا مالا على الترك مع المصلحة أو كانوا أهل ذمة يقبل منهم الجزية أو بفتحه و ملكه أو اقتضاء المصلحة الانصراف بأن يتضرر المسلمون بالإقامة أو بأن يحصل اليأس منه أو ينزلوا على حكم حاكم [- كب -] لا يجوز التمثيل بالكفار و لا الغدر بهم و لا الغلول منهم [- كج -] المبارزة مشروعة غير مكروهة و ينبغي أن لا يطلبها المسلم إلا بإذن الإمام و تجوز بغير إذنه و لو منع منها حرمت و لو خرج كافر يطلب البراز استحب لمن فيه قوة من المسلمين مبارزته بإذن الإمام و يستحب للإمام أن يأذن له في ذلك فانقسمت المبارزة إلى واجبة إذا ألزم الإمام بها و مستحبّة كما إذا طلب المشرك المبارزة و مكروهة بأن يخرج الضعيف من المسلمين للمبارزة و مباحة بأن يخرج ابتداء فبارزه و حرام إذا منع الإمام منها و إذا خرج المشرك يطلب البراز جاز لكل أحد رميه إلا أن تكون العادة جرت بينهم أن من خرج يطلب المبارزة لا يعرض له فيجري مجرى الشرط فإن خرج إليه أحد يبارزه بشرط أن لا يعينه عليه سواه وجب الوفاء له بالشرط و لو انهزم المسلم تاركا للقتال أو مثخنا بالجراح جاز قتل المشرك إلا أن يشترط أن لا يقاتل حتى يرجع إلى صفه فيجب الوفاء له إلا أن يترك المسلم أو مثخنه [يثخنه] بالجراح فيرجع فيتبعه ليقتل أو يخشى عليه منه فيمنع و يدفع عن المسلم فإن امتنع قوتل و لو أعان المشركون صاحبهم كان على المسلمين معونة صاحبهم و يقاتلون من أعان و لا يقاتلونه فإن كان قد شرط أن لا يقاتله غير مبارزه وجب الوفاء له فإن استنجد أصحابه فأعانوه فقد نقض أمانه فيقتل معهم و لو منعهم فلم يمتنعوا فإلحاقه باق و يقاتل أصحابه و لو سكت عن نهيهم عن المعاونة نقض أمانه و لو استنجدهم جاز قتاله مطلقا و لو طلب المبارزة و لم يشترط جاز معونة قرنه و لو شرط أن لا يقاتله غيره وجب الوفاء له فإن فر المسلم فطلبه الحربي جاز دفعه على ما قلناه سواء فر المسلم مختارا أو لإثخانه بالجراح و يجوز لهم معاونة المسلم مع إثخانه و لو لم يطلبه المشرك لم يجز محاربته و قيل يجوز ما لم يشترط الأمان حتى يعود إلى فئة [- لد -] يجوز المخادعة في الحرب و للمبارز أن يخدع قرنه ليتوصّل به إلى قتله [- له -] يكره القتال قبل الزوال و تعرقب الدابة و لو وقعت عليه ذبحها و لا يعرقبها

الفصل الثّالث في عقد الأمان

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] عقد الأمان هو ترك القتال إجابة لسؤال الكفار بالإمهال و هو جائز مع اعتبار المصلحة و لو اقتضت المصلحة عدم إجابتهم لم يفعل سواء كان العقد لمشرك واحد أو أكثر و لو طلب الأمان ليستمع كلام اللّٰه و يعرف شرائع الإسلام وجب إجابته [- ب -] يجوز للإمام عقد الصلح لواحد و لأكثر و لأهل حصن أو قرية أو بلد أو إقليم أو لجميع الكفار بحسب ما يراه من المصلحة و كذا يجوز لنائبه عقد الأمان لمن كان تحت ولايته و أما في غيرها فكغيره من الرعايا و يصح لآحاد الرّعية أمان الواحد من المشركين و العدد اليسير منهم كالعشرة و القافلة القليلة و الحصن الصغير و لا يمضي للعدد الكثير و لا لأهل بلد و لا لإقليم [- ج -] يصح عقد الأمان لآحاد المشركين من الحر و العبد المأذون له في الجهاد و غير المأذون و المرأة و لا ينعقد أمان المجنون و لا الصبي و إن كان مميّزا و لا المكره و لا زائل العقل بنوم أو سكر أو إغماء و لا أمان الكافر و إن كان ذميّا و يصح أمان الأسير إذا لم يكن مكرها و أمان التاجر و الأجير في دار الحرب [- د -] إذا انعقد الأمان وجب الوفاء به لكن يجب ردّ الحربي إلى مأمنه و كذا كل حربيّ دخل دار الإسلام بشبهة الأمان كمن يسمع لفظا فيعتقده أمانا أو يصحب رفقة فيتوهمها أمانا و كذا لو طلبوا الأمان فقال لهم المسلمون لا نذمكم فاعتقدوا أنهم أذموهم فإنهم في جميع ذلك يردون إلى مأمنهم و لا يجوز قتلهم [- ه -] للأمان عبارتان وردتا أحدهما أجرتك و الثانية آمنتك قال اللّٰه تعالى فَأَجِرْهُ و قال النبي ص من أغلق عليه بابه فهو آمن فبأي العبارتين أتى انعقد الأمان و كذا

ص: 136

كل لفظ يدلّ على هذا المعنى صريحا مثل أذممتك أو أنت في ذمة الإسلام و كذا كل كتابة علم بها ذلك من قصد العاقد سواء كان بلغة العرب أو بغيرها فلو قال بالفارسيّة مترس فهو آمن و كذا لو أشار بما يدلّ على الأمان قطعا أو صلاحا مع البيان أما قوله لا بأس عليك أو لا تخف أو لا تذهل أو لا تحزن أو ما شابه ذلك فإن علم من قصده الأمان كان أمانا و إن لم يقصد فلا غير أنهم يردون إلى مأمنهم إذا اعتقدوه أمانا ثم يصيرون حربا و لو قال له قف أو قم أو ألق سلاحك لم يكن أمانا و يرجع فيه إلى المتكلم فإن قال أردت به الأمان فهو أمان و إن قال لم أرده سئل الكافر فإن توهمه أمانا أعيد إلى مأمنه و إلا فلا و لو أشار المسلم إليهم بما يرونه أمانا و قال أردت به الأمان فهو أمان و إن قال لم أرد منه الأمان فالقول قوله و يردون إلى مأمنهم و لو مات المسلم أو غاب و لم يبين كانوا آمنين و يردون إلى مأمنهم ثم يصيرون حربا إلى أن يجدد لهم الوالي أمانا [- و -] وقت الأمان قبل الأسر و لا يجوز بعده و للإمام أن يؤمن الأسير بعد الاستيلاء عليه و الأسر و لو أقر المسلم أنّه آمن المشرك فإن كان في وقت يصحّ فيه منه أنشأ الأمان قبل إقراره و إن كان في وقت لا يصحّ كما بعد الأسر لم يقبل إلا بالبيّنة و لو شهد جماعة من المسلمين أنهم آمنوه فالوجه عدم القبول و لو ادعى المسلم أنه أسره فادّعى المشرك أنه آمنه فالقول قول المسلم [- ز -] لو أشرف جيش الإسلام على الظهور فاستذمّ الخصم جاز مع المصلحة و لو استذمّوا بعد حصولهم في الأسر فأذم لهم لم يصحّ و لو ادّعى الحربي الأمان فأنكر المسلم فالقول قول المسلم فلو حيل بينه و بين الجواب بموت أو إغماء لم تسمع دعوى الحربي و في الحالين يرد إلى مأمنه ثم هو حرب [- ح -] من عقد أمانا لكافر وجب عليه الوفاء به و لا يجوز له العذر فإن نقضه أثم و وجب على الإمام منعه من النقض إن عرف بالأمان فلو عقد الحربي الأمان ليسكن في دار الإسلام وجب الوفاء له و دخل ماله تبعا في الأمان و إن لم يذكره و لو دخل دار الإسلام بغير أمان و معه متاع فهو حرب و لا أمان له في نفسه و لا ماله و لو اعتقد أن دخوله بمتاعه على سبيل التّجارة أمانا لم يكن أمانا و ردّ إلى مأمنه و يعامل بالبيع و الشراء و لا يسأل عن شيء و لو لم يكن معه تجارة و قال جئت مستأمنا لم يقبل منه و تخير الإمام فيه و لو كان ممن ضل الطريق أو حملته الريح في المركب إليه ففي كونه فيئا أو يكون لمن أخذه تردّد [- ط -] لو عقد الأمان ليسكن في دار الإسلام صحّ فلو عاد إلى دار الحرب فإن كان لتجارة أو رسالة أو تنزه و في نيته العود فالأمان باق و إن كان للاستيطان بدار الحرب بطل الأمان في نفسه دون ماله و لو نقله معه إلى دار الحرب انتقض فيه أيضا و لو لم ينقله و يصرف فيه ببيع أو هبة أو غيرهما صحّ تصرّفه و لو طلبه بعث به إليه و لو مات في دار الحرب انتقل إلى وارثه فإن كان مسلما ملكه و إن كان حربيّا انتقل إليه و انتقض الأمان فيه و يكون للإمام خاصة و لو دخل دار الإسلام فعقد أمانا لنفسه ثم مات عندنا انتقل ماله إلى وارثه المسلم و إن لم يكن إلا كافر في دار الحرب انتقل إليه و صار فيئا للإمام و كذا لو لم يكن له وارث و لو كان له أمان فترك ماله و نقض الأمان و لحق بدار الحرب لم يبطل أمان ماله فإن رجع ليأخذ ماله جاز سبيه و لو أسر الحربي الذي لماله أمان لم يزل الأمان عن ماله فإن قتل انتقل إلى وارثه المسلم إن كان و إلا إلى الحربي و صار فيئا و إن فاداه أو منّ عليه ردّ ماله إليه و إن استرقه زال ملكه عنه و إن أعتق لم يعد إليه و إن مات لم يرد على ورثته و إن كانوا مسلمين [- ي -] لو دخل المسلم أرض العدو بأمان فسرق منهم شيئا وجب عليه رده إلى أربابه و لو أسره المشركون و أطلقوه بأمان على أن يقيم في دارهم و يترك خيانتهم حرمت عليه أموالهم بالشرط و لا يجوز له المقام مع القدرة على المهاجرة و لو لم يأمنوه بل أسروه و استخدموه كان له الهرب و أخذ ما أمكنه من مالهم و لو أطلقوه على مال لم يجب الوفاء به و لو دخل المسلم دار الحرب بأمان فاقترض من حربي مالا و عاد إلينا و دخل صاحب المال بأمان كان عليه رده إليه و لو اقترض حربي من حربي مالا ثم دخل المقترض إلينا بأمان كان عليه ردّه إليه [- يا -] لو تزوّج الحربي بحربية و أمهرها مهرا وجب عليه ردّه إليها و كذا لو أسلما معا و ترافعا إلينا فإنا نلزم الزوج المهر إن صحّ للمسلم تملكه و إلا القيمة و لو تزوّج الحربي بحربية ثم أسلم الحربي خاصة و المهر في ذمّته لم يكن للزّوجة مطالبته به و كذا لو مات و لها ورثة كفار لم يكن لهم أيضا المطالبة به و لو كانوا مسلمين كان لهم المطالبة و لو ماتت الحربيّة ثم أسلم الزّوج بعد موتها كان لوارثها المسلم مطالبة الزّوج بالمهر و ليس للحربي مطالبته به و كذا لو أسلمت قبله ثم ماتت طالبة وارثها المسلم دون الحربي و لو خرج الحربي المستأمن بمال من أموال دار الحرب ليشتري به شيئا لم يتعرض له و لو دفع الحربي إلى الذمي شيئا وديعة في دار الإسلام كان أمنا [- يب -] إذا خلى المشركون أسيرا مسلما من أيديهم و استحلفوه على أن يبعث فداء عنه أو يعود إليهم فإن كان ذلك كرها له لم يلزمه الوفاء لهم برجوع و لا فدية و إن كان مختارا لم يجب الوفاء بالمال و لا يعود إليهم مع المكنة على المال و العجز سواء في ذلك المرأة و الرّجل [- يج -] إذا طلب المشركون الأمان جاز للإمام أمنهم مع المصلحة فإن

ص: 137

طلبوا أمانا لأنفسهم ففعل الإمام كانوا آمنين على أنفسهم و إن طلبوه لأهلهم خاصة فهم فيء و أهلهم آمنون و لو آمنوهم على ذريتهم فهم آمنون و أولادهم و أولاد أولادهم و إن نزلوا و الوجه دخول أولاد البنات و لو آمنوهم على إخوتهم دخل الذكور و الإناث و كذا الأبناء يدخل فيهم الذكور و الإناث أما البنات و الأخوات فيختصّ بالإناث و لو آمنوا آباءهم دخل الآباء و الأمهات و الأقرب دخول الأجداد و لو آمنوا أبناءهم دخل أبناء الأبناء [- يد -] ينبغي للأمير إذا أراد إنفاذ رسول أن يختار العدل العارف بمواقع الأشياء فلو دخل الرّسول بكتاب أمان و شهد جماعة من المسلمين بصحته ثم فتح المشركون الباب و دخل المسلمون لم يجز لهم السّبي إذا كان الكتاب باطلا [- يه -] إذا آمن المسلمون مشركا على أن يفتح لهم الحصن لم يكن لهم نقض أمانه و لو ادّعى كل واحد من أهل الحصن أنّه الآمن حرم استرقاقهم مع الاشتباه و لو قال اعقدوا الأمان على أهل حصني أفتحه لكم فآمنوه على ذلك فهو آمن و أهل الحصن و أموالهم و لو قال آمنوني على ألف درهم من مالي على أن أفتح لكم الحصن فهو آمن على ما طلب و يكون الباقي فيئا و لو لم يف ماله بالألف لم يكن له زيادة على ماله فلو لم يكن له دراهم و كان له عروض أعطي من ذلك ما يساوي ألفا أما لو قال ألف درهم من دراهمي و لا دراهم له كان لغوا [- يو -] يجوز التحكيم فإذا حصر الإمام بلدا جاز له أن يعقد عليهم أن ينزلوا على حكمه فيحكم فيهم بما يرى هو أو بعض أصحابه و ليس له أن ينزلهم على حكم اللّٰه و يجوز أن ينزلوا على حكم الإمام أو حكم بعض أصحابه و يشترط في الحاكم سبعة أمور الحرية و الإسلام و البلوغ و العقل و الذكوريّة و الفقه و العدالة و لا يشترط علمه بالفقه أجمع بل بما يتعلّق بهذا الحكم و ما يجوز فيه و يعتبر له و يجوز أن يكون الحاكم أعمى و محدودا في القذف و على حكم أسير معهم مسلم إلا أن يكون حسن الرأي فيهم فيكره و إن لم يكن أسيرا و لو نزلوا على حكم رجل غير معين على أنّهم يعيّنون ما يختارونه لأنفسهم جاز فإن اختاروا من يجوز حكمه قبل منهم و إلا فلا و لو جعلوا اختيار التعيين إلى الإمام جاز إجماعا و يجوز أن يكون الحاكم اثنين و أكثر فإن اتفقا جاز و لو مات أحدهما لم يحكم الآخر إلا بعد الاتفاق عليه أو يعيّنوا غيره و لو اختلفا لم يمض الحكم حتى يتفقا و لو نزلوا على حكم اثنين أحدهما مسلم و الآخر كافر لم يجز و لو مات من اتفقوا على تعيينه لم يحكم فيهم غيره إلا مع الاتفاق و يردون إلى مأمنهم و لو حكموا من لا يجتمع فيه شرائط الحكم و نزلوا إلينا ثم ظهر أنّه لا يصلح لم يحكم و ردّوا إلى مأمنهم [- يز -] يتبع ما يحكم به الحاكم ما لم يخالف المشروع و إنما يمضي الحكم إذا كان الخط للمسلمين فإن حكم بقتل الرّجال و سبي النساء و الذريّة و غنيمة المال نفذ و إن حكم باسترقاق الرجال و سبي النساء و الولدان و أخذ الأموال جاز و إن حكم بالمنّ و ترك السّبي بكل جاز مع الخط و إن حكم بعقد الذمة و أداء الجزية جاز و لزمهم النزول على حكمه و إن حكم بالفداء جاز و إن حكم بالمنّ على الذرّية جاز و كذا إن حكم بالاسترقاق و لو حكم على من أسلم بالاسترقاق و على من أقام على الكفر بالقتل جاز فلو أراد استرقاق من أقام على الكفر بعد ذلك لم يكن له و إن أراد أن يمن عليه جاز و لو حكم بالقتل و أخذ الأموال و سبي الذرية و رأى الإمام المن على الرّجال أو على بعضهم جاز [- يح -] إذا نزلوا على ما يحكم به الحاكم فأسلموا قبل حكمه عصموا أموالهم و دماءهم و ذراريهم من الاستغنام و القتل و السّبي و لو أسلموا بعد الحكم عليهم فإن كان قد حكم بقتل الرجال و سبي الذراري و نهب الأموال مضى الحكم عليهم إلا القتل و لو أراد الإمام استرقاقهم بعد الإسلام لم يجز و يستغنم المال و تسترق الذريّة و لو حكم بقتل الرجال و سبي النساء و الذريّة و أخذ المال كان المال غنيمة و يجب فيه الخمس و لو نزلوا على أن يحكم فيهم بكتاب اللّٰه تعالى أو القرآن كره لأنه ليس بمنصوص فيحصل الاختلاف [- يط -] إذا دخل حربي إلينا بأمان فقال له الإمام إن رجعت إلى دار الحرب و إلا حكمت عليك حكم أهل الذّمة فأقام سنة جاز أن يأخذ منه الجزية و لو قال له اخرج إلى دار الحرب فإن أقمت عندنا صيرت نفسك ذميّا فأقام سنة ثم قال أقمت لحاجة قبل قوله و لم يجز أخذ الجزية منه بل يرد إلى مأمنه قال الشيخ و لو قلنا إنه يصير ذميّا لأنّه خالف الإمام كان قويّا [- ك -] إذا حكم الحاكم بالرد لم يجز و إذا اتفقوا على حاكم لم يجب عليه الحكم بل جاز سواء كان قبل التحكيم أو لم يقبله بل يجوز أن يخرج نفسه من الحكومة و إذا حكم الحاكم بما لا يجوز لم ينفذ و لو حكم بعد ذلك بالسائغ فالوجه النفوذ

الفصل الرّابع في الغنيمة

اشارة

و هي الفائدة المكتسبة سواء اكتسب برأس مال كأرباح التجارات و الزّراعات و غيرهما أو اكتسب بالقتال و البحث إنما هو عن الثاني و أقسامه ثلاثة ما ينقل و يحول كالأقمشة و الحيوان و ما لا ينقل كالعقارات و ما هو سبي كالأطفال و النساء و

القسم الأوّل و ما فيما ينقل و يحول

و فيه [- ي -] مباحث [- ا -] ما يحويه العسكر مما ينقل و يحول إن لم يصحّ تملكه للمسلم كالخمر و الخنزير لم يكن غنيمة و إن كان مما يصحّ تملكه من الأشياء المملوكة فهو للغانمين خاصة بعد إخراج الخمس و الجعائل و الأشياء المباحة في الأصل كالصّيود

ص: 138

و الأحجار و الأشجار فإن لم يكن عليه أثر تملك فهو للواجد و ليس غنيمة و إلا فغنيمة و لو وجد ما يحتمل أن يكون لهم و للمسلمين كالسّلاح فالأقرب أن حكمه حكم اللقطة و قيل يعرف سنة ثم يلحق بالغنيمة و لو ادعاه مسلم فالأقرب أن عليه البينة و لو أخذ من بيوتهم أو من خارجها ما لا قيمة له في أرضهم كالسّمن و الأدوية فهو أحقّ به و و و لو صارت له قيمة بنقله أو معالجته فكذلك [- ب -] لو ترك صاحب المقسم شيئا من الغنيمة عجزا عن حمله فقال من حمله فهو له كان جائزا و يصير لآخذه و لو وجد في أرضهم ركازا فإن كان في موضع يقدر عليه فهو كما لو وجده في دار الإسلام يخرج منه الخمس و الباقي له و إن لم يقدر عليه إلا بجماعة من المسلمين فالأقرب أنه غنيمة [- ج -] لا يجوز التصرف في شيء من الغنيمة قبل القسمة إلا ما لا بدّ منه كالطعام و علف الدّواب مع الحاجة لا بدونهما و يجوز ذبح الحيوان المأكول مع الحاجة و لا يجب عليه القيمة و يرد جلودها إلى المغنم و لو استعمله في سقاء أو نعل أو شراك ردّه إلى المغنم و عليه أجرة المدة و أرش ما نقص و لو زادت القيمة بالصّنعة لم يكن له شيء و لا يجوز تناول ما عدا الطعام و العلف و اللحم و لا استعماله و لا الانفراد به و يجوز استعمال الدّهن المأكول في الطعام عند الحاجة و لو لم يكن مأكولا فاحتاج إلى أن يدهن به أو يدهن به دابّته لم يكن له ذلك إلا بالقيمة على إشكال و يجوز أن يأكل ما يتداوى به أو شربه كالجلاب و السّكنجبين و غيرهما عند الحاجة و ليس له أن يغسل ثوبه بالصّابون و لا ينتفع بالجلود و لا اتخاذ النعال منها و لا الجورب و لا الخف و لا الحبال من الشعر و الكتب التي لهم إن انتفع بها كالطّب و الأدب فهي غنيمة و إن لم ينتفع بها كالتوراة و الإنجيل فإن أمكن الانتفاع بجلودها أو ورقها بعد الغسل كانت غنيمة و إلا فلا و جوارح الصيد و البزاة غنيمة و كذا كلاب الصيد و لو لم يرغب فيها أحد من الغانمين جاز إرسالها و إعطاؤها غير الغانم و لو رغب فيها بعض الغانمين دفعت إليه و لا يحتسب عليه من نصيبه و لو رغب الجميع قسمت و لو تعذرت القسمة أو تنازعوا في الجيد أقرع بينهم أما الخنازير فليست غنيمة و لا تعطى أحدا و لا يجوز لبس الثياب و لا ركوب دابة من المغنم و لو كان للغازي دواب أو رقيق جاز أن يطعمهم مما يجوز له الأكل منه سواء كانت للغنيمة أو للتجارة و لو كان معه بزاة أو مقودة لم يكن له أن يطعمها من المغنم بخلاف الخيل [- د -] إذا ثبت يد المسلمين على الغنيمة لم يجز التصرف فيها و لا في بعضها حتى الطعام إلا مع الضّرورة سواء أحازوها في دار الإسلام أو في دار الحرب على إشكال و لو كان معه من الطعام فضلة فأدخله في دار الإسلام ردّه إلى المغنم سواء كان قليلا أو كثيرا و لا يجوز وطء جارية المغنم و إذا حاز المسلمون الغنائم و جمعوها ثبت حقّهم فيها و ملكوها سواء جمعوها في دار الحرب أو دار الإسلام و ثبت لكل واحد من الغانمين حق الملك في جزء مشاع غير معين و إنما يتعين باختيار الإمام [- ه -] من غلّ من الغنيمة شيئا ردّه إلى المغنم و لا يحرق رحله سواء كان آلة السلاح أو لا و سواء كان الرّحل ثياب بدنه أو لا و سواء كان كتب الأحاديث و العلم أو لا و سواء كان آلة الدابة أو لا و سواء اتخذت متاعا آخر أو لا و سواء رجع إلى بلده أو لا و سواء مات أو لا و سواء باع متاعه أو وهبه أو نقله عنه أو لا و سواء كان الغال صبيّا أو لا حرّا أو عبدا ذكرا كان أو لا مسلما كان أو لا أنكر الغلول أو اعترف به و لا يحرم سهمه من الغنيمة سواء كان صبيّا أو بالغا [- و -] إذا مات الغال قبل القسمة وجب ردّ ما عليه في المغنم و كذا بعد القسمة فإن تمكن الإمام من قسمته بين العسكر فعل و إلا فالأقرب عندي الصدقة به [- ز -] إذا سرق من الغنيمة ذو السهم و لم يرد على سهمه بقدر النصاب لم يقطع و إن بلغ النّصاب قطع و لو كان السارق عبدا أو امرأة و سرق أكثر من قدر ما يرضخ له بقدر النصاب قطع و إلا فلا و لو ادّعى الشبهة المحتملة سقط القطع و لو سرق عبدا لغنيمة منها لم يقطع و لو كان أحد الغانمين ابن السارق غير الغانم لم يقطع إلا إذا أراد ما سرقه عن نصيب ولده بقدر النصاب و لو كان السارق سيّد عبد في الغنيمة كان حكمه حكم من له نصيب [- ح -] الغال هو الذي يكتم ما أخذه من الغنيمة و لا يطلع الإمام عليه و لا يضعه مع الغنيمة فإن غلّ على وجه السرقة قطع و إلا فلا و لا يحرق رحل السارق كما قلناه في الغال [- ط -] إذا باع أحد الغانمين غيره شيئا فإن كان المشتري من الغانمين لم يصحّ البيع و يقر في يد المشتري و ليس له ردّه إلى البائع لا للبائع قهره عليه و إن لم يكن من الغانمين لم يقرّ يده عليه و لو كان المبيع طعاما لم يصحّ البيع أيضا و المشتري أحقّ به فلو باع أحدهما صاعين من برّ بصاع منه من الغنيمة لم يثبت الرّبا و لو أقرض غانم غانما طعاما أو علفا في بلاد العدوّ صح و ليس بقرض حقيقة و يكون الثاني أحقّ باليد و ليس على المقترض ردّه على المقرض فإن فعل كان المردود عليه أحق به و لو خرج المقرض إلى بلاد الإسلام لم يكن للمقترض ردّه عليه بل يرده إلى المغنم و لو خرج المقترض من دار الحرب و الطعام في يده رده إلى المغنم و لا يرده إلى المقرض الأول و لو أقرضه الغانم لمن لا سهم له في الغنيمة لم يصحّ قرضه

ص: 139

و استعيد من القابض و كذا لو باعه منه و كذا لو جاء رجل من غير الغانمين و أخذ من طعام الغنيمة و لو باعه من غير الغانمين بطل البيع و استعيد و لو باعه من غانم كان الغانم أولى به و لا يكون بيعا صحيحا [- ي -] يجوز للإمام أن يبيع من الغنيمة شيئا قبل القسم لمصلحة فلو عاد الكفار و أخذوا المبيع من المشتري في دار الحرب فإن كان لتفريط من المشتري مثل إن خرج به من العسكر وحده فضمانه عليه و إن حصل بغير تفريط فالتلف منه أيضا و لا ينفسخ البيع و إذا قسمت الغنائم في دار الحرب جاز لكل من أخذ مهمة التّصرف فيه كيف شاء بالبيع و غيره فلو باع بعضهم شيئا فغلب المشتري عليه لم يضمنه البائع و يجوز لأمير الجيش أن يشتري من مال الغنيمة شيئا قبل القسمة و بعده

القسم الثاني في أحكام الأسارى

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] الأسارى ضربان ذكور و إناث و الذكور بالغون و أطفال و هم من لم يبلغ خمس عشرة سنة فالنساء و الأطفال يملكون بالسّبي و لا يحلّ قتلهم و لو أشكل أمر الصبي في البلوغ و عدمه اعتبر بالإنبات فإن كان قد أنبت الشعر الخشن على عانته حكم ببلوغه و إلا فلا و أما البالغون من الذكور فإن أسروا قبل تقضي الحرب و انقضاء القتال تخير الإمام بين قتلهم و قطع أيديهم و أرجلهم من خلاف و تركهم حتى ينزفوا و يموتوا و لا يجوز إبقاؤهم بفداء و لا بغيره و إن أسروا بعد أن وضعت الحرب أوزارها و انقضاء القتال لم يجز قتلهم و كان الإمام مخيرا بين المن و الفداء و الاسترقاق و هذا التخيير ثابت في كلّ كافر سواء كان ممن يقرّ على دينه بالجزية أو لا و قال الشيخ إن كان من عبدة الأوثان تخير الإمام بين المنّ و الفداء خاصّة و ليس بمعتمد و لا فرق بين العرب و العجم في ذلك و هذا التخيير تخيير مصلحة و اجتهاد لا تشهيا [تشهي] إلا أن يستوي الثلاثة في المصلحة فيختار تشهّيا و لا يكون القتل أولى [- ب -] إذا أسلم الأسير بعد الأسر يسقط عنه القتل سواء أخذ قبل تقضي الحرب أو بعدها قال الشيخ و يتخير الإمام بين المن و الفداء و الاسترقاق و لا يجب الاسترقاق عينا فإن اختار الإمام أن يفادي به مالا أو رجالا جاز بشرط أن يكون له عشيرة تحميه من المشركين و إن لم يكن له عشيرة لم يجز ردّه إليهم و مال الفداء غنيمة للغانمين و لو أسلم الأسير قبل أن يقع في الأسر لم يجز قتله و لا استرقاقه و لا المفاداة به سواء أسلم في حصن محصورا أو مصدودا أو رمى نفسه في بئر و يكون دمه محقونا و كذا ماله و ذريته الأطفال و أمّا البالغون فحكمهم حكم الكفار و أما الدور و الأرضون التي له فهي فيء فلا يكون له [- ج -] إذا أسر المشرك البالغ و له زوجة لم يؤسرها المسلمون فالزّوجية باقية فإن من عليه الإمام أو فاداه لم ينفسخ النكاح و إن استرقه انفسخ و لو أسر الزوجان معا انفسخ النكاح و كذا ينفسخ لو كان الزّوج صغيرا أو أسرت الزوجة سواء سبي الزوج أو لا و كذا لو سبي بعدها بيوم أو بأزيد أو بأنقص و سواء سباهما رجل واحد أو اثنان و الوجه أنه إذا سباهما واحد و ملكهما معا كان النكاح باقيا ما لم يفسخه و لو كان الزوجان مملوكين قيل لا ينفسخ النكاح و الوجه تخير الغانم [- د -] إذا أسلم الحربي في دار الحرب حقن ماله و دمه و أولاده الصّغار من السّبي و المال المعصوم هنا إنما هو ما ينقل و يحول أما ما لا ينقل فإنه فيء للمسلمين و لو دخل دار الإسلام فأسلم فيها و له أولاد صغار في دار الحرب صاروا مسلمين و لم يجز سبيهم و لو أسلم و له حمل تبعه في الإسلام و لو سبيت المرأة و هي حامل و قد أسلم أبوه أو كانت الحربية حاملا من مسلم بوطء مباح كانت رقا دون الحمل و لو أسلم في دار الحرب و له فيها عقار ثم غنمها المسلمون سلمت إليه أمواله المنقولة دون الأرضين و العقارات فإنها تكون غنيمة و لو استأجر مسلم من حربي أرضه في دار الحرب صحّت الإجارة فلو غنمها المسلمون كانت غنيمة و كانت المنافع للمستأجر و لا تبطل الإجارة [- ه -] لو أعتق المسلم عبده الذّمي فلحق بدار الحرب ثم أسر ففي جواز استرقاقه وجهان نشئا من مطلق الإذن في الاسترقاق و من ثبوت حق الولاء للمعتق المسلم فصار كالآبق المملوك و لو أعتق الذمي عبده الّذي صحّ عتقه فإن لحق بدار الحرب فأسر جاز استرقاقه [- و -] إذا أسلم عبد الحربي أو أمته في دار الحرب ثم أسلم مولاه فإن خرج إلينا قبل مولاه تحرر و إلا فهو على الرّقية قال الشيخ و لو قلنا إنه يصير حرّا على كلّ حال كان قويا و لو كان المولى صبيّا أو امرأة لم تسلم حتى غنمت و قد حارب العبد المسلم معنا جاز أن يملك مولاه [- ز -] لو أسلمت أم ولد الحربيّ و خرجت إلينا قبل مولاها عتقت و استبرأت نفسها [- ح -] لو أسلم العبد دون مولاه حتى غنم العبد انتقل إلى المسلمين و لو عقد المولى لنفسه أمانا لم يقر المسلم على ملكه و كذا حكم المدبر و المكاتب المشروط و المطلق و أمّ الولد [- ط -] إذا سبيت المرأة و ولدها الصغير كره التفرقة بينهما بل ينبغي للإمام أن يدفعهما إلى واحد و لو قصر سهمه دفعهما إليه و استعاد الفاضل أو يجعلهما في الخمس فإن لم يفعل باعهما و ردّ ثمنها في المغنم و حرّم بعض أصحابنا التفرقة و الأقوى ما قلناه و لا تزول الكراهية برضا الأم بالتفرقة و حكم البيع هذا الحكم فيكره

ص: 140

للمالك التفرقة بين الأم و ولدها و إذا بلغ الصّبي سبع سنين جازت التفرقة و لو باع الأم بانفرادها أو الولد بانفراده كان مكروها عندنا و صحّ البيع و عند الشيخ يحرم و يصحّ البيع [- ي -] قال الشيخ يجوز التفرقة بين الولد و الوالد و بينه و بين الجدّة أم الأم و بين الأخوين و الأختين و بين من خرج من عمود الأبوين من فوق و أسفل مثل الإخوة و أولادهم و الأعمام و أولادهم و سائر الأقارب و لا خلاف في جواز التّفرقة بينه و بين الرّحم غير المحرم و بينه و بين الأم من الرضاعة أو الأخت منها و في جواز التفرقة بينهما في العتق [- يا -] لو اشترى من المغنم اثنين أو أكثر و حسبوا عليه بنصيبه بناء على أنّهما أقارب يحرم التفريق بينهم فظهر أنهم لا نسب بينهم وجب عليه ردّ الفضل الّذي فيهم على المغنم [- يب -] لو جنت جارية ذات ولد صغير و لم يفدها مولاها قال الشيخ لم يجز بيعها منفردة عن ولدها بل يباعان معا و يعطى المجني عليه ما يقابل قيمة جارية ذات ولد منفردة عنه و الباقي للسيّد و لو كانت حاملا و لم يفدها السّيد لم يجز بيعها إن كانت حاملا بحرّ و يصبر حتى تضع و يكون الحكم كما لو كان منفصلا و لو كانت حاملا بمملوك جاز بيعهما معا إذا كان منفصلا [- يج -] قال رحمه اللّٰه لو باع جارية حاملا إلى أجل ففلس المشتري و قد وضعت ولدا مملوكا ففي جواز رجوعه فيها دون ولدها وجهان و لو ابتاع جارية فأتت بولد مملوك في يد المشتري و علم بعيبها لم يكن له ردها بالعيب و لو كانت حاملا تخير بين الأرش و الرد [- يد -] إذا سبي من لم يبلغ صار رقيقا في الحال فإن سبي مع أبويه الكافرين فهو على دينهما و إن سبي منفردا عنهما قال الشيخ يتبع السابي في الإسلام فلو بيع من كافر بطل البيع و لو سبي مع أحدهما قال الشيخ يتبع أحد أبويه في الكفر و لو مات أبو الطفل المسبي معهما لم يحكم بإسلامه و كره بيعه على الكافر [- يه -] الحميل هو الذي يجلب من بلاد الشرك فإن جلب قوم و تعارف اثنان بما يوجب الإرث قبل ذلك سواء كان قبل العتق أو بعده و يورثون على ذلك سواء كان النسب نسب الوالدين و الولد أو من يتقرب بهما فلو أخذ الطفل من بلاد الشرك كان رقيقا فإذا أعتقه السابي نفذ عتقه و ثبت عليه الولاء فإن أقرّ المعتق بنسب كأب أو جد أو ابن عمّ فالوجه أنه لا يقبل إلا بالبيّنة أو تصديق المقر به و لو أقر بولد فالأقرب أنّه كذلك [- يو -] لو أسر المشرك و لم يكن معه ما يركبه و عجز عن المشي لم يجب قتله و لو بدر مسلم فقتله كان هدرا و يجب أن يطعم الأسير و يسقى و إن أريد قتله بعد لحظة [- يز -] يكره قتل من يجب قتله صبرا و هو الحبس للقتل [- يح -] لو وطئ جارية من المغنم قبل القسمة عالما بالتحريم درئ عنه من الحدّ بمقدار نصيبه منها و يقام عليه الحدّ بمقدار نصيب باقي الغانمين سواء قلوا أو كثروا و لو وطئها جاهلا بالتّحريم سقط عنه الحدّ قال الشيخ و لا يجب على واطئ جارية المغنم المهر و لو أحبلها قال حكم ولدها حكمها له منه بقدر نصيبه من الغنيمة و يقوم بقية سهم الغانمين عليه فإن كانت القيمة قدر حقه فقد استوفى و إن كان أقل أعطي تمام حقّه و إن كان أكثر ردّ الفضل و يلحق به الولد لحوقا صحيحا و الجارية أم ولده في الحال و تقوم الجارية عليه و يلزمه سهم الغانمين فإن كانت القيمة بقدر النصيب احتسبت عليه و إن كانت أقل أعطي تمام حقه و إن كانت أكثر رد الفاضل و إنما يقوم الولد إذا قومت الجارية بعد رضعه فيقومان معا و يأخذ الغانمون الفاضل من القيمتين عن النصيب و لو قومت قبل وضعه لم يقوم الولد عليه [- يط -] لو وطئ بعد القسمة و حصولها في نصيبه بتعيين الإمام و لم نشترط الرضا كان الوطء مصادقا للملك و إن عيّنت لغيره وجب عليه ما يجب على واطئ أمة غيره من الحدّ و المهر و رقية الولد مع العلم و لو توهم أن تعيين الإمام غير كاف في التمليك فوطئ كان شبهة في سقوط الحدّ [- ك -] لو وطئها و هو معسر قومت عليه مع ولدها و استسعى في نصيب الباقين فإن امتنع كان له من الجارية بقدر نصيبه و يتحرر من الولد بقدر النصيب و الباقي للغانمين و الجارية أم ولد [- كا -] لو كان في الغنيمة من ينعتق على بعض الغانمين قال الشيخ الذي يقتضيه المذهب أنه ينعتق منه نصيبه و يكون الباقي للغانمين و لا يلزمه قيمة الباقين و لو جعله الإمام في نصيبه أو نصيب جماعة هو أحدهم فإنه ينعتق نصيبه و الأقرب أنّه لا يجب عليه شراء حصص الباقين و لو رضي بالقسمة فالأقرب التقويم عليه مع اليسار و لو أسر أباه منفردا فالأقرب عدم عتقه عليه و لو أسر أمّه أو ابنه الصغير صار رقيقا و عتق عليه [- كب -] لو أعتق بعض الغانمين عبدا من الغنيمة قبل القسمة فإن كان مما لا يثبت فيه الملك كالرّجل لم يصحّ عتقه ملكه و إن كان ممن يملك كالمرأة و الصّبي فالأقرب صحة عتق نصيبه و تقويم الباقي عليه فيطرح في الغنيمة إن كان موسرا و إن كان معسرا صح عتق نصيبه فإن كان بقدر نصيبه من الغنيمة لم يسهم له من الغنيمة شيء و إن كان أقل يعطى التمام و إن كان أكثر رد الفاضل

القسم الثالث في الأرضين

و فيه [- ح -]

ص: 141

بحثا [- ا -] الأرضون على أربعة أقسام أحدها ما عليك بالاستغنام و يؤخذ قهرا بالسّيف فإنها للمسلمين قاطبة و لا يختصّ بها المقاتلة و لا يفضلون على غيرهم و لا يتخيّر الإمام بين قسمتها و وقفها و تقرير أهلها عليها بالخراج و يقبلها الإمام لمن يقوم بعمارتها بما يراه من النّصف أو الثلث و على المتقبل إخراج مال القبالة و حق الرقبة و فيما يفضل في يده إذا كان نصابا العشر أو نصف العشر و لا يصحّ التصرف في هذه الأرض بالبيع و الشراء و الوقف و غير ذلك و للإمام أن ينقله من متقبل إلى غيره إذا انقضت مدّة القبالة و له التصرف فيه بحسب ما يراه من مصلحة المسلمين و ارتفاع هذه الأرض يصرف إلى المسلمين بأجمعهم و إلى مصالحهم و ليس للمقاتلة فيها إلا مثل ما لغيرهم من النصيب في الارتفاع الثاني أرض من أسلم أهلها عليها طوعا من قبل نفوسهم من غير قتال فيترك في أيديهم ملكا لهم يصحّ لهم التّصرف فيها بالبيع و الشراء و الوقف و سائر أنواع التصرف إذا عمروها و قاموا بعمارتها و يؤخذ منهم العشر أو نصف العشر زكاة إذا بلغ النصاب فإن تركوا عمارتها و تركوها خرابا كانت للمسلمين قاطبة و جاز للإمام أن يقبلها ممن يعمرها بما يراه من النّصف أو الثلث أو الربع و كان على المتقبل بعد إخراج حق القبالة و مئونة الأرض إذا بقي معه النصاب العشر أو نصف العشر و على الإمام أن يعطي أربابها حق الرقبة الثّالث أرض الصلح و هي كل أرض صالح أهلها عليها و هي أرض الجزية يلزمهم ما يصالحهم الإمام عليه من نصف أو ثلث أو ربع أو غير ذلك و ليس عليهم غير ذلك و إذا أسلم أربابها كان حكم أرضهم حكم أرض من أسلم طوعا ابتداء و يسقط عنهم الصلح لأنه جزية و يصحّ لأربابها التصرف فيها بالبيع و الشّراء و الهبة و غير ذلك و للإمام أن يزيد و ينقص ما يصالحهم عليه بعد انقضاء مدّة الصّلح بحسب ما يراه من زيادة الجزية و نقصانها و لو باعها المالك من مسلم صحّ و انتقل ما عليها إلى رقبة البائع هذا إذا صولحوا على أن الأرض لهم أما لو صولحوا على أن الأرض للمسلمين و على أعناقهم الجزية كان حكمها حكم الأرض المفتوحة عنوة عامرها للمسلمين و مواتها للإمام الرابع أرض الأنفال و هي كل أرض انجلى أهلها عنها و تركوها أو كانت مواتا لغير مالك فأحييت أو كانت آجاما و غيرها مما لا يزرع فاستحدثت مزارع فإنها كلها للإمام خاصة لا نصيب لأحد معه فيها و له التصرف فيها بالقبض و الهبة و البيع و الشراء بحسب ما يراه و كان له أن يقبلها بما يراه من نصف أو ثلث أو ربع و يجوز نزعها من يد متقلبها إذا انقضت مدّة الضمان إلا ما أحييت بعد موتها فإن من أحياها أولى بالتصرف فيها إذا تقبلها بما يتقبلها غيره فإن أبى كان للإمام نزعها من يده و تقبيلها لمن يراه و على المتقبّل بعد إخراج مال القبالة فيما يحصل في حصة العشر أو نصف العشر [- ب -] قال الشيخ كل موضع أوجبنا فيه العشر أو نصف العشر من أقسام الأرضين إذا أخرج الإنسان مئونته و مئونة عياله لسنة وجب عليه فيما بقي بعد ذلك الخمس لأهله [- ج -] الأرض المأخوذة عنوة للمسلمين قاطبة إن كانت محياة وقت الفتح يصرف الإمام حاصلها في المصالح مثل سدّ الثغور و معونة الغزاة و بناء القناطير و أرزاق القضاة و الولاة و صاحب الديون و غير ذلك من مصالح المسلمين و أما الموات وقت الفتح فهي للإمام خاصّة و لا يجوز لأحد إحياؤه إلا بإذنه مع ظهوره ع و لو تصرف كان عليه طسقها له و لو كان غائبا ملكها المحيي من غير إذن و مع ظهوره ع يجوز له نقلها من يد من أحياها إذا لم يقبلها بما يقبلها غيره و لا يجوز بيع هذه الأرض على ما تقدم بل البيع يتناول التصرف من البناء و الغرس و حق الاختصاص بالتصرف لا الرقبة [- د -] كلما يختصّ الإمام من الأرضين الموات و رءوس الجبال و بطون الأودية و الآجام ليس لأحد التّصرف فيها مع ظهور الإمام عليه السّلام إلا بإذنه و سوّغوا لشيعتهم حال الغيبة التصرف فيها بمجرّد الإذن منهم [- ه -] الظاهر من المذهب أن النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله فتح مكة بالسّيف ثم آمنهم بعد ذلك لا صلحا [- و -] أرض السّواد هي الأرض المغنومة من الفرس التي فتحها عمر و هي سواد العراق و حدّه في العرض من مقطع الجبال بحلوان إلى طرف القادسيّة المتصل بعذيب من أرض العرب و من تخوم الموصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجلة فأما الغربي الذي تليه البصرة فإنما هو إسلامي مثل شط عثمان بن أبي العاص و ما والاها كانت سباخا و مواتا فأحياها عثمان بن أبي العاص و سمّيت هذه الأرض سوادا لأن الجيش لما خرجوا من البادية زاد التفاف شجرها فسموها سوادا و بعث عمر إليها بعد فتحها ثلاثة أنفس عمار بن ياسر على صلواتهم أميرا و ابن مسعود قاضيا واليا على بيت المال و عثمان بن حنيف على مساحة الأرض قال أبو عبيدة فبلغ مساحتها ستّة و ثلاثون ألف ألف جريب و ضرب على كلّ جريب نخل عشرة دراهم و على الكرم ثمانية دراهم و على جريب

ص: 142

الشجر و الرطبة ستة دراهم و على الحنطة أربعة دراهم و على الشعير درهمين ثم كتب إلى عمر بذلك فأمضاه و كان و ارتفاعها مائة و ستّين ألف ألف درهم و لما انتهى الأمر إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أمضى ذلك و رجع ارتفاعها في زمن الحجاج إلى ثمانية عشر ألف ألف درهم قال الشيخ و الذي يقتضيه المذهب أن هذه الأراضي و غيرها من البلاد التي فتحت عنوة يخرج خمسها لأربابه و أربعة الأخماس الباقية للمسلمين قاطبة لا يصحّ التصرف فيه ببيع و لا هبة و لا إجارة و لا إرث و لا يصحّ أن تبنى دورا و منازل و مساجد و سقايات و لا غير ذلك من أنواع التّصرف الذي يتبع الملك و متى فعل شيء من ذلك كان التّصرف باطلا و هو باق على الأصل قال و على الرّواية التي رواها أصحابنا أن كل عسكر أو فرقة غزت بغير أمر الإمام تكون الغنيمة للإمام خاصّة تكون هذه الأرضون و غيرها مما فتحت بعد الرّسول ص إلا ما فتح في أيام أمير المؤمنين ع إن صحّ شيء من ذلك يكون للإمام خاصة و يكون من جملة الأنفال التي له خاصّة لا يشركه فيها غيره [- ز -] إذا نزل الإمام على بلد فحاصره و أرادوا الصلح على أن يكون البلد لهم و كانوا من أهل الكتاب جاز له أن يصالحهم بشروط ثلاثة أن يبذلوا الجزية و أن يجري عليهم أحكام المسلمين و أن لا يجتمعوا مع مشرك على قتال المسلمين فإذا بذلوا ذلك عقد معهم الصلح و لزم ما داموا على الشرط و تكون أرضهم ملكا لهم يصحّ لهم التصرف فيها كيف شاءوا و يجوز للمسلم استئجارها منهم و تكون الأجرة له و الخراج عليه و لو باعها من مسلم صح البيع و انتقل ما عليها من الخراج إلى رقبة الذّمي و لا يبقى متعلقا بالأرض [- ح -] كل أرض ترك أهلها عمارتها كان للإمام تقبيلها ممن يقوم بها و عليه طسقها لأربابها و كلّ أرض موات سبق إليها سابق فعمرها و أحياها كان أحقّ بها إذا لم يكن لها مالك معروف فإن كان لها مالك معروف وجب عليه طسقها لمالكها

الفصل الخامس في كيفية قسمة الغنيمة

اشارة

و فيه مطالب

الأوّل الجعائل

و فيه [- يز -] بحثا [- ا -] يجوز للإمام أن يجعل جعلا لمن يدله على مصلحة من مصالح المسلمين كطريق سهل أو ماء في مفازة أو قلعة يفتحها أو مال يأخذه أو عدو يغير عليه أو ثغر يدخل به و يستحق المجعول له الجعل بنفس الفعل الذي جعل له الجعل سواء كان مسلما أو كافرا ثم الجعالة يجب أن تكون معلومة إن كانت في يد الجاعل إما بالمشاهدة أو الوصف و إن كانت في بلد المشركين جاز أن تكون مجهولة كجارية و ثوب [- ب -] إنما تثبت الجعالة بحسب الحاجة ثم إن كانت في يده بأن قال من دلنا على ثغر القلعة فله كذا فإنّه يجب عليه دفع الجعل بنفس الدلالة و لا يتوقّف على فتح البلد و إن كانت من مال الغنيمة بأن قال من دلنا على ثغر القلعة فله الجارية المعيّنة منها أو جارية مطلقة منها فإنه إنما يستحقّ بالدلالة و الفتح معا [- ج -] لو شرط جارية معينة من القلعة و فتحت عنوة سلمت الجارية إليه إن بقيت على الكفر و إن كانت قد أسلمت قبل الأسر لم يجز استرقاقها و دفع إلى الدال القيمة و لو أسلمت بعد الأسر سلمت إليه إن كان مسلما و إن كان كافرا دفع إليه القيمة فإن فتحت صلحا و لم يكن الجارية داخلة في الهدنة فكذلك و إن دخلت صح الصّلح فإن اختار الدال قيمتها مضى الصلح و سلم إليه القيمة و إن أبى و اختار صاحب القلعة دفعها إلى الدال و أخذ القيمة فعل ذلك و إن أبى كلّ واحد منهما قال الشيخ يفسخ الصلح و لو قيل يمضي الصّلح و يدفع إلى المجعول له القيمة كما لو أسلمت قبل الصّلح كان حسنا و لو ماتت الجارية المجعولة قبل الظفر أو بعده قال الشيخ لا يدفع القيمة إليه و هو جيّد و لو كان الدليل جماعة كانت الجارية بينهم [- د -] لو كتب بعض المسلمين إلى المشركين بخبر الإمام و ما عزم عليه من قصدهم و بذكر أحواله لم يقتل بذلك بل يعزر و لا يسهم له إلا أن يتوب قبل تحصيل الغنيمة [- ه -] يجوز النفل فلو بعث الإمام أو نائبه وقت دخوله دار الحرب للغزو سرية تغير على العدوّ يجعل لهم الرّبع بعد الخمس جاز فما قدمت به السّرية يخرج خمسه و الباقي يعطي السرية منه الرّبع و هو خمس آخر ثم يقسم الباقي بين الجيش و السّرية و كذلك إذا قفل من دار الحرب مع الجيش و أنفذ سرية و جعل لهم الثلث بعد الخمس جاز فإذا قدمت السّرية بشيء أخرج خمسه الإمام ثم أعطى السّرية ثلث ما بقي ثم قسم الباقي بين الجيش و السّرية معه و لا يشترط في النفل أن يكون من الخمس و لا من خمس الخمس [- و -] إنما يستحق النفل بالشرط السابق و لو لم يشترط الإمام نفلا لم يكن لأحد فضلة عن سهمه [- ز -] إنما يسوغ للإمام التنفيل مع الحاجة إليه بأن يقل المسلمون و يكثر المشركون و لو كانوا مستظهرين فلا حاجة به و مع الحاجة إن رأى أن ينفلهم دون الثلث أو الربع فله ذلك و الأقرب أنه يجوز أن ينفل أكثر من الثلث أو الربع و النّبيّ عليه السّلام نفل في البدأة الثلث و في الرّجعة الربع فالبدأة السّرية عند دخول الجيش دار الحرب و الرّجعة عند الخروج و قيل البدأة السّرية الأولى و الرّجعة الثانية و كما يجوز التنفيل للسّرية كذا يجوز لبعض الجيش [- ح -] إذا أنفذ الإمام سرية فأتى

ص: 143

بعضهم بشيء دون الآخرين كان للوالي تخصيص من جاء بشيء دون الآخرين مع الشرط لا بدونه [- ط -] لو قال الأمير من طلع هذا الحصن أو هدم هذا السور أو ثقب هذا البيت أو فعل كذا فله كذا و من جاء بأسير فله كذا جاز و لم يكن مكروها [- ي -] لو لم يكن في التنفيل مصلحة للمسلمين لم يجز و لا يختصّ النفل بنوع من المال و لو قال من رجع إلى الساقة فله دينار جاز و كذا لو قال من يعمل في سياقة المغنم و لو نفل السّرية استوى فيه الفارس و الراجل إلاّ أن يشترط التفضيل و كذا لو بعث سرية من أهل الذّمة جاز له أن ينفلهم مع المصلحة [- يا -] لو بعث سرية عليهم أمير و نفلهم بالثلث بعد الخمس ثم إن أمير السّرية نفل قوما منهم لفتح الحصن أو للمبادرة بغير إذن الإمام نظر فإن نفلهم من سهم السّرية أو من سهامهم بعد النّفل جاز و لو نفلهم من سهم العسكر لم يجز و لو بعث أمير السّرية سرية من سريته و نفل لهم أقل من النفل الأول أو أكثر فهو جائز من حصة أصحاب السّرية لا من حصة العسكر إلا أن يكون أمير العسكر أذن له في التنفيل فيجوز تنفيله للسّرية الثانية في حق جميع العسكر [- يب -] لو فقد رجل من السرية فذهب بعضهم بطلبه و ذهب آخرون لإصابة الغنائم ثم رجع الجميع مع المفقود اشتركوا بأجمعهم في النفل و كذا لو أصاب المفقود و غنائم و الطالب له و باقي السّرية اشتركوا بالسّوية كما لو لم يفترقوا و لو تفرقت السّرية قسمين و بعد أحدهما عن الآخر بحيث لا يقدر على معونته ثم أصاب كل قسم غنيمة أو أصاب أحدهما دون صاحبه فالنفل من جميع ذلك بينهم بالسّوية و لو لم يلتقوا إلا عند المسكن فلكل فريق النفل مما أصابوا خاصّة و لو قال الإمام من أخذ شيئا فهو له فالوجه عندي الجواز [- يج -] لو بعث سريتين أحدهما يمنة و الأخرى يسرة و نفل إحداهما الثلث و الأخرى الربع فما [فيما] أصابوا كان جائزا فلو ذهب رجل ممن بعثه الإمام في سرية الربع مع الأخرى احتمل وجهين أحدهما حرمانه و الثاني أن يجعل له مع سرية الثلث مقدار ما سمّى له و هو الربع أما لو ضلّ و وقع في الأخرى فالوجه مشاركتهم [- يد -] لو بعث سرية و نفلهم الربع ثم أرسل أخرى و قال الحقوا بأصحابكم فما أصبتم فأنتم شركاؤهم فلحقهم الثانية بعد الاستغناء به ثم غنموا معهم أخرى فنفل الثانية لهم جميعا و الأول للسّرية الأولى قال ابن الجنيد لو غنمت السّرية المنفلة فأحاط بها العدو فأنجدهم المسلمون شركوهم في النفل ما لم يحرزوه في العسكر [- يه -] قد بيّنا جواز التنفيل المجهول فلو قال من جاء بشيء فله منه طائفة فجاء رجل بمتاع نفله الإمام بما يراه و لو قال فله منه قليل أو يسير أو شيء منه فله أقل من النصف و لو قال فله جزء منه نفله النصف فما دونه و لو قال من جاء بشيء فله سهم رجل أعطاه سهم راجل لا فارس و لو قال من جاء بألف درهم فله ألفا درهم فجاء بالألف لا غير لم يكن له أكثر من ألف و لو قال من جاء بالأسير فله الأسير و ألف لزمه دفعهما و لو قال من جاء بأسير فله مائة درهم كان ذلك من الغنيمة أو في رقبة الأسير أو بيت مال المسلمين [- يو -] لو قال من أصاب ذهبا أو فضة فهو له فأصاب سيفا محلى بأحدهما كان الذهب و الفضة له دون السيف و الجفن و لو أصاب خاتما نزع فصه للغنيمة و لو ظهر مشرك على السور يقاتل المسلمين فقال الإمام من صعد السّور فأخذه فهو له و خمسمائة فصعد رجل و أخذه كان له مع خمسمائة و لو سقط الرّجل من السور فبادر إليه رجل فقتله خارج الحصن لم يكن له شيء و لو رماه فطرحه من السّور فالأقرب أنه لا يستحق النفل أيضا و لو التقى الصفان فقال من جاء برأس فله كذا انصرف إلى رءوس الرجال دون الصّبيان و لو انهزم الكفار فقال من جاء برأس فله كذا فجاء رجل بسبي أو برأس فله النفل و لو جاء برأس فقيل إنه كان ميّتا فقال أنا قتلته ففي القبول مع اليمين نظر و لو لم يعلم رأس مسلم أو كافر لم يستحقّ النفل و لو جاء آخر و ادعى أنه القاتل فالقول قول الآتي مع اليمين فلو نكل لم يعط النفل و هل يستحقه المدّعي فيه إشكال [- يز -] لو قال من دخل من باب هذه المدينة أو الحصن فله ألف درهم فاقتحم قوم من المسلمين فدخلوها استحق كلّ واحد منهم ألفا سواء ترتبوا أو اجتمعوا أو لو قال من دخل فله الربع فدخل عشرة استحقوا بأجمعهم الربع و لو قال من دخل فله جارية فدخلها جماعة و ليس هناك سوى جارية واحدة فلكل واحد قيمة جارية وسط و لو قال جارية من جواريهم كان لهم ما وجد لا غير و لو قال من دخل أولا فله ثلاثة و من دخل ثانيا فله اثنان و من دخل ثالثا فله واحدة فدخلوا على التعاقب كان لهم ما سمّاه و لو دخلوا دفعة بطل نفل الأوّل و الثاني و كان لهم جميعا نفل الثالث و لو قال من دخل منكم خامسا فله درهم فدخل خمسة معا استحقّ كل واحد النفل و لو دخلوا على التعاقب استحق الأخير خاصة

المطلب الثّاني في السلب

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] يجوز للإمام أن يجعل للقاتل سلب المقتول فيختص به مع الشرط و لو لم يشترط الإمام لم يستحقه على الخصوص و اختار ابن الجنيد تخصيص القاتل به و إن لم يشترط الإمام [- ب -] إذا اشترط الإمام للقاتل جاز له أخذه و إن لم يأذن الإمام و يستحب له استئذانه [- ج -] يشترط في استحقاق السّلب كون المقتول من المقاتلة

ص: 144

الذين يجوز قتلهم فلو قتل امرأة أو صبيّا أو شيخا فانيا و نحوهم ممن لا يقاتل لم يستحق سلبه و لو قتل أحد هؤلاء و هو مقاتل استحقّ [- د -] يشترط أيضا كون المقتول ممتنعا فلو قتل أسيرا له أو لغيره أو من أثخن له بالجراح و عجز عن المقاومة لم يستحق سلبه و لو قطع يدي رجل و رجليه و قتله آخر فالسلب للقاطع و لو قطع يديه أو رجليه ثم قتله آخر قال الشيخ السلب للقاتل لا القاطع و لو عانق رجل رجلا فقتله آخر فالسّلب للقاتل و لو كان الكافر مقبلا على رجل يقاتله فجاء آخر من ورائه فقتله فالسلب للقاتل [- ه -] يشترط في استحقاق السّلب أيضا القتل أو الإثخان بالجراح بحيث يجعله معطلا في حكم المقتول و لو أسر رجلا لم يستحق سلبه و إن قتله الإمام [- و -] يشترط أن يغرر القاتل بنفسه في قتله بأن يبارز إلى صفّ المشركين أو إلى مبارزة من يبارزهم فلو لم يغرر بنفسه بل رمى سهما في صف المشركين من صف المسلمين فقتل لم يستحقّ سلبه و لو حمل جماعة من المسلمين على مشرك فقتلوه فالسلب في الغنيمة و لو اشترك في قتله اثنان مثل أن جرحاه فمات أو ضرباه فقتلاه كان السّلب لهما و إن كان أحدهما أبلغ في ضربه على إشكال [- ن -] يشترط أيضا أن يقتله و الحرب قائمة سواء قتله مقبلا أو مدبرا و لو انهزم المشركون فقتله لم يستحق السّلب [- ح -] يشترط كون القاتل ذا نصيب من الغنيمة أو سهم و رضخ فلو لم يكن له نصيب لارتياب به بأن يكون مخذلا أو معينا على المسلمين أو مرجعا لم يستحق السّلب و إن كان لنقص فيه كالمرأة و المجنون فالوجه استحقاق السلب و الصّبي يستحق السّلب و كذا العبد و المرأة و الكافر أما العاصي بالقتال كمن يدخل بغير إذن الإمام أو يمنعه أبواه مع عدم تعيّنه عليه فإنه لا يستحق السلب و العبد إذا قتل قتيلا استحق سلبه مولاه و لو خرج من غير إذنه فالأقرب استحقاق مولاه أيضا [- ط -] اختلف علماؤنا في السّلب فقيل يجب فيه الخمس و قيل لا يجب و هو جيّد [- ي -] السلب يستحقه القاتل من أصل الغنيمة لا من خمس الخمس [- يا -] إذا نفل أحدا و استحق التنفيل بفعل ما قوطع عليه خمس عليه [- يب -] النفل يستحقه المجعول له زائدا عن السّهم الراتب له و لا يتقدر بقدر بل هو موكول إلى الإمام قل أو كثر و النفل يكون إما بأن ينفل الإمام من سهم نفسه من الأنفال أو يجعله من جملة الغنيمة فلو جعل الإمام نفلا لمن ينتدب إلى فعل مصلحة فتبرّع قوم بتلك المصلحة لم يكن للإمام أن ينفل (- ح -) و كذا لو وجد من يفعل ذلك بنفل أقل [- يج -] المنفصل عن المشرك كالرّحل و العبد و الدواب التي عليها أحمال المشرك و السلاح الّذي ليس معه غنيمة لا سلب و المتصل به إن احتاج إليه في القتال كالثياب و العمامة و الدّرع و السّلاح كالسّيف فهو سلب و إن لم يحتج إليه كالخاتم و المنطعة و الهميان الذي للنفقة و التاج و السّوار فقد تردّد الشيخ فيه و قوى كونه سلبا و الدابة الّتي يركبها من السلب سواء كان راكبا لها أو نازلا عنها إذا كانت بيده و جميع ما على الدابة من سرج و لجام و جميع آلتها و الحلية التي على الآلات سلب و إنما تكون الدابة سلبا لو كان راكبا عليها أو في يده و لو كانت في منزله أو مع غيره أو منفصلة لم يكن سلبا و لو كان ماسكا بعنانها فهي سلب و الجنيب الذي يساق خلفه ليس من السلب و لو كان بيده قال ابن الجنيد يكون سلبا [- يد -] يجوز سلب القتلى و تركهم عراة و يكره تجريدهم و لم يأخذ أمير المؤمنين عليه السّلام سلبا عند مباشرته الحرب [- يه -] يفتقر مدعي السّلب إلى بينة بالقتل و الأقرب الاكتفاء بشاهد واحد [- يو -] لو قال الإمام من أخذ شيئا سلبا فهو له جاز

المطلب الثّالث في الرضح

و فيه [- ط -] بحثا [- ا -] لا تسهم النساء من الغنيمة بل يرضح لهن و إن احتيج إليهنّ للطبخ و المداواة و معناه أن تعطى شيئا من الغنيمة يقصر عن السهم بحسب ما يراه الإمام [- ب -] العبيد لا يسهم لهم بل يرضح لهم الإمام بحسب ما يراه و إن جاهدوا و لا فرق بين العبد المأذون و غيره في عدم الإسهام و قال ابن الجنيد يسهم للمأذون و إن كره مولاه الغزو لم يرضخ له أيضا و لو عرف منه الإباحة استحق الرضخ كالمأذون و المدبر و المكاتب كالفيء و لو عتق العبد قبل تقضي الحرب أسهم للسيّد و لو قتل سيّد المدبر قبل تقضي الحرب و هو يخرج من الثلث عتق و أسهم له إذا كان حاضرا و من انعتق نصفه قيل يرضخ له بقدر الرقيّة و يسهم له بقدر الحرّية و قيل يرضخ له [- ج -] الخنثى المشكل يرضخ له و قيل له نصف سهم و نصف الرضخ و إن انكشف حاله و علمت رجوليته أتم سهم الرّجل سواء انكشف قبل تقضي الحرب أو بعده و قبل القسمة أو بعدها على إشكال [- د -] الصّبي يسهم له إذا حضر الحرب سواء كان من أهل القتال أو لم يكن حتّى إنه لو ولد بعد الحيازة قبل القسمة أسهم كالرّجل المقاتل و لو ولد بعد القسمة لم يسهم له [- ه -] الكافر لا يسهم له بل يرضخ له الإمام ما يراه و إنما يستحق سهم المؤلفة أو الرضح إذا خرج إلى القتال بإذن الإمام و يجوز الاستعانة في الجهاد بالمشركين بشرط أن يكون حسن الرأي في المسلمين مأمون الضرر و ليس للرضخ قدر معيّن بل هو موكول إلى نظر الإمام لكن لا يبلغ للفارس سهم الفارس و لا للراجل سهم الراجل و ينبغي تفضيل بعضهم على بعض بحسب مراتبهم و كثرة النّفع بهم [- و -] الرضخ يكون من أصل الغنيمة لا من أربعة الأخماس و لا من سهم المصالح و لو أعطاهم

ص: 145

الإمام ذلك من ماله من الأنفال و حصّة من الخمس جاز ذلك [- ز -] يجوز للإمام أن يستأجر أهل الذمة للقتال و لا يبيّن المدة فإن لم يكن قتال لم يستحقوا شيئا و إن كان و قاتلوا استحقوا الأجرة و إن لم يقاتلوا فالأقرب عدم الاستحقاق و لو زادت الأجرة على سهم الراجل و الفارس احتمل أن يعطى ما يكون رضحا من الغنيمة و ما زاد من سهم المصالح و احتمل دفع ذلك كله من الغنيمة و هو الأقوى عندي [- ح -] لو غزا المرجف أو المخذل لم يسهم له و إن كان ذا فرس و لا لفرسه و لو غزا رجل بغير إذن الإمام أخطأ و سهمه من الغنيمة للإمام و لو غزا بغير إذن أبويه أو بغير إذن من له الدّين استحق السّهم [- ط -] قال الشيخ ليس للأعراب من الغنيمة شيء و إن قاتلوا مع المهاجرين بل يرضح لهم الإمام ما يراه و نعني بالأعراب من أظهر الإسلام و لم يصفه و صولح على إعفائه عن المهاجرة و ترك النصيب قال و يجوز أن يعطيهم من سهم ابن السبيل من الصّدقة و أوجب ابن إدريس لهم النّصيب و فيه قوة

المطلب الرّابع في كيفية القسمة

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] أول ما يبدأ الإمام يدفع السّلب إلى من جعله له ثم يخرج من الغنيمة أجرة الحمال و الحافظ و الناقل و الراعي و كل ما تحتاج إليه الغنيمة من النفقة مدة بقائها ثم يخرج الرضخ ثم يقسم فيفرد الخمس لأهله و يقسم أربعة الأخماس الباقية بين الغانمين و يقدم قسمة الغنيمة على قسمة الخمس لحضورهم و غيبة أولئك [- ب -] للإمام أن يصطفي من الغنيمة ما يختاره من فرس جواد أو ثوب مرتفع أو جارية حسناء أو سيف قاطع و غير ذلك ما لم يضرّ بالعسكر و لم يبطل الاصطفاء بموت النبي صلّى اللّٰه عليه و آله بل هو ثابت للإمام بعده و هل هو قبل الخمس أو بعده قولان [- ج -] إذا أخرج الإمام ما ذكرناه قسم الباقي بين الغانمين مما ينقل و يحول لا يشرك غيرهم فيه و أما الأرضون و العقارات فهي للمسلمين قاطبة و يقسم ما ينقل و يحول بين الغانمين للراجل سهم واحد و للفارس سهمان و قال ابن الجنيد له ثلاثة أسهم و هو رواية لنا و لو كان معه أفراس جماعة كان له سهم و لأفراسه سهمان و إن تعددت و لو غزا العبد بإذن مولاه على فرسه رضح للعبد و أسهم للفرس و كان الجميع للمولى و لو كان معه فرسان رضح له و أسهم لفرسين سواء حضر السّيد القتال أو لا و لو غزا الصّبي على فرس أسهم له و لفرسه و لو غزت المرأة أو الكافر فالأقرب أنهما يرضحان أزيد من رضح الراجل من صنفهما و أقل من سهم الفارس و لو غزا المرجف أو المخذل على فرس لم يسهم له و لا لفرسه [- د -] إذا استعار فرسا ليغزو عليه ففعل أسهم له و للفرس و يكون سهم الفرس للمستعير و لو استعاره لغير الغزو فغزا عليه استحق السهم له و أما سهم الفرس فكالمغصوب و يكون سهم الفرس للمستعير و لو استعاره لغير الغزو فغزا عليه استحق السّهم له و أما سهم الفرس فكالمغصوب و لو استأجره ليغزو عليه فسهم الفرس للمستأجر و لو استأجره لغير الغزو فغزا عليه فكالمغصوب و لو غصب فرسا فقاتل عليه لم يسهم للغاصب إلا عن نفسه و صاحب الفرس إن كان حاضرا كان سهم الفرس له و إلا فلا شيء للفرس و على الغاصب أجرة المثل سواء كان صاحبه حاضرا أو غائبا و لو كان الغاصب لا سهم له كالمرجف كان سهم الفرس لصاحبه مع الحضور و إلا فلا شيء له و كذا لو غزا العبد بغير إذن مولاه على فرس مولاه [- ه -] لو غزا جماعة بالتناوب على فرس واحد قال ابن الجنيد يعطى كل واحد سهم راجل ثم يفرق بينهم سهم فرس واحدة و هو جيّد [- و -] يستحق السّهم الثاني بالفرس سواء كان عتيقا أو برذونا أو مفترقا أو هجينا سواء أدركت إدراك الغراب أو لا قال الشيخ و يسهم للحطم و القحم و الضّرع و العجم و الأعجف و الرازح و منع ابن الجنيد من إسهام ذلك كله و هو حسن [- ز -] المريض يسهم له إن لم يخرج بمرضه عن كونه من أهل الجهاد كالمحموم و صاحب الصّداع و لو خرج به عن كونه من أهل الجهاد قال الشيخ يسهم له عندنا كالزمن و الأشل و لو نكس الفرس بصاحبه في حملته أو مبارزته أو نشرته أسهم له و لم يمنع بذلك من الإسهام و لو استأجر للحرب ثم دخلا معا دار الحرب أسهم للأجير و المستأجر سواء كانت الإجارة في الذّمة أو معيّنة و يستحق الأجير مع ذلك الأجرة و لو لم يحضر المستأجر استحق المؤجر السهم و الأجرة [- ح -] الاعتبار بكونه فارسا وقت الحيازة للغنائم لا بدخوله المعركة فلو ذهب فرسه قبل تقضي الحرب لم يسهم لفرسه و لو دخل راجلا فأحرزت الغنيمة و هو فارس فله سهم فارس [- ط -] من مات من الغزاة أو قتل فإن كان قبل إحراز الغنيمة و تقضي القتال فلا سهم له و إن كان بعده فسهمه لورثته [- ي -] لا يجوز تفضيل بعض الغانمين في القسمة على بعض بل تقسم الغنيمة للفارس سهمان و للراجل سهم و لذي الأفراس ثلاثة سواء حاربوا أو لا إذا حضروا للحرب لا للإرجاف و التخذيل و لا يفضل أحد لشرفه و لا لشدة بلائه و كثرة حربه و لا يعطى من لم يحضر الوقعة و لا القسمة و ليس للإمام أن يقول من أخذ شيئا فهو له [- يا -] الغنيمة تستحق بالحضور قبل القسمة فلو غنم المسلمون ثم لحق بهم مدد فإن كان قبل تقضي الحرب أسهم لهم إجماعا و إن كان بعد القسمة لم يسهم لهم إجماعا و إن كان بعد تقضي الحرب و إحراز

ص: 146

الغنيمة قبل القسمة أسهم لهم عندنا و لو لحق الأسير بالمسلمين بعد تقضي الحرب و قسمة الغنيمة لم يسهم له و إن لحق قبل انقضاء الحرب فحارب مع المسلمين استحق السّهم و إن لم يقاتل أسهم له و كذا لو لحقهم بعد الانقضاء قبل القسمة و لو دخل تاجر مع المجاهدين دار الحرب كالبزاز و الخياط و البيطار و الخباز و الشواء و غيرهم من أتباع العسكر بأن قصدوا الجهاد مع التجارة أسهم لهم و كذا إن جاهدوا و لم يقصدوا و لو لم يقصدوا و لم يجاهدوا لم يسهم لهم و لو لم يعلم لأيّ شيء حضروا فالظاهر أنه يسهم لهم [- يب -] إذا خرج الجيش من بلد غازيا فبعث الإمام منه سرية فغنمت شاركها الجيش و كذا لو غنم الجيش شاركهم السّرية و لو بعث منه سريتين إلى جهة واحدة فغنمتا اشترك الجيش و السّريتان جميعا و لو بعثهما إلى جهتين فكذلك و لو بعث سرية و هو مقيم ببلاد الإسلام فغنمت اختصّت بالغنيمة و لم يشاركهم أهل البلد و لا الإمام و لا جيشه و كذا لو بعث جيشا و هو مقيم ببلده و لو بعث سريتين أو جيشين و هو مقيم فكلّ واحد منهما مختصّ بما غنم و لو اجتمعت السّريتان أو الجيشان في موضع فغنما كانا جيشا واحدا و لو بعث الأمير رسولا لمصلحة الجيش أو دليلا أو جاسوسا لينظر عدوهم و ينقل أخبارهم فغنم الجيش قبل رجوعه إليهم أسهم له [- يج -] قال ابن الجنيد إذا وقع النفير فخرج أهل البلد متقاطرين فانهزم العدو و غنم أوائل المسلمين كان كل من خرج أو تهيأ للخروج أو أقام في المدينة من المقاتلة لحراستها من العدوّ شركاء في الغنيمة و كذا لو حاصرهم العدو فباشر حربه بعض أهل المدينة إلى أن ظفروا و غنموه إذا كانوا مشتركين في المعونة و الحفظ للمدينة و لو كان الّذين هزموا العدوّ على ثمانية فراسخ من المدينة فقاتلوه و غنموه اختصّوا بالغنيمة [- يد -] قال الشيخ يستحب قسمة الغنيمة في أرض العدو و يكره تأخيرها إلاّ لعذر من خوف المشركين أو قلة علف أو انقطاع ميرة و قال ابن الجنيد الأولى أن لا تقسم إلا بعد الخروج من دار الحرب و يجوز فيها [- يه -] لا ينبغي للإمام إقامة الحدّ في أرض العدوّ بل يؤخره إلى دار الإسلام و لا يسقط الحدّ سواء كان هناك إمام أو نائبه أو لا و لو رأى من المصلحة تقديمه في دار العدو جاز سواء كان مستحق الحدّ أسيرا أو أسلم فيهم و لم يخرج إلينا أو خرج من عندنا لتجارة و غيرها و لو قتل مسلما اقتص منه في دار الحرب إن قتل عمدا و لا يسقط القصاص و إن لم يكن الإمام أو نائبه حاضرا [- يو -] المشركون لا يملكون أموال المسلمين بالاستغنام فإذا أغار المشركون على المسلمين فأخذوا ذراريهم و عبيدهم و أموالهم ثم ظفر بهم المسلمون فاستعادوا ما أخذ منهم فإن أولادهم يرد إليهم بالبيّنة و لا يسترقون و أما العبيد و الأموال فإن أقاموا البينة قبل القسمة ردت عليهم و لا يغرم الإمام للمقاتلة شيئا و إن أقاموها بعد القسمة فللشيخ قولان أحدهما أنّه يرد على أربابه و يرد الإمام قيمة ذلك للمقاتلة من بيت المال و الثاني أنه يكون للمقاتلة و يعطي الإمام أربابهما أثمانها و الأوّل أحق و لو أخذ المال أحد الرّعية بعوض أو غيره فصاحبه أحق به بغير شيء [- يز -] لو أبق عبد المسلم فلحق بدار الحرب لم يملكوه و لو أسلم المشرك الّذي في يده مال المسلم أخذ منه بغير قيمة و لو دخل مسلم دار الحرب فسرقه أو اشتراه ثم أخرجه إلى دار الإسلام فصاحبه أحقّ به و لا قيمة عليه و لو أعتقه من في يده أو باعه أو تصرف فيه بطل و لو غنم المسلمون من المشركين شيئا عليه علامة المسلمين و لم يعلم صاحبه فهو غنيمة و لا توقف حتى يجيء صاحبه و لو قال العبد في بلاد الشرك أنا لفلان من بلاد الإسلام ففي قبول قوله نظر و كذا لو اعترف المشرك بما في يده لمسلم بعد الاستغنام و يقبل قبله و لو كان المال الموجود في يد الكافر أخذ من مسلم و كان في يد المسلم مستأجرا أو مستعارا من مسلم ثمّ وجده المستأجر و المستعير كان له المطالبة به قبل القسمة و بعدها و لو دخل حربي دار الإسلام بأمان فابتاع عبدا مسلما ثم لحق بدار الحرب فغنمه المسلمون كان باقيا على ملك البائع و يرد المسلم الثمن الذي أخذه و لو تلف العبد كان للسيّد القيمة و عليه ردّ ثمنه و يترادان الفضل و لو أسلم الحربي في دار الحرب و له مال أو عقار أو دخل مسلم دار الحرب و اشترى منها عقارا و مالا ثم غزاهم المسلمون فظهروا على ماله و عقاره لم يملكوه و كان باقيا عليه إن كان مما ينقل و يحول و أما العقار فإنّه غنيمة و لو أحرز المشركون جارية مسلم فوطئها المحرز ثم ظهر المسلمون عليها فهي و أولادها لمالكها و لو أسلم عليها المشرك لم يزل ملك صاحب الجارية عن أولاده إلا أن يسلم ثم يطؤها بعد الإسلام ظنا أنه ملكها ثم تحمل بعد الإسلام فإن الولد يقوم على الأب و يلزمه العقر [- يح -] لو أسر الإمام قوما من أهل الكتاب و نسائهم و ذراريهم فسألوه أن يبقيهم و نساءهم و ذراريهم بإعطاء الجزية لم يكن له ذلك في النّساء و الذراري [- يط -] من فر و المسلمون على النصف [الصف] قبل القسمة لم يستحقّ الغنيمة ما لم يعد قبل القسمة و لو فروا بعد القسمة لم يزل ملكهم و لو فرّوا قبل القسمة و قالوا كنا متحرفين لقتال أو متحيزين إلى فئة فالوجه أنّ لهم سهامهم فيما غنم قبل الفرار لا بعده ما لم يلحقوا القسمة [- ك -] إذا استأجر أجيرا لعمل في الذمة

ص: 147

لخياطة ثوب أو غيره فحضر الأجير الوقعة أسهم له و إن استأجره مدّة معلومة فحضر فيها بغير إذنه فالوجه أنه لا يستحق سهما إلا أن يتعين عليه فيملك السّهم و لو استأجر للخدمة في الغزو أو آجر دوابه له و خرج معها و شهد الوقعة استحق السهم و لو آجر نفسه لحفظ الغنيمة أو سوق الدّواب التي من المغنم أو رعيها جاز و حلّت له الأجرة [- كا -] لو دفع إلى المؤجر فرسا ليغزو عليها لم يملكها المؤجر بذلك [- كب -] لو اشترى المسلم أسيرا من يد العدوّ بإذنه لزمه دفع ما أداه المشتري إلى البائع من الثمن و إن كان بغير إذنه لم يجب و لو اتفقا على الإذن و اختلفا في قدر الثمن فالقول قول الأسير [- كج -] أهل الحرب إذا استولوا على أهل الذّمة فسبوهم و أخذوا أموالهم ثم قدر عليهم المسلمون وجب ردّهم إلى ذمّتهم و لم يجز استرقاقهم و أموالهم بحكم أموال المسلمين إذا علم صاحبها قبل القسمة ردت عليه و إن كان بعد القسمة فعلى ما تقدّم من الخلاف و هل يجب فداؤهم فيه نظر و يجب فداء الأسارى من المسلمين مع المكنة

المطلب الخامس في أقسام الغزاة

و فيه [- ح -] بحثا [- ا -] الغزاة ضربان المطوعة و هم الذين إذا أنشطوا غزوا و إذا لم ينشطوا اشتغلوا بمعايشهم فهؤلاء لهم سهم في الصّدقات و إذا غنموا في دار الحرب شاركوا الغانمين و أسهم لهم الثاني الذين أرصدوا أنفسهم للجهاد فلهم من الغنيمة أربعة الأخماس و يجوز أن يعطوا من الصّدقة من سهم ابن السبيل [- ب -] ينبغي للإمام أن يتخذ الديوان و هو الدفتر الّذي فيه أسماء القبائل قبيلة قبيلة و يكتب عطاياهم و يجعل لكل قبيلة عريفا و يجعل لهم علامة بينهم و يعقد لهم النوبة [- ج -] إذا أراد الإمام القسمة عليهم قدم الأقرب إلى رسول اللّٰه ص فالأقرب فإن استووا قدم أقدمهم هجرة فإن استووا قدم الأسن فإذا فرغ من عطاياهم بدأ بالأنصار فإذا فرغ منهم بدأ بالعرب فإذا فرغ قسم على العجم هذا كله مستحبّ لا واجب [- د -] قال الشيخ ذرية المجاهدين إذا كانوا أحياء يعطون على ما تقدم فإذا مات المجاهد أو قتل و له ذرّية و امرأة أعطوا من بيت المال كفايتهم لا من الغنيمة فإذا بلغوا فأرصدوا أنفسهم للجهاد كانوا بحكمهم [- ه -] يحصي الإمام المقاتلة و هم البالغون و يحضر الفرسان و الرّجالة و الذرّية و النساء ليعلم قدر الكفاية و يقسم في السّنة مرّة و يعطي المولود و يحتسب مئونته من كفاية أبيه إلا أنه يفرد بالعطاء و كلما زادت سنه زاد في عطاء أبيه و يعطي كلّ قوم قدر كفايتهم بالنسبة إلى بلدهم و يجوز تفضيل بعضهم من سبيل اللّٰه و ابن السبيل لا من الغنيمة [- و -] إذا مرض واحد من أهل الجهاد مرضا يرجى زواله لم يسقط عطاؤه و إلا كان حكمه حكم الذرّية بعد موت المجاهد و لو مات المجاهد بعد الحول طالب ورثته بالسّهم [- ز -] ما يحتاج الكراع و آلات الحرب إليه يؤخذ من بيت المال من أموال المصالح و كذلك رزق الحكام و الولاة و المصالح يخرج من ارتفاع الأراضي المفتوحة عنوة و من سهم سبيل اللّٰه و من جملة ذلك ما يلزمه فيما يخصّه من الأنفال و الفيء و هو جنايات من لا عقل له و دية من لا يعرف قاتله و غير ذلك ممّا تقول أنه يلزم من بيت المال [- ح -] إذا أهدى المشرك إلى الإمام أو إلى رجل من المسلمين هدية و الحرب قائمة فالأقرب اختصاص المهدي بها و لا يكون غنيمة

الفصل السّادس في أحكام أهل الذمّة

اشارة

و فيه مطالب

الأوّل في وجوب الجزية و من يؤخذ منه

و فيه [- يز -] بحثا [- ا -] الجزية واجبة بالنص و الإجماع و تعقد لكل كتابي عاقل بالغ ذكر و نعني بالكتابي من له كتاب حقيقة و هم اليهود و النصارى و من له شبهة كتاب و هم المجوس فتؤخذ الجزية من هؤلاء الثلاثة سواء كانوا من المبدلين أو غير المبدلين و سواء كانوا عربا أو عجما و يؤخذ ممن دخل في دينهم من الكفار إن كانوا دخلوا قبل النسخ و التّبديل و من نسله و ذراريه و يقرون بالجزية و لو ولدوا بعد النسخ و إن دخلوا في دينهم بعد النسخ لم يقبل منهم إلا الإسلام و لا فرق بين أن يكون المنتقل ابن كتابيين أو وثنيين أو ابن كتابي و وثني في التفصيل الذي ذكرناه و لو ولد بين أبوين أحدهما تقبل منه الجزية و الآخر لا تقبل ففي قبول الجزية منه تردد [- ب -] المجوس يؤخذ منهم الجزية مثل اليهود و النصارى [- ج -] لا يؤخذ من غير الأصناف الثلاثة جزية و لا يقبل منهم إلا الإسلام من سائر أصناف الكفار و لو بذلوها لم يقبل و إن لم يكونوا عربا أو لم يكونوا من عباد الأوثان من العرب أو لم يكونوا من مشركي قريش و سواء كان لهم كتابا كمصحف إبراهيم و صحف آدم و إدريس أو لم يكن [- د -] قال ابن الجنيد إن الصابئين يؤخذ منهم الجزية لأنّهم من أهل الكتاب و إنما يخالفونهم في فروع المسائل لا في الأصول و قيل إنهم من اليهود و كذا السامرة [- ه -] يؤخذ الجزية من جميع النصارى من اليعقوبية و المنظوريّة و الملكية و الفرنج و الروم و الأرمن و غيرهم ممن يتدين بالإنجيل و يعمل بشريعة عيسى ع [- و -] بنو تغلب بن وائل من العرب من ربيعة بن نزار انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية و انتقل أيضا من العرب قبيلتان أخريان و هم تنوخ و بهذا فصارت القبائل الثلاث من أهل الكتاب يؤخذ منهم الجزية كما يؤخذ من غيرهم و لا يؤخذ منهم الزكاة

ص: 148

مضاعفة [- ز -] لا تحل ذبائح أهل الكتاب و لا مناكحهم و إن كانوا من بني تغلب [- ح -] لو غزا الإمام قوما فادعوا أنهم أهل كتاب دخلوا فيه قبل نزول القرآن أخذ منهم الجزية و لم يكلفهم البينة و يشترط عليهم نبذ العهد و المقاتلة إن بان كذبهم فإن ظهر كذبهم وجب قتالهم و إنما يظهر باعترافهم بأجمعهم أنّهم عباد وثن و لو اعترف بعضهم انتقض عهد المعترف و لو شهدوا على الآخرين لم يقبل و لو أسلم منهم اثنان و عدلوا ثم شهدوا أنهم ليسوا من أهل الذمّة انتقض العهد و قوتلوا و لو دخل عابد وثن في دين أهل الكتاب قبل نزول القرآن و له ولد صغير و كبير فأقاما على عبادة الأوثان ثم جاء الإسلام فإن الصغير يقر على دين الذّمة إن بذل الجزية دون الكبير [- ط -] في سقوط الجزية عن الفقير من أهل الكتاب قولان أشهرهما أنه لا يسقط بل ينتظر بها إلى وقت يساره و يؤخذ منه ما قرّر عليه في كلّ عام حال فقره اختاره الشيخ و أسقط الجزية المفيد [- ي -] تسقط الجزية عن الصّبي فإذا بلغ طولب بالإسلام أو بذل الجزية فإن امتنع منهما صار حربا فإن اختار الجزية عقدها الإمام بحسب ما يراه و لا اعتبار بجزية أبيه و لو كان الصّبي ابن عابد وثن و بلغ طولب بالإسلام خاصة فإن امتنع صار حربا و لو بلغ الصّبي مبذّرا لم يزل الحجر عنه و يكون ماله في يد وليه و لو أراد عقد الأمان بالجزية أو المصير إلى دار الحرب كان له ذلك و ليس لوليه منعه عنه و لو أراد أن يعقد أمانا ببذل جزية كثيرة فالوجه عندي أن لوليّه منعه عن ذلك [- يا -] لو صالح الإمام قوما على أن يؤدّوا الجزية عن أبنائهم غير ما يدفعون عن أنفسهم فإن كانوا يؤدون الزائد من أموالهم جاز و يكون زيادة في جزيتهم و إن كان من أموال أولادهم لم يجز [- يب -] لو بلغ سفيها لم تسقط الجزية عنه فإن اتفق هو و وليّه على بذل الجزية و عقدها جاز و إن اختلفا قدم قوله و إن لم يعقد أمانا صار حربا [- يج -] الإمام إذا عقد الذّمة لرجل دخل هو و أولاده الأصاغر و أمواله في الأمان فإذا بلغ أولاده لم يدخلوا في ذمّة أبيهم و جزيته إلا بعقد مستأنف و لو كان أحد أبويه وثنيا فإن كان الأب لحق به و لم يقبل منه الجزية بعد البلوغ بل يقهر على الإسلام فإن امتنع رد إلى مأمنه و صار حربا و إن كانت الأم لحق بالأب و أقر في دار الإسلام ببذل الجزية [- يد -] تسقط الجزية عن المجنون المطبق و لو لم يكن مطبقا فإن لم ينضبط اعتبر حاله بالأغلب و إذ انضبط احتمل اعتبار الأغلب و التلفيق [يه] لا تؤخذ الجزية من النساء و لو بذلتها عرفتها الإمام أن لا جزية عليها فإن ذكرت أنها تعلمه و طلبت دفعها جاز أخذها هبة و لو شرطته على نفسها لم يلزمها و جاز لها الرجوع فيما يجوز الرجوع في الهبة و لو بعثت من دار الحرب تطلب عقد الذّمة و تصير إلى دار الإسلام عقد لها الذّمة و مكّنت بشرط التزام أحكام الإسلام و لا يؤخذ منها شيء و لو كان في حصن رجال و صبيان و نساء فامتنع الرجال من أداء الجزية و بذلوا الصلح على أن الجزية على النساء و الصّبيان لم يجز و بطل الصلح إن فعل و لو بذل النساء ذلك و دعوا أن يؤخذ منهنّ الجزية و يكون الرجال في أمان لم يصح و لو قبل الرجال أو لم يكن في الحصن سوى النساء فطلبن عقد الذمّة بالجزية لم يجز ذلك و يتوصل إلى فتح الحصن و يسبين و قال الشيخ يلزمه عقد الذمة لهن على أن يجري عليهن أحكام الإسلام و لا يأخذ منهنّ شيئا فإن أخذه ردّه و لو دخلت الحربية دار الإسلام للتجارة بأمان لم يكن عليها أن تؤدي شيئا [- يو -] تؤخذ الجزية من الشيخ الفاني و الزّمن و الأقرب مساواة الأعمى لهما و تؤخذ من أهل الصوامع و الرهبان [- يز -] الأقرب عدم سقوط الجزية عن العبد و اختار الشيخ سقوطها و لا فرق بين أن يكون لذمي أو لمسلم و يؤدّيها مولاه عنه و لو كان نصفه حرا و نصفه رقا أخذ منه نصيب الحريّة و من مولاه نصيب الرقية و لو لعتق فإن كان حرسا لم يقر بالجزية بل يقهر على الإسلام قال ابن الجنيد و لا يمكن من اللحوق بها دار الحرب بل يسلم أو يحبس و إن كان ذميّا لم يقر في دار الإسلام إلا ببذل الجزية أو يسلم

المطلب الثاني في قدرها و وقتها

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] اختلف علماؤنا فقال بعضهم إن لها قدرا موقتا و هو ما قدره علي عليه السّلام الفقير اثنا عشر درهما و على المتوسّط أربعة و عشرون و على الغني ثمانية و أربعون درهما في كل سنة قال و آخرون أنها مقدّرة في طرف القلة دون الكثرة فلا يؤخذ من كل كتابي أقل من دينار واحد و لا يقدر في طرف الزيادة قاله ابن الجنيد الثالث ما ذهب إليه الشيخان أنها غير مقدّرة لا في طرف القلة و لا في طرف الكثرة بل هي منوطة بنظر الإمام و هو الأقوى عندي [- ب -] تجب الجزية بآخر الحول و يجوز أخذها سلفا و لا يجب بأوله [- ج -] تؤخذ الجزية مما تيسّر من أموالهم من الأثمان و العروض على قدر تمكّنهم و لا يلزمهم الإمام بعين من ذهب أو فضة و مع بذل الجزية يحرم قتالهم إجماعا [- د -] لا تتداخل الجزية بل إذا اجتمعت جزية ستين أو أكثر استوفيت منه أجمع [- ه -] يتخير الإمام في وضع الجزية إن شاء على رءوسهم و إن شاء على أرضهم و هل يجوز له أن يجمع بينهما فيأخذ عن رءوسهم شيئا و عن أرضهم شيئا منع الشيخان من ذلك و قال أبو الصلاح

ص: 149

يجوز و هو الأقوى عندي [- و -] يجوز أن يشترط عليهم في عقد الذمة ضيافة من يمرّ بهم من المسلمين و لو لم يشترطها لم تكن واجبة عليهم و يجب أن تكون الضيافة المشترطة زائدة عن أقل ما يجب عليهم من الجزية و أن تكون معلومة بأن يشترط عددا معلوما للضيافة في كل سنة و الأقرب جواز أن يشترط ضيافة ما زاد على ثلاثة أيام لكل واحد و تعيين القوت قدرا و جنسا و تعيين جنس الأدم من لحم و سمن أو زيت و شيرج و قدره و تعيين علف الدواب من الشعير و التبن و القت لكل دابة شيء معلوم و لا يكلفوا الذبيحة و لا ضيافتهم بأرفع من طعامهم إلا مع الشرط و ينبغي أن يكون الضيافة على قدر الجزية فيكثرها على الغني و يقللها على الفقير و يوسّطها على المتوسّط و لو تساووا ساوى بينهم و ينبغي أن يكون نزول المسلمين في فواضل منازلهم و في بيعهم و كنائسهم و يؤمرون بأن يوسعوا أبواب البيع و الكنائس و أن يعلوها لمن يجتاز لهم من المسلمين فيدخلوها ركبانا فإن لم يتسعهم بيوت الأغنياء نزلوا بيوت الفقر و لا ضيافة عليهم و إن لم تسعهم لم يكن لهم إخراج أرباب المنازل منها و لو كثروا فمن سبق إلى منزل كان أحق به و لو جاءوا دفعة استعملوا القرعة [- ز -] إذا شرطت عليهم الضيافة فإن وفوا بها فلا بحث و إن امتنع بعضهم أجبر عليه و لو امتنعوا أجمع قهروا عليه و لو احتاجوا إلى المقاتلة قوتلوا فإذا قاتلوا أنقضوا العهد و خرقوا الذمة فإن طلبوا منه بعد ذلك العقد على أقل ما يراه الإمام أن يكون جزية لهم لزمه إجابتهم و لا يتقدّر بقدر [- ح -] إذا أدوا الجزية لم يؤخذ منهم غيرها سواء اتجروا في بلاد الإسلام أو لم يتجروا لا في أرض الحجاز [- ط -] اختلف في الصّغار فقال ابن الجنيد عندي أن يكون مشروطا عليهم وقت العقد أن تكون أحكام المسلمين جارية عليهم إذا كانت الخصومات بين المسلمين و بينهم أو تحاكموا إلينا في خصوماتهم و أن يؤخذ منهم و هم قيام على الأرض و قال الشيخ هو التزام أحكامنا و جريانها عليهم [- ي -] ينبغي أن لا يبسط عليهم في أخذها و لا يعذبون إذا أعسروا عن أدائها [- يا -] إذا مات الذمي بعد الحول لم تسقط عنه الجزية و أخذت من تركته و لو مات في أثنائه ففي مطالبته بالقسط نظر أقربه المطالبة و تقدّم الجزية على الوصايا و الوجه مساواتها للدين و لو لم يخلف شيئا لم يطالب الورثة بشيء و لو أفلس كان الإمام غريما يضرب مع الغرماء بقدر الجزية و لو سلفها الإمام ردّ على ورثته بقدر ما بقي من السنة [- يب -] لو أسلم الذّمي قبل أدائها فإن كان قبل الحول سقطت و لا يؤخذ منه القسط و إن كان بعد فقولان أحدهما السقوط و الثاني عدمه و الأول أقوى و لا فرق بين أن يسلم ليسقط عنه الجزية أو يسلم لا لذلك [- يج -] لو أسلم في أثناء الحول و قد استسلف الإمام الجزية ردّ عليه قسط باقي الحول و الأولى عدم رد ما مضى

المطلب الثّالث فيما يشترط على أهل الذمة

و فيه [- و -] بحثا [- ا -] لا يجوز عقد الذمة المؤيدة إلا بشرطين أن يلتزموا عطاء الجزية في كل حول و أن يلتزموا أحكام الإسلام و لا يصح عقد الهدنة إلا للإمام أو نائبه فلو شرط عليهم في الهدنة شرطا فاسدا مثل أن يشترط عدم الجزية أو إظهار المناكير أو إسكانهم الحجاز و إدخالهم المساجد أو الحرم فسد الشرط و في فساد العقد إشكال [- ب -] ينبغي للإمام أن يشترط عليهم كلما فيه نفع للمسلمين و رفعة لهم و جملة ما يشترط عليهم ستة أقسام أحدها يجب شرطه و لا يجوز تركه و هو شرط الجزية عليهم و التزام أحكام الإسلام فلو أخل بهما أو بأحدهما عمدا أو ناسيا لم تنعقد الهدنة و ما لا يجب شرطه و الإطلاق يقتضيه و هو أن لا يفعلوا ما ينافي الأمان من العزم على حرب المسلمين أو إمداد المشركين بالمعونة و هذان القسمان ينتقض العهد بمخالفتهما سواء شرط ذلك في العقد أو لم يشترط و ما ينبغي اشتراطه مما يجب عليهم الكف عنه من ترك الزنا بالمسلمة و عدم إصابتها باسم النكاح و لا يفتنوا مسلما عن دينه و لا يقطع عليه الطّريق و لا يؤدي للمشركين عينا و لا يعين على المسلمين بدلالة أو بكتابة كتاب إلى أهل الحرب فيخبرهم بأحوال المسلمين و لا يقتلوا مسلما و لا مسلمة فمتى فعلوا شيئا من ذلك و كان تركه شرطا في العقد نقضوا العهد و إلا فلا بل يحدهم الإمام إن أوجبت الجناية حدا و إلا يعزرهم و ما فيه غضاضة على المسلمين مثل ذكر ربّهم أو كتابهم أو بيتهم أو دينهم بسوء فإن نالوا بالسب للّه تعالى أو لرسوله وجب قتلهم و كان نقضا للعهد و إن ذكروهما بدون السّب أو نالوا كتاب اللّٰه أو دين الإسلام بما لا ينبغي نقضوا العهد إن شرط عليهم الكفّ و إلا فلا و ما يتضمّن المنكر و لا ضرر على المسلمين فيه و هو أن لا يحدثوا كنيسة و لا بيعة في دار الإسلام و لا يرفعوا أصواتهم بكتبهم و لا يضربوا ناقوسا و لا يطيلوا أبنيتهم على بناء المسلمين و لا يظهروا الخمر و الخنزير في بلاد الإسلام فهذا كله يجب عليهم الكفّ و إن لم يشترط فإن خالفوا و كان تركه مشترطا نقضوا العهد و إلا فلا و قوبلوا بما تقتضيه الجناية و قال الشيخ لا يكون نقضا للعهد و إن شرط عليهم السادس أن يتميّزوا عن المسلمين و ينبغي للإمام أن يشترط عليهم في عقد الهدنة التميز في لباسهم و شعورهم و ركوبهم

ص: 150

و كناهم فيلبسوا ما يخالف لونه سائر ألوان الثياب و يأخذهم بشد الزنار في وسطهم إن كانوا نصارى و إلا فبعلامة كخرقة يجعلها فوق عمامته و ينبغي أن يختم في رقبته خاتم رصاص أو نحاس أو حديدا أو يضع فيه جلجلا أو جرسا لتمتاز به و كذا يأمر نساءهم بلبس شيء تفرق بينهن و بين المسلمات بأن يشددن الزنار و يغير أحد الخفّين بأن يكون أحدهما أحمر و الآخر أبيض و لا يمنعوا من فاخر الثياب و لا يفرقون شعورهم و لا يركبون الختل بل ما عداها بغير سروج و يركبون عرضا رجلاه إلى جانب و ظهره إلى آخر و يمنعون تقليد السيوف و حمل السّلاح و اتخاذه و لا يتكنوا بكنى المسلمين كأبي القاسم و أبي عبد اللّٰه و أبي محمّد و لا يمنعون من الكنى بالكليّة [- ج -] المستأمن و هو المعاهد هو الذي يكون له أمان بغير ذمّة فيجوز للإمام أن يؤمنه دون الحول بعوض و غيره و لو أراد أن يقيم حولا وجب عليه العوض فإن عقد له الأمان فإن خاف الإمام الجناية نبذ إليه الأمان و ردّه إلى دار الحرب [- د -] ينبغي للإمام إذا عقد الذّمة أن يكتب أسماءهم و أسماء آبائهم و عددهم و يحليهم و يعرف على كل عشرة عريفا و إذا عقدوا الذّمة عصموا أنفسهم و أولادهم الأصاغر من القتل و الصّبي و النهب ما داموا على الذّمة و لا يتعرضوا لكنائسهم و بيعهم و خورهم و خنازيرهم ما لم يظهروها و لو ترافعوا إلينا يخيّر الحاكم بين الحكم عليهم بحكم المسلمين و بين ردّهم إلى حاكمهم و من أراق لهم من المسلمين خمرا أو قتل خنزيرا فإن كان مع التظاهر فلا شيء عليه و إن كان مع استتارهم وجب عليه القيمة عند مستحليه [- ه -] لا يجوز أخذ الجزية من المحرمات على المسلمين كالخمر و الخنزير و يجوز أخذها من ثمن ذلك [- و -] إذا مات الإمام و قد ضرب لما قرره من الجزية أمدا معينا أو اشترط الدوام وجب على القائم بعده إمضاء ذلك

المطلب الرابع في أحكام الأبنية و المساكن و المساجد

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] لا يجوز لأهل الحرب أن يدخلوا دار الإسلام إلا بإذن الإمام و يجوز له الإذن للمصلحة بعوض و غير عوض مع الحاجة كنفل الميرة و أداء الرسالة و لو كان تاجر إلا يحتاج المسلمون إلى تجارته كالعطر و شبهه لم يأذن له إلا بعوض يراه مصلحة سواء كان عشر أموالهم أو لم يكن و لو أذن بغير عوض لمصلحة جاز و لو أطلق الإذن و لم يشترط العوض و لا عدمه ففي العوض إشكال و قوى الشيخ عدمه فإن شرط الإمام شرطا دائما بأن يأخذ منهم العشر كل سنة أو أقل أو أكثر أخذ منهم و إلا أخذ ما يراه مصلحة و لو دخل الحربي بغير أمان و قال أتيت برسالة قبل قوله و لو قال أمنني مسلم لم يقبل إلا بالبيّنة و لو لم يدّع شيئا كان للإمام قتله و استرقاقه و أخذ ماله [- ب -] لا يجوز لمشرك ذمّي أو حربيّ سكنى الحجاز و نعني بالحجاز مكة و المدينة و اليمامة و خيبر و ينبع و فدك و محالها سمّي حجازا لحجزه بين نجد و تهامة قال الأصمعي و أبو عبيده جزيرة العرب ما بين عدن إلى ريف العراق طولا و من جدة و السواحل إلى أطراف الشام عرضا و قد يطلق جزيرة العرب على الحجاز و يجوز لهم دخول الحجاز بإذن الإمام للتجارة و يجوز للإمام أن يأذن لهم في مقام ثلاثة أيام فإذا أقام في بلد ثلاثة أيام انتقل عنه إلى بلد آخر و إنما يأذن الإمام مع المصلحة كحمل الميرة [- ج -] لو دخل الحجاز مشرك بغير إذن الإمام عزر و لا يقتل و لا يسترق و إن كان جاهلا لم يعزر و ينهى عن المعاودة و لو دخل بإذن و أقام ثلاثة أيام جاز أن ينتقل إلى غيره من بعض مواضع الحجاز ثلاثة أيام و هكذا لو مرض بالحجاز جازت له الإقامة و لو مات دفن في مكانه [- د -] يجوز له الاجتياز في أرض الحجاز بإذن و غيره قاله الشيخ فلم اجتاز لم يمكن من المقام أكثر من ثلاثة و لو كان له دين على رجل فأراد الإقامة لاقتضائه لم يكن له ذلك و وكل فيه قال الشيخ لا يمنعون من ركوب بحر الحجاز و لو كان فيه جزائر و جبال و منعوا من سكناها و كذا سواحل بحر الحجاز [- ه -] لا يجوز لهم دخول الحرم لا اجتيازا و لا استيطانا و لا دخول الكعبة فإن قدم بميرة لأهل الحرم منع من الدخول إليه و إن أراد أهل الحرم الشراء منه خرجوا إلى الحل و ابتاعوا منه و لو جاء رسولا إلى الإمام بعث إليه ثقة تسمع رسالته و لو امتنع من أدائها إلا مشافهة خرج الإمام إليه من الحرم و لو دخل الحرم عالما بالتحريم عزر و لو كان جاهلا لم يعزر إلا أن يعاود بعد النهي فإن مرض في الحرم نقله منه و لو مات لم يدفن فيه فإن دفن فيه قال الشيخ ترك على حاله و الوجه نبشه و إخراجه إلا أن يتقطع و لو صالحهم الإمام على دخول الحرم بعوض قال الشيخ جاز ذلك و وجب دفع العوض و إن كان خليفته و كان العوض فاسدا بطل و له أجرة المثل و لو صالح الرجل أو المرأة على الدخول إلى الحجاز بعوض جاز و لو صالح المرأة على سكنى دار الإسلام غير الحجاز بعوض لم يلزمها [- و -] لا يجوز الذمي و لا لغيره من أصناف الكفار دخول المسجد الحرام بالإجماع بإذن و غيره و كذا غيره من المساجد عندنا و لا يجوز للمسلم أن يأذن له في ذلك [- ز -] إذا و قد قوم من المشركين إلى الإمام أنزلهم في فضول منازل المسلمين فإن لم يكن لهم فضول منازل جاز أن ينزلهم في دار ضيافة إن كانت و إلا

ص: 151

أسكنهم في أفنية الدور و الطرقات و لا يمكنهم من دخول المساجد [- ح -] البلاد التي ينفد فيها أحكام المسلمين ثلاثة أحدها ما أنشأه المسلمون و أحدثوه و اختطوه كالبصرة و بغداد و الكوفة فلا يجوز إحداث كنيسة فيها و لا بيعة و لا بيت لصلاتهم و لا صومعة راهب إجماعا و يجوز إيقاع ما وجد من البيع و الكنائس [- الثاني -] ما فتحه المسلمون عنوة فهو للمسلمين و لا يجوز إحداث بيعة و لا كنيسة و لا صومعة لراهب فيه و ما كان قبل الفتح فإن هدمه المسلمون وقت الفتح لم يجز استجداده أيضا و إن لم يهدموه قال الشيخ لا يجوز إقراره الثالث ما فتح صلحا على أن الأرض لهم فلهم تجديد ما شاءوا فيها و إظهار الخمور و الخنازير و ضرب الناقوس و إن صولحوا على أن الأرض للمسلمين و يردون الجزية فالحكم في البيع و الكنائس على ما يقع عليه الصلح إن شرط إقرارهم عليها أو على إحداث ذلك و إنشائه جاز و إن شرط عليهم أن لا يحدثوا شيئا أو يخربوها جاز أيضا و لو لم يشترطوا شيئا لم يجز تجديد شيء و إذا شرطوا التجديد ينبغي أن يعين مواضع البيع و الكنائس [- ط -] كل موضع لا يجوز لهم إحداث شيء فيه إذا أحدثوا فيه جاز نقضه و تخريبه و كل موضع لهم إقراره لا يجوز هدمه فلو انهدم تردد الشيخ في جواز عادته و يجوز رمّ ما تشعث منها و إصلاحه [- ى -] دور أهل الذّمة إن كانت محدثة مثل أن يشتري الذّمي إن كانت محدثة مثل أن يشتري الذمي عرصة يستأنف فيها بناء فليس له أن يعلوا على بناء المسلمين و لا أن يساويه بل يجب أن يقصر عنه و إن كانت مبتاعة تركت على حالها و إن كانت أعلى من المسلمين و كذا لو كان للذمّي دار عالية فاشترى المسلم دار إلى جانبها اقتصر منه فإنّه لا يجب على الذّمي هدم علوه و لو انهدمت دار الذمي العالية فأراد تجديدها لم يجز له العلو على المسلم و لا المساواة و كذا لو انهدم ما ارتفع لم يكن له إعادته و لو تشعث منه شيء و لم يتهدّم جاز رمه و إصلاحه و لا يجب أن يكون أقصر من بناء المسلمين بأجمعهم في ذلك البلد و إنما يلزمه أن يقصره عن بناء محلته [- يا -] لا ينبغي تصدير أهل الذمة في المجالس و لا بدائهم بالسلام و إذا سلموا على الميل اقتصر في الرّد على قوله و عليكم [- يب -] مصرف الجزية مصرف الغنيمة سواء للمجاهدين و كذلك ما يؤخذ منهم على وجه المعاوضة لدخول بلاد الإسلام

الفصل السّابع في المهادنة و تبديل أهل الذمّة دينهم و نقض العهد

اشارة

و فيه مطالب

الأوّل في المهادنة

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] الهدنة و الموادعة و المعاهدة وضع القتال و ترك الحرب إلى مدّة بعوض و غيره و هي مشروعة بالنّص و الإجماع و إنما يجوز مع المصلحة للمسلمين إما لضعفهم عن المقاومة أو لرجاء الإسلام أو لبذل الجزية و التزام أحكام الإسلام و لو لم يكن المصلحة للمسلمين لم يجز مهادنتهم [- ب -] إذا اقتضت المصلحة الهدنة وجب ذكر المدّة و لا يجوز مطلقا إلا أن يشترط الإمام الخيار لنفسه متى شاء و كذا لا يجوز إلى مدّة مجهولة و إذا اشترط مدة معلومة لم يجز أن يشترط نقضها من شاء منهما و يجوز أن يشترط الإمام لنفسه و أن يشترط لهم أن يقرّهم ما شاء و لا يجوز ما أقرهم اللّٰه به [- ج -] إذا اقتضت المصلحة المهادنة و كان في المسلمين قوة لم يجز للإمام أن يهادنهم أكثر من سنة و يجوز أن يهادنهم أربعة أشهر فما دون و هل يجوز أقل من سنة و أكثر من أربعة قال الشيخ الأطهر إنه لا يجوز و لو قيل بالجواز مع المصلحة كان قويا و لو لم يكن في المسلمين قوة و اقتضت المصلحة مهادنتهم أكثر من سنة لمكيدة يثبت بها إعداد قوّة أو ليتفرغ لعدو و هو أشدّ نكاية من الذي يهادنه أو لغيره جاز قال الشيخ و ابن الجنيد و يتقدّر الزيادة بعشر سنين فلا يجوز الزيادة عليها فلو عقده أزيد من عشر سنين بطل الزائد خاصة [- د -] لو أراد حربي دخول دار الإسلام رسولا أو مستأمنا فإن كان لقضاء حاجة من نقل ميرة أو تجارة أو أداء رسالة يحتاج إليها المسلمون جاز للإمام الإذن بعوض و غيره يومين و ثلاثة و إن أراد الإقامة قال الشيخ يجوز إلى أربعة أشهر لا أزيد و الوجه عندي الجواز مع المصلحة [- ه -] الهدنة ليست واجبة على كل تقدير سواء كان بالمسلمين قوة أو ضعف و يجوز على غير مال و لو صالحهم الإمام على مال يدفعه إليهم لجاز مع الضرورة واجب الأقرب عدمه و إذا بذل المال لم يملكه الأخذ و يجوز أن يهادنهم عند الحاجة على وضع شيء من حقوق المسلمين في أموال المهادنين و أن يضع بعض ما يجوز تملكه من أموال المشركين بالقدرة عليهم حفظا لأصحابهم و تحرزا من دوائر الحروب [- و -] لا يجوز عقد الهدنة و لا الذّمة بالجزية إلا من الإمام أو نائبه أما عقد الأمان فيجوز لآحاد الرعايا أن يؤمنوا آحاد المشركين [- ز -] إذا عقد الهدنة وجب عليه حمايتهم من المسلمين و أهل الذمّة و لا يجب من أهل الحرب و لا حماية بعضهم من بعض و لو أتلف مسلم أو ذمّي عليهم شيئا ضمنه و لو أغار عليهم قوم من أهل الحرب فسبوهم لم يجب عليه استنقاذهم و الوجه أنه يجوز للمسلمين شراؤهم [- ح -] الشرط الصحيح في عقد الهدنة لازم مثل أن يشترط عليهم مالا أو معونة للمسلمين و الفاسد يبطل العقد مثل أن يشترط رد النساء و السلاح و لو شرط ردّ من جاء مسلما من الرّجال فجاء مسلم فأرادوا أخذه فإن كان ذا عشيرة يحفظونه من الاغتنام

ص: 152

جاز ردّه بمعنى أنهم لا يمنعهم من أخذه إذا طلبوه و لا يجبره على المضي معهم و لا يمنعه من الرجوع إليهم أن اختار ذلك و له أن يأمره سرا بالهرب أو المقاتلة و إن كان مستضعفا لم يجز ردّه و لو شرط في الصلح ردّ الرّجال مطلقا لم يجز و يبطل الصلح و مع بطلانه لا يرد منهم من جاء منهم رجلا كان أو امرأة و لا يرد البدل عنها بحال و لو جاء صبيّ و وصف الإسلام لم يرد و لا يرد المجنون و لو بلغ أو آفاق فإن وصف الإسلام كانا مع المسلمين و إن وصفا الكفر فإن كان ممّن لا يقر أهله عليه ألزما بالإسلام أو رد إلى مأمنها و إن كان ممن يقرّ أهله عليه ألزما بذلك أو الجزية و لو جاء عبد مسلم حكمنا بحرّيته و لو جاء سيّده لم يرد عليه هو و لا ثمنه [- ط -] رد النساء المهاجرات إلينا عليهم حرام على الإطلاق فلو صالحهم الإمام على ردّ من جاء من النساء مسلمة لم يجز الصلح و لو طلبت امرأة أو صبية الخروج من عند الكفار جاز لكل مسلم إخراجها و تعيّن عليه ذلك مع المكنة [- ى -] إذا عقد الهدنة مطلقا فجاءنا منهم إنسان مسلما أو بأمان لم يجب رده إليهم و لا يجوز ذلك سواء كان حرا أو عبدا رجلا أو امرأة و لو أطلق الهدنة ثم جاءت امرأة مسلمة أو جاءت كافرة و أسلمت لم يجز ردّها فإن جاء أبوها أو أخوها أو أحد أنسابها لم يدفع إليه و لو طلب أحدهم مهرها لم يدفع إليه و لو جاء زوجها أو وكيله بطلبها لم يسلم إليه و إن طلب مهرها و لم يكن قد سلمه إليها فلا شيء و كذا لو لم يسمّ شيئا و إن كان قد سلمه ردّ عليه ما دفعه و لو سمى مهرا فاسدا و أقبضها كالخمر لم يكن له المطالبة به و لا بقيمته و كل موضع يجب فيه ردّ المهر فإنه يكون من بيت مال المسلمين المعد للمصالح و إنما يرد لو قدّمت إلى بلد الإمام أو بلد خليفته و منع من ردّها إليه و لو قدمّت إلى بلد غيرهما وجب على المسلمين منعه من أخذها و لا يلزم الإمام أن يعطيهم شيئا سواء كان المانع من ردها العامة أو رجال الإمام و لا يرد عليه ما أنفقه في العرس و لا ما يهديه إليها أو يكرمها به [- يا -] لو قدمت و أسلمت ثم جنت لم ترد و ردّ مهرها و لو اشتبه وقوع الإسلام في السلامة أو الجنون لم يرد و لا يرد مهرها فإن أفاقت فأقرت بالإسلام رد مهرها عليه و إن أقرت بالكفر ردّت عليه و لو جاءت مجنونة و لم يعلم حالها لم يرد عليه و لا يرد مهرها فإن أفاقت و ذكرت أنها أسلمت رد عليه مهرها و منع منها و إن ذكرت أنّها لم نسلم ردّت عليه [- يب -] لو قدمت صغيرة و وصفت الإسلام لم يرد إليهم قال الشيخ و لا يجب رد المهر إلا أن تبلغ و تقيم على الإسلام و إن لم تقم ردّت [- يج -] لو قدمت مسلمة ثم ارتدت وجب عليها أن تتوب فإن امتنعت حبست دائما و ضربت أوقات الصلوات و لا تقتل فإن جاء زوجها و طلبها لم يرد عليه و يرد عليه مهرها [- يد -] لو جاءت مسلمة فجاء زوجها يطلبها فمات أحدهما بعد المطالبة وجب رد المهر عليه إن كان الميّت هي و على ورثته إن كان الميّت هو و لو مات أحدهما قبل المطالبة لم يكن له شيء [- يه -] لو قدمت مسلمة فطلقها زوجها بائنا أو خالعها قبل المطالبة لم يجب ردّ المهر إليه و إن كان بعد المطالبة وجب و إن كان وجعيّا لم يكن له المطالبة و لو راجعها رد عليه المهر مع المطالبة [- يو -] لو جاءت مسلمة ثم جاء زوجها و أسلم فإن أسلم قبل انقضاء عدّتها كان على النكاح فإن كان قد أخذ مهرها قبل إسلامه ثم أسلم في العدّة ردت عليه و وجب عليه ردّ مهرها إليها و لو أسلم بعد انقضاء عدتها بانت منه فإن كان قد طالب بالمهر قبل انقضاء عدتها كان له المطالبة و إلا فلا و لو كانت غير مدخول بها فأسلمت ثم أسلم لم يكن له المطالبة بمهرها [- يز -] لو قدمت أمة مسلمة إلى الإمام صارت حرة فإن جاء سيّدها طلبها لم يدفع إليه و لا قيمتها و لو جاء زوجها لم يرد عليه و لو طلب مهرها و كان حرا ردّ عليه و لو كان عبدا لم يدفع إليه المهر حتى يحضر مولاه فيطالب به و لو حضر المولى دون العبد لم يدفع إليه شيء و عندي في وجوب ردّ مهر الأمة نظر [- يح -] إذا قدمت مسلمة إلى الإمام فجاء رجل ادعى زوجيّتها فإن اعترفت ثبت و إلا أقام مسلمين عدلين و لا يقبل الواحد مع امرأتين و لا مع فإذا ثبت إلا الواحد مع امرأتين و لا مع يمين رد عليه و إذا ثبت بالبيّنة أو الاعتراف و ادعى تسليم المهر إليها ثبت إن صدقته و إلا فعليه البيّنة و يقبل شاهد و امرأتان أو مع يمين و لا يقبل قول الكفار و إن كثروا و لو عدم البيّنة فالقول قولها مع اليمين [- يط -] لا اعتبار بالمسمّى بل بأقل الأمرين من المقبوض و ما وقع عليه العقد فلو اختلفا في المقبوض كان القول قولها مع اليمين و عدم البيّنة [- ك -] إذا عقد الإمام الهدنة ثم مات وجب على من بعده من الأئمّة العمل بموجب ما شرطه الأول إلى أن يخرج مدة الهدنة [- كا -] إذا نزل الإمام على بلد و عقد معهم صلحا على أن البلد لهم و يضرب خراجا على أرضهم بقدر الجزية و يلتزمون أحكامنا جاز و يكون ذلك في الحقيقة جزية فلو أسلم منهم واحد سقط و صارت الأرض عشرية فإن شرط أن يأخذ العشر من زرعهم جاز إذا غلبت على ظنه أنّه لا يقصر عن أقل ما يقتضي المصلحة أن يكون جزية و لو ظن القصور لم يجز فإن لم يظن القصور و عدمه قال الشيخ الظاهر من المذهب أنه يجوز لأن فعل الإمام حجّة [- كب -] قال ابن الجنيد لو كان بالمسلمين

ص: 153

ضرورة أباحت لهم شرطا في الهدنة فحدث للمسلمين ما لم يكن يجوز ذلك الشرط معه مبتدأ لم يجز عندي فسخ ذلك الشرط و لا الهدنة لأجل الحادث

المطلب الثّاني في تبديل أهل الذّمة

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] إذا انتقل ذمّي يقبل منه الجزية إلى دين يقر أهله عليه بالجزية كاليهودي نصرانيّا أو بالعكس أو مجوسيّا أو النصراني مجوسيّا و بالعكس قال ابن الجنيد يجوز ذلك و يقر عليه بالجزية و قال الشيخ الذي يقتضيه المذهب أن الكفر كالملة الواحدة و لو قيل إنه لا يقرّ عليه كان قويا و ذلك يدل على تردّده قال فإذا قلنا يقرّ و انتقل أقرّ على جميع أحكامه و إن انتقل إلى المجوسيّة فكذلك [- ب -] إذا انتقل إلى دين يقر أهله عليه فلا بحث مع القول بالإقرار و إن قلنا لا يقر فبأيّ شيء يطالب منهم من يقول يطالب بالإسلام خاصة و منهم من يقول يطالب بالإسلام أو بدينه الأول و تردّد الشيخ هنا [- ج -] إذا انتقل إلى دين لا يقر أهله عليه كاليهودي يصير وثنيا لا يقر عليه إجماعا و قوى الشيخ أنه لا يقبل منه إلا الإسلام و قيل يطالب بالإسلام أو بالرجوع إلى دينه الأول و قيل أو دين يقر أهله عليه و استضعفه الشيخ و ابن الجنيد فإن أقام على الامتناع قتل و أما أولاده الكبار فلهم حكم نفوسهم و أما الصغار فإن كانت أمّهم على دين يقر أهله عليه ببذل الجزية أقروا في بلاد الإسلام سواء مات الإمام أو لا و إن كانت على دين لا يقر أهله عليه فإنهم يقرّون أيضا لما سبق لهم من الذمة

المطلب الثالث في نقض العهد

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] إذا عقد الإمام الهدنة وجب عليه الوفاء بما عقده ما لم ينقضه المشركون فإن شرعوا في نقضه فإن كان الجميع وجب قتالهم و إن كان البعض فإن أنكر الباقون ما فعله الناقضون يقول أو فعل ظاهرا أو اعتزلوهم أو راسلوا الإمام يعرفونه إنكارهم و إقامتهم على العهد كان العهد باقيا في حقهم و إن سكتوا كانوا ناقضين أيضا [- ب -] إذا نقض جميع المشركين العهد غزاهم الإمام و ثبتهم و أغار عليهم و صاروا حربا و إن نقض البعض غزاهم الإمام خاصة دون المقيمين على العهد فلو اختلطوا أقرهم الإمام بالتمييز و لو لم يتميّزوا فمن اعترف بالنقض قتل و من أنكر قبل قوله و ترك و لو نقضوا العهد ثم تابوا قال ابن الجنيد أرى القبول منهم [- ج -] إذا خاف الإمام من خيانة المهادنين و غدرهم بسبب أو أمارة دلته على ذلك جاز له نقض العهد و لا نكفي وقوع ذلك في قلبه حتى تدله أمارة على ما خافه و لا ينتقض الهدنة بنفس الخوف بل للإمام نقضها بخلاف الذّمي إذا خيف منه الخيانة فإن عقده لا ينقضه الإمام بذلك [- د -] إذا نقض الإمام الهدنة لخوفه و نبذ إليهم عهدهم فإنه يردهم إلى ما منهم و يصيرون حربا فإن لم يتضمّن النقض حقّا مثل أن يأوي عين المشركين أو يطلعهم على عوراتهم ردّه إلى مأمنه و لا شيء عليه و إن تضمّن حقّا كقتل مسلم أو إتلاف مال استوفي ذلك منه و كذا إن كان للّه محضا كالزنا أو مشتركا كالسرقة [- ه -] إذا عقد الهدنة وجب حفظهم من المسلمين و أهل الذمة دون أهل الحرب فإن عقد الذّمة كان عليه أن يذب عنهم أهل الحرب و غيرهم فإن شرط في عقد الذّمة أن لا يدفع عنهم أهل الحرب فإن كانوا في بلاد الإسلام بطل الشرط و إن كانوا في دار الحرب أو بين الدارين صح الصلح و متى لم يدفع عنهم أهل الحرب حتى مضى حول لم يكن عليهم جزية و إن سباهم أهل الحرب فعليه أن يسترد ما سبي منهم من الأموال إلا الخمر و الخنزير [- و -] لو أغار أهل الحرب على أهل الهدنة و أخذوا أموالهم و ظفر بهم الإمام و استنقذ أموال أهل الهدنة احتمل وجوب الرّد عليهم و عدمه

المطلب الرّابع في الحكم بين المعاهدين و المهادنين

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] إذا تحاكم إلينا ذمّي و مسلم أو مستأمن و مسلم وجب على الحاكم أن يحكم بينهما على ما يقتضيه حكم الإسلام و إن تحاكم أهل الذّمة بعضهم مع بعض تخير الإمام بين الحكم بينهم و الإعراض عنهم و لا يجب الحكم بينهم و كذا لو كانوا مستأمنين [- ب -] إذا استعدى أحد الخصمين على الآخر أعلاه الإمام في كل موضع يلزم الحاكم الحكم بينهم فإذا استدعى خصمه وجب عليه الحضور إلى مجلس الحكم و لو جاءت ذمية يستعدي على زوجها الذمي في طلاق أو ظهار أو إيلاء تخير الإمام في الحكم بينهم حكم المسلمين و الرد على أهل نحلتهم ليحكموا بينهم بمذهبهم فإن حكم بينهم منعه في الظهار من الوطء قبل الكفارة و لا يكفر بالصّوم و لا بالعتق بل بالإطعام [- ج -] لا يكره للمسلم أن يأخذ من نصراني مالا مضاربة و يكره له أن يدفع إلى النّصراني مالا للمضاربة و ينبغي أن يشترط عليه إلا يتصرف إلا بما يسوغ في شرع الإسلام فإذا شرط و اشترى خمرا بطل الشراء سواء كان بعين المال أو في الذّمة فإن قبض الثمن ضمنه و إن لم يشترط و اشترى الخمر بطل البيع و إذا نض المال فإن علم المالك أنه تصرف في محظور أو خالط محظورا لم يجز له قبضه و إن علم أنه مباح قبضه و إن شك كره [- د -] إذا آجر نفسه للذمي صح سواء كانت في الذمة أو معينة و يكون أوقات العبادة مستثناه [- ه -] إذا فعل الذمّي مالا يسوغ في شرعنا و شرعه كالزنا و اللواط و السرقة كان الحكم في ذلك كالحكم بين المسلمين في إقامة الحدود و إن كان مما يجوز في شرعهم كشرب الخمر و نكاح المحارم لم يتعرّض لهم مع الاستتار و إن أعلنوه

ص: 154

أدبهم الإمام على إظهاره قال الشيخ و روي أنّه يقيم عليهم الحدّ و هو الصّحيح [- و -] لو باع نصراني من مسلم خمرا أو اشتراه منه أبطلنا البيع و إن تقابضا و رددنا الثمن إلى المشتري سواء كان مسلما أو مشركا و أرقنا الخمر [- ن -] إذا أوصى مسلم لذمي بعبد مسلم لم يصحّ الوصيّة و لو كان العبد مشركا فأسلم قبل موت الموصي ثم مات فقبله الموصى له لم يملكه [- ح -] يمنع المشرك من تملك العبد المسلم و شراء المصاحف فإن اشترى لم يصحّ البيع قال الشيخ و حكم أحاديث رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله و آثار السلف و أقاويلهم حكم المصحف و الأقوى عندي الكراهية أما كتب النحو و الآداب فإن شراءها جائز لهم [- ط -] إذا أوصى الذّمي ببناء كنيسة أو بيعة أو موضع لصلواتهم أو مجتمع لعباداتهم بطلت الوصية و كذا لو أوصى أن يستأجر خادما للبيعة و الكنيسة أو يعمل صلبانا و لو أوصى ببناء كنيسة ينزلها المارة من أهل الذّمة أو من غيرهم أو وقفها على قوم يسكنونها أو جعل أجرتها للنصارى جازت الوصيّة و كذا لو أوصى للرهبان و الشمامسة بشيء و لو أوصى ببناء كنيسة لنزول المارة و الصلاة قيل بطلت في الصلاة فيبنى كنيسة بنصف الثلث لنزول المارّة فإن لم يمكن بطلت و قيل يبنى بالثلث لنزول المارة و يمنعون من الاجتماع للصلاة و كلاهما قوي و لو أوصى بشيء يكتب به التورية أو الإنجيل أو الزبور أو غير ذلك من الكتب القديمة بطلت الوصيّة و لو أوصى أن يكتب طب أو حساب أو غيره و توقف عليهم أو على غيرهم جاز و يكره للمسلم أجرة رم ما يستهدم من الكنائس و البيع من بناء و تجارة و غير ذلك و ليس بمحرم

الفصل الثّامن في قتال أهل البغي

و فيه [- لد -] بحثا [- ا -] قتال أهل البغي واجب بالنّص و الإجماع و يثبت حكم البغي بشرائط ثلاثة أن يكونوا في منعة و كثيرة لا يمكن كفهم و تفريق جمعهم إلا باتفاق و تجهيز جيوش و قتال و لو كانوا نفرا كالواحد و العشرة لم يكونوا أهل بغي و كانوا قطاع طريق اختاره الشيخ و ابن إدريس و عندي فيه نظر الثاني أن يخرجوا عن قبضة الإمام منفردين عنه في بلد أو بادية و لو كانوا معه أو في قبضته لم يكونوا أهل بغي الثّالث أن يكونوا على المباينة بتأويل سائغ عندهم لحصول شبهة اقتضت خروجهم على الإمام و لو لم يكن لهم تأويل سائغ و باينوا بغير شبهة فهم قطاع الطريق حكمهم حكم المحاربين [- ب -] لا يشترط في كونهم أهل بغي أن ينصبوا لأنفسهم إماما بل كل من خرج على إمام عادل و نكث بيعته و خالفه في أحكامه فهو باغ و حكمه حكم البغاة سواء نصبوا لأنفسهم إماما أو لا [- ج -] الإمامة عندنا يثبت بالنّص لا بالإجماع و لا الاختيار و كل من خرج على إمام منصوص على إمامته وجب قتاله بعد البعث إليه و السؤال عن سبب خروجه و إيضاح الصواب له إلا أن يخاف كلبهم فإن رجعوا و إلا قاتلهم و يجب تعريفهم مع المكنة قبل القتال [- د -] الخوارج هم الذين يكفرون بالذنب و ينالون من علي عليه السلام و من عثمان فهؤلاء بغاة [- ه -] تجب قتال أهل البغي على كل من ندبه الإمام لقتالهم عموما أو خصوصا أو من نصبه الإمام على الكفاية ما لم يستنهضه الإمام على التعيين فيجب و لا يكفيه قيام غيره و التأخير عنه كبيرة و الفرار في حربهم كالفرار في حرب الكفار و يجب مصابرتهم إلى أن يفيئوا إلى طاعة الإمام أو يقتلوا [- و -] إذا ظهر قوم اعتقدوا مذهب الخوارج و طعنوا في الأئمّة و لم يصلوا معهم و امتنعوا من الجماعات و قالوا لا نصلّي خلف إمام إلا أنّهم في قبضته الإمام و لم يخرجوا عن طاعته لم يجز قتلهم بمجرّد ذلك و لا يكونوا بغاة ما داموا في قبضته الإمام فإن بعث الإمام إليهم واليا فقتلوه أو قتلوا غير الوالي من أصحاب الإمام أقيد منهم حتما [- ز -] إذا استعان أهل البغي بنسائهم و صبيانهم و عبيدهم في القتال و قاتلوا أهل العدل قوتلوا مع الرجال إذا لم يمكن التحرز عنهم و إن أتى القتل عليهم و إذا أرادت امرأة أو صبية قتل إنسان كان له دفعهما و إن أتى على أنفسهما [- ح -] إذا استعان أهل البغي بالمشركين الحربيين و عقدوا لهم ذمّة و أمانا على قتل أهل العدل لم يصحّ ما عقدوه و يقتلهم الإمام مقبلين و مدبرين و إذا وقعوا في الأسر تخيّر الإمام بين المنّ و الفداء و الاسترقاق و القتل و ليس لأهل البغي أن يتعرّضوا لهم لبذلهم الأمان و إن كان فاسدا و إن استعانوا بأهل الذّمة فعاونوهم راسلهم الإمام فإن ادعوا الشبهة المحتملة من اعتقادهم تسويغ القتل مع الطائفة من المسلمين أو الإكراه قبل قولهم بغير بينة و كان عهدهم باقيا و إن لم يدعوه انتقض عهدهم و جاز قتالهم مقبلين و مدبرين و لو أتلفوا أموالا و أنفسا ضمنوها و كذا يضمن أهل البغي ما يتلفونه من مال أهل العدل و أنفسهم حال الحرب في قبلها و بعدها و إن استعانوا بالمستأمنين انتقض أمانهم و لو ادعوا الإكراه افتقروا إلى البيّنة [- ط -] يجوز للإمام أن يستعين بأهل الذمة على حرب أهل البغي و منع الشيخ في المبسوط ذلك و ليس بجيّد و لو استعان من المسلمين بمن يرى قتلهم مقبلين و مدبرين في موضع لا يجوز لم يجز إلا مع الضرورة أو يتمكن الإمام من دفعهم عنهم حالة الإدبار و كذا يجوز أن يستعين على أهل الحرب بأهل

ص: 155

الذمة ممن هو حسن الرأي في المسلمين مع أمن الإمام من صيرورتهم مع أهل الحرب [- ى -] إذا افترق أهل البغي فرقتين فاقتلوا فإن قدر الإمام على قهرهما فعل و لا يعاون إحداهما على الأخرى بل يقاتلهما حتى يعود إلى الطاعة و إن لم يتمكن تركهما و يدعوا القاهرة إلى الطاعة فإن أبت قاتلها و إن خاف اجتماعهما عليه ضم إحداهما إليه و قاتل الأخرى قاصدا كسرها لا معونة الأخرى و ينبغي أن يقاتل مع التي هي أقرب إلى الحق فإن تساويا فمع التي المصلحة أكثر بالقتال معها فإن انهزمت التي قاتلها أو رجعت إلى طاعته كف عنها و لم يجز قتال التي ضمنها إليه إلا بعد دعائها إلى طاعته [- يا -] لا يقاتل أهل البغي بما يعم إتلافه كالنار و المنجنيق و التغريق لا مع الضرورة [- يب -] إذا لم يمكن دفع أهل البغي إلا بالقتل وجب و لا شيء على القاتل و لا ضمان على أهل العدل فيما يتلفونه من مال أهل البغي حال الحرب و لو قتل العادل كان شهيدا و لا يغسل و لا يكفن و يصلّى عليه و يدفن و لو أتلف أهل العدل مال أهل البغي أو أنفسهم قبل الشروع في الحرب أو بعد انقضائه ضمنوه قال الشيخ و لا خلاف أن الحربي إذا أتلف شيئا من أموال المسلمين و نفوسهم ثم أسلم فإنه لا يضمن و لا يقاد به و أما المرتدون فإنهم يضمنون ما يتلفونه من الأموال و الأنفس قبل الحرب و بعدها و فيها و لا فرق بين الواحد و الجمع من أهل البغي في التضمين [- يج -] أهل البغي قسمان أحدهما أن لا تكون لهم فئة يرجعون إليها و لا رئيس يجتمعون عنده الثاني أن يكون لهم رئيس يجمعهم و فئة يرجعون إليها فالأول لا يجتاز على جريحهم و لا يتبع مدبرهم و لا يقتل أسيرهم و الثاني يجتاز على جريحهم و يتبع مدبرهم و يقتل أسيرهم سواء كانت الفئة حاضرة أو غائبة قريبة أو بعيدة [- يد -] لو قتل واحد من أهل العدل من منع من قتله ضمنه و الوجه سقوط القصاص [- يه -] لو وقع أسير من أهل البغي في أيدي أهل العدل و كان شابا قويا حبس حتى يتابع أو ينهزم أصحابه إلى غير فئة و يرموا سلاحهم ولوا مدبرين إلى فئة لم يطلق و جاز قتله و لو كان الأسير من غير أهل القتال كالصبي و المرأة أطلق على إشكال [- يو -] لو أسر كل واحد من الفريقين أسارى من الآخر جاز فداء أسارى أهل العدل بأسارى أهل البغي و لو أبى أهل البغي حبس أهل العدل من معهم و لو قتل أهل البغي أسارى أهل العدل لم يجز لأهل العدل قتل أساراهم إذا لم يكن لهم فئة [- ين -] أموال أهل البغي ضربان أحدهما ما لم يحوه العسكر و الإجماع على بقائه على ملكهم الثاني ما يحوه العسكر من سلاح و كراع و خيل و إناث و غير ذلك فللشيخ قولان أحدهما أنها تقسم بين أهل العدل للراجل سهم و للفارس سهمان و لذي الأفراس ثلاثة و به قال ابن الجنيد و الثاني أنها باقية على ملك أهل البغي لا يجوز استغنامها و لا قسمتها و هو اختيار المرتضى و ابن إدريس و هو قوي [- يح -] لا يجوز لأهل العدل الانتفاع بكراع أهل البغي و لا بسلاحهم إلا في حال الضرورة قاله السّيد المرتضى و جوّزه الشيخ و الأول أقوى [- يط -] الإجماع على أنّه لا يجوز سبي ذراري أهل البغي سواء كان لهم فئة أو لا و لا يملك نساؤهم [- ك -] إذا سأل أهل البغي أن ينظرهم و يكف عنهم فإن سألوا به الإنظار أبدا لم يصحّ و إن كان مدة معلومة ليجتمعوا و يتقووا لم يجبهم إلى ذلك و إن كان للتفكر و العود إلى الطاعة قبل و لو بذلوا مالا لينظرهم فيما لا يسوغ لهم إنظاره لم يجز و لو كان في أيديهم أسارى أهل العدل و سألوا الإنظار و الكف ليطلقوا أسارى أهل العدل و أخذ منهم الرهائن جاز فإن أطلقوا أسارى أهل العدل أطلق الإمام رهائنهم و إن قتلوا من عندهم لم يقتل رهائنهم فإذا انقضت الحرب أطلقت الرهائن مع الأمن و لو خاف الإمام على أهل العدل الضعف عنهم فالوجه تأخيرهم إلى وقت المكنة [- كا -] لو تعود أهل البغي عند النكاية فيهم برفع المصاحف أو الدعوة إلى حكم الكتاب بعد أن دعوا إلى ذلك فأبوا لم يرفع عنهم الحرب إلا بما يكون رجوعا إلى الحقّ مصرحا من غير تأويل [- كب -] لو كان مع أهل البغي من لا يقاتل ففي جواز قتله إشكال [- كج -] إذا غلب أهل البغي على بلد فجبوا الصدقات و أخذوا الجزية و استأدوا الخراج لم يقع موقعه و للإمام أن يجيزه و إذا أقاموا الحدود قال الشيخ لا يعاد مرّة أخرى للمشقة و لو طالبهم الإمام بالصدقات فذكروا أن أهل البغي استوفاها منهم فإن لم يجز الإمام طالبهم ثانية و لو أجازه فالأقرب القبول من غير نيّته و لا يمين قال الشيخ و لو ادعوا أداء الخراج لم يقبل قولهم و لو ادعى أهل الذّمة أداء الجزية إلى أهل البغي لم يقبل منهم [- كد -] لا يجوز لأحد الحكم و القضاء إلا بإذن الإمام أو من نصبه فلو نصب أهل البغي قاضيا لم ينفذ قضاؤه مطلقا في حق أو باطل سواء كان القاضي من أهل البغي أو من أهل العدل و لو كتب بحكمه إلى قاض آخر لم ينفذه [- كه -] أهل البغي فساق و بعضهم كفار فلا يقبل شهادتهم و إن كان عدلا في مذهبه سواء شهد لهم أو عليهم و سواء كان على طريق التديّن أو لا على وجه التديّن [- كو -] المقتول من أهل العدل لا يغسل و لا يكفن و يصلّى عليه و لا فرق بين الخوارج و غيرهم [- كن -] إذا ارتكب أهل البغي في حال امتناعهم ما يوجب الحد ثم قدر عليهم أقيم فيهم الحد

ص: 156

و إن امتنعوا بدار الحرب [- كح -] قال الشيخ يكره للعادل القصد إلى قتل أبيه الباغي أو ذي رحمه فإن قتله كان جائز أو ورثه إن كان وارثا و لو قتل الباغي العادل منع من الميراث [- كط -] يجوز للعادل قصد الباغي بالقتل قال ابن الجنيد لا يستحب للوالي أن يبدأ بقتالهم لجواز الهدنة و لا بيات أحد من أهل البغي و لا قتله غيلة قال و يستحب للوالي إذا أراد إنفاذ سرّية إلى عدوان يأمر فيطاف باللواء في المساجد الجامعة و أسواق المسلمين و يأمر الناس بالدعاء له بالنصر على أعداء المسلمين [- ل -] من سب النبي ص أو أحد الأئمّة عليهم السلام وجب قتله و لو عرض بالسّب غرر و كذا لو عرض بالشتم [- لا -] الرّدة هي الخروج عن الملة بالكفر و مانع الزكاة ليس بمرتد و يجب قتاله حتى يدفعها فإن دفعها و إلا قتل إن كان محرما للترك و لو تركها مع التحليل للترك كان مرتدا و إذا أتلف المرتد مالا أو نفسا حال ردته ضمنه سواء تحيز و صار في منعه أولا [- لب -] إذا قصد رجل رجلا يريد نفسه أو ماله أو حريمه كان له أن يقاتله دفعا عن نفسه أو حريمه بأقلّ ما يمكن دفعه به و لو لم يندفع إلا بالقتل جاز و لا دية له و لا قود و لا كفارة و هل يجب على الإنسان أن يدافع عن نفسه قال الشيخ الأقوى الوجوب و لا يجوز الاستسلام أما المال فلا يجب أن يدافع عنه و لا أعلم فيه خلافا و المرأة يجب عليها أن يدافع من أراد فرجها و لو قتل لم يكن له دية [- لج -] إذا تمكن المقصود من الهرب وجب و إلا دافع و لو تمكن من الصّباح وجب إذا حصل المساعدة [- لد -] المضطر إلى أكل طعام نجس أو شراب نجس يجب عليه تناوله لحفظ الرّمق

الفصل التاسع في الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر

و فيه [- يج -] مباحث [- ا -] الأمر طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء و النهي نقيضه و المعروف كل فعل حسن اختصّ بوصف زائد على حسنه إذا عرف فاعله ذلك أو دل عليه و المنكر كل فعل قبيح عرف فاعله قبحه أو دل عليه و الحسن ما للقادر عليه المتمكن من العلم بحاله أن يفعله و القبيح هو الذي ليس للمتمكن منه و من العلم بقبحه أن يفعله و الحسن شامل للواجب و الندب و المباح و المكروه و القبيح هو الحرام خاصة [- ب -] المعروف ينقسم إلى الواجب و الندب فالأمر بالواجب واجب و بالنّدب ندب و المنكر كله قبيح و النّهي عنه واجب [- ج -] في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ثواب عظيم قال اللّٰه تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ و قال لُعِنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرٰائِيلَ إلى قوله كٰانُوا لاٰ يَتَنٰاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ و روي عن الصادق عليه السّلام قال جاء رجل من خثعم إلى رسول اللّٰه ص فقال يا رسول اللّٰه أخبرني ما أفضل الإسلام فقال الإيمان باللّٰه قال ثم ما ذا قال صلة الرّحم قال ثم ما ذا قال الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر قال فقال الرجل فأيّ الأعمال أبغض إلى اللّٰه قال الشرك باللّٰه قال ثم ما ذا قال قطيعة الرحم قال ثم ما ذا قال ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و قال الكاظم عليه السّلام ليأمرن بالمعروف و لينهن عن المنكر أو ليستعملوا عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم و عن الباقر عليه السّلام قال ويل لقوم لا يدينون للّه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و قال النبي ص لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر و تعاونوا على البر فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات و سلط بعضهم على بعض و لم يكن لهم ناصر في الأرض و لا في السماء و الأخبار في ذلك كثيرة [- د -] اتفقوا العقلاء على وجوب الأمر بالمعروف الواجب و النهي عن المنكر و اختلفوا في وجوبهما في مقامين أحدهما هل هو عقلي أو سمعي و الثاني أقوى الثاني هل هما واجبان على الكفاية أو على الأعيان السّيد على الأوّل و هو الأقوى و الشيخ على الثاني [- ه -] شرائط وجوبهما أربعة أن يعلم المعروف معروفا و المنكر منكرا ليأمن الغلط في الإنكار و الأمر و أن يجوز تأثير إنكاره فلو غلب على ظنه أو علم عدم التأثير لم يجب و قد جعله أصحابنا شرطا على الإطلاق و الأولى أن يكون شرطا لما يكون باليد و اللسان دون القلب و أن يكون المأمور أو المنهي مصرا على الاستمرار فلو ظهر منه أمارة الامتناع سقط الوجوب و أن لا يكون على الآمر و الناهي و لا على أحد من المؤمنين بسببه مفسدة فلو ظن توجه الضرر إليه أو إلى أحد المؤمنين بسببه سقط الوجوب [- و -] مراتب الإنكار ثلاثة بالقلب و اللسان و اليد فالأول يجب مطلقا و هو أول المراتب فإذا علم أن فاعل المنكر ينزجر بإظهار الكراهية وجب و كذا لو عرف احتياجه إلى الهجر وجب و لم يجب الزائد و لو لم يؤثر انتقل إلى الإنكار باللسان بالوعظ و الزّجر و يستعمل الأيسر أولا فإن أفادوا لا انتقل إلى ما فوقه و لو لم ينزجر و افتقر إلى اليد كالضرب و شبهه جازوا و افتقر إلى الجراح قال السّيد يجوز ذلك بغير إذن الإمام و قال الشيخ ظاهر مذهب شيوخنا الإمامية أن هذا الجنس من الإنكار لا يكون إلا للأئمة أو لمن يأذن له الإمام قال و كان المرتضى يخالف في ذلك و يقول يجوز فعل

ص: 157

ذلك بغير إذنه و أفتى به الشيخ في التبيان و هو الأقوى عندي [- ن -] لا يجوز لأحد إقامة الحدود غير الإمام أو من نصبه الإمام لإقامته و قد رخص في حال غيبته الإمام أن يقيم الإنسان الحد على مملوكه إذا لم يخف ضررا على نفسه و لا ماله و لا على أحد من المؤمنين قال الشيخ و قد رخّص أيضا في حال الغيبة إقامة الحد على الولد و الزوجة مع الأمن و منعه ابن إدريس للفقهاء و هل يجوز للفقهاء إقامة إقامة الحدود حال الغيبة جزم به الشيخان و هو قوي عندي و يجب على الناس مساعدتهم على ذلك [- ح -] لا يجوز الحكم و القضاء بين الناس إلا للإمام أو من أذن له الإمام و قد فوض الأئمّة عليهم السّلام ذلك إلى فقهاء شيعتهم المأمومين المحصلين لمدارك الأحكام الباحثين عن مآخذ الشريعة القيمين بنصب الأدلة و الأمارات في حال الغيبة فينبغي لمن عرف الأحكام و استجمع شرائع الحكم الآتية في باب القضاء من الشيعة الحكم و الإفتاء و له بذلك أجر جزيل و ثواب عظيم مع الأمن على نفسه و ماله و المؤمنين فإن خاف على أحدهم لم يجز له التعرّض له على حال [- ط -] إذا طلب أحد الخصمين المرافعة إلى قضاة الجور كان متعديا للحقّ مرتكبا للمأثم مخالفا للإمام و يجب على كل متمكّن منعه عن ذلك و مساعدة غريمه على الترافع إلى قضاة الحقّ [- ى -] إذا ترافع خصمان إلى فقيه عارف بالأحكام جامع لشرائط الحكم وجب عليه الحكم بينهما على مذهب أهل الحق و لا يجوز أن يحكم بينهما بمذاهب أهل الخلاف فإن اضطرّ إلى الحكم بينهما على مذاهب أهل الخلاف جاز له ذلك ما لم يبلغ الدماء فإنه لا تقية فيها على حال و يجتهد في تنفيذ الأحكام على الوجه الحق [- يا -] كما يجب على الفقيه العارف بالأحكام القضاء كذلك يجب عليه الفتيا حال الغيبة بالحق إذا أمن الضرر و لم يخف على نفسه و لا على المؤمنين و يجب عليه أن يفتي عن معرفة لا عن تقليد روى الشيخ في الصّحيح عن الباقر عليه السّلام من أفتى النّاس بغير علم و لا هدى من اللّٰه لعنته ملائكة الرّحمة و ملائكة العذاب و لحقه وزر من عمل بفتياه و لو خاف على نفسه من الإفتاء بالحقّ جاز له مع الضّرر و خوفه الإفتاء بمذاهب الخلاف لهم أو السكوت للضرورة مع المكنة [- يب -] يجوز لفقهاء أهل الحقّ أن يجمعوا بالناس الصلوات كلها من الفرائض الخمس و العيدين استجابا مؤكدا مع عدم الخوف أما الجمعة فاختلف علماؤنا فأجازها بعضهم و منع سلار و ابن إدريس من ذلك و هو قويّ [- يج -] لا يجوز لأحد أن يعرض نفسه للتولي من قبل الظالمين إلا أن يعلم أنّه لا يتعدى الواجب و لا يرتكب القبيح و يتمكن من وضع الأشياء مواضعها فإن غلب على ظنه خلاف ذلك لم يجب التعرض له فإن أكره على الدخول جاز حينئذ و يجتهد على إنفاذ الأحكام بالحق تمّت القاعدة الأولى و هي العبادات من كتاب التحرير و هو آخر جزء الأول منه و يتلوه في الثاني إن شاء اللّٰه تعالى القاعدة الثانية في المعاملات و الحمد للّه ربّ العالمين و صلى اللّٰه على سيّد المرسلين محمّد النبي و آله الطاهرين

القاعدة الثانية في المعاملات

كتاب المتاجر

اشارة

و فيه مقدّمة و مقاصد

أمّا المقدّمة

ففيها مباحث [- ا -] يجوز طلب الرّزق بالمعاش في الحلال بالإجماع قال اللّٰه تعالى فَامْشُوا فِي مَنٰاكِبِهٰا وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله من المروة استصلاح المال و فيه فضل كثير و ثواب عظيم قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل اللّٰه و قال عليه السلام نعم العون على تقوى اللّٰه الغنى و قال أمير المؤمنين عليه السّلام إن اللّٰه يجب المتّجر الأمين و قال عليه السّلام اتجروا بارك اللّٰه لكم فإني سمعت رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله يقول إن الرزق عشرة أجزاء تسعة في التجارة و واحد في غيرها و قال عليه السّلام تعرضوا للتجارة فإن لكم فيها غنى عما في أيدي الناس و قال الصادق عليه السّلام إن اللّٰه تبارك و تعالى يستحب الاغتراب في طلب الرزق و عنه عليه السّلام قال أوحى اللّٰه عز و جلّ إلى داود عليه السّلام أنك نعم العبد لو لا أنك تأكل من بيت المال و لا تعمل بيدك شيئا فبكى داود ع فأوحى اللّٰه عز و جلّ إلى الحديد أن لن لعبدي داود فألان اللّٰه تعالى له الحديد فكان يعمل كل يوم درعا و يبيعها بألف درهم فعمل عليه ثلاثمائة و ستين درعا فباعها بثلاث مائة و ستين ألفا و استغنى عن بيت المال و قال عليه السّلام غنى يحجزك عن الظلم خير من فقر يحملك على الإثم و قال ع لا خير فيمن لا يحب جمع المال من حلال فكيف به وجهه و يقضي به دينه و يصل به رحمه و قال ع ما فعل عمر بن مسلم قيل أقبل على العبادة و ترك التجارة و قال ويحه أ ما علم أن تارك الطلب لا يستجاب له إن قوما من أصحاب رسول اللّٰه ص لما نزل و من يتق اللّٰه يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب

ص: 158

أعقلوا الأبواب و أقبلوا على العبادة و قالوا قد كفينا فبلغ ذلك رسول اللّٰه ص فأرسل إليهم ما حملكم على ما صنعتم فقالوا يا رسول اللّٰه يكفل اللّٰه عز و جلّ ما رزقنا فأقبلنا على العبادة فقال إنه من فعل ذلك لم يستجب اللّٰه له عليكم بالطلب إني لأبغض الرّجل فاغرا فاه إلى ربه يقول ارزقني و ترك الطلب و قال الصادق عليه السّلام كفى بالمرء إثما أن يضع من يعول قال النبي ص ملعون ملعون من يضع من يعول و روي عن العالم الكاظم ع أنه قال اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا و اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا و الأخبار في ذلك كثيرة [- ب -] ينبغي لمن أراد التجارة أن يتفقه فيها ليعرف كيفية الاكتساب و يميز صحيح العقد و فاسدة و يسلم من الربا و كان أمير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة يغتدي كل يوم بكرة من القصر يطوف في الأسواق و معه الدرة على عاتقه فيقف على أهل كل سوق فينادي يا معشر التجار اتقوا اللّٰه عز و جلّ فإذا سمعوا صوته ألقوا ما في أيديهم و أرعوا إليه بقلوبهم و سمعوا بآذانهم فيقول قدّموا الاستخارة و تبركوا بالسهولة و أقربوا من المبتاعين و تزينوا بالحلم و تناهوا عن اليمين و جانبوا الكذب و تجافوا عن الظلم و أنصفوا المظلومين و لا تقربوا الزنا و أوفوا الكيل و الميزان وَ لاٰ تَبْخَسُوا اَلنّٰاسَ أَشْيٰاءَهُمْ وَ لاٰ تَعْثَوْا فِي اَلْأَرْضِ مُفْسِدِينَ فيطوف في جميع الأسواق بالكوفة ثم يرجع فيقعد للناس [- ج -] ينبغي للتاجر أن يسوّي بين الناس في البيع و الشراء فيكون الصّبي بمنزلة الكبير و الساكت بمنزلة المماكس و المستحي بمنزلة البصير المذاق [- د -] إذا قال التاجر لغيره هلم أحسن إليك باعه من غير ربح و كذلك إذا عامله مؤمن فليجتهد إلا يربح عليه فإن اضطرّ قنع باليسير منه [- ه -] إذا قال إنسان للتاجر اشتر لي متاعا لم يجز أن يعطيه من عنده و إن كان أجود إلا بعد البيان [- و -] يستحب الإقالة للمستقيل و إعطاء الراجح و أخذ الناقص و لا يجوز العكس و يكره لمن لا يعرف الكيل و الوزن أن يتولاهما [- ن -] يستحب التسامح في البيع و الشراء و القضاء و الاقتضاء [- ح -] يكره له أن يدخل السّوق أولا و عن سبق إلى مكان من السوق غير مملوك كان أحق به إلى المعيل [- ط -] يستحب له الدّعاء عند دخول السوق بالمنقول و أن يكبر اللّٰه تعالى ثلاثا إذا اشترى و أن يتشهد الشهادتين و يسأل اللّٰه أن يبارك له فيما يشتريه و يخيّر له فيما يبيعه و إذا تعسّر عليه نوع من التجارة انتقل إلى غيره و لو ربح في نوع منها داوم عليه و إذا حل المشتري بادر إلى البيع و لا يترك الشراء للغلاء و لا يطلب الغاية فيما يبيع و يشتري من الربح بل يقنع باليسير [- ى -] ينبغي أن يتجنب في تجارته خمسة أشياء مدح البائع و ذم المشتري و كتمان العيوب و اليمين على البيع و الربا [- يا -] يكره السوم و المقاولة في البيع و الشراء ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس و معاملة سفلة الناس و الأدنين منهم و ذوي العاهات و المحارفين و الأكراد و مخالطتهم و مناكحتهم و معاملة أهل الذمة و تزيين المتاع بإظهار جيده و إخفاء رديئه بل يمزجه و لو كان الردي مما لا يظهر للحس حرم [- يب -] ينبغي معاملة من نشاء في خير و يكره الاستحطاط من الثمن بعد العقد قبل التفرّق و بعده [- يج -] من باع شيئا لغيره لم يجز أن يشتريه لنفسه و إن زاد في قيمته على ما يطلب في الحال إلا بإذن مالكه [- يد -] الغش حرام و هو إظهار الجيد و إخفاء الرّديء فيما لا يمكن معرفته كشوب اللبن بالماء و لهذا يكره البيع في المواضع المظلمة التي يخفى فيها العيوب [- يه -] يكره أن يدخل الرّجل على سوم أخيه و حرّمه في المبسوط و أن يزيد وقت النداء بل يزيد وقت سكوت المنادي و لو دخل على سوم أخيه و تعاقد البيع صح و إن فعل حراما أو مكروها [- يو -] روي أنّ النبي ص قال لا يبع بعضكم على بيع بعض و معناه النّهي عن قول الرّجل للمشتري في مدّة الخيار أنا أبيعك مثل هذه السلعة بأقل أو خيرا منها بالثمن أو أقل و كذا يتناول النّهي من من جاء إلى البائع في مدة خياره فدفع إليه أكثر من الثمن و لو خالف انعقد البيع مع فسخ أحد المتعاقدين و إن فعل حراما [- ين -] النجش حرام و هو الزيادة لا للشراء بل ليغرّ المشتري فيزيد و لو اشترى مع النجش صح الشراء فإن ظهر عنهما الغبن تخير المغبون على ما يأتي و لا فرق بين أن يكون النجش بمواطاة البائع أو لا و لو قال البائع أعطيت كذا فاشتراها به ثم بان كذبه كان للمشتري الخيار مع الغبن [- يح -] بيع التلجئة باطل و هو المواطاة على الاعتراف بالبيع من غير بيع خوفا من ظالم [- يط -] نهى النبي ص أن يبيع حاضر لباد و هو من يدخل البلد من غير أهلها سواء كان بدويّا أو من بلدة أخرى و معناه النهي عن أن يكون سمسارا له يعرفه السعر بل ينبغي أن يتولى البدوي البيع لنفسه ليشتريها الناس برخص و يتّسع عليهم السّعر و هل هو للتحريم قال في المبسوط نعم و هو قول ابن إدريس و قال في النهاية بالكراهية و إنما يحرم بأن يقصد الحاضر تولى البيع للبادي و أن يكون البادي جاهلا بالسعر و أن يجلب السلعة للبيع و لو خالف انعقد البيع و لو أشار الحاضر على البادي من غير أن يباشر البيع فالوجه الكراهية و لا بأس بالشراء للبادي

ص: 159

[- ك -] في تلقي الركبان للشيخ قولان أحدهما التحريم و الثاني الكراهية و هو أن يخرج إلى الركب القاصد للبلد فيشتري منهم قبل معرفتهم بالسعر في البلد و لو خالف و اشترى انعقد البيع و مع الغبن يتخير المغبون و لا خيار مع عدمه و الخيار أنما هو للبائع خاصّة و الأقرب أن الخيار فيه و في النجش ليس على الفور و لو تلقاهم و باعهم فهو بمنزلة الشراء يثبت لهم الخيار مع الغبن الفاحش و لو خرج غير قاصد للشراء فلقي الركب اتفاقا لم يكره الشراء و لا البيع و لو تلقى الجلب و في أول السّوق بعد دخوله لم يكن به بأس و حدّ التلقي أربعة فراسخ فإن زاد كان تجارة و جلبا و لم يكن تلقيا [- كا -] نهى النبيّ ص عن الاحتكار و في تحريمه للشيخ قولان أحدهما التحريم و هو قول أبي الصّلاح و ابن إدريس و ابن بابويه و الثاني الكراهية و هو قول المفيد و سلار و الأول أقوى و معنى الاحتكار هو حبس الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن و في الملح قولان مع احتياج الناس و عدم الباذل سوى المحتكر و لا احتكار فيما عدها و قال ابن بابويه يثبت في الزّيت و به رواية حسنة [- كب -] إنما يثبت الاحتكار في هذه إذا استبقاها للزيادة في الثمن و لو استبقاها للقوت أو الزّرع لم يكن محتكرا [- كج -] يجب على الإمام إجبار المحتكر على البيع مع تحقق الاحتكار و قال الشيخ حده في الرخص أربعون يوما و في الغلاء ثلاثة أيام و الحق ما قلناه و هل له إجبارهم على التسعير قال المفيد و سلار نعم و قال أكثر علمائنا ليس له ذلك و هو الوجه عندي [- كد -] نهى النبي ص عن بيعين في بيعة فقيل البيع بثمن حالا و بأزيد مؤجلا و قيل إن يبعه شيئا بشرط أن يشتري منه آخر و منه ابن إدريس و لا بأس به عندي [- كد -] نهى النبي ص عن بيع حبل الحبلة و هو أن يبيع بثمن مؤجل إلى نتاج نتاج الناقة و عن المجرد و هو بيع ما في الأرحام و عن بيع عسيب الفحل و هو نطفته و عن الملاقيح و هو ما في بطون الأمهات و المضامين و هي ما في أصلاب الفحول و عن الملامسة و هو أن يبيعه غير مشاهد على أنّه متى لمسه وقع البيع و عن المنابذة و هو أن يقول أن نبذته إلى فقد اشتريته بكذا و عن بيع الحصاة و هو أن يقول ارم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا

المقصد الأوّل فيما يحرم التكسب به و يكره

اشارة

و فيه فصلان

الأوّل فيما يحرم الكسب به

و فيه [- كط -] بحثا [- ا -] النجس ضربان ذاتي النجاسة كالميتة و الدم و الخمر و الفقاع و الخنزير و شبهه و ما يعرض له و هو ضربان أحدهما لا يمكن تطهيره كالمائعات التي عرضت النجاسة و الثاني يمكن تطهيره كالثياب فالأوّل و أول الثاني لا يجوز بيعه و لا شراؤه و لا التكسب به إلا الادهان النجسة لفائدة الاستصباح تحت السماء و ثاني الأخير يجوز التكسّب به [- ب -] السرجين النجس يحرم بيعه و غير النجس يجوز بيعه و أبوال ما لا يؤكل لحمه نجسة يحرم التكسّب بها و في بول ما يؤكل لحمه قولان أحدهما الجواز قاله السّيد و الشيخ منع إلا أبوال الإبل خاصة للاستشفاء به [- ج -] يجوز بيع كلب الصّيد و شراؤه و في كلب الزرع و الماشية و الحائط قولان أقربهما الجواز و غير ذلك من الكلاب يحرم التكسّب به إجماعا منا و كذا يجوز إجارة الكلاب المنتفع بها و الوصية بها و هبتها و يحرم إتلاف المعلم و على المتلف الغرم و إن كان أسود بهما و يباح قتل العقور و يحرم اقتناء ما عدا الكلاب الأربعة و يجوز تربية الجرو الصغير لأحد الأمور المذكورة و اقتناء أحد الأربعة و لو هلكت ماشية فأراد شراء غيرها أو حصد زرعه له اقتناؤه إلى أن يشتري أو يسجد زرعا آخر و يجوز لمن لا يصيد أن يقتني كلب الصيد [- د -] يحرم اقتناء الأعيان النجسة إذا خلت من المنفعة كالخنزير و شبهه و لو كان فيه منفعة جاز اقتناؤه كالكلب و السرجين لتربية الزرع و الخمر للرد إلى الخل و كذا يحرم اقتناء المؤذيات كالحيّات و العقارب و السّباع [- ه -] الأقرب عندي جواز بيع الماء النجس لإمكان تطهير [- و -] يحرم التكسّب بكل ما يكون المقصود منه حراما كآلات اللهو مثل العود و الزمر و هياكل العبادة كالصّليب و الصّنم و آلات القمار كالشطرنج و النرد و الأربعة عشر و بيع العنب ليعمل خمرا و كذا العصير و لو باعه كذلك بطل العقد و كذا بيع الخشب ليعمل صنما و يجوز بيع ذلك كله على من يعلمه إذا لم يبعه لذلك على كراهية و يحرم التوكيل في بيع الخمر و إن كان الوكيل ذميّا و كذا الشراء و كذا يحرم إجارة السفن و المساكن للحرمات و اتخاذها للمناكير و لو آجرها لمن يعمل ذلك لا بشرطه جاز و لو آجر سفينته أو دابته لحمل الخمر جاز ما لم يحملها للشرب فيحرم و لو كان البيت في السّواد حرم إجارته لذلك كما لو كان في المدينة و لو استأجر ذمّي دار مسلم و أراد بيع الخمر فيها سرا لم يكن للمالك منعه و لو آجره لذلك فالأقرب التحريم للعموم [- ن -] يحرم بيع السّلاح لأعداء الدين و عمله لهم عند قيام الحرب و عدم الهدنة و يجوز بيع ما يكنّ من السلاح كالدّروع و الخفاف و لا فرق في التحريم بين جميع آلات الحرب و لا بين إسلام العدو و كفره [- ح -] الغناء حرام و تعليمه و أجر المغنية كذلك و قد وردت رخصة بإباحة أجر المغنية في العرائس إذا لم يتكلم بالباطل

ص: 160

و لا يلعب بالملاهي كالعيدان و القصب بل يكون ممن يزف العروس و يتكلم عندها بإنشاد الشعر و القول البعيد من الفحش و الباطل و ما عدا ذلك حرام في العرس و غيره [- ط -] النائحة بالباطل أجرها حرام و لا بأس بأجر النائحة إذا لم يعتمد قول الباطل و إن كان مكروها خصوصا مع الشرط [- ى -] القمار حرام و كذا ما يؤخذ بسببه حتى لعب الصّبيان بالجوز و الخاتم و الشطرنج [- يا -] الغش بما يخفى حرام كشوب اللّبن بالماء و كذا تدليس الماشطة و تزيين الرّجل بالحرام [- يب -] عمل الصور المجسمة حرام و كذا أخذ الأجرة عليه [- يج -] يحرم معونة الظالمين بالمحرم [- يد -] الغيبة حرام و كذا استماعها و هجاء المؤمنين و الكذب عليهم و النميمة و سبّ المؤمنين و السعي في القبيح و مدح من يستحق الذم و بالعكس و الأمر بشيء من ذلك و أخذ الأجرة عليه و التشبيب بنساء المؤمنين [- يه -] يحرم حفظ كتب الضلال و نسخها لغير النقض أو الحجة و نسخ التورية و الإنجيل و تعليمهما و أخذ الأجرة عليه [- يو -] تعلم السحر و تعليمه و الشعبذة و الكهانة و القيافة حرام و أخذ الأجرة عليه و السحر كلام يتكلم به أو يكتبه و رقية أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة قال الشيخ لا حقيقة له و إنما هو تخييل و قيل له حقيقة و على الوجهين إن استحله فالوجه أنه يكفر و إلا فلا و من يحل السحر فإن كان بشيء من القرآن أو الذكر و الأقسام و الكلام المباح فلا بأس به و إن كان بشيء من السحر فهو حرام و الكاهن هو الذي له رأي من الجنّ يأتيه بالأخبار فإنه يقتل ما لم يتب و التنجيم حرام و كذا تعلم النجوم مع اعتقاد أنها مؤثرة أولها مدخل في التأثير و أخذ الأجرة عليه و لو تعلّم ليعرف قدر سير الكواكب و بعدها و أحوالها من التربيع و الكسف و غيرها فلا بأس به و الشعبدة هي الحركات السّريعة جدا بحيث يخفى على الحس التمييز بين الشيء و شبهه لسرعة انتقاله منه إلى شبيهه و هي حرام و كذا الأجرة عليها و كذا القيافة و كل ما يشاكلها [- ين -] بيع الحرّ حرام و كذا كل ثمنه و ثمن ما ليس بمملوك للإنسان و لا يصحّ تملكه له [- يح -] يحرم بيع المصحف و يجوز بيع الجلد و الورق لا بيع كلام اللّٰه تعالى و لو اشترى المصحف و عقد البيع على الجلد و الورق جاز و إلا حرم كالبيع و لو اشترى الكافر مصحفا لم ينعقد البيع و قال بعض أصحابنا يجوز و يجبر على بيعه و يجوز أخذ الأجرة على كتابة القرآن [- يط -] يحرم السرقة و الخيانة و بيعها و أخذ ثمنها و لا تحريم مع الجهل بكونها سرقة و لو اشتبهت السّرقة بغيرها جاز الشراء ما لم يعلم العين المسروقة و من وجد عنده سرقة كان ضامنا لها إلا أن يقيم البيّنة بشرائها فيضمن و يرجع به على البائع مع جهله بالغصبية و لو اشترى بالمال المسروقة ضيعة أو جارية فإن كان بالعين بطل البيع و إن كان في الذمة حل للمشتري وطء الجارية و التصرف في الضيعة و عليه رد المال خاصة و لو حج به برئت ذمته مع وجوبه عليه [- ك -] الرشاء في الحكم حرام سواء كان حكم لباذله أو عليه بحق أو باطل [- كا -] لا يجوز بيع تراب الصياغة و إن بيع تصدّق بثمنه و لم يملكه البائع [- كب -] التطفيف حرام في الكيل و الوزن [- كج -] كل ما لا ينتفع به كالحشرات مثل الفأرة و العقارب و الخنافس و الجعلات و بنات وردان و سباع البهائم التي لا يصلح للاصطياد كالأسد و الذئب و ما لا يؤكل و لا يصاد به من الطير كالرخم و الحدأة و الغراب الأبقع و الأسود و بيضها لا يجوز بيعه و لا شراؤه و لا يحلّ ثمنه و كذا المسوخ كلها بحرية كالجري و المارماهي و التمساح و التلاحف و الرقاق أو برية كالدّب و القرد و إن قصد بالبيع حفظ المتاع و الدكان و جوز ابن إدريس بيع السباع كلها سواء كان مما يصاد به عليها أو لا يصاد و هو جيّد [- كد -] في بيع الفيل قولان أحدهما الإباحة و هو الأقوى و يجوز بيع الهرّ و ما يتخذ للصيد كالفهد و الصقر و نحوهما و إن لم يكن معلما و لا يقبل التعليم و هل يجوز بيع ما يصاد عليه كالبوهة توضع ليجتمع الطير عليها فيصيده الصائد فيه إشكال و كذا العلق [- كه -] يجوز بيع كل ما ينتفع به من الأعيان المملوكة انتفاعا مباحا إلا ما استثناه من الكلب و الوقف و المكاتب و أم الولد و غيرها مما يأتي في موضعه و كذا يجوز بيع جميع السباع التي يصاد بها و ينتفع بها في الصيد كالفهد و الصقر و الشاهين و العقاب و منع الشيخ منه في النهاية و هو ضعيف لرواية عيسى بن القسم الصحيحة عن الصادق عليه السلام و بيض ما لا يؤكل لحمه من الطير إن كان مما لا ينتفع به كالغراب و الحدأة و الرخم و أشباهها لم يجز بيعه و إن كان طاهرا و إن كان مما ينتفع به بأن يصير فرضا جاز و في العلق التي ينتفع بها كالتي تعلق على وجه صاحب الكلف فيمص الدم و الديدان الموضوعة في آلة الصّيد تردّد و أقربه المنع من حيث عموم النهي عن بيع الحشرات [- كو -] يجوز بيع دود القز و بذره و إن لم يكن معه قزّ و بر و إن لم يكن معه قزّ و كذا بيع النحل مع المشاهدة و إمكان التسليم بأن يكون محبوسة و إن كانت منفردة و لو تعذرت مشاهدته بأن يكون مستورا في أقراصه لم يجز و يجوز بيع الماء و التراب و الحجارة و إن كثر وجودها و ما له منفعة ساقطة في نظر الشرع كآلات

ص: 161

الملاهي و شبهها لا يجوز بيعه [- كن -] لا يجوز بيع الترياق لاشتماله على لحوم الأفاعي و الخمر و لا يجوز التداوي به و لا سم الأفاعي أما السّم من الحشائش و النبات فيجوز بيعه إن كان مما ينتفع به و إلا فلا و في جواز بيع لبإ الآدميات تردد [- كح -] لو باعه دارا لا طريق إليها أو بيتا لا مجاز له جاز البيع و لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة [- كط -] يحرم أخذ الأجرة على تغسيل الأموات و تكفينهم و دفنهم و الصّلات عليهم و على كل ما يجب عليه فعله و أخذ الأجرة على الأذان و يجوز أخذ الرزق فيه من بيت المال و كذا يحرم أخذ الأجرة على القضاء و يجوز أخذ الرّزق فيه من بيت المال و كذا الصّلاة بالناس و يجوز أخذ الأجرة على عقد النكاح و الخطبة في الأملاك

الفصل الثاني فيما يكره التكسّب به

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] يكره الصرف و بيع الأكفان و الطعام و الرقيق و اتخاذ الذبح و النحر صنعة و الحياكة و النساجة لقول الصادق عليه السّلام لأبي إسماعيل الصيقل حائك أنت قلت نعم قال لا تكن حائكا قلت فما أكون قال كن صيقلا [- ب -] كسب الحجام مكروه مع الشرط و طلق مع عدمه و ليس بمحرم في البابين و رواية سماعة ضعيفة [- ج -] يكره أخذ الأجرة على ضراب الفحل للنتاج و ليس بمحرم و لو أعطي صاحب الفحل هدية أو كرامة لم يكن حراما و ينبغي أن يوقع العقد على العمل و تقديره بالمرة و المرتين من غير ذكر مدّة و لو اكترى فحلا لإطراق ماشية كثيرة قرنه بالمدة و لو غصب فحلا فأنزاه إبله كان الولد لصاحب الإبل و عليه أجرة المثل و يكره إنزاء الحمار على العتيق و ليس بمحرم [- د -] يكره كسب الصبيان و من لا يجتنب الحرام [- ه -] يكره أخذ الأجرة على تعليم القرآن و تأوّل الشيخ الروايات بما يدل على التحريم مع الشرط و نحن لا نقول به نعم لو تعين التعليم وجب عليه لوجوب حفظه لئلا ينقطع المعجزة و لا بأس بأخذ الأجرة على تعليم الحكم و الآداب أما ما يجب تعلمه على الكفاية كالفقه فإنّه يحرم أخذ الأجرة على تعليمه مع تعيّنه عليه و يجوز استيجار ناسخ لينسخ له كتب الفقه و الأحاديث و الأسفار المباحة و السجلات و غيرهما مما يباح كتابته كالحكم و الآداب و كذا يستأجر من يكتب له مصحفا و يكره تعير المصاحف بالذهب فيكره الأجرة عليه و لا يجوز أخذ الأجرة على نسخ كتب الضلال لغير العجة و النقض [- و -] يجوز أخذ الأجرة على تعليم الخط و ينبغي للمعلم التسوية بين الصبيان في التعليم و إلا شد عليهم إذا استوجر لتعليم الجميع على الإطلاق تفاوتت أجرتهم أو اتفقت و لو آجر نفسه لبعضهم لتعليم مخصوص و الآخرين لتعليم مخصوص جاز التفضيل بحسب ما وقع العقد عليه [- ن -] يجوز الاستيجار للختان و خفض الجواري و المداواة و قطع السلع و الكحل سواء كان من العليل أو الطبيب و أخذ الأجرة عليه فإذا استأجره للكحل مدّة استحق الأجرة بالفعل و إن لم يؤثر حينئذ يكره أن يؤجر نفسه لكل صنعة ديته و أخذ الأجرة عليه و لو فعل حلت الأجرة و يجوز أن يؤجر نفسه لكل عمل مباح منتفع به و لا بأس بأجر القابلة و الماشطة مع عدم الغش و لو فعلته حرم كوصل الشعر بالشعر و شم الخدود و تحميرها و نقش الأيدي و الأرجل و يكره الصياغة و القصابة [- ط -] من دفع إلى غيره مالا ليصرف في المحاويج و الفقراء فإن عين أشخاصا لم يجز له المخالفة فإن خالفا ثم و ضمن و إن لم يعين تخير في إعطاء من شاء من المحاويج كيف شاء و يجوز له أن يأخذ هو مع حاجته بقدر ما يعطي غيره و لا يفضّل نفسه بشيء و في رواية عبد الرّحمن بن الحجاج الصحيحة عن الصادق عليه السّلام المنع و حمله الشيخ على التقدير الأوّل و في رواية صحيحة جواز أن يعطي عياله مع حاجتهم [- ى -] إذا امتزج الحلال بالحرام فإن تميز وجب دفع الحرام إلى أربابه مع وجودهم و الصدقة به مع عدمهم و عدم وراثهم و إن لم يتميّز أخرج خمسه و حل له الباقي [- يا -] يجوز أكل ما ينشر في الأعراس مع علم الإباحة لفظا أو يشاهد الحال و يكره أخذه انتهابا و لو لم يعلم قصد الإباحة حرم أخذ [- يب -] يجوز بيع جلود السّباع كلها مع التذكية و كذا بيع عظام الفيل و قال ابن البراج إنه مكروه و لا أعلم سنده [- يج -] يكره ركوب البحر للتجارة و يحرم مع أمارة الخوف و كذا يحرم كل سفر يظهر فيه أمارة الخوف [- يد -] يجوز أخذ الأجرة على السمسرة في المباح [- يه -] الأجير الخاص لا يجوز له أن يعمل لغير المستأجر و يجوز لغيره و لا بأس للمرأة أن يأخذ أجرا على الغزل [- يو -] قال الشيخ إذا مر إنسان على ثمرة النخل جاز له أن يأكل منها قدر كفايته و لا يحمل منها شيئا على حال و شرط ابن إدريس عدم قصد المضيّ للأكل و في الزرع و الفواكه إشكال [- يز -] لا بأس بالزراعة و ليست مكروهة و كذا يجوز أخذ الأجرة على البدرقة [- يح -] لا بأس بعمل اليهودي و النصراني فيما لا يحتاج فيه إلى الإسلام كالحياكة و النساجة أما ما يحتاج فيه إليه كالذباحة فلا يجوز التجارة في الجارية النصرانية و المغنّية بالبيع و الشراء [- يط -] يكره بيع الملك لغير حاجة و يستحب شراؤه [- ك -] إذا استأجر مملوك غيره فأفسد المملوك لم يضمن المولى بل يستسعى العبد في ذلك أو يرجع عليه بعد العتق قاله الشيخ و منع ابن إدريس من الاستسعاء و بقول الشيخ رواية

ص: 162

صحيحة [- كا -] لا بأس بشراء الذّهب بترابه قبل سبكه من المعدن بغير الذهب و كذا معدن الفضة بغيرها [- كب -] نقل ابن إدريس عن بعض علمائنا تحريم خصاء الحيوان أو رجح كراهيته [- كج -] ثمن الماء الذي يغسل به الميّت و ثمن الكفن سائغ و إن وجب التغسيل و التكفين قال الشيخ إذا وجد الماء لغسل الميّت بالثمن وجب شراؤه من تركته فإن لم يخلف شيئا لم يجب على أحد ذلك و يحرم أخذ الأجرة على حمل الموتى إلى المواضع التي يجب حملها إليها كظواهر البلدان و الجبانة المعروفة و أما ما بعد عن ذلك من المشاهد فيجوز أخذ الأجرة عليه [- كد -] سلطان الحق يستحب خدمته و العمل من قبله و يجب مع الإلزام و يجوز أخذ جوائزه أما الجائر فلا يجوز الولاية منه اختيار إلا مع العلم بالمكنة من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و وضع الأشياء من الصّدقات و المواريث و غيرها مواضعها يجوز الولاية من قبل الجائر معتقدا أنه يفعل ذلك من قبل سلطان الحقّ على سبيل النيابة عنه و لو قهره على الولاية مع عدم العلم جازت الولاية و لا يعمل بغير الحق ما أمكن فإن اضطر إلى ظلم جاز للضرورة ما لم يبلغ الدّماء فلا يجوز التقية فيها على حال و لو أمكنه دفع الجائر في عدم الولاية وجب و يستحب مع تحمّل الضّرر اليسير و لو خاف على نفسه أو ماله أجمع أو على بعض المؤمنين جازت الولاية و جوائز الجائر إن علمت حراما وجب دفعها إلى أربابها مع المكنة و مع عدمه يتصدق بها عنه و لو لم يعلم تحريمها جاز تناولها و ينبغي إخراج الخمس منها و يصل أخوان من الباقي [- كه -] يكره معاملة الظالمين و الأولى تركها مع المكنة و لو دفع الظالم شيئا له يعلمه حراما لم يحل أخذه و إن كان بعوض فإن قبضه أعاده على المالك مع العلم و لو جهله أو تعذّر الوصول إليه فصدّق به قال ابن إدريس و أصحابنا ذلك و يكون ضامنا مع عدم رضا صاحبه قال و روي أنّه بمنزلة اللفظة و هو بعيد عن الصواب و ليس هو عندي بعيدا من الصواب و اختار ابن إدريس إبقاءه أمانة حتى يجد المالك و لا يجوز إعادته على الظّالم مع الإمكان و كذا يكره كل مال محتمل للحظر و الإباحة كمال المرابي و غيره فإن علمه حراما حرم و لا يقبل قول المشتري في ذلك [- كو -] أقام المشتبه ثلاثة ما أصله التحريم كالذّبيحة في بلد الكفار لا يجوز شراؤه ما لم يوجد في يد مسلم و لو كانت في بلد الإسلام حلت و ما أصله الإباحة كالماء المتغيّر طاهر و إن جاز إسناد تغيّره إلى النجاسة و ما لا يعرف له أصل كرجل في يده حرام و حلال و لا يعلم أحدهما فالأولى اجتنابه [- كز -] ما يأخذه الظّالم بشبهة الزكاة من الإبل و البقر و الغنم و ما يأخذه عن حق الأرض بشبهه الخراج و ما يأخذه من الغلاّت باسم المقاسمة حلال و إن لم يستحق أخذ ذلك و لا يجب إعادته على أربابه و إن عرفهم إلا أن يعلم في شيء منه يعينه أنه غصب فلا يجوز تناوله و لا شراؤه [- كح -] إذا غصب الظالم شيئا ثم تمكن المظلوم من أخذه أو أخذ عوضه كان تركه أفضل و لو كان الظالم قد أودعه ففي جواز الأخذ من الوديعة بقدر ماله قولان أقربهما الكراهيّة و لو استحلفه لم يجز المقاصة في الوديعة و غيرها و لو أودعه الظالم شيئا فإن عرف أنه له أو لم يعرف أنه لغيره فإنّه يجب عليه ردّه مع المطالبة إليه و لو عرف أنها لغيره لم يجز ردّها إلى الظّالم و يجب ردّها إلى صاحبها مع الأمن فإن ردها إلى الظالم مختارا ضمن و لو لم يعرف صاحبها تركها إلى أن يعرفه و لو حلفه الظالم جاز الحلف و لو مزجها الظالم بماله و لم يتميّز دفع الجميع إليه [- كط -] يحرم على الرجل أن يأخذ من مال والده شيئا و إن قل بغير إذنه إلا مع الضرورة يخاف منها على نفسه التلف فيأخذ ما يمسك به رمقه إن كان الوالد ينفق على الولد أو كان الولد غنيا و لو لم ينفق مع وجوب النفقة أجبره الحاكم فإن فقد الحاكم جاز أخذ الواجب و إن كره الأب [- ل -] يجرم على الأب أن يأخذ مال ولده البالغ مع غناه عنه أو إنفاق الولد عليه قدر الواجب و لو كان الولد صغيرا جاز للأب أخذ ماله قرضا عليه مع يساره و إعساره و منع ابن إدريس من الإقراض و لو كان للولد مال و الأب معسر قال الشيخ يجوز أن يأخذ منه ما يحج به حجة الإسلام دون التطوع إلا مع الإذن و منع ابن إدريس في الواجب أيضا بغير إذن و يجوز أن يشتري من مال ولده الصّغير بالقيمة العدل و يبيع عليه كذلك و لو كان للولد جارية لم يكن له وطؤها و لا مسّها بشهوة قال الشيخ يجوز للأب تقويمها عليه و وطؤها و قيده في الإستبصار بالصّغير و البالغ مع الامتناع من الإنفاق عليه و لو كان موسرا حرم ذلك لا على جهة القرض من الصغير على ما قلناه و إن كان ابن إدريس قد خالف فيه [- لا -] يحرم على الأم أخذ شيء من مال ولدها صغيرا كان أو كبيرا و كذا الولد لا يجوز له أن يأخذ من مال والدته شيئا و لو كانت معسرة و هو موسرا جبر على نفقتها على ما يأتي و هل لها أن يقترض من مال الولد جوّزه الشيخ و منعه ابن إدريس و عندي فيه توقّف و بقول الشيخ رواية حسنة [- لب -] لا يجوز للمرأة أن يأخذ شيئا من مال زوجها و إن قل إلا بإذنه و يجوز لها أخذ المأدوم إذا كان يسيرا و يتصدّق به مع عدم الإضرار بالزّوج و لو منعها لفظا حرم و لا يترخص في ذلك من يقوم مقام المرأة في المنزل كالجارية و البنت و الأخت و الأم و الغلام و المرأة الممنوعة من التصرف في طعام

ص: 163

لا يجوز لها الصّدقة بشيء منه [- لج -] لا يجوز للرّجل أن يأخذ من مال زوجته شيئا مع عدم الإذن و يقتصر على المأذون و لو دفعت إليه مالا و شرطت له الانتفاع به جاز التصرف فيه و يكره أن يشتري به جارية يطؤها و لو أذنت فلا كراهية و لو شرطت له شيئا من الربح كان قراضا و لو شرطت جميعه كان قرضا و لو شرطت الربح لها بأجمعه كان بضاعة

المقصد الثّاني في عقد البيع و شروطه

و فيه [- كب بحثا [- ا -] البيع انتقال عين مملوكة من شخص إلى غيره بعوض معلوم على وجه التراضي و مشروعيّته مستفادة بالنص و الإجماع و لا بد فيه من عقد يشتمل على إيجاب و قبول فالإيجاب اللفظ الدال على النقل مثل بعتك أو ملكتك أو ما يقوم مقامهما و القبول اللفظ الدال على الرّضا مثل قبلت أو اشتريت و نحوهما و الأقوى عندي أن المعاطاة غير لازم بل لكل منهما نسخ المعاوضة ما رامت العين باقية فإن تلفت إحدى العينين لزمت و لا يحرم على كلّ واحد منهما الانتفاع بما قبضه بخلاف البيع الفاسد [- ب -] لا بدّ في العقد من اللّفظ و لا يكفي الإشارة و لا الكتابة مع القدرة و إن كان غائبا و يجزئ الأخرس و شبهه الإشارة [- ج -] لا بدّ في اللفظ أن يكون بصيغة الماضي في الإيجاب و القبول دون المستقبل و الأمر و الأقرب عدم اشتراط تقديم الإيجاب [- د -] يشترط في المتعاقدين البلوغ فلا يصحّ بيع الصّبي و لا شراؤه و إن أذن له الولي و سواء كان مميزا أو غير مميّز و في رواية لنا صحة بغيه إذا بلغ عشر سنين و شيدا و لا فرق بين اليسير و الكثير [- ه -] يشترط في المتعاقدين العقل فلا يصحّ بيع المجنون و لا شراؤه و إن أذن له الوليّ سواء كان مطبقا أو الأدوار إلا أن يعقد صحيحا و كذلك لا ينعقد بيع المغمى عليه و لا شراؤه و لا السّكران غير المميز و لو رضي كل واحد من هؤلاء أو الصّبي كبد زوال عذره بما فعله لم يعتدّ به [- و -] الاختيار شرط فلا يصحّ عقد المكره و لو أجاز ما فعله بعد زوال عذره صحّ العقد [- ن -] لو باع العبد ما في يده بإذن سيّده صحّ و بغير إذنه يقف على الإجازة و كذا لو اشترى بما في يده و لو اشترى في الذمّة قال الشيخ الأولى أنه لا يصحّ شراؤه و لو أمره أمر أن يبتاع له نفسه من مولاه فالأقرب الجواز [- ح -] الملك أو حكمه شرط في لزوم البيع و تعني بحكم الملك أن يكون البائع وليا عن المالك بأن يكون وليا أو وكيلا أو مأذونا له فيه أو وصيّا أو حاكما أو أمينا لحاكم أو أبا أو جدا مع صغر المالك فلو باع غير المالك من غير ولاية وقف على الإجازة فإن أجازه المالك صحّ و لزم و إلا بطل و قيل تبطل من رأس و ليس بمعتمد و قد نهى النبي صلّى اللّٰه عليه و آله عن بيع ما ليس عندك و هو أن يبيع سلعة معينة و ليس بمالك لها ثم يمضي إلى المالك ليشتريها منه و يدفعها و لو باع ما ليس معيّنا صح و إن لم يكن عنده [- ط -] لو باع الفضولي و صاحب السلعة ساكت لم يلزمه البيع و إن كان حاضرا [- ى -] لو وكل رجلين في بيع السلعة على الجمع و التفريق فباعا معا فالعقد للسّابق في العقد لا القبض و لو اتفق أدفعه فالوجه البطلان و يجوز للمالك أن يبيع بنفسه مع انتفاء الموانع و كذا للوكيل المأذون و الوصي و الحاكم و أمينه و و الأب و الجد مع المصلحة للمولى عليه و لو باع مالا يملكه و فسخ المالك انتزع من المشتري و رجع المشتري على البائع بما دفع إليه و بما اغترمه من نفقه أو و عوض عن أجرة أو نماء على قول إذا لم يعلم أو ادعى البائع إذن المالك و إلا فلا رجوع مع العلم بالنصيبة و لو باع ما يملك و ما لا يملك صفقة صحّ فيما بملك و وقف الآخر فإن أجاز المالك صح العقد و إلا بطل فيتخير المشتري في المملوك بين أخذه بقدر نصيبه من الثمن و بين الفسخ و لو باع ما يملك و ما لا يصح تملكه كالخمر و الخنزير صح فيما يملك خاصه بقدر حصة من الثمن و لا خيار مع عدم الغشّ [- يا -] للأب و الجدّ للأب الولاية على الولد ما دام غير رشيد و إن بلغ أو غير بالغ أما لو بلغ رشيد أزالت الولاية عنه و لكل منهما أن يتولى طرفي العقد و للوكيل التصرف فيما جعل له ما دام الموكّل جائز التصرف و في جواز تولية طرفي العقد إشكال المروي الجواز مع الإعلام و الوصي يمضى تصرّفه بعد موت الموصي على الصّبي و المجنون و يجوز تولية العقد على خلاف و في جواز افتراضه قولان منع ابن إدريس منه و جوزه الشيخ و جوّز أيضا أن يقوم على نفسه و الحاكم و أمينه يليان على المحجور عليه للسّفه و الفلس مطلقا و للصغير مع عدم الأب و الجد له و الوصي و يحكمان على الغائب [- يب -] يشترط في مشتري المسلم الإسلام فلو اشترى الكافر مسلما لم ينعقد و قيل يجوز و يجبر على بيعه و لو وكل الكافر مسلما في شراء مسلم لم يصح و لو وكّل مسلم كافر في شراء مسلم فالوجه الصّحة و لو قال كافر لمسلم أعتق عبدك عني عن كفارتي فأعتقه فالوجه عدم الصّحة و لو اشترى الكافر مسلما في شراء ينعتق عليه كالأب ففي البطلان إشكال و لو استأجر الكافر مسلما لعمل في الذمّة صحّ و لو استأجره مدّة كشهر ففي الجواز نظر [- يج -] لا يصحّ بيع الحرّ و لا شراؤه و كذا ما لا منفعة فيه كفضلات الإنسان من شعره و ظفره و قد سلف و الأقرب جواز بيع لبإ الآدميّات و كذا لا يجوز بيع ما يشترك فيه المسلمون قبل الحيازة كالماء و الكلاء و السّمك و لو استولى على شيء منها جاز بيعه

ص: 164

و لا يصحّ بيع الأرض المفتوحة عنوة بل يجوز بيع آثاره فيها كالبناء و الغراس و ماء البئر لمن استنبطه و ماء النهر لمن حفره يجوز بيعه على كراهية و ما يظهر من المعادن في الأرض المملوكة لما ملكها يجوز بيعها و التصرف فيها [- يد -] لا يجوز بيع الوقف ما دام عامرا و لو أدى بقاؤه إلى خرابه جاز بيعه و كذا يباع لو خشي وقوع فتنة بين أو بابه مع بقائه على خلاف [- يه -] لا يجوز بيع أمهات الأولاد مع حياة الولد إلا في ثمن و قبتهنّ إذا كان دنيا على مولاها و لا شيء سواها و في اشتراط موت المالك إشكال و لو مات ولدها جاز بيعها مطلقا [- يو -] لا يجوز بيع الرّهن إلا بإذن الراهن أو يكون المرتهن وكيلا و كذا ليس للرّاهن بيعه إلا بإذن المرتهن و لو باع كلّ منهما من دون إذن صاحبه جاز للآخر الفسخ إلا أن يبيع المرتهن الوكيل [- يز -] العبد الجاني يجوز بيعه سواء كانت الجناية عمدا أو خطأ و منع الشيخ في العمد و الوجه ما قلناه ثم المجني عليه أو وليّه إن عفا أو صالح على مال التزمه المالك لزم البيع و إن قتله قصاصا رجع المشتري بالثّمن الذي دفعه على البائع إن لم يكن عالما قبل البيع باستحقاقه القتل و لو كان الجناية خطاء فإن أخذه المجني عليه بطل البيع و إلا كان له مطالبة المولى بأرش الجناية أو قيمة العبد [- يح -] لو كانت الجناية توجب القصاص فاقتص استوفي و إن عفي على مال أو كانت الجناية خطاء تعلّق المال برقبة العبد و يتخير المولى بين تسليمه للبيع و بين أن يفديه من ماله فإن اختار المولى بيعه فزادت القيمة على الأرش كان الزائد للمولى و لا رجوع عليه في النقصان و لو اختار الفداء جاز قال الشيخ بأقل الأمرين من قيمته و أرش الجناية و روي جميع الأرش أو يسلم تسليم العبد و بيع الجاني خطأ دلالة على اختيار أداء الأرش أو القيمة عنه و يزول الحق عن رقبة العبد قال الشيخ ينبغي أن تقول فيما يوجب الأرش أن بيعه إياه بعد ذلك دلالة على التزام المال في ذمّته و يلزم أقل الأمرين من الأرش و قيمة العبد فإن كان السّيد موسر ألزم بها قلناه و لا خيار للمشتري هنا و لو كان معسرا قيمته و انتزعت رجع المشتري بالثمن أيضا و إن لم يستوعب رجع بقدر الأرش و لو علم المشتري بتعلق الحق برقبة العبد لم يرجع بشيء و لو اختار المشتري أن يفديه جاز و يرجع به على البائع مع الإذن و إلا فلا و لو كانت الجناية عمدا فاختار ولي الدم المال فإن رضي المالك أو المشتري بذلك فالحكم كما تقدم و إن قتله قبل القبض بطل البيع و كذا لو كان بعده [- يط -] العبد الجاني إذا كان مرهونا بيع في الجناية تقدم الرهن أو تأخر و لو قطع العبد يد غيره عمدا بيع و قطعت يده عند المشتري كان له الرد أو الأرش و لو كان المشتري عالما قبل العقد فلا شيء له و لم يسقط الرّد لوجوب القطع في ملك البائع [- ك -] يصحّ بيع العبد المرتد عن غير نظرة و يتخير المشتري مع عدم العلم و لو كان عن فطرة فالوجه عدم صحّة بيعه على إشكال و كذا كل من وجب قتله كالعبد في المحاربة إذا لم يتب قبل القدرة عليه و لو تاب قبلها صحّ بيعه [- كا -] القدرة على تسليم المبيع شرط في صحّته فلو باع الآبق منفردا لم يصح سواء علم مكانه أو لا و لو كان المشتري بحيث يقدر عليه قال السّيد المرتضى رحمه اللّٰه يجوز بيعه منفردا و كذا لو حصل في يد إنسان فإنه يجوز بيعه عليه و قال ابن الجنيد يجوز بيعه على التقدير الأوّل و يضمنه البائع و كذا الجمل الشارد و الطائر قبل صيده و السّمك في الأجمة و لو ضمّ إلى هذه غيرها صحّ بيعه و لو باع ما يمكن تسليمه في ثاني الحال لا فيه فالوجه جوازه و يتخير المشتري [- كب -] يشترط في صحّة البيع علم المتعاقدين بالعوضين و مع جهل أحدهما يبطل و قال ابن الجنيد لو كان الثمن مجهولا لأحدهما جاز كان يقول يعني كر طعام بسعر ما بعت و لو جهلا معالم يجز و الوجه ما قلناه و كذا يبطل لو باعه بحكم أحدهما أو بحكم ثالث من غير تعيين الثمن

المقصد الثّالث في الخيار

اشارة

و فصوله اثنان

الأول في أقسامه
اشارة

و هي ستّة

الأول خيار المجلس

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] إذا تبايعا ثبت لكلّ منهما خيار الفسخ ما داما في المجلس و هو يثبت في كلّ مبيع و يبطل لو تفرقا بالأبدان و لو كان بأدنى انتقال سواء كان في الصّحراء أو في المنازل و كذا يبطل بالتصرّف و بالتخاير قبل العقد بأن يقول بعتك و لا خيار بيننا و يقبل الآخر أو بعده بأن يقول كلّ منهما بعد العقد اخترت إمضاء العقد و ما أشبه ذلك [- ب -] لو قال أحدهما لصاحبه اختر و لم يقل الآخر شيئا لم يبطل محيازا الساكت و لا القائل [- ج -] لو كان المشتري هو البائع بأن يبيع عن ولده لنفسه أو بالعكس قيل لا خيار عملا بالأصل السالم عن معاوضة النّص لوروده بصيغة التثنية مقرونة بالافتراق و شرطهما الكثرة و قيل لا يسقط و يعتبر مفارقة مجلس العقد و عندي في ذلك نظر [- د -] لو تفرقا بعد العقد سقط خيارهما سواء قصدا ذلك أو لا علماه أو جهلاه و كذا لو هرب أحدهما من صاحبه و لا يقف لزوم العقد على رضاهما في التّفرق و يجوز لكلّ واحد منهما بعد العقد مفارقة مجلسه ليبطل الخيارين و ليس

ص: 165

بمحرم [- ه -] لو أقاما في المجلس و ضرب بينهما ساتر أو بني حائط أو ناما لم يسقط خيارهما و لو قاما معا مصطحبين و لم يتفرقا فالوجه بقاء الخيار و إن طالت المدّة [- و -] لو أكرها على التفرق فإن منعا من التخاير لم يسقط خيارهما و يثبت لهما الخيار في مجلس زوال الإكراه ما لم يتفرّقا عنه و لو لم يمنعا من التخاير سقط و لو أكره أحدهما لم يسقط خياره و خيار الآخر باق ما دام في المجلس فإن فارقه بطل الخياران و كذا لو زال الإكراه عن الآخر و فارق مجلس زوال الإكراه و لم يختر أو أكره على التفرق دون التخاير [- ن -] لو أوجبه أحدهما و رضي الآخر سقط خيارهما و لو التزم به أحدهما خاصة سقط خياره و بقي خيار صاحبه و لو خرس أحدهما قامت إشارته مقام لفظه و لو لم يفهم أو جنّ أو أغمي عليه قام وليه مقامه فلو زال عذره لم يعترض على الولي فيما فعله [- ح -] لو مات أحدهما ينتقل الخيار إلى ورثته فإن فارق الحي مكانه بطل الخياران معا و كذا إن أخذ الميّت و لو تصرف المشتري ببيع أو هبة أو عتق أو غير ذلك كان إبطالا لخياره و كذا البائع لو تصرّف كان دلالة على الفسخ و لو تصرف أحدهما و رضي الآخر بطل خيارهما معا [- ط -] البيع يلزم بعد التفرق ما لم يوجد ما يقتضي جواز الفسخ بأن يكون حيوانا و يشترطا مدّة أو يجد به عيبا أو تدليسا أو يجده بخلاف الصّفة أو يظهر الخيانة في المرابحة و لو ألحقا في العقد خيارا بعد لزومه لم يلحقه

الثاني خيار الحيوان

و فيه بحثان [- ا -] أجمع العلماء على أنّ للمشتري الخيار في الحيوان إلى ثلاثة أيام فإن خرجت و لم يختر وجب البيع و له الفسخ في الثلاثة سواء شرطاه في العقد أو لا و لو شرطا سقوطه أو أسقطه المشتري بعد العقد أو تصرف فيه إما تصرّفا لازما كالبيع و العتق أو غير لازم كالهبة و الوصيّة سقط [- ب -] الخيار هنا للمشتري خاصة و قال المرتضى يثبت للبائع أيضا إلى ثلاثة أيام كالمشتري و المعتمد الأوّل

الثالث خيار الشرط

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] يجوز اشتراط الخيار في العقد لكلّ واحد من المتعاقدين إلى أي مدّة كانت إذا كانت مضبوطة سواء زادت على ثلاثة أيّام أو لا و سواء كان بقدر الحاجة أو لا [- ب -] يجب أن يكون المدة المذكورة مضبوطة كالسنة و الشهر و اليوم و لا يجوز اشتراط ما يحتمل الزّيادة و النقصان كقدوم الحاج و إدراك الغلات و هبوب الرياح و نزول المطر و الحصاد و الجذاذ فإن شرطا ذلك بطل العقد سواء أسقطا الشرط قبل مضيّ الثلاث أو حذفا الزائد عليها و لو شرطا الخيار أبدا أو ما بقيا أو ما شاء أبطل العقد [- ج -] لو باعه بشرط أن الخيار لهما أو لأحدهما و أطلقاه أو لم يعيناه و لا قرناه بمدة معلومة و لا مجهولة بطل العقد قاله الشيخ رحمه اللّٰه و هو جيد و قال المرتضى رحمه اللّٰه يثبت الخيار ما بينه و بين ثلاثة أيام ثم لا خيار بعد ذلك و احتجّ بأن خيار المعهود متقدر بالثلاثة و مع الإطلاق ينصرف إلى المعهود و هو جيد إن أراد الشرط في الحيوان و إلا فلا [- د -] لو شرطاه إلى العطاء و أراد وقته فإن كان معلوما صح و يبطل لو كان مجهولا أو أراد الفعل [- ه -] لو شرطا الخيار يثبت يوما و لا يثبت يوما احتمل الصّحة في اليوم الأول و البطلان فيما عداه و بطلان العقد و صحّته مع الشرط بحسبه و هو أقرب الاحتمالات [- و -] إذا بطل الشرط بطل العقد المقترن به [- ن -] يجوز جعل الخيار لهما و لثالث و لهما أو لأحدهما معه سواء تعدّد الثالث أو اتحد و أن يشترط لأحدهما مدة و للآخر دونها و لو اشترى شيئين و جعل الخيار في أحدهما معيّنا صحّ البيع فإن فسخ فيما شرط صحّ و رجع بقسطه من الثمن و إن آبهم بطل العقد فيهما [- ح -] إذا جعل الخيار لنفسه و للأجنبي معا تخير كل منهما في الفسخ و الإمضاء و لو جعل الخيار للأجنبي دونه صحّ أيضا و يكون بمنزلة الوكيل و لا خيار هنا لمن جعل الخيار للأجنبي و لو كان المبيع عبدا فجعل الخيار له فالوجه الصّحة و لو كان البائع وكيلا فشرط الخيار لنفسه أو للمالك أو لهما صح و لو شرطه لأجنبيّ و كان وكيلا في التوكيل أو عاما صحّ و إلاّ فلا [- ط -] لو شرطا المؤامرة صحّ إن قرناها مدة معيّنة و له الفسخ قبل الاستيمار [- ى -] يجوز اشتراط مدّة معلومة يرد البائع فيها الثمن و يرتجع المبيع و النماء في مدة الخيار للمشتري و لو جاء ببعض الثمن في المدّة لم يجب القبول و لم ينفسخ البيع إلا أن يشترط الإتيان بذلك البعض ثم إن كانت المدة ظرفا للأداء و الاسترجاع كان له الفسخ متى جاء بالثمن في أثنائها و يجب على المشتري قبضه و لو جعلها غاية لم يجب قبضه إلا بعد مضيّها و لو جعل البائع الخيار لنفسه مدّة معلومة كان له الفسخ في جميع المدّة و إن لم يحضر الثمن و لا بعضه بخلاف الصّورة الأولى

الرابع خيار الغبن

و يثبت للمغبون خيار الفسخ سواء كان بائعا أو مشتريا و إنما يثبت مع الغبن الفاحش وقت البيع و جهالة المغبون و إن استندت جهالته إلى عجلته فلو كان عالما بالقيمة لم يثبت له خيار و إن قل العوض و لا حدّ للغبن بل يرجع إلى العادة فما يقع التغابن له حال المعاملة لا يثبت به خيار و ما لا يتغابن به يوجب الخيار و ليس الثلاث شرطا و لا يسقط الخيار بالتصرّف مع إمكان الرّد و لو نقله ببيع و شبهه بطل خياره و كذا لو استولد الأمة و لا يثبت بهذا الغبن أرش بل يتخير بين الرّد و الإمساك بجميع الثمن و مع

ص: 166

امتناع الرد يلزمه الثمن أجمع

الخامس خيار التأخير

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] من باع شيئا معيّنا بثمن معلوم و لم يشترطا تأخير الثمن و لم يقبض البائع الثمن و لا المشتري السّلعة لزم البيع ثلاثة أيام فإن جاء المشتري بالثمن في الثلاثة كان أحق بالمبيع و إن خرجت المدة تخير البائع بين الفسخ و الإمضاء و لو كان الثمن مؤجلا سقط خياره و إن خرج الأجل و لم يقبض الثمن و كذا لا خيار للبائع لو كان في البيع خيار لأحدهما و لو قبض المشتري المتاع و أودعه البائع فلا خيار و كذا لو مكّنه من المتاع أو قبض الثمن و أودعه المشتري و لو قبض بعض المتاع لو قبض البائع بعض الثمن فالخيار باق [- ب -] لو هلك المبيع قبل القبض فهو من مال البائع سواء هلك في الثلاثة أو بعدها و قال المفيد و المرتضى رحمهما اللّٰه التلف في الثلاثة من المشتري و لو هلك بعد القبض و الإيداع فهو من مال المشتري قبل الثلاثة و بعدها إجماعا [- ج -] لو كان المتاع مما يسرع إليه الفساد كالخضر و غيرها من البقول و شبهها كان الخيار يوما إلى الليل إن جاء المشتري بالثمن فيه لزم البيع و إلا تخير البائع على ما قلنا من الشروط

السادس خيار الرؤية

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] إذا باع شيئا معيّنا غير مشاهد وجب وصفه بما يرفع الجهالة و يسمى بيع خيار الرؤية و هو بيع صحيح ثم إن وجده على الصفة لزم البيع و لا خيار و إن لم يجده على الصفة تخير بين الفسخ و الإمضاء و لو اختلفا في اختلاف الصّفة فالقول قول المشتري [- ب -] لو دفع العين فوجدت فوق الصفة فلا خيار و لو وجدها دونه تخير و ليس له المطالبة بالعوض و لو اختار الإمساك لم يكن له المطالبة بالأرش [- ج -] لو ادعى المشتري زيادة وصف على ما ذكره البائع فالقول قول البائع بخلاف ما لو ادعى أن الوصف ضدّ الموجود [- د -] لو وجد البعض بخلاف الوصف تخير في المبيع كلّه [- ه -] لو أخل بذكر الوصف الرافع للجهالة مع عدم المشاهدة بطل البيع و إن كان المبيع معينا بخلاف النكاح [- و -] يشترط في بيع خيار الرؤية أمران ذكر الجنس و الوصف فلو أخل بأحدهما بطل و لو باع المشاهد وجب رؤية كل ما هو مقصود بالبيع و لو شاهد بعضها و وصف له الباقي صحّ و تخيّر مع عدم المطابقة و لو نسج بعض الثوب و باعه على أن ينسج الباقي و يدفعه بطل العقد [- ز -] الأقرب أن خيار الرؤية على الفور و يثبت قبل الرؤية إن كان على غير الوصف لا مطلقا و لو اختار إمضاء العقد قبل العقد ففي عدم اللّزوم إشكال و كذا لو تبايعا على أنه لا يثبت الخيار للمشتري [- ح -] يثبت الخيار لمن لم يشاهده سواء كان البائع أو المشتري و لو لم يكونا رأياه ثبت لهما معا الخيار و يثبت مع الزيادة في الوصف للبائع و مع النقصان و لو شرط البائع خيار الرؤية لنفسه فلو لم يكن قد رآه صحّ الشرط و إن كان قد رآه فلا وجه للشرط [- ط -] إذا شاهد المبيع ثم عقدا بعد مدة فإن لم يتطرّق التغير إليه صح البيع و إن كان غائبا فإن وجداه كما كان لزم البيع و إن تغير إلى الزيادة تخير البائع و إلى النقصان تخير المشتري و لو اختلفا في التّغير فالقول قول المشتري و إن باعه بعد مدة يعلم تلفه فيها بطل إجماعا و لو تساوى الأمران صحّ البيع فإن وجد على الوصف لزم و إلا ثبت الخيار [- ى -] يصحّ بيع الموصوف مع التعيين مثل بعتك عبدي التركي و وصفه و يثبت للمشتري الخيار مع خلاف الوصف و ليس له المطالبة بالعوض على ما قلنا و كذا لو تلف قبل قبضه بل يبطل البيع و مع عدمه مثل بعتك عبدا تركيا و يصفه من غير إشارة إلى عين معهودة و لو وجده على الوصف وجب قبضه و إلا طالبه بالبدل و يجوز التفرق قبل القبض و لا يجوز العقد في هذا على ما يتعذّر وجوده و لو قرنه بالمدة كان سلما [- يا -] لا يجوز بيع عين بصفة مضمونة كأن يقول بعتك هذا الثوب على أن طوله كذا و عرضه كذا و غيره من الصفات على أنّه إن لم يكن كذا فعليّ بدله على هذه الصفات [- يب -] يجوز أن يبيع شيئا و يشترط أن يسلّمه إليه بعد شهر أو أكثر و يجوز بيع العين الحاضرة و بالدّين بلا خلاف

الفصل الثاني في محلّه و أحكامه

و فيه [- لط -] بحثا [- ا -] بيع العين المشاهدة يدخله خيار المجلس و الشرط و إن كان حيوانا دخله خيار الرؤية و الشرط و إن كان صرفا دخله خيار المجلس قال الشيخ و لا يدخله خيار الشرط إجماعا و عندي فيه نظر و إن كان سلما دخله خيار المجلس و الشرط [- ب -] الرّهن لا يدخله خيار الشرط للمرتهن و في الراهن إشكال [- ج -] الصلح إن كان أبرأه كأن يقول لي ألف أبرأتك عن النصف و ارفع الباقي فلا خيار فيه و إن كان معاوضة لم يدخله خيار المجلس و الوجه عندي دخول خيار الشرط فيه [- د -] الهبة لا يدخلها خيار المجلس و الأقرب دخول خيار الشرط و كذا الضمان [- و -] الشفعة لا يدخلها الخيار [- ز -] المساقاة لا يدخلها خيار الشرط [- ح -] الإجارة لا يدخلها خيار الشرط دون خيار المجلس سواء كانت معيّنة أو مطلقة [- ط -] الوقف لا يدخله الخياران معا و كذا النكاح و الصدق يدخله خيار الشرط دون المجلس [- ى -] الطّلاق لا يدخله الخياران و كذا العتق و الخلع [- يا -] السّبق و الرماية لا يدخله خيار المجلس و يدخله خيار الشرط [- يب -] الكتابة المشروطة ليس للمولى فيها خيار المجلس و له خيار الشرط و للعيد الخياران و المطلقة لا خيار فيها لهما [- يج -] العقود

ص: 167

الجائزة كالشركة و المضاربة لا يدخلها الخياران معا فظهر أن خيار المجلس لا يدخل في شيء من العقود سوى البيع و خيار الشرط يثبت في كل عقد سوى النكاح و الوقف و الإبراء و الطّلاق و العتق [- يد -] خيار المجلس يبطل بالتفرّق و التخاير و التصرف و خيار الشرط بالتّصرف و لو مات صاحب الخيار ينقل إلى الوارث من أي أنواع الخيار كان سواء طالب بالفسخ قبل موته أو لا و لو جن قام وليّه مقامه و ليس له الاعتراض بعد زوال الغدر فيما فعل الولي و لو كان صاحب الخيار مملوكا فمات فالخيار للمولى سواء كان الشراء للعبد أو لأجنبي و شرط الخيار له على إشكال و لو جعل الخيار لأجنبيّ فمات فالوجه عدم سقوط الخيار بل ينقل إلى الوارث لا إلى المتعاقدين [- يه -] إذا تلف المبيع قبل القبض فهو من مال البائع و إن كان في مدّة الخيار و لو أتلفه المشتري فهو من ضمانه و يبطل خياره و الأقرب عدم بطلان خيار البائع و لو تلف بعد القبض و انقضاء الخيار فمن المشتري و إن كان في مدّة الخيار و فسخا البيع أو أحدهما سقط الثمن و وجبت القيمة على المشتري و إن اختار الإمضاء أو سكتا حتى مضت مدّة الخيار وجب الثمن [- يو -] لو تصرف المشتري في مدّة خياره تصرّفا يختصّ الملك كالعتق و الوطء و الوقف و الركوب و السكنى بطل خياره و كذا لو عرضه للبيع أو باعه بيعا فاسدا أو عرضه للرّهن أو وهبه فلم يقبل الموهوب أو استخدمه و لو ركب الدابة لينظر سيرها أو طحنها ليعرف قدره أو حلب الشاة ليعلم مقداره فقد قيل لا يبطل خياره و لو قبلت الجارية المشتري قال الشافعي لا يبطل خياره و الوجه بطلانه مع الرضا [- ين -] لا يبطل خيار البائع ببطلان خيار المشتري و لو تصرّف بما يفتقر إلى المملك كان فسخا [- يح -] لو أعتقه المشتري بطل خياره و الوجه عدم بطلان خيار البائع [- يط -] هل للمشتري وطء الجارية في مدّة الخيار المشترك أو خيار البائع الأقرب جوازه فلا مهر عليه و لا حدّ و ينعقد الولد حرا بغير قيمة قال الشيخ و لو فسخ البائع لزمه قيمة الولد و لو لم يكن ولد لزمه عشر قيمتها إن كانت بكرا أو نصف العشر و لا يبطل خيار البائع بوطء المشتري مع علمه و بدونه إلا مع رضاه و الوجه عندي أن البائع إذا فسخ رجع بالقيمة و لا يرجع بقيمة الولد و لا عقر عليه أما وطء البائع فالتحريم فيه قويّ إلا بعد الفسخ و معه ينفسخ العقد و لا حد عليه و إن علم بالتحريم و يحصل الفسخ بأوّل جزء من الوطء فيقع تمامه في الملك فلا حدّ و لا مهر و ينعقد الولد حرّا و لا قيمة له و الأمة أمّ ولد [- كا -] المبيع ينتقل بالعقد و للشيخ قول بانتقاله به و بانقضاء الخيار سواء كان لهما أو لأحدهما أيّهما كان [- كا -] النماء المتّصل المتجدّد تابع للمبيع إن فسخ تبعه و المنفصل للمشتري سواء أمضيا العقد أو فسخا [- كب -] إذا تلف المبيع في زمن الخيار قبل القبض انفسخ البيع و كان من ضمان البائع و إن كان بعد القبض و الخيار للبائع فالتلف من المشتري و لو كان بتفريط فالضمان على المفرط و يجب على المشتري فطرته في الخيار مع الشرائط [- كج -] لو اشترى أمّة حاملا فولدت عنده في مدّة الخيار ثم ردّها لزمه رد الولد أيضا [- كد -] تصرف أحد المتبايعين في مدة الخيار إما بنقل العين كالبيع أو بإشغالها كالإجارة و الرّهن و التزويج مبطل للخيار و الوجه صحّة تصرّفه سواء كان البائع أو المشتري على إشكال و لو تصرّف المشتري بإذن البائع أو البائع بوكالة المشتري صحّ التصرّف و انقطع خيارهما و لو أعتقه المشتري نفذ العتق و كذا لو أعتقه البائع في خياره على إشكال و ينفسخ البيع قطعا و لو أعتقه ثانيا زال الإشكال و لو اشترى جارية بعبد ثم أعتقهما معا نفذ عتق الجارية خاصّة و لو قدم عتق الأمة صحّ و بطل خياره و يبطل عتق العبد و لو قدم عتق العبد انفسخ البيع و صحّ العتق على إشكال و بطل عتق الأمة [- كه -] لا يكره نقد الثمن و قبض المبيع في مدّة الخيار [- لو -] ابتداء مدة خيار الشرط من حين العقد و قال الشيخ من حين التفرق و لو شرطاه من حين التفرّق بطل [- كز -] إذا شرطا الخيار إلى مدة لم يدخل تلك الغاية بكمالها فلو باعه بخيار إلى الليل لم يدخل الليل و لو شرطا إلى طلوع الشمس أو غروبها صحّ و لو شرطا إلى طلوعها من تحت السّحاب أو غروبها عنه بطل و لو شرط المؤامرة بأن يبيعه بشرط أن يستأمر فلانا أو يستشيره لذلك لم يكن له الرد حتى يستأمره قال الشيخ و ليس للاستيمار حد إلا أن يشترط مدّة معينة و يقوى عندي وجوب التعيين [- كح -] لصاحب الخيار الفسخ و إن كان غريمه غائبا و كذا فسخ المعيب و لو انقضت المدة و لم يفسخ أحدهما لزم العقد و بطل الخيار [- كط -] إذا قال أحد المتعاقدين لا خلابة جاز و له الخيار إن غبنه صاحبه و إلا فلا سواء خدعه أو لا و لو شرط الخيار في العقد حيلة على الانتفاع بالعرض ليأخذ غلته في مدة انتفاع المقترض بالثمن ثم يردّ بالخيار عند رد الثمن جاز و حلّ لآخذ الثمن الانتفاع به في مدّة الخيار [- ل -] إذا قال بعتك على أن تنقد لي الثمن بعد شهر و إلا فلا بيع بيننا صح البيع و لو باعه على أن يسلمه المبيع بعد شهر صحّ أيضا [- لا -] البيع منضما إلى شرط سائغ جائز ما لم يوجب تجهيل أحد العوضين فلو باعه جارية يشترط أن يطأها المشتري صح البيع [- لب -] لو باعه عبدين و شرط مدة الخيار في أحدهما معيّنا صحّ و إن آبهم بطل و

ص: 168

لكلّ منهما قسط من الثمن سواء عينه بأن يقول ثمن هذا ألف و الآخر الباقي أو لا [- لج -] إذا هلك المبيع في مدة الخيار بعد القبض لم ينقطع الخيار [- لد -] إذا اشترى اثنان بشرط أن الخيار لهما ثم أجاز أحدهما فالوجه جواز فسخ الآخر بخلاف ما لو ظهر معيبا و اختلفا [- له -] القول قول منكر الخيار و منكر الزيادة و مدعي التعيين إلا عند من جوّز تجهيله [- لو -] لا يقوم رؤية الوكيل في خيار الرؤية مقام رؤيته و لا يبطل خياره إذا لم يوكله في التزام البيع [- لز -] إذا جنى البائع في خيار المشتري لم يبطل خياره و إن كان مقبوضا [- لح -] إذا شرط الوكيل الخيار لموكّله صحّ و إن شرط لأجنبي لم يصحّ و الإطلاق ليس بجيّد بل إن كان وكيلا مطلقا صح و إلا فلا و لو شرط أحد المتعاقدين خيارا أزيد صح فإذا انقضت مدّة إلا قصر لزم من جهته دون الآخر

المقصد الرابع في الرّبا

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في ماهيته و تحريمه

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] الربا الزيادة لغة و في الشرع بيع أحد المتساويين جنسا بالآخر مع التفاضل قدرا مع شرائط تأتي و هو حرام بالنّص و الإجماع قال تعالى وَ أَحَلَّ اَللّٰهُ اَلْبَيْعَ وَ حَرَّمَ اَلرِّبٰا - اِتَّقُوا اَللّٰهَ وَ ذَرُوا مٰا بَقِيَ مِنَ اَلرِّبٰا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ - لاٰ تَأْكُلُوا اَلرِّبَوا أَضْعٰافاً مُضٰاعَفَةً و قال النبي عليه السّلام اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول اللّٰه ما هي قال الشرك باللّٰه و السحر و قتل النفس التي حرّم اللّٰه إلا بالحقّ و أكل الربا و أكل مال اليتيم و التولي يوم الزّحف و قذف المحصنات الغافلات المؤمنات و لعن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله الربا و آكله و بائعه و مشتريه و كاتبه و شاهدته و قال الصّادق عليه السّلام درهم ربا أشدّ من سبعين زينة كلها بذات محرم [- ب -] الربا ضربان ربوا الفضل كبيع درهم بدرهمين نقدا و ربوا النسيئة كبيع قفيز حنطة بقفيزين منها نسيئة و هو حرام بنوعيه إجماعا [- ج -] يثبت الربا بشرطين الكيل و الوزن و في العدد خلاف و اتفاق الثمن و المثمن في الجنس و لا يجزئ ربا الفضل إلا في الجنس الواحد و إنما يثبت الربا بالنّص و لم ينص الشّارع على العلّة فيه عندنا

الفصل الثاني في الجنس

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] كل شيئين تناولهما لفظ واحد فهما متحدان كالحنطة بمثلها و الأرز بمثله فإن كان مكيلا أو موزونا جاز بيع المتجانس وزنا بوزن نقدا و لا يجوز مع زيادة و لا أسلاف أحدهما في الآخر و لا يشترط التقابض إلا في الصرف و لو اختلفا جاز التفاضل نقدا إجماعا و في النسيئة خلاف [- ب -] قال الشيخ الحنطة و الشعير جنس واحد و قال ابن عقيل و باقي علمائنا إنهما جنسان و الأوّل أقرب [- ج -] التمور كلها جنس واحد و إن اختلف أصنافه كالبرني و المعقلي و غيرها من الأدقال و الأنواع إجماعا و كذا الرطب كله جنس واحد و هو مع التمر جنس واحد فلا يجوز بيع التمر البرني بالمعقلي و غيره من الأصناف متفاضلا [- د -] العنب كله جنس واحد و إن اختلفت أصنافه و كذا الزّبيب [- ه -] اللجمان أجناس مختلفة فلحم الإبل جنس واحد عرابها و نجائبها و لحم البقر العراب و الجواميس جنس بانفراده و لحم المعز و الضأن جنس واحد فيجوز بيع لحم الإبل بلحم الغنم متفاضلا و الوحوش أصناف فلحم البقر الوحشي جنس بانفراده و كذا الظباء و الكباش جنسان يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا و الوحشي من كل جنس مخالف لأهلية فبقر الوحش مخالف للبقر الإنسي [- و -] الطيور أصناف و كل ما انفرد منها باسم وصفه فهو صنف فلحم الكراكي و لحم الحبارى و لحم الحجل و لحم الفواخت و لحم القماري و لحم الدّجاج و لحم القطا و لحم العصافير أجناس مختلفة يجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا و بجنسه متماثلا [- ن -] الحيتان كل ما اختصّ باسم و صفة فهو صنف مخالف للصنف الآخر و قوى الشيخ رحمه اللّٰه كون الحيتان جنسا واحدا و لا يدخل في اللحمان [- ح -] الشحم و اللحم جنسان يجوز التفاضل فيهما نقدا [- ط -] الألبان تتبع اختلاف ما تتخذ منه فلبن الغنم ضأنها و ماعزها جنس بانفراده و لبن البقر العراب و الجواميس جنس و لبن الإبل عرابها و بخاتيها جنس و بالجملة فاللبن تابع [- ى -] الخلول تابعة لأصولها فخلّ العنب جنس بانفراده و خل التمر جنس بانفراده يباع أحدهما بالآخر متفاضلا [- يا -] الأدهان أجناس مختلفة فدهن الشيرج جنس بانفراده و دهن الجوز جنس و دهن اللوز جنس بانفراده و أقسامه أربعة ما يتخذ للأكل كالزيت و الشيرج و للدواء كدهن الخروع و اللّوز المرّ و للطّيب كدهن البنفسج و الورد و لا للطّيب و لا الدواء كالبزر و دهن السمك و يجري الرّبا في جميع ذلك و يجوز بيع الشيرج بمثله متماثلا نقدا و بيع زيت الزّيتون بزيت الفجل متفاضلا [- يب -] كل شيء يتّبع أصله فلو كان شيئان من أصلين فهما جنسان كدبس التمر و دبس العنب و كل شيئين أصلهما واحد فهما جنس واحد و الذهب و الفضة جنسان [- يج -] الربا يجري في لحم الطير [- يد -] كل شيء مع أصله جنس واحد كدقيق الحنطة معها و السمن و اللبن لا يجوز التفاضل فيهما نقدا و لا نسية فيجوز بيع الحنطة بالدقيق متماثلا نقدا لا نسيئة و كذا يجوز بيع الحنطة بالخبز متماثلا نقدا لا نسيئة و التفاضل فيهما لا يجوز

ص: 169

نقدا و لا نسيئة و كذا ما يتخذ من الحنطة كالهريسة و شبهها و يجوز بيع بعض فروع الحنطة بعضها متماثلا نقدا لا نسية و لا يجوز التفاضل نقدا و لا نسيئة و لا يشترط تساويهما في النعومة و يجوز بيع الدقيق بالسويق متماثلا نقدا و لا يجوز نسيئة و لا متفاضلا مطلقا و يجوز بيع الخبز بمثله مع تساويهما في الأصل و لو اختلفا جاز التفاضل كخبز الحنطة بخبز الذرّة سواء كان أحدهما رطبا أو يابسا و يعتبر التساوي وزنا فيه و لا يجوز عددا و لا التفاضل فيه [- يه -] الجيد و الرّديء من كلّ جنس متساويان لا يجوز التفاضل بينهما نقدا و لا نسية فيباع الفضة المصوغة بالمكسرة مع تساويهما وزنا [- يو -] اختلف علماؤنا في بيع اللحم بالحيوان من جنسه مع العلم بقدر اللحم فالأقرب جوازه و منع الشيخ رحمه اللّٰه تعويلا على رواية ضعيفة السند قاصرة عن إفادة المطلوب و نص على جواز بيعه بغير جنسه [- ين -] لو باعه بحيوان غير مأكول اللحم جاز إجماعا و يجوز بيع المطبوخ بمثله و كذا المشوي و بالمطبوخ و بالعكس و لا يشترط في بيع اللحم بمثله نزع العظام [- يح -] العسل الشهد و هو الذي فيه الشمع يجوز بيعه بمثله متساويا و المصفّى بمثله متساويا سواء صفي بالشمس أو بالنار [- يط -] يجوز بيع الحيوان بالحيوان تساويا عددا أو اختلفا سواء كانا صحيحين أو كسيرين أو أحدهما [- ك -] الطين الذي يأكله الناس يحرم بيعه و أكله و الماء لا ربا فيه و العقاقير كالإهليلج و السقمونيا يثبت فيها الرّبا و كذا طين التداوي كالأرمني و شبهه

الفصل الثّالث في الكيل و الوزن

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يثبت الربا في كل مكيل أو موزون مع اتفاق الجنس و في المعدود قولان و الشيخ لم يثبت فيه الربا مع التفاضل عددا و أثبته المفيد و الأول أقوى [- ب -] كل ما كان جنسه مكيلا أو موزونا حرم فيه التفاضل و إن تعذّر فيه ذلك إما لقلته كالحبة من الحنطة و ما دون الأرزة من الذّهب أو لكثرته كالزبرة العظيمة و لا فرق في ذلك بين المكيل و الموزون [- ج -] المصنوع من الموزون إن خرج من الصنعة عن اعتبار الوزن جاز التفاضل فيه كالثوب بالثوبين و إلا فلا [- د -] إنما يحرم التفاضل في المكيل و الموزون مع اتحاد الجنس فلو اختلفا جاز متفاضلا نقدا و في النّسيئة للشيخ قولان و الأقرب عندي المنع و لو كان أحد العوضين ثمنا جاز إجماعا [- ه -] ما لا يدخله الكيل و لا الوزن يجوز التفاضل فيه نقدا مع اتحاد الجنس و في النسيئة للشيخ قولان أقربهما عندي الكراهية و الأفضل أن يذكر كل واحد منهما بثمنه [- و -] اختلف علماؤنا في بيع الرطب بالتمر متساويا نقدا مع اتفاقهم على المنع منه نسيئة و متفاضلا مطلقا فجوّزه بعض و منعه آخرون و هو الأقوى و هل تطرد العلة في كل رطب مع يابسه حتى لا يجوز بيع العنب بالزبيب و إن تساويا و كذا الحنطة المبلولة باليابسة و التين الرطب باليابس و اللبن بالجبن الأقرب عندي ذلك لقول الصادق عليه السّلام في الرواية الصّحيحة لا يصلح التمر اليابس بالرطب من أجل أن اليابس يابس و الرطب رطب فإذا يبس نقص أما الرّطب بالرّطب و العنب بالعنب فيجوز متماثلا قطعا و كذا الحديث بالعتيق [- ن -] يجوز بيع العصير بالبختج متساويا نقدا و لا يجوز نسيئة مطلقا و العصير ماء العنب الذي لم تمسّه النار و البنحتج ما مسّته النار [- ح -] لا يجوز بيع ما يكال أو يوزن جزافا تساويا في الجنس أو اختلفا و لا المكيل بالكيل وزنا مع تساويهما جنسا و لا الموزون كيلا و لو كان المعدود يتعذّر عدّه أو الموزون متعذر وزنه لكثرته جاز أن يكال فيه مكيال ثم يعد أو يوزن و يؤخذ الباقي بحسابه [- ط -] يجوز قيمة المكيل وزنا و بالعكس و جزافا فيهما و قيمة الثمار خرصا و قيمة ما لا يجوز بيع بعضه ببعض [- ى -] الاعتبار في الكيل و الوزن بعادة الشرع فما يثبت أنه مكيل أو موزون في عصره عليه السلام في الحجاز عمل عليه و لا التفات حينئذ إلى البلدان و لو جهل حاله بالحجاز فلكل بلد حكم نفسه إذا عرف حاله في زمنه عليه السلام و ما لم يعرف حاله أصلا رجع فيه إلى عادة البلد و لو اختلف البلد أن فلكل بلد حكم نفسه و قيل يغلب فيه التقدير و المكيل يباع بغير جنسه وزنا و لو بيع بجنسه فالأقرب جوازه إن علمت المساواة أو غلب على الظن و إلا فلا و الموزون لا يباع بالكيل إلا مع العجز عن وزنه و لو كان في حكم الجنس الواحد و أحدهما مكيل كالحنطة و الآخر موزون كالدقيق جاز بيع أحدهما بالآخر وزنا و في الكيل إشكال و الأحوط الوزن [- يا -] إنما يحرم التفاضل مع اتحاد الجنس فلو ضمّ مع النّاقص من غير الجنس و باعهما بالفاضل كما لو باع مدّ عجوة و درهما بمدّ و درهمين أو بدرهمين أو بمدّين أو بدرهم و مدّين أو بمدّين و درهمين و كذا يخلص من الرّبا بأن يبيع الناقصة بجنس آخر ثم يشتري الزيادة بذلك الجنس أو يهب الناقصة و يستوهب الزيادة أو يستوهب الزيادة و يتبايعا في المثلين و لو باع نوعين مختلفي القيمة من جنس بنوع واحد من ذلك الجنس كدينار صحيح و آخر مكسر بصحيحين أو مكسرين جاز مع التساوي وزنا و لا يشترط تساوي القيمة

ص: 170

و لو باع ما لا ربا فيه مع ما فيه الربا غير مقصود بذلك الجنس جاز كالدار المموّهة بالذهب به و لو اشترى عبدا له مال و اشترطه بجنسه و هو ربوي بطل إن ساواه الثمن أو قصر و لو اشترى شاة ذات لبن بلبن أو عليها صوف بصوف أو خالية من لبن بذات لبن جاز سواء كانت الشاة مذكاة أو حيّة [- يب -] إذا باع الرّبوي بجنسه و مع كلّ واحد منهما من غير الجنس مما ليس بمقصود فإن كان يسيرا كحبات الشعير في الحنطة لم يمنع تحريم التفاضل و إن كان كثير المصلحة المقصود كالماء في الخل فهذا لا يمنع من بيعه بمثله و بالخالي و إن كان لغير مصلحته كالماء المشوب باللبن و الأثمان المغشوشة ففي جواز بيع بعضها ببعض إشكال و الأقرب تحريم التفاضل مع بقاء الاسم و إلا فلا و لو باعه بجنس غير المقصود كما لو باع الدّينار المغشوش بالفضّة بالدراهم فإنّه يجوز إن كان الثمن أكثر و لو باع الدينار المغشوش بمثله و الغش فيهما متفاوت أو غير معلوم المقدار جاز و يجوز بيع مكوك من الحنطة بمكوك و في أحدهما عقد التبن أو شيلم

الفصل الرّابع في الأحكام

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] إذا باع الرّبوي بجنسه متماثلا أو بغيره متفاضلا لم يجب القبض قبل التفرق إلا في الصّرف فلو تفرّقا قبل التقابض في غيره لم يبطل البيع [- ب -] الربا يحرم بين المسلمين في دار الإسلام و دار الحرب [- ج -] يثبت الربا بين المسلم و الذّمي قاله الشيخ رحمه اللّٰه و قال المفيد و المرتضى و ابن بابويه رحمهم اللّٰه لا يثبت و أجمعنا على انتفائه بين المسلم و أهل الحرب [- د -] لا ربا بين الولد و والده لأن مال الولد في حكم مال الوالد و لا بين السّيد و عبده المختص و لا بين الرّجل و زوجته و لو كان العبد مشتركا يثبت الربا بينه و بين كل واحد من مواليه [- ه -] كل من قلنا بانتفاء الربا بينه و بين غير فإنّ لكلّ منهما أن يأخذ الفضل و يعطيه إلا أهل الحرب فإنا نأخذ الفضل و لا نعطيهم إياه [- و -] من فعل الربا متعمدا أثم و وجب عليه ردّه إلى صاحبه و لو لم يعرفه تصدّق به عنه و لو عرفه دون المقدار صالحه و لو جهلهما معا أخرج خمسه على مستحقّيه و حلّ الباقي و لو فعله جاهلا لم يأثم و يجب الاستغفار مع العلم و يجب عليه رد الربا إلى مالكه قاله ابن إدريس و منعه الشيخ رحمه اللّٰه لأحاديث صحيحة لكن قول ابن إدريس لا يخلو عن قوة

الفصل الخامس في الصرف

و فيه [- كه -] بحثا [- ا -] الصرف بيع الأثمان بعضها ببعض و هو جائز بالنّص و الإجماع و يشترط فيه التقابض في المجالس بلا خلاف فلو تفرقا قبله بطل و لو تقابضا البعض صحّ فيه خاصّة و لو فارقا المجلس مصطحبين و تقابضا قبل التفرق صح و لا يشترط التقابض في الحال فلو طال مقامهما في المجلس و اصطحبا بهما ثم تقابضا صحّ و لو وكل أحدهما في القبض فقبض الوكيل قبل تفرقهما صح سواء فارق الوكيل المجلس قبل القبض أو لا و لو افترقا قبل قبض الوكيل بطل [- ب -] لو تخايرا في المجلس فقال أحدهما لصاحبه اختر إمضاء البيع أو فسخه لم يبطل البيع [- ج -] لو اشترى دينارا بعشرة فدفع خمسة صحّ في نصف الدّينار و لو استعار الخمسة قرضا و دفعها عن باقي الثمن قبل التفرق صح و لو أعطاه أكثر من عشرة ليزن له حقه بعد وقت صحّ و إن تأخر الوزن و يكون الزائد أمانة يضمنه مع التفريط خاصة و لو أخذ منه دراهم و أعطاه دنانير و أكثر من قيمة الدراهم أو مثلها أو أخذ منه دنانير و أعطاه الدراهم مثل ماله أو أكثر من ذلك و ساعره كان جائزا و إن لم يوازنه و يناقده في الحال لأن ذلك في حكم الوزن و النقد و لو أعطاه أقل صح فيه خاصة و الأحوط أن يوازنه و يناقده في الحال أو يجدد العقد في حال الوزن و النقد [- د -] لو كان لإنسان على صيرفي دراهم أو دنانير فيقول له حول الدنانير إلى الدراهم أو الدراهم إلى الدنانير و ساعره جاز و إن لم يوازنه في الحال و لا يناقده لأن النقدين من عنده قاله الشيخ رحمه اللّٰه و قال ابن إدريس إن تفرقا قبل التقابض بطل و لو كان لإنسان على غيره دراهم جاز أن يأخذ بها دنانير و كذا العكس و لو تغيرت الأسعار كان له بسعر يوم قبض الدراهم دون يوم المحاسبة إذا لم يكن قد ساعره و لو كان له عنده دينار وديعة فصارفه و هو معلوم البقاء أو مظنونه صحّ الصّرف و لو ظنّ العدم بطل و لو شك فيه فالأقرب الصحّة إلا أن يعلم أنه كان تالفا و لو اشترى منه دراهم ثم ابتاع بها دنانير قبل قبض الدراهم لم يصحّ الثاني و لو افترقا بطل العقدان [- ه -] يحرم التفاضل في الجنس الواحد و إن انضم إلى أحدهما زيادة صنعة فلو اشترا خلخالا وزنه مائة و قيمته صنعته عشرة بأزيد من مائة بطل و يستوي في وجوب المساواة المصوغ و المكسور و الجيد و الرديء و التبر و المضروب و لو كان في الفضة غش لم يبع بالفضّة و كذا الذهب المغشوش لا يباع بالذّهب و لو كان الغش معلوما جاز بيعه بجنسه مع زيادة تقابل الغش و لو باع للمغشوش بوزنه خالصا لم استبعده [- و -] تراب معدن الذهب لا يباع بالذّهب و تراب معدن الفضّة لا يباع بها و جوهر الذهب و الفضّة يباع بهما معا أو بما يغايرهما و يجوز بيع الرصاص بالفضّة و الصّفر بالذّهب و إن كان فيهما فضّة أو ذهب [- ز -] لا يجوز بيع

ص: 171

تراب الصياغة فإن بيع ردّ إلى أرباب التراب فإن لم يعلموا تصدق به عنهم [- ح -] الدراهم المغشوشة إذا كانت معلومة الصرف جاز إخراجها و لو كانت مجهولة الصرف وجب الإعلام [- ط -] الأواني المصوغة من الجوهرين إن علم مقدار كل واحد جاز بيعه بجنسه مماثلا و بعيره مطلقا و إن لم يعلم و أمكن التخليص لم تبع بأحدهما و بيعت بهما أو بغيرهما و إن تعذرت بيعت بالأقلّ و لو تساويا تغليبا بيعت بهما [- ى -] السيوف المحلاّة و المراكب المحلاة إن علم مقدار الحلية بيعت بهما مع زيادة الثمن أو بغير الجنس مطلقا و إن لم يعلم و تعذّر نزعها بيعت بغير الجنس أو به مع غيره [- يا -] لو باعه درهما بدرهم و شرط عليه صياغة خاتم جاز و لا يتعدى الحكم و لو قال صغ لي خاتما وزنه درهم و أعطيك درهمين من غير بيع جاز [- يب -] الذّهب و الفضّة يتعينان أثمانا فلو اشترى ذهبا بذهب أو فضة بفضّة و كانا معينين ثم وجد أحدهما فيما قبضه عيبا بطل الصرف إن كان من غير الجنس و إلا تخير المشتري بين الإمساك و فسخ العقد و ليس له الإبدال و لو كان العيب في البعض و كان من غير الجنس بطل فيه خاصة و له رد الجميع و أخذ الجيّد بحصّته دون الإبدال و لو كان منه كان له رد الجميع و إمساكه و ليس له رد المعيب وحده و لا إبداله و لو أراد أخذ أرش المعيب فإن اتحد العوضان لم يجز و لو اختلفا فله الأرش في المجلس فلو فارقاه لم يجز أن يأخذ من الأثمان و يجوز من غيرها و يجوز الردّ و إن نقصت قيمة ما أخذه من النقد عن قيمته يوم الصّرف أو زادت و لو تلف العوض بعد القبض ثم علم العيب و كان التالف المعيب لم يكن له الفسخ و إن كان الباقي و فسخ البيع ردّه و أخذ قيمة التالف و على التقديرين لا أرش إن اتخذا أو فارقا المجلس [- يج -] لو عرفا وزن العوضين جاز البيع بغير وزن و كذا لو عرفه أحدهما و أخبر به الآخر فلو وجد ما أخذه ناقصا بعد التفرق بطل و لو كان زائدا و قال بعتك هذا الدّينار بهذا الدّينار بطل و إن قال بعتك دينارا بدينار صح و كان الزائد أمانة فإن أراد دفع عوضه مع رضا صاحبه جاز بجنسه و بغيره و لو أراد أحدهما الفسخ كان له ذلك [- يد -] لو تصارفا و كانا غير معنيين ثم تقابضا في المجلس صحّ الصرف و إن كانت العينان غائبتين يشرط قبضهما في المجلس فلو وجد القابض عيبا فله المطالبة بالبدل قبل التفرّق سواء كان العيب من جنسه أو من غيره و لو كان العيب من جنسه و رضيه جاز و لو طلب الأرش لم يجز مع اتحاد العوضية و يجوز مع عدمه و لو افترقا بعد القبض ثم وجد العيب من جنسه قال الشيخ له الإبدال و لو كان من غير الجنس بطل الصرف و لو كان البعض صحّ في السليم خاصّة و لو طلب أخذ المعيب الفسخ فعلى قول الشيخ ينبغي أنه ليس له مع الإبدال [- يه -] من شرط المصارفة في الذمة العلم بالعوضين إما بصفة يتميزان بها أو بأن يكون للبلد نقد غالب أو معلوم فيصرف إليه الإطلاق و لو قال بعتك دينارا مصريا بعشرين من نقد عشرة بدينار لم يصحّ إلا أن لا يكون في البلد نقد عشرة بدينار سوى واحد [- يو -] لو كان لرجل في ذمّة آخر ذهب و للآخر دراهم فاصطرفا بما في الذمم لم يصحّ و لو كان لرجل عليه دنانير فقضاه دراهم على التفريق فإن كان يعطيه كل درهم بحسابه من الدّينار صح و إلا فإن صارفه بها وقت المحاسبة لم يصح و لو تباريا صحّ و لو قبض أحدهما ماله ثم صارفه بما في ذمته صحّ و لو أعطاه لا على جهة القضاء فأحضرها و قوماها احتسب بقيمتها يوم القضاء لا يوم الدفع فلو بلغت أو نقصت حينئذ فهي من ضمان المالك و لو قبضها القابض بنية الاستيفاء فالوجه أنه يضمنها [- ين -] يجوز اقتضاء أحد النقدين من الآخر و يكون صرفا بعين و ذمّة فلو كان المقضي الذي في الذّمة مؤجلا جاز و كذا لو كان حالا و لو كان لرجل عشرة دراهم فدفع إليه دينارا و قال استوف حقّك منه فاستوفاه بعد يومين جاز و لو كان عليه دراهم فوكل غريمه في بيع داره و استيفاء حقّه منها فباعها بذهب لم يكن له أن يأخذ منها قدر حقّه و لو باع جارية بدنانير فأخذ بها دراهم ثم ردت الجارية بعيب أو إقالة لم يكن للمشتري إلا الدنانير [- يح -] لو قال لغيره اشتر دراهم بدنانير بشركتي و انقد عني الثمن فاشتراها و نقد عنه الثمن وجب عليه قضاء ما نقده عنه و يجوز أن يشتري أحدهما نصيب الآخر بزيادة أو نقصان [- يط -] لو كان له على غيره دراهم جاز أن يبيعه إيّاها بدنانير معيّنة و بالعكس و يقبضها قبل التفرق و كذا لو كانت غير معيّنة و قول ابن إدريس بالمنع ضعيف [- ك -] السيوف المحلاة أو المراكب المحلاة يجوز بيعها بجنس الحلية مع معرفة المقدار و زيادة الثمن على ما في الحلية نقدا و لا يجوز نسيئة فإن باعه نسيئة وجب أن ينقد بقدر ما في الحلية [- كا -] قال الشيخ لا يجوز أن يبيعه متاعا بدينار غير درهم لأن التقدير استثناء قيمة الدّرهم من الدّينار فيحصل الجهالة و الوجه الصّحة على تقدير معرفة قيمة الدّرهم من الدّينار أما لو كان الثمن مؤجلا فالوجه ما قاله الشيخ رحمه اللّٰه مطلقا و ابن الجنيد فصّل ذلك فجوّزه في الحاضر و منعه في النّسيئة و به دلّ الحديث

ص: 172

و هكذا كل ما اختلف فيه المستثنى من المستثنى منه [- كب -] إذا اقترض دراهم ثمّ سقطت لم يكن عليه إلا تلك الدراهم بعينها أو سعرها يوم اقترضها لا المتعامل بها وقت سقوط الأولى و رواية يونس عن الكاظم عليه السّلام ضعيفة السند [- كج -] يجوز أن يعطي عشرة دراهم أو دنانير و يشترط عليه أن ينقدها إياه بأرض أخرى مثلها في العدد أو الوزن من غير تفاضل قرضا لا بيعا و لو اقترض عددا و أعطاه وزنا أو بالعكس أو أعطاه أكثر في الوصف أو القدر من غير شرط جاز و يحرم لو شرط و يجوز إسقاط بعض المؤجل لتعجيل الباقي و لا يجوز لتأخير الحال بزيادة فيه و لو اشترى من غيره عشرين درهما بدينار فقال له رجل ولّني نصفها بنصف الثمن صح و لو قال له اشتر عشرين درهما نقرة بدينار لنفسك ثم ولّني نصفها بنصف الثمن لم يجز قال الشيخ و لو قال رجل لصائغ صغ لي خاتما من فضّة لأعطيك وزنه فضة و أجرتك للصياغة فعمل الصّائغ ذلك لم يصح فإذا صاغه و أراد أن يشتريه مستأنفا بغير جنسه كيف شاء أو بجنسه مثل وزنه جاز [- كد -] الحيل إذا توصّل بها إلى المباح مباحة كمن يقترض خمسة عشر مكسرة و يقرض عشرة صحاحا و يتبارءان أو يشتري المثل و يستوهب الزيادة أو يضم إلى النّاقص ما يقل قيمته من غير الجنس و لو توصل بها إلى المحرم كان حراما و تتم الحيلة كمن تحمل ولدها على الزنا بامرأة ليحرمها على أبيه [- كه -] لو باعه بنصف دينار كان له شق دينار و لا يلزمه صحيح إلا أن يريد نصف المثقال و لو اشترى شقا آخر منه بنصف دينار لزمه شق و لا يلزمه صحيح عنهما و لو شرط في الثّاني أن يعطيه صحيحا قال الشيخ إن كان الأوّل قد لزم صحّ و بطل الثاني و إن كان الخيار باقيا بطلا معا و الوجه عندي الصّحة فيهما على التقديرين

المقصد الخامس في أحكام العقود

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في النّقد و النّسيئة

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] إطلاق العقد أو اشتراط التعجيل يقتضي تعجيل الثمن و لو شرط التأخير كان نسيئة و يجب كون المدة مضبوطة من احتمال الزيادة و النقصان و لو لم يعيّن أجلا أو ذكره و كان محتملا لهما كقدوم الحاج و إدراك الغلات بطل البيع [- ب -] لو باعه بنقدين بأحدهما حالا و بأزيد مؤجلا قال الشيخ كان له أقل الثمنين في أبعد الأجلين و الوجه عندي البطلان و لو باعه بثمنين إلى أجلين بأن يقول بعتك بدينار إلى شهر و بدينارين إلى شهرين بطل قولا واحدا و لو قال إن خطته اليوم فلك درهم و إن خطته غدا فنصف احتمل الصحّة بخلاف البيع [- ج -] لو باعه بثمن مؤجل إلى سنة و منعه البائع حتى خرجت كان له أخذ الثمن و لا أجل له بعد سنة [- د -] من باع نسيئة جاز أن يشتريه منه نقدا بأقل مما باعه إذا لم يشترط ذلك في العقد و يجوز بيعه بمثل الثمن الذي وقع عليه العقد و أكثر حالا و مؤجلا إذا لم يشترط و لم يكن قد حلّ و لو حل فابتاعه بالجنس من غير زيادة جاز و كذلك بغيره مطلقا و في جوازه بالجنس مع زيادة أو نقيصة قولان أقربهما الجواز و لو تغيرت السّلعة عن حالة البيع كالهزال أو نسيان الصنعة أو تمزيق الثوب جاز شراؤه بما شاء إجماعا و لو اشتراها بعرض أو كان بيعها الأوّل بعرض فاشتراها بنقد جاز أيضا [- ه -] يجوز البيع نقدا و نسيئة معا و أن يكون ما يبيعه بالنسيئة أكثر ثمنا مما لو باعه نقدا إذا عرف المتبايعان القيمة من غير كراهية [- و -] العينة جائز و قال صاحب الصحاح هي السّلف و قال بعض الفقهاء هو أن يشتري السّلعة ثم إذا جاء الأجل باعها على بائعها بمثل الثمن أو أزيد [- ز -] لو باع سلعة بنقد ثم اشتراها بأكثر منه نسيئة لم يكن به بأس سواء تغيرت السّلعة أو لا [- ح -] لا يجب على من اشترى نسيئة دفع الثمن قبل الأجل و لو تبرع قبله لم يجب على البائع قبوله و لو حلّ فمكّنه منه وجب على البائع قبضه و لو امتنع ثم هلك من غير تفريط و لا تصرف من المشتري كان من مال البائع و كذا الحكم في طرف البائع و لو باع سلما و كذا كل من عليه حقّ حال أو مؤجل فحل ثم دفعه و امتنع صاحبه من أخذه فإن تلفه من صاحبه قاله الشيخ رحمه اللّٰه و قال ابن إدريس يرفع من عليه الحقّ أمره إلى الحاكم ليطالبه بالقبض أو الإبراء فإن لم يفعل تسلّمه الحاكم و جعله في بيت المال و ليس للحاكم إجباره على القبض أو الإبراء بل يأخذه و يحفظه مع الامتناع من أحد الأمرين [- ط -] كل شيء يمكن تحصيله وقت العقد صحّ بيعه نقدا و إن لم يكن عند البائع و إن لم يكن ممكن الحصول لم يجز بيعه حالا

الفصل الثّاني فيما يدخل في المبيع

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] من باع شيئا دخل فيه ما يتضمنه اسمه لغة أو عرفا فيدخل في البستان الأرض و الشجر و البنيان و لو باعه شجرا أو نخلا لم يدخل الأرض و إن افتقرت إليها إلا بالشرط [- ب -] إذا باعه أرضا فيها بناء و غرس فإن قال بحقوقها قال الشيخ يدخلان و عندي فيه نظر و لو قال و ما أغلق عليه بابها دخلا قطعا و لو لم يقل بحقوقها لم يدخلا و لو كان فيها زرع لم يدخل إلا أن يقول و ما أغلق عليه بابه أو يشترط لفظا فإن كان مما يحصل مرّة كالحنطة و الشعير من البارزة و الفجل و البصل من المستترة دخل في المبيع بالشرط سواء كان فصيلا أو

ص: 173

أو حصيدا أو قائما معلوما أو مجهولا و لو لم يشترطه كان للبائع و له التبقية بغير أجرة إلى حين الحصار و لو حصده قبل وقته ليزرعها غيره لم يملك الانتفاع بها و لو بقيت العروق لم يجب على البائع إزالتها إذا لم تضرّ بالأرض كالحنطة و لو كانت مضرّة بها كالقطن و الذّرة وجب إزالتها و عليه تسوية الأرض إذا نقل العروق و إن كان مما يحصد مرة بعد أخرى كالقت و النعناع فإن كان مجزوزا قال الشيخ يدخل الأصول و الأقرب عندي عدمه و لو لم يكن مجزورا فالجزة الأولى للبائع و الباقي للمشتري عند الشيخ و لو اشترطه دخل قطعا و لو كان ممّا يتكرّر ثمرته كالقثاء و الخيار لم يدخل [- ج -] لو باعه أرضا و فيها نذور و كان الأصل يبقى لحمل بعد حمل كالقتّ و الكراث مما يجز دفعة بعد أخرى قال الشيخ يكون للمشتري و كذا لو غرس و باع الأرض قبل أن يرسخ عروقه و الأقرب عندي عدم دخوله و إن كان مما يحصد واحدة كالحنطة لم يدخل و يتخير المشتري مع عدمه علمه بالبذر بين الرد و الأخذ بالجميع و لو نقله البائع في مدّة يسيرة فلا خيار و لو اشتراه مع الأرض فالوجه الصّحة و هو اختيار الشيخ لأن جهالة المبيع لا تؤثر في الصحة كاللّبن في الضّرع مع الشاة و أساسات الحيطان [- د -] لو اشترى نخلة فيها طلع فإن كانت مؤبّرة فهي للبائع و يتخير المشتري إن لم يعلم بالتأبير و لا خيار لو تركها البائع و لا يبطل الخيار بقطعها في الحال و إن لم تكن مؤبرة فهي للمشتري و لو اشترى أرضا فيها بذر للبائع أو شجرا فيه ثمر للبائع و ظن المشتري أن الزّرع أو الثمرة له فليس له الخيار و لو باعه نخلا يستحق ثمرته غير التابع سنة فما زاد كان للمشتري الرد أن جهله لا الأرش كما لو باعه دارا يستحق سكناها غير البائع [- ه -] لو باعه قرية دخلت البيوت دون المزارع إلا بالتنصيص أو بالقرينة كما لو ساومه عليها مع المزارع و اتفقا على ثمن ثم اشتراها به [- و -] لو باعه دارا بحقوقها تناول البيع الأرض و البناء و لو كان فيها نخل أو شجر و قال بحقوقها قال الشيخ يدخل و عندي فيه إشكال و يدخل من البنيان و الحيطان و السقوف و الدّرجة المعقودة و الأعلى و الأسفل إلا أن يستقل الأعلى أو الأسفل بالسكنى عادة فلا يدخل إلا بالشرط و يدخل في الدار ما هو متصل بها من مصالحها كالأبواب المنصوبة و الخوابي المدفونة و الرفوف المستمرة و الأوتاد المثبتة و الأغلاق في الأبواب المنصوبة و السّلم المثبت و بئر الماء و الآجر و الماء فيها قال الشيخ و يدخل فيهما الرحى المنصوبة و عندي فيه نظر و لا يدخل ما هو متصل بها مما ليس من مصالحها كالأحجار المدفونة و الكنوز المودعة و هل يدخل المفتاح الأقرب نعم و لو استثنى البائع نخلة كان له الممر إليها و الخروج منها و مدى جرائدها من الأرض [- ن -] لو باعه أرضا فيها حجارة فإن كانت مخلوقة فيها دخلت و لا يتخير المشتري إن لم يضرّ بالغرس و لا بالزرع أو علم بها و لو جهل مع ضرر أحدهما تخير بين الردّ و الإمساك قال الشيخ و لا أرش له و عندي فيه نظر و إن كانت مبنية كالأساسات و الدكة المبنية دخلت و إن كانت مودعة للنقل و التحويل لم يدخل و للبائع نقلها و للمشتري مطالبته به في الحال و عليه تسوية الأرض و ليس للمشتري أجرة عن زمان النقل و إن كان طويلا مع علمه و لو جهل الحجارة أو ضررها فهو عيب يثبت له الخيار إلا أن ينقلها البائع في زمان يسير من غير ضرر و كذا لو غصب المبيع من يد البائع فاستخلصه في الزمان اليسير و لو طال زمان النقل تخير المشتري بين الردّ و الأخذ بالثمن أجمع و لا أجرة له قال الشيخ و لو لم تضر كان للبائع نقلها أيضا و يتخير المشتري إن طال الزمان و لو تركها لم يتخير المشتري و لا ينقل ملكها إليه و لو كانت الأرض ذات شجر و كان ترك الحجارة و قلعها لا يضرّان فهي كالأرض البيضاء إذا كان فيها حجارة لا يضرّ بقاؤها الزرع و إن كان تركها يضر و قلعها لا يضر فكالبيضاء و إن كانا يضران فلا خيار للمشتري مع علمه و للبائع نقل الحجارة و للمشتري مطالبته به و لا أرش له و لا أرش له و لا أجرة و إن كان جاهلا بالحجارة أو الضرر تخير بين الردّ و لا بحث و بين الإمساك فللبائع نقلها و عليه التسوية و أما أرش النقص بقطع العروق قال الشيخ لا يجب قبل القبض و لا بعده و إن كان تركها لا يضر و أراد البائع قلعها تخير المشتري و لو علم المشتري بالحجارة بعد الغرس فلا خيار له لتصرّفه و لو كان الترك و القلع يضران فللبائع القلع و للمشتري المطالبة به و على البائع أرش النقص و إن كان قلعها يضرّ و و تركها لا يضرّ و رضي بتركها فلا خيار للمشتري و إن أراد قلعها كان ذلك له و له تسوية الأرض و أرش نقص الشجر [- ح -] إذا باع أرضا فيها معدن دخل في المبيع و لو لم يعلم به البائع تخير إن ملكها بالإحياء و إن ملكها بالبيع احتمل عدم الخيار لأن الحق لغيره و احتمل ثبوته كما لو اشترى معيبا ثم باعه و لم يعلم بعيبه فإنه يستحق الأرش [- ط -] لو اشترى أرضا فيها بئرا و عين مستنبطة دخلت في البيع و كذا يدخل الماء المحقون فيهما و كذا العيون الجارية في الأملاك يدخل في بيعها و المياه الجارية إذا كانت نابعة في

ص: 174

في غير ملك لم يملك إلا بالإحازة في الإناء و شبهه و لو دخلت إلى أرض رجل لم يملكها إلا أن يجعل لها مستقرا في أرضه كالحوض أو يحفر ساقية يأخذ فيها من ماء النهر و المصانع المتخذة لمياه الأمطار يجتمع فيها الوجه أنّه يملك ماؤها و يصحّ بيعه [- ى -] إذا باع نخلا مثمرا فإن اشترط المشتري الثمرة دخلت و إلا فإن كان قد أبّر لم يدخل و إن لم يكن قد أبّر دخلت و التأبير التلقيح و هو يحصل و لو تشققت من نفسها فأبرتها اللواقح و لو اشترط أحد المتبايعين الثمرة فهي له سواء كان البائع قبل التأبير أو المشتري بعده و كذا لو اشترط جزءا مشاعا كالثلث و شبهه [- يا -] للبائع ترك الثمرة المؤبرة إلى أوان الجذاذ و لا يجب تفريع النخل منها و يرجع فيه إلى ما جرت العادة به فيقطع ما يؤخذ بسرا وقت استحكام الحلاوة في بسره و إن كان إبقاؤه أجود و إن كان مما يخترف تمرا يترك إلى وقت اخترافه و إن كان عنبا أو فاكهة ترك حتّى يتناهى إدراكه و يقطع مثله و كذا لو اشترى الثمرة خاصّة وجب على البائع وضعها على نخلة إلى وقت إدراكها [- يب -] لو أبّر بعض البستان فالمؤبر للبائع و غيره للمشتري و لو أبر بعض ثمرة النخلة الواحدة دون بعض ففي تبعية ما لم يؤبّر للمؤبر نظر و لو اشتمل على نوعين أبّر أحدهما دون الآخر فالمؤبر للبائع و غيره للمشتري و لو أبّر بعض البستان فبيع غير المؤبّرة خاصّة فالثّمرة للمشتري و لو بيع المؤبر خاصة فالثمرة للبائع و لو باع أحدهما لشخص و الآخر لآخر فثمرة غير المؤبر لمشتريه و المؤبر للبائع [- يج -] الآبار يعتبر في إناث النخل دون فحولها فلو باع الفحل و قد اطلع فثمرته للبائع و كذا لا يعتبر التأبير في غير النخل بلا الثمرة للبائع إن ظهرت و إلا فللمشتري [- يد -] إنما يأخذ المشتري الثمرة غير المؤبرة لو انتقلت النخلة إليه بالبيع و لو كان بغيره من العقود لم يدخل بل كانت باقية على ملك الناقل فلو أصدق امرأة نخلا مثمرا فالثمرة للزوج سواء كانت مؤبّرة أو لا و سواء كان العقد عقد معاوضة كالنكاح و الصلح أو غير معاوضة كالهبة قال الشيخ يثبت في عقود المعاوضات حكم البيع [- يه -] لو باعه شجرة مثمرة فالثمرة للبائع مع وجودها سواء قصد نوره كالورد و الياسمين و إن لم ينفتح جنبذة فللشيخ قول بالدخول أو كان مما يظهر ثمرته بارزة كالعنب مع ظهورها أو كانت مستترة في قشر يبقى فيه كالرمان أو في قشرين كالجواز أو يظهر نوره ثم يتناثر فيظهر الثمرة كالتفاح بعد تفتحه و ظهور ثمرته أو لم يظهر على إشكال [- يو -] يدخل في الشجر الأغصان و الأوراق و سائر الأجزاء [- يز -] لو كانت الثمرة للبائع و احتاجت إلى السقي لم يكن للمشتري منعه و لو لم يحتج كان له و لو تضرّر الشجر مع حاجة الثمرة أو احتاج الشجر إلى السقي مع تضرّر الثمرة قيل أيهما طلب السقي لحاجته أجبر الآخر عليه و قيل يرجح مصلحة المشتري لكن لا يزيد عن قدر الحاجة و لو اختلفا فيه رجع إلى أهل الخبرة و كل من التمس السقي كان المئونة عليه و لو خيف على الشجرة بتبقية الثمرة عليها لعطش أو غيره فإن كان يسيرا لم يقطع و إن كان كثيرا فخيف على الأصول اليبس أو نقص حملها قيل لا يجبر لذلك و قيل يجبر على القطع [- يح -] لو كانت الثمرة للبائع فحدثت أخرى فإن تميّزتا فلكل ثمرته و إلا اشتركا و مع الجهل يصطلحان و لا يبطل العقد [- يط -] بيع العبد لا يتناول ما في يده و هل يدخل ما يستر عورته من الثياب التي عليه فيه نظر

الفصل الثالث في التّسليم

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المبيع و الثمن فإن امتنع أحدهما أجبر و إن امتنعا أجبرا معا من غير أولوية في تقديم الإجبار سواء كان دينا أو عينا و قال الشيخ رحمه اللّٰه يجبر البائع أولا ثم المشتري ثانيا فإن كان موسرا أجبر على التسليم و إن كان غائبا عن البلد احتفظ على السّلعة حسب فإن تأخّر فللبائع فسخ البيع و الصّبر و إن كان معسرا فللبائع الفسخ [- ب -] كل موضع حكمنا فيه بالفسخ فله ذلك بعير حكم حاكم و كل موضع قلنا يحجر عليه فذلك إلى الحاكم [- ج -] لو هرب المشتري قبل الوزن و كان معسرا فللبائع الفسخ في الحال و إن كان موسرا قضاه الحاكم من ماله و لو اشترطا تأخير أخذ العوضين وجب دفع الحال على الآخر و لو بذل بعض أحد العوضين أجبر على بذل الباقي [- د -] لو كان المبيع جارية لم يكن للبائع بعد قبض الثمن فالامتناع عن تسليمها لأجل الاستبراء سواء كانت حسنة أو قبيحة و ليس للمشتري مطالبة البائع بعد العقد بكفيل لئلا تظهر حاملا [- ه -] لو شرط البائع تأخير التسليم إلى مدّة معيّنة جاز و كذا لو شرط سكنى الدّار أو ركوب الدابة مدة معلومة صحّ [- و -] الأقرب عندي أن القبض الكيل أو الوزن في المكيل و الموزون و القبض باليد فيما ينقل و يحول و النقل في الحيوان و التخلية فيما لا ينقل و لا يحول و لو باع ثمرة على رءوس النخل فالقبض فيها التخلية لا النقل [- ز -] إذا هلك المبيع قبل القبض بطل البيع و وجب على البائع رد ما قبضه من الثمن سواء كان التلف من قبل اللّٰه تعالى أو من البائع فإن كان من قبل المشتري استقر الثمن في ذمته إن لم يكن البائع قبضه و إن كان قبضه لم يرجع به المشتري و إن كان من أجنبي قال في المبسوط يتخير المشتري بين فسخ البيع و الرجوع على البائع بالثمن و بين إمضائه

ص: 175

و إلزام الأجنبي بالقيمة و هو حسن و القول بجواز تضمين البائع القيمة مع مباشرة الإتلاف لا يخلو من قوة [- ح -] لو أحدث عيب في السّلعة قبل القبض أو التمكين منه تخير المشتري بين الرّد و الإمساك بجميع الثمن و هل له الإمساك مع الأرش للشيخ قولان أحدهما ليس له ذلك و اختاره ابن إدريس فلو تراضيا على الأرش جاز و لو قطع المشتري يده قبل القبض استقرّ البيع فإن تلف بعد ذلك في يد البائع قبل القبض انفسخ البيع و رجع البائع بأرش النقص فيقوم سليما و مقطوعا و يرجع بالنقصان بالنّسبة إلى الثمن لا القيمة [- ط -] لو باع شاة بشعير معيّن فأكلته قبل القبض فكلّ من كانت في يده من المتبايعين أو الأجنبي فالتلف بسببه و إن لم تكن في يد أحد بطل البيع و لو اشترى شاة أو شقصا بطعام فقبض الشاة و باعها أو أخذ الشقص بالشفعة ثم تلف الطّعام قبل القبض بطل البيع الأوّل دون الثاني و دون الأخذ بالشفعة و يرجع مشتري الطّعام على مشتري الشاة و الشقص بقيمة ذلك لتعذر ردّه و على الشفيع مثل الطّعام لأنه عوض الشقص و المبيع بضعة أو برؤية متقدّمة من ضمان البائع حتى يقبضه المشتري و لو طلبه فمنعه البائع ضمن قيمته حين العطب و لو حبسه ببقية الثمن فهو غاصب و لا يكون رهنا إلا أن يشترطه في نفس البيع [- ى -] النماء المتجدد قبل القبض للمشتري فلو تلف الأصل قبل القبض بطل البيع و سقط الثمن عن المشتري و لو تلف النماء ضمنه البائع مع التفريط لا بدونه و لو اختلط المبيع بغيره اختلاطا لا يمكن تمييزه فإن دفع البائع الجميع جاز و إلا تخير المشتري بين الفسخ و الشركة و قيل ينفسخ مطلقا [- يا -] لو تلف بعض المبيع قبل القبض و له قسط من الثمن كعبد من عبدين تخير المشتري بين الفسخ و أخذ الموجود بحصته من الثمن فما يتقسّط على القيمة كالعبدين قسط عليهما و ما يتقسّط على الأجزاء كالحبوب أمسكه بحصته قال الشيخ و الأولى أنه لا خيار للبائع و إن قلنا له الاختيار كان قويا و لو اختار إمساكه بكل الثمن فلا خيار للبائع قطعا و إن لم يكن للتالف قسط من الثمن كيد العبد إذا قطعت بعد البيع و قبل القبض تخير المشتري بين الرّد و الإمساك و هل له الأرش قولان تقدّما [- يب -] لو اشترى اثنان عبدا فأدى الحاضر نصيبه وجب على البائع تسليم حصّته إليه و لو دفع الجميع لم يكن له قبض حصّة الغائب فإن كان شريكه أذن في القضاء رجع إليه و إلا فلا [- يج -] يجب على البائع تسليم المبيع مفرغا فيجب نقل ما فيه من المتاع و الزّرع إذا أحصد و العروق المضمرة و الأحجار المدفونة و تسوية الأرض و لو احتيج إلى تغيير شيء فعل و أخرج و أصلح الفاسد و لو كان المبيع مغصوبا و علم المشتري قبل العقد فلا خيار و كذا لو قصر زمان استعادته و لو طال تخير في الفسخ و الإمساك بغير أجرة على البائع و لو منعه البائع ثبت الأجرة [- يد -] لو وطئ ما باعه قبل القبض وجب العقد و لو نقصت بالوطء كذهاب البكارة مثلا وجب أرش النقصان و يدخل في الأول لأنه يثبت عندنا للبضع عشر قيمة الجارية مع البكارة و نصفه مع عدمها و لو اكتسب المبيع ثم تلف قبل القبض بطل البيع و الكسب للمشتري [- يه -] لو اشترى ذمي من ذمي خمرا ثم ثم أسلم قبل القبض فالوجه بطلان البيع و يرجع بالثمن فلو تخللت الخمر فالوجه عدم العود إلى القيمة و لو اشترى عبدا و لم يتقابض ثم مات المشتري مفلسا تخير البائع بين الفسخ بعد ثلاثة و بين الإمساك و يكون من جملة الغرماء و لا يكون أحق بالعين إذا لم يكن وفاء [- يو -] يكره بيع ما اشتراه مما يكال أو يوزن قبل قبضه و يحرم إذا كان طعاما إلا تولية و يجوز بيع ما لا يكال و لا يوزن قبل قبضه إجماعا منا و إن كان مما ينقل أو يحول و يصحّ إجارة ما لا يصحّ بيعه قبل القبض قبله خلافا للشيخ و يصحّ رهنه مطلقا و الشركة فيه و التولية و الحوالة به و تزويج الأمة قبل القبض و الكتابة و للمرأة بيع المهر قبل قبضه و ما يملك بغير البيع كالإرث و الوصيّة و الغنيمة يجوز بيعه قبل القبض [- يز -] لو باع المغصوب على الغاصب صحّ و كذا على غيره و يتخير المشتري إن لم يعلم أو لم يتمكّن من الانتزاع سريعا [- يح -] لو كان له طعام من سلم و عليه مثله فقال لغريمه اقبض من غريمي لنفسك قال الشيخ لم يجز و يردّه من أخذه على صاحبه و يكتاله إما عن الأمر بقبضه أو يكتاله الأمر فيصح ثم يقبضه منه و لو دفع إلى غريمه مالا و قال اشتر لك به مثل الطعام الذي لك عليّ ففعل قال الشيخ لم يصحّ فإن اشترى بالعين بطل البيع و إن اشترى في الذّمة ملك الطعام و ضمن الدّراهم و لو قال اشتر لي بها طعاما ثم اقبضه لنفسك صحّ الشراء و منع الشيخ من صحة القبض لأنه بيع الطعام قبل قبضه و لو قال اقبضه لنفسك من نفسك منع الشيخ منه لأنه لا يجوز أن يتولى طرفي القبض و عندي فيه نظر و لو كان الطعامان أو المحال به قرضا جاز قولا واحدا و لو قبضا طعاما اشترياه فباع أحدهما نصيبه قبل القسمة صح و لو باعه بعد القسمة بذلك الكيل الذي كاله جاز [- يط -] يجوز الشركة و التولية فيما يجوز بيعه فإذا قال للمشتري أشركني في نصفه فشركه صحّ و كذا لو قال ولّني ما اشتريته بالثمن فقال ولّيتك مع علمهما بالثمن و يبطل مع جهل أحدهما به و لو اشتريا عمدا فقال ثالث أشركاني صحّ و كان له الثلث و لو اشترى قفيز طعام

ص: 176

فقبض نصفه ثم باع نصف القفيز ففي توجه البيع إلى القبوض كله نظر [- ك -] لو كان له طعام دينا فباعه على من هو عليه جاز و كذلك على غيره بحاضر أو حال قبل قبضه و منع منه بعض علمائنا و لو كان له طعام دينا فباع طعاما على الغريم ليقضيه الدين من المبيع قال الشيخ لم يجز الشرط و لا البيع قال و لو قلنا بفساد الشرط خاصّة كان قويا و الوجه عندي صحّتهما قال و لو باع منه طعاما بعشرة على أن يقضيه الطّعام الذي عليه أجود منه لم يصحّ و لو قضاه أجود ليبيعه طعاما بعشرة لم يجز و لو باع طعاما بعشرة مؤجلة فلما حلّ الأجل أخذ بها طعاما مثل ما أعطاه جاز و إن كان أكثر لم يجز و قد روي الجواز مطلقا و هو الأقوى [- كا -] لو باع سلعة و قبض المشتري دون البائع جاز للبائع شراؤها منه بأيّ ثمن كان نقدا و نسيئة قال الشيخ و في أصحابنا من روى أن ذلك لا يجوز [- كب -] الإقالة فسخ لا بيع في حق المتعاقدين و غيرهما فلا يثبت أحكام البيع في حقهما بل يجوز في المسلم و في المبيع قبل قبضه و كذا في غيرهما فلا يثبت حكم البيع في حقّ الشفيع بمعنى أنّه لا يأخذ الشقص بالإقالة و يجوز قبل القبض و بعده من غير حاجة إلى كيل ثان و لا يصحّ إلا بمثل الثمن فيبطل لو أقاله بأزيد أو أنقص

الفصل الرّابع في أحكام الصبرة

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] قد بينا المنع من بيع المكيل أو الموزون جزافا سواء كانت أثمانا أو غيرها فلو باع الصبرة و عرفا مقدارها أو أحدهما و أخبر به الآخر صح و إن لم يشاهد باطنها و كذا يصحّ بيع الجزء المشاع منها إذا كان معلوم النسبة و العلم بمقدارها و إلا فلا [- ب -] لا يجوز للبائع أن يغش الصبرة بأن يجعلها على دكة أو نشز أو يجعل الرديء في باطنها فإن فعل و باعها و أخبر بمقدارها ثم وجد العيب يتخير بين الفسخ و أخذ الأرش و لو كان تحتها حفرة أو كان باطنها أجود تخير البائع إن لم يعلم [- ج -] لو قال بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم و علما المقدار صح و إلا بطل و كذا يبطل في القفيز الواحد على إشكال و لو قال بعتك منها عشرة أقفزة صح مع العلم بتحقق العشرة فيها [- د -] لو قال بعتك هذه الصبرة بكذا على أن أزيدك قفيزا و كانا عالمين بالمقدار و عينا القفيز بالمشاهدة أو الوصف صح البيع و إلا فلا و كذا لو قال على أن أنقصك قفيزا منها مع العلم بمقدارها و كذا كل متساوي الأجزاء [- ه -] لو باع ما لا يتساوى أجزاؤه كالأرض و الثوب و القطيع صح مع المشاهدة و إن لم يعرف الزرع و لا عدد الغنم و كذا بيع أبعاضها بالجزء المشاع و لو قال بعتك كل ذراع منها بدرهم و علما الذراع صح و إلا فلا و لو قال بعتك منها عشرة أذرع و كانت أزيد فإن عينها صحّ و إن أبهم و كانت الدار معلومة الذراع قال الشيخ رحمه اللّٰه صحّ البيع و له بنسبة العددين لأن الذراع مكيال كالقفيز و قيل لأن الذراع عبارة عن بقعة بعينها و موضعه مجهول و عندي فيه تردّد و لو قال بعتك من هاهنا إلى هاهنا صح إجماعا و لو قال عشرة من هاهنا إلى حيث ينتهي قال الشيخ يصحّ لتعينه بالذّرع و المشاهدة و قيل لا يصحّ لاختلاف أجزاء الأرض و عدم العلم بالمنتهى [- و -] لو قال بعتك نصيبي من هذه الدار و علما مقداره صح و إلا بطل و كذا يبطل لو قال نصيبا أو سهما و أبهم و كذا لو قال بعتك شاة من هذا القطيع و لم يعيّنها و الثوب حكمه حكم الأرض في جميع ما تقدّم [- ن -] لو باعه أرضا على أنها جربان معلومة فنقصت تخير المشتري بين الرد و الإمساك و لا يبطل البيع من رأس فإن ردّ استرجع الثمن و إن أمسك للشيخ قولان أحدهما الإمساك بجميع الثمن و الثاني بقسطه فقيل يتخير البائع حينئذ و فيه قوة و لو أمسكه المشتري بالجميع سقط خيار البائع و لو كان للبائع أرض ملاصقة قال الشيخ وجب عليه أن توفيه تمام المبيع منها تعويلا على رواية عمرو بن حنظلة عن الصادق عليه السّلام و منعه ابن إدريس و هو جيد و لو زادت الأرض فالذي قواه الشيخ صحّت البيع و هو حسن فحينئذ قيل لا يكون الزيادة للبائع بل يتخير بين تسليم الجميع بالثمن و الفسخ و قيل يكون له و يتخير بين تسليمه زائدا و تسليم المقدور و يسترجع الزيادة و مع تسليم الجميع لا خيار للمشتري و يتخير مع استرجاع الزيادة فإن اختار مع الاسترجاع الإمساك احتمل أن يثبت للبائع الخيار لتضرره بالشركة و عدمه لرضاه بالثمن عوض الجميع فعوض البعض أولى و لو طلب المشتري الزيادة بعوض أو طلب البائع عوضها لم يجبر الآخر و لو أنفقا جاز و حكم الثوب و ما لا يتساوى أجزاؤه كذلك و كذا لو باعه قطيعا على أنه مائة فزاد أو نقص [- ح -] لو باع ما يتساوى أجزاؤه فزاد أو نقص أخذ البائع الزيادة و رجع المشتري بثمن النقصان و لا خيار للمشتري لو أخذ البائع الزيادة و الوجه ثبوته له مع النقصان [- ط -] لو أخبره بالمقدار و باعه صحّ و إن لم يكله فإن باعه المشتري فكاله الثاني رد الزائد و استرجع ثمن الناقص و لو اختلفا بعد التلف فالقول قول المشتري مع يمينه و عدم البيّنة قل أو كثر و لو أعلمه بالكيل و باعه بثمن سواء زاد أو نقص لم يجز و لو نظر أجنبي إلى الكيل

ص: 177

جاز أن يشتريه بغير كيل و لو كاله البائع للمشتري ثمّ اشتراه منه لم يحتج إلى كيل ثان و كذا لو اشترى الشريكان طعاما ثم باع أحدهما حصّته شريكه قبل تفرّقهما بعد أن اكتالاه [- ى -] لو قبض المشتري المبيع ثم ادّعى النقصان فالقول قوله مع يمينه و عدم البينة إن لم يكن حضر كيله و لا وزنه و إن حضر فالقول قول البائع إن ادعى نقصا كثيرا و الوجه قبول قوله في قليل يمكن وقوعه في الكيل [- يا -] لو أسلفه في طعام بالعراق ثم طالبه بالمدينة لم يجب عليه دفعه و لو طلب القيمة قال الشيخ لم يجز لأنه بيع الطعام قبل قبضه و عندنا أنه مكروه فيجوز مع التراضي و كذا لو كان قرضا و لو طالبه بقيمته بسعر العراق وجب دفعها و لو تبرع المقترض بدفع المثل في المدينة لم يجبر المقترض على القبض و لو غصبه بالعراق و أتلفه فطالبه به في المدينة قال الشيخ لا يجب دفع المثل و لو طلب القيمة وجب دفعها بسعر العراق و لا يجبر على سعر المدينة و الوجه عندي مطالبته بالمثل فإن تعذر فالقيمة بسعر المدينة [- يب -] لو باع ما اشتراه بعد قبضه و لم يقبض البائع فتلف غير المقبوض بطل البيع الأول لا الثاني

الفصل الخامس في الغرر

و فيه [- لا -] بحثا [- ا -] لا يجوز بيع ما ليس عنده إذا كان معيّنا في يد مالكه قبل شرائه و لو كان مطلقا موصوفا جاز و إن لم يكن في ملكه [- ب -] لا يجوز بيع الحمل في بطن أمّه منفردا و لو باعه مع أمّه صحّ و لو باع الأم و شرط وضعها بعد مدة معيّنة بطل و لا يجوز بيع حبل الحبلة فقيل نتاج النتاج و قيل جعل حمل النتاج أجلا و هو باطل بمعنييه و لو شرط الأول في عقد ففي صحته إشكال [- ج -] لا يجوز بيع اللبن في الضّرع سواء كانت أياما معلومة أو لا و لو باعه مع ما احتلب منه قال الشيخ يجوز لرواية سماعة و الوجه عندي البطلان [- د -] اختار المفيد رحمه اللّٰه و ابن إدريس جواز بيع أصواف الغنم و شعورها على جلودها منفردة مع المشاهدة و منعه الشيخ و الأول أقوى و كذا يصح لو باع المغنم و استثنى الأصواف و لو باع الصوف على ظهر الحيوان مع ما في بطنه قال الشيخ يجوز و الوجه المنع [- ه -] لا يجوز بيع السمك في الآجام إجماعا و لو ضمّ إليه قصب الأجمة قال الشيخ جاز و ليس بمعتمد و كذا لا يصحّ لو اصطاد شيئا منه و باعه مع ما في الأجمة و إنما يصحّ بيعه في الماء مع مشاهدته أجمع و ملكه و إمكان اصطياده [- و -] قال الشيخ يجوز أن يشتري الإنسان أو يتقبل بشيء معلوم جزية رؤوس أهل الذّمة و خراج الأرضين و ثمرة الأشجار و ما في الآجام من السموك إذا كان قد أدرك شيء من هذه الأجناس و كان البيع في عقد واحد و إن لم يدرك شيء من هذه الأجناس لم يجز و منعه ابن إدريس مطلقا و هو الأقوى [- ز -] لو أعدّ بركة أو مصفاة لصيد السّمك فحصل فيها ملكه و يجوز أن يستأجر برك الحيتان ليحبسها فيها و شبكة الصيد ليصطاد بها و لو استأجر أرضا للزراعة فيدخل فيها سمك و نضب الماء فالمستأجر أحقّ به من غير تملك و لو وثبت سمكة إلى سفينة فأخذها بعض الركاب كانت ملكا له أما السفن المعدّة لذلك كالتي يجعل فيها الضوء و يضرب فيها صواني الصّفر لثبت السّمك فإن صاحبها يملك ما يحصل فيها كالشبكة و لو عشش طائر في داره و فرّخ أو توحّل ظبي لم يملكه و كان أحقّ و كذا لو دخل الماء داره و لو نصب شبكة فوقع فيها صيد ملكه و كذا لو اغترف الماء بآنية و لو اتّخذ لمياه الأمطار و السيول مصانع ليحصل فيها الماء ملكه بالحصول و لو أعد أرضا للملح فجعلها ملاحة ليحصل فيها الماء فيصير ملحا ملكه و لو لم يعدها لذلك لم يملكه و كذا لا يملك لو وقع الصيد في شبكة غير منصوبة و لا مقصودة للصيد و يكون أحقّ و لو حصل صيد في كلب بستان أو فهده أو صغره و كان قد استرسل بإرسال صاحبه ملكه و لو استرسل من نفسه كان أحقّ من غير ملك و كذا ما يحصل في فم البهيمة من الحشيش [- ح -] لا يجوز بيع الطير في الهواء سواء كان مملوكا أو غيره و سواء كان مما يألف الرّجوع أو لا و لو كان في البرج و الباب مفتوح لم يجز و إن كان مغلقا جاز و إن افتقر تسليمه إلى مشقة [- ط -] لو باع ما لا يملك وقف على إجازة المالك و لا يكفي حضور المالك و لا سكوته و لا يقع باطلا في نفسه خلافا للشيخ في بعض أقواله فلو اشترى الوكيل أو باع غير المأذون في بيعه أو شرائه ضمن ما فوت على المالك أو تلف فإن اشترى غير المعيّن بثمن في الذّمة صحّ فإن أجاز الموكل و إلا لزمه الثمن [- ى -] لو باع الأم لم يدخل الحمل الموجود إلا مع الشرط و لو اشتراها على أنها حامل صحّ و كذا على أنّها لبون و لو شرط حلب قدر معيّن لم يجز [- يا -] لا يجوز بيع البيض متّصلا بالحيوان منفردا و لو اشترط في بيع الدّجاجة جاز و لو انفصل من الحيوان بعد موته حلّ بيعه إن كان قد اكتسى الجلد الأبيض الفوقاني و إلا فلا و يصح بيع بيض ما لا يؤكل لحمه إن أمكن أن يصير فرخا و إلا فلا [- يب -] لو شرط البائع في البيع الحمل لنفسه جاز و منعه الشيخ و ابن البراج في الجواهر و هو ضعيف و لو لم يشترطه كان له أيضا ما لم يشترطه المشتري [- يج -] يجوز بيع المسك في فأرة و إن لم يقود و يشاهد

ص: 178

و فتقه أحوط [- يد -] لو أعطاه راجحا بما تجري العادة لم يجب ردّه و إلا وجب و يجوز أن يندد للظروف ما يحتمل زيادته و نقصانه مما تجري العادة بمثله و لا يجوز أنداد ما يزيد دائما أو ينقص و لو باعه السلعة مع الظرف جاز من غير أنداد و لو قال بعتك هذا السمن بظرفه كل رطل بدرهم صحّ إذا عرف وزنهما جملة و إن لم يعرف التفصيل على إشكال و لو باعه بصاع مجهول لم يجز و لو قبض من غيره دراهم ففرقها بالوزن فزادت يسيرا بتفاوت الموازين في مثله لم يجب رد الزيادة و لا يجوز لمن عليه الحق إعطاء الناقص و إن قلّ [- يه -] لو لم يعين الثمن أو باعه بحكم المشتري بطل البيع فإن هلك في يده كان عليه قيمته يوم ابتاعه قاله الشيخ و قال ابن إدريس يضمن بالمثل فإن أعوز فثمن المثل يوم الإعواز و إن لم يكن مثليّا فقيمته أكثر ما كانت إلى يوم الهلاك و لو كان قائما بعينه انتزعه من يد المبتاع و رجع بأرش نقصه في يده بحدثه و لو زادت القيمة بالحدث قال الشيخ ردّ قيمة الزيادة و هو قوي و قال ابن إدريس بذلك إن كانت الزيادة عينا و إلا فلا و لو باعه بحكم البائع قال الشيخ إن حكم بأقل من القيمة مضى و لم يكن له أكثر و إن حكم بأكثر كان له القيمة وقب البيع إلا أن ينتزع المشتري و الوجه عندي بطلان البيع أيضا فإن كان باقيا انتزعه و إن كان تالفا فله المثل و إلا فالقيمة قال ابن إدريس أكثر القيم إلى يوم الهلاك لا قيمة حال البيع [- يو -] لا بد من اختيار ذي الطعم أو الرائحة بالذوق أو الشم و يجوز على الوصف فإن وجد كما وصف و إلا تخير المشتري و لو بيع بشرط السلامة من غير اختيار و لا وصف فالأقرب جوازه فإن خرج معيبا تخيّر بين الأرش و الرّد و لو تصرّف سقط الرّد و لو كان المبيع يؤدي اختباره إلى فساده كالجوز و البطيخ جاز مطلقا و بشرط الصّحة فإن وجد صحيحا فيهما و إلا كان له الأرش و الرد إن لم يتصرف و لو تصرف سقط الرد و لو لم يكن لمكسوره قيمة كالبيض بطل البيع و استرجع الثمن و لو غاب بعد مشاهدته ثم اشتراه صحّ فإن لم يتغير لزم و إلا كان له الرّد و لو اختلفا في التّغير فالقول قول المشتري على إشكال [- ين -] يجوز بيع الأعمى و شراؤه و لا فرق بين أن يولد أعمى أو يتجدد له و لا بين بيع الحاضر و السّلف [- يح -] لو باع ثوبا بمائة ذهبا و فضة لم يصحّ و لا يلزم التنصيف [- يط -] لو باع ما يجوز بيعه و ما لا يجوز فأقسامه ثلاثة أن يبيع معلوما و مجهولا فيبطل و معلومين ينقسط الثمن عليهما بالأجزاء كعبد مشترك يبيعه أجمع فيصح في نصيبه بقسطه و يقف الباقي على الإجازة فإن أجاز المالك صحّ و أخذ نصيبه من الثمن و إلا فلا و لا يبطل نصيب الشريك من رأس و معلومين لا يتقسط بالأجزاء كعبد و حرّ و خلّ و خمر و عبد غيره و عبد نفسه فيصح فيما يصحّ بيعه بقسطه و يبطل في الآخر إلا في ملك غيره فيقف على رضاه ثم إن صم مملوك غيره قسط الثمن بالنسبة إلى القيمة و إن لم يكن مملوكا قسط بالنّسبة إلى مستحله و كذا حكم رهن ما يملك و ما لا يملك و هبته و سائر العقود [- ك -] لو اشترى جملة فتلف البعض قبل القبض لم ينفسخ في الباقي و يأخذ بحصّته من الثمن و له الفسخ و لو كان لكلّ رجل عبد فباعاهما صفقة بثمن واحد صح و قسط الثمن على قدر القيمتين [- كا -] كل موضع يعلم المشتري تفريق الصفقة قبل البيع لا خيار له فيه و لو جهله فله الخيار و دون البائع [- كب -] يجوز بيع الرقم و هو بيع الثوب برقمه المكتوب عليه إذا كان معلوما حال العقد من غير كراهية [- كج -] لو باعه عبدا من عبدين أو ثلاثة لم يصح و إن شرط له الخيار [- كد -] يجوز إعطاء البقر و الغنم بالضّريبة مدّه من الزمان بشيء من الدراهم أو الدنانير و السمن و الذهب و الفضة أحوط قاله الشيخ و قال ابن إدريس يمكن العمل بهذه الرواية بأن يحلب بعض اللبن و يبيعه مع ما في الضرع مدّه من الزّمان و الوجه عندي البطلان إن كان بيعا و إلا كان هذا بمنزلة الإباحة [- كه -] قال الشيخ يجوز أن يشتري الإنسان تبن البيدر لكل كر من الطعام تبنة بشيء معلوم و إن لم يكل بعد الطعام لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر عليه السلام و ابن إدريس منع من ذلك [- كو -] قال الشيخ إذا اشترى من غيره أطنانا معروفة من القصب و لم يتسلمها غير أنه شاهدها فهلك القصب قبل القبض كان من مال البائع لأن الذي اشترى منه في ذمّته و في التعليل نقد [- كز -] من وجد عنده سرقة كان غارما لها إن هلكت و يرجع على بائعها مع قيام البيّنة بالبيع بما دفعه إلى البائع و بما عزمه و أنفقه مما لم يحصل في مقابلته نفع إلا أن يعلم أنها سرقة فلا رجوع و لا يجوز أن يشتري من الظالم ما يعلمه ظلما بعينه إذا لم يكن مأخوذا على وجه الخراج و الزكاة و يجوز فيهما و فيما لا يعلم أنه ظلم و إن علم إجمالا أن في ماله غصبا و تركه أفضل [- كح -] يجوز بيع عظام الفيل و اتخاذ الأمشاط منها و كذا بيع جلود السّباع و كل حيوان سوى الآدمي و نجس العين إذا علم أنه مذكى أو شراه من المسلمين [- كط -] يجوز بيع ولد الزنا و شراؤه إذا كان مملوكا

ص: 179

للرّواية الصحيحة عن الصادق عليه السلام و رواية التقي متأولة و يجوز أخذ ثمن ما باعه الذمي من الخمور في الدّين و لو أسلم الذمي بعد بيعه جاز له قبض ثمنه و لو أسلم قبل بيعه حرم بيعه بنفسه أو بوكيله المسلم أو الذمي [- ل -] من غصب مالا و اشترى به جارية حلّ له الفرج و كان عليه وزر المال إذا كان الشراء في الذّمة و إن نقد الغصب و لو كان بالعين بطل الشراء و كان الفرج حراما و لو حج به من غير سبق وجوب لم يجزئ عن الوجوب المتجدّد و لو سبق وجوب حجة الإسلام أجزأه إلا الهدي و عليه وزر المال [- لا -] بيع المكره باطل و لو أجاز بعد زوال الإكراه جاز

الفصل السّادس في الشروط المذكورة في العقد

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] إذا ضمّ في البيع شرطا سائغا صح البيع و لزم الشرط اتحد الشّرط أو تعدّد و لو شرط ما ليس بسائغ بطل الشرط إجماعا و البيع إن اقتضى الشرط جهالة المبيع و إلا فالأقرب أنه كذلك خلافا للشيخ و مع القول بالصحّة ليس للبائع الرجوع بما نقصه الشرط من الثمن و لا للمشتري الرجوع بزيادة الثمن إن كان هو المشترط و مع البطلان لا يحصل به ملك سواء اتصل به القبض أو لا و لا ينفذ تصرّف المشتري فيه يبيع و غيره [- ب -] الشرط إن اقتضاه العقد كالتسليم و خيار المجلس لم يفد حكما زائدا في وجوده و عدمه و إن تعلقت به مصلحة المتعاقدين كالأجل و الخيار و الشهادة و الضمين و الرهن و اشتراط صفة مقصودة كالكتابة جاز و لزم الوفاء و إن لم يكن من مقتضاه و لا من مصلحة و لا منافيا لمقتضاه جاز أيضا سواء اقتضى منفعة البائع في المبيع أو يشترط عقدا في عقد مثل أن يبيعه بشرط أن يشتري آخرا و يزوجه و إن اقتضى ما ينافيه صحّ و إن بني على التغليب و السراية مثل أن يشترط البائع عتق العبد و إن اشترط غير العتق مثل أن لا يبيع أو لا يهب أو لا يهب أو لا يطأ بطل الشرط دون البيع عند الشيخ [- ج -] لو قال بع عبدك من فلان على أن عليّ خمسمائة فباعه على هذا الشرط قال الشيخ صح البيع لقوله عليه السلام المؤمنون عند شروطهم و هذا شرط سائغ و لو قال بع عبدك منه بألف على خمسمائة فإن سبق الشرط العقد و عقد البيع مطلقا لزم البيع و لم يكن على الضامن شيء و إن قرنه بأن يقول بعتك بألف على أن يضمن فلان خمسمائة صح البيع بشرط الضمان فإن ضمن فلان لزم و إلا تخير البائع [- د -] بيع العربون باطل و هو أن يدفع بعض الثمن على أنه إن أخذ السلعة احتسبه من الثمن و إلا كان للبائع [- ه -] إذا شرط البائع عتق العبد صحّ البيع و الشرط فإن أعتقه المشتري و إلا ففي إجباره وجهان أقربهما عدم الإجبار فيتخيّر البائع حينئذ و لو مات العبد قبل عتقه احتمل استقرار الثمن عليه و لا شيء عليه و احتمل أن يكون للبائع الرجوع بما يقتضيه الشرط من النقصان و احتمل تخير البائع بين إجازة البيع بجميع الثمن و بين فسخه فيرجع بالقيمة و لو شرط الولاء بطل الشرط خاصّة و في بطلان البيع وجه قوي و لو باعه بشرط العتق بعد شهر أو سنة فالوجه عندي الجواز [- و -] لو اشتراه بشرط العتق ثم باعه بشرط العتق فالوجه بطلان الثاني و لو اشتراها بشرط العتق فأحبلها فإنه يعتقها [- ن -] لو باعه دارا بشرط أن يقفها جاز و كذا لو باعه شيئا بشرط أن يتصدّق به [- ح -] إذا جمع بين عقدين مختلفي الحكم بعوض واحد كالصرف و بيع القماش و النكاح و البيع و الإجارة صحّ و لو جمع بين البيع و الكتابة مثل كاتبتك و بعتك كذا بدينار قيل لم يجز لأنه قبل تمام الكتابة عبد قن و مع بطلان البيع ففي فساد الكتابة و صحّتها بقسطها وجهان [- ط -] إذا باعه زرعا أو ثمرة كان على المشتري حصاده أو الجذاذ و كذا ما يجز و يخرط و لو شرطه على البائع صحّ [- ى -] لو شرط منفعة البائع صحّ إذا كانت معلومة إما بتقدير العمل كخياطة الثوب و نساجة الغزل أو بتقدير المدة كالعمل شهرا و لو تعذّر العمل إما بتلف المبيع قبله أو بموت البائع ففي الإبطال نظر و كذا يجوز أن يشترط البائع نفع المبيع مدة معلومة و لو باع أمة و استثنى وطأها مدة لم يصحّ [- يا -] لو باع ما اشتراه بشرط المنفعة صح و يكون المنفعة مستثناة في يد المشتري الثاني فيتخير مع عدم العلم لا معه و لو أتلفه ضمن أجرة المثل و لو تلف بغير تفريط فلا ضمان [- يب -] لو أراد المشتري تعويض البائع عن المنفعة المشترطة عوضا أو ما يقوم مقام المبيع في المنفعة لم يجب على البائع القبول و كان له التّصرف في عين المبيع باستيفائه المنفعة و لو تراضيا جاز و لو أراد البائع إعارة العين أو إجارتها لمن يقوم مقامه فالأقرب جوازه و لو اشترط المشتري منفعة البائع في المبيع فأقام البائع مقامه من يعمل فالأقرب جوازه إلا أن يشترط المباشرة و لو دفع العوض لم يجب القبول سواء البائع و المشتري و لو قال بعتك هذه الدار و آجرتكها شهرا بكذا فالوجه الصّحة [- يج -] لو شرط في العقد إن هو باعه فالبائع أحق به بالثمن ففي الجواز إشكال [- يد -] لو اشترى جارية بشرط أن لا خسارة عليه إذا باعها أو شرط أن لا يبيعها أو لا يعتقها أو لا يطؤها قال الشيخ صحّ العقد دون الشرط [- يه -] لو باعه بشرط الرهن أو الضمين صح العقد و الشرط إن كان الرّهن معلوما بالمشاهدة أو الوصف

ص: 180

و الضمين بالإشارة أو بذكر السّبب و لو كانا مجهولين لم يصح و مع الصّحة لو دفع الرّهن أو ضمن لزم و إلا تخيّر البائع و لا يجب على الضمين الضمان و إن وعد به و لو دفع غير الراهن أو غير الضمين لم يلزم البائع قبوله و إن كان المدفوع أجود لو شرط رهنا فاسدا كالمحرم و المجهول بطل الشرط و في بطلان البيع حينئذ نظر [- يو -] لو شرط رهنا معيّنا فغاب قبل القبض تخير البائع بين قبضه معيبا و بين فسخ البيع و لو علم بالعيب بعد قبضه لم يبطل خياره و لا أرش له و لا المطالبة بالبدل و لو عاب بعد القبض أو تلف فلا خيار و لو اختلفا في زمن حدوث العيب حكم لمن لا يحتمل إلا قوله من غير يمين و لو جاز الأمران احتمل تقديم قول الراهن عملا بصحة العقد و المرتهن لعدم ثبوت قبض المرتهن للجزء الفائت و لو قال الراهن تلف بعد القبض و المرتهن قبله فالقول قول منكر القبض و لو اختلفا في زمن انقلاب العصير الرهن خمرا قيل القول قول الراهن لاتفاقهما على العقد و القبض الصحيحين و اختلافهما في المفسد و القول قول النافي و قيل قول المرتهن لأصالة عدم القبض و لو وجد بالرّهن عيبا بعد أن حدث عنده عيب آخر فله الرّد و فسخ البيع و لا ضمان على المرتهن في الحادث عنده بغير تفريط و لو هلك في يد المرتهن ثم علم أنه كان معيبا قيل لا يملك فسخ البيع لتعذر الردّ و لو شرط استرهان المبيع على ثمنه قال الشيخ لا يصحّ و الوجه عندي صحتهما و لو شرط إلا بيع بينهما إن لم ينقده في مدة معلومة صحا معا و إن زاد عن عشرين ليلة و لو قال بعينه على أن أقضيك دينك منه ففعل صحا معا و لو قال أقضي حقي على أن أبيعك كذا صحّ القضاء و الشرط و كذا أقضي أجود من مالي على أن أبيعك كذا و لو باعه بشرط تأجيل الحال صحّ سواء باعه بثمن المثل أو أزيد أو أنقص مع علمه بالقيمة

الفصل السابع في أحكام البيع الفاسد

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] البيع الفاسد من أصله لا يحصل به ملك سواء اتصل به قبض أو لا و يجب على القابض بالبيع الفاسد ردّ المبيع مع نمائه المتصل و المنفصل و أجرة مثله مدة بقائه في يده إن كان ذا أجرة و ردّ أرش النقصان إن نقصت العين و القيمة إن تلفت فقيل يوم التلف و قيل الأكثر من يوم القبض إلى التلف و اختار الشيخ الأول [- ب -] لو كان المبيع أمة فوطئها المشتري فلا حدّ و لا إثم و كذا في غيرها و يجب عليه عشر القيمة مع البكارة و نصفه مع الثيوبة و لا يجب المهر مع ذلك و ينعتق الولد حرّا لا ولاء عليه و يلحق به و يجب على الواطئ قيمته يوم سقط حيا لا يوم المحاكمة و أرش النقصان بالولادة و لا تجبر قيمة الولد النقصان و إن ساواه في القيمة و لو سقط ميتا لم يضمنه أما لو ضرب أجنبي بطنها فألقته ميتا تاما وجب على الضارب مائة دينار و للسيّد منها أقل الأمرين من دية الجنين أو قيمته حين سقوطه و باقي الدّية لورثته و أما حكم الأمة فيجب ردّها مع أرش النقص بالولادة كما قلنا و لو مات بالولادة ضمن قيمتها و لو كان الضارب الواطئ فألقته ميتا فعليه دية الجنين يأخذ السّيد منها أقل الأمرين و الباقي لورثته غير الواطئ و لو ملك الواطئ هذه الجارية فيما بعد قال الشيخ رحمه اللّٰه تصير أم ولد [- ج -] لو أعتقه المشتري بالبيع الفاسد لم ينفذ و كذا سائر تصرّفاته و لو باعه وجب على المشتري الثاني رده إلى البائع الأول و لو تلف في يده تخير المالك في مطالبة من شاء بقيمته و يرجع المشتري الثاني بثمنه على الأوّل و الأول على المالك بما دفعه إليه و في القيمة وجهان قال الشيخ يعتبر أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف و قيل يوم التلف ثم ينظر فإن تساوت في يدهما رجع على من شاء فإن رجع على الثاني لم يرجع الثّاني على الأول و إن رجع على الأول رجع الأول على الثاني و إن اختلفت و كانت الزيادة في يد الأوّل و رجع عليه بالجميع رجع الأول على الثاني بالناقص و إن رجع على الثاني رجع بالناقص و يرجع بالزيادة على الأوّل و لا يرجع بها الأوّل على الثاني و إن كانت في يد الثاني فحكمها حكم ما لم يزد [- د -] إذا تقابضا بالفاسد و أتلف البائع الثمن رد مثله إن كان مثليا و إلا فالقيمة فإن أفلس ردّ المشتري السّلعة و كان من جملة الغرماء و ليس له إمساك المبيع و لا يتخصّص باستيفاء ثمنه منه [- ه -] حكم الثمن المعيّن كالمثمن إذا تلف قبل القبض بطل البيع سواء كان من الأثمان أو لا [- و -] إذا اشترى عبدا بمائة فقضاها عنه غيره صحّ بإذنه و بغيره فإن بان العبد مستحقّا رد المائة إلى الدافع و لو رده المشتري بعيب أو إقالة فالوجه الرد على المشتري و لو أذن في الرفع كان الردّ عليه قطعا و كذا البحث لو تزوّج فدفع الصداق غيره ثم طلق قبل الدخول [- ن -] إذا قال العبد لغيره ابتعني من سيّدي فاشتراه ثم بان العبد معتقا كان الضمان على السّيد سواء حضر قول العبد أو لا و كذا لو كان مغصوبا أو معيبا

الفصل الثّامن في اختلاف المتبايعين

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] إذا باعه بثمن و شرط نقد ألزم و لو أطلقا انصرف إلى

ص: 181

نقد البلد و لو كان فيه نقدان انصرف إلى الغالب و لو تساويا و لم يحصل ترجيح المعاملة بأحدهما بطل البيع و كذا الوزن و لو اختلفا في النقد رجع إلى نقد البلد و على مدعيه اليمين و لو تساوى النقدان فالوجه تحالفهما [- ب -] لو اختلفا في قدر الثمن قال الشيخ إن كانت السّلعة فالقول قول البائع مع يمينه و إن كانت تالفة فالقول قول المشتري مع يمينه و قال ابن الجنيد و أبو الصلاح القول قول من كانت السّلعة في يده مع يمينه فإن كانت في يد البائع فالقول قوله و إن كانت في يد المشتري فالقول قوله و اختاره ابن إدريس و عندي في ذلك تردّد و لو مات المتبايعان و اختلف ورثهما في مقدار الثمن فالقول قول ورثة المشتري بكل حال سواء كانت تالفة أو باقية [- ج -] إذا حلف البائع قضي له و إن نكل حلف المشتري و لو تقايلا أو ردّه بالعيب بعد قبض الثمن ثم اختلفا فالقول قول البائع [- د -] لو اختلفا فقال بعتك هذا العبد بألف فقال المشتري بل هو و العبد الآخر بألف قال الشيخ القول قول البائع مع يمينه [- ه -] لو اختلفا في عين المبيع فقال بعتك هذا العبد بألف فقال بل هذه الجارية بألف تحالفا و ينتزع الجارية من يد المشتري إن كانت في يده و إلا أقرت في يد البائع و يقر العبد في يد البائع و ليس للمشتري طلبه و للبائع إحلافه و إن كان في يد المشتري ردّه على البائع و ليس للبائع طلبه إذا أخذ ثمنه و لو طلب المشتري الثمن أو لم يسلمه كان للبائع فسخ البيع و استرجاعه و لو أقام كلّ منهما بينة ثبت العقدان و لو أقام أحدهما بينة بدعواه حكم على الآخر و كان عليه اليمين [- و -] لو اختلفا في تأخير الثمن و تعجيله أو في قدر الأجل أو في اشتراط رهن من البائع على الدّرك أو ضمين عنه فالقول قول البائع مع يمينه و عدم البيّنة و لو اختلفا في شرط خيار للبائع أو ضمين عن المشتري بعهدة الثمن أو في قدر الرهن المشترط فالقول قول المشتري و كذا لو اختلفا في غير ذلك فالقول قول المنكر و لا يتحالفان و كذا لو اختلف ورثتهما فالقول قول ورثة البائع في المبيع و ورثة المشتري في الثمن [- ن -] لو اختلفا فيما يفسد به العقد أو في شرط فاسد فالقول قول من يدعي الصحة مع يمينه و لو ادعى الإكراه فالقول قول المشتري و كذا لو ادعى الصغر على إشكال و لو ادعى الجنون و لم يعلم له حاله به فالقول قول المشتري و لو ثبت له حالة جنون فكذلك على إشكال و لو قال العبد بعتك و أنا غير مأذون في التجارة فالوجه أن القول قول المالك و لو قال تفرقنا عن فسخ فقال بل عن تراض فالقول قول مدعي اللزوم

المقصد السّادس في العيوب

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في معرفتها

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] كل نقص في العين يقتضي النقيصة المالية في عادات التجار أو زيادة فيها يقتضي ذلك عيب كالجنون و الجذام و البرص و العور و ما يوجب نص الصفات كخروج المزاج عن المجرى الطبيعي مستمرا كالممراض أو عارضا كحي يوم و الإصبع الزائدة و غيرها و بالجملة كلّ ما زاد أو نقص عن أصل الخلقة [- ب -] الحبل عيب في الآدميّات أما تزويج الأمة فالوجه أنه ليس بعيب [- ج -] البخر قال الشيخ إنه ليس بعيب في العبد و الأمة سواء و الأقرب عندي أنه عيب فيهما [- د -] لو وجد العبد أو الأمة زانيين قال الشيخ لا يثبت الخيار فيهما سواء كانا صغيرين أو كبيرين و عندي فيه نظر [- ه -] البول في الفراش قال الشيخ إنه ليس بعيب في الأمة و العبد و الوجه أنه عيب في الكبيرين [- و -] السرقة عيب في العبد و الأمة و الأقرب اعتبار التمييز [- ز -] الإباق عيب و لا يعلم فيه خلافا في الأمة و العبد في الصّغير و الكبير [- ح -] لو كان العبد يشرب الخمر أو النبيذ فالأقرب أنه عيب و كذا الحمق الشديد و الاستطالة على الناس على إشكال [- ط -] عدم الختان ليس بعيب في الذكر و الأنثى صغيرين أو كبيرين [- ى -] الثيوبة ليست عيبا و لا نعلم فيه خلافا [- يا -] كون الجارية محرمة على المشتري بنسب أو رضاع الأقرب أنه ليس بعيب على إشكال أما الإحرام و الصيام فليسا عيبا قطعا و كذا عدة البائن و الرجعية [- يب -] معرفة الغناء و الحجامة ليست عيبا و العسر ليس بعيب و كذا الكفر و كونه ولد زنى في الأمة و العبد و كذا كون الجارية لا تحسن الطبخ و لا غيرها من الصنائع [- يج -] كون الجارية لا تحيض في مدة ستّة أشهر و مثلها تحيض عيب إن لم يكن لكسر [- يد -] عدم الشعر على العانة في الرجل و المرأة عيب و كذا استحقاق القتل بالجناية أو الرّدة أو استحقاق ذهاب بعض أعضائه بسرقة أو جناية أو استحقاق الحد إما بزنى أو شبهه [- يه -] النجاسة عيب إن لم يقبل المحل التطهير أو قبله في زمان طويل أو في يسير و عليه مئونة أو بنقص المحل أو قيمته و إلا فلا [- يو -] الدردي في الزيت و البذر عيب يوجب الرّد أو الأرش مع عدم علم المشتري [- يز -] لو اشترى سمنا فوجد فيه غيره تخير بين الرّد و أخذ ما وجده من السّمن بنسبة و لا يلزم البائع أن يعطيه سمنا بإزاء الناقص و إن كان سمانا [- يح -] التصرية تدليس و هي جمع اللّبن في الضّرع يثبت به خيار الفسخ للمشتري [- يط -] الشركة عيب فلو اشترى من غيره شيئا فظهر أن للبائع شريكا و لم

ص: 182

يجز بطل في نصيبه و تخير المشتري بين الرد و أخذ الحصّة بالقسط من الثمن و لو أجاز فالوجه ذلك أيضا على إشكال [- ك -] الجنون و الجذام و البرص عيوب إجماعا و لها أحكام تأتي و كذا القرن و كذا العور و الحدب سواء كان في الصدر أو الظهر و كذا السلع

الفصل الثاني في الأحكام

و فيه [- لا -] بحثا [- ا -] إطلاق العقد يقتضي السّلامة من العيوب فلو باع و أطلق أو شرط السّلامة ثم ظهر عيب سبق وجوده عقد البيع تخير المشتري بين الفسخ و أخذ الأرش مع عدم التصرّف و لا خيار للبائع بل للمشتري خاصة سواء كان البائع عالما بالعيب أو لا فإن اختار الرد استرجع الثمن و إن اختار الإمساك و أخذ الأرش كان له ذلك سواء تعذّر ردّ المبيع أو لا [- ب -] معنى الأرش أن يقوّم المبيع صحيحا ثم يقوم معيبا فيؤخذ قسط ما بينهما من الثمن بتلك النسبة و يتولى التقويم أهل المعرفة بذلك المتاع فإن اختلفوا عمل على الأوسط قال الشيخ و يعتبر التقويم في أقل الحالين قيمة من وقت العقد و وقت القبض [- ج -] إذا باع المعيب وجب الإشعار أو التبر و أمن العيوب لئلا يكون غاشا فإن لم يفعل أحدهما صح البيع و كان الحكم على ما تقدّم [- د -] إذا اختار المشتري ردّ المبيع بالعيب جاز و لا يعتبر رضا البائع و لا حضوره و لا حضوره و لا حكم الحاكم قبل القبض و بعده [- ه -] خيار الرّد بالعيب على التراخي لا يسقط إلا بالإسقاط و إن آخر المطالبة مختارا [- و -] إذا اشترى المعيب و لم يعلم كان له الرّد أو الأرش ما لم يتصرف فيه فإن تصرف سقط الرّد سواء كان قبل العلم بالعيب أو بعده و سواء تصرف بنفسه أو بوكيله و سواء كان التصرّف لازما كالبيع و العتق أو غير لازم كالهبة و الوصيّة و التدبير و قال الشيخ رحمه اللّٰه إن وجد به التدبير أو الهبة تخير بين الأرش و الرّد لأن له الرجوع فيهما و إن كان بعد العتق فلا و ليس بمعتمد و لا يسقط الأرش بالتصرّف سواء علم بالعيب قبل التصرف أو بعده و سواء كان التصرف لازما أو غير لازم و لو تباع ما اشتراه معيبا سقط رده فإن عاد إليه لم يعد جواز الرّد سواء علم بالعيب أو لا و سواء فسخه المشتري بحكم الحاكم أو بغير حكمه [- ز -] إذا علم بالعيب قبل البيع سقطا الرد و الأرش و كذا لو علم به بعد العقد و أسقط حقّه منه و كذا يسقطان لو تبرأ البائع من العيوب وقت العقد و تصح هذه البراءة سواء علم المشتري بالعيب أو لا و سواء علم البائع بالعيب أولا و نقل ابن إدريس عن بعض علمائنا وجوب تفصيل العيوب و لا يكفي في إسقاط الرّد التبرّي و من العيوب إجمالا و الأول أصحّ [- ح -] لو باع المعيب غير الحيوان من غير براءة و لم يعلم المشتري ثم حدث عند المشتري عيب آخر سقط الرد و وجب الأرش عن القديم و ليس له الرّد مع رد أرش الحادث و لو زال العيب الحادث عند المشتري و لم يكن بسببه كان له الردّ و لا أرش و لو كان العيب الحادث قبل القبض لم يمنع الرد أيضا فقد ظهر أن الرّد يسقط بالتبري من العيوب و يعلم المشتري بالعيب قبل العقد و بإسقاطه بعده و بإحداثه فيه حدثا إلا في الشاة المصراة و الأمة الحامل على ما يأتي و بحدوث عيب فيه عند المشتري في غير الحيوان و أما الأرش فإنّه يسقط بالثلاثة الأوّل خاصّة [- ط -] لو باع المعيب ثم أراد أخذ أرشه جاز له ذلك سواء باعه عالما بعيبه أو غير عالم و لو باع بعض المعيب ثم ظهر على العيب فله الأرش لما بقي في يده و لما باعه و ليس له ردّ ما بقي بحصّته من الثمن [- ى -] لو اشترى شيئين صفقة فوجد بأحدهما عيبا لم يكن له ردّ المعيب و إمساك الآخر بل يتخير في ردّهما معا أو أخذ الأرش سواء كانا مما ينقصهما التفريق كمصراعي الباب أو لا و سواء حصل القبض أو لا و لو اشتراهما صفقتين كان له ذلك [- يا -] لو اشترى اثنان شيئا صفقة فوجداه معيبا لم يكن لهما الاختلاف فيأخذ أحدهما الأرش و يرد الآخر بل يتفقان على أحد الأمرين و لو اشترياه صفقتين كان لهما ذلك و لو ورث اثنان عن أبيهما خيار عيب فرضي أحدهما سقط حق الآخر من الرّد لا من الأرش [- يب -] لو اشترى من اثنين شيئا فوجده معيبا فله ردّه عليهما و لو كان أحدهما غائبا رد على الحاضر حصته بقسطها من الثمن و يبقى نصيب الغائب في يده و كذا لو باع أحدهما جميع العين بوكالة الآخر سواء كان الحاضر الوكيل أو الموكّل و لو أراد رد نصيب أحدهما و إمساك نصيب الآخر كان له ذلك و لو اشترى عبدين صفقة و شرط الخيار في أحدهما أكثر من ثلث كان له الفسخ في الذي شرط فيه الخيار دون الآخر [- يج -] لو اشترى حليا من ذهب أو فضة بجنسه وجب التساوي وزنا فلو ظهر فيه عيب لم يكن له أرش و جاز الرد ما لم يتصرف و لو حدث عنده عيب آخر سقط الردّ أيضا و الوجه أنه لا يسقط حكم العيب السابق فحينئذ يحتمل أن يتخير المشتري بين الإمساك بغير شهر و أن يفسح الحاكم البيع و يرد البائع الثمن و يطالب بقيمة الحلي من غير الجنس و يكون بمنزلة التالف و يحتمل أن يفسخ البيع و يرد الحلي على البائع مع أرش النقصان المتجدّد و يكون بمنزلة المأخوذ على جهة السوم إذا حدث فيه العيب و لو تلف الحلي فسخ البيع و رده قيمته من غير الجنس و استرجع الثمن و الأخير عندي قوي و كذا لو باع قفيزا مما فيه الربا بمثله فوجد أحدهما بما أخذه عيبا ينقص القيمة دون الكيل لم تملك

ص: 183

أخذ الأرش بل الحكم ما تقدّم [- يد -] لو ظهر على عيب بعد زوال ملكه ببيع أو وقف أو موت أو قتل أو تعذر الرّد لاستيلاد و نحوه كان له الأرش سواء كان قبل العلم بالعيب أو بعده و لو أكل الطعام أو لبس الثوب فأتلفه ثم علم بالعيب رجع بأرشه أيضا و كذا لو اشتغل المبيع أو عرضه للبيع أو تصرف بما يدلّ على الرّضا قبل علمه بالعيب و بعده فإنّ الردّ يسقط و يثبت الأرش و لو اشترى من يعتق عليه ثم ظهر على عيب سابق فالوجه أن له الأرش خاصّة [- يه -] لو اشترى عبدا فأبق ثم ظهر على عيب فإن كان الإباق غير متجدّد أخذ الأرش أو صبر حتى يحصل العبد و يرده و لو كان متجدّدا كان له الأرش خاصّة [- يو -] لو تعيّب عند المشتري لم يكن له ردّه بالعيب السابق فلو اختاره البائع جاز و لو أراد المشتري الأرش حينئذ قال الشيخ ليس له ذلك و الوجه عندي أن له الأرش إن اختاره و لو امتنع البائع من قبوله معيبا كان للمشتري حق الأرش قولا واحدا و لو رده برضا البائع لم يكن له المطالبة بعد الردّ بأرش العيب أيضا و لا فرق بين أن يكون العيب الحادث عند المشتري المانع من الردّ نقصا في العين أو الصّفة كنسيان الصّنعة و لا فرق أيضا بين أن يكون البائع دلس على المشتري و كتم العيب القديم و بين عدمه و سواء كان العيب الحادث عند المشتري من فعله أو فعل أجنبيّ أو فعل اللّٰه تعالى في المنع من الردّ [- ين -] لو رجع بأرش المعيب بعد العتق ملكه و لم يجعل في الرقاب سواء كان متبرعا في عتقه أو أعتقه في كفارة و غيرها من الواجبات [- يح -] إذا كسر ما ليس له قيمة بعد الكسر فوجده معيبا كالبيض الفاسد و الرّمان الأسود رجع بكل الثمن و ليس عليه رد المعيب على البائع و إن كان له قيمة سقط الردّ و وجب الأرش و لو كان الثوب ينقص بالنشر فنشرة فوجده معيبا ثبت له الأرش خاصة و إلا كان له الردّ أيضا و لو صبغ الثوب ثم ظهر العيب سقط الردّ و وجب الأرش و لو اختار البائع أخذه و ردّ قيمة الصّبغ لم يجبر المشتري و يثبت الأرش [- يط -] لو اشترى أنه فحملت عنده ثم ظهر العيب سقط الردّ و وجب الأرش و لو كانت دابة جاز الردّ لأنه زيادة و لو علم بالعيب بعد الوضع و لم ينقصه الولادة كان له إمساك الولد و رد الأمّ مع عدم التصرّف و لا فرق بين حملها قبل القبض و بعده و لو اشتراها حاملا ثم ظهر العيب سقط الرد و وجب الأرش و لو كانت دابة جاز الردّ لأنّه زيادة و لو علم بالعيب بعد الوضع و لم ينقصه الولادة كان له إمساك الولد و رد الأم مع عدم التّصرف و لا فرق بين حملها قبل القبض و بعده و لو اشتراها حاملا ثم ظهر العيب ردّها و ردّ الولد و لو تلف الولد فهو كعيب عند المشتري و كذا لو نقصت بالولادة [- ك -] إذا اشترى أمة فوطئها ثم وجدها حبلى كان له ردها على البائع و يرد معها نصف عشر قيمتها و لو ظهر على عيب غير الحبل لم يكن له ردّها بعد الوطء بل كان له الأرش خاصّة و لو تصرّف فيها بغير الوطء ثم ظهر عيب الحبل فالأقرب عدم الرد و ثبوت الأرش و لو اشترى أمة ذات زوج و ظهر بها عيب الحبل بعد أن وطئها الزوج و كان المشتري قد أجاز النكاح فالوجه سقوط الردّ أيضا و لا يقوم نكاح الزوج مقام نكاح المشتري على إشكال و لو زنت في يد المشتري من غير شعور ثم ظهر الحبل عند البائع فعلى قول الشيخ من أن الزّنا ليس بعيب يثبت له الردّ و يأتي على قولنا سقوطه و لو وطئها بكرا ثم ظهر الحبل السابق كان له الرد و في قدر المردود إشكال إذا الظاهر أن المراد بنصف العشر في النصّ أنّما هو للثيّب مع احتمال عمومه فعلى هذا هل يرد العشر أو أرش البكارة قال ابن إدريس بالأول و ادّعى عليه الإجماع و لو كان العيب غير حبل فله الأرش [- كا -] لو أراد ردّ المعيب و قد زاد زيادة متصلة عنده ردّه مع الزيادة و إن كانت منفصلة فإن كانت كسبا من جهته كتجارة و إجارة عمل أو يوهب له شيء أو يصطاد أو يحتطب أو يحتش ردّ المعيب خاصّة و كذا إن كان نتاجا و ثمرة فإنّه يرد المعيب دون النماء و لا يمنع النماء ردّه هذا إذا حملت عند المشتري و لو اشتراها حاملا ثم ولدت عند المشتري ردّ الولد أيضا و لو حصل النماء قبل القبض و أراد الردّ قال الشيخ رحمه اللّٰه يكون النماء للبائع و عندي فيه نظر [- كب -] ترد الشاة المصراة و هي التي جمع بائعها اللّبن في ضرعها ليدلّسها على المشتري فيظنّ أنه قدر حلبها في كل يوم و برد معها قيمة اللبن و إن شاء أمسكها بغير أرش و لو كان المشتري عالما بالتصرية لم يكن له خيار و لو صار لبنها عادة و استمر على كثرته لم يكن له الرد و قال بعض الجمهور لا يسقط الردّ و قول الشيخ لظاهر الخبر الذي أوردوه فإنا لم نقف في المصراة على حديث من طرقنا و إذا رد الشاة قال الشيخ يرد معها عوض اللبن و هو صاع من تمر أو برّ و قال آخرون يرد معها ثلاثة أمداد من طعام و الوجه أن اللبن يرد أن كان باقيا و إلا مثله و لو تعذّر فالقيمة بعد إسقاط ما أنفق عليها و هو اختياره رحمه اللّٰه في النهاية و لو أوجبنا صاع التمر وجب أن يدفعه غير معيب و لا يجب الأجود بل الواجب صاع من أدنى اسم الجيد و لا فرق بين أن يكون قيمة التمر مثل قيمة الشاة

ص: 184

أو أقل أو أكثر و كذا عندنا في دفع قيمة اللبن مع تعذر المثل و لو عدم التمر في موضعه كان عليه قيمته في موضع العقد و لا اعتبار بفضل الأقوات بل الواجب صاع من تمر أو برّ في جميع البلدان و لو كان عين اللّبن موجودا لم يتغيّر فردّه مع الشاة لم يجبر البائع على قبول قال و لو قلنا يجبر كان قويّا و لو تغيّر احتمل عدم القبول و وجوبه و كل ذلك لا يتأتى على ما اخترناه و لو علم بالتصرية قبل حلبها إما بالإقرار أو البيّنة ردّها من غير شيء و لو رضي بالتصرية فظهر آخر غيرها فالوجه سقوط الردّ للتصرف و المطالبة بأرش العيب و قال الشيخ رحمه اللّٰه له الرد و يرد صاعا من تمر أو برّ بدل لبن التصرية و لو لم تكن مصراة و ظهر بها عيب بعد الحلب لم يكن له الردّ بل الأرش [- كج -] مدّة الخيار في المصراة ثلاثة أيام كغيرها من الحيوانات و يثبت على الفور و لا يسقط بالتصرّف و لا تثبت قبل انقضاء الثلاثة على إشكال [- كد -] لا فرق في التصرية بين الشاة و البقرة و الناقة و لا تثبت في الأمة و لا الأتان و لا الفرس و قال ابن الجنيد يثبت في كل حيوان آدمي و غيره [- كه -] لو اشترى مصراتين أو أكثر في عقد واحد فردّهن دفع مع كل مصراة صاعا و عندنا قيمة اللبن أو مثله [- كو -] لو اختلف المتبايعان في العيب هل هو قبل العقد أو بعده عند المشتري و لا بينة عمل بها يدل عليه شاهد الحال و لو انتفى فالقول قول البائع مع يمينه [- كز -] لو اشترى من الوكيل كان الردّ بالعيب على الموكل و القول قول الموكّل في تجدد العيب عند المشتري و الأقرب أنه لا يقبل إقرار الوكيل في ذلك فلو ردّه على الوكيل لم يكن للوكيل ردّه على الموكل و لو أنكر الوكيل و نكل عن اليمين فرده عليه لنكوله ففي ردّه على الموكل وجهان أحدهما الردّ لرجوعه إليه بغير اختياره و الثاني عدمه لأنّ نكوله كالإقرار و الأوّل أقوى و لو اشترى جارية على أنها بكر فقال المشتري أنها ثيّب أمر النساء بالنظر إليها و يقبل قول امرأة ثقة في ذلك و لو وطئها و قال لم أجدها بكرا كان القول قول البائع مع اليمين [- كح -] لو أنكر البائع كون المردودة للعيب سلعته فالقول قوله مع يمينه و لو أنكر كون المردودة بالخيار سلعته قيل القول قول المشتري [- كط -] إذا ردّ الدابّة للعيب السابق قال الشيخ جاز له ركوبها في طريق الردّ و علفها و حلبها و أخذ لبنها و إن نتجت كان له نتاجها لأن الردّ أنما سقط بالرضا بالعيب أو ترك الردّ مع العلم أو بأن يحدث عنده عيب و هي منفية هنا و نحن نتابعه إلا في الرّكوب أو الحلب فإنّه إن وقع قبل الفسخ بطل الرد لتصرفه و إن وقع بعده لم يمنع الردّ إلى حضور الخصم [- ل -] إذا باع الجاني عمدا بغير إذن المجني عليه قال الشيخ لم يصحّ و الأقرب الصّحة و على قوله يردّ المشتري و يسترجع الثمن و يبقى الحكومة بين المجني عليه و سيّد الجاني فإن اقتص استوفى حقه و إن عفا على مال أو كانت الجنابة توجب المال تعلق برقبة العبد و تخير المولى بين تسليمه للبيع و اقتدائه فإن بيع بأقلّ لم يلزم السّيد القيمة و إن فضل فللمولى و إن فداه فبأقل الأمرين من أرش الجناية و القيمة و روي لزوم جميع الأرش أو تسليم العبد و لو قتل العبد قصاصا قبل التسليم إلى المشتري انفسخ البيع و إن كان بعده رجع المشتري بجميع الثمن قال الشيخ و الأولى فيما يوجب الأرش أن بيعه بعده دلالة على التزام المال في ذمّته و يلزمه أقل الأمرين فلا خيار للمشتري و لو قيل لا يلزم السيد فداؤه و إن التزمه كان قويا و لو كان السيد معسرا لم يسقط حق المجني عليه من رقبة العبد فيتخير المشتري مع عدم علمه فإن فسخ رجع بالثمن و كذا إن كانت الجناية مستوعبة و إن لم يستوعب رجع بالأرش و لو علم قبل البيع فلا ردّ له و لا أرش و لو اختار المشتري أن يفديه كان له و لو كانت الجناية على بعض الأطراف فإن كان المشتري عالما قبل العقد فلا ردّ و لا أرش و إن لم يكن عالما تخير بين الردّ و الأرش و لو قطعت يده عند المشتري قصاصا لم يسقط الردّ قاله الشيخ رحمه اللّٰه و حكم المرتد حكم القاتل في صحّة بيعه فإن علم المشتري سقط خياره و إلا تخير بين الردّ و الأرش فإن قتل في يد المشتري رجع بجميع الثمن و كذا القاتل في المحاربة إذا تاب قبل القدرة عليه فإن لم يتب حتى قدر عليه ففي جواز بيعه إشكال [- لا -] حدوث عيب عند المشتري في الحيوان لا يمنع الرد بالعيب السابق إن كان حدوثه في الثلاثة من غير فعل المشتري و لو كان بعدها سقط الرد وجب الأرش كغيره و كذا لو باع الحيوان سليما سالما ثم حدث عيب عند المشتري في الثلاثة من غير فعله كان له الردّ و لو كان بعد الثلاثة لم يكن له رد إلا في الجنون أو الجذام و البرص فإنها إذا تجدّدت من حين العقد إلى تمام سنة عند المشتري كان له الرد بها ما لم يتصرّف و في رواية إلحاق القرن بها و أفتى بها ابن الجنيد و لا فرق بين ظهور هذه العيوب في السنة في يد البائع أو المشتري و لو ظهرت بعد السنة فلا ردّ إلا أن يظهر قبل القبض

ص: 185

و لو تصرف المشتري و ظهرت في السنة فالوجه عدم الردّ بل يثبت الأرش على إشكال

الفصل الثالث في التدليس

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] إذا شرط المشتري صفة مقصودة صحّ و إن لم يكن فقدها عيبا و يتخيّر بين الرد و الإمساك بغير شيء لو لم يجدها كذلك مثل اشتراط الجعودة في الشعر و الزجج في الحواجب و الصنعة و الصّيد في الفهد و ما أشبه ذلك و لو اشترط ما ليس بمقصود فبان بخلافه كما لو اشترط كون الشعر سبطا فبأن جعدا أو كونها جاهلة فبانت عالمة فلا خيار [- ب -] قال الشيخ رحمه اللّٰه إذا اشترى جارية لم يصحّ حتى ينظر إلى شعرها هل هو جعد أو سبط أو أسود أو أبيض فلو رآه جعدا ثم ظهر التدليس و إنه سبط ثبت الخيار لأنّه عيب و كذا لو بيّض وجهها بالطلاء ثم أسمر أو حمّر خدّيها ثم اصفر أ كان له الخيار و لو قلنا بانتفائه كان قويا و الذي قواه هو الأقوى عندي إلا أن يشترط هذه الصّفات فسيخرج الخلاف [- ج -] لو أسلم في جارية جعده فسلم إليه سبطه فله الردّ و لو كان بالعكس قال الشيخ له الردّ أيضا و الأقوى أنّه لا ردّ [- د -] لو اشترى جارية مطلقا فخرجت ثيبا أو بكرا فلا خيار و لو شرط البكارة و لم يحصل قال الشيخ روى أصحابنا أنه ليس له الخيار و له الأرش بين كونها بكرا و ثيبا اختاره في الإستبصار و ابن إدريس و قال في النّهاية لا رد له و لا أرش و الوجه عندي أنه إن ثبت أنها يثبت عند البائع كان له الرد أو الأرش و إلا فلا و لو شرط العكس فلا خيار [- ه -] لو اشترى عبدا مطلقا فخرج مسلما أو كافرا فلا خيار و إن شرط الإسلام فبان الكفر فله الردّ و بالعكس قال الشيخ لا خيار و لو قبل به كان قويّا [- و -] لو اشترى عبدا مطلقا فخرج فحلا فلا خيار و إن كان خصيّا ثبت الخيار و لو شرط فبان فحلا فله الخيار [- ن -] لو اشترط كون الشاة لبونا صحّ و لو شرط أنها تحلب كل يوم قدرا معلوما لم يصحّ و كذا لو شرطها عزيزة اللبن أو شرط البيض في الدجاجة [- ح -] لو اشترط كون الجارية حاملا أو الدابة فالوجه الصّحة و لو شرط أنها تضع الولد في وقت معين لم يصحّ و لو شرط أنهما لا تحمل ففي الصّحة نظر و لو اشترط أنها حائل فبانت حاملا ثبت الخيار إن كانت أمة و الوجه أن الدابة كذلك [- ط -] لو اشترط كون الهزار و القمري مصوتا فالوجه عدم الصّحة و كذا لو اشترط في الديك أنه يوقظه للصلاة أو أنّه يصيح في الأوقات المعلومة أو شرط مجيئه من مسافة بعيدة أو معينة أو كون الجارية مغنية أو الكبش نطاحا أو الديك مقاتلا [- ى -] لو ادعى المشتري تقدم العيب فقال البائع لا يستحق الرد علي بهذا العيب كان جوابا صحيحا و وجب على الحاكم إحلافه عليه و إن قال بعته بريا من هذا العيب جاز إحلافه على عدم استحقاق الردّ و على جوابه و لو امتنع عن الأخير قبل له ذلك و يحلف على عدم الاستحقاق [- يا -] إذا حدث العيب قبل البيع ثبت الردّ أو الأرش و مع التصرف الأرش و مع العلم ينتفيان و إن حدث بعده و بعد القبض سقط الردّ إلا في الحيوان في الثلاثة ما لم يتصرف أو العيوب الثلاثة إلى سنة و لا يثبت الأرش فيما يحدث بعد القبض مطلقا إلا في الحيوان و إن حدث قبل القبض قال الشيخ لا أرش و اختاره ابن إدريس و الأقوى عندي ثبوته و لو قبض بعضه ثم حدث في الباقي عيب كان الحكم كذلك فيما لم يقبض و لو وهب البائع المشتري الثمن بعد قبضه ثم وجد المشتري بالمبيع عيبا كان له الردّ و استرجاع مثل الثمن أو قيمته لأن الثمن عاد إليه بغير الوجه الذي يعود إليه بالردّ و له الأرش إن اختاره [- يب -] لو قال لاثنين بعتكما هذا العبد بألف فقال أحدهما قبلت نصفه بخمس مائة لم ينعقد لعدم مطابقة الجواب و كذا لو قال قبلت نصف كل واحد منهما بنصف الثمن أو قبلت نصف أحد العبدين بحصة من الثمن و لو قال بعتكما هذين بألف هذا العبد منك و هذا الآخر منك فقبله أحدهما بخمس مائة لم يصح أما لو قال هذا منك بخمس مائة و هذا من الآخر بخمس مائة فقبل أحدهما بخمس مائة فإنه يصحّ

المقصد السّابع في بيع المرابحة

و المواضعة و التولية و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] بيع المرابحة جائز غير مكروه و يشترط العلم برأس المال و قدر الرّبح فلو جهلا أو أحدهما رأس المال أو قدر الرّبح بطل و يجب ذكر الصرف و الوزن مع اختلافهما دون ذكر البائع و إن كان ولده أو غلامه و لا الإخبار عن الغبن [- ب -] يكره بيع المرابحة بالنسبة إلى أصل المال بأن يقول رأس مالي مائة بعتك به و ربح كلّ عشرة واحد بل يقول بعتكه بمائة و ربح عشرة [- ج -] إذا أراد الإخبار بثمن السلعة فإن لم يتغير أخبر بثمنها فيقول اشتريته بكذا أو رأس مالي فيه كذا أو يقوم علي أو هو علي و إن تغيرت بأن تزيد أثمانها كالسمن و تعلّم الصنعة و الثمرة و النتاج أخبر بالثمن من غير زيادة و إن كان قد استخدم أو أخذ النماء و إن زادت بعمله كقصارة الثوب قال رأس مالي فيه كذا و عملت فيه بكذا [- د -] إن عمل بأجرة

ص: 186

صحّ ضمها إلى الثمن بشرط أن يقول يقوم عليّ أو هو عليّ و لا يجوز أن يقول اشتريته بكذا و يريد المجموع و إن نقصت بمرض أو جناية أو غير ذلك أو تلف بعضه أخبر بالحال [- ه -] لو ظهر العيب فأخذ أرشه أسقط من رأس المال و أخبر بالباقي فيقول رأس مالي كذا أو يقوم عليّ بكذا و لا يقول اشتريته بكذا و لو أخبر بالحال فيقول اشتريته بكذا و لو أخبر بالحال فيقول اشتريته بكذا و استعدت أرشه كذا جاز و لو جنى على العبد فأخذ أرش الجناية لم يجب وضعها و لو قيل بوجوبه كان وجها و لو جنى العبد ففداه المشتري لم يلحق الفداء بالثّمن و كذا لا يخبر بما يعمل في السلعة بنفسه أو بغيره بغير أجرة و لا ما يخسره من الأدوية و المئونة و الكسوة و لو أخبر بصورة الحال جاز و لو قال بعتك بما قام عليّ استحقّ مع الثمن ما بذله للدلاّل و الكيال و أجرة البيت إن يكن ملكه و لو حطّا لبائع بعض الثمن عن المشتري أو استزاده فإن كان بعد لزوم العقد لم يجبر به و لو كان في مدة الخيار أخبر بالأصل أيضا لأنّه هبة من أحدهما للآخر و لا يكون عوضا و قال الشيخ يلحق بالعقد فيخبر بالناقص مع إسقاط البعض و بالزائد مع الضميمة و ليس نجيد و لو تغير سعرها دونها بأن رخصت أو غلت أخبر بالثمن لا غير [- و -] لو قال رأس ماله مائة و باعه بربح عشرة فبان تسعين ببينة أو إقرار كان البيع صحيحا و يتخير المشتري بين الرد و الأخذ بجميع الثمن و هو مائة و عشرة و قيل يكرز للمشتري الرجوع على البائع بما زاد في رأس المال و هو عشرة و حصتها من الريح و هو درهم فيصير الثمن تسعة و تسعين و قواه الشيخ رحمه اللّٰه فحينئذ يحتمل الخيار للمشتري لجواز الخيانة في الأخبار الثاني و يتعلق غرضه بالشراء بالثمن كملا لكونه حالفا أو وكيلا أو غير ذلك و عدمه لأنه رضيه بالأزيد و لا خيار للبائع عندنا و كذا يتأتى على ما قواه الشيخ لأنه باعه برأس ماله و حصته من الربح و إذا اختار المشتري الرد كان له مع بقاء السّلعة و لو هلكت أو تصرّف لم يكن له الردّ قال الشيخ و له الرجوع بالنقصان و هو بناء على ما قواه أولا [- ن -] لو قال بعد البيع اشتريته بمائة و عشرة لم يقبل منه و إن ادّعى الغلط و لو عرف باعتقاد الصّدق و إن أقام بينة لم تستمع و ليس له إحلاف المشتري إلا أن يدّعي عليه العلم و لو قال كان وكيلي قد اشتراه بمائة و عشرة و أقام البيّنة قيل قال الشيخ و لو قلنا لا يقبل كان قويّا [- ح -] لو باعه سلعة ثم اشتراها منه جاز إذا لم يشترط و إن كان من قصدهما و يكون مكروها فلو باع غلامه الحرّ سلعة ثم اشتراها من غير شرط بثمن زائد جاز أن يخبر بالزائد إن لم يكن شرط الإعادة و إلا فلا و كذا لو باعه على أبيه أو ابنه أو من لا يقبل شهادته له ثم اشتراه منهم و إن لم يخبر بالحال و كذا لو اشترى من مكانه [- ط -] لو اشترى ثوبا بعشرة ثم باعه بخمسة عشر ثم اشتراه بعشرة جاز أن يخبر بالحال على وجهه و أن يخبر أنه اشتراه بعشرة من غير بيان [- ى -] لو اشترى سلعة بمائة إلى سنة ثم باعها مرابحة حالا من غير بيان للشيخ قولان أحدهما أنه يكون للمشتري من الأجل مثل ماله و الثاني يتخيّر بين الفسخ و الأخذ بما وقع عليه العقد حالا و هو الأقوى عندي و كذا لو اشتراه إلى سنة فأخبر أنه اشتراه إلى نصفها و كذا يتخير المشتري لو ابتاعه بدينار فأخبر أنه اشتراه بدراهم أو بالعكس أو كان قد اشتراه بعرض فأخبر أنه اشتراه بنقد أو بالعكس و ما أشبه ذلك في الردّ و الأخذ بما وقع العقد عليه و كلما قلنا إنه يجب الإخبار به في المرابحة لو لم يفعل تخير المشتري بين الردّ و الأخذ بما اشتراه هو و لا يقع البيع فاسدا و لو اشتريا ثوبا بعشرين فبذل لهما زيادة درهمين فاشترى أحدهما نصيب صاحبه بأحد عشرا خبر بأحد و عشرين [- يا -] بيع المساومة أجود من المرابحة و التولية و يجب الإخبار في التولية كما يخبر في المرابحة و يجوز بلفظ البيع و التّولية و كذا يجب الإخبار في المواضعة بما يجب في المرابحة [- يب -] لو صدّقه المشتري في الغلط بالإخبار حكم عليه و لو أقام بينة بالزائد عن إخباره لم يسمع على ما قلنا و إن ادعى الغلط ما لو أقامها على المشتري بإقراره بالعلم بالغلط فإنّها تسمع و لو طلب المشتري من البائع الحلف على عدم العلم بالزائد وقت البيع كان له ذلك فإن نكل قضي عليه و إن حلف تخير المشتري بين الأخذ بالزيادة على إشكال و الفسخ و لو قيل إن الزيادة لا يلحق العقد فيتخير البائع كان وجها و هل يلزمه مع القبول نصيب الزيادة من الربح الوجه ذلك أن نسب الربح إلى الثمن مثل أن يقول بربح كل عشرة درهما و لو قال بربح عشرة لا غير لم يثبت و لو أخذها بالزائد و نصيبه من الربح لم يكن للبائع خيار و كذا لو أسقط الزيادة عن المشتري [- يج -] لو اشترى شيئين صفقة لم يبع أحدهما مرابحة تماثلا أو اختلفا سواء قومها أو بسط الثمن عليهما بالسّوية و باع خيارهما إلا أن تخبر بالحال و كذا لو اشترى اثنان شيئا صفقة و اقتسما لم يكن لأحدهما نصيبه مرابحة إلا بعد إعلام المشتري بالحال بما ثبت أجزاؤه أو اختلفت [- يد -] لو قوم التاجر متاعا على الواسطة بشيء معلوم و قال له بعد فما زدت على رأس المال فهو لك و القيمة لي

ص: 187

قال الشيخ رحمه اللّٰه جاز و إن لم يواجبه البيع فإن باع الواسطة بزيادة كان له و إن باعه برأس المال لم يكن له على التاجر شيء و إن باعه بأقل ضمن تمام ما قوم عليه و لو رد المتاع و لم يبعه لم يكن للتاجر الامتناع من قبوله و ليس للواسطة أن يبيعه مرابحة و لا يذكر الفضل على القيمة في الشراء و الوجه أن الزيادة لصاحب المتاع و له الأجرة و كذا إن باع برأس المال و إن باع بأقل بطل البيع قال الشيخ و لو قال الواسطة للتاجر خبرني بثمن هذا المتاع و اربح علي فيه كذا ففعل التاجر ذلك غير أنه لو يواجبه البيع و لا ضمن هو الثمن ثم باع الواسطة بزيادة على رأس المال و الثمن كان ذلك للتاجر و له أجرة المثل لا أكثر من ذلك و لو كان قد ضمن الثمن كان له ما زاد على ذلك من الرّبح و لم يكن للتاجر أكثر من رأس المال الذي قرره [- يه -] يجب ذكر الصرف و الوزن في المرابحة مع الإحلاف [- يو -] بيع المواضعة جائز بأن يخبر برأس ماله و بيعه برأس المال و وضيعة كذا و لو قال بوضيعة درهم من كل عشرة كان مكروها و يصح و يطرح من كل عشرة درهما و لو قال الثمن مائة و بعتك بواضعة درهم من كل عشرة لزمه تسعون و يكون الحطّ عشرة و قيل تسعة و جزء من أحد عشر جزءا من درهم فيكون الثمن أحدا و تسعين الأجزاء من أحد عشر من درهم و قوّاها الشيخ لأن عقد الباب هنا في معرفة الثمن أن يضيف الوضيعة إلى رأس المال ثم ينظر قدرها فما اجتمع فأسقطه من رأس المال و هو الثمن فإذا قال رأس المال عشرون بعتك به مواضعة العشرة درهمان و نصف فيضيف إلى العشرين خمسة فيصير خمسة و عشرين و قدر الوضيعة الخمس فأسقطه من عشرين فيبقى ستة عشر ثم جعل الشيخ الذي اخترناه أقوى لأنه إذا قال مواضعة كلّ عشرة واحدا أضاف المواضعة إلى رأس المال فيحذف منه عشرة فيبقى تسعون و لو قال بوضيعة درهم لكل عشرة كانت الوضيعة من كلّ أحد عشر درهما درهما [- ين -] لو اشترى نصف سلعة بعشرة و آخر نصفها بعشرين ثم باعها مساومة بثمن واحد فهو بينهما نصفان و كذا مرابحة أو مواضعة أو تولية و لا يقسم على رأس المال [- يح -] لو جهلا رأس المال في المرابحة أو المواضعة أو التّولية أو أحدهما أو جهلا أو أحدهما قدر الربح أو الوضيعة بطل البيع [- يط -] لو قال اشتر هذا المتاع و أزيدك شيئا فاشتراه لم يلزم الأمر أخذه و لو أخذ من تاجر مالا و اشترى به متاعا يصلح له ثم جاء به إلى التاجر فاشتراه منه لم يكن به بأس إذا كان قد ناب في الشراء و لا يجبر التاجر على بيعه إياه و لو كان اشتراه لنفسه ثم تقل مال التاجر كان المتاع له لا سبيل للتاجر عليه و للتاجر مثل ماله [- ك -] لا يجوز بيع المتاع في أعدال مخرومة و جرب مشدودة إلا أن يكون له بارنامج يوقفه منه على صفة المتاع في ألوانه و أقداره فيجوز بيعه حينئذ فإذا وجد كما وصف لزم و إلا كان له الفسخ [- كا -] لو أمر غيره بشراء متاع له و ينقد من عنده الثمن عنه فاشتراه المأمور و نقد عنه ثم سرق المتاع أو هلك كان من مال الآمر دون المبتاع

المقصد الثامن في بيع الثمار

و فيه [- له -] بحثا [- ا -] يجوز بيع الثمر بعد ظهورها و بدر الصّلاح عاما و أكثر بشرط القطع و التبقية منفردة و منضمة إلى غيرها و لو لم يبد صلاحها قيل يجب ضمها إلى غيرها أو تباع أكثر من عام واحد أو بشرط القطع فيبطل لو خلا عن هذه و قيل يجوز و هو الأقوى و لو باعها قبل الظهور عاما مفردة بطل قولا واحدا و لو باعها كذلك عامين أو منضمة فالوجه البطلان و لا فرق عندنا بين بيعها على مالك الأصل و الأجنبي [- ب -] لو باعها قبل بدو الصّلاح بشرط القطع فزكها حتى بدأ صلاحها لم يبطل البيع و هل يشتركان في الزيادة منع أصحابنا منه و أوجبوا الثمرة للمشتري و عليه أجرة التبقية و عند الجمهور يحتمل ذلك لحصولها في ملكهما لأن المشتري ملك الثمرة و البائع مالك الأصل و هو سبب الزّيادة و الزيادة ما بين قيمتها حين الشراء و قيمتها يوم أخذها و يحتمل ما بين قيمتها قبل بدو الصلاح و قيمتها بعده لأنّ الثمرة قبل بدو الصّلاح للمشتري بتمامها لاحق للبائع بها و لا يبطل البيع لو قعدتا تأخيره وقت الشراء [- ج -] إذا باعها بعد بدو الصلاح صح بشرط القطع و التبقية مطلقا [- د -] الشجر و النخل في الحكم سواء [- ه -] بدو الصلاح في النخل تغير لونه من الخضرة إلى الحمرة أو الصّفرة و فيما له ورد تساقط ورده عنه و في الكرم انعقاد الحصرم و إن كان غير ذلك فحين يخلق و يشاهد و لا اعتبار في ذلك بطلوع الثريا و لا يشترط تناهي عظمه [- و -] إذا بدا صلاح بعض الثمر جاز بيع الجميع سواء كان من نوع ذلك الجنس أو من غير نوعه و لو أدرك ثمرة بستان دون آخر جاز بيعهما تجاورا أو تباعدا و اختار الشيخ رحمه اللّٰه عدم الجواز و ليس بجيّد [- ن -] لا يجوز بيع الخضر كالقثاء و الخيار و شبههما قبل ظهورهما و يجوز بعده إذا انعقد لقطة واحدة و لقطات منفردة عن أصولها و منضمة و يجوز بيع أصول هذه البقول المتكررة ثمرتها من غير شرط القطع و لا فرق بين بيع هذا الأصول و هي صغار أو كبار و لا بين كونها مثمرة أو لا و لو باع ما فيه ثمرة ظاهرة فهي المبايع و يجب على المشتري تركها إلى وقت بلوغها و لو اشترطها المبتاع جاز و لو تجدّد بعد العقد

ص: 188

ثمرة فالمتجدّد للمشتري فإن لم يتميّز اشتركا [- ح -] يجوز بيع ما يجز مرة بعد أخرى بعد ظهوره جزة و جزات بشرط القطع و غيره سواء كان فصيلا أو غيره من البقول و لو اشترى الرطبة و ما أشبهها جزة واحدة بشرط القطع وجب في الحال فلو أخر فكالثمرة إذا بيعت و قد سلف و لو اشترى فصيلا من شعير جزة على أن يقطعه ففعل ثم عاد فنبت فهو لصاحب الأرض و لو اشترى جزتين كان لصاحب الأرض ما ينبت في الثالثة و لو اشتراه بأصوله فقطعه ثم نبت كان لصاحب الزرع خاصّة لا لصاحب الأرض و لو سقط من الزرع حب فنبت في العام المقبل فهو لصاحب الحب لا لصاحب الأرض [- ط -] يجوز بيع ما يخرط مرة و أكثر بعد ظهوره كالتوت و الحناء منفردة و مع الأصول [- ى -] يجوز بيع الثمرة مع أصولها و منفردة سواء كانت بارزة كالتفاح و المشمش أو في قشر يحتاج إليه لإذماره كالجوز في القشر الأسفل أو لا يحتاج كالقشر الأعلى [- يا -] يجوز بيع الزرع سنبلا قائما و حصيدا سواء كان بارزا كالشعير أو مستترا كالحنطة منفردة و منضمة مع أصوله سواء شرط القطع أو لا و يجوز بيعه قبل أن يسنبل بشرط القطع و التبقية و لو أطلق فالوجه وجوب التبقية إلى وقت الحصاد ما لم يقصد الفصيل فيجب على المشتري حينئذ قطعه و لو شرط القطع و لم يقطعه تخير البائع بين قطعه و إبقائه و على المشتري أجرة مثل الأرض و الزكاة إن بلغ النصاب هذا إذا كانت الأرض عشريّة و إن كانت خراجية فعلى المشتري الخراج قاله الشيخ و ابن إدريس و فيه نظر و لو أطلق أو شرط التبقية وجب على البائع إبقاؤه إلى وقت الحصاد و لا أجرة [- يب -] يجوز بيع الحبّ و إن لم يبيض بعد و منعه ابن الجنيد و لا فرق بين أن يبيعه قبل بدو الصّلاح بشرط القطع أو بشرط التبقية في الجواز و لو باعه قبل بدو الصلاح مع الأرض جاز إجماعا و كذا يجوز منفردا لمالك الأرض و غيره على الأقوى [- يج -] لو باع صاحب الأرض نصف أرضه على صاحب الزرع بنصف زرعه جاز فلو شرطا في البيع قطع جميع الزّرع فالأقرب الصّحة و لا يلزم الوفاء بالشرط [- يد -] لو باع البدو قبل خروجه لم يصحّ و إن علما مقداره و كذا لو خرج و باعه البذر و لو باعه مع الأرض صحّ و إن لم يخرج بعد و لو باع المقصود منه مستور كالجوز لم يصحّ حتى يقلع و يشاهد و لو كان الظاهر مقصودا كالبصل فالوجه جوازه منفردا و مع أصوله و كذا لو كان معظم المقصود مستورا على إشكال [- يه -] يجوز بيع الجوز و اللّوز و الباقلاء الأخضر في قشريه سواء كان مقطوعا أو في شجرة و كذا يجوز بيع الحبّ المشتد في سنبله [- يو -] لو باع الأصول بعد انعقاد الثمرة لم يدخل في البيع إلا أن يشرطها المشتري و يجب على المشتري التبقية إلى أوان أخذه بمجرى العادة و لو باع الثمرة جاز أن يستثني أرطالا معلومة و لا فرق بين البستان و النخلة الواحدة أو الشجرة و يجوز أن يستثني ثمرة شجرة بعينها أو شجرات بأعيانها أو نخلة أو نخلات معيّنة و لو استثنى نخلة أو نخلات مجهولة أو أرطالا كذلك بطل البيع و كذا لو استثنى أرطالا معلومة و لم يعين الجنس إذا كان أكثر من واحد و يجوز أن يستثني جزءا مشاعا معلوم النسبة كالثلث و لو كان مجهولا لم يصحّ [- ين -] لو باع قفيزا معلوما و استثنى منه أرطالا معلومة أو جزء معلوما صحّ و لو قال بعتك من هذه الصبرة قفيزا إلا مكوكا صحّ أيضا و لو قال بعتك هذه الثمرة بأربعة دراهم إلا بقدر درهم صح لأنّه بمنزلة بعتك ثلاثة أرباعها بأربعة و لو قال إلا ما يساوي درهما لم يصحّ و لو استثنى من الحيوان جزءا معلوما مشاعا جاز و لو باع قطيعا و استثنى شاة معينة صحّ البيع و كذا لو استثنى جزءا مشاعا معلوم النسبة و لو كانت مجهولة لم يصحّ و لو كان مأكولا فاستثنى الرأس أو الجلد فللشيخ قولان و لو استثنى الحمل جاز [- بح -] لو استثنى المشتري للزرع أو النخل بقاءه إلى أوان أخذه لفظا قيل يبطل للجهالة و إن وجب له ذلك حكما و لو باعه دارا إلا ذراعا معيّنا فإن عين موضعه صح و إلا فلا علما بذرعان الدار أو جهلها أحدهما أو هما و لو استثنى الكسب من السمسم أو الحبّ من القطن لم يصحّ و كذا لو استثنى الشيرج و كذا لو باعه بدينار إلا درهما أو قفيزا لأن قصده رفع قيمة المستثنى منه و هي مجهولة [- يط -] لو استثنى من الثمرة شيئا يصحّ استثناؤه ثم تلف بعض الثمرة سقط من الثنيا بحسابه [- ك -] لو تلفت الثمرة لجائحة قبل القبض فهي من مال البائع و إن كان بعده فمن المشتري سواء كان التالف الثلث أو أقل أو أكثر و لو كان التلف بفعل البائع فمن ضمانه و إن كان من المشتري ضمنه و إن كان من غيرهما فإن كان بعد القبض فله الرجوع على المتلف بالقيمة و إن كان قبله تخير بين الفسخ و الرّجوع على المتلف و لو تلف البعض فالحكم فيه ذلك لكنه إن اختار الإمساك فالأقرب تخير البائع هذا إذا تلف قبل القبض و لو كان بعده فالتلف من المشتري قال الشيخ و لو قلنا إنه ينفتح في مقدار التالف كان قويا و الوجه ما قلناه نحن قال الشيخ رحمه اللّٰه و إذا عجز البائع عن سقي الثمرة أو تسليم الماء ثبت للمشتري الخيار لعجز البائع عن تسليم بعض ما تناوله العقد [- كا -] يجوز

ص: 189

لمشتري الثمرة بيعها في شجرها و ليس بمكروه بزيادة عما اشتراه أو نقصان قبل القبض و بعده [- كب -] لو باع الثمرة و احتاجت إلى البيع قبل يجب على البائع ذلك لوجوب تسليم الثمرة عليه كاملة بخلاف ما لو باع الأصل و استثنى الثمرة فإن المشتري لا يجب عليه السعي فلو أهمل البائع حتى تلفت ضمن و الأقرب عدم انفساخ البيع كالعبد المقبوض إذا كان مريضا قبل القبض و مات [- كج -] قال الشيخ إذا اشترى نخلا على أن يقطعه أجذاعا فتركه حتى أثمر كانت الثمرة له دون صاحب الأرض فإن كان صاحب الأرض ممن قام سقيه و مراعاته كان له أجرة المثل و ينبغي التقييد بإذن صاحب النخل و الوجه وجوب رجوع البائع على المشتري بأجرة الأرض [- كد -] لو باع أصل الحناء و الآس و فيه ورق كان الورق للبائع و لو باع أصل التوت كان الورق للمشتري [- كه -] بيع المحاقلة حرام و هي بيع الزرع بحنطة أو شعير لا كيلا و لا جزافا و لا نقدا و لا نسيئة و هل يشترط كون الحنطة من تلك الغلة قال الشيخ في الخلاف نعم حتى لو باعه الزرع بحنطة من غيرها جاز و قوى في المبسوط المنع و هو الأقوى عندي [- كو -] بيع المزابنة حرام و هي بيع الثمرة بتمر لا نقدا و لا نسيئة لا كيلا و لا جزافا قال الشيخ و يشترط في التحريم كون التمر من تلك الثمرة فلو باعه ثمرة النخل بثمرة من غيرها جاز و الأقوى عندي المنع و استثنى من هذا العرية و هي النخلة تكون في بستان غيره أو داره يشتري ثمرتها صاحب الدار أو البستان دفعا لمشقة التهجم بخرصها تمرا سواء كانت خمسة أوسق أو أزيد أو أقل و لا يجوز أن يبيع جميع تمر حائطه عرايا من رجل واحد أو من رجال في عقود متكررة نعم لو كان له عدة نخلات في عدة مواضع جاز بيعها [- كز -] لا يشترط في بيع العرية أن يكون موهوبة لبائعها و تمنع اشتقاقها من الإعراء و هو أن يجعل الرّجل لغيره ثمرة نخلة عامها ذلك بل سمّيت عرية لتعريها من غيرها و إفرادها بالبيع [- كح -] إنما يجوز بيع العرية بخرصها تمرا لا أزيد و لا أنقص و يجب كون التّمر الذي يشترى به معلوما بالكيل و لا يجوز جزافا و هل يجوز بخرصها رطبا فيه نظر و يشترط مساواة الثمرة وقت صيرورتها تمرا للتمر المدفوع ثمنا [- كط -] يشترط في بيع العرايا البيع بالنقد و لا النسيئة و هل يشترط التقابض في المجلس قال الشيخ نعم و منعه ابن إدريس و القبض في التمر النقل و في الثمرة التخلية و لا يشترط حضور التمر عند النخلة فلو تبايعا و عرفا الثمرة و التمر ثم مضيا إلى النخلة فسلّمها إلى المشتري ثم مضيا إلى التمر فسلّمه إلى صاحبه جاز [- ل -] يجوز بيع العرية للمحتاج إلى أكلها رطبا و لغيره سواء كان معه ثمن غير التمر أو لم يكن و سواء باعها لواهبها تحرزا من دخول صاحب العرية حائطه أو لغيره و لو تركها المشتري حتى صارت تمرا لم يبطل البيع سواء تركه مع الحاجة أو عدمها و سواء كان الترك لعذر أو غيره [- لا -] لا يجوز بيع العرية في غير النخل مثل العنب و سائر الفواكه [- لب -] لو قال بعتك هذه الصبرة من التمر أو الغلة بهذه الصبرة من جنسها سواء بسواء لم يصحّ إلا أن يعلم المقدار وقت العقد سواء تساويا عند الاعتبار أو لا و كذا لو كانت الأخرى من غير الجنس [- لج -] يجوز لأحد الشريكين أن يتقبل حصّة شريكه من الثمرة بشيء معلوم منها و الظاهر أن ذلك ليس على وجه البيع للنهي عنه بل يحمل على الصّلح [- لد -] إذا كان لاثنين نخلتان عليهما ثمرة فحرصاهما تمرا و باعا ثمرة إحداهما بثمرة الأخرى فإن كانتا عريتين صحّ بيعهما و إن لم يكونا عريتين لم يجز [- كه -] لو قال أنا أضمن لك صبرتك هذه بعشرين صاعا فما زاد فلي و ما نقص فعلي إتمامها لم يجز إجماعا و كذا لو قال عدّ قثاءك أو بطيخك فإن زاد على مائة فلي و ما نقص فعليّ أو اطحن حنطتك فما زاد على كذا فلي و ما نقص فعلي

المقصد التّاسع في بيع الحيوان

اشارة

و فيه فصول

الأوّل فيمن يصح بيعه

و فيه [- ن -] مباحث [- ا -] كل حيوان مملوك يجوز بيعه و شراؤه جميعه و أبعاضه المشاعة المعلومة النسبة و لو استثني الرأس أو الجلد فإن لم يكن الحيوان مأكولا لم يصحّ البيع و إن كان مأكولا قال ابن إدريس يجوز ذلك و يكون له الرأس و الجلد و نقله عن السيّد المرتضى و قال الشيخ يكون شريكا للمبتاع بمقدار الرأس و الجلد و كذا لو اشترك اثنان فما زاد في شراء حيوان و شرط أحدهم لنفسه الرأس و الجلد و لو استثنى شحم الحيوان ففي الصحة إشكال و لا بأس باستثناء الحمل الموجود لا المعدوم و انتفاء خدمة العبد مدة من الزّمان و ركوب الدابّة مسافة معلومة أو أيّاما معلومة [- ب -] الكفر الأصلي سبب لاسترقاق المحارب و ذراريه و يسري الرّق في عقبه و إن زال الكفر و لقيط دار الحرب مملوك بخلاف دار الإسلام و لو بلغ الملتقط في دار الإسلام فأقر بالعبودية حكم عليه و قال ابن إدريس لا يحكم عليه بالرّق و ليس بمعتمد [- ج -] كل أحد يصح الرّجل أن يملكه عدا أحد عشر الآباء و الأمّهات و الأجداد و الجدّات و إن علوا و الأولاد و أولادهم ذكورا و إناثا و إن نزلوا و الأخوات و العمات و الخالات و بنات الأخ و بنات الأخت و بالجملة النّسب ضربان ذكور و إناث فالذكور يملكون عدا العمودين و هما الأبوان و إن علوا

ص: 190

و الأولاد و إن نزلوا كالابن و ابن الابن و ابن البنت و هكذا و يملك من عدا هؤلاء من العم و الخال و الأخ و غيرهم و الإناث يصحّ أن يملكن عدا المحرمات عليه في النكاح تحريما مؤبدا و النسب من عداهنّ يجوز تملكها كبنت العمّ و بنت الخال و معنى عدم تملك هؤلاء انتفاء استقراره لا انتفاء ابتدائه فلو ملك إحدى هؤلاء عتق عليه في الحال و كذا المرأة يصحّ أن تملك كل أحد عدا الآباء و إن علوا و الأولاد و إن نزلوا [- د -] لو ملك الرّجل أو المرأة أحد أقاربه من الرّضاع الذين لو كانوا نسبا عتقوا قال الشيخ يعتق كالنسب و منعه ابن إدريس و نقله عن المفيد و الوجه ما قاله الشيخ رحمه اللّٰه [- ه -] لو ملك كل من الزّوجين صاحبه صح لكن يبطل النّكاح [- و -] الكافر لا يصح أن يملك المسلم ابتداء و لو كان له مملوك كافر فأسلم المملوك أجبر على بيعه من المسلم و أخذ ثمنه مولاه [- ز -] كل من أقرّ على نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع شرائط الإقرار و عدم شهرته بالحرّية و لا يقبل رجوعه سواء كان إقراره لكافر أو مسلم و لو أقرّ المشهور بالحرّية لم يحكم عليه بالرّق و لو اشترى عبدا فادعى الحرّية لم يقبل إلا بالبيّنة

الفصل الثّاني في أحكام الابتياع

و فيه [- يه -] بحثا [- ا -] إذا اشترى حيوانا آدميّا كان أو غيره و لم يسقط الخيار ثبت له الخيار خاصة ثلاثة أيام فإن حدث فيه عيب بعد العقد و قبل القبض تخير المشتري بين الرد و الأرش و لو تلف كان من مال البائع و لو قبضه ثم تلف أو حدث فيه عيب في الثلاثة كان من مال البائع أيضا ما لم يحدث فيه المشتري حدثا و لو حدث فيه عيب عند المشتري من غير جهة لم يسقط حقّه من الردّ بأصل الخيار و في الأرش مع الإمساك نظر و لو حدث العيب بعد انقضاء الثلاثة بطل الرد بالخيار و بالعيب السابق [- ب -] يصحّ بيع الحامل منفردة عن الحمل و منضمّة إليه فإن أطلق لم يدخل الحمل و لو اشترطه المشتري صحّ فلو سقط قبل القبض رجع المشتري بحصة الولد من الثمن بأن يقوم الأم حاملا و مجهضا و يرجع بنسبة التفاوت من الثمن [- ج -] لو قال لغيره اشتر حيوانا بشركتي صح البيع لهما و الثمن عليهما فإن أذن له في أداء نصيبه عنه جاز و يرجع عليه و لو تبرّع لم يرجع و لو تلف المبيع كان بينهما و للمأمور الرجوع على الآمر بما نقد عنه [- د -] إذا اشترى عبدا ذا مال كان ماله لبائعه إلا أن يشترطه المشتري سواء علم به أو لا و للشيخ تفصيل ضعيف و لو اشتراه مع ماله و كان ربويا اشترط المخالفة في الجنس أو زيادة الثمن أو انضمام غير جنسه إليه و إن قل [- ه -] لو قال اشتر حيوانا بشركتي و شرط أن الرّبح له و لا خسران عليه قال الشيخ رحمه اللّٰه يجوز ذلك و منعه ابن إدريس و هو قويّ [- و -] لو أراد أحد الشريكين الردّ بالعيب و الآخر الأرش للشيخ قولان ففي الخلاف تسويغه و اختاره ابن إدريس و منع في غيره [- ز -] يجوز النظر إلى وجه المملوكة و محاسنها إذا أراد شراءها و لو لم يرد لم يجز [- ح -] يستحبّ لمن اشترى مملوكا أن يغيّر اسمه و أن يطعمه شيئا من الحلاوة و أن يتصدق عنه شيء و يكره أن يريه ثمنه في الميزان فإنه لا يصلح و أن يطأ من ولدت من الزنا بالعقد و الملك [- ط -] العبد لا يملك شيئا سواء ملكه مولاه أو لا و قيل يملك فاضل الضريبة و أرش الجناية و ما يملّكه مولاه و ليس بمعتمد فلو باعه و ماله كان الحكم ما تقدم فلو ردّ العبد للعيب رد المال أيضا فلو تلف ماله ثم أراد ردّه كان بمنزلة العيب المتجدّد عند المشتري [- ى -] من اشترى جارية حرّم عليه وطؤها قبلا و غيره و تقبيلها و لمسها بشهوة حتى يستبرئها بحيضة أو خمسة و أربعين يوما إن كان مثلها تحيض و لم تحض و يجب على البائع استبراؤها قبل بيعها بما قلناه إن كان قد وطئها و مع استبراء البائع يسقط وجوب استبراء المشتري و كذا يسقط لو أخبر الثقة باستبرائها خلافا لابن إدريس أو كانت لامرأة أو كانت صغيرة ليست في سنّ من تحيض أو كانت يائسة أو حاملا أو حائضا [- يا -] قال الشيخ لو ملك الجارية بهبة أو إرث أو استغنام لم يجز له وطؤها إلا بعد الاستبراء و منع ابن إدريس ذلك و اقتصر بوجوب الاستبراء على عقد البيع [- يب -] لا يجوز وطء الحامل قبلا قبل مضي أربعة أشهر و عشرة أيام و يكره بعده حتى تضع و لو وطئها استحب أن يعزل عنها فإن لم يفعل كره له بيع ولدها و ليس بمحرم و يستحب أن يعزل له من ميراثه قسطا [- يج -] لو قال بع عبدك من فلان على أن عليّ خمسمائة لم يصحّ بيعه بهذا الشرط لأن الثمن يجب على المشتري أجمع فإذا شرط بعضه على غيره ملك الثمن و المثمن و قال في المبسوط يصح لقوله عليه السّلام المؤمنون عند شروطهم و فيه قوة بخلاف ما لو قال طلق زوجتك و عليّ خمس مائة أو أعتق عبدك و عليّ خمسمائة لأنه عوض في مقابلته فكذلك و لو قاله على جهة الضمان جاز في الجميع [- يد -] توضع الجارية زمان الاستبراء عند المشتري سواء كانت حسنة أو قبيحة و لا يلزمه وضعها عند غيره فإن جعل ذلك عند من يثق به كان جائزا و لو باعها بشرط المواضعة صح و كذا لو أطلق ثم اتفقا على المواضعة و لو هلكت أو غابت فمن ضمان المشتري إن كان قبضها و إلا فمن البائع

ص: 191

و النفقة في مدة الاستبراء على البائع مع المواضعة [- يه -] يكره التفرقة بين الأطفال و أمّهاتهم حتّى يستغنوا عنهن ببلوغ سبع سنين و قيل بلوغ مدة الرّضاع و قيل يحرم التفرقة و الأقرب الأوّل و الوجه عدم كراهية التفريق بين الولد و الأب أو بين غيره من ذوي الأرحام و بينه سواء قرب أو بعد ذكرا كان أو أنثى و لو فرق بين الأم و الولد قبل السبع صحّ البيع

الفصل الثّالث في مباحث من هذا الباب

و هي [- يب -] بحثا [- ا -] إذا أولد جارية ثم ظهر أنها لغير البائع انتزعها المالك و على الواطئ عشر قيمتها إن كانت بكرا و نصف العشر إن كانت ثيّبا و قال ابن إدريس مهر أمثالها و ينعتق الولد حرّا و على الأب قيمته يوم ولد و أجرة مثلها مدة بقائها في يده و يرجع على البائع بما اغترمه على أنّه له بعوض و هو ثمن الرقبة أو على أنه له بغير عوض و لم يحصل في مقابلته نفع و هو قيمة الولد و هل يرجع بما دخل على أنه بغير عوض و حصل له في مقابلته نفع و هو مهر المثل في مقابلة الاستمتاع أو العشر أو نصفه عند آخرين قيل نعم لأن البائع أباحه بغير عوض و قيل لا لحصول عوض في مقابلته و فيه قوة [- ب -] لا يجوز بيع أمهات الأولاد مع وجود أولادهنّ إلا في ثمن رقبتهنّ مع عدم غيرهنّ و لو مات السّيد و خلّف أم ولد و ولدها و أولادا جعلت في نصيب ولدها و تعتق في الحال و إن لم يخلف سواها انعتقت بنصيب ولدها و استسعت في نصيب باقي الورثة [- ج -] يجوز شراء ما يسبيه الظالمون مع استحقاقهم للسبي و وطئه و إن كانت للإمام و كذا كل ما يؤخذ من دار الحرب بغير إذن الإمام يجوز تملكه في حال الغيبة [- د -] يجوز شراء أمة الطفل من وليّه و يباح وطؤها من غير كراهية و كذا يجوز شراء المماليك من الكفار إذا أقروا لهم بالعبودية أو قامت لهم البيّنة بذلك أو كانت أيديهم عليهم [- ه -] إذا اشترى من غيره عبدا فدفع البائع اثنين ليختار منهما فأبق أحدهما من المشتري قال الشيخ يرد الباقي و يسترجع نصف الثمن المدفوع و يطلب الآبق فإن وجده اختار و رد النّصف و إن لم يجده كان العبد بينهما و هي رواية السكوني عن الصادق و الطّريق ضعيف و الوجه أن البيع إن وقع على عبد من عبدين بطل و ضمن المشتري الآبق بقيمته و إن وقع على موصوف في الذمة صحّ البيع و ضمن التالف بالقيمة و له المطالبة بالعبد الثابت في الذمة [- و -] الجارية المشتركة إذا وطئها أحدهم درئ عنه الحدّ مع الاشتباه و إلا فبقدر نصيبه و تقوم الأمة و يلزمها إن كانت أكثر من ثمنها الذي اشتريت به و إلا بالثمن قاله الشيخ و الوجه إلزامه بأرش البكارة بعد إسقاط نصيبه منه خاصة إلا أن يحبلها فيغرم ثمنها يوم الجناية و ثمن ولدها يوم سقوطه حيّا بعد إسقاط نصيبه منها [- ز -] المملوكان إذا كانا مأذونين في التجارة فاشترى كلّ منهما صاحبه كان العقد للسّابق فإن اتفقا معا قال في النهاية يقرع بينهما فمن خرج اسمه كان البيع له و يكون الآخر مملوكا و قد روي أنّه إذا اتفق أن يكون العقدان في حالة واحدة كانا باطلين و الأحوط ما قدمناه و ابن إدريس أفتى بهذه الرواية و هي رواية أبي خديجة عن الصّادق عليه السّلام و الوجه عندي صحّة البيعين معا إن كانا وكيلين إذ كل منهما مملوك لمولى الآخر أما لو قلنا أن الموليين ملكاهما شيئا فاشترى كلّ منهما صاحبه به لنفسه و قلنا إن العبد يملك فالوجه البطلان و فتوى الشيخ في النهاية يعطي الحمل على ذلك بقوله و كان الآخر مملوكه و كذا إن اشتريا بالإذن [- ح -] إذا قال مملوك إنسان لغيره اشترني و لك علي كذا قال الشيخ إن كان للملوك مال حال القبول لزمه دفع ما شرطه و إلا فلا و هو بناء على قاعدته من أن العبد قد يملك فاضل الضريبة و أرش الجناية و ما يملكه مولاه [- ط -] لو ولدت جاريته من زنى جاز بيع الولد و تملكه و الحج بثمنه و الصدقة به و إنفاقه و لو كانت أنثى جاز له وطؤها على كراهية و ينبغي له العزل و منع ابن إدريس من وطئها بناء على كفرها و ليس بشيء [- ى -] إذا دفع إلى النخاس ثلاث جوار للبيع و شرط له نصف الربح فباع اثنتين و أحبل المالك الثالثة قال الشيخ لزمه دفع ما شرط فيما باع خاصة و الأقرب دفع أجرة المثل [- يا -] لو اشترى جارية سرقت من أرض الصلح ردها على البائع أو ورثته و استرجع الثمن و لو لم يخلف وارثا استسعيت في ثمنها قاله الشيخ و الوجه دفعها إلى الحاكم ليجتهد على ردّها على من سرقت منه [- يب -] لو أعطى مملوك غيره المأذون في التجارة مالا ليعتق عنه نسمة و يحج فاشترى المملوك أباه و أعتقه و أعطاه باقي المال ليحج عن صاحبه ثم اختلف مولى المملوك و ورثة الآمر و مولى الأب فادعى كل منهم شراء الأب بماله قال الشيخ رحمه اللّٰه يرد المعتق على مولاه الذي كان عنده يكون رقّا كما كان ثم أي الفريقين أقام البينة أنه اشترى بماله سلم إليه و إن كان المعتق قد حج لم يكن إلى ردّ الحجة سبيل قاله الشيخ رحمه اللّٰه و الوجه أن القول قول سيّد المأذون و العبد المبتاع لسيّد المأذون و عتقه باطل

المقصد العاشر في السّلم

اشارة

و فيه مقدمة و فصول

أمّا المقدّمة ففي ماهية و شروطه

السّلم و السلف شيء واحد يقال أسلم و أسلف و سلف و لا يستعمل الفقهاء سلم و إن كان جائزا

ص: 192

و هو بيع عوض موصوف في الذمة إلى أجل معلوم بثمن حاضر و هي نوع من البيع ينعقد بما ينعقد به البيع و بلفظ السلم و السلف و يتحقق فيه شروط البيع و في جواز انعقاد البيع بلفظ السلم إشكال و إن جاز العكس قطعا و هو جائز بلا خلاف و شروط السّلف ستة ذكر الجنس و الوصف و الأجل و قبض الثمن قبل التفرق و تقدير السلم فيه بالكيل أو الوزن و وجوده غالبا وقت حلوله

الفصل الأوّل الوصف و الجنس

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] يجوز إسلاف الأعواض فيها إذا اختلفا و في الأثمان و بالعكس و لا يجوز إسلاف الأثمان في مثلها و إن اختلفا [- ب -] لو أخل بذكر الجنس بطل السّلم و نعني بالجنس اللفظ الدال على الحقيقة كالحنطة مثلا أو الأرز أو العبد و لو ذكر الجنس و أخل بالوصف أعني اللفظ المميز بطل [- ج -] يجب كون المسلم فيه مما ينضبط بالصفات التي يختلف الثمن باختلافها بحيث لا يتغابن الناس بمثله في السّلم فيصحّ السّلم في الحبوب و الحيوان و الثمار و الدقيق و الخضرة و الرّمان و باقي الفواكه و ما ينبته الأرض و البيض و الكاغذ و الجوز و اللوز و الألبان و السمون و الشحوم و الأطياب و الثياب و الأشربة و الأدوية البسيطة و المركبة إذا عرف مقدار بسائطها و الحديد و الرّصاص و الصّفر و النحاس و الطعام و جميع الحيوان و لا يصحّ فيما لا يضبط وصفه كاللآلي و الجواهر التي يتحلّى بها كالياقوت و الزّبرجد و العقيق و الفيروزج و اللحم طرية و مشوية و الخبز و الجلود و النّبل المعمول و العقار و الأرض و القسي المعمولة و قال الشيخ لا يجوز السّلف في القز و يجوز في قز قد خرج منه الدود [- د -] المركبات إن تميّزت أجزاؤها و هي مقصودة كالثياب المنسوجة من قطن و كتان يصحّ السّلم فيها الثاني ما يركب من مقصود و غيره لمصلحة المقصود كالإنفحة في الجبن و الملح في الخبز و الماء في الخل يصح فيه أيضا الثالث أجزاؤه مقصودة غير متميّزة كالغابة و المعاجين يصحّ السّلم فيها إن علمت مقاديرها و إلا فلا الرّابع غير مقصود و لا مصلحة فيه كالماء المشوب في اللبن لا يصحّ فيه لعدم ضبطه [- ه -] يصح السّلم فيما مسّته النار إذا أمكن ضبطه بالوصف و في الخبز إشكال أقربه العدم لتعذر ضبطه بالوصف و جواز إقراضه للعادة دفعا للضّرورة لا يستلزم جواز السّلف [- و -] النبل المعمول و الشّاب لا يجوز السّلم فيهما و يجوز في عيد أنهما قبل تحتها [- ز -] لا يجوز السّلف في الرءوس و الأطراف و كذا لا يجوز في الجلود لتفاوتها فالورك ثخين قوي و الصدر ثخين رخو و البطن رقيق ضعيف فلا يمكن ضبطه قال الشيخ يجوز إذا عين الغنم و شوهد الجلود و هو ليس بسلم في الحقيقة [- ح -] قد بينا أن شرط صحته ذكر الوصف و الإجماع واقع على ذكر الجودة و يجب ذكر ما عداه بعد ذكر الجنس و النوع مما يختلف الثمن باختلافه و يجب في الوصف الميزان يؤتى فيه بلفظ يعرفه غير المتعاقدين و لا يكفي الجنس و النّوع و الجودة و لا يجوز أن يستقصى في الأوصاف بحيث يندر وجود المسلم فيه و كذا لا يصحّ اشتراط الأجود بخلاف الجودة و لو شرط الأردى فالأقرب جوازه لعدم العجز عن تسليم ما يجب قبوله و يترك كل وصف مذكور على أقل الدرجات و لو أسلف في ثوب على صفة خرقة إحضراها لم يجز لإمكان تلفها فيحصل جهالة الوصف [- ط -] لو أسلم في جارية و ولدها جاز و كذا جارية و أختها أو عمّتها أو خالتها و في جارية حبلى أو شاة كذلك و عندي في ذلك كله إشكال أما لو أسلف في جارية معها ولد أو شاة كذلك جاز قطعا [- ى -] لا يجوز السلم في الحطب حزما و لا في الماء قربا و راويا و يجوز إذا عين صنف الماء و قدره بالوزن [- يا -] يجب في كل سلم ذكر أمرين الجنس و الجودة أو الرواية و يختص كل جنس بعد ذلك بصفات مميزة فيذكر في التمييز بعدهما النوع من برني أو معقلي و البلد من بصري و كوفي و القدر من كبار و صغار و الزمان من الحديث و العتيق و اللون من الأسود و الأحمر و لو كان النّوع واحد اللون اكتفي بالنوع عنه و إذا أطلق العتيق إجزاء ما يطلق عليه اسم العتيق ما لم يكن مسوما و لا حشفا و لا متغيّرا و لو قال عتيق عام أو عامين صح و يذكر في الرطب هذه الأوصاف إلا بالحديث و العتيق و لا يأخذ من الرطب إلا ما أرطب كله لا المنصف و لا قديما قارب أن يتمسّر و لا المشدخ و هو ما لا يترطب فشدخوه و كذا البحث في العنب و الفواكه [- يب -] يشترط في التبر مع الجنس و النّوع أوصاف أربعة البلد كالشامي و العراقي و قدر الحبّ من الصغار و الكبار و الحديث أو العتيق و اللّون كالحمرة و الصّفرة و البياض و الأحوط أن يقال حصاد عام أو عامين و ليس شرطا و إنما يأخذ المشتري مع شرط الجودة ما كان سليما من العيوب مثل تسويس أو ماء أصابها أو عفونة و إنما يأخذها مصفى قد أزيل عنه قشرة و كذلك الحكم في الشعير و جميع التقطينات من العدس و الحمّص و شبههما [- يج -] يشترط في العسل البلد كالجبلي و البلدي و اللّون كالبياض و الصّفرة و الزمان كالربيع و الخريفي و له المطالبة بعسل المصفّى من الشمع و لو صفي بالنار لم يجبر على أخذه لأنها تغير طعمه [- يد -] يشترط في الحيوان كله ذكر النوع و السنّ و الذكورة و الأنوثة و اللون و يرجع في السّن إلى قول السيدان كان صغيرا

ص: 193

و لو كان كبيرا رجع إلى قول الغلام على إشكال و مع الاشتباه يرجع إلى أهل الخبرة فيأخذ بالتقريب و لا بد في الرقيق من النوع إن اختلف كالزّنجي منه و النوبي و غيره و لا بد من ذكر القدر كالسداسي و الخماسي يعني ستّة أشبار أو خمسة و لا يشترط وصف آحاد الأعضاء لأنّه يقضي اجتماعها إلى عسرة الوجود فيؤدي إلى عسرة التسليم و لا يحتاج في الجارية إلى ذكر السبوطة و الجعودة و لو شرطه لزم و في اشتراط ذكر البكارة و الثيوبة إشكال ثم لو ذكرهما لزم و لا يجب ذكر جميع الشكل مثل مقرون الحواجب أدعج العينين فإن ذكر لزم قال الشيخ لا يجوز أن يسلم في خنثى لأنه ربما لا يتفق و لا في جارية معها ولدها و لو اشترط في العبد أن يكون حيازا أو في الجارية أن يكون ماشطة صحّ ما يقع عليه الاسم و كذا منع من جارية حبلى [- يه -] إذا أسلم في الإبل وجب ذكر السنّ مثل بنت لبون أو حقة و الذكورة و الأنوثة و الجيد و الرديء و اللون الأحمر و الأسود و النتاج و هو كونها من نتاج بني فلان و النوع مثل بختية أو عربية و يستحب ذكر برئه من العيوب و كذا أوصاف الخيل كأوصاف الإبل و أما البغال و الحمير فلا نتاج لهما فيجعل بدل ذلك نسبتهما إلى بلدهما و البقر و الغنم كالإبل إن كان لهما نتاج و إلا فكالبغال و يذكر في الخيل و البقر و الغنم النوع فيقول عربية أو هجين أو برذونة أو ماعز و لا يجب التعرض في الحيوان كله للشيات كالماعز و المحجل [- يو -] يذكر في السّمك النوع كالشبوط و البياح و الكبر و الصغر و السّمن و الهزل و الطري و المالح [- يز -] لا بد في السّمن من النوع بأن يقول من ضأن أو ماعز أو بقر و اللون من الصّفرة و البياض و إطلاقه يقتضي الحديث فلا يحتاج إلى شرط و يصف الزبد بذلك و يذكر زبد يومه أو أمسه و لا يلزمه أخذ الرقيق منهما إلا للحر و يذكر في اللبن المرغى و النوع و لا يجب ذكر اليوم لأن إطلاقه يقتضي لبن يومه و الوجه أنه يصحّ في اللبن المخيض مع ضبطه و يذكر في الجبن النوع و المرغى و الرطوبة و اليبوسة و كونه حديثا أو عتيقا و يوصف اللبأ بصفات اللبن و يزيد اللّون و الطبخ أو عدمه [- يح -] يحتاج في الثوب إلى أوصاف ستّة النوع من قطن أو كتان و البلد و الطّول و العرض و الصفاقة و الرقاقة و الغلظة و الدّقة و النعومة و الخشونة و لو ذكر اللون لم يجز و لا يحتاج إلى الخام و المقصور بل ينصرف الإطلاق إلى الأوّل و إن ذكر المقصور لزم و لو ذكر مغسولا أو ملبوسا لم يجز و لو قال مصبوغا جاز إن كان مما يصبغ بعد نسجه قيل لم يجز لعدم الوقوف على النعومة و الخشونة و لو اختلف الغزل كالقطن و الإبريسم صح إن علم قدر كل واحد بأن يقول السداء الإبريسم و اللحمة القطن أو بالعكس و إلا فلا و لا يشترط غزل امرأة بعينها و لا نساجة رجل معين [- يط -] يحتاج في غزل القطن و الكتان إلى ذكر البلد و اللون و الغلظ و الدقة و النعومة و الخشونة و لو أسلف في القطن لم يحتج إلى الغلظ و الدّقة فإن شرط نزوع الحب جاز و إلا كان له بحبه و يذكر في الإبريسم البلد و اللون و الغلظ و الدقة و في الصوف البلد و اللون و الطّول و القصر و الزمان من الخريفي و الرّبيعي و الأقرب عدم اشتراط الذكورة و الأنوثة فإن شرط الأنوثة لزم و يجب تسليمه قصبا من البصر و غير و يذكر منه الجنس و الشعر و الوبر كالصوف و يضبط الكاغذ بالطول و العرض و الغلظ و استواء الصنعة و ما يختلف الثمن معه و الرّصاص و النحاس و الحديد بالنوع و النّعومة و الخشونة و اللون إن كان يختلف و يزيد في الحديد الذكر و الأنثى فإن الذكر أحد و أمضى و يضبط أقداح الخشب بالنّوع و القدر و السخن و الرقة و السّيف بنوع حديده و طوله و عرضه و دقته و غلظه و بلده و قدمه أو حدوثه و يصف القبضة و الجفن [- ك -] يذكر في الخشب للبناء النّوع و اليبس و الرطوبة و الطول و الثخن فيدفع ما هو بذلك العرض المشترط و الثخن من طرفه إلى طرفه أو يكون أحد طرفيه أغلظ من المشترط و له خال من العقد و لا وفود الغلظ و اليبس و الرّطوبة و الوزن و يذكر في الحجارة للبناء النوع و اللّون و الندر و الوزن و للأرحية الدّور و الثخن و البلد و النوع و للآنية النوع و اللون و القدر و يصف الآجر و اللبن بموضع التربة و اللّون و القدر و الثخانة و في الجص و النورة اللون و الوزن و لا يقبل ما أصابه الماء فجف و لا ما صادم عهده و التراب يضبط بمثل ذلك و يقبل الطين الذي قد جفّ إن لم يذهب بعض منافعه و في العنبر اللون و البلد و إن شرط قطعة أو قطعتين جاز و إن لم يشترط فله أن يعطيه صغارا أو كبارا و يضبط الهندي منه ببلده و بالجملة يضبط كل جنس مما يجوز السّلف فيه بما يختلف به [- كا -] لو أسلم في شاة لبون صحّ و كان شرطا في النوع لا سلما في اللبن و لا يلزمه تسليم اللبن في الضرع بل له حلبها و تسليم الشاة من غير لبن [- كب -] يذكر في الأواني الجنس إما من حديد أو صفر و النوع كالإبريق و القمقمة و السطل و غيرها و القدر و الطول و السمك و السّعة و كونه مضروبا أو مفرغا و الأحوط ذكر الوزن قال الشيخ لو لم يذكر جاز

الفصل الثاني في الكيل و الوزن

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] كل مكيل أو موزون أو معدود لا يجوز بيعه جزافا سلما و حالا و يجب أن يقدره بمكيال أو أرطال معلومة عند الناس فإن قدره بإناء معين و ضجة معيّنة غير معلومة المقدار لم يصح و إن كانت معلومة المقدار صح و لا يشترط

ص: 194

الوزن و لا الكيل بتلك المعيّنة [- ب -] لو أسلم فيما يكال وزنا أو يؤذن كيلا فالأقرب الجواز و الحبوب كلها مكيلة و كذا التمر و الزبيب و الفستق و البندق و الملح و لا يسلم في اللبإ إلا وزنا و يجوز الوزن و الكيل في السمن و الزبد و اللّبن و لا يجوز السّلم في الجوز و البيض و الرّمان و البطيخ و البقول كلها إلا وزنا [- ج -] يجب تقدير المزروع بالزرع بلا خلاف و لو كان السلم فيه يتعذر وزنه لثقله وزن بالسفينة فيوضع فيها ثم يوضع رمل أو شبهه إلى أن يساوي الأول في العوض و يوزن بالرمل فيكون قدر ذلك [- د -] كل ما ليس بمكيل و لا موزون و لا مزروع إن كان معدود إلا يتباين كثيرا كالجوز يجوز السّلم فيه عددا و المتباين كالرمان لا يجوز بيعه عددا بل وزنا و كذا ما ليس بمعدود من البطيخ و البقول [- ه -] لا يجوز السلم في القصب أطنانا و لا في الحطب حزما و لا في المخزون جززا [- و -] يجب كون الثمن مشاهدا أو موصوفا وصفا يرفع الجهالة و يكون معلوم المقدار و لا يكفي مشاهدته مع جهالة مقداره

الفصل الثالث في قبض الثمن

و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] قبض الثمن قبل التفرق شرط في صحة السّلم فلو تفرقا قبل قبضه بطل سواء كان التأخير شرطا أو لم يكن [- ب -] لو قبض بعض الثمن ثم افترقا قبل قبض الباقي صحّ السلم في القدر المقابل للمقبوض خاصّة و بطل ما قابل غير المقبوض [- ج -] لو اشترط في السلم إقباض البعض و تأخير الباقي بطل في الجميع و لو شرط تعجيل البعض و إندار الباقي من دين للمشتري على البائع لم أستبعد جوازه و أبطل الشيخ ما قابل الدين و تابعه ابن إدريس في ذلك و كذا لو شرط أن يكون الثمن بأجمعه من دين له عليه فالوجه الكراهية و قيل بالمنع لأنّه بيع دين بمثله [- د -] لو قبض الثمن فوجده رديئا فرده و كان الثمن معيّنا بطل العقد و لو كان في الذمة فله إبذاله في المجلس و لو تفرقا ثم علم بالعيب فالأقرب الإبطال مع الردّ و لو وجد بعضه رديئا فالحكم ما تقدم لكن مع البطلان في الرديء لا تبطل في غيره و لو كان المعيب من غير جنس الثمن بطل العقد و لو كان من جنسه جاز له أخذ الأرش أو الرد [- ه -] لو خرج الثمن مستحقا و هو معين بطل العقد و لو كان مطلقا فله المطالبة ببدله في المجلس و لو تفرّقا قبله بطل العقد و لو خرج بعضه مستحقا بطل في المستحقّ خاصة

الفصل الرّابع في تعيين الأجل

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] يشترط كون المسلم فيه دينا فلا ينعقد في العين لأن لفظ السّلم للدين و الوجه انعقاده فيه بيعا بخلاف ما لو قال بعت بلا ثمن فإنّه لا ينعقد هبة و لو أسلم بلفظ الشراء انعقد و الوجه انعقاده سلما فيجب تسليم رأس المال في المجلس و لا يشترط في السلم فيه كونه مؤجلا و يصحّ السلم الحال لكن يصرّح بالحلول فإن أطلق فالوجه البطلان سواء ذكر الأجل قبل التفرّق أو لا [- ب -] يجب كون الأجل معلوما مضبوطا لا يتطرق إليه الزيادة و النقصان كالسنة و الشهر و اليوم و لا يجوز أن يكون مما يقبل التفاوت كالحصار و الجذاذ و لو شرط العطاء و أراد الفعل بطل و إن أراد وقته و هو معلوم صح [- ج -] لا يجب كون مدة الأجل لها وقع في الثمن كالشهر و ما قاربه بل يجوز تقديره و لو بنصف يوم و لا يتقدّر في الكثرة بحد بل يجوز اشتراط سنين كثيرة و قال ابن الجنيد لا أختار أن يبلغ بالمدة ثلاث سنين لنهي النبي صلّى اللّٰه عليه و آله عن بيع السنين و ما قلناه أولى [- د -] إذا جعل الأجل إلى شهر كذا تعلق بأوّله و هو آخر نهار الشهر الذي قبله و لو قال إلى يوم كذا حل بأوّل فجره و لو كان يتناول شيئين كجمادى و ربيع و نفس الحجيج تعلق بأولهما و لو قال إلى ثلاثة أشهر كان إلى انقضائها و لو قال إلى شهر كان إلى آخره و ينصرف إطلاق الأشهر إلى الهلالية و الشهر أما عدّة بين هلالين أو ثلاثون يوما و لو قال في أثناء الشهر إلى ثلاثة كملنا شهرين بالهلال و شهرا بالعدد ثلاثين [- ه -] لو قال محله شهر كذا أو يوم كذا أحل بأوله [- و -] يصح السلم قطعا إذا كان الأجل معلوما بالأهلة و هو أن يسلم إلى وقت يعلم بالهلال نحو أول الشهر أو وسطه أو آخره أو يوم معلوم منه و كذا يجوز إلى الفطر و النحر و عاشوراء و الغدير و عرفه و كذا يجوز إذا كان الأجل بغير الأهلة بشرط معرفته مثل كانون و شباط و لو قال إلى يوم النّيروز و كانا يعرفانه جاز بخلاف عيد السعاتين لليهود و النصارى و عيد الفطر لأنه يتقدم و يتأخّر و المسلمون لا يعلمونه و لا يجوز تقليد أهل الذّمة فيه [- ن -] لو قال إلى جمعة أو رمضان حل بأوّل جزء منه و لو قال محلّه في الجمعة و في رمضان قال الشيخ صحّ و ربما احتمل البطلان لأنه جعله ظرفا و كان مجهولا و لو قال إلى أوّل الشهر أو إلى آخره صح و لا يكون مشتركا بين المتعارف و بين النصف الأوّل أو الأخير [- ح -] يجب كون المسلم فيه عام الوجود عند الحلول بلا خلاف فلا يجوز السلم في الفواكه إذا جعل الأجل وقت تعذّرها و كذا لا يجوز لو جعله إلى محل لا يعم وجودها فيه كوقت أول العنب فيه أو آخر وقته [- ط -] لا يجوز أن يسلم في ثمرة بستان بعينه أو قرية صغيرة لإمكان انقطاعه و كذا لا يجوز أن يكون الغزل من امرأة بعينها أو الغلة من درع بعينه

ص: 195

[- ى -] لا يشترط كون المسلم فيه موجودا وقت السلم لجواز السلم أوان الثناء في الرطب

الفصل الخامس في الأحكام

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] إذا تعذّر تسليم المسلم فيه عند المحلّ إما لعجزه أو لغيبته المسلم حتى يعدم العين أو لم يحمل الثمار تلك السنة تخير المسلم بين الصبر إلى أن يوجد الثمار في العام المقبل أو يفسخ العقد و يرجع بالثمن إن كان موجودا أو مثله أو قيمته إن لم يكن مثليا و لو قبض البعض و تعذّر الباقي تخيّر بين الفسخ في الكل و في البعض و الرجوع بما قابل المفسوخ من الثمن و بين الصبر إلى القابل فإن فسخ فالوجه أن البائع تخير أيضا و لو اختار المشتري أخذ البعض بجميع الثمن سقط خيار البائع و ابن إدريس منع من ثبوت الخيار للمشتري في الكل و البعض و هو خطاء [- ب -] لو أسلم الذمي في خمر أو خنزير ثم أسلم أحدهما قبل القبض بطل البيع سواء كان المسلم المشتري أو البائع [- ج -] إذا كان الثمن مشاهدا معلوم المقدار إن لم يجب كونه مما يضبط وصفه فيجوز كون الثمن جوهرة أو لؤلؤا أو ما شاكله مع المشاهدة [- د -] إذا قال أحدهما السّلف في كذا و قال الآخر في غيره تخالفا و فسخ العقد [- ه -] يجوز إسلاف ما يكال فيما يكال أو يوزن و ما يوزن فيهما فيجوز أن يكون رأس المال ثمنا و عوضا مخالفا للثمن إن كان ربويا و إلا فلا و لو أسلم عرضا في عرض موصوف بصفات الثمن فأتاه عند الحلول بذلك العرض فالوجه لزوم قبوله لأنه أتاه بالمسلم فيه على صفاته و يحتمل عدم الوجوب لإفضائه إلى كون الثمن هو المثمن و الأقرب الأوّل و كذا لو أسلم جارية صغيرة في كبيرة فعند حلول الأجل صارت بصفة المثمن و أحضرها فالوجه وجوب القبول و لا يجب عليه العقر لو وطئها و لو فعل ذلك حيلة صحّ أيضا [- و -] لا يشترط تعيين مكان الإقباض سواء كان في جملة مئونة أو لا و سواء كانا في برية أو لا و للشيخ رحمه اللّٰه قول في الخلاف باشتراطه إذا كان في جملة مئونة و هو عندي جيده و أنكره ابن إدريس و لو شرطه جاز و لزم و مع الإطلاق ينصرف إلى بلد العقد و لو عينا موضعا و دفع في غيره جاز مع التراضي و لو لم يرض الآخر لم يجز [- ن -] إذا أسلم في شيئين بثمن واحد جاز و إن لم يعين ثمن كل جنس و يجوز أيضا أن يكون الثمن جنسين كخمسة دنانير و عشرين درهما في كر طعام و إن لم يبين حصة كل واحد منهما [- ح -] لو إذا أسلف في شيء لم يجز بيعه قبل حلوله و يجوز بعده و إن لم يقبضه على بائعه و على غيره على كراهية و كذا يجوز بيع بعضه و تولية بعضه و لو قبضه ثم باعه فلا كراهية و يجوز أيضا الشركة فيه بعد الحلول قبل القبض و الحوالة به طعاما كان أو غيره و كذا الإقالة في الجميع و في البعض و كذا الصّلح عليه و على بعضه و مع الإقالة يرد الثمن إن كان موجودا و إلا مثله و لو لم يكن مثليّا فالقيمة و لو أراد أن يعطيه عوضا عنه جاز مع التراضي و لا يجوز جعله عوضا عن سلم آخر إلا بعد قبضه [- ط -] لو أسلم في شيء واحد على أن يقبضه في أوقات متفرقة أجزاء معلومة جاز و كذا لو أسلم في شيئين و لو كان الأجزاء غير معلومة لم يصحّ [- ى -] إذا أحضر المسلم فيه وقت حلوله على الصّفة وجب قبوله سواء كان عليه في قبضه ضرر أو لا فإن امتنع ألزم بالقبض أو الإبراء فإن امتنع قبضه الحاكم و برئت ذمة البائع و ليس للحاكم أن يبرئ و لو أتاه قبل محلّه لم يجب قبوله سواء كان عليه ضرر أو خوف أو مئونة أو لم يكن [- يا -] إذا أحضر المسلم فيه على الصّفة وجب قبوله و إن أتى به دون الصفة لم يجب إلا مع التراضي سواء كان من الجنس أو من غيره و لو اتفقا على أن يعطيه دون الصّفة و يزيده شيئا في الثّمن جاز و لو دفع الدّون يشترط التعجيل أو بغير شرطه جاز و إن أتى به أجود من الموصوف وجب قبوله إن كان من نوعه و إن كان من غير نوعه لم يلزم و لو تراضيا عليه جاز سواء كان الجنس واحدا أو مختلفا و لو جاء بالأجود فقال خذه و زدني درهما لم يلزمه و لو اتفقا جاز و لو جاء بأزيد في القدر لم يلزم قبول الزيادة و لو قال زدني بالأزيد درهما و اتفقا جاز [- يب -] ليس له الأقل ما يقع عليه الصفة و يسلم الحنطة خالية من الشعير و التبن و لو كان التّراب قليلا جاز بخلاف الكثير و لا يلزمه أخذ الثمرة إلا جافا و لا يلزم أن يتناهى جفافه و لا يلزم قبول المعيب [- يج -] إذا قبض المشتري برئ المسلم إليه فإن وجد به عيبا فرده زال ملكه عنه و عاد الحق إلى ذمة البائع سليما و لو وجد البائع بالثمن عيبا فإن كان من غير جنس المسمى الثمن بطل العقد و إن كان من جنسه تخيّر بين الأرش و الرّد [- يد -] لا يقبض المكيل إلا بالكيل و الموزون إلا بالوزن و لا يقبضه جزافا و لا بغير ما قدره به فإن قبضه كذلك رد الفاضل و طلب النّاقص و لو اختلفا في قدره فالقول قول القابض و إذا كال دفع ما يسعه المكيال و يحتمله لا ممسوحا و لا مدقوقا ليتداخل أجزاؤه [- يه -] لو اختلفا في قبض الثمن هل وقع قبل التفرق أو بعده فالقول قول مدّعي الصحة و لو أقاما بينة فلذلك و لو اختلفا في قبضه فالقول قول البائع و كذا القول قول البائع لو قال قبضته ثم رددته إليك و ذلك كله

ص: 196

مع اليمين مراعاة للصّحة [- يو -] لو أسلف في شيء و شرط مع السّلف شيئا معلوما صح و لو أسلف في غنم و شرط أصواف نعجات معيّنة ففي الصحة قولان أقربهما الجواز [- يز -] يجوز للمشتري أن يأخذ رهنا أو كفيلا من المسلم إليه و ليس بمكروه فلو تقابلا السلم أو فسخ لتعذر المسلم فيه بطل الرهن و برئ الضّامن و على المسلم إليه ردّ مال المسلم في الحال و لا يشترط قبضه في المجلس و لو اقترضه ألفا و أخذ بها رهنا ثم صالحه منها على طعام في الذّمة صح و زال الرّهن أما لو اشترى بها طعاما سلما لم يصح و بقي الرهن على حاله [- يح -] إذا ضمن و حل رجل المسلم فيه كان للمشتري مطالبة الضّامن فإن سلم البائع المال إلى الضامن ليدفعه إلى المشتري جاز و لو قال خذه عن الذي ضمنت عنّي لم يجز لأنه لا يستحقّ الأخذ إلا بعد الإيفاء و يكون قبضا فاسدا مضمونا فإن دفعه إلى المشتري برئ و لو صالح المشتري الضامن عن المتاع بثمنه جاز و كذا لو صالحه و كذا لو كان بغير الثمن فيهما [- يط -] لو اختلفا في الحلول فالقول قول البائع لإنكاره و لو اختلفا في أداء المسلم فيه فالقول قول المشتري [- ك -] لو شرطا أجلا ثم اتفقا على إسقاطه فالوجه الجواز [- كا -] لو أسلم في اللّبن قبضه بالكيل بعد سكونه و ركوده بعد الحلب و يجوز قبضه بالوزن بعد ركوده إن كان مما يختلف به الوزن و إلا جاز قبله

المقصد الحادي عشر في التوابع

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في إجارة المنادي و الكيال و الوزان

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] أجرة الكيال و وزان المتاع على البائع لأنّ عليه توفية المتاع و تسليمه إلى المشتري و أجرة الناقد للثّمن و وزانه على المبتاع [- ب -] من نصب نفسه لبيع الأمتعة كان له الأجر على البائع و من انتصب للشراء كان له الأجر على المبتاع و لو كان ممن يبيع و يشتري كان له أجر ما يبيع على البائع إن كان وكيلا له و أجر ما يشتري على المبتاع إن كان وكيلا و ليس له أن يأخذ عن سلعة واحدة أجرتين من البائع و المشتري بل يأخذ ممّن يكون عاقدا له و وكيلا [- ج -] إذا دفع إلى الدلال متاعا و لم يؤمره يبيعه فباعه انعقد صحيحا و كان للمالك الخيار في الفسخ و الإمضاء و ابن إدريس لم يصب هنا ببيعه و لو أمره و لم يعيّن الثمن انصرف إلى ثمن المثل فلو باعه بالأقلّ وقف على الإجازة و لو لم يعيّن نقد أو لا نسيئة انصرف إلى النقد فإن باعها نسيئة تخير المالك و لو أمره ببيعها نقدا فباعها نسيئة تخير المالك أيضا [- د -] لو قال له بعها نقدا بدراهم فباعها نسيئة بتلك الدراهم أو بأزيد ثبت الخيار للمالك و كذا لو قال بعها نسيئة بدراهم فباعها نقدا بمثل تلك الدراهم أو أزيد [- ه -] لو اختلف الواسطة و صاحب المتاع فادعى الواسطة الأمر ببيعها بكذا و أنكر المالك فالقول قول المالك مع اليمين و عدم البيّنة فإن وجد المتاع استعاده و إن أحدث فيه المشتري ما ينقصه أو هلكت عينه تخير صاحبه في الرّجوع على من شاء من المشتري و الواسطة بقيمته أكثر ما كانت إلى يوم التّلف فإن رجع على الواسطة لم يكن للواسطة الرجوع على المشتري و إن رجع على المشتري فللمشتري الرجوع إلى الواسطة بما خسره مما لم يحصل له في مقابلته نفع و لا يرجع بالثمن و لو اختلفا في القيمة فعلى المالك البينة [- و -] لو اختلفا في النقد فالقول قول المالك مع اليمين [- ز -] الواسطة أمين لا يضمن ما يتلف إلا بتعدّ أو تفريط فلو ادعاه المالك فعليه البيّنة و على الواسطة اليمين و لو ثبت ضمن القيمة يوم التفريط و لو اختلفا فالقول قول الغارم مع اليمين [- ح -] لو قال له بعه و لم يسم الثمن فباعه بثمن المثل أو أزيد لزم و لا خيار للمالك و لو باعه بأقل تخير المالك في الفسخ و الإمضاء و قال الشيخ يضمن الواسطة تمام القيمة و قال ابن إدريس يبطل البيع و هما رديئان [- ط -] لا ضمان على الواسطة فيما يغلبه عليه ظالم [- ى -] الدرك في جودة المال على المشتري و في جودة المتاع على البائع دون الواسطة فيهما و كذا الدّرك على البائع لو كان المبيع مستحقا و قال الشيخ كل وكيل باع شيئا فاستحق و ضاع الثمن في يد الوكيل فإنه يرجع المشتري على الوكيل و الوكيل على الموكل و ليس بمعتمد [- يا -] لو تبرع الواسطة بالبيع أو الشراء لم يستحق أجرة و إن أجاز المالك

الفصل الثّاني في بيع المياه و المراعي

و فيه [- ن -] بحثا [- ا -] إذا كان للإنسان شرب في قناة فاستغنى عنه جاز له بيعه بذهب أو فضة أو غلة أو عرض غيرها و كذا إن أخذ الماء من نهر عظيم في ساقية يعلها و يلزم عليها مئونة ثم استغنى عنه جاز له بيعه و المراد بذلك إجارة النهر لهذه المنفعة أياما معلومة و يسمى بيعا مجازا لكن ذلك مكروه بل الأفضل أن يعطيه للمحتاج من غير عوض و هذا البيع هو النطاف و الأربعاء التي نهى النّبي صلّى اللّٰه عليه و آله عنها فالنّطاف جمع نطفة و هي الماء قلّ أو كثر و الأربعاء جمع ربيع و هو النهر [- ب -] قضى رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله في سيل واد مهزور و هو وادي بني قريظة أن يحبس إلا على الذي هو أسفل منه للنخل إلى الكعب و الزرع إلى الشراك ثم يرسل الماء إلى

ص: 197

من هو دونه ثم كذلك يعمل من دونه مع من هو أدون منه [- ج -] يجوز أن يحمي الإنسان الحمى من المرعى و الكلاء إذا كان في أرضه و سقاه بمائه فيبيعه [- ح -] و لا يجوز بيعه في غير ذلك قال الشيخ من اشترى مراعى جاز أن يبيع شيئا منها بأكثر ماله و يرعى هو بالباقي ما يبقى منها و ليس له أن يبيع بمثل ما اشترى أو أكثر و يرعى معهم إلا أن يحدث فيه حدثا و يكون ذلك أيضا برضا صاحب الأرض فإن لم يرض لم يجز و إنما له أن يرعاه بنفسه و المعتمد جواز البيع بهما أراد و إن لم يحدث حدثا و سواء برضا المالك أو لا أما لو شرط المالك المرعى بنفسه فإنّه يفتقر إلى رضاه [- د -] من باع نخيلا و استثنى منها نخلة معيّنة في وسطها كان له الممر إليها و المخرج منها و له مدى جرائدها من الأرض [- ه -] روي عن الصادق أنه سئل عن النزول على أهل الخراج فقال ثلاثة أيام و عن السّخرة في القرى و ما يؤخذ من العلوج و الأكراد إذا نزلوا القرى قال يشترط عليهم ذلك فيما اشترطت عليهم من الذمة و السخرة و ما سوى ذلك فيجوز ذلك و ليس لك أن تأخذ منهم شيئا حتى تشارطهم و إن كان كالمستيقن أن من نزل تلك الأرض أو القرية أخذ منه ذلك [- و -] لا يجوز أن يأخذ الإنسان من طريق المسلمين شيئا و لو قدر شبر و لا يجوز أيضا بيعه و لا شرى شيء يعلم أن فيه من الطريق فإن اشترى و علم بعد ذلك أنّ البائع قد أخذ شيئا من الطريق وجب عليه ردّه إليها مع تميزه و يتخير بين الفسخ و الرّجوع على البائع بالدّرك و إن لم يتميّز لم يكن عليه شيء [- ز -] البئران حفرت في ملك مباح للتمليك ملك ماءها و جاز له بيعه كيلا أو وزنا و لا يجوز بيع جميع الماء و لو حفرت في الموات لا للتمليك لم يملكها و اشترك الناس فيها و أما المباح من المياه كالأنهار الكبار فإنه غير مملوك ما لم يتخيّر به في إناء أو بركة أو مضيع فيجوز بيعه بعد التسخير لا قبله و كل ماء منبع في ملكه فهو له يجوز بيعه

الفصل الثّالث في الإقالة

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] الإقالة فسخ في حق المتعاقدين و غيرهما سواء كان قبل القبض أو بعده و ليست بيعا لا في حقهما و لا في حقّ غيرهما فلا يجب بها الشفعة [- ب -] من شرط صحّة الإقالة عدم الزيادة في الثمن و النقصان بل بالثمن فلو أقاله بأزيد أو بأنقص بطلت الإقالة و كان الملك باقيا للمشتري و لا يجب ردّ الثّمن [- ج -] تصحّ الإمالة في جميع ما تناوله العقد و في بعضه سواء كان سلما أو غيره [- د -] إذا أقاله ردّ الثمن إن كان باقيا و مثله إن كان تالفا و قيمته إن لم يكن مثليا و لو دفع عوضا عنه لم أستبعد جوازه مع التراضي سواء كان باقيا أو تالفا بخلاف ما لو أقاله بغير الجنس [- ه -] قال الشيخ إذا أخذ الدنانير بدل الدراهم أو بالعكس وجب القبض قبل التفرق لأنه صرف و إن أخذ عوضا آخر جاز أن يفارقه قبل القبض [- و -] لا يسقط أجرة الدلاّل بالبيع الأوّل و لا الكيال و لا الوزان و لا الناقد [- ز -] لو تقابلا بالثمن رجع إلى عوض مالكه فلو كان العوض تالفا فالوجه صحتها و كان الحكم كما قلناه في الثمن و لو اختلفا في قدر الثمن بعد الإقالة فالوجه قبول قول المشتري مع اليمين و عدم البيّنة و لم أظفر فيهما بكلام لأحد سبق

كتاب الدّيون

اشارة

و توابعها و فيه مقاصد

المقصد الأوّل في الديون

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في كراهية الدّين

و فيه [- ى -] مباحث [- ا -] يكره للإنسان الدين مع الاختيار قال أمير المؤمنين عليه السّلام إياكم و الدّين فإنه مذلّة بالنهار و مهمّة بالليل و قضاء في الدنيا و قضاء في الآخرة و في الصّحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السّلام تعوذوا باللّٰه من غلبة الدين و غلبة الرّجال و بوار الإثم و قال الباقر عليه السلام كل يكفره القتل في سبيل اللّٰه عزّ و جلّ إلا الدّين لا كفارة له إلا أداه و لو يقضي صاحبه أو يعفو الذي له الحق و في الصّحيح عن معاوية بن وهب قال قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السّلام إنه ذكرنا أن رجلا من الأنصار مات و عليه ديناران فلم يصلي النّبي عليه السّلام فقال صلوا على صاحبكم فقال أبو عبد اللّٰه عليه السّلام ذلك الحقّ ثم قال إن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله إنّما فعل ذلك ليتعظوا و ليردّ بعضهم على بعض و لئلا يستخفّوا بالدين [- ب -] لو اضطر إلى الدّين جاز و زالت الكراهية فقد روي في الصحيح أن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله مات و عليه دين و كذلك الحسن و الحسين عليهما السلام و عن الكاظم عليه السّلام قال من طلب هذا الرّزق من حلّه ليعود به على عياله و نفسه كان من المجاهدين في سبيل اللّٰه عز و جلّ فإن غلب عليه فليستدن على اللّٰه عز و جلّ و على رسوله ما يقوت به عياله فإن مات و لم يقضه كان على الإمام قضاؤه فإن لم يقضه كان عليه وزره إن اللّٰه عزّ و جل يقول إِنَّمَا اَلصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ اَلْمَسٰاكِينِ وَ اَلْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ اَلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي اَلرِّقٰابِ وَ اَلْغٰارِمِينَ فهو فقير مسكين مغرم [- ج -] لو كان له مال جاز أن يستدين لتمكّنه من القضاء و إن كان الأولى تركه و كذا لو استدان مع الحاجة و كان له وليّ يقضيه عنه جاز أن يستدين أيضا و روى الشيخ عن سلمة قال قلت لأبي عبد اللّٰه عليه السّلام الرجل منّا يكون عنده الشيء يتبلغ به و عليه دين أ يطعمه عياله حتى يأتي اللّٰه عز و جل أمره أو يستقرض على ظهره

ص: 198

في جنث الزمان و شدة المكاسب أو يقبل الصّدقة قال يقضي بما عنده دينه و لا يأكل أموال الناس إلا و عنده ما يؤدي إليه حقوقهم إن اللّٰه تعالى يقول لاٰ تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ و لا يستقرض على ظهره إلا و عنده وفاء و لو طاف على أبواب الناس فردوه باللقمة و اللقمتين و التمرة و التّمرتين إلا أن يكون له ولي يقضي من بعده ليس منا من ميت يموت إلا جعل اللّٰه عز و جل له وليا يقوم في عدته و دينه فيقضي عدته و دينه [- د -] يجب على من استدان أن ينوي القضاء مع القدرة روى الشيخ في الصحيح عن ابن رباط قال سمعت أبا عبد اللّٰه عليه السّلام يقول من كان عليه دين فنوى قضاؤه كان معه من اللّٰه عز و جلّ حافظان يعينانه على الأداء عن أمانته فإن قصرت نيّته عن الأداء قصر من المعونة بقدر ما نقص من نيته و عن أبي حمزة الثمالي عن الباقر عليه السّلام قال من حبس حقا على امرئ مسلم و هو يريد أن يعطيه إياه مخافة إن خرج ذلك الحق من يديه أن يفتقر كان اللّٰه أقدر على أن يفقره منه أن يغني نفسه بحبس ذلك الحقّ [- ه -] من وجب عليه الحج ثم فقد الاستطاعة جاز له أن يستدين و يقضي الحج فإن لم يجب عليه أولا لم يستحب له الاستدانة للحج و لو استدان ثم حجّ به من غير تقدّم وجوب لم يجزه على ما تقدم [- و -] يكره لصاحب الدّين النزول على المستدين فإن فعل فلا يغيم عنده أكثر من ثلاثة أيام [- ن -] من لم يجد شيئا كان قبول الصّدقة له أفضل من الاستدانة [- ح -] إذا أهدى المديّن شيئا للمدين لم يكن تجري عادته به استحبّ له احتسابه من الدين و ليس بواجب [- ط -] إذا استدان و التجأ إلى الحرم لم يجز لصاحب الدّين ملازمته فيه و لو وجده في الحرم و هو موسر مليّ فالوجه جواز مطالبته فيه [- ى -] يجب على المدين ترك الإسراف في النفقة و يقتصد فيها و لا يجب عليه التقتير و مع مطالبته المدين يجب عليه دفع جميع ما يملكه إليه عدا دار سكناه و ثياب بدنه و خادمه و قوت يومه و ليلته له و لعياله

الفصل الثاني في القرض

و فيه [- كد -] بحثا [- ا -] القرض فيه فضل كثير و ثواب جزيل و روي أنّه أفضل من الصّدقة بمثله في الثواب قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرّتين إلا كان كصدقة مرّة قال صلى اللّٰه عليه و آله رأيت ليلة أسري بي على باب الجنّة مكتوبا الصدقة بعشر أمثالها و القرض بثمانية عشر و قال الصادق عليه السّلام في قوله تعالى لاٰ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوٰاهُمْ إِلاّٰ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاٰحٍ بَيْنَ اَلنّٰاسِ قال يعني بالمعروف القرض و قال الباقر عليه السّلام من أقرض قرضا إلى ميسرة كان ماله في زكاة و هو في صلاة من الملائكة عليه حتى يقضيه و هو مستحب بالنّسبة إلى المقرض جائز بالنسبة إلى المقترض و هو يكره مع الغنى و ليس الإقراض واجب و يستحب للمقترض إعلام المقرض بحاله [- ب -] القرض عقد يشتمل على إيجاب مثل أقرضتك أو تصرف فيه أو انتفع به و عليك ردّ عوضه أو ما أشبه ذلك و على قبول كقوله قبلت أو ما دل على الرضا بالإيجاب من غير حصر في عبارة و لا يصحّ إلا من جائز التصرف و لو قال ملكتك على أن ترد عوضه فهو قرض و لو قال ملكتك و أطلق ففي كونه هبة نظر و لو اختلفا فالوجه أن القول قول الواهب [- ج -] إذا أقرضه وجب إعادة المثل فإن شرط في القرض الزيادة حرم و لو يفد الملك سواء شرط زيادة عين أو منفعة و لو رد عليه أزيد في العين أو الصفة من غير شرط لم يكن به بأس سواء كان العرف يقتضي ذلك أو لا و لا يقوم العادة في التحريم مقام الشرط و لا فرق في التحريم مع الشرط بين الرّبوي و غيره [- د -] يجوز أن يقرضه شيئا و يشترط إعادته في أرض أخرى و يكتب به سفتجة و لو شرط في القرض أن يوجره داره أو يبيعه شيئا أو يقرضه المقرض مرة أخرى جاز أيضا أما لو شرط أن يوجره داره بأقل من أجرتها أو يستأجر منه بأكثر أو على أن يهدي له هدية أو يعمل له عملا فالوجه التحريم و لو فعل ذلك من غير شرط كان جائزا و لو شرط رهنا و كفيلا على القرض أو كفيلا به جاز بخلاف ما لو شرط و هنا على قرض آخر أو كفيلا و لو شرط أن يقرضه شيئا آخر صحّ و لم يلزم الوعد [- ه -] قال الشيخ إذا أعطاه الغلة و أخذ منه الصحاح شرط ذلك أو لم يشترط لم يكن به بأس و فيه إشكال مع الشرط [- و -] لا يكره إقراض المعروف بحسن القضاء و قد كان النّبي صلى اللّٰه عليه و آله معروف بحسن القضاء و لم يكره إقراضه [- ز -] لو شرط في القرض أن يوفيه أنقص مما أقرضه ففي التحريم إشكال سواء كان مما يجري فيه الرّبا أو لا و لو شرط المكسر عن الصّحيح أو تأجيل الحال لغا الشرط و صحّ القرض [- ح -] لو أقترض من رجل نصف دينار فدفع إليه دينارا صحيحا و قال نصفه قضاء و نصفه وديعة أو سلما في شيء صحّ و للمقترض قبوله و لو اشترى بالنصف الباقي من الدّينار سلعة جاز إلا أن يشترط فيقول أقضيك صحيحا بشرط أن آخذ منك بنصف الباقي سلعة فالوجه عدم الجواز و لو لم يشترط جاز و لو ترك النّصف الآخر وديعة جاز و اشتركا فيه فلو أراد كسره جاز و لو اختلفا لم يجبر الممتنع على كسره [- ط -] القرض لا يثبت فيه خير للمقترض و لا للمقرض بل للمقرض المطالبة في الحال و للمقترض للدفع عاجلا و ليس لأحدهما الامتناع من حقّ صاحبه [- ى -] يثبت الملك في القرض بالعقد و القبض و هو عقد لازم من جهة المقرض جائز

ص: 199

من جهة المقترض على معنى أن للمقترض ردّ العين أو المثل و لو طلب المقرض العين لم يجبر المقترض على دفعها و قول الشيخ في الخلاف ضعيف فإن ردّ المقترض العين سليمة وجب على المقرض القبول و إن تغير شعرها و إن ردّها ناقصة لم يجب سواء كان النقص في عين أو صفة و في وجوب قبول العين على المقرض في غير المثل إشكال [- يا -] للمقترض المطالبة بالعوض في الحال جملة و لو أقرضه تفاريق و لو أجل القرض لم يتأجّل و كذا كل دين حال لم يتأجّل سواء كان بزيادة فيه أو لا و كذا لو كان مؤجّلا فحل لم يصحّ تأجيله إلى آخر و سواء في ذلك القرض و بدل المتلف و ثمن المبيع و الأجرة و الصداق و عوض الخلع نعم يستحب له الوفاء و يجوز تعجيل المؤجّل بإسقاط بعضه و بدونه مع التراضي [- يب -] يجوز قرض المكيل و الموزون إجماعا و كذلك يجوز قرض غيرهما مما يثبت في الذمة و كذا يجوز إقراض غير المثلي كالجواهر و الحيوان و أشباههما و للشيخ رحمه اللّٰه قول بالمنع في إقراض ما ليس بمثلي و يجوز إقراض الرقيق سواء كان عبدا أو أمة و سواء أقرض الأمة لمحرم لها كالأب و الآخر أو لغيره [- يج -] لا يجوز إقراض المكيل و الموزون جزافا و لو قدره بمكيلة معينة أو بصنجة معينة غير معروفين عند العامة و لو كانت الدراهم مما يتعامل بها عددا اشترط تعيين العدد و يرد عددا و إن أقرض وزنا ردّ وزنا و كذا كل معدود و يجب معرفة عدده وقت الإقراض [- يد -] كل مثل يجب ردّ مثله سواء كان ممّا يكال أو يوزن أو لا و سواء أرخص أو غلا أو لا و لو تعذّر المثل ردّ القيمة يوم تعذّر المثل و لو لم يكن مثليّا وجب ردّ القيمة يوم الإقراض و لو اختلفا في القيمة فالقول قول الغارم [- يه -] يجوز إقراض الخبز عددا و وزنا فإن استقرض عددا ردّه عددا و إن استقرض وزنا ردّه وزنا و لو شرط أن يعطيه أكثر أو أجود حرم و لو كان لجماعة ماء فاحتاج بعضهم أن يسقي في غير نوبته فاستقرض من نوبة غيره ليزد عليه بذله في يوم نوبته لم يكن به بأس [- يو -] لو استقرض من ينعتق عليه عتق بالقبض و لو استقرض جارية جاز له وطؤها بعد الاستبراء إن وجب [- يز -] لو أفلس غريمه فأقرضه ألفا ليوفيه كل شهر شيئا معلوما جاز و لو كان عليه حنطة فأقرضه ما يشتري به حنطة و يوفيه إياها جاز أيضا و لو أراد أن يبعث نفقة لعياله فأقرضها رجلا على أن يدفعها إلى عياله جاز و لو أقرض إكارة ما يشتري به عاملة يعمل في أرضه أو بذرا يبذره فيها من غير شرط جاز [- يح -] لو اقترض من غيره دراهم فاشترى منه سلعة فطلعت زيوفا لزم البيع و لا يرجع عليه بشيء إن وقع الشراء بالعين و كان البائع عالما بالعيب و لو باعه بدراهم في الذمة ثم قبض هذه عوضا و لم يعلم بالغيب وجب له دراهم خالية من العيب و يرد هذه على المشتري و يردها المشتري عليه وفاء عن الفرض و يبقى الثمن في الذمة سليما و لو حبسها على البائع وفاء عن القرض و دفع الثمن جيدا جاز [- يط -] لو أقرضه و قال إذا مت فأنت في حلّ كان وصيّته و لو قال إن متّ فأنت في حلّ لم يصحّ [- ك -] لو أقرضه تسعين بمائة عدد أو الوزن واحد جاز إذا كانت لا تتفق في مكان إلا بالوزن و كذا لو كانت تتفق برءوسها و لو قال اقترض لي من فلان مائة و لك عشرة فلا بأس لأنه جعالة على مباح و لو قال اكفل عني فلك ألف قيل لم يجز لأن الكفيل يلزمه الدّين و يجب على المكفول عنه قضاؤه مع الأداء كالقرض و مع العوض يكون جارّا للمنفعة [- كا -] لو استقرض دراهم وجب عليه ردّ مثلها في الوزن و الصّفة و لا يردها بسكة محالفة لسكة القرض و لو سقطت تلك الدراهم و جاءت غيرها لم يكن عليه إلا الدراهم التي اقترضها أو سعرها بقيمة الوقت الذي اقترضها فيه كذا قال الشيخ و به رواية صحيحة و لا يجب على المقترض رد النقد الحادث و في رواية ضعيفة السّند عن الرضا عليه السّلام أن عليه دراهم يجوز بين الناس كما أخذ ما يتفق بين الناس و جمع الشيخ بينها بأنه يأخذ منه ما يتفق بين الناس يعني بقيمة الدراهم الأولى يتفق بين الناس لأنه يجوز أن يسقط الدراهم الأولة حتى لا تكاد تؤخذ أصلا فلا يلزمه أخذها و هو لا ينتفع بها و إنما له قيمة دراهم الأولة و ليس له المطالبة بالدراهم التي تكون في الحال [- كب -] إذا أقرضه في بلد ثم طالبه به في بلد آخر لم يجب عليه حمله إلى بلد المطالبة و لو طالبه بالقيمة لزم و لو تبرّع المستقرض بدفع المثل و امتنع المقرض كان له ذلك و إن لم يكن في حمله مئونة [- كج -] لو أقرض ذمي ذميّا خمرا ثم أسلما أو أحدهما بطل القرض و لم يجب على المقترض شيء سواء كان هو المسلم أو الآخر [- كد -] مال القرض إن بقي بحاله وجب الزكاة على المقترض إن كان مما يجب فيه و لو شرط الزكاة على القارض قال الشيخ صح و لزمت الزكاة القارض و الوجه خلافه

الفصل الثّالث في بيع الدين

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] الدين المؤجل لا يجوز بيعه مطلقا إلا بعد حلول الأجل و الحال يجوز بيعه على من هو عليه و على غيره بحال و إن لم يكن معينا و لا يجوز بيعه بدين آخر [- ب -] الدّين إن كان ربويّا وجب فيه المساواة قدرا مع اتفاق الجنسيّة لا مع اختلافها و إن لم يكن ربويّا

ص: 200

جاز بيعه بمثله أو أزيد أو أنقص بجنسه أو بغيره و قال الشيخ لو باع الدّين بأقل مما له على المدين لم يلزم المدين أكثر مما وزن المشتري من المال و ليس بمعتمد [- ج -] لا يجوز بيع الرزق الذي على السّلطان قبل قبضه و كذا لا يجوز بيع أهل الزكوات و الأخماس قبل قبضها [- د -] إذا دفع إلى صاحب الدين عروضا على أنها قضاء و لم يساعره احتسب بقيمتها يوم القبض و لا يلزمه ردّ المثل أما لو أعطاه قرضا عليه فإنّه يردّ مثله [- ه -] الدين لا يتعيّن ملكا لصاحبه إلا بقبضه فلو جعله مضاربة قبل قبضه لم يصحّ [- و -] القسمة لا تصحّ في الدّين فلو كان لاثنين مال في ذمم جماعة ثم تقاسما به كان ما يحصل لهما و ما ينوي عليهما [- ز -] الذمي إذا باع مالا يصحّ للمسلم تملكه كالخمور و الخنازير جاز دفع الثمن إلى المسلم عن حقّ له و لو كان البائع مسلما لم يجز [- ح -] لو باع الدين كان ضامنا له فإن و في الذي عليه الدين المشتري و إلا رجع على البائع بالدرك قاله الشيخ رحمه اللّٰه

الفصل الرّابع في دين المملوك

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] المملوك لا يملك شيئا و إن ملكه مولاه و لا يجوز له أن يتصرف في نفسه بإجارة و لا استدانة و لا غير ذلك من وجوه التّصرفات و لا فيما في يده ببيع و لا هبة و لا إقراض أو لا غير ذلك إلا بإذن مولاه ثم هو قسمان مأذون له و غير مأذون فغير المأذون لا يتصرّف إلا بإذن مولاه على ما تقدم إلا في الطلاق و الخلع و ليس له أن يقبل الهبة و لا الوصيّة و لا يصحّ ضمانه و لا شراؤه و أما المأذون له في التجارة فيجوز له كل ما يندرج تحت اسم التجارة أو كان من لوازمه فليس له أن ينكح و لا يؤاجر نفسه و لا يتعدى النّوع الذي رسم له الاتجار فيه و لا يأذن لعبده في التجارة إلا بالإذن [- ب -] العبد غير المأذون إذا استدان بغير إذن مولاه كان لازما لذمته يتبع به إذا عتق و أيسر و إلاّ فلا و لا يتعلق برقبته و لو استدان المأذون له في الدّين تعلق بذمّة المولى أن استبقاه أو أراد بيعه و إن أعتقه فللشيخ قولان أحدهما أنّه يتبع به العبد و الآخر يلزم المولى و عندي في ذلك تردّد و لو استدان المأذون له في التجارة لأجلها لزم المولى أداؤه و إن كان لا لأجلها كان كغير المأذون و قيل نستسعي العبد و ليس بمعتمد [- ج -] إذا مات مولى المأذون أخذ دين العبد من تركته فإن ضاقت التركة شارك غريم العبد غرماء المولى بالحصص [- د -] لو أذن له في التجارة في نوع فاتجر في غيره كان ما يستدينه عليه في ذمّته [- ه -] إذا اشترى غير المأذون أو اقترض لم يصحّ و يرجع البائع و المقرض في العين سواء كانت في يد العبد أو المولى و لو تلفت في يد العبد كان له المثل في ذمته يتبعه به بعد العتق و إلا فالقيمة و إن تلفت في يد المولى كان له المثل أو القيمة على السّيد في الحال و إن شاء طالب به العبد مع عتقه و يساوه و عند القائلين بالتمليك ينبغي صحّة البيع و القرض و للبائع و المقرض الرجوع فيه إذا كان في يد العبد و إن تلف تبعه بالمثل أو القيمة بعد العتق و إن كان في يد سيّده لم يكن للبائع و لا للمقرض أخذه و يرجع البائع و المقرض على العبد مع عتقه و يساره [- و -] إذا أذن له في الشراء انصرف إلى النّقد و لو أذن له في النسية جاز و كان الثمن في ذمة المولى و لو تلف الثمن وجب على المولى عوضه [- ز -] إذا أذن له في الضمان احتمل تعلقه بكسبه أو بذمّته [- ح -] إذا ثبت جناية العمد بالبيّنة كان لولي الجناية استيفاء القصاص إن أوجبت و إن عفي على مال تعلق برقبته أو يفديه مولاه و كذا إن أوجبت كالخطإ و قيم المتلفات في ذمّته و إن لم يقم بينة لم يقبل إقراره في حقّ المولى فلا يقتصّ منه و لا يؤخذ منه ما دام عبدا فإذا أعتق استوفي منه و كذا لا يقبل إقراره فيما دون النفس سواء كان إقراره بما يوجب القصاص أو المال [- ط -] لو أقرّ بسرقة لم يجز قطعه ما دامه رقا و لا غرامة عليه سواء اعترف بما في يده أو غيره و يتبع بها إذا أعتق [- ى -] إذا أذن له في التجارة فأقر فيما أذن له قبل و إلا فلا ثم إن كان ما في يده بقدر الإقرار قضي منه و إلا كان الفاضل في ذمّته يتبع به بعد العتق [- يا -] الإذن لا يستفاد من السكوت فلو اتجر و لم ينهه مولاه لم يكن مأذونا و الأقرب أنه لا ينعزل بالإباق و ينعزل بالبيع

المقصد الثّاني في الرهن

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الرّهن

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] الرهن لغة الثبوت و الدّوام و قيل هو الحبس قال اللّٰه تعالى كُلُّ اِمْرِئٍ بِمٰا كَسَبَ رَهِينٌ و في الشرع عبارة عن المال الذي يجعل وثيقة بالدّين ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه يقال رهن الشيء فهو مرهون و قيل إن أرهنت لغة أيضا [- ب -] الرهن جائز بالنّص و الإجماع قال اللّٰه تعالى فَرِهٰانٌ مَقْبُوضَةٌ و رهن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله درعه عند يهودي اشترى منه طعاما [- ج -] الرهن جائز في السّفر و الحضر معا و ذكر السّفر في الآية خرج مخرج الغالب إذا الغالب عدم الكاتب في السّفر و لا يشترط أيضا عدم الكاتب إجماعا [- د -] الرهن غير واجب و المقصود في الآية الإرشاد لا الأمر [- ه -] الرهن عقد يفتقر إلى الإيجاب و هو كل لفظ دالّ على الارتهان كقوله رهنتك أو هذا وثيقة عندك أو ما استفيد منه ذلك و يفتقر إلى القبول و هو اللفظ الدال على الرّضا كقوله قبلت و ما أشبهه و لو عجز عن النطق كفت الإشارة الدالة عليهما و إن كانت كتابة

ص: 201

[- و -] عقد الرّاهن لازم من جهة الراهن و جائز من جهة المرتهن [- ز -] يكفي في لزوم الرّهن الإيجاب و القبول و لا يفتقر إلى القبض و هو أحد قولي الشيخ و في الآخر يفتقر إليه و هو اختيار ابن الجنيد و كذا يلزم بالإيجاب و القبول و إن لم يكن مكيلا أو موزونا و يجبر الراهن على تسليمه بمجرّد العقد و التفريع على قول الشيخ إنه لو قبضه من غير إذن الراهن لم ينعقد و كذا لو أذن في قبضه ثم رجع قبله و كذا لو جنّ أو أغمي عليه أو مات قبل القبض و ليس استدامة القبض شرطا فلو عاد إلى الراهن أو تصرف فيه لم يخرج عن الرهانة و لو رهن ما هو في يد المرتهن لزم و لو كان غصبا و لو رهن غائبا لم يصر رهنا حتى يحضر المرتهن أو القائم مقامه و يقبض الرّهن و لو أقر الراهن بالإقباض حكم به عليه مع انتفاء علم الكذب و لو رجع لم يقبل رجوعه و لو ادّعى المواطاة على الإشهاد بالإقباض توجهت له اليمين إلا أن تشهد البيّنة بالإقباض لا بالإقرار به نعم لو شهدت بالإقرار فقال لم أقر لم يلتفت إليه [- ح -] إذا كان عليه ديون على غير الرّهن و حجر الحاكم عليه لأجل الغرماء وجب تسليم الرهن إلى من رهنه عنده قبل الحجر و على قول الشيخ ليس له ذلك إذا لم تسبق القبض الحجر [- ط -] رهن المشاع جائز كالمقسوم و يقبضه المرتهن كما يقبض المشاع و لو كان دار بين شريكين فرهن أحدهما نصيبه من بيت بعينه جاز و القبض في الرّهن كالقبض في البيع فلو رهن ما لا ينقل كان قبضه بالتخلية و لو كان له فيه شريك افتقر إلى إذنه و كذا يفتقر إلى إذن الشريك في قبض ما ينقل و يحول فإن اتفقا على إقباض المرتهن أو الشريك جاز و يكون الشريك ما يباله في القبض و إن اتفقا على عدل فكذلك و لو تعاسرا نصب الحاكم عدلا من جهته بقبضه لهما و لو كان له منفعة أجره لأربابه بمدة يقصر عن محلّ الحقّ ليمكن بيعه و لو رهن دارا و هما فيهما فخلي بينه و بينها ثم خرج الراهن صحّ القبض و لا يفتقر إلى التخلية بعد الخروج [- ى -] إذا جعلنا القبض شرطا وجب أن يكون القابض المرتهن أو وكيله و لا يجوز أن يقبضه الراهن من نفسه للمرتهن و لو وكله المرتهن فالوجه الجواز و لو رهنه دارا فيها قماش للراهن فخلى بينه و بين الدار فالوجه صحّة التسليم في الدّار و كذا لو رهنه دابّة عليها حمل له ثم سلمه الجميع و كذا لو رهنه الحمل دون الدابة أو معها و سلمها إليه صحّ القبض [- يا -] إذا مات المرتهن قبل القبض لم ينفسخ الرّهن و سلم إلى الوارث وثيقة أو إلى الحاكم و كذا لو مات الراهن قبل القبض عندنا و لو جنّ المرتهن تخير الرّاهن في تسليمه إلى وليّه و لو خرس قبل الإقباض صح عندنا و عند الشيخ في بعض أقواله إن كان له إشارة مفهومة أو كتابة فأذن في القبض جاز و إلا فلا و كذا لو أذن في القبض ثمّ خرس و لو أفلس الراهن أو زال عقله و لم يكن أقبض الرّهن و لا سلّط على قبضه كان للمرتهن القبض [- يب -] لو تصرف الراهن قبل القبض لم ينفذ إلا يأذن المرتهن عندنا و عند المشترطين للقبض يصحّ التصرف و يبطل الرهن سواء كان التّصرف لازما كالبيع أو غير لازم كالهبة غير المقبوضة و لو زوّج الأمة لم يبطل الرّهن عند الفريقين [- يج -] لو رهن ما هو في يد المرتهن وديعة أو غصبا لزم و إن لم يمض مدة يمكنه القبض فيها و لا يفتقر إلى إذن الراهن في القبض سواء كان مما يزول بنفسه كالعبد و الدابة أو لا يزول كالثوب و الدار [- يد -] إذا اختلفا بعد اتفاقهما على الإذن في القبض فقال المرتهن قبضة و قال الرّاهن لم يقبضه احتمل تقديم قول المرتهن مع يمينه عملا بالصّحة و احتمل تقديم قول الراهن إذ الأصل عدم القبض و احتمل تقديم قول المرتهن مع يمينه عملا بالصّحة و احتمل تقديم قول صاحب اليد فإن كان في يد المرتهن فالقول قوله في قبضه بالإذن لا بعد الرجوع و إن كان في يد الرّاهن فالقول قوله في عدم عوده إليه بعد قبض المرتهن و هذا كله ساقط عندنا لأن القبض ليس شرطا

الفصل الثّاني في شرائطه

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] شرط الرّهن أن يكون عينا مملوكا يمكنه قبضه و يصحّ بيعه سواء في ذلك المشاع و المنفرد فلا يصحّ رهن الدين و لا المنفعة كسكنى الدار و خدمة العبد و قول الشيخ رحمه اللّٰه في أن رهن المدبر منصرف إلى الخدمة ليس بمعتمد بل رهن المدبر إبطال للتّدبير و لو رهن ما لا يملك وقف على إجازة المالك و لو رهن ما يملك و ما لا يملك مضى في ملكه و وقف في حصّة الشريك على الإجازة و لو رهن أرض الخراج لم يصحّ و لو كان فيها بناء و غرس جاز رهنه دون رقبة الأرض و لو رهن الجميع صحّ في الآلات خاصّة و الخراج على صاحب الأرض دون المرتهن و المستأجر فلو أداه أحدهما بدون إذن المالك لم يكن له الرجوع و لو قضاه بأمره و شرط الرجوع وجب و كذا لو لم يشترط [- ب -] لا يصح رهن الخمر من المسلم عند ذمّي أو مسلم و كذا لا يصحّ رهنها عند المسلم لذمّي و لا لمسلم و لو رهنها الذّمي عند المسلم و وضعها على يد ذمّي لم يصح أيضا و يجوز رهن العصير فإن استحال حلوا أو حامضا فالرهن بحاله و إن استحال خمرا خرج عن كونه رهنا و يزول ملك الراهن عنه و لو تلف بعد صيروريته

ص: 202

خمرا لم يكن للمرتهن خيار و لو استحال خلا عاد إلى ملك الرّاهن و عاد الرّهن [- ج -] لو كان في يده عصير فصار خمرا راقه ثم جمعه جامع فصار في يده خلاّ ففي بقاء ملك الأوّل إشكال من حيث إنّه أزال يده و أسقط حقّه بإراقته و كذا في تمليك الثاني لأن الأوّل فعل المأمور به شرعا و الجامع ممنوع محرم عليه و لا يثبت يده عليه فلا يصحّ تملك الخلّ به و الأوّل أقوى إلا مع نيته التحليل بالجمع و كذا لو كان عنده خمر فرهنها عند إنسان فانقلبت خلاّ عند المرتهن ملكها المرتهن [- د -] لو رهن شاة فماتت بطل ملكها و خرجت من الرّهن فلو دفع الراهن جلدها لم بعد ملكه عندنا و عند ابن الجنيد ينبغي عوده و في إعادة الرّهن ح إشكال ينشأ من كون الراهن ملكها بالدباغ بخلاف الخمر المتخلّل من نفسه [- ه -] لو رهنه عصيرا فصار خمرا قبل القبض بطل الرهن و لا خيار للمرتهن في البيع الذي شرط فيه ارتهانه عنده أو من اشترط القبض أثبت الخيار و لو صار بعده بطل الرهن و لا خيار و لو اختلفا فقال المرتهن قبضته و هو خمر و قال الراهن كان عصيرا قال الشيخ القول قول المرتهن لأنه ينكر قبض الرهن و قيل قول الراهن لاتفاقهم على العقد و التسليم و ادعاء المرتهن فساد القبض و هذا عندي أقوى و كذا لو رهنه عبدا حيا فوجده ميتا في يد المرتهن ثم اختلفا فقال الراهن مات بعد القبض و قال المرتهن قبله و لو قال رهنتك عصيرا و قبضته و قال المرتهن رهنته خمرا و قبضته خمرا قيل القول قول المرتهن لإنكاره العقد و قيل الراهن و لو رهن عصيرا فانقلب خمرا قبل قبضه بطل الرهن فإن عاد خلا عاد الرّهن عندنا و من شرط القبض لم يعد عنده و لو اشترى عصيرا فصار خمرا في يد البائع فسد العقد فإن عاد خلا لم يعد ملك المشتري [- و -] الخمر إذا انقلبت خلاّ حلّت سواء انقلبت من نفسها أو بالتخليل و ليس التخليل حراما [- ز -] يجوز رهن الجارية و إن كان لها ولد صغير إجماعا فإن حلّ الحقّ جاز بيعها دون ولدها و إن كان له أقل من سبع سنين على كراهية و الشيخ منع ذلك بل يباعان معا فما قابل الجارية يكون المرتهن أحق به من باقي الغرماء فيقوم و هي ذات ولد بدون ولدها و يقوم الولد و يؤخذ من الثمن بالنّسبة و لو لم يعلم المرتهن بالولد حال الارتهان لم يكن له خيار عندنا و أثبت الشيخ له الخيار في البيع المشروط فيه إذا فسخ الرّهن بناء على تحريم التفريق لأنّ ذلك نقص في القيمة [- ح -] لو رهنها حائلا فحملت في يد المرتهن من زوج أو زنا جاز بيعها بانفرادها عندنا و عند الشيخ يباعان معا و يكون المرتهن أحق بما يقابلها من الثمن فيقوم خالية من الولد ثم يقوم الولد و يأخذ بالنّسبة بخلاف الأولى التي رضي بكونها أم ولد [- ط -] لو باع عبدا بالخيار له أولهما فرهنه المشتري في مدّة الخيار جاز و عند الشيخ لا يجوز بناء على قوله بعدم الانتقال إلا بعد الخيار و لو رهنه المشتري في مدّة خياره لزمه البيع و لو باع شيئا و أفلس المشتري بالثمن كان للبائع أخذ العين فلو رهنه قبله نفي كونه فسخا للبيع نظر و كذا لو رهن الموهوب فيما يصحّ رجوعه فيه هل يكون رجوعا إشكال [- ى -] يجوز رهن المرتد إن كان عن غير فطرة و لا خيار للمشتري في البيع مع علمه فإن تاب زال العيب إن قبلت توبته و إن كان عن فطرة أو لم يتب فقتل فالوجه سقوط الخيار و لو لم يكن عالما ثم علم كان له ردّه و الخيار في البيع المشروط به و لو أمسكه حتّى قتل فلا خيار و لو تجدّد العلم بعد القتل احتمل أن يكون كالمستحقّ فيثبت للمرتهن الخيار في البيع و أن يكون كالمعيب فلا خيار أمّا لو باع المرتد عن فطرة أو لم ينبت و لم يعلم المشتري حتى قل ففيه الوجهان لكن على الثّاني يثبت له الأرش [- يا -] لو رهن عبدا سارقا أو زانيا صحّ الرهن و كان كالعيب إذا لم يجب قتله و لو رهن قاطع الطريق فتاب قبل قدرة الإمام عليه صح الرّهن لقبول التوبة منه و لو كان بعدها لم يصحّ [- يب -] العبد الجاني يصحّ رهنه سواء كان الجناية عمدا أو خطاء فإن أفتكه مولاه بقي رهنا و إلا بطلت الرهانة فيما قابل الجناية و أبطل الشّيخ في الخلاف الرّهن في العمد و الخطاء معا [- يج -] لو رهن عبدا و أقبضه ثم أقرّ أنه جنى قبل الرهن فإن صدقه المرتهن كان الحكم ما تقدم في رهن الجاني و إن كذبه نفذ إقراره في حقّ نفسه لا حق المرتهن و على المرتهن اليمين على نفي العلم و كذا لو أقر أنه كان غصبه أو أعتقه و كذا لو باعه أو كاتبه مطلقا ثم أقرّ بأحد هذه الأشياء إلا العتق فينفذ في الكتابة و كذا لو أجزأ ثمّ اعترف بالجناية فإذا حلف المرتهن بقي الرهن بحاله و في رجوع المجني عليه على الرّاهن إشكال من حيث منع تصرّفه من الاستيفاء و إمكان عدم علمه بالجناية قبله و مع القول بعدم الضمان لو عاد إليه ببيع أو افتكاك أو غيرهما نفذ الإقرار فيه و مع التّضمين يحتمل الرجوع بالأرش و بالأقلّ منه و من القيمة و لو نكل المرتهن حلف المجني عليه لا الرّاهن فإن نكل لم يحلف الراهن أيضا [- يد -] لو جنى العبد بعد الرّهن قدم حق المجني عليه و بيع في الجناية إن استغرقت و إلا بقدرها و الباقي رهن و لو تعذّر بيع الجميع و كان باقي الثمن رهنا و لو فداه السّيد بقي رهنا كما كان و لو نداه المرتهن على أن يكون رهنا بهما بإذن الراهن جاز و رجع بالفداء و لا يضمن المرتهن جناية الرهن و لا يسقط

ص: 203

دين المرتهن لو بيع في الجناية أو فداه السّيد سواء كان بقدر الفداء أو أقل أو أكثر و لو كانت الجناية عمدا كان الخيار في القصاص و الاسترقاق إلى المجني عليه أو ورثته و لو جنى على مولاه عمدا اقتص منه و لا يخرج عن الرهانة و ليس له العفو على مال و لو كانت نفسا جاز قتله و لو كانت خطاء لم يكن لمولاه عليه شيء و بقي رهنا و لو جنى على من يرثه المالك ثبت للمالك ما ثبت لمورثه من القصاص أو الانتزاع في الخطإ إن استوعبت الجناية قيمته و إلا أطلق ما قابل الجناية و لو جنى على مكاتب السّيد المشروط ثبت للمكاتب القصاص أو العفو على مال فإن عجز نفسه ثبت للسّيد القصاص أو العفو على مال و كذا إن قتل المكاتب [- يه -] لو دبره ثم رهنه فالوجه بطلان التدبير قال الشيخ و لو قلنا بصحّتهما معا كان قويا فإن قضى المالك من غير الرهن جاز و إن باعه فله و إن امتنع قضى الحاكم الدّين من ماله و لو لم يكن مال باع الحاكم العبد و بطل التدبير و الرهن معا [- يو -] لو رهن عند الذمي عبدا مسلما أو مصحفا قيل يصح و يرفع يده عنه و يوضع عند أمين إلى وقت الأجل و قيل لا يصحّ و الأقرب كراهية رهن أحاديث النبي صلى اللّٰه عليه و آله و كتب الفقه [- يز -] لو رهن ما لا يصح إقباضه كالطير في الهواء و السمك في الماء أمكن الجواز و كذا البحث في الآبق منفردا [- يح -] لو رهن وقفا لم يصح و في جواز رهن أم الولد إشكال أقربه الجواز في ثمن رقبتها و لو سوغتاه مطلقا لم يجز بيعها ما دام ولدها حيّا [- يط -] لو رهن ما يسرع إليه الفساد قبل الأجل جاز إن شرط بيعه و لو لم يشترط قيل يبطل و قيل يصحّ و يجبر على بيعها

الفصل الثالث في المتعاقدين

و فيه [- ح -] بحثا [- ا -] يجب فيهما كمال العقل و جواز التّصرف و يجوز لولي الطفل أن يرهن ماله إذا افتقر إلى الاستدانة مع المصلحة مثل أن يستهدم عقاره فيحتاج في إصلاحه إلى الاستدانة أو يكون له ما يحتاج إلى الإنفاق عليه أو يكون به حاجة إلى نفقة و كسوة أو يخاف من تلف بعض ماله فيستدين الولي لحفظه و برهن ما يراه مصلحة و له أن يقبض الرّهن مع المصلحة أيضا و لو رهن الطفل أو المجنون لم يصح و لو أجاز الوليّ أما لو عقد الكامل الرهن ثم جنّ قبل الإقباض فإنه يصحّ عندنا خلافا لمن اشترط الإقباض و لو أوجب ثم جن قبل القبول بطل و كذا الحكم في المغمى عليه و الميّت [- ب -] لا فرق في اشتراط كمال العقل و جواز التصرف بين الراهن و المرتهن في ذلك فلو ارتهن الصّبي أو المجنون لم ينعقد و إن قبضا لكن يتولى عنهما وليهما الارتهان و القبض و ليس للولي أن يسلف مالهما إلا مع الغبطة بأن يزيد مالهما لأجل الأجل و لا يجوز له إقراض مالهما إلا مع خوف التلف من غرق أو نهب أو حرق و ما أشبه ذلك و يأخذ عليه الرهن فإن تعذر أقرضه من الثقة المليء [- ج -] المكره لا ينعقد رهنه إيجابا و لا قبولا و لا شيء من عقوده و لو زال الإكراه فأجاز ما فعله صح [- د -] المحجورة عليه لفلس أو سفه لا ينعقد رهنه و لو تجدّد الحجر بعد العقد لزم الرّهن و إن لم يحصل القبض عندنا و له إقباضه و من اشترط القبض منع من الإقباض بعد الحجر و إن كان الرهن متقدّما [- ه -] لا يصحّ من الصّبي و المجنون و المحجور عليه و المكره إقباض الرّهن كما لا يصح عقدهم نعم للمرتهن قبضه بمجرّد العقد [- و -] ولي الطفل و المجنون خمسة الأب و الجد و ينفذ تصرّفهما مع اعتبار المصلحة و لكل منهما أن يشتري لنفسه من مال الطفل و يبيع عليه فيكون موجبا قابلا و قابضا مقبضا و الوصيّ و الحاكم و أمينه لهم الولاية مع المصلحة و ليس لهم تولى طرفي العقد فلو باع أحد الخمسة ما يساوي مائة نقدا بمائة نسيئة و أخذ الرهن جاز مع المصلحة من خوف النهب و غيره من أسباب التّلف لا بدونه و لو باعه بمائة و عشرين و أخذ الرّهن صحّ سواء كانت المائة نقل و الرهن على العشرين أو كان الجميع نسيئة [- ز -] المكاتب يجوز أن يبيع بالدّين و يأخذ الرهن مع المصلحة كالمولى عليه لا بدونها و كذا العبد المأذون له في التجارة [- ح -] يجوز أن يكون كلّ واحد من المتعاقدين واحد أو أكثر فلو رهن اثنان شيئا بدين عليهما عند رجل صحّ و كان بمنزلة عقدين فإذا قضى أحدهما نصيبه من الدّين أو برئ صارت حصته طلقا إلا أن يكون كل واحد رهن حصّته على جملة الدين فلا يخلص من الرّهن إلا بإيفاء الجميع و إذا صارت حصة أحدهما طلقا و أراد قسمتها مع المرتهن لم يجز إلا بإذن الشريك سواء كان مما يتساوي أجزاؤه كالطعام أو لا كالحيوان و لو كان الرهن حجرتين فطالب بالقسمة على أن يفرد نصيبه في إحدى الحجرتين كان للمرتهن الامتناع من ذلك و لو أذن المرتهن كان للشريك الامتناع أيضا و لو كان الراهن واحدا عند اثنين كان بمنزلة عقدين أيضا و يكون نصفه رهنا عند أحدهما بحصّته و الآخر رهنا عند الآخر بحصته من الدّين فإذا قضى أحدهما أو أبرأه خرج نصفه من الرّهن و كان له مطالبة المرتهن الآخر بالقسمة

الفصل الرّابع فيما يصحّ الرّهن عليه

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] يجوز أخذ الرّهن على كل حقّ ثابت في الذّمة يصحّ استيفاؤه من الرّهن مثل ثمن المبيع و

ص: 204

و أجرة العقار و المهر و عوض الخلع و القرض و أرش الجناية و قيمة المتلف [- ب -] لا يجوز أخذ الرّهن على ما ليس بثابت في الذّمة سواء حصل سبب الوجوب كالجعالة قبل الفعل أو لا و الدية على العاقلة لا يجوز أخذ الرهن عليها قبل الحول و يجوز بعده على الثلث و في الثاني على الثلثين و في الثالث على الجميع [- ج -] مال الجعالة يجوز أخذ الرّهن عليه بعد الرّد لا قبله [- د -] مال الكتابة يجوز الرهن عليه سواء كان مشروطا أو مطلقا و إذا فسخ المشروطة للعجز بطل الرهن و منع الشيخ من أخذ الرهن على مال الكتابة و ليس بمعتمد [- ه -] عقد المسابقة إن كان جعالة لم يجز أخذ الرهن على العوض فيه قبل الفعل و إن جعلناه إجارة صح [- و -] يجوز أخذ الرّهن بعد الحقّ و معه و لا يجوز قبل الحق كالرهن على ما يستدينه و على ثمن ما يشتريه [- ح -] لا يجوز الرهن على ما لا يمكن استيفاؤه من الرّهن كالإجارة المتعلّقة بعين المؤجر مثل خدمته و يصح فيما يمكن كالعمل المطلق فإذا هرب جاز بيع الرّهن و استيجار غيره بذلك لتحصيل ذلك العمد [- ط -] يجوز أخذ الرّهن على الدّرك مثل الرهن على عهدة الثمن و الإجارة إن خرجا مستحقين أخذ المشتري من الرّهن الثمن و كذا المغصوب يجوز أخذ الرّهن به و كلما أشبهه من الحقوق التي يثبت في العين على إشكال [- ى -] لو رهن على حق ثمّ استدان آخر من المرتهن ثم جعل الرّهن على الثّاني أيضا صحّ و كان رهنا عليهما معا و جاز للشاهدان يشهد بالرّهن على المجموع و إن لم يفصل ذلك سواء فسخ الرّهن الأوّل و عقد لهما أو لا و كذا له أن يجعله على دين ثالث و رابع إلى ما شاء و لو رهن شيئا على حقّ ثم رهن آخر على ذلك الحق أيضا جاز و كانا جميعا رهنين سواء فسخا الرّهن الأوّل و عقداه عليهما ثانيا أو لا و لو مات و عليه دين مستوعب فالأقرب عدم جواز رهن الوارث لتركته [- يا -] لو رهن شيئا عند زيد ثم رهنه عند آخر فإن كان باتفاق المرتهنين من غير إبطال الأوّل كان رهنا على الحقّين و لو لم يعلما تخير الأوّل في الفسخ و الإمضاء و كذا لو لم يعلم الأوّل و لو أذن الأوّل على أن يكون رهنا عند الثاني ففي إبطال رهنه نظر [- يب -] يجوز أخذ الرّهن على الحق الحال و المؤجل بلا خلاف [- يج -] لو كان له عليه ألف بغير رهن فقال المقترض أقرضني ألفا أخرى على أن أرهنك شيئا على الألفين جاز و كذا لو قال بعني عبدك على أن أرهنك شيئا على الثمن و القرض

الفصل الخامس في الشروط

و فيه [- كز -] بحثا [- ا -] الرهن عقد قابل للشروط الصّحيحة دون الفاسدة و الشرط قسمان صحيح لا ينافي مقتضى الرهن و فاسد فالأوّل مثل أن يشترط كون الرّهن في يد المرتهن أو عدل أو بيعه عند محلّ الدين و هذا القسم لازم و الباقي مثل أن يشترط كونه مبيعا عند حلول الأجل بالدّين و هل يفسد الرّهن بفساد الشرط فيه نظر و الذي قواه الشيخ عدم الفساد و هو جيّد و إذا لم يفسد لم يبطل البيع الذي اشترط فيه الرّهن و لا يثبت فيه خيار [- ب -] لو شرط المرتهن منافع الرّهن لنفسه فإن كان الرهن على الدّين لم يجز سواء كان الدين مستقرّا في الذّمة أو قرضا مستأنفا لكن في الدين المستقرّ يبطل الشرط خاصة دون الرهن و في القرض المستأنف يبطل القرض و الشرط معا دون الرهن و لا فرق بين أن يكون المنافع أعيانا كالنماء المنفصل أو منافع كالمتّصل و إن كان في بيع بأن يرهن على الثمن و يشترط المرتهن المنافع لنفسه فإن كانت معلومة كسكنى الدار سنة صحّ البيع و الرّهن و الشرط و إن كانت مجهولة بطل الجميع [- ج -] لو شرط أن يكون نماء الرهن رهنا صحّ و لو لم يشترط لم يدخل في الرهن على أقوى القولين [- د -] لو شرط الراهن إلاّ يباع عند المحلّ إلا بما يرضى الراهن أو حتّى يبلغ كذا أو بعد محلّ الحق بشهر لم يفسد الرّهن و الوجه صحت الشروط سواء كان ذلك في قرض أو غيره من الحقوق [- ه -] لو رهن صندوقا بما فيه و لم يعلم المرتهن المظروف بطل الرّهن فيه خاصة و صحّ في الصّندوق و كذا لو قال رهنتك الصندوق دون ما فيه و لو قال رهنتك الصندوق و أطلق صحّ فيه خاصة و لم يدخل ما فيه أما لو قال رهنتك الخريطة بما فيها صح في الخريطة خاصّة إن كانت مقصودة بالارتهان و كذا لو أطلق و لو لم يكن مقصودة لم يصحّ فيهما [- و -] الرهن غير مضمون فلو شرط الراهن ضمانه على المرتهن بطل الشّرط و صحّ الرّهن [- ز -] إذا رهنه إلى مدّة معيّنة على أنّه إن لم يقبضه فيه كان مبيعا بالدين بطل الرّهن و البيع و لا يكون مضمونا في المدّة و يكون مضمونا بعدها لأن فاسد كل من الرّهن و البيع كصحيحه فإن غرس المرتهن في مدة الرّهن أمر بقلعه و إن كان في مدّة البيع كان له قلعه فإن لم يفعل قال الشيخ تخير الراهن بين إبقائه في أرضه و بين إعطائه ثمن الغرس و بين مطالبته بالقلع على أنّه يضمن ما نقص الغراس بالقلع و كذا البحث في البناء [- ح -] لو ارتهن نخلا مؤبرا لم يدخل الثمرة إلا بالشرط و كذا لو كانت غير مؤبرة أو لم تكن موجودة و كذا لو رهنه غنما عليها صوف أو أرضا فيها بناء أو غرس لم يدخل ما فيها إلاّ بالشرط و لو رهن شجرا أو بناء صحّ و لا يدخل قرار البناء و لا مغارس الشجر و لو رهن الشجر أو البناء لم يدخل البياض الذي يليه ه و كذا لو كانت بيضا فصار

ص: 205

فيها نخل و شجر سواء أنبته الراهن أو حمله السيل و لا يجبر الراهن على قلعه على إشكال فإن قام ثمن الأرض خاصة بالدّين بيعت دون الثابت بها مع امتناعه من القضاء و لو شرط دخول النخل ثم اختلفا في تجدّد بعضه بعد الرّهن حكم لمن يشهد له الظاهر و لو احتمل الأمران قدم قول الراهن [- ط -] لو دفع رهنا و شرط المرتهن في العقد أن يكون وكيلا في بيعه عند المحل جاز و صحّ البيع سواء كان الراهن حاضرا أو غائبا و كذا لو شرط الوكالة لغيره و ليس للراهن فسخ الوكالة و لو مات بطلت دون الرهانة و لو مات المرتهن لم ينتقل الوكالة إلى الوارث إلا مع الشرط [- ى -] لو شرط المرتهن وضع الرهن تحت يده جاز و كذا لو شرطا وضعه على يد عدل و يكون قبض العدل قبضا للرّهن و كذا لو شرط أن يبيعه العدل عند محله و لا يكون شرطا في الوكالة و هل للراهن عزل العدل عن الوكالة الذي قواه الشيخ بقي ذلك و كذا البحث في المرتهن لو عزل العدل عن البيع لكن النفي هنا أقوى و مع الحلول يفتقر العدل في بيعه إلى تجديد إذن المرتهن أما الراهن فلا يفتقر إلى تجديد إذنه [- يا -] لو مات العدل فإن اتفقا على وضعه عند أحدهما أو آخر جاز و إلا وضعه الحاكم عند من يرتضيه و لو كان في يد المرتهن فمات لم يجبر الراهن على تركه في يد الورثة و يضعه الحاكم مع التّشاجر عند من يختاره [- يب -] إذا عينا للعدل جنسا و قدرا لم يجز العدول و إن أطلقا باع بثمن المثل حالا من نقد البلد فإن خالف كان لكلّ منهما فسخه و يستعاد العين و لو كانت تالفة تخير الراهن في الرجوع على العدل بكمال القيمة فيرجع بها على المشتري و على المشتري بالكمال فلا يرجع على العدل و لو كان النقص مما يتغابن النّاس بمثله صح البيع و لا ضمان و لو زيد فيما باعه بثمن المثل أو بما يتغابن الناس به بعد اللزوم لم ينفسخ البيع و إن كان في مدّة الخيار فالوجه عدم الفسخ [- يج -] إذا باع العدل الرهن و قبض الثّمن كان في ضمان الراهن إلى أن يقبضه المرتهن [- يد -] إذا مات الراهن انفسخت وكالة العدل و يلزم الوارث بالقضاء أو بيع الرهن و لو امتنع منهما نصب الحاكم بائعا يقضي من ثمنه الدّين فلو تلف الثمن في يده و استحق الرهن نزعه الحاكم إلى المستحق من يد المشتري بعد إحلافه و لا ضمان على العدل فإن كان الرهن شرطا في بيع تخيّر المرتهن في فسخه و يضرب المشتري في تركة الراهن كغيره من الغرماء و لا يرجع على العدل و كذا يرجع المشتري على الراهن لو كان حيا و باع الوكيل و قبض الثمن و استحقّ الرّهن في يد المشتري و كذا كل وكيل باع و قبض الثمن و استحق المتاع مع علم المشتري بالوكالة و ليس للمشتري الرجوع على الوكيل ثم يرجع الوكيل على الموكّل و لو استحقّ بعد دفع الثمن إلى المرتهن رجع المشتري على المرتهن و لو رده المشتري بعيب رجع على الراهن و لو لم يعلم المشتري بوكالة العدل رجع عليه و رجع هو على الراهن إن أقرّ و لو أنكر فإن لم يكن مع العدل بينة حلف الراهن [- يه -] العدل أمين لا يضمن ما يتلف في يده إلا مع التفريط أو التعدي فلو ضاع الثمن منه كان القول قوله مع اليمين في عدم التفريط و يتلف من ضمان الراهن لا المرتهن و لو ادعى تسليم الثمن إلى المرتهن كان القول قول المرتهن رجوع للعدل على الراهن و في الرّجوع على الراهن فيرجع الراهن على العدل إلا أن يكون الرفع بحضرته أو يكون قد أشهد اثنين فغابا أو ماتا و لو باع بدين ضمن إلا أن يأذنا له [- يو -] لو اختلفا فيما يباع به بيع بنقد البلد سواء كان من جنس الدّين أو لا و سواء وافق قول أحدهما أو لا و لو كانا من نقد البلد بيع بأغلبهما فإن تساويا بيع بأوفرهما خطاء فإن تساويا عين الحاكم [- يز -] لو تغيرت حال العدل بفسق أو ضعف عن حفظ الرهن أجيب طالب إخراجه من يده و كذا لو ظهرت عداوته لأحدهما ثم إن اتفقا على رجل وضع عنده و إلا وضعه الحاكم و لو اختلفا في تغير حاله بحث الحاكم فإن ثبت نقله و إلا إقراره في يده و كذا لو كان في يد المرتهن فادعى الراهن تغير حاله و لو مات العدل لم يكن لورثته إمساكه إلا بالتراضي [- يح -] للعدل ردّه عليهما و يجب قبوله فإن امتنعا أجبرهما الحاكم فإن امتنعا نصب الحاكم أمينا و ليس له ردّه عليهما إلى الحاكم قبل ردّه عليهما و يضمن بذلك و كذا يضمن الحاكم و كذا لو تركه العدل عند أمين مع وجودهما يضمن هو و الأمين و لو امتنعا و لا حاكم جاز له وضعه عند أمين و لو امتنع أحدهما فدفعه إلى الآخر ضمن هو و إياه و لو كانا غائبين و للعدل عذر من مرض و سفر و غيرهما قبضه الحاكم أو من ينصبه و لو تعذّر الحاكم جاز إبداعه من ثقة و لو أودعه الثقة مع وجود الحاكم ضمن و لو لم يكن له عذر لم يجز له التسليم إلى الحاكم و لو كان أحدهما غائبا لم يسلم إلى الحاضر [- يط -] يجوز لهما نقله من العدل متفقين و لو اختلفا لم ينقل بقول أحدهما و يجوز جعل الرهن في يد عدلين و لهما إمساكه فإن رضي أحدهما بإمساك الآخر وحده لم يجز و كذا لا يجوز أن يقتسما الرهن سواء كان ممكن القسمة من غير ضرر أو معه [- ك -] لو جني على الرهن في يد العدل وجبت القيمة على الجاني و كانت رهنا و يحفظها العدل و ليس له بيعها مع الحلول [- كا -] لو غصبه المرتهن وجب عليه ردّه و يبرأ بالتسليم إلى العدل و لو كان في يد المرتهن

ص: 206

فتعدى فيه ثم أزال التعدي أو سافر به ثم ردّه لم يسقط الضمان [- كب -] إذا استقر من ذمي من مسلم و رهن عنده خمرا لم يصح و إن وضعها على يد ذمّي فإن باعها الذّمي من ذمي و جاءه بالثمن أجبر على قبضه أو الإبراء و لو جعلت على يد مسلم فباعها على ذمي أو باعها الذّمي من مسلم لم يجبر على قبض الثّمن [- كج -] لو اتفقا على وضعه على يد عبد لم يصحّ إلا بإذن مولاه سواء كان بجعل أو لا و لو اتفقا على الوضع عند المكاتب صحّ إن كان يجعل و إلا فلا [- كد -] لو باع و شرط الارتهان على الثمن جاز إذا كان معلوما بالمشاهدة أو الصفة كالسلم فإن وفى المشتري و إلا تخير البائع بين الفسخ و الإمضاء بغير رهن و كذا يصح لو شرط الحميل مع العلم بالإشارة أو الاسم و في الصّفة بأن يقول رجل غني ثقة إشكال و لو امتنع الحميل من الضمان تخيّر البائع في الفسخ و الإمضاء و لو جاء المشتري بغير الرهن أو الحميل المشترطين لم يجبر البائع على القبول و إن كان أكثر من قيمة المشروط و لو شرط شهادة اثنين فأتاه بمثلها فالأقرب عدم اللزوم و لو جهلا الحميل و الرهن بطل الرّهن و تخير البائع في الفسخ و الإمضاء و لو شرط رهن أحد الشيئين من غير تعيين لم يصحّ [- كه -] لو لم يشترطا رهنا و تبرّع المشتري به لزمه [- كو -] لو شرط كون المبيع رهنا على الثمن صحّ الرّهن و البيع و قال الشيخ يبطل الرهن و ليس بجيّد و كذا لو شرط أن يسلم إليه المبيع ثم يرده إليه رهنا فإنه يصح البيع و الرهن معا و قال الشيخ يبطلان معا و هو جيد حسن [- كن -] لو رهن المديون بشرط أن يزيده في الأجل فسد الرّهن و الأجل غير لازم قاله الشيخ و عندي فيه تردّد

الفصل السّادس في الأحكام

و فيه [- يد -] مباحث [- ا -] إذا فسخ المرتهن عقد الرّهن أو نزل عنه أو قضاه الراهن الدين أو أبرأه المرتهن منه بطل الرهن و كان أمانة في يد المرتهن لا يجب ردّه إلا مع المطالبة و لو قضاه بعض الدّين أو أبرأه من بعضه لم ينفسخ شيء من الرهن و كان جميعه محبوسا على باقي الدين و إن قلّ [- ب -] إذا رهن المغصوب منه الغصب عند الغاصب صحّ و لا يزول الضمان و إن أذن له في القبض على إشكال و لو قبضه المالك ثم دفعه إلى الغاصب رهنا برئ من الضمان و كذا لو من الضمان من غير قبض و لو باعه عليه سقط الضمان و كذا البحث لو كان في يده بشراء فاسد و لو كان في يده عارية فلا ضمان إلا أن يكون العارية مضمونة فلا يزول إلا بالإبراء و على التقديرين يسقط انتفاع المرتهن [- ج -] إذا رهن عينين فتلفت إحداهما قبل القبض بطل الرّهن فيها خاصة و كانت الأخرى رهنا على جميع الدّين و يتخير المرتهن إن كان الرهن شرطا في البيع و إن كان بعد القبض بطل فيها أيضا و صحّ في الباقية و لا خيار و ليس له المطالبة بالعوض [- د -] إذا وطئ جارية جاز له رهنها فإن ظهر بها حمل و ولدت لدون ستّة أشهر أو لأكثر من عشرة أشهر من حين الوطء استقر الرّهن و كان الولد رقّا و إن كان لستة أشهر إلى تمام عشرة كان حرا و لم يخرج الأمة عن الرهن و لو أقرّ الراهن بالوطء قبل العقد فإن منعنا من رهن أم الولد لم يصحّ رهنا و إلا جاز و لو كان بعد العقد لو تؤثر في فساد الرّهن و الوجه صيرورتها أم ولد لا يجوز بيعها ما دام الولد حيّا [- ه -] الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف في الرّهن فليس لكلّ واحد منهما التصرف فيه ببيع و لا هبة و لا إجارة و لا سكنى و لا وطء و لا غير ذلك فلو وطئ الراهن فعل حراما سواء كانت من ذوات الحمل أو لا لكن لا حدّ عليه و لا مهر و لو أتلف بوطئه جئرأ كالاقتضاض أو الإفضاء ضمن الأرش و جعل رهنا و لو أحبلها صارت أم ولد و لم يخرج من الرّهانة سواء كان موسرا أو معسرا لكن لا يباع ما دام الولد حيّا و لو ماتت بالولادة ضمن الراهن القيمة تكون رهنا و هل تعتبر القيمة حين التلف أو حين الإحبال أو أكثر ما كانت منهما فيه إشكال و لو نقصت قيمتها كان عليه الأرش تكون رهنا و لو بقيت على حالها لم يجز بيعها مع حياة ولدها و قيل يجوز لسبق حقّ المرتهن فإن استوعب الدّين القيمة بيعت و إلا لم يجز بيع الفاضل إلا أن يوجد من يشتري المقابل للدّين خاصة فإن بيع مقابل الدين انفك الباقي من الرّهن فإن مات الراهن عتق و كان الباقي رقّا للمشتري لا يقوم على الميّت و لو رجعت إلى الراهن ثبت لها حكم الاستيلاد أما لو وطئها بإذن المرتهن فإنها تصير أم ولد مع الحبل و لا تخرج من الرّهن و لا يجب عليه أرش و لا قيمة لو نقصت أو ماتت بالولادة و لو رجع بعد الوطء لم ينفع و لو رجع قبله و علم الراهن فالحكم كما لو لم يأذن و لو لم يعلم فالحكم كما لو لم يرجع [- و -] لا يجوز للراهن ضرب الجارية للتأديب و غيره إلا بإذن المرتهن و بدونه يضمن العيب و العين و لو أذن المرتهن فلا ضمان لو عابت أو تلفت [- ز -] ليس للراهن عتق الرهن فإن فعل كان موقوفا على إجازة المرتهن سواء كان موسرا أو معسرا فإن فسخه بطل العتق و استقر الرهن و إن أجازه صحّ العتق و بطل الرّهن و ليس له المطالبة بالعوض و لو انتفت الإجازة و الفسخ استقر الرّهن فإن بيع بطل العتق و إن فك ففي نفوذ العتق (- ح -) إشكال و لو أعتقه

ص: 207

بإذن المرتهن صح و بطل الرهن و لو رجع في الإذن كان حكمه ما تقدم في رجوعه في الإحبال أما المرتهن لو أعتقه لم ينفذ و إن أجاز المالك و لو سبق الإذن جاز [- ح -] لو ادعى الراهن إذن المرتهن في الإحبال أو الإعتاق فالقول قول المرتهن مع اليمين و عدم البينة فإن حلف كان كما لو لم يأذن و إن نكل حلف الراهن و كان كما لو أذن و لو نكل ففي إحلاف الجارية إشكال و لو اختلف الراهن و ورثة المرتهن حلفوا على نفي العلم و لو اختلف المرتهن و ورثة الراهن حلف المرتهن على نفي الإذن أو الورثة على إثباته قطعا [- ط -] إذا اعترف المرتهن بالإذن في الوطء و فعله و ولادة المرأة لا التقاطه و لا استعارته و مدة الحمل لم يقبل إنكاره كون الولد منه و لا يمين على الراهن و لو أنكر أحد الأربعة فالقول قوله مع اليمين [- ى -] لو وطئها المرتهن من غير إذن حد مع العلم و الولد رقيق للراهن و عليه مهر المثل إن أكره الجارية أو كانت نائمة و لو طاوعته فلا مهر على إشكال و لو ادعى الجهل بالتحريم صدق مع إمكانه و يسقط الحد و لحقه الولد حرا و عليه قيمته وقت سقوطه حيا و المهر مع الإكراه لا مع المطاوعة و لو كانت جاهلة ثبت المهر أيضا و الأقرب عندي ثبوت العشر مع البكارة و نصفه مع الثيوبة في كل موضع أوجبنا المهر فيه و لو أذن الراهن جاز الوطء و لا حد و لا مهر سواء طاوعته أو أكرهها و الولد حر و لا قيمة على الأب و قول الشيخ في المبسوط إذا أذن الراهن لم يجز الوطء محمول على انتفاء لفظ التحليل و لا تصير أم ولد في الحال و لو ملكها المرتهن صارت أم ولده [- يا -] إذا أذن المرتهن في البيع قبل الأجل صح البيع و لم يجب جعل الثمن رهنا إلا أن يشترط في الإذن فيصح البيع و يلزم الشرط و لا يجب التعجيل و لو قال المرتهن أردت بإطلاق الإذن أن يكون ثمنه رهنا لم يلتفت إلى قوله و لو اختلفا فقال المرتهن أذنت بشرط أن يعطيني حقي و قال الراهن بل مطلقا قال الشيخ القول قول المرتهن لأن القول قوله في أصل الإذن فكذا في صفته و عندي فيه إشكال و كذا لو قال أذنت بشرط جعل الثمن رهنا و قال الراهن بل مطلقا و لو أذن الراهن للمرتهن في البيع قبل الأجل لم يجز للمرتهن التصرف في الثمن إلا بعد الأجل و لو كان بعد حلوله جاز [- يب -] لو رجع في إذن البيع بعده لم تؤثر في صحته و لو كان قبله و علم الراهن لم يصح و إن لم يعلم قال الشيخ الأولى صحة الرجوع و بطلان البيع و لو قال بعت بعد رجوعي فقال بل قبله فالقول قول المرتهن [- يج -] لو كان الحق حالا أو مؤجلا ثم حل فإن أذن المرتهن في البيع كان الثمن رهنا إلا أن يقضيه منه أو من غيره [- يد -] لو رهن عبدا ثم دبره قال الشيخ يبطل التدبير و لو قيل بكونه موقوفا على إذن المرتهن كان وجها فإن انفك قبل موت المولى بقي مدبرا و إن باعه في الدين بطل التدبير و إن امتنع من البيع و الرجوع في التدبير بيع عليه و إن مات و قضي من غيره عتق من الثلث و إن لم يكن غيره و كان الدين مستغرقا بيع به و إن فضل من قيمته عتق ثلث الفاضل [- يه -] لو قال المرتهن أذنت لرسولك في رهنه بعشرين فقال بل بعشرة فالقول قول الراهن مع يمينه و عدم البينة ثم الرسول إن صدق الراهن فالغريم الراهن و ليس على الرسول يمين و إن صدق المرتهن فكذلك و لا يرجع المرتهن عليه بشيء و لا يقبل شهادة الرسول لأحدهما [- يو -] لو قال رهنت هذا فقال بل هذا أخرج ما أنكره المرتهن عن الرهن و حلف الراهن عن الآخر و بقي الدين بلا رهن و كذا لو قال أذنت في رهن هذا فقال بل في هذا و لو أقام المرسل بينة أنه أذن في رهن ما ادعاه و النهي عن رهن الآخر و أقام المرتهن البينة بالعكس ثبت ما ادعاه المرتهن و لو أنكر الإذن للرسول في الرهن فالقول قوله مع اليمين و لو قال لم أرهن الثوب أو لم آذن في رهنه و إنما رهنت عندك عبدا و قد قتلته و عليك قيمته فالقول قوله في الثوب و قول المرتهن في براءة ذمته [- ين -] إذا أحل الحق وجب على الراهن إيفاء الدين مع المطالبة فإن قضاه من غيره انفك و إلا طولب ببيعه فإن امتنع كان للمرتهن بيعه إن كان وكيلا و إلا رفع أمره إلى الحاكم و للحاكم حبسه و تعزيره حتى يبيع و بيعه بنفسه [- يح -] لو جنى المرهون على عبد الراهن فإن لم يكن رهنا كان للمولى القصاص إلا أن يكون المقتول ابن القاتل و ليس له العفو على مال سواء كان المقتول قنا أو مدبرا أو أم ولد المولى و إن كان مرهونا عند غير المرتهن كان للمولى القصاص أيضا و له العفو على مال فإن قصر أرش الجناية عن قيمة القاتل بيع بقدر الأرش يكون رهنا عند مرتهن المجني عليه و لو لم يرغب أحد في شراء البعض بيع الجميع و كان باقي أرش الجناية رهنا عند مرتهنة و إن تساويا أو كان الأرش أكثر بيع الجميع و كان الثمن رهنا عند مرتهن المجني عليه و يحتمل أنه ينقل إلى يد مرتهن المجني عليه رهنا و ينفك من رهن مرتهنه مع عدم راغب في شرائه بالأزيد من القيمة و لو كان رهنا عند مرتهن الجاني فإن اتحد الحق فالجناية هدر و إن تعذر فإن تساوت القيمتان و تساوى الحقان قدرا و جنسا فالجناية هدر إلا أن يكون دين المقتول أصح و أثبت من دين القاتل بأن

ص: 208

يكون مستقرا و دين القاتل عوض شيء يرد بعيب أو صداقا قبل الدخول فيحتمله نقله و عدمه و مع النقل يباع و يكون الثمن رهنا أو يتفقا على التبقية و إن اتفقت القيمتان و اختلف الحقان بأن يكون قيمة كل منهما مائة و دين أحدهما مائة و الآخر مائتين لم ينقل إن كان دين القاتل أكثر و إلا نقل و إن انعكس الفرض لم ينقل إن كانت قيمة المقتول أكثر و إن كانت قيمة القاتل أكثر بيع بقدر الجناية يكون رهنا بدين المجني عليه و يبقي الباقي رهنا بدينه و لو اتفقا على التبقية و جعله رهنا بالدينين جاز و لو كان أحد الدينين مؤجلا و الآخر معجلا بيع القاتل بكل حال فإن كان دين المقتول معجلا بيع القاتل ليستوفى دية المقتول منه و إن بقي منه شيء كان رهنا بدينه و إن كان دين القاتل معجلا بيع و استوفي المعجل فإن بقي منه شيء كان رهنا بدين المقتول [- يط -] إقرار العبد بما فيه قصاص أو دية باطل سواء كان مرهونا أو غير مرهون [- ك -] إذا جنى المرهون تخير المولى بين افتكاكه بأرش الجناية و يبقى رهنا على حاله و بين تسليمه للبيع و للمرتهن حينئذ افتكاكه بالأرش أيضا و يرجع على الراهن إن أذن له و إن لم يأذن قال الشيخ يرجع أيضا و عندي فيه نظر [- كا -] لو أمر السيد عبده المرهون بالجناية و كان بالغا عاقلا مختارا تعلق الإثم و الجناية برقبة العبد و الحكم كما تقدم و إن أكره فكذلك عندنا يتعلق الجناية برقبة العبد و لو لم يكن بالغا و كان مميزا فكذلك على ما روي من ثبوت القصاص على من بلغ عشر سنين على إشكال و لو لم يكن مميزا كان الجاني هو المولى و القصاص عليه و المال في ذمته فإن كان له غير العبد دفع منه و إن لم يكن قال الشيخ الأحوط أن لا يباع العبد في الجناية [- كب -] يجوز أن يستعير شيئا ليرهنه و يكون مضمونا بالقيمة إن تلف أو تعذر إعادته أو بيع بها و إن بيع بالأكثر كان له المطالبة بما بيع به و هل يرجع بأعلى القيم أو بالقيمة وقت الإقباض أو التلف إشكال و لو رجع عن الإذن قبل العقد لم ينعقد الرهن و إن كان بعده لم يصح الرجوع و الأقرب جواز إذنه في الرهن مطلقا إلا أنه إن عين الحق و القدر و الحلول و التأجيل لم يجز للمستعير المخالفة إلا أن يرهنه بالأدون و لو رهنه بالأزيد بطل في الزائد و صح في المأذون فيه على إشكال و لو أذن في الحال فرهن مؤجلا أو بالعكس لم يصح فإن رهنه على دين حال بإذنه كان له المطالبة بفكاكه و لو أذن في المؤجل فالأقرب أنه ليس له المطالبة بافتكاكه قبل الأجل و لو تلف العبد في يد المرتهن بغير تفريط أو جنى فبيع في الجناية رجع صاحبه على الراهن بالقيمة و لو طالب المالك الراهن بفكاكه فامتنع ففكه صاحبه بغير إذنه لم يرجع و إن كان بإذنه رجع و إن لم يشترط الرجوع و لو اختلفا في الإذن فالقول قول الراهن فإن أقام السيد البينة بالإذن رجع و لو شهد له المرتهن فالوجه قبول شهادته [- كج -] لو استعار من رجل شيئا للرهن ثم دفع نصف الدين لم ينفك من الرهن شيء حتى يقضي الجميع و لو استعار من اثنين فرهن عند واحد و قضاه نصف الدين عن أحد النصفين احتمل الأول و إن ينفك نصفه فإن علم المرتهن تعدد المالك فلا خيار و إلا احتمل ثبوته و عدمه و لو كان هذا العبد رهنا عند اثنين فقضى أحدهما انفك نصف نصيب كل واحد منهما و لو جعل الرهن رهنا على كل جزء من الدين لم ينفك من الرهن شيء في هذه الصور كلها [- كد -] إذا جني على المرهون كان الخصم المولى لا المرتهن و له أن يحضر الخصومة ليأخذ ما يحصل للمالك و كذا العبد المستأجر و المودع الخصم فيهما المالك فإن قامت البينة و إلا حلف المنكر فإن نكل ردت على الراهن لا المرتهن و إن نكل الراهن سواء كانت عمدا أو خطأ فإن كانت عمدا كان للمولى القصاص و إن لم يرض المرتهن و لو عفا على مال تعلق به حق المرتهن و لو عفا مطلقا أو على غير مال فلا قصاص و لا دية فإن عفا على مال أو كانت الجناية خطاء يثبت من نقد البلد و لو أراد أخذ العوض افتقر إلى إذن المرتهن و يكون المأخوذ رهنا و لو أبرأ الراهن الجاني من الأرش لم يصح و إن سقط حق المرتهن بعد ذلك و لو قال المرتهن أسقطت حقي من ذلك سقط حقه و كان للراهن و لو قال المرتهن أسقطت الأرش أو أبرأت منه لم يصح و هل يسقط حقه بذلك من الوثيقة فيه يحتمل الأمرين و أقربهما السقوط [- كه -] لو كان الرهن أمة حاملا فضربها ضارب فألقت جنينا ميتا لزم الجاني عشر قيمة أمة للراهن إلا أن يشترط المرتهن رهانة النماء و لا يجب أرش ما نقص بالولادة و لو كانت دابة وجب أرش ما نقص بوضعه يكون رهنا و لا يجب بدل الجنين و لو ألقت حيا ثم مات وجب قيمة الولد دون النقص و القيمة للراهن لا حق للمرتهن فيها قال الشيخ و لا يجب أكثر الأمرين من قيمة الولد أو أرش ما نقصت الأم [- كو -] إذا جنى على الرهن و جهل الجاني فأقر شخص بالجناية فإن كذباه سقط حقهما و إن صدقه الراهن خاصة سقط حق المرتهن من الوثيقة و كان للراهن و إن صدقه المرتهن سقط حق الراهن و تعلق حق المرتهن بالأرش إن قضاه الراهن ماله أو أبرأه المرتهن رجع الأرش إلى المقر [- كن -] إذا حدث في الرهن عيب في يد المرتهن لم يضمنه إلا مع التعدي و التفريط

ص: 209

و لا يثبت له خيار في البيع الذي شرط فيه الرهن و لو اختلفا فقال الراهن حدث عندك و قال المرتهن قبل القبض فإن كان في قرض أو ثمن لم يشترط فيه الرهن لم يكن للاختلاف معنى و إن كان مشروطا في البيع قدم قول من يشهد الحال له و لو تساويا في الاحتمال فالقول قول الراهن عملا بصحة العقد و لو قتل الرهن بردة أو قطع في سرقة قبل القبض كان له فسخ البيع المشروط به و لو وجد المرتهن عيبا في يد الراهن فله الرد و فسخ البيع و لو مات الرهن أو حدث فيه عيب قبل رده لم يكن له رده و فسخ البيع قاله الشيخ و الأقرب عندي جواز رده مع العيب المتجدد بالعيب القديم و لو رهن عبدين فسلم أحدهما فمات في يد المرتهن و امتنع من تسليم الآخر لم يكن للمرتهن خيار فسخ البيع قاله الشيخ و كذا لو تجدد فيه عيب و امتنع من تسليم الآخر و الأقوى عندي ثبوت الخيار له في الموضعين [- كح -] إذا اتفقا على أن العدل قبض الرهن لزم الرهن و إن أنكر العدل سواء قلنا باشتراط القبض أو لا ثم إن اتفقا على تركه في يد من شاء جاز و إلا دفعه الحاكم إلى الثقة [- كط -] الوارث كالموروث إلا في شيئين أحدهما حلول الدين المؤجل بموت من عليه و الثاني امتناع الراهن من تركه في يد الوارث إذا لم يشترط المرتهن [- ل -] لو قال الراهن رهنتك أحد العبدين الذين في يدك فقال المرتهن بل هما فالقول قول الراهن و لو قال رهنتك على خمسمائة من الألف التي لك علي فقال بل على الجميع فالقول قول الراهن و كذا القول قول الراهن في قدر الدين و لو قال لاثنين رهنتما في عبدكما على الدين الذي عليكما فالقول قولهما مع اليمين و لو صدقه أحدهما ثبت الرهن في حقه و حلف الآخر و لو شهد عليه شريكه قبل مع اليمين و لو أنكراه و شهد كل على صاحبه فالوجه جواز حلف صاحب الدين مع كل واحد و يثبت ما ادعاه و لا يقتضي الإنكار فسقا لاحتمال الشبهة كالمتخاصمين و القول قول الراهن في دعوى قضاء الدين بالرهن لو كان عليه آخر بغير رهن سواء ادعى التلفظ بذلك أو لا مع النية و لو اتفقا على الإطلاق و لم يدع القاضي نيته احتمل أن يعينه بأيّ الدينين شاء و أن يكون بينهما و كذا لو أبرأه المرتهن عن أحد الدينين ثم اختلفا فالقول قول المرتهن و مع الإطلاق يحتمل الأمران و لو قال لم أسلم الرهن إليك بل آجرتكه أو غصبتنيه أو آجرته لغيرك فحصل في يدك و ادعى المرتهن الإقباض فالقول قول الراهن في عدم الإقباض [- لا -] منافع الرهن للراهن سواء كانت منفصلة أو متصلة لكن المتصلة يتبع الرهن كالسمن أما المنفصلة مثل سكنى الدار و خدمة العبد و ثمرة الشجرة و حمل الدابة سواء كانت موجودة حال الارتهان أو بعده لا يكون رهنا سواء كانت ولدا أو غيره و ليس للراهن سكنى الدار و لا إسكانها بإجارة و لا عارية لكنه إن آجر كانت الأجرة له و لو كان الرهن أمة لم يجز للراهن استخدامها و يوضع يد على امرأة أو عدل و ليس للراهن وطؤها و إن لم يكن من ذوات الحبل و ليس له أن يغرس في الأرض فإن غرس لم يقلع و لو رهن شجرا يقصد ورقه كالتوت و الحناء و الآس لم يدخل في الرهن و يجوز له تزويج العبد المرهون و الجارية المرهونة لكن لا يسلم الجارية إلا بعد الافتكاك [- لب -] يجب على الراهن الإنفاق على الرهن و لو جنى عليه كان عليه المداواة و كذا لو مات كان عليه مئونة تجهيزه و دفنه و كذا أجرة مسكنه و حافظه على الراهن و كذا أجرة من يرد العبد من الإباق و لو كان الرهن ماشية لم يكن للراهن إنزاء فحولتها على إناثه أو إناث غيره و كذا لا ينزى عليها لو كانت إناثا سواء ظهر الحمل قبل حلول الدين أو لا و قال الشيخ لا يجوز للمرتهن منعه من ذلك في الذكور و الإناث و لو أراد الراهن رعي الماشية لم يكن للمرتهن منعه و تأوي ليلا إلى من هي في يده و ليس له الانتقال بها مع وجود المرعى و لو لم يوجد كان له ذلك و ليس للمرتهن منعه لكنها يأوي ليلا إلى يد عدل يرتضيانه أو الحاكم و لو أراد المرتهن نقلها مع الجدب جاز و لو أراد الانتقال و اختلفا كان قول الراهن أولى و للراهن ختن العبد و خفض الجارية في الزمان المعتدل و ليس للمرتهن منعه إلا أن يكون الدين يحل قبل برئهما و ينقص ثمنهما بذلك فله المنع و لا يجبر الراهن على مداواة العبد لعدم تحقق أنه سبب لبقائه و قد يبرأ بغيره و لو أراد المداواة بما لا ضرر فيه لم يكن للمرتهن منعه و إلا كان له ذلك و لو أراد المرتهن مداواته مع عدم الضرر لم يكن للراهن منعه و ليس له الرجوع على الراهن و لو تحقق الضرر لم يكن له و لو أراد الراهن تأبير النخل لم يكن للمرتهن معه و ما يحصل من ليف و سعف يابس لا يتعلق به حق الرهن لقيام المتجدد منهما مقامه و لو كانت النخل و الشجر مزدحمة و حكم أهل الخبرة بالتحويل جاز و لو جف منها شيء كان رهنا بخلاف السعف [- لج -] لو ادعى اثنان على رجل الرهن و التسليم فالقول قول الراهن مع يمينه سواء كان في يده أو يدهما أو يد أحدهما و لو كان مع أحدهما بينة حكم بها و إن كان معهما بينتان متساويتان أقرع بينهما و لو صدق أحدهما كان رهنا عنده و يحلف للآخر فإن نكل أحلف الآخر و أخذت القيمة رهنا و لو صدقهما و أقر بالسبق لأحدهما فإن كان في يده أو يد عدل أو يد المقر له كان رهنا عند المقر له و الأقرب إحلافه للآخر فإن نكل أحلف الآخر و أخذ القيمة رهنا و لو كان

ص: 210

في يد الآخر فالمقر له أولى أيضا و لو كان في يدهما فكذلك و إن قال لا أعلم و صدقاه انفسخ العقد مع عدم البينة و إن كذباه فالقول قوله مع اليمين فيكون كما لو صدقاه و لو نكل حلفا و ينفسخ العقد و يحتمل القسمة [- لد -] لو رهن الأصل و الثمرة صح و إن كان الدين مؤجلا بدرك الثمرة قبل حلوله فإن كانت تجفف فعل بها ذلك و إلا باعها و كان الثمن رهنا و كذا لو رهن الثمرة منفردة سواء كانت مؤبرة أو لا و سواء شرط القطع أو لا و كذا كل زرع قبل إدراكه أو بعده و لو رهن ما يخرج على التعاقب كالباذنجان و الخيار صح رهن الخارج سواء كان الدين حالا أو مؤجلا إلى أجل يحل قبل حدوث الثانية أو بعده مع التمييز و عدمه فإذا طرأت الثانية و اختلطت فإن سمح الراهن برهن الجميع أو اتفقا على قدر الرهن فلا بحث و إلا كان القول قول الراهن مع يمينه و كذا البحث في رهن الخرطة مما يخرط و الجزة مما يجز و مئونة الثمرة من السقي و الحافظ و أجرة الصلاح و الجذاذ و التشميس على الراهن مثل مئونة الحيوان و ليس لأحدهما قطعها قبل بدو صلاحها إلا باتفاق صاحبها إلا أن يريد قطع بعضها للتخفيف عن الأصول أو لدفع الفساد أو لازدحام بعضها مع بعض و إن كان بعد إدراكها جاز و أجبر الممتنع إذا كان فيه مصلحة لها و لو احتاجت إلى موضع تجفف فيه كانت أجرة ذلك الموضع على الراهن و لو أراد المرتهن دفع ما يخرج عليها و يكون الرهن على الجميع جاز مع الاتفاق و لو كان الراهن غائبا تولى الحاكم أمرها فإن أنفق المرتهن بغير إذنه لم يرجع مع القدرة عليه و إلا فالأقرب الرجوع مع إشهاد عدلين [- له -] الرهن في يد المرتهن أمانة لا يضمنه إلا بالتفريط أو التعدي و لا يسقط بتلفه شيء من حقه و لو كان الدين أقل من قيمته لم يضمن الفاضل و سواء كان مما يخفى هلاكه كالذهب و الفضة أو لا يخفى كالحيوان و العقار و لو قضاه الدين و طالبه باستعادة الرهن فإن أخره لعذر لم يضمن و إن كان لغيره ضمن أكثر ما كانت قيمته من حين المنع إلى حين التلف و مع القضاء أو الإبراء من الدين يبقى أمانة غير مضمونة و لو استعار المرتهن الرهن من الراهن لينتفع به لم يضمنه و لو أتلفه المرتهن أو أجنبي ألزم القيمة و لا يكون وكيلا في القيمة لو كان وكيلا في الأصل [- لو -] لو ادعى المرتهن هلاك الرهن فالقول قوله مع اليمين و لو ادعى رده على الراهن لم يقبل إلا بالبينة و لو بان استحقاق الرهن رده المرتهن على مالكه و بطل الرهن و لو تلف ضمنه المرتهن لمستحقه مع التعدي أو التفريط و لا يرجع على الراهن بما يأخذه المالك و للمالك الرجوع على الراهن فيرجع على المرتهن و لو لم يفرط المرتهن فالوجه جواز رجوع المالك عليه و يرجع على الراهن لغروره و لو رجع على الراهن لم يرجع عليه و لو أسلم في طعام و أخذ به رهنا و تقايلا برئت ذمة المسلم إليه من الطعام و وجب عليه رد مال السلم و بطل الرهن و ليس له حبسه على رأس المال و لو أعطاه به عينا أخرى جاز و لو أقرضه ألفا برهن فأخذ بالقرض عينا سقط الدين عن ذمته و بطل الرهن فإن تلفت العين في يد المقترض انفسخ العقد و عاد القرض و الرهن [- لن -] إذا مات المرتهن و لم يعلم الورثة الرهن كان كسبيل ماله حتى يقوم البينة به و لو مات الراهن أو أفلس كان المرتهن أحق باستيفاء دينه من غيره من الغرماء و لو أعوز ضرب مع الغرماء بالفاضل [- لح -] إذا تصرف المرتهن بركوب أو سكنى أو إجارة ضمن و عليه الأجرة و لو كان للرهن مئونة كالدابة اتفق عليها و تقاصا [- لط -] يجوز للمرتهن استيفاء دينه مما في يده إن خاف جحود الوارث و لا بينة له و لو اعترف بالرهن و ادعى دينا لم يقبل قوله إلا بالبينة و له إحلاف الوارث إن ادعى علمه [- م -] لو رهنه حبا فزرعه أو بيضة فأحصنها فصارت فرخا كان الملك و الرهن باقيين [- ما -] إذا مات المرتهن انتقل حق الرهانة إلى الوارث و للراهن الامتناع من تسليمه إليه فإن اتفقا على أمين و إلا دفعه الحاكم إلى من يرتضيه [- مب -] إذا اختلفا فقال أحدهما هو وديعة و قال الممسك هو رهن فالقول قول المالك على خلاف [- مج -] لو اكترى المرتهن الرهن من صاحبه أو إعادة لم ينفسخ الرهن سواء كان قبل القبض أو بعده و كذا لو كان من غير صاحبه لكنه يكون حراما إلا بإذن الراهن و الأجرة للراهن و لو اكترى شيئا ثم ارتهن الرقبة ثم أكراه أو أوصى له بمنفعة عين ثم ارتهنها ثم آجرها لم ينفسخ الرهن و كان الكري صحيحا و لو رهن عند شريكه ثم باع فطلب الشريك الشفعة ففي كونه إجارة للبيع نظر ينشأ من كون الطلب وقوفا على صحة البيع المتوقفة على الإجارة و من كون الإجارة رضا بالبيع فيبطل لشفعة [- مد -] لو رهن ما يسرع إليه الفساد قبل الأجل فإن شرط البيع جاز و إلا بطل عند الشيخ و الأقوى عندي الجواز و يجبر على بيعه و يكون الثمن رهنا

المقصد الثالث في المفلس

اشارة

و فيه فصول

الأول في الشروط

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] الفلس لغة مأخوذة من الفلوس التي هي أخس مال الرجل و في الشرع اسم لمن عليه ديون لا يفي ماله بها و منع من التصرف في ماله و لا يتحقق الحجر إلا بشروط أربعة ثبوت ديونه عند الحاكم و حلولها و قصور أمواله عنها و التماس الغرماء أو بعضهم الحجر [- ب -] لو سأل

ص: 211

غرماؤه الحجر لم يحجر عليه إلا بعد ثبوت ديونهم عنده و يثبت بالبينة أو اعترافه فإذا ثبت الديون لم يحجر عليه حتى ينظر في ماله هل يفي بديونه أم لا فينظر حكم عليه من الديون و يقوم ماله بذلك فإذا قصرت حجر عليه و يستحب أن يظهر الحجر عليه ليجتنب معاملته [- ج -] يقوم الأعيان التي أثمانها عليه و يحتسب من أمواله و إن كان لأربابها الرجوع فيها لأن أربابها بالخيار فيه [- د -] إذا قوم الحاكم أمواله و وجدها قاصرة عن الديون الحالة أجيب من طلب الحجر سواء كان بعض الغرماء أو جميعهم و لو كانت أمواله تفي بالديون و لم يظهر أمارات الفلس مثل أن يكون نفقته في كسبه أو ربح رأس ماله لم يحجر عليه إجماعا بل يؤمر بقضاء الديون فإن امتنع حبسه أو باع عليه ماله و إن ظهرت أمارات الفلس مثل أن يكون نفقته من رأس ماله لم يحجر عليه و إن سأل الغرماء [- ه -] لو ظهر للحاكم الفلس لم يحجر عليه تبرعا حتى يسأل الغرماء ذلك و لو سأل المفلس الحجر عليه لم يجز للحاكم إجابته إلى ذلك إلا بعد مسألة الغرماء [- و -] إنما يحجر على المفلس إذا قصرت أمواله عن الديون الحالة أما المؤجلة فلا فلو وفت أمواله بالحالة و قصرت عنهما لم يحجر عليه و لو قصر عن الحالة فحجر عليه لم يشارك صاحب الدين المؤجل و لا قسم له إلا أن يحل قبل القسمة و لا تحل الديون المؤجلة بالحجر و إن حلت بالموت [- ز -] إذا حجر الحاكم عليه تعلق به أحكام أربعة منعه عن التصرف في ماله و بيع أمواله و قسمتها و المنع عن حبسه و اختصاص كل غريم بعين ماله

الفصل الثاني في منعه عن التصرفات

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] يمنع المفلس من كل تصرف مبتدأ يصادف المال الموجود وقت الحجر كالعتق و الرهن و البيع و الكتابة إما لا يصادق المال كالنكاح و الخلع و استيفاء القصاص و العفو عنه و الإقرار بالنسب و نفيه باللعان و الاحتطاب و الاستيهاب و قبول الوصية فإنه ماض [- ب -] إذا تصرف تصرفا يصادف المال عند الحجر كان باطلا و لم يكن موقوفا و لا فرق في البطلان بين التصرف بعوض كالبيع و الإجارة أو بغير عوض كالهبة و العتق و الوقف و سواء كان العوض مثل المعوض أو أزيد أو أقصر و لو أقرضه إنسان بعد الحجر أو باعه بثمن في الذمة كان المال ثابتا في ذمته و لم يشارك صاحبه الغرماء [- ج -] إذا أقر بدين أضافه إلى ما قبل الحجر قبل قوله و شارك المقر له الغرماء و هل يفتقر إلى يمين إشكال و لو أكذبه الغرماء و قلنا بوجوب اليمين حلف فإن نكل ففي إحلاف الغرماء على المواطاة أو المقر له إشكال و لو أقر بعين في يده دفعت إلى المقر له سواء كان هناك وفاء للباقين أو لا [- د -] لو لزمه دين بعد الحجر باختيار صاحبه كالقرض و البيع لم يضرب به مع الغرماء سواء علم صاحب المال بالحجر أو لا و إن لم يكن باختياره كإتلاف مال أو جناية شارك من وجب له باقي الغرماء و لو ادعي عليه مال فجحده فأقام المدعي بينة شارك و لو عدم البينة كان على المفلس اليمين فإن نكل حلف المدعي و ثبت الدين و شارك كالإقرار [- ه -] لو جني عليه خطأ تعلقت الديون بالدية و ليس له العفو و لو كان عمدا ثبت له القصاص و له العفو على غير مال و ليس للغرماء منعه و له العفو على مال فيتعلق به الديون و لو عفا مطلقا سقط القصاص و المال [- و -] لو شهد له عدل بمال جاز له أن يحلف ليثبته فيتعلق به حق الغرماء و لو امتنع لم يكن للغرماء أن يحلفوا و كذا لا يحلف غرماء الميّت مع الشاهد الواحد بحق له [- ز -] لو وهب قبل الحجر و شرط الثواب جاز فإن عينه فلا بحث و إن أطلق احتمل وجوب قيمة الموهوب فلا يمضى قبول المفلس للأقل و ما جرت به العادة أن يثاب بمثله فليس له أن يرضى بدونه و ما يرضى به الواهب فيكون له ما يرضاه و إن قل و لا اعتراض للغرماء [- ح -] إذا تبايعا بخيار و حجر عليهما قبل انقضائه كان لكل منهما إجازة البيع و فسخه من غير اعتراض و كذا لو حجر على أحدهما و له خيار سواء كان الخط في تصرفه أو لا و لو كان له حق من سلم و غيره لم يكن له قبضه أقل أو أدون صفة إلا برضا الغرماء [- ط -] إذا آجر دارا ثم أفلس و حجر عليه لم يكن له و لا لغرمائه فسخ الإجارة فإن اختار الغرماء الصبر في البيع حتى ينقضي مدة الإجارة جاز فلو انهدمت الدار في الأثناء انفسخت الإجارة في المتخلف و يرجع المستأجر حصته من الأجرة يشارك الغرماء إن لم يجد عين ماله و لو كان الغرماء قد اقتسموا ففي فسخ القسمة إشكال و لو طلب الغرماء البيع في الحال جاز و تمت الإجارة على حالها و لو اختلف الغرماء في البيع و الصبر قدم طالب البيع [- ى -] لو اشترى بالعين لم ينعقد و لو اشترى في الذمة جاز و لا يشارك الغرماء و لا يتعلق بعين متاعه سواء علم بالحجر أو لا و لو اشترى قبل الحجر جاز له رده بعده بالعيب مع الغبطة لا بدونها [- يا -] لو أقر بمال و جهل السبب لم يشارك المقر له الغرماء و لو قال هذا المال مضاربة لغائب احتمل قبول قوله مع اليمين و يقر في يده و لو قال لحاضر و صدقه كان للمقر له و إن كذبه كان للغرماء [- يب -] لو تجدد له مال بعد الحجر تعلق الحجر به ما لم يف بالحقوق [- يج -] لو كان عليه دين مؤجل لم يحل بالحجر و لا حق لصاحبه في أعيان أمواله بل يقسم على باقي الغرماء فإذا أحل الأجل بعد فك الحجر ابتدئ

ص: 212

الحجر عليه إن كان في يده شيء لا يفي بما عليه و لو مات و عليه دين مؤجل حل أجل ما عليه سواء كان الميّت محجورا عليه أو لا و سواء وثق الورثة أو لا و لو كان له مال مؤجل لم يحل بموته

الفصل الثالث في اختصاص الغريم بعين ماله

و فيه [- كز -] بحثا [- ا -] من وجد من الغرماء عين ماله كان أحق به إذا كان حيا سواء كان هناك وقاء للباقين أو لم يكن و لصاحب السلعة أن يضرب مع الغرماء فلو اشترى سلعة و أفلس بثمنها و حجر الحاكم كان البائع أحق بسلعته إن شاء أخذها و إن شاء ضرب مع الغرماء بالثمن و لو مات المفلس فإن كان هناك وفاء كان لصاحب المال أن يأخذ عين ماله و أن يضرب مع الغرماء و إن لم يكن وفاء لم يكن له الاختصاص و لا فرق بين أن يموت بعد الحجر عليه أو قبله فإن الموت بمنزلة الحجر مع الوفاء [- ب -] يتخير المالك بين أخذ العين و الضرب مع الغرماء قيل على الفور و لو قيل إنه على التراخي كان وجها و مع اختيار العين يثبت له سواء كانت السلعة متساوية لثمنها أو أكثر أو أقل و لا يفتقر الفسخ إلى حكم حاكم و لا معرفة المبيع و لا القدرة على تسليم و لا امتيازه عن غيره فلو رجع في الغائب بعد مضي مدة يمكن التغير فيها صح فإن بان تالفا وقت الرجوع بطل و ضرب بالثمن مع الغرماء و لو رجع في الآبق أو البعير الشارد صح فإن قدر عليه أخذه و إن تلف كان من ماله إلا أن يكون التلف قبل الرجوع و لو رجع و اشتبه بغيره فقال البائع هذا المبيع فقال المفلس هذا فالقول قول المفلس [- ج -] لو اشترى شقصا مما يجب فيه الشفعة ثم أفلس و حجر عليه الحاكم ثم علم الشريك بالبيع و أراد الأخذ بالشفعة و أراد البائع الرجوع في الشقص دفع إلى الشفيع و كان الثمن أسوي بين الغرماء لا يختص به البائع [- د -] لو أراد الغرماء أو وارث الميّت دفع الثمن منهم أو خصوه به من باقي مال المفلس أو التركة لم يجبر البائع على القبول و كان له الرجوع في العين و لو دفعوا إلى المفلس ثمنا فبذله للبائع لم يكن له الفسخ و كذا لو أسقط سائر الغرماء حقوقهم فملك الثمن أو وهب له مال أمكنه الأداء منه أو غلت أمواله حتى وفت بالديون [- ه -] إذا وجد البائع السلعة بحالها تخير بين تركها و التصرف مع الغرماء بثمنها لا بقيمتها و بين أخذها و إن وجدها ناقصة نقصا يقابله عوض و يصح إفراده بالبيع كما لو وجد عبدا من عبدين أو بعض الثوب تخير بين ترك الباقي و الضرب مع الغرماء بحصة من الثمن و الضرب بما يبقى من الثمن و إن لم يقابله عوض مثل أن يسقط بعض أطراف العبد فإن لم يجب في مقابلته أرش بأن يسقط بفعل اللّٰه تعالى أو بفعل المشتري تخير بين أخذ العين ناقصة بجميع الثمن و بين تركها و الضرب بجميعه و إن وجب في مقابلته الأرش بأن يحصل بجناية أجنبي تخير بين تركه و الضرب بجميع الثمن و بين الرجوع فيه و الضرب بحصته ما نقص من الثمن فينظر كم نقص من قيمته فيرجع بذلك الجزء من الثمن لا من القيمة و إن وجدها زائدة زيادة منفصلة تخير بين الرجوع في العين خاصة دون الزيادة و بين الضرب بالثمن و إن كانت متصلة قال الشيخ تكون تابعة للأصل إن تخير المالك العين كان له مع الزيادة و إن تخير الثمن كان له ذلك و فيه عندي نظر [- و -] لو باع نخلا مثمرا قد بلغت ثمرته أو طلعا أبر و اشترطه المشتري فإذا أفلس بعده أتلف الثمرة أو تلفت الثمرة تخير البائع بين الضرب بجميع الثمن و بين الرجوع في النخل و الضرب بحصة الثمرة من الثمن و يقوم الثمرة بأقل الأمرين من يوم البيع و يوم قبض المشتري و قال الشيخ يعتبر يوم القبض و لو لم يكن النخل مؤبرا و رجع البائع في الأصل و لم توجد الثمرة قال الشيخ يضرب بحصتها من الثمن لو كانت مثمرة و تلفت في يد المشتري و أفلس بعد بدو الصلاح أو التجفيف رجع البائع فيه النخل على إشكال عندي [- ز -] لو اشترى أرضا فيها بذر و اشترطه ثم أفلس بعد اشتداد حبه كان للبائع الرجوع في الأرض دون الزرع و كذا لو اشترى بيضا فأحضنه ثم أفلس بعد أن صار فرخا لم يكن له الرجوع فيه بل بالثمن [- ح -] لو باع حائطا لا ثمر فيه أو أرضا فارغة فأثمرت و زرع الأرض ثم أفلس بعد التأبير كان له الرجوع في الأرض و الحائط دون الثمرة و الزرع و ليس له المطالبة بقطع الثمرة و لا قلع الزرع قبل الجداد و الحصار و لا أجرة له في ذلك فإن طلب المفلس أو الغرماء أو بعضهم قطعه قال الشيخ يجاب الطالب و لو قيل يعمل ما فيه الخط كان حسنا و لو اتفق المفلس و الغرماء على القطع جاز و لو رجع في النخل قبل التأبير لم يتبعه الطلع في الرجوع [- ط -] لو اشترى حائلا فأفلس و قد حملت و رجع قبل الولادة لم يتبعها الحمل و إن أفلس بعدها فكذلك و يكره له أخذ الأم بانفرادها عندنا و عند الشيخ يحرم قبل سبع سنين فإن دفع إلى المفلس قيمة الولد ليأخذها معا قال الشيخ تخير المفلس و عندي فيه نظر و لو امتنع البائع بيعت الأم و الولد فما أصاب قيمة الولد فللمفلس و يسلم إلى البائع ما أصاب قيمة أمه لها ولد بلا ولد و لو باعها حاملا و رجع قبل الولادة استعادها مع الحمل فإن كانت قد ولدت فالوجه أنه لا يتبعها الولد و لو كان الحبل من المشتري كان للبائع الرجوع فيها دون ولدها و لو طالب بثمنها بيعت

ص: 213

فيه دون الولد [- ى -] حكم ما يكون في الكمام من الثمار حكم الطلع فالذي لم يظهر من كمامه بمنزلة الطلع غير المؤبر و الظاهر بمنزلة المؤبر و ما يظهر من الورد حكمه حكم المؤبر إن ظهر من ورده و انتشر عنه و غير المؤبر إن لم ينثر و إن كانت الثمرة وردا كالمشتريات كانت كالمؤبرة إن نضحت عن الجنبذ و إلا فكغيره [- يا -] لو قال البائع رجعت قبل ظهور الثمرة فهي لي فقال المفلس بعده فإن صدق الغرماء المفلس لم يقبل شهادتهم و يحلف المفلس على إشكال و يأخذ الثمرة و يقسمها على الغرماء و لو نكل لم يحلف الغرماء بل يحلف البائع و يثبت الطّلع له و إن نكل سقط حقّه و كان للمفلس و لو صدق الغرماء البائع قبلت شهادتهم مع الشرائط و لو اختلف حلف المفلس و لا يجب قسمته بينهم فإن طلب المفلس ذلك فالوجه أنّهم لا يجبرون على قبضه و لو صدقه بعضهم و كان مقبول القول صحت شهادته و إلا حلف المفلس و قسم على المكذب للبائع و حكم المصدّق ما تقدم و لو صدق المفلس البائع فإن صدقه الغرماء فالثمرة له و إن كذبوه فالأقرب قبول قول المفلس [- يب -] لو باع أرضا بيضا فبنا فيها المشتري أو غرس ثم أفلس فإن اتفق المفلس و الغرماء على الإزالة جاز له الرجوع في العين و عليهم تسوية الحفر من مال المفلس و لو نقصت الأرض بذلك فله أرش النقصان و لو منعوه من القلع لم يجب قلعه فإن دفع البائع قيمة البناء و الغرس جاز الرجوع في العين و كذا لو دفع ما ينقص بالقلع و هل يجبرون على ذلك قال الشيخ نعم و عندي فيه نظر و إن امتنع من ضمان القيمة أو أرش النقص بالقلع فالوجه جواز رجوعه في العين سواء كانت الأرض أقل من قيمة الغراس أو أكثر فإن اتفقوا على البيع قسم الثمن على قدر القسمتين و لو امتنع صاحب الأرض من بيعها فالوجه عدم إجباره على ذلك بل يباع البناء و الغرس خاصة تقسم على الغرماء و لو كانت الأرض من رجل و الغرس من آخر و غرسه ثم أفلس كان لكل منهما الرجوع في عينه فإن أراد صاحب الغرس قلعه كان له ذلك و لا يجبر على أخذ القيمة من صاحب الأرض و لو أراد صاحب الأرض قلعه و يضمن النقصان كان له و لو أراد بغير ضمان احتمل أن لا يكون له ذلك لأنّه غرس بحقّ و لأنه لو كان للمفلس لم يجبر على قلعه بغير ضمان و احتمل أن يكون له ذلك لأنّه ابتاعه منه مقلوعا فكان عليه أن يأخذه و ليس له تبقيته في ملك غير بخلاف المفلس لأنه غرسه في ملكه [- يج -] لو أفلس بعد إقباض بعض الثمن كان له الرجوع في العين بقدر ما بقي من الثمن و لا يشترط في رجوعه في العين ردّ ما قبضه ليرجع في الجميع و لو طلبه لم يجب إجابته و لو تلف بعض المبيع احتمل أن يرجع في جميع الباقي مع تساوي نسبة التالف و المقبوض من الثمن و أن يرجع في بعضه و يقسط المقبوض من الثمن على التالف و الباقي فيضرب مع الغرماء بالباقي [- يد -] لو أفلس المستأجر بالأجرة بعد مضي المدة ضرب بالأجرة مع الغرماء و إن كان قبل مضي شيء من المدة تخير المؤجر بين الرّجوع فيها و الضرب مع الغرماء و إن مضى بعضها تخيّر بين الضرب بالجميع و بين الضرب بأجرة ما مضى و الرّجوع فيما بقي فإن كانت الأرض مشغولة بزرع قد استحصد طالب بحصاده و تفريغ الأرض و إن لم يستحصد فإن كان له قيمة إذا قطع و اتفق المفلس و الغرماء على قطعه كان لهم فإن اتفقوا على التبقية و بذلوا لصاحب الأرض أجرة مثله لزمه قبوله و تركه و إن أرادوا التبقية بغير عوض لم يكن لهم ذلك و لو اختلفوا أجيب من طلب القطع و يحتمل إجابة من يطلب إلا تقع و على تقدير بقائه إذا احتاج إلى السقي و سقاه الغرماء بأمر الحاكم أو المفلس رجعوا بأجرة السّقي مقدّمة على سائر الدّيون و إن لم يأذن الحاكم و لا المفلس لم يرجعوا بشيء و لو كان للمفلس مال لم يقسم و طلبوا الإنفاق منه احتمل عدم الإجابة لئلا يتلف العلوم في المظنون و ثبوتها لأنه من المصالح و بقاء الزّرع معتاد و لو يكن له قيمة مع القطع فإن اتفق الغرماء و المفلس على قطعه لم يجبرهم الحاكم على التبقية و إن اتفقوا على التبقية كان الحكم كما تقدم فيما له قيمة و إن اختلفوا قدم قول من يطلب التبقية [- يه -] لو أفلس بعد مزج المبيع بغيره فإن كان مساويا تخير البائع بين الضرب بالثّمن و بين الرجوع في العين و يقاسم و لو طلب البيع فالوجه عدم وجوب إجابته إلى ذلك و إن كان مال المفلس أردى تخير أيضا بين الضّرب بالثمن و الرجوع في العين فيقاسم و له المطالبة بالبيع فيأخذ ما يساوي ماله و يدفع الباقي إلى الغرماء و إن كان أجود سقط حقّه من العين و ضرب بالثمن مع الغرماء [- يو -] لو اشترى حنطة فطحنها أو ثوبا فقصره أو خاطه بخيوط منه أو غزلا فنسجه أو عبدا فعلم صنعة ثم أفلس كان للبائع الضرب بالثمن مع الغرماء و أخذ العين و كان للمفلس أجرة ما فعله بخلاف ما لو سمن من قبله تعالى أو تعلم صنعة من قبل نفسه و لو لم تزد القيمة أو نقصت بالعمل سقط حكم العمل و مع الزيادة إن كان المفلس عمل بنفسه أو بأجرة وفاها كان شريكا للبائع فإن دفع البائع الزيادة بالعمل أجير المفلس على قبوله للغرماء و إن لم يدفع بيع الجميع و دفع ثمن الأصل بغير الزيادة إلى البائع و ما قابل الزيادة إلى الغرماء و إن كان العامل أجيرا لم يستوف أجرته كان له حبس العين على الاستيفاء و قدم في أجرته

ص: 214

على سائر الغرماء فإن كانت أجرته بقدر الزّيادة دفعت إليه و إن كانت أكثر أخذ بقدر الزيادة و ضرب بالباقي و إن كانت أقل كان له بقدر أجرته و الباقي للغرماء و لو صنع الثوب بصنع من عنده و رجع البائع في العين فإن بقيت قيمة الثوب و الصّبغ تشاركا بالنّسبة و إن نقصت قيمة الثوب جعل النقصان من قيمة الصبغ و يكون شريكا في الثوب بقدر ما بقي و إن زاد كانت الزيادة المفلس و يكون شريكا في الثوب بقدر قيمة الصبغ و الزيادة معا و لو كان الصبغ من غيره و ثمنهما باق فإن بقيت القيمتان كان صاحب الثوب و الصبغ شريكين بالنسبة و إن نقصت القيمة ضرب صاحب الصبغ بقدر الناقص مع الغرماء و إن زادت كانت الزيادة للمفلس و و لو كان الصّبغ و الثوب من واحد و بقيت القيمتان رجع فيه إن شاء و إن نقصت ضرب بالنّقص من القيمة مع الغرماء و إن زادت كانت الزيادة للمفلس و لو كان الثوب للمفلس و الصبغ لغيره و لم يزد القيمة كان صاحب الصّبغ شريكا بقدره و إن نقصت كان النقصان من الصّبغ و ضرب بالباقي مع الغرماء و إن زادت كان لصاحب الصّبغ بقدر صبغه و الباقي للمفلس [- يز -] المرتهن أحقّ بالرّهن من غيره فإن بيع بقدر الدين أو أكثر استوفى المرتهن و كان الفاضل لباقي الغرماء و إن بيع بأقل ضرب المرتهن بالباقي مع الغرماء و لو كان الرهن مبيعا لم يكن للبائع الرّجوع في العين لتعلق حق المرتهن به و تقدم حقّ المرتهن على حقوق الغرماء فإن كان الدّين أكثر من قيمته أو مثله بيع فيه و إن كان أقل بيع منه بقدر الدّين و كان للبائع الرجوع في الباقي [- يح -] إذا أفلس البائع سلما فإن وجد المشتري عين ماله كان أحقّ من سائر الغرماء و إن لم يجده قال الشيخ يضرب بالمسلم فيه و لو قيل إنه يتخيّر بين ذلك و بين فسخ البيع فيضرب بالثمن كان وجها قال الشيخ و كيفية الضرب بالمسلم فيه أن يقوم و يضرب بالقيمة مع الغرماء و إن كان في مال المفلس من جنس المتاع منه بقدر ما يخصّه من القيمة إن كان مثليّا و إن لم يكن اشترى له بقدر الّذي يخصه من القيمة مثل المتاع و سلّم إليه و ليس له أخذ بدل المتاع القيمة الّتي يخصّه لأنّه لا يجوز صرف فيه المسلم إلى غيره قبل قبضه و الأقوى عندي الكراهية و على قولنا بجواز الفسخ يضرب بقيمة رأس المال و يأخذ ما يخصّه من جنس القيمة و مع عدم الفسخ لو عزل له نصيبه من جنس القيمة فنقص السعر اشترى له ما يساوي المتاع قدر أو قسم الباقي من القيمة بين الغرماء لأن حظه في المتاع لا القيمة [- يط -] لو اشترى حبا فزرعه و اشترى ماء فسقاه ثم أفلس ضربا بثمن الحب و الماء و ليس لهما الرجوع في العين [- ك -] لو استأجره ليحمل متاعا إلى بلد فحمله ثم أفلس المستأجر قبل الوصول إلى البلد فإن كان الموضع أمينا كان له فسخ الإجارة في باقي المسافة و وضع المتاع عند الحاكم أوثقه مع تعذّره و إن كان مخوفا وجب حمله إلى موضع الأجرة أو دونه مما هو مأمون و لو استأجر ظهرا بعينه ليركبه شهرا ثم أفلس المالك كان المستأجر أحق به و لو كان الظهر في الذّمة كان أسوة الغرماء و لو حمل بعض المتاع إلى البلد ثم أفلس المستأجر كان له الفسخ في إجارة ما بقي [- كا -] إنما يصح رجوع صاحب العين بها لو كان الثمن حالا فلو كان مؤجّلا و حجر عليه قبل الحلول لم يختصّ بالعين و لا يشارك الغرماء و لا يحلّ المال بالفلس و لا يجب إيقاف السّلعة حتى يخرج الأجل بل يقسم على الحال و لو حلّ أجله قبل انفكاك الحجر فإن كان قسم المال و بيعت العين فلا رجوع و إن لم تبع كان له الرجوع فيها [- كب -] يصحّ الرّجوع في كل ما انتقل إليه بالمعاوضة المحصنة كالبيع و الإجارة و السّلم و الصلح فيثبت الرجوع إلى رأس المال عند الإفلاس إن كان باقيا و المضاربة بالقيمة مع التلف و لا يثبت الفسخ في النكاح و الخلع بتعذّر استيفاء العوض لأنه ليس محض المعاوضة [- كج -] شرط الرجوع سبق المعاوضة أو سببها على الحجر فلا يثبت فيما جرى سبب وجوبه بعد الحجر كما لو باع من المفلس المحجور عليه بعد الحجر فليس له الرّجوع في العين و لا الضرب بل يصبر حتى يوسع اللّٰه عليه و لو أفلس المكري و الدار في يد المستأجر فانهدمت فله الرجوع إلى الأجرة و يضرب مع الغرماء و كذا لو باع جارية بعبد فتلفت الجارية في يد المحجور عليه فردّ البائع العبد بالعيب فله طلب قيمة الجارية و هل يقدّم بالقيمة أو يضارب فيه احتمال [- كد -] لمّا يصحّ الرجوع في العين مع بقائها فلو تلفت ضرب بالثمن و كذا لو زادت القيمة على الثمن أو خرجت عن ملكه أو تعلق بها حقّ الرّهن أو الكتابة و لو عاد إلى ملكه فالوجه صحة الرجوع فيه إن كان بفسخ كالإقالة و الردّ بالعيب و إن كان بسبب جديد كبيع أو هبة أو إرث فلا [- كه -] لو اقترض ثم أفلس كان للمقترض الرجوع في العين إن كانت موجودة و لو أصدق امرأة عينه ثم فسخت النكاح أو طلق قبل الدخول فاستحق المهر أو بعضه كان أحقّ به مع وجوده [- كو -] لو أفلس بعد تعلق أرش الجناية برقبة العبد فالوجه جواز رجوعه في العين ناقصة و يضرب بالأرش [- كز -] لو أفلس مشتري الصّيد و البائع فحرم لم يرجع فيه و لو كان حلالا و الصيد في الحلّ جاز الرجوع و إن كان المشتري محرما أو كان البائع في الحرم

الفصل الرّابع في كيفية القسمة

ص: 215

و فيه [- يز -] بحثا [- ا -] على الحاكم على أن يبادر إلى بيع ماله و قسمته على نسبة الدّيون و ينبغي للحاكم إحضار المفلس البيع لضبط الثمن و لأنه أعرف بجيد متاعه من رديئه و لتكثر رغبة المشترين منه و ليسكن نفسه و إحضار الغرماء لأن البيع لهم و ربّما رغبوا في شراء البعض و للبعد عن التهمة و لو باعه الحاكم حال غيبته المفلس و الغرماء جاز [- ب -] ينبغي للحاكم أن يأمر المفلس و الغرماء بتحصيل مناد يرتضونه فإن اتفقوا على خائن ردّه الحاكم و لو عين المفلس رجلا و الغرماء آخر عين الحاكم على الثقة منهما فإن تساويا عين على المقطوع و لو تساويا ضمّهما و لو كانا غير مقطوعين اختار أوثقهما و أعرفهما و أجرة الواسطة على المفلس إن لم يوجد متبرع و لا حصل شيء في بيت المال [- ج -] ينبغي أن يباع كل شيء في سوقه و لو بيع في غير سوقه بثمن مثله جاز و إذا بيع بثمن المثل لم يقبل الزيادة بعد لزوم البيع و انقطاع الخيار لكن يستحب للمشتري الإقالة أو بذل الزيادة [- د -] لا يدفع إلى من اشترى شيئا حتى يقبض الثمن فإن امتنع المشتري أجبر على التسليم و الأخذ [- ه -] ينبغي أن يبدأ ببيع الرهون و صرفها إلى المرتهنين و بالجاني و صرف ثمنه إلى المجني عليه و لو كان في ماله ما يخشى تلفه ببيع أو لا ثم إن كان فيه حيوان يحتاج إلى الإنفاق عليه باعه سابقا على غيره ثم يبيع السّلع و القماش و جميع ما ينقل و يحول ثم يبيع العقار و ينبغي السداء على الأقمشة و الأمتعة و كذا العقار ليتوفروا على الشراء [- و -] يباع مال المفلس بنقد البلد فإن كان من غير جنس حقّ الغرماء دفع إليهم بالقيمة [- ن -] إذا قسم الحاكم بين الغرماء فظهر غريم آخر نقض القسمة و شاركهم معه و يحتمل عدم النّقض بل يرجع على كل واحد بحصة تقتضيها الحساب و الأوّل أولى [- ح -] إذا باع الحاكم فإن كان الغريم واحد دفع الثمن إليه من غير تأخير و إن تعدد و أمكنت القسمة من غير تأخّر لم يؤخر و إن تعذرت القسمة بسرعة و وجد المقترض الثقة أقرضه و إن لم يجد أودعه عند الثقة [- ط -] المفلس يجب الإنفاق عليه و على من يجب نفقته عليه من ماله و الكسوة له و لهم على الاقتصار بحسب حاله في النفقة و الكسوة و يستمر الإنفاق عليه إلى يوم القسمة فيدفع إليه نفقة ذلك اليوم خاصّة له و لعياله و ينبغي أن يكون ذلك مما لا يتعلّق بعض الغرماء بعينه هذا إذا لم يكن له كسب و لو كان ذا كسب قيل ينفق من كسبه و لو زاد ردّ الفاضل إلى الغرماء و لو قصر تمّمت النفقة من ماله [- ى -] لو مات المفلس كفن من ماله الكفن المفروض و هو ثلاثة أثواب و حنّط و دفن و إن ماتت زوجته لزمه كفنها من ماله أيضا و كذا لو مات عبده [- يا -] لا يباع على المفلس خادمه الذي يخدمه و لا دار سكناه و لو كان له في بعضها كفايته بيع الفاضل عن الحاجة و لو كانت دار السكنى و عبدا يخدمه أعيان أموال أفلس بأثمانها و وجد أصحابها لم يكن لهم أخذها على إشكال و لو كانا رهنا بيعا و لو قصر الدين فالوجه الاقتصار في البيع على مساويه [- يب -] الاكتساب غير واجب على المفلس و لو كانت له دار غلة أو دابة وجب أن يؤاجرها و كذا المملوكة و إن كانت أمّ ولد [- يج -] إذا باع الحاكم مال المفلس فالعهدة على المفلس و كذا لو باع الوكيل مال الموكل و الولي مثل الأب و الجد و أمين الحاكم فإن العهدة على من بيع عليه لا الوكيل و الأمين [- يد -] إذا باع الحاكم و تلف الثمن في يده بغير تفريط ثم بان استحقاق العين رجع بالدرك على المفلس و هل يأخذ المشتري الثمن من مال المفلس أو يضرب مع الغرماء قال الشيخ الصحيح الأولى [- يه -] لو جنى عبد المفلس تعلق الأرش برقبته و كان ذلك مقدّما على حقوق الغرماء فيباع العبد في الجناية فإن زادت قيمته ردّ الفاضل إلى الغرماء و لو كانت أقل لم يكن للمجني عليه غيرها و لو أراد مولاه فكه كان للغرماء منعه [- يو -] يقسم الحاكم المال على الدّيون الحالة لا المؤجلة بلى يبقى المؤجل في ذمته و لا يكلّف الحاكم الغرماء حجة على أن لا غريم سواهم و يعول على أنّه لو كان لظهر مع إشاعة الحجر [- ين -] إذا بقي من الدين شيء لم يستكسب و الوجه إجارة مستولدته و الضيعة الموقوفة عليه ثم إن لم يبق له مال و اعترف به الغرماء ففي احتياج فك الحجر إلى حكم الحاكم نظر أقربه الفك بمجرّد قسمة ماله و كذا لو تطابقوا على دفع الحجر و لو باع ماله من غير إذن الغرماء لم يصحّ و إن كان بإذنهم صحّ و كذا يصح لو باع من الغريم بالدين و لا دين سواه

الفصل الخامس في حبسه

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] من عليه دين إذا كان في يده مال وجب قضاء دينه منه فإن امتنع حبسه الحاكم و غرره و إن شاء باع عليه و قضا الدّين عنه و إن لم يكن له مال ظاهر و ادعى الإعسار و كذبه الخصم فإن ثبتت الحق عليه من معاوضته كالبيع و القرض و بالجملة إذا كانت الدعوى مالا أو ثبت له أصل مال فإذا ادّعى تلفه و لا بيّنة كان القول قول الغرماء مع اليمين و إن كانت الدعوى جناية أو عن إتلاف مال و لم يعرف له أصل مال كان القول قوله مع اليمين و عدم البيّنة و يسقط المطالبة و إن أقام بيّنة بالإعسار و طلب غريمه مع البيّنة اليمين حلف و الوجه أنّ الحلف واجب مع طلب الغرماء و إن عرف له أصل مال و ادعى تلفه كان عليه البينة فإن شهدت بالتلف ثبت و إن لم يكونوا من أهل المعرفة الباطنة و لو

ص: 216

طلب غريمه يمينه على ذلك لم يجب و لو شهدت بالإعسار الآن لم يقبل إلا أن يكونوا من أهل الخبرة الباطنة و المعرفة المتقادمة [- ب -] البينة تسمع على الإعسار و ليست على النفي و أن تضمنته لأنها تثبت حالة تظهر و يقف عليها الشاهد كما في نفي الوارث و تسمع في الحال فلا يحل حبس المفلس بعد ثبوت إعساره شهرا و لا أقل [- ج -] إذا ثبت إعساره و خلاه الحاكم لم يكن للغرماء ملازمته [- د -] إذا ادعى الغرماء أنه استفاد مالا بعد ذلك الحجر و أنكر فالقول قوله مع اليمين و عدم البيّنة و أن صدقهم و كان وافيا بالديون لم يحجر عليه و إلا حجر مع سؤالهم و لو تجدد له غرماء قبل الحجر الثاني قسم بينهم و بين الأوائل و لا يختصّ به المتأخرون و إن استفاده من جهتهم و إن صدقهم و ادعى أنه مضاربة فإن كان لغائب فالقول قوله مع اليمين و إن كان لحاضر و صدقه فكذلك و لو طلبوا يمين المقر له أحلف و إن كذبه قسم بين الغرماء [- ه -] لو كان عليه دين مؤجل لم يكن لصاحبه منعه من سفر يزيد على الأجل و لا المطالبة بكفيل و كذا لو سافر إلى الجهاد [- و -] إذا ثبت الإعسار لم يكن للغرماء مؤاجرته و لا استعماله و لا يحل حبسه و لو يوما بل يجب إنظاره إلى أن يوسع اللّٰه تعالى عليه و لا يجبر على التكسب و إن كان ذا صنعة و لا على قبول الهبة و لا الصّدقة و لا الوصيّة و لا القرض و لا يجبر المرأة على التزويج ليقبض مهرها [- ز -] إذا امتنع الموسر من قضاء الدّين كان لغريمه ملازمته و مطالبته و الإغلاط في القول مثل يا ظالم يا متعدّي و لو مات فظهر أنّه مفلس لم يكن للبائع استرجاع العين بل يشارك الغرماء

الفصل السّادس في اللّواحق

و فيه [- ى -] بحثا [- ا -] كل من عليه دين وجب عليه قضاؤه حسب ما يجب عليه فإن كان حالا وجب عليه قضاؤه عند المطالبة في الحال مع القدرة و لو أخر معها أثم و لا يقبل صلاته في وقتها بل تجب إعادتها و إن كان مؤجلا وجب قضاؤه عند الحلول مع المطالبة [- ب -] الغائب يقضى عليه فيبيع الحاكم و يقضي ما عليه من الديون الثابتة عنده بعد مطالبة صاحب الدين و لا يسلمه إلا بكفيل فإن حضر الغائب و لا حجة معه برئت ذمّة القابض و الكفيل و إن كان له بيّنة تبطل حجّة الخصم ردّ الكفيل المال و بطل البيع إن كان الحاكم باع له شيئا [- ج -] إذا ادّعى على المعسر و لا بيّنة و خاف الحبس من الإقرار جاز الحلف و إن كان كاذبا و يؤدي وجوبا مع علمه ما يخرجه عن الكذب و ينوي القضاء وجوبا مع المكنة و لو حلف مع تمكنه كان آثما و يجب عليه دفع الحقّ إلى صاحبه لكن لا يجوز للغريم بعد إحلافه مطالبته لكن إذا جاء ثانيا و ردّ ماله جاز له قبوله فإن ردّ معه ربحا قال الشيخ يأخذ رأس المال و نصف الربح و حمل ابن إدريس على المضاربة على النصف أما لو كان قرضا أو دينا أو غصبا و اشترى في الذمة فالرّبح للحالف كله و إن اشترى بالعين في الغصب بطل البيع و الربح لأرباب السّلعة و إن لم يحلفه و لم يتمكن من أخذه و حصل عنده مال له جاز له أن يأخذ منه من غير زيادة فإن كان من الجنس و إلا أخذ بالقيمة و إن كان ما عنده على سبيل الوديعة كره له الأخذ منها قال الشيخ في الإستبصار و منع في النهاية و الأول أقرب [- د -] إذا غاب صاحب الدين وجب على المدين نية القضاء و لا يجب العزل خلافا للشيخ فإن مات سلمه إلى ثقة و لو مات صاحبه سلّمه إلى ورثته و يجتهد في طلبهم فإن لم يجدهم سلمه إلى الحاكم و لو علم نفي الوارث قال الشيخ تصدّق به عنه و الوجه أنه للإمام [- ه -] إذا استدانت الزوجة في النفقة بالمعروف وجب على الزّوج دفعه إليها لتقضيه و إن لم يأذن في الاستدانة [- و -] إذا مات من عليه الدّين وجب أن يقضى ما عليه من أصل التركة قبل الميراث يبدأ بالكفن المفروض ثم يصرف في الدين و الفاضل في الوصيّة من الثلث و الباقي ميراث و يجب على من أقام البينة على الميّت الحلف معها على بقاء الحقّ فإن امتنع من اليمين سقطت بينة و لو لم يكن بينة أو لم يحلف و طلب اليمين من الورثة كان له ذلك إن ادعى عليهم العلم و إلا فلا و لو أقام شاهدا واحدا حلف معه و لا يلزمه يمين أخرى و لو لم يخلف الميّت شيئا لم يجب على الورثة القضاء من مالهم فإن تبرّعوا أو أحدهم كان مثابا و يجوز احتسابه من الزكاة و إن كان ممن يجب نفقته و لو أقر بعض الورثة لزمه في حصّة بقدر ما يصيبه من أصل التركة و إن شهد اثنان منهما عدلان أجيزت شهادتهما على الورثة و حلف المدّعي و لا يلزم المقر دفع جميع الدين من نصيبه [- ز -] يستحب أن يقضي عن أخيه المؤمن الميّت ما عليه من الدّين مع تمكنه فإن لم يقض و لم يخلف شيئا سقط الدّين و إن خلف قدر ما يكفن به خاصة كفن و سقط الدين فإن تبرّع إنسان بكفنه دفع ما خلفه إلى الديان و لو دفع آخر كفنا ثانيا قال ابن بابويه في الرسالة يكون للورثة دون الديان و ينبغي تقييده بإقباضه لهم على سبيل الصّدقة و إلا فهو على ملكه [- ح -] إذا قتل و عليه دين وجب قضا دينه من دية إن لم يكن غيرها أو كان قاصرا إن كان خطأ و إن كان عمدا قال الشيخ لم يكن لأوليائه القود إلا بعد أن يضمنوا الدين عن صاحبهم فإن لم يفعلوا لم يكن لهم العود و جاز

ص: 217

لهم العفو بمقدار ما يصيبهم و الحقّ عندي أن لهم المطالبة بالقود و يضيع المال سواء دفع القاتل عوضا أو لا نعم لو عفوا على مال و رضي القاتل به تعلقت الدّيون به [- ط -] إذا مات و عليه ديون بجماعة تحاصوا ما وجدوا من تركته بقدر ديونهم من غير تفضيل نعم يختص صاحب الرّهن به دون غيره و لو وجد واحد متاعه بعينه فإن كان في باقي التركة وفاء كان أحق بعينه و إلا شارك [- ى -] إذا مات من له الدّين فصالح المدين الورثة على شيء جاز و تبرأ ذمّته إذا أعلمهم مقدار ما عليه و متى لم يعلمهم مقدار ما صالحوا عليه أو أعلمهم بعد الصّلح و لم يرضوا كان الصلح باطلا

المقصد الرابع في الحجر

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في أسبابه

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] الحجر لغة المنع و منه سمي الحرام حجرا قال اللّٰه تعالى حِجْراً مَحْجُوراً أي حراما محرما و سمّي العقل حجرا قال قسم لذي حجر لمنعه من ارتكاب القبيح و حجر البيت مانع من الطواف فيه و في الشرع منع الإنسان عن التصرّف في ماله و هو ثابت بالنص و الإجماع قال اللّٰه تعالى وَ لاٰ تُؤْتُوا اَلسُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ اَلَّتِي جَعَلَ اَللّٰهُ لَكُمْ قِيٰاماً و هو قسمان حجر على الإنسان لحق غيره كالمفلس و المريض و المكاتب و العبد و الراهن و قد مضى بعضها و حجر لحق نفسه و هم ثلاثة الصّبي و المجنون و السّفيه و الحجر على هؤلاء عام بالنسبة إلى أموالهم و ذممهم [- ب -] الصبي محجور عليه لا ينفذ تصرّفه في ماله ما لم يبلغ رشيدا و يعرف البلوغ بأمور خمسة ثلاثة مشتركة بين الذكر و الأنثى و اثنان مختصان بالأنثى فالمشتركة خروج المني من القبل و السن و الإنبات و المختصّة الحيض و الحمل [- ج -] المني و هو الماء الدافق الذي يخلق اللّٰه تعالى منه الولد سبب للبلوغ سواء خرج يقظة أو نوما بجماع أو احتلام أو غير ذلك و سواء قارن شهوة أو لا [- د -] الخنثى المشكل إن خرج المني من فرجيه حكم ببلوغه و كذا إن خرج المني من الذكر و الحيض من الرحم و لو خرج المني من أحدهما خاصّة قال الشيخ لا يحكم ببلوغه لجواز أن يكون زائدا و عندي في ذلك نظر [- ه -] السنّ يحصل به البلوغ و هو في الذّكر خمس عشر سنة و في الأنثى تسع سنين لا كما قلنا في الذكر [- و -] الحيض دلالة على البلوغ بلا خلاف و كذا الحبل و لا اعتبار بغلظ الصوت و لا بشق الغضروف و هو رأس الأنف [- ز -] الإنبات هو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرّجل أو فرج المرأة على العانة و لا اعتبار بالزغب الضعيف و هو معتبر يحصل به البلوغ في حق المسلمين و الكفار و الأقرب أن إنبات اللحية دليل على البلوغ أما باقي الشعور فلا و روي أن الصّبي إذا بلغ عشر سنين أو خمسة أشبار جازت وصيّته بالمعروف و عتقه و أقيمت عليه الحدود التامّة و عندي في ذلك نظر [- ح -] لا يكفي البلوغ في زوال الحجر بدون الرشد فلا ينفذ تصرف المجنون و لا السفيه و هو الذي يصرف أمواله في غير الأغراض الصحيحة و لا يدفع ماله إليه و إن طعن في السّن و لا يكفي في دفع ماله إليه بلوغ خمسة عشر سنة مع فساد رأيه و لا ينفك عنه الحجر و الحجر على السّفيه عام في تصرّفاته في ماله فلا يصحّ بيعه و لا إقراره و لا غير ذلك من التصرفات سواء وقعت منه مباشرة أو أقام في ذلك وكيلا [- ط -] الرشد هو الصّلاح في المال فإذا بلغ رشيدا بهذا المعنى سلم إليه ماله و إن كان غير رشيد في دينه إذا كان فسقه غير مستلزم للتبذير مثل ترك صلاة أو منع زكاة أو إقدام على كذب فهذا يسلم إليه ماله إذا كان مصلحا له و إن استلزم التبذير كشرب الخمود و آلات اللّهو و النفقة على الفساق فهذا لا يسلم إليه شيء لأجل تبذيره و اشترط الشيخ العدالة و عندي فيه نظر و صرف أكثر المال إلى صنوف الخير مع قناعة بالباقي ليس بتبذير و لا سرف و صرفه إلى الأطعمة النفيسة الّتي لا يليق بحاله تبذير [- ى -] إنما يعلم رشده باختباره بتفويض التصرفات الّتي يتصرف فيها أمثاله كولد التاجر يفوض إليه البيع و الشرى فإن سلم من المغابنة عرف رشده و ولد الكبار الذين يصان أمثالهم عن الأسواق يدفع إليه نفقة مدة ليضعها في مصالحه فإن كان فيما حافظ يستوفي على وكيله و يستقضي كان رشيدا و المرأة يعلم رشدها بملازمتها لصلاح شأنها و الاعتناء بما يلائمها من الغزل و و الاستغزال و غيرهما من حرف النساء فإن وجدت حافظة لما في يديها قادرة على التكسب من غير مغانية فهي رشيدة [- يا -] وقت الاختبار قبل البلوغ مع التمييز و مع إذن الولي يصح تصرّفه و بيعه [- يب -] يثبت البلوغ و الرشد بشهادة الرجال في الرجال و النساء و بشهادة النساء في النساء [- يج -] المملوك ممنوع من التّصرف إلا بإذن مولاه سواء كان التصرف في عين المال كالبيع و الهبة أو بالمنافع كالإسكان و سواء كان بعوض كالبيع و الإجارة أو بغيره كالصدقة و شبهها [- يد -] المريض محجور عليه إلا في ثلث ماله في التبرّعات كالهبة و الصّدقة و العتق و لو اشتمل البيع على المحاباة مضى ما قابل رأس المال من الأصل و الزيادة من الثلث و لو أجازت الورثة صحّ جميع ما أجازوا فيه

الفصل الثّاني في أحكام الحجر

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] إذا زال الحجر عن الصّغير ببلوغه و رشده وجب تسليم ماله إليه و كذا لو زال سفه السفيه أو جنون المجنون و لا يفتقر في ذلك إلى حكم الحاكم [- ب -] إذا بلغت الصّبية رشيدة

ص: 218

نفذ تصرّفها و وجب تسليم مالها إليها و لا يشترط تزويجها و لا ولادتها و لا لبثها عند الزوج سنة و لا دخول الزوج بها [- ج -] للمرأة البالغة الرشيدة التصرف في مالها كيف شاءت من التبرّع و المعاوضة و لا يشترط إذن الزّوج فيما يتصرف زائدا عن الثلث بغير عوض و للمرأة أن تتصدّق من مال زوجها بالشيء اليسير و تتصرف في المأدوم بما لا ضرر فيه من غير إذنه بالهبة و العطية إلا أن يكون ممنوعة من ذلك أو يعرف كراهيّته و ليس لمن يقوم مقام المرأة كالجارية و الأخت و الغلام ذلك إلا بالإذن [- د -] لا يثبت الحجر على المفلس إلا بحكم الحاكم و كذا السفيه و لا يثبت الحجر بظهور الفلس و لا بظهور السّفه من دون الحكم [- ه -] يزول حجر المفلس بقسمة ماله لا بحكم الحاكم و هل يشترط حكم الحاكم في زوال حجر السّفيه قال الشيخ نعم و فيه نظر أما حجر الصبي فإنه يزول عنه ببلوغه رشيدا و لا يحتاج إلى الحاكم [- و -] ينبغي للحاكم إذا حجر على السّفيه أن يشهد عليه ليظهر أمره فيجتنب معاملته و لا يشترط الإشهاد عليه و إذا حجر عليه الحاكم لم يمض بيعه و لا شراؤه و لا غيره من التصرّفات في ماله و يسترجع الحاكم ما باع من ماله و يرد الثمن إن كان باقيا و إن أتلفه السّفيه أو تلف في يده فهو من ضمان المشتري و لا شيء على السّفيه و كذا كل ما يأخذه من أموال النّاس برضاهم إن كان باقيا دفعه الحاكم إلى أربابه و إن كان تالفا كان ضائعا سواء علم بالحجر أو لا هذا إذا كان صاحبه قد سلّط عليه فأما إن حصل في يده باختيار صاحبه من غير تسلّط كالعارية و الوديعة إذا تلفه أو تلف بتفريط احتمل عدم الضّمان لتعريض مالكه أما ما أخذه بغير اختيار صاحبه أو أتلفه كالغصب و الجناية فإنه ضامن [- ز -] حكم الصبي و المجنون حكم السّفيه في أن ما يتلقانه من مال غيرهما بغير إذنه فإنهما يضمنانه و لو حصل في أيديهما باختيار صاحبه و تسليطه كالبيع و الفرض و الثمن لم يضمنا لو أتلفاه أو تلف بتفريطهما و كذا ما حصل في أيديهما على جهة الوديعة و العارية فتلف بتفريطهما و لو أتلفاه فالأقرب أنه كذلك [- ح -] إذا أقرّ السفيه بمال لم ينفذ إقراره سواء كان عينا أو دينا أو إتلاف مال للغير و لا يلزم به و إن فك حجره بخلاف المفلس ثم إن كان محقّا وجب عليه فيما بينه و بين اللّٰه تعالى الخروج عنه بعد الفلس و إلا فلا [- ط -] لو أقر السفيه أو المفلس بما يوجب قصاصا أو حدّا كالقتل عمدا و الجرح و الزنا و القذف حكم عليهما و و استوفي منهما في الحال و لو أقرا بسرقة قبل في القطع لا المال و يصحّ إقرارهما بالنّسب و ينفق على ولد السفيه المقر به من بيت المال لا من ماله قاله الشيخ [- ى -] إذا طلق السّفيه أو المفلس زوجته صحّ طلاقه و كذا لو ظاهرها أو خالعها سواء كان بمهر المثل أو بدونه لكن لا يسلم إليه العوض بل إلى الولي و لو سلّمته المرأة إليه فهو من ضمانها [- يا -] لو أعتق السفيه أو المفلس لم ينفذ عنقه و كذا لو دبر أو كاتب [- يب -] لو تزوج وقف على إجازة الولي فإن أمضى صحّ و إلا فلا و كذا لو باع أو اشترى فأجاز الولي فالوجه الصحة و قوى الشيخ البطلان و ليس بجيّد [- يج -] لو دبر أو أوصى فالوجه عدم الجواز و له الاستيلاد فلو أولد جارية عتقت بموته مع وجود الولد كغيره [- يد -] يجوز له طلب القصاص و يجوز له العفو على مال لكن لا يسلم المال إليه بل إلى وليّه و له العفو على غير مال في العمد و يجوز قبوله للوصيّة و الهبة [- يه -] لو أحرم بحج واجب صحّ و أنفق عليه لأدائه و لو كان للتطوع و استوت نفقته سفرا و حضرا أو أمكنه تحصيل الفاضل في الطّريق فكذلك و لو زادت نفقته سفرا و حضرا أو أمكنه تحصيل الفاضل في الطريق فكذلك و لو زادت نفقته في السفر و لا كسب له كان لوليه أن يحلله بالصيام [- يو -] لو حلف انعقدت يمينه و لو حنث كفر بالصّيام و كذا لو عاد في ظهاره أو لزمته كفارة قتل الخطإ و الإفطار في رمضان و شبهه و لو نذر عبادة بدنيّة لزمته و لو نذر صدقة لم يصحّ [- ين -] إذا زال السفه فك الحاكم حجره فإن عاد سفهه أعيد الحجر فإن زال فك حجره فإن عاد السّفه عاد الحجر و هكذا [- يح -] لو وكله أجنبيّ في بيع أو هبة أو غيرهما من التصرفات المالية صح لأن السفه لم يسلبه أهلية التصرّف مطلقا [- يط -] الولاية في مال الطفل و المجنون للأب و الجد للأب فإن لم يكونا فالوصيّ لأحدهما فإن لم يكن فالحاكم أو أمينه و لا ولاية للأم للإمام أما السفيه فالولاية في ماله للحاكم أو أمينه خاصّة [- ك -] الرشيد إذا صار فاسقا إلا أنه غير مبذر قال الشيخ الظاهر أنه يحجر عليه و الوجه عندي خلافه

الفصل الثالث في التصرّف في مال اليتيم

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] اليتيم من مات أبوه قبل بلوغه و لو مات و قد بلغ الصّبي لم يكن يتيما و كذا لو ماتت الأم قبل بلوغه لم يكن يتيما إذا كان أبوه باقيا [- ب -] للأب و الجدّ للأب التصرّف في مال الطفل و لا يداخلهما الحاكم و لا غيره في ذلك أما الأم فلا ولاية لها و إن كان الأب و الجدّ مفقودين فإذا لم يكن أب و لا جدّ كان وليه من أوصى أحدهما إليه بالنظر في أمره و إن لم يكن وصيّ فالنظر إلى الحاكم و لا يتصرّف الحاكم مع وجود الوصيّ [- ج -] يجوز لولي الطفل سواء كان الأب أو الجدّ أو الوصيّ أو الحاكم أو أمينه أن يتجر للفعل

ص: 219

نظرا له و مصلحة و ينبغي له أن يشتري العقار و يكون مأمون التلف بحيث لا يكون قريبا من الماء يخشى غرقه و لا بين طائفتين متعاندتين بحيث يخشى عليه الحريق و يستحب أن يبني له عقاره بالآجر و الطين لا الجصّ و اللبن لأنه أعود في النفع من غيره و لو اقتضت المصلحة بناءه باللبن و الجص فعل [- د -] يكره للولي بيع عقار الطفل إلا مع الحاجة إلى ذلك و اقتضاء المصلحة و إذا كان البائع أبا أو جدّا جاز للحاكم إسجاله و إن لم يثبت عنده أنّه مصلحة أما غيرهما كالوصي و شبهه فإن الحاكم لا يسجل على بيعه إلا بعد ثبوت أنه مصلحة عنده و إذا بلغ الصّبي و أنكر كون بيع الأب أو الجد مصلحة كان القول قول الأب و الجد و لو أنكر بعد بلوغه كون بيع الولي أو الوصيّ أو غيرهما مصلحة افتقر البائع إلى البيّنة و كان القول قول الصّبي [- ه -] يقبل قول ولي الطفل سواء كان أبا أو جدّا أو وصيّا أو غيرهم في الإنفاق و قدره بالمعروف و لا يلتفت إلى إنكار الصّبي و لو قال الوصيّ أنفقت منذ ثلاث سنين فقال الصّبي لم يمت أبي إلا منذ سنتين فالقول قول الصّبي [- و -] يجوز المضاربة بمال الطفل للولي و يكون للعامل ما يشترطه الولي من الربح و يجب أن يكون العامل أمينا فإن دفعه إلى غير الثقة ضمن و لو كان الولي هو العامل فالأقرب أنه لا يصح المضاربة و يكون له أجرة المثل [- ن -] يجوز إبضاع مال اليتيم و هو دفعه إلى ثقة يتجر به و يكون الربح بأجمعه لليتيم و لا يجوز بيع عقاره لغير حاجة و يجوز له كتابة عبده مع المصلحة و لو اقتضت المصلحة عتقه فالوجه جوازه [- ح -] يجوز للولي تسليم اليتيم إلى معلم الصّنعة و تركه في المكتب أيضا [- ط -] يجوز أن يفرد اليتيم بالمأكول و الملبوس و السكنى و أن يخلطه بعائلته و يحسبه كأحدهم فيأخذ من ماله بإزاء ما يقابل مئونته و لا يفضله على نفسه بل يستحبّ أن يفضل نفسه عليه و لو كان إفراده أرفق به أفرده و كذا لو كان الرفق في مزجه مزجه استحبابا [- ى -] الولي إذا كان موسرا لا يأكل من مال اليتيم شيئا و إن كان فقيرا قال الشيخ يأخذ بأقل الأمرين من أجرة المثل و قدر الكفاية و هو حسن و قال ابن إدريس يأخذ قدر كفايته إذا عرفت هذا فلو استغنى الوليّ لم يجب عليه إعادة ما أكل إلى اليتيم سواء كان أبا أو غيره [- يا -] إذا اتجر الوليّ بمال اليتيم نظرا له قال الشيخ يستحب له أن يخرج الزكاة و الربح بأجمعه لليتيم و منع ابن إدريس من إخراج الزكاة [- يب -] لا يجوز لغير الولي التصرف في مال اليتيم و يجوز للولي مع اعتبار المصلحة من غير قيد و لو اتجر الولي بالمال لنفسه قال الشيخ إن كان متمكنا من ضمان المال كان الربح له و الخسارة عليه و منع ابن إدريس ذلك و حرم اقتراض مال اليتيم على الولي قال الشيخ و لو لم يكن متمكّنا من ضمانه كان عليه ما يخسر و الربح لليتيم [- يج -] إذا كان لليتيم مال على غيره فصالحه وليه على بعضه جاز مع المصلحة و حل للمصالح ما يأخذه من باقي المال قاله الشيخ و الوجه ما قاله ابن إدريس إن الصّلح جائز للولي مع المصلحة أما من عليه الحق فلا يجوز له منعه من باقي المال إذا كان ثابتا في ذمته و ليس للولي إسقاطه بحال [- يد -] يجوز لمن عليه حق لليتيم إيصاله إليه و إن لم يعلمه أنّه حق عليه بل على جهة الصّلة و الجائزة و ينوي براءة ذمته [- يه -] المتولي للنفقة في أموال اليتامى ينبغي أن يثبت على كل واحد منهم ما يصل إليه من الكسوة مما يحتاج إليه أما المأكول فالتفاوت بينهم فيه يسير لا يجب إفراد كلّ واحد منهم بشيء بل يجوز مزجهم و تسويتهم في الحساب عليه [- يو -] لا يجوز إقراض مال اليتيم إلا مع المصلحة مثل أن يكون له مال يحتاج إلى نقله إلى غير ذلك البلد و يخاف الطريق فيقرض الثقة و إن استرهن كان أحوط و كذا لو خاف على المال النهب أو الحريق جاز إقراضه من الثقة و كذا لو كان مما يتلف بتطاول مدّته أو حديثه خبر من قديمه و لو لم يكن لليتيم مصلحة بل قصد إرفاق المقترض و قضاء حاجته لم يجز و لو أراد الولي السفر لم يصحبه بل ينبغي إقراضه من الثقة و لو لم يجد المقترض أودعه و له إيداعه مع وجود المقترض و لا ضمان عليه [- ين -] الأقرب أنه ليس للوصي الاستنابة فيما يتولى مثله بنفسه مع المكنة [- يح -] لا يجوز للوصي البيع على البالغ سواء كان حاضرا أو غائبا و سواء كانت حقوقهم مشتركة بينهم و بين الصغار في عقار يتضرر بالقسمة أو لا و سواء بيع فيما لا بد في الصغار و الكبار منه أو فيما منه بد [- يط -] هل يجوز تصرّف الصّبي المميز فيما أذن له الولي فيه أو لا الأقرب العدم و كذا لو تصرّف من غير إذن الولي الأقرب عدم توقفه على الإجازة بل يقع باطلا على إشكال

المقصد الخامس في الضمان

اشارة

و هو التعهّد بالمال أو النفس و أقسامه ثلاثة ضمان و حوالة و كفالة فهاهنا فصول ثلاثة

الأوّل في الضمان
اشارة

و مطالبة أربعة

الأوّل الضامن

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] يصحّ ضمان كل جائز التصرّف في ماله سواء كان رجلا أو امرأة و لا يصحّ من غيره فلو ضمن المجنون أو المغمى عليه أو المبرسم أو الطفل كان باطلا و لو ادّعى وقوع الضمان بعد البلوغ أو بعد الإقالة فالقول قول المنكر هذا إذا عرف له حال جنون و لو لم يعرف و ادعى الضامن أنّه كان مجنونا وقت الضمان قال الشيخ إن القول قوله [- ب -] لا يصح ضمان المحجور عليه للسفه

ص: 220

و لا ضمان الصبي المميّز أما المحجور عليه للفلس فيصح و يتبع به بعد فك الحجر و لا يشارك المضمون له الغرماء [- ج -] لا يصح ضمان العبد بغير إذن مولاه سواء كان مأذونا له في التجارة أو لا و إن أذن له مولاه صحّ و تعلق مال الضمان برقبته لا بكسبه و لو شرط أن يكون الضمان مما في يده أو كسبه و أذن المالك صحّ كما لو شرط في ضمان الحر أن يكون من مال بعينه [- د -] المكاتب لا يصحّ ضمانه إلا بإذن مولاه كما قلنا في العبد و حكمه حكم القن في تعلق الضمان برقبته أو كسبه و في اشتراط إذن السّيد في اشتراط الضمان بالكسب و لو ضمن ما على العبد في ذمّته فالوجه الصحة [- ه -] المريض يصحّ ضمانه إذا كان عقله ثابتا ثم إن توفي في مرضه صحّ ما ضمنه من ثلث تركته و لو أجاز الورثة صحّ في الجميع و كذا لو برأ من مرضه سواء مات بعد برئه أو لم يمت [- و -] الزّوجة يصحّ أن تضمن من دون إذن الزّوج [- ز -] الأخرس يصحّ ضمانه إن علمت إشارته و لا يكفي كتابته بالضمان منفردة عن إشارة يفهم فيها قصده للضمان و لو لم يعلم إشارته لم يصح ضمانه [- ح -] يشترط في الضمان الملامة وقت الضمان أو علم المضمون له بإعساره فلو ضمن المعسر و لم يعلم المضمون لكان له يصحّ الضمان عند العلم بالإعسار و العود على المضمون عنه و هل يشترط الفسخ على الفور إشكال و لا يشترط استمرار الغني فلو ضمن و هو مليء ثم أعسر لم يبطل الضمان و برئ المضمون عنه و يشترط في الضامن الاختيار فلو ضمن مكرها لم يصحّ إجماعا

المطلب الثاني في الحق المضمون

و فيه [- يه -] بحثا [- ا -] يصح ضمان كل مال ثابت في الذّمة سواء كان مستقرا كثمن المبيع بعد انقطاع الخيار أو معرضا للبطلان كالثمن بعد قبضه في مدّة الخيار و لو كان قبل القبض لم يصحّ و كذا يصحّ ضمان ما ليس بلا ذم لكن يقول إلى اللزوم كمال الجعالة قبل الفعل و كذا مال السبق و المناضلة أما لو ضمن العمل في الجعالة أو السبق فإنه لا يصحّ قطعا [- ب -] لا يصح ضمان ما ليس بلازم و لا يئول إلى اللّزوم مثل ضمان الدين قبل تحقّقه بأن يقول ضمنت عنه ما يستدينه منك أو ما تعطيه فهو من ضماني سواء أطلق أو عين مثل ضمنت ما تعطيه من درهم إلى عشرة و قد نصّ الشيخ على لزوم من قال ألق متاعك في البحر و علي ضمان قيمته و يكون ذلك بدل قاله و يكون غرضه التخفيف عن السفينة و تخليص النفوس و كذا قال يصح لو قال لغيره طلق امرأتك و علي ألف و يلزمه الألف لجواز أن يعلم أنه فرج حرام فيستزله ببذل ماله و كذا لو قال أعتق عبدك و علي ألف أو قال الكافر فك هذا الأسير و علي ألف و هذا إن صح فلأنه في محل الحاجة بخلاف غيره [- ج -] يصحّ ضمان الحق المجهول و لا يشترط العلم بكميته المال فلو ضمن ما في ذمته صح و يلزمه ما يقوم به البيّنة أنه كان ثابتا في ذمته وقت الضمان لا ما يوجد في كتاب و لا ما يقربه المضمون عنه و لا ما يحلف عليه المضمون له بردّ اليمين من المضمون عنه أما لو كان الردّ من الضّامن فإنّه يلزمه و لو ضمن ما يقوم البيّنة عليه لم يصح لعدم العلم بثبوته في الذمة وقت الضمان و قال الشيخ في النهاية لو قال أنا أضمن له ما يثبت لك عليه إن لم آت به إلى وقت كذا ثم لم يحضره وجب عليه ما قامت به البيّنة للمضمون عنه و لا يلزمه ما لم يقم به البيّنة مما يخرج به الحساب في دفتر أو كتاب و إنما يلزمه ما قامت به البيّنة أو يحلف خصمه عليه فإن حلف على ما يدعيه و اختار هو ذلك وجب عليه الخروج منه و قال في المبسوط لا يصح ضمان المجهول سواء كان واجبا حال الضمان أو غير واجب و لا يصحّ ضمان ما لم يجب سواء كان معلوما أو مجهولا فالمجهول غير الواجب مثل أن يقول ضمنت لك ما تعامل به فلانا أو تقرضه فهذا لا يصحّ لجهالته و لعدم وجوبه و المجهول الواجب مثل أن يقول أنا ضامن لما يقضي لك به القاضي على فلان أو تشهد لك به البيّنة من المال عليه أو ما يكون مثبتا في دفترك فهذا لا يصح لجهالته و إن كان واجبا في الحال و قال قوم من أصحابنا إنه يصحّ أن يضمن ما يقوم به البيّنة دون ما يخرج به دفتر الحساب و لست أعرف به نصا و كلامه في النهاية مشكل و ما ذكره في المبسوط لا ينافي ما اخترناه إن قصد ما قلناه و الظاهر أن قصده هنا أن ضمان المجهول مطلقا لا يصحّ و الأقوى ما فصّلنا نحن أوّلا [- د -] أرش الجناية يصحّ ضمانه سواء كان نقودا أو حيوانا أو غيرهما [- ه -] يصح ضمان نفقة الزوجة الماضية و ضمان نفقة اليوم لأنها تجب بأوله و لا يصحّ ضمان نفقته المستقبل لتوقفها على التمكين و في الفرق بين مال الجعالة قبل العمل و بين النفقة المستقبلة إشكال و لا فرق في صحّة ضمان الماضية بين أن يحكم بها حاكم أو لا و لا بين أن يكون معلومة أو مجهولة على ما اخترناه في جواز ضمان المجهول خلافا للشيخ في بعض أقواله و لابن إدريس و إذا ضمن النفقة الماضية وجب على الضّامن نفقة مثل المرأة على قدر حال الرجل و قال الشيخ تجب نفقة المعسر [- و -] يصح ضمان مال السّلم لثبوته في الذّمة [- ز -] قال الشيخ لا يصحّ ضمان مال الكتابة لعدم لزومه في الحال إذ للمكاتب إسقاطه بتعجيز نفسه و لا يئول إلى اللزوم لأن المكاتب إذا أدى المال عتق و خرج من كونه مكاتبا فلا يتصور أن يلزمه ماله الكتابة بحيث لا يكون له الامتناع من أدائه و الأقرب

ص: 221

عندي جواز ضمانه و يمنع جواز تعجيز المكاتب نفسه و ينعتق بالضمان [- ح -] الأعيان المضمونة كالمغصوب في يد الغاصب و المستعار في يد المستعير مع شرط الضمان و المقبوض بالبيع الفاسد يصحّ ضمانها [- ط -] الأمانات كالوديعة و العين و مال المضاربة و الشركة و المستعار مع عدم التضمين و العين المدفوعة إلى الصانع لا يصحّ ضمانها و لو ضمن من هي في يده بتفريط أو تعد صحّ ضمانها أما قبل ذلك فلا و لو ضمنها إن تعدى فيها لم يصحّ [- ى -] يصحّ ضمان العهدة عن البائع و المشتري أما عن البائع فعهدة المثمن متى خرج المبيع مستحقا و إنما يصحّ هذا الضمان إذا قبض البائع الثّمن أما قبله فلا و أما عن المشتري فضمان الثمن الواجب بالبيع قبل تسليمه أو إن ظهر مستحقّا أو العهدة اسم للكتاب التي يكتب فيه وثيقة البيع و يذكر فيه الثمن فنقل إلى الثمن المضمون و الوجه أن ضمان العهدة ناقل فلو خرج المبيع مستحقا كان للمشتري الرجوع على الضامن دون البائع [- يا -] ألفاظ ضمان العهدة أن يقول ضمنت عهدته أو ضمنت عنه أو ضمنت دركه أو يقول للمشتري ضمنت خلاصك منه و لو ضمن خلاص المبيع لم يصح لأنه إذا خرج حرّا لم يحل تخليصه و إن خرج مستحقّا لم يستطع إلا بالبيع و ذلك ضمان ما لم يجب فلم يصح و إن ضمن عهدة المبيع و خلاصه بطل في الخلاص و صح في العهدة [- يب -] إذا ضمن العهدة عن البائع فاستحقاق رجوع المشتري بالثمن إن كان لسبب حادث بعد العقد مثل تلف المبيع قبل قبضه أو غصبه منه أو يحصل التقابل بينه و بين البائع فإن المشتري يرجع على البائع خاصة دون الضامن و إن كانت بسبب مقارن فإن كان بغير تفريط من البائع كأخذه بالشفعة فإن المشتري يأخذ الثمن من الشفيع دون البائع و الضامن و إن كان بتفريط من البائع فإن كان باستحقاق أجرته كان له الرجوع على الضامن و إن كان بالرّد بالعيب فالوجه أنه لا يرجع على الضامن و لو أراد أخذ أرش العيب فالوجه أنه لا يرجع على الضّامن أيضا بل يرجع في ذلك كله على البائع و لو خرج بعض المبيع مستحقا أو حرا فاختار المشتري الفسخ كان له الرجوع على الضّامن بما قابل المستحقّ و الحرّية من الثمن خاصّة و يرجع على البائع بالباقي [- يج -] إذا ضمن عن البائع أو ضمن البائع ما يحدثه المشتري من بناء و غرس لم يصحّ لعدم وجوبه قال الشيخ لا يصح لأنّه ضمان ما لم يجب و يحتمل الجواز للزومه بالعقد على ضعف قال الشيخ و لو شرط في البيع ذلك بطل البيع و كذا لو شرطاه في مدّة الخيار لا بعد انقضائه و هو بناء على قوله بعدم انتقال الملك قبل الخيار [- يد -] يصحّ ضمان نقصان الصحة و في صحّة ضمان رداءة الجنس في المبيع إشكال أقربه الجواز و كذا الأقرب جواز ضمان أرش العيب و عهدة تلحق بالمبيع إما بالعيب أو بالفساد من جهة أخرى غير كونه مستحقا على إشكال لكن ذلك كله لا يتدرج تحت ضمان مطلق العهدة على تردّد [- يه -] يصحّ ضمان الثمن في مدّة الخيار و الأقرب جواز ضمنت من واحد إلى عشرة

المطلب الثّالث في باقي أركان الضمان

و هي ثلاثة المضمون عنه و المضمون له و عقد الضمان و فيه [- ه -] مباحث [- ا -] المضمون عنه كل من في ذمته حق مالي و لا يشترط رضاه في الضمان فلو ضمن عنه لزمه الضمان و إن كره المضمون عنه أو رده بعد الضمان أما المضمون له فإنّه يشترط رضاه فلو ضمن من غير رضاء المضمون له لم يصحّ و كذا بغير رضاء الضامن و قد تقدّم [- ب -] لا يشترط في صحّة الضمان معرفة الضّامن بالمضمون عنه و للشيخ قولان هذا أجودهما نعم يجب تمييزه بما يصحّ معه القصد إلى الضمان عنه بخصوصية [- ج -] يصحّ الضمان عن الميّت سواء ترك وفاء أو لا و سواء ترك ضامنا ضمن عنه في حياته أو لا و كذا يصحّ الضمان عن المفلس [- د -] لا يشترط معرفة الضامن للمضمون له بل يصحّ ضمانه و إن جهل المضمون له و للشيخ قولان و يشترط رضاه قولا واحدا و الأقرب اعتبار قبوله [- ه -] الضمان عقد جائز بالنص و الإجماع قال اللّٰه تعالى وَ لِمَنْ جٰاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ و قال عليه السّلام الزعيم غارم و لا خلاف بين العلماء كافة في جوازه و هو عقد لازم من جهة الضامن و اشتقاقه إما من الضم بمعنى أن ذمة الضامن ينضم إلى ذمة المضمون عنه أو من التضمين لأن ذمة الضامن يتضمن الحقّ و يقال ضمين و كفيل و قبيل و حميل و زعيم و صبير بمعنى واحد و عبارته ضمنت و تكفلت و تحملت و ما ينبئ عن اللزوم و لو كتب و انضمّت إلى كتابة القرينة الدالة انعقد الضمان و إلا فلا و لا ينعقد بقوله أؤدّي أو أحضر و لا يقع إلا منجزا فلو علقه بمجيء الشهر فسد بخلاف ما لو نجزه و علق الأداء و لا يدخله الخيار و لو شرط فيه الخيار ففي إبطال الضمان إشكال

المطلب الرابع في الأحكام

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] الضمان إذا صح لزم الضّامن أداء ما ضمن و كان للمضمون له مطالبته بلا خلاف و لا اعتبار بتعذر مطالبة المضمون عنه [- ب -] الضمان ناقل للمال من ذمّة المضمون عنه إلى ذمة الضّامن و لا يجوز للمضمون له مطالبة المضمون عنه و لا فرق في ذلك بين أن يكون المضمون عنه حيّا أو ميّتا و يبرأ المضمون عنه بالضمان و إن لم يردّ الضّامن و لو أبرأ المضمون له ذمة المضمون عنه لم يبرأ الضامن و لو أبرأ ذمة الضامن

ص: 222

برئا جميعا و لم يكن للضّامن مطالبة المضمون عنه بشيء [- ج -] إذا أطاق الضمان صحّ و له أن يطالب به أي وقت شاء و إن كان مؤجلا صح أيضا و لو كان الدين حالا نضمنه مؤجلا صحّ و كذا لو كان الدّين مؤجلا فضمنه حالا على إشكال و الأقرب أنه ليس له مطالبة المضمون عنه قبل الأجل و إن ضمن بإذنه و أدّى حالا و لو كان مؤجلا فضمنه إلى أجل أزيد أو أنقص على إشكال صح و للشيخ قول بالمنع من الضمان الحال مطلقا و قول آخر بالمنع من ضمان المؤجل حالا [- د -] إذا ضمن الحال مؤجلا صحّ و برئت ذمة المضمون عنه و ليس للضامن مطالبة المضمون عنه إلا بعد الأداء و ليس للمضمون له مطالبة الضّامن قبل الأجل و لو قضاه الضامن قبل الأجل فالوجه أنه ليس له مطالبة المضمون عنه إلا بعد الأجل و لو كان الدين مؤجلا فضمنه حالا وجب عليه الدفع في الحال و ليس له مطالبة المضمون عنه إلا بعد الحلال و الأداء [- ه -] إذا ضمن مؤجلا فمات الضّامن حل الدين عليه و ليس لورثته الرجوع على المضمون عنه إلا بعد الأداء أو انقضاء الأجل إن كان الأصل مؤجلا و لا اعتبار بموت المضمون عنه [- و -] يصح ترامي الضمان فيجوز الضمان عن الضامن و يتحول الحقّ إلى ذمّة الأخير و متى أدى أحدهم أو المضمون عنه برئ الجميع و إن أبرأ المالك الضامن الأخير فكذلك و لو أبرأ من قبله من الضمناء لو المضمون عنه لم يبرأ أحد و لو أدّى الضّامن الأخير رجع على الضّامن الذي قبله و هكذا إلى أن يرجع الحال إلى المضمون عنه و ليس للفرع مطالبة السابق على أصله و إن تعذر الاستيفاء من الأصل [- ز -] يجوز للمضمون عنه أن يضمن الضّامن فيتحول الحق إلى ذمّته كما كان قبل الضمان و منع الشيخ من ذلك لئلا يصير الفرع أصلا و ليس بشيء و تابعه ابن البراج و لو ضمن المضمون عن الضامن من غير مال الضمان جاز قولا واحدا [- ح -] يجوز تعدّد الضمان بأن يضمن اثنان فما زاد واحدا فإن ضمن كلّ واحد منهما بعض الدين صح و برئ المضمون عنه و كان على كل واحد منهما بقدر ما ضمنه سواء تساويا أو اختلفا و إن ضمن كل واحد منهما جميع ما عليه صحّ ضمان السابق و لو اقترنا بأن يضمنا من المالك و الوكيل في وقت واحد فيه تردد بين البطلان لتحقق ضمان كل واحد منهما حال ضمان الآخر أعني حالة براءة الذّمة و بين الصّحة مع القرعة أو التنصيف و بين بطلان ضمان الوكيل من حيث إنه فعل حين فعل الموكّل متعلق الوكالة أعني حالة بطلان الوكالة و لو ضمن أحدهما صاحبه صح و انتقل ما على المضمون عنه إلى ذمة الضامن و لو ضمن كل واحد منهما صاحبه انتقل ما كان على كل واحد إلى ضامنه و برئ الضامن من الدين الأصلي و ليس للمالك مطالبة كلّ واحد بالجميع و لا مطالبة أحدهما به و لو قال كل واحد منهما ضمنت ما عليه دفعة فقال ضمنتكما فالوجه صحّة الضمان لكن يتعلّق بذمّة كلّ واحد النصف [- ط -] إذا ضمن بإذنه و فقد بإذنه رجع عليه سواء قال المضمون عنه اضمن عني و انقد عني أو قال انقد و أطلق و كذا يرجع لو ضمن بإذنه و نقد بغير إذنه و لا يشترط تعذر الرجوع على المضمون عنه لأن الضّمان عندنا ناقل و لو ضمن بغير إذنه لم يرجع و لو ضمن بغير إذنه و نقل بغير إذنه لم يرجع [- ى -] إنما يرجع الضّامن على المضمون عنه في موضع الرجوع بأقل الأمرين من قدر الدين و المدفوع و لو أبرأه غريمه لم يرجع و لو دفع عوض الدّين عرضا رجع بأقل الأمرين من قيمته و قدر الدّين و لو أحاله فهي بمنزلة الإقباض يرجع بأقل الأمرين من الدين و القدر المحال به سواء قبض الغريم من المحال عليه أو أبرأه أو تعذر الاستيفاء لفلس أو مطل [- يا -] إذا كان له على اثنين مائة و كلّ واحد ضامن لصاحبه و أجاز المالك ضمانهما فقد قلنا إن ذمة كل منهما مشغولة بالضمان لا بالأصل فإذا ضمن آخر عن أحدهما المائة صحّ ضمان الخمسين فإذا نقد مائة سقط الحق عن الجميع و رجع على المضمون عنه بالنّصف مع الإذن في الضمان و لا يرجع على الآخر إلا مع إذنه في الإنقاد عنه و لو ضمن عنهما معا صحّ و لزمه المائة و رجع على كل واحد بالنّصف مع إذنهما بالضمان و إلا فعلى الإذن خاصّة [- يب -] إذا ضمن بإذنه لم يكن للضّامن مطالبة المضمون عنه إلا إذا طولب و قوى الشيخ جواز المطالبة و إن لم يطالب الضامن و ما قلناه أولى و لو ضمن بغير إذنه لم يكن له مطالبة مطلقا و ليس للمأذون في الضمان مطالبة المضمون عنه و تسليم المال إليه قبل أدائه و لا مطالبة المضمون عنه بقبض المال منه ليتولى المضمون عنه الدفع [- يج -] إذا قضى المضمون عنه برئ هو و الضّامن و كذا لو قضى الضامن المتبرّع أما المأذون فيبرأ بأدائه و يطالب المضمون عنه و لو ضمن تبرعا فقضى المضمون عنه فإن كان بمسألة الضامن فالوجه رجوعه عليه و إلا فلا [- يد -] إذا كان له دين على اثنين فضمن كل واحد منهما صاحبه فعلم المضمون له كان له أن يجبر ضمان من شاء منهما فيلزمه الدينان معا و يبرأ الآخر فإن ضمن ثالث الدينين معا عن من أجيز ضمانه صح و رجع عليه خاصة إن كان بإذنه و إن ضمن عن الآخر من المالك لم يلزمه شيء و إن أجازهما معا انتقل ما في ذمته كل

ص: 223

كل منهما إلى الآخر و استقر الدّين عليهما كما كان [- يه -] لو ادعى على حاضر و غائب و أن كلا منهما ضامن لصاحبه فاعترف الحاضر كان له إلزامه بالجميع إن لم يرض بضمان الغائب و القول قوله بعدم الرضا مع يمينه فإن حضر الغائب فاعترف ألزم بقدر نصيبه إن كان الحاضر ضمن بمسألته و إلا فلا و إن لم يكن أنكر فالقول قوله مع يمينه و لو أنكر الحاضر و لا بينة فالقول قوله مع يمينه فإن قامت عليه بينة و استوفي منه لم يكن له الرّجوع على الغائب و لو اعترف الغائب و رجع الحاضر عن إنكاره كان له الرجوع بما أدى عنه و لو أنكر الحاضر و حلف ثم حضر الغائب و اعترف لم يكن للمضمون له الرجوع عليه بشيء مع رضاه بضمان الحاضر أو لا [- يو -] المأذون له في الضمان إذا ادّعى أداء ما ضمنه فأنكر المضمون له كان القول قول المضمون له مع يمينه فإن شهد المضمون عنه قبلت شهادته مع انتفاء التهمة و لو لم يكن مقبول القول حلف المضمون له و رجع على الضّامن ثانيا و يرجع الضامن بما أداه أولا و لو لم يشهد رجع بما أداه أخيرا و لو اعترف المضمون له بالقضاء فأنكر المضمون عنه ففي رجوع الضامن بمجرد اعتراف المضمون له على المضمون عنه إشكال أقربه الرّجوع [- يز -] إذا قال واحد أنا و هذان ضامنون لك فسكت له آخر إن وجب على الضّامن الثالث نصيبه [- يح -] كل من قضى دين غيره متبرّعا لم يكن له الرّجوع على من عليه الحقّ و لو كان بنية الرّجوع أما لو قضى بأمره مع نية الرجوع فإنه يرجع بما أدى عنه و الوجه أنّه كذلك مع عدم نية الرّجوع و لو أذن لغيره في قضاء دينه عنه فصالح المأذون على غير جنس الحق فالوجه رجوعه على الأمر بأقل الأمرين [- يط -] إنما يرجع المأذون في القضاء مع الإشهاد فإن قصّر لم يرجع إن كذبه الإذن و لو صدقه احتمل ذلك أيضا لأن المراد قضاء مبرئ و أداؤه لم ينفعه و إن صدقه القابض رجع قطعا و المعتبر شهادة من يثبت به الحق فلو أشهد رجلا أو امرأتين جاز و لو أشهدوا حدا ليحلف معه فالوجه الجواز أيضا و لو أشهد من ظاهره الفسق لم يعتد بتلك الشهادة و لو أشهد من فسقه مستور ففي الاعتداد به احتمال و لو ادعى موت الشاهدين و أنكر الإذن أصل الإشهاد ففي تقديم قوله إن كان قد دفع إليه مالا للقضاء نظر [- ك -] إذا كان له على كلّ واحد منهما مائة فضمن كل منهما صاحبه فقد قلنا إنّه ينتقد ما في ذمّة كل منهما إلى الآخر و لا يجتمع المالان في ذمة كل واحد منهما و لا يقع هذا الضمان باطلا في نفسه و يظهر له فرائد منها أن المضمون له إذا أجاز ضمان أحدهما دون الآخر اجتمع المالان في ذمته و برئ الآخر من مطالبته و منها أن الحق قد يكون حالا فإذا ضمن كلّ منهما مؤجلا لزمه الأجل بعد إن كان حالا و منها أن يكون مؤجلا فإذا ضمناه حالا إن حل الأجل و كان له المطالبة في الحال و منها انفكاك الرهن لو كان بهما رهنان و هل ضمان كل منهما يجري مجرى الأداء الأقرب أنّه ليس كذلك فحينئذ لو أبرأ أحدهما أو دفع أقل ما ضمنه ففي رجوع الآخر عليه نظر و لو ضمن أحدهما صاحبه تحول المالان عليه فإن ضمن المضمون عنه الضامن انتقل المالان إلى ذمّته

الفصل الثاني في الكفالة

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] الكفالة هي التعهّد بالنفس غالبا و معناها التزام إحضاره فإن تكفل المال كان ضامنا و الكفالة بنوعيها صحيحة قال الشيخ و لا بد فيها من الأجل و الأقرب جوازها حالة و مؤجلة و مع الإطلاق يكون معجّلة فإذا اشترط الأجل وجب أن يكون معلوما لا يتطرق إليه الزيادة و النقصان [- ب -] الخيار لا يدخل الكفالة و يفسد لو شرط و في فساد الكفالة ح نظر [- ج -] إذا قال أنا كفيل بفلان أو بنفسه أو ببدنه أو بوجهه كان كفيلا به أجمع لأن هذه الأشياء يعبر بها عن الجملة فلو قال أنا كفيل برأسه أو كبده أو قلبه أو جزء لا يمكن حياته بدونه فالأقرب الصّحة و كذا لو كفل بجزء مشاع منه كثلثه و ربعه و لو قال أنا كفيل بيده أو رجله أو بجزء يمكن أن يعيش بدونه ففي الصّحة إشكال و أبطله الشيخ و هو حسن [- د -] يصحّ الكفالة ببدن كل من يجب إحضاره في مجلس الحكم بدين لازم أو حق تصح المطالبة به سواء كان الدين معلوما أو مجهولا و سواء كان المكفول بالغا أو صبيّا أو عاقلا أو مجنونا و إذن الولي قائم مقام إذنها إن اشترطا إذن المكفول به [- ه -] تصحّ الكفالة ببدن المحبوس و الغائب و الزوجة و العبد الآبق و من عليه عقوبة لآدمي و المدعى عليه و إن لم يعمّ عليه البيّنة [- و -] لا تصحّ كفالة بدن من عليه حد لأجل الحد سواء كان للّه تعالى أو لآدمي نعم يجوز الكفالة على إحضار الجاني عمدا و خطأ في النفس و ما دونها [- ن -] الأقرب جواز الكفالة بالمكاتب و منع الشيخ ليس بجيّد [- ح -] يعتبر في الكفالة رضاء الكفيل و المكفول له و لا عبرة برضاء المكفول به و في المبسوط يعتبر رضاه و اختاره ابن إدريس و فيه قوة [- ط -] إذا كانت الكفالة حالة أو مطلقة كان له مطالبة بإحضاره في الحال فإن أحضره و هناك يد ظالمة تمنعه من الاستيفاء ما عليه لم يبرأ الكفيل و لم يلزم المكفول له تسليمه في تلك الحال و إن لم يكن هناك يد حائلة لزمه قبوله على إشكال فإن قبله برئ الكفيل و لا يفتقر

ص: 224

إلى أن يقول برئت إليك منه أو قد سلمته إليك أو قد أخرجت نفسي من كفالته و إن امتنع من تسليمه برئ الكفيل على إشكال و لا يفتقر إلى إشهاد رجل و لا إذن الحاكم و في المبسوط إذا امتنع من تسليمه أشهد رجلين و برئ فإن قصد شرط الإشهاد كان ممنوعا و إن كانت مؤجلة لم يجب الإحضار قبل الأجل و لو أحضره قبله لم يجب على المكفول له القبول و إن انتفى الضرر في التسليم على الأقوى و لا يبرأ ذمة الكفيل فإن حل الأجل و أحضره و سلمه برئ [- ى -] لو كان المكفول مجنونا فإن كان في حبس الحاكم وجب تسليمه لإمكانه بأمر الحاكم أو بأمر الحابس ثم يرد إلى السجن و يحبس على الحقين معا و إن كان في حبس ظالم لم يجب قبوله [- يا -] لو كفل حالا و كان المكفول غائبا أجل بمقدار وصوله إليه و عوده و إن كفل مؤجّلا أجل ذلك بعد الحلول و لو امتنع من إحضاره مع وجوبه و إمكانه وجب عليه حق المكفول له [- يب -] إذا كفل و أطلق و لم يعين موضع التسليم انصرف إلى بلد العقد و إن سلمه في غيره لم يبرأ و ليس له أن يسلمه إياه محبوسا في حبس الظالم كما قلنا و له أن يسلمه محبوسا في حبس الحاكم فإن طالب الحاكم بإحضاره أحضره مجلس الحكم و حكم بينهما ثم ردّه إلى السّجن و إن عين المكان في الكفالة لم يبرأ بتسليمه في غيره سواء كان بمكان آخر من البلد أو لا و سواء كان فيه سلطان أو لا [- يج -] إذا قال كفلت إلى الغداء و إلى شهر كذا حل بأوله [- يد -] إذا امتنع الكفيل من إحضار المكفول حبس عليه أو على أداء ما عليه أبدا إلا أن يحضره أو يموت المكفول به [- يه -] لا يصح الضمان و الكفالة إلا منجزين و لو قال إذا جاء زيد فأنا ضامن لك ما عليه أو إذا قدم الحاج فأنا كفيل بفلان لم تصح و كذا لو قال إذا جاء رأس الشهر أو خرجت السنة الفلانية [- يو -] تصح الكفالة موقتة فلو قال أنا كفيل بفلان شهرا على معنى أنه يحضره متى شاء المكفول له في مدة الشهر جاز [- يز -] إذا تكفل برجل إلى آخر إن جاء به فيه و إلا لزمه ما عليه فالوجه الصحة لأنّ ذلك مقتضى الكفالة أما لو قال إن لم آت به كان علي كذا و حضر الأجل لم يلزم إلا إحضار الرّجل و لو قال علي كذا إلى كذا إن لم أحضره ثم لم يحضره وجب عليه ما ذكره من المال و لو قال إن جئت به في وقت كذا و إلا فأنا كفيل ببدن فلان أو ضامن ما على فلان لم يصحّ [- يح -] من أطلق غريما من يد صاحب الحق قهرا ضمن إحضاره أو أداء ما عليه فلو كان قائلا لزمه إحضاره أو دفع الدّية و مع الدفع ذا حضر القاتل هل يقتل و يستعيد الدافع من الأولياء فيه إشكال فليس للدافع قتل القاتل و هل له إلزامه بما أدّى عنه على تقدير انتفاع جواز قتله فيه نظر [- يط -] لا بد من تعيين المكفول فلو قال كفلت أحد هذين أو كفلت بزيد أو عمرو أو كفلت بزيد فإن لم آت به فبعمرو لم يصحّ [- ك -] إذا قال كفلت ببدن فلان على أن يبرئ فلان الكفيل أو على أن يبرئه من الكفالة قال الشيخ لم يصحّ لفساد الشرط إذ لا يصح أن يبرئه و الوجه عندي الصحّة إن جوّزنا الشرط في الكفالة و حينئذ لا يلزمه الكفالة إلا أن يبرأ المكفول له الكفيل الأول و كذا يصحّ لو قال كفلت لك هذا الغريم على أن من الكفالة بفلان أو ضمنت هذا الدّين لك بشرط أن تبرئني من ضمان الدين الآخر أو على أن تبرئني من الكفالة لفلان و كذا لو شرط في الكفالة و الضمان أن يتكفل المكفول له أو المكفول به بآخر أو يضمن دينار عليه أو يبيعه شيئا معيّنا أو يؤجره إياه [- كا -] إذا مات المكفول برئ الكفيل و لا يجب عليه غرم المال و لا بعضه إن كان كفيلا بالبدن و إن كان كفيلا بالمال لزمه لأنه يكون ضمانا و كذا يبرأ الكفيل لو أبرأ المكفول له المكفول أو الكفيل أو قضاه الكفيل أو سلم المكفول نفسه تسليما تاما أو هرب المكفول بحيث لا يعلم خبره أو اختفى كذلك على إشكال و لو أبرئ الكفيل لم يبرأ الأصيل و لو كفل اثنان بواحد صحّ فإن قضى أحدهما الدّين برئ الآخر و كذا لو قضاه المكفول برئا معا و كذا لو سلم نفسه إلى المكفول منه تسليما تاما و لو سلمه أحدهما قال الشيخ لا يبرأ الآخر و عندي فيه نظر [- كب -] إذا تكفّل رجلا من اثنين لم يبرأ بتسليمه إلى أحدهما و لا يبرأ أحدهما له [- كج -] إذا تكفل بإذن المكفول وجب على المكفول الحضور معه عند المطالبة به فإن كفل بغير إذنه و طلبه للحضور فإن كان المكفول له طلبه منه وجب عليه الحضور و إلا فلا و لو قال المكفول أحضر مكفولك كان توكيلا بإحضاره فيجب عليه الحضور معه و لو قال خلّص نفسك من الكفالة لم يكن توكيلا و لم يجب على المكفول الحضور معه إلا أن يكون قد أذن له في الكفالة [- كد -] إذا قال لغيره اكفل فلانا أو اضمنه ففعل المأمور كان الكفيل و الضامن هو المباشر و لا شيء على الآمر [- كه -] إذا قال الكفيل أبرأت المكفول به من الدين فأنكر المكفول له كان القول قوله مع يمينه فإن حلف بقيت الكفالة و إن نكل حلف الكفيل و برئ من الكفالة و لم يبرأ المكفول به من الدين و لو قال كفلت و لا حقّ لك عليه فأنكر له المكفول فالقول قوله كما قلناه و هل يضفر إلى اليمين الأقرب ذلك و لو نكل فالوجه إحلاف الكفيل مع احتمال بعيد [- كو -] إذا قال المكفول له للكفيل قد أبرأتك من

ص: 225

الكفالة برئ و كذا لو قال قد برئت إلي منه أو رددته إلي و كذا لو قال برئت من الدّين الذي كفلت به و يبرأ الكفيل في هذه المواضع دون المكفول به و لا يكون ذلك اعترافا بالقبض إلا في الصورة الأخيرة فإنّه يبرئ المكفول به لأن كفالة المال عندنا ناقلة و لو قال للمكفول به قد أبرأتك من الدّين الذي كفلك عليه فلان أو برئت إلي منه برئ الكفيل و المكفول به و كذا لو قال له أبرأتك من الدين الذي قبلك أو برئت إلي من الدين الّذي قبلك لأنه من ألفاظ العموم و لو قال قصدت غير دين الكفالة قبل قوله مع يمينه [- كز -] إذا كان لذمي على مثله خمر فكفّله ذمّي آخر ثم أسلم المكفول له برئ الكفيل و المكفول به معا و لو أسلم المكفول عنه فكذلك و لو أسلم الكفيل خاصة برئ من الكفالة دون المكفول عنه إلا أن يكون كفيلا بالمال [- لح -] إذا قال أعط فلانا كذا لم يكن كفيلا فإذا أعطاه كان الغريم الآخذ لا الآمر و لا يلزم الآمر شيء و إن كان خليطا و لو قال أعطه عني كان كفيلا [- كط -] إذا خاف بعض الركاب فألقى بعض متاعه أو جميعه في البحر ليخفّ السفينة لم يرجع به على أحد سواء ألقاه بنية الرجوع أو تبرّعا و كذا لو قال بعضهم ألق متاعك فألقاه و لو قال ألقه و علي ضمانه ضمنه القائل خاصة و إن كان ضمان ما لم يجب له ضرورة و لو قال ألقه و أنا و الركبان له ضمناء فإن قصد ضمان الاشتراك و الانفراد ضمن الجميع و لا يلزم باقي الركبان شيء سواء سمعوا أو سكتوا أو أنكروا أو لم يسمعوا و إن قصد ضمان الاشتراك لزمه ضمان حصّته و لا يضمن الباقون شيئا و أما الذي يضمن يحتمل النصف و يحتمل أن يكون كأحدهم إلا أن يقصد الثاني و القول قوله مع يمينه في إرادته و لو أذنوا له في ذلك لزم الجميع المال [- ل -] تصح ترامي الكفالات فإن كانت بالمال فهي ضمان و قد تقدم و إن كانت بالنفس لزم الأخير إحضار من كفله و يلزم السابق عليه إحضار من يقدمه و هكذا إلى أن ينتهي إلى الدّيون فإن مات المديون أو أبرأ المكفول له برءوا جميعا و كل كفيل مات مكفوله برئ هو دون مكفول الميّت فلو مات أوسط الكفلاء الثلاثة برئ الميّت و كفيله معا دون المديون و كفيله و لو كفل كل من الكفيلين بدن صاحبه جاز فإن مات الأصلي أو برئ من الدّين برئا معا و إن مات أحدهما لم يبرأ الآخر [- لا -] إذا رهن و شرط الإقباض جاز أن يكفل الراهن على التسليم و لم يشترطه لم يجز إلا مع القبول بوجوب التسليم [- لب -] هل يجوز الكفالة ببدن الميّت لم أعرف لأصحابنا فيه نصّا و جوزه بعض الجمهور إذ قد يستحق إحضاره لأداء الشهادة على صورته و عندي فيه نظر [- لج -] إذا مات المكفول له فالأقرب عدم بطلان الكفالة و ينتقل الحقّ إلى ورثته

الفصل الثّالث في الحوالة
اشارة

و فيه مطلبان

الأوّل في ماهيتها و شروطها

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] الحوالة عقد شرع لانتقال الحقّ من ذمة إلى أخرى و اشتقاقها من التحويل و ليست بيعا فلا يدخلها خيار المجلس و إنما هي عقد إرفاق بنفسه ليس محمولا على غيره و لا يجوز بلفظ البيع و يجوز في الربويين و يلزم بمجرد العقد و يجب الوفاء بها و هي معاملة صحيحة في قول العلماء كافة و يتعلق بثلاثة أشخاص المحيل و هو الذي عليه الحقّ و المحتال الذي يقبل الحوالة و المحال عليه و الذي عليه هو الحق للمحيل يقال أحاله بالحق عليه يحيله إحالة و احتال الرّجل إذا قبلها و المحال به هو الدّين نفسه [- ب -] يشترط في الحوالة رضاء الأشخاص الثلاثة و هل يشترط أن يكون على المحال عليه دين أو لا قال الشيخ الأقوى عدم الاشتراط و هو جيّد [- ج -] الحق إن كان مثليا صحّت الحوالة به إجماعا و إن لم يكن مثليّا كالحيوان و الثياب قال الشيخ لا تصح الحوالة به إذا ثبت في الذمة بالقرض و يجوز إذا كان في ذمّته حيوان وجب عليه بالجناية كأرش الموضحة و غيرها أن يحيل بها و الوجه عندي جواز الحوالة بكل حق مالي و إن لم يكن مثليّا [- د -] يجب أن يكون المال معلوما فلا تصحّ الحوالة بالمجهول إجماعا و قد بيّنا أن المثلية ليست شرطا و على قول الشيخ إذا كان له إبل من الدّية و عليه لآخر مثلها صحّت الحوالة بها و إن كان عليه إبل من دية و له على آخر مثلها قرضا فأحاله عليه فإن قلنا القرض يضمن بالقيمة لم يصح الحوالة لاختلاف الجنس و إن قلنا بالمثل هنا صحت الحوالة و كذا العكس [- ه -] إذا أحال من له عليه دين قال الشيخ رحمه اللّٰه يشترط تماثل الحقين جنسا و وصفا و قدرا فيحيل على من عليه ذهب فذهب و من عليه فضة بفضّة دون العكس و كذا يحل من عليه صحاح بمثلها و من عليه مكسرة بمثلها و من عليه مضروبة بمثلها و عندي في ذلك إشكال لأنا سوغنا الحوالة على بريء الذمة فعلى مشغولها بالمخالف أولى و الوجه جواز ذلك كلّه ثم إنّ الشيخ اختار ما ذهبنا إليه و هل يشترط التساوي في التأجيل و الحلول فيه إشكال أقربه عدم الاشتراط فلو أحال من عليه دين مؤجل أو حال بدين مخالف له في الحلول و التأجيل أو مساو له في التأجيل لكن مخالف له في زيادة الأجل و نقصانه لم أستبعد جوازه فلو احتال من دينه حال بدين مؤجل و شرط تعجيله فالوجه الجواز و كذا يجوز لو شرط بقاءه على صفته

ص: 226

و لو احتال على من دينه حال و شرط تأجيله فالأقرب الصّحة و لزوم الشرط كما قلنا في الضمان و لا خلاف في أنه لو ردّ المحال عليه فوق الصفة أو دونها مع رضا المحتال أو عجل ما شرط تأجيله من غير شرط كان سائغا و لو احتال مؤجلا فمات المحيل أو المحتال لم يبطل التأجيل و إن مات المحال عليه حل الدّين [- و -] شرط الشيخ كون الحق مما تصحّ المعاوضة عليه قبل قبضه قال فلا تصح الحوالة بمال السّلم لأنه لا يجوز المعاوضة عليه قبل قبضه و عندي فيه نظر [- ز -] شرط الحوالة ثبوت الحق في ذمة المحيل فلو أحاله ما يرضيه في المستقبل لم يصح إجماعا و يصح الحوالة بمال الكتابة و قيل بالمنع و قد تقدّم في الضمان و كذا يصحّ الحوالة على المكاتب بغير مال الكتابة و لو حل نجم جاز للعبد أن يحيل مولاه بقسطه من الكتابة إجماعا [- ح -] الزّوج إذا أحال المرأة بالصداق صحّ و إن كان قبل الدخول و كذا لو أحالت المرأة به أجمع قبل الدخول و لو أحالت به بعد الدخول صح إجماعا [- ط -] إذا أحال البائع بالثمن على المشتري في مدة الخيار جاز و كذا يجوز بلا خلاف لو أحال المشتري به البائع في المدة [- ى -] إذا أحال من لا دين عليه رجلا على آخر له عليه دين كان توكيلا و ليس حوالة يثبت فيها أحكام الوكالة و لو أحال من عليه دين على من لا دين عليه فقد بينا جواز ذلك أنه حوالة صحيحة و قيل ليس حوالة و إنما هو اقتراض فإن قبض المحتال منه الدّين رجع على المحيل لأنه قرض و إن أبرأ منه و لم يقبض شيئا لم تصحّ البراءة لأنها براءة لمن لا دين عليه و إن قبض منه الدّين ثم وهبه إياه رجع المحال عليه على المحيل لأنّه قد غرم عنه و إنما عاد المال بعقد مستأنف و يحتمل عدم الرجوع و إن أحال من لا دين عليه على من لا دين عليه فهي وكالة في اقتراض و ليست حوالة لأن الحوالة إنما هي بدين على دين و لم يوجد واحد منهما [- يا -] شرط لزوم الحوالة بفتح الميم و المد ملاءة المحال عليه أو علم المحتال بإعساره فلو أحاله على معسر و لم يعلم المحتال بإعساره كان له فسخ الحوالة و الرجوع على المحيل سواء شرط المحتال الملاءة أو لا و على تقدير عدم الشرط فسواء مات المحال عليه مفلسا أو لا و سواء جحده و حلف عند الحاكم أو لا و ليس استدامة الغنى شرطا فلو أحاله على مليء و رضي ثم أعسر لم يكن له فسخ الحوالة و لو لم يرض المحتال بالحوالة ثمّ بان المحال عليه مفلسا أو ميّتا رجع على المحيل إجماعا و لو أحيل على مليء فلم يقبل حتى أعسر فله الرّجوع على المحيل

المطلب الثاني في الأحكام

و فيه [- يه -] بحثا [- ا -] الحوالة عقد ناقل للمال عن ذمّة المحيل إلى المحال عليه و يبرأ المحيل إذا تمت بأركانها من دين المحتال سواء أبرأه المحتال أو لا و للشيخ ره هنا قول آخر ضعيف و سواء ضمن المحال عليه المال أو لم يضمن قال الشيخ و لو لم يقبل المحتال الحوالة إلا بعد ضمان المحال عليه و لم يضمن كان له مطالبة المحيل و لم يبرأ ذمته بالحوالة و هو جيّد لأنّه شرط ما لم يجعل له فكان له فسخ الحوالة لكن هذا الشرط لا فائدة فيه لاقتضاء الحوالة الانتقال سواء حصل الضمان أو لا و كذا يبرأ المحال عليه من دين المحيل [- ب -] إذا تمت الحوالة بشرائطها لم يعد الحق إلى المحيل أبدا إلا أن يكون المحال عليه معسرا و لا يعلم المحتال أما في غير هذه الصورة فلا سواء أمكنه استيفاء الحق أو تعذّر لمطل أو فلس متجدّد أو سابق معلوم أو موق أو غير ذلك و لو شرط المحتال الرجوع على المحيل مع تعذّر الاستيفاء فالوجه بطلان الشرط و في بطلان الحوالة حينئذ إشكال [- ج -] إذا أحاله على مليء غير مماطل و لا جاحد لم يجب عليه القبول لأنا قد اعتبرنا رضاء المحتال و لو قبل المحتال لم يجب على المحال عليه قبول الحوالة لأنا اعتبرنا رضاه أيضا و إن لم يكن المحتال عدوه و مع قبول الثلاثة يلزمه الحوالة [- د -] يجوز ترامي الحوالات [- ه -] إذا أحال البائع بثمن العبد فخرج حرّا أو مستحقّا بطلت الحوالة فإن كان البائع قد قبض برئ المحال عليه من دين المشتري و كان له الرجوع عليه إن لم يكن له عليه دين و يكون الثمن في يد البائع للمشتري يجب عليه رده إليه و إن لم يقبض بقي الحق كما كان في ذمّة المحال عليه إن كان عليه حق و يثبت حرية العبد بالبينة أو اتفاقهم و كذا لو أحال البائع الأجنبي على المشتري بالثمن و قبل الحوالة ثم ظهرت الحريّة أو الاستحقاق بطلت الحوالة و يثبت الحرية بالبيّنة أيضا أو الاتفاق و إن أقر المحيل و المحال عليه و كذبهما المحتال و لا بينة لم يقبل قولهما و لو أقاما بيّنة لم يسمع لتكذيبهما إياها بالبائع أما لو أقامهما العبد فإنها يقبل و تبطل الحوالة و لو صدّقهما المحتال و ادعى أن الحوالة لغير ثمن العبد فالقول قوله مع يمينه و لو أقاما بينة بأن الحوالة بالثمن قبلت لعدم التكذيب و لو اتفق المحيل و المحتال على حرّية العبد و كذبهما المحال عليه لم يقبل قولهما عليه في حرية العبد و تبطل الحوالة و ليس للمحيل و لا للمحتال مطالبة المحال عليه بشيء و لو اتفق المحال و المحال عليه على الحريّة عتق العبد و بطلت الحوالة بالنّسبة إليهما و لم يكن للمحتال الرّجوع على المحيل [- و -] إذا أحال المشتري البائع بالثمن على أجنبيّ فقبضه ثم ردّ المشتري بالعيب أو المقابلة برئ المحال عليه و يرجع المشتري على البائع و لو ردّه قبل القبض ففي الإبطال نظر و معه يرجع المحيل على المحال

ص: 227

عليه بدينه و لم يبق بينهما و بين البائع معاملة و مع الصحة يرجع المشتري على البائع بالثمن و يأخذه البائع من المحال عليه فإن أحال البائع المشتري بالثمن على من أحاله المشتري عليه صحّ و عاد المشتري إلى غريمه و برئ البائع و لو كانت المسألة بحالها إلا أن البائع أحال أجنبيّا بالثمن على المشتري ثم ردّه بالعيب احتمل بطلان الحوالة إن كان الردّ قبل القبض لسقوط الثمن فيعود على البائع بدينه و يبرأ المشتري منهما و إن كان بعد القبض برئ المشتري و البائع و رجع المشتري على البائع بما دفعه إلى الأجنبيّ و احتمل الصحّة و ذكر الشيخ أنه وفاق بخلاف الأولى لتعلق الحوالة هنا بغير المتعاقدين فإن أحال المشتري الأجنبي بالثمن على البائع صح و برئ المشتري منهما و لو ثبت بطلان البيع من أصله بطلت الحوالة في الموضعين [- ز -] إذا قضى المحيل الدّين بعد الحوالة فإن كان بمسألة المحال عليه رجع عليه و إن تبرّع لم يرجع و يبرئ المحال عليه [- ح -] لو قبض و قال أحلتني بلفظ الحوالة فقال بل وكلتك بلفظ الوكالة أو بالعكس فالقول قول مدعي الوكالة منهما مع يمينه و لو أقام أحدهما بيّنة حكم بها و لو اتفقا على أن قال أحلتك بالدّين الذي لي قبل زيد ثم اختلفا فقال المحيل قصدت الوكالة و قال القابض بل أحلتني فالقول قول المدعي الحوالة عملا بالأصل في الموضع و يحتمل تقديم قول المحيل عملا بأصالة بقاء الحقّ و اختاره الشيخ ره فعلى الأول يحلف المحتال و يثبت حقه في ذمة المحال عليه و يسقط عن المحيل و على الثاني يحلف المحيل و يبقي حقه في ذمّة المحال عليه و على التقديرين إن كان المحتال قبض الحقّ و تلف في يده فقد برئ كل منهما من صاحبه من غير ضمان و إن كان بتفريط لأن المحتال إن كان محقا فقد أتلف ماله و إن كان مبطلا ثبت لكل منهما في ذمة الآخر مثل ما في ذمّته له فيتقاضان و يسقطان و إن تلف من غير تفريط فالمحتال يقول قبضت حقي و برئ منه المحيل بالحوالة و المحال عليه بالتسليم و المحيل يقول تلف المال في يد وكيل بغير تفريط فلا ضمان و إن لم يتلف لم يملك المحيل طلبه لاعترافه أن عليه من الدين مثل ماله في يده و هو مستحق لقبضه فلا فائدة في أن يقبضه منه و يحتمل أن يملك أخذه منه و يملك بالمحتال مطالبته بدينه و هو الوجه و لا موضع للبينة هنا لعدم اختلافهما في لفظ يسمع أو فعل يرى و إنما اختلافهما في القصد و إن لم يقبض المحتال من المحال عليه لم يكن له القبض بعد ذلك مع يمين المحيل و لو حلف المحتال كان له أن يقبض و لو قال أحلتك بدينك فقال بل وكّلتني احتمل ما تقدّم من الوجهين فإن قدمنا قول المحيل مع يمينه مخلف برئ من حق المحتال و يقبض المحتال من المحال عليه لنفسه و إن قدمنا قول المحتال حلف و طالب المحيل بحقّه و له مطالبة المحال عليه إما بالوكالة أو بالحوالة فإن قبض منه قبل قبضه من المحيل فله أخذ ما قبض لنفسه و إن قبض من المحيل رجع المحيل على المحال عليه و إن كان قد قبض الحوالة و تلفت بتفريط سقط حقه و كذا إن تلف بغير تفريط و لو اتفقا على أن المحيل قال أحلتك بدينك ثم اختلفا فقال أحدهما هي حوالة بلفظها و قال الآخر بل هي وكالة بلفظ الحوالة فالقول قول مدعي الحوالة قطعا و لو أنكر المحيل دين المحتال لم يلتفت إليه بعد اعترافه أما لو قال أحلتك و لم يقل بدينك ثم ادعى قصد الوكالة أو سبق الغلط بأن أراد أن يقول وكلتك فسبق أحلتك احتمل سماع إنكاره الدين [- ط -] لو طالبه بدينه فقال أحلت على فلان الغائب فالقول قول المالك و لو أقام المدّعي بينة سمعت منه لإسقاط حق المحيل عنه [- ى -] لو ادعى أنّه أحال فلان الغائب عليه و أنكر المحيل فالقول قوله مع يمينه فإذا حلف استوفي الدين فإذا حضر الغائب و كذبه برئ منه و إن صدقه كان له المطالبة بمال الحوالة ثانيا و إن أقام مدعي الحوالة البينة حكم بها في حق سقوط المطالبة و لا يقضى بها للغائب فإذا حضر و ادّعى احتاج إلى إعادة البيّنة و لو ادّعى أن فلانا الغائب أحاله عليه فأنكرها فالقول قول المنكر فإن أقام المدّعي بيّنة ثبت في حقّه و حق الغائب و يجب الدفع إلى المحتال و إن لم يقم بينة ترتبت اليمين على وجوب الدّفع مع الاعتراف فإن قلنا به وجبت و إلا فلا فإذا حلف على الأوّل برئ و ليس للمحتال الرجوع على المحيل و إن لم يحلف ثم المحيل إن صدق المدعي لم يثبت الحوالة عندنا لأنّ رضاء المحال عليه معتبر إلا أن يعترف برضاء المحال عليه فيبطل دينه عنه و لا يقبل قوله في حق المحال عليه و لا يمكن إبطال الدّين عن المحال عليه فيؤخذ منه و يسلّمه إلى المحتال و إن أنكر الحوالة حلف و سقط حكم الحوالة و إن نكل المحال عليه فقضى عليه و صدقه المحيل لم يكن له مطالبة المحال عليه ثانيا و إن أنكر المحيل فالقول قوله و له أن يستوفي ثانيا و ليس للمحتال مطالبة المحيل لكن ينبغي أن يقبضه المحتال و يسلمه إلى المحال عليه أو يأذن المحتال المحيل في دفعه إلى المحال عليه لاعتراف كل من المحيل و المحتال بظلم صاحبه للمحال عليه و لو صدق المحال عليه المحتال في الحوالة و دفع فأنكر المحيل حلف و رجع على المحال عليه ثانيا [- يا -] لو أحال الضامن بما ضمنه على من له عليه دين صح و برئ هو و المضمون عنه و كانت الحوالة بمنزلة الإقباض في الرجوع على المضمون عنه في الحال و إن لم يقبض المحتال و لو أحاله على من لا دين عليه صح و برئ الضامن و لا يرجع على المضمون عنه فإن قبض المحتال من المحال عليه و رجع على الضّامن رجع الضامن على المضمون عنه و إن لم يرجع أو أبرأه لم يرجع الضامن على المضمون عنه و لو قبضه ثم وهبه رجع على الضامن و لو

ص: 228

كان الدين على اثنين كلّ منهما كفيل لصاحبه بما عليه فأحاله أحدهما بالدّين أجمع صحّ فيما عليه لأن كفالة المال ناقلة عندنا و إن أحال صاحب الدّين رجلا على أحدهما به أجمع صحت الحوالة فيما عليه خاصّة إن قلنا باشتراط الدّين في ذمة المحال عليه أو قال أحلتك بما عليه أما لو قال أحلتك بالمال أجمع على فلان و لم يشترط في الحوالة ثبوت الحق في ذمة المحال عليه فإنها تصحّ اجمع لكن ليس للمحال عليه الرجوع على شريكه في الكفالة بما يخصّه إلا أن يحتال بإذنه فإن أحاله عليهما جميعا ثبت له على كل واحد بقدر ما عليه و لو أحاله عليهما ليستوفي منهما أو من أيّها شاء جميع الدين فالوجه بطلان الحوالة و كذا لو أحاله على اثنين بالجميع من غير تكافل ليستوفي من أيّهما شاء و لو لم يكونا متكافلين فأحاله عليهما معا طالب كل واحد بما عليه من الدّين [- يب -] لو أحال الزوجة بالصداق فارتدت قبل الدّخول احتمل بطلان الحوالة و صحّتها كما قلنا في العبد المعيب و لو طلقها قبل الدخول صحت الحوالة في النصف و بقي النصف محتملا للأمرين [- يج -] قد بيّنا جواز الحوالة على من لا دين عليه فللمحال عليه مطالبة المحيل بتخليصه منه فإن قضاء المحال عليه قبل إن يخلّصه قال الشيخ إن كان بأمره رجع على المحيل و إن لم يكن بأمره لم يرجع فإن قصد الشيخ اشتراط الإذن في الحوالة فهو حقّ و إن كان في الأداء فلا و الأقرب إن هذه الحوالة كالضمان ليس للمحال عليه أن يرجع إلا بما أدى [- يد -] إذا اختلف المحيل و المحال عليه بعد القضاء فقال المحيل كان لي عليك مال حلت به عليك و إنك المحال عليه فالقول قول المنكر مع يمينه فيرجع على المحيل [- يه -] إذا كان له دين في ذمّة غيره فوهبه لآخر قال الشيخ الأقوى جواز الهبة و ليس بمعتمد

المقصد السادس في الصلح

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] الصلح عقد شرع لقطع التنازع بين المختلفين و هو على أنواع صلح بين المسلمين و أهل الحرب أو بين أهل العدل و البغي و قد سلف و صلح بين الزّوجين إذا خيف الشقاق بينهما و سيأتي و صلح بين المختصمين في الأموال و هذه الباب معقود له [- ب -] الصّلح عقد قائم مستقل بنفسه ليس فرعا على غيره و هو لازم من الطرفين لا يبطل إلا بالتقابل و قد أجمع العلماء كافة على تسويغه ما لم يؤد إلى تحريم حلال أو تحليل حرام و لا خيار بعد انعقاده لأحدهما سواء افترقا من المجلس أو لا و إن اشتمل على المفاوضة و لا يحتاج إلى شرائط البيع و قول الشيخ في الخلاف إذا تلف ما يساوي دينارا فصالحه مع الإقرار على دينارين لم يصحّ و إلا كان بيعا للدّينار بأزيد فيكون ربا ضعيف عندي [- ج -] الصلح جائز على الإقرار و الإنكار و إنما يقع الصّلح على الإنكار إذا اعتقد المدّعي حقية قوله و المدعى عليه براءة ذمّته فيجوز للمدّعي أخذ ما يصالحه عليه المنكر سواء كان من جنس المدّعى أو من غيره و سواء زاد عن المدّعى أو نقص فإن وجد بالمأخوذ عيبا كان له ردّه و الرّجوع في دعواه فلو وجد الدافع بالمصالح عنه عيبا لم يرجع به على المدّعي و لو كان المأخوذ شقصا أو المصالح عنه لم يثبت الشفعة فيه و لو كان أحدهما كاذبا كان الصلح باطلا في نفس الأمر و لا يحل للمنكر ما أخذه بالصّلح إذا دفع الأقل مع كذبه و لا للمدّعي إذا كان مبطلا و يحكم عليهما في الظاهر بالصّحة و لو ادعى على رجل أمانة كالوديعة و المضاربة أو مضمونا كالقرض و التفريط في الوديعة فأنكر جاز الصلح [- د -] إذا صالح أجنبي عن المنكر للمنكر صح سواء اعترف للمدّعي بصحّة دعواه أو لم يعترف و سواء كان بإذنه أو بغير إذنه و سواء كان في دين أو عين ثم إن لم يأذن المنكر في الصلح لم يكن للأجنبي الرّجوع عليه بشيء و لو أدّى بإذنه على إشكال و إن أذن في الصّلح و الأداء رجع عليه و إن أذن في الصّلح و الأداء رجع عليه و إن أذن في الصلح خاصّة لم يرجع مع الأداء تبرّعا و هل يرجع مع نية الرّجوع الوجه أنه لا يرجع أيضا [- ه -] إذا صالح الأجنبي عن المنكر لنفسه ليكون المطالبة له فإن لم يعترف المدّعي بصحة دعواه فالوجه عدم الجواز و إن اعترف له بالصّحة فإن كان المدعى دينا صحّ و يكون الخصومة بين الأجنبي و المدعى عليه و إن كان عينا و صدقه على دعواه صح الصّلح فإن قدر على الرد استقر الصلح و إن عجز قال الشيخ تخير بين فسخ الصّلح و الإقامة عليه [- و -] لو قال الأجنبي للمدعي أنا وكيل المدّعى عليه في مصالحتك عن هذه العين و هو مقر لك بها باطنا و يجحد ظاهرا فالوجه صحة الصلح فإن صدقه المدعى عليه ملك العين و رجع الأجنبي عليه بما أداه إن كان أذن له في الدفع و لو أنكر الإذن فالقول قوله مع يمينه و إن أنكر التوكيل فالقول قوله مع يمينه و ليس للأجنبي الرّجوع عليه ثم إن كان الأجنبي صادقا في دعوى الوكالة ملك المدعى عليه العين بالصّلح و إن لم يكن صادقا احتمل عدم الملك و احتمل أن يقف على الإجارة [- ن -] إذا قال المدّعى عليه صالحني لم يكن إقرارا بالمدّعى أما لو قال ملكني كان إقرارا له و كذا لو قال بعني أو هبني أو أبرأتني منه أو قبضة [- ح -] إذا اعترف بحقّ فامتنع من أدائه حتى صولح على بعضه كان الصّلح باطلا و سواء كان بلفظ الصّلح أو الهبة أو الإبراء و سواء شرط في الهبة و الإبراء أداء الباقي و أطلق أما لو اعترف له و صالحه من غير منع كان جائزا سواء صالحه بالبعض أو بأكثر في غير الرّبوي و في الرّبوي إشكال أقربه الجواز و يجوز بغير الجنس أقل أو أكثر و سواء كان

ص: 229

الصّلح عن دين أو عن عين فإذا اعترف له بدنانير فصالحه على دراهم أو بالعكس جاز و لم يكن صرفا و لا يعتبر فيه شروطه و كذا لو صالحه بالجنس و لو اعترف له بعوض فصالحه بثمن أو بالعكس صحّ و لم يكن بيعا و لا يلحقه أحكامه و لو صالحه على سكنى دار أو خدمة عبد أو على أن يعمل له عملا صحّ و لم يكن إجارة فإن تلفت الدار أو العبد قبل استيفاء شيء في المنفعة بطل الصّلح و إن كان في الأثناء بطل فيما تخلف من المدة و رجع بقسطه و لو ادّعى بعين فاعترف ثم صالحه على أن يزوجه أمته صحّ و لا بدّ من تجديد عقد النكاح و جعل المصالح عليه مهرا فإن انفسخ النكاح بما يسقط المهر و قبل الدخول قلنا يكون المصالح عليه مهرا رجع الزّوج به و لو طلقها قبل الدّخول رجع بنصفه و لو اعترفت بدعوى العين و صالحته أن يزوّجه و نفسها فتزوّجته بها صحّ و لو اعترفت بعيب في مبيعها فصالحته على نكاحها فتزوّجته بالأرش صحّ فإن زال العيب رجعت بأرشه لا يمهر المثل و إن لم يزل لكن انفسخ نكاحها بالمسقط للمهر رجع الزوجه بأرشه [- ط -] إذا اعترف بالدّين في ذمّته فأبرأه من بعضه و أعطاه الباقي صح و لو شرط في الإبراء ذلك لم يصحّ و لو صالحه على أن يدفع إليه البعض و يبرئه من الباقي صحّ و إن كان ربويا فإن خرج ما قبضه مستحقا ردّه إلى مستحقّه و رجع على الدافع بعوضه و ليس له الرّجوع في الإبراء إلا إذا كان يعقد الصلح [- ى -] إذا اعترف بالعين فوهب بعضها و دفع الباقي صحّ و إن شرطه في الهبة و كذا يصحّ لو صالحه على بعضها و يكون الباقي في حكم الموهوب لكن لا يلحقه أحكام الهبة [- يا -] إذا ادعى بيتا فاعترف له و صالحه على بعضه صحّ و كذا لو صالحه على بناء غرفة عليه أو على سكناه سنة و لا يكون ذلك عارية بل يجب عليه الإسكان من غير عوض و للشيخ هنا قول ضعيف [- يب -] لو صالحه على خدمة العبد سنة فباعه صحّ البيع و يتخير المشتري مع عدم علمه و لو أعتقه صحّ أيضا و لا يبطل الصّلح و يجب على العبد الخدمة و لا يرجع بها على السّيد و لو وجده معيبا عينا ينقص الخدمة به كان له فسخ الصّلح و لو صالح على العبد نفسه صح و لم يكن بيعا فإن خرجه به عيب كان له الفسخ [- يج -] إذا ظهر استحقاق أحد العوضين بطل الصّلح فإن كان عن إقرار انتزعه المقر له خصومة مضمونة و إن كان عن إنكار رجع مدّعيا ما لو ظهر عيب في أحد العوضين فإن الصّلح لا يبطل من رأس بل للمصالح فسخه [- يد -] لو اعترف له زرع في يده و صالحه على دراهم أو غيرها جاز سواء بدأ صلاحه أو لا و سواء شرط القطع أو لا أما لو صالحه عليه قبل خروجه من الأرض ففي الصّحة إشكال و لو كان في يد اثنين فاعترف له أحدهما فصالحه عليه صح و إن لم يبد صلاحه سواء شرط القطع أو لا فإن شرط القطع قاسمه الشريك و قطع نصيبه و إلا تركه إلى وقت أخذه و لو كان الزرع لواحد فاعترف له بنصفه و صالحه بنصف الأرض ليصير الزّرع كله لواحد و الأرض بينهما نصفين صح بشرط القطع و بغيره و إن صالحه على جميع الأرض بشرط القطع ليسلم الأرض فارغة جاز [- يه -] يجوز تعجيل المؤجل بإسقاط بعضه فإن صالحه على ذلك جاز و لم يكن مكروها أما لو صالحه عن المؤجل ببعضه حالا و كان ربويّا فالوجه عندي الجواز و لو صالحه على ألف صالحه بنصفها مؤجلا فالوجه عندي الصّحة و إن كان ربويّا و كذا يجوز لو أبرأه من النّصف لكن لا يلزم الأجل فإن شرطه في الإبراء بطل الجميع [- يو -] يصح الصّلح عن المجهول دينا كان أو عينا إذا لم تمكن معرفته و لو علمه أحدهما و كان أكثر لم يجز إلا أن يعرفه إياه و لو اختلط قفيز حنطة بقفيز شعير و طحنا بيعا و أخذ كل منهما بنسبة قيمة ماله إلا أن يصطلحا و لو أتلف صبرة طعام و لم يعلما مقدارها فباعه إياها بثمن لم تصحّ و لو صالحه عليها به جاز و إذا كان العوض مما لا يحتاج إلى تسليمه و لا سبيل إلى معرفته كالمتنازعين في مواريث مجهولة و حقوق متقدّمة أو في أرض أو عين من المال لا يعلم كلّ واحد حقه منها جاز الصلح مع الجهالة من الطّرفين و إن كان مما يحتاج إلى تسليمه وجب أن يكون معلوما و إن أمكنهما معرفته ما يصالحان عليه بأن يكون عينا موجودة وجب العلم بها و كذا لو كان من عليه الحقّ يعلمه وجب أن يعرف صاحبه [- يز -] يصحّ الصّلح عن كلّ ما يجوز أخذ العوض عنه سواء جاز بيعه كالأعيان المملوكة أو لا كأرش الجناية و دم العمد و سكنى الدار و عيب المبيع و لو صالح عما يوجب القصاص بأكثر من ديته أو أقل جاز و لو صالح عن الخطإ بأكثر من ديته من جنسها و كان ربويّا ففيه إشكال و لو أتلف شيئا فصالح عنه بأكثر من قيمته من جنسها جاز و للشيخ قول بالمنع ضعيف و لو صالح عن القيمة فالوجه ما قاله الشيخ و لا خلاف في الجواز لو صالحه من غير الجنس بالأكثر أو الأقل [- يح -] يجوز الصلح عن المؤجل الحال و بالعكس و يلزم الأجل و عن كل من الحال و المؤجل بمثله [- يط -] لو صالح عن القصاص بعبد فخرج مستحقّا بطل الصلح و رجع بأرش القصاص لا بقية العبد و كذا لو خرج حرا و لو صالح على دار أو عبد فوجد العوض مستحقا أو معيبا رجع في الدار و العبد إن كان باقيا و بقيمته إن كان تالفا و لو صالح على العيب بعبد فبان مستحقّا أو حرّا رجع بأرش العيب و لو صالحه عن القصاص بحر يعلمان حريّته أو يعلمان مستحق رجع بالدية [- ك -] لا يجوز

ص: 230

الصّلح على ما لا يجوز أخذ العوض عنه مثل أن يصالح امرأة ليقرّ له بالزوجيّة و لو دفعت إليه عوضا ليكف عن هذه الدعوى فالوجه عدم الجواز فإن اصطلحا على ذلك ثم ثبتت الزوجيّة بالبيّنة أو بإقرارها كان النكاح باقيا و لو ادعت أن زوجها طلقها ثلاثا فصالحها على مال لتنزل عن دعواها لم يجز و لو دفعت إليه عوضا ليقر بطلاقها لم يملكه بخلاف ما لو بذلت عوضا ليطلّقها [- كا -] لو ادعى عبودية من أنكرها فصالحه على مال ليقرّ له بها لم يجز فإن أقرّ لزمه و لو دفع المنكر مالا صلحا عن دعواه ففي عدم الصحة إشكال و لو ادعى على رجل مالا فأنكر فدفع إليه شيئا ليقرّ له به لم يصحّ فإن أقرّ لزمه ما أقرّ به و يردّ ما أخذه و لو دفع المنكر مالا صلحا عن الدعوى جاز [- كب -] لو صالح شاهدا على أن لا يشهد عليه أو صالح الزاني و السّارق و الشّارب بمال على أن لا يرفعه إلى السلطان أو صالحه عن القذف لم يصحّ و لو صالح عن حق الشفعة فالوجه الجواز [- كج -] إذا ادعى اثنان عينا بسبب توجب الاشتراك في كلّ جزء منها مثل أن يقولا أورثناها أو اتبعناها صفقة فأقر المتشبث لأحدهما بنصفها اشتركا فيه فإن صالح المقر له عما أقر به مضى الصلح فيه أجمع إن كان بإذن صاحبه و إلا ففي قدر نصيبه و هو الرّبع خاصّة و لو ادعياها مطلقا من غير قيد يقتضي الشركة فأقرّ لأحدهما لم يشاركه الآخر و لو أقر بها أجمع لأحدهما فإن صدق المقر له الآخر سلم إليه النصف سواء سبق تصديقه أو تأخر و لو لم يصدق الآخر كان الجميع له إن ادعاه بعد الإقرار و لا يسقط حقه من الجميع بدعوى النصف أو لا و لو لم يدع الجميع بعد الإقرار و لا اعترف للآخر بالنّصف ثبت النّصف للمقرّ له و احتمل إبقاء النّصف الآخر في يد المقر و دفعه إلى الحاكم حتى يثبت المدّعى و دفعه إلى الآخر و منعه الشيخ [- كد -] إذا تداعيا جملا و لأحدهما عليه حمل حكم به لصاحب الحمل و لو تنازعا عبدا و لأحدهما عليه ثياب قضي به لهما و لو تنازع راكب الدّابة و قابض لجامها قضي للراكب مع يمينه و قيل يستويان و لو تنازعا ثوبا في يد أحدهما أكثره تساويا فيه و لو تداعيا غرفة على بيت أحدهما و بابها إلى غرفة الآخر فهي لصاحب البيت مع اليمين [- كه -] إذا ادّعى دارا في يد أخوين فاعترف أحدهما فصالحه على ماله بعوض صح و ليس للآخر الأخذ بالشفعة سواء كان الإنكار مطلقا أو قال هذه لنا ورثناها جميعا عن أبينا أو أخينا [- كو -] إذا اصطلح الشريكان على أن يكون لأحدهما رأس ماله نقدا و الرّبح و الخسران و النقد و النسيئة و العروض للآخر و يسلّم إليه صح و هي رواية الحلبي و الكناني الصحيحة عن الصادق عليه السلام [- كز -] إذا كان مع اثنين درهمان ادعاهما أحدهما و ادعى الآخر واحدا منهما أعطي مدعيهما درهما و نصفا و للآخر النصف الآخر و لو كانا في يد مدعيهما حلف للآخر و كان الجميع له و لو كانا في يد مدعي أحدهما حلف للآخر و أخذ درهما [- كح -] إذا أخذ رجلا من آخر عشرين درهما بضاعة و من آخر ثلاثين كذلك و اشترى بكل منهما ثوبا و امتزجا و لم يتميّزا فإن خيّر أحدهما صاحبه فقد أنصفه و إن ماكسا بيعا و قسم الثمن على خمسة أجزاء فأعطي صاحب العشرين خمسيه و للآخر الباقي و هي رواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام قال ابن إدريس و الأولى استعمال القرعة [- كط -] إذا استودع لرجل دينارين و للآخر دينارا و امتزج المال من غير تفريط و ضاع منهما دينار ففي رواية السكوني عن الصادق عليه السّلام يعطى صاحب دينارين دينارا منهما و يقسم الآخر بينهما نصفين و في السكوني ضعف و الأولى عندي قسمة التالف على قدر رأس المالين فيعطى صاحب الدينارين دينارا و ثلث دينار و للآخر ثلثي دينار و لو فرط المستودع في المزج لزمه الدينار [- ل -] يصحّ الصّلح على عين بمثلها و بمنفعة و على منفعة بمثلها و بعين و على دين بمثله أو عين و بالعكس [- لا -] إذا كان لأحدهما عليه ألف درهم و لآخر مائة دينار فصالحاه على ألف درهم ففي صحّته إشكال و جوّزه ابن الجنيد بشرط التقابض فإن عين حصة كل واحد و إلا بسطت على الألف و قيمة المائة بالنسبة [- لب -] إذا كان الدّين مؤجّلا فصالحه على التعجيل صحّ و سقط الأجل فإن ظهر العوض مستحقا أو معيبا فردّه قال ابن الجنيد كان لصاحب الدّين مطالبة بتوفيته إياه معجلا و ليس بمعتمد [- لج -] لو صالح الوصي المدّعي على الميّت بغير بيّنة قال ابن الجنيد بطل الصّلح و الوجه تقييده بانتفاء المصلحة و لو كان ليتم مال و به بينة فصالح عنه وصيّه قال لا يصحّ الصّلح بالبعض و لو لم يكن بينة جاز الصّلح قال و لو وجد الوصيّ أو اليتيم بينة بحقّ انتقض الصّلح و هو أشكل من الأوّل و قد بقي في الصّلح مسائل يتعلق بالأملاك و أشباهها يذكر في كتاب إحياء الموات إن شاء اللّٰه تعالى

المقصد السّابع في الوكالة

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الماهية

و فيه [- يو -] بحثا [- ا -] الوكالة عقد شرع للاستنابة في التصرف و هي جائزة بالنص و الإجماع و يفتقر إلى الإيجاب و القبول فالأول كل لفظ دل على الإذن مثل وكّلتك و أستنبتك أو افعل كذا أو أذنت لك في فعله و لو قال وكلتني فقال نعم أو أشار بذلك مع العجز كفى في الإيجاب و القبول كل لفظ أو فعل

ص: 231

يدلّ على الرضا بذلك مثل قبلت و ما شابهه من الألفاظ و لو لم يقل لفظا و فعل ما بدل على الرضا كالتصرف و فعل ما أمر به كان قبولا صحيحا [- ب -] لا يشترط فورية القبول بل لو وكل جاز أن يقبل على التراخي قولا و فعلا سواء كان حاضرا أو غائبا [- ج -] من شرط الوكالة أن يقع منجزة فلو علقت على شرط أو صفة بطلت و لو قال مهما عزلتك فأنت وكيلي لم ينعقد بعد العزل و لو نجز الوكالة و علق التّصرف صحّ و لم يجز للوكيل التصرف قبل وجود المعلق [- د -] يجوز التوكيل بجعل و بغير جعل فإن كانت بجعل استحقه الوكيل بتسليم ما وكل فيه إلى الموكّل إن كان مما يمكن تسليمه فإن وكله في عمل كثوب ينسجه أو يقصره أو يخيطه فمتى سلمه إلى الموكّل معمولا استحقّ الأجر و إن كان في منزل الموكّل و إن وكّل في بيع أو شراء استحقّه مع العمل و إن لم يقبض الثمن في البيع إلا أن يجعل الأجر في مقابل البيع و القبض [- ه -] في اشتراط تعيين ما وكل فيه إشكال فلو وكّله في كل قليل و كثيرا و في كل تصرّف يجوز له أو في كلّ ماله التصرف فيه قال الشيخ لا يجوز لعظم الغرر فيه المقتضي للضرر و لو قيل بالجواز كان حسنا و يكون تصرف الوكيل منوطا بالمصلحة و لو قال اشتر لي ما شئت و قيل لا يجوز لأنه قد يشتري ما لا يقدر على ثمنه و لو قيل بالجواز مع اعتبار المصلحة كان وجها فحينئذ لا يشتري إلا بثمن المثل فما دون و لا يشتري ما لا يقدر الموكّل على ثمنه و لا ما انتفت المصلحة فيه و لو قال بع مالي كله جاز إجماعا و كذا اقض ديوني كلها و لو قال بع ما شئت من مالي أو من عبيدي و اقض ما شئت من ديوني جاز و كذا اقض ديني كلّه و ما يتجدّد في المستقبل و لو قال اشتر لي عبدا أو ثوبا و أطلق قال الشيخ لا يجوز للجهالة و لو قال تركيا أو هندويا جاز إجماعا و الوجه عندي جواز الأول أيضا و لا يشترط ذكر قدر الثمن أطلق أو قيد بل له أن يشتري بثمن المثل [- و -] الوكالة عقد جائز من الطرفين فللموكل عزل وكيله متى شاء و للوكيل عزل نفسه سواء كان الموكل حاضرا أو غائبا فإذا فسخ الوكيل بطلت وكالته و بطل تصرّفه بعد الفسخ و افتقر في التصرف بعد الفسخ إلى تجدّد عقد الوكالة [- ن -] تبطل الوكالة بموت الموكل أو الوكيل و بالجنون من أيّهما كان و كذا الإغماء و بفعل الموكل متعلق الوكالة و تلفه كموت العبد الموكل في بيعه و المرأة الموكل في طلاقها و لا تبطل بالنّوم و إن طال زمانا و لا بالسهو و إن كثر و لا السّكر و لا بالنوق المتجدد و إن كان في الإيجاب في عقد النكاح و لو حجر الحاكم على الموكل لسفه أو فلس بطلت الوكالة أيضا في أعيان أمواله بخلاف ما لو حجر على الوكيل و لو حجر على الموكل لم تبطل الوكالة بما لا يتعلق بالمال كالخصومة و الشراء في الذمة و الطلاق و القصاص و الخلع و لو كان وكيلا فيما يشترط فيه الأمانة كوكيل ولي اليتيم و ولي الوقف على الفقراء و نحوه انعزل بفسقه و فسق موكّله و لو كان وكيلا لوكيل من يتصرّف في مال نفسه انعزل بفسقه لا بفسق موكّله [- ح -] إذا عزل الموكّل الوكيل و أعلمه العزل انعزل إجماعا فإن لم يعلمه بل أشهد على عزله فإن كان مع إمكان الإعلام لم ينعزل و هل يجوز لشاهد العزل الشراء من الوكيل (- ح -) فيه نظر و إن كان مع تعذّره فقولان أجودهما عدم العزل و اختار الشيخ في النهاية العزل فعلى ما اخترناه متى تصرف قبل علمه مضى تصرفه فلو اقتص وقع موقعه و على قول الشيخ يكون قصاص الوكيل بعد العزل خطاء و لو مات الموكل فقد انعزل الوكيل سواء علم بموته أو لا فكل تصرّف فعله بعد الموت كان باطلا و إن لم يعلم بالموت [- ط -] لا تبطل الوكالة بالتعدي فيما وكل فيه كلبس الثوب و ركوب الدابة لكنه يضمن بالتعدي فإذا باعه صح البيع و يبرأ من الضمان بالتسليم إلى المشتري و هل يزول الضمان بمجرد العقد فيه نظر منشؤه انتقال العين إلى المشتري به فإذا قبض الثمن من المشتري كان أمانة غير مضمون و كذا لو وكله في شراء شيء فتعدى في الثمن فإنه يبرأ بتسليمه إلى البائع و لا يضمن المبيع و لو وجد بالمبيع عيبا فردّه المشتري عليه أو وجد هو بما اشترى عيبا فرده و قبض الثمن فالوجه عود الضمان [- ى -] لو وكل امرأته في بيع أو شراء أو غيره ثمّ طلقها لم تبطل الوكالة أما لو وكل عبده ثم أعتقه أو باعه فالأقرب انعزاله و كذا لو وكل عبد غيره بإذنه لم بيع أما لو أعتق فالوجه بقاء وكالته و كذا لو اشتراه الموكل [- با -] لو وكل مسلم كافرا فيما يصحّ تصرفه فيه صحّ سواء كان ذميّا أو متعاقدا أو حربيّا أو مرتدا و لو وكل مسلما فارتدّ لم تبطل وكالته سواء لحق بدار الإسلام أو أقام بدار الحرب و سواء مات عن ارتداده أو لا و لو ارتد الموكّل لم تبطل الوكالة أيضا إن لم يكن عن فطرة و إلا بطلت و كذا التفصيل لو وكّل في حال ردّته [- يب -] لو وكل رجلا في نقل امرأته أو بيع عبده أو قبض داره من فلان فقامت البيّنة بطلاق الزوجة و عتق العبد و انتقال الدار عن الموكّل بطلت الوكالة [- يج -] لو تلفت العين الموكّل فيها بطلت الوكالة على ما تقدّم فلو دفع إليه دينارا و وكله في الشراء به فهلك أو ضاع أو استقرضه الوكيل و تصرف فيه بطلت الوكالة سواء ملكه في الشراء بالعين أو مطلقا و ينقد الدّينار فإن اشترى حينئذ وقف على إجازة الموكّل و لو اشترى الوكيل بعين ماله لغيره شيئا فالوجه الوقوف

ص: 232

على الإجازة لا وقوع الشراء للوكيل [- يد -] لو غاب الموكل و طالب الوكيل الغريم وجب عليه الدفع إليه و لا اعتبار بحضور ورثة الغائب إذا لم يثبت موته [- يه -] العبارة عن العزل أن يقول عزلتك أو أزلت نيابتك أو فسخت أو أبطلت أو نقضت أو لا تتصرف أو امتنع من التصرف و لو أنكر الوكالة فأقام الوكيل البينة ثبت و لم يكن الإنكار عزلا فيما مضى قطعا و في المستقبل إشكال [- يو -] لا يشترط في التوكيل رضاء الخصم فيصحّ الوكالة من دون رضاه و لو عزله الخصم لم ينعزل

الفصل الثاني فيما يصحّ التوكيل فيه و ما لا يصحّ

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] كل ما يتعلّق غرض الشارع بإيقاعه من العبد مباشرة لا يصحّ التوكيل فيه و كل ما جعل ذريعة إلى غرض لا يختص بالمباشرة جاز التوكيل فيه و شرطه أن يكون مملوكا للموكّل فلو وكله في طلاق امرأة سينكحها أو عبد يشتريه لم يجز و أن يكون مما يصحّ فيه النيابة [- ب -] الطهارة لا يصح النيابة فيها لتعيين محلّها و لا يجوز أن يوضيه غيره في محلّه إلا مع الضرورة و يجوز أن يستعين و يجوز التوكيل في تطهير بدنه و ثوبه من النجاسة [- ج -] الصلاة لا تصح النيابة فيها إلا في ركعتي الطواف مع التعذر و يجوز مطلقا بعد الموت عندنا و إن لم يكن توكيلا حقيقيا [- د -] الزكاة يجوز النيابة في أدائها فيؤديها عنه غيره و يجوز أن يستنيب في إخراجها من ماله و من مال النائب و يستنيب الفقراء و الإمام أيضا في التسليم [- ه -] الصّيام لا يصحّ النيابة فيه إلا إذا مات فيصوم عنه وليّه و أما الاعتكاف فلا تدخله النيابة [- و -] الحج تدخل النيابة مع العجز و الموت [- ز -] البيع يصحّ التوكيل فيه و في جميع أحكامه و كذا الشراء و الرهن و قبضه [- ح -] التفليس لا يتصوّر فيه الوكالة و أما الحجر فيصحّ أن يوكل الحاكم من ينوب عنه [- ط -] الصّلح يصحّ التوكيل فيه و كذا الحوالة و الضمان و الشركة و الوكالة و الإقرار على إشكال و العارية و القراض و المساقاة و المطالبة بالشفعة و أخذها و الإجارة و الاصطياد و الاحتطاب و الاحتشاش واحد الموات على إشكال و الجعالة و المزارعة و العطايا و الهبات و الوقف و قبض الحقوق و دفعها كالميراث و غيره و القسمة و الوصايا و الودائع و النكاح إيجابا و قبولا من الولي و الخاطب و المرأة و الخلع و الطلاق و الرجعة و استيفاء القصاص بحضرة الموكل و غيبته و قتال أهل البغي و الجهاد و استيفاء الحدود دون إثباتها إلا حدّ القذف و عقد الجزية و تسليمها و قبضها و الذبح و عقد السبق و الرمي و القضاء و الدعوى و إثبات الحجج و الحقوق و القرض و الصلح و الإبراء و العتق و التدبير و الكتابة و لا يشترط علم الوكيل بالقدر المبرئ عنه و لا من عليه الدين و في اشتراط علم الموكّل نظر [- ى -] الغصب لا يصحّ التوكيل فيه فإذا غصب الوكيل كان هو الغاصب لا الموكل و لا الميراث و لا القسم بين الزوجات و لا الإيلاء و لا الظهار و لا اللعان و لا العدد و لا الرضاع و لا الجناية و لا القسامة و لا الأشربة بل يجب الحدّ على الشارب لا الموكل و لا الأيمان و النذور و العهود و أما الشهادة فإذا استناب كان شاهد فرع لا وكيلا و لا الاستيلاء [- يا -] جوّز الشيخ الوكالة في الإقرار فإن عيّن الموكّل لم يلزمه ما يريده الوكيل في الإقرار و إن أطلق لم ينفذ إقرار الوكيل فإذا أقر بالمطلق رجع في التفسير إلى الموكّل و إن منعنا من الوكالة ففي كونها إقرارا من الموكل نظر فإن قلنا به لزمه إن وكله في الإقرار بالمعين ما عيّنه و في المطلق ما يعينه و يجبر على التعيين

الفصل الثالث في الموكل

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] يعتبر في الموكل جواز التصرّف فكل من صحّ تصرّفه في شيء بنفسه و كان ممّا تدخله النيابة جاز أن يوكل فيه رجلا كان أو امرأة حرا أو عبدا مسلما أو كافرا فلو وكل المجنون و السكران و المغمى عليه لا يصحّ وكالة الصّبي مميّزا كان أو غير مميّز و لو بلغ عشرا جاز أن يوكل فيما له فعله بنفسه كالوصيّة في المعروف و الصّدقة و الطلاق على رواية ممنوعة و ليس له أن يوكّل في غير ذلك و إن كان مراهقا بإذن الولي أو بغير إذنه [- ب -] لو عرض للموكّل الجنون بطلت الوكالة من وقت عروضه و إن لم يعلم به سواء كان مطبقا أو أدوارا و كذا الإغماء و أما السّكر العارض فلا تبطل الوكالة [- ج -] المحجور عليه لسفه أو فلس ليس له أن يوكّل فيما لا يجوز له التصرّف فيه بنفسه كالأموال و يجوز فيما له التّصرف فيه بنفسه كالطلاق و الخلع و استيفاء القصاص [- د -] العبد القن ليس له أن يوكّل إلا بإذن سيّده فيما يشترط فيه إذن المولى و لا يكفي فيه الإذن في التجارة فيما لا يتعلّق بها أما المكاتب فله أن يوكّل فيما يتولى بنفسه مما يصحّ فيه النيابة و يجوز للقن أن يوكل فيما يتولاه بنفسه من غير إذن السّيد كالطلاق و الخلع فلو وكله أجنبيّ في شراء نفسه من مولاه صح [- ه -] لا يجوز للوكيل أن يوكل غيره إلا بإذن الموكل سواء منعه أو أطلق إلا إذا كان الوكيل ممّن يترفع عن متعلق الوكالة أو كان كثيرا منتشرا فيعجز عنه بنفسه فيجوز له أن يستنيب و هل يجوز للعاجز من حيث الكثرة الاستنابة في الجميع أو يجب أن يقتصر على الزيادة التي عجز عنها الأقرب الأخير و لو أذن له في التوكيل جاز بلا خلاف و لو قال وكلتك فاصنع ما شئت ففي جواز التوكيل نظر أقربه ذلك [- و -] إذا أذن

ص: 233

له في التوكيل فإن عيّن لم يجز التعدي و إن أطلق وجب أن يعيّن على أمين فلو وكّل فاسقا لم يجز و لو وكل أمينا فصار خائنا وجب عليه عزله [- ز -] الوصيّ يجوز له أن يوكل و كذا الحاكم و أمينه و ولي النكاح يجوز أن يوكل في تزويج مولاته سواء كان أبا أو جدّا أما الوكيل فيقف على الإذن [- ح -] إذا أذن الموكل للوكيل في التوكيل صحّ و كان الوكيل الثاني وكيلا للموكّل لا ينعزل بموت الوكيل الأول و لا عزله و لا يملك الأوّل عزل الثاني و لو أذن له أن يوكل لنفسه جاز و كان وكيلا للوكيل ينعزل بموته و عزله إياه و موت الموكل و عزل الأول و لو وكل الأوّل من غير الإذن نطقا بل عرفا كان الثاني وكيلا للوكيل [- ط -] العبد المأذون له في التجارة يجوز له أن يوكل فيما يحتاج التجارة إلى التوكيل فيه من غير إذن و لا يجوز في غير ذلك [- ى -] لا يجوز للمحرم أن يوكل في عقد النكاح و لا شراء الصيد [- يا -] للأب و الجد أن يوكلا عن الصّغير [- يب -] للغائب أن يوكل في الطلاق إجماعا و كذا للحاضر فإذا أوقع الطلاق بحضور الموكل وقع خلافا للشيخ [- يج -] ينبغي للحاكم أن يوكل عن السفهاء و نواقص العقول من يحاكم عنهم [- يد -] يكره لذوي المروات مباشرة الحكومة و ينبغي لهم أن يوكلوا فيها

الفصل الرابع في الوكيل

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يشترط فيه البلوغ و كمال العقل فلا يصح استنابة الصبي و لا المجنون و المغمى عليه فلو وكل الصّبي لم يصح تصرّفه و إن كان يعقل ما يقول [- ب -] كل ماله أن يليه بنفسه مما يصحّ النيابة فيه صحّ أن يكون وكيلا فيه [- ج -] يجوز وكالة الفاسق في النكاح إيجابا و قبولا و في غيره و كذا الكافر و المرتد و يجوز استنابة المحجور عليه لسفه أو فلس في الأموال و غيرها [- د -] لا يجوز استنابة المحرم فيما ليس له أن يفعله كابتياع الصيد و عقد النكاح [- ه -] العبد يجوز أن يكون وكيلا في قبول النكاح بإذن مولاه و في إيجابه و كذا في غيره من العقود و غيرها و لا يجوز من دون الإذن [- و -] المرأة يجوز استنابتها في كل ما يصحّ الاستنابة فيه و يجوز أن يكون وكيله في عقد النكاح إيجابا و قبولا و كذا يجوز أن يكون وكيله في طلاق غيرها و الأقرب جواز توكيلها في طلاق نفسها و نقل الشيخ خلافا عن بعض علمائنا في ذلك و قوى المنع [- ز -] كلّما لا يصحّ للوكيل أن يوقعه مباشرة لا يجوز أن يتوكّل فيه فلا يجوز للكافر أن يتوكّل في نكاح المسلمة قال الشيخ و الأقرب عندي الجواز و لا الطفل و لا المجنون في الحقوق أجمع إلا فيما يجوز للطفل إيقاعه مباشرة على ما قلنا في الرواية و لا يشترط عدالة الولي و لا الوكيل في النّكاح [- ح -] يجوز أن يوكل عبده في إعتاق نفسه [- ط -] يجوز للمكاتب أن يتوكّل بجعل من غير إذن مولاه و ليس له أن يتوكّل لغيره بغير جعل إلا مع الإذن [- ى -] يجوز تعدّد الوكلاء فلو وكل اثنين جاز و ليس لأحدهما الانفراد بالتصرف في الجميع و لا في البعض إلا أن يجعل له ذلك و لو جعله لأحدهما لم يكن للآخر ذلك و لو وكلهما في حفظ ماله حفظاه في حرز لهما و لو غاب أحد الوكيلين لم يكن للآخر التصرّف و لا للحاكم ضمّ آخر إليه و لو ادعى أحد الوكيلين الوكالة أثبتها الحاكم و سمع البيّنة منه و إن كان الآخر غائبا و لم يملك الحاضر التصرف إلا مع حضور الغائب و لا يحتاج مع حضوره إلى إعادة البيّنة و لو جحد الغائب الوكالة أو عزل نفسه لم يكن للآخر التصرّف و لو وكلهما في الخصومة لم يكن لأحدهما الانفراد بها كغيرها من الحقوق [- يا -] المسلم يجوز أن يتوكل على مثله لمثله إجماعا و يكره أن يتوكل للذمّي على المسلم و ليس بمحرم خلافا للشيخ في بعض أقواله و يتوكّل للذمّي على الذمّي و للمسلم على الذمّي و كذا يتوكّل الذمّي لمثله على مثله و للمسلم على الذمّي و لا يجوز أن يتوكّل على المسلم لا لذمّي و لا لمسلم [- يب -] يستحب أن يكون الوكيل أمينا ذا بصيرة تامة عارفا باللغة التي ينازع بها

الفصل الخامس فيما يثبت به الوكالة

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] لا يثبت الوكالة بدعوى الوكيل سواء كذبه الغريم أو صدقه و إنما يثبت بإقرار الموكل أو البيّنة و هي شاهدان عدلان و لا يثبت بشهادة النساء منفردات و إن كثرت و لا بشهادة رجل و امرأتين و لا يشاهد و يمين و إن كانت الوكالة بمال [- ب -] لو شهد عدلان بالوكالة ثم شهد أحدهما أن الموكّل عزله لم يثبت الوكالة إن كان قبل الحكم بالوكالة و إن كان بعده لم تؤثر شهادته في العزل و لو شهد ثالث بالعزل لم يلتفت إلى شهادته قبل الحكم و لا بعده إلا أن يشهد معه آخر به و لو شهدا بالوكالة ثم شهدا بالعزل بعد أن وكله فإن كان على وجه الرجوع عن الشهادة بطلت الوكالة إن شهدا بالعزل قبل الحكم و إن كان بعده لم يبطل أما لو شهدا لا على جهة الرجوع فإنه يثبت العزل بشهادتهما [- ج -] يشترط في ثبوت الوكالة اتفاقهما في الشهادة فلو شهد أحدهما أنه وكله يوم الجمعة و الآخر يوم السبت أو شهد أحدهما أنه وكله بالعجمية و الآخر بالعربيّة أو شهد أحدهما أنه قال وكلتك و الآخر أنه قال أستنبتك أو أذنت لك في التصرف لو ما أشبهه من ألفاظ الوكالة أو شهد أحدهما على عقد الوكالة و الآخر على الإقرار بها أو شهد أحدهما أنه وكّله في بيع عبده و شهد الآخر أنّه وكله و زيدا أو شهد أحدهما أنه وكله في بيعه و الآخر أنه قال لا تبعه حتى تستأمرني أو تستأمر فلانا لم يثبت الوكالة و لو شهد أحدهما أنه أقر بتوكيله يوم الجمعة و الآخر أنه أقر بتوكيله يوم السّبت أو شهد أحدهما أنه أقر بالعجميّة و

ص: 234

الآخر أنه أقر بالعربية أو قال أحدهما أشهد أنّه وكّله و قال الآخر أشهد أنه استنابه أو أذن له في التصرّف من غير حكاية لفظه أو شهد أحدهما أنه أقر أنه وكيله و الآخر أنه أقر أنه نائبه أو وصيّه في حياته في التصرف يثبت الوكالة و لو شهد أحدهما أنه وكله في بيع عبده و الآخر في بيع عبده و جاريته ثبت وكالة العبد و كذا لو شهد أحدهما أنّه وكله في بيعه لزيد و الآخر أنه وكله في بيعه لزيد و إن شاء لعمرو [- د -] لا يثبت الوكالة بخير الواحد و لا يجوز للوكيل التصرّف بمجرّد الخبر و إن شرط الضمان مع إنكار الموكل و كذا لا يثبت العزل بخبر الواحد و إن كان رسولا و لو شهد اثنان بالوكالة على الغائب فقال الوكيل ما علمت هذا و أنا أتصرف الآن جاز لأن القبول لا يجب على الفور و لا يشترط في الوكالة أيضا حضور الوكيل عقد الوكالة و لا علمه و به و لا يضرّ جهله به أما لو قال لم أعلم صدق الشاهدين لم يثبت وكالته و إن قال ما علمت و سكت طلب منه التفسير فإن فسر بالأوّل ثبت وكالته و إن فسر بالثاني بطلت [- ه -] لو أقام البينة على الغائب بأنه وكّله سمعت بينة و حكم على الغائب و لو قال من عليه الحق أحلف أنك لا تستحق مطالبتي لم يجز و لو ادعى العزل و أقام بذلك بيّنة سمعت و انعزل و إن لم يقم بينة لم يكن له إحلاف الوكيل إلا أن يدعي عليه العلم بالعزل فيحلف على نفيه [- و -] تقبل شهادة الوكيل على موكله مطلقا إذا كان من أهل الشهادة و تقبل شهادته له فيما ليس وكيلا فيه و لو شهد بعد العزل بما كان وكيلا فيه سمعت فيه شهادته إن لم يكن قد شرع في الخصومة عليه أو كان قد أقامها و ردت و إن كان قد شرع أو أقامها لم يقبل [- ن -] لو شهد الموليان أن الزوج وكل في طلاق أمتهما لم تسمع لجرّ النفع ببقاء البضع لهما و لو شهد العزل الوكيل عن الطلاق لم يقبل التهمة إبقاء المئونة [- ح -] لو ادعى الوكالة فشهد له ابناه أو أبواه قبلت و لو شهد له أبناء الموكل لم يقبل و يقبل لو شهد له أبواه و لو ادّعى وكالة الغائب فادّعى الخصم العزل و شهد له ابنا الغائب لم يقبل و لو قبض الوكيل فحضر الموكل و ادّعى عزله و بقاء الحق عند الغريم و شهد له ابناه قبلت و لو ادعى مكاتب الوكالة فشهد له سيّده لم يقبل و لو شهد له ابنا سيّده قبلت و لو أعتق و أعاد السيّد الشهادة قبلت [- ط -] للحاكم أن يحكم بالوكالة بعلمه فلو شهد بوكالة شخص لم يفتقر إلى البيّنة [- ى -] لو ادّعى الوكالة و أقام شاهدين سمعها الحاكم و أثبتها و لم يفتقر إلى حضور الخصم للموكل [- يا -] إذا ادعى الوكالة لم تسمع دعواه في حقّ لموكله قبل ثبوت وكالته و لو ادعى رجل مالا على غائب في وجه وكيله و أقام بيّنة حكم له بعد الإحلاف على إشكال و التكفيل فإن حضر الغائب و أنكر الوكالة أو ادعى العزل لم يؤثر في الحكم [- يب -] لو ادعى الوكالة فشهد له اثنان أحدهما ابن الآخر قبلت إجماعا و لو شهد له أب الموكّل قبلت و لو شهد له ابناه لم يقبل إن أنكر الموكل ذلك و كذا لو كان غائبا أو ساكتا

الفصل السادس في التنازع

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] إذا ادعى الوكالة و أنكر الموكل فالقول قوله مع يمينه إذا لم يكن للمدّعي بيّنة و لو قال وكلتك و دفعت إليك مالا فأنكر الوكيل الجميع فالقول قوله و كذا لو قال وكلتك فأنكر [- ب -] لو زوجه و أنكر الموكل الوكالة و لا بيّنة فالقول قول الموكل مع يمينه فإن صدقت المرأة الوكيل لم يرجع عليه شيء و إلا رجعت عليه بالمهر كملا اختاره ابن إدريس و روي بنصفه و قيل يحكم ببطلان العقد في الظاهر فإن كان الوكيل صادقا وجب على الموكل أن يطلقها و يسوق إليها نصف المهر و فيه قوة و لو ضمن الوكيل المهر رجعت عليه به أجمع و على الرواية ينبغي أن يرجع بالنّصف و الأول أجود لأن الفرقة لم يقع بإنكاره فيكون النكاح باقيا في الباطن فيجب الجميع ثم إن صدقت المرأة الوكيل في دعوى الوكالة لم يجز لها أن يتزوّج إلا بعد أن يطلقها و الوجه وجوب الطلاق على الموكل و به شهدت الرواية [- ج -] لو ادعى أن فلانا الغائب وكله في التزويج فتزوّجها له و مات الغائب لم يرثه المرأة إلا أن يصدقها الورثة أو يثبت بالبيّنة [- د -] لو صدقه الموكل على الوكالة و أنكر أنه زوجه فهنا الاختلاف في تصرف الوكيل ففي تقديم قول الموكل إشكال [- ه -] لو قال لزوجه الغائب أنه قد طلقك و وكلني في تجديد النكاح بألف فأذنت و عقد بها و ضمن الوكيل الألف ثم أنكر الموكل فالنكاح الأوّل باق بحاله فإن صدقت المرأة الوكيل فهل يرجع على الضامن أم لا فيه نظر أقربه الرجوع و إن لم يصدقه لم ترجع عليه بشيء [- و -] إذا اختلفا في صفة الوكالة كان القول قول الموكل مع يمينه فإذا ادّعى إذنه في شراء الجارية بعشرين و قال الموكل أذنت بعشرة قدم قول الموكل مع عدم البينة فإن كان الوكيل اشترى بعين مال الموكل و ذكر الشراء له في العقد رجعت الجارية إلى البائع و إن اشتراه بعين مال الموكّل إلا أنه لم يذكره في العقد فإن صدقه البائع في أن الشراء بعين مات الموكل فالحكم ما تقدم و إن كذبه حلف على نفي العلم فيسقط دعوى الوكيل و يلزمه البيع و يغرم الوكيل الثمن الموكل فإن كان الوكيل كاذبا فالسّلعة للبائع و على البائع

ص: 235

ما قبضه من الثمن للوكيل و إن كان صادقا فالسّلعة للموكّل و لا يحلّ له فإن أراد استحلالها اشتراها ممن هي له باطنا و إن اشترى في الذّمة و أطلق لزمه البيع و إن ذكر أنّ الشراء لموكله بطل البيع و لا يلزم الوكيل و كل موضع قلنا يبطل فيه البيع يرجع الجارية إلى البائع وكل موضع حكم بصحته ثبت الملك للوكيل ظاهرا فإن كان كاذبا في نفس الأمر ثبت له أيضا باطنا و إن كان صادقا فالملك باطنا للموكل فيأمره الحاكم بالبيع على الوكيل بأن يقول إن كنت أذنت لك فقد بعتك بعشرين و يقبل الوكيل لتحل له الفرج و ليس ذلك شرطا حقيقيا و إن كانت بصيغته فإن أجاب الموكل إلى البيع ثبت الملك للوكيل باطنا أيضا و إن امتنع لم يجبر و حينئذ فالأولى أنّ الوكيل لا يستحلّ استمتاعها و يجوز له بيعها و استيفاء دينه من الثمن فإن كان وفق حقه أولا توصل إلى رد الفاضل إلى الموكّل و استيفاء الناقص منه و لو تولى الحاكم بيعها كان جائزا [- ز -] إذا قال وكلتك في بيع العبد فقال بل في بيع الجارية أو قال وكلتك في البيع بألفين فقال بألف أو قال وكلتك في بيعه نقدا قال نسيئة أو قال وكلتك في شراء عبد فقال بل في شراء أمة فالقول في ذلك كله قول الموكل مع يمينه و عدم البينة سواء كانت السلعة باقية أو تالفة و إذا قال وكلتني في شراء هذه الجارية فقال بل في غيرها فالقول قول الموكّل و الحكم فيه كما قلنا فيما إذا اختلفا في ثمنها [- ح -] إذا باع الوكيل نسيئة فقال الموكل إنما أذنت في النقد فالقول قوله مع يمينه فإن صدقه الوكيل و المشتري كان له انتزاعه مع بقائه ممن شيئا منهما و إن كان تالفا رجع بالقيمة على من شاء فإن رجع على الوكيل رجع الوكيل بها على المشتري و إن رجع على المشتري لم يرجع المشتري على الوكيل بشيء و إن كذباه فالقول قوله مع يمينه و يرجع بالعين مع وجودها و بقيمتها على من شاء منهما مع تلفها فإن رجع على المشتري رجع المشتري على الوكيل بما أخذه منه أولا و إن رجع على الوكيل لم يكن للوكيل الرجوع على المشتري في الحال فإذا أحل الأجل رجع بأقل الأمرين من قيمته و الثمن المسمّى و لو صدقه أحدهما كان له الرجوع على من صدقه بغير عين و الحكم في المكذب على ما تقدم و لو أنكر المشتري كون الوكيل وكيلا في البيع و إنما المتاع ملكه فالقول قوله مع يمينه [- ط -] إذا قال الوكيل تلف مالك في يدي أو الثمن الذي قبضته و أنكر الموكّل فالقول قول الوكيل سواء ادعى تلفه بسبب خفيّ أو ظاهر كالحريق و كذا كل من في يده أمانة كالأب و الجد و الوصيّ و الحاكم و أمينه و المودع و الشريك و المضارب و المرتهن و المستأجر [- ى -] لو ادعى تعدي الوكيل كلبس الثوب و ركوب الدابة أو تفريطه في حفظه فأنكر الوكيل فالقول قوله مع يمينه فإذا حلف فلا ضمان عليه سواء كان المتاع المأمور ببيعه و ثمنه و سواء كان بجعل أو غيره و لو باع الوكيل و تلف الثمن في يده من غير تفريط ثم استحقّت العين رجع المشتري على المالك لا الوكيل [- يا -] إذا اختلفا في التصرف فيقول الوكيل بعت أو قبضت الثمن فتلف و يقول الموكّل لم تبع أو لم يقبض احتمل تقديم قول الوكيل لإقراره بماله إن لم يفعله و احتمل تقديم قول الموكّل لإقرار الوكيل هنا على الموكّل فلم يقبل كما لو أقرّ عليه و قوى الشيخ الأول و عندي فيه تردد [- يب -] إذا وكله في الشراء فقال اشتريته بمائة فقال الموكّل بخمسين و هو يساوي المائة فالقول قول الوكيل على ما اختاره الشيخ و إن كان الشراء في الذّمة و يحتمل تقديم قول الموكل على ما تقدّم و إن كان الشراء بالعين [- يج -] إذا ادعى الوكيل الرد إلى الموكل قال الشيخ إن كان بغير جعل فالقول قوله مع اليمين و إن كان بجعل فالقول قول الموكّل و لو قيل إن القول قول الموكّل مطلقا كان حسنا و كذا إذا ادعى الرد على اليتيم أو الأب أو الجدّ أو الحاكم و أمينه و الشريك و المضارب و من حصل في يده ضالة أما إذا ادعى الوصيّ أو الولي الإنفاق على الطفل فالقول قوله مع اليمين و لا فرق بين أن يدعي الوكيل رد العين أو الثمن و لو أنكر الوكيل قبض المال ثم ثبت ذلك ببينة أو اعتراف فادعى الرد أو التلف لم يقبل قوله و لو أقام بينة بالرّد أو التلف فالأقرب عدم القبول أما لو قال لا يستحق علي شيئا أو ليس لك عندي أو قبلي شيء فإنه يقبل بيّنته و يسمع دعواه [- يد -] إذا اشترى و ادعى الوكالة فيه كان القول قول المنكر فإن كان الوكيل ذكر الشراء له بطل البيع مع يمين المنكر و إن لم يذكره قضي عليه بالثمن فإن كان الوكيل صادقا توصّل إلى بيع المتاع كما تقدّم و إن كان كاذبا وقع الشراء له باطنا و ظاهرا [- يه -] لو قال الوكيل ابتعت لك فأنكر الموكل أو قال ابتعت لنفسي فقال بل لي فالقول قول الوكيل مع اليمين و لو اشترى لموكله قيل يتخير البائع بين مطالبة الوكيل و الموكل و الوجه مطالبة الوكيل مع جهل البائع بالوكالة و الموكل مع العلم [- يو -] لو طالب الوكيل الغريم فقال لا تستحق المطالبة لم يسمع قوله و لو قال عزلك أو أبرأني أو قضيته فإن ادعى العلم على الوكيل فوجهت اليمين عليه و إلا فلا و لو صدقه بطلت وكالته [- ين -] لو أقر الوكيل بقبض الدّين من الغريم و صدقه الغريم و أنكر الموكل فالأقرب أن القول قول الموكل على إشكال و لو أمره ببيع سلعة و تسليمها و قبض ثمنها فتلف من غير تفريط فأقر الوكيل بالقبض و صدقه المشتري و أنكر الموكّل فالقول قول الوكيل لأن الدعوى عليه حيث سلم المبيع و لم يقبض الثمن

ص: 236

و لو ظهر في المبيع عيب رده على الوكيل و لو قيل برده على الموكّل كان أقرب [- يح -] لو وكله في قضاء ديونه فادّعاه و أنكر الغريم فالقول قوله مع يمينه و يطالب الموكّل ثمّ الوكيل إن كان قد قضاه بحضرة الموكل لم يرجع الموكل عليه بشيء و كذا إن لم يكن بحضرته لكن أشهد عليه شاهدين ماتا أو غابا أو كان ظاهرهما العدالة ثم ظهر فسقهما و إن لم يشهد عليه كان له الرجوع سواء صدقه الموكّل و أمره بالإشهاد أو لم يأمره أو كذبه لتفريطه بترك الإشهاد و إن لم يأمره أما لو أذن في القضاء بغير إشهاد أو اعترف الغريم فلا ضمان و لو قال الوكيل قضيت بحضرتك أو قال أذنت لي في قضائه بغير بيّنة أو قال أشهدت شاهدين ماتا فأنكره الموكل فالقول قول الموكّل مع اليمين و يحتمل تقديم قول الوكيل و لو دفع إلى الوكيل عينا ليودعها عند فلان فأنكر المستودع فالقول قوله مع اليمين ثم الوكيل إن كان أودع بحضرة الموكّل لم يضمن و إن كان بغيبته احتمل عدم الرجوع و قواه الشيخ و ثبوته للتفريط بترك الإشهاد و لو اعترف المستودع فإن كانت العين باقية كان للموكّل استعادتها أو إبقاؤها و إن كانت تالفة لم يضمنها المستودع و في تضمين الوكيل إشكال أقربه العدم [- يط -] إذا ادّعى خيانة وكيله لم تسمع إلا مع التعيين و حينئذ يكون القول قول الوكيل مع يمينه و عدم البيّنة و يستحق الجعل إن كان شرط له و لو نكل حلف الموكّل و ثبت الخيانة و قاصصه فإذا كان له جعل على البيع كان له المطالبة به من قبل أن يتسلّم الموكل الثمن و لو قال وكلتك في بيع مالي فإذا أسلمت الثمن إلى فلك كذا استحق الجعل بعد التسليم [- ك -] إذا ادعى الوكالة عن الغائب في قبض حقه فإن أقام بيّنة انتزعه و إن لم يقم بينة و أنكر الغريم لم يتوجّه عليه اليمين و إن ادّعى عليه العلم سواء كان الحق دينا أو عينا كالوديعة و شبهها و لو صدقه لم يؤمر بالتسليم إليه في الدين و العين معا على إشكال في الدّين فإن دفع إليه مع التصديق أو عدمه و صدقه الموكل برئ الدافع و إن كذبه فالقول قوله مع اليمين فإن كان الحق عينا موجودة في يد الوكيل كان له أخذها و له مطالبة من شاء يردها فإن طالب الدافع فللدافع مطالبة الوكيل و إن تلفت العين أو تعذّر ردّها رجع صاحبها على من شاء و على أيّهما رجع لم يكن للمأخوذ منه مطالبة الآخر إلا أن يكون الدافع دفع العين إلى الوكيل من غير تصديقه في الوكالة فحينئذ إن رجع المالك عليه رجع هو على الوكيل و كذا لو صدقه و تعدى الوكيل أو فرط استقرّ الضمان عليه فإن رجع على الدافع رجع الدافع على الوكيل لتفريطه دون العكس و لو كان الحق دينا لم يكن للمالك الرجوع على الوكيل و إن كذبه بل يرجع على الدافع خاصة و يرجع الدافع بما أخذه الوكيل و يكون قصاصا بما أخذ منه صاحب الحق و إن كان قد تلف في يد الوكيل لم يرجع الدافع عليه إن كان قد صدقه أوّلا و لم يفرط و لو تلف بتفريط أو لم يكن قد صدقه الدافع رجع عليه و لو جاء رجل و ادعى أنه وارث صاحب الحق و أنّه قد مات فأنكر من عليه الحق لزمه اليمين على نفي العلم و كذا تلزم اليمين في كل موضع لو أقر لزمه الدفع و لو صدقه لزمه الدّفع إليه في العين و الدّين إجماعا و لو ادّعى أن صاحب الحق أحاله عليه فصدّقه فالوجه وجوب الدفع إليه و لو كذبه توجّهت اليمين

الفصل السّابع في الأحكام

و فيه [- لن -] بحثا [- ا -] يجوز التوكيل في مطالبة الحقوق و إثباتها و المحاكمة فيها سواء كان الموكل غائبا أو حاضرا صحيحا أو مريضا و ليس للخصم أن يمتنع من مخاصمة الوكيل و إن كان الموكل حاضرا [- ب -] كلما جاز التوكيل فيه جاز استيفاؤه في حضرة الموكل و غيبته سواء كان قصاصا أو حدّ قذف أو غيرهما و كذا يجوز للوكيل في الطلاق و إيقاعه و إن كان الموكل حاضرا خلافا للشيخ [- ج -] إذا وكله صار بمنزلته فيما وكل فيه فإن وكله عاما قام مقامه في جميع الأشياء و إن كان خاصّا فكذلك فيما عينه من غير بعد و على التقديرين إنما يمضى تصرف الوكيل مع اعتبار المصلحة للموكل و لا يملك الوكيل من التصرّف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو العرف و لو وكله في التصرف في زمن معيّن لم ينفد التصرف في غيره [- د -] ليس للوكيل مخالفة الموكل فإن فعل وقف تصرّفه على الإجازة مع تعلق الغرض بالتخصيص فلو عين له السّوق التي يبيع فيها فباع في غيرها بذلك الثمن أو أزيد قال الشيخ يصحّ و الوجه إن كان للموكل غرض في التخصيص بأن يكون السّوق معروفا بجودة النقد أو كثرة الثمن أو حلّه أو صلاح أهله أو لمودّة بين المالك و بينهم وقف على الإجازة مع التعدي و إلا فالوجه ما قاله الشيخ و لو عين له المشتري لم يجز له بيعه على غيره بذلك الثمن أو أزيد [- ه -] لو اشترى غير ما عيّن له شراؤه لم يلزم في حق الموكل ثم إن كان قد اشترى بالعين فالوجه وقوفه على الإجازة و لو قيل بالبطلان و كان قد ذكر الموكّل في العقد أو صدقه البائع أو أقام بيّنة لم يلزم الوكيل البيع و رد البائع ما أخذه و إن لم يذكره و لم يصدقه و لا بيّنة هناك حلف البائع على انتفاء العلم و لم يلزم رد بشيء و كذا لو ادعى البائع أنه باع مال غيره بغير إذنه فالقول قول

ص: 237

المشتري في الملكية للبائع لا في إذن الغير و كذا القول قول البائع لو ادعى المشتري أنه باع مال غيره بغير إذنه و قال البائع بل ملكي أو ملك موكلي و لو اتفق البائع و المشتري على ما يبطل البيع و قال للموكل بل البيع صحيح فالقول قوله مع اليمين و لا يلزمه ردّ ما أخذه عوضا و إن كان الشراء في الذّمة ثم نقد العين فإن أطلق لزمه البيع دون الموكل و إن ذكر الشراء للموكل بطل في حق الوكيل و الوجه أن الموكل إن أجازه لزمه و إلا بطل في حقه أيضا و كذا كل من اشترى شيئا في ذمته لغيره بغير إذنه سواء كان وكيلا لذلك الغير أو لا و لو وكله في تزويج امرأة فزوجه غيرها فالوجه وقوف العقد على الإجازة فإن أجازه لزمه و إلا فلا لكن يجب على الوكيل نصف المهر كما قلناه أو لا [- و -] لو قال اشتر لي بديني عليك طعاما صحّ و كذا لو قال أسلفه أسلفه فيه و انصرف إلى الحنطة فإن أسلف في الشعير لم يجز و لو قال اشتر لي خبزا انصرف إلى المعتاد في موضعه فلا ينصرف في بغداد إلى الأرز و إن كان حقيقة فيه قضاء للعادة إذا ثبت هذا فإذا سلم الوكيل الثمن إلى البائع برئ من الدّين و إذا قبض الطعام كان أمانة في يده و لو لم يكن عليه دين فقال أسلف ألفا من مالك في كر طعام قرضا علي ففعل فالأقرب الصّحة فإذا أدّاها كانت دينا على الآمر و كذا لو قال اشتر به عبدا سواء عينه أو لم يعينه و كذا لو قال أسلف ألفا في كر و اقض الثمن عنّي من مالك أو من الدّين الذي لي عليك صحّ و لو لم يسم الوكيل الموكل ثم قال أسلمت لنفسي و قال الموكل لي فالقول قول الوكيل مع يمينه و يدفع الألف إلى الموكل و لو اتفقا على الإطلاق من غير قصد له أو لموكله فالوجه أنّه للوكيل [- ن -] إذا وكله في عقد فاسد لم يملكه و لا يملك أي لا يملك بالعقد الصحيح أيضا [- ح -] لو وكله في شراء عبد أو غيره لم يملك العقد على بعضه سواء عقد على البعض الآخر أو لا إلا أن يأذن في تعدّد الصّفقة و كذا لو وكله في بيعه و لو وكله في شراء عبيد و أطلق ملك العقد جملة و واحدا واحدا و كذا لو أذن في بيعهم على إشكال أما لو نصّ على التعيين في البيع أو الشراء فإنه لا يجوز له المخالفة و لو قال اشتر عبدين صفقة فاشترى عبدين لاثنين شركة بينهما أو لكل منهما عبد منفرد من وكيلهما أو من أحدهما و أجاز الآخر صح و لو اشتراهما منهما صفقتين لم يجز و إن قبل بلفظ واحد منهما و يقع للوكيل إن لم يذكر الموكل [- ط -] إذا أمره بالشراء بالعين لم يكن له أن يشتري في الذمة و لو أمره أن يشتري في الذمّة لم يكن له أن يشتري بالعين و لو أطلق انصرف إلى الشراء بهما [- ى -] إذا أطلق الإذن في البيع انصرف إلى الحال بنقد البلد لا النسيئة و كذا الشراء و لو كان في البلد نقدان باع بأغلبهما فإن تساويا باع بما شاء منهما و لو عين النقد أو النسيئة لم يجز المخالفة فلو أمره بالبيع نقدا فباع نسيئة لم يجز و كذا لو أمره بالبيع نسيئة فباع نقدا بثمن المثل أو بما عينه المالك أو بأزيد منهما إن تعلق بالتأجيل غرض صحيح و إلا جاز و لو وكله في الشراء نسيئة فاشترى نقدا لم يلزم الموكّل و لو أذن في الشراء نقدا فاشترى نسيئة بالثمن الذي قدره أو أقل فالوجه الوقوف على الإجازة مع حصول الغرض و إلا صحّ مطلقا [- يا -] إذا عين له الثمن في المبيع لم يلزمه البيع لو باع بأقل بل يقف على الإجازة و كذا الشراء و لو أطلق له البيع انصرف إلى البيع بثمن المثل لأيّهما شاء و كذا لو أذن في الشراء اقتضى أن يشتري بثمن المثل و للشيخ قول بأن الوكيل يضمن تمام ما حلف عليه المالك و يمضي البيع فعلى هذا لو أطلق فباع بدون ثمن المثل لزم الوكيل الباقي من ثمن المثل و هل يضمن الوكيل التفاوت بين ما باعه به و بين ثمن المثل أو بين ما يتغابن الناس به و ما لا يتغابن الأقرب الأول و هذا كله على قول الشيخ أما على ما اخترناه نحن أولا فلا و لو قدّر له الثمن لم يكن له بيعه بأقلّ منه و إن كان يسيرا و لو لم يقدر فباع بدون ثمن المثل بما يتغابن الناس بمثله فالوجه الصّحة و لو حضر من يشتري بأزيد من ثمن المثل لم يجز للوكيل بيعه بثمن المثل على الدافع و لا على غيره و لو باعه بثمن المثل فجاء من يزيد عليه في مدة الخيار للوكيل فالوجه أنه لا يجب عليه الفسخ [- يب -] لو أمره بالبيع بثمن فباع بأزيد لزم البيع سواء كانت الزيادة من جنس الثمن أو لا أما لو كان الثمن أو بعضه من غير جنس المسمى افتقر إلى الإذن فإن أمضاه و إلا فسخ و لو باع بأقل وقف على الإجازة و لو ادعى الوكيل الإذن به فأنكر المالك فالقول قوله مع يمينه ثم يستعاد العين إن كانت باقية و مثلها أو قيمتها إن كانت تالفة فإن تصادق الوكيل و المشتري على الثمن و دفع الوكيل السلعة إلى المشتري و تلفت في يده رجع الموكل على من شاء منهما لكن إن رجع على المشتري لم يرجع المشتري على الوكيل و إن رجع على الوكيل رجع الوكيل على المشتري بأقل الأمرين من ثمنه و ما اغترمه [- يج -] لو وكله في بيع عين بثمن فباع بعضها بذلك الثمن أو وكله مطلقا فباع البعض بثمن مثل الجميع فالأقرب ثبوت الخيار للمالك بين الإجازة و الفسخ مع قرب القول باللّزوم فحينئذ يجوز له بمجرّد الوكالة الأولى بيع الباقي من العين ظاهرا و كذا لو وكله في بيع عبدين بمائة فباع أحدهما به أما لو أمره ببيع

ص: 238

عبده بمائة فباع بعضه بأقلّ لم يلزم إجماعا و لو وكله مطلقا فباع بعضه بأقل من ثمن المثل لم يجز [- يد -] لو أذن له في الشراء بثمن معيّن فاشتراه بأقل لزم إلا أن يقول لا تشتر بأقل فمتى اشتراه بالأقلّ بطل و لو قال اشتره بمائة و لا تشتر بخمسين لم يكن له شراؤه بالخمسين و له أن يشتريه بأزيد من الخمسين و أقلّ من المائة و الأقرب أنه يجوز أن يشتريه بأقل من الخمسين و لو قال اشتره بمائة دينار فاشتراه بمائة درهم فالأقرب الوقوف على الإجازة و لو قال اشتر نصفه بمائة فاشتراه أجمع أو أكثر من النصف بها صح البيع و لو قال اشتر نصفه بمائة و لا تشتر الجميع فاشترى أكثر من النّصف و أقل من الجميع بالمائة جاز كما تقدّم [- يه -] لو وكله في شراء عبد موصوف بمائة فاشتراه على الصّفة بدونها جاز و إن خالف في الصّفة و اشتراه بأكثر منها لم يلزم الموكّل و لو اشترى ما هو بأزيد من تلك الصّفة بالمائة أو أقلّ جاز و لو اشترى ما دون الصّفة بالمائة أو أقل لم يجز و لو قال اشتر لي عبدا بمائة فاشترى عبدا يساوي مائة بها أو بدونها جاز و لو كان لا يساوي مائة لم يجز و لو كان يساوي أكثر و اشتراه بها جاز و إن اشتراه بأكثر لم يجز [- يو -] لو وكله في شراء عبد بمائة فاشترى عبدين يساوي كل واحد أقلّ من مائة لم يجز و إن تساويا المائة و إن تساوى كل واحد أو أحدهما المائة جاز و لزم الموكل و لا يلزمه أحدهما بالنّصف و يتخير في إمساك الآخر بالباقي أو يرده و يرجع على الوكيل بالنصف و لا يلزمه أحدهما و يلزم الوكيل الآخر و يرجع الموكل عليه بالنصف و لو باع الوكيل أحد العبدين بمائة وقف على إجازة الموكّل و لو كان وكيلا مطلقا لزم البيع و حديث عروة البارقي محمول على أحد هذين [- ين -] إطلاق الإذن في الشراء ينصرف إلى السليم فلا يملك شراء المعيب فإن اشترى المعيب لم يلزم الموكل و لو لم يعلم بالعيب كان للوكيل الردّ به مع العلم و للموكّل أيضا فإن رضي قبل رد الوكيل لم ينفذ الرد و لو قال البائع للوكيل اصبر بالرّد حتى يحضر الموكل لم يلزمه الإجابة فإن أخره على ذلك ثم حضر الموكّل فلم يرض به لم يسقط ردّه و إن قلنا بثبوت الرد على الفور و لو ادعى البائع علم الموكل و رضاه افتقر إلى البيّنة فإن فقدت لم يتوجّه اليمين على الوكيل إلا أن يدّعي العلم فيحلف على نفيه فإن ردّ الوكيل و حضر الموكّل و اعترف بقول البائع أو قامت به البيّنة بطل الرد و يسترجعه الموكل و للبائع ردّه عليه إن لم نشترط في عزل الوكيل علمه و إلا فلا على إشكال و لو رضيه الوكيل كان للموكل بعد حضوره الرد إلا أن يكر البائع الشراء للموكل و لا بينة فيحلف و يسقط ردّ الموكّل و لو أمره بشراء سلعة بعينها فاشتراها ثم وجدها معيبة ففي ملك الوكيل الرد إشكال أقربه ذلك و لو علم الوكيل العيب قبل الشراء فهل له الشراء يبنى على ملك الرد مع العلم به بعد البيع [- يح -] إذا اشترى الوكيل لموكله انتقل الملك إلى الموكل من البائع من غير أن يدخل في ملك الوكيل فلو وكل المسلم ذميّا في شراء خمر أو خنزير فاشتراه لم يصحّ الشراء و لو باع الوكيل بثمن معين ثبت الملك للموكّل في الثمن و لو كان الثمن في الذمة فللوكيل و الموكّل المطالبة به و ثمن ما اشتراه في الذّمة ثابت في ذمة الموكّل لا الوكيل و للبائع مطالبة الموكل خاصة و لو أبرأه الوكيل لم يبرأ الموكّل و لو أبرأ الموكل برئ الوكيل أيضا و لو دفع الثمن إلى البائع فوجده معيبا فردّه على الوكيل كان أمانة في يده و لو وكله في أن يستسلف ألفا في كر طعام ملك الموكل الثمن و لا يضمن الوكيل و لو دفع إلى رجل ثوبا ليبيعه ففعل فوهب له المشتري منديلا فالمنديل للوكيل لا لصاحب الثوب [- يط -] إذا قال لربع هذا الثوب بعشرة فما زاد عليها فهو لك كان للوكيل أجرة المثل و الزيادة للمالك [- ك -] إذا وكله في الخصومة لم يقبل إقرار الوكيل عليه بقبض الحق و لا غيره سواء أقر في مجلس الحكم بحد أو قصاص أو غيرهما أو في غير مجلس الحكم و لا يملك إلا على الحق و لا المصالحة عليه و لو أذن في إثبات الحق و المحاكمة عليه لم يملك قبضه و بالعكس سواء كان دينا أو عينا و سواء علم الموكل بجحود الغريم أو لا [- كا -] إذا وكله في البيع كان وكيلا في تسليم المبيع إلى المشتري بعد إيفاء الحقّ و لا يملك قبض الثمن لكن ليس له تسليم إلا بقبض الثمن للمالك أو حضوره فإن سلمه من غير قبض ضمنه و لو قيل بالملك مع القرينة كما لو أذن في بيع الثوب في السّوق الذي يضيع الثمن بترك قبض الوكيل فيه و عدمه مع انتفائها كان وجها [- كب -] إذا وكله في البيع أو القسمة أو مطالبة الشفعة لم يكن إذنا في التثبيت و هل يملك المأذون له في البيع مطلقا جعل الخيار للمشتري الأقوى أنه ليس له ذلك بل إما لنفسه أو لموكّله [- كج -] لو وكله في شراء شيء ملك تسليم ثمنه و حكم قبض المبيع كحكم قبض الثمن كما تقدّم و لو اشترى عينا و سلم الثمن فخرجت مستحقة فالأقرب أنه ليس له مخاصمة البائع في الثمن و لو اشترى و قبض السلعة و أخر التسليم من غير عذر فهلك الثمن ضمنه و لا ضمان إلا مع التفريط [- كد -] لو وكله في قبض دين فلان فمات نظر في لفظه فإن وكله في قبض الدين منه لم يكن إذنا في القبض من الوارث و إن وكله في قبض الدين الذي على فلان كان له مطالبة الوارث و كذا لو قال اقبض حقي من فلان فوكل فلان من يدفع إليه كان للوكيل القبض من الوكيل [- كه -] إذا قبض الوكيل الحق كان أمانة في يده لا يضمنه إلا

ص: 239

مع التعدي و التفريط و لا يلزمه تسليمه قبل طلبه و لو طلبه فأخر دفعه مع انتفاء العذر ضمنه و لو ادعى الموكل المطالبة فالقول قول الوكيل مع عدم البيّنة فإن نكل عن اليمين حلف المدّعي و ألزمه الضمان و لو وعده برده ثم أعاده قبل الطلب أو التلف كذلك لم يسمع دعواه و لا بيّنة على إشكال و لو صدقه الموكّل برئ و لو لم يعده بل منعه و مطله ضمن مع التلف و لو أعاده أو الرد قبل الطلب لم يقبل قوله و لو أقام بينة سمعت [- كو -] لو كان له دراهم على زيد فبعث رسولا في طلبها فنقد له دينارا ذهبا فضاع من غير تفريط كان من مال الباعث و لو بعث دراهم كان من مال المالك و لو أخبر الرسول الدافع بإذن المالك في قبض الدينار كان من ضمان الرسول و لو وكله في قبض ثوب فقبض اثنين فتلف الزائد ضمنه الدافع و يرجع به على الرسول و يجوز الرجوع على الرسول و لا يرجع به على أحد و لو وكله في قبض الدّين فأخذ به رهنا لم يصحّ و لا يضمنه الوكيل لو تلف من غير تفريط لأن صحيح العقد و فاسده مستويان في الضمان و لو دفع إليه دراهم ليشتري بها شيئا فمزجها بغيرها ضمن لو تلفت سواء تلف ماله معها أو لا إلا أن يكون قد أذن في المزج أو مزجها مزجا يتميّز بعضه عن الآخر [- كز -] لو أمره بالإيداع فأودع من غير إشهاد فالأقرب عدم الضمان مع إمكانه و لو ادّعى الوكيل الإيداع و أنكر الموكّل فالقول قول الوكيل مع يمينه و لو أنكر المودع فالقول قوله مع اليمين [- كح -] كل من عليه حق له الامتناع من تسليمه إلى ربّه حتى يشهد عليه بالقبض سواء كان به بيّنة أو لا و سواء كان من عليه الحق يقبل قوله في الرد من غير بيّنة كالمودع أو لا كالغاصب ما لم يؤد الإشهاد إلى تأخير الحق فإن أدى فالوجه وجوب الدفع فيما يقبل قول الدافع فيه مع اليمين فإن أخر ضمن و إذا أشهد على نفسه بالقبض لم يجب عليه تسليم الوثيقة بالحق و لا تمزيقها بل له إبقاؤها في يده [- كط -] الذين يكون أموال غيرهم ستة الأب و الجدّ له و وصيّهما و الحاكم و أمينه و الوكيل قال الشيخ ليس لأحدهم أن يشتري لنفسه من نفسه مال من هو وليّ عليه سوى الأب و الجدّ و كذا يجوز أن يبيع الأب و الجدّ عن أحد الولدين و يشتري للآخر دون الأربعة الباقية فليس للوصيّ أن يشتري مال اليتيم و إن زاد في القيمة على مبلغ ثمنه في النداء و تولى النداء غيره و كذا الوكيل أما لو وكله في شراء شيء لم يجز له أن يعطيه من عنده إلا بعد إعلامه و إن كان الذي يعطيه أجود و كذا ليس لغير الأب و الجدّ أن يبيع على وكيله أو ولده الصّغير أو عبده المأذون و يجوز أن يبيع على ولده الكبير و والده و زوجته و مكاتبه و طفل يلي عليه و لو وكله في تزويج امرأة غير معيّنة جاز له أن يزوّجه ابنته و لو أذنت له المرأة في تزويجها فهل له أن يزوجها الأقرب المنع و الأولى أن له أن يزوّجها بابنه و إن كان صغيرا و كذا بوالده و لو وكله في بيع عبد و آخر في شراء عبد فالأقرب جواز تولية طرفي العقد و لو وكله المتداعيان في الخصومة عنهما لم أستبعد جوازه و قال الشيخ الأحوط المنع و لو وكله و أذن له في الشراء لنفسه أو خيره بين بيعه على غيره و على نفسه جاز أن يشتري لنفسه سواء عين الثمن أو أطلق و كذا يجوز لو وكل عبدا في شراء نفسه من مولاه أو يشتري له عبدا غيره منه و هل يجوز للعبد أن يشتري نفسه من مولاه لنفسه فيه نظر لكن لو قلنا به سوغناه بشرط إعلام المولى و أن يكون الثمن مما يتجدد ملكه بعد الإعتاق و أن يكون للعبد أهليّة التملك مع إذن المولى فعلى هذا لو قال العبد اشتريت نفسي لزيد و صدقه سيّده و زيد جاز و لزم زيد الثمن و لو قال السّيد إنما اشتريت نفسك لنفسك عتق العبد و عليه دفع الثمن إلى مولاه و لو اتفق زيد و العبد على أن الشراء لزيد فالوجه انتقاله إلى زيد و ثبوت الثمن عليه لكن ليس للسّيد مطالبته به بل يأخذه العبد أو الحاكم منه و يسلمه إلى البائع و لو صدقه السّيد و كذبه زيد في الوكالة حلف و برئ و استردّ السّيد العبد و إن كذبه في الشراء لنفسه مع اعترافه بالوكالة فالقول قول العبد [- ل -] إذا وكل عبده في إعتاق نفسه أو امرأته في طلاقها جاز و لو وكل العبد في إعتاق عبده و المرأة في طلاق نسائه فالأقرب أن العبد تملك إعتاق نفسه و المرأة طلاق نفسها عملا بالعموم و يحتمل عدمه عملا بانصراف الإطلاق إلى التصرّف في غيره و لو وكل غريما له في إبراء نفسه صحّ سواء عين أو أطلق و إن وكله في إبراء غرمائه فالاحتمال في دخوله و عدمه كما تقدّم و لو وكله في حبس غرمائه فالأقرب عدم دخوله و لو وكله في خصومتهم لم يملك خصومة نفسه و لو وكل المضمون له المضمون عنه في إبراء الضامن صحّ و يبرأ المضمون عنه و لو وكل الضّامن في إبراء المضمون عنه لم يصحّ و لم يبرأ الضامن و لو وكل الكفيل في إبراء المكفول فأبرأه برئا معا و لو وكله في إخراج صدقة على المساكين و هو منهم جاز أن يأخذ مثل ما يعطي غيره لا يفضل نفسه عليهم و لو عين لم يجز الأخذ إذا لم يدخله و كذا لو دفع إليه مالا ليفرقه في قبيل و هو بدخل فيهم و لو قال أعط غيرك لم يجز له الأخذ منه و يجوز أن يعطي منه ولده و والده و زوجته دون مملوكه [- لا -] إذا وكله ملك التصرف أبدا ما لم يعتدّ بوقت أو يحصل أحد الأسباب الموجبة للفسخ أو ما يدل على

ص: 240

الرّجوع على الوكالة فلو وكله في طلاق زوجته مع قيام الخصومة بينهما ثم اصطلحا فالأقرب بطلان الوكالة على إشكال و كذا لو وطئها أو قبلها أو لامسها أو فعل بها ما يحرم على غير الزوج فعلى هذا لو عادت الخصومة افتقر إلى تجديد عقد الوكالة على تردّد و لو وكله في بيع عبد فأعتقه أو باعه بيعا صحيحا أو دبره أو كاتبه بطلت الوكالة و لو باعه فاسدا لم تبطل [- لب -] لو قال اشتر لي و لك العبد بخمس مائة فاشتراه للموكل لزمه النصف و حكم النصف الآخر ما تقدم من أنه إن ذكره وقف على الإجازة و إلا وقع لنفسه و لو شراه و آخر بألف كان مخالفا و كذا لو قال بعه بخمسمائة فباعه مع عبد له بألف و قيمتها سواء [- لج -] لو أمره ببيع عبده على أن يجعل الخيار له شهرا فباعه و جعل الخيار ثلاثة أيام لم يصح و كذا لو كان أقل و الوجه الجواز لو كان أكثر [- لد -] إذا وكله في عتق عبده فعتق نصفه أو بالعكس فالأقرب الصحة و ينعتق الجميع فيهما و لو وكله في تزويج امرأة و عين المهر لم يجز له التجاوز فإن زوجها بأكثر لم يلزم الموكل و وقف على الإجازة فإن لم يرض ففي الرجوع إلى مهر المثل و إلزام الوكيل بالزائد إشكال و لو اختلفا في الإذن فالقول قول الموكل مع يمينه ثم إن صدقت المرأة الوكيل لم يرجع عليه بشيء و إلا كان الحكم ما تقدّم من التردد و لو لم يسم انصرف الإطلاق إلى مهر المثل فلو تجاوزت بما فيه غبن فاحش لم يجز و لو أذن له في التزويج مطلقا انصرف إلى الكفو فلو زوجه من غيره وقف على الإجازة و لم يلزمه النكاح و لو زوجه بنته الكبيرة أو الصغيرة جاز و لو زوّجه عمياء أو نحوها لم يجز مع انتفاء المصلحة و لو أذن له في التزويج بفلانة و هي حرة فارتدت و لحقت بدار الحرب فالأقرب عدم الجواز لتطرق الملكية إليها [- له -] لو وكله في إجارة داره انصرف الإطلاق إلى أجرة المثل بنقد البلد فلو آجرها بالعروض فالأقرب الوقوف على الإجازة و لا يلزمه الإجارة و لو زادت قيمتها و لو وكله في استيجار أرض فأخذها مزارعة لم يجز و لو وكله في المصالحة عما يستحقه من دم العمد فصالح على مال قليل فالأقرب عدم الجواز و لو صالح عن الموضحة و ما يحدث منها بخمسمائة درهم فبرأت سلم المال كله للمجروح لا نصف العشر خاصة [- لو -] إذا وكله في شراء شيء انصرف الإطلاق إلى الشراء بالأثمان فلو اشتراه بكيلي أو وزني في الذمة أو معينا افتقر إلى الإجازة و لم يلزم الموكل [- لز -] إذا حضر رجل مدّع عند الحاكم جاز لخصمه أن ينفذ وكيله للمنازعة و لم يجب عليه الحضور بنفسه و كذا لو حضر لم يجب عليه الجواب بنفسه و جاز له الاستنابة فيه و كذا البحث في المدعي

كتاب الإجارة

اشارة

و توابعها و فيه مقاصد

الأوّل في الإجارة

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في العقد

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] الإجارة عقد يقتضي تمليك المنفعة بعوض معلوم و اشتقاقها من الأجر و هو العوض و هي جائزة بالنّص و الإجماع و لا بد فيه من إيجاب و قبول و ليست بيعا للمنافع و عبارة الإيجاب آجرتك أو أكريتك و القبول أن يقول قبلت و لا ينعقد بلفظ التمليك مجردا و لو قربه بالمنفعة المعينة مثل أن يقول مللتك سكنى هذه الدار سنة بكذا و في انعقادها بلفظ العارية إشكال [- ب -] لو قال بعتك هذه الدار و نوى الإجارة لم ينعقد و لو قال بعتك سكناها سنة فالأقرب عدم الجواز لاختصاص لفظ البيع بنقد الأعيان و هل المعقود عليه المنافع أو العين فيه نظر فإن قلنا بالأول جاز أن يقول آجرتك منفعة داري و في اشتراط تقديم الإيجاب نظر [- ج -] الإجارة عقد لازم من الطرفين لا يبطل إلا بالتقايل أو أحد الأسباب الموجبة للفسخ كوجود عيب في الأجر المعيّن أو إفلاس المستأجر به أو وجود عيب في العين كانهدام الدار و لا ينفسخ بالعذر فلو اكترى جملا للحج ثم بدا له أو مرض و لم يخرج لم يكن له فسخ الإجارة و كذا لو استأجر و كانا للتجارة فاحترق قماشه أو تلف ماله لم يكن له الفسخ و كذا لو آجر جمله من إنسان ليحج عليه ثم بدا للموجر أو آجر داره أو دكانه و أراد السفر ثم بدا له عنه لم يكن له فسخ الإجارة و لو فسخ المستأجر الإجارة قبل انقضاء المدة لم ينفسخ و كانت المنافع مملوكة له لم يزل عنه و كذا لا ينفسخ لو ترك الانتفاع بها حتى خرجت المدة اختيارا و يجب عليه دفع الأجرة إن لم يكن دفعها و لو أراد استيفاء بقية المنافع جاز في المدة أما لو خرجت فليس له المطالبة بالانتفاع عوض ما تركه و لا أجرته [- د -] اختلف علماؤنا فقال بعضهم إن الإجارة تبطل بموت أحد المتآجرين سواء كان الميّت المستأجر أو المؤجر و قال بعضهم تبطل بموت المستأجر دون المؤجر و قال آخرون لا تبطل بموت من كان منهما و هو الأقوى عندي سواء كان الموت قبل استيفاء المنفعة أو بعد استيفاء البعض و لو مات المستأجر و لا وارث له يستوفي المنفعة أو يكون غائبا كمن يكتري دابة و يموت في طريق مكة و لا وارث معه و ليس على جمله شيء يحمله احتمل فسخ الإجارة هنا في باقي المدة لوجود ما يمنع المستأجر من استيفاء المنفعة كالهدم و الغصب و الأقرب

ص: 241

عدم الفسخ و لو كان له عليه متاع لم تبطل الإجارة و كذا لو كان هناك وارث يستوفي المنفعة [- ه -] لو آجر البطن الأول الوقف مدة ثم انقرضوا في أثنائها بطلت في الباقي خاصّة فإن كان المؤجر قبض مال الإجارة أخذ المستأجر من تركته بحصّة الباقي [- و -] إذا آجر الولي الصّبي أو ماله مدّة يعلم بلوغه فيها بطلت في المتيقّن و صحت في المحتمل فلو آجر ابن عشر عشرا فالوجه صحة الإجارة في خمس و البطلان في الباقي و لو آجره خمسا فبلغ في أثنائها فالأقرب ثبوت الخيار للصّبي بين الفسخ و الإمضاء و لا يلزمه العقد و قوى الشيخ رحمه اللّٰه انتفاء الخيار و لزوم العقد ثم بعد ذلك أثبت له الفسخ كما قلناه أما مدة الحجر عليه فلا خيار له فيها بعد البلوغ فلا فرق بين الأب و الجدّ له و الوصي و غيرهم من الأولياء و إذا مات الولي لم ينفسخ الإجارة على ما اخترناه نحن و كذا لو عزل أو انتقلت الولاية إلى غيره و ليس للثاني فسخ ما عقده الأوّل [- ن -] لو آجر عبده مدة ثم أعتقه في أثنائها صح العتق و لا يبطل عقد الإجارة و ليس للعبد رجوع على مولاه بأجرة المثل و لا خيار للعبد في الفسخ و نفقة العبد إن كانت مشروطة على المستأجر فهي عليه كما كانت و إلا فهي على العبد و لو افتقر إلى السّعي لأجلها و كانت الإجارة مستوعبة فالوجه أنها على العبد أيضا فإن أنفق عليه المستأجر أو المعتق أو استعان بالحاكم أو ببعض المسلمين و إلا سعى في قدر النفقة كل يوم و صرف باقيه إلى المستأجر و الأقرب احتساب ذلك الزمان على المستأجر على إشكال و قال بعض الجمهور النفقة على السيد فيما إذا لم يشترطها على المستأجر لأنه باستيفاء عوض المنافع يكون كالباقي على ملكه و لعدم قدرة العبد على نفقة نفسه لشغلها بالإجارة و لا نفقة على المستأجر فتعين على المولى و ليس بمستبعد [- ح -] إذا باع العين المستأجرة صح البيع و لا يقف على إجارة المستأجر سواء باعها للمستأجر أو لغيره ثم إن علم المشتري بالإجارة لزمه البيع أو لا تخيّر بين الفسخ و الإمضاء بالجميع فإن اختار الإمضاء أو كان عالما ملك العين مسلوبة النفع إلى حين انقضاء مدة الإجارة و لا يستحق تسليم العين إلا حين الانقضاء فلو فسخ المستأجر الإجارة لحدوث عيب فالأقرب رجوع المنفعة إلى البائع لا المشتري و لو اشتراها المستأجر صح البيع و الأقرب عدم بطلان الإجارة فيكون الأجر باقيا على المشتري و الثمن أيضا فيجتمعان للبائع فإن ردّها بعيب لم ينفسخ الإجارة فسخ البيع و لو قيل بفسخ الإجارة مع شرائه للعين و عدم رجوع المشتري بالمال كان وجها [- ط -] لو ورث المستأجر العين فإن قلنا موت المؤجر يبطل الإجارة بطلت في الباقي و يرجع المستأجر بالأجر على التركة و إن قلنا بعدم الإبطال على ما اخترناه فالأقرب هنا عدم البطلان إلا أنه لا فرق في الحكم بين الفسخ و فلو مات المؤجر و خلف ابنين أحدهما المستأجر كان الرقبة بينهما و المستأجر أحق بالجميع مدّة الإجارة و عليه نصف الأجرة للآخر فإن كان قد دفعها لم يرجع بشيء على أخيره و لا على التركة [- ى -] لو تلقت العين المستأجرة انفسخ العقد تلفها و رجع المستأجر بأجرة الباقي و لو خرجت معيبة كان له الفسخ و ليس له المطالبة ببدلها و لو خرجت مستحقة بينا بطلان العقد فيرجع المالك على من شاء منهما بأجرة المثل فإن رجع على المستأجر رجع على المؤجر إن كان دفع إليه و إلا فلا على إشكال و لو علم المستأجر ففي رجوعه بما دفعه إشكال و لو كان المدفوع أقل من الأجرة ففي رجوع المستأجر بما رجع عليه من التفاوت مع الجهل نظر أقربه عدم الرّجوع [- يا -] لو استأجر شيئا موصوفا فتلف لم ينفسخ العقد و لزم المؤجر الإبدال و لو خرجت مغصوبة طالبه بالبدل و كان الحكم في رجوع المالك ما تقدّم و لو وجدها معيبة فردّها كان له الإبدال أيضا

الفصل الثاني فيما يصحّ إجارته

و فيه [- كد -] بحثا [- ا -] كلّما صحّ إعادته صحّ إجارته بمعنى أن كل عين يمكن استيفاء منفعتها الحكمية مع بقائها يصحّ إجارتها أما ما لا يمكن استيفاء المنفعة منه لإتلافه كالطعام و الشمع فإنّه لا يصحّ عقد الإجارة فيه [- ب -] يجوز إجارة الأرض للزراعة و ليس بمكروه سواء كان بالذّهب و الفضّة أو المطعوم غير الخارج منها و سواء كان المطعوم من جنس ما يخرج منها أو لا أما لو استأجرها بما يخرج منها فإنه لا يجوز [- ج -] لا خلاف بين العلماء كافة في جواز استيجار العقار و الدّواب و كذا يجوز أجرة الحمام سواء شرط على المكتري أن لا يدخله أحد بغير إزار و لم يشترط و يجوز استيجار القناة للزرع بمائها [- د -] يجوز إجارة الأعيان المشاهدة و الموصوفة و يثبت له خيار الرؤية و الأقرب عندي جواز إجارة غير العين مع الموصف الرافع للجهالة و يجب في الأعيان المشاهدة رؤية كلما يتعلق الغرض به فإن كانت دارا احتاج إلى مشاهدة البيوت ليعرف صغيرها و كبيرها و موافقها و إن كانت حماما وجب مشاهدة قدره ليعلم كبرها و صغرها و معرفة مائه هل هو من قناة أو بئر و يحتاج إلى مشاهدة البئر و عمقها و مئونة إخراج الماء منها و مشاهدة الأتون و مطرح الرماد و موضع الرمل و مصرف ماء الحمام و لو استأجر أرضا وجب أن يشاهدها الانتفاء معرفتها بالوصف و كذا يجوز إجارة العبد و البهيمة و الثياب و الفسطاط و الخيام و الجال و المحامل و آلات الدواب كالسّرج و اللجام و و آلات الحرب كالسيف و الرمح و القوس و النّساب [- ه -] يجوز إجارة الحلي و ثياب الزينة و التجمل و سواء في الإباحة إجارة

ص: 242

الحلي بجنسه أو بغير جنسه [- و -] الأقرب جواز إجارة الدّراهم و الدنانير للنظر و التحلّي بها مدة معلومة و لو أطلق إجارتهما فالوجه جوازه و انصرف الإطلاق إلى استعمالهما في النظر و التحلّي و لا يكون قرضا مع الإطلاق خلافا للشيخ [- ز -] يجوز استيجار الشجر و النخل ليجفف الثياب عليها أو ليبسطها عليها حتى يستظل بظلّها سواء كانت ثابتة أو مقطوعة و كذا يجوز استيجار الحبال لذلك [- ح -] يجوز غنم استيجار لتدوس له طينا أو زرعا و كذا غير الغنم و يجوز استيجار الفحل للضراب على كراهيته بشرط التقييد بالمرة و المرات المعيّنة و في الاكتفاء بالمرة نظر أقربه العدم إلا أن يكتري فحلا لإطراق ماشية كثيرة فيقدره بالمدة [- ط -] يجوز استيجار ما يبقى من الأطياب و الصندل و أقطاع الكافور و الند للشم للمرضى و غيرهم مدة معيّنة و كذا يجوز استيجار الحائط ليضع عليه خشبا معلوما مدة معيّنة [- ى -] يجوز استيجار دار ليتخذها مسجدا يصلي فيها و ثوب يصلّي فيه و كذا يجوز استيجار البئر ليستقي منها أياما معلومة و السّطح للنوم عليه و استيجار الفهد و البازي و الصّغر للصّيد مدة معيّنة و إجارة كتب العلم التي يجوز بيعها للقراءة فيها و النسخ منها و استيجار درج فيه خط حسن ليكتب عليه و يتمثل منه [- نا -] لو استأجر شمعة ليسرج بها و يردّ المتخلف و أجرته و ثمن التالف لم يجز و لو استأجرها ليتجمل بها ثم يردها من غير إشعال ففي الجواز نظر و كذا التردد لو استأجر طعاما ليتجمل به على مائدته من غير أكل و الأقرب المنع و كذا يجوز استيجار المستور ليعلّقها يتجمل بها و ما أشبه ذلك و لا يجوز استيجار ما لا بقاء له من المسمومات كالورد و الرياحين المشم و في جواز استيجار الغنم و الإبل و البقر ليأخذ لبنها و يسترضعها لسخاله أو ليأخذ صوفها أو شعرها أو وبرها إشكال و قد روى أصحابنا جواز أخذ الغنم بالضريبة مدّة من الزمان و لا يجوز استيجار شجرة ليأخذ ثمرها أو شيئا من أعيانها [- يب -] كلما منفعته محرمة لا يجوز عقد الإجارة عليه كالشطرنج و النرد و آلات القمار و اللّهو من الزمر و النّوح بالباطل و الغناء كذلك و لا بأس بأخذ الأجر على النوح بالحق و الغناء في الأعراس و يجوز أن يستأجر من يكتبه له غناء أو نوحا و لا يجوز أن يستأجر من يحمل له خمرا للشرب أو ميتة للأكل أو خنزيرا و لو استأجره لخل الخمر طلبا للتخليل أو الإراقة أو لنقل الميّتة من منزله أو محلته إلى خارج البلد لإزالة الرائحة لم أستبعد جوازه و لا يجوز الاستيجار على كتابة شيء محرم أو بدعة أو شعر باطل أو كتب ضلال لغير النقض و الحجة و حمل الخمر لأهل الذّمة و يجوز أن يوجر نفسه لنطارة كرم الذّمي [- يج -] لا بأس بأجر الحجامة و يكره مع الشرط و كذا يجوز استيجار من يكنس الكيف و لكنه مكروه أيضا [- يد -] لا يجوز أن يوجر داره لمن يتخذها بيعة أو كنيسة أو يحرز فيها الخمر و إن كان في السواد [- يه -] كلما يحرم بيعه يحرم إجارته إلا الحر و الوقف و أم الولد فإن هذه يجوز إجارتها و إن حرم بيعها و ما عداها لا يجوز كالعبد الآبق و الجمل الشارد و ما لا ينتفع به كسباع البهائم و الطيور التي لا تصلح للصّيد و الأقرب المنع من إجارة المغضوب لغير الغاصب إذا لم يتمكن و لا من تسليمه يجوز إجارة الكلب العقور و الخنزير بحال و يجوز استيجار كلب الصّيد و الماشية و الزّرع و الحائط و لو آجر الغاصب [- يو -] يجوز إجارة المشاع على الشريك و على غيره و كذا يجوز أن يوجر داره لاثنين و أن يوجر نصف داره لواحد و النصف الآخر طلق أو يوجره له أو لغيره [- يز -] يجوز إجارة المصحف للنظر فيه و الحفظ منه على إشكال و كذا يجوز إجارة كتب العلم و الفقه و الأدب و غير ذلك [- يح -] يجوز إجارة المسلم نفسه للذّمي ليعمل له عملا و هل يجوز لخدمته الأقرب الكراهية دون المنع و لا فرق في جواز إجارة نفسه لعمل معيّن أو مطلق في الذّمة مدّة من الزمان [- يط -] لا يجوز أن يستأجر الدّيك ليوقظه وقت الصلاة و يجوز استيجار السّنور لاصطياد الفأر [- ك -] لا يجوز الأجر على الأدنى و الصّلاة بالناس و يجوز أخذ الرزق من بيت المال و يجوز أخذ الأجر على الحج و تعليم القرآن على كراهية شديدة و يجوز على بناء المساجد و القناطير و غيرهما و على الرقية و لو كان إمام المسجد قيما له يفرش حصره و يكنسه و يعلق فيه جاز له أخذ الأجرة على ذلك لا على الصلاة و يجوز الأجر على تعليم الشعر المباح و الحساب و الفقه و أشباهه و الخط و لا يجوز أخذ الأجرة على ما لا يتعدى نفعه من العبادات المختصّة كصلاة الإنسان لنفسه و حجّه لنفسه و أداء زكاة نفسه بلا خلاف و يجوز أخذ الأجر على الصّلاة عن الغير بشرط أن يكون ميّتا [- كا -] يجوز للحرّ إجارة نفسه بلا خلاف إما لعمل معيّن كخياطة ثوب أو مدّة من الزمان معلومة و كذا يجوز الاستيجار لحفر الآبار و الأنهار و القنى و العيون و على ضرب اللّبن و على البناء و تطيين السطوح و الحيطان و تجصيصها مدة معلومة و لا يجوز على عمل معيّن لاختلاف

ص: 243

الطين بالرقة و الغلظ و أجزاء السّطح بالعلوّ و النزول و كذا الحائط و يجوز أن يستأجر لنسخ كتب فقه أو حديث و شعر مباح أو سجل أو مصحف و لا يكره و على حصاد زرعه و دفعه و تصفيته و على استيفاء القصاص في النفس و ما دونها و على الدلالة على الطريق و على الكيل و الوزن المعلومين بالمدة أو القدر و على ملازمة غريم يستحق ملازمته و على السمرة و على بيع ثياب بعينها و على شراء ثياب معينة على إشكال و على البيع على شخص معيّن على إشكال أيضا و على خدمته سواء كان الأجير رجلا أو امرأة حرا أو عبدا و حكم النظر بعد الإجارة حكم قبلها و على الإرضاع سواء انضمّ إلى الحضانة أولا و على الختان و قطع السلع و الكحل و الطبيب للمداواة و قلع الضرس و الراعي للرّعي و بالجملة على كل عمل محلّل مقصود [- كب -] يجوز استيجار العين المستأجرة سواء رضي المالك أو لا بشرطين أحدهما أن يوجر لمثله أو دونه في الاستعمال الثاني أن يتجرد العقد عن شرط التخصيص فلو آجره بشرط أن لا يسكن غيره أو لا يركبه لم يجز المخالفة و استيجار الأرض للزرع و الغراس و القميص ليلبسه [- كج -] لا يجوز استيجار ما يتعذر استيفاء منفعته كما لو استأجر أرضا فيها ماء لا ينحر عنها أو ينحسر من غير معرفة بالوقت و لو كان ينحسر عنها وقت الانتفاع جاز و لو كانت الزراعة ممكنة لكن يخشى عليها الغرق و العادة غرقها لم يجز إجارتها و كذا لو استأجر الأخرس للتعليم و الأعمى للحفظ و أرضا لا ماء لها للزراعة و يجوز للسكون و لو أطلق و كان في محلّ يتوقع الزراعة فيه فكالمصرح بالزراعة و لو كان الماء متوقعا لكن على الندور ففاسد و لو كان يعلم وجود الماء فصحيح و لو كان يغلب وجود الماء بالأمطار فالوجه الصّحة [- كد -] لو استأجر الإبل و البقر و الدواب و الحمير للحمولة و العمل منفردة و منضمة إلى صاحبها أو إليهما و لدياس الزرع و إدارة الرحى و استقاء الماء عليها و لعمل لم يخلق له مثل أن يستأجر البقر للركوب و الإبل و الحمير للحرث مع إمكانه جاز و الأقرب جواز إجارة الحائط المزوق للنظر إليه و التعلم منه و منعه الشيخ و في استيجار الدلال على كلمة تروج بها السلعة من غير نعت نظر

الفصل الثالث في شرائط الإجارة
اشارة

و هي ستة

الأوّل المتعاقدان

و يشترط فيهما البلوغ و العقل و جواز التصرف فلا يصحّ إجارة الصّبي و إن كان مميزا و لو أذن له الولي على إشكال إيجابا و قبولا و كذا المجنون و المغمى عليه و السكران الذي لا يحصل و النائم و الغائب و الساهي لانتفاء القصد فيهما و المكره و السّفيه و المحجور عليه للفلس و يختص منع هذين بالإجارة المتعلقة بأموالهما فلو آجر أنفسهما للعمل كان جائزا و لو آجر الراهن أو المرتهن من دون رضاء الآخر لم يجز و لو امتنع أحدهما أو هما معا و كانت العين مما يصحّ إجارتها آجرها الحاكم و كذا حكم الشريكين إذا تشاجرا في الإجارة و للولي التسلط على مال الطفل و المجنون بالإجارة له و كذا الوصيّ و الحاكم عنها مع فقد أولئك و عن السفيه و المحجور عليه و الغائب

الثاني الأجرة

و هي لازمة في العقد و ركن فيه فلو أخل بها لم يصح و لزمه مع استيفاء المنفعة أجرة المثل و كذا لو بطل العقد في كل موضع فإنّه يثبت أجرة المثل سواء زاد على المسمّى أو ساواه أو نقص و يشترط كونها معلومة بالوزن و الكيل فيما يدخلانه و المشاهدة مطلقا على إشكال في الاكتفاء بها فيما يدخلانه و جزم الشيخ بالجواز و كلما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز عوضا في الإجارة فيجوز أن يكون عينا أو منفعة أخرى اتفق جنسها كسكنى دار بسكنى أخرى أو اختلف كاستخدام عبد بالسكنى و يجوز أن يكون مطلقه بشرط الوصف الرافع للجهالة و معيّنة موصوفة معلومة المقدار و لا يكره بالطعام الموصوف و لو استأجر دارا بعمارتها جاز مع التعيين و إلا فلا و كذا لو استأجر بدرهم و يشترط صرفها إلى العمارة و لو استأجر لسلخ الميّتة بجلدها لم يجز و لو كان للمذكى قال الشيخ يجوز و عندي فيه نظر لجهالة الجلد فلا يعلم خروجه سليما أو معيبا و ثخينا أو رقيقا و لو استأجره لنقل الميّتة بجلدها ثبت له أجرة المثل و لو استأجره لرعي الغنم مدّة معيّنة بنصفها أو جزء معلوم جاز و النماء بينهما من حين العقد على النّسبة و كذا لو استأجره لرعيها بشياه معيّنة منها و لو كانت مجهولة لم يجز و يثبت أجرة المثل و لو استأجره بدرها أو نسلها أو صوفها أو شعرها أو بعض ذلك لم يجز و كذا لو استأجره بطعامه و شرابه و كسوته أو بأحدها لم يجز سواء كان ظئرا أو غيرها و لو عين الطعام و الشراب و الكسوة بما يرفع الجهالة جاز بشرط تعيين وقت الدفع و لو استأجره بعوض و شرط الإطعام و الكسوة عليه ففي الجواز نظر فإن سوغناه و تشاحا رجع في القدر في الإطعام و الكسوة إلى قدر كفايته يجري عادته و لا يقدر الإطعام بمد و ليس له إطعام الأجير إلا ما يوافقه من الأغذية و لو لم يشترط طعاما و لا كسوة كانا على نفسه و لو شرط الأجير طعام غيره و كسوته جاز بشرط العلم بالمقدار و هل يكون ذلك للأجير إن شاء أطعمه و إن شاء تركه أو للمشروط له فيه نظر و لو استأجر دابة بعلفها أو بأجر مسمّى و علفها فإن عينه جاز و إلا فلا و لو شرط طعاما معيّنا و استغنى عنه بطعام نفسه أو غيره أو عجز عن الأكل لمرض أو غيره لم يسقط نفقته و طالب

ص: 244

بها و لو احتاج إلى دواء لمرضه لم يلزم المستأجر و يجب دفع قدر المشترط من الطعام يشتري به ما يصلح له و لو شرط الطعام مع الأجرة و سوغناه مع الإطلاق لزمه بقدر طعام الصحيح و لو استفضل من طعامه فإن كان المؤجر دفع إليه أكثر من الواجب ليأكل قدر حاجته و يسترد الباقي أو كان في تركه لأكله ضرر على المؤجر بأن يضعف عن العمل أو يقل لبن الظئر منع منه و لو لم يلحقه ضرر في الاستفضال و دفع إليه الواجب خاصّة أو أزيد و ملكه الباقي جاز له الاستفضال و لو قدم الطعام فنهب أو تلف قبل أكله فإن كان بعد القبض فهو من ضمان الأجير و إلا فمن ضمان المستأجر و لو كان مائدة و لا يخصّه فيها بطعامه فهو من ضمان المستأجر و لو قال بع هذا الثوب بكذا فما ازددت فهو لك فالوجه عندي وجوب أجرة المثل للدلال و الزيادة للمالك و لا يلزمه الوفاء و لو باعه بالقدر المسمى ثبت له أجرة المثل أيضا و لو باعه بنقص لم يصح البيع و لو تعذّر الرّد ضمن النقص و للشيخ قول بضمان النقصان مطلقا و لو باعه نسيئة لم يصحّ و لو استأجره لحصد الزرع أو صرام النخل بجزء منه معلوم كالسدس و شبهه جاز و كذا لو استأجر الطحان بالنخالة المتبرّعة أو بقفيز منها و لو شرط للمرضعة جزءا من المرتضع الرقيق بعد الفطام و لقاطف الثمار جزءا منها بعد الصرام جاز و كذا في الحال و لو قال إن خطته اليوم فلك درهمان و إن خطته غدا فدرهم فللشيخ قولان أحدهما الجواز و يلزمه إن عمله في الأول درهمان و إن عمله في الثاني درهم و الثاني الجواز أيضا لكن إن عمله في الأول لزمه درهمان و إن عمله في الثاني كان له أجرة المثل لكن لا يزاد عن درهمين و لا ينقص عن درهم و لو قيل بالبطلان و ثبوت أجرة المثل كان وجها و أول قول الشيخ لا يخلو من قوة و لو قال إن خطته روميّا و هو ما يعمل بدرزين فلك درهمان و إن خطته فارسيّا و هو ما يكون بدرز واحد فلك درهم جاز على إشكال و لو استأجره ليحمل متاعه إلى موضع معين بأجرة معيّنة في وقت معيّن فإن قصر عنه نقص من أجرته شيئا جاز و لو شرط سقوط الأجرة مع التقصير لم يجز و له أجرة المثل عملا لرواية محمّد بن مسلم الصحيحة عن الباقر عليه السّلام و هل يتعدى الحكم الوجه ذلك فلو استأجره إلى مصر بأربعين فإن نزل دمشق فثلاثون فإن نزل الكوفة فعشرون ففي الجواز نظر و لو اكترى دابّة و شرط إن ردها ليومها فدرهم و لغدها درهمان ففي الجواز نظر

الثالث أن يكون المنفعة إما بالتبعيّة لملك العين أو بانفرادها

فلو استأجر عينا جاز أن يوجرها غيره ممن يساويه أو يقصر عنه في استيفاء المنفعة ما لم يشترط المالك عدم ذلك قبل قبض العين للموجر و غيره أيضا و الأقرب أنه ليس له إبدال الثوب الذي عين للخياطة و الصّبي الذي عين للارتضاع و التعليم ثم المستأجر إن أحدث في العين حدثا كحفر النهر و بناء الحائط و عمل الباب و غير ذلك و إن قل العمل جاز أن يوجرها بأكثر مما استأجرها سواء كان من الجنس أو من غيره و إن لم يحدث فيها حدث ففي جواز إجارتها بأكثر مما استأجرها من الجنس قولان أقربهما المنع و لو آجرها بغير الجنس جاز سواء كان بالزيادة أو النقصان و لو آجرها من الجنس بأقل جاز أيضا و لو آجر بالجنس من غير حدث بأزيد ففي بطلان العقد نظر و مع القول بالصحة لا يجب الصّدقة بالزيادة و لو سكن بعض الدار و آجر الباقي بغير الجنس جاز بالزيادة و النقصان و لو كان من الجنس لم يجز أن يوجره بأزيد إلا أن يحدث فيه حدثا و يجوز أن يوجره بأكثر مال الإجارة و الصانع إذا تقبل عملا بشيء معلوم لم يجز أن يقبله غيره بأقل من ذلك ما لم يحدث فيه حدثا كقطع الثوب أو خياطة شيء منه أو يعطيه خيوطا أو إبرا و لو أحدث حدثا جاز أن يقبله بأقل من ذلك الجنس و غيره و كذا لو لم يحدث و قبله بأقل من غير ذلك الجنس و لو شرط المؤجر استيفاء المنفعة بنفسه فآجرها ضمن و لا يجوز إجارة ما لا منفعة له أو يكون له منفعة لا اعتبار بها في نظر الشرع أو يكون له منفعة محرمة و لا يجوز أن يوجر مال غيره إلا بإذنه فإن فعل فالأقرب وقوفه على الإجازة

الرّابع أن يكون المنفعة معلومة

و فيه [- ك -] بحثا [- ا -] يجب كون المنفعة معلومة لينفي الغرر فلو كانت مجهولة مثل أن يستأجر أحد الدارين لم يجز و العلم يحصل إما بتقدير العمل كخياطة الثوب و بناء الجدار و نسخ الكتاب و إما بتقدير المدة كالخياطة شهرا أو سنة مثلا و لو كانت العين مما له عمل كالحيوان جاز فيه الوجهان و إن لم يكن عمل كالدار و الأرض لم يجز إلا على الوجه الثاني و هل يجوز تقييد المنفعة بالمدة و العمل معا كما لو استأجره ليخيط له هذا الثوب في هذا اليوم قال الشيخ لا يجوز لإمكان الفعل في أقل من ذلك الزّمان و أكثر و يحتمل الجواز لأن الإجارة وقعت على العمل و المدة ذكرت للتعجيل فحينئذ إن فرغ قبل المدة لم يكن له إلزامه بالعمل في باقيها و إن خرجت المدّة قبله فللمستأجر فسخ العقد فإن فسخ قبل عمل شيء فلا أجرة و إن كان بعده كان عليه أجرة مثل ما عمل و إن اختار الإمضاء ألزمه بباقي العمل خارج المدة لا غير و ليس للأجير الفسخ [- ب -] إذا قرنت المنفعة بالمدة وجب أن يكون مضبوطة لا يتطرق إليها الزيادة و النقصان كالسنة و الشهر و اليوم و لو عقد على ما لا ينضبط كإدراك الغلات و قدوم الحاج لم يجز و وجب أجرة المثل مع استيفاء المنفعة و لو استأجر كل شهر بكذا و لم يعين الأشهر قال الشيخ يصح و يكون له

ص: 245

المسمّى في شهر واحد و أجرة المثل في الزائد و الوجه عندي البطلان و يكون له أجرة المثل في الجميع و لو قرنت بالعمل كخياطة الثوب و بناء الجدار اقتضى ذلك التعجيل إن شرطاه أو أطلقا و لو شرط مدة متأخرة عن العقد قال الشيخ لم يجز و عندي فيه نظر قال و لو كانت الإجارة في الذّمة مثل أن يستأجر ظهرا للركوب جاز أن يكون معجّله و مؤخرة قال و لو استأجره لتحصيل خياطة خمسة أيام بعد شهر لم يجز و لو قال آجرتك من هذا الوقت شهرا بكذا و ما زاد فبحسابه صحّ في الشهر و كان في الزائد أجرة المثل [- ح -] إذا أطلق السنة وجب احتساب اثني عشر شهرا أهلة و لو شرط هلالية كان تأكيدا و لو قال عددية أو سنة بالأيام وجب ثلاثمائة و ستون يوما و لو استأجر هلالية من أول الهلال عد اثني عشر شهرا هلالية و لو كان في أثناء الشهر عد بعد كماله أحد عشر هلالا ثم أخذ من الثاني عشر بإزاء ما خرج من الشهر الأول و قيل يجب إكمال ثلاثين و هو حسن و لا يستوفي الأحد عشر بالعدد [- د -] لو قيد السّنة بالروميّة و هي الّتي سبعة أشهر منها أحد و ثلاثون و أربعة و ثلاثون و واحد ثمانية و عشرون و كانا عارفين بحسابها صح و لو جهله أحدهما أو كلاهما بطلت و لو قيداها بالقبطية و هي الّتي كل شهر منها ثلاثون و يزيدونها خمسة لتساوي الرّومية جاز أيضا مع العلم بالحساب و مع هذين القيدين يكون مدّة الإجارة ثلاث مائة و خمسة و ستين يوما [- ه -] لو آجره إلى العيد و عينه حمل على المعيّن و إن أطلق حمل على الأقرب و يحتمل البطلان و يخرج المدة بدخول أول جزء منه و كذا لو علقه بشهر يشترك فيه اثنان كجمادى و ربيع و لو علقه برجب أو بشبهه من المنفرد حمل على وجب سنة مع احتمال ما قلنا و لو علقه بيوم حمل على أقرب أيام الأسبوع إليه إلا أن يعين غيره و لو علقه بعيد من أعياد الكفار و هما يعلمانه صح و إلا فلا [- و -] لو آجره إلى العشاء فأخر المدّة غروب الشمس لا زوالها و لو قال إلى الليل فهو إلى أوله و كذا إلى النهار و لو استأجره نهارا فهو إلى غروب الشمس و ليلة إلى طلوع الفجر [- ز -] لو استأجر فسطاطا إلى مكة و لم يعين وقت الخروج بطل العقد و كذا كل ما يستأجر مدة و لم يعين ابتداءها [- ح -] لا يشترط في مدة الإجارة اتصالها بالعقد فلو آجره المحرم و هما في رجب صح سواء كانت العين مشغولة بغيره أو لا فإن كانت الإجارة على مثلي العقد لم يحتج إلى ذكر ابتدائها و إن كانت لا تليه وجب ذكر ابتدائها و لو أطلق فقال آجرتك سنة أو شهرا فالأقرب الصحة و ابتداء المدة من حين العقد و إن لم يسمّ السنة و الشهر فعلى هذا يجوز أن يوجر العين الواحدة لاثنين في زمانين قبل أن تنقضي مدة الأوّل [- ط -] لا يتقدر أكثر مدة الإجارة بقدر بل يجوز على ما تراضيا عليه و إن تجاوز سنة أو ثلاثين سنة أو أكثر و لو استأجره شهرا لم يجب تقسيط الأجر على الأيام و كذا لو استأجره سنة لم يحتج إلى تقسيط أجر كل شهر و كذا لو استأجره سنتين فصاعدا لم يجب تقسيط أجر كل سنة و لو قسط الأجر على أجزاء المدة جاز فإن انهدمت الدار في بعض الأجزاء سقط ما سمّاه في التقسيط و إن لم يقسط لزم تقسيط المسمّى في أصل العقد و رجع بحصته [- ى -] يجوز استيجار المنازل و العقار بشرط التقييد بالمدة المعيّنة و لا بدّ فيه من المشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة إن أمكن ضبطه بوصف و يثبت له خيار الرؤية و لو آجرها للزراعة فإن كان فخرجت جريب معلوم وجب مشاهدته أو وصفه بما يرفع الجهالة و لا يصح إجارة العقار في الذمة بل يكون مشاهدا أو موصوفا [- يا -] إذا استأجره لعمل معيّن فإن قدّره بمدة مثل أن يستأجره شهرا ليحفر له بئرا أو نهرا لم يجب معرفة القدر و عليه أن يحفر المدة و هل يحتاج إلى معرفة الأرض فيه نظر و إن قدره بالعمل مثل أن يستأجره لحفر بئر معيّنة أو نهر معين وجب مشاهدته و معرفة دور البئر و عمقها و طول النهر و سعته و عمقه و لو حفر بئرا وجب أن يشيل التراب و لو انهار تراب من جوانبها أو سقطت فيه بهيمة و شبهها لم يجب عليه إخراجه و لو وقع مع التراب الذي أخرجه فيها لزمه الحفار إخراجه إلا أن يقع بعد تسليمها محفورة و لو حصل بصخرة أو جماد بمنع الحفر أو نبع ماء يمنعه لم يلزمه حفره و يتخير في الفسخ فيثبت له من الأجر بنسبة ما عمل فيقسط الأجرة عليه و على الباقي و يأخذ بالنسبة و لا يقسط على الأذرع و في رواية من استأجر ليحفر بئرا عشر قامات بعشرة دراهم فحفر قامة و امتنع من الباقي بسطت الأجرة على خمسة و خمسين جزءا فما أصاب واحدا فهو للقامة الأولى و الاثنين للثانية و هكذا و الأول أقرب و لو كانت الصخرة مما يمكن حفرها أو ثقبها مع المشقة قال الشيخ يجب عليه ذلك و عندي فيه نظر [- يب -] لو استأجر لضرب اللبن و قرنه بالعمل افتقر إلى بيان العدد و ذكر القالب و موضع الضرب و ما يؤخذ منه الماء فإن كان هناك غالب معروف جازت الحوالة عليه و كذا لو عين أبعاده و لو شرط قالبا غير معروف و هو مشاهد فالوجه الجواز و لو قرنه بالزمان لم يفتقر إلى ذلك سوى موضع الضرب على إشكال [- يج -] لو استأجره للبناء فإن قدّره بالعمل افتقر إلى معرفة المكان و موضع الماء و ذكر أبعاد الحائط و آلة البناء من لبن أو حجر أو طين و لو استأجره لبناء آجر معروف العدد أو لبن كذلك ثم سقط الحائط بعد البناء استحق الأجر إن لم يكن بتفريطه و بناه محكما و لو فرط أو بناه محلولا فعلته الإعادة و غرامة ما تلف من الآلة و لو استأجره لبناء عشرة أذرع فرفع بعضها

ص: 246

ثم سقط أعاده و أتم المقدّر [- يد -] إذا استأجره للنسخ و قرنه بالعمل وجب ذكر عدد الأوراق و قدرها و عدد السطور و قدر الحاشية من كل جانب و دقة القلم و غلظه ثم الخطّ إن عرف بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة جاز و إلا افتقر إلى مشاهدته يجوز تقدير الأجر بأوراق الفرع و بأوراق الأصل و لو قاطعه على نسخ الأصل بشيء معلوم جاز و إذا غلط قليلا تجري به العادة لم يكن عليه شيء و إن تجاوز العادة فهو عيب يرد به و لو كان الكاغذ من المستأجر كان عليه الأرش و لا يجوز له التشاغل بما يقتضي غلطه كالمحادثة وقت الكتابة و كذا ما يشبه الكتابة كالنساجة [- يه -] لو استأجره لحصاد الزرع قرنه إما بمدة معيّنة أو عمل معلوم و كذا في رفعه أو تصفيته و نقله إلى موضع معيّن و لو استأجره للاحتطاب أو الاحتشاش جاز و قرنه بالمدة أو العمل و لو آجر نفسه لنقل حطب و فرقه بالعمل جاز أن ينقل لغيره معه و إن قرنه بالمدة فإن كان لا ضرر فيه فالأقرب الجواز و إن كان فيه ضرر فالأقرب سقوط ما قابل فعله مع الثاني من الأجرة و هكذا حكم كل أجير خاصّ عمل مع غير مستأجره [- يو -] لو استأجره لاستيفاء القصاص و قرنه بالعمل جاز و كذا إن قرنه بالمدة مع كثرته و على التقديرين فهل الأجرة على المقتصّ منه أو على المستوفي نظر من حيث إن الاستيفاء واجب و لا يتم إلا بالأجرة فيجب كالوزان و من حيث إن المقتص منه عليه التمكين و قد حصل و الأوّل فيه قوّة [- ين -] لو استأجره ليشتري له ثيابا قرنه بالمدّة و لو عين العمل فجعل له من كل ألف درهم يشتري بها شيئا معلوما صحّ و لو قال كلما اشتريت ثوبا فلك درهم أجرا و كانت الثياب معلومة بصفة أو مقدرة بثمن جاز و إن لم يكن كذلك ثبت له أجرة المثل [- يح -] لو استأجر الحر للخدمة لم يجز له منعه عن فرائض الصّلوات اليوميّة و غيرها كالجمع و الأحوال و الآيات و الأقرب أن له منعه عن النوافل إن كانت في وقت الخدمة و كذا العبد [- يط -] لو استأجر دارا جاز إطلاق العقد و لا يجب ذكر السكنى و لا صفتها عملا بالإطلاق و يجوز أن يسكنها بنفسه و عياله و إن لم يذكر في العقد و أن يسكنها غيره ممن يقوم مقامه في الضّرر أو دونه و يضع فيها ما جرت العادة به من الرّحل و الطعام و الثياب و لا يسكنها من هو أضر منه كالقصار و الحداد و لا يجعل فيها الدّواب الخارجة عن العادة و لا يجعل فيها شيئا لم يكن و لم يجر عليه موافقة و لا شاهد حال مما هو مضر عبا كالرحى و وضع الأشياء الثقيلة فوق سطحها و جعل الطّعام في بيوتها على سبيل الإحراز فيها و لا يجب ذكر عدد السكان و لو اكترى ظهرا ليركبه جاز أن يركبه غيره ممن هو أخف و لا يركبه الأثقل و لا يشترط التساوي و في الطول و القصر و المعرفة بالركوب و ليس للمالك منعه عن ذلك و لو شرط في العقد اختصاص المستأجر باستيفاء المنفعة لزم [- ك -] لو استأجر للرضاع دون الحضانة أو الحضانة دون الرضاع أو لهما معا جاز و لو أطلقا العقد على الرضاع فالأقرب عدم دخول الحضانة منه و الحضانة تربية الصّبي و حفظه و جعله في سريره و أخذه منه و كحله و دهنه و تنظيفه و غسل خرقه و ثيابه و أشباه ذلك و اشتقاقها من الحصن و هو ما تحت الإبط تشبيها بحضانة الطير للفراخ و البيض و يجوز استيجار المرضعة على إرضاع من لها فيه نصيب و لا بدّ في الرضاع من تعيين المدة و معرفة الصّبي بالمشاهدة و موضع الرّضاع و معرفة العوض و هل المعقود عليه في الرضاع خدمة الصّبي و حمله و وضع الثدي في فيه و يكون اللبن تابعا كماء البئر في الدار و الضيع في الصباغة أو اللبن الأقرب الثاني و لهذا يستحق الأجرة بالرضاع و إن لم يخدمه دون العكس و كون المنفعة عينا للرخصة و على المرضعة أن تأكل و تشرب ما يكثر به اللبن و يدر و يصلح به و للمستأجر مطالبتها به و عليها السقي بمجرى العادة و لا يجب صرف اللبن بأجمعه إلى الولد لئلا يتلف ولدها أو يتضرّر و لو أسقته لبن الغنم لم يستحق أجرا و لو دفعته إلى خادمتها فأرضعته فالوجه أنه لا أجرة لها و لو اختلفا في الإرضاع فالقول قولها مع اليمين و يجوز أن يوجر أمته و مدبرته و أم ولده و المأذون لها في التجارة للرضاع و ليس لواحدة منهنّ الامتناع و لا إجارة نفسه من دون إذنه و إنما يجوز الإجارة على الإرضاع إذا كان في اللبن فضل عما يحتاج الولد إليه و لو كان الولد مملوكا لأن السّيد إنما يملك فاضل حاجة مملوكة و لو كانت الأمة مزوجة لم يجز إجارتها للرضاع إلا بإذن الزّوج على إشكال فيما إذا لم يمنع شيئا من حقوقه و لو زوجها بعد الإجارة لم ينفسخ عقد الإجارة و يكون للزوج الاستمتاع بها وقت فراغها و يطؤها و إن لم يأذن المستأجر و ليس له إجارة مكاتبته و لها أن توجر نفسها و يجوز أن يستأجر أمه و أخته و ابنته و سائر أقاربه لرضاع ولده و لو استأجر زوجته لرضاع ولده صح و لزم العوض سواء كانت في حباله أو لا و ليس للزوجة أن توجر نفسها للرضاع إلا بإذن الزوج على إشكال و لو تطوعت بإرضاع ولدها منه أو من غيره لم يجبر الأب على القبول و كان له منعها قال الشيخ و لو تعاقدا عقد الإجارة على رضاع الولد لم يجز ما دامت في حباله و يجوز مع البينونة و جوزه ابن إدريس مطلقا و هو جيّد و يبطل الإجازة بموت المرضعة أو الطفل فإن كان قد مضى بعض المدّة راجع المستأجر

ص: 247

بما قابله و إلا رجع بالجميع و لا يبطل بموت المستأجر و أجرة الرضاع على الصغير إن كان موسرا و إن كان معسرا فعلى الأب و ليس للرجل إجبار امرأته على إرضاع ولده منها و له إجبار مملوكته و مدبرته و أم ولده و مكاتبتة المشروطة لا المطلقة

الخامس أن يكون المنفعة مباحة

فلو استأجر مسكنا ليحرز فيه خمرا أو دكانا ليبيع فيه شيئا محرما أو أجيرا ليحمل له حراما لم يصح العقد و كذا لو استأجر حائضا لكنس المسجد

السّادس أن يكون المنفعة مقدورا على تسليمها

فلو استأجر الآبق للخدمة لم يصحّ و لو ضم إليه غيره ففيه نظر و لا يجوز إجارة الأرض للزراعة ببعض ما يخرج منها سواء عين مقداره أو جعله جزءا مشاعا

الفصل الرّابع في باقي مباحث العقار

و هي [- يد -] بحثا [- ا -] يملك المستأجر المنافع بالعقد و يزول ملك المؤجر عنها و لا يجوز للموجر التصرف فيها و لو استأجر دارا سنة فسكن شهرا مثلا لم يكن للمالك إخراجه منها فإن خرج بنفسه لم يسقط عنه مال الإجارة و كذا لو لم يسكنها أصلا و لو منعه المالك من السكنى في ابتداء مدة العقد حتى خرجت السنة انفسخ العقد و لو مكنه بعد المنع في الابتداء انفسخ العقد فيما منعه و كان عليه أجرة الباقي بالنسبة و لو خرج المستأجر بعد أن سكن شهرا من قبل نفسه و تركها شهرا فسكنها المالك باقي السنة أو آجرها فالأقرب عدم بطلان الإجارة في الباقي و يجب على المالك أجرة المثل عن هذه المدة سواء زادت عن المسمى أو ساوته أو قصرت عنه و لو سكنها شهرا ثم سكن المؤجر شهرين ثم تركها وجب على المؤجر أجرة مثل الشهرين و على المستأجر إجارة الجميع [- ب -] لو سكن بعض المدة ثم أخرجه المالك تمامها كان له مدة ما سكنه المستأجر و لا يسقط عنه الأجرة فيما مضى بإخراج المالك له قهرا و هل ينفسخ الإجارة في الباقي الأقرب عدم البطلان و يكون للمستأجر أجرة المثل إن زادت عن المسمى و لو نقصت عنه فالأقرب أنه لا يضمن الزائد و كذا لو آجر دابة و منعه المالك عن استيفاء المنفعة بعد استعمالها بعض المدة أو آجر نفسه أو عبده للخدمة ثم امتنع من إتمامها أو آجر نفسه لبناء حائط أو خياطة أو حفر بئر أو حمل شيء إلى موضع فحمله بعض الطّريق أو بنى بعض الحائط أو خاط بعض الثوب أو حفر بعض البئر فإنه لا تسقط أجرة التالف في ذلك كله و لو آجر نفسه للخدمة فهرب أو آجر دابته فشردت أو أخذ المؤجر العين و هرب بها أو منعه من استيفاء المنفعة تخير المستأجر بين الفسخ و الإمضاء فإن لم يفسخ انفسخت يمضي المدة يوما فيوما فإن عادت العين في الأثناء استوفي الباقي و لو انقضت المدّة انفسخت الإجارة أما لو كانت الإجارة على موصوف في الذمة كخياطة الثوب أو بناء حائط فالوجه أنه يستأجر من ماله من يعلمه و لو تعذّر كان للمستأجر الفسخ و الصبر إلى وقت القدرة على المطالبة بالعمل [- ج -] إذا استأجر دارا أو أرضا للزرع فانهدمت الدار و غرقت الأرض أو انقطع بناؤها في أثناء المدة فإن لم يبق فيها يقع أصلا فهي كالتالفة ينفسخ الأجرة فيما بقي و ليس له الفسخ فيما مضى و الرجوع إلى أجرة المثل على إشكال و إن بقي فيها يقع غير ما استأجره له مثل أن ينتفع بعرضة الدار لوضع حطب فيها أو نصب خيمة أو صيد السمك فالأقرب ثبوت الخيار للمستأجر بين الفسخ و الإمضاء بالجميع و لا يبطل الإجارة من دون الفسخ و لو لم يختر أحدهما لجهله بأن له التخيير أو لغيره كان له الفسخ بعد ذلك و لو كان النفع الباقي لا يجوز استيفاؤه بالعقد كما لو استأجر للركوب فصار لا يصلح إلا للحمل أو بالعكس انفسخت الإجارة و لو أمكن الانتفاع مع قصوره مثل أن يمكنه الزرع بغير ماء أو كان الماء يخسر عن الأرض التي غرقت على وجه يمتنع معه بعض الزّرع أو كان يمكنه سكنى ساحة الدار لم ينفسخ الإجارة بل يتخير المستأجر بين الفسخ و القبول بالجميع على إشكال و لو كان الحادث لا يضرّ مثل انقطاع الماء وقت الغنى عنه أو وقت الحاجة لكن يجيء به المؤجر من موضع آخر و كان الغرق مما ينحسر سريعا من غير منع من الزرع و لا ضرر لم يكن للمستأجر الفسخ و لو حدث الهدم أو الغرق أو انقطاع الماء ببعض العين تخير المستأجر بين فسخ الجميع أو البعض و يمسك الباقي بحصّته لا بالجميع [- د -] يجب على المالك دفع ما يتوقّف المنفعة عليه كالمفاتيح و لو ضاعت من المستأجر بغير تفريطه وجب على المالك بدلها و لو انهدم بعض المسكن وجب عليه بناؤه و كذا لو سقطت خشية وجب إبدالها و عليه عمل الحمام إما بالقير أو الصّهروج و عمل أبوابه و بزله و ليس عليه التحسين و التزويق و أما الحبل و الدلو و البكرة فعلى المستأجر و على المالك تنقية البالوعة و الكنيف إن احتيج إليه في ابتداء المدة أما لو احتيج إليه لامتلائها بفعل المستأجر فالأقرب أنه كذلك و كذا البحث في تفريغ جير الحمام و لو خرجت المدة و في الدار زبل أو قمامة وجب على المستأجر تفريغها منه على إشكال [- ه -] لو شرط على مستأجر الحمام أو غيره أن مدة تعطيله عليه ففي المنع نظر و لا يجوز أن يشترط استيفاء ما قابل مدة التعطيل بعد مدة الإجارة و لو شرط المالك ملفافا بما يأخذه يكون في يده بحاله على وجه الرّهن و يرده على المستأجر بعد انقضاء المدّة قال الشيخ يبطل القصد [- و -] إذا تجدّد العيب كالهدم و الفرق بعد استيفاء بعض المنفعة تخير المستأجر و ليس له الأرش و لو لم يعلم بالعيب

ص: 248

حتى انقضت المدة فلا خيار و لا أرش [- ز -] إذا شرط المالك الاتفاق على العين مثل أن يشترط أن ما يحتاج الدار أو الحمام إليه من العمارة فعلى المستأجر ففي البطلان نظر و أفتي به في (- ط -) و لو لم يشترط لكن أذن له في الإخراج ليحسب له من الأجرة جاز فإن اختلفا في الإخراج فالقول قول المستأجر على إشكال و لو اختلفا في القدر فالقول قول المالك و لو لم يأذن لم يلزمه ما أخرجه متبرعا و لو أذن الحاكم لغيبة المالك و حاجة الموضع كان له الرجوع به و لو تعذر الحاكم فالأقرب جواز الرجوع للضرورة [- ح -] إذا آجره أرضا يصلح للزّرع و الغرس وجب تعيين أحدهما فلو قال آجرتكها للزرع أو الغرس لم يصحّ حتى تعين و لو قال آجرتك لهما جاز و زرع النصف و غرس الآخر على إشكال و يحتمل البطلان و هو قوي و لو قال لتزرعها ما شئت و تغرسها ما شئت فالأقرب الجواز و لا يجب التقسيط بينهما بل يجوز زرع الجميع و غرسه و التقسيط بالسّوية و متفاضلا [- ط -] لو آجرها للزراعة لم يجز له الغرس و لا البناء و يتخير في أنواع المزروعات مع الإطلاق و مع التخصيص لا يجوز التعدي إلى ما هو أكثر ضررا أو أقل و لو آجرها لزرع نوع معيّن فالأقرب جواز زرع غيره مما يساويه في الضرر أو يقصر عنه و لا يجوز إلى ما هو أزيد و لا إذا شرط المالك التخصيص و كذا البحث لو أكراها للغراس في الإطلاق و التخصيص و لو آجرها للبناء لم يكن له الزرع و لا الغرس و بالعكس فيهما [- ى -] إذا كان الماء دائما صح إجارة الأرض للزرع و الغرس سواء كان الماء من نهر أو عين أو مصنع يكتفي به و لو لم يكن الماء دائما بل كان وقت الحاجة مثل ماء الفرات الذي يزيد وقت الحاجة إليه للزّرع و مصر و أشباه ذلك فإنه يجوز إجارة الأرض للزراعة قبل زيادة الماء و بعده و لو كان مجيؤه نادرا بحيث لا يتحقق حصوله وقت الحاجة لم يجز إجارتها للزرع و الغرس قبل وقت الحصول و يجوز بعده و لو آجرها في غير وقت الماء مطلقا على أنه لا ماء لها جاز الانتفاع بها في غير الزرع كالنزول بها و غيره و مع حصول الماء يجوز له زرعها و ليس له أن يبني و لا يغرس و له زرعها قبل مجيء الماء الرجاء حصوله و لو أطلق الإجارة لهذه الأرض مع علمها بحالها صحّت و لو كان لها ماء غير دائم و ينقطع قبل الزرع أو كان لا يكفيه فهي كالعادمة و لو استأجرها للزرع و لم يعلم بحالها أو علم و ظنّ أن المالك يسوق الماء إليها لم يصح العقد [- يا -] لو استأجر أرضا غارمة لم يجز إلا أن يعلم انحسار الماء عنها وقت الحاجة [- يب -] لو استأجر للزراعة فزرع ثم بقي بعد المدة غير بالغ فإن كان لتفريط من المستأجر كما لو زرع ما لا يدرك في المدة فكالغاصب يتخير المالك بين قطعه و إبقائه بالأجرة و لو اختار المستأجر قطع زرعه في الحال كان له ذلك و ليس للمالك أخذه بالقيمة بدون رضا صاحبه و إن كان بغير تفريط مثل تأخره لبرد حصل أو تأخر الأهوية أو المياه أو غير ذلك فعلى المؤجر تركه و له المسمى و أجرة المثل في الزائد و يحتمل وجوب نقله لحصول التفريط منه إذ قد كان يمكنه الاستظهار بزيادة المدة و الأوّل أقرب أو لو أراد المستأجر زرع ما لا يدرك في المدة فالأقرب أنه للممالك منعه و قال الشيخ له منعه و فيه نظر نعم له قلعه عند الانقضاء لا قبله و لو استأجر لزرع مدة لا يكمل فيها و شرط تفريغ الأرض عند الانتفاء جاز و لزمه النقل و إن أطلق فالوجه الجواز سواء أمكنه الانتفاع بها في المدة يزرع ما يساوي المشترط في الضرر أو يقصر عنه أو لا على إشكال و (- ح -) فالأقرب عدم وجوب الإبقاء على المالك و لو رضي بالأجرة عن الزيادة جاز و لو اشترط التبقية إلى وقت البلوغ بطل العقد [- يج -] إذا استأجر الغراس سنة ما يبقى بعدها غالبا صحّ سواء شرط قلع الغراس عند الانتهاء أو لا و له الغرس قبل الانقضاء لا بعده و يجب مع الانتهاء قلع الغرس مع الشرط و هل مئونة القلع على الغارس أو المالك فيه تردد و لا أرش على المالك و لا يجب على المستأجر تسوية الحفر و إصلاح الأرض إلا أن يقلعه قبل المدة و لو اتفقا على إبقائه بعوض أو غيره جاز إن قرنه بمدة معينة و لو أطلق العقد فللمستأجر القلع و عليه تسوية الحفر و كذا إن قلعه قبل انتهاء المدة و لو لم يقلعه قال الشيخ لم يجبر على قلعه مجانا و يتخير المالك بين أخذ الغرس بالقيمة و يجبر المستأجر على القبول و بين الإجبار على القلع مع دفع الأرش لنقص الغرس بالقلع و بين التقيّة بأجرة المثل و عندي في إجباره على قبول القيمة نظر و لا يتخير المالك بين دفع قيمة الغراس و القلع مجانا و التّرك فيكونان شريكين و لو باع الغارس غرسه على غير المالك جاز و قام المشتري مقام البائع و لو شرط في العقد تبقية الغراس فالأقرب البطلان و يثبت أجرة المثل [- يد -] إذا آجرها للزّرع و أطلق جاز أن يزرع ما شاء و له زرع ما هو أبلغ ضرر أو أدناه و ما بينهما و إن عين المزروع جاز أن يزرعه و ما يساويه أو يقصر عنه في الضّرر سواء شرطه أو لا و إن شرط أن لا يزرع غيره صح الشرط و العقد و مع التخصيص لو زرع ما هو أفقر و كان للموجر قلعه سواء بلغ إلى الضّرر الزائد على ما سماه أو لا ثم إن بقي من المدة ما يمكن فيه زرع المسمّى كان له ذلك و إلا فلا و عليه

ص: 249

أجرة جميع المدة و لو لم يعلم المالك حتى استحصد فالوجه أن له المسمّى و أجرة الزيادة و يلوح من كلام الشيخ التخيير بين ذلك و بين أجرة المثل و كذا لو استأجر للسكنى فأسكن القصار أو الحداد فإن الوجه أن يأخذ المسمّى و أجرة الزائد من الضرر و كذا لو استأجر غرفة ليجعل فيها وزنا من القطن فوضع ذلك الوزن من الحديد و لو قال ازرع ما شئت جاز و ليس له أن يغرس و لو استأجرها للبناء جاز و يشترط معرفة الموضع و العرض و في العلو نظر

الفصل الخامس في باقي مباحث الحيوان

و هي [- يز -] بحثا [- ا -] إذا استأجر دابة لمنفعة كان له أن يستوفي تلك المنفعة و مثلها و دونها فلو استأجرها لحمل شيء معلوم جاز أن يحملها ما يساويه في المقدار و الضرر و ليس للموجر إبدال الدابة بمثلها أو أجود بدون رضاء المستأجر و لو كانت المنفعة الّتي يستوفيها أكثر ضررا أو مخالفة للمعقود عليه في الضرر لم يجز فلو استأجر لحمل حديد لم يحمل قطنا و بالعكس لكثرة مقدار الأول بتفاوت الهواء فيكثر التعب و ملازمة الثاني موضعا واحد فإن خالف كان عليه المسمّى و أجرة الزائد و يضمن و لو استأجر للركوب لم يكن له أن يحمل و بالعكس و لو استأجره ليركبه عاريا لم يكن له ركوبه بالسّرج و بالعكس و لو استأجر ليركبه بسرج لم يكن له ركوبه بأثقل [- ب -] لو استأجرها للركوب أو الحمل في مسافة معيّنة لم يجز أن يسلك بها في غيرها سواء كان أكثر ضررا لها لخوف أو حزونة أو أقل و لو فعل ضمن و هل يجب المسمّى مع الزيادة إن كانت أو أجرة المثل فيه نظر [- ج -] إذا استأجرها للركوب أو الحمل إلى غاية فتجاوزها كان عليه المسمّى و أجرة المثل للزائد و يضمن من حين التعدي و لا خيار للمالك مع بقائها بين المطالبة بالأجرة و بالقيمة يوم التعدي و إن بعدت مسافة التجاوز و لا فرق في الضمان بين أن يتلف في الزيادة أو بعد ردها إلى المسافة هذا إذا كان صاحبها غائبا و إن كان حاضرا و لم ينطق بشيء حتى تعدى فيها لم يكن مضمونة ضمان اليد فإن يد صاحبها عليها فإن ماتت و المستأجر راكب ضمن إما النصف أو قابل الزائد على مسافة الإجارة بعد النسبة على الاحتمالين هذا ما قاله الشيخ و الوجه عندي ضمان الجميع و إن كان صاحبها ساكنا و إن تلفت بسبب سبع أو سقوط في وهدة و شبهها بعد نزوله عنها و تسليمها إلى صاحبها لم يضمنها و لو كان التلف بسبب التعدي فإنّه يضمنها بأجمعها و كذا الأول يضمن الجميع لو كان التلف من الراكب بسبب الحمل أو السير و لا يسقط الضمان بردها إلى المسافة [- د -] لو استأجر لحمل شيء فحمل أزيد وجب المسمّى و أجرة المثل للزائد و يلزمه الضمان و لو استأجره لحمل قفيز فوجده قفيزين فإن كان المستأجر تولى الكيل من غير علم المالك كان حكمه حكم من استأجر لحمل شيء فزاد و إن كان المالك من غير علم المستأجر فلا أجرة عليه للزائد و للمستأجر مطالبته برد الزائد إلى موضعه و ليس للموجر إلزامه بذلك لو لم يرده و لو رجعا إلى بلد الأجرة ثم علما بالزيادة فالأقرب أن للمستأجر المطالبة بردّ الزّيادة و لا يجب عليه قبول المثل و لا ضمان و لو تلف الزائد من الطعام ضمنه سواء كاله أحدهما و وضعه الآخر على ظهر الدابة أو كاله و وضعه و إن تولاه أجنبي من غير علم المستأجر فهو متعدّ عليهما يضمن الدابة لصاحبهما و الطعام لمالكه و لوكالة المستأجر و وضعه المالك مع علمه بالزيادة فلا ضمان و في ثبوت الإجارة في الزائد نظر و لو انعكس الحال فعليه أجرة الزّائد و لو أمره بالحمل ففي الأجر نظر و إن كاله أحدهما و حمله أجنبي بأمره أو بأمر الآخر فهو كما لو حمله أحدهما و لو كان بغير أمرهما تعلق به الضمان إذا عرفت هذا فإذا حملها أزيد فقد قلنا إنه ضامن و هل يضمن الجميع أو البعض بالتقسيط الأقرب الثاني و لو كانت الزيادة مما لا يقع غلطا لم يضمن و لا وجب لها أجرة في ذلك كله هذا إذا تلفت من الحمل و لو تلفت بسبب غيره كأفراس السبع و الوقوع في الوهدة و أخذ ظالم لها ففي الضمان إشكال [- ه -] لو استأجر الدابة مدة غزائه لم يجز و كذا مدة سفره في تجارته فإن فعل فله أجرة المثل و لو سمى لكل يوم شيئا معلوما من غير تعيين الأيام لم يجز و لو عينها صحّ و يلزمه الأجر سواء كانت مقيمة أو سائرة و لا بد من تعيين ما يستأجر له من ركوب أو حمل و كذا لو آجر نفسه لسقي النخل كل و لو بتمرة أو فلس أو غيرهما جاز بشرط تعيين الدلاء و لو لم يعين بطل و كان له أجرة المثل مع العمل و لا بد من معرفة الدلو و البئر و ما يستسقى به [- و -] لو استأجر دابة عشرة أيام بعشرة دراهم فإن حبسها أكثر من ذلك فله بكل يوم درهم لم يجز فإن جعل ذلك شرطا في العقد بطل العقد و إلا فلا فإن حبسها أكثر من المدة كان له أجرة المثل و كذا البحث في الصّبرة لو استأجره لحملها على أنها عشرة أقفزة بدرهم فما زاد فبحسابه [- ز -] لو استأجر صبرة مشاهدة إلى موضع معيّن جاز و لو قال استأجرتك لتحملها كل صبرة قفيز بدرهم فإن علما مقدار القفيز صح إجماعا و إلا فالأقرب البطلان و يثبت أجرة المثل و لا يلزم في قفيز واحد على إشكال و لو قال لتحمل قفيزا بدرهم و ما زاد فبحسابه يريد به حمل الجميع صح في القفيز إن لم يجعل الزائد شرطا و إلا بطل و وجب أجرة المثل و لو أراد مهما حملت من باقيها فبحسابه و يصح و كذا لو قال لتحمل قفيزا بدرهم على

ص: 250

أن تحمل الباقي بحساب ذلك أو قال لتحمل هذه الصرة كل قفيز بدرهم و تنقل لي صبرة أخرى في البيت بحساب ذلك سواء علما الصبرتين بالمشاهدة أو لم يعلماهما و لو علماهما بالكيل جاز و لو علما إحداهما خاصة صحّ فيها خاصة و لو قال لتحمل هذه الصّبرة و الّتي في البيت بعشرة فإن علما الّتي في البيت بالمشاهدة صحّ و إلا فلا و لا يصحّ في المشاهدة بانفرادها و لو قال لتحمل هذه الصّبرة و هي عشرة أقفزة بدرهم فإن زادت على ذلك فبحسابه صح في العشرة خاصة إن لم يجعل الزائد شرطا [- ح -] إذ استأجر دابة للركوب اشترط في صحته معرفة المتعاقدين بما عقدا عليه فإذا آجره جملا للركوب وجب معرفة الراكبين و الآلة الّتي يركبان فيها كالمحارة و غيرها و هل المحمل مغطى أو مكشوف و جنس غطائه و معرفة الوطاء و إن كان مقتبا ذكره و يحتاج إلى معرفة المعاليق كالقربة و السطحية و السفرة و نحوها من جميع ما يحمل معه و يجب معرفة الدابة الّتي يركب عليها إما بالمشاهدة أو الوصف فيذكر الجنس كإبل أو فرس أو حمار و النوع كبختي أو عربي أو برذون أو مصري أو شامي و الذكورة و الأنوثة و جودة مشيه و رداءته و إذا كان الكراء إلى مكة أو ما يشبهها ممّا لا مدخل للموجر في السّير لم يحتج إلى ذكر وقته و قدره كلّ يوم و لو كان السير في كل وقت إلى المؤجر فالأقرب عدم وجوب ذلك أيضا لكنه مستحبّ و إذا أطلق و للطريق منازل معروفة عمل على العرف مع اختلافهما و كذا لو اختلفا في وقت السير من الليل و النهار و في موضع المنزل من داخل البلد أو خارجه فإنّه يحمل على العادة و لو لم يكن للطّريق منازل معروفة فالأولى صحة العقد و الرّجوع إلى العادة في غير تلك ذلك الطريق [- ط -] إذا شرط حمل زاده و كان معينا فنقص بالأكل المعتاد فالأقرب أنّه ليس له حمل بدله و قوى الشيخ أن له الإبدال و ليس برديء و لو شرط ذلك فالأقرب الجواز و كذا لو فني الزاد بالأكل أما لو نقص بالسرقة أو بالأكل الخارج عن العادة فالوجه جواز حمل العوض و على ما اخترناه لو فقد الزاد و كان بين يديه مراحل يوجد الزاد فيها كان له أن يشري ما يتزوّر به مرحلة مرحلة و إن لم يوجد أو وجد بثمن غال كان له أن يحمل البدل مع نفسه و لو شرط عدم إبدال ما نقص من الأكل فنقص بسرقة أو سقوط فالوجه جواز الإبدال [- ى -] إذا اكترى جملا ليحج عليه فله الركوب عليه إلى مكة و من مكة إلى عرفة و الخروج عليه إلى منى و لو اكترى إلى مكة فقط لم يكن له الخروج عليه إلى عرفات و منى [- يا -] يجب على المؤجر القيام بما يحتاج الركوب إليه من الحداجة و القتب و الزمام أو السّرج و اللجام أو البردعة و المقود و على المستأجر الزائد على ذلك كالمحارة و الحبال الّتي يربط بها و الوطاء الذي يشد به فوق الحداجة تحت المحل و على المؤجر رفع المحمل و حطّه و شدّه على الجمل و رفع الأحمال و شدها و خطها و عليه إعانة الراكب على الصعود و النزول و عليه السابق و القائد هذا إذا اكتراه على أن يصحبه و لو استأجر على أن يأخذ الدابة هو و يمضي بانفراده كان ذلك جميعه عليه و أما الدليل فالأقرب أنّه على المستأجر إن كانت الأجرة على ظهر معيّن و على المؤجر إن آجره للحمل إلى المشترط و أما السّوق فإن كان الكراء ليحمل المستأجر أو ليركب هو عليها فالسّوق عليه و إن استأجر لحمل المتاع فعلى المؤجر و جميع ما قلناه على أحدهما لو شرطه على الآخر جاز و على المؤجر إبراك البعير للمرأة و العاجز لكبر أو مرض أو سمن و ليس عليه ذلك لغير المعذور و لو كان قويا حال العقد فضعف أو بالعكس كان الاعتبار بحال الركوب و على المؤجر إيقاف البعير لينزل لصلاة الفريضة و قضاء الحاجة و الطّهارة و يستمر على وقوفه حتى يفعل المستأجر ذلك ثم ركب أما ما يمكنه فعله راكبا كالأكل و الشرب و صلاة النافلة فلا يجب إيقافه لذلك و لا أن يبركه له و لو كان في موضع يتخير بين التمام و القصر فطلب المستأجر التمام لم يكن للموجر مطالبته بالقصر بل يقف معه حتّى يتمّ صلاته و لو آجره و سلمه إليه ليركبه بنفسه لم يلزمه شيء مما قلناه و لو كانت العادة يقتضي النزول و المشي عند قرب بعض المنازل لم يجب على الراكب النزول فيه و إن كان جلدا على المشي [- يب -] لو هرب الجمال بانفراده لم يبطل الإجارة و أقام الحاكم عوضه من يقوم بما يجب عليه من إطعام الدواب و السّد و الحل و لو لم يجد مالا سوى الجمال و فيها فضله بيعت في حمل المستأجر و النفقة على الجمال و إقامة عوضه و لو لم يكن فضلة أقرض الحاكم عليه أما من بيت المال أو غيره و دفع إلى المستأجر ما يحتاج إليه و لو استدان من المكتري و أنفق جاز و إن أذن للمستأجر في الإنفاق ليرجع به جاز و لو اختلفا في قدر النفقة فإن كان الحاكم قدرها قبل قوله في المقدر مع اليمين دون الزائد و كذا إن لم يقدر في المعروف خاصة و لو اتفق بغير إذن الحاكم مع القدرة عليه لم يرجع بها و كذا مع التعذّر و ترك شرط الرّجوع و الإشهاد و لا يقبل قوله في إيجاب الرّجوع له على غيره و إن أشهد بشرط الرجوع فالأقرب ثبوت الرجوع فإن انقضت مدّة الإجارة و رجع الجمال طولب بما عليه و سلم إليه الجمال و إن لم يعد أو لم يود باع الحاكم منها بقدر ما عليه فإن فضل كان للحاكم الخيار في بيعه مع العينة و الاحتفاظ بالثمن و في الإبقاء و إن هرب لجماله و كانت الإجارة في الذّمة لم ينفسخ بالهرب و يكتري

ص: 251

الحاكم من مال الجمال له ظهرا فإن فقد المال أقرض عليه إما من بيت المال أو بعض النّاس أو المستأجر و الأقرب أنه ليس له أن يجعل الاستيجار إلى المستأجر و لو تعذر الاقتراض فللمستأجر الفسخ و يبقى المال دينا على الجمال و البقاء على العقد و يطالب الجمال مع عوده بظهر يركبه إلا أن يكون مقيّدة بزمان و ينقضي فله مال الإجارة و إن كانت الإجارة على بهيمة معيّنة لم يكن للحاكم أن يستأجر له غيرها فإن فسخ المستأجر رجع بمال الإجارة و يدفع الحاكم العين إن وجدها و إلا المثل أو القيمة و لو لم يكن له مال فهل له أن يقترض عليه قال الشيخ ليس له ذلك و الوجه تخصيص المنع بالاقتراض من المستأجر لانتفاء الفائدة قد بينا أنه إذا لم يكن له مال يقترض الحاكم عليه إما من بيت المال أو من بعض الناس فإن لم يمكن فمن المستأجر و في هذه الصورة ليس للاقتراض من المستأجر فائدة لأن المستأجر له في ذمة المؤجر مال فإبداله لا فائدة فيه و إن لم يفسخ و كانت الإجارة متعلقة بمدّة انفسخت بانقطائها و لو بقي من الزّمان شيء ثم عاد الجمال بحاله انفسخ فيما فات دون ما بقي و لا فيما استوفاه و إن كانت مقدّرة بالعمل كان له المطالبة به مع رجوع الجمال سواء كان عوده بعد مضي مدّة يمكن فيها الانتفاع أو لا [- يج -] يصح ذكر العقبة و هو أن يركب البعض و يمشي الآخر بشرط أن يقدرها بفراسخ معينة أو زمان معلوم مثل أن يركب إلى الزوال و يمشي إلى آخره و يعتبر في هذا زمان السير دون زمان النزول و لو اكترى على أن يركب يوما و يمشي آخر جاز و لو أطلق العقبة من غير تعيين فإن كانت هناك عادة معلومة حمل عليها و إلا بطل و لو اتفقا على أن يركب يوما و يمشي مثلها أو ما زاد على ذلك أو نقص جاز و لو اختلفا لم يجبر الممتنع منهما و لو اكتراه اثنان للعقبة بينهما بركب أحدهما ثم ينزل فيركب الآخر جاز و يكون الإجارة متعلقة بجميع المسافة و يرجعان في التناوب إلى العادة أو ما يتفقان عليه و لو اختلفا في البادي أقرع و لو لم يكن للتناوب عادة بطلت الإجارة إلا أن يعينا في العقد التناوب إما بالزّمان أو بالفراسخ [- يد -] لو استأجر للحمل لم يجب معرفة الحمولة من كونها فرسا أو إبلا أو غيرها إلا أن يكون المحمول يستضر بكثرة الحركة كالفاكهة و الزجاج أو يكون الطريق مما يعسر على بعضها دون بعض فيفتقر إلى تعيينه و لا بد من معرفة المحمول فلو شرط أن يحمل ما شاء لم يجز و كذا لو قال لتحمل عليها طاقتها بل يجب معرفته إما بالمشاهدة أو الوصف بالقدر و الجنس و الظرف إن دخل في الوزن لم يحتج إلى ذكر و إلا وجب إن اختلف و لو لم يختلف كالصوف و الشعر لم يجب تعيينه و لو استأجر لمائة رطل من الحنطة لم يدخل الظرف و لو قال لمائه دخل و لو استأجر ظهرا للحمل موصوفا بجنس مثل أن يشترط الخيل أو البغال أو الإبل ليسرع في السير فلا لفوته الصحبة أو ليسكن السير فلا يحصل من الحمل فأراد حمله على غير ذلك الجنس لم يقبل منه سواء كان المستأجر أو المؤجر [- يه -] لو استأجر بقرا للحرب جاز و افتقر إلى معرفة البقر و يجوز استيجارها بانفرادها فالمتولي للحرث المستأجر و بانضمامها إلى مالكها ليعمل بها و إلى الآلات كالسير و بدون الآلة و لو استأجر البقر للدياس افتقر إلى معرفة الزّرع إما بالمشاهدة أو المدة من غير تعيين الزرع و متى شرط المدة افتقر إلى تعيين البقر [- يو -] لو استأجر لإدارة الرّحى افتقر إلى معرفة الحجر بالمشاهدة أو الوصف و تقدير العمل إما بالزمان أو بتقدير المطحون و ذكر جنسه و لو استأجر لدوران الدولاب افتقر إلى مشاهدة الدّولاب و تقدير العمل لها بالزمان أو بامتلاء شيء معين كالحوض و لو استأجر للغرب افتقر إلى معرفة الغرب و تقدير الاستيفاء بالزمان أو تعدّد الغروب أو بامتلاء شيء معيّن و لا يجوز التقدير بشرب الأرض و إن كانت معيّنة و كذا لو قدره بشرب الماشية و لو استأجر لاستسقاء الماء افتقر إلى معرفة الآلة كالراوية و الجرة و القربة و تقدير العمل إما بالوقت أو عدد المرات أو امتلاء شيء معيّن فإن قدره بالمرات افتقر إلى معرفة الموضع الذي يستقى منه و يذهب إليه و إن قدره بملاء شيء افتقر إلى معرفته و معرفة موضع الماء و لو استأجر الدابة لنقل التراب جاز و لا بد من معرفتها في كل موضع وقع العقد فيه على المدة فإن وقع على العمل المعيّن لم يجب [- يز -] لو استأجر دابة و ذكر المستأجر أنها تتعب راكبها فإن كان من قبله مثل أن يكون قليل الركوب فلا خيار له و إن كان من قبلها كالضمار و قلّة البصر فإن رضي فلا خيار و إن لم يرض فإن استأجرها بعينها كان له الفسخ دون الإبدال و إن كانت في الذمة كان له البدل و لم يكن له فسخ العقد

الفصل السّادس في تضمين الإجزاء

و فيه [- كا -] بحثا [- ا -] العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لا يضمنها إلا بتعداد تفريط و إذا انقضت المدة وجب عليه دفع يده و ليس عليه الرّد إلا مع المطالبة و لا يضمنها بعد المدة بدون التفريط و لو طلبها صاحبها بعد المدة وجب ردها مع المكنة فإن امتنع ضمنها و عليه أجرة المثل وقت الإمساك و إن لم يستعملها و لو امتنع من الانتفاع من قبل نفسه لزمه الأجرة و لا ضمان و إن كان بوقوع الإصطبل على الدابة [- ب -] لو شرط المؤجر على المستأجر ضمان العين لم يصحّ و هل تبطل الإجارة فيه نظر و لو آجره شيئا و شرط عدم السير ليلا أو وقت الظهيرة أو لا يتأخر بها عن القافلة أو لا يسير في الأعقاب أو في الابتداء أو لا يسلكها طريقا معيّنا أو لا ينزل واديا فخالف ضمن [- ج -] إذا كانت الإجارة فاسدة لم يكن العين مضمونة أيضا إلا بالتعدي [- د -] يسوغ

ص: 252

للمستأجر ضرب الدابة بمجرى العادة و تكبيحها باللجام للإصلاح و الحث على السّير ليلحق الرفعة و للرائض ضرب الدابة للتأديب و ترتيب المشي و العدو و السّير و للمعلم ضرب الصبيان للتأديب إلا صغيرا لا يعقل و لو تلفت الدابة بضرب المستأجر مما يسوغ ضربها به لم يضمن و كذا لا يضمن لو وضع عليها السّرج أو اللجام أو البرذعة فماتت و لو تعدى في ذلك كلّه ضمن و لو ضرب امرأته للتأديب فماتت ضمن و الرائض لا يضمن مع ضربه موافق العادة و لو مات الصغير صف أنفه أو وقع عليه شيء من السقف لم يضمن المؤدب سواء كان الصّبي حرّا أو عبدا [- ه -] الختان و الحجام و المتطيب إذا تلفوا شيئا بفعلهم ضمنوه و إن كانوا حاذقين كما لو قطع بعض الحشفة أو يقطع الطبيب سلعة فيتجاوزها أو يقطع بآلة كآلة أو في وقت لا يصلح للقطع فيه أما لو لم يتجاوزوا محل القطع مع حذقهم في الصنعة فاتّفق التلف فإنّهم لا يضمنون و لو ختن صبيا من غير إذن وليه أو قطع سلعة من إنسان بغير إذنه فسرت جنايته ضمن و لو فعل بإذن من له الولاية لم يضمن إلا مع التعدي [- و -] لو استأجره لقلع ضرسه فقلع غير ما أمره ضمنه و اقتص منه في العمد [- ز -] الراعي لا يضمن الماشية إلا بالتعدي أو التفريط مثل أن ينام عنها أو يعقل أو يضعها في بعد منه أو يغيب عن نظره و حفظه أو يضربها كثيرا أو في غير موضعه أو من غير حاجة أو يسلك بها طريق مخوف و لو اختلفا في التعدي فالقول قول الراعي و لو اختلفا في كون الفعل تعدّيا رجع إلى أهل الخبرة و لو ادعى موت شاة قبل قوله مع اليمين و لا يضمن و إن لم يأت بجلدها و لا يضمن ما يأخذه العرب و اللصوص و الأكراد أو يأخذه السباع إلا مع التعدي بأن يخالف صاحب الغنم في المرعى فإن أطلق و لم يعين الموضع فلا ضمان إلا مع التعدي [- ح -] الصانع مثل القصار و الخياط و الحائك و الطباخ و أشباههم يضمنون ما يتلف بفعلهم سواء كانوا في ملك المستأجر أو ملكهم و سواء كان المستأجر حاضرا أو غائبا و الحمال يسقط ما يضمن من حمله عن رأسه أو يتلف من عترته و الجمال يضمن ما يتلف بقوده و سوقه و انقطاع حبله الذي يشدّ به الحمل و الملاح يضمن ما تلف في يده أو حذفه أو ما يعالج به سفينة سواء حصل منهم التعدي أو لا و سواء كان صاحب العمل حاضرا أو غائبا و كذا كل من أعطي شيئا ليصلحه فأفسده أو أعابه و لو كان للمستأجر عبيد صغار أو كبار على جمله ضمن المؤجر ما تلف من قوده و سوقه و كذا الأجير الخاصّ يضمن ما يتلف بفعله سواء كان عن تفريط أو لا [- ط -] إذا تلف الصانع الثوب بعد عمله تخير المالك بين تضمينه إياه معمولا و عليه الأجر له إن لم يكن دفعه و بين تضمينه إياه قبل عمله و لا أجر له عليه و كذا لو أتلف الحامل ما حمله تخير بين تضمينه في موضع التلف و عليه أجرة حمله إليه و بين تضمينه إياه في موضع التسليم و لا أجرة [- ى -] إذا دفع غزلا إلى حائك فقال انسجه عشرة طولا في عرض ذراع فنسجه زائدا فيهما فلا أجرة له على الزيادة ثم إن كانت الزيادة في الطّول خاصّة استحق المسمى و إن كان في العرض فالأقرب أنه كذلك على إشكال و كذا الإشكال لو كانت الزيادة فيهما و لو نسجه ناقصا في الطول فالأقرب أنه يستحق بنسبة عمله من الأجرة و لو كان ناقصا في العرض فالإشكال فيه أقوى و عليه الأرش في البابين و إن نسجه زائدا في أحدهما ناقصا في الآخر فلا شيء له عن الزيادة و كان الحكم في النقصان ما ذكرنا و ليس لصاحب الثوب دفعه إلى النساج و إلزامه بثمن المغزل و لو أثرت الزيادة نقص العين مثل أن يأمره بعشرة ليكون صفيقا فينسجه خمسة عشر خفيفا أو بالعكس ضمن الأرش و الوجه عدم الأجرة [- يا -] إذا قال للخياط إن كان هذا يكفي قميصا فاقطعه فقال نعم فقطعه و لم يكفه ضمن الخياط أرش القطع و لو قال إن كان يكفيني قميصا هل يكفيني قال نعم قال اقطعه لم يضمن [- يب -] لو أمره بقطع قميص رجل فقطعه قميص امرأة احتمل إلزامه بأرش ما بين قيمته صحيحا و مقطوعا و ما بين قيمته مقطوعا قميص امرأة و رجل و الأول أقوى و على التقديرين لا يستحق أجرا [- يج -] إذا اختلفا فقال أذنت لي في قطعه قميص امرأة أو قباء أو صبغ الثوب أسود فقال بل في قميص رجل أو في قميص أو في الصبغ أحمر فالوجه أن القول قول المالك مع يمينه على عدم الإذن بما ادعاه الخياط و الصباغ و لا أجرة عليه على قطع ما ادعاه الخياط و الوجه أنه لا أجرة له أيضا في مقابلة القطع الذي يصلح لما ادعاه المالك و له الأرش ثم الخيوط إن كانت له لم يكن للخياط فتقه و إن كانت للصّانع جاز له فتقه و انتزاع الخيوط منه إلا أن يتفقا على العوض و لو طلب المالك أن يسدّ في كل خيط خيطا ليعقد في مكانه عند سلّه لم يجب إجابته و كذا البحث في الصّبغ [- يد -] إذا استأجره لعمل في عين فتلفت في يد المؤجر من غير تفريط لم يضمن سواء كان هلاكه بما يستطاع أو بغيره كالغرق أو القهر باليد العالية عليه لا أجرة له فيما عمل فيها إن كان العمل في ملكه و المستأجر غائب و إن كان في ملك المستأجر و هو حاضر قال الشيخ له الأجرة لأنه يسلم العمل جزءا فجزءا و لو حبس الصانع الثوب على استيفاء الأجرة ضمنه إلا أن يجعله المستأجر رهنا و لو دفع القصار الثوب إلى غير المالك للاشتباه بثوب آخر ضمنه فإن قطعه رده مع الأرش و في تضمين القصار الأرش إشكال و يطالب بثوبه فإن كان موجودا أخذه و إن نقص فله الأرش و لو هلك

ص: 253

عند القصار ففي لزومه إشكال أقربه ذلك [- يه -] إذا استأجره للخبر فأحرق بتفريط منه ضمنه و إن كان بغير تفريط لم يضمنه سواء كان التنور في ملك أحدهما أو أجنبيّ [- يو -] إذا استأجر لحفظ ما في البيت من القماش و بيعه لم يضمنه و إذا سرق الثياب من الحمام لم يكن على صاحبه شيء إلا أن يودع فيفرّط [- يز -] إذا حبس حرّا أو عبدا فسرقت ثيابه كان عليه الضمان و لو قال له الحرّ اقطع يدي فقطعها لم يضمنها و لو قال له عبد ضمنها [- يح -] إذا استأجره للعمل في عين كالثوب فقصره فتلف بغير سببه فلا ضمان إلا مع التعدي مثل أن يلبس الثوب ثم يسرق من حرزه فعليه ضمانه بقيمة أكثر ما كانت من يوم التعدي إلى يوم التلف و إن كان التلف بسببه ضمنه يوم الجناية [- يط -] إذا استأجره ليحجم حرا أو عبدا أو يعلمه صنعة فتلف لم يضمن إلا بالتعدي و لو استأجره ليحمل شيئا فتلف في الطريق لم يضمنه إلا مع التعدي أو التفريط سواء كان صاحبه حاضرا معه أو لا و لو أخرج روشنا أو جناحا إلى طريق فتلف به شيء ضمنه و لو غرر الإمام أو حدّ من يستحق ذلك فتلف لم يضمن [- ك -] إذا استأجر ثوبا ليلبسه فاتزر به ضمنه و له أن يقيل فيه و ليس له البيتوتة فيه [- كا -] إذا استأجر دابة لقطع المسافة فأمسكها قدر قطعها من غير تسيير استقرت الأجرة عليه فإذا أمسكها بعد المدة ففي وجوب الضمان و مئونتها و مئونة الرد إشكال و يلوح من كلام الشيخ وجوب ذلك كله عليه

الفصل السّابع في باقي الأحكام

و فيه [- لا -] بحثا [- ا -] إذا تمت الإجارة بأركانها ملك المستأجر المنافع المعقود عليها إلى المدة و يكون حدوثها على ملكه لا ملك المؤجر و يملك المؤجر مال الإجارة بمجرّد العقد مع الإطلاق أو اشتراط التعجيل و لا يشترط في ذلك استيفاء المنفعة و لا مضى وقتها سواء كانت معيّنة كالثوب و الدّار و العبد أو غير معيّنة و لو كانت الإجارة على عمل ملك الأجير بالعقد أيضا مال الإجارة و هل يستحق تسليمه قبل تسليم العمل فيه نظر فإن قلنا به و كان العمل في ملك الصانع لم يبرأ من العمل و لا يستحق الأجر حتى يسلّم العين و إن كان في ملك المستأجر استحق الأجر بنفس العمل و لو استأجر كل يوم بأجر معلوم استحق أجر كل يوم فيه [- ب -] إذا اشترط تأجيل الأجر صحّ بشرط أن يكون الأجل مضبوطا و لو شرطه منجّما يوما بيوم أو شهرا بشهر أو أقل من ذلك أو أكثر جاز و لو خالف في تقسيط الأجرة في النجوم صح بشرط الضبط [- ج -] إذا استوفى المستأجر المنافع استقر الأجر فإن سلمت العين إليه و مضت المدة من غير مانع له عن الانتفاع استقر الأجر و إن لم ينتفع المستأجر و كذا لو استأجر للعمل و مضت مدّة يمكن استيفاؤه فيها مثل أن يستأجر دابة ليركبها إلى موضع و مضت مدة يمكن ركوبها فيها و لو بذل المؤجر العين فامتنع المستأجر من أخذها مع إمكانه و مضت مدّة الاستيفاء استقرت الأجرة و لو كانت الإجارة متعلقة بعبد و شبهه على عمل موصوف كخياطة ثوب و بناء حائط و قلع ضرس و بذل المؤجر العين و مضت مدة يمكن استيفاؤه فيها فامتنع من أخذها ففي استقرار الأجرة نظر و لو كانت الإجارة فاسدة و عرضها على المستأجر فلم يأخذها فلا أجر عليه و إن مضت المدة و لو قبضها المستأجر و مضت المدة المشرطة أو مدة يمكن استيفاء العمل فيها احتمل وجوب أجرة المثل و عدمه أما لو استوفى المنفعة فإنه يلزمه أجرة المثل لا أقل الأمرين من المسمّى و الأجرة [- د -] الإجارة عقد لازم على ما تقدّم لا يثبت فيه خيار المجلس و لو شرطا الخيار فيه لهما أو لأحدهما أو لأجنبيّ جاز بشرط ضبطه بالمدة المعلومة سواء كانت معيّنة مثل أن يستأجر هذا العبد أو مطلقة في الذمة مثل أن يستأجر لخياطة ثوب [- ه -] إذا استأجر عينا فتلفت قبل قبضها انفسخت الإجارة إجماعا و كذا لو تلفت بعد قبضها في ابتداء المدة و لو تلفت بعد مضي بعض المدة لم ينفسخ فيما مضى و بطلت في المستقبل و عليه من الأجر بقدر الماضي فإن ساوت أجزاء المدة بسطت الأجرة عليها و إن اختلفت كموضع يكثر إجارته في وقت دون آخر بسطت الأجرة على قدر القيمتين في المدتين لا على المدتين و كذا التفصيل لو أبق العبد [- و -] لو غصب العين المستأجرة بعد التمكين التام و الإقباض لم تبطل الإجارة و كان على المستأجر دفع الأجرة و له مطالبة الغاصب بأجرة المثل سواء زادت عن المسمى أو نقصت و إن كان قبل الإقباض تخير المستأجر في الفسخ مع الرجوع على المالك بالمسمى و في الرجوع على الغاصب إن اختار الإمضاء و إن اختار الفسخ كان له و يسقط عنه مال الإجارة و يسترده مع الدفع و لو ردّت العين في الأثناء و لم يكن قد فسخ كان له استيفاء الباقي و كان الخيار فيما مضى ثابتا و ليس له مطالبة المالك بالانتزاع و إن كان متمكّنا منه و لو أقر المالك بالرقية ثبت في حق المستأجر بل كان له مخاصمة الغاصب و لو كانت الإجارة على عمل كخياطة ثوب أو حمل شيء فمات العبد أو الخياط أو الجمل الحامل لم ينفسخ الإجارة و كان عليه إقامة من يعمل ذلك و كذا لو غصب و لو تعذّر البدل تخير المستأجر في الفسخ و الصّبر حتى يظفر بالعين المغصوبة و لو منعه المالك من استيفاء المنفعة في ابتداء المدة كان له

ص: 254

الفسخ و الأقرب أن له الإمضاء فيرجع بالتفاوت إن كان و لو غصب المستأجر العين المستأجرة كان ذلك استيفاء للمنافع و لو أبق العبد في الأثناء كان للمستأجر البقاء فإن رجع قبل الانقضاء انفسخ فيما مضى حال الإباق و لا ينفسخ في الباقي و لو لم يرجع انفسخت في الباقي خاصة [- ز -] لو استأجر مسكنا و حصل خوف في ذلك البلد عام يمنع السكنى فيه أو يحصر البلد فيمنع من الخروج إلى العين المستأجرة للزرع ففي ثبوت الخيار للمستأجر إشكال و لو استأجر دابة ليركبها أو يحملها إلى موضع معيّن فانقطعت تلك الطريق لخوف الناس أو استأجر إلى مكة فامتنع الناس من الحجّ تلك السنة فالأقرب ثبوت الخيار لكلّ منهما بين الفسخ و الإمضاء و لو كان الخوف مختصا بالمستأجر كقرب عدوه من ذلك المكان أو حبس أو مرض أو ضاعت نفقته أو تلف متاعه لم يملك الفسخ [- ح -] لو وجد المستأجر بالعين المستأجرة عيبا تخير في الفسخ أو الإمضاء بالجميع و ليس له المطالبة بالبدل و لو تجدّد العيب بعد العقد كان للمستأجر الفسخ في الباقي و الإمضاء بالجميع فلو انهدمت الدار كان على المالك عمارتها و للساكن خيار الفسخ و هل له إجبار المالك على العمارة فيه نظر و لو باع المالك العين كان عدم الإجبار أولى سواء سبق البيع الهدم أو تأخر و لو اختلفا في كون الموجود عيبا رجع إلى أهل الخيرة و لو كانت الإجارة في الذمة لم يكن له الفسخ و كان له الإبدال [- ط -] يجوز أن يستأجر كحالا يكحل عينه و يفتقر إلى تقديره بالمدة لا العمل و لا بد من ذكر المرة في كلّ يوم أو المرتين و لو قدره بالبئر لم يجز إلا على وجه الجعالة و الكحل على العليل و لو شرطه على الكحال جاز أما الخيوط فعلى الخياط و كذا المداد و الأقلام على الناسخ لا المستأجر و لو استأجره لبناء حائط و شرط الأجر على الصّانع فالوجه الجواز و الصّبغ على الصّباغ و اللبن على المرضعة و إذا استأجره مدّة فكحله فيها و لم تبرأ عينه استحق الأجرة و لو برأت عينه في أثناء المدة انفسخت الإجارة في الباقي و كذا لو مات و لو امتنع من الاكتحال مع بقاء المرض استحق للكحال الأجر بمضي المدة أما لو قال أهل الطّب إن الكحل يضره فحكم حكم البئر و يجوز استيجار الطبيب للمداواة و الحكم فيه كالكحل و لو اشترط المريض الدواء على الطبيب فالأقرب الجواز و لو استأجره لقلع ضرسه جاز فإن برأ قبل القلع انفسخت الإجارة و لو لم يبرأ و امتنع المستأجر من قلعه لم يجبر عليه و عليه الأجرة إذا مضت مدّة العمل [- ى -] يجوز أن يستأجر لرعي ماشية معيّنة أو زمانا معيّنا فإن عينها تعيّنت و يبطل العقد لو ماتت و لو مات بعضها بطل فيه و ليس له إلزامه برعي البدل و لو ولدت لم يجب عليه رعي السخال و لو قرن الرعي بالمدة وجب ذكر الجنس كالإبل و البقر و الغنم و النوع كالبخاتي و الجواميس أو العراب و الضأن أو المعز و لو أطلق البقر فالأقرب عدم دخول الجواميس و في دخول البخاتي في إطلاق الإبل إشكال و لو وقع العقد في موضع يقع الإطلاق عليهما بالسّوية افتقر إلى التعيين و لا بد من ذكر الكبير و الصّغير فيقول كبارا أو سخالا و إذا عيّن العدد لم يجب عليه الزيادة و إن كان من سخالها و لو لم يعين العدو بل استأجره لرعي مدّة قال الشيخ يسترعيه القدر الذي يرعاه الواحد عادة من العدد فلو اقتضت مائة لم يجب الزائد و لو تلف شيء منها كان له الإبدال و لو نتجت كان عليه أن يرعى السخال معها للعادة و لو قيل بالبطلان كان وجها [- يا -] إذا ظهر للموجر عيب في الأجرة سابقا على القبض كان له الفسخ أو المطالبة بالعوض إن كانت الأجرة مضمونة و إن كانت معيّنة كان له الرد أو الأرش لا المطالبة بالبدل و لو أفلس المستأجر بالأجرة فسخ المؤجر إن شاء [- يب -] يكره أن يستعمل الأجير قبل أن يقاطع على الأجرة و أن يضمن مع انتفاء التهمة و لو استعمل قبل الشرط كان له أجرة المثل و لو شارطه و أعطاه بالمشترط عرضا ثم تغير سعره كان عليه بسعر وقت إعطاء المال دون وقت المحاسبة [- يج -] الأجير الخاصّ هو الذّي يستأجر مدّة معيّنة و المشترك هو الذّي يستأجر للعمل مجرّدا عن المدة فالأول لا يجوز له العمل لغير المستأجر إلا بإذنه في المدّة و الثاني يجوز [- يد -] إذا تعدى المستأجر في العين ضمنها وقت العدوان و لو اختلفا في القيمة فالقول قول المستأجر مع يمينه و قيل قول المالك إن كانت دابة و الوجه الأول و يجب على المستأجر سقي الدابة و علفها بمجرى العادة فلو أهمل ضمن [- يه -] من استأجر رجلا لينفذه في حوائجه كانت نفقة الأجير على المستأجر إلا أن يشترطها على الأجير قاله الشيخ و منعه ابن إدريس و فيه قوة [- يو -] إذا أفسد المملوك فيما استوجر فيه بإذن مولاه كان لازما للمولى في كسب العبد [- يز -] إذا استحق المؤجر الأجرة فأسقطها صح و لو أسقط المستأجر المنفعة المعينة لم يسقط أما لو أبرأه عما استحقه في ذمته من العمل فإنه يصحّ [- يح -] إذا تسلم أجيرا ليعمل له صنعة فهلك لم يضمنه صغيرا كان أو كبيرا و سواء كان حرا أو عبدا [- يط -] إذا دفع إلى الصانع شيئا ليعمله فإن عقد معه إجارة صحيحة لزمه المسمّى و إن كانت فاسدة فأجرة المثل و إن لم يعقد لكن صرح له بإعطاء الأجر فأجرة المثل أيضا و كذا لو عرض له بإعطاء الأجرة مثل أن يقول خذ هذا فاعمله و أنا أعلم أنك لا بد لك من أجرة و لو لم يعرض و لم يصرّح فإن كان ممن عادته أخذ الأجرة عليه بأن يكون منتصبا لذلك فله أجرة المثل أيضا و إن لم تجر له عادة بالأجرة عليه فإن كان الفعل مما يستحق عليه الأجر كان له أجرة المثل

ص: 255

و إن لم يكن له أجرة لم يلتفت إلى مدّعيها و كذا البحث لو دفع سلعة ليبيعها و لو تلفت السّلعة من حرزه من غير تفريط لم يضمنها و لو تلفت بفعله ضمنها [- ك -] إذا استأجر رجلا ليحمل له كتابا إلى صاحب له غائب فلم يجده في الموضع المشترط فرجع به إلى صاحبه استحق الأجر لذهابه و عوده [- كا -] إذا اختلفا في قدر مال الإجارة و لا بيّنة فالقول قول المستأجر مع اليمين و قال في الخلاف الذي يليق بمذهبنا استعمال القرعة و لو تعارضا البيّنتان حكم لبيّنة المؤجر معها [- كب -] لو اختلفا في المدة مثل أن يقول آجرتك سنة بدينار فيقول بل سنتين بدينارين فالقول قول المالك مع يمينه و عدم البينة و لو قال بل سنتين بدينار فهاهنا اختلاف في العوض و المدة فالأقرب فيه أن يتحالفا و يفسخ العقد بينهما و حلف كلّ منهما على نفي ما ادعاه الآخر و لو رضي أحدهما بيمين صاحبه أقر العقد و لو قال المالك آجرتكها سنة بدينار فقال بل استأجرتني لحفظها سنة بدينار فالقول قول المالك مع السّكنى سنة [- كج -] لو اختلفا في أصل الإجارة فالقول قول المنكر و كذا لو اختلفا في قدر المستأجر و لو اختلفا في ردّ العين المستأجرة إلى مالكها فالقول قول المالك [- كد -] لو اختلفا في التعدي في العين المستأجرة فالقول قول من ينكره و لو ادعى المستأجر إباق العبد من عنده بغير تفريط أو أن الدابة قد شررت من غير انتفاع بهما فالأقرب أن القول قوله مع يمينه و كذا لو ادعى التلف من غير تفريط و لو ادعى أن العبد مرض في يده فالأقرب التفصيل فإن جاء به صحيحا فالقول قول المؤجر و إن جاء مريضا فالقول قوله و كذا لو ادعى إباق العبد في حال إباقه أو جاء به غير آبق و لو هلكت العين فاختلفا في وقت هلاكها أو أبق العبد أو مرض فاختلفا في وقت ذلك فالأقرب أن القول قول المستأجر مع اليمين لأن الأصل عدم العمل [- كه -] إذا ادعى الصّانع أو الملاح أو المكاري هلاك المتاع و أنكر المالك كلفوا البيّنة و مع عدمها يلزمهم الضمان و لو قيل إن القول قولهم مع اليمين كان أولى و كذا البحث لو ادعى المالك التفريط فأنكروا [- كو -] قال الشيخ يجوز السّلم في المنافع فإن ذكر بلفظ السّلم كان من شرطه قبض الأجرة في المجلس و إن كان بلفظ الإجارة مثل أن يقول استأجرتك منك ظهرا و صفته كذا قيل فيه وجهان أحدهما اشتراط القبض في المجلس و الثاني عدمه و لم يرجح شيئا [- كز -] إذا اختلفا فقال المؤجر وسع قيد المحمل القدم و ضيق المؤجر ليكون أسهل على المحمل و طلب الراكب العكس ليكون أسهل عليه لم يقبل من أحدهما و وضع مستويا [- كح -] إذا استأجرها للرضاع فانقطع اللّبن بطلت الإجارة و لو استأجرها للرّضاع و الحضانة فانقطع اللبن فالأقرب تخير المستأجر بين الفسخ و الإمضاء إمّا بالجميع أو بقدر الحصّة على إشكال [- كط -] إذا استأجر دارا ليس لها باب و لا ميزاب لم يكن على المؤجر تجديده فإن علم المستأجر فلا خيار و إلا فله الفسخ [- ل -] الملك المشترك لا يجوز لأحد من أربابه الانفراد بأجرته و إجارته دون باقي الشركاء فإن تشاحوا تناوبوا بمقدار من الزمان [- لا -] أجرة العبد لمولاه و لو شرط المستأجر للعبد شيئا من غير علم المولى لم يجب الوفاء به و لا يحل للمملوك أخذه فإن أخذه وجب عليه ردّه على مولاه قاله الشيخ و الوجه بقاؤه على الدافع

المقصد الثّاني في المزارعة

اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في الماهية و الشرائط

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] المزارعة و المخايرة شيء واحد و المزارعة مشتقة من الزّرع و المخايرة مشتقة من الخيار و هي الأرض اللينة و هي دفع الأرض إلى من يزرعها بحصّة مشاعة يخرج منها و هي جائزة سواء كانت الأرض بيضاء أو كان بينها نخل بقدر البياض و هي عقد لازم لا يبطل إلا بالتقابل و لا يبطل بموت أحد المتعاقدين و عبارته أن يقول زارعتك على هذه الأرض مدة معيّنة بحصة معيّنة من حاصلها و كذا ينعقد بقوله ازرع هذه الأرض على ما قلنا أو سلمت هذه الأرض للزراعة المدة بالحصّة المعلومة [- ب -] يشترط في المزارعة أمور أربعة أن يكون النماء مشاعا و أن يكون نصيب كلّ منهما معلوما و تعيين الملك و إمكان الانتفاع بالأرض فلو شرط كل منهما الانتفاع بشيء منه معيّن مثل أن يكون لأحدهما الأقل و للآخر الهرف أو ما يزرع على الجداول و الآخر ما يزرع في غيرها أو يشترط أحدهما زرع ناحية و الآخر زرع أخرى أو يشترط أحدهما الشتوي و الآخر الصيفي أو أحدهما قدرا معيّنا و الآخر الباقي إما منفردا أو مع نصيبه بطلت [- ج -] يجوز اشتراط التساوي في النماء و التفاضل فيه و اشتراط ذهب أو فضة على كراهية و كذا اشتراط قفيز معيّن من غير الأرض المزروعة و لو شرط أحدهما قفيزا معلوما من الحاصل و ما زاد بينهما ففي البطلان نظر و كذا لو شرط أحدهما إخراج بذره و الباقي بينهما فإن فيه خلافا و الجواز حسن فحينئذ إن شرط إخراج البذر جاز و إن لم يشترط لم يخرج و قسم الحاصل على قدر الشرط [- د -] الشروط قسمان منها ما يقتضي جهالة نصيب كل واحد منهما مثل أن يشترط أحدهما نصيبا مجهولا أو اشتراط قفزان معلومة من الحاصل فهذا يبطل المزارعة و منهما ما لا يقتضي ذلك كعمل ربّ الأرض أو غلامه أو عمل العامل في شيء آخر فهذا لا يبطل المزارعة و لو شرط أنه إن سقى سيحا فله كذا و إن سقى بدولاب و شبهه فكذا ففي الجواز إشكال و لو قال إن زرعت حنطة فلي الربع و إن زرعت شعيرا فالثلث و إن زرعت باقلى فلي النصف بطل و كذا لو قال ما زرعت فيه من حنطة فلي الربع و ما زرعت فيه من شعير فالثلث و ما زرعت من باقلى فالنصف و لو قال ما زرعتها من شيء فلي نصفه صحّ و كذا يصحّ لو جعل له ثلث الحنطة و ربع الشعير و نصف الباقلي إذا عيّن ما يزرع من كل واحد

ص: 256

منها إمّا بتقدير البذر أو المكان بالمشاهدة أو المساحة [- ه -] قيل يكره إجارة الأرض للزراعة بالحنطة و الشعير مما يخرج منها و الوجه البطلان و يجوز بحنطة أو شعير في الذّمة أو من غيرها موجود [- و -] يجب تعيين مدة الزرع بالأشهر المضبوطة و لو اقتصر على تعيين المزروع من غير ذكر المدة فوجهان أقربهما البطلان [- ز -] إذا عيّنا مدّة معلومة فأدرك الزرع في بعضها فالأقرب أنّه ليس للعامل زرع الأرض مرة ثانية و إن كان يدرك مع انتهاء تلك المدة هذا إذا عيّنا المزروع و لو أطلقه أو كانت العادة يقتضي زرعه مرّتين فإنّه يجوز كما لو شرط شيئين فصاعدا و لو انتهت المدة قبل إدراكه فالأقرب أنّه أن للمالك إزالته سواء كان بسبب العامل كالتفريط أو من قبل اللّٰه تعالى كتغيّر الهواء أو تأخير الماء عن وقت العادة و لو اتفقا على التبقية بعوض أو بغير عوض جاز لكن مع شرط العوض يفتقر إلى تعيين المدة و لو شرط في العقد تأخيره إن بقي بعد المدة المشترطة فالأقرب البطلان [- ح -] إذا ترك العامل الزراعة حتى انقضت المدّة لزمه أجرة المثل و لو كان قد استأجرها لزمته الأجرة [- ط -] يجب كون الأرض الّتي يزارع عليها مما ينتفع بها بأن يكون لها ماء إما من نهر أو بئر أو عين أو مصنع أو غيث معتاد و لو تعذّر وصول الماء إليها لم يصحّ المزارعة و لو زارع على ما لا ينحسر الماء عنه أو ينحسر بعد المدة أو في أثنائها بعد فوات الوقت المعتاد للزرع لم يصح و لو كان قليلا يمكن معه بعض الزّرع جاز و لو كان ينحسر عنها بالتدريج فالأقرب جواز المزارعة لا الإجارة للزرع للجهل بوقت الانتفاع [- ى -] لو انقطع الماء في أثناء المدة فإن كان الزّرع يحتاج إليه تخير العامل في الفسخ و الإمضاء إن كان قد زارع عليها أو استأجرها للزّراعة و عليه أجرة ما سلف و يرجع بما قابل المدّة المتخلّفة [- يا -] إذا أطلق المزارعة كان له أن يزرع ما شاء و إن عيّن المزروع لم يجز المخالفة فإن زرع ما هو أضرّ كان للمالك أجرة المثل إن شاء أو المسمّى مع الأرش و لو كان أقلّ ضررا جاز [- يب -] لو اشترط الزرع و الغرس فالأقرب وجوب تعيين مقدار كل واحد منها و كذا البحث لو استأجر لزرعين أو غرسين مختلفي الضرر

الفصل الثاني في الأحكام

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] إذا كان في الأرض شجر و ساقاه على الشجر و زارعه على الأرض الّتي بين الشّجر صح سواء قل بياض الأرض أو كسر فإذا قال ساقيتك على النخل و زارعتك على الأرض مدّة كذا على النصف جاز و كذا لو قال عاملتك على الأرض و الشجر بالنصف و لو قال زارعتك على الأرض بالنصف و ساقيتك على الشجر بالربع أو بالعكس جاز و لو قال ساقيتك على الأرض و الشجر بالنصف ففي الجواز إشكال من حيث إنّ المزارعة يستلزم السقي و إن شرط المساقاة المعاملة على أصل ثابت و الأقرب الجواز مع إرادة المجاز الشرعي و كذا البحث في الأرض البيضاء و لو قال ساقيتك على الشجر بالنصف و لم يذكر الأرض لم يدخل في العقد و ليس للمالك أن يزرع و لو شرط ربّ الأرض أن يزرع هو دون العامل جاز و لو زارعه أرضا فيها نخلات يسيرة جاز أن يشترط العامل ثمرتها سواء كان الشجر بقدر الثلث فما دون أو أزيد و لو آجره بياض الأرض و ساقاه على الشجر الذي فيها جاز سواء فعلا ذلك حيلة على شراء الثمرة قبل وجودها أو لا [- ب -] يصحّ المزارعة إذا كان البذر من ربّ الأرض و العمل من العامل و كذا يصحّ لو كان البذر و العوامل من العامل أو كان من أحدهما الأرض و العمل و من الآخر البذر و لو كان بلفظ الإجارة لم يصحّ لجهالة العوض [- ج -] لو كان البذر منهما نصفين و شرطا أنّ الزرع بينهما بالسّوية فهو بينهما كذلك و ليس لأحدهما الرجوع على الآخر بشيء و كذا لو شرطا التفاضل فإنه يلزم الشرط سواء كان الفاضل للمالك أو العامل و كذا لو تفاضلا في البذر و تساويا في الحاصل أو تفاضلا فيه [- د -] إذا فسدت المزارعة كان الزرع لصاحب البذر فإن كان هو المالك كان عليه أجرة المثل لعمل العامل و إن كان هو العامل كان عليه أجرة مثل الأرض لربّها و لو كان البذر منهما فالزرع لهما و يترادان الفاضل من أجرة مثل الأرض الّتي فيها نصيب العامل و أجرة العامل بقدر عمله في نصيب صاحب الأرض و لو قال صاحب الأرض آجرتك نصف أرضي مدّة كذا بنصف بذرك و نصف منفعتك و منفعة عواملك و آلتك و أخرج العامل البذر كله لم يجز لجهالة المنفعة و لو أمكن معرفة المنفعة و ضبطها و ضبط البذر جاز [- ه -] لو قال صاحب الأرض أنا أزرع الأرض ببذري و عواملي و يكون سقيها من مائك و الزرع بيننا جاز [- و -] لو اشترك ثلاثة من أحدهم الأرض و من الآخر البذر و من آخر العوامل و العمل فالأقرب الجواز على إشكال بلفظ المزارعة لا الشركة و كذا لو كانوا أربعة و كان العوامل و العمل من اثنين و لو كان شركة لم يصحّ و كان الزرع لصاحب البذر و لصاحب الأرض و الفدان و العمل الأجرة عليه و لا يجب عليه الصّدقة بالفاضل و لو كانت الأرض لثلاثة فاشتركوا على أن يزرعها ببذرهم و دوابّهم و أعوانهم على الشركة في الحاصل على قدر مالهم جاز [- ز -] لو زارع رجلا على أرض أو آجره إياها فسقط من الحبّ الحاصل من الزرع في تلك الأرض عاما آخر فهو لصاحب البذر لا لصاحب الأرض إلاّ أن يكون صاحب البذر

ص: 257

أسقط حقه منه [- ح -] إذا تنازعا في المدّة فالقول قول منكر الزيادة و لو اختلفا في قدر الحصّة فالقول قول صاحب البذر مع يمينه و لو أقاما بينة قدّمت بيّنة العامل و قيل يرجع إلى القرعة [- ط -] لو ادعى العارية و ادعى المالك الحصّة أو الأجرة و لا بيّنة تحالفا و يثبت لصاحب الأرض أجرة المثل و قيل القرعة إذا عرفت هذا فللزارع تبقية الزّرع إلى وقت أخذه [- ى -] لو ادعى العارية و ادعى المالك الغصب فالقول قول المالك مع يمينه و كان له أجرة المثل و أرش الأرض إن غلبت و طم الحفر و لا يجب على المالك تبقية الزرع إلى وقت أخذه بل للمالك قلعه و إن لم يدرك بغير أرش عليه و كذا لو ادّعى الإجارة و ادعى المالك الغصب [- يا -] يجوز للمزارع أن يزارع غيره مع الإطلاق و إن لم يأذن المالك و كذا له أن يشارك غيره في العمل و لو شرط المالك العمل بنفسه لم يجز المشاركة و لا مزارعة الغير [- يب -] خراج الأرض و مئونتها على ربّها و لو شرطه على العامل أو بينهما جاز [- يج -] يجوز للمالك خرص الزرع على العامل و لا يجب على العامل القبول فإن قبل صحّ و عليه دفع حصّة الأرض سواء زاد الخرص أو نقص و كان مشروطا بالسلامة فلو تلف بآفة سماويّة أو أرضيّة من غير تفريط من العامل لم يكن عليه شيء و قال ابن إدريس إن كان ذلك بيعا إمّا بحاصلها أو بغيره بطل و إن كان صلحا من حاصلها بطل و إن كان من غيره لزم و إن تلفت الغلّة بالآفات السّماوية و غيرها و فيه قوّة [- يد -] الحصّة الّتي يأخذها المزارع الذي منه العمل دون البذر يملكها بالزراعة لا بالإجارة و لو بلغت النصاب وجبت الزكاة فيها عليه لا على المالك و كذا المالك إن بلغ نصيبه النصاب وجبت الزكاة فيه عليه و إلاّ فلا [- يه -] إذا سوّغنا اشتراط إخراج البذر أولا على ما ذهب إليه الشيخ و ابن إدريس فاختلفا في قدره فالقول قول العامل إن كان البذر من ربّ الأرض و لو كان من العامل ففي تقديم قوله نظر و لو ادعى أحدهما اشتراط حصة معيّنة و الآخر مجهولة فالقول قول مدّعي الصّحة و كذا البحث في الإجارة [- يو -] إذا شرط الخراج على العامل و كان قدرا معلوما جاز و كان لازما له فإن زاد السّلطان كانت الزيادة على المالك و لم يتعرّض الشيخ لطرف الجهالة و في تسويغ اشتراطه إشكال و معه يكون الخراج بأجمعه على العامل [- يز -] لو زارع على أرض ثمّ باعها لم تبطل المزارعة و وجب على المشتري الصبر إلى انقضاء المدة إن كان عالما قبل العقد و إن لم يكن عالما تخير بين الصبر بغير عوض و لا أرش على إشكال و بين الفسخ [- يح -] من استأجر دار السّكنى فزرع فيها أو غرس بغير إذن المالك وجب عليه قلعه و للمالك مع امتناعه قلعه بغير أرش و له أجرة المثل و أرش الأرض إن عابت و طم الحفر و إن كان بإذنه لم يكن له القلع إلاّ بالأرش

المقصد الثّالث في المساقاة

اشارة

و النظر في الماهيّة و الشرائط و الأحكام فهاهنا فصلان

الأوّل في ماهيّتها و شروطها

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] المساقاة معاملة على أصول ثابتة بحصّة من ثمرتها و هي مفاعلة من السقي و لا بدّ فيها من إيجاب كقوله ساقيتك أو عاملتك أو أسلمت أو سلّمت إليك و ما أشبهه و من قبول و هي عقد صحيح لازم من الطّرفين لا يبطل إلاّ بالتقايل و لا ينفسخ بموت أحد المتعاملين و لا بجنونه و لا بالحجر عليه و لو شرط المريض للعامل أزيد من أجرة المثل ففي إخراج الزّيادة من صلب المال إشكال و لو قال استأجرتك لسقي البستان حتّى تكمل ثمرته بنصف الثمرة لم يصحّ بخلاف ما لو قال ساقيتك [- ب -] عقد المساقاة لا يدخل فيه خيار المجلس لاختصاصه بالبيع و لا الشرط لعدم إمكان ردّ المقصود عليه و هو العمل مع الفسخ على إشكال [- ج -] يشترط في الصحة أن يكون المعاملة على أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقاء عينه فيصحّ المساقاة على النخل و الكرم و شجر الفواكه و لا تجوز المساقاة على ما لا ثمر له من الأشجار و لا ورق ينتفع به كالصفصاف و لا على ماله ثمر غير مقصود كالصّنوبر و لو كان له ورق ينتفع به كالتوت و الحناء أو زهر مقصود كالورد فالأقرب جواز المساقاة عليه [- د -] لو ساقاه على ودي النخل مغروس أو على صغار الشجر إلى مدّة يحمل فيها غالبا بجزء من ثمرها جاز ذلك ثمّ إن حمل في تلك المدة استحق العامل الحصّة و إلاّ فلا شيء له [- ه -] يشترط أن يكون المعاملة على الثمرة فلو جعل للعامل مع النّصيب من الثمرة نصيبا من الأصل لم يصحّ و كذا لو جعل له جزءا من ثمرها مدة بقائها فلو جعل له ثمرة عام بعد مدّة المساقاة ففي البطلان نظر [- و -] يشترط أن يكون المعاملة على أصل ثابت فلو ساقاه على شجر يغرسه لم يجز و إن قرنه بمدة يحمل أن يمكن فيها غالبا و لو قال له اغرس أرضي فما كان من غلّة فلك بحقّ عملك كذا و كذا و لي الباقي لم يجز و للمالك القلع مع الأرش و أخذ الغرس بالقيمة إن رضي العامل و لو اختار العامل أخذ شجرة كان له ذلك و لا أرش عليه للأرض و لو اتفقا على إبقاء الغرس و دفع الأجرة جاز و كذا لو دفع الأرض ليغرسها على أنّ الغرس بينهما أو على أنّ الأرض و الغرس بينهما [- ن -] يشترط كون المدة معلومة لا يتطرّق إليها الزيادة و النقصان و يكون وجود الثمرة فيها غالبا و لا تقدير لأكثرها أما أقلّها فيتقدّر بمدّة تكمل فيها الثمرة فلو ساقاه أقلّ منها لم يصحّ و كان له أجرة المثل إن ظهرت الثمرة و لو لم يظهر فالأقرب الأجرة أيضا و لو ساقاه سنة فظهرت الثمرة في آخرها و لم يكمل فالعامل شريك [- ح -] يشترط ذكر الحصّة

ص: 258

للعامل فلو أهمل بطلت المعاملة و كذا لو شرط أحدهما الانفراد بالثمرة و يجب كون الحصّة مشاعة فلو شرط أحدهما ثمرة نخلات بعينها و الآخر الباقي لم يجز و كذا لو شرط لنفسه أرطالا معيّنة و الآخر الباقي أو شرط إخراج قدر معيّن من الثمرة لأحدهما و الباقي بينهما [- ط -] يجب كون الحصّة معيّنة سواء قلت أو كثرت و سواء كانت جزءا واحدا كالثلث أو أجزاء كالخمسين أو سدس و نصف أو سبع فلو أبهمها كالسهم و الحظ و النصيب لم يصحّ و كذا لو قال ساقيتك على أنّ نصف الثمرة لي و سكت على إشكال و لو قال على أنّ نصف الثمرة لك و سكت صحّ و يجوز أن يجعل لكلّ صنف من الشجر حصّة على حدة سواء ساوت الأخرى أو لا لكن يشترط مع المفاوتة [المقاومة] أن يكون العامل عارفا بكلّ نوع [- ى -] لو شرط في العقد أنّه إن سقى سيحا فالنّصف و بالناضح الثلث فالأقرب البطلان و لو قال لك الخمسان إن كان عليك خسارة و إلاّ فالرّبع فكذلك [- يا -] يجوز أن يشترط أحدهما على الآخر شيئا من ذهب أو فضّة على كراهية و يجب الوفاء بالشرط لو وقع و لو تلفت الثمرة لم يلزم

الفصل الثاني في الأحكام

و فيه [- كز -] بحثا [- ا -] لو ساقاه في هذا الحائط بالثلث على أن يساقيه في الحائط الآخر بجزء معلوم صحّ [- ب -] إذا شرط المالك على العامل عملا معيّنا وجب على العامل القيام به فإن أخل بشيء منه تخيّر المالك بين فسخ العقد و إلزامه بأجرة العمل و كذا لو أخلّ بجميعه و إن أطلق المساقاة اقتضى الإطلاق قيام العامل بجميع ما فيه استزادة النماء من الرفق أو حرث الأرض تحت الشجر و إصلاح الأجاجين و سقي الشجر و استسقاء الماء و إصلاح طرق الماء و تنقية الأرض من الحشيش المضرّ بالشجر و الشوك و قطع الشجر اليابس و تهذيب الجريد و زبار الكرم و قطع ما يحتاج إلى قطعه و إدارة الدّولاب و البقر الّتي تديره و تحرث الأرض و التلقيح و التعديل و اللقاط و الجذاذ و إصلاح موضع التشميس و نقل الثمرة إليه و حفظها على رءوس الشجر إلى وقت قسمتها و يجب على المالك القيام بما فيه حفظ الأصل كبناء الجدار و إنشاء النهر و عمل الدولاب و حفر البئر و إقامة الدالية و هل كش التلقيح على العامل أو المالك فيه إشكال ينشأ من كونه غير عمل و من كون التلقيح لا يتمّ إلاّ به فأشبه بقر الحرث و اختار الشيخ الثاني و ابن إدريس الأوّل و أما تسميد الأرض بالزبل فعلى المالك شراؤه و على العامل تفريقه على الأرض إن احتاجت الثمرة إليه [- ج -] إذا أطلق العقد و لم يتبيّنا ما على كلّ واحد منهما فعلى كلّ منهما ما ذكرنا أنّه عليه و إن شرطاه كان تأكيلا و إن شرطا على أحدهما شيئا يلزم الآخر صحّ إلاّ أن يشترط العامل على المالك القيام بجميع العمل و لو شرط القيام بأكثره جاز و لا بدّ أن يكون ما يشترطه المالك على العامل مما قلنا إنّه على المالك معلوما [- د -] لو شرط أن يعمل معه غلمان المالك جاز و لو شرط أن يكون عمل الغلمان الخاص العامل فالأقرب الجواز و كذا الأقرب جواز اشتراط عمل المالك معه إذا ثبت هذا فإن نفقة الغلمان على مالكهم لا على العامل و لو شرطها المالك على العامل جاز و هل يشترط حينئذ تقديرها فيه نظر و لا بدّ من معرفة الغلمان المشروط عملهم برؤية أو صفة يحصل معها المعرفة [- ه -] لو شرط العامل أنّ أجر الأجل الذين يحتاج إلى الاستعانة بهم من الثمرة و قدر الأجرة فالأقرب الجواز و منعه الشيخ و أبطل معه العقد و كذا لو شرطها على المالك و لو لم يقدّر الأجرة فالأقرب البطلان [- و -] يصحّ المساقاة على الثمرة المعدومة إجماعا و الأقرب جوازها على الموجودة بشرط أن يكون في العمل ما يستزاد به الثمرة و إن بقي مالا يستزاد به الثمرة كالجذاذ لم يجز و على هذا إن كانت الثمرة قد بدا صلاحها قبل العقد فالزّكاة على المالك و إلاّ عليهما فعليهما إن بلغ نصيب كلّ منهما النصاب و إلاّ فلا [- ن -] إذا عيّنا حصّة أحدهما و سكتا عن الآخر فإن كانت المعيّنة حصة العامل صحت و إلاّ فإشكال و قد تقدّم فلو اختلفا في الجزء المشروط لمن هو منهما فإن قلنا بالصّحة مع تعيين حصّة المالك خاصّة فلا بحث و إلاّ فالقول قول العامل [- ح -] إذا قال ساقيتك على هذين البستانين بالنصف منهما أو بالنصف من هذا و الثلث من ذاك صحّ و لو قال بالنصف من أحدهما و الثلث من الآخر و لم يعيّن بطل و لو قال ساقيتك على هذا البستان نصفه بالنصف و النّصف الآخر بالثلث جاز و إن لم يعينهما [- ط -] إذا كان البستان لاثنين فساقيا عاملا على أنّ له نصف نصيب هذا و ثلث نصيب الآخر جاز مع معرفته بالنصيبين و لو جهل بطل و لو شرطا قدرا واحدا من النصيبين جاز و إن جهلهما [- ى -] لو كان البستان لواحد فعامل اثنين جاز سواء شرط تساويهما في الحصة أو اختلافهما و لو أطلق انصرف إلى التساوي [- يا -] لو ساقاه ثلاث سنين على أنّ له في الأولى النصف و في الثانية الثلث و في الثالثة الربع جاز [- يب -] لو كان البستان لاثنين فساقى أحدهما شريكه و جعل له من الثمرة أكثر من نصيبه جاز و لو شرط للعامل مثل نصيبه أو أقلّ بطلت و للعامل بقدر نصيبه من الأصل و لا أجرة له على عمله و لو ساقى شريكه و شرط أن يعملاه ما ففي الإبطال نظر مع الاختلاف في الحصة و التساوي في الملك أو

ص: 259

بالعكس و لو اتفقا فيهما فلا فائدة للمساقاة مع تساويهما في العمل و لو تفاضلا فيه فإن كان قد شرط له فضل في مقابلة عمله استحقّ ما فضل له من أجرة المثل و إن لم يشترط له شيء فلا شيء له [- يج -] يجوز المساقاة على البعل من الشجر كما يجوز على المفتقر إلى الماء [- يد -] إنما يصحّ المساقاة على شجر معلوم بالمشاهدة أو الصفة الرافعة للجهالة فلو ساقاه على مجهول أو على أحد بستانين من غير تعيين لم يصحّ [- يه -] إذا ساقاه إلى سنة يحمل فيها غالبا فلم يحمل تلك النّسبة لم يكن للعامل شيء و لو ظهرت الثمرة و لم تكمل فله نصيبه منها و عليه تمام العمل فيها على إشكال و لو ساقاه إلى مدّة لا يحمل فيها غالبا أو يحتمل وجود الثمرة و عدمها فالأقرب البطلان و له أجرة المثل و إن ظهرت الثمرة في تلك المدّة لم يكن للعامل فيها شيء [- يو -] إذا مات العامل أو المالك قام وارثه مقامه و لو امتنع وارث العامل من العمل لم يجبر عليه فيستأجر الحاكم من التركة من يعمله و لو لم يكن تركة أو تعذّر الاستيجار فللمالك الفسخ و عليه الأجرة إلى وقت الموت و لو اختار الإمضاء صح فإن كانت الثمرة قد ظهرت بيع من نصيب العامل بأجرة ما بقي من العمل و يستأجر عنه به و لو احتيج إلى بيع الجميع بيع في ذلك فإن كان قد بدا صلاحها خيّر المالك بين شراء حصّة العامل و بيع حصته و يبيع الحاكم حصة العامل و لو امتنع المالك باع الحاكم حصّة العامل و استأجر على باقي العمل و الفاضل للورثة و كذا لو لم يبدأ صلاحها و من يشترط بدوّ الصّلاح سوّغ بيع حصّة العامل بشرط القطع إن باع المالك أيضا و لو امتنع فالأقرب جواز بيع حصّة بانفراده على تقدير الاشتراط أيضا و للمالك البقاء على المعاملة فيستأذن الحاكم على الإنفاق على الثمرة و يسترجعه منها فإن عجزت فالأقرب أخذ الباقي من التركة و لو عجز عن استيذان الحاكم فالأقرب جواز الرجوع بما أنفقه مع الإشهاد على احتساب الرجوع و لو تمكّن من الحاكم و اتفق و أشهد على الرجوع فالأقرب عدم الرجوع و كذا لو اتفق متبرّعا [- يز -] إذا هرب العامل فللمالك الفسخ و البقاء فيتفق الحاكم من ماله إن لم يتبرّع أحد بالعمل فإن لم يجد فمن بيت المال قرضا فإن لم يجد أقرض من أحد فإن لم يجد استأجر من يعمل بأجرة مؤخّرة إلى الإدراك فإن تعذّر استأذن الحاكم و اتفق فإن تعذّر الاستيذان أشهد في الإنفاق و الرجوع و لو عمل المالك بنفسه كان متبرّعا و للمالك الفسخ و عليه الأجرة إلى وقت الهرب و هل للمالك الفسخ مع وجود المتبرع بالعمل فيه نظر فإن عمل الأجنبي و لم يشعر به استحقّ العامل الأجرة و كان الأجنبي متبرّعا [- يح -] العامل أمين لا يضمن إلاّ مع التفريط أو التعدّي و قوله مقبول مع اليمين في التّلف و عدم الخيانة و لو ثبت الخيانة بالإقرار أو البيّنة أو النكول لم يكن للمالك رفع يده عن حصّته و له رفع يده عن حصة المالك و لو ضمّ المالك إليه من يحفظ نصيبه كانت أجرة الحافظ على المالك لا على العامل [- يط -] لو عجز عن العمل مع أمانته ضمّ إليه آخر يساعده و لا ينتزع يده منه و أجرة الآخر عليه و لو عجز بالكليّة أقام من يعمل عوضه و أجرته عليه أيضا [- ك -] لو اختلفا في الحصّة فالقول قول المالك لا العامل و لا يتحالفان بل المالك و كذا البحث لو اختلفا في قدر ما يتناوله المساقاة من الشجر و لو كان هناك بيّنة عمل بها و إن تعارضتا فالوجه تقديم بيّنة العامل و قال الشيخ يقرع و لا يحلف من خرجت القرعة له و لو تعدّد المالك فصدّقه أحدهما دون الآخر أخذ من نصيب المصدق ما ادّعاه و من نصيب الآخر ما حلف عليه و لو شهد المصدق على المنكر و كان عدلا قبلت شهادته و لو كان العامل اثنين و المالك واحدا فشهد أحد العاملين على صاحبه قبلت شهادته أيضا [- كا -] الحصّة تملكها العامل بالظهور لا بالمقاسمة و يجب الزكاة على كلّ من بلغ نصيبه نصابا سواء كان منفردا أو منضما إلى غير هذه الثمرة و لا يضمّ حصّة أحدهما إلى الآخر و لو كان أحدهما لا يصح الزكاة منه كالنصرانيّ و المكاتب وجب على الآخر إن بلغت حصّته نصابا [- كب -] لو كانت المساقاة على نخل في أرض خراجيّة كان الخراج على المالك و لو شرطه أو بعضه على العامل جاز و لو شرط العامل دراهم منفردة عن الجزء أو المالك من الثمرة لم يجز و كذا لا يجوز لو جعل له ثمرة السنة الّتي يلي سنة المساقاة أو ثمرة بستان غير بستان المعاملة و لو شرط عليه عملا في غير النخل الذي ساقاه عليه أو في غير السنة ففي البطلان نظر [- كج -] لو ساقاه على نخل فعامل العامل غيره على النّخل لم يجز و إن جاء بأمين [- كد -] لو ساقاه على شجر فبان مستحقّا دفع إلى المالك و لا شيء للعامل عليه و لا في الثمرة و يرجع بأجرة مثله على الساقي و لو نقصت الثمرة بالتشميس كان للمالك الرجوع بالنقص على من شاء منهما و يستقرّ الرجوع على الغاصب و لو اقتسماها و أكلاها كان للمالك الرجوع على من شاء منهما بالجميع و بالتقسيط و قوّى الشيخ أنّه لا يرجع على العامل بالجميع بل بالنّصيب فإن رجع بالجميع على الغاصب ففي رجوع الغاصب على العامل بما أتلفه نظر فإن رجع عليه رجع العامل بأجرته فيه فإن رجع على العامل بالجميع رجع العامل بقدر نصيب الغاصب و بأجرة مثل نصيبه و يحتمل بنصيبه على إشكال و لو رجع عليهما رجع العامل بأجرة مثله و لو تلفت الثمرة في الشجر أو بعد الجذاذ قبل القسمة فالوجه الرجوع على من شاء منهما [- كه -] إذا دفع أرضا إلى غيره للغرس

ص: 260

على أنّ الغرس بينهما بطلت المغارسة و الغرس لصاحبه و لصاحب الأرض قلعه إذا دفع أرش نقصه بالقلع و له أجرة أرضه و لو دفع القيمة ليكون الغرس له لم يجبر الغارس و كذا لو دفع الغارس أجرة التبقية لم يجبر صاحب الأرض عليها [- كو -] كل موضع يبطل فيه المساقاة يكون الثمرة للمالك و عليه أجرة المثل للعامل [- كز -] لو استأجر للعمل في الثمرة بحصة منها معلومة بعد بدو صلاحها جاز و كذا لو استأجره قبل بدوّ الصلاح بها أجمع أو ببعضها بشرط القطع أولا أمّا لو استأجره قبل ظهورها بها أو ببعضها فإنّه لا يجوز

المقصد الرابع في السبق و الرمي

اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في أحكام المسابقة

و فيه [- يج -] بحثا [- ا -] المسابقة جائزة بلا خلاف قال اللّٰه تعالى وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِبٰاطِ اَلْخَيْلِ روي عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله أنّه قال ألا إنّ القوّة الرمي قاله ثلاثا و قال تعالى إِنّٰا ذَهَبْنٰا نَسْتَبِقُ و قد وقع الإجماع على جواز المسابقة على النصل و الخفّ و الحافر بقوله عليه السّلام إنّ الملائكة لتنفر عند الرهان و تلعن صاحبه ما خلا الحافر و الخفّ و الريش و النعل و قال صلى اللّٰه عليه و آله لا سبق إلاّ في نصل أو خف أو حافر و يدخل تحت النصل السهم و النساب و المزاريق و الحراب و السّيف و يدخل تحت الخفّ الإبل و الفيلة و تحت الحافر الفرس و الحمار و البغل و لا يجوز المسابقة على غير هذه كالمسابقة على الأقدام و السفن و الطيور و المصارعة و رفع الحجر و غير ذلك سواء كان بعوض أو غير عوض و يجوز المسابقة على ما يتناوله الحديث بعوض و غير عوض [- ب -] الرمح و السّيف يجوز المسابقة فيهما و كذا الفيلة و البغال و الحمير و لا يجوز على الأقدام إلى موضع جبل و غيره بعوض و غيره و لا على رمي الحجارة بعوض و غيره و لا الطير بعوض و غيره و لا المراكب و السّفن بعوض و غيره [- ج -] عقد المسابقة و الرماية لازم من الطرفين يفتقر إلى إيجاب و قبول قال الأزهري النضال في الرمي و الرهان في الخيل و السّباق فيهما [- د -] السبق بإسكان الباء مصدر سبق يسبق سبقا و بفتحها العوض و هو الخطر و الندب و الفرع و الوجب فمن سبق أخذه و يقال فيه كله فعل مشدّد العين إذا أخذه يقال سبّق إذا أخذ السّبق و يسبق إذا أعطى السبق أيضا و هو من الأضداد و يقال سبّق بالتشديد إذا أخرج السبق و إذا أحرزه و يوصف السهم بأنّه غاسق و هو الذي يخرق الغرض أي يثقبه و يثبت فيه و هو الخارق أيضا و الجاني ما وقع على الأرض ثمّ رجع إلى الهدف و جمعه جواب و إن أصاب الغرض و نفذ فيه و مضى و لم يؤثر فهو صارد و جمعه صوارد و قد صرد السّهم يصرد صردا و أصردته أنا و أمّا الطامح و الفاخر فهو الذي يشخص عن كبد القوس ذاهبا إلى السماء و الخاصل هو الذي أصاب الغرض و قد خصله إذا أصابه و المعظعظ الذي يميل يمينا و شمالا و الراهق هو الذي يتجاوز الهدف من غير إصابة و الحابض هو الذي يقع بين يدي الرامي و الدائر الذي يخرج من الهدف و هو المارق أيضا و جمعه موارق و المرتدع الذي إذا أصاب الهدف يشدخ عوده و يكسر و الخادم الذي يصيب طرف القرطاس فلا يثقبه و لكن يخرق الطرف و يخرمه و الخاصر ما أصاب أحد جانبيه و الخاذق ما خدشه و لم يثقبه و المزدلف الذي يضرب الأرض ثمّ يثبت إلى الغرض و الهدف ما رفع و بني من الأرض و القرطاس ما وضع في الهدف ليرمى و الغرض ما نصب في الهواء و يقصد إصابة و يسمّى القرطاس هدفا و غرضا و المنازلة المسابقة و المرامات و الرشق بكسر الراء عدد الرمي و بالفتح الرمي و المبادرة هي أن يبادر أحدهما إلى الإصابة مع التساوي في الرشق و المحاطة هي إسقاط ما تساويا فيه من الإصابة و السابق هو الذي يتقدّم بالهادي و هو العتق و بالكتد و هو الكاهل و هو مجتمع الكتفين و هو الثاني ما بين أصل العنق و الظهر و هو من الخيل مكان السنام من البقر فإن تساوت خلقة الفرسين في قدر العتق فمن سبق به أو ببعضه فهو سابق و إن كان أحدهما أطول عنقا فإن سبق القصير بالعتق أو بعضه فقد سبق و إن سبق الطويل بالجميع فقد سبق و كذا إن سبقه بأكثر مما بينهما في طول العتق و إن كان أقلّ من قدر الزيادة كان السابق هو القصير لأنّه قد سبق بكاهله و لا اعتبار بالإذن و المصلّي هو الذي يحاذي رأسه صلوى السابق و الصلوان ما عن يمين الذنب و شماله و المحلّل الذي يدخل بين المتسابقين إن سبق أخذ و إن سبق لم يغرم و الغاية مدى السباق [- ه -] عقد السبق لازم سواء كان العوض منهما معا أو من أحدهما أو من أجنبيّ و قيل إنّها عقد جائز كالجعالة و قوّاه الشيخ فعلى الأوّل لا يجوز الفسخ و إن لم يتلبّس بالعمل و على الثاني يجوز قبله و بعده للفاضل كالسابق في العدو و الرمي لا المفضول على إشكال [- و -] يشترط كون العوض معلوما إمّا بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة و يجوز أن يكون دينا و عينا حالاّ و مؤجّلا أو يكون بعضه حالاّ و بعضه مؤجّلا و يجوز أن يخرجه الإمام من خاصّة و من بيت المال و أن يخرجه أحدهما أو كلاهما أو أجنبيّ و إذا كان دينا و حلّ أجبر على تسليمه و إذا فلس به ضرب مستحقّه مع الغرماء و مع الإضافة المعقود

ص: 261

عليها يستحقّ السّابق السّبق سواء قلنا إنّها عقد لازم أو جائز و يجوز أخذ الرهن و الضمين على العوض إن كان دينا و إذا أخرج السبق أحدهما كان للسابق منهما و لو شرط أكثره للسابق و الباقي للمصلّي جاز و لو شرط أن يطعم العوض أصحابه احتمل صحة الشرط و لو قيل بفساده فالأقرب عدم فساد المسابقة و هو اختيار الشيخ و الشروط الفاسدة إن اقتضت اختلال شرط الصّحة مثل جهالة العوض أو المسافة فالعقد فاسد و إن لم يقتض مثل أن يشترط أن لا يرمي أبدا إن سبق فالأقرب عدم فساد العقد بفساده [- ن -] كلّ موضع فسدت فيه المسابقة فإن كان السّابق هو المخرج لم يستحقّ شيئا على صاحبه و كان سبقه له و إن كان الآخر استحقّ على المخرج أجرة المثل و لو كان العوض مستحقّا كان على مخرجه قيمته أو مثله [- ح -] إذا قال أجنبيّ لاثنين أو جماعة من سبق فله عشرة صحّ فإن سبق أحدهم استحقّ و إن جاءوا دفعه لم يستحقوا شيئا و لو قال لاثنين من سبق منكما فله عشرة و من صلّى فله عشرة لم يصح و لو قال من صلّى فله خمسة جاز و كذا يصحّ لو قال لجماعة من سبق فله عشرة و من صلّى فله عشرة و لو قال للمصلّي عشرة و للسابق خمسة لم يصحّ و لو قال العشرة من سبق فله عشرة فسبق واحد أخذ العشرة و إن سبق اثنان فلهما العشرة و لو سبق تسعة تساووا فيها و لا شيء للآخر و يحتمل أن يكون لكلّ واحد من التسعة عشرة كاملة و لو قال من سبق فله عشرة و من صلّى فله خمسة فسبق خمسة و صلّى خمسة فعلى الأوّل للسّابقين عشرة و للمصلّين خمسة و على الثاني لكلّ من الخمسة الأوّل عشرة و لكل واحد من الثانية خمسة و يتطرق على الأول احتمال البطلان [- ط -] إذا كان السبق منهما لم يشترط المحلّل فلو أخرجا عوضا و قالا من سبق منّا فله العوضان صحّ فإن سبق أحدهما أحرز مال نفسه و أخذ عوض صاحبه و إن لم يسبق إحداهما أحرز كل منهما مال نفسه و لو أدخلا محلّلا جاز فإن سبق المحلّل أخذ العوضين و كذا إن سبق أحدهما و لو سبقا معا أحرز كلّ منهما مال نفسه و لو سبق أحدهما و المحلل أحرز السابق مال نفسه و كان العوض الآخر بينه و بين المحلل نصفين و لو قالا من كان مسبوقا فعوضه للمحلّل جاز و لو قال لخمسة من سبق فله درهمان و من صلّى فله درهم فسبق واحد و صلى ثلاثة و تأخّر الخامس فللسابق درهمان و للثلاثة المصلّين درهم و لا شيء للمتأخر [- ى -] يشترط في المسابقة أمور خمس تقدير المسافة ابتداء أو انتهاء فلو استبقا لينظر أيهما يقف قبل صاحبه من غير غاية ينظران إليها لم يجز و تقدير العوض و تعيين ما يسابق عليه و تساوى ما به المسابقة في احتمال السّبق فلو كان أحدهما ضعيف الدابة أو مريضها يعلم أنّه مسبوق لم يصحّ العقد و كذا يشترط في دابة المحلّل و لا يشترط تساوي جنسها فيجوز بين البغال و الحمير و كذا الإبل و الخيل مع احتمال السبق و أن يجعل العوض لأحدهما أو للمحلّل و لو جعله لأجنبيّ لم يجز و في اشتراط تساوي الموقف إشكال [- يا -] قد بيّنا أنّ السبق يحصل بالعتق في المتساوي الخلقة و بالكتد في المختلف فلو شرط أحدهما المسابقة بثلاثة أقدام أو أقلّ أو أكثر ففي بطلان الشرط نظر [- يب -] يشترط في المسابقة تساوي الدابتين جنسا فلو تسابقا على بعير و فرس لم يجز إلاّ مع احتمال السّبق على إشكال و لا يشترط تساويهما صنفا فيجوز المسابقة بين العربي و البرذون و بين البخاتي و العراب [- يج -] إذا تسابقا لم يجز أن يجنب أحدهما إلى فرسه فرسا آخر لا راكب عليه ليحرصه على العدو و لا أن يصيح به وقت العدو في سباقه و لا يرتض خلفه

الفصل الثّاني في أحكام الرمي

و فيه [- ل -] بحثا [- ا -] يفتقر الرمي إلى عشرة شرائط الأوّل أن يكون الرشق معلوما و هو بكسر الراء عدد الرمي الذي يتّفقان عليه مطلقا عند الفقهاء و يختصّ عند أهل اللغة بما بين العشرين إلى الثلاثين الثّاني أن يكون عدد الإصابة معلوما فيقال الرشق عشرة و الإصابة خمسة مثلا الثّالث صفة الإصابة مثل أن يقول حوابي أو خواصر أو خواسق مما أشبه ذلك مما تقدّم الرابع أن يكون قدر المسافة معلوما إمّا بالزّرع فيقال مائة ذراع مثلا و إمّا بالمشاهدة الخامس قدر الغرض و هو ما ينصب في الهدف إمّا بالمشاهدة أو التقدير كالشبر و الشبرين السّادس العلم بالسّبق و هو المال المخرج السّابع تساويهما في جميع أحوال الرمي فلو شرطا أن يرمي أحدهما عشرة و الآخر عشرين أو إصابة أحدهما خمسة و الآخر ثلاثة أو أن إصابة أحدهما خواسق و الآخر فوارق أو يحط أحدهما من إصابته سما أو يرمي أحدهما من قرب و الآخر من بعد أو يرمي أحدهما و يده مشغولة أو رأسه حامل الشيء و الآخر خال عن ذلك أو يحط أحدهما واحدا من خطائه لا عليه و لا له لم يصحّ الثّامن تعيين الرماة فلا يصح مع الإبهام فلو شرطا أن يكون مع كلّ واحد منهما آخر أو اثنان أو أزيد من غير تعيينهم بالمشاهدة أو المعرفة لم يجز التاسع أن يكون المسابقة على الإصابة لا على البعد فلو قالا السّبق لأبعدنا رميا لم يجز على إشكال أقربه الجواز العاشر أن يكون المسابقة على الحذق فلو جعلا العوض للمخطئ دون المصيب لم يجز إمّا المبادرة أو المحاطة ففي اشتراط ذكر أحدهما نظر أقربه عدم الاشتراط [- ب -] ما ذكرناه

ص: 262

في السّباق بين الخيل من إخراج السّبق منها أو من أحدهما أو من أجنبيّ في النضال مثله و لا يشترط المحلّل أيضا فيه و إن كان السّبق منهما فلا بدّ في السّباق من معرفة الفرس و أمّا في النضال فلا يشترط معرفة القوس فلو أنفق الفرس بطل السّباق و لو انكسر القوس لم يبطل النضال و كما لا يشترط تعيين القوس فكذا لا يشترط تعيين السّهم نعم الإطلاق يقتضي تساوي جنس الآلة فإذا أطلقا النضال جاز و اقتضى أن يكون الرمي منهما بنوع واحد إمّا بالقوس العربيّة معا أو بالعجميّة معا و ليس لهما أن يختلفا فيرمي أحدهما بقوس و الآخر بغيرها إلاّ أن يشترط ذلك في العقد فيجوز حينئذ أن يختلفا و لو عقدا النضال على نوع من القسي تعيّن ما عقداه مثل أن يقولا نرمي معا بالعربيّة أو بالعجميّة و ليس لأحدهما العدول و لو عقد أعلى قوس معيّنة من النّوع كان له العدول عنها إلى غيرها من ذلك النوع لحاجة و غيرها بخلاف الفرس و لو قالا نرمي بهذه القوس لا بغيرها من نوعها و شرطاه بطل العقد و النشاب هي سهام القوس الأعجمي فلو اتفقا على أن يرميا بالنشاب من غير تعيين القوس انصرف إلى العجميّة و النبال سهام العربي و الحسبان قوس يكون سهامه صغارا يجمع في قصبة واحدة و يرمى بها فيتفرق في الناس فلا يمرّ بشيء إلاّ عقرته لشدّتها [- ج -] لو شرط أن يرمي ثلاثين و الإصابة عشرة و الآخر عشرين و الإصابة عشرة ففي الجواز نظر و كذا لو شرط أن يكون في يد أحدهما سهام و الآخر لا شيء في يده يشغلها بحفظه و لو شرطا أن يحسب خاسق أحدهما خاسق واحد و الآخر كل خاسق بخاسقين أو خاسق واحد بخاسقين أو يحط من خواسق أحدهما خاسق واحد فالجميع باطل و لو شرط حوابي على أن يعدّ الخاسق حابيتين فالأقرب الجواز لأنّ رميه في الخاسق أحذق [- د -] إذا كان الرشق عشرين و الإصابة خمسة فإن شرطا المبادرة و رمى كلّ عشرة فأصاب خمسة تساويا و لم يجب الإكمال و لو أصاب أحدهما دون الخمسة فقد نصله صاحب الخمسة و لو سأل الناقص إكمال الرشق لم يجب و إن شرطا المحاطة فأصاب كلّ واحد من العشرة خمسة تحاطّا خمسة بخمسة و أكملا الرشق و لو أصاب أحدهما منها تسعة و الآخر خمسة تحاطّا خمسة بخمسة و أكملا العدد و لو تحاطّا و كان أحدهما قد أكمل العدد فإن كان مع انتهاء العدد فقد نصل بصاحبه و إن كان قبله و طلب صاحب الأقلّ الإكمال أجيب مع الفائدة بأن يمكن رجحانه أو مساواته أو قصور صاحبه بعد المحاطة عن إكمال الإصابة و أجبر الآخر مع امتناعه مثل أن يرمي أحدهما عشرة فيصيب ستّة و يصيب الآخر واحدا و يرجو صاحب الواحد إصابة العشرة الباقية دون صاحبه فيحصل له أحد عشر و لصاحبه ستّة فيحصل له العدد بعد المحاطة و إن لم يكن له فائدة لم يجب الإصابة مثل أن يرمي أحدهما خمسة عشر فيصيبها و يصيب الآخر منها خمسة فإذا تحاطّا لم يجب الإكمال لأنّ الخمسة المتخلّفة إذا أخطأها صاحب الأكثر و أصابها صاحب الأقلّ انفرد الأوّل بالإصابة [- ه -] لو قال إن نضلتني فلك علي عشرة و تعطيني قفيز حنطة لم يجز لأن الناضل لا يغرم و لو قال إن نضلتني فلك علي عشرة دنانير إلا دانقا جاز و لو قال إلا درهما لم يجز للجهالة [- و -] إذا كان السباق بالخيل و شبهها جربا دفعة واحدة و إن كان في النضال وجب أن يبدأ أحدهما قبل صاحبه ليعلم المصيب و كيفيّة إصابته فإن شرطا البادي صحّ و إن أطلقا فإن يجب أخرج كلّ واحد السبق فالأقرب القرعة و يحتمل البطلان و إن أخرجه أجنبيّ قدّم من شاء و إن أخرجه أحدهما احتمل تقديمه لمزيّته و البطلان لأنّ موضوع النضال على انتفاء المزيّة [- ز -] يستحب لأهل النضال اتخاذ غرضين يرمون من أحدهما إلى الآخر ثم يمشون و يرمون من الآخر إلى الأوّل فإذا بدأ أحدهم بالرمي من أحدهما بالقرعة أو الشرط لم يكن له أن يبدأ من الآخر بل غيره بحسب ما يرتّبونه [- ح -] إطلاق المناضلة يقتضي المراسلة و هو أن يرمي أحدهما سهما و الآخر سهما و لو شرطا أن يرمي أحدهما رشقه أو عددا معيّنا و الآخر بعده جاز [- ط -] إذا اضطرب رمي أحدهما لعارض مثل أن أغرق النزع فخرج السّهم من اليمين إلى اليسار لأن من شأن السهم أن يمر على إبهام يسراه فإذا أراد النزع غير السهم فمر على أصل سبابة يسراه أو انكسر قوسه أو انقطع وتره أو أصابه ريح في كبفّثه أو عرض في الطريق عارض مثل أن وقع في بهيمة أو غيرها فخرج منه أو استلبته الريح فلم يصب الغرض لم يعدّ عليه خطأ و لو أضاف مع بعض هذه العوارض فالأقرب أنّه يعدّ له إصابة و لو جاوز السهم الغرض احتسب عليه خطأ إلاّ مع العارض [- ى -] إذا شرطا الخاسق فإن ثقب و ثبت النصل فيه حسب له و إن لم يثقبه كان خطأ و إن ثقبه يصلح للخسق إلاّ أنّ السّهم سقط فالأقرب أنّه لا يحتسب خاسقا و لو شرطا الإصابة مطلقا حسب له و إن لم ينفذ و لو شرطا الخاسق فسقط السهم فادعى الرامي أنّه خسق و إنما سقط لغلظ لقيه من حصاة و شبهها و أنكر الآخر فإن علم موضع الإصابة بالبيّنة أو الإقرار فإن لم يكن فيه ما يمنع الثبوت و كان قد خرقه فالأقرب أنّه لا يعد خاسقا بل خطاء و إن لم يخرقه فهو خطأ قطعا و إن كان في الموضع ما يمنعه من الثبوت احتمل أن يعدّ خاسقا و أن لا يعد خطأ و لا صوابا و إن لم يعلم و اتفقا على الخرق و لا مانع من الثبوت فالقول قول المنكر من غير يمين و إن كان هناك مانع فالقول أيضا قوله لكن مع اليمين و إن أنكر الخرق فالقول أيضا قوله مع اليمين و لو أصاب ثقبا في الغرض أو موضعا باليا و ثبت في الهدف احتمل أن يكون خاسقا مطلقا أو مع قوّة الهدف كالحائط و الخشب لا مع ضعف كالتراب و شبهه و لو أصاب طرف الغرض فخرقه و ثبت فيه بأن يقطع قطعة من طرفه و يثبت

ص: 263

مكانها أو يشقّه و يثبت في شقّه من غير أن يكون الغرض محيطا بالسهم فالأقرب أنّه خاسق و لو مرق السهم منه و لم يثبت فالأقرب أنّه يعدّ إصابة لأنّه أبلغ من الخسق و لو أصاب ثقبا في الغرض و ثبت في الهدف مع جلدة من الغرض و ادعى الخسق و قطع الجلد لشدّة الرمي و أنكر الآخر و ادّعى ضعف الغرض فالقول قول الآخر مع يمينه و لو وقع في غير الثقب خسق [- يا -] لو شرطا الإصابة مطلقا فكيف ما أصاب بالنصل جاز و لو وقع دون الغرض ثمّ انقلب فأصاب الغرض بفوقه و هو الثلمة الّتي في أسفل السهم يوضع الوتر فيها عدّ عليه خطأ و لو ازدلف و أصاب بنصله الغرض فالأقرب الإصابة [- يب -] إذا كان الريح عاصفا جاز له تأخير الرمي حتى يسكن و لو تناصلا مع ريح لينة و ميل رمية إلى الريح بحيث يكون قدر ما تميله موافق الإصابة فأصاب أو كانت الريح في وجه الغرض ففرغ نزعا بقدر ما يكون قوة رميه مع معاونة الريح يصل إلى الغرض فأصاب حسب له و لو كانت الريح عاصفة لم يحتسب الخطاء عليه و لا الإصابة له و لو حولت الريح الغرض عن مكانه بعد الرمي و وقع السهم في الهدف حسب له إن كان الشرط الإصابة أو كان الشرط الخواسق و كان الهدف بصلابة الغرض أو أشدّ و إلاّ لم يحتسب له و لا عليه و لو أصاب الغرض موضع انتقاله كان خطأ و لو شرطا الخسق فثبت في الغرض ثمّ سقط حسب له [- يج -] إذا شرطا إصابة موضع من الهدف جاز فلو شرطا إصابة الشّن و هي الجلدة فأصاب الشنبر المحيط به كإحاطة شنبر المنحل أو العرى الّتي حول الشّن أو المعاليق و هي الخيوط الّتي يعلق بها لم يصب و لو شرطا إصابة الغرض اعتد بإصابة الشّن و الشنبر و العرى و لو أصاب المعاليق فالأقرب عدم الاعتداد [- يد -] إذا طلب أحدهما الزيادة في الرشق أو الإصابة فإن قلنا إنّه عقد لازم لم يكن له ذلك إلاّ بعد أن يتفاسخاه و يعقداه على حسب ما أرادا و إن قلنا إنّه جائز و لم يأخذا في الرمي أو أخذا فيه و تساويا رميا و إصابة فلهما الزيادة و النقصان و لو طلب أحدهما الزيادة فإن أجابه و إلاّ كان له الفسخ و إن تفاضلا فإن طلب الزيادة صاحب الفضل تخيّر المفضول في الإجابة و الفسخ و إن طلب المفضول لم يكن له ذلك [- يه -] لو قالا من سبق إلى خمس إصابات من عشرين فهو السّابق فأصابا خمسة من عشرة لم يجب الإكمال و لا سبق و لو أصاب أحدهما خمسة و الآخر أربعة فقد نصله الأوّل و لو رمى أحدهما عشرا فأصاب خمسا و الآخر تسعا فأصاب أربعا لم يحكم بالسّبق قبل العاشر فإن أخطأه فهو مسبوق و إلاّ فلا و لو أصاب دون الأربع من التسعة فهو مسبوق و لا حاجة إلى الإكمال و لو قالا أيّنا فضل صاحبه بثلاث من عشرين فهو سابق فهو محاطة و يسمى أيضا مفاضلة و يلزم إتمام الرشق مع الفائدة كما قلنا لا بدونها كما لو أصاب أحدهما اثني عشر و أخطأها الآخر و لو قالا أيّنا أصاب خمسا من عشرين فهو سابق فمن أصاب خمسة منها قبل صاحبه فهو سابق و لو أصاب كلّ منهما خمسا أو لم يصب واحد منهما خمسا فلا سابق و هذه كالمحاطة في وجوب الإكمال مع الفائدة لا بدونها كما لو رميا ستة عشر فأخطئاها معا لم يجب الإكمال و لو شرط أن يحسب كلّ واحد منهما خاسقه بإصابتين فالأقرب الجواز [- يو -] إذا شرطا أن يرميا أرشاقا كثيرة جاز مع التعيين من غير حصر فإن شرطا أن يرميا كلّ يوم قدرا منها جاز و لو أطلق حمل على التعجيل و يرميان من أوّل النهار إلى آخره ما لم يحصل عارض من مرض أو شبهه فإذا جاء الليل قبل إكماله أخّراه إلى الغد ما لم يشترطا الرمي ليلا و لو أراد أحدهما التطويل و التشاغل عن الرمي بمسح القوس و شبهه منع من ذلك و لا يدهش بالاستعجال بالكليّة و يمنع كلّ منهما من الكلام الرديء الذي يغيظ صاحبه كالافتخار و الارتجاز و تعنيف صاحبه على الخطاء و إظهار أنّه يغلبه و كذا يمنع الحاضر معهما من ذلك كالشاهد و الأمين و لا يمدح السابق و لا يعنّف المسبوق و إذا تشاحا في الموقف مع تساويه كان الحكم للسابق و لو اختلف كان الحكم لمن يختار الأصلح إلاّ مع الشرط [- يز -] لو رميا عشرة من عشرين فأصاب كلّ واحد اثنين فقال أحدهما ارم سهمك هذا فإن أصبت سبقت لم يجز و لو فسخا العقد أو قال ابتداء ارم سهمك فإن أصبت فلك كذا جاز جعالة و لو قال ارم هذا السهم فإن أصبت فلك كذا غير مال النضال جاز جعالة أيضا و يأخذ مع الإصابة لا مع عدمها و لا يحتسب من الرشق و لو قال ارم سهما فإن أصبت فلك كذا و إن أخطأت فعليك كذا لم يجز [- يح -] لو قال ناضل نفسك فإن كان صوابك أكثر فلك السبق لم يجز و كذا لو قال ناضل نفسك فإن كان صوابك أكثر فقد نضلتني و لو قال ارم عشرين فإن كان صوابك أكثر فلك كذا جاز جعالة [- يط -] لو رمى سهما فإن أصاب بالنصل أو بهما معا فهو إصابة و إن أصاب بالفوق فهو خطاء و لو أصاب فوق سهم ثابت نصله في الغرض لم يحتسب له و لا عليه و لو كان الثابت في الغرض قد نفذ فيه حتّى بلغ فوقه الغرض ثمّ أصابه فإن كانت الإصابة مطلقة حسب له و إن شرط الخاسق لم يحتسب له و لا عليه و لو أصاب الفوق و سبح على السهم حتّى أصاب الغرض فهو أصابه [- ك -] إن قلنا إنّ العقد لازم لم يكن لأحدهما الترك بعد العقد فإن امتنع حبس فإن امتنع عزر فإن فعل و إلا ردّ إلى الجنس فإن فعل و إلا عزّر و إن قلنا إنّه جائز كان للفاضل أن يقرك و في المفضلة وجهان و لو شرطا أن يقعد أحدهما

ص: 264

متى أراد بطل العقد إن قلنا إنّه لازم و إلاّ فلا و لا يجوز أن يشترطا كون السبق على الجالس و لا يجب في عقد النضال اشتراط قدر ارتفاع السهم و لو سمّى قدر ذلك فالوجه المنع لعدم ضبطه و حصول التنازع به و كذا لا يشترط قدر ارتفاع الغرض عن وجه الأرض و ينصرف الإطلاق إلى العرف و لو شرطاه لم يجز خفضه و لا رفعه إن قلنا بلزوم العقد و إلاّ جاز [- كا -] لو عقدا على مائة ذراع ثمّ اتّفقا على الزيادة لم يكن لهما ذلك إلاّ بعد التفاسخ و إنشاء عقد على ما يريد أنه إن قلنا إنّه لازم و إلاّ جاز و كذا البحث لو شرطا إصابة الهدف أولا ثم طلبا إصابة الغرض و لا يجوز اشتراط الإصابة في عدد يتعذّر الإصابة معه كاربعمائة ذراع و يجوز على مائتين و خمسين فما دون و كذا لا يجوز اشتراط الإصابة في عدد يتعذّر معه ذلك كما لو شرطا إصابة تسعة من عشرة و كذا لو شرط إصابة العشرة و قوّى الشيخ الجواز فيهما و هو جيّد و لو كان الرشق عشرة و الإصابة خمسة و شرط الإصابة من تسعة بمعنى أنّ العاشر لا يحسب له و إن أصابه لم يجز [- كب -] يجوز للرامي أن يقف أين شاء من الغرض عن يمينه أو يساره و لو شرطا موضعا خاصّا لزم و لو قال أحدهما يستقبل الشمس و الآخر يستدبرها أجيب طالب الاستدبار و لو شرطا الاستقبال لزم [- كج -] يجوز أن يكون الرماة حزبين و يقسمون بالاختيار و الأقرب جواز القرعة و الأوّل أولى فيختار رئيس أحد الحزبين واحدا ثم يختار الآخر واحدا و هكذا و لا يختار أحدهما الجميع ثمّ الآخر الباقي و يقرع في المبتدئ للاختيار من الزعيمين و لو جعلوا الرئيس الحزبين واحدا لم يجز و لو قال أحد الزعيمين أنا أختار أوّلا على أني أخرج السّبق أو على أن يكون السبق في حزبي لم يجز و كذا لو قال اختر أنت على أن عليك السبق أو يقرع فمن أصابه كان السبق عليه و لا نرمي معا فأينا أصاب كان السبق على الآخر [- كد -] لا بدّ من تعيين الرماة فلو اختار ثلاثة لا بسميّهم لصاحبه و صاحبه ثلاثة لا يسميّهم للأوّل لم يجز و لو حضر غريب لا يعرفونه فاختير في أحد الحزبين فخرج لا يحسن الرّمي بطل العقد فيه و في محاذيه الذي اختاره الزعيم الآخر في مقابلته و لا يبطل في الباقين بل لكلّ حزب خيار تفريق الصفقة و لو ظهر راميا قليل الإصابة فقال حزبه ظنناه كثيرها أو بأن كثيرها فقال الآخر ظنناه قليلها لم يلتفت إليهم [- كه -] إذا شرطوا تقديم أحد الحزبين فيكون أحدهم المبتدئ جاز و لو شرطوا أن يكون فلان مقدّما و فلان معه من الحزب الآخر ثمّ فلان ثانيا من الحزب الأوّل و فلان معه كان باطلا و إذا تعيّنت البدأة لواحد فرمى غيره و رد السهم عليه و لم يحتسب له و لا عليه بخطه إنما بطل لأن تقديم واحد من الحزب يكون إلى زعيمه [- كو -] لو أخرج أحد الزعيمين السّبق منه فسبق حزبه لم يرجع عليهم إلاّ مع الشرط فيرجع بالسّوية و يأخذه السابق بالسّوية و يحتمل قسمته على قدر الإصابة [- كز -] يشترط كون الرشق بين الحزبين يمكن قسمته بغير كسر و يتساوون فيه فلو كانوا ثلاثة وجب أن يكون له ثلث كذا و لو كانوا أربعة وجب أن يكون له ربع [- كح -] إذا قال أحد المتناضلين لصاحبه و قد فضله اطرح الفضل مقابله و عليّ كذا لم يجز و لو تفاسخا العقد و عقدا آخر جاز و لو لم يفسخاه فتمّت الإصابة مع ما أسقطه استحقّ و ردّ ما أخذه في مقابلة الطرح و لو سبق أحدهما صاحبه عشرة فقال إن نضلتني فلك هذه العشرة و إن نضلتك فلا شيء لك فقال ثالث للمسبق أنا شريكك في الغنم و الغرم إن نضلك فنصف العشرة عليّ و إن نضلته فنصفها لي لم يجز لأنّ الغرم و الغنم للمفاضل لا لغير الرامي و كذا لو سبق كلّ واحد منهما صاحبه عشرة و أدخلا محللا فقال رابع لكلّ من المسبقين أنا شريكك في الغنم و الغرم [- كط -] لو قال واحد لآخر ارم هذا السّهم فإن أصبت به فلك درهم صح جعالة و لو قال إن أصبت فلك درهم و إن أخطأت فعليك درهم لم يجز و لو قال ارم عشرة فإن كان صوابك أكثر من خطائك فلك درهم صحّ جعالة و كذا إن كان صوابك أكثر فلك بكلّ سهم أصبت به درهم أو قال ارم عشرة و لك بكل سهم أصبت به منها درهم أو قال فلك بكلّ سهم زائد على النصف من المصيبات درهم و لو قال فإن كان خطاؤك أكثر فعليك درهم لم يجز لأنّ الجعل في مقابلة العمل و لا عمل للقابل و كذا لا يجوز لو قالوا نقرع فمن خرجت قرعته فهو السابق و لا من خرجت قرعته فالسّبق عليه و لا نرمي فأينا أصاب فالسّبق على الآخر [- ل -] إذا شرطا إصابة موضع من الهدف على أنّ ما كان أقرب إلى الشرق يسقط إلا بعد جاز لأنّه نوع من المحاطته فإذا رمى أحدهما سهما فوقف في الهدف و رمى الآخر خمسة فوقعت أبعد من سهم الأوّل ثمّ رمى الأول سهما فوقع أبعد من الخمسة سقطت الخمسة بالأوّل و سقط الذي بعد الخمسة بالخمسة و لو رمى أحدهما خمسة في الهدف بعضها أقرب من بعض و رمى الثاني خمسة كلّها أبعد من الخمسة الأولى سقطت الثانية أجمع و ثبتت الأولى أجمع و لا يسقط الأقرب الأبعد لأنّ الأقرب يسقط الأبعد من رمى الآخر لا من رمى نفسه و لو أصاب أحدهما الهدف و الآخر الفرض سقط ما أصاب الهدف بما أصاب الغرض و لو أصاب أحدهما الغرض و الآخر العظم الذي في وسطه لم يسقط الأوّل و لو أصابا الهدف و كانا في القرب سواء تساقطا و لو رمى أحدهم ساقطا و هو ما وقع بين يدي الغرض و الآخر عاضدا و هو ما دفع من أحد الجانبين و الآخر خارجا و هو ما جاوز الغرض قيس إلى الغرض من أيّ الجهات كان و سقط به الأبعد

كتاب الوديعة و توابعها

اشارة

و فيه مقاصد

الأوّل في الوديعة

اشارة

ص: 265

و النظر في فصول ثلاثة

الأوّل في العقد

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] الوديعة حقيقتها استنابة في حفظ المال و أتوا بالهاء لأنّهم ذهبوا بها إلى الأمانة و هي مأخوذة من ودع يدع إذا سكن و استقر قال الكسائي أودعت الرّجل مالا إذا دفعته إليه يكون وديعة عنده و أودعته قبلت وديعته و هي عقد جائز من الطرفين و لها حكم في الشريعة بالنّص و الإجماع [- ب -] يفتقر الوديعة إلى إيجاب و قبول و يكفي فيهما كلّ عبارة دالّة على معناهما و يكفي في القبول الفعل مجردا عن اللفظ و لو طرح الوديعة عنده لم يلزمه حفظها إذا لم يقبلها و لا بدّ في المتعاقدين من التكليف فلو استودع من الصّبي أو المجنون ضمن و لو أكره على القبول لم تصر وديعة و لو أهملها لم يضمن [- ج -] لو أودع الصّبي ففرط فيها لم يضمن أمّا لو باشر الإتلاف فإنّه يضمن و لو أودع المجنون لم يضمن بالإتلاف مباشرة و تسبيبا [- د -] عقد الوديعة تبطل بالموت منها و الجنون و الإغماء و بعزله نفسه و إذا انفسخ بقي أمانة شرعيّة في يده كالثوب يطيّره الريح في داره [- ه -] الحريّة يشترط في المتعاقدين أو أذن المولى فلو استودع العبد فإن كان بإذن مولاه صحّ و إلاّ فلا و على التقدير الأول لو فرط العبد أو باشر الإتلاف فالوجه تعلق الضمان بكسبه أمّا على التقدير الثّاني فالأقرب أنّه يتبع به بعد العتق [- و -] لا تصحّ وديعة الطفل و لا المجنون فلو أودعا ضمن القابض و لو ردّه إليهما لم يبرأ و إنّما يبرأ بردّه إلى وليّهما [- ز -] الوديعة أمانة يجب حفظها فلو أهمل المستودع ضمن و لو لم يهمل لم يضمنها و إن تلفت سواء تلف معها شيء من ماله أو لا و كذا لو أخذت منه مهرا و لو تمكّن من الدفع وجب و لو أهمل حينئذ ضمن و لو خاف من الظالم لو منعها جاز دفعها إليه و لا يجب تحمّل الضّرر الكثير لأجل حفظها عنه و لو أنكرها فطالبه الظالم باليمين ظلما جاز الحلف و يؤدّي ما يخرج به عن الكذب [- ح -] يجب ردّ الوديعة إلى صاحبها مع الطلب و إمكان الدفع فلو أهمل مع القدرة و المطالبة ضمن

الفصل الثّاني في أسباب الضمان

و هي شيء واحد على الإجمال هو التقصير و للتقصير أسباب سبعة الأوّل الانتفاع بالوديعة فإذا لبس الثوب أو ركب الدابّة أو أخذ الدّراهم ليصرفها في حاجته ضمن و لو نوى الأخذ و لم يأخذ أو عزم على التّعدي و لم يفعله لم يضمن و فيه احتمال ضعيف بخلاف الملتقط و لا يعود أيضا لو ترك الخيانة و لو ردّ الثوب بعد ما لبسه أو الدابة بعد ما ركبها إلى الحرز لم يزل الضمان و لو أعاده إلى المالك سقط الضمان و إن جدّد الاستيمان و لو لم يردها لكن جدّد الاستيمان أو أبرأه من الضمان برئ أيضا و لو أخرجها من الحرز للاستعمال و لم يستعملها ضمنها و إن أعادها إلى الحرز لم يبرأ و لو دفع دراهم فوضعها في كيس ثمّ أخرج منها درهما ضمنه خاصّة و لو ردّ ذلك الدّرهم بعينه إلى الكيس و اختلط بالباقي و لم يتميّز لم يتعدّ الضمان إلى الباقي و لم يزل الضمان عن الدّرهم و إن ردّ بدله و مزجه بالباقي ضمن الجميع و لو تميّز لم يبعد الضّمان إلى الباقي و كذا لو مزج الوديعة بغيرها من ماله أو من غير ماله من غير استيذان بحيث لا يتميّز فإنّه يضمنها و لو كانت الدّراهم في كيس للمودع فإن لم يكن مشدودا فكذلك و إن كان مشدودا فبحلّ الشّد أو كانت مختومة فكسر الختم و إن لم يحلّ الشّد فإنّه يضمنها أجمع و إن لم يأخذ منها شيئا و لا يختصّ ضمانه بالختم لو خرق الكيس فإن كان الخرق فوق الشدّ ضمن ما خرقه دون الدراهم و إن كان تحته ضمن الدراهم فلو أودع كيسين فمزجهما ضمن و إن لم يكونا مشدودين و لو أتلف بعض الوديعة لم يضمن الباقي إلاّ إذا كان متّصلا به كما لو قطع الثوب أو يد العبد و لو كان مخيطا فالأقرب أنّه يضمن الجميع لو فتقه أتلف بعضه فلو خلط المستودع الوديعة بماله خلطا لا يتميّز ضمنها سواء كان المخلوط بها دونها أو مثلها إلى أجود و لو تميّز كالدراهم و الدنانير لم يضمن إلاّ أن يتضمّن التفريط بغير المزج كحلّ الشد و فتح الختم و كذا لا يضمن لو مزجها بإذن المالك و لو أنفق الوديعة ضمنها و لو ردّ بدلها إلى موضعها لم يتعين بذلك و كانت في ضمانه الثّاني التضييع بأن يلقيه إلى مضيعة أو يدلّ عليه سارقا أو يسعى به إلى ظالم أو لا يحرزها في حرز مثلها و لو ضيّع بالنسيان فالأقرب الضمان و لو أكره على أخذ الوديعة لم يضمن و كذا لو سلّمها مكرها و للمالك الرجوع على من شاء من الودعي و الظالم و إذا طالبه الظالم وجب إخفاؤها و لو طلب منه الحلف و لم يحلف فالأقرب الضمان الثّالث المخالفة في كيفيّة الحفظ فلو غير له موضعا للحفظ تعيّن فإن لم ينهه عن غيره و نقلها فإن كان الموضع ملكا للمودع أو مستأجرا له ضمن لأنّه في الحقيقة وكالة لا استيداع إلاّ أن يخاف عليها فينقلها لأنّه مأمور بحفظها و إن كان ملكا للمستودع فنقلها منه أو حفظها ابتداء في غيره فإن كان أدون ضمن قطعا و إن كان مثله أو أحرز قال الشيخ لم يضمن و عندي فيه نظر و يقوى الإشكال لو تلفت بالنقل كانهدام البيت المنقول إليه و لو نهاه عن النقل ضمن به و إن كان إلى مساو و لو لم يعيّن له موضعا فنقلها بعد إيداعها من حرز إلى حرز مثلها لم يضمن سواء كان مثل الأوّل أو أدون تنبيه كلّ موضع قلنا إنّه يضمن بالنقل إنّما هو مع عدم خوف التلف أمّا لو خاف التلف من حرق أو غرق أو نهب أو لصّ فإنّه يجوز نقلها و إن عين له حرزا سواء نهاه عن نقلها عنه أوّلا و لا ضمان عليه إذا نقلها إلى مثل المعيّن أو أحرز و لو نقلها إلى

ص: 266

أدون فإن لم يتمكّن من المساوي و الأجود فلا ضمان و إن تمكّن و لم يكن حرز مثلها ضمن و إن كان حرز مثلها ففي الضمان إشكال و لو لم ينقلها مع الخوف فتلفت فالأقرب التفصيل فإن لم يعيّن له موضعا ضمن و إن عيّن و لم ينهه عن النقل فكذلك و لو نهاه عن النقل ففي عدم الضمان إشكال إذا عرفت هذا فلا فرق في الضمان بين أن ينقلها من دار إلى أخرى أو من بيت من دار إلى بيت آخر منها مع التعيين و النّهي عن التحويل و لو قال لا تخرّجها من المعين و إن خفت التلف فأخرجها من غير خوف ضمن و إن أخرجها مع الخوف أو تركها فلا ضمان و لو أمره بوضعها في صندوق فوضعها في غيره أو في خريطه فوضعها في غيرها فالتفصيل فيه كما قلنا في البيت سواء و لو أمره بوضعها في بيته فتركها في ثيابه ضمن و لو دفعها إليه في دكّانه و أمره بوضعها في بيته فسارع فتلفت من غير تفريط لم يضمن و لو وضعها في دكّانه إلى وقت فراغه ليستصحبها إلى بيته مع المكنة من المسارعة فالأقرب الضمان و لو نهاه عن التأخير ضمن قطعا و لو أمره بوضعها في كمّه فوضعها في جيبه ففي الضمان إشكال و بالعكس يضمن و لو أمره بوضع الخاتم في الخنصر فوضعه في البصر و كان متّسعا ينزل إلى أسفل لم يضمّن و إن كان ضيّقا يقف عند الأنملة ضمن و بالعكس يضمن و لو قال ضعها في جيبك أو كمّك فوضعها في يده ضمن إن سقطت منه و لو غصبت منه فكذلك على إشكال و لو أمره بحفظها مطلقا فوضعها في جيبه أو يده لم يضمن إلاّ أن يسقط من يده لاسترخائه بنوم أو نسيان و لو تركها في كمّه مشدودة لم يضمن فإن كانت غير مشدودة فسقطت ضمن إن كانت خفيفة و كذا إن كانت ثقيلة على إشكال ضعيف و لو شدّها في عضده لم يضمن سواء كان مما يلي الجيب أو لا نعم لو أمره بشدّها مما يلي الجيب فعكس ضمن و لو كان بالعكس لم يضمن و لو شدها على وسطه لم يضمن و لو دفع إليه صندوقا و قال لا تنم عليه أو لا تقفل عليه أو لا تضع عليه رجلا تخالفه أو قال لا تقفل عليه إلا قفلا واحدا فقفل قفلين لم يضمن و لو قال اجعلها في هذا البيت و لا تدخله أحدا فأدخل إليها فسرقها الداخل ضمن سواء سرقها حال الإدخال أو بعده و لو سرقها من لم يدخل البيت فالأقرب الضمان الرّابع الإيداع و من استودع شيئا فأودعه من غير إذن المالك و لا ضرورة كان ضامنا سواء أودع من جرت عادته بحفظ ماله كالمرأة و الغلام أو غيرهما و إن كان القاضي و لو أراد السّفر ردّها إلى المالك أو وكيله فإن فقدهما فإلى الحاكم فإن تعذّر فإلى ثقة فإن تعذّر جاز له السّفر بها و لو خالف هذا الترتيب ضمن على إشكال ضعيف و لو أودع في السّفر جاز النقل و لا ضمان عليه و لو دفنها في موضع و أعلم بها ثقة يده على الموضع و كانت مما لا يغيّرها الدفن فهو كإيداعها عنده و إن لم يعلم بها أحد ضمنها إلاّ مع خوف المعاجلة عليها و كذا يضمن لو أعلم بها غير الثقة أو أعلم بها الثقة و لم يشعره بالمكان أو أشعره و ليس ساكنا بالمكان أو كانت مما يتغيّر بالدفن و لو أراد السفر بها و قد نهاه المالك ضمنها إلاّ أن يخاف التلف مع المقام بها و إن لم يكن نهاه و كان الطريق مخوفا أو البلد المقصود كذلك ضمنها و إن لم يكن كذلك احتمل جواز السّفر بها مع القدرة على المالك و الوكيل و الحاكم و الثقة و عدمه و هو الأقوى و لو دفع إلى الحاكم للضرورة ففي وجوب القبول على الحاكم وجهان و لو دفعها إلى الحاكم من غير إرادة السفر للضرورة كالحريق و النّهب و غيرهما لم يضمن و إن تعذّر الحاكم و احتاج إلى إيداعها أودعها الثقة و لو وجد المالك أو وكيله فتخطاهما إلى الحاكم أو الثقة ضمنها و لو جعلها في بيت المال بنفسه من دون الحاكم ضمن و لو حبس المالك أو حجر عليه للسفه كان على المودع ردّ الوديعة إلى الحاكم و لو نقل الوديعة من قرية إلى أخرى كان حكمه حكم المسافر بها و إن لم يكن بينهما مسافة القصر الخامس التقصير فيما يحتاج الوديعة إليه فلو استودع دابة وجب عليه القيام بعلفها و سقيها على قدر حاجتها سواء أمره المالك أو لم يأمره و لو نهاه المالك عن العلف و السقي لم يجز له الامتثال لكن لو امتثل لم يضمن و كذا لو لم ينشر الثوب المحتاج إلى النشر و لو افتقر إلى اللبس وجب لبسه و لو أهمل ضمن إلا مع نهي المالك السّادس الجحود فمن أودع شيئا وجب ردّه على مالكه مع المكنة و المطالبة فإن طالبه المالك فجحد ضمن و لو طالبه غير المالك فجحد لم يضمن و لو سأله المالك من غير مطالبة فجحد ففي الضمان إشكال السّابع التأخير عن الدفع مع المطالبة و إمكان الدفع و لو لم يمكن لبعدها أو لمخافة في طريقها أو للعجز عن حملها أو غير ذلك لم يكن متعدّيا بترك تسليمها و ليس على المستودع مئونة لو حملها إلى مالكها إذا كان حملها يفتقر إلى المئونة قلت أو كثرت بل عليه التمكين من أخذها و لو ساتر بها بغير إذن المالك كان عليه الردّ و لزمه مئونته

الفصل الثالث في الأحكام

و فيه [- يط -] بحثا [- ا -] قبول الوديعة مستحبّ لمن يعلم من نفسه الأمانة و ليس بواجب إجماعا [- ب -] الوديعة أمانة لا يضمن إلا بالتعدّي و لو شرط الضمان في العقد لم يلزم و إن قبل الشرط و كذا لو قال أنا ضامن لها و كذا كلّ ما أصله الأمانة [- ج -] لا يجوز مزج الوديعة بغيرها من جنسها أو غير جنسها أجود أو أدون أو سار مثل أن يمزج السمن بمثله أو بالزيت و لو استودع من اثنين و أذنا في المزج جاز و لا ضمان و لو أذن أحدهما ضمن حصّة غير الإذن و لو امتزجت بغير تفريط فلا ضمان و أو مزجها غيره فالضمان على المباشر [- د -] إذا حضرت

ص: 267

المودع الوفاة وجب عليه دفعها إلى المالك أو الوكيل أو الحاكم أو الثقة على الترتيب و لو تعذّر وجب الإيصاء بها و الإشهاد فإن أهمل مع القدرة حتّى مات ضمن و لو مات فجاءة و لم يوص فالأقرب عدم الضمان و لو أوصى إلى فاسق ضمن و كذا لو أوصى و أجمل من غير تميز كما لو قال عندي ثوب و لم يتميّزه و عنده أثواب و لو لم يكن عنده غيره لم يضمن و لو قال عندي ثوب وديعة و لم يوجد في تركته ثوب أصلا فالأقرب عدم الضمان على إشكال و لو وجد في تركته كيس مختوم عليه مكتوب أنّه وديعة فلان لم يسلمه إليه إلاّ مع البيّنة [- ه -] لو أمر المودع غلامه أو صاحبه بعلف الدابّة أو سقيها فالأقرب عدم الضمان و لو أخرجها للسّقي و الطّريق أمن ففي الضّمان إشكال أمّا لو كان مخوفا فإنّه يضمن و لو قال المالك اربط الدرهم في كمّك فوضعها في يده فأخذها غاصب فالأقرب الضمان و لو أمره بحفظها فشدّها في كمّه الظاهر أو وضعها في جيبه الظاهر فالوجه الضمان بخلاف ما لو كانا باطنين [- و -] إذا ادّعى عليه وديعة فأنكر فالقول قوله مع اليمين فإن أقيمت عليه البيّنة فادّعى عليه الرّد أو التّلف من قبل فإن كان ضيعة جحوده إنكار أصل الوديعة لم يقبل قوله بغير بيّنة و مع إقامة البيّنة فالأقرب عدم قبوله أيضا و إن كانت الصيغة أنّه لا يلزمني تسليم شيء إليك أو ليس في ذمّتي شيء قبل قوله في الرّد و التّلف [- ز -] يجب ردّ الوديعة مع المطالبة و المكنة فإن أخّر معهما ضمن و لو أخّر لضرورة لم يضمن و إن كان لاستتمام غرض نفسه مثل أن يكون في حمام أو على طعام أو على نوم أو طلب الإمهال ليهضم الطعام [- ح -] لو قال ردّ على وكيلي و طلب الوكيل رده و لم يرد مع المكنة ضمن و لو لم يطلب و لكن تمكّن من الردّ فلم يردّ فالأقرب الضمان على إشكال و لو علم من حال الموكّل المسارعة فأهمل ضمن قطعا و إذا ردّ على الوكيل و لم يشهد فأنكر الوكيل فالأقرب عدم الضمان بخلاف الوكيل لقضاء الدين [- ط -] لو طالب بالردّ فادّعى التلف فالقول قوله مع يمينه سواء ادعى سببا ظاهرا كالحريق و الغارة على إشكال أو خفيا و لو ادعى الردّ فالقول قوله مع اليمين إلاّ أن يدّعي الردّ على غير من ائتمنه كدعوى الردّ على وارث المالك أو دعوى وارث المستودع على المالك أو دعوى من طير الرّيح ثوبا إلى داره أو دعوى المستودع الرد على وكيل المالك [- ى -] لو ادعى اثنان عليه وديعة فاعترف لأحدهما مطلقا و قال نسيت التعيين فإن صدّقاه خلص منهما و تنازعا و الأقرب أنّه لا يجب نقلها إلى عدل غيره و إن كذّباه حلف على نفي العلم و لا يكفي يمين واحدة على إشكال بل لا بدّ من يمينين فإذا حلف احتمل استعمال القرعة خرج اسمه حلف فإن نكل حلف صاحبه فإن نكلا قسم بينهما و احتمل القسمة بينهما و حينئذ لا يضمن المستودع نصفها لتفويت ما استودع بجهله لأنّ الجهل عذر و إن نكل فحلفا على علمه ضمن القيمة و جعلت القيمة و العين في أيديهما فإن سلّم العين بحجة لأحدهما ردّ نصف القيمة إلى المودع و لم يجب على الثاني الردّ لأنّه استحقّها بيمينه و لم يعد عليه البدل و قال الشيخ ره لو حلفا فيه قولان أحدهما القسمة بينهما و الثاني أنّه يوقف حتّى يصطلحا و الأول أقوى ثمّ قال و لو قلنا بالقرعة كان قويّا و عندي في ذلك نظر و لو حلف أحدهما حكم له و لو نكلا احتمل القسمة و القرعة و لو كذبهما معا فالقول قوله مع يمينه و لو كذّب أحدهما و صدّق الآخر فكذلك و يدفعها إلى من اعترف له بها مع يمينه للمكذب و لو أقرّ لهما معا كان إقرارا لكلّ واحد منهما بالنّصف و يكون الحكم في النصف الآخر ما تقدّم فيها إذا أقر بالجميع لغيره [- يا -] إذا أخرج الوديعة المنهي عن إخراجها فتلفت فادّعى أنّه أخرجها للخوف إما من حريق أو غريق أو نهب أو غير ذلك فأنكر المالك فعلى المدّعي البيّنة على حصول السّبب و حينئذ يبقى القول قوله في التلف مع اليمين [- يب -] إذا أودع المودع من غير إذن و لا ضرورة ضمن و للمالك الرجوع على من شاء فإن رجع على الأوّل برئ الثاني فإن رجع على الثاني كان للثاني مطالبة الأول مع الغرور [- يج -] لو مات و ثبت أن عنده وديعة يوجد بعينها أخذت من التركة و لو كان عليه دين سواها فهي و الدين سواء و لا فرق بين أن يؤخذ في تركته من جنس الوديعة أو لا هذا إذا أقرّ المستودع أن عندي وديعة أو عليّ وديعة لفلان أو ثبت ببيّنة أنّه مات و عنده وديعة و لو كانت عنده وديعة في حياته و لم يوجد بعينها و لم يعلم هل هي باقية عنده أو تلفت ففي وجوب ضمانها إشكال [- يد -] لو مات و عنده وديعة معلومة بعينها فعلى ورثته تمكين صاحبها من أخذها و لو لم يعلم المالك بالموت وجب على الورثة إعلامه بها و ليس لهم إمساكها و كذا لو أطارت الريح إلى داره ثوبا و علم به فعليه إعلام المالك [- يه -] المستودع أمين و القول قوله فيما يدّعيه من تلف الوديعة مع يمينه و لو ادّعى ردّها إلى صاحبها فالقول قوله أيضا سواء أودعه إيّاها ببينة أو بغير بيّنة [- يو -] لو قال دفعتها إلى فلان بأمرك فأنكر مالكها الإذن في دفعها فالقول قول المالك و لو صدقه على الإذن لم يضمن بترك الإشهاد و لو اعترف المالك بالإذن و أنكر الدفع فالقول قول المستودع فإن أقرّ المدفوع إليه بالقبض و كان الدفع إليه في دين برئ الجميع و إن أنكر فالقول قوله مع يمينه و يضمن المأمور بترك الإشهاد و إن كان الأمر بالدفع وديعة فالوجه عدم الضمان فإذا حلف برئ أيضا و كان الهلاك من المالك [- يز -] إذا استودع دابة وجب عليه القيام بعلفها و سقيها فإن قدر على المالك أو وكيله طالبه بالإنفاق لو ردها عليه و يأذن له ثم يرجع به فإن تعذّر المالك و وكيله رفع أمره إلى الحاكم فينفق عليها من مال صاحبها

ص: 268

و لو لم يجد و رأى من الخطّ بيعها أو بيع بعضها و إنفاقه على الباقي أو إجارتها أو الاستدانة على صاحبها من بيت المال أو من غيره و يدفعه إلى المودع فعل و إن رأى دفعه إلى غيره ليتولى الإنفاق عليها جاز و لو استدان من المودع جاز ثم يدفعه إليه إن شاء أو إلى غيره و يجوز أن يأذن له في الإنفاق بقدر ما يراه المودع و يرجع به على صاحبها فإن اختلفا في قدر النفقة فالقول قول المودع في المعروف و في الزائد قول المالك و إن اختلفا في قدر المدّة الّتي أنفق فيها فالقول قول المالك و لو تعذّر الحاكم و أنفق على نيّة الرّجوع و أشهد فالأقرب الرّجوع و لو تمكّن من الحاكم فلم يستأنفه فالأقرب الرّجوع و إن أشهد و لو عجز عن الحاكم و لم يشهد فالأقرب عدم الرجوع [- يح -] إذا فرّط و اختلفا في القيمة فالقول قول الغارم و قيل قول المالك و فيه ضعف [- يط -] إذا مات المودع سلمت الوديعة إلى الوارث فإن كانوا جماعة سلّمت إلى الجميع أو من يقوم مقامهم و لو سلّمها إلى بعضهم من غير إذن الباقين ضمن حصص من لم يأذن

المقصد الثّاني في العارية

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في العقد

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] العارية مأخوذة من عار الشيء يعير إذا ذهب و جاء و شدّد الياء لأنّها منسوبة إلى العادة و هو اسم من قولك أعرت المتاع إعارة و عارة فالعارة الاسم و الإعارة المصدر و العارية عقد يقتضي إباحة المنفعة خاصّة بغير عوض فخرج عنه إباحة الأعيان كالبيع و الصّدقة و الإجارة [- ب -] العارية عقد مشروع بالنّص و الإجماع قال اللّٰه تعالى وَ تَعٰاوَنُوا عَلَى اَلْبِرِّ وَ اَلتَّقْوىٰ و قال تعالى وَ يَمْنَعُونَ اَلْمٰاعُونَ و قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله العارية مؤدّاة و المنحة مردودة و الدّين مقضي و الزّعيم غارم [- ج -] العارية عقد جائز من الطرفين و يفتقر إلى إيجاب و قبول و عبارته الصّريحة أعرتك فيقول قبلت و يقع بكلّ لفظ يشتمل على الإذن في الانتفاع و قد يحصل القبول بالفعل

الفصل الثّاني في أركانها

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] أركان العارية ثلاثة المعير و المستعير و المستعار و يشترط في المعير التكليف و جواز التّصرف فلو أعار الصّبي أو المجنون أو المحجور عليه للسّفه أو الفلس لم يجز و لو كان الصّبي مميّزا أو أذن له الوليّ في الإعادة جاز مع المصلحة و لا فرق بين أن يعير ما يملكه أو يكون نائبا من غيره [- ب -] يشترط في المعير كونه مالكا للمنفعة فلو أعار المستأجر صحّ و لو أعار غيره ممن ليس بمالك لم يجز و إن كان مستعيرا نعم للمستعير أن يستوفي المنفعة لنفسه بوكيله و ليس له أن يؤجر [- ج -] يشترط في المستعير كونه أهلا للتبرّع عليه فلو استعار المحرم صيدا لم يجز له إمساكه و إن كان من محلّ و لو أمسكه ضمنه و إن لم يشترط عليه الضمان و عليه مع تلفه قيمته لصاحبه و الجزاء للّه تعالى و هل يجوز للمشرك استعارة المصحف أو العبد المسلم للاستخدام فيه نظر [- د -] يشترط في المستعار كونه عينا مملوكة يصحّ الانتفاع به مع بقاء عينه كالثوب و الدابة و يصحّ إعادة الأرض للزراعة أو الغراس أو البناء و كذا يجوز إعارة الحيوان للركوب و العبد و الجارية للخدمة و إن كانت الجارية أجنبيّة و يجوز أيضا عارية الفحل للضراب و عارية الكلب للصّيد أو الحفظ [- ه -] لا يجوز إعارة العين لنفع محرّم كإعارة الدار لمن يشرب فيها الخمر [- و -] يكره أن يستعير أحد والديه لخدمته و يستحبّ استعارتهما للتّرفه و لا يجوز استعارة الجواري للاستمتاع إلاّ بلفظ التحليل أو الإباحة فلو وطئ بلفظ العارية مع علمه بالتحريم كان زانيا و إلاّ فهو وطء شبهة و يجوز استعارة الشاة للحلب و يكون ذلك منحة و يجوز استعارة العين للرّهن [- ز -] يجوز إعارة كلّ عين يصحّ الانتفاع بها منفعة مباحة مع بقائها كالدّور و العقار و الثياب و الحلّي و غير ذلك و لو استعار الدراهم و الدنانير لمنفعة التزيين بها جاز و لا يكون قرضا و لو استعارها للإنفاق كان قرضا و لو قال آجرتك حماري ليتعرب فرسك فالأقرب الجواز فلو قال اغسل هذا الثوب فهو استعارة لبدنه فإن كان العمل بما يؤخذ الأجرة عليه استحقّ الأجرة و إلاّ فلا

الفصل الثالث في أحكامها

و فيه [- كه -] بحثا [- ا -] يملك المستعير من الانتفاع بالعارية ما جرت العادة به في الانتفاع بذلك المستعار كالدابة في الركوب و الدار في السكنى و الثوب في اللبس و لو أذن المالك في نوع من التّصرف لم يجز التعدّي إلى ما ضرره أكثر فإن أذن له في زرع الحنطة لم يكن له زرع ما هو أضرّ منها و يزرع ما ضرره مثلها أو دونها و لو نهاه عن التجاوز لم يجز مطلقا و لو أذن في الغراس فبنى أو في البناء فغرس فالوجه المنع [- ب -] إذا أطلق له العارية فالأقرب الجواز و له الانتفاع بمجرى العادة فلو استعار أرضا من غير قيد جاز أن يبني و يغرس و يفعل كلّما هي معتادة له من الانتفاع و لو أذن له في الغراس أو البناء جاز له الزرع دون العكس و لو أذن له في الزرع مرّة لم يكن له التكرار و لو أطلق فالأقرب الجواز و لو أذن له في الغرس مطلقا فانقلعت الشجرة لم يكن له غرس أخرى كذا لو أذن له في وضع خشبته على حائط فانكسرت لم يكن له وضع أخرى [- ج -] لو استعار ثوبا ليلبسه هو فأعطاه غيره فلبسه فهو ضامن و كذا لو لم يسمّ من يلبسه و كذا غير الثوب من الأعيان إذا الإعارة غيره من غير إذن ضمنه و إن كان الثاني لا يعمل بها إلاّ ما كان المستعير يعمل بها إذا ثبت هذا فللمالك أجرة المثل على من شاء منهما فإن رجع على الأوّل رجع الأوّل

ص: 269

على الثّاني مع علمه و إن رجع على الثاني لم يرجع الثاني على الأوّل و لو كان جاهلا ففي رجوع الأوّل عليه و عدم رجوعه على الأول لو رجع عليه نظر و لو تلفت العين في يد الثاني ضمنها الثاني فإن رجع على الأوّل كان للأوّل الرجوع على الثاني و إن رجع على الثّاني لم يرجع الثاني على أحد [- د -] لو آجره المستعير لم يجز و كان للمالك الأجرة إن شاء أجرة المثل و إن شاء المسمّى و له الرجوع على من شاء و التفصيل هنا كما قلنا في العارية و لو أذن له المالك في الإجارة مدة معلومة أو في الإعارة مطلقا أو معيّنا جاز فإذا عقد المستعير الإجارة لم يكن للمالك الرجوع حتّى تنقضي المدة و لا يكون العين مضمونة على المستعير و لا على المستأجر [- ه -] يجوز العارية مطلقة و مقيّدة و للمعير الرّجوع في العارية متى شاء سواء كانت مطلقة أو موقتة ما لم يأذن في الشغل بما لا يجوز معه الرجوع و لا يلزمه في المطلقة الصبر إلى وقت يمكن المستعير الانتفاع في مثله بالعين و لا في المقيّدة خروج الوقت بل يجوز قبله و كذا يجوز للمستعير الردّ متى شاء إجماعا [- و -] للمستعير الانتفاع بالعارية المطلقة لم يرجع المالك و المقيّدة ما لم يرجع أو يمضي الوقت و لو تصرّف بعد المدّة كان غاصبا و عليه الأجرة فإن كان قد غرس قلعه و عليه تسوية الحفر و نقص الأرض [- ز -] إذا استعار شيئا ليرهنه ففي اشتراط العلم بقدر الدين و جنسه إشكال فإن عيّن له قدر الدين أو جنسه أو صفته من الحلول و التأجيل تعين و لا يجوز له المخالفة فإن خالف كان للمستعير فسخ الرّهن إلاّ أن يأذن له في الرّهن بمقدار فيرهنه على أقلّ و للمالك المطالبة بافتكاكه إن كان الدّين حالا أو مؤجلا حلّ أجله و إن لم يحلّ فكذلك على إشكال و إذا حلّ الدّين و لم يفكه الراهن جاز بيعه في الدّين فإذا بيع بالدين أو تلف بتفريط كان للمالك الرّجوع على الراهن بالقيمة و له الرجوع في صورة البيع بالثمن و لو تلف من غير تفريط لم يكن على أحدهما ضمانه و لو استعار شيئا من اثنين فرهنه على مائة صفقة عند واحد ثمّ قضى خمسين ليفك حصّة أحدهما لم ينفك إلاّ بقضاء لجميع و لا يضمن المعير الدّين في رقبة عبده إذا رهنه المستعير [- ح -] إذا استعار شيئا لينتفع به نفعا يلزم من الرجوع فيه الضرر ففي جواز الرجوع إشكال فلو استعار لوحا ترقع به السفينة لم يكن له الرّجوع بعد إصلاحه فيها إذا لجّ في البحر و يجوز الرجوع قبل دخول البحر و بعد الخروج منه و لو أعاره أرضا للدفن جاز الرّجوع ما لم يدفن فيلزم حينئذ ما لم يبد الميّت و لو أعاره حائطا لطرح خشبة جاز الرجوع ما لم يطرح و يبني عليه ففي الرجوع حينئذ مع الأرش إشكال و لا يجوز الرجوع مجّانا و لو أزاله المستعير باختياره أو سقط الحائط فبناه المالك بذلك اللّبن أو غيره لم يكن للمستعير الوضع ثانيا إلاّ مع تجدّد الإذن و كذا لو سقط الخشب خاصّة [- ط -] لو استعار أرضا للزراعة فله الرجوع ما لم يزرع فإن زرع بعد الرجوع كان للمالك قلعه بغير شيء و على الزارع أرش الأرض و تسوية الحفر و الأجرة و إن زرع قبله ففي جواز الرّجوع إشكال فإن سوغناه أوجبنا الأرش على الإذن فليس له القلع بدونه و إن منعناه أوجبنا بقاؤه في الأرض إلى وقت إدراكه بغير عوض و لو بذل المالك قيمة الزّرع لم يجب على ربّه القبول على التقديرين و لو كان مما يمكن حصاده قصيلا فالوجه التردّد أيضا [- ى -] لو أذن له في البناء و الغرس كان له أن يرجع قبل الفعل و حينئذ لا يجوز للمستعير البناء و الغرس فإن فعل كان للمالك قلعه و إلزامه بالأجرة و أرش الأرض و تسوية الحفر فإن لم يرجع حتّى غرس أو بنى ثمّ رجع في الإذن فإن كان قد شرط على المستعير القلع عند انقضاء العارية إن كانت مقدّرة أو شرط القلع متى طالبه به إن كانت مطلقة فإنّه يلزمه القلع و ليس على المالك ضمان ناقص الغرس و البناء بالقلع و لا يجب على المستعير طم الحفر و تسوية الأرض و إن لم يشترط القلع فإن اختار المستعير القلع كان له ذلك و إن كره المالك و هل يلزمه تسوية الحفر و طمّها فيه احتمال و إن لم يختر القلع و طالبه المعير به لم يكن له ذلك إلا بعد ضمان ما ينقص بالقلع فحينئذ يجب عليه قلعها بعد غرم ما نقص فيقوم قائمه و مقلوعه و يغرم ما بين القيمتين و لو قال المعير أنا أغرم قيمة الغرس قال الشيخ يجبر المستعير على ذلك و عندي فيه نظر و لو قال المستعير أنا أدفع قيمة الأرض لم يلزم المالك إجابته إجماعا و لو طالب المالك بالقلع من غير ضمان أرش النقص لم يجبر صاحب الغرس عليه و لو أذن مقيدا طالب بالقلع من غير ضمان الأرش قبل المدّة لم يكن له ذلك و إن كان بعد المدة فالأقرب أنّ له ذلك إذا عرفت هذا فإن لم يدفع المعير قيمة الغرس و لا ضمن أرش النقص لم يكن له القلع فإن اتفقا على البيع جاز و يقسم الثمن على قدر القيمتين بأن يقوم الغراس منفردا في أرض المعير و الأرض مشغولة بزرع الغير فيؤخذ بالنّسبة و إن امتنعا من البيع كان للمعير الدخول إلى أرضه و الاستظلال بالشجر دون الانتفاع به من شدّ دابة فيه غيره و أمّا المستعير فليس له الدخول لغير حاجة قطعا و في دخوله لحاجة كسقي الغرس وجهان قوّى الشيخ المنع و لو باع الفارس غرسه على المالك جاز و لو باعه لغيره ابتنى على جواز الدخول فإن سوّغناه جاز البيع و إلاّ فلا [- يا -] إذا حمل السيل

ص: 270

إلى أرضه حبّ غيره فنبت زرعا أو شجرا كان لصاحب الحبّ و له نقله عن أرض غيره و إن طالب صاحب الأرض بالنقل كان له ذلك و لا أرش عليه و هل على صاحب الغرس طمّ الحفر الأقرب ذلك [- يب -] العارية أمانة غير مضمونة إلاّ مع التّعدي أو التفريط في الحفظ أو اشتراط الضمان أو يكون العارية للذهب و الفضّة و إن لم يشترط أو يكون المستعير محرما و العارية صيدا لو يستعير من غير المالك و لو اشترط في ذلك سقوط الضمان سقط إلاّ في الصّيد و غير المملوك [- يج -] إذا ذهب شيء من أجزاء العين بالاستعمال من غير تفريط لم يضمن المستعير و كذا لو تلفت العين بجملتها بالاستعمال من غير تعدي ما لم يشترط الضمان و لو تلفت العين أو أبعاضها بغير الاستعمال فإن فرّط ضمن و إلاّ فلا و لو استعملها استعمالا مأذونا فيه فتلفت بعض أجزائها ثمّ أتلفها بتفريط ضمنها ناقصة و كذا يضمنها ناقصة لو تلفت بغير تفريط مع شروط الضمان و كذا لا يضمن ولد العارية أمّا ولد المغصوبة فإن كان مغصوبا ضمنه أيضا و إلاّ فلا [- يد -] إذا كانت العارية مضمونة ضمنها بالمثل إذا كانت من ذوات الأمثال و إلاّ فالقيمة يوم التلف و لو تلف من أجزائها شيء حال الضمان بالاستعمال ثم تلفت ضمنها كاملة [- يه -] إذا كانت العين باقية وجب ردّها إلى مالكها أو إلى وكيله و يبرأ بذلك و لا يبرأ لو ردّها إلى ملك صاحبها أو إلى الموضع الذي أخذها منه أو إذا أودعها مع عدم الضرورة و كذا لو ردّها إلى من جرت العادة بحفظها كزوجة المالك و سائس الدابة [- يو -] إذا استعار دابة ليركبها إلى موضع فتجاوزه لزمه الضمان و عليه أجرة الزيادة و كذا لو حملها أثقل من المأذون أو سيّرها أكثر من المعتاد أو أشدّ و لو ادّعى المستعير الإذن في السير إلى المسافة البعيدة فالقول قول المالك لو أنكر و إن كان يشبه ما قاله المستعير [- يز -] إذا ظهر استحقاق العين كان للمالك الرجوع على من شاء بأجرة مدّة الانتفاع لكن مع رجوعه على المستعير يرجع المستعير على المعير دون العكس و هذا إذا كان المستعير جاهلا و لو كان عالما فالرجوع عليه و لا يرجع هو على أحد و لو رجع على المعير كان للمعير الرجوع عليه و كذا البحث في القيمة لو تلفت العين في يد المستعير بغير تفريط [- يح -] إذا ادعى المالك الإجارة و المنتفع العارية فإن لم يمض مدّة يمكن الانتفاع فيها فالقول قول المنتفع و كذا لو قال المالك أعرتك و ادّعى المنتفع الإجارة فالقول قول المالك مع يمينه و لو مضت مدّة ينتفع فيها به فالأولى أن القول قول المالك مع يمينه لا قول المنتفع خلافا للشيخ و الوجه أنّ المالك يحلف على عدم الإعارة لا على المدّعى فحينئذ يثبت له أجرة المثل و لو نكل ففي إحلاف الآخر نظر و لو اختلفا في أثناء المدّة فالقول قول المالك فيما مضى و قول المستعير فيما بقي و لو ادّعى المالك هنا العارية و المنتفع الأجرة فالمنتفع يدّعي استحقاق المنافع و يعترف بالأجر للمالك فالمالك ينكرها فيحلف و يأخذ العين خاصّة و لو اختلفا في ذلك بعد تلف العين فإن كان المتلف عقيب القبض فلا فائدة هنا إلاّ فيما يكون مضمونا بالعارية كالذّهب و الفضّة فالأقرب فيه أنّ القول قول المالك سوى ادّعى الأجرة أو العارية لأنّه بادعاء الإجارة يعترف ببراءة ذمّته القابض و بادعاء الإعارة يلتجئ إلى الأصل و هو ضمان القابض فيحلف المالك و يأخذ القيمة و القول في قدرها قول القابض و لو اختلفا بعد مضيّ مدّة لمثلها أجرة فإن ادّعى المالك الإجارة فالقول قوله مع يمينه في عدم العارية و يثبت له أجرة المثل و إن ادّعى الإعارة فلا ضمان على المستعير عندنا و لو كانت العين ممّا يضمن بالإعارة فالقول أيضا قوله مع اليمين إلاّ أن يكون الأجر بقدر القيمة أو أكثر فلا يمين [- يط -] لو اختلفا في اشتراط التضمين فالقول قول المنكر و لو اختلفا في القيمة أو القدر مع التفريط فالقول قول منكر الزيادة و لو ادّعى أنّه استعار الصيد حالة إحرامه و قال المستعير بل بعده ففي تقديم قول المالك نظر [- ك -] لو ادّعى المالك الغصب و القابض العارية فإن كانت العين قائمة و لم يمض مدّة فلا فائدة للاختلاف فيأخذ المالك عينه و إن مضت مدّة لها أجرة فالقول قول المالك مع اليمين و يثبت له أجرة المثل و لو تلفت فعلى القابض الضمان فلو ادّعى المالك الغصب و القابض الإجارة الاختلاف هنا في وجوب القيمة و قدر الأجرة فالقول قول المالك مع اليمين و إن نقص المسمّى عن أجرة المثل [- كا -] إذا استعار من الغاصب كان للمالك الرّجوع على من شاء بالأجرة و بالقيمة مع التلف فإن رجع على المستعير رجع المستعير على الغاصب و لو رجع على الغاصب لم يرجع الغاصب عليه هذا إذا كان المستعير جاهلا لم يشترط عليه الضمان و لو كان عالما لم يكن له الرجوع على الغاصب لو رجع عليه المالك و للغاصب الرجوع عليه إن رجع عليه المالك و لو شرط الغاصب الضمان ففي رجوع المستعير عليه مع الجهل بما أخذه المالك من القيمة و الأجرة إشكال و يترتّب عليه رجوع الغاصب عليه لو رجع المالك على الغاصب و لو كانت القيمة زائدة في يد الغاصب ثمّ نقضت و استعارها بعد النقض ضمنها المستعير ناقصة و كانت الزيادة على الغاصب و البحث في رجوع المستعير كما قلناه [- كب -] إذا استعار شيئا لينتفع به في شيء مخصوص فاستعمله في غير ضمن و كذا يضمن لو جحد العارية ثمّ ثبت بالبينة أو بالإقرار و يزول الاستيمان [- كج -] إذا ادعى التلف فالقول قوله مع يمينه و لو ادّعى الرّد فالقول قول المالك مع اليمين [- كد -] لو تلف شيء من أجزاء العين بالتفريط في الاستعمال ضمنه و إن كان لو استعمله مدّة الإذن لتلف به من غير تفريط على إشكال [- كه -] إذا استعار الحلال

ص: 271

صيدا من محرم فإن كان في يد المحرم ملكه المحلّ و لا قيمة عليه و إن كان بعيدا عنه صحّت العارية و كان عليه ضمانه لصاحبه مع تفريط أو الشرط

المقصد الثالث في الشركة

اشارة

و النظر في أمرين

الأوّل الماهيّة

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] الشركة على أقسام ثلاثة شركة في الأعيان إمّا بالميراث أو عقد البيع أو الهبة أو الصدقة أو الوصيّة أو الحيازة كالاغتنام و الاصطياد و الاحتطاب و شركة في المنافع بعقد الإجارة أو الوقف و شركة في الحقوق كالشركة في حقّ القصاص و حدّ القذف و خيار الشرط و العيب و الرّهن و الشفعة و مرافق الطرق و البحث هنا مقصود على الأوّل [- ب -] ينقسم الشركة باعتبار آخر إلى أربعة شركة العنان و هي شركة الصّحيحة و هي أن يخرج كلّ من المشتركين مالا و يمزجاه مزجا يرتفع معه التميز سمّيت بذلك لتساويهما في التّصرف كالفارسين إذا تساويا في السير فإن عنايتهما يكونان سواء و قال الفراء هي مأخوذة من عنّ الشيء إذا عرض يقال عنت لي حاجة إذا عرضت و سمّيت بذلك لأنّ كلّ واحد عن له شركة صاحبه و قيل من المعاينة يقال عاينت فلانا إذا عارضته بمثل ماله و فعاله و كلّ من الشريكين عارض صاحبه بمثل ماله و فعاله و شركة المفاوضة و هي أن يكون مالهما من كلّ شيء يملكانه بينهما و هي باطلة سواء كانا مسلمين أو لا و سواء كان مالهما في الشركة سواء أو لا و سواء أخرجا جميع ما يملكانه من جنس مال الشركة و هو الدراهم و الدنانير أو لا و شركة الأبدان و هي أن يشرك الصانعان فيما يحصل به من كسب عملهما و هي باطلة عندنا سواء كانت في الاحتطاب و الاحتشاش و الاغتنام أو في غيرهما و سواء اتفقت الصنعتان أو اختلفتا بل يأخذ كلّ من الصانعين أجرة عمله بانفراده و لو لم يتميّز العمل بأن يستأجرهما كخياطة الثوب فيفعل كلّ منهما فيه شيئا غير معلوم مصطلحا في الأجرة و شركة الوجوه و هي أن يتّفق رجلان على أن يشتركا و لا مال لهما على أن يبتاعا بجاههما و بيعا و يكونان في الربح في الربح و هي باطلة و لو أذن أحدهما لصاحبه في الشراء عنهما فاشترى لهما وقع الشراء لهما [- ج -] الشركة عقد صحيح بالنّص و الإجماع و هي جائزة من الطرفين و يشترط فيه أهليّة كلّ من المتعاقدين للتوكيل و التوكّل فإنّ كل واحد متصرّف في مال نفسه و مال صاحبه بإذنه و يكفي في الصّيغة ما يدلّ على الرضا بالمزج [- د -] إنّما تصح الشركة مع المزج الواقع للامتياز سواء قصد المزج أو لا فلو اختلط أحد المالين بالآخر من غير قصد المالكين تحققت الشركة و لو مزج الصّحيح بالقراضة أو السّمسم بالكتّان لم يصحّ و كذا كلّ اختلاط يمكن معه التميز فإنّ الشركة فيه باطلة و لو تقدّم الخلط على العقد أو العكس جاز و لا يشترط تساوي المالين قدرا و لا العلم بالمقدار حالة العقد و قد تقع الشركة في الأعيان المتميّزة بأن يبيع أحدهما نصف العين الّتي له ينصف عين صاحبه [- ه -] الشركة جائز في النقدين إجماعا و كذا في العروض عندنا سواء كانت من ذوات الأمثال أو من غيرها على وجه لا يمكن التميز معه مثل أن يبيع أحدهما نصف سلعة بنصف سلعة صاحبه أو يمزجهما مزجا يحصل معه الاختلاط [- و -] شركة التجارة بالأموال جائزة بين المسلمين و يكره بينهم و بين أهل الذّمة إجماعا فلو اشترى الذّمي بمال الشركة أو باع بما يحرم على المسلم وقع فاسدا و عليه الضمان [- ز -] قد بيّنا أنّ شركة الأبدان باطلة و أن لكلّ منهما أجرة عمله و لو قال أحدهما للآخر أنا أتقبّل و أنت تعمل على الشركة في الأجرة كانت أجرة العمل للمستقبل و عليه أجرة المثل للعامل إن كان المتقبل قد استوجر للعمل و إلاّ كانت الأجرة للعامل و عليه للمتقبّل أجرة السمسرة و لو عمل أحد الشريكين بشركة الأبدان دون صاحبه كانت الأجرة للعامل خاصّة [- ح -] لو اشتركا في الحيازة فإن اتّحد الفعل بأن يقتلعا شجرة أو يغترفا ماء دفعة تحققت الشركة و إن تعدّد العمل اختص كلّ واحد بما حازه

النّظر الثاني في الأحكام

و فيه [- كز -] بحثا [- ا -] إذا اشترى شركة العنان و لم يشترط قسمة الربح كان تابعا لأصل المال إجماعا و لو اشترطا ذلك أيضا جاز بلا خلاف و لو اشترطا التفاوت في الرّبح مع تساوي المالين أو بالعكس قال الشيخ لا يصحّ و كان الرّبح على قدر رأس المال و لكلّ منهما أجرة مثل عمله في مال صاحبه و قال السيّد المرتضى يلزم الشرط و هو الأقوى عندي سواء شرطت الزيادة للعامل أو لغيره [- ب -] قد بيّنا جواز الشركة بالعروض و الحكم في النقرة كذلك و كذا يجوز في المغشوش من الأثمان مع العلم بالغشّ سواء قلّ الغشّ أو كثر بأن يزيد على النصف و كذا تصحّ الشركة بالفلوس مع المزج الرافع للتميز سواء كانت ناقصة أو غير ناقصة [- ح -] لا يجوز الشركة بالمال المجهول و الجزاف إذا لم يمكن العلم به بعد المزج و لا بالمال الغائب و لا الدّين [- د -] قد بيّنا اشتراط المزج في الشركة سواء كان المال من الأثمان أو غيرها و سواء عيّنا المالين و أحضراهما أو لا و سواء جعلا في بيت لهما أو في يد و كيلهما أو لا [- ه -] إذا حصل الشياع في المال لم يجز لأحد الشركاء التّصرف فيه بدون إذن الباقين و لا يجوز التّعدي عن محلّ الإذن سواء كان في جنس أو نوع أو بلد أو طريق و لو أطلق له الإذن تصرّف كيف شاء مع اعتبار المصلحة فيبيع و يشتري مرابحة و مساومة و مواضعة و تولية و يقبض المبيع و الثمن و يقبضهما و يطالب بالدّين و يحيل و يحتال و يردّ بالعيب [- و -] و يستأجر من مال الشركة ما يحتاج إليه و يؤجر

ص: 272

ما يرى إجارته و ليس له أن يكاتب و لا يعتق على مال إلاّ مع المصلحة و لا يزوّج الرّقيق و لا يقرض و لا يحابي و لا يشارك بمال الشركة و لا يدفعه بمضاربة و لا يمزج مال الشركة بماله أو مال غيره و لا يستدين على مال الشركة و لا يقرّ على مال الشركة فإن فعل لزمه في حصّة سواء كان بعين أو دين و لو أقرّ بعيب في عين باعها لزم و كذا يقبل لو أقرّ بثمن المبيع أو بأجرة المنادي و الحمّال و له دفع أرش العيب فيما باعه و الحظّ من ثمنه و الضّربة إلى مدّة لأجل العيب و لو حظّ من الثمن ابتداء أو إبراء منه لزم في حصّته و الأقرب جواز أن يبيع نسيئة و يشتري كذلك سواء كان عنده نقد أو من جنس الثمن و يودّع مع الحاجة لا بدونها و كذا يوكّل فيما لا يباشر بنفسه و لو وكّل أحدهما ملك الآخر عزله و الأقرب أنّ لأحدهما أن يرهن و يسترهن على مال الشركة و في السّفر بالمال إشكال و الأقرب أنّ له الإقالة و لو قال اعمل برأيك اقتضى العمل برأيه في جميع أصناف التجارة و هل يملك تمليك شيء بغير عوض كالهبة و الحطيطة و العتق و الإبراء فالأقرب المنع و لو أخذ أحدهما مالا مضاربة كان الربح له دون شريكه و لو أذن كلّ من الشريكين لصاحبه في التصرف جاز منفردا و لو شرطا الاجتماع لزم و لو تعدّى المأذون ما عين له ضمن و كان الرّبح على ما اتّفقا عليه و إذا حصل الإذن لأحد الشّركاء في التّصرف لم يكن لغيره ذلك و لكلّ من الشركاء الرّجوع في الإذن و المطالبة بالقيمة [- و -] الشركة من العقود الجائزة تبطل بموت أيّهما كان و جنونه و الحجر عليه لسفه أو فلس و فسخ أحدهما على معنى أنّ الباقي على جواز التّصرف لا يتصرّف و لو عزل أحدهما صاحبه انفرد المعزول خاصّة فلا يتصرّف فيما زاد على نصيبه و يبقى المال على الشركة و للعازل التّصرف في الجميع ما لم يعزله المعزول سواء كان المال ناضا أو به عروض و لا يجب على أحد الشريكين إنضاض المال المأذون في الابتياع به بل يقتسمان الأقمشة إن اتفقا على القسمة و إن اتفقا على البيع جاز و لو طلب أحدهما القسمة و الآخر البيع أجيب طالب القسمة و إذا مات أحد الشريكين كان لوارثه القيام على الشركة و المطالبة بالقسمة و لو كان له ولي كان له فعل المصلحة من أحد الأمرين و لو أوصى الميّت بمال الشركة لواحد معيّن كان حكمه حكم الوارث و لو أوصى لغير معيّن كالفقراء لم يجز للوصيّ الإذن في التصرف فيعزل نصيبهم ليصرف إليهم و لو كان على الميّت دين لم يكن للوارث إمضاء الشركة إلاّ بعد قضائه [- ز -] لا تصحّ الشركة مؤجّلة فلو شرطا الأجل فيها لم يصحّ و لكلّ منهما أن يرجع متى شاء نعم لو شرطا الأجل لم يكن للمتصرّف التصرّف بعده إلاّ بإذن مستأنف [- ح -] إذا وقعت الشركة فاسدة كان الرّبح على قدر رأس المال و يرجع كلّ منهما على الآخر بأجرة عمله [- ط -] الشريك أمين إذا قبض المال بإذن شريكه لا يضمن ما يتلف في يده إلاّ مع التعدّي أو التفريط في الاحتفاظ و يقبل قوله في دعوى التلف سواء ادعى سببا ظاهرا كالغرق و الحرق أو خفيّا كالسرقة و كذا القول قوله مع يمينه في عدم التفريط و عدم الخيانة [- ى -] إذا كان لاثنين دابّتان فاشتركا على أن يؤاجراهما فما حصل لهما كان بينهما لم يصحّ و كان لكلّ منها أجرة دابته لو تقبلا حمل شيء معلوم في ذمّتهما ثمّ حملاه على البهيمتين أو غيرهما صحّ إن وقعت إجارة صحيحة و لو قال بع عبدك و ثمنه بيننا لم يصحّ و كذا لو قال آجره لتكون الأجرة بينك و بيني و لو أعان أحدهما صاحبه بالتقبيل كان له أجرة مثله و لو كان لقصّار آلة و لآخر بيت فاشتركا على أن يعملا بآلة هذا في بيت الآخر و الكسب بينهما لم يصحّ و كان الحاصل لهما على قدر أجر عملهما و أجر البيت و الآلة و لو دفع دابّته إلى آخر ليعمل عليهما و الحاصل بينهما لم يصح و كان الحاصل للعامل و عليه أجرة الدابة أن يقبل حمل شيء فحمله عليها و إن كان قد آجرها بعينها فالأجرة للمالك و للعامل أجرة مثله إن رضي المالك بالأجرة و إلاّ قسما الحاصل على قدر أجرة المثل لهما لا على ما اشترطاه و لو دفع إلى نسّاج غزلا ليصنعه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه لم يجز و كان الثوب لصاحب الغزل و عليه أجرة الصانع و كذا لو قال له إذا نسجته فبعه و لك نصف الرّبح و كذا لو دفع شبكة ليصطاد بها على النصف لم يجز و كان السّمك للصائد و عليه أجرة المثل للشبكة و لو اشترك صاحب الدابة و الجوالقات في الحاصل لم يصحّ و الأجرة لصاحب الدابة و عليه لصاحب الجوالقات أجرة المثل سواء زادت عن المأخوذ أو نقصت و لو آجر كلّ منهما ملكه منفردا فلكلّ منهما أجرة ملكه [- يا -] لو اشترك ثلاثة من أحدهم دابّة و من الآخر راوية و للآخر العمل لم يصحّ و كذا لو اشترك أربعة من أحدهم و كان و من آخر رحى و من الآخر دابة و من الرابع العمل و الأجرة بأجمعها في الأوّل للسقاء و عليه أجرة المثل للدابة و الراوية و قيل يقسم أثلاثا و لكلّ واحد منهم على صاحبه ثلث أجرة مثله و يسقط الثلث الباقي قال الشيخ و الأول على وجه الصّلح و الثاني من الحكم و أمّا في الثانية فإن كان قد استأجرهم أجمع للطحن فلكلّ ربع الأجرة لأن كلّ واحد قد لزمه طحن ربعه و يرجع كلّ واحد منهم على أصحابه بربع أجرة مثله و إن كان قد استأجر واحدا منهم و لم يذكر أصحابه و لا نواهم فالأجر كلّه له و عليه لأصحابه أجرة المثل و إن نوى أصحابه أو ذكرهم كان كما لو استأجر منهم أجمع و لو كان قد قال استأجرت هذا الدّكان و الدابة و الرّحى و الرجل بكذا و كذا لطحن كذا من الطعام صحّ و الأجر على قدر أجر مثلهم لا بالسّوية [- يب -] إذا كان لأحد الأربعة

ص: 273

الأرض و لآخر البذر و لآخر البدن أو لآخر العمل و اشتركوا على التساوي في الحاصل لم يصحّ و كان الزّرع لصاحب البذر و يرجع الباقون بأجرة المثل عليه [- يج -] لو احتطب أو احتشّ أو اصطاد أو استقى ماء مباحا بيّنة أنّه له ملكه و هل يفتقر في تملّكه إلى النية بمعنى أنّه يبقى على الإباحة لو أخذه لا بيّنة التملّك فيه نظر أقربه ذلك على إشكال و لو فعل أحد هذه بيّنة أنه له و لغيره لم يؤثر تلك النيّة في تملك الغير و كذا لو أخذ بيّنة أنّه للغير [- يد -] لو استأجر للاحتطاب أو الاحتشاش أو الاصطياد مدة معيّنة جاز و كان الحاصل للمستأجر و لو استأجره لصيد شيء بعينه لم يصح إلاّ مع القدرة على تحصيله [- يه -] لو كان لأحدهما ضعف الآخر فأذن له في العمل على شرط التساوي في الربح قال الشيخ إن شرط الآخر عمل صاحب الأكثر معه لم يصحّ الشركة بناء على أصله و إن لم يشرط صحّت و كانت شركة قراض يستحقّ العامل الثلث بماله و السدس بعمله و على ما اخترنا لو شرط معه العمل جاز [- يو -] لو كان لكلّ منهما ألف فأذن أحدهما للآخر في العمل على شرط التساوي في الربح لم يكن شركة لانتفاء العمل من أحدهما و شركة العنان يقتضي الشركة في المال و العمل معا و لا قراضا لعدم اشتراط جزء من الربح فتكون بضاعة [- ين -] إذا اشتريا متاعا بالمشترك و وجدا به عيبا تخيّرا بين ردّه و أرشه قال الشيخ و لو أراد أحدهما الأرش و الآخر الردّ كان له ذلك فإن أراد مع تعدّد الصّفقة صحّ و إلاّ منع مع قوته قال و لو اشترى أحدهما بالمشترك ثمّ ظهرا على العيب فإن أعلم البائع أنّه يشتريه للشركة كان لهما الافتراق و إلاّ فلا و هذا التفصيل عندي جيد [- يح -] لو ادعى البائع أنّ المبيع من المشترك و أنكر المشتري مع عدم إجازة الشريك فالقول قول المشتري مع يمينه و لو أقام الشريك البيّنة كان عليه اليمين إن ادعى المشتري عليه الرضا و مع اليمين يتخيّر المشتري بين الفسخ و أخذ البعض بالحصّة [- يط -] إذا اشترى أحد الشريكين في الذّمة من غير إذن وقع الشراء له و مع الإذن يقع لهما و لو اشترى بالمال المشترك من غير إذن بطل العقد في النصف و لو أذن له في الشراء مطلقا فاشترى بأكثر من ثمنه ممّا لا يتغابن الناس فيه فإن كان الشراء في الذّمة وقع الشراء له خاصّة و إن كان بالعين المشتركة صحّ في نصيبه و بطل في نصيب الشريك [- ك -] إذا ادّعى المشتري أنّ الشراء له دون الشركة أو بالعكس فالقول قوله مع اليمين [- كا -] إذا باع أحد الشريكين السلعة و قبض الثمن بالإذن ثمّ أنكر البائع القبض و صدّق الشريك المشتري فيه فالقول قول البائع مع يمينه لكنّ المشتري يبرأ من حصّة الشريك و يقبل شهادة الشريك في حصّة البائع إذا كان من أهلها و يحلف معه المشتري و إن لم يكن من أهلها حلف البائع و رجع على المشتري بنصف الثمن و لا يرجع الشريك بشيء على المشتري ثمّ إن قامت البيّنة إمّا من المشتري أو من الشريك على البائع بالقبض لزمه حصّة الشريك و إلاّ كان القول قوله مع اليمين و لو نكل حلف الشريك و أخذ منه و البيّنة يثبت الحكم في حقّ الشريك و المشتري إمّا اليمين مع الشاهد أو مع نكول البائع فيثبت الحكم في حقّ الحالف دون الآخر و لو أقرّ البائع أنّ الشريك قبض الثمن من المشتري و صدّقه المشتري و أنكر الشريك لم يبرأ المشتري من حصّة البائع لدفعها إلى غير وكيله و لا من حصّة الشريك لأنّ المشتري مدّع و تصديق البائع يتضمّن زوال الضمان عنه و لأنّ الشريك منكر فللشريك مطالبته بعد اليمين بحصته و للبائع مطالبته بحصّة نفسه أيضا من غير يمين و ليس له مطالبته بحصته الآخر هذا إذا لم يأذن الشريك للبائع في الإقباض من غير قبض الثمن و لو أذن في ذلك قبل تصديق البائع على الشريك إن كان قوله مقبولا مع اليمين و إلاّ فلا [- كب -] قد يتحقق غصب المتاع كالمقسوم بأن يغصب أحد الشريكين في عبد على أخذ حصّته و يمنعه من استخدامه دون الآخر أو يخرج أحد المالكين من الدار المشتركة و ليكن مع الآخر و يتعلّق الضمان بالغاصب و لو باع الغاصب و الشريك العين مضى في حقّ الشريك و وقف في حقّ الآخر و كذا لو باع الغاصب الجميع بوكالة الشريك أو غصب أحد الشريكين الآخر و باع الجميع [- كج -] لو كان لكلّ واحد من الرجلين عبد بانفراده فباعاهما صفقة واحدة بثمن واحد فإن تساوت قيمتها صحّ البيع و قسّط الثمن بالسّوية و إن تفاوتت قال الشيخ يبطل لجهالة ثمن كلّ واحد منهما و قيل يصحّ و هو قويّ و لو كانا بينهما على الشياع صحّ البيع قطعا و كذا لو كان الواحد و لو باع واحد عبدين متفاوتي القيمة صفقة ثمّ ادّعى أن أحدهما لغيره فعلى ما اخترناه لا بحث و على قول الشيخ إن صدّقه المشتري بطل البيع و إلاّ حلف مع عدم البيّنة على عدم العلم و كانا له و الثمن يأخذانه كما يؤخذ من الغاصب القيمة مع تعذّر المغصوب فإن فضل منه فضل عن قيمتها ردّت إلى الحاكم يحفظها لمن يدعيها منهم [- كد -] إذا باع الشريكان سلعة بينهما صفقة بثمن فلكلّ منهما مطالبة المشتري بحقّه فإن استوفاه أحدهما شاركه صاحبه فيه و كان الباقي بينهما [- كه -] كلّ ما يتساوى أجزاؤه و لا ضرر في قسمته يجب قسمته مع طلب بعض الشركاء و يجبر الممتنع و غير متساوي الأجزاء إذا لم يكن في قسمته ضرر كانت جائزة لكن لا يجبر المتسع عليها كدارين يطلب أحدهما

ص: 274

إحداهما و الآخر الأخرى أو كدار يطلب أحدهما علوها و الآخر سفلها أو يتضمّن القسمة ردّ مال من أحدهما ليجبر به حصة الآخر و ما يتضمن قسمته الضرّر كالجوهر و الحجر الواحد و الحمامات لا يجوز قسمتها و إن رضي بها الشركة و لو كان بين اثنين وقف لم يجز قسمته بينهما و لو كانت حصة أحدهما طلقا جاز قسمتها مع الوقف و القسمة يقتضي التميز و ليست بيعا و إنّما تصحّ مع اتفاق الشركاء و يكون بتعديل السهام و القرعة و لو طلب أحد الشركاء التخيير لم يجبر الباقون عليه و لو جعل لهم التخيير ففي إجبارهم نظر [- كو -] إذا أخرج أحدهما دراهم أو لآخر دنانير لم تصحّ الشركة فإن اشتريا بهما ثوبا كان لهما فإذا أراد القسمة نظرا إلى نقد البلد و قوّما الثوب به و قوما الآخر أيضا به و يكون التقويم حين صرف الثمن فيه [- كز -] إذا كانت الشركة فاسدة و كانت شركة العنان و باع أحدهما و اشترى صحّ عملا بالإذن و المال في يده أمانة و الربح على قدر رأس المالين و يرجع كلّ منهما بأجرة عمله في مال الآخر و إن كانت شركة المفاوضة فحكمها كذلك و أمّا شركة الأبدان فإنّها باطلة و لكلّ منهما أجرة عمله و لو امتزج العمل كان الحكم فيه الصّلح و أمّا شركة الوجوه فإنّها باطلة كما تقدّم فإن اشترى أحدهما لها اشتركا فيه و إن اشتراه لنفسه كان له خاصة

المقصد الرابع في القراض

اشارة

و فصوله ثلاثة

الأوّل في أركانه
اشارة

و هي ستة الصيغة و المالك و الساعي و رأس المال و العمل و الربح فهاهنا مطالب

الأوّل في الصّيغة

و فيه بحثان [- ا -] القراض معاملة صحيحة بالإجماع و هو أن يدفع شخص إلى آخر مالا ليسعى به على الشركة في الكسب من غير أن يكون عليه شيء من الخسارة و هذا يسمّيه أهل الحجاز بالقراض إمّا من القرض و هو القطع لأنّ صاحب المال اقتطع بعض ماله و دفعه إلى العامل و إمّا من المساواة كما يقال تقارض الشاعران إذا وازن كلّ منهما صاحبه بشعره فكان المالك بإخراج ماله و إذن العامل بعمله و أهل العراق يسمّونه مضاربة مأخوذة إمّا من الضرب في الأرض أو من ضرب كل واحد منهما في الربح بسهم و المقارض بكسر الراء صاحب المال و بفتحها العامل و المضارب بكسر الراء العامل و لم يشتق لربّ المال من المضاربة اسما [- ب -] لا بدّ في هذا العقد من صيغة خاصّة و هي إمّا قارضتك أو ضاربتك أو ما أدّى معناهما فيقول العامل قبلت و ما أشبهه و مع حصول الإيجاب و القبول يتمّ العقد و هو جائز من الطّرفين لكلّ منهما الفسخ سواء نضّ المال أو كان به عروض و لا يلزم فيه التأجيل بأن يقول فارضتك إلى سنة فإذا مضت فلا بيع و لا تشتر و إن شرطه قال الشيخ رحمه اللّٰه و لو قيل بالجواز كان وجها و لو قال إن مرت بك سنة فلا تشتر بعدها و بع لزم و لو قال قارضتك سنة على أن لا أملك فيها منعك لم يصحّ

المطلب الثّاني في المتعاقدين

و فيه [- ج -] مباحث [- ا -] يشترط في المتعاقدين التكليف و إمكان التصرف فلو قارض الصّبي أو المجنون أو السفيه أو المفلّس أو المملوك لم يصح و يجوز تعدّد العامل و اتحاده و كذا المالك و ينفسخ المضاربة بموت العامل أو المالك و بجنون أحدهما [- ب -] يصحّ قراض المريض و لو شرط للعامل ما يزيد على أجرة المثل صحّ و لزم من صلب المال بخلاف ما لو حامى الأجير في الأجر فإنّه تحسب الزّيادة من الثلث و في المزارعة و المساقاة لو شرط الزائد نظر في احتسابه من الأصل أو من الثلث فإذا مات انفسخ القراض فإن كان المال ناضا و لا دين أخذ الوارث رأس المال و اقتسما الربح على الشرط و إن كان هناك دين انفرد العامل بنصيبه من الربح و قضى من الباقي دين الميّت و إن كان به عروض جاز للوارث أخذ نصيبه بالقيمة و اقتسما الفاضل قال الشيخ و له إلزام العامل بالبيع بجنس رأس المال و الفاضل على الشرط و إن كان دين فعلى العامل بيع المتاع و يصرف إلى الغرماء المدين و يأخذ هو حصّة من الربح [- ج -] المملوك يصحّ أن يكون عاملا بإذن المولى و يكون حصته من الربح لمولاه و لا يجوز أن يكون عاملا للمولى لأنّ المولى يستحقّ العمل بدون عقد القراض

المطلب الثالث في المال

يشترط في رأس المال أمور أربعة أن يكون نقدا معيّنا معلوما مسلما و أردنا بالنقد الدّراهم و الدنانير فلا يجوز القراض بالعروض و لا بالنقرة و السبائك و الحلّي و لا بالفلوس و لا بالدراهم المغشوشة سواء كان الغشّ أكثر أو أقلّ أو مساويا و احترزنا بالمعين عن الدين فلا يجوز المضاربة بما في الذّمة قبل قبضه فإن قبضه جاز و لو أذن للعامل في القبض من الغريم لم يصحّ العقد ما لم يجدّده بعد القبض و لو قال أقرضتك هذه الألف شهرا ثم هي قراض بعد ذلك لم يصحّ و كذا لو عكس إن قلنا ببطلان القراض المؤجل و لو عيّن و أبهم فقال قارضتك على أحد هذين الألفين و الآخر عندك وديعة و هما في كيسين متميّزين لم يجز و كذا لو قال قارضتك بأيّهما شئت أو قال بع هذه السلعة فإذا نضّ ثمنها فهو قراض لم يصحّ و لو مات المالك و بالمال عروض بطلت المضاربة فلو أقرّه الوارث لم يصحّ و لو كان النقد في يد العامل وديعة أو غصبا و قارض عليه صحّ و لو تلفت الوديعة بالتفريط و الغصب لم يصحّ بهما و أردنا بالمعلوم أن يكون معلوم القدر و الوصف و لا تكفي المشاهدة و قيل لا

ص: 275

يشترط علم المقدار و يكون القول قول العامل مع التنازع في قدره و أردنا بالمسلم أن يكون في يدي العامل و لو شرط المالك أن يكون له فيه بداء و يراجع في التّصرف أو يراجع مشرفه ففي الفساد نظر و لو شرط أن يعمل معه غلام المالك جاز و يجوز القراض بالمتاع كما يجوز بالمشترك

المطلب الرابع في العمل

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] العمل عوض الربح و شرطه أن يكون تجارة فإن عقد القراض على الحرف و الصنائع كالطبخ و الخبز فالوجه البطلان و التجارة هي الاسترباح بالبيع و الشراء و يدخل تحتها ما هو من توابعها كالنقل و الكيل و الوزن و ليس الإذن في التجارة إذنا في الربح و لو شرط أن يشتري أصلا يشتركان في نمائه كالشجر و الغنم بطل لأنّ مقتضاه التصرف في رأس المال ثمّ إطلاق الإذن يوجب أن يتولّى العامل ما يتولاّه المالك من عرض القماش و نشره على المشتري و طيه و إحرازه و بيعه و شرائه و قبض ثمنه و إقباضه و إيداعه الصندوق و لا يجب عليه فعل ما لا يليه المالك كالنداء على المتاع في الأسواق و نقله إلى الخانبار بل يستأجر له و كذا له استيجار ما جرت العادة بالاستيجار فيه كالدّلال و الوزّان و الحمّال و المسكن و لو تولّى ذلك بنفسه لم يستحقّ أجرة عليه و لو استأجر لما يجب عليه عمله مباشرة كان عليه الأجرة [- ب -] إذا نصّ المالك على نوع من التصرّف لم يجز له المخالفة كما لو شرط النّقد فباع نسيئة أو بالعكس أو نقد البلد أو غيره فإن خالف ضمن و وقف التصرّف على الإجازة و لو أطلق كان الإذن معروفا إلى البيع و الشراء نقدا بثمن المثل من نقد البلد فلو باع نسيئة لم يجز و كذا لو باع بدون ثمن المثل أو بغير نقد البلد و يسترد المبيع مع وجوده و مثله أو قيمته مع تلفه و يتخيّر المالك في إلزام من شاء فإن رجع على المشتري بالمثل أو القيمة لم يرجع على العامل و إن رجع على العامل كان له الرجوع على المشتري و إن اشترى نسيئة فإن لم يذكر المالك وقع الشراء له و كان الثمن في ذمّته و إن ذكره كان باطلا هذا كله مع عدم الإجازة و لو أجاز المالك في المواضع كلّها لزم [- ج -] لو قال له اعمل برأيك أو اصنع ما شئت قال الشيخ حكمه حكم الإطلاق ليس له أن يبيع نسيئة و الأقرب عندي جواز ذلك فحينئذ إذا فات من الثمن شيء لم يلزمه ضمانه إلاّ أن يفرط ببيع المعسر أو المجهول أو من لا يثق به أو يفرط في ترك الإشهاد أو الضمين أو الرهن و ليس الأخيران واجبين إلا مع ترك الإشهاد و على قول الشيخ ينبغي أن يكون موقوفا على الإجازة لا باطلا من نفسه نعم يكون العامل ضامنا على التقديرين عنده [- د -] إطلاق الإذن يقتضي التجارة في بلد القراض فلا يجوز السّفر بالمال إلاّ بإذن المالك فإن خالف ضمن و كان الربح على ما شرطاه و إن أذن المالك جاز و كان على العامل أن يعمل بنفسه ما كان المالك يباشره عادة كحمل المال أو حطّه و حفظه و الاحتياط في حراسته و ليس عليه دفع الأحمال بنفسه و لا حطّها بل له الاستيجار فيه من مال القراض و أمّا نفقه العامل من المأكول و المشروب و الملبوس و الركوب في حال السّفر فالأقرب أنّها يؤخذ من أصل مال القراض لا من حصة العامل و قوى الشيخ أنها لا تؤخذ من مال القراض بل تحسب على العامل و على ما اخترناه هل يؤخذ كمال النفقة من مال القراض أو الزائد عن نفقة الحضر الأقرب الأوّل و قوّى الشيخ الثاني على تقدير القول بالنفقة أمّا النفقة في الحضر فإنّها على العامل في خاصّته و لو كان مع العامل مال لنفسه يسعى فيه أو لغيره قسط النفقة على المالين و أخذ من مال المضاربة بقسطه و من مال نفسه بقسطه و لو أخذ المالك ماله من العامل في السفر فالأقرب أن نفقة العامل في الرجوع على خاصّته و لو مات العامل لم يكن على المالك كفنه و إذا أذن له في السفر مطلقا لم يجز له أن يسلك طريقا مخوفا و لا إلى بلد مخوف فإن فعل فسد [- ه -] إذا أطلق له العمل جاز أن يبيع و يشتري مهما شاء فما يظهر فيه الفائدة و يعامل من شاء فإن شرط عليه أن لا يبيع إلاّ على شخص معيّن أو لا يشتري إلاّ منه أو لا يشتري إلاّ سلعة معينة لزم و لم يجز له التعدي سواء كانت السلعة عامّة الوجود في أيدي الناس كافة كالطعام أو غير عامّة كلحم الصّيد أو يجعل في وقت دون آخر كالرطب فإن خالف وقف على الإذن و كان ضامنا و الربح على ما شرطاه و لو لم يجز بطل البيع إن سمّاه عند العقد و إلاّ وقع الشراء له [- و -] إذا اشترى شيئا فبان معيبا كان له الردّ بالعيب و الإمساك بأرش و غيره فإن كان الحظّ في الأخذ لم يرد و كذا العكس و لو حضر المالك و اختلفا قدّم الحاكم قول من الحظ معه [- ز -] إطلاق الإذن يبيح شراء المعيب مع الحظّ بخلاف الوكيل [- ح -] لا يجوز للعامل أن يشتري بأكثر من ثمن المثل و كذا لا يبيع بدونه فإن باع وقف على الإجازة فإن لم يجز المالك استردّ العين و إن تلفت كان له الرجوع على من شاء فإن رجع على المشتري رجع بالقيمة و لا يرجع على العامل و إن رجع على العامل فالوجه رجوعه بجميع القيمة لا بالتفاوت بين ثمن المثل محذوفا عنه ما يتغابن الناس به و بين المسمّى و إن اشترى بأكثر من ثمن المثل فإن كان بالعين بطل و إن كان في الذّمة وقع الشراء له إن لم يسمّ المالك و إلاّ وقف على الإجازة [- ط -] ليس للعامل أن يشتري ما لا يحلّ للمسلم تملّكه إذا كان المالك

ص: 276

مسلما كالخمر و الخنزير و إن كان العامل ذميّا و إن كان في يده عصير فاستحال خمرا لم يجز له بيعه فلو اشترى العامل ذلك و دفع الثمن من مال القراض ضمنه و ليس له أن يمزج مال القراض بغيره فإن فعل بدون الإذن ضمن و كان الربح على ما شرطاه

المطلب الخامس في الربح

و فيه [- ط -] مباحث [- ا -] يشترط في الربح أمور أربعة أن يكون مخصوصا بالعاقدين مشتركا معلوما بالجزئية لا بالتقدير و عينا بالخصوص بالعاقدين صرفه إلى الملاك و العامل فلو أضيف جزء من الربح إلى غيرهما لم يجز و بالاشتراك عدم تخصيص كل واحد عنهما به فلو اختصّ به المالك بطل قراضا و كان بضاعة و لو اختصّ بالعامل كان قرضا و بالعلم معرفة حصّة كلّ واحد منهما و بالجزئية النّسبة بالجزء المشاع كالنصف و الثلث و لو قال على الشريك من الربح مائة و لي الباقي أو يكون بيننا أو بالعكس بطل [- ب -] إذا وقع القراض صحيحا ملك العامل الحصّة المشترطة و للشيخ رحمه اللّٰه قول آخر ضعيف أن لأجرة المثل و الأخبار الصحاح واردة بالأوّل [- ج -] إذا شرط المالك لمملوكه قدرا من الربح صحّ سواء كان المملوك عاملا أو لا و كذا العامل لو شرط لمملوكه و يكون ما شرط لكل من العبدين لسيّديهما و إن شرط لغلامه الحرّ أو ابنه أو أجنبي فإن شرط على أحدهم العمل مع العامل صحّ و كانا عالمين و إن لم يشترط بطل و لا يكون للمالك و لو قال العامل لك الثلثان على أن تعطي أولئك حصّة ففي اللزوم نظر [- د -] لو شرط على الساعي أن يوليّه سلعة معيّنة برأس مالها لم يجز لإمكان اختصاصها بالرابح فينفرد المالك به و لو شرط المالك الانتفاع بالسلعة إلى وقت البيع كاستخدام العبد و ركوب الفرس قال الشيخ يبطل القراض [- ه -] إذا دفع إليه ألفين متميّزين و قال خذهما قراضا على أنّ ربح هذه لي و ربح هذه لك بطل و لو كانتا ممتزجتين و قال لي ربح ألف و لك ربح ألف صحّ و لو قال لك ربح إحدى السفرتين أو ربح تجارة في شهر أو عام بعينه لم يجز [- و -] العامل يملك حصّة من الربح بظهوره و لا يتوقف على وجوده ناضا على أقرب الوجهين ملكا غير مستقر بل هو وقاية لرأس المال فإن وقع خسران انحصر في الربح و إنما يستقرّ بالقسمة أو بإنضاض المال و الفسخ قبل القسمة على إشكال فإن كان مما يجب فيه الزكاة كانت زكاة الأصل و حصّة المالك على المالك نفسه و زكاة حصة العامل على خاصّ العامل و لا يضمّ أحدهما إلى الآخر في الحول بل للفائدة حول بانفرادها و لو قلنا لا يملك كان له حقّ مؤكّد يورث عنه و لو أتلف المالك أو غيره المال عزم حصّة [- ن -] لو قال خذه على النصف صحّ و اقتضى التنصيف بينهما في الربح و كذا لو قال على أنّ الربح بيننا و لو قال على أنّ لك النصف و سكت عن الآخر صحّ و لو قال على أنّ لي النّصف و سكت بطل و يحتمل الصّحة و يكون الباقي العامل و لو قال على أنّ لك ربح نصفه أو نصف ربحه صحّ و لو قال لاثنين على أنّ لكما نصف ربحه صحّ و تساويا في الحصّة و إن اختلفا في العمل و لو فضل أحدهما صحّ و إن تساويا في العمل و لو قال خذ مضاربة على ما شرط فلان لعامله صحّ إن كانا عالمين و إن جهلاه أو أحدهما لم يصحّ و لو قال للعامل لك ثلث ربحه و ثلثا باقي الربح صحّ و كان له سبعة اتساع الربح و لو قال لك ثلث الربح و ثلث ما بقي كان له خمسة اتساعه و لو قال ثلث الربح و ربح ما بقي فالنّصف و لو قال ربع الربح و ربع الباقي فله ثلاثة أثمان و نصف ثمن سواء عرف بالحساب أو لا و لو قال المالك على أنّ لك النصف و لي الثلث صحّ و كان السّدس له أيضا و لو قال خذه على النصف و لم يبيّن صحّ و كان الشرط للعامل لأنّ النماء للمالك فصرفه الشرط إلى من يفتقر إلى ذكره في حقه و لو اختلفا فقال العامل شرطته لي و قال المالك شرطته لنفسي احتمل تقديم قول العامل لأنّه يدعي الظاهر [- ح -] إذا قال خذه قراضا على أنّ الربح كلّه لي بطل و كذا يبطل لو قال كلّه لك و لا يكون بضاعة و لا قرضا و لو لم يذكر قراضا كان الأوّل بضاعة و الثاني قرضا و لو قال خذه و الربح كلّه لك و لا ضمان عليك كان قرضا قد شرط فيه بقي الضمان و لا ينتفي بشرطه و كذا لو قال خذه و الربح كلّه لي كان بضاعة فلو قال و عليك الضمان لم يلزم و لو قال خذه على أنّ لي نصف الربح إلاّ عشرة دراهم لم يصح و لو قال قارضتك على أنّ لك شركة في الربح أو شركا لم يصحّ لعدم البيان و لا يكون له مضاربة المثل [- ط -] لو قارض اثنان واحدا و شرطا له قدرا واحدا من الربح جاز و كذا لو اختلفا فشرط أحدهما أكثر و الآخر أقلّ و لو شرط أحدهما النّصف و الآخر الثلث على أن يكون الباقي بينهما بالسّوية احتمل المنع و الجواز و قوّى الشيخ المنع

الفصل الثّاني في الأحكام

و فيه [- لن -] بحثا [- ا -] العامل أمين لا يضمن ما يتلف إلاّ بالتفريط أو التعدّي و قوله مقبول في التلف مع اليمين و هل يقبل في الردّ قولان [- ب -] إذا اشترى العامل من ينعتق على المالك فإن كان يلزمه صحّ الشراء و انعتق فإن لم يبق من مال القراض شيء بطل القراض و إلاّ بطل في الثمن خاصّة ثمّ العبد على التقديرين إن كان فيه

ص: 277

فضل قال الشيخ ضمن المالك حصّة العامل و الأقرب الأجرة و إن لم يكن فيه فضل لم يضمن المالك على قول الشيخ شيئا و على قولنا ففي الأجرة نظر و إن كان بغير إذنه فإن كان بالعين بطل الشراء قاله الشيخ و الأقرب وقوفه على الإجازة و إن كان في الذّمة فإن ذكر المالك وقف على الإجازة و إن لم يذكر وقع له و ليس له دفع الثمن من مال القراض فإن خالف ضمن و الوكيل في شراء عبد مطلق لو اشترى من ينعتق على المالك فالأقرب وقوفه على إجازة الموكّل [- ج -] إذا اشترى زوجة المالك احتمل الصّحة و البطلان و لو أذن صحّ و بطل النكاح و لو قلنا بالصّحة مع الإطلاق لو كان بعد الدخول استحقّ المولى المهر و إن كان قبله فإشكال و لو كان المالك امرأة فاشترى العامل زوجها بإذنها صحّ الشراء و بطل النكاح و لو كان العبد قراضا و إنكار بغير إذنها بطل الشراء إن كان بالعين و إن كان في الذّمة وقع له إن لم يذكرها لفظا و إلاّ بطل مع عدم الإجازة [- د -] إذا اشترى المأذون من ينعتق على سيّده بإذنه صحّ و الوجه أنّه يعتق على المولى و يأخذ المأذون القيمة من مولاه ليصرفه في الثمن و إن كان بغير إذنه بطل سواء اشتراه في الذّمة أو بالعين بخلاف العامل إذا اشترى في الذّمة و لا فرق بين أن يشتريه بدين على المأذون أو بغيره [- ه -] إذا اشترى العامل أبا نفسه فإن لم يكن فيه ربح صحّ الشراء للقراض و جاز بيعه فإن بيع قبل ظهور الربح فلا بحث و إن بقي في يده حتّى ظهر ربح و قلنا إنّه يملك الحصّة بالظهور و هو الأقوى عتق عليه قدر ما ملكه و يستسعى العبد في الباقي و هل يقوّم على العامل مع يساره قال الشيخ نعم و الأقرب أنّه يستسعى العبد و إن كان العامل موسرا و إن اشتراه و كان فيه ربح فالوجه صحّة الشراء أيضا و إن قلنا إنّه يملك الحصّة بالقسمة لم ينعتق عليه نصيبه [- و -] إذا فسخ المالك القراض و كان المال ناضا قبل التصرف أو بعده و لا ربح أخذ المالك المال أجمع و هل للعامل أجرة المثل إلى ذلك الوقت مع العمل فيه نظر و لو كان ربح اقتسماه على الشرط و لو كان به عروض قال الشيخ للعامل بيعه سواء ظهر فيه ربح أو لا لجواز أن يرغبه من يشتريه بربح إلاّ أن يدفع المالك قيمة العروض بقول مقومين فليس له البيع حينئذ و الوجه أنّه ليس للعامل بيعه مع فسخ المالك بل يقتسمانه إن كان فيه ربح و إن لم يكن أخذه المالك و لو وجد العامل من يشتريه بربح كان له بيعه أو يتقبّل به المالك بالربح قاله بعض الجمهور و الأقرب أنّه ليس كذلك لأنّ حدث الزيادة بعد فسخ العقد فلا يستحقّها العامل قال فلو امتنع العامل من البيع ألزمه المالك بالنضاض المال و فيه نظر أمّا لو كان المال دينا فإن باع نسيئة كان على العامل تحصيله ممن هو عليه و للمالك إجباره عليه مع الامتناع و إن لم يكن فيه ربح و فيه احتمال ضعيف و كذا البحث لو كان الفاسخ العامل و إذا قلنا بوجوب البيع على العامل لو باع برأس المال لم يجب بيع الباقي و إنضاض ثمنه و لو كان نسيئة وجب و لو طلب أحدهما قسمته الربح مع بقاء المضاربة لم يجبر الآخر عليها سواء كان الممتنع المالك أو العامل و لو اتفقا على القسمة جاز فإن خسر ردّ العامل أقلّ الأمرين من نصف الخسارة و من جميع ما أخذه [- ن -] إذا مات المالك فإن كان المال ناضّا قبل التصرف أو بعده و لا ربح أخذه الوارث و إن كان فيه ربح قاسمه و إن كان به عروض قال الشيخ كان للعامل بيعه إلاّ أن يمنعه الوارث و هل للعامل إجباره على البيع فيما تقدّم و لو كان دينا كان على العامل تحصيله و لو أراد الوارث إقرار العامل فإن كان المال ناضّا افتقر إلى تجديد عقد و إن كان به عروض لم يجز و لو مات العامل و كان المال ناضّا و لا ربح أخذه المالك و إن كان به ربح قاسم الوارث و إن كان به عروض كان للمالك منع الوارث من البيع و أخذه الحاكم باعه لو قوّمه على المالك فإن كان فيه ربح قسمه بين المالك و الوارث و إن طلب المالك إقرار الوارث فإن كان المال ناضّا صحّ استيناف العقد و إلاّ فلا [- ح -] إذا قارض على النصف فقارض العامل غيره بإذن المالك و شرط الربح بينه و بين المالك نصفين صحّ و كان الربح بين المالك و الثاني و إن شرط بعضه لنفسه بطل و كان الربح للمالك و عليه أجرة مثل الثاني و لا شيء للأول و إن كان بغير إذن المالك و شرط الربح بينه و بين الثاني دون المالك بطل ثمّ إن ربح احتمل أن يكون الربح كلّه للمالك و نصف فيكون النّصف الآخر للعامل الأوّل و عليه للثاني الأجرة و هو الأقرب و يحتمل كون النصف الثاني بين العامل و يرجع الثاني على الأوّل بنصف أجرة عمله و يحتمل عدم الرجوع و يحتمل أن لا يكون للمالك شيء من الربح و يكون الربح كله بين العاملين أو للأوّل و عليه أجرة الثاني و للمالك تضمين من شاء منهما فإن رجع على الأوّل لم يكن للأوّل الرجوع على الثاني و إن طالب الثّاني احتمل رجوعه على الأوّل لغروره و عدمه لحصول التلف في يده و لو كان الثاني عالما كان للأوّل الرجوع عليه إن رجع المالك عليه و لا يرجع هو على الأوّل لو رجع عليه المالك [- ط -] إذا تصرّف العامل و حصل له فصل ثم طلب

ص: 278

القسمة و كان المال ناضّا من جنس رأس المال اقتسماه على ما شرط و إن كان من غير جنسه كالدراهم مع الدنانير أخذ المالك بقيمة رأس المال إن شاء و اقتسما الباقي و إلاّ باع العامل بقدر رأس المال و قسّما الباقي و إن كان عرضا تخيّر المالك في الأخذ بقيمة رأس المال و طلب البيع به و لو تعذّر بيع البعض بيع الجميع و أخذ المالك رأس المال و قسّما الباقي و إن قال العامل خذه أجمع و قد تركت حقي فإن قلنا يملك الحصّة بالظهور لم يجب القبول و إلاّ وجب [- ى -] إذا دفع ألفا للقراض فاشترى العامل بها عبدا للقراض إمّا بالعين أو مطلقا ثمّ اشترى عبدا آخر بألف فإن كان بالعين بطل الثاني و إن كان بألف مطلقة وقع الشراء له و ليس له أن يدفع مال القراض فيها فإن خالف ضمن و الربح له [- يا -] إذا دفع العين للقراض فتلفت إحداهما بعد دون أنها في التجارة كانت محسوبة من الربح و ليس للعامل في الربح شيء إلاّ بعد توفية الألفين و إن تلفت قبل العمل قال الشيخ يكون أيضا من الربح و اختاره ابن إدريس و فيه نظر ضعيف [- يب -] إذا كان في يده وديعة أو غصب فأمره المالك بالشراء به قراضا صحّ و هل يبرأ الغاصب بنفس العقد أو بالدفع إلى البائع قال الشيخ بالثاني و فيه احتمال [- يج -] إذا قال للمديون اعزل الدّين الذي لي عليك و اقبضه فإذا فعلت فقد قارضتك عليه قال الشيخ لا يصحّ قبض المديون و ذمته مشغولة كما كانت و لو قيل بالصحة كان وجها فإن اشترى بعين المال قال الشيخ كان الشراء له لأنّه لا يملك أن يشتري بعين ماله ملكا لغيره و إن اشترى في الذّمة قيل فيه وجهان أحدهما أنّه قراض فاسد لتعليقه بالصّفة فإذا دفع المال ثمنا برئت ذمّته لأنّه قضى دين غيره بإذنه و لا حصّة له بل الأجرة و الثاني أنّه ليس بقراض صحيح و لا فاسد بل الربح للعامل و كذا الخسران و لو قيل بالأوّل كان وجها و على القول بصحّة القبض إذا اشترى بالعين كان قراضا فاسدا له الأجرة و للمالك الربح أمّا لو كان الدين على أجنبيّ فقال للعامل اقبضه و قد قارضتك عليه كان القبض صحيحا و القراض فاسدا فالربح للمالك و للعامل الأجرة [- يد -] إذا تلف المال بعد الشراء قبل دفعه فالأقوى أنّ السّلعة لربّ المال و يجب عليه ثمنها ثانيا و يكونان معا رأس المال و ليس للمالك الخيار بين دفع الثمن ثانيا و يكون الثاني رأس المال دون الأوّل و بين عدم الدفع فيكون المبيع للعامل و الثمن عليه و كذا لو تلف الثمن الثاني قبل تسليمه وجب على ربّ المال دفعه ثالثا و هكذا أو يكون الجميع رأس ماله و الأقرب عندي أنّه إن كان قد اشترى في الذمة فإن كان بإذن المالك فكذلك و إلاّ كان الشراء باطلا و لا يلزم الثمن أحدهما و لو كان التلف قبل الشراء احتمل القول بوقوع الشراء للعامل و وجوب الثمن عليه لانفساخ القراض [- يه -] ليس لربّ المال أن يشتري من العامل شيئا من مال القراض و لا أن يأخذ منه بالشفعة و كذا لا يشتري من عبده المأذون و إن كان السّيد مدينا و له أن يشتري من المكاتب و يأخذ منه بالشفعة و لو اشترى العامل من مال المضاربة شيئا و لا ربح فالأقرب الجواز [- يو -] إذا دفع إليه ألفا قراضا و شرط أن يأخذ له بضاعة صحّ القراض و الشرط لكنّه لا يلزمه الوفاء به [- ين -] إذا دفع إليه ألفا قراضا بالنصف ثمّ دفع إليه ألفا أخرى و قال ضمها إلى الأولى كذلك فإن كان قبل دوران الأولى في التجارة صح و كانا معا قراضا بالنصف و إن كان الثاني بعد دوران الأوّل قال الشيخ يبطل الثاني لاستقرار حكم الأوّل في الربح و الخسران المختصّين به فإذا شرط ضمّ الثانية إليه لزم جبر خسران أحدهما بربح الآخر [- يح -] إذا دفع ألفا قراضا و قال له أضف من عندك أخرى و الجمر بهما على أن لي ثلثي الربح و لك الثلث بطل قاله الشيخ قال و كذا لو شرطا لأكثر للعامل و ليس بجيّد قال و لو دفع ألفين و قال أضف من عندك ألفا أخرى على أنّ الألفين شركة و الألف الأخرى قراضا صحّ [- يط -] لولي اليتيم أن يدفع ماله قراضا إلى الثقة فلو دفع إلى غير الثقة ضمن [- ك -] إذا خسر مائة فاقترضها ليدفعها مع المال إلى المالك من غير أن يشعره لئلاّ ينتزع المال ففسخ المالك لم يكن للمقرض الرجوع على المالك بما أخذه [- كا -] إذا اشترى بمائة جارية ثمّ أخذ من آخر مائة و اشترى بها جارية ثم اشتبهتا تشاركا في الجاريتين و بيعتا و قسما الثمن بينهما و إن ظهر ربح كان للعامل نصيبه و إن خسر ضمن العامل إن فرّط في المزج و إلا فلا و لا يملكهما العامل و يرجعان برأس المال عليه قال الشيخ و لو قلنا بالقرعة كان قويّا [- كب -] يجوز للعامل أن يعامل آخر و يسعى بالمالين و يكون حصّة من الربح الثاني له و لا يقاسم المالك الأوّل فيه [- كج -] إذا أخذ ما يعجز عن السعي لضعفه أو كثرة المال ضمن لتفريط في قبضه [- كد -] إذا قتل عبد القراض و كان القاتل عبد أجنبيّ وجب القصاص فإن لم يكن فضل لم يكن للعامل حقّ فإن اقتصّ أو عفا على غير مال زال القراض و إن عفا على مال كان قراضا و إن فضل لم يكن للعامل الانفراد بالقصاص و لا للمالك

ص: 279

و يقتسمان الربح على الشرط إن عفوا على مال [- كه -] إذا اشترى جارية للقراض لم يكن للعامل وطؤها و لا للمالك و لو أذن أحدهما لصاحبه فيه جاز و يعتبر في إذن المالك لفظ التحليل و ليس لأحدهما أن يزوّجها بغيره و لو اتفقا عليه جاز و لو أذن المالك في وطئ ما يشتريه العامل لم يجز و لو وطئ العامل من غير إذن كان عليه المهر و إن كان هناك ربح و إن علقت منه و لا ربح فالولد للمولي و عليه الحد و إن ظهر ربح تحرّر الولد و صارت أمّ ولد و عليه قيمتها و قيمة الولد يوم سقوطه حيّا إن قلنا إنّه يملك بالظهور و إلا فكالأول [- كو -] ليس للعامل أن يكاتب عبد القراض على ما تقدّم و لا للمالك فإن اتفقا جاز فإن أعتق كان الولاء للمولي إن لم يكن ربح و إن كان فهو بينهما على النّسبة هذا إذا شرطا الولاء عليه و إلاّ فلا ولاء لواحد منهما [- كز -] إذا دفع مائة فخسر العامل عشرة ثمّ أخذ المالك عشرة أخرى ثمّ ربح العامل كان رأس المال تسعة و ثمانين إلاّ تسعا لعدم انتقاض القراض بالخسران و لهذا لو ربح ردّ عليه من الرّبح حتّى يجبر الذاهب بالخسران لأنه إذن كالموجود في يد العامل فإذا أخذ المالك عشرة انتقض فيها القراض كما لو أخذ الجميع فحينئذ ينتقض في الخسران ما يخصّه من العشرة فيقسط العشرة المأخوذة على تسعين فلكلّ عشرة واحد و تسع واحد فيكون رأس المال ما بقي فقد ظهر أنّه لا يجب على العامل جبر ما يخصّ المسترد من الخسران فلو استرد المال و كان فيه ربح استقرّ ملك العامل على ما يخصّه من ذلك القدر فلا يسقط بالنقصان فلو كان المال مائة فربح عشرين فأخذ منه ستّين ثمّ خسر في الباقي مضار أربعين ردّ الأربعين و كان له على المالك خمسة لأنّ سدس ما أخذه ربح و لا يجبر به الخسران لأنّ المأخوذ انفسخت فيه المضاربة [- كح -] إذا دفع إليه بغلا ليستعمله على الشركة في الحاصل كان قراضا باطلا و الحاصل للمالك و عليه أجرة المثل للعامل و لو دفع شبكة للصيد على الشركة بطل و كان الحاصل للعامل و عليه أجرة الشبكة و لو دفع أرضا للفرس على الشركة فيهما لم يصحّ و للعامل غرسه و للمالك على الغارس أجرة الأرض ثمّ إن لم يستضرّ الغرس بالقلع كان للمالك إلزام الغارس به و إلاّ تخيّر بين قطعه مع الأرش و دفع قيمة الغرس و إبقائه بالأجرة و لو كان زرعا لزمه إبقاؤه بالأجرة فإن اختار المالك قلع الغرس بالأرش و الغارس الإبقاء بالأجرة قدّم قول المالك و لو انعكس الفرض قدّم قول الغارس و لو اختار المالك أخذ الغرس بالقيمة و العامل القلع مع أخذ الأرش قدّم قول العامل و لو انعكس الفرض قدّم قول المالك و لو قال المالك و لو قال المالك خذ القيمة و طلب الغارس الإبقاء مع الأجرة أو بالعكس لم يجبر أحدهما على ما طلبه الآخر [- كط -] إذا كان القراض فاسدا نفذ التصرّف بمجرد الإذن و خلص الربح بأجمعه للمالك و عليه أجرة المثل للساعي و لا ضمان على الساعي إلاّ بتعد أو تفريط و لو شرط المالك الربح كلّه ففي استحقاق العامل الأجرة نظر و الأجرة يستحقّها الساعي سواء كان في المال ربح أو لا و ليس للعامل قراض المثل [- ل -] الزيادات العينيّة كالثمرة و النتاج محسوبة من الرّبح و كذا بدل منافع الدواب و مهر الجواري و لو وطئ العامل وجب عليه العقر و في المالك نظر و أمّا النقصان الحاصل بالعيب الطارئ أو انخفاض السوق خسران يجب جبره من الربح و ما يقع باحتراق أو سرقة و فوات عين فالوجه أنّه كذلك [- لا -] السيّد إذا أذن لعبده في التجارة جاز على حسب الإذن فإن أذن في الشراء في الذّمة جاز و كذا لو أذن في التجارة في صنف واحد لم يجز أن يتجر في غيره و إذا أذن له في التّجارة لم يجز له أن يواجر نفسه و لو لم يأذن له لكن رآه يبيع و يشتري فلم يمنعه لم يكن ذلك إذنا في التجارة و يكون بيعه باطلا و كذا شراؤه إلاّ أن يجير المولي و في بطلان شرائه بمال في الذّمة نظر و إذا أبق المأذون لم يبطل الإذن و ليس للمأذون أن يتّخذ دعوة بغير إذن مولاه و كذا لا يهب بغير إذنه [- لب -] إذا اشترى العامل ما لم يؤذن فيه فربح كان الربح على ما شرطاه و لا يكون بأجمعه للمالك و لا يتصدّقان به وجوبا [- لج -] إذا سرق المال أو غصب فالأقرب أنّ للمضارب طلبه و الخصومة عليه فإن ترك ذلك مع غيبة المالك و إمكان التخلّص ففي الضمان نظر و لو كان المالك حاضرا و علم بالحال ففي لزوم العامل به نظر [- لد -] الربح وقاية لرأس المال يجبر به الخسران سواء كان الربح و الخسران في مرّة واحدة أو الرّبح في صفقة و الخسران في أخرى أو أحدهما في سفرة و الآخر في أخرى و ليس للعامل أن يأخذ من الربح شيئا بغير إذن المالك و لو نضّ المال خاسرا فدفعه إلى المالك فردّه إليه و قال اعمل به ثانيا فهو عقد جديد إن ربح لم يجبر الخسران الأوّل أمّا لو لم يقبضه بل أذن له في العمل بعد إنضاضه فالأقرب أنّه ليس عقدا ثانيا بل يجبر من الربح الثاني ما خسره أوّلا [- له -] إذا مات و في يده أموال مضاربة فإن علم مال أحدهم بعينه كان أولى به و إن جهل تساووا فيه و إن جهل كونه مضاربة قضي به ميراثا و لو مات و علم أن بيده مضاربة و لم يوجد ففي أخذها من التركة إشكال [- لو -] إذا شرط على العامل ضمان المال أو بهما من الوضيعة بطل

ص: 280

الشرط ففي صحة القراض حينئذ إشكال و لو شرط العامل نفقة نفسه في السفر صحّ و كذا في الحضر [- لز -] الشروط الفاسدة على أقسام ثلاثة أحدها ينافي مقتضى العقد مثل أن يشترط ألاّ يبيع إلا برأس المال أو بالوضيعة أو لا يبيع إلاّ ممن اشترى منه و لا يشتري أو لا يبيع أو يولّيه ما يختاره من السلع و الثاني ما يقتضي جهالة الربح مثل أن يشرط للعامل جزءا من الربح مجهولا أو ربح أحد الكيسين أو العبدين أو دراهم معلومة بجميع حقّه أو بعضه الثالث اشتراط ما ليس من مصلحة العقد و لا مقتضاه مثل اشتراط النفع ببعض السلع مثل لبس الثوب و استخدام العبد و ركوب الدّابة و وطئ الجارية و ضمان العامل المال أو بعضه فهذه الشروط كلّها باطلة يفسد العقد إن اقتضت جهالة الرّبح و إلاّ فلا على إشكال

الفصل الثّالث في أحكام النزاع

و فيه [- يا -] بحثا [- ا -] لو اختلفا في قدر رأس المال فالقول قول العامل مع اليمين و كذا القول قوله مع اليمين لو ادّعى الخسارة أو التلف أو ادّعى عليه الخيانة أو التفريط فأنكر [- ب -] لو اختلفا فيما اشتراه فقال المالك للقراض و ادّعاه العامل لنفسه فالقول قول العامل لأنّه أبصر بنيّة و كذا لو قال اشتريت للقراض و قال المالك لنفسك [- ج -] لو ادّعى المالك أنّه نهاه عن شراء المعيّن فأنكر فالقول قوله مع اليمين لأنّ الأصل عدم النهي و عدم الخيانة [- د -] لو ادعى العامل الإذن في البيع نسيئة أو الشراء بعشرة فأنكر المالك ذلك فالوجه أنّ القول قول المالك و لو ادّعى عموم الإذن و ادّعى المالك تخصيصه أو ادعى الإذن في شراء شيء بعينه و أنكر المالك فالأقرب تقديم قول المالك [- ه -] أو اختلفا في قدر ما شرط للعامل فالأقرب أنّ القول قول المالك مع اليمين و لا يتخالفان و لا يصار إلى قول العامل مع اليمين فيما يساوي أجرة المثل و لا إلى قول المالك فيما يزيد عليها [- و -] لو ادّعى العامل ردّ المال فأنكر المالك فالأقرب أنّ القول قول المالك لا قول العامل [- ز -] لو قال العامل ربحت كذا ثمّ خسرت أو تلف الرّبح قبل مع اليمين أمّا لو قال غلطت أو نسيت لم يقبل و ألزم بما أقرّ به من الربح [- ح -] لو ادعى أنّه دفع إليه قراضا فأنكر ثمّ اعترف أو قامت البيّنة فادعى التلف قبل الإنكار لم يلتفت إليه و لو كان صورة إنكاره بعدم الاستحقاق قبل [- ط -] لو دفع إلى اثنين قراضا ثمّ اختلفوا فقال المالك رأس المال ثلثا الحاصل و الثلث الآخر الرّبح فصدّقه أحدهما و قال الآخر بل رأس المال ثلثه و الثلثان ربح فالقول قول المكذّب مع يمينه فيأخذ حصّته مما ادّعاه فائدة و هو السّدس و يأخذ المالك بتصديق الآخر ما ادّعاه رأس ماله و هو الثلثان و يبقى السّدس لربّ المال ثلثاه و للمصدق ثلثه لأنّ المأخوذة باليمين و هو نصف السّدس أخذ من ربح المالك و المصدّق على نسبة استحقاقهما و هي الثلث [- ى -] لو اختلفا فقال المالك دفعته قراضا و قال العامل قرضا فالأقرب أنّهما يتحالفان و يثبت للعامل أكثر الأمرين من أجرة المثل إذا لم يزد على ما ادعاه و مما ادعاه المالك من النصيب و قال بعض الجمهور القول قول المالك و فيه نظر و لو أقام كلّ منهما بيّنة قال بعض الجمهور يتعارضان و يقسم الرّبح نصفين و لو كان هناك خسران فادعى المالك القرض و العامل القراض فالقول قول المالك مع اليمين و لو ادّعى المالك الإبضاع و ادّعى العامل القراض ففي تقديم قول العامل من حيث إنّ العمل له نظر و يحتمل أنّهما يتحالفان فحينئذ يأخذ العامل أقلّ الأمرين من أجرة المثل و ما ادّعاه نصيبا و لو ادعى المالك الإبضاع و العامل القرض أمكن إحلاف كلّ منهما على ما ينكره الآخر فيثبت للعامل أجرة المثل ما لم تزد [- يا -] إذا أوجبنا النفقة في السّفر لو أنفق من غير المال إمّا من ماله أو قرضا ليرجع به ففي الرجوع إشكال و لو شرط النفقة ثمّ ادعى الإنفاق من مال نفسه و طلب الرّجوع كان القول قوله مع اليمين سواء كان المال في يده أو ردّه إلى المالك

كتاب الهبات

اشارة

و توابعها و فيه مقاصد

الأوّل في الهبة

اشارة

و فيه فصلان

الأوّل في الماهية

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] الهبة عقد يقتضي تمليك المعين منجزا من غير عوض و يسمّى النحلة و العطيّة قال الشيخ رحمه اللّٰه الهدية و الهبة و الصّدقة بمعنى واحد و لهذا يحنث لو حلف ألاّ يهب فتصدّق على مسكين غير أنّه إذا قصد الثواب و التقرب إلى اللّٰه تعالى بالهبة سمّيت صدقة و إن قصد بها التودّد و المواصلة سمّيت هدية [- ب -] الهبة جائزة بالنص و الإجماع و هي عقد يفتقر إلى الإيجاب و القبول و القبض و هل يستغني عن الإيجاب و القبول في هديّة الأطعمة الأقرب عدمه نعم يجوز التصرف عملا بالإذن المستفاد من العادة و للمالك الرجوع ما لم يتلف و لا يكفي هنا التّصرف و مع التلف ليس للمالك مطالبة بالعوض و لا يصحّ تعليقه بشرط و لا تأقيته فالإيجاب كلّ لفظ قصد به التمليك المذكور مثل وهبتك و ملكتك و القبول كلّ لفظ دال على الرّضا بالإيجاب [- ج -] لا يصحّ الهبة إلاّ من بالغ كامل العقل جائز التصرف فلو وهب الصّبي أو المجنون أو السفيه أو المحجور عليه للفلس أو المملوك لم يصحّ [- د -] أركان الهبة خمسة الواهب و هو كلّ مالك جائز التصرف فلو وهب غير المالك لم يصحّ و الموهوب له و هو القابل و يشترط فيه البلوغ و العقل و جواز التصرف في ذلك فلو وهب العبد لم يصحّ و الموهوب و هو كلّ عين

ص: 281

مملوكة يصحّ نقلها فلو وهب الدّين لم يجز و كذا لو وهب مالا يصح تملكه من الأعيان كالخمور و الخنازير أو لا يصحّ نقله كالوقف و أمّ الولد و العقد و هي الإيجاب و القبول على ما تقدّم و القبض فلا يصحّ الهبة ما لم ينضم القبض إلى العقد فلو مات الواهب أو الموهوب له بعد العقد قبل القبض بطلت الهبة سواء مات قبل الإذن في القبض أو بعده و قال الشيخ لا تبطل بموت الواهب و يقوم الوارث مقامه في الإقباض و فيه بعد و من شرط صحّة القبض إذن الواهب فيه فلو قبض المتهب دون إذن الواهب لم يحصل الملك [- ه -] القبض شرط في الهبة سواء كانت الهبة لشيء معيّن أو غير معيّن و سواء كان مكيلا أو موزونا أو لم يكن أحدهما و يكون الواهب قبل الإقباض بالخيار إن شاء أقبضه و إن شاء منعه و لو أذن له في القبض فقبض صحّت الهبة و لو رجع قبل القبض بطلت الهبة و لو قبض بغير إذن الواهب لم يصحّ الهبة و إن كانا في المجلس [- و -] الهبة قبل القبض باقية على ملك الواهب فلو نمت كان النماء للواهب و كذا يلحقها بقية أحكام الملك و لو أتلفها المتّهب كان له إلزامه بالضمان [- ز -] إذا وهبه ما في ذمته كان إبراء صحيحا و لا يفتقر الإبراء إلى القبول قال الشيخ و يقوى في نفسي افتقاره إليه ثمّ قوى العدم و هو يدلّ على تردّده [- ح -] لو وهبه ما هو في يد المتهب كالوديعة و الغصب انعقدت بالإيجاب و القبول و يكفي حصوله ما في يده عن القبض المتجدد و لا يفتقر إلى تجديد قبض و لا مضى زمان يمكن وقوعه فيه و لا تجديد إذن في القبض [- ط -] القبض فيما لا ينقل و لا يحول التخلية و فيما ينقل و يحوّل النقل و التحويل و يصحّ هبة المشاع كالمقسوم و يتحقق فيه القبض بتسليم الجميع إليه فإن أبى الشريك أمر المتهب بتوكيل الشريك في قبضه فإن امتنع نصب الحاكم من يكون في يده لهما فينقله [- ى -] يجوز هبة المشاع سواء قبل القسمة كالعقار أو لم يقبلها كالجوهر و لو وهب واحد اثنين شيئا صحّ إن كان مما يمكن قسمته و كذا يصحّ لو وهب اثنان اثنين شيئا مما يمكن قسمته أو لا يمكن و إذا وهب الاثنين و أذن لهما في القبض فقبضاه صحّت الهبة و لو أذن أحدهما دون صاحبه صحّت الهبة في نصيب المأذون خاصّة [- يا -] لا تصحّ هبة ما لا يصح إقباضه كالطير في الهواء و السّمك على الماء و العبد الآبق و الجمل الشارد و المغصوب لغير الغاصب مع عدم إمكان القبض منه و لو أمكن و وهبه لغير الغاصب صحّ و لزم مع القبض و ليس للمتهب القبض من الغاصب بدون إذن الواهب و لو وكل الواهب الغاصب في التقبيض جاز و لو وكّل المتهب الغاصب في القبض له جاز أيضا و يصير مقبوضا بذلك و لا يفتقر إلى مضي زمان يتحقّق فيه القبض و ملكه المتهب و برئ الغاصب من ضمانه [- يب -] لا يصحّ هبة اللبن في الضرع و لا الحمل في البطن و الوجه عندي جواز هبة الصوف على ظهر الغنم لجواز بيعه كذلك و إذا أذن له في حلب الشاة كان إباحة لا هبة و لو وهبه زيت زيتونه قبل استخراجه أو دهن سمسمه قبل عصره لم يصحّ و لا يصحّ هبة المعدوم كهبة ثمرة شجرته المتجدّدة أو حمل دابّته المتجدّد [- يج -] لا يجوز هبة المجهول مثل شاة من غنمه أو عبد من خدمه و الأقرب جواز هبة المعلوم عند الواهب المجهول عند المتهب و يحتمل البطلان على ضعف أمّا لو كان مجهولا عند الواهب معلوما عند المتهب بأن يكون في يد المتهب مال للواهب و لا يعلم الواهب قدره و لا نوعه فوهبه جميع ما في يده فالأقرب البطلان على إشكال و لو وهبه صبرة مشاهدة صحّت الهبة و إن كانت مجهولة القدر [- يد -] لو شرط في العقد شروطا ينافي مقتضى الهبة كقوله وهبتك بشرط أن لا تبيعه أو لا تهبه أو يشرط أن تبيعه أو تهبه بطل الشرط و الأقرب صحة الهبة [- يه -] إذا أبرأه عما في ذمّته صح بلفظ الإبراء و الهبة و الإسقاط و العفو و التمليك و الصّدقة و لا يصحّ هبة ما في ذمّة غيره له قال الشيخ الذي يقتضيه مذهبنا جواز بيعه و هبته و يلوح من كلامه عدم اشتراط الإقباض هنا و يجعله كالحوالة و يجوز بيعه بعين حاضرة أو بموصوف بشرط قبضه في المجلس سواء كان الدين على مليء باذل أو معسر أو جاحد أو يصح البراءة من المجهول إذا لم يكن طريق إلى معرفته و لا يشترط أن يقول أبرأتك من درهم إلى ألف مثال مثلا و لو كان من عليه الحق يعلمه و يكتمه لئلا يطالبه صاحبه به لكثرته فالأقرب المنع من جواز الإبراء و لو أبرأه من مائة و هو يعتقد أن لا شيء له و له عليه مائة ففي صحة الإبراء نظر [- يو -] لوليّ الصّبي قبول الهبة و قبضها و لا يصحّ قبض غير الولي و لا قبوله و إن عدم الولي لا فرق بين المميز في ذلك و غيره و يفتقر المميز في القبول و القبض إلى إذن الوليّ [- يز -] لو وهب الأب ولده الصّغير شيئا في يده صحّ و لم يحتج إلى قبول و لا قبض مستأنف و لا مضي زمان له و لا يجب على الأب وضع الموهوب على يد غيره و إن كان من الأثمان و كذا حكم الجدّ أمّا باقي الأولياء فقال الشيخ ليس لهم أن يتولّوا الإيجاب و القبول بل ينصب الحاكم من يقبلها منهم [- يح -] إذا أقرّ بالهبة و الإقباض حكم عليه بإقراره سواء كان الموهوب في يده أو يد المتهب و لو أنكر بعد ذلك لم يقبل له و إحلافه لو طلبه على عدم المواطاة و لو أقرّ بالهبة مطلقا فادّعى المتهب الإقباض فالقول قول الواهب سواء كانت العين في يد

ص: 282

الواهب أو المتهب و لو قال نعم عقيب قوله وهبتنيه و أقبضتنيه كان إقرارا

الفصل الثاني في الأحكام

و فيه [- كب -] بحثا [- ا -] يكره تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطيّة و ليس بمجرم و يستحبّ العطيّة لذي الرّحم و يتأكد في الولد و الوالد و التسوية بينهم في العطية و هل تزول الكراهيّة لو خصّصه لمعنى مثل زيادة حاجته أو زمانته أو كثرة عائلته أو اشتغاله بالعلم و نحوه من الفضائل أو فسق الآخر و استعانته بالعطيّة على المعصية الأقرب ذلك [- ب -] المراد بالتّسوية ما يفهم من معناها و هو عدم التفاضل سواء كانوا ذكورا أو إناثا أو ذكورا و إناثا و لا نعني بالتّسوية جعل الذكر ضعف الأنثى [- ج -] يجوز للولد مطالبة أبيه بالدّين مع تمكّنه و لو امتنع كان له جنسه على كراهية شديدة [- د -] إذا تمّت الهبة بالإيجاب و القبول و القبض ملكها الموهوب له فإن كان الموهوب أحد الأبوين لزمت الهبة إجماعا و لم يكن للواهب الرجوع فيها سواء أثاب عليها أولا و كذا لو كان ذا رحم غيرهما و إن كان أجنبيّا كان له الرّجوع فيها ما دامت العين باقية و لو يعرض عنها فإن تلفت أو أثاب عنها و إن كان العوض يسيرا لم يكن له الرجوع فيها و لو كان المتهب قد تصرف و لم يثبت فالعين باقية ففي جواز الرّجوع قولان أمّا الزوج و الزوجة فقد أجراهما الشيخ مجرى ذي الرّحم في أنّه ليس لأحدهما أن يرجع فيما يهبه لصاحبه و فيه نظر و لو أقبض البعض ففي اللزوم فيه إشكال أقربه اللزوم و الأقرب أنّ موت المتهب كالتّصرف [- ه -] الهبة المطلقة لا يقتضي الثواب سواء كانت من الإنسان لمثله أو لمن دونه أو لمن هو أعلى فإن أثاب لم يكن للواهب الرجوع في هبته فإن شرط الثواب صح فإن عين لزمت الهبة بدفع العين و لم يكن ذلك بيعا فلا يلحقه الخيار و لا الشفعة فلو ظهر العوض مستحقا كان للواهب الرجوع و لو ظهر استحقاق الموهوب كان للمتهب الرجوع في العوض و ليس له إلزامه بالضمان و ليس لكلّ منهما مع فساد ما أخذه أن يرجع في نماء ما دفعه إن كان منفصلا و إن شرط ثوابا مجهولا صحّ و لزمه و دفع ما يصدق عليه إطلاق الاسم و لو أثابه منها فالأقرب الجواز و لا يجب عليه دفع ما يرضى الواهب و لا قيمة الموهوب و لا ما يقضي العادة أنّه هبة مثله و قوى الشيخ لزوم الأخير [- و -] إذا شرط الثواب المعيّن أو الطلق كان للواهب الرّجوع في هبته ما لم يدفع المتهب إليه ما شرط و مع القبض لا رجوع و لا يجبر المتهب على دفع العوض بل إن دفع لزمت الهبة و إلاّ كان للواهب الخيار في الرجوع فإن تلفت العين أو غابت بفعله أو بغير فعله قبل الإثابة ثمّ لم يثب ففي رجوع الواهب بالأرش مع العيب أو القيمة مع التلف أو ما شرطه نظر و لو لم يشرط الثواب و كان أجنبيّا فرجع الواهب قبل التّصرف كان له أخذ العين فإن كانت بحالها فلا بحث و إن زادت زيادة متّصلة كانت الزيادة للواهب و صحّ الرجوع و إن كانت منفصلة فهي للموهوب و إن نقصت أو غلبت لم يكن له الرجوع على المتهب بالأرش و إن نقصت بالاستعمال و قلنا التصرف لا يسقط الرجوع فلا أرش أيضا لو استعاد العين [- ز -] إذا صبغ الثوب ثمّ رجع الواهب فإن قلنا التّصرف يسقط الرّد فلا بحث و إن قلنا بجواز الرّجوع معه كان الموهوب شريكا بقيمة الصّبغ [- ح -] الرجوع في الهبة أن يقول الواهب قد رجعت في الهبة أو ارتجعتها أو رددتها و ما أشبه ذلك و لا يفتقر الرجوع إلى حكم حاكم بل يصحّ و إن لم يقبض به حاكم و لو أخذ المشاع من الموهوب لم يكن ذلك رجوعا بمجرّده ما لم ينضمّ إليه قرينة يدلّ عليه فلو مات و لم يعلم القرينة لم يحكم بالرّجوع و لو حصلت القرينة كان رجوعا و لم يفتقر إلى التصريح على الأقرب و لو نوى الرجوع و لم يأت به صريحا و لا كناية فإنّه لا يقتضي الرجوع و لو علّق الرجوع على شرط مثل أن يقول إذا قدم زيد فقد رجعت في الهبة لم يصح الرجوع و كذا لو علّقه على صفة و لو وطئ الجارية ففي كونه رجوعا نظر [- ط -] لو مات الواهب في موضع يصحّ له الرّجوع ففي انتقال هذا الحق إلى الورثة إشكال أقربه العدم و لم أقف فيه على نصّ لنا فلو فضل ولده بشيء ثم مات بعد لزوم العطيّة لم يكن للورثة استعادته [- ى -] لو باع الواهب ما وهبه قبل القبض صح بالبيع و إن كان يعتقد بطلانه و لو كان بعد القبض فإن كان الموهوب رحما أو عوضه لم يصحّ البيع و إن كان أجنبيّا يجوز له الرجوع بما وهبه إياه احتمل صحّة المبيع لجواز الرجوع و عدمها لأنّه لم يصادف ملكا و حكم الشيخ بالبطلان أمّا لو كانت الهبة فاسدة فإنّ البيع ماض و كذا لو باع مال مورثه فلم يعلم بموته ثمّ بان أنّه ميّت قبل البيع و كذا لو أوصى لزيد برقبة عتقها أو كاتبها قبل الوصيّة ثمّ ظهر فساد العتق و الكتابة [- يا -] إذا تأخّر القبض عن العقد حكم بالانتقال من حين القبض لا من حين العقد أمّا الوصية فإنّه يحكم فيها بمجرّد الموت و إن تأخر القبول بشرط حصوله [- يب -] المريض إذا وهب و أقبض فإن برأ أو شرط ثوابا يوازي القيمة خرجت من طلب المال و استبرع بالهبة و مات في ذلك المرض أخرجت من الثلث [- يج -] لو ادّعى عليه الهبة كان القول قول المنكر مع يمينه و كذا لو أقرّ بأنّه وهبه و لم يقبضه و ادعى المتهب الإقباض و لو قال وهبته و ملّكته و أنكر الإقباض فإن كان مالكيّا أو توهّم الملك بالعقد كان القول قوله مع اليمين و إلاّ حكم عليه و لو قال وهبته و خرجت إليه منه لم يكن صريحا في الإقباض نعم إن كان الموهوب في يد المتهب كان ذلك كناية عن الإقباض و لو كان في يد الواهب لم يكن إقرارا بالقبض [- يد -] قد بيّنا أنّه لا يجوز للوالد أن يرجع فيما وهبه لولده سواء كان ولده لصلبه أو ولد

ص: 283

ولده و كذا ليس الذي الرجوع فيما يهبه لرحمه سواء كان محرما كالخالة أو العمة أو غير محرم كبنت العمّة و بنت الخالة [- يه -] لو وهب الأجنبي شيئا فوهبه لثالث فإن قلنا التّصرف مانع من الرجوع فلا بحث و إلاّ كان له الرّجوع سواء تصرّف الثالث أو لا و إن رهنه انتهب أو كاتبه و قلنا التّصرف غير مانع من الرّجوع ففي الرجوع هنا إشكال أمّا لو انفسخت الكتابة أو انفك الرهن فإنّه يجوز الرجوع على ذلك التّقدير و لو باعه الموهوب ثمّ عاد إليه ففي جواز الرّجوع إشكال أقوى من الأوّل [- يو -] إذا حجر الحاكم على الموهوب و كان ممّن يصحّ الرجوع عليه فالأقوى أنّ للمالك استعادة العين و لا يشاركه الغرماء و لو باعها ثمّ اشتراها بثمن مؤجّل و أفلس به و سوّغنا الرّجوع بعد البيع فالأقرب أنّ البائع أحقّ من الواهب [- يز -] إذا جنى الموهوب و تعلّقت الجناية برقبته و أراد الواهب الرجوع فيه فالأقرب جواز الرجوع لكن لا يسقط حقّ المجني عليه بل له الاقتصاص منه و تملكه إن شاء و لا يرجع الواهب على المتهب بأرش و غيره و لو انسده المجني عليه لم يكن للواهب حينئذ الرجوع فيه و لو بذل أرش الجناية ليرجع في العين ففي وجوب إجابته إلى ذلك نظر أمّا لو رهنه المتهب فأراد الواهب الرجوع في العين و سوّغناه مع التصرّف لم يكن له ذلك هنا فلو طلب فكه ببذل الدين ليرجع فيه فالأقرب إجابته إلى ذلك على إشكال [- يح -] إذا وطئ الموهوب له الجارية الموهوبة و سوّغناه الرجوع مع التّصرف جاز الرّجوع و لا يلزم الواطئ المهر و لو جعلت ففي جواز الرجوع إشكال و معه لا يرجع في الولد و يكون حرّا و لا قيمة له عنه [- يط -] إذا رهنه حليّا فأثابه من جنسه أو من غير جنسه جاز مع التفاضل و التساوي و لا يشترط التقابض في المجلس و إن اتحد الجنس [- ك -] لو وهب العارية للمستعير صحّ و لا يشترط الإذن في القبض و لا مضي زمان يتحقّق فيه و لو وهبه لغيره جاز فإن وكّل المعير المستعير في قبضه صحّ و إن لم يمض زمان يتمكن فيه و بطلت الإعادة فلا يجوز له الانتفاع إلاّ بإذن الموهوب [- كا -] إذا وهب العين المستأجرة للمستأجر صحّ و إن وهبها لغيره فكذلك مع الإقباض و لو امتنع المستأجر منه كان له ذلك و لو أذن فيه كان له الانتفاع باقي المدّة [- كب -] الأقرب اشتراط التعجيل في القول بحيث يكون جوابا للإيجاب فلو أنفذ هدية مع رسوله وكّله في إيجاب الهبة و تقبل المهدي إليه فإن لم يفعل كان إباحة و لو قيل بعدم اشتراط القبول نطقا كان وجها قضاء للعادة بقبول الهدايا من غير نطق

المقصد الثاني في الوقف

اشارة

و فيه فصول

الأوّل في الماهية

و فيه [- ح -] مباحث [- ا -] الوقف عقد يقتضي تحبيس الأصل و إطلاق المنفعة فقال وقفت وقفا و لا يقال أوقفت إلاّ في شاذ اللغة و يقال حبست و احتبست و لا بدّ فيه من الصّيغة الدالة عليه إما صريحا أو كناية مقترنة بما يدلّ عليه فالصّريح ألفاظه ثلاثة وقفت و هو صريح فيه إجماعا و في حبست و سبّلت قولان أحدهما أنّه صريح و الآخر أنّه كناية يفتقر إلى البيّنة قال الشيخ الذي يقوى في نفسي أنّ صريح الوقف قول واحد و هو وقفت خاصّة و به يحكم بالوقف فأمّا غيره من الألفاظ فلا يحكم به إلاّ بدليل و اختاره ابن إدريس و هو الأقوى و أمّا الكناية فثلاثة تصدقت و حرمت و أبدت فإن اقترن بها ما يدلّ على الوقف صرفت إليه مثل صدقة محرّمة أو محبوسة أو مسبلة أو مؤبّدة أو لا يباع و لا يوهب و لو أطلق الكناية و نوى بها الوقف حكم بما نواه باطنا دون الظاهر الآن يعترف بما نواه و يقبل قوله في نيّة الوقف و عدمها [- ب -] لا يحصل الوقف بالفعل المقترن بما يدلّ عليه مثل أن يبني مسجدا و يأذن للناس بالصلاة فيه أو مقبرة و يأذن بالدّفن فيها أو سقاية و يأذن في دخولها و إنّما يصير وقفا بالقول الدالّ عليه [- ج -] لو قال الموقوف عليه رددت الوقف بطل و لو سكت فالأقرب اعتبار قبوله أمّا البطن الثاني فلا يشترط قبوله و لا يؤيّد عنه بردّه [- د -] من شرط الوقف الإقباض فلا يصحّ بدونه [- ه -] إذا تمّ الوقف صحّ و لزم و لم يجز فسخه و لا إبطاله مجرد الوقف و ليس للواقف الرجوع فيه سواء أوصى به بعد موته أو لا و سواء حكم به حاكم أو لا و قول المفيد رحمه اللّٰه الوقف صدقة لا يجوز الرجوع فيها إلاّ أن يحدث الموقوف عليهم ما يمنع من معونتهم و القربة إلى اللّٰه تعالى بصلتهم أو يكون تغيير الشرط في الوقف أردأ عليهم و أنفع من تركه على حاله متأوّل [- و -] إذا صح الوقف زال به ملك الواقف عنه و الأقرب أنّ الموقوف عليه يملكه ملكا غير تامّ فيثبت بشاهد و يمين و من قال بانتقاله إلى اللّٰه تعالى لا يثبت إلاّ بشاهدين [- ز -] إذا وقف شاة دخل فيه الصّوف و اللبن الموجودان حالة الوقف ما لم يخرج عنه بالاستثناء [- ح -] الوقف عقد يتوقّف على واقف و موقوف عليه و لكلّ واحد من الأربعة شرائط نحن نذكرها في الفصول الآتية إن شاء اللّٰه تعالى

الفصل الثاني في شرائط الوقف

و هي أربعة التنجّز و الدوام و الإقباض و عدم الشركة فهاهنا [- ز -] مباحث [- ا -] إذا علّق الوقف على شرط أو صفة لم ينعقد و كان باطلا مثل أن يقول إذا جاء رأس الشهر فداري وقف أو فرسي أو إذا ولد لي ولدا و قدم لي غائب و لا يعلم فيه خلافا [- ب -] إذا وقفه و علّق الوقف بما لا ينقرض غالبا بمثل

ص: 284

أن يقفه على أولاده و أولاد أولاده ما تعاقبوا فإذا انقرضوا فعلى الفقراء و المساكين أو المتعلمين أو بعض المساجد أو الجوامع أو المشاهد أو يقفه ابتداء على هذه من غير ذكر الأولاد و لو علّقه بما ينقرض غالبا مثل أن يقفه على أولاده و أولاد أولاده من غير بيان المصرف بعد الانقراض ففيه قولان أحدهما البطلان و الثاني الصحة فحينئذ يعود إلى الواقف إن كان موجودا أو إلى ورثته إن كان معدوما اختاره الشيخ رحمه اللّٰه و قيل إلى ورثة الموقوف عليه اختاره المفيد ره و ابن إدريس و فيه قوّة و لا يعاد على بيت مال المسلمين و لا إلى الفقراء و إذا عاد إلى ورثة الواقف اشترك الأغنياء فيه و الفقراء على ترتيب الميراث الأقرب فالأقرب للذكر مثل حظّ الأنثيين [- ج -] إذا علقه بمدّة كان يقفه سنة أو أكثر ففي البطلان نظر أقربه أنّه يصحّ و يكون حبسا يرجع إليه بعد المدة بطل الوقف [- د -] لو وقف لم ينعقد بدون الإقباض فلو مات الواقف قبل القبض بطل الوقف و كذا لو جنّ أو أغمي عليه أمّا لو مات الموقوف عليه فأقبض البطن الثاني ففي صحته نظر و لو كان الوقف على ولده الصّغير كان قبضه قبضا عنه لم يفتقر إلى نصب وكيل يقبض عنه و لا إلى مضيّ زمان يمكن فيه الإقباض و كذا الجدّ للأب و الوصيّ على إشكال و القبض إنّما يشترط في الطبقة الأولى فإذا حصل تمّ الوقف و لا يفتقر إلى قبض بقية الطّبقات و لو وقف على الفقراء و الفقهاء افتقر إلى نصب قيّم يقبض الوقف و لو وقف على مصلحة لم يفتقر إلى القبول و كان المتولي للوقف هو الناظر في تلك المصلحة من قبل الشرع و لو وقف مسجدا فكذلك لا يفتقر إلى القبول و يلزم بصلاة واحدة فيه و كذا يلزم وقف المقبرة بدفن واحد و لا يلزم بدون ذلك [- ه -] لو وقف على نفسه لم يصحّ الوقف و لو وقف على نفسه ثمّ على غيره فقولان أحدهما الصّحة مؤخر و الثاني البطلان في الغير و لو وقف على الغير و شرط قضاء ديونه أو الاستعانة منه أو الإنفاق لم يصحّ و لو وقفه على الغير و شرط عوده إليه مع حاجته كان حبسا يورث عنه إذا مات و لو وقفه على الفقراء أو الفقهاء ثم معان عنهم جاز أن يتناول منه و كذا لو وقفه على المسلمين جاز أن يأخذ منه و منع ابن إدريس من ذلك قال الشيخ إذا وقف مسكنا جاز أن يسكن مع من وقفه عليه و ليس له أن يسكن غيره معه و ليس بجيّد لأنّ الوقف إن كان عاما للمسلمين جاز أن يسكن غيره و إن كان خاصّا بقوم لم يجز له السكنى بنفسه [- و -] لو شرط إخراج من يريد من الوقف بطل الوقف و لو شرط إدخال من يولد معهم جاز سواء كان الوقف على أولاده أو غيرهم و لو شرط نقله عنهم بالكلّية إلى من سيوجد لم يجز قال الشيخ لو كان الوقف على أولاده الأصاغر جاز أن يدخل معهم من يريد و إن لم يشترط و ليس بجيّد [- ز -] وقف الجاهليّة باطل بنصّ القرآن قال اللّٰه تعالى مٰا جَعَلَ اَللّٰهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لاٰ سٰائِبَةٍ وَ لاٰ وَصِيلَةٍ وَ لاٰ حٰامٍ فالبحيرة هي الناقة التي تلد خمس بطون فإذا وجدوا ذلك منها بحروا أذنها أي شقّوها و البحر الشّق و السّائبة هي التي تلد عشر بطون كلها إناث فيسيبوها إكراما لها لا يركب و لا يؤخذ وبرها و لا يحلب إلاّ لضيف و أما الوصيلة فهي الناقة أو الشاة تلد عشر بطون في كلّ بطن ذكر و أنثى فإذا كان منها ذلك قالوا وصلت أولادها و قيل هي الشاة تلد خمس بطون في كلّ بطن عتاقان فإذا ولدت بطنا سادسا ذكرا و أنثى قالوا وصلت أخاها فما تلد بعد ذلك يكون حلالا للذكر و حراما على الإناث و أما الخام فهو الفحل ينتج من ظهره عشر بطون فيسيب و يقال حمى ظهره فلا يركب و الفقهاء يسمون العبد الذي يعتق بشرط عدم الولاء سائبة و ذلك سائغ ليس مقصودا في الآية

الفصل الثالث في شرائط الواقف

و يشترط في أمور أربعة كونه بالغا عاقلا جائز التّصرف مالكا متقرّبا إلى اللّٰه تعالى فلا يصحّ وقف الصّبي و لو بلغ عشرا ففي نفوذ وقفه إشكال ينشأ من عدم البلوغ المنوط به الأحكام و من دلالة الرواية على الصّدقة و الوقف نوع منها و الأقرب عندي المنع و لو وقف المجنون أو الساهي أو الغافل أو السّكران أو المحجور عليه للسّفه أو الفلس لم يصحّ و لو وقف المملوك بطل و كذا الفضولي أو إن أجاز المالك و لا يصحّ وقف المكره و إجازته بعد زوال عذره كإجازة المالك وقف الفضولي على إشكال و لا بدّ من قصد القربة فلو وقف غير متقرّب إلى اللّٰه تعالى بطل الوقف أمّا المريض فإن برأ من مرضه صحّ وقفه و إن مات فيه أخرج من ثلث المال و لو أجاز الورثة خرج من الأصل و لو أجاز بعضهم نفذ من الأصل في قدر نصيب المجيز و من الثلث في الباقي و قيل يمضى من الأصل مطلقا و الوجه الأوّل و لو ضم الوقف إلى عطايا متبرّع بها كالهبة و العتق و المحاباة بدئ بالأوّل فالأوّل إن قصر الثلث عن الجميع و لم يجز الورثة إلى أن تستوفي الثلث ثمّ يدخل النقص على الأخير و كذا البحث في الوصايا المتعدّدة و لو جهل المقدّم قيل يقسم على الجميع بالحصص و استعمال القرعة حسن و لو قال قفوا بعد موتي كذا كان وصيّة بالوقف يخرج من الثلث و لو قال هو وقف بعد موتي ففي كونه وصيّة بالوقف صحيحة أو وقفا مشروطا بالموت باطلا نظر و لو وقف المريض على ولده أو بعض وارثه شيئا صحّ و يخرج من الثلث و لو وقف داره و هي يخرج من الثلث على ابنه و بنته بالسّوية صح الوقف على ما شرط و كذا لو وقفه على ابنه و زوجته و إن كانت الدار جميع ملكه فإن أجاز الورثة فلا بحث و إن منعوا كان الثلث وقفا و الثلثان طلقا سواء زاد الورثة عن الوقوف عليه أو لا فإن لم

ص: 285

يكن غير الابن و البنت و أجازوا الوقف دون التسوية فالوجه أنّ النّصف يكون وقفا على الابن و الثلث على البنت و يكون السدس طلقا للولد و لو اختاروا التّسوية دون الوقف صحّ الوقف في الثلث و كان الباقي ميراثا بينهما بالتّسوية على سبيل الهبة و يعتبر فيه شرائطها

الفصل الرّابع في شرائط الموقوف عليه

و هي أربعة وجوده و تعيينه و صحّة تملّكه و تسويغ الوقف عليه فهنا [- لب -] بحثا [- ا -] لا يصحّ الوقف على المعدوم ابتداء كما لو وقف على ولده و لا ولد له أو على من سيولد له سواء كان مما يصحّ وجوده أو يمتنع و لا يصحّ الوقف على حمل لم ينفصل و لو وقف على المعدوم تبعا للموجود صحّ مثل أن يقف على عقبه و عقب عقبه ما تعاقبوا فإنّه يلزم و إن لم يكن باقي البطون موجودة [- ب -] لو وقف على المعدوم ثمّ بعده على الموجود تردّد الشيخ في الصّحة و البطلان و قوى الصّحة على الموجود و كذا لو وقف على من لا يصحّ الوقف عليه كما لو وقف على المجهول ثمّ المعلوم أو على عبده ثمّ على أولاده و مع الصّحة إن كان من لا يصحّ الوقف عليه لا يمكن انقراضه كالمجهول و المعدوم انصرفت منافع الوقف في الحال إلى من يصحّ عليه و إن أمكن انقراضه كالعبد و الحمل ففي توقّف الانصراف على انقراضه عملا بالشّرط و عدمه لانتفاء المالك غيرهم إشكال و قوى الشيخ الثاني و على الأوّل قيل يصرف المنافع إلى الفقراء مدّة بقاء العبد و إلى الموقوف عليهم بعد انقراضه [- ج -] لو وقف على العبد لم يصحّ سواء كان عبد نفسه أو غيره و لا يكون الوقف عليه وقفا على مولاه و لا فرق في ذلك بين القنّ و المدبّر و أمّ الولد و المكاتب المشروط و الذي لم يؤد من مكاتبته شيئا أمّا المطلق إذا أدّى شيئا من كتابته صحّ بمقدار ما فيه من الحرّية و بطل في الباقي و لو وقف على الدابة بطل أيضا [- د -] لو وقف على نفسه ثمّ على المساكين لم يصحّ في حقّ نفسه و في صحّته في حقّ المساكين قولان تقدّما و لو شرط أن ينفق على نفسه منه بطل الوقف أمّا لو شرط أن يأكل أهله أو من يليه فإنّه يصحّ و لو شرط أن يهبه متى شاء أو يبيعه أو يرتجعه لم يصحّ و قال المرتضى لو شرط أنّه إن احتاج إليه في حياته كان له بيعه و الانتفاع بثمنه جاز و ليس بجيّد و قال الشيخ لو شرط بيعه و التّصرف فيه عند الحاجة صحّ الشّرط و يرجع ميراثا عند الموت و لو شرط الخيار لنفسه فكذلك [- ه -] إذا قال هذا وقف أو صدقة و لم يذكر المصرف لم يصحّ و كذا لو ذكر مصرفا مجهولا كأن يقول على أحد هذين أو أحد المشهدين [- و -] إذا وقفه على من يجوز الوقف عليه ثمّ على من لا يجوز الوقف عليه فإن قلنا بصحّة المنقطع صحّ هنا و صرف بعد انقراض من يصحّ الوقف عليه إلى من يصرف إليه نفع المنقطع و لو كان صحيح الطرفين منقطع الوسط كأن يقف على أولاده ثمّ على عبيدهم ثمّ على الفقراء احتمل الصّحة و البطلان و على تقدير الصّحة ينظر فيما لا يجوز الوقف عليه فإن لم يمكن انقراضه ألغيناه و إلاّ ففي إلغائه و اعتبار انقراضه وجهان تقدّما و لو كان صحيح الوسط خاصة مثل أن يقف على عبده ثم على أولاده ثمّ على الكنيسة احتمل الوجهان و مع الصّحة مصرفه بعد من يجوز الوقف عليه مصرف المنقطع [- ز -] لو قال هذا وقف على ولدي سنة ثمّ على المساكين صحّ و كذا لو قال على ولدي مدّة حياتي و لو قال هذا وقف على المساكين و بعد انقراضهم على ولدي صحّ على المساكين و لغا ولده لامتناع انقراضهم [- ح -] لا يصحّ الوقف على من لا يملكه كالعبد و إن قلنا إنّه يملك و الميّت و الحمل و الملك و الجنّ و الشياطين و المرتدّ عن فطرة و الحربي و هل يصحّ على الذّمي قيل نعم مطلقا و قيل إن كان ذا رحم و قيل إن كان أحد الأبوين و هل يصحّ على المرتدّ عن غير فطرة فيه نظر و لو وقف على بعض المساجد أو المشاهد أو القناطر أو المدارس أو السّقاءات أو كتب الفقه و الأحاديث و القرآن صحّ لأنّ الوقف في الحقيقة على المسلمين خصّص صرفه في بعض مصالحهم [- ط -] لو وقف المسلم على البيع و الكنائس و بيوت النيران و كتابة التوراة و الإنجيل و غيرهما من كتب الأنبياء السالفة الّتي غيّرت لم يصح و لو لم تغير صح و إن كانت منسوخة و لو وقف الذمي ذلك جاز و كذا لا يجوز أن يقف على معونة الزناة و قطاع الطريق و غيرهما من الفساق فلو وقف على من يمر بالبيع و الكنائس من المجتازين من أهل الذمة فالأقرب الجواز و لو وقف على خادم الكنيسة أو على مصالحها من الحصر و الإضواء لم يصح [- ى -] يجوز الوقف على القبيلة العظيمة و المساكين إجماعا و كذا يجوز في غيرهم سواء أمكن استيعابهم و حصرهم أو لا مثل أن يقف على قريش أو بني هاشم أو بني تميم و كذا يجوز على أهل كل إقليم أو مدينة كالعراق و بغداد و على أقاربه و عشيرته و يدخل في الوقف كل من صدق عليه الاسم و لو وقف المسلم على الفقراء انصرف إلى فقراء المسلمين خاصة عملا بقرينة الحال و لو وقف الكافر على الفقراء انصرف إلى فقراء نحلته [- يا -] إذا وقف على المسلمين انصرف إلى كل من صلى إلى القبلة و لو وقف على المؤمنين انصرف إلى الاثني عشرية و هل يشترط مجانبة الكبائر قال الشيخ نعم و منعه ابن إدريس و هو حسن و لو وقف على الشيعة اندرج فيه كل من قدم عليا عليه السلام الإمامية و الجارودية من الزيدية و الواقفية و غيرهم من فرق

ص: 286

الشيعة دون التبرية من الزيدية و لو وقف على الإمامية فهو عن الاثني عشرية و لو وفقه على الزيدية فهو لكل من قال بإمامة زيد و كذا لو علقهم بالنسبة إلى أب كان لكل من انتسب إليه بالأبوة فالهاشمين يصرف إلى من انتسب إلى هاشم بالأبوة أو هل يدخل من انتسب إليه بالأمومة قيل نعم و قيل لا و كذا لو وقفه على العلويين كان لمن انتسب إلى علي ع و لو وقفه على الحسنيين كان لأولاد الحسن بن علي عليهما السلام ليس للحسينيين فيه شيء و كذا بالعكس و لو وقفه على الفاطميين كان أولاد فاطمة عليها السلام [- يب -] يدخل في الوقف على القبيلة و غيرهم من المتعدين المذكور و الإناث و يكونون سواء إلا أن يشترط التفضيل و لو قال على كتاب اللّٰه تعالى كان لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ اَلْأُنْثَيَيْنِ و كذا لو وقف على والديه تساويا ما لم يفضل [- يج -] قال ابن إدريس لو وقف الإمامي على المسلمين كان للإمامية خاصة لأن القرب إلى اللّٰه تعالى أنما يحصل به و هو شرط و قال الشيخ يدخل فيه كل من صلى إلى القبلة و كذا لو وقف الإمامي على الزيدي لم يصح قال الشيخ و لو وقف على الشيعة كان شاملا لجميع فرقهم من الكيسانية و الناووسية و الفطحية و الواقفية و قال ابن إدريس إن كان الواقف إماميا اختص بالإمامية و إن كان من أحد هؤلاء حمل كلامه على شاهد حاله في اختصاص أهل نحلته بالوقف خاصة [- يد -] إذا وقف على أولاده و أولاد أولاده دخل أولاد البنين و أولاد البنات و كذا لو قال على أولادي و لم يقل الصلبي فإنه يدخل فيه أولاد بنيه و أولاد بناته ما تعاقبوا و تناسلوا و لو قال على أولاد لصلبي كان للولادة خاصة و لو قال على من انتسب إلى ففي دخول أولاد البنات نظر و لو قال الهاشمي على أولادي و أولاد أولادي الهاشمين لم يدخل في الوقف من أولاد بناته من كان غير هاشمي و من كان هاشميا من غير أولاد بنيه و هم من أولاد بناته دخلوا فلو قال على عقبي أو نسلي أو ذريتي دخل أولاد البنين و أولاد البنات و لو قال على عترتي فهم اختص قومه و عشيرته و لو وقف على قومه قيل يكون للذكر و من أهل لغته دون الإناث و قال ابن إدريس يكون للرجال من قبيلته ممن يطلق عليه أنهم أهله و عشيرته دون غيرهم و لو وقف على عشيرته كان لأقاربه [- يه -] إذا وقف على قوم و أولادهم و أولاد أولادهم اقتضى ذلك تشريك البطون الأخيرة مع البطن الأول و لا يقدم بعضهم على بعض لقربه و لو تجدد حمل لم يشارك حتى ينفصل حيا و لو رتب فقال على أولادي ثم أولاد أولادي أو قال الأعلى فالأعلى الأقرب فالأقرب أو الأول الأول أو البطن الأول ثم البطن الثاني أو قال على أولادي فإذا انقرضوا فعلى أولادهم ترتبوا بحسب الشرط و لا يستحق البطن الثاني شيئا حتى ينقرض البطن الأول كله و لو لم يبق من البطن الأول إلا واحد كان الوقف كله له لا يشاركه البطن الثاني و لو قال على أولادي و أولاد أولادي على أن من مات منهم عن ولد كان ما كان جاريا عليه جاريا على ولده كان ذلك دليلا على الترتيب و إلا لم يحصل التسوية فحينئذ يترتب بين كل والد و ولده فإذا مات عن ولد انتقل إلى ولده سهمه سواء بقي من البطن الأول أحد أو لم يبق و لو رتب في البعض دون الباقي عمل بقوله كما لو قال وقفت على ولدي و ولد ولدي ثم على أولادهما أو على أولادي ثم على أولاد أولادي و أولادهم ما تعاقبوا أو على أولادي و أولاد أولادي ثم على أولادهم و أولاد أولادهم فيشترك بين من شرك بينهم بالواو و يرتب بين من رتب بحرف الترتيب [- يو -] إذا وقف على أولاده اشترك فيه أولاده و أولاد أولاده ما تعاقبوا على احتمال و لا يمنع الأقرب إلا بعد و لو صرح بما يصرفه عن الظاهر و إليه حمل على ما دلت القرينة عليه فلو قال على أولادي لصلبي أو الذين يلونني صرف إلى البطن الأول و لو قال على أولادي و لا ولد له من صلبه انصرف إلى أولاد أولاده و كذا لو قال على أولادي الأولاد البنات أو على أولادي الابني فلان [- يز -] لو قال على أولادي ثم على أولاد أولادي على أنه من مات من أولادي عن ولد فنصيبه لوالده أو لإخوته أولاد إخوته فهو على ما شرط و لو قال على أن من مات منهم فنصيبه لولده و من لا ولد له فنصيبه لأهل الوقف و مات أحد البنين الثلاثة عن ابنين كان نصيبه لهما فإن مات الثاني عن غير ولد كان نصيبه لأخيه و ابني أخيه بالسوية و لو مات أحد ابني الأخ عن غير ولد كان نصيبه لأخيه و عمه و لو مات أحد الثلاثة و خلف أخويه و ابني أخ له فنصيبه لأخويه و لا شيء لابني الأخ ما دام أبوهما حيا فإن مات أبوهما صار نصيبه لهما و هل يأخذان من عمهما سدس الثلث فيه احتمال فلو مات الثالث كان نصيبه لا بني الأخ و لو خلف ابنا كان له نصيب أبيه و هو النصف و لكل واحد من ابني الأخ الربع و على الاحتمال الذي قلناه يكون لابنه الثلث و ثلثا السدس و لا بني الأخ الباقي و لو قال على أن من مات منهم عن غير ولد كان نصيبه لمن هو في درجته و كان غرما نصيب الميّت من غير ولد لأهل البطن الذي هو منه و إن كان مشتركا فالأقرب عود نصيبه إلى البطن الذي هو منه و يستوي في ذلك إخوته و بنو بني عم أبيه و بنو عمه فإن لم في درجته أحد بطل الشرط [- يح -] إذا وقف على أولاده الثلاثة على أن من مات عن ولد فلولده نصيبه و من لا ولد له فنصيبه إلى من هو في درجته فمات أحدهم عن ابن و مات الثاني عن ابنين ثم

ص: 287

مات أحد الابنين و ترك أخا و ابن عمه الحي فالأقرب أن نصيبه بين أخيه و ابن عمه و لو كان في درجته في النسب من لا يصل إليه الوقف بحال ففي أخذه نظر مثل أن يكون له أربعة أولاد فيقف على ثلاثة على هذا الوجه ثم يموت أحد الثلاثة عن غير ولد احتمل أن لا يأخذ الرابع شيئا لأنه ليس من أهل الوقف [- يط -] لو وقف على الذكور و الإناث و قال من مات من الذكور فنصيبه لأولاده و من البنات فلا هو الوقف لزم ما شرط و لو قال على أولادي على أن يصرف إلى البنات ألف و الباقي للبنين لم يستحق البنون شيئا حتى يستوفي البنات الألف [- ك -] لو قال وقفت على أولادي فلان و فلان و فلان ثم على المساكين لم يكن لأولاد أولاده شيء و لو كان له ثلاثة فقال وقفت على ولدي فلان و فلان و على ولد ولدي لم يكن للثالث شيء و كان للأولين و أولادهما و أولاد الثالث بالسوية [- كا -] إذا وقف على قوم بشرط اتصافهم بصفة استحقوا ما داموا على تلك الصفة مثل أن يقول من اشتغل بالعلم أو حفظ القرآن فله و من ترك فلا شيء له و كذا لو قال من كان على مذهب كذا فله و من خرج منه فلا شيء له و كذا لو فضل الكبير على الصغير أو بالعكس و العالم على الجاهل و الفقير على الغني أو بالعكس و المستحب له التسوية بين الذكور و الإناث و أن لا يفضل في حال وقفه قوما على آخرين [- كب -] إذا وقف على أولاده ثم على المساكين انصرف إلى المساكين بعد انقراض أولاده و أولاد أولاده و إن نزلوا و يشترك فيه الفقير و المسكين لا يتميز أحدهما عن الآخر إلا أن يجمعهما فيقفه على الفقراء و المساكين أثلاثا فيجب التميز بينهما و لا يجب تعميمهما لعطية و كذا كل وقف على منتشرين و هل يجب صرفيه إلى الثلاثة فما زاد الأقرب ذلك و يصرف إلى أهل البلد و لا يجب و تتبع من غاب و ضابطه أن الوقف على من يمكن حصره يقتضي التشريك و التسوية فلا يجوز التخصيص و لا التفضيل أما لو وقف على من لا ينضبط فلا يقتضي ذلك فيجوز صرفه إلى الواحد و التفضيل في الجماعة و لو وقفه على مستحقي الزكاة كان للأصناف الثمانية المذكورة في القرآن و الأقرب أنه لا يجب التشريك و لا التسوية و يجوز أن يخص بعضا من صنف و يفضله و لا يجب أن يعطي مثل ما يعطي في الزكاة فلا يعطي الغارم بشرط أن يصرفه إلى الغرم و لا المكاتب بشرط أن يصرفه في كتابته [- كج -] إذا وقف على جيرانه رجع فيه إلى العرف و قيل كان لمن يلي إلى داره أربعين ذراعا من كل جانب و هو جيد و قيل إلى أربعين دارا و هو بعيد و هل يشترط تملك الجار للدار حتى لو كانت مستأجرا أو مستعيرا لم يتناوله الوقف فيه إشكال أما الغاصب فالظاهر عدم تناول الوقف له و لو قلنا بدخول المستأجر أو المستعير لو خرجا عن الدار خرجا عن الاستحقاق و لو عادا ففي عدم عوده إليهما إشكال و لو باع صاحب الدار داره الّتي يسكنها خرج عن الوقف و دخل المشتري عوضه فلو استعادها عاد الوقف إليه دون المشتري و لو لم يكن الدار مسكونة ففي استحقاق مالكها إشكال أما لو كانت موطنه فاتفق السفر بنيّة العود ثم وقف الواقف فالأقرب دخوله و هل يشارك صاحب الدار من هو ساكن معه كولده و أهله فيه نظر و لا يخرج صاحب الدار عن الوقف بسفره المنقطع و لا يتروده في السكنى بينهما و بين غيرها و على القول بحرمان المستأجر و المستعير ففي استحقاق المالك إشكال [- كد -] إذا وقف في سبيل اللّٰه انصرف إلى كل ما يتقرب به إلى اللّٰه تعالى كمعونة الغزاة و الحاج و بناء القناطر و المساجد و لو قال في سبيل اللّٰه و سبيل الثواب و سبيل الخير فكذلك و لا يجب قسمة الفائدة أثلاثا بين الغزاة و أقرب الناس إليه و أخذ الزكاة لحاجته و هم من عدا العاملين و الغزاة و المؤلفة [- كه -] إذا وقف على مصلحة فبطل رسمها صرف في وجوه البر و لو وقف على البر و لم يعين صرف في كل ما يتقرب به إلى اللّٰه لمعونة الفقراء و غيرها [- كو -] إذا وقف على أولاده أو أخويه أو بني فلان استوت الذكور و الإناث و الأقرب و الأبعد على التساوي إلا أن يشترط التفضيل أو التخصيص و لو وقف على أخواله و أعمامه تساووا و لو وقف على أقرب الناس إليه فهو للأبوين و الولد و إن نزلوا ثم الأجداد و الإخوة ثم الأعمام و الأخوال على ترتيب الميراث و كل من منع في الميراث يمنع هنا لكن هنا يتساون ما لم يفضل و لو اجتمع الإخوة المتفرقون أو الأخوال أو الأعمام كذلك كان المتقرب بالأبوين أولى من التقرب بأحدهما [- كز -] إذا وقف على أولاده فإذا انقرضوا و انقرض أولاد أولاده فعلى الفقراء فالوقف لأولاده فإذا انقرضوا قال الشيخ يأخذ أولاد أولاده فإذا انقرضوا فالفقراء لأن اشتراط انقراضهم يدل على أن لهم نصيبا لكن لا يأخذون إلا بعد انقراض الأولاد و قيل إنه لا يأخذ أولاد أولاده شيئا لأن تخصيصهم بالذكر يعطي إخراجهم من لفظه الأولاد و حينئذ يكون انقراضهم شرطا لصرفه إلى الفقراء و حينئذ قيل يرجع الوقف بعد أولاده إلى أقرب الناس إليه و إذا انقرض أولاد صرف إلى الفقراء [- كح -] إذا وقف على عقب زيد ثم من بعده على عقب عمرو أخذه عقب زيد فإذا انقطع بعد ذلك أخذه عقب عمر و فإن تجدد عقب زيد بعد ذلك رجع الوقف إليه و النماء وقف انقطاع عقب زيد إلى وقت عوده لعقب عمرو [- لط -] إذا كان له موالي من أعلى فوقعه على

ص: 288

مواليه انصرف إليهم و كذا لو كان له موالي من أسفل فإنّه ينصرف إلى مواليه من أسفل و لو اجتمعا فإن قرن بما يصرفه إلى أحدهما حمل عليه و إن أطلق قال الشيخ يشترك بينهما و لو قيل بالبطلان للجهالة إذا المشترك لا يراد به كلا معينيه كان وجها [- ل -] إذا وقف على قراباته انصرف إلى كلّ من كان مشهورا بقرابته من قبل الرجال و النساء و لو تجدّد له قرابة بعد الوقف دخل فيه و لو قال لأهل بيتي انصرف إلى أقاربه من قبل الرّجال و النّساء فلو وقف على عشيرته صحّ و إن لم ينحصروا كبني تميم [- لا -] إذا وقف على شخصين ثمّ على المساكين فمات أحدهما احتمل عود نصيبه إلى المساكين و الأقرب عوده إلى الآخر [- لب -] إذا وقف على أولاده دخل البنون و البنات و الخناثى و لو وقف على البنين و البنات أو على أحدهما لم يدخل الخناثى و لا يدخل في أولاده المنفي باللّعان و لو اعترف بعده دخل

الفصل الخامس في في شرائط الموقوف

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] الموقوف كلّ عين مملوكة يمكن الانتفاع بها مع بقائها و شروطه أربعة أن يكون عينا مملوكة ينتفع بها مع بقائها و تصحّ إقباضها فلا يصحّ وقف ما ليس بعين كالدّين حالا كان أو مؤجّلا على مليء باذلا كان أو معسرا جاحد و كذا لو وقف فرسا أو دارا و لم يعيّن لم يصحّ و لا ينفد وقف الخنزير و الخمر و كلّ ما لا يصحّ تملّكه و لا وقف الطعام و شبهه مما لا يقع له كالشراب و الشّمع إلاّ في استهلاكه و لا وقف الآبق و ما لا يمكن إقباضه [- ب -] الذهب و الفضة إن كان حليّا صحّ وقفه إجماعا و إن كان دنانير أو دراهم قيل لا يصحّ لأنّ الانتفاع بها أنّما يصحّ بإخراجها و لو قيل بالجواز لإمكان الانتفاع بها و لو في شيء قليل كان وجها و لو سوّغناه ففي جواز عمله حليّا للموقوف عليه نظر [- ج -] كلّ ما يسرع إليه الفساد كالمشمومات من البنات و الرّياحين لا يصحّ وقفه [- د -] لا يصح وقف ما لا يصحّ بيعه كأمّ الولد و الرهن و هل يصحّ وقف السباع من البهائم و الطيور و الأقرب جوازها إن كانت مما يصاد بها و إلاّ فلا و كذا لو وقف لا يصحّ وقفه ثانيا [- ه -] لو وقف ملك غيره بغير إذنه احتمل البطلان فلا اعتبار بإجازة المالك و الصّحة فإن أجاز المالك لزم و إلاّ بطل و هو أقربهما [- و -] لو وقف سرجا أو لجاما عليه حليّة صح الوقف و لا يباع الحلية و يشتري بثمنها سرحا و لجاما [- ز -] كلّ ما يصحّ الانتفاع به مع بقائه صحّ وقفه سواء كان عقارا أو حيوانا أو سلاحا أو كراعا أو إناثا أو عروضا أو رقيقا [- ح -] يصحّ وقف المشاع كالمقسوم و قبضه كقبضه في المبيع و لا يثبت بالوقف شفعة للشريك و لو أراد الموقوف عليه قسمته مع الطلق جاز إلاّ أن يتضمّن ردا من الطلق ففيه نظر لتضمّنه بيع جزء من الوقف و لو كان الجميع وقفا و أراد الموقوف عليهم قسمته لم يجز و لو بيع الطلق فالأقرب أنّ لأرباب الوقف الشفعة مع شرائطها و لا يصير وقفا [- ط -] إذا كان العبد بين اثنين فوقف أحدهما نصيبه جاز فإن أعتقه بعد ذلك الواقف أو الموقوف عليه لم يصحّ و إن عتق الطلق حصّته صحّ و لا يقوم عليه الباقي [- ى -] يجوز وقف الشيء على جهتين مختلفتين كما لو وقف داره على ولده و المساكين فإن عين نصيب كلّ واحد عمل به و إلاّ كان لولده النصف و للمساكين النصف و لو قال على زيد و عمرو و المساكين كانت أثلاثا [- يا -] لو جعل سفل داره مسجدا دون علوّها أو بالعكس جاز و لو وقف موضعا في وسط داره جاز و إن لم يذكر الاستطراق و يكون للموقوف عليه حقّ الاستطراق كما لو آجر بيتا من داره [- يب -] لا يجوز وقف الحرّ نفسه و لا الدار المستأجرة و لا الموصي بخدمته و الأقرب جواز وقف الكلب المنتفع به و السنور أمّا العقور فلا و كذا لا يصحّ وقف ما لا منفعة له محللة كآلات اللهو و شبهها

الفصل السّادس في الأحكام

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] يجب اتباع ما شرطه الواقف في العقد فإذا شرط النظر فيه لنفسه صحّ و ليس لغيره معارضته فيه و إن شرطه للموقوف عليه أو لبعضهم أو لأجنبيّ جاز و إن أطلق و لم يبيّن فإن قلنا إنّه ملك للموقوف عليه كان له و إن قلنا للواقف كان النظر له و بعده للحاكم و إن قلنا للّه تعالى كان النظر للحاكم و كذا البحث لو شرطه لأحد فمات و لو كان الوقف على المصالح كالمساجد أو على من لا ينحصر كالمساكين فإن النّظر فيه مع الإطلاق أو مع موت المشروط إلى الحاكم و لو جعل النظر للأرشد عمل بذلك و لو كان الأرشد فاسقا فالأقرب عدم ضمّ عدل إليه و لو أطلق و كان الموقوف عليه واحدا رشيدا فهو أولى بالنظر رجلا كان أو افتراه و لو تعدّدوا مع الرشد فلكلّ منهم النظر في نصيبه و لو كان غير رشيد فالنظر فيه لوليّه و لو جعل النظر لأجنبي عدل ثمّ فسق ضمّ إليه الحاكم أمينا و يحتمل انعزاله بفسخه [- ب -] إذا وقف حيوانا و شرط نفقته من ماله أو من كسبه صحّ الشرط و إن أطلق قال الشيخ يكون نفقته في كسبه و لو عجز لكبر أو مرض كانت نفقته على الموقوف عليهم و لو قيل بثبوتها على الموقوف عليهم على التقديرين إن كان ملكا لهم كان وجها و إن قلنا إنّه ملك للّه تعالى كانت نفقته في بيت المال و لو صار مقعدا عتق و سقطت عنه الخدمة و عن مولاه النفقة و كذا البحث لو كان غير حيوان و احتاج إلى الإنفاق لعمارة و شبهها فإن شرط عمل بالشرط و إلاّ أخذ من نمائه أوّلا ما يصرف في عمارته و الفاضل للموقوف عليه [- ج -] إذا كان الوقف على منحصرين و كان شجرا فأثمرا و أرضا فزرعت فحصلت لبعضهم من الحبّ و الثمرة نصاب وجبت

ص: 289

فيه الزكاة و إن كانوا غير منحصرين كالمساكين لم يكن عليهم زكاة ممّا حصل في أيديهم و إن حصل في يد كلّ واحد نصاب لأنّ الواحد لا يتعيّن لجواز حرمانه و الدّفع إلى غيره و إنّما يملك بالقبض [- د -] إذا جنى الوقف بما يوجب القصاص اقتص منه فإن كانت نفسا بطل الوقف بقتل سواء كان المجني عليه الموقوف عليه أو غيره و ليس للمجنيّ عليه استرقاقه و إن كانت دون النفس اقتصّ منه و كان الباقي وقفا و إن أوجب المال قيل تعلّقت بمال الموقوف عليه بناء على ملكه و قيل بالواقف لأنّ ملكه لم يزل و هو الموجب لمنعه عن البيع و قيل في بيت المال لأنّه ملك للّه فصار كالحرّ المعسر و الأقرب تعلّقها بكسبه [- ه -] إذا قتل الوقف و وجب القصاص فالأقرب أنّ للوجودين من الموقوف عليهم استيفاءه و في العفو إشكال إن قلنا بانتقال الوقف إليهم و إن قلنا إلى اللّٰه تعالى فالأمر إلى الإمام و كذا لو قطع يده أو جرح عمدا و لو وجبت أرشا فللموجودين من أرباب الوقف و إن قيل و وجبت القيمة فالأقرب أنّه كذلك و يحتمل أنّه يشتري بالقيمة عبدا يكون وقفا و على هذا فالأرش أيضا يشتري به عبد يكون وقفا إن احتمل و إلاّ شقص منه [- و -] لا يجوز بيع الوقف بحال و لو انهدمت الدار لم يخرج العرصة عن الوقف و لم يجز بيعها و لو وقع خلف بين أرباب الوقف بحيث يخشى خرابه جاز بيعه على ما رواه أصحابنا و قال ابن إدريس لا يجوز بحال ثمّ فضّل ما رواه أصحابنا إلى ما وقف على قوم معيّنين من غير تأبيد و إلى مؤبّد و قال في الأوّل بجواز بيعه للموقوف عليهم عند بعض أصحابنا و قال في الثاني لا يجوز بيعه إجماعا و لو قيل بجواز البيع إذا ذهبت منافعه بالكلّية كدار انهدمت و عادت مواتا و لم يتمكّن من عمارتها و يشتري بثمنه ما يكون وقفا كان وجها [- ز -] إذا وقف مسجدا فخرب و خربت القرية أو المحلّة لم يعد إلى ملك الواقف و لم تخرج العرصة عن الوقف و لم يجز بيعه بحال أمّا آلته فلا بأس باستعمالها في غيره من المساجد و لو أخذ السيل ميّتا أو أكله السّبع عاد الكفن إلى الورثة لامتناع وصوله إليه بعد ذلك بخلاف المسجد لإمكان عمارته [- ح -] لو أراد الواقف للمسجد رفعه من الأرض و جعل سقاءة أو بيوت للسكنى تحته لم يجز و هل يجوز غرس شجر في المسجد الأقرب المنع مع الضرر و مع عدمه إشكال و لو قلنا بالجواز منعناه من الغرس لنفسه و لو غرس في أرضه ثمّ وقفها بعد الغرس لم يزل حقّ الواقف من الشجرة و لم يلزمه قلعها و كان نفعها له و لو وقف النخلة مع المسجد فإن عيّن المصرف لها صحّ و إلاّ بطل فيها دون المسجد و لو وقفها على المسجد صرف ثمنها إليه و ما يفضل من حصر المسجد و فرشه جاز أن يصرف إلى مسجد آخر و لا يجوز صرفه إلى المساكين [- ط -] لا يجوز للموقوف عليه وطء الأمة الموقوفة فإن أولدها كان الولد حرّا و لا قيمة عليه و لا حدّ قيل و تصير أم ولد تعتق بموته و تؤخذ القيمة من تركته لمن يليه من البطون و فيه نظر [- ى -] لو انقلعت نخلة الوقف أو انكسرت قال الشيخ جاز بيعها لا و باب الوقف و الأقرب ذلك مع عدم الانتفاع بها في السقف التسقيف و غيره أمّا مع النفع بالأجرة للتسقيف و غيره فالوجه المنع [- يا -] الأقرب جواز تزويج الأمة الموقوفة و يليه الموقوف عليه إن قلنا إنّه يملك أو الواقف إن قلنا ببقاء ملكه و إن قلنا بالانتقال إلى اللّٰه تعالى كان أمرها بيدها لأنّها ملكت رقبتها فتزوّج نفسها و المهر للموجودين من أرباب الوقف و أمّا الولد فإنّ تزوّجت بحرّ فهو حرّ و إن شرطت رقيّته أو كان عن مملوك كذلك أو من زنى قيل اختصّ به البطن الذين يولد معهم فإن قتل فلهم قيمته و قوى الشيخ كونه وقفا كأمّه و لو وطئها الحرّ بشبهة كان ولده حرا و عليه قيمته للموقوف عليه و لو كان من مملوك و لم يشترط برقيته كان بينهما و يكون البحث في التعلق بنصيب الأمّ كما تقدّم و لو أكرهها أجنبي فوطئها أو طاوعته فعليه الحدّ مع انتفاء الشبهة و عليه المهر للموجودين من أرباب الوقف و حكم الولد ما تقدّم و لو وطئها الواقف كان كالأجنبي [- يب -] إذا آجر البطن الأوّل الوقف ثمّ انقرضوا قبل المدّة فإن قلنا الموت تبطل الإجارة فلا بحث و إن قلنا إنّه غير مبطل فالأقرب أنّها تبطل هنا إلاّ أن نجير البطن الثاني و لو فسخوا رجع المستأجر على ورثة البطن الأوّل بما قابل المتخلّف من المدّة

المقصد الثالث في السكنى و الجنس و الصّدقات

و فيه [- يد -] بحثا [- ا -] السكنى عقد يفتقر إلى إيجاب و قبول و تقبيض و كذا الحبس و فائدتهما التّسلط على استيفاء المنفعة مع بقاء الملك على صاحبه فإن كانت السكنى مطلقة أو يقول أسكنتك عمرك أو عمري أو مدّة من الزمان قيل سكنى و إن قيدت بالعمر بأن يقول أعمرتك بل غمرك أو عمري قيل عمري و إن قرنت بالمدة قيل رقبى مثل ان يقول أرقبتك هذه الدار مدة كذا إمّا من الارتقاب أو من رقبته الملك و صيغة الإيجاب أسكنتك هذه الدار أو الأرض أو أعمرتك أو أرقبتك عمرك أو عمري أو مدّة معلومة [- ب -] إذا حصل العقد و القبض في الإسكان قيل يلزم مطلقا و قبل أن قصد القربة و قيل لا يلزم مطلقا و الأوّل أقوى [- ج -] إذا قال لك عمري هذه الدار و أطلق لم يلزمه شيء معيّن و كان له إخراجه متى شاء و إن أقبض و لو قال مدة عمرك و عقبك لزمه و لم يملك المعمّر بهذا القول و إن قال مدة عمرك أو عمري رجعت بعد موت من قرنت العمري به إلى صاحبها و لو جعلها مدة غير الساكن و مات المالك لم يكن لورثته إخراج الساكن و أهله إلاّ بعد موته

ص: 290

و لو قرنها بموته فمات الساكن لم يجز له إخراج أولاده إلى أن يموت و كذا البحث في الرقبى في الإطلاق و الاقتران بعمر أحدهما و لو قال لك سكنى هذه الدار ما بقيت أو ما حييت صحّ و لم يجز إخراجه مع الإقباض و يرجع إلى المالك بعد موت الساكن [- د -] إذا أعمره مدة معيّنة و أقبضه لزم و جاز له بيع رقبة الملك لكن لا يؤثر ذلك في استحقاق السكنى للمعمر فإن كان المشتري قد علم أوّلا فلا خيار له و إلاّ كان مخيرا بين الفسخ و القبول و لو أعمره مدة عمر أحدهما فالأقرب عدم جواز البيع لجهالة مدّة الانتفاع [- ه -] كلّ ما صحّ وقفه صحّ إعماره من عقار و أثاث و حيوان و غير ذلك مما يصحّ الانتفاع به مع بقاء عينه و الرقبى أيضا صحيحة لازمة كالعمرى [- و -] إطلاق السكنى يقتضي أن يسكن بنفسه و أهله و أولاده و ليس له إسكان غيرهم معهم و لا إجارة المسكن و لو أذن المالك أو شرط في الموضعين جاز و جوز ابن إدريس مع الإطلاق جميع ذلك [- ز -] يجوز للإنسان أن يحبس فرسه في سبيل اللّٰه و غلامه أو جاريته في خدمة البيت الحرام و بغيره في معونة الحاج و الزوار فإذا فعل ذلك متقربا إلى اللّٰه تعالى لزم و لم يجز له فسخه بحال و لو يجز له فسخه بحال و لو عجزت الدابة أو الجارية أو الغلام سقطت الخدمة فإن عادوا إلى الصحة وجب عليهم الخدمة [- ح -] يجوز للإنسان حبس ملكه على من يجوز الوقف عليه مدة من الزمان أو مدة عمر أحدهما و يعود إلى المالك بعد الانقضاء بخلاف ما تقدم من حبس الفرس و الغلام على بيت اللّٰه تعالى و معونة الحاج فإنه لا يعود أصلا [- ط -] يجوز أن يجعل الإنسان لغيره خدمة عبده مدة من الزمان ثم يصير حرا بعد ذلك و يجب على العبد الخدمة تلك المدة فإذا انقضت المدة صار حرا و إن أبق العبد تلك المدة ثم ظفر به المجعول له الخدمة لم يكن عليه سبيل من خدمة و لا عوض و لو كان المسالك قد جعل الخدمة لنفسه مدة من الزمان ثم هو حر بعد ذلك فأبق العبد تلك المدة بطل التدبير فإذا وجده بعد المدة كان له ملكا يعمل به ما شاء و منع ابن إدريس من صحة التدبير فيهما و شرط تعليقه بالموت [- ى -] الصدقة المفروضة محرمة على رسول اللّٰه (ص) و على بني هاشم كافة و يجوز لبني هاشم إن يأخذوا المفروضة من أمثالهم و مع الضرورة و تصور الخمس من كفاءتهم و أما المندوبة فقد كان النبي صلى اللّٰه عليه و آله يمتنع من أخذها قال الشيخ الأقرب أنه على الاستحباب و يجوز لأهله إجماعا [- يا -] الصدقة عقد يفتقر إلى إيجاب و قبول و إقباض فلو قبضها بغير إذن المالك لم ينتقل إليه و يشترط فيها نية التقرب فلو خلت عنها لم يفد الملك لكن لو أتلفها الآخذ بإقباض المالك لم يضمنها لإباحته فيها [- يب -] إذا حصلت الصدقة بشرائطها من العقد و القبض و نية التقرب فإن كانت واجبة لم يجز الرجوع فيها و إن كانت نقلا فكذلك سواء كانت على ذي رحم أو على أجنبي و قال الشيخ يجوز الرجوع فيها و ليس بمعتمد لأنها كالمعوض عنها باستحقاق الثواب [- يج -] صدقة السر أفضل من الجهر ما لم يتهم بمنع الحقوق و ترك المواساة فيكون إظهارها أولى و كذا لو قصد بالإظهار تأسي غيره به كان أولى من الأسرار بها [- يد -] يجوز الصدقة على أهل الذمة و إن كانوا أجنبيتين

المقصد الرابع في الوصايا

اشارة

و فيه فصول

الأول في الماهية

و فيه [- يب -] بحثا [- ا -] الوصية مأخوذة من وصى يصي و هو الوصل يقال أوصى يوصي و وصى يوصي توصية و الاسم الوصية و الوصاة و هي تمليك العين أو المنفعة بعد الوفاة و أطلق على هذا التصرف الوصية لأن الموصي يصل تصرفه بعد الموت بما قبله و هي مشروعة بالنص و الإجماع قال اللّٰه تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ اَلْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً اَلْوَصِيَّةُ لِلْوٰالِدَيْنِ وَ اَلْأَقْرَبِينَ و قال رسول اللّٰه (ص) الوصية حق على كل مسلم و قال عليه السلام ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا و وصيته مكتوبة عنده و قال عليه السلام من مات بغير وصيته مات ميتة جاهلية و قال عليه السلام من لم يحبس وصيته عند موته كان نقصا في مروته و عقله [- ب -] الوصية عقد يفتقر إلى إيجاب و قبول فالإيجاب كل لفظ دل على ذلك القصد كقوله أعطوا فلانا بعد موتي أو لفلان كذا بعد وفاتي أو أوصيت له بكذا و كذا أو جعلت له كذا و لو قال هو له كان إقرارا إلا أن يقول من مالي فيكون وصية و لو قال عنيت له كذا فهو كناية ينصرف إلى الوصية مع النية و يقع بكل لغة يعرف منها قصد ذلك و لو عجز عن النطق فأشار بيده إلى ما يفهم منه ذلك أو كتب بخطه و قرن به ما يحكم عليه به جاز أما لو وجد مكتوبا بخطه وصية لم يشهد عليها لم يحكم بهما وجوبا و إن علم أنها خطه و لو سلم وصيته مختومة لم يشهد عليه بها إلا أن يسمعها الشهود منه أو يقرأ عليه فيقر بما فيها و كذا لو كتب وصيته و قال أشهدوا على بما في هذه الورقة أو قال هذه وصيتي فاشهدوا علي بها لم يجز ما لم يعلم الشهود ما فيها أما لو سلم المكتوب إلى الشاهد و قال اشهد علي بما فيه و أنا أعلم به و ترك الشاهد في يده إلى أن مات ثم أخرجه فالأقرب الشهادة عليه به [- ج -] المكلف قسمان من عليه حق من دين أو وديعة أو عليه حق واجب فيجب عليه الوصية إجماعا و من لا حق عليه فيستحب له أن يوصي و لا يجب عليه إجماعا و إنما يستحب إذا كان المتروك يفضل عن غنى الورثة و هو مفهوم من قول النبي (ص) و الثلث كثير إنك إن تزد

ص: 291

ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عسالة يتكففون الناس و عن عليّ عليه السّلام أربعمائة مائة دينار ليس فيها فضل عن المورثة و كلما قلت الوصيّة كان أفضل [- د -] لا يملك الموصى له الوصيّة إلاّ بالقبول إن كانت لمعين يمكن القبول منه و إن كانت لغير معيّن كالفقراء و بني هاشم أو على مصلحة كمسجد أو حجّ لم يفتقر إلى القبول و لزمت بمجرد الوفاة و ينتقل بها الملك إلى الموصى له و لا ينتقل بالموت منفردا عن القبول و لو قبل قبل الوفاة جاز و بعد الوفاة آكد و إن تأخّر القبول عن الوفاة جاز ما لم يرد فإن ردّ قبل موت الموصي لم تبطل الوصية فله القبول بعد ذلك و إن ردّ بعد الموت فإن كان قبل القبول بطلت الوصيّة إجماعا و كذا لو ردّ بعد القبض و قبل القبول و إن كان بعد القبول و القبض فلا أثر له و يكون هبة مجدّدة يفتقر إلى شروط الهبة و إن كان بعد الموت و القبول فقولان أحدهما بطلان الرد و الثاني بطلان الوصيّة و لو ردّ البعض و قبل البعض صحّت الوصيّة فيما قبل خاصّة [- ه -] القبول لا يتعين اللفظ بل قد يقع بالفعل الأخذ و الوطء و فعل ما يدلّ على الرّضا و يجوز على الفور و التراخي و يحصل الردّ بقوله رددت الوصية و ما أدّى هذا المعنى مثل لا أقبلها و شبهه و كلّ موضع صحّ الردّ فيه فإنّ الوصيّة تبطل بالردّ و يرجع إلى التركة فيكون ميراثا و لو عين بالردّ واحدا و قصد تخصيصه بالمردود لم يكن له ذلك أمّا ما يمتنع الردّ فيه لاستقرار ملكه عليه فله أن يخصّ به من شاء من الوراث و الأجانب [- و -] إذا مات الموصى له قبل القبول و الردّ قام وارثه في ذلك مقامه و لا تبطل الوصيّة بالموت و لا يلزم الوصيّة في حقّ الوارث بل له الردّ كما كان لمورثه فإن ردّها الوارث بطلت و إن قبلها صحّت و ثبت بها الملك من حين قبوله و لو تعدد الورثة فإن قبل بعضهم بل له الردّ كما كان لمورثه فإن ردّها الوارث بطلت و إن قبلها صحّت و ثبت بها الملك من حين قبوله و لو تعدد الورثة فإن قبل بعضهم و ردّ بعض لزمت في حقّ القابل و بطلت في حقّ الرّاد و إن قبلوا أجمع يثبت لهم و كذا إن ردّوا أجمع بطلت بالكليّة و لو كان فيهم مولى عليه قام وليّه مقامه في القبول و الردّ و إنّما يفعل ما للمولى عليه الحظّ فيه فلو كان الحظّ في القبول فردّ لم يصحّ فكان له القبول بعد ذلك و لو كان الحظّ في الردّ فقبل لم يصحّ فلو أوصى لصبي بمن ينعتق عليه و عليه ضرر في القبول بأن يلزمه نفقته لإعساره و إيسار الصّبي لم يجز القبول و لو كان الصبي فقيرا أو كان الموصى به ذا كسب لزمه القبول لأنّ الحظّ في عتق القرابة من غير ضرر [- ز -] لو أوصى بجارية و حملها لزوجها و هي حامل منه فمات قبل القبول كان القبول للوارث فإذا قبل ملك الوارث الولد و لا ينعتق على الموصى له لانتفاء الملك بعد الموت و لا يرث أباه لأنّه رقّ إلاّ أن يكون ممن ينعتق على الوارث و يكون الوارث جماعة فيرث بعتقه قيل القسمة و لو كان حاجبا أخذ الجميع [- ح -] قد بيّنا أنّ الملك أنّما يحصل للموصى له بعد الوفاة و القبول فلو حدث للموصى له نماء بعد الموت و قبل القبول فإن متّصلا تبع الأصل و إن كان منفصلا فهو للورثة و لو أوصى بأمة لزوجها فأولدها بعد موت الموصي قبل القبول فالولد رقّ للوارث و لو أوصى لرجل بأبيه فمات الموصى له قبل القبول فقبل ابنه صحّ و عتق عليه الجدّ و لم يرث من أبيه شيئا و إذا قبل الوارث ثبت الملك له ابتداء من جهة الموصي لا من جهة مورّثه و لا تثبت للموصى له شيء فحينئذ لا يقضى ديونه و لا ينفذ وصاياه و لا يعتق من يعتق عليه [- ط -] إذا أوصى بجارية و حملها لزوجها الحرّ فقبلها انفسخ النكاح بالموت و القبول و يعتق الولد و إن ردّ فالنكاح بحاله و الولد رقّ كما كان و لو أوصى بالجارية خاصّة كان الولد باقيا على الرقيّة للموصى و ينتقل إلى ورثته إن كان موجودا حال الوصيّة و يعلم ذلك بوضعه لدون ستة أشهر منذ الوصيّة و إن تجدّد بعد الوصية قبل الموت و وضعته قبل موت الموصي فهو للموصي أيضا و كذا إن انفصل بعد الموت و قبل القبول أو بعده و إن حملته بعد موت الموصي و قبل القبول فهو للورثة سواء وضعته قبل القبول أو بعده و لا ينفذ فيه الوصيّة لأنّ الحمل لا حكم له بمعنى أنّ الوصيّة لا يتناوله و لا يتقسّط الثمن في البيع عليه و على أمّه بل هو جار مجرى السمن و متى وضعت فكأنّما حدث في تلك الحالة هذا إذا خرجت الجارية من الثلث و إن لم يخرج من الثلث ملك بقدر الثلث و انفسخ النكاح [- ى -] لا تصحّ الوصيّة في معصية فلو أوصى بمال الكنائس و البيع و كتب التوراة و الإنجيل و مساعدة الظالم لا ينفذ و لا يجوز العمل بها [- يا -] الوصيّة عقد جائز من الطرفين فللموصي الرجوع في وصيّته ما دام حيّا سواء كانت بمال أو ولاية و يجوز الرّجوع في بعضه أيضا و إن كان إعتاقا [- يب -] يحصل الرجوع بقوله رجعت في وصيّتي أو أبطلتها أو غيّرتها أو ما أوصيت به لفلان فهو لفلان أو لورثتي أو في ميراثي و لو قال ما أوصيت به لفلان فهو فنصفه لفلان كان رجوعا في النصف خاصّة و لا ينحصر الرجوع في لفظ معيّن بل كلّ ما أدى معناه فهو رجوع و قد يكون بالفعل مثل أن يأكل ما أوصى به أو يطعمه غيره أو يتلفه أو ينقله عن ملكه بهبة أو بيع أو صدقة أو بحبل الجارية الموصى بها أو يفصل الثوب و يلبسه و لو عرضه للبيع أو وهبه من غير إقباض أو أوصى ببيعه أو أوجب البيع أو الهبة فلم يقبل الآخر

ص: 292

فالأقرب أنّه رجوع و كذا لو أعتق العبد أو دبّره أو كاتبه أو رهنه و كذا لو تصرف فيه فأخرجه عن مسمّاه كما لو أوصى بحبّ فطحنه أو بدقيق فجزه أو عجنه أو مزج الطعام بغيره بحيث لا يتميّز أو الزيت بأجود منه و لو تميّز الممزوج لم يكن رجوعا و لو أوصى بكتان أو قطن فعزله كان رجوعا و كذا لو أوصى بغزل فنسجه أو بشاة فذبحها أو بنقرة فضربها أما لو دق الخبز قتيتا فليس برجوع و كذا لو أوصى بقفيز من صبرة ثمّ مزجها بغيرها بحيث لا يتميّز لم يكن رجوعا أيضا سواء كان المزج بالأجود أو الأردى أو المساوي و لو زالت الصفات بغير فعل الموصي فالوصيّة باقية إن بقي له اسم كالدار إذا انهدم بعضها و لم يخرج عن الاسم و لو صارت براحا فزالت عنها الاسميّة أو وقع الحبّ في الأرض فنبت زرعا أو صارت البيضة فرخا ففي بقاء الوصيّة نظر و الإنقاض المتجدّدة بالهدم في الدار مع بقاء الاسم داخلة في الوصيّة و لو جحد الوصيّة فالأقرب أنّه رجوع و لو غسل الثوب أو لبسه أو جصّص الدار أو سكنها أو آجرها و زوج الأمة أو وطئها أو علّمها لم يكن رجوعا

الفصل الثّاني في الموصي

و فيه [- ز -] مباحث [- ا -] يشترط في الموصي البلوغ و كمال العقل و الحريّة فلا يصحّ وصيّة الصّبي و روي فيمن بلغ عشرا أنّه يجوز وصيّته بالمعروف و لا يصحّ وصيّة المجنون و لا العبد سواء كان قنا أو مدبّرا أو مكاتبا مشروطا أو لم يؤدّ و لو أدّى المطلق شيئا نقد وصيّته في قدر الحريّة فلو أوصى العبد ثمّ أعتق و ملك فالوجه البطلان ما لم تجدّد بعد الحريّة [- ب -] الكافر ينفذ وصيّته إلاّ أن يوصي بخمر أو خنزير أو بناء كنيسة و لو أوصى بعمارة قبور أنبيائهم جاز [- ج -] الأقرب أنّ وصيّة السّفيه لا ينفذ و كذا البرسم و من يعتوره الجنون إن أوصى حال إفاقته صحّت و إلاّ فلا و الضعيف في عقله إن منع ذلك رشده في ماله فكالسّفيه و إلاّ فكالعاقل و لا يصحّ وصية السّكران [- د -] الأخرس يصحّ وصيّته إذا علمت إشارته و إلاّ فلا و من اعتقل لسانه إذا كتب وصيّته ففرضت عليه فأشار بما يدلّ على قبولها فإنّها تقبل وصيّته [- ه -] يصحّ وصيّته المسلم لمثله و للذمي و الذّمي بمثله و للمسلم و لو أوصى الذمي بأكثر من الثلث لوارثه أو لأجنبي وقف على الإجازة كالمسلم [- و -] إذا جرح الموصي نفسه بما فيه هلاكها ثمّ أوصى لم يقبل لظهور سفهه أمّا لو أوصى و هو عاقل ثمّ قتل نفسه فإنّها تقبل [- ز -] للأب الوصيّة بالولاية على الأطفال و كذا الجدّ و ليس لغيرهما ذلك فلو أوصت الأمّ بالولاية على أولادها الأصاغر لم يصحّ و لو أوصت لهم بمال و نصبت وصيّا صحت الوصيّة بالمال من ثلث تركتها و بطلت بالولاية على الأولاد و لو أوصت بحقّ عليها و نصبت وصيا في إخراجه صحّت الوصيّة فيهما معا سواء كان من حقوق اللّٰه تعالى أو الآدميّين

الفصل الثّالث في الموصى به

و فيه [- لز -] بحثا [- ا -] يصحّ الوصيّة بكلّ مقصود يقبل النقل سواء كان عينا أو منفعة بشرط أن لا يزيد على الثلث فيفتقر حينئذ إلى الإجازة و يشترط فيه الملك فلا يصح الوصيّة بالخمر و لا الخنزير و لا كلب المواشي و لا ما لا تقع فيه و لا بالجر و الصغير إن منعنا من جواز تربية للصّيد أو الماشية و لا بشيء من السّباع إن منعنا من صحّة بيعها و لا بجلد الميّتة و لا السّربات و لا الوقف و لا أمّ الولد [- ب -] لا يشترط في الموصى به كونه موجودا أو عينا فيصحّ الوصيّة بالحمل و ثمرة البستان و المنفعة و لا كونه معلوما و مقدورا عليه فيصحّ الوصيّة بالحمل و المغصوب و المجهول و العبد الآبق و الجمل الشارد و الطير في الهواء و السمك في الماء و لا كونه معيّنا فيصحّ الوصيّة بأحد العبدين و يصحّ بالكلاب المملوكة مثل كلب الصيد و الماشية و الحائط و الزرع [- ج -] لا تصحّ الوصيّة بالمغصوب و لا فعل المحرم مسلما كان الموصي أو ذميّا فلو أوصى ببناء كنيسة أو بيت نار أو عمارتها و الإنفاق عليها لم يصح و كذا لا يصحّ أن يوصي بشراء خمر أو خنازير للصدقة بها على أهل الذّمة و لا يكتب التّوراة و الإنجيل و لا بالحصر و القناديل للكنائس و البيع و إن لم يقصد إعظامها و لو أوصى ببناء بيت يسكنه المجتازون من أهل الذمة صحّ على أحد القولين و لو أوصى بما يقع اسمه على المحلّل و المحرم انصرف إلى المحلّل كما إذا أوصى بعود من عيدانه و له عود لهو و غيره انصرف إلى العود الذي لغير اللهو و لو لم يكن إلاّ عود اللهو قيل تبطل الوصيّة و قيل تصح و يزال عنه الصّفة المحرّمة و لو لم يكن فيه منفعة إلاّ المحرّمة بطلت الوصيّة و لو أوصى بطبل حرب صحّت الوصيّة و لو كان بطبل لهو بطلت إلاّ أن يقبل الإصلاح للحرب و لو أوصى له بدف صحّت الوصية به لجواز اتخاذه للعرس و لو أوصى بمزمار أو طنبور بطلت الوصيّة إلاّ أن يقبل زوال الصفة فيجوز على خلاف تقدّم و لو كان له طبول يصح الوصيّة بها أجمع فأوصى بأحدها تخير الورثة [- د -] لو أوصى له بقوس صحّت الوصيّة سواء كان قوس نشاب و هو الفارسي أو نبل و هو العربي أو قوس جرخ أو ندف أو بندق ثمّ إن عيّن أحد هذه صرف إليه إن كان موجودا و إلاّ اشتري له ما عيّنه و إن أطلق و كان له واحد منها انصرف إليه و إن كان الجميع له و وجدت قرينة تصرفه إلى أحدها مثل أن يقول أعطوه قوسا يندف به أو يتعيّش

ص: 293

و شبهه انصرف إلى قوس الندف و لو قال يغزو به خرج قوس الندف و البندق و لو كانت عادة الموصى له استعمال قوس معيّن لا غير ففي كون ذلك قرينة للتخصيص به نظر و لو انتفت القرائن تخيّر الورثة في تخصيص ما شاءوا ممّا يقع عليه عرف ذلك الموضع بالعطيّة و يعطى القوس معموله و الأقرب أنّه يستحقّ وترها لعدم الانتفاع بدونه و كلّ لفظ يقع على أشياء وقوعا متساويا فللورثة الخيار في تعيين ما شاءوا منها [- ه -] لو أوصى له بجرّة فيها خمر صحّت الوصيّة بالجرّة خاصّة و بطلت في الخمر و لو أوصى له بخمر في جرّة لم يصحّ الوصيّة [- و -] إنّما تصحّ الوصيّة بالثلث فما دون سواء كانت الوصيّة بعين أو منفعة فإن أوصى بأزيد من الثلث وقف على إجازة الورثة فإن أجازوا صحّت و إلاّ بطلت و لو أجاز بعضهم نفذت الإجارة في قدر حصّة من الزيادة و بطلت في قدر حصّة من لم يجز [- ز -] الإجازة تنفيذ لفعل ما وضعه الموصي لا ابتداء عطية فلا يشترط فيها ما يشترط في الهبة هذا إذا وقعت ابتداء و لو وقعت عقيب ردّ فهل هي كذلك أو تكون هبة يشترط فيها شرائط الهبة فيه نظر و لو أعتق عبدا لا مال له سواء في مرضه أو وصّى بإعتاقه فأعتقوه بوصيّة نفذ العتق في ثلاثة و وقف عتق باقيه على إجازة الورثة فإن أجازوه عتق جميعه و اختصّ عصبات الميّت بولاية كلّه و لا يختصّ الورثة بثلثيه و لو وقف على ورثته في مرضه فأجازوا صحّ الوقف [- ح -] الوصيّة يمضى من الثلث سواء كانت في حال المرض أو الصحّة و لا يمضى من الأصل و إن كان قد أوقعها في الصّحة و سواء أوصى بالجميع قيل أن يولد له أو بعده فإنّه يمضى من الثلث و لا اعتبار لإجازة الورثة فيه بل يصحّ من الثلث و إن لم يرضوا و إنّما يعتبر إجازتهم في الزائد عليه و في اشتراط عدم سبق الردّ في صحّة الإجازة فيما زاد على الثلث نظر و لا يشترط في الإجازة الفورية فلو قبل بعد الموت ثم أجاز الوارث بعد مدّة صحّ و يملك الموصى له الثلث بالقبول بعد الموت فالنماء له حينئذ أمّا الزائد فهل يملكه حين القبول بعد الموت أو حين الإجازة فيه نظر و النماء فيه تابع و الأقرب أنّه حين الإجازة [- ط -] إذا أجاز الورثة بعد الموت صحّت بلا خلاف و إن أجازوا قبله فقولان أحدهما الصّحة و ليس للورثة الرجوع حينئذ و هو اختيار الشيخ رحمه اللّٰه و الثاني المنع اختاره المفيد و ابن إدريس و لو أجازوا في الصّحة لم يكن لهم الرجوع كما لو أجازوا في المرض [- ى -] إذا أوصى بنصف التركة فأجاز الورثة ثمّ قالوا إنّما أجزنا ظنّا أن المال قليل فبان كثيرا فإن كان للموصى له بيّنة تشهد باعترافهم بمعرفتهم قدر المال أو كان المال ظاهرا لا يخفى عليهم لم يلتفت إليهم و إن لم يكن هناك بيّنة و كان المال خفيّا كان القول قولهم في الجهل به مع اليمين و لو كانت الوصيّة بعين كدار أو عبدا و فرس يزيد على الثلث فأجازوا الوصيّة ثمّ قالوا ظننا المال كثيرا يخرج الوصيّة من الثلث فبان قليلا أو ظهر عليه دين و لم يعلمه لم يلتفت إليهم لتضمّن الإجازة شيئا معلوما و لو قيل بمساواته الفرض الأوّل كان وجها لأنّ الوارث قد تسمح بذلك ظنّا منه أنّه يبقى له من المال ما يكفيه فإذا بان خلافه لحقّه الضّرر في الإجازة [- يا -] لا يصحّ الإجازة إلاّ من جائز التصرف و لو أجاز الصّبي و المجنون و المحجور عليه للسفه لم يصحّ و أمّا المفلس فإن إجازته صحيحة [- يب -] لا يجوز تغيير شيء ممّا أوصى به الميّت إذا لم يخالف المشروع فإن خالفه لم يجز إمضاؤه [- يج -] لو لم يكن له وارث من نسب و لا سبب فأوصى بجميع ماله ففي رواية تصحّ الوصيّة بأجمعها و لو قيل يصحّ في الثلث خاصّة كان وجها لأن له وارثا هو الإمام عندنا و هو الذي يعقل عنه و لو كان له وارث لم يكن له الوصيّة بأكثر من الثلث و إن كان الوارث ذا فرض يأخذ ما يبقى بعده أكثر من الثلث لأنّه يأخذ الباقي بالردّ عندنا أو كان زوجا أو زوجة [- يد -] يعتبر ثلث المال حين الوفاة لا حين الوصيّة فلو أوصى الغنيّ بما يخرج من الثلث ثمّ افتقر و مات اعتبر الثلث حال الموت فإن لم يخرج الموصى به من الثلث بطل الزائد و لا اعتبار بيساره و لو أوصى و هو فقير ثم أيسر حتى خرج الموصى به من الثلث صحت وصيته و لا اعتبار بفقره سواء علم الموصي ما تحدّد له أو لم يعلم و لو أوصى ثم قتل أو جرح خرجت الوصيّة من ثلث ماله و دينه و أرش جراحه سواء كان القتل عمدا أو خطاء [- يه -] لو أوصى إلى إنسان بالمضاربة بتركته على أنّ الربح بين العامل و الورثة بالسّوية صحّت الوصيّة و هل يشترط أن يكون من الثلث فيه نظر [- يو -] إذا أوصى بأشياء يخرج من الثلث عمد بها و إن قصر الثلث عنها فإن كانت بأجمعها واجبة أخرجت من صلب المال و إن كان بعضها واجبا بدئ بالواجب من صلب المال و الباقي من ثلث الباقي و يبدأ بالأوّل منه فالأوّل و لو كان الكلّ غير واجب بدئ بالأوّل فالأوّل حتّى يستوفى الثلث و كان النقص داخلا على الأخير و لو أجاز الورثة عمل بالجميع [- يز -] إذا قال حجّوا عنّي حجّة واحدة بقدر معيّن و كان فيه فضل عن أجرة المثل كان الزائد للنائب فإن عين أحد أصرف إليه و إلاّ تخيّر الوارث أو الموصي إن كان في الدفع إلى من شاء ثمّ إن كان الحجّ الموصى به تطوّعا أخرج من الثلث و إن كان واجبا أخرج أجرة المثل من الأصل و الزائد من الثلث و لو لم يف المعيّن بالحجّ الواجب أخذ الباقي من صلب المال و لو عيّن فأبى المعين بطل التعيين و يستناب بأقلّ ما يكون ثقة يحجّ عنه و يصرف الباقي إلى الورثة إن كان الحج واجبا و إن كان تطوّعا ففي بطلان الوصيّة نظر أحوطه إقامة نائب غير المعيّن و لو قال المعيّن ادفعوا الحجّة إلى من يحج و اصرفوا الباقي إليّ لم يجب إجابته و لو لم يعين

ص: 294

القدر حجّ عنه نائب ثقة بأقلّ ما يكون و لو أوصى بإقامة نائب يحجّ عنه لم يجز للوصيّ أن يحجّ بنفسه و لو قال حجّ عنّي بمهما شئت فحجّ عنه فالوجه أجرة المثل و لو أوصى أن يحجّ عنه بمائة و لزيد بتمام الثلث و لعمرو بثلث آخر فإن أجاز الورثة أمضي على ما قال و إن لم يفصل عن المائة شيء لم يكن لزيد شيء و كان لعمرو الثلث و لو ردّ الورثة بدئ بالأوّل كما قلنا و لو امتنع النائب و كان الحجّ واجبا أقيم ثقة غيره بأقلّ ما يمكن و كان تمام المائة للورثة و باقي الثلث لزيد و إن كان الحج تطوّعا ففي بطلانه بردّ النائب نظر و لو عين قدرا من المال يحجّ به تطوّعا و لم يعيّن المرات صرف جميعه إلى الحجّ إذا احتمل الثلث و ليس للموصي أن يصرف إلى النّائب أكثر من أجرة المثل و لا أن يستأجر غير الثقة فإن عجز عن الحجّ استوجر به من أقرب المواضع فإن لم يسع صرف في وجوه البرّ و إن فضل عن الحجّ دفع في حجّة ثانية و ثالثة و إن قصر الثلث عن المعيّن فإن كان الحج واجبا أخذ أكثر الأمرين من الثلث و أجرة المثل فإن كان الثلث أكثر صرف في الفرض قدر الكفاءة و حجّ بالباقي تطوّعا و لو كان تطوّعا أخذ الثلث خاصّة [- يح -] إذا أوصى بثلث ماله لزيد و بربعه لعمرو فإن أجاز الورثة عمل بهما و إن ردّوا بطل الأخير و كذا البحث لو زاد على ذلك و لو أوصى بالنصف لزيد و الربع لعمرو فإن أجازوا أخذوا ثلاثة أرباع التركة و إن امتنعوا كان لزيد الثلث موفّرا و بطل الزائد عليه و لا يقسّم الثلث على قدر السهام بين الموصى لهم و ليس للورثة إجازة الأخيرة و إبطال الأولى و لو جازت الوصايا المال فإن ردّ الورثة بطلت في الزائد على الثلث و أخذ الأوّل فالأوّل و إن أجازوا فالوجه بدأة الأوّل فالأوّل و دخل النقص على الأخير كما لو لم يتجاوز الوصيّة المال و لو أوصى بثلثه لزيد و ثلاثة لعمرو كان ذلك رجوعا عن الأوّل إلى الثاني فلو اشتبه الأوّل استخرج بالقرعة هكذا قاله علماؤنا و فيه نظر إذ لو أجاز الورثة صحّتا معا و لو ردّ الثاني خرج على قول علمائنا انتقال الثلث إلى الورثة لا إلى الأوّل و لو نصّ على عدم الرّجوع ففي كونه رجوعا إشكال أقربه أنّه ليس رجوعا فيعطى الأوّل إن لم يجز الورثة و إن أجازوا أخذا ثلثي المال بينهما و لو أوصى بشيء واحد لاثنين فإن كان بقدر الثلث أو أقلّ تساويا فيه و إن زادوا جازت الورثة فكذلك و إن ردّوا كان لهما ما يحتمله الثلث و بطل الزائد في حقهما معا و لو جعل لكل واحد منها شيئا بدئ بعطية الأوّل و دخل النقص على الثاني [- يط -] لو أوصى بعتق مماليكه تناولت الوصيّة من يملكه أجمع و من يملك بعضه فيعتق نصيبه و هل يقوّم عليه حصة الشريك قيل نعم و فيه نظر هذا إن احتمل الثلث و إلاّ عتق منهم من يحتمله الثلث و لو أوصى بثلث عبده فخرج ثلثاه مستحقّا صحّت الوصيّة و صرفت إلى الثلث الباقي له و لو أوصى له بثلث ثلاثة أعبد فهلك عبدان أو استحقّا كان له ثلث الباقي خاصّة و لو أوصى له بشيء معيّن فهلك قبل موت الموصي أو بعده من غير تفريط بطلت الوصيّة و لو تلفت الشركة سواه فهو للموصي له إن كان التلف بعد الموت و القبول و إلاّ كان له ثلثه [- ك -] أوّل أوصى بثلث ماله مشاعا كان للموصى له من كلّ شيء ثلثه و إن أوصى بعين و كان بقدر الثلث ملكه الموصى له بالموت و القبول و ليس للورثة دفع عوضه إلاّ برضاه و لو كان له مال غائب فإن خرجت المعين من ثلث الحاضر أخذها الموصى له و إلاّ أخذ منها ما يحتمله الثلث من المال الحاضر و كلّما حصل من الغائب شيء أخذ من تلك العين بقدر ثلثه [- كا -] إذا أوصى بالحمل صحّ إذا كان مملوكا بأن يكون رقيقا أو حمل دابة مملوكة فإن انفصل ميتا بطلت الوصيّة و إن انفصل حيّا و علمنا وجوده حال الوصيّة أو حكمنا بوجوده صحّت الوصيّة و إلاّ فلا و لو قال أوصيت لك بما تحمل جاريتي هذه أو ناقتي أو نحلتي جاز و إن لم يكن الحمل موجودا و يقوم الحمل بعد انفصاله حيّا و لو أوصى بالحمل الموجود اعتبر وجوده في حمل الأمة بما يعتبر وجوده الحمل في غير الوصيّة و ذلك بأن تأتي به لدون ستّة أشهر منذ الوصية و إن أتت به لأكثر من ستة أشهر إلى عشرة أشهر منذ مفارقة الزوج لها أو غيبته عنها صحّت الوصيّة أيضا و إن كان حاضرا عندها ففي نفوذ الوصيّة به فيما بين العشرة و السنة إشكال أقربه النفوذ إن علم وجوده و إلاّ فلا [- كب -] إذا أوصى بثمر شجر أو بستان أو أجر دار أو خدمة عبد أو سكنى الدار أو غير ذلك من المنافع مدّة معيّنة صحّ سواء كان الثمرة و المنفعة موجودة أو لا و يعتبر ذلك من الثلث كما قلنا في الأعيان فإن قصر الثلث أجيز منها بقدر الثلث خاصّة و بطل الزائد و لا يتخيّر الورثة بين تسليم خدمته العبد المدّة و بين تسليم ثلث المال و لا يحكم بخدمته العبد للموصى له يوما و للورثة يومين حتّى يستكمل المدّة [- لج -] إذا أوصى بالمنفعة مدة معيّنة أخرجت من الثّلث فيقوم الموصى بمنفعته مسلوب المنفعة تلك المدة ثمّ يقوّم المنفعة في تلك المدّة فينظر كم قيمتها و إن كانت مطلقة في الزمان كلّه بأن أوصى بالمنفعة على التأبيد قيل يقوم الرقبة بمنفعتها جميعا و يعتبر خروجها من الثلث لأنّ عبدا لا منفعة

ص: 295

له و شجرا لا ثمر لها لا قيمة له غالبا و قيل تقوم الرقبة على الورثة و المنفعة على الموصى له فيقوّم العبد بمنفعته فإذا قيل قيمته مائة قيل قيمته و لا منفعة فيه فإذا قيل عشرة علم أن قيمة المنفعة تسعون و قيل تقوم المنفعة على الموصى له و لا يقوم العين على الورثة و اختاره الشيخ ره و لو أراد الموصى له إجارة العبد أو الدار في المدّة فله ذلك و لو أراد الموصى له إخراج العبد من البلد كان له ذلك على إشكال [- كد -] إذا أوصى له بثمرة شجرة مدّة أو دائما لم يملك الموصى له و لا الوارث إجبار الآخر على السقي و لو أراد أحدهما السقي على وجه لا يضرّ الآخر لا يملك الآخر منعه و لو يبست الشجرة كان الحطب للوارث و لو أوصى بحملها سنة معيّنة فلم يحمل تلك السنة فلا شيء للموصى له و لو قال لك ثمرها أوّل عام تثمر صحّ و كان له أوّل عام ثمرها و لو أوصى لرجل بشجرة و لآخر بالحمل صحّ و قام صاحب الأصل مقام الوارث فيما قلنا و لو أوصى له بلبن شاته و صوفها صحّ كالثمرة و لو أوصى بأحدهما فكذلك و يقوّمهما الموصى له دون العين [- كه -] إذا أوصى بخدمته العبد أو منفعة الدابة كانت النفقة على الورثة سواء كانت الوصيّة مقيدة بالزمان أو على التأبيد [- كو -] إذا أعتق الورثة العبد الموصى بمنفعة صحّ العتق و المنفعة باقية للموصى له بها و لا يرجع على المعتق بشيء و لو أعتقه صاحب المنفعة لم يصحّ و لو وهب صاحب المنفعة منافع العبد له و أسقطها عنه كان للورثة الانتفاع به و هل يلزم هذه الهبة فيه نظر و لو أراد الوارث بيع العبد جاز و يباع مسلوب المنفعة و لو أوصى لرجل برقبة عبد و لآخر بمنفعة جاز و قام الموصى له مقام الوارث و لا ينقطع تصرّف الورثة في الرقبة الموصى بنفعها ببيع و هبة و عتق و غير ذلك و لا يبطل حقّ الموصى له بذلك [- كز -] لو أوصى لرجل بمنفعة أمته فأتت بولد مملوك فهو لمالك الرقبة و لو وطئت بشبهة وجب المهر و هل يكون لمالك الرقبة أو المنفعة الأقرب الأوّل و لو أتت بولد من الشبهة فهو حرّ و يجب قيمته يوم وضعه لصاحب الرقبة و هل للوارث وطؤها فيه إشكال أمّا صاحب المنفعة فليس له ذلك فإن وطئها لشبهة فلا حدّ عليه و لا تصير أم ولد و عليه قيمة ولدها يوم سقوطه حيا لمالك الرقبة و المهر أيضا و لو وطئها مالك الرقبة فلا حدّ و لا تصير أمّ ولد و لا مهر عليه و ليس لمالك المنفعة تزويجها و هل لمالك الرقبة ذلك فيه نظر [- كح -] إذا قتل العبد الموصى بخدمته وجبت قيمته و هل يكون لمالك الرقبة خاصّة أو يشترى بها عبد يقوم مقامه فيه إشكال [- كط -] إذا أوصى لرجل بحب زرعه و لآخر بتبنه صحّ و النفقة عليهما و لو امتنع أحدهما منه أجبر عليه على إشكال [- ل -] لو أوصى له بخاتم و لآخر بفصه صحّ و لا ينتفع أحدهما إلاّ بإذن الآخر و أيّهما طلب قلع الفصّ أجبر الآخر الممتنع عليه و لو أوصى لرجل بدينار من غلة داره و أجرته ديناران صحّ فإن أراد الورثة بيع النصف لإبقاء النصف الذي آجره دينار كان له معهم و لو كانت الدار لا يخرج من الثلث فلهم بيع ما زاد عليه و عليهم ترك الثلث فإن كانت غلته دينارا أو أقلّ فهو للموصى له و إن كانت أكثر فله دينار و الباقي للورثة [- لا -] إذا أوصى بعبد من عبيده و لم يعيّن تخيّر الورثة في التعيين و يجوز أن يعملوا صغيرا أو كبيرا صحيحا أو معيبا و لا يكون له جزء مشاع من العبيد بنسبة العبد فلو كان له عبدان فأوصى بعبد كان للورثة أن يعطوه واحدا منهما و لا يكون الموصى له شريكا للورثة بالنّصف و لو لم يكن له إلاّ واحد تعيّن للوصيّة و كذا لو ماتوا و لم يبق إلاّ واحد و لو مات العبيد أجمع قبل موت الموصي بطلت الوصيّة و كذا لو قتلوا و لو ماتوا بعد موته بتفريط من الورثة أو قتلهم قاتل كان للورثة أن يعينوا له من شاءوا و يجب عليهم أو على القاتل دفع قيمة من عيّنوه و لو ماتوا بغير تفريط بطلت الوصيّة و لو قال أوصيت لك بعبد من عبيدي و لا عبيد له بطلت الوصيّة و لو اشترى قبل موته عبيدا احتمل البطلان لوقوعها باطلة لأنّها وصية بلا شيء و الصّحة كما لو أوصى بثلث عبيده و له عبيد ثمّ ملك آخرين أمّا لو أوصى له بعبد من غير إضافة فإنّه يصحّ و يشترى له عبد أيّ عبد كان و لو أوصى له بعبد انطلق إلى الذكر أمّا لو أوصى له بجارية أو أمة كان له أنثى لا ذكر و لا خنثى و لو أوصى بواحد من رقيقه أو برأس تخيّر الورثة بين إعطاء الذكر و الأنثى و الخنثى [- لب -] إذا أوصى له بشاة من غنمه فالحكم كما لو أوصى بعبد من عبيده و يقع على الضأن و المعز و الصّغير و الكبير و الأنثى و الذكر و لو أوصى بكبش تناول الذكر الكبير من الضأن خاصة و التيس على الذكر الكبير من المعز و إن أوصى بعشرة من الغنم تناول الذكور خاصة و الصّغار و الكبار و لو أوصى بجمل اختصّ بذكر الإبل و الناقة بالأنثى و إن قال عشرة من إبلي تناول الذكور خاصّة و لو حذف الهاء تناول الإناث خاصّة و لو قال أعطوه بعيرا اشترك بين الذكر و الأنثى و إن وصّى بثور فهو ذكر البقر و البقرة للأنثى و الدّابة واحدة من الخيل و البغال و الحمير الذكر و الأنثى و لو قيّد بقرينة انصرف إلى المقيد كقوله دابة يسهم لها انصرف إلى الخيل و لو قال ينتفع بظهرها و نسلها خرجت البغال و الذكور و إن وصى بحمار فهو ذكر و الأتان للأنثى و الحصان للذكر من الخيل و الفرس للذكر و الأنثى و يتخيّر الورثة و تعيين ما شاءوا مما يقع عليه اسم الوصيّة في ذلك كلّه و لا يستحقّ الدابة سرجا و لا البعير رحلا [- لج -] إذا أوصى بعتق عبده لزم الوارث إعتاقه فإن امتنع أجبره الحاكم إذا خرج من الثلث و إلاّ فبقدره فإذا أعتقه الوارث

ص: 296

أو الحاكم فهو حرّ من حين الإعتاق و ولاؤه للموصي و كذا لو أوصى إلى غير الوارث بعتقه [- لد -] إذا أوصى بعتق عبيده و ليس له غيرهم استحق ثلثهم بالقرعة و لو رتّبهم أعتق الأوّل فالأوّل حتّى يستوفي الثلث و تبطل الوصيّة في الزائد و لو أوصى بعتق عدد مخصوص عن عبيده استخرج العدد و القرعة على الاستحباب و هو أجود [- له -] لو أوصى بعتق رقبة مؤمنة وجب فإن لم يجد قيل يعتق من لا يعرف بنصب و لو أعتق من ظنّ إيمانها ثمّ بانت بالخلاف أجزأت عن الموصى [- لو -] لو أوصى بعتق رقبة بثمن معيّن فلم يوجد به لم يجب الشراء و توقّع الوجود و لو وجده بأقل اشترى و أعتق و دفع الباقي إلى الرقبة [- لز -] لو أوصى بعتق أمته على أن لا يتزوّج ثمّ مات فقالت لا أتزوّج عتقت فإن تزوجت بعد ذلك لم يبطل عتقها و لو أوصى لأمّ ولده بألف على أن لا يتزوّج أو على أن تثبت مع ولده ففعلت و أخذت الألف ثمّ تزوّجت و تركت ولده احتمل بطلان الوصيّة و صحّتها

الفصل الرّابع في الوصايا المبهمة

و فيه [- يح -] بحثا [- ا -] إذا أوصى بجزء من ماله كان له السبع و قيل العشر و لو قال بسهم كان ثمنا و لا يتخيّر الورثة في إعطاء ما شاءوا و لا يحكم له بأقلّ سهام الوراث و لو أوصى له بشيء كان له سدسا [- ب -] لو أوصى بلفظ مجمل غير هذه رجع في تفسيره إلى الوارث كما لو قال أعطوه حظا من مالي أو قسطا أو نصيبا أو قليلا أو جليلا أو جزيلا أو عظيما أو خطيرا بلا خلاف و لو قال أعطوه كثيرا أعطي ثمانين درهما و لو عيّن للوصيّ له شيئا و ادعى أنّ الموصي قصده من هذه الألفاظ و ادّعى علم الوارث كان عليه البيّنة و على الوارث اليمين على نفي العلم [- ج -] إن قال أعطوه مثل نصيب ابني و له ابن لا غير كان ذلك وصيّة بالنصف و قال مالك إنّه وصية بالجميع و ليس ببعيد من الصواب لكن الأوّل أقرب فعلى ما قلناه إن أجاز الوارث اقتسما التركة بالسّوية و إن لم يجز كان للموصى له الثلث و لو كان له ابنان فأوصى لثالث بمثل نصيب أحدهما كان الموصى له بمنزلة ابن آخر فيضاف إلى أولاده فيكون له الثلث و كذا لكلّ ابن و لا يفتقر إلى الإجازة و عند مالك يكون له النصف مع الإجازة و لو كان له ذكور و إناث و أوصى بمثل نصيب أحدهم على التعيين أعطي مثل نصيبه و إن كان من غير تعيين أعطي مثل نصيب أقلّهم ميراثا فلو كان له ابن و أربع زوجات كان له مثل نصيب زوجة قال الشيخ ره يكون الفريضة من اثنين و ثلاثين للموصى له سهم و لكلّ زوجة سهم و للابن سبعة و عشرون و الحقّ أن الفريضة من ثلاثة و ثلاثين فللابن ثمانية و عشرون و لو قال مثل نصيب ابني كانت الفريضة من ستين يأخذ الموصى له مثل الابن ثمانية و عشرين و لو كان له بنت فأوصى بمثل نصيبها كان وصيّته بالنصف و لو كان له ابنتان فأوصى بمثل نصيب إحداهما فهو بالثلث و لو كان ثلث أخوات من أمّ و إخوة ثلاثة من أب فأوصى بمثل نصيب أحدهم من غير تعيين كان له مثل أقلّهم فله سهم من عشرة و لكلّ أنثى سهم و لكلّ ذكر سهمان و لو كان له زوجة و بنت و قال مثل نصيب بنتي فأجاز الورثة فالفريضة من خمسة عشر للزّوجة سهم و الباقي بينه و بين البنت [- د -] إذا أوصى بنصيب وارث احتمل البطلان و الصّحة فيكون وصية بمثل النصيب [- ه -] قال أبو عبيد بن سلام الضعف المثل لقوله تعالى يُضٰاعَفْ لَهَا اَلْعَذٰابُ ضِعْفَيْنِ أي مثلين و قوله فَآتَتْ أُكُلَهٰا ضِعْفَيْنِ و إذا كان الضعفان مثلين فالواحد مثل فإذا أوصى بضعف نصيب ابنه كان له مثله على فلا و قيل مثلاه لقوله تعالى ضِعْفَ اَلْحَيٰاةِ وَ ضِعْفَ اَلْمَمٰاتِ قال أبو عبيدة بن المثنى ضعف الشيء هو و مثله و ضعفاه هو و مثلاه [- و -] لو قال أوصيت لك بضعفي تصيب ابني فله مثلا نصيبه و لو قال ثلاثة أضعافه فهو ثلاثة أمثاله على قول أبي عبيدة و على الآخر يكون له في الأوّل ثلاثة أمثاله و في الثاني أربعة أمثاله قيل في الأول أربعة أمثاله و في الثاني ستة أمثاله و هو قول مرذول في استعمال العرب [- ز -] لو أوصى بمثل نصيب من لا نصيب له كالقاتل و العبد و الكافر و المحجوب فلا شيء له [- ح -] لو أوصى لرجل بثلث و لآخر بربع و لآخر بخمس و لآخر بمثل وصيّة أحدهم فله الخمس و لو أوصى لواحد بعشرة و لآخر بستة و لآخر بأربعة و لآخر بمثل وصيّة أحدهم كان له أربعة و لو قال فلان شريكهم فله خمس فالكل واحد و لو أوصى لأحدهم بمائة و لآخر بدار و لآخر بعبد ثم قال فلان شريكهم قيل كان له نصف فالكلّ واحد منهم [- ط -] لو أوصى بمثل نصيب وارث مقدر كأن يكون له ابنان فيوصي بمثل نصيب ثالث لو كان فله الرّبع و لو أوصى بمثل نصيب خامس لو كان فله السدس [- ى -] لو أوصى لثلاثة بمثل سهام بنيه الثلاثة فالمال بينهم أسداسا مع الإجارة و إن لم يجيزوا فللموصى لهم ثلاثة من تسعة و لو أجاز و الواحد خاصّة فللمردود عليها التسعان و أمّا المجاز له فله السّدس فيأخذ مخرج السّدس و التسع و هو ثمانية عشر ثمّ تضرب ثلاثة في ثمانية عشر يكون أربعة و خمسين للمجاز له تسعة و لكلّ واحد من صاحبيه ستّة و لكلّ ابن أحد عشر و قال بعض الجمهور يضم المجاز له إلى البنين فنضرب أربعة في تسعة يصير ستة و ثلاثين للمجاز له سبعة و كذا لكلّ ابن و للآخرين ثمانية بينهما فإن أجازوا بعد ذلك للآخرين تمّم لكلّ واحد منهم سدس المال فيصير المال أسداسا على الأوّل و على الوجه الثاني يضمون ما حصل لهم

ص: 297

و هو أحد و عشرون من ستة و ثلاثين إلى ما حصل لهما و هو ثمانية و يقسّم بينهم على خمسة فنكر فنضرب خمسة في ستة و ثلاثين يكون مائة و ثمانين و لو أجاز أحد البنين لهم دون الآخرين كان للمجيز ثلاثة من ثمانية عشر و للآخرين ثمانية بينهما يبقى سبعة ينكسر بضرب ثلاثة في ثمانية عشر و لو أجاز واحد لواحد دفع إليه ثلاث ما في يده من الفاضل و هو ثلاثة أسهم من ثمانية عشر [- يا -] لو أوصى بثلث ماله لزيد و أوصى بمثل نصيب أحد ورثته و هم ثلاث بنين لعمرو فإن أجازوا أخذ زيد الثلث و عمرو السدس و إن ردّوا بطلت وصيّة عمرو و يحتمل مع الإجازة أن يكون لعمرو الرّبع على بعد و لو أوصى لزيد بالنصف و لعمرو بمثل النصيب احتمل الأمران مع الإجازة فيكون لعمرو الثمن على الأوّل و هو الأقوى و الربع على الثاني و يحتمل ثالث و هو أن يكون له السدس لأنّ حقّ الورثة الثلثان لا ينقصون عنه إلا بالإجازة و هي غير ثابتة في حقّ عمرو فلا ينقص عن السدس إلاّ بإجازته و هو حسن و لو أوصى بالثلثين و أجازه فعلى الأوّل لزيد الثلثان و لعمرو ربع الثلث و على الثاني الرّبع لعمرو فللورثة حينئذ نصف السدس و على الثالث لعمرو السدس [- يب -] لو أوصى لزيد بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة و لعمرو نصف الباقي و أجازوا احتمل أن يعطى صاحب النصيب مثل نصيب الوارث إذا لم يكن بهناك وصية أخرى فيكون له الرّبع و للآخر نصف الباقي فيصحّ من ثمانية و يحتمل أن يعطى مثل نصيبه من ثلثي المال فله السدس و للآخر نصف الباقي و تصحّ من ستة و ثلاثين و يحتمل أن يعطى مثل نصيبه بعد أخذ صاحب الجزء وصيّته فيدخلها الدور و طريقه أن نأخذ مخرج النصف يسقط منه سهما يبقى سهم هو النصيب ثمّ نزيد على عدد البنين واحدا يصير أربعة تضربها في المخرج يصير ثمانية ننقضها سهما فيبقى سبعة فهي المال للموصى له بالنصيب سهم و للآخر ثلاثة و لكلّ ابن سهم أو تأخذ سهام البنين و هي ثلاثة فنقول هذه بقية مال ذهب نصفه فإذا أردت تكميله يزيد مثلها ثمّ تزيد مثل سهم ابن فيصح من سبعة و لو كانت الوصيّة الثانية بنصف ما يبقى من الثلث أخذت مخرج النصف و الثلث و هو ستّة تنقص منه سهما يبقى خمسة هي النصيب ثم تزيد واحدا على سهام البنين يصير أربعة تضربها في ستة تصير أربعة و عشرين ينقصها ثلاثة يبقى أحد و عشرون و هو المال لصاحب النصيب خمسة يبقى من الثلث اثنان يدفع منهما سهما إلى الآخر يبقى خمسة عشر لكلّ ابن خمسة أو يأخذ سهام البنين و هي ثلاثة و يزيد عليه مثله و سهما آخر هو سهم ابن تصير سبعة ثمّ نضربها في ثلاثة و لو أوصى لثالث يربع المال فخذ المخارج و هي اثنان و ثلاثة و أربعة و اضرب بعضها في بعض تبلغ أربعة و عشرين و زد على عدد البنين واحدا تصير أربعة و اضربها في أربعة و عشرين تصير سبعة و تسعين فانقص منها ضرب نصف سهم في أربعة و عشرين و ذلك اثنا عشر يبقى أربعة و ثمانون فهي المال انقص من الأربعة و العشرين سدسها لأجل الوصيّة الثانية و ربعها لأجل الوصيّة الثالثة يبقى أربعة عشر فهي النصيب فادفعها إلى الموصى له بالنّصيب ثمّ إلى الثّاني نصف ما يبقى من الثلث و هو سبعة و إلى الثالث ربع المال أحد و عشرين يبقى اثنان و أربعون لكلّ ابن أربعة عشر أو يأخذ سهام البنين و هي ثلاثة و يزيد مثلها و مثل سهم ابن تصير سبعة تضربها في ثلاثة لأجل وصيّة الثلث تبلغ أحدا و عشرين نضربها في أربعة لأجل وصيّة الربع تبلغ أربعة و ثمانين [- يج -] لو أوصى بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة الأربع المال فخذ مخرج الكسر أربعة و زد عليها سهما تكون خمسة فهو النصيب و زد على عدد البنين واحدا و اضربه في مخرج الكسر تصير ستة عشر يدفع إلى الموصى له خمسة و يستثنى منه أربعة يبقى له سهم و لكلّ ابن خمسة أو يخصّص كلّ ابن بربع و يقسم الرّبع الباقي بينه و بينهم أرباعا و لو قال إلاّ ربع الباقي بعد النصيب فزد على سهام البنين سهما و ربعا و اضربه في أربعة تصير سبعة عشر للموصى له سهمان و لكلّ ابن خمسة و لو قال الأربع الباقي بعد الوصيّة جعلت المخرج ثلاثة و يزيد على الثلاثة واحدا هو النصيب تصير أربعة و تزيد على عدد البنين نصيبا و ثلثا و تضربه في ثلاثة يكون ثلاثة عشر هو المال للموصى له سهم أو نقول المال كلّه ثلاثة أنصباء و وصيّة هي نصيب الأربع الباقي بعدها و ذلك ثلاثة أرباع نصيب بقي ربع نصيب هو الوصيّة فيكون المال كلّه ثلاثة و ربعا يبسطها إلى ثلاثة عشر و لو قال إلاّ ثلث ما يبقى من الثلث فخذ مخرج ثلث الثلث و هو تسعة زد عليها سهما تصير عشرة فهي النصيب و زد على سهام البنين سهما و ثلثا و اضرب ذلك في تسعة تصير تسعة و ثلثين للموصى له تسعة و لكل ابن عشرة و لو قال إلاّ ثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصيّة جعلت المال ستة و زدت عليها سهما فهذا هو النصيب و زدت عليها أنصباء البنين سهما و نصفا و ضربته في ستّة تصير سبعة و عشرين دفعت إلى الموصى له سبعة و أخذت منه نصف باقي الثلث بقي معه ستّة و بقي أحد و عشرون لكل ابن سبعة

ص: 298

لأنّ الثلث بعد الوصيّة هو النصف بعد النصيب و لو قال إلاّ خمس ما بقي من المال بعد النصيب و لآخر بثلث ما يبقى من المال بعد وصيّة الأوّل فخذ الجميع خمسة و زد عليها خمسها تصير ستة انقص منها ثلثها من أجل الوصيّة بالثلث يبقى أربعة فهي النصيب ثم خذ سهما و زد عليه خمسة و انقص من ذلك ثلثه يبقى أربعة أخماس زدها أيضا على البنين و اضربها في خمسة تصير تسعة عشر فهي المال ادفع و ادفع إلى الآخر ثلث الباقي ستة يبقى اثنا عشر لكلّ ابن أربعة إلى الأوّل أربعة و استثن منه خمس الباقي ثلاثة يبقى معه سهم [- يد -] لو خلف أربعة بنين و أوصى لرجل بثلث ماله إلاّ نصيب أحدهم و أوصى له بتكملة الثلث على نصيب أحدهم فله التسع و طريقه أن يدفع إلى الموصى له و ابن ثلث المال يبقى ثلثاه لثلاثة بنين لكلّ واحد تسعان يبقى تسع للموصى له [- يه -] إذا أوصى لواحد بسدس ماله و لآخر بتمام الثلث فهو سدس أيضا فإن ردّ الأوّل وصيته فللآخر تمام الثلث لا الثلث كملا و لو أوصى للأوّل بالثلث و للآخر بباقي الثلث فلا شيء للآخر سواء رضي الأوّل أو ردّ [- يو -] إذا أوصى بوصايا متعدّدة و نسي الوصي بابا منها قال الشيخ يصرف في وجوه البرّ و قال في جواب الجابريات إذا نسي الوصي جميع أبواب الوصيّة عاد ميراثا [- يز -] إذا أوصى له بسيف و عليه حليه و هو في جفن دخل الجفن و الحلية في الوصية و كذا لو أوصى بسفينة فيها متاع دخل المتاع فيها و كذا لو أوصى بجراب أو صندوق أو وعاء مختوم دخل ما في الجراب و الصّندوق و الوعاء في الوصيّة و ذلك مأخوذ من الرواية و قبول الأصحاب [- يح -] لو أوصى بإخراج بعض ولده من تركته لم يصحّ و احتمل البطلان في الجميع و في ثلثي المال

الفصل الخامس في الموصى له

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] يشترط في الموصى له كونه ممّن يتصوّر له الملك فلا يصحّ الوصيّة للمعدوم و إن علّقها بوجوده و لا للميّت و لا لما تحمله المرأة أو لمن يوجد من أولاد فلان و لو أوصى لمن يظنّ وجوده فبان ميتا لم يصحّ [- ب -] كما يصحّ الوصيّة للأجنبي فكذا يصحّ للوارث عندنا إجماعا سواء أجاز الورثة أو لم يجز أو يخرج من الثلث كغيرها من الوصايا و لو أسقط عن وارثه دينا كأن أوصى بقضاء دينه أو أسقطت المرأة صداقها عن زوجها أو عفا عن جناية يوجب المال فهو كالوصية و لو عفا عن القصاص سقط إلى غير بدل و كذا عن حدّ القذف و لو أوصى لغريم وارثه صحّت الوصيّة و كذا إن وهب له أو أوصى لولد وارثه و إن قصد نفع الوارث و لو وصّى لكلّ وارث بشيء من ماله معيّن كجارية قيمتها ضعف قيمة العبد و لا تركة غيرهما فأوصى لابنه بها و لابنته بالعبد وقف على الإجازة فيما زاد على الثلث و لو أوصى لوارثه و أجنبيّ بثلاثة صحّ سواء أجاز الورثة أو لا و كذا لو أوصى بشيئين لهما قيمتها الثلث و لو أوصى لهما بما زاد على الثلث بطلت في الزائد فإن رتّب دخل النقص على الآخر سواء كان أجنبيّا أو وارثا و إن شرك دخل النقص عليهما بالسّوية و لا يختصّ به الوارث و لو أجازوا وصيّة أحدهما و أبطلوا وصيّة الآخر صحّ فيما زاد على الثلث و لو رتّب الوصيّة بالثلثين فأجازوا الثانية بشرط إبطال الأولى لم يصح الإجازة و صحّت الأولى خاصة و لو أوصى بالثلثين على الشّريك فأجازوا وصيّة الوارث و نصف وصيّة الأجنبي صحّ و كذا بالعكس و لو أجازوا وصيّة أحدهما خاصّة ففي التشريك بينهما في الثلث نظر [- ج -] إذا أوصى لوارثه بما يزيد على الثلث و أجاز بعض الورثة دون بعض صحّت من الأصل بالنّسبة إلى المجيز و من الثلث بالنّسبة إلى غيره فلو خلف عبدا لا غير و ثلاثة أولاد فأوصى به لأحدهم فأجاز واحد فله الثلث بالوصية و نصيب المجيز و هو ثلث الباقي و نصيبه بالميراث و يخلّف اثنان من تسعة لغير المجيز و لو أجازا له نصف العبد فله النصف خاصّة و الباقي ميراث بينهم و لو أوصى به لاثنين كان للثالث أن يجيز لهما أو يرد عليهما أو يجيز لهما بعض وصيّتهما إن شاء متساويا و متفاضلا أو يردّ على أحدهما و يجيز للآخر [- د -] لو قال أوصيت لفلان بثلثي فإن مات قبلي فهو لفلان صحّ و كذا أوصيت به لفلان فإن قدم فلان الغائب فهو له صحّ فإن قدم الغائب قبل موت الموصي بطلت وصيّة الأولى سواء عاد إلى الغيبة أو لا و إن مات الموصي قبل قدومه فهو للحاضر سواء قدم بعد ذلك أو لا و يحتمل ثبوت الوصيّة للغائب مع قدومه بعد الموت أيضا و لو قال هذا ثلثي لفلان و يعطى زيد منه كلّ سنة مائة صحّت الوصيّة و يعطى زيد منه كلّ سنة مائة فإن فضل شيء أعطي صاحب الثلث [- ه -] ينبغي أن يوصي لأقاربه الّذين لا يرثون مع فقرهم إجماعا و لو أوصى لغيرهم و تركهم صحّت وصيّته لمن أوصى له [- و -] إذا ملك المريض من يعتق عليه بغير عوض عتق و ورث سواء حمله الثلث أو لا و لا يسعى في باقي الثلث و كذا لو ملكه بعوض فلو وهب له ابنه و قيمته مائة و خلف ابنا و مائتين أخذ نصف التركة و لو ملك من ورثته من لا يعتق عليه فأعتقه في مرضه كان وصيّة إن خرج من

ص: 299

الثلث عتق و إلاّ فبقدره و الأقرب أنّه يرث بقدر الحريّة أمّا لو أوصى بالعتق فإنّه لا يرث و لو وهب لإنسان أبوه أو لوصي له به استحبّ له قبوله و لم يجب [- ز -] لو أوصى لوارث ثمّ صار غير وارث قبل الوفاة صحّت الوصيّة إجماعا و كذا بالعكس عندنا كما لو أوصى لإخوته ثم صار له ولدا و كذا لو أوصى لأجنبية ثمّ تزوّجها [- ح -] لا يصحّ الوصيّة للميت سواء علم أنّه ميّت أو لا و ليس لورثة الميّت شيء منها فلو أوصى بثلثه للحيّ و ميّت كان للحيّ السدس سواء علم موت الميّت أو جهله و ليس للحيّ كمال الوصيّة و كذا لو قال هو بينهما و كذا غير الميّت ممن لا يصحّ ملكه كالحائط و شبهه و لو أوصى لحيين فردّ أحدهما كان للآخر النصف إجماعا [- ط -] يصحّ الوصيّة للحمل إجماعا فإن انفصل ميّتا بطلت الوصيّة و رجع المال ميراثا لورثة الموصي سواء مات لعارض من ضرب أو شرب دواء أو لغير عارض و إن وضعته حيّا صحت الوصيّة له إذا حكم بوجوده حال الوصيّة و ذلك بأن يأتي لدون ستّة أشهر منذ الوصيّة و إن أتت به لعشرة أشهر من حين الوصيّة لم يصحّ و لو جاء لما بينهما و كانت خالية من زوج أو مولى صحّت الوصيّة و إلاّ فلا لاحتمال توهّم الحمل في حال الوصيّة و تجدّده بعدها و لو أوصى لحمل امرأة من زوجها أو سيّدها صحّت الوصية له و لو كان منفيّا باللعان أو الإنكار لم يصح الوصيّة له لعدم نسبة المشروط في الوصيّة و لو كانت فراشا إلاّ أنّ الزّوج لا يطأها لغيبوبته في بلد لا يمكن وصوله إليها في زمان الحمل أو كان أسيرا أو محبوسا لم تصحّ الوصيّة و لو أوصى لما تحمل هذه المرأة لم يصحّ بخلاف الوصيّة به [- ى -] إذا أوصى لحمل امرأة فولدت ذكرا و أنثى تساويا فيها و لو فاضل بينهما جاز و لو قال إن كان في بطنها ذكر فله ديناران و إن كان فيها جارية فلها دينار فولدتهما معا كان لكلّ منهما ما وصى له به و لو قصر الثلث فالأقرب دخول النقص على الأخير و لو ولدت أحدهما خاصّة فله وصيّة و لو كانا ذكرين احتمل التوزيع و تخيير الورثة في التّعيين و إيقافه حتّى يصطلحا بعد البلوغ و لو قال إن كان حملها أو إن كان ما في بطنها أو الذي في بطنها أو جميع ما في بطنها ذكرا فله ديناران و إن كان أنثى فدينار فولدت أحدهما منفردا فله وصيّة و إن ولدتهما فلا شيء لهما [- يا -] يصحّ الوصيّة للذمي و إن كان أجنبيّا و منع بعض علمائنا من الأجنبي و بعضهم من القريب أيضا أما الحربي فالأقرب أنّه لا يصحّ الوصيّة له و يصحّ وصيّة الذّمي لمثله و للمسلم و إنما يصحّ وصيّة المسلم للذمي و بالعكس فيما يصحّ به وصية المسلم للمسلم و المرتد إن كان عن فطرة لم يصحّ الوصيّة له لأنّه ليس أهلا للملك و إن كان عن غير فطرة فقولان و لو أوصى لكافر بمصحف أو عبد مسلم فالأقرب البطلان و لو أوصى له بعبد كافر فأسلم قبل موت الموصي بطلت الوصيّة و كذا بعده قبل القبول و لو كان بعد الوفاة و القبول صحت و بيع عليه من مسلم [- يب -] لو أوصى المسلم لأهل قريته أو قرابته بعام يدخل فيه المسلم و الكافر و تناولت الوصيّة المسلمين خاصّة و لو صرّح بهم دخلوا على أحد القولين و كذا لو كان أهل القرية كلّهم كفارا و لو كان بينهم مسلم واحد فالأقرب دخول الكفّار إن سوّغنا الوصيّة لهم و لو كان أكثرهم كفّارا يخصّص بها المسلمون و كذا البحث في ألفاظ العموم كإخوته و أعمامه و اليتامى و الفقراء و لو أوصى الكافر تناولت الوصيّة أهل دينه و يدخل في وصية المسلمون إن وجدت القرينة و إلاّ فإشكال و لو كان في القرية كافر من غير دين أهل الموصي لم يدخل في وصيّته على إشكال [- يج -] لا يصحّ الوصيّة لعبد غيره و لا مكاتبه المشروط أو الذي لم يؤد من مكاتبته شيئا و لا مدبره و لا لأمّ ولده سواء أجاز مولاه أو لم يجز و لا لعبد وارثه و إن أجاز الورثة و سواء كان قليلا أو كثيرا و يصحّ الوصيّة لعبده و مدبّره و مكاتبه و أمّ ولده و إن أوصى لأحدها ولاء مشاع كثلث تركته أو ربعها صحّت الوصيّة و اعتبر القدر الموصى به بعد خروجه من الثلث فإن كان بقدر قيمته أعتق و كان الموصى به للورثة و إن قصرت قيمته أعتق و أعطي الفاضل و إن كانت أكثر عتق منه بقدر الوصيّة و سعى للورثة فيما بقي قال الشيخ لو بلغت قيمته ضعف الوصيّة بطلت و ليس بمعتمد و لو أوصى له بمعيّن من ماله كثوب أو دار أو مائة درهم صحّت الوصيّة أيضا و كان الحكم ما تقدم من اعتبار مع القيمة و إذا أوصى له برقبته احتمل الصّحة و يعتق من الثلث كالتّدبير و البطلان لأنّه لا يملك رقبته [- يد -] إذا أوصى بعتق عبده و عليه دين قال الشيخ إن كانت قيمة العبد ضعف الدّين أعتق العبد و سعى في خمسة أسداس قيمته ثلاثة للدّيان و سهمان للورثة و إن كانت قيمته أقلّ من الضّعف بطلت الوصيّة و الوجه تقديم الدين على الوصيّة فإن فضل بعده شيء عتق من الثلث و كان الباقي للورثة و لو أوصى بعتق أمة على أن لا تتزوّج فامتنعت من التّزويج بعد الوفاة عتقت و إن تزوّجت بعد العتق لم يعد في الرّق و لو أوصى لأمّ ولده بألف على أن لا يتزوّج ففعلت و أخذت الألف ثمّ زوّجت احتمل بطلان الوصيّة لفوات الشرط بخلاف العتق الذي لا يمكن رفعه و عدمه لصحّة الوصية

ص: 300

أوّلا فلا يبطل بالمتجدّد كالأولى [- يه -] إذا أوصى لمكاتب غير المطلق و قد أدّى من كتابته شيئا كان له من الوصيّة بقدر ما عتق منه و بطلت بقدر الرقيّة و لو أوصى لأمّ ولده صحّت الوصيّة من الثلث و هل يعتق من الوصيّة أو من نصيب الولد قيل بالأوّل لترتّب الميراث على الوصيّة و قيل بالثّاني فيعتق من النصيب و يأخذ ما أوصى لها به و الأقرب الأوّل [- يو -] يصحّ الوصيّة للقاتل سواء كان عمدا أو خطاء و سواء وصّى له بعد جرحه أو قبله و كذا لو دبّر عبده بعد جرحه إياه فإنّه يصحّ تدبيره أو دبر عبده ثمّ قتل سيّده [- يز -] لو أوصى للدابّة لم يصحّ و لا يكون لمالكها شيء من الوصيّة و لا فرق بين دابّته و بين دابّة غيره و لا بين أن يطلّق أو يقصد التمليك و لو فسّر بالصرف في علفها صحّ و يفتقر في ذلك إلى قبول المالك و مع القبول تصرف إلى ما عيّنه الموصي و هل للمالك التصرّف فيه بغيره فيه نظر و كذا لو أوصى للعبد على هذا الوجه و عندي في ذلك كلّه نظر [- يح -] إذا أوصى لكلّ وارث بقدر حصته فهو لغو و إن خصّص كلّ واحد بعين هي قدر حصّته افتقر إلى الإجازة و لو أوصى بأن يباع عين ماله من إنسان افتقر فيما زاد على الثلث إلى الإجازة و لو باع في مرض الموت عين ماله بثمن المثل نفذ [- يط -] هل يشترط في الموصى له التعيين فيه نظر و لو أوصى لأحدهما بشيء و مات قبل التعيين و قلنا بالاشتراط بطل و إلاّ احتمل التوزيع و تخيير الورثة في التعيين و إيقافه حتّى يصطلحا [- ك -] لو أوصى أن يشترى عبد زيد بخمسمائة فيعتق فتعذّر شراؤه إمّا لامتناع سيّده من بيعه بالمعيّن أو لموته أو لعجز الثلث من الثّمن فالثمن للورثة و لا يلزمهم شراؤ غيره فلو اشتروه بأقلّ فالوجه صرف الباقي إلى العبد لا إلى الورثة و لا إلى السيّد على إشكال و لا في العتق و لو وجد منه ما يدلّ على صرف الفاضل إلى السيّد صريحا أو تعريضا صرف إلى السيّد قطعا و لو أوصى أن يشتري عبد بألف فيعتق عنه فقصر الثلث عنه فالأقرب أنّه يشترى عبد بما يخرج من الثلث و لا يبطل الوصية و لو احتمله الثلث فاشتري و أعتق ثمّ ظهر دين مستوعب بطلت الوصيّة و ردّ العبد في الرّق إن كان الشراء بالعين و إن كان في الذمّة صحّ العتق عن الموصي و يغرم المشتري الثمن و لا يرجع به على البائع لأنّ التغرير من الموصي و لا على الموصي لأنّه لا تركة له و لو قيل بأنّه يشارك الغرماء في التركة لأنّ الثمن لزمته بتغرير الموصي احتمل و لو أوصى بشراء عبد و أطلق أو ببيع عبد و أطلق بطلت الوصية و لو أوصى ببيعه بشرط العتق صحّ و بيع كذلك فإن تعذّر مشتر بالشرط بطلت الوصيّة و لو أوصى ببيعه لشخص معيّن بثمن معلوم صحّت الوصيّة و لو لم يسمّ ثمنا بيع بالقيمة فإن امتنع من شرائه أو تعذّر بطلت الوصيّة [- كا -] إطلاق الوصيّة يقتضي التّسوية فإذا أوصى لأولاده و هم ذكور و إناث تساووا و كذا لإخوته و أخواته و أعمامه و عماته و غيرهم و لو أوصى للعمومة دخل العمات دون العكس و كذا الخئولة و الخالات و لو أوصى لأخواته فهو للإناث خاصّة و لو أوصى لإخوته دخل فيه الذكر و الأنثى و لو أوصى لبنيه لم يدخل البنات و بالعكس و لو أوصى لأعمامه و أخواله تساووا أيضا و قول الشيخ في النّهاية يقسم أثلاثا مطرح و لو أوصى لبني فلان فهو للذّكور إلاّ في القبيلة فيدخل الإناث و الخناثى أيضا عرفا و لو قال لأولاده دخل فيه الذكور و الإناث و الخناثى على السّواء إلاّ أن يفصل و لو أوصى لبنات فلان فهو للإناث خاصّة دون الذكور و الخناثى [- كب -] إذا أوصى لأقاربه أو أقارب فلان استوى الذّكور و الإناث و أعطي كلّ من صدق عليه اسم القريب عرفا سواء كان وارثا أو غير وارث و هو أحد قولي الشيخ و في الآخر يعطى لكلّ من يتقرّب إليه إلى آخر أب و أمّ له في الإسلام و هو اختيار المفيد و يستوي بين القريب و البعيد و الصغير و الكبير و الذّكر و الأنثى الغنيّ و الفقير و يدخل فيه القرابة من قبل الأمّ كالأخوال و الإخوة للأم سواء كان الموصي عربيّا أو عجميّا و لا يختصّ بالأقرب فالأقرب و لا بذي الرّحم المحرم و لو أوصى لأقرب الناس إليه أو أقرب قرابته أو أقربهم إليه رحما اختصّ بالأقرب و منع الأبعد مع وجوده و نزّل على الميراث فيشترك الآباء و الأولاد فإن فقدوا فالأجداد و الإخوة فإن فقدوا فالأعمام و الأخوال على مراتب الإرث و لو أوصى لجماعة من أقرب الناس إليه أعطي ثلاثة نفر من الأقرب فما زاد و لو لم يوجد من الطبقة الأولى سوى واحد أو اثنين ففي تشريك الطبقة الثانية نظر [- كج -] إذا أوصى لأهل بيته دخل الأولاد و الآباء و الأجداد و حكمه حكم القرابة و لو أوصى لعترته قال الشيخ كان ذلك في ذرّيته الذين هم أولاده و أولاد أولاده و لو أوصى لآله فهو لقرابته أيضا و كذا العشيرة و لو أوصى لجيرانه كان لمن يلي داره إلى أربعين ذراعا و قيل إلى أربعين دارا و لا يختصّ بالملاصق و لو أوصى لأهل دربه أو سكّته فهو لأهل محلّته [- كد -] إذا أوصى لمواليه و له موال من فوق فهو لهم و إن كانوا من أسفل فكذلك و لو اجتمعوا قيل اشتركوا و الأقرب البطلان و لا شيء لابن العمّ و لا الناصر و لا الحليف و لا الجار و لا يستحقّ موالي أبيه شيئا سواء

ص: 301

كان له مولى أو لم يكن على إشكال في العدم و هل يدخل في الوصيّة لمواليه مدبّره و أم ولده الأقرب دخول المدبّر دون أمّ الولد [- كه -] إذا أوصى لمستحقّ الزكاة كان للأصناف الثمانية المذكورة في القرآن و ينبغي أن يجعل لكلّ صنف ثمن الوصيّة و الأقرب الوجوب في ذلك و يجوز الاقتصار من كلّ صنف على واحد و لا يجب إعطاء ثلاثة من كلّ صنف و لا اثنين و الأقرب أنّه لا يجب الاقتصار به على أهل بلده و لو أوصى للفقراء دخل المساكين و بالعكس و يستحب تعميم من أمكن منهم و الدفع إليهم على قدر الحاجة و لا يملك أحدهم شيئا إلاّ بالإقباض و لو أوصى بعبده للفقراء و كان أب العبد فقيرا لم يعتق عليه منه شيء و لو أوصى في سبيل اللّٰه صرف في كلّ ما يتقرّب به إلى اللّٰه تعالى كمعونة المجاهدين و الحاجّ و الزّوار و بناء المساجد و القناطر و تكفين الموتى و غير ذلك من القربات هذا أجود قولي الشيخ و لا يختصّ بالحجّ و لا المجاهدين خلافا للشيخ و لو أوصى المسلم للفقراء انصرف إلى فقراء المسلمين و كذا الكافر إذا أوصى للفقراء انصرف إلى فقراء ملته [- كو -] إذا أوصى بثلثه لزيد و الفقراء كان لزيد النصف و قيل الربع و الأقرب الأوّل و لو كان زيد فقيرا لم يدفع إليه من سهم الفقراء شيء و لو ضمّ إلى زيد قوما منحصرين كإخوته احتمله أن يكون كالأوّل و أن يكون زيد كأحدهم [- كز -] إذا أوصى بشراء رقاب و عتقهم لم يجز صرفه إلى المكاتبين فإن اتسع الثلث لثلاثة لم يجز الاقتصار على الأقلّ و لو أمكن أن يشترى به أزيد من ثلاثة كان أولى من شراء ثلاثة عالية و لو أوصى بثلث ماله في الرقاب صرف إلى المكاتبين و العبيد يشترون و يعتقون و لا يختصّ بالمكاتبين و لا بالعبيد و لو أوصى أن يشتري بثلث ماله عبيدا و يعتقوا اشترى ثلاثة فإن وجد اثنان و بعض الثالث خاصّة قال الشيخ يشترى اثنان و يعتقان و يعطيان الفاضل و لو قيل بشراء بعض الثالث كان وجها [- كح -] إذا قال أعطوا فلانا كذا و لم يبيّن ما يعمل به فلان صرف إليه يعمل به ما شاء [- كط -] إذا أوصى بثلثه في البرّ صرف في كلّ ما يتقرّب به إلى اللّٰه تعالى كإصلاح طريق و فكّ أسير و إعتاق رقبة و لا يجب قسمته أثلاثا في الغزو و الصدقة القرابة و الحجّ و لو قال ثلثي حيث يريد اللّٰه جاز صرفه أيضا في كلّ قربة و لا يختصّ بالفقراء و المساكين و لو أوصى بفرس في سبيل اللّٰه و ألف درهم ينفق عليه فمات الفرس فالأقرب عود الألف إلى الورثة و إن أنفق البعض ثمّ ماتت عاد الباقي إلى الورثة [- ل -] إذا قال يخدم عبدي فلانا سنة ثمّ هو حرّ صحّت الوصيّة بالخدمة و الحريّة فإن قال الموصى له بالخدمة لا أقبل أو قد وهبت الخدمة له فالأقرب أنّه لا يقع العتق في الحال بل بعد السنة [- لا -] إذا مات الموصى له قبل الموصي فإن رجع الموصي بطلت الوصيّة إجماعا و إن مات و لم يرجع قيل بطلت أيضا و يكون الموصى به لورثة الموصى له فإن لم يخلّف كان لورثة الموصي و هو أقوى [- لب -] إذا أوصى لواحد بنصف ماله و للآخر بالثلث و لآخر بالرّبع و لم يجز الورثة أعطي الأوّل الثلث و سقط الآخران و لو نسي المبدوء به استعمل القرعة فإن فضل كان لمن يليه بالقرعة و لو أوصى لرجل بجميع ماله و لآخر بالثلث و أجازت الورثة أخذ الأوّل الجميع و سقط الآخر و إن بدأ بصاحب الثلث و أجازوا أخذ الثلث و الثلثان لصاحب الكلّ و لو اشتبها أقرع و إن لم يجز الورثة فإن بدأ بصاحب الثلث سقط صاحب الكلّ و إن بدأ بصاحب الكل أخذ الثلث و سقط صاحب الثلث و لو اشتبه أقرع [- لج -] إذا أوصى للقراء كان لمن يحفظ جميع القرآن فإن لم يحفظ عن ظهر القلب فالأقرب الحرمان و لو أوصى للعلماء أعطي العالم بعلوم الشرع فيدخل فيه الفقه و التفسير و الحديث و لا يدخل فيه سامع الحديث فقط إذا لم يكن له معرفة بالطريق و لو أوصى لقبيلة عظيمة كالعلويين و الهاشميين صحّ و أعطي الموجود في بلد الوصيّة و لا يجب الاستيعاب و لا التّسوية و يدخل الذكر و الأنثى إن كان اللفظ يشملها كالأولاد و الذرّية و العالمين و إلاّ اختصّ بالذكور و إن لم يتناول الإناث كالبنين و الذكور و الرجال و الغلمان أو بالإناث أو لم يتناول الذكور كالنساء و البنات و المسلمات و إن وضع للذكور و أمكن دخول الإناث مع الاجتماع كالمسلمين و العلويين فالأقرب دخول الإناث على إشكال و الأرامل النّساء اللاتي فارقن أزواجهن بموت أو غيره و الأيامى جمع أيّم و هي المرأة الخالية من البعل و العزّاب الّذين لا أزواج لهم و هو مشترك بين الذكور و الإناث و كذا يشترك بينهما الثيب و البكر و أقلّ ما يجب في كلّ جنس ثلاثة أمّا لو أوصى لثلاثة معينين فإنّه يجب التّسوية بينهم و لو أوصى لزيد و لجبرئيل عليه السّلام صحّ لزيد النصف و بطل في حقّ جبرئيل ع و كذا لو قال لزيد و للرّيح و لو قال لزيد و للّه تعالى احتمل أن يكون النصف لزيد و الباقي لغو و أن يكون الباقي للفقراء و لو أوصى بثلث ماله لمفاداة أسارى للمشركين من أيدي المسلمين صحّ كما يصحّ العكس و لو أوصى لأعقل الناس قال الشافعي

ص: 302

يصرف إلى الأزهد

الفصل السّادس في الأوصياء

و فيه [- لج -] بحثا [- ا -] يشترط في الوصيّ العقل فلا يصحّ الوصيّة إلى المجنون و لا السّفيه و لو طرأ الجنون على الوصيّ بطلت وصيّته و لو كان الجنون يعتوره أدوارا ففي صحّة الوصيّة إليه نظر [- ب -] يشترط في الوصيّ المنفرد البلوغ فلا يصحّ الوصيّة إلى الطفل المنفرد سواء كان عاقلا أو لا و يجوز أن يوصى إليه منضما إلى البالغ العاقل [- ج -] يشترط في وصيّ المسلم الإسلام فلا يصحّ وصيّة المسلم إلى الكافر سواء كان حربيّا أو ذمّيا و سواء كان ذا رحم أو أجنبيّا و لو أوصى إليه مثله صحّ و لا يشترط عدالته في دينه و يصحّ وصيّة الكافر إلى المسلم إلاّ أن يكون التركة خمرا أو خنزيرا [- د -] اختيار الشيخ أنّ العدالة شرط فلا يصحّ الوصيّة إلى الفاسق و إن كان مؤمنا و منعه ابن إدريس و عندي فيه نظر و لو أوصى إلى عدل ففسق بعد موت الموصي عزله الحاكم و استناب غيره [- ه -] يصحّ الوصيّة إلى المملوك إن أذن له مولاه و إلاّ فلا و كذا المدبر و المكاتب و المعتق بعضه و أمّ الولد و لو أوصى إلى عبد نفسه أو مدبّره أو مكاتبه أو أمّ ولده قال الشيخ لا يصحّ و إن لم يكن في الورثة رشيد و جوّز المفيد رحمه اللّٰه الوصيّة إلى المدبّر و المكاتب [- و -] هذه الصفات المعتبرة في الوصيّ قيل يشترط تحقّقها حالة الوصية و قيل حين الوفاة و الوصيّة و قيل في المدّة بأجمعها و قوّى الشيخ و ابن إدريس الأوسط فلو أوصى إلى صبيّ أو عبد أو مجنون ثمّ مات بعد زوال الأوصاف صحّ عند من يعتبر الشروط حال الوفاة و لو أوصى إلى عاقل فجنّ ثمّ مات بعد زوال جنونه صحّ على القولين الأوّلين دون الأخير و لو جنّ أو فسق بعد الموت بطلت وصيته فإن عاد عقله أو تاب لم تعد وصيّته [- ز -] تصحّ الوصيّة إلى المرأة و الأعمى مع وجود الشرائط و إلى العدل العاجز و يضمّ الحاكم إليه أمينا يعينه و يكون الأوّل هو الوصيّ دون المعين و كذا لو أوصى إلى عدل فتجدّد العجز فإنّ الحاكم يضمّ إليه الثقة و ليس للحاكم نزع يد العدل في الموضعين [- ح -] يجوز أن يوصى إلى اثنين فما زاد فإن شرط الاجتماع أو أطلق لم يكن لأحدهما الانفراد عن صاحبه بشيء من التصرّف و لو تشاحّا لم ينفذ تصرّف أحدهما منفردا إلاّ ما يحتاج إليه من الكسوة و شبهها و يجبرهما الحاكم على الاجتماع فإن تعذّر استبدل بهما و ليس لهما المقاسمة للمال و لو تغيّرت حال أحدهما بموت أو فسق لم يتصرف الآخر بانفراده و يضمّ الحاكم معه أمينا و هل يجوز للحاكم جعل الولاية له بأجمعها فيه وجهان و لو عجز ضمّ الحاكم إليه من يعينه على التصرف و لو تغيّرت حالهما معا بفسق أو موت أو جنون أقام الحاكم عوضهما اثنين و هل له أن يقيم واحدا فيه وجهان و لو سوّغ لهما التّصرف منفردين جاز لكلّ منهما أن يتصرّف في جميع المال و ينفذ تصرّفه و إن لم يداخله الآخر و لو اقتسما المال و تصرّف كلّ منهما في بعضه جاز و لو تغيّرت حال أحدهما بعجز ضمّ الحاكم معه أمينا و لو كان بفسق أو موت كانت الولاية بأجمعها للثاني و لا يضمّ إليه الحاكم غيره [- ط -] يجوز أن يوصى إلى واحد في شيء بعينه و إلى آخر في غيره و لا يشارك أحدهما الآخر و إذا أوصى إليه في شيء لم يصر وصيّا في غيره و لو قال قد أوصيت إلى زيد فإن مات فقد أوصيت إلى عمرو صحّ و يكون كل منهما وصيّا إلاّ أن وصيّته عمرا موقوفة على موت زيد و كذا لو قال أوصيت إلى زيد فإن كبر ابني أو تاب من فسقه أو اشتغل بالعلم فهو وصي صحّ و لو أوصى إلى زيد ثم أوصى إلى عمرو و قبلا معا كانا شريكين و لم ينفرد أحدهما بالتصرف و لو قبل أحدهما دون الآخر انفرد بالتّصرف و لو أوصى إلى زيد ثمّ قال ضممت عمرا إليك فقبل عمرو دون زيد لم يكن لعمرو الانفراد إلاّ أن يضمّ الحاكم إليه أمينا [- ى -] إذا أوصى إلى اثنين أحدهما صغير تصرف الكبير إلى حين بلوغه و ليس للصّغير التصرّف قبل البلوغ و لا نقض شيء مما فعله الكبير قبل البلوغ بعده إذا لم تخالف المشروع و لا للكبير التصرف منفردا بعد البلوغ و لو مات الصّبي أو بلغ فاسد العقل انفرد الكبير بالوصيّة و لم يداخله الحاكم [- يا -] إذا أوصى إلى غيره لم يجب على الغير القبول و له الرّد في حياة الموصي و بعده و لو قيل لم يكن له الرّد بعد موت الموصي و يجوز في حياته بشرط أن يعلم الرّد فإن لم يعلم حتّى مات لم يصحّ الرّد و وجب على الوصيّ القيام بها فإن امتنع أجبره الحاكم على ذلك و لا يشترط في القبول وقوعه في حياة الموصي فلو أوصى إلى غيره و لم يقبل حتى مات صحّ القبول و لزمته الوصيّة [- يب -] إذا أوصى إلى الثقة فظهرت الخيانة بعد الموت عزله الحاكم و أقام غيره و لو عاد أمينا لم يعد ولايته و لو ظهر منه عجز ضمّ إليه الحاكم من يساعده و لا يجوز له إخراج يده عن الوصيّة و لو أوصى إلى الخائن فالأقرب البطلان و كان بمنزلة من لا وصي له و لو قيل بالجواز و ضمّ إليه أمين إن أمكن الحفظ و إلاّ فلا كان وجها [- يج -] الوصيّة إن كانت بالمال بأن جعل له التصرّف بعد موته فيما كان له التصرف من قضاء ديونه و استيفائها و ردّ الودائع و أخذها و تفرقة أمواله اشترط في الموصي أهلية التصرف في المال و هو العقل و البلوغ و الحرية

ص: 303

و زوال المانع من الفلس و السّفه فليس للمجنون و لا السّفيه و لا الصّبي و لا العبد و لا المحجور عليه للفلس الوصيّة بالمال إلاّ في رواية لنا دالة على جواز وصيّة من بلغ عشرا في المعروف و يصحّ وصيّته من عدا هؤلاء ذكرا كان أو امرأة و إن كانت بالولاية بأن جعله قيّما على أولاده اشترط في الموصي الولاية عليهم فيجوز للأب و الجدّ للأب الوصيّة على الأصاغر و لا يصحّ ممن عداهما كالأخ و العمّ و غيرهما و لو أوصى أحد هؤلاء بالنظر في المال الذي ترك لهم لم يصحّ له التصرف و لا في الثلث و كانت الولاية للورثة مع بلوغهم و للحاكم مع صغرهم و لو أوصى في إخراج حقّ أو تفرقة ثلاثة جاز و لو أوصى الأب على أولاده الأصاغر و له أب كانت الولاية بعده للجدّ دون الوصي أمّا لو أوصى بالولاية في تفرقة ثلاثة فإنّه يصحّ من غير مداخلة الجدّ [- يد -] إذا كان في الورثة صغير و كبير فاحتاج الصّغير إلى بيع شيء من التركة كان للوصي ببيع نصيب الصّغير دون نصيب الكبير إلاّ بإذنه و إن كان بيع الجميع أوفق بهما و كذا لو أوصى إليه بتفرقة ثلثه و كان بيع الجميع أولى لم يكن له البيع إلاّ بإذن الوارث [- يه -] الوصيّ أمين لا يضمن ما يتلف في يده إلاّ بالتفريط أو التعدّي فلو أوصى إليه بقضاء الدّين أو تفرقة المال و أخر مع المكنة ضمن مع التّلف [- يو -] يجوز للوصيّ أن يستوفي مما في يده ما يستحقّه من دين و غيره من غير إذن الحاكم إذا لم يكن له حجّة و هل له ذلك مع الحجّة الأقرب نعم و في جواز شرائه من مال اليتيم لنفسه من نفسه إشكال الأقرب جوازه و لا يشترط شراؤه بأكثر من ثمن المثل و لو قال له الموصي جعلت لك أن تصنع مالي حيث شئت أو فيمن شئت أو حيث رأيت كان الخيار إليه في صرفه إلى من شاء و هل يجوز له صرفه إلى نفسه فيه إشكال [- يز -] إذا شهد الوصي على الأطفال بمال أو على الميّت قبلت شهادته و إن شهد لهم لم يقبل إلاّ أن يكون الورثة كبارا و تكون الوصيّة تخرج من الثلث من دون الشهادة [- يح -] إذا أذن الموصي للوصيّ أن يوصي جاز إجماعا و إن لم يأذن و منعه لم يكن له ذلك قطعا و إن لم يمنعه فقولان أقربهما أنّه ليس له أن يوصي و يكون الولاية بعده إلى الحاكم و إن أذن له في الوصيّة فإن عين صحّ و كذا إن أطلق بأن يقول أوص إلى من شئت فهو وصيّي [- يط -] إذا مات و لا وصيّ له كانت الولاية للحاكم مع فقد الجدّ و لو لم يكن هناك حاكم جاز أن يتولاه من المؤمنين من يوثق به على إشكال [- ك -] يجوز أن يجعل للوصيّ جعلا و يجوز لمن يتولّى أموال اليتامى أن يأخذ أجرة المثل عن نظره في ماله و قيل يأخذ قدر كفايته و قيل يأخذ بأقلّ الأمرين و لا يكره الدخول في الوصيّة مع التمكين من القيام بها و إذا أوصى بتفريق ثلثه فامتنع الورثة من إخراج ثلث ما في أيديهم جاز للوصي أن يخرج ثلث ما في يده و هل له أن يخرج مما في يده بإزاء ما منعوه أو يحبسه عليهم حتّى يدفعوا إليه فيه إشكال [- كا -] إذا علم الوصيّ أنّ على الميّت دينا ففي جواز قضائه من دون الحاكم نظر و لو صدّق الورثة صاحب الدين جاز له الدفع مع امتناعهم منه و يجوز للوصي أن يخرج من مال اليتيم ما يتعلّق به كأرش ما يتلفه من المال و كفّارة قتله دون ديته لأنّ خطأه على العاقلة و كذا عمده و ينفق عليه بالمعروف و يضمن الوصيّ لو أنفق أزيد و لو ادعى الصّبي بعد بلوغه الزيادة على المعروف فالقول قول الوصيّ و كذا لو ادعى الخيانة عليه و لو اختلفا في المدّة بأن يدّعي الصّبي موت أبيه منذ سنتين و الوصيّ منذ ثلاث فالقول قول الصّبي مع يمينه و كذا لو أنكر دفع المال إليه بعد البلوغ و ليس للوصيّ أن تزوّج الصّغيرة و لا الطفل و إن أوصى إليه في ذلك و له أن يزوّج عبيدهم و إمائهم مع المصلحة و أن يزوّج من بلغ غير رشيد إذا احتاج إليه و مع بلوغه يدفع الوصي ماله إليه إن كان رشيدا و إن بلغ مجنونا فكالصّبي و إن بلغ سفيها لم ينفكّ الحجر عنه و يكون ولاية الوصيّ على ما كانت و يخرج الوصيّ عنه الزكاة مع وجوبها و إن جني على مال أخرجه الوصيّ و إن كانت على نفس خطاء أخرج الكفّارة من ماله و الدّية على العاقلة و إن كانت عمدا قيد به و يزوّجه الوصيّ مع الحاجة [- كب -] الصّيغة عن الوصيّة إليه أن يقول أوصيت إليك لتصرف في مال الأطفال و ما أدى هذا المعنى فإن لم يذكر التصرف نزل مطلق الإيصاء على مجرد الحفظ و لو اعتقل لسانه فقرئ عليه كتاب الوصيّة فأشار برأسه أو بغيره إلى ما يدلّ على الرّضا قبل [- كج -] يجوز للموصي الرّجوع في الوصيّة بالولاية فلو أوصى إلى رجل جاز له أن يرجع عن ذلك ما دام حيّا و يوصي إلى غيره و أن يشرك معه غيره

الفصل السّابع فيما يثبت به الوصيّة

و فيه [- و -] مباحث [- ا -] لا يشترط في الوصيّة الشهادة بل لو صدقوا الورثة الوصي حكم عليهم بها و كذا لو تمكن الوصي من فعل ما أوصى إليه وجب عليه و إن لم يكن معه شاهد نعم يستحب الإشهاد بها دفعا للشارع [- ب -] تثبت الوصية بالمال بشهادة عدلين أو رجل و امرأتين أو رجل و يمين و تقبل شهادة المرأة الواحدة في ربع الوصيّة و اثنتين في النصف و ثلاث في ثلاثة أرباعها و أربع في الجميع من غير يمين في ذلك كلّه أمّا الوصيّة بالولاية فلا يثبت إلاّ بشهادة رجلين و لا تقبل فيها شهادة النساء منفردات

ص: 304

و لا منضمات إلى الرّجال و لا الشاهد و اليمين على الأقوى [- ج -] لا تقبل في الشهادة بالوصيّة إلاّ عدول المسلمين مع الاحتياط و يجوز مع الضرورة و عدم عدول المسلمين قبول نفسين من أهل الذّمة ممن ظاهرهما الأمانة عند أهل دينهما و لا يقبل شهادة غير أهل الذّمة من الكفار [- د -] إذا أشهد الرجل عبدين له على حمل جاريته أنّه منه و أنّه أعتقها ثم مات فردّت شهادتهما و حاز الميراث غيره ثمّ أعتقا فشهدا قبلت شهادتهما و رجع المولود بالتركة على آخذها و رجعا عبدين كما كانا و يكره له استرقاقهما لأنهما أحييا حقّه [- ه -] لا تقبل شهادة الوصي للميّت فيما يجر به نفعا كما لو شهد له بمال يخرج به ما يليه من الثلث أو شهد بالمال للطفل الّذي يلي أمره و يقبل شهادته فيما لا يجر به نفعا إليه و لا يقبل شهادة الورثة بعزل الوصيّ و لا بانضمام غيره إليه و لا بتخصيص ولايته و لو شهد ثقتان من الورثة على الميّت بعين أو دين لغيره قبلت شهادتهما و إن خرجت ولاية الوصيّ عمّا شهدا به [- و -] لو أقرّ الوارث العدل بأنّ مورثه أوصى لزيد بالثلث حلف زيد معه إن كان وارث غيره فإن أقام آخر شاهدين بالوصيّة له بالثلث و لم يجز الورثة فالأقرب تشاركهما مع اتّحاد المجلس أو الإطلاق و إلاّ حكم للأخير و لو لم يكن عدلا فالثلث لمن أقام البيّنة و هل يأخذ المقرّ له من حصّة المقر شيئا فيه إشكال أقربه الأخذ به

الفصل الثامن في تصرّفات المريض

و فيه [- كط -] بحثا [- ا -] تصرفات المريض قسمان مؤجّلة و منجّزة فالمؤجلة ما علّق بالموت كالوصيّة بالمال و التدبير و هي يخرج من الثلث بالإجماع و كذا لو علّق الصّحيح تصرّفه بما بعد الوفاة و المنجزة كالهبة و الوقف و العتق و الإبراء و المحاباة في البيع و غيره من عقود المعاوضات إن وقعت من المريض و يبرأ من مرضه ذلك ثمّ مات أو وقعت من الصّحيح مضت من الأصل بلا خلاف و إن وقعت في مرض الموت فقولان أقربهما خروجها من الثّلث و كذا إذا وهب في الصّحة و أقبض في مرض الموت أمّا الإقرار فإن كان المريض متّهما كان من الثلث و إن كان مأمونا أخرج من صلب المال سواء كان لوارث أو لغيره [- ب -] لو باع المريض بثمن المثل نفذ البيع و ملك المشتري السلعة فإن أبرأه من الثمن مضى الإبراء من الثلث و كان على المشتري ثلثا الثمن للورثة و لو باع بأقلّ من ثمن المثل مضى البيع فيما قابل ثمن المثل من الأصل و الزائد من السلعة يكون محاباة إن خرجت من ثلث التركة كانت للمشتري أيضا و إلاّ كان له ما قابل الثلث [- ج -] البيع إذا اشتمل على المحاباة لم يقع باطلا في نفسه فلو باع عبدا هو التركة و قيمته ثلاثون بعشرة فقد حابى بعشرين فإن أجاز الورثة صحّ البيع في الجميع و إن لم يجيزوا كان للمشتري الفسخ أيضا فإن اختار الإمضاء أخذ ثلثي المبيع بالثمن أجمع و قال بعض الجمهور يأخذ نصفه بنصف الثمن لأنّ فيه مقابلة بعض المبيع بقسطه من الثمن عند تعذّر الجميع كما لو اشترى سلعتين بثمن و فسخ البيع في إحداهما لعيب أو غيره و هو وجه أيضا و لا يتخيّر المشتري بين الفسخ في الجميع و أداء عشره ليأخذ الجميع و ليس للمشتري أيضا خلع الثلث و هو أن يفسخ و يأخذ ثلث المبيع بالمحاباة و لو اشترى عبدا قيمته عشرة بثلاثين فعلى ما قلناه يكون للمشتري عوض العبد عشرين إن لم يجز الورثة و على الوجه الآخر يكون له نصف الثلثين و يسلم له نصف العبد و لو باعه و قيمته ثلاثون بخمسة عشر فعلى ما قلناه يصحّ البيع في خمسة أسداسه بجميع الثمن و على الوجه الآخر يصحّ في ثلثيه بثلثي الثمن و طريق ما قلناه أن ينسب الثمن و ثلث المبيع إلى قيمته فيصحّ البيع في قدر تلك النسبة و هو خمسة أسداسه و على الثاني يسقط الثمن من قيمة المبيع و ينسب الثلث إلى الباقي فيصح البيع في قدر تلك النسبة و هو ثلثاه بثلثي الثمن فإن خلف البائع بعشرة أخرى صحّ البيع في العبد إلاّ نصف تسعه بجميع الثمن و على الثاني في ثمانية أتساعه بثمانية أتساع الثمن أمّا لو باع قفيز حنطة يساوى ثلثين بقفيز منها يساوي عشره و لا تركة سواه فإنّه يتعيّن في الحكم الوجه الثاني لأنّ المساواة في القدر شرط في الصّحة و إلاّ حصل الرّبا فيمضي البيع في النصف بنصف الثمن السّدس في مقابلة النصف و الثلث بالمحاباة و لو باع قفيزا يساوي ستة بآخر يساوي ثلاثة فالمحاباة بالنصف فيرد على الورثة ثلث قفيزهم و على المشتري ثلث قفيزه فيفضل معه درهمان هي قدر الثلث الذي صحّت المحاباة فيه [- د -] إذا وهب التركة أجمع فإن أجاز الورثة صحّ و إن لم يجيزوا فإن شرط العوض و كان بقدر ثمن المثل صحّت أيضا مع دفع العوض و إن لم يشترط العوض صحّت من الثلث سواء أقبض أو لا و لو وهب و حابى فإن وسعها الثلث صحّا معا و إلاّ بدئ بالأوّل فالأوّل و كان النقص على الأخير و لو وهب مريض مريضا تركته أجمع ثمّ وهب الموهوب له ما وهبه إياه و لا شيء له سواه دخله الدور فإذا كانت التركة مائة يضرب ثلاثة في ثلاثة يسقط

ص: 305

منها سهما يبقى ثمانية فأقسم المائة عليها لكلّ اثنين خمسة و عشرون ثمّ هذ ثلثها ثلاثة أقسط فهنا سهما يبقى سهمان فهي للموهوب الأوّل و ذلك هو الرّبع أو نقول صحّت الهبة في شيء ثمّ صحّت الهبة الثّانية في ثلثه بقي للموهوب الأوّل ثلثا شيء و للواهب مائة إلاّ ثلثي شيء يعدل شيئين أجبر و قابل يخرج الشيء سبعة و ثلثين و نصفا رجع إلى الواهب ثلثها اثنا عشر و نصف بقي للموهوب خمسة و عشرون و لو وهب جارية و لا مال سواها و قيمتها ثلاثمائة فقبضها الموهوب و وطئها و مهر مثلها مائة و لم يجز الورثة فقد صحّت الهبة في شيء و سقط من مهر مثلها ثلث شيء و بقي للواهب أربع مائة إلاّ شيئا و ثلثا يقابل شيئين و هما مثلا ما صحّت فيه الهبة فتجبر إلاّ ربع مائة بشيء و ثلث فيكون أربع مائة تقابل ثلاثة أشياء و ثلثا فتضربها في ثلاثة يكون عشرة فالشيء ثلاثة اعتبار أربع مائة و ذلك مائة و عشرون فقد صحت الهبة في خمسي الجارية و سقط خمسا العقر و حصل للورثة ثلاثة أخماسها و ثلاثة أخماس العقر و ذلك مائتان و أربعون مثلا ما صحّت فيه الهبة و لو وطئها أجنبيّ فكذلك و يكون عليه مهرها ثلاثة أخماسه للواهب و خمساه للموهوب له إلاّ أنّ الهبة إنّما ينفذ فيما زاد على الثلث بعد حصول المهر من الواطئ فإن لم يحصل منه شيء لم يزد الهبة على ثلثها و كلّما حصل منه شيء نفدت الهبة في الزيادة على قدر ثلثه و لو وطئها الواهب حصل عليه من العقر بقدر ما صحّت فيه الهبة فحصل للموهوب له من الجارية شيء بالهبة و ثلث شيء بالعقر و للورثة شيئان مثلا ما حصل له بالهبة فيكون الجارية تعدل ثلاثة أشياء و ثلثا فالشيء ثلاثة أعشارها فالوصيّة من الجارية بقدر تسعين و له من العقر ثلاثون و يبقى للورثة مائة و ثمانون و هما مثلا ما حصل بالوصية و لو وهب المريض عبدا لا يملك سواه فقتل العبد الواهب خطأ فإن سلّمه الموهوب إلى الورثة كان تسليم النصف بالجناية و النّصف لانتقاص الهبة فيه لصيرورة العبد بأجمعه للورثة و هو مثلا نصفه فتعيّن أنّ الهبة جازت في نصفه و إن فداه و كانت قيمته دية قلت صحّت الهبة في شيء و يدفع إليهم نصف العبد و قيمة نصفه و ذلك يعدل شيئين فتبيّن أنّ الشيء نصف العبد و إن كانت قيمته نصف الدّية أو أقلّ و قلنا بفداه بأرش الجناية نفذت الهبة في جميعه لأنّ الأرش ضعف القيمة أو أكثر و لو كانت قيمته ثلاثة أخماس الدّية و فداه بالأرش فقد صحّت الهبة في شيء و يفديه بشيء و ثلثين فصار مع الورثة عبد و ثلثا شيء يعدل شيئين فالشيء ثلاثة أرباع فيصحّ الهبة في ثلاثة أرباع العبد و يرجع إلى الواهب ربعه مائة و خمسون و ثلاثة أرباع الدية سبع مائة و خمسون صار الجميع تسع مائة و هو ضعف ما صحّت الهبة فيه [- ه -] إذا أعتق في مرض الموت نفذ العتق من الثلث على ما اخترناه سواء كان منجّزا أو معلّقا بالموت و إذا أوصى بالعتق وجب على الوارث الإعتاق إذا خرج من الثلث و إلاّ فبإزائه فإن امتنع أجبره الحاكم و يحكم بحرّيته من حين العتق و ولاؤه للموصي لأنّه السبب و الوارث نائب عنه و لو وصى إلى غير الوارث بالعتق كان الإعتاق إليه و لو أوصى بوصايا من جملتها العتق بدئ بالواجب أوّلا من صلب المال و كان الباقي من الثلث و لو كان الكلّ تطوّعا كان بأجمعه من الثلث يبدأ بالأول من وصيّته فالأوّل و لا أولوية لتقديم العتق و قد روى الشيخ أنّه إذا كانت من جملة الوصايا الحجّ بدئ به و نحن نقول بذلك إن كان واجبا و إلاّ قدّم ما ذكره الموصى أوّلا [- و -] إذا جمع بين عطيّة منجّزة و معلّقة بالموت بدئ بالمنجّزة أوّلا كمن أعتق منجّزا أو أوصى بشيء فإنّه يبدأ بالعتق و كذا لو وهب ثمّ أوصى بالعتق فإنّه يبدأ بالهبة ثمّ إن اتّسع الثلث للباقي صحّ و إلاّ صحّ فيما يحتمله الثلث و بطل فيما قصر عنه [- ز -] إذا أعتق عبيده و لا مال سواهم عتق ثلثهم و يمضى العتق فيمن ذكره أوّلا و كذا لو أوصى بعتقهم و لو أعتقهم بلفظ واحد من غير ترتيب عتق ثلثهم و يستخرج بالقرعة و لو أعتق مملوكه و لا شيء سواه عتق ثلثه و استسعي في باقي قيمته للورثة [- ح -] إذا أوصى بعتق جميع مماليكه و له مماليك مختصّة و مماليك مشتركة بينه و بين غيره و وسع الثلث عتق الجميع عتق المختصّ و قدر ما يخصّه من المشترك قال الشيخ و يقوّم حصص الشركاء عليه من الثلث و يعتقون و فيه نظر [- ط -] إذا أوصى بعتق نسمة مؤمنة وجب ذلك فإن لم يوجد قيل عتق من أنهياء الناس من لا يعرف بنصب و عداوة و الأقرب التوقّع و إذا اشترى نسمة على أنها مؤمنة و أعتقها ثمّ ظهر أنّها ليست كذلك فقد أجزأت عن الموصي [- ي -] إذا أعتق عبيده بلفظ واحد و تساوت قيمتهم و كان لهم ثلث صحيح كستّة أعبد قيمتهم متساوية أقرع بينهم إمّا على الحرّية أو الرّقية و إن كان فيهم كسر كعبدين قيمة أحدهما مائتان و الآخر ثلاثمائة أقرعت بينهما فأيّهما وقعت عليه قرعة الحرّية ضربت قيمته في ثلاثة أسهم فما بلغ نسبت إليه قيمة العبدين معا فمهما خرج بالنّسبة فهو القدر الذي يعتق منه فإذا وقعت على الذي قيمته مائتان

ص: 306

ضربتهما في ثلاثة صارتا ستمائة و نسبت منها قيمة العبدين معا و هي خمسمائة تجدها خمسة أسداسها فيعتق منها خمسة أسداسه و إن وقعت على الآخر عتق منه خمسة أتساعه و لو كان له عبدان اسمهما واحد فقال فلان حرّ بعد موتي و له مائتا درهم و لم يعيّنه أقرع بينهما في العتق و أمّا الدراهم فيحتمل بطلان الوصيّة فيها لوقوعها لغير معيّن و الصّحة لأنّ مستحقّها حرّ في حال استحقاقها [- يا -] إذا أعتق عبدا من عبيده و لم يعيّنه استخرج بالقرعة و لو أوصى بعتق أحد عبيده احتمل تخيير الوارث فيه و لو أوصى بعتق عبد من غير إضافة و لا تعيين وصفه أعتق الوارث من يجزي في الكفّارة [- يب -] قد بيّنا أنّ العطيّة يخرج من الثلث و يعتبر حال الوفاة فمهما خرج من الثلث علم أنّ العطيّة صحّت فيه حال العطيّة فإن نما المعطى أو كسب شيئا قسّم بين الورثة و بين صاحبه على قدر مالهما فيه و ربّما أفضى إلى الدّور فإذا أعتق عبدا لا يملك غيره فكسب مثل قيمته في حال حياة سيّده فللعبد من كسبه بقدر ما عتق منه و باقيه لسيّده فيزداد به مال السيّد فيزداد الحريّة بذلك و يزداد حقّه من كسبه فينقص به حقّ السّيد من الكسب و ينقص بذلك قدر المعتق منه فليستخرج ذلك بالجبر فيقال عتق من العبد شيء و له من كسبه شيء لأنّ كسبه مثله و للورثة من العبد و كسبه شيئان لأنّ لهم مثلي ما عتق منهم و قد عتق منه شيء و لا يحسب على العبد ما حصل له من الكسب لأنّه استحقّه بجزئه الحرّ لا من جهة سيّده فصار للعبدين شيئان و للورثة شيئان من العبد و كسبه فيقسّم العبد و كسبه نصفين يعتق منه نصفه و له نصف كسبه و للورثة نصفهما و لو كسب مثلي قيمته فله من كسبه شيئان فيصير له ثلاثة أشياء و للورثة شيئان فيقسم العبد و كسبه أخماسا يعتق منه ثلاثة أخماسه و له ثلاثة أخماس كسبه و للورثة خمساه و خمسا كسبه و لو كسب ثلاثة أمثال قيمته فله ثلاثة أشياء من كسبه مع ما عتق منه و لهم شيئان فيعتق منه ثلثاه و له ثلثا كسبه و لهم الثلث منهما و لو كسب نصف قيمته عتق منه شيء و له نصف شيء و لهم شيئان فالجميع ثلاثة أشياء و نصف إذا بسطتها أنصافا صارت سبعة له ثلاثة أسباعها فيعتق ثلاثة أسباعه و له ثلاثة أسباع كسبه فالباقي لهم فإذا كانت قيمته مائة و كسب خمسين فقد عتق من العبد شيء و تبعه من الكسب نصف شيء لأنّ الكسب مثل نصف قيمته و للورثة شيئان فالعبد و كسبه و هما مائة و خمسون يعدل ثلاثة أشياء و نصف تضربها في مخرج النّصف و هو اثنان يصير سبعة و يضرب الاثنان في مائة و خمسين يكون ثلاثمائة فالشيء سبع ثلاثمائة و هو ثلاثة أسباع مائة فيعتق من العبد ثلاثة أسباعه و يتبعه من الكسب ثلاثة أسباعه و قد حصل للورثة أربعة أسباع العبد و أربعة أسباع الكسب و هما مثلا ثلاثة أسباع العبد فيكون للورثة ستّة أسباع مائة و للمعتق ثلاثة أسباع مائة و لو كان على السيد دين يستغرق قيمته و قيمة كسبه بطلت الوصيّة و إن لم يستوعب صرف من العبد و كسبه ما يقضي به الدّين و الباقي يقسّم على ما يعمل في العبد الكامل و كسبه فلو كان على السّيد دين كقيمته صرف فيه نصف العبد و نصف كسبه و قسّم النصف الباقي بين الورثة و المعتق نصفين و لو كسب العبد مثل قيمته و للسيّد مال مثل قيمته قسمت العبد و مثلي القيمة على الأشياء الأربعة فلكلّ شيء ثلاثة أرباع فيعتق من العبد ثلاثة أرباعه و له ثلاثة أرباع كسبه و لو أعتق عبدا قيمته عشرون ثمّ أعتق آخر قيمته عشرة و لا مال سواهما و كسب كلّ واحد مثل قيمته لم يكمل الحريّة في الأوّل و إلاّ لتبعه كسبه فيحصل له ضعف ما للورثة بل طريقه أن نقول عتق منه شيء و له من كسبه شيء و للورثة شيئان فيقسّم العبدان و كسبهما على الأشياء الأربعة فيكون لكلّ شيء خمسة عشر فيعتق منه بقدر ذلك و هو ثلاثة أرباعه و له ثلاثة أرباع كسبه و الباقي منه و من كسبه و العبد الآخر و كسبه أجمع للورثة و لو بدأ بعتق الأدنى عتق كلّه و أخذ كسبه و يستحقّ الورثة من العبد الآخر و كسبه مثلي الأدنى و هو نصفه و نصف كسبه و يبقى نصفه و نصف كسبه بينهما نصفين فيعتق ربعه و له ربع كسبه و يرقّ ثلاثة أرباعه و يتبعه ثلاثة أرباع كسبه و ذلك مثلا ما انعتق منها و لو عتق العبدين دفعة أقرع بينهما فمن خرجت له قرعة الحريّة فحكمه كما لو بدأ بعتقه و لو كان له ثلاثة أعبد قيمة كلّ واحد مائة و عليه دين مائة و كسب أحدهم مائة و أعتقهم و لم يجز الورثة أقرع لإخراج الدّين فإن وقعت على غير المكتسب بيع في الدّين ثمّ أقرع بين المكتسب و الآخر للحريّة فإن خرجت على غير المكتسب عتق كله و كان المكتسب و ماله للورثة و إن وقعت قرعة الحريّة على المكتسب دخل ذلك الدّور فيقول عتق منه شيء و تبعه من كسبه شيء و للورثة شيئان فالعبدان و الكسب ثلاثمائة يعدل أربعة أشياء فالشيء خمسة و سبعون و ذلك ثلاثة أرباع العبد فيعتق ثلاثة أرباعه و يتبعه من الكسب خمسة و سبعون و يبقى للورثة ربعه خمسة و عشرون و من كسبه مثلها و العبد الآخر قيمته مائة فيحصل للورثة مائة و خمسون و ذلك ضعف ما عتق من العبد و لو وقعت قرعة الدّين على

ص: 307

المكتسب أوّلا بيع نصفه في الدين و صرف نصف كسبه فيه و لو بعنا لجميع أبطلنا عليه العتق و لم يقض الدّين من كسبه خاصة لإمكان وقوع النسق عليه فيكبر المكتسب له لا من مال الميّت فلا يجوز أن يقضى بماله دين الميّت و إنما قضي الدّين بما يتبع ما رقّ منه من الكسب لبطلان العتق فيه فإذا ثبت هذا أقرع بين باقيه و بين العبدين الآخرين في الحريّة فإن وقعت على غيره عتق بأجمعه و للورثة الباقي و إن وقعت عليه عتق باقيه و أخذ باقي كسبه ثمّ أقرع بين العبدين لإتمام الثلث فمن وقعت عليه القرعة عتق ثلثه و بقي ثلثاه و العبد الآخر للورثة فيكون العتق خمسة أسداس عبد لأنّ مال الميّت بعد قضاء الدّين عبدان و نصف و لو لم يكن هناك دين أقرع بين الثلاثة فإن خرجت قرعة العتق على المكتسب عتق و كان كسبه له و رقّ العبدان الباقيان و هما مثلا ما عتق و إن خرجت على غير المكتسب عتق و بقي من الثلث شيء لأنّ قيمة العبيد و الكسب أربعمائة فيقرع بين الباقيتين فإن خرجت القرعة على الذي لم يكتسب عتق ثلثه و قد استوفى الثلث و إن خرجت على المكتسب قلنا نفذ العتق في شيء و تبعه من الكسب شيء و للورثة شيئان مثلا ما عتق و قد نفذ العتق في عبد قيمته مائة فيجعل للورثة مثلا ذلك مائتان و في يدهم عبدان قيمتهما مائتان و مائة الكسب فيسقط من ذلك مائتان و يبقى معهم مائة تعدل أربعة أشياء فالشيء خمسة و عشرون و تبعتها من الكسب خمسة و عشرون و يبقى للورثة عبد قيمته مائة و ثلاثة أرباع المكتسب خمسة و سبعون و كسب ذلك خمسة و سبعون فيكون لهم مائتان و خمسون و قد عتق عبد و ربع عبد بمائة و خمسة و عشرين [- يج -] إذا أعتق عبدين بلفظ واحد و لا مال سواها و هما متساويان فيه فمات أحدهما أقرع بين الحيّ و الميّت فإن وقعت على الميّت فالحيّ رقيق و تبيّن أنّ الميّت نصفه حرّ لأنّ الواصل إلى الورثة مثلا نصفه و إن وقعت على الحيّ عتق ثلثه و لا يحسب الميّت على الورثة [- يد -] لو أعتق عبده و قيمته عشرة و لا مال سواه فمات قبل سيّده و ترك عشرين استحقّها السّيد بالولاء و تبيّن أنّه مات حرّا و لو خلّف عشرة دخله الدّور فنقول تحرّر منه شيء و له من كسبه شيء و لسيّده شيئان و قد حصل في يد سيّده عشرة تعدل شيئين فتبيّن أن نصفه حرّ و باقيه رقيق و العشرة للسيّد نصفها بالرّق و نصفها بالولاء و لو خلف العبد ولدا فله من رقبته شيء و من كسبه شيء يكون لولده بالميراث و للسيّد شيئان فيقسّم العشرة على ثلاثة للابن ثلثها و للسيّد ثلثاها و تبيّن أنّه عتق من العبد ثلثه و لو خلف العبد عشرين و ابنا فله من كسبه شيئان يكونان لابنه و لسيّده شيئان فالعشرون بين السيّد و الولد نصفين و تبيّن أنّه عتق نصفه و لو مات الابن قبل موت السيّد و كان ابن معتقه ورثه السيّد لأنّا تبيّنا أنّ أباه مات حرّا إذ السيّد قد ملك عشرين هي مثلا قيمته فعتق و جرّ ولاء ابنه إلى سيّده فورثه و إن لم يكن ابن معتقه لم ينجر ولاؤه و لم يرثه سيّد أبيه و كذا البحث لو خلّف الولد عشرين و لم يخلّف الأب شيئا أو ملك السيّد عشرين من أيّ جهة كانت و لو لم يملك عشرين لم ينجر ولاء الابن إليه لأنّ أباه لم يعتق و لو عتق بعضه انجرّ من ولاء ابنه بنسبته [- يه -] المريض إذا تزوّج و مات في مرضه فإن لم يدخل بطل النكاح و لا مهر للمرأة و لا ميراث و إن دخل صحّ النكاح و ثبت لها الميراث و كان لها المهر فإن حابى فيه بأن كان مهر مثلها خمسة فأصدقها عشرة لا يملك سواها كان لها مهر المثل و ثلث المحاباة و لو أجاز الورثة يثبت المحاباة و لو ماتت قبله فورثها و لم يخلف سوى الصداق دخلها الدور فيصح المحاباة في شيء فيكون لها خمسة بالصّداق و شيء بالمحاباة و يبقى لورثة الزوج خمسة إلاّ شيئا ثمّ رجع إليهم بالميراث نصف مالها و هو اثنان و نصف و نصف شيء صار لهم سبعة و نصف إلاّ نصف شيء يعدل شيئين أجبر و قابل يخرج الشيء ثلاثة و كان لها ثمانية رجع إلى ورثة الزّوج نصفها أربعة صار لهم ستّة و لورثتها أربعة و لو ترك الزّوج خمسة أخرى بقي مع الورثة اثنا عشر و نصف إلاّ نصفا شيء يعدل شيئين فالشيء خمسة فجازت لها المحاباة أجمع و رجع جميع ما حابى به إلى ورثة الزّوج و بقي لورثتها صدق أمثلها و لو كان للمرأة خمسة و لا شيء للزوج بقي مع ورثة الزّوج عشرة إلاّ نصفا شيء يعدل شيئين فالشيء أربعة فيكون لها بالصداق تسعة مع خمسها أربعة عشر رجع إلى ورثة الزوج نصفها مع الدّينار الذي بقي لهم صار لهم ثمانية و لورثتها سبعة [- يو -] إذا أعتق أمته في صحّته ثمّ تزوّجها في مرضه و دخل صحّ و ورثته إجماعا و إن أعتقها في مرضه ثمّ تزوّجها و دخل و كانت تخرج من الثلث عتقت و ورثت و لو أعتق أمة لا يملك غيرها ثمّ تزوّجها صحّ النّكاح فإن مات ظهر فساد النكاح و يسقط مهرها و يعتق ثلثها و يرقّ ثلثاها و إن كان قد دخل بها و مهرها نصف قيمتها عتق منها ثلاثة أسباعها و استرق أربعة أسباعها و طريقه أن تقول عتق منها شيء و لها بصداقها نصف شيء و للورثة شيئان فيجتمع ذلك فيكون ثلاثة أشياء و نصف تبسطها فيكون سبعة لها منها ثلاثة و لهم أربعة و لو أراد الورثة دفع حصّتها من

ص: 308

من مهرها و هو سبعاه و يعتق منها سبعاها و يسترقّوا خمسة أسباعها فلهم ذلك و لو قلنا يحسب مهرها من قيمتها و تستسعى فيما بقي و هو ثلث قيمتها كان وجها و لو أعتقها و قيمتها مائة و تزوّجها و مهرها كذلك و خلف مائة صحّ النكاح و بطل المسمى و إلاّ جاء الدّور لتوقّفه على ثبوت العقد المتوقّف على العتق المتوقّف على بطلان المهر لقصور الثلث عن القيمة مع صحّته و يثبت مهر المثل لأنّه يجري مجرى أرش الجناية و يبطل العتق في بعضها لزيادتها عن الثلث و طريق تحصيل مقدار العتق و حصّته من مهر المثل أن يقال عتق منها شيء و حصل لها من مهر المثل شيء آخر و حصل للورثة شيئان في مقابلة ما عتق منها فيكون التركة التي من جملتها الجارية في تقدير أربعة أشياء التركة ثلاثمائة و قيمة الجارية ثلثها فيعتق ثلاثة أرباعها و يحصل لها ثلاثة أرباع مائة من مهر المثل تؤدي منه خمسة و عشرين تمام قيمتها يبقى لها خمسون و للورثة مائة و خمسون [- يز -] لو أعتقت المريضة عبدا قيمته عشرة و تزوّجها بعشرة في ذمّته ثمّ ماتت و خلّفت مائة ضمّت العشرة إلى المائة فيكون هي التركة فيرث النصف و يبقى للورثة خمسة و خمسون و لا يجب عليه قيمته [- يح -] خلع المريضة جائز فإذا خالفت في مرضها فإن كان بمهر المثل صحّ له الفدية و إن كان بأكثر كانت الزيادة على مهر المثل محاباة يعتبر من الثلث فإذا خالعت و مهر مثلها اثنا عشر بثلثين لا مال لها سواها فللزوج ثمانية عشر و لو تزوّج المريض امرأة على مائة و لا يملك غيرها و مهر أمثالها عشرة ثمّ مرضت فاختلعت منه بالمائة و لا مال لها سواها فلها مهر مثلها و شيء بالمحاباة و الباقي له ثمّ رجع إليه صداق المثل و ثلث شيء بالمحاباة فصار له مائة إلاّ ثلثي شيء يعدل شيئين فالشيء ثلاثة أثمانها و هو سبعة و ثلاثون و نصف فصار لها ذلك و مهر المثل يرجع إليه مهر المثل و ثلث الباقي اثنا عشر و نصف فيصير بيده خمسة و سبعون و هو مثلا محاباتها [- يط -] لو وهب المريض أخته مائة لا يملك سواها فقبضتها ثمّ ماتت و خلفته مع زوجها فقد صحّت الهبة في شيء و الباقي للواهب و رجع إليه بالميراث نصف الشيء الذي جازت الهبة فيه صار معه مائة إلاّ نصف شيء يعدل شيئين فالشيء خمسا ذلك أربعون رجع إلى الواهب نصفها عشرون صار معه ثمانون و بقي لورثة الموهوبة عشرون و طريقه أن يأخذ عددا لثلثه نصف و هو ستّة فتأخذ ثلثها اثنين و تلقي نصفه سهما يبقى سهم فهو للموهوبة و يبقى للواهب أربعة فيقسم المائة بينهم على خمسة و السّهم الّذي أسقطته لا يذكر لأنّه يرجع على جميع السّهام الباقية بالسّوية فيطرح كالسّهام الفاضلة عن الفروض في مسألة الرّد مثل أن يخلف أمّا و ابنين فللابنين أربعة و للأمّ سهم و يسقط ذكر السّهم الآخر [- ك -] لو أعتق المريض عبدا لا شيء له سواه و قيمته مائة فقطع إصبع سيّده خطاء عتق نصفه و عليه نصف قيمته و يصير للسيّد نصفه و نصف قيمته و ذلك مثلا ما عتق منه و إنّما وجب نصف القيمة عليه لأنّ عليه من أرش الجناية بقدر ما عتق منه و حساب ذلك أن تقول عتق منه شيء و عليه للسيّد شيء فصار مع السيّد عبد إلاّ شيئا و شيء يعدل شيئين فأسقط شيئا بشيء بقي ما معه من العبد يعدل شيئا مثل ما عتق منه و لو كانت قيمته مائتين عتق خمساه لأنّه عتق منه شيء و عليه نصف شيء للسيّد فصار للسيّد نصف شيء و بقيّة العبد يعدل شيئين فيكون بقيّة العبد يعدل شيئا و نصفا و هو ثلاثة أخماسه و الشيء الذي عتق خمساه و لو كانت قيمته خمسين أو أقلّ عتق بأجمعه لأنّه يلزمه مائة و هي مثلاه و لو كانت قيمته شيئين قلنا عتق منه شيء و عليه شيء و ثلثا شيء للسيّد مع بقيّة العبد يعدل شيئين فبقيّة العبد إذن ثلث شيء فيعتق منه ثلاثة أرباعه و على هذا القياس إلاّ أن ما زاد من العتق على الثلث يقف على أداء ما يقابله من القيمة [- كا -] لو أعتق عبدين لا مال سواهما دفعة واحدة قيمة أحدهما مائة و الآخر مائة و خمسون فجنى الأدنى على الأرفع جناية نقضته ثلث قيمته و أرشها كذلك ثمّ مات السيّد فإن وقعت قرعة الحريّة على الجاني عتق منه أربعة أخماسه و عليه أربعة أخماس أرش جنايته و بقي لورثة سيّده خمسه و أرش جنايته و العبد الآخر و ذلك مائة و ستّون هي مثلا ما عتق منه و طريقه أن تقول عتق منه شيء و عليه نصف شيء لأنّ جنايته بقدر نصف قيمته بقي للسيّد نصف شيء و باقي العبدين يعدل شيئين فعلمنا أنّ باقي العبدين شيء و نصف فإذا أضفت إلى ذلك الشيء الذي عتق صارا جميعا يعدلان شيئين و نصفا فالشيء الكامل خمساهما و ذلك أربعة أخماس أحدهما و لو وقعت قرعة الحريّة على المجني عليه عتق ثلثه و له ثلث أرش جنايته يتعلّق برقية الجاني و ذلك تسع الدية لأنّ الجناية على من ثلثه حرّ يضمن بقدر ما فيه من الحريّة و الرقّ و الواجب له من الأرش يستغرق قيمة الجاني فيستحقّه بها و لا يبقى لسيّده مال سواه فيعتق ثلثه و يرقّ ثلثاه [- كب -] إذا أوصى للمريض بمن ينعتق عليه فقبله و مات في ذلك المرض عتق من الأصل لأنّ الاعتبار الثلث إنّما يكون لما يخرج من ملكه

ص: 309

و يرث و قال الشّافعي يكون من الثلث و هو قويّ و لو اشترى المريض أباه بألف لا يملك سواها فعلى القول بإخراج المنجزات من الأصل يصحّ البيع و ينعتق جميعه و على ما اخترناه يعتق ثلثه و يبقى ثلثاه رقّا لورثة ابنه فإن كان ممّن ينعتق عليهم عتق و إلاّ فلا و يرث بقدر الحريّة فيه [- لج -] إذا أوصى لرجل بجارية و أتت بولد بعد موت الموصي و لا تركة سواهما و قيمتهما متساوية كان للموصي له ثلثا الجارية و الثلث الباقي و الولد للورثة و لو أوصى له بجارية حامل منه و مات قبل القبول قام وارثه مقامه فيه و يكره له الرّد فإذا قيل الوارث ملك الجارية و حملها بالقبول من الموصي لا من المورث و هل يقضي ديون المورّث من الجارية و حملها و ينفذ منهما وصاياه فيه نظر ينشأ من أن الملك حصل من الموصي و السبب و هو القبول لم يحصل من المورث و من كون الوارث إنّما ملك بما ورث عنه من القبول فهو مملوك لسبب من جهته كالدّية و على كلّ تقدير فالولد لا يرث لتوقّفه على الحريّة المتوقّفة على القبول من جميع الورثة فلو كان أحدهم دار و لو أوصى بأمة لرجل و مات الموصي و الموصى له و له ابن من الأمة و لم يجز الورثة فقبلها الولد عتق ثلثها و في تقويم الباقي عليه إشكال [- كد -] إذا أعتق المريض شقصين من عبدين على التعاقب فإن خرج الأوّل بكماله من الثلث عتق و إن فضل من الثلث شيء عتق من الثّاني بقدر الفاضل و لو خرج الثاني كلّه عتق و لو لم يفضل عن كمال الأوّل شيء لم يعتق من الثاني شيء و نفذ العتق في الأوّل بأجمعه و لو قصر الثلث عن الأوّل عتق منه بقدره و لو أعتق الشقصين منهما دفعة فإن خرج العبدان من الثلث عتقا و إن خرج الشقصان خاصّة عتق الشقصان و إن خرج أزيد منهما فالأقرب القرعة و يحتمل قسمة الفاضل بينهما [- كه -] إذا ملك المريض من يعتق عليه بغير عوض عتق و ورث كالهبة و الميراث و لو كان بعوض صحّ الشراء من الثلث و عتق و في إبطال الشراء في الزائد نظر و على تقدير الصّحة لا يعتق على المريض و أمّا الوارث فإن كان ممن يعتق عليه عتق و إلاّ فلا و مع عتق جميعه على المريض يرث منه و إن عتق بعضه ورث بقدر الحريّة و إن عتق على الوارث لم يرث بالنسبة إلى نصيبه و لو اشترى أباه بألف لا يملك سواها و خلّف ابنا فعلى القول بصحّة البيع من الأصل يعتق على المريض و على الآخر يعتق ثلثه و يعتق باقيه على الابن و لو اشترى ابنه بألف من تركته و قيمته ثلاثة آلاف و خلف ابنا آخر عتق كلّه على أحد القولين و على الآخر يملك أخوه لسعيه و يعتق سبعة أتساعه لأنّه ملك ثلثيه بالمحاباة و لو ترك ألفين سواه عتق كلّه و ورث ألفا لأنّ التركة هي الثمن لا القيمة و لو اشترى ابني عمّه بألف لا يملك سواها و قيمة كلّ واحد ألف فأعتق أحدهما ثمّ خلّف أبعد منهما في النّسب فعلى ما اخترناه يعتق ثلثاه إلاّ أن يجيز الوارث عتقه أجمع ثم يرث بثلثيه ثلثي بقيّة التركة فيعتق منه ثمانية أتساعه و يبقى تسعة و ثلث أخيه للأبعد و يحتمل عتقه كلّه و يرث أخاه لأنّه بالاعتناق يصير وارثا لثلثي التركة ينفذ إجازته في إعتاق باقيه فيكمل له الحريّة ثمّ يكمل له الميراث و لو تبرّع بثلث تركته ثمّ اشترى إياه و له ابن فإن قلنا بإخراج المنجزات من الأصل صحّ العتق للأب و ورث و إن قلنا إنّه من الثلث قدّمنا السابق من المنجزات فيصحّ الشراء و لا يعتق على المريض لأنّه لم يبق من الثلث شيء و يرثه الولد فيعتق عليه و لا يرث لأنّ العتق إنما حصل له بعد الموت و كذا البحث لو اشترى أباه ثمّ أعتقه أمّا لو وهب له أبوه أو ورثه فإنّه بعتق عليه و يرث و لو ملك من يرثه ممّن لا يعتق عليه كابن عمّه فأعتقه في مرضه كان إعتاقه وصيّة من الثلث على ما اخترناه فإن خرج من الثلث عتق و ورث و إن لم يخرج من الثلث عتق منه بقدر الثلث و ورث بقدر ما فيه من الحريّة [- كو -] كلّ ما يلزم المريض في مرضه من الحقوق الواجبة فهو من رأس المال كأرش الجناية و جناية عبده و ما عاوض عليه بثمن المثل و أمّا يتغابن الناس بمثله و النكاح بمهر المثل و شراء جارية للتسري كثيرة الثمن بثمن المثل و كذا شراء طعام لا يأكله مثله بثمن مثله بلا خلاف بين العلماء في ذلك و لو قضى بعض غرمائه و وقت تركته بسائر الدّيون صحّ قضاؤه و لا سبيل للغرماء عليه و إن لم يف فكذلك لأنّه أدّى واجبا فصار كما لو اشترى بثمن المثل و لو أعتق تبرّعا ثمّ أقرّ بدين مستوعب ففي صحة العتق نظر [- كز -] العطايا المنجزة يشترك مع الوصيّة في أحكام أربعة أحدهما أنّها تخرج من الثلث على ما اخترناه و يقف نفوذها فيما زاد عليه على الإجازة الثاني أنّ فضلها أنقص من فضل الصّدقة في حال الصّحة الثالث أن خروجها من الثلث يعتبر حال الموت لا قبله و لا بعده الرابع أنّها إذا اجتمعت العطايا قدّم الأوّل منها فالأوّل كالوصيّة و يفارقها في الأحكام خمسة الأول أنّها لازمة في حق المعطي ليس له الرجوع فيها و إن كثرت الثاني أنّ قبولها على الفور في حياة المعطي و كذا ردها بخلاف الوصيّة فإنّه لا حكم لقبولها و لا ردّها إلاّ بعد الموت الثالث أنّ العطيّة تفتقر إلى شروطها المعتبرة في الصّحة من العلم بالقدر في البيع و عدم التعليق على شرط في العتق و غير ذلك من الأحكام بخلاف الوصيّة الرابع أنّ المرض إن اتصل بالوفاة خرجت

ص: 310

من الثلث و إن برأ منه ثمّ مات خرجت من الأصل و الوصيّة تخرج من الثلث مطلقا الخامس أنّها مقدمة على الوصيّة فيبدأ بها و يدخل النّقص على الوصايا و لو اجتمعت العطايا فإن ترتبت بدئ بالأوّل فالأوّل و كان النقص داخلا على الأخير و إن وقعت دفعة بأن وكّل جماعة في إيقاعها فأوقعوها دفعة قسّم الثلث بينها على قدر الحقوق و لو نذر عتق سعيد عند عتق سعد ثمّ أعتق سعد أعتق سعيد إن خرجا من الثلث و إن لم يخرج إلاّ أحدهما قدّم عتق سعد و إن بقي من الثلث ما يعتق به بعض سعيد عتق تمام الثلث منه و لو بذر عتق عبده إن تزوّج فتزوّج بأكثر من مهر المثل فالزيادة معتبرة من الثلث فإن قصر الثلث عن المحاباة و العتق قدمت المحاباة لأنّ التزويج شرط في العتق فيتقدّم عليه فوجوب المحاباة أسبق و يحتمل التساوي لأنّ التزويج سبب للمحاباة و شرط في العتق [- لح -] المرض قسمان مخوف و غير مخوف و الثاني كوجع العين و الضرس و الصّداع اليسير و حمى ساعة و هذا حكمه حكم تصحيح في عطاياه و الأوّل إنّما ممتدّ كالجذام و حمّى الرّبع و الفالج عند انتهائه و السّل في ابتدائه و حمّى الغب أو غير ممتدّ و يعلم تعجيل موته كالمذبوح و من انتزعت حشوته أو لا يعلم لكنّه يخاف منه ذلك كالبرسام و الحمّى الصالب و الرعاف اللازم و ذات الجنب و وجع القلب و الرئة و القولنج فهذه كلّها يحقّق معها الحجر في الوصايا و التّبرعات عمّا زاد على الثلث سواء كان معها حمّى أو لا و الإسهال المخوف الذي لا يمكنه منعه و لا مسكه مخوف و إن لم يكن منحرفا بل ينقطع و يعود ليس بمخوف إلاّ أن يكون معه زحير أو يدوم عليه أو يستصحب الدّم و لو أشكل الحال في المخوف و غيره رجع إلى أهل الخبرة و هم الأطباء المسلمون العدول و لو هاج به الدم فهو مخوف و إن لم يتغيّر عقله و كذا الصفراء إذا هاجت به أو البلغم الهائج و الطاعون و الجراح النافذ إلى الدباغ أو إلى الجوف مخوف و لو كان في يد أو ساق و شبههما لم يورّم الموضع و لا يأكل و لا حصل معه ضربان فهو غير مخوف [- كط -] لو حصل الخوف من غير مرض لم يتعلّق به الحجر مثل حال التحام الحرب حال التحام الطائفتين و كالأسير إذا وقع مع من يرى قتله و ركوب البحر وقت اضطرابه و حضور مستوفي القصاص منه و الطلق إذا ضرب الحامل فهذه الأسباب كلّها لا يتعلّق بها حكم المرض و يمضى التبرعات المنجزة معها من الأصل و كذا لو حصل الطاعون ببلد هو ساكن فيه

ص: 311

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.