كتاب من لا يحضره الفقيه

هوية الكتاب

المؤلف: أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

المحقق: علي اكبر الغفّاري

الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية - قم المقدّسة

الطبعة: 2

الموضوع : الحديث وعلومه

تاريخ النشر : 0 ه-.ق

الصفحات: 599

المكتبة الإسلامية

166

من لا يحضر الفقيه

تأليف: المحدث الجليل الأقدم

أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي

الشيخ الصدوق

المتوفی سنة 381 ه

الجزء الأول

تحقيق: سماحة الأستاذ المحقق الشيخ علي اكبر الغفاري

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة

المحرّر الرّقمي: محمّد علي ملك محمّد

ص: 1

المجلد 1

اشارة

شابك (دورة) 4-415-470-964-978

ISBN 978-964-470-415-4

بيان الرموز

نرمز إلی شرح المولی محمد تقي المجلسي رحمه اللّه المسمی بروضة المتقين في شرح أخبار الأئمة المعصومين ب«م ت».

و إلی حاشية المولی مراد بن عليخان التفرشي رحمه اللّه ب«مراد».

و إلی حاشية سلطان العلماء الحسين بن محمد بن محمود الحسيني الآملي رحمه اللّه ب«سلطان».

و إلی حاشية الحكيم الإلهی السيد محمد باقر الحسيني المعروف بميرداماد رحمه اللّه ب«م ح ق».

و إلی شرح العلامة المجلسي قدس سره علی الكافي المعروف بمرآة العقول ب«المرآة».

ونعبر عن المجلسي الأول ب«المولی المجلسي» وعن الثاني ب«العلامة المجلسي».

من لا يحضر الفقيه

(ج1)

تأليف: رئيس المحدثين الشيخ الصدوق قدس سره

الموضوع: الحديث

تصحيح وتعليق: الأستاذ المرحوم علي أكبر الغفاري رحمه اللّه

طبع ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي

عدد الصفحات: 632

الطبعة: الخامسة

المطبوع: 500 نسخة

التاريخ: 1429 ه.ق

شابك ج1: 6-635-470-964-978

ISBN 978-964-470-635-6

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله والصلاة على محمد رسول اللّه وآله آل اللّه واللعنة على أعدائهم أعداء اللّه إلى يوم لقاء اللّه.

لا يخفى على ذوي الأطلاع والدراية في أصول المذهب الامامي الاثني عشري وفروعه ما للكتب الأربعة من أهمية بالغة في حفظ أسس الدين الاسلامي وتشييد أركان مذهب آل الرسول صلى اللّه عليه وآله على مدى القرون الخالية ومنذ انتهاء عصر صدور النص الشرعي وبداية زمن الغيبة الكبرى. والسرّ في ذلك هو شمول هذه الكتب واستيعابها لجميع ما يخصّ الانسان في حياته الفردية والاجتماعية وحياته الدينية، الأمر الذي جعل هذه الكتب مداراً للتحقيق والاستدلال في جميع أنواع الفنون من الفقه والأصول والتفسير والدراية والأخلاق وغيرها من العلوم.

وكتاب «من لا يحضره الفقيه» الماثل بين يديك هو واحد من هذه الكتب الأربعة المباركة، قد جمع فيه مصنّفه الفقيه الأجل الشيخ أبوجعفر محمد بن علي الصدوق - نور اللّه مضجعه - مسائل الحلال والحرام والشرائع والأحكام.

وقامت مؤسستنا بعد نشر الطبعة الأولى المحققة منه بتنظيم معجم الألفاظه بيد بعض الفضلاء وطباعته طباعة مميزة عن الطبعة السابقة بما يلي:

1 - تصحيح الأخطاء المطبعية ورفع الاشكالات الفنية.

2 - ترقيم أبواب الكتاب بعد أن لم تكن مرقة.

3 - ترقيم الأحاديث بترقيمين: ترقيم شامل لأحاديث جميع الكتاب وترقيم خاص لكل باب على حدة.

سائلين اللّه أن يتقبل منا هذا اليسير إنه نعم المولى ونعم النصير. وآخر دعوانا أن الحمد اللّه رب العالمين.

مؤسسه النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

ص: 3

كلمة المحشّي

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

حمدا لك يا من أوضح السبيل لمعالم الإسلام، و جعل السنّة دليلا على الشرائع و الأحكام، و بعث رسوله في الأمّيّين، و أرسله إلى كافّة الناس أجمعين، و أنزل القرآن فيه تبيان كلّ شي ء، و أبلغ به الحجّة، و أنار للناس المحجّة، ثمّ أضاء لهم المصابيح بنبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه و آله و صنوه و خليله عليّ عليه السّلام و أولاده عيبات علم الملك العلّام، الّذين هم أساس الدّين، و عماد اليقين، بهم عرّفنا اللّه حدود الحلال و الحرام و القربات، و أنقذنا بهم من شفا جرف الهلكات، لنحيا حياة طيّبة سعيدة راقية، و عن الذّل و الشقاء و الدّمار نائية، و لئلّا نعيش في الدّنيا ذليلا كالانعام المعملة، و الوحوش المهملة.

و صلاة على رسوله الأمين و على عترته أعلام الدّين، الّذين فيهم كرائم القرآن و هم كنوز الرّحمن، إن نطقوا صدقوا، و إن صمتوا لم يسبقوا.

أمّا بعد فهذا «كتاب من لا يحضره الفقيه» المعروف صيته بحيث يستغني عن التنبيه، يعرفه الخاصّ و العام الساذج و النبيه، و كان كالبدر لا تناله أيدي مناوئيه و لا يكاد يعادله كتاب و يدانيه، و السالك مهما سلك سبله و بواديه و أشرف على أدانيه و أقاصيه يلتجئ إلى معاقل عزّه و صياصيه، و الباحث مهما سبح في أجواء بحره الطامي و اغترف من عذب ألفاظه و معانيه يجد ضالّته المنشودة و يرى فيه بغيته و أمانيه، و المتحيّر في مختلف القول و هواديه يتعوّذ بركنه الوثيق من الضلال و دواهيه، و لو اطّلع على ما

ص: 4

في غضونه العالم الفقيه يقتصد في قوته ليقتنيه، و يبيع شعاره و دثاره ليشتريه، و طالب العلم العطاش إذا أخبر بعبابه الجيّاش حلّ بفناء قدسه و لا يجتويه، و المتحرّي طريق الرّشد و الصواب يعتنق أحكامه بلا ارتياب، و التائه في تيه السدر إذا عمي عليه المصدر أو الواقع في ضيق الحرج إن أراد الخروج و تعايا عليه المخرج فليلتمس النجاة بهداه و ليقتبس من نوره و ضياه.

فيا فوز من يهدى بنور هداه *** و يا فخر من يعلو سواء سبيله

سيأكل عفوا من ثمار جنانه *** و ينهل يوم الحشر من سلسبيله

و صاحبه ذو منّة يوم ظعنه *** و سعدا يرى و اللّه يوم مقيله

سيكلأ حقّا من حوادث يومه *** و يحفظ صدقا من طوارق ليله

به يمس راق في معارج عزّه *** و يصبح باق في نعيم جميلة

يتراءى للباحث في طيّ هذه الصحائف الكريمة الخالدة المنهج اللّاحب، و الفقه المستدلّ، و الدّليل الرّصيف، و الرّأي الجيّد الحصيف، و المذهب القويم، و الصوب المستقيم و الحكمة البالغة، و البراهين الساطعة، و القول البليغ، و المنطق السليم و المعالم و المعارف، و الظرائف و الطرائف، و الأنوار و الأزهار، و الحكم و الآثار، كلّها ترشد إلى مهيع الحقّ، و تهدي إلى سواء السبيل.

و المؤلّف- رضوان اللّه تعالى عليه- بجدّه الدّائب، و فكره الصائب، و ذهنه الوقّاد، و درايته للرّواية، و بصيرته بعلم الرّجال، وسعة اطّلاعه على الخفايا، و قوّة إدراكه للخبايا، و تضلّعه في الفقه و الأحكام، و مسائل الحلال و الحرام، و تبحّره في الفنّ، و تجنّبه عن الوهم و الظنّ صنّف الكتاب فأجاد، و دوّنه فأفاد، أخذ العلم من معادنه، و اقتبس النور من مشكاته و مصابيحه، مضى فيه على ضوء الحقيقة، و اتّبع طريقة معبّدة، و اقتدى بالأئمة الأطهار، و اهتدى بهدى النبيّ و الآل، و اغترف من بحار علومهم، و استنار برشدهم، و تمسّك بحبل ولائهم، و ما مشى إلّا وراء ضوئهم.

و لقد حداني إلى إخراج الكتاب على الوجه الّذي تراه، و حبّب إليّ احتمال

ص: 5

ما لقيت في سبيله من التعب، و ما تكيدني في إصداره من النّصب أوّلا ترغيب مولاي الحجّة الّذي هو دليلي على المحجّة: فرع الشجرة النّبويّة، و ثمرة الدّوحة المباركة الأحمديّة، بطل العلم و الفقه و النهى، آية الزّهد و التّقى، رجل البحث و التنقيب، استاذنا في التفسير، سماحة الآية «السيّد محمّد كاظم الموسويّ الگلپايگاني» أدام اللّه ظلّه على رءوس الأقاصي و الأداني حيث حثّني على القيام بهذا المشروع في مجالس عدّة و أمرني بالاقدام مرّة بعد مرّة، فتأمّلت طويلا، و ارتأيت كثيرا فرأيت الأمر خطيرا، و الباع قصيرا، فقلت في نفسي ما قال الشاعر و لنعم ما قال:

قبيح أن تبادر ثمّ تخطي *** و ترجع للتّثبّت دون عذر

فاعتذرت إلى جنابه بتعسّر العمل و توعّر مسلكه و ثقل كلفه، و أنّه فادح عبؤه يحتاج إلى عمر جديد، و أمد بعيد، و قلت: ها أنا ذا قد بلغت زهاء الخمسين، و اقترب الأجل، و إن لم أكن من مجيئه على وجل، لكن ذهبت منّتي، و نزعت قوّتي، و لم تبق إلّا حشاشة نفسي ينتظر الدّاعي، و صرت معرضا لحدوث الأوجاع و الأدواء، و من كثرة المطالعة و المراجعة يكاد أن يذهب من العين الضياء، فلم يقبل عذري، و لم يصغ إلى قولي و خاطبني و يقول: ما بالك ادّرعت بالأوهام، و ليس هذا شي ء يحجمك عن الاقدام، و ما ذلك دأب الحازمين، و لا هو من شيم العاملين.

ثمّ أكّد الأمر و بالغ في التأكيد، و رغّبني بأجمل الترغيب، و حذّرني عن التثبّط و التأخير.

فكنت أغدو و أروح في فجوة الخيال، و عاقني عن الاقدام تبلبل البال و تزاحم الأشغال: عذت تارة بالتسويف رعاية أمر لا يخفى على إخواني، و لذت اخرى بقصر الباع خوف أنّ الأمر ممّا يفوت مسافة إمكاني، و مضت على ذلك شهور، حتّى ساقني الحظّ السعيد يوما إلى ملاقاته فاستفسر عن طبع الكتاب و ما يلزمه من تهيّؤ الأسباب فأعربت عمّا في خلدي و ما كنت فيه من يأسي، و استعفيت منه، فطفق يشافهني بكلام فما أحلاه، كلام بعث في قلبي بعوث النشاط و نفث في روعي روح الحياة، كلام يعرب عن مكانته السامية في الولاء، و تفانيه في محبّة أهل البيت، و يفصح عن شدّة اشتياقه

ص: 6

إلى ترويج حقائقهم و اعتلاء كلمتهم عليهم السّلام، أطال اللّه حياته و وفّقنا لامتثال أمره.

هذا أوّلا و هو العمدة، و أمّا ثانيا فايماني القويّ بعظمة الكتاب و أهمّية موضوعه و ذلك أنّ سعادة الإنسان و حياته الرّوحيّة و قيمته في سوق الاعتبار إنّما نيطت باصول و دعائم، و معارف و معالم، و من المتسالم عليه عند الكلّ أنّ المتكفّل الوحيد بتلك الغايات بعد كتاب اللّه العزيز هو الحنيفيّة البيضاء الشريعة السهلة السمحة فإنّ بها تعرف مسالك الرّشد و توضح منهج الصواب و تتمّ مكارم الأخلاق و بها تبرز استعدادات الأفراد، و لا يتأتّى شي ء من ذلك بالمزاعم، و لا يتطرّق إليه بالفضول و الأوهام.

ثمّ إنّي رأيت أنّ رجالات العلم من أيّ أمّة كانوا أو مذهب أو شعب أو بيئة قد بذلوا مجهودات موفّقة في سبيل رقيّهم و انتشار مكاتيبهم على أجود وجه مستطاع و لا سيّما أصولهم المذهبيّة، و وجدت منشوراتهم الكثيرة جيّدة الوضع، قريبة المنال، دانية القطوف، قد جعلوها لكلّ طالب على طرف الثّمام من غير أن ينوء أحدهم بحملها، أو يشقّ عليه البحث فيها، و كان أثر هذا المجهود إثبات ثقافتهم في العالم و ترويج مرامهم و مسلكهم، سوى ما فيه من حفظ مآثرهم عن الضياع و صونها عن التبار و البوار، فبالحريّ أن نكون نحن السابق في هذا المضمار و نقوم باحياء الكتب و الآثار لأنّا بالقيام بهذا الواجب أولى و كتبنا بالترويج و الحفظ أجدر و أحرى، و لا سيّما مثل هذا الأثر و لو كان فيه بذل العمر و ذهاب البصر. فلعلّنا أن نكتب بهذا الاقدام صفحة جديدة في صفحات البرّ بأعلامنا الّذين نعتزّ بهم و نفاخر العالم بما أسدوا إليه من حسنات.

و بالجملة كرّت على ذلك شهور و أيّام و بقي الشغف يرافقني رغبة باطنيّة ملحّة يوما فيوما إلى أن قيّض اللّه الفرصة و حقّق الأمل، فانقلب الرّغبة إلى الفعل و هو وليّ التوفيق في إكمال الطلب و ابتغاء الأرب.

فشمّرت عن ساعد الجدّ و شرعت بتأييده سبحانه في المقصود و جمعت ما تيسّر لي من الأصول، و التمست الحواشي و الشروح من العلماء و الفحول، فسارعوا إلى إرسال المخطوطات- أثابهم اللّه تعالى أفضل المثوبات-.

ص: 7

فلمّا حصلت لي عدّة من النسخ المخطوطة و الشروح و الحواشي الموجودة قابلت الكتاب على الّتي منها على المشايخ مقروءة، و صحّحته على أوسع مدى مستطاع، اعتمادا على النسخ المعتبرة الصحيحة الّتي آثار الصحّة عليها صريحة، و ما يصلح للاعتماد، و تصحّ عند الاختلاف للاستناد.

ثمّ رأيت أن أضبطها تحت شرح لطيف على منهج شريف يضبط ألفاظه و مبانيه و يبحث عن رواته و معانيه، بحيث يتوجّه له النواظر، و تطمئنّ إليه الخواطر، ليكون رغيبة الرّاغب و بغية الطالب.

فزدت عليه تعليقات هامّة رشيقة اقتطفتها ممّا كان عندي من الشروح كحاشية المولى مراد التفرشي، و حاشية سلطان العلماء الحسيني الآمليّ، و حاشية الشيخ محمّد ابن الحسن حفيد زين الدّين الشهيد، و شرح المولى محمّد تقيّ المجلسي- قدس اللّه أسرارهم- و غيرها من كلّ كتاب معتمد أو فقيه متّبع، و اعتمدت على قول من دقّق النظر و تعمّق في الكلام و تبصّر، و على رأي من باحث عن السّرائر و كشف عن وجوه المسائل النقاب الساتر، لا على مذهب من تشبّث بالظواهر، و استدلّ على مشربه الفاتر.

و إلى اللّه أرفع أكفّ الضراعة أن يوزعني شكر ما منحني من الهداية و التوفيق و جنّبني من الضلالة و الغواية و كلّ ما لا يليق، و أن ينسأ لي في الأجل إلى تمام العمل، عسى أن أبذل لأبي جعفر الصدوق- رضي اللّه عنه- من الوفاء، كف ء ما بذل هو في تأليف الكتاب من الجهد.

على أكبر الغفارى

1392- ه ق-

ص: 8

المؤلّف و موجز من حياته

اشارة

هو الشيخ الأجلّ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ المشتهر بالصدوق، أحد أعلام الدّين في القرن الرّابع، قد أصفقت الأمّة المسلمة على تقدّمه و علوّ رتبته و انطلقت ألسنتهم بالتبجيل له و التجليل.

عنونه الشيخ الطوسيّ- رحمه اللّه- في الفهرست و الرّجال و قال: «كان محمّد بن عليّ بن الحسين حافظا للأحاديث، بصيرا بالفقه و الرّجال، ناقدا للأخبار، لم ير في القمّيين مثله في حفظه و كثرة علمه».

و قال الرّجاليّ الكبير أبو العبّاس النجاشيّ: «أبو جعفر نزيل الرّيّ، شيخنا و فقيهنا، وجه الطائفة بخراسان، و كان ورد بغداد و سمع منه شيوخ الطائفة و هو حدث السنّ».

و أطراه ابن إدريس في السرائر، و ابن شهرآشوب في المعالم، و المحقّق الحلّي في المعتبر و ابن طاوس في إقبال الأعمال، و العلّامة في الخلاصة، و ابن داود في رجاله و زمرة كبيرة من رجالات العلم- كالخطيب في تاريخ بغداد و الزّركلي في الأعلام.

نشأ- رحمه اللّه- بقم فرحل إلى الرّيّ و استرآباد و جرجان و نيشابور و مشهد الرّضا عليه السّلام و مرو الرّوذ و سرخس و إيلاق و سمرقند و فرغانة و بلخ من بلاد ما وراء النهر و همدان و بغداد و الكوفة و فيد و مكّة و المدينة.

مشايخه و الرّاوون عنه

أخذ عن جمّ غفير من المشايخ و الحفّاظ في أرجاء العالم تبلغ عددهم مائتين و ستّين شيخا من أئمّة الحديث و غيرهم، و روى عنه أكثر من عشرين رجلا من روّاد العلم راجع مقدّمة معاني الأخبار(1) تخبرك بأسمائهم و مواضع أخبارهم.

ص: 9


1- طبع مكتبة الصدوق ص 37 الى 72.

كان والده عليّ بن الحسين- رحمهما اللّه- شيخ القميّين و ثقتهم في عصره و فقيههم و متقدّمهم في مصره مع أن بلدة قمّ يومئذ تعجّ بالأكابر و المحدّثين، و هو- قدّس اللّه سرّه- مع مقامه العلميّ و مرجعيّته في تلك البلدة و غيرها كان تاجرا له دكّة في السّوق يتّجر فيها بزهد و عفاف و قناعة بكفاف، و كان فقيها معتمدا له كتب و رسائل في فنون شتّى ذكرها الطوسيّ و النجاشيّ، و قال ابن النديم في الفهرست: «قرأت بخطّ ابنه محمّد بن عليّ على ظهر جزء: «قد أجزت لفلان بن فلان كتب أبي و هي مائتا كتاب و كتبي و هي ثمانية عشر كتابا». فبيته بيت العلم و الفضل و الزّعامة الرّوحيّة.

و المؤلّف- رضوان اللّه تعالى عليه- وليد هذا البيت و عقيد ذاك العزّ مع ما حباه اللّه سبحانه من حدّة الذّكاء، و جودة الحفظ و الفهم، و كمال العقل.

عاش مع أبيه عشرين سنة قرأ عليه و أخذ عنه و عن غيره من علماء قمّ، فبرع في العلم وفاق الأقران، ثمّ غادرها إلى الرّيّ بالتماس من أهلها فسطع بها بدره و علا صيته مع أنّه في حداثة من سنّه و باكورة من عمره، فأقام بها مدّة ثمّ استأذن الملك ركن- الدّولة البويهيّ في زيارة مشهد الرّضا سلام اللّه عليه فأذن له و سافر إليها، و نزل بعد منصرفه نيشابور- و هي يومئذ تحفّ بالفطاحل- فاجتمع عليه العظماء و الأكابر فأكبروا شأنه و تبرّكوا بقدومه و أقبلوا على استيضاح غرّة فضله و الاستصباح بأنواره فأفاد لهم بأثارة من علمه الغزير و انموذج من فضله الكثير، فبهر النواظر و الأسماع، و انعقد على شيخوخيّته و تقدّمه الإجماع.

ولد- رحمه اللّه- بدعاء الصاحب عليه السّلام كما نصّ عليه الأعلام و صدر فيه من ناحيته المقدّسة بأنّه فقيه خيّر مبارك(1) ، فما قيل فيه من جميل الكلام أو يكتب بالاقلام بعد هذا التوقيع فهو دون شأنه و مقامه. فان قال المولى المجلسيّ: «هو ركن من أركان الدّين»

ص: 10


1- الفوائد الرجالية ج 3 ص 293، و غيبة الطوسيّ، و بحار الأنوار، و كمال الدين طبع مكتبة الصدوق ص 502.

فليس بعجيب، و إن كان الفقهاء نزّلوا كلامه منزلة النصّ المنقول و الخبر المأثور(1) فما كان بغريب، و إنّي مهما تتبّعت الكتب و تصفّحت الأوراق لم أعثر على شي ء يوجب الطعن فيه أو الغمز عليه.

نعم وجدت في بعض الكتب أنّ بعض أعدائنا المضلّين المتأخّرين جهل أو تجاهل و أبذى و تردّى في هواه و قال في كلام له: «ابن مابويه الكذوب»(2) و الظاهر أنّ مراده مؤلّفنا العبقريّ، و لا غرو منه و من أمثاله أرباب الأقلام المستأجرة، الّذين أسلسوا للعصبيّة المذهبيّة قيادهم.

و كأنّي بروحيّة الصدوق- طيّب اللّه رمسه- يخاطبني و يقول:

رموني بالعيوب ملفّقات *** و قد علموا بأنّي لا اعاب

و إنّ مقام مثلي في الأعادي *** مقام البدر تنبحه الكلاب

و إنّي لا تدنّسني المخازي *** و إنّي لا يروّعني السباب

و لمّا لم يلاقوا فيّ عيبا *** كسوني من عيوبهم و عابوا

أو يقول كما قال الرّوميّ البلخيّ بالفارسيّة:

مه فشاند نور و سگ عوعو كند *** هركسى بر طينت خود ميتند

أو يخاطبه و يقول:

ما شير شكاران فضاى ملكوتيم *** سيمرغ به دهشت نگرد بر مكس ما

و نحن و إن جمح بنا القلم في إيفاء المقام حقّه لكن نضرب عن ذلك صفحا و لا نخاطبه إلّا سلاما، و نقول:

مقالة السوء إلى أهلها *** أسرع من منحدر سائل

و الصدوق- رضوان اللّه عليه- في مقام يعثر في مداه مقتفيه، و محلّ يتمنّى البدر لو أشرق فيه.

من كان فوق محلّ الشمس موضعه *** فليس يرفعه شي ء و لا يضع

ص: 11


1- راجع البحار ج 10 ص 405 الطبعة الحروفية.
2- كذا، راجع السنة و الشيعة ص 57.

تآليفه القيّمة

له- قدّس سرّه- نحو من ثلاثمائة مصنّف كما نصّ عليه شيخ الطائفة في الفهرست و عدّ منها أربعين كتابا. و بعد ما أطراه الرّجاليّ الكبير أبو العبّاس النجاشيّ المتوفّى 450 في رجاله ذكر نحو مائتين من كتبه و قال: «أخبرنا بجميعها و قرأت بعضها على والدي عليّ بن أحمد بن العبّاس النجاشيّ»- اه.

و من المأسوف عليه أنّه ضاع و باد و اندرس أكثرها، و محيت و انطمست تسعة أعشارها، و طواها الدّهر طيّ السجلّ و محا آثارها الّتي تسموا و تجلّ، و طال على فقدها الأمد، و تقضّت على ضياعها المدد، و من أعظمها كتاب «مدينة العلم» الّذي هو أكبر من هذا الكتاب كما صرّح به الشيخ في الفهرست و ابن شهرآشوب في المعالم(1).

و نقل العلّامة الرّازي في الذّريعة- على المحكيّ- عن الشيخ حسين بن عبد الصمد والد شيخنا البهائي أنّه قال في درايته: «و اصولنا الخمسة: الكافي، و مدينة العلم، و من لا يحضره الفقيه، و التهذيب، و الاستبصار ...».

و الظاهر كون وجوده في زمانه، و لكن باد فلا يبقى إلّا اسمه، و غاب و ما كان يلوح إلّا رسمه، حتّى أنّ العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- صرف أموالا جزيلة في طلبه و ما ظفر به، و قال العلّامة الرّازي (رحمه الله) في ذريعته «إنّ السيّد محمّد باقر الجيلانيّ الأصفهانيّ بذل كثيرا من الأموال و لم يفز بلقائه، و قال: نعم ينقل عنه ابن طاوس

ص: 12


1- قال الشيخ- رحمه اللّه- بعد ذكر جملة من كتبه:« و كتاب مدينة العلم أكبر من من لا يحضره الفقيه». و قال ابن شهرآشوب في المعالم« ان مدينة العلم عشرة أجزاء» و من لا يحضره الفقيه أربعة أجزاء.

في فلاح السائل و غيره من كتبه و كذا الشيخ جمال الدّين يوسف بن حاتم الفقيه الشاميّ تلميذ المحقّق في كتابه «الدّرّ النظيم» و ذكر السيّد الثقة الأمين معين الدّين الشاميّ الشقاقليّ الحيدرآباديّ للسيّد عزيز- المجاز من الشيخ أحمد الجزائريّ- أنّه توجد نسخة مدينة العلم عنده و استنسخ عنها نسختين اخريين و ذكر أنّه ليس مرتّبا على الأبواب بل هو نظير روضة الكافي».

و بالجملة فقد هذا الأثر النفيس القيّم الكبير كأنّه صعد به إلى السماء أو اختطفه الطير أو تهوي به الرّيح في مكان بعيد، و هذا من أعظم ما منينا به معاشر الإماميّة حيث أتى على كثير من كتبنا العلميّة من صروف الدّهر ما شاء اللّه و أخذتها أيدي الضياع و التبار و لم تنهض الهمّة بنا للقيام بحفظها و تكثيرها و نشرها و ترويجها فصارت هدفا للآفات و معرضا للغارات.

و ما بقي من هذه الثروة العلمية الطائلة إلّا نزر يسير و هي مطمورة في زوايا المكتبات نسجت عليها عناكب النسيان، و مجهولة في الخبايا تكرّرت عليها صروف الزّمان و تدهور بها اللّيالي و الأيّام إلى أخناء الحدثان، لم يطّلع الأكثرون من أبناء العلم على وجودها، و لا ينهض المطّلعون لبذل المجهود في سبيلها و المطبوعة منها غار نجمها في ستار سخافة طبعها، فآل الأمر إلى أنّ جماعة من ذوي النفوس الغاشمة و الأهداف المشئومة تلهج أفواههم «بأنّ الشيعة ليس لها مؤلّفات يستفيد بها خلفهم في شتّى العلوم، و لا جرم أنّهم متطفّلون على موائد غيرهم، متسئّلون من البعداء، متكفّفون في علومهم».

أقول: يؤيد هذه الهلجة الممقوتة اقبال أناس من الناشئين الى ترجمة كتب هؤلاء البعداء و منسوجاتهم المذهبية المزورة، و محبوكاتهم التي حبكت على نول الخيال، و جهودهم الجبارة في اقتنائها و ترجمتها و طبعها و جعلها في متناول الشبان البسطاء من أبنائنا، و هم غافلون عن مغبة هذا الامر، ذاهلون عن أن وراء الاكمة نوايا سيئة، و معاول هدامة، سوى ما فيه من بسط بعض

ص: 13

الآراء السخيفة، و الشناشن الافنة، و العقليات الطائشة، و ما يجر علينا من الويلات.

و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا انما نحن مصلحون، كأنّه غلبت على عقولهم مباهج هؤلاء الناكبين عن الصراط و ظواهر ألفاظهم المعجبة و استولت على قلوبهم فيتحرون الحقيقة وراء نارهم يزعمون أنّها نور لقلة رشدهم يتطلبون في الماء جذوة نار، و يطلبون الدرياق من فقم الافاعى مع ما عندنا ببركة ولاء أهل البيت (عليهم السلام)- الذين هم عيبة علم اللّه و موئل حكمه و جبال دينه- من كتب العلماء و الفطاحل و أساطين المذهب ما تخضع له الاعناق، و تخبت به القلوب، و تصبو إليه النفوس، فأين يتاه بهم و كيف يعمهون و عندهم أضعاف ما عند غيرهم أ ما يعلمون؟! ويحهم أ فحسبوا أن اللّه عزّ و جلّ رفعهم و وضعنا، و أعطاهم و حرمنا و أدخلهم في رحمته و منعنا، كلا ما هكذا الظنّ به.

كلّ هذه معرّة التغافل و التسامح، و الصفح عن الواجب المأمور به في حفظ الكيان و ذنب التساهل و عدم العناية بشأن الكتب و لا سيّما المخطوطات، و نتاج الجموح عن تحمّل المسئوليّة أو إحساسها، و لا أريد في هذا المقام أن ازعجك بتطويل الكلام بل أودّ أن تقف عند هذه الملاحظة حتّى ترى بعينى الحقيقة و دقّة النظر ما ينطوي عليه موقفنا و موقف تراثنا العلميّ المذهبيّ من الخطر، إذ نحن تقاعسنا عن بذل كلّ مجهود في هذا السبيل، و ليس بعيب لنا أن نواجه الحقائق أو نرى بعين الواقع، فكم لنا من كتاب مخطوط نفيس و نحن بحاجة ماسّة إليه تركناه في رفوف المكتبات مهجورا و في هوّة الإهمال مستورا و لم نسع خطوة في سبيل طبعه أو قدما لا برازه و نشره، فبقي مكتوما مغفولا عنه لا يعلم به أحد و لا ينتفع به طالب كالسرّ المكتوم أو الكنز المدفون.

نعم غاية جهدنا أن نعتزّ في نوادي الفضلاء و نقول: نسخة الكتاب الفلاني في مكتبة فلان و نسخة له اخرى عند فلان، و نفتخر و يفتخرون، و نباهي و يباهون، و نبتهج و يبتهجون و هو كما ترى جعجعة بلا طحن، و جلجلة بلا مطر، و هذا هو الحقّ المبين و الحقّ أبلج فلا يحتاج إلى زيادة البراهين.

ص: 14

لكن نضرب لك مثالا واحدا يلمسك الحقيقة باليد، و هو أنّ لجمال الدّين أبي منصور الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر، المشتهر بالعلّامة الحلّيّ- قدّس اللّه روحه- كتابا سمّاه تذكرة الفقهاء، و هو كتاب كريم كبير جدّا في الفقه المقارن الاستدلاليّ- أعني الفقه على المذاهب الخمسة: الجعفريّ، و الحنبليّ، و الحنفيّ، و المالكيّ، و الشافعيّ و كان وافيا ببغية من جنح إلى الاطّلاع على موارد الخلاف بين المذاهب، و طبع مرّة بالطبع الحجريّ على صورة مشوّهة لا يرغب فيها دون أيّ تحقيق أو تصحيح و لم يقم أحد من العلماء إلى الآن بتنميقه و ترويجه فلذا ترك كأمثاله مجهولا مع شدّة الحاجة إليه، كرّت عليه الأعوام و القرون و أهل العلم عنه منصرفون و كان نتيجة ذلك: تسرّع الطلّاب إلى اقتناء نسخ كتاب «الفقه على المذاهب الأربع» مع أنّه لا يوفي بالغرض المقصود و هو صرف نقل الفتاوي كما هو المشهود و تجافى نفوس المحقّقين عن الطمأنينة إليه و الثقة به فهو كالجدول الصغير، و هيهات بين النهر الكبير و الجدول الصغير، نسأل اللّه تعالى أن يقيّض رجالا للعناية بشأنه و القيام بطبعه و نشره ليستضي ء الجيل الغابر بنوره كما تعطّر الماضي بعبيره.

و هذا واحد من مئات بل ألوف، علمه من كان ذا اطّلاع و وقوف، أيقظنا اللّه من هذه الغفلة العجيبة الّتي استحوذت على قلوبنا و تلك النومة العميقة الّتي استولت على مشاعرنا، و نعتذر إلى القراء الكرام في هذا المقام إذ خرجت عن موضوع الكلام، فتلك شقشقة هدرت، و كلمة صدرت.

وفاته و مدفنه

توفّي- رحمه اللّه- بالرّي سنة 381 الهجريّ القمريّ في العشر الثامن من عمره و قبره بالرّي في بستان عظيم، بالقرب من قبر سيّدنا عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ- رضي اللّه عنه- و هو اليوم مشهور يزار، له قبّة عالية و قد جدّد عمارتها السلطان فتحعلي شاه قاجار سنة 1238 تقريبا بعد ما ظهرت كرامة شاع ذكرها في الناس و ثبتت للسلطان و امرائه و أركان دولته، ذكر تفصيلها جمع من الأعاظم كالخوانساري في الرّوضات،

ص: 15

و التنكابنيّ في قصص العلماء، و المامقاني في تنقيح المقال، و الخراسانيّ في منتخب التواريخ، و القمّيّ في الفوائد الرّضويّة و غيرهم في غيرها.

قال الخوانساريّ: و من جملة كراماته الّتي قد ظهرت في هذه الأعصار، و بصرت بها عيون جمّ غفير من اولي الأبصار و أهالي الأمصار أنّه قد ظهر في مرقده الشريف الواقع في رباع مدينة الريّ المخروبة ثلمة و اشتقاق من طغيان المطر، فلمّا فتّشوها و تتبّعوها بقصد إصلاح ذلك الموضع بلغوا إلى سردابة فيها مدفنه الشريف، فلمّا دخلوها وجدوا جثّته الشريفة هناك مسجّاة عارية غير بادية العورة، جسيمة وسيمة على أظفارها أثر الخضاب، و في أطرافها أشباه الفتائل من أخياط كفنه البالية على وجه التراب، فشاع هذا الخبر في مدينة طهران إلى أن وصل إلى سمع الخاقان المبرور السلطان فتحعلي شاه قاجار جدّ والد ملك زماننا هذا الناصر لدين اللّه خلّد اللّه ملكه و دولته، و ذلك في حدود ثمان و ثلاثين بعد المائتين و الألف من الهجرة المطهّرة تقريبا فحضر الخاقان المبرور هناك بنفسه المجلّلة لتشخيص هذه المرحلة، و أرسل جماعة من أعيان البلدة و علماءهم إلى داخل تلك السردابة بعد ما لم يروا امناء دولته العليّة مصلحة في دخول الحضرة السلطانيّة ثمّة بنفسه إلى أن انتهى الأمر عنده من كثرة من دخل و أخبر إلى مرحلة عين اليقين، فأمر بسدّ تلك الثلمة و تجديد عمارة تلك البقعة و تزيين الروضة المنوّرة بأحسن التعظيم و إنّي لاقيت بعض من حضر تلك الواقعة، و كان يحكيها أعاظم أساتيدنا الأقدمين من أعاظم رؤساء الدّنيا و الدّين (1) اه.

و قد ذكر المامقانيّ تلك الواقعة عن العدل الثقة الأمين السيّد إبراهيم اللّواسانيّ الطهرانيّ- قدّس سرّه-(2).

أقول: سمعت زميلنا الفاضل الحاجّ ميرزا محمّد حسن الثقفيّ يحكي عن والده المعظّم الفقيه البارع و الحجّة الورع الزاهد الحاجّ ميرزا محمّد الثقفي دام ظلّه أنّه نقل

ص: 16


1- روضات الجنّات: 533.
2- تنقيح المقال 3: 153.

الواقعة عمّن رأى جثمان الصدوق- رحمه اللّه- في تلك الأيّام فالتمست من جنابه أن يكتب لي ذلك بخطّه الشريف فتفضّل بكتابته و أوردته هاهنا بنصّه و فصّه:

صورة المكتوب:

بسمه تعالى شأنه: قد كان لوالدي رحمه اللّه تعالى خدّام عديدة و كان أكبرهم سنّا و أقربهم منزلة عنده شيخا موسوما بحاج مهدي و كان هو المتصدّي لحفاظتي و تربيتي في صغري حال حياة والدي و بعد وفاته حتّى صرت رشيدا بالغا و بلغ عمره حدود تسعين سنة و كان ملتزما بالعبادات حاضرا في الجماعات للصّلاة وجيها بذلك عند الأئمّة، مقبولا في نظر العامّة حتّى أنّ العالم العامل الكامل أستادي المدعوّ بميرزا كوچك الساوجي إمام جماعة مسجد الخان المروي- رحمه اللّه تعالى- عدّ له في بعض المرافعات للحاجة إلى تعديله، و كان رحمه اللّه بي رءوفا عطوفا يحدّثني و يؤنسني و كنت احبّه و أستأنس به فقال لي يوما: خرجت في بعض الأيّام السابقة قاصدا زيارة مرقد الشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القمّيّ- قدّس سرّه-

فلمّا حضرت عند مرقده الشريف رأيت عملة مشتغلين بحفر الأرض لتأسيس أساس البناء الجديد عليه لاندراس البناء القديم فبينما كنت أترحّم له و انظر إليهم إذ ظهر جسده الطيّب الطاهر في فجوة من قبره مكشوفا وجهه إلى صدره فنظرنا إليه فوجدناه متلألئا رطبا طريا، في لحيته الشريفة أثر الخضاب كانّما دفن من حين فعجبنا كلّ العجب، و أقبل الحاضرون بالسّلام و الصلاة عليه و أمر المتصدّي لإقامة البناء و هو أحد من العلماء و السادات العظام بسدّ القبر و تأسيس أساس البناء فتفرّقنا معتقدين بعظم شأن الصدوق و جلالة مقامه و منزلته عند اللّه تعالى ضاعف اللّه قدره في الإسلام و نشر آثاره بين الأنام.

و أنا العبد الآبق الفقير الآثم محمّد بن العلامة أبي الفضل بن المحقّق أبي القاسم حشرهم اللّه مع مواليهم بفضله و إحسانه.

أقول: مقبرة أبيه معروف بقم المشرّفة عليها قبّة عالية يزوره الصالحون.

ص: 17

الصورة

ص: 18

الصورة

ص: 19

النسخ المخطوطة

1- نسخة العالم الرّبّانيّ استاذنا الميرزا أبو الحسن الشعرانيّ مدّ ظلّه العالي و هي نسخة نفيسة ثمينة جدّا كاتبها عبد اللّه بن محمّد شريف عبد الرّب السمنانيّ. و في آخرها قبل المشيخة إجازة الشيخ الحرّ العامليّ بخطّه الشريف لمحمّد إبراهيم بن محمّد نصير- و كتب هذا المجاز تمام حاشية المولى مراد التفرشي في هامش النسخة و أورد بعض حواشي الشيخ محمّد حفيد الشهيد، و بعض حواشي سلطان العلماء الحسيني الآملي و كثيرا من شرح المولى محمّد تقيّ المجلسيّ- رحمهم اللّه- و قليلا من حاشية المحقّق الدّاماد- قدّس سرّه- و رمز إليها ب (م ح ق). راجع الصورة الفتوغرافيّة الأولى.

2- نسخة نفيسة لخزانة كتب الشريف المعظّم السيّد محمّد باقر السبزواري استاذ كلّية الالهيّات في جامعة طهران- دام ظلّه الوارف- تاريخها 1074 الهجري القمري كاتبها ميرزا محمّد الركاوندي. راجع الصورة الفتوغرافيّة الثانية.

3- نسخة مصحّحة للعالم البارع الأديب الشيخ نجم الدّين حسن (حسن زاده) الآملي- أدام اللّه بقاءه- تاريخها 1075 الهجري القمري، كاتبها محمّد صالح بن صفي الدين محمّد، عليها بعض حواشي سلطان العلماء و المولى مراد التفرشيّ بخط الكاتب المزبور.

راجع الصورة الثالثة. و لمعظّم له نسخة اخرى سيأتي ذكرها تحت رقم 10.

4- نسخة تفضّل بارسالها العالم الألمعيّ المفضال الشيخ حسن المصطفويّ التبريزي نزيل طهران- أدام اللّه حياته- تاريخها 1030 الهجري القمري كاتبها أبو الحسن، و قرأها بتمامه المولى خليل بن الغازي القزوينيّ كما هو بخطّه الشريف في هامش الكتاب و أرّخ تاريخ فراغه منه 1034. راجع الصورة الرابعة.

5- نسخة نفيسة مشحونة بالحواشي تفضّل بارسالها المحقّق المدقّق البارع

ص: 20

الشريف السيّد موسى الزّنجانيّ المحترم- أدام اللّه بقاءه- و النسخة مصحّحة مقروءة على المولى محمّد تقيّ المجلسيّ- رضوان اللّه عليه- تاريخها 1057، كاتبها غير مذكور.

و هي من الكتب الموقوفة الّتي وقفها المرحوم المبرور الميرزا أبو طالب القمّيّ- رحمه اللّه- على الطّلاب بمحروسة قم المشرّفة. راجع الصورة الخامسة.

6- نسخة ظريفة نفيسة لمكتبة الحجّة مولانا المعظّم الشيخ حسين مقدّس نزيل المشهد الرّضوي عليه السّلام و هي في أربعة أجزاء، موشّحة بالحواشي الكثيرة العلميّة جدّا تاريخها 1101 الهجري القمري، كاتبها محمّد صادق بن محمّد يوسف المشهديّ. راجع الصورة السادسة و للمعظّم له نسخة اخرى يأتي ذكرها تحت رقم 11.

7- نسخة ثمينة مصحّحة للفاضل الجليل الشيخ محمّد كاظم «مدير شانه چى» استاذ كلّية الالهيّات في جامعة مشهد الرّضا عليه السّلام- دام بقاؤه- كاتبها نور الدّين ابن محبّ الدّين أحمد الكازرونيّ، صحّحها و قابلها محمّد خان بن محمّد توسركانيّ و أرّخ إتمام المقابلة 1097. راجع الصورة السابعة.

8- نسخة اخرى لمعظّم له مزيّنة بخطّ الفقيه المتكلّم المحقّق محمّد باقر بن محمّد مؤمن المشتهر بالمحقّق السبزواري- قدّس سرّه- قرأها عليه بعض تلاميذه كما رقم بخطّه الشريف و أرّخ الفراغ من النصف الأوّل منها 1065. راجع الصورة الثامنة.

9- نسخة جيّدة الخطّ لخزانة كتب العالم البارع المحقّق الشريف السيّد أبو الحسن المرتضويّ الموسويّ تاريخها 1092 كاتبها محمّد تقيّ بن أبي القاسم شهريار الشهميرزاديّ.

10- نسخة عتيقة بدون التاريخ بخطّ نستعليق غير مذكور كاتبها، تفضّل بارسالها الشيخ نجم الدّين الآملي المذكور سابقا و هذه النسخة ناقصة من آخرها وريقات، و على ما هو الظاهر من خطّها كتابتها قبل الألف.

11- نسخة مصحّحة لمكتبة المولى المعظّم الحاجّ الشيخ حسين مقدّس المذكور سابقا قابلها السيّد فخر الدين محمّد الموسوي المجاز من المولى أحمد بن حاج محمّد التونيّ و قرأها عليه كما رقم في آخرها، كاتبها محمّد صالح بن حاج سرور، تاريخها 1073 ه.

ص: 21

- نسخة نفيسة للخطيب الشّريف السيّد عليّ الأحمدي الطهرانيّ، كاتبها محمّد عليّ بن محبّ عليّ، تاريخها 1013 ه.

13- نسخة مشحونة بالحواشي لمكتبة المتتبّع المتضلّع الحجّة الشيخ عبد الرّحيم الرّبّاني تاريخها 1101 كاتبها عليّ بن مير بديع الحسينيّ و نقل في آخرها عن نسخة صورة إجارة المؤلّف للسيّد أبي عبد اللّه نعمة الّذي ألّف الكتاب بالتماسه.

و هي هكذا: «تمّت أسانيد كتاب من لا يحضره الفقيه بحمد اللّه و منّه و الصلاة على محمّد و آله الطاهرين يقول محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ مصنّف هذا الكتاب قد سمع السيّد الشريف الفاضل أبو عبد اللّه محمّد بن الحسن العلويّ الموسويّ المدينيّ المعروف بنعمة أدام اللّه تأييده و توفيقه و تسديده هذا الكتاب من أوّله إلى آخره بقراءتي عليه و رويته عن مشايخي المذكورين و ذلك بأرض بلخ في ناحية إيلاق بخطّي حامدا للّه و شاكرا، و على محمّد و آله مصلّيا».

14- نسخة ثمينة تفضّل بإرسالها أخيرا بعد خروج جلّ المجلّد الأوّل من الطبع «الحجّة الشريف السيّد موسى الزّنجاني» المحترم، تاريخها 1088 كاتبها عبد الرّحيم بن عبد الصمد فرح آبادي.

ص: 22

الصورة

ص: 23

الصورة

ص: 24

الصورة

ص: 25

الصورة

ص: 26

الصورة

ص: 27

الصورة

ص: 28

الصورة

ص: 29

الصورة

ص: 30

الشّروح و الحواشى

عندي من الشّروح شرح المولى محمّد تقيّ المجلسيّ- رحمه اللّه- فقطّ و هو شرح كبير جدّا في مجلّدين ضخمين مخطوطين بخطّ جيّد، المجلد الأوّل منه تفضّل بارساله الألمعي اللّوذعي المفضال الحاجّ السيّد عبد الحسين الرّوضاتي- دام بقاؤه- نجل المرحوم المبرور حجّة الإسلام السيّد حبيب اللّه الرّوضاتي حفيد العالم المتتبّع الخبير و الأديب الأريب قدوة الأنام مرجع الخاصّ و العامّ السيّد محمّد باقر بن زين العابدين الموسويّ الخوانساريّ صاحب «روضات الجنّات، قدّس سرّه، و من المأسوف عليه أنّ النسخة ناقصة في وريقات من أواسطها.

و نسخة أيضا من المجلد الأوّل عندي لمكتبة الشّريف السيّد أبو الحسن المرتضوي الموسويّ المذكور سابقا صاحب النسخة التاسعة من الكتاب، و هي كاملة.

و المجلّد الثاني من هذا الشرح النفيس هو لخزانة كتب الشريف الأجلّ الفقيه المبجّل السيّد محمّد عليّ بن السيّد محمّد صادق الحسينيّ المدعوّ بمير محمّد صادقي صاحب التآليف العلميّة الممتّعة في الفقه و الأصول و الكلام. طبع منها رسالته المسمّاة بالمختار في الجبر و الاختيار و غير واحد من كتبه الفقهيّة نسأل اللّه عزّ و جلّ توفيق طبع البقيّة- و هو- حفظه اللّه- الآن ساكن في بلدة أصفهان و مشتغل بتدريس الفقه و الأصول و اجتمع في حوزته جماعة من أفاضل الطّلاب يستنيرون بنور علمه و يستضيئون بضياء فضله.

و أمّا الحواشي فعندي منها اثنتان إحداهما حاشية سلطان العلماء الآمليّ الحسينيّ- رضوان تعالى اللّه عليه- تفضّل بها العالم المحقّق البارع الحجّة الشيخ محمّد باقر

ص: 31

«شريف زاده» الگلپايگانيّ- أدام اللّه حياته-

و الأخرى حاشية المولى مراد به عليخان التفرشيّ- تلميذ المحقّق الحكيم ميرزا إبراهيم الهمداني و الشيخ بهاء الدّين محمّد العامليّ(1).

و هذه النسخة لخزانة كتب العالم الجليل الشيخ محمّد كاظم «مدير شانه چى» استاذ كليّة الالهيّات في جامعة مشهد الرضا عليه السّلام.

ص: 32


1- قال في جامع الرواة: مراد بن عليخان التفرشى العلامة المحقق المدقق جليل القدر عظيم المنزلة دقيق الفطنة فاضل كامل عالم متبحر في جميع العلوم، و أمره في علو قدره و عظم شأنه و سمو رتبته و تبحره في العلوم العقليّة و النقلية و دقة نظره و اصابة رأيه أشهر من أن يذكر و فوق ما يحوم حوله العبارة، قرأ المعقولات على جماعة كان أكثرهم أخذا عنه سيد الحكماء المتألهين ميرزا إبراهيم الهمدانيّ- رحمه اللّه-، و المنقولات على شيخ الطائفة بهاء الملّة و الدين محمّد العاملى- قدّس سرّه- له تصانيف جيدة منها كتاب موسوم بالتعليقة السجّادية علقها على من لا يحضره الفقيه- الى آخر ما قاله الأردبيليّ- ره-، راجع ج 2 ص 223.

مقدمة المصنّف

بسم اللّه الرحمن الرحيم

اللّهم إني أحمدك ، وأشكرك ، وأومن بك ، وأتوكل عليك ، وأقر بذنبي إليك وأشهدك أني مقر بوحدانيتك ، ومنزهك عما لا يليق بذاتك (1) مما نسبك إليه من شبهك ، وألحد فيك (2) وأقول : إنك عدل فيما قضيت ، حكيم فيما أمضيت (3) لطيف لما شئت (4) لم تخلق عبادك لفاقة ، ولا كلفتهم إلا دون الطاقة ، وإنك ابتدأتهم بالنعم رحيما ، وعرضتهم للاستحقاق حكيما ، فأكملت لكل مكلف عقله ، وأوضحت له سبيله (5) ولم تكلف مع عدم الجوارح مالا يبلغ إلا بها ، ولا مع عدم المخبر الصادق مالا يدرك إلا به.

فبعثت رسلك مبشرين ومنذرين ، وأمرتهم بنصب حجج معصومين ، يدعون إلى سبيلك بالحكمة والموعظة الحسنة ، لئلا يكون للناس عليك حجة بعدهم ، وليهلك من هلك عن بينة (6) ويحيى من حي عن بينة ، فعظمت بذلك منتك على بريتك ، وأوجبت عليهم حمدك ، فلك الحمد عدد ما أحصى كتابك ، وأحاط به علمك ، وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

قال الشيخ الامام السعيد الفقيه (7) [ نزيل الري ] أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين

ص: 1


1- من صفات المخلوقين العاجزين.
2- أي مال إلى الباطل كالأشاعرة ومن حذا حذوهم.
3- أي قدرت أو أجريت كما يظهر من بعض الأخبار من أن الامضاء بمعنى القضاء والقدر.
4- أي لطيف في تدبيرك ، أو أنك تفعل الافعال من الألطاف الخاصة المقربة لعبادك إلى الطاعة ، المبعدة إياهم عن المعصية تفضلا عليهم. والفاقة : الحاجة.
5- قوله : « عقله » لأنه مناط التكليف. وقوله « سبيله » يعنى من الخير والشر كما في قوله سبحانه « وهديناه النجدين ».
6- أي بعدها. وقوله « يحيى » أي يهدى.
7- كذا في جميع النسخ التي رأيناها.

ابن موسى بن بابويه القمي مصنف هذا الكتاب - قدس اللّه روحه - :

أما بعد فإنه لما ساقني القضاء إلى بلاد الغربة ، وحصلني القدر منها (1) بأرض بلخ من قصبة إيلاق (2) وردها الشريف الدين أبو عبد اللّه المعروف بنعمة (3) - وهو محمد بن الحسن بن إسحاق بن [ الحسن بن ] الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فدام بمجالسته سروري وانشرح بذاكرته صدري وعظم بمودته تشرفي ، لأخلاق قد جمعها إلى شرفه من ستر وصلاح ، وسكينة ووقار وديانة وعفاف ، وتقوى وإخبات (4) فذاكرني بكتاب صنفه محمد بن زكريا المتطبب الرازي (5) وترجمه بكتاب « من لا يحضره الطبيب » وذكر أنه شاف في معناه ، وسألني أن أصنف له كتابا في الفقه والحلال والحرام ، والشرايع والأحكام ، موفيا على جميع ما صنفت في معناه وأترجمه ب- « كتاب من لا يحضره الفقيه » (6) ليكون إليه مرجعه وعليه معتمده ، وبه أخذه ، ويشترك في أجره من ينظر فيه ، وينسخه ويعمل بمودعه ، هذا مع نسخه لأكثر ما صحبني من مصنفاتي (7) وسماعه لها ، وروايتها عني ، ووقوفه على جملتها ، وهي مائتا كتاب وخمسة وأربعون كتابا.

فأجبته - أدام اللّه توفيقه - إلى ذلك لأني وجدته أهلا له ، وصنفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لئلا تكثر طرقه وإن كثرت فوائده ، ولم أقصد فيه قصد

ص: 2


1- في بعض النسخ « بها » فالباء بمعنى « في ».
2- مدينة من بلا الشاش بما وراء النهر المتصلة ببلاد الترك ، أنزه بلاد اللّه وأحسنها.
3- له ترجمة ضافية في كتاب جامع الأنساب ج 1 ص 50 من الفصل الثاني تأليف زميلنا الفاضل الشريف السيد محمد على الروضاتي المحترم.
4- أخبت الرجل اخباتا : خضع لله وخشع قلبه.
5- هو جالينوس العرب أصله من الري ، ولد سنة 240 كما نقل عن قاموس الاعلام و 282 كما عن غيره ، قدم بغداد وتعلم الطب بها وحذق وتوفى 311 كما في الوفيات أو 320 كما في تاريخ العلماء باخبار الحكماء للقفطي أو 364 كما في المحكى عن تاريخ ابن شيراز ، واسم كتابه كما في مطرح الانظار لفيلسوف الدولة التبريزي : « كتاب إلى من لا يحضره طبيب ».
6- كذا. وعبر عنه ابن إدريس في السرائر في غير موضع بكتاب من لا يحضره فقيه.
7- يعنى وقع منه هذا السؤال مع أنه نسخ أكثر ما كان معي من مصنفاتي.

المصنفين في إيراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته (1) وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربي - تقدس ذكره وتعالت قدرته - وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة ، عليها المعول وإليها المرجع ، مثل كتاب حريز بن عبد اللّه السجستاني (2) وكتاب عبيد اللّه بن علي الحلبي (3) وكتب علي بن مهزيار الأهوازي (4) ، وكتب الحسين بن سعيد (5) ، ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى (6) وكتاب نوادر الحكمة تصنيف محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري (7) وكتاب الرحمة

ص: 3


1- المراد بالصحة هنا كونه من الأصول المعتبرة المنقول عنها مع القرائن للصحة.
2- ثقة كوفي كان ممن شهر السيف في قتال الخوارج بسيستان في حياة الصادق (عليه السلام) قتله الشراة - الخوارج - له كتب كلها تعد من الأصول.
3- ثقة صحيح الحديث كوفي ، كان متجره هو وأبو وأخوه إلى حلب فغلب عليهم هذا اللقب ، وصنف عبيد اللّه كتابا عرضه على الصادق (عليه السلام) فاستحسنه وقال : ليس لهؤلاء في الفقه مثله.
4- علي بن مهزيار ثقة جليل القدر من أصحاب الرضا والجواد والهادي عليهم السلام وكان وكيلا من عندهم ، له ثلاثة وثلاثون كتابا. راجع الفهرست للشيخ الطوسي رحمه اللّه.
5- الحسين بن سعيد بن حماد الأهوازي ثقة روى عن الرضا وأبى جعفر الجواد وأبى الحسن الثالث ، أصله كوفي وانتقل مع أخيه الحسن رضي اللّه عنهما إلى الأهواز ثم تحول إلى قم فنزل على الحسن بن أبان وتوفى بها ، وله ثلاثون كتابا. راجع الفهرست للشيخ رحمه اللّه.
6- الأشعري يكنى أبا جعفر القمي شيخ قم ووجهها وفقيهها غير مدافع لقى أبا الحسن الرضا عليه السلام وصنف كتابا ذكر الشيخ أسماء بعضها في الفهرست ومنها كتاب النوادر ، وقال : كان غير مبوب ، فبوبه داود بن كورة ، وروى ابن الوليد المبوبة عن محمد بن يحيى والحسن بن محمد ابن إسماعيل عنه.
7- أبو جعفر القمي جليل القدر ، ثقة في الحديث ، كثير الروايات له كتاب نوادر الحكمة يشتمل على كتب جماعة ، وهو كتاب كبير حسن يعرفه القميون « بدبة شبيب » قال النجاشي : وشبيب فامى ، بياع الفوم ، كان بقم له دبة ذات بيوت يعطى منها ما يطلب منه من دهن ، فشبهوا هذا الكتاب بذلك لاشتماله على ما تشتهيه الأنفس.

لسعد بن عبد اللّه (1) وجامع شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي اللّه عنه (2) ونوادر محمد بن أبي عمير (3) وكتب المحاسن لأحمد بن أبي عبد اللّه البرقي (4) ورسالة أبي - رضي اللّه عنه - إلي وغيرها من الأصول والمصنفات التي طرقي إليها معروفة في فهرس الكتب التي رويتها (5) عن مشايخي وأسلافي - رضي اللّه عنهم - وبالغت في ذلك جهدي ، مستعينا باللّه ، ومتوكلا عليه ، ومستغفرا من التقصير ، وما توفيقي إلا باللّه عليه توكلت وإليه أنيب ، وهو حسبي ونعم الوكيل.

ص: 4


1- يكنى أبا القاسم ، جليل القدر واسع الاخبار ، كثير التصانيف ، ثقة ، فمن كتبه كتاب الرحمة ، وهو يشتمل على كتب جماعة ، قال النجاشي : هو شيخ الطائفة وفقيهها ووجهها كان سمع من حديث العامة شيئا كثيرا وسافر في طلب الحديث. وعده الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام الحسن العسكري (عليه السلام). توفى سنة 301 وقيل : 299 وفى الخلاصة : قيل : مات يوم الأربعاء سبع وعشرين من شوال سنة 300.
2- هو شيخ جليل القدر ، عارف بالرجال ، موثوق به ، مسكون إليه ، مات سنة 343 له كتب منها كتاب الجامع وكتاب التفسير وغير ذلك.
3- يكنى أبا احمد من موالي الأزد ، واسم أبى عمير زياد ، وكان من أوثق الناس عند الخاصة والعامة ، وأنسكهم نسكا ، وأورعهم وأعبدهم ، وقد ذكر الجاحظ أنه كان أوحد أهل زمانه في الأشياء كلها وأدرك من الأئمة عليه السلام ثلاثة : أبا إبراهيم موسى (عليه السلام) ولم يرو عنه ، والرضا (عليه السلام) وروى عنه ، والجواد (عليه السلام). وروى عنه أحمد بن محمد بن عيسى كتب مائة رجل من رجال الصادق (عليه السلام) ، وله مصنفات كثيرة ، وذكر ابن بطة أن له أربعة وتسعين كتابا ، منها كتاب النوادر الكبير حسن ، وذكر الكشي أنه ضرب مائة وعشرين خشبة أمام هارون الرشيد وتولى ضربه السندي بن شاهك ، وكان ذلك على التشيس. وحبس فلم يفرج عنه حتى أدى مائة وأحد وعشرين ألف درهم. وذكر نحو ذلك الجاحظ في البيان والتبيين ، توفى سنة 217.
4- أبو جعفر أصله كوفي ، وكان ثقة في نفسه غير أنه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل وصنف كتبا كثيرة منها المحاسن وغيرها ( فهرست الشيخ ).
5- على ما لم يسم فاعله من باب التفعيل ، أي وصل عنهم الرواية إلى.

باب 1: المياه وطهرها ونجاستها

* ( المياه (1) وطهرها ونجاستها ) *

قال الشيخ السعيد الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي مصنف هذا الكتاب رحمة اللّه عليه :

إن اللّه تبارك وتعالى يقول : « وأنزلنا من السماء ماء طهورا » (2) ويقول عز و جل : « وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون » (3).

ويقول عزوجل : « ونزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ». (4)

فأصل الماء كله من السماء وهو طهور كله ، وماء البحر طهور ، وماء البئر طهور.

1 - وقال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : « كل ماء طاهر إلا ما علمت أنه قذر ». (5)

2 - وقال عليه السلام : « الماء يطهر ولا يطهر » (6).

فمتى وجدت ماء ولم تعلم فيه نجاسة فتوضأ منه واشرب ، وإن وجدت فيه ما ينجسه فلا تتوضأ منه ولا تشرب إلا في حال الاضطرار فتشرب منه ولا تتوضأ منه وتيمم إلا أن يكون الماء كرا فلا بأس بأن تتوضأ منه وتشرب ، وقع فيه شئ أو لم يقع ، ما لم يتغير ريح الماء ، فإن تغير فلا تشربه (7) ولا تتوض منه.

ص: 5


1- المياه جمع الماء ، قلبت الهاء همزة على خلاف القياس فصار ماء.
2- الفرقان : 48.
3- المؤمنون : 18.
4- الأنفال : 11.
5- القذر - بفتحتين - : الوسخ وهو مصدر ثم استعمل المصدر اسما وجمع على الأقذار والنعت منه - ككتف - : بمعنى النجس.
6- فسر بأنه يطهر غيره ولا يطهر بغيره لئلا يرد تطهير النجس منه بالجاري والكر.
7- في بعض النسخ « فلا تشرب منه ». والظاهر أن التغيير بالريح وقع مثالا فان تغيير الطعم واللون كتغيير الريح بالاتفاق وان لم يرد في اخبارنا والموجود في اخبارنا تغيير الريح والطعم فقط كما في صحيحة ابن بزيع « ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا أن يتغير ريحه أو طعمه » نعم نقل المحقق في المعتبر عن النبي صلى اللّه عليه وآله « خلق اللّه الماء طهورا ينجسه شئ الا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه ». وقال ابن إدريس في أول السرائر انه متفق عليه. أقول: رواه ابن ماجه في السنن كتاب الطهارة باب الحياض من حديث أبى أمامة الباهلى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أنّه قال:« ان الماء لا ينجسه شي ء الا ما غلب على ريحه و طعمه و لونه» و رواه الطبراني في الاوسط و الكبير أيضا كما في مجمع الزوائد، و أخرجه البيهقيّ في الكبرى ج 1 ص 259 كما مر، و روى نحوه الدارقطنى في السنن من حديث ثوبان عنه( ص) هكذا« الماء طهور الا ما غلب على ريحه أو على طعمه».

والكر ما يكون ثلاثة أشبار طولا ، في عرض ثلاثة أشبار ، في عمق ثلاثة أشبار. وبالوزن ألف ومائتا رطل بالمدني (1).

3 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شئ والقلتان جرتان » (2).

ولا بأس بالوضوء والغسل من الجنابة والاستياك بماء الورد (3).

ص: 6


1- المشهور في الأشبار ثلاثة أشبار ونصف في مثله من العمق في مثله من العرض. وفى الوزن ألف ومائتا رطل بالعراقي. والمصنف - رحمه اللّه - اختار في المقدار أقل منه وفى الوزن أكثر منه ( سلطان ). أقول : لا يخفى ما في قوله : « لم ينجسه » من تصحيف والصواب « لا ينجسه ».
2- الجرة - بفتح الجيم - ما يقال لها بالفارسية « خمره بزرگ » وقال الشيخ رحمه اللّه : يحتمل أن يكون ورد مورد التقية ، ويحتمل أن يكون مقدار القلتين هو مقدار الكر لان القلة هي الجرة الكبيرة في اللغة انتهى ، ونقل في المعتبر عن ابن الجنيد أنه قال : « الكر قلتان و مبلغ وزنه ألف ومائتا رطل » وفى النهاية الأثيرية « القلة : الحب العظيم ». وفى المحكى عن ابن دريد « القلة في الحديث من قلال هجر وهي عظيمة ، زعموا أن الوحدة تسع خمس قرب ».
3- هذا مذهب المؤلف (رحمه الله) كما صرح به في الهداية ومستنده رواية يونس عن أبي - الحسن (عليه السلام) قال « قلت له : الرجل يغتسل بماء الورد ويتوضأ به للصلاة؟ قال : لا بأس بذلك » وقال صاحب المدارك ص 17 : وهو ضعيف لاشتمال سنده على سهل بن زياد وهو غال. وعلى محمد بن عيسى عن يونس وقد نقل الصدوق عن شيخه ابن الوليد - رحمهما اللّه - أنه لا يعتمد على حديث محمد ابن عيسى عن يونس ، وحكم الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب والاستبصار بشذوذ هذه الرواية وأن العصابة أجمعت على ترك العمل بظاهرها ، ثم أجاب عنها باحتمال أن يكون المراد بالوضوء التحسين والتنظيف أو أن يكون المراد الماء الذي وقع فيه الورد ، دون المصعد منه أو المعتصر وأما الاستياك - بالكاف - ( فافتعال من السوك وهو ذلك الشئ وتحريكه ) بمعنى التمصمص  - بالمهملتين - فهو الاغتسال من الدنس للتنظيف والتطهير وفى الخبر « القتل في سبيل اللّه مصمصة » قال في النهاية أي مطهرة من دنس الخطايا. والتأنيث لإرادة الشهادة من القتل - انتهى. وفى كثير من النسخ « الاستيال » باللام فهو بمعنى التزيين مطاوع التسويل وهو تحسين الشئ وتزيينه ، يعنى به الاغتسال للنظافة والتزيين.

والماء الذي تسخنه الشمس لا تتوضأ به ، ولا تغتسل به من الجنابة ، ولا تعجن به (1) لأنه يورث البرص.

ولا بأس بأن يتوضأ الرجل بالماء الحميم الحار (2). ولا يفسد الماء (3) إلا ما كانت له نفس سائلة. وكل ما وقع في الماء مما ليس له دم فلا بأس باستعماله والوضوء منه مات فيه أو لم يمت.

فإن كان معك إناءان فوقع في أحدهما ما ينجس الماء ولم تعلم في أيهما وقع فأهرقهما جميعا وتيمم. ولو أن ميزابين سالا : ميزاب بول وميزاب ماء (4) فاختلطا ثم أصاب ثوبك منه لم يكن به بأس.

4 - وسأل هشام بن سالم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن السطح يبال عليه فتصيبه السماء

ص: 7


1- في بعض النسخ بصيغة الغياب في الثلاثة. وفى الكافي ج 3 ص 15 باسناده عن السكوني عن الصادق (عليه السلام) قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الماء الذي تسخنه الشمس لا توضؤوا به ولا تغتسلوا به ولا تعجنوا به فإنه يورث البرص ».
2- عدم البأس اما بورود خبر وصل إليه ولم يصل إلينا ، واما بالعمومات أو بالخبر الذي ورد أن كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى ، نعم ورد جواز الغسل. (م ت)
3- المراد بالافساد النجاسة أو الأعم من النجاسة ومن عدم جواز الاستعمال. والظاهر أن المراد به القليل كما يظهر من بعض الأخبار ، أو الأعم منه ومن البئر كما يظهر من بعضها.
4- في الكافي ج 3 ص 12 باسناده عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) « في ميزابين سألا أحدهما بول والاخر ماء المطر ، فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم يضره ذلك » وحمل على ما إذا كان عند نزول المطر ولم يتغير الماء به.

فيكف (1) فيصيب الثوب ، فقال : لا بأس به ، ما أصابه من الماء أكثر منه » (2).

5 - وسئل عليه السلام « عن طين المطر يصيب الثوب فيه البول والعذرة والدم ، فقال : طين المطر لا ينجس » (3).

6 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن البيت يبال على ظهره ويغتسل من الجنابة ، ثم يصيبه المطر أيؤخذ من مائه فيتوضأ به للصلاة؟ فقال : إذا جرى فلا بأس به ».

7 - وسأله « عن الرجل يمر في ماء المطر وقد صب فيه خمر فأصاب ثوبه هل يصلي فيه قبل أن يغسله؟ فقال : لا يغسل ثوبه ولا رجله ويصلي فيه ولا بأس به ».

8 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن القئ يصيب الثوب فلا يغسل فقال : لا بأس به ».

9 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « كل شئ يجتر (4) فسؤره حلال ولعابه حلال ».

10 - وأتى أهل البادية رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقالوا : « يا رسول اللّه إن حياضنا هذه تردها السباع والكلاب والبهائم؟ فقال لهم صلى اللّه عليه وآله : لها ما أخذت أفواهها ولكم سائر ذلك » (5).

وإن شرب من الماء دابة أو حمار أو بغل أو شاة أو بقرة أو بعير فلا بأس باستعماله

ص: 8


1- وكف البيت بالمطر وكفا ووكوفا : سال قليلا قليلا أو يقطر. وقوله « فتصيبه » أي السماء بمطرها ، والمراد بالسماء معناه المتعارف.
2- دفع لتوهم السائل فإنه سأل أن السطح إذا كان يبال عليه دائما وينفذ فيه البول كيف يصل إليه ماء المطر وكيف يطهره؟ فأجاب بأن الماء أكثر منه (م ت).
3- يعنى في حال التقاطر كما يفهم من الحديث الآتي.
4- في النهاية الأثيرية الجرة ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلعه ، يقال : اجتر البعير يجتر.
5- لعله محمول على كرية الحياض فلا يمكن الاستدلال على طهارة القليل ولا على نجاسة السباع لأنهم سألوا أن حياضنا تردها الطاهر والنجس فما حكمه. (م ت)

والوضوء منه. فإن وقع وزغ في إناء فيه ماء أهريق ذلك الماء (1). وإن ولغ فيه (2) كلب أو شرب منه أهريق الماء وغسل الإناء ثلاث مرات : مرة بالتراب ومرتين بالماء ثم يجفف (3).

وأما الماء الآجن فيجب التنزه عنه إلا أن يكون لا يوجد غيره (4).

ولا بأس بالوضوء بماء يشرب منه السنور ، ولا بأس بشربه.

11 - وقال الصادق عليه السلام : « إني لا أمتنع من طعام طعم منه السنور ، ولا من شراب شرب منه ».

ولا يجوز الوضوء بسؤر اليهودي والنصراني وولد الزنا والمشرك وكل من خالف الاسلام ، وأشد من ذلك سؤر الناصب.

وماء الحمام سبيله سبيل الماء الجاري إذا كانت له مادة (5).

12 - وقال الصادق عليه السلام : « في الماء الذي تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب إنه إذا كان قدر كر لم ينجسه شئ » (6).

ص: 9


1- لعله لأجل سميته لا للنجاسة ، والوزغ : سام أبرص.
2- كذا في نسخة وفى أكثر النسخ « وقع فيه كلب » والمشهور اختصاص التعفير بالولوغ ولعله كان في الأصل « ولغ » فصحف كما يظهر من هامش بعض النسخ ففيه : ولغ الكلب في الاناء أي شرب ما فيه بأطراف لسانه. أو أدخل فيه لسانه وحركه.
3- لعل التجفيف لإزالة الغسالة والا لا سند له.
4- الاجن : الماء المتغير اللون والطعم. وبمضمونه خبر في الكافي ج 3 ص 4 وقوله « فيجب التنزه » حمل على الوجوب ويمكن حمله على الاستحباب كما هو دأب القدماء من اطلاق الوجوب على الاستحباب المؤكد. ثم اعلم أن هذا إذا كان الماء اجن من قبل نفسه ، فاما إذا غيرته النجاسة فلا يجوز استعماله على وجه البتة كما في التهذيب.
5- في الكافي ج 3 ص 14 باسناده عن بكر بن حبيب عن أبي جعفر عليه السلام قال : « ماء الحمام لا بأس به إذا كانت له مادة ». وقالوا : بشرط أن تكون كرا.
6- يستدل بمفهومه على نجاسة القليل بالملاعقات.

13 - وقال الصادق عليه السلام : « كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض (1) وقد وسع اللّه عزوجل عليكم بأوسع ما بين السماء و الأرض وجعل لكم الماء طهورا فانظروا كيف تكونون » (2).

فإن دخلت حية في حب ماء وخرجت منه صب من الماء (3) ثلاث أكف ، و استعمل الباقي ، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة (4).

ولا بأس بأن يستقى الماء بحبل أتخذ من شعر الخنزير (5).

14 - وسئل الصادق عليه السلام « عن جلد الخنزير يجعل دلوا يستقى به الماء فقال :

ص: 10


1- لعل ذلك جزاء لبعض أعمالهم كما يفهم من بعض الآيات كقوله « فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم - الآية » وقوله فبما نقضهم ميثاقهم ، والظاهر أن ذلك من بول يصيب أبدانهم من خارج ، ويحتمل كون أصل الخبر كما في تفسير علي بن إبراهيم هكذا « ان الرجل - من بني إسرائيل - إذا أصاب شئ من بدنه البول قطعوه » والضمير راجع إلى الرجل يعنى أن بني إسرائيل تركوه واعتزلوا عنه ولم يعاشروه ، لكن الظاهر أن بعض الرواة زعم أن الضمير راجع إلى البول أو البدن ونقله بالمعنى على مزعمته فصار ذلك سببا لوقوع لباحث في الوحل ولا يدرى ما المراد بقرض اللحم. وهذا الاحتمال الأخير من إفادات استاذنا الشعراني دام ظله العالي.
2- أي كيف تقومون بشكر هذه النعمة الجسيمة والفضل الكبير فلا تتركوا تطهير جسدكم بالماء ولا تسأموا بل اشكروا اللّه على تسهيل الإزالة.
3- في بعض النسخ « صب من الاناء ». والحب - بالمهملة - : الخابية.
4- لم أجد له نصا صريحا ومثله موجود في الفقه الرضوي ، نعم روى الشيخ في التهذيب باسناده عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) : قال : « سألته عن الفأرة والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيا هل يشرب من ذلك الماء ويتوضأ منه؟ قال : يسكب منه ثلاث مرات ، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة » والحكم بكراهة سؤر الحية للشيخ في النهاية وتبعه جماعة ، والأظهر عدم الكراهة كما اختاره المحقق في المعتبر لصحيحة علي بن جعفر عن - أخيه (عليه السلام) راجع التهذيب ج 1 ص 119. وقوله « وقليله وكثيره بمنزلة واحدة » أي في عدم التنزه بعد الصب ، أو في أصل الصب.
5- الظاهر نفى البأس يتوجه إلى استعمال الحبل في الاستقاء مع بعد الانفكاك عن الملاقاة بالرطوبة لليد أو الماء ، أو يتوجه إلى ماء البئر وعدم نجاستها بالحبل مع وقوعه فيها.

لا بأس به » (1).

15 - وسئل الصادق عليه السلام « عن جلود الميتة يجعل فيها اللبن والماء والسمن ما ترى فيه؟ فقال : لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن ، وتتوضأ منه وتشرب ، ولكن لا تصل فيها » (2).

لا بأس بالوضوء بفضل الجنب والحائض (3) ما لم يوجد غيره ، وإن توضأ رجل من الماء المتغير (4) أو اغتسل أو غسل ثوبه فعليه إعادة الوضوء والغسل والصلاة وغسل الثوب وكل آنية صب فيها ذلك الماء.

فإن (5) دخل رجل الحمام ولم يكن عنده ما يغرف (6) به ويداه قذرتان (7) ضرب يده في الماء وقال : بسم اللّه وهذا مما قال اللّه عزوجل : « وما جعل عليكم في الدين من حرج » (8) وكذلك الجنب إذا انتهى إلى الماء القليل فالطريق ولم يكن معه إناء

ص: 11


1- يحمل على أن كون السقي لشرب الحيوانات والأرضين ، لا لاستعمال ما شرطه الطهارة. أو على نفى البأس عن الاستقاء بجلد الخنزير ، وغايته جواز استعماله أو عدم تنجيسه ما يسقى منه أو عدم التعدي كما ذهب إليه بعض.
2- هذا الخبر مع ارساله شاذ ويعارضه عموم قوله تعالى : « حرمت عليكم الميتة » وأيضا قوله صلى اللّه عليه وآله : « لا تنتفعوا من الميتة بشئ » وقول أبى الحسين (عليه السلام) للفتح بن يزيد الجرجاني « لا ينتفع من الميتة باهاب ولا عصب - الخ » وأوله العلامة في المختلف بعد المنع من صحة السند باطلاق الميتة على ما مات بالتذكية ، ولعل مراده المذكى من طاهر العين مما لا يؤكل لحمه. لكنه خلاف الظاهر ، والأولى حمله على التقية لان العامة قائلون بتطهيره بشرط الدباغة. ويحتمل كون المراد جلد ما لا نفس له ، والحكم بمنع الصلاة فيه اما محمول على ظاهره وهو عدم الجواز كما ذهب إليه جماعة ، أو للتنزه كما عليه جمع.
3- أي بقية غسله أو غسالته.
4- أي المتغير بالنجاسة.
5- هذا التفريع ليس في محله ولعله ابدل الواو بالفاء.
6- في بعض النسخ « يغترف ».
7- تحمل القذرة على الوسخ والدنسن.
8- الحج : 78.

يغرف به ويداه قذرتان يفعل مثل ذلك (1).

16 - وسئل علي عليه السلام (2) « أيتوضأ من فضل وضوء جماعة المسلمين أحب إليك أو يتوضأ من ركو أبيض مخمر؟ فقال : لا ، بل من فضل وضوء جماعة المسلمين فإن أحب دينكم إلى اللّه الحنيفية السمحة السهلة (3) ».

فإن اجتمع مسلم مع ذمي في الحمام اغتسل المسلم من الحوض قبل الذمي (4).

ولا يجوز التطهير (5) بغسالة الحمام لأنه يجتمع في غسالة اليهودي والمجوسي والنصراني والمبغض لآل محمد عليهم السلام وهو أشرهم.

17 - وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام « عن مجتمع الماء في الحمام من غسالة الناس يصيب الثوب منه؟ فقال : لا بأس به » (6).

ولا بأس بالوضوء بالماء المستعمل ، وكان النبي صلى اللّه عليه وآله إذا توضأ أخذ الناس ما يسقط

ص: 12


1- في الكافي ج 3 ص 4 باسناده عن محمد بن الميسر قال : سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل الجنب ينتهى إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل منه وليس معه اناء يغرف به ويداه قذرتان؟ قال : يضع يده ويتوضأ ثم يغتسل ، هذا مما قال اللّه عزوجل « ما جعل عليكم في الدين من حرج ».
2- في بعض النسخ « وسئل الصادق عليه السلام ».
3- الظاهر أن قوله : « أيتوضأ » مبتدأ خبره « أحب » اما بتقدير « أن » قبله أو بإرادة المصدر من الفعل مجازا مثل « تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ». وقوله « وضوء المسلمين » الظاهر أن يقرء بفتح الواو أي ماء الوضوء وفضله ما يبقى في الاناء ، والحمل على الغسالة بعيد.
4- استحبابا ، أو المراد بالحوض الصغير الذي لم يبلغ الكر.
5- في بعض النسخ « التطهر ».
6- لا منافاة بين هذه المرسلة - كما في الكافي والتهذيب ج 1 ص 107 أيضا - والذي قبلها لان الأول دال على عدم مطهرية ذلك الماء. وهذا الخبر يدل على كونه طاهرا.

من وضوئه فيتوضؤوا به. والماء الذي يتوضأ به الرجل في شئ نظيف فلا بأس أن يأخذه غيره فيتوضأ به ، فأما الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به من الجنابة أو تزال به نجاسة فلا يتوضأ به.

18 - وسئل الصادق عليه السلام عن ماء شربت منه دجاجة فقال : إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه ولم تشرب ، وإن لم يعلم في منقارها قذر توضأ منه واشرب.

وكل ما أكل لحمه فلا بأس بالوضوء والشرب من ماء شرب منه ، ولا بأس بالوضوء من ماء شرب منه باز أو صقر أو عقاب ما لم ير في منقاره دم ، فان رئي في منقاره دم لم يتوضأ منه ولم يشرب (1).

فإن (2) رعف رجل فامتخط فصار ذلك الدم قطرا صغارا فأصاب إناءه ولم يستبن ذلك في الماء فلا بأس بالوضوء منه (3) ، وإن كان شئ بين فيه لم يجز الوضوء منه.

والدجاجة والطير وأشباههما إذا وطئ شئ منها العذرة ثم دخل الماء فلا يجوز الوضوء منه إلا أن يكون الماء كرا.

ص: 13


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 65 والكليني في الكافي ج 3 ص 9 بتقديم و تأخير من حديث موسى بن عمار الساباطي عنه عليه السلام. والباز ضرب من الصقور. و الصقر - بفتح الصاد وسكون القاف - : كل طائر يصيد ما خلا النسر والعقاب.
2- التقريع في غير محله ولعله من تصحيف النساخ. وكان أصله « وان ».
3- ذلك لاستصحاب طهارة الماء لعدم العلم بوصول الدم الماء وان أيقن بوصوله الاناء وروى الكليني في الكافي ج 3 ص 74 عن محمد بن يحيى عن العمركي عن علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال : « سألته عن رجل رعف فامتخط فصار بعض ذلك الدم قطعا صغارا فأصاب اناءه ، هل يصلح الوضوء منه؟ فقال : ان لم يكن شئ يستبين في الماء فلا بأس وإن كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه ». قال : « وسألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فيقطر قطرة في انائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال : لا » فسؤال الأول محمول على أنه أيقن بإصابة الدم الاناء وشك في وصوله الماء ، والثاني أيقن بوصول الدم الماء. لكن الشيخ - رحمه اللّه - استدل بخبر المتن على عدم نجاسة الماء بما لم يدركه الطرف من الدم.

فإن سقط في راوية ماء فأرة أو جرذ أو صعوة ميتة فتفسخ فيها لم يجز شربه ولا الوضوء منه ، وإن كان غير متفسخ فلا بأس بشربه والوضوء منه وتطرح الميتة إذا خرجت طرية ، وكذلك الجرة وحب الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء (1).

فإن وقعت فارة أو غيرها من الدواب في بئر ماء فماتت فعجن من مائها فلا بأس بأكل ذلك الخبز إذا أصابته النار (2).

19 - وقال الصادق عليه السلام : « أكلت النار ما فيه ».

فإن وقعت فارة في خابية فيها سمن أو زيت أو عسل وكان جامدا أخذت الفارة مع ما حولها واستعمل الباقي وأكل (3) ، وكذلك إذا وقعت في الدقيق وأشباهه ، فإن وقعت الفارة في دهن غير جامد فلا بأس أن يستصبح به ، فإن وقعت فارة في حب دهن فأخرجت منه قبل أن تموت فلا بأس بأن يدهن منه ويباع من مسلم.

20 - وسئل الصادق عليه السلام « عن بئر أستقي منها(4) فتوضئ به وغسل به الثياب وعجن به ، ثم علم أنه كان فيها ميتة؟ فقال : لا بأس ولا يغسل الثوب منه ولا تعاد منه الصلاة » (5).

ص: 14


1- بمضمون هذا الفتوى رواية رواها الشيخ في التهذيب ج 1 ص 117 وفى الاستبصار ج 1 ص 7 عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن علي بن حديد عن حماد ابن عيسى ، عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، وحمل الشيخ - رحمه اللّه - الراوية على ما إذا كان مقدارها كرا وكذا الجرة والحب والقربة. وحمل التفسخ على ما إذا كان تغير أحد أوصاف الماء. وقال بمثله سلطان العلماء ، لكن الحق أن علي بن حديد ضعيف ولا اعتماد على ما تفرد به سيما إذا كان معارضا لما صح عنهم عليه السلام وهذا مما تفرد به. قال العلامة في الخلاصة : علي بن حديد بن حكيم ضعفه شيخنا في كتابي الاستبصار والتهذيب ، لا يعول على ما يتفرد بنقله وقال الكشي : انفط حي من أهل الكوفة. ا ه.
2- مبنى على عدم تنجس ماء البئر بالملاقات وفائدة إصابة النار رفع الكراهة. ( مراد )
3- هذا إذا ماتت الفارة فيها ، وأما إذا خرجت قبل أن تموت كان الحكم الطهارة كما يجيئ (م ت).
4- في بعض النسخ « استسقى منها ».
5- فبعد ثبوت نبع البئر محمول على ما إذا لم يتغير أحد أوصاف الماء.

والفأرة والكلب إذا أكلا من الخبز أو شماه فإنه يترك ما شماه (1) ويؤكل ما بقي (2).

ولا بأس بالوضوء من الحياض التي يبال فيها إذا غلب لون الماء البول ، وإن غلب لون البول الماء فلا يتوضأ منها (3).

ولا يجوز التوضؤ باللبن لان الوضوء إنما هو بالماء أو الصعيد (4).

ولا بأس بالتوضؤ بالنبيذ لان النبي صلى اللّه عليه وآله قد توضأ به وكان ذلك ماء قد نبذت فيه تميرات وكان صافيا فوقها فتوضأ به ، فإذا غير التمر لون الماء لم يجز الوضوء به والنبيذ الذي يتوضأ وأحل شربه هو الذي ينبذ بالغداة ويشرب بالعشي ، أو ينبذ بالعشي ويشرب بالغداة.

فإن اغتسل الرجل في وهدة وخشي أن يرجع ما ينصب عنه إلى الماء الذي يغتسل منه أخذ كفا وصبه أمامه وكفا عن يمينه وكفا عن يساره وكفا من خلفه واغتسل منه. (5)

ص: 15


1- استحبابا إذ الشم لا يوجب النجاسة.
2- كما في صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) راجع قرب الإسناد ص 116.
3- إن كان المراد بول ما لا يؤكل لحمه فمحمول على كرية الحياض وإن كان المراد بول ما يؤكل لحمه فالمنع من الوضوء في صورة غلبة لون البول لسلب الاطلاق.
4- أراد بالوضوء الطهارة ظاهرا.
5- الوهدة - بالفتح فالسكون - المنخفض من الأرض. وروى الشيخ بهذا المضمون خبرا في التهذيب ج 1 ص 5. وحكى المحقق في المعتبر ص 22 قولين في بيان الخبر : أحدهما المراد منه رش الأرض ليجتمع أجزاؤها فيمتنع سرعة انحدار ما ينفصل من بدنه إلى الماء. والثاني أن المراد به بل جسده ليتعجل الاغتسال قبل أن ينحدر ما ينفصل منه ويعود إلى الماء انتهى. واستبعد المولى مراد التفرشي هذين القولين وقال : ويحتمل حمله على إزالة النجاسة من بدنه بتلك الأكف فيقوم أولا في جانب لا ترجع الغسالة عنه إلى الماء ثم يقرب الماء ويغتسل منه. ويمكن أن يقال : المقصود من صب الأكف دفع ما وقع على وجه الماء من الكثافة فيصب المأخوذ على الجوانب إذ لو صب على جانب واحد لربما يرجع إلى الماء فيزيد في كثافته.

فإن انتضح على ثياب الرجل أو على بدنه من الماء الذي يستنجى به فلا بأس بذلك (1).

فإن ترشش (2) من يده في الاناء أو انصب في الأرض فوقع في الاناء فلا بأس به وكذلك في الاغتسال من الجنابة (3).

وإن وقعت ميتة في ماء جار فلا بأس بالوضوء من الجانب الذي ليس فيه الميتة.

21 - وسئل الصادق عليه السلام « عن الماء الساكن تكون فيه الجيفة ، قال : يتوضأ من الجانب الآخر ولا يتوضأ من جانب الجيفة » (4).

22 - وسئل عليه السلام « عن غدير فيه جيفة ، فقال : إن كان الماء قاهرا لها لا توجد الريح منه فتوضأ واغتسل » (5).

ومن أجنب في سفر [ ه ] فلم يجد إلا الثلج فلا بأس بأن يغتسل به ، ولا بأس بأن يتوضأ به أيضا يدلك به جلده. (6)

ولا بأس أن يغرف الجنب الماء من الحب بيده (7).

وإن اغتسل الجنب فنزا (8) الماء من الأرض فوقع في الاناء ، أو سال من

ص: 16


1- روى المؤلف في العلل رواية مسندة بمضمون هذه الفتوى. وكذا الشيخ في التهذيب ج 1 ص 24 ويدل على طهارة ماء الاستنجاء ، وحمل على ما لم يكن فيه شئ من النجاسة.
2- ترشش عليه الماء : تنزل متفرقا ، سال.
3- كما في رواية بريد بن معاوية في التهذيب ج 1 ص 24.
4- قال الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 22 بعد نقله مسندا يحمل على أنه أكثر من كر والامر بالوضوء من الجانب الذي ليس فيه الجيفة محمول على الاستحباب والتنزه ، لان النفس تعاف مماسة الماء الذي تجاوره الجيفة وإن كان حكمه حكم الطاهر.
5- رواه الكليني في الصحيح ج 3 ص 4.
6- المراد بدلك الجلد بالثلج امراره عليه إلى أن يذوب منه ما يتحصل به مسمى الغسل ، وقال السيد المرتضى - رحمه اللّه - إذا لم يوجد الا الثلج ضرب يده ويتيمم بنداوته. ويدل عليه ظاهر صحيحة محمد بن مسلم لكن الشيخ - رحمة اللّه - حملها على التيمم بالتراب.
7- هذا مأخوذ من كلام الإمام (عليه السلام) في رواية شهاب بن عبد ربه في البصائر 64.
8- نزا ينزو نزوانا : وثب.

بدنه في الاناء فلا بأس به (1).

ولا بأس بأن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد ، ولكن تغتسل بفضله ولا يغتسل بفضلها (2).

وأكبر ما يقع في البئر الانسان فيموت فيها فينزح منها سبعون دلوا (3) وأصغر ما يقع فيها الصعوة فينزح منها دلو واحد ، وفيما بين الانسان والصعوة على قدر ما يقع فيها ، فإن وقع فيها فارة ولم تتفسخ ينزح منها دلو واحد ، وإذا انفسخت فسبع دلاء وإن وقع فيها حمار ينزح منها كر من ماء ، وإن وقع فيها كلب نزح منها ثلاثون دلوا إلى أربعين دلوا ، وإن وقع فيها سنور نزح منها سبعة دلاء ، وإن وقع فيها دجاجة أو حمامة نزح منها سبعة دلاء (4) وإن وقع فيها بعير أو ثور أو صب فيها خمر نزح الماء كله ، وإن قطر فيها قطرات من دم استقي منها دلاء ، وإن بال فيها رجل استقى منها أربعون دلوا ، وان فيها صبي قد اكل الطعام استقى منها ثلاث دلاء ، وإن كان رضيعا استقى منها دلو واحد ، فإن وقع في البئر زبيل (5) من عذرة رطبة أو يابسة أو زبيل من سرقين فلا بأس بالوضوء منها ولا ينزح منها شئ هذا إذا كانت في زبيل ولم ينزل منه شئ

ص: 17


1- هذا إذا كانت الأرض واليد طاهرتين ، وفيه دلالة ما على جواز استعمال المستعمل في غسل الجنابة فيحمل على حال الضرورة. وروى الكليني في الكافي ج 3 ص 14 بسند صحيح عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « في الرجل الجنب يغتسل فينتضح من الماء في الاناء؟ فقال : لا بأس ما جعل عليكم في الدين من حرج » فيفهم من ذيله أن الحكم مختص بحال الحرج.
2- لعل المراد أن الرجل يبتدء بالاغتسال كما يجيئ في باب مقدار الماء للوضوء عن أبي جعفر عليه السلام في صفة اغتسال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.
3- الأكبرية باعتبار تقدير الدلو ، أكثر سبعون وأقله دلو واحد. وقال المولى مراد التفرشي : الأكبرية باعتبار ما عين فيه العدد فلا يرد بنزح الجميع بالثور وغيره.
4- في الطير مطلقا الدجاجة والحمامة دلوين والثلاثة والدلاء الخمس أفضل والسبع أكمل.
5- الزبيل - كامير ، وسكين - فإذ كسرته شددته : القفة أو الحراب أو الوعاء.

في البئر ، ومتى وقعت في البئر عذرة استقي منها عشرة دلاء (1) فإن ذابت فيها استقي انها أربعون دلوا إلى خمسين دلوا (2).

والبئر إذا كان إلى جانبها كنيف فإن كانت الأرض صلبة فينبغي أن يكون بينهما خمسة أذرع وإن كانت رخوة فسبعة أذرع.

23 - وقال الرضا عليه السلام : « ليس يكره من قرب ولا بعد بئر ، يغتسل منها ويتوضأ ما لم يتغير الماء » (3).

ص: 18


1- أعلم أنه أجمع علماء الاسلام كافة على نجاسة البئر بتغير أحد أوصافه الثلاثة بالنجاسة واختلف علماؤنا في نجاسته بالملاقات على أقوال أحدها - وهو المشهور بين القدماء على المحكى - النجاسة مطلقا. وثانيها الطهارة واستحباب النزح ذهب إليه من المتقدمين الحسن ابن أبي عقيل والشيخ وأبو عبد اللّه الغضائري والعلامة وشيخه مفيد الدين بن الجهم وولده فخر المحققين واليه ذهب عامة المتأخرين. وثالثها الطهارة ووجوب النزح تعبدا ذهب إليه الشيخ في التهذيب في ظاهر كلامه والعلامة في المنتهى. ورابعها الطهارة ان بلغ ماؤه كرا والنجاسة بدونه ذهب إليه الشيخ أبو الحسن محمد بن محمد البصري من المتقدمين لأنه يعتبر الكرية في مطلق الجاري والبئر من أنواعه وأرجع الأقوال عندنا هو القول الطهارة ( المدارك ).
2- لعله بطريقة التخيير مع كون الخمسين أفضل ، ويحتمل أنه من حيث اختلاف الابار بالصغر والكبر وكثرة العذرة وقلتها وكثرة الماء وقلة النبع وعدمها ( سلطان ).
3- أي ليس وجود البالوعة مكروها سواء كان قريبا من البئر أم بعيدا. وقال الموالي مراد التفرشي : « بئر » مرفوع على أنه أسند إليه « يكره » مبينا للمفعول وحينئذ لابد من تقدير ، ووصفه بقوله « يغتسل منها » يشعر بأن المراد عدم كراهة الاغتسال والوضوء إذ لا يوصف بالأحكام الخمسة الا أفعال المكلف ، ويكن هنا الحمل على حفر بئر أيضا والمراد القرب من الكنيف حيث إن ذلك مذكور في كلام الراوي وان لم يذكره المصنف رحمه اللّه وذكر البعد للاشعار بالتسوية بين القرب والبعد والا فلا يتصور الكراهة في بعد البئر عن الكنيف ليحتاج إلى الذكر. و قد يأول بانه ليس كون الكنيف في قرب بئر أو بعد بئر على أن يكون المضاف إليه في الأول محذوفا و يرجع ضمير« يكره» الى كون الكنيف المقدر في نظم الكلام. و لا يخلو-- من بعد. و في الحديث اشعار بأنّه لو تغير الماء بقرب الكنيف كره استعماله- انتهى. و قال سلطان العلماء: هذا يدلّ على أن ما ذكره قبل هذا من تحديد البعد بطريق الاستحباب.

24 - وروي عن أبي بصير (1) أنه قال : « نزلنا في دار فيها بئر إلى جنبها بالوعة ليس بينهما إلا نحو من ذراعين فامتنعوا من الوضوء منها ، فشق ذلك عليهم فدخلنا على أبي عبد اللّه عليه السلام فأخبرناه ، فقال : توضؤا منها فإن لتلك البالوعة مجاري تصب في واد ينصب في البحر » (2).

ومتى وقع في البئر شئ فتغير ريح الماء وجب أن ينزح الماء كله ، وإن كان كثيرا وصعب نزحه فالواجب أن يتكارى(3) عليه أربعة رجال يستقون منها على التراوح من الغدوة إلى الليل.

وأما ماء الحمآت فإن النبي صلى اللّه عليه وآله نما نهى أن يستشفى بها ولم ينه عن التوضؤ بها وهي المياه الحارة التي تكون في الجبال يشم منها رائحة الكبريت (4).

25 - وقال عليه السلام : « إنها من فيح جهنم ».

وإن قطر خمر أو نبيذ في عجين فقد فسد (5) فلا بأس ببيعه من اليهود والنصارى بعد أن يبين لهم (6) والفقاع مثل ذلك.

ص: 19


1- الطريق إلى أبي بصير ضعيف بالبطائني.
2- أي ليس مجرى البالوعة منحصرا فيما ينتهى إلى البئر حتى يلزم من قربها إليها جريان مائها إليها بل لها مجاري إلى واد فتصب في تلك الوادي والودي تنصب في البحر وفى بعض النسخ « نضب في واد ينضب في البحر » ونضب الماء غار ويحتمل كون المراد ارتباط ماء البالوعة بالماء الذي هو تحت الأرض الذي هو بمنزلة الوادي. ( مراد ).
3- في بعض النسخ « أن يتعاون ».
4- روى الكليني في الكافي ج 6 ص 389 بمضمونه خبرا وفى ذيله « قيل : إنها من فيح جهنم » والفيح الغليان وشويع الحر وفورانه.
5- قال سلطان العلماء (رحمه الله) : يحتمل أن هذا لحرمة الخمر لا النجاسة ، فلا ينافي مذهب المصنف.
6- لنفى وقوع التدليس ( سلطان ).

26 - وسأل عمار بن موسى الساباطي (1) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يجد في إنائه فارة وقد توضأ من ذلك الاناء مرارا واغتسل منه أو غسل ثيابه وقد كانت الفارة منسلخة؟ فقال : إن كان رآها في الاناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثم فعل ذلك بعد ما رآها في الاناء فعليه أن يغسل ثيابه ويغسل كل ما أصابه ذلك الماء ، ويعيد الوضوء والصلاة ، وإن كان إنما رآها بعدما فرغ من ذلك وفعله فلا يمس من الماء شيئا وليس عليه شئ لأنه لا يعلم متى سقطت فيه. ثم قال : لعله أن يكون إنما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها ».

27 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام (2) « عن الرجل الجنب (3) هل يجزيه عن غسل الجنابة أن يقوم في المطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على ماء سوى ذلك؟ فقال : إذا غسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك ».

28 - وروى إسحاق بن عمار (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن أبا جعفر عليه السلام كان يقول : لا بأس بسؤر الفارة إذا شربت من الاناء أن تشرب منه أو تتوضأ منه ».

والوزغة إذ وقعت في البئر نزح منها ثلاث دلاء (5).

وإذا ذبح رجل طيرا مثل دجاجة أو حمامة فوقع بدمه في البئر نزح منها دلاء.

29 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن رجل ذبح شاة فاضطربت فوقعت في بئر ماء وأوداجها تشخب دما هل يتوضأ من تلك البئر؟ قال : ينزح منها ما بين ثلاثين دلوا إلى أربعين دلوا ، ثم يتوضأ منها ».

ص: 20


1- طريق الصدوق (رحمه الله) إلى عمار بن موسى قوى ، فيه أحمد بن الحسن بن فضال وهو فاسد المذهب ثقة. ( صه )
2- طريق المصنف إلى علي بن جعفر صحيح كما في ( صه ).
3- في بعض النسخ « المجنب » وفى بعضها « يجنب ».
4- طريق المصنف إلى إسحاق بن عمار صحيح الا أن في إسحاق قولا. ( صه )
5- كما في رواية معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام) في التهذيب ج 1 ص 69.

30 - وسأل يعقوب بن عثيم (1) أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له : « بئر ماء في مائها ريح يخرج منها قطع جلود؟ فقال : ليس بشئ لان الوزغ ربما طرح جلده ، إنما يكفيك من ذلك دلو واحد ».

31 - وسأل جابر بن يزيد الجعفي (2) أبا جعفر عليه السلام « عن السام أبرص (3) يقع في البئر ، فقال : ليس بشئ حرك الماء بالدلو ».

32 - وسأله يعقوب بن عثيم « عن سام أبرص وجدناه في البئر قد تفسخ فقال : إنما عليك أن تنزح منها سبعة دلاء ، فقال له : فثيابنا قد صلينا فيها نغسلها ونعيد الصلاة؟ قال : لا ».

والعظاية (4) إذا وقعت في اللبن حرم اللبن ويقال : إن فيها السم.

وإن وقعت شاة وما أشبهها في بئر ينزح منها تسعة دلاء إلى عشرة دلاء.

33 - وقال الصادق عليه السلام : « كانت في المدنية بئر في وسط مزبلة فكانت الريح تهب فتلقي فيها القذر ، وكان النبي صلى اللّه عليه وآله يتوضأ منها ».

34 - وسأل محمد بن مسلم (5) أبا جعفر عليه السلام « عن البئر تقع فيها الميتة فقال : إن كان لها ريح نزح منها عشرون دلوا » (6).

ص: 21


1- الطريق إلى يعقوب بن عثيم صحيح ( صه ).
2- الطريق إلى جابر بن يزيد ضعيف ( صه ).
3- السام أبرص : كبار الوزغ ، هما اسمان جعلا اسما واحدا ويقع على الذكر الأنثى ويعرف بأبي أبرص.
4- العظاية : دويبة ملساء أصغر من الحرذون ، تمشى مشيا سريعا ثم تقف ، تشبه سام أبرص.
5- الطريق إلى محمد بن مسلم فيه علي بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه أحمد وهما غير مذكورين ( صه ).
6- يحتمل أن يكون المراد ما لا نفس له فالنزح لأجل الريح لا النجاسة.

35 - وسأل كردويه الهمداني (1) أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام « عن بئر يدخلها ماء الطريق فيه البول والعذرة وأبوال الدواب وأرواثها وخرء الكلاب فقال : ينزح منها ثلاثون دلوا وإن كانت مبخرة » (2).

ولا يجوز (3) أن يبول الرجل في ماء راكد ، فأما الماء الجاري فلا بأس أن يبول فيه ولكن يتخوف عليه من الشيطان (4).

وقد روي « أن البول في الماء الراكد يورث النسيان » (5).

باب 2: ارتياد المكان للحدث والسنة في دخوله والآداب فيه إلى الخروج منه

36 - قال الصادق عليه السلام : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أشد الناس توقيا للبول حتى أنه كان إذا أراد البول عمد (6) إلى مكان مرتفع من الأرض أو مكان يكون فيه التراب الكثير كراهية أن ينضح عليه البول ».

ص: 22


1- الطريق إلى كردويه الهمداني صحيح ( صه ) وهو مجهول الحال.
2- أي البئر التي يشم منها الرائحة الكريهة ، يعنى المنتنة.
3- الظاهر مراده الكراهة بقرينة ما يأتي من التعليل.
4- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 100 باسناد له فيه ارساله عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في حديث قال : « قلت له : يبول الرجل في الماء قال : نعم ولكن يتخوف عليه من الشيطان » أي يمكن أن يعتاد ذلك فيسول ذلك الشيطان في نظره حتى يحرضه على البول في الماء الراكد.
5- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 9 و 13 باسناده عن الفضيل عن الصادق (عليه السلام) قال : « لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري وكره أن يبول في الماء الراكد ».
6- قوله : « عمد » أي قصد.

37 - وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا أراد دخول المتوضأ (1) قال : « اللّهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم (2) ، اللّهم أمت عني الأذى وأعذني من الشيطان الرجيم ». وإذا استوى جالسا للوضوء (3) قال : « اللّهم أذهب عني القذى والأذى (4) واجعلني من المتطهرين » وإذا تزحر (5) قال : « اللّهم كما أطعمتنيه طيبا في عافية فأخرجه مني خبيثا في عافية ».

38 - وكان علي عليه السلام (6) يقول : ما من عبد إلا وبه ملك موكل يلوي (7) عنقه حتى ينظر إلى حدثه ، ثم يقول له الملك : يا ابن آدم هذا رزقك فانظر من أين أخذته وإلى ما صار ، فينبغي للعبد عند ذلك أن يقول : « اللّهم ارزقني الحلال وجنبني الحرام ».

ولم ير للنبي صلى اللّه عليه وآله قط نجو (8) لان اللّه تبارك وتعالى وكل الأرض بابتلاع ما يخرج منه.

39 - « وكان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أراد الحاجة (9) وقف على باب المذهب (10)

ص: 23


1- المراد بالمتوضأ الكنيف.
2- الرجس : النجس والقذر ، وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح ، والعذاب واللعنة والكفر والمراد منه - في الحديث - الأول. قال الفراء : إذا بدؤا بالنجس ولم يذكروا الرجس فتحوا النون والجيم ، وإذا بدؤا بالرجس ثم أتبعوه النجس كسروا الجيم والخبيث ذو الخبث في نفسه ، والمخبث الذي أعوانه خبثاء. ( النهاية )
3- أراد بالوضوء قضاء الحاجة كما هو الظاهر بقرينة المقام.
4- أراد بالقذى النجاسات وبالأذى لوازمها.
5- التزحر - بالزاي والحاء المهملة المشددة - : التنفس بأنين وشدة ، وقيل : استطلاق البطن بشدة.
6- في بعض النسخ « وكان عليه السلام » فالضمير راجع إلى النبي صلى اللّه عليه وآله.
7- من باب التفعيل أي ثناه وعطفه وعاجه ، والمجرد منه بمعناه.
8- النجو ما يخرج من البطن من ريح أو غائط.
9- المراد قضاء الحاجة.
10- يعنى بين الخلاء.

ثم التفت عن يمينه وعن يساره إلى ملكيه فيقول : أميطا عني (1) فلكما اللّه علي أن لا أحدث (2) بلساني شيئا حتى أخرج إليكما ».

40 - وكان عليه السلام إذا دخل الخلاء يقول « الحمد لله الحافظ المؤدي » فإذا خرج مسح بطنه وقال : « الحمد لله الذي أخرج عني أذاه وأبقى في قوته ، فيالها من نعمة لا يقدر القادرون قدرها ».

41 - « وكان الصادق عليه السلام إذا دخل الخلاء يقنع رأسه ويقول في نفسه : » بسم اللّه وباللّه ولا إله إلا اللّه ، رب أخرج عني الأذى سرحا (3) بغير حساب ، واجعلني لك من الشاكرين فيما تصرفه عني من الأذى والغم الذي لو حبسته عني هلكت لك الحمد أعصمني من شر ما في هذه البقعة ، وأخرجني منها سالما ، وحل بيني وبين طاعة الشيطان الرجيم.

وينبغي للرجل إذا دخل الخلاء أن يغطي رأسه (4) إقرارا بأنه غير مبرء نفسه من العيوب ، ويدخل رجله اليسرى قبل اليمنى فرقا بين دخول الخلاء ودخول المسجد ، ويتعوذ باللّه من الشيطان الرجيم ، لان الشيطان أكثر ما يهم بالانسان إذا كان وحده ، وإذا خرج من الخلاء أخرج رجله اليمنى قبل اليسرى (5).

ص: 24


1- أي اذهبا عنى وابعدا عنى واتركاني ونفسي.
2- في نسخة « انى لا أحدث ».
3- أي بلا انقباض وعسر ، متلبسا بان لا تحاسبي على هذه النعمة الجليلة.
4- قال في الحدائق : لم أقف فيه على خصوص خبر سوى اخبار التقنع ، ومن الظاهر مغايرته له ، نعم قال المفيد (رحمه الله) : « وليغط رأسه إن كان مكشوفا ليأمن بذلك من عبث الشيطان ومن وصول الرائحة الخبيثة إلى دماغه ، وهو سنة من سنن النبي صلى اللّه عليه وآله ، و فيه اظهار الحياء من اللّه لكثرة نعمه على العبد وقلة الشكر منه » وفيه دلالة على ورود النص به وليس ببعيد كون المراد به التقنع لمناسبة التعليل الأخير له دون مجرد التغطية.
5- الظاهر أنه في خبر وان لم نعثر عليه لان الصدوق (رحمه الله) لا يذكر شيئا من ذلك الا عن نص بلغه فيه ولذا تبعه الأصحاب ، وقد اختص بعضهم هذا الحكم بالبنيان نظرا إلى مسمى الدخول والخروج وخالفه العلامة رحمه اللّه وصرح بان الأقرب عدم الاختصاص على ما في الحدائق.

42 - ووجدت بخط سعد بن عبد اللّه حديثا أسنده إلى الصادق عليه السلام أنه قال :  من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلاء : « بسم اللّه وباللّه أعوذ باللّه من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم ».

43 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « إذا انكشف أحدكم لبول أو لغير ذلك فليقل : » بسم اللّه « فإن الشيطان يغض بصره عنه حتى يفرغ ».

44 - وقال رجل لعلي بن الحسين عليهما السلام : « أين يتوضأ الغرباء؟ فقال : يتقون شطوط الأنهار ، والطرق النافذة (1) وتحت الأشجار المثمرة ، ومواضع اللعن ، فقيل له : وأين مواضع اللعن؟ قال : أبواب الدور » (2).

45 - وفي خبر آخر « لعن اللّه المتغوط في ظل النزل (3) والمانع الماء المنتاب (4) والساد الطريق المسلوك » (5).

ص: 25


1- شطوط الأنهار جوانبها ، أو مسارع المياه الواردة. وتقييد الطر بالنافذة احتراز عن المرفوعة فإنها ملك لأربابها فيحرم التخلي فيها قطعا ، أو المراد المسلوكة لا المتروكة.
2- يمكن أن يكون تعبيره عليه السلام للمثال ويكون الفظ على العموم في كل موضوع يتأذى به الناس ، ويسبون فاعله ، وإن كان السبب واللعن حراما.
3- أي محل ورود المسافرين.
4- أي الماء المشترك في نوبة الشريك. أو الماء المباح الذي يعتوره المارة على النوبة.
5- قال في الحدائق : ظاهر الأصحاب سيما المتأخرين الحكم بالكراهة في الجميع الا أن الشيخ المفيد في المقنعة عبر في في هذه المواضع بعدم الجواز ، وابن بابويه في الفقيه عبر بذلك في فيئ النزال وتحت الأشجار المثمرة. وقال شيخنا صاحب « الرياض »  - بعد نقل ذلك عنهما - ما لفظه « والجزم بالجواز مع ورود النهى والامر واللعن في البعض مع عدم المعارض سوى أصالة البراءة مشكل - ا ه ». و هو جيد الا أنّه كثيرا ما قد تكرر منهم عليهم السلام في المحافظة على الوظائف المسنونة من ضروب التأكيدات في الاوامر و النواهى ما يكاد يلحقها بالواجبات و المحرمات-- كما لا يخفى على من تتبع الاخبار و جاس خلال الديار، على أن اللعن هو البعد من رحمة اللّه و هو كما يحصل بفعل المحرم يحصل بفعل المكروه و لو في الجملة. انتهى.

46 - وفي خبر آخر « من سد طريقا بتر اللّه عمره » (1).

47 - وسئل الحسن بن علي عليهما السلام « ما حد الغائط؟ قال : لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها (2) ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها » (3).

48 - وفي خبر آخر « لا تستقبل الهلال ولا تستدبره ».

ومن استقبل القبلة في بول أو غائط ثم ذكر فتحرف عنها إجلالا للقبلة لم يقم

ص: 26


1- البتر القطع يقال : بتره بترا من باب قتل : قطعه على غير تمام.
2- قال في المدارك : اختلف الأصحاب في تحريم الاستقبال والاستدبار للقبلة على المتخلي فذهب الشيخ وابن البراج وابن إدريس إلى تحريمهما في الصحارى والبنيان ، و قال ابن الجنيد : يستحب إذا أراد التغوط في الصحراء أن يتجنب استقبال القبلة ولم يتعرض للاستدبار ، ونقل عن سلار الكراهة في الصحارى أيضا أو التحريم. و قال المفيد في المقنعة: و لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها، ثمّ قال بعد ذلك: و إذا دخل الإنسان دارا قد بنى فيها مقعدة للغائط على استقبال القبلة أو استدبارها لم يضرّه الجلوس عليه و انما يكره ذلك في الصحارى و المواضع التي يتمكن فيها من الانحراف عن القبلة. و قال العلامة في المختلف بعد حكاية ذلك: و هذا يعطى الكراهة في الصحارى و الاباحة في البنيان و هو غير واضح- الخ». و في الشرائع و يحرم استقبال القبلة و استدبارها و يستوى في ذلك الصحارى و الابنية. أقول: مورد الخبر و ان كان هو الغائط فقط دون البول لكن المراد منه المعنى اللغوى بالتقريب الذي ذكروه في دلالة قوله تعالى:« أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ» و حينئذ التعميم ظاهر، بل الظاهر أن المفسدة في استقبال الريح و استدبارها بالبول أشدّ فيندرج في باب مفهوم الموافقة على القول به كما في الحدائق.
3- ظاهر هذا الخبر وما يليه التحريم لكن المشهور بين الأصحاب الحكم بالكراهة.

من موضعه حتى يغفر اللّه له (1).

49 - « ودخل أبو جعفر الباقر عليه السلام الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها وغسلها (2) ودفعها إلى مملوك كان معه فقال تكون معك لآكلها إذا خرجت فلما خرج عليه السلام قال للمملوك : أين اللقمة؟ قال أكلتها يا ابن رسول اللّه ، فقال : إنها ما استقرت في جوف أحد إلا وجبت له الجنة ، فاذهب فأنت حر ، فإني أكره أن استخدم رجلا من أهل الجنة » (3).

50 - « ونهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يطمح الرجل ببوله في الهواء من السطح أو من الشئ المرتفع » (4).

51 - وقال عليه السلام : « البول قائما من غير علة من الجفاء ، والاستنجاء باليمين من الجفاء » (5).

52 - وقد روي « أنه لا بأس إذا كان اليسار معتلة ».

53 - وسأل هشام بن سالم أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له : أغتسل من الجنابة وغير ذلك في الكنيف الذي يبال فيه وعلي نعل سندية فأغتسل وعلي النعل كما هي؟ فقال : إن كان الماء الذي يسيل من جسدك يصيب أسفل قدميك فلا تغسل [ أسفل ] قدميك (6).

وكذلك إذا اغتسل الرجل في حفرة وجرى الماء تحت رجليه لم يغسلهما ، وإن

ص: 27


1- كما في رواية محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 100.
2- يحتمل كون القذر هنا بمعنى الوسخ والغسل لرفع الكراهة.
3- استدل بتأخيره (عليه السلام) على كراهة الاكل وكذا الشرب الحاقا بالاكل في بيت الخلاء ومن المحتمل أن يكون التأخير من جهة أخرى وهي الركاكة العرفية.
4- طمح ببوله إذا رماه في الهواء ، والخبر مروى في الكافي ج 3 ص 15.
5- أي ظلم وخلاف للمروءة وبعد عن المقام الانسانية.
6- رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 45.

كانت رجلاه مستنقعتين في الماء غسلهما (1).

54 - وسئل الصادق عليه السلام : « عن الرجل إذا أراد أن يستنجي كيف يقعد؟ قال : كما يقعد للغائط ».

55 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إذا بال الرجل فلا يمس ذكره بيمينه ».

56 - وقال عليه السلام : « طول الجلوس على الخلاء يورث الباسور » (2).

57 - وسأل عمر بن يزيد أبا عبد اللّه عليه السلام « عن التسبيح في المخرج (3) وقراءة القرآن فقال : لم يرخص في الكنيف أكثر من آية الكرسي ويحمد اللّه (4) أو آية الحمد لله رب العالمين ».

ومن سمع الاذان فليقل كما يقول المؤذن ولا يمتنع من الدعاء والتحميد من أجل أنه على الخلاء فإن ذكر اللّه تعالى حسن على كل حال.

58 - ولما ناجى اللّه موسى بن عمران [ على نبينا و ] عليه السلام قال موسى : يا رب أبعيد أنت مني فأناديك؟ أم قريب فأناجيك (5)؟ فأوحى اللّه جل جلاله إليه : أنا

ص: 28


1- ورد بمضمونه خبر في الكافي ج 3 ص 44. واستنقع في الماء أي مكن فيه ، وفى الغدير نزل واغتسل ، وقال العلامة المجلسي في المرآة : ظاهره أنه إن كان رجلاه في الطين المانع من وصول الماء إليها يجب غسلهما وان لم يكن كذلك بل يسيل الماء الذي يجرى على بدنه على رجليه فلا يجب الغسل بعد الغسل أو الغسل. أو المراد أنه إن كان يغتسل في الماء الجاري والماء يسيل على قدميه فلا يجب عليه وإن كان في الماء الواقف القليل فإنه يصير غسالة ولا يكفي لغسل الرجلين ، ولعله أظهر الوجوه.
2- الباسور : علة معروفة والجمع بواسير ، وفى بعض النسخ « الناسور » بالنون و هي قرحة لها غور يسيل منها القيح والصديد دائما وقلما يندمل وقد يحدث في ماق العين و قد يحدث في حوالي المقعد.
3- يعنى بيت الخلاء.
4- ينبغي أن يقرء منصوبا بتقدير « أن » ليكون عطفا على آية الكرسي ، يعنى يقرأ شيئا مشتملا على حمد اللّه سبحانه ( مراد ).
5- المقصود استعلام كيفية الدعاء من الجهر والاخفات. (م ت)

جليس من ذكرني (1) فقال موسى عليه السلام : يا رب إني أكون في أحوال أجلك أن أذكرك فيها (2) فقال : يا موسى اذكرني على كل حال.

ولا يجوز للرجل (3) أن يدخل إلى الخلاء ومعه خاتم عليه اسم اللّه أو مصحف (4) فيه القرآن ، فإن دخل وعليه خاتم عليه اسم اللّه فليحوله عن يده اليسرى إذا أراد الاستنجاء (5) وكذلك إن كان عليه خاتم فصه من حجارة زمزم (6) نزعه عند الاستنجاء فإذا فرغ الرجل من حاجته فليقل : « الحمد لله الذي أماط عني الأذى وهنأني طعامي [ وشرابي ] وعافاني من البلوى ».

والاستنجاء بثلاثة أحجار (7) ، ثم بالماء (8) فإن اقتصر على الماء أجزأه (9).

ص: 29


1- أي كالجليس في عدم الاحتياج إلى النداء بل يكفي المسارة. ( مراد )
2- أي أستحيي أن أذكرك في تلك الحال.
3- وكذا المرأة ، ومفهوم اللقب ليس بمعتبر.
4- أي صحيفة أو هو بمعناه المعروف وقال التفرشي : لعل ذكر قوله فيه القرآن للتنبيه على سبب المنع من ادخاله.
5- لرواية أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) المروية في الكافي ج 3 ص 474.
6- حكى عن الشهيد - رحمه اللّه - أنه قال في الذكرى : « في نسخة الكافي ايراد هذه الرواية بلفظ » حجارة زمرد « فعلى هذا يكون هو المراد من زمزم ، وقال : سمعناه مذاكرة » لكن في التهذيب ج 1 ص 101 وبعض نسخ الكافي ج 3 ص 17 « حجارة زمزم ».
7- نقل الشهيد - رحمه اللّه - في الذكرى خبرا عن النبي صلى اللّه عليه وآله ولم أجده من طريق الخاصة ولعله من طريق العامة. وفى سنن النسائي ج 1 ص 42 وسنن البيهقي ج 1 ص 103 عنه صلى اللّه عليه وآله قال : « إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فليستطب بها فإنها تجزى عنه ». فإنه يدل بمفهومه على عدم اجزاء ما دون الثلاثة.
8- يعنى الأكمل الجمع لان الكامل الماء ، وفى المعتبر أن الجمع بين الماء والأحجار مستحب. ويدل عليه ما روى مرفوعا عن الصادق (عليه السلام) أنه قال : « جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء » التهذيب ج 1 ص 13.
9- يدل على التخيير وذلك إذا لم يتعد المخرج. ولكن الماء أفضل - لما يأتي وإذا تعدى فتعين الماء بلا خلاف أجده.

ولا يجوز الاستنجاء بالروث والعظم (1) ، لان وفد الجان جاؤوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقالوا : يا رسول اللّه : متعنا ، فأعطاهم الروث والعظم فلذلك لا ينبغي أن يستنجي بهما (2).

59 - وكان الناس يستنجون بالأحجار (3) فأكل رجل من الأنصار طعاما فلان بطنه فاستنجى بالماء فأنزل اللّه تبارك وتعالى فيه « إن اللّه يحب التوابين ويحب المتطهرين » فدعاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فخشي الرجل أن يكون قد نزل فيه أمر يسوءه ، فلما دخل قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « هل عملت في يومك هذا شيئا؟ قال : نعم يا رسول اللّه أكلت طعاما فلان بطني فاستنجيت بالماء ، فقال له : أبشر ، فان اللّه تبارك وتعالى قد أنزل فيك » إن اللّه يحب التوابين ويحب المتطهرين « فكنت أنت أول التوابين وأول المتطهرين ». ويقال : إن هذا الرجل كان البراء بن معرور الأنصاري (4).

ص: 30


1- الروث : رجيع ذوات الحوافر واختصه بعضهم بما يكون من الخيل والبغال والحمير ويأتي الكلام في العظم وظاهر كلامه - رحمه اللّه - الحرمة كما ذهب إليه جمع من الأصحاب. وقيل بالكراهة لضعف المستند سندا ومتنا.
2- قوله : « فأعطاهم الروث والعظم » أي أمر صلى اللّه عليه وآله الناس بتركهما لهم ليتمتعوا بهما ، والمراد بالعظم : البالي منه كما جاء في سنن النسائي وغيره « كان يأمر بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة » والرمة بكسر الراء وشد الميم - : العظم البالي. و أما كون العظم والروث طعاما للجن كما في رواية نقلها الشيخ ففي طريقها مفضل بن صالح فلا عبرة بها لأنه ضعيف كذاب يضع الحديث.
3- أي كان عادتهم ذلك.
4- البراء بن معرور كان من النقباء الذين بايعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ليلة العقبة ، وأجمع المؤرخون على أنه مات في المدينة في صفر قبل قدوم النبي صلى اللّه عليه وآله بشهر ، فلما قدم انطلق بأصحابه فصلى على قبره. و في الكافي ج 3 ص 254 عن الصادق( ع)« كان البراء بن معرور بالمدينة و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بمكّة و انه حضره الموت و رسول اللّه و المسلمين يصلون الى بيت المقدس، فأوصى البراء إذا دفن أن يجعل وجهه الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الى القبلة» و هذا صريح في أنّه لم يدرك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بعد الهجرة، و الآية في سورة البقرة: 222 و نزلت بالمدينة. و هذا لا يلائم كون الرجل البراء بن معرور لما عرفت. و لنا فيه كلام في الخصال ص 192 في نحو هذا الخبر.

ومن أراد الاستنجاء فليمسح بإصبعه من عند المقعدة إلى الأنثيين ثلاث مرات ثم ينتر (1) ذكره ثلاث مرات ، فإذا صب الماء على يده للاستنجاء فليقل : « الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا » ويصب على إحليله من الماء مثلي ما عليه من البول ، يصبه مرتين هذا أدنى ما يجزي ، ثم يستنجي من الغائط (2) ويغسل حتى ينقي ماثمة ، والمستنجي يصب الماء إذا انقطعت درة البول (3).

ومن صلى فذكر بعد ما صلى أنه لم يغسل ذكره فعليه أن يغسل ذكره ويعيد الوضوء والصلاة ، ومن نسي أن يستنجي من الغائط (4) حتى صلى لم يعد الصلاة ، و يجزي في الغائط الاستنجاء بالحجارة (5) والخزف والمدر.

60 - وقال الرضا عليه السلام : « في الاستنجاء يغسل ما ظهرعلى الشرج (6) ولا يدخل فيه الأنملة ». ولا يجوز الكلام على الخلاء لنهي النبي صلى اللّه عليه وآله عن ذلك (7).

61 - وروي « أن من تكلم على الخلاء لم تقض حاجته » (8).

ص: 31


1- النتر : جذب الشئ بشدة ، ومنه نتر الذكر في الاستبراء.
2- ظاهر الكلام مخالف لما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 17 باسناده عن عمار الساباطي ففيه « سئل الصادق (عليه السلام) إذا أراد الرجل أن يستنجى بالماء يبدء بالمقعدة أو بالإحليل؟ فقال : بالمقعدة ثم بالإحليل » وحمل الخبر على الاستحباب ، وعلل كلام الصدوق بان لا تنجس اليد بالغائط عند الاستبراء. وقدم الشيخ المفيد الاستنجاء من الغائط على الاستنجاء من البول في المقنعة.
3- الدرة - بالكسر والتشديد - : السيلان.
4- يدل على كلامه بعض الأخبار الصحيحة وفى كثير منها أنه لا يعيد الوضوء و يعيد الصلاة ، وفى كثير منها لا يعيدهما ، وفى صحيحة علي بن مهزيار يعيد الصلاة في الوقت لا في خارجه ، والذي يظهر من الاخبار باعتبار الجمع بينهما أن إعادة الوضوء على الاستحباب وكذا إعادة الصلاة خارج الوقت ، وفى الإعادة في الوقت نظر الأحوط الإعادة (م ت).
5- ولا يكتفى بذوات الجهات ولا خلاف فيه ، والخلاف في اجزاء أقل من الثلاث.
6- الشرح - بالشين المعجمة والجيم - : حلقة الدبر.
7- كما في رواية صفوان عن الرضا (عليه السلام) أنه قال : « نهى النبي صلى اللّه عليه وآله أن يجيب الرجل آخر وهو على الغائط - الحديث » التهذيب ج 1 ص 8 وحمل الكراهة.
8- رواه المصنف مسندا في العلل ص 104 والعيون ص 151.

62 - وإن النبي صلى اللّه عليه وآله قال لبعض نسائه : « مري النساء المؤمنات أن يستنجين بالماء ويبالغن فإنه مطهرة للحواشي ومذهبة للبواسير ».

ولا يجوز التغوط في فيئ النزال وتحت الأشجار المثمرة ، والعلة في ذلك :

63 - ما قال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « إن لله تبارك وتعالى ملائكة وكلهم بنبات الأرض من الشجر والنخل فليس من شجرة لا نخلة إلا ومعها من اللّه عزوجل ملك يحفظها وما كان منها ، ولولا أن معها من يمنعها لأكلتها السباع وهو أم الأرض إذا كان فيها ثمرتها ».

64 - وإنما « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يضرب أحد من المسلمين خلاءه تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت لمكان الملائكة الموكلين بها (1) ، قال : ولذلك يكون الشجر والنخل أنسا (2) إذا كان فيه حمله لان الملائكة تحضره » (3).

ومن لا ينقطع بوله ويغلبه فاللّه (4) أولى بالعذر فليتق علته ما استطاع وليتخذ خريطة (5).

ومن بال ولم يتغوط فليس عليه الاستنجاء وإنما عليه غسل ذكره ، ومن تغوط ولم يبل فليس عليه أن يغسل ذكره وإنما عليه أن يستنجي.

ومن توضأ ثم خرجت منه ريح فليس عليه الاستنجاء وإنما عليه إعادة الوضوء (6).

ص: 32


1- فيه اشعار باختصاص الكراهة بوقت الأثمار وصرح بعضهم بتعميمها إذا كان الشجر قابلا لا ثمار ( مراد ).
2- قوله : « أنسا » - بالفتح - وهي ما يأنس به الانسان ، وفى الصحاح الانس - بفتح الهمزة والنون - خلاف الوحشة ، وهو مصدر قولك أنست به - بالكسر - أنسا وأنسة. ( المراد )
3- هذا الشرط يشعر بأن حضور الملائكة مخصوص بحال وجود الثمرة فيشعر بأن كراهة التغوط تحته مخصوص بهذه الحالة والمشهور عمومه ( سلطان ).
4- في بعض النسخ « فان اللّه »
5- الخريطة : من أدم وغيره يشد على ما فيه.
6- لان الاستنجاء باعتباره خروج النجاسة لا باعتبار الحدث كما ظنه بعض العامة (م ت).

65 - وروي « أن أبا الحسن الرضا عليه السلام كان يستيقظ من نومه فيتوضأ ولا يستنجي ، وقال كالمتعجب من رجل سماه : بلغني أنه إذا خرجت منه ريح استنجى ».

باب 3: أقسام الصلاة

* ( أقسام الصلاة ) * (1)(2)

66 - قال الصادق عليه السلام : « الصلاة ثلاثة أثلاث : ثلث طهور وثلث ركوع ، وثلث سجود » (3).

باب 4: وقت وجوب الطهور

67 - قال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة (3) ولا صلاة إلا بطهور ».

باب 5: افتتاح الصلاة وتحريمها وتحليلها

68 - قال أمير المؤمنين علي عليه السلام : « افتتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ».

ص: 33


1- لا يخفى أن المناسب أن يقول : الطهور قسم من الصلاة. ( مراد )
2- أي العمدة في أجزائها هذه الاجزاء الثلاثة لا أن ليس بها جزء آخر ، أما الطهارة فلامتناع تحقق الصلاة بدونها ، وأما الركوع والسجود فلأنهما جزءان بهما يتميز الصلاة في الحس عن غيرها بخلاف باقي الاجزاء وان كانت أركانا. ( مراد )
3- قوله (عليه السلام) « وجب الطهور » أي استعماله في الطهارة وتطهير الأعضاء به ، وظاهر هذا الحديث يفيد كون الطهارة مطلقا واجبا لغيره. ( مراد )

باب 6: فرائض الصلاة

فرائض الصلاة سبعة : الوقت ، والطهور ، والتوجه ، والقبلة ، والركوع ، والسجود ، والدعاء (1).

باب 7: مقدار الماء للوضوء والغسل

69 - قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « للغسل صاع من ماء ، وللوضوء مد من ماء ، وصاع النبي صلى اللّه عليه وآله خمسة أمداد ، والمد وزن مائتين وثمانين درهما ، والدرهم ستة دوانيق ، والدانق وزن ست حبات ، والحبة وزن حبتين من شعير من أوساط الحب ، لا من صغاره ولا من كباره » (2).

70 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الوضوء مد والغسل صاع (3) ، وسيأتي أقوام

ص: 34


1- قوله التوجه الظاهر أن المراد به النية لأنه توجه قلبي ، فيدل على التكبير التزاما ، لأنها لا تعتبر الا إذا كانت مقارنة له ، ويمكن أن يراد به التكبير ، إذ به يتوجه إلى الصلاة فيفهم النية بالالتزام إذ لا يعتبر شئ من اجزاء الصلاة الا بالنية ، ويمكن تعميم الدعاء بحيث يشمل القراءة والتشهد والتسليم إذ لا يخلو شئ منها من الدعاء والمراد بالوقت معرفته ( المراد ).
2- الوضوء بفتح الواو والغسل بكسر الغين أي ماء الوضوء وماء الغسل. ولو قرء بالضم لم يكن بد من تقدير المضاف أي ماء الوضوء وماء الغسل ( مراد ).
3- فيصير مقدار الصاع مائة ألف وثمانمائة شعيرة ، وعلى المشهور الصاع أربعة أمداد وكل مد رطلان وربع رطل عراقي وكل رطل مائة وستون درهما وكل درهم ثمانية وأربعون شعيرا ، فيكون مقدار المد أربعة عشر ألفا وأربعين شعيرا متوسطا ، فمقدار الصاع على المشهور ستة وخمسون ألفا ومائة وستون شعيرا ( سلطان ). وفيه وهم فتأمل.

بعدي يستقلون ذلك (1) فأولئك على خلاف سنتي ، والثابت على سنتي معي في حظيرة القدس ».

71 - وسئل أبو الحسن الرضا عليه السلام : « عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة ولم يقدر على الماء فوجد ماء بقد ما يتوضأ به بمائة درهم ، هل يجب عليه أن يشتريه ويتوضأ به ، أو يتيمم؟ فقال : بل يشتري ، قد أصابني مثل ذلك فاشتريت وتوضأت وما يسوءني بذلك مال كثير » (2).

72 - وقال أبوجعفر عليه السلام : «اغتسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله هوزوجته من خمسة أمداد من اناء واحد ، فقال له زارة : كيف صنع؟ فقال : بدأ هو فضرب يده في الماء قبلها فأنقى فرجه ، ثم ضربت هي فأنقت فرجها ، ثم أفاض هو أفاضت هي على نفسها حتى فرغا ، وكان الذي اغتسل به النبي صلى اللّه عليه وآله ثلاثة أمداد والذي اغتسلت به مدين (3) وإنما أجزأ عنهما لأنهما اشتركا فيه جميعا ، ومن انفرد بالغسل وحده فلابد له من صاع » (4).

ص: 35


1- استقله : عده قليلا. أي يعدون الصاع للغسل والمد للوضوء قليلا.
2- قوله : « ما يسوءني - الخ » لفظه « ما » نافية أي ما يسوءني بذلك الشراء اعطاء مال كثير وهو الثمن ، ويمكن أن يكون « ما » استفهامية أي أي شئ يسوءني بذلك الشراء ، فمال كثير خبر مبتدأ محذوف أي الذي اشتريته مال كثير ، وفى بعض النسخ « وما يشترى بذلك » فما موصولة أي الذي يشترى بذلك وهو ماء الوضوء مال كثير وبمنزلته لكثرة نفعه. وفى بعضها « ما يسرني » ببذل ذلك الثمن مال كثير شريته ، أو الذي يسرني بذلك الشراء شراء مال كثير ( مراد ) وقال سلطان العلماء : « يحتمل كون » ما « نافية أي لا يسرني عوض هذا الوضوء مال كثير ويحتمل كونها موصولة والمعنى مثل نسخة » ما يشترى.
3- لعل وجهه أن كل واحد من الشريكين يضيق في الماء على نفسه ليوسع على الاخر ، ولأنه قد يضيع بعض الماء في الاغتسال فعند الاجتماع بنقص عن الجميع بخلاف الانفراد ، و لان في الاجتماع بركة ليست في الانفراد ( مراد ).
4- هذا من تتمة الحديث ولعله قصد (عليه السلام) به الجمع بين مضمون الحديث السابق وبيان ما ذكر ، ويمكن أن يقال : بناء هذا الكلام على أن الماء الذي اغتسل منه ينبغي أن يكون صاعا وان لم يكن المستعمل منه بقدر الصاع وذلك لعدم انفعال هذا القدر انفعالا كثيرا عن ضرب اليد فيه والاغتراف منه ، سواء كان المغترف واحدا أو متعددا ، بخلاف ما كان أقل منه ، نظيره الكر بالنسبة إلى النجاسة ، وعلى هذا لا حاجة في توجيه ما يقال هنا : « ان المدين لا يكاد يبلغه الوضوء » إلى أن يقال بدخول ماء الاستنجاء فيه ، وكذا الغسل لكن هذا خلاف المشهور والمشهور أن المستعمل ينبغي أن يكون ذلك المقدار وهو الظاهر وحينئذ يكون مفاد الحديث أن ذلك مختص بحالة الانفراد ، واللّه أعلم ( سلطان ).

ولابد للوضوء من ثلاثة أكف [ ملاء ] من ماء : كف للوجه ، وكفان للذراعين فمن لم يقدر إلا على مقدار كف واحد فرقه ثلاث فرق.

73 - وقال الصادق عليه السلام : « إن الرجل ليعبد اللّه أربعين سنة وما يطيعه في الوضوء ، لأنه يغسل ما أمر اللّه عزوجل بمسحه ».

باب 8: صفة وضوء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

74 - قال أبو جعفر الباقر عليه السلام : ألا أحكي لكم وضوء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقيل له : بلى ، فدعا بقعب (1) فيه شئ من ماء فوضعه بين يديه ، ثم حسر عن ذراعيه ، ثم غمس فيه كفه اليمنى ، ثم قال : هذا إذا كانت الكف طاهرة (2) ، ثم غرف ملأها ماء ، ثم وضعه على جبهته (3) وقال : « بسم اللّه » وسيله على أطراف لحيته ، ثم أمر يده على وجهه وظاهر جبينيه (4) مرة واحدة ، ثم غمس يده اليسرى فغرف بها ملأها ، ثم وضعه على مرفقه اليمنى فأمر كفه على ساعده حتى جرى

ص: 36


1- القعب : قدح من خشب. والحسر : الكشف.
2- يحتمل أن يكون هذا لتنجس الماء القليل بملاقات النجاسة ، أو لوجوب طهارة أعضاء الوضوء ، فلا يمكن الاستدلال به على أحد المطلبين. ( سلطان ).
3- في بعض النسخ « على جبينه » وفى الكافي ج 3 ص 25 « وسدله » مكان « وسيله ».
4- في بعض النسخ « ظاهر جبهته » وفى بعضها « ظاهر جبينه » كما في الكافي.

الماء على أطراف أصابعه ، ثم غرف بيمينه ملأها فوضعه على مرفقه الأيسر فأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه ، ومسح على مقدم رأسه وظهر قدميه ببلة بقية مائة (1).

75 - وروي « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله توضأ ، ثم مسح على نعليه (2) فقال له المغيرة : أنسيت يا رسول اللّه؟ قال : بل أنت نسيت (3) هكذا أمرني ربي » (4).

ص: 37


1- كذا في جميع النسخ ولكن في طبع النجف والكافي « ببلة يساره وبقية بلة يمناه » وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : حمل هذا الكلام على اللف والنشر المرتب يقتضى مسحه (عليه السلام) رأسه بيساره وهو في غاية البعد ، وحمله على المشوش أيضا بعيد. وذكر البقية في اليمنى دون اليسرى لا يساعده ، فالأظهر أن يكون قوله : « ببلة يساره » مع ما عطف عليه من متعلقات مسح القدمين فقط ، وعود القيد إلى كلا المتعاطفين غير لازم كما في قوله تعالى : « فوهبنا له اسحق ويعقوب نافلة » فان النافلة ولد الولد. وحينئذ في ادراج لفظ البقية اشعار بأنه (عليه السلام) مسح رأسه بيمناه ( المرآة ).
2- يمكن أن يكون الممسوح محذوفا أي مسح قدميه حال كونه (عليه السلام) على نعليه ، فلا ينافي استيعاب المسح لظاهر القدم طويلا ، ولعل النعل لم يكن له شسع يمنع ذلك فيكون اعتراض المغيرة لتوهمه أن ما فعله صلى اللّه عليه وآله وقع سهوا ، وعبر عن خطأ المغيرة بالنسيان للمشاكلة ( مراد ) وقال سلطان العلماء : « يحتمل أن يكون المراد أنت نسيت أنى رسول اللّه وكلما فعلته فهو بحكم اللّه وأمره. فلا يحتاج في تصحيح نسبة النسيان إلى المغيرة إلى تكلف المشاكلة ».
3- نسبة النسيان إليه صلى اللّه عليه وآله كان باعتبار أنه زعم أن النبي صلى اللّه عليه وآله كان يغسل رجليه في الوضوء فإذا رآه لم يخلع نعليه ومسح على ظاهر رجليه تعجب فاعترض عليه فأجاب صلى اللّه عليه وآله بنسبة النسيان إليه وقال : أنت توهمت ذلك وأنا أمسح في الوضوء دائما كما أمرني ربى.
4- اعلم أن هذا الخبر رواه أبو داود في سننه وأحمد في مسنده باسنادهما عن المغيرة ابن شعبة وفيهما « مسح على الخفين » مكان « مسح على نعليه » والنعل العربي لا يمنع من وصول الماء إلى ظاهر الرجل بقدر ما يجب بخلاف الخف. ومع قطع النظر عن ضعف السند  - وكون المغيرة من دهاة الناس وقول قبيصة بن جابر في حقه « لو أن مدينة له ثمانية أبواب لا يخرج من باب الا بمكر لخرج المغيرة من أبوابها كلها » - مسح الخفيه مخالف لصريح قوله تعالى « وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم » لاقتضائه فرض المسح على الأرجل. ونقل الصدوق رحمه اللّه هذه الرواية ردا على قول من قال بوجوب الغسل للرجلين وليس مراده جواز المسح مع الحائل كما هو ظاهر قوله في الهداية حيث قال : « ومن غسل الرجلين فقد خالف الكتاب والسنة ومن مسح على الخفين فقد خالف الكتاب : والسنة ».

76 - وقال الصادق عليه السلام : « واللّه ما كان وضوء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلا مرة مرة. وتوضأ النبي صلى اللّه عليه وآله مرة مرة ، فقال : هذا وضوء لا يقبل اللّه الصلاة إلا به » (1).

فأما الاخبار التي رويت في أن الوضوء مرتين مرتين :

77 - فأحدها بإسناد منقطع يرويه أبو جعفر الأحول ذكره عمن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « فرض اللّه الوضوء واحدة واحدة ووضع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله للناس اثنتين اثنتين » (2).

وهذا على جهة الانكار ، لا على جهة الاخبار ، كأنه عليه السلام يقول : حد اللّه حدا فتجاوزه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وتعداه (3) وقد قال اللّه تعالى : « ومن يتعد حدود اللّه فقد ظلم نفسه ».

78 - وقد روي « أن الوضوء حد من حدود اللّه ليعلم اللّه من يطيعه ومن

ص: 38


1- قال المصنف فالهداية : « الوضوء مرة مرة وهو غسل الوجه واليدين ، ومسح الرأس والقدمين ، ومن توضأ مرتين مرتين لم يوجر ، ومن توضأ ثلاثا فقد أبدع ».
2- يمكن الجمع بين الخبر السابق وهذا الخبر اما بأن تحمل المرة على أقل الواجب والمرتين على الاستحباب كما عليه الأكثر ، واما بان تحمل المرتين على من لا يكفيه المرة كما جمع الكليني (رحمه الله) في الكافي ج 3 ص 27 ) واما بأن يحمل الاثنتين على الغسلتين و المسحتين كما قاله الشيخ البهائي - رحمه اللّه - وقال المولى مراد التفرشي : قوله « وضع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » يمكن أن يكون المعنى وضع وجوبهما عنهم ليسهل عليهم وينتفعوا بذلك وتعدية الوضع باللام قرينة كونه للتخفيف دون التثقيل ومعنى رفعه عنهم ان اللّه ببركته سهل عليهم الامر ووضع عنهم التكرار كما يجئ في تخفيف الصلاة من الخمسين إلى الخمس.
3- أي كيف يمكن ذلك مع أن اللّه يقول .. الآية وهذا البيان غريب جدا.

يعصيه. وأن المؤمن لا ينجسه شئ (1) وإنما يكفيه مثل الدهن » (2).

79 - وقال الصادق عليه السلام : « من تعدى في وضوئه كان كناقضه » (3).

80 - وفي ذلك حديث آخر باسناد منقطع رواه عمر بن أبي المقدام قال : « حدثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : إني لأعجب ممن يرغب أن يتوضأ اثنتين اثنتين وقد توضأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله اثنتين اثنتين ، فإن النبي صلى اللّه عليه وآله كان يجدد الوضوء لكل فريضة ولكل صلاة ».

فمعنى الحديث هو اني لأعجب ممن يرغب عن تجديد الوضوء وقد جدده النبي صلى اللّه عليه وآله ، والخبر الذي روي « أن من زاد على مرتين لم يؤجر » يؤكد ما ذكرته (4) ومعناه أن تجديده بعد التجديد لا أجر له (5)في التهذيب ج 1 ص 23 بسنده المتصل عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «الوضوء واحدة فرض، و اثنتان لا يوجر، و الثالث بدعة».(6) كالاذان ، من صلى الظهر

ص: 39


1- يعنى لا ينجسه شئ من الاحداث بحيث يحتاج إلى صب الماء الزائد في ازالته.
2- لما بين - رحمه اللّه - بالآية الشريفة أن من تعدى حدا من حدود اللّه تعالى فهو ظالم لنفسه أراد أن يبين أن الوضوء حد من حدود اللّه تعالى ليثبت أن من تعدى تعدى حدا من حدود اللّه فيكون ظالما وليس غرضه الاستشهاد بذيل الخبر لان كفاية الدهن لا ينافي استحاب تكرار الغسل في وضوئه ، وفى القاموس : الدهن ويضم قدر ما يبل وجه الأرض من المطر. ( مراد ) قول « مثل الدهن » أي أقل مراتب الاجزاء أو لدفع وسواس المؤمنين (م ت)
3- ظاهر التعدي عدم الاتيان به على وجه زاد فيه أم نقص. وقال الفاضل التفرشي : وجه الشبه بين المتعدى والناقض عدم جواز الدخول به في الصلاة.
4- يعنى أن المراد بالاثنين التجديد. وفى التأكيد نظر نعم لا ينافيه ( سلطان ).
5- لا يخفى جريان هذا التوجيه في الرواية الأولى أيضا وجريان التوجيه السابق هنا أيضا بأدنى تكلف بأن يكون التعجب من الرغبة إليه لا من الرغبة عنه ويكون قوله : « وقد توضأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » من قول الراغب إليه فصار المعنى انى لأعجب ممن رغب إلى الاثنين قائلا ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله توضأ اثنين ، وأقرب التوجيهات حمل التثنية على الغسلتين والمسحتين كما ذكره الشيخ البهائي ( سلطان ). وقال التفرشي (رحمه الله) : « قوله يؤكد ما ذكرته » لعل وجه التأكيد أن الغسلة الثانية لا أجر لها والزائدة عليها بدعة كما يجئ في باب حد الوضوء عن المؤلف رحمه اللّه وهو مضمون مرسلة ابن أبي عمير فلما جعل الزائد على المرتين مما لا أجر له لا ما هو بدعة علم أن المراد به تجديد الوضوء دون الغسلة ويؤيد المؤلف (رحمه الله) أيضا أن الوضوء في الغسلة مجاز لا يصار إليه الا لدليل ، وأما تأنيث اثنتين فكما يصح بحمل الوضوء على الغسلات يصح بحمله على معناه لكونه عبارة عن الغسلات والمسحات ولعل الفرق بين ما لا أجر له وما هو بدعة كما وقعا في مرسلة ابن أبي عمير
6- مع اشتراكهما في عدم استحقاق الاجر بهما يرجع إلى أن مالا أجر له لم يتعلق به طلب ولم ينه عنه في نفسه ، وما هو بدعة مما نهى عنه ففي الأول لم يأت المكلف بمنكر في نفسه وان أخطأ في الاتيان به بقصد الطاعة ، فيمكن أن يوجر عليه وان لم يستحقه ، وفى الثاني أتى بمنكر يستحق عليه العقاب. وينبغي للمؤلف - رحمه اللّه - ان يذكر الأحاديث الدالة على التثنية ويجيب عنها منها ما روى في التهذيب ج 1 ص 22 عن الحسين بن سعيد عن حماد عن يعقوب عن معاوية بن وهب قال : « سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الوضوء فقال : مثنى مثنى » وأيضا روى باسناده عن أحمد ابن محمد عن صفوان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « الوضوء مثنى مثنى » وأيضا بسنده عن زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « الوضوء مثنى مثنى من زاد لم يوجر عليه » فلعله - رحمه اللّه - اكتفى عنها بالجواب المذكور وهو الحمل على التجديد وشيخنا (رحمه الله) حملها على أنه غسلتان ومستحتان ، ليس كما توهمه العامة انه غسلات ومسح - انتهى. أقول: ما دل عليه الخبران يخالف ما مر في حكاية وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و حمله الشيخ (رحمه الله) على استحباب التثنية في الغسل. و هو لا يدفع المخالفة عند التحقيق و المتجه الحمل على التقية لان العامّة تنكر الوحدة و تروى في أخبارهم الثلاث و يحتمل أن يراد تثنية الغرفة على طريق نفى البأس لا اثبات المزية كما حكى عن صاحب المنتقى.

والعصر بأذان وإقامتين أجزأه ومن أذن للعصر كان أفضل ، والاذان الثالث بدعة لا أجر له ، وكذلك ما روي أن مرتين أفضل معناه التجديد ، وكذلك ما روي مرتين أنه إسباغ.

ص: 40

81 - وروي « أن تجديد الوضوء لصلاة العشاء يمحو له واللّه وبلى واللّه ».

82 - وروي في خبر آخر « أن الوضوء على الوضوء نور على نور ، ومن جدد وضوءه من غير حدث آخر جدد اللّه عزوجل توبته من غير استغفار ».

وقد فوض اللّه عزوجل إلى نبيه عليه السلام أمر دينه ولم يفوض إليه تعدي حدوده.

83 - وقول الصادق عليه السلام : « من توضأ مرتين لم يؤجر ».

يعني به أنه أتى بغير الذي أمر به (1) ووعد الاجر عليه فلا يستحق الاجر وكذلك كل أجير إذا فعل غير الذي استؤجر عليه لم يكن له أجرة.

باب 9: صفة وضوء أمير المؤمنين عليه السلام

84 - قال الصادق عليه السلام : بينا أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم جالس مع محمد بن الحنفية إذ قال [ له ] : يا محمد ائتني بإناء من ماء أتوضأ للصلاة فأتاه محمد بالماء

ص: 41


1- لعله أراد بالامر ما يشمل أمر الايجاب والندب ، فالوضوء الأول مأمور به بأمر الايجاب فيكون مأجورا عليه ، والوضوء الثاني مأمور به بأمر الندب فيوجر ، والوضوء الثالث غير مأمور به مطلقا فلا يوجر عليه ، فقد حمل المرتين على المجددتين وعدم الاجر باعتبار التجديد الثاني الذي بسببه حصلت الاثنينية فيرجع إلى أن التجديد الثاني لا أجر له ، و يمكن أن يراد بالتوضي بالغسلة. ( مراد ). و قال بعض المحشين: لا حاجة في توجيه كلام الصدوق( ره) الى التكلف الذي ارتكبه الفاضل التفرشى: بل يمكن توجيهه بان المراد من التوضّؤ مرتين هو التجديد الواحد، و قوله« بغير الذي امر به» أي امرا واجبا كما هو المتبادر و قوله« و وعد الاجر عليه» أي على وجه اللزوم. و قوله« فلا يستحق الاجر» أي أجرا لازما، فلا ينافى كونه مأمورا به على وجه الندب و ايصال النفع إليه من حيث التفضل، و هذا التوجيه في غاية القرب و هو الظاهر من كلام الصدوق- رحمه اللّه- أيضا. و هذا المحشى وجه الحديث بذلك أيضا فيما بعد، فينبغي له حمل كلام الصدوق- رحمه اللّه- عليه أيضا من غير تكلف فتدبر.

فأكفا (1) بيده اليمنى على يده اليسرى (2) ثم قال : « بسم اللّه وباللّه والحمد لله (3) الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا » قال : ثم استنجى ، فقال : « اللّهم حصن فرجي واعفه ، واستر عورتي وحرمني على النار » (4). قال : ثم تمضمض فقال : « اللّهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك وشكرك » (5). ثم استنشق فقال : « اللّهم لا تحرم علي ريح الجنة ، واجعلني ممن يشم ريحها وروحها وطيبها » (6). قال : ثم غسل وجهه فقال : « اللّهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه » (7). ثم غسل يده اليمنى فقال : « اللّهم أعطني كتابي بيميني ، والخلد في الجنان بيساري (8) وحاسبني حسابا يسيرا ». ثم غسل يده اليسرى فقال : « اللّهم لا تعطني كتابي بيساري ، ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي ، وأعوذ بك [ ربي ] من مقطعات النيران ». (9) ثم مسح رأسه فقال :

ص: 42


1- في بعض النسخ « فأكفاه » كما في التهذيب.
2- كذا في الكافي ولكن في التهذيب « بيده اليسرى على يده اليمنى ».
3- في التهذيب « بسم اللّه والحمد لله » وفى الكافي ابتدأ بالحمد دون ذكر البسملة.
4- المراد بتحصين الفرج ستره وصونه عن الحرام ، وعطف الاعفاف عليه تفسيري ، وعطف ستر العورة عليه من قبيل عطف العام على الخاص فان العورة في اللغة كلما يستحيي منه. ( شرح الأربعين للشيخ البهائي )
5- قدم في الكافي الاستنشاق عليه المضمضة وقال في دعائه « اللّهم أنطق لساني بذكرك واجعلني ممن ترضى عنه » وفى بعض نسخ الكتاب « لساني بذكراك ».
6- في الكافي « ريحها وطيبها وريحانها ».
7- بياض الوجه وسواده اما على حقيقتهما أو كنايتان عن بهجة السرور كآبة الحزن. و إضافة « ال » بالوجوه الظاهر كونها سهوا من الراوي ولا يلائم الآية « يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ».
8- يعنى براة الخلد في الجنان فحذف المضاف والباء للظرفية. وقيل فيه وجوها اخر راجع شرح الأربعين للبهائي رحمه اللّه ذيل الحديث الخامس.
9- المقطعات أثواب قطعت كالقميص دون مثل الردا ، ولما كان الأول أشمل للبدن كان العذاب به أكثر ، وهو مأخوذ من قوله تعالى : « قطعت لهم ثياب من نار ». ( مراد ) والمحكى عن بعض اللغويين المقطعات جمع لا واحد له من لفظه وواحدها ثوب.

« اللّهم غشني برحمتك وبركاتك وعفوك » (1) ثم مسح رجليه فقال : « اللّهم ثبتني على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ، واجعل سعيي فيما يرضيك عني [ يا ذا الجلال والاكرام ] (2).

ثم رفع رأسه فنظر إلى محمد فقال : يا محمد من توضأ مثل وضوئي وقال مثل قولي خلق اللّه تبارك وتعالى من كل قطرة ملكا يقدسه ويسبحه ويكبره ، فيكتب اللّه عز وجل ثواب ذلك له إلى يوم القيامة » (3).

85 - و « كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا توضأ لم يدع أحدا يصب عليه الماء فقيل له : أمير المؤمنين لم لا تدعهم يصبون عليك الماء؟ فقال : لا أحب أن أشرك في صلاتي أحدا » (4).

وقال اللّه تبارك وتعالى : « فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ».

86 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « مسح أمير المؤمنين عليه السلام على النعلين ولم يستبطن الشراكين » (5).

87 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام : إذا توضأ قال : « بسم اللّه وباللّه وخير الأسماء لله ، وأكبر الأسماء لله ، وقاهر لمن في السماء ، وقاهر لمن في الأرض (6) ، الحمد لله

ص: 43


1- « غشني » بالمعجمات وتشديد الشين أي أعطني بها واجعلها شاملة لي.
2- ما بين القوسين ليس في بغض النسخ ولا في الكافي والتهذيب.
3- قوله « إلى يوم القيامة » ليس في الكافي ، ويمكن أن يكون متعلقا بيكتب أو بخلق أو بهما وبالأفعال الخمسة على سبيل التنازع وهو الأظهر. (م ت)
4- إلى هنا رواه الشيخ (رحمه الله) في التهذيب ج 1 ص 101 والظاهر أن ما بعده ليس من الحديث وان قال به بعض.
5- النعل العربي شراكه في طول ، والذي شراكه في العرض يسمى بالبصرى. (م ت) وقوله : « لم يستبطن الشراكين » أي لم يدخل يده تحتهما وهو لا يستلزم أن يبقى من طول ظهر القدم شئ لم يمسح لجواز أن يكون الشراك على الطول دون العرض ( مراد )
6- القاهر في أسمائه تعالى هو الغالب على جميع الخلائق.

الذي جعل من الماء كل شئ حي ، وأحيا قلبي بالايمان ، اللّهم تب علي وطهرني واقض لي بالحسنى ، وأرني كل الذي أحب ، وافتح لي بالخيرات من عندك يا سميع الدعاء ».

باب 10: حد الوضوء وترتيبه وثوابه

88 - قال زرارة بن أعين لأبي جعفر الباقر عليه السلام : أخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي أن يوضأ الذي قال اللّه عزوجل ، فقال : الوجه الذي قال اللّه وأمر اللّه عزوجل بغسله الذي لا ينبغي لاحد أن يزيد عليه ولا ينقص منه إن زاد عليه لم يؤجر وإن نقص منه أثم (1) ما دارت عليه الوسطى والابهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن (2) وما جرت عليه الإصبعان مستديرا فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه ، فقال له : الصدغ (3) من الوجه؟ فقال : لا ، قال زرارة : قلت له : أرأيت ما أحاط

ص: 44


1- هذه الشرطية مع الشرطية المعطوفة عليها اما مفسرة لقوله : « لا ينبغي لاحد » واما معترضة بين المبتدأ والخبر واما صلة ثانية للمصول ، وتعدد الصلة وان لم يكن مسطورا في كتب النحو الا أنه لا مانع فيه كالخبر والحال وقد جوزه التفتازاني في حاشية الكشاف عند قوله تعالى : « فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين » ( شرح الأربعين ).
2- في الوافي : « القصاص منتهى منابت شعر الرأس من مقدمه ومؤخره والمراد هنا المقدم والمستفاد من هذا الحديث أن كلا من طول الوجه وعرضه شئ واحد ، وهو ما اشتمل عليه الإصبعان عند دورانهما بمعنى أن الخط المتوهم من القصاص إلى طرف الذقن - وهو الذي يشتمل عليه الإصبعان غالبا - إذا ثبت وسطه وأدير على نفسه حتى يحصل شبه دائرة فذلك القدر الذي يجب غسله ، وقد ذهب فهم هذا المعنى عن متأخري أصحابنا سوى شيخنا المدقق بهاء الملة والدين محمد العاملي - طاب ثراه - فان اللّه أعطاه حق فهمه كما أعطاه فهم الكعب. انتهى. أقول : في التهذيب والكافي » ما دارت عليه السبابة والوسطى والابهام. والذقن من الانسان مجتمع لحييه من أسفلهما - ثم اعلم أن ما قاله الفيض في بيان الخبر أخذه من كلام الشيخ البهائي (رحمه الله) وهذا بقول المهندس أشبه من قوله الفقيه ، والحق أن التعبير بالدوران في الجملة الأولى بمناسبة تدوير الوجه بتدوير الرأس وأن وضع الإصبعين يوجب توهم دائرة ، وفى الجملة الثانية بملاحظة تدوير الوجه عرفا باستدارة اللحيين إلى الذقن.
3- الصدغ هو المنخفض بين أعلى الاذن وطرف الحاجب.

به الشعر؟ فقال : كلما أحاط به من الشعر فليس على العباد أن يطلبوه ولا يبحثوا عنه ولكن يجري عليه الماء.

وحد غسل اليدين من المرفق إلى أطراف الأصابع ، وحد مسح الرأس أن تمسح بثلاث أصابع مضمومة من مقدم الرأس (1) ، وحد مسح الرجلين أن تضع كفيك على أطراف أصابع رجليك وتمدهما إلى الكعبين (2) فتبدأ بالرجل اليمنى في المسح قبل اليسرى ويكون ذلك بما بقي في اليدين من النداوة من غير أن تجدد له ماء ، ولا ترد الشعر في غسل اليدين ولا في مسح الرأس والقدمين (3).

89 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « تابع بين الوضوء كما قال اللّه عزوجل إبدأ بالوجه ثم باليدين ، ثم امسح بالرأس والرجلين ، ولا تقدمن شيئا بين يدي شئ تخالف ما أمرت به (4) فإن غسلت الذراع قبل الوجه فابدء بالوجه وأعد على الذراع

ص: 45


1- المشهور اجزاء المسمى في مسح الرأس وأوجب السيد المرتضى وابن بابويه  - رحمهما اللّه - ثلاث أصابع مضمومة وتبعهما الشيخ في النهاية ( سلطان ).
2- راجع في تحقيق معنى الكعب شرح الأربعين والبحار ج 18 ص 68 الطبع الحجري والظاهر من هذا الكلام وجوب مسح الرجلين بتمام الكف ويدل عليه صحيح البزنطي عن الرضا (عليه السلام) المروى في الكافي ج 3 ص 30 « قال : سألته عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفه على الأصابع فمسحا إلى الكعبين إلى ظاهر القدم ، فقلت : جعلت فداك لو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه هكذا؟ فقال : لا الا بكفه ». والمشهور الاكتفاء بمسمى المسح ، ويمكن حمل الخبر على الاستحباب عملا بالمشهور المعتضد بالصحاح من الاخبار.
3- لعل المراد المنع من النكس في المسح بطريق التحريم أو الكراهة ، ويحتمل أن مراده نفى وجوب التخليل أي لا يجب رد الشعر وايصال الماء إلى تحته كما هو مذهب البعض ( سلطان ) وفى بعض النسخ « ولا يرد » ضبط بالتخفيف.
4- قوله (عليه السلام) : « تخالف ما أمرت به » قال شيخنا البهائي : تخالف بالرفع حال من فاعل لا تقدمن ، ولا يجوز جزمه على أنه جواب النهى لأنه يصير من قبيل « لا تكفر تدخل النار » وهو ممتنع على المختار انتهى. وأيضا على تقدير الجزم لابد من التقدير أي لا تقدمن شيئا أخره اللّه عزوجل على شئ قدمه. وقال الفيض (رحمه الله) قوله « تابع بين الوضوء » أي اجعل بعض أفعاله تابعا مؤخرا وبعضها متبوعا مقدما من قولهم تبع فلان فلانا إذا مشى خلفه فيدل على وجوب الترتيب لا على ترك الفصل والانقطاع.

وإن مسحت الرجل قبل الرأس فامسح على الرأس ثم أعد على الرجل ، إبدأ بما بدأ اللّه به ».

وكذلك في الأذان والإقامة ، فابدأ بالأول فالأول ، فإن قلت : حي على الصلاة قبل الشهادتين تشهدت ثم قلت حي على الصلاة.

90 - وروي في حديث آخر فيمن بدأ بغسل يساره قبل يمينه « أنه يعيد على يمينه ثم يعيد على يساره » (1) ، وقد روي « أنه يعيد على يساره » (2).

91 - وقال الصادق عليه السلام : « اغسل يدك من البول مرة ، ومن الغائط مرتين ومن الجنابة ثلاثا ».

92 - وقال الصادق عليه السلام : اغسل يدك من النوم مرة (3).

ص: 46


1- قوله : « روى في حديث آخر » يمكن التوفيق بين الروايتين بحمل الرواية الأولى على أن التذكر كان بعد غسل اليسار قبل غسل اليمين والثانية على أنه كان بعد غسل اليدين وحينئذ فاطلاق الإعادة على غسل اليمين اما من باب المشاكلة أو باعتبار أصل الغسل أي يعيد الغسل كائنا على يمينه وبحمل الأولى على ما إذا كان قد غسل اليمين بقصد أنه المأمور به على هذا الوجه أي بأن يغسله بعد غسل اليسار وإن كان ساهيا في ذلك ، والثانية على أنه غسله لا من هذه الحيثية بل من حيث إنه جزء الوضوء وإن كان بالغسل الحكمي المستمر كما في سائر الأجزاء ، واما حمل الرواية الأولى على ما إذا غسل اليمين بعد اليسار وقد جف اليمين فيعيد عليه ففي غاية البعد على أن جفاف الوجه على هذا التقدير أولى حيث توسط غسل اليسار بين غسله وغسل اليمين فحينئذ ينبغي أن يستأنف الوضوء ( مراد ).
2- يعنى أن في حديث آخر أنه لابد لمن غسل يديه بغير ترتيب من إعادة غسلهما جميعا وقد روى الاكتفاء بغسل اليسار وحدها. ( وافى ).
3- ظاهر الاخبار الاستحباب لادخال الاناء لرفع النجاسة الوهمية أو القذارة فلو توضأ من الإبريق أو الحوض لم يكن مستحبا لاطلاق بعض الأخبار (م ت).

ومن كان وضؤوه من النوم ونسي [ أن يغسل يده ] فأدخل يده الماء قبل أن يغسلها فعليه أن يصب ذلك الماء ولا يستعمله (1) فإن أدخلها في الماء من حدث البول والغائط قبل أن يغسلها ناسيا فلا بأس به. إلا أن يكون في يده قذر ينجس الماء (2).

والوضوء مرة مرة ، ومن توضأ مرتين لم يؤجر ومن توضأ ثلاثا فقد أبدع ، ومن مسح باطن قدميه فقد تبع وسواس الشيطان (3).

93 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لولا أني رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يمسح ظاهر قدميه لظننت أن باطنهما أولى بالمسح من ظاهرهما » (4).

ومن كان به في المواضع التي يجب عليها الوضوء قرحة أو جراحة أو دماميل ولم يؤذه حلها ، فليحلها وليغسلها ، وإن أضر به حلها ، فليمسح يده على الجبائر والقروح ولا يحلها ولا يعبث بجراحته.

94 - وقد روي في الجبائر عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « يغسل ما حولها ».

ولا يجوز المسح على العمامة ولا على القلنسوة ولا على الخفين والجوربين (5) إلا في حال التقية والخيفة من العدو أو في ثلج يخاف فيه على الرجلين ، تقام الخفان مقام الجبائر فيمسح عليهما.

ص: 47


1- الظاهر حمله على الاستحباب ، ويمكن الحمل على التقية لأنه مذهب كثير من العامة.
2- قوله ينجس الماء من كلام الصدوق رحمه اللّه ولم نجده في الرواية نعم ورد الامر بالاهراق ويفهم منه النجاسة ظاهرا (م ت).
3- اما لان الشيطان يأمره بخلاف الحق ، أو لأنه يأمره بمسح باطن قدميه بأن الباطن محل التلطخ فهو أولى من الظاهر كما في الخبر عن أمير المؤمنين (عليه السلام). (م ت)
4- الظاهر أنه (عليه السلام) قاله مماشاة مع العامة بأني متأس بالنبي صلى اللّه عليه وآله ولا أعمل بالقياس والاستحسان ولو كنت أعملها لكنت أقول مثلكم ان الباطن أو لي بالمسح من الظاهر (م ت)
5- في أكثر النسخ جعل « الجرموقين » نسخة ، والجرموق هو خف واسع قصير يلبس فوق الخف والجمع جراميق كعصافير.

95 - وقال العالم عليه السلام (1) : « ثلاثة لا أتقي فيها أحدا : شرب المسكر ، والمسح على الخفين ، ومتعة الحج » (2)

96 - وروت عائشة عن النبي صلى اللّه عليه وآله أنه قال : « أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره » (3).

97 - وروي عنها (4) أنها قالت : « لئن أمسح على ظهر عير (5) بالفلاة أحب إلي من أن أمسح على خفي ».

ولم يعرف للنبي صلى اللّه عليه وآله خف إلا خفا أهداه له النجاشي ، وكان موضع ظهر القدمين منه مشقوقا ، فمسح النبي صلى اللّه عليه وآله على رجليه وعليه خفاه ، فقال الناس : إنه مسح على خفيه على أن الحديث في ذلك غير صحيح الاسناد (6).

98 - وسئل موسى بن جعفر عليهما السلام عن الرجل يكون خفه مخرقا فيدخل يده ويمسح ظهر قدميه أيجزيه؟ فقال : نعم (7).

99 - وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « عن رجل قطعت يده من المرفق

ص: 48


1- المراد بالعالم في الاخبار وفى كلام القدماء المعصوم لا الكاظم (عليه السلام) فإنه قول من لا معرفة له ، وكذا الفقيه والمراد به الهادي لا الكاظم (عليه السلام) ووقع هذا الغلط من بعض المتأخرين واشتهر بين الفضلاء ، والدليل على الغلط رواية الرواة والمراد بالعالم هنا الصادق (عليه السلام) لان الكليني رواه عنه (عليه السلام). (م ت)
2- كأنه عليه السلام أخبر عن نفسه أنه لا يتقى أحدا ، ويجوز أن يكون إنما أخبر بذلك لعلمه بأنه لا يحتاج إلى ما يتقى فيه في ذلك ، ولم يقل : لا تتقوا أنتم فيه أحدا. و هذا وجه ذكره زرارة بن أعين ( الاستبصار )
3- ان هذه الأخبار من طرق العامة ونقلها الصدوق (رحمه الله) للرد عليهم وان أمكن ورودها من طرقنا أيضا من الأئمة عليهم السلام ردا عليهم.
4- ان هذه الأخبار من طرق العامة ونقلها الصدوق (رحمه الله) للرد عليهم وان أمكن ورودها من طرقنا أيضا من الأئمة عليهم السلام ردا عليهم.
5- العير : الحمار الوحشي.
6- رواه أبو داود ج ص 34 بسند فيه دلهم بن صالح ضعفه ابن معين وقال ابن حبان وهو منكر الحديث جدا.
7- ظاهره عدم وجوب الاستيعاب واطلاق الجواب وعدم الاستفصال يدلان عليه. (م ت)

كيف يتوضأ؟ قال : يغسل ما بقي من عضده » (1) وكذلك روي في قطع الرجل (2).

وإذا توضأت المرأة ألقت قناعها عن موضع مسح رأسها في صلاة الغداة والمغرب وتمسح عليه ، ويجزيها في سائر الصلوات أن تدخل إصبعها فتمسح على رأسها من غير أن تلقي [ عنها ] قناعها (3).

100 - وقال الرضا عليه السلام : « فرض اللّه عزوجل على الناس في الوضوء أن تبدأ المرأة بباطن ذراعها ، والرجل بظاهر الذراع » (4).

101 - وقال الصادق عليه السلام : « من ذكر اسم اللّه على وضوئه فكأنما اغتسل » (5).

ص: 49


1- رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 29 والشيخ في التهذيب ج 1 ص 102 بسند صحيح ، وتدل على أن المرفق محل الغسل أصالة وهو مركب من رأس العظمين أي عظمي الذراع والعضد فيكون معناه يجب غسل ما بقي من العضدين مما كان يجب غسله وهو جزء المرفق ، ففيها ايماء إلى أن « إلى » في آية الوضوء بمعى « مع » دون انتهاء الغاية ( مراد ) وقال سلطان العلماء : فهذه الرواية حينئذ تكون مؤيدة لكون المرفق يجب غسله أصالة لا من باب المقدمة ويكون « من » تبعيضية.
2- في الكافي ج 3 ص 29 باسناده عن محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) قال : « سألته عن الأقطع اليد والرجل؟ قال تغسلهما ». والمراد بالنسبة إلى الرجل مسحها.
3- الظاهر أن هذا بطريق الاستحباب ولعل وجهه أن القاء القناع في هذين الوقتين أسهل اما بناء على أنهما وقتي الانتقال من الليل إلى النهار أو بالعكس والعادة جرت بتغيير اللباس فيه ، واما بناء على الامن من نظر الأجنبي في هذين الوقتين للظلمة والخلوة غالبا ( سلطان ).
4- الفرض في هذا الخبر بمعنى التقدير فيدل على الاستحباب المؤكد لا الوجوب وإن كان ظاهره الوجوب ، والخبر مروى في الكافي ج 3 ص 29 والتهذيب ج 1 ص 21 و في السند إسحاق بن إبراهيم بن هاشم القمي وهو مجهول ، أو مهمل.
5- أي ثوابه كثواب الغسل. أو أنه لما كان الوضوء سببا لتطهير الأعضاء من السيئات التي حصلت منها ، والغسل لتطهير جميع البدن من الخطيئات فإذا سمى حصل له التطهير من الجميع كالغسل ويؤيده الخبر الآتي. (م ت)

102 - وروي « أن من توضأ فذكر اسم اللّه طهر جميع جسده ، وكان الوضوء إلى الوضوء كفارة لما بينهما من الذنوب ، ومن لم يسم لم يطهر من جسده إلا ما أصابه الماء ».

103 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في نهاره ما خلا الكبائر ، ومن توضأ لصلاة الصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلا الكبائر ».

104 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى نار جهنم » (1).

105 - وقال الصادق عليه السلام : « من توضأ وتمندل كتب [ اللّه ] له حسنة ، ومن توضأ ولم يتمندل حتى يجف وضوؤه كتب [ اللّه ] له ثلاثون حسنة » (2).

وبأس بأن يصلي الرجل بوضوء واحد صلوات الليل والنهار كلها ما لم يحدث وكذلك بتيمم واحد ما لم يحدث أو يصب ماء (3).

ص: 50


1- يفهم منه استحباب فتح العين عند الوضوء ولا يفهم ايصال الماء إلى العين كما روى النهى عنه وأن ابن عباس عمى بسببه لان فتح العين أعم من ايصال الماء إليها ، ويمكن أن يكون لملاحظة ايصال الماء إلى الجوارح أو يكون تعبدا على تقدير صحته. (م ت)
2- استدل به على كراهة تجفيف الوضوء - بالفتح - أي ماء الوضوء بالمنديل وهو في محله لأنه مما يقل الثواب ولا يعاقب فاعله عليه ، وقد يعم الكراهة بحيث يشمل التجفيف بمسح غير المنديل بل التجفيف بالنار والشمس وهو يناسب القول بالقياس مع ظهور الفرق في الاحتمال الثاني. ( مراد ).
3- قوله « يصب ماء » بالجزم كما في أكثر النسخ عطفا على « يحدث » ليكون المنفى أحد الامرين أي القدر المشترك بينهما ليلزم منه انتفاء كل واحد منهما لظهور أن بقاء التيمم مشروط بانتفاء الحدث وإصابة الماء جميعا دون أن يقدر الجازم في « يصب » ليكون الترديد في النفي حتى يفيد اشتراط بقائه بأحد النفيين فيلزم منه لو تحقق عدم الحدث بقي التيمم سواء تحقق إصابة الماء أم لا ، وكذا بقي بعدم إصابة الماء سواء تحقق الحدث أم لا. وفى بعض النسخ « يصيب » بالرفع باطل لافادته الترديد بين عدم لحدث وإصابة الماء فيكون كل منهما موجبا لبقائه فيكون إصابة الماء موجبا بقاء التيمم تحقق الحدث أم لا ومثله عبارة الشرايع في ماء الاستنجاء فإنه طاهر ما لم يتغير بالنجاسة أو تلاقه نجاسة من خارج. ( مراد ).

106 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا توضأ الرجل فليصفق وجهه بالماء فإنه إن كان ناعسا فزع واستيقظ ، وإن كان البرد فزع فلم يجد البرد » (1).

فإذا كان مع الرجل خاتم فليدوره (2) في الوضوء ، ويحوله عند الغسل.

107 - وقال الصادق عليه السلام : « وإن نسيت حتى تقوم من الصلاة فلا آمرك أن تعيد »(3).

وإذا استيقظ الرجل من نومه ولم يبل فلا يدخل يده في الاناء حتى يغسلها فإنه لا يدري أين باتت يده (4).

وزكاة الوضوء أن يقول المتوضي : « اللّهم إني أسألك تمام الوضوء وتمام الصلاة

ص: 51


1- التصفيق : الضرب الشديد الذي يسمع له صوت. وقوله « ناعسا » وكذا « وإن كان البرد » يشعر ان باختصاص التصفيق بالحالين فلا ينافي ما في الكافي ج 3 ص 28 والتهذيب ج 1 ص 102 من حديث عبد اللّه بن المغيرة عن السكوني عن الصادق عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا تضربوا وجوهكم بالماء ضربا إذا توضأتم ولكن شنوا الماء شنا » والشن التفريق فيحمل التصفيق على جوازه والشن على غيرهما كما قال التفرشي وجمع الشيخ بينهما بحمل التصفيق على جوازه والشن على أنه الأولى ، وقد يحمل أحدهما على الندب والاخر على الجواز.
2- التدوير : التحويل وفى نسخة « فليدره » والتدوير محمول على أن لا يكون الخاتم مانعا من وصول الماء. وكلام المؤلف مضمون خبر في الكافي ج 3 ص 45.
3- ذلك لان مرجعه إلى الشك بعد الفراغ ولا يعتد به.
4- كما في خبر عبد الكريم بن عتبة عن الصادق (عليه السلام) في الكافي ج 3 ص 11 و التهذيب ج 1 ص 12 وحمله الشيخ على الاستحباب دون الوجوب. وفيهما وفى العلل زاد في آخره « فيغسلهما ».

وتمام رضوانك والجنة » فهذا زكاة الوضوء (1).

باب 11: السواك

108 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « ما زال جبرئيل عليه السلام يوصيني بالسواك حتى خشيت أن احفى أو ادرد (2) ، وما زال يوصيني بالجارة حتى ظننت أنه سيورثه ، وما زال يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه سيضرب له أجلا يعتق فيه ».

وفي خبر آخر « وما زال يوصيني بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها ».

109 - وقال الصادق عليه السلام : « نزل جبرئيل عليه السلام بالسواك والحجامة والخلال » (3).

110 - وقال موسى بن جعفر عليهما السلام : « أكل الأشنان يذيب البدن ، والتدلك بالخزف يبلي الجسد ، والسواك في الخلاء يورث البخر » (4).

111 - وقال الصادق عليه السلام : « أربع من سنن المرسلين : التعطر ، والسواك ، والنساء ، والحناء ».

ص: 52


1- المراد بزكاة الوضوء ما يوجب خلوصه كما أن زكاة المال توجب خلوص الباقي منه ، وبتمام الوضوء جعله وضوءا كاملا أي أن يثيب عليه ثواب الوضوء الكامل وكذا بتمام الصلاة. ( مراد )
2- هما رقة الأسنان وتساقطها ، وفى الصحاح « رجل أدرد : ليس في فمه سن ، بين الدرد ، والأنثى درداء وفى الحديث » أمرت بالسواك حتى خفت لادردن « أراد بالخوف الظن والعرب تذهب بالظن مذهب اليقين فتجاب بجوابها فيقولون » ظننت لعبد اللّه خير منك « وفى النهاية : في الحديث » لزمت السواك حتى خشيت حتى خشيت أن يدردنى أي يذهب بأسناني ، والدرد سقوط الأسنان.
3- أي بحكمها أو استحبابها أو بآلاتها مع حكمها. (م ت)
4- كل الأشنان ، كأنهم كانوا يأكلونه لدفع رطوبات المعدة (م ت) والبخر بالتحريك - : النتن في الفم وغيره.

112 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إن أفواهكم طرق القرآن فطهروها بالسواك ».

113 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله في وصيته لعلي عليه السلام : « يا علي عليك بالسواك عند وضوء كل صلاة ».

114 - وقال عليه السلام : « السواك شطر الوضوء ».

115 - وقال الصادق عليه السلام (1) : لما دخل الناس في الدين أفواجا أتتهم الأزد (2) : أرقها قلوبا ، وأعذبها أفواها ، فقيل : يا رسول اللّه هذا أرقها قلوبا عرفناه(3) فلم صارت أعذبها أفواها؟ فقال : إنها كانت تستاك في الجاهلية.

116 - وقال عليه السلام : « لكل شئ طهور ، وطهور الفم السواك ».

117 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان يكثر السواك وليس بواجب فلا يضرك تركه في فرط الأيام » (4).

ولا بأس أن يستاك الصائم في شهر رمضان أي النهار شاء (5). ولا بأس بالسواك

ص: 53


1- لعله سقط من العبارة شئ وهو « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » كما كان في العلل باب 277.
2- الأزد : حي من اليمن يقال : أزد شنوءة ، وأزد عمان ، وأزد السراة.
3- أي بما رأيناهم من الميل إلى الدين والتقوى والبكاء. ( سلطان )
4- يقال : آتيك فرط يوم أو يومين أي بعدهما ، ولقيته ، الفرط بعد الفرط أي الحين بعد الحين. ( النهاية )
5- أي أي وقت من النهار شاء. وقيل بالكراهة في أواخره بالرطب سواء كان بالخشبة الرطبة أو بترطب الخشبة والخرقة ، لكن المشهور الاستحباب كما قاله الصدوق لكن ينبغي أن يحتاط في أن لا يبتلع الرطوبة الخارجة سواء كان من السواك أو من ماء الفم إذا أخرجه وأدخله فإنه يحرم ابتلاع ماء الفم بعد الخروج على المشهور ، وقيل بوجوب كفارة الجمع ، وكذا في غير الصوم أيضا يحتاط في عدم ابتلاع مائه لان الغالب في التحريك أن يخرج ماء الفم ويدخل وان لم نجزم بالتحريم لأنهم كانوا يستاكون كثيرا ولم يبلغ إلينا وجوب المج مع أنه عام البلوى ، ولو كان واجبا لوصل إلينا ، لكن يلزم من كلام الأصحاب ذلك لأنهم قالوا بحرمة فضلات الانسان من النخامة والبصاق مع الخروج من الفم وغيرهما فالاحتياط التام في المج. (م ت).

للمحرم ، ويكره السواك في الحمام لأنه يورث وباء الأسنان ، والسواك من الحنيفية وهي عشر سنن : خمس في الرأس وخمس في الجسد ، فأما التي في الرأس فالمضمضة ، والاستنشاق ، والسواك ، وقص الشارب (1) والفرق لمن طول شعر رأسه ، ومن لم يفرق شعر رأسه فرقه اللّه يوم القيامة بمنشار من نار (2).

وأما التي في الجسد : فالاستنجاء ، والختان (3) ، وحلق العانة ، وقص الأظفار ونتف الإبطين (4).

118 - وقال الباقر الصادق عليهما السلام : « صلاة ركعتين بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك ».

119 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام في السواك : « لا تدعه في كل ثلاثة أيام ولو أن تمره مرة واحدة ».

120 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « اكتحلوا وترا ، واستاكوا عرضا » (5).

121 - وترك الصادق عليه السلام : « السواك قبل أن يقبض بسنتين وذلك أن أسنانه ضعفت ».

ص: 54


1- روى المؤلف في الخصال ص 271 بمضمون كلامه هذا خبرا عن موسى بن جعفر عليهما السلام وليس فيه قوله « ومن لم يفرق - الخ ».
2- الفرق يكون لمن اتخذ شعرا مستحبا والرواية بأنه « إذا لم يفرقه فرق بمنشار من نار » محمول على شدة الاستحباب أو على ترك اعتقاد المشروعية أو أنه يمنع المسح في الوضوء على البشرة. ( كنز العرفان ).
3- الختان قبل البلوغ استحبابا وبعده واجبا مطلقا.
4- لعل المقصود إزالة شعرها وذكر الحلق مبنى على أن النورة لم تكن في زمن إبراهيم عليه السلام بل كانت إزالة شعرها بالحلق وكذا الكلام في نتف الإبطين. ( مراد ).
5- « عرضا » أبأن يمر السواك على عرض الأسنان.

122 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يستاك مرة بيده إذا قام إلى صلاة الليل وهو يقدر على السواك ، [ ف ] قال : إذا خاف الصبح فلا بأس به ».

123 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند وضوء كل صلاة ».

124 - وروي « لو علم الناس ما في السواك لأباتوه معهم في لحاف ».

125 - وروي « أن الكعبة شكت إلى اللّه عزوجل ما تقلى من أنفاس المشركين فأوحى اللّه تعالى إليها قري يا كعبة ، فإني مبدلك بهم قوما يتنظفون بقضبان الشجر فلما بعث اللّه عزوجل نبيه محمدا صلى اللّه عليه وآله نزل عليه الروح الأمين جبرئيل عليه السلام بالسواك ».

126 - وقال الصادق عليه السلام : « في السواك اثنتا عشرة خصلة : هو من السنة ، ومطهرة للفم ، ومجلاة للبصر ، ويرضي الرحمن ، ويبيض الأسنان ، ويذهب بالحفر (1) ، ويشد اللثة ، ويشهي الطعام ، ويذهب بالبلغم ، ويزيد في الحفظ ، ويضاعف الحسنات ، وتفرح به الملائكة ».

باب 12: علة الوضوء

127 - « جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فسألوه عن مسائل فكان فيما سألوه أخبرنا يا محمد لأي علة توضئ هذه الجوارح الأربع وهي أنظف المواضع في الجسد (2)؟ قال النبي صلى اللّه عليه وآله : لما أن وسوس الشيطان إلى آدم عليه السلام دنا من الشجرة

ص: 55


1- الحفر : صفرة تعلو الأسنان. ( القاموس )
2- لعل المراد أن في الجسد مواضع هي - أي المواضع الأربعة التي هو الوجه واليدان من المغسولة والرأس والرجلان من الممسوحة - أنظف منها فتلك المواضع وهي ما قرب من الفرجين بالغسل والمسح أولى لأنها كثيرا ما يكتسب النجاسة منهما وهذا القدر كاف في السؤال ولا تحتاج إلى أن يكون هذه الجوارح أنظف من جميع الأعضاء ليرد أن الرجل مثلا ليس أنظف من الصدر. ( مراد ).

فنظر إليها فذهب ماء وجهه (1) ، ثم قام ومشى إليها وهي أول قدم مشت إلى الخطيئة ثم تناول بيده منها ما عليها ، فأكل ، فطار الحلي والحلل من جسده(2) فوضع آدم يده على أم رأسه وبكى ، فلما تاب اللّه عزوجل عليه فرض اللّه عليه وعلى ذريته تطهير هذه الجوارح الأربع. فأمر اللّه عزوجل بغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة ، وأمره بغسل اليدين إلى المرفقين لما تناول بهما ، وأمره بمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه ، وأمره بمسح القدمين لما مشى بهما إلى الخطيئة ».

128 - وكتب أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله « أن علة الوضوء التي من أجلها صار على العبد غسل الوجه الذراعين ومسح الرأس والقدمين فلقيامه (3) بين يدي اللّه تعالى ، واستقباله إياه بجوارحه الظاهرة ، وملاقاته بها الكرام الكاتبين (4) فيغسل الوجه للسجود والخضوع

ص: 56


1- لعل المراد أنه لما نظر إلى الشجرة نظر ميل ورغبة شبيه ميل العاصي إلى المنهى عنه في أن الأولى واللائق بحاله الاحتراز عنه ، تغير لون وجهه استحياء عن ارتكاب ذلك وذلك هو المراد بالخطيئة. ( مراد ).
2- استعارة تبعية حيث شبة ذهاب الحلى والحلل بسرعة طيران الطائر.
3- حق العبارة قيامه بدون ذكر الفاء وللأم ليكون خبرا عن « ان » لكن لما كان الكلام جواب سائل صار المقام مقام التفصيل فكأنه قال : أما أن المتوضى يغسل الوجه واليدين ويمسح الرأس والرجلين فليقامه - الخ. والظاهر أن المراد بالقيام القيام في الصلاة ، و كونه بين يدي اللّه تمثيل فشبه حال من له القيام في الصلاة والتضرع وينقطع إليه. وأطلق اللفظ الموضوع للمشبه به على المشبه كما هو شأن التمثيل. ( مراد ).
4- لان تلك الجوارح هي محل ملاقاة الانسان في المصافحة وغيرها سواء أريد بالملاقاة الملاقاة في الصلاة فان المصلى نزل نفسها منزلة الملاقى المتضرع ، أو الملاقاة يوم القيامة عند اتيان الكتاب ( مراد ).

ويغسل اليدين ليقلبهما ويرغب بهما ويرهب ويتبتل (1) ، ويمسح الرأس القدمين لأنهما ظاهران مكشوفان ، يستقبل بهما كل حالاته ، وليس فيهما من الخضوع والتبتل ما في الوجه والذراعين ».

باب 13: حكم جفاف بعض الوضوء قبل تمامه

قال أبي رضي اللّه عنه في رسالته إلي (2) : إن فرغت من بعض وضوئك وانقطع بك الماء من قبل أن تتمه فأتيت بالماء فتمم وضوءك إذا كان ما غسلته رطبا ، وإن كان قد جف فأعد وضوءك ، وإن جف بعض وضوئك (3) قبل أن تتم الوضوء من غير أن ينقطع عنك الماء فاغسل ما بقي ، جف وضوؤك أو لم يجف.

ص: 57


1- الرغبة السؤال والطلب ، والرهبة : الخوف والفزع. والتبتل : الانقطاع إلى عبادة اللّه واخلاص العمل له وأصله من بتلت الشئ أي قطعته ومنه البتول لانقطاعها إلى عبادة اللّه عزوجل. وقال الفاضل التفرشي : قوله « ليقلبهما » القلب هو التحويل ولعل المراد أن المصلى يحولهما في الصلاة من مكان ويجعلهما بحيال وجهه في القنوت والحاصل أن كثيرا من أفعال الصلاة يتأتى بهما فينبغي أن تغسلا.
2- لما كان الصدوق - رحمه اللّه - سافر في طلب الحديث بعد أن كان في قم وروى عن مشايخه خصوصا عن أبيه وكتب أبوه علي بن الحسين إليه رسالة ليعمل الصدوق عليه اما بسؤاله أو تبرعا ولما كان الرسالة من الأخبار الصحيحة التي وصل إلى الصدوق يذكر أحيانا من الرسالة تيمنا وتركا. (م ت)
3- قوله « وان جف بعض وضوئك » ينبغي أن يقرء الوضوء هنا بفتح الواو وهو ماء الوضوء والفرق بين المسئلتين وجود المتابعة في الافعال في الثانية دون الأولى فيظهر منه أن تحقق أحد الامرين أي مراعاة عدم الجفاف والتتابع كاف في صحة الوضوء. ( مراد ) قوله « فأعد وضوءك » لأنه مع حصول الجفاف فاتت المتابعة وأيضا من حيث انقطاع الماء وانتظار حصوله وما بينهما من التراخي غالبا بخلاف ما سيذكر من الجفاف بدون انقطاع الماء فإنه لم يفت فيه المتابعة وان حصل الجفاف فيكون أحد الامرين بزعمه كافيا ( سلطان ).

باب 14: فيمن ترك الوضوء أو بعضه أو شك فيه

129 - قال أبو جعفر عليه السلام : « لا صلاة إلا بطهور » (1).

130 - وروي « أن رجلا من الأحبار (2) أقعد في قبره فقيل له : إنا جالدوك مائة جلدة من عذاب اللّه عزوجل ، قال : لا أطيقها ، فلم يزالوا به (3) حتى ردوه إلى واحدة فقال : لا أطيقها ، فقالوا : لابد منها ، قال : فبما تجلدونيها؟ قالوا : نجلدك بأنك صليت يوما بغير وضوء (4) ، ومررت على ضعيف فلم تنصره (5) فجلدوه جلدة من

ص: 58


1- المشهور أن الطهور - بالضم - هو الطهارة وبالفتح ما يطهر به ، فان قرء الحديث هنا بالضم فالظاهر أنه لا يصح الصلاة الا بالطهارة ، وان قرء بالفتح فالظاهر منه أنه لا يجب الصلاة الا مع وجود ما يتطهر به فلا صلاة مع فاقد الطهورين ( سلطان ). وقال التفرشي : قوله « لا صلاة الا بطهور » أي لا صلاة صحيحة الا صلاة مقرونة بطهور ، والقصر إضافي بالنسبة إلى عدم الطهور فيستفاد منه اشتراطها بالطهور. ومن يقدر الكمال في الافعال الشرعية المدخولة للنفي أي لا صلاة كاملة لم يفهم الشرطية عنده من هذا الحديث والحاجة إلى التقدير على تقدير أن يكون الفعل الشرعي هو الهيئة المخصوصة ، وأما إذا كان عبارة عن المعتبر شرعا فلا ، لصحة ارجاع النفي حينئذ إلى نفس المهية المعتبرة. انتهى.
2- الأحبار جمع حبر - بالكسر أو الفتح - ففي الصحاح عن الأصمعي قال : لا أدرى هو الحبر - بالكسر - أو الحبر - بالفتح - للرجل العالم. والحمل على أحبار اليهود غير مناسب هنا. ( مراد )
3- الا يزالون ينقصون منه.
4- الظاهر أن الرجل حضر جماعة المسلمين وصلى معهم أو عندهم بدون وضوء عامدا للتظاهر والا فكيف يتصور كونه منفردا في بيته يصلى بدون الوضوء الا أن يكون مجنونا والمجنون مرفوع عنه. ويمكن أن يكون صلى معهم بدون الوضوء ثم أعاد مع الوضوء ، فيدل الخبر على حرمة الصلاة بغير وضوء.
5- يدل على وجوب نصرة الضعيف كما هو ظاهر من الآيات والاخبار.

عذاب اللّه تعالى فامتلأ قبره نارا ».

131 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « ثمانية لا يقبل اللّه لهم صلاة(1) العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه ، والناشز عن زوجها ، وهو عليها ساخط (2) ، ومانع الزكاة ، وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون (3) ، وتارك الوضوء ، والمرأة المدركة تصلي بغير خمار ، والزبين (4) وهو الذي يدافع البول والغائط ، والسكران ».

وتارك الوضوء ناسيا متى ذكر فعليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة.

132 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « وضع عن أمتي تسعة أشياء : السهو ، والخطأ ، والنسيان ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، والطيرة (5) ، والحسد ، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الانسان بشفة » (6).

ص: 59


1- قوله عليه السلام « لا يقبل لهم صلاة » ظاهر الاخبار بل الآيات أن القبول غير الاجزاء ولكن الخلاف في معناهما فقال السيد المرتضى - رحمه اللّه - ان القبول هو استحقاق الثواب والاجزاء هو الخلوص من العقاب ، وظاهر الأكثر القبول هو كثرة الثواب والاجزاء قلته لا عدمه ، والظاهر هو قول الأكثر. والمراد بعدم القبول هنا أعم من عدم الصحة والكمال بالنسبة إلى أفراد العباد (م ت).
2- النشوز : العصيان وعدم طاعة الزوج. وفى الخصال ص 407 « النشازة عن زوجها ».
3- لعله كناية عن كنه مخالفا يصلون خلفه كراهة أن يتضرروا بتركها ( مراد ).
4- الزبين - بكسر الزاي المعجمة وشد الباء كسكين - هو الذي يدافع الأخبثين.
5- الظاهر أن المراد بوضع الطيرة عن الأمة وضع تشأمها عنهم ، فلا يكون على نسق ما قبلها فان المراد من الوضع فيما قبلها وبعدها وضع المؤاخذة والعقاب ( سلطان ).
6- الظاهر أن المراد بالخلق المخلوقات أي الناس ، والمراد بالتفكر حديث النفس بعيوبهم وتفتيش أحوالهم والتأمل فيهم فان هذا العمل والحسد وضع عنهما المؤاخذة ما لم ينطق الانسان بهما. وقيل المراد التفكر في مسألة خلق الأعمال أو التشكيك في خلق اللّه ولا يخفى بعده فتأمل ( سلطان ).

133 - وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يبقى من وجهه إذا توضأ موضع لم يصبه الماء ، فقال : يجزيه (1) أن يبله من بعض جسده » (2).

134 - وقال الصادق عليه السلام : « إن نسيت مسح رأسك فامسح عليه وعلى رجليك من بلة وضوئك ، فإن لم يكن بقي في يدك من نداوة وضوئك شئ فخذ مما بقي منه في لحيتك وامسح به رأسك ورجليك ، وإن لم يكن لك لحية فخذ من حاجبيك وأشفار عينيك وامسح به رأسك ورجليك ، وإن لم يبق من بلة وضوئك شئ أعدت الوضوء (3) ».

135 - وروى أبو بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل نسي مسح رأسه ، قال : فليمسح ، قال : لم يذكره حتى دخل في الصلاة؟ قال : فليمسح رأسه من بلل لحيته » (4).

136 - وفي رواية زيد الشحام والمفضل بن صالح ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل توضأ فنسي أن يمسح على رأسه حتى قام في الصلاة قال : فلينصرف فليمسح برأسه وليعد الصلاة ».

ومن شك في شئ من وضوئه وهو قاعد على حال الوضوء فليعد ، ومن قام عن

ص: 60


1- يشعر بسقوط الترتيب فيما إذا سهى في خروج العضو ، والحمل على الاتيان بما بعده بعيد ، ويمكن الحمل على ما إذا لم يتيقن انه لم يصبه الماء بل إنما وجده جافا. ( مراد )
2- ظاهره يشمل ما إذا انتقل إلى عضو آخر بل ما إذا فرغ من الوضوء ولا يخفى حينئذ فوت الترتيب ، ويمكن حمله على ما إذا لم ينتقل إلى عضو آخر فلا يفوت الترتيب أو إذا أتى به وبما بعده ( سلطان ). محموله على ما إذا كان في الأثناء مع مراعاة الترتيب ويحمل على الشك والاستحباب جمعا بين الاخبار (م ت).
3- خبر أريد به معنى الامر. ( مراد )
4- قوله « حتى دخل في الصلاة » أي تهيا للدخول فيها فلا ينافي قوله في الخبر الآتي عن زيد الشحام « فلينصرف فليمسح برأسه وليعد الصلاة » وأيضا في هذا الحديث أن صلاته صحيحة غايته أنه لم يصرح ببطلان الصلاة ولابد من حمل الحديثين على وجوب المسح على الرجلين وان لم يصرح به ( مراد ).

مكانه ثم شك في شئ من وضوئه فلا يلتفت إلى الشك إلا أن يستيقن ، ومن شك في الوضوء وهو على يقين من الحدث فليتوضأ ، ومن شك في الحدث وكان على يقين من الوضوء فلا ينقض اليقين بالشك إلا أن يستيقن ، ومن كان على يقين من الوضوء والحدث ولا يدري أيهما أسبق فليتوضأ (1).

باب 15: ما ينقض الوضوء

137 - سأل زرارة بن أعين أبا جعفر وأبا عبد اللّه عليهما السلام « عما ينقض الوضوء فقالا : ما خرج من طرفيك الأسفلين (2) الذكر والدبر من غائط أو بول أو مني أو ريح ، والنوم (3) حتى يذهب العقل » (4).

ولا ينقض الوضوء (5) ما سوى ذلك من القئ والقلس والرعاف والحجامة

ص: 61


1- راجع نصوصها الكافي ج 3 ص 33 و 34.
2- ظاهر هذا الخبر الحصر لكن لم يذكر فيه الدماء ومس الأموات فيمكن أن يكون الحصر إضافيا بالنسبة إلى ما قاله أكثر العامة من القئ والقلس ( والقلس : ما خرج من البطن إلى الفم من الطعام والشراب فإذا غلب فهو القئ ) أو يحمل على الحقيقة بالنظر إلى الرجال بقرينة الذكر ، وفى مس الميت لم يظهر لنا دليل على النقض وان قلنا بوجوب الغسل نعم الأحوط الوضوء ، والأولى النقض ثم الوضوء مع أن الظاهر أنه إذا اغتسل لا يحتاج إلى الوضوء لعموم الأخبار الصحيحة في أن « أي وضوء أطهر من الغسل » (م ت).
3- قوله « حتى يذهب العقل » فيه ايماء إلى أن كل ما يذهب به العقل ناقض للوضوء وقوله « ولا ينقض الوضوء - الخ » تأكيد للحصر المذكور ردا على المخالفين ( مراد ).
4- لم يذكر الجنون والاغماء والسكر في الجواب وإن كان في قوله « حتى يذهب العقل » اشعار بها. ( سلطان )
5- الظاهر أنه من كلام الصدوق - رحمه اللّه - (م ت).

والدماميل والجروح والقروح ، ولا يوجب الاستنجاء (1).

138 - وقال الصادق عليه السلام : « ليس في حب القرع والديدان الصغار (2) وضوء إنما هو بمنزلة القمل ».

وهذا (3) إذا لم يكن فيه ثفل ، فإذا كان فيه ثفل ففيه الاستنجاء والوضوء.

وكلما خرج من الطرفين من دم وقيح ومذي ووذي وغير ذلك فلا وضوء فيه ولا استنجاء ما لم يخرج بول أو غائط أو ريح أو مني (4).

139 - وقال عبد الرحمان بن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام : « أجد الريح في بطني حتى أظن أنها قد خرجت ، فقال : ليس عليك وضوء حتى تسمع الصوت (5) ، أو تجد الريح ، ثم قال : إن إبليس يجلس بين أليتي الرجل فيحدث ليشككه ». (6)

ص: 62


1- قوله « ولا يوجب الاستنجاء » أي ما سوى المذكور يخرج من الذكر والدبر من وذي أو مذي أو دود وغيرها لا يوجب الاستنجاء كما لا يوجب الوضوء وذلك لا يستلزم أن يكون كل ما ذكر موجبا للاستنجاء حتى يلزم كون الريح موجبا له واما خروج الدم من الموضعين وإن كان موجبا للغسل لكن لا يسمى ذلك الغسل استنجاء ( مراد ).
2- يطلق حب القرع على يدان عراض في المعا الأعور والقولون يشبه بحب القرع ولذا سميت به ( بحر الجواهر ).
3- من كلام المؤلف ويدل عليه موثق عمار الساباطي المروى في التهذيب ج 1 ص 4 و 58 عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب - القرع كيف يصنع؟ قال : إن كان خرج نظيفا من العذرة فليس عليه شئ ولم ينقض وضوءه وان خرج متلطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء ، وإن كان في الصلاة قطع الصلاة وأعاد الوضوء والصلاة ».
4- ففي البول والغائط الاستنجاء والوضوء ، وفى الريح الوضوء بدون الاستنجاء ، وفى المنى بالعكس ( مراد ) يعنى فيه الغسل.
5- كناية عن تحقيق وقوعه لا بمجرد التوهم أو الظن الذي لا يجرى مجرى العلم مما يمكن أن يكون من فعل الشيطان. ( مراد ) والطريق صحيح.
6- المراد بحدث الشيطان التوهمات التي تحمل للموسوسين (م ت).

140 - وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام « عن الرجل يقلم أظافيره ويجز شاربه ويأخذ من شعر لحيته ورأسه هل ينقض ذلك الوضوء؟ فقال : يا زرارة كل هذا سنة والوضوء فريضة ، وليس شئ من السنة ينقض الفريضة ، وإن ذلك ليزيده تطهيرا » (1).

141 - وسأل إسماعيل بن جابر أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يأخذ من أظافيره وشاربه أيمسحه بالماء؟ فقال : لا (2) هو طهور » (3).

142 - وسئل عن إنشاد الشعر هل ينقض الوضوء؟ فقال لا

143 - وسأله سماعة بن مهران « عن الرجل يخفق (4) وهو في الصلاة قائما أو راكعا؟ قال : ليس عليه وضوء » (5).

144 - وسئل موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يرقد وهو قاعد (6) هل

ص: 63


1- لعل المراد بالسنة السنة التي وضعت للتطهير اما بان يكون قوله : « وان ذلك الخ » جملة حالية أو تحمل السنة على هذا الفرد بقرينة ما بعده فلا ينتقض بالجماع لأنه ليس وضعه للتطهير وعلى التقادير الزام على العامة بمثل ما يعتبرونه من الاستحسانات ، و يوجه بأن الوضوء فريضة من فرائض اللّه تعالى على عباده وقرر لنقضها الاحداث المذكور في القرآن والسنة المتواترة فكيف ينقضه ما جعله اللّه سبحانه للتطهير مثل المذكورات (م ت).
2- قوله (عليه السلام) : « لا » الظاهر أن المراد انه لا يجب مسحه بالماء ويمكن أن يكون السائل جعل المسح كناية عن الوضوء. وقوله (عليه السلام) « هو طهور » تشبيه أي كالطهور في التنظيف فلا يحتاج إلى التطهير. ( مراد ). والطريق إلى إسماعيل بن جابر صحيح ( صه )
3- يحتمل أنه يعنى به الطاهر أي المذكور طاهر فلا حاجة إلى استعمال الماء ويحتمل انه بمعنى المطهر أي الاخذ المذكور مطهر فكيف يوجب التطهير ( سلطان ).
4- الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم. ويخفق أي أخذته سنة من النعاس فحرك رأسه وهو ناعس.
5- حمل على ما إذا لم يغلب النوم على العقل أي المشاعر.
6- الرقاد : النوم والمراد بالرقود هنا مقدمته أي النعاس بقرينة قوله « وهو قاعد » إذ الغالب في القاعد هو النعاس (م ت).

عليه وضوء؟ فقال : لا وضوء عليه ما دام قاعدا (1) إن لم ينفرج » (2).

145 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « ليس في القبلة ولا المباشرة ولا مس الفرج وضوء ».

146 - وروى حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا كان الرجل يقطر منه البول والدم إذا كان حين الصلاة اتخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثم علقه عليه وأدخل ذكره فيه ، ثم صلى ، يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر (3) يؤخر الظهر ويعجل العصر بأذان وإقامتين ، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء بأذان إقامتين ، ويفعل ذلك في الصبح » (4).

147 - وسأل عبد اللّه بن أبي يعفور أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل بال ثم توضأ وقام إلى الصلاة فوجد بللا ، قال لا شئ عليه ولا يتوضأ » (5).

ص: 64


1- إشارة إلى أن المراد بالرقود النعاس إذ الغالب عند عدم انفراج الأعضاء وبقائها على حالها لا يحصل النوم الذاهب للعقل ، ويمكن حمل الكلام على التقية ( مراد ).
2- محمول على النعاس الذي يسمع الصوت معه ، أو على التقية لموافقته لمذهب كثير من العامة في أن النوم بنفسه ليس بناقض لي باعتبار خروج الريح ، والظاهر من الصدوق أنه عمل به كما نقل عنه ، والعمل على المشهور ، ولو احتاط بالنقض بحدث والوضوء بعده كان أو أولى خروجا من خلافه (م ت).
3- يدل على أن من به السلس يكفيه وضوء واحد للصلاتين والمشهور خلافه ( سلطان ) وقال بعض : لعل الجمع بين الصلاة لعدم إعادة الاذان لأنه إذا فصل بينهما يستحب الاذان ، أو لعدم تعدد الوضوء لكل صلاة ، العدم وقوع الحدث الكثير. والطريق صحيح.
4- قيل : الظاهر أن اسم الإشارة راجع إلى اتخاذ الكيس ويتحمل أن يرجع إلى أصل الوضوء والى جميع ما تقدم ويكون الجمع مع صلاة الليل. وقال التفرشي : قوله : « يؤخر الظهر » أي يوقعها في آخر فضيلتها ويوقع العصر في أول وقتها ليقع كل منهما في الفضيلة ، ويستفاد من ظاهر الحديث جواز الاتيان بصلاتين بوضوء واحد لمن به السلس.
5- الطريق موثق أو حسن ورواه الكليني ج 3 ص 19 وظاهره الاطلاق وحمل على ما بعد الاستبراء لاخبار أخر (م ت).

148 - وروى غيره (1) « في الرجل يبول ، ثم يستنجي ، ثم يرى بعد ذلك بللا أنه إذا بال فخرط ما بين المقعدة والأنثيين ثلاث مرات وغمز ما بينهما (2) ثم استنجى ، فإن سال ذلك حتى بلغ السوق فلا يبالي » (3).

وإذا مس الرجل باطن دبره أو باطن إحليله فعليه أن يعيد الوضوء ، وإن كان في الصلاة قطع الصلاة وتوضأ وأعاد الصلاة ، وإن فتح إحليله أعاد الوضوء والصلاة (4).

ومن احتقن أو حمل شيافة [ قذرا ](5) فليس عليه إعادة الوضوء وإن خرج ذلك منه إلا أن يكون مختلطا بالثفل فعليه الاستنجاء والوضوء.

باب 16: ما ينجس الثوب والجسد

149 - كان أمير المؤمنين عليه السلام : « لا يرى في المذي وضوء أو لا غسل ما أصاب

ص: 65


1- هو عبد الملك بن عمرو كما في التهذيب ج 1 ص 7 وسنده حسن كالصحيح وطريق الصدوق إليه فيه الحكم بن مسكين وهو مهمل.
2- أي بين الأنثيين ، ولعل المراد كون ابتداء الغمز مما بين الأنثيين وهو أصل الذكر ( مراد ).
3- السوق جمع ساق وهو ما بين الركبة إلى الكعب.
4- هذا مذهب الصدوق - رحمه اللّه - على ما نقل عنه ووافقه ابن الجنيد واحتج المصنف بخبر عمار الساباطي المروى في التهذيب ج 1 ص 99 عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال « سئل عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره؟ قال : نقض وضوؤه وان مس باطن إحليله فعليه أن يعيد الوضوء وإن كان في الصلاة قطع الصلاة ويتوضأ ويعيد الصلاة - الحديث » وأجيب أولا بكونه معارضا لصحاح اخر وموافقا لمذهب العامة فيحمل على التقية.
5- في بعض النسخ بدون « قذرا » وفى بعضها « شيئا قذرا ». وقوله « قذرا » أي نجسا قبله خصصه بالقذر إذا دخل في الجوف وخرج منه انه لا يلزم الوضوء حيث إن خروج القذر الذي كان فيه يوجبه وإذا كان حمل القذر لا يوجب الوضوء فحمل الطاهر لا يوجبه بطريق أولى ( مراد ).

الثوب منه » (1).

150 - وروي أن المذي والوذي بمنزلة البصاق والمخاط (2) فلا يغسل منهما الثوب ولا الإحليل وهي (3) أربعة أشياء : المني ، والمذي ، والوذي ، والودي.

فأما المني فهو الماء الغليظ الدافق الذي يوجب الغسل.

والمذي ما يخرج قبل المني والوذي ما يخرج بعد المني على أثره ، والودي ما يخرج على أثر البول ، لا يجب في شئ من ذلك (4) الغسل ولا الوضوء ولا غسل ثوب ولا غسل ما يصيب الجسد منه إلا المني.

151 - وسأل عبد اللّه بن بكير (5) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يلبس الثوب

ص: 66


1- قوله و « لا غسل ما - » بالإضافة. وفى بعض النسخ « ولا غسلا » بفتح الغين مصدر والموصول مفعولة مفعوله. ( مراد )
2- البزاق والبصاق بضم الباء - : ألفاظ مترادفة وهو ماء الفم إذا خرج منه وهو ريق ما دام فيه ، وفى الصحاح المخاط ما يسيل من الانف. ( مراد )
3- « هي » ضمير القصة وما بعدها مفسر لها « وأربعة أشياء » مبتدأ وقوله : المنى والمذي والوذي والودي بدل منها ، وقوله : « لا يجب شئ من ذلك » خبر له. وفى بعض النسخ « في أربعة أشياء ».
4- قوله « شئ من ذلك » بدل من قوله « في أربعة أشياء » فهو متعلق بلا يجب فيصير الكلام في قوة في شئ من أربعة أشياء لا يجب الغسل ولا الوضوء - الخ ، والترتيب الطبيعي يقتضى تقديم الوضوء لان الغسل أكلم منه فيقال : لا يقدر على هذا وزير ولا أمير ولو عكس اختل النظم ، لكن لما كان المذي أشبه بالمنى فتوهم ايجابه الغسل أقوى من توهم ايجابه الوضوء فرفع توهم الأول أهم. وفى حاشية المحقق الشيخ على (رحمه الله) على الشرايع المذي ماء لزج يخرج عقيب الملاعبة بعد انكسار الشهوة. والوذي بالمعجمة ما يخرج عقيب الانزال والودي بالمهملة ماء أبيض غليظ عقيب البول ( مراد ).
5- الطريق قوي.

وفيه الجنابة (1) فيعرق فيه ، فقال : إن الثوب لا يجنب الرجل » (2).

152 - وفي خبر آخر أنه « لا يجنب الثوب الرجل ولا الرجل يجنب الثوب ».

153 - وسأل زيد الشحام أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الثوب يكون فيه الجنابة (3) وتصيبني السماء حتى يبتل علي ، فقال : لا بأس به ».

وإذا نام الرجل على فراش قد أصابه مني فعرق فيه فلا بأس به (4).

ومتى عرق في ثوبه وهو جنب فليتنشف فيه إذا اغتسل (5) ، وإن كانت الجنابة من حلال فحلال الصلاة فيه(6) ، وإن كانت من حرام فحرام الصلاة فيه ، وإذا عرقت الحائض في ثوب فلا بأس بالصلاة فيه.

154 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لبعض نسائه : « ناوليني الخمرة (7) فقالت له : أنا حائض ، فقال لها : أحيضك في يدك ».

ص: 67


1- الضمير راجع إلى الثوب ، يعنى رجل لبس ثوبا أصابه المنى فيعرق فيه.
2- ولعل مقصود السائل تحقيق حكم عرق الجنب فيكون معنى الكلام أن الرجل يلبس ثوبا حصلت فيه الجنابة سابقا فيعرق فيه فقال عليه السلام : ان الثوب لا يجنب الرجل أي الثوب الذي حصلت فيه الجنابة وقتا ما لا تأثير له في حال الرجل من تنجسه وغير ذلك بل هو طاهر. وكذا القول في الخبر الآخر أي لا تأثير لجنابة لرجل في الثوب ولا الثوب الملبوس حال الجنابة في الرجل لو لبسه بعد ذلك فعرق فيه ( سلطان ).
3- في الطريق أبو جميلة وهو ضعيف ورواه الكليني بسند موثق كالصحيح. وكأنه كناية عن إصابة المنى لكن يوجه بالوجه الذي ذكر في الحديث السابق. يعنى المراد الثوب الذي كان يلبسه ويجامع فيه سابقا. وقد حمله بعضهم اما على كثرة ماء المطر بحيث يطهر الثوب أو على التقية.
4- لان مجرد العرق لا يوجب التنجس الا إذا علم وصول النجاسة إليه.
5- يعنى لا مانع بالتنشف بالثوب الذي عرق فيه الجنب لأنه لا يتعدى الجنابة إلى الثوب وأيضا عرق الجنب لا ينجس الثوب. وحمله الشيخ - رحمه اللّه - على ما كان من حرام.
6- يعنى لو كانت الجنابة من الحرام لا يجوز الصلاة فيه مطلقا أو حال كونه رطبا بذلك العرق وذهب إلى كل جماعة.
7- الخمرة - بالضم - : سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل وتزمل بالخيوط.

155 - وسأل محمد الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل أجنب في ثوبه (1) وليس معه ثوب غيره ، قال : يصلي فيه فإذا وجد الماء غسله » (2).

156 - وفي خبر آخر « وأعاد الصلاة » (3).

والثوب إذا أصابه البول غسل في ماء جار مرة ، وإن غسل في ماء راكد فمرتين ثم يعصر (4) ، وإن كان بول الغلام الرضيع صب عليه الماء صبا ، وإن كان قد أكل الطعام غسل ، والغلام والجارية في هذا سواء (5).

157 - وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : « لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل أتطعم لان لبنها يخرج من مثانة أمها (6) ، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب قبل أن يطعم ولا بوله (7) لان لبن الغلام يخرج من المنكبين والعضدين ».

ص: 68


1- الطريق صحيح. و « أجنب ثوبه » يعنى احتلم فيه.
2- ظاهره صحة الصلاة فيه مطلقا ، ويمكن حمله على ما إذا لم يقدر على أن يطرحه عند الصلاة لبرد أو غيره ( كوجود ناظر محترم ) ويصلى عريانا ( مراد ).
3- محمول على الاستحباب. وقال الفاضل التفرشي : « لا منافاة بين هذا الخبر والخبر الأول إذ ليس فيه أنه لا يعيد الصلاة ». أقول : فيه نظر لاستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة.
4- « ثم يعصر » ظاهره الاكتفاء في الغسلتين بعصر واحد بعدهما ، ولعل المراد بيان أن الغسل في الماء الجاري بادخال النجس فيه وفى حكمه الكر لا يحتاج إلى العصر بخلاف الماء الراكد يصب على المحل فإنه لابد في تحقق الغسل فيه من العصر فكأنه قال : لا يكتفى في المرتين بورود الماء على المحل بل لابد في كل من عصر. ( مراد ) أقول : « في ماء راكد » « في » بمعنى الباء والمراد بالراكد ما كان أقل من الكر ولذا قال : صب عليه الماء.
5- أي بعد أكل الطعام.
6- بيان للحكم وليس استدلالا ليرد أن خروجه من مثانة الام لا يستلزم تنجسه بعد استحالته لبنا والانتقال إلى جوفها واستحالته بولاء. ( مراد ).
7- التقييد باعتبار عطف البول على اللبن إذ لا دخل لهذا القيد في طهارة اللبن فكأنه عليه السلام قال : ولبن الغلام وبوله لا يغسل منه الثوب قبل أن يطعم لان - ا ه - وذلك لأن مرتبة العطف على المسند إليه مقدم على مرتبة الحكم لان كونه بحيث يشاركه غيره في الحكم من صفاته المعتبرة فيه ( مراد ) وقال الشيخ في التهذيبين : إنما نفى غسل الثوب منه كما يغسل من بول الرجل أو بوله بعد أن يأكل الطعام ولم ينف أن يصب الماء عليه ، وليس كذلك حكم بول الجارية لان بولها لابد من غسله - انتهى. و قال المجلسيّ الأول- رحمه اللّه -: الخبر رواه الشيخ عن النوفليّ عن السكونى و السند ضعيف لكن شهادة الصدوق بصحته تمنع من رده مع كونه منجبرا بعمل الاصحاب و يدل على الفرق بين بول الرضيع و الرضيعة كما هو المشهور بين الاصحاب، فلا بدّ من حمل الخبر الأول على الفطيم، و ان حمل على الرضيع و التسوية بينه و بين الجارية فلا بدّ من حمل الثاني على الاستحباب أو التقية.

158 - وسأل حكم بن حكيم ابن أخي خلاد (1) أبا عبد اللّه عليه السلام « فقال له : أبول فلا أصيب الماء وقد أصاب يدي شئ من البول فأمسحه بالحائط وبالتراب ثم تعرق يدي فأمس وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي ، فقال : لا بأس به » (2).

159 - وسأل إبراهيم بن أبي محمود الرضا عليه السلام « عن الطنفسة والفراش يصيبهما البول كيف يصنع وهو ثخين كثير الحشو؟ فقال : يغسل منه ما ظهر في وجهه » (3).

160 - وسأل حنان بن سدير أبا عبد اللّه عليه السلام فقال : « إني ربما بلت فلا

ص: 69


1- كذا وفى كتب الرجال « حكم بن الحكيم أبو خلاد الصيرفي » والطريق صحيح.
2- يحتمل توجيهه بان وصول موضع النجاسة إلى الوجه أو بعض الجسد أو الثوب غير متيقن فلا بأس بالثوب وسائر الجسد والوجه وإن كان اليد نجسة ، وهذا إذا لم يكن المس بكل اليد ، ويمكن حمل عدم البأس على صحة الصلاة من حيث عدم الصابة الماء وعدم القدرة عليه كما يشعر به كلام السائل. ( سلطان ).
3- اما محمول على عدم ظهور أن البول دخل في عمق ما سئل عنه ، واما على غسل الظاهر بوضعه في الجاري ، أو غسله على وجه لا يصل الماء إلى القطن عند الغسل ، أو على القول بطهارة الغسالة ، فلا ينجس الماء المنفصل عن القطن الملاقى لوجه المغسول ( مراد ).

أقدر على الماء ويشتد ذلك علي ، فقال : إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك (1) فان وجدت شيئا فقل : هذا من ذاك » (2).

161 - وسئل عليه السلام « عن امرأة ليس لها إلا قميص واحد ولها مولود فيبول عليها كيف تصنع؟ قال : تغسل القميص في اليوم مرة » (3).

162 - وقال محمد بن النعمان لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أخرج من الخلاء فأستنجي بالماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به ، فقال : لا بأس به وليس عليك شئ » (4).

163 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام « في طين المطر : إنه لا بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام إلا أن يعلم أنه قد نجسه شئ بعد المطر فإن أصابه بعد ثلاثة أيام غسله ، وإن كان طريقا نظيفا لم يغسله » (5).

164 - وسأل أبو الأعز النخاس أبا عبد اللّه عليه السلام فقال : إني أعالج الدواب فربما خرجت باليل وقد بالت وراثت فتضرب إحداها بيدها أو برجلها (6) فينضح على

ص: 70


1- قيل : هذا الخبر متروك عند الأصحاب كما نبه عليه الشهيد (رحمه الله) في الذكرى.
2- « فقل هذا من ذاك » أي هذا الذي وجدت على الثوب أو البدن من رطوبة من ذاك الريق الذي مسحته على الذكر في غير محل البول لا من البول الباقي على الذكر ( مراد ) ولعل المراد مسح ما عدا مخرج البول بالريق لأجل أنه لو رأى بللا بعد ذلك حمله على أنه من الريق لا من البول. ( سلطان ).
3- لعل المراد اليوم بليلته وهذا اطلاق شايع. ( مراد ).
4- حمل على ما لم تكن فيه أجزاء النجاسة مميزة. وقال المولى المجلسي : الخبر حسن كالصحيح دل على طهارة ماء الاستنجاء ظاهرا ويؤيده أخبار آخر ، وقيل بالعفو دون الطهارة.
5- لعل المراد غسله استحبابا ( مراد ) والمشهور بين الأصحاب استحباب إزالة طين المطر بعد مضى ثلاثة أيام بعد انقطاعه وانه لا بأس في الثلاثة ما لم يعلم فيه نجاسة ( الشيخ محمد ).
6- طريق الصدوق إليه حسن وطريق الكليني إليه صحيح وله كتاب هو معتمد الصدوقين وعمل به أكثر الأصحاب ويعارضه أخبار أخر عنهم عليهم السلام بالامر بغسل أبوال الدواب دون أرواثها وحملها أكثر الأصحاب على الاستحباب جمعا بين الاخبار وظاهر بعضهم وجوب الاجتناب وهو الأحوط (م ت) وقوله « برجلها » في بعض النسخ « بيدها ورجليها ».

ثوبي؟ فقال : لا بأس به.

ولا بأس بخرء الدجاجة والحمامة يصيب الثوب ، ولا بأس بخرء ما طار وبوله ، ولا بأس ببول كل شئ أكل لحمه فيصيب الثوب ، ولا بأس بلبن المرأة المرضعة يصيب قميصها فيكثر وييبس (1).

165 - وسئل الرضا عليه السلام « عن الرجل يطأ في الحمام وفي رجليه الشقاق (2) فيطأ البول والنورة ، فيدخل الشقاق أثر أسود مما وطئه من القذر وقد غسله كيف يصنع به وبرجله التي وطئ بها أيجزيه الغسل؟ أن يخلل (3) [ أظفاره ] بأظفاره (4) ويستنجي فيجد الريح من أظفاره ولا يرى شيئا؟ فقال : لا شئ عليه من الريح والشقاق (5) بعد غسله ».

ولا بأس أن يتدلك الرجل في الحمام بالسويق والدقيق والنخالة ، فليس فيما ينفع البدن إسراف إنما الاسراف فيما أتلف الماء وأضر بالبدن.

والدم إذا أصاب الثوب فلا بأس بالصلاة فيه ما لم يكن مقداره مقدار درهم

ص: 71


1- في بعض النسخ « ويلبس ».
2- قال في الصحاح : « تقول : بيد فلان وبرجله شقوق ، ولا تقل شقاق ، وإنما الشقاق داء يكون بالدواب وهو تشقق يصيب أرساغها ، وربما ارتفع إلى أوظفتها ».
3- في بعض النسخ « يحكك ».
4- قوله « يخلل بأظفاره » في بعض النسخ « أظفاره بدون الباء ، وفى بعضها » أظفاره بأظفاره والنسخة الأولى أوفق بالسؤال ، أو ظاهره السؤال عن كفاية الغسل عن ادخال الأظفار في تلك الشقوق لا تخليل الأظفار لئلا يبقى فيه شئ من تلك النجاسة الداخل تحتها عند ازالتها عن الشقوق الا أن يحمل على أن الشقاق تحت أظفاره ، وقوله : « ويستنجى فيجد الريح » عطف على قوله : « يطأ » أي عن الرجل يستنجى فيجد الريح فيكون سؤالا ثانيا. ( مراد ).
5- لعله لموافقة قول السائل أو يكون ما في الصحاح وهما.

واف (1) ، والوافي ما يكون وزنه درهما وثلثا ، وما كان دون الدرهم الوافي فقد يجب غسله (2) ولا بأس بالصلاة فيه.

وإن كان الدم دون حمصة فلا بأس بأن لا يغسل (3) إلا أن يكون دم الحيض فإنه يجب غسل الثوب منه ومن البول والمني قليلا كان أو كثيرا وتعاد منه الصلاة علم به أو لم يعلم.

166 - وقال علي عليه السلام : « ما أبالي أبول أصابني أو ماء إذا لم أعلم » (4).

167 - وقد روي في المني « أنه إذا كان الرجل جنبا حيث قام ونظر وطلب فلم يجد شيئا فلا شئ عليه ، فإن كان لم ينظر ولم يطلب فعليه أن يغسله ويعيد صلاته ». (5)

ص: 72


1- الظاهر المراد قدر سعته لا وزنه وحكاية الوزن لتعيين الدرهم وتميزه. ( سلطان )
2- أي فيما يشترط فيه الطهارة غير الصلاة ، أو المراد نجاسته بمعنى أنه لا يتوهم من جواز الصلاة فيه طهارته (م ت).
3- يمكن الجمع بينهما بان تكون المراد بالدرهم سعته وبالحمصة وزنه ، فان قدر الحمصة إذا وقعت على الثوب أو البدن يصير بقدر الدرهم في السعة ، لكن الجمع بين قولي الصدوق مشكل لان ظاهر كلامه أن العفو عن وزن الدرهم الوافي لا عن السعة الا أن يأول بأن مراده السعة مع الكبر كما نقل أنه كان بقدر أخمص الراحة أو رؤوس الابهام أو المدور الذي قطره طول رأس الابهام وفى بعض النسخ « خمصه » بالخاء المعجمة والصاد المهملة بمعنى أخمص الراحة وكأنه تصحيف أو بحمل الخبر الثاني على الاستحباب. وفى المتفرق خلاف والظاهر من الاخبار أنه إذا كان قدر الدرهم حال الاجتماع يجب ازالته (م ت).
4- أي لا حرج على في نفس الامر إذا استمر عدم العلم ، فلا ينافي ما ذكر في السابق. وقال المولى التفرشي : ظاهر المساواة بينهما فيدل ظاهره على عدم وجوب إعادة الصلاة بذلك في الوقت وخارجه. أقول : في سند هذا الخبر على طريق الكليني والشيخ حفص بن غياث وهو رجل عامي من قضاتهم ولى القضاء ببغداد الشرقية لهارون ثم ولاه قضاء الكوفة.
5- ظاهره أنه إذا حصل عند الانسان أمارة الجنابة من رؤيا أو غيره فان تفحص ولم ير شيئا من المنى في ثوبه وبدنه ثم بعد الصلاة يراه لم يكن عليه شئ ، وان لم يتفص فرآه بعد الصلاة أعادها للتقصير في التفحص ( مراد ) والخبر مروى في الكافي ج 3 ص 405 وفى التهذيب ج 1 ص 120.

ولا بأس بدم السمك في الثوب أن يصلي فيه الانسان قليلا كان أو كثيرا.

ومن أصاب قلنسوته أو عمامته أو تكته أو جوربه أو خفه مني أو بول أو دم أو غائط فلا بأس بالصلاة فيه (1) وذلك لان الصلاة لا تتم في شئ من هذا وحده.

ومن وقع ثوبه على حمار ميت فليس عليه غسله (2) ولا بأس بالصلاة فيه.

ولا بأس أن يمس الرجل عظم الميت إذا جاز سنة ، ولا بأس أن يجعل سن الميت للحي مكان سنه (3).

ومن أصاب ثوبه كلب جاف ولم يكن بكلب صيد فعليه أن يرشه بالماء ، وإن كان رطبا فعليه أن يغسله ، وإن كان كلب صيد وكان جافا فليس عليه شئ (4) ، وإن كان رطبا فعليه أن يرشه بالماء (5).

ص: 73


1- المشهور عدم العفو عن العمامة لان الهيئة لا مدخل لها في عدم ستر العورتين بها فيلزم جواز الصلاة في كل ثوب نجس مطوى والظاهر أنه لا يقول به (م ت).
2- هذا إذا كان يابسا لا رطبا.
3- ذلك لان الغالب عدم بقاء اللحم والجلد بعد مضى سنة وعظم الميت ليس بنجس. وقال المولى التفرشي ظاهره : يشمل ميت الانسان وغيره ووجوب الغسل بمس العظم المجرد عند البعض لا يستلزم نجاسته. واستشكل المجلسي الأول من حيث وجوب الدفن ومن حيث عدم جواز الصلاة في جزء الحيوان غير المأكول اللحم وقال : يحمل على سن الشاة وما أشبهها.
4- هذا القول مدفوع لعموم رواية الفضل أبى العباس في الصحيح قال قال أبو عبد اللّه عليه السلام « إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله ، وان مسحه جافا صب الماء عليه » كذا قال العلامة في المنتهى والشهيد في الذكرى. ( سلطان )
5- المشهور نجاسة الكلب مطلقا ويجب الغسل إن كان رطبا وينضح إن كان يابسا ، وما قاله الصدوق من استثناء كلب الصيد يمكن أن يصل إليه خبر. (م ت)

ولا بأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر (1) لان اللّه عزوجل حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابته. فأما في بيت فيه خمر (2) فلا يجوز الصلاة فيه (3).

ومن بال فأصاب فخذه نكتة من بوله فصلى ثم ذكر أنه لم يغسله (4) فعليه أن يغسله ويعيد صلاته (5).

وإن وقعت فأرة في الماء ثم خرجت فمشت على الثياب فاغسل ما رأيت من أثرها وما لم تره انضحه بالماء. (6)

ص: 74


1- ظاهر الصدوق طهارة الخمر ، ويمكن حمل كلامه على العفو عنها ، والاخبار متعارضة وحمل أكثر الأصحاب اختار الجواز على التقية ويشكل بأن أكثرهم على النجاسة الا أن يقال : التقية كانت من ملوك بنى أمية وبنى العباس فإنهم كانوا يشربونها ويزاولونها والاستدلال بالآية أشكل واحتياط في الدين الاجتناب وإن كان الجمع بالاستحباب أسهل كما ذكر في المعتبر واللّه تعالى يعلم. (م ت)
2- يمكن توجيهه بان عين الخمر هنا موجودة باخلاف إصابة الثوب منها فربما كان للعين اثر لا يكون للأثر ( سلطان ).
3- روى أخبار بالنهي عن الصلاة في بيت فيه خمر وحملها الأصحاب على الكراهة الصدوق الحرمة وان أمكن حمل كلامه على الكراهة لاستعمالهم عدم الجواز في الكراهة كثيرا والأحوط أن لا يصلى فيه. (م ت)
4- « ثم ذكر » يدل على أنه كان عالما بذلك فنسي الإزالة وصلى. ( مراد ) أقول رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 4. باسناده عن الحسن بن زياد عن الصادق عليه السلام.
5- قد ذكر أن ناسي النجاسة يعيد في الوقت وجوبا على المشهور وفى الخارج استحبابا ، ويمكن حمل الرواية على الأعم ، وربما يقال باستحباب الإعادة مطلقا ويؤكد في الوقت ولا يخلو من قوة جمعا بين الاخبار. (م ت)
6- كما في رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام وظاهره النجاسة وحمل على الاستحباب جمعا بينه وبين صحيحه الاخر. (م ت) أقول : الخبر في التهذيب ج 1 ص 74 و 6. والمشهور انه محمول على الاستحباب وذهب الشيخ في النهاية إلى وجوب غسل ما رؤي من أثرها.

وإن كان بالرجل جرح سائل فأصاب ثوبه من دمه فلا بأس بأن لا يغسل حتى يبرأ أو ينقطع الدم (1).

168 - وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام « عن خصي يبول فيلقى من ذلك شدة ويرى البلل بعد البلل ، قال : يتوضأ ثم ينضح ثوبه في النهار مرة واحدة » (2).

169 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل وقع ثوبه على كلب ميت ، قال : ينضحه ويصلي فيه ولا بأس » (3).

باب 17: العلة التي من أجلها وجب الغسل من الجنابة ولم يجب من البول والغائط

170 - « جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل وكان

ص: 75


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 73 باسناد فيه جهالة عن سماعة عن الصادق عليه السلام ويؤيده اخبار صحيحة ، ولا ريب في العفو مع السيلان أو عدم الانقطاع. وفيما ينقطع أحيانا الأحوط الغسل إذا لم يضر ، وكذا الأحوط الاجتناب مهما تيسر وإن كان الأظهر من الاخبار العفو مطلقا ما لم يبرء أو ينقطع الدم فإذا انقطع فالاجتناب عن مقدار الدرهم والأزيد لازم. (م ت)
2- رواه الكليني ( ج 3 ص 20 ) بسند فيه جهالة والظاهر أن المراد بالنضح الغسل ان علم أنه بول ، فإن لم يعلم فالمراد به الصب استحبابا وهو الأظهر من الرواية. (م ت) وقال التفرشي « قوله : ثم ينضح ثوبه » ظاهره الاكتفاء به فيكون معفوا عنه من قبيل نجاسة ثوب المربية للصبي ببوله وتخصيص ذلك بما إذا انحصر ثوبه في واحد محتمل ، كما في المربية ، ويحتمل أن يراد بالنضح الغسل بقرينة تخصيصه بالنهار وإن كان استعمال النضح في الرش هو الشايع.
3- ظاهر الخبر الملاقاة باليبوسة بقرينة النضح وليوافق الاخبار الاخر من الغسل مع الرطوبة والصب مع اليبوسة.

فيما سأله أن قال : لأي شئ أمر اللّه تعالى بالاغتسال من الجنابة ولم يأمر بالغسل من الغائط والبول؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إن آدم لما أكل من الشجرة دب ذلك في عروقه وشعره وبشره فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق وشعرة في جسده ، فأوجب اللّه عزوجل على ذريته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة ، والبول يخرج من فضلة الشراب الذي يشربه الانسان ، والغائط يخرج من فضلة الطعام الذي يأكله الانسان فعليه من ذلك الوضوء ، قال اليهودي : صدقت يا محمد » (1).

171 - وكتب الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله :  « علة غسل الجنابة النظافة لتطهير الانسان مما أصاب من إذا (2) وتطهير سائر جسده لان الجنابة خارجة من كل جسده ، فلذلك وجب عليه تطهير جسده كله ، وعلة التخفيف في البول والغائط أنه أكثر وأدوم (3) من الجنابة ، فرضي فيه (4) بالوضوء لكثرته ومشقته ومجيئه بغير إرادة منه ولا شهوة ، والجنابة لا تكون إلا بالاستلذاذ

ص: 76


1- ظاهر هذا الخبر والذي بعده وجوب الوضوء والغسل لنفسهما كما يظهر من أخبار أخر وان أمكن حمل الوجوب على السببية لكن الظاهر الأول والخبر الذي تقدم في الوضوء يدل على الوجوب لنفسه بخلاف خبر محمد بن سنان في الوضوء فان ظاهره الوجوب للصلاة وبالجملة يظهر من بعض الأخبار وظاهر الآية الوجوب لغيره ومن بعضها الوجوب لنفسه ، ولا منافاة بين أن يكون واجبا لنفسه وباعتبار اشتراط الصلاة به يكون واجبا لغيره ، والاحتياط في الغسل قبل الوقت إذا لم يكن مشغول الذمة أن ينوى القربة به من الوجوب والندب و إن كان الأظهر الاكتفاء بها مطلقا ، لكنه يحتاط فيما كان الوجه معلوما بنيتها وفيما لم يكن معلوما الاحتياط في العدم. وان أراد الخروج من الخلاف ينبغي أن يعلق نيته بصلاة بالنذر و شبهه حتى ينوى جزما (م ت).
2- أي أذى الجنابة وتذكير الضمير بتأويل ما يوجب الغسل.
3- قوله : « أدوم » عطف تفسيري للأكثر.
4- الضمير راجع إلى كل من البول والغائط.

منهم والاكراه (1) لأنفسهم ».

باب 18: الأغسال

* ( باب الأغسال ) * (2)

172 - قال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « الغسل في سبعة عشر موطنا : ليلة سبعه عشر (3) من شهر رمضان ، وليلة تسعة عشر ، وليلة إحدى وعشرين ، وليلة ثلاث وعشرين وفيها يرجى ليلة القدر ، وغسل العيدين ، وإذا دخلت الحرمين ، ويوم تحرم ويوم الزيارة ، ويوم تدخل البيت ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ، وإذا غسلت ميتا و كفنته أو مسسته بعد ما يبرد ، ويوم الجمعة ، وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاستيقظت ولم تصل فعليك إن تغتسل وتقضى الصلاة (4) ، وغسل الجنابة فريضة ».

173 - وقال الصادق عليه السلام : « غسل الجنابة والحيض واحد » (5).

174 - وأن من قتل وزغا فعليه الغسل » (6).

ص: 77


1- لما يلزم منهم من الحركة العنيفة والتعب في الجملة. وفى بعض النسخ « ولا اكراه » أي ليست بغير إرادة ، وعليها فالواو للحال.
2- في بعض النسخ « باب الاغتسال ».
3- أي غسل ليلة سبعة عشر بقرينة قوله بعد ذلك. ولو كان المراد عد المواطن لم يستقم ذلك على أن الباب معقود لتعداد الأغسال دون المواطن.
4- يستحب الغسل لقضاء صلاة الكسوف إذا تركها متعمدا مع استيعاب الاحتراق وهو مذهب أكثر الأصحاب وقيل بوجوبه.
5- أي نوع واحد أو يكفي غسل واحد لهما ( مراد ) وقال المجلسي - رحمه اللّه - قوله « واحد » يعنى في الكيفية ، وربما يستدل بها على أنه لا يجب في غسل الحيض وضوء كما ذهب إليه جماعة من الأصحاب ، ويؤيده قوله (عليه السلام) « أي وضوء أطهر من الغسل » ويمكن أن يراد به التداخل وهو بعيد.
6- في روضة الكافي تحت رقم 304 عن عبد اللّه بن طلحة قال : « سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الوزغ فقال : رجس وهو مسخ كله فإذا قتلته فاغتسل - الحديث ». وقال في المرآة المشهور بين الأصحاب استحباب ذلك الغسل.

وقال بعض مشايخنا : إن العلة في ذلك أنه يخرج من ذنوبه فيغتسل منها (1).

175 - وروي « أن من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة » (2).

176 - وسأل سماعة بن مهران أبا عبد اللّه عليه السلام « عن غسل الجمعة فقال : واجب (3) في السفر والحضر إلا أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء (4). وغسل الجنابة واجب ، وغسل الحيض واجب ، وغسل المستحاضة واجب ، وإذا احتشت بالكرسف فجاز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل صلاتين ، وللفجر غسل ، وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الوضوء لكل صلاة (5) ، وغسل النفساء واجب ، وغسل

ص: 78


1- روى في بعض الأخبار « أن أعداء آل محمد صلى اللّه عليه وآله يصيرون وزغا بعد الموت فقتلهم كفارة للذنوب ».
2- قيده بعض الأصحاب بما بعد ثلاثة أيام ، وعمم المصلوب بأعم من الحق والباطل وبالهيئة الشرعية أو بغيرها وحمل الوجوب على الاستحباب المؤكد (م ت).
3- ذهب إلى وجوب غسل الجمعة جماعة منهم الكليني والصدوق وشيخنا البهائي رحمهم اللّه على ما نقل عنهم لظاهر كثير من الاخبار لكن المشهور استحبابه ، والوجوب في تلك الأخبار منزل على تأكد الاستحباب وفيها قرائن كثيرة على إرادة هذا المعنى كعد غيره من الأغسال المستحبة في عرض تلك الأخبار.
4- يعنى إذا كان الماء قليلا أو لكون الماء في السفر قليلا غالبا فلو لم يغتسل لا يضرها مع وجوب الماء فكأنه رخص لهم مطلقا وهذه علتها ، ويؤيد وجوب غسل الجمعة الأخبار الصحيحة بلفظ الوجوب وعارضها أخبار صحيحة أيضا أنه سنة وليس بفريضة وان أمكن الجمع بينهما بان ثبت وجوبها بالسنة لكن لما كان اطلاق الوجوب في الاخبار على السنة الوكيدة شايع أشكل الحكم مع وجود المعارض فالاحتياط أنه لا يترك ولا ينوى الوجوب والندب بل لقصد القربة. (م ت)
5- لا خلاف بين الأصحاب في وجوب الأغسال الثلاثة للكثيرة وإنما الخلاف في المتوسطة وظاهر الخبر وجوبه وان حكمها الكثيرة والذي يظهر من أكثر الاخبار تثنية حكمها لا التثليث كما هو المشهور (م ت) وقال الفاضل التفرشي : لعل سكوته عن تقسيم هذا القسم إلى الذي لم يثقب الكرسف ففيه الوضوء فقط ، والى ما يثقبه ولم يسل ففيه مع ذلك غسل لصلاة الغداة لعدم احتياج المخاطبين إليه أو لاغناء اشتهاره عن البيان.

المولود واجب (1) ، وغسل الميت واجب ، وغسل من غسل ميتا (2) واجب ، وغسل المحرم واجب (3) ، وغسل يوم عرفة واجب ، وغسل الزيارة واجب (4) إلا من [ به ] علة ، وغسل دخول البيت واجب ، وغسل دخول الحرم واجب ، ويستحب أن لا يدخله الرجل إلا بغسل (5) وغسل المباهلة واجب (6) ، وغسل الاستسقاء واجب (7) وغسل أول ليلة من شهر رمضان يستحب ، وغسل ليلة إحدى وعشرين سنة ، وغسل ليلة ثلاث وعشرين لا تتركه فإنه يرجى في إحداهما ليلة القدر ، وغسل يوم الفطر وغسل يوم الأضحى لا أحب تركهما ، وغسل الاستخارة يستحب (8).

ص: 79


1- حمل على تأكد الاستحباب وذهب بعضهم إلى وجوبه وقال : يجب حين الولادة ولابد فيه من النية وهو متروك والمراد بالوجوب الاستحباب المؤكد لما رواه الشيخ (رحمه الله) عن سماعة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « وغسل المولود مستحب لأنه خرج من محل الخبث واستحب غسله ».
2- في بعض النسخ « غسل من مس ميتا » ولعله تفسير.
3- يعنى حين يريد الاحرام للحج أو العمرة تجوزا ، فالأكثر على الاستحباب وذهب بعضهم إلى الوجوب. (م ت)
4- أي زيارة البيت وطوافه.
5- قرينة على إرادة تأكيد الاستحباب من الوجوب. ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي : ذكر ذلك بعد ما ذكر أنه واجب وهو دال على تأكيد الاستحباب كما في نظائره لعله للفرق بين الرجل والمرأة ، فاستحبابه للمرأة مقيد بكون الدخول لقصد الزيارة وللرجل مطلقا. ( مراد )
6- وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة على المشهور ، وقيل الخامس والعشرون منه ( مراد ).
7- يعنى لصلاة الاستسقاء أو الأعم منها ومن الدعاء للاستسقاء (م ت).
8- ظاهره الاستحباب مطلقا والمشهور أنه لصلاة الاستخارة التي وردت فيها الغسل ويحمل هذا المطلق على ذلك المقيد (م ت). و قال الفاضل التفرشى: ظاهره يدلّ على استحبابه لكل استخارة لئلا يتأخر البيان عن-- وقت الحاجة و الأصل عدم علم المخاطبين بما يغنيهم عن البيان لكنهم رضى اللّه عنهم يخصصون ذلك بصلاة خاصّة للاستخارة.

177 - وقال رجل للصادق عليه السلام : « إن لي جيرانا ولهم جوار يتغنين ويضربن بالعود فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا مني لهن فقال له الصادق عليه السلام : لا تفعل ، فقال : واللّه ما هو شئ آتيه برجلي إنما هو سماع أسمعه بأذني (1) ، فقال الصادق عليه السلام : تا لله أنت (2) أما سمعت اللّه عزوجل يقول : « إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا » فقال الرجل : كأنني لم أسمع بهذه الآية من كتاب اللّه عزوجل من عربي ولا عجمي ، لا جرم أني قد تركتها ، وأنا أستغفر اللّه تعالى ، فقال له الصادق عليه السلام : قم فاغتسل وصل ما بدا لك (3) ، فلقد كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك! استغفر اللّه تعالى واسأله التوبة من كل ما يكره فإنه لا يكره إلا القبيح والقبيح دعه لأهله فإن لكل أهلا » (4).

ص: 80


1- أي لم أقصد بدخول المخرج استماع الغناء ليكون الاتيان حراما بل الدخول لقضاء الحاجة ، وبعد ما دخلت اتفق السماع.
2- في بعض النسخ « تاللّه تب » وفى بعضها « باللّه أنت ». وقوله : « تاللّه أنت » الظاهر أن « أنت » مبتدأ خبره محذوف ، ويمكن أن يكون تقول قولا عجيبا.
3- أي ما ظهر لك أنه ينبغي أن تصلى وحاصله أي صلاة تريد. وسمعت شيخنا  - رحمه اللّه - يقول : ان أصحابنا - رضوان اللّه تعالى عليهم - استدلوا بهذا الحديث على استحباب غسل التوبة وهو كما يدل على ذلك يدل على استحباب الصلاة لها ، والعجب أن أحدا منهم لم يعد تلك الصلاة من أقسام الصلاة المندوبة ، ويمكن أن يقال : قوله عليه السلام « ما بدا لك » يدل على الاتيان بالصلاة أي صلاة كانت لأنها تذهب السيئة وذلك يشمل الصلاة الموظفة فلم يدل على استحباب صلاة لأجل التوبة بخلاف الغسل إذ ليس له فرد موظف في كل يوم ليكتفي به ( مراد ).
4- لا خلاف في حرمة الغناء للاخبار الكثيرة وربما يفهم من هذا الخبر أنها كبيرة للامر بالتوبة بناء على أن الصغائر مكفرة لا يحتاج إليها وفيه أن الاجتناب من الكبائر مكفرة للصغائر لا مطلقا. (م ت).

والغسل كله سنة ما خلا غسل الجنابة (1) وقد يجزي الغسل من الجنابة عن الوضوء لأنهما فرضان اجتمعا فأكبرهما يجزي عن أصغرهما (2). ومن اغتسل لغير جنابة فليبدأ بالوضوء ثم يغتسل ، ولا يجزيه الغسل عن الوضوء (3) ، لان الغسل سنة والوضوء فرض ولا يجزي السنة عن الفرض.

باب 19: صفة غسل الجنابة

قال أبي رضي اللّه عنه في رسالته إلي : إذا أردت الغسل من الجنابة فاجتهد أن تبول ليخرج ما بقي في إحليلك من المني ، ثم اغسل يديك ثلاثا (4) من قبل أن

ص: 81


1- أي ثبت وجوبه واستحبابه بالسنة دون الكتاب سوى غسل الجنابة فان وجوبه ثبت بقوله تعالى : « وان كنتم جنبا فاطهروا » وقوله « ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا ».
2- مضمونه في الخبر فيكون من قبيل بيان العلل الشرعية ، واما الاستدلال بمثله فمشكل لان ثبوت أمرين بالكتاب لا يقتضى كفاية أكبرهما عن أصغرهما بديهة ، وليس دليل يدل عليه وكذا ثبوت أمر بالنسبة لا يقتضى عدم كفايته عما ثبت بالكتاب. ( مراد ). وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : لو كان هذا القول من الخبر أمكن أن يكون موافقا للواقع ومما شاة للرد على العامة في استحساناتهم العقلية ولو كان من الصدوق - رحمه اللّه - فهو عجيب.
3- أجمع علماؤنا على أن غسل الجنابة مجز عن الوضوء ، واختلف في غيره من الأغسال فالمشهور أنه لا يكفي بل تجب معه الضوء للصلاة سواء كان فرضا أو سنة ، وقال السيد المرتضى : لا يجب الوضوء مع الغسل سواء كان فرضا أو نقلا وهو اختيار ابن الجنيد وقواء شيخنا المعاصر ( مراد ).
4- الظاهر الاستحباب وان لم يكن من الاناء وان تأكد الاستحباب في الاناء قبل ادخال اليد فيه لرفع النجاسة الوهمية ، والظاهر حصول الاستحباب بالمرة والمرتين وإن كان الثلاث أفضل. (م ت)

تدخلهما الاناء وإن لم يكن بهما قذر ، فإن أدخلتهما الاناء وبهما قذر (1) فأهرق ذلك الماء ، وإن لم يكن بهما قذر فليس به بأس ، وإن كان أصاب جسدك مني فاغسله عن بدنك ، ثم استنج واغسل وأنق فرجك (2) ، ثم ضع على رأسك ثلاث أكف من ماء ، وميز الشعر بأناملك (3) حتى يبلغ الماء إلى أصل الشعر كله.

وتناول الاناء بيدك وصبه على رأسك وبدنك مرتين ، وامرر يدك على بدنك كله ، وخلل أذنيك بإصبعيك ، وكلما أصابه الماء فقد طهر (4) فانظر أن لا تبقى شعرة من رأسك ولحيتك إلا [ و ] يدخل الماء تحتها ، ومن ترك شعرة من الجنابة لم يغسلها متعمدا فهو في النار (5).

ص: 82


1- المراد بالقذر هنا النجس.
2- قوله « استنج » أي بعد ما غسلت المنى عن بدنك غير محل الاستنجاء. وقوله « اغسل » لبيان أن إزالة المنى عن محل الاستنجاء إن كان قد وصل إليه لا يكون الا بالماء. ويمكن ان يراد بالاستنجاء ما كان بالمسحات الثلاث فيكون جمع الغسل معه للاستحباب. وقوله « أنق » تأكيد للفعل. ( مراد )
3- هذا قبل الغسل من باب المقدمة الاحتياطية ليصل الماء حين الفعل إلى أصل الشعر بلا مشقة.
4- المراد بالإصابة الجريان ، فلا يوجب التقديم والتأخير في الجانبين ، لكن المشهور تقديم اليمين على اليسار كما هو ظاهر حسنة زرارة « قال : كيف يغتسل الجنب؟ فقال : ان لم يكن أصاب كفه شئ غمسها في الماء ، ثم بدء بفرجه فأنقاه بثلاث غرف ، ثم صب على رأسه ثلاث اكف ، ثم صب على منكبه الأيمن ، وعلى منكبه الأيسر مرتين ، فما جرى عليه الماء فقد أجزأه » الكافي ج 3 ص 43 فكما أن الظاهر تقديم الرأس على اليمين تقديم اليمين على اليسار وان لم يدل عليه اللفظ لغة. ويمكن أن يستدل على وجوب تقديم جانب اليمين بما دل من الاخبار على أن غسل الميت كغسل الجنابة ويجب الترتيب فيه اجماعا كما صرح به في المعتبر.
5- الظاهر أن المراد مقدار شعره أو ما تحت الشعر لأن الظاهر أنه لم يقل أحد بوجوب غسل الشعر. (م ت)

ومن ترك البول على أثر الجنابة أو شك أن يتردد بقية الماء في بدنه فيورثه الداء الذي لا دواء له.

ومن أحب أن يتمضمض ويستنشق في غسل الجنابة فليفل وليس ذلك بواجب (1) لان الغسل على ما ظهر لا على ما بطن ، غير أن الرجل إذا أراد أن يأكل أو يشرب قبل الغسل لم يجز له إلا أن يغسل يديه ويتمضمض ويستنشق فإنه إن أكل أو شرب قبل أن يفعل (2) ذلك خيف عليه [ من ] البرص (3).

178 - وروي « أن الاكل على الجنابة يورث الفقر » (4).

179 - وقال عبيد اللّه بن علي الحلبي (5) « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل أينبغي له أن ينام وهو جنب؟ فقال : يكره ذلك حتى يتوضأ ».

180 - وفي حديث آخر قال : « أنا أنام على ذلك حتى أصبح وذلك أني أريد أن أعود » (6).

181 - وقال (7) عن أبيه عليهما السلام : « إذا كان الرجل جنبا لم يأكل ولم يشرب

ص: 83


1- ظاهره عدم الاستحباب ويحمل على عدم الوجوب للاخبار الكثيرة بالامر بهما وأقل مراتبه الاستحباب. (م ت)
2- في بعض النسخ « أن يغسل » وأقول : راجع الوسائل باب استحباب المضمضة والاستنشاق قبل الغسل.
3- كما رواه الكليني - رحمه اللّه - في الكافي ج 3 ص 51.
4- رواه المصنف في الخصال ص 505 مسندا عن أمير المؤمنين عليه السلام.
5- طريق الصدوق - رحمه اللّه - إليه صحيح ( كما في الخلاصة للعلامة - رحمه اللّه - ) وكتابه معروض على الصادق عليه السلام ومدحه ، وأصحاب الحديث يعتبرونه غاية الاعتبار وكأنه عندهم بمنزلة المسموع عنه عليه السلام. (م ت)
6- ذكر هذا الخبر هنا لبيان الجواز وفيه اشعار بعدم الكراهة لمن يريد العود.
7- تتمة حديث الحلبي - رحمه اللّه - يعنى أن أبا عبد اللّه نقل عن أبيه عليهما السلام.

حتى يتوضأ » (1).

182 - وقال : « إني أكره الجنابة حين تصفر الشمس (2) وحين تطلع وهي صفراء. »

183 - قال الحلبي : « وسألته عن الرجل يغتسل بغير إزار حيث لا يراه أحد ، : لا بأس به ».

184 - وقال : « وسئل عن الرجل يصيب المرأة فلا ينزل أعليه غسل؟ قال : كان علي عليه السلام يقول : إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل ».

185 - وكان علي عليه السلام يقول : « كيف لا يوجب الغسل والحد يجب فيه (3). قال : يجب عليه المهر والغسل ».

186 - وسئل (4) « عن الرجل يصيب المرأة فيما دون الفرج (5) أعليها غسل

ص: 84


1- استدل به على كراهة الأكل والشرب للجنب قبل الوضوء.
2- كناية عن قربها من الغروب كما أن ما بعدها كناية عن قربها من الطلوع ( مراد ).
3- الظاهر أن قوله « كان على » ليس من رواية الحلبي إنما هي كما في التهذيب ج 1 ص 33 من رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام « قال جمع عمر أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : ما تقولون في الرجل يأتي أهل فيخالطها ولا ينزل؟ فقالت الأنصار الماء من الماء ، وقال المهاجرون : إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل ، فقال عمر لعلى عليه السلام : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال عليه السلام : أتوجبون عليه الحد والرجم ، ولا توجبون عليه صاعا من الماء ، إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل ، فقال عمر : القول ما قال المهاجرون ودعوا ما قالت الأنصار ». وهذا الكلام منه عليه السلام لبيان العلل رفعا لاستبعاد القول بايجابه الغسل وليس من القياس المحكوم في مذهب أهل البيت عليهم السلام فلذا صرح بالحكم بعده وقال : « إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ».
4- هذا من تتمة رواية الحلبي - رحمه اللّه - كما هو الظاهر من الكافي ج 3 ص 46. وكذا الخبر الآتي.
5- الفرج في أصل اللغة الشق بين الشيئين كالفرجة ، وكنى به عن السوأة لانفراجها وكثر استعماله حتى صار كالصريح ، قال اللّه تعالى « والذين هم لفروجهم حافظون » والمراد بالفرج في هذا الخبر مطلق السوأة قبلا ودبرا. ويؤيد ما ذكرنا لفظ الخبر في الكافي فان فيه « سألت أبا عبد اللّه عن المفخذ عليه غسل - الحديث ». ويراد بالمفخذ من أصاب فيما بين الفخذين من دون ايلاج وفى بعض النسخ « دون ذلك ».

إن هو أنزل ولم تنزل هي؟ قال : ليس عليها غسل وإن لم ينزل هو فليس عليه غسل »

187 - وسئل عن الرجل يغتسل ثم يجد بعد ذلك بللا وقد كان بال قبل أن يغتسل؟ قال : ليتوضأ ، وإن لم يكن بال قبل الغسل فليعد الغسل » (1).

88 - وروي في حديث آخر (2) « إن كان قد رأى بللا ولم يكن بال فليتوضأ ولا يغتسل إنما ذلك من الحبائل ».

قال مصنف هذا الكتاب : أعاد الغسل أصل والخبر الثاني رخصة (3).

ص: 85


1- يحمل على كون المراد من البلل أحد النواقض يعنى رأى بللا مشتبها بين المنى والبول لا غير ، لان البلل الخارج من الإحليل إذا لم يعلم كونه ماذا لا يوجب غسلا ولا وضوءا لأصالة البراءة.
2- هذا الخبر من رواية جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام وليس من رواية الحلبي كما في التهذيب ج 1 ص 40 وحمل على ما إذا كان اجتهد في البول فلم يتأت له فحينئذ لم يلزم إعادة الغسل. أو يكون ذلك مختصا بمن ترك البول ناسيا كما في خبر أحمد بن هلال المروى في التهذيب ج 1 ص 40 « قال : سألته عن رجل اغتسل قبل أن يبول فكتب ان الغسل بعد البول لان أن يكون ناسيا فلا يعيد ومنه الغسل » وقال لفاضل التفرشي : قوله في الخبر السابق « فليعد الغسل » يمكن حمله على الاستحباب ان لم يقع الاجماع على الوجوب جمعا بينه وبين هذا الخبر من قوله عليه السلام « فليتوضأ ولا يغتسل » أي وجوبا. وفسر الحبائل بعروق في الظهر ، ويستفاد من ذلك استحباب الوضوء أيضا لان موجبه البول دون ما يخرج من الحبائل فوجه استحباب الوضوء احتمال كونه مخلوطا بالبول وفى الغسل احتمال كونه مخلوطا بالمنى.
3- لعل مراد المصنف - رحمه اللّه - أن الإعادة هي الواجبة وما دل عليه الخبر الثاني من عدم الغسل للضرورة كأكل الميتة للمضطر ويراد به ما ذكره الشيخ من أن من لم يقدر على البول لا يعيد الغسل فيكون الرخصة لمن هذا شأنه ولا يخفى ما في هذا الحمل لان الرخصة لا وجه لها حينئذ إذ الجامع غير قائم في صورة عدم امكان البول فلا يتم معنى الرخصة وجواب هذا يعلم من معنى الرخصة في الأصول ، وبالجملة فمقصود المصنف غير واضح ويحتمل أن المراد الرخصة في انسان خاص للضرورة وهو بعيد ( شيخ محمد ).

189 - وسئل (1) « عن الرجل ينام ثم يستيقظ فيمس ذكره فيرى بللا ولم ير في منامه شيئا أيغتسل؟ قال : لا إنما الغسل من الماء الأكبر » (2).

190 - و « عن المرأة (3) ترى في المنام ما ير الرجل ، قال : إن أنزلت فعليها الغسل وإن لم تنزل فليس عليها غسل ».

191 - قال الحلبي حدثني من سمعه يقول : إذا اغتمس الجنب في الماء اغتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله » (4).

ومن أجنب في يوم أو في ليلة مرارا أجزأه غسل واحد إلا أن يكون يجنب بعد الغسل أو يحتلم ، فإن احتلم فلا يجامع حتى يغتسل من الاحتلام (5).

ولا بأس بأن يقرأ الجنب القرآن كله ما خلا العزائم التي يسجد فيها وهي سجدة لقمان (6) وحم السجدة ، والنجم ، وسورة اقرأ باسم ربك.

ص: 86


1- من تتمة رواية الحلبي على الظاهر.
2- هذا يدل على عدم وجوب الغسل بالبلل لتوقفه على العلم بكون ذلك من الماء الأكبر ( مراد ) والحصر إضافي بالنسبة إلى المياه التي تخرج من مخرج البول ومحمول على ما لم يعلم كونه منيا.
3- من تتمة رواية الحلبي - رحمه اللّه - كما هو الظاهر من التهذيب ج 1 ص 34 والكافي ج 3 ص 48.
4- يفهم منه أن الأصل في الغسل الترتيب ، والارتماس مجز عنه ، وظاهر الاخبار أنه لا يحتاج إلى نية الترتيب والآن الترتيب الحكمي يحصل منه كما ذكره جماعة من الأصحاب والظاهر أنه إذا كان أكثره في الماء أيضا وغمس في الماء بعد النية أو نوى بعد الغمس يكفي ولا يحتاج إلى الخروج عن الماء وإن كان أحوط. (م ت).
5- لم يقل : أو يتوضأ كما في كثير من الكتب فلعله لم يصل إليه دليل على ارتفاع الكراهة بالوضوء. ( مراد ).
6- أي سورة السجدة التي بعد سورة لقمان وهي ألم تنزيل.

ومن كان جنبا أو على غير وضوء فلا يمس القرآن ، وجائز له أن يمس الورق أو يقلب له الورق غيره ويقرأ هو ويذكر اللّه عزوجل.

ولا يجوز للحائض والجنب أن يدخلا المسجد إلا مجتازين (1) ولهما أن يأخذا منه وليس لهما أن يضعا فيه شيئا (2) لان ما فيه لا يقدران على أخذه من غيره وهما قادران على وضع ما معهما في غيره.

وإذا أرادت المرأة أن تغتسل من الجنابة فأصابها حيض فلتترك الغسل إلى أن تطهر ، فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للجنابة والحيض.

ولا بأس بأن يختضب الجنب (3) ويجنب وهو مختضب ، ويحتجم ، ويذكر اللّه تعالى ، ويتنور ، ويذبح ، ويلبس الخاتم ، وينام في المسجد ويمر فيه (4) ويجنب أول الليل وينام إلى آخره ، ومن أجنب في أرض ولم يجد الماء إلا ماء جامدا ولا يخلص

ص: 87


1- لا نعرف فيه خلافا الا من سلار من أصحابنا فإنه كرهه. ( منتهى المطلب ).
2- هو مذهب علمائنا أجمع الا سلار فإنه كره الوضع ( المنتهى ).
3- قال في المنتهى : الخضاب مكروه للجنب وهو اختيار الشيخ والسيد المرتضى والمفيد ، وقال ابن بابويه « لا بأس أن يخضب - الخ » فأسند الخلاف إليه - رحمه اللّه - و يمكن حمل كلامه على نفى التحريم فلا مخالفة.
4- في التهذيب ج 1 ص 105 عن الحسين بن سعيد عن محمد بن القاسم قال : « سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الجنب ينام في المسجد فقال : يتوضأ ولا بأس أن ينام في المسجد ويمر فيه ». وأفتى المصنف - رحمه اللّه - بمضمون هذا الخبر ولكن الفقهاء حملوه على الضرورة أو على التقية فان جماعة من العامة يستبيحون استيطان المساجد للجنب بالوضوء وبعضهم يجوزه بغير وضوء. وقال الفاضل التفرشي : قوله « وينام في المسجد » ظاهره يفيد جواز اللبث فيه إذ لابد من النائم فيه أن يلبث زمانا يقظان ، الا أن يراد به النوم الذي يحصل له من غير اختيار.

إلى الصعيد (1) فليصل بالمسح (2) ، ثم لا يعد إلى الأرض التي يوبق فيها دينه (3).

وقال أبي رحمه اللّه في رسالته إلي : لا بأس بتبعيض الغسل ، تغسل يديك وفرجك ورأسك وتؤخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة ، ثم تغسل جسدك إذا أردت ذلك ، فإن أحدثت حدثنا من بول أو غائط أو ريح بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أوله (4) فإذا بدأت بغسل جسدك قبل الرأس فأعد الغسل على جسدك بعد غسل رأسك.

باب 20: غسل الحيض والنفاس

اشارة

192 - قال الصادق عليه السلام : « أول دم وقع على وجه الأرض دم حواء حين حاضت ».

193 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : إن الحيض للنساء نجاسة رماهن اللّه

ص: 88


1- خلص إليه الشئ : وصل. أي لا يظفر بالتراب أو وجه الأرض للتيمم ولا يجد طريقا للوصول إلى التراب.
2- ظاهره أنه يمسح بدنه برطوبة ذلك الجمد أو الثلج فيغتسل بها ويؤيده ما اختار سابقا من أن الوضوء بالثلج جائز ، ويحتمل بعيدا كون مراده التيمم على الجمد والثلج ( سلطان ) وقال التفرشي : ظاهره أن المراد انه يمسح الماء الجامد على بدنه ويغتسل بتلك الرطوبة ، ويحتمل أن يريد بالمسح ضرب اليد على وجعله بمنزلة التراب للتيمم ، ويؤيد ذلك قوله « ولا يخلص إلى الصعيد » حيث أخره عن التيمم بالصعيد ولو كان المراد الاغتسال به كان مقدما على التيمم.
3- أوبقه ايباقا : أهلكه.
4- هذا مذهب الشيخ وابن بابويه ، وقال ابن البراج : يتم الغسل ولا شئ عليه. وهو اختيار ابن إدريش. وقال السيد المرتضى : يتم الغسل ويتوضأ إذا أراد الدخول في الصلاة ( سلطان ).

عزوجل بها ، وقد كن النساء (1) في زمن نوح عليه السلام إنما تحيض المرأة في السنة حيضة حتى خرج نسوة من مجانهن (2) وكن سبعمائة امرأة فانطلقن فلبسن المعصفرات من الثياب وتحلين وتعطرن ، ثم خرجن فتفرقن في البلاد فجلسن مع الرجال ، وشهدن الأعياد معهم ، وجلسن في صفوفهم فرماهن اللّه عزوجل بالحيض عند ذلك في كل شهر يعني أولئك النسوة بأعيانهن (3) فسالت دماؤهن فأخرجن من بين الرجال فكن يحضن في كل شهر حيضة فشغلهن اللّه تعالى بالحيض وكسر شهوتهن قال وكان غيرهن من النساء اللواتي لم يفعلن مثل ما فعلن يحضن في كل سنة حيضة قال فتزوج بنو اللائي يحضن في كل شهر بنات اللائي يحضن في كل سنة حيضة فامتزج القوم فحضن بنات هؤلاء وهؤلاء في كل شهر حيضة ، فكثر أولاد اللائي يحضن في كل سنة حيضة لاستقامة الحيض (4) وقل أولاد اللائي يحضن في كل سنة حيضة لفساد الدم ، قال : فكثر نسل هؤلاء وقل نسل أولئك.

194 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « إن فاطمة ( صلوات اللّه عليها ) ليست كأحد منكن إنها لا ترى دما في حيض ولا نفاس كالحورية ».

195 - وسئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « لهم فيها أزواج مطهرة » قال : الأزواج المطهرة اللائي لم يحضن ولا يحدثن ».

وقال أبي رحمه اللّه في رسالته إلي : إعلم أن أقل أيام الحيض ثلاثة أيام ، وأكثرها عشرة أيام ، فان رأت المرأة الدم ثلاثة أيام وما زاد إلى عشرة أيام فهو حيض

ص: 89


1- كذا والظاهر وقد كانت النساء من غير ضمير الجمع مع الفاعل الظاهر الا أن يقال إن سام الظاهر بدل عن الضمير. ( سلطان )
2- المجن : الموضع الذي يستتر فيه. وفى بعض النسخ « محاربيهن » وفى بعضها حجالهن وفى بعضها « مخازنهن » وفى بعضها « مخابهن ».
3- أي بأشخاصهن.
4- إضافة الاستقامة إلى الحيض من قبيل إضافة المسبب إلى السبب أي استقامة المزاج من جهة الحيض فكثرة الحيض سبب كثرة النسل لاستقامة المزاج المثمرة للحمل على خلاف الامر في احباس الحيض فان سبب لفساد الدم وعدم استقامة المزاج فتعسر الحمل وتقل النسل فاللام للتعليل لا للعاقبة كما ربما يتوهم ( م ح ق ).

وعليها أن تترك الصلاة ولا تدخل المسجد إلا أن تكون مجتازة ، ويجب عليها (1) عند حضور كل صلاة أن تتوضأ وضوء الصلاة وتجلس مستقبلة القبلة وتذكر اللّه بمقدار صلاتها كل يوم.

فإن رأت الدم يوما أو يومين فليس ذلك من الحيض ما لم تر الدم ثلاثة أيام متواليات (2) وعليها أن تقضي الصلاة التي تركتها في اليوم أو اليومين ، وإن رأت الدم أكثر من عشرة أيام فلتقعد عن الصلاة عشرة أيام (3) وتغتسل يوم حادي عشر و تحتشي فإن لم يثقب الدم الكرسف صلت صلاتها كل صلاة بوضوء ، وإن ثقب الدم الكرسف ولم يسل صلت صلاة الليل وصلاة الغداة بغسل وسائر الصلوات بوضوء. (4) وإن غلب الدم الكرسف وسال صلت بصلاة الليل وصلاة الغداة بغسل ، والظهر والعصر بغسل ، تؤخر الظهر قليلا وتعجل العصر وتصلي المغرب والعشاء الآخرة بغسل واحد (5) تؤخر المغرب قليلا وتعجل العشاء الآخرة إلى أيام حيضها ، فإذا دخلت في أيام حيضها تركت الصلاة.

ص: 90


1- نقل العلامة - رحمه اللّه - في المختلف هذا الكلام عن أب المنصف ويحتمل تأكيد الاستحباب كما مر في نظائره وهو مبالغة في استحبابه.
2- هل يشترط في الثلاثة الأيام التوالي للأصحاب فيه قولان : قال الشيخ في النهاية : لا يشترط التوالي بمعنى أنها لو رأت الأول والثالث والخامس مثلا لكان حيضا ، وقال في المبسوط والجمل : يشترط التتابع وبه قال ابن بابويه والسيد المرتضى واتفق الفريقان على أنه يشترط كون الثلاثة من جملة العشرة. ( منتهى المطلب )
3- هذا في المبتدئة والمضطربة وأما ذات العادة فلا ، بل ترجع إلى العادة على المشهور.
4- هذا مخالف لما سبق من الحكم بثلاثة أغسال لمطلق ثقب الكرسف ، ولعل هذا مختار أبيه وذلك مختاره. ( سلطان )
5- هذا إذا ما لم يحصل الفاصلة المعتد بها والا اغتسلت غسلين كما ذكره الأصحاب وكذا في كل جميع. (م ت).

ومتى اغتسلت (1) على ما وصفت حل لزوجها أن يأتيها ، وأقل الطهر عشرة أيام وأكثره لا حد له ، والحائض تغتسل بتسعة أرطال من الماء بالرطل المدني (2).

وإذا رأت المرأة الصفرة في أيام الحيض فهو حيض ، وإن رأت في أيام الطهر فهو طهر.

196 - وروي « في المرأة ترى الصفرة أنه إن كان ذلك قبل الحيض بيومين فهو من الحيض ، وإن كان بعد الحيض بيومين (3) فليس من الحيض (4) ».

وغسل الجنابة والحيض واحد ، ولا يجوز للحائض أن تختضب (5) لأنه يخاف عليها من الشيطان(6).

197 - و « سأل سلمان الفارسي رحمة اللّه عليه أمير المؤمنين عليه السلام عن رزق الولد في بطن أمه ، فقال : إن اللّه تبارك وتعالى حبس عليه الحيضة فجعلها رزقه في بطن أمه ».

والحبلى إذا رأت الدم تركت الصلاة ، فإن الحبلى ربما قذفت الدم وذلك

ص: 91


1- أي من الحيض فان المستحاضة حل لزوجها بدون الغسل. وظاهر كلامه عدم الحل لو لم تغتسل بعد الطهر. والمسألة خلافية.
2- لعل مستنده كتاب الصفار إلى أبى محمد (عليه السلام) كما يأتي تحت رقم 393.
3- خلاف المشهور من الفتوى الا ان يحمل على الزائد على العشرة وحينئذ لا خصوصية له بيومين. ( سلطان )
4- المفهوم من هذه الرواية أن ذات العادة تترك العبادة بمجرد رؤية الصفرة قبل أيام عادتها بيومين ، وتعمل عمل المستحاضة إذا رأتها بعد أيام عادتها بيومين وهذه الرواية وما يقرب منها مذكورة في الكافي ج 3 ص 78. ( مراد )
5- الظاهر الكراهة لاخبار صحيحة بالجواز وظاهر كلامه الحرمة مع أنه يمكن حمل كلامه على الكراهة. (م ت)
6- لان الزينة ربما يوجب ميل الزوج إلى الجماع.

إذا رأت الدم كثيرا أحمر ، فإن كان قليلا أصفر فلتصل وليس عليها إلا الوضوء (1) ، والحائض إذا طهرت فعليها أن تقضي الصوم وليس عليها أن تقضي الصلاة ، وفي ذلك علتان إحداهما : ليعلم الناس أن السنة لا تقاس ، والأخرى : لأن الصوم إنما هو في السنة شهر ، والصلاة في كل يوم وليلة ، فأوجب اللّه عزوجل عليها قضاء الصوم ولم يوجب عليها قضاء الصلاة لذلك.

ولا يجوز أن يحضر الجنب والحائض عند التلقين (2) لان الملائكة تتأذى بهما.

ولا بأس بأن يليا غسله ويصليا عليه ، ولا ينزلا قبره ، فإن حضراه (3) ولم يجدا من ذلك بدا فليخرجا إذا قرب خروج نفسه.

198 - وقال الصادق عليه السلام : « المرأة إذا بلغت خمسين سنة لم تر حمرة (4) إلا أن تكون امرأة من قريش (5) ».

وهو حد المرأة التي تيأس من الحيض ، والمرأة إذا حاضت أول حيضها (6) فدام دمها ثلاثة أشهر وهي لا تعرف أيام أقرائها فاقراؤها مثل اقراء نسائها ، وإن كن نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام ، والقرء [ و ] (7) هو جمع الدم بين الحيضتين وهو الطهر

ص: 92


1- ظاهر الأخبار الصحيحة دل على جواز اجتماع الحيض والحمل ، وما ورد بعدم اجتماعهما محمول على الغالب أو على ما لم يكن في زمان الحيض. (م ت)
2- حمل على الكراهة الشديدة. والمراد بالتلقين حالة الاحتضار.
3- أي حين الاحتضار.
4- ألحق الشيخ - رحمه اللّه - النبطية بالقرشية في البلوغ إلى الستين ( المنتهى ).
5- في بعض النسخ « لا ترى حمرة ».
6- أي المبتدئة. وقوله : « فدام دمها » أي استمر.
7- في أكثر النسخ بدون الواو ولا غبار عليه فان خبر المبتدأ لفظ جمع الدم في بعض النسخ مع الواو وعلى ذلك اما يقدر خبر المبدأ أو الظروف خبر المبدأ بين الحيضتين ، وقوله : « وهو جمع الدم » جملة معترضة ، والمراد أن القرء ما بين الحيضتين. ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي : قوله : « والقرء هو جمع الدم » القرء مبتدأ حذف خبره وأقيم تعليله مقامه أي القرء سمى قرءا لأن المرأة تقرء الدم - الخ. وفى بعض النسخ « هو جمع الدم ».

لأن المرأة تقرأ الدم أي تجمعه في أيام طهرها ، ثم تدفعه في أيام حيضها.

والمرأة التي تطهر من حيضها عند العصر (1) فليس عليها أن تصلي [ عند ] الظهر إنما تصلي الصلاة التي تطهر عندها ، ومتى رأت الطهر في وقت صلاة فأخرت الغسل حتى يدخل وقت صلاة أخرى (2) ، فان كانت فرطت فيها فعليها قضاء تلك الصلاة ، وإن لم تفرط وإنما كانت في تهيئة ذلك (3) حتى دخل وقت صلاة أخرى فليس عليها القضاة ، إنما تصلي الصلاة التي دخل وقتها.

فإن صلت المرأة من الظهر ركعتين ثم رأت الدم من مجلسها وليس عليها إذا طهرت قضاء الركعتين ، فإن كانت في صلاة المغرب وقد صلت منها ركعتين قامت من مجلسها فإذا طهرت قضت الركعة (4).

ص: 93


1- أي الوقت المختص بالعصر ، وروى الكليني - رحمه اللّه - في الكافي ج 3 ص 102 باسناده عن معمر بن يحيى قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الحائض تطهر عند العصر تصلى الأولى؟ قال : لا إنما تصلى الصلاة التي تطهر عندها والمراد وقت المختص لان وقت الاجزاء موسع.
2- أي الوقت المختص بها أيضا.
3- أي في تهيئة أسباب ذلك مثل تحصيل الماء والظرف وغير ذلك من أسباب الغسل.
4- في الكافي ج 3 ص 103 مسندا عن أبي الورد قال : « سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المرأة التي تكون في صلاة الظهر وقد صلت ركعتين ثم ترى الدم؟ قال تقوم من مسجدها ولا تقضى الركعتين وان كانت رأت الدم وهي في صلاة المغرب وقد صلت ركعتين فلتقم من مسجدها ، فإذا طهرت فلتقض الركعة التي فاتها من المغرب » فعمل أو أفتى بمضمونه المصنف  - رحمه اللّه - ورواه الشيخ في التهذيب وقال : « ما يتضمن هذا الخبر من اسقاط قضاء الركعتين من صلاة الظهر متوجه إلى من دخل في الصلاة في أول وقتها لان من ذلك حكمه لا يكون فرط وإذا لم يفرط لم يلزمه القضاء ، وما يتضمن من الامر بإعادة الركعة من المغرب متوجه إلى من دخل في الصلاة عند تضيق الوقت ثم حاضت فيلزمها حينئذ ما فاتها ». وقال العلامة - رحمه اللّه - في المختلف ج 1 ص 39 : عول ابن بابويه على هذه الرواية وهي متأولة على من فرطت في المغرب دون الظهر وإنما يتم قضاء الركعة بقضاء باقي الصلاة ويكون اطلاق الركعة « على الصلاة مجازا » انتهى ولا يخفى بعده من سوق الكلام وتجاوب الشقين.

وإذا كانت في الصلاة فظنت أنها قد حاضت أدخلت يدها ومست الموضع فإن رأت الدم انصرفت ، وإن لم تر شيئا أتمت صلاتها.

199 - وسئل موسى بن جعفر عليهما السلام « عن رجل اشترى جارية فمكثت عنده أشهرا لم تطمث وليس ذلك من كبر ، وذكر النساء أنه ليس بها حبل هل يجوز أن تنكح في الفرج؟ فقال : إن الطمث قد تحبسه الريح من غير حبل ، فلا بأس أن يمسها في الفرج ».

وإذا احتبس على المرأة حيضها شهرا فلا يجوز أن تسقي دواء الطمث من يومها لان النطفة إذا وقعت في الرحم تصير إلى علقة ، ثم إلى مضغة ، ثم إلى ما شاء اللّه(1) وإن النطفة إذا وقعت في غير الرحم لم يخلق منها شئ (2) ، فإذا ارتفع طمثها شهرا وجاوز وقتها التي كانت تطمث فيه لم تسق دواء (3).

وإذا اشترى الرجل جارية مدركة ولم تحض عنده حتى مضى لذلك ستة أشهر وليس بها حبل فإن كان مثلها تحيض لم يكن ذلك من كبر فهذا عيب ترد به.

وليس على الحائض إذا طهرت أن تغسل ثيابها التي لبستها في طمثها أو عرقت فيها إلا أن يكون أصابها شئ من الدم فتغسل ذلك منها.

فإن أصاب ثوبها دم الحيض فغسلته فلم يذهب أثره صبغته بمشق حتى يختلط

ص: 94


1- لعل المراد أن ذلك قد يكون بوقوع النطفة في الرحم وصيرورتها علقة فيمنع الحيض فلا يلزم أن تكون ذلك لمرض لتسقى دواء لرفع ذلك المرض. ( مراد ).
2- بخلاف ما إذا وقعت في الرحم فإنه محتمل للحمل فلا يسقى الدواء للطمث لأنه موجب لقتل انسان.
3- لاحتمال الحمل.

ويذهب (1).

وإن انقطع عن المرأة الحيض فخضبت رأسها بالحناء فإنه يعود إليها الحيض (2).

ولا بأس أن تسكب الحائض الماء على يد المتوضي وتناوله الخمرة.

ولا يجوز مجامعة المرأة في حيضها لان اللّه عزوجل نهى عن ذلك فقال : « ولا تقربوهن حتى يطهرن » (3) يعني بذلك الغسل من الحيض (4) ، فإن كان الرجل شبقا (5) وقد طهرت المرأة وأراد أن يجامعها قبل الغسل أمرها أن تغسل فرجها ، ثم يجامعها (6).

ص: 95


1- المشق : الطين الأحمر ، وظاهره أن الصبغ به لاذهاب الدم بالاختلاط ويظهر من الاخبار أن ذلك لاذهاب الكراهة عن النفس بان تحمل الحمرة الباقية من الدم على حمرة المشق. ( مراد )
2- المراد بانقطاع الحيض عن المرأة ارتفاعه بالكلية وهو عيب قد يندفع بالحناء.
3- قرأ المؤلف بالتشديد بقرينة المعنى الذي ذكره.
4- لا ريب في جواز الوطي الحل بعد الغسل وحرمة الوطي في الحيض ، إنما الخلاف بعد الانقطاع قبل الغسل ، فعلى قراءة التشديد ( يعنى في يطهرن ) ظاهرها الحرمة مع تأييدها بقوله تعالى « فإذا تطهرن فآتوهن - الآية » فإنه كالتأكيد لها ، وان الطهارة والتطهير ظاهرهما الغسل. وعلى قراءة التخفيف ظاهرها الجواز لمفهوم الغاية وهو معتبر عند المحققين ولا ينافيها قوله « فإذا تطهرن » لأنه يمكن أن يكون حراما إلى الانقطاع ومكروها إلى الغسل كما يظهر من الاخبار ، ويمكن تنزيل كل رواية على أخرى بأن يراد بالأطهار الطهارة أو بالعكس تجوزا ، لكن التجوز في العكس أسهل من التجوز في عكسه (م ت)
5- الشبق - بالتحريك - الشهوة والميل المفرط إلى الجماع.
6- قال العلامة في المنتهى : ان مذهب الصدوق تحريم الوطي قبل الغسل فما صرح بعد هذا يحمل على الضرورة. واستدل فيه على جواز الوطي قبل الغسل لقوله تعالى « ولا تقربوهن حتى يطهرن » بالتخفيف أي حتى يخرجن من الحيض فيجب القول بالإباحة بعد هذه الغاية وعلى صورة التشديد يحمل على الاستحباب والأول على الجواز صونا للقرآن عن التنافي.

ومتى جامعها وهي حائض في أول الحيض فعليه أن يتصدق بدينار ، فإن كان في وسطه فنصف دينار ، وإن كان في آخره فربع دينار (1).

200 - وروي أنه « إذا جامعها وهي حائض تصدق على مسكين بقدر شبعه » (2).

ومن جامع أمته وهي حائض تصدق بثلاثة أمداد من طعام ، هذا أتاها في الفرج فإذا أتاها من دون الفرج فلا شئ عليه.

201 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « من جامع امرأته وهي حائض فخرج الولد مجذوما أو أبرص فلا يلومن إلا نفسه ».

202 - وسئل الصادق عليه السلام « عن المشوهين في خلقهم ، فقال : هم الذين يأتي آباؤهم نساءهم في الطمث ».

203 - وقال الصادق عليه السلام : « لا يبغضنا إلا من خبثت ولادته أو حملت به أمه في حيضها ».

وتستبرئ الأمة إذا اشتريت بحيضة ، ومن اشترى أمة فدخل بها قبل أن يستبرأها فقد زنى بماله.

وإذا أرادت المرأة الغسل من الحيض فعليها ان تستبرئ ، والاستبراء أن تدخل قطنة فإن كان هناك دم خرج ولو مثل رأس الذباب فإن خرج لم تغتسل ، وإن لم

ص: 96


1- وجوب الكفارة خلافي فليراجع كتب الفقه. والدينار هو مثقال الذهب الذي كانت قيمته في أول الاسلام عشرة دراهم ولا يجزى قيمته ، والمراد بالأول والوسط والاخر بحسب عادة المرأة ونفاسها على الأصح وقيل بحسب أكثر الحيض كما في هامش الشرايع.
2- الشبع نقيض الجوع وهو ما أشبعك من طعام.

يخرج اغتسلت ، وإذا رأت الصفرة والنتن (1) فعليها أن تلصق بطنها بالحائط وترفع رجلها اليسرى كما ترى الكلب إذا بال وتدخل قطنة فإن خرج فيها دم فهي حائض ، وإن لم يخرج فليس بحائض.

وإن اشتبه عليها دم الحيض ودم القرحة ، فربما كان في فرجها قرحة فعليها أن تستلقي على قفائها وتدخل إصبعها فإن خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من القرحة ، وإن خرج من الجانب الأيسر فهو من الحيض (2).

وان اقتضها زوجها ولم يرقأ دمها ولا تدري دم الحيض هو أم دم العذرة (3)؟ فعليها تدخل قطنة ، فإن خرجت القطنة مطوقة بالدم فهو من العذرة ، وإن

ص: 97


1- المراد بالصفرة يشابه الدم ولم يتحقق كونه دما. ( مراد )
2- في الكافي ج 3 ص 94 مرفوعا هكذا « فان خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من الحيض وان خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة ». وقال صاحب المدارك ص 47 كيفما كان الأجود اطراح هذه الرواية كما ذكره المحقق في المعتبر لضعفها وارسالها واضطرابها ومخالفتها للاعتبار لان القرحة يحتمل كونها من كل من الجانبين والأولى الرجوع إلى حكم الأصل واعتبار الأوصاف. انتهى. و قال استاذنا الشعرانى- مدّ ظلّه-: هذا خبر مضطرب المتن لا يحتج به و الصحيح الموافق للاعتبار و العقل الذي يحتمل أن يكون أصل الخبر أيضا على طبقه ثمّ تغير بتصرف النسّاخ أو الرواة: أن المرأة إذا أحست بكون الدم خارجا من الايمن أو الايسر أو فوق أو تحت من جدران المهبل فهو من القرحة لان خروجه من جانب بخصوصه علامة كونه من الجدران و لو كان حيضا لخرج من قعر الرحم و لم تختص بجانب دون جانب و لا يبعد أن يكون الامام عليه السلام صرّح بانه لو كان من الايمن فهو من القرحة من غير أن يصرح بانه لو كان من الايسر فهو من الحيض و ألحقه بعض الرواة بتبادر ذهنه و كان غرض الإمام عليه السلام من ذكر الايمن التمثيل لا التخصيص و فهمه المخاطب أيضا و بالجملة الدم سواء كان من الايمن أو الايسر أو جانب مخصوص فهو من القرحة و لو كان من قعر الرحم من غير أن يختص بجانب فهو من الحيض» انتهى.
3- الاقتضاض - بالقاف - : إزالة البكارة. والافتضاض - بالفاء - بمعناه. والرقاء : السكون يقال رقأ الدم أو الدمع رقاء إذا سكن. والعذرة - بالضم - : البكارة.

خرجت منغمسة فهو من الحيض.

ودم العذرة لا يجوز الشفرين (1) ودم الحيض حار يخرج بحرارة شديدة. ودم المستحاضة بارد يسيل منها وهي لا تعلم ، كذلك ذكره أبي رحمه اللّه في رسالته إلي.

فإذا رأت الدم خمسة أيام والطهر خمسة أيام أو رأت الدم أربعة أيام والطهر ستة أيام ، فإذا رأت الدم لم تصل ، وإذا رأت الطهر صلت ، تفعل ذلك ما بينها وبين ثلاثين يوما ، فإذا مضت ثلاثون يوما ثم رأت دما صبيبا (2) اغتسلت واحتشت بالكرسف واستثفرت (3) في وقت كل صلاة ، وإذا رأت صفرة توضأت (4).

ص: 98


1- الشفران - بالضم فالسكون - : اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم.
2- الصبيب فعيل من الصب بمعنى السكب. أي مصبوبا.
3- الاستثفار - بالثاء المثلثة والفاء والراء - أن تدخل إزارها بين فخذيها ملويا ، أو تأخذ خرقة طويلة تشد أحد طرفيها من قدام وتخرجها من بين فخذيها وتشد طرفها الآخر من خلف مأخوذ من استثفر الكب إذا دخل ذنبه بين رجليه. والاحتشاء بالكرسف أن تدخله فرجها لتحبس الدم. ( الوافي ).
4- روى الشيخ في كتابيه بمضمون هذا الكلام رواية ثم قال في توجيهها وتوجيه رواية قبلها كلاما طويلا حاصله أن هذا الحكم خاص بالمستحاضة التي اختلطت عليها أيام عادتها في الحيض وتغيرت واستمرت بها الدم وتشتبه صفة الدم فترى ما يشبه دم الحيض أياما وما يشبه دم الاستحاضة أياما ولم يتحصل لها العلم بأحدهما فان فرضها أن تترك الصلاة في الأيام التي يشبه الحيض وتصلى فيما يشبه الاستحاضة إلى شهر وتعمل بعد ذلك عمل المستحاضة. وقال المولى المجلسي (رحمه الله) : لما كانت الرواية مخالفة للاخبار الكثيرة الدالة على أن أقل الطهر عشرة أيام لم يعمل بها أكثر الأصحاب ويعمل عليه القدماء في المبتدئة والمضطربة. وقال العلامة (رحمه الله) في المختلف : « الظاهر مراد ابن بابويه ( حيث أفتى بعبارة الخبر ) أنها ترى الدم بصفة دم الحيض أربعة والطهر الذي هو النقاء خمسة أيام وترى تتمة العشرة أو الشهر بصفة دم الاستحاضة فإنها تحيض بما هو بصفة الحيض » وأنكر عليه بعض المحشين للفقيه ، وقال استاذنا الشعراني - مد ظله - في هامش الوافي : تفسير العلامة في المختلف صحيح لا غبار عليه ، وليس الرواية مخالفة لاخبار كثيرة وكان المحشيين رحمهما اللّه فرضا الكلام في امرأة واحدة طرأت عليها أربعة حالات ، الدم خمسة أيام ثم الطهر خمسة أيام ثم الدم أربعة ثم الطهر ستة مع أن غرض السائل التنويع بأن يكون امرأتان إحديهما رأت الدم خمسة والطهر خمسة ثم استمر عليها الدم ، والأخرى رأت الدم أربعة ثم الطهر ستة ثم استمر الدم وحكم هاتين المرأتين أن تجعلا الطهر مع ما لحقه من الدم إلى آخر الشهر طهرا وما سبق من الدم على الطهر حيضة فلا يصير الطهر حيضة فلا يصير الطهر أقل من عشرة أيام.

والمرأة الحائض إذا رأت الطهر في السفر وليس معها ماء يكفيها لغسلها وحضرت الصلاة فإن كان معها من الماء قدر ما تغسل به فرجها غسلته وتيممت وصلت ، وحل لزوجها أن يأتيها في تلك الحال إذا غسلت فرجها وتيممت ، ولا يجوز للنساء أن ينظرن إلى أنفسهن في المحيض (1) لأنهن قد نهين عن ذلك.

204 - وسأل عبيد اللّه بن علي الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الحائض ما يحل لزوجها منها؟ قال : تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج سرتها ثم له ما فوق الإزار » (2).

205 - وذكر عن أبيه عليهما السلام « أن ميمونة (3) كانت تقول : إن النبي صلى اللّه عليه وآله كان يأمرني إذا كنت حائضا أن أتزر بثوب ثم أضطجع معه في الفراش ».

ص: 99


1- أي إلى فرجهن فيمكن حمله على أنه لا يجوز لهن التزيين أي لا يتوجهن إلى أنفسهن بان يتزين ( مراد ) وفى المحكى عن النهاية قوله : « أن ينظرون » من التنظير وهو تزيين أنفسهن ليصير الزوج مايلا إليهن.
2- الظاهر المراد بما فوق الإزار أعالي بدنها ويمكن الحمل على ما هو خارج عن الإزار فيشمل ما تحت الركبتين. ( مراد ) وقال المولى المجلسي (رحمه الله) : الخبر الصحيح يدل على كراهة الاستمتاع من الحائض بما بين السرة والركبة كما عليه أكثر الأصحاب جمعا بين الاخبار ، وذهب جماعة إلى الحرمة عملا بظاهر هذا الخبر وغيره من الاخبار القوية على أنه يمكن حملها على التقية والحمل الأول أولى.
3- هي ميمونة بنت الحارث الهلالية من ولد عبد اللّه بن هلال بن عامر بن صعصعة ، تزوج النبي بها وبنى بها بسرف - على عشرة أميال من مكة - بعد عمرة القضاء. وكانت قبل أن يتزوجها تحت أبى سبرة بن أبي رهم العامري. وتوفيت بسرف سنة ثمان وثلاثين ودفنت هناك كما في المعارف لابن قتيبة الدينوري.

206 - قال : « وكن نساء النبي صلى اللّه عليه وآله لا يقضين الصلاة (1) إذا حضن ولكن يتحشين حين يدخل وقت الصلاة ويتوضين ، ثم يجلسن قريبا من المسجد (2) فيذكرن اللّه عزوجل ».

207 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام « في امرأة ادعت أنها حاضت في شهر واحد ثلاث حيض : إنه تسأل نسوة من بطانتها (3) هل كان حيضها فيما مضى على ما ادعت؟ فإن شهدن صدقت وإلا فهي كاذبة ».

208 - وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الحائض تغتسل وعلى جسدها الزعفران (4) لم يذهب به الماء ، قال : لا بأس به. وعن المرأة تغتسل وقد امتشطت بقرامل (5) ولم تنقض شعرها كم يجزيها من الماء؟ قال : مثل الذي يشرب شعرها (6) وهو ثلاث حفنات على رأسها وحفنتان على اليمين وحفنتان على اليسار ، ثم تمر يدها على جسدها كله ».

209 - « وكان بعض نساء النبي صلى اللّه عليه وآله ترجل شعرها وتغسل رأسها وهي حائض ».

ص: 100


1- الظاهر أن القضاء هنا بمعنى الاتيان والفعل لا المعنى المصطلح.
2- يعنى مسجد المدينة كما هو الظاهر لأنه كانت بيوت النبي صلى اللّه عليه وآله متصلة بالمسجد ، ولو كان المراد موضع صلاتهن لما قال « قريبا » ، وعلله في المعتبر بالتمرين على العبادة.
3- أي من خواصها وحاصلها أن ذلك أمر خلاف الغالب إذ الغالب أن يرى في كل شهر مرة.
4- أي لون الزعفران بحيث لا يمنع وصول الماء ولا يصير مضافا بوصوله إليه.
5- اي فعلت ما تفعله الماشطة من التزيين. والظاهر أن المراد أنها امتشطت مع كون القرامل بحالها ، والقرمل ما تشده المرأة في شعرها من الخيوط أو ما وصلت به من الشعر والصوف.
6- أي مثل الماء الذي يشربه شعرها أي مقدار الماء الذي إذا صب على الشعر وصل إلى البشرة ، وفى بعض النسخ « نشرت شعرها » من باب التفعيل. والحفنة ملء الكف.

[ النفاس وأحكامه ]

[ النفاس وأحكامه ] (1)(2)

وإذا ولدت المرأة قعدت عن الصلاة عشرة أيام إلا أن تطهر قبل ذلك فان استمر بها الدم تركت الصلاة ما بينها وبين ثمانية عشر يوما ، لان أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر في حجة الوداع فأمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن تقعد ثمانية عشر يوما (3).

210 - وقد روي أنه « صار حد قعود النفساء عن الصلاة ثمانية عشر يوما لان أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام فأوسطه (3) خمسة أيام فجعل اللّه عزوجل للنفساء [ أيام ] أقل الحيض وأوسطه وأكثره ».

والاخبار التي رويت في قعودها أربعين يوما وما زاد إلى أن تطهر معلولة كلها

ص: 101


1- العنوان زيادة منا وليس في الأصل.
2- في المحكى عن الذكرى : « أقله انقطاع الدم وأكثره عشرة في المشهور وللمفيد  - رحمه اللّه - قول بثمانية عشر وهو قول الصدوق وابن الجنيد والمرتضى وسلار - رحمهم اللّه - وجعله ابن أبي عقيل (رحمه الله) إحدى وعشرين يوما ». وخبر أسماء كما في التهذيب ج 1 ص 50 هكذا « ان » أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر فأمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حين أرادت الاحرام من ذي الحليفة أن تغتسل وتحتشي بالكرسف وتهل بالحج فلما قدموا ونسكوا المناسك سألت النبي صلى اللّه عليه وآله عن الطواف بالبيت والصلاة فقال لها : منذ كم ولدت؟ فقالت : منذ ثماني عشرة فأمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن تغتسل وتطوف بالبيت وتصلى ولم ينقطع عنها الدم ففعلت ذلك وحمل على التقية لمخالفته لكثير من الصحاح ومخالفه من الاخبار أكثر عددا وأصح سندا وأوضح دلالة على أن أكثر أيام النفاس عشرة وما يدل على أن الحكم بالغسل في هذا الخبر بعد الثمانية عشر إنما كان عند مضى تلك المدة ولو سألته قبل ذلك لعله يأمرها بالغسل. وفى المحكى عن الذكرى : خبر أسماء بنت عميس متأول بأن سؤالها كان عقيب الثمانية عشر فأمرها بالغسل ولو سألته قبيلها لأمرها.
3- في بعض النسخ « أكثرها عشرة أيام فأوسطها » فالضمير ان يرجعان إلى الأيام. وعلى ما كان في المتن يرجعان إلى نفس الحيض.

ووردت للتقية لا يفتي بها إلا أهل الخلاف.

211 - وروى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن امرأة أصابها الطلق اليوم واليومين وأكثر من ذلك ترى صفرة أو دما كيف تصنع بالصلاة؟ قال : تصلي ما لم تلد فإن غلبها الوجع صلت إذا برئت » (1).

باب 21: التيمُّم

قال اللّه عزوجل : « وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد اللّه ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون » (2).

ص: 102


1- حاصله أنها قبل الولادة لا تكون نفساء فان قدرت على الصلاة وجب أن تصليها وان أغلبها وجع الولادة وهو الطلق صلت لو قدرت عليها فان كانت الوقت باقيا فأداء والا فقضاء. ( مراد )
2- « وان كنتم مرضى » بحيث يضر استعمال الماء « أو على سفر » على « بمعنى الحال أي حال سفر كما يقال : زرت فلانا على شربه ، وتخصيصه للأغلبية لا لاختصاصه بالإباحة ، بل يباح التيمم حضرا وسفرا مع عدم الماء » أو جاء « كلمة أو بمعنى الواو » أحد منكم « موضعا » من الغائط « على أن يكون » من « للتبيين ، أو من موضع الغائط على أن يكون للابتداء ، والغائط اسم للمكان المطمئن من الأرض ، ثم سمى به الحدث الخارج من الانسان تسمية للحال باسم المحل » أو لامستم النساء « أي جامعتموهن عبر عن الجماع بالملامسة لكونها من أقرب مقدماته فقد لاح أن المرخص له في التيمم اما محدث أو جنب والحالة المقتضية له في الغالب اما مرض أو سفر » فلم تجدوا ماء « فلم تتمكنوا من استعماله اما لعدم وجوده أو لسبب آخر ، وهو عطف على » كنتم « لا جواب الشرط لان » لم « يقلب المضارع ماضيا وينفيه بل الجواب » فتيمموا « أي فاقصدوا » صعيدا « أي شيئا من وجه الأرض » طيبا « أي طاهرا » فامسحوا بوجوهكم وأيديكم « أي بعضها اما لمكان الباء أو للنص وهو في الوجه من القصاص إلى طرف الأنف الاعلى ، وفى اليد من الزند إلى أطراف الأصابع ، » منه « أي من ذلك الصعيد وهو لا يدل على وجوب علوق شئ من الصعيد لجواز كون » من « ههنا ابتدائية » ما يريد اللّه « بشرعه » الطهارة من الوضوء والغسل والتيمم بدلهما « ليجعل عليكم من حرج » أي ضيق « من » هنا بيانية « ولكن ليطهركم » أي لينظفكم أو ليطهركم عن الذنوب فان الطهارة تكفير للذنوب « وليتم » بشرعه ما هو مطهر لأبدانكم مكفر لذنوبكم « نعمته عليكم » في الدين « لعلكم تشكرون » على تلك النعمة. (م ت).

212 - وقال زرارة : قلت لأبي جعفر عليه السلام : ألا تخبرني من أين علمت وقلت : إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فضحك وقال : يا زرارة قاله رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ونزل به الكتاب من اللّه لان اللّه عزوجل قال : « فاغسلوا وجوهكم » فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل ، ثم قال : « وأيديكم إلى المرافق » فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين ، ثم فصل بين الكلام (1) فقال : « وامسحوا برؤوسكم » فعرفنا حين قال : « برؤوسكم » أن المسلح ببعض الرأس لمكان الباء ، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال :  « وأرجلكم إلى الكعبين » فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضهما ، ثم فسر ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله للناس فضيعوه (2) ثم قال : « فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم » فلما أن وضع الوضوء عمن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا (3) لأنه قال : « بوجوهكم » ثم وصل بها « وأيديكم منه » أي من ذلك التيمم لأنه علم (4) أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه لأنه يعلق من [ ذلك ]

ص: 103


1- في بعض النسخ « الكلامين ».
2- في بعض النسخ « فصنعوه ».
3- أي جعل بعض ما كان يغسل في الوضوء ممسوحا في التيمم حيث أدخل الباء على الوجوه التي كان أمر بغسلها كلها ووصل بالوجوه الأيدي التي كان قد أمر بغسلها فعلم منه أن الممسوح في التيمم بعض ما كان مغسولا في الوضوء والممسوح ساقط رأسا. « منه » أي من ذلك الصعيد الذي يتيمم به ، وهذا يشعر بأنه لابد في التيمم من أن يقع المسح ببعض الصعيد. ( مراد ).
4- تعليل لقوله : « أثبت بعض الغسل مسحا » أي جعل بعض المغسول ممسوحا حيث قال « بوجوهكم » بالباء التبعيضية لأنه تعالى علم أن ذلك الصعيد العالق بالكف لا يجرى على كل الوجه لأنه يعلق ببعض الكف ولا يعلق ببعضها ، ويجوز أن يكون تعليلا لقوله عليه السلام « قال بوجوهكم » وهو قريب من الأول ، ولا يجوز أن يجعل تعليلا لقوله « أي من ذلك التيمم » سواء أريد بالتيمم معناه المصدري أو المتيمم به أما على الأول فظاهر وكذا على الثاني إذا جعلت « من » ابتدائية وأما إذا جعلت تبعيضية فلان المراد اما بعض الصعيد المضروب عليه أو بعضه العالق بالكف وعلى التقديرين لا يستقيم التعليل بعلم اللّه ان ذلك بأجمعه لا يجرى على الوجه ، ثم تعليل ذلك بأنه تعلق منه ببعض الكف ولا تعلق ببعضها فعليك بالتأمل الصادق. ( الحبل المتين ).

الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها ، ثم قال اللّه : « ما يريد اللّه ليجعل عليكم من حرج والحرج الضيق ».

213 - وقال زرارة : قال أبو جعفر عليه السلام : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ذات يوم لعمار في سفر له : يا عمار بلغنا أنك أجنبت فكيف صنعت؟ قال : تمرغت يا رسول اللّه في التراب ، قال : فقال له : كذلك يتمرغ الحمار (1) أفلا صنعت كذا؟ ثم أهوى بيديه إلى الأرض فوضعهما على الصعيد ثم مسح جبينيه بأصابعه وكفيه إحديهما بالأخرى ثم لم يعد ذلك ». (2)

فإذا تيمم الرجل للوضوء ضرب يديه على الأرض مرة واحدة ثم نفضهما و مسح بهما جبينيه وحاجبيه ومسح على ظهر كفيه ، وإذا كان التيمم للجنابة ضرب يديه على الأرض مرة واحدة ، ثم نفضهما ومسح بهما جبينيه وحاجبيه ، ثم ضرب يديه على الأرض مرة أخرى ومسح على ظهر يديه فوق الكف قليلا ويبدأ بمسح اليمنى قبل اليسرى.

ص: 104


1- التمرغ : التقلب في التراب ومنه حديث عمار ( النهاية ).
2- أي ذلك الوضع كذا فسره شيخنا - رحمه اللّه - وحينئذ فهو حجة لمن يكتفى بالضربة الواحدة فيما هو بدل من الغسل أيضا ويمكن حمله على عدم إعادة المسح. ( مراد ) أقول هذا إذا قرء « لم يعد » بضم حرف المضارعة ، فهو من الإعادة ، وان قرء بفتح حرف المضارعة واسكان العين فمعناه أنه لم يتجاوز عليه السلام عن مسح الجبينين والكفين.

214 - وسأل عبيد اللّه بن علي الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل إذا أجنب ولم يجد الماء ، قال : يتيمم بالصعيد ، فإذا وجد الماء فليغتسل ولا يعيد الصلاة. و عن الرجل يمر بالركية وليس (1) معه دلو ، قال : ليس عليه أن يدخل الركية لان رب الماء هو رب الأرض (2) فليتيمم. وعن الرجل يجنب ومعه قدر ما يكفيه من الماء لوضوء الصلاة أيتوضأ بالماء أو يتيمم؟ قال : لا بل يتيمم ، ألا ترى أنه إنما جعل عليه نصف الوضوء ». (3)

ومتى أصاب المتيمم الماء ورجا أن يقدر على ماء آخر أو ظن أنه يقدر عليه كما أراده فعسر عليه ذلك ، فإن نظره إلى الماء ينقض تيممه وعليه أن يعيد التيمم ، فإن أصاب الماء وقد دخل في الصلاة فليضرب وليتوضأ ما لم يركع ، فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين ، ومن تيمم ثم أصاب الماء فعليه الغسل إن كان جنبا والوضوء إن لم يكن جنبا ، فإن أصاب الماء وقد

ص: 105


1- الركية - بفتح الراء وشد الياء - : البئر ذات الماء.
2- في بعض النسخ « هو رب الصعيد » وفى بعضها « هو رب التراب ». على أي حمل على خوف الضرر بالدخول. (م ت)
3- ذكر في مشرق الشمسين في وجه كون التيمم نصف الوضوء أن الوضوء يحصل منه الاستباحة والرفع والتيمم يحصل منه الاستباحة لا غير ، ويمكن أن يقال : إن الوضوء غسلتان ومسحتان كما نقل عن ابن عباس ، والتيمم مسحتان لا غير. أقول: روى نحو هذا الخبر الكليني في الكافي ج 3 ص 65 من حديث ابن أبي يعفور عنه عليه السلام و فيه« انما جعل عليه نصف الطهور». و قال الفاضل التفرشى: قوله:« أ لا ترى أنّه انما- الخ» لعل الراوي توهم أن بدلية التيمم عن الوضوء أو الغسل باعتبار مشابهته لهما فلو قدر الإنسان على ما هو أشبه بهما ينبغي أن يأتي به، فدفع عليه السلام ذلك التوهم بأن الطاعة الإتيان بالمأمور به و هو التيمم عند فقد الماء فلا يصحّ عنه غيره، و أيد ذلك بأن الواجب في التيمم مسح بعض ما يغسل في الوضوء سواء كان بدلا من الوضوء أو الغسل و لو كان باعتبار الاشبهية لكان ما يمسح في بدل الغسل أكثر ممّا يمسح في بدل الوضوء و لما اكتفى في الوضوء أيضا بمسح بعض المغسول.

صلى بتيمم وهو في وقت فقد تمت صلاته ولا إعادة عليه. (1)

215 - وقال زرارة ومحمد بن مسلم : قلنا لأبي جعفر عليه السلام : « رجل لم يصب ماء و حضرت الصلاة فتيمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما (2) و يتوضأ ثم يصلي؟ قال : لا ولكنه يمضي في صلاته فيتمها ولا ينقضها لمكان الماء لأنه دخلها وهو على طهر بتيمم. وقال زرارة : قلت له : دخلها وهو متيمم فصلى ركعة ثم أحدث (3) فأصاب ماء؟ قال : يخرج فيتوضأ ثم يبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم ».

ص: 106


1- روى الكليني - ره - في الكافي ج 3 ص 63 بسند صحيح عن زارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : « قلت له : يصلى الرجل بوضوء واحد صلاة الليل والنهار كلها؟ قال نعم ما لم يحدث - إلى أن قال - : قلت فان أصاب الماء ورجا أن يقدر على ماء آخر وظن أنه يقدر عليه كما أراد فعسر ذلك عليه؟ قال : ينقض ذلك يتممه وعليه أن يعيد التيمم ، قلت : فان أصاب الماء وقد دخل في الصلاة؟ قال : فلينصرف وليتوضأ ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين ». والمؤلف أفتى بمضمون هذا الخبر وقال المفيد في أحد قوليه والسيد المرتضى وجماعة من الفقهاء : يمضى في صلاته ولو تلبس بمجرد تكبيرة الاحرام. وقال الشيخ : الوجه في هذا الخبر ضرب من الاستحباب دون الفرض والايجاب ويمكن أن يكون إذا دخل في الصلاة في أول الوقت لأنا قد بينا أنه لا يجوز التيمم الا في آخر الوقت فلذلك وجب عليه الانصراف.
2- قوله « أو يقطعها » الظاهر أن الهمزة للاستفهام دخلت على الواو لتأكيد الهمزة الأولى ، ولو جعلت أو بكمالها للعطف فينبغي ارجاع ضمير ينقض إلى الإصابة أي انتقص إصابة الماء الركعتين أوله أن يقطعهما باختياره لأجل الإصابة ، ويمكن أن يراد بالنقض الابطال و بالقطع القطع للبناء ، ويستفاد من هذا الحديث جواز التيمم في سعة الوقت. ( مراد ).
3- قال المفيد - رحمه اللّه - : إن كان عمدا أعاد وإن كان نسيانا تطهر ويبنى وتبعه الشيخ في النهاية وابن حمزة في الوسيلة كما في الذكرى ، وقال المجلسي - رحمه اللّه - : ظاهر الخبر أن الحدث لا ينقض الصلاة وحمله الشيخ على النسيان ولا ينفع لأنه لا خبر يدل على أن الحدث ناسيا لا ينقض الصلاة ، وقيل : إن معنى « أحدث » جاء المطر كما في القاموس ويؤيده التفريع بقوله « فأصاب ماء » وعلى هذا يوافق الخبر سائر الأخبار ، وهذا وجه وجيه لا يطرح الخبر. و قال سلطان العلماء: قد فسر البعض الحدث بالمطر و لا يخفى بعده و منافاته لما سبق من أنّه ان كان قد ركع فليمض.

216 - وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن التيمم من الوضوء ومن الجنابة ومن الحيض للنساء سواء؟ فقال : نعم ».

217 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن الرجل يكون به القروح و الجراحات فيجنب؟ فقال : لا بأس بأن يتيمم ولا يغتسل » (1).

218 - وقال الصادق عليه السلام : « المبطون والكسير يؤممان ولا يغسلان » (2).

219 - وقيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « يا رسول اللّه إن فلانا أصابته جنابة وهو مجدور فغسلوه فمات ، فقال : قتلوه ، ألا سألوا؟ (3) ألا يمموه ، إن شفاء العي السؤال ». (4)

220 - وسئل الصادق عليه السلام « عن مجدور أصابته جنابة؟ فقال : إن كان أجنب هو فليغتسل (5) ، وإن كان احتلم فليتيمم » (6).

والجنب إذا خاف على نفسه من البرد تيمم.

221 - وسأله معاوية بن ميسرة (7) « عن الرجل يكون في السفر فلا يجد الماء

ص: 107


1- يفهم ن الاخبار التخيير بين الجبيرة والتيمم فحمل الخبر على الضرر بالجبيرة (م ت).
2- في بعض النسخ « يتيممان ولا يغتسلان ».
3- في بعض النسخ « ألا سألوه » ولعله من باب الحذف والايصال أي الا سألوا عنه ( مراد ).
4- العي - بالمهملة - : الجهل وعدم الاهتداء إلى وجه الصواب.
5- حمل على عدم خوف النفس لأنه خلاف المشهور من الفتاوى.
6- رواه الكليني ج 3 ص 68 والشيخ في كتابيه في حديث مرفوع.
7- الطريق صحيح كما في ( صه ) وفيه علي بن الحكم وهو مشترك بين الثقة وغيره. ومعاوية نفسه لم يوثق.

فيتيمم ويصلي ، ثم يأتي [ على ] الماء وعليه شئ من الوقت أيمضي على صلاته؟ أم يتوضأ ويعيد الصلاة؟ قال : يمضي على صلاته فان رب الماء هو رب التراب ». (1)

222 - وأتى أبو ذر رحمه اللّه النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : « يا رسول اللّه هلكت ، جامعت على غير ماء ، قال : فأمر النبي صلى اللّه عليه وآله بمحمل فاستترنا به ، وبماء (2) فاغتسلت أنا وهي ، ثم قال : يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين ».

وإذا أجنب الرجل في سفر ومعه ماء قدر ما يتوضأ به تيمم (3) ولم يتوضأ إلا أن يعلم (4) أنه يدرك الماء قبل أن يفوته وقت الصلاة.

223 - وسأل عبد الرحمن بن أبي نجران (5) أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام « عن ثلاثة نفر كانوا في سفر أحدهم جنب ، والثاني ميت ، والثالث على غير وضوء و حضرت الصلاة ومعهم من الماء قدر ما يكفي أحدهم من يأخذ الماء وكيف يصنعون؟ فقال : يغتسل الجنب ، ويدفن الميت بتيمم ويتيمم الذي هو على غير وضوء ، لان الغسل من الجنابة فريضة (6) ، وغسل الميت سنة (7) ، والتيمم للآخر جائز ». (8)

ص: 108


1- هذا بظاهره على جواز التيمم مع سعة الوقت مطلقا ويحتمل حمله على صورة اليأس عن الماء وبالجملة ينافي مذهب التضييق مطلقا. ( سلطان )
2- عطف على بمحمل أي أمر أيضا بماء.
3- يدل على أنه يكفي عدم العلم بوجدان الماء ولا يشترط العلم بالعدم. ( سلطان )
4- هذا الاستثناء من قوله « يتيمم » لا من قوله « ولم يتوضأ » يعنى وجب عليه التيمم فقط بدون الوضوء الا أن يعلم أنه يدرك الماء في الوقت فيجب عليه أن يؤخر الصلاة إلى وقت وجدان الماء فان وجد فليغتسل وان لم يجد وضاق عليه الوقت فليتيمم ، وعلى أي حال ليس عليه الوضوء.
5- الطريق صحيح كما في ( صه )
6- أي ثابت بحكم الكتاب.
7- أي ثابت بالسنة لا بالكتاب.
8- لا يقال : التيمم للجنب أيضا جائز فلا ترجيح إذ كل من غسل الجنابة والوضوء فريضة أي وجوبه بالكتاب لا بمجرد السنة ، لأنا نقول : الفرق ظاهر من وجهين أحدهما ان رفع الحدث الأكبر أولى وأهم ، والاخر أن وجوب الوضوء للصلاة بالاتفاق ووجوب الغسل بنفسه عند البعض. ( مراد )

224 - وسأل محمد بن حمران النهدي ، وجميل بن دراج أبا عبد اللّه عليه السلام « عن إمام قوم أصابته جنابة في السفر وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أيتوضأ بعضهم ويصلي بهم؟ فقال : لا ولكن يتيمم الجنب ويصلي بهم فإن اللّه عزوجل جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا ». (1)

225 - وسأل عبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل تصيبه الجنابة في الليلة الباردة ويخاف على نفسه التلف إن اغتسل؟ فقال : يتيمم ويصلي فإذا أمن من البرد اغتسل وأعاد الصلاة ». (2)

وإذا كان الرجل في حال لا يقدر إلا على الطين يتيمم به فإن اللّه تبارك

ص: 109


1- المشهور بين الأصحاب كراهة امامة المتيمم بالمتوضين. بل قال في المنتهى : انه لا نعرف فيه خلافا الا ما حكى عن محمد بن الحسن الشيباني من المنع من ذلك. واستدل الشيخ - رحمه اللّه - في كتابي الاخبار بما رواه عن عباد بن صهيب « قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : لا يصلى المتيمم بقوم متوضين » وعن السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال : لا يؤم صاحب التيمم المتوضين ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء وفى الروايتين ضعف من حيث السند ولولا ما يتخيل من انعقاد الاجماع على هذا الحكم لأمكن القول بجواز الإمامة على هذا الوجه من غير كراهة. ( المرآة ).
2- رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 67 مرسلا والشيخ في التهذيب مسندا وحمل إعادة الصلاة على فرض صحة الخبر على ما إذا كان أجنب نفسه متعمدا. و قال سلطان العلماء: لا يخفى منافاته لما سبق في خبر عبيد اللّه بن على الحلبيّ من عدم إعادة الصلاة فيحمل هذا على الاستحباب أو على احداث الجنابة عمدا مع العلم بعدم التمكن من استعمال الماء و السابق على غير هذه الصورة كما مرّ اشعار به في خبر المجدور، و يمكن حمل هذا على صورة بقاء الوقت و ذلك على خارجه الا أنّه قد مر أيضا ما يدلّ على أنّه لا يعيد في الوقت أيضا، فلا فائدة في هذا الحمل. و قال الفاضل التفرشى: يمكن حمله على ما إذا أجنب مع علمه بعدم إمكان الغسل جمعا بينه و بين ما يدلّ على عدم إعادة صلاة صليت بالتيمم، و يمكن الحمل على الاستحباب.

وتعالى أولى بالعذر إذا لم يكن معه ثوب جاف ولا لبد (1) يقدر على أن ينفضه و يتيمم منه. (2)

ومن كان في وسط زحام يوم الجمعة أو يوم عرفة (3) ولم يستطع الخروج من المسجد من كثرة الناس تيمم وصلى معهم وليعد (4) إذا انصرف.

ومن تيمم وكان معه ماء فنسي وصلى بتيمم ، ثم ذكر قبل أن يخرج الوقت فليعد الوضوء والصلاة. (5)

ومن احتلم في مسجد من المساجد خرج منه واغتسل ، إلا أن يكون احتلامه في المسجد الحرام أو في مسجد الرسول صلى اللّه عليه وآله فإنه إن احتلم في أحد هذين المسجدين تيمم وخرج ولم يمش فيهما إلا متيمما. (6)

باب 22: غسل يوم الجمعة ودخول الحمام وآدابه وما جاء في التنظيف والزينة

اشارة

226 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يدخل

ص: 110


1- تأكيد لقوله لا يقدر الا على الطين أو يحمل ذلك على القدرة على الماء والتراب خاصة لا بالنسبة إلى غبار الثوب. ( سلطان ) واللبد - كحبر - : ما يتلبد من شعر أو صوف واللبدة أخص منه : واللبد - بالتحريك - الصوف.
2- في بعض النسخ « ويتيمم به ».
3- وهو محدث وليس له ماء يتوضأ به.
4- في أكثر النسخ « ولم يعد ». والصواب ما في المتن كما رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 52 بطريق وص 324 بطريق آخر وكذا في الاستبصار ج 1 ص 81. ففيهما « ويصلى معهم ويعيد إذا انصرف ».
5- كما في خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) الكافي ج 3 ص 65 والتهذيب ج 1 ص 60.
6- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 115.

الحمام إلا بمئزر. و « نهى صلى اللّه عليه وآله عن الغسل تحت السماء إلا بمئزر ». و « نهى عن دخول الأنهار إلا بمئزر ، فقال : إن للماء أهلا وسكانا ».

وغسل يوم الجمعة واجب على الرجال والنساء في السفر والحضر إلا أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء (1)

ومن كان في سفر ووجد الماء يوم الخميس وخشي أن لا يجده يوم الجمعة فلا بأس بأن يغتسل يوم الخميس للجمعة ، فإن وجد الماء يوم الجمعة اغتسل ، وإن لم يجد أجزأه.

227 - فقد روى الحسن بن موسى بن جعفر عليهما السلام عن أمه وأم أحمد بن موسى عليه السلام قالتا : « كنا مع أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام في البادية ونحن نريد بغداد ، فقال لنا يوم الخميس : اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة فإن الماء غدا بها قليل قالتا : فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة ».

وغسل يوم الجمعة سنة واجبة ، ويجوز من [ وقت ] طلوع الفجر يوم الجمعة إلى قرب الزوال ، وأفضل ذلك ما قرب من الزوال ، ومن نسي الغسل أو فاته لعلة

ص: 111


1- روى الكليني - رحمه اللّه - في الكافي ج 3 ص 42 باسناده عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الغسل يوم الجمعة على الرجال والنساء في الحضر وعلى الرجال في السفر وليس على النساء في السفر. » وفى رواية أخرى أنه رخص للنساء في السفر لقلة الماء وعن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : « سألته عن الغسل يوم الجمعة فقال : واجب على كل ذكر وأنثى ، عبد أو حر ». واختلف الأصحاب في حكمه فالمشهور على استحبابه وظاهر المؤلف والكليني - رحمهما اللّه - وجوبه فمن قال بالوجوب استدل بأمثال هذه الأخبار وحمل الوجوب على الفرض ومن قال بالاستحباب حمل الوجوب على تأكده لعدم العلم بكون الوجوب حقيقة في المعنى المصطلح بين الفقهاء والأصوليين قال الشيخ في التهذيب ج 1 ص 31 : « ما يتضمن هذه الأخبار من لفظ الوجوب فالمراد به أن الأولى على الانسان أن يفعله وقد يسمى الشئ واجبا إذا كان الأولى فعله ».

فليغتسل بعد العصر أو يوم السبت ، ويجزي الغسل للجمعة كما يكون للرواح (1). والوضوء فيه قبل الغسل ، ويقول المغتسل للجمعة : « اللّهم طهرني وطهر قلبي وأنق غسلي وأجر على لساني محبة منك ». (2)

228 - وقال الصادق عليه السلام : « من اغتسل للجمعة فقال : « أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، اللّهم صل على محمد وآل محمد ، واجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين » ، كان طهرا من الجمعة إلى الجمعة ».

229 - وقال الصادق عليه السلام : « غسل يوم الجمعة طهور وكفارة لما بينهما من الذنوب من الجمعة إلى الجمعة ».

230 - وقال الصادق عليه السلام في علة غسل يوم الجمعة : « إن الأنصار كانت تعمل في نواضحها وأموالها (3) ، فإذا كان يوم الجمعة حضروا المسجد فتأذى الناس بأرواح آباطهم وأجسادهم فأمرهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بالغسل فجرت بذلك السنة ».

231 - وروي « أن اللّه تبارك وتعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة ، وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة ، وأتم الوضوء بغسل يوم الجمعة » (4).

232 - وروى يحيى بن سعيد (5) الأهوازي ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ،

ص: 112


1- الرواح بمعنى الذهاب إلى الجمعة وفى النهاية « من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة » أي من مشى إليها. فالمعنى أن غسل الجمعة مجز إذا قصد فيه وظيفة اليوم كما أنه مجز إذا نوى فيه الرواح إلى صلاة الجمعة ونقل العلامة في التذكرة عن مالك أنه قال : لا يعتد بالغسل الا أن يقصد به الرواح لقوله عليه السلام « من جاء إلى الجمعة فليغتسل » فذهب مالك إلى أن الغسل إذا نوى فيه الرواح فهو مجز ومعتد به والا ايقاعه لأنه وظيفة اليوم فهو غير مجز ومحتاج إلى اعادته بقصد الرواح. فقوله « ويجزى الغسل للجمعة كما يكون للرواح » رد على مالك.
2- أي ما يوجب محبتك ، وفى نسخة « مدحتك ».
3- النواضح : الإبل التي يستقى عليها الماء.
4- يفهم منه الاستحباب بقرينة الأختين.
5- كذا في النسخ والظاهر هو الحسين بن سعيد وصحف في النسخ لقرب كتابة الحسين بيحيى في الخط الديواني.

عن محمد بن حمران ، قال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : « إذا دخلت الحمام فقل في الوقت الذي تنزع فيه ثيابك : «اللّهم انزع عني ربقة النفاق ، وثبتني على الايمان» وإذا دخلت البيت الأول فقل : « اللّهم إني أعوذ بك من شر نفسي ، وأستعيذ بك من أذاه « وإذا دخلت البيت الثاني فقل : اللّهم أذهب عني الرجس النجس ، وطهر جسدي وقلبي » ، وخذ من الماء الحار وضعه على هامتك ، وصب منه على رجليك وإن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل فإنه ينقي المثانة (1) ، والبث في البيت الثاني ساعة ، وإذا دخلت البيت الثالث فقل : « نعوذ باللّه من النار ونسأله الجنة » ترددها إلى وقت خروجك من البيت الحار ، وإياك وشرب الماء البارد والفقاع في الحمام (2) فإنه يفسد المعدة ، ولا تصبن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن ، وصب

ص: 113


1- الذي يظهر من تتبع الاخبار أن الحمامات كانت في عصرهم ذات بيوت أربعة البيت الأول بارد يابس - وفيه ينزعون ملابسهم -. والثاني بارد رطب - فيه مخزن الماء البارد - الثالث حار رطب - فيه مخزن الماء الحار. الرابع حار يابر. فيه يحمى المستحم بدنه فيدلك - ( راجع الرسالة الذهبية - طب الرضا عليه السلام - ص 94 ، مستدرك الوسائل ج 1 ص 54 ) وكان في البيت الثالث الذي فيه مخزن الماء الحار بئر أو حوض يسيل فيه ماء الغسالة فقط وكان ممنوعا على المغتسل الارتماس في مخزن الماء سواء كان حارا أو باردا ، وكان حول المخزن مواضع ومصطبات يقوم المغتسل عليها فيأخذ الماء من المخزن بالمشربة فيصب عليه ويخرج الغسالة منه إلى البئر ، وكان في بعض الحمامات حول المخزن حياض صغار يخرج الماء من المخزن في أنابيب خاصة إلى تلك الحياض ويأخذ كل مستحم الماء بقدر حاجته. والمراد من حديث المتن من بيوت الحمام البيوت التي كان يدخل المستحم فيها بعد نزع ثيابه ، والمراد من تجرع الماء المنقى للمثانة الاغتراف من ماء المخزن أو الحوض الخاص الممنوع وروده والتجرع من ذلك الماء لا ماء المخازن التي يغتسل الناس فيه ويدلكون فيه أبدانهم. بل الظاهر كراهة الاغتسال والارتماس فيه فضلا عن شربه كما في الخبر الذي رواه الكليني ج 6 ص 503 عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في حديث قال : « ومن اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن الا نفسه ».
2- يمكن أن يكون المراد ماء الشعير أو الفقاع المحرم وهو وان وكان حراما الا أنه عليه السلام أكد حرمة شربه في الحمام. لأنه مع قطع النظر عن الاسكار يفسد المعدة.

الماء البارد على قدميك إذا خرجت فإنه يسل الداء من جسدك (1) ، فإذا لبست ثيابك فقل : « اللّهم ألبسني التقوى ، وجنبني الردى » فإذا فعلت ذلك أمنت من كل داء.

ولا بأس بقراءة القرآن في الحمام ما لم ترد به الصوت إذا كان عليك مئزر (2).

233 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام فقال : « أكان أمير المؤمنين عليه السلام ينهى عن قراءة القرآن في الحمام؟ فقال : لا إنما نهى أن يقرأ الرجل وهو عريان فإذا كان عليه إزار فلا بأس ».

234 - وقال علي بن يقطين لموسى بن جعفر عليهما السلام : « أقرأ في الحمام و أنكح فيه؟ قال : لا بأس ».

ويجب على الرجل أن يغض بصره ويستر فرجه من أن ينظر إليه.

235 - وسئل الصادق عليه السلام «عن قول اللّه عزوجل : «قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم» فقال : كل ما كان في كتاب اللّه تعالى من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا إلا في هذا الموضع فإنه للحفظ من أن ينظر إليه».

236 - وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « إنما [ أ ] كره النظر إلى عورة المسلم فأما النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار ». (3)

ص: 114


1- السل : اخراج الشئ بجذب ونزع.
2- الظاهر كونه من كلام المصنف لا من تتمة الخبر كما توهمه بعض لما في الكافي ج 6 ص 502 من حديث الحلبي عن الصادق عليه السلام قال. « لا بأس للرجل أن يقرأ القرآن في الحمام إذا كان يريد به وجه اللّه ولا يريد ينظر كيف صوته » ثم الظاهر من اختيار المصنف مدلول هذه الرواية والتي تأتى تحت رقم 233.
3- رواه الكليني أيضا في الكافي ج 6 ص 501 ويظهر من المؤلف والكليني - رحمهما اللّه - القول بمدلول الخبر ، ويظهر من الشهيد - رحمه اللّه - وجماعة عدم الخلاف في التحريم.

237 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « نعم البيت الحمام تذكر فيه النار و يذهب بالدرن ».

238 - وقال عليه السلام : « بئس البيت الحمام يهتك الستر ويذهب بالحياء ».

239 - وقال الصادق عليه السلام : « بئس البيت الحمام يهتك الستر ويبدي العورة ونعم البيت الحمام يذكر حر النار » (1).

ومن الآداب : أن لا يدخل الرجل ولده معه الحمام فينظر إلى عورته. (2)

240 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يبعث بحليلته إلى الحمام. (3)

241 - وقال عليه السلام : من أطاع امرأته أكبه اللّه على منخريه في النار ، فقيل : [ و ] ما تلك الطاعة؟ قال : تدعوه إلى النياحات والعرسات والحمامات ولبس الثياب الرقاق فيجيبها. (4)

242 - وسأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السلام » عن الرجل يدع غسل يوم الجمعة

ص: 115


1- روى الكليني في الكافي ج 6 ص 496 باسناده عن محمد بن أسلم رفعه قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : « نعم البيت الحمام يذكر النار ويذهب بالدرن » وقال عمر : « بئس البيت الحمام يبدي العورة ويهتك الستر » قال : ونسب الناس قول أمير المؤمنين عليه السلام إلى عمر وقول عمر إلى أمير المؤمنين.
2- في الكافي ج 2 ص 503 باسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا يدخل الرجل مع ابنه الحمام فينظر إلى عورته ، وقال ليس للوالدين أن ينظرا إلى عورة الولد وليس للولد أن ينظر إلى عورة الوالد » وقال : « لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الناظر والمنظور إليه في الحمام بلا مئزر ».
3- حمل على ما إذا لم تدع إليه الضرورة كما في البلاد الحارة أو على ما إذ بعثه إلى الحمامات للتنزه والتفريح.
4- ذلك لان الغالب في تلك الأماكن عدم خلوها عن المنهيات ، أما الحمام فبدخول بعضهن مكشوف العورة وهو حرام والنظر إليها حرام أيضا وهكذا في العرسات والنياحات من ارتكابهن فيها بعض المنهيات والمحرمات.

ناسيا أو متعمدا ، فقال : إذا كان ناسيا فقد تمت صلاته ، وإن كان متعمدا فليستغفر اللّه ولا يعد.

243 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تتك في الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين ، ولا تسرح في الحمام فإنه يرقق الشعر ، ولا تغسل رأسك بالطين فإنه يسمج الوجه ( وفي حديث آخر : يذهب بالغيرة ) ولا تدلك بالخزف فإنه يورث البرص ، ولا تمسح وجهك بالإزار فإنه يذهب بماء الوجه » (1). وروي « أن ذلك طين مصر و خزف الشام ». (2)

والسواك في الحمام يورث وباء الأسنان. (3)

ولا يجوز التطهير والغسل بغسالة الحمام. (4)

244 - وقال الصادق عليه السلام : « ليتزينن (5) أحدكم يوم الجمعة ويغتسل ويتطيب ويتسرح ويلبس أنظف ثيابه ، وليتهيأ للجمعة ، وليكن عليه في ذلك اليوم السكينة والوقار (6) ، وليحسن عبادة ربه ، وليفعل الخير ما استطاع (7) فإن اللّه جل ذكره يطلع على الأرض (8) ليضاعف الحسنات ».

245 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « لا تدخلوا الحمام على

ص: 116


1- أي يقبح الوجه.
2- أي الذي يسمج الوجه أو يذهب بالغيرة طين مصر ، والذي يورث البرص خزف الشام لا مطلق الطين والخزف. ( مراد )
3- كذا في أكثر النسخ وفى بعضها « ونا الأسنان » بالنون وبالقصر بمعنى الضعف.
4- كما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 14 عن أبي عبد اللّه عليه السلام. والمراد بالغسالة ماء البئر الذي يسيل فيه ماء الغسالة.
5- أمر غائب مؤكد بالنون فكل واحد من الافعال الآتية مجزوم بالعطف عليه.
6- السكينة هيئة جسمانية تنشأ من استقرار الأعضاء وطمأنينتها ، والوقار هيئة نفسانية تنشأ عن طمأنينة النفس وثباتها.
7- من الصدقات والزيارات وعيادة المرضى والعبادات وتشييع الجنائز.
8- أي يلتفت إلى عباده بنظر الرحمة في يوم الجمعة.

الريق ، ولا تدخلوه حتى تطعموا شيئا ».

246 - وقال بعضهم : « خرج الصادق عليه السلام من الحمام فلبس وتعمم ، قال : فما تركت العمامة عند خروجي من الحمام في الشتاء والصيف ».

247 - وقال موسى بن جعفر عليهما السلام : « الحمام يوم ويوم [ لا ] (1) يكثر اللحم وإدمانه كل يوم يذهب شحم الكليتين ».

248 - و « كان الصادق عليه السلام يطلي في الحمام فإذا بلغ موضع العورة قال للذي يطلي : تنح ، ثم يطلي هو ذلك الموضع ».

ومن اطلى فلا بأس أن يلقي الستر عنه لان النورة سترة. (2)

249 - و « دخل الصادق عليه السلام الحمام فقال له صاحب الحمام : نخليه لك؟ فقال : لا إن المؤمن خفيف المؤونة ».

250 - وروي عن عبيد اللّه المرافقي (3) قال « دخلت حماما بالمدينة فإذا شيخ كبير وهو قيم الحمام ، فقلت [ له ] : يا شيخ لمن هذا الحمام؟ فقال : لأبي جعفر محمد ابن علي عليهما السلام ، فقلت : أكان يدخله؟ قال : نعم ، فقلت : كيف كان يصنع؟ قال : كان يدخل فيبدأ فيطلي عانته وما يليها ، ثم يلف إزاره على أطراف إحليله ويدعوني فأطلي سائر جسده ، فقلت له يوما من الأيام : الذي تكره أن أراه قد رأيته ، قال : كلا إن النورة سترة ». (4)

ص: 117


1- أي يوم تدخله ويوم لا تدخله. وفى بعض النسخ بزيادة « لا » بعد اليوم الثاني ( مراد ). والادمان : الإدامة.
2- هذا مدلول الخبر الذي يأتي تحت رقم 250.
3- في بعض النسخ « الواقفي » وفى بعضها « الرافقي » وفى الكافي « الدابقي » ولم أجده.
4- رواه الكليني رحمه اللّه أيضا وقال المولى المجلسي رحمه اللّه : يفهم منه أن الحجم ليس بعورة ما لم يظهر اللون كما ذكره بعض الأصحاب ويفهم من بعض الأخبار كراهته. والسترة بالضم ما يستتر به. وقال سلطان العلماء : يدل على أن عورة رجل سوأتاه لا غير ، وعلى أن الواجب ستر اللون لا الحجم.

251 - وقال عبد الرحمن بن مسلم المعروف بسعدان : « كنت في الحمام في البيت الأوسط فدخل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام وعليه إزار فوق النورة ، فقال : السلام عليكم ، فرددت عليه السلام ودخلت البيت الذي فيه الحوض فاغتسلت و خرجت ».

وفي هذا إطلاق في التسليم في الحمام لمن عليه مئزر ، والنهي الوارد عن التسليم فيه هو لمن لا مئزر عليه.

252 - وروى حنان بن سدير ، عن أبيه قال : قال : « دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حماما في المدينة ، فإذا رجل في بيت المسلخ ، فقال لنا : ممن القوم؟ فقلنا : من أهل العراق ، فقال : وأي العراق؟ فقلنا : الكوفيون ، فقال : مرحبا بكم يا أهل الكوفة وأهلا أنتم الشعار دون الدثار ، ثم قال : وما يمنعكم من الإزار (1)؟ فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : عورة المؤمن على المؤمن حرام ، قال : فبعث عمي إلى كرباسة فشقها بأربعة ثم أخذ كل واحد منا واحدا ، ثم دخلنا فيها (2) فلما كنا في البيت الحار صمد لجدي (3) فقال : يا كهل ما يمنعك من الخضاب؟ فقال له جدي : أدركت من هو خير مني ومنك لا يختضب ، فقال : ومن ذاك الذي هو خير مني؟ فقال : أدركت علي بن أبي طالب عليه السلام ولا يختضب ، فنكس رأسه وتصاب عرقا وقال : صدقت وبررت ، ثم قال : يا كهل إن تختضب فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قد خضب وهو خير من علي عليه السلام وإن تترك فلك بعلي عليه السلام أسوة ، قال : فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الرجل في المسلخ فإذا هو علي بن الحسين ومعه ابنه محمد بن علي عليهم السلام ».

ص: 118


1- الشعار : ما يلي شعر الجسد من الثياب ، والدثار : ما فوق الشعار من الثياب. والمراد أنكم من خواص الشيعة فكيف تكونون هكذا بلا ازار.
2- الظاهر أن الضمير راجع إلى الحمام وهو مذكر. ويجوز ارجاعه إلى الكراباسة. ويحتمل ارجاعه إلى الحمام بتأويل
3- صمد إليه أي وجه الخطاب وقصده.

وفي هذا الخبر إطلاق للامام أن يدخل ولده معه الحمام دون من ليس بإمام وذلك أن الامام معصوم في صغره وكبر لا يقع منه النظر إلى عورة في الحمام ولا غيره. (1)

253 - وقال الصادق عليه السلام : « الفخذ ليس من العورة ».

254 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « النورة طهور » (2)

255 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « ألقوا الشعر عنكم فإنه يحسن ».

256 - وقال الصادق عليه السلام : « من أراد أن يتنور فليأخذ من النورة ويجعله على طرف أنفه ويقول : « اللّهم ارحم سليمان بن داود عليهما السلام كما أمرنا بالنورة » فإنه لا تحرقه النورة إن شاء اللّه عزوجل ».

257 - وروي « أن من جلس وهو متنور خيف عليه الفتق ».

258 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « أحب للمؤمن أن يطلي في كل خمسة عشر يوما ».

259 - وقال الصادق عليه السلام : « السنة في النورة في كل خمسة عشر يوما ، فإن أتت عليك عشرون يوما وليس عندك فاستقرض على اللّه عزوجل ».

260 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يترك عانته فوق أربعين يوما ، ولا يحل لامرأة تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تدع ذلك منها فوق عشرين يوما ».

ص: 119


1- يظهر من الاخبار أن كراهة دخول الابن مع الأب الحمام كان باعتبار التعري فلذا لا ينكر عليه السلام دخول سدير مع أبيه ودخول أبيه مع جده بعد ما لبسوا الإزار. والصدوق رحمه اللّه فهم من الاخبار الحرمة فلذا استثنى المعصوم أو فهم الكراهة ويريد نفيها عنهم عليهم السلام وغفل عن دخول سدير مع أبيه وجده وتقريره عليه السلام إياهم. (م ت).
2- هذا من التشبيه البليغ أي كالطهور في إفادة النظافة. ( مراد ).

261 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « احلقوا شعر البطن للذكر والأنثى » (1)

262 - و « كان الصادق عليه السلام يطلي إبطيه في الحمام ويقول : نتف الإبط يضعف المنكبين ويوهي ويضعف البصر ».

263 - وقال عليه السلام : « حلقه أفضل من نتفه ، وطليه أفضل من حلقه ».

264 - وقال علي عليه السلام : « نتف الإبط ينفي الرائحة المكروهة وهو طهور وسنة مما أمر به الطيب عليه وآله السلام » (2).

265 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا يطولن أحدكم شعر إبطيه فإن الشيطان يتخذه مجنا يستتر به » (3)

والجنب لا بأس بأن يطلي فإن النورة تزيده نظافة.

266 - وقال الصادق عليه السلام : « قال أمير المؤمنين عليه السلام : ينبغي للرجل أن يتوقى النورة يوم الأربعاء فإنه يوم نحس مستمر ، ويجوز النورة في سائر الأيام ».

267 - وروي « أنها في يوم الجمعة تورث البرص ». (4)

268 - وروى الريان بن الصلت عمن أخبره عن أبي الحسن عليه السلام قال : « من

ص: 120


1- « للذكر والأنثى » اللام متعلق بقال أي قال ذلك لهما جميعا ، ويحتمل أن يكون تعليلا للحلق أي تحلق الأنثى لأجل الذكر والذكر لأجل الأنثى. ( مراد ). وفى بعض النسخ « شعر الإبط ».
2- يحتمل أن يكون المراد بالنتف الإزالة بأي وجه كان فلا ينافي ما سبق ، أو معناه الخاص ونقول فضيلته لا ينافي أفضلية ذلك. ( سلطان )
3- كذا في بعض النسخ وفى بعضها « مخبأ » كما في الكافي. والمجن كل ما وقى من السلاح ، والمخبأ موضع الاستتار.
4- روى الكليني رحمه اللّه في الكافي ج 6 ص 506 في مرفوعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قيل له يزعم الناس أن النورة يوم الجمعة مكروهة ، فقال : ليس حيث ذهبت أي طهور أطهر من النورة يوم الجمعة ».

تنور يوم الجمعة فأصابه البرص فلا يلومن إلا نفسه ».

ولا باس بأن يتدلك الرجل في الحمام بالسويق والدقيق والنخالة ، ولا بأس بأن يتدلك بالدقيق الملتوت بالزيت ، وليس فيما ينفع البدن إسراف ، إنما الاسراف فيما أتلف المال وأضر بالبدن. (1)

269 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أطلى واختضب بالحناء آمنه اللّه تعالى من ثلاث خصال : الجذام والبرص والآكلة إلى طلية مثلها ».

270 - وقال الصادق عليه السلام : « الحناء على أثر النورة(2) أمان من الجذام والبرص ».

271 - وروي « أن من أطلى وتدلك بالحناء من قرنه إلى قدمه نفى اللّه عنه الفقر ».

272 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « اختضبوا بالحناء فإنه يجلو البصر ، وينبت الشعر ، ويطيب الريح ، ويسكن الزوجة » (3).

273 - وقال الصادق عليه السلام : « الحناء يذهب بالسهك (4) ويزيد في ماء الوجه ويطيب النكهة (5) ويحسن الولد ».

ولا بأس أن يمس الرجل الخلوق (6) في الحمام ، ويمسح به يده من شقاق يداويه (7) ، ولا يستحب إدمانه ، ولا أن يرى أثره عليه.

ص: 121


1- تدل على ذلك روايات راجع الكافي ج 6 ص 500 و 501.
2- الأثر - بفتحتين ، وبكسر الهمزة وسكون المثلثة - : ما بقي من رسم الشئ. يعنى استعمال الحناء بعد النورة أما من الجذام والبرص.
3- كذا في النسخ وفى الكافي أيضا وفى نسخة من الكتاب « الروعة ».
4- السهك - محركة - : ريح كريهة تجدها ممن عرق. ( القاموس )
5- النكهة : راحة الفم.
6- الخلوق : ضرب من الطيب مايع فيه صفرة. ( المغرب )
7- الشقاق - بضم الشين - : تشقق الجلد ، وهو من الأدواء كالسعال والزكام والسلاق. وفى الكافي باسناده عن عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام قال : « لا بأس أن تمس الخلوق في الحمام أو تمسح به يدلك تداوى به ولا أحب ادمانه » وفى بعض نسخ الفقيه « شفاف نداوته » أي من فضلها.

274 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : الخضاب هدى (1) محمد صلى اللّه عليه وآله وهو من السنة.

275 - وقال الصادق عليه السلام : « لا بأس بالخضاب كله ».

276 - ودخل الحسن بن الجهم على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام وقد اختضب بالسواد فقال : « إن في الخضاب أجرا والخضاب والتهيئة (2) مما يزيد اللّه عزوجل في عفة النساء ، ولقد تركت نساء العفة بترك أزواجهن التهيئة ، فقال له : بلغنا أن الحناء تزيد في الشيب ، فقال : أي شئ يزيد في الشيب؟ والشيب يزيد في كل يوم » (3).

277 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن الخضاب ، فقال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يختضب وهذا شعره عندنا ».

278 - وروي « أنه عليه السلام كان في رأسه ولحيته سبع عشرة شيبة ».

279 - و « كان النبي صلى اللّه عليه وآله والحسين بن علي وأبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام يختضبون بالكتم » (4).

280 - و « كان علي بن الحسين عليهما السلام يختضب بالحناء والكتم ».

281 - قال الصادق عليه السلام : « الخضاب بالسواد انس للنساء ، ومهابة للعدو ».

ص: 122


1- في بعض النسخ « هدى إلى محمد » وضبط على صيغة المجهول ويكون حينئذ بمعنى اهدى ، ويمكن أن يكون هدى بالتخفيف وهدى على فعيل بمعنى هدية ( مراد ) ويمكن أن يقرء « هدى محمد صلى اللّه عليه وآله » بفتح الهاء وسكون الدال بدون « إلى » أي طريقة محمد صلى اللّه عليه وآله وسيرته.
2- التهيئة : الزينة والتنظف في اللباس والجسد.
3- « الشيب يزيد في كل يوم » اما تكذيب للمشهور ، أو إشارة إلى أنه لا يمكن التحرز منه ، أو إلى أنه لا ينبغي الاعتناء به وترك أمر مستحب لأجله.
4- الكتم - بالفتح والتحريك - : نبات يخضب به الشعر ويصنع منه مداد للكتابة.

282 - وقال عليه السلام « في قول اللّه تعالى : « وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة » قال : منه الخضاب بالسواد (1). وإن رجلا دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقد صفر لحيته فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما أحسن هذا ، ثم دخل عليه بعد هذا وقد أقنى بالحناء (2) فتبسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقال : هذا أحسن من ذاك ، ثم دخل عليه بعد ذلك وقد خضب بالسواد فضحك إليه فقال : هذا أحسن من ذاك وذاك » (3).

283 - وقال الصادق عليه السلام : « لا ينبغي للمرأة أن تعطل نفسها ولو أن تعلق في عنقها قلادة ، ولا ينبغي لها أن تدع يدها من الخضاب ولو أن تمسحها بالحناء مسحا وإن كانت مسنة ».

284 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « إن الأظافير إذا أصابتها النورة غيرتها حتى أنها تشبه أظافير الموتى فلا بأس بتغييرها ».

وقد خضب الأئمة عليهم السلام بالوسمة ، والخضاب بالصفرة خضاب الايمان ، والاقناء (4) خضاب الاسلام وبالسواد إسلام وإيمان ونور.

285 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لعلي عليه السلام : « يا علي درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم في غيره في سبيل اللّه عزوجل ، وفيه أربع عشرة خصلة يطرد الريح من الاذنين ، ويجلو البصر ، ويلين الخياشيم ويطيب النكهة ، ويشد اللثة ، ويذهب بالضنى (5) ، ويقل وسوسة الشيطان ، وتفرح به الملائكة ، ويستبشر به المؤمن ،

ص: 123


1- يمكن تخصيصه بالجندي لان الكفار يظنونهم شابا.
2- أي جعلها قانيا أي شديدة الحمرة.
3- تبسمه وضحك صلى اللّه عليه وآله اما باعتبار أنه فعل ما فعل لتحسينه إياه واما لاتيانه بالسنة واهتمامه بها فتبسمه وضحكه للايماء إلى أنه يسر برغبتهم إلى الطاعات وميلهم إليها.
4- ينافي ما مر تحت رقم 282 ويقتضي أن يكون الصفرة خضاب الاسلام والاقناء خضاب الايمان.
5- الضنى : المرض والهزل والضعف وسوء الحال ، وفى الكافي ج 6 ص 482 « ويذهب بالغشيان » وفى بعض نسخه « يذهب بالغثيان ».

ويغيظ به الكافر ، وهو زينة وطيب ، ويستحي منه منكر ونكير ، وهو براءة له في قبره » (1).

286 - وقال الصادق عليه السلام : « إني لأحلق في كل جمعة فيما بين الطلية إلى الطلية ». (2)

287 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لرجل : « احلق فإنه يزيد في جمالك ».

288 - وقال الصادق عليه السلام : « حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة لأعدائكم وجمال لكم ».

ومعنى هذا في قول النبي صلى اللّه عليه وآله حين وصف الخوارج فقال : « إنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وعلامتهم التسبيد » (3) وهو الحلق وترك التدهن (4).

289 - وقال الصادق عليه السلام : « أخذ الشعر من الانف يحسن الوجه ».

290 - وقال الصادق عليه السلام : « غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان من البرص والجنون ».

291 - وقال عليه السلام : « غسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر ويزيد في الرزق ».

292 - وفي خبر آخر قال عليه السلام « غسل الرأس بالخطمي نشرة » (5).

ص: 124


1- كذا والظاهر أن المعدود لا يطابق العدد. ورواه المصنف في الخصال أيضا هكذا ويمكن أن يعد الزينة والطيب اثنين ويؤيده ما في الكافي ج 6 ص 482 ففيه « وهو زينة ، وهو طيب ».
2- الظاهر أن المحذوف في « لا حلق » هو العانة. أو الرأس وهكذا في الآتي
3- التسبيد : حلق الرأس. سبد الشعر أي حلقه. وفى النهاية في حديث الخوارج « التسبيد فيهم فاش » هو الحلق واستيصال الشعر وقيل هو ترك التدهن وغسل الرأس وفى حديث آخر « سيماهم التحليق والتسبيد ». وفى أكثر النسخ « التسبيت » وفى المحكى عن المغرب السبت القطع ومنه سبت رأسه : حلقه.
4- يعنى الحلق بدون التدهن كالمثلة وهو التسبيد أو التسبيت الذي علامة الأعداء.
5- النشرة - بالضم - : رقية يعالج بها المجنون والمريض. ( القاموس )

293 - قال أمير المؤمنين عليه السلام : « غسل الرأس بالخطمي يذهب بالدرن وينقي الأقذاء » (1).

294 - و « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله اغتم فأمره جبرئيل عليه السلام أن يغسل رأسه بالسدر وكان ذلك سدرا من سدرة المنتهى ».

295 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « غسل الرأس بالسدر يجلب الرزق جلبا ».

296 - وقال الصادق عليه السلام : « اغسلوا رؤوسكم بورق السدر فإنه قدسه كل ملك مقرب وكل نبي مرسل ، ومن غسل رأسه بورق السدر صرف اللّه عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما ، ومن صرف اللّه عنه وسوسة الشيطان سبعين يوما لم يعص اللّه ومن لم يعص اللّه دخل الجنة ».

ومن غسل رجليه بعد خروجه من الحمام فلا بأس ، وإن لم يغسلهما فلا بأس.

297 - و « خرج الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام من الحمام فقال له رجل : طاب استحمامك ، فقال له : يا لكع وما تصنع بالاست ههنا (2)؟ فقال : طاب حمامك ، قال : إذا طاب الحمام فما راحة البدن منه؟ فقال : طاب حميمك ، فقال : ويحك أما علمت أن الحميم العرق؟ قال له : كيف أقول؟ قال : قل : طاب ما طهر منك ، وطهر ما طاب منك » (3).

298 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا قال لك أخوك وقد خرجت من الحمام : طاب حمامك ، فقل : أنعم اللّه بالك ». (4)

ص: 125


1- الأقذاء جمع قذى مقصورا وهو ما يقع في العين.
2- اللكع عند العرب العبد ثم استعمل في الحمق والذم وقد يطلق على الصغير. وقوله « وما تصنع بالاست » أي لا مناسبة لحروف الطلب ههنا بعد الخروج من الحمام مع استهجان لفظ الاست بمعناه الاخر.
3- لعل المراد بالطهارة النظافة ، وبالطيبة : النزاهة من الذنوب.
4- أي سر اللّه قلبك.

299 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الداء ثلاثة والدواء ثلاثة ، فأما الداء فالدم والمرة ، والبلغم. فدواء الدم الحجامة ، ودواء البلغم الحمام ، ودواء المرة المشي ». (1)

300 - وقال الصادق عليه السلام : « ثلاثة يهدمن البدن وربما قتلن : أكل القديد الغاب ، ودخول الحمام على البطنة (2) ونكاح العجوز ». روي « الغشيان على الامتلاء ». (3)

[ تقليم الأظفار وأخذ الشارب والمشط ]

[ تقليم الأظفار وأخذ الشارب والمشط ] (4)

301 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « تقليم الأظفار يوم الجمعة يؤمن من الجذام والجنون والبرص والعمى ، فإن لم تحتج فحكها حكا »

302 - وفي خبر آخر : « فإن لم تحتج فأمر عليها السكين أو المقراض ».

303 - روى عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « من أخذ من أظفاره وشاربه كل جمعة وقال حين يأخذه : « بسم اللّه وباللّه وعلى سنة محمد وآل محمد صلوات اللّه عليهم » لم تسقط منه قلامة ولا جزازة (5) إلا كتب اللّه عزوجل له بها عتق نسمة (6) ، ولم يمرض إلا مرضه الذي يموت فيه ».

ص: 126


1- المرة - بكسر الميم - إحدى الطبائع الأربع. والظاهر أن المراد بالمرة هنا السوداء وإن كان غالب اطلاقه على الصفراء لان هيجان السوداء أضر وأحوج إلى المشي. قال في بحر الجواهر:« قال الآملي: المرة في اللغة القوّة و الشدة اطلقت على الصفراء لانها أقوى الاخلاط، و على السوداء أيضا لأنّها أشدها لاقتضائها الاستمساك و الثبات و الصلابة». و المشى- بفتح الميم و كسر الشين و الياء المشددة-: الدواء المسهل لانه يحمل شاربه على المشى و التردد الى الخلاء يقال: شربت مشيا و مشوا.( النهاية).
2- القديد : اللحم اليابس ، وغب اللحم وأغب فهو غاب - بشد الباء في الكل - إذا أنتن ( النهاية ) والبطنة : الامتلاء من الطعام.
3- الغشيان كناية عن الجماع أي الاتيان.
4- العنوان منا أضفناه للتسهيل.
5- القلامة - بضم القاف - ما سقط من الظفر ، والجزازة ما سقط من الشارب.
6- النسمة - محركة - : الانسان والمملوك ذكرا كان أو أنثى. ( القاموس ).

304 - وروي في خبر آخر أنه « من يقلم أظافيره يوم الجمعة يبدأ بخنصره من اليد اليسرى ويختم بخنصره من اليد اليمنى ».

305 - وقال الصادق عليه السلام : « أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام ».

306 - وقال الحسين بن أبي العلا (1) للصادق عليه السلام : « ما ثواب من أخذ من شاربه وقلم أظفاره في كل يوم جمعة؟ قال : لا يزال مطهرا إلى الجمعة الأخرى ».

307 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا يطولن أحدكم شاربه فإن الشيطان يتخذه مجنا يستتر به » (2).

308 - وقال الصادق عليه السلام : « من قلم أظفاره يوم الجمعة لم تشعث أنامله (3) ».

309 - وقال الصادق عليه السلام : « من قص أظفاره يوم الخميس وترك واحدا ليوم الجمعة نفى اللّه عنه الفقر ».

310 - وقال عبد اللّه بن أبي يعفور للصادق عليه السلام : « جعلت فداك يقال : ما استنزل الرزق بشئ مثل التعقيب فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فقال : أجل ولكن أخبرك بخير من ذلك أخذ الشارب وتقليم الأظافر يوم الجمعة ».

وتقليم الأظافر يوم الخميس يدفع الرمد.

311 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « من أخذ من أظفاره كل يوم خميس لم يرمد ولده » (4).

ص: 127


1- في الكافي عن الحسين ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « ما ثواب. الحديث ».
2- في بعض النسخ « مخبأ يستتر به » وقد تقدم معناهما.
3- الشعث هو الانتشار والتفرق حول الأظفار ، وفى بعض النسخ « لم تسعف » وفى الصحاح السعف أيضا : التشعث حول الأظفار ، والتشعث : التفرق.
4- كذا ولعله تصحيف وفى الكافي باسناده عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : « من أدمن أخذ أظفاره في كل خميس لم ترمد عينه ».

312 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من قلم أظفاره يوم السبت ويوم الخميس و أخذ من شاربه عوفي من وجع الضرس ووجع العين ».

313 - وقال موسى بن بكر للصادق عليه السلام : « إن أصحابنا يقولون : إنما أخذ الشارب والأظفار يوم الجمعة ، فقال : سبحان اللّه خذها إن شئت في يوم الجمعة وإن شئت في سائر الأيام ».

314 وقال - الصادق عليه السلام : « قصها إذا طالت ».

315 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « للرجال : قصوا أظافيركم ، وللنساء : اتركن من أظفاركن فإنه أزين لكن ».

316 - وقال الصادق عليه السلام : « يدفن الرجل أظافيره وشعره إذا أخذ منها و هي سنة (1) ».

317 - وروي « أن من السنة دفن الشعر والظفر والدم ».

318 - وسئل أبو الحسن الرضا عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « خذوا زينتكم عند كل مسجد » ، قال : من ذلك التمشط عند كل صلاة » (2).

319 - وقال الصادق عليه السلام : « مشط الرأس يذهب بالوباء ومشط اللحية يشد الأضراس ».

320 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « إذا سرحت لحيتك ورأسك فأمر المشط على صدرك فإنه يذهب بالهم والونا » (3).

321 - وقال الصادق عليه السلام : « من سرح لحيته سبعين مرة وعدها مرة مرة لم يقربه الشيطان أربعين يوما ».

ولا بأس بأمشاط العاج ، والمكاحل والمداهن (4).

ص: 128


1- تأنيث الضمير باعتبار الخبر أو باعتبار تعدد المدفون.
2- حمله بعضهم على استحباب المشط بعد كصلاة والظاهر أن المراد أخذ الزينة للدخول في الصلاة قبلها. ( مراد )
3- فبعض النسخ « الوباء ».
4- في الكافي ج 6 ص 489 باسناده عن القاسم بن الوليد قال : « سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن عظام الفيل مداهنها وأمشاطها قال : لا بأس بها » والظاهر أنه أراد بعدم البأس الاستحباب كما قاله الفاضل التفرشي أي يستحب اتخاذ الأمشاط من العاج واتخاذ المكاحل والمداهن. وفى الصحاح : المكحلة - بضم الميم - التي فيها الحكل وهو أحد ما جاء على الضم من الأدوات وفيه المدهن - بضم الميم والهاء كقنفذ - : قارورة الدهن وهو أحد ما جاء على مفعل مما يستعمل من الأدوات ، والجمع مداهن - بفتح الميم وكسر الهاء -.

322 - وقال موسى بن جعفر عليهما السلام : « تمشطوا بالعاج فإنه يذهب بالوباء ».

223 - وقال الصادق عليه السلام : « المشط (1) يذهب بالوباء » وهو الحمى.

وفي رواية أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي : « يذهب بالونا » وهو الضعف ، قال اللّه عزوجل : « ولا تنيا في ذكري » أي لا تضعفا.

324 - وقال أبن الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « ثلاث من عرفهن لم يدعهن : جز الشعر ، وتشمير الثوب ، ونكاح الإماء ».

325 - قال الصادق عليه السلام : لبعض أصحابه : « استأصل شعرك يقل درنه و دواب وسخه (2) ، وتغلظ رقبتك ، ويجلو بصرك ، ويستريح بدنك ».

326 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من اتخذ شعرا فليحسن ولايته أو ليجزه ».

327 - وقال عليه السلام : « الشعر الحسن من كسوة اللّه تعالى فأكرموه ».

328 - والصادق عليه السلام : « من اتخذ شعرا فلم يفرقه فرقه اللّه بمنشار من نار »(3).

كان شعر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وفرة لم يبلغ الفرق. (4)

ص: 129


1- زاد في الكافي « للرأس ».
2- الاستيصال القلع وكأن المراد هنا الحلق بحيث لا يبقى منه شئ وضمير الغائب في درنه وأمثاله راجع إلى الشعر باعتبار محله. وفى بعض النسخ « ودأبه » أي تعب تحمله وفى القاموس دأب في عمله - كمنس. جد وتعب.
3- تقدم مع بيانه. وقال المولى مراد التفرشي : ظاهره يدل على الوجوب بل كون تركه من الكبائر ويمكن حمله على ترك الفرق تهاونا بسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.
4- يعنى كان شعره صلى اللّه عليه وآله يبلغ إلى شحمة الأذن ولم يكن طويلا حتى يمكن فرقه. ويفهم من الاخبار أنه صلى اللّه عليه وآله لم يطل شعر رأسه قط ولا غيره من الأنبياء وإنما وقع منه مرة حين صد في الحديبية أمسك شعره ليحلقه في الحج. (م ت). أقول: فى الكافي ج 6 ص 485 بإسناده عن أيوب بن هارون عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:« قلت له: أ كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يفرق شعره؟ قال: لا ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان إذا طال شعره كان الى شحمة اذنه».

329 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « حفوا الشوارب واعفوا اللحى ، ولا تشبهوا باليهود ».

330 - و « نظر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلى رجل طويل اللحية فقال : ما كان هذا لو هيأ من لحيته (1) فبلغ الرجل ذلك فهيأ من لحيته بين اللحيتين ، ثم دخل على النبي صلى اللّه عليه وآله فلما رآه قال : هكذا فافعلوا ».

331 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إن المجوس جزوا لحاهم ووفروا شواربهم ، وإنا نجز الشوارب ونعفي اللحى وهي الفطرة ».

332 - وقال الصادق عليه السلام : « ما زاد من اللحية عن قبضة فهو في النار ».

333 - وقال محمد بن مسلم : « رأيت أبا جعفر الباقر عليه السلام [ والحجام ] يأخذ من لحيته ، فقال : دورها ».

334 - وقال الصادق عليه السلام : « تقبض بيدك على لحيتك وتجز ما فضل ».

335 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الشيب في مقدم الرأس يمن ، وفي العارضين سخاء ، وفي الذوائب شجاعة ، وفي القفا شوم ».

336 - وقال الصادق عليه السلام : « أول من شاب إبراهيم الخليل عليه السلام وإنه ثنى لحيته فرأى طاقة بيضاء ، فقال : يا جبرئيل ما هذا؟ فقال : هذا وقار ، فقال إبراهيم : اللّهم زدني وقارا ».

337 - وقال عليه السلام : « من شاب شيبة في الاسلام كانت له نورا يوم القيامة ».

338 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الشيب نور فلا تنتفوه ».

ص: 130


1- أي شئ يقع على هذا الرجل لو أصلح لحيته ، وهو ترغيب في الاصلاح ، بين اللحيتين أي طويلها وقصيرها. ( مراد ).

339 - وكان علي عليه السلام « لا يرى بجز الشيب بأسا ويكره نتفه ».

فالنهي عن نتف الشيب نهي كراهية لا نهي تحريم لان :

340 - الصادق عليه السلام يقول : « لا بأس بجز الشمط (1) ونتفه ، وجزه أحب إلي من نتفه ».

فأخبارهم عليهم السلام لا تختلف في حالة واحدة لان مخرجها من عند اللّه تعالى ذكره ، وإنما تختلف بحسب اختلاف الأحوال.

341 - وقال الصادق عليه السلام : « أربع من أخلاق الأنبياء عليهم السلام : التطيب ، والتنظيف بالموسى ، وحلق الجسد بالنورة ، وكثرة الطروقة ».

342 - وقال عليه السلام : « قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء ، واستحموا يوم الأربعاء ، وأصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس ، وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة ».

باب 23: غسل الميت

343 - قال الصادق عليه السلام : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله دخل على رجل من بني هاشم وهو في النزع فقال له : قل : « لا إله إلا اللّه الحليم الكريم ، لا إله إلا اللّه العلي العظيم ، سبحان اللّه رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين » فقالها ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الحمد لله الذي أنقذه من النار » (2).

وهذه الكمات هي كلمات الفرج.

344 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إنكم تلقنون موتاكم » لا إله إلا اللّه « عند

ص: 131


1- مروى في الكافي مسندا والشمط - بالتحريك - : بياض شعر الرأس يخالطه سواد.
2- في بعض النسخ « استنقذه من النار » كما في الكافي.

الموت ، ونحن نلقن موتانا محمد رسول اللّه » (1).

345 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « لقنوا موتاكم » لا إله إلا اللّه « فإن من كان آخر كلامه » لا إله إلا اللّه « دخل الجنة ».

346 - وقال الصادق عليه السلام : « أعقل (2) ما يكون المؤمن عند موته ».

347 - وقال الصادق عليه السلام : « اعتقل لسان رجل من أهل المدينة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في مرضه الذي مات فيه فدخل عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال له : قل : «لا إله إلا اللّه» فلم يقدر عليه ، فأعاد عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فلم يقدر عليه ، وعند رأس الرجل امرأة فقال لها : هل لهذا الرجل أم؟ فقالت : نعم يا رسول اللّه أنا أمه ، فقال لها : أفراضية أنت عنه أم لا؟ فقالت : لا بل ساخطة ، فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : فاني أحب أن ترضي عنه ، فقالت : قد رضيت عنه لرضاك يا رسول اللّه ، فقال له : قل : « لا إله إلا اللّه » فقال : لا إله إلا اللّه ، فقال : قل : « يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير ، اقبل مني اليسير واعف عني الكثير ، إنك أنت العفو الغفور « فقالها ، فقال له : ماذا ترى؟ فقال : أرى أسودين قد دخلا علي ، قال : أعدها ، فأعادها ، فقال : ما [ ذا ] ترى؟ فقال : قد تباعدا عني ودخل أبيضان وخرج الأسودان ، فما أراهما ودنا الأبيضان مني الآن يأخذان بنفسي فمات من ساعته ».

348 - وسئل الصادق عليه السلام عن توجيه الميت فقال : « استقبل بباطن قدميه القبلة » (3).

ص: 132


1- أي من عندكم من العامة يكتفون في التلقين بالشهادة بالتوحيد ونحن نضم إليها الشهادة بالرسالة أو نكتفي بذلك لتضمنها شهادة التوحيد أيضا. ( مرآة العقول )
2- أي أشد اعتقالا للسان أو منعا وحبسا له ، والحاصل أن المؤمن وقت موته لخوفه من مقام ربه أعجز كلاما من كل وقت فينبغي للملقن أن لا يلح بالتلقين ولكن يتلطف فربما لا ينطلق لسان المريض فيشق عليه ذلك ويؤدى إلى استثقاله التلقين وكراهيته للكلمة ، أعاذنا اللّه من سوء الخاتمة. وفى بعض النسخ « أغفل ».
3- ظاهر هذا الخبر التوجيه بعد الموت وحمله الأكثر على حال الاحتضار وعلى هذا أريد بالميت المشرف على الموت وهو الظاهر من الخبر الآتي.

349 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على رجل من ولد عبد المطلب وهو في السوق (1) وقد وجه لغير القبلة فقال : وجهوه إلى القبلة فإنكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة وأقبل اللّه عزوجل عليه بوجهه ، فلم يزل كذلك حتى يقبض ».

350 - وقال الصادق عليه السلام : « ما من أحد يحضره الموت إلا وكل به إبليس من شياطينه من يأمره بالكفر ويشككه في دينه حتى يخرج نفسه فإذا حضرتم موتاكم فلقنوهم شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه حتى يموتوا ».

351 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في آخر خطبة خطبها : « من تاب قبل موته بسنة تاب اللّه عليه ، ثم قال : إن السنة لكثيرة ، من تاب قبل موته بشهر تاب اللّه عليه ثم قال : إن الشهر لكثير ومن تاب قبل موته بجمعة تاب اللّه عليه ، ثم قال : إن الجمعة لكثيرة ومن تاب قبل موته بيوم تاب اللّه عليه ، ثم قال : وإن يوما لكثير ، ومن تاب قبل موته بساعة تاب اللّه عليه ، ثم قال : وإن الساعة لكثيرة ومن تاب وقد بلغت نفسه هذه وأهوى بيده إلى حلقه تاب اللّه عليه » (2).

352 - وسئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل » وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن « قال : ذاك إذا عاين أمر الآخرة ».

353 - و « أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله رجل من أهل البادية له حشم وجمال فقال : يا رسول اللّه أخبرني عن قول اللّه عزوجل : « الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة » فقال : أما قوله تعالى : « لهم البشرى في الحياة

ص: 133


1- السوق - بالفتح - : النزع.
2- المراد أنه يتوب اللّه عليه في الآخرة والأحاديث الدالة على عدم قبول توبة الناس المراد عدم قبولها في الدنيا عند حاكم الشرع فان التوبة لا يقبل عنده الا بعد الاستبراء وأقله أربعون يوما فارتفع التدافع. ( م ح ق ).

الدنيا » فهي الرؤيا الحسنة يراها المؤمن فيبشر بها في دنياه ، وأما قول اللّه عز وجل : « وفي الآخرة » فإنها بشارة المؤمن عند الموت يبشر بها عند موته إن اللّه قد غفر لك ولمن يحملك إلى قبرك ».

354 - وقال الصادق عليه السلام : « قيل لملك الموت عليه السلام : كيف تقبض الأرواح و بعضها في المغرب وبعضها في المشرق في ساعة واحدة؟ فقال : أدعوها فتجيبني ، قال : فقال ملك الموت عليه السلام : إن الدنيا بين يدي كالقصعة بين يدي أحدكم يتناول منها ما شاء والدنيا عندي كالدرهم في كف أحدكم يقلبه كيف يشاء ».

355 - وقال الصادق عليه السلام : « ما يخرج مؤمن عن الدنيا إلا برضى منه ، وذلك أن اللّه تبارك وتعالى يكشف له الغطاء حتى ينظر إلى مكانه من الجنة وما أعد اللّه له فيها ، وتنصب له الدنيا كأحسن ما كانت له ثم يخير فيختار ما عند اللّه عزوجل ويقول : ما أصنع بالدنيا وبلائها ، فلقنوا موتاكم كلمات الفرج ».

356 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « لو أدركت عكرمة عند الموت لنفعته فقيل للصادق عليه السلام : بماذا كان ينفعه؟ قال : كان يلقنه ما أنتم عليه » (1).

357 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إن موت الفجأة تخفيف على المؤمن وراحة ، وأخذة أسف على الكافر » (2).

358 - وقال الصادق عليه السلام : « الموت كفارة كل مؤمن ».

359 - وقال عليه السلام : « إن بين الدنيا والآخرة ألف عقبة أهونها وأيسرها الموت ».

360 - وقال الصادق عليه السلام : إن الشيطان ليأتي الرجل من أوليائنا عند موته

ص: 134


1- عكرمة مولى ابن عباس كان على طريقتنا ولا من أصحابنا وقيل يرى رأى الخوارج.
2- قوله « تخفيف على المؤمن » حيث خلص من سكرات الموت ومن وساوس الشيطان وبذلك لا يسقط من منزلته شئ بخلاف الكافر فان شدائد الموت بالنسبة إليه أسهل مما عليه بعده. ( مراد ). وقوله « أخذة أسف » أي أخذه غضب أو غضبان يقال : أسف يأسف أسفا فهو آسف إذا غضب. ( النهاية )

عن يمينه وعن شماله ليضله عما هو عليه ، فيأبى اللّه عزوجل ذلك وذلك قول اللّه تعالى « يثبت اللّه الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ».

361 - وقال الصادق عليه السلام « في الميت تدمع عيناه عند الموت وإن ذلك عند معاينة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فيرى ما يسره ، ثم قال : أما ترى الرجل يرى ما يسره وما يحب فتدمع عيناه ويضحك ».

362 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا رأيت المؤمن قد شخص ببصره وسالت عينه اليسرى ، ورشح جبينه ، وتقلصت شفتاه ، وانتشر منخراه (1) ، فأي ذلك رأيت فحسبك به ». (2)

363 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إن آية المؤمن إذا حضره الموت أن يبيض وجهه أشد من بياض لونه ، ويرشح جبينه ، ويسيل من عينيه كهيئة الدموع فيكون ذلك آية خروج روحه ، وإن الكافر تخرج روحه سلا من شدقه كزبد البعير كما تخرج نفس الحمار ». (3)

364 - وروي « أن آخر طعم يجده الانسان عند موته طعم العنب ».

365 - وسئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم « كيف يتوفى ملك الموت المؤمن؟ فقال : إن ملك الموت ليقف من المؤمن عند موته موقف العبد الذليل من المولى فيقوم وأصحابه لا يدنو [ ن ] منه حتى يبدأه بالتسليم ويبشره بالجنة ».

366 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إن المؤمن إذا حضره الموت وثقه ملك

ص: 135


1- قلص وتقلص بمعنى انضم وانزوى ، يقال : قلصت شفته أي انزوت وتقبضت - والانتشار : الانبساط ، والمنخر : الانف. وفى بعض النسخ « وانتثر منخراه » ولعله تصحيف وفى الكافي « وانتشرت منخراه ».
2- أي حسبك بذلك دلالة على حسن حاله أو دلالة لايمانه أو لموته.
3- الشدق : جانب الفم ، وفى الكافي « تخرج نفسه سلا من شدقه كزبد البعير أو كما تخرج نفس البعير ».

الموت (1) فلو لا ذلك لم يستقر ».

وما من أحد يحضره الموت إلا مثل له النبي صلى اللّه عليه وآله والحجج صلوات اللّه عليهم أجمعين حتى يراهم ، فإن كان مؤمنا يراهم بحيث يحب ، وإن كان غير مؤمن يراهم بحيث يكره ، وقال اللّه تبارك وتعالى : « فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ». (2)

367 - وقال الصادق عليه السلام : « إنه إذا بلغت النفس الحلقوم أري مكانه من الجنة فيقول : ردوني إلى الدنيا حتى أخبر أهلي بما أرى ، فيقال له : ليس إلى ذلك سبيل ».

368 - وسئل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عزوجل : « اللّه يتوفى الأنفس حين موتها » وعن قول اللّه عزوجل : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم وعن قول اللّه عزوجل : الذين تتوفاهم الملائكة طيبين و « الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم » وعن قول اللّه عزوجل : « توفته رسلنا » وعن قوله عزوجل : « ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة » وقد يموت في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه إلا اللّه عزوجل فكيف هذا؟ فقال : إن اللّه تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الانس ويبعثهم في حوائجه فتتوفاهم الملائكة ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو ويتوفاها

ص: 136


1- أي يثبته ويحفظه عن الاضطراب بالبشارة بما أعد اللّه له أو بإرائته الجنة ، أو وثقه بمشاهدته كما ترى أنه إذا رأى الشخص أسدا كأنه يوثق ولا يمكنه الحركة (م ت) وقال الفاضل التفرشي : لعل المراد أن ملك الموت يبشره بماله فيأمن. وأما جعله من الوثاق بمعنى الحبس بقرينة لم يستقر فغير مناسب بالنسبة إلى المؤمن ويمكن أن يراد أن ملك الموت يدفع عنه كيد الشيطان كما يجيئ عن قريب.
2- بقية الآية « فلو لا ان كنتم غيره مدينين ترجعونها ان كنتم صادقين » و « لولا » للتخصيص والمخصص قوله « ترجعونها » بعد ذلك وهي بما في حيزه دليل جواب الشرط في قوله تعالى فيما بعد « ان كنتم صادقين » والمعنى انه ان كنتم صادقين في كونكم غير مملوكين مغلوبين فلو لا ترجعون الأرواح إلى الأبدان بعد بلوغها الحلقوم. ( سلطان )

اللّه عزوجل من ملك الموت (1).

369 - وقال الصادق عليه السلام : « إن ولي علي عليه السلام يراه في ثلاثة مواطن حيث يسره : عند الموت ، وعند الصراط ، وعند الحوض ».

وملك الموت يدفع الشيطان عن المحافظ على الصلاة ويلقنه شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمد رسول اللّه في تلك الحالة العظيمة.

370 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إن العبد إذا كان في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة مثل له ماله وولده وعمله ، فيلتفت إلى ماله ويقول : واللّه إني كنت عليك لحريصا شحيحا فماذا عندك (2)؟ فيقول : خذ مني كفنك ، فيلتفت إلى ولده فيقول : واللّه إني كنت لكم محبا وإني كنت عليكم لمحاميا فماذا عندكم؟ فيقولون نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها ، فيلتفت إلى عمله فيقول : واللّه إنك كنت علي لثقيلا وإني كنت فيك لزاهدا فماذا عندك؟ فيقول : أنا قرينك في قبرك ويوم حشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك » (3).

ص: 137


1- الضمير المنصوب يرجع إلى ما يتوفاه ملك الموت من الملائكة مع ما يتوفاه بنفسه فاسناده التوفي إلى اللّه عزوجل باعتبار رجوعه إليه بالآخرة ، والى ملك الموت باعتبار أنه يتوفى ما توفته الملائكة منهم ويتوفى بنفسه أيضا ، والى الملائكة المعبر بالرسل أيضا كما عبر عنهم بالملائكة باعتبار صدور التوفي منهم ابتداء بالنسبة إلى بعض النفوس ، وفى بعض النسخ « يتوفاهم اللّه عزوجل » وفى بعضها « يتوفاها اللّه عزوجل » والمال واحد. ( مراد ) وحاصل السؤال اشكالان أحدهما التدافع في ظاهر كلام اللّه تعالى حيث أسند تارة قبض كل الأنفس إليه تعالى وتارة إلى ملك الموت وتارة إلى الملائكة وتارة إلى الرسل ، والثاني أنه على تقدير تسليم أن المراد من الجميع واحد فكيف يتصور ذلك مع أنه يموت في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصى؟ فأجاب عليه السلام بان استناد القبض إلى جماعة بلا واسطة والى بعض بالواسطة فيندفع الاشكالان فتدبر حق التدبير. ( سلطان ).
2- الشحيح : البخيل جدا.
3- رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 231 بزيادة بعد ذلك في نحو 24 سطرا.

371 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة رفع اللّه (1) عنه عذاب القبر ».

372 - وقال الصادق عليه السلام : « من مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة أمن من ضغطة القبر ».

373 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « ليلة الجمعة ليلة غراء ويومها يوم أزهر وليس على وجه الأرض يوم تغرب فيه الشمس أكثر معتقا من النار من يوم الجمعة ، ومن مات يوم الجمعة كتب اللّه له براءة من عذاب القبر ، ومن مات يوم الجمعة أعتق من النار ».

374 - وقال الصادق عليه السلام : « ما من ميت يحضره الوفاة إلا رد اللّه عزوجل عليه من بصره وسمعه وعقله (2) آخذا للوصية أو تاركا وهي الراحة التي يقال لها : راحة الموت ».

وإذا حرك الانسان في حالة النزع يديه أو رجليه أو رأسه فلا يمنع من ذلك كما يفعل جهال الناس ، فإذا اشتد عليه نزع روحه حول إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه أو عليه. (3) ولا يمس في تلك الحالة (4) فإذا قضى نحبه فيجب (5) أن يقال : « إنا لله وإنا إليه راجعون ».

375 - وسئل الصادق عليه السلام « لأي علة يغسل الميت؟ قال : تخرج منه النطفة التي خلق منها تخرج من عينيه أو من فيه ، وما يخرج أحد من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة أو من النار ».

376 - وقال الصادق عليه السلام : « من مات محرما بعثه اللّه ملبيا ».

ص: 138


1- في بعض النسخ « دفع اللّه ».
2- حتى يوصى بوفاء الديون والعبادات وغيرها مما يريد.
3- كما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 125 عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « إذا عسر على الميت موته ونزعه قرب إلى مصلاه الذي كان يصلى فيه ».
4- أي حالة الاشتداد بل يترك بحاله. ( مراد )
5- أي لا ينبغي تركه.

377 - وقال عليه السلام : « من مات في أحد الحرمين (1) أمن من الفزع الأكبر يوم القيامة ».

378 - وقال عليه السلام : « المرأة إذا ماتت في نفاسها لم ينشر لها ديوان يوم القيامة ». (2)

379 - وقال عليه السلام : « موت الغريب شهادة ».

380 - وقال عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت » فقال : من قدم إلى قدم » (3).

381 - وقال عليه السلام : « إذا مات المؤمن بكت عليه بقاع الأرض التي كان يعبد اللّه عزوجل فيها ، والباب الذي كان يصعد منه عمله ، وموضع سجوده ».

382 - وقال الصادق عليه السلام : « من عد غدا من أجله (4) فقد أساء صحبة الموت ».

383 - و «دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على خديجة وهي لما بها (5)، فقال لها : الرغم منا ما نرى بك يا خديجة (6) فإذا قدمت على ضرائرك فأقرئهن السلام ، فقالت : من هن يا رسول اللّه؟ قال : مريم ابنة عمران ، وكلثم أخت موسى ، وآسية امرأة فرعون

ص: 139


1- يعنى مسجد الحرام ومسجد النبي صلى اللّه عليه وآله.
2- كناية عن أنها لا تحاسب لما طهرت بالمخاض أو بالنفاس عن الذنوب ، كما ورد في بعض الأحاديث.
3- أي لا يعلم أيكون موته في القدم الأولى أو الثانية أو ما بينهما.
4- أي من عمره.
5- أي في الحالة التي بها من النزع.
6- قوله « بالرغم منا » خبر قدم على المبتدأ وهو « ما نرى بك » لإفادة القصر أي ما نرى بك من المرض متلبسا بالرغم وخلاف المطلوب وهو خروجك ليس الا ذلك. وفى القاموس الرغم الكره ويثلث كالمرغمة ، رغمة - كعلمه ومنعه - : كرهه ، ويمكن أن يراد بالرغم خروجها من بينهم. وفى الصحاح : المراغمة : المغاضبة ، يقال : راغم فلان قومه إذا نابذهم وخرج عنهم. ( مراد )

قالت : بالرفاء يا رسول اللّه ». (1)

384 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : «ضمنت لستة الجنة : رجل خرج بصدقة فمات فله الجنة ، ورجل خرج يعود مريضا فمات فله الجنة ، ورجل خرج مجاهدا في سبيل اللّه فمات فله الجنة ، ورجل خرج حاجا فمات فله الجنة ، ورجل خرج إلى الجمعة فمات فله الجنة ، ورجل خرج في جنازة رجل مسلم فمات فله الجنة ». (2)

385 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « كرامة الميت تعجيله ». (3)

386 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا ألفين(4) منكم رجلا مات له ميت ليلا فانتظر به الصبح ، ولا رجلا مات له ميت نهارا فانتظر به الليل ، لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس ولا غروبها ، عجلوا بهم إلى مضاجعهم يرحمكم اللّه ، فقال الناس : وأنت يا رسول اللّه يرحمك اللّه ».

387 - وقال أبو جعفر عليه السلام : كان فيما ناجى به موسى بن عمران عليه السلام ربه عزوجل أن قال : يا رب ما بلغ من عيادة المريض من الاجر؟ قال : أوكل به ملكا يعوده في قبره إلى محشره ، قال : يا رب فما لمن غسل الموتى؟ قال : أغسله من ذنوبه

ص: 140


1- في النهاية في الحديث « نهى أن يقال للمتزوج بالرفاء والبنين » الرفاء : الالتيام والاتفاق والبركة والنماء ، وهو من قولهم رفأت الثوب - ا ه أي يكون التزويج مباركا مقرونا بالألفة والالتيام فإنها كلمة يقال في الجاهلية في التهنئة للمتزوج. فكما قال النبي لها : « على ضرائرك » استعارة ، قالت في الجواب : بالرفاء متناسبا.
2- هذه الطائف الستة داخلة في قوله تعالى « ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى اللّه ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على اللّه ».
3- أي تعظيمه واكرامه بتعجيل أمور دفنه وتجهيزه ومنها اعلام المؤمنين بموته كما في الكافي باب أن الميت يؤذن به الناس.
4- بالفاء بمعنى الوجدان ، وفى بعض النسخ بالقاف وعلى كل منهما يحمل على الاخبار والانشاء.

كيوم ولدته أمه»(1).

388 - وقال عليه السلام : « من غسل ميتا مؤمنا فأدى فيه الأمانة غفر اللّه له ، قيل : وكيف يؤدي فيه الأمانة؟ قال : لا يخبر بما يراه وحده (2) إلى أن يدفن الميت ».

389 - وقال الصادق عليه السلام : « أيما مؤمن غسل مؤمنا فقال إذا قلبه : « اللّهم هذا بدن عبدك المؤمن وقد أخرجت روحه منه وفرقت بينها فعفوك عفوك عفوك(3) » إلا غفر اللّه ذنوب سنة إلا الكبائر ».

390 - وقال الصادق عليه السلام : « ما من عبد مؤمن يغسل ميتا مؤمنا ويقول وهو يغسله : « رب عفوك عفوك » إلا عفى اللّه عنه » (4).

391 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « يغسل الميت أولى الناس به أو من يأمره الولي بذلك ». (5)

392 - وقال الصادق عليه السلام : « من غسل ميتا فستر وكتم خر من الذنوب كيوم ولدته أمه ». (6)

393 - وكتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام « كم

ص: 141


1- في بعض النسخ « كما ولدته أمه ».
2- الخبر مروى في الكافي والتهذيب إلى قوله « بما يراه » فيمكن أن يكون قوله « وحده - الخ » من كلام الصدوق - رحمه اللّه - ومعنى الجملة أن حد الاخفاء أوحد الرؤية كان إلى أن يدفن. وقد قرء بالتخفيف وجعل الواو جزء الكلمة بمعنى أنه يخبر أحدا بما يرى هو وحده دون غيره من خروج الفضلات والعيوب المستورة فمعنى « إلى أن يدفن » ظاهر لا غبار عليه.
3- أي أطلب عفوك له.
4- ظاهره العامل ويحتمل الميت والأعم تجوزا.
5- روى صدره الشيخ في التهذيب ج 1 ص 122 بسند فيه جهالة وعليه عمل الأصحاب.
6- المناسب تقديم هذا الخبر على سابقيه.

حد الماء الذي يغسل به الميت كما رووا أن الجنب يغتسل بستة أرطال من ماء (1) والحائض بتسعة أرطال (2) فهل للميت حد من الماء الذي يغسل به؟ فوقع عليه السلام حد غسل الميت يغسل حتى يطهر إن شاء اللّه تعالى »

وهذا التوقيع في جملة توقيعاته عندي بخطه عليه السلام في صحيفة.

394 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « لا يسخن الماء للميت ».

395 - وروي في حديث آخر : « إلا أن يكون شتاء باردا فتوقي الميت مما توقي منه نفسك ».

396 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تدعن ميتك وحده فإن الشيطان يعبث به في جوفه »(3).

397 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الميت يغسل في الفضاء؟ فقال : لا بأس وإن ستر بستر فهو أحب إلي ».

398 - وسأل عبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل أيصلح له أن ينظر إلى امرأته حين تموت ، أو يغسلها إن لم يكن عندها من يغسلها؟ والمرأة هل تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين يموت؟ فقال : لا بأس بذلك إنما [ لم ] يفعل ذلك أهل المرأة كراهية أن ينظر زوجها إلى شئ يكرهونه منها »(4).

399 - وسئل الصادق عليه السلام « عن فاطمة عليها السلام من غسلها؟ فقال : غسلها أمير المؤمنين عليه السلام لأنها كانت صديقة لم يكن ليغسلها إلا صديق ».

ص: 142


1- يحتمل أن يكون المراد بستة أرطال بالمدني حتى يكون تسعة بالعراقي ويوافق الصاع فلا ينافي ما سبق من أن الغسل بصاع. ( سلطان )
2- لعله مستند علي بن بابويه - رحمه اللّه - في غسل الحائض ص 91.
3- لعل المراد بعبث الشيطان ارسال الحيوانات والديدان إلى جوفه. ( المرآة ).
4- يجب المساواة في الذكورية والأنوثية في الغسل الا للزوجين واختلف الأصحاب في جوازه لهما فذهب جماعة إلى الجواز مطلقا تمسكا بأمثال هذا الخبر ، واعتبر بعضهم كونه من وراء الثياب ، وحملوا الاخبار المخالفة على الكراهة.

باب 24: المس

اشارة

ومن مس قطعة من جسد (1) أكيل السبع فعليه الغسل إن كان فيما مس عظم وما لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه في مسه ، ومن مس ميتة (2) فعليه أن يغسل يديه وليس عليه الغسل إنما يجب ذلك في الانسان وحده ، ومن مس ميتا قبل الغسل بحرارته فلا غسل عليه ، وإن مسه بعدما يبرد فعليه الغسل ، ومن مسه بعدما يغسل فليس عليه غسل.

400 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « مس الميت عند موته وبعد غسله والقبلة ليس بها بأس » (3).

ومن أصاب ثوبه جسد الميت فعليه أن يغسل ما أصاب الثوب منه (4).

وغاسل الميت يبدأ بكفنه فيقطعه ، يبدأ بالنمط (5) فيبسطه ويبسط عليه الحبرة وينثر عليه شيئا من الذريرة (6) ، ويبسط الإزار على الحبرة وينثر عليه شيئا من الذريرة ، ويبسط القميص على الإزار وينثر عليه شيئا من الذريرة ، ويأخذ جريدتين من النخل خضراوين رطبتين ، طول كل واحدة قدر عظم الذراع ، وإن كانت قدر ذراع فلا بأس أو شبر فلا بأس ، ويكتب على إزاره وقميصه وحبره والجريدتين : « فلان

ص: 143


1- أي من جسد الانسان.
2- أي غير الانسان وغسل اليد محمول على الملاقاة رطبا ، وقيل بالوجوب تعبدا.
3- هكذا في كثير من النسخ وفى التهذيب أيضا وفى بعض النسخ « بعد موته وعند غسله » فيمكن أن يكون المراد نفى الحرمة أو الكراهة لا نفى وجوب الغسل.
4- رواه الكليني في الحسن كالصحيح وحمل على الملاقاة رطبا أو على الاستحباب وقال بعضهم : لو احتاط بغسل الثوب في الملاقاة يابسا لكان أحسن.
5- النمط : ما يفرش من مفارش الصوف ، والمراد هنا ما يفرش تحت الكفن.
6- الذريرة - بفتح المعجمة - فتاة قصب الطيب وهو قصب يجاء به من الهند أو من ناحية نهاوند ، والمراد هنا الطيب المسحوق كما في المعتبر والتذكرة.

يشهد أن لا إله إلا اللّه » ويلفها جميعا (1).

[ وضع الجريدتين ]

[ وضع الجريدتين ] (2)

401 - وسئل الصادق عليه السلام « عن علة الجريدة ، فقال : إنه يتجافى عنه العذاب ما دامت رطبة ».

402 - و « مر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على قبر يعذب صاحبه فدعا بجريدة فشقها نصفين فجعل واحدة عند رأسه الأخرى عند رجليه » وروي « أن صاحب القبر كان قيس بن قهد الأنصاري ، وروي قيس بن قمير ، وأنه » قيل له : لم وضعتهما؟ فقال : إنه يخفف عنه العذاب ما كانتا خضراوين (3).

403 - وسئل الصادق عليه السلام « عن الجريدة توضع في القبر؟ فقال : لا بأس » (4).

يعني إن لم توجد إلا بعد حمل الميت إلى قبره أو يحضره من يتقيه فلا يمكنه وضعهما على ما روي ، فيجعلهما معه حيث أمكن.

404 - وكتب علي بن بلال (5) إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام : « الرجل يموت في بلاد ليس فيها نخل فهل يجوز مكان الجريدة شئ من الشجر غير النخل فإنه قد روي عن آبائكم عليهم السلام أنه يتجافى عنه العذاب ما دامت الجريدتان رطبتين وأنها

ص: 144


1- قال بعض الشراح : الموجود عندنا من الاخبار أن الصادق عليه السلام كتب في حاشية كفن ابنه إسماعيل يشهد أن لا إله إلا اللّه ويمكن اطلاق الكفن على الثلاثة لكن الجريدة التي ذكرها الصدوق - رحمه اللّه - وتبعه الأصحاب وكتابة شهادة الرسالة و الإمامة لم نطلع على مستندهما ولعله يكون لهم مستند وروى الكفعمي كتابة الجوشن الكبير والسيد بن طاوس كتابة الصغير على الكفن.
2- العنوان منا أضفناه للتسهيل.
3- روى النسائي نحوه في السنن ج 4 ص 106 باب وضع الجريدة على القبر.
4- قال الفاضل التفرشي : يستفاد منه أنه إذا نسي جعل الجريدة مع الميت جعل بعد الدفن في قبره كيف ما كانت.
5- طريقه إلى علي بن بلال حسن كما في ( صه ) لان فيه إبراهيم بن هاشم.

تنفع المؤمن والكافر؟ فأجاب عليه السلام : يجوز من شجر آخر رطب ».

ومتى حضر غسل الميت قوم مخالفون وجب أن يقع الاجتهاد في أن يغسل غسل المؤمن وتخفى الجريدة عنهم (1).

405 - وروي عن يحيى بن عباد الملكي أنه قال : « سمعت سفيان الثوري يسأل أبا جعفر عليه السلام عن الخضير فقال : إن رجلا من الأنصار هلك فأوذن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بموته ، فقال لمن يليه من قرابته : خضروا صاحبكم ما أقل المخضرين يوم القيامة ، قال (2) : وما التخضير؟ فقال : جريدة خضراء (3) توضع من أصل اليدين إلى أصل الترقوة » (4).

406 - وسأل الحسن بن زياد (5) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الجريدة التي تكون مع الميت ، فقال : تنفع المؤمن والكافر » (6).

407 - وقال زرارة : قلت لأبي جعفر عليه السلام : أرأيت الميت إذا مات لم تجعل معه الجريدة؟ فقال : يتجافى عنه العذاب والحساب ما دام العود رطبا إنما الحساب والعذاب كله في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم (7) وإنما

ص: 145


1- قال السيد المرتضى - رحمه اللّه - في الانتصار : مما انفردت به الإمامية استحبابهم أن يدرج مع الميت في أكفانه جريدتان خضراوان رطبتان من جرائد النخل طول كل واحد عظم الذراع. وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يعرفوه. دليلنا على ذلك الاجماع المتقدم ثم قال : وقد روى من طرق معروفة أن سفيان الثوري ثم ذكر الخبر الآتي تحت رقم 405.
2- كذا. وفى الانتصار « قالوا ».
3- جنس لا ينافي الكثرة والقرينة « توضع من أصل اليدين ».
4- الترقوة : العظم الذي في أعلى الصدر بين ثغرة النحر والعاتق.
5- طريقه إلى الحسن بن زياد فيه علي بن الحسين السعد آبادي وهو غير مصرح بالتوثيق وفيه أيضا أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه. ( صه )
6- انتفاع الكافر بها بتخفيف العذاب في القبر لا ينافي قوله تعالى : « لا يخفف عنهم العذاب » فإنه عذابه جهنم.
7- الطريق صحيح ويدل على أن العذاب في القبر في ساعة واحدة وينافى بظاهره ما تضمنه كثير من الاخبار من اتصال نعيم القبر وعذابه إلى يوم القيامة ، اللّهم الا ان يجعل اتصال العذاب مختصا بالكافر كما تضمنه بعض الأخبار كذا ذكره شيخنا البهائي ، وقيل : المراد أن عذاب الروح في بدنه الأصلي يوم يرجع إليه يكون في ساعة واحدة. هذا ، ويمكن أن يكون المراد أن ابتداء جميع أنوع العذاب وأقسامه في الساعة الأولى فإذا لم يبتدء فيها يرتفع العذاب رأسا ( المرآة ) أقول : لعل المراد ملازمة الحساب والعذاب وعدم انفكاكهما ، لا الحد الزماني للعذاب.

جعلت السعفتان (1) لذلك فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفوفهما إن شاء اللّه تعالى

[ التكفين وآدابه ]

[ التكفين وآدابه ] (2)

408 - وقال الصادق عليه السلام : « تنوقوا (3) في الأكفان فإنهم يبعثون بها » (4).

409 - وقال عليه السلام : « أجيدوا أكفان موتاكم فإنها زينتهم ».

410 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « إذا كفنت الميت فإن استطعت أن يكون في كفنه ثوب كان يصلي فيه نظيفا فافعل ، فإنه يستحب أن يكفن فيما كان يصلي فيه » (5).

ص: 146


1- أريد بهما الجريدتان توسعا ، وذلك إشارة إلى رفع العذاب رأسا حيث إنهما ما - دامتا رطبتين لا يكون عذاب وبعد جفوفهما ينتهى زمان الحساب والعذاب. ( مراد ).
2- العنوان زيادة منا للتسهيل.
3- أي اطلبوا أحسنها وأجودها من قولهم تنوق في مطعمه وملبسه أي تجود وبالغ. وفى الكافي ج 3 ص 149 « تنوقوا في الأكفان فإنكم تبعثون بها ».
4- قيل : ظاهره ينافي ما ورد « انهم يحشرون حفاة عراة » وظاهر قوله تعالى « كما بدأكم تعودون » ويمكن أن يكون الحشر في الأكفان بالنسبة إلى الناجي وهم الشيعة أو إلى الصلحاء منهم أو يختلف بالنظر إلى أحوالها بان يحشروا عراة أولا ثم يكسون. (م ت).
5- يمكن أن يقرء على البناء للفاعل ليكون تأكيدا للأول وبيانا للاستحباب وهو الأظهر وأن يقرء للبناء للمفعول فيكون مستحبا آخر أعم من أن يكون هو يصلى فيه أو غيره وإن كان إذا صلى فيه هو أفضل (م ت).

ولا يجوز أن يكفن الميت في كتان ولا إبريسم ، ولكن في القطن (1).

411 - وقال الصادق عليه السلام : « الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون به والقطن لامة محمد صلى اللّه عليه وآله ».

412 - وسئل أبو الحسن الثالث عليه السلام « عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب (2) اليماني من قز وقطن هل يصلح أن يكفن فيها الموتى؟ فقال : إذا كان القطن أكثر من القز فلا باس ».

413 - وسئل موسى بن جعفر عليهما السلام « عن رجل اشترى من كسوة الكعبة شيئا فقضى ببعضه حاجته وبقي بعضه في يده هل يصلح بيعه؟ فقال : يبيع ما أراد ، ويهب ما لم يرده ، ويستنفع به ، ويطلب بركته ، قيل : أيكفن فيه الميت؟ قال : لا ».

414 - وقال الصادق عليه السلام : « ينبغي أن يكون القميص للميت غير مكفوف ولا مزرر » (3).

415 - وسئل الصادق عليه السلام « عن الرجل يكون له القميص أيكفن فيه؟ فقال : اقطع أزاره ، قلت : وكمه؟ قال : لا إنما ذلك إذا قطع له وهو جديد لم يجعل له أكمام فأما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه إلا الازرار ».

فإذا فرغ غاسل الميت من أمر الكفن وضع الميت على المغتسل مستقبل القبلة

ص: 147


1- المشهور بين الأصحاب اشتراط كون الكفن من جنس ما يصلى فيه الرجال وكراهة الكتان والسواء ، واستحباب القطن الأبيض. (م ت).
2- العصب - بالمهملتين واسكان ثانيها - ضرب من برود اليمن سمى بذلك لأنه يصنع من العصب وهو نبت باليمن ( التذكرة ) وفى بعض النسخ « القصب » وهو ثياب ناعمة ، وفى النهاية : العصب : برود يمنية يعصب غزلها أي يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي موشيا لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغ.
3- في القاموس كفة القميص - بالضم - : ما استدار حول الذيل أو كل ما استطال كحاشية الثوب والرمل وحرف الشئ لان الشئ إذا انتهى إلى ذلك كف عن الزيادة ومن الثوب طرته العليا التي لا هدب فيها وحاشية كل شئ. والمزرر في بعض النسخ « المزرور ».

ونزع القميص من فوقه إلى سرته ويتركه إلى أن يفرغ من غسله ليستر به عورته فإن لم يكن عليه قميص ألقى على عورته ما يسترها به ويلين أصابعه برفق ، فإن تصعبت عليه تركها ، ويسمع يده على بطنه مسحا رفيقا ، ثم يبدأ بيديه فيغسلهما بثلاث حميديات (1) بماء السدر ، ثم يلف على يده اليسرى خرقه يجعل عليها شيئا من الحرض - وهو الأشنان - ويدخل يده تحت الثوب ويصب عليه غيره الماء من فوق إلى سرته ، ويغسل قبله ودبره ولا يقطع الماء عنه ، ثم يغسل رأسه ولحيته برغوة السدر ، وبعده بثلاث حميديات ، ولا يقعده ، ثم يقلبه إلى جانبه الأيسر ليبدو له الأيمن ، ويمد يده اليمنى على جنبه الأيمن إلى حيث بلغت ، ثم يغسله بثلاث حميديات من قرنه إلى قدمه (2) ، ولا يقطع الماء عنه ، ثم يقلبه إلى جانبه الأيمن ليبدو له الأيسر ، ويمد يده اليسرى على جنبه الأيسر إلى حيث بلغت ، ثم يغسله بثلاث حميديات من قرنه إلى قدمه ، ولا يقطع الماء عنه ، ثم يقلبه عن ظهره ، ويمسح بطنه مسحا رفيقا ويغسله مرة أخرى بماء وشئ من جلال الكافر (3) مثل الغسلة الأولى ، ثم يخضخض الأواني التي فيها الماء (4) ويغسله الثالثة بماء قراح (5) ولا يمسح بطنه ثالثة ، ويقول عند غسله : « اللّهم عفوك عفوك » فإنه من

ص: 148


1- الحميديات : الأباريق الكبيرة في الغاية.
2- أي من رأسه إلى قدمه بناء على أنه لا ترتيب بين الرأس والبدن ، ويحتمل أن يكون المراد بالقرن انتهاؤه وهو الرقبة ، وفى بعض النسخ « إلى قدميه »
3- جلال الكافور : القليل منه واليسير ، وقيل. كثيره بشرط أن لا يخرجه من الاطلاق.
4- الخضخضة : تحريك الماء والسويق ونحوه. ولعل المراد قلبها وإراقة مائها - ليصفو الماء المصبوب فيها للغسل الثالث. ( مراد )
5- الترتيب في المياه واجب لظاهر خبر الكليني ( المروى في الكافي ج 3 ص 139 ) وقال في الذكرى : « يلوح من كلام ابن حمزة استحباب الترتيب للأصل وحمل الروايات على الندب ، قلنا إن المذكور في بيان الواجب ظاهره الوجوب ». والقراح - بفتح القاف - : الخالي عن الخليطين وهو الخالص.

فعل ذلك عفى اللّه عنه.

والكافور السائغ للميت وزن ثلاثة عشر درهما وثلث (1) والعلة في ذلك :

416 - « ان جبرئيل عليه السلام أتى النبي صلى اللّه عليه وآله بأوقية كافور من الجنة - والأوقية أربعون درهما - فجعلها النبي صلى اللّه عليه وآله ثلاثة أثلاث : ثلثا له ، وثلثا لعلي عليه السلام ، وثلثا لفاطمة عليها السلام ».

ومن لم يقدر على وزن ثلاثة عشر درهما وثلث كافورا حنط الميت بوزن أربعة مثاقيل ، فإن لم يقدر فمثقال ، لا أقل منه لمن وجده.

وحنوط الرجل والمرأة سواء غير أنه يكله أن يجمر (2) أو يتبع بمجمرة و لكن يجمر الكفن (3) ، ويجمل الكافور على بصره وأنفه وفي مسامعه وفيه ويديه وركبتيه ومفاصله كلها وعلى أثر السجود منه (4) ، فأن بقي منه شئ جعل على صدره.

ص: 149


1- وهل ذلك كله للحنوط أو بعضه للحنوط؟ قال علي بن بابويه بالأول فإنه قال : إذا فرغت من كفنه حنطه بوزن ثلاثة عشر درهما وثلثا وبه قال أبو الصلاح وهو قول المفيد كما نقل في المختلف.
2- الظاهر أن الاستثناء منقطع ويكره التجمير مطلقا ويحتمل أن يكون المراد كراهة تجمير الرجل فيكون الاستثناء متصلا ( سلطان ) وقال المجلسي (رحمه الله) : المشهور أن تجمير الكفن مكروه سواء كان الميت رجلا أو امرأة.
3- المشهور كراهة تجمير الكفن ففي الكافي باسناده « عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : لا تجمروا الأكفان ولا تمسحوا موتاكم بالطيب الا بالكافور » وفيه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن النبي صلى اللّه عليه وآله نهى أن تتبع جنازة بمجمرة ».
4- الظاهر أنه لا خلاف في حنوط المساجد السبعة بل نقل عليه الاجماع واستدل عليه باخبار تشكل استفادة الوجوب منها لعدم دلالتها أو لاشتمالها غلى ما لا يلتزمون به أو لقصورها عن إفادة الوجوب أو لضعف سندها ولولا الاجماع المحصل والمنقول لكان استفادة الوجوب عن النصوص مشكلة. هذا في المواضع السبعة وأما الزائد عليها فمروى في أخبار يعارضها أخبار أخر بالنهي وما عثرت على قول بوجوبه. نعم بعد القول بالوجوب في المساجد السبعة لا يبعد وجوب مسح الانف كما ذهب إليه المفيد والعلامة في المنتهى وهذا كله إذا لم يكن الميت محرما والا فلا يقربه الكافور.

فإذا فرغ الغاسل من الغسلة الثالثة فليغسل يديه من المرفقين إلى الأصابع و ألقى على الميت ثوبا ينشف به الماء عنه (1).

ولا يجوز (2) أن يدخل الماء الذي ينصب عن الميت من غسله في بئر كنيف ، وليكن ذلك في بلاليع أو حفيرة (3).

ولا يجوز أن يقلم أظافيره ، ولا يجز شاربه ، ولا شيئا من شعره ، فإن سقط منه شئ جعل معه في أكفانه ، ثم يغتسل الغاسل يبده بالوضوء (4) ثم يغتسل ، ثم يضع الميت في أكفانه ويجعل الجريدتين معه ، إحداها من عند الترقوة يلصقها بجلده ويمد عليه قميصه من الجانب الأيمن ، والجريدة الأخرى عند وركه من الجانب الأيسر (5) ما بين القميص والإزار ، ثم يلفه في إزاره وحبره ، ويبدأ بالشق الأيسر فيمده على الأيمن ثم يمد الأيمن الأيسر ، وان شاء لم يجعل الحبرة معه حتى يدخله قبره فيلقيه عليه ويعممه ويحنكه ولا يعممه عمة الاعرابي (6)

ص: 150


1- كما في الكافي ج 3 ص 142 في خبر يونس.
2- الظاهر أن مراده الكراهة ويحتمل الحرمة كما يظهر من خبر الكافي ج 3 ص 151 عن أبي محمد عليه السلام في توقيعه إلى الصفار جوابا لسؤاله.
3- البلاليع : جمع بالوعة والمشهور كراهة ارسال ماء الغسل في الكنيف الذي يجرى إليه البول والغائط.
4- قد عد من الأغسال المندولة الغسل لتكفين الميت وذكره شيخنا الشهيد في الذكرى فلا يتوهمن انصراف الاغتسال للتكفين في كلام الصدوق - رحمه اللّه - إلى غسل مس الميت الذي هو من الأغسال الواجبة على الأصح الأشهر. ( م ح ق )
5- هذا مخالف للمشهور إذ المشهور في الأخرى في الأيسر عند الترقوة إلى ما بلغت من فوق القميص كما في رواية جميل بن دراج ، وفى المحكى عن الغنية « يجعل إحداهما مع جانب الميت الأيمن ، قائمة من ترقوته ، ملصقة بجلده ، والأخرى من الجانب الأيسر كذلك الا أنها بين الدرع والإزار ».
6- أي بلا حنك. وقالوا : الأولى كونه بمقدار يدار على رأس الميت ويجعل طرفاه تحت حنكه على الصدر ، الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن من الصدر.

ويلقي طرفي العمامة على صدرة ، وقبل أن يلبسه قميصه يأخذ شيئا من القطن وينثر عليه ذريرة ويحشو به دبره ، ويجعل من القطن شيئا على قبله ، ويضم رجليه جميعا ، ويشد فخذيه إلى وركه بالمئزر شدا جيدا لئلا يخرج منه شئ.

فإذا فرغ من تكفينه حنطه بما ذكرته من الكافور (1) ثم يجعل على سريره ويحمل إلى حفرته. ولا يجوز أن يقال : ارفقوا به أو ترحموا عليه ، أو يضرب أحد يده على فخذيه عند المصيبة فيحبط أجره. (2)

فإن خرج منه شئ بعد الغسل فلا يعاد غسله لكن يغسل ما أصاب الكفن إلى أن يوضع في اللحد ، فإن خرج منه شئ في لحده لم يغسل كفنه ولكن يقرض من كفنه ما أصابه الشئ الذي خرج منه (3) ، ويمد أحد الثوبين على الآخر.

ص: 151


1- لعله أراد بالتكفين تهيئته والقاء الميت عليه قبل أن يلفه في ازاره وحبره إذ لا يعقل التحنيط بعد اللف. ( مراد ).
2- كما في رواية عبد اللّه بن الفضل الهاشمي عن الصادق عليه السلام قال : « ثلاثة لا أدرى أيهم أعظم جرما : الذي يمش خلف جنازة في مصيبة غيره بلا رداء ، أو الذي يضرب يده على فخذه عند المصيبة أو الذي يقول : ارفقوا به أو ترحموا عليه يرحمكم اللّه ». ورواه الشيخ أيضا عنه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله. وذلك لان الناس يضعون الرداء في مصيبة الغير ليراؤون الحزن كذبا ويتقربون بذلك إلى صاحب المصيبة فنهى عنه بقوله صلى اللّه عليه وآله « ملعون ملعون من وضع رداءه في مصيبة غيره » وخص وضع الرداء بالمصاب فقط وقال : « ينبغي لصاحب الجنازة أن لا يلبس رداء وأن يكون في قميص حتى يعرف ». وأما قوله « ارفقوا به وترحموا » هذا أيضا نهى عما فعلوه بالجنائز حيث كانوا يضعونه على شفير القبر وأخروا الدفن وينادى عليه رجل « ارفقوا به وترحموا عليه » والسنة في ذلك تعجيل الدفن والدعاء للميت باللّهم اغفر له واللّهم ارحمه وأمثال ذلك مما ورد. فالمراد بالرفق عدم الاستعجال في الدفن ، وأما ضرب اليد على الفخذ فهو موجب لاحباط الاجر كما جاءت به الاخبار.
3- كما في الكافي ج 3 ص 156. وقال أكثر الأصحاب بوجوب الغسل ما لم يطرح في القبر وبوجوب القرض بعده ونقل عن الشيخ - رحمه اللّه - أنه أطلق قرض المحل.

417 - وقال الصادق عليه السلام : « من كفن مؤمنا فكأنما ضمن كسوته إلى يوم القيامة ، ومن حفر لمؤمن قبرا فكأنما بوأه بيتا موافقا إلى يوم القيامة ».

والجنب إذا مات غسل غسلا وحدا يجزي عنه لجنابته ولغسل الميت لأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة. (1)

418 - وسأل أبو الجارود أبا جعفر عليه السلام « عن الرجل يتوفى أتقلم أظافيره و ينتف إبطاه ، وتحلق عانت أطالت به من المرض؟ (2) فقال : لا ».

وإذا أسقطت المرأة وكان السقط تاما غسل حنط وكفن ودفن ، وإن لم يكن تاما فلا غسل عليه ويدفن بدمه ، وحد تمامه إذا أتى عليه أربعة أشهر.

والكفن المفروض ثلاثة : قميص وإزار ولفافة سوى العمامة والخرقة فلا يعدان من الكفن (3) فمن أحب أن يزيد زاد لفافتين حتى يبلغ العدد خمسة أثواب فلا بأس (4).

419 - و « كفن النبي صلى اللّه عليه وآله في ثلاث أثواب : في بردتين ظفريتين (5) من ثياب اليمن ، وثوب كرسف ، وهو ثوب قطن ».

420 - وروي أنه « حنط بمثقال مسك سوى الكافور ».

ص: 152


1- كما في خبر زرارة المروى في التهذيب ج 1 ص 122 فما ورد بالغسل من الجنابة محمول على التقية أو الاستحباب. وقوله : « حرمتان » أي أمران لا يحل تركهما اجتمعا في امر واحد لا يحل تركه.
2- في بعض النسخ « وان طال به المرض ». والمشهور كراهة حلق رأسه وعانته وتسريح لحيته وقلم أظفاره ، وحكم ابن حمزة بالتحريم وحمل كلامه على تأكد الكراهة.
3- المشهور أنهما لا يعدان من الكفن الواجب بل هما مستحبان لأنهما لا يسميان كفنا في النصوص. ومن فائدة عدم عدهما كفنا أنه لو سرقهما سارق لم يقطع لان القبر حرز الكفن لا غير. وكذا تظهر الفائدة في النذر.
4- كما في خبر زرارة في التهذيب ج 1 ص 83.
5- نسبة إلى ظفر - بكسر الفاء - : حصن باليمن.

421 - وقال الصادق عليه السلام « كتب أبي عليه السلام في وصيته أن أكفنه في ثلاثة أثواب : أحدها برد له حبرة كان يصلي فيه يوم الجمعة ، وثوب آخر ، وقميص ».

422 - وسئل موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يموت أيكفن في ثلاث أثواب بغير قميص؟ قال : لا بأس بذلك والقميص أحب إلي ».

423 - وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام : عن المرأة إذا ماتت في نفاسها كيف تغسل؟ (1) قال : تغسل مثل ما تغسل الطاهرة وكذلك الحائض وكذلك الجنب إنما يغسل غسلا واحدا. (2)

424 - وسئل أبو الحسن الثالث عليه السلام « هل يقرب إلى إلى المسك والبخور قال : نعم ». (3)

425 - وقال الصادق عليه السلام : « المرأة إذا ماتت نفساء وكثر دمها أدخلت إلى السرة في الادم (4) أو مثل الادم ، وتنظف ثم يحشى القبل والدبر ثم تكفن بعد ذلك ».

426 - وسئل الصادق عليه السلام « عن المرأة تموت مع رجال ليس معهم ذو محرم هل يغسلونها وعليها ثيابها؟ فقال : إذا يدخل ذلك عليهم ، ولكن يغسلون كفيها ». (5)

ص: 153


1- أي من دون أن يكون أحدها قميصا. ( مراد )
2- الحائض والجنب إذا ماتا غسلا كغيرهما من الأموات وقيل : عليه اجماع أهل العلم سوى الحسن البصري.
3- ظاهره يعارض ما مر ( ص 149 ) ويدل على أن أخبار النهى محمول على الكراهة ، مع أنها يمكن حملها على التقية. (م ت)
4- لعل ذلك لئلا يتعدى الدم الكفن ، والظاهر كونه بعد التنظيف والغسل والاحتشاء. والادم - بفتحتين - اسم جمع لاديم وهو الجلد المدبوغ.
5- قوله « إذا يدخل عليهم » ظاهره أن تغسيلها يصير منقصة عليهم حيث فعلوا ما لا ينبغي فعله بالنسبة إليهم ، إذ ذلك لا يخلو غالبا عن رؤية ما لا ينبغي رؤيته ومس ما لا ينبغي مسه. والدخل - بالتحريك - : العيب والريبة - وهي بالكسر - التهمة والشك ، ويمكن رجع الضمير إلى الرجال والميت جميعا من باب التغليب ( مراد ) وقال الشيخ البهائي في الحبل المتين : « يدخل » للبناء المفعول أي يعاب ، والدخل - بالتحريك - : العيب ، والضمير في « عليهم » راجع إلى أقارب المرأة لدلالة ذكر « عليهم ». وتقرأ للبناء للفاعل ويجعل الإشارة إلى التلذذ وضمير « عليهم » إلى الرجال الذين يغسلونها - انتهى -. وأما غسل الكفين فليس ممنوعا شرعا لان الكف موضع لا تجب على المرأة سترها في حال الصلاة.

427 - وسأله عبد اللّه بن أبي يعفور « عن الرجل يموت في السفر مع النساء وليس معهن رجل كيف يصنعن به؟ قال : يلففنه لفا في ثيابه ويدفنه ، ولا يغسلنه ». (1)

428 - وسأله الحلبي « عن المرأة تموت في السفر وليس معها ذو محرم ولا نساء قال : تدفن كما هي بثيابها (2) ، والرجل يموت وليس معه إلا النساء ليس معهن رجال؟ قال : يدفنه كما هو بثيابه ».

429 - وسأله أبو النمير مولى الحارث بن المغيرة فقال : « حدثني عن الصبي إلى كم تغسله النساء؟ فقال : إلى ثلاث سنين ».

ص: 154


1- الطريق صحيح وقيل : حسن وفى معناه أخبار صحيحة. والمشهور سقوط وجوب الغسل عند فقد المماثل لظاهر الاخبار وحكى عن الشيخ والحلبي ايجاب التغسيل من وراء الثياب لروايات اخر منها رواية جابر عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل مات ومعه نسوة ليس معهن رجل؟ قال : يصببن عليه الماء من خلف الثوب ويلففنه في أكفانه من تحت الستر ويصببن عليه صبا ويدخلنه في قبره ، والمرأة تموت مع الرجال ليس معهم امرأة؟ قال : يصبون الماء من خلف الثوب ويلفونها في أكفانها ويصلون ويدفنون » التهذيب ج 1 ص 2. وحمل على الاستحباب جمعا. واستبعده بعض أعلام المعاصرين.
2- هذا مختار الشيخ في المبسوط والخلاف والنهاية ، وقيل : جاز للأجانب تغسيل الأجنبية من فوق الثياب مع فقد المماثل وذي الرحم وكذا العكس وهو ظاهر المفيد وقال أبو الصلاح وابن زهرة مع تغميض العين. ( سلطان ).

وذكر شيخنا محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه - في جامعه في الجارية تموت مع الرجال في السفر قال : إذا كانت ابنة أكثر من خمس سنين أو ست دفنت ولم تغسل ، وإذا كانت ابنة أقل من خمس سنين غسلت ، وذكر عن الحلبي حديثا في معناه عن الصادق عليه السلام.

430 - وسأله منصور بن حازم « عن الرجل يسافر مع امرأته فتموت أيغسلها؟ قال : نعم وأمه وأخته ونحوهما يلقي على عورتها خرقة ويغسلها ».

431 - وسأله سماعة بن مهران « عن رجل مات وليس معه إلا نساء ، فقال : تغسله امرأة ذات محرم منه وتصب النساء عليه الماء ولا تخلع ثوبه ، وإن كانت امرأة ماتت مع رجال وليس معهم امرأة ولا محرم لها فلتدفن كما هي في ثيابها ، وإن كان معها ذو محرم لها غسلها من فوق ثيابها ».

432 - وسأله عمار الساباطي « عن الصبية لا تصاب امرأة تغسلها (1) قال : يغسلها أولى الناس بها من الرجال ».

433 - وسأله « عن الرجل المسلم يموت في السفر وليس معه رجل مسلم ، ومعه رجال نصارى وعمته وخالته مسلمتان كيف يصنع في غسله؟ قال : تغسله عمته وخالته في قميصه ولا تقربه النصارى. وعن المرأة تموت في السفر وليس معها امرأة مسلمة ومعها نساء نصارى ومعها عمها وخالها مسلمان؟ فقال : يغسلانها ولا تقربها النصرانية غير أنه يكون عليها درع فيصب الماء من فوق الدر ».

434 - وسأله (2) « عن النصراني يكون في السفر وهو مع المسلمين فيموت قال : لا يغسله مسلم ولا يدفنه ، ولا كرامة ، ولا يقوم على قبره وإن كان أباه » (3).

ص: 155


1- « لا تصاب » على صيغة المجهول بمعنى ادراك الشئ ووجد انه ، لا توجد امرأة. ( م ح ق ).
2- روى الكليني - رحمه اللّه - في الكافي ج 3 ص 159 عن عمار الساباطي عن الصادق عليه السلام هذه المسائل الثلاث كلها وغيرها مما يأتي في خبر واحد عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار.
3- أي لا يصلى عليه ولا يدعو له عند قبره ولا يزوره.

435 - وسأله المفضل بن عمر فقال له : « جعلت فداك ما تقول في المرأة تكون في السفر مع الرجال ليس فيهم لها ذو محرم ولا معهم امرأة فتموت المرأة ما يصنع بها؟ قال : يغسل منها ما أوجب اللّه عليه التيمم ولا تمس ولا يكشف لها شئ من محاسنها التي أمر اللّه عزوجل بسترها (1) ، فقال له : كيف يصنع بها؟ قال : يغسل باطن كفيها ثم يغسل وجهها ثم يغسل ظهر كفيها » (2).

436 - وسأله عمار بن موسى الساباطي « عن رجل مات وليس معه رجل مسلم ولا أمرة مسلمة من ذوي قرابته ومعه رجال نصارى ونساء مسلمات ليس بينهن وبينه قرابة؟ قال : يغتسل النصراني (3) ثم يغسله ، فقد اضطر » (4).

437 - وسأله « عن المرأة المسلمة تموت وليس معها امرأة مسلمة ولا رجل مسلم من ذوي قرابتها ومعها نصرانية ورجال مسلمون؟ فقال : تغتسل النصرانية ثم تغسلها ».

وخمسة ينتظر بهم ثلاثة أيام إلا أن يتغيروا (5) : الغريق ، والمصعوق ،

ص: 156


1- المحاسن المواضع الحسنة من البدن ، الواحدة محسن - كمقعد - أولا واحد له أو : جمع حسن - بضم الحاء وسكون السين - من غير قياس. ( القاموس ).
2- استدل بهذا الخبر على عدم وجوب ستر الوجه والكفين وكذا عدم وجوب الغض عنها ، وكذا قيل : لا منافاة بينه وبين آية الحجاب لأن النساء قبل نزولها كن مكشوفات الأعناق والصدور والأكتاف فلما نزلت الآية أمرن بسترها الا الوجه والكفين ، واستدلوا لهذا أيضا بقوله تعالى : « الا ما ظهر منها ».
3- لعل المراد إزالة الأوساخ من الخمر وغيرها لعدم اجتنابهم عنها.
4- هذا مخالف للمشهور من نجاسة أهل الكتاب ولا ينفع اغتسالهم ومن امتناع نية القربة في حقهم ولهذا لم يعمل به بعضهم ، ومن قال بطهارتهم أو قال بعدم وجوب النية في غسل الميت كان أمره أسهل ، والظاهر الجواز وان قلنا بنجاستهم وبوجوب النية للنص و حكم الصدوقين بصحته مع عمل معظم الأصحاب مع أنه مضطر كما في الخبر. (م ت)
5- أي تغيرا لا يحتمل معه الحياة كتغير الريح وحدوث علامات الموت ونفخ البطن وأمثالها. ( مراد ).

والمبطون ، والمهدوم ، والمدخن (1).

والمجدور (2) إذا مات يصيب عليه الماء صبا (3) إذا خيف أن يسقط من جلده شئ عند المس وكذلك الكسير والمحترق والذي به القروح.

438 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إذا مات الميت في البحر غسل وحنط وكفن ، ثم يوثق في رجله حجر ويرمى به في الماء ».

439 - وقد روي أنه « يجعل في خابية ويوكى رأسها (4) ويرمى بها في الماء » هذا كله إذا لم يقدر على الشط (5).

440 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام (6) : « المرجوم والمرجومة يغسلان ويحنطان ويلبسان الكفن (7) قبل ذلك ، ثم يرجمان ويصلى عليهما. والمقتص منه بمنزلة ذلك

ص: 157


1- كما في رواية إسماعيل بن عبد الخالق عن الصادق عليه السلام المروية في الكافي ج 3 ص 210 والتهذيب ج 1 ص 96 والمصعوق : من أصابته الصاعقة والذي غشى عليه ، والمدخن من مات بسبب الدخان.
2- المجدور من به الجدري أي ما يقال بالفارسية ( آبله ).
3- أي لا يمس جسده ولا يدلك بل يكتفى بالصب لخوف تناثر جلده عند الدلك وفى المنتهى : « ويصب الماء على المحترق والمجدور وصاحب القروح ومن يخاف تناثر جلده من المس لأجل الضرورة ، ولو خيف من ذلك أيضا يمم بالتراب لأنه محل الضرورة ». وقال الشهيد في الذكرى : يلوح من الاقتصار على الصب الاجزاء بالقراح لان المائين الآخرين لا يتم فائدتهما بدون الدلك غالبا وحينئذ فالظاهر الاجزاء لان الامر لا يدل على التكرار. أقول: يظهر من سياق الخبر ما ذكره لكن التمسك بعدم الفائدة غير تام.( المرآة).
4- الخابية : الحب وأصلها الهمز من « خبأت » الا أن العرب تركت همزها.
5- الشط : جانب البحر ، أو جانب النهر ، أو جانب الوادي.
6- الخبر في الكافي ج 3 ص 214 والتهذيب ج 1 ص 95 مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
7- المشهور بين الأصحاب أنه يجب أن يؤمر من وجب عليه القتل بان يغتسل وظاهرهم غسل الأموات ثلاثا بخليطين وبان يحنط كما صرح به الشيخ وأتباعه. وزاد ابنا بابويه والمفيد تقديم التكفين أيضا والمستند هذا الخبر ، وقال في المعتبر ان الخمسة واتباعهم أفتوا بذلك ولا نعلم للأصحاب فيه خلافا ، ولا يجب تغسيله بعد ذلك ، وفى وجوب الغسل بمسه بعد الموت اشكال وذهب أكثر المتأخرين إلى العدم لان الغسل إنما يجب بمس الميت قبل غسله وهذا قد غسل. ( المرآة ).

يغسل ويحنط ويلبس الكفن ثم يقاد ويصلى عليه ».

فإذا كان الميت مصلوبا أنزل عن الخشبة بعد ثلاثة أيام وغسل وكفن ودفن ولا يجوز صلبه أكثر من ثلاثة أيام (1).

441 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يأكله السبع أو الطير فتبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال : يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن » (2).

442 - وفي خبر آخر « إن عليا عليه السلام لم يغسل عمار بن ياسر ولا هاشم ابن عتبة - وهو المرقال - ودفنهما في ثيابهما بدمائهما ولم يصل عليهما » (3).

هكذا روى ، لكن الأصل أن لا يترك أحد من الأمة إذا مات بغير صلاة.

ص: 158


1- كما في رواية السكوني في الكافي ج 3 ص 216 و ج 7 ص 269.
2- عليه عمل الأصحاب إذا كان مجموع العظام كما هو ظاهر الجمع المضاف أو إذا كان عظام الصدر (م ت) أقول : رواه الكليني ج 3 ص 212 وزاد « إذا كان الميت نصفين صلى على النصف الذي فيه القلب ».
3- نقل الشيخ - رحمه اللّه - هذا الخبر في التهذيب ج 1 ص 345 والاستبصار ج 1 ص 469 باسناده عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام وقال : ما تضمن هذا الخبر من أنه لم يصل عليهما وهم من الراوي لأنا قد بينا وجوب الصلاة على كل ميت وهذه مسألة اجماع من الفرقة المحقة ، ويجوز أن يكون الوجه حكاية ما يرويه بعض العامة عن أمير المؤمنين عليه السلام فكأنه المحقة ، ويجوز أن يكون الوجه حكاية ما يرويه بعض العامة عن أمير المؤمنين عليه السلام فكأنه قال : « انهم يروون عن علي عليه السلام أنه لم يصل عليهما » وذلك خلاف الحق على ما بيناه. أقول : البلاء من مسعدة لأنه عامي بتري وله كتاب يرويه هارون بن مسلم. والحمل على التقية بعيد جدا لأنهم أجمعوا على أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله صلى على عمه حمزة. وقال العلامة في التذكرة : الشهيد يصلى عليه عند علمائنا أجمع وبه قال الحسن وسعيد بن المسيب والثوري وأبو حنيفة والمزني وأحمد في رواية ، وقال الشافعي ومالك وإسحاق وأحمد في رواية : لا يصلى عليه. ومالك والشافعي وإسحاق كانوا بعد زمان أبى جعفر عليه السلام.

443 - وروى أبو مريم الأنصاري ، عن الصادق عليه السلام أنه قال : « الشهيد إذا كان به رمق غسل وكفن وحنط وصلى عليه وإن لم يكن به رمق كفن في أثوابه ».

444 - وسأله أبان بن تغلب « عن الرجل يقتل في سبيل اللّه أيغسل ويكفن ويحنط؟ فقال : يدفن كما هو في ثيابه بدمه إلا أن يكون به رمق ، فإن كان به رمق ثم مات فإنه يغسل ويكفن ويحنط ويصلى عليه لان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله صلى على حمزة وكفنه وحنطه لأنه كان جرد » (1).

445 - واستشهد حنظلة بن أبا عامر الراهب بأحد فلم يأمر النبي صلى اللّه عليه وآله بغسله ، وقال : « رأيت الملائكة بين السماء والأرض تغسل حنظلة بماء المزن في صحاف (2) من فضة وكان يسمى غسيل الملائكة ».

446 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « ينزع عن الشهيد الفرو والخف والقلنسوة والعمامة والمنطقة والسراويل إلا أن يكون أصابه دم (3) فان أصابه دم ترك ، ولا يترك عليه شئ معقود إلا حل ».

والمحرم إذا مات غسل وكفن ودفن وعمل به ما يعمل بالمحل إلا أنه لا يقربه الكافور.

ص: 159


1- استدل به الأصحاب على الوجوب ولا يخفى أنه على أن الصلاة تابعة للكفن لأنه لم يذكر الصلاة في الأول وذكرها فيما إذا اخرج وبه رمق وعلل صلاة حمزة وتكفينه بأنه كان قد جرد ، ويمكن أن يأول بأن التعليل للتكفين فقط ، وعدم ذكر الصلاة أولا لا يدل على النفي ، وما ذكره آخرا إذا قطعنا عنه التعليل يدل على لزوم الصلاة مطلقا. ( المرآة ).
2- جمع صفحة : قصعة كبيرة منبسطة.
3- الضمير في « اصابه » اما راجع إلى السراويل أو إلى كل واحد من المذكورات. ( المرآة ).

وقتيل المعركة في غير طاعة اللّه عزوجل يغسل كما يغسل الميت ، ويضم ( رأسه إلى عنقه ، ويغسل مع البدن.

وإذا ماتت المرأة وهي حامل وولدها يتحرك في بطنها شق بطنها من الجانب الأيسر وأخرج الولد (1) ، وإن مات الولد في جوفها ولم يخرج وهي حية أدخل إنسان يده في فرجها وقطع الولد بيده وأخرجه (2).

447 - وروى أنه « لما قبض أبو جعفر الباقر عليه السلام لم يزل أبو عبد اللّه عليه السلام يأمر بالسراج في البيت الذي كان يسكنه حتى قبض أبو عبد اللّه عليه السلام ثم أمر أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام بمثل ذلك في بيت أبي عبد اللّه عليه السلام حتى أخرج به إلى العراق ثم لا يدري ما كان » (3).

ومن كان جنبا وأراد أن يغسل الميت فليتوضأ وضوء الصلاة ثم يغسله. ومن أراد الجماع بعد غسله للميت فليتوضأ ثم يجامع (4).

وإن غسل ميت فخرج منه دم كثير لا ينقطع فإنه يجعل عليه الطين الحر (5) فإنه ينقطع.

ص: 160


1- راجع التهذيب ج 1 ص 98 روى أخبارا تدل على ذلك.
2- المشهور وجوب شق الجوف واخراج الولد واطلاق الروايات يقتضى عدم الفرق في الجانب بين الأيمن والأيسر ، وفى المعتبر ما حاصله أنه وجوب إلى اسقاطه صحيحا بعض العلاج فان تعذر فالأرفق ثم الأرفق ، ويتولاه النساء ثم محارم الرجال ثم الأجانب دفعا عن نفس الحي.
3- ظاهر الخبر يدل على استحباب الاسراج في بيوت وفاتهم عليهم السلام وربما يتعدى إلى مشاهدهم مع ما يجب من تعظيمها عقلا ونقلا ، وربما يتعدى إلى مشاهد أولاد الأئمة والصلحاء بالتقريب المذكور ، وربما يتعدى إلى بيوت الوفاة مطلقا للتأسي ، ومنه الاسراج عند الميت لو مات ليلا مع عمومات تعظيم المؤمن. (م ت)
4- رواه الكليني ج 3 ص 250 من حديث شهاب بن عبد ربه عن الصادق عليه السلام ويدل على استحباب الوضوء للجنب إذا أراد تغسيل الميت أو الجماع ، أو لرفع الكراهة.
5- أي الذي لا رمل فيه والخالص.

448 - وسأل سليمان بن خالد أبا عبد اللّه عليه السلام : « أيغتسل من غسل الميت؟ قال : نعم ، قال : فمن أدخله القبر؟ قال : لا إنما مس الثياب ».

449 - وقال الصادق عليه السلام : « لما مات إسماعيل أمرت به وهو مسجى أن يكشف عن وجهه فقبلت جبهته (1) وذقنه ونحره ، ثم أمرت به فغطي ، ثم قلت : اكشفوا عنه فقبلت أيضا جبهته وذقنه ونحره ، ثم أمرتهم فغطوه. ثم أمرت به فغسل ، ثم دخلت عليه وقد كفن فقلت : اكشفوا عن وجهه ، فقبلت جبهته وذقنه ونحره وعوذته ، ثم قلت : أدرجوه ، فقيل له : بأي شئ عوذته؟ فقال : بالقرآن ».

450 - وقال الصادق عليه السلام : « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قبل عثمان بن مظعون  - رضي اللّه عنه - بعد موته ».

باب 25: الصلاة على الميت

451 - قال أمير المؤمنين عليه السلام : من تبع جنازة كتب اللّه له أربعة قراريط قيراط لاتباعه إياها ، وقيراط للصلاة عليها ، وقيراط للانتظار حتى يفرغ من دفنها وقيراط للتعزية.

452 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « من مشى مع جنازة حتى يصلى عليها ، ثم رجع كان له قيراط ، وإذا مشى معها حتى تدفن كان له قيراطان. والقيراط مثل [ جبل ] أحد ».

453 - وقال عليه السلام : « من تبع جنازة امرئ مسلم أعطي يوم القيامة أربع شفاعات ، ولم يقل شيئا إلا قال له الملك : ولك مثل ذلك ».

454 - وقال الصادق عليه السلام : « من أخذ بجوانب السرير الأربعة غفر اللّه له أربعين كبيرة ».

ص: 161


1- في نسخة « وجهه ». ولعل الكشف عن وجهه وتقبيله ليروه فلا يبقى لاحد شك في موته.

455 - وقال عليه السلام : « من شيع جنازة مؤمن حتى يدفن في قبره وكل اللّه به سبعين ملكا (1) من المشيعين يشيعونه ويستغفرون له إذا خرج من قبره إلى الموقف ».

456 - وقال عليه السلام : « أول ما يتحف به المؤمن في قبره أن يغفر لمن تبع جنازته ».

457 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إذا دخل المؤمن قبره نودي : ألا إن أول حبائك الجنة ، ألا وأول حباء من تبعك (2) المغفرة ».

458 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « من حمل أخاه الميت بجوانب السرير الأربعة محى اللّه عنه أربعين كبيرة من الكبائر ».

والسنة أن يحمل السرير من جوانبه الأربعة وما كان بعد ذلك فهو تطوع.

459 - وقال الصادق : « من أخذ بقوائم السرير غفر اللّه له خمسا وعشرين كبيرة ، وإذا ربع خرج من الذنوب ».

460 - وقال عليه السلام لإسحاق بن عمار : « إذا حملت جوانب السرير سرير الميت خرجت من الذنوب كما ولدتك أمك ».

461 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إن المشي خلف الجنازة أفضل من المشي من بين يديها ، ولا بأس إن مشيت بين يديها ».

462 - وكتب الحسين بن سعيد إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن سرير الميت يحمل أله جانب يبدأ به في الحمل من جوانبه الأربعة أو ما خاف على الرجل يحمل من أي الجوانب شاء؟ فكتب عليه السلام : من أيها شاء.

463 - وسئل الصادق عليه السلام عن الجنازة يخرج معها بالنار؟ فقال : « إن ابنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أخرج بها ليلا ومعها مصابيح » (3).

ص: 162


1- هكذا في الكافي وفى الأمالي « سبعين ألف ».
2- الحباء - بالفتح - : العطاء. وفى بعض النسخ « من شيعك ».
3- اخراج النار مع الميت من سنن الجاهلية وجوابه عليه السلام يتضمن الجواز بالليل دون النهار.

464 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن المشي مع الجنازة فقال : بين يديها وعن يمينها وعن شمالها وخلفها ».

465 - وروى عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام أنه قال : « لما مات آدم عليه السلام فبلغ إلى الصلاة عليه ، قال هبة اللّه لجبرئيل عليه السلام : تقدم يا رسول اللّه فصل على نبي اللّه ، فقال جبرئيل عليه السلام : إن اللّه عزوجل أمرنا بالسجود لأبيك فلسنا نتقدم أبرار ولده وأنت من أبرهم ، فتقدم فكبر عليه خمسا عدة الصلوات التي فرضها اللّه تعالى على أمة محمد صلى اللّه عليه وآله وهي السنة الجارية في ولده إلى يوم القيامة ».

466 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا صلى على ميت كبر فتشهد ثم كبر فصلى على النبي وآله ودعا ، ثم كبر ودعا للمؤمنين والمؤمنات ، ثم كبر الرابعة ودعا للميت ، ثم كبر وانصرف ، فلما نهاه اللّه عزوجل عن الصلاة على المنافقين فكبر وتشهد ، ثم كبر فصلى على النبي وآله ، ثم كبر ودعا للمؤمنين والمؤمنات ثم كبر الرابعة وانصرف فلم يدع للميت » (1).

ومن صلى على ميت فليقف عند رأسه (2) بحيث إن هبت ريح فرفعت ثوبه أصاب الجنازة ويكبر ويقول : « أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة » ويكبر الثانية ويقول : « اللّهم صل على محمد وآل محمد ، وارحم محمدا وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ».

ص: 163


1- مروى في الكافي بسند حسن كالصحيح.
2- هذا خلاف المشهور فان المشهور وسط الرجل وصدر المرأة وروى موسى بن بكر عن أبي الحسن موسى عليه السلام « قال إذا صليت على المرأة فقم عند رأسها وإذا صليت على الرجل فقم عند صدره » وفى مرسلة عبد اللّه بن المغيرة عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السلام قال : « من صلى على امرأة فلا يقوم في وسطها ويكون مما يلي صدرها وإذا صلى على الرجل فليقم في وسطه ». الكافي ج 3 ص 177 والاستبصار ج 1 ص 471 وقال الشيخ (رحمه الله) : قوله « مما يلي صدرها » المعنى فيه إذا كان قريبا من الرأس وقد يعبر عنه بأنه يلي الصدر لقربه منه.

ويكبر الثالثة ويقول : « اللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات » ، ويكبر الرابعة ويقول : « اللّهم عبدك [ و ] ابن عبدك ابن أمتك ونزل بك وأنت خير منزول به ، اللّهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا (1) وأنت أعلم به منا ، اللّهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه واغفر له ، اللّهم اجعله عندك في أعلى عليين ، واخلف على أهله في الغابرين ، وارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين » ثم يكبر الخامسة.

ولا يبرح من مكانه حتى يرى الجنازة على أيدي الرجال (2).

والعلة التي من أجلها يكبر على الميت خمس تكبيرات أن اللّه تبارك وتعالى فرض على الناس خمس فرائض : الصلاة والزكاة ، والصوم ، والحج ، والولاية ، فجعل للميت عن كل فريضة تكبيرة. (3)

467 - وروي « أن العلة في ذلك أن اللّه تعالى فرض على الناس خمس صلوات فجعل من كل صلاة فريضة للميت تكبيرة ». (4)

ومن صلى على المرأة وقف عند صدرها ، وليس في الصلاة على الميت تسليم إلا في حال التقية.

468 - « وكبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على حمزة سبعين تكبيرة » (5).

469 - « وكبر علي عليه السلام على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة » (6).

470 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « كان [ أمير المؤمنين عليه السلام ] يكبر خمسا خمسا كان إذا أدركه الناس قالوا : يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل بن حنيف ،

ص: 164


1- حيث مات على الايمان بك والتصديق بنبيك وبكتابك والولاية لأوليائك المعصومين صلواتك عليهم.
2- كما في رواية المنقري عن يونس عن الصادق عليه السلام في التهذيب.
3- كما في العيون في حديث الحسين بن النضر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.
4- مروى في الكافي ج 3 ص 181 مرفوعا في خبر ومرسلا في آخر.
5- مروى في الكافي بسند ضعيف وعنه الشيخ في التهذيب.
6- رواه الكليني بسند حسن كالصحيح.

فيضعه فيكبر عليه خمسا حتى انتهى إلى قبره خمس مرات » (1).

ومن كبر على جنازة تكبيرة أو تكبيرتين فوضعت جنازة أخرى معها فان شاء كبر الآن عليهما خمس تكبيرات ، وإن شاء فرغ من الأولى واستأنف الصلاة على الثانية (2).

ومن صلى على جنازة وكانت مقلوبة (3) فليسوها وليعد الصلاة عليها.

471 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا أدرك الرجل التكبيرة والتكبيرتين من الصلاة على الميت فليقض ما بقي متتابعا ».

472 - وروى عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين وقالوا : « اللّهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا » قال اللّه تبارك وتعالى : قد أجزت شهاداتكم وغفرت له ما علمت مما لا تعلمون ».

473 - وسأله الفضل بن عبد الملك « هل يصلى على الميت في المسجد؟ قال. نعم » (4).

474 - وسأله أبو بصير « عن المرأة تموت من أحق بالصلاة عليها؟ قال : زوجها ، فقال له : الزوج أحق من الأب والولد والأخ؟ قال : نعم ويغسلها ».

وقال أبي - رحمه اللّه - في رسالته إلي : إعلم يا بني أن أولى الناس بالصلاة على الميت من يقدمه ولي الميت ، وإن كان في القوم رجل من بني هاشم فهو أحق بالصلاة عليه إذا قدمه ولي الميت ، فان تقدم من غير أن يقدمه ولي الميت فهو غاصب.

ص: 165


1- مروى في الكافي بسند ضعيف.
2- كما في خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام المروى في الكافي.
3- لعل المراد بالمقلوبة كون رأسه موضع رجله كما صرح به في ذيل رواية عمار المروية في الكافي ج 3 ص 175.
4- مروى في التهذيب بسند صحيح.

475 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا فاتتك الصلاة على الميت حتى يدفن فلا بأس أن تصلي عليه وقد دفن » (1).

476 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا فاتته الصلاة على الميت صلى على قبره » (2).

477 - وسأل اليسع بن عبد اللّه القمي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يصلي على الجنازة وحده؟ قال : نعم ، قلت : فاثنان يصليان عليها؟ قال : نعم ولكن يقوم الآخر خلف الآخر ولا يقوم بجنبه ».

478 - وقال جابر (3) قال أبو جعفر عليه السلام : « إذا لم يحضر الرجال الميت تقدمت المرأة وسطهن وقام النسوة عن يمينها وشمالها وهي وسطهن ، تكبر حتى تفرغ من الصلاة ».

479 - وقال الحسن بن زياد الصيقل : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام كيف تصلي النساء على الجنائز إذا لم يكن معهن رجل؟ فقال : يقمن جميعا في صف واحد ولا تتقدمهن امرأة ، قيل : ففي صلاة مكتوبة أيؤم بعضهن بعضا؟ قال : نعم ».

480 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « صلوا على المرجوم من أمتي وعلى القاتل نفسه من أمتي ولا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة ».

481 - وسأل هشام بن سالم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن شارب الخمر والزاني والسارق يصلى عليهم إذا ماتوا؟ فقال : نعم ».

482 - وقال عمار بن موسى الساباطي : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ما تقول في قوم كانوا في سفر لهم يمشون على ساحل البحر فإذا هم برجل ميت عريان قد لفظه البحر وهم عراة ليس معهم إلا إزار فكيف يصلون عليه وهو عريان وليس معهم فضل ثوب يكفنونه به؟ قال : يحفر له ويوضع في لحده ويوضع اللبن على عورته

ص: 166


1- حدده الشيخان إلى يوم وليلة ، وابن الجنيد إلى ما لم يعلم تغير صورة الميت ، وسلار إلى ثلاثة أيام. الخبر مروى في التهذيب والاستبصار بسند مجهول.
2- مروى في التهذيب والاستبصار بسند ضعيف.
3- يعني جابر الجعفي كما في التهذيب.

لتستر عورته باللبن وبالحجر ويصلى عليه ثم يدفن ».

483 - وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عن أبيه عليهما السلام : أن عليا صلوات اللّه عليه وجد قطعا من ميت (1) فجمعت ثم صلى عليها ثم دفنت.

484 - وروى الفضل بن عثمان الأعور عن الصادق عن أبيه عليهما السلام « في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلة ، ووسطه وصدره ويداه في قبيلة ، والباقي منه في قبيلة؟ قال : ديته على من وجد في قبيلته صدره ويداه ، والصلاة عليه » (2).

485 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا وجد الرجل قتيلا فإن وجد له عضو من أعضائه تاما صلى على ذلك ودفن ، وإن لم يوجد له عضو تام لم يصل عليه ودفن » (3).

وإذا وسط الرجل بنصفين صلى على النصف الذي فيه القلب ، وإن لم يوجد منه إلا الرأس لم يصل عليه (4).

486 - وروى زرارة وعبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلى عليه؟ فقال : إذا عقل الصلاة ، فقلت : متى تجب الصلاة عليه (5)؟ قال : إذا كان ابن ست سنين ، والصيام إذا أطاقه ».

ومن حضر مع قوم يصلون على طفل فليقل : « اللّهم اجعله لأبويه ولنا فرطا » (6).

487 - و « صلى أبو جعفر عليه السلام على ابن له صبي صغير له ثلاث سنين ، ثم قال :

ص: 167


1- كذا.
2- إنما يجب الصلاة على الصدر لا على باقي الأعضاء سواء كان المصلى وجد في قبيلته الصدر أو غيره. ولا يتوهم ارجاع ضمير « عليه » إلى من وجد حتى يفيد تخصيص وجوب الصلاة بهم. ( سلطان )
3- الخبر إلى هنا في الكافي والتهذيب وفى سنده ارسال.
4- في القاموس وسطه توسيطا إذا قطعه بنصفين. وفى الكافي ج 3 ص 213 باسناد فيه ارسال عن الصادق عليه السلام قال : « إذا وسط الرجل نصفين صلى على الذي فيه القلب » ، وفيه مرسلا « لا يصلى على الرأس إذا أفرد من الجسد ».
5- الظاهر أن هذا استفسار عن عقله الصلاة فيكون المراد بوجوب الصلاة عليه حيا كونه مأمورا من الولي بطريق التمرين وحينئذ يطابقه قوله « والصيام إذ أطاقه ». ( سلطان )
6- « فرطا » أي أجرا يتقدمنا ، يقال : افترط فلان ابنا له صغيرا إذا مات قبله. ( النهاية )

لولا أن الناس يقولون : إن بني هاشم لا يصلون على الصغار من أولادهم ، ما صليت عليه » (1).

488 - « وسئل (2) متى تجب الصلاة عليه؟ قال : إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين ».

489 - وروى زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : الصلاة على المستضعف والذي لا يعرف مذهبه : يصلى على النبي صلى اللّه عليه وآله ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويقال : « اللّهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ».

ويقال في الصلاة على من لم يعرف مذهبه : « اللّهم إن هذه النفس أنت أحييتها وأنت أمتها ، اللّهم ولها ما تولت. واحشرها مع من أحبت ».

490 - وروى صفوان بن مهران الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : مات رجل من المنافقين فخرج الحسين بن علي عليهما السلام يمشي فلقي مولى له فقال له : إلى أين تذهب؟ فقال : أفر من جنازة هذا المنافق أن أصلي عليه ، فقال له الحسين عليه السلام : قم إلى جنبي فما سمعتني أقول فقل مثله ، قال : فرفع يديه فقال : « اللّهم أخز عبدك في عبادك وبلادك ، اللّهم أصله أشد نارك ، اللّهم أذقه حر عذابك فإنه كان يوالي أعداءك ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيك ».

491 - وروى عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : إذا صليت على عدو اللّه عزوجل فقل : « اللّهم إنا لا نعلم منه إلا أنه عدو لك ولرسولك ، اللّهم فاحش قبره نارا ، واحش جوفه نارا ، وعجله إلى النار ، فإنه كان يوالي أعداءك ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيك ، اللّهم ضيق عليه قبره ». فإذا رفع فقل : « اللّهم لا ترفعه ولا تزكه » وإن كان مستضعفا فقل : « اللّهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ». فإذا كنت لا تدري ما حاله فقل : « اللّهم إن كان يحب الخير وأهله فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه ».

ص: 168


1- ظاهره عدم استحباب الصلاة على الصغار.
2- ظاهره أن المسؤول كان أبا جعفر (عليه السلام) ومروي في الكافي عن الصادق عليه السلام.

وإن كان المستضعف منك بسبيل (1) فاستغفر له على وجه الشفاعة منك لا على وجه الولاية.

492 - و « كان علي عليه السلام إذا صلى على الرجل والمرأة قدم المرأة وأخر الرجل وإذا صلى على العبد والحر قدم العبد وأخر الحر ، وإذا صلى على الكبير والصغير قدم الصغير وأخر الكبير ».

493 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا بأس بأن يقدم الرجل وتؤخر المرأة ، أو تقدم المرأة ويؤخر الرجل » (2) يعني في الصلاة على الميت.

وأفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير ، والعلة في ذلك أن النساء كن يختلطن بالرجال في الصلاة على الجنازة.

494 - فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « أفضل المواضع في الصلاة على الميت في الأخير »(3) فتأخرن إلى الصف الأخير فبقي فضله على ما ذكره عليه السلام.

وإذا دعي الرجل إلى وليمة وإلى جنازة أجاب إلى الجنازة لأنها تذكر أمر الآخرة ، ويدع الوليمة لأنها تذكر الدنيا.

495 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « إذا دعيتم إلى الجنائز فأسرعوا ، وإذا دعيتم إلى العرائس فأبطئوا ».

وقال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : لا تصل على الجنازة بنعل حذو (4)

ص: 169


1- أي يكون لك به نوع تعلق كأن يكون قد أحسن إليك أو يكون له قرابة إليك ولكن الاستغفار لدفع الضرر ترحما لا لأجل المحبة والمودة. (م ت)
2- يدل على أن التقديم والتأخير الواقعين في الاخبار على سبيل الاستحباب (م ت)
3- في حديث أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله « قال : خير الصفوف في الصلاة المقدم وخير الصفوف في الجنائز المؤخر ، قيل : يا رسول اللّه ولم قال : صار سترة للنساء ». التهذيب ج 1 ص 343 والكافي ج 3 ص 176.
4- أي نعل يحتذى به. يعنى ما يستر القدم.

ولا تعجل ميتين على جنازة. وقال : إذا صلى رجلان على جنازة قام أحدهما خلف الامام ولم يقم بجنبه. وقال : إذا اجتمع جنازة رجل وامرأة وغلام ومملوك فقدم المرأة إلى القبلة ، واجعل المملوك بعدها ، واجعل الغلام بعد المملوك ، واجعل الرجل بعد الغلام مما يلي الامام ويقف الامام خلف الرجل فيصلي عليهم جميعا صلاة واحدة.

496 - وسأل يونس بن يعقوب أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الجنازة يصلى عليها على غير وضوء؟ فقال : نعم إنما هي تكبير (1) وتسبيح وتحميد وتهليل كما تكبر وتسبح في بيتك. وفي خبر آخر » إنه : يتيمم إن أحب.

497 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام : « أن الحائض تصلي على الجنازة ولا تصف معهم ».

498 - وفي رواية سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الطامث إذا حضرت الجنازة تتيمم وتصلي عليها وتقوم وحدها بارزة من الصف ». يعني أنها تقف ناحية ولا تختلط بالرجال.

والجنب إذا قدم للصلاة على الجنازة تيمم وصلى عليها (2).

وإذا حمل الميت إلى قبره فلا يفاجأ به القبر لان للقبر أهوالا عظيمة ، ويتعوذ حامله باللّه من هول المطلع (3) ، ويضعه قرب شفير القبر ، ويصبر عليه هنيئة ، ثم يقدمه قليلا ويصبر عليه هنيئة ليأخذ أهبته (4) ثم يقدمه إلى شفير القبر ، ويدخله القبر

ص: 170


1- في بعض النسخ « إنما هو تكبير » فتذكير الضمير باعتبار الخبر أي هو ذكر من الأذكار وليس الصلاة حقيقة حتى لا يصح الا بطهور. ( مراد )
2- في هذا التيمم لا ينوى البدلية من الوضوء والغسل أصلا وإنما ينوى التعبد. ( م ح ق ) وقال الشهيد في الذكرى : لا يجب في تلك الصلاة الطهارة اجماعا منا.
3- المطلع - بضم الميم قبل الطاء المشددة المفتوحة ثم فتح اللام قبل العين المهملة على اسم المكان - من الاطلاع فشاع في الحديث اطلاقه على يوم القيامة والمراد هنا ما بعد الموت أي ينبغي أن يتعوذ حامله باللّه بأن يقول : « أعوذ باللّه من هول المطلع ».
4- أهبة الحرب - بضم الهمزة وفتح الموحدة - : عدتها.

من يأمره ولي الميت إن شاء شفعا وإن شاء وترا (1) ، ويقال عند النظر إلى القبر : اللّهم اجعله روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النيران (2).

499 - وقال الصادق عليه السلام : « حد القبر إلى الترقوة. وقال بعضهم : إلى الثديين وقال بعضهم : قامة الرجل حتى يمد الثوب على رأس من في القبر ، وأما اللحد فإنه يوسع بقدر ما يمكن الجلوس فيه » (3).

وقد روى عن أبي الحسن الثالث عليه السلام إطلاق في أن يفرش القبر بالساج ويطبق على الميت الساج (4).

ولكل شئ باب وباب القبر عند رجلي الميت. (5)

والمرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد ويقف زوجها في موضع يتناول وركها ويؤخذ الرجل من قبل رجليه يسل سلا (6).

وقال أبي - رحمه اللّه - في رسالته إلي : إذا دخلت القبر فاقرأ أم الكتاب والمعوذتين وآية الكرسي ، فإذا تناولت الميت فقل : « بسم اللّه وباللّه وعلى ملة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » ثم ضعه في لحده على يمينه مستقبل القبلة وحل عقد كفنه ، وضع خده على التراب وقل : اللّهم جاف الأرض عن جنبيه ، وصعد (7) إليك روحه

ص: 171


1- أي اثنين من الرجال أو واحدا منهم. وقال في الذكرى : لا يعتبر الوتر عندنا.
2- في بعض النسخ « من حفر النار ».
3- في الكافي عن سهل بن زياد قال روى بعض أصحابنا أن حد القبر - وساق إلى آخره - بدون الاسناد إلى الصادق عليه السلام.
4- كما في خبر علي بن بلال في الكافي ج 3 ص 197. وقوله « اطلاق » أي رخصة وتجويز من دون تقييد ذلك بضرورة دعية إليه. وقوله : « يطبق » أي يجعل على الميت وأطرافه. والساج : ضر من الشجر. ( مراد )
5- كما في النبوي المرسل في الكافي ج 3 ص 193.
6- السل انتزاع الشئ بجذب ونزع كسل السيف من الغمد. ( المغرب )
7- في بعض النسخ « واصعد ». وقوله : « جاف الأرض » أي باعدها ، ولعل المراد حفظه عن ضغطة القبر ، أو من أن تأكل الأرض جنبيه. ( مراد )

ولقه منك رضوانا.

500 - وقد روى سالم بن مكرم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : يجعل له وسادة من تراب ، ويجعل خلف ظهره مدرة لئلا يستلقي ، ويحل عقد كفنه كلها ، ويكشف عن وجهه ، ثم يدعا له ويقال : « اللّهم عبدك وابن عبدك [ و ] ابن أمتك ، نزل بك وأنت خير منزول به ، اللّهم افسح له في قبره ، ولقنه حجته ، وألحقه بنبيه ، وقه شر منكر ونكير ». ثم تدخل يدك اليمنى تحت منكبه الأيمن وتضع يدك اليسرى على منكبه الأيسر وتحركه تحريكا شديدا وتقول : يا فلان بن فلان اللّه ربك ومحمد نبيك والاسلام دينك وعلي وليك وإمامك - وتسمي الأئمة عليهم السلام واحدا واحدا إلى آخرهم - أئمتك أئمة هدى أبرار ، ثم تعيد عليه التلقين مرة أخرى ، وإذا وضعت عليه اللبن فقل : « اللّهم ارحم غربته ، وصل وحدته ، وآنس وحشته ، وآمن روعته ، وأسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك ، واحشره مع من كان يتولاه.

ومتى زرت قبره فادع له بهذا الدعاء وأنت مستقبل القبلة ويداك على القبر ، فإذا خرجت من القبر فقل - وأنت تنفض يديك من التراب - : « إنا لله وإنا إليه راجعون ». ثم احث التراب عليه بظهر كفيك ثلاث مرات (1) وقل : « اللّهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ، هذا ما وعدنا اللّه ورسوله وصدق اللّه ورسوله » فإنه من فعل ذلك وقال هذه الكلمات كتب اللّه له بكل ذرة حسنة ، فإذا سوي قبره فصب على قبره الماء ، وتجعل القبر أمامك وأنت مستقبل القبلة ، وتبدأ بصب الماء عند رأسه وتدور به على قبره من أربع جوانبه حتى ترجع إلى الرأس من غير أن تقطع الماء

ص: 172


1- قال الأصحاب : لا يهيل ذو الرحم لما ذكر من حصول قسوة القلب ( ذكرى ) أقول : روى الكليني باسناده عن عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السلام - في حديث - : « من كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب فان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نهى أن يطرح الوالد أو ذو رحم على ميته التراب - إلى أن قال - أنهاكم أن تطرحوا التراب على ذوي أرحامكم فان ذلك يورث القسوة في القلب ومن قسا قلبه بعد من ربه ».

فإن فضل من الماء شئ فصبه على وسط القبر ، ثم ضع يدك على القبر وادع للميت واستغفر له ».

501 - وروي عن يحيى بن عبد اللّه أنه قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : ما على أهل الميت منكم أن يدرؤوا عن ميتهم لقاء منكر ونكير ، فقلت : وكيف نصنع؟ فقال : إذا أفرد الميت فليتخلف عنده أولى الناس به ، فيضع فاه على رأسه ثم ينادي بأعلى صوته : يا فلان ابن فلان أو يا فلانة بنت فلان! هل أنت على عهد الذي فارقناك (1) عليه من شهادة أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأن محمدا صلى اللّه عليه وآله عبده ورسوله سيد النبيين ، وأن عليا أمير المؤمنين وسيد الوصيين ، وأن ما جاء به محمد صلى اللّه عليه وآله حق ، وأن الموت حق ، والبعث حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن اللّه يبعث من في القبور ». فإذا قال ذلك قال منكر لنكير : انصرف بنا عن هذا فقد لقن بها حجته.

باب 26: التعزية والجزع عند المصيبة وزيارة القبور والنوح والمأتم

* ( والجزع عند المصيبة وزيارة القبور والنوح والمأتم (2) ) *

502 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبر بها » (3).

503 - وروي عن هشام بن الحكم أنه قال : « رأيت موسى بن جعفر عليهما السلام

ص: 173


1- في بعض النسخ « فارقتنا ».
2- المأتم في الأصل : مجتمع الرجال والنساء في الغم والفرح ، ثم خص باجتماع النساء للموت وقيل هو للشواب من النساء لا غير ( النهاية ) ويطلق على الطعام للميت ( في )
3- في الكافي « يحبا بها » من الحباء بمعنى العطاء. وفى الصحاح الحبر : الحبور وهو السرور ، يقال : حبره يحبره - بالضم - حبر أو حبرة. وقال تعالى : « فهم في روضة يحبرونه » أي ينعمون ويكرمون ويسرون.

يعزي قبل الدفن وبعده ».

504 - وقال الصادق عليه السلام : « التعزية الواجبة بعد الدفن ».

505 - وقال عليه السلام : « كفاك من التعزية بأن يراك صاحب المصيبة ».

506 - وأتى أبو عبد اللّه عليه السلام قوما قد أصيبوا بمصيبة فقال : « جبر اللّه وهنكم وأحسن عزاكم (1) ، ورحم متوفاكم ، ثم انصرف ».

507 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « التعزية تورث الجنة ».

508 - و « عزى الصادق عليه السلام رجلا بابن له فقال له عليه السلام : اللّه خير لابنك منك ، وثواب اللّه خير لك منه. فبلغه جزعه بعد ذلك فعاد إليه فقال له : قد مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أفما لك به أسوة! فقال له : إنه كان مراهقا (2) ، فقال له : إن أمامه ثلاث خصال : شهادة أن لا إله إلا اللّه ، ورحمة اللّه ، وشفاعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فلن تفوته واحدة منهن شاء اللّه عزوجل ».

509 - وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام أنه قال : « ينبغي لصاحب الجنازة أن لا يلبس رداء ، وأن يكون في قميص حتى يعرف ، وينبغي لجيرانه أن يطعموا عنه ثلاثة أيام » (3).

510 - وقال عليه السلام : « ملعون ملعون من وضع رداءه في مصيبة غيره ».

511 - و « لما قبض علي بن محمد العسكري عليهما السلام رئي الحسن بن علي عليهما السلام قد خرج من الدار وقد شق قميصه من خلف وقدام ».

ص: 174


1- الوهن : الضعف في العمل ويحرك والفعل كوعد وورث وكرم ( القاموس ) ، وقوله : « أحسن عزاكم » أي صبركم.
2- المراهق : الغلام الذي قارب الحلم ، وفى بعض النسخ « مرهقا » من باب التفعيل كما في ثواب الأعمال ص 236 والكافي ج 3 ص 204 وهو الذي يأتي المحارم من شرب الخمر ونحوه وكأنه خاف عليه أن يعذب.
3- في الكافي ج 3 ص 217 باسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « يصنع لأهل الميت مأتم ثلاثة أيام من يوم مات ». وعن أبي بصير عنه عليه السلام قال : « ينبغي لجيران صاحب المصيبة أن يطعموا الطعام [ عنه ] ثلاثة أيام ».

512 - و « قد وضع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله رداءه في جنازة سعد بن معاذ رحمه اللّه فسئل عن ذلك ، فقال : إني رأيت الملائكة قد وضعت أرديتها فوضعت ردائي ».

513 - وقال الصادق عليه السلام : « لولا أن الصبر خلق قبل البلاء لتفطر المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا ».

514 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « أربع من كن فيه كان في نور اللّه عزوجل الأعظم : من كان عصمة أمره (1) شهادة أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه ، ومن إذا أصابته مصيبة قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ومن إذا أصاب خيرا قال : الحمد لله رب العالمين » ، ومن أصاب خطيئة قال : « أستغفر اللّه وأتوب إليه ».

515 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « ما من مؤمن يصاب بمصيبة في الدنيا فيسترجع عند مصيبته ويصبر حين تفجأه المصيبة إلا غفر اللّه له ما مضى من ذنوبه إلا الكبائر (2) التي أوجب اللّه عزوجل عليها النار ، وكلما ذكر مصيبته فيما يستقبل من عمره فاسترجع عندها وحمد اللّه عزوجل عندها ، غفر اللّه له كل ذنب اكتسبه فيما بين الاسترجاع الأول إلى الاسترجاع الأخير إلا الكبائر من الذنوب ».

516 - وروى أبو بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام (3) أنه قال : إن ملكا (4) موكلا بالمقابر ، فإذا انصرف أهل الميت من جنازتهم عن ميتهم أخذ قبضة من تراب فرمى

ص: 175


1- في الصحاح « العصمة : المنع ، يقال عصمه الطعام أي منعه من الجوع ، والعصمة : الحفظ ، يقال : عصمته فانعصم ، واعتصمت باللّه إذا امتنعت بلطفه من المعصية ». فالمراد من يمنعه الشهادتان عن ارتكاب ما لا ينبغي ارتكابه ليحفظ عن المكاره في الدنيا والعقاب في القيامة أو حفظتاه عنه ، أو اعتصم بهما لا يفارقهما. ( مراد )
2- لعل المراد بالكبائر ما يوجب الكفر ولذا قال : « أوجب عليها النار » ولم يقل أوعد اللّه عليه. ( سلطان )
3- في بعض النسخ « عن أبي عبد اللّه عليه السلام ».
4- خبر « أن » محذوف أي لله أولنا ملكا موكلا بالمقابر ( سلطان ) ويسمى هذا الملك المنسية.

بها في آثارهم ، ثم قال : « انسوا ما رأيتم » فلولا ذلك ما انتفع أحد بعيش.

517 - وقال الصادق عليه السلام : « من أصيب بمصيبة جزع عليها أو لم يجزع صبر عليها أم لم يصبر كان ثوابه من اللّه عزوجل الجنة ». (1)

518 - وقال عليه السلام : « ثواب المؤمن من ولده إذا مات الجنة ، صبر أو لم يصبر » (2).

519 - وقال عليه السلام : « من قدم ولدا كان خيرا له من سبعين يخلفهم بعده ، كلهم قد ركب الخيل وقاتل في سبيل اللّه عزوجل ».

520 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا يدخل الجنة رجل ليس له فرط ، فقال له رجل ممن لم يولد له ولم يقدم ولدا : يا رسول اللّه أو لكنا فرط؟ فقال : نعم إن من فرط الرجل المؤمن أخاه في اللّه عزوجل ».

521 - و « قال صلى اللّه عليه وآله لفاطمة عليها السلام حين قتل جعفر بن أبي طالب : لا تدعي بذل ولا ثكل ولا حرب ، وما قلت فيه فقد صدقت ». (3)

522 - وروى مهران بن محمد عن الصادق عليه السلام أنه قال : « إن الميت إذا مات بعث اللّه عزوجل ملكا إلى أوجع أهله عليه فمسح على قلبه فأنساه لوعة الحزن ، لولا ذلك لم تعمر الدنيا » (4).

ص: 176


1- لا يخفى أنه بظاهره ينافي ما سبق من تعليق غفران الذنوب الا الكبائر بالصبر والاسترجاع فلابد من توجيه أحدهما مثل أن يقال بعدم اعتبار المفهوم مما سبق ، أو تخصيص الثاني بمصيبة خاصة ، أو يقال : غفران الذنوب مرتبة فوق دخول الجنة. ( سلطان )
2- يدل على أن الجزع لا يحبط أجر المصيبة ، ويمكن حمله على ما إذا لم يقل ولم يفعل ما يسخط الرب تعالى ، أو عدم الاختيار. ( المرآة )
3- الثكل - الضم - : الموت والهلاك وفقدان الحبيب. والحرب - بالتحريك - : مساوق الحزن والطعنة والسلب ، وفى القاموس : لما مات حرب بن أمية قالوا « واحربا » باسكان الراء - ثم ثقلوا فقالوا « واحربا » بالتحريك. والحرب : الغضب أيضا. أي لا تقولي : وا ذلاه وا ثكلاه ، وا حرباه ، وإن كان ما قلت في حق جعفر حقا.
4- لوعة الحزن : حرقته في القلب. وفى بعض النسخ « لم تقم الدنيا » وفى الكافي كما في المتن.

523 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إذا قبض ولد المؤمن واللّه أعلم بما قال العبد (1) فيسأل الملائكة : قبضتم ولد فلان المؤمن ، فيقولون : نعم ربنا ، فيقول : فماذا قال عبدي المؤمن؟ فيقولون : حمدك ربنا واسترجع ، فيقول اللّه عزوجل : ابنوا له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد ».

524 - و « لما مات إسماعيل بن جعفر خرج الصادق عليه السلام فتقدم السرير بلا حذاء ولا رداء ». (2)

525 - و « كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا رأى جنازة قال : الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم » (3).

526 - وقال الصادق عليه السلام : « لما مات إبراهيم (4) ابن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال النبي صلى اللّه عليه وآله : حزنا عليك يا إبراهيم وإنا لصابرون ، يحزن القلب وتدمع العين ولا نقول ما يسخط الرب ».

527 - وقال عليه السلام : « إن النبي صلى اللّه عليه وآله حين جاءته وفاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام وزيد بن حارثة كان إذا دخل بيته كثر بكاؤه عليهما جدا ويقول : كانا يحدثاني ويؤانساني فذهبا جميعا ».

528 - وقال عليه السلام : « إن البلاء والصبر يستبقان إلى المؤمن فيأتيه البلاء وهو صبور (5) ، وإن الجزع والبلاء يستبقان إلى الكافر فيأتيه البلاء وهو جزوع ».

ص: 177


1- هذا لرفع توهم أن سؤاله تعالى لعدم علمه بل هو أعلم من ملائكته بما قال ، ولكن يسأل ذلك لكثير من المصالح. ( المرآة )
2- رواه الشيخ في التهذيب بسند حسن كالصحيح. ويدل على الجواز.
3- اخترم فلان عنا - مبنيا للمفعول - : مات ، اخترمته المنية : أخذته. واخترمهم الدهر وتخرمهم أي اقتطعهم واستأصلهم. وفسر السواد بالشخص وبعامة الناس.
4- إبراهيم هذا كان ابن رسول اللّه من مارية القبطية ، وولد بالمدينة في ذي الحجة سنة ثمان ومات في ذي الحجة سنة عشر وقيل : الربيع الأول سنة عشر. ( المرآة )
5- أي صبور باتيانه كالمتراهنين يريد كل منهما أن يسبق الاخر حتى أن البلاء لا يسبق الصبر بل إنما يرد مع ورود الصبر أو بعده ، وكذا الجزع والبلاء بالنسبة إلى الكافر.

529 - وروي عن الكاهلي (1) أنه قال : « قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : إن امرأتي وأختي وهي امرأة محمد بن مارد تخرجان في المآتم فأنهاهما ، فقالتا لي : إن كان حراما انتهينا عنه وإن لم يكن حراما فلم تمنعنا فيمتنع الناس من قضاء حقوقنا (2) فقال عليه السلام : عن الحقوق تسألني كان أبي عليه السلام يبعث أمي وأم فروة تقضيان حقوق أهل المدينة ». (3)

530 - وقال الصادق عليه السلام : « لا يسأل في القبر إلا من محض الايمان محضا أو محض الكفر محضا ، والباقون ملهو عنهم إلى يوم القيامة » (4).

531 - وسأله سماعة بن مهران « عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها ، فقال : أما زيارة القبور فلا بأس بها ، ولا يبنى عندها مساجد ».

532 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا فإن اللّه عز وجل لعن اليهود حين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ». (5)

533 - وسأل جراح المدايني أبا عبد اللّه عليه السلام « كيف التسليم على أهل القبور فقال : [ تقف و ] تقول : « السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، رحم اللّه

ص: 178


1- الطريق إلى عبد اللّه بن يحيى الكاهلي صحيح الا أن عبد اللّه هو لا يخلو من كلام.
2- أي لأي شئ تمنعنا وذلك يوجب أن يمنع الناس من قضاء حقوقنا أي من أن يأتوا بما يستحق منهم بسبب ما حاق بنا باعتبار الاشتراك في الانسانية والجوار والاسلام. ( مراد ).
3- يعنى أن من حقوق أهل الايمان بعضهم على بعض التعزية عند المصيبة والتهنئة عند النعمة فما سؤالك إياي الا عن الحقوق اللازمة ، كان أبى عليه السلام يبعث أمي وأم فروة بقضاء الحقوق. ( م ح ق )
4- « محض الايمان » على صيغة الفعل أي أخلص الايمان ، ويحتمل أن يكون بصيغة المصدر أي لا يسأل الا من الايمان والكفر ، ولعل الأول أظهر. وقوله « ملهو عنهم » كناية عن عدم التعرض لهم إلى يوم القيامة لما سوى الايمان والكفر من الأعمال.
5- السند قوى ، ويمكن أن يكون الوجه فيه أنه قد يسجد على القبر وهو يشبه ما لو سجد لصاحب القبر ، ولعل منع الناس من اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد ذلك لان احتمال وقوع السجدة لصاحب القبر فيهم أقوى منه في قبور غيرهم. ( مراد ). و قال العلّامة المجلسيّ: النهى عن بناء المساجد في المقابر يمكن أن يكون باعتبار كراهة الصلاة فيها، أو باعتبار تضييق المكان على الأموات، أو باعتبار تغيير الوقف إذا كان وقفا للمقبرة، و النهى الوارد عن اتخاذ قبر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قبلة و مسجدا يمكن أن يكون المراد به أن لا تجعلوه بمثل الكعبة و لا تسجدوا عليه كالكعبة كما فعلته اليهود في قبور أنبيائهم، أو يكون نهيا عن المحاذات اليهم في الصلاة لئلا يصير بمرور الأيّام قبلة كالكعبة، و كذا النهى عن الصلاة في البيت الذي فيه القبر، هذا كله على تقدير صحة الخبر، و يحتمل أن يكون وروده تقية لما روى عن عائشة. انتهى. و قال الشهيد- رحمه اللّه- في الذكرى: هذه الأخبار رواها الصدوق و الشيخان و جماعة المتأخرين في كتبهم و لم يستثنوا قبرا و لا ريب أن الإماميّة مطبقة على مخالفة القضيتين من هذه إحداهما البناء و الأخرى الصلاة في المشاهد المقدّسة، فيمكن القدح في هذه الأخبار لأنّها آحاد و بعضها ضعيف و قد عارضها أشهر منها- انتهى و قال العلّامة المجلسيّ: نستثنى من هذا الحكم( يعنى النهى عن البناء و كذا الصلاة في بيت فيه قبر) قبور الأنبياء و الأئمّة عليهم السلام لاطباق الناس على البناء على قبورهم من غير نكير و استفاضة الروايات بالترغيب في ذلك بل لا يبعد استثناء قبور العلماء و الصلحاء أيضا استضعافا لسند المنع و التفاتا الى كون ذلك تعظيما لشعائر الإسلام و تحصيلا لكثير من المصالح الدينية كما لا يخفى. انتهى أقول: فى مزار البحار أخبار تؤيد هذا القول و يفهم منها جواز البناء حول قبور الأئمّة عليهم السلام و الصلاة عند قبرهم بل رجحانهما فليراجع و قد قال عليّ بن الحسين عليهما السلام:« كانى بالقصور و قد شيّدت حول قبر الحسين عليه السلام و كأنى بالاسواق قد حفت حول قبره- الخ».

المستقدمين منا والمستأخرين (1) وإنا إن شاء اللّه بكم لاحقون.

534 - وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا مر على القبور قال : « السلام عليكم من ديار قوم مؤمنين وإنا إن شاء اللّه بكم لاحقون ».

535 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام لما دخل المقابر : يا أهل التربة ويا أهل الغربة أما الدور فقد سكنت وأما الأزواج فقد نكحت وأما الأموال فقد قسمت

ص: 179


1- في بعض النسخ « المتقدمين منا والمتأخرين ». على أهل الديار من المؤمنين المراد بالديار ديار الغربة ، و « من » بيانية أي الذين هم المؤمنون ، أو تبعيضية. ( مراد ).

فهذا خبر ما عندنا (1) وليت شعري ما عندكم ، ثم التفت إلى أصحابه وقال : لو أذن لهم في الجواب لقالوا إن خير الزاد التقوى.

536 - و « وقف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على القتلى ببدر وقد جمعهم في قليب (2) فقال : يا أهل القليب إنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟! فقال المنافقون : إن رسول اللّه يكلم الموتى ، فنظر إليهم فقال : لو أذن لهم في الكلام لقالوا : نعم وإن خير الزاد التقوى ».

537 - و « كانت فاطمة عليها السلام تأتي قبور الشهداء كل غداة سبت فتأتي قبر حمزة فتترحم عليه وتستغفر له ». (3)

538 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا دخلت الجبانة (4) فقل : السلام على أهل الجنة ».

539 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « إذا دخلت المقابر فطأ القبور (5) فمن كان مؤمنا استروح إلى ذلك (6) ، ومن كان منافقا وجد ألمه ».

540 - وروي عن محمد بن مسلم أنه قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الموتى

ص: 180


1- في بعض النسخ « فهذا آخر ما عندنا ».
2- القليب البئر قبل أن يطوى يذكر ويؤنث ، وقيل : البئر العادية القديمة. ( الصحاح )
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 121 مسندا عن الصادق عليه السلام.
4- الجبان والجبانة - بضم الجيم وشد الباء - : الصحراء وتسمى بها المقابر لأنها تكون في الصحراء تسمية للشئ باسم موضعه. ( النهاية )
5- ذكر الشهيد - رحمه اللّه - في الذكرى أحاديث تدل على منع المشي على القبور و حمله على الكراهة ، ثم قال : وزاد الشيخ كراهة الاتكاء عليه والمشي ونقله في المعتبر. فما نقله المؤلف  - رحمه اللّه - عن الكاظم عليه السلام يمكن حمله على القاصد زيارتهم بحيث لا يتوصل إلى القبر الا بالمشي على الاخر ، ويقال : يختص الكراهة بالقعود لما فيه من اللبث المنافى للتعظيم.
6- استروح : وجد الراحة كاستراح. ( القاموس )

نزورهم؟ فقال : نعم ، قلت : فيعلمون بنا إذا أتيناهم؟ فقال : إي واللّه إنهم ليعلمون بكم ويفرحون بكم ويستأنسون إليكم ، قال : قلت : فأي شئ نقول إذا أتيناهم؟ قال : قل : « اللّهم جاف الأرض عن جنوبهم وصاعد إليك أرواحهم ، ولقهم منك رضوانا ، وأسكن إليهم من رحمتك ما تصل به وحدتهم ، وتؤنس به وحشتهم ، إنك على كل شئ قدير ».

541 - وقال الرضا عليه السلام : « ما من عبد [ مؤمن ] زار قبر مؤمن فقرأ عنده إنا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات إلا غفر اللّه له ولصاحب القبر » (1).

542 - وسأل إسحاق بن عمار أبا الحسن الأول عليه السلام « عن المؤمن يزور أهله (2) فقال : نعم ، قال : في كم؟ فقال : على قدر فضائلهم ، منهم من يزور في كل يوم ، ومنهم من يزور في كل يومين ، ومنهم من يزور في كل ثلاثة أيام قال : ثم رأيت في مجرى كلامه أنه يقول : أدناهم جمعة (3) ، فقال له : في أي ساعة؟ قال : عند زوال الشمس أو قبيل ذلك فيبعث اللّه معه ملكا يريه ما يسر به يستر عنه ما يكرهه فيرى سرورا ويرجع إلى قرة عين » (4).

543 - وروى حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن الكافر يزور أهله فيرى ما يكرهه ويستر عنه ما يحب ».

544 - وقال صفوان بن يحيى لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « بلغني أن المؤمن إذا أتاه الزائر آنس به ، فإذا انصرف عنه استوحش ، فقال : لا يستوحش ».

ص: 181


1- رواه في ثواب الأعمال باسناده عن أحمد بن محمد قال : « كنت انا وإبراهيم بن هاشم في بعض المقابر إذ جاء إلى قبر فجلس مستقبل القبلة ، ثم وضع يده على القبر فقرأ سبع مرات » انا أنزلناه « ثم قال : حدثني صاحب هذا القبر - وهو محمد بن إسماعيل بن بزيع - انه من زار قبر مؤمن فقرأ عنده سبع مرات » انا أنزلناه « غفر اللّه له ولصاحب القبر ».
2- أي المؤمن الميت يزور أهله الاحياء.
3- أي أدناهم يزور جمعة وأريد بها الأسبوع لا اليوم المخصوص بقرينة الكلام.
4- أي يرجع قرير العين مسرورا.

545 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « يصنع للميت مأتم (1) ثلاثة أيام من يوم مات ».

546 - و « أوصى أبو جعفر عليه السلام بثمانمائة درهم لمأتمه ، وكان يرى ذلك للسنة ، لان رسول اللّه صلى عليه وآله وسلم قال : اتخذوا لآل جعفر بن أبي طالب طعاما فقد شغلوا ».

547 - و « أوصى أبو جعفر عليه السلام أن يندب في المراسم عشر سنين »(2).

548 - وقال الصادق عليه السلام : « الاكل عند أهل المصيبة من عمل أهل الجاهلية والسنة البعث إليهم بالطعام كما أمر به النبي صلى اللّه عليه وآله في آل جعفر بن أبي طالب عليه السلام لما جاء نعيه » (3).

549 - وقال عليه السلام : « لما قتل جعفر بن أبي طالب عليه السلام (4) أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فاطمة عليها السلام أن تأتي أسماء بنت عميس ونساءها وأن تصنع لهم

ص: 182


1- المأتم - كمشهد - : كل مجتمع في حزن أو فرح ، أو خاص بالنساء للموت وقد يطلق على الطعام للميت.
2- الندب تذكر النائحة للميت بأحسن أوصافه وأفعاله والبكاء عليه ، وقد روى الكليني في الكافي ج 5 ص 117 باسناده عن الصادق عليه السلام قال : « قال أبى : يا جعفر أوقف لي من مالي كذا وكذا النوادب تندبني عشر سنين بمنى أيام منى » ، وذلك يدل على رجحان الندبة عليهم عليهم - السلام وإقامة المأتم لهم لما فيه من تشييد حبهم وبغض مخالفيهم في القلوب ، والظاهر اختصاصه بهم. والنوح عليهم سنة جارية بيننا خلافا للعامة فإنهم نقلوا أخبارا ظاهرها تحريم النياحة وعلى تقدير صحتها حملت على النوح بالباطل الذي كان عمل الناس في الجاهلية فإنهم وصفوا الميت بما ليس فيه وقد يظهر هذا الحمل من أخبارهم أيضا.
3- النعي : الاخبار بالموت ، ونعاه أي أخبر بموته ، ويظهر من الخبر كراهة الاكل من طعام صنعه أهل المصيبة لا ما بعث إليهم غيرهم. (م ت)
4- جعفر بن أبي طالب استشهد بمؤتة وهو ابن أربعين سنة أو أقل ، ونقل العسقلاني في الإصابة عن الطبراني أنه أصيب بتسعين جراحة.

طعاما ثلاثة أيام ، فجرت بذلك السنة ».

550 - وقال الصادق عليه السلام : « ليس لأحد أن يحد أكثر من ثلاثة أيام إلا المرأة على زوجها حتى تنقضي عدتها » (1).

551 - وسئل عن أجر النائحة ، فقال : « لا بأس به [ و ] قد نيح على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ».

552 - وروي أنه قال : « لا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقا ». وفى خبر آخر قال : « تستحله بضرب إحدى يديها على الأخرى ».

553 - و « لما انصرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله من وقعة أحد إلى المدينة سمع من كل دار قتل من أهلها قتيل نوحا وبكاء ولم يسمع من دار حمزة عمه فقال صلى اللّه عليه وآله لكن حمزة لا بواكي له ، فآلى أهل المدينة (2) أن لا ينوحوا على ميت ولا يبكوه حتى يبدؤا بحمزة فينوحوا عليه ويبكوه ، فهم إلى اليوم على ذلك ».

554 - وقال عمر بن يزيد : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : يصل عن الميت؟ فقال : نعم حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع اللّه عليه ذلك الضيق ، يؤتى فيقال له : خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك ، قال : فقلت له : فأشرك بين رجلين في ركعتين قال : نعم. فقال عليه السلام : « إن الميت ليفرح بالترحم عليه والاستغفار له كما يفرح الحي بالهدية تهدى إليه » (3).

ص: 183


1- أحدت المرأة : امتنعت من الزينة ، وكذلك حدت - بشد الدال - والحداد : ثياب المأتم.
2- آلى يؤلى ايلاء أي حلف.
3- الاخبار في انتفاع الميت بالصلاة والصوم والحج والصدقة وغيرها من القربات متواترة جدا أوردها الشهيد - رحمه اللّه - في الذكرى وبسط الكلام ووفى حق المقام. و ربما يستشكل بأن ما جاء في تلك الروايات ينافى قوله تعالى:« وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى» و أجيب تارة بأن الآية منسوخ الحكم في شريعتنا لقوله تعالى« أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» يعنى برفع الدرجة و رفع درجة الذرّية ممّا لم يستحقوها بأعمالهم و نحو هذا. و قال بعضهم: ان ذلك لقوم إبراهيم و موسى فأما هذه الأمة فلهم ما سعى غيرهم نيابة عنهم، و هو كما ترى. و تارة بعدم التنافى بيانه أن القربات و الاعمال الصالحة التي ينتفع بها المؤمن بعد موته على أقسام، قسم منها-- كالصدقة الجارية و بناء المساجد و العلم الذي ينتفع به الناس و ما شابهها فلا كلام في أنّها تكون من عمله و سعيه فمجزىّ بها بعد موته، و قسم له دخل ما في تحققه و ان لم يكن في ظاهر الامر من عمله كالوصية بأنواع الخير فهو أيضا يعد من سعيه و يشمله عموم« ما سعى» لانه ان لم يوص لم يتحقّق، أو كالولد البر التقى الذي أدبه في أيّام حياته فيدعو له بعد موته و يصلى و يصوم و يحج عنه فهو أيضا من كسبه كما جاء في النبوى( ص)« ان أطيب ما أكل الرجل من كسبه و ان ولده من كسبه». و قسم لا دخل للميت في وقوعه على الظاهر كاستغفار المؤمنين له و الاعمال الصالحة التي تهدى إليه مثوباتها فذاك اما مرتبط بسعيه في الدخول في زمرة المؤمنين و تكثير سوادهم و تأييد ايمانهم الذي من آثاره ما يأتون به من القربات و الخيرات كما في قوله تعالى:« وَ الَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ» و اما مرتبط باحسانه و محبّته اليهم في حياته فهو أيضا نتيجة احسانه و محبته و يشمله عموم السعى أيضا. و قسم لا يتصوّر للميت أي مدخل فيه كتبرّع ذوى قرباه أو غيرهم له لا من جهة أنّه من المؤمنين بل من أجل القرابة في النسب فحسب أو لمحبوبية التبرع عن الغير عند الشارع و رجحانه عند اللّه تعالى فهذا أيضا لا ينافى حكم الآية التشريعى لان لكل عمل عبادى ثوابا مقررا عند اللّه تعالى يصل الى العامل جزاء لعمله و سعيه لا محالة تفضلا كان أو استحقاقا، فحينئذ إذا أهدى العامل ثواب عمله الى شخص عيّنه و سأل اللّه سبحانه أن يبعث ثوابها الى روح ذلك الشخص فكأنّه أحال على اللّه عزّ و جلّ فقبل سبحانه حوالته و أعطى أجره من كان يريده فلا منافاة لان ذلك جزاء عمل المحيل لا غير. هذا من افادات أستادنا المعظم السيّد محمّد كاظم الموسوى الگلپايگاني دام ظله العالى. هذا و راجع في تحقيق آخر للكلام ج 2 ص 461.

ويجوز أن يجعل الرجل حجته (1) أو عمرته أو بعض صلاته أو بعض طوافه لبعض أوله وهو ميت وينتفع به حتى أنه ليكون مسخوطا عليه فيغفر له ، ويكون مضيقا عليه فيوسع له (2) ، ويعلم الميت بذلك ، ولو أن رجلا فعل ذلك عن ناصب

ص: 184


1- الظاهر أنه يفعل ذلك نيابة عن الميت ، ويحتمل أن يجعل للميت ثواب ما فعله سابقا. ( مراد )
2- السخط خلاف الرضا ، ولعل المراد بالضيق تضيق القبر وضغطته ، وبالتوسع توسعه ورفع الضغطة ، ويحتمل العموم. ( مراد ).

لخفف عنه (1) ، والبر والصلة والحج يجعل للميت والحي ، فأما الصلاة فلا تجوز عن الحي (2).

555 - وقال عليه السلام : « ستة يلحقن المؤمن بعد وفاته : ولد يستغفر له ، ومصحف يخلفه ، وغرس يغرسه ، وصدقة ماء يجريه (3) ، وقليب يحفره ، وسنة يؤخذ بها من بعده ».

556 - وقال عليه السلام : « من عمل من المسلمين عن ميت عملا صالحا أضعف له أجره ونفع اللّه به الميت ».

557 - وقال عليه السلام : « يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والبر والدعاء ، ويكتب أجره للذي يفعله وللميت ».

558 - « ولما مات (4) ذر بن أبي ذر رحمة اللّه عليه وقف أبو ذر على قبره فمسح القبر بيده ، ثم قال : رحمك اللّه يا ذر واللّه إن كنت بي لبرا ولقد قبضت وإني عنك لراض ، واللّه ما بي فقدك وما علي من غضاضة (5) وما لي إلى أحد سوى اللّه من حاجة ، ولولا هول المطلع (6) لسرني أن أكون مكانك ، ولقد شغلني الحزن

ص: 185


1- يمكن أن يكون محمولا على المبالغة بمعنى أنه لو أمكن انتفاعه لانتفع ، لكن يستحيل انتفاعه لان النفع مشروط بالايمان ولا أقل من الاسلام وهو خارج عن الدين ضرورة ، الا أن يراد بالناصب غير المعادي كما هو شايع في الاخبار من اطلاق الناصب فيمكن انتفاعهم بفضل اللّه تعالى. (م ت)
2- الا صلاة الطواف فإنها جزاء للحج.
3- في بعض النسخ « صدقة ما يجريه » فحينئذ يشمل الماء غيره. ( مراد )
4- رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 250 عن علي بن إبراهيم القمي مرفوعا مقطوعا.
5- أي ليس على بأس وحزن من فقدك وموتك ، أو ما وقع بي فقدك مكروها والحاصل ليس بي حزن فقدك. والغضاضة : الذلة والمنقصة والغيظ.
6- المطلع - بتشديد الطاء المهملة والبناء للمفعول - : أمر الآخرة وموقف القيامة أو ما يشرف عليه عقيب الموت فشبه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال.

لك (1) عن الحزن عليك ، واللّه ما بكيت لك ولكن بكيت عليك (2) ، فليت شعري ما قلت وما قيل لك؟ اللّهم إني قد وهبت له ما افترضت عليه من حقي فهب له ما افترضت عليه من حقك فأنت أحق بالجود مني والكرم ».

باب 27: النوادر

559 - قال الصادق عليه السلام : « ما من أحد يموت أحب إلى إبليس من موت فقيه ».

560 - وسئل عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها » فقال : فقد العلماء ».

561 - وسئل عليه السلام عن قول اللّه عزوجل : « أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر » (3) فقال : توبيخ لابن ثمانية عشر سنة (4).

562 - وسئل عليه السلام عن قول اللّه عزوجل : وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها « قال : هو الفناء بالموت » (5).

ص: 186


1- أي في أمر الآخرة وقوله « عن الحزن عليك » أي على مفارقتك.
2- قوله « ما بكيت لك » أي لفراقك و « بكيت عليك » أي للاشفاق عليك ، أو على ضعفك وعجزك عن الأهوال التي أمامك.
3- لفظة « ما » على هذا التفسير يراد به العمر والمعنى أو لم نعمركم عمرا يتذكر فيه من تذكر.
4- ظاهر الآية توبيخ المعمرين الذين لم يتذكروا ولم يتنبهوا أن الدنيا فانية والآخرة باقية حتى يسعوا في موجبات الثواب الأبدي. وفسر المعمر بمن كان له من العمر ثمانية عشر سنة ، يعنى هذا المقدار من العمر كاف للتذكر والتنبه وملوم بالتقصير فيه ، وكلما زاد فملامته أشد وأكثر. (م ت)
5- مرجع الضمير هو الاهلاك المفهوم من قوله : « مهلكوها ».

563 - وقال الصادق عليه السلام : « ليس لكم أن تعزونا ولنا أن نعزيكم ، إنما لكم أن تهنئونا لأنكم تشاركوننا في المصيبة » (1).

564 - وسئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يقول لابنه أو لابنته : بأبي أنت وأمي أو بأبوي أنت ، أترى بذلك بأسا؟ فقال : إن كان أبواه حيين فأرى ذلك عقوقا ، وإن كان قد ماتا فلا بأس ».

565 - وقال الصادق عليه السلام : « الصبر صبران فالصبر عند المصيبة حسن جميل وأفضل من ذلك الصبر عندما حرم اللّه عزوجل عليك فيكون لك حاجزا ».

566 - وقال عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى تطول على عباده بثلاث : ألقى عليهم الريح بعد الروح (2) ولولا ذلك ما دفن حميم حميما ، وألقى عليهم السلوة بعد المصيبة (3) ولولا ذلك لانقطع النسل ، وألقى على هذه الحبة (4) الدابة ولولا ذلك لكنزها ملوكهم كما يكنزون الذهب والفضة ».

567 - وقال عليه السلام : « إنا أهل بيت نجزع قبل المصيبة فإذا نزل أمر اللّه عزوجل رضينا بقضائه وسلمنا لامره وليس لنا أن نكره ما أحب اللّه لنا ».

568 - وقال عليه السلام : « من خاف على نفسه من وجد بمصيبة (5) فليفض من دموعه فإنه يسكن عنه ».

ص: 187


1- ذلك لان شركاء المصيبة لا يعزى بعضهم بعضا بخلاف شركاء النعمة فإنه يهنئ بعضهم بعضا ، ويمكن حمله على أن ليس لكم أن تعزونا في مصيبتنا بل لنا أن نعزيكم فيها لأنكم تشاركوننا فيها والتعزية أي الحمل على الصبر ينبغي أن يقع من الشريك الذي هو أصبر بالنسبة إلى الذي هو أقل صبرا. ( مراد )
2- أي النتن بعد ذهاب الروح.
3- الحميم : القريب ، والسلوة التسلي اسم من سلوت عنه سلوا من باب قعد ، قال أبو زيد : السلو طيب نفس الألف عن الفه. ( المصباح )
4- المراد بها الحنطة والشعير وأمثالهما.
5- الوجد - بفتح الواو - هنا : الحزن.

569 - وقال ابن أبي ليلى (1) للصادق عليه السلام : « أي شئ أحلى مما خلق اللّه عز وجل فقال : الولد الشاب ، فقال : أي شئ أمر مما خلق اللّه عزوجل؟ قال : فقده ، فقال : أشهد أنكم حجج اللّه على خلقه ».

570 - وقال عليه السلام : « ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم ترحما له إلا أعطاه اللّه عزوجل بكل شعرة نورا يوم القيامة ».

571 - وروي « أنه يكتب اللّه عزوجل له بعدد كل شعرة مرت عليها يده حسنة ».

572 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أنكر منكم قساوة قلبه فليدن يتيما فيلاطفه وليمسح رأسه يلين قلبه بإذن اللّه عزوجل فإن لليتيم حقا ».

وروي أنه قال : « يقعده على خوانه ويمسح رأسه يلين قلبه ».

573 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا بكى اليتيم اهتز له العرش ، فيقول اللّه تبارك وتعالى : من هذا الذي أبكى عبدي الذي سلبته أبويه في صغره؟ فوعزتي وجلالي وارتفاعي في مكاني لا يسكته عبد مؤمن إلا أوجبت له الجنة ».

574 - وقال الصادق عليه السلام : « من قدم أولادا يحتسبهم عند اللّه (2) حجبوه من النار بإذن اللّه عزوجل ».

575 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إن اللّه تبارك وتعالى كره لي ست خصال و كرهتهن للأوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي : العبث في الصلاة (3) والرفث في

ص: 188


1- هو قاض من قضاة العامة.
2- في الصحاح : واحتسبت بكذا أجرا عند اللّه والاسم الحسبة - بالكسر - وهي الاجر ، واحتسب فلان ابنا له أو بنتا ، إذا ما مات وهو كبير فان مات صغيرا قيل افترطه. انتهى ولعل معنى الاحتساب هنا موت الولد مطلقا.
3- « العبث في الصلاة » لعل المراد ما يؤتى به في الصلاة من غير أفعالها مما لا يبطلها ولا يتعلق به غرض يعتد به ، والرفث : الجماع والفحش من القول ، والعل المراد مقدمات الجماع مثل التقبيل وغيره.

الصوم ، والمن بعد الصدقة ، وإتيان المساجد جنبا ، والتطلع في الدور ، والضحك بين القبور ».

576 - وقال الصادق عليه السلام : « كلما جعل على القبر من غير تراب القبر فهو ثقل على الميت ».

577 - وروي أن السندي بن شاهك قال لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « أحب أن تدعني على أن أكفنك ، فقال : إنا أهل بيت حج صرورتنا (1) ومهور نسائنا وأكفاننا من طهور أموالنا ».

578 - وقال الصادق عليه السلام : « إن أعداءنا يموتون بالطاعون وأنتم تموتون بعلة البطون ، ألا إنها علامة فيكم يا معشر الشيعة ».

579 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج من الاسلام ».

واختلف مشائخنا في معنى هذا الخبر فقال محمد بن الحسن الصفار رحمه اللّه : هو جدد بالجيم لا غير ، وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه يحكي عنه (2) أنه قال : لا يجوز تجديد القبر ولا تطيين جميعه بعد مرور الأيام عليه و بعد ما طين في الأول ولكن إذا مات ميت وطين قبره فجائز أن يرم سائر القبور من غير أن يجدد.

وذكر (3) عن سعد بن عبد اللّه رحمه اللّه أنه كان يقول : إنما هو من حدد قبرا بالحاء غير المعجمة يعني به من سنم قبرا.

وذكر (4) عن أحمد بن أبي عبدا لله البرقي أنه قال : إنما هو من جدث قبرا ، و تفسير الجدث (5) القبر فلا ند ري ما عنى به ، والذي أذهب إليه أنه جدد بالجيم

ص: 189


1- المراد بحج الصرورة حجة الاسلام.
2- يعني عن الصفار - رحمه اللّه -.
3- المستتر راجع إلى ابن الوليد ظاهرا.
4- المستتر راجع إلى ابن الوليد ظاهرا.
5- تتمة كلام ابن الوليد.

ومعناه نبش قبرا لان من نبش قبرا فقد جدده وأحوج إلى تجديده وقد جعله جدثا محفورا.

وأقول : إن التجديد على المعنى الذي ذهب إليه محمد بن الحسن الصفار ، و التحديد بالحاء غير المعجمة الذي ذهب إليه سعد بن عبد اللّه ، والذي قاله البرقي من أنه جدث كله داخل في معنى الحديث (1) ، وأن من خالف الإمام عليه السلام في التجديد والتسنيم والنبش واستحل شيئا من ذلك فقد خرج من الاسلام (2).

ص: 190


1- مراده بهذه الكلام غير معلوم فإنه ان أراد ورود الخبر بكل ما قال فليس كذلك ، وان أراد أن لاحدها معنى عاما شاملا للجميع فليثبته. ثم اعلم أن ما في المتن أقرب الجميع و « جدث » أبعدها لأنه لم يسمع بفعل من « جدث » سوى « اجتدث » بمعنى اتخذ قبرا فلذا قال ابن الوليد بعد نقل كلام البرقي « لا ندري ما عنى به » ولكن الشيخ قال في التهذيب ج 1 ص 130 يمكن أن يكون المعنى بهذه الرواية النهى أن يجعل القبر دفعه أخرى قبرا لانسان آخر لان الجدث هو القبر فيجوز أن يكون الفعل مأخوذا منه - انتهى ، ولكن لم يستعمل فعل من جدث مجردا. ثمّ اعلم أن الشيخ- رحمه اللّه- نسب قول ابن الوليد الى الصدوق و هذا وهم منه كما عرفت و تبعه العلامة- رحمه اللّه- و قد حكى عن المفيد أنّه رواه« خدد» بالخاء المعجمة و الدال مأخوذا من قوله تعالى:« قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ» و الخد الشق.( راجع الاخبار الدخيلة 1 ص 50).
2- قال بعض الشراح : المعاني المذكورة ليست من ضروريات الدين حتى يخرج مستحلوها بسبب استحلالها عن الاسلام مع أن الاستحلال ليس في الرواية والذي يدور في خلدي أن معنى الرواية على التمثيل والاستعارة حيث شبه بدن الجاهل بالقبر ، وروحه بالميت لان حياة الروح بالعلم وترويج أفعاله وأقواله فقد خرج عن الدين وقوله عليه السلام « مثل مثالا » يعنى أبدع في الدين بدعة كما فسره الصدوق - رحمه اللّه - انتهى ، أقول : أخذه المؤلف مما رواه هو في كتابه معاني الأخبار عن الصادق عليه السلام أنه قال « من مثل مثالا واقتنى كلبا فقد خرج من الاسلام فقيل له : هلك إذا كثير من الناس فقال : ليس حيث ذهبتم ، إنما عنيت بقولي « من مثل مثالا » من نصب دينا غير دين اللّه ودعا الناس إليه وبقولي » من اقتنى كلبا « مبغضا لنا أهل البيت اقتناه وأطعمه وسقاه ، من فعل ذلك فقد خرج من الاسلام ».

والذي أقوله في قوله عليه السلام : من مثل مثالا يعني به أنه من أبدع بد ودعا إليها ، أو وضع دينا فقد خرج من الاسلام ، وقولي في ذلك قول أئمتي عليهم السلام ، فإن أصبت فمن اللّه على ألسنتهم وإن أخطأت فمن عند نفسي.

580 - وروي عن عمار الساباطي أنه قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الميت هل يبلى جسده؟ فقال : نعم حتى لا يبقى لحم ولا عظم إلا طينته التي خلق منها فإنها لا تبلى ، تبقى في القبر مستديرة (1) حتى يخلق منها كما خلق أول مرة ».

581 - وقال الصادق عليه السلام : « إن اللّه عزوجل حرم عظامنا على الأرض ، و حرم لحومنا على الدود أن تطعم منها شيئا ».

582 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « حياتي خير لكم ومماتي خير لكم ، قالوا : يا رسول اللّه وكيف ذلك؟ فقال صلى اللّه عليه وآله : أما حياتي فإن اللّه عزوجل يقول : « وما كان اللّه ليعذبهم وأنت فيهم » وأما مفارقتي إياكم فإن أعمالكم تعرض علي كل يوم فما كان من حسن استزدت اللّه لكم ، وما كان من قبيح استغفرت اللّه لكم ، قالوا : وقد رممت يا رسول اللّه يعنون صرت رميما فقال : كلا إن اللّه تبارك وتعالى حرم لحومنا على الأرض أن تطعم منها شيئا » (2).

583 - وروي « أن أعمال العباد تعرض على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وعلى الأئمة عليهم السلام كل يوم أبرارها وفجارها فاحذروا ، وذلك قول اللّه عزوجل : وقل اعملوا فسيرى اللّه

ص: 191


1- لعله مأخوذ من دار يدور دورا بمعنى منتقلة من حال إلى حال ومن شأن إلى شأن ، و الحاصل ما سوى النطفة لا يبقى إنما تبقى الطينة مستديمة مستمرة ، ويؤيده ما في بعض النسخ من لفظ « مستديمة » بدل مستديرة فالنطفة مستديمة في جميع مراتب التغيير دايرة منتقلة من حال إلى حال مع بقائها في ذاتها حتى يخلق منها كما خلق أول مرة. ( سلطان ).
2- هنا كلام وهو أن المعروض عليه هو الروح وصيرورة البدن رميما لا ينافي ذلك ولعل جوابه صلى اللّه عليه وآله مبنى على رفع توهم القائل لا على توقف العرض على وجود البدن. ( مراد ).

عملكم ورسوله والمؤمنون ».

584 - وسئل الصادق عليه السلام « عن المصلوب يصيبه عذاب القبر؟ فقال : إن رب الأرض هو رب الهواء فيوحي اللّه عزوجل إلى الهواء فيضغطه أشد من ضغطة القبر ».

585 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إن غسلت رأس الميت ولحيته بالخطمي فلا بأس » وذكر هذا في حديث طويل يصف فيه غسل الميت. (1)

586 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « غسل الميت مثل غسل الجنب ، فإن كان كثير الشعر فرد الماء عليه ثلاث مرات ».

587 - وقال الصادق عليه السلام : « لا بأس أن تجعل الميت بين رجليك ، وأن تقوم فوقه فتغسله إذا قلبته يمينا وشمالا تضبطه برجليك كي لا يسقط لوجهه » (2).

588 - و « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله مشى خلف جنازة رجل من الأنصار فقيل له : ألا تركب يا رسول اللّه؟ فقال إني لأكره ان اركب والملائكة يمشون »

589 - وقال الصادق عليه السلام في آخر حديث يذكر فيه غسل الميت : « إياك أن تحشو مسامعه شيئا ، فان خفت أن يظهر من المنخرين شئ فلا عليك أن تصير عليه قطنا (3) ، وإن لم تخف فلا تجعل فيه شيئا » (4).

590 - وقال عليه السلام في آخر حديث طويل يصف فيه غسل الميت : « لا تخلل أظافيره » (5).

ص: 192


1- مروى بتمامه في التهذيب ج 1 ص 87
2- هذا لا ينافي كراهة ذلك على ما صرح به الفقهاء لجواز أن يحمل نفى البأس على نفى الحرمة وجواز تخصيصه بما إذا لم يكن هنالك من يعين الغاسل في حفظ الميت لئلا يسقط على وجهه. ( مراد )
3- في بعض النسخ « ثمة قطعا ».
4- رواه الكليني بتمامه في الكافي ج 3 ص 140 في حديث طويل.
5- هذا أيضا جزء من الخبر السابق.

591 - وقال عليه السلام : « إذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة ، وكذلك إذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة ».

592 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا قبضت الروح فهي مظلة فوق الجسد ، (1) روح المؤمن وغيره ينظر إلى كل شئ يصنع به ، فإذا كفن ووضع على السرير وحمل على أعناق الرجال عادت الروح إليه ودخلت فيه فيمد له في بصره فينظر إلى موضعه من الجنة أو من النار ، فينادي بأعلى صوته إن كان من أهل الجنة : عجلوني عجلوني ، وإن كان من أهل النار : ردوني ردوني ، وهو يعلم كل شئ يصنع به ، ويسمع الكلام ».

593 - وقال الصادق عليه السلام : « إن الأرواح في صفة الأجساد في شجرة من الجنة تتساءل وتتعارف فإذا قدمت الروح على الأرواح تقول : دعوها فقد أفلتت من هول عظيم (2) ، ثم يسألونها ما فعل فلان؟ وما فعل فلان؟ فإن قالت لهم : تركته حيا ارتجوه ، وإن قالت لهم : قد هلك ، قالوا : هوى هوى » (3).

594 - وقال الصادق عليه السلام (4) : « إن اللّه تبارك وتعالى أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام أن أخرج عظام يوسف عليه السلام من مصر (5) ووعده طلوع القمر فأبطأ طلوع

ص: 193


1- في بعض النسخ « مطلقة » بضم الميم واهمال الطاء المكسورة من أطل عليه كذا أي أشرف. وفى النهاية « أظلكم » أي أقبل عليكم ودنا منكم لأنه القى عليكم ظله.
2- أي نجت وتخلصت. وفى الصحاح أفلت الشئ وتفلت وانفلت بمعنى وأفلته غيره. وفى بعض النسخ « أقلبت ».
3- أي سقط إلى دركات الجحيم إذ لو كان من السعداء لكان يلحق بنا. ( المرآة )
4- أخرجه في العلل والعيون بتمامه مسندا وفيهما « احتبس القمر عن بني إسرائيل فأوحى اللّه تعالى إلى موسى (عليه السلام) أن أخرج عظام يوسف (عليه السلام) من مصر ووعده طلوع القمر إذا خرج عظامه - الحديث ».
5- وذلك كما في بعض الكتب أن يوسف عليه السلام لما مات تنازع بنو إسرائيل وأهل نواحي مصر في موضع قبره فكل يريد أن يدفن في محلته ليكون لهم افتخار ذلك أو بركته فأجمع أمرهم على أن يضعوه في تابوت مرمر واستثقلوه ونبذوه في ناحية من النيل وماء النيل جار في الأنهار وحيث يجرى ينتفع جميع الطوائف به ، يتطهرون بمائه ويشربون منه وتكون البركة لجميعهم على سواء.

القمر عليه (1) فسأل عمن يعلم موضعه ، فقيل له : ههنا عجوز تعلم علمه ، فبعث إليها فاتي بعجوز مقعدة عمياء ، فقال : تعرفين قبر يوسف عليه السلام؟ قالت : نعم ، قال : فأخبريني بموضعه ، قالت : لا أفعل حتى تعطيني خصالا : تطلق رجلي ، وتعيد إلي بصري ، وترد إلي شبابي ، وتجعلني معك في الجنة ، فكبر ذلك على موسى ، فأوحى اللّه عزوجل إليه : إنما تعطي علي فأعطها ما سألت ، ففعل فدلته على قبر يوسف عليه السلام فاستخرجه من شاطئ النيل في صندوق مرمر ، فلما أخرجه طلع القمر فحمله إلى الشام.

فلذلك يحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشام » (2).

وهو يوسف بن يعقوب عليهما السلام ، وما ذكر اللّه عزوجل يوسف في القرآن غيره (3).

595 - وقال الصادق عليه السلام : « أكبر ما يكون الانسان يوم يولد ، وأصغر ما يكون يوم يموت » (4).

596 - وقال عليه السلام : « ما خلق اللّه عزوجل يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت » (5).

597 - وقال عليه السلام : « أول من جعل له النعش (6) فاطمة بنت محمد صلوات اللّه عليها ».

ص: 194


1- أي علق طلوع القمر على اخراج العظام فلما أبطأ اخراج العظام لجهالة موضعها أبطأ طلوع القمر. ( سلطان )
2- الشاطئ : الجانب ، والغرض جواز نقل الجنائز إلى الأماكن المقدمة ، بل استحبابه.
3- بخلاف إسماعيل حيث قيل : ما ذكر في القرآن من إسماعيل رجلان.
4- يعني أن الانسان يكون في يوم الولادة عزيزا العز والكبر وفى يوم يموت ذليلا غاية الذل والصغر. ويمكن الأكبرية والأصغرية باعتبار الاستعداد للكمالات وعدمه أو باعتبار المعصية وعدمها.
5- أي الموت يقين لا شك فيه وهو يشبه شكا لا يقين فيه حيث تغفل عنه الناس ولا يعملون على مقتضاه فكأنهم شاكون فيه وليس شئ في هذه الصفة مثل الموت. ( مراد )
6- يعنى أول من جعل السرير لجنازته في الاسلام.

28 أبواب الصلاة وحدودها

598 - قال الرضا عليه السلام : « الصلاة لها أربعة آلاف باب » (1).

599 - وقال الصادق عليه السلام : « الصلاة لها أربعة آلاف حد » (2).

باب 29: فرض الصلاة

600 - قال زرارة بن أعين : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « أخبرني عما فرض اللّه تعالى من الصلوات؟ قال : خمس صلوات في الليل والنهار ، قلت له : هل سماهن اللّه وبينهن في كتابه؟ فقال : نعم قال اللّه عزوجل لنبيه صلى اللّه عليه وآله : « أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل » ودلوكها زوالها ، ففيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل (3) أربع صلوات سماهن اللّه وبينهن ووقتهن ، وغسق الليل انتصافه ، ثم قال : «وقرآن الفجر

ص: 195


1- يمكن أن يراد أن لها أربعة آلاف من الواجبات والمستحبات المتعلقة باللسان والجنان والأركان بحسب الفعل والترك. ( مراد )
2- الظاهر أن المراد هنا بأربعة آلاف حد أربعة آلاف حكم وكذا المراد بالباب فان للصلاة أحكاما كثيرة وأبوابا كثيرة يذكر فيها تلك الأحكام. وقد يقال : إن المراد بالأبواب أبواب السماء التي ترفع منها إليها الصلاة كل من باب ، أو الأبواب على التعاقب فكل صلاة تمر على كل الأبواب ، ويمكن أن يراد بأبواب الصلات مقدماتها التي تتوقف صحة الصلاة عليها من معرفة اللّه تعالى وغير ذلك ( سلطان ) وفسر الشهيد - رحمه اللّه - الخبرين بواجبات الصلاة ومندوباتها وجعل الواجبات ألفا وشيئا يسيرا زائدا عليه وصنف لها الألفية ، وجعل المندوبات ثلاثة آلاف ، وألف لها النفلية بتكلفات كثيرة. والظاهر أن المراد بالأبواب والحدود المسائل المتعلقة بها وهي تصير أربعة آلاف بلا تكلف. (م ت)
3- دلكت الشمس دلوكا غربت أو اصفرت أو مالت ، أو زالت عن كبد السماء. وغسق الليل شدة ظلمته. ( القاموس )

إن قرآن الفجر كان مشهوداً» فهذه الخامسة. وقال في ذلك : «أقم الصلاة طرفي النهار» وطرفاه المغرب والغداة « وزلفا من الليل » وهي صلاة العشاء الآخرة ، وقال : «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى» وهي صلاة الظهر وهي أول صلاة صلاها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وهي وسط صلاتين بالنهار (1) صلاة الغداة وصلاة العصر ، وقال في بعض القراءة «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى [ و ] وصلاة العصر وقوموا لله قانتين» (2) في صلاة الوسطى ، وقيل : أنزلت هذه الآية يوم الجمعة ورسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في سفر فقنت فيها وتركها على حالها في السفر والحضر ، وأضاف للمقيم ركعتين وإنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي صلى اللّه عليه وآله يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها أربعا كصلاة الظهر في سائر الأيام.

601 - وقال الصادق عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « إن الصلاة كانت على المؤمنين

ص: 196


1- قال الفاضل التفرشي : فعل هذا يكون الوسطى من التوسط وقد يفسر بالفضلى من قولهم للأفضل أوسط.
2- في بعض النسخ « والصلاة الوسطى صلاة العصر » بدون الواو ، وروى أحمد بن حنبل عن إسحاق ، عن مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى عائشة قال : أمرتني أن اكتب لها مصحفا وقالت : إذا بلغت هذه الآية « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى » فأذني ، فلما بلغتها آذنتها فأملت على « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين » وهكذا رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك ، وقال ابن جرير حدثني ابن المثنى عن الحجاج عن حماد ، عن هشام بن عروة عن أبيه قال : « كان في مصحف عائشة » حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر ». وهكذا رواه من طريق الحسن البصري أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قرأها كذلك. وقد روى الامام مالك أيضا عن زيد بن أسلم عن عمرو بن نافع قال : كنت أكتب مصحفا لحفصة زوج النبي صلى اللّه عليه وآله فقالت إذا بلغت هذه الآية فأذني » حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى « فلما بلغتها آذنتها ، فأملت على » حافظوا على الصلوات الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين وهكذا رواه محمد بن إسحاق بن يسار وزاد كما حفظتها من النبي صلى اللّه عليه وآله وأورد ابن جرير هذا الخبر بطرق عديدة وكما ترى في كلها عطف صلاة العصر على الوسطى بواو العطف التي تقتضي المغايرة ، وفى قبالها أخبار أخر تقضى عدم المغايرة ، روى ابن جرير باسناده عن عروة قال : كان في مصحف عائشة « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى هي صلاة العصر » وهكذا من طريق الحسن البصري أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قرأها كذلك. وروى أبو داود في سننه مسندا عن علي عليه السلام أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال في يوم الخندق : « حبسونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملاء اللّه بيوتهم وقبورهم نارا ». و رواه مسلم في صحيحه من طريق محمّد بن طلحة و لفظه« شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر- الحديث». و في سنن النسائى« شغلونا عن الصلاة الوسطى حتّى غربت الشمس». و في تفسير الكشّاف: فى قراءة ابن عبّاس و عائشة مع الواو و في قراءة حفصة بدون الواو. و في الكافي ج 3 ص 271 أيضا هكذا« و في بعض القراءة« حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى صلاة العصر- الآية». و في التهذيب مع العاطف.

كتابا موقوتا « قال : مفروضا » (1).

602 - وقال عليه السلام إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لما أسري به أمره ربه بخمسين صلاة ، فمر على النبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى انتهى إلى موسى بن عمران عليه السلام ، فقال : بأي شئ أمرك ربك؟ فقال : بخمسين صلاة ، فقال : اسأل ربك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فسأل ربه فحط عنه عشرا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ ، حتى مر بموسى بن عمران عليه السلام فقال : بأي شئ أمرك ربك؟ فقال بأربعين صلاة ، فقال : اسأل ربك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فسأل ربه فحط عنه عشرا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى مر بموسى [ بن عمران ] عليه السلام فقال : بأي شئ أمرك ربك؟ فقال : بثلاثين صلاة ، فقال : اسأل ربك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فسأل ربه عزوجل فحط عنه عشرا ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألون عن شئ حتى مر بموسى بن عمران عليه السلام فقال : بأي شئ أمرك ربك؟ فقال : بعشرين صلاة ، فقال : اسأل ربك التخفيف فإن أمتك

ص: 197


1- المفروض تفسير الموقوف على ما يجيئ في حديث زرارة والفضل وان أمكن هنا كونه تفسيرا للكتاب فان « كتب » جاء بمعنى « فرض » في قوله تعالى « كتب عليكم الصيام ». ( مراد ).

لا تطيق ذلك ، فسأل ربه فحط عنه عشرا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى مر بموسى بن عمران عليه السلام فقال : بأي شئ أمرك ربك؟ فقال : بعشر صلوات ، فقال : اسأل ربك التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك فإني جئت إلى بني إسرائيل بما افترض اللّه عزوجل عليهم فلم يأخذوا به ولم يقروا (1) عليه ، فسأل النبي صلى اللّه عليه وآله ربه عزوجل فخفف عنه فجعلها خمسا ، ثم مر بالنبيين نبي نبي لا يسألونه عن شئ حتى مر بموسى عليه السلام فقال له : بأي شئ أمرك ربك؟ فقال : بخمس صلوات ، فقال : اسأل ربك التخفيف عن أمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فقال : إني لأستحي أن أعود إلى ربي ، فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بخمس صلوات ، وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : جزى اللّه موسى بن عمران عن أمتي خيرا ، وقال الصادق عليه السلام : جزى اللّه موسى [ بن عمران ] عنا خيرا (2).

603 - وروي عن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال : سألت أبي سيد العابدين عليه السلام فقلت له : يا أبة أخبرني عن جدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لما عرج به إلى السماء وأمره ربه عزوجل بخمسين صلاة كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران عليه السلام : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك فقال : يا بني إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لا يقترح على ربه عزوجل فلا يراجعه في شئ يأمره به ، فلما سأله موسى عليه السلام ذلك وصار شفيعا لامته إليه لم يجز له أن يرد شفاعة أخيه موسى عليه السلام فرجع إلى ربه عزوجل فسأله التخفيف إلى أن ردها إلى خمس صلوات ، قال : فقلت له : يا أبة فلم لم يرجع إلى ربه عزوجل ولم يسأله التخفيف من خمس صلوات وقد سأله موسى عليه السلام أن يرجع إلى ربه عزوجل و

ص: 198


1- في بعض النسخ « ولم يقووا ».
2- هذا الخبر مشهور بين العامة والخاصة. واستشكل بالنسخ قبل وقت الفعل بأنه يلزم البداء وأجيب بأنه يمكن أن تكون الفائدة الشكر على التخفيف وسعى المكلفين فيما أمكنهم من الصلوات فان الصلاة قربان كل تقى. (م ت).

يسأله التخفيف؟ فقال : يا بني أراد عليه السلام أن يحصل لامته التخفيف مع أجر خمسين صلاة لقول اللّه عزوجل : « من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها » ألا ترى أنه عليه السلام لما هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول : [ لك ] إنها خمس بخمسين (1) « ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد (2) » قال : فقلت له : يا أبة أليس اللّه جل ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال : بلى تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا ، قلت : فما معنى قول موسى عليه السلام لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ارجع إلى ربك؟ فقال : معناه معنى قول إبراهيم عليه السلام « إني ذاهب إلى ربي سيهدين » ومعنى قول موسى عليه السلام  « وعجلت إليك رب لترضى » ومعنى قوله عزوجل : « ففروا إلى اللّه » يعني حجوا إلى بيت اللّه ، يا بني إن الكعبة بيت اللّه فمن حج بيت اللّه فقد قصد إلى اللّه ، والمساجد بيوت اللّه فمن سعى إليها فقد سعى إلى اللّه وقصد إليه ، والمصلي ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي اللّه عزوجل فإن لله تبارك وتعالى بقاعا في سماواته ، فمن عرج به إلى بقعة منها فقد عرج به إليه (3) ألا تسمع اللّه عزوجل يقول : « تعرج الملائكة والروح

ص: 199


1- يمكن أن يكون إشارة إلى مراده سبحانه في أول الأمر حيث أمر بخمسين كان هذا أي خمس صلوات تعدل خمسين وهذا أحد توجيهات البداء وهو أن يأمر المكلف بما يوهم خلاف المراد ثم يظهر المراد ، ويحتمل أن يكون تأكيدا لما قبله من الكلام أي ما وعد من ثواب خمسين ما يبدل فان اللّه لا يخلف وعده وليس بظلام للعبيد ، واللّه أعلم. ( سلطان ).
2- يعنى ما قرر اللّه لهم خمسين صلاة فلو بدله ولم يعطهم هذا الثواب لكان ظلما عظيما ولذا نفى كونه ظلاما للعبيد بصيغة المبالغة لأنه أي ظلم يقع منه يكون كثيرا لا أنه نفى مبالغة الظلم حتى يلزم منه الظلم. (م ت)
3- إنما يحتاج إلى هذا التصحيح الرجوع الجسماني والمعراج البدني كما هو الواقع والا فالرجوع إلى اللّه تعالى بحسب القلب احتمال ظاهر. ( سلطان )

إليه » ، ويقول [ اللّه ] عزوجل في قصة عيسى بن مريم عليهما السلام : « بل رفعه اللّه إليه » ويقول اللّه عزوجل : « إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ».

وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب المعارج (1).

والصلاة في اليوم والليلة إحدى وخمسون ركعة ، منها الفريضة سبع عشرة ركعة الظهر أربع ركعات وهي أول صلاة فرضها اللّه عزوجل ، والعصر أربع ركعات ، والمغرب ثلاث ركعات ، والعشاء الآخرة أربع ركعات ، والغداة ركعتان ، فهذه سبع عشرة ركعة فريضة وما سوى ذلك سنة ونافلة ، ولا تتم الفرائض إلا بها ، أما نافلة الظهرين فست عشرة ركعة ، ونافلة المغرب أربع ركعات بعدها بتسليمتين ، وأما الركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس فإنهما تعدان بركعة ، فإن أصاب الرجل حدث قبل أن يدرك آخر الليل ويصلي الوتر يكون قد بات على الوتر (2) ، وإذا أدرك آخر الليل صلى الوتر بعد صلاة الليل.

604 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يبيتن إلا بوتر » (3).

ص: 200


1- ذكروا للمؤلف - رحمه اللّه - كتابا باسم المعراج ولعله هو.
2- « يصلى الوتر » الظاهر أنه عطف على « يدرك » والمراد أن من أصابه حدث ومانع عن ادراك آخر الليل وصلاة الوتر فقد بات على الوتر فلا يكون خارجا عن قوله عليه السلام : « من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر » وأما من أدرك آخر الليل ويقدر على الوتر فيصلى الوتر بعد صلاة الليل ، وقد نقل عن شيخنا البهائي أنه جعل الواو للحال في قوله « ويصلى الوتر » وحمل الوتر على الوتيرة وهو بعيد كما لا يخفى. ( سلطان )
3- حمل أبو حنيفة الوتر على معناه المشهور فذهب إلى وجوب الوتر بعد العشاء الآخرة فالمصنف - رحمه اللّه - أورده في هذا المقام تنبيها على أن المراد بالوتر ههنا الوتيرة كذا قال شيخنا البهائي - رحمه اللّه - ويمكن حمله على تأكد الاستحباب للوتر في مقامه المقرر. ( سلطان )

وصلاة الليل ثماني ركعات والشفع ركعتان [ والوتر ركعة ] (1) وركعتا الفجر ، فهذه إحدى وخمسون ركعة ، ومن أدرك آخر الليل وصلى الوتر مع صلاة الليل لم يعد الركعتين من جلوس بعد العشاء الآخرة شيئا ، وكانت الصلاة له في اليوم و الليلة خمسين ركعة ، وإنما صارت خمسين ركعة لان ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة وساعات النهار اثنتا عشرة ساعة ، وفيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة (2) فجعل اللّه عزوجل لكل ساعة ركعتين.

605 - وقال زرارة بن أعين : قال أبو جعفر عليه السلام : كان الذي فرض اللّه عزوجل على العباد عشر ركعات وفيهن القراءة وليس فيهن وهم يعني سهو فزاد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله سبعا وفيهن السهو ، وليس فيهن القراءة (3) ، فمن شك في الأولتين أعاد

ص: 201


1- ليس في أكثر النسخ هذه الجملة وكأنه سقط من النساخ أو حذفوها زعما أن الوتيرة هي الوتر ، والحق أن الوتيرة صلاة مستقلة غير نافلة العشاء ولذلك لا تسقط في السفر ، بل هي بدل عن الوتر احتياطا كما صرح بذلك كله في كتاب علل الشرايع في حديث.
2- هذا التقسيم في كلامه - رحمه اللّه - مأخوذ من رواية رواها الكليني - رحمه اللّه - في الكافي ج 3 ص 477 والمؤلف نفسه في العلل والخصال أيضا ويمكن أن يكون وقع موافقا لاعتقاد السائل لأنه روى أنه كان نصرانيا وصار ذلك سببا لاسلامه وكيف كان أمره سهل ولا مشاحة في الاصطلاح سيما في تقسيم الساعات. وقد حكى سلطان العلماء عن البيروني أنه نقل في القانون المسعودي عن براهمة هند أن زمان ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس و كذلك ما بين غروب الشمس وغروب الشفق خارج عن الليل والنهار بل هما بمنزلة الفصل المشترك بينهما فلا ينافي هذا ادخال الشارع هذه الساعة في يوم الصوم.
3- فان قيل : زيادته صلى اللّه عليه وآله ان كانت بغير أمر اللّه واذنه يكون منافيا لقوله تعالى « وما ينطق عن الهوى » وان كانت بأمره تعالى وارادته فلا فرق بين الأولتين والأخيرتين قلنا : نختار الشق الأخير والفرق بينهما باعتبار أن الركعتين الأولتين مأمور بهما حتما والأخيرتين مفوضتان فوضهما إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فله أن يزيدهما وأن لا يزيدهما ، فلما اختار الزيادة شرع لها أحكاما تخصها. والمراد بالسهو في هذا الحديث الشك وسيصرح به ، يعنى لا تقبل هذين الركعتين شكا بل الشك موجب لبطلانهما. وقوله « ليس فيهن قراءة » أي لا يتعين البتة قراءة الحمد فيهن بل يتخير المصلى بين الحمد والتسبيح والتسبيح أفضل على ما يستفاد من الاخبار. هذا ، والمشهور أن المغرب أيضا لا يدخلها السهو.

حتى يحفظ ويكون على يقين ، ومن شك في الأخيرتين عمل بالوهم.

606 - وقال زرارة والفضيل : قلنا لأبي جعفر عليه السلام : « أرأيت قول اللّه عزوجل « إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا؟ قال : يعني كتابا مفروضا » ، وليس يعني وقت فوتها إن جاز ذلك الوقت ثم صلاها لم تكن صلاة مؤداة (1) ولو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود عليه السلام حين صلاها بغير وقتها ، ولكنه متى ما ذكرها صلاها ».

قال مصنف هذا الكتاب : إن الجهال من أهل الخلاف يزعمون أن سليمان عليه السلام اشتغل ذات يوم بعرض الخيل حتى توارت الشمس بالحجاب ، ثم أمر برد الخيل وأمر بضرب سوقها وأعناقها وقتلها ، وقال : إنها شغلتني عن ذكر ربي ، وليس كما يقولون جل نبي اللّه سليمان عليه السلام عن مثل هذا الفعل لأنه لم يكن للخيل ذنب فيضرب سوقها وأعناقها لأنها لم تعرض نفسها عليه ولم تشغله وإنما عرضت عليه وهي بهائم غير مكلفة والصحيح في ذلك :

607 - ما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « إن سليمان بن داود عليه السلام عرض عليه ذات يوم بالعشي الخيل فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب فقال للملائكة : ردوا الشمس علي حتى أصلي صلاتي في وقتها (2) فردوها ، فقام فمسح ساقيه وعنقه ، وأمر أصحابه الذين فاتتهم الصلاة معه بمثل ذلك ، وكان ذلك وضوءهم للصلاة ، ثم قام فصلى فلما فرغ غابت الشمس وطلعت النجوم ، ذلك قول اللّه عزوجل » ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ردوها علي فطفق

ص: 202


1- العامة يقولون : الصلاة موقوتة أي موقتة ان جاز ذلك الوقت لا يصح الصلاة في وقت غير ذلك الوقت المعين ولا يقولون بقضاء الصلاة ومستندهم تلك الآية الشريفة فلذلك قال عليه السلام في تفسيره مفروضا ردا لمذهبهم ( كذا في هامش نسخة ).
2- ظاهره ينافي ما مر في خبر زرارة والفضيل.

مسحا بالسوق والأعناق.

وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب الفوائد.

608 - وقد روي « أن اللّه تبارك وتعالى رد الشمس على يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام حتى صلى الصلاة التي فاتته في وقتها ».

609 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « يكون في هذه الأمة كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل و [ حذو ] القذة بالقذة » (1).

وقال عزوجل : « سنة اللّه التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة اللّه تبديلا » وقال عزوجل : « ولا تجد لسنتنا تحويلا » ، فجرت هذه السنة في رد الشمس على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في هذه الأمة ، رد اللّه عليه الشمس مرتين ، مرة في أيام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، ومرة بعد وفاته صلى اللّه عليه وآله ، أما في أيامه صلى اللّه عليه وآله :

610 - فروي عن أسماء بنت عميس أنها قالت : « بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نائم ذات يوم ورأسه في حجر علي عليه السلام ففاتته العصر حتى غابت الشمس فقال : « اللّهم إن عليا كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس » قالت أسماء : فرأيتها واللّه غربت ثم طلعت بعد ما غربت ولم يبق جبل ولا أرض طلعت عليه حتى قام علي عليه السلام فتوضأ وصلى ثم غربت » (2).

وأما بعد وفاة النبي صلى اللّه عليه وآله فإنه :

611 - روي عن جويرية بن مسهر أنه قال : أقبلنا مع أمير المؤمنين علي بن -

ص: 203


1- القذذ : ريش السهم والواحد القذة - بالضم - وفى القاموس القذة اذن الانسان و الفرس.
2- كان ذلك في وقعة بنى النضير حيث صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ست ليال بأيامها في مسجد هناك يعرف بمسجد الفضيخ وفى ذلك المسجد في تلك الأيام اتفق رد الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام ، وفى بعض الأخبار كان ذلك بالصهباء من أرض خيبر ، فكيف كان أخرجه جمع من الحفاظ بأسانيدهم وشدد جمع منهم النكير على من ضعفه أو غمز فيه.

أبي طالب عليه السلام من قتل الخوارج حتى إذا قطعنا في أرض بابل (1) حضرت صلاة العصر فنزل أمير المؤمنين عليه السلام ونزل الناس ، فقال علي عليه السلام : أيها الناس إن هذه أرض ملعونة قد عذبت في الدهر ثلاث مرات وفي خبر آخر مرتين وهي تتوقع الثالثة وهي إحدى المؤتفكات (2) ، وهي أول أرض عبد فيها وثن ، وإنه لا يحل لنبي ولا لوصي نبي أن يصلي فيها ، فمن أراد منكم أن يصلي فليصل ، فمال الناس عن جنبي الطريق يصلون وركب هو عليه السلام بغلة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ومضى ، قال جويرية فقلت : واللّه لأتبعن أمير المؤمنين عليه السلام ولأقلدنه صلاتي اليوم ، فمضيت خلفه فواللّه ما جزنا جسر سوراء (3) حتى غابت الشمس فشككت ، فالتفت إلي وقال : يا جويرية أشككت؟ فقلت : نعم يا أمير المؤمنين ، فنزل عليه السلام [ عن ] ناحية فتوضأ ثم قام فنطق بكلام لا أحسنه إلا كأنه بالعبراني ، ثم نادى الصلاة فنظرت اللّه إلى الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير (4) فصلى العصر وصليت معه ، فلما فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان فالتفت إلي وقال : يا جويرية بن مسهر اللّه عزوجل يقول : « فسبح باسم ربك العظيم » وإني سألت اللّه عزوجل باسمه العظيم فرد علي الشمس. وروي أن جويرية لما رأى ذلك قال : [ أنت ] وصي نبي ورب الكعبة.

612 - وقال سليمان بن خالد للصادق عليه السلام : « جعلت فداك أخبرني عن الفرائض التي فرض اللّه عزوجل على العباد ما هي؟ قال : شهادة أن لا إله إلا اللّه ، وأن محمدا رسول اللّه ، وإقام الصلوات الخمس ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصيام شهر رمضان والولاية. فمن أقامهن وسدد وقارب واجتنب كل منكر (5) دخل الجنة ».

ص: 204


1- اسم موضع بالعراق قرب الحلة المزيدية اليوم وبالقرب منه مسجد الشمس.
2- مدائن قوم لوط أهلكها اللّه بالخسف.
3- سورى وسوراء بلدة بأرض بابل وبها نهر يقال له : نهر سوراء. وفى القاموس سورى موضع بالعراق من بلد السريانيين وموضع من أعمال بغداد وقد يمد.
4- صريصر صرا وصريرا : صوت وصاح شديدا.
5- في النهاية في الحديث « قاربوا وسددوا » أي اطلبوا بأعمالكم السداد والاستقامة وهو القصد في الامر والعدل فيه. وفى بعض النسخ « واجتنب كل مسكر ».

613 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « إن أفضل ما يتوسل به المتوسلون الايمان باللّه ورسوله ، والجهاد في سبيل اللّه ، وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة ، وإقام الصلاة فإنها الملة ، وإيتاء الزكاة فإنها من فرائض اللّه عزوجل ، والصوم فإنه جنة من عذابه ، وحج البيت فإنه منفاة للفقر ومدحضة (1) للذنب ، وصلة الرحم فإنها مثراة في المال ومنسأة في الأجل (2) ، وصدقة السر فإنها تطفئ الخطيئة وتطفئ غضب اللّه عزوجل وصنايع المعروف فإنها تدفع ميتة السوء وتقي مصارع الهوان (3) لا فاصدقوا فإن اللّه مع الصادقين ، وجانبوا الكذب فإنه يجانب الايمان ألا إن الصادق على شفا منجاة وكرامة ، ألا إن الكاذب على شفا مخزاة وهلكة ، ألا وقولوا خيرا تعرفوا به ، واعملوا به تكونوا من أهله ، وأدوا الأمانة إلى من ائتمنكم ، وصلوا أرحام ، من قطعكم ، وعودوا بالفضل على من حرمكم » (4).

614 - وروي عن معمر بن يحيى قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : إذا جئت بالخمس الصلوات لم تسأل عن صلاة ، وإذا جئت بصوم شهر رمضان لم تسأل عن صوم ».

615 - وروي عن عائذ الأحمسي أنه قال : « دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن الصلاة فبدأني فقال : إذا لقيت اللّه عزوجل بالصلوات الخمس لم يسألك عما سواهن » (5).

ص: 205


1- دحضت الحجة دحضا بطلت وزالت.
2- نسأت الشئ : أخرته. ومثراة أي مكثرة له.
3- أي من البلاء التي لا يمكن الخلاص منها ويصير به حقيرا بين الناس وكالاتهام بالأكاذيب وأمثالها أو الذنوب التي يهان بها عند اللّه وعند أوليائه. (م ت)
4- من العائدة أي تعفوا بالمعرف والصلة والاحسان على من حرمكم ، وحرمه الشئ يحرمه حرمانا من باب ضرب ويحتمل أن يكون العود بمعنى الرجوع أو بالتشديد من التعود أي اجعلوا عادتكم الفضل. ( سلطان )
5- أي من النوافل ، وقيل مطلقا تفضلا وليس بشئ. والحديث كما رواه الشيخ رحمة اللّه عليه في التهذيب عن الحسن بن موسى الحناط هكذا قال : « خرجنا أنا وجميل ابن دراج وعائذ الأحمسي حجاجا فكان عائذ كثيرا ما يقول لنا في الطريق : أن لي إلى أبى عبد اللّه عليه السلام حاجة أريد أن أسأله عنها فأقول له حتى نلقاه فلما دخلنا عليه سلمنا وجلسنا فأقبل علينا بوجهه مبتديا فقال : « من أتى اللّه بما افترض عليه لم يسأله عما سوى ذلك « فغمزنا عائذا فلما قلنا ما كانت حاجتك؟ قال : الذي سمعتم ، قال : وكيف كانت هذه حاجتك؟ فقال : أنا رجل لا أطيق القيام بالليل فخفت أن أكون مأخوذا فأهلك ».

616 - وروي عن مسعدة بن صدقة أنه قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام ما بال الزاني لا تسميه كافرا وتارك الصلاة تسميه كافرا؟ وما الحجة في ذلك؟ فقال : لان الزاني وما أشبهه إنما يفعل ذلك لمكان الشهوة لأنها تغلبه ، وتارك الصلاة لا يتركها إلا استخفافا بها وذلك لأنك لا تجد الزاني يأتي المرأة إلا وهو مستلذ لاتيانه إياها قاصدا إليها ، وكل من ترك الصلاة قاصدا لتركها فليس يكون قصده لتركها اللذة ، فإذا نفيت اللذة وقع الاستخفاف ، وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر » (1).

617 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « ليس مني من استخف بصلاته ، ولا يرد علي الحوض لا واللّه ، ليس مني من شرب مسكرا لا يرد علي الحوض لا واللّه ».

618 - وقال الصادق عليه السلام : « إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة ».

619 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من اتقى على ثوبه في صلاته فليس لله اكتسى » (2).

ص: 206


1- يدل بظاهره على أن تارك الصلاة كافر وان لم يكن مستحلا إذ لو اعتبر الاستحلال لا يبقى بين ترك الصلاة وفعل الزنا مع الاستحلال فرق. ( سلطان ). أقول: و لعلّ الكفر في ترك الصلاة بمعنى غير المصطلح يعنى ما يقرب من الكفر كما في بعض الأخبار الكفر على خمسة معان و منها ترك ما أمر اللّه به.
2- لعل المراد أنه لا يصلى حفظا لثوبه عن التنقص في الصلاة باعتبار وصوله إلى التراب ونحو ذلك أو أنه يشتغل في صلاته بحفظ ثوبه فيمنعه ذلك الاشتغال عن اقباله على اللّه ( مراد ) وفى بعض النسخ « من أبقى » وقال سلطان العلماء : أي ترك الزينة واللباس الفاخر في حال الصلاة محافظة وابقاء للثياب أو ترك الصلاة ابقاء للثياب التي لبسها لخوف اندراسها وقال : وكذلك نسخة « اتقى ». و « فليس اللّه اكتسى » أي بل اكتسى للكبر والرياء والسمعة.

620 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « فرض اللّه عزوجل الصلاة وسن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عشرة أوجه : صلاة السفر ، وصلاة الحضر ، وصلاة الخوف على ثلاثة أوجه ، وصلاة كسوف الشمس والقمر ، وصلاة العيدين ، وصلاة الاستسقاء ، والصلاة على الميت ».

621 - وقال الصادق عليه السلام : « السجود على الأرض فريضة وعلى غير الأرض سنة » (1).

باب 30: فضل الصلاة

622 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الصلاة ميزان فمن وفى استوفى ».

يعني بذلك أن يكون ركوعه مثل سجوده ولبثه في الأولى والثانية سواء ، ومن وفى بذلك استوفى الاجر. (2)

ص: 207


1- في الذكرى : الظاهر أن المراد بالسنة هنا الجائز لا أنه أفضل. ولا يخفى بعده بل الظاهر أن المراد بالسنة ما ثبت بالحديث ، فان السجود على غير الأرض من النباتات ثبت بالحديث ، والمراد بالفريضة ما ثبت بالقرآن بناء على أن المراد بالسجود وضع الجبهة على الأرض كما في اللغة وهو مستفاد من القرآن وبذلك استدل العلامة في المنتهى. ( سلطان )
2- كأن الصدوق - رحمه اللّه - حمل قوله صلى اللّه عليه وآله « الصلاة ميزان » على تساوى أجزائه في الكيفيات ووجوب المراعاة كتساوي كفتي الميزان ومن وفى اللّه بذلك الميزان العلم أو الاخلاص استوفى الاجر من اللّه تعالى ، فالباء في قوله « بذلك » باء الاستعانة والآلة وليس صلة لقوله « وفى » كما توهم بعض الفضلاء واعترض على الصدوق (رحمه الله) بأنه قرأها بالتخفيف وحسبها من قولهم وفى بالعهد ، واستغرب هذا منه ، ثم لا يخفى أنه لا حاجة في تشبيهها بالميزان اعتبار تساوى أجزائها كما تكلف الصدوق - رحمه اللّه - بل الظاهر أن مراده صلى اللّه عليه وآله أنه كما بالميزان يكال الأشياء فبالصلاة يكال العبودية والعمل والاخلاص ، فمن وفى اللّه بمكيال الصلاة ما هو مقصود اللّه تعالى ومطلوبه من الصلاة كالاخلاص والعبودية في سائر الأعمال كما سيجئ استوفى منه تعالى الاجر ، فقوله عليه السلام : « فمن وفى استوفى » تفريع وتفصيل لقوله ميزان. ومن طرق العامة قال سلمان : « الصلاة مكيال فمن أوفى أوفى له ، ومن طفف طفف. فقد علمتم ما قال اللّه في المطففين » وفى مجمع البيان قريب من ذلك. ( سلطان ). و قال الفيض- رحمه اللّه-: الأظهر أن يكون المراد أنّها معيار لتقرب العبد إلى اللّه سبحانه و منزلته لديه و استحقاقه الاجر و الثواب منه جل و عز، فمن و في بشروطها و آدابها و حافظ عليها كما ينبغي استوفى بذلك تمام الاجر و الثواب و كمال التقرب إليه سبحانه، و من نقص نقص من ذلك بقدر ما نقص. أو المراد انها معيار لقبول سائر العبادات فمن و في بها كما ينبغي قبل سائر عباداته و استوفى أجر الجميع.

623 - وقال الصادق عليه السلام : « إن طاعة اللّه عزوجل خدمته في الأرض وليس شئ من خدمته يعدل الصلاة ، فمن ثم نادت الملائكة زكريا عليه السلام وهو قائم يصلي في المحراب » (1).

624 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « ما من صلاة يحضر وقتها إلا نادى ملك بين يدي الناس : أيها الناس قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فأطفئوها بصلاتكم » (2).

625 - و « دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله المسجد وفيه ناس من أصحابه فقال : تدرون ما قال ربكم؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم. قال : إن ربكم يقول : إن هذه الصلوات الخمس المفروضات ، من صلاهن لوقتهن وحافظ عليهن لقيني يوم القيامة وله عندي عهد ادخله به الجنة ، ومن لم يصلهن لوقتهن ولم حافظ عليهن فذاك إلي إن شئت عذبته وإن شئت غفرت له » (3).

626 - وقال الصادق عليه السلام : « أول ما يحاسب به العبد [ على ] الصلاة فإذا قبلت قبل [ منه ] سائر عمله ، وإذا ردت عليه رد عليه سائر عمله ».

ص: 208


1- أي لأجل فضل الصلاة وشرفها تشرف زكريا بنداء الملائكة لأنهم ينادون في أشرف الأحوال.
2- في بعض الأحاديث الشريفة « ان ملك الموت عليه السلام يحضر في كل يوم خمس مرات في بيوت الناس في أوقات الصلوات الخمس وينادى على أحد من الآحاد وينادى بهذه أيها الناس قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها ».
3- رواه أيضا في ثواب الأعمال ص 48 مسندا.

627 - وقال عليه السلام : « إن العبد إذا صلى الصلاة في وقتها وحافظ عليها ارتفعت بيضاء نقية ، تقول : حفظتني حفظك اللّه ، وإذا لم يصلها لوقتها ولم يحافظ عليها ارتفعت سوداء مظلمة ، تقول : ضيعتني ضيعك اللّه ».

628 - وقال الصادق عليه السلام : « أقرب ما يكون العبد إلى اللّه عزوجل وهو ساجد » (1) قال اللّه تعالى : « واسجد واقترب ».

629 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « ما من عبد من شيعتنا يقوم إلى الصلاة إلا اكتنفته بعدد من خالفه ملائكة يصلون خلفه ويدعون اللّه عزوجل له حتى يفرغ من صلاته ».

630 - وروي عن الصادق عليه السلام : « صلاه فريضة خير من عشرين حجة ، وحجة خير من بيت مملوء ذهبا يتصدق منه حتى يفنى ».

631 - وقال عليه السلام : « إياكم والكسل فإن ربكم رحيم ، يشكر القليل ، إن الرجل ليصلي الركعتين يريد بهما وجه اللّه تعالى فيدخله اللّه بهما الجنة ، وإنه ليتصدق بدرهم تطوعا يريد به وجه اللّه عزوجل فيدخله اللّه به الجنة ، وإنه ليصوم اليوم تطوعا يريد به وجه اللّه عزوجل فيدخله اللّه به الجنة ».

632 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تجتمع الرغبة والرهبة (2) في قلب إلا وجبت له الجنة ، فإذا صليت فأقبل بقلبك على اللّه عزوجل ، فإنه ليس من عبد مؤمن يقبل بقلبه على اللّه عزوجل في صلاته ودعائه إلا أقبل اللّه عزوجل عليه بقلوب المؤمنين إليه وأيده مع مودتهم إياه بالجنة » (3).

633 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء و

ص: 209


1- إلى هنا رواه في الثواب ص 56 ، ولعل الباقي من كلام المؤلف.
2- المراد بالرغبة الميل إلى ما عند اللّه من الرضوان أو الثواب ، ومن الرهبة الخوف والخشية من عظمته تعالى أو عقوبته العاصي عن أمره.
3- كما قال سبحانه « ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ».

أبواب الجنان واستجيب الدعاء ، فطوبى لمن رفع له عند ذلك عمل صالح ».

634 - وسأل معاوية بن وهب أبا عبد اللّه عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى اللّه عزوجل ما هو؟ فقال : ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة (1) ألا ترى أن العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السلام قال : « وأوصاني بالصلاة » (2).

635 - وأتى رجل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال : « ادع اللّه أن يدخلني الجنة ، فقال له : أعني بكثرة السجود ».

636 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « للمصلي ثلاث خصال إذا هو قام في صلاته : حفت به الملائكة من قدميه إلى أعنان السماء (3) ، ويتناثر البر عليه من أعنان السماء إلى مفرق رأسه ، وملك موكل به ينادي : لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل » (4).

637 - وقال أبو الحسن الرضا عليه السلام : « الصلاة قربان كل تقي » (5).

638 - وقال الصادق عليه السلام : « أحب الأعمال إلى اله عزوجل الصلاة ، وهي آخر وصايا الأنبياء عليهم السلام ، فما أحسن من الرجل أن يغتسل أو يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يتنحى حيث لا يراه أنيس (6) فيشرف اللّه عزوجل عليه وهو راكع أو ساجد ، إن العبد

ص: 210


1- أي لا أعلم شيئا من بعد المعرفة ذا فضيلة مثل فضيلة حاصلة من هذه الصلاة ويلزم منه ضرورة أفضيلة الصلاة.
2- فذكر عليه السلام أولا من بين الأعمال المأمور بها الصلاة لكونها أفضلها.
3- في الصحاح أعنان السماء صفايحها وما اعترض من أقطارها.
4- الانفتال : الانصراف. وفتله أي صرفه.
5- أي بها يتقرب إلى اللّه عزوجل.
6- أي يأخذ ناحية أي جانبا حيث لا يراه أحد. يدل على استحباب الاسباغ والمشهور أن الاسباغ غسل كل عضو مرتين والأحوط الصب مرتين والغسل مرة وملاحظة وصول الماء إلى أعضائه بل مع الدعوات والإشارات التي تقدم بعضها. (م ت)

إذا سجد فأطال السجود نادى إبليس : يا ويلاه أطاعوه وعصيت ، وسجدوا وأبيت » (1).

639 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « مثل الصلاة مثل عمود الفسطاط إذا ثبت العمود ثبتت الاطناب والأوتاد والغشاء ، وإذا انكسر العمود لم ينفع وتد ولا طنب ولا غشاء ».

640 - وقال عليه السلام : « إنما مثل الصلاة فيكم كمثل السري وهو النهر على باب أحدكم يخرج إليه في اليوم والليلة يغتسل منه خمس مرات ، فلم يبق الدرن مع الغسل خمس مرات ، ولم تبق الذنوب مع الصلاة خمس مرات ».

641 - وقال الصادق عليه السلام : « من قبل اللّه منه صلاة واحدة لم يعذبه ، ومن قبل اللّه له حسنة لم يعذبه ».

642 - وقال عليه السلام : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : من حبس نفسه على صلاة فريضة ينتظر وقتها فصلاها في أول وقتها فأتم ركوعها وسجودها وخشوعها ثم مجد اللّه عزوجل وعظمه وحمده حتى يدخل وقت صلاة أخرى لم يلغ بينهما (2) كتب اللّه له كأجر الحاج [ و ] المعتمر ، وكان من أهل عليين ».

وقد أخرجت هذه الأخبار مسندة مع ما رويت في معناها في كتاب فضائل الصلاة.

باب 31: علة وجوب خمس صلوات في خمس مواقيت

643 - روي عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أنه قال : « جاء نفر من اليهود إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان مما سأله أنه قال : أخبرني

ص: 211


1- قوله « وسجدوا وأبيت » لعل المعنى وأمروا بالسجود فسجدوا وأمرت بالسجود فأبيت من السجود المأمور به ، فالفرق بينه وبين ما مر أن الأول تأسف على أصل الطاعة والثاني عليها في خصوص السجدة والا فسجدة الناس للرب تعالى ولم يأب عنها وإنما أبى عن سجدة آدم عليه السلام ، فلا مجال للمتأسف على أنهم سجدوا لله وأبيت عن سجدة آدم. ( مراد )
2- « لم يلغ » من اللغو كأنه عليه السلام أراد أنه لم يتكلم بكلام ليس فيه فائدة معتبرة في الشرع. ( مراد )

عن اللّه عزوجل لأي شئ فرض اللّه عزوجل هذه الخمس الصلوات في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : إن الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها (1) فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شئ دون العرش بحمد ربي جل جلاله ، وهي الساعة (2) التي يصلي علي فيها ربي جل جلاله ففرض اللّه علي وعلى أمتي فيها الصلاة ، وقال : « أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل » (3) وهي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة ، فما من مؤمن يوافق تلك الساعة أن يكون ساجدا أو راكعا أو قائما إلا حرم اللّه جسده على النار ، وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل آدم عليه السلام فيها من الشجرة فأخرجه اللّه عزوجل من الجنة فأمر اللّه عزوجل ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة واختارها لامتي فهي من أحب الصلوات

ص: 212


1- الظاهر أن المراد بتلك الحلقة دائرة نصف النهار ، ولا ريب أنها مختلفة بالنسبة إلى البقاع والبلاد ويختلف أوقات صلاة أهلا ، فالمراد بقوله : « يسبح كل شئ » تسبيح أهل كل بقعة في وقت بلوغ الشمس إلى نصف نهارها ، وأما صلاة اللّه تعالى على النبي صلى اللّه عليه وآله في تلك الساعة فإنما يعتبر إلى نصف نهار بلده أو يلتزم تكرارها بتكرار نصف النهار ، وأما ايتان جهنم في تلك الساعة فالمراد بلوغ نصف نهار الحشر فتأمل. ( سلطان ) و قال الفاضل التفرشى: فان قلت: السؤال ليس مختصا بالنبى صلّى اللّه عليه و آله و لا باهل الحرمين بل عام بالنسبة الى جميع الأمة و ظاهر أن الزوال مختلف بالنسبة الى البقاع التي تختلف طولها فلا يختص الزوال بوقت معين كما يستفاد من ظاهر العبارة. قلنا: يمكن الحمل على أنّها تدخل في الحلقة في نصف النهار من أول المعمورة و تخرج عنها في آخرها فكل جزء من ذلك الوقت زوال بالنسبة الى أهل بقعة تصل الشمس الى نصف نهارها، فاهل كل بقعة كانوا في ساعتهم راكعين و ساجدين حرم اللّه عزّ و جلّ جسدهم على النار، و لا يبعد أن يراد بالحلقة مجرى الشمس في الفلك كمجرى الحوت في الماء- ا ه. و لفظ« دون» فى قوله صلّى اللّه عليه و آله« دون العرش» بمعنى تحت.
2- الضمير تعود إلى ما دل عليه سوق الكلام أعني الوقت الذي أوله الزوال. ( مفتاح الفلاح )
3- دلوك الشمس زوالها. وقيل كأنهم إنما سموه بذلك لأنهم كانوا إذا نظروا إليها ليعرفوا انتصاف النهار يدلكون عيونهم بأيديهم فالإضافة لأدنى ملابسة. و « غسق الليل » منتصفه كما تقدم في رواية زرارة ، لا ظلمة أوله كما قال بعض اللغويين

إلى اللّه عزوجل وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات ، وأما صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب اللّه عزوجل فيها على آدم عليه السلام ، وكان بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب اللّه عزوجل عليه ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة ما بين العصر إلى العشاء (1) وصلى آدم عليه السلام ثلاث ركعات ركعة لخطيئته ، وركعة لخطيئة حواء وركعة لتوبته (2) ، ففرض اللّه عزوجل هذه الثلاث ركعات على أمتي وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فوعدني ربي عزوجل أن يستجيب لمن دعاه فيها ، وهي الصلاة التي أمرني ربي بها في قوله تبارك وتعالى « فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون » ، وأما صلاة العشاء الآخرة فإن للقبر ظلمة وليوم القيامة ظلمة أمرني ربي عزوجل أمتي بهذه الصلاة لتنور القبر وليعطيني وأمتي النور على الصراط ، وما من قدم مشت إلى الصلاة العتمة إلا حرم اللّه عزوجل جسدها على النار ، وهي الصلاة التي اختارها اللّه تعالى وتقدس ذكره للمرسلين قبلي ، وأما صلاة الفجر فإن الشمس إذا طلعت تطلع على قرني الشيطان (3) فأمرني ربي عز وجل أن أصلي قبل طلوع الشمس صلاة الغداة وقبل أن يسجد لها الكافر لتسجد أمتي لله عزوجل وسرعتها أحب إلى اللّه عزوجل ، وهي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل

ص: 213


1- الظاهر أن المراد بالعشاء هو المغرب ، وقوله « ما بين العصر إلى العشاء » بيان لقوله « بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب ». وقوله « في أيام الآخرة يوم كالف سنة » جملة معترضة فائدتها توضيح أن المراد من ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا لا أيام الآخرة فان يوم الآخرة كألف سنة من أيام الدنيا ولهذا كانت ما بين عصره إلى المغرب الذي هو قريب إلى ثلث اليوم ثلاثمائة سنة التي هي قريب من ثلث الألف. ( سلطان )
2- « لخطيئته » أي لجبرانها. وقوله « لتوبته » أي شكرا لقبولها. ( مراد )
3- في النهاية في الحديث « الشمس تطلع بين قرني الشيطان » أي ناحيتي رأسه و جانبيه ، وقيل : بين قرنيه أي أمتيه الأولين والآخرين وقيل : القرن : القوة أي حين تطلع يتحرك الشيطان ويتسلط فيكون كالمعين لها. وكل هذا تمثيل لمن يسجد للشمس عند طلوعها ، فكأن الشيطان سول له ذلك فإذا سجد لها كان كأن الشيطان مقترن بها. انتهى. وفى بعض النسخ « تطلع بين قرن شيطان » وفى بعضها « تطلع بين قرني شيطان ».

وملائكة النهار ».

وعلة أخرى لذلك وهي :

644 - ما رواه الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لما أهبط آدم من الجنة ظهرت به شامة سوداء في وجهه من قرنه إلى قدمه (1) فطال حزنه وبكاؤه على ما ظهر به ، فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال له : ما يبكيك يا آدم؟ فقال : من هذه الشامة التي ظهرت بي ، قال : قم يا آدم فصل فهذا وقت الصلاة الأولى (2) ، فقام فصلى ، فانحطت الشامة إلى عنقه (3) ، فجاءه في الصلاة الثانية فقال : قم فصل يا آدم فهذا وقت الصلاة الثانية ، فقام فصلى فانحطت الشامة إلى سرته ، فجاءه في الصلاة الثالثة فقال : يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الثالثة ، فقام فصلى فانحطت الشامة إلى ركبتيه ، فجاءه في الصلاة الرابعة فقال : يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الرابعة ، فقام فصلى فانحطت الشامة إلى قدميه ، فجاءه في الصلاة الخامسة فقال : يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الخامسة ، فقام فصلى فخرج منها فحمد اللّه وأثنى عليه ، فقال جبرئيل عليه السلام : يا آدم مثل ولدك في هذه الصلوات كمثلك في هذه الشامة ، من صلى من ولدك في كل يوم وليلة خمس صلوات خرج من ذنوبه كما خرجت من هذه الشامة ».

علة أخرى لوجوب الصلاة :

645 - كتب الرضا علي بن موسى عليهما السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله : « إن علة الصلاة أنها إقرار بالربوبية لله عزوجل ، وخلع الأنداد ، وقيام بين يدي الجبار جل جلاله بالذل والمسكنة والخضوع والاعتراف ، والطلب للإقالة من سالف الذنوب ، ووضع الوجه على الأرض كل يوم إعظاما لله جل جلاله وأن

ص: 214


1- في بعض النسخ « شامة سوداء من وجهه إلى قرنه فطال » وفى بعض النسخ « وطال ».
2- لعل المراد بها صلاة الظهر إذ في عدة أحاديث أنها أول صلاة فرضت.
3- المراد بالانحطاط على نسخة « إلى قرنه » الانتقال. وعلى نسخة « إلى قدمه » الزوال فتأمل. ( سلطان )

يكون ذاكرا غير ناس ولا بطر (1) ، ويكون خاشعا متذللا راغبا طالبا للزيادة في الدين والدنيا مع ما فيه من الايجاب والمداومة على ذكر اللّه عزوجل بالليل والنهار ، لئلا ينسى العبد سيده ومدبره وخالقه فيبطر ويطغى ويكون ذلك في ذكره لربه جل وعز وقيامه بين يديه زاجرا له عن المعاصي ومانعا له من أنواع الفساد » (2).

وقد أخرجت هذه العلل مسندة في كتاب علل الشرائع والأحكام والأسباب.

باب 32: مواقيت الصلاة

646 - سأل مالك الجهني أبا عبد اللّه عليه السلام عن وقت الظهر فقال : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين ، فإذا فرغت من سبحتك (3) فصل الظهر متى [ ما ] بدا لك » (4).

ص: 215


1- البطر : الطغيان بالنعمة ، وكراهة الشئ من غير أن يستحق الكراهية ، وهنا على صيغة الفاعل بفتح الموحدة وكسر المهملة : المترف بالنعمة والطاغي.
2- الظاهر أن ما في هذا الخبر علة وجوب الصلاة في كل يوم وما سبق علة تكرارها في أوقات اليوم ، فلا تكرار.
3- السبحة - بالضم - : النافلة والتطوع من الصلاة والذكر.
4- قوله عليه السلام متى بدا لك يشمل آخر الوقت والحديثان الاتيان أيضا يدلان على اشتراكهما في تمام الوقت والأول منهما حسن والاخر صحيح لان طريق المصنف إلى زرارة صحيح لكن في طريق حديث الجهني عمرو بن أبي المقدام وفيه كلام ، ويتفرع عليها أن من صلى العصر في أول الزوال ناسيا صحت صلاته وكذا إذا بقي من آخر الوقت مقدار أربع ركعات وجب الاتيان بالظهر لاشتراكهما في ذلك الوقت وتقدم الظهر على العصر ، بعكس قول من ذهب إلى أن أول الزوال بمقدار أربع ركعات مختص بالظهر ومقدار من آخر الوقت مختص بالعصر. ( مراد )

647 - وسأله عبيد بن زرارة « عن وقت الظهر والعصر ، فقال : إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا إلا أن هذه قبل هذه ، ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس » (1).

648 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر ، فإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة ».

649 - وروى الفضيل بن يسار ، وزرارة بن أعين ، وبكير بن أعين ، ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام أنهما قالا : وقت الظهر بعد الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلك قدمان (2).

ص: 216


1- ظاهر هذه الأخبار يدل على اشتراك الوقت من أول الزوال إلى آخره للفرضين ويعارضها ما رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 140 باسناده عن داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضى مقدار ما يصلى المصلى أربع ركعات - الخبر » وقيل : « هذه الرواية وان كانت مرسلة الا أنها معمول بها مضافا إلى أنها بحسب السند صحيح إلى الحسن بن علي بن فضال وبنو فضال ممن أمرنا بأخذ رواياتهم فلا اشكال من حيث السند » أقول : روى في كتاب الاحتجاج عن الإمام العسكري عليه السلام أنه قال : « خذوا ما رووا وذروا ما رأوا » ومع قطع النظر عن ارساله ليس فيه دلالة على مأمورية الاخذ بكل ما روى بنو فضال لأن الظاهر أن الراوي زعم عدم جواز العمل بكتب الفطحية فرد عليه السلام زعمه بأن بطلان عقيدتهم لا يمنع الاخذ برواياتهم. وهذا لا يدل على كون جميع رواياتهم حقا موافقا للواقع فلا ينافي وجوب مراعاة سائر شرائط حجية الخبر. كما قاله استاذنا الشعراني - مد ظله -. و اما شرطيّة الترتيب في خبر عبيد فيقتضى اختصاص مقدار أربع ركعات من أول الوقت بالظهر و من آخره بالعصر و ذلك و ان كان ظاهره ينافى لفظ« جميعا» لان فائدته صلوح الوقت لكلا الفرضين لكن الجمود على ظاهر ألفاظ الاخبار مع جواز النقل بالمعنى غير سديد.
2- « بعد ذلك قدمان » أي بعد وقت الظهر بقدمين وهو وقت نافلتها كما أن قوله في الظهر « بعد الزوال قدمان » أريد وقت نافلة الظهر. والمراد بالقدم هو سبع الشاخص ذي الظل أي وقت الظهر بعد زوال الشمس حين يصير الفئ الزائد على الظل الباقي قدمين وحمل الشيخ - رحمه اللّه - ذلك على وقته بالنسبة إلى من يصلى النافلة. ( مراد ).

650 - وقال الصادق عليه السلام : « أول الوقت زوال الشمس وهو وقت اللّه الأول وهو أفضلهما » (1).

651 - وقال عليه السلام : « أول الوقت رضوان اللّه وآخره عفو اللّه ، والعفو لا يكون إلا من ذنب » (2).

652 - وقال عليه السلام : « لفضل الوقت الأول على الأخير خير للمؤمن من ولده وماله » (3).

653 - وسأل زرارة أبا جعفر الباقر عليه السلام « عن وقت الظهر فقال : ذراع من زوال الشمس ، ووقت العصر ذراعان من وقت الظهر (4) فذاك أربعة أقدام من زوال الشمس ثم قال : إن حائط مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان قامة (5) وكان إذا مضى منه ذراع صلى الظهر ، وإذا مضى منه ذراعان صلى العصر (6) ثم قال : أتدري لم جعل الذراع والذراعان قلت : لم جعل ذلك؟ قال : لمكان النافلة ، لك أن تتنفل (7) من زوال الشمس إلى أن

ص: 217


1- أي أول الوقت أفضل الوقتين الأول والاخر فيكون من قبيل زيد أفضل الناس لا من قبيل يوسف أحسن أخوته ( مراد ) وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : أفضل الوقتين في هذه الأخبار محمول على من لم يصل النوافل ، وقيل : المراد بها ما بعد وقت النافلة.
2- فالذي أخره إلى آخر الوقت كأنه أذنب فلم يؤاخذ عليه للعفو ( مراد ) وذهبوا إلى عدم جواز التأخير عن وقت الفضيلة وحمل على الكراهة المغلظة جمعا بين الاخبار ( م. ت )
3- « لفضل » بفتح اللام على تقدير القسم ضمن الفضل معنى الاختيار أي لاختيار الوقت الأول على الأخير وله الفضل « خير » أي ينبغي أن يكون أهم منها عند المؤمن. ( مراد )
4- أي من أوله وهو الزوال لأنه أول وقته بالنسبة إلى من لا يصلى نافلته. وفى التهذيب « ذراع من وقت الظهر » أي وقته بالنسبة إلى المتنفل وهو ما بعد الذراش. ( مراد ) وقال المولى المجلسي : أي من أول وقتها مع النافلة. والذراع الأول كان بعد ذراع النافلة ، وكل ذراع قدمان غالبا.
5- أريد بالقامة قامة الانسان. كما في الوافي.
6- في التهذيب « فكان إذا مضى من فيئه ذارع صلى الظهر ، فإذا مضى من فيئه ذراعان صلى العصر ».
7- في التهذيب « لمكان الفريضة فان لك أن تتنفل - ».

يمضي ذراع فإذا بلغ فيئك ذراعا بدأت بالفريضة (1) وتركت النافلة (2) ، وإذا بلغ فيئك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة ».

654 - وقال أبو جعفر عليه السلام لأبي بصير : « ما خدعوك فيه من شئ فلا يخدعونك في العصر (3) صلها والشمس بيضاء نقية ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : الموتور أهله وماله من ضيع صلاة العصر ، قيل : وما الموتور أهله وماله؟ قال : لا يكون له أهل ولا مال في الجنة ، قيل : وما تضييعها؟ قال : يدعها واللّه حتى تصفر أو تغيب الشمس » (4).

655 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « وقت المغرب إذا غاب القرص ».

656 - وقال سماعة بن مهران : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام في المغرب : « إنا ربما صلينا ونحن نخاف أن تكون الشمس خلف الجبل [ أ ] وقد سترنا منها الجبل ، فقال لي : ليس عليك صعود الجبل » (5).

ص: 218


1- في التهذيب « إلى أن يمضى الفئ ذراعا ، فإذا بلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة ».
2- من هنا إلى آخر الحديث ليس في التهذيب.
3- « ما خدعوك » « ما » شرطية والجزاء محذوف تقديره ان خدعوك في شئ لم يكن عليك في الانخداع فيه غضاضة مثل الانخداع في العصر فكن على بصيرة لئلا تنخدع فيه ، فقوله عليه السلام : « فلا يخدعونك » خبر في قوة النهى ، وفى بعض النسخ « فلا يخدعوك » على صيغة النهى وعلى التقديرين المطلوب منه الحذر عن الانخداع في العصر إذ لا معنى لطلب ترك الخدعة التي هي فعل الغير منه. ( مراد )
4- الترديد اما من الراوي ويحتمل كونه من المعصوم فيكون للاشعار بأنه لا فرق بين اصفرارها وغيبوبتها في التضييع. (م ت)
5- ظاهر الخبر أن وقتها غيبوبة القرص خلف الجبل ولم يقل به أحد فان من يقول بغيبوبة القرص يقول بغيبوبتها في الأرض التي لا حائل لها فان كثيرا ما يسترها الجبل وشعاع الشمس على الأرض والجبال فحمله على التقية أولى ، أو يحمل على أنه عليه السلام قال : ليس عليك صعود الجبل ورؤيتك غيبوبة القرص وهو لا يدل على دخول الوقت بل ربما كان بدون الصعود إلى الجبل يمكنك ملاحظة غيبوبتها ودخول الوقت بذهاب الحمرة فلا يحتاج إلى الصعود هذا وفى كثير من الاخبار ما يشعر بأن أخبار ذهاب القرص محمولة على التقية. (م ت)

ووقت المغرب لمن كان في طلب المنزل في سفر إلى ربع الليل (1) ، والمفيض من عرفات إلى جمع كذلك (2).

657 - وروى بكر بن محمد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأله سائل عن وقت المغرب فقال : إن اللّه تبارك وتعالى يقول في كتابه لإبراهيم عليه السلام : « فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي » فهذا أول الوقت ، وآخر ذلك غيبوبة الشفق. فأول وقت العشاء الآخرة ذهاب الحمرة (3) وآخر وقتها إلى غسق الليل يعني نصف الليل (4).

658 - وفي رواية معاوية بن عمار : « وقت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل » (5). وكأن الثلث هو الأوسط (6) ، والنصف هو آخر الوقت.

659 - وروي « فيمن نام عن العشاء الآخرة إلى نصف الليل أنه يقضي ، ويصبح

ص: 219


1- كما في رواية عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي ج 3 ص 281.
2- الجمع هو المشعر الحرام المسمى بمزدلفة. وقوله « لمن كان في طلب المنزل » لعله على سبيل التمثيل أي لمن كان له مانع من الاتيان بها في أول الوقت. ( مراد )
3- « فلما جن » أي ستره بظلامه والمطلوب من الاستشهاد أن وقت المغرب دخول الليل وعلامته رؤية الكوكب حيث رتبها اللّه تعالى على دخول الليل ( مراد ) وذهاب الحمرة المشرقية علامة غيبوبة القرص في أفق المغرب. ( م ح ق )
4- قوله عليه السلام « فأول وقت العشاء الآخرة » بناء التفريع على أنه لا يشك في اتصال وقت العشاء بوقت المغرب فإذا كان آخر وقته غيبوبة الشفق وهو ذهاب الحمرة كان ذلك أول وقت العشاء ، فغيبوبة الشفق فصل مشترك بين الوقتين ( مراد ) أقول : يشبه أن يكون من قوله « فأول وقت العشاء » قول المصنف لكن رواه الشيخ في التهذيبين إلى آخره في خبر وليس فيهما كلمة « يعنى ». وفى بعض النسخ « وأول ».
5- قال في الذكرى : هذه محمولة على وقت الاشتباه أو الضرورة أو على حدها حتى يظهر النجوم فيكون فراغه عنها عند ذلك كما قاله الشيخ. ( سلطان )
6- من كلام الصدوق - رحمه اللّه - ولعل المراد بالأوسط الأفضل.

صائما عقوبة » (1). وإنما وجب ذلك عليه لنومه عنها إلى نصف الليل.

660 - وروى محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصلي المغرب ويصلي معه حي من الأنصار يقال لهم : بنو سلمة ، منازلهم على نصف ميل فيصلون معه ، ثم ينصرفون إلى منازلهم وهم يرون مواضع سهامهم » (2).

661 - وقال الصادق عليه السلام : « ملعون ملعون من أخر المغرب طلبا لفضلها ، وقيل له : إن أهل العراق يؤخرون المغرب حتى تشتبك النجوم ، فقال : هذا من عمل عدو اللّه أبي الخطاب » (3).

662 - وقال أبو أسامة زيد الشحام : « صعدت مرة جبل أبي قبيس والناس يصلون المغرب فرأيت الشمس لم تغب ، إنما توارت خلف الجبل عن الناس ، فلقيت

ص: 220


1- حمله الأكثر على الاستحباب ، وبعضهم على الوجوب وهو ظاهر الصدوق - رحمه اللّه - والأحوط أن لا يترك ، وعلى تقدير الوجوب فلو أفطر هل يجب القضاء فقط أو الكفارة أيضا أولا يجب شئ منهما؟ الكل محتمل والاحتياط القضاء ونهايته في الكفارة أيضا. (م ت)
2- أي إذا راموا سهامهم يرون موضعها لبقاء ضوء النهار بعد ، والمراد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان يعجل صلاة المغرب ( سلطان ) أقول : في الصحاح سهم البيت : جائزه. وقال في « جوز » الجائز : الجذع الذي يقال له بالفارسية « تير » وهو سهم البيت.
3- هو محمد بن مقلاص الأسدي الكوفي غال ملعون ويكنى مقلاص أبا زينب كان محمد في عصر الصادق عليه السلام وكان من أصحابه فكفر وادعى أيضا النبوة وزعم أن جعفرا عليه السلام اله - تعالى اللّه عزوجل عن قوله - واستحل المحارم كلها ، ورخص لأصحابه فيها وكانوا كلما ثقل عليهم أداء فرض أتوه فقالوا : يا أبا الخطاب خفف عنا فيأمرهم بتركه حتى تركوا جميع الفرائض واستحلوا جميع المحارم وأباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور ، وقال : من عرف الامام حل له كل شئ كان حرم عليه ، فبلغ أمره جعفر بن محمد عليهما السلام فلم يقدر عليه بأكثر من أن لعنه وتبرأ منه ، وجمع أصحابه فعرفهم ذلك وكتب إلى البلدان بالبراءة منه وباللعنة عليه وعظم أمره على أبى عبد اللّه عليه السلام واستفظعه واستهاله. انتهى ( المستدرك ) وقوله « تشتبك النجوم » أي تكثرت حتى تصير كالشبكة بتعانق بعضها بعضا وهو كناية عن ذهاب قدر يعتد به من الليل. ( مراد )

أبا عبد اللّه عليه السلام فأخبرته بذلك ، فقال لي : ولم فعلت ذلك؟ بئس ما صنعت إنما تصليها إذا لم ترها خلف الجبل غابت أو غارت ما لم يتجللها (1) سحاب أو ظلمة تظلها فإنما عليك مشرقك ومغربك وليس على الناس أن يبحثوا » (2).

663 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا غابت الشمس فقد حل الافطار ووجبت الصلاة وإذ صليت المغرب فقد دخل وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل ».

664 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « ملك موكل يقول : من بات عن العشاء الآخرة إلى نصف الليل فلا أنام اللّه عينيه ».

665 - وقال الصادق عليه السلام : « من صلى المغرب ثم عقب ولم يتكلم حتى يصلي ركعتين كتبتا له في عليين ، فان صلى أربعا كتبت له حجة مبرورة ».

ووقت الفجر حين يعترض الفجر ويضئ حسنا ويتجلل الصبح السماء ويكون

ص: 221


1- في بعض النسخ « يتجلاها ». وقال استاذنا الشعراني - مد ظله - في هامش الوافي : هذه رواية شاذة مخالفة للاخبار الكثيرة الدالة بان غيبوبة الشمس خلف الجبل لا يكفي ، فلعله نهى عن التفتيش حين اشتغال الناس بالصلاة لأنه يخالف التقية ، أو لان الغروب يعرف بزوال الحمرة فلا حاجة إلى صعود الجبل ، أو لان الموضع المرتفع يستلزم انحدار الأفق الحسى فيرى قرص الشمس فوقه مع أن الذي في أسفل الجبل لو فرض عدم الحاجب بينه وبين الشمس لم يرها لكون الأفق أعلى بالنسبة إليه وذلك قال عليه السلام « فإنما عليك مشرقك ومغربك » وهذا مبين في علم الهيئة.
2- ذم الصادق عليه السلام لأسامة على صعود الجبل كان لإثارة الفساد بأن يقول إنهم يفطرون والشمس لم يغب بعد ، مع أن العامة قائلون بغيبوبة القرص ، أو يقول لهم ويحصل الضرر بسببه إليه عليه السلام والى غيره كما هو الظاهر من الخبر أولا وآخرا ، ويمكن أن يكون المراد بقوله عليه السلام « فإنما عليك مشرقك ومغربك » أنه لا يحتاج إلى صعود الجبل ويمكن فهم الطلوع والغروب بظهور الحمرة أو ذهابها في المشرق للغروب وعكسه للطلوع ، وظاهر الصدوق - رحمه اللّه - أنه حمل هذه الأخبار كلها على استتار القرص ولو كان خلف الجبل كما هو ظاهرها وان أمكن أن تكون ردا على الخطابية أيضا. (م ت)

كالقباطي أو مثل نهر سوراء (1).

ومن صلى الغداة في أول وقتها أثبتت له مرتين ، أثبتها ملائكة الليل وملائكة النهار ، ومن صلاها في آخر وقتها أثبتت له مرة واحدة ، قال اللّه عزوجل : « وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا » يعني أنه تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.

666 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس ، ووقتها في السفر والحضر واحد (2) وهو من المضيق ، وصلاة العصر يوم الجمعة في وقت الأولى في سائر الأيام ».

667 - وروى إسماعيل بن رباح (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا صليت وأنت ترى أنك في وقت ولم يدخل الوقت ، فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك » (4).

668 - وسأله سماعة بن مهران (5) عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم تر الشمس والقمر ولا النجوم ، فقال : تجتهد رأيك وتعمد القبلة بجهدك.

669 - وروى أبو عبد اللّه الفراء (6) عن الصادق عليه السلام « إنه قال له رجل من

ص: 222


1- القباطي - بفتح القاف - : ثياب بيض رقيقة تجلب من مصر ، واحدها قبطي - بضم القاف - نسبة إلى قبط - بالكسر - : جيل من النصارى بمصر. وسورى - بالقصر والمد - بلدة بأرض بابل وبها نهر يقال له : سوراء.
2- وجه كون وقتها واحدا وهو أول الزوال أن في السفر تسقط النافلة وفى الحضر تقدم نافلتها على الزوال الا ركعتين منها فإنهما يصليان في عين الزوال على قول لتحقيق الزوال فلا ينافي هذا القدر كون صلاة الجمعة في أول الزوال المحقق فتأمل. ( سلطان )
3- « رباح » بالباء الموحدة والطريق إلى إسماعيل بن رباح صحيح عند العلامة (رحمه الله) وفيه محمد بن علي ماجيلويه أحد مشايخ المؤلف ولم يوجد له توثيق ولا مدح الا الترضي من المؤلف وهو عند جماعة من العلماء يساوق التوثيق.
4- يدل على الاجزاء إذا كان بعض الصلاة وقع في الوقت ، وعليه عمل المشهور.
5- الطريق إليه قوى بعثمان بن عيسى وفيه إبراهيم بن هاشم وهو حسن ( صه ).
6- الطريق إليه صحيح ( صه ) لكن فيه أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه. ( جامع الرواة )

أصحابنا : إنه ربما اشتبه علينا الوقت في يوم غيم ، فقال : تعرف هذه الطيور التي تكون عندكم بالعراق يقال لها الديوك؟ فقال : نعم ، قال : إذا ارتفعت أصواتها ( 1 وتجاوبت فعند ذلك فصل ».

670 - وروى الحسين بن المختار عنه عليه السلام أنه قال : « إني مؤذن فإذا كان يوم غيم لم أعرف الوقت ، فقال : إذا صاح الديك ثلاثة أصوات ولاء فقد زالت الشمس ودخل وقت الصلاة ».

ومن صلى لغير القبلة في يوم غيم ثم علم ، فإن كان في وقت فليعد ، وإن كان قد مضى الوقت فلا إعادة عليه وحسبه اجتهاده.

671 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « لان أصلي بعد ما يمضي الوقت أحب إلي من أن أصلي وأنا في شك من الوقت ، وقبل الوقت ».

672 - وروى معاوية بن وهب (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « كان المؤذن يأتي النبي صلى اللّه عليه وآله في الحر في صلاة الظهر فيقول له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أبرد أبرد ». (2)(3)

قال مصنف هذا الكتاب : يعني عجل عجل وأخذ ذلك من التبريد.

باب 33: معرفة زوال الشمس

673 - روى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : تزول الشمس في النصف من « حزيران » على نصف قدم ، وفي النصف من « تموز » على قدم ونصف ، و

ص: 223


1- يعنى عند الزوال إذا ما شككت في زوال الشمس فلا ينافي ارتفاع صوتها في غير الزوال. وقال استاذنا الشعراني : متن الحديث مضطرب ويدل على جواز الدخول في الصلاة بصياح الديك فيجوز الاعتماد على الظن عند التعذر.
2- الطريق صحيح ( صه ) وفيه محمد بن علي ماجيلويه وتقدم الكلام فيه.
3- هو كناية عن الراحة والسرور أو من بر النهار أي أوله.

في النصف من «آب» على قدمين ونصف ، وفي النصف من «أيلول» على ثلاثة أقدام ونصف وفي النصف من « تشرين الأول » على خمسة ونصف ، وفي النصف من « تشرين الآخر » على سبعة ونصف ، وفي النصف من « كانون الأول » على تسعة ونصف ، وفي النصف من « كانون الآخر » على سبعة ونصف ، وفي النصف من « شباط » على خمسة ونصف ، وفي النصف من آذار على ثلاثة ونصف وفي النصف من » نيسان « على قدمين ونصف ، وفي النصف من » أيار « على قدم ونصف ، وفي النصف من » حزيران « على نصف قدم » (1).

674 - وقال الصادق عليه السلام : « تبيان زوال الشمس أن تأخذ عودا طوله ذراع وأربع أصابع (2) ، فتجعل أربع أصابع في الأرض فإذا نقص الظل حتى يبلغ غايته ، ثم زاد فقد زالت الشمس ، وتفتح أبواب السماء ، وتهب الرياح ، وتقضى الحوائج العظام ».

ص: 224


1- الظاهر أن هذه التحديدات يختص بالمدينة المشرفة وما والاها في العرض وهو عرض « كه » (250) فان في أوائل البروج المبتدأ من أول السرطان في هذا العرض أظلال ارتفاعاتها النصف النهارية تقارب بل تساوى الاقدار المذكورة في الحديث الشريف كما يظهر بالرجوع إلى البراهين الهندسية ، وان شئت الوقوف على صدق ذلك التخمين فانظر في الأسطرلاب واضعا صفحة عرض « كه » تحت العنكبوت مديرا له حتى تعرف الارتفاعات ثم استعلم أقدار أظلالها من ظهر الأسطرلاب واللّه أعلم. كذا في هامش نسخة وقال الأستاذ الشعراني في هاشم الوافي : الظاهر أن هذه الحاشية من الشيخ البهائي - رحمه اللّه - وهو الحق بالنسبة إلى أكثر التقادير المذكورة ، ولا يتوهمن أن بيان المقادير في كلام الإمام عليه السلام يجب أن يكون عاما لجميع المكلفين في جميع البلاد لان الأحكام الإلهية غير مختصة ببعضها ، فان هذا صحيح فيما لم تكن قرينة على الاختصاص. ثم نقل - مد ظله - كلام الفاضل التفرشي واستبعاده ، و بعده اشكال الفقيه الهمداني رضوان اللّه عليه صاحب مصباح الفقيه حيث قال : ان المقصود بالرواية بحسب الظاهر بيان ما يعرف به الزوال تقريبا والتنبيه على اختلاف الظل في الفصول الأربعة وبيان مقدار التفاوت على سبيل الاجمال. وقال في جوابهما كلاما طويلا لا يسعنا ذكره. وجملة « وفى النصف من حزيران » الأخيرة زيادة زيدت في الأصل المأخوذة عنه الرواية.
2- هذا بطريق التمثيل والا فذلك يستعلم من كل شاخص.

باب 34: ركود الشمس

675 - سأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن ركود الشمس (1) فقال : يا محمد ما أصغر جثتك وأعضل مسألتك ، وإنك لأهل للجواب : إن الشمس إذا طلعت جذبها سبعون ألف ملك بعد أن أخذ بكل شعاع منها خمسة آلاف من الملائكة من بين جاذب ودافع حتى إذا بلغت الجو وجازت الكو قلبها ملك النور ظهرا لبطن فصار ما يلي الأرض إلى السماء وبلغ شعاعها تخوم العرش فعند ذلك نادت الملائكة » سبحان اللّه ولا إله إلا اللّه والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولم يكن له شريك في الملك ، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا « فقال له : جعلت فداك أحافظ على هذا الكلام عند زوال الشمس ، فقال : نعم حافظ عليه كما تحافظ على عينك ، فإذا زالت الشمس صارت الملائكة من ورائها يسبحون اللّه في فلك الجو إلى أن تغيب » (2).

676 - وسئل الصادق عليه السلام « عن الشمس كيف تركد كل يوم ولا يكون لها يوم الجمعة ركود؟ قال : لان اللّه عزوجل جعل يوم الجمعة أضيق الأيام ، فقيل له : ولم جعله أضيق الأيام؟ قال : لأنه لا يعذب المشركين (3) في ذلك اليوم لحرمته عنده ».

677 - وروي عن حريز بن عبد اللّه أنه قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام

ص: 225


1- الركود : السكون الذي يفصل بين الحركات ( النهاية ) والمراد ركود شعائها وسيأتي بيانه. وفى طريق الرواية مجهولان.
2- الملائكة الموكلون بالسماوات والكواكب كثيرة لا يحصيهم كثرة الا اللّه سبحانه منهم من وكل بالجذب ، ومنهم من وكل بالدفع ، ومنهم من وكل بالطلوع والأفول ، ومنهم من وكل بالرد والقبول ، ومنهم بواب ، ومنهم حجاب ، ومنهم راكع ، ومنهم ساجد ، ومنهم حافون ، ومنهم صافون إلى غير ذلك قال اللّه سبحانه « وما يعلم جنود ربك الا هو » ( الوافي ).
3- في بعض النسخ « لا يعذب المشركون ».

فسأله رجل فقال له : جعلت فداك إن الشمس تنقض (1) ثم تركد ساعة من قبل أن تزول ، فقال إنها تؤامر أتزول أو لا تزول » (2).

ص: 226


1- من الانقضاض أي يتحرك سريعا من انقض النجم وهو مضاعف من « قض » لا منقوص من قضى. وقال في الوافي. وفى بعض النسخ « تنقضي » من الانقضاء.
2- قوله « ثم تركد ساعة » يحتمل أن يكون المراد بركود الشمس حين الزوال عدم ظهور حركتها بقدر يعتد بها عند الزوال وعدم ظهور تزايد الظل حينئذ بخلاف الساعات السابقة واللاحقة ، وعبر عن ذلك بالركود بناء على الظاهر وفهم القوم ، وجذب الملك عبارة عن إرادة اللّه تعالى وخلق القوى فيها ، وليس الباعث على الخروج من الظاهر الوقوف على قول الحكماء من الاستمرار وضع الفلك وغيره بل الباعث أن كل نقطة من مدار الشمس محاذية لسمت رأس أفق من الآفاق فيلزم سكون الشمس دائما لو سكنت حقيقة عند الزوال وتخصيص الركود بأفق خاص كمكة أو المدينة مع بعده يستلزم سكونها في البلاد الاخر بحسبها في أوقات آخر فان ظهر مكة مثلا يكون وقت الضحى في أفق آخر فيلزم ركودها في ضحى ذلك الأفق ولا يلتزمه أحد فتأمل. ( سلطان ). و قال الفيض- رحمه اللّه- الوجه في ركود الشمس قبل الزوال تزايد شعاعها آنا فآنا و انتقاص الظل الى حد ما ثمّ انتقاص الظل الى حدّ الشعاع و تزايد الظل و قد ثبت في محله أن كل حركتين مختلفتين لا بدّ بينهما من سكون، فبعد بلوغ نقصان الظل الى الغاية و قبل أخذه في الازدياد لا بدّ و أن يركد شعاع الشمس في الأرض ساعة ثمّ يزيد و هذا ركودها في الأرض من حيث شعاعها بحسب الواقع و قد حصل بتبعية الظلال كما أن تسخينها و اضاءتها انما يحصلان بتبعية انعكاس أشعتها من الأرض و الجبال على ما زعمته جماعة. و هذا لا ينافى استمرار حركتها في الفلك على وتيرة واحدة. و المؤامرة: المشاورة، يعنى أنّها تشاور ربها في زوالها و ذلك لأنّها مسخرة بأمر ربها، لا تتحرك و لا تسكن الا باذن منه جل و عز، و زمان هذا السكون و ان كان قليلا جدا الا أن الشمس لما لم يحس بحركتها طرفى هذا الركود فهي كأنها راكدة ساعة ما، و ما جاء في أن لا يكون للشمس ركود يوم الجمعة معناه انهم لاشتغالهم باستماع الخطبة و تهيئهم للصلاة لا يحسون به بل يسرع مروره عليهم و تقصر مدته لديهم لانهم في رخاء من العبادة و في سرور من الطاعة و مدة الرخاء تكون قصراء عجلاء( الوافي) أقول: فى الكافي ج 3 ص 416 عن محمّد بن إسماعيل عن الرضا عليه السلام في علة عدم ركودها يوم الجمعة رواية فليراجع.

باب 35: معرفة زوال الليل

678 - سأل عمر بن حنظلة (1) أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له : « زوال الشمس نعرفه بالنهار ، كيف لنا بالليل؟ فقال : لليل زوال كزوال الشمس ، قال : فبأي شئ نعرفه؟ قال : بالنجوم إذا انحدرت » (2).

باب 36: صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله التي قبضه اللّه تعالى عليها

679 - قال أبو جعفر عليه السلام : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لا يصلي من النهار شيئا حتى تزول الشمس ، فإذا زالت (3) صلى ثماني ركعات وهي صلاة الأوابين تفتح في تلك الساعة أبواب السماء ويستجاب الدعاء وتهب الرياح وينظر اللّه إلى خلقه فإذا فاء الفئ ذراعا صلى الظهر أربعا وصلى بعد الظهر ركعتين ثم صلى ركعتين أخراوين (4) ثم صلى العصر أربعا إذا فاء الفئ ذراعا ، ثم لا يصلي بعد العصر شيئا حتى تؤوب الشمس ، فإذا آبت وهو أن تغيب صلى المغرب ثلاثا وبعد المغرب أربعا ، ثم لا يصلي شيئا حتى يسقط الشفق ، فإذا سقط الشفق صلى العشاء ، ثم أوى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

ص: 227


1- الطريق قوى بداود بن الحصين وفيه محمد بن عيسى والحسين بن أحمد بن إدريس ولم يوثقا صريحا.
2- لعل المراد بالنجوم التي طلعت في أول الليل حين غروب الشمس. ( سلطان )
3- في بعض النسخ « حتى يزول النهار فان زال ».
4- محمول على المؤكد من المستحب ولا ينافي مطلق الاستحباب ( الذكرى ) أي استحباب الزيادة كما هو المشهور من كون نافلة العصر ثمان ركعات واستحباب الوتيرة بعد العشاء ، ويمكن أن يقال : إن هذا بيان صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في آخر عمره فيحمل على ترك بعض المستحبات لضعف الشيبة. ( سلطان )

إلى فراشه ولم يصل شيئا حتى يزول نصف الليل ، فإذا زال نصف الليل صلى ثماني ركعات ، وأوتر في الربع الأخير من الليل بثلاث ركعات فقرأ فيهن فاتحة الكتاب وقل هو اللّه أحد ويفصل بين الثلاث بتسليمة ويتكلم ويأمر بالحاجة ، ولا يخرج من مصلاه حتى يصلي الثالثة التي يوتر فيها ، ويقنت فيها قبل الركوع ، ثم يسلم ويصلي ركعتي الفجر قبيل الفجر وعنده وبعيده ، ثم يصلي ركعتي الصبح وهو الفجر إذا اعترض الفجر وأضاء حسنا ، فهذه صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله التي قبضه اللّه عزوجل عليها ».

باب 37: فضل المساجد وحرمتها وثواب من صلى فيها

680 - روى خالد بن ماد القلانسي ، عن الصادق عليه السلام أنه قال : « مكة حرم اللّه وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليهما السلام والصلاة فيها بمائة ألف صلاة ، والدرهم فيها بمائة ألف درهم (1) والمدينة حرم اللّه وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليهما السلام الصلاة فيها بعشرة آلاف صلاة ، والدرهم فيها بعشرة آلاف درهم ، والكوفة حرم اللّه وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليهما السلام والصلاة فيها بألف صلاة ، وسكت عن الدرهم ».

681 - وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « من صلى في المسجد الحرام صلاة مكتوبة قبل اللّه بها منه كل صلاة صلاها منذ يوم وجبت عليه الصلاة ، وكل صلاة يصليها إلى أن يموت ».

682 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الصلاة في مسجدي كألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام ، فإن الصلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في مسجدي » (2).

ص: 228


1- أي التصدق فيها.
2- المراد كثرة الثواب لا خصوصية المقدار فلا ينافي ما مر.

683 - وسأل عبد الاعلى مولى آل سام أبا عبد اللّه عليه السلام « كم كان طول مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله؟ قال : كان ثلاثة آلاف وستمائة ذراع مكسرة » (1).

684 - وقال أبو جعفر عليه السلام لأبي حمزة الثمالي : « المساجد الأربعة المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى اللّه عليه وآله ، ومسجد بيت المقدس ، ومسجد الكوفة ، يا أبا حمزة الفريضة فيها تعدل حجة ، والنافلة تعدل عمرة ».

685 - وسئل أبو الحسن الرضا عليه السلام « عن قبر فاطمة عليها السلام فقال : دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد ».

686 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أتى مسجدي مسجد قبا فصلى فيه ركعتين رجع بعمرة ».

وكان عليه السلام يأتيه فيصلي فيه بأذان وإقامة.

ويستحب إتيان المساجد بالمدينة مسجد قبا فإنه المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم ، ومشربة أم إبراهيم ، ومسجد الفضيخ ، وقبور الشهداء بأحد ، ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح (2).

ويستحب الصلاة في مسجد الغدير (3) في ميسرة المسجد ، فإن ذلك موضع قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حيث قال : « من كنت مولاه فعلي مولاه اللّهم وال من والاه ، وعاد

ص: 229


1- قال في المغرب : الذراع المكسر ست قبضات وهي ذراع العامة وإنما وصفت بذلك لأنها نقصت عن ذراع الملك بقبضة وهو بعض الأكاسرة وكانت ذراعه سبع قبضات. ولعل المراد بالمكسر المضروب بعضها في بعض أي كان هذا في حاصل ضرب الطول في العرض ويحتمل الأول كما في المرآة.
2- بمضمونه بل بلفظه رواية في الكافي ج 4 ص 560 والتهذيب ج 2 ص 6.
3- في الكافي ج 4 ص 567 باسناده عن أبان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يستحب الصلاة في مسجد الغدير لان النبي صلى اللّه عليه وآله أقام فيه أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو موضع أظهر اللّه عزوجل فيه الحق ». وبمضمون المتن خبر آخر بسند صحيح.

من عاداه ».

687 - وأما الجانب الآخر فذلك موضع فسطاط المنافقين الذين لما رأوه رافعا يده قال بعضهم لبعض انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون ، فنزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية « وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين ». أخبر الصادق عليه السلام بذلك حسان الجمال لما حمله من المدينة إلى مكة فقال له : « يا حسان لولا أنك جمالي ما حدثتك بهذا الحديث ».

688 - وأما مسجد الخيف بمنى فإنه روى جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « صلى في مسجد الخيف سبعمائة نبي ».

689 - وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « من صلى في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما ، ومن سبح اللّه فيه مائة تسبيحة كتب اللّه له كأجر عتق رقبة ، ومن هلل اللّه فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة ، ومن حمد اللّه فيه مائة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين يتصدق به في سبيل اللّه عزوجل ».

690 - وقال الصادق عليه السلام : « كان مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا ، وعن يمنيها وعن يسارها وخلفها نحو [ امن ] ذلك ، فتحر ذلك ، وإن استطعت أن يكون مصلاك فيه فافعل فإنه صلى فيه ألف نبي ، وإنما سمي الخيف لأنه مرتفع عن الوادي ، وما ارتفع عنه يسمى خيفا ».

691 - وقال الصادق عليه السلام : « حد مسجد الكوفة آخر السراجين ، خطه آدم عليه السلام ، وأنا أكره أن أدخله راكبا ، قيل له : فمن غيره عن خطته؟ قال : أما أول ذلك فالطوفان في زمن نوح عليه السلام ، ثم غيره أصحاب كسرى والنعمان ، ثم غيره زياد بن أبي سفيان ».

ص: 230

692 - وقال عليه السلام : « كأني أنظر إلى ديراني في مسجد الكوفة في دير له فيما بين الزاوية والمنبر فيه سبع نخلات وهو مشرف من ديره على نوح يكلمه ».

693 - وقال أبو بصير : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : نعم المسجد مسجد الكوفة ، صلى فيه ألف نبي والف وصي ، ومنه فار التنور ، وفيه نجرت السفينة ، ميمنته رضوان اللّه ، ووسطه روضة من رياض الجنة ، وميسرته مكر يعني منازل الشياطين » (1).

694 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، ومسجد الكوفة ».

695 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « لما أسري بي مررت بموضع مسجد الكوفة وأنا على البراق ومعي جبرئيل عليه السلام فقال لي : يا محمد انزل فصل في هذا المكان ، قال : فنزلت فصليت فقلت : يا جبرئيل أي شئ هذا الموضع؟ قال : يا محمد هذه كوفان وهذا مسجدها ، أما أنا فقد رأيتها عشرين مرة خرابا وعشرين مرة عمرانا ، بين كل مرتين خمسمائة سنة ».

696 - وروي عن الأصبغ بن نباتة أنه قال : « بينا نحن ذات يوم حول أمير - المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة إذا قال : يا أهل الكوفة لقد حباكم اللّه عزوجل بما لم يحب به أحدا من فضل مصلاكم بيت آدم ، وبيت نوح ، وبيت إدريس ، ومصلى إبراهيم الخليل ، ومصلى أخي الخضر عليهم السلام ، ومصلاي ، وإن مسجدكم هذا لاحد الأربعة المساجد التي اختارها اللّه عزوجل لأهلها ، وكأني به قد أتي به يوم القيامة في ثوبين أبيضين يتشبه بالمحرم ويشفع لأهله ولمن يصلي فيه فلا ترد شفاعته ، ولا تذهب الأيام والليالي حتى ينصب الحجر الأسود فيه ، وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من ولدي ، ومصلى كل مؤمن ، ولا يبقى على الأرض مؤمن إلا

ص: 231


1- ينبغي أن يراد بالميمنة والميسرة خارج المسجد والوسط داخل المسجد إذ لا ينبغي أن تكون فيه منازل الشياطين ، ويحتمل أن يكون المراد بالميسرة بيوت أهل الكوفة الواقعة في ميسرته ( مراد ) وفى بعض النسخ « مبارك الشياطين ».

كان به أو حن قلبه إليه ، فلا تهجروه ، وتقربوا إلى اللّه عزوجل بالصلاة فيه وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم ، فلو يعلم لناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ولو حبوا (1) على الثلج ».

697 - وأما مسجد السهلة فقد قال الصادق عليه السلام : « لو استجار عمي زيد به لأجاره اللّه سنة ، ذلك موضع بيت إدريس عليه السلام الذي كان يخيط فيه ، وهو الموضع الذي خرج منه إبراهيم عليه السلام إلى العمالقة ، وهو الموضع الذي خرج منه داود إلى جالوت ، وتحته صخرة خضراء فيها صورة وجه كل نبي (2) خلقه اللّه عزوجل ، ومن تحته أخذت طينة كل نبي (3) وهو موضع الراكب ، فقيل له : وما الراكب؟ قال الخضر عليه السلام ».

وأما مسجد براثا ببغداد فصلى فيه أمير المؤمنين عليه السلام لما رجع من قتال أهل النهروان.

698 - وروي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري أنه قال : « صلى بنا علي عليه السلام ببراثا بعد رجوعه من قتال الشراة (4) ونحن زهاء مائة ألف رجل ، فنزل نصراني من صومعته فقال : من عميد هذا الجيش؟ فقلنا : هذا ، فأقبل إليه فسلم عليه فقال : يا سيدي أنت نبي؟ فقال : لا ، النبي سيدي قد مات ، قال : فأنت وصي نبي؟ قال : نعم ، ثم قال له : اجلس كيف سألت عن هذا؟ قال : أنا بنيت هذه الصومعة من أجل هذا الموضع وهو براثا ، وقرأت في الكتب المنزلة أنه لا يصلي في هذا الموضع بهذا الجمع (5) إلا نبي أو وصي نبي وقد جئت أسلم ، فأسلم وخرج معنا إلى الكوفة ، فقال

ص: 232


1- بفتح الحاء المهملة واسكان الموحدة اما بمعنى المشي أو دب على استه والرجلين والمشي إلى البطن. ( م ح ق )
2- في بعض النسخ « صورة وجه كل شئ ».
3- في بعض النسخ « كل شئ ».
4- الشراة - بالضم وتخفيف الراء - : الخوارج ، سموا أنفسهم شراة لزعمهم أنهم يشرون أنفسهم ابتغاء مرضات اللّه.
5- في بعض النسخ « بذا الجمع ».

له علي عليه السلام : فمن صلى ههنا؟ قال : صلى عيسى بن مريم عليه السلام وأمه فقال له علي عليه السلام : أفأخبرك من صلى ههنا؟ قال : نعم ، قال : الخليل عليه السلام ».

699 - وقال الصادق عليه السلام : « من تنخم (1) في المسجد ، ثم ردها في جوفه لم تمر بداء إلا أبرأته ».

700 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من كنس المسجد يوم الخميس وليلة الجمعة فأخرج منه من التراب ما يذر في العين غفر اللّه تعالى له ».

701 - وقال الصادق عليه السلام : « من مشى إلى المسجد لم يضع رجليه على رطب ولا يابس إلا يسبح له إلى الأرضين السابعة » (2).

وقد أخرجت هذه الأخبار مسندة وما رويت في معناها في كتاب فضل المساجد وحرمتها وما جاء فيها.

702 - وقال علي عليه السلام (3)في النهاية: قد تكرر ذكر القيد في الحديث يقال: بيني وبينه قيد رمح وقاد رمح أي قدر رمح.(4)راجع ج 3 ص 489 الی 495 وج 4 ص 560 الی اخر أبواب كتاب الحج.(5) : صلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة ، وصلاة

ص: 233


1- تنخم فلان : رمى نخامته أي دفع بشئ من صدره أو أنفه ، وفى بعض النسخ « تنخع » أي رمى نخاعته وهي ما يخرج من صدر الانسان أو خيشومه من البلغم والمواد.
2- في العبارة مسامحة. وفى بعض النسخ إلى الأرض السابعة فالجمع باعتبار القطعات أو الأطراف ، وعلى النسختين يحتمل أن يكون المراد من تحت قدميه في عمق الأرض أو من الجوانب الأربع في سطح الأرض.
3- هذا الخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 327 باب فضل المساجد باسناده عن محمد بن حسان عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام. ومحمد ابن حسان الرازي قال النجاشي فيه : يعرف وينكر بين بين يروى عن الضعفاء وضعفه ابن الغضائري. وأما النوفلي فقيل فيه انه غلا في آخر عمره ، وأما السكوني فكان عاميا. وبهذا السند أيضا رواه المؤلف في ثواب الأعمال والبرقي في المحاسن ورواه الشيخ في النهاية أيضا ولم أجد في كتب الخاصة خبرا في فضل مسجد بيت المقدس غير حسنة أبى حمزة الثمالي التي تقدمت تحت رقم 684 وهذا الخبر الذي رواه السكوني وهو عامي كما عرفت وإن كان موثقا فكل ما روى في فضل بيت المقدس والثواب الكثير للصلاة فيه سوى خبر أبي حمزة فمن طرق العامة وجاء في روايتهم « صلاة في مسجد بيت المقدس أفضل مما سواه من المساجد بخمسمائة صلاة » رواه الطبراني في الكبير وابن خزيمة في صحيحه والبزار واللفظ له. و روى أحمد بن حنبل في مسند أبى هريرة عنه و كذا في مسند عائشة عنها عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله- قال:« صلاة في مسجدى خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد الا المسجد الاقصى» و روى البيهقيّ بإسناده عن أبي ذرّ« أنه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن الصلاة في بيت المقدس أفضل أو في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟ فقال: صلاة في مسجدى هذا أفضل من أربع صلوات فيه، و لنعم المصلّى، هو أرض المحشر و المنشر، و ليأتينّ على الناس زمان و لقيد سوط- أو قال: قوس الرجل
4- - حيث يرى منه بيت المقدس خير له أو أحبّ إليه من الدنيا جميعا». و لا ريب في فضل بيت المقدس لانّه مسجد بناه نبىّ من أنبياء اللّه تعالى، و لا شكّ في كونه قبلة للمسلمين بضعة عشر شهرا و ان لم يرضها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كما يفهم من كريمة« قد نرى تقلّب وجهك في السماء فلنولينّك قبلة ترضاها» لكن لما كانت هذه الأخبار كلها من طرق العامّة و ليس في أخبار الإماميّة من طريقهم منها شي ء يعتمد عليه كيف نطمئنّ الى ما رووه من هذا الفضل الكبير مع أن الكليني- رحمه اللّه- عقد في كتابه الكبير الكافي أبوابا في فضل المساجد و ذكر فيها فضل المدينة و مسجد النبيّ و مسجد قبا و مسجد الفضيخ و مسجد الفتح و مسجد الأحزاب و مشربة أمّ إبراهيم و مسجد غدير خم و مسجد الكوفة و المسجد الأعظم و مسجد السهلة و مسجد بالخمراء و غيرها من المساجد
5- و لم يرو فيها في فضل بيت المقدس شيئا، نعم: روى بإسناده عن إسماعيل بن زيد مولى عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ عن عبد اللّه بن يحيى عن أبي عبد اللّه( ع) قال:« جاء رجل الى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه فسلّم فردّ عليه، فقال: جعلت فداك انى أردت المسجد الاقصى فأردت أن أسلّم عليك و أودّعك، فقال له: و أيّ شي ء أردت بذلك؟ فقال: الفضل، قال: فبع راحلتك و كل زادك و صلّ في هذا المسجد( مسجد الكوفة) فان الصلاة المكتوبة فيه حجّة مبرورة و النافلة عمرة مبرورة و البركة فيه على اثنى عشر ميلا- الحديث» ج 3 ص 491 و كيف كان قاعدة التسامح في أدلّة السنن تسهل الامر، فمن صلّى في بيت المقدس التماس ذلك الثواب يعطيه اللّه سبحانه إن شاء اللّه و ان لم يكن الحديث كما بلغه.

في المسجد الأعظم (1) تعدل مائة ألف صلاة ، وصلاة في مسجد القبيلة تعدل خمسا

ص: 234


1- لعل المراد بالمسجد الأعظم ههنا المسجد الحرام على طباق سائر الأخبار.

وعشرين صلاة ، وصلاة في مسجد السوق تعدل اثنتي عشرة صلاة ، وصلاة الرجل في بيته تعدل صلاة واحدة.

703 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « من بنى مسجدا كمفحص قطاة (1) بنى اللّه له بيتا في الجنة ».

704 - وقال أبو عبيدة الحذاء : « ومر بي [ أبو عبد اللّه عليه السلام ] وأنا بين مكة والمدينة أضع الأحجار (2) ، فقلت : هذا من ذاك؟ فقال : نعم ».

705 - وسأل عبيد اللّه بن علي الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المساجد المظللة (3) يكره القيام فيها (4)؟ قال : نعم ولكن لا تضركم الصلاة فيها ».

ص: 235


1- القطاة : طائر في حجم الحمام له طوق يشبه الفاختة والقمارى.
2- في بعض النسخ « وأنا أصنع الأحجار » وفى بعضها « وأنا أجمع الأحجار » وقوله « هذا من ذاك » روى الكليني - رحمه اللّه - في الكافي ج 3 ص 368 عن أبي عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول : « من بنى مسجدا بنى اللّه له بيتا في الجنة ، قال : أبو عبيدة : فمر بي أبو عبد اللّه (عليه السلام) في طريق مكة وقد سويت بأحجار مسجدا ، فقلت له : جعلت فداك نرجو أن يكون هذا من ذاك؟ فقال : نعم ».
3- لعل المراد بالمظللة المسقفة باللبن والاجر بقرينة المقام والا فمسجد الرسول صلى اللّه عليه وآله صار مظللا في حياته بالسعف. (م ت)
4- قوله « يكره القيام فيها » عبر عن الصلاة فيها بالقيام وذلك شايع كما في التنزيل « لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ». و قال الشيخ في النهاية ص 108« بناء المسجد فيه فضل كبير و ثواب جزيل، و يستحب أن لا تعلى المساجد بل تكون وسطا، و يستحب أن لا تكون مظللة و لا يجوز أن تكون مزخرفة أو مذهبة أو فيها شي ء من التصاوير، و لا يجوز أن تكون مشرفة بل تبنى جما- بضم الجيم و شد الميم- أى لا شرف لها- انتهى. و اعلم أن كراهة الصلاة في المظللة أو المصورة أو المزخرفة من المساجد مخصوصة بزمان يكون الإمام المعصوم( ع) حاضرا متمكنا ففى الكافي بسند حسن كالصحيح عن الحلبيّ قال:« سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن المساجد المظللة أ يكره الصلاة فيها؟ قال: نعم و لكن لا يضركم اليوم و لو قد كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك- الحديث»-- و روى أيضا عن عمرو بن جميع قال:« سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة في المساجد المصورة فقال: أكره ذلك و لكن لا يضركم ذلك اليوم و لو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك» و أمّا زخرفة المساجد فلا شك في عدم جوازه عند أكثر فقهائنا فكيف برجحانه، و هكذا التصوير.

706 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « أول ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد فيكسرها ، ويأمر بها فيجعل عريشا كعريش موسى » (1).

707 - و « كان علي عليه السلام إذا رأى المحاريب في المساجد كسرها ويقول : كأنها مذابح اليهود ».

708 - و « رأى علي عليه السلام مسجدا بالكوفة قد شرف قال : كأنه بيعة إن المساجد لا تشرف ، تبنى جما ».

709 - وسئل أبو الحسن الأول عليه السلام « عن الطين فيه التبن يطين به المسجد أو البيت الذي يصلي فيه ، فقال : لا بأس ».

710 - وسئل « عن بيت قد كان الجص يطبخ بالعذرة أيصلح أن يجصص به المسجد؟ فقال : لا بأس ».

711 - وسئل « عن بيت قد كان حشا زمانا (2) هل يصلح أن يجعل مسجدا؟ فقال : إذا نظف وأصلح فلا باس ».

712 - وسأل عبيد اللّه بن علي الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « في مسجد يكون في الدار فيبدو لأهله أن يتوسعوا بطائفة منه أو يحولوه عن مكانه ، فقال : لا بأس بذلك ، قال : فقلت : فيصلح المكان الذي كان حشا زمانا أن ينظف ويتخذ مسجدا؟

ص: 236


1- العريش ما يستظل به ، فلعل المراد أنه يجعل بدل السقف عريشا من وضع الأخشاب ووضع الحشيش ونحوه عليها بحيث يندفع به حر الشمس عن أهل المسجد.
2- في النهاية في الحديث « ان هذه الحشوس محتضرة » يعنى الكنف ومواضع قضاء الحاجة ، والواحد حش - بالفتح - وأصله من الحش : البستان لأنهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين.

قال : نعم (1) إذا ألقي عليه من التراب ما يواريه فإن ذلك ينظفه ويطهره ».

713 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « من اختلف إلى المساجد أصاب إحدى الثمان : أخا مستفادا في اللّه عزوجل (2) ، أو علما مستطرفا ، أو آية محكمة ، أو رحمة منتظرة ، أو كلمة ترده عن ردى ، أو يسمع كلمة تدله على هدى ، أو يترك ذنبا خشية أو حياء » (3).

714 - و « سمع النبي صلى اللّه عليه وآله رجلا ينشد ضالة في المسجد ، فقال : قولوا له : لا رد اللّه عليك [ ضالتك ] فإنها (4) لغير هذا بنيت ».

715 - وقال عليه السلام : « جنبوا مساجدكم صبيانكم ، ومجانينكم ، ورفع أصواتكم وشراءكم ، وبيعكم ، والضالة ، والحدود ، والأحكام » (5).

وينبغي أن تجنب المساجد إنشاد الشعر فيها وجلوس المعلم للتأديب فيها ، وجلوس الخياط فيها للخياطة.

716 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أسرج في مسجد من مساجد اللّه سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من السراج ».

717 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إذا أخرج أحدكم الحصاة من المسجد فليردها

ص: 237


1- « مسجد يكون في الدار » أي مكان يتخذ للصلاة فيه وذلك لا يستلزم كونه مسجدا حقيقة وقف للصلاة فيه لئلا يمكن توسيع الدار بأخذ بعضه فيها أو جعله كله فيها وجعل مكان آخر بدله. ( مراد ).
2- أي استفادة اخوته وتحصيلها لله ، لا لأغراض الدنيا.
3- المستطرف من الطرفة وهي النفيس والجديد ، والمحكم ما استقل بالدلالة من غير توقف على قرينة ، والردى : الهلاك ، الخشية والحياء اما من اللّه أو من الملائكة أو من الناس ( الوافي ) وترك الذنب خشية هو السابع وتركه حياء هو الثامن والترديد بين الأمور الثانية على سبيل منع الخلو ، دون منع الجمع. ( مراد )
4- يعنى المساجد فالضمير باعتبار الجمع.
5- أي جعلها عادة أو لغير الامام ، فلا ينافي ما نقل من قضاء أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة في بعض الأوقات. ( سلطان )

في مكانها أو في مسجد آخر فإنها تسبح » (1).

ولا يجوز للحائض والجنب أن يدخلا المسجد إلا مجتازين (2).

718 - وقال الصادق عليه السلام : « خير مساجد نسائكم البيوت ».

719 - وسئل « عن الوقوف على المساجد ، فقال : لا يجوز فإن المجوس أوقفوا على بيوت النار » (3).

ص: 238


1- المشهور بين الأصحاب حرمة اخراج الحصى من المسجد ووجوب الرد إليه أو إلى غيره. (م ت)
2- واستثنى منه مسجد الحرام ومسجد الرسول صلى اللّه عليه وآله زادهما اللّه شرفا وتعظيما فليس للجنب والحائض الاجتياز فيهما
3- روى المؤلف في آخر كتاب الوقف ، والشيخ في التهذيب ج 2 ص 376 عن العباس بن عامر عن أبي الصحارى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قلت له : رجل اشترى دارا فبقيت عرصة فبناها بيت غلة أتوقف على المسجد؟ فقال : ان المجوس أقفوا على بيت النار ». والمحكى عن الشهيد - رحمه اللّه - أنه قال في الذكرى : يستحب الوقف على المساجد بل هو من أعظم المثوبات لتوقف بقاء عمارتها عليه التي هي من أعظم مراد الشارس. ثم ذكر  - رحمه اللّه - خبر أبي الصحارى وقال : أجاب عنه بعض الأصحاب بان الرواية مرسلة ، وبامكان الحمل على ما هو محرم فيها كالزخرفة والتصوير - انتهى. أقول: قوله- قدّس سرّه-:« يستحب الوقف على المساجد» ليس له دليل شرعى الا العمومات و لا تشمله بعد ورود المنع، و أمّا توقّف بقائها عليه فغير معلوم فانّ المساجد التي ليس لها موقوف في عصرنا هذا كلّها عامرة بل أشدّ عمرانا من المساجد التي لها موقوفات، و ان سلّمنا ليس هو دليل شرعى يؤخذ به بل هو من قبيل الاستحسانات. و أمّا ارسال السند فمدفوع لان طريق الصدوق الى العباس بن عامر القصبانى معلوم في المشيخة، و أمّا الحمل على ما هو محرّم فيها فلا وجه له. و قال الفيض- رحمه اللّه-« المستفاد من الخبر تعليل المنع بالتشبّه بالمجوس و لعل الأصل فيه خفة مئونة المساجد و عدم افتقارها الى الوقف إذا بنيت كما ينبغي، و انما افتقرت اليه للتعدى عن حدها». و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-:« عبارة الخبر محتمل للجواز بأن يكون المراد-- أنه إذا كان المجوس أوقفوا عن بيت النار الباطل فانهم أولى بأن يوقفوا على المسجد الحق» أقول: هذا الاحتمال في غاية البعد كما ترى. و الحق أن عبارة الخبر لا تدلّ على النهى التحريمى بل غاية ما يستفاد منه الكراهة و وجهها معلوم عند ذوى البصائر، فان المسجد إذا لم يكن له موقوف لا مطمع لا حدّ فيه و لا يتّخذ دكانا يتنازع في امامته و توليته و غير ذلك، و قال سلطان العلماء:« يحتمل أن يكون مراده بالسؤال عن الوقوف على المساجد وقف الاولاد عليها للخدمة و جوابه عليه السلام و التعليل بان المجوس أوقفوا على بيوت النار يشعران بهذا الحمل و ما في القاموس من« وقف يقف وقوفا أي دام قائما، و النصرانى وقّيفى- بكسر القاف المشددة كخلّيقى-: خدم البيعة» يعضده كما لا يخفى على من له ذوق سليم» انتهى. و هو كما ترى مخالف لصريح الخبر الذي نقلناه عن العباس بن عامر.

720 - وروي أن في التوراة مكتوبا « إن بيوتي في الأرض المساجد ، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي ، ألا إن على المزور كرامة الزائر (1) ، ألا بشر المشائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة ».

721 - وروي « أن البيوت التي يصلى فيها بالليل يضئ نورها لأهل السماء كما يضئ نور الكواكب لأهل الأرض ».

722 - وروي « أن عليا عليه السلام مر على منارة طويلة فأمر بهدمها ، ثم قال : لا ترفع المنارة إلا مع سطح المسجد » (2).

723 - « وإن اللّه تبارك وتعالى ليريد عذاب أهل الأرض جميعا حتى لا يحاشي منهم أحدا فإذا نظر إلى الشيب (3) ناقلي أقدامهم إلى الصلوات والولدان يتعلمون القرآن رحمهم اللّه فأخر ذلك عنهم » (4).

ص: 239


1- روى المؤلف صدر هذا الخبر في ثواب لأعمال ص 45 في حديث وذيله في آخر.
2- يفهم منه حرمة بناء المنارات العالية لحمرة الاشراف على بيوت المسلمين ، وحمله الأكثر على الكراهة وان حكموا بحرمة الاشراف.
3- قوله « ليريد » اللام دخلت على خبر « ان » للتأكيد. وقوله : « لا يحاشى » أي لا يستثنى. والشيب اما - بسكر الشين - فجمع أشيب على القياش. واما بضم الشين وشد الياء فجمع شائب. وهو المبيض الرأس.
4- رواه المصنف في ثواب الأعمال باسناده ، عن الأصبغ بن بناته ، عن أمير المؤمنين عليه السلام وفيه « ان اللّه عزوجل ليهم بعذاب أهل الأرض جميعا ، لا يحاشى منهم أحدا - ».

ومن أراد دخول المسجد فليدخل على سكون ووقار فإن المساجد بيوت اللّه وأحب البقاع إليه ، وأحبهم إلى اللّه عزوجل [ رجلا ] أولهم دخولا وآخرهم خروجا (1).

ومن دخل المسجد فليدخل رجله اليمنى قبل اليسرى ، وليقل « بسم اللّه وباللّه السلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته ، اللّهم صل على محمد وآل محمد وافتح لنا أبواب رحمتك ، واجعلنا من عمار مساجدك ، جل ثناء وجهك ». وإذا خرج فليخرج رجله اليسرى قبل اليمنى وليقل : « اللّهم صل على محمد وآل محمد ، وافتح لنا باب رحمتك » (2).

باب 38: المواضع التي تجوز الصلاة فيها والمواضع التي لا تجوز فيها

724 - قال النبي صلى اللّه عليه وآله : « أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي : جعلت لي

ص: 240


1- الظاهر أن « رجلا » منصوب بتقدير « يكون » وفى بعض النسخ « رجل » وعلى التقديرين « أولهم » خبر مبتدأ محذوف أي هو أولهم دخولا والجملة صفة رجل. وفى بعضها « أحبهم إلى اللّه عزوجل أولهم » بدون لفظ رجل ، و « دخولا » تميز يرفع الابهام عن إضافة أول إلى ضمير ، وكذا القول في « آخرهم خروجا » ( مراد ).
2- راجع التهذيب ج 1 ص 326 وفيه في حديث عبد اللّه بن الحسن « وإذا خرجت فقل » اللّهم اغفر لي وافتح لي أبواب فضلك « وفى حديث سماعة » إذا دخلت المسجد فقل :  « بسم اللّه والسلام على رسول اللّه ان اللّه وملائكته يصلون على محمد وآل محمد والسلام عليهم ورحمة اللّه وبركاته ، رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك » وإذا خرجت فقل مثل ذلك.

الأرض مسجدا وطهورا (1) ، ونصرت بالرعب ، وأحل لي المغنم (2) ، وأعطيت جوامع الكلم (3) ، وأعطيت الشفاعة ».

وتجوز الصلاة في الأرض كلها إلا في المواضع التي خصت بالنهي عن الصلاة فيها.

725 - وقال الصادق عليه السلام : « عشرة مواضع لا يصلى فيها : الطين ، والماء ، والحمام ، والقبور ، ومسان الطريق (4) وقرى النمل ، ومعاطن الإبل ، ومجرى الماء ،

ص: 241


1- « مسجدا وطهورا » يمكن أن يراد منه أن وجه الأرض له صلى اللّه عليه وآله و لامته كالمسجد في ترتب الثواب فثواب الصلاة في أي مكان كان مثل ثوابها من الأمم السابقة في المسجد ، ويمكن أن يكون صحة صلاتهم مشروطة بايقاعها في مكان خاص لا في أي مكان كان ، وأن يكون المراد بالمسجد مسجد الجبهة وكأن فيهم أمرا غير الأرض وما ينبت منهما. والظاهر من كونها طهورا أنها تقوم مقام الماء وذلك واقع في التيمم وفى تطهيرها باطن القدم والنعل ومحل الاستنجاء ، ولا يخفى أن ذلك يؤيد قول الشريف المرتضى رضي اللّه عنه في رفع التيمم الحدث إلى وجود الماء لان ذلك مقتضى المطرية ( مراد )
2- في النهاية « نصرت بالرعب مسيرة شهر » الرعب الخوف والفزع ، كان أعداء النبي صلى اللّه عليه وآله قد أوقع اللّه في قلوبهم الخوف منه فإذا كان بينه وبينهم مسيرة شهرها بوه وفزعوا منه - ا ه. والمشهور أن حل الغنيمة من خصائص هذه الأمة وأن الأمم المتقدمة لم يبح لهم الغنائم ، وقال في السراج المنير : لا يحل لهم منها شئ ، بل كانت تجمع فتأتي نار من السماء فتحرقها.
3- في النهاية « أوتيت جوامع الكلم » يعنى القرآن جمع اللّه سبحانه في الألفاظ اليسيرة معاني كثيرة ، واحدها جامعة أي كلمة جامعة.
4- مسان الطريق - بشد النون - : معظمه والمسلوك منه ، وقوله « لا يصلى » أعم من الحرمة والكراهة. وقال المولى مراد التفرشي : قوله « لا يصلى فيها » أي لا ينبغي أن يصلى فيها ، ويمكن أن يراد منه معنى النهى ولا يدل على حرمة الصلاة في تلك الموضع لان الانشاء كما يجوز حمله على الطلب مع المنع عن النقيض يمكن حمله على الطلب من غير منع عن ذلك.

والسبخة ، والثلج » (1).

426 - وروي « أنه لا يصلى في البيداء ، ولا ذات الصلاصل ، ولا في وادي الشقرة ولا في وادي ضجنان » (2).

فإذا حصل الرجل في الطين أو الماء وقد دخل وقت الصلاة ولم يمكنه الخروج منه صلى إيماء ويكون سجوده أخفض من ركوعه (3) ولا بأس بالصلاة في مسلخ الحمام وإنما يكره في الحمام لأنه مأوى الشياطين.

727 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن الصلاة في بيت الحمام ، فقال : إذا كان الموضع نظيفا فلا بأس [ بالصلاة ] يعني المسلخ » (4).

وأما القبور فلا يجوز أن تتخذ قبلة ولا مسجدا ، ولا بأس بالصلاة بين خللها

ص: 242


1- « قرى النمل » جمع قرية وهي مجتمع ترابها حول جحرها. والمراد بمعاطن الإبل مباركها ومقتضى كلام أهل اللغة أنها أخص من ذلك ، فإنهم قالوا : معاطن الإبل مباركها حول الماء لتشرب عللا بعد نهل ، والعلل الشرب الثاني ، والنهل الشرب الأول. ونقل عن أبي الصلاح أنه منع من الصلاة في أعطان الإبل ، وهو ظاهر المفيد (رحمه الله) في المقنع ولا ريب أنه أحوط وعند المتأخرين محمول على الكراهة. والسبخة : الأرض الملحة أو أرض ذات نزو يعلو الماء وهي واحدة السباخ : الأراضي التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت شيئا.
2- في المحكى عن النفلية : ليبدأ موضع في طريق مكة على سبعة أميال من المدينة أو على رأس ميل من ذي الحليفة. والصلاصل : الطين الأحمر المخلوط بالرمل - انتهى. وقيل : ذات الصلاصل ، ووادي الشقرة - بضم الشين وسكون القاف. وهي موضع في طريق مكة - والضجنان - بالتحريك وهو جبل بتهامة - والبيداء - بفتح الباء - كلها مواضع خسف. قال في التذكرة : وكذا كل موضع خسف.
3- هذه الفتوى تخالف ما أفتى به في آخر باب صلاة الخوف والمطاردة حيث قال : « والعريان يصلى قاعدا - إلى أن قال : - وفى الماء والطين تكون الصلاة بالايماء والركوع أخفض من السجود ». وهذا هو الصواب كما سيأتي نقل النصوص عليه هناك.
4- تأويل الصدوق - رحمه اللّه - بعيد جدا لان المسلخ ليس ببيت الحمام مع أن عدم البأس لا ينافي الكراهة. والظاهر أن الكراهة في هذه المواضع بمعنى أقل ثوابا (م ت).

ما لم يتخذ شئ منها قبلة (1) والمستحب أن يكون بين المصلى وبين القبور عشرة أذرع من كل جانب.

وأما مسان الطريق فلا يجوز الصلاة فيها ، ولا على الجواد (2) فأما على الظواهر التي بين الجواد فلا بأس.

728 - وقال الرضا عليه السلام : « كل طريق يوطأ ويتطرق كانت فيه جادة أو لم تكن لا ينبغي الصلاة فيه ، قيل : فأين يصلى؟ قال : يمنة ويسرة ».

729 - وسأل الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام «عن الصلاة في مرابض الغنم فقال : صل ولا تصل في أعطان الإبل (3) إلا أن تخاف على متاعك الضيعة فاكنسه ورشه بالماء وصل فيه ، قال : وكره الصلاة في السبخة إلا أن يكون مكانا لينا تقع عليه الجبهة مستوية » (4).

730 - وسئل الصادق عليه السلام » عن الصلاة في بيوت المجوس وهي ترش بالماء قال : لا بأس به ، ثم قال (5) : ورأيته في طريق مكة أحيانا يرش موضع جبهته ، ثم يسجد

ص: 243


1- « أن تتخذ قبلة » بأن تكون بين يدي المصلى ، و « لا مسجدا » بأن يصلى فوقها ، وظاهره بطلان الصلاة وان أمكن حمله على الكراهة كما هو دأبهم. (م ت) و في المقنعة« روى أنّه لا بأس بالصلاة الى قبلة فيها قبر الإمام عليه السلام» و قال الشيخ- رحمه اللّه- في النهاية:« هى محمول على النوافل و ان كان الأصل ما ذكرناه من الكراهة مطلقا».( سلطان). و قال الفاضل التفرشى: قوله:« لا يجوز أن تتخذ قبلة» ان حمل على ظاهره كان معنى« لا بأس» الجواز و ان اشتمل على كراهة، و كان معنى المستحب رفع الكراهة رأسا، و ان أريد بعدم الجواز شدة الكراهة كان معنى« لا بأس» عدم تلك الشدة، و كان معنى المستحب رفع ما بقى فيه من الكراهة.
2- الجاد : وسط الطريق أو معظمه والجمع جواد. ( المصباح المنير ).
3- في بعض النسخ « معاطن الإبل » يعنى وطن الإبل ومبركها.
4- يفهم من هذا الخبر وغيره من الاخبار أن علة النهى عدم الاستواء غالبا. (م ت)
5- يعنى الراوي وهو الحلبي كما في الكافي ج 3 ص 388.

عليه رطبا كما هو (1) ، وربما لم يرش المكان الذي يرى أنه نظيف.

731 - وقال صالح بن الحكم (2) « سئل الصادق عليه السلام عن الصلاة في البيع و الكنائس فقال : صل فيها ، قال : فقلت : وإن كانوا يصلون فيها أصلي فيها؟ قال : نعم أما تقرأ القرآن » قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا « صل إلى القبلة ودعهم ».

732 - وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام « عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلى فيه ، فقال : إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر » (3).

733 - وسأل عامر بن نعيم القمي (4) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المنازل التي ينزلها الناس ، فيها أبوال الدواب والسرجين ، ويدخلها اليهود والنصارى كيف نصنع بالصلاة فيها؟ فقال : صل على ثوبك ».

734 - وسأل علي بن مهزيار (5) أبا الحسن الثالث عليه السلام « عن الرجل يصير في البيداء فتدركه صلاة فريضة فلا يخرج من البيداء حتى يخرج وقتها كيف يصنع بالصلاة وقد نهى أن يصلى بالبيداء؟ فقال : يصلي فيها ويتجنب قارعة الطريق » (6).

735 - وروى عنه عليه السلام أيوب بن نوح أنه قال : « يتنحى عن الجواد يمنة ويسرة ويصلي ».

ص: 244


1- يفهم منه أن المكان يطهر برش الماء عليه إذ لولا ذلك فرش المكان الذي يرى أنه ليس بنظيف يوجب تعدية نجاسته إلى الجبهة الا أن يراد بالنظيف ما ليس فيه كثافة. ( مراد )
2- الطريق إلى صالح بن الحكم صحيح وهو ضعيف. والبيعة معبد النصارى.
3- يدل على أن الشمس مطهرة وأنه يشترط في محل السجدة الطهارة ، ويحتمل أن يكون الامر بالصلاة باعتبار استحباب طهارة مساقط الأعضاء (م ت) والسند صحيح.
4- الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم وفى الخلاصة انه صحيح. وفى أكثر النسخ صحف بعمار بن نعيم.
5- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
6- قارعة الطريق أعلاه ، وموضع قرع المارة. ( المغرب )

736 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن البيت والدار لا تصيبهما الشمس ويصيبهما البول ويغتسل فيهما من الجنابة أيصلي فيهما إذا جفا؟ قال : نعم. قال : وسألته عن الصلاة بين القبور هل تصلح؟ فقال : لا بأس به ».

737 - وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن البارية (1) يبل قصبها بماء قذر هل تجوز الصلاة عليها؟ فقال : إذا جففت فلا بأس بالصلاة عليها » (2).

738 - وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام « عن الشاذكونة (3) تكون عليها الجنابة أيصلى عليها في المحمل؟ فقال : لا بأس بالصلاة عليها ».

739 - وروى محمد بن مسلم (4) عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « لا بأس بأن تصلي على [ كل ] التماثيل إذا جعلتها تحتك ».

740 - وسأل ليث المرادي (5) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الوسائد تكون في البيت فيها التماثيل عن يمين أو عن شمال ، فقال : لا بأس به ما لم تكن تجاه القبلة ، وإن كان شئ منها بين يديك مما يلي القبلة فغطه وصل ».

741 - وسئل « عن التماثيل تكون في البساط لها عينان وأنت تصلي (6) فقال :

ص: 245


1- واحد البواري جمع باري وهو الحصير ، ويقال له : البوريا بالفارسية ( المغرب ).
2- الظاهر أن المراد تجفيفها بالشمس لأنه المعهود والمتعارف دون غيرها كالنار ، و حمله على جفافها بنفسها خلاف الظاهر ، وحينئذ يدل على طهارتها بذلك لأنه بظاهره يعطى جواز السجود عليه ، وأما حديث علي بن جعفر عليه السلام السابق فاما محمول على مكان يتوهم وقوع البول فيه واما أن يستثنى موضع الجبهة بدليل خاص. ( مراد )
3- الشاذكونه : ثياب غلاظ مضربة تعمل باليمن والى بيعها نسب الحافظ أبو أيوب سليمان الشاذكوني لأنه كان يبيعها ، وقيل : هي حصير صغير متخذ للافتراش.
4- في الطريق إليه جهالة كما مر.
5- هو أبو بصير والطريق إليه ضعيف بعلى بن أبي حمزة البطائني.
6- في التهذيب ج 1 ص 240 باسناد فيه ارسال عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا قال :  « سألته عن التماثيل يكون في البساط لها عينان وأنت تصلى؟ فقال : ان كانت لها عين واحدة فلا بأس وان كانت لها عينان فلا ».

إن كان لها عين واحدة فلا بأس وإن كان لها عينان وأنت تصلي فلا » (1).

742 - وقال عليه السلام : « لا بأس بالصلاة أنت تنظر إلى التصاوير إذا كانت بعين واحدة » (2).

743 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تصل في دار فيها كلب إلا أن يكون كلب صيد وأغلقت دونه بابا فلا بأس وإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب (3) ولا بيتا فيه تماثيل ولا بيتا فيه بول مجموع في آنية ».

ولا يجوز الصلاة في بيت فيه خمر محصورة في أنية (4).

744 - وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام أنه قال : « من كان في موضع لا يقدر على الأرض (5) فليؤم إيماء وإن كان في أرض منقطعة » (6).

745 - وسأله سماعة بن مهران « عن الأسير يأسره المشركون فتحضره الصلاة

ص: 246


1- كذا وفى الكافي ج 3 ص 392 « في التمثال يكون في البساط فتقع عينك عليه وأنت تصلى قال : إن كان بعين واحدة فلا بأس وإن كان له عينان فلا ».
2- كما في صور الطيور فان يكتفى في تصويرها بعين واحدة تقوم مقام عينيها بخلاف تصوير الانسان مثلا فإنه يؤتى فيه غالبا بعينين. ( مراد )
3- قوله « وأغلقت دونه بابا » لعل وجهه أنه لولا ذلك لربما دخل البيت الذي يصلى فيه فيشغل القلب ( مراد ) وقوله « فان الملائكة لا تدخل - الخ » يمكن أن يجعل تعليلا لمنع الصلاة في بيت فيه كلب فيراد بالكلب غير كلب الصيد ، وأن يجعل تعليلا لاغلاق باب البيت الذي يصلى فيه لئلا يدخل كلب الصيد فيخرج منه الملائكة. ( سلطان )
4- في التهذيب ج 1 ص 243 باسناده عن عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تصلى في بيت فيه خمر أو مسكر ». وكذا في الكافي ج 3 ص 392.
5- أي على أرض يسجد عليها ويركع فيها كما في الموتحل والغريق. ( مراد )
6- الظاهر أنه معطوف على الشرط السابق فجزاؤه جزاؤه فالتقدير أنه من كان في موضع لا يقدر على الأرض ومن كان في أرض منقطعة فليؤم ايماء ، والظاهر أن المراد بالأرض المنقطعة أي القطع المنقطعة عن ارض بحيث لا يسع السجود عليها ، أو المنقطعة عن بلاد الاسلام بحيث لا يمكن اظهار شعائر الاسلام فيها فيؤمى للركوع والسجود كما في الخبر الآتي. ( سلطان )

فيمنعه الذي اسره منها ، فقال : يومي إيماء ».

746 - وسأل معاوية بن وهب (1) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل والمرأة يصليان في بيت واحد ، فقال : إذا كان بينهما قدر شبر صلت بحذاه وحدها (2) وهو وحده لا بأس ».

747 - وفى رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام « إذا كان بينها وبينه قدر ما يتخطى ، أو قدر عظم ذراع فصاعدا فلا بأس [ أن صلت بحذا وحدها ] ».

748 - ورى جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا بأس أن تصلي المرأة بحذاء الرجل وهو يصلي (3) فإن النبي صلى اللّه عليه وآله كان يصلي وعائشة مضطجعة بين يديه وهي حائض ، وكان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها فرفعت رجليها (4) حتى يسجد ».

ولا بأس أن يكون بين يدي الرجل والمرأة وهما يصليان مرفقة (5) أو شئ.

باب 39: ما يصلى فيه وما لا يصلى فيه من الثياب وجميع الأنواع

749 - روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « أنه سأله عن جلد الميتة يلبس في الصلاة إذا دبغ؟ فقال : لا وإن دبغ سبعين مرة ».

ص: 247


1- الطريق صحيح وقد تقدم وكذا الخبران الاتيان خبر زرارة وجميل.
2- يمكن أن يراد أن أحدهما لا يقتدى بالآخر بل كل يصلى منفردا ، وأن يراد أنهما لا يصليان معا بل يصلى أحدهما ثم يصلى الاخر. ( مراد )
3- الظاهر - بقرينة التعليل - أن قوله « وهو يصلى » معطوف على مدخول « لا بأس » وليس الواو للحال ، والمعنى لا بأس أيضا أن يصلى الرجل بحذاء المرأة ، وقوله فان النبي « تعليل لهذا. هذا والظاهر من التعليل تصحيف » تضطجع بتصلى.
4- في بعص النسخ « فتحت رجليها ».
5- المرفقة - بالكسر - : المخدة.

750 - وسئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل لموسى عليه السلام » فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى « قال : كانتا من جلد حمار ميت ».

751 - وسئل أبو جعفر وأبو عبد اللّه عليهما السلام فقيل لهما : « إنا نشتري ثيابا يصيبها الخمر وودك الخنزير عند حاكتها أنصلي فيها قبل ان نغسلها؟ فقالا : نعم لا بأس إنما حرم اللّه اكله وشربه ، ولم يحرم لبسه ومسه والصلاة فيه » (1).

752 - وسأل محمد بن علي الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يكون له الثوب الواحد فيه بول لا يقدر على غسله ، قال : يصلي فيه ». (2)

753 - وسأله عليه اسلام عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه (3) « عن الرجل يجنب في ثوب وليس معه غيره ولا يقدر على غسله ، قال : يصلي فيه ».

754 - وفي خبر آخر قال : « يصلي فيه فإذا وجد الماء غسله وأعاد الصلاة ».

755 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن رجل عريان و حضرت الصلاة فأصابت ثوبا نصفه دم أو كله دم يصلي فيه أو يصلي عريانا؟ قال : إن

ص: 248


1- الودك - محركة - : الدسم من اللحم والشحم ، الحائك النساخ جمعه حاكة. وقوله « تصيبها الخمر » أي من شأنها وظاهر حالها أن تصيبها الخمر وودك الخنزير حيث إن حائكها لا يجتنب عنهما - والضمير في « أكله » راجع إلى الخنزير وفى شربه إلى الخمر بتأويل المشروب ونحوه وفى « لبسه » وتالييه إلى الثوب المذكور في ضمن الثياب ، ولا يخفى ما في ذلك من التفكيك وهو أيضا يوجب ضعف العمل بهذا الحديث أو يظن أن مثله لا يكون من البليغ و على التأويل المذكور لابد من حمل « لبسه » على لبس الثوب الذي يتوهم أن يصيبه الخمر و الودك وكذا الكلام في تالييه ، ولعل المراد بمسه مسه بالرطوبة. ( مراد )
2- فيه دلالة على وجوب الصلاة في الثوب النجس لا عاريا ، فيقتضى على القواعد الشرعية عدم وجوب الإعادة والحديث صحيح وكذا ما بعده فيمكن حمل ما دل على الإعادة على الاستحباب. وفى بعض الروايات ما يدل على الصلاة عريانا لكنه في سنده كلام ، ويمكن الجمع بحمل هذه الأخبار على الضرورة وذلك على عدمها والتخيير مع الأفضلية. ( سلطان )
3- الطريق صحيح كما في الخلاصة.

وجد ماء غسله ، وإن لم يجد ماء صلى فيه ولا يصل عريانا » (1).

756 - وكتب صفوان بن يحيى (2) إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله « عن الرجل معه ثوبان فأصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال : يصلي فيهما جميعا ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : يعني على الانفراد (3).

757 - وقال محمد بن مسلم لأبي جعفر عليه السلام : « الدم يكون في الثوب علي وأنا في الصلاة؟ فقال : إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه (4) وصل في غيره ، وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم يزدعلى مقداردرهم فإن كان أقل من درهم (5) فليس بشئ رأيته أو لم تره ، وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلوات كثيرة فأعد ما صليت فيه وليس ذلك بمنزلة المني والبول (6) ثم ذكر عليه السلام المني فشدد فيه وجعله أشد من البول ، ثم قال عليه السلام : إن رأيت المني قبل أو بعد فعليك الإعادة إعادة الصلاة وإن أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه وصليت فيه فلا إعادة عليك وكذا البول » (7).

758 - وقال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : « السيف بمنزلة الرداء

ص: 249


1- فيه دلالة صريحة في المنع من طرح الثوب والصلاة عريانا كما ذهب إليه بعض وكذا في الخبرين السابقين. ( مراد )
2- الطريق إليه صحيح وهو ثقة.
3- فيكون معنى « جميعا » كل الافرادي دون المجموعي. ( مراد )
4- الامر بالطرح اما مبنى على كون الدم أزيد من درهم أو الامر محمول على الرجحان المطلق أعم من الندب والوجوب. ( سلطان )
5- يدل بمفهومه على عدم العفو بمقدار الدرهم فينافي المدلول السابق فيلزم طرح هذا المفهوم. ( سلطان )
6- حيث لا يعفى عن قليلهما.
7- مروى صدره في الكافي ج 3 ص 59 مضمرا وذيله في التهذيب ج 1 ص 72 عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

تصلي فيه ما لم تر فيه دما ، والقوس بمنزلة الرداء » إلا أنه :

759 - « لا يجوز للرجل أن يصلي وبين يديه سيف لان القبلة أمن » (1) روى ذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام.

760 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل هل يصلح له أن يصلي وأمامه مشجب (2) عليه ثياب؟ فقال : لا بأس ».

761 - وسأله « عن الرجل يصلي وأمامه ثوم أو بصل؟ قال : لا بأس ».

762 - وسأله « عن الرجل هل يصلح أن يصلي على الرطبة النابتة؟ (3) قال : إذا ألصق جبهته على الأرض فلا بأس ».

763 - وسأله « عن الصلاة على الحشيش النابت أو الثيل وهو يصيب أرضا جددا؟ (4) قال : لا بأس ».

764 - و « عن الرجل هل يصلح له أن يصلي والسراج موضوع بين يديه في القبلة؟ قال : لا يصلح له أن يستقبل النار ». هذا هو الأصل الذي يجب أن يعمل به.

765 - فأما الحديث الذي روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا بأس أن

ص: 250


1- قوله : « لان القبلة أمن » وجه التعليل غير ظاهر ولا يبعد أن يقال : الامن هنا بمعنى المأمون ضد من يخاف خيانته والسيف مما تضعه الانسان بينه وبين من يخاف خيانته فلا ينبغي أن يضعه المصلى بينه وبين القبلة. ( مراد )
2- المشجب - بكسر الميم - : خشبات تضم رؤسها وتفرج قوائمها ، يلقى عليها الثياب وتعلق عليها الأسقية لتبريد الماء.
3- في الصحاح : الرطبة - بالفتح - : القضب خاصة ما دام رطبا. والقضب والقضبة الرطبة وهي الاسفست بالفارسية. لعل المراد بالصاق جبهته تمكن الجبهة منها.
4- الثيل - بالثاء المثلثة - ككيس : ضرب من النبت معروف له قضبان طويلة ذات عقد تمتد على الأرض ، والجدد الأرض الصلبة. وقال الفاضل التفرشي : ولعل معنى اصابته الأرض الجدد ان هناك أرضا له أن يصلى عليها؟.

يصلي الرجل والنار (1) السراج والصورة بين يديه ، لان الذي يصلي له أقرب إليه من الذي بين يديه ».

فهو حديث يروى عن ثلاثة من المجهولين باسناد منقطع يرويه الحسن بن علي الكوفي وهو معروف ، عن الحسين بن عمرو ، عن أبيه ، عن عمرو بن إبراهيم الهمداني وهم مجهولون يرفع الحديث قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام ذلك ، ولكنها رخصة اقترنت بها علة (2) صدرت عن ثقات ثم اتصلت بالمجهولين والانقطاع فمن أخذ بها لم يكن مخطئا ، بعد أن يعلم أن الأصل هو النهي ، وأن الاطلاق هو رخصة ، والرخصة رحمة.

766 - وسئل الصادق عليه السلام « عن الصلاة في القلنسوة السوداء؟ فقال : لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار » (3).

767 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام فيما علم أصحابه : « لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون ».

768 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يكره السواد إلا في ثلاثة : العمامة والخف والكساء ».

ص: 251


1- لعل المراد بنفي البأس عدم الحرمة وبعدم الصلاحية في الخبر السابق الكراهية فلا منافاة. ( مراد ) أقول : هذه الأخبار من 759 إلى هنا كلها أجنبية عن الباب.
2- الظاهر أن المراد بالعلة الحديث الذي هو علة الحكم ، ويمكن حملها على العذر أي إن كان هناك عذر ، وحاصله أن الحديث الدال على المنع هو المعتبر المعول عليه والدال على الجواز مشتمل على جهالة الرواة والرفع ، لكن يمكن العمل به من حيث أن الثقات نقلوه في كتبهم المعتبرة وحكمه مشتمل على التخفيف واليسر الذي هو مطلوب الشارع بالنسبة إلى المكلفين فلو جعل قرينة على حمل الحديث الدال على المنع على الكراهة أو على ما إذا لم يكن للمكلف عذر لم يكن خطأ. ( مراد )
3- محمول على الكراهة. ولعل المراد بأهل النار خلفاء بنى العباس لان السواد شعارهم.

769 - وروي « أنه هبط جبرئيل عليه السلام على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في قباء أسود ومنطقة فيها خنجر ، فقال صلى اللّه عليه وآله : يا جبرئيل ما هذا الزي فقال : زي ولد عمك العباس يا محمد ، ويل لولدك من ولد عمك العباس ، فخرج النبي صلى اللّه عليه وآله إلى العباس فقال : يا عم ويل لولدي من ولدك ، فقال : يا رسول اللّه أفأجب نفسي؟ قال : جرى القلم بما فيه »(1).

770 - وروى إسماعيل بن مسلم عن الصادق عليه السلام أنه قال : « أوحى اللّه عزوجل إلى نبي من أنبيائه قل للمؤمنين : لا يلبسوا لباس أعدائي ، ولا يطعموا مطاعم أعدائي ، ولا يسلكوا مسالك أعدائي فيكونوا أعدائي كما هم أعدائي » (2).

فأما لبس السواد للتقية فلا إثم فيه.

771 - فقد روي عن حذيفة بن منصور أنه قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام بالحيرة فأتاه رسول أبي العباس الخليفة يدعوه فدعا بممطر (3) أحد وجهيه أسود والآخر أبيض فلبسه ، ثم قال عليه السلام : أما إني ألبسه وأنا أعلم أنه لباس أهل النار ».

ص: 252


1- جب يجب - بشد الباء الموحدة - أي قطع ، والجب : القطع أي أترخص لي أن أقطع ذكرى ، وفى بعض النسخ « جف القلم بما فيه ».
2- حمل على الكراهة الشديدة وظاهر المؤلف التحريم ويؤيد ذلك قوله : « فاما لبس السواد - الخ ». وروى المؤلف نحو هذا الخبر في العيون 193 باسناده عن علي بن أبي طالب عليه السلام عن رسول اللّه (صلی الله عليه وآله) وقال بعده : لباس الأعداء هو السواد ، ومطاعم الأعداء النبيذ والمسكر والفقاع والطين والجري من السمك والمار ما هي والزمير والطافي وكل ما لم يكن له فلوس من السمك ، ولحم الأرنب والضب والثعلب وما لم يدف من الطير وما استوى طرفاه من البيض والدبا من الجراد وهو الذي لا يستقل بالطيران والطحال ، ومسالك الأعداء مواضع التهمة ومجالس شرب الخمر والمجالس التي فيها الملاهي ومجالس الذين لا يقضون بالحق و المجالس التي يعاب فيها الأئمة عليه السلام والمؤمنون ومجالس أهل المعاصي والظلم والفساد.
3- الحيرة البلد القديم بظهر الكوفة كان يسكنه النعمان بن المنذر وهي عاصمة المناذر : بلدان بنواحي خوزستان. والممطر - كمنبر - : ما يلبس في المطر يتوقى به منه.

772 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا يصلي الرجل وفي يده خاتم حديد » (1).

773 - وقال عليه السلام : « ما طهر اللّه يدا فيها حلقة حديد » (2).

774 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يصلي وعليه خاتم حديد؟ قال : لا ولا يتختم به لأنه من لباس أهل النار ».

775 - وروى أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السلام « أن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : لعلي عليه السلام إني أحب لك ما أحب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي فلا تتختم بخاتم ذهب فإنه زينتك في الآخرة ، ولا تلبس القرمز (3) فإنه من أردية إبليس ولا تركب بميثرة (4) حمراء فإنها من مراكب إبليس ، ولا تلبس الحرير فيحرق اللّه جلدك يوم تلقاه ». ولم يطلق النبي صلى اللّه عليه وآله لبس الحرير لاحد من الرجال إلا لعبد الرحمن بن عوف وذلك أنه كان رجلا قملا (5).

776 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يصلي و أمام شئ من الطير؟ قال : لا بأس ، وعن الرجل يصلي وأمامه النخلة وفيها حملها؟ قال : لا بأس ، وعن الرجل يصلي في الكرم وفيه حمله؟ قال : لا بأس ، وعن الرجل يصلي وأمامه حمار واقف؟ قال : يضع بينه وبينه قصبة أو عودا أو شيئا يقيمه بينهما ثم يصلي فلا بأس ، وعن الرجل يصلي ومعه دبة من جلد حمار أو بغل قال : لا يصلح أن يصلي وهي معه إلا أن يتخوف عليها ذهابها فلا بأس أن يصلي وهي معه. وعن الرجل تحرك بعض أسنانه وهو في الصلاة هل ينزعه؟ قال : إن كان لا يدميه فلينزعه

ص: 253


1- حمل على الكراهة تجنبا لصدائه وخبثه ، وفى بعض النسخ « حلقة حديد ».
2- في بعض النسخ « خاتم حديد ».
3- القرمز - بالكسر - : صبغ أرمني يكون من عصارة دود يكون في آجامهم.
4- الميثرة : ما يؤخذ من القطن وغير ذلك يوضع على الجمل ويركب عليه.
5- القمل - بكسر الميم - : الكثير القمل وهو دويبة معروفة.

وإن كان يدمي فلينصرف. (1) وعن الرجل يصلي وفي كمه طير؟فقال : إن خاف عليه ذهابا فلا بأس ، وعن الرجل يكون به الثالول (2) أو الجرح هل يصلح له أن يقطع الثالول وهو في صلاته أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح ويطرحه؟ (3) قال : إن لم يتخوف أن يسيل الدم فلا بأس وإن تخوف أن يسيل الدم فلا يفعله ، وعن الرجل يكون في صلاته فرماه رجل فشجه فسال الدم فانصرف وغسله ولم يتكلم حتى رجع إلى المسجد هل يعتد بما صلى أو يستقبل الصلاة؟ قال : يستقبل الصلاة ولا يعتد بشئ مما صلى ، وعن الرجل يرى في ثوبه خرء الطير (4) أو غيره هل يحكه وهو في صلاته؟ قال : لا بأس ، وقال : لا بأس أن يرفع الرجل طرفه إلى السماء وهو يصلي ».

777 - وسأله عن الخلاخل هل يصلح لبسها للنساء والصبيان؟ قال : إن كن صماء فلا بأس وإن كان لها صوت فلا يصلح (5).

778 - وسأله « عن فأرة المسك تكون مع من يصلي وهي في جيبه أو ثيابه؟ قال : لا بأس بذلك ».

779 - وسأله « عن الرجل هل يصلح له أن يصلي وفي فيه الخرز واللؤلؤ؟ قال : إن كان يمنعه من قراءته فلا ، وإن كان لا يمنعه فلا بأس ».

780 - وسأل عمار بن موسى أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل هل يجوز له أن

ص: 254


1- أي من الصلاة وذلك على تقدير وقوع الادماء أو فلينصرف عن هذا الفعل وذلك على تقدير أنه يظن أن النزع يدمى. ( مراد )
2- كذا في النسخ ، وما في كتب اللغة « الثؤلول » وزان عصفور وقال الفيومي : ويجوز التخفيف. وهو بثر الذي يكون كالحبة يظهر في الجلد كالحمصة فما دونها.
3- حمل على ما إذا كان جافا لان اللحم المبان من بدن الحي نجس لكونه ميتة و ان يكن رطبا ينجس اليد بملاقاته.
4- حمل على ما يؤكل لحمه ، والخرء - بالضم - العذرة.
5- قوله « فلا يصلح » ظاهره الكراهة.

يصلي وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته؟ قال : لا ، قلت : وإن كان في غلافه؟ قال : نعم (1) وعن الرجل يصلي وبين يديه تور فيه نضوح (2) قال : نعم ، قلت : يصلي وبين يديه مجمرة شبه (3) قال : نعم ، قال : قلت : فإن كان فيها نار؟ قال : لا يصلي حتى ينحيها عن قبلته وعن الصلاة في ثوب يكون في علمه (4) مثال طير أو غير ذلك؟ قال : لا. وعن الرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك؟ قال : لا تجوز الصلاة فيه » (5).

781 - وسأل حبيب بن المعلى (6) أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له : « إني رجل كثير السهو فما أحفظ صلاتي إلا بخاتمي أحوله من مكان إلى مكان؟ فقال : لا بأس به ».

782 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام فقال له : « أيصلي الرجل وهو متلثم؟ فقال : أما على الدابة فنعم ، وأما على الأرض فلا » (7).

ص: 255


1- قوله « نعم » يحتمل أن يكون تصديقا ليجوز ، فيفيد الجواز. وأن يكون تصديقا لقول السائل « وإن كان في غلاف » فيفيد المنع لكن السياق يؤيد الأول فحكم المصحف المفتوح بين يدي المصلى غير ما كان في غلافه فعلى أي حمل على الكراهة.
2- التور - بالفتح - اناء صغير يشرب فيه ، والنضوح : ضرب من الطيب.
3- الشبه - بفتحتين - ما يشبه الذهب بلونه من المعادن وهو أرفع من الصفر.
4- بفتح العين واللام. وفى بعض النسخ « في عمله ».
5- حمل على الكراهة.
6- الطريق صحيح كما في ( صه ) وهو ثقة ثقة.
7- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - قوله « أما على الدابة » كأنه من خوف العدو لان فائدة اللثام دفعه بان لا يعرفه وأما على الأرض فضرره نادر - انتهى. وقال الفيض (رحمه الله) : لعل وجه الفرق أن الراكب ربما يتلثم لئلا يدخل فاه الغبار فليزمه ذلك ، بخلاف الواقف على الأرض  - انتهى. واللثام - ككتاب ما على الفم من النقاب وحمل على اللثام الغير المانع من القراءة وسيأتي عن الحلبي تحت رقم 823 قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام هل يقرء الرجل في صلاته وثوبه على فيه؟ قال : لا بأس بذلك إذا سمع الهمهمة » وأورده الشيخ في التهذيب دليلا على ما أول به الروايات الدالة على جواز اللثام في الصلاة من أن المراد بها إذا لم يمنع اللثام من سماع القرآن. وبالجملة فالحكم محمول على الكراهة.

783 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج (1) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الدراهم السود تكون مع الرجل وهو يصلي مربوطة أو غير مربوطة؟ فقال : ما أشتهي أن يصلي ومعه هذه الدراهم التي فيها التماثيل ، ثم قال عليه السلام : ما للناس بد من حفظ بضايعهم فإن صلى وهي معه فلتكن من خلفه ولا يجعل شيئا منها بينه وبين القبلة » (2).

784 - وسأل موسى بن عمر بن بزيع (3) أبا الحسن الرضا عليه السلام فقال له : « أشد الإزار والمنديل فوق قميصي في الصلاة؟ فقال : لا بأس » (4).

785 - وسأل العيص بن القاسم (5) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يصلي في ثوب المرأة [ أ ] وإزارها ويعتم بخمارها؟ فقال : نعم إذا كانت مأمونة » (6).

786 - وروي عن عبد اللّه بن سنان أنه قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل يس معه إلا سراويل فقال : يحل التكة منه فيضعها على عاتقه ويصلي ، وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلد السيف ويصلي قائما » (7).

787 - وروى زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « أدنى ما يجزيك أن تصلي

ص: 256


1- الطريق فيه أحمد بن محمد بن يحيى العطار ولم يوثق صريحا الا أنه يكون من مشايخ الإجازة فالطريق حسن كالصحيح.
2- حمل على الاستحباب.
3- ثقة والطريق إليه حسن اما بإبراهيم بن هاشم أو محمد بن علي ماجيلويه.
4- نفى البأس محمول على الجواز وما يجئ من المنع على الكراهة. ( مراد )
5- الطريق صحيح كما في ( صه ) وهو ثقة.
6- قوله « نعم » لعله محمول على ما إذا لم يكن من الثياب المختصة بهن ، ويدل على كراهة الصلاة في ثوب غير مأمونة وربما يعدى الحكم إلى الرجال أيضا وهو مشكل ( المرآة )
7- الطريق صحيح ، وقوله « وإن كان معه سيف » أي مع الذي ليس معه الا سراويل فحاصل السؤال أنه ليس مع الرجل من الثياب سوى سراويل. وحاصل الجواب أنه يجعل التكة رداء ويستر العورة بشد سراويله عليه من غير تكة ولو كان حينئذ معه سيف يتقلد به وكان رداءه ، فمعنى قوله عليه السلام : وليس معه ثوب أي ثوب يجعله رداء. ( مراد )

فيه بقدر ما يكون على منكبيك مثل جناحي الخطاف » (1).

788 - وقال أبو بصير لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ما يجزي الرجل من الثياب أن يصلي فيه؟ فقال : صلى الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما في ثوب قد قلص عن نصف ساقه وقارب ركبتيه ليس على منكبيه منه إلا قدر جناحي الخطاف ، وكان إذا ركع سقط عن منكبيه ، وكلما سجد يناله عنقه فرده على منكبيه بيده فلم يزل ذلك دأبه ودأبه مشتغلا به حتى انصرف » (2).

789 - وروى الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال : « صلت فاطمة عليها السلام في درع وخمارها أعلى رأسها ، ليس عليها أكثر مما وارت به شعرها وأذنيها » (3).

790 - وروى زرارة عنه أنه قال له : « رجل يرى العقرب والأفعى والحية وهو يصلي أيقتلها؟ قال : نعم إن شاء فعل ».

791 - وسأل سليمان بن جعفر الجعفري (4) العبد الصالح موسى بن جعفر

ص: 257


1- الخطاف - كرمان - : طائر أسود. أي بأن تجعله رداء وينبغي أن يجعل « بقدر » حالا عن ضمير فيه ويجعل « ما يكون » خبراء عن المبتدأ ، أي أدنى ما يجزيك. ويجعل « على منكبيك » حالا عن خبر « يكون » وهو مثل جناحي الخطاف ، فالمعنى أدنى ما يجزيك أن تصلى فيه من الرداء حال كونه بمقدار يكون معه المصلى مرتديا ما يكون مثل جناحي الخطاف حال كونه على منكبيك. ( مراد )
2- حاصل معنى الحديث أن رداء الحسين عليه السلام كان رقيقا كالتكة وكان طوله قد تجاوز الركبة وارتفع عن نصف السقا ، فإذا ركع انتقل من منكبيه إلى عنقه قليلا ، وإذا سجد انتقل إلى أعالي عنقه فكان يرده على منكبيه بيده. والظاهر أن ضمير دأبه الأول يرجع إلى الرداء والثاني إليه عليه السلام. ( مراد ) وقلص الشئ يقلص قلوصا ارتفس. وقال سلطان العلماء : يدل الخبر على أن مثل هذا الفعل ليس من الفعل الكثير الذي ينافي الصلاة.
3- الطريق صحيح ، ويفهم من الخبر وجوب مواراة الشعر والأذنين للمرأة في الصلاة.
4- هو من أولاد جعفر الطيار ثقة جليل القدر والطريق إليه صحيح كما في ( صه ).

عليهما السلام « عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية أيصلي فيها؟ فقال : نعم ليس عليكم المسألة إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول : إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم إن الدين أوسع من ذلك » (1).

792 - وسأل إسماعيل بن عيسى (2) أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الجلود والفراء يشتريه الرجل في سوق من أسواق الجبل (3) أيسأل عن ذكاته إذا كان البايع مسلما غير عارف؟ قال عليه السلام : عليكم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك وإذا رأيتموهم يصلون فلا تسألوا عنه (4).

793 - وروي عن جعفر بن محمد بن يونس (5) « أن أباه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الفرو والخف ألبسه وأصلي فيه ولا أعلم أنه ذكي؟ فكتب : لا بأس به » (6).

ص: 258


1- أي من وجوب العلم بأمثال ذلك بل يكفي البناء على ظاهر الحال. ( مراد )
2- الطريق إليه صحيح وهو لم يوثق صريحا.
3- كذا في بعض النسخ وفى التهذيب أيضا وفى بعض النسخ « الخيل » وفى بعضها « الجيل » وفى بعضها « الحثل » وفسر الأخير في هامش المطبوعة بأنهم طائفة من اليهود. والجيل صنف من الناس وقوم رتبهم كسرى بالبحرين.
4- إنما يجب السؤال إذا كان البايع مشركا لغلبة الظن حينئذ بأنه غير مذكى الا أن يخبر هو بأنه من ذبيحة المسلمين فيصير مشكوكا فيه فجاز لبسه حينئذ حتى يعلم كونه ميتة. ( الوافي ) و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: الظاهر أن المراد بالسؤال عنها عدم أخذها عنهم و يمكن أن يكون المراد بالسؤال الحقيقة فبعد أن قال البائع: أنا أخذتها من المسلم و صدقه المسلم يجوز أخذها أو لم يصدقه لكن علم بوجه آخر أنّها مأخوذة من المسلم يعمل بقوله و الا فلا. انتهى، أقول: و لعلّ المراد مطلق البحث عنه و الفحص.
5- ثقة والطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم.
6- محمول على ما إذا كان مأخوذا من المسلم. (م ت)

794 - وروي عن هاشم الحناط (1) أنه قال : « سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام يقول : ما أكل الورق والشجر فلا بأس بأن تصلي فيه ، وما أكل الميتة فلا تصل فيه » (2).

795 - وقال زرارة قال أبو جعفر عليه السلام : « خرج أمير المؤمنين عليه السلام على قوم فرآهم يصلون في المسجد قد سدلوا أرديتهم ، فقال لهم : ما لكم قد سدلتم ثيابكم كأنكم يهود قد خرجوا من فهرهم (3) يعني بيعتهم إياكم وسدل ثيابكم ».

796 - وقال زرارة : قال أبو جعفر عليه السلام : « إياك والتحاف الصماء ، قال : قلت وما الصماء؟ قال : أن تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد » (4).

797 - وروي « في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة أنه يصلي عريانا قائما إن لم يره أحد ، وإن رآه أحد صلى جالسا » (5).

798 - وروى أبو جميلة (6) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه سأله عن ثوب المجوسي

ص: 259


1- هو هاشم بن المثنى الحناط الكوفي الثقة والطريق إليه صحيح ، وقد صحف في أكثر النسخ بقاسم الخياط.
2- يعنى كل حيوان معتلف يجوز الصلاة في جلده المذكى وكل حيوان آكل للميتة فلا يجوز الصلاة في جلده ، ذكى أم لم يذك.
3- السدل هو أن يلتحف بثوبه ويدخل يديه من داخل ، فيركع ويسجد وهو كذلك وكانت اليهود تفعله فنهوا عنه ، وهذا مطرد في القميص وغيره من الثياب. وقيل : هو أن يضع وسط الإزار على رأسه ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه ( النهاية ) وفهر اليهود - بالضم - : مدارسهم وبيعهم ، والظاهر أن الكلمة أصلها عبرانية فعربت.
4- أي جناحك باعتبار الإضافة أو أحدهما ويكون بمعنى التوشح أو الأعم من الجميع وهو الأظهر من العبارة. (م ت)
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 240 بسند فيه ارسال بعد ابن أبي عمير.
6- الطريق إليه ضعيف وأبو جميلة هو المفضل بن صالح الأسدي كذاب ضعيف يضع الأحاديث كما قال ابن الغضائري وغيره.

ألبسه وأصلي فيه؟ قال : نعم؟ قال : قلت : يشربون الخمر؟ قال : نعم نحن نشتري الثياب السابرية (1) فنلبسها ولا نغسلها ».

799 - وروى زياد بن المنذر (2) عن أبي جعفر عليه السلام أنه سأله رجل وهو حاضر « عن الرجل يخرج من الحمام أو يغتسل فيتوشح ويلبس قميصه فوق إزاره فيصلي وهو كذلك؟ قال : هذا من عمل قوم لوط ، فقلت : إنه يتوشح فوق القميص؟ (3) قال : هذا من التجبر ، قلت : إن القميص رقيق يلتحف به؟ قال : هو وحل الازرار في الصلاة والخذف بالحصى (4) ومضغ الكندر في المجالس وعلى ظهر الطريق من عمل قوم لوط ».

وقد رويت رخصة في التوشح بالإزار فوق القميص عن العبد الصالح عليه السلام و عن أبي الحسن الثالث عليه السلام وعن أبي جعفر الثاني عليه السلام وبها آخذوا فتى (5).

800 - وسأل عبد اللّه بن بكير(6) أبا عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يصلي ويرسل جانبي

ص: 260


1- السابرية : ضرب من الثياب الرقاق تعمل بسابور - موضع بفارس - والنسبة إليها سابري.
2- زياد بن المنذر أبو الجارود الهمداني كوفي تابعي زيدي أعمى ، روى الكشي في ذمه روايات تضمن بعضها كونها كذابا كافرا.
3- التوشح : أن يدخل تحت منكبه الأيمن ويلقيه على منكبه الأيسر وكذلك الرجل يتوشح بحمائل سيفه فيقع الحمائل على عاتقه اليسرى فيكون اليمين مكشوفة. ( المغرب )
4- في التهذيب « قلت إن القميص رقيق يلتحف به؟ قال : نعم ، ثم قال : ان حل الازرار في الصلاة والخذف بالحصى - الحديث » والخذف وضع الحصاة بين السبابتين ورميها ، أو وضعها على الابهام ودفعها بظفر السبابة. وضمير هو في قوله : « هو وحل الازرار » راجع إلى التوشح. وفى بعض النسخ « وحل الإزار ».
5- في المعتبر ص 152 « ان التوشح فوق القميص مكروه واما شد المئزر فوقه فليس بمكروه ».
6- فطحي الا أنه ثقة والطريق إليه قوى بحسن بن علي بن فضال.

ثوبه ، قال : لا بأس به » (1).

801 - وسأله أبو بصير « عن الرجل يصلي في حر شديد فيخاف على جبهته من الأرض؟ قال : يضع ثوب تحت جبهته » (2).

802 - وسأل داود الصرمي (3) أبا الحسن علي بن محمد عليهما السلام فقال له : « إني أخرج في هذا الوجه وربما لم يكن موضع أصلي فيه من الثلج فكيف أصنع؟ قال : إن أمكنك أن لا تسجد على الثلج فلا تسجد عليه ، وإن لم يمكنك فسوه واسجد عليه ».

803 - وقال إبراهيم بن أبي محمود (4) للرضا عليه السلام : « الرجل يصلي على سرير من ساج ويسجد على الساج؟ قال : نعم » (5).

804 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « لا بأس بالصلاة على البوريا والخصفة وكل نبات إلا الثمرة » (6).

805 - وسأل سماعة بن مهران أبا عبد اللّه عليه السلام « عن لحوم السباع من الطير و الدواب؟ قال : أما أكل لحمها فإنا نكرهه (7) وأما الجلود فاركبوا عليها ولا تلبسوا

ص: 261


1- لعل المراد بالثوب الرداء. ( مراد )
2- يدل على جواز السجود على الثوب في الحر الشديد وعليه عمل الأصحاب (م ت) وينبغي أن يحمل على عدم وجود ما يسجد عليه مما يجوز السجود عليه.
3- في طريقه محمد بن عيسى بن عبيد مختلف في شأنه وثقه جماعة ، ولم يوثق داود فالسند حسن.
4- الطريق صحيح كما في ( صه ) وهو ثقة.
5- الساج : ضرب عظيم من الشجر الواحدة ساجة وجمعها ساجات ، ولا ينبت الا بالهند ويجلب منها ، وقال الزمخشري : الساج : خشب أسود رزين يجلب من الهند ولا تكاد الأرض تبليه والجمع سيجان مثل نار ونيران ، وقال بعضهم : الساج يشبه الأبنوس وهو أقل سوادا منه ، والساج طيلسان مقور ينسج كذلك. ( مصباح المنير )
6- الخصفة - بالتحريك - الجلة التي تعمل من الخوص للتمر.
7- المراد هنا الحرمة واطلاقها على الحرمة شايع سيما إذا كانت تقية. (م ت)

منها شيئا تصلون فيه ».

وقال أبي رضي اللّه عنه في رسالته إلي : لا بأس بالصلاة في شعر ووبر كل ما أكلت لحمه وإن كان عليك غيره من سنجاب أو سمور أو فنك (1) وأردت الصلاة فانزعه ، قد روي في ذلك رخص (2) وإياك أن تصلي في ثعلب ولا في الثوب الذي يليه من تحته وفوقه.

806 - وقد روي عن سليمان بن جعفر الجعفري أنه قال : « رأيت الرضا عليه السلام يصلي في جبة خز ».

807 - وروى علي بن مهزيار قال : « رأيت أبا جعفر الثاني عليه السلام يصلي الفريضة وغيرها في جبة خز طاروني (3) وكساني جبة خز وذكر أنه لبسها على بدنه وصلى فيها وأمرني بالصلاة فيها ».

808 - وروي عن يحيى بن أبي عمران (4) أنه قال « كتبت إلي أبي جعفر الثاني عليه السلام في السنجاب والفنك والخز وقلت : جعلت فداك أحب أن لا تجيبني بالتقية في ذلك فكتب بخطه إلي : صل فيها ».

809 - وروي عن داود الصرمي أنه قال : « سأل رجل أبا الحسن الثالث عليه السلام عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب؟ فكتب : يجوز ذلك (5) ».

ص: 262


1- السنجاب : حيوان أكبر من الجرذ ، له ذنب طويل ، كثيث الشعر ، ولونه أزرق رمادي ومنه اللون السنجابي. والسمور حيوان برى يشبه ابن عرس وأكبر منه ، لونه أحمر مائل إلى السواد ، يتخذ من جلده الفراء. والفنك : جنس من الثعالب أصغر منه وفروته أحسن الفراء.
2- مع الكراهة أو اضطرارا.
3- الطرن - بالضم - : ضرب من الخز. وفى بعض النسخ « طاروى » والطرية بلدة باليمن.
4- الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم.
5- نسبه الشيخ في التهذيبين إلى الشذوذ واختلاف اللفظ في السائل والمسؤول ثم حمله على التقية

وهذه رخصة الآخذ بها مأجور ورادها مأثوم (1) والأصل ما ذكره أبي رحمه اللّه في رسالته إلي : وصل في الخز ما لم يكن مغشوشا بوبر الأرانب ، وقال فيها : ولا تصل في ديباج ولا حرير ولا وشي ولا في شئ من إبريسم محض إلا أيكون ثوبا سداه إبريسم ولحمته قطن أو كتان.

810 - وكتب إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمد الحسن عليه السلام يسأله « عن الصلاة في القرمز فإن أصحابنا يتوقون (2) عن الصلاة فيه؟ فكتب : لا بأس مطلق ، والحمد لله ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : وذلك إذا لم يكن القرمز من إبريسم محض والذي نهى عنه هو ما كان من إبريسم محض.

811 - وكتب إليه « في الرجل يجعل في جبته بدل القطن قزا (3) هل يصلي فيه؟ فكتب : نعم لا بأس به » يعني به قز المعز لا قز الإبريسم.

وقد وردت الاخبار بالنهي عن لبس الديباج والحرير والإبريسم المحض و الصلاة فيه للرجال ، ووردت الرخصة في لبس ذلك للنساء ولم يرد بجواز صلاتهن فيه فالنهي عن الصلاة في الإبريسم المحض على العموم للرجال والنساء (4) حتى يخصهن

ص: 263


1- هذا بناء على أنه ثبت عنده أن ذلك من قول الإمام عليه السلام فلا يصح نفيه والمنع عنه غايته أن يحمل على الكراهة أو الضرورة ولعل ذلك مراده بالأصل. ( مراد )
2- في بعض النسخ « يتوقفون ».
3- القز : ما يسوى منه الإبريسم أو الحرير وهو مجاج دود القز.
4- اما جواز اللبس في غير حال الصلاة للنساء فلا كلام فيه. وأما في حال الصلاة فقد استدل على الجواز بموثقة ابن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « النساء تلبس الحرير والديباج الا في الاحرام » ( الكافي ج 6 ص 454 ) فان مقتضى الاستثناء جواز لبسهن له في الصلاة ، لكن يعارضها حسن حريز عن الصادق عليه السلام « كل ثوب يصلى فيه فلا بأس أن يحرم فيه » ( الكافي ج 4 ص 339 ) حيث إن مقتضاه اما جواز لبس الحرير وهو مخالف لظاهر الأخبار المستفيضة أو عدم جواز لبسه في الصلاة وهو المطلوب. وقد أجيب بأخصية الموثقة من هذا الحسن ، وليس بشئ لأنه لو كان الموثقة نصا في جواز الصلاة في الحرير لتم ما أجيب وليس كذلك ، ألا ترى أنه إذا قال : أكرم العلماء الا زيدا يصح اخراج عمرو أيضا بكلام آخر ، اللّهم الا أن يدعى الأظهرية في مورد التعارض. ومما يدل على عدم الجواز رواية جابر الجعفي الطويلة المروية في الخصال ص 585 قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا جماعة - إلى أن قال - ويجوز للمرأة لبس الحرير والديباج في غير صلاة ولا احرام وحرم ذلك على الرجال الا في الجهاد ويجوز أن تتختم بالذهب وتصلى فيه وحرم ذلك على الرجال الا في الجهاد » وهذه الرواية في سندها مجاهيل ولا ينجبر ضعفها لان المعمول بها إنما هو في مسأله حرمة لبس الذهب على الرجال فحسب.

خبر بالاطلاق لهن في الصلاة فيه كما خصهن بلبسه.

ولم يطلق للرجال لبس الحرير والديباج إلا في الحرب ، ولا بأس به وإن كان فيه تماثيل. روى ذلك سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

812 - وروى يوسف بن محمد بن إبراهيم عنه أنه قال : « لا بأس بالثوب أن يكون سداه وزره وعلمه حريرا ، وإنما يكره الحرير المبهم للرجال » (2).

813 - وروى عنه مسمع بن عبد الملك البصري (3) أنه قال : « لا بأس أن يأخذ من ديباج الكعبة فيجعله غلاف مصحف ، أو يجعله مصلى يصلى عليه ».

814 - وسأل محمد بن إسماعيل بن بزيع أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن الصلاة في الثوب المعلم فكره ما فيه من التماثيل » (4).

ولا تجوز الصلاة في تكة رأسها من إبريسم ، ولا بأس بالصلاة في الفراء الخوارزمية وما يدبغ بأرض الحجاز (5) ، ولا بأس بالصلاة في صوف الميتة لان

ص: 264


1- الكافي ج 6 ص 453 باسناده عنه قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن لباس الحرير والديباج فقال : أما في الحرب فلا بأس وإن كان فيه تماثيل ».
2- الطريق مجهول « والمبهم » كما في الاستبصار والتهذيب معناه الخالص الذي لا يمازجه شئ ومنه فرس بهيم أي مصمت لا يخالط لونه شئ.
3- الطريق ضعيف بقاسم بن محمد الجوهري.
4- المراد بالمعلم المخطط أو الملون.
5- في التهذيب ج 1 ص 195 في رواية بشر بن بشار قال : « سألته عن الصلاة في الفنك والفراء والسنجاب والسمور والحواصل التي تصاد ببلاد الشرك أو ببلاد الاسلام أن أصلى فيه بغير تقية. قال : فقال : صل في السنجاب والحواصل والخوارزمية ولا تصل في الثعالب ولا السمور ». وفسر الحواصل الخوارزمية بطيور تكون في بلاد خوارزم يعمل من جلودها بعد نزع الريش مع بقاء الوبر الفراء ، وقد ينسج من أوبارها الثياب. وتخصيص الدباغ بأرض الحجاز لعله مبنى على أنهم يقولون بان الدباغ فيها بخرء الكلاب. ( مراد )

الصوف ليس فيه روح.

815 - وسأل سماعة بن مهران أبا عبد اللّه عليه السلام عن تقليد السيف في الصلاة فيه الغراء والكيمخت (1) فقال : لا بأس ما لم تعلم أنه ميتة (2).

816 - وسأل علي بن الريان بن الصلت (3) أبا الحسن الثالث عليه السلام « عن الرجل يأخذ من شعره أظفاره ثم يقوم إلى الصلاة من غير أن ينفضه من ثوبه؟ فقال : لا بأس ».

817 - وسأل يونس بن يعقوب (4) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يصلي وعليه البرطله (5) فقال : لا يضره ».

وسمعت مشائخنا رضي اللّه عنهم يقولون : لا تجوز الصلاة في الطابقية (6) ولا يجوز

ص: 265


1- الغراء - بالغين المعجمة المفتوحة والمد وككتاب - : ما يلصق به الشئ معمول من الجلود وقد يعمل من السمك ، والغرا مثل العصا لغة فيه. والكيمخت - بكسر الكاف وسكون المثناة التحتية وضم الميم وسكون الخاء المعجمة - : جلد الكفل المدبوغ من الحمار والبقر فارسية.
2- عدم البأس اما باعتبار أنهم لا يستحلون الميتة بالدباغ أو باعتبار أنهم لا يدبغون بخرء الكلاب بخلاف أهل العراق. (م ت) أي ان السمك الذي أخذ منه الغراء والحيوان الذي أخذ من جلده الكيمخت. ولو ثبت أن الصلاة في جلد مالا نفس له جائزة وإن كان ميتة وان جواز الصلاة في جلده يستلزم جوازها في الغراء المأخوذ منه فينبغي ارجاع الضمير إلى مامنه الكيمخت لقربه. ( مراد )
3- الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم.
4- قد تقدم أن في طريقه حكم بن مسكين ولم يوثق فالطريق حسن.
5- البرطل - بالضم - : قلنسوة وربما شدد.
6- الطابقية : العمامة التي لا حنك لها.

للمعتم أن يصلي إلا وهو متحنك (1).

818 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « من خرج في سفر لم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومن إلا نفسه » (2).

819 وقال الصادق عليه السلام : « ضمنت لمن خرج من بيته معتما [ تحت حنكه ] أن يرجع إليهم سالما ».

820 - وقال عليه السلام : « إني لأعجب ممن يأخذ في حاجة وهو على وضوء كيف لا تقضى حاجته ، وإني لأعجب ممن يأخذ في حاجة وهو معتم تحت حنكه كيف لا تقضى حاجته ».

821 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « الفرق بين المسلمين والمشركين التلحي بالعمائم ».

وذلك في أول الاسلام وابتدائه.

822 - وقد نقل عنه صلى اللّه عليه وآله أهل الخلاف أيضا « أنه أمر بالتلحي ونهى عن الاقتعاط » (3).

823 - وسأل الحلبي وعبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه؟ فقال : لا بأس بذلك ». وفي رواية الحلبي « إذا سمع

ص: 266


1- أي لم يصل إلينا خبر في استحباب الحنك في الصلاة لكن لما كان منقولا من المشايخ وظاهر أحوالهم أنهم أرباب النصوص فلا بأس بالعمل به (م ت) والاخبار في استحباب التحنك مروية في الكافي ج 6 ص 460 واما اختصاصه بحالة الصلاة فما عثرت فيه على خبر.
2- قال في الوافي : سنة التلحى متروكة اليوم في أكثر بلاد الاسلام كقصر الثياب في زمن الأئمة عليهم السلام فصارت من لباس الشهرة المنهية عنها.
3- التحلي تطويق العمامة تحت الحنك والاقتعاط : شد العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك. وفى النهاية في الحديث « أنه نهى عن الاقتعاط وأمر بالتحلي » وهو جعل بعض العمامة تحت الحنك ، والاقتعاط أن لا يجعل تحت حنكه منها شيئا.

الهمهمة » (1).

824 - وسأل رفاعة بن موسى أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام « عن المختضب إذا تمكن من السجود والقراءة أيصلي في خضابه؟ فقال : نعم إذا كانت خرقته طاهرة وكان متوضيا ».

ولا بأس بأن تصلي المرأة وهي مختضبة ويداها مربوطتان. روى ذلك عمار الساباطي عن الصادق عليه السلام (2).

825 - وروى علي بن جعفر وعلي بن يقطين ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام أنهما سألاه « عن الرجل والمرأة يختضبان أيصليان وهما مختضبان بالحناء والوسمة؟ فقال : إذا أبرزوا الفم والمنخر فلا بأس (3) ».

826 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن الرجل يصلي ولا يخرج يديه ثوبه؟ فقال : إن أخرج يديه فهو حسن ، وإن لم يخرج يديه فلا بأس ».

827 - وروى زياد بن سوقة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : (4) « لا بأس أن يصلي أحدكم في الثوب الواحد وأزراره محلولة ، إن دين محمد صلى اللّه عليه وآله حنيف ».

ص: 267


1- تقدم الكلام فيه في ذيل الخبر الذي تحت رقم 782.
2- في التهذيب ج 1 ص 236 باسناده عن عمار الساباطي عنه عليه السلام « عن المرأة تصلى ويداه مربوطتان بالحناء؟ فقال : ان كانت توضأت للصلاة قبل ذلك فلا بأس بالصلاة وهي مختضبة ويداها مربوطتان ».
3- وفى قبال هذه الأخبار خبر أبي بكر الحضرمي المروى في الكافي ج 3 ص 408 والتهذيب ج 1 ص 237 قال : « سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل يصلى وعليه خضابه؟ قال : لا يصلى وهو عليه ولكن ينزعه إذا أراد أن يصلى ، قلت : ان حناه وخرقته نظيفة؟ فقال : لا يصلى وهو عليه والمرأة أيضا لا تصلى وعليها خضابها ». وحملوا هذه الرواية على الكراهة لدلالة أخبار المتن على الجواز كما في الاستبصار وغيره.
4- الطريق صحيح وهو ثقة. وقوله : « لا بأس » لا ينافي الكراهة التي يفهم مما تقدم.

باب 40: ما يسجد عليه وما لا يسجد عليه

828 - قال الصادق عليه السلام : « السجود على الأرض فريضة وعلى غير ذلك سنة (1) ».

829 - وقال عليه السلام : « السجود على طين قبر الحسين عليه السلام ينور إلى الأرض السابعة (2) ».

ومن كان معه سبحة من طين قبر الحسين عليه السلام كتب مسبحا وإن لم يسبح بها. (3) والتسبيح بالأصابع أفضل منه بغيرها لأنها مسؤولات يوم القيامة (4).

830 - وروى حماد بن عثمان (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « السجود على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس ».

831 - وروي عن ياسر الخادم (6) أنه قال : « مربي أبو الحسن عليه السلام وأنا أصلي على الطبري (7) وقد ألقيت عليه شيئا ، فقال لي : مالك لا تسجد عليه أليس هو

ص: 268


1- الظاهر المراد بالسنة هنا الجائز لا أنه أفضل. ( الذكرى )
2- الظاهر أن المراد به ينور الساجد نورا يصل إلى الأرض السابعة. ( سلطان )
3- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 27 عن الحميري مسندا قال : « كتبت إلى الفقيه عليه السلام أسأله هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر ( قبر الحسين » ع « ) وهل فيه فضل فأجاب ، وقرأت التوقيع ونسخت : سبح به فما في شئ من التسبيح أفضل منه فضله أن المسبح ينسى التسبيح ويدير السبحة فيكتب له ذلك التسبيح ».
4- أي مسؤولات من أعمالكم فيشهدن لكم بالتسبيح ، ويحتمل أن يكون المراد بأنها مسؤولات مكلفات فكثيرا ما يقع منها المعاصي فالتسبيح بها جبر لها فتأمل. ( سلطان )
5- الطريق صحيح.
6- الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم وفى الخلاصة صحيح.
7- الطبر قرية بواسط والنسبة إليها طبري ( القاموس ) ويحتمل النسبة إلى طبرستان وعلى أي تقدير المراد سجادة من حصير. ( سلطان )

من نبات الأرض ».

وقال أبي رحمه اللّه في رسالته إلي : اسجد على الأرض أو على ما أنبتت الأرض ولا تسجد على الحصر المدنية لان سيورها من جلد (1) ولا تسجد على شعر ولا صوف ولا جلد ولا إبريسم ولا زجاج ولا حديد ولا صفر ولا شبه ولا رصاص ولا نحاس ولا ريش ولا رماد ، وإن كانت الأرض حارة تخاف على جبهتك الاحتراق أو كانت ليلة مظلمة خفت عقربا أو شوكة تؤذيك فلا بأس أن تسجد على كمك إذا كان من قطن أو كتان ، وإن كان بجبهتك دمل فاحفر حفرة فإذا سجدت جعلت الدمل فيها ، وان كانت بجبهتك علة لا تقدر على السجود من اجلها فاسجد على قرنك الأيمن من جبهتك ، فإن لم تقدر عليه فاسجد على قرنك الأيسر من جبهتك ، فإن لم تقدر عليه فاسجد على ظهر كفك ، فإن لم تقدر عليه فاسجد على ذقنك لقول اللّه عزوجل « إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا إلى قوله ويزيدهم خشوعا » ولا بأس بالقيام ووضع الكفين والركبتين والابهامين على غير الأرض ، وترغم بأنفك ، ويجزيك في وضع الجبهة من قصاص الشعر إلى الحاجبين مقدار درهم ، ويكون سجودك كما يتخوى البعير الضامر عند بروكه (2) ، تكون شبه المعلق لا يكون شئ من جسدك على شئ منه.

832 - وسأل المعلى بن خنيس (3) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الصلاة على القفر (4) والقير فقال : لا بأس به » (5).

ص: 269


1- الأظهر في العبارة أن يقال : لان لحمتها أو سداها من جلد لان السير عين الجلد.
2- يتخوى الرجل أي يجافى بطنه من الأرض في سجوده بان يجنح بمرفقيه ويرفعهما عن الأرض ولا يفترشهما افتراش الأسد.
3- ضعيف جدا لا يعول عليه ( صه ).
4- شئ يشبه القير والزفت.
5- في التهذيب ج 1 ص 222 والاستبصار ج 1 ص 334 باسناده عن الحسين بن سعيد عن النضر عن محمد بن أبي حمزة عن معاوية بن عمار قال : « سأل المعلى بن خنيس أبا عبد اللّه (عليه السلام) وأنا عنده عن السجود على القفر وعلى القير ، فقال : لا بأس » ، وقال الشيخ - رحمه اللّه - : فالوجه في هذه الرواية أن نحملها على حال الضرورة أو التقية دون حال الاختيار. وذلك لما روى قبله عن أحمد بن إسماعيل بن عمرو بن سعيد ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال : « لا تسجد على القبر ولا على القفر ولا على الصاروج ».

833 - وسأل الحسن بن محبوب أبا الحسن عليه السلام « عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ، ثم يجصص به المسجد أيسجد عليه؟ فكتب عليه السلام إليه بخطه : إن النار والماء قد طهراه » (1).

834 - وسأل داود بن أبي زيد أبا الحسن الثالث عليه السلام « عن القراطيس والكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز عليها السجود؟ فكتب : يجوز » (2).

835 - وسأل علي بن يقطين أبا الحسن الأول عليه السلام « عن الرجل يسجد على

ص: 270


1- السند صحيح وقال في المدارك : يمكن أن يستدل بها على طهارة ما أحالته النار ووجه الدلالة أن الجص يختلط بالرماد والدخان الحاصل من تلك الأعيان النجسة ولولا كونه طاهرا لما ساغ تطهير المسجد به والسجود عليه والماء غير مؤثر في التطهير اجماعا كما نقله في المعتبر فتعين استناده إلى النار ، وعلى هذا فيكون استناد التطهير إلى النار حقيقة والى الماء مجازا ، أو يراد به فيهما المعنى المجازي وتكون الطهارة الشرعية مستفادة مما علم من الجواب أو ضمنا من جواز تجصيص المسجد به ولا محذور فيه انتهى. وفيه نظر لأن الظاهر أن عظام الموتى نجاستها غير معلومة الا أن يراد عظام الكلاب ، والعذرة إذا توقد تحت حجر الجص لم تنجسه حتى تكون النار طهره ودخانها وان قلنا بنجاسته لم يؤثر في الجص ، ولعل المراد بتطهير النار إحالة العذرة رمادا وكذا العظام النجسة ، ويمكن أن يكون المراد بتطهير الماء رفع ما يتوهم فيه من النجاسة كرش المكان بالماء للصلاة كما في بيت المجوسي. ويحتمل أن يكون المراد بقوله عليه السلام « قد طهراه » أي نظفاه. وأما قول السائل « أيسجد عليه » فيمكن أن يكون المراد أيصلى عليه فلا يلزم منه تجويز السجود على الجص أو حمل جواز السجود على حال الضرورة أو التقية.
2- الطريق صحيح ولا ينافي ما رواه الكليني باسناده عن جميل عن الصادق (عليه السلام) « أنه كره أن يسجد على قرطاس عليه كتابة » لأنه محمول على ضرب من الكراهة وخبر داود يدل على الجواز.

المسح (1) والبساط ، فقال : لا بأس إذا كان في حال التقية ».

ولا بأس بالسجود على الثياب في حال التقية.

836 - وسأل معاوية بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الصلاة على القار فقال : لا بأس به » (2).

837 - وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام أنه قال : قلت له : الرجل يسجد و عليه قلنسوة أو عمامة ، فقال : إذا مس شئ من جبهته الأرض فيما بين حاجبيه وقصاص شعره فقد أجزأ عنه.

838 - قال يونس بن يعقوب : « رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يسوي الحصا في موضع سجوده بين السجدتين ».

839 - وروي عن علي بن بجيل (3) أنه قال : « رأيت جعفر بن محمد عليهما السلام كلما سجد فرفع رأسه أخذ الحصا من جبهته فوضعه على الأرض ».

840 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف مسجد ، فما أصاب الأرض منه فقد أجزأك ». وروى زرارة عنه عليه السلام مثل ذلك.

841 - وسأل رجل الصادق عليه السلام « عن المكان يكون فيه الغبار فأنفخه إذا أردت السجود ، فقال : لا بأس » (4).

وفي رسالة أبي رضي اللّه عنه إلي : ولا تنفخ في موضع سجودك فإذا أردت النفخ فليكن قبل دخولك في الصلاة.

842 - وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « إنما يكره ذلك خشية أن يؤذي من

ص: 271


1- المسح - بالكسر فالسكون - : البلاس يقعد عليه ، والكساء من شجر.
2- هذا الخبر متحد مع خبر المعلى بن خنيس السابق كما هو الظاهر ورواه ابن عمار تارة مع خصوصياته وتارة بالغاء الخصوصيات.
3- في الطريق الحكم بن مسكين وهو مهمل
4- لا ينافي الكراهة التي جاءت في بعض الأخبار.

إلى جانبه ».

ويكره أن يمسح الرجل التراب عن جبهته (1) وهو في الصلاة ، ويكره أن يتركه بعد ما صلى فإن مسح التراب من جبهته وهو في الصلاة فلا شئ عليه لورود الرخصة فيه.

باب 41: علة النهى عن السجود على المأكول والملبوس دون الأرض وما أنبتت من سواهما

843 - قال هشام بن الحكم (2) لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أخبرني عما يجوز السجود عليه وعما لا يجوز؟ قال : السجود لا يجوز إلا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض إلا ما أكل أو لبس فقال له : جعلت فداك ما العلة في ذلك؟ قال : لان السجود خضوع لله عزوجل فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل أو يلبس لان أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون ، والساجد في سجوده في عبادة اللّه عزوجل فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها ، والسجود على الأرض أفضل لأنه أبلغ في التواضع والخضوع لله عزوجل ».

باب 42: القبلة

844 - قال الصادق عليه السلام (3) : « إن اللّه تبارك وتعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد ، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم ، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا ».

845 - وسأل المفضل بن عمر أبا عبد اللّه عليه السلام عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة وعن السبب فيه؟ فقال : إن الحجر الأسود لما أنزل من الجنة و

ص: 272


1- لم نطلع على خبره ويمكن أن يكون لمنافاته حضور القلب فتدبر. (م ت)
2- الطريق صحيح كما في ( صه ).
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 146 بسند مرسل.

وضع في موضعه جعل أنصاب الحرم من حيث لحقه النور نور الحجر فهو عن يمين الكعبة أربعة أميال (1) ، وعن يسارها ثمانية أميال كله اثنا عشر ميلا ، فإذا انحرف

ص: 273


1- أراد بأصحابه أهل العراق ، وروى الكليني في الكافي ج 3 ص 487 عن علي بن محمد رفعه قال : « قيل لأبي عبد اللّه (عليه السلام) : لم صار الرجل ينحرف في الصلاة إلى اليسار؟ فقال لان للكعبة ستة حدود أربعة منها عن يسارك واثنان منها على يمينك فمن أجل ذلك وقع التحريف إلى اليسار » وقال في المدارك : « استحباب التياسر هو المشهور وظاهر عبارة الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف يعطى الوجوب مستدلا باجماع الفرقة وبرواية المفضل بن عمر ، وبما رواه الكليني والروايتان ضعيفتا السند جدا والعمل بهما لا يؤمن معه الانحراف الفاحش عن حد القبلة وإن كان في ابتدائه قليلا والحكم مبنى على أن البعيد قبلته الحرم كما ذكره المحقق في النافع والعلامة  - رحمهما اللّه - في المنتهى واحتمل العلامة من المختلف اطراد الحكم على القولين وهو بعيد ». ( المرآة ) وقال الفيض - رحمه اللّه - : حملها الأصحاب على الاستحباب ، ان قيل الانحراف بالتياسر إن كان إلى القبلة فواجب أو عنهما فغير جائر. أجيب بان الانحراف عنها للتوسط فيها فيستحب. وقال استاذنا الشعراني في هامش الوافي قوله « عن يمين الكعبة - أي من جانب المغرب فان البر من ذلك الجانب ضيق ينتهى إلى البحر فجعل الحرم من المغرب أضيق واما من جهة المشرق فالبر واسع جدا وجعل الحرم منه أوسع ومع ذلك فكلاهما للعراقي بمنزلة نقطة واحدة إذا تياسر خرج عن سمت الحرم الشرقي قطعا مع سعته وخبر علي بن محمد وكذلك رواية المفضل ضعيفان لا يحتج بهما قطعا ، واما التياسر الذي يتضمنه فالظاهر أنه كان مشهورا بين الشيعة والراوي وإن كان ضعيفا والخبر احتمل كونه موضوعا لكن المعلوم أن الراوي الضعيف إذا نقل عملا مشهورا فان لا يكذب فيه لئلا يتبين كذبه فالضعف في العلة التي ذكر لا في أصل التياسر وحينئذ فيتوجه قول المجلسي وغيره - رحمهم اللّه - في علة التياسر وأن ذلك كان لبناء محاريب ذلك الزمان على الغلط ، فعلى هذا إذا حققنا القبلة وبنى المحاريب على الصحيح كما في زماننا لا يجوز التياسر عن السمت الصحيح ويسقط اعتراض المحقق الطوسي رحمه اللّه على ما هو المعروف لأنا لا نعلم مقدار الغلط في المحاريب القديمة فلعله كان قليلا بحيث لا يخرج المتوجه إليه عن صدق الاستقبال فيكون التياسر القليل مستحبا لا واجبا ، ثم انا لا نعلم أن قدماء الشيعة كانوا يتياسرون وجوبا أو استحبابا وإنما الثابت من الحديث عملهم لا وجه عملهم وعبر بعض العلماء بالوجوب ». انتهى.

الانسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة لقلة أنصاب الحرم ، وإذا انحرف الانسان ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة.

ومن كان في المسجد الحرام صلى إلى الكعبة إلى إي جوانبها شاء ، ومصلى في الكعبة صلى إلى أي جوانبها شاء ، وأفضل ذلك أن يقف بين العمودين على لبلاطة الحمراء (1) ، ويستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود ، ومن كان فوق الكعبة وحضرت الصلاة اضطجع وأومأ برأسه إلى البيت المعمور (2) ، ومن كاف فوق أبى قبيس استقبل الكعبة وصلى فان الكعبة ما فوقها إلى السماء.

وصلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلى البيت المقدس بعد النبوة ثلاث عشرة (3) سنة بمكة

ص: 274


1- البلاط حجرا أحمر مفروش في الكعبة بين العمودين واشتهر أنه محل ولادة أمير - المؤمنين عليه السلام حتى بين العامة. (م ت)
2- المشهور عدم العمل به وان ادعى الشيخ الاجماع عليه والامر سهل لندرة الفرض ولو لم يصل للأخبار الصحيحة لكان أحوط الا مع الضرورة فيتخير بينه وبين الصلاة قائما لكن لا يسجد على طرف الجدار بحيث لا يبقى له قبلة وهو أحوط. (م ت)
3- ظاهر هذا الكلام يفيد أن قبلته صلى اللّه عليه وآله من أول البعثة بيت المقدس وهو ينافي ما ورد في بعض الروايات ففي الفصول المختارة احتج المفيد - رحمه اللّه - بحديث ابن مسعود « قال : أول شئ علمته من أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أننا قدمنا مكة فأرشدونا إلى عباس بن عبد المطلب فانتهينا إليه وهو جالس إلى زمزم فبينا نحن جلوس إذ أقبل رجل من باب الصفا ، عليه ثوبان أبيضان على يمنيه غلام مراهق أو محتلم تتبعه امرأة قد سترت محاسنها حتى قصدوا الحجر فاستلمه والغلام والمرأة معه ثم طاف بالبيت سبعا والغلام والمرأة يطوفان معه ، ثم استقبل الكعبة وقام فرفع يده فكبر ، والغلام على يمينه وقامت المرأة خلفهما فرفعت يديها وكبرت فأطال الرجل القنوت ثم ركع فركع الغلام والمرأة معه - الحديث » والمراد رسول اللّه و على وخديجة سلام اللّه عليهم كما نص عليه بعد ، فظاهر هذا الخبر أن قبلته صلى اللّه عليه وآله في أول الأمر الكعبة. وقيل يمكن الجمع بأن يقال : إنه صلى اللّه عليه وآله بمكة بيت المقدس الا أنه كان يجعل الكعبة بينه وبينه. وفي الكافي ج 3 ص 286 بسند حسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « سألته هل كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصلى إلى بيت المقدس؟ قال : نعم ، فقلت : أكان يجعل الكعبة خلف ظهره؟ قال : أما إذا كان بمكة فلا ، وأما إذا هاجر إلى المدينة فنعم حتى حول إلى الكعبة » واستشكل بان هذا لا يمكن الا إذا كان المصلى في الناحية الجنوبية وقد كان المسلمون يصلون في شعب أبى طالب ثلاث سنين وليس الشعب في الناحية الجنوبية وكذا دار خديجة فإنها في شرقي مكة ، وما في الكافي من أنه صلى اللّه عليه وآله لم يجعل الكعبة خلفه فلا ينافي جعلها إلى أحد جوانبه. و قول أمير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى و تصديقهم اياه، حيث قال:« أمنكم أحد وحّد اللّه قبلى؟ قالوا لا، أمنكم أحد صلّى القبلتين؟ قالوا: لا» يعطينا خبرا بأن القبلة في أول الامر أعنى قبل يوم الانذار الكعبة لان تصديق القوم باختصاصه( ع) بهذه الفضيلة مع أنهم اشتركوا معه في الصلاة الى القبلتين بعد تحولها في المدينة و قبله في مكّة لا يستقيم و ان قلنا بالتوجه الى القبلتين معا في صلاة واحدة، اللّهمّ الا أن يكون القوم قطعوا بأن مراده( ع) التوجه أولا الى الكعبة في السنين الثلاث التي لم يؤمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بدعوة القوم و كان يصلّي غالبا في الحرم الى الكعبة ثمّ بعد تلك الثلاث الى بيت المقدس و لا يشاركه في هذا الفضل أحد من القوم. ثمّ ان ما في المتن كلام يشبه الحديث و ليس بلفظه كما يفهم من قول المؤلّف في آخره« قد أخرجت الخبر في ذلك على وجهه» و نحوه في تفسير عليّ بن إبراهيم و النعمانيّ.

وتسعة عشر شهرا بالمدينة ، ثم عيرته اليهود فقالوا له : إنك تابع لقبلتنا فاغتم لذلك غما شديدا فلما كان في بعض الليل خرج صلى اللّه عليه وآله وسلم يقلب وجهه في آفاق السماء فلما أصبح صلى الغداة ، فلما صلى من الظهر ركعتين جاءه جبرئيل عليه السلام فقال له : « قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام الآية » ثم أخذ بيد النبي صلى اللّه عليه وآله فحول وجهه إلى الكعبة وحول من خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال فكان أول صلاته إلى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة ، وبلغ الخبر مسجدا بالمدينة وقد صلى أهله من العصر ركعتين فحولوا نحو الكعبة ، فكانت أول صلاتهم إلى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين (1) فقال المسلمون : صلاتنا إلى بيت -

ص: 275


1- في الشمال الغربي قريب من مسجد الفتح.

المقدس تضيع يا رسول اللّه؟ فأنزل اللّه عزوجل « وما كان اللّه ليضيع إيمانكم » يعني صلاتكم إلى بيت المقدس ، وقد أخرجت الخبر في ذلك على وجهه في كتاب النبوة.

846 - وروي عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه أنه سأل الصادق عليه السلام « عن رجل أعمى صلى على غير القبلة ، فقال : إن كان في وقت فليعد ، وإن كان قد مضى الوقت فلا يعيد ، قال : وسألت عن رجل صلى وهي متغيمة (1) ثم تجلت فعلم أنه صلى على غير القبلة ، فقال : إن كان في وقت فليعد ، وإن كان الوقت قد مضى فلا يعيد » (2).

847 - وروى زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « يجزي المتحير أبدا (3) أينما توجه إذا لم يعلم أين وجه القبلة ».

848 - وسأله معاوية بن عمار « عن الرجل يقوم الصلاة ، ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا ، فقال [ له ] : قد مضت صلاته ، وما بين المشرق والمغرب قبلة ».

ونزلت هذه في قبلة المتحير « ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه اللّه » (4).

ص: 276


1- يعنى السماء.
2- في الخبر باطلاقه دلالة على عدم الفرق بين الاستدبار والتشريق والتغريب وما بينهما وبين القبلة ، وحديث معاوية بن عمار الآتي تحت رقم 848 أيضا صحيح لكنه يقيد هذا الحديث بما بين المشرق والمغرب وإن كان قوله « يمينا وشمالا » يتناوله الا أن قوله (عليه السلام) « وما بين المشرق والمغرب قبلة » يدل على نوع تخصيص لصدره ( الشيخ محمد ).
3- المراد المحبوس والأسير والا من كان في مفازة عليه أن يصلى إلى أربع جوانب كما سيجئ ، وفى بعض النسخ « يجزى التحري ». والظاهر أنه من النساخ لما في كتاب الحديث الفقه جميعا بلفظ « المتحير ». وقال الفاضل التفرشي : الحديث صحيح ويدل على صحة الاكتفاء بصلاة واحدة وحينئذ ينبغي حمل ما دل على الاتيان بأربع صلوات على الاستحباب.
4- وردت اخبار بأنها نزلت في النافلة في السفر كما في تفسير العياشي وعلي بن إبراهيم والتبيان للشيخ - رحمهم اللّه -.

849 - وروى محمد بن أبي حمزة عن أبي الحسن الأول عليه السلام أنه قال : « إذا ظهر النز (1) من خلف الكنيف وهو في القبلة يستره بشئ ».

ولا يقطع صلاة المسلم شئ يمر بين يديه من كلب أو امرأة أو حمار أو غير ذلك (2).

850 - و « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن البزاق في القبلة » (3).

851 - و « رأى صلى اللّه عليه وآله نخامة في المسجد فمشى إليها بعرجون من عراجين ابن طاب فحكها ، ثم رجع القهقرى فبنى على صلاته ». وقال الصادق عليه السلام (4) « وهذا يفتح من الصلاة أبوابا كثيرة » (5).

852 - و « نهى صلى اللّه عليه وآله عن الجماع مستقبل القبلة ومستدبرها (6) ، ونهى عن استقبال القبلة ببول أو غائط » (7).

853 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « لا يبزقن أحدكم في الصلاة قبل وجهه ، ولا عن يمينه ، وليبزق عن يساره وتحت قدمه اليسرى ».

ص: 277


1- النز - بالفتح - : ما يتحلب في الأرض من الماء.
2- لما في موثقة ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) سأله عن الرجل هل يقطع صلاته شئ مما يمر بين يديه؟ فقال : لا يقطع صلاة المؤمن شئ ولكن ادرأوا ما استطعتم.
3- حمل على الكراهة.
4- قيل : لعله الصدوق فصحف وزيد عليه « عليه السلام ».
5- لعل المراد أن هذا الفعل من النبي صلى اللّه عليه وآله يفتح علينا أبواب علوم كثيرة متعلقة بالصلاة منها جواز المشي فيها للضرورة بل للمستحبات ومنها أنه لابد في المشي أن لا يستدير والظاهر من البناء أنه لم يقرء في المشي بل بنى بعد الرجوع ومنها جواز المشي القهقرى وجواز الفعل الكثير ولمثل هذا ، ويمكن حمل الصلاة على الصلاة المستحبة ( سلطان ) أقول : قوله « بعرجون من عرجون ابن طاب هو اسم رجل معروف يقال : عذق ابن طاب ، ورطب ابن طاب وتمر ابن طاب ، ومنه حديث جابر » وفى يده عرجون ابن طاب « كما في النهاية. وفى بعض النسخ » أرطاب وهو تصحيف.
6- محمول على الكراهة.
7- تقدم الكلام فيه ص 26.

854 - قال الصادق عليه السلام : « من حبس ريقه إجلالا لله عزوجل في صلاته أورثه اللّه تعالى صحة حتى الممات ».

وقد روى فيمن لا يهتدي إلى القبلة في مفازة أنه يصلي إلى أربع جوانب (1).

855 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « لا صلاة إلا إلى القبلة ، قال : قلت : وأين حد القبلة؟ قال : ما بين المشرق والمغرب قبلة كله ، قال : قلت : فمن صلى لغير القبلة أو في يوم غيم (2) في غير الوقت؟ قال : يعيد » (3).

856 - وقال في حديث آخر ذكره له (4) « ثم استقبل القبلة بوجهك ولا تقلب بوجهك عن القبلة فتفسد صلاتك ، فإن اللّه عزوجل يقول لنبيه صلى اللّه عليه وآله في الفريضة » فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره « فقم منتصبا فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : من لم يقم صلبه فلا صلاة له ، واخشع ببصرك لله عزوجل ولا ترفعه إلى السماء ، وليكن حذاء وجهك في موضع سجودك » (5).

ص: 278


1- مضمون مأخوذ من الخبر لا لفظه راجع التهذيب ج 1 ص 146 والكافي ج 3 ص 286.
2- « لغير القبلة » أي غير ما بين المغرب والمشرق ،؟ وقوله « في غير الوقت » أي قبل الوقت.
3- لعل الإعادة في الحكم الأول ( يعنى إذا صلى في غير الوقت ) على الاستدبار أو على الانحراف عمدا ، وفى الحكم الثاني ( يعنى إذا صلى في غير الوقت ) على ايقاعها قبل الوقت إذ لو كان أوقعها بعد الوقت كما في صلاة الصبح لم يبعد صحتها قضاء. ( مراد )
4- ظاهره قال زرارة في حديث ذكر ذلك الحديث أبو جعفر لزرارة ، والمؤلف رحمه اللّه أخذ موضع الحاجة من ذلك الحديث. ( مراد )
5- يدل هذا الخبر على وجوب الاستقبال وعلى أن الالتفات مبطل للصلاة كما يدل عليه أخبار أخر ، وحمل على أنه إذا كان بوجهه كله إلى دبر القبلة ، ويدل على أن الامر في الآية بالاستقبال للفريضة وبه قال جماعة من الأصحاب وجوزوا صلاة النافلة اختيارا على خلاف جهة القبلة والأحوط العدم ، ولا ريب في جواز النافلة سفرا وحضرا مع الحاجة على خلاف القبلة فيمكن حمله عليه وأول الآية خطاب للنبي صلى اللّه عليه وآله والتتمة للأمة ، أو الأول للقريب والتتمة للبعيد ويدل على وجوب القيام منتصبا ولا ريب فيه لاخبار أخر أيضا وأما ان الانتصاب التام واجب فلا يخلو من اشكال وإن كان أحوط ، ويدل على استحباب الخشوع بالبصر بان يكون نظره في حال القيام على موضع سجوده ، وعلى كراهية النظر إلى السماء في حال القيام. (م ت)

857 - وقال عليه السلام لزرارة : « لا تعاد الصلاة إلا من خمسة : الطهور ، والوقت والقبلة ، والركوع ، والسجود » (1).

وقال أبي رضي اللّه عنه في رسالته إلي : إذا أردت أن تصلي نافلة وأنت راكب فصلها ، واستقبل برأس دابتك حيث توجهت بك مستقبل القبلة ومستدبرها ويمينا ويسارا ، فان صليت فريضة على ظهر دابتك فاستقبل القبلة وكبر تكبيرة الافتتاح ثم امض حيث توجهت بك دابتك واقرأ ، فإذا أردت الركوع والسجود فاركع واسجد على شئ يكون معك مما يجوز عليه السجود ولا تصلها (2) إلا على حال اضطرار شديد وتفعل فيها إذا صليت ماشيا مثل ذلك إلا أنك إذا أردت السجود سجدت على الأرض.

وقال فيها (3) : إذا تعرض لك سبع وخفت فوت الصلاة فاستقبل القبلة وصل صلاتك بالايماء ، وإن خشيت السبع وتعرض لك فدر معه كيف دار وصل بالايماء.

ص: 279


1- الظاهر أن الحصر إضافي وأيضا لا يقتضى الا كون هذه الخمس موجبا للإعادة في - الجملة فلا ينافي عدم ايجاب بعض أفراده للإعادة كسجدة واحدة مثلا ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي قوله « الا من خمسة » أي إذا أخل بها عمدا أو سهوا من دون أن يقوم شئ مقامه كما في الايمان بدلا عن الركوع والسجود في موضعه ولا يرد النية والتكبير والقيام اما النية فإنها لا تنفك عن التكبير وهي لا تنسى كما وقع في بعض الأحاديث لأنه أول الصلاة لا يشرع فيها الا به وأما القيام المتصل بالركوع فلانه لا ينفك عنه واما القيام في التكبير والنية فلانه يلزمهما إذا وقعا على وجههما فانتفاؤه يستلزم انتفاءهما على وجههما.
2- الضمير للصلاة الفريضة المؤداة على الدابة وكذا ضمير « فيها ». ( مراد )
3- أي في الرسالة.

858 - ووري « أنه إذا عصفت الريح بمن في السفينة ولم يقدر على أن يدور إلى القبلة صلى إلى صدر السفينة » (1).

859 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « كل واعظ قبلة وكل موعوظ قبلة للواعظ ».

يعني في الجمعة والعيدين وصلاة الاستسقاء في الخطبة يستقبلهم الامام و يستقبلونه حتى يفرغ من خطبته.

860 - وقال رجل للصادق عليه السلام : « إني أكون في السفر ولا أهتدي إلى القبلة بالليل فقال : أتعرف الكوكب الذي يقال له الجدي؟ قلت : نعم ، قال : فاجعله على يمينك وإذا كنت على طريق الحج فاجعله بين كتفيك » (2).

باب 43: الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصلاة

861 - قال الصادق عليه السلام : « إنا نأمر صبياننا بالصلاة وهم أبناء خمس سنين فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا أبناء سبع سنين ، ونحن نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا أبناء سبع سنين ما أطاقوا من صيام اليوم إن كان إلى نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقل ، فإذا غلبهم العطش أو الجوع أفطروا حتى يتعودوا الصوم ويطيقوه فمروا صبيانكم بالصيام إذا كانوا أبناء تسع سنين ما أطاقوه من صيام اليوم ، فإذا غلبهم العطش أفطروا ».

862 - وروي عن الحسن بن قارن (3) أنه قال : « سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام أو

ص: 280


1- في بعض النسخ « صار إلى صدر السفينة » أي يتوجه إليه وفى بعضها « صل إلى صدر السفينة » وحينئذ « لم تقدر » و « أن تدور » على صيغة الخطاب وصدر السفينة هو الذي يقدم في الجري. ( مراد )
2- هذه العلامة إنما تستقيم لأهل العراق وراوي الخبر كأنه محمد بن مسلم وهو كوفي أو رجل من أهل العراق وإنما سأل عن قبلة بلاده. ( الوافي )
3- في الطريق حمزة بن محمد العلوي وهو مهمل.

سئل وأنا أسمع عن الرجل يختن (1) ولده وهو لا يصلي اليوم واليومين ، فقال : وكم أتى على الغلام؟ فقال : ثماني سنين ، فقال : سبحان اللّه يترك الصلاة؟ قال : قلت : يصيبه الوجع ، قال : يصلي على نحو ما يقدر ».

863 - وروى عبد اللّه بن فضالة (2) عن أبي عبداللّهعليه السلاموأبي جعفر عليه السلام قال : « سمعته يقول : إذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال له : قل » لا إله إلا اللّه « سبع مرات ثم يترك حتى يتم له ثلاث سنين وسبعة أشهر وعشرون يوما فيقال له : قل : محمد رسول اللّه » سبع مرات ويترك حتى يتم له أربع سنين ثم يقال له : قل سبع مرات « صلى اللّه على محمد وآله ، ثم يترك حتى يتم له خمس سنين ، ثم يقال له : أيهما يمينك وأيهما شمالك؟ فإذا عرف ذلك حول وجهه إلى القبلة ويقال له : أسجد ، ثم يترك حتى يتم له سبع سنين فإذا تم له سبع سنين قيل له : اغسل وجهك وكفيك فإذا غسلهما قيل له : صل ، ثم يترك حتى يتم له تسع سنين فإذا تمت له علم الوضوء وضرب عليه ، وأمر الصلاة وضرب عليها ، فإذا تعلم الوضوء والصلاة غفر اللّه عز وجل له ولوالديه إن شاء اللّه ».

باب 44: الأذان والإقامة وثواب المؤذنين

864 - روى حفص بن البختري (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لما أسري برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حضرت الصلاة فأذن جبرئيل عليه السلام فلما قال : اللّه أكبر اللّه أكبر ، قالت الملائكة : اللّه أكبر اللّه أكبر ، فلما قال : أشهد أن لا إله إلا اللّه ، قالت الملائكة : خلع الأنداد ، فلما قال : أشهد أن محمدا رسول اللّه ، قالت الملائكة : نبي بعث ، فلما

ص: 281


1- في بعض النسخ « يجبر » والظاهر تصحيفه.
2- في الطريق محمد بن سنان وهو ضعيف على المشهور.
3- الطريق صحيح وكذا الخبر الآتي وما يأتي بعده إلى خبر أبي بصير.

قال : حي على الصلاة ، قالت الملائكة : حث على عبادة ربه ، فلما قال : حي على الفلاح ، قالت الملائكة : أفلح من اتبعه » (1).

865 - وروى منصوربن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام [ أنه ] قال : « هبط جبرئيل عليه السلام بالاذان على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وكان رأسه في حجر علي عليه السلام فأذن جبرئيل عليه السلام وأقام ، فلما انتبه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال يا علي سمعت؟ قال : نعم يا رسول اللّه ، قال : حفظت؟ قال : نعم ، قال : ادع بلالا فعلمه فدعا بلالا فعلمه ».

866 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « تؤذن وأنت على غير وضوء في ثوب واحد قائما أو قاعدا وأينما توجهت ، ولكن إذا أقمت فعلى وضوء متهيئا للصلاة » (2).

867 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن الرضا عليه السلام أنه قال : « يؤذن الرجل وهو جالس ويؤذن وهو راكب ».

868 - وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام أنه قال : « لا بأس أن تؤذن راكبا أو ماشيا أو على غير وضوء ، ولا تقم وأنت راكب ولا جالس إلا من عذر (3) أو تكون في

ص: 282


1- قوله : « فلما قال : اللّه أكبر اللّه أكبر - الخ » لعل مراد الإمام (عليه السلام) بيان أصول الكلمات التي أتى به جبرئيل (عليه السلام) وما قالت الملائكة عند ذلك ، وأما تكرار التكبير فللإشارة إلى أنه يكرر فيه غير مرة ، ويحتمل أن يكون الاذان كذلك أولا ثم زاد. وقوله (عليه السلام) « خلع الأنداد » ان رجع الضمير إلى جبرئيل (عليه السلام) كان معناه نفى الأنداد عن اللّه تعلى ، وان رجع إلى اللّه سبحانه كان كناية عن انتفاء نده تعالى أي مثله. ( مراد )
2- يدل على اشتراط الإقامة بالوضوء كالصلاة مستقبل القبلة بخلاف الاذان ، وحملت على الاستحباب المؤكد في الإقامة وعلى عدم التأكد في الاذان للاجماع على استحباب الطهارة فيهما. (م ت)
3- النهى فيه عن الإقامة راكبا وجالسا محمول على الكراهة الشديدة كما أن الجواز في الاذان لا ينافي الكراهة أيضا ، وظاهر القدماء حرمة ايقاع الإقامة على غير حالة الصلاة من الاستقبال والستر والقيام والاحتياط معهم. (م ت)

أرض ملصة » (1).

869 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « للمؤذن فيما بين الأذان والإقامة مثل أجر الشهيد المتشحط بدمه (2) في سبيل اللّه عزوجل فقال علي عليه السلام : إنهم يجتلدون (3) على الاذان؟ فقال : كلا إنه يأتي على الناس زمان يطرحون الاذان على ضعفائهم فتلك لحوم حرمها اللّه على النار » (4).

870 - وقال علي عليه السلام « آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي صلى اللّه عليه وآله أنه قال يا علي إذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك ، ولا تتخذن مؤذنا يأخذ على اذانه أجرا ».

871 - وروى خالد بن نجيح (5) عن الصادق عليه السلام أنه قال : « التكبير جزم في الاذان مع الافصاح بالهاء والألف » (6).

872 - وروي أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام أنه قال : « إن بلالا كان عبدا

ص: 283


1- أي وادى اللصوص.
2- تشحط في دمه أي تلطخ فيه واضطرب وتمرغ.
3- بالجيم من الجلادة أي يتقابلون ويتنازعون على الاذان رغبة فيه وحرصا عليه وقوله عليه السلام « يطرحون » أي يطرحون لضعفائهم كبرياء.
4- أي لحوم هؤلاء الضعفاء المطروح عليهم الاذان لحوم حرم على النار ، وفى بعض النسخ « يختارون على الاذان ».
5- الطريق إليه صحيح ( صه ) وهو حسن.
6- قوله : « التكبير جزم » يعنى بذلك على آخر كل فصل ، والافصاح بالهمزة في - ابتداءات ، وبالهاء في أواخر فصول الشهادتين والتهليل ( م ح ق ) وقال المولى المجلسي  - رحمه اللّه - : يدل الخبر على تأكد استحباب الوقف على التكبيرات مع اظهار هائها وألفها ، والمراد بالألف ما قبل الهاء ، ويمكن أن يكون المراد بها الأعم من الهمزتين في أول الجلالة وأكبر ، ولا ينافي استحبابهما في البواقي وفى الإقامة.

صالحا فقال : لا أؤذن لاحد بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فترك يومئذ (1) حي على خير العمل ».

873 - وروى الحسن بن السري (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « من السنة إذا أذن الرجل أن يضع أصبعيه في أذنيه ».

874 - وروى خالد بن نجيح عنه أنه قال : « الأذان والإقامة مجزومان ». وفي خبر آخر « موقوفان ».

875 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام [ أنه ] قال : « لا يجزيك من الاذان إلا ما أسمعت نفسك أو فهمته ، وأفصح بالألف والهاء. (3) وصل على النبي وآله صلى اللّه عليه وآله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره.

وكلما (4) اشتد صوتك من غير أن تجهد نفسك كان من يسمع أكثر وكان أجرك في ذلك أعظم ».

876 - وسأل معاوية بن وهب (5) أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاذان فقال : « اجهر و ارفع به صوتك ، فإذا أقمت فدون ذلك ، ولا تنتظر بأذانك وإقامتك إلا دخول وقت

ص: 284


1- أي يوم سماع ذلك الكلام من بلال رضي اللّه عنه لزعمهم أن الناس إذا اعتقدوا بأفضلية الصلاة لم يهتموا بأمر الجهاد فتركوا « حي على خير العمل » مصلحة استحسانا منهم واجتهادا قبال النص الصريح وجعلوا بدله التثويب في صلاة الصبح وهو قول المؤذن : « الصلاة خير من النوم ».
2- الطريق إليه صحيح كما في ( صه ) وهو حسن.
3- من هنا إلى قوله : « غيره » اختلف فيه هل كان جزءا للخبر أو من كلام المؤلف تسوط بين الخبر والحق أنه من الخبر كما فهمه صاحب الوسائل لما في الكافي ج 3 ص 303.
4- هذا الكلام من تتمة حديث زرارة.
5- الطريق فيه ماجيلويه ولم يوثق صريحا وقال العلامة (رحمه الله) الطريق صحيح.

الصلاة ، واحدر إقامتك حدرا » (1)

877 - وروى عنه عليه السلام عمار الساباطي أنه قال : « إذا قمت إلى الصلاة الفريضة فأذن وأقم ، وافصل بين الأذان والإقامة بقعود أو بكلام أو تسبيح ، وقال : سألته كم الذي يجزي بين الأذان والإقامة من القول؟ قال : الحمد لله ».

878 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن الرجل يؤذن وهو يمشي وهو على غير طهر أو هو على ظهر الدابة؟ قال : نعم إذا كان المتشهد (2) مستقبل القبلة فبأس »

879 - وروى عنه عليه السلام زرارة أنه قال : « إذا أقيمت الصلاة حرم الكلام على الامام وعلى أهل المسجد إلا في تقديم إمام » (3).

880 - وقال علي عليه السلام : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : يؤمكم أقرؤكم ، ويؤذن لكم خياركم » وفي حديث آخر « أفصحكم ».

881 - وقال رسول صلى اللّه عليه وآله : « من أذن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنة ».

882 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « المؤذن يغفر اللّه له مد بصره ومد صوته

ص: 285


1- في النهاية في حديث الاذان : « إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر » أي أسرع ، حدر في قراءته وأذانه يحدر حدرا وهو من الحدور ضد الصعود ويتعدى ولا يتعدى. وقال الشهيد  - رحمه اللّه - في الذكرى : الحدر في الإقامة مستحب مع مراعاة الوقوف على الفصول فيكره الاعراب فيها كما يكره في الاذان للحديث.
2- أي المؤذن في حال الشهادة. وفى بعض النسخ « إذا كان التشهد » أي إذا وقع التشهد منه مستقبل القبلة. وقوله : « لا بأس » بمنزلة التأكيد لنعم ، ويمكن أن يكون جزاء الشرط. ( مراد )
3- عمل الشيخان والمرتضى - رحمهم اللّه - بظاهر خبر تحريم الكلام وأفتوا بالتحريم الا بما يتعلق بالصلاة من تقديم امام وتسوية صف ، والمفيد والمرتضى حرما الكلام في الإمامة أيضا ( الذكرى ) وقال سلطان العلماء : قوله « في تقديم امام » أي الا أن يكون الكلام في باب تقديم الامام ليؤم الناس ، كأن يقول بعض البعض : تقدم يا فلان كما ورد في بعض الروايات.

في السماء (1) ويصدقه كل رطب ويابس يسمعه ، وله من كل من يصلي معه في مسجده سهم ، وله من كل من يصلي بصوته حسنة ».

883 - وقال عليه السلام : « من أذن سبع سنين محتسبا (2) جاء يوم القيامة لا ذنب له ».

884 - وروي « أن الملائكة إذا سمعت الاذان من أهل الأرض قالت : هذه أصوات أمة محمد صلى اللّه عليه وآله بتوحيد اللّه فيستغفرون اللّه لامة محمد صلى اللّه عليه وآله حتى يفرغوا من تلك الصلاة ».

885 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « إن أدنى ما يجزي من الاذان أن يفتتح الليل بأذان وإقامة ويفتتح النهار بأذان وإقامة ، ويجزيك في سائر الصلاة إقامة بغير أذان ».

وجمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (3) بين الظهر والعصر بعرفة بأذان واحد وإقامتين ، وجمع

ص: 286


1- كأنه من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس أي هذا المقدار من الذنب ، أو هذا المقدار من المغفرة ، أو يغفر لأجله المذنبين الكائنين في تلك المسافة ، أو المراد أن المغفرة منه تعالى تزيد بنسبة مد الصوت ، فكلما يكثر الثاني يزيد الأول وهذا إنما يناسب رواية ليس فيها ذكر مد الصوت ( البحار ) وفى النهاية الأثيرية : المد : القدر ، يريد به في خبر الاذان قدر الذنوب أي يغفر له ذلك إلى منتهى مد صوته ، وهو تمثيل لسعة المغفرة كقوله الاخر « لو لقيتني بقراب الأرض خطايا لقيتك بها بمغفرة » ويروى « مدى صوته » والمدى : الغاية ، أي يستكمل مغفرة اللّه إذا استنفد وسعه في رفع صوته فيبلغ الغاية في المغفرة إذا بلغ الغاية في الصوت.
2- أي طلبا لوجه اللّه وثوابه ، أو موقنا أن ذلك ذخر له عند اللّه تعالى. يقال لمن ينوى بفعله وجه اللّه : احتسبه.
3- من كلام المؤلف أخذه من أخبار أخر كخبر معاوية بن عمار في حج النبي صلى اللّه عليه وآله.

بين المغرب والعشاء بجمع (1) بأذان واحد وإقامتين.

886 - وروى عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علة بأذان [ واحد ] وإقامتين » (2).

887 - وروي « أن من صلى بأذان وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة ، و من صلى بإقامة بغير أذان صلى خلفه صف واحد ، وحد الصف ما بين المشرق والمغرب ».

888 - وفي رواية العباس بن هلال (3) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال : « من أذن وأقام صلى وراءه صفان من الملائكة ، وإن أقام بغير أذان صلى عن يمينه واحد ، وعن شماله واحد ، ثم قال : اغتنم الصفين ».

889 - وفي رواية ابن أبي ليلى عن علي عليه السلام أنه قال : « من صلى بأذان وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة لا يرى طرفاهما. ومن صلى بإقامة صلى خلفه ملك ».

890 - وقال الصادق عليه السلام « من قال حين يسمع أذان الصبح : « اللّهم إني أسألك بإقبال نهارك وإدبار ليلك وحضور صلواتك ، وأصوات دعاتك أن تتوب علي إنك أنت التواب الرحيم » وقال مثل ذلك حين يسمع أذان المغرب ثم مات من يومه أو ليلته مات تائبا ، وكان ابن النباح (4) يقول في أذانه : حي على خير العمل

ص: 287


1- يعنى المزدلفة والمشعر وذلك لأنه صلى اللّه عليه وآله كان يؤخر المغرب ويجمع بينه وبين العشاء من غير فصل معتد به.
2- هذه سيرته صلى اللّه عليه وآله كلما جمع بين الصلاتين لم يؤذن للثانية وفى قوله : « من غير علة » دلالة على الجواز.
3- في طريقة الحسين بن إبراهيم ناتانه - رضي اللّه عنه - وهو غير مذكور فاسترضاؤهم له ان أفاد مدحا فالسند حسن به وبإبراهيم بن هاشم.
4- في القاموس : « نباح - ككتان - والد عامر مؤذن علي رضي اللّه عنه ».

حي على خير العمل ، فإذا رآه علي عليه السلام قال : مرحبا بالقائلين عدلا وبالصلاة مرحبا وأهلا ».

891 - وروى حارث بن المغيرة النضري (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « من سمع المؤذن يقول : أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأشهد أن محمدا رسول اللّه فقال مصدقا محتسبا : « وأنا أشهد أن لا إله إلا اللّه ، و [ أشهد ] أن محمدا رسول اللّه أكتفي بهما (2) عن كل من أبى وجحد ، وأعين بهما من أقر وشهد » كان له من الاجر عدد من أنكر وجحد ، وعدد من أقر وشهد ».

892 - وقال أبو جعفر لمحمد بن مسلم : « يا محمد بن مسلم لا تدعن ذكر اللّه على كل حال ، ولو سمعت المنادي ينادي بالاذان وأنت على الخلاء فاذكر اللّه عزوجل و قل كما يقول المؤذن ».

893 - وسأل زيد الشحام أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة ، فقال : إن كان ذكر قبل أن يقرأ فليصل على النبي وآله وليقيم ، وإن كان قد دخل في القراءة فليتم صلاته » (3)قال: «سألته عن الرجل يفتتح صلاته المكتوبة ثم يذكر أنه لم يقم، قال. فان ذكر أنه لم يقم قبل أن يقرء فليسلم علی النبي (صلی الله عليه وآله) ثم يقي» ويصلي وان ذكر بعدما قرأ بعض السورة فليتم علی صلاته» التهذيب ج1 ص 215.(4).

ص: 288


1- الطريق صحيح كما في ( صه ) الا أن فيه البرقي عن أبيه ومحمد بن علي ماجيلويه.
2- « اكتفى بهما » على صيغة المتكلم أي اكتفى بهذين الشهادتين عن شهادة كل آب وجاحد فيقوم هذان الشهادتان مقام شهادتهم. وفى بعض النسخ « بها » مقام « بهما ». أي بهذه الكلمة.
3- الطريق ضعيف بأبي جميلة ويدل على جواز ابطال الصلاة بالصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله والرجوع إلى الإقامة وحملت على السلام كما يدل عليه حسنة الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام
4- ويدل على الرجوع قبل القراءة. (م ت)

894 - وروي عن عمار الساباطي أنه قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي من الاذان حرفا فذكره حين فرغ من الأذان والإقامة ، قال : يرجع إلى الحرف الذي نسيه فليقله وليقل من ذلك الحرف إلى آخره ولا يعيد الاذان كله ولا الإقامة ».

895 - وسأل معاوية بن وهب أبا عبد اللّه عليه السلام « عن التثويب (1) الذي يكون بين الأذان والإقامة ، فقال : ما نعرفه » (2).

896 - وكان علي عليه السلام يقول : « لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم (3) ولا بأس أن يؤذن المؤذن وهو جنب ، ولا يقيم حتى يغتسل » (4).

897 - وروى أبو بكر الحضرمي ، وكليب الأسدي (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام

ص: 289


1- ثوب الداعي تثويبا ردد صوته ورجع. والمراد به هنا قول المؤذن في أذان الصبح بعد قوله « حي على الفلاح » : « الصلاة خير من النوم » فان المؤذن إذا قال : « حي على الفلاح » فقد دعاهم إليها فإذا قال بعده « الصلاة خير من النوم » فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها.
2- كناية عن أنه ليس من السنة بل هو بدعة لان كل ما هو سنة فقد عرفه أهل البيت (عليهم السلام) فكلما لم يعرفوه لم يكن من السنة فكان تشريعا حراما. ( مراد )
3- رواه الشيخ في الموثق عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن علي عليهم السلام وقال صاحب المدارك : لا يشترط في الاعتداد بالاذان في الصلاة وقيام الشعار في البلد صدوره من بالغ بل يكفي كونه مميزا وهو اتفاق علمائنا كما في المعتبر ويدل عليه ( سوى خبر المتن ) قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان « لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم » اما غير المميز فلا يعتد بأذانه قطعا لأنه لا حكم لعبادته ، والمرجع في التميز إلى العرف ، ثم نقل عن جده أنه قال : ان المراد بالمميز من يعرف الاضر من الضار والأنفع من النافع إذا لم يحصل بينهما التباس.
4- يستفاد من هذه الرواية اشتراط الطهارة في الإقامة وهو اختيار المرتضى في المصباح والعلامة في المنتهى - رحمهما اللّه - وقال في التذكرة بعدم الاشتراط تمسكا بمقتضى الأصل. ( المدارك )
5- أبو بكر عبد اللّه بن محمد الحضرمي وكليب كلاهما ممدوحان وطريق المصنف إلى الأول ضعيف بعبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم ، والى الثاني صحيح وروى عنهما الشيخ في الموثق.

أنه « حكى لهما الاذان فقال : اللّه أكبر ، اللّه أكبر ، اللّه أكبر أكبر ، أشهد أن لا إله إلا اللّه ، أشهد أن لا إله إلا اللّه ، أشهد أن محمدا رسول اللّه ، أشهد أن محمدا رسول اللّه ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، حي على خير العمل ، حي على خير العمل ، اللّه أكبر ، اللّه أكبر ، لا إله إلا اللّه ، لا إله إلا اللّه ، والإقامة كذلك » (1).

ولا بأس أن يقال في صلاة الغداة على أثر حي على خير العمل « الصلاة خير من النوم » مرتين للتقية.

وقال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : هذا هو الاذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص منه ، والمفوضة(2) لعنهم اللّه قد وضعوا أخبارا وزادوا في الاذان « محمد وآل محمد خير البرية » مرتين ، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمدا رسول اللّه « أشهد أن عليا ولي اللّه » مرتين ، ومنهم من روى بدل ذلك « أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا » مرتين ولا شك في أن عليا ولي اللّه وأنه أمير المؤمنين حقا وأن محمدا وآله صلوات اللّه عليهم خير البرية ، ولكن ليس ذلك في أصل الاذان ، وإنما ذكرت ذلك ليعرف بهذه

ص: 290


1- وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : « هذا الخبر وإن كان في الاذان موافقا للمشهور الا أنه في الإقامة خلاف المشهور ». وقال الفاضل التفرشي : « لعل مراد الإمام عليه السلام بيان أصول الكلمات التي أتى بها جبرئيل وما قالت الملائكة عند ذاك وأما تكرار اللّه أكبر فللإشارة إلى أنه يتكرر غير مرة ويحتمل أن يكون الاذان كذلك أولا ثم زاد ». وقال سلطان العلماء : ظاهر الخبر مساواة الأذان والإقامة في الفصول الا انه لا شك في أن « قد قامت الصلاة » جزء للإقامة فلعل المراد أنه كذلك في باقي الفصول غيرها وتركها لظهور جزئيتها وبعد ذلك ينبغي أن يحمل على أن المراد التشبيه في النوع دون عددها.
2- المفوضة : فرقة ضالة قالت بان اللّه خلق محمدا صلى اللّه عليه وآله وفوض إليه خلق الدنيا فهو خلق الخلائق. وقيل : بل فوض ذلك إلى علي عليه السلام ، وهم غير الذين يقولون بتفويض اعمال العباد إليهم كالمعتزلة وأضرابهم.

الزيادة المتهمون بالتفويض ، المدلسون أنفسهم في جملتنا (1).

898 - وقال الصادق عليه السلام في المؤذنين : « إنهم الامناء » (2).

899 - وقال عليه السلام : « صل الجمعة بأذان هؤلاء (3) فإنهم أشد شئ مواظبة على الوقت ».

وينبغي أن يكون بين الأذان والإقامة جلسة إلا المغرب فإنه يجزي [ أن يكون ] بين الأذان والإقامة نفس. (4)

900 - وروى عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن الصادق عليه السلام أنه قال : « يجزي في السفر إقامة بغير أذان ».

901 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا أذنت في الطريق أو في بيتك ثم أقمت في المسجد أجزأك ».

902 - و « كان علي عليه السلام يؤذن ويقيم غيره وكان يقيم وقد أذن غيره » (5)

ص: 291


1- « المتهمون » على البناء للفاعل أي المتهمون على الأئمة (عليهم السلام) بتفويض أمور الخلق إليهم ويحتمل كونه مبنيا للمفعول ( سلطان ) أقول : حاصل كلام المؤلف أن الشهادة بالولاية من أركان الايمان بل الاسلام لا من فصول الاذان.
2- أي يستحب فيهم العدالة. وفى الذكرى « يعتد بأذان الفاسق خلافا لابن الجنيد لاطلاق ألفاظ في شرعية الاذان والحث عليه ولأنه يصح منه الاذان لنفسه فيصح لغيره ، نعم العدل أفضل لقوله صلى اللّه عليه وآله » يؤذن خياركم « ولان ذوي الأعذار يقلدونه لقوله صلى اللّه عليه وآله : المؤذنون أمناء ».
3- يعنى العامة والآتيان باسم الإشارة للحصر كما في قوله تعالى : « أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ». ( مراد )
4- لان وقت المغرب ضيق.
5- فظهر أن صدورهما عن الاثنين كاف في الاعتداد بهما من غير علة حيث إن في الاتيان بكان اشعارا بوقوعه غير مرة ( مراد ) وفى التهذيب ج 1 ص 216 « ان أبا عبد اللّه عليه السلام كان يؤذن ويقيم غيره ».

903 - وشكا هشام بن إبراهيم (1) إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام سقمه وأنه لا يولد له ، فأمره أن يرفع صوته بالاذان في منزله ، قال : ففعلت ذلك فأذهب اللّه عني سقمي ، وكثر ولدي ، قال محمد بن راشد : وكنت دائم العلة ما أنفك منها في نفسي وجماعة من خدمي وعيالي حتى أني كنت أبقى ومالي أحد يخدمني فلما سمعت ذلك من هشام عملت به ، فأذهب اللّه عني وعن عيالي العلل والحمد لله.

904 - وروي « أن من سمع الاذان فقال : كما يقول المؤذن زيد في رزقه ».

905 - وروي عن عبد اللّه بن علي قال : « حملت متاعي من البصرة إلى مصر فقدمتها فبينما أنا في بعض الطريق إذا أنا بشيخ طويل شديد الأدمة (2) أبيض الرأس واللحية ، عليه طمران (3) أحدهما أسود والآخر أبيض ، فقلت : من هذا؟ فقالوا : هذا بلال مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فأخذت ألواحا فأتيته فسلمت عليه فقلت له : السلام عليك أيها الشيخ ، فقال : وعليك السلام ، قلت : يرحمك اللّه تعالى حدثني بما سمعت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فقال : وما يدريك من أنا؟ فقلت : أنت بلال مؤذن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، قال : فبكى وبكيت حتى اجتمع الناس علينا ونحن نبكي ، قال : ثم قال : يا غلام من أي البلاد أنت؟ قلت : من أهل العراق قال : بخ بخ (4) ، ثم سكت ساعة ، ثم قال : اكتب يا أخا أهل العراق » بسم اللّه الرحمن الرحيم سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : المؤذنون أمناء المؤمنين على صلواتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم (5) ،

ص: 292


1- الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم ورواه الكليني في الكافي ج 3 ص 308 عن علي بن مهزيار عن محمد بن راشد عن هشام.
2- الأدمة : السمرة الشديدة واللون المائل إلى الغبرة والمائل إلى السواد.
3- الطمر - بالكسر - : الثوب الخلق والكساء البالي من غير صوف.
4- كلمة يقال عند المدح والرضا والاعجاب بالشئ ولعله قال ذلك لكون أهل العراق أكثرهم من شيعة علي عليه السلام في تلك الأيام.
5- كونهم أمناء المؤمنين في الصلاة والصوم ظاهر حيث إن بيان أوقاتهما موكول إليهم ، وأما كونهم أمناء على اللحوم والدماء كناية عن قبول شهادتهم في جميع الأشياء المتعلقة بالمؤمنين فان اللحوم والدماء أعز ما يتعلق بهم كما يفهم من قوله صلى اللّه عليه وآله لعلى عليه السلام « لحمك لحمي ودمك دمى » فإذا قبل قولهم فيهما قبل في غيرهما بالأولى ، وقد يقال : المراد بذلك أن المسلمين إذا هموا بقتل أهل بلد من بلاد الكفار وجرحهم وسبى ذراريهم إذا سمعوا المؤذن يؤذن فيها قبلوا قوله في اسلامهم وكفوا عنهم ولذا قيل : لو ترك أهل بلد الاذان قوتلوا ( مراد ) أقول : حكى عن البخاري روى في صحيحه أن النبي صلى اللّه عليه وآله كان كلما أراد أن يحارب مع قوم بعث رجلا إليهم فان سمع منهم الاذان لم يحارب معهم فالقوم بسبب أذان المؤذنين عصم أموالهم ودماؤهم. هذا وقال سلطان العلماء : هذا مؤيد لما ذهب إليه ابن الجنيد من عدم الاعتداد بأذان الفاسق و لعلّ المراد بكونهم أمناء على لحومهم و دمائهم أن بسبب أذانهم صار لحومهم و دماؤهم محفوظا من النار اذ هو الباعث على صلاتهم أو المراد بسبب أذانهم يعلم أنهم مسلمون فيصيرون محفوظين من القتل و الاسر، و يحتمل أن المراد بلحومهم و دمائهم ذبائحهم فان باذان المؤمنين يعلم إسلام بلدهم فيعلم حل ذبحهم و اللّه أعلم.

لا يسألون اللّه عزوجل شيئا إلا أعطاهم ، ولا يشفعون في شئ إلا شفعوا.

قلت : زدني يرحمك اللّه. قال : اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم « سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : من أذن أربعين عاما محتسبا بعثه اللّه عزوجل يوم القيامة وله عمل أربعين صديقا عملا مبرورا متقبلا ».

قلت : زدني يرحمك اللّه ، قال : أكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم « سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول : من أذن عشرين عاما بعثه اللّه عزوجل يوم القيامة وله من النور مثل زنة السماء ».

قلت : زدني يرحمك اللّه ، قال : اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم « سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : من أذن عشر سنين أسكنه اللّه عزوجل مع إبراهيم الخليل عليه السلام في قبته ، أو في درجته ».

قلت : زدني يرحمك اللّه عزوجل ، قال : اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم « سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : من أذن سنة واحدة بعثه اللّه عزوجل يوم القيامة وقد غفرت ذنوبه كلها بالغة ما بلغت ولو كانت مثل زنة جبل أحد ».

قلت : زدني يرحمك اللّه قال : نعم فاحفظ واعمل واحتسب « سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

ص: 293

يقول : من أذن في سبيل اللّه صلاة واحدة إيمانا واحتسابا وتقربا إلى اللّه عزوجل غفر اللّه له ما سلف من ذنوبه ومن عليه بالعصمة فيما بقي من عمره ، وجمع بينه وبين الشهداء في الجنة ».

قلت : زدني يرحمك اللّه حدثني بأحسن ما سمعت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : ويحك يا غلام قطعت أنياط (1) قلبي ، وبكي وبكيت حتى أني واللّه لرحمته ، ثم قال : اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم « سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : إذا كان يوم القيامة وجمع اللّه عزوجل الناس في صعيد واحد بعث اللّه عزوجل إلى المؤذنين بملائكة من نور ومعهم ألوية وأعلام من نور (2) يقودون جنائب (3) أزمتها زبرجد أخضر ، وحقايبها المسك الأذفر (4) يركبها المؤذنون فيقومون عليها قياما تقودهم الملائكة ينادون بأعلا صوتهم بالاذان ، ثم بكى بكاء شديدا حتى انتحبت (5) وبكيت فلما سكت قلت : ممن بكاؤك؟ فقال : ويحك ذكرتني أشياء سمعت حبيبي وصفيي عليه السلام يقول : « والذي بعثي بالحق نبيا إنهم ليمرون على الخلق قياما على النجائب (6)

ص: 294


1- النياط - ككتاب - : عرق غليظ يناط به القلب إلى الوتين فإذا قطع مات صاحبه وقوله « ويحك » كلمة رحمة ، ويقابلها « ويلك ».
2- ألوية جمع اللواء وهي العلم - بفتح اللام - والاعلام اما تفسير للألوية واما المعقود عليها الألوية ويكون اللواء ما يعقد عليه العلم واما أن يكون أحدهما الصغير والاخر الكبير. (م ت)
3- الجنائب جمع جنيبة وهي فرس تقاد ولا تركب ، فعيلة بمعنى مفعولة ومنه جنبته أجنبه من باب قتل إذا قدته إلى جنبك. والأزمة جمع زمام ( المصباح المنير ).
4- الحقائب جمع الحقيبة وهي كل ما يشد في مؤخر القتب وفى المصباح الحقيبة العجيزة والجمع حقائب : سمى ما يحمل من القماش على الفرس خلف الراكب حقيبة مجازا لأنه محمول على العجز. وفى كنز اللغة حقايب است وآن توشه دان وخرجين است. وفى بعض النسخ خفايفها ولعله جمع اخفاف وهي جمع الخف أي خف البعير والمراد بالاذفر الكثير الرائحة
5- النحيب أشد البكاء ونحب فلان من باب ضرب بكى ، وانتحب أي تنفس شديدا ورفع صوته بالبكاء.
6- النجيب : الحسيب الكريم ومن الإبل كريمها والجمع نجائب.

فيقولون : « اللّه أكبر ، اللّه أكبر » فإذا قالوا ذلك سمعت لامتي ضجيجا ، فسأله أسامة ابن زيد عن ذلك الضجيج ما هو؟ قال : الضجيج التسبيح والتحميد والتهليل ، فإذا قالوا : « أشهد أن لا إله إلا اللّه » قالت أمتي : نعم إياه كنا نعبد في الدنيا ، فيقال : صدقتم ، فإذا قالوا : « أشهد أن محمدا رسول اللّه » قالت أمتي : هذا الذي أتانا برسالة ربنا جل جلاله وآمنا به ولم نره ، فيقال لهم : صدقتم هذا الذي أدى إليكم الرسالة من ربكم وكنتم به مؤمنين ، فحقيق على اللّه عزوجل أن يجمع بينكم وبين نبيكم ، فينتهي بهم إلى منازلهم ، وفيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

ثم نظر إلي فقال : إن استطعت - ولا قوة إلا باللّه - أن لا تموت إلا وأنت مؤذن فافعل ، فقلت : يرحمك اللّه تفضل علي وأخبرني فإني فقير محتاج وأد إلي ما سمعت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فإنك قد رأيته ولم أره ، وصف لي كيف وصف لك رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بناء الجنة؟ فقال : أكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم « سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : إن سور الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ولبنة من ياقوت وملاطها (1) المسك الأذفر ، وشرفها الياقوت الأحمر والأخضر والأصفر ، قلت : فما أبوابها؟ قال : إن أبوابها مختلفة باب الرحمة من ياقوتة حمراء ، قلت : فما حلقته؟ فقال : و كف عني فقد كلفتني شططا (2) قلت : ما أنا بكاف عنك حتى تؤدي إلي ما سمعت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم.

قال : اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم » أما باب الصبر فباب صغير ، مصراع واحد من ياقوتة حمراء لا حلق له ، وأما باب الشكر فإنه من ياقوتة بيضاء لها مصراعان مسيرة ما بينهما مسيرة خمسمائة عام ، له ضجيج وحنين يقول : « اللّهم جئني بأهلي » قال : قلت : هل يتكلم الباب قال : نعم ينطقه اللّه ذو الجلال والاكرام ، وأما باب البلاء قلت : أليس باب البلاء هو باب الصبر؟ قال : لا ، قلت : فما البلاء؟ قال : المصائب و

ص: 295


1- الملاط : الطين الذي يجعل بين سافي البناء يملط به الحائط ( الصحاح ).
2- الشطط : مجاوزة الحد والقدر أي كلفتني مشكلا.

السقام والأمراض والجذام وهو باب من ياقوتة صفراء مصراع واحد ، ما أقل من يدخل فيه.

قلت : يرحمك اللّه زدني وتفضل علي فإني فقير ، فقال : يا غلام لقد كلفتني شططا ، أما الباب الأعظم فيدخل منه العباد الصالحون ، وهم أهل الزهد والورع و الراغبون إلى اللّه عزوجل المستأنسون به ، قلت : يرحمك اللّه فإذا دخلوا الجنة فماذا يصنعون؟ قال : يسيرون على نهرين في ماء صاف في سفن الياقوت ، مجاذيفها (1) اللؤلؤ ، فيها ملائكة من نور ، عليهم ثياب خضر شديدة خضرتها.

قلت : يرحمك اللّه هل يكون من النور أخضر ، قال : إن الثياب هي خضر ولكن فيها نور من نور رب العالمين جل جلاله ليسيروا على حافتي ذلك النهر ، قلت : فما اسم ذلك النهر؟ قال : جنة المأوى ، قلت : هل وسطها غيرها؟ قال : نعم جنة عدن وهي في وسط الجنان ، وأما جنة عدن فسورها ياقوت أحمر وحصاها اللؤلؤ ، فقلت : وهل فيها غيرها؟ قال : نعم جنة الفردوس ، قلت : فكيف سورها؟ قال : ويحك كف عني جرحت علي قلبي (2) ، قلت : بل أنت الفاعل بي ذلك ، قلت : ما أنا بكاف عنك حتى تتم لي الصفة وتخبرني عن سورها ، قال : سورها نور ، قلت : ما الغرف التي فيها؟ قال : هي من نور رب العالمين عزوجل.

قلت : زدني يرحمك اللّه ، قال : ويحك إلى هذا إنتهى بي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله طوبى لك إن أنت وصلت إلى ماله هذه الصفة ، وطوبى لمن يؤمن بهذا ، قلت : يرحمك اللّه أنا واللّه من المؤمنين بهذا. قال : ويحك إنه من يؤمن بهذا أو يصدق بهذا الحق

ص: 296


1- في بعض النسخ « مجاذيفها » في الصحاح : المجذاف : ما تجذف به السفينة وبالدال أيضا ، وفيه عن الكسائي : جدف الطائر يجدف جدوفا إذا كان مقصوصا فرأيته إذا طار كأنه يرد جناحيه إلى خلفه ، وقال الأصمعي : ومنه سمى مجداف السفينة وجناحا الطائر مجدافا ، وقال ابن دريد : مجداف السفينة بالدال والذال جميعا لغتان فصيحتان ، وفى الصراح مجداف : بيل كشتى وبال مرغ.
2- في بعض النسخ « جرت على قلبي » وفى بعضها « حيرت » وفى بعضها « جربت ».

والمنهاج لم يرغب في الدنيا ولا في زينتها وحاسب نفسه بنفسه ، قلت : أنا مؤمن بهذا قال : صدقت ولكن قارب وسدد ولا تيأس ، واعمل ولا تفرط ، وارج وخف و احذر (1).

ثم بكى وشهق ثلاث شهقات فظننا أنه قد مات ، ثم قال : فداكم أبى وأمي لو رآكم محمد صلى اللّه عليه وآله لقرت عينه حين تسألون عن هذه الصفة ، ثم قال : النجاء النجاء الوحا الوحا (2) الرحيل الرحيل ، العمل العمل ، وإياكم والتفريط ، وإياكم والتفريط ، ثم قال : ويحكم اجعلوني في حل مما قد فرطت ، فقلت له : أنت في حل مما قد فرطت جزاك اللّه الجنة كما أديت وفعلت الذي يجب عليك ، ثم ودعني وقال : اتق اللّه وأد إلى أمة محمد صلى اللّه عليه وآله ما أديت إليك. فقلت له : أفعل إن شاء اللّه ، قال : أستودع اللّه دينك وأمانتك وزودك التقوى وأعانك على طاعته بمشيئته ».

وقد أذن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فكان يقول : أشهد أني رسول اللّه وقد كان يقول فيه : أشهد أن محمدا رسول اللّه لان الاخبار قد وردت بهما جميعا.

وكان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله مؤذنان أحدهما بلال والآخر ابن أم مكتوم ، وكان ابن أم مكتوم أعمى ، وكان يؤذن قبل الصبح.

906 - وكان بلال يؤذن بعد الصبح ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « إن ابن أم مكتوم يؤذن بالليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان بلال » فغيرت العامة هذا الحديث عن جهته وقالوا : إنه عليه السلام قال : « إن بلالا يؤذن بليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم ».

907 - وروي أنه « لما قبض النبي صلى اللّه عليه وآله امتنع بلال من الاذان وقال : لا

ص: 297


1- « قارب » أي اقتصد. « سدد » أي في أمورك. « ولا تيأس » أي من روح اللّه. « ولا تفرط » أي لا تقصر في العمل الصالح. « وارج » أي غفران اللّه تعالى. « وخف » أي من سخط اللّه سبحانه. « واحذر » أي من المعاصي. ( مراد )
2- الوحا - بالقصر والمد - : السرعة يعنى البدار البدار وهو منصوب على الاغراء بفعل مضمر. وكذا النجاء ممدودا : بمعنى السرعة والسبقة.

أؤذن لاحد بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وإن فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم : إني أشتهي أن أسمع صوت مؤذن أبي عليه السلام بالاذان فبلغ ذلك بلالا فأخذ في الاذان ، فلما قال :  « اللّه أكبر ، اللّه أكبر » ذكرت أباها عليه السلام وأيامه فلم تتمالك من البكاء ، فلما بلغ إلى قوله : « أشهد أن محمدا رسول اللّه » شهقت فاطمة عليها السلام شهقة وسقطت لوجهها وغشي عليها ، فقال الناس لبلال : أمسك يا بلال فقد فارقت ابنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الدنيا وظنوا أنها قد ماتت فقطع أذانه ولم يتمه ، فأفاقت فاطمة عليها السلام وسألته أن يتم الاذان فلم يفعل ، وقال لها : يا سيدة النسوان إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالاذان فأعفته عن ذلك.

908 - وقال الصادق عليه السلام : « ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا استلام الحجر ، ولا دخول الكعبة ، ولا الهرولة بين الصفا والمروة (1) ولا الحلق ، إنما يقصرن من شعورهن ».

وروي أنه يكفيها من التقصير مثل طرف الأنملة (2).

909 - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام : « ليس على المرأة أذان ولا إقامة إذا سمعت أذان القبيلة وتكفيها الشهادتان ، ولكن إذا أذنت وأقامت فهو أفضل ».

وليس في صلاة العيدين أذان ولا إقامة أذانهما طلوع الشمس.

910 - وقال الصادق عليه السلام : « إن تغولت لكم الغول فأذنوا ». (3)

ص: 298


1- محمول على عدم تأكد الاستحباب في غير الجمعة والهرولة. فإنهما ساقطتان عنهن ، وكذا صلاة العيدين.
2- في الكافي ج 4 ص 503 باسناد صحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تقصر المرأة من شعرها لعمرتها قدر أنملة ».
3- في النهاية : « الغول : أحد الغيلان وهي جنس من الجن أو الشياطين. كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولا : أي تتلون تلونا في صور شتى ، وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم - انتهى » أي إذا تشكلت وتلونت لكم الغول فادفعوا شره بذكر اللّه تعالى والاذان. وقال الفاضل التفرشي : لعل معناه إذا وقعتم في المهلكة كما قيل في معنى غالته غول.

911 - وقال عليه السلام : « المولود إذا ولد يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى ».

912 - وقال عليه السلام : « من لم يأكل اللحم أربعين يوما ساء خلقه ومن ساء خلقه فأذنوا في أذنه ».

913 - وقال عليه السلام : « كان اسم النبي صلى اللّه عليه وآله يكرر في الاذان فأول من حذفه ابن أروى »(1).

وري أنه كان بالمدينة إذا أذن المؤذن يوم الجمعة نادى مناد : حرم البيع لقول اللّه عزوجل « يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع ».

914 - وفيما ذكره الفضل بن شاذان رحمه اللّه من العلل عن الرضا عليه السلام أنه قال : « إنما أمر الناس بالاذان لعلل كثيرة ، منها أن يكون تذكيرا للناسي ، و تنبيها للغافل ، وتعريفا لمن جهل الوقت واشتغل عنه ، ويكون المؤذن بذلك داعيا لعبادة الخالق ومرغبا فيها ، ومقرا له بالتوحيد ، ومجاهرا بالايمان ، معلنا بالاسلام مؤذنا لمن ينساها ، وإنما يقال له : مؤذن لأنه يؤذن بالاذان بالصلاة (2) ، وإنما بدء فيه بالتكبير وختم بالتهليل لان اللّه عزوجل أراد أن يكون الا بذكره واسمه ، واسم اللّه في التكبير في أول الحرف وفي التهليل في آخره ، إنما جعل مثنى مثنى ليكون تكرارا في آذان المستمعين ، مؤكدا عليهم إن سها أحد عن الأول لم يسه عن الثاني ولان الصلاة ركعتان ركعتان فلذلك جعل الاذان مثنى مثنى ، وجعل التكبير في أول الاذان أربعا لان أول الاذان إنما يبدأ غفلة ، وليس قبله كلام ينبه المستمع له فجعل الأوليان تنبيها للمستمعين لما بعده في الاذان ، وجعل بعد التكبير الشهادتان لان أول الايمان هو التوحيد ، والاقرار لله تبارك وتعالى بالوحدانية ، والثاني الاقرار للرسول صلى اللّه عليه وآله بالرسالة وأن إطاعتهما ومعرفتهما مقرونتان ، ولان أصل الايمان

ص: 299


1- يحتمل أن يكون المراد بتكرار اسمه صلى اللّه عليه وآله تكراره باعتبار الصلاة عليه عند ذكره في الاذان والمراد بابن أروى هو عثمان لان اسم أمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس كما في المعارف لابن قتيبة.
2- الباء الأولى للسببية والثانية للصلة. ( مراد ).

إنما هو الشهادتان فجعل شهادتين شهادتين كما جعل في سائر الحقوق شاهدان فإذا أقر العبد لله عزوجل بالوحدانية وأقر للرسول صلى اللّه عليه وآله بالرسالة فقد أقر بجملة الايمان لان أصل الايمان إنما هو باللّه وبرسوله ، وإنما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة لان الاذان إنما وضع لموضع الصلاة وإنما هو نداء إلى الصلاة في وسط الاذان ودعاء إلى الفلاح وإلى خير العمل ، وجعل ختم الكلام باسمه كما فتح باسمه ».

باب 45: وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها

915 - روي عن حماد بن عيسى (1) أنه قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام يوما :  تحسن أن تصلي يا حماد؟ قال : قلت : يا سيدي أنا أحفظ كتاب حريز(2) في الصلاة، قال : فقال عليه السلام : لا عليك (3) قم فصل ، قال : فقمت بين يديه متوجها إلى القبلة فاستفتحت الصلاة وركعت وسجدت ، فقال : يا حماد لا تحسن أن تصلي ، ما أقبح بالرجل (4) أن تأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامة ، قال حماد : فأصابني في نفسي الذل ، فقلت : جعلت فداك فعلمني الصلاة ، فقام أبو عبد اللّه عليه السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضم أصابعه وقرب بين قدميه حتى كان بينهما ثلاث أصابع مفرجات ، فاستقبل بأصابع رجليه جميعا لم يحرفهما عن القبلة بخشوع واستكانة (5) فقال : « اللّه أكبر » ثم قرأ الحمد بترتيل ،

ص: 300


1- الطريق صحيح كما في ( صه ).
2- بفتح الحاء كشريف - ثقة كوفي.
3- أي لا بأس عليك.
4- زاد في الكافي والتهذيب « منكم » أي من الشيعة أو من خواصهم.
5- « بخشوع » أي بتذلل وخوف وخضوع. قال الجوهري : خشع ببصره أي غضه. وقال الفيض - رحمه اللّه - : الخشوع يكون بالقلب والجوارح فبالقلب أن يجمع الهمة ويفرغ قلبه عن غير العبادة والمعبود ، وبالجوارح أن يغض بصره ويقبل على العبادة ولا يلتفت ولا يعبث.

وقل هو اللّه أحد ، ثم صبر هنيئة بقدر ما يتنفس وهو قائم ، ثم قال : « اللّه أكبر » وهو قائم ، ثم ركع وملا كفيه من ركبتيه (1) مفرجات ، ورد ركبتيه إلى خلفه حتى استوى ظهره حتى لو صب عليه قطرة ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره ورد ركبتيه إلى خلفه ونصب عنقه وغمض عينيه (2) ، ثم سبح ثلاثا بترتيل (3) وقال : « سبحان ربي العظيم وبحمده » ثم استوى قائما ، فلما استمكن من القيام قال : « سمع اللّه لمن حمده » ثم كبر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه (4) وسجد ووضع يديه إلى الأرض قبل ركبتيه فقال : « سبحان ربي الأعلى وبحمده » ثلاث مرات ، ولم يضع شيئا من بدنه على شئ منه ، وسجد على ثمانية أعظم : الجبهة والكفين وعيني الركبتين (5) وأنامل إبهامي الرجلين والأنف. فهذه السبعة فرض ، ووضع الانف على الأرض سنة وهو الارغام (6) ثم رفع رأسه من السجود فلما استوى جالسا قال :

ص: 301


1- أي ماسها بكلا كفيه ولم يكتف بوضع أطرافها. ( الوافي )
2- قوله « غمض عينيه » لا ينافي ما اشتهر بين الأصحاب من استحباب النظر إلى ما بين القدمين لان التغميض قول حماد لا قول الإمام (عليه السلام) وحكى ما رآه منه وحيث انه (عليه السلام) خفض طرفه في حال الركوع زعم حماد أنه غمض عينيه ، والناظر إلى ما بين القدمين يقرب صورته من صورة المغمض. والمصلى إذا خفض طرفه في حال القيام وقع نظره إلى محل سجدته و في حال الركوع إلى ما بين قدميه وفى حال السجود إلى طرفي أنفه وفى حال التشهد إلى حجره وهو من علامات الخشوع وأماراته.
3- الترتيل : التأني وتبيين الحروف ، وفى رواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله تعالى « ورتل القرآن ترتيلا » أنه حفظ الوقوف وأداء الحروف.
4- حيال الوجه محاذاته أي لم يرفع (عليه السلام) يديه بالتكبير أزيد من حيال وجهه.
5- عين الركبة ما يقال له بالفارسية ( كاسهء زانو ) والتثنية باعتبار الركبتين وقيل لكل من الركبتين عينان وهما نقرتان مقدمها عند الساق.
6- في الكافي ج 3 ص 313 « وسجد على ثمانية أعظم : الكفين والركبتين وأنامل ابهامي الرجلين والجبهة والأنف وقال : سبعة منها فرض يسجد عليها وهي التي ذكرها اللّه في كتابه فقال : « وأن المساجد لله فلا تدعوا مع اللّه أحدا » وهي الجبهة والكفان والركبتان والابهامان ، ووضع الانف على الأرض سنة ».

اللّه أكبر « ثم قعد على جانبه الأيسر ووضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسر وقال : « استغفر اللّه ربي وأتوب إليه » ثم كبر وهو جالس وسجد الثانية ، وقال كما قال في الأولى ولم يستعن (1) بشئ من بدنه على شئ منه في ركوع ولا سجود ، وكان مجنحا (2) ولم يضع ذراعيه على الأرض ، فصلى ركعتين على هذا ، ثم قال : يا حماد هكذا صل » (3).

ولا تلتف ولا تعبث بيديك وأصابعك ، ولا تبزق عن يمينك ولا يسارك ولا بين يديك.

916 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا قمت إلى الصلاة فقل : اللّهم إني أقدم إليك محمدا بين يدي حاجتي وأتوجه إليك به فاجعلني به وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين واجعل صلاتي به مقبولة ، وذنبي به مغفورا ، ودعائي به مستجابا ، إنك أنت الغفور الرحيم ».

فإذا قمت إلى الصلاة فلا تأت بها شبعا (4) ولا متكاسلا ولا متناعسا (5) ولا

ص: 302


1- في بعض النسخ « لم يضع ».
2- التجنح : رفع الساعدين من الأرض متجافيا عن الجنبين ، معتمدا على الكفين ، كالجناحين.
3- الحديث في الكافي ج 3 ص 312 وفى التهذيب ج 1 ص 157 إلى هنا ، و يمكن أن يكون الباقي من كلام المؤلف - رحمه اللّه - أمن تتمة الخبر ولم يذكراه وقد ذكره المؤلف في العلل.
4- الشبع : ضد الجوع. وفى بعض النسخ « سغبا » أي في حالة الجوص. وفى بعضها « شعيا » ولعل المراد بالشعي كونه متفرق الخاطر ، وفى الصحاح : جاءت الخيل شواعى وشوايع أي متفرقة.
5- الكسل : التثاقل عن الامر ، والمتناعس هو الذي يأخذه النعاس وهو مقدمة النوم.

مستعجلا ، ولكن على سكون ووقار ، فإذا دخلت في صلاتك فعليك بالتخشع والاقبال على صلاتك فإن اللّه عزوجل يقول « والذين هم في صلاتهم خاشعون » ويقول « وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين » واستقبل القبلة بوجهك ، ولا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك ، وقم منتصبا فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « من لم يقم صلبه فلا صلاة له » واخشع ببصرك ولا ترفعه إلى السماء ، وليكن نظرك إلى موضع سجودك ، واشغل قلبك بصلاتك فإنه لا يقبل من صلاتك إلا ما أقبلت عليه منها بقلبك ، حتى أنه ربما قبل من صلاة العبد ربعها أو ثلثها أو نصفها ، ولكن اللّه عزوجل يتمها للمؤمنين بالنوافل ، وليكن قيامك في الصلاة قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل ، واعلم أنك بين يدي من يراك ولا تراه ، وصل صلاة مودع كأنك لا تصلي بعدها أبدا ، ولا تعبث بلحيتك ولا برأسك ولا بيديك ، ولا تفرقع أصابعك ، ولا تقدم رجلا على رجل ، وزاوج (1) بين قدميك واجعل بينهما قدر ثلاث أصابع إلى شبر ، ولا تتمطأ ولا تتثاءب (2) ولا تضحك فان القهقهة تقطع الصلاة ، ولا تتورك فإن اللّه عزوجل قد عذب قوما على التورك ، كان أحدهم يضع يديه على وركيه من ملالة الصلاة ، ولا تكفر فإنما يصنع ذلك المجوس (3) ، وأرسل يديك وضعهما على فخذيك قبالة ركبتيك فإنه أحرى أن تهتم بصلاتك ، ولا تشغل عنها نفسك فإنك إذا حركتها كان ذلك يلهيك ، ولا تستند إلى جدار إلا أن تكون مريضا ، ولا تلتفت عن يمينك ولا عن يسارك ، فإن التفت حتى ترى من خلفك فقد وجب عليك إعادة الصلاة ، وإن العبد إذا التفت في صلاة ناداه اللّه عزوجل فقال : عبدي إلى من تلتفت إلى من هو خير لك مني ، فإن التفت ثلاث مرات صرف اللّه عزوجل عنه نظره فلم ينظر إليه بعد ذلك أبدا ، ولا تنفخ في موضع سجودك فإذا

ص: 303


1- فرقع الأصابع أي نقضها وغمزها حتى يسمع لمفاصلها صوت ، وزاوج أي قارن.
2- التمطى : مد اليدين ، ما يقال له بالفارسية : ( خميازه ) والتثاؤب : فتح الفم و ما يقال له بالفارسية : ( دهان دره ).
3- التفكير وضع إحدى اليدين على الأخرى محاذيا للصدر في حال القيام.

أردت النفخ فليكن قبل دخولك في الصلاة فإنه يكره ثلاث نفخات (1) في موضع السجود وعلى الرقي وعلى الطعام الحار ، ولا تبزق ولا تمخط ، فإن من حبس ريقه إجلالا لله تعالى في صلاته أورثه اللّه عزوجل صحة إلى الممات ، وارفع يديك بالتكبير (2) إلى نحرك ولا تجاوز بكفيك أذنيك حيال خديك ثم ابسطهما بسطا وكبر ثلاث تكبيرات وقل « اللّهم أنت الملك الحق المبين ، لا إله إلا أنت ، سبحانك وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت » ، ثم كبر تكبيرتين في ترسل (3) ترفع بهما يديك وقل : « لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشر ليس إليك ، والمهدي من هديت ، عبدك وابن عبدك بين يديك ، منك وبك ولك وإليك ، لا ملجأ ولا منجا ولا مفر منك إلا إليك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك وحنانيك (4) ، سبحانك رب البيت الحرام » ثم كبر تكبيرتين وقل : « وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ، على ملة إبراهيم ودين محمد [ صلى اللّه عليه وآله ] ومنهاج علي ، حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم اللّه الرحمن الرحيم » وإن شئت كبرت سبع تكبيرات ولاء إلا أن الذي وصفناه

ص: 304


1- أي يكره النفخ في ثلاثة مواضع. والرقى بالضم - جمع الرقية وهي معروفة.
2- لعل الباء بمعنى « مع » فيدل على أن ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير وانتهاءه مع انتهائه مبسوط اليدين.
3- أي بتثبت وتأن وطمأنينة ، في النهاية « إذا أذنت فترسل » أي تأن ولا تعجل وترسل الرجل في كلامه ومشيه إذا لم يعجل وهو والترتيل سواء الا أن الأخير مستعمل في القراءة.
4- قوله « لبيك وسعديك » أي إقامة على طاعتك بعد إقامة ، ومساعدة على امتثال أمرك بعد مساعدة ، وقوله « والشر ليس إليك » أي ليس منسوبا إليك ولا صادرا عنك. والحنان بتخفيف النون : الرحمة ، و « سبحانك وحنانيك » أي أنزهك عما لا يليق بك تنزيها والحال أنى أسألك رحمة بعد رحمة ، أو أطلب ترحمك بعد ترحم ، وحنانك بعد حنان ، أو ترحم على مرة بعد مرة.

تعبد. (1) وإنما جرت السنة في افتتاح الصلاة بسبع تكبيرات لما رواه زرارة :

917 - عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلى الصلاة وقد كان الحسين عليه السلام أبطأ عن الكلام حتى تخوفوا أنه لا يتكلم وأن يكون به خرس ، فخرج صلى اللّه عليه وآله به حاملا (2) على عاتقه وصف الناس خلفه ، فأقامه على يمينه فافتتح رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الصلاة فكبر الحسين عليه السلام ، فلما سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله تكبيره عاد فكبر وكبر الحسين عليه السلام حتى كبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم سبع تكبيرات وكبر الحسين عليه السلام فجرت السنة بذلك ».

918 - وقد روى هشام بن الحكم ، عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما السلام لذلك علة أخرى ، وهي « أن النبي صلى اللّه عليه وآله لما أسري به إلى السماء قطع سبعة حجب فكبر عند كل حجاب تكبيرة فأوصله اللّه عزوجل بذلك إلى منتهى الكرامة ».

919 - وذكر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام علة أخرى ، وهي « أنه إنما صارت التكبيرات في أول الصلاة سبعا لان أصل الصلاة ركعتان واستفتاحهما بسبع تكبيرات ، تكبيرة الافتتاح ، وتكبيرة الركوع ، وتكبيرتي السجدتين ، وتكبيرة الركوع في الثانية ، تكبيرتي السجدتين (3) ، فإذا كبر الانسان في أول صلاة سبع

ص: 305


1- لعل المراد بالتعبد الاقرار بالربوبية. ومن قوله : « فإذا قمت إلى الصلاة فلا تأت بها شبعا » إلى هنا غير معلوم لنا أكله من كلام الصادق (عليه السلام) أو جمعه المؤلف من كلماتهم المتفرقة في تضاعيف أخبارهم ، والمظنون عندي جدا أنه من كلامه - رحمه اللّه - أخذه من أخبار شتى ولا يسعنا تفكيكها وتخريجها.
2- في بعض النسخ « حامله » وهي بالنصب على الحالية حيث إن الإضافة اللفظية لا تفيد تعريفا ومعنى التعليل هنا أن ذلك صار سببا لشرع التكبيرات بإذن اللّه تعالى. ( مراد )
3- لعل المراد باستفتاح الركعتين بالسبع التكبيرات التي يستفتح بها كل فعل و لهذا لم يعد منها الأربع التي بعد الرفع من السجدات ( الوافي ) وقال الفاضل التفرشي : قوله « وتكبيرتي السجدتين » أي التكبيرتين اللتين شرع كل منهما لأجل سجدة وإن كان لكل سجدة تكبيرتان ، فالمقصود ذكر ما لأجله التكبير وهو سبعة ، ويمكن أن يراد باستفتاح الركعتين استفتاح أجزائهما فيكون لكل سجدة تكبيرة واحدة وحينئذ يحمل الاستفتاح على ظاهره وان احتيج إلى حذف مضاف.

تكبيرات ثم نسي شيئا من تكبيرات الافتتاح من بعد أو سهى عنها لم يدخل عليه نقص في صلاته ».

وهذه العلل كلها صحيحة وكثرة العلل للشئ تزيده تأكيدا ، ولا يدخل هذا في التناقض ، وقد يجزي في الافتتاح تكبيرة واحدة.

920 - و « كان رسول اللّه اللّه عليه وآله وسلم أتم الناس صلاة وأوجزهم ، كان إذا دخل في صلاة قال : اللّه أكبر بسم اللّه الرحمن الرحيم ».

921 - و « سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : يا بن عم خير خلق اللّه تعالى ما معنى رفع يديك في التكبيرة الأولى؟ فقال عليه السلام : معناه اللّه أكبر الواحد الأحد الذي ليس كمثله شئ ، لا يلمس بالأخماس (1) ولا يدرك بالحواس ».

فإذا كبرت تكبيرة الافتتاح فاقرأ الحمد لله وسورة معها موسع عليك أي السور قرأت في فرائضك إلا أربع سور ، وهي سورة والضحى وألم نشرح لأنهما جميعا سورة واحدة ، ولايلاف وألم تر كيف لأنهما جميعا سورة واحدة ، فان قرأتهما كان قراءة الضحى وألم نشرح في ركعة واحدة ، ولايلاف وألم تر كيف في ركعة ، ولا تنفرد بواحدة من هذه الأربع السور في ركعة فريضة ، ولا تقرن بين سورتين في فريضة فأما في النافلة فاقرن ما شئت ، ولا تقرأ في الفريضة شيئا من العزائم الأربع وهي سورة سجدة لقمان ، و حم السجدة ، والنجم ، وسورة اقرأ باسم ربك.

ومن قرأ شيئا من العزائم الأربع (2) فليسجد وليقل : « إلهي آمنا بما كفروا وعرفنا منك ما أنكروا ، وأجبناك إلى ما دعوا ، إلهي فالعفو العفو » ثم يرفع رأسه ويكبر.

922 - وقد روي أنه يقول في سجدة العزائم « لا إله إلا اللّه حقا حقا لا إله إلا اللّه إيمانا وتصديقا ، لا إله إلا اللّه عبودية ورقا ، سجدت لك يا رب تعبدا

ص: 306


1- المراد بالأخماس الأصابع الخمس لان اختبار الملموسات بها غالبا. ( مراد )
2- أي في غير الصلاة ، أو في الصلاة سهوا. ( سلطان ).

ورقا ، لا مستنكفا ولا مستكبرا ، بل أنا عبد ذليل خائف مستجير » ثم يرفع رأسه ثم يكبر.

ومن سمع رجلا يقرأ العزائم فليسجد وإن كان على غير وضوء ، ويستحب أن يسجد الانسان في كل سورة فيها سجدة إلا أن الواجب في هذه العزائم الأربع.

وأفضل ما يقرأ في الصلاة في اليوم والليلة في الركعة الأولى الحمد وإنا أنزلناه وفي الثانية الحمد وقل هو اللّه أحد إلا في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة ، فان الأفضل أن يقرأ في الأولى منها الحمد وسور الجمعة ، وفي الثانية الحمد وسبح اسم وفي صلاة الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة في الأولى الحمد وسورة الجمعة ، وفي الثانية الحمد وسورة المنافقين ، وجايز أن يقرأ في العشاء الآخرة ليلة الجمعة وصلاة الغداة والعصر بغير سورة الجمعة والمنافقين ، ولا يجوز أن يقرأ في صلاة الظهر يوم الجمعة بغير سورة الجمعة والمنافقين ، فإن نسيتهما أو واحدة منهما في صلاة الظهر وقرأت غيرهما ثم ذكرت فارجع إلى سورة الجمعة والمنافقين (1) ما لم تقرأ نصف السورة (2) فإن قرأت نصف السورة فتمم السورة واجعلهما ركعتي نافلة وسلم فيهما ، وأعد صلاتك بسورة الجمعة والمنافقين.

وقد رويت رخصة في القراءة في صلاة الظهر (3) بغير سورة الجمعة والمنافقين لا استعملها ولا أفتي بها إلا في حال السفر والمرض وخيفة فوت حاجة.

وفي صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس في الركعة الأولى الحمد وهل أتى

ص: 307


1- هذا إذا أمكن الرجوع كما إذا كان في الركعة الأولى وقد نسي قراءة الجمعة أو كان في الركعة الثانية فنسي قراءة المنافقين وكان قد قرأ في الركعة الأولى سورة الجمعة ، أما إذا كان قد نسي قراءة الجمعة في الركعة الأولى وتذكر وهو في الركعة الثانية فلا يمكن الرجوع ، فمعنى قوله : « فان نسيتهما » فان نسيت كل واحدة منهما في موضعهما كما إذا نسي الجمعة في الركعة الأولى وتذكر قبل تجاوز النصف فيرجع ، ثم نسي المنافقين في الثانية وتذكر قبل تجاوز النصف أيضا. ( مراد )
2- راجع التهذيب ج 1 ص 220.
3- يعني في يوم الجمعة. وراجع التهذيب ج 1 ص 247.

على الانسان ، وفي الثانية الحمد وهل أتيك حديث الغاشية ، فان من قرأهما في صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس وقاه اللّه شر اليومين.

وحكى من صحب الرضا عليه السلام إلى خراسان لما أشخص إليها أنه كان يقرأ في صلاته بالسور التي ذكرناها فلذلك اخترناها من بين السور بالذكر في هذا الكتاب.

واجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم في جميع الصلوات ، واجهر بجميع القراءة في المغرب والعشاء الآخرة والغداة من غير أن تجهد نفسك أو ترفع صوتك شديدا ، وليكن ذلك وسطا لان اللّه عزوجل يقول : « ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ».

ولا تجهر بالقراءة في صلاة الظهر والعصر فان من جهر بالقراءة فيهما أو أخفى بالقراءة في المغرب والعشاء والغداة متعمدا فعليه إعادة صلاته فان فعل ذلك ناسيا فلا شئ عليه إلا يوم الجمعة في صلاة الظهر فإنه يجهر فيها.

وفي الركعتين الأخراوين بالتسبيح. (1)

923 - وقال الرضا عليه السلام : « إنما جعل القراءة في الركعتين الأولتين والتسبيح في الأخيرتين للفرق بين ما ما فرضه اللّه عزوجل من عنده ، وبين ما فرضه اللّه تعالى من عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » (2).

ص: 308


1- الظاهر أنه معطوف على قوله : « في الركعة الأولى » في قوله « وأفضل ما يقرأ في الصلاة في اليوم والليلة في الركعة الأولى الحمد ». ( سلطان )
2- ظاهر الصدوق - رحمه اللّه - تعين التسبيح مطلقا وذكر الخبر للاستشهاد ، و لما كانت الأخبار المتواترة مع الاجماع دالتين على التخيير بينهما فيحمل الخبر على أنه يتعين الحمد فيما فرضه اللّه ، ويجوز التسبيح فيما فرضه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وهذا القدر كاف للفرق. ( م ت) و قال الفاضل التفرشى: يمكن حمله على جواز التفويض أي يفوّض اللّه عزّ و جلّ بعض الاحكام الى نبيه( ص) و قد دلّ على ذلك أحاديث نقلت بعضها في أصول الفقه فيكون القسم الأوّل ممّا أوجبه اللّه تعالى و القسم الثاني ممّا فوّض ايجابه الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فخيّر بين القراءة و بين التسبيح فمعنى جعل القراءة في الركعتين الاولتين تعيينها و جعل التسبيح في الأخيرتين التخيير بينه و بين القراءة فلا منافاة بين هذا الحديث و بين ما دل على التخيير.

924 - وسأل محمد بن عمران (1) أبا عبد اللّه عليه السلام فقال : « لأي علة يجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة وسائر الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما؟ ولأي علة صار التسبيح في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟ قال : لان النبي صلى اللّه عليه وآله لما أسري به إلى السماء كان أول صلاة فرض اللّه عليه الظهر يوم الجمعة فأضاف اللّه عزوجل إليه الملائكة تصلي خلفه وأمر نبيه عليه السلام أن يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله (2) ، ثم فرض اللّه عليه العصر ولم يضف إليه أحدا من الملائكة (3) وأمره أن يخفي القراءة لأنه لم يكن وراءه أحد ، ثم فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة وأمره بالاجهار ، وكذلك العشاء الآخرة ، فلما كان قرب الفجر نزل ففرض اللّه عزوجل عليه الفجر وأمره بالاجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة ، فلهذه العلة يجهر فيها ، وصار التسبيح أفضل من القراءة في الأخيرتين لان النبي صلى اللّه عليه وآله لما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة اللّه عز وجل فدهش ، فقال : « سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر » ، فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة ».

925 - وسأل يحيى بن أكثم القاضي أبا الحسن الأول عليه السلام (4) « عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلوات النهار ، وإنما يجهر في صلاة الليل؟

ص: 309


1- في بعض النسخ « محمد بن حمران » ، وفى علل الشرايع مسندا عن محمد بن حمزة.
2- تعليل للإضافة أو للجهر ، وقال الفاضل التفرشي : أي بنزول القرآن عليه صلى اللّه عليه وآله الذي بلغ في البلاغة إلى ما ليس في طوق البشر.
3- يعنى لأجل العصر لم يضف إليه أحدا. وظاهر هذا الحديث يخالف المشهور من أنه (عليه السلام) أسرى به ليلة ورجع في تلك الليلة سريعا. وقال سلطان العلماء ما حاصله أن اللّه أمره صلى اللّه عليه وآله في الليل أن يفعل الظهر والعصر لأجل أن يعلم كيف يفعلهما من باب التعليم.
4- كذا في جميع النسخ وهو وهم ولعل لفظ « الأول » زيد من النساخ فان يحيى ابن أكثم لم يدرك موسى بن جعفر عليهما السلام ، والصواب « الثالث » (عليه السلام) كما في علل الشرايع. ويحيى هو القاضي المعروف ولاه هارون قضاء البصرة بعد ما عزل محمد بن عبد اللّه الأنصاري.

فقال : لان النبي صلى اللّه عليه وآله كان يغلس (1) بها فقر بها من الليل ».

926 - وفيما ذكره الفضل من العلل عن الرضا عليه السلام أنه قال : « أمر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا ، وليكن محفوظا مدروسا فلا يضمحل ولا يجهل ، وإنما بدء بالحمد دون سائر السور لأنه ليس شئ من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد ، وذلك أن قوله عزوجل(2) : « الحمد لله » إنما هو أداء لما أوجب اللّه عزوجل على خلقه من الشكر ، وشكر لما وفق عبده من الخير ، « رب العالمين » توحيد له وتحميد وإقرار بأنه هو الخالق المالك لا غيره ، « الرحمن الرحيم » استعطاف وذكر لآلائه ونعمائه على جميع خلقه ، « مالك يوم الدين » إقرار له بالبعث و الحساب والمجازاة وإيجاب ملك الآخرة له كايجاب ملك الدنيا ، « إياك نعبد » رغبة وتقرب إلى اللّه تعالى ذكره وإخلاص له بالعمل دون غيره ، « إياك نستعين » استزادة من توفيقه وعبادته ، واستدامة لما أنعم اللّه عليه ونصره « اهدنا الصراط المستقيم » استرشاد لدينه ، واعتصام بحبله ، واستزادة في المعرفة لربه عزوجل ، « صراط الذين أنعمت عليهم » توكيد في السؤال والرغبة ، وذكر لما قد تقدم من نعمه على أوليائه ، ورغبة في مثل تلك النعم ، « غير المغضوب عليهم » استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به وبأمره ونهيه « ولا الضالين » اعتصام من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، فقد اجتمع فيه من جوامع الخير والحكمة من أمر الآخرة والدنيا ما لا يجمعه شئ من الأشياء ».

وذكر العلة التي (3) من أجلها جعل الجهر في بعض الصلوات دون بعض ، أن الصلوات التي تجهر فيها إنما هي في أوقات مظلمة فوجب أن يجهر فيها ليعلم المار

ص: 310


1- التغليس : السير بغلس ، والغلس - بفتحتين - : ظلمة آخر الليل.
2- في عيون الأخبار « وذلك أن قوله : الحمد لله ».
3- هذا مضمون رواية ابن شاذان لا لفظها.

أن هناك جماعة فإن أراد أن يصلي صلى لأنه إن لم ير جماعة علم ذلك من جهة السماع ، والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما إنما هما بالنهار في أوقات مضيئة فهي من جهة الرؤية لا يحتاج فيهما إلى السماع.

فإذا قرأت (1) الحمد وسورة فكبر واحدة وأنت منتصب ثم اركع وضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى وضع راحتيك على ركبتيك ، وألقم أصابعك عين الركبة وفرجها ، ومد عنقك ويكون نظرك في الركوع ما بين قدميك (2) إلى موضع سجودك.

927 - و « سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا ابن عم خير خلق اللّه عزوجل ما معنى مد عنقك في الركوع؟ فقال : تأويله آمنت باللّه ولو ضربت عنقي ».

فإذا ركعت فقل « اللّهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وأنت ربي ، خشع لك وجهي وسمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعصبي وعظامي ، وما أقلت الأرض (3) مني لله رب العالمين » ثم قل : « سبحان ربي العظيم وبحمده » ثلاث مرات ، فإن قلتها خمسا فهو أحسن ، وإن قلتها سبعا فهو أفضل ، ويجزيك ثلاث تسبيحات تقول : « سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه » وتسبيحة تامة تجزي للمريض والمستعجل (4) ، ثم ارفع رأسك من الركوع وارفع

ص: 311


1- هذا من كلام المؤلف - رحمه اللّه - وجاءت بمضمونه روايات تقدم بعضها.
2- في الكافي ج 3 ص 319 هكذا « وليكن نظرك بين قدميك » وهكذا في التهذيب وليس فيهما « إلى موضع سجودك ».
3- في الكافي « وما أقلته قدماي غير مستنكف ومستكبر ولا مستحسر ، سبحان ربى - الخ » وأقله أي حمله ورفعه.
4- لعل المراد بالتسبيحة التامة « سبحان اللّه » فإنه تام لا يحتمل غير معناه ، بخلاف « سبحان ربى » عند الاكتفاء ، لان الرب عند الإضافة يحتمل غير المعنى المقصود ، كما يقال : رب الدار ، وحينئذ يكون موافقا لما في الشرايع من الحكم وإن كان مخالفا له في اطلاق التامة ، ويحتمل أن يراد بالتامة « سبحان ربى العظيم وبحمده » فيكون مذهبه مخالفا لمذهب المحقق في الشرايع. ( مراد )

يديك واستو قائما (1) ثم قل « سمع اللّه لمن حمده والحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم أهل الجبروت والكبرياء والعظمة » ويجزيك « سمع اللّه لمن حمده » (2) ثم كبر واهو إلى السجود ، وضع يديك جميعا معا قبل ركبتيك.

928 - وسأل طلحة السلمي(3) أبا عبد اللّه عليه السلام « لأي علة توضع اليدان على الأرض في السجود قبل الركبتين؟ فقال : لان اليدين بهما مفتاح الصلاة ».

وإن كان بين يديك وبين الأرض ثوب في السجود فلا بأس ، وإن أفضيت بهما إلى الأرض فهو أفضل.

929 - وروى إسماعيل بن مسلم عن الصادق عن أبيه عليهما السلام أنه قال : « إذا سجد أحدكم فليباشر بكفيه الأرض لعل اللّه يدفع عنه الغل (4) يوم القيامة ».

ويكون سجودك كما يتخوى البعير الضامر عند بروكه (5) وتكون شبه المعلق

ص: 312


1- يمكن أن يكون المراد رفع اليدين من الركبتين ( سلطان ) واستحباب الرفع لصحيحي ابن مسكان ومعاوية بن عمار المرويين في التهذيب ج 1 ص 155 قال معاوية : « رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع - الحديث » والاخر عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « في الرجل يرفع يده كلما أهوى للركوع والسجود وكلما رفع رأسه من ركوع أو سجود قال : هي العبودية ».
2- ضمن « سمع » معنى استجاب ( مراد ).
3- كذا في جميع النسخ التي عندي والظاهر تصحيفه للتشابه الخطى والصواب طلحة الشامي فان الألف إذا وصل بالميم يشبه « السلمي » وهو طلحة بن زيد الشامي بتري عامي له كتاب معتمد كما يظهر من فهرست الشيخ - رحمه اللّه - وطريق المؤلف إليه صحيح كما في الخلاصة.
4- في بعض النسخ « الغلل » ويمكن أن يكون المراد بالغل الجامعة التي تكون من الحديد ، أو العطش ففي القاموس : الغل والغلة - بضمهما - والغلل - محركة وكأمر - : العطش أو شدته أو حرارة الجوف.
5- خوى في سجوده تخوية : تجافى وفرج ما بين عضديه وجنبيه. وضمر الفرس من باب قعد : دق وقل لحمه. ( المصباح المنير ). و في الكافي بإسناده عن الصادق( ع) قال:« كان على صلوات اللّه عليه إذا سجد يتخوى كما يتخوى البعير الضامر- يعنى بروكه-».

لا يكون شئ من جسدك على شئ منه ، ويكون نظرك في السجود إلى طرف أنفك ، ولا تفترش ذراعيك كافتراش السبع ، ولكن اجنح بهما (1) ، وترغم بأنفك ، ويجزيك في موضع الجبهة من قصاص الشعر إلى الحاجبين مقدار درهم ، ومن لا يرغم بأنفه فلا صلاة له (2) ، وتقول في سجودك : « اللّهم لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، وعليك توكلت ، سجد لك وجهي وسمعي وبصري وشعري وبشري ومخي وعصبي وعظامي ، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك اللّه رب العالمين » ثم تقول : « سبحان ربي الأعلى وبحمده » ثلاث مرات فان قلتها خمسا فهو أحسن وإن قلتها سبعا فهو أفضل ، ويجزيك ثلاث تسبيحات تقول : « سبحان اللّه سبحان اللّه سبحان اللّه » وتسبيحة تامة تجزي للمريض والمستعجل ، ثم ارفع رأسك من السجود واقبض يديك إليك قبضا ، فإذا تمكنت من الجلوس فارفع يديك بالتكبير وقل بين السجدتين : « اللّهم اغفر لي وارحمني وأجرني (3) واهدني وعافني واعف عني » ويجزيك « اللّهم اغفر لي وارحمني » وارفع يديك وكبر (4) و اسجد الثانية وقل فيها ما قلت في الأولى ، ولا بأس بالاقعاء (5) فيما بين السجدتين ،

ص: 313


1- الأصح « اجتنح بهما » على صيغة الامر من باب الافتعال ، قال في المغرب : التجنح والاجتناح هو أن يعتمد على راحتيه في السجود مجافيا لذراعيه غير مفترشهما.
2- ظاهره الوجوب وان أمكن حمله على نفى الكمال كما تقدم في خبر حماد « أن وضع الأنف على الأرض سنة ».
3- يمكن أن يكون من الاجر من الإجارة بمعنى الحفظ في الكنف ، وفى بعض النسخ « واجبرني » ( مراد ).
4- في بعض النسخ « وارفع يديك مكبرا ».
5- لا ينافي الكراهة وقد روى الكليني في الكافي ج 3 ص 326 باسناده عن أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) قال : « لا تقع بين السجدتين اقعاء ».

ولا بأس به بين الأولى والثانية وبين الثالثة والرابعة (1) ولا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين (2) لان المقعي ليس بجالس إنما يكون بعضه قد جلس على بعضه فلا يصبر للدعاء والتشهد ، ومن أجلسه الامام في موضع يجب أن يقوم فيه فليتجاف (3).

والسجود منتهى العبادة من ابن آدم لله تعالى ذكره وأقرب ما يكون العبد إلى اللّه عزوجل إذا كان في سجوده وذلك قوله عزوجل : « واسجد واقترب ».

930 - و « سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال : له يا ابن عم خير خلق اللّه ما معنى السجدة الأولى؟ فقال : تأويلها » اللّهم إنك منها خلقتنا « يعني من الأرض وتأويل رفع رأسك » ومنها أخرجتنا « و [ تأويل ] السجدة الثانية » وإليها تعيدنا « ورفع رأسك » ومنها تخرجنا تارة أخرى.

931 - وسأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السلام « عن علة الصلاة كيف صارت ركعتين

ص: 314


1- أي يجوز الاقعاء بين الركعتين اللتين ليس بينهما التشهد ( مراد ) أقول : الاقعاء في الصلاة هو أن يضع أليتيه على عقبيه وجلس على باطن أصابع رجليه بين السجدتين أو في حال التشهد وهذا تفسير الفقهاء. وفى اللغة أن يلصق الرجل أليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويتساند إلى ظهره.
2- لما ورد النهى عنه في خبر زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في الوسائل نقلا عن السرائر وفيه لفظة « لا ينبغي » المشعر بالكراهة ، وظاهر المؤلف الحرمة وان أمكن حمله على الكراهة الشديدة أو على صورة عدم الاستقرار. وكلام المؤلف مضمون خبر رواه في معاني الأخبار ص 300 باسناده عن الصادق (عليه السلام) قال : « لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين وبين الركعة الأولى والثانية وبين الركعة الثالثة والرابعة وإذا أجلسك الامام في موضع يجب أن تقوم فيه فتجافى ، ولا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين الا من علة ، لان المقعي ليس بجالس إنما جلس بعضه على بعض ».
3- يعنى أن المأموم إذا أدرك الامام في الركعة الثانية فيلزمه إذا جلس الامام للتشهد أن يتجافى عن الأرض بأن يجلس مقعيا لأنه أقرب إلى القيام.

وأربع سجدات (1)؟ قال : لان ركعة من قيام بركعتين من جلوس » (2).

وإنما يقال في الركوع « سبحان ربي العظيم وبحمده » وفي السجود « سبحان ربي الأعلى وبحمده » لأنه :

932 - « لما أنزل اللّه تبارك وتعالى : فسبح باسم ربك العظيم قال النبي صلى اللّه عليه وآله : اجعلوها في ركوعكم ، فلما أنزل اللّه عزوجل » سبح اسم ربك الاعلى قال النبي صلى اللّه عليه وآله : اجعلوها في سجودكم (3).

ثم ارفع رأسك من السجدة الثانية وتمكن من الأرض وارفع يديك وكبر ، ثم قم إلى الثانية فإذا اتكيت على يديك للقيام قلت « بحول اللّه وقوته أقوم وأقعد » فإذا قمت إلى الثانية قرأت الحمد وسورة وقنت بعد القراءة وقبل الركوع ، وإنما يستحب أن يقرأ في الأولى الحمد وإنا أنزلناه ، وفي الثانية الحمد وقل هو اللّه أحد لان إنا أنزلناه سورة النبي صلى اللّه عليه وآله وأهل بيته صلوات اللّه عليهم أجمعين (4) فيجعلهم المصلي وسيلة إلى اللّه تعالى ذكره لأنه بهم وصل إلى معرفة اللّه تعالى. ويقرأ في الثانية سورة التوحيد لان الدعاء على أثره مستجاب فيستجاب بعده القنوت (5)

ص: 315


1- المراد بالركعتين الركوعين على الظاهر.
2- أي ثواب ركعة من قيام مثل ثواب ركعتين من جلوس فيكون الانحناء للعبادة قائما مثل انحنائين جالسا في الثواب ، وهذا ليس بقياس بل بيان للحكمين والتناسب ( مراد ) وقال سلطان العلماء : لعل السؤال عن علة زيادة عدد السجدة عن عدد الركعة فالجواب أن القيام يقوم مقام تكرارها ، ويشكل هذا في الصلاة جالسا الا أن يقال : إنه لما كان الأصل في الصلاة القيام صار كيفيتها جالسا تابعا لها قائما.
3- روى نحوه الشيخة في التهذيب ج 1 ص 225 والمصنف في العلل.
4- باعتبار أنهم أكثر الأوقات يقرؤونها. ولا يخفى أن رواية حماد السابقة تدل على استحباب قراءة التوحيد في الأولى أيضا.
5- في بعض النسخ « فيستجاب على اثره القنوت ».

والقنوت سنة واجبة من تركها متعمدا في كل صلاة فلا صلاة له قال اللّه عزوجل : « وقوموا لله قانتين » يعني مطيعين داعين (1).

وأدنى ما يجزي من القنوت أنواع منها أن تقول : « رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز (2) الأكرم » ومنها أن تقول : « سبحان من دانت له السماوات والأرض بالعبودية » ومنها أن تسبح ثلاث تسبيحات ، ولا بأس أن تدعو في قنوتك وركوعك وسجودك وقيامك وقعودك للدنيا والآخرة وتسمي حاجتك إن شئت.

933 - وسأل الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن القنوت فيه قول معلوم؟ فقال : أثن على ربك وصل على نبيك واستغفر لذنبك ».

934 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « القنوت في كل ركعتين في التطوع والفريضة ».

935 - وروى عنه زرارة أنه قال : « القنوت في كل الصلوات ».

وذكر شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه أنه كان يقول : لا يجوز الدعاء في القنوت بالفارسية ، وكان محمد بن الحسن الصفار يقول : إنه يجوز ، والذي أقول به إنه يجوز :

936 - لقول أبي جعفر الثاني عليه السلام « لا بأس أن يتكلم الرجل في صلاة الفريضة بكل شئ يناجي به ربه عزوجل ».

ص: 316


1- في المختلف : المشهور استحباب القنوت ، وقال ابن أبي عقيل من تركه عامدا بطلب صلاته وعليه الإعادة ، ومن تركه ساهيا لم يكن عليه شئ وقال أبو جعفر بن بابويه : « القنوت سنة واجبة من تركها متعمدا في كل صلاة فلا صلاة له » ثم قال بعد كلام طويل : احتج ابن بابويه بقوله تعالى : « وقوموا لله قانتين » والجواب المنع من إرادة صورة النزاع إذ ليس فيه دلالة على وجوب القنوت في الصلاة ، أقصى ما في الباب وجوب الامر بالقيام لله ان قلنا بوجوب المأمور به وكما يتناول الصلاة فكذا غيرها ، سلمنا وجوب القيام في الصلاة لكنها كما يحتمل وجوب القنوت يحتمل وجوب القيام حالة القنوت وهو الظاهر من مفهوم الآية وليست دلالة الآية على وجوب القيام الموصوف بالقنوت بأولى من دلالتها على تخصيص الوجوب بحالة القيام ، بل دلالتها على الثاني أولى لموافقته البراءة الأصيلة.
2- « أنت الأجل » خ ل.

ولو لم يرد هذا الخبر لكنت أجيزه بالخبر الذي روي :

937 - عن الصادق عليه السلام أنه قال : « كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي » (1). والنهي عن الدعاء بالفارسية في الصلاة غير موجود ، والحمد لله رب العالمين.

938 - وقال الحلبي له : « أسمي الأئمة عليهم السلام في الصلاة؟ قال : أجملهم » (2).

939 - وقال الصادق عليه السلام : « كل ما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام » (3)

940 - وسأله منصور بن يونس بزرج « عن الرجل يتباكى في الصلاة المفروضة حتى يبكي ، فقال : قرة عين واللّه ، وقال عليه السلام : إذا كان ذلك فاذكرني عنده » (4).

941 - وروي « أن البكاء على الميت يقطع الصلاة ، والبكاء لذكر الجنة والنار من أفضل الأعمال في الصلاة ».

وروي أنه ما من شئ إلا وله كيل أو وزن إلا البكاء من خشيه اللّه عزوجل فان القطرة منه تطفي بحارا من النيران ، ولو أن باكيا بكى في أمة لرحموا. (5)

ص: 317


1- هذا الخبر يدل على أن الأصل في الأشياء الإباحة وينافى القول بأن الأصل في الصلاة الحرمة.
2- ظاهره أنى أسميهم بأساميهم في الصلاة عليهم في التشهد كما اسمى النبي صلى اللّه عليه وآله ومعنى « أجملهم » أي أذكرهم بأمر شامل لهم مثل « آل محمد » فيمكن أن يفهم منه وجوب الصلاة على آل محمد (عليهم السلام). ( مراد )
3- أي فليس بكلام مخل بالصلاة. ( مراد )
4- « قرة عين » كناية عن السرور والفرح أي يوجبهما في الآخرة ، ويمكن أن يكون ذلك إشارة إلى قول النبي صلى اللّه عليه وآله « قرة عيني في الصلاة » أي التباكي الذي يترتب عليه البكاء ينبغي أن يكون في الصلاة فيفهم منه معنى آخر لقول النبي صلى اللّه عليه وآله غير ما هو المشهور ( مراد ) أقول : الطريق صحيح ، وهو منصور بن يونس القرشي مولاهم يكنى أبا يحيى من أصحاب الكاظم عليه السلام واقفي.
5- مضمون مأخوذ من الخبر الذي في ثواب الأعمال ص 200 باسناده عن محمد ابن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما من شئ الا وله كيل ووزن الا الدموع فان القطرة منها تطفئ بحارا من نار ، وإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة فإذا فاضت حرمه اللّه على النار ، ولو أن باكيا بكى في أمة لرحموا ».

942 - و « كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاث أعين ، عين بكت من خشية اللّه ، وعين غضت عن محارم اللّه ، وعين باتت ساهرة في سبيل اللّه ». (1)

943 - وروي عن صفوان الجمال أنه قال : « صليت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام أياما فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها أو لا يجهر » (2).

944 - وروي عن زرارة أنه قال : قال أبو جعفر عليه السلام : « القنوت كله جهار ».

والقول (3) في قنوت الفريضة في الأيام كلها إلا في الجمعة « اللّهم إني أسألك لي ولوالدي ولولدي ولأهل بيتي وإخواني المؤمنين فيك اليقين والعفو والمعافاة و الرحمة والمغفرة والعافية في الدنيا والآخرة » فإذا فرغت من القنوت فركع واسجد فإذا رفعت رأسك من السجدة الثانية فتشهد وقل : « بسم اللّه وباللّه والحمد لله والأسماء الحسنى كلها لله ، أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده و رسوله ، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة » (4) ثم انهض إلى الثالثة (5) وقل

ص: 318


1- رواه في الخصال ص 98 باسناده عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام رفعه عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
2- أي سواء كانت الصلاة جهرية أو اخفاتية ، وفى بعض النسخ « يجهر فيها ولا يجهر فيها » وحينئذ ينبغي أن يقرء الفعلان على صيغة المعلوم أي يجهر أبو عبد اللّه (عليه السلام) في بعض تلك الصلوات ولا يجهر في بعضها ، ورد الجهر وعدمه إلى القنوت يحتاج إلى تأويل بعيد في ضمير « فيها » ويدفعه الحديث الآتي. ( مراد )
3- أي القول الكافي وهو اللّهم - الخ ، إذ لا مانع لهذا القول في الجمعة ، وفيه انه قد مر في رواية الحلبي « اثن على ربك وصل على نبيك واستغفر لذنبك » وليس هذا القنوت جامعا لتلك الثلاثة. ( مراد )
4- المراد بين يدي الساعة كون تلك البشارة والانذار قريبا من القيامة. ( مراد )
5- ظاهره يدل على القول بعدم وجوب الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله كما نسب ذلك إلى المؤلف  - رحمه اللّه - ونقل عن المعتبر دعوى الاجماع على وجوبها ويجئ في آخر باب الفطرة في حديث أبي بصير وزرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله » وقد يستدل بصحيحة زرارة المتقدمة في باب الاذان عن أبي جعفر عليه السلام. ( مراد ) أقول : ما قاله - رحمه اللّه - في حديث زرارة « وصل - الخ » كونه من كلام الإمام عليه السلام نوقش فيه كما أشرنا إليه وعلى فرض أنه من كلام الإمام عليه السلام كما هو مسلم عندنا لا يدل على جزئيتها للتشهد. ويحتمل أنه - رحمه اللّه - اكتفى بشهرتها عن ذكرها لكن ينافي ما سيأتي من قوله « ويجزيك في التشهد الشهادتان ».

إذا اتكيت على يديك للقيام : « بحول اللّه وقوته أقوم وأقعد » وقل فالركعتين الأخيرتين إماما كنت أو غير إمام « سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر » ثلاث مرات وإن شئت قرأت في كل ركعة منها الحمد إلا أن التسبيح أفضل ، فإذا صليت الركعة الرابعة فتشهد وقل في تشهدك « بسم اللّه وباللّه والحمد لله والأسماء الحسنى كلها لله ، اشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، التحيات لله والصلوات الطيبات الطاهرات الزاكيات الناميات (1) الغاديات الرائحات المباركات الحسنات لله ، ما طاب وطهر وزكى وخلص ونمى فلله وما خبث فلغيره ، أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة. وأشهد أن الجنة حق وأن النار حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن اللّه يبعث من في القبور ، وأشهد أن ربي نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول أرسل ، وأشهد أن ما على الرسول إلا البلاغ المبين ، السلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته ، السلام على محمد بن عبد اللّه خاتم النبيين ، السلام على الأئمة الراشدين المهديين ، السلام على جميع أنبياء اللّه ورسله وملائكته ، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين ».

ويجزيك في التشهد الشهادتان ، وهذا أفضل لأنها العبادة ثم تسلم وأنت مستقبل القبلة وتميل بعينك إلى يمينك إن كنت إماما ، وإن صليت وحدك قلت : « السلام عليكم » مرة واحدة وأنت مستقبل القبلة ، وتميل بأنفك إلى يمينك ، وإن كنت خلف إمام تأتم به فسلم تجاه القبلة واحدة ردا على الامام ، وتسلم على يمينك واحدة وعلى يسارك واحدة إلا أن لا يكون على يسارك إنسان فلا تسلم على يسارك إلا أن تكون

ص: 319


1- في بعض النسخ « الناعمات ».

بجنب الحائط فتسلم على يسارك (1) ولا تدع التسليم على يمينك كان على يمينك أحد أو لم يكن.

945 - وقال رجل لأمير المؤمنين عليه السلام : « يا ابن عم خير خلق اللّه ما معنى رفع رجلك اليمنى وطرحك اليسرى في التشهد؟ قال : تأويله « اللّهم أمت الباطل وأقم الحق » ، قال : فما معنى قول الإمام : « السلام عليكم »؟ فقال : إن الامام يترجم عن اللّه عزوجل ويقول في ترجمته لأهل الجماعة : أمان لكم من عذاب اللّه يوم القيامة ».

فإذا سلمت رفعت يديك وكبرت ثلاثا وقلت : « لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده ، وغلب الأحزاب وحده ، فله الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو على كل شئ قدير » وسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام وهي أربع وثلاثون تكبيرة وثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة (2).

946 - فإنه روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « من سبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام في دبر الفريضة قبل أن يثني رجليه غفر [ اللّه ] له ».

947 - وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لرجل من بني سعد : ألا أحدثك عني وعن فاطمة الزهراء أنها كانت عندي فاستقت بالقربة حتى أثر في صدرها ، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت البيت (3) حتى اغبرت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها (4) فأصابها من ذلك ضر شديد ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألته خادما يكفيك حر ما أنت فيه (5) من هذا العمل ، فأتت النبي صلى اللّه عليه وآله فوجدت

ص: 320


1- ما ذكره المؤلف - رحمه اللّه - في كيفية السلام رواية رواها في العلل عن الفضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل في باب العلة التي من أجلها وجب التسليم في الصلاة.
2- في بعض النسخ تقدم التحميد على التسبيح كما هو المشهور لكن يجئ ما يؤيد نسخة المتن.
3- مجلت يداها أي ظهر فيها المجل ، وهو ماء يكون بين الجلد واللحم من كثرة العمل الشاق والمجلة القشرة الرقيقة التي يجتمع فيها ماء من أثر العلم الشاق. وكسح - كمنس. كنس.
4- الدكنة لون يضرب إلى السواد ، وقد دكن الثوب يدكن دكنا. ( الصحاح )
5- أي شدة ما أنت فيه من التعب والمشقة.

عنده حداثا (1) فاستحيت فانصرفت ، فعلم صلى اللّه عليه وآله أنها قد جاءت لحاجة فغدا علينا ونحن في لحافنا (2) فقال : السلام عليكم ، فسكتنا واستحيينا لمكاننا ، ثم قال : السلام عليكم (3) فسكتنا ، ثم قال : السلام عليكم فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف وقد كان يفعل ذلك (4) فيسلم ثلاثا فإن أذن له وإلا انصرف ، فقلنا : وعليك السلام يا رسول اللّه أدخل ، فدخل وجلس عند رؤوسنا ثم قال : يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد؟ فخشيت إن لم نجبه أن يقوم ، فأخرجت رأسي فقلت : أنا واللّه أخبرك يا رسول اللّه انها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها ، وجرت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها ، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها فقلت لها : لو أتيت أباك فسألته خادما يكفيك حر ما أنت فيه من هذا العمل ، قال : أفلا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما (5) فكبرا أربعا وثلاثين تكبيرة ، وسبحا ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، واحمدا ثلاثا وثلاثين تحميدة ، فأخرجت فاطمة عليها السلام رأسها وقالت : « رضيت عن اللّه وعن رسوله رضيت عن اللّه وعن رسوله » (6).

ص: 321


1- أي جماعة يتحدثون وهو جمع على غير قياس ( النهاية ) وفى بعض النسخ « أحداثا ». وفى بعضها « حدثاء ».
2- في بعض النسخ « ونحن في لفاعنا » واللفاع - ككتاب الملحفة والكساء والنطع وكلما تتلفع به المرأة. ( القاموس )
3- هذا سلام الاستيذان ووجوب الرد فيلم تثبت بل عدمه مشهور لان صاحب البيت مخير. والواجب رد سلام التحية.
4- أي كان ذلك من عادته صلى اللّه عليه وآله. ( مراد )
5- أي محل نومكما. ( مراد )
6- رواه الصدوق - رحمه اللّه - مسندا في كتبه عن رجال العامة واعتمد عليه في الترتيب وعلى تقدير صحته يمكن القول به عند النوم لا مطلقا والظاهر الترتيب المشهور. (م ت) أقول: روى البخارى و مسلم و أبو داود و اللفظ له بأسانيدهم عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لابن أعبد ألا أحدثك عنى و عن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كانت من أحبّ أهله إليه-- و كانت عندي؟ قال: بلى، قال: انها جرت بالرحى حتّى أثرت في يدها، و استقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، و كنست البيت حتّى اغبرت ثيابها، فأتى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله خدم- يعنى سبى- فقلت: لو أتيت أباك فسألته خادما، فأتته فوجدت عنده حداثا فرجعت، فأتاها من الغد فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت، فقلت أنا أحدثك يا رسول اللّه، جرت بالرحى حتّى أثرت في يدها، و حملت القربة حتّى أثرت في بحرها فلما أن جاء الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادما يقيها حرّ ما هي فيه، قال: اتقى اللّه يا فاطمة، و أدى فريضة ربك، اعملى عمل أهلك و إذا أخذت مضجعك فسبحى ثلاثا و ثلاثين، و احمدى ثلاثا و ثلاثين، و كبرى أربعا و ثلاثين فتلك مائة، فهو خير لك من خادم، قالت: رضيت عن اللّه و عن رسوله. زاد في رواية« و لم يخدمها». فقف أيها القارئ الكريم و تأمل جيدا في هذا الخبر الشريف المجمع عليه فان بضعة المصطفى( ص) و قرّة عينه الوحيدة تطلب منه من السبى و الغنائم خادما ليعينها في مهام- منزلها و يزيل عنها شيئا من تعبها و هو سلطان نافذ الكلمة، و راع مسيطر في وقته، بيده الأموال بل النفوس و له القدرة بأعظم مظاهرها بحيث يقول ناعته: لم أر قبله و لا بعده مثله، مع ذلك كله يأمر ابنته الوحيدة و فلذة كبده الفريدة بالتقوى و القيام بواجب بيتها و الإكثار من ذكر ربها و لم يرض أن يعطيه من بيت مال المسلمين خادما و قال صلّى اللّه عليه و عليهما: ألا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم. فتجيب المعصومة سلام اللّه عليها طائعة مشعوفة مختارة:« رضيت عن اللّه»، رضيت عن رسول اللّه». فخذ هذا مثالا يلمسك الحقيقة جدا في معرفة من حذا حذو الرسول( ص) و من مال عن طريقته و نأى بجانبه و حاد عن سنته ممن يدعى الخلافة بعده فرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله هو الامام المتبع فعله و الرئيس المقتفى أثره.-- هذا عليّ بن أبي طالب ترك التفضيل لنفسه و ولده على أحد من أهل الإسلام، دخلت عليه أخته أم هانى بنت أبى طالب فدفع إليها عشرين درهما، فسألت أم هانى مولاتها العجمية فقالت: كم دفع إليك أمير المؤمنين؟ فقالت: عشرين درهما، فانصرفت مسخطة، فقال لها: انصرفى رحمك اللّه ما وجدنا في كتاب اللّه فضلا لإسماعيل على إسحاق. و بعث إليه من البصرة من غوص البحر بتحفة لا يدرى ما قيمتها فقالت ابنته أم كلثوم: أتجمّل به، و يكون في عنقى؟ فقال: يا أبا رافع أدخله الى بيت المال، ليس الى ذلك سبيل حتّى لا يبقى امرأة من المسلمين الا و لها مثل ذلك. و لما ولى بالمدينة قام خطيبا فقال: يا معشر المهاجرين و الأنصار يا معشر قريش اعلموا و اللّه انى لا أرزؤكم من فيئكم شيئا ما قام لي عذق بيثرب، أ فتروني مانعا نفسى و ولدى و معطيكم و لاسويّن بين الأسود و الأحمر، فقام إليه عقيل فقال: لتجعلنى و أسود من سودان المدينة واحدا، فقال له: اجلس- رحمك اللّه- أ ما كان هاهنا من يتكلّم غيرك. و اشتهر أنّه عليه السلام يقول: و اللّه لقد رأيت عقيلا و قد أملق حتّى استماحنى من برّكم صاعا و رأيت صبيانه شعث الشعور غبر الالوان من فقرهم كانما سوّدت وجوههم بالعظلم و عاودنى مؤكّدا و كرّر على القول مردّدا، فأصغيت إليه سمعى فظنّ أنى أبيعه دينى و أتبع قياده مفارقا طريقتى فأحميت له حديدة ثمّ ادنيتها من جسمه ليعتبر بها فضج ضجيج ذى دنف من ألمها- الى آخر ما قال صلّى اللّه عليه. و هذا ابن عفان أعطى سعد بن أبي سرح أخاه من الرضاعة جميع ما أفاء اللّه عليه من فتح افريقية بالمغرب و هي طرابلس الغرب الى طنجة من غير أن يشركه فيه أحدا من المسلمين، و أعطى أبا سفيان بن حرب مائتي ألف من بيت المال في اليوم الذي أمر فيه لمروان بن الحكم بمائة ألف، و أتاه أبو موسى بأموال من العراق جليلة فقسمها كلها في بني أميّة- ذلك كله في-- شرح ابن أبي الحديد ج 1 ص 67- و سعد بن أبي سرح هذا هو الذي أباح رسول اللّه دمه يوم الفتح كما في سنن أبي داود و أنساب البلاذري، و في بعض المصادر عبد اللّه بن أبي سرح. و بالجملة هاتان السيرتان مقياسان لمن يروم معرفة المحق و المبطل ممن كان بيده بيت المال.

فإذا فرغت من تسبيح فاطمة عليها السلام فقال : « اللّهم أنت السلام ، ومنك السلام ولك السلام ، وإليك يعود السلام ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ، السلام عيك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته ، السلام على الأئمة الهادين المهديين ، السلام على جميع أنبياء اللّه ورسله وملائكته ، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين » ثم تسلم على الأئمة واحدا واحدا عليهم السلام وتدعو بما أحببت.

ص: 322

باب 46: التعقيب

948 - قال الصادق عليه السلام : « أدنى ما يجزيك من الدعاء بعد المكتوبة أن تقول » اللّهم صل على محمد وآل محمد ، اللّهم إنا نسألك من كل خير أحاط به علمك ، ونعوذ بك من كل شر أحاط به علمك ، اللّهم إنا نسألك عافيتك في جميع أمورنا كلها ، ونعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

ص: 323

949 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « من أحب أن يخرج من الدنيا وقد تخلص من الذنوب كما يتخلص الذهب الذي لا كدر فيه ، ولا يطلبه أحد بمظلمة (1) ، فليقل في دبر الصلوات الخمس نسبة الرب تبارك وتعالى اثنى عشرة مرة (2) ثم يبسط يديه ويقول : « اللّهم إني أسألك باسمك المكنون المخزون الطاهر الطهر المبارك ، وأسألك باسمك العظيم ، وسلطانك القديم (3) أن تصلي على محمد وآل محمد ، يا واهب العطايا ، يا مطلق الأسارى ، يا فكاك الرقاب من النار ، أسألك أن تصلى على محمد وآل محمد ، وأن تعتق رقبتي من النار ، وأن تخرجني من الدنيا آمنا ، وآن تدخلني الجنة سالما ، وأن تجعل دعائي أوله فلاحا ، وأوسطه نجاحا ، وأخره صلاحا ، إنك أنت علام الغيوب « ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام : هذا من المخبيات (4) مما علمني رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وأمرني أن أعلم الحسن والحسين عليهما السلام ».

950 - وقال الصادق عليه السلام : « جاء جبرئيل إلى يوسف عليه السلام وهو في السجن فقال : يا يوسف قل في دبر كل فريضة : اللّهم اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا وارزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب » (5).

951 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « تقول في دبر كل صلاة اللّهم اهدني من عندك

ص: 324


1- اما بطريق الاسقاط واعطاء العوض لصاحب الحق أو كونه بطريق التوفيق برد المظالم.
2- نسبة الرب هي سورة قل هو اللّه أحد ، وتسميتها بنسبة الرب لأجل أن اليهود جاءت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقالوا : انسب لنا ربك فنزل سورة التوحيد. (م ت)
3- كذا في التهذيب وفى بعض النسخ « وسلطانك العزيز ».
4- أي المكنونات ، وفى بعض النسخ « المنجيات » وفى بعضها « المستجاب » وفى بعضها « المختار ».
5- الظاهر استحبابه للخلاص من السجن والسعة في الرزق. (م ت).

وأفض علي من فضلك ، وانشر علي من رحمتك ، وأنزل علي من بركاتك ».

952 - وقال صفوان بن مهران الجمال : « رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام إذا صلى وفرغ من صلاته رفع يديه فوق رأسه » (1).

953 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « ما بسط عبد يديه إلى اللّه عزوجل إلا واستحي اللّه أن يردها صفرا حتى يجعل فيها من فضله ورحمته ما يشاء ، فإذا دعا أحدكم فلا يرد يديه حتى يمسح بهما على رأسه ووجهه » وفي خبر آخر « على وجهه وصدره ».

954 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى فليكن آخر قوله » سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين « فإن له من كل مسلم حسنة » (2).

955 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء ولينصب في الدعاء فقال ابن سبا : يا أمير المؤمنين أليس اللّه عزوجل بكل مكان؟ قال : بلى ، قال : فلم يرفع يديه إلى السماء؟ فقال : أو ما تقرا » وفي السماء رزقكم وما توعدون « فمن أين يطلب الرزق إلا من موضعه ، وموضع الرزق وما وعد اللّه عزوجل السماء ».

956 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول إذا فرغ من الزوال « اللّهم إني

ص: 325


1- الظاهر أن رفع اليدين لأجل الدعاء ويسمى الابتهال كما فهمه الصدوق - رحمه اللّه - ظاهرا ، لا كما فهمه بعض الأصحاب من مجرد الرفع ، فينبغي أن يدعو حين رفعهما فوق الرأس بقبول الصلاة وغيره ، وينبغي أن يكون حين الرفع مبسوط اليدين والكفين إلى السماء كأنه يطلب شيئا كما يدل عليه الخبر الآتي. (م ت)
2- حيث إنه نزه الرب تعالى عما يصفه به المشركون من اتخاذ الشريك له وغير ذلك مما لا ينبغي بعز جلاله وكان قد انخرط بذلك في جملة المسلمين فتذكر ذلك العهد فقام ذلك التذكر مقام الدخول في جملتهم فاستحق الاحسان من كل واحد من بنى جنسه ، ويمكن أن يقرء كل مسلم على صيغة اسم المفعول من التفعيل أي كل مسلم عليه وهم الأنبياء (عليهم السلام). ( مراد )

أتقرب إليك بجودك وكرمك ، وأتقرب إليك بمحمد عبدك ورسولك ، وأتقرب إليك بملائكتك المقربين ، وأنبيائك المرسلين وبك ، اللّهم لك الغنى عني ، وبي الفاقة إليك ، أنت الغني وأنا الفقير إليك ، أقلني عثرتي ، واستر علي ذنوبي ، واقض اليوم حاجتي ، ولا تعذبني بقبيح ما تعلم به مني بل عفو ك يسعني وجودك » (1) ثم يخر ساجدا ويقول : « يا أهل التقوى ، ويا أهل المغفرة ، يا بر ، يا رحيم ، أنت أبر بي من أبي وأمي ومن جميع الخلائق اقلبني بقضاء حاجتي (2) ، مجابا دعائي ، مرحوما صوتي ، قد كشفت أنواع البلاء عني ».

957 - وقال الصادق عليه السلام : «من قال إذا صلى المغرب ثلاث مرات : « الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ، ولا يفعل ما يشاء غيره « أعطي خيرا كثيرا »

958 - وكان عليه السلام يقول بين العشائين : « اللّهم بيدك مقادير الليل والنهار ومقادير الدنيا والآخرة ، ومقادير الموت والحياة ، ومقادير الشمس والقمر ، ومقادير النصر والخذلان ، ومقادير الغنى والفقر ، اللّهم ادرأ عني شر فسقة الجن والإنس واجعل منقلبي إلى خير دائم ونعيم لا يزول ».

959 - وروي عن محمد بن الفرج أنه قال : « كتب إلي أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام بهذا الدعاء وعلمنيه (3) وقال : من دعا به في دبر صلاة الفجر لم يلتمس حاجة إلا يسرت له وكفاه اللّه ما أهمه » بسم اللّه وباللّه وصلى اللّه على محمد وآله ، وأفوض أمري إلى اللّه إن اللّه بصير بالعباد فوقاه اللّه سيئات ما مكروا ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين حسبنا اللّه ونعم الوكيل ، فانقلبوا بنعمة من اللّه وفضل لم يمسسهم سوء ، ما شاء اللّه لا حول ولا قوة إلا باللّه ، ما شاء اللّه لا ما شاء الناس ، ما شاء اللّه وإن كره

ص: 326


1- في الكافي « بل عفوك وجودك يسعني ».
2- أي ردني متلبسا بقضاء حاجتي.
3- « بهذا الدعاء » الباء للتقوية ، و « علمينه » أي بعد ما لقيته مشافهة علمني معاني الدعاء وكيفية قراءته. ( المرآة )

الناس ، حسبي الرب من المربوبين ، حسبي الخالق من المخلوقين ، حسبي الرازق من المرزوقين ، حسبي الذي لم يزل حسبي ، حسبي من كان منذ كنت [ حسبي ] لم يزل حسبي ، حسبي اللّه لا إله إلا هو ، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.

960 - وقال عليه السلام : إذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقال : رضيت باللّه ربا ، وبالاسلام دينا ، وبالقرآن كتابا ، وبمحمد نبيا وبعلي وليا ، والحسن والحسين وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي ابن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، والحجة بن الحسن بن علي أئمة ، اللّهم وليك الحجة فاحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته ، وامدد له في عمره ، واجعله القائم بأمرك ، المنتصر لدينك وأره ما يحب وتقر به عينه في نفسه وفي ذريته وأهله وماله وفي شيعته وفي عدوه ، وأرهم منه ما يحذرون وأره فيهم ما يحب وتقر به عينه ، واشف به صدورنا وصدور قوم مؤمنين.

وكان النبي صلى اللّه عليه وآله يقول إذا فرغ من صلاته : اللّهم أغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وإسرافي على نفسي وما أنت أعلم به مني اللّهم (1) أنت المقدم وأنت المؤخر (2) لا إله إلا أنت بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أجمعين ما علمت الحياة خيرا لي فأحيني ، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي ، اللّهم إني أسألك خشيتك في السر والعلانية ، وكلمة الحق في الغضب والرضا ، والقصد في الفقر والغنى

ص: 327


1- ان قيل : كيف يستغفر النبي صلى اللّه عليه وآله مع معصوم حتى من الخطأ و النسيان فضلا عن الاثم؟ قلنا : الاستغفار هو درجة العليين وسبيل المقربين وهو من أعظم القربات ولا يجب أن يكون المعصية أو ذنب ، فان السالك إلى اللّه سبحانه الطالب لمقام القرب مهما جد واجتهد في السير يرى نفسه بطيئا لا تأتى بما يجب عليه من الاجتهاد في العمل ولذلك يستغفر ربه عزوجل ويطلب العفو منه دائما.
2- المقدم والمؤخر على صيغة الفاعل من باب التفعيل من أسماء اللّه تعالى ومعناهما على ما ذكره شيخنا الشهيد في قواعده المنزل للأشياء منازلها وترتيبها في التكون والتصوير والأزمة والأمكنة على ما يقتضيه الحكمة. ( سلطان )

وأسألك نعيما لا ينفد ، وقرة عين لا تنقطع ، وأسألك الرضا بالقضا وبرد العيش بعد الموت ولذة النظر إلى وجهك ، وشوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة (1) ولا فتنة مظلمة ، اللّهم زينا بزينة الايمان ، واجعلنا هداة مهديين ، اللّهم اهدنا فيمن هديت ، اللّهم إني أسألك عزيمة الرشاد والثبات في الامر والرشد ، وأسألك شكر نعمتك وحسن عافيتك وأداء حقك ، وأسألك يا رب قلبا سليما ولسانا صادقا وأستغفرك لما تعلم ، وأسألك خير ما تعلم ، وأعوذ بك من شر ما تعلم وما لا نعلم ، فإنك تعلم ولا نعلم ، وأنت علام الغيوب.

961 - وقال الصادق عليه السلام من قال هذه الكلمات عند كل صلاة مكتوبة حفظ في نفسه وداره وماله وولده : « أجير نفسي ومالي وولدي وأهلي وداري وكل ما هو مني باللّه الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وأجير نفسي ومالي وولدي [ وأهلي ] وداري وكل ما هو مني برب الفلق من شر ما خلق إلى آخرها وبرب الناس إلى آخرها ، وبآية الكرسي إلى آخرها » (2).

962 - وروي عن هلقام بن أبي هلقام أنه قال : « أتيت أبا إبراهيم عليه السلام فقلت له : جعلت فداك علمني دعاء جامعا للدنيا والآخرة وأوجز ، فقال : قل في دبر الفجر إلى أن تطلع الشمس » سبحان اللّه العظيم وبحمده ، أستغفر اللّه وأسأله من فضله. فقال هلقام : ولقد كنت أسوء أهل بيتي حالا فما علمت حتى أتاني ميراث من قبل رجل ما علمت (3) أن بيني وبينه قرابة ، وإني اليوم أيسر أهل بيتي مالا وما ذاك إلا مما علمني مولاي العبد الصالح عليه السلام.

963 - قال زرارة : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا (4) » وبذلك جرت السنة.

ص: 328


1- الضراء - ممدودا - : الحالة التي تضر وهي نقيض السراء.
2- أي يقول « باللّه لا اللّه الا هو - الخ » ويحتمل بان يقول : « بآية الكرسي : اللّه لا اله الا هو - الخ » بأن يكون التفصيل بدلا للاجمال. ( مراد )
3- في الكافي ج 2 ص 540 « ما ظننت »
4- الخبر إلى هنا في التهذيب ج 1 ص 164 والكافي ج 3 ص 342.

964 - وقال هشام بن سالم لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني أخرج (1) وأحب أن أكون معقبا ، فقال : إن كنت على وضوء فأنت معقب ».

965 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « قال اللّه عزوجل : يا ابن آدم اذكرني بعد الغداة ساعة وبعد العصر ساعة أكفيك ما أهمك ».

966 - وقال الصادق عليه السلام : « الجلوس بعد الصلاة الغداة في التعقيب والدعاء حتى تطلع الشمس أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الأرض » (2).

باب 47: سجدة الشكر والقول فيها

967 - روى عبد اللّه بن جندب (3) عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال : تقول (4) في سجدة الشكر : اللّهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبيائك ورسلك وجميع خلقك إنك (5) [ أنت ] اللّه ربي ، والاسلام ديني ، ومحمدا نبيي ، وعليا والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، علي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، والحجة بن الحسن بن علي

ص: 329


1- أي أخرج في الحاجة.
2- أي الذهاب فيها لطلب الرزق.
3- الطريق حسن وعبد اللّه بن جندب - بضم الجيم - ثقة.
4- في بعض النسخ « يقول » أي يقول الساجد ، خبر أريد به معنى الامر.
5- « انك » بكسر الهمزة لان المشهور به لا يكون الا جملة كما في قوله تعالى « واللّه يشهد ان المنافقين لكاذبون » فلا تضر وحدة العاطف ، وكذا المعطوفات المتتالية مع خبرها. وفى بعض النسخ « أن » عطف جملة على جملة ، واما بعطف كل جزء على نظيره كما مر. ( مراد )

أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرء ، اللّهم إني أنشدك (1) دم المظلوم - ثلاثا - اللّهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأعدائك (2) لتهلكنهم بأيدينا وأيدي المؤمنين ، اللّهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنهم بعدوك وعدوهم أن تصلي على محمد وعلى المستحفظين (3) من آل محمد ثلاثا وتقول : اللّهم إني أسألك اليسر بعد العسر ثلاثا ، ثم تضع خدك الأيمن على الأرض وتقول : يا كهفي حين تعييني المذاهب وتضيق على الأرض بما رحبت (4) ، ويا بارئ خلقي رحمة بي وكنت عن خلقي غنيا صل على محمد وآل محمد ، وعلى المستحفظين من آل محمد ثلاثا ، ثم تضع خدك الأيسر

ص: 330


1- بفتح الهمزة وضم الشين من نشد الضالة نشدانا : طلبها ، أي أسألك بدم المظلوم وأذكرك إياه وأطلبه منك ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي : المراد بالمظلوم سبط رسول الثقلين أبو عبد اللّه الحسين عليه السلام ومن استشهد معه بل وأمير المؤمنين وسائر أولاده المعصومين الذين قتلوا بالسم وغيره صلوات اللّه عليهم.
2- في الحديث « ان اللّه تعالى قال : أويت على نفس أن أذكر من ذكرني » قال القتيبي : هذا غلط الا أن يكون من المقلوب والصحيح وأيت من الوأى وهو الوعد يقول : جعلته وعدا على نفس ( النهاية ) وقوله « لتهلكنهم » متعلق بالايواء. وقال التفرشي - رحمه اللّه - : لعل قوله « أن تصلى » ثاني مفعول « أنشد » توسطت بينهما جملة قسمية للتوكيد أي بايوائك أن جعلت ذاتك كهفا لأعدائك يرجعون إليه في كل ما يحتاجون إليه وقد عادوك بأيدينا وأيدي المؤمنين - الخ كما في قوله تعالى : « وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم - الآية ».
3- يمكن أن يقرء بفتح الفاء على صيغة المفعول المحفوظين عن الخطأ والعصيان ، أو بصيغة الفاعل أي الحافظين للدين.
4- « تعييني » من الاعياء وهي العجز وقوله « بما رحبت » « ما » مصدرية و « رحبت » أي وسعت ، أي حين تعجزني المذاهب إلى تحصيل أمري وتدبيره ولم أهتد لوجهه سبيلا وضاقت على الأرض مع سعتها.

على الأرض وتقول : يا مذل كل جبار ، ويا معز كل ذليل ، قد وعزتك بلغ [ بي ] مجهودي (1) ثلاثا ، ثم تعود للسجود وتقول : مائة مرة « شكرا شكرا » ثم تسأل حاجتك إن شاء اللّه.

ولا تسجد سجدة الشكر عند المخالف واستعمل التقية في تركها(2).

968 - وروى جهم بن أبي جهم (3) قال : « رأيت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام وقد سجد بعد الثلاث الركعات من المغرب ، فقلت له : جعلت فداك رأيتك سجدت بعد الثلاث ، فقال : ورأيتني؟ فقلت : نعم ، قال : فلا تدعها فإن الدعاء فيها مستجاب ».

969 - وفي رواية إبراهيم بن عبد الحميد (4) « أن الصادق عليه السلام قال : لرجل إذا أصابك هم فامسح يدك على موضع سجودك ، ثم امسح يدك على وجهك من جانب خدك الأيسر ، وعلى جبهتك إلى جانب خدك الأيمن قال : [ قال ] ابن أبي عمير : (5) كذلك وصفه لنا إبراهيم بن عبد الحميد ثم قال : بسم اللّه الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، اللّهم اذهب عني الغم والحزن ثلاثا » (6).

ص: 331


1- أي بلغني مجهودي تبليغا إلى حيث لم يبق لي طاقة. وقال الفاضل التفرشي قوله : « وعزتك بلغ مجهودي » « وعزتك » جملة قسمية وقعت بين « قد » ومدخوله أي قد بلغ مجهودي الغاية بحيث لم يبق لي جهد وطاقة ، وفى بعض النسخ « بلغ بي مجهودي ».
2- مع أنهم ذكروها في صحاحهم عن عائشة وغيرها ولكن تركوها رغما للشيعة.
3- في الطريق سعدان بن مسلم وهو مهمل ، وفى بعض النسخ « جهيم » مصغرا وهو بكلا العنوانين حسن.
4- الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم.
5- يعنى قال إبراهيم بن هاشم قال ابن أبي عمير : كذلك - الخ وللمصنف إلى إبراهيم ابن عبد الحميد طريقان أحدهما عن ابن الوليد عن الصفار عن العباس بن معروف عن سعدان ابن مسلم عن إبراهيم بن عبد الحميد. والأخرى عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عنه ، وإبراهيم ثقة.
6- قوله « ثلاثا » قيد في المسح والدعاء جميعا على الظاهر.

970 - وروى [ عن ] سليمان بن حفص المروزي (1) أنه قال : « كتب إلي أبو الحسن الرضا عليه السلام : قل في سجدة الشكر مائة مرة » شكرا شكرا وإن شئت  « عفوا عفوا ».

971 - و « كان أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يسجد بعدما يصلي فلا يرفع رأسه حتى يتعالى النهار » (2).

972 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « من سجد سجدة الشكر وهو متوضئ كتب اللّه له بها عشر صلوات ، ومحى عنه عشر خطايا عظام ».

973 - وسأل سعد بن سعد الرضا عليه السلام « عن سجدة الشكر فقال : أرى أصحابنا يسجدون بعد الفريضة سجدة واحدة ويقولون هي سجدة الشكر ، فقال : إنما الشكر (4) إذا أنعم اللّه على عبده أن يقول » سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين (5) وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، والحمد لله رب العالمين.

974 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « كان موسى بن عمران عليه السلام إذا صلى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض وخده الأيسر بالأرض ».

975 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « أوحى اللّه تبارك وتعالى إلى موسى بن عمران عليه السلام أتدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال موسى : لا يا رب ، قال : يا موسى إني قلبت عبادي ظهرا وبطنا (6) فلم أجد فيهم أحدا أذل نفسا لي منك ، يا موسى إنك إذا صليت وضعت خديك على التراب ».

ص: 332


1- الطريق إليه صحيح أو حسن كالصحيح.
2- يظهر من بعض الروايات أن هذا دأبه حين كان عليه السلام في حبس هارون.
3- الطريق صحيح وقد تقدم الكلام فيه.
4- حملها الشيخ - رحمه اللّه - على التقية لأنه موافق للعامة.
5- مقرنين أي مطيقين مقاومين له في القوة.
6- في بعض النسخ « ظهرا لبطن ».

976 - وقال الصادق عليه السلام : « إن العبد إذا سجد فقال : يا رب يا رب » حتى ينقطع نفسه ، قال له الرب تبارك وتعالى : « لبيك ما حاجتك » (1).

977 - و « كان علي بن الحسين عليه السلام يقول في سجوده»اللّهم إن كنت قد صيتك فإني قد أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو الايمان بك منا منك علي لا منا مني عليك ، وتركت معصيتك في أبغض الأشياء إليك وهو أن أدعو لك ولدا أو أدعو لك شريكا منا منك علي لا منا مني عليك ، وعصيتك في أشياء (2) على غير وجه مكابرة ولا معاندة ، ولا استكبار عن عبادتك ، ولا جحود لربوبيتك ، ولكن اتبعت هواي واستزلني الشيطان بعد الحجة علي والبيان (3) ، فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم لي ، وإن تغفر لي وترحمني فبجودك وبكرمك يا أرحم الراحمين.

وينبغي لمن يسجد سجدة الشكر أن يضع ذراعيه على الأرض ويلصق جؤجؤه (4) بالأرض.

978 - وفي رواية أبي الحسين الأسدي رضي اللّه عنه « أن الصادق عليه السلام قال : إنما يسجد المصلي سجدة بعد الفريضة ليشكر اللّه تعالى ذكره فيها على ما من به عليه من أداء فرضه ، وأدنى ما يجزي فيها (5) » شكرا لله « ثلاث مرات ».

979 - وروى أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حريز عن مرازم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام : « سجدة الشكر واجبة على كل مسلم (6) تتم بها صلاتك ، وترضي بها ربك ، وتعجب الملائكة منك ، وإن العبد إذا صلى ثم سجد سجدة

ص: 333


1- في الكافي ج 2 ص 520 نحوه بدون قيد السجود.
2- ليس هذا الكلام اعترافا بالذنب بل هو اعتراف بالتقصير وهو مقتضى مقام العبودية ، وأقصى مراتب الكمال فيها فمن أجل ذلك وأمثاله سمى عليه السلام : زين العابدين وسيد الساجدين.
3- في بعض النسخ « والبرهان ».
4- جؤجؤ - كهدهد - عظام الصدر.
5- أي من الذكر الا فالسجدة تتحقق بوضع الجبهة أو الخد على الأرض.
6- تأكيد للاستحباب أي كالواجبة في استحقاقها الاهتمام بها. ( مراد )

الشكر فتح الرب تبارك وتعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة فيقول : يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أدى فرضي وأتم عهدي ثم سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه ، ملائكتي ماذا له عندي؟ قال فتقول الملائكة : يا ربنا رحمتك ، ثم يقول الرب تبارك وتعالى : ثم ماذا له؟ فتقول الملائكة : يا ربنا جنتك ، ثم يقول الرب تبارك وتعالى : ثم ماذا؟ فتقول الملائكة : يا ربنا كفاية مهمه ، فيقول الرب تبارك وتعالى ثم ماذا؟ قال : ولا يبقى شئ من الخير إلا قالته الملائكة ، فيقول اللّه تبارك وتعالى : يا ملائكتي ثم ماذا؟ فتقول الملائكة ربنا لا علم لنا ، [ قال : ] فيقول اللّه تبارك وتعالى : أشكر له كما شكر لي ، وأقبل إليه بفضلي ، وأريه وجهي ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : موصف اللّه تعالى ذكره بالوجه كالوجوه فقد كفر وأشرك ، ووجهه أنبياؤه وحججه صلوات اللّه عليهم وهم الذين يتوجه بهم العباد إلى اللّه عزوجل وإلى معرفته ومعرفة دينه ، والنظر إليهم في يوم القيامة ثواب عظيم يفوق على كل ثواب ، وقد قال اللّه عزوجل : « كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام » وقال عزوجل : « فأينما تولوا فثم وجه اللّه » (1) يعني فثم التوجه إلى اللّه ، ولا يجب أن تنكر من الاخبار ألفاظ القرآن (2).

ص: 334


1- مقصود المصنف بيان وقوع الوجه في القرآن لغير المعنى المتعارف فيحمل في كل موضع على ما يناسبه ففي قوله « ويبقى وجه ربك » يحمل على الذات وفى قوله « فثم وجه اللّه » على التوجه.
2- أي الألفاظ الواردة في القرآن وهي بالرفع أسند إليها ينكر على صيغة المجهول أي لا موجب لانكار الاخبار التي لا يجوز حملها على ظاهرها إذا كانت مطابقة أو موافقة لألفاظ القرآن بل يجب تأويلها وحملها على غير الظاهر كما نفعل هكذا في ألفاظ القرآن. فالوجه في هذا الخبر له تأويل والمراد بوجه اللّه أنبياؤه وحججه عليه السلام.

باب 48: ما يستحب من الدعاء في كل صباح ومساء

980 - روى عبد الكريم بن عتبة عن الصادق عليه السلام قال : « من قال عشر مرات قبل أن تطلع الشمس وقبل غروبها : « لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير ، وهو على كل شئ قدير » كانت كفارة لذنوبه في ذلك اليوم ».

981 - وروى عنه حفص بن البختري أنه قال : « كان نوح عليه السلام يقول إذا أصبح وأمسى : « اللّهم إني أشهدك أنه ما أصبح وأمسى بي من نعمة وعافية في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ، ولك الشكر بها علي حتى ترضى وبعد الرضا » يقولها إذا أصبح عشرا وإذا أمسى عشرا فسمي بذلك عبدا شكورا ، وإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان يقول بعد صلاة الفجر : « اللّهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين ، وغلبة الرجال ، وبوار الأيم والغفلة والذلة والقسوة والعيلة والمسكنة (1) ، وأعوذ بك من نفس لا تشبع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن عين لا تدمع ، ومن دعاء لا يسمع ، ومن صلاة لا تنفع ، وأعوذ بك

ص: 335


1- الضلع - محركة - : الاعوجاج ، وبسكون اللام : الميل عن الحق فينبغي أن يقرء الدين بكسر الدال ، وقد جاء الضلع - بفتحتين - بمعنى الثقل فحينئذ الدين بفتح الدال ، والظاهر أن المراد بغلبة الرجال غالبية الأعادي منهم أو مغلوبية الرجال من النساء وهو اما باعتبار افتتانهم بهن لحسنهن أو لسحرهن ، وبوار الأيم - ككيس - يعنى كسادها والأيم من لا زوج لها بكرا كان أو ثيبا وهي مع لا يرغب فيها أحد ، والعيلة : الفقر والفاقة كالمسكنة.

من امرأة تشيبني قبل أوان مشيبي (1) وأعوذ بك من ولد يكون علي رباء (2) وأعوذ بك من مال يكون علي عذابا ، وأعوذ بك من صاحب خديعة إن رأى حسنة دفنها ، وإن رأى سيئة أفشاها ، اللّهم لا تجعل لفاجر عندي يدا ولا منة » (3).

982 - وروى عدة من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : كان أبي عليه السلام يقول إذا صلى الغداة : « يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد ، يا من يحول بين المرء وقلبه ، يا من هو بالمنظر الاعلى ، يا من ليس كمثله شئ وهو السميع العليم ، يا أجود من سئل ، ويا أوسع من أعطى ، ويا خير مدعو ، ويا أفضل مرجو (4) ، ويا أسمع السامعين ، ويا أبصر الناظرين ، ويا خير الناصرين ، ويا أسرع الحاسبين ، ويا أرحم الراحمين ، ويا أحكم الحاكمين ، صل على محمد وآل محمد ، وأوسع علي في رزقي ، وامدد لي في عمري ، وانشر علي من رحمتك واجعلني ممن تنتصر به لدينك ولا تستبدل بي غيري ، اللّهم إنك تكفلت برزقي كل دابة فأوسع علي وعلى عيالي من رزقك الواسع الحلال ، واكفنا من الفقر » ثم يقول : مرحبا بالحافظين ، وحياكما اللّه من كاتبين اكتبا رحمكما اللّه أني أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأشهد أن الدين كما شرع (5) وأن الاسلام كما وصف وأن الكتاب كما أنزل ، وأن القول كما حدث ، وأن اللّه هو الحق المبين ، اللّهم بلغ محمدا وآل محمد أفضل التحية ، وأفضل السلام ، أصبحت وربي محمود ، أصبحت لا أشرك

ص: 336


1- بأن تكون سليطة أو غير موافقة.
2- بفتح الراء قبل الموحدة المخففة وبالمد - كسماء - بمعنى الطول والمنة ، و الرباء : الفضل والمنة يقال لفلان على رباء أي منة وذلك بأن يكون الوالد فقير محتاجا إلى الولد ويبغى الولد على والده ، أو يكون عاقا مسلطا عليه.
3- قوله : « يدا » أي نعمة يجب عليه مكافاتها.
4- في جملة من النسخ « ويا أفضل مرتجى ».
5- « كما شرع » يجوز رجوع الضمير إلى اللّه عزوجل والى محمد صلى اللّه عليه وآله لكن بقرينة « وأن الكتاب كما أنزل » راجع إليه تعالى.

باللّه شيئا ، ولا أدعو مع اللّه أحدا ، ولا أتخذ من دونه وليا ، أصبحت عبدا مملوكا لا أملك إلا ملكني ربي ، أصبحت لا أستطيع ان أسوق إلى نفسي خير ما أرجو ولا أصرف عنها شر ما احذر ، أصبحت مرتهنا بعملي ، وأصبحت فقيرا لا أجد أفقر مني ، باللّه أصبح وباللّه أمسي وباللّه أحيا وباللّه أموت وإلى اللّه النشور.

983 - وروى عمار بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تقول إذا أصبحت وأمسيت : « أصبحنا والملك والحمد والعظمة والكبرياء والجبروت ، والحلم و العلم والجلال والجمال والكمال والبهاء [ والقدرة ] ، والتقديس والتعظيم والتسبيح والتكبير والتهليل والتحميد (1) والسماح والجود والكرم ، والمجد والمن ، و الخير والفضل والسعة ، الحول والسلطان والقوة والعزة والقدرة ، والفتق و الرتق ، والليل والنهار ، والظلمات والنور ، والدنيا والآخرة والخلق جميعا و الامر كله وما سميت وما لم أسم ، وما علمت وما لم أعلم ، وما كان وما هو كائن لله رب العالمين ، الحمد لله الذي أذهب بالليل وجاء بالنهار وأنا في نعمة منه وعافية وفضل عظيم ، الحمد لله الذي له ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم [ و ] الحمد لله الذي يولج الليل في النهار ، ويولج النهار في الليل ، ويخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي وهو عليم بذات الصدور ، اللّهم بك نمسي وبك نصبح وبك نحيا وبك نموت وإليك نصير ، وأعوذ بك من أن أذل أو أذل ، أو أضل أو أضل ، أو أظلم أو أظلم ، أو أجهل أو يجهل علي ، يا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك وطاعة رسولك ، اللّهم لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ثم تقول : « اللّهم إن الليل والنهار خلقان من خلقك (2) فلا تبتليني فيهما بجرأة على معاصيك ، ولا ركوب لمحارمك ، وارزقني فيهما عملا متقبلا وسعيا مشكورا ، وتجارة لن تبور » (3).

ص: 337


1- في بعض النسخ والتمجيد.
2- في بعض النسخ « خلفان » وقال السيد الداماد - رحمه اللّه - : بكسر الخاء المعجمة واسكان اللام قبل الفاء أي متعاقبان مترددان على التعاقب يذهب أحدهما ويجيئ الاخر. و حينئذ يكون معنى « من خلقك » من تقديرك.
3- البور : الهلاك وكساد السوق.

984 - وروي عن مسمع كردين أنه قال : صليت مع أبي عبد اللّه عليه السلام أربعين صباحا فكان إذا انفتل رفع يديه إلى السماء وقال : « أصبحنا وأصبح الملك لله ، اللّهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك ، اللّهم احفظنا من حيث نحتفظ ومن حيث لا نحتفظ ، اللّهم احرسنا من حيث نحترس ومن حيث لا نحترس ، اللّهم استرنا من حيث نستتر ومن حيث لا نستتر ، اللّهم استرنا بالغنى والعافية ، اللّهم ارزقنا العافية ودوام العافية و ارزقنا الشكر على العافية ».

باب 49: أحكام السهو في الصلاة

985 - روى إسماعيل بن مسلم (1) عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أتاه رجل فقال : يا رسول اللّه إليك أشكو ما ألقى من الوسوسة في صلاتي حتى لا أعقل ما صليت من زيادة أو نقصان ، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إذا دخلت في صلاتك فأطعن فخذك الأيسر بإصبعك اليمنى المسبحة ، ثم قل : « بسم اللّه وباللّه توكلت على اللّه أعوذ باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم » فإنك تنحره و تزجره وتطرده عنك » (2).

986 - وروي عن عمر بن يزيد أنه قال : « شكوت إلى أبى عبد اللّه عليه السلام السهو في المغرب فقال : صلها بقل هو اللّه أحد ، وقل يا أيها الكافرون ، ففعلت [ ذلك ] فذهب عني » (3).

987 - وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « أتى النبي

ص: 338


1- هو السكوني وفى الطريق إليه من لم يوثق.
2- نحره - كمنعه - : دفعه وزجره أي منعه ونهاء ، والطرد الابعاد.
3- المراد قراءة التوحيد في الأولى والكافرين في الثانية. فحيث أن القراءة في الثالثة التسبيحات الأربعة فيعينه هذا الترتيب على عدم الشك والظاهر أن المراد بالسهو هنا الشك.

صلى اللّه عليه وآله رجل فقال : يا رسول اللّه لقيت من وسوسة صدري شدة وأنا رجل معيل مدين محوج ، فقال له : كرر هذه الكلمات » توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا « قال : فلم يلبث الرجل أن عاد إليه فقال : يا رسول اللّه أذهب اللّه عني وسوسة صدري وقضى ديني ووسع رزقي ».

988 - وفي رواية عبد اللّه بن المغيرة أنه قال : « لا بأس أن يعد الرجل صلاته بخاتمه أو بحصا يأخذ بيده فيعد به ».

989 - وقال الرضا عليه السلام : « إذا كثر عليك السهو في الصلاة فامض على صلاتك ولا تعد ».

990 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا كثر عليك السهو فدعه فإنه يوشك أن يدعك ، إنما هو من الشيطان » (1).

991 - وفي رواية ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة « أن الصادق عليه السلام قال : إذا كان الرجل ممن يسهو في كل ثلاث (2) فهو ممن كثير عليه السهو ».

992 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « لا تعاد الصلاة إلا من خمسة (3) الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود ، ثم قال : القراءة سنة والتشهد

ص: 339


1- لأنه إذا رأى أنه لا يؤثر يترك. ( مراد )
2- لعل التعميم فيما يسهى عنه أي سواء كانت تلك الثلاث من الركعات أو الصلوات أو مما فيهما بشرط توالى الصلوات. ( مراد )
3- أي من الاخلال بها سواء كان عمدا أو سهوا أما من الطهارة فظاهر ، وأما من الوقت فللاتيان بها قبل دخول وقتها بحيث لا يقع شئ منها في وقتها ، وأما الاتيان بها بعد الوقت كما إذا أخل بها في الوقت ظانا بقاءه فأتى بها بعد الوقت فان قلنا بصحتها فلان ذلك وقتها المعين له شرعا غايته كان عليه أن ينوى القضاء ولم ينو بل نواها أداء ، وذلك لا يوجب وقوعها في غير وقتها ، وأما القلة ، فالاخلال بها إنما هو في الاستدبار وهو يوجب الإعادة ، وما وقع بين المشرق والمغرب فليس خارجا عن القبلة ، وما وقع على نفس المشرق والمغرب فقد يوجب الإعادة ، ولا ينتقض الحصر بالنسبة إلى النية وتكبيرة الاحرام لان الأولى لازمة الثانية وهي لا تنسى على ما وقع في الخبر ، أو يقال : إن القصر إضافي بالنسبة إلى التشهد والقراءة. ( مراد )

سنة ولا تنقض السنة الفريضة » (1).

والأصل في السهو أن من سها في الركعتين الأولتين (2) من كل صلاة فعليه الإعادة ومن شك في المغرب فعليه الإعادة ، ومن شك في الغداة فعليه الإعادة ، ومن شك في الجمعة فعليه الإعادة ، ومن شك في الثانية والثالثة أو في الثالثة والرابعة أخذ بالأكثر ، فإذا سلم أتم ما ظن أنه قد نقص.

993 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام لعمار بن موسى يا عمار « أجمع لك السهو كله في كلمتين متى [ ما ] شككت فخذ بالأكثر فإذا سلمت فأتم ما ظننت أنك قد نقصت » (3).

994 - ومعنى الخبر الذي روي « أن الفقيه لا يعيد الصلاة » (4) إنما هو في الثلاث

ص: 340


1- يعنى ما ثبت بالسنة لا يرفع حكم ما ثبت بالكتاب فإذا ركع وسجد لا ترتفع صحتها بالاخلال بالقراءة والتشهد بخلاف العكس سهوا ، وأما قوله عزوجل « فاقرأوا ما تيسر من القرآن » فليس نصا في وجوبها في الصلاة فلا يكون القراءة فريضة ولو سلم فالمستفاد منه وجوب ما يصدق عليه القراءة والاخلال بها بنسيان الفاتحة والسورة وأبعاضها في جميع الركعات مما لا يكاد أن يمكن وهذا الحكم اما لبيان الحكمة في خصوص المادة أو لبيان أن الأصل ذلك فلا يخالف الا لدليل ( مراد ) أقول : الاستدلال على وجوب القراءة بالآية غير سديد لان مقتضى الخبر أن القراءة من السنة لا من القرآن والظاهر أن الآية نزلت في القراءة في الليل مطلقا ، أو في صلاة الليل كما يفهم من صدر الآية وذيلها فتأمل.
2- الظاهر أن المراد الشك في عدد الأوليين لا كل سهو وقع فيهما فإنه لو كان السهو فيهما عن غير الركن أو عن الركن ويمكن استدراكه في محله فليس عليه إعادة الصلاة. ( سلطان )
3- « أجمع لك السهو » أي أبين لك حكمه. ولعل المراد به الشك الواقع في الرباعية بعد تحقق الركعتين بكمالهما من غير أن يتجاوز الأربع إذ لو تجاوزها كما إذا تعلق بالخامسة وما زاد لم يمكن البناء على الأكثر ، وقوله « فإذا سلمت فأتم - الخ » يدل على فورية الاتيان بالنقصان. ( مراد )
4- في التهذيب ج 1 ص 236 مسندا عن حمزة بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام « قال : ما أعاد الصلاة فقيه ، يحتال لها ويدبرها حتى لا يعيدها ». وفى ص 190 في حديث « لا يعيد الصلاة فقيه ».

والأربع لا في الأوليين.

ولا تجب سجدتا السهو إلا على من قعد في حال قيامه ، أو قام في حال قعوده ، أو ترك التشهد ، أو لم يدر زاد أو نقص ، وهما بعد التسليم في الزيادة والنقصان (1).

995 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « سجدتا السهو بعد التسليم وقبل الكلام ».

996 - وأما حديث صفوان بن مهران الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « وسألته عن سجدتي السهو ، فقال : إذا نقصت فقبل التسليم وإذا زدت فبعده ». فإني أفتي به في حال التقية (2).

997 - وسأله عمار الساباطي عن سجدتي السهو هل فيهما تكبير أو تسبيح؟ فقال : لا إنما هما سجدتان فقط (3) فإن كان الذي سها هو الامام كبر إذا سجد و

ص: 341


1- ظاهره أنه قد علم أن هناك اخلالا لكن شك في أنه بزيادة فعل أو نقصانه فيجب تخصيصه إذا لم يعلم أن المخل به ركن ( مراد ) أقول : الحصر إضافي لما سيجيئ في غيرها الا أن يحمل في غيرها على الاستحباب.
2- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 191 خبرين نحو هذا أحدهما عن سعد بن سعد عن الرضا (عليهم السلام) والاخر عن أبي الجارود عن الباقر (عليه السلام) وقال : ان هذين الخبرين محمولان على ضرب من التقية لأنهما موافقان لمذاهب العامة. ثم نقل كلام المصنف هذا.
3- في بعض النسخ « لا انهما سجدتان فقط » وهكذا في التهذيب. ويدل على عدم وجوب التسبيح فيهما ولا يدل على عدم وجوب الذكر ، ولا ينافي خبر الحلبي الآتي. وقال الشيخ  - رحمه اللّه - : المراد بهذا الخبر أنه ليس فيهما تسبيح وتشهد كالتسبيح والتشهد في الصلوات من التطويل فيها دون أن يكون المراد به نفى التسبيح والتشهد على كل حال ، وعندنا أن المسنون أن يخفف الانسان في التشهد الذي بعد سجدتي السهو ويحمد اللّه تعالى في السجود ويصلى على نبيه صلى اللّه عليه وآله بلا تطويل ، والذي يكشف عما ذكرناه ما رواه سعد بن عبد اللّه عن أبي جعفر عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان عن عبيد اللّه الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه قال : إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة ، تتشهد فيهما تشهدا خفيفا. أقول سيأتي الخبر تحت رقم 1019.

إذا رفع رأسه (1) ليعلم من خلفه أنه قدسها فليس عليه أن يسبح فيهما (2) ولا فيهما تشهد بعد السجدتين (3).

998 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « تقول (4) في سجدتي السهو » بسم اللّه وباللّه ، وصلى اللّه على محمد وآل محمد « قال : وسمعته مرة أخرى يقول » بسم اللّه وباللّه ، السلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته.

ومن شك في أذانه وقد أقام الصلاة فليمض ، ومن شك في الإقامة بعد ما كبر فليمض ، ومن شك في التكبير بعد ما قرأ فليمض ، ومن شك في القراءة بعد ما ركع فليمض ، ومن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض ، وكل شئ شك فيه وقد دخل في حالة أخرى فليمض ، ولا يلتفت إلى الشك إلا أن يستيقن ، ومن استيقن أنه ترك الأذان والإقامة ثم ذكر ولم يكن [ قد ] قرأ عامة السورة فلا بأس بترك الاذان فليصل على النبي صلى اللّه عليه وآله (5) وليقل : قد قامت الصلاة [ قد قامت الصلاة ] ومن استيقن أنه

ص: 342


1- أي كبر إذا أراد أن يسجد ، وفى بعض النسخ « فإذا رفع رأسه » فلا يستقيم المعنى الا أن يقال الفاء أريد بها معنى « ثم » أي ثم كبر إذا رفع رأسه. أي كبر الامام تنبيها للمأموم لئلا يتبعه ظانا أنه أمر مشترك بينهما كسجدة الشكر فعل المأموم أن ينظر في حاله فإن كان شريكا مع الامام في السهو فليسجد والا فلا. وقال الشهيد - رحمه اللّه - في البيان : « ويستحب فيهما تكبيرة الافتتاح وفى رواية عمار نفى ذلك الا إذا كان إماما فيكبر إذا سجد وإذا رفع رأسه » وقال السيد الداماد - رحمه اللّه - : هذه الرواية لا ينفى ذلك الاستحباب إذ مفادها وجوب تكبيرة الافتتاح فيها على الامام فينفي الوجوب إذا لم يكن إماما لا الاستحباب كما هو المشهور بناء على أن المعهود من الشرع اقتران النية بتكبيرة الافتتاح في سائر مواضعها.
2- قوله « فليس عليه أن يسبح » أي على الامام لحصول الاعلام بالتكبيرين. ( مراد )
3- حمل على التشهد الكبير لاخبار أخر.
4- وفى بعض النسخ « قال يقول » أي يقول الساهي.
5- حمل الصلاة على النبي على السلام كما ورد في بعض الأخبار. وقال في المدارك : « الظاهر أن الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله إشارة إلى قطع الصلاة ، ويمكن أن يكون ذلك نفسه قاطعا ويكون ذلك من خصوصيات هذا الموضع لان ذلك لا يقطع الصلاة في غير هذا المحل ».

لم يكبر تكبيرة الافتتاح فليعد صلاته وكيف له بأن يستيقن (1).

999 - وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « الانسان لا ينسى تكبيرة الافتتاح ».

1000 - وسأل الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل نسي أن يكبر حتى دخل في الصلاة ، فقال : أليس كان في نيته أن يكبر؟ قال : نعم ، قال : فليمض في صلاته ».

1001 - وسأل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي الرضا عليه السلام « عن رجل نسي أن يكبر تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع فقال : أجزأه » (2).

1002 - وقد روى زرارة (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قلت له : رجل نسي أول تكبيرة الافتتاح ، فقال : إن ذكرها قبل الركوع كبر ثم قرأ ثم ركع ، وإن ذكرها في الصلاة كبرها في مقامه في موضع التكبير قبل القراءة أو بعد القراءة ، قلت : فإن ذكرها بعد الصلاة؟ قال : فليقضها (4) ولا شئ عليه ».

1003 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : إذا أنت كبرت في أول

ص: 343


1- أي لا يحصل له هذا اليقين غالبا.
2- هذه الروايات تخالف اجماع الأصحاب بل اجماع الأمة الا الزهري والأوزاعي فإنهما لم يبطلا الصلاة بتركها سهوا وحملها الشيخ على الشك ( الذكرى ) أقول : بعد ما قال المؤلف - رحمه اللّه - في فتواه : « ومن استيقن أنه لم يكبر تكبيرة الافتتاح فليعد صلاته وكيف له بأن يستيقن » أورد هذه الروايات الثلاث لبيان عدم تحقق نسيان تكبيرة الاحرام فينبغي بل يجب لنا أن نحمل النسيان على الشك يتناقض قوله ، وطريق الروايات صحيح.
3- الاتيان بلفظ « قد » يشعر بشئ ما ينبغي التأمل فيه.
4- قال الشيخ : قوله « فليقضها » يعنى الصلاة ولم يرد التكبير وحده ، وأما قوله : « فلا شئ عليه » يعنى من العقاب لأنه لم يتعمد تركها وإنما نسي فإذا أعاد الصلاة فليس عليه شئ انتهى. وقال سلطان العلماء : في هذا الحمل تأمل لأنه ان حمل النسيان على الشك كما حمل في الروايات السابقة فلا وجه للحكم بقضاء الصلاة لأن الشك إذا كان بعد الفراغ لا يلتفت إليه ، وان حمل على معناه الحقيقي فلا وجه لصحة الصلاة باتيانه بعد القراءة والركوع اجماعا.

صلاتك بعد الاستفتاح بإحدى وعشرين تكبيرة (1) ، ثم نسيت التكبير كله أو لم تكبره أجزأك التكبير الأول (2) عن تكبيرة الصلاة كلها » (3).

1004 - وروى حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه ، أو أخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه؟ فقال : أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة (4) ، وإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا ش ئ عليه وقد تمت صلاته ، فقال : قلت له : رجل نسي القراءة في الأولتين فذكرها في الأخيرتين فقال : يقضي القراءة والتكبير والتسبيح الذي فاته في الأولتين [ في الأخيرتين ] ولا شئ عليه ». (5)

1005 - وروى الحسين بن حماد (6) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال له : « أسهو

ص: 344


1- يمكن أن يراد بالاستفتاح تكبيرة الاحرام وأن يراد به التكبيرات السبع و المراد بإحدى وعشرين تكبيرة تكبيرات الرباعية إذ في كل ركعة تكبير للركوع وأربعة للسجودين فمع تكبير القنوت تصير إحدى وعشرين ، فيستفاد من الحديث جواز الاتيان بها في أول الصلاة مخافة النسيان في محالها ، فان أتى بها في محالها أيضا فذلك أفضل و الا قامت مقامهن سواء نسيت أو تركت عمدا كغسل الجمعة يوم الخميس. ( مراد )
2- أي لا إحدى وعشرين تكبيرة.
3- في بعض النسخ « فيها ».
4- ظاهره وجوب الجهر والاخفات في مواضعهما مع أنه ذكر بلفظ « ينبغي » لأنه من كلام السائل ولو كان من كلامه (عليه السلام) أو قرره أيضا فقد ذكر ما يدل على أن المراد به الوجوب من نقض الصلاة والإعادة وكذا لو قرء بالصاد من النقصان للامر بالإعادة الا أن يحمل على الاستحباب لصحيحة علي بن جعفر عليه السلام.
5- لعل المراد بقضاء القراءة الاتيان بها في الأخيرتين لئلا يخلو صلاته عن الفاتحة ويحتمل استحباب قضائها بعد الصلاة. وأما ذكر التكبير والتسبيح فإفادة جديدة بعد الاتيان بالجواب ، والمراد بهما اما المستحبات أو ما يذكر في الركوع والسجود ، وفى بعض النسخ « في الأخيرتين » بعد قوله « في الأولتين » فهو يتعلق بيقضى القراءة. ( مراد )
6- تقدم أن الطريق إليه قوى.

عن القراءة في الركعة الأولى ، قال : اقرأ في الثانية ، قال : قلت أسهو في الثانية؟ قال : اقرأ في الثالثة ، قال : قلت أسهو في صلاتي كلها ، فقال : إذا حفظت الركوع والسجود فقد تمت صلاتك ».

1006 - وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال : « إن اللّه تبارك وتعالى فرض الركوع والسجود ، والقراءة سنة (1) فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة ومن نسي فلا شئ عليه ».

1007 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل شك بعد ما سجد أنه لم يركع ، فقال : يمضي في صلاته حتى يستيقن أنه لم يركع ، فإن استيقن أنه لم يركع فليلق السجدتين اللتين لا ركوع لهما (2) ويبني على صلاته التي

ص: 345


1- أي ثبت وجوبها بالسنة دون الكتاب فلا يحسن الاستدلال بوجوبها بقوله تعالى « فاقرأوا ما تيسر من القرآن » وقد تقدم الكلام فيه.
2- أي ليطرحهما من البين ويبنى على ما سبقهما من الصلاة الذي وقع على وجه الكمال وقد يختص ذلك بالركعتين الأخيرتين ( مراد ) أقول : هذا الخبر صحيح من حيث السند ويدل على أنه لا يبطل الصلاة بزيادة السجدتين وهو بعد مخالفته للمشهور بين الفقهاء يعارض صحيحة رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل نسي أن يركع حتى يسجد ويقوم؟ قال : يستقبل » أي يستأنف الصلاة لأنه أخل بالركن ( الكافي ج 3 ص 348 ) ويعارض أيضا موثقة إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل ينسى أن يركع قال : يستقبل حتى يضع كل شئ من ذلك مواضعه » ( التهذيب ج 1 ص 177 ) وكذا صحيحة أبي بصير قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي أن يركع قال : عليه الإعادة ». ويمكن الحلم على أن المراد بقوله « يبنى » يستأنف ، والحاصل أنه لا يعتد بما أتى به ناقصا ويأتي بصلاة تامة وليس المراد من لبناء جعل ما أتى به ناقصا صحيحا واكماله ، وقد حمله الشيخ - رحمه اللّه - في الاستبصار على النسيان في الأخيرتين وأما في الركعتين الأوليين فإنه يجب عليه استيناف الصلاة على كل حال إذا ذكر. وقال الشهيد - رحمه اللّه - : لم نقف على وجه هذا الحمل الا ما يظهر من الرواية عن الرضا عليه السلام « الإعادة في الأولتين والشك في الأخيرتين » لكنه ليس بصريح في المطلوب.

على التمام ، فإن كان لم يستيقن إلا من بعد ما فرغ وانصرف (1) فليقم وليصل ركعة وسجدتين (2) ولا شئ عليه ».

1008- وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا ، ثم ذكرت فاقض الذي فاتك سهوا » (3).

1009 - وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن نسي أن يسجد واحدة فذكرها وهو قائم؟ قال : يسجدها إذا ذكرها ولم يركع فإن كان قد ركع فليمض على صلاته فإذا انصرف قضاها وحدها وليس عليه سهو » (4).

1010 - وسأله منصور بن حازم (5) عن رجل صلى فذكر أنه قد زاد سجدة ، فقال : لا يعيد صلاته من سجدة ، ويعيدها من ركعة (6).

1011 - وروى عامر بن جذاعة (7) عنه عليه السلام أنه قال : « إذا سلمت الركعتان

ص: 346


1- محمول على الشك أي شك بعد ما فرغ من الركوع أو ظن عدم الركوع بعد السلام فيصلى ركعة استحبابا واحتياطا. ( هامش الوافي )
2- أي ليسجد سجدتين ولعل المراد بهما سجدتا السهو ، ولو أريد بالركعة الركوع كان المراد به وبالسجدتين هو الركعة التي تصير بدلا من الركعة المتروكة بترك ركوعها. ( مراد )
3- محمول على ما إذا ذكر قبل تجاوز المحل. وحمله بعض على ما يستدرك في محله دون ما تجاوز محله فان منها ما تبطل الصلاة بتركه لو كان المنسي ركنا ومنها ما يتلافى بعد الصلاة كالسجدة والتشهد ومنها مالا شئ فيه. وحمله الشهيد في الدروس على قضاء الركوع والسجود وان تجاوز عن محله كما هو ظاهر الحديث.
4- أي سجدتا السهو ويمكن حمله على أن ليس عليه وبال ( مراد ) أقول الطريق صحيح.
5- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة ، وهو ثقة.
6- أي من زيادة الركوع لأنه ركن على المشهور بخلاف السجدة الواحدة فإنها ليست ركنا إنما الركن سجدتان معا ويتحقق بالدخول في الثانية.
7- تقدم أن فيه الحكم بن مسكين وهو مهمل.

الأولتان سلمت الصلاة ». (1)

1012 - وروى علي بن نعمان الرازي (2) أنه قال : « كنت مع أصحاب لي في سفر وأنا إمامهم فصليت بهم المغرب فسلمت في الركعتين الأولتين ، فقال أصحابي : إنما صليت بنا ركعتين فكلمتهم وكلموني فقالوا : أما نحن فنعيد ، فقلت : لكني لا أعيد وأتم بركعة فأتممت بركعة ، ثم سرنا وأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام وذكرت له الذي كان من أمرنا ، فقال : لي أنت أصوب منهم فعلا ، إنما يعيد من لا يدري ما صلى » (3).

1013 - وروى عنه عمار « أن من سلم في ركعتين من الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء الآخرة ، ثم ذكر فليبن على صلاته ولو بلغ الصين ولا إعادة عليه » (4).

ص: 347


1- قد يخص السلامة بعدد الركعتين الأوليين دون ما يتعلق بهما وهذا الحديث أيضا يدل على ما يدل عليه الحديث الآتي من أنه إذا اختل الركعة الأخيرة من المغرب أو الأخيرتين في الظهرين والعشاء سهوا يبنى على الركعتين الأوليين ولم يحتج إلى إعادة الصلاة. ( مراد )
2- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
3- يدل على صحة الصلاة إذا نقص من الأخيرتين وأتى بها بعد ما تكلم ، قال الشهيد  - رحمه اللّه - في الذكرى : لو تكلم عمدا كظنه اكمال الصلاة تم تبين النقصان لم يبطل في المشهور. وهو المروى في الصحيح وفى هذه الرواية انه تكلم بعد علم النقيصة فيحمل على أنه اضمر في نفسه أي أضمر أنه لا يعيد وانه يتم ويكون القول عبارة عن ذلك ( سلطان ) وقال المولى المجلسي : « يدل على أنه مع النقصان يتم ولو تكلم لأنه بمنزلة من تكلم ناسيا و يتدارك بسجدتي السهو ».
4- قد يخصص بما إذا لم يفعل ما ينافي الصلاة من استدبار أو نقض طهارة أو غيرهما ، وبعده ظاهر لان بلوغ الصين من موضع الصلاة أو من موضع التكلم بذلك الكلام وإن كان على سبيل المبالغة لا يخلو عن وقوع ما ينافيها ، فان مثله كالمقطوع به في فاصلة اليومين والثلاثة ( مراد ) أقول : ظاهر المؤلف - رحمه اللّه - هنا العمل بظاهر الخبر كما أفتى به في المقنع حيث قال ان صليت ركعتين من الفريضة ثم قمت وذهبت في حاجة لك فأضف إلى صلاتك ما نقص ولو بلغت إلى الصين ، ولا تعد الصلاة فان الإعادة في هذه المسألة مذهب يونس بن عبد الرحمن. وقال الشهيد - رحمه اللّه - في الذكرى : « لو نقص صلاته ساهيا ركعة فما زاد ثم ذكر قبل فعل ما ينافي الصلاة من حدث أو استدبار أو كلام وغيره أتمها قطعا وإن كان بعد الحدث أعادها وإن كان بعد الاستدبار أو الكلام فقد سلف. وذكر الشيخ في التهذيب في صحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل صلى بالكوفة ركعتين ثم ذكر وهو بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلدة من البلدان أنه صلى ركعتين؟ قال : يصلى ركعتين » ثم قال الشيخ : وهذا الخبر وخبر عمار الذي فيه « لا يعيد صلاته ولو بلغ الصين » فالوجه فيهما أن نحملهما على أنه إذا لم يذكر ذلك علما يقينا وإنما يذكر ظنا ويعتريه مع ذلك شك فحينئذ يضيف إليها تمام الصلاة استظهارا لا وجوبا لأنا قد بينا أن بعد الانصراف من حال الصلاة لا يلتفت إلى شئ من الشك ، ويحتمل الخبر أيضا أن يكون إنما ذكر ترك الركعتين من النوافل وليس فيه أنه ترك ركعتين من الفرائض - انتهى. ولا يخفى بعدهما و كيف كان ما عليه المصنف - رحمه اللّه - خلاف المشهور والأخبار الكثيرة التي دلت على بطلان الصلاة بالاستدبار والحدث ، وقاعدة لا تعاد المسلمة عند جميع الفقهاء العظام حاكمة الا أن نخص كلها بالفريضة دون السنة ولكن ينافيه خبر عبيد بن زرارة الآتي لكون الغداة فريضة.

1014 - وسأل عبيد بن زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يصلي الغداة ركعة ويتشهد وينصرف ويذهب ويجئ ثم ذكر أنه إنما صلى ركعة ، قال : يضيف إليها ركعة » (1).

1015 - وسأل أبو كهمس (2) أبا عبد اللّه عليه السلام عن الركعتين الأوليين فإذا جلست فيهما للتشهد فقلت وأنا جالس : « السلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته » انصراف هو؟ قال : لا ولكن إذا قلت : « السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين فهو انصراف ». (3)

ص: 348


1- حمله الشيخ - رحمه اللّه - على ما إذا انصرف وذهب وجاء من غير أن يستدبر. وحمله بعضهم على النافلة. أقول : طريق الصدوق إلى عبيد فيه الحكم بن مسكين ولم يوثق. لكن رواه الشيخ بسند صحيح.
2- هو هيثم بن عبد اللّه الكوفي وفى الطريق إليه مهمل.
3- يدل على بطلان الصلاة بقول « السلام علينا » في التشهد الأول على أنه سلام وعلى أن الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله ليس بسلام فلا تبطل (م ت).

1016 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا لم تدر اثنتين صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شئ فتشهد وسلم ثم صل ركعتين وأربع سجدات تقرأ فيهما بأم الكتاب (1) ثم تشهد وتسلم فإن كنت إنما صليت ركعتين كانتا هاتان تمام الأربع ، وإن كنت صليت أربعا كانتا هاتان نافلة ».

1017 - وروى جميل بن دراج (2) عنه عليه السلام أنه قال « في رجل صلى خمسا : إنه إن جلس في الرابعة مقدار التشهد فعبادته جائزة ». (3)

1018 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل صلى الظهر خمسا ، فقال : إن كان لا يدري جلس في الرابعة (4) أم لم يجلس فليجعل أربع ركعات منها الظهر ويجلس ويتشهد ، ثم يصلي وهو جالس ركعتين وأربع سجدات فيضيفهما إلى الخامسة (5) فتكون نافلة ».

ص: 349


1- يدل على تعين الفاتحة في صلاة الاحتياط ما ذهب إليه ابن إدريس - رحمه اللّه - من التخيير بين الفاتحة والتسبيح.
2- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
3- ظاهره عدم جزئية السلام للصلاة ويمكن ابتناء الجواز على أنه إذا نسي جاز انفصاله عن الصلاة وذلك لا ينافي جزئيته للصلاة كما مر في الركعتين المنفصلتين وكما في الأجزاء المنسية ( مراد ) وفى بعض النسخ « فصلاته جائزة ».
4- يعنى في حال القيام قبل الركوع سواء كان قبل القراءة أو بعدها أو في أثنائها ويجب عليه أن يجلس من قيامه ويتشهد ويحتاط بركعتين من جلوس لأن الشك يصير بعد الجلوس بين الثلاث والأربع.
5- قال الفاضل التفرشي : لعل وجهه أنه لا يبقى الركعة الخامسة بعد جعل الأربع ظهرا على ركعة واحدة بل يصير عند ضم الركعتين من الجلوس اللتين تعدان بركعة ركعتين من قيام إذ لا صلاة مندوبة على ركعة واحدة سوى الوتر ، ولعل اختيار الركعتين على ركعة من قيام لأنهما مشروعتان بانفرادهما مستقلتان أيضا وهذا يرجع إلى أن صلاته قد تمت مع تمام الركعة الرابعة ، وكان قد نسي التشهد فيأتي به بعد الركعة الزائدة ، واكتفائه (عليه السلام) بالتشهد يشعر بعدم وجوب السلام. وقوله « فتكون نافلة » أي نافلة كاملة.

1019 - وسأل الفضيل بن يسار (1) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن السهو فقال : من يحفظ سهوه فأتمه فليس عليه سجدتا السهو ، وإنما السهو على من لم يدر أزاد في صلاته أم نقص منها ». (2)

1020 - وروى الحلبي عنه عليه السلام أنه قال : « إذا لم تدر أربعا صليت أو خمسا أم زدت أم نقصت فتشهد وسلم واسجد سجدتي السهو بغير ركوع ولا قراءة ، تتشهد فيهما تشهدا خفيفا ».

1021 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل « عن رجل دخل مع الامام في صلاته وقد سبقه بركعة ، فلما فرغ الامام خرج مع الناس ، ثم ذكر بعد ذلك أنه قد فاتته ركعة؟ قال : يعيد ركعة واحدة ». (3)

1022 - وروى عبد الرحمان بن الحجاج ، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام (4) : رجل لا يدري اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا؟ فقال : يصلي ركعتين من قيام (5) ثم يسلم ، ثم يصلي ركعتين وهو جالس ».

1023 - ووري عن علي بن أبي حمزة (6) عن العبد الصالح عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يشك فلا يدري أواحدة صلى أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا ، تلتبس عليه صلاته؟ فقال : كل ذا؟ فقلت : نعم ، قال : فليمض في صلاته وليتعوذ باللّه من الشيطان

ص: 350


1- الطريق إليه معتبر وهو ثقة.
2- لعل المراد بالزيادة والنقصان زيادة الركعة ونقصانها ، والمراد بالسهو موجب صلاة الاحتياط وسجدتا السهو كما في الشك بين الأربع والخمس فلا يخدشه ان من تكلم ساهيا عليه أن يسجد وهو يدرى أنه زاد ( مراد )
3- يدل على أن الفصل عند السهو غير مبطل كما مر. ( مراد )
4- كذا في جميع النسخ وتعبيره عليه السلام عن أبيه بكنيته غير معهود.
5- في بعض النسخ « يصلى ركعة من قيام »
6- مشترك بين البطائني الواقفي الضعيف والثمالي الفاضل الثقة والمظنون البطائني.

الرجيم فإنه يوشك أن يذهب عنه ». (1)

1024 - وروى سهل بن اليسع (2) في ذلك عن الرضا عليه السلام أنه قال : « يبني على يقينه (3) ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهد تشهدا خفيفا ».

1025 - وقد روي « انه يصلي ركعة من قيام وركعتين وهو جلوس ». (4) وليست هذه الأخبار بمختلفة وصاحب السهو بالخيار بأي خبر منها أخذ فهو مصيب.

1026 - وروي عن إسحاق بن عمار أنه قال : « قال لي أبو الحسن الأول عليه السلام : إذا شككت فابن على اليقين (5) ، قال : قلت : هذا أصل؟ قال : نعم ».

1027 - وسأل عبد اللّه بن أبي يعفور أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يصلي ركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما ، فقال : إن ذكر وهو قائم في الثالثة فليجلس وإن لم يذكر حتى ركع فليتم صلاته ، ثم يسجد سجدتين (6) وهو جالس قبل أن يتكلم ».

ص: 351


1- لعل وجهه أنه حينئذ يصير كثير السهو فلا يلتفت إليه وبذلك يشعر قوله عليه السلام فإنه يوشك أن يذهب عنه. ( مراد )
2- الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم.
3- ظاهره أنه يبنى على الواحدة لأنها المتيقن ، ويمكن أن يحمل على أنه يأتي بما يبرء ذمته يقينا فيأتي بصلاتي احتياط بركعة من قيام وركعتين من قيام أيضا فيفتقر إلى قراءة السورة لو كان الواقع ركعة واحدة. ( مراد )
4- لعل وجه ذلك أنه على تقدير أن يكون الواقع منه ركعة واحدة قام ركعتان من الجلوس مقام ركعتي القيام وكان عدم بطلان صلاته مع تعلق الشك بالواحدة ما مر من صيرورته كثير السهو ( مراد ) وفى بعض النسخ « يصلى ركعتين من قيام وركعتين وهو جالس ».
5- اليقين هنا محمول على الأكثر لئلا ينافي ما تقدم تحت رقم 992 في خبر عمار ابن موسى حيث يفيد البناء على الأكثر ، وبعده ظاهر ، والحمل على الأقل والتخيير كما ذهب إليه المصنف أقرب.
6- ظاهره الاكتفاء بهما من دون أن يأتي بالتشهد ولو ادخل قضاء التشهد في اتمام الصلاة فيشمله. ( مراد )

1028 - وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إن شك الرجل بعد ما صلى فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا وكان يقينه حين انصرف أنه كان قد أتم له يعد الصلاة ، وكان حين انصرف أقرب إلى الحق منه بعد ذلك ». (1)

1029 - وفي نوادر إبراهيم بن هاشم (2) أنه سئل أبو عبد اللّه عليه السلام « عن إمام يصلي بأربع نفر أو بخمس فيسبح اثنان (3) على أنهم صلوا ثلاثا ، ويسبح ثلاثة على أنهم صلوا أربعا يقول هؤلاء : قوموا ، ويقول هؤلاء : اقعدوا ، والامام مائل مع أحدهما أو معتدل الوهم فما يجب عليهم؟ (4) قال : ليس على الامام [ سهو ] إذا حفظ عليه من خلفه سهوه باتفاق منهم ، وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام ، ولا سهو في سهو (5) وليس في المغرب سهو ولا في الفجر سهو ، ولا في الركعتين الأولتين من كل صلاة سهو (6)

ص: 352


1- الظاهر أن معناه أن حال الانصراف كان على يقين ثم حصل له الشك فلم يعد لان الحال الأول أقرب. ( سلطان )
2- الظاهر أن المراد أن هذا الخبر مأخوذ من كتاب نوادر إبراهيم بن هاشم.
3- قوله. « فيسبح اثنان » يدل على أن اعلام الإمام والمأموم ما في ضميرهم بالآخر ينبغي أن يكون بالتسبيح فان لا يجوز الكلام ، والتسبيح لكونه ذكرا أحسن من الإشارة بالأصابع وغيرها ، وقوله « يقول هؤلاء » أي بالإشارة أو بالتسبيح. ( المرآة )
4- يعنى إذا كان مائلا مع أحدهما أي شئ حكمه وإذا كان معتدل الوهم ما حكمه؟ فشرع عليه السلام بقواعد السهو. (م ت)
5- أي لا حكم له أصلا ، فكأنه لا تحقق له أصلا فلا يلتفت إليه ، فظاهر السهو في السهو أنه يسهو هل سها أم لا ، وحمل السهو الثاني على موجب السهو كصلاة الاحتياط احتمال لا يبعد لو قيل إنه المتبادر عرفا ، والظاهر أنه من تتمة الحديث إذ لو جعل من قوله المؤلف  - رحمه اللّه - لم يف الجواب في الحديث بشقى السؤال الا إذا قيل بمفهوم الشرط فيفهم ان ليس يحفظ الامام على المأموم ولا المأموم على الامام في الصورة المفروضة فيكون لكل واحد حكم نفسه ( مراد ) أقول : لا شك في كونه من تتمة الحديث كما هو في الكافي ج 3 ص 369.
6- قوله « وليس في المغرب سهو » تغيير الأسلوب يعطى أن نفى السهو في المغرب ليس بمعنى نفيه في السهو والا كان حق العبارة أن يقال : « ولا في المغرب » فلعل المراد بنفيه في المغرب ونظائره نفى تلك الصلوات وعدم ترتب الأثر عليها عند السهو فيها. ( مراد )

فإذا اختلف على الامام من خلفه فعليه وعليهم في الاحتياط والإعادة [و] الاخذ بالجزم ». (1)

وإن نسيت صلاة ولا تدري أي صلاة هي فصل ركعتين ، وثلاث ركعات ، وأربع ركعات ، فإن كانت الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة تكون قد صليت أربعا ، وإن كانت المغرب تكون قد صليت ثلاثا ، وإن كان الغداة تكون قد صليت ركعتين.

وإن تكلمت في صلاتك ناسيا فقلت : « أقيموا صفوفكم » فأتم صلاتك واسجد

ص: 353


1- لما بين عليه السلام أن الامام إذا سها واتفق المأمومون على الحفظ فلا حكم لسهوه وإذا حفظ الامام ليس لسهو المأمومين حكم بل يجب ان يتبعوا له ولعل هذا شامل لشك المأمومين بأسرهم واختلافهم في الظن كما مر أراد أن يبين حكم ما إذا اختلفا كما إذا ظن الامام على خلاف ما ظنه المأمومون أو شك الامام واختلف المأمومون في الظن كما في الشق الثاني من شقى السؤال فيكون حينئذ لكل من الامام والمأمومين حكم سهوه وحينئذ لابد لكل منهما أن يأتي. بما يجزم معه براءة ذمته من إعادة الصلاة والآتيان بصلاة الاحتياط ، ففي صورة السؤال يسلم من اعتقد أنه أتى بالأربع ويأتي بركعة أخرى من اعتقد أنه أتى بالثلاث ولما كان الامام شاكا في الثلاث وأربع ينبغي أن يبنى على الأربع ويأتي بصلاة الاحتياط ، ولو ظن الامام أنه ركع في الخامسة وظن المأموم أنه في الرابعة وجب على المأموم اتمام الصلاة وعلى الامام اعادتها على القول بها ، ولو كان الامام شاكا بين الواحدة والثنتين والمأمومون بين الثنتين والثلاث بعد السجدتين فعلى الامام إعادة الصلاة على المأمومين البناء على الثلاث والآتيان بالاحتياط ، ويحتمل أن يجعل ذلك من حفظ المأموم مع سهو الامام حيث إنهم جزموا بوقوع الاثنتين فيرجع إلى شك الامام مع حفظ المأمومين ، فالامام يبنى على صلاته على الاثنين والمأموم على الثلاث ( مراد ) وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - الظاهر أن المراد به أن الاحتياط في هذه الصورة أن يعيدوا صلاتهم حتى يأخذوا بالجزم إذ لم يمكن تصحيحها ويمكن أن يكون المراد إعادة الصلاة في جميع الصور خصوصا على نسخة الكافي والتهذيب وبعض نسخ الفقيه من كون العاطف في الاخذ لا في الإعادة ، فالاحتياط في الإعادة بعد فعل ما ذكرناه فيه. وذكر العلامة المجلسي - رحمه اللّه - شرحا وافيا للحديث يبلغ مائتي سطر. راجع مرآة العقول ج 3 ص 140 إلى 144.

سجدتي السهو (1).

1030 - وروي أنه من تكلم في صلاته ناسيا كبر تكبيرات (2) ومن تكلم في صلاته متعمدا فعليه إعادة الصلاة و « من أن في صلاته فقد تكلم » (3).

وإن نسيت الظهر حتى غربت الشمس وقد صليت العصر (4) فان أمكنك أن تصليها قبل ان تفوتك المغرب فابدأ بها والا فصل المغرب ثم صل بعدها الظهر ، وان نسيت الظهر وقد ذكرتها وأنت تصلى العصر فاجعل التي تصليها الظهر - إن لم تخش أن يفوتك وقتب العص - ثم صل العصر بعد ذلك ، فان خفت أن يفوتك وقت العصر فابدأ بالعصر ، وإن نسيت الظهر والعصر ثم ذكرتهما عند غروب الشمس فصل الظهر ثم صل العصر إن كنت لا تخاف فوات إحديهما ، فإن خفت أن يفوتك إحداهما فابدأ بالعصر ولا تؤخرها فيكون قد فاتتك جميعا (5) ، ثم صل الأولى بعد ذلك على أثرها

ص: 354


1- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 191 والكليني في الكافي ج 3 ص 356 باسناد صحيح عن ابن الحجاج قال « سألت الصادق عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول : أقيموا صفوفكم؟ فقال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين فقلت : سجدتا السهو قبل التسليم هما أو بعده؟ قال : بعده ».
2- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 230 باسناده عن عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل دعاه رجل وهو يصلى فسها فأجابه لحاجته كيف يصنع؟ قال : يمضى على صلاته ويكبر تكبيرا كثيرا » وقال الشيخ (رحمه الله) هذا الخبر لا ينافي ما قدمناه من أنه إذا تكلم ساهيا كان عليه سجدتا السهو ، لأنه ليس في هذا الخبر أنه ليس عليه ذلك ، ولا يمتنع أن يكون أراد يكبر تكبيرا ثم يسجد سجدتي السهو بعد الفراغ من الصلاة. أقول: يحتمل أن يكون ما في المتن كلام المؤلّف أخذه من الحديث دون نقل لفظه.
3- في التهذيب باسناده عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبي عن علي عليهم السلام قال : « من أن في صلاته فقد تكلم » وأن فعل ماض من الأنين.
4- أي صليتها ساهيا قبل الظهر دون ما قدمتها عمدا فتبطل.
5- حيث إنه ترك العصر وصلى في غير وقته وهو وقت العصر وهذا يناسب القول بالاختصاص ، والضمير في « فاتتك » يرجع إلى الصلاة المطلقة ومعنى « جميعا » باعتبار كلا فرديه وحق العبارة « قد فاتتاك ». ( مراد )

ومتى فاتتك صلاة فصلها إذا ذكرت فإن ذكرتها وأنت في وقت فريضة أخرى فصل التي أنت في وقتها (1) ثم صل الصلاة الفائتة ، ومن فاتته الظهر والعصر جميعا ، ثم ذكرهما وقد بقي من النهار بمقدار ما يصليهما جميعا بدأ بالظهر ثم بالعصر ، وإن بقي بمقدار ما يصلي إحديهما بدأ بالعصر وإن بقي من النهار بمقدار ما يصلي ست ركعات (2) بدأ بالظهر.

1031 - وقال الصادق عليه السلام : « لا يفوت الصلاة من أراد الصلاة ، (3) ولا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس ، ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر ». (4)

وذلك للمضطر والعليل والناسي.

وإن نسيت أن تصلي المغرب والعشاء الآخرة فذكرتهما قبل الفجر فصلهما جميعا إن كان الوقت باقيا ، وإن خفت أن تفوتك إحداهما فابدأ بالعشاء الآخرة ، فإن ذكرتهما بعد الصبح فصل الصبح ، ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس (5).

ص: 355


1- اما محمول على تضييق وقت الحاضرة أو على عدم وجوب تقديم الفائتة - وان كانت واحدة - على الحاضرة ( مراد ) وقال سلطان العلماء : ينبغي حملها على تضييق وقت الحاضرة حتى لا ينافي ما ذكر والا ان أمكنك أن تصليها قبل أن يفوتك المغرب فابدأ بها.
2- يحتمل أن يكون الست في كلام المصنف بطريق التمثيل ( سلطان ) والمشهور أنه إذا بقي من النهار مقدار خمس ركعات بدأ بالظهر.
3- المراد أنه من فاته الصلاة لابد وأن يكون مقصرا لسعة وقتها فمن غفل عنها في ذلك الوقت كان لعدم اهتمامه بها فلم يعذر في ذلك فالمراد بالإرادة الاهتمام ، و « لا يفوت » اما من التفويت فالصلاة بالنصب على المفعولية واما من الفوت فهي بالرفع على الفاعلية. ( مراد )
4- إلى هنا تمام الخبر كما في التهذيب ج 1 ص 208 والاستبصار ج 1 ص 260 والباقي أي من قوله « وذلك - الخ » كلام الصدوق - رحمه اللّه -.
5- روى الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب ج 1 ص 213 والاستبصار ج 1 ص 288 باسناده عن ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان نام رجل أو نسي أن يصلى المغرب و العشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما ، وان خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس ». ويدل على جواز تقديم الحاضرة على الفائتة ، وينافى ما تقدم من تقديم الفائتة ان أمكن حيث قال : « فان أمكنك أن تصليها قبل أن تفوتك المغرب - الخ » ويمكن رفع التنافي بأن مراده - رحمه اللّه - فيما سبق من أوقاتها الموسعة بحيث لم يخف من تقديم الظهر عليها فوتها في وقت من أوقاتها وسيعة كانت أو ضيقة.

فإن نمت عن الغداة حتى تطلع الشمس فصل الركعتين ثم صل الغداة (1).

وإن نسيت التشهد في الركعة الثانية وذكرته في الثالثة فأرسل نفسك وتشهد ما لم تركع ، فإن ذكرت بعد ما ركعت فامض في صلاتك ، فإذا سلمت سجدت سجدتي السهو وتشهدت فيهما التشهد الذي فاتك (2).

وإن رفعت رأسك من السجدة الثانية في الركعة الرابعة وأحدثت فإن كنت قلت الشهادتين فقد مضت صلاتك (3) وإن لم تكن قلت ذلك فقد مضت صلاتك فتوضأ ثم عد إلى مجلسك وتشهد (4).

ص: 356


1- روى الشيخ في التهذيب باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل نام عن الغداة حتى طلعت الشمس ، فقال : يصلى الركعتين ثم يصلى الغداة » وقال الفاضل التفرشي : قوله « يصلى الركعتين » وهما نافلة الصبح يقضيهما أولا ، فدل على أنه كما يجوز الاتيان بالنافلة المرتبة في وقت الفريضة يجوز تقديم قضائها على قضائها.
2- ظاهره أن التشهد الذي في سجدتي السهو يقوم مقام التشهد الفائت فلا يحتاج إلى قضائه والمشهور قضاء التشهد والآتيان بسجدتي السهو. ( مراد ).
3- يشعر بعدم وجوب التسليم أو عدم جزئيته. ( سلطان )
4- قوله « فان كنت قلت الشهادتين فقد مضت صلاتك - إلى قوله : - وتشهد » مشعر بعدم وجوب السلام أو عدم جزئيته للصلاة إذ المتبادر منه عدم بقاء شئ من الصلاة عليه ، و لذا قال في ترك التشهد : فتوضأ الخ ليصير قرينة على أنه لم يرد منه ذلك المعنى وقوله « ثم عد إلى مجلسك » ظاهره وجوب العود لئلا يتأدى صلاة واحدة في مجلسين اختيارا ويؤيده ما مر في باب القبلة من أنه صلى اللّه عليه وآله مشى إلى نخامة في المسجد فحكها ثم رجع القهقرى فبنى على صلاته. ( مراد ).

وإن نسيت التشهد أو التسليم فذكرته وقد فارقت مصلاك فاستقبل القبلة قائما كنت أو قاعدا وتشهد وسلم (1).

ومن استيقن أنه صلى ستا فليعد الصلاة (2) ، ومن لم يدر كم صلى ولم يقع وهمه على شئ فليعد الصلاة (3).

وإذا صلى رجل إلى جانب رجل فقام على يساره وهو لا يعلم ثم علم وهو في صلاته حوله إلى يمينه (4).

ومن وجب عليه سجدتا السهو ونسي أن يسجد هما فليسجد هما متى ذكر.

ومن دخل مع قوم في الصلاة وهو يرى أنها الأولى وكانت العصر فليجعلها الأولى ويصلي العصر من بعد ، ومن قام في الصلاة المكتوبة فسها فظن أنها نافلة أو

ص: 357


1- يحتمل حمله على حال الضرورة والا فالجلوس واجب في التشهد ، والظاهر عدم سقوطه في القضاء ( سلطان ) ويمكن حمل قوله : « قائما أو قاعدا » على أنهما قيدان لذكرته والمعنى هكذا : ذكرته قائما كنت أو قاعدا فاجلس وتشهد وسلم. وروى الشيخ في التهذيب ( ج 1 ص 6 22 ) بسند صحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام « في الرجل يحدث بعد أن رفع رأسه في السجدة الأخيرة وقبل أن يتشهد؟ قال : ينصرف ويتوضأ فان شاء يرجع إلى المسجد وان شاء ففي بيته وان شاء حيث شاء قعد وتشهد ثم يسلم ، وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته » ويدل بظاهره على عدم وجوب السلام وعلى عدم بطلان الصلاة بتخلل الحدث. (م ت)
2- روى الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب ج 1 ص 236 باسناده عن أبي أسامة قال : « سألته عن رجل صلى العصر ست ركعات أو خمس ركعات قال : ان استيقن أنه صلى خمسا أو ستا فليعد - الخ ».
3- في الكافي ج 3 ص 358 وفى التهذيب ج 1 ص 189 عن صفوان عن أبي الحسن عليه السلام قال : « ان كنت لا تدرى كم صليت ولم يقع وهمك على شئ فأعد الصلاة ».
4- « إلى جانب رجل » أي مقتديا وقوله « إلى يمينه » أي حول الامام المأموم عن يساره إلى يمينه. أقول : وردت في صحيح البخاري رواية عن ابن عباس قال : « صليت مع النبي صلى اللّه عليه وسلم ذات ليلة فقمت عن يساره فأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم برأسي من ورائي فجعلني من يمينه فصلى » وكثيرا ما يعمل بروايات العامة في السنن.

قام في نافلة فظن أنها مكتوبة فهو على ما افتتح الصلاة عليه.

ولا بأس أن يصلي الرجل الظهر خلف من يصلي العصر ، ولا يصلي العصر خلف من يصلي الظهر (1) إلا أن يتوهمها العصر فيصلي معه العصر ، ثم يعلم أنها كانت الظهر فتجزي عنها.

1032 - وروى الحسن بن محبوب عن الرباطي ، عن سعيد الأعرج قال :  «سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : إن اللّه تبارك وتعالى أنام رسوله صلى اللّه عليه وآله عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس ، ثم قام فبدأ فصلى الركعتين اللتين قبل الفجر ، ثم صلى الفجر ، وأسهاه في صلاته فسلم في ركعتين ثم وصف ما قاله ذو الشمالين. (2) وإنما

ص: 358


1- قال الشهيد في الذكرى : لم نعلم مأخذه الا أن يكون نظرا إلى أن العصر لا يصح الا بعد الظهر فإذا صلاها خلف من يصلى الظهر فكأنه صلى العصر مع الظهر مع أنها بعدها وهو احتمال ضعيف لان عصر المصلى مترتبة على ظهر نفسه لا على ظهر امامه.
2- إشارة إلى تصحيح حديث ذي الشمالين لان معنى اسهاء اللّه إياه أنه فعل به ما يشبه الاسهاء فيكون أسهاه استعارة تبعية ، وذلك أن معنى السهو الحقيقي هو أن يغفل الانسان عن فعل ما في فعله مصلحة أو عن ترك ما في تركه مصلحة بحيث لو علم حاله لما وقع ذلك منه وهو ليس كذلك بل إنما فعله اللّه تعالى رحمة للأمة فيكون مشتملا على مصلحة ولو قيل إنه فعل لتلك المصلحة لاستحسنه العقلاء فهو ليس مما لو علم حاله لم يفعله ، فلم يكن سهوا حقيقيا ولو صح اطلاق السهو على مثله حقيقة فليس من السهو الذي هو منفى عن النبي صلى اللّه عليه وآله وعن الأئمة عليهم السلام أي الذي كان فيه مفسدة وقد غفل عنه الفاعل حين الاتيان به وفى التهذيب عن الحسن بن صدقة قال : « قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام : أسلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في الركعتين الأولتين؟ فقال : نعم ، قلت : وحاله حاله؟ قال : إنما أراد اللّه أن يفقههم » ( مراد ) أقول : حديث ذي الشمالين في الكافي ج 3 ص 355 وحاصله انه صلى اللّه عليه وآله سلم في الركعتين في الظهر سوا. وقال العلامة ( قده ) في التذكرة : خبر ذي الشمالين عندنا باطل لان النبي صلى اللّه عليه وآله لا يجوز عليه السهو مع أن جماعة أصحاب الحديث طعنوا فيه لان رواية أبو هريرة وهو أسلم بعد الهجرة بسبع سنين وذو الشمالين قتل يوم بدر. وكيف كان اتفق علماؤنا قديما وحديثا سوى الصدوق وشيخه ابن الوليد والكليني على الظاهر - رحمه اللّه عليهم - إلى عدم جواز السهو والاسهاء على المعصومين عليهم السلام محتجا بأنه إذا جوز السهو عليهم لا سيما الأنبياء فلا يأمن المكلف من سهوهم في كل حكم وينتفى فائدة البعثة ، لكن الأخبار الواردة فيه سهوه صلى اللّه عليه وآله كثيرة من طرق العامة والخاصة. والمسألة معنونة بين القدماء كالمفيد والسيد المرتضى وغيرهم رضوان اللّه تعالى عليهم راجع تفصيل كلماتهم البحار ج 6 ص 297 و 298 و 299 من طبع الكمباني.

فعل ذلك به رحمة لهذه الأمة لئلا يعير الرجل المسلم إذا هو نام عن صلاته أو سها فيها فيقال : قد أصاب ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » (1).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : إن الغلاة والمفوضة لعنهم اللّه ينكرون سهو النبي صلى اللّه عليه وآله ويقولون : لو جاز أن يسهو عليه السلام في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ لان الصلاة عليه فريضة كما أن التبليغ عليه فريضة.

وهذا لا يلزمنا ، وذلك لان جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي صلى اللّه عليه وآله فيها ما يقع على غيره ، وهو متعبد بالصلاة كغيره ممن ليس بنبي ، وليس كل من سواه بنبي كهو ، فالحالة التي اختص بها هي النبوة والتبليغ من شرائطها ، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة (2) لأنها عبادة مخصوصة والصلاة عبادة مشتركة ، وبها (3) تثبت له العبودية وبإثبات النوم له عن خدمة ربه عزوجل من غير إرادة له وقصد منه إليه نفي الربوبية عنه ، لان الذي لا تأخذه سنة ولا

ص: 359


1- من قوله : « وإنما فعل ذلك » إلى هنا يمكن أن يكون من تتمة الخبر ويمكن أن يكون من كلام المصنف - رحمه اللّه - أو أحد الرواة.
2- استشكل استاذنا الشعراني مد ظله على هذا الكلام وقال « جميع أعمال النبي صلى اللّه عليه وآله تبليغ فجواز السهو عليه في أعماله مستلزم لجوز السهو عليه في التبليغ ولا يشك أحد في أنه لو صدر من النبي صلى اللّه عليه وآله عمل مرة واحدة في عمره لدل صدور ذلك الفعل منه على جوازه كما تمسك المسلمون قاطبة في أمور كثيرة بعمل النبي صلى اللّه عليه وآله ولو صدر منه مرة واحدة » أقول : إنما يتم هذا الاشكال إذا كان القائل بالاسهاء أو السهو يعتقد جواز السهو عليه مطلقا لا في موارد خاصة مع اعلامه بلا فصل فبعد أن أعلم - على فرض صحة الروايات - فلا مجال لهذا الاشكال. والصدوق - رحمه اللّه - لا يعتقد جواز السهو عليه مطلقا إنما قال : ان اللّه سبحانه وتعالى أسهاه في تلك الموار خاصة ليعلم للناس أنه بشر وليثبت له العبودية ، وإن كان ظاهر كلامه ينافي مذهبه في الاعتقاد بالعصمة بمعناها العام.
3- أي بهذه الصلاة التي وقع فيها السهو.

نوم هو اللّه الحي القيوم ، وليس سهو النبي صلى اللّه عليه وآله كسهونا لان سهوه من اللّه عز وجل وإنما أسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ ربا معبودا دونه ، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا ، وسهونا من الشيطان وليس للشيطان على النبي صلى اللّه عليه وآله والأئمة صلوات اللّه عليهم سلطان « إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون » (1) وعلى من تبعه من الغاوين ، ويقول الدافعون لسهو النبي صلى اللّه عليه وآله : إنه لم يكن في الصحابة من يقال له : ذو اليدين ، وإنه لا أصل للرجل ولا للخبر وكذبوا (2) لان الرجل معروف وهو أبو محمد بن عمير بن عبد عمرو المعروف بذي اليدين وقد نقل عن المخالف والمؤالف ، وقد أخرجت عنه أخبار في كتاب وصف القتال القاسطين بصفين (3).

وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه اللّه يقول : أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، ولو جاز أن ترد الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز أن ترد جميع الأخبار (4) وفي ردها إبطال الدين والشريعة. وأنا أحتسب الاجر في تصنيف كتاب منفرد في إثبات سهو النبي صلى اللّه عليه وآله والرد على منكريه إن شاء اللّه تعالى.

1033 - وسأل حماد بن عثمان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل فاته شئ من الصلوات فذكر عند طلوع الشمس أو عند غروبها ، قال : فليصل حين يذكر » (5).

ص: 360


1- ذكر الآية لا يناسب المقام لأنه في شأن الفساق أو الكفار الذين يتولونه ويفهم من كلام المؤلف في ذكر الآية أن السهو الشيطاني لا يكون الا ممن يتخذ الشيطان له وليا مع أن الصلحاء من المؤمنين يعرض لهم الشك في الصلاة ولم يتخذوا الشيطان لهم وليا.
2- لا يخفى ما فيه من عدم المتانة.
3- حديث ذي اليدين معروف عند العامة رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة وهو لم يدرك ذي اليدين لأنه قتل ببدر باتفاق ، وذو اليدين وذو الشمالين واحد وهو عمير بن عبد بن عمرو بن نضلة.
4- فيه نظر لان رد دليل لدليل لا يستلزم جواز رد الدليل مطلقا.
5- أي سواء كان من الأوقات المكروهة أم لا ( مراد ) فيدل على جواز فعل الفائتة في الأوقات المكروهة كما تدل عليه أخبار أخر.

باب 50: صلاة المريض والمغمى عليه والضعيف والمبطون والشيخ الكبير وغير ذلك

1034 - قال الصادق عليه السلام : « يصلي المريض قائما ، فإن لم يقدر على ذلك صلى جالسا ، فإن لم يقدر أن يصلي جالسا صلى مستلقيا يكبر ثم يقرأ (1) ، فإذا أراد الركوع غمض عينيه ثم سبح فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع ، فإذا أراد أن يسجد غمض عينيه ثم سبح ، فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من السجود ، ثم يتشهد وينصرف » (2).

1035 - وسئل « عن المريض لا يستطيع الجلوس أيصلي وهو مضطجع ويضع على جبهته شيئا؟ (3) فقال : نعم لم يكلفه اللّه إلا طاقته ».

1036 - وسأله سماعة بن مهران (4) « عن الرجل يكون في عينيه الماء فينتزع الماء منها فيستلقي على ظهره الأيام الكثيرة أربعين يوما أو أقل أو أكثر فيمتنع من الصلاة إلا إيماء وهو على حاله؟ فقال : لا بأس بذلك ».

1037 - وسأله بزيع (5) المؤذن فقال له : « إني أريد أن أقدح عيني (6) فقال

ص: 361


1- لم يذكر النية لظهورها ولان المراد بالتكبير تكبيرة الافتتاح وهي لا يكون الا بعد النية ( مراد ) وقوله « صلى مستلقيا » حمل على ما إذا لم يقدر على الاضطجاع لأنه لا خلاف ظاهرا في تقديم الاضطجاع. وفى تقديم الأيمن على الأيسر خلاف.
2- قيل : يدل على عدم وجوب التسليم ويحتمل أن يكون الانصراف إشارة إلى التسليم.
3- أي مما يصح السجود عليه.
4- الطريق إليه حسن أو قوى.
5- الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
6- قدحت العين إذا خرجت منها الماء الفاسد. ( الصحاح )

لي : افعل ، فقلت : إنهم يزعمون أنه يلقى على قفاه كذا وكذا يوما لا يصلي قاعدا ، : افعل ». (1)

1038 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « المريض يصلي قائما ، فإن لم يستطع صلى جالسا ، فإن لم يستطع صلى على جنبه الأيمن ، فإن لم يستطع صلى على جنبه الأيسر (2) فإن لم يستطع استلقى وأومأ إيماء وجعل وجهه نحو القبلة ، وجعل سجوده أخفض من ركوعه ».

ويجوز للمريض أن يصلي الفريضة على الدابة يستقبل به القبلة (3) ويجزيه فاتحة الكتاب ، ويضع جبهته في الفريضة على ما أمكنه من شئ ، ويؤمي في النافلة إيماء.

1039 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على رجل من الأنصار وقد شبكته الريح (4) فقال : يا رسول اللّه كيف أصلي (5) فقال : إن استطعتم أن تجلسوه فأجلسوه وإلا فوجهوه إلى القبلة ومروه فليؤم برأسه إيماء ويجعل السجود أخفض من الركوع ، وإن كان لا يستطيع أن يقرأ فاقرؤا عنده وأسمعوه ».

1040 - وروى عمر بن أذينة (6) عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن المريض كيف يسجد؟ فقال : على خمرة أو على مروحة أو على سواك يرفع إليه

ص: 362


1- يعنى افعل وان لم تصل قاعدا بل مضطجعا أو مستلقيا. ( مراد )
2- يخالف الترتيب المذكور سابقا في حديث الصادق عليه السلام ويوافق ما في كريمة « فاذكروا اللّه قياما وقعودا وعلى جنوبكم » قال أبو جعفر عليه السلام : « المريض يصلى جالسا ، وعلى جنوبه الذي أضعف من المريض الذي يصلى جالسا ».
3- في بعض النسخ « يستقبل بها القبلة ».
4- أي خلطته ودخلت في أعضائه ، في القاموس شبكت الأمور واشتبكت وتشابكت اختلطت والتبست. وفى بعض النسخ « شكته » بتخفيف الكاف بعد الشين المفتوحة المعجمة على صيغة التأنيث من شكاه يشكوه أي أوجعه. والخطاب للحضار الذين يخدمونه.
5- كذا ويحتمل تصحيفه عن « فقالوا يا رسول اللّه كيف يصلى ».
6- الطريق صحيح.

وهو أفضل من الايماء ، إنما كره من كره السجود على المروحة (1) من أجل الأوثان التي كانت تعبد من دون اللّه وإنا لم نعبد غير اللّه قط فاسجدوا على المروحة وعلى السواك وعلى عود ».

1041 - وسأل الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المريض هل يقضي الصلوات إذا أغمي عليه؟ فقال : لا إلا الصلاة التي أفاق فيها » (2).

1042 - وكتب أيوب بن نوح إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام « يسأله عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلوات أم لا؟ فكتب لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة ».

1043 - وسأله علي بن مهزيار عن هذه المسألة فقال : « لا يقضي الصوم ولا الصلاة وكل ما غلب اللّه عليه فاللّه أولى بالعذر ».

فأما الاخبار التي رويت في المغمى عليه أنه يقضي جميع ما فاته ، وما روي أنه يقضي صلاة شهر ، وما روي أنه يقضي صلاة ثلاثة أيام (3) ، فهي صحيحة ولكنها على الاستحباب لا على الايجاب والأصل أنه لا قضاء عليه.

1044 - وروى محمد بن مسلم (4) عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « صاحب البطن الغالب يتوضأ ويبني على صلاته ». (5)

ص: 363


1- ان العامة يكرهون السجود على أمثالها ويقولون انه بمنزلة السجود على الصنم مع أنهم رووا حديث الخمرة في صحاحهم بطرق متكثرة. (م ت)
2- المشهور سقوط القضاء عمن فاتته بالاغماء في جميع الوقت ، لكن نسب إلى المصنف أنه قال في المقنع بوجوب القضاء مطلقا وقوله « أفاق فيها » أي أدرك وقتها مضيقا ولا ينافي ما يأتي في صحيحة أيوب بن نوح وصحيحة علي بن مهزيار.
3- راجع التهذيب ج 1 ص 338 والاستبصار ج 1 ص 458.
4- في الطريق مهملان.
5- في القاموس : البطن - محركة - داء البطن. والمراد بالغالب ما يندفع الفضلة من غير اختيار. ( مراد ).

1045 - وقال مرازم بن حكيم الأزدي (1) « مرضت أربعة أشهر لم أتنفل فيها فقلت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال : ليس عليك قضاء إن المريض ليس كالصحيح كل ما غلب اللّه تعالى عليه فاللّه أولى بالعذر ». (2)

1046 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل هل يصلح له أن يستند إلى حائط المسجد وهو يصلي أو يضع يده على الحائط وهو قائم من غير مرض ولا علة؟ فقال : لا بأس (3) ، وعن الرجل يكون في صلاة فريضة فيقوم في الركعتين الأولتين هل يصلح له أن يتناول جانب المسجد فينهض يستعين به على القيام من غير ضعف ولا علة؟ فقال : لا بأس به ».

1047 - وقال حماد بن عثمان (4) قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « قد اشتد علي القيام في الصلاة ، فقال : إذ أردت أن تدرك صلاة القائم فاقرأ وأنت جالس (5) فإذا بقي من

ص: 364


1- الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم.
2- « ما غلب اللّه عليه » على بناء التفعيل أو بحذف العائد أي ما غلب اللّه به عليه ، وفى بعض النسخ « كل ما غلب اللّه فاللّه أولى العذر » ، ولا ينافي وجوب القضاء في بعض الموارد كالنائم ويمكن الفرق بأن ليس لاختيار المكلف دخل في الاغماء غالبا ولذلك فرق بعضهم بين الاغماء الحاصل بفعل المكلف وبين الحاصل لا بفعله فأوجب القضاء في الأول دون الثاني بخلاف النوم إذ قل ما لم يكن لاختيار المكلف دخل فيه فيمكن أن يراد بالعذر الذي يقبل ولا يستتبع القضاء ما يوجد في الاغماء دون النوم وان كانت الحكمة فيه خفية. ( مراد )
3- ظاهره يدل على جواز الاستناد حال القيام اختيارا وحمل على الاستناد الذي لا يسقط المستند معه إذا زال المستند إليه مع كراهة ذلك.
4- الطريق صحيح كما في الخلاصة.
5- الظاهر أن المراد به النافلة ويمكن تعميمه للفريضة بان يكون مريضا أو كبيرا لا يمكنه القيام في الصلاة بأجمعها ويمكنه القيام للركوع فإنه يجب حينئذ كما قاله أكثر الأصحاب. (م ت)

السورة آيتان فقم وأتم ما بقي واركع واسجد فذاك صلاة القائم ».

1048 - وسأل سهل بن اليسع أبا الحسن الأول عليه السلام « عن الرجل يصلي النافلة قاعدا وليست به علة في سفر أو حضر ، فقال : لا بأس به » (1).

1049 - وقال أبو بصير« قلت لأبي جعفر عليه السلام : إنا نتحدث ونقول من صلى وهو جالس من غير علة كانت صلاته ركعتين بركعة وسجدتين بسجدة؟ فقال : ليس هو هكذا هي تامة لكم ». (2)

1050 - وروي عن حمران بن أعين ،عن أحدهما عليهما السلام قال : « كان أبي عليه السلام إذا صلى جالسا تربع فإذا ركع ثنى رجليه ».

1051 - وروى معاوية بن ميسرة أنه « سأل أبا عبد اللّه عليه السلام أيصلي الرجل وهو جالس متربع ومبسوط الرجلين؟ فقال : لا بأس بذلك ». (3)

1052 - وقال الصادق عليه السلام : « في الصلاة في المحمل صل متربعا وممدود الرجلين وكيف ما أمكنك ».

1053 - وروي عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي (4) أنه قال : « قلت

ص: 365


1- الطريق حسن كما في الخلاصة.
2- أي الامامية وان استحب أن يصلى يدل كل ركعتين قائما أربع ركعات جالسا لصحيحة الحسين بن زياد الصيقل « قال أبو عبد اللّه عليه السلام : إذا صلى الرجل جالسا وهو يستطيع القيام فليضعف » ويمكن حمل خبر أبي بصير على من يشق عليه القيام ويكون المراد بقوله « لكم » أمثالكم من المشايخ والضعفاء وان استحب التضعيف مع الضعف أيضا لرواية محمد ابن مسلم عن الصادق عليه السلام « في رجل يكسل أو يضعف فيصلى التطوع جالسا قال : يضعف ركعتين ركعة » يعنى يجعل الركعتين بدل ركعة. (م ت)
3- يمكن أن يكون المراد به التربيع المستحب كما ذكر ويكون الجواز باعتبار مقابله يعنى يجوز أن يكون الجلوس على هيئة المستحب وغيره والتربيع المكروه كما يجلسه أهل التكبر ويسمى بالفارسية ( چهار زانو ) (م ت)
4- الطريق صحيح كما في الخلاصة.

لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل شيخ كبير لا يستطيع القيام إلى الخلاء لضعفه ولا يمكنه الركوع والسجود فقال : ليؤم برأسه إيماء وإن كان له من يرفع إليه الخمرة فليسجد ، فإن لم يمكنه ذلك فليؤم برأسه نحو القبلة إيماء ، قلت : فالصيام؟ قال : إذا كان في ذلك الحد فقد وضع اللّه عنه ، فإن كان له مقدرة فصدقة مد من الطعام بدل كل يوم أحب إلي ، فإن لم يكن له يسار [ ذلك ] فلا شئ عليه ».

1054 - وسأل عبد اللّه بن سليمان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يأخذه الرعاف في الصلاة ولا يزيد على أن يستنشفه (1) أيجوز ذلك؟ قال : نعم ».

1055 - وروى بكير بن أعين «أن أبا جعفرعليه السلام رأى رجلا رعف وهو في الصلاة وأدخل يده في أنفه فأخرج دما فأشار إليه بيده أفركه بيدك وصل ». (2)

1056 - سأل ليث المرادي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يرعف زوال الشمس حتى يذهب الليل ، قال : يؤمي إيماء برأسه عن كل صلاة ». (3)

1057 - وروى عمر بن أذينة عنه عليه السلام أنه سأله « عن الرجل يرعف وهو في الصلاة وقد صلى بعض صلاته ، فقال : إن كان الماء عن يمينه أو عن شماله أو عن خلفه فليغسله من غير أن يلتفت وليبن على صلاته ، فإن لم يجد الماء حتى يلتفت فليعد الصلاة ، قال : والقئ مثل ذلك ». (4)

1058 - وفي رواية أبي بصير عنه عليه السلام « إن تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة

ص: 366


1- الطريق صحيح وفى بعض النسخ « ولا يريد أن يستنشفه » أي لا يريد أن يجفه بخرقة ونحوها أو أن يغسله ويدفعه.
2- الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم والخبر محمول على ما إذا كان أقل من الدرهم وفرك الثوب : دلكه والشئ عن الثوب حكه حتى تفتت. وفى بعض النسخ « اتركه ».
3- لعله مبنى على أن الركوع والسجود مع الرعاف يستلزم تنجس المصلى واللباس أزيد مما هو معفو مع تنجس المصلى. ( مراد )
4- « من غير أن يلتفت » أي من القبلة ، وقوله « والقئ مثل ذلك » في أن له أن يغسله من غير أن يلتفت وإذا وقع الالتفات تلزم الإعادة. ( مراد )

فأعد الصلاة ».

1059 - وقال له أبو بصير : « أسمع العطسة فأحمد اللّه تعالى وأصلي على النبي صلى اللّه عليه وآله وأنا في الصلاة؟ قال : نعم ، وإن كان بينك وبين صاحبك اليم ».

1060 - وقال عليه السلام : « الأعمى إذا صلى لغير القبلة فإن كان في وقت فليعد ، وإن كان قد مضى الوقت فلا يعيد ».

1061 - وروي عن الفضيل بن يسار أنه قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو أزا أو ضربانا (1) فقال : انصرف وتوضأ وابن علي ما مضى (2) من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا فإن تكلمت ناسيا فلا شئ عليك وهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا ، قلت : وإن قلب وجهه عن القبلة؟ قال : نعم وإن قلب وجهه عن القبلة.

1062 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا الحسن عليه السلام « عن الغمز يصيب الرجل في بطنه وهو يستطيع أن يصبر عليه أيصلي على تلك الحالة أم لا يصلي؟ فقال : ان احتمل الصبر ولم يخف إعجالا عن الصلاة فليصل وليصبر ».

1063 - وقال الصادق عليه السلام : « لا يقطع التبسم الصلاة ويقطعها القهقهة ولا تنقض الوضوء ».

باب 51: التسليم على المصلي

1064 - سأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يسلم على القوم

ص: 367


1- الاز : الغليان والصوت التهيج ، وفى القاموس : ضربان العرق ووجع في الجراح وفى بعض النسخ بالذال ومعناه واضح. والضربان : شدة الوجع وهياج الألم.
2- « انصرف وتوضأ » عبر عليه السلام عن قضاء الحاجة بالانصراف وهو شايع. و طريق الصدوق الى فضيل بن يسار فيه عليّ بن الحسين السعدآبادي و لم يوثق لكن رواه الشيخ بسند صحيح في التهذيب و لذا قال بعض الفقهاء بالبناء في هذا الحال.

في الصلاة؟ فقال : إذا سلم عليك مسلم وأنت في الصلاة فسلم عليه تقول : السلام عليك « وأشر بإصبعك ».

1065 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن التسليم على المصلي فقال : إذ سلم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فرد عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك » (1).

1066 - وروى عنه منصور بن حازم أنه قال : « إذا سلم على الرجل وهو يصلي يرد عليه خفيا كما قال ».

1067 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « سلم عمار على رسول اللّه صل اللّه عليه وآله وهو في الصلاة فرد عليه ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : إن السلام اسم من أسماء اللّه عزوجل ».

باب 52: المصلي تعرض له السباع والهوام فيقتلها

1068 - سأل الحسين بن أبي العلاء أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يرى الحية والعقرب وهو يصلي (2) قال : يقتلهما ».

1069 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن الرجل تؤذيه الدابة وهو يصلي قال : يلقيها عنه إن شاء أو يدفنها في الحصى ».

1070 - وسأل الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يحتك وهو في الصلاة قال : لا باس ».

1071 - وسأله « عن الرجل يقتل البقة والبرغوث والقملة والذباب وهو في

ص: 368


1- أي لا ترفع رفعا ينافي هيئة الصلاة وظاهر الخبر وجوب الرد خفيا وقد حملت على التقية لاطلاق الاخبار الاخر في وجوب الرد أو عمومها ففي غير التقية الأحوط الاسماع.
2- في التهذيب ج 1 ص 230 « وهو يصلى المكتوبة ».

الصلاة أينقض ذلك صلاته ووضوءه؟ قال : لا ». (1)

1072 - وسأله سماعة بن مهران « عن الرجل يكون في الصلاة الفريضة قائما فينسى كيسه أو متاعه يخاف ضيعته أو هلاكه؟ قال : يقطع صلاته ويحرز متاعه ، قال : قلت : فتفلت عليه دابته فيخاف أن تذهب أو يصيبه فيها عنت (2) فقال : لا بأس أن يقطع صلاته ». ويحرز ويعود إلى صلاته.

1073 - وسأله عمار الساباطي « عن الرجل يكون في الصلاة فيرى حية بحياله هل يجوز له أن يتناولها ويقتلها؟ قال : إن كان بينها وبينه خطوة واحدة فليخط ويقتلها وإلا فلا ».

1074 - وروى حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كنت في صلاة الفريضة (3)

ص: 369


1- الطريق صحيح ونقل في المنتهى وغيره اجماع علماء الاسلام على تحريم الفعل الكثير في الصلاة وبطلانها به إذا وقع عمدا واستدل بأنه يخرج به عن كونه مصليا ، ثم قال : والقليل لا يبطل الصلاة بالاجماع ، ولم يحد الشارع القلة والكثرة فالمرجع في ذلك إلى العادة وكلما ثبت أن النبي صلى اللّه عليه وآله والأئمة عليهم السلام فعلوه في الصلاة وأمروا به فهو في حيز القليل كقتل البرغوث والحية والعقرب انتهى ، وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : بعد نقل هذا الكلام في المرآة : لم نجد من الاخبار دليلا على ابطال الفعل الكثير ولا حد له سوى ما اشتمل على الاستدبار أو الحدث أو التكلم عمدا وقد ورد في أخبارنا قتل الحية والعقرب وحمل الصبي الصغير وارضاعه والخروج عن المسجد لإزالة النجاسة وغيرها فلذا اعتبر بعض المتأخرين بطلان هيئة الصلاة ولا أعرف لهذا الكلام أيضا معنى محصلا لان إحالة معنى الصلاة الشرعية على العرف لا وجه له مع أن العرف أيضا غير منضبط في ذلك فما ثبت عن الشارع كونه منافيا للصلاة فهو يخرجه عن كونه مصليا ويبطل هيئة الصلاة والا فلا وجه للابطال الا أن يثبت الاجماع في ذلك ودونه خرط القتاد. انتهى كلامه رفع اللّه مقامه.
2- قوله : « فتفلت عليه دابته » اما ماض من باب التفعل أو مضارع من باب الافعال وفى الصحاح أفلت الشئ وتفلت وانفلت بمعنى وأفلته غيره ( مراد ) والعنت : التعب.
3- كذا.

فرأيت غلاما لك قد أبق ، أو غريما لك عليه مال ، أو حية تتخوفها على نفسك فاقطع الصلاة واتبع غلامك أو غريمك واقتل الحية ».

باب 53: المصلي يريد الحاجة

1075 - روى عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يريد الحاجة وهو في الصلاة ، فقال : يؤمي برأسه ويشير بيده ، والمرأة إذا أرادت الحاجة تصفق ».

1076 - وروى الحلبي أنه سأله « عن الرجل يريد الحاجة وهو يصلي ، فقال : يؤمي برأسه ويشير بيده ويسبح ، والمرأة إذا أرادت الحاجة وهي تصلي تصفق بيدها » (1).

1077 - وسأله حنان بن سدير « أيؤمي الرجل في الصلاة؟ فقال : نعم قد أومأ النبي صلى اللّه عليه وآله في مسجد من مساجد الأنصار بمحجن كان معه (2) قال حنان : ولا أعلمه إلا مسجد بني عبد الأشهل ».

1078 - وسأله عمار بن موسى «عن الرجل يسمع صوتا بالباب وهو في الصلاة فيتنحنح ليسمع جاريته أو أهله لتأتيه فيشير إليها بيده ليعلمها من الباب لتنظر من هو ، فقال : لا بأس به ، وعن الرجل والمرأة يكونان في الصلاة ويريدان شيئا أيجوز لهما أن يقولا : «سبحان اللّه»؟ قال : نعم ويؤميا [ ن ] إلى ما يريدان ، والمرأة إذا أرادت شيئا ضربت على فخذيها وهي في الصلاة».

ص: 370


1- المستفاد من أحاديث هذا الباب أنه يجوز للرجل تفهيم حاجته بالايماء برأسه والإشارة بيده والتسبيح وأن الأولى بالمرأة في التفهيم تصفيق يديها وضربها على الفخذ ، وكراهة تفهيمها بالايماء والإشارة باليد وبالتسبيح ، ولعل وجه الأول أنه يوهم معنى كريها ، ووجه الثاني الاحتراز عن أن يسمع صوتها أجنبي. ( مراد )
2- المحجن - بتقديم المهملة على المعجمة - : عود معوج الرأس كالصولجان.

1079 - « وروى محمد بن بجيل أخو علي بن بجيل (1) قال : رأيت أبا - عبد اللّه عليه السلام يصلي فمر به رجل وهو بين السجدتين فرماه أبو عبد اللّه بحصاة فأقبل الرجل إليه ».

1080 - وروي عن أبي زكريا الأعور (2) قال : « رأيت أبا الحسن عليه السلام يصلي قائما وإلى جانبه رجل (3) كبير يريد أن يقوم ومعه عصا له فأراد أن يتناولها فانحط أبو الحسن عليه السلام وهو قائم في صلاته فناول الرجل (4) العصا ثم عاد إلى موضعه إلى صلاته ».

1081 - وقال أبو حبيب ناجية (5) لأبي عبد اللّه عليه السلام « إن لي رحى أطحن فيها السمسم فأقوم وأصلي وأعلم أن الغلام نائم فأضرب الحائط لأوقظه؟ قال : نعم أنت في طاعة ربك تطلب رزقك لا بأس ».

باب 54: أدب المرأة في الصلاة

ليس على المرأة أذان ولا إقامة (6) ولا جمعة ولا جماعة.

ص: 371


1- ( ) محمد بن بجيل طريقه صحيح في المشيخة لما قيل بتوثيق الهيثم بن أبي مسروق.
2- الطريق إلى أبى زكريا الأعور فيه محمد بن عيسى العبيدي وان قيل بتوثيقه فصحيح وهو من أصحاب الكاظم عليه السلام.
3- في بعض النسخ « إلى جنبه رجل ».
4- في بعض النسخ « فتناول الرجل ».
5- لم يوثق صريحا والطريق إليه قوى بمعاوية بن حكيم كما في الخلاصة.
6- في الكافي ج 3 ص 305 بسند صحيح عن جميل بن دراج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة عليها أذان وإقامة؟ قال : لا » وروى المؤلف في الخصال ص 511 فيما أوصى به النبي صلى اللّه عليه وآله عليا عليه السلام « يا علي ليس على النساء جمعة ولا جماعة ولا أذان ولا إقامة » وقال في المدارك : « قد أجمع الأصحاب على مشروعية الاذان للنساء ولا يتأكد في حقهن ويجوز أن تؤذن للنساء وأما الأجانب فقد قطع الأكثر بأنهم يعددون وظاهر المبسوط الاعتداد به ». وروى المؤلف أيضا عن الصادق عليه السلام قال : « ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا جماعة ولا استلام حجر ولا دخول الكعبة ولا الهرولة بين الصفا والمروة ولا الحلق إنما يقصرن من شعورهن ». وروى نحوه عن الباقر عليه السلام في الخصال ص 585. و قال التفرشى: لعله أراد نفى تأكد الاستحباب في الاذان و الإقامة أو أراد نفى اجهارها بهما، و كذا أراد بنفى الجماعة نفى استحباب حضورهن في الجماعات.

وإذا قامت المرأة في صلاتها جمعت بين قدميها ولم تفرج بينهما ، ووضعت يديها على صدرها لمكان ثدييها ، فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلا تطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها(1) ، وإذا أرادت السجود جلست ثم سجدت لاطئة بالأرض وتضع ذراعيها في الأرض فإذا أرادت النهوض إلى القيام (2) رفعت رأسها من السجود وجلست على أليتيها ليس كما يقعى الرجل ، ثم نهضت إلى القيام من غير أن ترفع عجيزتها تنسل انسلالا (3) ، وإذا قعدت للتشهد رفعت رجليها ، وضمت فخذيها ، والحرة لا تصلي إلا بقناع ، والأمة تصلي بغير قناع.

1082 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « المرأة تصلي في الدرع والمقنعة إذا كان كثيفا يعني ستيرا ». (4)

ص: 372


1- « تطأطأ » أصله « تتطأطأ » حذفت إحدى التائين. وفى بعض النسخ « ثديها » و « يدها » و « فخذها » كلها بالافراد.
2- في القاموس : لطى - كسعى - : الزق بالأرض ، وفيه نهض - كمنع - : قام ، والنبت : استوى ، والطائر : بسط جناحيه ، ولعل المراد بنهوض المرأة إلى القيام تهيؤها له.
3- أي تقوم من غير أن يعتمد بيديها على الأرض ( مراد ) والمراد بالانسلال هنا قيامها في انتصاب على رسل ورفق وبتأن وتدريج لا كما يقوم البعير رافعا للركبتين من الأرض قبل اليدين فذلك من آداب الصلاة للرجل دون المرأة. ومن قوله : « وإذا قامت المرأة » - إلى هنا - مضمون خبر في الكافي ج 3 ص 4. وفى العلل ج 2 ص 44 بزيادة في صدرها.
4- المقنع والمقنعة - بالكسر - : ما تقنع به المرأة رأسها ، والقناع أوسع من المقنعة. ( الصحاح ).

1083 - وسأل يونس بن يعقوب أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يصل في ثوب واحد؟ قال : نعم؟ قال : قلت : فالمرأة؟ قال : لا ، ولا يصلح للحرة إذا حاضت إلا الخمار (1) إلا أن لا تجده ».

1084 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن المرأة ليس لها إلا ملحفة واحدة كيف تصلي؟ قال : تلتف فيها وتغطي رأسها وتصلي ، فإن خرجت رجليها (2) وليس تقدر على غير ذلك فلا بأس ».

1085 - وفي رواية المعلى بن خنيس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن المرأة تصلي في درع وملحفة ليس عليها إزار ولا مقنعة؟ قال : لا بأس إذا التفت بها وإن لم تكن تكفيها (3) عرضا جعلتها طولا ».

1086 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « ليس على الأمة قناع في الصلاة ، ولا على المدبرة قناع في الصلاة ، ولا على المكاتبة إذا اشترط عليها مولاها قناع في الصلاة وهي مملوكة حتى تؤدي جميع مكاتبتها ويجري عليها ما يجري على المملوك في الحدود كلها ».

1087 - قال : « وسألته عن الأمة إذا ولدت (4) عليها الخمار؟ قال : لو كان عليها لكان عليها إذا هي حاضت (5) ، وليس عليها التقنع في الصلاة ».

ص: 373


1- إذا حاضت أي بلغت فان الغالب فيهن الحيض عند البلوغ كالاحتلام للرجل ، والحيض هنا كناية عن البلوغ والمعنى لا يصلح للحرة في الصلاة بعد البلوغ الا الخمار.
2- في أكثر النسخ « رجلها » بالافراد للفاعلية ، وفى طائفة منها « رجليها » بالتثنية والنصب.
3- في بعض النسخ « تلفها ».
4- يعنى إذا صارت أم ولد.
5- إشارة إلى تساوى حالها بعد الولادة وقبلها. وقال الفاضل التفرشي : اخبار من المعصوم بالمساواة بين كونها أم ولد وكونها بالغة من دون أن يكون أم ولد وليس باستدلال حتى يرد المنع على الملازمة مستندا بان أم الولد صارت في معرض الحرية دونها ، نعم فيه اشعار بان علة جواز صلاتها مكشوفة الرأس هي كونها أمة فقط ويمكن ابقاء ولدت على العموم ويكون منشأ السؤال استعباد أن تصلى بغير خمار بعد ما صارت ذات وسواء كان من مولاها أو غيره فحينئذ مناسبة الجواب ظاهرة فان الولادة لا دخل لها في وجوب الخمار فلو كان لها دخل كان لدلالتها على الاستكمال والبلوغ فكانت مثل الحيض لكن حينئذ منشأ السؤال ليس مثل منشائه على الأول.

1088 - وروى عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يصلي في إزار المرأة وفي ثوبها ويعتم بخمارها؟ قال : إذا كانت مأمونة (1) [ فلا بأس ] ».

1089 - وروي « أن خير مساجد النساء البيوت ، وصلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في صفتها ، وصلاتها في صفتها أفضل من صلاتها في صحن دارها ، وصلاتها في صحن دارها أفضل من صلاتها في سطح بيتها ، وتكره للمرأة الصلاة في سطح غير محجر ».

1090 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : « لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة ولا تعلموهن سورة يوسف (2) ، وعلموهن المغزل وسورة النور ». (3)

فإذا سبحت المرأة عقدت على الأنامل لأنهن مسؤولات يوم القيامة. (4)

ص: 374


1- أي بالاجتناب عن النجاسات فلا بأس بها وان لم يكن مأمونة فمكروهة في ثوبها. (م ت)
2- محمول كلها على الكراهة ، كما أن تعليمهن المغزل وسورة النور محمول على الاستحباب.
3- إلى هنا تمام الخبر كما يظهر من الكافي ج 5 ص 516 ومروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا تنزلوا - الخ ».
4- أي الأنامل تسأل عما عمل بها صاحبها فإذا أخبرت بأنه عقد عليها صاحبها في التسبيح وتعديده صارت في معرض الغفران وهذا الحكم والتعليل مشتركان بين المرأة والرجل بخلاف الأحكام السابقة فذكرهما عند ذكرها ليس لتخصيصهما بها ، ويمكن أن يكون ذلك للايماء إلى أن هذا الحكم أنفع للمرأة لئلا تتصرف في مال بعلها بغير اذنه. ( مراد ).

باب 55: الأدب في الانصراف عن الصلاة

1091 - روى محمد بن مسلم أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا انصرفت من الصلاة فانصرف عن يمينك ». (1)

باب 56: الجماعة وفضلها

قال اللّه تبارك وتعالى : « وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين » فأمر اللّه بالجماعة كما أمر بالصلاة ، وفرض اللّه تبارك وتعالى على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة ، فيها صلاة واحدة فرضها اللّه في جماعة وهي الجمعة فأما سائر الصلوات فليس الاجتماع إليها بمفروض ولكنه سنة ، من تركها رغبة عنها وعن جماعة المسلمين من غير علة فلا صلاة له (2) ومن ترك ثلاث جمعات متواليات من غير علة فهو منافق(3) وصلاة الرجل في جماعة تفضل على صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين درجة في الجنة ، والصلاة في الجماعة تفضل صلاة الفرد بأربع وعشرين

ص: 375


1- أي فانصرف إلى جانب يمينك ، والمراد التوجه إلى اليمين عند القيام عن الصلاة والكليني - رحمه اللّه - في الكافي أورد الحديث في باب التسليم كأنه فهم منه التسليم على اليمين وقال العلامة المجلسي : ما فهمه الصدوق أظهر ، وقد ورد في روايات المخالفين ما يؤيد ذلك روى مسلم عن أنس « أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان ينصرف عن يمنيه » يعنى إذا صلى صلى اللّه عليه وآله.
2- روى الكليني في الكافي ج 3 ص 372 باسناده عن زرارة والفضيل قالا : « قلنا له : الصلوات في جماعة فريضة هي؟ فقال : الصلوات وليس الاجتماع بمفروض في الصلاة كلها ولكنها سنة ومن تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له » أي كاملة أو صحيحة إذا كان منكرا لفضلها.
3- في حديث زرارة « طبع اللّه على قلبه » والطبع علامة النفاق وهو منع الهداية الخاصة عن القلب.

صلاة فيكون خمسا وعشرين صلاة (1).

1092 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « لا صلاة لمن لا يشهد الصلاة من جيران المسجد إلا مريض أو مشغول ». (2)

1093 - و « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لقوم : لتحضرن المسجد أو لأحرقن عليكم منازلكم ».

1094 - وقال عليه السلام : « من صلى الصلوات الخمس جماعة فظنوا به كل خير ».

1095 - وقال عليه السلام : « الاثنان جماعة ».

1096 - وسأل الحسن الصيقل أبا عبد اللّه عليه السلام « عن أقل ما تكون الجماعة قال : رجل وامرأة ».

وإذا لم يحضر المسجد أحد فالمؤمن وحده جماعة لأنه متى أذن وأقام صلى خلفه صفان من الملائكة ، ومتى أقام ولم يؤذن صلى خلفه صف واحد. (3)

1097 - وقد قال النبي صلى اللّه عليه وآله « المؤمن وحده حجة ، والمؤمن وحده جماعة ».

1098 - و « صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الفجر ذات يوم فلما انصرف أقبل بوجهه على أصحابه فسأل عن أناس يسميهم بأسمائهم هل حضروا الصلاة؟ قالوا : لا يا رسول اللّه

ص: 376


1- في التهذيب ج 1 ص 252 باسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال : « وفضل صلاة الجماعة على صلاة الرجل فردا خمسة وعشرين درجة في الجنة » وفيه عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الصلاة في جماعة تفضل على كل صلاة الفذ بأربعة وعشرين درجة تكون خمسة وعشرين صلاة » والفذ بالتشديد : الفرد.
2- لعل المراد بالمشغول من له ما يمنعه من الحضور فيشمل المطر.
3- في الكافي ج 3 ص 303 باسناده عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أذنت وأقمت صلى خلفك صفان من الملائكة وإذا أقمت صلى خلفك صف من الملائكة ».

فقال : غيب هم (1) فقالوا : لا يا رسول اللّه ، قال : أما إنه ليس من صلاة أثقل على المنافقين من هذه الصلاة وصلاة العشاء الآخرة ، ولو علموا الفضل الذي فيهما لاتوهما ولو حبوا ». (2)

1099 - وقال الصادق عليه السلام : « من صلى الغداة والعشاء الآخرة في جماعة فهو في ذمة اللّه عزوجل ، ومن ظلمه فإنما يظلم اللّه ومن حقره فإنما يحقر اللّه عزوجل ».

وإذا كان مطر وبرد شديد فجائز للرجل أن يصلي في رحله ولا يحضر المسجد.

1100 - لقول النبي صلى اللّه عليه وآله : « إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال ».

وقال أبي رحمه اللّه في رسالته إلي : اعلم يا بني أن أولى الناس بالتقدم في جماعة أقرؤهم للقرآن ، وإن كانوا في القراءة سواء فأفقههم ، وإن كانوا في الفقه سواء فأقدمهم هجرة(3) فإن كانوا في الهجرة سواء فأسنهم ، فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها وصاحب المسجد أولى بمسجده ، وليكن من يلي الامام منكم أولوا الأحلام والتقى فإن نسي الامام أو تعايا (4) فقوموه ، وأفضل الصفوف أولها وأفضل أولها من دنى إلى الامام.

1101 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إمام القوم وافدهم ، فقدموا أفضلكم ».

1102 - وقال عليه السلام : « إن سركم أن تزكوا [ ا ] صلاتكم فقدموا خياركم ». (5)

ص: 377


1- تقديم الخبر على المبتدأ للقصر إشارة إلى أن المانع في المؤمن عن مثل هذا الامر لا يكون الا الغيبة عن البلد.
2- حبى الرجل حبوا : مشى عليه يديه وبطنه والصبي على استه. ( القاموس )
3- أي من دار الحرب إلى دار الاسلام. وقيل الهجرة في هذه الأزمان سكنى الأمصار لأنها يقابل الاعراب لان أهل الأمصار أقرب إلى تحصيل شرائط الإمامة. وبمضمون هذا الكلام رواية في الكافي ج 3 ص 376.
4- تفاعل من العى وهو العجز وعدم الاهتداء إلى وجه الصواب.
5- « تزكو » بالتخفيف والافراد ورفع صلاتكم على الفاعلية أي ان كنتم مسرورين بأن تكون صلاتكم زاكية خالصة نامية. أو بالتشديد على صيغة الجمع من التزكية ونصب صلاتكم على المفعولية أي ان سركم أن تكونوا مزكين لصلاتكم.

1103 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من صلى بقوم وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة ». (1)

وقال أبو ذر : إن إمامك شفيعك إلى اللّه عزوجل فلا تجعل شفيعك سفيها و لا فاسقا. (2)

1104 - وروى الحسين بن كثير (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سأله رجل عن القراءة خلف الإمام فقال : لا إن الامام ضامن للقراءة ، وليس يضمن الامام صلاة الذين هم من خلفه إنما يضمن القراءة ».

1105 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « خمسة لا يؤمون الناس ولا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة : الأبرص والمجذوم وولد الزنا والأعرابي حتى يهاجر والمحدود ». (4)

1106 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا يصلين أحدكم خلف الأجذم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا ، والأعرابي لا يؤم المهاجر ». (5)

1107 - وقال عليه السلام : « الأغلف لا يؤم القوم ولو كان أقرأهم للقرآن لأنه ضيع من السنة أعظمها ، ولا تقبل له شهادة ، ولا يصلي عليه إلا أن يكون ترك ذلك خوفا

ص: 378


1- إلى سفال أي إلى تنزل وانحطاط وسقوط وذلك لتقديمهم من ليس له حق التقديم وهو ظلم. أو لرضاهم بمن تقديمهم من غير فضل ومنشأ ذلك الحمق والسفاهة أو خسة النفس والرذالة والتملق.
2- كذا مقطوعا ولعله من كلامه - رضي اللّه عنه - دون الرواية عن المعصوم.
3- هو غير معنون في المشيخة والخبر مروى في التهذيب ج 1 ص 262.
4- ظاهره عدم جواز امامة هؤلاء بل بطلان الصلاة خلفهم مع الاطلاع ويمكن الحمل على الكراهة.
5- اختلف الأصحاب في امامة الأجذم والأبرص فذهب الشيخ في المبسوط والخلاف والسيد المرتضى في بعض رسائله وأتباعها إلى المنع ، وذهب المفيد والسيد في الانتصار والشيخ في كتابي الاخبار وابن إدريس وأكثر المتأخرين - رحمهم اللّه جميعا - إلى الكراهية جمعا بين الاخبار.

على نفسه ». (1)

1108 - وقال الصادق عليه السلام : « لا يؤم صاحب القيد المطلقين ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء ». (2)

1109 - وقال الباقر والصادق عليهما السلام : « لا بأس أن يؤم الأعمى إذا رضوا به و كان أكثرهم قراءة وأفقههم ».

1110 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إنما الأعمى أعمى القلب فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ».

1111 - وقال الصادق عليه السلام : « ثلاثة لا يصلى خلفهم : المجهول والغالي وإن كان يقول بقولك ، والمجاهر بالفسق وإن كان مقتصدا ». (3)

1112 - وقال « علي بن محمد ، ومحمد بن علي عليهم السلام : من قال بالجسم فلا تعطوه شيئا من الزكاة ، ولا تصلوا خلفه ».

1113 - وكتب أبو عبد اللّه البرقي إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام « أيجوز - جعلت فداك الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدك عليهما السلام؟ فأجاب لا تصل وراءه ».

1114 - وسأل عمر بن يزيد أبا عبد اللّه عليه السلام « عن إمام لا بأس به في جميع أموره ، عارف غير أنه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما أقرأ خلفه؟ قال :

ص: 379


1- ظاهر الخبر عدم صحة الصلاة خلف الأغلف وهو من لا يختن وذلك للفسق لان الختان واجب ومتى ترك الواجب وأصر عليه فهو فاسق بلا اشكال وعلى فرض كونه صغيرة يصير بالاصرار كبيرة. وأما منع الصلاة على جنازته فمحمول على عدم تأكدها مع وجود من يصلى عليه والا فلا خلاف في وجوب الصلاة عليه ظاهرا.
2- قيده بعضهم بمن لا يمكنه القيام فيدخل في ايتمام القاعد ، وقد يحمل على الكراهة مع وجود غيرهما.
3- أريد بالمجهول المجهول في مذهبه واعتقاده وكذا بالمقتصد المقتصد في الاعتماد أي غير غال ولا مقصر ( الوافي ) وقيل : من لا يتجاوز الحد في الذنوب.

لا تقرأ خلفه ما لم يكن عاقا قاطعا » (1).

1115 - وروى محمد بن علي الحلبي عنه عليه السلام أنه قال : « لا تصل خلف من يشهد عليك بالكفر ، ولا خلف من شهدت عليه بالكفر ».

1116 - وروى سعد بن إسماعيل (2) عن أبيه عن الرضا عليه السلام أنه قال : « سألته عن الرجل يقارف الذنب (3) يصلى خلفه أم لا؟ قال : لا ».

1117 - وروي عن إسماعيل بن مسلم أنه سأل الصادق عليه السلام « عن الصلاة خلف رجل يكذب بقدر اللّه عزوجل؟ (4) قال : ليعد كل صلاة صلاها خلفه » (5).

1118 - وقال إسماعيل الجعفي لأبي جعفر عليه السلام : « رجل يحب أمير المؤمنين عليه السلام ولا يتبرأ من عدوه ويقول هو أحب إلي ممن خالفه؟ قال : هذا مخلط وهو عدو فلا تصل وراءه ولا كرامة إلا أن تتقيه ».

وقال أبي رضي اللّه عنه في رسالته إلي : لا تصل خلف أحد إلا خلف رجلين أحدهما من تثق بدينه وورعه ، وآخر تتقي سيفه وسطوته وشناعته على الدين ، وصل خلفه على سبيل التقية والمداراة وأذن لنفسك وأقم واقرأ لها غير مؤتم به فإن فرغت من قراءة السورة قبله فأبق (6) منها آية ومجد اللّه عزوجل ، فإذا ركع الامام فاقرء الآية واركع بها ، فإن لم تلحق القراءة وخشيت أن يركع فقل ما حذفه

ص: 380


1- لان مطلق الكلام الغليظ ليس عقوقا لجواز أن يكون من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أو كان من النصيحة. ( مراد )
2- كذا وروى الشيخ في الصحيح عنه وهو غير مذكور في المشيخة ولا في الرجال و لعله إسماعيل بن سعد سعد الأشعري فصحف بتقديم وتأخير.
3- قارف فلان الخطيئة أي خالطها. ( الصحاح )
4- يعنى به القدرية ، والقدري كل من لا يقول بالاختيار والامر بين الامرين سواء كان يقول بالتفويض أو بالجبر.
5- محمول على ما إذا علم اعتقاد الامام وفساده حين الصلاة.
6- في بعض النسخ « فبق » بشد القاف وفى القاموس : بقي يبقى بقاء وبقى بقيا ضد فنى وأبقاه وبقاه - من باب التفعيل - وتبقاه.

الامام من الأذان والإقامة (1) واركع ، وإن كنت في صلاة نافلة وأقيمت الصلاة فاقطعها وصل الفريضة ، وإن كنت في الفريضة فلا تقطعها واجعلها نافلة وسلم في الركعتين ، ثم صل مع الامام إلا أن يكون الامام ممن يتقى فلا تقطع صلاتك ولا تجعلها نافلة ولكن أخط إلى الصف وصل معه ، فإذا قام الامام إلى رابعته فقم معه وتشهد من قيام وسلم من قيام.

1119 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله صلى بأصحابه جالسا فلما فرغ قال : لا يؤمن أحدكم بعدي جالسا » (2).

1120 - وقال الصادق عليه السلام : « كان النبي صلى اللّه عليه وآله وقع عن فرس فشج (3) شقه الأيمن فصلى بهم جالسا في غرفة أم إبراهيم » (4).

1121 - وسأل جميل بن صالح « أيهما أفضل يصلي الرجل لنفسه في أول الوقت أو يؤخر قليلا ويصلي بأهل مسجده إذا كان إمامهم؟ قال : يؤخر ويصلي بأهل مسجده إذا كان هو الامام ».

1122 - وسأله رجل فقال له : « إن لي مسجدا على باب داري فأيهما أفضل أصلي في منزلي فأطيل الصلاة أو أصلي بهم وأخفف؟ فكتب عليه السلام صل بهم وأحسن

ص: 381


1- أي يركع الامام قبل تمام قراءتك فاترك القراءة فإذا كان هناك وقت وسع ما تركوه في الأذان والإقامة وهو « حي على خير العمل » فقله واركع مع الامام. ( مراد )
2- الظاهر أنها كانت في مرض موته صلى اللّه عليه وآله حين سمع تقديم عائشة أباها فجاء واحدى يديه على كتف علي عليه السلام والأخرى على الفضل بن عباس ورجلاه يخطان الأرض فدخل المسجد وأخر أبا بكر وصلى بالناس وهو جالس والمسلمون من قايم. وهذه الرواية لا سيما جملة « لا يؤمن أحدكم جالسا » رواها العامة والخاصة ونقلوا الاجماع عليها.
3- « فشج » أي صار ممزوجا دما من جرح. وفى بعض النسخ « فسحج » - بتقديم الحاء المهملة على الجيم - وسحجت جلده فانسحج أي قشرته فانقشر.
4- الظاهر أنه غير الأول ويدل على جواز ايتمام القائم بالقاعد ويمكن أن يكون مكروها للخبر السابق ويكون الفعل لبيان الجواز ويكون منسوخا أو مخصوصا به صلى اللّه عليه وآله والاحتياط في الترك (م ت).

الصلاة ولا تثقل » (1).

1123 - و « إن عليا عليه السلام قال في رجلين اختلفا فقال أحدهما : كنت إمامك وقال الآخر : كنت إمامك قال : صلاتهما تامة ، قال : قلت : فإن قال أحدهما : كنت أئتم بك ، وقال : الآخر : كنت أئتم بك ، قال : فصلاتهما فاسدة فليستأنفا » (2).

1124 - وسأل جميل بن دراج أبا عبد اللّه عليه السلام « عن إمام قوم أجنب وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل ومعهم ماء يتوضأون به فيتوضأ بعضهم ويؤمهم ، قال : لا ولكن يتيمم الامام ويؤمهم إن اللّه عزوجل جعل الأرض طهورا كما جعل الماء طهورا » (3).

1125 - وروى عنه عمر بن يزيد أنه قال : « ما منكم أحد يصلي صلاة فريضة في وقتها ثم يصلي معهم صلاة تقية وهو متوضئ إلا كتب اللّه له بها خمسا وعشرين درجة ، فارغبوا في ذلك ».

1126 - وروى عنه حماد بن عثمان أنه قال : « من صلى معهم في الصف الأول كان كمن صلى خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في الصف الأول » (4).

ص: 382


1- أي لا تطل كثيرا بحيث يثقل على المأمومين ولا تترك شيئا من واجباتها بل مستحباتها التي لا تطول بها الصلاة. والظاهر العدول في الجواب عن القول بالكتابة لغرض مانع من القول. ويمكن أن يعبر الراوي عن الكتابة بالسؤال أو عن السؤال بالكتابة.
2- وذلك لان كل منهما قد وكل إلى صاحبه القيام بشرائط الصلاة في الصورة الأخيرة دون الأولى. ( الوافي )
3- المشهور بين الأصحاب كراهة امامة المتيمم بالمتوضين بل قال في المنتهى انه لا نعرف فيه خلافا الا ما حكى عن محمد بن الحسن الشيباني من المنع من ذلك ، واستدل عليه الشيخ - رحمه اللّه - في كتابي الاخبار بما رواه عن عباد بن صهيب قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : لا يصلى المتيمم بقوم متوضين » وعن السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال : « لا يؤم صاحب التيمم المتوضين ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء ».
4- يدل على شدة اهتمامهم عليهم السلام بالتقية وعدم ايجاد الفرقة بين المسلمين.

1127 - وروى عنه حفص بن البختري أنه قال : « يحسب لك إذا دخلت معهم ، وإن كنت لا تقتدي بهم حسب لك مثل ما يحسب لك إذا كنت مع من تقتدي به » (1).

1128 - وروى مسعدة بن صدقة«أن قائلا قال لجعفربن محمد عليهما السلام : جعلت فداك إني أمر بقوم ناصبية وقد أقيمت لهم الصلاة وأنا على غير وضوء فإن لم أدخل معهم في الصلاة قالوا ما شاؤوا أن يقولوا (2) أفأصلي معهم ثم أتوضأ إذا انصرفت وأصلي؟ قال جعفربن محمد عليهما السلام : سبحان اللّه أفما يخاف من يصلي على غير وضوء أن تأخذه الأرض خسفا (3) ».

1129 - وروى عنه عليه السلام زيد الشحام أنه قال : « يا زيد خالقوا الناس بأخلاقهم ، صلوا في مساجدهم ، وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا ، فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا : هؤلاء الجعفرية رحم اللّه جعفرا ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه ، وإذا تركتم ذلك قالوا : هؤلاء الجعفرية فعل اللّه بجعفر (4) ما كان أسوء ما يؤدب أصحابه ».

1130 - وقال الصادق عليه السلام : « أذن خلف من قرأت خلفه » (5).

1131 - وقال له عليه السلام رجل « أصلي في أهلي ثم أخرج إلى المسجد فيقدموني فقال : تقدم لا عليك وصل بهم ».

1132 - وروى هشام بن سالم عنه عليه السلام أنه قال : في الرجل يصلي الصلاة

ص: 383


1- « وان كنت » جملة مستأنفة والخبر في الكافي هكذا « يحسب لك إذا دخلت معهم وان لم تقتد بهم مثل ما يحسب - الخبر ».
2- أي ما يكرهني من الشتم وأمثاله.
3- فيه دلالة واضحة على عدم جواز الصلاة بدون الوضوء مع التقية أيضا.
4- يقال في الدعاء على الرجل : فعل اللّه بفلان ويعنون فعل اللّه به كذا وكذا ، والاختصار عند العرب دأب شايع وباب واسع ( م ح ق ) أقول : قوله « ما كان أحسن ما يؤدب وقوله » ما كان أسود فعلا تعجب.
5- يدل على عدم الاعتداد بأذان المخالف واشتراط الايمان في الاذان ، ويمكن أن يكون باعتبار تركهم بعض فصول الاذان. (م ت)

وحده ثم يجد جماعة ، قال : يصلي معهم ويجعلها الفريضة إن شاء (1).

1133 - وقد روي « أنه يحسب له أفضلهما وأتمهما » (2).

1134 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل هل يصلي بالقوم وعليه سراويل ورداء؟ قال : لا بأس به » (3).

1135 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « إن آخر صلاة صلاها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بالناس في ثوب واحد ، قد خالف بين طرفيه ، ألا أريك الثوب؟ قلت : بلى ، قال : فأخرج ملحفة فذرعتها وكانت سبعة أذرع في ثمانية أشبار ».

1136 - وسأل عمر بن يزيد (4) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرواية التي يروون أنه لا ينبغي أن يتطوع في وقت كل فريضة ما حد هذا الوقت؟ فقال : إذا أخذ المقيم

ص: 384


1- ظاهره جواز العدول وتغيير النية بعد الفعل ، ومنهم من أرجع فالع « يجعلها » إلى اللّه تعالى كما يظهر من الخبر الآتي ، ومنهم من قال : المراد فريضة أخرى من قضاء وغيره ، والأظهر أن المراد أنه ينويها من نوع الفريضة أي الظهر مثلا وان نوى بها الاستحباب. وجوز الشهيد - رحمه اللّه - في التهذيب على من صلى ولم يفرغ بعد من صلاته ووجد جماعة فليجعلها نافلة ثم يصلى في جماعة بنية الفرض ، ثم قال : ويحتمل أن يكون المرد يجعلها قضاء فريضة فائتة من الفراض. وأما الحكم فلا خلاف بين الأصحاب في جواز إعادة المنفرد إذا وجد جماعة سواء صار امامهم أو ائتم بهم ، واختلف فيما إذا صلى جماعة ثم أدرك جماعة أخرى وحكم الشهيد الذكرى بالاستحباب هنا أيضا لعموم الإعادة ، واعترض عليه صاحب المدارك بأن أكثر الروايات مخصوصة بمن صلى وحده وما ليس بمقيد بذلك فلا عموم فيه ، قال : ومن هنا يعلم أن الأظهر عدم تراسل الاستحباب أيضا وجوزه الشهيدان وكذا تردد صاحب المدارك فيما إذا صلى اثنان فرادى ثم أرادا الجماعة والأحوط عدم إعادة ما صلى جماعة مرة أخرى. ( المرآة )
2- إذ ربما كان صلاته منفردا أفضل وأتم.
3- ( أي إذا لم يكن له غيرهما من قميص وغيره فلا بأس وإن كان له فمع قميص أفضل.
4- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو بياع السابري الثقة ظاهرا.

في الإقامة ، فقال له : إن الناس يختلفون في الإقامة؟ قال : المقيم الذي يصلى معه » (1).

1137 - وسأله حفص بن سالم (2) « إذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة أيقوم الناس على أرجلهم أو يجلسون حتى يجئ إمامهم؟ قال : لا بل يقومون على أرجلهم فإن جاء إمامهم وإلا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم ».

1138 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « إذا أقيمت الصلاة حرم الكلام على الامام وأهل المسجد إلا في تقديم إمام » (3).

1139 - وروي عن محمد بن مسلم أنه « سئل عن الرجل يؤم الرجلين قال : يتقدمهما ولا يقوم بينهما ، وعن الرجلين يصليان جماعة ، قال : نعم يجعله عن يمينه » (4).

1140 - قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « أقيموا صفوفكم فإني أراكم من خلفي كما أراكم من قدامي ، ومن بين يدي ، ولا تخالفوا (5) فيخالف اللّه بين قلوبكم ».

1141 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « إن الصلاة في الصف الأول كالجهاد في سبيل اللّه عزوجل ».

ص: 385


1- في الشرايع : « وقت القيام إلى الصلاة إذا قال المؤذن » قد قامت الصلاة « على الأظهر » وفى المدارك : هذا هو المشهور بين الأصحاب ، وقال الشيخ في المبسوط والخلاف وقت القيام إلى الصلاة عند فراغ المؤذن من كمال الاذان ولم أقف على مأخذه وحكى العلامة وقت القيام إلى الصلاة عند فراغ المؤذن من كمال الاذان ولم أقف على مأخذه وحكى العلامة في المختلف عن بعض علمائنا قولا بأن وقت القيام عند قوله « حي على الصلاة ». ونقل عن ابن حمزة والشيخ في النهاية أنهما منعا من التنفل بعد الإقامة ، قال في الذكرى : وقد يحمل على ما لو كانت الجماعة واجبة وكان ذلك يؤدى إلى فواتها.
2- هو أبو ولاد الحناط الثقة والطريق إليه صحيح.
3- حمل على الكراهة الشديدة.
4- أيجعل الامام المأموم عن يمينه.
5- يحتمل أن يكون المراد لا تخالفوا في موضع القدم في الصف حتى يكون الصف مستقيما ، أو لا تنازعوا في التقدم والتأخر في الصفوف ( سلطان ) أن يكون المراد ان لا تجعلوا صفوفكم غير متساوية لم ينقص بعضه عن بعض كما قال الفاضل التفرشي.

1142 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا أرى بالصفوف بين الأساطين بأسا ». (1)

1143 - وقال عليه السلام : « أتموا صفوفكم إذا رأيتم خللا ولا يضرك أن تتأخر وراءك إذا وجدت ضيقا في الصف الأول إلى الصف الذي خلفك وتمشي منحرفا ». (2)

1144 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « ينبغي للصفوف أن تكون تامة متواصلة بعضها إلى بعض ، ولا يكون بين الصفين ما لا يتخطى (3) يكون قدر ذلك مسقط جسد إنسان إذا سجد » (4).

1145 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إن صلى قوم بينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بإمام ، وأي صف كان أهله يصلون بصلاة إمام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة ، وإن كان سترا أو جدارا (5) فليس تلك لهم بصلاة إلا من كان حيال الباب (6) قال : وقال هذه المقاصير إنما أحدثها الجبارون وليس لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة ، قال : وقال : أيما امرأة صلت خلف

ص: 386


1- أي لا بأس بالأساطين إذا كان خارقة للصف.
2- أي من دون أن تنحرفوا عن القبلة ومن دون القهقرى. ( مراد )
3- أي مسافة لا يقطع بخطوة بل يكون أكثر منها. ( مراد )
4- قوله « ذلك مسقط جسد انسان » قال العلامة المجلسي : قال العلامة - رحمه اللّه - في المنتهى : قال السيد المرتضى - رضي اللّه عنه - في المصباح : ينبغي أن يكون بين كل صفين قدر مسقط الجسد فان تجاوز ذلك إلى القدر الذي لا يتخطى لم يجز ، وقال الفاضل التستري - رحمه اللّه - : كأنه راجع إلى ما بين الصفين الذي ينبغي أن يكون البعد لا يزيد عنه.
5- أي كان الذي بينهما سترا أو جدارا وفى بعض النسخ والكافي « كان سترا أو جدار » بالرفع أي بينهما. ( مراد )
6- الظاهر أن الاستثناء منقطع فيفهم منه أن الامام كان في بيت والمأمومين خارجه فلا يصح صلاة ذلك الصف الا صلاة من في مقابل الباب وإن كان الباقون يرون ذلك المقابل بلا واسطة أو بواسطة. ( مراد )

إمام وبينها وبينه ما لا يتخطى فليس لها تلك بصلاة (1) قال : قلت : فإن جاء إنسان يريد أن يصلي كيف يصنع وهي إلى جانب الرجل (2) ، قال : يدخل بينها وبين الرجل وتنحدر هي شيئا. (3)

1146 - وفي رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : أقل ما يكون بينك وبين القبلة (4) مربض عنز وأكثر ما يكون مربط فرس. (5)

1147 - وقال عمار بن موسى : سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الامام يصلي وخلفه

ص: 387


1- أي صلاة صحيحة أو كاملة ورجوع البطلان أو الكراهة إلى صلاة المرأة على التعيين. ( مراد )
2- الظاهر أن المراد بالرجل هو الانسان الجائي فالمراد أنه إذا قام خلف الامام تصير هي في جنبه فقال الإمام (عليه السلام) انه يدخل الرجل الجائي بينهما حتى لا يقوم بجنبها فتنحدر المرأة حتى يقوم الرجل في مكانها وهي بعد الرجل ، ولو أريد بالرجل الامام فمعنى كونها إلى جانبه كونها قريبة منه. ( مراد )
3- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - في المرآة بعد نقل الخبر : علم أنه لا خلاف بين الأصحاب في عدم صحة صلاة المأموم إذا كان بينه وبين الامام حائل يمنع المشاهدة ، وقال الشيخ - رحمه اللّه - في الخلاف : من صلى وراء الشبابيك لا يصح صلاته مقتديا بصلاة الامام الذي يصلى داخلها واستدل بهذا الخبر ، قال في المدارك : وكان موضع الدلالة فيها النهى عن الصلاة خلف المقاصير فان الغالب فيها أن يكون مشبكة ، وأجاب عنه في المختلف بجواز أن يكون المقاصير فان الغالب فيها أن يكون مشبكة ، وأجاب عنه في المختلف بجواز أن يكون المقاصير المشار إليه فيها غير مخرمة ، قيل : وربما كان وجه الدلالة اطلاق قوله عليه السلام « بينهم وبين الامام مالا يتخطى » وهو بعيد جدا لان المراد عدم التخطي بواسطة التباعد لا باعتبار الحائل كما يدل عليه ذكر حكم الحائل بعد ذلك ولا ريب أن الاحتياط يقتضى المصير إلى ما ذكره الشيخ - رحمه اللّه - ، وقال أيضا : لو وقف المأموم خارج المسجد بحذاء الباب وهو مفتوح بحيث يشاهد الامام أو بعض المأمومين صحت صلاته وصلاة من على يمنيه وشماله وورائه لأنهم يرون من يرى ، ولو وقف بين يدي هذا الصف صف آخر عن يمين الباب أو يسارها لا يشاهدون من في المسجد لم يصح صلاتهم كما يدل عليه قوله عليه السلام « فإن كان بينهم ستر أو جدار - الخ » والظاهر أن الحصر إضافي بالنسبة إلى من كان عن يمين ويسار كما ذكرناه.
4- لعل المراد بالقبلة من كان في جانب القبلة من الامام أو الصف المقدم. ( مراد )
5- ربوض البقر والغنم والفرس والكلب مثل بروك الإبل. ( مراد )

قوم أسفل من الموضع الذي يصلي فيه ، قال : إن كان الامام على شبه الدكان أو على أرفع من موضعهم لم تجز صلاتهم (1) ، وإن كان أرفع منهم بإصبع أو أكثر أو أقل إذا كان الارتفاع بقطع سيل (2) وإن كانت الأرض مبسوطة (3) وكان في موضع منها ارتفاع فقام الامام في الموضع المرتفع وقام من خلفه أسفل منه والأرض مبسوطة إلا أنها في موضع منحدر فلا بأس به ، وسئل فإن قام الامام أسفل من موضع من يصلي خلفه قال : لا بأس به ، وقال عليه السلام : إن كان الرجل فوق بيت أو غير ذلك دكانا كان أو غيره وكان الامام يصلي على الأرض والامام أسفل منه كان للرجل (4) أن يصلي خلفه ويقتدي بصلاته وإن كان أرفع منه بشئ كثير ». (5)

ص: 388


1- قوله : « أرفع من موضعهم » أي بقدر معتد به. وقوله : « وإن كان أرفع منهم » الظاهر أن كلمة « ان » وصيلة لكنه مخالف للمشهور ويشكل رعايته في أكثر المواضر. ويمكن حمله على القطع ويكون محمولا على الأرض المنحدرة ويكون « لا بأس » جوابا لهما معا. ( المرآة )
2- في بعض نسخ التهذيب « إذ كان الارتفاع منهم بقدر شبر » وفى بعضها « بقدر يسير » ولعله على نسختيه تم الكلام عند قوله : « شبر أو يسير » والجزاء محذوف أي جائزة ، فقوله : « وان كانت » استيناف الكلام لبيان ما إذا كان الارتفاع تدريجيا لا دفعيا ، وقيل يمكن أن يكون قوله : « فان كانت » معطوفا على قوله : « وان » ويكون قوله : « فلا بأس » جزاء لهما أو قوله : « قال لا بأس به » متعلق بهما وهو بعيد. وفى بعض النسخ « بقطع سئل » فالمراد إذا كان الارتفاع مما يتخطى والجزاء محذوف ، و « سئل » بيان سؤال آخر وقع عن الأرض المنحدرة. وفى بعضها « بقطع سيل » فيكون بيانا لما إذا كان الارتفاع دفعيا لأنه هكذا يكون ما يخرقه السيل غالبا وهو قريب مما في الكافي « ببطن مسيل ».
3- في بعض النسخ « أرضا مبسوطة » وفى بعضها « أرض مبسوطة ».
4- في الكافي « جاز للرجل ».
5- قال في المدارك : هذه الرواية ضعيفة السند ، متهافتة المتن ، قاصرة الدلالة فلا يسوغ التأويل عليها في حكم مخالف للأصل ومن ثم تردد المحقق - قدس سره - وذهب الشيخ - رحمه اللّه - في الخلاف إلى الكراهة وهو متجه ، وأما علو المأموم فقد قطع الأصحاب بجوازه وأسنده في المنتهى إلى علمائنا ثم أنه قال في التذكرة : لو كان علو الامام يسيرا جاز اجماعا ( المرآة ) وقال الفاضل التفرشي بعد بيان الخبر : بالجملة اضطراب المتن يمنع من أن يكون قول المعصوم بعينه وإذا ظن أنه ليس من قول المعصوم لم يصلح للسندية سيما إذا ضم إليه فساد عقيدة الراوي فلذا حمل الايتمام عند ارتفاع الامام على الكراهة دون الحرمة. انتهى والمشهور عدم الجواز.

1148 - وسأل موسى بن بكر (1) أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يقوم في الصف وحده؟ قال : لا بأس إنما يبدو الصف (2) واحدا بعد واحد ».

1149 - وروي عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه أنه قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : إذا دخلت المسجد والامام راكع وظننت أنك إن مشيت إليه رفع رأسه فكبر واركع فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك فإذا قام فالحق بالصف (3) ، وإن جلس فاجلس مكانك فإذا قام فالحق بالصف ». (4)

1150 - وروى أنه « يمشي في الصلاة يجر رجليه ولا يتخطى ».

1151 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا أدركت الامام وقد ركع فكبرت قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدركت الركعة ، وإن رفع رأسه قبل أن تركع فقد فاتتك الركعة ».

1152 - وروى أبو أسامة أنه سأله « عن رجل انتهى إلى الامام وهو راكع

ص: 389


1- موسى بن بكير غير معنون في المشيخة ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 333 باسناده ، عن سعد عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح ، عن موسى بن جعفر عليهما السلام.
2- أي يظهر ويحمل ، ويدل على جواز الانفراد عن أصف إذا لم يكن له موقف في الصف ويؤيده روايات. (م ت)
3- اشترط الشيخ على - رحمه اللّه - في حاشية الشرايع أن يكون الموضع صالحا للاقتداء وأن لا يبلغ في المشي حال التكبيرة ويجر رجله في حال مشيه ولا يرفعهما انتهى ويؤيده الخبر الآتي.
4- يدل على ادراك الركعة بادراك الامام حال الركوع وعلى اغتفار الفعل الكثير في الجماعة للحقوق بالصف.

قال : إذا كبر وأقام صلبه ثم ركع ، فقد أدرك ». (1)

1153 - وقال رجل لأبي جعفر عليه السلام : « إن إمام مسجد الحي فأركع بهم وأسمع خفقان نعالهم (2) وأنا راكع ، فقال : اصبر ركوعك ومثل ركوعك فإن انقطعوا وإلا فانتصب قائما ».

1154 - وروى إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « ينبغي للامام أن يكون صلاته على صلات أضعف من خلفه ».

1155 - وكان معاذ يؤم في مسجد على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ويطيل القراءة وأنه مر به رجل فافتتح سورة طويلة فقرأ الرجل لنفسه وصلى ، ثم ركب راحلته فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وآله فبعث إلى معاذ فقال : يا معاذ إياك أن تكون فتانا (3) عليك بالشمس وضحيها وذواتها.

1156 - و « إن النبي صلى اللّه عليه وآله كان ذات يوم يؤم أصحابه فيسمع بكاء الصبي فيخفف الصلاة ». (4)

وعلى الامام أن يقرأ قراءة وسطا لان اللّه عزوجل يقول : « ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ».

وإذا فرغ الامام من قراءة الفاتحة فليقل الذي خلفه : « الحمد لله رب العالمين ». ولا يجوز أن يقال بعد قراءة فاتحة الكتاب « آمين » لان ذلك كانت تقوله النصارى.

1157 - وروى زرارة ، ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « من قرأ خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير

ص: 390


1- فيه دلالة على وجوب إقامة الصلب حال التكبير لان القيام قبل الركوع ركن.
2- الخفق : صوت النعل.
3- فتان من أبنية المبالغة في الفتنة ومنه الحديث « أفتان أنت يا معاذ ». ( النهاية )
4- لان أمه كانت في الصلاة فخفف صلى اللّه عليه وآله لأجل أن يدركه أمه.

فطرة ». (1)

1158 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا صليت خلف إمام تأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قراءته أو لم تسمع إلا أن تكون صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع فاقرأ ». (2)

ص: 391


1- أي فطرة الاسلام مبالغة ، ولعله محمول على عدم السماع في الجهرية أو على خصوص صورة سماع الجهرية ، ولعله الأخير بهذا الوعيد أنسب ، وربما يحتمل شموله ما إذا وقف خلف صفوف امام يؤتم به فصلى منفردا وقرأ للتكبر عن الايتمام به أو رغبة عن الجماعة. ( المرآة )
2- اعلم أن في مسألة قراءة المأموم خلف الامام اختلافا كثيرا بين الفقهاء حتى قال الشهيد الثاني : لم أقف في الفقه على خلاف في مسألة بلغ هذا القدر من الأقوال وتحرير محل الخلاف ( على ما قاله - قدس سره - في شرحه للارشاد أي روض الجنان ) أن الصلاة اما جهرية أو سرية ، وعلى الأول اما ان تسمع سماعا ما أم لا ، وعلى التقادير اما أن تكون في الأولتين أو الأخيرتين فالأقسام ستة ، فابن إدريس وسلار أسقطا القراءة في الجمع لكن ابن إدريس جعلها محرمة وسلار جعل تركها مستحبا ، وباقي الأصحاب على إباحة القراءة في الجملة لكن يتوقف تحقيق الكلام على تفصيل : فنقول: ان كانت الصلاة جهرية فان سمع في أولييها و لو همهمة سقطت القراءة فيهما إجماعا لكن هل السقوط على وجه الوجوب بحيث تحرم القراءة فيه؟ قولان أحدهما التحريم ذهب إليه جماعة منهم العلامة في المختلف و الشيخان، و الثاني الكراهة و هو قول المحقق و الشهيد، و ان لم تسمع فيهما أصلا جازت القراءة بالمعنى الأعمّ، لكن ظاهر أبى الصلاح الوجوب و ربما أشعر به كلام المرتضى أيضا و المشهور الاستحباب، و على القولين فهل القراءة للحمد و السورة أو الحمد وحدها؟ قولان صرّح الشيخ بالثانى. و أمّا أخيرتا الجهرية ففيهما أقوال أحدها وجوب القراءة مخيرا بينها و بين التسبيح و هو قول أبى الصلاح و ابن زهرة، و الثاني استحباب قراءة الحمد وحدها و هو قول الشيخ، و الثالث التخيير بين قراءة الحمد و التسبيح استحبابا و هو ظاهر جماعة منهم العلامة في المختلف. و ان كانت اخفاتية ففيها أقوال احدها استحباب القراءة فيها مطلقا و هو الظاهر من كلام العلامة في الإرشاد، و ثانيها استحباب قراءة الحمد وحدها و هو اختياره في القواعد و الشيخ( ره) و ثالثها سقوط القراءة في-- الاولتين و وجوبها في الأخيرتين مخيرا بين الحمد و التسبيح و هو قول أبى الصلاح و ابن زهرة و رابعها استحباب التسبيح في نفسه و حمد اللّه أو قراءة الحمد مطلقا و هو قول نجيب الدين يحيى بن سعيد.

1159 - وفي رواية عبيد بن زرارة [ عنه عليه السلام ] « أنه إن سمع الهمهمة فلا يقرأ ».

1160 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « لا تقرأن (1) في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا إماما كنت أو غير إمام ، قال : قلت فما أقول فيها؟ قال : إن كنت إماما أو وحدك فقل : سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلا اللّه » ثلاث مرات تكمله تسع تسبيحات ثم تكبر وتركع.

1161 - وروى وهيب بن حفص ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : أدنى ما يجزي من القول في الركعتين الأخيرتين ثلاث تسبيحات أن تقول : « سبحان اللّه ، سبحان اللّه ، سبحان اللّه ».

1162 - وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « وإن كنت خلف إمام فلا تقرأن شيئا في الأولتين وأنصت قراءته ولا تقرأ » شيئا في الأخيرتين ، فإن اللّه عزوجل يقول : للمؤمنين : « وإذا قرء القرآن ( يعني في الفريضة خلف الامام ) فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون » فالأخيرتان تبعا للأولتين ». (2)

1163 - وروى بكر بن محمد الأزدي (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إني أكره

ص: 392


1- يعنى سورة الحمد وغيرها من القرآن.
2- معنى الحديث أنه لا يقرء خلف الامام أما في الركعتين الأولتين فللاية وأما في الأخيرتين فلكونهما تابعتين للأولتين ، ولا يناف يذلك ما يجيئ من الحث على التسبيح لان التسبيح غير القراءة ( مراد ) وإنما فصل بين الأولتين والأخيرتين مع أن الحكم واحد فيهما وهو عدم قراءة المأموم لاختلاف التعليل فان قوله « لان اللّه - الخ » تعليل لعدم القراءة في الأولتين وقوله « والأخيرتان تبعا للأولتين » تعليل لعدم القراءة في الأخيرتين. ( سلطان ) أقول : في بعض النسخ « والاخريان تبع للأولتين ».
3- الطريق صحيح. وفى بعض النسخ « بكير بن محمد » وهو تصحيف.

للمرء أن يصلي خلف الامام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنه حمار ، قال : قلت : جعلت فداك فيصنع ماذا؟ قال : يسبح ». (1)

1164 - وروى عمر بن أذينة ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض (2) خلف إمام يحتسب بالصلاة خلفه (3) جعل ما أدرك أول صلاته إن أدرك من الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة ركعتين وفاتته ركعتان قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف الامام في نفسه بأم الكتاب (4) فإذا سلم الامام قام فصلى الأخيرتين لا يقرأ فيهما إنما هو تسبيح وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة ، وإن أدرك ركعة قرأ فيها خلف الامام (5) فإذا سلم الامام قام فقرأ أم الكتاب ثم قعد فتشهد ثم قام فصلى ركعتين ليس فيهما قراءة ».

1165 - وروى عبيد اللّه بن علي الحلبي ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطيل الامام التشهد؟ قال : يسلم ويمضي لحاجته إن أحب ». (6)

ص: 393


1- يدل على استحباب التسبيح في الاخفاتية فيمكن قصره على التسبيح بقوله : « سبحان اللّه » فقط وتعميمه لكل ذكر ، وأن يكون التسبيحات الأربعة كما تقدم. (م ت)
2- بان أدرك الامام في الركعة الثانية أو الثالثة أو بعدها.
3- يحتمل كون هذه الجملة صفة « امام » أي خلف امام يعتد به وتحتسب هذا الفعل خلفه بالصلاة وحينئذ يكون جزاء الشرط قوله : « جعل - الخ » ، ويحتمل كونها جزاء الشرط أي إذا أدرك بعض الصلاة يحتسب هذه بصلاة الجماعة ويدرك فضلها وحينئذ يكون قاله « جعل - الخ » جملة مستأنفة. ( سلطان )
4- أي لا يجهر بها وذهب بعض الفقهاء إلى تعيين القراءة لئلا يخلو صلاته عن فاتحة الكتاب لأنه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وقد فاته والمشهور بقاء التخيير.
5- يعنى فان أدرك الامام في الركعة الرابعة وقال الفاضل التفرشي « قرأ فيها » أي قراءة في نفسه بقرينة السابق لا لأنه يقرأ لئلا يخلو صلاته عن الفاتحة لأنه حينئذ يقرأ في ثانيته بل لان المنع عن القراءة مختص بموضع يقرء فيه الامام كما مر.
6- يدل على جواز المفارقة مع الحاجة في التشهد ، وتدل على الجواز مطلقا صحيحة أحمد بن محمد بن عيسى. وقال في المدارك : يجوز أن يسلم المأموم قبل الامام وينصرف لضرورة وغيرها مع أن هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب حتى في كلام القائلين بوجوب التسليم وتدل عليه روايات.

1166 - وسأله إسحاق بن عمار قال له : « أدخل المسجد وقد ركع الامام فأركع بركوعه وأنا وحدي وأسجد فإذا رفعت رأسي فأي شئ أصنع؟ قال : قم فاذهب إليهم فإن كانوا قياما فقم معهم ، وإن كانوا جلوسا فاجلس معهم ». (1)

1167 - وسأله سماعة « عن الرجل يأتي المسجد وقد صلى أهله يبدأ بالمكتوبة أو يتطوع؟ فقال : إن كان في وقت حسن فلا بأس بالتطوع قبل الفريضة وإن كان خاف خروج الوقت أخره وليبدأ بالفريضة وهو حق اللّه عزوجل ثم ليتطوع ما شاء ». (2)

1168 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام « في الرجل يدخل المسجد فيخاف أن تفوته الركعة؟ قال : يركع قبل أن يبلغ إلى القوم ويمشي وهو راكع حتى يبلغهم ».

1169 - وروى إبراهيم بن ميمون (3) عن الصادق عليه السلام « في الرجل يؤم النساء ليس معهن رجل في الفريضة؟ قال : نعم وإن كان معه صبي فليقم إلى جانبه ».

1170 - وروى عنه عمار الساباطي أنه « سئل عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده فيجئ رجل آخر فيقول له أتصلي جماعة هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان والإقامة قال : لا ولكن يؤذن ويقيم ». (4)

ص: 394


1- الطريق موثق ويدل كالاخبار السابقة على ادراك الركعة بادراك الركوع وجواز المشي حتى يلحقهم. (م ت)
2- موثق ويدل على تأخير النافلة عن الفريضة بعد خروج وقتها وأما انها قضاء فلا يظهر منه ومن عدة من الاخبار. (م ت) والمراد بخروج الوقت وقت الفضيلة.
3- هو بياع الهروي والطريق إليه صحيح لكنه غير معلوم الحال.
4- يدل على عدم الاكتفاء بالاذان والإقامة منفردا للجماعة وعليه أكثر الأصحاب.

1171 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم ، ولا يؤم حتى يحتلم ، فإن أم جازت صلاته وفسدت صلاة من يصلي خلفه ». (1)

1172 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل أدرك الامام حين يسلم قال : عليه أن يؤذن ويقيم ويفتتح الصلاة ». (2)

1173 - وسئل (3) « عن الرجل يأتي المسجد وهم في الصلاة وقد سبقه الامام بركعة فيكبر فيعتل الامام فيأخذ بيده ويكون أدنى القوم إليه فيقدمه (4) فقال عليه السلام : يتم بهم الصلاة ثم يجلس حتى إذا فرغوا من التشهد أومأ بيده عن اليمين والشمال ، وكان ذلك الذي يؤمي بيده التسليم أو تقضي صلاتهم (5) وأتم هو ما كان فاته ».

1174 - وروى محمد بن سهل ، عن أبيه قال : « سألت الرضا عليه السلام عمن ركع مع إمام قوم يقتدى به ، ثم رفع رأسه قبل الإمام قال : يعيد ركوعه معه ». (6)

ص: 395


1- فما ورد في بعض الأخبار من جواز إمامته محمول على إمامته للصبيان.
2- محمول على الاستحباب وان جاز الاكتفاء بهما ما لم يتفرقوا. (م ت)
3- في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في الكافي ج 3 ص 382 وفيه « بركعة أو أكثر فيعتل ».
4- يدل على استنابة المسبوق مع العلة ، ويحمل أخبار النهى على الكراهة مع التمكن من غيره ، وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - في المرآة : لا خلاف في جواز الاستنابة حينئذ والمشهور عدم الوجوب بل ادعى في التذكرة الاجماع على عدم الوجوب وظاهر بعض الأخبار الوجوب.
5- عطف على التسليم على أنه خبر كان أي ذلك الايماء بمنزلة التسليم من الامام فيتبعونه في التسليم وكأنهم سلموا مع الامام أو ذلك الايماء إشارة إلى تقضى صلاتهم ليسلموا فلم يكن سلامهم مع الامام ( سلطان ) أقول : في الكافي « فكان الذي أومأ إليهم بيده التسليم وانقضاء صلاتهم ».
6- بقصد المتابعة. وطريق الخبر صحيح ويدل على اغتفار زيادة الركوع في الجماعة وهذا مستثنى من قاعدة زيادة الركن وكذا قاعدة « لا تعاد ». وهكذا القول في الخبر الآتي وأما العامد فليس له أن يرجع بل يجب عليه أن يستمر حتى يرفع الامام رأسه بلا خلاف ظاهرا.

1175 - وسأل الفضيل بن يسار (1) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل صلى مع إمام يأتم به ثم رفع رأسه من السجود قبل أن يرفع الامام رأسه من السجود قال : فليسجد ».

1176 - وروى الحسين بن يسار (2) أنه سمع من يسأل الرضا عليه السلام « عن رجل صلى إلى جانب رجل (3) فقام عن يساره وهو لا يعلم ، كيف يصنع إذا علم وهو في الصلاة؟ قال : يحوله إلى يمينه ».

1177 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « كان النساء يصلين مع النبي صلى اللّه عليه وآله فكن يؤمرن أن لا يرفعن رؤوسهن قبل الرجال لضيق الأزر » (4).

1178 - وسأل هشام بن سالم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المرأة هل تؤم النساء؟ قال : تؤمهن في النافلة (5) فأما في المكتوبة فلا ، ولا تتقدمهن ولكن تقوم

ص: 396


1- في الطريق إليه علي بن الحسين السعد آبادي ولم يوثق.
2- في بعض النسخ « الحسين بن بشار » وهو يوافق كتب الرجال ولم يذكر الصدوق طريقه إليه.
3- « إلى جانب رجل » أي يأتم به ، ويحتمل ارجاع الضمائر كلها إلى الامام ويحتمل ارجاع ضميري « وهو لا يعلم » إلى المأموم أي كان سبب وقوعه عن يسار الامام أنه لم يكن يعلم كيف يصنع ، وعلى بعض التقادير يحتمل أن يكون « كيف يصنع » ابتداء السؤال والمشهور في وقوف المأموم عن يمين الاستحباب وانه لو خالف بأن وقف الواحد عن يسار الامام أو خلفه لم تبطل صلاته. ( المرآة )
4- الأزر - بضم الهمزة والزاي المضمومة قبل الراء - جمع الأزر والمراد السراويل يعنى بسبب ضيق أزر الرجال ربما كان حجم عورتهم يرى من خلف في حال سجودهم ، أو المراد المئزر يعنى بسبب قصر أزارهم يبدو أفخاذهم في حال الركوع أو السجود فأمرن النساء أن لا يرفعن رؤوسهن قبل الرجال لئلا يرون عورات الرجال أو أفخاذهم أو حجمها.
5- لعل المراد بالنافلة الصلاة التي تستحب جماعتها مثل صلاة الاستسقاء والعيدين على تقدير كونهما مندوبين ، والمشهور جواز إمامة المرأة للنساء ، بل قال في التذكرة أنه قول علمائنا أجمع ونقل عن ابن الجنيد والمرتضى - رحمهما اللّه - جواز امامتها في النافلة دون الفريضة. ويظهر منه القول بجواز الجماعة في النافلة لهن الا أن يحمل على المعادة أو العيدين أو الاستسقاء. وقال استاذنا الشعراني - مد ظله العالي - في هامش الوافي : العمدة في عدم جواز الجماعة في النوافل اعراض الأصحاب عما يدل على جوازها والا فالمحامل التي ذكروها بعيدة جدا ، وكما أن أقوى مؤيدات الرواية شهرتها كذلك أقوى موهناتها الاعراض عنها ، وغرضنا هنا من شهرتها شهرة العمل بها ومن الاعراض عدم العمل ، وقد منع مالك عن امامة النساء مطلقا في الفرائض والنوافل وجوزه الآخرون مطلقا فحمل الروايات على التقية أيضا غير جائر. انتهى.

وسطهن » (1)

1179 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قلت له : المرأة تؤم النساء ؟ قال : لا إلا على الميت إذا لم يكن أحد أحد أولى منها ، تقوم وسطهن معهن في الصف فتكبر ويكبرن ».

1180 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام صلاة المرأة في مخدعها (2) أفضل من صلاتها في بيتها ، وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في الدار.

والرجل (3) إذا أم المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه (4).

1181 - وسأله الحلبي عن الرجل يؤم النساء؟ قال : نعم وإن كان معهن غلمان فأقيموهم بين أيديهن وان كانوا عبيدا.

ص: 397


1- الوسط بالتسكين قال الجوهري لأنه ظرف قال : وجلست في وسط الدار - بالتحريك - لأنه اسم ، ثم قال : ولك موضع صلح فيه « بين » فهو وسط - بسكون السين - وان لم يصلح فيه « بين » فهو وسط - بالتحريك.
2- المخدع - بضم الميم وقد تفتح - : البيت الصغير الذي داخل البيت الكبير. وما يقال له بالفارسية ( پستو ). ويفهم من الخبر كراهة صلاتها في المسجد ، فكلما كان أقرب إلى ستره كان أحسن.
3- الظاهر أنه من كلام الصدوق - رحمه اللّه - كما يظهر من الوافي وغيره.
4- هذا لا يلائم القول باستحباب أن تقف المرأة خلف الرجل بمقدار مسقط الجسد في السجود. ( مراد ).

1182 - وروى داود بن الحصين (1) عنه أنه قال : « لا يؤم الحضري المسافر ، ولا يؤم المسافر الحضري (2) ، فان ابتلى الرجل بشئ من ذلك فأم قوما حاضرين فإذا أتم الركعتين سلم ثم اخذ بيد أحدهم فقدمه فأمهم ، فإذا صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم ».

1183 - وقد روى أنه « إن خاف على نفسه من أجل من يصلي معه صلى الركعتين الأخيرتين وجعلهما تطوعا » (3).

1184 - وقد روي أنه « إن كان في صلاة الظهر جعل الأولتين فريضة والأخيرتين نافلة ، وإن كان في صلاة لعصر جعل الأولتين نافلة والأخيرتين فريضة ».

1185 - وقد وري أنه « إن كان في الصلاة الظهر جعل الأولتين الظهر والأخيرتين العصر ».

وهذه الأخبار ليست مختلفة والمصلي بالخيار بأيها أخذ جاز.

1186 - روى عبد اللّه بن المغيرة (4) قال : « كان المنصور بن حازم يقول : إذا

ص: 398


1- في الطريق الحكم بن مسكين ولم يوثق.
2- محمول على الكراهة لما روى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المسافر يصلى خلف المقيم؟ قال : يصلى ركعتين ويمضى حيث يشاء ».
3- يعنى بعد السلام من الأولتين لان العامة يقولون بالتخيير في السفر ويتمون فان فرغ من الصلاة قبلهم يقولون إنه رافضي (م ت) وقال استاذنا الشعراني : ليس ما يفهم من اطلاق كلام الشارحين من مذهب أهل السنة في القصر صحيحا وإنما يتم المسافر المقتدى بالحاضر فقط عندهم واما المسافر ومن يصلى منفردا فمالك والشافعي وأحمد يرجحون القصر عليه وأبو حنيفة يوجب كما في مذهبنا ويكره عند مالك اقتداء المسافر بالمقيم حتى لا يلزمه الاتمام وعلى هذا فليس التقصير مطلقا من علامات التشيع الا في الجماعة في الجملة ، والطريق الصحيح للعلم بأقوال العامة الاخذ من كتبهم أو مما نقله علماؤنا عنهم لا من اشعار هذه الأحاديث والظن والتخمين - انتهى.
4- الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم ومنصور كان من أصحاب الصادق عليه السلام.

أتيت الام وهو جالس قد صلى ركعتين فكبر ، ثم اجلس فإذا قمت فكبر » (1)عن الباقر عليه السلام قال: قال لي: «إذا لم تدرك القوم قبل أن يكبر الإمام الركعة فلا تدخل معهم». وقد أجيب بأنه محمول علی الكراهة لدلالة الاخبار الكثيرة علی جواز اللحوق في الركوع.(2)

1187 - وقال الصادق عليه السلام « يجزيك من القراءة إذا كنت معهم مثل حديث

ص: 399


1- كذا مقطوعا. وللمأموم بالنظر إلى وقت دخوله مع الامام أحوال : الأولى أن يدركه قبل الركوع فيحتسب بتلك الركعة اجماعا ، الثانية أن يدركه في حاله ركوعه والأصح ادراك الركعة بذلك فيكبر تكبيرة الافتتاح وأهوى للركوع ويركر. قال في المنتهى : ولو خاف الفوات أجزأته تكبيرة الافتتاح غير تكبيرة الركوع اجماعا ، الثالثة أن يدركه بعد رفعه من الركوع ولا خلاف في فوات الركعة بذلك لكنه استحب أكثر علمائنا للمأموم التكبير ومتابعة الامام في السجدتين وان لم يعتد بهما ، واختلفوا في وجوب استيناف النية وتكبيرة الاحرام بعد ذلك ، فقال الشيخ - رحمه اللّه - : لا يجب ، وقطع الأكثر بالوجوب لزيادة السجدتين ، ويظهر من العلامة - قدس سره - في المختلف التوقف في هذا الحكم من أصله للنهي من الدخول في الركعة عند فوات تكبيرها في رواية محمد بن مسلم
2- . الرابعة أن يدركه وقد سجد سجدة واحدة وحكمه كالسابق فعلى المشهور يكبر ويسجد معه الأخرى وفى الاعتداد بالتكبير الوجهان. الخامسة أن يدركه بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة وقد قطع الشيخ وغيره بأنه يجلس معه فإذا سلم الامام قام وأتم صلاته بلا استيناف تكبير ، ونص في المعتبر على أنه مخير بين الاتيان بالتشهد وعدمه. ( المدارك ). و قوله عليه السلام في هذا الخبر« فاذا قمت فكبّر» اذا حمل الصلاة على الثنائية فالمشهور حينئذ أن يبنى على تلك التكبيرة و يعتد بها و يمكن الجمع بأنّه إذا قصد الاستحباب بالتكبيرة الأولى و مجرد ادراك فضل الجماعة فلا بد من تكبيرة الافتتاح بعد القيام و ان قصد بالاولى الافتتاح لم يحتج الى التجديد، فالحديث يحمل على الأول و المشهور الثاني، و لو حملت الصلاة على الرباعية أو الثلاثية فلتحمل التكبيرة الأولى على الاستحباب أيضا و زيادة فضل الجماعة( مراد). و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: ينبغي أن يحمل على أنه احدى التكبيرتين غير تكبيرة الافتتاح فان زيادة الركن مبطل على المشهور و حمل الثانية على الاستحباب أظهر، و يمكن أن يكون المراد إذا كان في صلاة الصبح و تكون الأولى لادراك فضيلة الجماعة فقط لا بقصد كونها تكبيرة الاحرام و يقطعها بالسلام.

النفس ».

ومن صلى مخالف فقرأ السجدة (1) ولم يسجد فليؤم برأسه.

وإذ قال الام « سمع اللّه لمن حمده » قال الذين خلفه « الحمد لله رب العالمين » (2) ويخفضون أصواتهم ، وإن كان معهم (3) قال : « ربنا لك الحمد ».

1188 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله « من صلى بقوم فاختص نفسه بالدعاء دونهم فقد خانهم » (4).

1189 - وروى أبو بصير عن أحدهم عليهما السلام قال : « لا تسمعن الامام دعاك خلفه » (5).

1190 - وقد روى أبي بكر بن أبي سمال (6) قال : « صليت خلف أبي عبد اللّه عليه السلام الفجر فلما فرغ من قراءته في الثانية جهر بصوته نحوا مما كان يقرأ وقال : اللّهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة ، إنك على كل شئ قدير » (7).

1191 - وروى حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ينبغي للامام

ص: 400


1- أي سورة السجدة.
2- رواه الحسين بن سعيد في كتابه كما في البحار وقال سلطان العلماء : ظاهره اختصاص هذا بالمأموم وعبارة بعض الأصحاب يفيد استحبابه للامام والمأموم.
3- أي مع المخالفين إذ عادتهم قول ذلك. ( سلطان )
4- يدل على استحباب دعاء الامام بلفظ الجمع ويكره بالانفراد وإن كان المنقول منفردا.
5- يدل على كراهة اجهار المأموم بالدعوات.
6- في كتب الرجال والمشيخة « أبى سمال » باللام وهو إبراهيم بن محمد بن الربيع وفى طريقه عيثم ولا يبعد أن يكون عثمان بن عيسى فيكون ضعيفا. وفى أكثر النسخ « أبى سماك ».
7- يعنى دعا عليه السلام في القنوت بلفظ الجمع.

أن يجلس حتى يتم من خلفه صلاتهم (1) وينبغي للامام أن يسمع من خلفه التشهد ولا يسمعونه هم شيئا - يعني الشهادتين - ويسمعهم أيضا السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين ».

1192 - وقال الصادق عليه السلام : « أفسد ابن مسعود على الناس صلاتهم بشيئين بقوله » تبارك اسمك وتعالى جدك (2) وهذا شئ قالته الجن بجهالة (3) فحكاه اللّه تعالى عنها وبقوله ، وبقوله : « السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين ».

يعني في التشهد الأول ، وأما في التشهد الثاني بعد الشهادتين فلا بأس به لان المصلي إذا تشهد الشهادتين في التشهد الأخير فقد فرغ من الصلاة.

1193 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يكون خلف إمام فيطول التشهد فأخذه البول أو يخاف على شئ أن يفوت أو يعرض له وجع كيف بصنع؟ قال : يسلم وينصرف ويدع الامام ».

وعلى الامام أن لا يقوم من مصلاه حتى يتم من خلفه الصلاة ، فإن قام فلا شئ عليه.

ص: 401


1- ظاهره يعم المسبوقين.
2- في بعض النسخ « تبارك اسم ربك وتعالى جدك » ولعله قراءة ابن مسعود.
3- أي هذا المذكور وكون « تعالى جدك » مأخوذا من كلام الجن المحكى عنهم في سورة الجن وهو « وأنه تعالى جد ربنا » ظاهرا ، ولعل كون ذلك بجهالة مبنى على أنهم لم يقصدوا معنى يصح اتصافه تعالى به كأن يقصدوا من الجد الدولة والبخت حقيقة فيمنع التلفظ به في الصلاة لايهامه ذلك المعنى. قال في جوامع الجامع « تعالى جد ربنا » أي تعالى جلال ربنا وعظمته من اتخاذ الصاحبة والولد من قولك جد فلان في عيني إذا عظم ، وقيل : جد ربنا سلطانه وملكه وغناه من الجد الذي هو الدولة والبخت مستعار منه. واما في كون « تبارك اسمك » المستفاد من قوله تعالى في سورة الرحمن « تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام » كلام الجن خفاء ، ويمكن أن يقال استناد الافساد إلى هذا القول المركب من القولين باعتبار الفقرة الأخيرة إلى هي من كلام الجن فيكون هذا إشارة إلى الجزء الأخير دون المجموس. ولعل المراد بالافساد رفع الكمال وقول ما لا ينبغي أن يقال في الصلاة. ( مراد ).

وقال أبي - رحمه اللّه - في رسالته ألي : إن خرجت منك ريح أو غيرها مما ينقض الوضوء أو ذكرت أنك على غير وضوء فسلم في أي حال كنت (1) في الصلاة وقدم رجلا يصلي بالقوم بقية صلاتهم وتوض وأعد صلاتك (2).

1194 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « ما كان من إمام تقدم في الصلاة وهو جنب ناسيا أو أحدث حدثا أو رعف رعافا أو أز أزا في بطنه فليجعل (3) ثوبه على أنفه ثم لينصرف وليأخذ بيد رجل فليصل مكانه ثم ليتوضأ وليتم ما سبقه به من الصلاة (4) وأن كان جنبا فليغتسل وليصل الصلاة كلها ».

1195 - وروى معاوية بن ميسرة (5) عن الصادق عليه السلام أنه قال : لا ينبغي

ص: 402


1- لعل المراد بالتسليم الخروج عن هيئة الصلاة أو تسليم التقدم إلى الغير ( مراد ) وقال المولى المجلسي : لعل السلام محمول على الاستحباب ليعلمهم ببطلان صلاته حتى ينووا الايتمام بالآخر أو الانفراد مع عدمه.
2- في صورة عدم الوضوء أو فعل المنافى مطلقا فلا ينافي ما سيأتي من الاتمام فإنه محمول على غير صورة الاتيان بالمنافي. ( سلطان )
3- قوله « ما كان » ما شرطية وقوله : « فليجعل » جزاء الشرط. وقال الفيض - رحمه اللّه - إنما أمره عليه السلام أن يأخذ على أنفه ليوهم القوم أن به رعافا ، قال صاحب معالم السنن وفى هذا باب من الاخذ بالأدب في ستر العورة واخفاء القبيح من الامر والتورية بما هو أحسن منه وليس هذا يدخل في باب الرياء والكذب وإنما هو من باب التجمل واستعمال الحياء وطلب السلامة من الناس.
4- ضمير المفعول للامام الثاني والضمير المجرور للموصول أي الامام الأول يتوضأ ويتم الصلاة التي سبق بها الإمام الثاني ، ويحمل على أنه لم يأت بالمنافي. وقال سلطان العلماء : ضمير الفاعل للامام الأول وضمير المفعول للامام الثاني والضمير المجرور للموصول وحاصله أن الأول يتوضأ ويتم الصلاة التي سبق الإمام الثاني وينبغي أن يحمل على ما إذا لم يأت بما ينافي العزم ويحمل كلام الرسالة في إعادة الصلاة على ما إذا أتى بالمنافي كالاستدبار.
5- الطريق إليه صحيح وهو من أحفاد شريح القاضي.

للامام إذا أحدث أن يقدم الا من أدرك الإقامة. فان قدم مسبوقا بركعة (1) فان عبد اللّه بن سنان روى عنه عليه السلام أنه قال « إذا أتم صلاته بهم فليؤم إليهم يمينا وشمالا فلينصرفوا ، ثم ليكمل هو ما فاته من صلاته »

1196 - وروى جميل بن دراج عنه عليه السلام « في رجل أم قوما على غير وضوء فانصرف وقدم رجلا ولم يدر المقدم (2) ما صلى الامام قبله؟ قال : يذكره من خلفه ».

1197 - وقال زرارة لأبي جعفر عليه السلام : « رجل دخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة وأحدث أمامهم فأخذ بيد الرجل فقد فصلى بهم أتجزيهم صلاتهم بصلاته وهو لا ينويها صلاة؟ قال : لا ينبغي للرجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة ، بل ينبغي له أن ينويها وأن كان قد صلى فإن له صلاة أخرى (3) وإلا فلا يدخلن معهم ، وقد يجزي عن القوم صلاتهم وإن لم ينويها » (4).

1198 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن إمام أحدث وانصرف ولم يقدم أحد ما حال القوم؟ قال : لا صلاة لهم إلا بامام (5) فليقدم بعضهم بعضهم فليتم بهم ما بقي منها وقد تمت صلاتهم ».

1199 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجل أم قوما وصلى بهم ركعة ، ثم مات قال : يقدمون رجلا آخر فيعتد بالركعة ويطرحون

ص: 403


1- علة للجزاء المحذوف بقرينة المذكور أقيمت مقامه وتقدير الكلام فان قدم مسبوقا بركعة فليؤم فان عبد اللّه بن سنان - الخ.
2- أي الذي قدمه الامام.
3- أي يستحب العبادة ويمكن أن ينوى قضاء أو نافلة. ( المرآة )
4- يدل على أن بطلان صلاة الامام لا يوجب الإعادة على المأمومين مع عدم علمهم كما هو المشهور. ( المرآة )
5- أي لا صلاة لهم جماعة الا بامام والا فالظاهر جواز اتمامها بل وجوبه منفردا مع عدم الصالح للإمامة. (م ت).

الميت خلفهم ويغتسل من مسه (1). ومن صلى بقوم وهو جنب أو على غير وضوء فعليه الإعادة وليس عليهم أن يعيدوا وليس عليه أن يعلمهم ، ولو كان ذلك عليه لهلك ، قال : قلت : كيف كان يصنع بمن قد خرج إلى خراسان (2)؟ وكيف كان يصنع بمن لا يعرف؟ قال : هذا عنه موضوع » (3).

1200 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : إذا فاتك شئ مع الامام فاجعل أول صلاتك ما استقبلت منها ولا تجعل أول صلاتك آخرها (4).

ومن أجلسه الامام في موضع يجب أن يقوم فيه تجافي وأقعي إقعاء ولم يجلس ممكنا (5).

ص: 404


1- إلى هنا في الكافي ج 3 ص 383 والتهذيب والبقية من تتمة خبر الحلبي ولم يذكراه ، أو من كلام المصنف لكن ينافيه قوله : « قال : قلت ». وقال العلامة المجلسي  - رحمه اللّه - : محمول على ما إذا مس جسده وقد برد كما رواه في كتاب الاحتجاج عن عبد اللّه بن جعفر الحميري أنه كتب إلى الناحية المقدسة « روى لنا عن العالم عليه السلام أنه سئل عن امام قوم صلى بهم صلاتهم وحدثت عليه حادثة كيف يعمل من خلفه؟ فقال : يؤخر ويقدم بعضهم ويتم صلاتهم ويغتسل من مسه » فخرج التوقيع ليس على من نحاه الا غسل اليد وإذا تحدث حادثة تقطع الصلاة تمم صلاته مع القوم - الحديث ». أقول قوله « يطرحون لميت خلفهم ظاهره الوجوب وذلك اما بجرهم إياه إلى الخلف من دون استدبار أو بتقدمهم عليه بالمشي ويدل على اغتقار ذلك للضرورة.
2- بيان لما أجمله الإمام عليه السلام كأنه قال الراوي نعم إذا كان يجب عليه الاعلام كيف يصنع بمن خرج إلى كذا ومن خرج إلى كذا.
3- تأكيد لقوله السابق صلوات اللّه عليه.
4- يعنى اقرأ في الأولتين إذا أدركت الامام في الركعة الثالثة في الأولى إذا أمكنك وفى الثانية. ولا تقرأ في الثالثة والرابعة بتوهم أنه فاتك القراءة في الركعة الأولى فتدركها في الأخيرتين ، وسبح فيهما.
5- كما في الكافي ج 3 ص 381 يعنى إذا أدرك الامام في الركعة الثانية فإذا جلس الامام للتشهد يلزم أن يتبعه في الجلوس فقد أجلسه الامام وهو موضع يجب على المأموم القيام.

1201 - وروى عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل دخل مع الامام في الصلاة وقد سبقه بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ، ثم ذكر أنه فاتته ركعة ، قال : يعيد ركعة واحدة » (1).

1202 - وفي كتاب زياد بن مروان القندي ، وفي نوادر محمد بن أبي عمر أن الصادق عليه السلام قال « في رجل صلى بقوم من حين خرجوا من خراسان حتى قدموا مكة فإذا هو يهودي أو نصراني قال : ليس عليهم إعادة » (2).

وسمعت جماعة من مشايخنا يقلون : إنه ليس عليهم إعادة شئ مما جهر فيه وعليهم إعادة ما صلى بهم مما لم يجهر فيه ، والحديث المفصل (3) يحكم على المجمل.

1203 - وسئل علي بن حعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالتكبير والقراءة؟ فقال : قدر ما تسمع ».

1204 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله عن الرجل ينسى وهو خلف الامام أن يسبح في السجود أو في الركوع أو ينسى أن يقول بين السجدتين شيئا ، قال : ليس عليه شئ » (4).

1205 - وقال أبو جعفر عليه السلام لرجل : « إي شئ يقول هؤلاء في الرجل إذا فاتته مع الامام الركعتان؟ قلت : يقولون : يقرأ في الركعتين بالحمد وسورة ، فقال : هذا يقلب صلاته فيجعل أولها آخرها ، فقلت : كيف يصنع؟ قال : يقرأ فاتحة الكتاب في كل ركعة » (5).

ص: 405


1- تقدم الكلام فيه ، ومحمول على ما إذا لم يستدبر القبلة.
2- نقل عن السيد المرتضى وابن الجنيد - رحمهما اللّه - أنهما أوجبا فيما إذا ظهر فسق الامام أو كفره أو حدثه الإعادة مطلقا ، والمشهور عدم الإعادة مطلقا.
3- في بعض النسخ « والحديث المفسر ». وفى بعضها « يحمل على المجمل ». وفى بعضها « يحمل عليه المجمل ».
4- يدل على عدم ركنية ذكر الركوع والسجود.
5- أي في الركعتين الفائتتين لا في الركعتين اللتين أدركهما ، فلا ينافي ما تقدم. والخبر مرسل رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 383 والشيخ في الاستبصار والتهذيب بالاسناد عن أحمد بن النضر عن رجل عنه عليه السلام.

1206 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سها خلف إمام بعد ما افتتح الصلاة فلم يقل شيئا ولم يكبر ولم يسبح ولم يتشهد حتى يسلم؟ قال : قد جازت صلاته وليس عليه شئ إذا سها خلف الامام ولا سجدتا السهو لان الامام ضامن لصلاة من صلى خلفه (1).

1207 - وروى محمد بن سهل عن الرضا عليه السلام أنه قال : « الامام يحمل أوهام من خلفه إلا تكبيرة الافتتاح ».

1208 - والذي رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام حين قال له : « أيضمن الامام الصلاة؟ فقال : لا ليس بضامن ».

ليس بخلاف خبر عمار وخبر الرضا عليه السلام لان الامام ضامن لصلاة من صلى خلفه متى سها عن شئ منها غير تكبيرة الافتتاح ، وليس بضامن لما يتركه المأموم متعمدا.

ووجه آخر وهو أنه ليس على الامام ضمان لاتمام الصلاة بالقوم فربما حدث به حدث قبل أن يتمها أو يذكر أنه على غير طهر وتصديق ذلك :

1209 - ما رواه جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن رجل يصلي بقوم ركعتين ثم أخبرهم أنه ليس على وضوء ، قال : يتم القوم صلاتهم فإنه ليس على الامام ضمان » (2).

ص: 406


1- ظاهره يعطى صحة صلاة مأموم سها عن الركوع وغيره من الأركان وحمل على ما إذا أتى بالافعال والأركان دون الأقوال ويؤيد ذلك قوله « فلم يقل شيئا » فان من لم يركع ولم يسجد ولم يقم مع الامام لا يقال إنه صلى بصلاته. وأما النية وتكبيرة الاحرام فقد تحققا بافتتاح الصلاة فإذا سها عنهما فلا معنى لقوله : « بعد ما افتتح الصلاة ». فالمراد بقوله « ولم يكبر » التكبيرات المستحبة. وقوله : « الامام ضامن لصلاة من خلفه » أي يكون قوله الامام بمنزلة قوله.
2- إذ لو كان عليه ضمان كانت صلاتهم تابعة لصلاته فتبطل ببطلانها وما قيل من أن المراد لا يضمن اتمام صلاتهم فلا يخفى ما فيه من البعد ، والمشهور عدم الإعادة فيما إذا علم فسق الامام أو كفره أو كونه على غير طهارة بعد الصلاة وكذا في أثنائها. ( المرآة )

جل حجج اللّه عليهم السلام أن تكون أخبارهم مختلفه إلا لاختلاف الأحول.

1210 - وقال أبو المغرا حميد بن المثنى : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فسأله حفص الكلبي فقال » : أكون خلف الامام وهو يجهر بالقراءة فأدعو وأتعوذ (1)؟ قال : نعم فادع.

1211 - وروى الحسين بن عبد اللّه (2) الأرجاني عنه عليه السلام أنه قال : « من صلى في مسجده ثم أتى مسجد من مساجدهم فصلى معهم (3) خرج بحسناتهم ».

1212 - وروى عبد اللّه بن سنان عنه عليه السلام أنه قال : « ما من عبد يصلي في الوقت ويفرغ ثم يأتيهم ويصلي معهم (4) وهو على وضوء إلا كتب اللّه خمسا وعشرين درجه ».

1213 - وقال له أيضا : « إن على بابي مسجدا يكون فيه قوم مخالفون معاندون فهم يمسون في الصلاة (5) وأنا أصلي العصر ، ثم أخرج فأصلي معهم؟ فقال : أما أن ترضى تحسب لك بأربع وعشرين صلاة » (6).

1214 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا صليت معهم غفر لك بعدد من خالفك ».

1215 - وروى الحلبي عنه ، عن أبيه عليه السلام قال : « إذا صليت صلاة وأنت في المسجد فأقيمت الصلاة ، فإن شئت فاخرج فصل معهم وجعلها تسبيحا ». (7)

1216 - وروى إسحاق بن عمار عنه عليه السلام أنه قال : « صل وجعلها لما فات ».

1217 - وروى معاوية بن شريح (8) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا جاء

ص: 407


1- « فأدعو » أي عند آية الرحمة ، و « أتعوذ » أي عند آية العذاب.
2- في بعض النسخ « الحسين بن أبي عبد اللّه » ولم أجده في كتب الرجال بهذا العنوان.
3- أي مع المخالفين وكذا في الخبر الآتي.
4- أي يأتيهم تقية ويصلى معهم نافلة وتطوعا.
5- أي يصلون قرب الغروب ، وفى بعض النسخ « يمسون بالصلاة ».
6- أي تحسب الزيادة أربع وعشرين فلا ينافي كون المجموع خمسا وعشرين ( سلطان ) قاله دفعا للمنافاة بينه وبين ما تقدم مع أنه لا منافاة كما هو الظاهر.
7- قد يطلق التسبيح على صلاة التطوع والنافلة. ( النهاية )
8- طريق المصنف إليه قوى بعثمان بن عيسى ، وقيل : ضعيف به وفى الخلاصة انه صحيح.

الرجل مبادرا والامام راكع أجزأته تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع ». (1)

ومن أدرك الامام وهو ساجد كبر وسجد معه ولم يعتد بها (2).

ومن أدرك الامام وهو في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة.

ومن أدركه وقد رفع رأسه من السجدة الأخيرة وهو في التشهد فقد أدرك الجماعة وليس عليه أذان ولإقامة.

ومن أدركه وقد سلم فعليه الأذان والإقامة (3).

ولا يجوز جماعتان في صلاة واحدة (4).

1218 - فقد وروى محمد بن أبي عمير ، عن أبي علي الحراني قال : « كنا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فأتاه رجل فقال : صلينا في مسجد الفجر فانصرف بعضنا وجلس بعض في التسبيح فدخل علينا رجل المسجد فأذن فمنعناه ودفعناه عن ذلك ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : أحسنتم ادفعوه عن ذلك وامنعوه أشد المنع ، فقلت له : فإن دخل جماعة فقال : يقفون في ناحية المسجد ولا يبدو لهم إمام » (5).

ص: 408


1- « مبادرا » أي مسرعا والمراد باجزاء التكبيرة الواحدة ترتب ثواب التكبيرتين على هذا التكبير ( مراد ) ويحتمل أن يكون المراد انه لو خاف المأموم رفع رأس الامام من الركوع وفوات الركعة يكتفى بتكبيرة الاحرام وهو يجزى عن تكبيرة الركوع. (م ت)
2- ظاهره يشمل سجدة الركعة الأخيرة وغيرها وأما إذا كان في السجدة الأخيرة أو الأولى فان سجد معه سجدتين فقد زاد ركنا في صلاته ، فحينئذ ان رجع الضمير المجرور في « لم يعتد بها » إلى السجدة كان ذلك من المواضع التي يغتفر فيها زيادة الركن وان رجع إلى التكبيرة كانت التكبيرة الأولى مستحبة فيأتي بعد قيام الامام أو بعد تسليمه بالتكبير الواجب. ( مراد )
3- أي إذا تفرقت الصفوف.
4- لعل المراد الكراهة الشديدة.
5- موضع الاستشهاد قوله عليه السلام : « يقومون في ناحية المسجد ولا يبدو لهم امام » وأنت خبير بأن ذلك لو دل على وجوب قيامهم في ناحية وحرمة أن يؤمهم امام لم يدل على حرمة أن يصلى جماعتان معا أو أن يصلى الجماعة الثانية بعد تفرق الأولى فظاهر المدعى تشمل تينك الصورتين فينبغي الحمل على غيرهما. ( مراد )

ومن نسي التسليم خلف الامام أجزاه تسليم الامام (1) ومن سها فسلم قبل الامام فليس به بأس.

1219 - وروى الحسن بن محبوب : عن جميل بن صالح ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل سبقه الامام بركعة ثم أوهم الامام (2) فصلى خمسا؟ قال : يقضي تلك الركعة (3) ولا يعتد بوهم الامام » (4).

باب 57: وجوب الجمعة وفضلها ومن وضعت عنه والصلاة والخطبة فيها

1220 - قال أبو جعفر الباقر عليه السلام لزرارة بن أعين : إنما فرض اللّه عزوجل على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة ، منها صلاة واحدة فرضها اللّه عزوجل في جماعة وهي الجمعة ، ووضعها عن تسعة : عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين (5).

ص: 409


1- رواه الشيخ في التهذيب عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- الظاهر أن المعنى أن الرجل لما قام إلى رابعته توهم الامام أنه بقي عليه أيضا ركعة فأتى بركعة. ( مراد )
3- أي الرجل يأتي بتلك الركعة وبه يتم صلاته ولا يضره بطلان صلاة الامام بها ، ويمكن أن يراد بقضاء تلك الركعة ايتانه بها على قصد الانفراد وإذا ائتم به مع علمه بأنها خامسته فالظاهر حينئذ بطلان صلاته ، أما إذا سها في ذلك احتمل صحتها. ( مراد )
4- يحتمل أن يكون المراد أنه لا يضره وهم الامام لولا يقتدى به في الخامسة التي هي رابعته بل ينفرد. ( سلطان )
5- هذا الحديث دال بظاهره على وجوب الجمعة عينا فمن أثبت التخيير واشترط الامام أو نائبه فعليه الاثبات وادعى العلامة في التحرير الاجماع على انتفائه العيني وهذا الاجماع كالخبر فيحتاج مع التعارض إلى الترجيح وكلام المصنف هنا وفيما سبق ينادى بنفي الاجماع وكذا كلام المفيد في المقنعة ( الشيخ محمد ره ). و قال استاذنا الشعرانى- مدّ ظله العالى-: و فيه مواقع للنظر: الاوّل تمسّكه بظاهر الحديث و عدم تمسكه بالقرآن الكريم فان دلالة قوله تعالى« إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ-- فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ» أظهر جدّا بل صريح في الوجوب العينى. الثاني قوله:« فمن أثبت التخيير و اشترط الامام أو نائبه فعليه الاثبات» ليس ممّا ينكره أحد حتّى يستدل عليه بهذا الحديث و يفرعه بالفاء. الثالث قوله:« هذا الإجماع كالخبر» يريد به أن الإجماع المنقول بمنزلة خبر الواحد، و الارجح أن الإجماع المنقول ليس بحجّة لانّ خبر الواحد عن حسّ لا يشتبه على أكثر الناس غالبا و الإجماع يستنبط من قرائن دقيقة حدسيّة يحتاج الحدس منها الى مقدّمات يختلف الانظار فيها فاستنباط الإجماع اجتهاد لا يجب قبوله من مجتهد آخر. الرابع« كلام المصنّف يعنى ابن بابويه ينادى بنفى الإجماع» ففيه أن الصدوق رحمه اللّه لم يزد هنا على ايراد هذه الرواية و اظهار عدم الاعتماد عليها لتفرّد حريز عن زرارة به و اعتماده فيما يعتمد عليه من مضامين هذه الرواية على تأيّده بروايات أخر على ما يظهر منه و أمّا كلام المفيد في المقنعة فقال: و الشرائط التي تجب في من يجب معه الاجتماع أن يكون حرا بالغا طاهرا في ولادته مجنبا من الأمراض: الجذام و البرص خاصّة في جلدته، مسلما مؤمنا معتقدا للحق بأسره في ديانته، مصليا للفرض في ساعته فإذا كان كذلك و اجتمع معه أربعة نفر وجب الاجتماع- انتهى. و هذا لا ينافى كون وجوبه مشروطا بشرط آخر كنصب الامام الأصل إيّاه لصلاة الجمعة أو للاعمّ و لم يذكره المفيد- رحمه اللّه- لعلة لا نعلمها أو لانه لم ير التصريح بعدم صحّة نصب خليفة الوقت ايّاه مصلحة و عدم وجود الشرط في زمان كما إذا كان الامام غائبا لا ينافى وجوبها تعيينا في الأصل كسقوط الظهر عن الحائض. الخامس سلّمنا تصريحهما بنفى الإجماع لكن من نقل الإجماع على الاشتراط أكثر جدا- انتهى كلامه زاد اللّه تعالى في عمره. و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: اشتمل هذه الصحيحة على أحكام منها وجوب الجمعة عينا على كل مكلّف غير السبعة المستثناة بلفظة الفريضة المكرّرة مبالغة مع وجوبها تخييرا على السبعة فيظهر أن الوجوب على غيرهم من المكلّفين عينى، و منها وجوب الجماعة فيها و هو أيضا مجمع عليه و لا يصحّ منفردا، و لا شك في وجوب نية الايتمام، و منها رجحان الجهر بالقراءة و لا ريب فيه، و أمّا أنّه على الوجوب فغير معلوم و ان كان العمل عليه، و منها وجوب الغسل و الأظهر أن المراد بالوجوب تأكد الاستحباب، و منها القنوت مرتين و ظاهره الوجوب و حمل على الاستحباب-- المؤكد، و أمّا قوله« و تفرّد بهذه الرواية حريز عن زرارة» فمراده في أمر القنوت مرتين، و كونه في الركعة الأولى قبل الركوع و في الثانية بعده لمن صلى جماعة و من صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع، و اما الحكم الأخير فالظاهر أنه من المتفرّدات- انتهى.

ص: 410

و (1) القراءة فيها بالجهر والغسل فيها واجب [ و ] على الامام (2) فيها قنوتان قنوت في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الركعة الثانية بعد الركوع.

ومن صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع.

وتفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة.

والذي أستعمله وأفتى به ومضى عليه مشايخي - رحمة اللّه عليهم - هو أن القنوت في جميع الصلوات في الجمعة وغيرها في الركعة الثانية بعد القراءة وقبل الركوع. (3)

1221 - وقال زرارة : قلت له : على من يجب الجمعة؟ قال : تجب على سبعة

ص: 411


1- الخبر في الكافي ج 3 ص 419 والتهذيب ج 1 ص 251 إلى قوله : « على رأس فرسخين » وظاهر قول المصنف « وتفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة » كون التتمة من الحديث وفى الوسائل نقل تمامها من حديث حريز عن زرارة في تضاعيف الأبواب ، ولولا قول المصنف رحمه اللّه - « وتفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة » هنا لقلنا : قوله والقراءة فيها بالجهر - إلى آخره - « من كلام المصنف لكن رواه في الخصال ص 422 مسندا إلى قوله » بعد الركوع « وفى كون الرواية من متفردات حريز عن زرارة نظر لان صدرها مروية في الكافي والتهذيب من رواية أبي بصير ومحمد بن مسلم وسماعة وذيلها يعنى من قوله » ومن صلاها - الخ من رواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام كما في الاستبصار ج 1 ص 417 باب القنوت في صلاة الجمعة.
2- الظاهر أنه خبر تقدم على المبتدأ وهو القنوتان ، ويحتمل تعلقه بواجب وحينئذ يمكن الجمع بين ما دل على وجوب غسل الجمعة وما دل على عدم وجوبه بتخصيص الوجوب بالامام ، وفى بعض النسخ « وعلى الامام » بالواو. ( مراد )
3- ظاهره أن في الجمعة أيضا قنوتا واحدا في الثانية ، ويمكن ارجاعه إلى أن القنوت في الثانية أيضا قبل الركوع كما أنه في الأولى كذلك. ( مراد )

نفر من المسلمين. ولا جمعة (1) لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الامام. فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم.

1222 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إنما وضعت الركعتان اللتان أضافهما النبي صلى اللّه عليه وآله يوم الجمعة للمقيم لمكان الخطبتين مع الامام ، فمن صلى يوم الجمعة في غير جماعة فليصلها أربعا كصلاة الظهر في سائر الأيام ». (2)

1223 - وقال عليه السلام : « وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس ، ووقتها في السفر والحضر واحد وهو من المضيق ، وصلاة العصر يوم الجمعة في الأولى في سائر الأيام ». (3)

ص: 412


1- قال الفاضل التفرشي : لعله من كلام المؤلف. أقول : سمعت بعض الفضلاء المحققين من تلامذة الحاج آقا حسين البروجردي - قدس سره - نقل عنه أنه قال : من قوله « فإذا اجتمع سعة - إلى قوله - وخطبهم » كان من قوله المصنف. وقال سلطان العلماء - رحمه اللّه - : لم يذكر حكم الخمسة فيحتمل أنه متردد فيه ، أو يقول باستحباب الجمعة حينئذ كما قال به الشيخ - رحمه اللّه - في الاستبصار ، أو التخيير حينئذ ، أو يحمل السبعة على كمالها لا أنه أقل المراتب لكن تنافيه رواية محمد بن مسلم ، وهي الآتية تحت رقم 1224.
2- هذا ذيل الخبر الذي رواه المصنف عن زرارة تحت رقم 600 باب فرض الصلاة.
3- يحتمل أن يكون ذيل هذه المرسلة مأخوذا من رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام المروية في التهذيب ج 1 ص 249 قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ان من الأمور أمورا مضيقة وأمورا موسعة وان الوقت وقتان ، الصلاة مما فيه السعة فربما عجل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وربما أخر الا صلاة الجمعة فان صلاة الجمعة من الأمور المضيق إنما لها وقت واحد حين تزول ، ووقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الأيام ». وقال سلطان العلماء : قوله : « يوم الجمعة ساعة » كأنه أطلق على الأعم من صلاة الظهر يوم الجمعة وصلاة الجمعة ولهذا قال : وقتها في السفر والحضر واحد. وقوله : « في وقت الأولى » أي وقت صلاة الظهر لعدم النافلة يوم الجمعة بعد الظهر مقدما على الفرض فوقعت صلاة الجمعة موقع نافلة الظهر ، والعصر موقع الظهر - ا ه. وقال الفاضل التفرشي : قوله « وصلاة العصر يوم الجمعة في وقت الأولى » أي المفروض الأول وهو الظهر وذلك أن وقت الظهر أول الزوال وتأخيره في ساير الأيام لمكان النافلة قبله ، والنافلة في يوم الجمعة قبل الزوال فيخلص الزوال للظهر ، ولما كان العصر بعد الظهر من دون أن يتقدم عليه نافلة أيضا فلا جرم يصير في وقت الظهر في سائر الأيام.

1224 - وروى عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا بأس أن تدع الجمعة في المطر ». (1)

1225 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « تجب الجمعة على سبعة نفر من المؤمنين ولا تجب على أقل منهم : الامام وقاضيه ، ومدعي حق ، وشاهدان والذي يضرب الحدود بين يدي الامام ». (2)

ص: 413


1- الأحوط أن لا يتركها الا مع المشقة الشديدة ، ويدل بالمفهوم على وجوب الجمعة ، ولا ريب أن المنفى الوجوب العيني والتخيير بحاله. (م ت)
2- جمع ابن بابويه والشيخ أبو جعفر الطوسي - رحمهما اللّه - هذا الخبر مع خبر الخمسة بالحمل على الوجوب العيني في السبعة والوجوب التخييري في الخمسة وهو حمل حسن ، ويكون معنى قوله « لا يجب على أقل منهم » نفى الوجوب العيني لا مطلق الوجوب وقال في التذكرة الرواية ليست ناصة في المطلوب لان الأقل من السبعة قد يكون أقل من الخمسة فيحمل عليه جمعا بين الأدلة. وقال الشهيد في الذكرى بعد نقل هذا الكلام : فيه بعد لأنه خلاف الظاهر ولان « أقل » نكرة في سياق النفي فيعم - ا ه. وقال المولى المجلسي : الظاهر أن المراد منه بيان وجه الحكمة في الاحتياج إلى السبعة كما ذكره جماعة من الأصحاب لان الاجتماع مظنة التنازع فكل اجتماع فيه تنازع لابد فيه من المدعى والمدعى عليه ولابد من امام يرفع إليه ومن شاهدين يشهدان على الحق ولو عرض للامام عذر فلابد من نائبه ولو تعدى أحد المدعيين على الاخر واستحق الحد أو التعزير فلابد ممن يضر الحدود ، وحكمة الاكتفاء بالخمسة أن عروض العذر واستحقاق الحد نادر ، ولا دلالة فيه على اشتراط الإمام عليه السلام كما أنه لا يشترط البواقي اجماعا ولو قيل بالاشتراط فإنما مع حضوره. أقول: قد وردت روايات في أن الجمعة من مناصب الإمام عليه السلام كالخبر المروى في دعائم الإسلام ج 1 ص 184« عن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّه كان يشهد الجمعة مع ائمة الجور و لا يعتد بها و يصلى الظهر لنفسه». و عن جعفر بن محمّد عليهما السلام أنه قال: لا جمعة الا مع امام عدل تقى». و عن عليّ عليه السلام أنّه قال:« لا يصلح الحكم و لا-- الحدود و لا الجمعة الا بامام». و في الاشعثيات ص 42 مسندا عن جعفر بن محمّد عن آبائه عن على عليهم السلام قال:« لا يصلح الحكم و لا الحدود و لا الجمعة الا بامام و في المحكى عن رسالة الفاضل ابن عصفور مرسلا عنهم عليهم السلام« ان الجمعة لنا و الجماعة لشيعتنا» و كذا روى عنهم عليهم السلام« لنا الخمس و لنا الأنفال و لنا الجمعة و لنا صفو المال» و في النبوى« ان الجمعة و الحكومة لامام المسلمين». و في الصحيفة السجّادية في دعاء الجمعة و الأضحى« اللّهمّ ان هذا المقام لخلفائك و أصفيائك و مواضع امنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها، قد ابتزوها و أنت المقدر لذلك- الى أن قال:- حتى عاد صفوتك و خلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدلا- الى أن قال- اللّهمّ العن أعداءهم من الاولين و الآخرين و من رضى بفعالهم و أشياعهم لعنا وبيلا». و هذه الروايات مع تأييدها بفتاوى العلماء تكون حجّة في اشتراط حضور الامام أو نائبه أو من نصبه. و أورد عليه اشكالات و سيأتي الكلام فيه.

1226 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن تمضي ساعة (1) فحافظ عليها ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : لا يسأل اللّه عزوجل عبد فيها خيرا إلا أعطاه ».

وقال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : إن استطعت أن تصلي يوم الجمعة إذا طلعت الشمس ست ركعات ، وإذا انبسطت ست ركعات وقبل المكتوبة ركعتين و بعد المكتوبة ست ركعات فافعل.

وفي نوادر أحمد بن محمد بن عيسى « وركعتين بعد العصر ».

ص: 414


1- يمكن الاستدلال به على أن مضى الساعة وهو انتهاء وقتها وفى أكثر الأوقات يكون قدر القدمين ساعة مستقيمة فيكون موافقا لما فهم من حديث زرارة فتدبر. وقال الفاضل التفرشي : أي ما بعد ساعة في العرف وهو زمان قليل تختلف باختلاف المقامات وفى الصحاح الساعة الوقت الحاضر ، وأما الحمل على معناها في عرف المنجمين فليس ما يدل عليه فيحمل هنا على الزمان الحاضر الذي تسع الصلاة - ا ه. وقال المولى المجلسي : أي يمكن الابتداء به إلى مضى الساعة وهو انتهاء وقته وفى أكثر الأوقات يكون قدر القدمين ساعة ، ويمكن أن يكون المراد بالساعة القدمين أو الساعة العرفية ، فحافظ على هذه الساعة بايقاع الصلاة فيها.

وإن قدمت (1) نوافلك كلها في يوم الجمعة قبل الزوال أو أخرتها إلى بعد المكتوبة فهي ست عشرة ركعة ، وتأخيرها أفضل من تقديمها ، فإذا زالت الشمس في يوم الجمعة فلا تصل إلا المكتوبة ، وقرأ في صلاة العشاء الآخر ليلة الجمعة سورة الجمعة وسبح اسم ربك [ الاعلى ] وفي صلاة الغداة والظهر والعصر سورة الجمعة والمنافقين ، فإن نسيتهما أو واحدة منهما في صلاة الظهر وقرأت غيرهما ثم ذكرت فارجع إلى سورة الجمعة والمنافقين ما لم تقرأ نصف السورة ، فإذا قرأت نصف السورة فتتم السورة وجعل الركعتين (2) نافلة وسلم فيهما ، وأعد صلاتك بسورة الجمعة والمنافقين ، ولا بأس بأن تصلي العشاء والغداة والعصر بغير سورة الجمعة والمنافقين إلا أن الفضل في أن تصليها بالجمعة والمنافقين. ومن أراد أن يقرأ في صلاته بسورة فقرأ غيرها فليرجع إليها إلا أن تكون السورة قل هو اللّه أحد فلا يرجع منها إلى غيرها إلا يوم الجمعة في صلاة الظهر فإنه يرجع منها إلى سورة الجمعة والمنافقين ، وما روي من الرخص في قراءة غير الجمعة والمنافقين في صلاة الظهر يوم الجمعة فهي للمريض والمستعجل والمسافر.

1227 - وروى صفوان ان ابن يحيى ، عن علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجمعة في السفر ما أقرأ فيهما؟ قال : اقرأ فيهما قل هو اللّه أحد ». (3)

ص: 415


1- قال الفاضل التفرشي : هذا من كلام المؤلف - رحمه اللّه - بين به مختاره بعد ما بين مختار أبيه ومختار أحمد بن محمد بن عيسى - رضي اللّه عنهم - أقول : والظاهر أنه من تتمة كلام أبيه كما فهمه الشهيد في الذكرى حيث قال في قوله « فهي ست عشرة ركعة » يلوح من كلام ابن بابويه أن النافلة ست عشرة ركعة لا غير كسائر الأيام وتفصيلها السالف ينافيه إذ هو عشرون ، ويمكن حمله على أن العشرين وظيفة من فرق ذلك التفريق والست عشر لمن قدم الجميع قبل الزوال أو أخر الجميع إلى ما بعده.
2- فتضم إليها ركعة ان كانت الركعة المفروضة هي الركعة الأولى. ( مراد )
3- يدل على رجحان الجمعة في السفر الا أن يأول بالظهر كما ورد من اطلاق كل منهما على الأخرى ، وعلى استحباب قراءة التوحيد في الركعتين ، وربما كان الوجه تخفيف التكليف في السفر ، ويمكن الحمل على الجواز مع الكراهة لما رواه الكليني ج 3 ص 426 في الحسن كالصحيح عن عمر بن يزيد قال : « قال أبو عبد اللّه عليه السلام : من صلى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في سفر أو حضر » وروى « لا بأس في السفر أن يقرأ بقل هو اللّه أحد ».

1228 - وروى جعفر بن بشير : وعبد اللّه بن جبلة ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سمعته يقول في صلاة الجمعة : لا بأس أن تقرأ فيها بغير الجمعة والمنافقين إذا كنت مستعجلا ». (1)

وغسل يوم الجمعة من وقت طلوع الفجر إلى أن تزول الشمس وهو سنة واجبة ويبدأ فيها بالوضوء. (2)

1229 - و « كان موسى بن جعفر عليه السلام يتهيأ يوم الخميس للجمعة ». (3)

1230 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « وقت الجمعة زوال الشمس ووقت صلاة الظهر في السفر زوال الشمس ووقت العصر يوم الجمعة في الحضر نحو من وقت الظهر في غير يوم الجمعة ».

1231 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا كلام والامام يخطب ، ولا التفات ألا كما

ص: 416


1- ظاهره الاستحباب فان الاستعجال لا يصير سببا لسقوط الواجب. (م ت)
2- لا منافاة بينهما إذ ليس المراد بالسنة هو المندوب المقابل للواجب بل ما ثبت بالسنة سواء كان ذكر الواجب لإفادة معناه أو ليفيد تأكيد الاستحباب. وقوله : « يبدأ فيها بالوضوء » إن كان الضمير راجعا إلى الجمعة فالمراد استحباب تقديم الوضوء على الغسل ليرد الطهر على الطهر وكان ذلك تكريما لغسل الجمعة ، سواء كان الوضوء واجبا أو مندوبا فان رجع إلى السنة الواجبة وهو الغسل فالظاهر أنه حينئذ من متمماته كما في غسل غير الجنابة فكما أن مجموع الغسل والوضوء في غير غسل الجنابة يرفع النجاسة الحكمية المانعة من دخول الصلاة عن بدن المغتسل كذلك هنا مجموع الطهارتين يوجب التنزه عما عرض الانسان من ارتكاب معصية أو عمل لا يليق بجناب القدس ولا يرتفع ذلك على الوجه الأكمل الا بهما. ( مراد ).
3- الظاهر المراد تقديم بعض المستحبات مثل تطهير اللباس وحلق الرأس وتقليم الأظفار وأخذ الشارب وكل ما لو أخره لاشتغل به يوم الجمعة عن العبادة.

يجعل في الصلاة (1) وأنما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين ، جعلتا مكان الركعتين الأخيرتين ، فهي (2) صلاة حتى ينزل الامام ». (3)

1232 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس أن يتكلم الرجل إذ فرغ الامام من الخطبة يوم الجمعة ما بينه وبين أن تقام الصلاة (4) وإن سمع القراءة أو لم يسمع أجزاه ».

1233 - وروى سماعة عنه عليه السلام أنه قال : « صلاة [ يوم ] الجمعة مع الامام ركعتان فمن صلى وحده فهي أربع ركعات ». (5)

ص: 417


1- أي من الالتفات القليل الغير المبطل للصلاة وكذلك الخطبة ( سلطان ) والظاهر أن ذلك بالنسبة إلى المأمومين. ( مراد )
2- أي الخطبة كالصلاة فيشترط فيها ما يشترط في الصلاة الا ما أخرجه الدليل ( مراد ) وقال سلطان العلماء : مثل ذلك في صحيحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام وفيها دلالة على أن الخطيب لابد أن يكون متطهرا كما ذهب إليه الشيخ في الخلاف [ والمبسوط ]. وبيان ذلك أن الحقيقة غير مرادة قطعا فيصار إلى أقرب المجازات وهو مساواتها للصلاة في جميع الأحكام. واعترض عليه العلامة في المختلف بوجوه أحدها أنه يحتمل ارجاع ضمير « هي » إلى الجمعة. الثاني أن المشابهة لا يلزم أن يكون في الطهارة لاحتمالها بوجه آخر. الثالث أنه يحتمل أن يكون المراد بالصلاة معناها اللغوي أي الدعاء نقل ذلك المحقق الشيخ على في شرح القواعد ثم رده. أقول : اختار العلامة في منتهى المطلب وجوب الطهارة وكذا ابنه فخر المحققين في الايضاح.
3- قوله « حتى » غاية للخطبتين أي نهاية الخطبتين نزول الامام.
4- الخبر في الكافي ج 3 ص 421 هكذا « قال عليه السلام : إذا خطب الامام يوم الجمعة فلا ينبغي لاحد أن يتكلم حتى يفرغ الامام من خطبته وإذا فرغ الامام من الخطبتين تكلم ما بينه وبين أن تقام الصلاة - الحديث ». ويدل على أن الخطبة قبل الصلاة خلافا للمؤلف لما سيأتي عنه في آخر الباب.
5- الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم أو قوى بعثمان بن عيسى وقوله « صلاة يوم الجمعة » أي صلاة ظهر يوم الجمعة والحكم فيها إذا كان امام يخطب فركعتان وإذا لم يكن فأربع ركعات ولو صليت جماعة ، كما فسره الكليني في الكافي ج 3 ص 421.

1234 - وروى حماد بن عثمان ، عن عمران الحلبي قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يصلي الجمعة أربع ركعات (1) أيجهر فيها بالقراءة؟ (2) قال : نعم والقنوت في الثانية ».

وهذه رخصة الاخذ بها جائز والأصل أنه إنما يجهر فيها إذا كانت خطبة (3) فإذا صلاها الانسان وحده فهي كصلاة الظهر في سائر الأيام يخفي فيها القراءة وكذلك في السفر (4) من صلى الجمعة جماعة بغير خطبة جهر بالقراءة وإن أنكر ذلك عليه (5) وكذلك إذا صلى ركعتين بخطبة في السفر جهر فيها. (6)

1235 - وروى الفضل بن عبد الملك (7) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أدرك الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة (8) وإن فاتته فليصل أربعا ». (9)

ص: 418


1- الطريق صحيح ويدل على اطلاق الجمعة على ظهر يوم الجمعة.
2- لفظة « القراءة » قرينة على كون المراد الركعتين الأولتين لتعينهما للقراءة
3- أي هناك فكانت الصلاة ركعتين. ( مراد )
4- أي يجهر فيها رخصة. ( مراد )
5- في التهذيبين باسناده عن محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال : قال لنا : صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة واجهروا بالقراءة ، فقلت انه ينكر علينا الجهر بها في السفر؟ فقال : اجهروا بها.
6- لعل المراد كون الركعتين مقرونتين بخطبة لا من حيث هما بشرائط الجمعة ، و حاصله أنها إذا صليت في السفر كانت ركعتين لوجوب القصر ، فهي من حيث هي ظهر يجهر فيها رخصة سواء خطب مع الركعتين أم لا ، وأما حمل السفر على سفر فيه يقام عشرة أيام ففيه أن مثله في حكم الحضر كان الجهر واجبا على تقدير الخطبة ولم يكن مما يجهر فيها رخصة كما يفهم من ظاهر العبارة. ( مراد )
7- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة.
8- يدرك المأموم الجمعة بادراك الركوع اجماعا وبادراكه في الركوع على الأصح سواء أدى واجب الذكر أم لا. ( الذكرى )
9- يدل على ادراك الجمعة بادراك الامام قبل الركوع وعلى عدم ادراكها بعد الركوع ويؤيده حسنة الحلبي الآتية ويمكن بالتخيير لعموم الأخبار الصحيحة المتقدمة في ادراك الصلاة بادراك الركور. وأما ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن الصادق عليه السلام قال « في الجمعة لا تكون الا لمن أدرك الخطبتين » فمحمول على نفى الكمال جمعا بين الاخبار ، ويمكن أن يكون هذا الحكم من خصوصيات الجمعة. (م ت)

1236 - وروى الحلبي عنه عليه السلام أنه قال : « إذا أدركت الامام قبل أن يركع الركعة الأخيرة أدركت الصلاة. وإن أدركته بعد ما ركع فهي أربع بمنزلة الظهر ». (1)

1237 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج (2) عن أبي الحسن عليه السلام « في رجل صلى في جماعة يوم الجمعة فلما ركع الامام ألجأه الناس إلى جدار أو أسطوانة فلم يقدر على أن يركع ولا [ أن ] يسجد حتى يرفع القوم رؤوسهم أيركع ثم يسجد ويلحق بالصف وقد قام القوم أم كيف يصنع؟ فقال : يركع ويسجد ، ثم يقوم في الصف ولا بأس بذلك ».

1238 - وروى سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في رجل أدرك الجمعة وقد ازدحم الناس فكبر مع الامام وركع ولم يقدر على السجود وقام الامام والناس في الركعة الثانية وقام هذا معهم ، فركع الامام فلم يقدر هذا على الركوع في الركعة الثانية من الزحام وقدر على السجود كيف يصنع؟ فقال : أما الركعة الأولى فهي إلى عند الركوع تامة فلما لم يسجد لها حتى دخل في الركعة الثانية لم يكن له ذلك (3) فلما سجد في الثانية إن كان نوى هاتين السجدتين للركعة الأولى فقد تمت له الأولى ، فإذا سلم الامام قام فصلى ركعة فيسجد بها ثم

ص: 419


1- أي بمنزلة في سائر الأيام. ( مراد )
2- في طريقه أحمد بن محمد بن يحيى العطار ولم يوثق صريحا الا أنه يكون من مشايخ الإجازة ( جامع الرواة ) وعند العلامة الطريق صحيح.
3- أي الركوع مع الامام وان قدر عليه لئلا يتكرر عليه الركوع ، نعم لو كان قد سجد السجدتين للأولى عند قيام الامام إلى الثانية كان له أن يركع مع الامام في الثانية ، كما إذا منع من الركوع والسجود حتى يرفع القوم رؤوسهم فركع وسجد ولحق بالصف كما مر ( مراد )

تشهد وسلم ، وإن كان لم يكن ينوي السجدتين للركعة الأولى لم تجز عنه الأولى ولا الثانية وعليه أن يسجد سجدتين وينوي أنها للركعة الأولى (1) وعليه بعد ذلك ركعة تامة يسجد فيها ».

1239 - وروى ربعي بن عبد اللّه ، وفضيل بن يسار (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى ». (3)

1240 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه أنه قال : « إن اللّه تبارك وتعالى لينادي ليلة جمعة من فوق عرشه من أول الليل إلى آخره : ألا عبد مؤمن يدعوني

ص: 420


1- إنما وجب أن ينوى بهما الأولى دون باقي السجدات لتخالف سجدتي وسجدتي امامه ولو نوى بهما للركعة الثانية بطلت صلاته على المشهور لمكان الزيارة ، وحكم المرتضى والشيخ في أحد قوليه بعدم البطلان بذلك وبحذفهما ويأتي بسجدتين للأولى لرواية حفص بن غياث والرواية ضعيفة السند بحفص والزيادة عمدا مبطلة فالبطلان أوجه. ومال الشهيد في - الذكرى إلى العمل بمضمونها لشهرتها وعدم وجود ما ينافيها في هذا الباب وزيادة السجود يغتفر من المأموم إذا سجد قبل امامه ، ونقل عن الشيخ جواز الاعتماد على كتاب حفص ، ولو سجد مع الامام والحال هذه من غير نية للأولى ولا الثانية فقولان أيضا أوضحهما الصحة حملا للاطلاق على ما في ذمته فان لا يجب لكل فعل من أفعال الصلاة نية وإنما يعتبر للمجموع النية أولها واختار العلامة (رحمه الله) البطلان محتجا بأن أفعال المأموم تابعة لامامه لكن الرواية تدل على الاطراح هنا أيضا ( روض الجنان ) وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - قوله « وينوى أنها للركعة الأولى » يدل على اشتراط النية في السجدتين أنهما للأولى وانه إذا لم ينوهما يسقطهما ويسجد أخراوين لها والمشهور البطلان لزيادة الركن والاحتياط الاتمام والإعادة ظهرا - ا ه. ونقل العلامة المجلسي - رحمه اللّه - في المرآة عن بعض الأفاضل أنه قال : « قوله : وان لم يكن ينوى - الخ » كلام تام. وقوله : « وعليه أن يسجد » كلام مستأنف مؤكد لما تقدم ويصير التقدير أنه ليس له أن ينوى انها للركعة الثانية فان نواها لها لم يسلم له الأولى والثانية بل عليه أن يسجد سجدتين ينوى بهما الأولى لا يعد السجود للثانية.
2- ويأتي تحت رقم 1286.
3- ظاهره عدم مشروعية صلاة الجمعة والعيدين في السفر وحمل على عدم وجوب الحضور ، روى المؤلف في ثواب الأعمال ص 59 بسند صحيح عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام أنه قال : « أيما مسافر صلى الجمعة رغبة فيها وحبا لها أعطاه اللّه أجر مائة جمعة للمقيم ».

لآخرته ودنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه؟ ألا عبد مؤمن يتوب إلي من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب عليه؟ ألا من مؤمن قد قترت عليه رزقه (1) يسألني الزيادة في رزقه قبل طلوع الفجر فأوسع عليه ألا عبد [ مؤمن ] سقيم يسألني أن أشفه قبل طلوع الفجر فأعطيه؟ ألا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن أطلقه من حبسه فاخلي سربه (2)؟ ألا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن آخذ له بظلامته (3) قبل طلع الفجر فأنتصر له وآخذ له بظلامته؟ قال : فما يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر ».

1241 - وروى عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني - رضي اللّه عنه - عن إبراهيم بن أبي محمود قال : قلت للرضا عليه السلام يا ابن رسول اللّه ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أنه قال : إن اللّه تبارك وتعالى ينزل في كل ليلة جمعة إلى السماء الدنيا؟ فقال عليه السلام : لعن اللّه المحرفين الكلم عن واضعه واللّه ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ذلك إنما قال عليه السلام : إن اللّه تبارك وتعالى ينزل ملكا إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير وليلة الجمعة في أول الليل فيأمره فينادي (4) هل من سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ يا طالب الخير أقبل ، ويا طالب الشر أقصر (5) فلا يزال ينادي حتى يطلع الفجر ، فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء ، حدثني بذلك أبي عن جدي ، عن آبائه ، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.

1242 - وروى أنه « ما طلعت الشمس في يوم أفضل من يوم الجمعة ». (6)

ص: 421


1- قتر على عياله قترا وقتورا : ضيق عليهم في النفقة وكذلك التقتير والاقتار.
2- السرب - بالفتح والكسر - : الطريق والبال والقلب. ( القاموس )
3- الظلامة والظليمة والمظلمة : ما تطلبه عند الظالم وهو اسم ما أخذ منك ( الصحاح )
4- أي من عند اللّه عزوجل فلذا يقول : فأعطيه بصيغة التكلم فيرجع معنى الحديثين إلى أمر واحد. ( مراد )
5- أي كف عن الشر ، وفى الصحاح أقصرت عنه كففت ونزعت مع القدرة عليه فان عجزت قلت : قصرت بلا ألف. ( مراد )
6- رواه الكليني ج 4 ص 413 مسندا عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام.

وكان (1) اليوم الذي نصب فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام بغدير خم يوم الجمعة ، وقيام القائم عليه السلام يكون في يوم الجمعة ، وتقوم القيامة في يوم الجمعة يجمع اللّه فيها الأولين والآخرين قال اللّه عزوجل : « ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ».

1243 - وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول يعقوب لبنيه : « سوف أستغفر لكم ربي » قال أخرها إلى السحر ليلة الجمعة ».

1244 - وروى أبو بصير عن أحدهما عليهما السلام قال : « إن العبد لمؤمن ليسأل اللّه جل جلاله الحاجة فيؤخر اللّه عزوجل قضاء حاجته إلى يوم الجمعة. ليخصه بفضل يوم الجمعة ». (2)

1245 - وروى داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزوجل » وشاهد ومشهود « قال : الشاهد يوم الجمعة ». (3)

1246 - وروى المعلى بن خنيس عنه عليه السلام أيضا أنه قال : « من وافق منكم (4) يوم الجمعة فلا يشتغلن بشئ غير العبادة فإن فيها يغفر للعباد وتنزل عليهم الرحمة ».

ص: 422


1- من هنا كلام المصنف ظاهرا وأخذه من الاخبار ، وروى في الخصال ص 394 بمضمونه خبرا.
2- رواه الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب ج 1 ص 246 إلى قوله « إلى يوم الجمعة ».
3- في القاموس : الشاهد : من أسماء النبي صلى اللّه عليه وآله ، واللسان ، والملك ، ويوم الجمعة ، والنجم ، وصلاة الشاهد : صلاة المغرب ، والمشهود : يوم الجمعة أو يوم القيامة أو عرفة - انتهى وقال الفاضل التفرشي : هذا لا ينافي ما مر آنفا من جعل يوم الجمعة مشهودا لان شهود الناس ليوم الجمعة يستلزم شهود يوم الجمعة لهم فكل واحد شاهد باعتبار مشهود باعتبار آخر.
4- أي اتفق وجوده فيه أو وافقه في الفرصة والفراغ ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي أي اتفق وجوده فيه لم يمت قبل ذلك أو وافقه في صحة العبادة أي كما أن اليوم صالح لان يعبد فيه هو أينما كان صالحا لان يعبد بأن يكون في صحة خاليا من المرض المانع للعبادة وغيره من الموانع.

1247 - وروى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : « ليلة الجمعة ليلة غراء ويومها يوم أزهر (1) من مات ليلة الجمعة كتب [ اللّه ] له براءة من ضغطة القبر ومن مات يوم الجمعة كتب اللّه له براءة من النار ».

1248 - وروى هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يريد أن يعمل شيئا من الخير مثل الصدقة والصوم ونحو هذا ، قال : يستحب أن يكون ذلك يوم الجمعة فإن العمل يوم الجمعة يضاعف ».

1249 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أطرفوا (2) أهلكم كل يوم جمعة بشئ من الفاكهة واللحم حتى يفرحوا بالجمعة ».

1250 - وفي روية إبراهيم بن أبي البلاد ، عن زرارة (3) ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من أنشد بيت شعر يوم الجمعة فهو حظه من ذلك اليوم (4) ».

1251 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إذا رأيتم الشيخ يحدث يوم الجمعة بأحاديث

ص: 423


1- الغراء : البيضاء من كل شئ. الزهرة - بالضم - : البياض والحسن ، وقد زهر  - كفرح وكرم - وهو أزهر. ( القاموس )
2- أطرف فلان إذا جاء بطريفة ، يعنى اشتروا لهم من الفاكهة واللحوم التي تكون طرفة أي حسنة غير معتادة في سائر الأيام. (م ت)
3- في بعض النسخ وكتاب الخصال للمؤلف عن إبراهيم بن أبي البلاد عمن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام. لكن نقله العلامة - رحمه اللّه - في المنتهى من حديث زرارة.
4- ظاهره انحصار حظه وثوابه فيه فلم يكن له حظ مما يعمل فيه من الأعمال الصالحات وهذا يشعر بالاحباط فالكلام محمول على المبالغة أي أتى بفعل يشبه ما يحبط الأعمال ( مراد ) وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : يدل على كراهية الشعر وربما يحمل على الشعر الباطل والترك مطلقا أولى.

الجاهلية (1) فارموا رأسه ولو بالحصى » (2).

1252 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من قال في آخر سجدة من النافلة بعد المغرب ليلة الجمعة وإن قاله كل ليلة فهو أفضل (3) : « اللّهم إني أسألك بوجهك الكريم واسمك العظيم أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تغفر لي ذنبي العظيم » سبع مرات انصرف وقد غفر له ، قال : وقال عليه السلام : إذا كانت عشية الخميس وليلة الجمعة تنزلت الملائكة من السماء ومعها أقلام ذهب وصحف الفضة لا يكتبون عشية الخميس [ و ] ليلة الجمعة ويوم الجمعة إلى أن تغيب الشمس إلا الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله » (4).

1253 - و « يكره السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة بكرة من أجل الصلاة فأما بعد الصلاة فجائز يتبرك به » (5) ورد ذلك في جواب السري عن أبي الحسن علي ابن محمد عليهما السلام.

1254 - وسأل أبو أيوب الخزاز أبا عبد اللّه عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل :  فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابغوا من فضل اللّه » قال : الصلاة يوم الجمعة

ص: 424


1- أي أخبار الكفرة وبيان أحوالهم مما لا موعظة فيه ، أو بأحاديث كانوا يتذاكرون بها قبل البعثة ( مراد ) والظاهر أن المراد القصص والاخبار الكاذبة أو الإسرائيليات.
2- أي لو أمكنكم الرمي بأعظم منه فارموه به وان لم يوجد غير الحصى فارموه بها ويمكن إرادة العكس ، هذا مع الامن من الضرر كما هو شرط النهى عن المنكر (م ت) و أقوال هنا في الخصال ص 393 من رواية إبراهيم بن أبي البلاد.
3- اعتراض بين المبتدء وهو « من قال » وبين الخبر وهو « انصرف » ( مراد )
4- يعنى أنهم لا يكتبون غير ذلك فلا ينافي كتابة غيرهم سائر العبادات (م ت) والحاصل أن نزولهم لكتب ثواب الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله فحسب. ( مراد )
5- أي بايقاع السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة أي يجعل ذلك مباركا ذا نفع كثير بسبب ايقاعه في يوم الجمعة ( مراد ) أقول رواه المؤلف - رحمه اللّه - في الخصال ص 395 في ذيل خبر رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

والانتشار يوم السبت.

1255 - وقال عليه السلام : « السبت لبني هاشم والأحد لبني أمية فاتقوا أخذ الأحد » (1).

1256 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : اللّهم بارك لامتي في بكورها يوم سبتها وخميسها.

1257 - وقال الرضا عليه السلم : « ينبغي للرجل أن لا يدع أن يمس شيئا من الطيب في كل يوم فإن لم يقدر فيوم ويوم [ لا ] (2) ، فإن لم يقدر ففي كل جمعة لا يدع ذلك ».

1258 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا كان يوم الجمعة ولم يصب طيبا دعا بثوب مصبوغ بزعفران فرش عليه الماء ، ثم مسح بيده ، ثم مسح به وجهه ».

ويستحب أن يعتم الرجل يوم الجمعة وأن يلبس أحسن ثيابه وأنظفها

ص: 425


1- أي أخذه متبركا ، أو أخذ الأشياء في يوم الأحد ( سلطان ) ويمكن أن يكون من قبيل ضرب اليوم أي الاخذ الواقع في الأحد. ( مراد ) أقول: هذا الخبر ينافى ما رواه المؤلّف في الخصال ص 383 بإسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:« يوم الجمعة يوم عبادة فتعبدوا اللّه عزّ و جلّ، و يوم السبت لآل محمّد عليهم السلام، و يوم الاحد لشيعتهم، و يوم الاثنين يوم بنى أميّة- الخ». و ما فيه أيضا ص 394 باسناد صحيح عن ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:« السبت لنا، و الاحد لشيعتنا، و الاثنين لاعدائنا، و الثلثاء لبنى أميّة- الخ» و قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- في البحار قوله:« لاعدائنا» أي لجميع المخالفين و ان كان بنو أميّة منهم، و الثلثاء لخصوصهم و شيعتهم.
2- في بعض النسخ بدون « لا » لكن في الخصال ص 392 والكافي ج 6 ص 510 « فيوم ويوم لا » وقال الفاضل التفرشي : يمكن القول بتقدير « لا » في النسخ التي ليس فيها. أو المعنى ففي يوم وفى يوم بعد ذلك اليوم بفاصلة.

ويتطيب فيدهن بأطيب دهنه (1).

1259 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « إذا كان بين القريتين ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمع هؤلاء وهؤلاء (2) ولا يكون بين الجمعتين أقل من ثلاثة أميال » (3).

1260 - وقال عليه السلام إن الملائكة المقربين يهبطون في كل يوم جمعة معهم قراطيس الفضة وأقلام الذهب فيجلسون على كل أبواب المساجد على كراسي من

ص: 426


1- في الخصال والكافي ج 6 ص 510 من حديث أبي عبد اللّه عليه السلام « الجمعة للتنظف والتطيب » وفيه عنه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله « ليتطيب أحدكم يوم الجمعة ولو من قارورة امرأته » وفى مرفوعة يعقوب بن يزيد عنه عليه السلام « فلا تدع الطيب في كل جمعة ».
2- في النهاية : جمعت - بالتشديد - أي صليت يوم الجمعة. وفى نسخة من الكتاب وفى التهذيب والكافي « يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء » من باب التفعيل أيضا.
3- المشهور أنه على الحرمة وقيل بالكراهة لعدم دلالة الخبر على الحرمة صريحا فان النهى لا سيما في الاخبار أعم من الحرمة مع قطع النظر عن طريق الصدوق إلى محمد بن مسلم فان فيه جهالة لكن رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام (م ت) راجع الكافي ج 3 ص 419. وقال صاحب المدارك - رحمه اللّه - :  أجمع علماؤنا على اعتبار وحدة الجمعة بمعنى أنه لا يجوز إقامة جمعتين بينهما أقل من فرسخ سواء كانتا في مصر واحد أو مصرين فصل بينهما نهر عظيم كدجلة أم لا ولم يعتبر غيرهم الفرسخ ، لكن اختلفوا فقال الشافعي ومالك : لا تجمع في بلدة وان عظم الا في مسجد واحد وأجازه أبو حنيفة في موضعين استحسانا ، وأجاز بعضهم التعدد في البلد ذي الجانبين إذا لم يكن بينهما جسر ، وقال أحمد : إذا كبر البلد وعظم كبغداد والبصرة جاز أن تقام فيه جمعتان وأكثر مع الحاجة ولا يجوز مع عدمها - إلى أن قال - : قيل : ويعتبر الفرسخ من المسجد ان صليت في مسجد والا فمن نهاية المصلين ، ويشكل الحكم فيما لو كان بعضهم بحيث لا يبلغ بعده عن موضع الأخرى النصاب دون من سواهم وتم العدد بغيرهم فيحتمل بطلان صلاتهم خاصة لانعقاد صلاة الباقي باستجماعهما شرائط الصحة أو بطلان الجمعتين من رأس لانتفاء الوحدة ولعل الأول أقرب.

نور فيكتبون من حضر الجمعة الأول والثاني والثالث حتى يخرج الامام ، فإذا خرج الامام (1) طووا صحفهم.

1261 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أتى الجمعة إيمانا واحتسابا استأنف العمل » (2).

1262 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا يشرب أحدكم الدواء يوم الخميس فقيل : يا أمير المؤمنين ولم [ ذلك ]؟ قال : لئلا يضعف عن إتيان الجمعة ».

1263 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « كل واعظ قبلة [ للموعوظ ] وكل موعظ قبلة للواعظ » (3).

يعني في الجمعة والعيدين وصلاة الاستسقاء.

1264 - وخطب أمير المؤمنين عليه السلام في الجمعة فقال :

الحمد لله الولي الحمد الحكيم المجيد ، الفعال لما يريد علام الغيوب ، وخالق الخلق ، ومنزل القطر ، ومدبر أمر الدنيا والآخرة ، ووارث السماوات والأرض ، الذي عظم شأنه فلا شئ مثله ، تواضع كل شئ لعظمته ، وذل كل شئ لعزته ، واستسلم كل شئ لقدرته ، وقر كل شئ قراره لهيبته (4) وخضع كل

ص: 427


1- أي من المسجد ، فما دام الامام في المسجد يكتبون ما أتاه سواء وصل إلى الصلاة أم لا. ( مراد )
2- « احتسابا » أي فعله مخلصا متقربا إلى اللّه سبحانه وعده من الأعمال الصالحات التي لها أجر. وقوله : « استأنف العمل » كناية عن غفران الذنوب يعنى غفر اللّه له ما مضى من ذنوبه وصار كيوم ولدته أمه.
3- أي ينبغي توجه المأموم إلى الامام والخطيب واقباله إليه والنظر إليه وكذا العكس (م ت) وقال الفاضل التفرشي : ويمكن الحمل على الاقبال بالقلب أي يقبل الواعظ على الموعوظ بالتفهيم والموعوظ بالانفهام.
4- أي ثبت على حالة ينبغي كونه عليها ، فضمير « قراره » لذلك الشئ وهو منصوب على الظرفية ، وفى الصحاح القرار : المستقر من الأرض ( مراد ) ويمكن ارجاع الضمير إلى اللّه تعالى. والهيبة : المهاية.

شئ لملكته وربوبيته (1) الذي يمسك السماوات أن تقع على الأرض إلا باذنه وأن تقوم الساعة إلا بأمره ، وأن يحدث في السماوات والأرض شئ إلا بعلمه ، نحمده على ما كان ، ونستعينه من أمرنا على ما يكون ، ونستغفر ونستهديه ، ونشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، ملك الملوك ، وسيد السادات ، وجبار الأرض والسماوات القهار الكبير المتعال ، ذو الجلال والاكرام ، ديان يوم الدين ، رب آبائنا الأولين.

ونشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالحق داعيا إلى الحق ، وشاهدا على الخلق ، فبلغ رسالات ربه كما أمره ، لا متعديا ولا مقصرا ، وجاهد في اللّه أعداءه ، لا وانيا ولا ناكلا (2) ونصح له في عباده صابرا محتسبا ، فقبضه اللّه إليه وقد رضي عمله وتقبل سعيه ، وغفر ذنوبه صلى اللّه عليه وآله (3).

ص: 428


1- أي السلطانة ومالكيته.
2- الوناء : الفتور والضعف والكلال والاعياء ، والناكل : الضعيف ، ونكل عن العدو أي جبن وضعف.
3- أي أظهر سبحانه للناس أن ليس له ذنب في دعوته إلى التوحيد ورفض الطواغيت حيث زعموا أنه مخطئ في هذه الدعوة كما قيل في قوله تعالى « انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر » والا فلا ربط بين فتحه تعالى له مكة وبين غفران ذنبه الا أن نقول : المراد بالذنب ما زعمه المشركون من جعل الآلهة إلها واحدا أو أنه يريد الرئاسة والسلطنة عليهم أو ما ربما يزعمه طائفة من الذين هاجروا معه بعد ما أصابهم. والظاهر كما يفهم من الفقرات الماضية أن قوله عليه السلام « وغفر ذنبه » إشارة إلى قوله تعالى  « ليغفرلك اللّه ما تقدم - ألخ » وبعد ما ثبت في أصول المذهب عصمته صلى اللّه عليه وآله حتى من السهو والنسيان فلابد من التوجيه ، فقيل المراد ذنب أمته لأنهم منسوبون إليه. ولما لم يكن ربط بين فتحه تعالى عليه مكة وبين غفران ذنبه تعين أن المراد بالذنب ما زعمه الأمة فبعد ما فتح اللّه سبحانه عليه صلى اللّه عليه وآله مكة ودخله من غير دم يريقه ولا استيصال من أهله ولا أخذهم بما قدموا من العداوة له والبغضاء وقوله « لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم » تبين للمشركين أنه صادق في ادعائه ولا يرد الرئاسة عليهم ، ولعل المراد بما تقدم ما كان قبل الهجرة. وأما ما تأخر فذلك أن طائفة من الذين هاجروا معه بل أكثرهم لما أصابتهم من جراء هذه الدعوة الشدائد والمحن والفاقة والفقر والبأساء والضراء والمرض والبعد عن الوطن المألوف وفراق الأهل والأولاد وغيرها ضاق بهم ذرعا ولم يكن لهم صبر على ما أصابهم فربما ظنوا في أنفسهم ظنونا وقالوا متى نصر اللّه وجماعة منهم ظنوا أنهم قد كذبوا فبعد أن جاء النصر من عند اللّه وفتح اللّه سبحانه عليهم مكة وخضع لهم كل شريف ، وذل لهم كل متكبر وانقضت أيام البلاء وطلع بياض المجد والرخاء وخرجوا من ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الزمان إلى عدل الاسلام ودخل الناس في الدين أفواجا تبين لهم أنهم خاطئون في فكرتهم وهو المصيب في دعوته وسيرته والصادق في وعده ووعيده فصار ذنبه مغفورا عندهم. وقد روى المؤلف في العيون عن الرضا عليه السلام « أنه سئل عن هذه الآية فقال : لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لأنهم كانوا يعبدون ثلاثمائة وستين صنما فلما جاءهم بالدعوة إلى كملة الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم وقالوا » أجعل الآلهة إلها واحدا - إلى قوله - الا اختلاق « فما فتح اللّه عليه نبيه صلى اللّه عليه وآله مكة قال تعالى : انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر » عند مشركي مكة بدعائك إلى توحيد اللّه فيما تقدم وما تأخرعند مشركي مكة بدعائك إلى توحيد اللّه فيما تقدم وما تأخر لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه مغفورا عندهم بظهور عليهم.

أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه ، واغتنام ما استطعتم عملا به من طاعته في هذه الأيام الخالية (1) وبالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم وإن لم تكونوا تحبون تركها والمبلية لكم وإن كنتم تحبون تجديدها (2) ، فإنما مثلكم ومثلها كركب سلكوا سبيلا فكأن قد قطعوه ، وأفضوا إلى علم فكأن قد بلغوه (3) ، وكم عسى المجري

ص: 429


1- أي الماضية ، جعل عليه السلام تلك الأيام ماضية لسرعة مضيها فكأنها ماضية. والرفض الترك. ( مراد )
2- البلى : الخلق ، وهذا كناية عن انقضاء الشباب كل يوم وحصول الضعف بالشيب في كل ساعة. (م ت)
3- قوله : « فكان قد قطعوه » « كأن » بسكون النون مخفف « كأن » من حروف المشبهة بالفعل ، ولو كان « كان » من الافعال الناقصة لقيل : « كانوا » بالجمع ومثله « فكان قد بلغوه » والمراد بسلكوا وأفضوا أي أرادوا سلوك سبيل والافضاء والوصول إلى علم ويمكن أن يراد بالعلم الجبل ويراد به العلامة ، وحاصل تينك الفقرتين والفقرات الآتية أنه لابد من انقضاء العمر والوصول إلى ما ليس وراءه منزل ، فينبغي للعاقل أن يتفكر في عاقبة أمره ويتزود للمنزل. ( مراد )

إلى الغاية أن يجرى إليها حتى يبلغها (1) ، وكم عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه (2) ، وطالب حثيث في الدنيا يحدوه حتى يفارقها (3) ، فلا تتنافسوا في عز الدنيا وفخرها (4) ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها ، ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها فإن عز الدنيا وفخرها إلى انقطاع ، وإن زينتها ونعيمها إلى زوال ، وإن ضرها وبؤسها إلى نفاد ، وكل مدة منها إلى منتهى ، وكل حي منها إلى فناء وبلاء ، أو ليس لكم

ص: 430


1- قوله : « وكم عيسى المجرى إلى الغاية » على صيغة اسم المفعول من أجريت الماء وغيره ، وكذا « أن يجرى » على صيغة المفعول ، ويحتمل أن يكون « المجرى » مصدرا وفى الصحاح « قوله تعالى : « بسم اللّه مجراها ومرساها » هما مصدران من أجريت السفينة و أرسيت ». وحاصله كثيرا ما يجرى الشئ إلى غاية فيجرى حتى يصل ذلك الشئ المجرى إلى تلك الغاية فهو اما واصل وهو غافل عن الوصول أو أنه يصل عن قريب ، وادخال لفظ « عسى » للاشعار بأن أمر الدنيا من هذا القبيل لا من النادر الذي قد لا يصل إلى الغاية. ( مراد )
2- أي أن يكون البقاء بقاء من له يوم لا يعدوه أي لا يعدو ذلك اليوم بل ينتهى عند تمام اليوم و « كم » في الموضعين يحتمل كونها خبرية واستفهامية ومميزها محذوف ، وهو مرة ( مراد ) وقيل : شبه (عليه السلام) أهل الدنيا بركب سلكوا طريق ووصلوا إلى غاية في المسافة قد بقي منها شئ كثير. وهذا بالحقيقة تشبيه الامتداد الزماني بالامتداد المسافتي. و قوله عليه السلام:« و أفضوا الى علم» أي ساروا نحو عقبة و بلغوها و لم يعلموا بلوغهم اياها، و قوله:« كم عسى المجرى الى الغاية- الخ» مميز« كم» الخبرية التي لانشاء التكثير محذوف أي المجرى الى الغاية بقرينة اسم عسى المذكور و هو قوله:« المجرى» و هو مخفف اسم مفعول من جرى أي الواصل الى غاية المسافة و خبرها« أن يجرى إليها» أى توجه الى غاية المسافة حتّى يبلغها يعنى وصل إليها و ليس له شعور بوصوله اياها.
3- قوله : « طالب حثيث » أي كم مرة طالب للدنيا حريص عليها يحدوه أي يسوقه حريصا حيت يفارقها ، وفى بعض النسخ « حبيب » بالبائين الموحدتين بدل « حثيث » بالمثلثتين ( مراد ).
4- التنافس في الشئ الرغبة فيه ، وفى الصحاح البأساء والضراء : الشدة وهما اسمان مؤنثان من غير تذكير. ( مراد ).

في آثار الأولين وفي آبائكم الماضين معتبر وتبصرة إن كنت تعقلون ، ألم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون ، وإلى الخلف الباقين منكم لا يقفون ، قال اللّه تبارك وتعالى : « وحرام على قرية أهلكناها ، أنهم لا يرجعون » وقال : « كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار (1) وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور » أو لستم ترون إلى أهل الدنيا وهم يصبحون ويمسون على أحوال شتى ، فميت يبكى وآخر يعزى ، وصريع يتلوى (2) وعائد ومعود وآخر بنفسه يجود ، وطالب الدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ، وعلى أثر الماضين يمضي الباقين ، والحمد لله رب العالمين ، رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ، ورب العرش العظيم ، الذي يبقى ويفنى ما سواه ، وإليه يؤول الخلق ويرجع الامر.

ألا إن هذا اليوم يوم جعله اللّه لكم عيدا وهو سيد أيامكم وأفضل أعيادكم وقد أمركم اللّه في كتابه بالسعي فيه إلى ذكره ، فلتعظم رغبتكم فيه ، ولتخلص نيتكم فيه ، وأكثروا فيه التضرع والدعاء ومسألة الرحمة والغفران ، فإن اللّه عزوجل يستجيب لكل من دعاه ، ويورد النار من عصاه وكل مستكبر عن عبادته ، قال اللّه عزوجل « أدعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين » وفيه ساعة مباركة لا يسأل اللّه عبد مؤمن فيها شيئا إلا أعطاه ، والجمعة واجبة على كل مؤمن إلا على الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والأعمى والمسافر والمرأة والعبد المملوك ، ومن كان على رأس فرسخين ، غفر اللّه لنا ولكم سالف ذنوبنا فيما خلا من أعمارنا ، وعصمنا وأياكم من اقتراف الآثام بقية أيام دهرنا ، إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب اللّه عزوجل ، أعوذ باللّه من الشيطان

ص: 431


1- أي باعد عنها.
2- في بعض النسخ « وآخر معزى » والصريح الساقط على الأرض. وفى بعضها « وضريع » بالضاد المعجمة ومعناه الذليل. وقوله « يتلوى » أي يضطرب وينعطف وتلوى تلويا الشئ انعطف والبرق في السحاب اضطرب.

الرجيم إن اللّه هو الفتاح العليم بسم اللّه الرحمن الرحيم ثم يبدأ بعد الحمد بقل هو اللّه أحد ، أو بقل يا أيها الكافرون ، أو بإذا زلزلت الأرض زلزالها ، أو بألهيكم التكاثر أو بالعصر ، وكان مما يدوم عليه قل هو اللّه أحد.

ثم يجلس جلسة خفيفة ، ثم يقوم فيقول : « الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ، ونتوكل عليه ، ونشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله صلوات اللّه وسلامه عليه وآله ومغفرته ورضوانه ، اللّهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك صلاة نامية زاكية ، ترفع بها درجته ، وتبين بها فضله وصل على محمد وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللّهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويجحدون آياتك ، ويكذبون رسلك ، اللّهم خالف بين كلمتهم ، وألق الرعب في قلوبهم ، وانزل عليهم رجزك ونقمتك وبأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين ، اللّهم انصر جيوش المسلمين وسراياهم ومرابطيهم في مشارق الأرض ومغاربها إنك على كل شئ قدير ، اللّهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، اللّهم اجعل التقوى زادهم ، والايمان والحكمة في قلوبهم ، وأوزعهم أن يشكروا نعمتك التي أنعمت عليهم (1) ، وأن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه إله الحق وخالق الخلق اللّهم اغفر لمن توفى من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ولمن هو لاحق بهم من بعدهم منهم ، إنك أنت العزيز الحكيم » إن اللّه يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون « اذكروا اللّه يذكركم فإنه ذاكر لمن ذكره واسألوا اللّه من رحمته وفضله فإنه لا يخيب عليه داع دعاه. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ».

1265 - قال أبو عبد اللّه عليه السلام أول من قدم الخطبة على الصلاة يوم الجمعة (2)

ص: 432


1- استوزعت اللّه شكره فأوزعني أي استلهمته فألهمني. ( الصحاح )
2- في نسخة « يوم العيد » والظاهر أنه اصلاح من بعض القراء والذي ذهب إليه الصدوق  - رحمه اللّه - هو تأخير الخطبة عن الصلاة لهذا الخبر اما لاطلاقه أو لخصوص الجمعة وما رأيناه في الجمعة في شئ من الأصول والاخبار من العامة والخاصة بل ذكر العامة والخاصة تقديم الخطبة على الصلاة في صلاة العيد وتوهم الصدوق في اطلاقه شموله للجمعة وغفل عن الأخبار المستفيضة بل المتواترة في تقديم خطبة الجمعة. (م ت) و قال الفاضل التفرشى: قوله:« أول من قدم الخطبة» لا يخفى ما فيه من الدلالة على وجوب تقديم الصلاة على الخطبة لان فعل عثمان ليس حجة و قد دل على أنّها كانت فعل عثمان بعد الصلاة و الروايات الدالة على تقديمها على الصلاة كثيرة كرواية أبى مريم عن أبي جعفر عليه السلام قال:« سألته عن خطبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقبل الصلاة أو بعد؟ فقال: قبل الصلاة ثمّ يصلى» و لذا اختلف في جواز تقديم الخطبة على الزوال و قد دل مستند كل من المتخالفين على تقديمها على الصلاة و قد يحمل كلام المؤلّف- رحمه اللّه- على الاشتباه بين خطبة الجمعة و خطبة العيدين فروى ما ورد في خطبتهما في خطبة الجمعة، و يمكن التوفيق بين هذا الحديث و الأحاديث الدالة على أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقدم الخطبة على الصلاة بأن من سبق عثمان بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يقدم الصلاة ثمّ قدم الخطبة عثمان للعلة المذكورة لا للتأسى بالنبى(صلی الله عليه و آله).( مراد) أقول: قد صرّح المؤلّف- رحمه اللّه- في كتاب علل الشرائع بتأخير الخطبة عن الصلاة و قال: ان الخطبتين في الجمعة و العيدين بعد الصلاة لأنّهما بمنزلة الركعتين الأخيرتين، ثم قال: ان أول من قدمهما عثمان، و كذا في العيون في الباب الثالث و الثلاثين. و انما هذا التحريف وقع في خطبة العيد لا الجمعة. و قيل: ان ذلك شاهد لمن قال بعدم وجوب صلاة الجمعة تعيينا بالإجماع العملى من الإماميّة بتركهم للجمعة و ان نقلهم رواياتها كنقل روايات الجهاد، فان الصدوق- رحمه اللّه- لو كان صلى هو أو غيره من الشيعة في عصره الجمعة لما توهم هذا التوهم.

عثمان لأنه كان إذا صلى لم يقف الناس على خطبته وتفرقوا وقالوا ما نصنع بمواعظه وهو لا يتعظ بها وقد أحدث ما أحدث ، فلما رأى ذلك قدم الخطبتين على الصلاة.

وسألت شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي اللّه عنه عما يستعمله العامة من التهليل والتكبير على أثر الجمعة ما هو؟ فقال : رويت أن بني أمية كانوا يلعنون أمير المؤمنين عليه السلام بعد صلاة الجمعة ثلاث مرات ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز نهى عن ذلك وقال للناس : التهليل والتكبير بعد الصلاة أفضل.

ص: 433

باب 58: الصلاة التي تصلى في كل وقت

1266 - روى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة (1) صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أديتها ، وصلاة ركعتي طواف الفريضة وصلاة الكسوف والصلاة على الميت هذه يصليهن الرجل في الساعات كلها ».

باب 59: الصلاة في السفر

1267 - روي عن زرارة ومحمد بن مسلم أنهما قالا : « قلنا لأبي جعفر عليه السلام : ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي ، وكم هي (2)؟ فقال : إن اللّه عزوجل يقول : » وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة « فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر ، قالا : قلنا : إنما قال اللّه عزوجل : فليس عليكم جناح » ولم يقل : افعلوا ، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ فقال عليه السلام : أو ليس قد قال اللّه عزوجل في الصفا والمروة : « فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما » (3) ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض لان اللّه عزوجل ذكره في كتابه وصنعه نبيه عليه السلام وكذلك التقصير في السفر شئ صنعه النبي صلى اللّه عليه وآله وذكره اللّه تعالى ذكره في كتابه. (4)

ص: 434


1- وان كانت من الساعات التي يكره ابتداء الصلاة فيها كوقت طلوع الشمس وغروبها. ( مراد )
2- قوله : « كيف هي » أي على العزيمة أو على الرخصة. و « كم هي » أي في كم يجب القصر ، أو كم يصير عدد الركعات.
3- الاستشهاد لبيان أن نفى الجناح لا ينافي الوجوب إذا دل عليه دليل آخر.
4- حاصلة أن جواز التقصير في السفر علمناه من الكتاب ووجوبه من فعل النبي صلى اللّه عليه وآله وهذا أيضا يؤيد الآيات الدالة على وجوب التأسي. ( مراد )

قالا : قلنا له فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا؟ قال : إن كان قد قرأت عليه آية التفسير وفسرت له فصلى أربعا أعاد (1) وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه ، والصلوات كلها في السفر الفريضة ركعتان كل صلاة إلا المغرب فإنها ثلاث ليس فيها تقصير تركها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في السفر والحضر ثلاث ركعات (2).

وقد سافر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلى ذي خشب وهي مسيرة يوم من المدينة يكون إليها بريدان (3) أربعة وعشرون ميلا فقصر وأفطر فصارت سنة (4).

وقد سمى (5) رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قوما صاموا حين أفطر : العصاة ، قال عليه السلام : فهم العصاة إلى يوم القيامة (6) وإنا لنعرف أبناءهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا.

1268 - وسأل محمد بن مسلم عليه السلام فقال له : الرجل يريد السفر

ص: 435


1- لعل ذكر قراءة الآية بطريق التمثيل فالمراد أنه ان علم وجوب التقصير فعليه الإعادة والا فلا ، فالجاهل معذور هنا. ( سلطان )
2- إلى هنا رواه العياشي في تفسيره ج 1 ص 1 27 وفى دعائم الاسلام ج 1 ص 195 مثله إلى قوله « صنعه النبي صلى اللّه عليه وآله ». وقال بعض الشراح : من قوله « والصلوات كلها في السفر » من كلام المصنف وليس بشئ.
3- هذا مضمون صحيحة أبي بصير حيث قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : في كم يقصر الرجل؟ فقال : في بياض يوم أو بريدين ، قال : فان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله خرج إلى ذي خشب فقصر ، فقلت فكم ذي خشب؟ فقال : بريدان » التهذيب ج 1 ص 415.
4- لعل مرجع الضمير مسيرة يوم أي فصارت مسيرة يوم يؤخذ بها في القصر.
5- من هنا إلى آخر الحديث مت تتمة حديث زرارة كما في الكافي ج 4 ص 127 والتهذيب ج 1 ص 413.
6- في الكافي والتهذيب « قوما صاموا حين أفطر عصاة وقال : هم العصاة إلى يوم القايمة - الخ ». وقال الفاضل التفرشي « قوله : وانا لنرعف - الخ » فيه اشعار بان معنى قول النبي صلى اللّه عليه وآله « فهم العصاة إلى يوم القيامة » أنهم وما توالدوا إلى يوم القيامة عصاة. أي يتبعون آباءهم.

متى يقصر؟ قال : إذا توارى من البيوت (1) قال : قلت [ له ] : الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس؟ فقال : إذا خرجت فصل ركعتين.

1269 - وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « إذا خرجت من منزلك (2) فقصر إلى أن تعود إليه ».

1270 - وسمعه عبد اللّه بن يحيى الكاهلي يقول « في التقصير في الصلاة : بريد في بريد (3) أربعة وعشرون ميلا ، ثم قال : كان أبي عليه السلام يقول : إن التقصير لم يوضع (4) على البغلة السفواء والدابة الناجية ، وإنما وضع على سير القطار » (5).

ومتى كان سفر الرجل ثمانية فراسخ فالتقصير واجب عليه ، وإذا كان سفره أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب ، وإن كان سفره أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر (6).

ص: 436


1- ظاهره أنه إذا بعد عن بيوته بحيث من كان عند بيوته لا يراه ، وقد يقيد بأن لا يتميز كونه راكبا من كونه راجلا ( مراد ) وقال سلطان العلماء : ظاهره أنه يكفي تواريه من البيوت ولا يلزم توارى البيوت منه. وقال المولى المجلسي : ظاهره خفاء الشخص عن البيوت أي أهلها وحمله الأصحاب على العكس.
2- يمكن تخصيص الخروج بما إذا وصل إلى محل الترخص وهو التواري المذكور ويرشد إليه قوله عليه السلام في الحديث السابق : « إذا خرجت فصل ركعتين » والمراد بعد التواري. ( مراد )
3- المراد منه بريدان بناء على إرادة المعنى اللغوي من لفظة « في » فإنه إذا كان بريد داخلا في بريد يصير المجموع بريدين. ( سلطان )
4- لما اشتهر أن البريدين مسيرة يوم أراد عليه السلام بيان أن ذلك السير ما هو.
5- بغلة سفواء أي خفيفة سريعة ، والدابة الناجية أي السريعة تنجو بمن ركبها ، والقطار : الإبل ( الصحاح ) وقال المولى المجلسي : أي الإبل المقطورة ، وسيرها في اليوم المتوسط ثمانية فراسخ غالبا.
6- ظاهره بقاء الخيار إلى أن يرجع أو يقيم أو يمضى ثلاثون يوما. ( مراد )

1271 - وروى معاوية بن وهب (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا دخلت بلدا وأنت تريد المقام عشرة أيام فأتم الصلاة حين تقدم ، وإن أردت المقام دون العشرة فقصر ، وإن أقمت تقول : غدا أخرج وبعد غد ، ولم تجمع (2) على عشرة فقصر ما بينك وبين شهر ، فإذا تم الشهر (3) فأتم الصلاة ، قال : قلت : إن دخلت بلدا أول يوم من شهر رمضان ولست أريد أن أقيم عشرا؟ فقال : قصر وأفطر ، قلت : فإن مكثت كذلك أقول غدا أو بعد غد فأفطر الشهر كله وأقصر؟ قال : نعم هذا واحد (4) إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت ».

1272 - وقال أبو ولاد الحناط (5) قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني كنت نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرا فأتممت الصلاة ، ثم بدا لي لا أقيم بها فما ترى لي أتم أم أقصر؟ فقال لي : إن كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة واحدة فريضة بتمام فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها ، وإن كنت حين دخلتها على نيتك في التمام (6) ولم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار ، إن شئت فانو المقام عشرا وأتم ، وإن لم تنو المقام عشرا فقصر

ص: 437


1- في الطريق محمد بن علي ماجيلويه ولم يوثق صريحا وعند العلامة - رحمه اللّه - صحيح. ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 317 بسند صحيح.
2- الاجماع التصميم والعزم على الامر.
3- هذا الحكم اجماعي مقطوع به إنما كان الخلاف في الشهر أهو عددي أو هلالي ، والأكثر على الأول. (م ت)
4- أي هذا الذي ذكرت من حال الصوم والصلاة واحد أي هما متحدان في الحكم وفى بعض النسخ « واحدا » بالنصب ولعله على الحالية أو كونها اسم الفعل أي خذه واحدا. ( مراد )
5- اسمه حفص بن سالم كوفي جعفي مولى وطريق المصنف إلى عنوان أبى ولاد فيه الهيثم بن أبي مسروق وهو فاضل ولم يوثق لكن العلامة صحح طريق المؤلف إلى ثوير بن أبي فاختة وفيه الهيثم بن أبي مسروق. وأما طريقه إلى عنوان حفص بن سالم فصحيح.
6- ظاهره تعليق التمام على فعل فريضة تماما في المدينة من غير اعتبار نية الإقامة لكنه مراد بقرينة السؤال فتأمل. ( سلطان )

ما بينك وبين شهر ، فإذ مضى لك شهر فأتم الصلاة (1) ».

1273 - وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام « عن الرجل يخرج مع القوم في سفر (2) يريده فدخل عليه الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلوا وانصرف بعضهم في حاجة فلم يقض لهم الخروج ، ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين؟ قال : تمت صلاته ولا يعيد » (3).

1274 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من صلى في السفر أربعا فأنا إلى اللّه منه برئ » يعني : متعمدا (4).

1275 - وقال الصادق عليه السلام : « المتمم في السفر كالمقصر في الحضر ».

1276 - وسأله أبو بصير « عن الرجل يصلي في السفر أربع ركعات ناسيا قال : إن ذكر في ذلك اليوم فليعد ، وإن لم يذكر حتى يمضي ذلك اليوم فلا إعادة عليه » (5).

ص: 438


1- يدل على أن حكم المدينة حكم ساير المدينة حكم ساير البلاد وسنذكر أخبارا على خلافه فيمكن حمل المدينة على مطلق البلد أو يحمل الامر بالتقصير على الجواز والامر بالاتمام على الاستحباب. (م ت)
2- في بعض السنخ « يخرج مع قوم في السفر ».
3- هذا الحديث صحيح وصريح في عدم إعادة صلاة المسافر إذا رجع عن قصد السفر ولا خلاف فيه الا من الشيخ - رحمه اللّه - في الاستبصار استنادا إلى رواية ضعيفة السند مع امكان حملها على الاستحباب. ( الشيخ محمد ره ) وقال المولى المجلسي : ما ورد في الإعادة محمول على الاستحباب. أقول : المراد رواية سليمان بن حفص وقال الشيخ : يعيد مع بقاء الوقت. راجع الاستبصار ج 1 ص 228.
4- رواه المصنف في المقنع والهداية إلى قوله صلى اللّه عليه وآله « منه برئ » وقوله « يعنى متعمدا » من كلامه - ره - كما هو الظاهر ولعله أراد بالتعمد قصد التمام مع سماعه وجوب القصر كما قال التفرشي - رحمه اللّه -.
5- يفهم منه أنه ان ذكره في وقت الصلاة لان التذكر في اليوم حينئذ لا يكون الا في الظهرين ووقتهما ينقضي بانقضاء اليوم فينزل ذلك الجواب منزلة ان ذكر في الوقت والا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة لان السؤال كان شاملا للظهرين والعشاء فلو لم يشملها الجواب لم يتبين بعض المسؤول عنه ، وحمل اليوم على اليوم بليلته والإعادة على ما يشمل القضاء حتى لو ذكر اتمام صلاة النهار بالليل أو اتمام العشاء بعد نصف الليل وجب عليه القضاء بعيد ( مراد ) وقال الشهيد في الذكرى : لو أتم الصلاة ناسيا ففيه ثلاثة أقوال أشهرها أنه يعيد ما دام الوقت باقيا وان خرج فلا إعادة ، القول الثاني للصدوق في المقنع : ان ذكر في يومه أعاد وان مضى اليوم فلا إعادة. وهذا يوافق الأول في الظهرين وأما العشاء الآخرة فان حملنا اليوم على بياض النهار فيكون حكم العشاء مهملا ، وان حملنا على ذلك بناء على الليلة المستقبلة وجعلنا آخر وقت العشاء آخر الليل وافق القول الأول أيضا والا فلا. الثالث الإعادة مطلقا وهو قول علي بن بابويه والشيخ في المبسوط.

1277 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « أربعة يجب عليهم التمام في السفر كانوا أو في الحضر : المكاري ، الكري ، والراعي ، والاشتقان ، لأنه عملهم » (1) وروي « الملاح ». والاشتقان البريد.

1278 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال : « ليس على الملاحين في سفنهم تقصير ، ولا على المكاري والجمال ».

1279 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المكاري إذا لم يستقر في منزله إلا خمسة أيام أو أقل قصر في سفره بالنهار (2) وأتم صلاة الليل (3)

ص: 439


1- الكرى في بعض النسخ « المكرى » على صيغة اسم المفعول من الافعال بمعنى المكترى ، وقال الشهيد - رحمه اللّه - في الذكرى : المراد بالكرى في الرواية المكترى وقال بعض أهل اللغة : قد يقال الكرى على المكارى. والحمل على المغايرة أولى بالرواية لتكثر الفائدة وأصالة عدم الترادف. وقال العلامة - رحمه اللّه - في المنتهى ج 1 ص 393 الاشتقان هو أمين البيدر ذكر أهل اللغة ، وقيل : البريد. وقال الفاضل التفرشي : قوله « أربعة - الخ » ظاهره يفيد وجوب التمام ما صدق عليهم تلك الأسامي وان أقاموا في بلدهم عشرة إذا لم تكن الإقامة للاعراض عن ذلك العمل وقد تؤيد بالتعليل. وقوله « لأنه » أي ذكر المذكور المستلزم للسفر عملهم.
2- حمله العلامة - رحمه اللّه - في المختلف على تقصير النافلة بمعنى أن يسقط عنه نوافل النهار. وعمل به الشيخ في النهاية والمبسوط واختاره ابن البراج وابن حمزة ومنعه ابن إدريس. ( سلطان )
3- المراد بصلاة الليل صلاة العشاء وأكثر الأصحاب على الاتمام في النهار أيضا للاخبار لكن هذا الخبر خاص وهو مقدم على العام لصحته. (م ت)

وعليه صوم شهر رمضان ، فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب عشرة أيام أو أكثر وينصرف إلى منزله (1) ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره وأفطر » (2).

1280 - وقال الصادق عليه السلام : « الجمال والمكاري إذا جد بهما السير قصرا فيما بين المنزلين ، وأتما في المنزلين » (3).

1281 - وروى عبد اللّه بن جعفر ، عن محمد بن جزك (4) قال : « كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أن لي جمالا ولي قوام ولست أخرج فيها إلا في طريق

ص: 440


1- هذا الحديث صحيح وظاهره أن التقصير موقوف على الامرين ، ولعل قوله « وينصرف » الواو فيه بمعنى « أو » ، وأما ما تضمنه من أن المكارى إذا لم يستقر الا خمسة أو أقل ففيه مخالفة للمعروف بين المتأخرين من أن الخلاف منحصر في إقامة الخمسة لا أقل منها. ( الشيخ محمد ره )
2- قوله : « قصر في سفره » أي سفره الذي ينشئ بعد ذلك وظاهر في أن تقصيره يتوقف على الامرين أي مقام عشرة في البلد الذي يذهب إليه وعشرة أخرى في منزله وكون كل واحد منهما مستقلا في ذلك يحتاج إلى التأويل ولعل معنى الواو هنا اشتراك الامرين في أن السفر الذي يقع بعدها يجب فيه التقصير. ( مراد )
3- أي السير جعلهما باذلين لجهدهما وفى الصحاح الجد : الاجتهاد في الأمور ويمكن أن يحمل المنزلان على ما لا ينبغي التقصير فيهما لكونهما منزلين لهما أو محلى إقامتهما وما بينهما بلوغ المسافة كما يفهم من قوله عليه السلام : « جد بهما السير » ، والجمال والمكاري على من لم يثبت له حكم التمام في السفر كما إذا كان أول سفرهما ولم يعد ذلك شغلا لهما ( مراد ) وقال الشهيد - رحمه اللّه - في الذكرى : المراد بجد السير أن يكون مسيرهما متصلا كالحج والاسفار التي لا يصدق عليها صنعه. وقال الكليني وتبعه الشيخ - رحمهما اللّه - : ان المراد أن يجعلوا المنزلين منزلا فيقصرون في الطريق ويتمون في المنزل ، قلت : الظاهر أنه أراد بالمنزل الذي ينتهيان إليه مسافرين لا منزلهما إذ منزلهما لا اشكال فيه ولعله للمشقة الشديدة بذلك لخروجه عن السير المعتاد - انتهى. وقال بعضهم : لعل المراد أنه إذا كانا قصدا مكانا من غير شغلهم كالزيارة وأمثالها. وفى بعض النسخ « أتما في المنزل ».
4- هو جمال من أصحاب الهادي عليه السلام. وفى بعض النسخ « محمد بن شرف »

مكة لرغبتي في الحج أو في الندرة (1) إلى بعض المواضع فما يجب علي إذا أنا خرجت معها أن أعمل؟أيجب التقصير في الصلاة والصوم في السفر أوالتمام؟ فوقع عليه السلام إذا كنت لا تلزمها ولا تخرج معها في كل سفر إلا إلى مكة فعليك تقصير وفطور » (2).

1282 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل له الضياع بعضها قريب من بعض فيخرج فيطوف فيها أيتم أو يقصر؟ قال : يتم » (3).

1283 - وروى إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « سبعة لا يقصرون في الصلاة : الجابي الذي يدور في جبايته (4) والأمير الذي يدور في إمارته ، والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق ، والراعي ، والبدوي ، و الذي يطلب مواضع القطر (5) ومنبت الشجر ، والرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا والمحارب الذي يقطع السبيل ».

1284 - وروى موسى بن بكر (6) عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا نسي الرجل صلاة أو صلاها بغير طهور وهو مقيم أو مسافر فذكرها فليقض الذي وجب عليه لا يزيد على ذلك ولا ينقض ، ومن نسي أربعا قضى أربعا حين يذكرها مسافرا كان

ص: 441


1- عطف على « في طريق مكة ». وفى بعض النسخ « البدرة ».
2- المراد بفطور : الافطار.
3- محمول على عدم كون القصد بقدر المسافة وان حصل بالتردد ، أو على إقامة ستة أشهر في هذه الضياع ( سلطان ) وقال الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 231 بعد نقله : ليس في هذا الخبر ما ينافي ما قدمناه لأنه ليس فيه ذكر مقدار المسافة التي يخرج فيها ، وإذا لم يكن ذلك فيه احتمل أن يكون المراد به إذا كانت الضيعة قريبة إليه فلا يجب حينئذ عليه التقصير.
4- الجابي من يجمع الجباية وهي الخراج والزكاة. قال المولى المجلسي : ذلك مع عدم الإقامة أو الأعم لا يما عمال الجوار.
5- أي المطر بل هو ما يتسبب عنه وهو العشب. ( مراد )
6- هو واقفي ولم يوثق ولم يعنونه الصدوق - رحمه اللّه - في المشيخة.

أو مقيما ، وإن نسي ركعتين صلى ركعتين حين يذكرها مسافرا كان أو مقيما ».

1285 - وقال الصادق عليه السلام : « من الامر المذخور (1) إتمام الصلاة في أربعة مواطن : بمكة ، والمدينة ، ومسجد الكوفة ، وحائر الحسين عليه السلام (2) ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : يعني بذلك أن يعزم على مقام عشرة أيام (3) في هذه المواطن حتى يتم وتصديق ذلك :

1286 - ما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : سألته عن الصلاة بمكة والمدينة يقصر أو يتم؟ قال : قصر ما لم تعزم على مقام عشرة

ص: 442


1- أي المرغوب فيه لان ما يرغب فيه يذخر ولو كان المراد بيان التخيير في تلك المواضع كما هو المشهور أمكن أن يراد بالمذخور الخفي على العوام. ( مراد )
2- قال في الذكرى : « هل الاتمام مختص بالمساجد نفسها أو يعم البلدان؟ ظاهر أكثر الروايات أن مكة والمدينة محل لذلك أما الكوفة فمسجدها خاصة قاله في المعتبر ، والشيخ ظاهره الاتمام في البلدان الثلاثة ، وأما الحائر فقال ابن إدريس : فهو ما دار سور المشهد والمسجد عليه دون سور البلد وأفتى بأن التخيير إنما هو في المساجد الثلاثة دون بلدانها. و اختاره العلامة في المختلف، و قول الشيخ هو الظاهر من الروايات و ما فيه ذكر المسجد منها فلشرفها لا لتخصيصها، و الشيخ ابن سعيد في كتاب السفر له حكم بالتخيير في البلدان الأربعة حتّى في الحائر المقدس لورود الحديث بحرم الحسين عليه السلام و قدره بخمسة فراسخ و بأربعة فراسخ و الكل حرم و ان تفاوتت في الفضل، و ابن الجنيد و المرتضى رحمهما اللّه عمما في كل المشاهد و ظاهرهما نفى التقصير و لعلهما أرادا نفى تحتمه و لم نقف لهما على مأخذ».
3- أي يستحب العزم على المقام ، ليتم وهذا لخصوصية هذه المواطن وبهذا يستقيم كون ذلك من المذخور على توجيه المصنف فتأمل. ( سلطان ) و قال الفاضل التفرشى: اطلق الاتمام و أريد سببه و هو العزم على الإقامة، و يمكن التوفيق بين الخبرين بحمل الاتمام على ما إذا صلى في أحد المسجدين و حمل القصر على ما إذا صلى في غير المسجدين من مواضع مكّة و المدينة.

أيام (1).

1287 - وما رواه محمد بن خالد البرقي ، عن حمزة بن عبد اللّه الجعفري قال : « أن نفرت من منى نويت المقام بمكة فأتممت الصلاة ، ثم جاء خبر من المنزل (2) فلم أجد بدا من المصير إلى المنزل فلم أدر أتم أم أقصر ، وأبو الحسن عليه السلام يؤمئذ بمكة فأتيته فقصصت عليه القصة فقال لي : ارجع إلى التقصير » (3).

1288 - وروى الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس في السفر جمعة ولا أضحى ولا فطر » (4).

1289 - وروى إسماعيل بن جابر (5) قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : يدخل علي وقت الصلاة وأنا في السفر فلا أصلي حتى أدخل أهلي فقال : صل وأتم الصلاة ، قلت : فيدخل علي وقت الصلاة وأنا في أهلي أريد السفر فلا أصلي حتى أخرج؟ قال : صل وقصر فإن لم تفعل فقد خالفت (6) رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » (7).

1290 - وأما خبر حريز ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته

ص: 443


1- الجواب على المشهور من هذه الرواية أن المراد أنه لا يجب التمام علينا حتى نعزم على الإقامة ، ويمكن الجمع بوجه آخر على القول باختصاص التخيير بالمساجد بأن المراد هنا غير المساجد من البلدين. ( سلطان )
2- في بعض النسخ « جاءني جيران المنزل ».
3- لا يخفى أنه مناف لما مر في خبر أبي ولاد من قوله : « فقال إن كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة واحدة فريضة بتمام فليس لك أن تقصر » ولعل قوله « فأتممت الصلاة » بمنزلة قوله أبى ولاد « نويت متى دخلت المدينة أن أقيم بها عشرا فأتممت الصلاة » لا أنه وقع منى اتمام الصلاة بعد وقوع النية. ( مراد )
4- تقدم تحت رقم 1238 بتقديم وتأخير.
5- الطريق صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة.
6- في التهذيب « فقد خالفت واللّه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ».
7- يدل على أن الاعتبار بحال الأداء في الدخول والخروج. ( سلطان )

عن رجل يدخل من سفره (1) وقد دخل وقت الصلاة وهو في الطريق قال : يصلي ركعتين وإن خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا » (2).

فإنه يعني به إذا كان لا يخاف فوات خروج الوقت أتم (3) وإن خاف خروج الوقت قصر ، وتصديق ذلك :

1291 - في كتاب الحكم بن مسكين قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « في الرجل يقدم من سفره في وقت صلاة ، فقال : إن كان لا يخاف خروج الوقت فليتم وإن كان يخاف خروج الوقت فليقصر » (4).

وهذا موافق لحديث إسماعيل بن جابر (5).

1292 - وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام « في الرجل

ص: 444


1- في بعض النسخ « يدخل في سفره ».
2- على نسخة « من » يكون كلا جزئي الخبر مخالفا لما سبق ، وعلى نسخة « في » يكون المخالفة في الجزء الثاني. ( سلطان )
3- بهذا يندفع المخالفة باعتبار الدخول في المنزل وأما باعتبار الخروج إلى السفر فلا ، فان حديث إسماعيل دل على التقصير وحديث محمد دل على الاتمام الا أن يأول حينئذ حديث محمد بان الاتمام عند سعة الوقت كالتقصير عند تضيقه ، ويمكن التوفيق فيهما بأن يراد بيدخل في حديث محمد يشرق على الدخول فيكون الحال أي قوله « وهو في الطريق » معمولا ليدخل ودخل بالتنازع وكذا يكون المراد بالخروج إلى سفره اشرافه على الخروج ( مراد )
4- يعنى أن المسافر في الرجوع من السفر ان لم يخف خروج الوقت ان صبر حتى يدخل أهله فليصبر وليؤخر الصلاة وليتم في أهله ، وان خاف خروج الوقت فليصل في الطريق قصرا.
5- قال في الوافي : قيد المؤلف حديث حريز عن محمد بما إذا خاف فوات الوقت أو لم يخف وأيده بحديث الحكم ، ثم قال حديث الحكم موافق لحديث إسماعيل بن جابر ، وإنما يصح هذا إذا خص التقييد بالقادم من السفر دون الخارج إليه كما هو في حديث الحكم وعلى هذا مع ما فيه لم يكن الحديثان متوافقين والأولى أن يعمل على خبر إسماعيل بن جابر لعلو سنده ووضوح حال رجاله وتأكده بمخالفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله والحلف عليها لو لم يفعل ، قال في المعتبر : وهذه الرواية أشهر وأظهر في العمل يعنى بها رواية إسماعيل.

يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أيتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل إلى أهله؟ قال : بل يكون مقصرا حتى يدخل إلى أهله » (1).

1293 - وروى سيف التمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال له بعض أصحابنا كنا نقضي صلاة النهار إذا نزلنا بين المغرب والعشاء الآخرة ، فقال : لا (2) اللّه أعلم بعباده حين رخص ، إنما فرض اللّه عزوجل على المسافر ركعتين لا قبلهما ولا بعدهما شئ إلا صلاة الليل على بعيرك حيث توجه بك » (3).

1294 - وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام « عن صلاة النافلة بالنهار في سفر ، فقال : لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة » (4).

ولا بأس بقضاء صلاة الليل بالنهار في السفر (5).

1295 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصلي على راحلته الفريضة في يوم مطير » (6).

ص: 445


1- دل بظاهره على عدم اعتبار الترخص وقال الفاضل التفرشي محمول على أن يكون بين ما دخله من البيوت وبين أهله بعد ما يتوارى كل عن الاخر.
2- لعل المراد قضاء النوافل أو ما يشمله قضاء الركعتين المتروكتين. ( مراد )
3- قال المولى المجلسي - رحمه اللّه - يدل على سقوط النافلة في الظهرين وعدم سقوط نافلة الليل ومنها نافلة المغرب والفجر ، وعلى جواز النافلة في السفر على الدابة كما يدل عليه أخبار كثيرة.
4- السائل أبو يحيى الحناط كما في التهذيب ج 1 ص 118.
5- روى الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب باسناده عن صفوان بن يحيى قال : « سألت الرضا عليه السلام عن التطوع بالنهار وأنا في سفر فقال : لا ولكن تقضى صلاة الليل بالنهار وأنت في سفر - الحديث » وأيضا عن ابن عمار عن الصادق عليه السلام قال : « لا بأس بان يصلى الرجل صلاة الليل في السفر وهو يمشى ، ولا بأس ان فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار وهو يمشى - الخ ».
6- رواه الشيخ (رحمه الله) في التهذيب ج 1 ص 320 في الصحيح عن جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام في رواية وعن مندل بن علي العنزي في أخرى ص 319 وقد قيد في بعض الروايات الضرورة الشديدة ففي صحيحة الحميري في التهذيب ج 1 ص 319 قال : « كتبت إلى أبى الحسن على السلام : « روى - جعلني اللّه فداك - مواليك عن آبائك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله صلى الفريضة على راحلته في المحمل في يوم مطير ، ويصيبنا المطر في محاملنا والأرض مبتلة والمطر يؤذى فهل يجوز لنا يا سيدي أن نصلى في هذه الحال في محاملنا أو على دوابنا الفريضة إن شاء اللّه؟ فوقع عليه السلام يجوز ذلك مع الضرورة الشديدة ».

1296 - وقال إبراهيم الكرخي : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إني أقدر أن أتوجه نحو القبلة في المحمل ، فقال : هذا الضيق (1) أمالكم في رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أسوة؟ ».

1297 - وسأل سعد بن سعد أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن الرجل تكون معه المرأة الحائض في المحمل أيصلي وهي معه؟ قال : نعم » (2).

1298 - وسأل سعيد بن يسار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يصلي صلاة الليل وهو على دابته أله يغطي وجهه وهو يصلي؟ قال : أما إذا قرأ فنعم ، وأما إذا أومأ بوجهه للسجود فليكشفه حيث [ ما ] أومأت به الدابة » (3).

1299 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج (4) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يصلي النوافل في الأمطار وهو على دابته حيثما توجهت به قال : لا بأس ».

1300 - وسأل علي بن يقطين أبا الحسن عليه السلام « عن الرجل يخرج في السفر ثم يبدو في الإقامة (5) وهو في الصلاة ، قال : يتم إذا بدت له الإقامة. وعن الرجل يشيع أخاه إلى المكان الذي يجب عليه فيه التقصير والافطار ، قال : لا بأس بذلك ».

ص: 446


1- أي هذه مشقة غير لازمة ، وفى التهذيب « فقال : ما هذا الضيق أما لك في رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أسوة ».
2- يدل على عدم البأس بالمحاذاة معها إذا كانت لا تصلى.
3- أي حيث توجهت به الدابة وإن كان على غير القبلة. والطريق ضعيف بمفضل.
4- الطريق صحيح ، وكذا في الخبر الآتي.
5- أي ينوى الإقامة في أثناء الصلاة التي عقدها على أنها مقصورة. ( مراد )

ولا بأس بالجمع بين الصلاتين في السفر والحضر من علة وغير علة (1).

ولا بأس بتأخير المغرب في السفر حتى يغيب الشفق (2).

ولا بأس بتأخير المغرب للمسافر إذا كان في طلب المنزل إلى ربع الليل (3).

1301 - وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « أنت في وقت المغرب في السفر إلى خمسة أميال من بعد غروب الشمس » (4).

ولا بأس بتعجيل العتمة في السفر قبل مغيب الشفق (5).

1302 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن حد الطين الذي لا يسجد فيه ما هو؟ قال : إذا غرقت فيه الجبهة ولم تثبت على الأرض » (6).

1303 - وقال معاوية بن عمار لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن أهل مكة يتمون الصلاة بعرفات قال : ويلهم أو ويحهم (7) وأي سفر أشد منه لا ، لا يتم » (8).

1304 - وقال الصادق عليه السلام : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لما نزل عليه جبرئيل

ص: 447


1- الاخبار بذلك متظاهرة من طرق العامة والخاصة. (م ت)
2- لا يبعد أن يكون إشارة إلى طريق الجمع بين المغرب والعشاء.
3- رواه الشيخ عن عبد اللّه بن سنان وعمر بن يزيد ، وفى بعض الأخبار إلى ثلث الليل قال الكليني : « وروى أيضا إلى نصف الليل » الكافي ج 3 ص 432.
4- أي إلى أن يقطع قدرها خمسة أميال وهو فرسخ وثلثا فرسخ. ( مراد )
5- روى الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب والكليني في الكافي ج 3 ص 431 في حديث عن الحلبي « قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : لا بأس بأن تعجل العشاء الآخرة في السفر قبل أن يغيب الشفق ».
6- هذا الخبر كما ترى أجنبي عن الباب ، ويناسب أبواب مكان المصلي أو باب السجود وما يسجد عليه.
7- الشك من الراوي ، والأولى كلمة عذاب ، والثانية كلمة رحمة. ( مراد )
8- قوله عليه السلام « لا » أي لا ينبغي لهم الاتمام ، و « لا » الثانية ناهية أو نافية فيكون مدخولها خبرا في معنى النهى. ( مراد )

بالتقصير ، قال له النبي صلى اللّه عليه وآله : في كم ذلك؟ فقال : في بريد قال : وكم البريد؟ قال : ما بين ظل عير إلى فيئ وعير (1) فذرعته بنو أمية ثم جزأوه على اثني عشر ميلا

ص: 448


1- قال السمهودي في وفاء الوفاء : ان « عير » بفتح العين وسكون الياء جبل قرب ذي الحليفة في جنوبي المدينة المكرمة و « وعيرة » بفتح الواو وآخرها هاء جبل في غربي أحد وهو شمال المدينة المشرفة. ا ه. وقال استاذنا الشعراني - مد ظله - بعد نقل هذا الكلام : « لما كان ذرع المسافة بين رأس الجبلين أو مسقط حجرهما غير ممكن اعتبر( ص) الظل و انما قال:« في ء و عير» لان ظلّها قبل الزوال يكون شمالا أو غربا وراء الجبل حيث لا يراه من هو في جانب المدينة و الانسب أن يعتبر الفي ء أول ظهوره بعد الزوال لا عند الغروب اذ يصير في ء الجبل قريب الغروب طويلا جدا بحيث لا يشخص منتهاه، و أما« ظل عير» فالمناسب أن يراد به ظل وقت الزوال لان هذا الجبل في جنوبى المدينة المشرفة و الجانب الشمالى منه يواجه البلد و ظلّه عند الزوال الى سمت البلد و يتمكن الواقف عنده من تعيين رأس الظل و المساحة و أمّا عند الطلوع فالظل طويل الى جانب المغرب الى غير النهاية و لا يتشخص، و بالجملة فالمسافة المذكورة في الحديث من الشمال الى الجنوب بريد أربعة فراسخ، و المدنيّ يرى من البلد شرّفه اللّه تعالى ظلّ عير في جميع حالاته من طلوع الشمس الى غروبها و الجبل في الجنوب الشرقى و في ء و عير بعد الزوال فقط حين يظهر من مشرق الجبل، و أمّا و عير و أحد و ثور فجميعها من الشمال فأحد معروف و ثور جبل صغير غير مشهور و هو غربى أحد وعيرة غربى ثور و لذا ورد في أحاديث العامّة بين عير و ثور و في بعضها بين عير و أحد و مفاد الجميع مع ما ورد بين عير و وعير واحد. و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: الظاهر أنهما جبلان بالمدينة و المشهور عاير و وعير فعلى تقدير التعدّد يمكن أن يكون المراد بظل عير ظله قريبا من طلوع الشمس و يكون قريبا من فرسخين، و كذا في ء و عير قريبا من الغروب و يتصلان فيكون أربعة فراسخ، و على تقدير الوحدة يكون كل واحد من ظله و فيئه فرسخين، و في نسخة« ما بين ظل عير الى وعير» لكن في الكافي كالاول« ظل عير الى في ء وعير» و في نسخة منه« عاير» بدل« عير». انتهى. و قال الفاضل التفرشى: يفهم من الحديث أن و عيرا أيضا جبل بالمدينة و لعله مصغر الوعر، و الظل معروف و قد يطلق على ما يبقى من ظل الشاخص بعد تنقصه عند وصول الشمس الى دائرة نصف النهار و يسمى الظل الأول أيضا و هو المراد بالظل هنا و ما يزيد عليه أو يحدث بعد-- انعدامه هو الظل الثاني و يسمى فيئا و لكن الفي ء يزيد شيئا فشيئا و لم يتبين من الحديث أنه متى يعتبر و لا يبعد أن يعتبر عند ما يساوى الظل- انتهى. و قال الأستاد: قوله« هو المراد هنا» صحيح على ما قلنا من معنى الحديث، و كون جبل عير في جهة الجنوب من المدينة المشرفة، و أمّا ما ذكره من تقدير الفي ء فلم نعلم وجهه و الصحيح ما ذكرناه أولا، و يجب أخذ كل شي ء من أهله و السمهودى من أهل هذا البلد الشريف و عالم باخباره و تاريخه و يظهر به معنى الحديث من غير تكلف.

فكان كل ميل ألفا وخمسمائة ذراع (1) وهو أربعة فراسخ.

يعني أنه إذا كان السفر أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب ، ومتى لم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر وتصديق ما فسرت من ذلك (2) :

1305 - خبر جميل بن دراج ، عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن التقصير فقال : بريد ذاهب وبريد جائي. وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا أتى ذبابا (3)

ص: 449


1- هذا وهم من الراوي وروى نحوه الكليني في الكافي ج 3 ص 432 وفيه ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع ، وقال الفاضل التفرشي : المشهور أن الميل أربعة آلاف ذراع فالفرسخ اثنا عشر ألف ذراع ، وفى الشرايع : الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربعة وعشرون إصبعا تعويلا على المشهور بين الناس أو مد البصر من الأرض وفسر ذلك بما يتميز معه الفارس من الراجل وظاهر أن عمل بنى أمية وأخبارهم ليس بحجة. انتهى. و قوله« هو أربعة فراسخ» ظاهره من تتمة الخبر و الضمير راجع الى البريد.
2- لا يخفى أن شيئا من الاحتمالين لا يستقيم في خبر معاوية بن عمار في باب عرفات إذ ليس في إرادة أهل مكة الرجوع من يومه من عرفات إلى مكة فلا يستقيم الاحتمال الأول والنهى عن الاتمام مصرح فيه فلا يحتمل الخيار فلا يستقيم الاحتمال الثاني الا أن يحمل النهى عن التمام على تعيين التمام بخصوصه ردا على توهم أهل مكة وهو بعيد ، والعلامة - رحمه اللّه - في المختلف حمل الأخبار الدالة على القصر في بريد على إرادة الرجوع ليومه ، ولا يخفى عدم استقامة هذا الحمل في خبر أهل مكة وعرفات كما عرفت فالظاهر ما اختاره ابن أبي عقيل من عدم تقييد وجوب القصر بإرادة الرجوع ليومه بل يكفي إرادة ما دون عشرة أيام. ( سلطان )
3- أي روضات الذباب. وأما ذباب بكسر أوله : فجبل بالمدينة.

قصر. وذباب على بريد وإنما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريد بن ثمانية فراسخ. (1)

1306 - وسأل زكريا بن آدم (2) أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن التقصير في كم يقصر الرجل إذا كان في ضياع أهل بيته وأمره جائز فيها (3) يسير في الضياع يومين وليلتين وثلاثة أيام ولياليهن؟ فكتب : التقصير في مسيرة يوم وليلة ». (4)

1307 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن امرأة كانت في طريق مكة فصلت ذاهبة وجائية المغرب ركعتين ركعتين فقال : ليس عليها إعادة ».

وفي رواية الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال : « ليس عليها قضاء ». (5)

ص: 450


1- إذا كان قوله « وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله - الخ » داخلا في خبر زرارة يكون صريحا في المطلوب ، ولكنه محتمل لان يكون من كلام الصدوق على أنه يمكن أن يكون المراد رجوعه قبل العشرة كما ذكرناه سابقا (م ت) أقول : كونه من تتمة خبر زرارة ظاهر ويمكن أن يكون خبرا برأسه والا لا يستقيم احتجاج المؤلف - رحمه اللّه - مع أنه أورده احتجاجا.
2- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
3- أي أمره ماض فيها والمراد أنه بمنزلة وطنه. ( مراد )
4- يدل على أنه إذا كان السفر المقصود مسيرة يوم وليلة وهو ثمانية فراسخ كما فسر في الاخبار لا ينافيه أن يقطعه [ في يوم ] أو يومين أو ثلاثة ، ويدل على أن الضياع إذا لم تكن له لا يتم فيها وإن كان أمره نافذا فيها على الظاهر ، ويمكن أن يكون المراد أنه لا يقصر فيها إذا لم يكن السفر مقصودا بأن يقصد ضيعة أقل من المسافة ثم يقصد ضيعة أخرى مثلها وان تمادى في السفر (م ت) و قال الفاضل التفرشى: قوله« فى مسير يوم و ليلة» لعل المراد في مسير كل واحد لا المجموع فالمقصود بيان اشتراك اليوم و الليلة في أن التقصير في مسيرهما و ذكره الليلة لذكرها في السؤال.
5- يدل على أن الجاهل في قصر المغرب معذور ، وهذا خلاف المشهور ، وربما يختص هذا الحكم بالمرأة (م ت) وقال الفاضل التفرشي : دل على أن الجاهل بوجوب الاتمام في السفر إذا قصر معذور كما أن الجاهل بوجوب التقصير إذا أتم كان معذورا.

1308 - وفي رواية العلاء (1) عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم ، وإن صلى معهم الظهر فليجعل الأولتين الظهر والأخيرتين العصر ».

1309 - وسأل إسماعيل بن الفضل (2) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل يسافر من أرض إلى أرض وإنما ينزل قراه وضيعته ، فقال : إذا نزلت (3) قراك وأرضك فأتم الصلاة ، وإذا كنت في غير أرضك فقصر ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : يعني بذلك إذا أراد المقام في قراه وأرضه عشرة أيام ومتى لم يرد المقام بها عشرة أيام قصر إلا أن يكون لها به منزل يكون فيه في السنة ستة أشهر ، فإن كان كذلك أتم متى دخلها ، وتصديق ذلك :

1310 - ما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :  « سألته عن الرجل يقصر في ضيعته؟ فقال : لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام إلا أن يكون له بها منزل يستوطنه ، قال : قلت له : ما الاستيطان؟ فقال : أن يكون له بها منزل يقيم فيه ستة أشهر فإذا كان كذلك يتم فيها متى دخلها ». (4)

1311 - وما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الأول عليه السلام أنه قال : « كل

ص: 451


1- يعنى العلاء بن رزين القلاء مولى ثقيف صحب محمد بن مسلم وتفقه عليه وكان ثقة جليل القدر وجها وطريق المصنف إليه صحيح كما في الخلاصة.
2- الطريق مجهول ورواه الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب بسند موثق كالصحيح.
3- في بعض النسخ « ان نزلت ».
4- ظاهر هذا الخبر وكلام المصنف استيطان ستة أشهر في كل سنة والأصحاب اكتفوا بمجرد تحقق ذلك ولو متفرقا واللّه يعلم.

منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير ».

1312 - وقال الصادق عليه السلام : « في الرجل يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة أيقصر أو يتم؟ فقال : إن خرج لقوته وقوت عياله فليقصر وليفطر وإن خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة ». (1)

1313 - وروى أبو بصير أنه عليه السلام قال : « ليس على صاحب الصيد تقصير ثلاثة أيام فإذا جاوز الثلاثة لزمه » يعني الصيد للفضول. (2)

1314 - وروى عيص بن القاسم (3) عنه عليه السلام أنه « سئل عن الرجل يتصيد فقال : إن كان يدور حوله فلا يقصر (4) وإن كان تجاوز الوقت فليقصر ».

ولو أن مسافرا ممن يجب عليه التقصير مال عن طريقه إلى صيد (5) لوجب عليه التمام لطلب الصيد ، فإن رجع من صيده إلى الطريق فعليه في رجوعه التقصير (6).

ص: 452


1- « لا كرامة » أي في طلب الفضول وهو الذي لا يتعلق به غرض يتقرب به إلى اللّه عزوجل سواء كان أمرا دنيويا أو أخرويا ( مراد ) أقول : الخبر مروى في التهذيب والكافي بسند فيه ارسال ، وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : ظاهره يشمل صيد التجارة ولعل الأصحاب حملوه على اللغو الذي لا فائدة فيه. وقال في القاموس الفضولي - بالضم - : المشتغل بما لا يعنيه والخياط.
2- أي لغير قوته وقوت عياله ، والخير حمله الشيخ في التهذيب ج 1 ص 316 على ما إذا كان صيده لقوته وقوت عياله ، فأما من كان صيده للهو فلا يجوز له التقصير.
3- هو ثقة والطريق إليه صحيح.
4- أي وقت دورانه حول منزله ، ولعل المراد به أنه لم يصل إلى محل الترخص أو وصل ولم يقصد مسافة التقصير ، فتجاوزه يتحقق بتحقق الامرين ( مراد ) وقال سلطان - العلماء : لعله كناية عن اشتغاله بالصيد والمراد الصيد الفضول.
5- أي لم يبلغ المسافة ، والظاهر أن المراد الصيد للقوت. (م ت)
6- كما رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 316 بسند فيه أحمد بن محمد السياري الضعيف عن بعض أهل العسكر قال : « خرج عن أبي الحسين عليه السلام أن صاحب الصيد يقصر ما دام على الجادة فإذا عدل عن الجادة أتم فإذا رجع إليها قصر ».

ومن كان سفره معصية لله عزوجل فعليه التمام في الصلاة والصوم. (1)

وعلى المسافر أن يقول : في دبر كل صلاة يقصرها « سبحان اللّه والحمد اللّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر » ثلاثين مرة لتمام الصلاة. (2)

1315 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن خشيت أن لا تقوم في آخر الليل ، أو كانت بك علة أو أصابك برد فصل وأوتر في أول الليل في السفر ».

1316 - وسأل علي بن سعيد أبا عبد اللّه عليه السلام « عن صلاة الليل والوتر في السفر في أول الليل ، قال : نعم ».

1317 - وسأل سماعة بن مهران أبا الحسن الأول عليه السلام « عن وقت صلاة الليل في السفر ، فقال : من حين تصلي العتمة إلى أن ينفجر الصبح ».

1318 - وروى حريز ، عمن حدثه عن أبي جعفر عليه السلام أنه « كان لا يرى بأسا بأن يصلي الماشي وهو يمشي ولكن لا يسوق الإبل ». (3)

ص: 453


1- روى المؤلف في كتاب الصوم والكليني في الكافي ج 4 ص 129 باسناده عن عمار ( أو محمد ) بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سمعته يقول : من سافر قصر وأفطر الا أن يكون رجلا سفره إلى صيد أو في معصية اللّه أو رسولا لمن يعص اللّه أو في طلب شحناء أو سعاية [ أو ] ضرر على قوم مسلمين ».
2- روى الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب ج 1 ص 319 باسناده عن سليمان بن حفص المروزي قال : قال الفقيه العسكري عليه السلام : « يجب على المسافر أن يقول في دبر كل صلاة يقصر فيها » سبحان اللّه والحمد لله ولا اللّه واللّه أكثر « ثلاثين مرة لتمام الصلاة ». وروى المؤلف في العيون مسندا عن رجاء بن أبي الضحاك عن الرضا عليه السلام « أنه صحبه في سفر فكان يقول في دبر كل صلاة يقصرها - التسبيحات - ثلاثين مرة ويقول : هذا تمام الصلاة » وقال الفاضل التفرشي قوله : « لتمام الصلاة » أي ليثاب بصلاة كاملة بحسب عدد الركعات لأنه لجبرانها.
3- لعل المراد عدم اشتغاله بما هو ليس من أفعال الصلاة سوى المشي ، وذكر سوق الإبل للتمثيل. ( مراد )

باب 60: العلة التي من أجلها لا يقصر المصلي في صلاة المغرب ونوافلها في السفر والحضر

1319 - سئل الصادق عليه السلام « لم صارت المغرب ثلاث ركعات وأربعا بعدها ليس فيها تقصير في حضر ولا سفر؟ فقال : إن اللّه تبارك وتعالى أنزل على نبيه صلى اللّه عليه وآله كل صلاة ركعتين ، فأضاف إليها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لكل صلاة ركعتين في الحضر ، وقصر فيها في السفر إلاالمغرب والغداة ، فلماصلى عليه السلام المغرب بلغه مولد فاطمة عليها السلام فأضاف إليها ركعة ، شكرا لله عزوجل ، فلما أن ولد الحسن عليه السلام أضاف إليها ركعتين شكرا لله عزوجل ، فلما أن ولد الحسين عليه السلام أضاف إليها ركعتين شكرا لله عزوجل ، فقال : للذكر مثل حظ الأنثيين » فتركها على حالها في الحضر والسفر(1).

باب 61: علة التقصير في السفر

1320 - ذكر الفضل بن شاذان النيسابوري رحمه اللّه في العلل التي سمعها من الرضا عليه السلام « أن الصلاة إنما قصرت في السفر لان الصلاة المفروضة أولا إنما هي عشر ركعات ، والسبع إنما زيدت فيها بعد فخفف اللّه عزوجل عن العبد تلك الزيادة لموضع سفره وتعبه ونصبه واشتغاله بأمر نفسه وظعنه وإقامته لئلا يشتغل عما لابد منه من معيشته رحمة من اللّه عزوجل وتعطفا عليه ، إلا صلاة المغرب فإنها لا تقصر لأنها صلاة مقصرة في الأصل. وإنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا

ص: 454


1- رواه المؤلف في العلل بسند مجهول ، ضعيف ، مرسل.

أكثر (1) لان ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والأثقال (2) فوجب التقصير في مسيرة يوم ، ولولم يجب في مسيرة يوم ، ولو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألف سنة ، وذلك لان كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم (3) فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره إذ كان نظيره مثله لا فرق بينهما ، وإنما ترك تطوع النهار ولم يترك تطوع الليل لان كل صلاة لا يقصر فيها لا يقصر في تطوعها. وذلك أن المغرب لا يقصر فيها فلا تقصير فيما بعدها من التطوع ، وكذلك الغداة لاتقصير فيها فلا تقصير فيما قبلها من التطوع ، وإنما صارت العتمة مقصورة وليس تترك ركعتيها لان الركعتين ليستا من الخمسين وإنما هي زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بهما بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع ، وإنما جاز للمسافر والمريض أن يصليا صلاة الليل وفي أول الليل لاشتغاله وضعفه ، وليحرز صلاته ، فيستريح المريض في وقت راحته ، و ليشتغل المسافر باشتغاله وارتحاله وسفره ».

1321 - وسأل سعيد بن المسيب (4) علي بن الحسين عليهما السلام فقال له : « متى فرضت الصلاة على المسلمين على ما هي اليوم عليه؟ فقال : بالمدينة حين ظهرت الدعوة وقوي الاسلام وكتب اللّه عزوجل على المسلمين الجهاد زاد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في الصلاة سبع ركعات : في الظهر ركعتين ، وفي العصر ركعتين ، وفي المغرب ركعة ، وفي العشاء الآخرة ركعتين ، وأقر الفجر على ما فرضت بمكة لتعجيل عروج ملائكة الليل إلى السماء

ص: 455


1- أي نيط التقصير بثمانية فراسخ ولم ينط بما هو أقل منها أو ما هو أكثر منها فالمراد بوجوب التقصير فيها نوط الوجوب بها ، فلا يرد أن لا مجال لقوله « ولا أكثر » لظهور أن التقصير واجب فيما زاد على ثمانية فراسخ. ( مراد )
2- أي حاملي الأثقال وهو جمع ثقل - كحمل وأحمال - أو جمع ثقل - بالتحريك - كفرس وأفراس. ( مراد )
3- أي في وقوعه بعد الليل الذي هو للاستراحة والنوم. ( مراد )
4- هو من فقهاء العامة وثقاتهم وله انقطاع إلى علي بن الحسين عليهما السلام ، وطريق الصدوق - رحمه اللّه - إليه غير مذكور في المشيخة وقال المولى المجلسي (رحمه الله) : رواه الصدوق في الصحيح.

ولتعجيل نزول ملائكة النهار إلى الأرض (1) فكانت ملائكة النهار وملائكة الليل يشهدون مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله صلاة الفجر فلذلك قال اللّه تبارك وتعالى « وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا » (2) يشهده المسلمون وتشهده ملائكة النهار وملائكة الليل ».

باب 62: الصلاة في السفينة

1322 - سأل عبيد اللّه بن علي الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الصلاة في السفينة فقال : يستقبل القبلة ويصف رجليه فإن دارت (3) واستطاع أن يتوجه إلى القبلة [ فليفعل ] وإلا فليصل حيث توجهت به. وإن أمكنه القيام فليصل قائما وإلا فليقعد ثم يصلي » (4).

1323 - وقال له جميل بن دراج : « تكون السفينة قريبة من الجد (5)

ص: 456


1- ربطه بتعجيل ملائكة الليل ظاهر وهو اما من حيث إنه سبب لتعجيلهم أو مسبب عنه وأما ربطه بتعجيل ملائكة النهار فغير ظاهر الا أن يقال : إن صلاة الصبح إذا كان قصيرة يعجلون في النزول ليدركوه بخلاف ما إذا كان طويلة لامكان تأخيرهم النزول إلى الركعة الثالثة والرابعة ، ولكن هذا إنما يستقيم لو لم يكن شهودهم واجبا من أول الصلاة والظاهر المشهور شهودهم من أول الصلاة فتأمل. ( سلطان )
2- سميت الصلاة قرآنا تسمية للشئ باسم جزئه. ( مراد )
3- « فان دارت » أي السفينة واستطاع المصلى أن يتوجه إلى القيلة بأن يدور على خلاف ما دارت عليه السفينة فليفعل. ( مراد )
4- روى الكليني في الكافي ج 3 ص 441 مثله في الصحيح عن حماد بن عثمان عنه عليه السلام وفى الحسن كالصحيح عن حماد بن عيسى ما يقرب منه.
5- الجد - بضم المعجمة وشد الدال المهملة - شاطئ النهر. وقوله « فأخرج » استفهام بحذف حرفه.

فأخرج وأصلي؟ قال : صل فيها ، أما ترضى بصلاة نوح عليه السلام ». (1)

1324 - وقال له إبراهيم بن ميمون (2) : « نخرج إلى الأهواز في السفن فنجمع فيها الصلاة (3) فقال : نعم ليس به بأس ، فقال له : فنسجد على ما فيها وعلى القير (4) قال : لا بأس ».

1325 - وروى عنه منصور بن حازم أنه قال : « القير من نبات الأرض ». (5)

1326 - وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام « في الرجل يصلي النوافل في السفينة ، قال يصلي نحو رأسها ». (6)

ص: 457


1- قال في الذكرى : « جواز الصلاة فيها فرضا ونفلا وان كانت سائرة هو قول ابن بابويه وابن حمزة ، وكثير من الأصحاب جوزوه ولم يذكروا الاختيار ، والأقرب المنع الا لضرورة » وقال سلطان العلماء : ولا يخفى أن حديث جميل بن دراج مع صحته يدل على جواز الصلاة اختيارا.
2- الطريق إليه صحيح ولكنه غير معلوم الحال. ورواه الشيخ في صحيح عنه أيضا.
3- أي نصلى جماعة. ( مراد )
4- هي مادة سوداء تطلى السفن بها. وقوله : « على ما فيها - الخ » يمكن حمله على الضرورة وعلى ما إذا كان مما يصح السجود عليه أو بعد القاء ذلك عليه. ( مراد )
5- أي حكمه حكم النبات في جواز السجود عليه في حال الاضطرار أو مطلقا وقد تقدم الاخبار في المنع والجواز ، ويمكن حمل أخبار المنع على الكراهة أو على الحرمة مع التمكن من غيره (م ت) وقال الفاضل التفرشي : قوله من نبات الأرض أي بمنزلته والا فليس مما يسمى نباتا ، ثم الحكم بكونه بمنزلة النبات لا يستلزم الحكم بصحة السجود عليه الا إذا ظهر أنه بمنزلة من جهة صحة السجدة عليه وهو غير ظاهر من الحديث ، ونقل المؤلف إياه في هذا البحث لا يوجب حمل الحديث عليه ، نعم ذلك يفيد أنه - رحمه اللّه - حمله عليه ، وحمل الشيخ - رحمه اللّه - مثله في الاستبصار على الضرورة أو التقية. أقول: الطريق صحيح كما في الخلاصة.
6- أي يجعل رأسها قبلة فيتوجه حيث توجهت السفينة وذلك لعدم اشتراط النافلة بالاستقبال ولعل التخصيص برأسها لأنه بمنزلة رأس الدابة. ( مراد )

1327 - وسأل يونس بن يعقوب (1) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الصلاة الفرات وما هو أصغر منه من الأنهار في السفينة فقال : إن صليت فحسن وإن خرجت فحسن. (2) وسأله عن الصلاة في السفينة وهي تأخذ شرقا وغربا فقال : استقبل القبلة ثم كبر ثم در مع السفينة حيث دارت بك ». (3)

1328 - وسأله هارون بن حمزة الغنوي (4) « عن الصلاة في السفينة ، فقال : إن كانت محملة ثقيلة إذا قمت فيها لم تتحرك فصل قائما ، وإن كانت خفيفة تكفأ فصل قاعدا ». (5)

1329 - وسأل علي بن جعفر عليه أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يكون في السفينة هل يجوز له أن يضع الحصير على المتاع أو ألقت (6) والتبن والحنطة و

ص: 458


1- تقدم مرارا أن في طريقه الحكم بن مسكين ولم يوثق صريحا.
2- يدل على جواز الصلاة في السفينة مع امكان الخروج كما هو الغالب في الأنهار الصغيرة ، وعلى وجوب الاستقبال مهما أمكن. (م ت)
3- قوله عليه السلام : « ثم در مع السفينة حيث دارت بك » ظاهره أن المراد بدوران المصلى دورانه بالعرض بدوران السفينة فلا يلتفت إلى غير ما يتوجه إليه من أجزاء السفينة وحينئذ ينبغي حمله على ما إذا لم يستطع من الاستقبال اما لمانع أو لسرعة حركتها بحيث لو دار المصلى مثلها على خلاف جهتها لخروج عن هيئة الصلاة ، وفى قول السائل « وهي تأخذ شرقا وغربا » ايماء إلى ذلك ، ويحتمل أن يراد دوران المصلى بالذات إلى ما لا يفوته الاستقبال فيدور على خلاف ما دارت عليه السفينة ، فمعنى « مع السفينة » مع دوران السفينة وحينئذ يقيد بما إذا لم يكن مانع من دوران المصلى كما مر. ( مراد )
4- ثقة عين وفى طريق المؤلف إليه يزيد بن إسحاق شعر ولم يوثق ، لكن الطريق عند العلامة - رحمه اللّه - صحيح.
5- « تكفأ » على صيغة المجهول اما من كفأت الاناء أي كببته وقلبته ، وهو مكفوء أي مكبوب مقلوب ، أو من أكفأته من باب الافعال فهو مكفأ بمعناه. ( م ح ق )
6- قال الفيومي في المصباح : ألقت : الفصفصة إذا يبست وقال الأزهري : ألقت حب برى لا ينبته الآدمي ، فإذا كان عام قحط وفقد أهل البادية ما يقتاتون به من لبن وتمر و نحوهما دقوه وطبخوه واجتزؤا به على ما فيه من الخشونة - انتهى أقول : هو ما يقال له بالفارسية « اسفست ». والتبن : ساق الذرع بعد دياسه. قال المولى المجلسي - رحمه اللّه - الغرض من السؤال اما لعدم الاستقرار التام أو لحرمة المأكول ، والجواب بعدم اللزوم وعدم الحرمة أو للاضطرار وإن كان مكروها أو حراما في حال الاختيار.

الشعير وغير ذلك (1) ثم يصلي عليه؟ فقال : لا بأس ».

1330 - وقال علي عليه السلام : « إذا ركبت السفينة وكانت تسير فصل وأنت جالس (2) وإذا كانت واقفة فصل وأنت قائم ».

1331 - وقال أبو جعفر عليه السلام (3) لبعض أصحابه : « إذا عزم اللّه لك على البحر (4) فقل الذي قال اللّه عزوجل » بسم اللّه مجريها ومرسيها إن ربي لغفور رحيم « فإذا اضطرب بك البحر فاتك على جانبك الأيمن وقل : بسم اللّه أسكن بسكينة اللّه وقر بقرار اللّه ، واهدأ (5) بإذن اللّه ، ولا حول ولا قوة إلا باللّه ».

1332 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « كان أبي عليه السلام يكره الركوب في البحر للتجارة » (6)

ص: 459


1- في بعض النسخ « وأشباه ذلك ».
2- حمل على التعذر للأخبار المتقدمة وغيرها. (م ت) 3. لعل فيه سهودا.
3- أي وقع في قلبك العزم على الركوب. والخبر أصله كما في الكافي ج 3 ص 471 مسندا عن علي بن أسباط قال : « قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : جعلت فداك ما ترى آخذ برا أو بحرا فان طريقنا مخوف شديد الخطر؟ فقال : اخرج برا ولا عليك أن تأتى مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وتصلى ركعتين في غير وقت فريضة ثم لتستخير اللّه مائة مرة ومرة ثم تنظر فان عزم اللّه لك في البحر فقل الذي قال اللّه عزوجل : وقال اركبوا فيها بسم اللّه مجريها ومرسيها - إلى آخر الحديث بلفظه مع زيادة في آخره - » والظاهر أن السهو من المصنف حيث أسنده إلى أبى جعفر عليه السلام. وقد جاء الخبر في الكافي مكررا بألفاظ مختلفة كلها من حديث ابن الجهم وعلي بن أسباط عن الرضا عليه السلام.
4- أي في حال سيرها وحال سكونها ووقوفها. ورسى الشئ يرسوا : ثبت.
5- أي أسكن ، من الهدوء وهو السكون.
6- في الكافي ج 5 ص 256 مسندا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبى عبد اللّه عليهما السلام « أنهما كرها ركوب البحر للتجارة ».

1333 - وسأل محمد بن مسلم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن ركوب البحر في هيجانه فقال : ولم يغرر الرجل بدينه؟ » (1).

1334 - « ونهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن ركوب البحر في هيجانه »

1335 - وقال عليه السلام : « ما أجمل في الطلب من ركب البحر » (2).

باب 63: صلاة الخوف والمطاردة والمواقفة والمسايقة

صلاة الخوف والمطاردة والمواقفة والمسايقة (3)

1336 - روى عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن الصادق عليه السلام أنه قال : صلى النبي صلى اللّه عليه وآله بأصحابه في غزاة ذات الرقاع(4) ففرق أصحابه فرقتين ، فأقام فرقة بإزاء

ص: 460


1- في الكافي أيضا مسندا عن ابن مسلم « عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : في ركوب البحر للتجارة يغرر الرجل بدينه » وفيه عن المعلى بن خنيس قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسافر فيركب البحر؟ فقال : ان أبى كان يقول : انه يضر بدينك هو ذا الناس يصيبون أرزاقهم ومعيشتهم ». وقوله « في هيجانه » اما « في » بمعنى مع أي مع هيجانه لان الغالب لا يخلو البحر منه أو المراد وقت هيجانه. و « يغرر » من التغرير أي لم جعل الرجل دينه في معرض الهلاك وقد أمر أن لا يلقى بنفسه إلى التهلكة في قوله تعالى « ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ».
2- في الكافي ج 5 ص 256 ابن أسباط عن الرضا عليه السلام في حديث - إلى أن قال : - « وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما أجعل في الطلب من ركب البحر ». وفى خبر آخر عن علي بن إبراهيم رفعه قال : قال علي عليه السلام : « ما أجمل في الطلب من ركب البحر للتجارة » وقوله « ما » في « ما أجعل » بقرينة ما تقدم نافية ، وقيل : يمكن أن يكون « ما أجمل » فعل تعجب فالمعنى طلب شئ في ركوب البحر مستحسن.
3- المطاردة في الحرب حملة بعضهم على بعض ، والمواقفة : المحاربة ووقوف بعضهم في قبال بعض محاربا. والمسايفة : المجادلة بالسيوف.
4- هي غزوة معروفة كان في سنة أربع أو خمس من الهجرة بأرض غطفان من نجد وقال ابن هاشم : إنما قيل لها ذات الرقاع لأنهم رقعوا فيها راياتهم ، ويقال : ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع يقال لها : ذات الرقاع. ونقل عن أبي ذر قال : إنما قيل له ذات الرقاع لأنهم نزلوا بجبل يسمى بذلك ، وقيل : ذات الرقاع : هي بئر جاهلية على ثلاثة أميال من المدينة وإنما سميت بذلك لان تلك الأرض بها بقع سود وبقع بيض كلها مرقعة برقاع مختلفة. وفى صحيح البخاري من طريق أبى موسى الأشعري قال : « خرجنا مع النبي صلى اللّه عليه وآله في غزاة ونحن ستة بيننا بعير نعتقبه فنقبت أقدامنا ونقبت قدماي وسقطت أظفاري فكنا نلف على أرجلنا الخرق ، فسمين غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا ». فيكف كان قال ابن إسحاق فلقي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بها جمعا عظيما من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب ، وقد خاف الناس بعضهم بعضا ، حتى صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله صلاة الخوف ، ثم انصرف بالناس.

العدو وفرقة خلفه فكبر وكبروا فقرأ فأنصتوا فركع وركعوا فسجد وسجدوا ، ثم استمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قائما (1) فصلوا لأنفسهم ركعة ، ثم سلم بعضهم على بعض ، ثم خرجوا إلى أصحابهم فقاموا بإزاء العدو ، وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وكبر فكبروا وقرأ فأنصتوا وركع فركعوا وسجد فسجدوا (2) ثم جلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فتشهد ثم سلم عليهم (3) فقاموا ، ثم قضوا لأنفسهم ركعة

ص: 461


1- كذا ، وفى الكافي « ثم استتم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قائما ».
2- من قوله « وكبر فكبروا - إلى قوله - ثم جلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » ليس في الكافي ولا في التهذيب بل فيهما هكذا « وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فصلى بهم ركعة ثم تشهد - الحديث » ولعل قوله « وكبر » زيادة سهوا من النساخ ، وقال الفاضل التفرشي : ظاهر ان هذا التكبير من رسول اللّه ليس للاحرام فلعله صلى اللّه عليه وآله أتى به ليكونوا مقتدين به في التكبير وإن كان تكبيره صلى اللّه عليه وآله وتكبيرهم للدخول في الصلاة فكان المقصود من قوله « اللّه أكبر » قولوا اللّه أكبر وحينئذ معنى « وقرأ فأنصتوا » قرأ ما بقي من القراءة وحمل تكبيره على تكبير القنوت وحمل قراءته على قراءة القنوت وحمل انصاتهم على اتيانهم بالقنوت اخفاتا واستماعهم لقنوت النبي صلى اللّه عليه وآله لا يخلو من بعد.
3- فيه ايماء إلى أنه صلى اللّه عليه وآله قصد المأمومين بالسلام وكذا قوله « ثم سلم بعضهم على بعض » يشعر بأن بعض المأمومين قصد بالسلام بعضا. ( مراد ).

ثم سلم بعضهم على بعض (1)اشتراط ذلك في الثنائية واضح أما في الثلاثية فقد الشهيدان بجواز تفريقهم ثلاث فرق وهو انما يتم اذا جوزنا الانفراد اختيارياً الا أن المروی خلافه.(2).

وقد قال اللّه تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وآله (3) : « وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أو تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن اللّه أعد للكافرين عذابا مهينا * فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا اللّه قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا » (4) فهذه

ص: 462


1- إلى هنا آخر الحديث كما في الكافي ج 3 ص 456 والتهذيب ج 1 ص 304. وقال في الدروس : صلاة الخوف أنواع أحدها صلاة ذات الرقاع وشروطها كون العدو في غير القبلة وقوته بحيث يخاف هجومه ، وكثرة المسلمين بحيث يمكنهم الافتراق وأن لا يحتاج إلى الزيادة على الفرقتين
2- . وثانيها صلاة بطن النخل وهي أن يكمل الصلاة بكل فرقة وثانية نفل له. وثالثها صلاة عسفان ونقل لها كيفيتان أن يصلى بكل فرقة ركعة ويسلمون عليها فيكون له ركعتان ولكل فريق ركعة واحدة رواها الصدوق وابن الجنيد ورواها حريز في الصحيح وأن يصفهم صفين ويحرم بهم جميعا ويركع بهم فإذا سجد سجد معه الصف الأول وحرس الثاني فإذا قام سجد الحارسون أولا ويحرس الساجدون سواء انتقل كل صف إلى موضع الاخر أو لا ، وإن كان النقل أفضل. وهذه الصلاة وان لم يذكرها كثير من الأصحاب فيه ثابتة مشهورة راجع كنز العرفان.
3- في سورة النساء : 104.
4- قوله : « كنت فيهم » أي في أصحابك الضاربين في الأرض الخائفين عدوهم أن يغزوهم « فأقمت لهم الصلاة » بأن تؤمهم « فتقم » في الركعة الأولى « طائفة منهم معك » وتقوى الأخرى تجاه العدو « وليأخذوا أسلحتهم ، لأنه أقرب إلى الاحتياط » فإذا سجدوا سجدة الركعة الأولى فصلوا لأنفسهم ركعة أخرى « فليكونوا من ورائكم » أي وقفوا موقف أصحابهم يحرسونهم « ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا » أي ركعتهم الأولى « معك » وأنت في الثانية فإذا صليت قاموا إلى ثانيتهم وأتموها ثم جلسوا ليسلموا معك ، وليأخذوا حذرهم ، يعنى وليكونوا حذرين من عدوهم متأهبين لقتالهم بأخذ الأسلحة « ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم » أي تمنوا أن يجدوا منكم غرة في الصلاة « فيميلوا عليكم ميلة واحدة » أي يحملون عليكم حملة واحدة وأنتم متشاغلون بصلاتكم فيصيبون منكم غرة فيقتلونكم ولذا أمرتم بأخذ السلاح « ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى » فيثقل عليكم حمل السلاح « أن تضعوا أسلحتكم » أي إذا ضعفتم عن حملها وهذا يدل على أن الامر بأخذ الأسلحة للوجوب « وخذوا حذركم » أي احترزوا ذلك من عدوكم « ان اللّه أعد للكافرين عذابا مهينا » لما كان أمرهم بالحزم يوهم أنه لضعفهم وغلبة الكفار بل أزال الوهم بوعدهم ان اللّه يهين عدوهم وينصرهم عليه لتقوى قلوبهم « فإذا قضيتم الصلاة » فرغتم منها وأنتم محاربوا عدوكم « فاذكروا اللّه قياما وقعودا وعلى جنوبكم » أي في كل حال فإذا أردتم فعل الصلاة حال الخوف فصلوا كيف ما أمكن قياما وإذا كنتم لا تقدرون على القيام فصلوها قعودا وان لم تقدروا فعلى جنوبكم يعنى منحنين « فإذا اطمأننتم » بالأمن « فأقيموا الصلاة » بحدودها وشرائطها « ان الصلاة كانت على المؤمنين كتاب موقوتا » أي فرضا واجبا أو منجما.

صلاة الخوف التي أمر اللّه عزوجل بها نبيه صلى اللّه عليه وآله.

1337 - وقال (1) : « من صلى المغرب في خوف بالقوم صلى بالطائفة الأولى ركعة وبالطائفة الثانية ركعتين ».

ومن تعرض له سبع وخاف فوت الصلاة استقبل القبلة وصلى صلاته بالايماء فإن خشي السبع وتعرض له فليدر معه كيف دار وليصل بالايماء.

1338 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن الرجل يلقاه

ص: 463


1- الظاهر أنه من تتمة الحديث فيكون « قال » من قول الراوي وفاعله الصادق عليه السلام ( مراد ) أقول : لا وجه لهذا الاستظهار بل قوله « وقال » أي هو خبر مروى عنه عليه السلام كما يظهر من الاستبصار ج 1 ص 457 والتهذيب ج 1 ص 338 رواه زرارة عنه.

السبع وقد حضرت الصلاة فلم يستطع المشي مخافة السبع (1) قال : يستقبل الأسد ويصلي ويؤمي برأسه إيماء وهو قائم وإن ان الأسد على غير القبلة.

1339 - وسأل سماعة بن مهران أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يلقاه السبع وقد حضرت الصلاة فلا يستطيع المشي مخافة الأسد؟ قال : يستقبل الأسد ويصلي ويؤمي برأسه إيماء وهو قائم وإن كان الأسد على غير القبلة ».

1340 - وسأل سماعة بن مهران أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يأخذه المشركون فتحضره الصلاة فيخاف أن يمنعوه قال : يؤمي إيماء ».

1341 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قلت له : صلاة الخوف وصلاة السفر تقتصران جميعا؟ قال : نعم ، وصلاة الخوف أحق أن تقصر (2) من صلاة السفر لان فيها خوفا » (3).

1342 - وسمعت شيخنا محمد بن الحسن رضي اللّه عنه يقول : « رويت أنه سئل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عزوجل » : وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا « فقال : هذا تقصير ثان (4) وهو أن

ص: 464


1- أي إلى مأمن يصلى فيه مستقبلا. ( مراد )
2- صلاة الخوف مقصورة سفرا اجماعا إذا كانت رباعية سواء صليت جماعة أو فرادى وان صليت حضرا ففيه ثلاثة أقوال : أحدها - وهو الأصح - أنها تقصر للخوف المجرد عن السفر وعليه معظم الأصحاب ، وثانيها أنها لا تقصر الا في السفر على الاطلاق ، وثالثا أنها تقصر في الحضر بشرط الجماعة أما لو صليت فرادى أتمت وهو قوله الشيخ وبه صرح ابن إدريس . ( الذكرى )
3- في بعض النسخ « لأنه ليس فيها خوف ».
4- يمكن حمله على أن الخوف سبب ثان للتقصير فيكون للتقصير سببان أحدهما السفر والثاني الخوف وقد يجتمعان ولا امتناع فيه لان الأسباب الشرعية علامات وظاهر المؤلف - رحمه اللّه - أنه تقصير على تقصير حتى يرجع إلى أنه حينئذ يكتفى عن الرباعية بركعة كما قال به بعضهم وحمل ذلك على صلاة المأمومين فصلى كل فرقة ركعة مع الامام ويكتفى بها ويسلم بعضهم على بعض وقوله (عليه السلام) « وهو أن يرد » معناه على الأول أن التقصير رد ركعتين إلى ركعة فيرد الركعات الأربع إلى ركعتين ، وعلى الثاني أن التقصير على التقصير رد للركعتين المقصورتين إلى ركعة. ( مراد ). و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: قوله تعالى« إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ» المشهور في التفسير بين الخاصّة و العامّة أن الشرط باعتبار الغالب في ذلك الوقت و ذكر البيضاوى و غيره أنه قد تظافرت الاخبار على التقصير في حال الامن أيضا. و قوله« أَنْ يَفْتِنَكُمُ» أى يقاتلكم أو يصيبكم بمكروه.

يرد الرجل ركعتين إلى ركعة » وقد رواه (1) حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

1343 - وروى عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن الصادق عليه السلام « في صلاة الزحف (2) قال : تكبر وتهلل (3) يقول اللّه عزوجل : فإن خفتم فرجالا أو ركبانا » (4).

1344 - وروي عن أبي بصير (5) أنه قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول :

ص: 465


1- أي الحديث المذكور الذي روى لمحمد بن الحسن - رضى اللّه تعالى عنه - وفى التهذيب عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله اللّه عزوجل : « لا جناح عليكم أن تصروا من الصلاة ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا » قال : في الركعتين ينقص منهما واحدة وظاهره يفيد التقصير في كل ركعتين حتى في صلاة الصبح للجامع والمنفرد الا أن يشار بلام الركعتين إلى ركعتي المقصورة ، ويمكن ارجاع النقص إلى صفة الواحدة وهي الاقتداء دون ذاتها فلا يلزم منه أن يجعل الخوف الصلاة على ركعة واحدة ، بل إنما يجعل إحدى ركعتيها على الانفراد ، ويؤيد ذلك أن الكلام حينئذ لا يحتاج إلى التخصيص بالسفر. ( مراد )
2- زحف إليه زحفا : مشى والزحف : الجيش يزحفون إلى العدو. وقال المولى المجلسي : أي القتال وشدة الخوف.
3- في بعض النسخ « تكبير وتهليل » وظاهره الاكتفاء بهما عن القراءة والركوع والسجود ، وقوله : « يقول اللّه عزوجل » استشهاد على أن في صلاة الخوف لا يلزم الاتيان بجميع أركانها وليس استشهادا على صحة الاكتفاء بالتكبير والتهليل وهو ظاهر. ( مراد )
4- نقل الآية من حيث إنها تدل على أن صلاة الخوف يرخص فيها تغيير هيئة الصلاة بمقتضى الضرورة وان لم يدل على خصوص ما نحن فيه. ( سلطان )
5- الطريق ضعيف ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 304 بسند موثق كالصحيح.

إن كنت في أرض مخوفة فخشيت لصا أو سبعا فصل الفريضة وأنت على دابتك ».

1345 - وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « الذي يخاف اللصوص يصلي إيماء على دابته » (1).

1346 - وقد رخص في صلاة الخوف من السبع « إذا خشيه الرجل على نفسه أن يكبر ولا يؤمي » (2) ، رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام.

1347 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « الذي يخاف اللصوص والسبع يصلي صلاة المواقفة إيماء على دابته ، قال : قلت : أرأيت إن لم يكن المواقف (3) على وضوء كيف يصنع ولا يقدر على النزول؟ قال : قلت : يتيمم من لبد دابته أو سرجه أو معرفة دابته (4) فإن فيها غبارا ، ويصلي ويجعل السجود أخفض من الركوع ، ولا يدور إلى القبلة ولكن أينما دارت دابته ، غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه ».

1348 - وروى عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « صلاة الزحف على الظهر إيماء برأسك (5) وتكبير (6) والمسايفة تكبير بغير إيماء (7) ،

ص: 466


1- في التهذيب في الصحيح عن حريز عن زرارة قال : قال « أبو جعفر عليه السلام : الذي يخاف اللصوص والسبع يصلى صلاة الموافقة ايماء على دابته » أي صلاة المحاربة مأخوذة من وقوف كل من الخصمين بحرب الاخر. وقوله « يصلى ايماء » يعنى يصلى بالقراءة ويؤمى للركوع والسجود مع الامكان.
2- حمل على عدم الامكان جمعا. (م ت)
3- الموقف : المحارب وزنا ومعنى ، سمى به لوقوفه بين يدي خصمه. ( الوافي )
4- معرفة الدابة : منبت عرفها. والعرف بالضم والضمتين - شعر عنقها. ( الوافي )
5- « على الظهر » أي على ظهر الدابة ، وفى بعض النسخ « ايماء برأسه ».
6- قوله : « وتكبير » حمل على تكبير الاحرام ، وقيل بالقراءة مع ذلك ، وظاهر الخبر الاكتفاء بالتكبير فتأمل. ( سلطان )
7- كذا في جميع النسخ ، وفى التهذيب « المسايفة تكبير مع ايماء » ويفهم من نسخة التهذيب وجوب الايماء للركوع والسجود إذا أمكن مع التكبير ، وظاهر الأصحاب ان الانتقال إلى التكبير إنما هو لتعذر الايماء ، وما في المتن ظاهر ، وحمل التكبير على تكبير الافتتاح بعيد.

والمطاردة إيماء يصلي كل رجل على حياله » (1).

1349 - وقال عليه السلام : « فات (2) الناس مع علي عليه السلام يوم صفين صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فأمرهم فكبروا وهللوا وسبحوا ، رجالا وركبانا ».

1350 - وفي كتاب عبد اللّه بن المغيرة (3) « أن الصادق عليه السلام قال : أقل ما

ص: 467


1- قوله « والمطاردة الايماء » أي مع القراءة ، وقوله « على حياله » أي قبال وجهه وبإزائه مستقبلا أي جهة كانت. ( سلطان ) وقيل : يعنى منفردا مع عدم التمكن من الجماعة. وقال المحقق - رحمه اللّه - في المعتبر : إذا انتهى الحال إلى المسايفة فالصلاة بحسب الامكان قائما أو ماشيا أو راكبا ويسجد على قربوس سرجه ، والا مؤميا ، ويستقبل القبلة ما أمكن و الا بتكبيرة الاحرام ولا يمنعهم الحرب ولا الكر ولا الفر وهو قول أكثر أهل العلم. و قال في الشرائع: و أمّا الصلاة المطاردة و تسمى شدة الخوف مثل أن ينتهى الحال الى المسايفة فيصلى على حسب امكانه واقفا أو ماشيا أو راكبا، و يستقبل القبلة بتكبيرة الاحرام ثمّ يستمر ان أمكنه و الا استقبل بما أمكنه، و صلى مع التعذر الى أي الجهات أمكن و إذا لم يتمكن من النزول صلى راكبا و يسجد على قربوس سرجه فان لم يتمكن أومأ ايماء، فان خشى صلى بالتسبيح و يسقط الركوع و السجود و يقول بدل كل ركعة« سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله الا اللّه و اللّه أكبر».
2- ليس هذا من تتمة خبر الحلبي كما ظنه بعض بل هو اما مضمون مأخوذ من ذيل صحيحة الفضلاء المروية في الكافي ج 3 ص 458 والتهذيب ج 1 ص 304 عن أبي جعفر عليه السلام أو خبر برأسه أرسله المؤلف (رحمه الله) عن أبي عبد اللّه عليه السلام ويؤدى ذلك مغايرته في المعنى في الجملة حيث إن في صحيحة الفضلاء « فان أمير المؤمنين عليه السلام صلى ليلة صفين لم تكن صلاتهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند وقت كل صلاة الا التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء - الحديث » فيفهم من ظاهرها أنهم صلوا معه عليه السلام جماعة بخلاف ما في هذا الخبر لان ظاهر قوله عليه السلام « فات الناس مع علي عليه السلام » أي فاتهم جماعة ، ويمكن أن يكون المراد فاتهم تامة الامكان فلا يختلف.
3- رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن عبد اللّه بن المغيرة عن بعض أصحابنا وهو وإن كان مرسلا الا أنه مطابق للعمل والأخبار الصحيحة.

يجزي في حد المسابقة من التكبير تكبيرتان (1) لكل صلاة إلا المغرب ، فإن لها ثلاثا [ من التكبير ] ».

1351 - وسأله سماعة بن مهران « عن صلاة القتال ، فقال : إذا التقوا فاقتتلوا فإنما الصلاة حينئذ تكبير ، وإذا كانوا وقوفا (2) لا يقدرون على الجماعة فالصلاة إيماء ».

والعريان يصلي قاعدا ويضع يده على عورته ، وإن كانت امرأة وضعت يدها على فرجها ، ثم يؤميان إيماء ويكون سجودهما أخفض من ركوعهما ، ولا يركعان ولا يسجدان فيبدو ما خلفهما ولكن إيماء برؤوسهما (3).

وإن كانوا جماعة صلوا وحدانا (4). وفي الماء والطين تكون الصلاة بالايماء (5) والركوع

ص: 468


1- ظاهره كفاية تكبيرة عن كل ركعة ، ويمكن أن يراد من التكبير التسبيحات الأربع فإنها تدل على كبريائه تعالى وتقدس فيأتي بها في كل ركعة بعد النية وتكبيرة الاحرام وكذا في حديث سماعة « فإنما الصلاة حينئذ تكبيرة ». ( مراد )
2- أي واقفين للحرب. ( مراد )
3- في الكافي ج 3 ص 396 بسند حسن كالصحيح عن زرارة قال : « قلت لأبي جعفر عليه السلام : رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه ولم يجد شيئا يصلى فيه؟ فقال : يصلى ايماء ، فان كانت امرأة جعلت يدها على فرجها ، وإن كان رجلا وضع يده على سوءته ، ثم يجلسان فيؤميان ايماء ، ولا يسجدان ولا يركعان فيبدو ما خلفهما ، تكون صلاتهما ايماء برؤوسهما - الخ ».
4- لعل المراد بالوحدان جلوسهم في صف واحد لا يكون صف بعد الصف الذي يكون الامام أيضا فيه ( مراد ) أقول : في المعتبر ص 5 15 : « الجماعة مستحبة للعراة رجالا كانوا أو نساء ويصلون صفا واحدا جلوسا ، يتقدمهم الامام بركبتيه وهو اختيار علمائنا ، وقال أبو حنيفة : يصلون فرادى ، وان كانوا في ظلمة صلوا جماعة ».
5- روى الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب في حديث موثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يصيبه مطر وهو في موضع لا يقدر أن يسجد فيه من الطين ولا يجد موضعا جافا؟ قال : يفتتح الصلاة فإذا ركع فليركع كما يركع إذا صلى فإذا رفع رأسه من الركوع فليؤم بالسجود ايماء وهو قائم يفعل ذلك حتى يفرغ من الصلاة يتشهد وهو قائم ثم يسلم ». ورواه ابن إدريس في مستطرفات السرائر ص 483 من كتاب نوادر المصنفين تصنيف محمد بن علي بن محبوب الأشعري عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن الصادق (عليه السلام).

أخفض من السجود. (1)

باب 64: ما يقول الرجل إذا أوى إلى فراشه

1352 - قال الصادق عليه السلام : « من تطهر ثم أوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده ، فإن ذكر أنه ليس على وضوء فليتيمم من دثاره [ و ] كائنا ما كان لم يزل في صلاة ما ذكر اللّه عزوجل (2) ».

1353 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : « إذا توسد الرجل يمينه فليقل : « بسم اللّه اللّهم إني أسلمت نفسي إليك ، ووجهت

ص: 469


1- قال الشيخ المفيد - رحمه اللّه - في المقنعة : « يصلى السابح في الماء عند غرقه وضرورته إلى السباحة مؤميا إلى القبلة ان عرفها والا ففي وجهه ، ويكون ركوعه أخفض من سجوده لان الركوع انخفاض والسجود ايماء إلى القبلة. وكذلك صلاة الموتحل » ا ه يعنى يجب على الغريق والموتحل الصلاة مؤميا الا أن ايماءهما في الركوع أخفض من ايمائهما في السجود ، بخلاف صلاة القاعد فان ايماءه في السجود يجب أن يكون أخفض من الركوع.
2- رواه الشيخ في التهذيب مرسلا وكذا الاخبار الآتية موافقا لما في الفقيه وقال صاحب المنتقى : يظهر من توافق ترتيب هذه الأخبار في الفقيه والتهذيب أن الشيخ أخذها من كتاب الفقيه ، ولا غرو. و في الوافي: الدثار- بالكسر-: ما فوق الشعار من الثياب، و انما كان لم يزل في الصلاة ما دام يذكر اللّه تعالى لانه أتى بما تيسر له في مثل تلك الحال من أفعال الصلاة أعنى الطهارة و الذكر. انتهى. و قال الفاضل التفرشى: لعل الدثار هنا يشمل اللحاف و غيره، و قوله عليه السلام: « كائنا ما كان» أي من الوضوء و التيمم، و يمكن أن يراد به التعميم فيما يتيمم به.

وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، وتوكلت عليك رهبة منك ورغبة إليك ، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبرسولك الذي أرسلت » ثم يسبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام. ومن أصابه فزع عند منامه فليقرأ إذا أوى إلى فراشه المعوذتين وآية الكرسي ».

1354 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « لا يدع الرجل أن يقول عند منامه : « أعيذ نفسي وذريتي وأهل بيتي ومالي بكلمات اللّه التامات من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة » (1) فذلك الذي عوذ به جبرئيل عليه السلام الحسن والحسين عليهما السلام ».

1355 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال له : « اقرأ قل هو اللّه أحد ، وقل يا أيها الكافرون عند منامك فإنها براءة من الشرك (2) وقل هو اللّه أحد نسبة الرب عزوجل ».

1356 - وروى بكر بن محمد (3) عنه عليه السلام أنه قال : «من قال حين يأخذ مضجعه ثلاث مرات : « الحمد لله الذي علا فقهر ، والحمد لله الذي بطن فخبر ، والحمد لله الذي ملك فقدر ، والحمد لله الذي يحيي الموتى ويميت الاحياء وهو على كل شئ قدير « خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ».

1357 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « من قرأ هذه الآية عند منامه : « قل إنما أنا

ص: 470


1- في النهاية : الهامة - بشد الميم - كل ذات سم يقتل والجمع هوام ، وفى الصحاح لا يقع هذا الاسم الا على المخوف من الاحناش. جمع الحنش أي الهامة. واللامة - بشد الميم - أيضا ، والعين اللامة هي التي تصيب بسوء ، يقال : « أعيذه من كل هامة ولامة ». وفى الوافي اللامة : ذات اللممم وهو ضرب من الجنون يعتري الانسان.
2- الظاهر أن الضمير المؤنث يرجع إلى سورة « قل يا أيها الكافرون ».
3- رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، والحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق جميعا عن بكر بن محمد.

بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد إلى آخرها » سطع له نور إلى المسجد الحرام (1) حشو ذلك النور ملائكة يستغفرون له حتى يصبح » (2).

1358 - وروى عامر بن عبد اللّه بن جذاعة (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما من عبد يقرأ آخر الكهف حين ينام إلا استيقظ من منامه في الساعة التي يريد ».

1359 - وروى سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « من قال هذه الكلمات فأنا ضامن أن لا يصيبه عقرب ولا هامة حتى يصبح : أعوذ بكلمات اللّه التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ذرأ ، ومن شر ما برأ ، ومن شر كل دابة هو آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط مستقيم ».

1360 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا خفت الجنابة فقل في فراشك : اللّهم إني أعوذ بك من الاحتلام ، ومن سوء الأحلام ، ومن أن يتلاعب بي الشيطان في اليقظة والمنام ».

1361 - وروى العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عليهما السلام قال : « لم يقل أحد قط إذا أراد أن ينام : « إن اللّه يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا (4) [ إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا ] » فسقط عليه البيت »

باب 65: ثواب صلاة الليل

1362 - نزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى اللّه عليه وآله فقال له : « يا جبرئيل عظني

ص: 471


1- في الصحاح : سطع الغبار والرائحة والصبح سطوعا إذا ارتفع. وقال الفاضل التفرشي : لعل : سطع هنا بمعنى انبسط.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 185 مرسلا كما في الفقيه.
3- رواه في الكافي ج 2 ص 540 عن أحمد بن محمد الكوفي ، عن حمدان القلانسي ، عن محمد بن الوليد ، عن أبان عن عامر بن عبد اللّه بن جذاعة.
4- في بعض النسخ « إلى الآية ».

فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ، واحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه. شرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزه كف الأذى عن الناس » (1).

1363 - وروى بحر السقاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن من روح اللّه عزوجل ثلاثة : التهجد بالليل ، وإفطار الصائم ، ولقاء الاخوان ».

1364 - وقال أبو الحسن الأول عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان اللّه » قال : صلاة الليل ». (2)

1365 - وقال الصادق عليه السلام : « عليكم بصلاة الليل فإنها سنة نبيكم ، وأدب الصالحين قبلكم ، ومطردة الداء عن أجسادكم ». (3)

1366 - وروى هشام بن سالم عنه أنه قال : « في قول اللّه عزوجل « إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا » (4)(5) قال : قيام الرجل عن فراشه يريد به وجه اللّه عزوجل ، لا يريد به غيره ». (6)

ص: 472


1- حاصل الكلمات الثلاثة أن العيش لابد وأن ينتهى إلى الموت فلا ينبغي أن تريد طوله وتهتم به ، وكذا المحبوب لابد وأن تفارقه فلا ينبغي أن تطمئن قلبك به ، والعمل لابد وأن تلاقيه ولا يفارقك فلابد من أن تهتم به فتأتي بما هو صالح نافع تسرك ملاقاته ، وتترك ما هو مفسد ضار تسوءك ملاقاته. ( مراد )
2- أقول : روى الكليني في الكافي ج 3 ص 488 نحو ذيل الخبر مسندا عن الصادق (عليه السلام).
3- رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 488 بسند مجهول والمؤلف في العيون بهذا السند أيضا.
4- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 169 بسند فيه ارسال.
5- أي النفس الناشئة بالليل أي التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة ، أو العبادة الناشئة بالليل أي الحادثة ( سلطان ) وقوله : « أقوم قيلا » أي أشد وأحكم وأثبت مقالا.
6- الظاهر أنه عليه السلام فسر الناشئة بالقيام الواقع فيها مخلصا كما فسرت بقيام الليل أو العبادة التي تنشأ بالليل ، ويمكن أن يكون حاصل المعنى يقول عليه السلام ان العبادة المشكلة على النفس والتي تكون القلب موافقا مع اللسان هي العبادة التي يكون خالصة لوجه اللّه ، والا فلا اشكال فيها ولا موافقة لها كما هو الغالب على الناس. (م ت)

1367 - وقال الصادق عليه السلام : « يقوم الناس من فرشهم على ثلاثة أصناف : صنف له ولا عليه ، وصنف عليه ولا له ، وصنف لا عليه ولا له ، فأما الصنف الذي له ولا عليه فيقوم من منامه فتوضأ ويصلي ويذكر اللّه عزوجل فذلك الذي له ولا عليه ، وأما الصنف الثاني فلم يزل في معصية اللّه عزوجل فذلك الذي عليه ولا له ، وأما الصنف الثالث فلم يزل نائما حتى أصبح فذلك الذي لا عليه ولا له ».

1368 - وسأله عبد اللّه بن سنان « عن قول اللّه عزوجل : « سيماهم في وجوههم من أثر السجود » قال : هو السهر في الصلاة ». (1)

1369 - وروى عنه الفضيل بن يسار أنه قال : « إن البيوت التي يصلى فيها بالليل بتلاوة القرآن (2) تضئ لأهل السماء كما تضئ نجوم السماء لأهل الأرض ».

1370 - وقال عليه السلام : « في قول اللّه عزوجل : « إن الحسنات يذهبن السيئات » قال : صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب بالنهار ». (3)

ومدح اللّه تبارك وتعالى أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه بقيام صلاة الليل (4) فقال عزوجل : « أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه » وآناء الليل ساعاته.

1371 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى إذا أراد أن يصيب

ص: 473


1- « سيماهم » أي علامتهم. و « من أثر السجود » يمكن أن يكون كناية عن العبادة وآثارها من رقة القلب والخضوع والخشور. أو اصفرار الوجه. والسهر - بالتحريك - : عدم النوم في الليل.
2- يحتمل أن يكون الباء للسببية أي لسبب ما يتلى في الصلاة من القرآن ، وأن يكون للملابسة أي متلبسة بتلاوة القرآن ، فيشمل ما يقرء فيها وما يقرء بعدها أو قبلها. ( مراد )
3- روى المؤلف أكثر هذه الأخبار في ثواب الأعمال مسندا.
4- كما في رواية عمار الساباطي عن الصادق (عليه السلام) المروية في روضة الكفى تحت رقم 246. ويفهم منه أن الآية في علي أمير المؤمنين (عليه السلام).

أهل الأرض بعذاب قال : لولا الذين يتحابون بجلالي (1) ، ويعمرون مساجدي ، و يستغفرون بالاسحار لولاهم (2) لأنزلت عذابي ».

1372 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ».

1373 - و «جاء رجل إلى أبي عبد اللّه عليه السلام فشكى إليه الحاجة فأفرط في الشكاية حتى كاد أن يشكو الجوع ، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام : يا هذا أتصلي بالليل؟ فقال الرجل : نعم ، فالتفت أبو عبد اللّه عليه السلام إلى أصحابه فقال : كذب من زعم أنه يصلي بالليل ويجوع بالنهار ، إن اللّه تبارك وتعالى ضمن صلاة الليل قوت النهار ». (3)

1374 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى يحب المداعب في الجماعة بلا رفث ، المتوحد بالفكر ، المتخلي بالعبر ، الساهر بالصلاة ».(4)

1375 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله عند موته لأبي ذر رحمة اللّه عليه : يا أبا ذر احفظ

ص: 474


1- بالجيم كما في أكثر النسخ. وبالحاء كما في بعضها ، وعلى المهملة المعنى : الذين يحب بعضهم بعضا فيما أحللنا لهم لا فيما أفيما حرمنا عليهم كشرب الخمر والزنا وأمثالهما.
2- يمكن أن يكون التكرير للمبالغة والتأكيد ، وأن يكون جواب « لولا » الأولى لفعلت بهم ما يستحقون ، وحذف ليذهب الذاهب إلى أي مذهب شاء. (م ت)
3- أي جعلها ضامنا للقوت في ايصاله إلى المصلى أو جعلها متضمنا للقوت فكأن قوت المصلى جزء لها ، وعلى التقديرين من باب الاستعارة التبعية ( مراد ) أقول : لخبر رواه المصنف في الثواب ص 64 وكذا الشيخ في التهذيب ج 1 ص 169 بسند في ارسال.
4- في بعض النسخ « المداعب في الجماع » وفى بعضها « الملاعب في الجماع » ولعل الأنسب ما اخترناه. والدعابة المزاح ، والرفث الفحش من القول ، والجماش. وقوله  « المتوحد » في بعض النسخ « المتوجد » وتوجد به أي أحبه « والتخلي : التفرغ والانفراد ، و » العبر اما بكسر العين وفتح الباء الموحدة جمع عبرة - بكسر العين وسكون الموحدة - وهي العظة وما يتعظ به الانسان ويعمل به ويعتبر ، واما بفتح العين والباء فهو جمع عبرة  - بفتح العين وسكون الموحدة - وهي الدمع وسبكه.

وصية نبيك تنفعك : من ختم له بقيام الليل (1) ثم مات فله الجنة والحديث فيه طويل (2) أخذت منه موضع الحاجة.

1376 - وروى جابر بن إسماعيل (3) عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن رجلا سأل علي بن أبي طالب عليه السلام عن قيام الليل بالقراءة (4) فقال له : أبشر من صلى من الليل عشر ليلة لله (5) مخلصا ابتغاء ثواب اللّه تبارك وتعالى لملائكته : اكتبوا لعبدي هذا من الحسنات عدد ما أنبت في الليل من حبة وورقة وشجرة وعدد كل قصبة وخوص ومر (6) ومن صلى تسع ليلة أعطاه اللّه عشر دعوات مستجابات وأعطاه اللّه كتابه بيمينه (7) ومن صلى ثمن ليلة أعطاه اللّه أجر شهيد صابر صادق النية وشفع في أهل بيته ، ومن صلى سبع ليلة خرج من قبره يوم يبعث ووجهه كالقمر ليلة البدر حتى يمر على الصراط مع الآمنين ، ومن صلى سدس ليلة كتب في الأوابين (8) وغفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن صلى خمس ليلة زاحم إبراهيم خليل الرحمن في قبته (9) ، ومن صلى ربع ليلة كان في أول الفائزين (10) حتى يمر على الصراط كالريح العاصف ، ويدخل الجنة بغير حساب ،

ص: 475


1- بأن يكون آخر أعماله أو يكون المراد يداوم عليه حتى يموت. (م ت)
2- مذكور في مكارم الأخلاق بسند فيه مجاهيل والظاهر أن المؤلف حكم بصحته أو وصل إليه بأسانيد أخر.
3- الطريق ضعيف بسلمة بن الخطاب وفيه أيضا محمد بن الليث وهو مهمل.
4- في بعض النسخ « عن قيام الليل بالقرآن ».
5- كذا في بعض النسخ وكتاب ثواب الأعمال ص 66 وفى بعض النسخ هنا وما يأتي كلها « ليله لله مخلصا » بإضافة.
6- كذا. والخوص ورق النخل ، الواحدة خوصة كما في الصحاح. وفى ثواب الأعمال « وخوط ومراعى » والخوط والخوطة : الغصن الناعم.
7- زاد في الثواب « يوم القيامة ».
8- جمع أواب وهو الكثير الرجوع إلى اللّه سبحانه والتواب وقيل : المطيع.
9- زاحمه أي آنسه وقاربه ، وقوله « في قبته » أي في الجنة في مقامه.
10- يمكن أن يكون الأولية إضافية ويكون داخلا في الجماعة التي يكون نجاتهم قبل البقية كالأنبياء والأوصياء تفضلا منه تعالى. (م ت)

ومن صلى ثلث ليلة لم يبق ملك (1) إلا غبطه بمنزلته من اللّه عزوجل ، وقيل له : أدخل من أي أبواب الجنة الثمانية شئت ، ومن صلى نصف ليلة فلو أعطي ملء الأرض ذهبا سبعين ألف مرة لم يعدل جزاءه ، وكان له بذلك عند اللّه عزوجل أفضل من سبعين رقبة يعتقها من ولد إسماعيل ، ومن صلى ثلثي ليلة كان له من الحسنات قدر رمل عالج (2) أدناها حسنة أثقل من جبل أحد عشر مرات ، ومن صلى ليلة تامة (3) تاليا لكتاب اللّه عزوجل راكعا وساجدا وذاكرا أعطي من الثواب ما أدناه يخرج من الذنوب كما ولدته أمه (4) ويكتب له عدد ما خلق اللّه عزوجل من الحسنات ومثلها درجات ، ويثبت النور في قبره ، وينزع الاثم والحسد من قلبه ، ويجار من عذاب القبر ، ويعطى براءة من النار ، ويبعث من الآمنين ، ويقول الرب تبارك وتعالى لملائكته : يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أحيا ليلة ابتغاء مرضاتي اسكنوه الفردوس ، وله فيها مائة ألف مدينة في كل مدينة جميع ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ، ولم يخطر على بال سوى ما أعددت له من الكرامة والمزيد والقربة » (5).

ص: 476


1- في ثواب الأعمال « لم يلق ملكا » وفى نسخة منه مثل ما في المتن.
2- أي الرمل المتراكم ، قال في النهاية « في حديث الدعاء » وما تحويله عوالج الرمال « هي جمع عالج - بكسر اللام - وهو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض ». وفى هامش بعض النسخ « رمل عالج : جبال متواصلة يتصل أعلاها بالدهناء قرب اليمامة وأسفلها بنجد ».
3- في بعض النسخ « ليلة بتمامه » وقال في الوافي : الهاء في « ليله » في جميع المواضع يحتمل الضمير وأن يكون للتنكير. وقوله هنا « ليلة تامة » يؤيد الثاني وما في بعض النسخ يؤيد الأول.
4- في بعض النسخ « كيوم ولدته أمه ».
5- أي تلك العطايا المذكورة مما استحق به وهذه سوى ما أعددت له بالتفضل. ( مراد )

باب 66: وقت صلاة الليل

1377 - روى عبيد بن زرارة (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا صلى العشاء أوى إلى فراشه فلم يصل شيئا حتى ينتصف الليل ». (2)

1378 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « وقت صلاة الليل ما بين نصف الليل إلى آخره ».

1379 - وقال عمر بن حنظلة (3) لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني مكثت ثمانية عشر ليلة أنوي القيام فلا أقوم أفأصلي أول الليل؟ قال : لا اقض بالنهار فإني أكره أن يتخذ ذلك خلقا ». (4)

1380 - وروى عن معاوية بن وهب (5) أنه قال : قلت له : « إن رجلا من مواليك من صلحائهم شكا إلى ما يلقى من النوم وقال لي : إني أريد القيام لصلاة الليل فيغلبني النوم حتى أصبح ، فربما قضيت صلاتي الشهر المتتابع أو الشهرين أصبر على

ص: 477


1- في الطريق المؤلف إليه حكم بن مسكين ولم يوثق ورواه الشيخ باسناده عن الحسين ابن سعيد عن صفوان عن ابن بكير ، عن عبد الحميد الطائي ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام وهذا السند موثق كالصحيح.
2- يمكن أن يكون المراد بالعشاء : الصلاة الموظفة في وقت العشاء ، فيشمل الوتيرة. ( مراد )
3- الطريق قوى بداود بن الحصين لكن فيه محمد بن عيسى والحسين بن أحمد بن إدريس ولم يوثقا صريحا.
4- أي عادة وسجية. يعنى إذا صليت أول الليل تصير عادة لك لسهولتها.
5- الطريق صحيح على ما في الخلاصة وفيه محمد بن علي ماجيلويه. ومعاوية بن وهب البجلي ثقة روى عن أبي عبد اللّه وأبى الحسن عليهما السلام.

ثقله ، فقال : قرة عين واللّه قرة عين واللّه ، ولم يرخص في الوتر أول الليل فقال : القضاء بالنهار أفضل ». (1)

1381 - وروى عبد اللّه بن مسكان ، عن ليث المرادي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في الصيف في الليالي القصارصلاة الليل في أول الليل؟فقال : نعم نعم ما رأيت ونعم ما صنعت » يعني في السفر. (2)

1382 - وقال : « سألته عن الرجل يخاف الجنابة في السفر أو في البرد فيعجل صلاة الليل والوتر في أول الليل ، فقال : نعم ».

1383 - وروى أبو جرير بن إدريس (3) عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : قال : « صل صلاة الليل في السفر من أول الليل في المحمل ، والوتر ، وركعتي الفجر ».

وكلما روي من الاطلاق في صلاة الليل من أول الليل فإنما هو في السفر لان المفسر من الاخبار يحكم على المجمل.

1384 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام(4) قال : « ليس من عبد

ص: 478


1- فيه رخصة ما وان لم يرخص صريحا والخبر له ذيل في الكافي ج 3 ص 447 والتهذيب ج 1 ص 168 يومى إلى أن التقديم مجوز لمن علم أنه لا يقضيها ، وهذا وجه جمع بين الاخبار ، قال في المدارك ص 123 عدم جواز تقديمها على انتصاف الليل الا في السفر أو الخوف من غلبة النوم مذهب أكثر الأصحاب ، ونقل عن زرارة بن أعين المنع من تقديمها على انتصاف مطلقا واختاره ابن إدريس على ما نقل عنه والعلامة في المختلف ، والمعتمد الأول وربما ظهر من بعض الأخبار جواز تقديمها على الانتصاف مطلقا ، وقد نص الأصحاب على أن قضاء النافلة من الغد أفضل من التقديم ، ثم استدل - رحمه اللّه - بخبر ليث المرادي وغيره من الاخبار المروية في الكافي والتهذيب. وفى بعض النسخ « ولم يرخص في النوافل ».
2- قوله « يعنى في السفر » ليس في التهذيبين وهو كلام المؤلف حمل أخبار المنع من تقديم صلاة الليل قبل انتصاف الليل على الحضر ، وأخبار الحث عليه على السفر.
3- الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم.
4- رواه في التهذيب ج 1 ص 231 باسناده عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام

إلا وهو يوقظ في ليلته مرة أو مرتين فان قام كان ذلك ، وإلا جاء الشيطان (1) فبال في أذنه ، أو لا يرى أحدكم أنه إذا قام ولم يكن ذلك منه قام وهو متخثر (2) ثقيل كسلان ».

1385 - وروى الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إني لامقت الرجل يأتيني فيسألني عن عمل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فيقول : أزيد؟ كأنه يرى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قصر في شئ ، وإني لامقت الرجل قد قرأ القرآن (3) ثم يستيقظ من الليل فلا يقوم حتى إذا كان عند الصبح قام يبادره بصلاته ».

1386 - وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « ما نوى عبد أن يقوم أية ساعة نوى فعلم اللّه تبارك وتعالى ذلك منه إلا وكل به ملكين يحركانه تلك الساعة ».

1387 - وروى عيص بن القاسم (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا غلب الرجل النوم وهو في الصلاة فليضع رأسه فلينم فإني أتخوف عليه إن أراد أن يقول : اللّهم أدخلني الجنة أن يقول : اللّهم أدخلني النار ».

1388 - وروى زكريا النقاض (5) عن أبي جعفر عليه السلام « في قول اللّه عزوجل

ص: 479


1- في التهذيب « والا فجج الشيطان فبال » وهو تباعد ما بين الرجلين ولكنه يشبه أن يكون تصحيفا لعدم معهودية فك الادغام في مثله.
2- قوله « لم يكن ذلك منه » أي لم يقع منه القيام بالليل. والمتخثر - بالخاء المعجمة والثاء المثلثة - المتثقل والكسلان ومن هو غير نشيط ، ويمكن أن يقرء بالتاء المثناة وفى القاموس : تختر : تقتر واسترخى. و قال الفيض- رحمه اللّه-: لعل بول الشيطان في أذنه كناية عن غاية تمكنه منه و تسلطه عليه و استهزائه به من جهة عدم سماعه لداعى ربّه و سماعه من الشيطان و طاعته له.
3- لعل المراد أنه اطلع على الحث على التهجد في الكتاب العزيز مثل قوله تعالى « ان ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا ». ( مراد )
4- الطريق إليه صحيح وهو ثقة عين. ( صه )
5- زكريا هو ابن مالك ولم يوثق والطريق إليه فيه علي بن إسماعيل السندي وقد يوثق ، ورواه الكليني في الكافي بسند موثق عن زيد الشحام عنه عليه السلام.

» لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون « قال : منه سكر النوم ».

باب 67: ما يقول الرجل إذا استيقظ من النوم

1389 - كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا أوى إلى فراشه قال : « باسمك اللّهم أحيا وباسمك أموت » فإذا استيقظ قال : « الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني وإليه النشور ».

1390 - وروى جراح المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا قام أحدكم (1) فليقل : « سبحان اللّه رب النبيين ، وإله المرسلين ، ورب المستضعفين ، والحمد لله الذي يحيي الموت وهو على كل شئ قدير » فإنه إذا قال ذلك يقول اللّه تبارك وتعالى : صدق عبدي وشكر ».

1391 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه كان : « إذا قام آخر الليل رفع صوته حتى يسمع أهل الدار [ و ] يقول : اللّهم أعني على هول المطلع ، ووسع علي المضجع (2) ، وارزقني خير ما قبل الموت ، وارزقني خير ما بعد الموت ».

1392 - وفي خبر آخر (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا قمت من فراشك فانظر في أفق السماء وقل : « الحمد لله الذي رد علي روحي أعبده وأحمده ، اللّهم إنه لا يواري منك ليل ساج ولا سماء ذات أبراج ، ولا أرض ذات مهاد (4) لا ظلمات

ص: 480


1- يعنى من الليل كما نص عليه في الكافي وفى نسخة جعله جزء المتن.
2- في بعض النسخ « المضطجع ».
3- الظاهر أنه حديث زرارة الذي رواه الكليني في الكافي ج 2 ص 538 و ج 3 ص 445 لكن بينهما اختلاف كثير.
4- « ليل ساج » أي ساكن وهو وصف بحال المتعلق أي ساكن ما فيه. وفى بعض النسخ جعل « ليل داج » نسخة. وأبراج جمع برج ، والمهاد الفراش ،

بعضها فوق بعض ، ولا بحر لجي يدلج بين يدي المدلج من خلقك (1) تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (2) غارت النجوم ونامت العيون وأنت الحي القيوم ، لا تأخذك سنة ولا نوم ، سبحان اللّه رب العالمين وإله المرسلين وخالق النبيين ، والحمد لله رب العالمين ، اللّهم اغفر لي وارحمني وتب علي ، إنك أنت التواب الرحيم » ثم اقرأ خمس آيات من آخر آل عمران « إن في خلق السماوات والأرض إلى قوله إنك لا تخلف الميعاد » (3).

وعليك بالسواك فإن السواك في السحر قبل الوضوء من السنة ، ثم توضأ (4).

1393 - وروى أبو عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عزوجل : « تتجافى جنوبهم عن المضاجع » (5) فقال : لعلك ترى أن القوم لم يكونوا ينامون؟ فقلت : اللّه ورسوله أعلم ، فقال : لابد لهذا البدن أن تريحه حتى يخرج نفسه ، فإذا خرج النفس استراح البدن ورجعت الروح فيه وفيه قوة على العمل ، فإنما

ص: 481


1- لجة الماء معظمه ، وأدلج القوم إذا ساروا من أول الليل وان ساروا في آخره فقد ادلجوا بتشديد الدال ، والمراد بادلاج البحر بين يدي المدلج - بسكون الدال فيهما أو بتشديدها فيهما - : تحركه عند حركة السفينة. ( مراد )
2- وحاصل الدعاء أن هذه الأشياء الساترة والمظلمة لا يستر ولا يظلم عليك شيئا بل كل الأشياء عندك ظاهر وعلمك بها محيط ، فكيف يخفى عليك حالي وعبادتي في هذه الليلة المظلمة. (م ت)
3- إلى هنا مروى في التهذيب ج 1 ص 175 وفى الكافي بسند حسن كالصحيح مع اختلاف وبعده فيهما « ثم استك وتوضأ فإذا وضعت يدك في الماء فقل « بسم اللّه وباللّه اللّهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين » فإذا فرغت فقل : « الحمد لله رب العالمين » فإذا قمت إلى صلاتك فقل : « بسم اللّه وباللّه ومن اللّه وما شاء اللّه ولا حول ولا قوة الا باللّه ، اللّهم اجعلني من زوار بيتك وعمار مساجدك ، وافتح لي باب توبتك ، وأغلق عنى باب معصيتك وكل معصية ، الحمد لله الذي جعلني ممن يناجيه ، اللّهم أقبل على بوجهك ، جل ثناؤك » ثم افتتح الصلاة بالتكبير ».
4- من كلام المؤلف - رحمه اللّه - أخذه من ذيل حديث زرارة وغيره.
5- أي لم يلزم مكانه وقام جنوبهم عن فراشهم. (م ت)

ذكرهم فقال : « تتجافى جنوبهم على المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا » أنزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وأتباعه من شيعتنا ينامون في أول الليل فإذا ذهب ثلثا الليل أو ما شاء اللّه فزعوا إلى ربهم ، راغبين راهبين طامعين فيما عنده ، فذكرهم اللّه عز وجل في كتابه لنبيه عليه السلام وأخبرهم بما أعطاهم وأنه أسكنهم في جواره وأدخلهم جنته ، وآمن خوفهم وآمن روعتهم ، قلت : جعلت فداك إن أنا قمت في آخر الليل أي شئ أقول إذا قمت؟ فقال : قل « الحمد لله رب العالمين وإله المرسلين والحمد لله الذي يحيي الموتى ويبعث من في القبور » فإنك إذا قلتها ذهب عنك رجز الشيطان ووسواسه إن شاء اللّه تعالى.

باب 68: القول عند صراخ الديك

1394 - قال الصادق عليه السلام : « إذا سمعت صراخ الديك فقل : سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، سبقت رحمتك غضبك ، لا إله إلا أنت ، سبحانك وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت » (1).

1395 - وقال عليه السلام : « تعلموا من الديك خمس خصال : محافظته على أوقات الصلاة ، والغيرة ، والسخاء ، والشجاعة ، وكثرة الطروقة » (2).

1396 - وقال عليه السلام : « تعلموا من الغراب ثلاث خصال : استتاره بالسفاد (3) ، وبكوره في طلب الرزق (4) وحذره ».

1397 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إن لله تبارك وتعالى ملك على صورة ديك

ص: 482


1- هذا الخبر جزء من حديث زرارة الذي تقدم آنفا.
2- الطروقة بمعنى الجماع وكذا السفاد. (م ت)
3- السفاد : نزو الذكر على الأنثى. ( مراد )
4- هذا لا ينافي كراهة الدخول في السوق أولا لان المراد ترك الكسل في طلب الرزق والجلوس في المصلى حتى تطلع الشمس أعون في طلب الرزق من الضرب في الأرض كما ورد في الحديث. ( مراد )

أبيض ، رأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة ، له جناح في المشرق و جناح في المغرب ، لا تصيح الديوك حتى يصيح ، فإذا صاح خفق بجناحيه (1) ثم قال : « سبحان اللّه ، سبحان اللّه ، سبحان اللّه العظيم الذي ليس كمثله شئ » قال : فيجيبه اللّه تبارك وتعالى ويقول : لا يحلف بي كاذبا من يعرف ما تقول » (2).

1398 - وروي : « أن فيه نزلت : « والطور صافات كل قد لم صلاته و تسبيحه » (3).

1399 - وروى : « أن حمله العرش اليوم أربعة : واحد منهم على صورة الديك يسترزق اللّه عزوجل للطير ، وواحد على صورة الأسد يسترزق اللّه تعالى للسباع وواحد على صورة الثور يسترزق اللّه تعالى للبهائم ، وواحد منهم على صورة بني آدم يسترزق اللّه تعالى لولد آدم عليه السلام ، فإذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية ، قال اللّه عزوجل : ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ».

باب 69: القول عند القيام إلى صلاة الليل

1400 - قال الصادق عليه السلام : « إذا أردت أن تقوم إلى صلاة الليل فقل : « اللّهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة وآله (4) وأقدمهم بين يدي حوائجي ، فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ، اللّهم ارحمني بهم (5) ولا تعذبني بهم

ص: 483


1- في القاموس : خفق الطائر : طار ، وأخفق : ضر بجناحيه.
2- يعين من عقل اللّه تعالى بما يدل عليه هذا الصوت من العظمة والجلال لا يجترء على أن يحلف به تبارك وتعالى حلفا كاذبا. ( مراد )
3- هذا لا ينافي عموم المنزل إذ كثيرا ما ينزل العام في الخاص. ( مراد )
4- أي مستشفعا بهم إليك ، متلبسا بعرفانهم ، أو مقتديا بهم ، مقتفيا آثارهم.
5- أي بشأنهم ومكانتهم عندك ، أو بسببهم وكذا القول في الفقرات الآتية.

واهدني بهم ولا تضلني بهم ، وارزقني بهم ولا تحرمني بهم ، واقض لي حوائجي للدنيا والآخرة ، إنك على كل شئ قدير ، وبكل شئ عليم ».

باب 70: الصلوات التي جرت السنة بالتوجه فيهن

من السنة التوجه (1) في ست صلوات وهي أول ركعة من صلاة الليل ، والمفردة من الوتر (2) وأول ركعة من ركعتي الزوال ، وأول ركعة من ركعتي الاحرام ، و أول ركعة من نوافل المغرب ، وأول ركعة من الفريضة (3) كذلك ذكره أبي رضي اللّه عنه في رسالته إلي.

باب 71: صلاة الليل

قال اللّه تبارك وتعالى لنبيه صلى اللّه عليه وآله : « ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا » فصارت صلاة الليل فريضة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لقول اللّه عزوجل فتهجد ، وهي لغيرة سنة ونافلة.

1401- وقال النبي صلى اللّه عليه وآله في وصيته لعلي عليه السلام : « يا علي عليك بصلاة الليل ، [ و ] عليك بصلاة الليل ، [ و ] عليك بصلاة الليل » (4).

ص: 484


1- المراد بالتوجه التكبيرات الافتتاحية وقول : « وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض - الآية ». وقال الشهيد - رحمه اللّه - في الذكرى : والأقرب عموم استحباب السبع في جمع الصلوات. وقال علي بن بابويه يختص بالمواضع الستة.
2- أي المفردة بالسلام من الركعات الثلاث وهذا اطلاق شايع كاطلاق الشفع على الركعتين منها والوتر على الأخيرة. ( مراد )
3- أي أول كل فريضة ( الذكرى ) وقال الفاضل التفرشي : من أي فريضة كانت أو أي فريضة كانت من الخمس.
4- رواه الكليني في الكافي ج 8 ص 79 في الصحيح بدون التكرار والصدوق في الوصايا.

فإذا أردت أن تصليها فكبر اللّه عزوجل سبعا ، واحمده سبعا ، ثم توجه ثم صل ركعتين تقرأ في الأولى الحمد وقل هو اللّه أحد ، وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون ، وتقرأ في الست الركعات بما أحببت إن شئت طولت وإن شئت قصرت.

1402 - وروي « أن من قرأ في الركعتين الأولتين من صلاة الليل في كل ركعة منهما الحمد مرة وقل هو اللّه أحد ثلاثين مرة انفتل وليس بينه وبين اللّه عزوجل ذنب إلا غفر له » (1).

وتقر في ركعتي الشفع وركعة الوتر قل هو اللّه أحد ، وافصل بين الشفع والوتر بتسليمة (2).

1403 - وروي (3) « أن من قرأ في الوتر بالمعوذتين وقل هو اللّه أحد قيل له أبشر يا عبد اللّه فقد قبل اللّه وترك » (4).

والقنوت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة ، والقراءة بها جهارا.

والقنوت في الوتر قبل الركوع.

وإن قمت ولم يكن عليك من الوقت بقدر ما تصلي فيه صلاة الليل على ما تريد فصلها وأدرجها إدراجا (5) ، والادراج أن تقرأ في كل ركعة الحمد وحدها ، فإن

ص: 485


1- مروى في التهذيب ج 1 ص 170 مرسلا أيضا.
2- كما في رواية سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام المروية في التهذيب ج 1 ص 171 ورواية معاوية بن عمار عنه عليه السلام.
3- رواه في ثواب الأعمال ص 158 بسند ضعيف عن الباقر عليه السلام.
4- الأولى أن يقرأ في الثلاث في كل ركعة بعد الحمد بالمعوذتين والتوحيد وان قرء في الركعتين من الشفع في إحديهما إحدى المعوذتين والتوحيد وفى الأخرى أخريهما والتوحيد وفى الوتر بالمعوذتين والتوحيد ثلاث مرات لكان جامعا بين الاخبار أيضا (م ت) راجع التهذيب ج 1 ص 171.
5- روى الكليني في الكافي ج 3 ص 449 باسناده عن إسماعيل بن جابر أو عبد اللّه ابن سنان قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : انى أقوم آخر الليل وأخاف الصبح ، قال : اقرأ الحمد وأعجل وأعجل ». وفى التهذيب ج 1 ص 233 في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام يقول : إذا قمت وقد طلع الفجر ( يعنى الأول ) فابدأ بالوتر ثم صل ركعتين ثم صل الركعات إذا أصبحت ». وهذا الخبر يدل على أن ايقاع الوتر بالطمأنينة أفضل من ايقاع الجميع مدرجا.

خشيت طلوع الفجر فصل ركعتين وأوتر بالثالثة ، وإن طلع الفجر فصل ركعتي الفجر وقد مضى الوقت بما فيه.

وإذا صليت من صلاة الليل أربع ركعات من قبل طلوع الفجر فأتم الصلاة طلع الفجر أو لم يطلع (1).

وقد رويت رخصة في أن يصلي الرجل صلاة الليل بعد طلوع الفجر المرة بعد المرة ، ولا يتخذ ذلك عادة (2).

وإذا كان عليك قضاء صلاة الليل (3) فقمت وعليك من الوقت بقدر ما تصلي الفائتة وصلاة ليلتك (4) فابدأ بالفائتة فصل ثم صل صلاة ليلتك ، فإن كان الوقت

ص: 486


1- في التهذيب ج 1 ص 170 باسناده عن أبي جعفر الأحول محمد بن نعمان قال : قال أبو عبد عليه السلام : « إذا كنت صليت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع فأتم الصلاة طلع الفجر أو لم يطلع ».
2- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 170 في موثق عن عمر بن يزيد قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أقوم وقد طلع الفجر فان أنا بدأت بالفجر صليتها في أول وقتها وان بدأت بصلاة الليل والوتر صليت الفجر في وقت هؤلاء ، فقال : ابدأ بصلاة الليل والوتر ولا تجعل ذلك عادة ». و فيه ج 1 ص 232 عن في الصحيح سليمان بن خالد قال:« قال: لى أبو عبد اللّه عليه السلام ربما قمت و قد طلع الفجر فاصلى صلاة الليل و الوتر و الركعتين قبل الفجر ثمّ اصلى الفجر، قال: قلت: أفعل أنا ذا؟ قال: نعم و لا يكون منك عادة». و حمل الشيخ أمثال هذه الأخبار على الرخصة في جواز تأخير صلاة الغداة عن أول الوقت إلى آخره، و قال: انما يجوز ذلك إذا كان تأخيره للاشتغال بشي ء من العبادات. أقول: هذا الحمل انما كان لورود النهى عن التطوع في وقت الفريضة في أخبار.
3- يعنى ما فاتك من صلاة الليل في الليلة السابقة. ( مراد ).
4- راجع الكافي ج 3 ص 453 رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام.

بقدر ما تصلي واحدة فصل صلاة ليلتك لئلا تصيرا جميعا قضاء ، ثم اقض الصلاة الفائتة من الغد أو بعد ذلك.

باب 72 : دعاء قنوت الوتر

1404 - كان النبي صلى اللّه عليه وآله يقول في قنوت الوتر : « اللّهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، سبحانك رب البيت ، أستغفرك وأتوب إليك ، وأومن بك ، وأتوكل عليك ، ولا حول ولا قوة إلا بك يا رحيم ».

1405 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « أطولكم قنوتا في دار الدنيا أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف » (1).

1406 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « القنوت في يوم الجمعة تمجيد [ اللّه ] والصلاة على نبي اللّه ، وكلمات الفرج » ثم هذا الدعاء (2).

والقنوت في الوتر كقنوتك يوم الجمعة (3) ، ثم تقول قبل دعائك لنفسك (4) :

ص: 487


1- رواه المصنف - رحمه اللّه - في ثواب الأعمال ص 55 مسندا. وقوله « دار الدنيا » أي دار الحياة الدنيا.
2- من كلام المؤلف - رحمه اللّه - والإشارة إلى الدعاء المنقول عن النبي صلى اللّه عليه وآله آنفا ( مراد ، م ت ، سلطان ).
3- روى المصنف مضمونه في الأمالي ص 235 عن أبيه عن علي عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة قال : « قال أبو جعفر عليه السلام : القنوت في الوتر كقنوتك يوم الجمعة تقول في دعاء القنوت : « اللّهم تم نورك فهديت - إلى آخر الدعاء كما يأتي. ورواه الشيخ في مجالسه مرسلا مع اختلافات نشير إليها.
4- يعنى دعاء النبي صلى اللّه عليه وآله الذي تقدم آنفا. وقال الفاضل التفرشي : لفظ ثم للترقي في المرتبة فان مرتبة الاتيان بهذا الدعاء أعلى من مرتبة الاكتفاء بما سبق ، ويمكن أن يراد بالدعاء الدعاء الذي يريده المصلى.

« اللّهم تم نورك فهديت فلك الحمد ربنا (1) ، وبسطت يدك فأعطيت فلك الحمد ربنا ، وعظم حلمك فعفوت فلك الحمد ربنا ، وجهك أكرم الوجوه وجهتك خير الجهات وعطيتك أفضل العطيات وأهنؤها ، تطاع ربنا فتشكر ، وتعصى ربنا فتغفر لمن شئت ، تجيب المضطر وتكشف الضر وتشفي السقيم وتنجي من الكرب العظيم ، لا يجزي بالآئك أحد (2) ولا يحصي نعمائك قول قائل ، اللّهم إليك رفعت الابصار ونقلت الاقدام ، ومدت الأعناق ، ورفعت الأيدي ، ودعيت بالألسن وإليك سرهم ونجواهم في الأعمال (3) ، ربنا اغفر لنا وارحمنا وافتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ، اللّهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا عنا (4) ، وشدة الزمان علينا ، ووقوع الفتن بنا ، وتظاهر الأعداء علينا وكثرة عدونا وقلة عددنا فرج (5) ذلك يا رب بفتح منك تعجله ، ونصر منك تعزه ، وإمام عدل تظهره إليه الحق رب العالمين (6) » ثم تقول : أستغفر اللّه ربي وأتوب إليه سبعين مرة (7) وتعوذ باللّه من النار كثيرا (8).

ص: 488


1- الظاهر نصب « ربنا » على أنه منادى ، ويمكن جره على أنه عطف بيان لكاف « لك » ورفعه على الخبرية أي أنت ربنا. ( مراد )
2- أي لا يقدر أحد على جزاء نعمائك ولا يقابلها بعوض. ( سلطان )
3- في الأمالي والمجالس « ودعيت بالألسن وتحوكم إليك في الأعمال ».
4- في الأمالي « اللّهم إليك نشكو غيبة نبينا » وفى المجالس « اللّهم انا نشكو إليك فقد نبينا وغيبة امامنا وكثرة عدونا وتظاهر الزمان علينا ووقوع الفتن بنا وقلة عددنا ففرج - الدعاء ».
5- كذا وفى المجالس والأمالي « ففرج ».
6- في المجالس « وسلطان حق تظهره وعافية منك تجللناها ، ورحمة منك تلبسناها برحمتك يا أرحم الراحمين آمين رب العالمين ».
7- في الأمالي والمجالس « ثم تقول في قنوت الوتر بعد هذا الدعاء : أستغفر اللّه وأتوب إليه - سبعين مرة - الخ ».
8- « تعوذ » أمره في صورة الخبر ، أصله تتعوذ ، وعطف على قوله « تقول » في معنى « قل ». ( مراد )

1407 - وروى عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « من قال في وتره إذا أوتر : « استغفر اللّه ربي وأتوب إليه » سبعين مرة وواظب على ذلك حتى تمضي سنة كتبه اللّه عنده من المستغفرين بالاسحار (1) ، ووجبت له الجنة والمغفرة من اللّه عزوجل ».

1408 - وروى عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : استغفر اللّه في الوتر سبعين مرة تنصب يدك اليسرى (2) وتعد باليمنى الاستغفار.

وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يستغفر اللّه في الوتر سبعين مرة ويقول « هذا مقام العائذ بك من النار سبع مرات (3) ».

1409 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تدعو في الوتر على العدو وإن شئت سميتهم وتستغفر وترفع يديك في الوتر حيال وجهك (4) وإن شئت فتحت ثوبك » (5).

1410 - وكان علي بن الحسين عليهما السلام سيد العابدين يقول : « العفو العفو »

ص: 489


1- أي من الذين مدحهم اللّه تعلى في كتابه العزيز ووعد قبول دعائهم ( سلطان ) ايماء بقبول استغفارهم فيغفر لهم والا فمجرد الاستغفار بالسحر يصدق عليه أنه من المستغفرين بالاسحار ، ويمكن أن يقال أيضا : المراد بالمستغفرين بالاسحار ليس كون المجموع مستغفرين بالاسحار حتى يتحقق على التوزيع بكون كل واحد مستغفرا بسحر ، بل المراد كون كل واحد مستغفرا بالاسحار وظاهر ذلك تقتضي كونه مستغفرا في جميع أسحار عمره فيخصص بالحديث بأسحار سنة ويكون استغفاره في كل سحر سبعين مرة ، وقوله « وواظب على ذلك » يقتضى اتصال الليالي ولا يكفي في ذلك عدد أيام السنة على التفريق. ( مراد )
2- لعل لمراد بنصبها جعلها حيال الوجه. ( مراد )
3- الظاهر أنه من تتمة خبر ابن يعفور ويمكن أن يكون خبرا آخر ورواه الشيخ عن أبي بصير.
4- يفهم منه ومن الحديث السابق أن المندوب رفع اليدين الا في وقت الاستغفار فإنه حينئذ يرفع اليد اليسرى ويرسل اليمنى يعد بها الاستغفار اما بالعقد على الأصابع واما بإدارة السبحة. ( مراد )
5- أي فترفعها تحت ثوبك ، ولعل المراد بالثوب الرداء. ( مراد )

ثلاثمائة مرة في الوتر في السحر (1).

1411 - وروى معروف بن خربوذ عن أحدهما يعني أبا جعفر عليه السلام وأبا عبد اللّه عليهما السلام قال : قل في قنوت الوتر : « لا إله إلا اللّه الحليم الكريم ، لا إله إلا اللّه العلي العظيم ، سبحان اللّه رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ، وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ، اللّهم أنت اللّه نور السماوات والأرض ، وأنت اللّه زين السماوات والأرض ، وأنت اللّه جمال السماوات والأرض ، وأنت اللّه عماد السماوات والأرض ، وأنت اللّه قوام السماوات والأرض ، وأنت اللّه صريخ المستصرخين ، وأنت اللّه غياث المستغيثين ، وأنت اللّه المفرج عن المكروبين ، وأنت اللّه المروح عن المغمومين وأنت اللّه مجيب دعوة المضطرين ، وأنت اللّه إله العالمين ، وأنت اللّه الرحمن الرحيم وأنت اللّه كاشف السوء ، وأنت اللّه كاشف السوء ، وأنت اللّه بك منزل كل حاجة (2) ، يا اللّه ليس يرد غضبك إلا حلمك ، ولا ينجي من عذابك إلا رحمتك ، ولا ينجي منك إلا التضرع إليك (3) فهب لي من لدنك يا إلهي رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ، بالقدرة التي بها أحييت جميع ما في البلاد ، وبها تنشر ميت العباد ، ولا تهلكني غما حتى تغفر لي وترحمني (4) وتعرفني الاستجابة في دعائي ، وارزقني العافية إلى منتهى أجلي ، وأقلني عثرتي ، ولا تشمت بي عدوي ، ولا تمكنه من رقبتي ، اللّهم إن رفعتني فمن ذا الذي يضعني ، وإن وضعتني فمن ذا الذي يرفعني ، وإن أهلكتني (5) فمن ذا الذي يحول بينك وبيني ، أو يتعرض لك في شئ من أمري ، وقد علمت أن ليس في حكمك ظلم ، ولا في نقمتك

ص: 490


1- « العفو » اما منصوب بتقدير اطلب أو يكون مفعولا مطلقا حذف فعله أعف العفو ، أو مرفوع بالخبرية ومبتدأه محذوف أي مطلوبي العفو. وظاهر العبارة ثلاثمائة مكررا فيكون ستمائة والمشهور « العفو » ثلاثمائة.
2- في بعض النسخ « بك تنزل كل حاجة » والظاهر أن « كل حاجة » مبتدأ تقدم عليه خبره وهو « منزل » على صيغة اسم المفعول من الانزال و « بك » متعلق به ، وتقديمه عليه للحصر كما قال الفاضل التفرشي.
3- القصر إضافي بالنسبة إلى الاستكبار وعدم التضرع ، وليس بحقيقي لمكان التفضل.
4- أي لا تمتني حتى تغفر لي ولولا ذلك لهلكت غما.
5- أي ان أردت اهلاكي.

عجلة ، إنما يعجل من يخاف الفوت ، وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف ، وقد تعاليت عن ذلك يا إلهي فلا تجعلني للبلاء غرضا ، ولا لنقمتك نصبا ، ومهلني ونفسني (1) وأقلني عثرتي ، ولا تتبعني ببلاء على أثر بلاء ، فقد ترى ضعفي وقلة حيلتي ، أستعيذ بك الليلة فأعذني ، وأستجير بك من النار فأجرني ، وأسألك الجنة فلا تحرمني. ثم ادع اللّه بما أحببت ، واستغفر اللّه سبعين مرة ».

1412 - ووري عن أبي حمزة الثمالي قال : « كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول في آخر وتره وهو قائم : رب أسأت وظلمت نفسي وبئس ما صنعت ، وهذه يداي جزاء بما صنعتا » (2) قال : ثم يبسط يديه جميعا قدام وجهه ويقول : « وهذه رقبتي خاضعة لك لما أتت » قال : ثم يطأطئ رأسه ويخضع برقبته ثم يقول : وها أنا ذا بين يديك فخذ لنفسك الرضا من نفسي حتى ترضى لك العتبى (3) ، لا أعود لا أعود لا أعود قال : وكان واللّه إذا قال : « لا أعود » لم يعد.

1413 - وروى عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن الصادق عليه السلام أنه قال : « القنوت في الوتر استغفار ، وفي الفريضة الدعاء » (4).

1414 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام يدعو في قنوت الوتر بهذا الدعاء : « اللّهم

ص: 491


1- من التنفيس أي نفس غمي أو كربتي.
2- أي هذه الجارحة الخاضعة قد خضعت لأجل الجزاء والتلاقى لما صنعت من العصيان وافراد المبتداء على قصد الجنس وتثنية الخبر لتحقق ذلك الجنس في ضمنها. ( مراد )
3- أي رجعت عن الذنوب لترضى عنى. وفى الصحاح : أعتبني فلان إذا عاد إلى مسرتي راجعا من الإساءة ، والاسم منه العتبى. وتقديم الخبر وهو « لك » للحصر.
4- يعنى أن القنوت في الوتر كان لطلب المغفرة والتجاوز عن المعاصي ودفع الضرر ، و في الفريضة لجلب النفع. ( مراد ) أقول : ويفهم من الخبر أن الاستغفار في قنوت الوتر آكد منه في قنوت سائر الصلوات ، وأيضا الدعاء بسائر المطالب في سائر الصلوات آكد من الاستغفار.

خلقتني بتقدير وتدبير وتبصير بغير تقصير (1) وأخرجتني من ظلمات ثلاث (2) بحولك وقوتك أحاول الدنيا ثم أزاولها ، ثم أزايلها وآتيتني فيها الكلاء والمرعى ، وبصرتني فيها الهدى ، فنعم الرب أنت ونعم المولى ، فيا من كرمني وشرفني ونعمني ، أعوذ بك من الزقوم ، وأعوذ بك من الحميم ، وأعوذ بك من مقيل في النار (3) بين أطباق النار في ظلال النار يوم النار يا رب النار ، اللّهم إني أسألك مقيلا في الجنة بين أنهارها وأشجارها وثمارها وريحانها وخدمها وأزواجها اللّهم إني أسألك خير الخير : رضوانك والجنة ، وأعوذ بك من شر الشر : سخطك والنار ، هذا مقام العائذ بك من النار ثلاث مرات اللّهم اجعل خوفك في جسدي كله ، واجعل قلبي أشد مخافة لك مما هو ، واجعل لي في كل يوم وليلة حظا ونصيبا من عمل بطاعتك واتباع مرضاتك ، اللّهم أنت منتهى غايتي ورجائي ومسئلتي وطلبتي أسألك يا إلهي كمال الايمان ، وتمام اليقين ، وصدق التوكل عليك ، وحسن الظن بك ، يا سيدي اجعل إحساني مضاعفا ، وصلاتي تضرعا ، ودعائي مستجابا ، وعملي مقبولا ، وسعيي مشكورا ، وذنبي مغفورا ، ولقني منك نضرة وسرورا وصلى اللّه عليه محمد وآله ».

1415 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « القنوت في كل ركعتين في التطوع والفريضة ».

1416 - وروى عنه زرارة أنه قال : « القنوت في كل الصلوات ».

ص: 492


1- قوله « بتقدير » أي بما ينبغي أن أكون عليه من القدر ، و « تدبير » أي بما يترتب على من المصالح من جلب المنافع ودفع المضار ، و « تبصير » أي على بصيرة وعلم ، « بغير تقصير » أي بغير أن تجعلني قاصرا عما ينبغي أن أكون عليه. ( مراد )
2- يعنى ظلمة البطن وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة ظاهرا.
3- اما من القيلولة كما في نظيره الذي يأتي في الجنة ، أو بمعنى الغموس على صيغة الفعيل بمعنى الغمس. ( سلطان ).

1417 - وروى أبان بن عثمان ، عن الحلبي أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام « أسمي الأئمة عليهم السلام في الصلاة؟ فقال : أجملهم » (1).

1418 - وقال عليه السلام : « كل ما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام » (2).

1419 - وروي عن أبي ولاد حفص بن سالم الحناط أنه قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : لا بأس بأن يصلي الرجل ركعتين من الوتر ، ثم ينصرف فيقضي حاجته ثم يرجع فيصلي ركعة » (3).

ولا بأس أن يصلي الرجل ركعتين من الوتر ثم يشرب الماء ويتكلم وينكح ويقضي ما شاء من حاجة ويحدث وضوءا ثم يصلي الركعة قبل أن يصلي الغداة(4).

1420 - وسأل معاوية بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن القنوت في الوتر ، قال : قبل الركوع ، قال : فإن نسيت أقنت إذا رفعت رأسي؟ فقال : لا ».

قال مصنف هذا الكتاب : حكم من ينسى القنوت حتى يركع أن يقنت إذا رفع رأسه من الركوع ، وإنما منع الصادق عليه السلام من ذلك في الوتر والغداة خلافا للعامة لأنهم يقنتون فيهما بعد الركوع وإنما أطلق ذلك في سائر الصلوات لان جمهور العامة لا يرون القنوت فيها فإذا فرغ الانسان من الوتر صلى ركعتي الفجر.

1421 - وقال الصادق عليه السلام « صل ركعتي الفجر قبل الفجر وعنده وبعيده تقرأ في الأولى الحمد وقل يا أيها الكافرون وفى الثانية الحمد وقل هو اللّه أحد » ويجوز للرجل أن يحشوهم في صلاة الليل حشوا (5)وكلما قرب من الفجر فهو

ص: 493


1- أي أذكرهم مجملا كامام المسلمين ونحوه ، أو اكتف فيهم بالصلاة على محمد وآله أو وآل محمد.
2- أي كل كلام مبطل للصلاة ، وظاهره يشمل المناجاة بغير العربية ، ويمكن اجراء سلب الكلام عنه على ظاهره بحمل المناجاة على حديث النفس. ( مراد )
3- المراد بالوتر ركعات الشفع والوتر وهذا الاطلاق شايع في اخبار صلاة الليل.
4- أي وإن كان الفجر طالعا. ( مراد )
5- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 173 في الصحيح عن البزنطي قال : « سألت الرضا عليه السلام عن صلاة الفجر قبل الفجر. قال : احشوا بهما صلاة الليل ».

أفضل فإذا طلع الفجر فصل الغداة وافصل بين ركعتي الفجر وبين الغداة باضطجاع ويجزيك التسليم (1)

1422 - فقد قال الصادق عليه السلام « أي قطع أقطع من التسليم »

1423 - وروي عن سعيد الأعرج أنه قال « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام جعلت فداك إني أكون في الوتر وأكون قد نويت الصوم وأكون في الدعاء وأخاف الفجر وأكره أن أقطع على نفسي الدعاء وأشرب الماء وتكون القلة أمامي قال فقال لي : فاخط إليها الخطوة والخطوتين والثلاث واشرب وارجع إلى مكانك ولا تقطع على نفسك الدعاء »

1424 - وروي زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا أنت انصرفت من الوتر فقل : « سبحان ربى الملك القدوس العزيز الحكيم » ثلاث مرات ، ثم تقول : يا حي يا قيوم يا بر يا رحيم يا غنى يا كريم ارزقني من التجارة أعظمها فضلا وأوسعها رزقا وخيرها لي عاقبة فإنه لا خير فيما لا عاقبة له ».

باب 73: القول في الضجعة بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة

اضطجع بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة على يمينك مستقبل القبلة وقل في ضجعتك استمسكت بعروة اللّه الوثقى التي لا انفصام لها ، واعتصمت بحبل اللّه المتين ، وأعوذ باللّه من شر فسقة العرب والعجم ، وأعوذ باللّه من شر فسقه الجن والإنس ، سبحان رب الصباح ، فالق الاصباح ، سبحان رب الصباح ، فالق الاصباح ،

ص: 494


1- المراد بالاضطجاع الرقدة دون النوم وظاهر الروايات استحبابه بين صلاة الليل وركعتي الفجر. وظاهر المؤلف استحبابه بين نافلة الصبح وفريضته كما في الباب الآتي وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 174 باسناده عن سليمان المروزي قال : « قال أبو الحسن الأخير عليه السلام : إياك والنوم بين صلاة الليل والفجر ولكن ضجعة بلا نوم ». وقال الشيخ يجوز بدلا من الاضطجاع السجدة والمشي والكلام. ثم استدل بروايتين عن الرضا عليه السلام وعن الصادق سلام اللّه عليه.

سبحان رب الصباح فالق الاصباح « ثم تقول : بسم اللّه وضعت جنبي لله ، فوضت أمري إلى اللّه أطلب حاجتي من اللّه توكلت على اللّه حسبي اللّه ونعم الوكيل ومن يتوكل على اللّه فهو حسبه إن اللّه بالغ أمره قد جعل اللّه لكل شئ قدرا اللّهم ومن أصبح وحاجته إلى مخلوق فإن حاجتي ورغبتي إليك » وتقرأ خمس آيات من آخر آل عمران « إن في خلق السماوات والأرض - إلى قوله : - إنك لا تخلف الميعاد » (1). وصل على محمد وآله مائة مرة فإنه :

1425 - روي أنه « من صلى على محمد وآله مائة مرة بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة وقى اللّه وجهه حر النار ومن قال : مائة مرة » سبحان ربى العظيم وبحمده أستغفر اللّه ربى وأتوب إليه « بنى اللّه له بيتا في الجنة ومن قرأ إحدى وعشرين مرة » قل هو اللّه أحد بنى اللّه له بيتا في الجنة فإن قرأها أربعين مرة غفر اللّه له.

باب 74: المواضع التي يستحب أن يقرأ فيها قل هو اللّه أحد و قل يا أيها الكافرون

1426 - لا تدع أن تقرأ « قل هو اللّه أحد» و « قل يا أيها الكافرون » في سبعة مواطن : في الركعتين الأولتين من صلاة الليل وفى الركعتين اللتين قبل الفجر ، وركعتي الزوال ، وفي الركعتين اللتين بعد المغرب وركعتي الطواف وركعتي الاحرام والفجر إذا أصبحت بها (2).

ص: 495


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 174 بتقديم وتأخير وزيادة ونقص عن سليمان ابن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- روى الكليني في الكافي ج 3 ص 316 والشيخ ج 1 ص 155 من التهذيب بهذا المضمون خبرا عن معاذ بن مسلم عن الصادق عليه السلام.

باب 75: أفضل النوافل

قال أبى - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : اعلم يا بنى إن أفضل النوافل ركعتا الفجر ، وبعدهما ركعة الوتر ، وبعدها ركعتا الزال ، وبعدهما نوافل المغرب ، وبعدها تمام صلاة الليل ، وبعدها تمام نوافل النهار.

باب 76: قضاء صلاة الليل

1427 - قال الصادق عليه السلام كلما فاتك بالليل فاقضه بالنهار قال اللّه تبارك وتعالى : « وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا » (1).

يعنى أن يقضى الرجل ما فاته بالليل بالنهار ، وما فاته بالنهار بالليل. واقض ما فاتك من صلاة الليل أي وقت شئت من ليل أو نهار ما لم يكن وقت فريضة (2) وإن فاتتك فريضة فصلها إذا ذكرت فان ذكرتها وأنت في وقت فريضة أخرى فصل التي أنت في وقتها ثم صل الصلاة الفائتة (3).

ص: 496


1- رواه الشيخ في الموثق عن عنبسة العابد ج 1 ص 214 من التهذيب.
2- لعل ذلك لورود النهى في الاخبار عن التطوع في وقت الفريضة ، ففي التهذيب ج 1 ص 183 مسندا عن إسماعيل بن عيسى قال : « سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يصلى الأولى ثم يتنفل فيدركه وقت العصر من قبل أن يفرغ من نافلته فيبطئ بالعصر ثم يقضى نافلته بعد العصر أو يؤخرها حتى يصليها في وقت آخر؟ قال : يصلى العصر ويقضى نافلته في يوم آخر ». وفى آخر عن الصادق عليه السلام : « إذا دخل وقت صلاة مفروضة فلا تطوع » ومثله أيضا عن الباقر عليه السلام.
3- ظاهر المؤلف تقديم الحاضرة على الفائتة ويدل عليه أخبار منها موثق إسماعيل ابن همام عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال : « في الرجل يؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر فإنه يبدأ بالعصر ثم يصلى الظهر » ( التهذيب ج 1 ص 213 ) وفى قبالها أخبار منها ما رواه الشيخ بسند فيه جهالة عن زرارة أبى جعفر عليه السلام قال : إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى فان كنت تعلم أنك إذا صليت التي قد فاتتك كنت في الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك فان اللّه عزوجل يقول : « أقم الصلاة لذكرى » ، وان كنت تعلم أنك ان صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها أيضا فابدأ بالتي أنت في وقتها واقض الأخرى « وفى آخر عن سهل بن زياد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن رجل نسي الظهر حتى دخل وقت العصر؟ قال : يبدأ بالظهر ، وكذلك الصلوات تبدأ بالتي نسيت الا أن تخاف أن يخرج وقت الصلاة فتبدأ بالتي أنت في وقتها ثم تقضى ما نسيت ».

1428 - وقال الصادق عليه السلام : « قضاء صلاة الليل بعد الغداة وبعد العصر من سر آل محمد المخزون » (1).

وقد روي نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها لان الشمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان (2) إلا أنه روي لي جماعة من مشائخنا عن :

ص: 497


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 185 والاستبصار ج 1 ص 290 بسند حسن كالصحيح ، وهو من سرهم المخزون لان العامة يحرمون الصلاة في هذين الوقتين مع أنهم رووا في كثير من أخبارهم أن النبي كان يصلى في هذين الوقتين وقد أخرجت جملة من رواياتهم في هامش الخصال ( ص 69 إلى 72 ). وفى التهذيب ج 1 ص 185 باسناده عن لي بن بلال قال : « كتبت إليه ( يعنى الهادي عليه السلام ) في قضاء نافلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ومن بعد العصر إلى أن تغيب الشمس؟ فكتب : لا يجوز ذلك الا للمقتضى فاما لغيره فلا ».
2- في الكافي ج 3 ص 180 بسند صحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه - السلام - في حديث - قال : « إنما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها - إلى أن قال : - لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان ». و فيه أيضا ج 3 ص 290 عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه رفعه قال:« قال رجل لابى عبد اللّه عليه السلام: الحديث الذي روى عن أبي جعفر عليه السلام« ان الشمس تطلع بين قرنى الشيطان، قال: نعم ان إبليس اتخذ عرشا بين السماء و الأرض فإذا طلعت الشمس و سجد في ذلك الوقت الناس قال إبليس لشياطينه: ان بني آدم يصلون لي». و طلوع الشمس و غروبها بين قرنى الشيطان هو الكناية عن شدة تسلط الشيطان على بني آدم في هذين الوقتين. و قيل فيه وجوه أخر- راجع الجواهر كتاب الصلاة اوقات الصلاة في كراهة النوافل المبتدأة عند الطلوع و الغروب- و هامش الكافي ج 3 ص 18.

1429 - أبى الحسين محمد بن جعفر الأسدي رضي اللّه عنه أنه ورد عليه فيما ورد من جواب مسائله من محمد بن عثمان العمري - قدس اللّه روحه - «وأماما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها فلئن كان كما يقول الناس إن الشمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان فما أرغم أنف الشيطان بشئ أفضل من الصلاة فصلها وأرغم أنف الشيطان » (1).

1430 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إن اللّه تبارك وتعالى ليباهي ملائكته بالعبد يقضى صلاة الليل بالنهار ، فيقول : يا ملائكتي انظروا إلى عبدي يقضى ما لم أفترضه عليه ، أشهدكم أنى قد غفرت له ».

1431 - وروي بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « أفضل قضاء صلاة الليل في الساعة التي فاتتك آخر الليل ، وليس بأس أن تقضيها بالنهار (2) وقبل أن تزول الشمس ».

1432 - وروي عن مرازم بن حكيم الأزدي أنه قال : كنت مرضت أربعة

ص: 498


1- يدل هذا الخبر على أن الخبر المشهور من مفتريات العامة وكان وروده عنهم عليهم السلام من جهة التقية ، ويمكن تأويلها بغير النوافل المبتدأة من قضاء الفرائض والنوافل الموقتة (م ت). أقول في الاستبصار ج 1 ص 290 باسناده عن محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس فان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : ان الشمس تطلع بين قرني الشيطان وتغرب بين قرني الشيطان وقال : لا صلاة بعد العصر حتى تصلى المغرب » وفيه باسناده عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال : « لا صلاة بعد العصر حتى تصلى المغرب ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس » ، وقال الشيخ - رحمه اللّه - : الوجه في هذه الأخبار وما جانسها أحد شيئين أحدهما أن تكون محمولة على التقية لأنها موافقة لمذهب العامة ، والثاني أن تكون محمولة على كراهة ابتداء النوافل في هذين الوقتين وان لم يكن ذلك محظورا لأنه قد رويت رخصة في جواز الابتداء بالنوافل في هذين الوقتين.
2- في التهذيب ج 1 ص 213 باسناده الصحيح عن حسان بن مهران قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قضاء النوافل قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قضاء النوافل قال : ما بين طلوع الشمس إلى غروبها ».

أشهر لم أصل نافلة فيها فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إني مرضت أربعة أشهر لم أصل نافلة ، فقال : ليس عليك قضاء إن المريض ليس كالصحيح ، كلما غلب اللّه عليه فاللّه أولى بالعذر فيه (1).

1433 - وروي محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قلت له : رجل مرض فترك النافلة؟ فقال : يا محمد ليست بفريضة إن قضاها فخير يفعله ، وإن لم يفعل فلا شئ عليه ».

1434 - وسأله سليمان بن خالد « عن قضاء الوتر بعد الظهر ، فقال : اقضه وترا أبدا كما فاتك ».

1435 - وسأله حماد بن عثمان فقال له : « أصبح عن الوتر إلى الليل (2) فكيف أقضي؟ فقال : مثلا بمثل » (3).

ص: 499


1- في الكافي ج 3 ص 451 عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مرازم قال : « سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد اللّه عليه السلام فقال : أصلحك اللّه ان على نوافل كثيرة فيكف أصنع؟ قال : اقضها ، فقال له : انها أكثر من ذلك ، قال : اقضها ، قلت : لا أحصيها ، قال : توخ. قال مرازم : وكنت مرضت - الخبر ». وهكذا في التهذيب ج 1 ص 192.
2- أي صارت صلاتي قضاء وما صليتها إلى الليل.
3- اعلم أن التأكيدات التي وردت في الاخبار الظاهر أنها للرد على العامة فإنهم يقضون بعد الزوال شفعا ، والاخبار التي وردت من طرقنا كذلك محمولة على التقية ( م ث ) وفى التذكرة حكى عن الشافعي القول بالمماثلة في القضاء ، وقد روى الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 293 باسناده عن الفضيل قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول » : يقضيه من النهار ما لم تزل الشمس وترا فإذا زالت الشمس فمثنى مثنى « وعن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال » : الوتر ثلاث ركعات إلى زوال الشمس فإذا زالت فأربع ركعات « وعن كردويه الهمداني قال » : سألت أبا الحسين عليه السلام عن قضاء الوتر؟ فقال : ما كان بعد الزوال فهو شفع ركعتين ركعتين « وحملها الشيخ تارة على القضاء قاعدا وتارة على متعمد الترك عقوبة لما تضمنه مقطوعة زرارة قال » : متى قضيته نهارا بعد ذلك اليوم قضيته شفعا ، تضيف إليه أخرى حتى يكون شفعا ، قال : قلت : ولم جعل الشفع؟ قال : لتضييعه الوتر. ( الاستبصار ج 1 ص 294 ).

1436 - وروي عنه (1) حريز أنه قال : « كان أبى عليه السلام ربما قضى عشرين وترا في ليلة ».

1437 - وسأل عبد اللّه بن المغيرة أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يفوته الوتر ، فقال : يقضيه وترا أبدا ».

باب 77: معرفه الصبح والقول عند النظر إليه

1438 - روي علي بن عطيه (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « الفجر هو الذي إذا رأيته كان معترضا كأنه بياض (3) نهر سورى ».

ص: 500


1- دل على أنه عليه السلام قد منع الوتر كثيرا ( مراد ) أقول : في الجواهر : « وبالى أن بعض العامة منع من تعدد الوتر في ليلة واحدة ولو قضاء ». و الظاهر بحسب العبارة أن المروى عنه هو أبو جعفر عليه السلام لكن الظاهر أن المراد هو الصادق عليه السلام لان حريز بن عبد اللّه السجستانيّ كان من أصحابه لا من أصحاب أبى جعفر الباقر عليه السلام.( سلطان).
2- الطريق فيه علي بن حسان وهو إن كان الواسطي فهو صحيح وإن كان الهاشمي فضعيف ( صه ) وقال صاحب منهج المقال : وكأنه الواسطي فان الظاهر رواية الهاشمي عن عمه عبد الرحمن بن كثير. أقول : رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 283 عن علي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن علي بن عطية فهو حسن كالصحيح.
3- كذا في جميع النسخ - يعنى بالباء الموحدة ثم الياء المثناة التحتانية - : ضد السواد وهو المعروف لكن ذكر الشيخ بها الملة والدين - قدس سره - في الحبل المتين المراد ببياضها نهرها كما في رواية هشام بن هذيل عن الكاظم عليه السلام وقد سأله « عن وقت صلاة الصبح ، فقال : حين تعرض الفجر فتراه كأنه نهر سورى » انتهى كلامه في المتن وكتب طاب ثراه في الحاشية : أن النباض بالنون والباء الموحدة وآخره الضاد معجمة وأصله من نبض الماء إذا سال وربما قرئ بالباء الموحدة ثم الياء المثناة من تحت - انتهى. و الظاهر أن النباض بالنون تصحيف لوجود النهر مع البياض. و قال الفيض في الوافي النباض بالنون و الباء الموحدة من نبض الماء إذا سال، و ربما قرء بالموحدة ثمّ الياء المثناة من تحت». و سورى على وزن بشرى موضع بالعراق و هو بلد السريانيين و موضع من أعمال بغداد.

1439 - وروي « أن وقت الغداة : إذا اعترض الفجر فأضاء حسنا » (1).

وأما الفجر الذي يشبه ذنب السرحان فذاك الفجر الكاذب ، والفجر الصادق هو المعترض كالقباطي (2).

1440 - وروي عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تقول إذا طلع الفجر » : الحمد لله فالق الاصباح ، سبحان [ اللّه ] رب المساء والصباح ، اللّهم صبح آل محمد ببركة وعافية وسرور وقر عين ، اللّهم إنك تنزل بالليل والنهار ما تشاء فأنزل على وعلى أهل بيتي من بركة السماوات والأرض رزقا حلالا طيبا واسعا تغنيني به عن جميع خلقك.

باب 78: كراهية النوم بعد الغداة

1441 - روي العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام قال : « سألته عن النوم بعد الغداة فقال : إن الرزق يبسط تلك الساعة فأنا أكره أن ينام الرجل تلك الساعة ».

1442 - وروي جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن إبليس إنما يبث جنود -

ص: 501


1- روى الشيخ باسناده عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصلى ركعتي الصبح - وهي الفجر - إذا اعترض الفجر وأضاء حسنا » التهذيب ج 1 ص 143 والاستبصار ج 1 ص 274.
2- القباطي : ثياب بيض رقاق يجلب من مصر ، واحدها قبطي - بضم القاف - نسبة إلى القبط - بكسر القاف - وهم أهل مصر.

الليل من حين تغيب الشمس إلى مغيب الشفق ، ويبث جنود النهار من حين يطلع الفجر إلى مطلع الشمس ، وذكر أن نبي اللّه عليه السلام كان يقول : أكثروا ذكر اللّه عز وجل في هاتين الساعتين ، وتعوذوا باللّه عزوجل من شر إبليس وجنوده ، وعوذوا صغاركم في هاتين الساعتين فإنهما ساعتا غفلة.

1443 - وقال الصادق عليه السلام : « نومة الغداة مشومة ، تطرد الرزق ، وتصفر اللون وتقبحه وتغيره ، وهو نوم كل مشؤوم إن اللّه تبارك وتعالى يقسم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فإياكم وتلك النومة ».

1444 - وقال الباقر عليه السلام : « النوم أول النهار خرق والقايلة نعمة (1) ، والنوم بعد العصر حمق ، والنوم بين العشائين يحرم الزرق ».

والنوم على أربعة أوجه (2) نوم الأنبياء عليهم السلم على أقفيتهم لمناجاة الوحي ، ونوم المؤمنين على أيمانهم ونوم الكفار على يسارهم ، ونوم الشياطين على وجوههم.

ص: 502


1- الخرق - بضم الخاء - : الحمق ، وضعف العقل ، والجهل ، والفقر ، وفى القاموس المخروق : المحروم لا يقع في كفه شئ. والقايلة : الظهيرة يقال : أتانا عند القايلة ، وقد يكون أيضا بمعنى القيلولة وهي النوم في الظهيرة. و قال الفاضل التفرشى: قوله« القائلة نعمة» اما منصوب عطفا على أول النهار فيكون القائلة بمعنى الوقت أي النوم القائلة نعمة، و اما مرفوع مبتداء و الجملة معطوفة على السابقة بمعنى النوم في ذلك الوقت و هو الظهيرة.
2- قوله : « والنوم على أربعة أوجه » يحتمل قويا كونه من كلام المؤلف أخذه من حديثين أحدهما رواه في العيون والخصال ص 262 عن الرضا عن آبائه عليهم السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « النوم على أربعة أوجه - الخ » في جواب رجل شامي سأله ، والاخر ما رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 513 في حديث عن أحمد بن إسحاق عن أبي محمد العسكري عليه السلام قال : « فقلت : يا سيدي روى لنا عن آبائك أن نوم الأنبياء على أقفيتهم ونوم المؤمنين على أيمانهم ، ونوم المنافقين على شمائلهم ، ونوم الشياطين على وجوههم؟ قال : كذلك هو ».

1445 - وقال الصادق عليه السلام : « من رأيتموه نائما على وجهه فأنبهوه ».

1446 - وقال عليه السلام : « ثلاثة فيهن المقت من اللّه عزوجل نوم من غير سهر وضحك من غير عجب ، وأكل على الشبع » (1).

1447 - و « أتى أعرابي إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : يا رسول اللّه إني كنت ذكورا وإني صرت نسيا ، فقال : أكنت تقيل؟ قال : نعم ، قال : وتركت ذاك؟ قال : نعم ، قال : عد ، فعاد فرجع إليه ذهنه » (2).

1448 - وروي أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « خمسة لا ينامون : الهام بدم يسفكه ، وذو المال الكثير لا أمين له ، والقائل في الناس الزور والبهتان عن عرض من الدنيا يناله ، والمأخوذ بالمال الكثير ولا مال له ، والمحب حبيبا يتوقع فراقه » (3).

1449 - وروي « قيلوا (4) فإن اللّه يطعم الصائم في منامه ويسقيه ».

1450 - وروي « قيلوا فإن الشيطان لا يقيل ».

1451 - وقال عليه السلام : « نوم الغداة شؤم يحرم الرزق ويصفر اللون ، وكان المن والسلوى ينزل على بني إسرائيل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فمن نام تلك الساعة لم ينزل نصيبه ، فكان إذا انتبه فلا يري نصيبه احتاج إلى السؤال والطلب » (5).

ص: 503


1- رواه المؤلف في الخصال بسند فيه جهالة وارسال.
2- رواه الحميري في قرب الإسناد ص 34 مسندا عن الصادق عليه عن أبيه عليهما السلام بلفظ آخر.
3- رواه المصنف في الخصال بسند حسن ولا مناسبة له بالباب ويمكن أن يقال : إذا كان هؤلاء الجماعة لا ينامون لأجل أمور سهلة باطلة فلا ينبغي لأناس لهم غرض صحيح أن يناموا.
4- بالتخفيف صيغة الامر للجمع من قال يقيل قيلا وقيلولة أي نام نصف النهار.
5- رواه الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب مسندا ج 1 ص 174 بزيادة فيه واختلاف.

1452 - وقال الرضا عليه السلام : « في قول اللّه عزوجل : « فالمقسمات أمرا » قال : الملائكة تقسم أرزاق بني آدم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فمن ينام فينام بينهما ينام عن رزقه ».

1453 - وروي معمر بن خلاد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : « كان - وهو بخراسان - إذا صلى الفجر جلس في مصلاه إلى أن تطلع الشمس (1) ثم يؤتى بخريطة (2) فيها مساويك فيستاك بها واحدا بعد واحد ، ثم يؤتى بكندر فيمضغه ثم يدع ذلك فيؤتى بالمصحف فيقرأ فيه » (3).

1454 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من جلس في مصلاه من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ستره اللّه من النار ».

باب 79: صلاة العيدين

1455 - وروي جميل بن دراج عن الصادق عليه السلام أنه قال : « صلاة العيدين فريضة ، وصلاة الكسوف فريضة ».

ص: 504


1- روى الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب ج 1 ص 227 والاستبصار ج 1 ص 350 بسند حسن عن معمر بن خلاد أيضا قال : « أرسل أبو الحسن الرضا عليه السلام في حاجة فدخلت عليه فقال : انصرف فإذا كان غدا فتعال ولا تجئ الا بعد طلوع الشمس فانى أنام إذا صليت الفجر ». قال الشيخ - رحمه اللّه - : يجوز أن يكون عليه السلام إنما نام لعذر كان به. وقال المولى المجلسي في بيان خبر المتن : أما ما روى من حواز النوم فمحمول على الضرورة أو الجواز مع الكراهة الشديدة جمعا.
2- الخريطة وعاء من أدم وغيره ، يشرج على ما فيه. ( القاموس )
3- يدل على استحباب الجلوس في المصلى للتعقيب وعلى استحباب اكثار السواك بعده لقراءة القرآن أو مطلقا وكذا مضغ الكندر واستحباب قراءة القرآن في المصحف وإن كان حافظا له وقادرا عليه قراءته عن ظهر القلب كما تدل عليه أخبار. (م ت)

يعنى أنهما من صغار الفرائض ، وصغار الفرائض سنن ، لرواية حريز (1) :

ص: 505


1- الظاهر أن المصنف أراد من كونهما من صغار الفرائض أنهما ليستا بمفروضتين في القرآن ، والمتبادر من الفرض ما كان في القرآن ، وقوله : « لرواية حريز » استشهاد على أن الوجوب في العيدين ليس من القرآن ، وقوله : « لرواية حريز » استشهاد على أن الوجوب في العيدين ليس من القرآن لا على أنهما مستحبتان لان السنة يراد بها الندب ، وحينئذ لا دلالة في كلامه على عدم الوجوب ، ولا يخفى أن كلام الصادق عليه السلام وإن كان ظاهره العموم فيتناول زمن الغيبة فيدل على وجوب العيدين مطلقا الا أنه يمكن أن يوجه بان الكلام حال وجوده عليه السلام ، وبعده حكم آخر. وظاهر المنتهى أن اتفاق الأصحاب واقع على اشتراط السلطان العادل أو من نصبه ، واحتج له بأخبار. وفى الاجماع تأمل ، وأما الاخبار فأورد عليها شيخنا - رحمه اللّه - بأن الظاهر أن المراد بالامام امام الجماعة لا امام الأصل كما يظهر من تنكير الامام في بعضها. ( الشيخ محمد ). أقول: هذا الحمل لا يلائم قوله عليه السلام في خبر سماعة الآتي« و ان صليت وحدك فلا بأس» مع أنّه عليه السلام قال قبله:« لا صلاة في العيدين الا مع امام» الا أن يقال: المراد نفى الكمال أي لا صلاة كاملة. و قال أستادنا الشعرانى: تنكير الامام لا ينافى اشتراط السلطان العادل لان من يقول بالاشتراط لا يوجب الصلاة حتما بل يقول بوجوب الصلاة مع امام من أئمة الدّين لهم هذا المنصب سواء كان الامام الأصل أو من نصبه اذ ليس هو بنفسه الشريفة حاضرا في جميع البلاد في جميع الأزمنة و لا يكفى اقتداء بعض الرّعية ببعض ممن ليس الإمامة منصبا له بل هذا هو المتبادر الى الذهن من الامام لا امام الجماعة كما يدلّ عليه حديث سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:« قلت له: متى يذبح؟ قال إذا انصرف الامام، قلت: فاذا كنت في أرض ليس فيها امام- الخ». و لا ريب أنّه لا يتصور أرض ليس فيها رجل عادل يصحّ الاقتداء به بل لا يحسن أن يقال: يشترط في الفعل الفلانى ذلك الا مع إمكان عدم وجوده و امام الجماعة لا يتصوّر عدم وجوده في زمان و مكان، و أمّا عدم الامام المنصوب فيمكن أن يتّفق كثيرا و لذا لا تجد مثل هذا الاشتراط في اليومية و جماعتها، و بالجملة لا ريب في اشتراط السلطان العادل أو من نصبه في فرضيّة صلاة العيدين، و لو لم يكن لنا دليل على صحّة الصلاة ندبا مع عدم الامام لقلنا بعدم مشروعيّة الانفراد فيها لان مفاد« لا صلاة الا بامام» عدم الماهيّة لكن نحملها على عدم الصلاة المعهودة المجعولة أولا الواجبة بالوجوب العينى و أنّها منفية بدون الامام بقرينة الأدلة الأخرى الدالة على صحتها منفردا.

1456 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : صلاة العيدين مع الامام سنة (1) وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ذلك اليوم إلى الزوال.

ووجوب العيد إنما هو مع إمام عدل (2).

1457 - وروي سماعة بن مهران عن الصادق عليه السلام أنه قال : « لا صلاة في العيدين إلا مع إمام ، وإن صليت وحدك فلا بأس ».

1458 - وروي زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا صلاة يوم الفطر والأضحى مع إمام [ عادل ] » (3).

1459 - وسئل الصادق عليه السلام « عن صلاة الأضحى والفطر فقال : صلهما ركعتين

ص: 506


1- الظاهر أن مراد الصدوق (رحمه الله) في الجمع بين الروايتين أنه ظهر وجوبهما من السنة لا من القرآن لأنه ليس فيه ما يدل صريحا على وجوبهما كما ذكره الأصحاب إذ مراتب الوجوب مختلفة فما يكون مؤكدا يسمى بالفريضة كصلاة اليومية والجمعة وما لم يكن مؤكدا يسمى سنة ، ويمكن الجمع بينهما بأن يحمل الخبر الثاني على التقية أو على عدم استجماع الشرائط كما في زمن أكثر الأئمة عليهم السلام من استيلاء أئمة الجور. (م ت) قال استاذنا الشعراني : وجه الحمل على التقية أن فقهاء أهل السنة متفقون على عدم كون صلاة العيدين واجبة ، والحنفية وان عبروا عنها بالوجوب لكن الوجوب في اصطلاحهم غيره في اصطلاحنا ويريدون به ما يأثم المكلف بتركه من غير أن يعاقب بالنار وإنما حرم من الشفاعة.
2- من كلام المؤلف كما يظهر من التهذيب.
3- أي لا صلاة واجبة الا مع امام من الأئمة الذين تكون الإمامة لهم منصبا ، وقال الفيض - رحمه اللّه - : يعنى لا صلاة فريضة الا مع امام مرضى يجوز الاقتداء به كما يشعر به تنكير لفظ الامام كما في أكثر النسخ وأصحها ، ويجوز أن يكون المراد بالامام : المعصوم عليه السلام فلا تكون واجبة الا مع حضوره صلوات اللّه عليه فان الاخبار ليست محكمة في أحد المعنيين بل متشابهة فيهما وقال في الفقيه : « ووجوب العيد إنما هو مع امام عادل » وهو أيضا متشابه وعلى التقديرين يجوز فعلها مع فقد هذا الشرط على جهة الاستحباب كما يظهر من الاخبار.

في جماعة أو في غير جماعة وكبر سبعا وخمسا » (1).

1460 - وروي منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « مرض أبى عليه السلام يوم الأضحى فصلى في بيته ركعتين ثم ضحى ».

1461 - وروى جعفر بن بشير ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد ، ويصلى في بيته وحده كما يصلى في جماعة » (2).

1462 - وروي هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الخروج يوم الفطر والأضحى إلى الجبانة حسن لمن استطاع الخروج إليها ، قال : فقلت : أرأيت إن كان مريضا لا يستطيع أن يخرج أيصلى في بيته؟ فقال : لا ». (3)

1463 - وروي ابن المغيرة عن القاسم بن الوليد قال : « سألته عن غسل الأضحى قال : واجب إلا بمنى ». (4)

1464 - وروي « أن غسل العيدين سنة ».

1465 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن المرأة عليها غسل يوم الجمعة والفطر والأضحى ويوم عرفة؟ قال : نعم عليها الغسل كله ».

ص: 507


1- سبعا في الركعة الأولى أولها لتكبيرة الاحرام وسابعها للركوع. وخمسا للثانية خامسها للركوع والبقية في الأولى والثانية للقنوت.
2- قال في المدارك : استحباب الصلاة في العيدين على الانفراد مع تعذر الجماعة قول أكثر الأصحاب ، ونقل عن ظاهر الصدوق (رحمه الله) في المقنع وابن أبي عقيل عدم مشروعية الانفراد فيهما.
3- أي ليس بواجب عليه ذلك وإن كان لو صلى منفردا في بيته استحق الثواب كما في التهذيب.
4- أي سنة لازمة لا ينبغي تركها وقيل بالوجوب ، والحق أن قوله : « الا بمنى » منزل على تأكد الاستحباب لصراحة جملة من الاخبار في عدم وجوبه ، ولعل استثناء منى لتعذر الماء فيه.

وجرت السنة أن يأكل الانسان يوم الفطر قبل أن يخرج إلى المصلى ، ولا يأكل في الأضحى إلا بعد الخروج إلى المصلى.

1466 - و « كان علي عليه السلام يأكل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى ، ولا يأكل يوم الأضحى حتى يذبح ».

1467 - وروي حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عله السلام قال : « لا تخرج يوم الفطر حتى تطعم شيئا ، ولا تأكل يوم الأضحى شيئا إلا من هديك (1) وأضحيتك [إن قويت عليه ]وإن لم تقوفمعذور. (2) قال : وقال أبو جعفر عليه السلام : كان أمير المؤمنين عليه السلام لا يأكل يوم الأضحى شيئا حتى يأكل من أضحيته ، ولا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ويؤدي الفطرة ، ثم قال : وكذلك نحن ».

1468 - وروي حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السلام قال : « السنة على أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم في العيدين إلا أهل مكة فإنهم يصلون في المسجد الحرام ».

1469 - وروي علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا ينبغي أن تصلى صلاة العيدين في مسجد مسقف لا في بيت ، إنما تصلى في الصحراء أو في مكان بارز ».

1470 - وروي الحلبي عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام أنه « كان إذا خرج يوم الفطر والأضحى أبى أن يؤتى بطنفسة (3) يصلي عليها يقول : هذا يوم كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يخرج فيه حتى يبرز لآفاق السماء ثم يضع جبهته على الأرض ».

1471 - وروي إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قلت له : أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة؟ قال : ليس فيهما أذان ولا إقامة ، ولكن ينادي الصلاة الصلاة - ثلاث مرات وليس فيهما منبر ، المنبر لا يحرك من موضعه ،

ص: 508


1- في بعض النسخ « الا من هديتك » ولعله تصحيف.
2- أي ان لم تقدر على الأضحية.
3- الطنفسة : البساط الذي له خمل رقيق وهي ما تجعل تحت الرجل على كتفي البعير.

ولكن يصنع للامام شبه المنبر من طين فيقوم عليه ، فيخطب الناس ثم ينزل ».

1472 - وروي حريز ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تقض وتر ليلتك (1) - يعنى في العيدين - أن كان فاتك حتى تصلى الزوال في ذلك اليوم ».

1473 - وروي محمد بن الفضل الهاشمي (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ركعتان من السنة ليس تصليان في موضع إلا بالمدينة وتصلى في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في العيدين قبل أن يخرج إلى المصلى ، ليس ذلك إلا بالمدينة لان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فعله » (3).

1474 - وروي إسماعيل بن مسلم ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما السلام قال : « كانت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عنزة في أسفلها عكاز (4) يتوكأ عليها ويخرجها في العيدين يصلى إليها » (5).

1475 - وسأل الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا يوم

ص: 509


1- هذا مبالغة في أن لا يصلى قبل صلاة العيد ولا بعده حتى تزول الشمس حيث إنه إذا منع من قضاء الوتر مع كونه مرفوعا فيه كان ممنوعا من غيره بطريق أولى. ( مراد )
2- في بعض النسخ « محمد بن الفضيل الهاشمي » وهو تصحيف.
3- لعل المراد أن المنع من التنفل قبل صلاة العيد عام واستثناء الركعتين من ذلك العموم للتأسي بالنبي صلى اللّه عليه وآله ، وقد يستثنى منه صلاة التحية لمن صلاها في المساجد. ( مراد )
4- العنزة بالتحريك - أطول من العصا وأقصر من الرمح وفيه زج كزج الرمح. والعكازة : عصا ذات زج ( الصحاح ) فلعل المراد بالعكازة هنا الزج وهو الحديدة التي في أسفل الرمح. ( مراد )
5- أي ينصبها أو يضعها عند الصلاة في جانب القبلة. ( مراد ) وفى بعض النسخ « يصلى عليها » أقول : ذلك للسترة المستحبة وقد تقدم استحبابها سيما في الصحارى.

الجمعة قال : اجتمعا في زمان علي عليه السلام فقال : من شاء أن يأتي الجمعة فليأت ومن قعد فلا يضره وليصل الظهر ، وخطب عليه السلام خطبتين جمع فيهما خطبة العيد وخطبة الجمعة » (1).

1476 - وسئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « قد أفلح من تزكى » قال : من أخرج الفطرة ، فقيل له : « وذكر اسم ربه فصلى » : خرج إلى الجبانة فصلى ».

1477 - وفى رواية السكوني « أن النبي صلى اللّه عليه وآله كان إذا خرج إلى العيد لم يرجع في الطريق الذي بدأ فيه ، يأخذ في طريق غيره ».

1478 - وروي أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أردت الشخوص في

ص: 510


1- فكان عليه السلام قد أخر خطبة العيد إلى وقت يصح معه خطبة الجمعة وذكر فيها ما لخطبة العيد كالحث على الفطرة في الفطر وعلى الضحية في الأضحى وما لخطبة الجمعة مثل قوله عليه السلام فيها : « وقد أمركم اللّه في كتابه بالسعي فيه ». ( مراد ) و قال في الشرائع: إذا اتّفق عيد و جمعة فمن حضر العيد كان بالخيار في حضور الجمعة، و على الامام أن يعلمهم ذلك في خطبته، و قيل: الترخيص مختص بمن كان نائيا عن البلد كأهل السواد دفعا لمشقة العود و هو أشبه. أقول روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 292 بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن موسى الخشّاب عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمّار عن جعفر عن أبيه( ع)« أن عليّ بن أبي طالب عليه السلام كان يقول: اذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فانه ينبغي للامام أن يقول للناس في خطبته الأولى: انه قد اجتمع لكم عيدان فأنا أصليهما جميعا، فمن كان مكانه قاصيا فأحب أن ينصرف عن الآخر فقد اذنت له». و قال محمّد بن أحمد بن يحيى: و أخذت هذا الحديث من كتاب محمّد ابن حمزة بن اليسع رواه عن محمّد بن الفضيل و لم أسمع أنا منه. و قال المولى المجلسيّ: الظاهر أنّه عليه السلام اكتفى بخطبتين لهما لان خطبة العيد بعد صلاته و خطبة الجمعة قبلها فاكتفى بخطبتين لهما، و يحتمل أن يكون المراد بالجمع فراغه عليه السلام عن خطبة العيد عند الزوال فلما فرغ زالت و شرع في خطبة الجمعة لئلا يلزم المحذوران و يكون الجمع تجوزا.

يوم العيد فانفجر الفجر وأنت في البلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد » (1).

1479 - وروى سعد بن سعيد عن الرضا عليه السلام « في المسافر إلى مكة وغيرها هل عليه صلاة العيدين الفطر والأضحى؟ قال : نعم إلا بمنى يوم النحر ».

1480 - وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال النبي صلى اللّه عليه وآله : إذا كان أول يوم من شوال نادى مناد يا أيها المؤمنون اغدوا إلى جوائزكم ، ثم قال : يا جابر جوائز اللّه ليست كجوائز هؤلاء الملوك ، ثم قال : هو يوم الجوائز ».

1481 - و « نظر الحسن بن علي عليه السلام إلى أناس في يوم فطر يلعبون ويضحكون فقال لأصحابه والتفت إليهم : إن اللّه عزوجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه فسبق فيه قوم ففازوا ، وتخلف آخرون فخابوا فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخيب فيه المقصرون ، وأيم اللّه لو كشف الغطاء (2) لشغل محسن بإحسانه ومسئ بإساءته ».

1482 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلا وهو يجدد فيه لآل محمد حزن ، قيل : ولم ذلك؟ قال : لأنهم يرون حقهم في يد غيرهم » (3).

وصلاة العيدين ركعتان في الفطر والأضحى وليس قبلهما ولا بعدهما شئ ولا يصليان الا مع إمام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه وليس لهما أذان ولا إقامة أذانهما طلوع الشمس ، يبدأ الامام فيكبر واحدة ، ثم

ص: 511


1- أي إذا أردت المسافرة في يوم العيد فلا تخرج الا بعد الاتيان بالصلاة. فيدل على كراهة السفر أو حرمته بعد الصبح يصل العيد كما قال المولى المجلسي رحمه اللّه.
2- أي لو أزيل الانهماك في الاشتغال بالأمور الدنيوية الذي هو كالغطاء في المنع عن رؤية الحقائق بالموت. ( مراد )
3- أورد أيضا في باب النوادر من كتاب الصوم تحت رقم 2058 عن حنان بن سدير عن عبد اللّه بن دينار عنه عليه السلام.

يقرأ الحمد وسبح اسم ربك الاعلى ، ثم يكبر خمسا ويقنت بين كل تكبيرتين (1) ثم يركع بالسابعة ويسجد سجدتين ، فإذا نهض إلى الثانية كبر وقرأ الحمد الشمس وضحيها ، ثم كبر تمام أربع تكبيرات مع تكبيرة القيام ، ثم ركع بالخامسة.

1483 - وقد روى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التكبير في العيدين ، فقال : اثنتا عشرة تكبيرة ، سبع في الأولى

ص: 512


1- يتراءى منه الاكتفاء بأربع قنوات إذا القنوت الخامس لا يقع بين تكبيرتين من الخمس الا أن يجعل التكبيرات التي تقع بينها القنوت شاملة لتكبيرة الركوع وهي السابعة ، والمذاهب المنقولة في موضع التكبيرات التسع الزائدة ثلاثة : المشهور أن الخمس التي في الأولى والأربع التي في الثانية موضعها بعد القراءة ، وعن ابن الجنيد أن الخمس قبل القراءة والأربع التي في الثانية بعدها ويشهد له حديث أبي الصحاح الآتي ، وقيل إن واحدة في الثانية قبل القراءة وهي تكبيرة القيام والثلاث الباقية بعدها ، وهو الظاهر من كلام المؤلف  - رضي اللّه عنه - هنا حيث قال : « فإذا نهض إلى الثانية كبر وقرأ الحمد - الخ » ولو حمل الأخبار الواردة فيها على التخيير لم يبعد ( مراد ) وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - في البحار : لا ريب في أن التكبيرات الزائدة في صلاة العيدين خمس في الأولى وأربع في الأخيرة ، واخبار به متظافرة وقد وقع الخلاف في موضع التكبيرات فأكثر الأصحاب على أن التكبير في الركعتين معا بعد القراءة ، وقال ابن الجنيد : التكبير في الأولى قبل القراءة وفى الثانية بعدها ، ونسب إلى المفيد أنه يكبر إذا نهض إلى الثانية ، ثم يقرأ ثم يكبر أربع تكبيرات يركع بالرابعة ، ويقنت ثلاثة مرات ، وهو المحكى عن السيد والصدوق وأبى الصلاح ، والأول أقوى وإن كان يدل على مذهب ابن الجنيد روايات كثيرة ، فإنها موافقة لمذاهب العامة فينبغي حملها على التقية ، ولولا ذلك لكان القول بالتخيير متجها ، ولم أر رواية تدل على مذهب المفيد ومن وافقه. ثم قال - رحمه اللّه - والمشهور وجوب التكبيرات وظاهر المفيد استحبابها ، وكذا المشهور وجوب القنوتات ، وذهب الشيخ في الخلاف إلى استحبابها والاحتياط في الاتيان بهما ، والظاهر عدم وجوب القنوت المخصوص.

وخمس في الأخرى. فإذا قمت في الصلاة فكبر واحدة (1) وتقول : « أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللّهم أنت أهل الكبرياء والعظمة ، وأهل الجود والجبروت ، والقدرة والسلطان والعزة ، أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ، ولمحمد صلى اللّه عليه وآله ذخرا ومزيدا ، إن تصلى على محمد وآل محمد ، وأن تصلى على ملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين ، وأن تغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات ، اللّهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك الصالحون (2) وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبادك المخلصون اللّه أكبر أول كل شئ وآخره ، وبديع كل شئ ومنتهاه ، وعالم كل شئ ومعاده ، مصير كل شئ إليه ومرده ، ومدبر الأمور وباعث من في القبور ، قابل الأعمال ومبدئ الخفيات ، ومعلن السرائر. اللّه أكبر عظيم الملكوت شديد الجبروت ، حي لا يموت دائم لا يزول ، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون. اللّه أكبر خشعت لك الأصوات وعنت لك الوجوه وحارت دونك الابصار وكلت الألسن عن عظمتك (3) ، والنواصي كلها بيدك ومقادير الأمور كلها إليك لا يقضى فيها غيرك ، ولا يتم منها شئ دونك (4). اللّه أكبر أحاط بكل شئ حفظك وقهر كل شئ عزك ، ولا يتم منها شئ أمرك ، وقام كل شئ بك ، وتواضع كل شئ لعظمتك ، وذل كل شئ لعزتك ، واستسلم كل شئ لقدرتك ، وخضع كل شئ لملكتك (5). اللّه أكبر وتقرأ الحمد وسبح اسم ربك الاعلى وتكبر السابعة وتركع وتسجد ، وتقوم وتقرأ الحمد والشمس وضحيها وتقول : اللّه

ص: 513


1- يدل على تقديم التكبير في الركعة الأولى قبل القراءة وهو مذهب ابن الجنيد ( سلطان ) وحمله الشيخ في التهذيب ( ج 1 ص 289 ) على التقية لموافقته لمذهب العامة والحمل على التخيير أظهر وإن كان العمل على المشهور أولى. (م ت)
2- في النسخ « عبادك المرسلون » كما في التهذيب.
3- أي عن وصفها أو بسبب عظمتك عن وصفك. (م ت)
4- أي لا تصير تماما الا بمشيتك.
5- في بعض النسخ « لملكك ».

أكبر أشهد أن لا إله ألا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللّهم أنت أهل الكبرياء والعظمة ، تتمه كله كما قلته أول التكبير ، يكون هذا القول في كل تكبيرة حتى يتم خمس تكبيرات

1484 - وخطب أمير المؤمنين عليه السلام يوم الفطر فقال : الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ، لا نشرك باللّه شيئا ، ولا نتخذ من دونه وليا ، والحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في [ الدنيا و ] الآخرة وهو الحكيم الخبير ، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها ، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور ، كذلك اللّه لا إله إلا هو إليه المصير ، والحمد لله الذي يمسك السماء (1) أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن اللّه بالناس لرؤف رحيم ، اللّهم ارحمنا برحتمك وأعممنا بمغفرتك ، إنك أنت العلى الكبير ، والحمد لله الذي لا مقنوط من رحمته (2) ولا مخلو من نعمته ، ولا مؤيس من روحه ولا مستنكف عن عبادته [ الذي ] بكلمته قامت السماوات السبع (3) واستقرت الأرض المهاد ، وثبتت الجبال الرواسي وجرت الرياح اللواقح (4) وسار في جو السماء السحاب ، وقامت على حدودها البحار (5) وهو إله لها وقاهر ، يذل له المتعززون ، ويتضاءل له المتكبرون (6) ، ويدين له طوعا وكرها العالمون ، نحمده كما حمد نفسه وكما هو أهله ونستعينه ونستغفره ونستهديه

ص: 514


1- قيل : المراد المطر أو تقديرات السماء : وقوله « الا باذنه » أي بإرادته لاقتضاء الحكمة. (م ت)
2- المقنوط هنا بمعنى القانط لان القنوط لازم وفى الصحاح القنوط : اليأس. ( مراد )
3- إشارة إلى قوله تعالى « إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ».
4- الرواسي : الجبال الثوابت ، والرياح اللواقح اللاتي تلقح الأشجار بها وتحمل.
5- الظاهر أن الضمير راجع إلى الأرض لان البحار تطلب المركز والأرض تمنعها عنه بالمقاومة ( مراد ) أقول : يمكن أن يكون راجعا إلى البحار فيلزم الاضمار قبل الذكر لفظا لا رتبة استقرت البحار في مواضعها.
6- رجل ضئيل الجسم أي نحيف ، والتضاؤل التصاغر.

ونشهد أن لا إله إلا اللّه وحد لا شريك له ، يعلم ما تخفي النفوس ، وما تجن البحار (1) وما توارى منه ظلمة ، ولا تغيب عنه غائبة ، وما تسقط من ورقة من شجرة ولا حبة في ظلمات إلا يعلمها ، لا إله إلا هو ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ، ويعلم ما يعمل العاملون وأي مجرى يجرون ، وإلى أي منقلب ينقلبون ، ونستهدي اللّه بالهدى ، ونشهد أن محمدا عبده ونبيه ورسوله إلى خلقه ، وأمينه على وحيه ، وأنه قد بلغ رسالات ربه ، وجاهد في اللّه الحائدين عنه ، العادلين به (2) وعبد اللّه حتى أتاه اليقين صلى اللّه عليه وآله.

أوصيكم [ عباد اللّه ] بتقوى اللّه الذي لا تبرح منه نعمة ولا تنفد منه رحمة (3) ولا يستغني العباد عنه ، ولا يجزي أنعمه الأعمال ، الذي رغب في التقوى ، وزهد في الدنيا ، وحذر المعاصي ، وتعزز بالبقاء ، وذلل خلقه بالموت والفناء ، والموت غاية المخلوقين ، وسبيل العالمين ، ومعقود بنواصي الباقين ، لا يعجزه إباق الهاربين ، وعند حلوله (4) يأسر أهل الهوى ، يهدم كل لذة ، ويزيل كل نعمة ، ويقطع كل بهجة ، والدنيا دار كتب اللّه لها الفناء ، ولأهلها منها الجلاء ، فأكثرهم ينوي بقاءها ويعظم بناءها ، وهي حلوة خضرة ، وقد عجلت للطالب ، والتبست بقلب الناظر (5) ويضن ذو الثروة الضعيف ، ويجتويها الخائف الوجل (6) فارتحلوا منها يرحمكم اللّه بأحسن

ص: 515


1- جن يجن أي ستر وأجنه يجنه أي ستره وأخفاه. والميت كفنه ودفنه.
2- الحيد : الميل ، وحاد عن الشئ يحيد حيدا : مال عنه وعدل. والعادلين به أي الذين يعدلون به تعالى غيره أي يساوونه ويشاركونه. ( سلطان )
3- « لا تربح » أي لا تزول. و « لا تنفد » أي لا تنقطع ولا تذهب.
4- أبق أباقا أي هرب. والضمير في حلوله راجع إلى الموت.
5- « عجلت » أي صارت معجلة لمن طلبها نقدا. « والتبست بقلب الناظر » أي اختلطت به وتمكنت فيه. ويضن أي يبخل. وفى كثير من النسخ « ويضنى » من الضنى بمعنى المرض ولعله تصحيف.
6- « يجتويها » أي يكره المقام بها واجتوى البلد : كره المقام به ، فالخوف من اللّه سبحانه أو القيامة.

ما بحضرتكم (1) ولا تطلبوا منها أكثر من القليل ، ولا تسألوا منها فوق الكفاف ، وارضوا منها باليسير ، ولا تمدن أعينكم منها إلى ما متع المترفون به (2) واستهينوا بها ، ولا توطنوها ، وأضروا بأنفسكم فيها (3) وإياكم والتنعم والتهلى والفاكهات (4) فإن في ذلك غفلة واغترار ، ألا إن الدنيا قد تنكرت وأدبرت واحلولت (5) وآذنت بوداع ، ألا وإن الآخرة قد رحلت فأقبلت وأشرفت وآذنت باطلاع (6) ألا وإن المضمار اليوم والسباق غدا ، ألا وإن السبقة الجنة والغاية النار (7) ألا فلا تائب

ص: 516


1- أي بالأعمال الصالحة أي كونوا بحيث إذا ارتحلتم يكون معكم أحسن الأعمال ، وقوله عليه السلام « يرحمكم اللّه » جملة دعائية معترضة.
2- المترف - بفتح الراء - المتنعم الموسع في ملاذ الدنيا وشهواتها. ( الوافي )
3- في الصحاح : أضر بي فلان أي دنا منى دنوا شديدا فمعنى « أضروا بأنفسكم » ادنوا منها دنوا شديدا والتفتوا إليها التفاتا عظيما لئلا يصدر عنها ما كان فيه هلاككم. ( مراد )
4- الفكاهة - بالضم - : المزاح.
5- احلولت افعيعال من الحلول أي انقضت ، والايذان الاعلام والمراد سرعة تصرف الدنيا وتطرق النقص والفناء إلى متاعها. والوداع بالكسر أو بفتح الواو اسم من التوديع.
6- في الصحاح : رحلت البعير أرحله رحلا إذا شددت على ظهره الرحل ، وفيه رحل فلان وارتحل وترحل بمعنى ، والاسم الرحيل. ورحيل الآخرة استعارة من رحل الركب الذين يصلون عن قريب ( مراد ) والاطلاع الاشراف من مكان عال ، والمقبل إلى الانحدار أحرى بالوصول.
7- المضمار : مدة تضمير الفرس وموضعه أيضا وهو أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده إلى القوت وذلك في أربعين يوما ، والسباق : المسابقة جمعا للسبقة بالضم أي الذي يسبق إليه كما توهم. والسبقة - بضم السين وسكون الموحدة - الخطر أي المال يوضع بين أهل السباق. وقوله « والغاية النار » أي منتهى سعى العصاة إليها. و قال السيّد الرضيّ- رحمه اللّه- في قوله عليه السلام« ان السبقة الجنة و الغاية النار»: خالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين، و لم يقل: السبقة النار كما قال« السبقة الجنة» لان الاستباق انما يكون الى أمر محبوب و غرض مطلوب و هذه صفة الجنة و ليس هذا المعنى-- موجودا في النار- نعوذ باللّه منها- فلم يجز أن يقول و السبقة النار بل قال: و الغاية النار، لان الغاية ينتهى إليها من لا يسره الانتهاء، و من يسره ذلك فصلح أن يعبر بها عن الامرين معا فهي في هذا الموضع كالمصير و المآل قال اللّه تعالى:« قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ»

من خطيئته قبل يوم منيته (1) ، ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه وفقره (2) جعلنا اللّه وإياكم ممن يخافه ويرجو ثوابه.

ألا وإن هذا اليوم يوم جعله اللّه لكم عيدا ، وجعلكم له أهلا ، فاذكروا اللّه يذكركم ، وادعوه يستجب لكم ، وأدوا فطرتكم ، فإنها سنة نبيكم وفريضة واجبة من ربكم ، فليؤدها كل امرئ منكم عنه وعن عياله كلهم ذكرهم وأنثاهم ، صغيرهم وكبيرهم ، وحرهم ومملوكهم ، عن كل إنسان منهم صاعا من بر أو صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، وأطيعوا اللّه فيما فرض اللّه عليكم وأمركم به من إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم شهر رمضان ، والامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والاحسان إلى نسائكم وما ملكت أيمانكم ، وأطيعوا اللّه فيما نهاكم عنه من قذف المحصنة ، وإتيان الفاحشة ، وشرب الخمر ، وبخس المكيال ، ونقص الميزان ، وشهادة الزور ، والفرار من الزحف ، عصمنا اللّه وإياكم بالتقوى ، وجعل الآخرة خيرا لنا ولكم من الأولى ، إن أحسن الحديث وأبلغ موعظه المتقين كتاب اللّه العزيز الحكيم أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم ، « بسم اللّه الرحمن الرحيم ، قل هو اللّه أحد اللّه الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد ».

ثم يجلس جلسة كجلسة العجلان ، ثم يقوم بالخطبة التي كتبناها (3) في آخر خطبة يوم الجمعة بعد جلوسه وقيامه.

1485 - وخطب أمير المؤمنين عليه السلام في عيد الأضحى فقال : « اللّه أكبر ، اللّه أكبر لا إله إلا اللّه واللّه أكبر ، اللّه أكبر ، ولله الحمد ، اللّه أكبر على ما هدانا ، وله الشكر فيما

ص: 517


1- في الصحاح المنية الموت لأنها مقدرة.
2- البؤس : الحاجة وشدتها.
3- في بعض النسخ « ذكرناها » راجع ص 432.

أولانا (1) والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ».

1486 - وكان علي عليه السلام يبدأ بالتكبير إذا صلى الظهر من يوم النحر ، وكان يقطع التكبير آخر أيام التشريق عند الغداة (2) ، وكان يكبر في دبر كل صلاة فيقول  « اللّه أكبر ، اللّه أكبر ، لا إله إلا اللّه واللّه أكبر ، اللّه أكبر ، ولله الحمد » فإذا انتهى إلى المصلى تقدم فصلى بالناس بغير أذان ولا إقامة ، فإذا فرغ من الصلاة صعد المنبر ، ثم بدأ فقال : اللّه أكبر ، اللّه أكبر اللّه أكبر زنة عرشه ورضى نفسه وعدد قطر سمائه (3) وبحاره ، له الأسماء الحسنى ، والحمد لله حتى يرضى ، وهو العزيز الغفور ، اللّه أكبر كبيرا متكبرا ، وإلها متعززا ، ورحيما متحننا (4) يعفو بعد القدرة ، ولا يقنط من رحمته إلا الضالون ، اللّه أكبر كبيرا ، ولا إله إلا اللّه كثيرا ، وسبحان اللّه حنانا قديرا ، والحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، ونشهد أن لا إله إلا هو ، وأن محمدا عبده ورسوله ، من يطع اللّه ورسوله فقد اهتدى ، وفاز فوزا عظيما ، ومن يعص اللّه ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدا ، وخسر خسرانا مبينا.

أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه وكثرة ذكر الموت والزهر في الدنيا التي لم يتمتع بها من كان فيها قبلكم ، ولن تبقى الأحد من بعدكم ، وسبيلكم فيها سبيل الماضين ألا ترون أنها قد تصرمت وآذنت بانقضاء ، وتنكر معروفها ، وأدبرت حذاء فهي (5)

ص: 518


1- في بعض النسخ « على ما أبلانا » وفى الصحاح بلاه اللّه بلاء وأبلاه ابلاء حسنا وابتلاه أي اختبره.
2- كان عليه السلام يكبر عقيب خمس عشرة صلوات إن كان بمنى أولها عقيب الظهر يوم العيد وآخرها الصبح في اليوم الثالث من أيام التشريق ، وفى غير منى يكبر عقيب عشر صلوات يكون آخرها صبح ثاني أيام التشريق. (م ت)
3- في بعض النسخ « سماواته ».
4- أي ذو الرحمة أو وصف ذاته بها. (م ت)
5- الصرام : القطع وتصرمت الدنيا أي خرجت ، وآذنت أي أعلمت عن حالها بانقضاء وتنكر أي صار منكرا وهو ضد المعروف الذي يعرفه الناس ويحسنونه ، أو تغير معروفها وما يأنس به كل أحد. وأدبرت حذاء بالحاء المهملة والذال المعجمة - أي أدبرت سريعة. وفى بعض النسخ بالجيم وهو تصحيف ، وفى نهج البلاغة « فهي تحفز بالفناء سكانها ، وتحدو بالموت جيرانها » والحفز بالرمح : الطعن به.

تخبر بالفناء ، وساكنها يحدى بالموت (1) فقد أمر منها ما كان حلوا ، وكدر منها ما كان صفوا ، فلم يبق منها إلا سلمة كسلمة الإداوة (2) ، وجرعة كجرعة الاناء (3) ، يتمززها الصديان لم تنفع غلته ، فأزمعوا عباد اللّه بالرحيل من هذه الدار (4) المقدور على أهلها الزوال ، الممنوع أهلها من الحياة ، المذللة أنفسهم بالموت فلا حي يطمع في البقاء ولا نفس إلا مذعنة بالمنون ، فلا يغلبنكم الامل ، ولا يطل عليكم الأمد ، ولا تغتروا فيها بالآمال وتعبدوا اللّه أيام الحياة ، فواللّه لو حننتم حنين الواله العجلان (5) ودعوتهم بمثل دعاء الأنام وجأرتم جؤار متبتل الرهبان (6) ، وخرجتم إلى اللّه من الأموال والأولاد التماس القربة

ص: 519


1- « يحدى » على صيغة المجهول ، ولعل الباء بمعنى « إلى » أو لفظة « إلى » مقدرة في نظم الكلام ( مراد ) وفى الصحاح الحدو - كفلس - : سوق الإبل والغناء لها ، وقد حدوت الإبل حدوا وحداء - بضم الأخير -.
2- السملة - محركة - : القليل من الماء يبقى من الاناء. والإداوة - بكسر الهمزة - : المطهرة واناء صغير من جلد يتطهر به ويشرب.
3- في النهج « كجرعة المقلة » - بفتح الميم - وهي حصاة القسم توضع في الاناء إذا عدموا الماء في السفر ثم يصب الماء عليه حتى يغمر الحصاة فيعطى كل أحد سهمه.
4- التمزز : تمصمص الماء قليلا قليلا ، والمزة : المصة ، والصدى : العطش ، وقد صدى يصدى صدى فهو صد ، وصاد ، وصديان ، ونقع الماء العطش نقعا ونقوعا أي سكته - بشد الكاف -. والغلة والغل شدة العطش وحرارته. وأزمعوا أي أجمعوا ، وفى بعض النسخ « فأجمعوا ».
5- كذا في جميع النسخ ولعل الصواب « الوله العجال » بضم الواو وكسر العين - كما في النهج - والعجال : كل أنثى فقدت ولدها فيه واله ووالهة والعجول من الإبل التي فقدت ولدها.
6- وجأر - كمنع - جأرا وجؤارا - كصراخ - : تضرع واستغاث رافعا صوته بالدعاء. والمتبتل : المنقطع للعبادة أو عن النساء أو عن الدنيا ، أي لو تضرعتم إلى اللّه كهؤلاء بأرفع أصواتكم كما يعل الراهب المتبتل - لكان كذا وكذا.

إليه في ارتفاع درجة عنده أو غفران سيئة أحصتها كتبته وحفظتها رسله (1) لكان قليلا فيما أرجو لكم من ثوابه وأتخوف عليكم من أليم عقابه ، وباللّه لو انماثت (2) قلوبكم انمياثا وسالت عيونكم من رغبة إليه ورهبة منه دما ، ثم عمرتم في الدنيا ما كانت الدنيا باقية ما جزت أعمالكم ولو لم تبقوا شيئا من جهدكم لنعمه العظام عليكم وهداه إياكم إلى الايمان ما كنتم لتستحقوا أبد الدهر ما الدهر قائم بأعمالكم جنته ولا رحمته (3) ، ولكن برحمته ترحمون وبهداه تهتدون ، وبهما إلى جنته تصيرون ، جعلنا اللّه وإياكم من التائبين العابدين.

وإن هذا يوم حرمته عظيمة وبركته مأمولة ، والمغفرة فيه مرجوة ، فأكثروا ذكر اللّه تعالى واستغفره وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم ، ومن ضحى منكم بجذع من المعز (4) فإنه لا يجزي عنه ، والجذع من الضأن يجزي.

ومن تمام الأضحية استشراف عينها وأذنها (5) وإذا سلمت العين والاذن

ص: 520


1- المراد بالرسل هنا الملائكة الموكلون باعمال العباد.
2- انماث الملح في الماء انمياثا أي ذاب.
3- « ما جزت أعمالكم » بالرفع على الفاعلية أي التي ذكرت من أعمالكم لا تجزى لما عليكم من النعم العظام حذف المجزى بقرينة ذكره عن قريب. وقوله « لنعمه العظام - الخ » أي لجزاء تلك النعم ، وقوله عليه السلام « ما كنتم لتستحقوا » جزاء « لو لم تبقوا » فليست « لو » هذه وصلية. وقوله « بأعمالكم » متعلق بقوله « لتستحقوا » ، و « ما » في قوله « ما الدهر قائم » مثلها في ما دام. ( مراد )
4- الجذع قبل الثنى والجمع جذعان وجذاع والأنثى جذعة والجمع جذعات ، تقول منه لولد الشاة في السنة الثانية ، ولولد البقر والحافر في السنة الثالثة ، وللابل في السنة الخامسة أجذع وقد قيل في ولد النعجة انه يجذع في ستة أشهر أو تسعة أشهر وذلك جائز في الأضحية ( كذا في الصحاح ) واما الذي ذهب إليه الفقهاء فالمشهور أن المعز يجزى إذا دخل في الثالثة والضأن إذا دخل في الثانية. يعنى تم له سنة كاملة.
5- الأضحية الشاة التي طلب الشارع ذبحها بعد شروق الشمس من عيد الأضحى واستشراف الاذن تفقدها حتى لا يكون مجدوعة أو مشقوقة. وقد يراد من استشراق الاذن طولها وانتصابها ، فيراد بذلك سلامتها من العيب.

تمت الأضحية ، وإن أنت عضباء القرن أو تجر برجليها إلى المنسك فلا تجزي (1).

وإذا ضحيتم فكلوا وأطعموا واهدوا واحمدوا اللّه على ما رزقكم من بهيمة الأنعام وأقيموا الصلاة ، وآتوا الزكاة وأحسنوا العبادة ، وأقيموا الشهادة وارغبوا فيما كتب عليكم وفرض من الجهاد والحج والصيام ، فإن ثواب ذلك عظيم لا ينفد ، وتركه وبال لا يبيد (2) ، وأمروا بالمعروف ، وانهوا عن المنكر ، وأخيفوا الظالم ، وانصروا المظلوم ، وخذوا على يد المريب (3) وأحسنوا إلى النساء وما ملكت أيمانكم ، واصدقوا الحديث ، وأدوا الأمانة ، وكونوا قوامين بالحق ، ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم باللّه الغرور ، إن أحسن الحديث ذكر اللّه ، وأبلغ موعظة المتقين كتاب اللّه أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم « بسم اللّه الرحمن الرحيم قل هو اللّه أحد. اللّه الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد ».

ويقرأ قل يا أيها الكافرون إلى آخرها أو ألهاكم التكاثر إلى آخرها أو والعصر ، وكان مما يدوم عليه قل هو اللّه أحد ، فكان إذا قرأ إحدى هذه السور جلس جلسة كجلسة العجلان ، ثم ينهض ، وهو عليه السلام كان أول من حفظ عليه الجلسة بين

ص: 521


1- و العضباء : المكسورة القرن ، والمنسك : المذبح. أقول : من قوله عليه السلام : « ومن تمام الأضحية - إلى هنا » منقول في النهج بدون قوله : « فلا تجزى » وقد سقط من النهج.
2- قال الجوهري : نفد الشئ - بسكر الفاء - : نفادا : فنى ، وباد الشئ يبيد بيدا وبيودا : هلك.
3- أي الذي يوقع الانسان في الريب بذكر الشبه والأباطيل والقصص التي يوجب التردد في الاعتقاد ، والكلام تمثيل فيه تشبيه حال المريب المفسد للاعتقاد بحال من بيده سيف أو نحوه يريد افساد والأموال ، ويمكن أن يكون من الريب بمعنى الحاجة أي يحوج الانسان بغصب أمواله من الاضرار ( مراد ) أقوله : في اللغة أخذ على يده أي منعه عما يريد فعله ، فالمناسب بقرينة الفقرات السابقة المعنى الأول.

الخطبتين (1) ثم يخطب بالخطبة التي كتبناها بعد الجمعة.

1485 - وفي العلل التي تروى عن الفضل بن شاذان النيسابوري رضي اللّه عنه ويذكر أنه سمعها من الرضا عليه السلام أنه « إنما جعل يوم الفطر العيد ليكون للمسلمين مجتمعا يجتمعون فيه ، ويبرزون لله عزوجل ، فيمجدونه على ما من عليهم ، فيكون يوم عيد ، ويوم اجتماع ، ويوم فطر ، ويوم زكاة ، ويوم رغبة ، ويوم تضرع ، ولأنه أول يوم من السنة يحل فيه الأكل والشرب لان أول شهور السنة عند أهل الحق شهر رمضان فأحب اللّه عزوجل أن يكون لهم في ذلك مجمع يحمدونه فيه ويقدسونه وإنما جعل التكبير فيها أكثر منه في غيرها من الصلاة لان التكبير إنما هو تعظيم لله وتمجيد على ما هدى وعافا كما قال اللّه عزوجل » : ولتكبروا اللّه على ما هداكم لعلكم تشكرون « وإنما جعل فيها اثنتا عشرة تكبيرة لأنه يكون في [ كل ] ركعتين اثنتا عشرة تكبيرة (2) ، وجعل سبع في الأولى وخمس في الثانية ولم يسو بينهما لان السنة في الصلاة الفريضة أن تستفتح بسبع تكبيرات فلذلك بدأ ههنا بسبع تكبيرات ، وجعل في الثانية خمس تكبيرات لان التحريم من التكبير في اليوم والليلة (3) خمس تكبيرات وليكون التكبير في الركعتين جميعا وترا وترا.

1488 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال » في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة (4) كما يصنعون يوم الجمعة ،

ص: 522


1- أي كانت الجلسة محفوظة عليه لم ينفك عنه عليه السلام قط بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بخلاف من كان قبله من الخلفاء فإنه قد يقع منه تلك الجلسة وقد لا يقع. ( مراد )
2- لان في كل ركعة تكبيرة للركوع وأربع تكبيرات للسجدتين لكل سجدة تكبيرتان في الركعة الأولى تكبيرة الافتتاح وفى الثانية تكبيرة القنوت. ( مراد )
3- أي من جملة جنس التكبيرة تكبيرة الاحرام خمس ، لكل صلاة من الصلوات الخمس واحدة. ( مراد )
4- من التجميع أي يصلونها جماعة. وقوله « كما يصنعونها يوم الجمعة » ظاهره يفيد اعتبار جميع شرائط الجمعة فيها الا ما أخرجه الدليل. ( مراد )

وقال : يقنت في الركعة الثانية ، قال : قلت : يجوز بغير عمامة؟ قال : نعم والعمامة أحب إلي.

1489 - وروى أبو الصباح الكناني (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن التكبير في العيدين ، فقال : اثنتا عشرة سبع في الأولى وخمس في الأخرى فإذا قمت إلى الصلاة فكبر واحدة ، ثم تقول : « أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللّهم أنت أهل الكبرياء والعظمة ، وأهل الجود والجبروت ، والقدرة والسلطان والعزة أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ، ولمحمد صلواتك عليه وآله ذخرا ومزيدا أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تصلي على ملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين ، وأن تغفر لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات ، اللّهم إني أسألك من خير ما سألك به عبادك المرسلون ، وأعوذ بك من شهر ما عاذ منه عبادك المخلصون. اللّه أكبر أول كل شئ وآخره ، وبديع كل شئ ومنتهاه ، وعالم بكل شئ ومعاده ، ومصير كل شئ إليه ومرده ، ومدبر الأمور ، وباعث من في القبور ، قابل الأعمال مبدئ الخفيات ، معلن السرائر. اللّه أكبر عظيم الملكوت ، شديد الجبروت ، حي لا يموت دائم لا يزول إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون. اللّه أكبر خشعت لك الأصوات وعنت لك الوجوه ، وحارت دونك الابصار ، وكلت الألسن عن عظمتك ، والنواصي كلها بيدك ، ومقادير الأمور كلها إليك ، لا يقضي فيها غيرك ، ولا يتم منها شئ دونك. اللّه أكبر أحاط بكل شئ حفظك وقهر كل شئ عزك ، ونفذ كل شئ أمرك وقام كل شئ بك ، وتواضع كل شئ لعظمتك ، وذل كل شئ لعزتك ، واستسلم كل شئ لقدرتك ، وخضع كل شئ لملكتك. اللّه أكبر وتقرأ الحمد والشمس وضحيها وتركع بالسابعة ، وتقول في الثانية : اللّه أكبر أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللّهم أنت أهل الكبرياء والعظمة ، تتمه كله كما قلت أول

ص: 523


1- هذا الخبر تقديم آنفا تحت رقم 1481 برواية محمد بن الفضل عن أبي الصباح.

التكبير ، يكون هذا القول في كل تكبيرة حتى تتم خمس تكبيرات.

والخطبة في العيدين بعد الصلاة.

باب 80: صلاة الاستسقاء

1490 - روى عبد الرحمن بن كثير عن الصادق عليه السلام أنه قال : « إذا فشت أربعة ظهرت أربعة : إذا فشى الزنا ظهرت الزلازل ، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية ، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء ، وإذا خفرت الذمة (1) نصر المشركون على المسلمين ».

1491 - وروي عن النبي صلى اللّه عليه وآله أنه قال : « إذا غضب اللّه تعالى على أمة ثم لم ينزل بها العذاب غلت أسعارها ، وقصرت أعمارها ، ولم يربح تجارها ، ولم تزك ثمارها ، ولم تغزر أنهارها (2) وحبس عنها أمطارها ، وسلط عليها أشرارها ».

1492 - وروى حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « إن سليمان ابن داود عليه السلام خرج ذات يوم من أصحابه ليستسقي فوجد نملة قد رفعت قائمة من قوائمها إلى السماء وهي تقول : « اللّهم إنا خلق من خلقك لا غنى بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني آدم » فقال سليمان عليه السلام لأصحابه : ارجعوا فقد سقيتم بغيركم » (3).

1493 - وروى حفص بن البختري عنه عليه السلام أنه قال : « إن اللّه تبارك وتعالى و

ص: 524


1- خفرت بالرجل أخفر من باب ضرب : غدرت به ، وأخفرته بالألف : نقضت عهده. ( المصباح )
2- زكا الزرع يزكو زكاء - ممدود - أي نما ، وأزكاه اللّه. ( الصحاح ) وغزر الماء - بتقديم الزاء المعجمة المضمومة على المهملة - كثر فهو غزير ، وقناة غزيرة أي كثيرة الماء. ( المصباح )
3- يشعر بعدم الاغترار باستجابة الدعاء لو وقعت فإنها ربما كانت بسبب دعاء الحيوانات. (م ت)

تعالى إذا أراد أن ينفع بالمطر أمر السحاب فأخذ الماء من تحت العرش ، وإذا لم يرد النبات أمر السحاب فأخذ الماء من البحر ، قيل : إن ماء البحر مالح ، قال : إن السحاب يعذبه ».

1494 - وروى سعدان عنه عليه السلام أنه قال : « ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومعها ملك يضعها الموضع الذي قدرت له ».

1495 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « ما أتى على أهل الدنيا يوم واحد منذ خلقها اللّه عزوجل إلا والسماء فيها تمطر فيجعل اللّه عزوجل ذلك حيث يشاء ».

1496 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « ما خرجت ريح قط إلا بمكيال (1) إلا زمن عاد فإنها عتت على خزانها فخرجت في مثل خرق الإبرة فأهلكت قوم عاد (2) وما نزل مطر قط إلا بوزن إلا زمن نوح عليه السلام فإنه عتا على خزانه فخرج في مثل خرق الإبرة فأغرق اللّه به قوم نوح عليه السلام » (3).

1497 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « السحاب غربال المطر ، لولا ذلك لافسد كل شئ وقع عليه » (4).

1498 - وسأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرعد أي شئ يقول؟ قال : إنه بمنزلة الرجل يكون في الإبل فيجرها هاي هاي كهيئة ذلك ، قال : قلت : جعلت فداك فما حال البرق؟ فقال : تلك مخاريق الملائكة تضرب السحاب (5) فيسوقه إلى

ص: 525


1- أي بمقدار صالح لأهل الأرض.
2- قال الفاضل التفرشي : شبه الريح بما حبس في مكان وله خزان يمنعونه الخروج عن ذلك المكان فيؤمر عمن ينفذ أمره فيه بالخروج وهو لا يجد منفذا الا مثل خرق الإبرة فيخرج منها بشدة ، وكذا الكلام في عتو الماء على خزانه.
3- في بعض النسخ « فأغرق اللّه فيه قوم نوح ».
4- رواه الحميري في قرب الإسناد ص 84 مسندا.
5- في النهاية : في حديث على « البرق مخاريق الملائكة » هي جمع مخراق ، و هو في الأصل ثوب يلق ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا ، أراد أنه آلة تزجر بها الملائكة السحاب وتسوقه ، ويفسره حديث ابن عباس « البرق من نور تزجر به الملائكة السحاب ».

الموضع الذي قضى اللّه عزوجل فيه المطر ».

1499 - وقال عليه السلام : « الرعد صوت الملك ، والبرق سوطه ».

1500 - وروي « أن الرعد صوت ملك أكبر من الذباب وأصغر من الزنبور فينبغي لمن سمع صوت الرعد أن يقول : سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ».

1501 - وقال الصادق عليه السلام : « جاء أصحاب فرعون إلى فرعون فقالوا له : غار ماء النيل وفيه هلاكنا ، فقال : انصرفوا اليوم فلما كان من الليل توسط النيل ورفع يديه إلى السماء وقال : « اللّهم إنك تعلم أني أعلم أنه لا يقدر على أن يجئ بالماء إلا أنت فجئنا به » فأصبح النيل يتدفق » (1).

ولا يستسقى إلا بالبراري حيث ينظر إلى السماء ولا يستسقى في شئ من المساجد إلا بمكة (2).

وإذا أحببت أن تصلي صلاة الاستسقاء فليكن اليوم الذي تصلي فيه الاثنين (3) ، ثم تخرج كما تخرج يوم العيد يمشي المؤذنون بين يديك حتى تنتهي إلى المصلى فتصلي بالناس ركعتين بغير أذان ولا إقامة ثم تصعد المنبر وتخطب وتقلب رداءك الذي على يمينك على يسارك ، والذي على يسارك على يمينك ، ثم تستقبل القبلة فتكبر اللّه مائة تكبيرة رافعا بها صوتك ، ثم تلتفت إلى يمينك فتسبح اللّه مائة مرة

ص: 526


1- الدفق : الصب ومنه ماء دافق. وتدفق انصب بشدة ، أي يضرب من جانب إلى جانب. ثم اعلم أنه لا استبعاد في استجابة دعاء الكافر لأنه سبحانه وتعالى وعد إجابة الداع في الدنيا إذا دعاه ، مؤمنا كان أو كافرا ، وقال عز من قائل « فانى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ».
2- كما ى رواية وهب بن وهب أبى البختري الضعيف عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 297 وقرب الإسناد ص 64.
3- كما في رواية مرة مولى خالد بن عبد اللّه القسري عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي ج 3 ص 462.

رافعا بها صوتك ، ثم تلتفت إلى يسارك فتهلل اللّه مائة مرة رافعا بها صوتك ، ثم تستقبل الناس بوجهك فتحمد اللّه مائة مرة رافعا بها صوتك ، ثم ترفع يديك فتدعو ويدعو الناس ويرفعون أصواتهم ، فإن اللّه عزوجل لا يخيبكم إن شاء اللّه تعالى (1).

1502 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا استسقى قال» : اللّهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلادك الميتة يرددها ثلاث مرات.

1503 - وخطب أمير المؤمنين عليه السلام في الاستسقاء فقال : الحمد لله سابغ النعم ومفرج الهم وبارئ النسم ، الذي جعل السماوات لكرسيه عمادا (2) والجبال للأرض أوتادا ، والأرض للعباد مهادا (3) وملائكته على أرجائها ، وحمله العرش على أمطائها (4) وأقام بعزته أركان العرش ، وأشرق بضوئه شعاع الشمس ، وأجبأ بشعاعه ظلمة الغطش (5)

ص: 527


1- مأخوذ كله من رواية عبد اللّه بن بكير ومرة عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 297. وقوله : « لا يخيبكم » من خاب يخيب يخيب خيبة أي لم يظفر بما طلب.
2- قوله « سابغ النعم » أي ذي النعم السابغة الكاملة ، وقله : « بارئ النسم » النسم  - بالتحريك - جمع نسمة وهي الانسان أي خالقه. والعماد ما يعتمد عليه.
3- الأوتاد جمع وتد - بكسر التاء المثناة من فوق - وهو مازر في الحائط أو الأرض من حشي ونحوه ، وامنا جعلت الجبال للأرض أوتادا لئلا تميد بأهلها إذ لولا الصخور والجبال والأحجار الصلبة ( واشتباك الجبال في باطن الأرض على قوله ) ولم يكن القشر الظاهر من الأرض متصلبا مستحكما لدامت فيها الزلازل والخسف لان باطن الأرض سيال مايع حار تتولد فيه الأدخنة والأبخرة فتدفع القشر دائما وإذا تكسر جانب منه تغمس في المايع السيال لو كان القشر رخوا خفيفا لم يكن فيه صخر وجبل ( كذا في هامش الوافي ). والمهاد : الفراش.
4- الارجاء الأطراف والجوانب والنواحي. والامطاء جمع مطا وهو الظهر والضمير في أرجائها وأمطائها راجع إلى السماوات والأرض ، وفى أكثر نسخ مصباح المتهجد على المحكى « وحمل عرشه على أمطائها » فالضمير راجع إلى الملائكة : وقيل : لعل الضمير راجع إلى السماوات.
5- في القاموس : أجبا الشئ : واراه وعلى القوم أشرف. والباء في « بشعاعه » للتعدية والضمير المذكر راجع إلى العرش ويحتمل ارجاعه إليه تعالى أو إلى الشمس بتأويل النجم. والغطش : الليل المظلم. والعل المعنى جعل شعاعه مشرقا ومستوليا ومستعليا على ظلمة الغطش. وفى بعض النسخ « أخبأ » وفى بعضها أحيا « وفى التهذيب والمصباح » أطفأ.

وفجر الأرض عيونا ، والقمر نورا ، والنجوم بهورا ، ثم علا فتمكن ، وخلق فأتقن وأقام فتهيمن (1) فخله نخوة المتكبر (2) وطلبت إليه خلة المتمسكن (3) اللّهم فبدرجتك الرفيعة ، ومحلتك المنيعة ، وفضلك السابغ ، وسبيل الواسع (4) ، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد كما دان لك (5) ، ودعا إلى عبادتك ، ووفى بعهدك (6) وأنفذ أحكامك ، واتبع أعلامك ، عبدك ونبيك وأمينك على عهدك إلى عبادك ، القائم

ص: 528


1- لعل البهور جمع باهر أي الغالب - كقعود وقاعد -. و « ثم » في قوله « ثم علا » للترقي في الرتبة ( مراد ) وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لعل المعنى أن نهاية علوه و تجرده وتنزهه صار سببا لتمكنه في خلق ما يريد وتسلطه على من سواه وقال والدي العلامة ثم علا على عرش العظمة والجلال فتمكن بالخلق والتدبير ، أو أنه مع ايجاد تلك الأشياء و تربيتها لم ينقص من عظمته وجلالته شيئا ولم يزد عليهما شئ و « أقام » كل شئ في مرتبته و مقامه « فتهيمن » فصار رقيبا وحافظا لها - انتهى. والتهيمن : الارتقاب والحفظ.
2- في بعض النسخ « نخوة المستكبر » وفى بعضها « بجرة المتكبر » والبجرة : الوجه والعنق. والنخوة الحماسة والعظمة والتبختر.
3- الخلة : الحاجة والفقر والخصاصة ، وفى بعض النسخ « خلة المتمكن » والمسكين من لا شئ له والضعيف الذليل وتمسكن : صار مسكينا.
4- « فبدرجتك الرفيعة » أي بعلو ذاتك وصفاتك. « ومحلتك المنيعة » أي بجلالتك وعظمتك المانعة من أن يصل إليها أحد أو يدركها عقول الخلائق وأفهامهم ، « وفضلك السابغ » أي الكامل. وفى بعض النسخ « وفضلك البالغ » أي حد الكمال. « وسبيلك الواسع » أي طريقتك وعادتك في الجود الافصال الشامل للبر والفاجر أو الطريق البين الذي فتحته لعبادك إلى معرفتك والعلم بشرايعك وأحكامك. وفى بعض النسخ « سيبك الواسع » ولعل هو الأصوب والسيب العطاء.
5- أي أطاعك أو تذلل لك.
6- في المصباح « وفى بعهودك » أي التي عاهدته عليها من العبادات وتبليغ الرسالات كما في البحار.

بأحكامك ، ومؤيد من أطاعك ، وقاطع عذر من عصاك ، اللّهم فاجعل محمدا أجزل من جعلت له نصيبا من رحمتك ، وأنضر من أشرق وجهه بسجال عطيتك (1) وأقرب الأنبياء زلفة يوم القيامة عندك ، وأوفرهم حظا من رضوانك ، وأكثرهم صفوف أمة في جنانك كما لم يسجد للأحجار ، ولم يعتكف للأشجار ، ولم يستحل السباء (2) ولم يشرب الدماء ، اللّهم خرجنا إليك حين أجأتنا المضائق الوعرة ، وألجأتنا المحابس العسرة (3) وعضتنا [ الصعبة ] علائق الشين ، وتأثلت علينا لواحق المين (4) واعتكرت علينا حدابير السنين وأخلفتنا مخائل الجود (5) واستظمأنا لصوارخ العود ، فكنت رجاء المبتئس

ص: 529


1- « أجزل » أي أكمل وأعظم من حيث النصيب من رحمتك العظمى. و « أنضر » أي أحسن وأبهى. « أشرق وجهه » أضاء. والحال جمع السجل وهو الدلو العظيم المملوء.
2- السباء - بالكسر - : الخمر أو شراؤها أو حمل من بلد إلى بلد والكل محتمل والأول أظهر.
3- « أجأتنا » في الصحاح أجأته إلى كذا ألجأته واضطررته إليه. وفى المصباح والتهذيب « فاجأتنا » أي وردت علينا فجأة أي بغته من غير أن يشعر بها. والوعرة - بكسر العين - الصعبة ، والمضائق جمع مضيق وهو ما ضاق من الأماكن والأمور. والحبس : المنع كالمحبس ( القاموس ) والعسرة : الضيقة أي الشدائد التي صعب علينا الصبر عليها.
4- عضه عضا : أمسكه بأسنانه ، وعضه الزمان : اشتد عليه. والصعبة : الشديدة ونقيض الذلول وليست في بعض النسخ وعلى تقديرها فعلائق الشين بدل عنها. والعلائق جمع العلاقة وهي ما يتعلق بالشئ أو يعلق الشئ به. والشين العيب خلاف الزين. و « تأثلت » أي استحكمت وتأصلت وعظمت. والمين : الكذب والافتراء.
5- الاعتكار : الازدحام والاختلاط وفى النهاية في حديث علي عليه السلام في الاستسقاء « اللّهم انا خرجنا إليك حين اعتكرت علينا حدابير السنن » الحدابير جمع حدبار وهي الناقة التي بدا عظم ظهرها ونشزت حراقيفها من الهزال ، فشبه بها السنين التي يكثر فيها الجدب والقحط. وأخلفه ما وعده هو أن يقول شيئا ولا يفعله. والمخائل جمع مخيلة وهي السحابة الخليقة بالمطر أو التي يخال بها المطر. وقال الفيومي : « أخالت السحابة إذا رأيتها وقد ظهرت فيها دلائل المطر فحسبتها ما طرة ، فهي مخيلة - بالضم - اسم فاعل - ومخيلة - بالفتح اسم مفعول لأنها أحسبتك فحسبتها وهذا كما يقال مرض مخيف - بالضم - اسم فاعل لأنه أخاف الناس ومخوف - بالفتح - لأنهم خافوه ثم قال : قال الأزهري : أخالت السماء : إذا تغيمت فهي مخيلة - بالضم - فإذا أرادوا السحابة نفسها قالوا : مخيلة - بالفتح - الخ ». والجود  - بفتح الجيم - : المطر الكثير الدر الواسع.

والثقة للملتمس (1) ندعوك حين قنط الأنام ، ومنع الغمام ، وهلك السوام ، يا حي يا قيوم عدد الشجر والنجوم (2) ، والملائكة الصفوف ، والعنان المكفوف (3) ، أن لا تردنا خائبين ولا تؤخذنا بأعمالنا ولا تحاصنا بذنوبنا (4) ، وانشر علينا رحمتك بالسحاب

ص: 530


1- الصارخة : الاستغاثة وصوتها. والعود - بفتح العين - : الجمل الكبير والمسن من الشاء. يعنى صرنا عطاشا لصارخة هؤلاء البهائم ، أو صرنا طالبين للعطش أو رضينا به مع زواله عن البهائم. والمبتئس ذو البأز. وهو الضر وسوء الحال - والكاره الحزين.
2- الغمام جمع الغمامة وهي السحابة وقيل الغمام السحاب والغمامة أخص منه وهي السحابة البيضاء. والسوام بتخفيف الميم بمعنى السائمة وهي الإبل الراعية. والقيوم الكثير القيام بأمور الخلائق أو القائم بذاته الذي يقوم به غيره. « عدد الشجر » قائم مقام المفعول المطلق لقوله « ندعوك » أي دعاء عدد الشجر ، أو نقول الاسمين بهذا العدد و تستحقها بإزاء كل موجود أحييته أو أقمته ، والنجوم جمع النجم وهو ما نجم أي طلع من الأرض من النبات بغير ساق ويحتمل الكوكب والأول أنسب كما في البحار.
3- في بعض النسخ « ملائكتك الصفوف » أي القائمين في السماوات صفوفا لا تعد ولا تحصى. والعنان - بفتح العين - : السحاب. والمكفوف : الممنوش. وقال المولى المجلسي  - رحمه اللّه - : فيه من حسن الشكاية والطلب ما لا يخفى. و احتمل العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- أن يكون المراد بالمكفوف الممنوع من السقوط و نقل عن الطيبى أنّه قال في شرح المشكاة في الحديث« السماء موج مكفوف» أي ممنوع عن الاسترسال حفظها اللّه أن تقع على الأرض و هي معلقة بلا عمد، و قال و في بعض النسخ« المعكوف» و هو الممنوع من الذهاب في جهة بالاقامة في مكانه و منه قوله تعالى« وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ» أى محبوسا من أن ببلغ منحره.
4- « تحاصنا » المحاصة المقاسمة بالحصص والمراد المقاصة بالاعمال بأن يسقط حصة من الثواب لأجل الذنوب أو يجعل لكل ذنب حصة من العقاب ( البحار ) وفى بعض النسخ « ولا تخاصمنا » فالمعنى واضح.

المتئق ، والنبات المونق (1) وامنن على عبادك بتنويع الثمرة (2) وأحي بلادك ببلوغ الزهرة (3) وأشهد ملائكتك الكرام السفرة ، سقيا منك نافعة ، دائمة غزرها ، واسعا درها ، سحابا وابلا سريعا عاجلا (4) تحيي به ما قد مات ، وترد به ما قد فات ، وتخرج به ما هو آت ، اللّهم اسقنا غيثا مغيثا ممرعا طبقا مجلجلا متتابعا خفوقه (5) منبجسة بروقه ، مرتجسة هموعه ، وسيبه مستدر ، وصوبه مسبطر (6) لا تجعل ظله

ص: 531


1- المتئق - كمكرم على بناء اسم الفاعل - من أتأقت الاناء إذا امتلاته. أي الذي يملأ الغدران والجباب والعيون. والمونق : الحسن المعجب. وفى النسخ « المتأق ».
2- أي باصلاح أنواعها. وقال في الوافي : لعله أريد بتنويع الثمرة تحريكها للايناع يقال : نوعته الرياح إذا ضريته وحركته.
3- الزهرة - بالفتح وقد يحرك - : النبات ونوره - بفتح النون - أو الأصفر منه ، والجمع زهر وأزهار.
4- « أشهد » أي أحضر. والسفرة : الكتبة ولعل المراد باحضارهم هنا اما لان يكتبوا تقدير المطر وقدره وموضعه أو لان يبلغوا الرسالة إلى جماعة الملائكة الموكلين بالسحاب والمطر فقوله « سقيا » أي لسقيا متعلق بأشهد أو بمحذوف. و « غزرها » - بالضم - اما جمع غزر - بفتح الغين - أو بالفتح بالافراد بتضمين معنى الكثرة. أي دائمة كثرتها. « واسعا درها » أي مطرها وخيرها. والوابل المطر الشديد الضخم.
5- « ما هو آت » أي لم يأت أوانه بعد. « غيثا مغيثا » المغيث اما من الإغاثة أو من الغيث أي الموجب لغيث آخر بعده أو المنبت للكلاء. « ممرعا » أي ذا مرع وكلاء وخصب. « طبقا » في القاموس الطبق - محركة - من المطر : العام. والمجلجل : الشديد الصوت أو المتتابض. والخفوق : اضطراب البروق وصوت الرعود.
6- « منبسجة بروقه » أي ينفجر الماء من بروقه أي يصب الماء عقيب كل برق وفى القاموس بجسه تبجيسا : فجره فانبجس. « مرتجسة هموعه » أي يكون جريانه ذا صوت ورعد ، في القاموس : رجست السماء وارتجست : رعدت شديدا ، وقال : همعت عينه همعا وهموما أسالت الدمط. وسحاب همع - ككتف - : الماطر. والسيب : العطاء والجرى ، مصدر ساب أي جرى. المستدر : الكثير السيلان أو النفر. والصوب النزول والانصباب. وفى القاموس في « سبطر » : درت واسبطرت أي امتدت. وفى بعض النسخ وفى التهذيب « مستطر » بفتح الطاء وتخفيف الراء أي مكتوب مقدر عندك نزوله ولعله تصحيف.

علينا سموما ، وبرده علينا حسوما (1) وضوءه علينا رجوما ، وماءه أجاجا ، ونباته رمادا رمددا (2) اللّهم إنا نعوذ بك من الشرك وهواديه ، والظلم ودواهيه ، والفقر ودواعيه (3) ، يا معطي الخيرات من أماكنها ، ومرسل البركات من معادنها ، منك الغيث المغيث ، وأنت الغياث المستغاث (4) ونحن الخاطئون وأهل الذنوب وأنت المستغفر الغفار ،

ص: 532


1- الظل من السحاب ما وارى الشمس منه أو سواده. والسموم - بالفتح - : الريح الحارة. و - بالضم - جمع السم القاتل ( القاموس ) أي لا تجعل سحابه سببا لعذبنا كما عذب به أقوام من الأمم الماضية عذاب يوم الظلة قالوا غيما تحته سموم. والحسوم - بالضم - الشوم أو المتتابع إشارة إلى اهلاك قوم عاد بالريح الباردة كما قال تعالى « فأما عاد فاهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما » قال البيضاوي أي متتابعات جمع حاسم أو نحسات حسمت كل خير واستأصله أو قاطعات قطعت دابرهم.
2- « ضوءه علينا رجوما » أي برقه أو صاعقته أو عدم امطاره. وفى الصحيفة السجادية « صوبه ». والرجم : الرمي بالحجارة والقتل والعيب. « وماءه أجاجا » أي ملحا مرا ويحتمل أن يكون كناية عن ضرره أو عدم نفعه و « رمادا » بكسر الراء وسكون الميم وكسر الدال وفتحها معا. وفى بعض النسخ « رمدادا » على وزن فعلال - بالكسر. في القاموس رمدد - كزبرج ودرهم - ورمديد : كثير دقيق جدا أو هالك.
3- « هواديه » أي مقدماته من الرياء وسائر المعاصي ، في القاموس : الهادي : المتقدم والعنق والهوادى الجمع ، يقال : أقبلت هوادى الخيل إذا بدت أعناقها ، ودواهيه أي ما يلزمه من مصيبات الدنيا وعقوبات الآخرة ، وفى القاموس : دواهي الدهر نوائبه وحدثانه. ودواعي الدهر : صروفه ونوائبه أريد ما يستلزم الفقر من الافعال والنيات.
4- « من أماكنها » أي من محالها التي قررها اللّه سبحانه فيها كالمطر من السماء والبركات زيادات الخيرات. و « معادنها » محالها التي هي مظنة حصولها منها. والغياث الاسم من الإغاثة والمستغاث الذي يفزع إليه في الشدائد. ( البحار ).

نستغفرك للجمات من ذنوبنا ، ونتوب إليك من عوام خطايانا (1) ، اللّهم فأرسل علينا ديمة مدرارا ، واسقنا الغيث واكفا مغزارا (2) ، غيثا واسعا ، وبركة من الوابل نافعة يدافع الودق بالودق ، ويتلو القطر منه القطر ، غير خلب برقه (3) ولا مكذب رعده ، ولا عاصفة جنائبه بل ريا يغص بالري ربابه ، وفاض فانصاع به سحابه (4) و جرى آثار هيدبه جنابه ، سقيا منك محيية مروية ، محفلة ، مفضلة (5) زاكيا نبتها

ص: 533


1- « للجمات » أي الكثيرات أو جملتها ، ونسخة في جميع النسخ « للجهالات من ذنوبها ». و « من » للبيان فان كل ذنب تلزمه جهالة بعظمة الرب أو شدائد عقوبات الآخرة « من عوام خطايانا » أي جميعها أو الشاملة لجميع الخلق أو أكثرهم أو لجميع الجوارح والأول أظهر. ( البحار )
2- الديمة - بالكسر - : المطر الذي ليس فيه رعد ولا برق يدوم في سكون. وفى القاموس : در السماء بالمطر ودرورا فهي مدرار ، ففي الاسناد هنا مجاز. والواكف : المتقاطر. والغزار : الكثير.
3- « نافعة » في بعض النسخ بالقاف أي ثابتة في الأرض ينتفع بها طول السنة. والودق - بسكون الدال - : المطر. ومدافعة الودق هي أن تكثر المطر بحيث تتلاقى القطرات في الجو يدفع بعضها بعضا. والخلب - بضم الخاء المعجمة وفتح اللام المشددة - البرق الذي لا غيث معه كأنه خادس. أو السحاب الذي لا مطر فيه.
4- الجنائب جمع الجنوب وهي ريح تخالف الشمال مهبوبة من مطلع السهيل إلى مطلع الثريا ، وهي مهلكة مفسدة. والري - بالكسر : الارتواء من الماء. والغص بالغين المعجمة - : الامتلاء ، والغصة : ما اعترض في الحلق. والرباب - بالفتح - : السحاب الأبيض أو السحاب الذي تراه كأنه دون السحاب قد يكون ابيض وقد يكون أسود والواحد ربابة ( الصحاح ) في القاموس انصاع : انفتل راجعا مسرعا. أي عيثا يفيض ويجرى منه الماء كثيرا ثم يرجع سحابه مسرعا بالفيضان فالضمير في قوله « به » راجع إلى الفيضان المفهوم من قوله : « فاض » وفى الوافي « ايضاع » بالمعجمة قبل المهملة أي فانساق.
5- الهيدب المتدلى أو ذيله يعنى الذي يدنو من الأرض وتراه كأنه خيوط عند انصباب المطر. والجناب : الفناء والناحية. وفى بعض النسخ « خبابة » بالموحدتين كما في التهذيب وهو بالفتح معظم الماء. ومحفلة أي مالئا للحياض ، وحفل الوادي بالسيل جاء بملء جنبيه وحفل السماء : اشتد مطرها ( القاموس ) و « مفضلة » في بعض النسخ « مخضلة » أي مبتلة وأخضل الشئ بله ونداه.

ناميا زرعها ، ناضرا عودها ، ممرعة آثارها ، جارية بالخير والخصب على أهلها ، تنعش بها الضعيف من عبادك (1) ، وتحيي بها الميت من بلادك ، وتنعم بها المبسوط من رزقك ، وتخرج بها المخزون من رحمتك ، وتعم بها من نأى من خلقك ، حتى يخصب لا مراعها المجدبون ، ويحيا ببركتها المسنتون ، وتترع بالقيعان غدرانها ، وتورق ذرى الأكمام زهراتها ، ويدهام بذرى الآكام شجرها (2) وتستحق علينا بعد اليأس شكرا ، منة من مننك مجللة ، ونعمة من نعمك مفضلة ، على بريتك المرملة ، وبلادك المغربة وبهائمك المعملة ، ووحشك المهملة (3). اللّهم منك ارتجاؤنا ، وإليك مآبنا ، فلا تحبسه

ص: 534


1- الخصب - بالكسر - : كثرة العشب وبلد خصيب ومخصب. وتنعش بها الضعيف أي تقيمه من صرعته وتنهضه من عثرته وتجبر فقره وضعفه.
2- المجدبون الذين أصابهم الجدب. والمسنتون - بتقديم النون - الذين أصابتهم شدة السنة. وتترع أي تملئ من قولهم ترع الاناء - كعلم - يترع ترعا : امتلأ. والقيعان جمع القاع وهي الأرض المطمئنة السهلة. والغدران - بالضم ثم السكون - جمع الغدير. وذرى الأكمام رؤوسها وهي جمع الكم - بالكسر - وهو وعاء الطلع وغطاء النور - بالفتح -. و « يدهام » بشد الميم أي يسود ، وروضة مدهام أي شديدة الخضرة المتناهية فيها. والآكام : الآجام. وفى بعض النسخ « الأكمام ».
3- « مجللة » بكسر اللام أي عامة ، في الصحاح جلل الشئ تجليلا أي عم والمجلل أي السحاب الذي يجلل الأرض بالمطر أي يعم متصلة. و « مفضلة » اسم مفعول من الافضال والمرملة الذين أصابتهم الحاجة والمسكنة وهو على صيغة اسم الفاعل. والمغربة - بالغين المعجمة والراء المهملة من الغروب بمعنى البعد والغيبة. وفى بعض النسخ « المعرنة » بالعين والراء المهملتين والنون ، بفتح الراء أو كسرها بعني البعيدة ، وفى بعضها « المعزبة »  - بالعين المهملة والزاي - والعازب : الكلاء البعيد ، وفى القاموس أعزب بعد وأبعد. والمعملة اسم مفعول من الأعمال لان الناس يستعملونها في أعمالهم. والمهملة التي لا راعى لها ولا صاحب ولا مشفق.

عنا لتبطنك سرائرنا (1) ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، فإنك تنزل الغيث من بعد ما قنطوا وتنشر رحمتك ، وأنت الولي الحميد.

ثم بكى وقال : « سيدي ساخت جبالنا ، واغبرت أرضنا ، وهامت دوابنا وقنط الناس منا أو من قنط منهم ، وتاهت البهائم وتحيرت في مراتعها ، وعجت عجيج الثكالى على أولادها (2) وملت الدوران في مراتعها ، حين حبست عنها قطر السماء ، فدق لذلك عظمها وذهب لحمها ، وذاب شحمها ، وانقطع درها ، اللّهم ارحم أنين الآنة ، وحنين الحانة (3) ارحم تحيرها في مراتعها وأنينها في مرابضها ».

1504 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصلي للاستسقاء ركعتين ويستسقي وهو قاعد ، وقال : بدأ بالصلاة قبل الخطبة وجهر بالقراءة ».

1505 - وسئل الصادق عليه السلام « عن تحويل النبي صلى اللّه عليه وآله رداءه إذا استسقى ، قال : علامة بينه وبين أصحابه تحول الجدب خصبا (4) ».

1506 - وجاء قوم من أهل الكوفة إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقالوا له : يا أمير المؤمنين ادع لنا بدعوات في الاستسقاء فدعا علي عليه السلام الحسن والحسين

ص: 535


1- « لتبطنك سرائرنا » أي لعلمك ببواطننا وما نسره فيها.
2- و « ساخت » أي انخسفت وفى النهج « انصاحت جبالنا » أي صاحت ورفعت أصواتها. و « هامت » أي عطشت من الهيام بمعنى العطش قال الجوهري « الهيمان » العطشان وقوم هيم أي عطشان. أو ذهبت على وجوهها لشدة المحل من الهيمان. و « تاهت » أي تحيرت أو ضاعت. والعجيبج رفع الصوت. والثكل - بالضم - فقد الولد. وفى بعض النسخ « الثكلى ».
3- الانة - بتشديد النون - : الشاة ، والحانة أيضا الناقة ، يقال : ماله حانة ولا آنة أي ماله ناقة ولا شاة والأنين : التأوه. والحنين : الشوق وشدة البكاء. ومرابض الغنم كمعاطن الإبل وهو مبركها حول الحوض واحدها مربض - بكسر الباء وفتحها -.
4- أراد بذلك أن تحول الجدب خصبا كما رواه المصنف في العلل ص 122 بسند فيه ارسال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته لأي علة حول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في صلاة الاستسقاء رداءه الذي على يمينه على يساره والذي على يساره على يمينه قال : أراد بذلك تحول الجدب خصبا ».

عليهما السلام فقال : يا حسن ادع ، فقال الحسن عليه السلام : اللّهم هيج لنا السحاب بفتح الأبواب بماء عباب ورباب (1) بانصباب وانسكاب يا وهاب ، واسقنا مطبقة مغدقة مونقة ، فتح أغلاقها وسهل إطلاقها ، وعجل سياقها بالأندية في الأودية يا وهاب ، بصوت الماء (2) يا فعال اسقنا مطرا قطرا ، طلا مطلا ، طبقا مطبقا ، عاما معما ، رهما بهما رحما (3)

ص: 536


1- « بفتح الأبواب » أي أبواب رحمتك أو أبواب سمائك. وفى القاموس : العباب  - كغراب -. معظم السيل وارتفاعه وكثرة أمواجه. وفى النهاية. الربابة - بالفتح - : السحابة التي يركب بعضها بعضا.
2- الانسكاب : الانصباب. والتطبيق : تعميم الغيم بمطرة وتغشيته الجو وتغشية الماء وجه الأرض. وأغدق المطر : كثر قطره. والاغلاق جمع الغلق وهو ما يغلق به الباب وفتحها كناية عن رفع موانعها التي منها المعاصي. و « سهل اطلاقها » أي ارسالها. والسياق من سابق الماشية سياقا ولعل الباء زائدة. والأندية جمع الندى وهو المطر أي عجل أجراء المطر أو المياه في بطون الأودية. والمراد بالصوب : الانصباب.
3- في الصحاح : القطر - بسكون القاف - : المطر وجمع قطره ، وفى القاموس : وسحاب قطور ومقطار أي كثير القطر كغراب عظيمه. والطل - بشد اللام - : المطر الضعيف أو أخف المطر وأضعفه أو الندى ، والحسن والمعجب من ليل وشعر وماء وغير ذلك ، وأطل عليه أشرف - انتهى. والمراد بالطل اما المطر الضعيف فيكون طلبا للمطر بنوعيه فان لكل منهما فائدة في الأشجار والزرس. أو المراد ذا طل فإنه ما يقع على الأرض من الندى بعد المطر بالليل أو المراد به الحسن المعجب. « مطلا » - بفتح الميم والطاء تأكيد. أي يكون مظنة للطل ، أو بضم الميم وكسر الطاء بهذا المعنى أو مشرفا نازلا علينا ، أو طلا يكون سببا لطل آخر. « مطبقا » تأكيد لقوله « طبقا » قال في النهاية : في حديث الاستسقاء « اللّهم اسقنا غيثا طبقا » أي مالئا للأرض مغطيا لها ، يقال : غيث طبق : أي عام واسس. وفى القاموس. عم الشئ عموما : شمل الجماعة ، يقال : عمهم بالعطية ، وهو معم خير  - بكسر الميم وفتح العين - يعم بخيره وعقله. وفى النهاية : الرهام - بكسر الراء - هي الأمطار الضعيفة ، وحدتها رهمة ، وقيل الرهمة أشد وقعا من الديمة. وفى القاموس الرهمة  - بالكسر - : المطر الضعيف الدائم. وفى بعض النسخ « دهما » بالدال المهملة من قوله : دهمك أي غشيك أو من الدهمة وهي السواد فان المطر يسود الأرض. ولعله تصحيف. وقوله « بهما » في بعض النسخ « بهميا » وفى بعضها « يهمارا » وفى القاموس البهيم : الأسود والخالص الذي لم يشبه غيره ، ويحشر الناس بهما - بضم الباء - أي ليس بهم شئ مما كان في الدنيا نحو البرص والعرج ، وفى مجمل اللغة هو المطر الصغير القطر. وفى القاموس اليهمور : الدفعة من المطر ، وهمار - كشداد - السحاب السيال ، وانهمر الماء : انسكب وسال. والبيهم المصمت الذي لا يخالط لونه لون غيره. وقوله « رحما » في بعض النسخ و التهذيب « رحيما » وكلاهما بعيد ولعله « رجما » بالجيم كناية عن سرعته وشدة وقعه كما في البحار.

رشا مرشا واسعا كافيا ، عاجلا طيبا مباركا ، سلاطح بلاطح ، يناطح الأباطح مغدودقا مطبويقا مغرورقا (1) واسق سهلنا وجبلنا ، وبدونا وحضرنا (2) حتى ترخص به أسعارنا وتبارك به في ضياعنا ومدننا ، أرنا الرزق موجودا والغلاء (3) مفقودا آمين يا رب العالمين.

ثم قال للحسين عليه السلام : ادع فقال الحسين عليه السلام : اللّهم معطي الخيرات من مظانها ، ومنزل الرحمات من معادنها ، ومجري البركات على أهلها ، منك الغيث المغيث ، وأنت الغياث المستغاث ، ونحن الخاطئون وأهل الذنوب ، وأنت المستغفر الغفار ، لا إله إلا أنت ، اللّهم أرسل السماء علينا ديمة مدرارا ، واسقنا الغيث واكفا مغزارا ، غيثا مغيثا ، واسعا مسبغا مهطلام (4) ريئا مريعا غدقا مغدقا (5) عبابا مجلجلا

ص: 537


1- « رشا مرشا » في الصحاح الرش : - بشم الراء - المطر القليل الجمع رشاش ، ورشت السماء أي جاءت بالرش. « سلاطح بلاطح » بالسين المهملة في الأول والباء الموحدة في الثاني واللام والطاء المهملة فيهما اتباع يريد كثرة الماء. وقوله « يناطح الأباطح » في بعض النسخ بالنون وفى بعضها بالباء : فعلى الأول لعله كناية عن جريه في الأباطح - وهو جمع الأبطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى - بكثرة وقوة كناه ينطحها بقرنه. وعلى الثاني - أعني بالباء - المراد أن يجعل الأبطح أبطحا أو يوسعه. واغدودق المطر : كثر قطره ، وعين الماء : غزرت وعذبت. و « مطبوبقا » مفعوعلا للمبالغة في تطبيق الأرض بالمطر ، وكذا « مغرورقا » من قولهم اغروقت عيناه أي غرقتا بالدموع وهو افعوعل من الغرق.
2- السهل ضد الجبل. والبدو : البادية.
3- والغلاء : ارتفاع الثمن.
4- الهطل : تتابع المطر والدمع وسيلانه.
5- في النهاية : في حديث الاستسقاء « اسقنا غيثا مريئا مريعا » يقال : مر أنى الطعام وأمر أنى إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبا. وتقدم معنى العباب والغدق والمجلجل.

سحا سحساحا ، بسا بساسا ، مسبلا عاما ، ودقا مطفاحا (1) يدفع الودق بالودق دفاعا ويطلع القطر منه غير خلب البرق ، ولا مكذب الرعد ، تنعش به الضعيف من عبادك ، وتحيي به الميت من بلادك ، منا علينا منك آمين [ يا ] رب العالمين.

فما تم كلامه حتى صب اللّه الماء صبا ، وسئل سلمان الفارسي رضي اللّه عنه فقيل له : يا أبا عبد اللّه هذا شئ علماه؟ فقال : ويحكم ألم تسمعوا قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حيث يقول : أجريت الحكمة على لسان أهل بيتي.

1507 - وروي عن ابن عباس « أن عمر بن الخطاب خرج يستسقي فقال : للعباس قم فادع ربك واستسق وقال : « اللّهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك » فقال العباس فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قال : « اللّهم إن عندك سحابا وإن عندك مطرا فانشر السحاب وأنزل فيه الماء ثم أنزله علينا ، واشدد به الأصل ، واطلع به الفرع (2) ، واحي به الزرع (3) ، اللّهم إنا شفعاء إليك عمن لا منطق له من بهائمنا وأنعامنا شفعنا في أنفسنا وأهالينا ، اللّهم إنا لا ندعو إلا إياك ، ولا نرغب إلا إليك ، اللّهم اسقنا سقيا وادعا (4) نافعا طبقا مجلجلا ، اللّهم إنا نشكو إليك جوع كل جائع ،

ص: 538


1- قوله « سحا سحساحا » في الضحاح سح الماء سحا أي سال من فوق وكذلك المطر والدمع ، وقال : تسحسح الماء أس سال ، ومطر سحساح أي يسح شديدا. والبس : السوق اللين. وبست الإبل أبسها - بالضم - بسا وبست المال في البلاد فانبس إذا أرسلته فتفرق فيها مثل بثثته فانبث. أي يكون ذا سوق لين يبس المطر في البلاد. وأسبل المطر والدمع إذا هطل ، وقال أبو زيد : أسبلت السماء والاسم السبل وهو المطر بين السحاب والأرض حين يخرج من السحاب ولم يصل إلى الأرض. وتقدم معنى الودق. وطفح الاناء  - كمنع طفحا وطفوحا امتلاء وارتفز. والمطفاح : الممتلئ.
2- أي اجعل فروعه وأغصانه ذا ثمرة.
3- في بعض النسخ « واحى به الضرع ».
4- أي واسعا ، وفى بعض النسخ « وارعا » أي ساكنا مستقرا.

وعرى كل عار ، وخوف كل خائف ، وسغب كل ساغب يدعو اللّه (1) ».

باب 81: صلاة الكسوف والزلازل والرياح والظلم وعلتها

1508 - قال سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام إن من الآيات التي قدرها اللّه عزوجل (2) للناس مما يحتاجون إليه البحر الذي خلقه اللّه بين السماء والأرض ، قال : وإن اللّه تبارك وتعالى قد قدر منها مجاري الشمس والقمر والنجوم ، وقدر ذلك كله على الفلك ، ثم وكل بالفلك ملكا معه سبعون ألف ملك فهو يديرون الفلك ، فإذا أداروه دارت الشمس والقمر والنجوم معه ، فنزلت في منازلها التي قدرها اللّه تعالى ليومها وليلتها ، فإذا كثرت ذنوب العباد وأحب اللّه أن يستعتبهم (3) بآية من آياته أمر الملك الموكل بالفلك أن يزيل الفلك عن مجاريه ، قال : فيأمر الملك السبعين ألف الملك أن أزيلوا الفلك عن مجاريه ، قال : فيزيلونه فتصير الشمس في ذلك البحر الذي كان فيه الفلك ، فينطمس ضؤوها ويتغير لونها ، فإذا أراد اللّه عز وجل أن يعظم الآية غمست في البحر (4) على ما يحب أن يخوف عباده بالآية ، قال :

ص: 539


1- السغب : الجوع من التعب والعطش.
2- كذا في جميع النسخ وفى روضة الكافي تحت رقم 41 مسندا في حديث البحر مع الشمس « ان من الأقوات التي قدرها اللّه ».
3- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لعله مأخوذ من العتب بمعنى الوجوه والغضب أي يظهر عليهم غضبه ، لكن الاستعتاب في اللغة بمعنى الرضا وطلب الرضا وكلاهما غير مناسبين في المقام انتهى ، وقال أبوه - رحمه اللّه - : أي يبعثهم على الاستقالة من الذنوب ليرضى عنهم.
4- في الكافي « طمست في البحر » وغمس الشمس في البحر أو طمسها كناية عن طمس ضوئه كله بالكسوف الكلى كما أشير إليه بعد بقوله عليه السلام « وذلك عند انكساف الشمس يعنى كلها.

وذلك عند انكساف الشمس ، وكذلك يفعل بالقمر (1) فإذا أراد اللّه عزوجل أن يجلبها ويردها إلى مجراها أمر الملك الموكل بالفلك أن يرد الفلك على مجراه فيرد الفلك وترجع الشمس إلى مجراها ، قال : فتخرج من الماء وهي كدرة والقمر مثل ذلك قال : ثم قال علي بن الحسين عليهما السلام : أما إنه لا يفزع للآيتين ولا يرهب إلا من كان من شيعتنا ، فإذا كان ذلك منهما فافزعوا إلى اللّه تعالى وراجعوه ».

قال مصنف هذا الكتاب : إن الذي يخبر به المنجمون من الكسوف فيتفق على ما يذكرونه ليس من هذا الكسوف في شئ. وإنما تجب الفزع إلى المساجد والصلاة عند رؤيته لأنه مثله في المنظر وشبيه له في المشاهدة ، كما أن الكسوف الواقع مما ذكره سيد العابدين عليه السلام إنما وجب الفزع فيه إلى المساجد والصلاة لأنه آية تشبه آيات الساعة ، وكذلك الزلازل والرياح والظلم وهي آيات تشبه آيات الساعة ، فأمرنا بتذكر القيامة عند مشاهدتها والرجع إلى اللّه تعالى بالتوبة والإنابة والفزع إلى المساجد التي هي بيوته في الأرض ، والمستجير بها محفوظ في ذمة اللّه تعالى ذكره.

1509 - وقد قال النبي صلى اللّه عليه وآله (2) : « إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللّه يجريان بتقديره وينتهيان إلى أمره (3) ولا ينكسفان لموت أحد ولا لحياة أحد فإذا انكسف أحدهما فبادروا إلى مساجدكم ».

1510 - و « انكسفت الشمس على عهد أمير المؤمنين عليه السلام فصلى بهم حتى كان

ص: 540


1- أي يطمس ضوءه في البحر يعنى البحر المحيط بالأرض وهو أيضا بين السماء والأرض وعلى هذا التوجيه لا منافاة بين الحديث وبين ما يقوله المنجمون الذين لا يتخلف حسابهم في ذلك الا إذا خرق اللّه العادة لمصلحة رآها كما يكون في آخر الزمان. وذلك لأنهم يقولون : ان سبب كسوف الشمس حيلولة جرم القمر بوجهه المظلم بيننا وبينها ، وسبب خسوف القمر حيلولة جرم الأرض مع البحر المحيط بينها وبنيه ويصح حسابهم في ذلك في جميع الأحيان. ( الوافي )
2- رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 463 بأدنى اختلاف في اللفظ من حديث أبي الحسن موسى عليه السلام.
3- أي مطيعان له منقادان لامره تعالى.

الرجل ينظر إلى الرجل قد ابتلت قدمه من عرقه » (1).

1511 - وسأل عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام « عن الريح والظلمة تكون في السماء والكسوف؟ فقال الصادق عليه السلام : صلاتهما سواء » (2).

1512 - وفي العلل التي ذكرها الفضل بن شاذان رحمه اللّه عن الرضا عليه السلام قال : « وإنما جعلت للكسوف صلاة لأنه من آيات اللّه تبارك وتعالى ، لا يدري الرحمة ظهرت أم لعذاب ، فأحب النبي صلى اللّه عليه وآله أن تفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها ، كما صرف عن قوم يونس عليه السلام حين تضرعوا إلى اللّه عزوجل ، وإنما جعلت عشر ركعات لان أصل الصلاة التي نزل فرضها

ص: 541


1- يدل على استحاب التطويل إذا ظن طولها.
2- هذا الحديث صحيح وفيه دلالة على مساواة الكسوف للمذكورين معه وظاهر الحال الوجوب في الجميع كما هو قول جماعة من الأصحاب ، ونقل عن أبي الصلاح أنه لم يتعرض لغير الكسوفين ، ونقل المحقق في الشرايع أن هذه الصلاة مستحبة لأخاويف غير الكسوفين ولم أقف على ذلك ، نعم هذا الخبر كما ترى خاص بالريح والظلمة ، والمنقول عن بعض أصحابنا اختصاص الوجوب مع الكسوف بالريح المخوفة والظلمة الشديدة والتقييد غير مستفاد من هذه الرواية ( الشيخ محمد ) وقال الأستاذ في هامش الوافي : لا ريب أن صلاة الآيات للخوف وأن الظلمة غير الشديدة والارياح المعتادة لا توجب الصلاة ومناط وجوب الصلاة ليس الخوف الشخصي ولا خوف أكثر أهل البلد بل كون الآية من شأنها أن يخاف منها الناس لدلالتها على تغيير فينظم العالم وأنه في معرض الفناء والزوال وهلاك أهله ، والزلزلة هكذا وان انتفقت في بلد كانت الأبنية بحيث لا يستلزم خطرا غالبا ولا يخاف منه الناس ومع هذا يجب الصلاة لأنها في معرض الخطر وكذا الكسوف والخسوف لا يستلزمان خوف أكثر الناس في غالب البلاد لكنهما من شأنهما أن يخاف منهما ومن نوعهما إذ يتذكر كون الشمس والقمر في معرض التغيير والزوال ولذلك قال جماعة : انهما يوجبان الصلاة وان لم يوجبا خوفا لغالب الناس ، ثم إن الظاهر ما من شأنه أن يهلك به خلق كثير لا مثل الصاعقة والحجر السماوي وكذلك المراد ما يغير بعض أجزاء الكون ويذكر به خلل نظم العالم لا مثل الطاعون والوباء والقحط وكثرة السباع في ناحية وبلد وكذلك السيل المجحف وطغيان الماء والرياح العاصفة غير السواء والحمراء والسموم والبرق الخاطف ونزول البرد وان عظم وأمثال ذلك مع احتمال الوجوب في بعضها.

من السماء أولا في اليوم والليلة إنما هي عشر ركعات (1) فجمعت تلك الركعات ههنا وإنما جعل فيها السجود لأنه لا تكن صلاة فيها ركوع إلا وفي سجود ولان يختموا صلاتهم أيضا بالسجود والخضوع ، وإنما جعلة أربع سجدات لان كل صلاة نقص سجودها من أربع سجدات لا تكون صلاة لان أقل الفرض من السجود في الصلاة لا يكون إلا أربع سجدات ، وإنما لم يجعل بدل الركوع سجود لان الصلاة قائما أفضل من الصلاة قاعدا ، ولان القائم يرى الكسوف والا على (2) والساجد لا يرى ، وإنما غيرت عن أصل الصلاة التي افترضها اللّه عزوجل لان تصلى لعلة تغير أمر من الأمور وهو الكسوف ، فلما تغيرت العلة تغير المعلول ».

1513 - وقال الصادق عليه السلام : « إن ذا القرنين لما انتهى إلى السد جاوزه فدخل في الظلمات فإذا هو بملك قائم على جبل طوله خمسمائة ذراع فقال له الملك يا ذا القرنين أما كان خلفك مسلك؟ فقال له ذو القرنين : من أنت؟ قال : أنا ملك من ملائكة الرحمن موكل بهذا الجبل ، وليس من جبل خلقه اللّه إلا وله عرق متصل بهذا الجبل فإذا أراد اللّه عزوجل أن يزلزل مدينة أوحى إلي فزلزلتها ». (3)

وقد تكون الزلزلة من غير ذلك.

1514 - وقال الصادق عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى خلق الأرض فأمر الحوت فحملتها ، فقالت : حملتها (4) بقوتي ، فبعث اللّه عزوجل إليها حوتا قدر فتر (5) فدخلت

ص: 542


1- المراد بالركعات : الركوعات ، وهذا اطلاق شايع وكون ركعات اليومية عشرا بناءا على ما أوجب أولا ، وإنما ألحقت السبع ثانيا. ( مراد )
2- كذا. وفى العيون « الانجلاء » ولعل ما في المتن تصحيف والظاهر أن الناسخ الأول كتب « الانجلى » بالقصر فصحف فيما بعد بالأعلى لقرب كتابتهما ، وعلى فرض صحة الاعلى المراد به الفوق أو السماء.
3- مروى في التهذيب ج 1 ص 335 بسند مجهول.
4- التأنيث باعتبار الحوتة أو السمكة.
5- الفتر - بكسر الفاء وزان شبر - ما بين طرفي السبابة والابهام إذا فتحتهما.

في منخرها فاضطربت أربعين صباحا فإذا أراد اللّه عزوجل أن يزلزل أرضا تراءت لها (1) تلك الحوتة الصغيرة فزلزلت الأرض فرقا ». (2)

وقد تكون الزلزلة من غير هذا الوجه.

1515 - وقال الصادق عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى أمر الحوت بحمل الأرض وكل بلد من البلدان على فلس من فلوسه ، فإذا أراد اللّه عزوجل أن يزلزل أرضا أمر الحوت أن يحرك ذلك الفلس فيحركه ، ولو رفع الفلس لانقلبت الأرض بإذن اللّه عزوجل ».

والزلزلة قد تكون من هذه الوجوه الثلاثة وليست هذه الأخبار بمختلفة. (3)

1516 - وسأل سليمان الديلمي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الزلزلة ما هي؟ فقال آية ، فقال : وما سببها؟ قال : إن اللّه تبارك وتعالى وكل بعروق الأرض ملكا فإذا أراد اللّه أن يزلزل أرضا أوحى إلى ذلك الملك أن حرك عرق كذا وكذا قال : فيحرك ذلك الملك عرق تلك الأرض التي أمر اللّه تبارك وتعالى فتتحرك بأهلها ، قال : قلت فإذا كان ذلك فما أصنع؟ قال : صل صلاة الكسوف فإذا فرغت خررت لله عزوجل ساجدا ، وتقول في سجودك : يا من يمسك السماوات والأرض أن تزولا (4) ولئن زالتا

ص: 543


1- أي ظهرت ، أو تظاهرت.
2- الفرق - بالتحريك - : الخوف.
3- اعلم أن الصدوق - رحمه اللّه - ذكر طرق هذه الأخبار في العلل وفيها جهالة وارسال ولما كانت مختلفة ظاهرا جمع بينها بأن الزلزلة تكون لهذه الأسباب حتى لا يكون بينها منافاة ، ويمكن الجمع بينها - على تقدير صحتها - بوجه آخر بأن يكون عروق البلدان بيد الملك الذي على جبل قاف المحيط بجميع الأرض ويكون كل بلد على فلس من فلوس الحوت الحامل لها بقدرة اللّه ، فإذا أراد اللّه أن يزلزل أرضا أمر الملك أن يحرك عرق تلك الأرض وأمر الحوتة الصغيرة أن يتراءى الحوت الكبير حتى يفزع لها فيحرك الفلس الذي تحت الأرض التي أراد اللّه تعالى زلزلتها (م ت).
4- أي كراهة أن تزولا ، فان الباقي في بقائه يحتاج إلى مؤثر وحافظ ، أو لتضمن الامساك معنى الحفظ والمنع.

إن أمسكها من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا ، يا من يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه أمسك عنا السوء إنك على كل شئ قدير ».

1517 - وروي عن علي بن مهزيار قال : « كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام وشكوت إليه كثرة الزلازل في الأهواز وقلت : ترى لي التحويل عنها؟ فكتب عليه السلام : لا تتحولوا عنها وصوموا الأربعاء والخميس والجمعة واغتسلوا وطهروا ثيابكم وأبرزوا يوم الجمعة وادعوا اللّه فإنه يرفع عنكم قال : ففعلنا فسكنت الزلازل ».

1518 - وقال الصادق عليه السلام : « إن الصاعقة تصيب المؤمن والكافر ، ولا تصيب ذاكرا ».

1519 - وقال علي عليه السلام : « للريح رأس وجناحان ». (1)

1520 - ووري عن كامل (2) قال : « كنت مع أبي جعفر عليه السلام بالعريض فهبت ريح شديدة فجعل أبو جعفر عليه السلام يكبر ، ثم قال : إن التكبير يرد الريح ».

1521 - وقال عليه السلام : « ما بعث اللّه عزوجل ريحا إلا رحمة أو عذابا فإذا رأيتموها فقولوا : « اللّهم إنا نسألك خيرها وخير ما أرسلت له ، ونعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت له » وكبروا وارفعوا أصواتكم بالتكبير فإنه يكسرها ».

1522 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا تسبوا الرياح فإنها مأمورة ، ولا الجبال ولا الساعات ، ولا الأيام ، ولا الليالي فتأثموا ويرجع إليكم ». (3)

ص: 544


1- لعل الكلام مبنى على الاستعارة ، أي يشبه الطائر في أنها تطير إلى كل جانب ، و في أنها في بدء حدوثها قليلة ثم تنتشر ، كالطائر الذي بسط جناحيه ، واللّه يعلم. ( البحار )
2- يعنى به كامل بن العلاء وهو من أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام.
3- أي يرجع السب إليكم ، وفى العلل « عليكم » وكيف كان التأنيث باعتبار تضمن السب معنى اللعنة. وروى السيوطي نحو الخبر في الدر المنثور ج 1 ص 3. والمنع من السب لأنها مأمورة مبعوثة من جانب اللّه سواء كانت للبشارة أو للعذاب فسبها باطل لا ينفع بل يضر.

1523 - وقال عليه السلام : « ما خرجت ريح قط إلا بمكيال (1) إلا زمن عاد فإنها عتت على خزانها فخرجت في مثل خرق الإبرة فأهلكت قوم عاد ».

1524 - وروى علي بن رئاب ، عن أبي بصير (2) قال : « سألت أبا جعفر عليه السلامعن الرياح الأربع : الشمال ، والجنوب ، والصبا ، والدبور (3) وقلت له : إن الناس يقولون : إن الشمال من الجنة ، والجنوب من النار ، فقال : إن لله عزوجل جنودا من الريح يعذب بها من عصاه ، موكل بكل ريح منهن ملك مطاع ، فإذا أراد اللّه عزوجل أن يعذب قوما بعذاب أوحى اللّه إلى الملك الموكل بذلك النوع من الريح الذي يريد أن يعذبهم به ، فيأمر بها الملك فتهيج كما يهيج الأسد المغضب ، ولكل ريح منهن اسم ، أما تسمع لقول اللّه عزوجل : « إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر » (4) وقال عزوجل : « الريح العقيم » (5) وقال تعالى : « فأصابها إعصار

ص: 545


1- قد مر هذا الحديث في باب الاستسقاء تحت رقم 1494 مع بيانه. وذكره ههنا للمناسبة كما هو دأب المحدثين.
2- رواه الكليني - رحمه اللّه - في روضة الكافي تحت رقم 63 مع اختلاف يسير.
3- في القاموس الشمال - بالفتح ويكسر - : الريح التي تهب من قبل الحجر  - بكسر الحاء - أو ما استقبلك عن يمينك وأنت مستقبل ، والصحيح أنه ما مهبه بين مطلع الشمس وبنات نعش إلى مسقط النسر الطائر ويكون اسما وصفة ، ولا تكاد تهب ليلا. وقال : الجنوب : ريح تخالف الشمال ، مهبها من مطلع سهيل إلى مطلع الثريا. وقال : الصباريح مهبها من مطلع الثريا إلى بنات نعش. وقال : الدبور ريح تقابل الصبا. وفى المحكى عن الشيد - رحمه اللّه - في الذكرى : الجنوب محلها ما بين مطلع سهيل إلى مطلع الشمس في الاعتدالين ، والصبا محلها ما بين مطلع الشمس إلى الجدي ، والشمال محلها من الجدي إلى مغرب الشمس في الاعتدال ، والدبور محلها من مغرب الشمس إلى سهيل.
4- « صرصرا » أي باردا ، أو شديد الهبوط. « في يوم نحس » أي شوم. « مستمر » أي استمر شومه ، أو استمر عليهم حتى أهلكتهم ، أو على جميعهم كبيرهم وصغيرهم فلم يبق منهم أحدا واشتد مرارته أو استمرت نحوسته بعدهم. ( المرآة )
5- إشارة إلى قوله تعالى « وفى عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم » وإنما سماها عقيما لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم ، أو لأنها لا تتضمن منفعة وهي الدبور أو الجنوب أو النكباء كما قيل.

فيه نار فاحترقت » (1) وما ذكر في الكتاب من الرياح التي يعذب بها من عصاه ، واللّه عزوجل رياح رحمة لواقح ورياح تهيج السحاب فتسوق السحاب ، ورياح تحبس السحاب بين السماء والأرض ، ورياح تعصره فتمطره بإذن اللّه ، ورياح تفرق السحاب ورياح مما عد اللّه عزوجل في الكتاب ، فأما الرياح الأربع فإنها أسماء الملائكة الشمال والجنوب والصبا والدبور ، وعلى كل ريح منهم ملك موكل بها ، فإذا أراد اللّه تبارك وتعالى أن يهب شمالا أمر الملك الذي اسمه الشمال فهبط على البيت الحرام فقام على الركن اليماني (2) فضرب بجناحيه فتفرقت ريح الشمال حيث يريد اللّه عزوجل في البر والبحر ، وإذا أراد اللّه تبارك وتعالى أن يبعث الصبا أمر الملك الذي اسمه الصبا فهبط على البيت الحرام فقام على الركن اليماني فضرب بجناحيه فتفرقت ريح الصبا حيث يريد اللّه تعالى في البر والبحر ، وإذا أراد اللّه تبارك وتعالى أن يبعث جنوبا أمر الملك الذي اسمه الجنوب فهبط على البيت الحرام فقام على الركن اليماني فضرب بجناحيه فتفرقت ريح الجنوب حيث يريد اللّه في البر والبحر ، وإذا أراد اللّه عزوجل أن يبعث دبورا أمر الملك الذي اسمه الدبور فهبط على البيت الحرام فقام على الركن اليماني فضرب بجناحيه فتفرقت الدبور حيث يريد اللّه تعالى في البر والبحر ». (3)

ص: 546


1- الاعصار : ريح تثير الغبار إلى السماء كأنه عمود. ( الصحاح )
2- في الكافي « الركن الشامي » وكذا في ما يأتي.
3- قال استاذنا الشعراني - دام ظله العالي - في ذيل شرح الكافي للمولى صالح المازندراني : هذا الحديث من جهة الاسناد ، قريب من جهة الاعتبار ، منبه على طريقتهم عليهم السلام في أمثال هذه المسائل الكونية ، والمعلوم من سؤال السائل « أن الناس يقولون » أن ذهنهم متوجه إلى السبب الطبيعي الموجب لوجود الرياح ومنشأها وعلة اختلافها من البرودة والحرارة وغيرها ، وغاية ما وصل إليه فكرهم أن الشمال لبرودتها من الجنة ، والجنوب لحرارتها من النار ، فصرف الإمام عليه السلام ذهنهم عن التحقيق لهذا الغرض إذ ليس المقصود من بعث الأنبياء والرسل وانزال الكتب كشف الأمور الطبيعية ، ولو كان المقصود ذلك لبين ما يحتاج إليه الناس من أدوية الأمراض كالسل والسرطان وخواص المركبات والمواليد ، ولذكر في القرآن مكررا علة الكسوف والخسوف كما تكرر ذكر الزكاة والصلاة وتوحيد اللّه تعالى ورسالة الرسل ، ولو رد ذكر الحوت في الروايات متواترا كما ورد ذكر الإمامة والولاية والمعاد والجنة ، وكذلك ما يستقر عليه الأرض وما خلق منه الماء ، مع أنا لا نرى من أمثال ذلك شيئا في الكتاب والسنة المتواترة الا بعض أحاديث ضعيفة غير معتبرة أو بوجه يحتمل التحريف والسهو ، والمعهود في كل ما هو مهم في الشرع ويجب على الناس معرفته أن يصر الامام أو النبي عليهما السلام على تثبيته وتسجيله وبيانه بطرق عديدة غير محتملة للتأويل حتى لا يغفل عنه أحد. و بالجملة لما رأى الإمام عليه السلام اعتناء الناس بالجهة الطبيعية صرفهم بان الواجب على الناظر في أمر الرياح و المتفكر فيها أن يعتنى بالجهة الإلهيّة و كيفية الاعتبار بها و الاتعاظ بما يترتب عليها من الخير و الشر، سواء كانت من الجنة أو من الشام أو من افريقية و اليمن، فأول ما يجب: أن يعترف بأن جميع العوامل الطبيعية مسخرة بأمر اللّه تعالى، و على كل شي ء ملك موكل به و أن الجسم الملكى تحت سيطرة المجرد الملكوتى المفارق عن الماديات كما ثبت في محله« أن المادة قائمة بالصورة و الصورة قائمة بالعقل الفارق» و هذا أهم ما يدلّ عليه هذا الحديث الذي يلوح عليه أثر الصدق و صحة النسبة الى المعصوم، ثمّ بعد هذا الاعتراف يجب الاعتبار بما وقع من العذاب على الأمم السالفة بهذه الرياح و ما يترتب من المنافع على جريانها و هذا هو الواجب على المسلم من جهة الدين إذا نظر الى الأمور الطبيعية.

1525 - وقال الصادق عليه السلام : « نعم الريح الجنوب ، تكسر البرد عن المساكين وتلقيح الشجر وتسيل الأودية » (1).

1526 - وقال علي عليه السلام : « الرياح خمسا منها العقيم فنعوذ باللّه من شرها ».

1527 - و « كان النبي صلى اللّه عليه وآله إذا هبت ريح صفراء أو حمراء أو سوداء تغير وجهه

ص: 547


1- سال الماء : جرى وأسال وسيل الماء تسييلا أجراء.

واصفر لونه (1) وكان كالخائف الوجل حتى تنزل من السماء قطرة من مطر فيرجع إليه لونه ويقول : جاءتكم بالرحمة ».

1528 - وروى زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قالا : قلنا له : أرأيت هذه الرياح والظلم التي تكون هل يصلى بها؟ قال : كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل لها صلاة الكسوف حتى تسكن. (2)

1529 - وروى محمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام قالا : « إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صلها ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة ، فإن تخوفت فابدأ بالفريضة واقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت واحتسب بما مضى ». (3)

1530 - ووري عن علي بن الفضل الواسطي أنه قال : « كتبت إلى الرضا عليه السلام إذا انكسفت الشمس والقمر وأنا راكب لا أقدر على النزول؟ فكتب عليه السلام إلي : صل على مركبك الذي أنت عليه » (4).

ص: 548


1- لأنها من أخاويف السماء عند أولى النهى.
2- « حتى تسكن » يحتمل التعليق والغاية فيفيد التكرار والتويل كلاهما على الاحتمال الثاني. ( سلطان )
3- ذهب إلى القطع والبناء الشيخان والمرتضى والمصنف وأتباعهم وذهب الشيخ في المبسوط إلى القطع والاستيناف لتخلل الصلاة الأجنبية ، واختاره الشهيد أيضا في الذكرى وهذا الخبر يدفعه. ( سلطان ) و في المدارك: لو خشى فوات الحاضرة قدمها على الكسوف و لو دخل في الكسوف قبل تضييق الحاضرة و خشى لو أتم فوات الحاضرة فقطع إجماعا و صلى الحاضرة ثمّ أتم صلاة الكسوف من حيث قطع على ما نص عليه الشيخان و المرتضى و ابنا بابويه و أتباعهم و ذهب الشيخ في المبسوط الى وجوب الاستيناف حينئذ و اختاره في الذكرى. أقول: سيأتي مزيد الكلام فيه أيضا.
4- يدل على جواز هذه الصلاة راكبا مع عدم القدرة على النزول كغيرها من الفرائض (م ت) ولا ريب في الجواز مع الضرورة كما هو مدلول الخبر وذهب ابن الجنيد إلى الجواز مطلقا وهو متروك. ( سلطان )

1531 - وروي عن محمد بن مسلم والفضيل بن يسار أنهما قالا : « قلنا لأبي جعفر عليه السلام : أيقضي صلاة الكسوف من إذا أصبح فعلم وإذا أمسى فعلم؟ قال : إن كان القرصان احترقا كلهما قضيت (1) ، وإن كان إنما احترق بعضهما فليس عليك قضاؤه ». (2)

1532 - وسأل الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن صلاة الكسوف كسوف الشمس والقمر قال : عشر ركعات وأربع سجدات ، تركع خمسا ثم تسجد في الخامسة ، ثم تركع خمسا ثم تسجد في العاشرة ، وإن شئت قرأت سورة في كل ركعة ، وإن شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة ، فإذا قرأت سورة في كل ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب وإن قرأت نصف سورة أجزأك أن لا تقرأ فاتحة الكتاب إلا في أول ركعة حتى تستأنف أخرى ، ولا تقل سمع اللّه لمن حمده في رفع رأسك من الركوع إلا في الركعة التي تريد أن تسجد فيها ».

1533 - وروى عمر بن أذينة (3) « أن القنوت في الركعة الثانية قبل الركوع ثم في الرابعة ثم في السادسة ، ثم في الثامنة ، ثم في العاشرة ».

وإن لم تقنت إلا في الخامسة والعاشرة فهو جائز لورود الخبر به.

وإذا فرغ الرجل من صلاة الكسوف ولم تكن انجلت فليعد الصلاة وإن شاء

ص: 549


1- يدل على وجوب القضاء مع احتراق القرص وإن كان جاهلا ويؤيده صحيحة زرارة وحريز وأما إذا تعمد تركه أو نسي فان يجب عليه القضاء مطلقا لصحيحة حريز الآتية الدالة على القضاء مع الغسل في الغد.
2- هذا إذا كان لم يعلم ، أما إذا علم وتعمد تركه أو نسي فإنه يجب عليه القضاء مطلقا جمعا بينه وبين الاخبار الاخر ، كمرسل حريز عن أبي عب اللّه عليه السلام قال : « إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل فكسل أن يصلى فليغتسل من غد وليقض الصلاة ، وان لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه الا القضاء بغير غسل ».
3- رواه عن رهط وهم الفضل وزرارة وبريد ومحمد بن مسلم عن الباقر والصادق عليهما السلام في حديث طويل رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 299.

قعد ومجد اللّه عزوجل حتى ينجلي (1).

ولا يجوز أن يصليهما في وقت فريضة حتى يصلي الفريضة (2).

وإذا كان في صلاة الكسوف ودخل عليه وقت الفريضة فليقطعها وليصل الفريضة

ص: 550


1- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - في البحار : « اما إعادة الصلاة ان فرغ منها قبل الانجلاء فالمشهور استحبابها ، ونقل عن ظاهر المرتضى وأبى الصلاح وسلار وجوبها قال في الذكرى : وهؤلاء كالمصرحين بان آخر وقتها تمام الانجلاء ، ومنع ابن إدريس الإعادة وجوبا واستحبابا ، والأول أقرب ، وفى الفقه الرضوي ما يدل على التخيير بين الصلاة والدعاء مستقبل القبلة وهو وجه بين الاخبار ، ولم أر قائلا بالوجوب التخييري بينهما وإن كان الأحوط ذلك ». أقول روى الشيخ في التهذيب في تطويل الصلاة و اعادتها قبل الانجلاء أخبارا منها ما رواه بإسناده عن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال« قال: ان صليت الكسوف الى أن يذهب الكسوف عن الشمس و القمر و تطول في صلاتك فان ذلك أفضل و ان أحببت أن تصلى فتفرغ من صلاتك قبل أن يذهب الكسوف فهو جائز- الحديث» قال استاذنا الشعرانى: قوله« و تطول في صلاتك فان ذلك أفضل» يدل على أن آخر وقت الصلاة هو تمام الانجلاء لا الشروع فيه لان ذهاب الكسوف هو تمام الانجلاء على أن الشروع في الانجلاء لا يظهر للحس غالبا الا بعد مضى زمان منه في الكسوف الجزئى، بل لا معنى للشروع في الانجلاء في الجزئى، و الكسوف الكلى و ان كان للشروع في الانجلاء فيه معنى و له مبدأ لكن لا يمكن أن يكون أخر الوقت اذ يجوز بمقتضى هذه الأخبار تطويل الصلاة حتّى يظهر له الانجلاء فيتم الصلاة عمدا بعد الانجلاء و لا يظهر الانجلاء الا مدة بعد حصوله واقعا. بل يمكن أن يستفاد من هذه الأخبار عدم كون صلاة الكسوف مقيدة بالوقت كالصلوات اليومية بل يكفى وقوع شي ء منها في الوقت فلو شرع في الصلاة و انجلى قبل أن يركع الركعة الأولى لكان عليه اتمام الصلاة أداء الا أنه لا يرجح له التطويل، و بالجملة فتطويل السور في معرض أن يفاجئه الانجلاء في أثناء الصلاة فتكون مجوزا.
2- يدل عليه صحيحة بن مسلم وحمله على الكراهة أظهر (م ت) راجع الكافي ج 3 ص 464.

ثم يبني على ما صلى من صلاة الكسوف (1).

1534 - وروى حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : ذكروا عنده انكساف

ص: 551


1- قال العلامة - رحمه اللّه - في المختلف : لو دخل في صلاة الكسوف ثم دخل وقت الفريضة وكان متسعا لم يجز له قطعها بل يجب عليه اتمامها ثم الابتداء بالحاضرة ، وإن كان وقت الحاضرة قد تضيق قطع الكسوف وابتدأ بالفريضة ثم أتم الكسوف ، والشيخ (رحمه الله) في النهاية أطلق ان بدأ بصلاة الكسوف ودخل عليه وقت فريضة قطعها وصلى الفريضة ثم رجع فتمم صلاته ، وقال في المبسوط : فان دخل في صلاة الكسوف فدخل عليه الوقت قطع صلاة الكسوف ثم صلى الفرض ثم استأنف صلاة الكسوف. وقال ابنا بابويه وابن البراج مثل قول الشيخ في النهاية وكذا أبو الصلاح وابن حمزة ، والأصل ما اخترناه. لنا على وجوب الاتمام مع سعة وقت الحاضرة أن قد شرع في صلاة واجبة فيجب عليه اكمالها ولا يجوز له ابطالها لان المقتضى لتحريم الابطال موجود وهو قوله تعالى : « ولا تبطلوا أعمالكم » والنهى عن ابطال الصلاة ، والمانع وهو تفويت الحاضرة مفقود ، إذ التقدير مع اتساع الوقت ، ولما رواه على ابن عبد اللّه ( في التهذيب ج 1 ص 299 ) عن الكاظم عليه السلام ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال :  « فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا » وهو مطلق وعلى القطع مع التضيق أن فيه تحصيل الفرضين فيتعين. وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح ( التهذيب ج 1 ص 299 ) قال : « قلت : لأبي عبد اللّه (عليه السلام) جعلت فداك ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة ، فان صليت الكسوف خشينا أن تفوتنا الفريضة ، فقال : إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك ثم عد فيها » وفى الصحيح عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :  سألته عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب الشمس وتخشى فوت الفريضة؟ فقال : اقطعوها وصلوا الفريضة وعودوا إلى صلاتكم ( التهذيب ج 1 ص 236 ). ثم قال : احتجّ الشيخ على كلامه في النهاية بالحديثين و بان الحاضرة أولى فقطع الكسوف للاولوية ثمّ يصلى الحاضرة ثمّ يعود الى الكسوف لان الصلاة الحاضرة لو كانت مبطلة في اول الوقت لكانت مبطلة في آخره، و على قوله في المبسوط بالاستيناف بأنّه فعل كثير فيستأنف. و الجواب أن الحديثين يدلان على التقييد بالتضيق كما ذهبنا إليه و اولوية قبل الاشتغال اما بعده فلا أولوية، و أمّا كونه فعلا كثيرا مسلم لكن نمنع عمومية ابطال الفعل الكثير مطلقا و لهذا لو أكثر التسبيح أو التحميد لم يبطل صلاته و كذا الحاضرة. انتهى.

القمر وما يلقى الناس من شدته ، فقال عليه السلام : إذا انجلى منه شئ فقد انجلى (1).

باب 82: صلاة الحبوة والتسبيح وهي صلاة جعفر بن أبي طالب (عليه السلام)

1535 - روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لجعفر بن أبي طالب : يا جعفر ألا أمنحك ، ألا أعطيك ، ألا أحبوك (2) ألا أعلمك صلاة إذا أنت صليتها لو كنت فررت من الزحف وكان عليك مثل رمل عالج (3) وزبد البحر ذنوبا غفرت لك؟ قال : بلى يا رسول اللّه ، قال : تصلي أربع ركعات إذا شئت إن شئت كل ليلة ، وإن شئت كل يوم ، وإن شئت فمن جمعة إلى جمعة ، وإن شئت فمن شهر إلى شهر ، وإن شئت فمن سنة إلى سنة ، تفتتح الصلاة ثم تكبر خمس عشرة مرة ، تقول : اللّه أكبر وسبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلا اللّه ، ثم تقرأ الفاتحة وسورة وتركع فتقولهن في ركوعك عشر مرات ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولهن عشر مرات ، وتخر ساجدا وتقولهن عشر مرات في سجودك ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولهن عشر مرات ، ثم تخر ساجدا وتقولهن عشر مرات ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولهن عشر مرات ، ثم تنهض فتقولهن خمس عشرة مرة ، ثم تقرأ فاتحة الكتاب وسورة ، ثم تركع فتقولهن عشر مرات ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولهن

ص: 552


1- استدل به على المشهور من أن آخر وقتها أو الانجلاء ، وقال في المعتبر : لا حجة في لاحتمال أن يريد تساوى الحالين في زوال الشدة لا بيان الوقت. و قال المولى المجلسيّ: استدل به على أن وقته الى الاخذ في الانجلاء و ليس بظاهر الا أن يحمل الشدة على شدة الصلاة و هو غير ظاهر لانه يمكن حمله على الشدة للخوف، و يكون الجواب برفع الخوف عند الاخذ في الانجلاء، بل هو أظهر.
2- أمنحك وأعطيك وأحبوك متقاربة المعاني ، والمنحة : العطية. والحباء : العطاء ومنه الحبوبة باعتبار النبي صلى اللّه عليه وآله لجعفر عليه السلام.
3- الرمل العالج أي المتراكم ، وعوالج الرمل هو ما تراكم منه.

عشر مرات ، ثم تخر ساجدا فتقولهن عشر مرات ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولهن عشر مرات ، ثم تسجد فتقولهن عشر مرات ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولهن عشر مرات ، ثم تتشهد وتسلم ، ثم تقوم وتصلي ركعتين أخراوين تصنع فيهما مثل ذلك ثم تسلم قال أبو جعفر عليه السلام : فذلك خمس وسبعون مرة في كل ركعة ثلاثمائة تسبيحة تكون ثلاثمائة مرة في الأربع ركعات ألف ومائتا تسبيحة يضاعفها اللّه عزوجل ويكتب لك بها اثنتي عشرة ألف حسنة ، الحسنة منها جبل أحد و أعظم ».

1536 - وقد روي « أن التسبيح في صلاة جعفر بعد القراءة ، وأن ترتيب التسبيح سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر » (1).

فبأي الحديثين أخذ المصلي فهو مصيب وجائز له.

والقنوت في كل ركعتين منهما قبل الركوع ، والقراءة في الركعة الأولى الحمد وإذا زلزلت ، وفي الثانية الحمد والعاديات ، وفي الثالثة الحمد وإذا جاء نصر اللّه ، و في الرابعة الحمد وقل هو اللّه أحد (2) ، وإن شئت صليتها كلها بالحمد وقل هو اللّه أحد.

1537 - وفي رواية عبد اللّه بن المغيرة عن الصادق عليه السلام قال : « اقرأ في صلاة جعفر عليه السلام بقل هو اللّه أحد ، وقل يا أيها الكافرون ».

1538 - وروي عن إبراهيم بن أبي البلاد قال : « قلت لأبي الحسن يعني موسى ابن جعفر عليهما السلام أي شئ لمن صلى صلاة جعفر؟ قال : لو كان عليه مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا لغفرها اللّه له ، قال : قلت : هذه لنا؟ قال : فلمن هي إلا لكم خاصة قال : قلت : فأي شئ أقرأ فيها؟ قال : وقلت : أعترض القرآن (3)؟ قال : لا إقرأ فيها

ص: 553


1- وهذه الرواية أشهر وعليه معظم الأصحاب. ( الذكرى )
2- كما في الكافي ج 3 ص 466 في رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام.
3- أي أقع فيه واختار منه السور ( الوافي ) أو أعرضه على نفسي فأقرء منه ما شئت؟ ولعل المنع على سبيل الاستحسان. ( مراد )

إذا زلزلت ، وإذا جاء نصر اللّه ، وإنا أنزلناه في ليلة القدر ، وقل هو اللّه أحد ».

1539 - وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام « عمن صلى صلاة جعفر هل يكتب له من الاجر مثل ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لجعفر؟ قال : إي واللّه ».

1540 - وروي عن علي بن الريان أنه قال : « كتبت إلى الماضي الأخير عليه السلام (1) أسأله عن رجل صلى من صلاة جعفر عليه السلام ركعتين ، ثم تعجله عن الركعتين الأخيرتين (2) حاجة أو يقطع ذلك لحادث يحدث (3) أيجوز له أن يتمها إذا فرغ من حاجته وإن قام عن مجلسه أم لا يحتسب بذلك إلا أن يستأنف الصلاة ويصلي الأربع ركعات كلها في مقام واحد؟ فكتب عليه السلام : بلى إن قطعه عن ذلك أمر (4) لابد له منه فليقطع ثم ليرجع فليبن على ما بقي منها إن شاء اللّه ».

1541 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « صل صلاة جعفر في أي وقت شئت من ليل أو نهار ، وإن شئت حسبتها من نوافل الليل وإن شئت حسبتها من نوافل النهار تحسب لك من نوافلك ، وتحسب لك من صلاة جعفر عليه السلام ».

1542 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كنت مستعجلا فصل صلاة جعفر مجردة ، ثم اقض التسبيح ».

1543 - وفي رواية الحسن بن محبوب قال : تقول في آخر سجدة (5) من صلاة

ص: 554


1- يعنى به أبا الحسن الثالث عليه السلام.
2- قوله « تعجله » من باب الافعال أي تزعجه وتعوقه عن الركعتين الأخيرتين.
3- الفرق بين الحاجة والحادث يمكن أن يكون بان الحاجة ما يذكرها في الصلاة والحادث ما يحدث في أثنائها كتردى طفل. ( مراد )
4- فيه دلالة على أنه لو قطع الاختيار لابد له من الاستيناف ان قلنا بالمفهوم ، وان لم نقل به ففيه اشعار بأنه ينبغي حينئذ الاستيناف. ( مراد )
5- أي في السجدة الأخيرة كما يدل غيره من الاخبار والظاهر عدم اشتراط الصلاة به ( المرآة ) وفى بعض النسخ « في آخر ركعة ».

جعفر بن أبي طالب عليه السلام : « يا من لبس العز والوقار ، يا من تعطف بالمجد (1) تكرم به ، يا من لا ينبغي التسبيح إلا له ، يا من أحصى كل شئ علمه ، يا ذا النعمة والطول يا ذا المن والفضل ، يا ذا القدرة والكرم ، أسألك بمعاقد العز من عرشك (2) ومنتهى الرحمة من كتابك (3) وباسمك الأعظم الاعلى ، وكلماتك التامات (4) أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تفعل بي كذا وكذا » (5).

باب 83: صلاة الحاجة

اشارة

1544 - روى مرازم عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام قال : إذا فدحك أمر عظيم (6) فتصدق في نهارك على ستين مسكينا ، على كل مسكين [ نصف ] صاع بصاع النبي صلى اللّه عليه وآله (7) من تمر أو بر أو شعير ، فإذا كان بالليل اغتسلت في ثلث

ص: 555


1- أي ارتدى برداء المجد وفى النهاية « سبحان من تعطف بالعز » أي تردى بالعز ، العطاف والمعطف : الرداء ، وسمى عطافا لوقوعه على عطفى الرجل وهما ناحيتا عنقه. والمجد في كلام العرب : الشرف الواسر. ورجل ماجد : مفضال كثير الخير شريف ، والمجيد فعيل للمبالغة ، وقيل : هو الكريم الفعال ، وقيل إذا قارن شرف الذات حسن الفعال سمى مجدا.
2- معاقد العز من العرش : الخصال التي استحق بها العز ، أو مواضع انعقادها منه كذا في النهاية ، وقال : وحقيقة معناه بعز عرشك.
3- اما ناظر إلى قوله تعالى : كتب على نفسه الرحمة « أو يكون » من بيانية أي أسألك بكتابك : القرآن الذي هو نهاية رحمتك على عبادك ولا يكون لك رحمة أعظم منه عندنا أو أسألك بحق نهاية رحمتك التي أثبت في كتابك اللوح المحفوظ أو القرآن.
4- أي صفاتك الكاملة من العلم والقدرة والإرادة وغيرها مما لا يحصى ، أو أنبيائك أو أوصيائك أو القرآن.
5- تذكر مكانها الحاجات.
6- فدحه الدين : أثقله ، وفوادح الدهر : خطوبه ، والفادحة : النازلة.
7- وهو خمسة أمداد والصاع المعروف أربعة أمداد. (م ت)

الليل الأخير ثم لبست أدنى ما يلبس من تعول من الثياب (1) إلا أن عليك في تلك الثياب إزار ، ثم تصلي ركعتين تقرأ فيهما بالتوحيد وقيل أيها الكافرون ، فإذا وضعت جبينك في الركعة الأخيرة للسجود هللت اللّه وقدسته وعظمته ومجدته (2) ، ثم ذكرت ذنوبك فأقررت بما تعرف منها تسمي ، وما لم تعرف أقررت به جملة ، ثم رفعت رأسك فإذا وضعت جبينك في السجدة الثانية استخرت اللّه مائة مرة تقول : « اللّهم إني أستخيرك بعلمك (3) » ثم تدعو اللّه بما شئت من أسمائه وتقول « يا كائنا قبل كل شئ ويا مكون كل شئ ويا كائنا بعد كل شئ افعل بي كذا وكذا » وكلما سجدت فأفض بركبتيك إلى الأرض (4) وترفع الإزار حتى تكشف عنهما واجعل الإزار من خلفك بين أليتيك وباطن ساقيك ، فإني أرجو أن تقضى حاجتك إن شاء اللّه تعالى ، وأبدأ بالصلاة على النبي وأهل بيته صلوات اللّه عليهم أجمعين.

صلاة أخرى للحاجة

1545 - روى موسى بن القاسم البجلي ، عن صفوان بن يحيى ، ومحمد بن سهل عن أشياخهما عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا حضرت لك حاجة مهمة إلى اللّه عز و جل فصم ثلاثة أيام متوالية : الأربعاء والخميس والجمعة ، فإذا كان يوم الجمعة إن شاء اللّه تعالى فاغتسل والبس ثوبا جديدا ثم اصعد إلى أعلى بيت في دارك وصل فيه ركعتين ، وارفع يديك إلى السماء ثم قل : « اللّهم إني حللت بساحتك لمعرفتي

ص: 556


1- أي أخشن الثياب التي تلبسها عيالك.
2- يعنى قلت « لا إله إلا اللّه » سبحان اللّه ، اللّه أكبر ، لا حول ولا قوة الا باللّه وأمثالها.
3- أي أطلب منك أن تجعل خيرى في قضاء حاجتي ، أو تجعل قضاء حاجتي خيرا لي ، أو تقضى حاجتي إن كان خيرا في علمك وقدرتك عليها وعلى جعلها خيرا. (م ت)
4- أفضى بيده على الأرض إذا مسها بباطن راحته في سجوده.

بوحدانيتك وصمدانيتك (1) وإنه لا قادر على حاجتي غيرك ، وقد علمت يا رب أنه كلما تظاهرت نعمتك علي اشتدت فاقتي إليك ، وقد طرقني هم كذا وكذا (2) وأنت بكشفه عالم غير معلم ، واسع غير متكلف (3) ، فأسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت (4) ووضعته على السماء فانشقت ، وعلى النجوم فانتثرت ، وعلى الأرض فسطحت ، وأسألك بالحق الذي جعلته عند محمد والأئمة عليهم السلام وتسمهم إلى آخرهم أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تقضي حاجتي وأن تيسر لي عسيرها ، و تكفيني مهمها ، فإن فعلت فلك الحمد ، وإن لم تفعل فلك الحمد ، غير جائر في حكمك ولا متهم في قضائك ولا حائف في عدلك (5) وتلصق خدك بالأرض وتقول : « اللّهم إن يونس بن متي عبدك دعاك في بطن الحوت وهو عبدك فاستجبت له (6) وأنا عبدك أدعوك فاستجب لي » ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام : لربما كانت الحاجة لي فأدعو بهذا الدعاء فأرجع وقد قضيت ».

صلاة أخرى للحاجة

1546 - روى سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إن أحدكم إذا مرض

ص: 557


1- « حللت بساحتك » أي نزلت ووقفت ببابك ، والساحة : فناء الدار وفضاء الدار والصمد : الرفيع والدائم والسند ومن يقصد إليه في الحوائج أي كونك مصمودا إليه في الحوائج مقصودا فيها.
2- أي نزل بي هم كذا ، وتذكر مكان « كذا وكذا » مهمك.
3- « عالم » أي لا يحتاج إلى ذكر أسباب الكشف عندك. « واسع » أي واسع القدرة أو واسع الكرم أو الأعم. « غير متكلف » أي غير شاق عليك.
4- نسفت البناء نسفا : قلعته ، والتعبير بلفظ الماضي لتحقق الوقع أو المراد في الدنيا أي بأن جعلته رملا.
5- الحيف : الجور والظلم
6- يعنى أن العبودية والتذلل والانكسار سبب القضاء الحوائج وهو مشترك ، فلا يرد أن بينهما بون بعيد. (م ت)

دعا الطبيب وأعطاه ، وإذا كانت له حاجة إلى سلطان رشا البواب وأعطاه ، ولو أن أحدكم إذا فدحه أمر فزع إلى اللّه تعالى فتطهر (1) وتصدق بصدقة قلت أو كثرت ثم دخل المسجد فصلى ركعتين فحمد اللّه وأثنى عليه وصلى على النبي وأهل بيته عليهم السلام ، ثم قال » : اللّهم إن عافيتني من مرضي ، أو رددتني من سفري ، أو عافيتني مما أخاف من كذا وكذا « إلا آتاه اللّه ذلك (2) وهي اليمين الواجبة وما جعل اللّه تبارك وتعالى عليه في الشكر ».

صلاة أخرى للحاجة

1547 - « كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا حزنه أمر (3) لبس ثوبين من أغلظ ثيابه وأخشنها ، ثم ركع في آخر الليل ركعتين حتى إذا كان في آخر سجدة من سجوده سبح اللّه مائة تسبيحة ، وحمد اللّه مائة مرة ، وهلل اللّه مائة مرة ، وكبر اللّه مائة مرة ، ثم يعترف بذنوبه كلها (4) ما عرف منها أقر له تبارك وتعالى به في سجوده وما لم يذكر منها اعترف به جملة ثم يدعو اللّه عزوجل ويفضي بركبتيه إلى الأرض ».

ص: 558


1- لعل المراد الغسل أو الوضوء.
2- جواب الشرط محذوف مثل قوله « فأنت أهل لذلك » ونحوه. وقيل : الظاهر أن جوابه التزام نذر من صدقه وغيرها بقرينة ما سبق من قوله « دعا الطبيب وأعطاه ورشا البواب » ولا يخفى بعده وما جعله قرينة ليس بقرينة لأنه عليه السلام ذكر الصدقة قبل ذلك ، وقوله « الا آتاه اللّه ذلك » مستثنى من مقدر أي لم يفعل أو ما يفعله الا آتاه اللّه ، المذكور والمقدر جواب لقوله عليه السلام : « وهي اليمين الواجبة » أي هذه الصلوات والصدقة والدعاء بمنزلة اليمين الواجب على اللّه قبولها. قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه -.
3- في جميع النسخ جعل « حزبه » - بالزاي والباء الموحدة من تحت - نسخة ، وحزبه أمر أي نابه واشتد عليه أو ضغطه ، أو نزلت به مهمة واصابه غم.
4- أي يعترف بالتقصير في العبادة أو القصور فيها في بعض الأحيان ، وهو مقتضى مقام العبودية والا فهو معصوم عصمه اللّه تعالى من الخطأ والنسيان فضلا عن الذنب وقد تقدم الكلام في أمثاله.

صلاة أخرى للحاجة

1548 - روي عن يونس بن عمار قال : « شكوت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام رجلا كان يؤذيني ، فقال : أدع عليه فقلت : قد دعوت عليه ، فقال : ليس هكذا ولكن اقلع عن الذنوب وصم وصل وتصدق فإذا كان آخر الليل فأسبغ الوضوء ، ثم قم فصل ركعتين ثم قل : وأنت ساجد : « اللّهم إن فلان بن فلان قد آذاني اللّهم أسقم بدنه ، واقطع أثره وانقص أجله واجعل له ذلك في عامه هذا » قال : ففعلت ، فما لبث أن هلك » (1).

صلاة أخرى للحاجة

1549 - روى عمر بن أذينة عن شيخ من آل سعد قال : « كانت بيني وبين رجل من أهل المدينة خصوصة ذات خطر عظيم ، فدخلت على أبى عبد اللّه عليه السلام فذكرت له ذلك ، وقلت : علمني شيئا لعل اللّه يرد على مظلمتي (2) فقال : إذا أردت العدو فصل بين القبر والمنبر ركعتين أو أربع ركعات وإن شئت ففي بيتك ، وأسال اللّه أن يعينك وخذ شيئا مما تيسر فتصدق به على أول مسكين تلقاه ، قال : ففعلت ما أمرني فقضى لي ورد اللّه على أرضى ».

صلاة أخرى للحاجة

1550 - روى زياد القندي ، عن عبد الرحيم القصير قال : « دخلت على أبى -

ص: 559


1- في بعض النسخ « فما لبثت أن هلك » والظاهر أن الرجل كان من المخالفين و أراد قتله ولهذا جوز له الدعاء بالهلاك الا أن يقصد بقطع الأثر الظلم ، ويحتمل جواز الدعاء على الظالم مطلقا بالهلاك لعدم الاستفصال ، والأولى الدعاء برفع ظلمه وهدايته فهو أسرع إجابة فيما جربناه. (م ت)
2- المظلمة : ما يظلم الرجل وما تطلبه عند الظالم وهو اسم ما اخذ منك. (م ت)

عبد اللّه عليه السلام فقلت : جعلت فداك إني اخترعت دعاء ، فقال : دعني من اختراعك (1) إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فصل ركعتين تهديهما إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قلت : كيف أصنع؟ قال : تغتسل وتصلي ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة وتتشهد تشهد الفريضة (2) فإذا فرغت من التشهد وسلمت قلت : « اللّهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يرجع السلام (3) اللّهم صلى على محمد وآل محمد ، وبلغ روح محمد وآل محمد عني السلام ، والسلام عليهم ورحمة اللّه وبركاته ، اللّهم إن هاتين الركعتين هدية مني إلى رسولك صلى اللّه عليه وآله فأثبني عليهما (4) ما أملت ورجوت منك وفي رسولك (5) يا ولي المؤمنين » ثم تخر ساجدا وتقول : « يا حي يا قيوم ، يا حيا لا يموت ، لا حي لا إله إلا أنت يا ذا الجلال والاكرام ، يا أرحم الراحمين » أربعين مرة ، ثم تضع خدك الأيمن على الأرض فتقولها أربعين مرة ، ثم تضع خدك الأيسر فتقول ذلك أربعين مرة ، ثم ترفع رأسك وتمد يديك وتقول ذلك أربعين مرة ثم ترد يدك إلى رقبتك وتلوذ

ص: 560


1- يدل ظاهرا على النهى عن اختراع الدعاء وحمل على الكراهة لعموم الامر بالدعاء الا فيمن لا يعرف اللّه وصفاته العليا ، فربما يتكلم بما لا يجوز له ، ولا ريب أن الدعاء بالمنقول أولى ، ويمكن أن يكون مراده الدعاء بقضاء الحاجة ويكون النهى لاشتراطه بشرائط كثيرة من الاستشفاع برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصلاة الهدية والغسل وغيرها (م ت) أقول : زياد القندي هو زياد بن مروان واقفي بل من أركان الوقف ولم يوثق ، وعبد الرحيم القصير مجهول الحال.
2- « افتتاح الفريضة » أي بالتكبيرات السبع أو بتكبيرة الاحرام وكذا التشهد باشتماله على المندوب والواجبات. (م ت)
3- « أنت السلام » أي السالم من العيوب وصفات النقص أو مما يلحق غيره تعالى من الفناء والآفات. « ومنك السلام » أي السلامة. « واليك يعود السلام » أي لو وقع من المخلوقين سلامة العيوب فإليك ترجع لأنها بتأييدك وتوفيقك. (م ت)
4- من الإثابة بمعنى الجزاء ، وفى بعض النسخ « فأتني » من الايتاء بمعنى الاعطاء.
5- أي في الاستشفاع برسولك أو في بلاغ السلام والصلاة. (م ت)

بسبابتك (1) أربعين مرة ، ثم خذ لحيتك بيدك اليسرى فابك أو تباك وقل » : يا محمد يا رسول اللّه أشكو إلى اللّه وإليك حاجتي وأشكو إلى أهل بيتك الراشدين حاجتي و بكم أتوجه إلى اللّه في حاجتي « ثم تسجد وتقول » : يا اللّه يا اللّه حتى ينقطع نفسك صل على محمد وآل محمد ، وافعل بي كذا وكذا « قال أبو عبد اللّه عليه السلام : أنا الضامن على اللّه عزوجل أن لا يبرح حتى تقضى حاجته ».

( صلاة أخرى للحاجة )

قال أبي رضي اللّه عنه في رسالته إلي : إذا كانت لك يا بني إلى اللّه عزوجل حاجة فصم ثلاثة أيام الأربعاء والخميس والجمعة ، فإذا كان يوم الجمعة فأبرز إلى اللّه تعالى (2) قبل الزوال وأنت على غسل وصل ركعتين تقرأ في كل ركعة منهما الحمد وخمس عشرة مرة قل هو اللّه أحد فإذا ركعت قرأتها عشرا ، فإذا رفعت رأسك من الركوع قرأتها عشرا ، فإذا سجدت قرأتها عشرا ، فإذا رفعت رأسك من السجود قرأتها عشرا ، فإذا سجدت ثانية قرأتها عشرا ، فإذا رفعت رأسك من السجدة الثانية قرأتها عشرا ثم نهضت إلى الثانية بغير تكبير وصليتها مثل ما وصفت لك ، واقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة.

فإذا تفضل اللّه عليك بقضاء حاجتك فصل ركعتي الشكر تقرأ في الأولى الحمد وقل هو اللّه أحد ، وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون ، وتقول في الركعة الأولى في ركوعك الحمد لله شكرا وفي سجودك شكرا لله وحمدا وتقول في الركعة الثانية في الركوع والسجود « الحمد لله الذي قضى حاجتي وأعطاني مسألتي » (3).

ص: 561


1- لاذ يلوذ لواذ أولياذا : لجأ إليه ، ولاذ به التجأ إليه وانضم واستغاث به أي تتحرك تضرعا وابتهالا إصبعك التي بين الوسطى والابهام يمينا وشمالا.
2- أي اخرج إلى الفضاء من الصحراء أو السطح أو غيرهما. (م ت)
3- كما في الكافي ج 3 س 481 باب صلاة الشكر.

( صلاة أخرى للحاجة )

1551 - في كتاب محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن سنان يرفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يحزنه الامر ويريد الحاجة قال : يصلي ركعتين ويقرأ من إحديهما قل هو اللّه أحد ألف مرة ، وفي الأخرى مرة ثم يسأل حاجته ».

وقد أخرجت ما رويته من صلوات الحوائج في كتاب ذكر الصلوات التي هي سوى الخمسين.

باب 84: صلاة الاستخارة

1552 - روى هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أراد أحدكم أمرا فلا يشاور فيه أحدا من الناس حتى يبدأ فيشاور اللّه تبارك وتعالى ، قال : قلت : وما مشاورة اللّه تبارك وتعالى جعلت فداك؟ قال : يبدأ فيستخير اللّه فيه (1) أولا ثم يشاور فيه فإنه إذا بدأ باللّه تبارك وتعالى أجرى له الخيرة على لسان من يشاء من الخلق ».

1553 - وروى مرازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أراد أحدكم شيئا فليصل ركعتين ثم ليحمد اللّه عزوجل وليثن عليه وليصل على النبي صلى اللّه عليه وآله ويقول » : اللّهم إن كان هذا الامر خيرا لي في ديني ودنياي فيسره لي وقدره لي وإن كان غير ذلك فاصرفه عني « قال مرازم : فسألت أي شئ يقرأ فيها ، فقال : أقرأ فيها ما شئت ، إن شئت فاقرأ فيهما بقل هو اللّه أحد ، وقل يا أيها الكافرون ، وقل هو اللّه أحد تعدل ثلث القرآن ».

1554 - وسأل محمد بن خالد القسري أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الاستخارة فقال :

ص: 562


1- أي يطلب منه تعالى أن يصلح الأمور له وأن يجعل خيرة في الأصلح (م ت) أقول : ويمكن أن يكون المراد أن يقول : ( أستخير اللّه ) وان زاد ( برحمته ) كما يأتي فهو أحسن.

استخر اللّه في آخر ركعة من صلاة الليل وأنت ساجد مائة مرة ومرة ، قال : كيف أقول قال : تقول : أستخير اللّه برحمته ، أستخير اللّه برحمته ».

1555 - وروى حماد بن عثمان الناب عنه عليه السلام أنه قال في الاستخارة : « أن يستخير اللّه الرجل في آخر سجدة من ركعتي الفجر مائة مرة ومرة ، ويحمد اللّه ويصلي على النبي وآله ، ثم يستخير اللّه خمسين مرة ، ثم يحمد اللّه ويصلي على النبي وآله صلى اللّه عليه وآله ويتم المائة والواحدة ».

1556 - وروى حماد بن عيسى ، عن ناجية (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « كان إذا أراد شراء العبد أو الدابة أو الحاجة الخفيفة أو الشئ اليسير استخار اللّه عزوجل فيه سبع مرات ، فإذا كان أمرا جسيما استخار اللّه مائة مرة » (2).

1557 - وروى معاوية بن ميسرة عنه عليه السلام أنه قال : « ما استخار اللّه عبد سبعين مرة بهذه الاستخارة إلا رماه اللّه عزوجل بالخيرة (3) يقول » : يا أبصر الناظرين ويا أسمع السامعين ، ويا أسرع الحاسبين ، ويا أرحم الراحمين ، ويا أحكم الحاكمين صل على محمد وأهل بيته وخر لي في كذا كذا.

وقال أبي رضي اللّه عنه في رسالته إلى : إذا أردت يا بني أمرا فصل ركعتين واستخر اللّه مائة مرة ومرة فما عزم لك فافعل وقل في دعائك : « لا إله إلا اللّه الحليم الكريم ، لا إله إلا اللّه العلي العظيم ، رب بحق محمد وآله صلى على محمد وآله وخر لي في كذا وكذا للدنيا والآخرة خيرة في عافية ».

ص: 563


1- هو غير موثق.
2- أي كان يقول : « أستخير اللّه ».
3- أي وقفه للخبر ، أو جعل خيره فيما يريد ويخطر فيما يريد ويخطر بباله أو يلقيه على لسان مؤمن يشاوره وأمثالها. (م ت)

باب 85: ثواب الصلاة التي يسميها الناس صلاة فاطمة عليها السلام ويسمونها أيضا صلاة الأوابين

ثواب الصلاة التي يسميها الناس صلاة فاطمة عليها السلام (1)

ويسمونها أيضا صلاة الأوابين

1558 - روى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من توضأ فأسبغ الوضوء ، وافتتح الصلاة فصلى أربع ركعات يفصل بينهن بتسليمة ، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب [ مرة ] ، وقل هو اللّه أحد خمسين مرة انفتل حين ينفتل وليس بينه و بين اللّه عزوجل ذنب إلا غفر له ».

1559 - وأما محمد بن مسعود العياشي رحمه اللّه فقد روى في كتابه عن عبد اللّه ابن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن السماك ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من صلى أربع ركعات فقرأ في كل ركعة بخمسين مرة قل هو اللّه أحد (2) كانت صلاة فاطمة عليها السلام وهي صلاة الأوابين ».

وكان شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي اللّه عنه يروي هذه الصلاة وثوابها إلا أنه كان يقول : إني لا أعرفها بصلاة فاطمة عليها السلام ، وأما أهل الكوفة فإنهم يعرفونها بصلاة فاطمة عليها السلام.

وقد روى هذه الصلاة وثوابها أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

باب 86: ثواب صلاة ركعتين بمائة وعشرين مرة قل هو اللّه أحد

1560 - في رواية بن أبي عمير عن الصادق عليه السلام قال : « من صلى ركعتين خفيفتين بقل هو اللّه أحد في كل ركعة ستين مرة انفتل وليس بينه وبين اللّه عزوجل ذنب ».

ص: 564


1- المشهور بين الأصحاب أنها صلاة أمير المؤمنين عليه السلام كما في رواية المفضل.
2- عدم ذكر فاتحة الكتاب لاشتهار حديث « لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ».

باب 87: ثواب التنفل في ساعة الغفلة

1561 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « تنفلوا في ساعة الغفلة ولو بركعتين خفيفتين فإنهما تورثان دار الكرامة ».

1562 - وفي خبر آخر « دار السلام » وهي الجنة ، وساعة الغفلة بين المغرب والعشاء الآخرة. (1)

باب 88: نوادر الصلوات

نوادر الصلوات (2)

1563 - روى بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال : « ما صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الضحى قط ». (3)

ص: 565


1- كما رواه المصنف - رحمه اللّه - مسندا في ثواب الأعمال ومعاني الاخبار والمجالس والعلل. وروى الشيخ - رحمه اللّه - في المصباح ص 76 عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « من صلى بين العشائين ركعتين يقرأ في الأولى الحمد ، وذا النون إذ ذهب مغاضبا - إلى قوله - وكذلك ننجي المؤمنين » وفى الثانية الحمد وقوله : « وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو - إلى آخر الآية - » فإذا فرغ من القراءة رفع يديه وقال : « اللّهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها الا أنت أن تصلى على محمد وآل محمد - وأن تفعل بي كذا وكذا - اللّهم أنت ولى نعمتي ، والقادر على طلبتي ، تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد وآله عليه وعليهم السلام لما قضيتها لي » وسأل اللّه حاجته أعطاه اللّه ما سأل.
2- الظاهر أن المراد بالنوادر التي لا يجمعها باب وتكون متفرقة ، وقد يطلق على الاخبار الشاذة. (م ت)
3- بدل كالاخبار المستفيضة عن أهل البيت (عليهم السلام) على عدم مشروعية صلاة الضحى (م ت) والعامة يقولون باستحبابها.

1564 - وروى عبد الواحد بن المختار الأنصاري عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن صلاة الضحى فقال : أول من صلاها قومك ، إنهم كانوا من الغافلين فيصلونها ولم يصلها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وقال : إن عليا عليه السلام مر على رجل وهو يصليها فقال علي عليه السلام : ما هذه الصلاة؟ فقال : أدعها يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه السلام : أكون أنهى عبدا إذا صلى » (1).

1565 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « ما صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الضحى قط ، قال : فقلت له : ألم تخبرني أنه كان عليه السلام يصلي في صدر النهار أربع ركعات؟ قال : بلى إنه كان يجعلها من الثمان التي بعد الظهر ».

1566 - وسأل عبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الصلاة في شهر رمضان فقال : ثلاث عشرة ركعة منها الوتر ، وركعتان قبل صلاة الفجر ، كذلك كان رسول - اللّه صلى اللّه عليه وآله يصلي ولو كان فضلا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أعمل به وأحق ». (2)

1567 - وسأله عقبة بن خالد « عن رجل دعاه رجل وهو يصلي فسها فأجابه

ص: 566


1- أي ان كانت صلاتك صلاة مشروعة فكيف نهيتك عنها مع أن اللّه تعالى يقول : « أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ». وفى الكافي ج 3 ص 452 في مرفوعة قال : « مر أمير المؤمنين (عليه السلام) برجل يصلى الضحى في مسجد الكوفة فغمز جنبه بالدرة وقال : نحرت صلاة الأوابين نحرك اللّه ، قال : فأتركها؟ قال : فقال : « أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى « فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : وكفى بانكار علي عليه السلام نهيا ». أي قال أمير المؤمنين عليه السلام : صلاتك لبست بصلاة حتى لا يجور المنع عنها كما يفهم من الآية بل هي بدعة و يؤيده قول الصادق عليه السلام « كفى بانكار علي (عليه السلام) نهيا ». ونقل المخالفون هذا الخبر بصورة محرفة وفسروه بما هو أشنع كن تحريفهم. راجع النهاية مادة « نحر ». و روى البخارى عن مؤرق العجليّ« قال قلت لابن عمر: تصلى الضحى؟ قال: لا، قلت: فعمر؟ قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال: لا، قلت: فالنبى( ع)؟ قال: لا اخاله».
2- يدل على عدم مشروعية نافلة رمضان ، وحمل على الجماعة كما يفعله العامة و يسمونها بالتراويح للاخبار الكثيرة الدالة على مشروعيتها (م ت) وقال سلطان العلماء : كناية عن انه ليس في شهر رمضان موظف في الليل غير المشهور وهو صلاة الليل والشفع والوتر وركعتي الفجر. (م ت)

بحاجته كيف يصنع؟ قال : يمضي على صلاته ». (1)

1568 - وروى عمران الحلبي عنه أنه قال « ينبغي تخفيف الصلاة من أجل السهو ». (2)

1569 - وروى سماعة بن مهران عنه عليه السلام أنه قال « يجوز صدقة الغلام ، وعتقه ويؤم الناس إذا كان له عشر سنين ». (3)

ص: 567


1- يدل على عدم بطلان الصلاة بالكلام ساهيا وقد تقدم الاخبار فيه.
2- المراد به أعم من الشك ولو أمكن دفعه بالخاتم وغيره فهو مقدم على التخفيف لما تقدم. (م ت)
3- يعارض الاخبار التي اشترطت الاحتلام ، وحمل على امامة الصبيان. وجوز الشيخ - رحمه اللّه - في بعض كتبه إمامة الصبي ، وابن الجنيد إذا كان سلطانا كولى عهد المسلمين ، وقال استاذنا الشعراني - مد ظله - : اعلم أن كثيرا منا ومن العامة عند تعريف الصحة والفساد التزموا بان عبادات الصبي يصح ان يطلق عليها لفظ الصحيح وذلك لأن الصحيح هو المطابق للامر سواء كان الامر متعلقا بمن جرى على يديه الفعل أو غيره ، ألا ترى أنه يقال حج الصبي صحيح وإن كان رضيعا وذلك لأنه مطابق للامر ، وهذا لا يستلزم كونه مخاطبا بالخطاب الشرعي ومأمورا بالتكليف ، قال العلامة - رحمه اللّه - في المختلف ما حاصله : ان غير البالغ ليس من أهل التكليف ولا يقع منه الفعل على وجه يعد طاعة لأنها موافقة الامر والصبي ليس مأمورا اجماعا وأمر الولي بأمرهم بالصلاة ليس أمرا لهم ، فان الامر بالامر بالشئ ليس أمرا بذلك الشئ - انتهى. وهو حق ألا ترى أنك تأمر ابنك بان يأمر عبده بشرا شئ وهذا لك جائز ولا يستلزم ذلك أن تأمر عبده بغير واسطة لأنه غير جائز إذ ليس لك بالنسبة إلى عبد ابنك مولوية ولا يجب عليه اجابتك مع أنه يجب عليه إجابة ابنك ويجب على ابنك اجابتك ، وبالجملة إذا كان للامر مولوية على المأمور ومأمور المأمور كليهما بحيث يجب عليهما طاعته بالامر أمرا ، وأما إذ لم يكن للامر مولوية بالنسبة إلى مأمور المأمور ولا يجب عليه طاعته فالامر بالامر ليس أمرا ومع ذلك فيجوز اطلاق الصحة على عبادات الصبي وان لم يكن مخاطبا ، وقيل : إذا كان غرض الامر امتثال مأمور المأمور بشرط امر المأمور إياه لم يكن الامر بالامر بالشئ أمرا بذلك الشئ ، وليس بجيد لان مأمور المأمور حينئذ مأمور أيضا مشروطا ، والامر المشروط أيضا أمر كامر الزوجة بإطاعة زوجها.

1570 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا صليت معهم غفر لك بعدد من خالفك ». (1)

1571 - وروى عنه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه أنه قال : « إذا صليت فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فإن ذلك من السنة ». (2)

1572 - وروى الحلبي عنه عليه السلام أنه قال : « إذا صليت في السفر شيئا من الصلوات في غير وقتها فلا يضرك ». (3)

1573 - وروي عن عائذ الأحمسي أنه قال : « دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن الصلاة ، فابتدأني من غير أن أسأله ، فقال : « إذا لقيت اللّه عزوجل بالصلوات الخمس المفروضات لم يسألك عما سوى ذلك ». (4)

1574 - وقال الصادق عليه السلام : « المؤمن معقب ما دام على وضوء » (5).

1575 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قلت له : أخبرني عن رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدري ما هو من كثرتها (6) كيف يصنع؟ قال : فليصل حتى لا يدري كم صلى من كثرتها ، فيكن قد قضى بقدر ما علمه من ذلك (7)

ص: 568


1- قوله : « معهم » أي المخالفين.
2- يدل على استحباب الصلاة في النعل العربي إذا كانت طاهرة ، وقد تقدمت الاخبار فيه ، واشتراط الطهارة فيه مع أنه مما الصلاة اما على الاستحباب واما على استثنائها من العمومات مطلقا أو إذا كانت ميتة. (م ت)
3- يدل على أن السفر عذر في عدم ايقاع الصلاة في وقت الفضيلة (م ت) أو محصول على النافلة.
4- تقدم تحت رقم 615 كالخبر الآتي.
5- رواه الشيخ في الصحيح ، ويحتمل أن يكون المراد أن مجرد الكون على الوضوء كاف في ثواب التعقيب ، أو كاف في المصلى ، فالأولى أن يكون ذاكرا مع الامكان. (م ت)
6- الضمير راجع إلى « ما » باعتبار الصلاة وفى التهذيب « من كثرته ».
7- يمكن أن يكون المراد به الأعم من الظن الغالب أيضا وإن كان تحصيل العلم أولى لظاهر الخبر ، واستدل به على وجوب تحصيل العلم في القضاء إذا لم يعلم مقداره بمفهوم الموافقة ولا بأس به لتأييده بأخبار آخر وللمقدمة ، وإن كان الأحوط في الزائد عن الظن الغالب نية الاحتياط ، ويدل على شدة الاهتمام بالنوافل ، وعلى أن التصدق مطلوب مع المشقة وان لم يكن للمرض. (م ت).

ثم قال : قلت له : فإنه لا يقدر على القضاء ، فقال : إن كان شغله في طلب معيشة لابد منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شئ عليه ، وإن كان شغله لجمع الدنيا والتشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء وإلا لقى اللّه وهو مستخف متهاون مضيع لحرمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، قلت : فإنه لا يقدر على القضاء فهل يجزي أن يتصدق؟ فسكت مليا (1) ، ثم قال : فليتصدق بصدقة ، قلت : فما يتصدق؟ قال : بقدر طوله (2) وأدنى ذلك مد لكل مسكين مكان كل صلاة ، قلت : وكم الصلاة التي يجب فيها مد لكل مسكين؟ قال : لكل ركعتين من صلاة الليل مد ولكل ركعتين من صلاة النهار مد ، فقلت : لا يقدر ، فقال : مدا إذا لكل أربع ركعات من صلاة النهار ، قلت : لا يقدر ، قال : فمد إذا لصلاة الليل ومد لصلاة النهار ، والصلاة أفضل ، والصلاة أفضل ، والصلاة أفضل ».

تم الجزء الأول من كتاب من لا يحضره الفقيه تصنيف الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قدس اللّه روحه ونور ضريحه.

ويتلوه في الجزء الثاني أبواب الزكاة. والحمد لله رب العالمين والصلاة [ والسلام ] على سيدنا محمد [ النبي ] وآله الطاهرين.

ص: 569


1- أي طويلا ، كما قوله تعالى « واهجرني مليا » أي طويلا.
2- الطول - لفتح الطاء - : الوسع والغنى والزيادة. إلى هنا تمّت تعاليقنا على هذا الجزء و الحمد للّه ربّ العالمين على أكبر الغفارى 1392- ه ق.

فهرست المقدمة

الف - كلمة المحشي.

و - موجز من حياة المؤلف.

ط - تأليف القيمة.

يب - وفاته ومدفنه.

يه - التعريف بالنسخ التي قوبل الكتاب بها.

يح - الحواشي والشروح الموجودة التي استفيد منها.

فهرست الكتاب

1 - مقدمة المصنف ووجه تسمية الكتاب.

باب المياه وطهرها ونجاستها

5 - طهور الماء.

6 - الماء الذي لا ينجسه شئ ، وحد الكر.

8 - اختلاط ماء المطر بالبول والخمر.

9 - الوضوء عن سؤر الدواب والكلب والسنور.

10 - الماء الذي تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب.

11 - الوضوء من سؤر الجنب والحائض.

11 - الرجل يأتي الماء القليل ويداه قذرتان.

12 - حكم ماء الحمام وغسالته.

14 - الآبار وأحكامها.

ص: 570

17 - منزوحات البئر.

18 - البئر تكون إلى جنب البالوعة.

أحكام التخلي

22 - ارتياد المكان للحدث.

23 - الدعاء عند دخول المتوضأ.

24 - استحباب التقنع عند دخول الخلاء.

25 - المواضع التي تكره أن يتغوط فيها أو يبال.

26 - حرمة الاستقبال والاستدبار للقبلة عند الاستنجاء.

26 - كراهة البول قائما.

27 - كراهة طول الجلوس في المخرج.

28 - حكم التسبيح وقراءة القرآن وحكاية الاذان في الخلاء.

28 - الاستنجاء بثلاثة أحجار.

29 - الاستنجاء بالروث والعظم.

31 - حدث الاستنجاء.

31 - كراهة التكلم في الخلاء.

33 - باب أن الطهور قسم من الصلاة.

33 - وقت وجوب الطهور.

33 - افتتاح الصلاة وتحريمها وتحليلها.

فرائض ومقدماتها من الوضوء والغسل

34 - مقدار الماء للوضوء والغسل.

36 - صفة وضوء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

38 - الوضوء حد من حدود اللّه.

41 - صفة وضوء أمير المؤمنين عليه السلام وأدعيته عند الوضوء.

ص: 571

44 - حد الوضوء وترتيبه وثوابه.

44 - حد الوجه الذي يغسل.

45 - حد الذراعين في الوضوء.

45 - مسح الرأس والقدمين.

45 - وجوب الموالاة والترتيب في الوضوء.

47 - الجبائر والقروح وأحكامها.

48 - عدم جواز المسح على الخفين.

50 - آداب الوضوء وسننه ومكروهاته.

52 - استحباب السواك وتأكده ، لا سيما عند الوضوء.

53 - عدم البأس بالسواك للصائم والمحرم.

54 - كراهة السواك في الحمام.

54 - استحباب السواك عرضا.

55 - في السواك اثنتا عشرة خصلة.

55 - علة الوضوء.

57 - حكم جفاف بعض الوضوء قبل تمامه.

58 - فيمن ترك الوضوء أو بعضه أو شك فيه.

61 - ما ينقض الوضوء ومالا ينقضه.

64 - الاستبراء من البول.

65 - ما ينجس الثوب والجسد من المياه المخرجة من الانسان.

67 - الجنب يعرق في الثوب أو يصيب جسده ثوبه.

68 - المني والمذي يصيبان الجسد والثوب.

68 - كيفية تطهير الثوب والفراش إذا أصابه البول.

70 - المرضعة يصيب ثوبها من بول الصبي كيف تصنع.

ص: 572

71 - أبوال الدواب وأرواثها.

71 - الثوب يصيبه الدم والمدة.

72 - الثوب يصيبه المني.

73 - الكلب يصيب الثوب.

74 - الثوب أصابه خمر.

74 - الناسي لبول أصابه وصلى.

غسل الجنابة

75 - العلة التي من أجلها وجب غسل الجنابة.

77 - باب الأغسال الواجبة والمسنونة.

81 - صفة غسل الجنابة.

83 - أحكام الجنب.

87 - المرأة إذا أراد غسل الجنابة فتحيض.

غسل الحيض والنفاس

88 - أول دم وقع على وجه الأرض.

88 - إن الحيض نجاسة.

89 - أقل أيام الحيض وأكثرها.

90 - أحكام الحائض والمستحاضة.

97 - إن اشتبه عليها دم الحيض والقرحة.

98 - إن اشتبه عليها دم الحيض والعذرة.

101 - النفساء وأحكامها.

باب التيمم

102 - صفة التيمم.

ص: 573

107 - مسوغات التيمم.

آداب الحمام

110 - النهي عن دخول الحمام بلا مئزر.

111 - غسل يوم الجمعة.

111 - وقت غسل الجمعة.

112 - علة غسل الجمعة.

113 - آداب دخول الحمام والدعاء له.

117 - الحمام يوم ويوم لا.

117 - الطلي في الحمام.

117 - استحباب استعمال النورة.

119 - آداب استعمال النورة.

121 - استحباب الحناء بعد النورة.

122 - استحباب الخضاب بالحناء والكتم.

124 - استحباب غسل الرأس بالخطمي والسدر.

126 - تقليم الأظفار وأخذ الشارب والمشط.

130 - كراهة تطويل اللحية.

130 - حكم حلق اللحية.

أحكام الأموات وغسل الميت

131 - استحباب تلقين المحتضر.

132 - حالات الاشخاص في النزع.

138 - لأي علة يغسل الميت.

139 - موت المحرم والنفساء والغريب وثوابهم.

ص: 574

140 - التأكيد في تعجيل دفن الميت.

140 - ثواب عيادة المريض.

141 - ثواب من غسل ميتا.

141 - القول عند غسل الميت.

141 - غسل الميت يجب على أولى الناس به أولا.

142 - حد الماء الذي يغسل به الميت.

142 - كراهة تسخين الماء في غير الشتاء لغسل الميت.

142 - كراهة ترك الميت وحده في بيت.

142 - حكم نظر الزوجين كل واحد منهما إلى الآخر حين النزع.

142 - تغسيل المرأة زوجها والزوج امرأته.

143 - باب غسل مس الميت ووجوبه

143 - جواز تقبيل الميت عند الموت وبعد الغسل ويأتي ص 161 أيضا.

144 - استحباب وضع الجريدتين وسننه.

146 - التكفين وآدابه.

147 - ما يستحب من الثياب للكفن وما يكره.

149 - حنوط الميت وسننه.

150 - كراهية أن يقص من الميت ظفر أو شعر.

151 - ما يخرج من الميت بعد أن يغسل.

152 - ثواب من كفن ميتا.

152 - أحكام السقط.

153 - المرأة إذا ماتت في نفاسها وكثر دمها.

153 - وجوب المماثلة في التغسيل ، وإذا لم يوجد المماثل.

154 - المرأة تموت في السفر وليس معها ذو محرم ولا نساء.

ص: 575

154 - حد الصبي الذي يجوز للنساء أن يغسلنه.

155 - الرجل يموت في السفر وليس معه إلا نساء مسلمات ورجال نصارى.

156 - حد الانتصار في من مات موت الفجأة.

156 - خمسة ينتظر بهم ثلاثة أيام.

157 - تغسيل المجدور.

157 - المرجوم يغسل ويحنط ويلبس الكفن ثم يرجم وكذا المرجومة.

158 - حكم المصلوب في غسله وكفنه ودفنه.

158 - في أكيل السبع والطير إذا وجد بعض جسده.

158 - في أن علي بن أبي طالب لم يصل على عمار وهاشم المرقال ودفنهما بثوبهما.

159 - أحكام الشهيد إذا كان به رمق ومات في غير المعركة.

159 - حكم المرحوم والمحل سيان إلا أنه لا يقرب الكافور إلى المحرم.

160 - حكم القتيل في غير طاعة اللّه.

160 - الحامل تموت وفي بطنها ولد يتحرك ما يصنع بها.

160 - استحباب الإسراج في البيت الذي كان يسكنه الميت.

160 - استحباب الوضوء للجنب إذا أراد غسل الميت.

161 - جواز تقبيل الميت بعد الغسل وقد تقدم ص 143.

باب الصلاة على الميت

161 - ثواب تشييع الجنازة وسننه.

163 - صفة الصلاة وبعض أحكامها.

165 - من أولى الناس بالصلاة على الميت.

165 - الزوج أحق بالصلاة على الزوجة من الأب والولد والأخ.

166 - صلاة النساء على الجنازة.

167 - الصلاة على المستضعف ومن لا يعرف.

ص: 576

168 - الصلاة على المنافق وكيفيتها.

169 - استحباب الاسراع إلى حضور الجنازة.

170 - صلاة الحائض والنفساء والجنب على الجنازة.

171 - حد حفر القبر.

171 - ما يبسط في اللحد ووضع الساج.

آداب الدفن

171 - القول عند الدفن ، وأحكام الدفن.

171 - استحباب وضع الميت دون القبر.

171 - استحباب تلقين الميت إذا وضع في القبر

173 - التعزية وما يجب على صاحب المصيبة.

173 - ثواب من عزى حزينا.

174 - حد التعزية وتسلية صاحب المصيبة.

174 - ثواب المصاب.

175 - الصبر والجزع والاسترجاع.

176 - ثواب المصيبة بالولد.

177 - المسألة في القبر ومن يسأل ومن لا يسأل.

178 - ثواب زيارة القبور.

178 - كراهية الصلاة عند القبر.

179 - كيفية السلام على أهل القبور.

181 - استحباب قراءة سورة القدر سبع مرات عند قبر المؤمن وثوابها.

181 - الميت يزور أهله.

182 - ما يجب على الجيران لأهل المصيبة واتخاذ المأتم.

ص: 577

182 - كراهة الاكل عند أهل المصيبة.

183 - حد الحداد للمتوفى عنها زوجها.

183 - انتفاع الميت بالصلاة والصوم والقربات التي تهدى إليه.

باب النوادر

186 - ليس شئ أحب إلى إبليس من موت فقيه.

186 - التوبيخ لابن ثمانية عشر سنة.

187 - الصبر صبران.

187 - من خاف على نفسه من وجد بمصيبة.

188 - ثواب من يمسح يده على رأس يتيم.

188 - إذا بكى اليتيم اهتز له العرش.

189 - كراهية الضحك بين القبور.

189 - كل ما جعل على القبر من غبر تراب القبر فهو ثقل على الميت.

189 - إن أهل البيت (عليهم السلام) مهور نسائهم وحج صرورتهم وأكفانهم من طهور مالهم.

189 - كراهية تجديد القبر أو تحديده أو تخديده.

191 - إن اللّه عز وجل حرم لحوم أهل البيت وعظامهم على الأرض والدودان.

191 - إن الأعمال تعرض على رسول اللّه وأهل بيته عليه السلام أبرارها وفجارها.

192 - المصلوب أيصيبه عذاب القبر.

193 - توجيه الميت إلى القبلة.

193 - في أرواح المؤمنين.

193 - إخراج عظام يوسف من مصر بيد موسى عليهما السلام.

194 - أول من جعل له النعش فاطمة عليها السلام.

ص: 578

أبواب الصلاة

195 - أبواب الصلاة وحدودها.

195 - فرض الصلاة.

200 - صلاة اليوم والليلة وعدد ركعاتها.

202 - حديث رد الشمس لسليمان.

203 - رد الشمس ليوشع بن نون.

203 - رد الشمس لعلي بن أبي طالب عليه السلام مرتين.

206 - المستخف بالصلاة.

207 - أقسام الصلوات.

باب فضل الصلاة

207 - الصلاة ميزان.

208 - ليس شئ من القربات يعدل الصلاة.

208 - من حافظ على صلاته ومن ضيعها.

208 - أول ما يحاسب به العبد الصلاة.

208 - صلاة فريضة خير من عشرين حجة.

208 - الرغبة والرهبة في الصلاة.

210 - للمصلي ثلاثة خصال.

210 - الصلاة قربان كل تقي.

211 - مثل الصلاة مثل النهر يكون على باب الرجل.

211 - فضل انتظار الصلاة ، وإتمام الركوع والسجود.

211 - علة وجوب إتيان الصلوات في خمس مواقيت.

ص: 579

مواقيت الصلاة

215 - وقت صلاة الظهرين.

217 - وقت الفضيلة والاجزاء.

218 - وقت صلاة المغرب.

219 - وقت صلاة العشاء الآخرة.

221 - وقت صلاة الفجر.

223 - معرفة زوال الشمس.

225 - ركود الشمس ومعناه.

227 - معرفة زوال الليل.

227 - صفة صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم التي قبض عليها.

أحكام المساجد

228 - فضل المساجد وحرمتها.

228 - فضل الصلاة في الحرمين ومسجد الكوفة.

229 - حد مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

229 - فضل مسجد قبا. ومشربة أم إبراهيم ، ومسجد الفضيخ.

229 - فضل مسجد الأحزاب ، وزيارة قبور الشهداء بأحد.

229 - استحباب الصلاة في مسجد الغدير.

230 - فضل مسجد الخيف بمنى.

230 - حد مسجد الكوفة وفضلها.

231 - فضل مسجد السهلة.

232 - فضل مسجد براثا ببغداد.

233 - ثواب كنس المسجد.

233 - ثواب المشي إلى المسجد.

ص: 580

233 - ثواب الصلاة في مسجد بيت المقدس.

234 - ثواب الصلاة في سائر المساجد.

235 - ثواب بناء المساجد.

235 - حكم الصلاة في المساجد المظللة.

236 - كراهة تسقيف المساجد.

236 - كراهة بناء الشرف للمساجد.

237 - كراهة انشاد الضالة في المسجد.

237 - كراهة ادخال المجانين والصبيان في المساجد.

237 - كراهة رفع الصوت في المساجد والبيع وإجراء الحدود والاحكام فيها.

237 - ثواب الإسراج في المساجد.

237 - عدم جواز إخراج الحصاة من المسجد ووجوب ردها.

238 - عدم جواز دخول المسجد للجنب والحائض إلا مجتازين.

238 - كراهة الوقف على المسجد.

239 - كراهة بناء المنارة الطويلة للمساجد.

240 - آداب دخول المساجد.

مكان المصلي

240 - المواضع التي تجوز الصلاة فيها والتي لا تجوز.

242 - كراهية الصلاة في بيت الحمام.

243 - كراهية الصلاة بين القبور.

243 - كراهية الصلاة في الطريق.

243 - حكم الصلاة في مرابض الغنم وأعطان الإبل.

ص: 581

243 - صلاة في بيت المجوسي.

244 - الصلاة في البيع والكنائس.

244 - الصلاة على السطح الذي يبال فيه.

244 - الصلاة في المنازل التي فيها أبوال الدواب والسرجين.

244 - الصلاة في البيداء.

245 - الصلاة في البيت أو المكان الذي أصابه بول.

245 - الصلاة على البوريا إذا بل بماء قذر.

245 - الصلاة على الفراش الذي يكون فيه التماثيل.

246 - كراهة الصلاة في دار فيها كلب إلا كلب الصيد.

246 - الصلاة في البيت الذي فيه خمر في آنية.

246 - الصلاة في المواضع الذي لا يقدر المصلى على الأرض.

247 - كيفية صلاة الأسير إذا منعه صاحبه.

247 - الرجل والمرأة يصليان في بيت واحد.

لباس المصلي

247 - عدم جواز الصلاة في جلد الميتة المدبوغة.

248 - من لم يقدر على الثوب الطاهر كيف يصلي.

249 - من كان له ثوبان أحدهما نجلس ولم يعرفه.

249 - شرائط لباس المصلي.

250 - الرجل يصلى وبحياله سيف أو ثوم أو بصل أو سراج أو نار.

250 - فيما يكره من اللباس للمصلي.

254 - الرجل يصلي وبين يديه مصحف مفتوح.

255 - الرجل يصلي وهو متلثم.

ص: 582

256 - الرجل يصلي في ثوب المرأة والمرأة تصلي في ثوب الرجل.

256 - أدنى ما يجزي للمصلي من اللباس.

257 - جواز قتل العقرب والحية في حال الصلاة.

258 - أحكام لباس المصلي.

259 - الصلاة في الثوب الذي عمله المجوسي.

261 - جواز السجود على الثوب في الحر الشديد.

262 - جواز الصلاة في الخز.

262 - الخز الذي يغش بوبر الأرانب ، والثوب المغشوش بوبرها.

264 - عدم جواز الحرير المحض للرجال.

264 - الصلاة في الثوب المعلم وما فيه التماثيل.

265 - حكم تقليد السيف في الصلاة.

266 - استحباب التحنك للمعتم مطلقا.

267 - صلاة المختضب.

ما يسجد عليه وما لا يسجد عليه

268 - السجود على الأرض السجود على الأرض.

268 - استحباب السجود على طين قبر الحسين عليه السلام.

269 - ما يصح السجود عليه.

271 - حد وضع الجبهة.

272 - علة النهي عن السجود على المأكول والملبوس.

القبلة

273 - وجوب استقبال القبلة للمصلي.

273 - السبب في انحراف أهل الكوفة إلى اليسار.

276 - حد الاستقبال.

ص: 583

277 - النهى عن رمي البزاق نحو القبلة.

277 - كراهة البزق في الصلاة قبل الوجه.

279 - لا تعاد الصلاة إلا من خمس.

279 - إذا تعرض للانسان سبع في حال الصلاة.

280 - الصلاة في السفينة.

280 - صلاة من عميت عليه القبلة.

280 - الحد الذي يؤخذ الصبيان بالصلاة.

( الأذان والإقامة )

281 - تشريع الأذان والإقامة.

282 - جواز الأذان على غير وضوء.

282 - جواز الأذان راكبا وماشيا وكراهة ذلك في الإقامة.

283 - استحباب جزم التكبير في الأذان والإقامة والافصاح بالألف والهاء.

284 - استحباب وضع المؤذن إصبعيه في اذنيه.

284 - استحباب رفع الصوت بالاذان.

284 - استحباب الفصل بين الأذان والإقامة بقعود أو كلام.

285 - إذا أقيمت الصلاة حرم الكلام الا في تقديم امام ويأتي.

286 - سقوط الأذان إذ جمع بين الصلاتين.

287 - الدعاء حين سماع الاذان.

288 - من نسى الأذان والإقامة ودخل في الصلاة.

289 - من نسي من الاذان حرفا.

289 - لا بأس بأن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم ولا الجنب.

290 - فصول الأذان والإقامة.

ص: 584

291 - جواز مغايرة المؤذن للمقيم ومغايرتهما للامام أيضا.

292 - ثواب المؤذنين.

297 - امتناع بلال من الأذان بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.

298 - استحباب الأذان والإقامة للمرأة وجواز اقتصارها على الشهادتين.

299 - استحباب الأذان عند تغول الغول ، وفي اذن المولود ومن ساء خلقه.

299 - علة تشريع الاذان.

( وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها )

300 - حديث حماد بن عيسى في آداب المصلي وسنن الصلاة.

305 - التكبيرات السبع.

306 - وجوب السجدة عند قراءة العزائم أو سماعها.

308 - أحكام القراءة والجهر والاخفات فيها.

311 - الركوع وآدابه وأذكاره وأحكامه.

312 - السجود وآدابه وسننه وأحكامه.

316 - القنوت واستحبابه وأدعيته.

317 - استحباب البكاء من خشية اللّه في الصلاة.

319 - التشهد وآدابه وأدعيته.

320 - تسبيحات الزهراء عليهما السلام.

( التعقيبات )

323 - أدنى ما يجزي من التعقيب واستحبابه.

324 - التعقيبات المشتركة.

325 - تعقيب صلاة الظهر.

326 - تعقيب صلاة المغرب.

326 - تعقيب صلاة الفجر.

ص: 585

329 - استحباب الجلوس بعد صلاة الفجر والاشتغال بالذكر إلى طلوع الشمس.

329 - استحباب سجدة الشكر والقول فيها.

335 - ما يستحب من الدعاء في كل صباح ومساء.

( أحكام السهو والشك )

338 - ماينبغى فعله لترك الوسوسة.

339 - عدم وجوب الاحتياط على من كثر سهوه.

339 - لا تعاد الصلاة إلا من خمسة.

340 - بطلان الصلاة بالشك في عدد الأولتين في كل صلاة.

340 - بطلان صلاة المغرب بالشك.

341 - موارد وجوب البناء على الأكثر عند الشك في عدد الأخيرتين من الرباعية.

341 - وجوب سجدتي السهو وكيفية الاتيان بهما.

342 - من شك في الاذان أو الإقامة أو في الركوع أو السجود.

343 - السهو في افتتاح الصلاة يعنى النية.

343 - من سها في تكبيرة الاحرام.

345 - السهو في القراءة.

345 - الشك في اتيان الركوع.

346 - وجوب قضاء السجدة الواحدة المنسية من كل ركعة.

347 - عدم وجوب شئ لسهو الامام إذا حفظ المأموم وكذا العكس.

350 - الشك في اثنين وثلاث وأربع.

351 - وجوب البناء على الأكثر.

352 - حكم الشك بعد الفراغ.

352 - إذا اختلف الامام مع المأمومين في عدد الركعات والمأمومون يختلفون.

353 - التكلم في الصلاة ناسيا.

ص: 586

354 - من نسي الظهر حتى غربت الشمس.

355 - من نسي العشاءين فذكرهما قبل الفجر.

356 - من نام عن الغداة حتى تطلع الفجر.

356 - من نسي التشهد.

357 - من لم يدر كم صلى ولم يقع وهمه على شئ ، ومن صلي ستا.

357 - استحباب تحويل الامام المأموم عن يساره إلى يمينه ولو في الصلاة.

357 - من نسي سجدتا السهو.

358 - مسئلة سهو النبي صلى اللّه عليه وسلم ورأي المصنف - رحمه اللّه -.

( صلاة المريض والمغمى عليه والضعيف والمبطون )

361 - من لم يقدر على الصلاة قائما.

361 - صلاة المريض إذا لم يستطع الجلوس.

363 - صلاة المغمى عليه.

363 - صلاة المبطون.

365 - صلاة المتنفل قاعدا.

365 - الصلاة في المحمل وكيفيتها.

366 - صلاة الشيخ الكبير إذا لم يستطع القيام.

366 - من يأخذه الرعاف في الصلاة ومن تقيأ.

367 - الأعمى إذا صلى لغير القبلة.

367 - من وجد في بطنه غمزا أو أزا أو هو في الصلاة.

367 - حكم التبسم في الصلاة ، والقهقهة فيها.

368 - التسليم على المصلى وجوابه.

368 - المصلي تعرض له السباع والهوام.

368 - جواز قتل البقة والبرغوث والقملة والذباب والحية في الصلاة.

ص: 587

369 - إذا نسي المصلي كيسه أو متاعه فيخاف ضياعه كيف يصنع.

370 - المصلي يريد الحاجة.

371 - أدب المرأة في الصلاة.

372 - حد ستر المرأة الحرة في الصلاة.

373 - حد ستر الأمة في الصلاة.

374 - استحباب اختيار الصلاة في البيوت للنساء دون المساجد.

374 - كراهة صلاة المرأة في سطح غير محجر.

374 - كراهة تعليم النساء الكتابة.

375 - أدب الانصراف عن الصلاة.

( صلاة الجماعة )

375 - فضل صلاة الجماعة.

376 - كراهة ترك الجماعة.

376 - أقل ما تنعقد به الجماعة اثنان : امام ومأموم.

377 - جواز ترك الجماعة في المطر والبرد الشديد.

377 - التأكيد في تقديم الأفضل والأفقه للإمامة.

377 - أفضل الصفوف أولها وأفضل أولها قرب الامام.

378 - شرائط إمام الجماعة.

378 - وجوب طهارة مولد الامام وعدم جواز الاقتداء بولد الزنا.

378 - كراهية الاقتداء بالأبرص والأجذم.

378 - عدم جواز الاقتداء بالأغلف.

379 - كراهة إمامة المقيد المطلقين وصاحب الفالج الأصحاء.

379 - جواز إمامة الأعمى مع أهليته إذا رضوا به.

379 - عدم جواز الاقتداء بالمجهول في مذهبه والغال والمجاهر بالفسق أو الفاسق.

ص: 588

380 - شرط العدالة في الامام وصحة مذهبه.

381 - استحباب اختيار الجماعة ولو في آخر الوقت على الفرادى في أول الوقت.

381 - كراهة إمامة الجالس القيام وجواز العكس.

382 - إذا صلى اثنان فقال كل منهما : كنت إمامك ، أو كنت مأموما.

382 - جواز اقتداء المتوضي بالمتيمم.

382 - استحباب ايقاع الفريضة قبل المخالف أو بعده وحضورها معه.

382 - ثواب الصلاة مع المخالفين تقية واستحباب القيام في الصف الأول معهم.

383 - استحباب حضور الجماعة خلف من لا يقتدى به للتقية.

383 - استحباب الصلاة مع العامة وعيادة مرضاهم وحضور جنائزهم والأذان لهم.

384 - استحباب إعادة المنفرد صلاته إذا وجدها جماعة إماما كان أو مأموما.

385 - كراهة انتظار الجماعة الامام بعد إقامة الصلاة واستحباب تقديم غيره.

385 - كراهة الكلام بعد ما أقيمت الصلاة ، وتقدمت.

385 - استحباب اختيار الصف الأول.

385 - استحباب إقامة الصفوف وإتمامها.

386 - جواز كون الصفوف بين الأساطين.

386 - عدم جواز التباعد بين الصفين بمالا يتخطى وبين الامام والمأمون أيضا.

386 - لا يجوز أن يكون بين الأمام والمأموم حائل كالمقاصير والجدران إذا كان المأموم رجلا.

387 - جواز قيام المأموم وحده مع ضيق الصف.

389 - من خاف أن يرفع الامام رأسه من الركوع قبل أن يصل إلى الصفوف.

389 - من أدرك الامام راكعا فقد أدرك الركعة.

390 - استحباب إطالة الإمام الركوع مثلي ركوعه إذا أحس بمن يريد الاقتداء.

ص: 589

390 - استحباب تخفيف الامام صلاته إذا كان معه من يضعف عن الإطالة.

390 - سقوط القراءة عن المأموم.

394 - استحباب تسبيح المأموم إذا لم يسمع القراءة وكراهة سكوته.

394 - جواز إمامة الرجل للنساء.

394 - عدم جواز الاكتفاء بأذان وإقامة المنفرد للجماعة.

395 - جواز الاكتفاء بأذان الغلام قبل أن يحتلم للجماعة.

395 - جواز استنابة المسبوق بركعة وكيفية صلاته.

395 - وجوب متابعة الامام ، وحكم من رفع رأسه قبل الامام.

396 - جواز إمامة المرأة النساء خاصة على كراهية.

397 - صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها وفي بيتها أفضل من صحن دارها

398 - جواز اقتداء المسافر بالحاضر وبالعكس على كراهية ووجوب مراعاة كل منهم عدد صلاته.

399 - إجزاء قراءة مثل حديث النفس خلف من لا يقتدي الانسان به.

400 - كراهة اختصاص الامام نفسه بالدعاء دونهم.

400 - كراهة إسماع المأموم الامام دعاءه.

400 - استحباب إسماع الامام من خلفه التشهد والتسليم.

401 - جواز نية الانفراد إذا يعرض للمأموم وجع أو بول ويطول الإمام التشهد.

401 - استحباب جلوس الامام بعد التسليم حتى يتم كل مسبوق معه.

402 - إذا أحدث الامام أو رف كيف يصنع.

403 - إذا تبين إخلال الامام بالنية لم تجب على المأمومين الإعادة.

403 - إذا أحدث الامام ولم يقدم أحدا.

403 - إذا مات الامام في أثناء الصلاة.

404 - إذا تبين كون الامام على غير طهارة ، ويأتي ص 406.

ص: 590

404 - حكم من أجلسه الإمام في غير محل الجلوس.

405 - المسبوق برعة إذا نسي وسلم مع الإمام وخرج كيف يصنع.

405 - إذا تبين كفر الإمام بعد الصلاة.

405 - المرأة إذا تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالتكبير والقراءة.

405 - إذا نسي المأموم ذكر السجود والركوع.

405 - المسبوق بركعتين كيف يصنع في القراءة.

406 - الإمام يحمل أوهام من خلفه.

407 - ثواب من صلى في بيته ثم أتى المسجد وصلى معهم.

408 - إذا كان الإمام في الركوع أجزأت للمأموم تكبيرة واحدة لدخوله في الركوع.

408 - من أدرك الإمام بعد رفع رأسه من الركوع استحب له أن يسجد معه ولا يعتد به واستأنف الصلاة.

408 - إدراك فضل الجماعة بادراك الركعة الأخيرة.

408 - سقوط الأذان والإقامة لمن أدرك الجماعة.

408 - حكم انعقاد جماعتين معا في صلاة واحدة في مسجد واحد.

409 - من نسي التسليم خلف الامام أجزأه تسليم الامام.

( صلاة الجمعة )

409 - وجوب صلاة الجمعة وشرائط وجوبها.

411 - قنوت صلاة الجمعة وحكمها.

412 - عدد من تنعقد بهم الجمعة.

412 - وقت صلاة الجعة.

414 - نوافل يوم الجمعة واستحباب تقديمها على الزوال.

415 - القراءة في صلاة الجمعة.

ص: 591

416 - غسل يوم الجمعة وحكمه.

416 - استحباب التهيؤ يوم الخميس للجمعة.

416 - وجوب استماع الخطبتين وحكم الكلام في أثنائهما.

417 - جواز الكلام بعد إتمام الخطبتين قبل الصلاة.

417 - صلاة الجمعة ركعتان مع الامام ، ومن صلى وحده فهي أربع ركعات.

418 - حكم الجهر والاخفات في القراءة لمن صلى وحده في يوم الجمعة.

418 - حكم من أدرك ركعة من الجمعة.

419 - حكم المأموم إذا منعه الزحام ولم يقدر على متابعة الامام في الركوع والسجود.

420 - ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى.

420 - استحباب الإكثار من الدعاء والاستغفار والعبادة ليلة الجمعة.

421 - فضيلة يوم الجمعة واستحباب الإكثار من الدعاء والاستغفار فيها.

422 - استحباب الصدقة والصوم يوم الجمعة.

423 - كراهة إنشاد الشعر يوم الجمعة ولو بيتا.

423 - كراهة نقل القصص الكاذبة والإسرائيليات في يوم الجمعة.

424 - كراهة السفر بعد طلوع الفجر يوم الجمعة.

425 - استحباب التطيب يوم الجمعة.

425 - بعض آداب الجمعة.

426 - يجب أن يكون بين الجمعتين ثلاثة أميال فصاعدا.

426 - نزول الملائكة وجلوسهم على أبواب المساجد يوم الجمعة.

427 - ثواب صلاة الجمعة لمن أتى بها إيمانا واحتسابا.

427 - كراهة شرب الدواء يوم الخميس لمن يجب عليه الصلاة الجمعة.

427 - استحباب استقبال الخطيب الناس وكذا الناس الخطيب.

ص: 592

427 - خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في الجمعة.

432 - تقديم الخطبتين وتأخيرهما عن الصلاة.

434 - الصلاة التي تصلي في كل وقت.

( صلاة المسافر )

434 - وجوب القصر على المسافر.

435 - حد السفر الذي يجب فيه التقصير.

436 - حد الترخص.

436 - وجوب القصر على من قصد ثمانية فراسخ أربعة ذهابا وأربعة إيابا في يوم واحد.

437 - المسافر إذا نوى الإقامة عشرة أيام.

437 - حكم المسافر إذا رجع عن قصد الإقامة.

438 - إن التقصير في السفر فرض واجب لا رخصة فيه إلا في أماكن التخيير.

438 - المتمم في السفر كالمقصر في الحضر.

438 - من صلى في السفر أربعا ناسيا.

439 - الذين يجب عليهم التمام في الحضر والسفر.

440 - وجوب القصر على المكاري والجمال إذا جد بهما السير فيما بين المنزلين.

440 - حكم من له ضياع بعضها قريب من بعض فيطوف فيها.

441 - سبعة يجب عليهم التمام. وقد تقدم ص 439.

442 - أماكن التخيير المسافر.

443 - حكم من دخل عليه الوقت وهو مسافر ثم يدخل منزله وبالعكس.

445 - سقوط نوافل الصلوات الرباعيات عن المسافر.

ص: 593

446 - جواز اتيان نوافل الليل في المحمل للمسافر.

446 - المسافر إذا نوى الإقامة في أثناء الصلاة وجب عليه التمام.

446 - وجوب التقصير والافطار على من خرج لتشييع مؤمن أو استقباله.

447 - جواز الجمع بين الصلاتين للمسافر والحاضر ولو مع عدم العلة.

447 - عدم البأس بتأخير المغرب في السفر حتى يغيب الشفق.

447 - جواز تأخير المسافر المغرب لطلب المنزل.

447 - جواز تعجيل العشاء الآخرة للمسافر وإتيانها قبل مغيب الشفق.

448 - تحقيق في حد البريدين.

450 - التقصير كان في مسيرة يوم وليلة.

450 - حكم الجاهل بوجوب التمام في غير الرباعيات في السفر.

452 - وجوب التمام على من خرج إلى الصيد للهو.

453 - وجوب التمام على من كان سفره معصيته لله عز وجل.

453 - استحباب الآيتان بالتسبيحات الأربع عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة.

453 - جواز تقديم صلاة الليل للمسافر إذا خشي ألا يقوم آخر الليل.

453 - وقت صلاة الليل للمسافر بعد العتمة إلى أن ينفجر الصبح.

453 - جواز الآيتان بصلاة الليل ماشيا للمسافر.

454 - العلة التي من أجلها لا يقصر المصلي في صلاة المغرب ونوافلها في السفر والحضر

454 - علة التقصير في السفر.

456 - الصلاة في السفينة.

( صلاة الخوف والمطاردة والمواقفة والمسايفة )

460 - استحباب الجماعة في صلاة الخوف وكيفيتها.

464 - وجوب القصر في صلاة الخوف سفرا وحضرا.

ص: 594

465 - صلاة المطاردة والمسايفة وجملة من أحكامها.

466 - صلاة من يخاف لصا أو سبعا أو عدوا.

468 - صلاة العريان والموتحل والغريق.

( ما يقول الرجل إذا أوى إلى فراشه )

469 - نبذة مما يقال عند المنام وحين اليقظة.

470 - الدعاء حين يأخذ الانسان مضجعه.

471 - من قرأ عند منامه « قل إنما أنا بشر مثلكم ».

471 - من أراد الاستيقاظ في ساعة معينة.

471 - الدعاء للصون من العقرب وكل ذي سم.

471 - الدعاء لمن يخاف الاحتلام.

471 - الدعاء للحفظ عن سقوط السقف.

( صلاة الليل )

471 - ثواب صلاة الليل.

477 - وقت صلاة الليل بعد انتصاف الليل.

478 - جواز تقديم صلاة الليل والوتر على الانتصاف بعد صلاة العشار لعذر.

479 - كراهية ترك صلاة الليل.

480 - ما يقول الرجل إذا استيقظ من النوم.

482 - القول عند صراخ الديك.

482 - تعلموا من الديك خمس خصال.

482 - تعلموا من الغراب ثلاث خصال.

483 - القول عند القيام إلى صلاة الليل.

484 - الصلوات التي جرت السنة بالتوجه فيهن.

ص: 595

484 - التأكيد الوكيد في صلاة الليل.

485 - كيفية صلاة الليل وآدابه وسننه.

485 - القراءة في صلاة الليل.

485 - القنوت في صلاة الليل.

485 - إذا ضاق الوقت لصلاة الليل كيف يصنع.

486 - قضاء صلاة الليل وأحكامها ويأتي ص 486 أيضا.

487 - دعاء قنوت الوتر.

489 - الاستغفار في الوتر وجملة من أدعيتها.

493 - نافلة الفجر ووقتها.

494 - القول في الضجعة بين ركعتي الفجر وركعتي الغداة.

495 - الموارد التي يستحب أن يقرأ فيها سورة التوحيد والجحد.

496 - أفضل النوافل وترتيبها في الفضل.

500 - معرفة الصبح والقول عند النظر إلى الفجر.

501 - كراهية النوم بين الطلوعين.

502 - كراهية النوم بين العشاءين.

502 - النوم في أول النهار.

502 - سنن النوم وآدابه.

503 - خمسة لا ينامون.

503 - فضل القيلولة.

503 - كراهة نوم الغداة.

( صلاة العيدين )

504 - باب وجوب صلاة العيدين.

506 - شرائط وجوبها.

ص: 596

507 - استحباب صلاة العيدين منفردا ركعتين لمن فاتها مع الجماعة.

507 - استحباب الخروج إلى الصحراء فيها ويأتي ص 510.

507 - جواز الاتيان بها منفردا.

508 - استحباب الأكل قبل الخروج في الفطر وبعد عوده في الأضحى.

508 - كراهة اتيانها في مسجد مسقف أو البيت.

508 - استحباب السجود على الأرض أو على حصير أو طنفسة.

508 - عدم مشروعية الأذان والإقامة في صلاة العيدين.

509 - بعض سننها وآدابها.

510 - إذا اجتمع الفطر أو الأضحى مع الجمعة.

510 - استحباب أداء الزكاة ثم الخروج إلى الصلاة في الفطر.

511 - حكم المسافر في صلاة العيدين.

511 - كراهة الاشتغال بالأمور الدنية واللّهو المباح في العيدين.

512 - كيفية صلاة العيدين وقنوتاتها وأذكار القنوتات.

514 - خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في الفطر.

516 - خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في الأضحى.

520 - شرائط الأضحية.

522 - علة جعل يوم الفطر عيدا.

522 - أحكام صلاة العيد.

( صلاة الاستسقاء )

524 - وجوب التوبة والإقلاع عن المعاصي عند الجدب وغيره.

525 - ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومعها ملك.

525 - السحاب غربال المطر.

525 - الرعد صوت زجر الملائكة الموكلين بالسحاب.

ص: 597

526 - استحباب التسبيح عند سماع الرعد.

526 - لا يستسقى الا بالبراري حيث ينظر إلى السماء.

526 - استحباب الخروج للاستسقاء يوم الاثنين.

526 - آداب صلاة الاستسقاء.

527 - دعاء الاستسقاء.

527 - خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في الاستسقاء.

535 - صلاة الاستسقاء ركعتان.

535 - استحباب تحويل الامام رداءه في الاستسقاء.

535 - خطبة الحسن بن علي عليهما السلام في الاستسقاء.

537 - خطبة الحسين عليه السلام في الاستسقاء.

( صلاة الآيات )

539 - علة الكسوف والخسوف.

540 - الشمس والقمر آيتان من آيات اللّه لا ينكسفان لموت أحد.

540 - استحباب إطالة صلاة الكسوف.

542 - علة الزلازل.

544 - استحباب صوم الأربعاء والخميس والجمعة عند كثرة الزلازل. والخروج يوم الجمعة بعد الغسل والدعاء.

544 - استحباب رفع الصوت بالتكبير عند الريح العاصف وذكر اللّه عند الخوف منه.

544 - عدم جواز سب الرياح والجبال والساعات والدنيا.

548 - إذا اتفق الكسوف في وقت فريضة. ويأتي.

548 - جواز صلاة الكسوف على الراحلة مع الضرورة.

549 - وجوب قضاء صلاة الكسوف على من تركها مع عدم العلم إن احترق تمامها.

549 - كيفية صلاة الآيات.

ص: 598

549 - مواضع القنوت فيها.

549 - استحباب الإعادة إن كان الفراغ قبل الانجلاء.

550 - من كان في صلاة الكسوف ودخل وقت الفريضة.

( صلاة الحبوة والتسبيح والحاجة )

552 - صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام وفضلها.

553 - كيفية صلاة جعفر عليه السلام.

553 - ثواب من صلى صلاة جعفر عليه السلام.

554 - استحباب صلاة جعفر في مقام واحد وجواز تفريقها في مقامين لعذر.

554 - وقت صلاة جعفر عليه السلام.

554 - ما يستحب أن يدعى به في آخر سجدة من صلاة جعفر.

555 - صلوات الحاجات.

562 - صلاة الاستخارة.

564 - صلاة الأوابين أو صلاة فاطمة عليهما السلام.

564 - صلاة ركعتين بمائة وعشرين مرة قل هو اللّه أحد وثوابها.

565 - صلاة الغفيلة.

565 - نوادر الصلوات.

565 - عدم مشروعية صلاة الضحى.

566 - عدم مشروعية أداء نافلة رمضان بالجماعة.

567 - ينبغي تخفيف الصلاة من أجل السهو.

567 - جواز امامة الغلام إذا كان له عشر سنين.

568 - استحباب الصلاة في النعل العربي.

568 - من كان عليه من صلاة النوافل ما يدري ما هو من كثرتها.

ص: 599

المجلد 2

هوية الكتاب

المؤلف: أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

المحقق: علي اكبر الغفّاري

الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية - قم المقدّسة

الطبعة: 0

الموضوع : الحديث وعلومه

تاريخ النشر : 0 ه-.ق

الصفحات: 646

المكتبة الإسلامية

167

من لا يحضر الفقيه

تأليف: المحدث الجليل الأقدم

أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي

الشيخ الصدوق

المتوفی سنة 381 ه

الجزء الثاني

تحقيق: سماحة الأستاذ المحقق الشيخ علي اكبر الغفاري

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة

المحرّر الرّقمي: محمّد علي ملك محمّد

ص: 1

اشارة

شابك (دورة) 4-415-470-964-978

ISBN 978-964-470-415-4

بيان الرموز

نرمز إلی شرح المولی محمد تقي المجلسي رحمه اللّه المسمی بروضة المتقين في شرح أخبار الأئمة المعصومين ب«م ت».

و إلی حاشية المولی مراد بن عليخان التفرشي رحمه اللّه ب«مراد».

و إلی حاشية سلطان العلماء الحسين بن محمد بن محمود الحسيني الآملي رحمه اللّه ب«سلطان».

و إلی حاشية الحكيم الإلهی السيد محمد باقر الحسيني المعروف بميرداماد رحمه اللّه ب«م ح ق».

و إلی شرح العلامة المجلسي قدس سره علی الكافي المعروف بمرآة العقول ب«المرآة».

ونعبر عن المجلسي الأول ب«المولی المجلسي» وعن الثاني ب«العلامة المجلسي».

من لا يحضر الفقيه

(ج2)

تأليف: رئيس المحدثين الشيخ الصدوق قدس سره

الموضوع: الحديث

تصحيح وتعليق: الأستاذ المرحوم علي أكبر الغفاري رحمه اللّه

طبع ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي

عدد الصفحات: 648

الطبعة: الخامسة

المطبوع: 500 نسخة

التاريخ: 1429 ه.ق

شابك ج2: 3-636-470-964-978

ISBN 978-964-470-636-3

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

بيان الرموز :

نرمز إلى شرح المولى محمد تقي المجلسي - رحمه اللّه - المسمى بروضة المتقين في شرح أخبار الأئمة المعصومين ب- (م ت).

وإلى حاشية المولى مراد بن علي خان التفرشي - رحمه اللّه - ب- (مراد).

وإلى حاشية سلطان العلماء : الحسين بن محمد بن محمود الحسيني الآملي - رحمه اللّه - ب- (سلطان).

وإلى حاشية الحكيم الإلهي السيد محمد باقر الحسيني المعروف بميرداماد - رحمة اللّه عليه - ب- (م ح ق).

وإلى شرح العلامة المجلسي - قدس سره - على الكافي المعروف بمرآة العقول ب- (المرآة).

ونعبر عن المجلسي الأول بالمولى المجلسي وعن الثاني بالعلامة المجلسي.

__________________

حقوق الطبع والتقليد بهذه الصورة الموشحة بالتعاليق

محفوظة للناشر

ص: 2

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلى اللّه على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

أبواب الزكاة

باب 89: علة وجوب الزكاة

قال [الشيخ السعيد الفقيه] أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي [مصنف هذا الكتاب] - رضي اللّه عنه وأسكنه جنته - :

1576 - روى عبد اللّه بن سنان (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن اللّه عزوجل فرض الزكاة كما فرض الصلاة ، فلو أن رجلا حمل الزكاة فأعطاها علانية لم يكن عليه في ذلك عيب (2) وذلك أن اللّه عزوجل فرض للفقراء (3) في أموال الأغنياء ما يكتفون به ، ولو علم أن الذي فرض لهم (4) لا يكفيهم لزادهم ، وإنما يؤتى الفقراء فيما اتوا من منع من منعهم (5) حقوقهم ، لا من الفريضة ».

ص: 3


1- الطريق صحيح ، وعبد اللّه بن سنان ثقة لا يطعن عليه.
2- في بعض النسخ « عتب »
3- تعليل لوجوب المقدار المخصوص لا لعدم العيب والاعلان كما توهم.
4- أي قدر لهم وأوجب.
5- في القاموس : أتى عليه الدهر أهلكه. وقال في الوافي : « اتوا » على صيغة المجهول من الاتيان بمعنى المجيئ يعنى أن الفقراء لم يصابوا بالفقر والمسكنة من قلة قدر الفريضة المقدرة لهم في أموال الأغنياء وإنما يصابون بالفقر والذلة ويدخل عليهم ذلك في جملة ما دخل عليهم من البلاء من منع الأغنياء عنهم الفريضة المقدرة لهم في أموالهم.

1577 - وروى مبارك العقرقوفي (1) عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « إنما وضعت الزكاة قوتا للفقراء وتوفيرا لأموالهم » (2).

1578 - وروى موسى بن بكر (3) عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « حصنوا أموالكم بالزكاة » (4).

1579 - وروى حريز ، عن زرارة ، ومحمد بن مسلم أنهما قالا لأبي عبد اللّه عليه السلام : أرأيت قول اللّه عزوجل (5) : « إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين ، وفي سبيل اللّه وابن السبيل فريضة من اللّه » (6)

ص: 4


1- هو مجهول الحال والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان ، ورواه الكليني - رحمه اللّه - في الكافي ج 3 ص 498 عن علي عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن مبارك.
2- أي في أموال الأغنياء ، وفى بعض النسخ « في أموالكم » بلفظ الخطاب كما في الكافي.
3- في بعض النسخ « محمد بن بكر » والصواب ما اخترناه في المتن طبقا للكافي ج 4 ص 61.
4- أي حصنوا أموالكم من السرقة والحرق والغرق باعطاء الزكاة وأدائها إلى مستحقها.
5- السند صحيح ، وقوله « أرأيت قول اللّه » أي أخبرني عن قوله اللّه تعالى.
6- المراد بالصدقات الزكوات ، واللام في قوله « للفقراء والمساكين » للتمليك و يشمل من لا يملك مؤونة سنته فعلا وقوة له ولعياله الواجبي النفقة بحسب حاله في الشرف وغيره. والمراد بالعاملين عليها العاملين في تحصيلها بجباية وولاية وكتابة وحفظ وحساب وقسمة بدون شرط الفقر فيهم. « وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ» قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-: أجمع العلماء كافة على أن للمؤلّفة قلوبهم سهما من الزكاة، و انما الخلاف في اختصاص التأليف بالكفار أو شموله للمسلمين أيضا، فقال الشيخ- رحمه اللّه- في المبسوط:« وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ عندنا الكفّار الذين يستمالون بشي ء من مال الصدقات الى الإسلام و يتألفون ليستعان بهم على قتال أهل الشرك، و لا يعرف أصحابنا مؤلّفة أهل الإسلام» و اختاره المحقق و جماعة- رحمهم اللّه- و قال المفيد- قدّس سرّه-: المؤلّفة قلوبهم ضربان مسلمون و مشركون و ربما ظهر من كلام ابن الجنيد اختصاص التأليف بالمنافقين- انتهى. و قوله تعالى« وَ فِي الرِّقابِ» جعل الرقاب ظرفا للاستحقاق تنبيها على أن استحقاقهم ليس على وجه الملك أو الاختصاص كغيرهم و هم المكاتبون مع قصور كسبهم عن أداء مال الكتابة، و العبيد تحت الشدة عند مولاهم يشترون من مال الزكاة و يعتقون بعد الشراء. و الغارمون هم الذين ركبتهم الديون في غير معصية و لا اسراف و لا يتمكنون من القضاء و عجزوا عن أدائه. « وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» كمعونة الحاجّ و قضاء الديون عن الحى و الميت و جميع سبل الخير و المصالح و عمارة المساجد و المشاهد و اصلاح القناطر و غير ذلك من القربات. و المراد بابن السبيل المنقطع به في غير بلده، و لا يمنع غناه في بلده مع عدم تمكّنه من الاعتياض عنه ببيع أو اقراض.

أكل هؤلاء يعطى وإن كان لا يعرف؟ فقال : إن الامام يعطي هؤلاء جميعا لأنهم يقرون له بالطاعة ، قال زرارة : قلت : فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال : يا زرارة لو كان يعطى من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع (1) ، وإنما يعطى من لا يعرف (2) ليرغب في الدين فيثبت عليه ، فأما اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلا من

ص: 5


1- المراد بالمعرفة معرفة الإمام عليه السلام أي لو كان يعطى من يعرف يعنى في ذلك الزمان لم يوجد لها موضع لقلة العارف يومئذ (الوافي) وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لعله إشارة إلى مؤلفة قلوبهم فإنهم من أرباب الزكاة وأجمع العلماء كافة على أن للمؤلفة قلوبهم سهما من الزكاة وإنما الخلاف في اختصاص التأليف بالكفار أو شموله للمسلمين أيضا.
2- يؤيد ذلك أنه ينقل أن أمير المؤمنين عليه السلام فرق في الصدقات بين من قال بخلافته عن رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وبين من قال إنه عليه السلام رابع الخلفاء (مراد) والمذهب مستقر على أنه لا يعطى الزكاة ألا أهل الولاية الا أن لا يوجدوا فيعطى المستضعفون. وهذا لا ينافي رواية محمد بن مسلم وزرارة من الإمام عليه السلام يعطى من لا يعرف وما روى من فعل أمير المؤمنين عليه السلام لان الامام إذا كان مبسوط اليد يطيعه جميع الناس العارفون وغيرهم ، فهم باقرارهم بالطاعة له خارجون عن النصب والبغي بعدم اطاعتهم لغير الإمام الحق ، لا فئة لهم يرجعون إليها ، ولا محالة زكاة أموالهم تصل إلى الامام فيعطيها أمثالهم لكونها أكثر من احتياج العارفين ، بخلاف ما إذا لم يكن مبسوط اليد ، فان زكاة المخالفين له يصل إلى أميرهم ولا يبقى لرفع حاجة العارفين الا زكاة العارفين فيجب تخصيصها بهم الا أن يزيد عن حاجتهم فتعطى المستضعفين الذين لا نصب لهم ولا مخالفة ولا يوالون غير الإمام الحق ولا الإمام الحق. (قاله الأستاذ في هامش الوافي).

يعرف ، فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفا فأعطه دون الناس ، ثم قال : سهم المؤلفة قلوبهم وسهم الرقاب عام والباقي خاص (1) ، قال : قلت : فإن لم يوجدوا؟ قال : لا تكون فريضة فرضها اللّه عزوجل [و] لا يوجد لها أهل ، قال : قلت : فإن لم تسعهم الصدقات؟ قال : فقال : إن اللّه عزوجل فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم ، ولو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم ، إنهم لم يؤتوا من قبل فريضة اللّه عز وجل ، ولكن أتوا من منع منعهم حقهم لا مما فرض اللّه لهم ، ولو أن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير.

فأما الفقراء فهم أهل الزمانة والحاجة (2) ، والمساكين أهل الحاجة من غير أهل الزمانة ، والعاملون عليها هم السعاة ، وسهم المؤلفة قلوبهم ساقط بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (3) ، وسهم الرقاب يعان به المكاتبون الذين يعجزون عن أداء المكاتبة (4) ، والغارمون المستدينون في حق ، وسبيل اللّه الجهاد (5) ، وابن السبيل

ص: 6


1- كان المراد بعموم سهم المؤلفة قلوبهم شموله لسائر أصناف الكفار وللمسلمين أيضا. « والباقي خاص » يعنى بالعارف.
2- من كلام المؤلف - رحمه اللّه - وقال الشيخ محمد حفيد الشهيد - رحمه اللّه - : لم أقف على دليل ما قاله المصنف (رحمه اللّه).
3- قال الشيخ - رحمه اللّه - في المبسوط : وللمؤلفة سهم من الصدقات كان ثابتا في عهد النبي (صلی اللّه عليه وآله) وكل من قام مقامه عليه السلام جاز له أن يتألفهم لمثل ذلك ويعطيهم السهم الذي سماه اللّه تعالى لهم ولا يجوز لغير الإمام القائم مقام النبي (صلی اللّه عليه وآله) ذلك وسهمهم مع سهم العامل ساقط اليوم.
4- ظاهر كلام المؤلف انحصار سهم الرقاب بالمكاتبين ، والمشهور أن سهم الرقاب لثلاثة المكاتبين والعبيد الذين تحت الشدة والعبد يشترى ويعتق الا أن يقال غرض المصنف ليس هو الحصر وفيه ما فيه. (الشيخ محمد)
5- تصريح بأن سبيل اللّه الجهاد والمشهور ما تقدم.

الذي لا مأوى له ولا مسكن مثل المسافر الضعيف ومار الطريق.

ولصاحب الزكاة أن يضعها في صنف دون صنف متى لم يجد الأصناف كلها. (1)

1580 - وقال الصادق عليه السلام لعمار بن موسى الساباطي : « يا عمار أنت رب مال كثير؟ قال : نعم جعلت فداك ، قال : فتؤدي ما افترض اللّه عليك من الزكاة؟ فقال : نعم ، قال : فتخرج الحق المعلوم من مالك (2)؟ قال : نعم ، قال : فتصل قرابتك؟ قال : نعم ، قال : فتصل إخوانك؟ قال : نعم ، فقال : يا عمار إن المال يفنى ، والبدن يبلى ، والعمل يبقى ، والديان حي لا يموت (3) يا عمار أما إنه ما قدمت فلن يسبقك وما أخرت فلن يلحقك » (4).

1581 - وفي رواية أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي - رضي اللّه عنه - عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن عبد اللّه بن أحمد ، عن الفضل بن إسماعيل ، عن معتب مولى الصادق عليه السلام قال : قال الصادق عليه السلام : « إنما وضعت الزكاة اختبارا للأغنياء ومعونة للفقراء ، ولو أن الناس أدوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيرا محتاجا ، و لاستغنى بما فرض اللّه عزوجل له ، وإن الناس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا جاعوا ولا عروا إلا بذنوب الأغنياء ، وحقيق على اللّه عزوجل أن يمنع رحمته من منع حق اللّه في ماله ، وأقسم بالذي خلق الخلق وبسط الرزق إنه ما ضاع مال في بر ولا بحر إلا بترك الزكاة ، وما صيد صيد في بر ولا بحر إلا بتركه التسبيح في ذلك اليوم وإن أحب الناس إلى اللّه عزوجل أسخاهم كفا ، وأسخى الناس من أدى زكاة

ص: 7


1- راجع الكافي ج 3 ص 554 والتهذيب ج 1 ص 157.
2- إشارة إلى قوله تعالى « وفى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ».
3- الديان : المجازي على الأعمال ، وقيل : المراد به القهار والحاكم والقاضي.
4- « ما قدمت » أي من الوقف والصدقة وأمثالها « فلن يسبقك » أي لن يفوتك ولا يتجاوز منك إلى غيرك بل يصل ثوابه لا محالة إليك. « وما أخرت » أي ما تركت بعدك « فلن يلحقك » بل يكون لوارثك يفعل فيه ما يشاء فان صرفه في الخيرات يصل ثوابه إليه دونك.

ماله (1) ولم يبخل على المؤمنين بما افترض اللّه عزوجل لهم في ماله ».

1582 - وكتب الرضا علي بن موسى عليهما السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب إليه من جواب مسائله : إن علة الزكاة من أجل قوت الفقراء ، وتحصين أموال الأغنياء لان اللّه عزوجل كلف أهل الصحة القيام بشأن أهل الزمانة والبلوى (2) كما قال اللّه تبارك وتعالى : « لتبلون في أموالكم وأنفسكم » في أموالكم إخراج الزكاة وفي أنفسكم توطين الا نفس على الصبر مع ما في ذلك من أداء شكر نعم اللّه عزوجل والطمع في الزيادة مع ما فيه من الزيادة والرأفة والرحمة لأهل الضعف (3) ، والعطف على أهل المسكنة ، والحث لهم على المواساة ، وتقوية الفقراء ، والمعونة لهم على أمر الدين ، وهو عظة لأهل الغنى وعبرة لهم ليستدلوا على فقراء الآخرة بهم (4) و مالهم من الحث في ذلك على الشكر لله - تبارك وتعالى - لما خولهم (5) وأعطاهم ، والدعاء والتضرع والخوف من أن يصيروا مثلهم في أمور كثيرة (6) في أداء الزكاة

ص: 8


1- الأفضلية إضافية بالنسبة إلى من لم يؤد الزكاة وان أعطى في غيرها كثيرا. وقال الفاضل التفرشي - رحمه اللّه - : لعل المراد بالأسخى من لم يكن فيه شئ من البخل وفى هذا المعنى يستوى جميع من أدى زكاة ماله سواء أتى بالعطايا زائدة على زكاة المال أم لا وإن كان الآتي بالعطايا بعد أداء الزكاة أسخى ممن لم يأت بها بمعنى آخر.
2- الزمانة : آفة في الحيوانات ورجل زمن أي مبتلى بين الزمانة. (الصحاح)
3- أي من حيث الشكر كما قال اللّه تعالى « لئن شكرتم لأزيدنكم » مع ما فيه من الزيادة أيضا من حيث خاصة الزكاة بخصوصها فلا تكرار ، ويحتمل أنه إشارة إلى تحقق المطموع قطعا أي في أداء الزكاة طمع الزيادة مع وقوعها البتة لا مجرد رجاء وقوع وان تخلف ويحتمل أن المراد بإحديهما الزيادة الدنيوية وبالأخرى الزيادة الأخروية. (سلطان)
4- المراد بفقراء الآخرة من ليس له من أعمال صالحه وذخيرة في الآخرة أي عبرة للأغنياء من حيث إنهم لما وقفوا من سوء حال الفقراء قاسوا عليهم أحوال فقر الآخرة وسوء أحوالهم وذلك موجب لتحصيل الأعمال والثواب والذخيرة في الآخرة. (سلطان)
5- خولهم أي أنعم عليهم.
6- ناظر إلى شكر اللّه تعالى ، وفى « أداء الزكاة » بدل منه (مراد) وقال في الوافي : يعنى ما ذكر من الأمور في جملة أمور أخر كثيرة هي العلة في ذلك.

والصدقات ، وصلة الأرحام ، واصطناع المعروف.

1583 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « من أخرج زكاة ماله تامة فوضعها في موضعها لم يسأل من أين اكتسب ماله » (1).

1584 - وقال الصادق عليه السلام : « إنما جعل اللّه عزوجل الزكاة في كل ألف خمسة وعشرين درهما لأنه عزوجل خلق الخلق فعلم غنيهم وفقيرهم وقويهم وضعيفهم فجعل من كل ألف (2) خمسة وعشرين مسكينا [و] لولا ذلك لزادهم اللّه لأنه خالقهم وهو أعلم بهم ».

باب 90: ما جاء في مانع الزكاة

1585 - روى حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : ما من ذي مال ذهب أو فضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه اللّه عزوجل يوم القيامة بقاع قرقر (3) وسلط عليه شجاعا أقرع يريده وهو يحيد عنه (4) فإذا رأى أنه لا يتخلص منه أمكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل (5) ثم يصير طوقا في عنقه ، وذلك قول اللّه عزوجل

ص: 9


1- أي يرتفع عنه مؤونة حساب ذلك المال ، لا أنه لو اكتسبه من الحرام يرتفع منه اثم ذلك الكسب (مراد) والخبر مروى في الكافي ج 3 ص 4. 5 في الحسن كالصحيح.
2- أي من كل ألف انسان كما صرح به في الكافي ج 3 ص 508.
3- في الصحاح القاع : المستوى من الأرض. والقرقر : القاع الأملس. ولا يبعد أن يراد به هنا مالا شجر فيه ولا كلاء ولا ماء.
4- الشجاع والأشجع ضرب من الحيات أو الذكر منها ، والأقرع من الحيات المتمعط شعر رأسه لكثرة سمه يعنى قد تمعط وذهب شعر رأسها لكثرة سمها وطول عمرها « وهو يحيد عنه » أي يميل ويتنفر عنه.
5- القضم : كسر الشئ بأطراف الأسنان. وفى بعض النسخ « كما يقضم الفحل » بالحاء المهملة.

« سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة » ، وما من ذي مال إبل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله إلا حبسه اللّه يوم القيامة بقاع قرقر ، يطأه كل ذات ظلف بظلفها وينهشه كل ذات ناب بنابها (1) وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاة إلا طوقه اللّه تعالى ريعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة (2).

1586 - وروى معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن اللّه تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال : « أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة » فمن أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فكأنه لم يقم الصلاة » (3).

1587 - وروى أيوب بن راشد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء (4) تأكل من دماغه ، وذلك قول اللّه عزوجل : « سيطوقون ما بخلوا يوم القيامة ».

1588 - روى مسعدة عن الصادق عليه السلام أنه قال : « ملعون ملعون مال لا يزكى » (5).

1589 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلا جعل اللّه ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب ، وهو قول اللّه عزوجل : « سيطوقون ما بخلوا به

ص: 10


1- ينهشه - كيمنعه - أي يلسعه وعضه أو أخذه بأضراسه.
2- المراد بالريعة ههنا أصل أرضه التي فيها الكرم والنخل والزراعة الواجبة فيها الزكاة. أي تصير الأرض طوقا في عنقه إلى يوم القيامة بان يحشر وفى عنقه الأرض « إلى سبع أرضين » أي إلى منتهاها وفى الكافي « قلده اللّه تربة أرضه ».
3- فيه دلالة على اشتراط قبول الصلاة بايتاء الزكاة.
4- القرعاء مؤنث الأقرع.
5- المراد باللعن هنا عدم البركة والرحمة من اللّه فيه. أو ليس له بركة بل يذهب بصاحبه إلى النار كما في رواية.

يوم القيامة » يعني ما بخلوا به من الزكاة » (1).

1590 - وروى عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « ما من رجل يمنع درهما في حقه إلا أنفق اثنين في غير حقه (2) ، وما من رجل يمنع حقا في ماله إلا طوقه اللّه به حية من نار يوم القيامة ».

1591 - وروى أبان بن تغلب (3) عنه عليه السلام أنه قال : « دمان في الاسلام حلال من اللّه تبارك وتعالى لا يقضي فيهما أحد (4) حتى يبعث اللّه عزوجل قائمنا أهل البيت فإذا بعث اللّه عزوجل قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم اللّه عزوجل : الزاني المحصن يرجمه ، ومانع الزكاة يضرب عنقه » (5).

1592 - وروى عنه عمرو بن جميع أنه قال (6) : « ما أدى أحد الزكاة فنقصت من ماله ، ولا منعها أحد فزادت في ماله ».

1593 - وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من منع قيراطا من

ص: 11


1- قوله « يعنى » من كلام الإمام عليه السلام كما يظهر من الكافي وفيه « قال : ما بخلوا به من الزكاة » ج 3 ص 4. 5 ويحتمل كونه قول الراوي.
2- أي يمنع منه اللطف ويتسلط عليه الشيطان بان ينفقه في الباطل أو بأن يأخذ الظالم منه قهرا.
3- في الطريق أبو علي صاحب الكلل وهو مجهول الحال ورواه الكليني بسند ضعيف.
4- قال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : قوله « لا يقضى فيهما أحد » أي موافقا للحق والا فأبو بكر قاتل مانع الزكاة ومنعه عمر ولم يسمع قوله.
5- في المدارك نقلا عن التذكرة : أجمع المسلمون كافة على وجوب الزكاة في جميع الأعصار وهي أحد أركان الخمسة إذا عرفت هذا فمن أنكر وجوبها ممن ولد على الفطرة ونشأ بين المسلمين فهو مرتد يقتل من غير أن يستتاب وان لم يكن على فطرة بل أسلم عقيب كفر استتيب  - مع علمه بوجوبها ثلاثا فان تاب والا فهو مرتد وجب قتله وإن كان ممن يخفى عليه وجوبها لأنه نشأ بالبادية أو كان قريب العهد بالاسلام عرف وجوبها ولم يحكم بكفره - هذا كلامه  - رحمه اللّه - وهو جيد ، وعلى ما ذكره تحمل رواية أبان بن تغلب.
6- يعنى أبا عبد اللّه عليه السلام كما صرح به في الكافي.

الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم ، وهو قول اللّه عزوجل (1) : حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت » (2). وفي رواية أخرى « ولا تقبل له صلاة ».

1594 - وروى ابن مسكان (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في المسجد إذ قال : قم يا فلان ، قم يا فلان ، قم يا فلان حتى أخرج خمسة نفر ، فقال : اخرجوا من مسجدنا لا تصلوا فيه وأنتم لا تزكون ».

1595 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم ، وسأل الرجعة عند الموت ، وهو قول اللّه عزوجل : » حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت (4).

1596 - وقال الصادق عليه السلام : « صلاة مكتوبة خير من عشرين حجة ، وحجة خير من بيت مملوء ذهبا يتصدق به في بر حتى ينفد ، ثم قال : ولا أفلح من ضيع عشرين بيتا من ذهب بخمسة وعشرين درهما ، فقيل له : وما معنى خمسة وعشرين [درهما]؟ قال : من منع الزكاة وقفت صلاته حتى يزكي ».

1597 - وقال عليه السلام : « ما ضاع مال في بر ولا بحر إلا بتضييع الزكاة ، ولا يصاد

ص: 12


1- لعل الاستشهاد بالآية الشريفة أن مانع الزكاة تتمنى الرجوع إلى الدنيا كالكافر فكان مثله في ذلك. (مراد)
2- « رب ارجعون » على صيغة الجمع في قوة تكرير رب ارجعني ، رب ارجعني على الحاح في سؤال الرجعة. (م ح ق)
3- فيه ارسال لان عبد اللّه بن مسكان لم يلق أبا جعفر عليه السلام بل قيل : إنه لم يرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام الا حديث « من أدرك المشعر فقد أدرك الحج » وفى رجال الكشي « زعم أبو النضر محمد بن مسعود أن ابن مسكان كان لا يدخل على أبى عبد اللّه (عليه السلام) شفقة أن لا يوفيه حق اجلاله فكان يسمع من أصحابه ويأبى أن يدخل عليه اجلالا واعظاما له عليه السلام ». وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ، والخبر رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 523 باسناده عن ابن مسكان يرفعه عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام.
4- متحد مع الخبر الأسبق ولعل وجه التكرار اختلاف اللفظ.

من الطير إلا ما ضيع تسبيحه » (1).

باب 91: ما جاء في تارك الزكاة وقد وجبت له

1598 - روى مروان بن مسلم ، عن عبد اللّه بن هلال قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : تارك الزكاة وقد وجبت له (2) مثل مانعها وقد وجبت عليه ».

باب 92: الرجل يستحيى من أخذ الزكاة فيعطى على وجه آخر

1599 - روى عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « الرجل من أصحابنا يستحيي أن يأخذ من الزكاة فأعطيه من الزكاة ولا اسمي له أنها من الزكاة؟ فقال : أعطه ولا تسم له ولا تذل المؤمن » (3).

باب 93: الأصناف التي تجب عليها الزكاة

اشارة

1600 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام « أنزلت إليه (4) آية الزكاة » خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها « في شهر رمضان فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله مناديه فنادى في الناس أن اللّه تبارك وتعالى قد

ص: 13


1- تقدم في ذيل حديث مسندا وفى الكافي ج 505.
2- أي صار مستحقا له ، أوصار مضطرا إلى أخذه بحيث لم يكن له وجه آخر ، والأول أظهر لفظا والثاني معنى.
3- يدل على كراهة ذكرها إذا صار سببا لاذلاله.
4- يعني إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله. وفى الكافي ج 3 ص 497 « لما نزلت آية الزكاة : خذ من أموالهم - الآية ».

فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة ، ففرض اللّه عليكم (1) من الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، ونادى فيهم بذلك في شهر رمضان وعفا لهم عما سوى ذلك ، قال : ثم لم يتعرض لشئ من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل فصاموا وأفطروا ، فأمر عليه السلام مناديه فنادى في المسلمين أيها المسلمون (2) زكوا أموالكم تقبل صلاتكم ، قال : ثم وجه عمال الصدقة وعمال الطسوق » (3).

فليس (4) على الذهب شئ حتى يبلغ عشرين مثقالا ، فإذا بلغ عشرين مثقالا ففيه نصف دينار إلى أن يبلغ أربعة وعشرين ففيه نصف دينار وعشر دينار ، ثم على هذا الحساب متى زاد على عشرين أربعة أربعة (5) ، ففي كل أربعة عشر إلى أن يبلغ أربعين مثقالا ، فإذا بلغ أربعين مثقالا ففيه مثقال (6).

وليس على الفضة شئ حتى يبلغ مائتي درهم فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم ، ومتى زاد عليها أربعون درهما ففيها درهم (7) ، وليس في النيف

ص: 14


1- في الكافي « عليهم ».
2- في بعض النسخ « أيها الناس ».
3- الطسوق - بالفتح - : الوظيفة من الخراج أو ما يوضع من الخراج على الجربان جمع جريب ، وقيل : الظاهر أن المراد بها الخراج المأخوذ من الأرض المفتوح عنوة أجرة للأرض.
4- من هنا كلام المصنف وليس من تتمة الخبر كما يظهر من الكافي والتهذيب ونص عليه الشراح لكن جعله العلامة - رحمه اللّه - في المختلف من تتمة الخبر.
5- كما في صحيح ابن بشار المدائني عن أبي الحسن الأول عليه السلام المروية في الكافي ج 3 ص 516. وموثقة علي بن عقبة عن الصادقين عليهما السلام.
6- كما في حسنة الفضلاء المروية في التهذيب ج 1 ص 350 والاستبصار ج 2 ص 23 على بيان الشيخ - رحمه اللّه -.
7- كما في موثقة زرارة وابن بكير عن أبي جعفر عليه السلام المروية في التهذيب ج 1 ص 352.

شئ حتى يبلغ أربعين (1).

وليس في القطن والزعفران والخضر والثمار والحبوب زكاة حتى تباع و يحول على ثمنها الحول (2).

فإذا اجتمعت للرجل مائتا درهم فحال عليها الحول فأخرج لزكاتها خمسة دراهم فدفعها إلى الرجل فرد درهما منها وذكر أنه شبه أو زيف (3) فليسترجع منه الأربعة الدارهم أيضا لأن هذه لم تجب عليها الزكاة لأنه كان عنده مائتا درهم إلا درهم ، وليس على ما دون مائتي درهم زكاة.

وليس على السبائك زكاة إلا أن تفربها من الزكاة فإن فررت بها فعليك الزكاة (4).

وليس على الحلي زكاة وإن بلغ مائة ألف (5) ولكن تعيره مؤمنا إذا استعاره

ص: 15


1- النيف - بالتشديد والتخفيف - : ما زاد على العقد إلى أن يبلغ العقد الثاني.
2- كما في حسنة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام وصحيحة عبد العزيز بن المهتدي عن أبي الحسن عليه السلام المرويتين في الكافي ج 3 ص 512. وصحيحه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ج 3 ص 511.
3- الشبه ضرب من الدراهم المغشوش بالنحاس. وفى الصحاح : الشبه - بكسر الشين المعجمة - : ضرب من النحاس. وفى القاموس الشبه - محركة - : النحاس الأصفر ويكسر. وفيه زاف الدراهم زيوفا أي صارت مردودة.
4- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 350 باسناده عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قلت له : الرجل يجعل لأهله الحلى من مائة دينار والمائتي دينار وأراني قد قلت : ثلاثمائة دينار فعليه الزكاة؟ قال : ليس فيه الزكاة ، قال : قلت فإنه فربه من الزكاة؟ فقال : ان فربه من الزكاة فعليه الزكاة ، وإن كان إنما فعله ليتجمل به فليس عليه زكاة ».
5- كما في حسنة رفاعة المروية في الكافي ج 3 ص 518 قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام وسأله بعضهم عن الحلى فيه زكاة؟ فقال : لا ولو بلغ مائة ألف ».

منك فهذه زكاته (1).

وليس في النقير (2) زكاة إنما هي على الدنانير والدراهم (3).

1601 - وروى زرارة ، وبكير عن أبي جعفر عليه السلام قال : « ليس في الجوهر وأشباهه زكاة وإن كثر ».

وليس في نقر الفضة زكاة (4) وليس على مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به ، فإن اتجربه ففيه الزكاة (5) والربح لليتيم وعلى التاجر ضمان المال (6). وقد رويت رخصة في أن يجعل الربح بينهما (7).

ص: 16


1- كما في مرسلة ابن أبي عمير عن الصادق عليه السلام قال : « زكاة الحلى عاريته ».
2- كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها « وليس في التبر زكاة » والفقير - على ما في هامش بعض الخطية - : القطعة المذابة من الذهب والفضة. والتبر - بالكسر - : الذهب والفضة أو فتاتهما قبل أن يصاغا فإذا صيغا فذهب وفضة.
3- لما روى الكليني في الكافي ج 3 ص 518 باسناده عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا - مقطوعا - أنه قال : « ليس في التبر زكاة ، إنما هي على الدنانير والدراهم ».
4- النقر - جمع النقرة - : السبيكة.
5- في الكافي ج 3 ص 540 في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في مال اليتيم عليه زكاة؟ فقال إذا كان موضوعا فليس عليه زكاة وإذا عملت به فأنت له ضامن والربح لليتيم ». وفى الحسن عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : هل على مال اليتيم زكاة؟ قال : لا الا أن يتجر به أو يعمل به ، وحمل على النقدين يعنى ما لم يتجر بهما ليس فيهما زكاة فان اتجر بهما فعلى الولي اخراج الزكاة من مال اليتيم تولية كما قال الشيخ - رحمه اللّه - في كتابيه.
6- الظاهر أن المشهور إذا اتجر الولي أو الوصي لليتيم فالربح لليتيم والزكاة على الولي في المال اليتيم وان لم يكن مليا فالضمان على التاجر والربح لليتيم ولا زكاة فيه ، أما إذا ضمن الولي المال بأن يقترضه وكان مليا فالزكاة عليه ، والا فالربح لليتيم والضمان على التاجر ولا زكاة.
7- روى الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب ج 1 ص 356 في الموثق عن أبي الربيع قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل في يده مال لأخ له يتيم وهو وصيه أيصلح له أن يعمل به؟ قال : نعم يعمل به كما يعمل بمال غيره والربح بينهما ، قال : قلت : فهل عليه ضمان؟ قال : لا إذا كان ناظرا له ».

وقال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : لا يجزي في الزكاة أن يعطى أقل من نصف دينار (1).

1602 - وقد روى محمد بن عبد الجبار « أن بعض أصحابنا كتب على يدي أحمد بن إسحاق (2) إلى علي بن محمد العسكري عليهما السلام : أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة؟ فكتب : إفعل إن شاء اللّه » (3).

وقد روي في تقديم الزكاة وتأخيرها أربعة أشهر وستة أشهر (4) إلا أن المقصود

ص: 17


1- في التهذيب ج 1 ص 366 عن معاوية بن عمار وعبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يجوز أن يدفع الزكاة أقل من خمسة دراهم فإنها أقل الزكاة ». وروى الكليني ج 3 ص 548 في الصحيح عن أبي ولاد عنه عليه السلام « لا يعطى أحد من الزكاة أقل من خمسة دراهم وهو أقل ما فرض اللّه عزوجل من الزكاة في أموال المسلمين فلا يعطوا أحدا من الزكاة أقل من خمسة دراهم فصاعدا ».
2- أي دفع المكتوب إلى أحمد ليوصل إلى الهادي عليه السلام.
3- رواه نحوه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 366 وقال : محمول على النصاب الذي يلي النصاب الأول ، لان النصاب الثاني والثالث وما فوق ذلك ربما كان الدرهمين والثلاثة حسب تزايد الأموال فلا بأس باعطاء ذلك لواحد ، فاما النصاب الأول فلا يجوز ذلك فيه.
4- في الكافي باسناد حسن كالصحيح عن عمر بن يزيد قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام الرجل يكون عنده المال أيزكيه إذا مضى نصف السنة؟ قال : لا ولكن حتى يحول عليه الحول ويحل عليه ، انه ليس لأحد أن يصلى صلاة الا لوقتها وكذلك الزكاة ، ولا يصوم أحد شهر رمضان الا في شهره الا قضاء ، وكل فريضة إنما تؤدى إذا حلت ». ج 3 ص 524 و روى الشيخ - رحمه اللّه - في الاستبصار ج 2 ص 32 باسناد صحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قلت له : الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها إلى محرم؟ قال : لا بأص. قال : قلت : فإنها لا تحل عليه الا في المحرم فيعجلها في شهر رمضان؟ قال لا بأس ». باسناده عن حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين » وقال الشيخ رحمه اللّه : فالوجه في الجميع بين هذه الأخبار أن نحمل جواز تقديم الزكاة قبل حلول وقتها على أنه يجعلها قرضا على المعطى ، فإذا جاء وقت الزكاة وهو على الحد الذي تحل له الزكاة وصاحبها على الحد الذي يجب عليه الزكاة احتسب به منها ، وان تغير أحدهما عن صفته لم يحتسب بذلك ، ولو كان التقديم جائزا على كل حال لما وجب عليه الإعادة إذا أيسر المعطى عند حلول الوقت ، والذي يدل على ما قلناه ما رواه محمد بن علي بن محبوب عن أحمد عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن الأحول ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل عجل زكاة ماله ثم أيسر المعطى قبل رأس السنة؟ قال : قال : يعيد المعطى الزكاة » انتهى ، أقول : هذا الحمل وكذا حمل المصنف رحمه اللّه إنما كان في وجه جواز التقديم وأما وجه جواز التأخير فلم يتعرضا له فلعله محمول على جواز تأخير التسليم بعد العزل أو لمانع كعدم حضور المستحق وأمثاله ، وقال في المدارك : اختلف الأصحاب في هذه المسألة فأطلق الأكثر عدم جواز التأخير من وقت التسليم الا لمانع لان المستحق مطالب بشاهد الحال فيجب التعجيل كالوديعة والدين ، وقال الشيخ في النهاية : فإذا حال الحول فعلى الانسان أن يخرج ما يجب عليه على الفور ولا يؤخره ، ثم قال : وإذا عزل ما يجب عليه فلا بأس أن يفرقه ما بين شهر وشهرين ولا يجعل ذلك أكثر منه. وقال ابن إدريس في سرائره : وإذا حال الحول فعلى الانسان أن يخرج ما يجب عليه إذا حضر المستحق فان أخر ذلك ايثارا به مستحقا غير من حضره فلا اثم عليه بغير خلاف الا أنه ان هلك قبل وصوله إلى من يريد اعطاءه إياه فيجب على رب المال الضمان.

منهما أن تدفعها إذا وجبت عليك ، ولا يجوز لك تقديمها ولا تأخيرها لأنها مقرونة بالصلاة ولا يجوز تقديم الصلاة قبل وقتها ولا تأخيرها إلا أن تكون قضاء ، وكذلك الزكاة فإن أحببت أن تقدم من زكاة مالك شيئا تفرج به عن مؤمن فاجعله دينا عليه ، فإذا حلت عليك فأحسبها له زكاة ليحسب لك من زكاة مالك ويكتب لك أجر القرض.

1603 - وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « نعم الشئ القرض إن أيسر قضاك وإن أعسر حسبته من الزكاة ».

1604 - وروي « أن القرض حمى للزكاة » (1).

ص: 18


1- لأنه يدفع الفوت والتضييع عنها ويحفظها ، أو يوفق لأدائها ، والخبر في الكافي ج 3 ص 558 عن الصادق عليه السلام ، وفيه في ج 4 ص 34 خبر آخر يقول : « قرض المؤمن غنيمة وتعجيل خير إن أيسر أداه وإن مات قبل ذلك احتسب به من الزكاة ».

وإن كان لك على رجل مال ولم يتهيأ لك (1) قضاؤه فاحسبه من الزكاة إن شئت (2).

ولا بأس أن يشتري الرجل مملوكا مؤمنا من زكاة ماله فيعتقه ، فإن استفاد المعتوق مالا ومات فماله لأهل الزكاة لأنه اشتري بمالهم (3).

وإن اشترى رجل أباه من زكاة ماله فأعتقه فهو جائز (4).

وإذا مات رجل مؤمن وأحببت أن تكفنه من زكاة مالك فأعطها ورثته يكفنونه بها ، فإن لم يكن له ورثة فكفنه واحسبه من الزكاة ، فإن أعطى ورثته قوم آخرون ثمن كفن فكفنه أنت واحسبه من الزكاة إن شئت ويكون ما أعطاهم

ص: 19


1- في بعض النسخ « ولم يتهيأ له ».
2- كما في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن الأول عليه السلام المروية في الكافي ج 3 ص 558.
3- حمل على ما إذا لم يجد موضعا يدفع إليه. روى الكليني ج 3 ص 557 في الحسن عن عبيد بن زرارة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد موضعا يدفع ذلك إليه فنظر إلى مملوك يباع فيمن يريده فاشتراه بتلك الألف درهم التي أخرجها من زكاته فأعتقه هل يجوز له ذلك؟ قال : نعم لا بأس بذلك ، قلت : فإنه لما أن أعتق وصار حرا اتجر واحترف وأصاب مالا ثم مات وليس له وارث فمن يرثه إذا لم يكن له وارث؟ قال : يرثه الفقراء المؤمنون الذي يستحقون الزكاة لأنه إنما اشترى بمالهم ».
4- في الكافي ج 3 ص 552 عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبي محمد الوابشي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله بعض أصحابنا عن رجل اشترى أباه من الزكاة؟ زكاة ماله قال : اشترى خير رقبة ، لا بأس بذلك » وهذا الصحيح بعمومه يدل على جواز اعتاق الأب وان لم يكن مكاتبا ولا تحت شدة وان وجد المستحق. وفى المدارك : أما جواز شراء العبد من الزكاة وعتقه وان لم يكن في شدة بشرط عدم المستحق فقال في المعتبر ان عليه فقهاء الأصحاب ، وجوز العلامة في القواعد الاعتاق من الزكاة مطلقا وشراء الأب منها وقواه ولده في الايضاح ونقله عن المفيد وابن إدريص. وهو جيد لاطلاق الآية الشريفة وخبر الوابشي هذا.

القوم لهم يصلحون به شؤونهم ، وإن كان على الميت دين لم يلزم ورثته قضاؤه مما أعطيتهم ولا مما أعطاهم القوم لأنه ليس بميراث وإنما هو شئ صار لورثته بعد موته (1)كذا، وفي بعض النسخ «اتجر به»(2).

وإذا كان مالك في تجارة وطلب منك المتاع برأس مالك ولم تبعه تبتغي بذلك الفضل فعليك زكاته إذا حال عليه الحول ، وإن لم يطلب منك المتاع برأس مالك فليس عليك زكاته (3).

وإن غاب عنك مالك فليس عليك زكاته إلى أن يرجع إليك مالك ويحول عليه الحول وهو في يدك ، إلا أن يكون مالك على رجل متى أردت أخذه منه تهيأ لك فإن

ص: 20


1- روى الشيخ في التهذيب في باب زيادات أحكام الأموات ج 1 ص 124 في الصحيح عن الفضل بن يونس الكاتب قال : « سألت أبا الحسن موسى عليه السلام فقلت له : ما ترى في رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به اشترى له كفن من الزكاة؟ فقال : اعط عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون هم الذين يجهزونه ، قلت : فإن لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فأجهزه أنا من الزكاة؟ قال : كان أبى عليه السلام يقول : ان حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته حيا ، فوار بدنه وعورته وجهزه وكفنه وحنطه واحتسب بذلك من الزكاة ، وشيع جنازته ، قلت : فان اتجر عليه
2- بعض إخوانه بكفن آخر وكان عليه دين أيكفن بواحد ويقضى دينه بالآخر؟ قال : لا ، ليس هذا ميراثا تركه ، إنما هذا شئ صار إليه بعد وفاته فليكفنوه بالذي اتجر عليه ويكون الاخر لهم يصلحون به شأنهم ».
3- اختلف الأصحاب في الزكاة التجارة فالأكثرون كما قيل على الاستحباب ، والبعض على الوجوب وكلام المصنف - رحمه اللّه - يقتضيه (الشيخ محمد) وفى الكافي ج 3 ص 528 في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى متاعا وكسد عليه وقد زكى ماله قبل أن يشترى المتاع ، متى يزكيه؟ فقال : إن كان أمسك متاعه يبتغى به رأس ماله فليس عليه زكاة ، وإن كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال ، قال : وسألته عن الرجل يوضع عنده الأموال يعمل بها ، فقال إذا حال الحول فليزكها ». أقول : اعتبر الفقهاء في زكاة المال التجارة مضى الحول من حين التجارة ، وأن يطلب برأس المال أو الزيادة ، وبقاء قصد الاكتساب طول الحول ، وأن تكون قيمته نصابا فصاعدا.

عليك فيه الزكاة ، فإن رجع إليك منفعته لزمتك زكاته (1).

وإن بعث شيئا وقبضت فاشترطت على المشتري زكاة سنة أو سنتين أو أكثر فإن ذلك جائز يلزمه من دونك (2).

وإن استقرضت من رجل مالا وبقي عندك حتى حال عليه الحول فإن عليك فيه الزكاة (3).

ص: 21


1- في الكافي ج 3 ص 519 باسناد ضعيف عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : ليس في الدين زكاة الا أن يكون صاحب الدين هو الذي يؤخره ، فإذا كان لا يقدر على أخذه فليس عليه زكاة حتى يقبضه. وفيه في موثق عن سماعة قال : « سألته عن الرجل يكون له الدين على الناس يحتبس فيه الزكاة؟ قال : ليس عليه فيه زكاة حتى يقبضه فإذا قبضه فعليه الزكاة ، وان هو طال حبسه على الناس حتى يتم لذلك سنون فليس عليه زكاة حتى يخرج فإذا هم خرج زكاه لعامه ذلك - الحديث ». و لعلّ حاصل الكلام بعد الاستثناء أن المال الغائب عنك إذا لم يكن لك عليه تسلّط الاخذ متى أردت و لم يرجع إليك منفعته فليس عليك زكاته، و ان حصل أحد الامرين فعليك الزكاة فالمذكوران بعده بمنزلة المستثنيان.( سلطان).
2- قال الفاضل التفرشي قوله : « فاشترطت على المشترى زكاة سنة » ينبغي حمله على ما إذا كان الثمن قد تعلق به وجوب الزكاة والمشترى لم يخرجها منه فيصح أن يقبض البايع ذلك الثمن بشرط أن يشترط على المشترى أن يدفع تلك الزكاة المتعلقة بذلك الثمن من ماله الاخر فحينئذ يلزم المشترى أن يدفع تلك الزكاة إلى مستحقه دون البايع.
3- يعنى إذا كان فيه فضل كما روى الكليني في الصحيح عن أبان بن عثمان عمن أخبره قال : « سألت أحدهما عليهما الاسلام » عن رجل عليه دين وفى يده مال وفى بدينه ، والمال لغيره هل عليه زكاة؟ فقال : إذا استقرض فحال عليه الحول فزكاته عليه إذا كان فيه فضل. وفى الحسن كالصحيح عن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل دفع إلى رجل مالا قرضا على من زكاته على المقرض أو على المقترض؟ قال : لا بل زكاتها ان كانت موضوعة عنده حولا على المقترض ، قال : قلت : فليس على المقرض زكاتها؟ قال : لا يزكى المال من وجهين في عام واحد - الحديث ». لا يخفى أن هذه مع المسألة الثانية المتقدمة من قبيل المطلق و المقيّد و فيهما نوع منافاة من حيث أن المسألة السابقة أن الزكاة على المقرض دون المقترض و هذا يفيد أن الزكاة على المقترض، و ربما يقال: ان المصنّف يفرق بين القرض و الدّين و لا يخلو من اشكال.( الشيخ محمّد).

ولا تعط زكاة مالك غير أهل الولاية (1) ، ولا تعط من أهل الولاية الأبوين والولد ولا الزوج ولا الزوجة ولا المملوك ولا الجد ولا الجدة وكل من يجبر الرجل على نفقته. ولا بأس أن يعطى الأخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة من الزكاة (2).

[صدقة الانعام]

[صدقة الانعام] (3)

1605 - وقال زرارة : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل عنده مائة وتسعة و تسعون درهما وتسعة عشر دينارا (4) أيزكيها؟ فقال : لا ليس عليك زكاة في الدراهم ولا في الدنانير حتى تتم. قال زرارة : وكذلك هو في جميع الأشياء. قال : وقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل كانت عنده أربع أينق (5) وتسعة وثلاثون شاة ، وتسعة وعشرون بقرة أيزكيهن؟ قال : لا يزكي شيئا منهن لأنه ليس شئ منهن تاما فليس تجب فيه الزكاة » (6).

ص: 22


1- كما تدل عليه النصوص الكثيرة منها ما رواه الكليني ج 3 ص 547 في الصحيح عن الرضا عليه السلام « قال : سألته عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال : لا ولا زكاة الفطرة ». ومنها ما في ذيل صحيحة الفضلاء « إنما موضعها أهل الولاية ».
2- يدل عليه قول الصادق عليه السلام في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج « خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا : الأب والام والولد والمملوك والمرأة وذلك أنهم عياله لازمون له ». وخبر زيد الشحام عنه عليه السلام « قال : في الزكاة : يعطى منها الأخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة ، ولا يعطى الجد ولا الجدة ». (الكافي ج 3 ص 552 والتهذيب ج 1 ص 364).
3- العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل.
4- رواه الشيخ في التهذيبين وفيهما « تسعة وثلاثون دينارا » بدل « تسعة عشر » والصواب ما في الفقيه حيث إن نصاب الدينار في كل عشرين دينارا.
5- « أينق » بسكون الياء بين الهمزة المفتوحة والنون المضمومة والقاف أخيرا جمع قلة لناقة ، وأصله أنوق استثقلوا الضمة على الواو فقدموها وقالوا أونق ثم أبدلوا الواو ياء وقالوا أينق.
6- في بعض النسخ « تجب فيها زكاة ».

1606 - وروى عمر بن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (1) قال « ليس فيما دون الخمس من الإبل شئ ، فإذا كانت خمسا ففيها شاة إلى عشر ، فإذا كانت عشرا ففيها شاتان ، فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث من الغنم ، فإذا بلغت عشرين ففيها أربع من الغنم ، فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها خمس من الغنم ، فإذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين ، فإن لم يكن عنده ابنة مخاض فابن لبون ذكر ، فإذا زادت على خمس وثلاثين بواحدة ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقة (وإنما سميت حقة لأنها استحقت أن يركب ظهرها) إلى ستين فان زادت واحدة ففيها جذعة إلى خمس وسبعين ، فان زادت واحدة ففيها ابنتا لبون إلى تسعين ، فان زادت واحدة فحقتان إلى عشرين ومائة ، فان زادت على العشرين والمائة واحدة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون » (2).

وكل من (3) وجبت عليه جذعة ولم تكن عنده وكانت عنده حقة دفعها ودفع معها شاتين أو عشرين درهما ، ومن وجبت عليه حقة ولم تكن عنده وكانت عنده جذعة دفعها وأخذ من المصدق شاتين أو عشرين درهما ، ومن وجبت عليه حقه ولم تكن عنده وكانت عنده ابنة لبون دفعها ودفع معها شاتين أو عشرين درهما ، ومن وجبت عليه ابنة لبون ولم تكن عنده وكانت عنده حقة دفعها وأعطاه المصدق شاتين أو عشرين درهما ، ومن وجبت عليه ابنة لبون ولم تكن عنده وكانت عنده ابنة مخاض دفعها وأعطى معها

ص: 23


1- رواه الشيخ في التهذيب من حديث أبي بصير عن الصادق عليه السلام ، ولاغر ولان مستقاهما من قليب ومفرغهما من ذنوب. وروى الكليني نحوه عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام والشيخ عن زرارة عن أبي جعفر وأبى عبد اللّه عليهما السلام.
2- هذه النصب مجمع عليها بين علماء الاسلام كما نقله جماعة منهم المحقق في المعتبر سوى النصاب السادس فان ابن عقيل وابن الجنيد أسقطاه وأوجبا بنت المخاض (أي بنت أم من شأنها أن يكون ماخضا أي حاملا وهي ما دخلت في السنة الثانية) في خمس وعشرين إلى ست وثلاثين وهو قول الجمهور والمعتمد ما عليه الأكثر. (المدارك)
3- من هنا كلام المؤلف وليس من تتمة خبر زرارة وأخذه من كتاب كتبه أمير المؤمنين عليه السلام لعامل الصدقات المروى في الكافي باب أدب المصدق تحت رقم 7.

شاتين أو عشرين درهما ، ومن وجبت عليه ابنة مخاض ولم تكن عنده وكانت عنده ابنة لبون دفعها وأعطاه المصدق شاتين أو عشرين درهما ، ومن وجبت عليه ابنة مخاض ولم تكن عنده وكان عنده ابن لبون ذكر فإنه يقبل منه ابن لبون وليس يدفع معه شيئا.

1607 - وروي عن رجل من ثقيف (1) أنه قال : استعملني علي بن أبي طالب عليه السلام على بانقيا (2) وسواد من سواد الكوفة فقال لي والناس حضور (3) : « انظر خراجك فجد فيه (4) ولا تترك منه درهما ، فإذا أردت أن تتوجه إلى عملك فمر بي ، قال : فأتيته فقال لي : إن الذي سمعته مني خدعة (5) إياك أن تضرب مسلما أو يهوديا أو نصرانيا في درهم خراج ، أو تبيع دابة عمل (6) في درهم فإنا أمرنا أن نأخذ منه العفو » (7).

ص: 24


1- رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 540 بسند ضعيف.
2- في السرائر « بانقيا » هي القادسية وما والاها من أعمالها ، وإنما سميت « القادسية » بدعوة إبراهيم عليه السلام لأنه قال للقادسية : كوني مقدسة أي مطهرة من التقديس ، وإنما سميت « بانقيا » لان إبراهيم عليه السلام اشتراها بمائة نعجة منن غنمة فان « باء » مائة و « نقيا » شاة بلغة نبط ، وقد ذكر بانقيا أعشى في شعره وفسرته اللغة بما ذكر - انتهى ، وفى القاموس البانقيا اسم قرية من قرى الكوفة.
3- « والناس حضور » جمع حاضر كقعود وقاعد. (مراد)
4- في بعض النسخ « فخذ فيه » فهو من أفعال الشروع أي أشرع فيه.
5- أي مصلحة يعنى قلت هذا الكلام ليخاف المجوس ويسعوا في تحصيل الجزية و عبر عليه السلام بالخدعة لان مقصوده ليس العمل بمقتضاه بل إنما أراد التهديد.
6- المراد ببيع دابة العمل أي دابة يحتاجون إليها في العمل ولا يجوز حملهم على بيعها ، والمراد بالدرهم اما جنسه أو الدرهم الواحد أي لأجل درهم تطلب منهم.
7- في الكافي. منهم العفو والعفو الزيادة وما فضل من قوت السنة أو الوسط من غير اسراف ولا اقتار أو ما زاد عن نفقة الأهل والعيال وبكل من المعاني جاءت رواية عن المعصوم عليه السلام في قوله تعالى : « يسئلونك ماذا ينفقون قل العفو »

1608 - وقال علي عليه السلام : « لا تباع الصدقة حتى تعقل » (1).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : أسنان الإبل : من أول ما تطرحه أمه إلى تمام السنة حوار (2) ، فإذا دخل في الثانية سمي ابن مخاض لان أمه قد حملت ، فإذا دخل في الثالثة سمي ابن لبون ، وذلك أن أمه قد وضعت وصار لها لبن ، فإذا دخل في الرابعة سمي الذكر حقا والأنثى حقة لأنه قد استحق أن يحمل عليه ، فإذا دخل في الخامسة سمي جذعا ، فإذا دخل في السادسة سمي ثنيا لأنه ألقى ثنيته ، فإذا دخل في السابعة ألقى رباعيته وسمي رباعا ، فإذا دخل في الثامنة ألقى السن التي بعد الرباعية وسمي سديسا ، فإذا دخل في التاسعة فطر نابه وسمي بازلا فإذا دخل في العاشرة فهو مخلف (3) وليس له بعد هذا اسم (4).

والأسنان التي تؤخذ في الصدقة من ابن مخاض إلى الجذع. وليس على الإبل العوامل (5) شئ إنما ذاك على السائمة الراعية ، وفي البخت السائمة مثل ما في الإبل العربية (6).

ص: 25


1- رواه الكليني - رحمه اللّه - في الموثق. « حتى تعقل » أي تؤخذ وتدرك و تقبض (الوافي) ولعل المعنى لا يجوز بيعها قبل أخذها كما كان يفعله العمال. (م ت)
2- الحوار - بالضم ، وقد يكسر - : ولد الناقة ساعة تضعه ، أو إلى أن يفصل عن أمه فإذا انفصل عن أمه فهو فصيل.
3- فطر ناب البعير : طلع فهو بعير فاطر ، وبزل البعير بزولا فطر نابه أي انشق بدخوله في السنة التاسعة فهو بازل ويستوى فيه المذكر والمؤنث ، والمخلف : البعير تجاوز البازل ويستوى أيضا فيه الذكر والأنثى.
4- أسنان الإبل نقله المصنف في معاني الأخبار ص 328 وقال : وجدت مثبتا بخط سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف.
5- العوامل جمع عاملة وهي البقر التي يستقى عليها ويحرث وتستعمل في الاشغال ، وهذا الحكم مطرد في الإبل. والسائمة : المرسلة في مرعاها.
6- كما في صحيحة الفضلاء عن الصادقين عليهما السلام المروية في الكافي ج 3 ص 531. والبخت - بالضم - نوع من الإبل غير العربية واحدها بختى جمعها بخاتى والمعروف الإبل الخراسانية.

وليس على البقر شئ حتى يبلغ ثلاثين بقرة ، فإذا بلغت ففيها تبيع حولي (1) وليس فيما دون الثلاثين بقرة شئ ، فإذا بلغت أربعين بقرة ففيها مسنة إلى ستين (2) فإذا بلغت ستين ففيها تبيعتان إلى سبعين ، ثم فيها تبيعة ومسنة إلى ثمانين ، فإذا بلغت ثمانين ففيها مسنتان إلى تسعين ، فإذا بلغت تسعين ففيها ثلاث تبايع (3). فإذا كثر البقر سقط هذا كله ، ويخرج صاحب البقر من كل ثلاثين بقرة تبيعا ومن كل أربعين مسنة (4).

وليس في البقر العوامل زكاة إنما الصدقات على السائمة الراعية ، وكل ما لم يحل عليه الحول عند صاحبه فلا شئ عليه ، فإذا حال عليه الحول فقد وجبت عليه (5).

1609 - وروى حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قلت له : في الجواميس شئ؟ قال : مثل ما في البقر ».

وليس على الغنم شئ حتى تبلغ أربعين شاة فإذا بلغت أربعين وزادت واحدة (6) ففيها

ص: 26


1- في النهاية الأثيرية : التبيع : ولد البقر أول سنة ، وبقرة متبع أي معها ولدها.
2- قال الأزهري - على المحكى - : البقر والشاة يقع عليهما اسم المسن وليس معناه كبرها كالرجل المسن ، ولكن معناه طلوع سنها في السنة الثالثة.
3- من قوله : « وليس على البقر شئ » إلى هنا مأخوذ كله صحيحة الفضلاء المروية في الكافي ج 3 ص 534 والتهذيب ج 1 ص 354.
4- قوله « فإذا كثر البقر سقط هذا - إلى هنا » خلاف ما هو المشهور ، قال سلطان العلماء : لا يخفى أن هذا يشعر بأنه إذا كثر البقر لا يتعين المطابقة بين أحد العددين المذكورين وبين ما بلغ من عدد البقر كما اعتبر هو في المراتب السابقة وهو خلاف المشهور فان المشهور ملاحظة ذلك واعتبار ما هو عفوا.
5- مأخوذ من ذيل صحيحة الفضلاء دون لفظها.
6- الذي ذكره الصدوق من زيادة الواحدة على الأربعين لم نطلع عليه في غير كلامه في خبر ولا قول أحد ، ويمكن حمل كلامه على ما يوافق الاخبار وكلام الأصحاب بأن يكون مراده من قوله : « وزادت واحدة » على الأقل من الأربعين بأن يكون تفسيرا لبلوغ الأربعين (م ت) أقول : في التهذيب ج 1 ص 355 باسناده عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس في ما دون الأربعين من الغنم شئ فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة - الخبر ». وكذا في صحيحة الفضلاء - زرارة ومحمد بن مسلم وبريد والفضيل عن أبي جعفر وأبى عبد اللّه عليهما السلام.

شاة (1) إلى عشرين ومائة ، فإن زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين ، فإن زادت واحدة ففيها ثلاثة شياه إلى ثلاثمائة ، فإذا كثر سقط هذا كله واخرج من كل مائة شاة.

ويقصد المصدق الموضع الذي فيه الغنم فينادي يا معشر المسلمين هل لله عزوجل في أموالكم حق؟ فإن قالوا : نعم أمر أن يخرج إليه الغنم ويفرقها فرقتين ويخير صاحب الغنم إحدى الفرقتين ويأخذ المصدق صدقتها من الفرقة الثانية ، فإن أحب صاحب الغنم أن يترك المصدق له هذه ، فله ذلك ويأخذ غيرها (2) فإن أحب صاحب الغنم أن يترك هذه ويأخذه هذه أيضا فليس له ذلك ، ولا يفرق المصدق بين غنم مجتمع (3) ولا يجمع بين متفرق.

ص: 27


1- كما هو ظاهر خبر الفضلاء. وقال الفاضل التفرشي : المشهور عدم اعتبار الزيادة على الأربعين بل ادعوا الاجماع على كفاية الأربعين وجوب الزكاة ، فلعل مقصود المؤلف  - رحمه اللّه - من زيادة واحدة بقاء النصاب للسنة الآتية دون اشتراط النصاب للسنة الماضية بتلك الزيادة.
2- كما هو ظاهر حسنة بريد بن معاوية عن الصادق عليه السلام عن جده أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه المروية في الكافي « أدب المصدق » ج 3 ص 536. وحسنة عبد الرحمن ابن الحجاج عن محمد بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- لعل المراد أنه لا يفرق بين غنم مجتمع في الملك بمعنى أنه لو كان لمالك أربعون من الغنم في مكان وأربعون في موضع بعيد منه لا يفرق المصدق بينهما بأن يأخذ من كل واحد شاة بل يأخذ من المجموع شاة واحدة لأنه لم يبلغ النصاب الثاني ، وفيه رد على أحمد بن حنبل حيث فرق بينهما وجعل في كل أربعين شاة ، وقوله : « لا يجمع بين متفرق » أي في الملك بمعنى أنه لو اختلط مال مالكين ولم يبلغ مال كل منهما نصابا وبلغ المجموع النصاب لا تجب فيه الزكاة وفيه رد على الشافعي حيث أوجب الزكاة في أربعين من الغنم إذا كانا لمالكين مع تحقق شرائط الخلط وهي اتحاد المرعى والمراح والمشرع ، بل والراعي أو الرعاة ، والفحل وموضع الحلب والحالب.

1610 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « ليس في الأكيلة ولا في الربى - التي تربى اثنتين - (1) ولا شاة لبن ولا فحل الغنم صدقة ».

1611 - وفي رواية سماعة (2) قال : « لا تؤخذ الأكولة - والأكولة الكبيرة من الشاة تكون في الغنم - ولا والد ، ولا الكبش الفحل » (3).

1612 - وسأله إسحاق بن عمار « عن السخل متى تجب فيه الصدقة؟ قال : إذا أجذع » (4).

ص: 28


1- الأكيلة بمعنى الأكولة وهي الشاة التي تسمن وتعد للاكل ، وقيل هي الخصي و الهرمة العاقر من الغنم كما في النهاية. والربى - بضم الراء المهملة وتشديد الباء الموحدة  - هي التي تربى في البيت لأجل اللبن ، وقيل هي الشاة القريبة العهد للولادة وهو قول الجوهري في الصحاح ، وشاة اللبن هي المعدة للشرب من لبنها. والظاهر أنها مثل الأكولة وذلك لأنها تكون في الأغلب معلوفة وقد أفردت عن الشياه إلى البيت. وقال سلطان العلماء : ظاهر الرواية أنه لا بعد المذكورات في النصاب وهو خلاف المشهور ، بل قيل : إنه خلاف الاجماع في الربى وشاة اللبن ، فيمكن حمل الرواية على أن المراد عدم الاخذ أي أخذ المذكورات للصدقة كما هو صريح رواية سماعة (الآتية) ثم لا يخفى أن مفاد هذه الرواية عدم الصدقة مما يربى سخلتين ، ومفاد رواية سماعة عدم أخذ الوالد مطلقا ، فاما أن يحمل المطلق على المقيد ، أو نقول : هذا في العد - وإن كان خلاف المشهور - وذلك في الاخذ ، وفى الأكولة أيضا نوع اجمال وفسرت في رواية بالكبيرة من الشاة والمشهور أنها ما يعد للاكل من السمينة كبيرا أولا.
2- رواه الكليني في الموثق ج 3 ص 535 عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- « ولا والد » قيل لأنها مريضة. وقال سلطان العلماء : وهل العلة في عدم أخذ الربى كونها مريضة أو عدم الضرر بالولد؟ قال بكل جماعة وتظهر الفائدة في أن رضا المالك يوجب جواز الاخذ على الثاني دون الأول.
4- السخل - بفتح السين المهملة - في الأصل ولد الغنم. والجذش. بفتحتين - و الأجذع من الضأن قيل : ما بلغ سبعة أشهر. وفى القاموس ما دخل في السنة الثانية.
[ضمان المزكى ، وزكاة النقدين ، ومستحق الزكاة]

[ضمان المزكى ، وزكاة النقدين ، ومستحق الزكاة] (1)

1613 - وقال الرضا عليه السلام : « إن بني تغلب (2) أنفوا من الجزية وسألوا عمر أن يعفيهم فخشي أن يلحقوا بالروم فصالحهم على أن صرف ذلك عن رؤوسهم وضاعف عليهم الصدقة فرضوا بذلك فعليهم ما صالحوا عليه ورضوا به إلى أن يظهر الحق » (3).

1614 - وسأله يعقوب بن شعيب « عن العشور التي تؤخذ من الرجل يحتسب بها من زكاته؟ قال : نعم إن شاء » (4).

1615 - روى السكوني عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : « ما أخذ منك العاشر فطرحه في كوزه فهو من زكاتك ، وما لم يطرح في الكوز فلا تحسبه من زكاتك » (5).

1616 - وروى سماعة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « الرجل يخلف لأهله نفقة ثلاثة آلاف درهم نفقة سنتين (6) عليه زكاة؟ قال : إن كان شاهدا فعليه زكاة وإن كان غائبا فليس فيها شئ » (7).

ص: 29


1- العنوان زائد منا.
2- هم نصارى العرب « انفوا » أي استنكوا من قبول الجزية.
3- الظاهر أن الغرض من ذكرهم أنهم ليسوا من أهل الذمة ، وقد قال اللّه تعالى « حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون » وفعل عمر ليس بحجة على معتقد العامة أيضا لأنه كان مجتهدا ومات قوله بموته. (م ت)
4- لعل المراد ما اخذ باسم الزكاة ، والظاهر من الاحتساب جعله من الزكاة ، و يحتمل أن المراد بالاحتساب الاحتساب من المؤن فيزكى المال بعد وضعه وهو بعيد (سلطان) أقول : الظاهر أن المراد بالعشور ما يؤخذ بعنوان الزكاة لا بعنوان الخراج ، قال الشهيد (رحمه اللّه) في الدروس لا يكفي الخراج عن الزكاة.
5- رواه الكليني بسند ضعيف على المشهور كما قاله العلامة المجلسي رحمه اللّه - والمراد بالطرح في الكوز ضبطه للسلطان. ولعل الحكم مخصوص بزمانه عليه السلام.
6- في بعض النسخ « نفقة سنين ».
7- يدل على أن النفقة المخرجة بمنزل التالف إذا كان غائبا لعدم التمكن من التصرف (الشيخ محمد) وقال سلطان العلماء : قوله « إن كان شاهدا - الخ » هو المشهور وذهب ابن إدريس إلى وجوب الزكاة مطلقا إذا كان مالكه متمكنا من التصرف فيه متى أراد

1617 - وسأله محمد بن النعمان الأحول (1) عن رجل عجل زكاة ماله ، ثم أيسر المعطى قبل رأس السنة؟ قال : يعيد المعطي الزكاة.

1618 - وسئل عليه السلام (2) « عن رجل أعطى زكاة ماله رجلا وهو يرى أنه معسر فوجده موسرا؟ قال : لا يجزي عنه » (3).

1619 - وروى محمد بن مسلم عنه عليه السلام أنه قال له : « رجل بعث بزكاة ماله لتقسم فضاعت ، هل عليه ضمانها حتى تقسم؟ فقال : إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها ، فإن لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمانها لأنها قد خرجت من يده ، وكذلك الوصي الذي يوصى إليه يكون ضامنا لما دفع إليه إذا وجد ربه الذي أمر بدفعه إليه ، فإن لم يجد فليس عليه ضمان » (4).

1620 - وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : إذا أخرج الرجل الزكاة

ص: 30


1- الطريق إليه حسن بإبراهيم بن هاشم القمي وربما فيه محمد بن ماجيلويه ولم يوثق صريحا أيضا ، ورواه الكليني والشيخ في الصحيح.
2- رواه الكليني ج 3 ص 545 بسند في ارسال لا يضر.
3- حمل على ما إذا قصر في التفحص عن فقره ، وقال في المدارك : المشهور بين الأصحاب بل المقطوع به في كلامهم جواز الدفع إلى مدعى الفقر إذا لم يعلم له أصل مال من غير تكليف بينة ولا يمين والمشهور أيضا ذلك فيما إذا علم له أصل مال. (المرآة)
4- رواه الكليني - رحمه اللّه - بسند حسن ، واختلفوا في جواز النقل فذهب بعض إلى تحريمه مع وجود المستحق وبه قال أكثر الفقهاء كمالك وأحمد وسعيد بن جبير ، وقال أبو حنيفة بالجواز وبه قال المفيد - رحمه اللّه - وقال العلامة - رحمه اللّه - في المختلف :  « الأقرب عندي جواز النقل على كراهية مع وجود المستحق ويكون صاحب المال ضامنا ». و قال الشيخ - رحمه اللّه - في المبسوط : لا يجوز نقلها من البلد مع وجود المستحق الا بشرط الضمان والجواز مطلقا لا يخلو من قوة. وفى الدروس : لا يجوز نقلها مع وجود المستحق فيضمن ، وقيل : يكره ويضمن وقيل : يجوز بشرط الضمان وهو قوى ولو عدم المستحق و نقلها لم يضمن.

من ماله ثم سماها لقوم فضاعت أو أرسل بها إليهم فضاعت ، فلا شئ عليه (1).

1621 - و « كان (2) رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر ، ولا يقسمها بينهم بالسوية ، إنما يقسمها على قدر من يحضره منهم وما يرى ، ليس في ذلك شئ موقت » (3).

1622 - وفي رواية درست بن أبي منصور قال قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « في الزكاة يبعث بها الرجل إلى بلد غير بلده ، فقال : لا بأس يبعث بالثلث أو الربع » (4).

1623 - وروى عن هشام بن الحكم - رحمه اللّه - « في الرجل يعطى الزكاة يقسمها أله أن يخرج الشئ منها من البلدة التي هو بها إلى غيرها؟ قال : لا بأس » (5).

1624 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يعطي زكاته عن الدراهم دنانير وعن الدنانير دراهم بالقيمة أيحل ذلك؟ قال : لا بأس به » (6).

ص: 31


1- يحمل على عدم وجود المستحق ، وقال في المدارك : لا ريب في جواز النقل إذا عدم المستحق في البلد بل الظاهر وجوبه لتوقف الدفع الواجب عليه ، وأما انتفاء الضمان فيدل عليه الأصل وإباحة الفعل وحسنة زرارة ومحمد بن مسلم ، واما الضمان مع التفريط كما قال به في الشرايع فمعلوم من قواعد الأمانات.
2- رواه الكليني ج 3 ص 554 بطريق حسن كالصحيح عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي الثقة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
3- يدل على كراهة النقل واستحباب القسمة فيهم لأنها أولى لانتظارهم وشركتهم.(الشيخ محمد) وقال في المدارك : استحباب صرف الزكاة في بلد المال هو مذهب العلماء كافة والمستند فيه من طريق الأصحاب رواية عبد الكريم بن عتبة الهاشمي.
4- رواه الكليني ج 3 ص 554 بسند حسن عن ابن أبي عمير أرسله عن درست والترديد من الراوي وهو أبو أحمد ابن أبي عمير كما في الكافي ، ويمكن أن يكون تخييرا في الحكم.
5- ظاهره الجواز مطلقا ولا ينافي الضمان مع وجود المستحق في البلد ، ويمكن الحمل على عدم وجوده.
6- اخراج القيمة في النقدين والغلات اجماعي والخلاف واقع في زكاة الأنعام كما في المعتبر ص 264. وقال المفيد في المقنعة : ولا يجوز القيمة في زكاة الأنعام الا أن يقدم الأسنان المخصوصة في الزكاة ، ومال إليه صاحب المدارك ، ويفهم من المعتبر الميل إليه و جوز الشيخ في اخراج القيمة في الزكاة كلها أي شئ كانت القيمة على وجه البدل لا على أنها أصل ، والى هذا القول ذهب أكثر المتأخرين. (المرآة)

1625 - وكتب محمد بن خالد البرقي (1) إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام : « هل يجوز أن يخرج عما يجب في الحرث من الحنطة والشعير وما يجب على الذهب دراهم بقيمة ما يسوي (2) أم لا يجوز إلا أن يخرج من كل شئ مما فيه؟ فأجاب عليه السلام : أيما تيسر يخرج ».

1626 - وسأل عمر بن يزيد أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل فر بماله من الزكاة فاشترى به أرضا أو دارا أعليه فيه شئ؟ فقال : لا ولو جعله حليا أو نقرا فلا شئ عليه ، (3) وما منع نفسه من فضله فهو أكثر مما منع من حق اللّه الذي يكون فيه ».

1627 - وروى زرارة ، ومحمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « أيما رجل كان له مال وحال عليه الحول فإنه يزكيه ، قيل له : فإن وهبه قبل حوله بشهر أو بيوم؟ قال : ليس عليه شئ إذا. وروى زرارة عنه أنه قال : إنما هذا (4) بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في إقامته ، ثم يخرج في آخر النهار في سفر وأراد بسفره ذلك إبطال الكفارة التي وجبت عليه ».

1628 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « في التسعة الأصناف إذا حولتها في السنة فليس عليك فيها شئ » (5).

ص: 32


1- رواه الكليني ج 3 ص 559 بسند صحيح.
2- أي إلى القيمة السوقية ، وفى الخبر دلالة على جواز اخراج القيمة في الزكاة ولا ينافي استحباب العين كما هو ظاهر الاخبار.
3- الطريق صحيح ويدل على أن الفرار مسقط للزكاة ويحمل على ما قبل الحول ، قال في المنتهى: ان مرجع الإشارة سقط من الرواية و في الكلام الذي بعده شهادة لما قلناه و دلالة على أن المرجع هو حكم من وهب بعد الحول.
4- « أنه قال » أي بعد ذلك القول « إنما هذا » إشارة إلى الفرار بعد حلول الحول ، قال في المنتهى : ان مرجع الإشارة سقط من الرواية وفى الكلام الذي بعده شهادة لما قلناه ودلالة على أن المرجع هو حكم من وهب بعد الحول.
5- « حولتها » أي الأجناس التي فيها الزكاة من الغلات الأربع والنقدين والانعام الثلاثة ، هذا في غير الغلات ظاهر لاشتراط الحول فيه وأما في الغلات فيحتاج إلى التأويل لعدم اشتراط الحول فيها ، ولعل المراد بالتحويل فيها نقلها عن الملك قبل تعلق الزكاة بها ببدو الصلاح وغيره. (سلطان)

1629 - وسئل أبو جعفر وأبو عبد اللّه عليهما السلام « عن الرجل له دار وخادم وعبد (1) أيقبل الزكاة؟ قالا : نعم إن الدار والخادم ليسا بمال » (2).

1630 - « وقد (3) تحل الزكاة لصاحب السبعمائة ، وتحرم على صاحب الخمسين إذا كان (4) صاحب السبعمائة له عيال كثير فلو قسمها بينهم لم تكفه فليعف عنها نفسه وليأخذها لعياله ، وأما صاحب الخمسين فإنه تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها وهو يصيب فيها ما يكفيه إن شاء اللّه تعالى ».

ولا يجوز أن يعطى شارب الخمر من الزكاة شيئا (5).

1631 - وروى سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار والخادم؟ فقال : نعم إلا أن تكون داره دار غلة فيدخل له من غلتها (6)

ص: 33


1- في بعض النسخ « وعبيد ».
2- رواه الكليني في الحسن عن عمر بن أذينة عن غير واحد عنهما عليهما السلام و قال في المدارك : ويلحق بهما فرس الركوب وثياب التجمل نص عليه في التذكرة وقال : انه لا يعلم في ذلك كله خلافا ، وينبغي أن يلحق بذلك كل ما يحتاج إليه من الآلات اللائقة بحاله وكتب العلم لمسيس الحاجة إلى ذلك كله وعدم الخروج بملكه عن حد الفقر إلى الغنى عرفا ، وتدل عليه رواية عمر بن أذينة لان في التعليل اشعارا باستثناء ما ساوى الدار والخادم في المعنى.
3- هذا الكلام بلفظه في موثقة سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام المروية في الكافي ج 3 ص 562.
4- في الكافي « على صاحب الخمسين درهما ، فقلت له : وكيف هذا فقال : إذا كان - »
5- روى الكليني في الكافي ج 3 ص 563 باسناده عن داود الصرمي قال : « سألته عن شارب الخمر يعطى من الزكاة شيئا قال : لا ».
6- في بعض النسخ « فيخرج له من غلتها » والغلة ما يحصل من ريع أرض و كرائها أو أجرة غلام أو نحو ذلك ، وفى النهاية الغلة : الدخل الذي يحصل من الزرع والتمر واللبن والإجارة والنتاج ونحو ذلك. وقال الفاضل التفرشي : المستفاد من هذا الحديث أن دار الغلة أيضا - باعتبار قيمتها - لا يخرج المالك عن الاستحقاق ولو دل دليل على خلاف ذلك لأمكن حملها على ماله مانع من البيع كالوقف. وقال سلطان العلماء : يدل على أن المناط في استحقاق الزكاة عدم كفاية الحاصل والغلة لا قيمة الملك فيجوز أخذ الزكاة إذا لم يكف حاصل الملك لقوت السنة وان كفى قيمته لو بار. صرح بهذه المسألة الشهيد الثاني  - رحمه اللّه - في شرح اللمعة.

ما يكفيه [لنفسه] وعياله ، فإن لم تكن الغلة تكفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم وحاجتهم في غير إسراف فقد حلت له الزكاة ، وإن كانت غلتها تكفيهم فلا.

1632 - وسأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يكون له ثمانمائة درهم وهو رجل خفاف وله عيال كثير أله أن يأخذ من الزكاة؟ فقال : يا أبا محمد أيربح في دراهمه ما يقوت به عياله ويفضل؟ قال : نعم ، كم يفضل؟ قال : لا أدري ، قال : إن كان يفضل عن القوت مقدار نصف القوت فلا يأخذ الزكاة ، وإن كان أقل من نصف القوت أخذ الزكاة ، قال : قلت : فعليه في ماله زكاة تلزمه؟ قال : بلى ، قال : قلت : كيف يصنع؟ قال : يوسع بها على عياله في طعامهم وكسوتهم ويبقى منها شيئا (1) يناوله غيرهم ، وما أخذ من الزكاة فضه على عياله (2) حتى يلحقهم بالناس ».

ويجوز للرجل أن يعطي الرجل الواحد من زكاته حتى يغنيه ، ويجوز أن يعطيه حتى يبلغ مائة ألف (3) ويفضل الذي لا يسأل على الذي يسأل (4).

ص: 34


1- في الكافي « ان بقي منها شئ ».
2- فضه - بالفاء وتشديد المعجمة - أي وزعه وقسمه عليهم حتى يلحقهم بالناس.
3- كما في الكافي ج 3 ص 548 في حسنة سعيد بن غزوان عن الصادق (عليه السلام) ، ومرسل بشر بن بشار في العلل ص 130 وخبر إسحاق بن عمار في التهذيب ج 3 ص 367.
4- في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن الكاظم (عليه السلام) « سأله عن الزكاة أيفضل بعض من يعطى ممن لا يسأل على غيره؟ قال : نعم يفضل الذي لا يسأل على الذي يسأل » (الكافي ج 3 ص 550).

1633 - وقال عبد اللّه بن عجلان السكوني (1) لأبي جعفر عليه السلام : « إني ربما قسمت الشئ بين أصحابي أصلهم به فكيف أعطيهم؟ فقال : أعطهم على الهجرة في الدين والفقه والعقل ».

[زكاة الغلات]

[زكاة الغلات] (2)

وليس على الحنطة والشعير شئ حتى يبلغ أوساق ، والوسق ستون صاعا والصاع أربعة أمداد ، والمد وزن مائتين واثنين وتسعين درهما ونصف ، فإذا بلغ ذلك وحصل بعد خراج السلطان ومؤونة القرية أخرج منه العشر إن كان سقي بماء المطر أو كان سيحا ، وإن سقي بالدلاء والغرب (3) ففيه نصف العشر ، وفي التمر والزبيب مثل ما في الحنطة والشعير ، فان بقي من الحنطة والشعير بعد ذلك ما بقي فليس عليه شئ حتى يباع ويحول على ثمنه الحول (4).

[الحج من مال الزكاة]

[الحج من مال الزكاة] (5)

1634 - وسأل محمد بن مسلم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الصرورة (6) أيحج من الزكاة؟ قال : نعم ».

1635 - وقال علي بن يقطين (7) لأبي الحسن الأول عليه السلام : « يكون عندي

ص: 35


1- لم يذكر المصنف طريقه إلى عبد اللّه بن عجلان والظاهر أخذه من الكافي ، وفيه ج 3 ص 549 باسناد فيه ضعف وجهالة. ورواه الشيخ في التهذيب عنه في الحسن كالصحيح.
2- العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل.
3- السيح : الماء الجاري ، والغرب كغضب : الماء السائل بين البئر والحوض يقطر من الدلاء والرواية والدلو العظيمة ولعل المراد الأخير.
4- راجع نصوص هذه الفتاوى الكافي ج 3 ص 512 باب « أقل ما يجب فيه الزكاة من الحرث » والتهذيب ج 1 ص 351 باب « زكاة الحنطة والشعير ».
5- العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل.
6- الصرورة هو الذي لم يحج بعد ومثله امرأة صرورة ، وهي التي لم تحج بعد. و قوله « أيحج » في بعض النسخ « فأحجج » وفى اللغة أحججت فلانا إذا بعثته ليحج.
7- الطريق إليه صحيح.

المال من الزكاة فأحج به موالي وأقاربي؟ قال : نعم لا بأس » (1).

[زكاة مال المملوك والمكاتب]

1636 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله رجل وأنا حاضر عن مال المملوك أعليه زكاة؟ فقال : لا ولو كان له ألف ألف درهم ، ولو احتاج لم يكن له من الزكاة شئ » (2).

1637 - وفي خبر آخر عن عبد اللّه بن سنان قال : قلت له : « مملوك في يده مال أعليه زكاة؟ قال : لا ، قال : قلت : فعلى سيده؟ (3) فقال : لا لأنه لم يصل إلى السيد وليس هو للمملوك » (4).

1638 - وفي رواية وهب بن وهب القرشي عن الصادق عليه السلام عن آبائه عن علي عليهم السلام قال : « ليس في مال المكاتب زكاة » (5).

ص: 36


1- يمكن أن يكون الاعطاء من سهم الفقراء حتى يستطيع للحج ويحج واجبا أو مندوبا إن كان قد حج وأن يكون من سهم سبيل اللّه على تقدير العموم فالاعطاء من سهم الفقراء أحوط (م ت) لما رواه الكليني ج 3 ص 557 باسناده عن جميل عن إسماعيل الشعيري عن الحكم ابن عتيبة قال : « قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) : رجل يعطى من زكاة ماله يحج بها؟ قال : مال الزكاة يحج به؟ فقلت له : انه رجل مسلم أعطى رجلا مسلما؟ فقال : إن كان محتاجا فليعطه لحاجته وفقره ولا يقول له : حج بها ، يصنع بها بعد ما يشاء ».
2- في الكافي « ولو احتاج لم يعط من الزكاة شئ ».
3- في الكافي « قلت : ولا على سيده ».
4- قال في المدارك : لا ريب في عدم وجوب الزكاة على المملوك على القول بأنه لا يملك لان ما بيده يكون ملكا لمولاه وعليه زكاته ، بل لا وجه لاشتراط الحرية على هذا التقدير لان اشتراط الملك يغنى عنه ، وإنما الكلام في وجوب الزكاة على المملوك على القول بملكه والأصح أنه لا زكاة عليه لصحيحة عبد اللّه بن سنان وحسنته ، وصرح المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى بوجوب الزكاة على المملوك ان قلنا بملكه مطلقا ، أو على بعض الوجوه وهو مدفوع بالرواية.
5- قال في المدارك : أما وجوب الزكاة على المكاتب المطلق إذا تحرر منه شئ و بلغ جزؤه الحر نصابا فلا ريب فيه لان العموم يتناوله كما يتناول الأحرار ، وأما السقوط عن المكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد فهو المعروف في مذهب الأصحاب ، واستدل عليه في المعتبر بأنه ممنوع من التصرف فيه الا بالاكتساب فلا يكون ملكه تاما ، وبرواية أبى - البختري وهب بن وهب بن القرشي. وفى الدليل الأول نظر ، وفى سند الرواية ضعف مع أن مقتضى ما نقلناه عن المعتبر والمنتهى من وجوب الزكاة على المملوك ان قلنا بملكه الوجوب على المكاتب بل هو أولى بالوجوب

[ما لبنى هاشم من الزكاة] (1)

1639 - وروى أبو خديجة سالم بن مكرم (2) الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « أعطوا الزكاة من أرادها من بني هاشم فإنها تحل لهم ، وإنما تحرم على النبي صلى اللّه عليه وآله وعلى الامام الذي بعده وعلى الأئمة عليهم السلام » (3).

1640 - وروى القاسم بن سليمان (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن صدقات

ص: 37


1- العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل.
2- الطريق إلى أبى خديجة فيه أبو سمينة وهو ضعيف ، ورواه الكليني ج 4 ص 59 وفى طريقه معلى بن محمد وهو مضطرب الحديث والمذهب.
3- روى الشيخ هذا الخبر في التهذيب ج 1 ص 366 والاستبصار ج 2 ص 36 وحمله على حال الضرورة وقال : انهم عليهم السلام بأنفسهم لا يضطرون إلى ذلك أبدا. وقال في الاستبصار بعد ذكر الخبر : فهذا الخبر لم يروه غير أبى خديجة وان تكرر في الكتب وهو ضعيف عند أصحاب الحديث لما لا أحتاج إلى ذكره ، ويجوز مع تسليمه أن يكون مخصوصا بحال الضرورة والزمان الذي لا يتمكنون فيه من الخمش. فحينئذ يجوز لهم أخذ الزكاة بمنزلة الميتة التي تحل عند الضرورة ، ويكون النبي والأئمة عليهم السلام منزهين عن ذلك لان اللّه تعالى يصونهم عن هذه الضرورة تعظيما لهم وتنزيها. والذي يدل على ذلك ما رواه علي بن الحسن بن فضال عن إبراهيم بن هاشم ، عن حماد بن عيسى ، عن حريش. عن زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه قال : « لو كان عدل ما احتاج هاشمي ولا مطلبي إلى صدقة ، ان اللّه تعالى جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم ، ثم قال : ان الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة ، والصدقة لا تحل لاحد منهم الا أن لا يجد شيئا ويكون ممن تحل له الميتة ».
4- الطريق إليه صحيح وكتابه معتمد. (م ت)

رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصدقات علي عليه السلام تحل لبني هاشم ».

1641 - وروى الحلبي عنه عليه السلام « أن فاطمة عليها السلام جعلت صدقاتها لبني هاشم وبني المطلب » (1).

1642 - وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : « بعثت إلى الرضا عليه السلام بدنانير من قبل بعض أهلي وكتبت إليه اخبره أن فيها زكاة خمسة وسبعون والباقي صلة ، فكتب عليه السلام بخطه قبضت ، وبعثت إليه بدنانير لي ولغيري وكتبت إليه أنها من فطرة العيال فكتب عليه السلام بخطه : قبضت ».

وصدقة غير بني هاشم لا تحل لبني هاشم إلا في وجهين إذا كانوا عطاشا فأصابوا ماء فشربوا ، وصدقة بعضهم على بعض (2).

أما قبض الامام لما قبضه فليس لنفسه وإنما قبضه لغيره من أهل الحاجة والمسكنة وهو مستغن عن أموال الناس بكفاية اللّه إياه ، متى ناداه لباه ، ومتى سأله أعطاه ، ومتى ناجاه أجابه.

باب 94: نوادر الزكاة

1643 - روى [عن] علي بن يقطين قال : قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام :  « رجل مات وعليه زكاة وأوصى أن تقضى عنه الزكاة ، وولده محاويج إن دفعوها أضر

ص: 38


1- في بعض النسخ « وبنى عبد المطلب » وهو بعيد لان المطلب هو أخو هاشم وعبد المطلب ابنه وبنو هاشم كلهم من عبد المطلب ، قال ابن قتيبة في المعارف « هاشم بن عبد مناف اسمه عمرو ، مات بغزة من أرض الشام ، وولده عبد المطلب وأسد وغيرهما ممن لم يعقب ، فأما أسد فولده ، حنين ولم يعقب وهو خال علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وفاطمة بنت أسد وهي أم علي بن أبي طالب وليس في الأرض هاشمي الا من ولد عبد المطلب بن هاشم ، لأنه كان لهاشم ذكور لم يعقبوا » وقال ابن حزم في جمهرة الأنساب : « ولد هاشم بن عبد مناف : شيبة و هو عبد المطلب وفيه العمود والشرف ولم يبق لهاشم عقب الا من عبد المطلب فقط ». فبنو - هاشم هم بنو عبد المطلب.
2- راجع التهذيب ج 1 ص 366 والكافي ج 4 ص 59.

بهم ذلك ضررا شديدا ، فقال : يخرجونها فيعودون بها على أنفسهم ويخرجون منها شيئا فيدفع إلى غيرهم » (1).

1644 - وروى إسماعيل بن جابر قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « يحل للرجل أن يأخذ الزكاة وهو لا يحتاج إليها فيتصدق بها؟ قال : نعم ، وقال : في الفطرة مثل ذلك ».

1645 - وروي عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ما على الامام من الزكاة(2) فقال : يا أبا محمد أما علمت أن الدنيا للامام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جائز من اللّه عزوجل له ذلك ، إن الامام لا يبيت ليلة أبدا ولله عزوجل في عنقه حق يسأله عنه » (3).

باب 95: الخمس

باب الخمس (4)

1646 - سئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام (5) « عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد ، وعن معادن الذهب والفضة هل فيها زكاة؟ فقال : إذا

ص: 39


1- يدل على جواز اعطاء الزكاة لواجب النفقة بعد الموت لأنهم خرجوا عن الوصف ، وأما اعطاء قدر منه إلى الغير فعلى الاستحباب على الظاهر ، وإن كان الوقوف مع النص أحوط بغير نية الوجوب والندب ، بل ينوى القربة ، ويدل أيضا على وجوب اخراج الواجبات المالية مع الوصية بل يجب مطلقا. (م ت)
2- لعل المراد من السؤال أنه هل يجب على الا ما الزكاة أو كيف يؤدى والى من يؤدى.
3- يعنى ان الامام هو خليفة اللّه تعالى لا يفعل شيئا الا بأمره وارادته ، فان وجب عليه شئ لا يؤخره عن وقت وجوبه.
4- الخمس حق مالي ثبت بالكاتب والسنة والاجماع لبنى هاشم بالأصل عوضا عن الزكاة ومرادنا بالاجماع هنا اجماع المسلمين.
5- رواه الكليني رحمه اللّه في الكافي ج 1 ص 547 بطريق صحيح عن البزنطي عن محمد بن علي عنه (عليه السلام) ومحمد بن علي مشترك لكن رواية أحمد بن أبي نصر البزنطي وهو من أصحاب الاجماع.

بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس ». (1)

1647 - وسأل عبيد اللّه بن علي الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الكنز كم فيه؟ فقال : الخمس ، وعن المعادن كم فيها؟ فقال : الخمس ، وعن الرصاص والصفر والحديد وما كان من المعادن كم فيها؟ فقال : يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة (2) ».

1648 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة » (3).

1649 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : « سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز ، فقال : ما تجب الزكاة في مثله ففيه الخمس (4) »

ص: 40


1- يدل على وجوب الخمس في المعادن إذا بلغ قيمتها دينارا وحمل على الاستحباب لما يأتي تحت رقم 1647 عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام). وسيأتي الكلام فيه.
2- يدل على وجوب الخمس في الكنز والمعادن جميعا. روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 383 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن معادن الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص ، فقال : عليها الخمس جميعا ». وروى الكليني في الحسن كالصحيح نحوه.
3- في بعض النسخ « خاصا » وفى بعضها « خاص » بالرفع أي هو خاص بها. إن كان المراد غنائم دار الحرب فظاهر هذا الخبر التقية ، ويمكن أن يكون المراد أن جميع ما فيه الخمس فهو غنيمة ونفع وداخل في كريمة « واعلموا إنما غنمتم » أو المعنى أن الخمس المعتد به خمس غنائم دار الحرب والباقي قليل بالنسبة إليها. وقال الفاضل التفرشي : ان المراد بالغنائم المنافع المستفادة في السنة خاصة دون ما كان في ملك المالك قبلها وان حال عليها الحول ، وهو مأخوذ من قوله تعالى « واعلموا إنما غنمتم - الآية ».
4- الطريق صحيح ، ورواه الشيخ بسند صحيح عن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن البزنطي عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) هكذا « سألت أبا الحسن عما اخرج من المعدن من قليل أو كثير هل فيه شئ؟ قال : ليس فيه شئ حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا ». وسند الخبر الذي تقدم في أول الباب قاصر عن مكافئة هذا الصحيح ، فلذا لم يعمل بالذي تقدم عامة المتأخرين وان عمل به أكثر القدماء وحملوه على الاستحباب ، قال في المدارك : اختلف الأصحاب في اعتبار النصاب في المعادن وفى قدره ، فقال الشيخ - رحمه اللّه - في الخلاف : يجب الخمس في المعادن ولا يراعى فيها نصاب ، وبه قطع ابن إدريس في سرائره فقال : اجماع الأصحاب منعقد على وجوب اخراج الخمس من المعادن على اختلاف أجناسها قليلا كان أو كثيرا ، ذهبا كان أو فضة ، عن غير اعتبار مقدار ، وهو اختيار ابن الجنيد و السيد المرتضى وابن أبي عقيل وابن زهرة وسلار وغيرهم ، وقال أبو الصلاح : يعتبر بلوغ قيمته دينارا واحدا ، ورواه ابن بابويه مرسلا في المقنع والفقيه ، وقال الشيخ في النهاية والمبسوط : لا يجب فيها شئ حتى يبلغ عشرين دينارا واختاره العلامة واليه ذهب عامة المتأخرين وهو المعتمد ، ثم استدل بخبر الصفار المذكور ، ورد على ابن إدريس وقال : دعوى الاجماع في موضع الخلاف ظاهرة البطلان ، ثم طعن في سند الخبر المتقدم بجهالة الراوي ورجح سند الأخير بعدم الواسطة وجواز حمل الأول على الاستحباب جمعا.

1650 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن الملاحة فقال : وما الملاحة فقلت : أرض سبخة مالحة يجتمع فيها الماء فيصير ملحا ، فقال : مثل المعدن فيه الخمس قلت : فالكبريت والنفط يخرج من الأرض؟ فقال : هذا وأشباهه فيه الخمس (1) ».

1651 - وقال الصادق عليه السلام : « إن اللّه لا إله إلا هو لما حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس ، فالصدقة علينا حرام ، والخمس لنا فريضة ، والكرامة لنا حلال (2) ».

1652 - وروي عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « أصلحك اللّه (3) ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال : من أكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم » (4).

ص: 41


1- الملاحة - بشد اللام -. والخبر يدل على وجوب الخمس مطلقا جامدا ومايعا.
2- الخبر رواه المصنف - رحمه اللّه - في الخصال باب الخمسة تحت رقم 51 باسناده عن عيسى بن عبد اللّه العلوي. وفيه « ان اللّه الذي لا اله الا هو - الخ » والمراد بالكرامة التحف و الهدايا ، وفى الصحاح التكريم والاكرام بمعنى ، والاسم منه الكرامة.
3- « أصلحك اللّه » أي جعلك اللّه متمكنا في الأرض ظاهرا كما جعلك باطنا. « وما أيسر » سؤال بما الاستفهامية أي أي شئ أقل ما يدخل به العبد النار.
4- قال المؤلف بعد نقل الخبر في كمال الدين ص 522 : معنى اليتيم هو المنقطع القرين في هذا الموضع ، فسمى النبي صلى اللّه عليه وآله بهذا المعنى يتيما ، وكذلك كل امام بعده يتيم بهذا المعنى ، والآية في أكل أموال اليتامى ظلما نزلت فيهم وجرت بعدهم في سائر الأيتام ، والدرة اليتيمة إنما سميت يتيمة لأنها منقطعة القرين. أقول في الطريق علي بن أبي حمزة البطائني.

1653 - وسأل زكريا بن مالك الجعفي (1) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل » واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل « قال : أما خمس اللّه فللرسول يضعه في سبيل اللّه ، وأما خمس الرسول صلى اللّه عليه وآله فلا قاربه (2) وخمس ذي القربى فهم أقرباؤه ، واليتامى يتامى أهل بيته ، فجعل هذه الأربعة الأسهم فيهم (3) وأما المساكين وأبناء السبيل فقد عرفت أنا لا نأكل الصدقة ولا تحل لنا فهي للمساكين وأبناء السبيل » (4).

1654 - وفي توقيعات الرضا عليه السلام إلى إبراهيم بن محمد الهمداني « إن الخمس بعد المؤونة » (5).

1655 - وروى أبو عبيدة الحذاء (6) عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « أيما ذمي

ص: 42


1- الطريق إليه فيه الحسين بن أحمد بن إدريس وهو من مشايخ الإجازة له ورواه في الخصال عن محمد بن ماجيلويه.
2- أي بالإرث وقيامهم عليهم السلام مقامه صلى اللّه عليه وآله ، وفيه اشعار بأن سهم اللّه عزوجل الذي كان للرسول (صلی اللّه عليه وآله) أيضا لهم لقيامهم مقامه وسيصرح بذلك في قوله « فجعل هذه الأربعة الأسهم فيهم ». (مراد)
3- قوله « وخمس ذي القربى - الخ » في قوة قوله وخمس ذي القربى أيضا لأقاربه صلى اللّه عليه وآله لان المراد بذوي القربى أقرباؤه فيكون قد جعل اللّه لهم. (مراد)
4- أي فلابد أن يكون لمساكيننا وأبناء سبيلنا ما يعيشون به عوضا عن الصدقة فجعل اللّه عزوجل هذين السهمين لهم (مراد) أقول : راجع بيان هذا الخبر الشريف في الجزء الثالث (جزء الزكاة) من مصباح الفقيه للفقيه الهمداني - قدس سره - ص 145.
5- الظاهر أن المراد بالمؤونة مؤونة السنة كما تقدم وسيجئ (م ت) أقول : قد صرح جماعة كثيرة من الفقهاء بأن المراد من المؤونة كل ما ينفقه على نفسه وعياله وغيرهم للاكل والشرب واللباس والمسكن والتزويج والخادم وأثاث البيت والكتب وغير ذلك مما يعد مؤونة عرفا ، فتعم مثل الهبة والصدقة والصلة والنذر من الأمور الواجبة والمندوبة ما لم يتجاوز عن الحد ولم يعد اسرافا أو تبذيرا أو يكون فوق الشأن.
6- طريق المؤلف إلى أبى عبيدة الحذاء وهو زياد بن عيسى الكوفي الثقة غير مذكور في المشيخة ، والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 389 بسند صحيح. وهو المعمول به عند فقهائنا رضوان اللّه تعالى عليهم.

اشترى من مسلم أرضا فعليه الخمس ».

1656 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول : يا رب خمسي. وقد طيبنا (1) ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم أو لتزكوا ولادتهم » (2).

1657 - وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : « يا أمير المؤمنين أصبت مالا أغمضت فيه أفلي توبة (3)؟ قال : ائتني بخمسه ، فأتاه بخمسه ، فقال : هو لك إن الرجل إذا تاب تاب ماله معه » (4).

1658 - وسئل أبو الحسن عليه السلام (5) « عن الرجل يأخذ منه هؤلاء زكاة ماله أو خمس غنيمته ، أو خمس ما يخرج له من المعادن أيحسب ذلك له في زكاته وخمسه؟ فقال : نعم » (6).

1659 - وروي عن أبي علي بن راشد (7) قال : قلت لأبي الحسن الثالث عليه السلام :  « إنا نؤتى بالشئ فيقال : هذا كان لأبي جعفر عليه السلام عندنا ، فكيف نصنع؟ فقال : ما كان لأبي جعفر عليه السلام بسبب الإمامة فهو لي وما كان غير ذلك فهو ميراث على كتاب اللّه

ص: 43


1- في بعض النسخ « وقد أحللنا ».
2- يمكن أن يكون الترديد من الراوي ، ورواه الكليني ج 1 ص 546 والشيخ في التهذيب ج 1 ص 388. وفى بعض النسخ الفقيه مكان « ولادتهم » « أولادهم ».
3- أي ما لاحظت الحرام والحلال في تحصيله أو تساهلت في أحكام البيع والشراء ، فخلطت الحلال بالحرام.
4- رواه الشيخ باسناده عن الحسن بن زياد عن الصادق عليه السلام مع اختلاف في اللفظ راجع التهذيب ج 1 ص 384 و 389 وحمل على ما إذا كان قدر المال وصاحبه مجهولين ولعل مصرفه مصرف الصدقات.
5- في بعض النسخ « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام ».
6- تقدم الكلام فيه في أبواب الزكاة.
7- هو من وكلاء الهادي عليه السلام أقامه مقام الحسين بن عبد ربه وكتب عليه السلام إلى الموالي ببغداد والمدائن والسواد وما يليها : قد أقمت أبا علي بن راشد مقام الحسين بن عبد ربه ومن قبله من وكلائي وأوجبت في طاعته طاعتي وفى عصيانه الخروج إلى عصياني.

وسنة نبيه صلى اللّه عليه وآله » (1).

1660 - وروى عبد اللّه بن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالا (2) ما أريد بذلك إلا أن تطهروا » (3).

1661 - وروي عن يونس بن يعقوب قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فدخل عليه رجل من القماطين (4) فقال : جعلت فداك تقع في أيدينا الأرباح والأموال وتجارات نعرف أن حقك فيها ثابت وإنا عن ذلك مقصرون؟ فقال عليه السلام : ما أنصفناكم إن كلفناكم ذلك اليوم » (5).

1662 - وروي عن علي بن مهزيار أنه قال : « قرأت في كتاب لأبي جعفر عليه السلام إلى رجل يسأله أن يجعله في حل من مأكله ومشربه من الخمس ، فكتب عليه السلام بخطه : من أعوزه شئ من حقي فهو في حل » (6).

1663 - وروى أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يموت ولا وارث

ص: 44


1- يعنى ما كان فيه من سهم الإمام عليه السلام فهو للامام الذي بعده وما كان من الأموال الشخصية له دون السهم فهو لورثته يقسم فيهم على ما فرض اللّه وسن نبيه صلى اللّه عليه وآله وذلك لان مال الغنيمة لا يصير ملكا لأربابها ما لم يصل إليهم وكذا حصة الإمام عليه السلام.
2- أي انى لمن الذين هم أكثر مالا في أهل المدينة. (مراد)
3- أي من الآثام التي تحصل بسبب منع الخمس أو مطلقا. ويمكن أن يقرء « تطهروا » بالتخفيف أي تطهروا من حقنا كما قال الفاضل التفرشي.
4- القماط - كشداد - : من يصنع القمط للصبيان والقمط - بضمتين - : الحبال. وقيل : القماط من يعمل بيوت القصب.
5- أي ما عملنا معكم بالعدل ان كلفناكم ذلك أي اعطاء حقنا إيانا اليوم الذي أنتم في التقية ، وأيدي الظلمة. في الصحاح نصف أي عدل يقال : أنصفه من نفسه.
6- « من الخمس » أي فيما كان فيه الخمس أو من زيادة الأرباح. و « اعوزه » في الصحاح أعوزه الشئ إذا احتاج إليه فلم يقدر عليه ولعل معنى الاعواز هنا الاحتياج الشديد أي أحوجه شئ من حقنا إليه والاسناد مجازي. (مراد)

له ولا مولى له؟ فقال : هو من أهل هذه الآية : « يسألونك عن الأنفال ». (1).

1664 - وروى عنه داود بن كثير الرقي أنه قال : « إن الناس كلهم يعيشون في فضل مظلمتنا إلا أنا أحللنا شيعتنا من ذلك » (2).

1665 - وروى حفص بن البختري (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن جبرئيل عليه السلام كرى برجله خمسة أنهار (4) ولسان الماء يتبعه : الفرات ، ودجلة ، ونيل مصر ، ومهران ، ونهر بلخ (5) فما سقت أو سقي منها فللامام والبحر المطيف بالدنيا » وهو أفسيكون (6).

ص: 45


1- يعنى وارثه الامام ، فهو الوارث لمن لا وارث له.
2- الظاهر أن إضافة الفضل إلى المظلمة بيانية أي فضل مال هو مظلمتنا. وفى الصحاح الظلامة والمظلمة والظليمة : ما تطلبه عند الظالم وهو اسم ما أخذ منك.
3- رواه المصنف - رحمه اللّه - في الخصال بسند صحيح.
4- كرى - كرضى - : استحدث نهره ، وكريت النهر كريا : حفرته.
5- الفرات هو النهر المشهور الذي ينبع في أرمينيا ويمر بسوريا إلى العراق حتى ينتهى إلى الخليج الفارسي. ونهر دجلة مخرجه من جبل بقرب آمد عند حصن هناك معروف بحصن ذي القرنين ومن تحته تخرج عين دجلة وكلما امتد انضم إليه مياه جبال ديار بكر وغيرها وينتهي إلى البحر بعد أن يقترن بالفرات ويشترك في مصبه في الخليج. والنيل نهر يخرج من بحيرة فيكتوريا فيجتاز السودان وينتهي إلى بلاد النوبة ثم إلى مصر حيث يبلغ القاهرة ومنها يتشعب بالدلتا فينصب في البحر المتوسط. ومهران شبهه الإصطخري بالنيل في الكبر والنفص. مخرجه من ظهر جبل في الشمال وهو في بلاد السند وعليه كثير من المدن وأهمها الملتان. ونهر بلخ وهو جيحون ومنبعه منم بحيرة في التبت الصغرى وعليه روافد كثيرة ، وهو يصب في جنوب بحر آرال « بحيرة قزوين » وهذه الأنهار الخمسة هي التي يستقى منها كثير من الخلق.
6- هذا الخبر رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 409 وليس فيه « وهو أفسيكون » والظاهر أنه من كلام الصدوق - رحمه اللّه - فسربه البحر المطيف بالدنيا ، وقال بعض الشراح المراد بالمطيف بالدنيا المحيط بالدنيا وهو لا يلائم تفسير المؤلف ولا تساعد عليه الخرائط الجغرافية الحديثة لان أفسيكون معرب آبسكون وهو بحر الخزر ، قال في المراصد ومعجم البلدان آبسكون - بفتح الهمزة وسكون الألف وفتح الباء الموحدة وسين مهملة ساكنة و كاف مضمونة وواو ساكنة ونون وقيل : بغير ألف ولا مد - : بليدة على ساحل بحر طبرستان وبينها وبين جرجان ثلاثة أميال فسمى البحر باسم البلدة. وقيل : المشهور أنه شعبة من البحر المحيط. والعلم عند اللّه.

باب 96: حق الحصاد والجذاذ

حق الحصاد والجذاذ (1)

قال اللّه تعالى : « وآتوا حقه يوم حصاده » وهو أن تأخذ بيدك الضغث بعد الضغث (2) فتعطيه المسكين ثم المسكين حتى تفرغ منه ، وعند الصرام الحفنة بعد الحفنة (3) حتى تفرغ منه ، ومن الجذاذ الحفنة بعد الحفنة حتى تفرغ منه (4) ويترك

ص: 46


1- الجذاذ بالمعجمتين - : الصرام وهو قطع الثمرة وصرام النخل قطع ثمرتها. وفى بعض النسخ ، الجداد - بالمهملتين - وهو بمعنى القطع أيضا وقال ابن إدريس هو الصواب ونسب قراءة الجذاذ بالذالين إلى المتفقهة.
2- الضغث - بالكسر والفتح - قبضة من الحشيش يختلط فيها الرطب واليابس.
3- تقدم أن الصرام بمعنى القطع. والحفنة - بالفتح - : ملء الكفين ومنه اعطاء حفنة من دقيق (النهاية) وفى أقرب الموارد بضم الحاء وقالوا : الحفنة ملء الكف دون الكفين.
4- قال في المدارك : المشهور بين الأصحاب أنه ليس في المال حق واجب سوى الزكاة والخمس ، وقال الشيخ في الخلاف في المال حق سوى الزكاة المفروضة وهو ما يخرج يوم الحصاد من الضغث بعد الضغث والحفنة بعد الحفنة. احتج الموجبون بالاخبار وقوله تعالى « و آتوا حقه يوم حصاده » وأجيب عن الاخبار بأنها إنما تدل على الاستحباب لا الوجوب ، وعن الآية باحتمال أن يكون المراد بالحق الزكاة المفروضة كما ذكره جمع من المفسرين وأن يكون المعنى فاعزموا على أداء الحق يوم الحصاد واهتموا به حتى لا تؤخروه عن أول وقت فيه يمكن الايتاء لان قوله : « وآتوا حقه » إنما يحسن إذا كان الحق معلوما قبل ورود الآية ، لكن ورد في أخبارنا انكار ذلك روى السيد المرتضى - رضي اللّه عنه - في الانتصار عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى « وآتوا حقه يوم حصاده » قال : ليس ذلك الزكاة ألا ترى أنه قال « ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين » قال المرتضى - : وهذه نكتة منه عليه السلام مليحة ، لان النهى عن السرف لا يكون الا فيما ليس بمقدر والزكاة مقدرة ، وثانيا بحمل الامر على الاستحباب كما تدل عليه رواية معاوية بن شريح وحسنة زرارة ومحمد بن مسلم وأبى بصير في الكافي. وجه الدلالة أن المتبادر من قوله عليه السلام في حسنة الفضلاء « هذا من الصدقة » الصدقة المندوبة.

للحارس (1) يكون في الحائط أجرا معلوما ، ويترك من النخلة معافارة ، وأم جعرور (2) ويترك للحارس العذق والعذقين والثلاثة لحفظه له (3) وأما قوله تعالى : « ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين » فالاسراف أن تعطي بيديك جميعا (4).

1666 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تحصد بالليل ، ولا تصرم بالليل ، ولا تجذ بالليل ، ولا تضح بالليل (5) ولا تبذر بالليل لأنك تعطي في البذر كما تعطي في الحصاد و متى فعلت ذلك بالليل لم يحضرك المساكين والسؤال ولا القانع ولا المعتر » (6).

1667 - وروي عن مصادق قال : « كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام في أرض له وهم يصرمون فجاء سائل يسأل فقلت : اللّه يرزقك ، فقال : مه ليس ذاك لكم حتى تعطوا ثلاثة فإن

ص: 47


1- هو الذي يحرس الزرع ويحفظه ، وفى بعض النسخ « الخارص » بالمعجمة والصاد وهو الذي يخرص الثمرة أي يقدرها ، وصوبه بعض لكن في الكافي كما في المتن.
2- معافارة وأم جعرور : ضربان رديان من أردى التمر. (مجمع البحرين)
3- العذق : النخلة بحملها ، والقنو من النخلة والعنقود من العنب (القاموس) والى هنا مأخوذ من خبر معاوية بن شريح وخبر الفضلاء : محمد بن مسلم وأبى بصير وزرارة المرويين في الكافي ج 3 ص 564 و 565.
4- كما في قرب الإسناد في حديث البزنطي عن الرضا عليه السلام قال : « من الاسراف في الحصاد والجداد أن يصدق الرجل بكفيه جميعا قال وكان أبى عليه السلام إذا حضر حصد شئ ومن هذا فرأى أحدا من غلمانه يصدق بكفيه صاح به وقال : أعطه بيد واحدة القبضة بعد القبضة والضغث بعد الضغث من السنبل - الحديث » ورواه العياشي في التفسير ج 1 ص 379.
5- من ضحى يضحى تضحية أي لا تذبح الأضحية بالليل « ولا تبذر » من البذر وبذر الحب بذرا ألقاه في الأرض للزراعة.
6- الخبر في الكافي ج 3 ص 565 بسند قوى مع زيادة واختلاف في اللفظ. وفيه « فقلت : ما القانع والمعتر؟ قال : القانع الذي يقنع بما أعطيته ، والمعتر الذي يمر بك فيسألك - » الخ.

أعطيتم بعد ذلك فلكم ، وإن أمسكتم فلكم ». (1)

باب 97: الحق المعلوم والماعون

1668 - روى سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الحق المعلوم ليس من الزكاة هو الشئ تخرجه من مالك إن شئت كل جمعة ، وإن شئت كل شهر ، ولكل ذي فضل فضله ، وقول اللّه عزوجل : « وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم » فليس من الزكاة ، والماعون ليس من الزكاة هو المعروف تصنعه ، والقرض تقرضه ، ومتاع البيت تعيره ، وصلة قرابتك ليس من الزكاة وقال عزوجل : « والذين في أموالهم حق معلوم » فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شئ يفرضه الرجل على نفسه أنه في ماله و نفسه ، ويجب له أن يفرضه على قدر طاقته وسعته » (2).

باب 98: الخراج والجزية

1669 - روي عن مصعب بن يزيد الأنصاري قال : « استعملني (3) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على أربعة رساتيق المداين (4) البهقباذات (5) ، وبهر سير ونهر

ص: 48


1- رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 566 بسند ضعيف.
2- في بعض النسخ « ووسعه ». والخبر في الكافي ج 3 ص 498 مع اختلاف وتقديم وتأخير وفيه « فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شئ يفرضه الرجل على نفسه في ماله ، يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته وسعة ماله ».
3- أي جعلني عاملا.
4- رساتيق جمع رستاق معرب روستا.
5- البهقباذات : هي ثلاثة الاعلى والأوسط والأسفل ، والأعلى يشمل بابل والفلوجتان العليا والسفلى وبهمن اردشير وأبز قباذ وعين التمر ، والأوسط يشمل نهر البدأة وسورا وباروسما ونهر الملك ، والأسفل يشمل خمسة طساسيج كانت على الفرات الأسفل حيث يدخل البطائح.

جوبر ، ونهر الملك (1) وأمرني أن أضع على كل جريب زرع غليظ درهما ونصفا وعلى كل جريب وسط درهما ، وعلى كل جريب زرع رقيق ثلثي درهم ، وعلى كل جريب كرم عشرة دراهم ، وعلى كل جريب نخل عشرة دراهم ، وعلى كل جريب البساتين التي تجمع النخل والشجرة عشرة دارهم ، وأمرني أن ألقي كل نخل شاذ عن القرى لمارة الطريق وأبناء السبيل ، ولا آخذ منه شيئا ، وأمرني أن أضع على الدهاقين الذين يركبون البراذين (2) ويتختمون بالذهب على كل رجل منهم ثمانية وأربعين درهما ، وعلى أوساطهم والتجار منهم على كل رجل أربعة وعشرين درهما ، وعلى سفلتهم وفقرائهم على كل إنسان منهم اثني عشر درهما ، قال : فجبيتها (3) ثمانية عشر ألف ألف درهم في سنة ».

1670 - وروى فضيل بن عثمان الأعور عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « ما من مولود يولد إلا على الفطرة (4) فأبواه اللذان يهودانه وينصرانه ويمجسانه (5) وإنما أعطى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الذمة وقبل الجزية عن رؤوس أولئك بأعيانهم على أن لا يهودوا

ص: 49


1- بهرسير - بفتح الموحدة وضم الهاء وفتح الراء وكسر السين - من نواحي بغداد ، ونهر جوبر - بالنون والهاء والراء والجيم المفتوحة وفتح الموحدة والراء - من سواد بغداد وقيل من طساسيج كورة استان أردشير بابكان وهي على امتداد نهر كوثى والنيل ، ولعل الأصل نهر جوبرة وهو نهر معروف بالبصرة. و نهر الملك هو أحد الانهر التي كانت تحمل من الفرات الى دجلة و أوله عند قرية الفلوجة و مصبه في دجلة أسفل من المدائن بثلاثة فراسخ. راجع المسالك و الممالك.
2- الدهاقين جمع دهقان معرب والمراد هنا كبراء الفلاحين من المجوس ، والبراذين جمع برذون مركب عراقي.
3- من الجباية أي جمعتها.
4- أي على فطرة التوحيد والاسلام كما قال اللّه عزوجل « فطرة اللّه التي فطر الناس عليها ».
5- في القاموس مجسه تمجيسا صيره مجوسيا.

أولادهم ولا ينصروا ، وأما أولاد أهل الذمة اليوم فلا ذمة لهم ». (1).

1671 - وفي رواية علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قبل الجزية من أهل الذمة على أن لا يأكلوا الربا ، ولا يأكلوا لحم الخنزير ، ولا ينكحوا الأخوات ، ولا بنات الأخ ، ولا بنات الأخت ، فمن فعل ذلك منهم [فقد] برئت منه ذمة اللّه وذمة رسوله صلى اللّه عليه وآله ، وقال : ليست لهم اليوم ذمة » (2).

1672 - وروى حريز ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ما حد الجزية على أهل الكتاب؟ وهل عليهم في ذلك شئ موظف لا ينبغي أن يجوز (3) إلى غيره؟ فقال : ذلك إلى الامام يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ماله وما يطيق ، إنما هم قوم فدوا أنفسهم أن لا يستعبدوا أو يقتلوا ، فالجزية يؤخذ منهم على قدر ما يطيقون

ص: 50


1- لان هؤلاء غير أولئك ، أو لأنهم لا يعملون بشرائط الذمة ، وهو أظهر معنى ، والأول لفظا (م ت) وقال سلطان العلماء : أي أهل الذمة في هذا العصر فإنهم أولاد أهل الذمة في عصر الرسول صلى اللّه عليه وآله ، ولعل المراد بهذا الكلام أن الذمة التي أعطاها رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) لما كانت مخصوصة بأعيان تلك الأشخاص فلا ينفع في ذمة أولادهم فلابد لهم من ذمة أخرى من امام العصر ، ولما لم يكن فلا ذمة لهم. وقال الفاضل التفرشي : قوله « الا على الفطرة » أي على فطرة الاسلام وخلقته أي المولود خلق في نفسه على الخلقة الصحيحة التي لو خلى وطبعه كان مسلما صحيح الاعتقاد والافعال وإنما يعرض له الفساد من خارج فصيرورته يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا إنما هي من قبل أبويه غالبا لأنهما أشد الناس اختلاطا وتربية له ، ولعل وجه انتفاء ذمتهم أن ذمة رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) لم تشملهم بل أعطاهم الذمة بسبب أن لا يفسدوا اعتقاد أولادهم ليحتاجوا إلى الذمة. ولم يعطوا الذمة من قبل الأوصياء عليهم السلام لعدم تمكنهم في تصرفات الإمامة و إنما يعطوها من قبل من ليس له تلك الولاية فإذا ظهر الحق وقام القائم عليه السلام لم يقروا على ذلك ولا يقبل منهم الا الاسلام. وأخذ الجزية منهم في هذا الزمان من قبيل أخذ الخراج من الأرض ، والمنع عن التعرض لهم باعتبار الأمان ، وأما قوله في حديث زرارة الآتي « ذلك إلى الامام » فمعناه أنه إذا كان متمكنا ويرى المصلحة في أخذ الجزية منهم كما وقع في زمان رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وهو لا ينافي انتفاء الذمة عنهم اليوم. أقول : قوله « ولا يقبل منهم الا الاسلام » رجم بالغيب مبتن على الوهم.
2- لأنهم لم يعملوا بالشروط المذكورة.
3- كذا ، والصحيح « أن يجوزوا ».

له أن يأخذهم به حتى يسلموا ، فإن اللّه عزوجل قال : « حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون » (1) وهو لا يكترث بما يؤخذ منه حتى يجد ذلا لما اخذ منه فيألم لذلك فيسلم.

1673 - وقال محمد بن مسلم (2) قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أرأيت ما يأخذ هؤلاء من هذا الخمس (3) من أرض الجزية ويأخذون من الدهاقين جزية رؤوسهم أما عليهم في ذلك شئ موظف؟ فقال : كان عليهم ما أجازوا على نفوسهم وليس للامام أكثر من الجزية ، إن شاء الامام وضع ذلك على رؤوسهم وليس على أموالهم شئ ، وإن شاء فعلى أموالهم وليس على رؤوسهم شئ (4) ، فقلت : فهذا الخمس؟ فقال : إنما هذا شئ كان صالحهم عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » (5).

1674 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في أهل الجزية « يؤخذ من أموالهم ومواشيهم شئ سوى الجزية؟ قال : لا ».

ص: 51


1- استشهاد على أن له أن يأخذ منهم قدر وسعهم ليتألموا فيسلموا (مراد) والصاغر الراضي بالذل ، والغريب ، وفى الصحاح « يقال : ما أكترث له أي ما أبالي به » يعنى لا يبالي لما يؤخذ منه حتى يجد أي ما لم يجد ذلا لما أخذ منه. وظاهر الآية وجوب أدائها بيده لا المبعث بيد وكيله بل يؤدى بيده إلى أن يقول المصدق : بر. (م ت) أقول : سقطت هنا جملة « وكيف يكون صاغرا » وموجودة في الكافي ج 3 ص 566.
2- رواه الكليني في الحسن كالصحيح مع الذي تقدم في حديث راجع ج 3 ص 566.
3- أي من الذي وضع عمر على نصارى تغلب من تضعيف الزكاة ورفع الجزية.
4- كأن المراد أنهم وان أجازوا على أنفسهم لكن ليس للامام العدل أن يفعل ذلك ، أو المراد أنه ليس لها مقدار مقدر مخصوص لكن كلما قدر لهم ينبغي أن يوضع اما على رؤوسهم واما على أموالهم (المرآة) والمشهور عدم جواز الجمع بين الرؤوس والأراضي وينافيه خبر مصعب المتقدم ، وقيل يجوز.
5- قال بعض الشراح : الظاهر أنه عليه السلام بين أن هذا الخمس من فعل عمر أو من البدع وليس للامام أن يقرره عليهم ولم يفهم السائل ولما أعاد السؤال اضطر في أن يتقى فقال : إنما هذا شئ كان صالحهم عليه رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله).

1675 - قال : (1) وسألت أبا عبد اللّه عليه السلام « عن صدقات أهل الذمة وما يؤخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم ولحم خنازيرهم وميتتهم؟ فقال : عليهم الجزية في أموالهم تؤخذ منهم من ثمن لحم الخنزير أو خمر وكلما أخذوا من ذلك فوزر ذلك عليهم و ثمنه للمسلمين حلال يأخذونه في جزيتهم » (2).

1676 - وروى طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « جرت السنة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه (3) ، ولا من المغلوب على عقله ».

1677 - روى حفص بن غياث قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن النساء كيف سقطت الجزية ورفعت عنهن؟ فقال : لان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نهى عن قتل النساء والولدان في دار الحرب إلا أن يقاتلن وإن قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك ولم تخف خللا (4) فلما نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن قتلهن في دار الحرب كان ذلك في دار الاسلام أولى (5) ولو امتنعت أن تؤدي الجزية لم يمكن قتلها فلما لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها ولو منع الرجال فأبوا أن يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد وحلت دماؤهم وقتلهم لان قتل الرجال مباح في دار الشرك والذمة ، وكذلك المقعد من أهل الشرك والذمة (6) والأعمى والشيخ الفاني والمرأة والولدان في أرض الحرب من أجل ذلك

ص: 52


1- رواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه.
2- قال الفاضل التستري - رحمه اللّه - : فيه دلالة على أن الكافر يؤخذ بما يستحله إذا كان حراما في شريعة الاسلام وأن ما يأخذونه على اعتقاد حل حلال علينا وإن كان ذلك الاخذ حراما عندنا ولعل من هذا القبيل ما يأخذ الجائر من الخراج والمقاسمة وأشباههما.
3- عته عتها وهو معتوه من باب تعب : نقص عقله من غير جنون.
4- « لم تخف خللا » عطف على « أمكنك » فالامساك عن قتلها حين قاتلت مشروط بأمرين أحدهما امكان الاحتراز عن قتلها إلى قتل الرجال فلو لم يمكن ذلك كما إذا تترس الرجال بهن جاز قتلها ، والاخر أن ابقاءها لا يوجب خللا في قتال أهل الاسلام فإذا أورث ذلك خللا كما إذا كانت لها قوة وشجاعة بقتل أهل الاسلام جاز قتلها. (مراد)
5- لأنها في دار الحرب كانت تعين أهل الحرب بخلاف دار الاسلام إذ لا حرب فيها.
6- أي مثل المرأة في رفع الجزية عنهم لامتناع قتلهم ، فحينئذ يراد بأهل الشرك من كان من إحدى الفرق الثلاث قبل اعطاء الذمة ووضع الجزية على رؤوسهم وأموالهم فإنه حين يوضع الجزية عليهم لا يوضع على هؤلاء منهم ، وبهذا الاعتبار ذكرت المرأة فيهم فالمشبه به المرأة التي هي أهل الذمة والمشبه أعم من أن يكون من أهل الذمة أو من أهل الشرك بالمعنى المذكور. وفى الصحاح المقعد : الأعرج ولعل المراد هنا من لا يقدر على المشي. (مراد)

رفعت عنهم الجزية ».

1678 - وروى ابن مسكان عن الحلبي قال : « سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاعراب أعليهم جهاد؟ فقال : ليس عليهم جهاد إلا أن يخاف على الاسلام فيستعان بهم ، فقال : فلهم من الجزية شئ؟ قال : لا ». (1)

1679 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام عن سير [ة] الامام في الأرض التي فتحت بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال : إن أمير المؤمنين عليه السلام قد سار في أهل العراق بسيرة فهي إمام لسائر الأرضين ، وقال : إن أرض الجزية لا ترفع عنها الجزية وإنما الجزية عطاء المجاهدين ، والصدقات لأهلها الذين سمى اللّه عزوجل في كتابه ليس لهم من الجزية شئ ، ثم قال عليه السلام : ما أوسع العدل إن الناس يستغنون إذا عدل فيهم ، وتنزل السماء رزقها ، وتخرج الأرض بركتها بإذن اللّه عزوجل.

1680 - والمجوس تؤخذ منهم الجزية لان النبي صلى اللّه عليه وآله قال : « سنوا بهم سنة أهل الكتاب ».

وكان لهم نبي اسمه دامسب (2) فقتلوه ، وكتاب يقال له جاماسب (3) كان يقع في

ص: 53


1- هذا الخبر يدل بظاهره على سقوط الجهاد عن سكان البادية وعلى أنهم لا يستحقون الجزية لأنها للمجاهدين أو المهاجرين وليسوا منهما. (م ت)
2- في بعض النسخ « داماست »
3- في الكافي ج 3 ص 567 باسناد مرسل قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن المجوس أكان لهم نبي؟ فقال : نعم أما بلغك كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلى أهل مكة أن أسلموا والا نابذتكم بحرب ، فكتبوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن خذ منا الجزية ودعنا على عبادة الأوثان ، فكتب إليهم النبي صلى اللّه عليه وآله : أنى لست آخذ الجزية الا من أهل الكتاب فكتبوا إليه - يريدون بذلك تكذيبه - : زعمت أنك لا تأخذ الجزية الا من أهل الكتاب ، ثم أخذت الجزية من مجوس هجر ، فكتب إليهم النبي صلى اللّه عليه وآله ان المجوس كان لهم نبي فقتلوه وكتاب أحرقوه أتاهم نبيهم بكتابهم في اثنى عشر ألف جلد ثور » وفى شرح الارشاد : أن المجوس قوم كان لهم نبي وكتاب فحرقوه فاسم كتابهم جاماسب واسم نبيهم ذرادشت فقتلوه.

اثني عشر ألف جلد ثور فحرقوه (1).

1681 - وسأل أبو الورد (2) أبا جعفر عليه السلام عن مملوك نصراني لرجل مسلم عليه جزية؟ قال : نعم ، قال : فيؤدي عنه مولاه المسلم الجزية؟ قال : نعم إنما هو ماله يفتديه إذا أخذ يؤدي عنه (3).

وقد أخرجت ما رويت من الاخبار في هذا المعنى في كتاب الجزية.

باب 99: فضل المعروف

1682 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « أول من يدخل الجنة المعروف وأهله و

ص: 54


1- وقال الفاضل التفرشي : « لعلهم كانوا جعلوا أوراق الكتاب من جلد ثور عوضا عن القرطاس للاستحكام ». وقال بعض الشراح : ظاهر هذا الخبر أن القرطاس لم يكن يومئذ وكانوا يكتبون على الجلود والألواح.
2- الطريق إليه صحيح.
3- اختلف علماؤنا في ايجاب الجزية على المملوك فالمشهور عدم وجوبها عليه وهو قول العامة بأسرهم لقوله صلى اللّه عليه وآله : « لا جزية على العبد » لأنه مال فلا يؤخذ منه كغيره من الحيوان ، وقال قوم لا يسقط لقول الباقر عليه السلام وقد « سئل عن مملوك نصراني لرجل مسلم أعليه جزية؟ قال : نعم. قلت : فيؤدى عنه مولاه المسلم الجزية؟ قال : نعم إنما هو ماله يفديه إذا اخذ يؤدى عنه ». ولأنه مشرك فلا يجوز أن يستوطن دار الاسلام بغير عوض كالحر ولا فرق بين أن يكون العبد لمسلم أو ذمي ان قلنا بوجوب الجزية عليه ويؤديه مولاه عنه (تذكرة الفقهاء) وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : يدل الخبر على جواز أخذ الجزية من المسلم لأجل مملوكه الذمي وهو مشكل بناء على عدم تملك العبد ، ومن اذلال المسلم بأخذ الجزية عنه.

أول من يرد علي الحوض ». (1)

1683 - وقال عليه السلام : « أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة » (2).

وتفسيره أنه إذا كان يوم القيامة قيل لهم : هبوا حسناتكم لمن شئتم وادخلوا الجنة. (3)

1684 - وقال عليه السلام : « كل معروف صدقة ، والدال على الخير كفاعله ، واللّه يحب إغاثة اللّهفان ». (4)

1685 - وقال الصادق عليه السلام : « اصنع المعروف إلى كل أحد ، فإن كان أهله وإلا فأنت أهله ».

1686 - وقال عليه السلام : « أيما مؤمن أوصل إلى أخيه المؤمن معروفا فقد أوصل ذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ».

1687 - وقال عليه السلام : « المعروف شئ سوى الزكاة فتقربوا إلى اللّه عزوجل بالبر وصلة الرحم ».

1688 - وقال عليه السلام : « رأيت المعروف كاسمه ، وليس شئ أفضل من المعروف إلا ثوابه ، وذلك يراد منه ، وليس كل من يحب أن يصنع المعروف إلى الناس يصنعه

ص: 55


1- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 28 وفى النهاية « المعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة اللّه تعالى والتقرب إليه والاحسان إلى الناس ، وكل ما ندب إليه الشرع ». وقد يخص بما يتعدى إلى الغير وهو المراد هنا ظاهرا ، وقوله : « أول من يدخل الجنة المعروف » اما على تجسم الأعمال واما على أنه سبب لدخولها.
2- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 29 وزاد في آخره « يقال لهم : ان ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم ».
3- الظاهر أن المؤلف - رحمه اللّه - أخذ هذا التفسير من ذيل الحديث الذي نقلناه عن الكافي.
4- اللّهفان : المتحسر والمكروب ، والملهوف : المظلوم ، واللّهيف : المضطر.

وليس كل من يرغب فيه يقدر عليه ، ولا كل من يقدر عليه يؤذن له فيه ، فإذا اجتمعت الرغبة والقدرة والاذن فهناك تمت السعادة للطالب والمطلوب إليه ».

1689 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « صنايع المعروف تقي مصارع السوء ». (1)

1690 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « أفضل الصدقة صدقة عن ظهر غنى (2) وابدأ بمن تعول ، واليد العلياء خير من اليد السفلى ، ولا يلوم اللّه عزوجل على الكفاف ». (3)

1691 - وقال صلى اللّه عليه وآله : « إن البركة أسرع إلى البيت الذي يمتار منه المعروف من الشفرة في سنام البعير ، أو السيل إلى منتهاه » (4).

ص: 56


1- أي تحفظ الانسان عن المهالك ومساقط السوء.
2- أي ما فضل عن قوت العيال وكفايتهم فإذا أعطيتها غيرك مما فضل عن قوت عيالك كانت عن استغناء منك ومنهم. وقال الطريحي في المجمع في مادة « ظهر » : لا بعد أن يراد بالغنى ما هو الأعم من غنى النفس والمال ، فان الشخص إذا رغب في ثواب الآخرة أغنى نفسه عن أعراض الدنيا وزهد فيما يعطيه وساوى من كان غنيا بماله فيقال : انه تصدق عن ظهر غنى فلا منافاة بينه وبين قوله عليه السلام « أفضل الصدقة جهد المقل ». والظهر قد يرد في مثل هذا اشباعا للكلام وتمكينا كان صدقته مستندة إلى ظهر قوى من المال ، ويقال ما كان ظهر غنى المراد نفس الغنى ولكنه أضيف للايضاح والبيان كما قيل : ظهر الغيب والمراد نفس الغيب ومنه نفس القلب ونسيم الصبا وهي نفس الصبا - انتهى. وفى بعض النسخ « على ظهر غنى ».
3- أي لا يلوم على الادخار للعيال لان الانفاق على العيال اعطاء. يعنى إذا كان المال بقدر ما يكفي العيال فلا يلام على عدم الاعطاء ، وقيل : إذا لم يكن عنده كفاف لايلام على المنس. والكفاف : الرزق.
4- يمتار أي يجلب وأكثر استعماله في جلب الطعام ، والشفرة السكين العريض ، و السنام : حدبة في ظهر البعير يقال له بالفارسية « كوهان ». وفى الخبر دلالة على أن اصطناع المعروف سبب للزيادة في الدنيا والآخرة ، والخبر في الكافي ج 4 ص 29 عن النبي (صلی اللّه عليه وآله).

1692 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « لكل شئ ثمرة وثمرة المعروف تعجيله » (1)

1693 - وقال الصادق عليه السلام : « رأيت المعروف لا يصلح إلا بثلاث خصال تصغيره وستره وتعجيله ، فإنك إذا صغرته عظمته عند من تصنعه إليه ، وإذا سترته تممته وإذا عجلته هنأته ، وإن كان غير ذلك محقته ونكدته » (2).

1694 - وقال عليه السلام للمفضل بن عمر : « يا مفضل إذا أردت أن تعلم أشقى الرجل أم سعيد فانظر إلى معروفه إلى من يصنعه ، فإن كان يصنعه إلى من هو أهله فاعلم أنه إلى خير ، وإن كان يصنعه إلى غير أهله فاعلم أنه ليس له عند اللّه تعالى خير » (3).

1695 - وقال عليه السلام : « إنما أعطاكم اللّه هذه الفضول من الأموال لتوجهوها حيث وجهها اللّه عزوجل ولم يعطكموها لتكنزوها ».

1696 - وقال عليه السلام : « لو أن الناس أخذوا ما أمرهم اللّه به فأنفقوه فيما نهاهم عنه ما قبله منهم ، ولو أخذوا ما نهاهم اللّه عنه فأنفقوه فيما أمرهم اللّه به ما قبله منهم حتى يأخذوه من حق وينفقوه في حق ».

1697 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أتى إليه المعروف فليكاف به وإن عجز فليثن ، فإن لم يفعل فقد كفر النعمة » (4).

1698 - وقال الصادق عليه السلام : « لعن اللّه قاطعي سبيل المعروف ، قيل : وما

ص: 57


1- أي ان الثمرة مطلوبة من كل شئ وثمرة المعروف والمطلوب الأهم منه تعجيله وفى الكافي ج 4 ص 30 « تعجيل السراح » والسراح بالمهملات : الارسال والخروج من الامر بسرعة وسهولة وفى المثل « السراح من النجاح » يعنى إذا لم تقدر على قضاء حاجة أحد فآيسته فان ذلك من الاسعاف.
2- « محقته » أي أبطلت ثوابه. و « نكدته » أي ضيعته وقللته.
3- محمول على ما إذا علم أنه ليس من أهله فلا ينافي ما تقدم. والخبر يدل على وجوب رعاية وجه المصرف ومورد الاعطاء أفي حق أم باطل ، وعلى حرمة تضييع المال.
4- يدل على رجحان شكر النعمة ولو بالثناء على المنعم.

قاطعي (1) سبيل المعروف؟ قال : الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره » (2).

باب 100: ثواب القرض

1699 - قال الصادق عليه السلام : « مكتوب على باب الجنة الصدقة بعشرة ، والقرض بثمانية عشر ».

1700 - وقال عليه السلام : « في قول اللّه عزوجل » لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس « قال : المعروف القرض ».

1701 - وقال عليه السلام : « ما من مؤمن أقرض مؤمنا يلتمس به وجه اللّه عزوجل إلا حسب له أجرها (3) بحساب الصدقة حتى يرجع ماله إليه ».

1702 - وقال عليه السلام : « قرض المؤمن غنيمة وتعجيل خير ، إن أيسر أذاه وإن مات احتسب من زكاته » (4).

باب 101: ثواب انظار المعسر

1703 - صعد (5) رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله المنبر ذات يوم فحمد اللّه وأثنى عليه وصلى

ص: 58


1- في بعض النسخ « قاطعوا » كما في الكافي.
2- اخبار هذا الباب كلها مروية في الكافي مسندة.
3- الضمير المؤنث راجع إلى القرض بتأويل الحسنة وفى الكافي « أجره » وهو أصوب ، وقوله : « حتى يرجع ماله إليه » ظاهره أنه يثاب على ابقائه وقتا فوقتا مثل ثواب التصدق به فيرجع إلى ما يجئ في الانظار. (مراد)
4- في بعض النسخ « بزكاته ». وفى الكافي « من الزكاة ».
5- رواه الكليني ج 4 ص 35 باسناده عن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن المثنى عن الصادق عليه السلام.

على أنبيائه عليهم السلام ثم قال : « أيها الناس ليبلغ الشاهد منكم الغائب : من أنظر معسرا (1) كان له على اللّه عزوجل في كل يوم ثواب صدقة بمثل ماله حتى يستوفيه (2) وقال أبو عبد اللّه عليه السلام (3) : قال اللّه عزوجل : « وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون (أنه معسر) (4) » فتصدقوا عليه بمالكم فهو خير لكم ».

1704 - وقال عليه السلام : « خلوا سبيل المعسر كما خلاه اللّه تبارك وتعالى » (5).

1705 - وقال عليه السلام : « من أراد أن يظله اللّه عزوجل يوم لا ظل إلا ظله فلينظر معسرا أو ليدع له من حقه » (6).

باب 102: ثواب تحليل الميت

1706 - قيل للصادق عليه السلام : « إن لعبد الرحمن بن سيابة دينا على رجل قد مات وكلمناه أن يحلله فأبى فقال : ويحه أما يعلم أن له بكل درهم عشرة إذا حلله

ص: 59


1- الانظار : التأخير والامهال.
2- يدل بظاهره على أن انظار المعسر ثوابه أفضل من الصدقة.
3- في الكافي « ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام ».
4- ظاهره ينافي ما سبق من أنه ان أنظر كان له في كل يوم ثواب الصدقة بمثله الا أن يخص ذلك بالصدقة على غير ذلك المعسر ، وهذا بالصدقة عليه أو يحمل على تفاوت مراتب الصدقة واللّه أعلم ، والظاهر في أمثال هذه المواضع المبالغة في كثرة الثواب لا خصوص المقدار الذي ذكر فلا بأس باختلاف المذكورات. (سلطان)
5- أي اتركوه وأعرضوا عنه كما تركه اللّه تعالى حيث قال : « فنظرة إلى ميسرة ». والخبر رواه الكليني باسناده عن يعقوب بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
6- « من » في قوله « من حقه » للتبعيض يعنى أو يخفف عنه ليتمكن من أدائه كما في الوافي أو يدع حقه رأسا.

وإذا لم يحلله فإنما له درهم بدل درهم » (1).

باب 103: استدامة النعمة باحتمال المؤونة

استدامة النعمة باحتمال المؤونة (2)

1707 - قال الصادق عليه السلام : « من عظمت نعمة اللّه عليه اشتدت مؤونة الناس عليه (3) ، فاستديموا النعمة باحتمال المؤونة ، ولا تعرضوها للزوال (4) ، فقل من زالت عنه النعمة فكادت تعود إليه » (5).

1708 - وقال عليه السلام : « أحسنوا جوار نعم اللّه (6) واحذروا أن تنتقل عنكم إلى غيركم ، أما إنها لن تنتقل (7) عن أحد قط فكادت ترجع إليه ، وكان علي عليه السلام (8) يقول : قل ما أدبر شئ فأقبل ».

ص: 60


1- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 36 باسناده عن الحسن بن خنيس قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ان لعبد الرحمن بن سيابة - الحديث ».
2- أي من كان يريد أن تدوم نعم اللّه تعالى عليه فليتحمل مؤونة الخلائق في ماله حتى تدوم. (م ت)
3- اما بتكليفه تعالى في الزكاة والخمس وغيرهما من الواجبات أو من توقع الناس وسؤالهم وطلبهم منه.
4- « فاستديموا - الخ » أي اطلبوا دوام النعمة بإعانة المؤمنين (سلطان) « ولا تعرضوها للزوال » أي بعدم القيام على الانفاق والإعانة وعدم الاحتمال لمؤونة الخلق. والخبر رواه الكليني بسند صحيح عنه عليه السلام.
5- يعنى أنه إذا زالت النعمة بسبب عدم تحمل مؤونات الناس فنادر أن تعود إليه بعد أن زالت. والخبر في الكافي ج 4 ص 38 بسند صحيح على ما في المرآة.
6- أي مجاورتها بأداء حقوق الخالق والمخلوق. (م ت).
7- في بعض النسخ « لم تنتقل » كما في الكافي.
8- في الكافي « قال : وكان علي عليه السلام ».

باب 104: فضل السخاء والجود

اشارة

1709 - قال الصادق عليه السلام : « خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم ، ومن خالص الايمان البر بالاخوان ، والسعي في حوائجهم ، وإن البار بالاخوان ليحبه الرحمن ، وفي ذلك مرغمة الشيطان ، وتزحزح عن النيران (1) ، ودخول الجنان ، ثم قال لجميل : يا جميل أخبر بهذا غرر أصحابك (2) ، قلت : جعلت فداك من غرر أصحابي؟ قال : هم البارون بالاخوان في العسر واليسر ، ثم قال : يا جميل أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك ، وقد مدح اللّه عزوجل في ذلك صاحب القليل ، فقال في كتابه » ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون.

1710 - وقال عليه السلام : « شاب سخي مرهق في الذنوب (3) أحب إلى اللّه عزو جل من شيخ عابد بخيل ».

1711 - وروي « أن اللّه عزوجل أوحى إلى موسى أن لا تقتل السامري فإنه سخي ». (4)

ص: 61


1- « مرغمة » - بفتح الميم مصدر ، وبكسرها - اسم آلة من الرغام - بفتح الراء - بمعنى التراب. والتزحزح : التباعد (الوافي) والخبر رواه الكليني باسناده عن سهل بن زياد عمن حدثه عن جميل بن دراج قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول - الخبر ».
2- « غرر » بالغين المعجمة والمهملتين - النجباء جمع الأغر. وفى بعض النسخ هنا وما يأتي بالعين المهملة والزاءين المعجمتين - جمع العزيز.
3- المرهق : المفرط في الشر ومرتكب المحارم. وفى القاموس الرهق - محركة - : السفه وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم.
4- رواه الكليني ج 4 ص 41 عن علي بن إبراهيم رفعه قال : « أوحى اللّه عزوجل إلى موسى عليه السلام - الخ ».

1712 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « من أدى ما افترض اللّه عليه فهو أسخى الناس ». (1)

1713 - وقال الصادق عليه السلام : « من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة؟ أنفق ولا تخف فقرا ، وأنصف الناس من نفسك (2) ، وافش السلام في العالم (3)(4) المراء : الجدال ، أي اترك الجدال في الكلام وإن كان الحق لك. والخبر مروى في الكافي بسند فيه ضعف ج 4 ص 44 عن معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام..

1714 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أيقن بالخلف سخت نفسه بالنفقة ». (5) وقال اللّه عزوجل : « وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين » (6).

1715 - وقال الصادق عليه السلام : « في قول اللّه عزوجل : « كذلك يريهم اللّه أعمالهم حسرات عليهم » (7) قال : هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة اللّه عزوجل بخلا ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة اللّه عزوجل أو بمعصية اللّه ، فان عمل فيه بطاعة اللّه (8) رآه في ميزان غيره فرآه حسرة وقد كان المال له ، وإن كان عمل فيه بمعصية اللّه عزوجل (9) قواه بذلك المال حتى عمل به في معصية اللّه عزوجل ».

1716 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « ليس البخيل من أدى الزكاة المفروضة من

ص: 62


1- أي بالنسبة إلى من لم يؤد وان أعطى المال الكثير في غير موقعه لما مر وسيجئ.
2- أي كن حكما على نفسك فيما كان بينك وبين الناس وارض لهم ما ترضى لنفسك ، وأكره لهم ما تكره لها.
3- أي سلم على من لقيت من إخوانك جهارا.
4- واترك المراء وإن كنت محقا »
5- الخلف - بفتح المعجمة واللام - : العوض. وقوله « سخت » أي جادت وفى بعض نسخ الكافي « سمحت ».
6- من كلام المؤلف - رحمه اللّه - كما يظهر من الكافي.
7- الحسرات جمع الحسرة وهي أشد الندامة.
8- في الكافي « أو في معصية اللّه فان عمل به في طاعة اللّه - الخ ».
9- في بعض النسخ والكافي « وإن كان عمل به في معصية اللّه ».

ماله وأعطى البائنة في قومه (1) إنما البخيل حق البخيل من لم يؤد الزكاة المفروضة من ماله ولم يعط البائنة في قومه ، وهو يبذر فيما سوى ذلك ».

1717 - وروي عن الفضل بن أبي قرة السمندي أنه قال : « قال لي أبو - عبد اللّه عليه السلام : أتدري من الشحيح؟ قلت : هو البخيل ، فقال : الشح أشد من البخل إن البخيل يبخل بما في يده ، والشحيح يشح بما في أيدي الناس وعلى ما في يده حتى لا يرى في أيدي الناس شيئا إلا تمنى أن يكون له بالحل والحرام ، ولا يقنع بما رزقه اللّه عزوجل ».

1718 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « ما محق الاسلام محق الشح شئ ، ثم قال : إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل ، وشعبا كشعب الشرك ». (2)

1719 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إذا لم يكن لله عزوجل في العبد حاجة ابتلاه بالبخل ». (3)

1720 - « وسمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلا يقول : الشحيح أعذر من الظالم (4) فقال له : كذبت إن الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الظلامة على أهلها ، والشحيح إذا شح منع الزكاة ، والصدقة ، وصلة الرحم ، وإقراء الضيف (5) والنفقة في سبيل اللّه

ص: 63


1- البائنة العطية ، سميت بها لأنها أبينت من المال (الوافي) وفى القاموس البائنة فاعلة من البين بمعنى البينونة جعلت اسما للعطية لأنها أبينت من المال.
2- الدبيب : المشي اللين أي حركة خفيفة لا تحس ، والشرك - محركة - : حبائل الصيد. وقرأه الفاضل التفرشي بكسر الشين المعجمة وكسر الراء وتكلف في توجيهه بما لا يحتاج إليه.
3- أي إذا كان غير منظور إليه ولم يكن أهلا للهدايات والتوفيقات منع عنه اللطف فاستولى عليه الشيطان وزين له البخل.
4- أي عذره أشد وأكثر من عذر الظالم.
5- اقراء الضيف : ضيافته وخدمته والاحسان إليه. هذه الأخبار كلها مروية في الكافي مسندة ج 4 ص 44 و 45.

عزوجل وأبواب البر ، وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح ».

1721 - وقال الصادق عليه السلام : « المنجيات إطعام الطعام ، وإفشاء السلام ، والصلاة بالليل والناس نيام ».

[فضل القصد]

1722 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « ما عال امرء في اقتصاد » (1)

1723 - وقال الصادق عليه السلام : « ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر ». (2) وقال اللّه عزوجل : « يسألونك ماذا ينفقون قل العفو » والعفو الوسط (3).

وقال اللّه عزوجل : « والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما » والقوام الوسط.

باب 105: فضل سقى الماء

1724 - قال أمير المؤمنين عليه السلام : « أول ما يبدأ به في الآخرة صدقة الماء - يعني في الاجر - ».

1725 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى يحب إبراد الكبد الحري (4) ، ومن سقى كبدا حرى من بهيمة أو غيرها أظله اللّه في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ».

1726 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء كان كمن أعتق رقبة ، ومن سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء كان

ص: 64


1- العيلة والعالة : الفاقة ، أي ما افتقر أحد إذا اقتصد في أمر معاشه. والخبر رواه الكليني ج 4 ص 53 مسندا وكذا الذي قبله.
2- مروى في الكافي مسندا عن مدرك بن أبي الهزهاز عنه (عليه السلام).
3- كما في مرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه تعالى » و يسئلونك ماذا ينفقون قل العفو « قال : العفو الوسط » (الكافي ج 4 ص 52)
4- في القاموس : الحران العطشان ، والأنثى حرى مثل عطشى.

كمن أحيا نفسا ، ومن أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا ». (1)

باب 106: ثواب اصطناع المعروف إلى العلوية

1727 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا كافيته يوم القيامة ».

1728 - وقال عليه السلام : « إني شافع يوم القيامة لأربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا : رجل نصر ذريتي ، ورجل بذل ماله لذريتي عند الضيق ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب ، ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا أو شردوا ». (2)

1729 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أيها الخلائق أنصتوا فإن محمدا يكلمكم فتنصت الخلائق فيقوم النبي صلى اللّه عليه وآله فيقول : يا معشر الخلائق من كانت له عندي يد أو منة أو معروف فليقم حتى أكافيه ، فيقولون : بآبائنا وأمهاتنا وأي يد وأي منة وأي معروف لنا ، بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلائق ، فيقول لهم : بلى من آوى أحدا من أهل بيتي أو برهم أو كساهم من عرى أو أشبع جائعهم فليقم حتى أكافيه ، فيقوم أناس قد فعلوا ذلك ، فيأتي النداء من عند اللّه عزوجل : يا محمد يا حبيبي قد جعلت مكافأتهم إليك فأسكنهم من الجنة حيث شئت ، قال : فيسكنهم في الوسيلة (3) حيث لا يحجبون عن محمد وأهل بيته صلوات اللّه عليهم أجمعين ».

ص: 65


1- هذه الأخبار الثلاثة في الباب مروية في الكافي ج 3 ص 57 مسندة.
2- التشريد : الطرد والتفريق ، والخبر مروى في الكافي وفيه « ورجل يسعى في حوائج ذريتي - الخ ».
3- الوسيلة والواسلة : المنزلة عند الملك والدرجة والقربة (القاموس) وفى معاني الأخبار ص 116 في حديث طويل عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) قال : « الوسيلة هي درجتي في الجنة وهي ألف مرقاة - الخ »

باب 107: فضل الصدقة

1730 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله ».

1731 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « البر والصدقة ينفيان الفقر ، ويزيدان في العمر ويدفعان عن صاحبهما سبعين ميتة سوء ».

1732 - وقال الصادق عليه السلام : « داووا مرضاكم بالصدقة ، وادفعوا البلاء بالدعاء واستنزلوا الرزق بالصدقة ، فإنها تفك من بين لحيي سبعمائة شيطان (1). وليس شئ أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن ، وهي تقع في يد الرب تبارك وتعالى قبل أن تقع في يد العبد » (2).

1733 - وقال عليه السلام : « الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء وتفك عن لحيي سبعين شيطانا كلهم يأمره أن لا يفعل ».

1734 - وقال عليه السلام : « يستحب للمريض أن يعطي السائل بيده ، ويأمر السائل أن يدعو له ».

ص: 66


1- قال بعض الشراح : كأن الصدقة دخلت في أفواههم باعتبار منعهم عنها بالوجوه الباطلة فبعضهم يقول لا تتصدق فإنك تصير فقيرا ، وبعضهم يقول : لا تتصدق فإنك أحوج منه ، أو أن السائل غير مستحق ، أو تصدق على آخر أحوج منه - انتهى. أقول يمكن أن يقرأ « تفك » بصيغة المعلوم فالمعنى أن الصدقة تفك الرزق من بين لحيى سبعمائة شيطان كلهم يمنعون وصوله إليك ، أو بصيغة المجهول أي الصدقة تخرج من بين لحيى سبعمائة شيطان فيكون كناية عن كونها شاقة على النفس وحينئذ يكون تعليلا للجملة السابقة. وأصل الفك الفصل بين الشيئين وتخليص بعضهما من بعض كما في النهاية.
2- كناية عن قبوله تعالى ، ولعله إشارة إلى قوله تعالى : « أن اللّه هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ».

1735 - وقال عليه السلام : « باكروا بالصدقة (1) فإن البلايا لا تتخطاها (2) ومن تصدق بصدقة أول النهار دفع اللّه عنه شر ما ينزل من السماء في ذلك اليوم ، فإن تصدق أول الليل دفع اللّه عنه شر ما ينزل من السماء في تلك الليلة ».

1736 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إن اللّه لا إله إلا هو ليدفع بالصدقة الداء والدبيلة (3) والحرق والغرق والهدم والجنون ، وعد عليه السلام سبعين بابا من الشر » (4).

1737 - وقال صلى اللّه عليه وآله : « صدقة السر تطفئ غضب الرب جل جلاله » (5).

1738 - وروى عمار عن الصادق عليه السلام قال : « قال لي يا عمار الصدقة واللّه في السر أفضل من الصدقة في العلانية ، وكذلك واللّه العبادة في السر أفضل من العبادة في العلانية ». (6)

1739 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إذا طرقكم سائل ذكر بليل فلا تردوه ». (7)

1740 - وقال صلى اللّه عليه وآله : « الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر (8) وصلة الاخوان بعشرين وصلة الرحم بأربعة وعشرين ».

ص: 67


1- أي ابتدؤوا النهار بالصدقة أو تصدقوا في أوله. وفى الكافي « بكروا » بتشديد الكاف.
2- أي ان البلايا لا تتجاوز الصدقة بل هي تسدها وتمنعها وحالت بين صاحبها وبين البلايا.
3- الدبيلة - كجهينة مصغرة - : الطاعون والخراج ودمل يظهر في البطن فيقتل.
4- في الكافي ج 4 ص 5 « سبعين بابا من السوء » وهو أصوب.
5- غضبة تعالى كناية عن العذاب والا فهو سبحانه منزه عن أن يكون محلا للحوادث.
6- في المحكى عن دروس الشهيد - رحمه اللّه - الصدقة سرا أفضل الا أن يتهم بترك المواساة ، أو يقصد اقتداء غيره به ، اما الواجبة فاظهارها أفضل مطلقا.
7- « طرقكم » أي نزل عليكم ، وطرق فلان طروقا إذا جاء بليل.
8- وجه تفضيل القرض هو أن الصدقة تقع أحيانا في يد غير المحتاج والقرض غالبا لا يقع الا في يد المحتاج. وقيل : إنما جعل اللّه جزاء الحسنة عشر أمثالها والقرض حسنة فإذا أخذ المقرض ما أعطاه قرضا فكأنه أخذ من العشر واحدة وبقيت له عند اللّه تسعة ووعد اللّه سبحانه أن يضاعفها له في قوله « فيضاعفه له » فتصير ثمانية عشر.

1741 - وسئل عليه السلام « أي الصدقة أفضل؟ قال : على ذي الرحم الكاشح » (1).

1742 - وقال عليه السلام : « لا صدقة وذو رحم محتاج » (2).

1743 - قال عليه السلام « ملعون ملعون من ألقى كله على الناس (3) ملعون ملعون من ضيع من يعول » (4).

1744 - وقال أبو الحسن الرضا عليه السلام : « ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته ». (5)

1745 - وسئل الصادق عليه السلام « عن السائل يسأل ولا يدرى ما هو؟ فقال : أعط من وقعت في قلبك الرحمة له ، وقال : اعطه دون الدرهم ، قلت : أكثر ما يعطى؟ قال أربعة دوانيق » (6).

1746 - وروى الوصافي عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان فيما ناجى اللّه عزو جل به موسى عليه السلام أن قال : يا موسى أكرم السائل ببذل يسير ، أو برد جميل إنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ملائكة من ملائكة الرحمن يبلونك فيما خولتك و يسألونك مما نولتك (7) فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران ».

ص: 68


1- في النهاية « الكاشح » : العدو الذي يضمر لك عداوته ويطوي عليها كشحه أي باطنه وذلك لان الاخلاص فيها أتم بخلاف ذي المحبة.
2- حمل على الصدقة الكاملة أي لا صدقة كاملة.
3- الكل - بالفتح - : الثقل والعيال والمراد قوته وقوت عياله.
4- أي تركهم مهملين بلا قوت ولا نفقة.
5- مروى في الكافي باسناده عن معمر بن خلاد عنه عليه السلام وفيه « كيلا يتمنوا موته وتلا هذه الآية » ويطعمون الطعام على حبه - الآية « وقال : الأسير عيال الرجل ينبغي للرجل إذا زيد في النعمة أن يزيد اسراءه في السعة عليهم ، ثم قال : ان فلانا أنعم اللّه عليه بنعمة فمنعها اسراءه وجعلها عند فلان فذهب اللّه بها ، وقال معمر : وكان فلان حاضرا ».
6- الدوانيق جمع دانق - كصاحب - : سدس الدرهم.
7- خوله اللّه عزوجل أي أعطاه متفضلا. والنوال : العطاء ، ونولته أي أعطيته نوالا.

1747 - وقال عليه السلام : « اعط السائل ولو على ظهر فرس » (1).

1748 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا تقطعوا على السائل مسألته (2) فلولا أن المساكين يكذبون ما أفلح من [ي] ردهم ».

1749 - وروي عن الوليد بن صبيح قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فجاءه سائل فإعطاء ، ثم جاءه آخر فإعطاء ، ثم جاءه آخر فأعطاه ، ثم جاءه آخر فقال : وسع اللّه ، عليك ثم قال : إن رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم ثم شاء أن لا يبقي منها شيئا إلا وضعه في حق لفعل فيبقى لا مال له ، فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم قال : قلت : من هم؟ قال : أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في [غير] (3) وجهه ، ثم قال : يا رب ارزقني ، فيقول الرب عزوجل : ألم أرزقك؟ ورجل جلس في بيته ولا يسعى في طلب الرزق ويقول : يا رب ارزقني ، فيقول الرب عزوجل ألم أجعل لك سبيلا إلى طلب الرزق ، ورجل له امرأة تؤذيه فيقول : يا رب خلصني منها فيقول اللّه عزوجل : ألم أجعل أمرها بيدك ».

1750 - وقال الصادق عليه السلام في السؤال (4) : « أطعموا ثلاثة وإن شئتم أن تزدادوا فازدادوا وإلا فقد أديتم حق يومكم ».

1751 - وقال عليه السلام : « إذا أعطيتموهم فلقنوهم الدعاء فإنه يستجاب لهم فيكم ولا يستجاب لهم في أنفسهم ».

1752 - وقال الصادق عليه السلام : « في الرجل يعطي غيره الدراهم يقسمها ، قال : يجري له من الاجر مثل ما يجري للمعطي ولا ينقص من أجره شئ ، ولو أن المعروف جرى على سبعين يدا لأوجروا كلهم من غير أن ينقص من أجر صاحبه شئ » (5).

ص: 69


1- أي ولو كان السائل على ظهر فرس أي غنيا غير فقير ، أو كنت على ظهر فرس غير متمكن حين السؤال من اعطاء شئ غير الفرس الذي أنت على ظهره. (م ح ق)
2- المراد بالقطع على السائل رده.
3- لفظة « غير » ليست في كثير من النسخ.
4- السؤال - كتجار : جمع سائل وهو الفقير.
5- رواه الكليني باختلاف في خبرين مسندين عن أبي نهشل وابن أبي عمير عن جميل.

1753 - وسئل الصادق عليه السلام « أي الصدقة أفضل؟ قال : جهد المقل (1) أما سمعت قول اللّه عزوجل : « ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة » هل ترى ههنا فضلا » (2).

1754 - وقال علي بن الحسين عليهما السلام : « ضمنت (3) على ربي عزوجل أن لا يسأل أحد من غير حاجة إلا اضطرته المسألة يوما إلى أن يسأل من حاجة ».

1755 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « اتبعوا قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إنه قال : من فتح على نفسه باب مسألة فتح اللّه عليه باب فقر ».

1756 - وقال الصادق عليه السلام : « ما من عبد يسأل من غير حاجة فيموت حتى يحوجه اللّه عزوجل إليها ويكتب له بها النار ». (4)

1757 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إن اللّه تبارك وتعالى أحب شيئا لنفسه وأبغضه لخلقه ، أبغض عزوجل لخلقه المسألة (5) وأحب لنفسه أن يسأل ، وليس شئ أحب إليه من أن يسأل ، فلا يستحيي أحدكم أن يسأل اللّه عزوجل من فضله ولو شسع نعل ». (6)

1758 - وقال الصادق عليه السلام : « إياكم وسؤال الناس فإنه ذل الدنيا وفقر تتعجلونه ، وحساب طويل يوم القيامة ».

ص: 70


1- في النهاية « أفضل الصدقة جهد المقل » أي قدر ما يحتمله حال قليل المال.
2- أي هل ترى في الآية تقييدا بالفضل عما يحتاجون إليه.
3- ذلك على سبيل التهكم وفيه مبالغة في أن السائل بلا حاجة يصير مآله إلى الفقر.
4- قوله « ما من عبد » النفي راجع إلى القيد الأخير وهو الموت ، أي لا يموت عبد يسأل من غير حاجة حتى يحوجه اللّه تعالى (مراد) أقول : رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 19 وفيه « يثبت اللّه له بها النار ».
5- يعنى أبغض لهم أن يسألوا وذلك لان مسؤوليتهم تمنع مسؤوليته سبحانه ، وهو أحب لنفسه فأبغضها لهم. (الوافي)
6- الشسع - بكسر المعجمة وسكون المهملة وبكسرهما - : قبال النعل وهو زمام بين - الإصبع الوسطى والتي تليها.

1759 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد أحدا ولو يعلم المعطي ما في العطية ما رد أحد أحدا ».

1760 و « جاءت فخذ من الأنصار (1) إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فسلموا عليه فرد عليهم السلام فقالوا : يا رسول اللّه لنا إليك حاجة ، قال : هاتوا حاجتكم ، قالوا : إنها حاجة عظيمة قال : هاتوا ما هي؟ قالوا : تضمن لنا على ربك الجنة ، فنكس صلى اللّه عليه وآله رأسه ونكت في الأرض (2) ثم رفع رأسه فقال : أفعل ذلك بكم على أن لا تسألوا أحدا شيئا قال : فكان الرجل منهم يكون في السفر فيسقط سوطه فيكره أن يقول لانسان ناولنيه فرارا من المسألة فينزل فيأخذه ، ويكون على المائدة ويكون بعض الجلساء أقرب منه إلى الماء فلا يقول : ناولني حتى يقوم فيشرب ».

1761 - وقال عليه السلام : « استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك » (3).

1762 - وقال الصادق عليه السلام : « المن يهدم الصنيعة ».

1763 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إن اللّه تبارك وتعالى كره لي ست خصال و كرهتهن للأوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي العبث في الصلاة والرفث في الصوم ، والمن بعد الصدقة ، وإتيان المساجد جنبا ، والتطلع في الدور ، والضحك بين القبور ».

1764 - وروي عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام بعث إلى رجل بخمسة أوساق من تمر البغيبغة (4) وكان الرجل

ص: 71


1- رواه الكليني باسناده عن هشام بن سالم عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام (ج 4 ص 21) والفخذ : القبيلة.
2- نكت في الأرض بقضيبه أي ضرب بها فأثر فيها.
3- الشوص - بالفتح ثم السكون : الغسل والتنظيف أي استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك أي بغسله وتنظيفه. ولا يقل أحد لاحد : اغسل سواكي أو نظفه.
4- البغيبغة - بباءين موحدتين وغينين معجمتين وفى الوسط ياء مثناة وفى الاخر هاء - : ضيعة أو عين بالمدينة كثيرة النخل لآل الرسول (صلی اللّه عليه وآله) ، قال السمهودي في وفاء الوفاء : البغيبغة تصغير البغبغ وهي البئر القريبة الرشا ، والبغبغات عيون عملها علي بن أبي طالب عليه السلام بينبغ أول ما صارت إليه وتصدق بها وبلغ جذاذها في زمنه ألف وسق ومنها خيف الأراك وخيف ليلى وخيف الطاس.

ممن يرجو نوافله ويرضى نائله ورفده (1) وكان لا يسأل عليا عليه السلام ولا غيره شيئا ، فقال رجل لأمير المؤمنين عليه السلام : واللّه ما سألك فلان شيئا ولقد كان يجزيه من الخمسة الأوساق وسق واحد ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : لأكثر اللّه في المؤمنين ضربك ، أعطي أنا وتبخل أنت به (2) إذا أنا أعط الذي يرجوني إلا من بعد مسألتي ثم أعطيته بعد المسألة فلم اعطه إلا ثمن ما أخذت منه ، وذلك لأني عرضته لان يبذل لي وجهه الذي يعفره في التراب لربي وربه عزوجل عند تعبده له وطلب حوائجه إليه ، فمن فعل هذا بأخيه المسلم وقد عرف أنه موضع لصلته ومعروفه فلم يصدق اللّه عزوجل في دعائه له (3) حيث يتمنى له الجنة بلسانه ويبخل عليه بالحطام من ماله وذلك أن العبد قد يقول في دعائه : « اللّه اغفر للمؤمنين والمؤمنات » فإذا دعا له بالمغفرة فقد طلب له الجنة ، فما أنصف من فعل هذا بالقول ولم يحققه بالفعل (4).

باب 108: ثواب صلة الإمام عليه السلام

1765 - سئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « من ذا الذي يقرض اللّه قرضا حسنا » قال : نزلت في صلة الإمام عليه السلام ». (5)

ص: 72


1- النوافل : العطايا ، والنائل : العطاء ، والرفد - بالكسر - : الصلة والعطاء.
2- « ضربك » أي مثلك ، وفى الكافي « أعطى أنا وتبخل أنت ، لله أنت ».
3- « فلم يصدق اللّه » من الصدق المتعدى إلى مفعولين. قال اللّه تعالى : « لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا بالحق » أي أخبره بالحق. (سلطان)
4- أي لم يأت بالانصاف والعدل من قال بلسانه انى أطلب له الجنة وأحب ذلك ولم يفعل باليد ما يدل على أن ما قال بلسانه كان موافقا لما في قلبه. (مراد)
5- رواه الكليني ج 1 ص 537 باسناد عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام.

1766 - وقال عليه السلام : « درهم يوصل به الامام أفضل من ألف ألف درهم ينفق في غيره في سبيل اللّه عزوجل ». (1)

1767 - وقال الصادق عليه السلام : « من لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي شعيتنا (2) يكتب له ثواب صلتنا ، ومن لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا ».

كتاب الصوم

باب 109: باب علة فرض الصيام

1768 - سأل هشام بن الحكم أبا عبد اللّه عليه السلام عن علة الصيام فقال : « إنما فرض اللّه عزوجل الصيام ليستوي به الغني والفقير ، وذلك أن الغني لم يكن ليجد مس الجوع فيرحم الفقير لان الغني كلما أراد شيئا قدر عليه فأراد اللّه عزوجل أن يسوي بين خلقه وأن يذيق الغني مس الجوع والألم ليرق على الضعيف فيرحم الجائع ».

1769 - وكتب أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله : « علة الصوم لعرفان مس الجوع والعطش ليكون ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا صابرا ، ويكون ذلك دليلا له على شدائد الآخرة ، مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات ، واعظا له في العاجل ، دليلا على الآجل ليعلم شدة مبلغ ذلك من أهل الفقر والمسكنة في الدنيا والآخرة ».

1770 - وكتب حمزة بن محمد إلى أبي محمد عليه السلام « لم فرض اللّه الصوم؟ فورد في الجواب ليجد الغني مس الجوع فيمن على الفقير ». (3)

1771 - وروي عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أنه قال : جاء نفر من

ص: 73


1- في الكافي ج 1 ص 538 وفيه « أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من وجوه البر ».
2- في بعض النسخ وثواب الأعمال ص 124 « صالحي موالينا ».
3- أي يعطى ، من عليه أي أنعم واصطنع عنده صنيعة.

اليهود إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أنه قال له : « لأي شئ فرض اللّه عزوجل الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما ، وفرض اللّه على الأمم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : إن آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض اللّه على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش ، والذي يأكلونه بالليل تفضل من اللّه عزوجل عليهم وكذلك كان على آدم عليه السلام ، ففرض اللّه ذلك على أمتي ، ثم تلا هذه الآية : « كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات » قال اليهودي : صدقت يا محمد ، فما جزاء من صامها؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب اللّه تبارك وتعالى له سبع خصال ، أولها يذوب الحرام في جسده ، والثانية يقرب من رحمة اللّه عزوجل والثالثة يكون قد كفر خطيئة آدم أبيه عليه السلام ، والرابعة يهون اللّه عليه سكرات الموت ، والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم القيامة ، والسادسة يعطيه اللّه براءة من النار ، والسابعة يطعمه اللّه عزوجل من طيبات الجنة ، قال : صدقت يا محمد ».

باب 110: فضل الصيام

1772 - قال أبو جعفر عليه السلام : « بني الاسلام على خمسة أشياء : على الصلاة ، والزكاة ، والحج ، والصوم ، والولاية » (1)

1773 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الصوم جنة من النار » (2).

1774 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه ما

ص: 74


1- المراد بالولاية معرفة الإمام الحق المنصوب من عند اللّه المنصوص عليه ، والتصديق بكونه ولى أمر الأمة ، مفترض الطاعة كطاعة الرسول صلى اللّه عليه وآله. والولاية - بالكسر - بمعنى تولى الامر ومالكية التصرف فيه.
2- رواه الكليني عن علي عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة.

لم يغتب مسلما ». (1)

1775 - وقال صلى اللّه عليه وآله : « قال اللّه تبارك وتعالى : الصوم لي وأنا أجزي به (2) ، وللصائم فرحتان حين يفطر وحين يلقى ربه عزوجل (3) ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم (4) عند اللّه أطيب من ريح المسك ».

1776 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لأصحابه : « ألا أخبركم بشئ إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا : بلي يا رسول اللّه ، قال : الصوم يسود وجهه ، والصدقة تكسر ظهره ، والحب في اللّه عزوجل والمؤازرة على العمل الصالح يقطع دابره ، والاستغفار يقطع وتينه (5) ولكل شئ زكاة وزكاة الأبدان الصيام ».

1777 - وقال الصادق عليه السلام لعلي بن عبد العزيز : « ألا أخبرك بأصل الاسلام وفرعه وذروته وسنامه؟ قال : بلى ، قال : أصله الصلاة ، وفرعه الزكاة ، وذروته وسنامه الجهاد في سبيل اللّه عزوجل ، ألا أخبرك بأبواب الخير؟ الصوم جنة من النار » (6).

ص: 75


1- رواه الكليني ج 4 ص 64 باسناده عن عبد اللّه بن طلحة عن الصادق عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، ويدل على جواز النوم للصائم.
2- إنما خص الصوم باللّه من بين سائر العبادات وبأنه جازيه مع اشتراك الكل في ذلك لكونه خالصا له وجزاؤه من عنده خاصة من غير مشاركة أحد فيه لكونه مستورا عن أعين الناس مصونا عن ثنائهم عليه. (الوافي).
3- فرحه عند الافطار لاشعاره بان المولى وفقه لغلبة هواه ولعدم تزلزله في اتيان ما كلف به ومجيئه مظفرا من تلك الجهاد ، وله فرح آخر وهو عند لقاء جزاء عمله بما فرض اللّه له.
4- الخلوف - بضم الخاء المعجمة قبل اللام ، والفاء بعد الواو : رائحة الفم ، أو الرائحة. الكريهة.
5- المؤازرة : المعاونة ، وقطع الدابر كناية عن الاستيصال ، والوتين : عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه. (الوافي)
6- أي وقاية وحسن من الوقوع في كل معصية توجب دخول النار. وقال في الوافي : لأنه يدفع حر الشهوة والغضب اللتين بهما يصلى نار جهنم في باطن الانسان في الدنيا وتبرز له في الآخرة ، كما أن الجنة تدفع عن صاحبها حر الحديد.

1778 - وقال عليه السلام في قول اللّه عزوجل : « واستعينوا بالصبر والصلاة » قال : يعني بالصبر الصوم.

1779 - وقال عليه السلام : إذا نزلت بالرجل النازلة أو الشدة (1) فليصم فإن اللّه عزوجل يقول : « واستعينوا بالصبر والصلاة » (2).

1780 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « إن اللّه تبارك وتعالى وكل ملائكة بالدعاء للصائمين وقال : أخبرني جبرئيل عليه السلام عن ربه تعالى ذكره أنه قال : ما أمرت ملائكتي بالدعاء لاحد من خلقي إلا استجبت لهم فيه ».

1781 - وقال الصادق عليه السلام : « أوحى اللّه تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام ما يمنعك من مناجاتي؟ فقال : يا رب اجلك عن المناجاة لخلوف فم الصائم ، فأوحى اللّه عزوجل إليه يا موسى لخلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك ».

1782 - وقال الصادق عليه السلام : « للصائم فرحتان : فرحة عند إفطاره وفرحة عند لقاء ربه عزوجل ».

1783 - وقال عليه السلام : « من صام لله عزوجل يوما في شدة الحر فأصابه ظمأ وكل اللّه به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه حتى إذا أفطر ، قال اللّه عزوجل : ما أطيب ريحك وروحك يا ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له ».

1784 - وقال أبو الحسن الأول عليه السلام : « قيلوا (3) فإن اللّه عزوجل يطعم الصائم ويسقيه في منامه ».

1785 - وقال الصادق عليه السلام : « نوم الصائم عبادة ، وصمته تسبيح ، وعمله متقبل ودعاؤه مستجاب ».

ص: 76


1- في الكافي ج 4 ص 64 « بالرجل النازلة والشديدة - الخ ».
2- في الكافي « يقول » استعينوا بالصبر « يعنى الصيام ».
3- من القيلولة وهي نوم الضحى ، أمر من قال يقيل قيلولة بمعنى النوم قبل الظهر.

باب 111: وجوه الصوم

1786 - روي عن الزهري أنه قال : قال لي علي بن الحسين عليهما السلام يوما : يا زهري من أين جئت؟ فقلت : من المسجد ، قال : ففيم كنتم؟ قلت : تذاكرنا أمر الصوم فأجمع رأيي ورأي أصحابي على أنه ليس من الصوم شئ واجب إلا صوم شهر رمضان ، فقال : يا زهري ليس كما قلتم ، الصوم على أربعين وجها ، فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان ، وعشرة أوجه منها صيامهن حرام ، وأربعة عشر وجها منها صاحبها فيها بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر ، وصوم الاذن على ثلاثة أوجه ، وصوم التأديب ، وصوم الإباحة ، وصوم السفر والمرض ، قلت : جعلت فداك فسرهن لي.

قال : أما الواجب فصيام شهر رمضان ، وصيام شهرين متتابعين لمن أفطر يوما من شهر رمضان عمدا متعمدا ، وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار قال اللّه عزوجل : « والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا (1) ذلكم توعظون به واللّه بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا » ، وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب لقول اللّه عزوجل : « ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله (2) - إلى قوله تعالى - فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين » ، وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب لمن لم يجد الاطعام (3) قال اللّه عزوجل : « فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم » فكل ذلك متتابع وليس بمتفرق ، وصيام أذى حلق

ص: 77


1- « ثم يعودون » أي يريدون الوطي ونقض قولهم ، فعليهم الكفارة « من قبل أن يتماسا » أي يجامعا.
2- أي مدفوعة إلى أهل القتيل.
3- أي لم يجده مع أختيه من العتق والكسوة ، وترك للظهور. (م ت)

الرأس واجب قال عزوجل : « فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك » (1) فصاحبها فيها بالخيار فإن صام صام ثلاثا ، وصوم دم المتعة (2) واجب لمن لم يجد الهدي قال اللّه تعالى : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ، وصوم جزاء الصيد واجب قال اللّه عزوجل : « ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما »

ثم قال : أو تدرى كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ قال : قلت : لا أدرى قال : يقوم الصيد قيمة ثم تفض تلك القيمة على البر ثم يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما ، وصوم النذر واجب (3) ، وصوم الاعتكاف واجب (4).

وأما الصوم الحرام : فصوم يوم الفطر ، ويوم الأضحى ، وثلاثة أيام التشريق (5) ، وصوم يوم الشك أمرنا به ونهينا عنه ، أمرنا أن نصومه مع شعبان ونهينا عنه أن ينفرد الرجل بصيامه في اليوم الذي يشك فيه الناس (6) ، فقلت له جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال : ينوي ليلة الشك أنه صائم من

ص: 78


1- جمع نسيكة وهي الذبيحة.
2- أي الهدى الواجب في حج التمتع بعد العجز عنه.
3- الظاهر أن المراد أعم منه ومن العهد واليمين وسيجئ اطلاقه في الاخبار عليهما ولو تجوزا. (م ت)
4- المراد به الوجوب الشرطي بمعنى عدم تحقق الاعتكاف بدون الصوم ولا يجب أن يكون الصوم للاعتكاف فلو كان عليه قضاء رمضان وصامه في اعتكافه صح والمراد وجوب اليوم الثالث والسادس والتاسع وهكذا كل ثالث بعد اعتكافه يومين. (م ت)
5- أي لمن كان بمنى ، ولا خلاف في حرمة صوم أيام التشريق لمن كان بمنى ناسكا والمشهور التحريم لمن كان فيها وان لم يكن ناسكا.
6- الظاهر أن المراد بصيامه أن ينويه من رمضان من بين سائر الناس من غير أن يصح عند الناس أنه منه. (المرآة)

شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأ عنه ، وإن كان من شعبان لم يضره ، فقلت له : وكيف يجزي صوم تطوع عن صوم فريضة؟ فقال : لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يدري ولا يعلم أنه من شهر رمضان ثم علم بعد ذلك أجزأ عنه ، لان الفرض إنما وقع على اليوم بعينه (1) ، وصوم الوصال حرام ، وصوم الصمت حرام (2) ، وصوم نذر المعصية حرام (3) ، وصوم الدهر حرام (4).

ص: 79


1- أي أن الفرض أنما وقع على اليوم بعينه سواء نواه بقصد الواجب أو المندوب أو لم يقصدهما كما أنه لو صام يوما من شهر رمضان ندبا لأجزأ عنه إذا كان جاهلا ولو كان نية التعيين شرطا لما أجزأ عنه ، أو لان الفرض على اليوم بعينه ونية التعيين واجب مع العلم واما مع الجهل فلا لأنه لا ريب أنه لو غفل عن نية التعيين في يوم بعينه ونواه ندبا أجزأ عن رمضان فكذا يوم الشك لأنه لا يعلم أنه من رمضان فإذا نواه من شعبان فانكشف أنه كان من رمضان أجزأ عنه والمعتمد قوله عليه السلام لا استدلاله وهذه الاستدلالات كانت لاشكالات العامة. (م ت)
2- ذهب الشيخ - رحمه اللّه - في النهاية وأكثر الأصحاب إلى أن صوم الوصال هو أن ينوى صوم يوم وليلة إلى السحر ، وذهب هو في الاقتصاد وابن إدريس إلى أن معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما ، وإنما يحرم تأخير العشاء إلى السحر إذا نوى كونه جزءا من الصوم أما لو أخره الصائم بغير نية فإنه لا يحرم فيها ، قطع به الأصحاب والاحتياط يقتضى اجتناب ذلك ، واما صوم الصمت فهو أن ينوى الصوم ساكتا وقد أجمع الأصحاب على تحريمه. (المرآة)
3- هو أن يصوم بنذره على ترك الطاعة أو فعل المعصية شكرا أو عكسهما جزاء. (م ت)
4- حرمة صوم الدهر اما لاشتماله على الأيام المحرمة إن كان المراد كل السنة ، وإن كان المراد ما سوى الأيام المحرمة فلعله إنما يحرم إذا صام على الاعتقاد أنه سنة مؤكدة فإنه يقتضى الافتراء على اللّه تعالى : ويمكن حمله على الكراهة أو التقية لاشتهار الخبر بهذا المضنون بين العامة قال المطرزي في المغرب : وفى الحديث انه عليه السلام « سئل عن صوم الدهر فقال : لا صام ولا أفطر » قيل إنما دعا عليه لئلا يعتقد فريضته ولئلا يعجز فيترك الاخلاص أو لئلا يرد صيام السنة كلها فلا يفطر في الأيام المنهى عنها - انتهى ، وقال الجزري في النهاية في الحديث انه « سئل عمن يصوم الدهر فقال لا صام ولا أفطر » أي لم يصم ولم يفطر كقوله تعالى : « فلا صدق ولا صلى » وهو احباط لاجره على صومه حيث خالف السنة ، وقيل : دعاء عليه كراهة لصنيعه. (المرآة)

وأما الصوم الذي يكون صاحبه فيه بالخيار (1) فصوم يوم الجمعة ، والخميس ، والاثنين وصوم البيض (2) ، وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان (3) ، وصوم يوم عرفة ، ويوم عاشورا كل ذلك صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر.

وأما صوم الاذن فإن المرأة لا تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها (4) ، والعبد لا يصوم تطوعا إلا بإذن سيده ، والضيف لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه ، وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا باذنهم ».

وأما صوم التأديب فإنه يؤمر الصبي إذا راهق (5) بالصوم تأديبا وليس بفرض ، وكذلك من أفطر لعلة من أول النهار ثم قوي بعد ذلك امر بالامساك بقية يومه تأديبا وليس بفرض ، وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثم قدم أهله

ص: 80


1- معنى كون صاحب الصوم بالخيار أن ليس شئ من الصوم تركه ممنوعا لكنه لابد من كون الفعل راجحا على الترك (مراد) وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : أي يجوز له الافطار بعد الشروع فيه أولا يجب صومه.
2- هو اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر لبياض الليالي فيها مع الأيام ، أو لابيضاض جسد آدم عليه السلام لصيامها. (م ت)
3- استحباب صيامها مشهور بين العامة وروى من طرقهم أن من صامها بعد شهر رمضان فكأنما صام الدهر لقوله تعالى « من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها » ولو صامها بعد يومين أو ثلاثة بعد العيد فهو أفضل لما سيجئ. (م ت)
4- المشهور بين الأصحاب بل المتفق عليه بينهم أنه لا يجوز صوم المرأة ندبا مع نهى زوجها عنه والمشهور أيضا عدم الجواز مع عدم الإذن. (المرآة)
5- راهق الغلام مراهقة : قارب الاحتلام ولم يحتلم بعد (المصباح المنير) وفى المحكى عن الفاضل الاسترآبادي أنه قال : اشتهر بين المتأخرين خلاف من غير فيصل وهو أن عبادات الصبي المميز تمرينية يعنى صورتها صورة الصلاة والصوم مثلا وليست بعبادة ، أو عبادة فلو نوى النيابة عن الميت لبرئت ذمة الميت ، وجعله عليه السلام صوم الصبي قسيما للصوم الذي صاحبه بالخيار فيه صريح في أن صوم الصبي ليس بعبادة ويؤيد ذلك أن نظائره مطلوبة وليست بصوم بل صورتها صورة الصوم.

امر بالامساك بقية يومه تأديبا وليس بفرض.

وأما صوم الإباحة (1) فمن أو شرب ناسيا أو تقيأ من غير تعمد فقد أباح اللّه عزوجل ذلك له وأجزأ عنه صومه.

وأما صوم السفر والمرض فإن العامة اختلفت فيه فقال قوم : يصوم وقال قوم : لا يصوم وقال قوم : إن شاء صام وان شاء أفطر ، فأما نحن فنقول : يفطر في الحالتين جميعا فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء في ذلك لان اللّه عزوجل يقول : « فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر » (2).

باب 112: صوم السنة

1787 - روى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن محمد بن مروان قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصوم حتى يقال : لا يفطر ، ويفطر حتى يقال : لا يصوم ، ثم صام يوما وأفطر يوما ، ثم صام الاثنين والخميس ، ثم آل من ذلك إلى صيام ثلاثة أيام في الشهر : الخميس في أول الشهر ، وأربعاء في وسط الشهر ، وخميس في آخر الشهر ، وكان صلى اللّه عليه وآله يقول : ذلك صوم الدهر وقد كان أبي عليه السلام يقول : ما من أحد أبغض إلى اللّه عزوجل من رجل يقال له : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يفعل كذا وكذا فيقول : لا يعذبني اللّه عزوجل على أن أجتهد في الصلاة والصوم (3) كأنه يرى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ترك شيئا من الفضل عجزا عنه ».

ص: 81


1- أي صوم وقع فيه مفطر على وجه لم يفسد صومه وهو صوم قد أبيح له فيه شئ.
2- سند الخبر عامي ولا اعتماد على ما تفردوا به ومروى هنا وفى الكافي عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن سليمان بن داود ، عن سفيان بن عيينة عن الزهري ورواه التهذيب عن الكليني.
3- لعله محمول على ما إذا زاد بقصد السنة بأن أدخلها في السنة أو على قصد الزيادة على عمل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله واستقلال عمله لئلا ينافي ما ورد من الفضل في سائر أنواع الصيام والصلاة. (المرآة)

1788 - وفي رواية حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « صام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حتى قيل : ما يفطر ، ثم أفطر حتى قيل : ما يصوم ثم صام صوم داود عليه السلام يوما ويوما (1) ، ثم قبض عليه السلام على صيام ثلاثة أيام في الشهر ، وقال : يعدلن صوم الدهر (2) ويذهبن بوحر الصدر (وقال حماد : الوحر الوسوسة) (3) فقال حماد : فقلت : وأي الأيام هي؟ قال : أول خميس في الشهر وأول أربعاء بعد العشر منه وآخر خميس فيه ، فقلت : وكيف صارت هذه الأيام التي تصام؟ فقال لان من قبلنا من الأمم كانوا إذا نزل على أحدهم العذاب نزل في هذه الأيام فصام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله هذه الأيام لأنها الأيام المخوفة ».

1789 - وروى الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا صام أحدكم الثلاثة الأيام من الشهر فلا يجادلن أحدا ولا يجهل (4) ولا يسرع إلى الحلف و الايمان باللّه ، فإن جهل عليه أحد فليحتمل ». (5)

1790 - وروى عبد اللّه بن المغيرة ، عن حبيب الخثعمي فال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أخبرني عن التطوع ، وعن هذه الثلاثة الأيام إذا أجنبت من أول الليل فأعلم أني قد أجنبت فأنام متعمدا حتى ينفجر الفجر أصوم أولا أصوم؟ قال : صم ». (6)

ص: 82


1- أي يوم يصوم ويوما لا يصوم كما في أخبار في الكافي وغيره ففيها « يوما و يوما لا » ولعل « لا » سقط من النساخ.
2- حيث إن كل يوم يحسب بعشرة أيام كما يستفاد من قوله عزوجل « من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ». (مراد)
3- في النهاية : الوحر - بالتحريك - : وسواس الصدر وغشه وقيل : العداوة ، و قيل : أشد الغضب ، وقيل : الغيظ.
4- « لا يجهل » أي لا يعمل عمل الجهال من الفحش والكذب والمعاصي.
5- لعل المراد منه أنه ان شتمه أحد بطريق الجهالة وآذاه فلا يتعرض لجوابه. وفى الكافي « فليتحمل ».
6- يدل على عدم اشتراط ادراك الصبح طاهرا في الصوم النافلة وربما يخص بالنوم.

1791- وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « صيام شهر الصبر (1) وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن ببلابل الصدر ، وصيام ثلاثة أيام في كل شهر صيام الدهر ، إن اللّه عزوجل يقول : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ».

1792 - وفي رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله سئل عن صوم خميسين بينهما أربعاء ، فقال : أما الخميس فيوم تعرض فيه الأعمال ، وأما الأربعاء فيوم خلقت فيه النار ، وأما الصوم فجنة ». (2)

1793 - وفي رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إنما يصام في يوم الأربعاء لأنه لم تعذب أمة فيما مضى إلا يوم الأربعاء وسط الشهر ، فيستحب أن يصام ذلك اليوم ». (3)

1794 - وفي رواية عبد اللّه بن سنان قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا كان في أول الشهر خميسان فصم أولهما فإنه أفضل وإذا كان في آخر الشهر خميسان فصم آخرهما فإنه أفضل ».

1795 - وسأل عيص بن القاسم (4) أبا عبد اللّه عليه السلام « عمن لم يصم الثلاثة من كل شهر وهو يشتد عليه الصيام هل فيه فداء؟ فقال : مد من طعام في كل يوم ». (5)

ص: 83


1- أي شهر رمضان. والبلابل : الوساور. ففي النهاية بلبة الصدر : وساوسه.
2- سئل صلى اللّه عليه وآله عن علة تخصيص اليومين من بين أيام الأسابيع فأجاب بان أحدهما يوم عرض الأعمال فناسب أن يقع فيه الصوم ليصادف العرض العبادة ، والاخر يوم خلق فيه النار فناسب أن يقع فيه الصوم الذي هو جنة من النار. (الوافي)
3- لا يخفى أن المستفاد من حصر العذاب للأمم السابقة في الأربعاء ينافي بظاهره ما تدل عليه رواية حماد السابقة من أن نزول العذاب عليهم في الأيام الثلاثة ، ويمكن الجمع بان قوله عليه السلام « وسط الشهر » متعلق بقوله « لم يعذب » لا بيوم الأربعاء فالمعنى أنه لم يعذب أمة وسط الشهر أو في العشر الوسط الا في يوم الأربعاء ، فلا ينافي كون العذاب في غير العشر الأوسط في يوم الخميس كما ورد في رواية حماد. (سلطان)
4- هو ثقة والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
5- يدل على استحباب الفداء بدلا.

1796 - وروى ابن مسكان عن إبراهيم بن المثنى (1) قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إني قد اشتد علي صوم ثلاثة أيام في كل شهر فما يجزي عني أن أتصدق مكان كل يوم بدرهم؟ فقال : صدقة درهم أفضل من صيام يوم » (2).

1797 - وروى الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن أبي حمزة قال : قلت لأبي جعفر أو لأبي عبد اللّه عليهما السلام : « صوم ثلاثة أيام في الشهر اؤخره في الصيف إلى الشتاء فإني أجده أهون علي ، فقال : نعم فاحفظها » (3).

1798 - وروى ابن بكير ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « بم جرت السنة من الصوم؟ فقال : ثلاثة أيام من كل شهر : الخميس في العشر الأول ، والأربعاء في العشر الأوسط ، والخميس في العشر الآخر ، قال : قلت : هذا جميع ما جرت به السنة في الصوم (4)؟ فقال : نعم ».

1799 - وروى داود الرقي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لافطارك في منزل أخيك أفضل من صيامك سبعين ضعفا أو تسعين ضعفا ». (5)

1800 - وروى جميل بن دراج عنه عليه السلام أنه قال : من دخل على أخيه و

ص: 84


1- إبراهيم بن المثنى مجهول الحال ولا يضر بصحة السند لان الطريق إلى عبد اللّه بن مسكان صحيح وهو من أصحاب الاجماع.
2- الخبر كسابقه يدل على استحباب الفداء وقوله « فما يجزى عنى » أي أفما يجزى عنى أن أتصدق - الخ وكأن حرف الاستفهام محذوف.
3- ذهب الأصحاب إلى استحباب قضاء صوم الثلاثة الأيام في الشتاء لما فات منه في الصيف بسب المشقة بل قيل باستحباب قضائها مطلقا (المرآة) وقوله : « فاحفظها » أي لا تتركها مطلقا بل إن تركتها في الصيف فاقضها في الشتاء. (سلطان)
4- أي ما استقرت عليه سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.
5- الترديد من الراوي والظاهر أن المراد بالضعف ضعف ثواب الصوم (مراد) وأريد بالافطار هنا نقض الصيام. واحتمل بعض الأفاضل إرادة الافطار بعد الغروب على وجه يصح معه الصوم لا في أثناء النهار ، وهو غريب.

هو صائم فأفطر عنده (1) ولم يعلمه بصومه فيمن عليه ، كتب اللّه له صوم سنة (2).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذا في السنة والتطوع جميعا (3).

وقال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي إذا أردت سفرا وأردت أن تقدم من صوم السنة شيئا فصم ثلاثة أيام للشهر الذي تريد الخروج فيه (4).

1801 - وروي أنه سئل العالم عليه السلام عن خميسين يتفقان في آخر العشر فقال : صم الأول فلعلك لا تلحق الثاني (5).

باب 113: صوم التطوع وثوابه من الأيام المتفرقة

1802 - سأل محمد بن مسلم ، وزرارة بن أعين أبا جعفر الباقر عليه السلام « عن صوم يوم عاشورا ، فقال : كان صومه قبل شهر رمضان فلما نزل شهر رمضان ترك » (6).

ص: 85


1- الظاهر أن الضمير المستتر راجع إلى الداخل والبارز راجع إلى المضيف والمراد كما يتبادر إلى الذهن الافطار في أثناء النهار لان المنة إنما يكون في الافطار ونقض الصوم قبل الغروب.
2- ينافي بظاهره عدد السبعين أو التسعين كما في الرواية السابقة والظاهر أن المراد في أمثال هذه العبارات ليس خصوص العدد والقدر بل المراد المبالغة في الكثرة. (سلطان)
3- غرضه - رحمه اللّه - من السنة ما واظب عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كالثلاثة من الشهر ، ومن التطوع صيام سائر الأيام المستحبة التي ليست بتلك المنزلة. وهذا مبنى على أن الافطار في أثناء النهار كما هو الظاهر.
4- بناء على كراهة الصوم المستحب في السفر.
5- ينافي بظاهره ما ذكره سابقا من أفضلية الخميس الاخر ، ويمكن الجمع بحمل ذلك على من ظن بقاء السلامة إلى الاخر وهذا على خلاف ذلك (سلطان) وقوله « في آخر العشر » أي العشر الاخر ، وفى بعض النسخ « في آخر الشهر ».
6- قال أستاذنا الشعراني - مد ظله - في هامش الوافي : اعلم أن يوم عاشورا كان يوم صوم اليهود ولا يزالون يصومون إلى الآن وهو الصوم الكبير ووقته اليوم العاشر من الشهر الأول من السنة ، ولما قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله المدينة كان أول سنة اليهود مطابقا لأول المحرم وكذلك كان بعده إلى أن حرم النسئ وترك في الاسلام وبقى عليه اليهود إلى زماننا هذا فتخلف أول سنة المسلمين عن أول سنتهم وافترق يوم عاشورا عن يوم صومهم وذلك لأنهم ينسئون إلى زماننا فيجعلون في كل ثلاث سنين سنة واحدة ثلاثة عشر شهرا كما كان يفعله العرب في الجاهلية فصام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله والمسلمون يوم عاشورا كما كان يصومون وقال : نحن أولى بموسى منهم إلى أن نسخ وجوب صومه بصوم رمضان وبقى الجوار. انتهى. وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : قد اختلفت الروايات في صوم يوم عاشورا وجمع الشيخ - رحمه اللّه - بينها بأن من صام يوم عاشورا على طريق الحزن بمصائب آل محمد عليهم السلام فقد أصاب ، ومن صامه على ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه والتبرك به فقد أثم وأخطأ ، ونقل هذا الجمع عن الشيخ المفيد - رحمه اللّه - والأظهر عندي أن الأخبار الواردة بفضل صومه محمولة على التقية وإنما المستحب الامساك على وجه الحزن إلى العصر لا الصوم كما رواه الشيخ في المصباح.

1803 - وقال علي عليه السلام : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من صام يوما تطوعا أدخله اللّه عزوجل الجنة ».

1804 - وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « من ختم له بصيام يوم دخل الجنة » (1).

1805 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من صام يوما في سبيل اللّه كان يعدل سنة يصومها » (2).

1806 - وقال الصادق عليه السلام : « من تطيب بطيب أول النهار وهو صائم لم يفقد

ص: 86


1- يعنى آخر أيامه يوم الصوم لا يوم الافطار. (سلطان)
2- أي لا يشوبه شئ آخر أصلا سوى وجه اللّه تعالى وإن كان مما لا ينافي في الصحة ضمه مع القربة من طلب الجنة والهرب من النار مثلا فهو يعدل صوم سنة يكون فيه مثل الضميمة ، فلا يرد أنه لو لم يكن صوم السنة في سبيل اللّه لم يكن صحيحا فلا مبالغة في معادلته و إن كان في سبيل اللّه كيف المعادلة. واحتمال كون « سبيل اللّه » أي حال كونه في سفر الحج والجهاد بعيدا جدا (سلطان) أقول : في بعض النسخ « كان له كعدل سنة يصومها ».

عقله » (1).

1807 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « ما من صائم يحضر قوما يطعمون إلا سبحت له أعضاؤه ، وكانت صلاة الملائكة عليه ، وكانت صلاتهم استغفارا ».

1808 - وروي عن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « من صام أول يوم من عشر ذي الحجة كتب اللّه له صوم ثمانين شهرا ، فإن صام التسع (2) كتب اللّه عزوجل له صوم الدهر ».

1809 - وقال الصادق عليه السلام : « صوم يوم التروية (3) كفارة سنة ، ويوم عرفة كفارة سنتين ».

1810 - وروي « أن في أول يوم من ذي الحجة ولد إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام (4) ، فمن صام ذلك اليوم كان كفارة ستين سنة ، وفي تسع من ذي الحجة أنزلت توبة داود عليه السلام فمن صام ذلك اليوم كان كفارة تسعين سنة ».

1811 - وروي عن يعقوب بن شعيب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صوم يوم عرفة قال : إن شئت صمت وإن شئت لم تصم (5) وذكر أن رجلا أتى الحسن والحسين عليهما السلام فوجد أحدهما صائما والآخر مفطرا ، فسألهما فقالا : إن صمت فحسن وإن لم تصم فجائز ».

1812 - وروى عبد اللّه بن المغيرة ، عن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أوصى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلى علي عليه السلام وحده ، وأوصى علي عليه السلام إلى الحسن والحسين

ص: 87


1- « يفقد » على صيغة المجهول ورفع « عقله » أو على صيغة المعلوم ونصب « عقله ».
2- يعنى من الأول إلى التاسع.
3- يوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة.
4- سيأتي تحت رقم 1814 ما يخالفه.
5- يدل على عدم تأكده ، وحمل على من يضعفه الصوم عن الدعاء ، أو لئلا يتوهم أنه واجب أو سنة وكيدة وإن كان الفضل في صومه كصحيحة سليمان بن جعفر عن أبي الحسن عليه السلام كما في التهذيب ج 1 ص 436. وخبر عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عنه عليه السلام.

عليهما السلام جميعا ، وكان الحسن عليه السلام إمامه فدخل رجل يوم عرفة على الحسن عليه السلام ووهو يتغدى والحسين عليه السلام صائم ، ثم جاء بعدما قبض الحسن عليه السلام فدخل على الحسين عليه السلام يوم عرفة وهو يتغدى وعلي بن الحسين عليهما السلام صائم ، فقال له الرجل : إني دخلت على الحسن عليه السلام وهو يتغدى وأنت صائم ، ثم دخلت عليك وأنت مفطر؟ فقال : إن الحسن عليه السلام كان إماما فأفطر لئلا يتخذ صومه سنة وليتأسى به الناس فلما أن قبض كنت أنا الامام فأردت أن لا يتخذ صومي سنة فيتأسى الناس بي ».

1813 - وروى حنان بن سدير ، عن أبيه قال : « سألته (1) عن صوم يوم عرفة فقلت : جعلت فداك إنهم يزعمون أنه يعدل صوم سنة قال : كان أبي عليه السلام لا يصومه ، قلت : ولم جعلت فداك؟ قال : يوم عرفة يوم دعاء ومسألة فأتخوف أن يضعفني عن الدعاء وأكره أن أصومه ، وأتخوف أن يكون يوم عرفة يوم الأضحى وليس بيوم صوم ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : إن العامة غير موفقين لفطر ولا أضحى و إنما كره عليه السلام صوم يوم عرفة لأنه كان يكون يوم العيد في أكثر السنين (2) و تصديق ذلك :

ص: 88


1- يعنى أبا جعفر عليه السلام كما صرح به في التهذيب ج 1 ص 436.
2- قال سلطان العلماء : « الاشتباه وقع بين عرفة والعيد غضبا من اللّه تعالى على العامة وأكثر أيام عرفتهم يوم العيد في الواقع فأفطر عليه السلام يوم عيدهم هربا من صوم العيد الواقعي وذلك لا ينافي استحباب صوم يوم عرفة الواقعي ». وقال استاذنا الشعراني مد ظله : لا يخفى أن هذا مخالف لأصول مذهبنا لان اشتباه عرفة بالعيد إن كان من اللّه تعالى غضبا عليهم فلا مؤاخذة عليهم وان لم يكن بسب ذلك مؤاخذة عليهم فكيف يكون غضبا ، وإنما يصح ذلك على أصول المجبرة والغالب في عصرنا ان الاختلاف في رؤية الأهلة بين بلادنا وبلاد الحجاز إنما هو في تقديم يوم عيدهم على عيدنا فلا يمكن أن يحمل مضمون الرواية على نظير هذا الاختلاف فإن مقتضى الرواية تأخير الرؤية عندهم عن الهلال الواقعي على عكس ما يقع في أيامنا ، واعلم أنه يمكن تقديم الرؤية بيوم في البلاد الغربية بالنسبة إلى الشرقية على ما هو مبين في علم التنجيم - انتهى كلامه لاضحى ظله -.

1814 - ما قاله الصادق عليه السلام : « لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام أمر اللّه عزوجل ملكا فنادى أيتها الأمة الظالمة القاتلة عترة نبيها لا وفقكم اللّه تعالى لصوم و لافطر ». (1)

1815 - وفي حديث آخر : « لا وفقكم اللّه لفطر ولا أضحى ». (2)

ومن صام يوم عرفة فله من الثواب ما ذكرناه.

1816 - وروي عن الحسن بن علي الوشاء : قال : « كنت مع أبي وأنا غلام فتعشينا عند الرضا عليه السلام ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة فقال له : ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم عليه السلام (3) ، وولد فيها عيسى بن مريم عليه السلام وفيها دحيت الأرض من تحت الكعبة (4) فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستين شهرا ».

ص: 89


1- لعله مضمون الخبر لا لفظه كما يظهر مما سيأتي تحت رقم 2059 في حديث عبد اللّه ابن لطيف التفليسي عن رزين وقال الفيض - رحمه اللّه - في الوافي بعد ذكر الخبر : لعل المراد بعدم التوفيق لهما عدم الفوز بجوائزهما وفوائدهما وما فيهما من الخيرات والبركات في الدنيا والآخرة وربما يخطر ببعض الأذهان ان المراد به اشتباه الهلال عليهم ، أو المراد عدم توفيقهم للاتيان بالصلاة على وجهها بآدابها وسننها وشرائطها كما كانت في عهد رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) وقد تهيأ لها أبو الحسن الرضا عليه السلام مرة في زمان مأمون الخليفة فحالوا بينه وبين اتمامها وفى كل زمن من المعنيين قصور أما الأول فلعدم مساعدته المشاهدة فان الاشتباه ليس بدائم مع أنه لا يضر لاستبانة حكمه وعدم منافاته لأكثر الصوم وعدم اختصاصه بالمدعو عليهم ، وأما الثاني فلعدم مساعدة لفظ الخبر فان الصلاة غير الصوم والفطر وكيف كان فالدعوة مختصة بالمتحيرين الضالين من المخالفين ، أو الظالمين القاتلين ومن رضى بفعالهم - انتهى.
2- كما في رواية رزين عن أبي عبد اللّه عليه السلام المروية في الكافي ج 4 ص 170.
3- هذا ينافي ما تقدم تحت رقم 1808 حيث كان فيه « ولادة إبراهيم عليه السلام في أول يوم من ذي الحجة » وقيل : لعل المذكور في هذا الخبر إبراهيم بن رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) لعدم التصريح بالخليل وهو كما ترى آب عن السياق.
4- دحا اللّه الأرض يدحوها دحوا : بسطها. (المصباح المنير)

1817 - وروي « أن في تسع وعشرين (1) من ذي القعدة أنزل اللّه عزوجل الكعبة ، وهي أول رحمة نزلت فمن صام ذلك اليوم كان كفارة سبعين سنة ».

1818 - وروى الحسن بن راشد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قلت : جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين؟ قال : نعم يا حسن وأعظمهما وأشرفهما ، قال : قلت له : فأي يوم هو؟ قال : هو يوم نصب أمير المؤمنين عليه السلام علما للناس ، قلت : جعلت فداك وأي يوم هو؟ قال : إن الأيام تدور وهو يوم ثمانية عشر من ذي الحجة قال : قلت : جعلت فداك وما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟ قال : تصومه يا حسن وتكثر فيه الصلاة على محمد وأهل بيته عليهم السلام ، وتبرأ إلى اللّه عزوجل ممن ظلمهم حقهم ، فإن الأنبياء عليهم السلام كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي كان يقام فيه الوصي أن يتخذ عيدا ، قال : قلت : ما لمن صامه منا؟ قال : صيام ستين شهرا ، ولا تدع صيام يوم سبعة وعشرين من رجب فإنه هو اليوم الذي أنزلت فيه النبوة على محمد صلى اللّه عليه وآله وثوابه مثل ستين شهرا لكم ».

1819 - وروى المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « صوم يوم غدير خم كفارة ستين سنة ».

وأما خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه فإن شيخنا محمد ابن الحسن - رضي اللّه عنه - كان لا يصححه ويقول : إنه من طريق محمد بن موسى الهمداني وكان كذابا غير ثقة (2) وكل ما لم يصححه ذلك الشيخ - قدس اللّه روحه -

ص: 90


1- سيأتي تحت رقم 2299 - عن موسى بن جعفر عليهما السلام مثله وفيه « في خمسة و عشرين » وقال في روضة المتقين : الظاهر تبديل خمس بتسع وقع من الناسخ. ولكن لا يبعد التعدد.
2- التهذيب ج 1 ص 294 عن الحسين بن الحسن الحسيني قال : حدثنا محمد بن موسى الهمداني قال : حدثنا علي بن حسان الواسطي قال : حدثنا علي بن الحسين العبدي قال : « سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السلام يقول : صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا لو عاش انسان ثم صام ما عمرت الدنيا لكان له ثواب ذلك ، وصيامه يعدل عند اللّه عزوجل في كل عام مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات وهو عيد اللّه الأكبر - إلى أن قال - ومن صلى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة يسأل اللّه عزوجل يقرأ في كل ركعة سورة الحمد مرة ، وعشر مرات قل هو اللّه أحد ، وعشر مرات آية الكرسي ، وعشر مرات انا أنزلناه عدلت عند اللّه عزوجل مائة ألف حجة ومائة ألف عمرة - الحديث » وهو طويل جدا لا يسعنا ذكر تمامه ، ومن أراد الاطلاع فليراجر. وأما محمد بن موسى الهمداني أبو جعفر السمان فهو ضعيف يروى عن الضعفاء ضعفه القميون بالغلو وكان ابن الوليد يقول : انه كان يضع الحديث ، كما في الخلاصة واللّه أعلم.

ولم يحكم بصحته من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح.

1820 - « وفي أول يوم من المحرم دعا زكريا عليه السلام ربه عزوجل فمن صام ذلك اليوم استجاب اللّه له كما استجاب لزكريا عليه السلام ».

1821 - وسأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة ، قال : هو بالخيار ما بينه وبين العصر ، وإن مكث حتى العصر (1) ثم بدا له [أن يصوم] ولم يكن نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء » (2).

باب 114: ثواب صوم رجب

1822 - روى أبان بن عثمان ، عن كثير النوا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن نوحا عليه السلام ركب السفينة أول يوم من رجب فأمر عليه السلام من معه أن يصوموا ذلك اليوم ، وقال : من صام ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة ، ومن صام سبعة أيام أغلقت عنه أبواب النيران السبعة ، ومن صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنان

ص: 91


1- أي لم يأت بمفطر ولم ينو الصوم.
2- يدل على كراهة الافطار بعد العصر وعلى جواز النية في المندوب بعد العصر ، والمشهور بين القدماء جواز نية النافلة إلى الزوال ، والقول بامتداده إلى المغرب للشيخ في المبسوط والمرتضى وجماعة من القدماء وجمهور المتأخرين.

الثمانية ، ومن صام خمسة عشر يوما أعطي مسألته ، ومن زاده زاده اللّه عزوجل ».

1823 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « رجب نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، فمن صام يوما من رجب سقاه اللّه من ذلك النهر ».

1824 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « رجب شهر عظيم يضاعف اللّه فيه الحسنات ، ويمحو فيه السيئات ، من صام يوما من رجب تباعدت عنه النار مسيرة سنة ، ومن صام ثلاثة أيام وجبت له الجنة ».

وقد أخرجت ما رويته في هذا المعنى في كتاب فضائل رجب (1).

باب 115: ثواب صوم شعبان

1825 - روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال : « من صام شعبان كان له طهورا من كل زلة ووصمة وبادرة وقال : أبو حمزة فقلت لأبي جعفر عليه السلام : ما الوصمة؟ قال : اليمين في المعصية والنذر ، ولا نذر في المعصية ، قلت : فما البادرة؟ قال : اليمين عند الغضب ، والتوبة منها الندم عليها ». (2)

1826 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن مرحوم الأزدي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : من صام أول يوم من شعبان وجبت له الجنة البتة ، ومن صام يومين نظر اللّه إليه في كل يوم وليلة في دار الدنيا وداوم نظره إليه في الجنة ، ومن صام ثلاثة أيام زاره اللّه في عرشه من جنته في كل يوم ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : زيارة اللّه زيارة أنبيائه وحججه صلوات

ص: 92


1- ذكر الحجة السيد حسن الموسوي الخرسان - مد ظله العالي - أن عنده نسخة من فضائل الأشهر الثلاثة للمؤلف مخطوطة وقال : نسختها لنفسي بيدي. أقول : راجع في ثواب صوم رجب ثواب الأعمال من ص 77 إلى 83 طبع مكتبة الصدوق 1391.
2- الوصمة في اللغة العيب في الجسد ، والبادرة الحدة والغضب.

اللّه عليهم من زارهم فقد زار اللّه عزوجل كما أن من أطاعهم فقد أطاع اللّه ، ومن عصاهم فقد عصى اللّه ، ومن تابعهم فقد تابع اللّه عزوجل وليس ذلك على ما يتأوله المشبهة ، تعالى اللّه عما يقولون علوا كبيرا.

1827 - وقال الصادق عليه السلام : « صوم [شهر] شعبان وشهر رمضان شهرين متتابعين توبة واللّه من اللّه » (1).

1828 - وروى عمرو بن خالد عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصوم شعبان وشهر رمضان يصلهما وينهى الناس أن يصلوهما ، وكان يقول : هما شهر اللّه وهما كفارة لما قبلهما وما بعدهما من الذنوب ».

قوله عليه السلام : « وينهى الناس أن يصلوهما » هو على الانكار والحكاية لا على الاخبار (2) ، وكأنه يقول : كان يصلهما وينهى الناس أن يصلوهما فمن شاء وصل ومن شاء فصل ، وتصديق ذلك :

1829 - ما رواه زرعة ، عن المفضل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان أبي عليه السلام يفصل ما بين شعبان وشهر رمضان بيوم ، وكان علي بن الحسين عليهما السلام يصل ما بينهما ويقول : صوم شهرين متتابعين توبة من اللّه ».

وقد صامه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ووصله بشهر رمضان (3) وصامه وفصل بينهما ولم يصمه

ص: 93


1- رواه المصنف في ثواب الأعمال مسندا عن الصادق عليه السلام وفيه « صوم شعبان وشهر رمضان واللّه توبة من اللّه ». ولعل المعنى قبولا منه ورحمة أي شرع ذلك توبة منه وأكده بالقسم.
2- « ينهى الناس حمله الشيخ - رحمه اللّه - على الوصال المحرم على غيره صلى اللّه عليه وآله بأن لا يفطر بين آخر شعبان وأول رمضان ، ويمكن أن يقرأ على بناء الافعال بمعنى الاعلام والابلاغ ، ويحتمل أيضا أن يكون » الناس « بالرفع ليكون فاعل » ينهى أي لم يكن النبي (صلی اللّه عليه وآله) ينهى عن الوصل بل كان يفعله والناس أي العامة ينهون عنه افتراء عليه ، والأظهر الحمل على التقية. (المرآة).
3- كما تقدم في حديث عمرو بن خالد تحت رقم 1826.

كله في جميع سنيه إلا أن أكثر صيامه كان فيه. (1)

1830 - « وكن نساء النبي (2) صلى اللّه عليه وآله إذا كان عليهن صيام أخرن ذلك إلى شعبان كراهية أن يمنعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حاجته ، وإذا كان شعبان صمن وصام معهن ، وكان عليه السلام يقول : شعبان شهري ».

1831 - وقال الصادق عليه السلام : « من صام ثلاثة أيام من آخر شعبان ووصلها بشهر رمضان كتب اللّه له صوم شهرين متتابعين ».

1832 - وروى حريز ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « ما تقول في ليلة النصف من شعبان؟ قال : يغفر اللّه عزوجل فيها من خلقه لأكثر من عدد شعر معزى كلب (3) وينزل اللّه عزوجل ملائكته إلى السماء الدنيا وإلى الأرض بمكة ».

وقد أخرجت ما رويته في هذا المعنى في كتاب فضائل شعبان (4).

باب 116: فضل شهر رمضان وثواب صيامه

1833 - روى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي الورد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الناس في آخر جمعة من شعبان فحمد اللّه

ص: 94


1- لم أجده من طريق الخاصة وروى البخاري ومسلم وأبو داود عن عائشة قالت في حديث  « ما رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم استكمل صيام شهر قط الأشهر رمضان ، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان » وفى سنن النسائي والترمذي قالت ما رأيت النبي صلى اللّه عليه وسلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان ، كان يصومه الا قليلا ، بل كان يصومه كله « وفى رواية للنسائي » قالت لم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لشهر أكثر صياما منه لشعبان ، كان يصومه أو عامته.
2- رواه الكليني بسند حسن كالصحيح في الكافي ج 4 ص 90 والشيخ في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- « كلب » حي من قضاعة (الصحاح) وفى نسخة « بنى كلب ».
4- راجع ثواب الأعمال ، ص 83 إلى 88.

وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس إنه قد أظلكم شهر (1) فيه ليلة خير من ألف شهر ، وهو شهر رمضان فرض اللّه صيامه ، وجعل قيام ليلة فيه كمن تطوع بصلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور ، وجعل لمن تطوع فيه بخصلة من خصال الخير والبر كأجر من أدى فريضة من فرائض اللّه عزوجل (2) ، ومن أدى فريضة من فرائض اللّه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور ، وهو شهر الصبر (3) وإن الصبر ثوابه الجنة ، وهو شهر المواساة (4) وهو شهر يزيد اللّه فيه رزق المؤمن ، ومن فطر فيه مؤمنا صائما كان له بذلك عند اللّه عتق رقبة ومغفرة لذنوبه فيما مضى ، فقيل له : يا رسول اللّه ليس كلنا نقدر على أن نفطر صائما ، فقال : إن اللّه تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثواب منكم لمن لم يقدر إلا على مذقة (5) من لبن يفطر بها صائما أو شربة من ماء عذب أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك ، ومن خفف فيه عن مملوكه خفف اللّه عزوجل عليه حسابه ، وهو شهر أوله رحمة ، ووسطه مغفرة ، وآخره إجابة والعتق من النار (6) ، ولا غنى بكم فيه عن أربع خصال : خصلتين ترضون اللّه بهما ، وخصلتين لا غنى بكم عنهما ، فأما اللتان ترضون اللّه بهما فشهادة أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه ، وأما اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون اللّه عزوجل فيه حوائجكم والجنة وتسألون اللّه فيه العافية ، وتتعوذون به من النار.

ص: 95


1- أي أقبل عليكم ودنا منكم كأنه ألقى ظله عليكم. (النهاية)
2- يفهم منه فضل الفرائض على النوافل مطلقا.
3- أي الصبر في طاعة اللّه واتيان ما أمره من حفظ النفس عن تناول كل ما يشتهى من المباحات التي كانت له حلالا في غير هذا الشهر.
4- أي يساوى فيه الناس في الجوع والعطش غنيا كانوا أو فقيرا أو يساوى الناس في الحكم أي لا يجوز لأحدهم تناول شئ من المفطرات ، أو هو شهر ينبغي فيه أن يشرك الأغنياء الفقراء وأهل الحاجة في معايشهم فيكون المعنى شهر المساهمة والمشاركة في المعاش.
5- المذقة : اللبن الممزوج بالماء وميمه أصلية.
6- أي في العشر الأول ينزل اللّه عزوجل الرحمات الدنيوية والأخروية على عباده ، وفى العشر الأوسط يغفر ذنوبهم ، وفى العشر الآخر يستجيب دعاءهم ويعتق رقابهم من النار.

1834 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (1) لما حضر شهر رمضان وذلك في ثلاث بقين من شعبان لبلال : ناد في الناس فجمع الناس ثم صعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال : « أيها الناس إن هذا الشهر قد حضركم وهو سيد الشهور ، فيه ليلة هي خير من ألف شهر ، تغلق فيه أبواب النار ، وتفتح فيه أبواب الجنان ، فمن أدركه فلم يغفر له فأبعده اللّه ، ومن أدرك والديه فلم يغفر له فأبعده اللّه ، ومن ذكرت عنده فلم يصل علي فلم يغفر له (2) فأبعده اللّه ».

1835 - وروى جابر (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا نظر إلى هلال شهر رمضان استقبل القبلة بوجهه ثم قال : « اللّهم أهله علينا بالأمن والايمان (4) ، والسلامة والاسلام (5) ، والعافية المجللة (6) ، والرزق الواسع ، ودفع الأسقام ، وتلاوة القرآن ، والعون على الصلاة والصيام ، اللّهم سلمنا لشهر رمضان وسلمه لنا وتسلمه (7) منا حتى ينقضي رمضان وقد غفرت لنا » ثم يقبل بوجهه

ص: 96


1- مروى في الكافي ج 4 ص 67 والتهذيب ج ص 406 وثواب الأعمال ص 90 بسند فيه ارسال عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.
2- ليس في التهذيب قوله « فلم يغفر له » ههنا.
3- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 68 مسندا.
4- أي اجعله طالعا لنا بالأمن من الآفات الدنيوية والأخروية. (م ت)
5- أي الانقياد لأوامرك وترك نواهيك. (م ت)
6- المجللة - بالكسر أو الفتح - أي الشاملة لجميع الأعضاء من الأسقام ، أو الأعم من مكروهات الدارين. (م ت)
7- « سلمنا » أي بان نكون صحيحا حتى نصومه ونعبدك فيه. و « سلمه لنا » أي من الاشتباه في الصوم والفطر حتى لا يشتبه علينا يوم منه بغيره لأجل الهلال ، و « تسلمه منا » أي تقبله منا يعنى تقبل منا ما نأتي فيه من العبادات والقربات.

على الناس فيقول : يا معشر الناس إذا طلع هلال شهر رمضان غلت مردة الشياطين (1) وفتحت أبواب السماء وأبواب الجنان وأبواب الرحمة وغلقت أبواب النار (2) و استجيب الدعاء ، وكان لله تبارك وتعالى عند كل فطر عتقاء يعتقهم من النار ، وينادي مناد كل ليلة هل من تائب؟ هل من سائل؟ هل من مستغفر؟ « اللّهم أعط كل منفق خلفا ، وأعط كل ممسك تلفا » (3) حتى إذا طلع هلال شوال نودي المؤمنون : أن اغدوا إلى جوائزكم فهو يوم الجائزة ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : أما والذي نفسي بيده ما هي بجائزة الدنانير والدراهم. (4)

1836 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام » أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لما انصرف من عرفات وسار إلى منى دخل المسجد (5) فاجتمع إليه الناس يسألونه عن ليلة القدر ، فقام خطيبا فقال بعد الثناء على اللّه عزوجل : أما بعد فإنكم سألتموني عن ليلة القدر ولم أطوها عنكم لأني لم أكن بها عالما (6) اعلموا أيها الناس إنه من ورد عليه شهر رمضان وهو صحيح سوي فصام نهاره وقام وردا من ليله (7) وواظب على صلاته

ص: 97


1- مردة جمع ما ورد وهو العاتي أو جمع مريد - بفتح الميم - وهو الذي لا ينقاد ولا يطيع.
2- فتح أبواب السماء كناية عن نزول الرحمة أو استجابة الدعاء أو كناية عن طريق التوجه إلى اللّه سبحانه والسؤال والاستغفار. وفتح أبواب الجنان كناية عن كونه بحيث يأتي المكلف فيه بما يوجب فتحها له ، وغلق أبواب النار كناية عن عدم اتيان العبد بما يوجب له النار.
3- « حلفا » بالتحريك أي عوضا عظيما في الدنيا والآخرة ، وقوله : « أعط كل ممسك » ذكر الاعطاء هنا اما للمشاكلة أو التهكم ، و « تلفا » أي تلف المال والنفس. (م ت) .
4- يعنى ما هذه الجائزة دنيوية بل هي المغفرة والثواب والتوفيق.
5- يعنى مسجد الخيف.
6- أي ما كتمته عنكم أو ما أخفيته عنكم مع علمي بها بخلا عليكم أو ناشئا من عدم العلم بها بل لمصالح لا يعلمها الا اللّه تعالى.
7- الورد - بكسر الواو وسكون الراء المهملة - : الجزء ومن القرآن ما يقوم به الانسان كل ليلة. وفى المصباح المنير : الورد الوظيفة من قراءة ونحو ذلك. والمعنى قام تاليا للقرآن في بعض الليل أو داعيا فيه.

وهجر إلى جمعته (1) وغدا إلى عيده فقد أدرك ليلة القدر وفاز بجائزة الرب عزوجل.

1837 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : « فازوا واللّه بجوائز ليست كجوائز العباد ».

1838 - وقال أبو جعفر عليه السلام لجابر (2) : « يا جابر من دخل عليه شهر رمضان فصام نهاره وقام وردا من ليله ، وحفظ فرجه ولسانه ، وغض بصره ، وكف أذاه خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه ، قال جابر : قلت له : جعلت فداك ما أحسن هذا من حديث؟ قال : ما أشد هذا من شرط ».

1839 - وقال علي عليه السلام : « لما حضر شهر رمضان قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس كفاكم اللّه عدوكم من الجن والإنس ، وقال : » ادعوني أستجب لكم « ووعدكم الإجابة ، ألا وقد وكل اللّه عزوجل بكل شيطان مريد سبعين من ملائكته فليس بمحلول حتى ينقضي شهركم هذا ، ألا وأبواب السماء مفتحة من أول ليلة منه ، ألا والدعاء فيه مقبول ».

1840 - وروى محمد بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إن لله تبارك وتعالى في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء وطلقاء من النار إلا من أفطر على مسكر ، فإذا كان آخر ليلة منه أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه » (3).

1841 - وفي رواية عمر بن يزيد « إلا من أفطر على مسكر ، أو مشاحن ، أو صاحب شاهين - وهو الشطرنج - » (4).

ص: 98


1- في بعض النسخ « وهاجر إلى جمعته »
2- هو الجعفي ورواه الكليني بسند ضعيف ج 4 ص 87.
3- رواه الكليني مسندا ج 4 ص 48. ومحمد بن مروان مجهول الحال.
4- رواه المصنف - رحمه اللّه - في ثواب الأعمال ص 92. باسناده عن عمر بن يزيد وفيه « أو مشاحنا ». في بعض النسخ الكتاب « مشاجرا » والمشاحن : صاحب البدعة والمفارق للجماعة ، والتارك للجمعة. والمشاجر : المنازع.

1842 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل » (1).

1843 - وروى هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من لم يغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى قابل إلا أن يشهد عرفة ». (2)

1844 - وكان الصادق عليه السلام يوصي ولده ويقول : « إذا دخل شهر رمضان فاجهدوا أنفسكم فإن فيه تقسم الأرزاق ، وتكتب الآجال ، وفيه يكتب وفد اللّه الذين يفدون إليه (3) وفيه ليلة العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ».

1845 - وقال الصادق عليه السلام : « إن عدة الشهور عند اللّه اثنا عشر شهرا في كتاب اللّه يوم خلق السماوات والأرض » ، فغرة الشهور (4) شهر اللّه وهو شهر رمضان وقلب شهر رمضان ليلة القدر ، ونزل القرآن في أول ليلة من شهر رمضان (5) فاستقبل الشهر بالقرآن. (6)

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : تكامل نزول القرآن ليلة القدر.

1846 - وروى سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث النخعي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : إن شهر رمضان لم يفرض اللّه صيامه على أحد من الأمم قبلنا ، فقلت له : فقول اللّه عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم

ص: 99


1- رواه المصنف - رحمه اللّه - بسند عامي عن ابن عباس في ثواب الأعمال ص 97.
2- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 66 بسند مجهول لا يقصر عن الصحيح.
3- أي يقدر فيه حاج بيت اللّه ، وفد جمع وافد - كصحب وصاحب - ، يقال : وفد فلان على الأمير أي ورد رسولا ، فكان الحاج وفد اللّه وأضيافه نزلوا عليه رجاء بره واكرامه (المرآة) والسند كما في الكافي ج 4 ص 66 موثق.
4- « فغرة الشهور » الفاء للتعقيب الذكرى أي أولها أو أشرفها وأفضلها أو المنور من بينها. وفى النهاية غرة كل شئ أوله.
5- كأنه أراد أن ابتداء نزوله في أول ليلة منه وكماله في ليلة القدر.
6- المراد الامر بتلاوته عند وروده أو أول ليلة منه.

الصيام كما كتب على الذين من قبلكم » قال : إنما فرض اللّه صيام شهر رمضان على الأنبياء دون الأمم ففضل به هذه الأمة وجعل صيامه فرضا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وعلى أمته ».

وقد أخرجت هذه الأخبار [التي رويتها في هذا المعنى] في كتاب فضائل شهر رمضان. (1)

باب 117: القول عند رؤية هلال شهر رمضان

1847 - قال أمير المؤمنين عليه السلام (2) : « إذا رأيت الهلال فلا تبرح وقل : اللّهم إني أسألك خير هذا الشهر ، وفتحه ونوره ونصره وبركته وطهوره ورزقه ، وأسألك خير ما فيه وخير ما بعده ، وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده ، اللّهم أدخله علينا بالأمن والايمان ، والسلامة والاسلام ، والبركة والتقوى ، والتوفيق لما تحب وترضى ».

1848 - وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا أهل هلال شهر رمضان استقبل القبلة و رفع يديه وقال : « اللّهم أهله علينا بالأمن والايمان ، والسلامة والاسلام ، والعافية المجللة ، والرزق الواسع ، ودفع الأسقام ، اللّهم ارزقنا صيامه وقيامه وتلاوة القرآن فيه ، وسلمه لنا وتسلمه منا وسلمنا فيه » (3).

وقال أبي - رحمه اللّه - في رسالته إلي : إذا رأيت هلال شهر رمضان فلا تشر إليه ولكن استقبل القبلة وارفع يديك إلى اللّه عزوجل وخاطب الهلال وتقول : « ربي وربك اللّه رب العالمين ، اللّهم أهله علينا بالأمن والايمان ، والسلامة والاسلام

ص: 100


1- راجع ثواب الأعمال ص 88 إلى 97.
2- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 76 بسند مرفوع.
3- « سلمه لنا » أي لا يغيم الهلال في أوله أو آخره فيلتبس علينا الصوم والفطر وقد مر معنى الجملات ص 96 والخبر مروى في الكافي بسند ضعيف ج 4 ص 70.

والمسارعة إلى ما تحب وترضى ، اللّهم بارك لنا في شهرنا هذا ، وارزقنا عونه وخيره واصرف عنا ضره وشره وبلاءه وفتنته ».

1849 - وكان من قول أمير المؤمنين عليه السلام عند رؤية الهلال : « أيها الخلق المطيع الدائب السريع (1) المتردد في فلك التدبير ، المتصرف في منازل التقدير (2) ، آمنت بمن نور بك الظلم ، وأضاء بك البهم (3) ، وجعلك آية من آيات سلطانه (4) و امتهنك بالزيادة والنقصان (5) والطلوع والأفول ، والإنارة والكسوف ، في كل ذلك أنت له مطيع ، وإلى إرادته سريع (6) سبحانه ما أحسن ما دبر وأتقن ما صنع في ملكه وجعلك اللّه هلال شهر حادث لأمر حادث ، جعلك اللّه هلال أمن وإيمان (7) وسلامة وإسلام ، - هلال أمنة (8) من العاهات ، وسلامة من السيئات - اللّهم اجعلنا أهدى من

ص: 101


1- الخلق بمعنى المخلوق كاللفظ بمعنى الملفوظ ، ودأب في عمله من باب منع : جد وتعب ، والدؤوب دوام العمل واستمراره على حالة أخذا من الدأب وهو العادة المستمرة كما في كريمة « سخر لكم الشمس والقمر دائبين » أي مستمرين.
2- ترددت إلى فلان أي رجعت إليه مرة بعد أخرى. ولعل المراد بالفلك هنا السماء الدنيا. وفى الصحيفة السجادية « المتردد في منازل التقدير ، المتصرف في فلك التدبير » وهو الأوفق بالآية حيث قال : « والقمر قدرناه منازل » ولعله من تصرف النساخ أو الرواة.
3- الظلم جمع ظلمة. والبهم جع بهمة - بالضم - وهي ما يصعب أدركه على الحاسة إن كان محسوسا وعلى الفهم إن كان معقولا.
4- الآية العلامة الظاهرة ، والمراد بسلطانه تعالى استيلاؤه وقدرته على التصرف بالامر والنهى وغلبته التامة.
5- الامتهان افتعال من المهن ، يقال. مهن مهنا من بابي قتل ونفص. : خدم غيره وامتهنه امتهانا : استخدمه أو ابتذله واستعمله في الخدمة. والمراد بالزيادة والنقصان زيادة نور القمر ونقصانه في شكل الهلال والبدر بحسب ما يظهر للحس.
6- قوله « في كل ذلك - الخ » تقرير لانقياده وطاعته للمشيئة والإرادة الإلهية ، وايثار الجملة الاسمية للاشعار بدوام الطاعة واستمرار سرعة الانقياد ، وتقديم الظرف في الفقرتين للاهتمام ورعاية التقفية كما قاله السيد المدني - رحمه اللّه - في رياض السالكين.
7- جملة دعائية أي أسأل اللّه أن يجعلك هلال أمن وايمان - الخ.
8- في بعض النسخ « هلال أمن ».

طلع عليه وأزكى من نظر إليه ، وصلى اللّه على محمد [النبي] وآله ، اللّهم افعل بي كذا وكذا - يا أرحم الراحمين ».

باب 118: ما يقال في أول يوم من شهر رمضان

1850 - روي عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « ادع بهذا الدعاء في شهر رمضان مستقبل دخول السنة (1) وذكر أن من دعا به محتسبا مخلصا لم تصبه في تلك السنة فتنة ولا آفة في دينه ودنياه وبدنه ، ووقاه اللّه شر ما يأتي به في تلك السنة » اللّهم إني أسألك باسمك الذي دان له كل شئ (2) ، وبرحمتك التي وسعت كل شئ ، وبعزتك التي قهرت بها كل شئ ، وبعظمتك التي تواضع لها كل شئ ، وبقوتك التي خضع لها كل شئ ، وبجبروتك التي غلبت كل شئ ، وبعلمك الذي أحاط بكل شئ ، يا نور يا قدوس ، يا أول قبل كل شئ ، ويا باقي بعد كل شئ ، يا اللّه يا رحمن ، صل على محمد وآل محمد واغفر لي الذنوب التي تغير النعم ، واغفر لي الذنوب التي تنزل النقم ، واغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء ، واغفر لي الذنوب التي تديل الأعداء (3) ، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء ، واغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء ، واغفر لي الذنوب التي تحبس غيث السماء (4) واغفر لي الذنوب التي تهتك العصم ، وألبسني درعك الحصينة التي لا ترام (5) ، وعافني من شر

ص: 102


1- أي حال دخول السنة ، فان شهر رمضان أول السنة عند الأكثر.
2- أي أطاع وذل له جميع الأشياء.
3- الادالة : الغلبة ، يقال : اللّهم أدلني على فلان وانصرني.
4- وهي الجور في الحكم كما ورد في الاخبار منها خبر أبي ولاد الحناط المروى في الكافي ج 5 ص 290 حيث قضى أبو حنيفة في قضية بغير الحق فقال الصادق عليه السلام : « في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتمنع الأرض بركتها ».
5- « تهتك العصم » المراد اما رفع حفظ اللّه وعصمته عن الذنوب ، أو رفع ستره الذي ستره به عن الملائكة أو الثقلين. و « التي لا ترام » أي لا يقصد الأعادي الظاهرة والباطنة لابسها بالضرر ، أو لا تقصد هي بالهتك والرفع وهي عصمته تعالى وحفظه وعونه. (المرآة)

ما أحاذر بالليل والنهار في مستقبل سنتي هذه ، اللّهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم ، ورب السبع المثاني والقرآن العظيم ، ورب إسرافيل وميكائيل وجبرئيل ورب محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين أسألك بك وبما تسميت به يا عظيم (1) أنت الذي تمن بالعظيم ، وتدفع كل محذور ، وتعطي كل جزيل ، وتضاعف من الحسنات الكثير بالقليل (2) وتفعل ما تشاء يا قدير.

يا اللّه يا رحمن صل على محمد وآل محمد ، وألبسني في مستقبل سنتي هذه سترك ، وأضئ وجهي بنورك ، وأحيني بمحبتك (3) ، وبلغ بي رضوانك وشريف كرائمك ، وجسيم عطائك من خير ما عندك ، ومن خير ما أنت معطيه أحدا من خلقك ، وألبسني مع ذلك عافيتك ، يا موضع كل شكوى ، وشاهد كل نجوى وعالم كل خفية ، ويا دافع ما تشاء من بلية ، يا كريم العفو ، يا حسن التجاوز توفني على ملة إبراهيم وفطرته ، وعلى دين محمد وسنته ، وعلى خير الوفاة فتوفني مواليا لأوليائك ، معاديا لأعدائك ، اللّهم وجنبني في هذه السنة كل عمل أو قول أو فعل يباعدني منك ، واجلبني إلى كل عمل أو فعل أو قول يقربني منك في هذه السنة يا أرحم الراحمين ، وامنعني من كل عمل أو فعل أو قول يكون مني أخاف سوء عاقبته ومقتك إياي عليه حذرا أن تصرف وجهك الكريم عني (4) وأستوجب به نقصا من

ص: 103


1- في بعض النسخ « سميت » كما في الكافي.
2- أي تضاعف أضعافا كثيرة بسبب القليل من الأعمال وفى الكافي « وتضاعف من الحسنات بالقليل والكثير » أي تضاعف الاجر بسبب قليل الحسنات وكثيرها ، وفى مصباح المتهجد مثل ما في الكافي.
3- في بعض النسخ « وأحبني بمحبتك » وفى بعضها « واحببني ».
4- « حذرا » مفعول مطلق أي أحذر حذرا ، وفى القاموس الحذر - بالكسر ويحرك - : الاحتراز والفعل كعلم. وفى بعض النسخ « حذار ». (مراد)

حظ لي عندك يا رؤوف يا رحيم ، اللّهم اجعلني في مستقبل سنتي هذه في حفظك و جوارك وكنفك ، وجللني ستر عافيتك ، وهب لي كرامتك ، عز جارك ، وجل ثناؤك ولا إله غيرك.

اللّهم اجعلني تابعا لصالحي من مضى (1) من أوليائك ، وألحقني بهم ، واجعلني مسلما لمن قال بالصدق عليك منهم ، وأعوذ بك يا إلهي أن تحيط بي خطيئتي وظلمي وإسرافي على نفسي واتباعي لهواي واشتغالي بشهواتي فيحول ذلك بيني و بين رحمتك ورضوانك فأكون منسيا عندك (2) متعرضا لسخطك ونقمتك ، اللّهم وفقني لكل عمل صالح ترضى به عني وقربني إليك زلفى ، اللّهم كما كفيت نبيك محمدا صلواتك عليه وآله هول عدوه ، وفرجت همه ، وكشفت كربه ، وصدقته وعدك (3) وأنجزت له عهدك ، اللّهم فبذلك فاكفني (4) هول هذه السنة وآفاتها وأسقامها وفتنها وشرورها وأحزانها وضيق المعاش فيها ، وبلغني برحمتك كمال العافية بتمام دوام النعم عندي إلى منتهى أجلي ، أسألك سؤال من أساء وظلم واستكان واعترف أن تغفر لي ما مضى من الذنوب التي حضرتها حفظتك ، وأحصتها كرام ملائكتك علي وأن تعصمني اللّهم من الذنوب فيما بقي من عمري إلى منتهى أجلي ، يا اللّه يا رحمن صل على محمد وأهل بيت محمد وآتني كلما سألتك ورغبت إليك فيه فإنك أمرتني بالدعاء وتكفلت بالإجابة يا أرحم الراحمين (5).

1851 - وكان علي بن الحسين عليهما السلام يدعو بهذا الدعاء في شهر رمضان (6) « اللّهم

ص: 104


1- في بعض النسخ « صالح من مضى ».
2- أي متروكا من رحمتك أو كالمنسي مجازا. (المرآة)
3- أي وفيت له بما وعدته من النصر والغلبة على الأعداء.
4- أي بمثل ذلك الحفظ والكفاية ، أو بحقه.
5- في بعض النسخ « يا حميد يا مجيد » مكان « يا أرحم الراحمين ».
6- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 283 والكليني في الكافي ج 4 ص 75 بسند فيه ارسال وفيه « اللّهم ان هذا شهر رمضان وهذا شهر الصيام » وزاد في بعض نسخه « كان يدعو بهذا الدعاء في كل يوم من شهر رمضان ».

هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن ، وهذا شهر الصيام ، وهذا شهر الإنابة ، و هذا شهر التوبة ، وهذا شهر المغفرة والرحمة ، وهذا شهر العتق من النار والفوز بالجنة اللّهم فسلمه لي ، وتسلمه مني ، وأعني عليه بأفضل عونك ، ووفقني فيه لطاعتك وفرغني فيه لعبادتك ودعائك وتلاوة كتابك ، وأعظم لي فيه البركة ، وأحسن لي فيه العافية ، وصحح لي فيه بدني (1) وأوسع فيه رزقي ، واكفني فيه ما أهمني ، واستجب فيه دعائي ، وبلغني فيه رجائي ، اللّهم أذهب عني فيه النعاس والكسل والسأمة والفترة (2) والقسوة والغفلة والغرة ، اللّهم جنبني فيه العلل والأسقام والهموم والأحزان ، والاعراض والأمراض ، والخطايا والذنوب ، واصرف عني فيه السوء والفحشاء ، والجهد والبلاء ، والتعب والعناء ، إنك سميع الدعاء ، اللّهم أعذني فيه من الشيطان [الرجيم] وهمزه ولمزه ونفثه ونفخه (3) ووسواسه وكيده ومكره وختله (4) وأمانيه وخدعه وغروره وفتنته وخيله ورجله (5) وشركائه [وأحزابه] وأعوانه وأتباعه وأخدانه (6) وأشياعه وأوليائه وجميع كيدهم ، اللّهم ارزقني فيه تمام صيامه ، وبلوغ الامل في قيامه ، واستكمال ما يرضيك عني صبرا وإيمانا ويقينا واحتسابا ثم تقبل ذلك مني بالاضعاف الكثيرة والاجر العظيم ، اللّهم ارزقني فيه الجد و الاجتهاد ، والقوة والنشاط ، والإنابة والتوبة ، والرغبة والرهبة ، والجزع والخشوع

ص: 105


1- في الكافي « وأحسن لي فيه العاقبة وأصح لي فيه بدني ». وكذا في التهذيب.
2- الكسل : التثاقل. والسأمة : الملال. والفترة : الانكسار والضعف.
3- الهمز : النحس والغمز والغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم ، واللمز : العيب والضرب والدفع وأصله الإشارة بالعين ، والمراد بنفثه ما يلقى من الباطل في النفس ، والنفخ ، أيضا كذلك أو كبره وتعاظمه.
4- الختل : الخدعة. وفى بعض النسخ والكافي « وحيله » وفى بعض نسخه « وحبائله ». ولعل ما في متن الكافي أصوب لعدم التكرار.
5- الرجل - بفتح الراء وكسر الجيم - اسم جمع للراجل وهو خلاف الراكب. وفى الكافي « وشركه وأعوانه » والشرك - محركة - : حبائل الصيد.
6- جمع خدين وهو الصديق والمصاحب.

والرقة وصدق اللسان والوجل منك (1) والرجاء لك والتوكل عليك والثقة بك ، والورع عن محارمك مع صالح القول ومقبول السعي [واستكمال ما يرضيك فيه عني صبرا ويقينا وإيمانا واحتسابا ، ثم تقبل ذلك مني بالاضعاف الكثيرة والاجر العظيم اللّهم ارزقني فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط والإنابة والتوبة والرغبة والرهبة والجزع والرقة] (2) ومرفوع العمل ومستجاب الدعاء ، ولا تحل بيني وبين شئ من ذلك بعرض ولا مرض ولا هم برحمتك يا أرحم الراحمين » (3).

باب 119: القول عند الافطار كل ليلة من شهر رمضان من أوله إلى آخره

1852 - كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا أفطر قال : « اللّهم لك صمنا ، وعلى رزقك أفطرنا فتقبله منا ، ذهب الظمأ ، وابتلت العروق وبقي الاجر » (4).

1853 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : تقول كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار إلى آخره : « الحمد لله الذي أعاننا فصمنا ورزقنا فأفطرنا ، اللّهم تقبل منا وأعنا عليه ، وسلمنا فيه ، وتسلمه منا في يسر منك وعافية ، الحمد اللّه الذي قضى عنا (5) يوما من شهر رمضان ».

1854 - وقال عليه السلام : « يستجاب دعاء الصائم عند الافطار ».

ص: 106


1- الجزع إلى اللّه محمود كالطمع والرغبة والرهبة والخشوع والكل إلى غيره مذموم (الوافي) والوجل - محركة - : الخوف.
2- من قوله « واستكمال ما يرضيك » إلى هنا موجود في جميع النسخ وليس في الكافي والظاهر أن هذه الجملة زيادة من النساخ سهوا وسبقت قبل سطرين.
3- وزاد في التهذيب تتمة طويلة مع اختلافه فيما تقدم.
4- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 95 بسند موثق عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السلام.
5- أي وفقنا لأداء صومه.

باب 120: آداب الصائم وما ينقض صومه وما لا ينقضه

1855 - روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع خصال : الطعام والشراب ، والنساء ، والارتماس في الماء » (1).

1856 - وفي رواية منصور بن يونس ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « إن الكذب على اللّه وعلى الأئمة عليهم السلام يفطر الصائم » (2).

ص: 107


1- قوله : « لا يضر الصائم » هذا عام يخصص بأمور يدل دليل على نقضها الصوم ، والمضاف في الثلاثة الأول محذوف أي أكل الطعام وشرب الشراب ووطي النساء ، ويمكن حمل الحديث على أن تلك الأربعة هي العمدة في نقض الصوم ، وأشق الأمور اجتنابا وإن كان في الارتماس منها مساهلة. (مراد) وفى مفطرية الارتماس اختلاف.
2- الظاهر أنه نقل بالمعنى فان الحديث رواه الكليني ج 4 ص 89 هكذا « قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم ، قال : قلت : هلكنا ، قال : ليس حيث تذهب إنما ذلك الكذب على اللّه عزوجل وعلى رسوله وعلى الأئمة عليهم السلام » وقال العلامة المجلسي : اختلف الأصحاب في فساد الصوم بالكذب على اللّه وعلى رسوله والأئمة عليهم السلام بعد اتفاقهم على أن غيره من أنواع الكذب لا يفسد الصوم وإن كان محرما ، فقال الشيخان و المرتضى في الانتصار انه مفسد للصوم ويجب به القضاء والكفارة ، وقال السيد في الجمل وابن إدريس لا يفسد ، وهو الأقوى إذ الظاهر أن المراد بالافطار في هذا الخبر ابطال كمال الصوم كما يدل عليه ضمه إلى الوضوء وهو غير مبطل له قطعا ، فان قلت : مطلق الكذب ينقض ثواب الصوم وكماله فلم خصه بهذا النوع؟ قلت : لان النوع أشد تأثيرا في ذلك واللّه يعلم. أقول : بعد رفع اليد عن الحصر المستفاد من صحيحة محمد بن مسلم المذكور اقتر ان هذا الخبر وأمثاله بنقض الكذب للوضوء لا يوهن ظهورها في الافطار إذ ليس الدليل منحصرا بها ففي التهذيب ج 1 ص 409 في الموثق عن سماعة قال « سألته عن الرجل كذب في شهر رمضان فقال : قد أفطر وعليه قضاؤه فقلت : فما كذبته؟ قال يكذب على اللّه وعلى رسوله صلى اللّه عليه وآله » وفى الخصال ص 286 عن ابن الوليد عن الصفار عن البرقي عن أبيه رفعه إلى أبى عبد اللّه عليه السلام قال : خمسة أشياء تفطر الصائم : الأكل والشرب والجماع والارتماس في الماء والكذب على اللّه ورسوله وعلى الأئمة عليهم السلام. وكذا رواية المتن وأمثالها فكلها متعرض لنقض الصوم فقط ، فالقول بالافساد مع اشتهاره بين القدماء موافق للاحتياط.

1857 - وروى محمد بن مسلم عنه عليه السلام أنه قال : « إذا صمت فليصم سمعك و بصرك وشعرك وجلدك ، وعدد أشياء غير هذا ، وقال : لا يكون يوم صومك كيوم فطرك ».

1858 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « إن اللّه تبارك وتعالى كره لي ست خصال و كرهتهن للأوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي ، أحدها الرفث في الصوم » (1).

1859 - وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام (2) أنه قال : « إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ، إن مريم قالت : « إني نذرت للرحمن صوما » أي صمتا فاحفظوا ألسنتكم ، وغضوا أبصاركم ، ولا تحاسدوا ، ولا تنازعوا ، فان الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب ».

1860 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام (3) : « عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء ، فأما الدعاء فيدفع عنكم البلاء (4) وأما الاستغفار فتمحى به ذنوبكم » (5).

1861 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تنشد الشعر بليل (6) ولا تنشده في شهر

ص: 108


1- الرفث : الجماع والفحش ، والمراد هنا الثاني (الوافي) أقول : تمام الرواية في الخصال ص 327.
2- رواه الكليني مسندا من حديث جراح المدائني عنه عليه السلام.
3- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 88 مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام « قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام ».
4- أي في جميع السنة لان التقدير فيه (المرآة) وفى بعض النسخ « فيدفع به البلاء عنكم »
5- في الكافي « فيمحى ذنوبكم ».
6- الخبر في الكافي ج 4 ص 88 بسند حسن كالصحيح. والانشاد قراءة الشعر وهو ما غلب على المنظوم من القول وأصله الكلام التخييلي الذي أحد الصناعات الخمس ، نظما كان أو نثرا ولعل المنظوم المشتمل على الحكمة والموعظة والمناجاة مع اللّه سبحانه مما لم يكن فيه تخييل شعري مستثنى عن هذا الحكم وغير داخل فيه لما ورد أن ما لا بأس به من الشعر فلا بأس به. كما قاله الفيض - رحمه اللّه - في الوافي.

رمضان بليل ولا نهار ، فقال له إسماعيل يا أبتاه : وإن كان فينا؟ قال عليه السلام : وإن كان فينا » (1).

1862 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله (2) : « ما من عبد صائم يشتم فيقول : إني صائم سلام عليك لا أشتمك كما تشتمني إلا قال الرب تبارك وتعالى : استجار عبدي بالصوم من شر عبدي قد أجرته من النار » (3).

1863 - و « سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله امرأة تسب جاريه لها وهي صائمة ، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بطعام فقال لها : كلي ، فقالت : إني صائمة ، فقال : كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك إن الصوم ليس من الطعام والشراب فقط » (4).

1864 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، ودع المراء ، وأذى الخادم ، وليكن عليك وقار الصائم ، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك » (5).

ولا بأس أن يحتجم الصائم في شهر رمضان كذلك رواه :

1865 - الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إنا إذا أردنا أن نحتجم في شهر

ص: 109


1- يدل على مرجوحية الشعر في الليل مطلقا وفى شهر رمضان ليلا ونهارا وإن كان في مدح الأئمة عليهم السلام ، ولعله في مدحهم عليهم السلام يرجع إلى كونه أقل ثوابا من سائر الأوقات (المرآة) وقال الفيض - رحمه اللّه - : لان كونه في مدحهم عليهم السلام لا يخرجه عن التخييل الشعرى.
2- مروى في الكافي بسند ضعيف عن الصادق عن آبائه عليهم السلام.
3- المراد بقوله « عبدي » أولا المشتوم وبالثاني الشاتم أي استجار من شر سيئة مشاتمته ووبالها والعقوبة المترتبة عليها أو شر التشاجر والتشاتم بينهما بالصوم. وفى بعض النسخ « من شتم عبدي ».
4- رواه الكليني ج 4 ص 87 ذيل حديث جراح المدائني.
5- رواه الكليني عن أبي بصير ج 4 ص 89.

رمضان احتجمنا بالليل ».

1866 - قال : « وسألته أيحتجم الصائم؟ فقال : إني أتخوف عليه ما يتخوف به على نفسه ، قال : قلت : ما [ذا] تتخوف عليه؟ قال : الغشي أن تثور به مرة (1) قلت : أرأيت إن قوي على ذلك ولم يخش شيئا؟ قال : نعم إن شاء ».

1867 - و « كان أمير المؤمنين عليه السلام يكره أن يحتجم الصائم خشية أن يغشى عليه فيفطر » (2).

ولا بأس أن يكتحل الصائم بكحل فيه مسك (3) ولا بأس أن يكتحل بالحضض (4) ولا بأس بأن يستاك بالماء أو بالعود الرطب يجد طعمه ، أي النهار شاء (5).

1868 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه « سئل عن القلس (6) أيفطر الصائم؟ فقال لا ».

ولا بأس بالمضمضة والاستنشاق للصائم ، فإذا تمضمض واستنشق فلا يبلع ريقه

ص: 110


1- المرة - بالكسر - : هي الصفراء والسوداء ، وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : الخبر يدل على كراهة الحجامة من خوف ثوران المرة وطريان الغشي ، ولا خلاف بين الأصحاب في عدم حرمة اخراج الدم في الصوم ولا في كراهته إذا كان مضعفا.
2- في بعض النسخ « ففطر ».
3- المشهور كراهة الاكتحال بما فيه صبر أو مسك. (المرآة)
4- الحضض - بضمتين وقد يفتح العين وبالضادين وقيل بالظائين وقيل بضاد ثم ظاء - : عصارة شجرة معروفة وهو صنفان مكي وهندي (بحر الجواهر) في الكافي ج 4 ص 111 باسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « في الصائم يكتحل؟ قال : لا بأس به ليس بطعام ولا شراب ».
5- في الكافي ج 4 ص 111 باسناده عن الحسين بن أبي العلاء قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السواك للصائم ، فقال : نعم يستاك أي النهار شاء ».
6- القلس : ما خرج من البطن إلى الفم من الطعام أو الشراب فإذا غلب فهو القئ ، وقال في النهاية : ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه وليس بقئ فان عاد فهو القئ.

حتى يبزق ثلاثا (1) ، وإن تمضمض فدخل الماء حلقه فإن كان ذلك لوضوء الصلاة فلا قضاء عليه (2).

1869 - وسأل سماعة بن مهران أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه ، قال : عليه قضاؤه ، فإن كان في وضوء فلا بأس به ».

1870 - قال : « وسألته عن القئ في شهر رمضان قال : إن كان شئ يذرعه (3) فلا بأس ، وإن كان شئ يكره عليه نفسه فقد أفطر وعليه القضاء » (4).

1871 - وسأل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان ، فقال : الصائم لا يجوز له أن يحتقن » (5).

ص: 111


1- كما في مرسل حماد وخبر زيد الشحام المرويين في الكافي ج 4 ص 107.
2- روى الكليني ج 4 ص 107 باسناد حسن كالصحيح عن حماد عن الصادق عليه السلام « في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه؟ فقال : إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شئ وإن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء » وفى رواية أخرى عن يونس « قال : الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء وان تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فليس عليه شئ وقد تم صومه وان تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الإعادة ، والأفضل للصائم أن لا يتمضمض » وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : المشهور بين الأصحاب أنه من أدخل فمه الماء فابتلعه سهوا فإن كان متبردا فعليه القضاء وإن كان للمضمضة به للطهارة فلا شئ عليه.
3- في بعض النسخ « يبدره » كما في التهذيب.
4- قال في المدارك : اختلف الأصحاب في حكم تعمد القئ بعد اتفاقهم على أنه لو ذرعه  - أي سبقه بغير اختيار - لم يفطر ، فذهب الشيخ وأكثر الأصحاب إلى أنه موجب للقضاء خاصة ، وقال ابن إدريس انه محرم ولا يجب به قضاء ولا كفارة ، وحكى المرتضى عن بعض أصحابنا قولا بوجوب القضاء والكفارة والمعتمد الأول.
5- حمل على الاحتقان بالمايع.

ولا يجوز للصائم أن يستعط (1) ولا بأس أن يصب الدواء في اذنه (2) ، ولا بأس أن يزق الفرخ (3) ويمضغ الخبز للرضيع من غير أن يبلع شيئا (4) ولا بأس بأن يشم الطيب إلا المسحوق منه فإنه يصعد إلى دماغه (5) ، ولا بأس بأن يذوق الطباخ المرق وهو صائم بلسانه من غير أن يبلعه ليعرف حلوه من حامضه (6).

1872 - وروي عن منصور بن حازم أنه قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يجعل النواة في فيه وهو صائم؟ قال : لا ، قلت : فيجعل الخاتم؟ قال : نعم ».

ومن احتلم بالنهار في شهر رمضان فليتم صيامه ولا قضاء عليه.

1873 - وروى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الصائم ينزع ضرسه؟ قال : لا ، ولا يدمي فمه » (7).

1874 - وروي عن الحسن بن راشد أنه قال : « كان أبو عبد اللّه عليه السلام إذا صام

ص: 112


1- كما في موثق ليث المرادي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم يحتجم ويصب في اذنه الدهن؟ قال : لا بأس الا السعوط فإنه يكره » ويدل الخبر على كراهة صب الدواء في الاذن والمشهور كراهة التعسط بما يتعدى إلى الحلق ونقل عن المفيد وسلار - رحمهما اللّه - أنهما أوجبا به القضاء والكفارة ، واما السعوط بما لا يتعدى إلى الحلق فالمشهور أن تعمده يوجب القضاء والكفارة ويمكن المناقشة بانتفاء ما يدل على كون مطلق الايصال إلى الجوف مفسدا. (المرآة) والسعوط ادخال الدواء في الانف.
2- كما في صحيحة حماد بن عثمان عن الصادق عليه السلام المروية في الكافي ج 4 ص 110.
3- زق الطائر فرخه : أطعمه بمنقاره.
4- كما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام (ج 4 ص 114) والمشهور جواز مضغ الطعام للصبي وزق الطائر وذوق المرق مطلقا.
5- لما تقدم في السعوط. والمشهور استحباب التطيب للصائم بأنواع الطيب وإنما خصوا الكراهة بشم الرياحين خصوصا النرجس.
6- كما في صحيحة الحلبي التي أشرنا إليها سابقا.
7- الظاهر الكراهة خوفا من دخول الدم ، وقال الفاضل التفرشي : لعله محمول على الاستحباب.

تطيب بالطيب ويقول : الطيب تحفة الصائم » (1).

1875 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه « سئل عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم؟ فقال : لا بأس ما لم يخش ضعفا ».

ولا بأس بالقبلة للصائم للشيخ الكبير ، فأما الشاب الشبق فلا ، فإنه لا يؤمن أن تسبقه شهوته (2).

1876 - وقد سئل النبي صلى اللّه عليه وآله « عن الرجل يقبل امرأته وهو صائم؟ قال : هل هي إلا ريحانة يشمها » (3)

وأفضل ذلك أن يتنزه الصائم عن القبلة.

1877 - فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام : « أما يستحيي أحدكم أن لا يصبر يوما إلى الليل ، إنه كان يقال : إن بدء القتال اللطام » (4).

ولو أن رجلا لصق بأهله في شهر رمضان فأدفق كان عليه عتق رقبة (5).

1878 - وسأل رفاعة بن موسى أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل لامس جاريته في شهر رمضان فأمذى ، قال : إن كان حراما فليستغفر اللّه استغفار من لا يعود أبدا ويصوم

ص: 113


1- يدل على عدم كراهة استعمال مطلق الطيب بل يدل على استحبابه. (المرآة)
2- كما في صحيحة منصور بن حازم قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ما تقول في الصائم يقبل الجارية والمرأة؟ فقال : أما الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا بأس ، وأما الشاب الشبق فلا لأنه لا يؤمن - الحديث » الكافي ج 4 ص 104. والشبق - بالكسر مشتق من الشبق - محركة - أي شدة الشهوة. وفى صحيحة الحلبي عن الصادق عليه السلام « ان ذلك يكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المنى ».
3- وشم الريحان للصائم مكروه مع الأسف.
4- أي كما أن اللطمة تنجر إلى القتل كذلك القبلة تنجر إلى الجماع. (م ت)
5- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 442 باسناده عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وضع يده على شئ من جسد امرأته فأدفق ، فقال كفارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة ».

يوما مكان يوم » (1).

1879 - وسأله سماعة « عن الرجل يلصق بأهله في شهر رمضان؟ فقال : ما لم يخف على نفسه (2) فلا بأس ».

1880 - وروى محمد بن الفيض التيمي ، عن ابن رئاب قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام ينهى عن النرجس للصائم ، فقلت : جعلت فداك ولم؟ قال : لأنه ريحان الأعاجم ».

1881 - و « سئل الصادق عليه السلام عن المحرم يشم الريحان ، قال : لا ، قيل : فالصائم؟ قال : لا ، قيل : يشم الصائم الغالية والدخنة؟ قال : نعم ، قيل : كيف حل له أن يشم الطيب ولا يشم الريحان (3)؟ قال : لان الطيب سنة ، والريحان بدعة للصائم » (4).

1882 - و « كان الصادق عليه السلام إذا صام لا يشم الريحان ، فسئل عن ذلك فقال : أكره أن أخلط صومي بلذة ».

1883 - وروي « أن من تطيب بطيب أول النهار وهو صائم لم يكد يفقد عقله ».

ص: 114


1- حمله الشيخ في التهذيب ج 1 ص 442 على الاستحباب لان المذي ليس مما يفسد الصيام. وعمل بظاهر الحديث ابن الجنيد وأوجب القضاء بالمذي. ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 429 وزاد « وإن كان من حلال فليستغفر اللّه ولا يعود ويصوم يوما مكان يوم ». وقال : هذا حديث شاذ نادر ومخالف لفتيا مشايخنا كلهم ، ولعل الراوي وهم في قوله في آخر الخبر « ويصوم يوما مكان يوم » لان مقتضى الخبر يدل عليه ألا ترى أنه شرع في الفرق بين أن يكون أمذى من مباشرة حرام وبين أن يكون الامذاء من مباشرة حلال وعلى الفتيا التي رواه لا فرق بينهما فعلم أنه وهم من الراوي.
2- أي من الانزال أو الجماع أو الأعم. (م ت)
3- احتمل الشيخ أن يكون المراد به النرجس لما تقدم من الاخبار ، والمشهور كراهة مطلق الريحان وتتأكد في النرجس.
4- ظاهره التحريم ويحمل على الكراهة لما تعارضه. (سلطان)

1884 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه « سأله (1) عن الرجل يجد البرد أيدخل مع أهله في لحاف وهو صائم؟ قال : يجعل بينهما ثوبا ».

وقد روى عبد اللّه بن سنان عنه عليه السلام (2) رخصة للشيخ في المباشرة.

1885 - وسأل حنان بن سدير أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الصائم يستنقع في الماء ، قال : لا بأس ولكن لا يغمس ، والمرأة لا تستنقع في الماء لأنها تحمل الماء بقبلها » (3).

باب 121: ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا

1886 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام  « في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر ، قال : يعتق رقبة ، أو يصوم شهرين متتابعين ، أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق ». (4)

1887 - وروى عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري (5) عن أبي جعفر عليه السلام « أن رجلا أتى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : هلكت وأهلكت (6) فقال : وما أهلكك؟ قال : أتيت

ص: 115


1- في بعض النسخ « أنه سئل ».
2- ظاهره أبو جعفر الباقر (عليه السلام) لكن لم يرو عبد اللّه بن سنان عنه عليه السلام وهو من أصحاب الصادق سلام اللّه عليه ، ولم أجد لفظ الخبر على وجهه فيما عندي من كتب الحديث.
3- الظاهر من الاستنقاع الجلوس في الماء من دون أن يخفى رأسه فيه ، وبالانغماس اختفاء الرأس فيه. (مراد)
4- ظاهره كفاية كفارة واحدة بسبب الافطار في يوم واحد سواء وقع منه الاتيان بمفطر واحد أو مختلف لترك الاستفصال. (مراد)
5- في الطريق الحكم بن مسكين وأبو كهمس وهما مجهولان.
6- يقال لمن ارتكب أمرا عظيما : هلكت وأهلكت من باب التفعيل والافعال.

امرأتي في شهر رمضان وأنا صائم ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : أعتق رقبة ، قال : لا أجد ، قال : فصم شهرين متتابعين ، قال : لا أطيق ، قال : تصدق على ستين مسكينا ، قال : لا أجد فأتي النبي صلى اللّه عليه وآله بعذق في مكتل (1)فيه خمسة عشرا صاعا من تمر ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : خذها فتصدق بها ، فقال : والذي بعثك بالحق نبيا ما بين لابتيها (2) أهل بيت أحوج إليه منا ، فقال : خذه فكله أنت وأهلك فإنه كفارة لك » (3).

1888 - وفي رواية جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام « إن المكتل الذي اتي به النبي صلى اللّه عليه وآله كان فيه عشرون صاعا من تمر » (4).

1889 - وروى إدريس بن هلال (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجل أتى أهله في شهر رمضان ، قال : عليه عشرون صاعا من تمر ، فبذلك أمر النبي صلى اللّه عليه وآله الرجل الذي أتاه فسأله عن ذلك ».

1890 - وروى محمد بن النعمان عنه عليه السلام أنه « سئل عن رجل أفطر يوما من

ص: 116


1- العذق - بالكسر - : عنقود التمر أو العنب ، والقنو من النخلة. والمكتل شبيه الزنبيل تسع خمسة عشر صاعا.
2- اللابة : الحرة ، ولابتا المدينة حرتان تكتنفانها ، والحرة - بالفتح - والتشديد أرض ذات أحجار سود.
3- استدل بهذا الخبر على وجوب الترتيب في الكفارة وحمل علل الاستحباب وإن كان ظاهره الوجوب جمعا بينه وبين سائر الأخبار الظاهرة في التخيير.
4- يمكن تطبيق الروايتين بأن في رواية جميل انه كان في المكتل عشرون صاعا وذلك لا يدل على أنه صلى اللّه عليه وآله أعطى الرجل مجموع العشرين فجاز أن يكون (صلی اللّه عليه وآله) أعطى الرجل منها خمسة عشر صاعا وليس في الرواية الأولى أنه لم يكن في المكتل أزيد من خمسة عشر صاعا لينافي ذلك ، وأما رواية إدريس الآتية فينبغي أن يحمل العشرون فيها على الاستحباب ، ولعل الرجل الذي أمره النبي (صلی اللّه عليه وآله) بالعشرين غير الرجل الذي أعطاه خمسة عشر فيحمل الامر أيضا على الندب دون الوجوب وكذا الكلام في حديث محمد ابن النعمان. (مراد)
5- السند ضعيف لمكان محمد بن سنان في الطريق.

شهر رمضان ، فقال : كفارته جريبان من طعام وهو عشرون صاعا » (1).

1891 - وفي رواية المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة ، فقال : إن كان استكرهها فعليه كفارتان ، وإن كانت طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة ، وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا ، وضربت خمسة وعشرين سوطا » (2).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : لم أجد [شيئا في] ذلك في شئ من الأصول وإنما تفرد بروايته علي بن إبراهيم بن هاشم (3).

1892 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن بريد العجلي قال : « سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيام قال : يسئل هل عليك في إفطارك في شهر رمضان إثم؟ فإن قال : لا فإن على الامام أن يقتله ، وإن قال : نعم فعلى الامام أن ينهكه ضربا » (4).

1893 - وفي رواية سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل اخذ في شهر رمضان وقد أفطر ثلاث مرات وقد رفع إلى الامام ثلاث مرات ، قال : فيقتل في الثالثة » (5).

ص: 117


1- الضمير يرجع إلى الجريبين باعتبار أنهما مقدار من طعام. (مراد)
2- قال في المنتهى : الرواية وان كانت ضعيفة السند الا أن الأصحاب ادعوا الاجماع على مضمونها مع ظهور العمل والقول بها.
3- هكذا في جميع النسخ التي عندي والصواب « تفرد به علي بن محمد بن بندار » كما في الكافي ج 4 ص 103 والتهذيب ج 1 ص 413. وقال المحقق - رحمه اللّه - في المعتبر ص3. بعد نقل الرواية وتضعيف السند - : « قال ابن بابويه : لم يرو هذه غير المفضل » فيظهر من هذا النقل أن في نسخته بدل علي بن إبراهيم بن هاشم « المفضل ».
4- يدل على أن مستحل افطار الصوم كافر يجب قتله ، وفى القاموس نهكه السلطان - كسمعه - نهكا ونهكة بالغ في عقوبته كأنهكه. (المرآة)
5- هذه الموثقة تدل على وجوب القتل وذهب إليه جماعة وتدل عليه أخبار أخر ، وقيل يقتل في الرابعة احتياطا للدماء ، وهذا إذا لم يكن مستحلا والا فالقتل أولا إذا كان فطريا ومع الاستتابة ثلاثا إذا كان مليا. (م ت)

1894 - وقال الصادق عليه السلام : « من أفطر يوما من شهر رمضان خرج روح الايمان منه ، ومن أفطر في شهر رمضان متعمدا فعليه كفارة واحدة وقضاء يوم مكانه وأنى له بمثله ».

وأما الخبر الذي روي فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا أن عليه ثلاث كفارات (1) فإني أفتي به فيمن أفطر بجماع محرم عليه أو بطعام محرم عليه لوجود ذلك (2) في روايات أبي الحسين الأسدي - رضي اللّه عنه - (3) فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري - قدس اللّه روحه -.

1895 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجل نسي فأكل وشرب ، ثم ذكر ، قال : لا يفطر إنما هو شئ رزقه اللّه فليتم صومه ».

1896 - وسأله عمار بن موسى « عن الرجل ينسى وهو صائم فجامع أهله قال : يغتسل ولا شئ عليه » (4).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : وذلك في شهر رمضان وغيره ولا يجب فيه القضاء هكذا روي عن الأئمة عليهم السلام.

1897 - وروى علي بن رئاب ، عن إبراهيم بن ميمون قال : « سألت أبا عبد اللّه

ص: 118


1- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 411 في الموثق عن سماعة قال : « سألته عن رجل أتى أهله في رمضان متعمدا ، فقال : عليه عتق رقبة واطعام ستين مسكينا وصيام شهرين متتابعين وقضاء ذلك اليوم وأنى له مثل ذلك اليوم ».
2- أي لوجداني ذلك ، أو لأني قد وجدت ذلك.
3- يعد من البواب والوكلاء ، قال الشيخ - رحمه اللّه - في كتاب الغيبة : « وقد كان في زمن السفراء أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات منهم أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي  - إلى أن قال : ومات الأسدي على ظاهر العدالة ولم يتغير ولم يطعن عليه ، في شهر ربيع الاخر سنة 312 من الهجرة ». والظاهر اتصال الرواية بصاحب الامر عليه السلام لاما ظنه بعض أنها لم يعلم أنها من الامام (الشيخ محمد)
4- رواه الشيخ - رحمه اللّه - في الموثق وحمله على ما إذا جامع ناسيا دون العمد.

عليه السلام عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان ، ثم ينسى أن يغتسل حتى يمضي لذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان ، قال : عليه قضاء الصلاة والصوم » (1).

1898 - وروي في خبر آخر « أن من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصومه إلا أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنه يقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك » (2).

1899 - وفي رواية ابن أبي نصر ، عن أبي سعيد القماط أنه « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عمن أجنب في أول الليل في شهر رمضان فنام حتى أصبح (3) قال : لا شئ عليه وذلك أن جنابته كانت في وقت حلال ».

1900 - وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له :  « الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ، ثم ينام ، ثم يستيقظ ، ثم ينام حتى يصبح؟ قال : يتم صومه ويقضي يوما آخر ، فإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم صومه

ص: 119


1- أما قضاء الصلاة فلا ريب فيه وإنما الخلاف في قضاء الصوم ، فذهب الأكثر إلى وجوبه لهذا الخبر ولصحيحة الحلبي عن الصادق عليه السلام « سألته عن الرجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج رمضان قال : عليه أن يقضى الصلاة والصيام » (التهذيب ج 1 ص 440 و 443) وقال ابن إدريس - رحمه اللّه - : لا يجب قضاء الصوم لأنه ليس من شرطه الطهارة في الرجال الا إذا تركها الانسان متعمدا من غير اضطرار ، وهذا لم يتعمد تركها ووافقه المحقق في الشرايع والنافع (المرآة) أقول : المراد بالجمعة الأسبوع.
2- هذا يؤيد كفاية الغسل المندوب عن الواجب والتداخل مطلقا كما هو قول بعض الأصحاب وعلى قول من خص التداخل بما إذا ضم إليه الواجب ، ربما يؤيد وجوب غسل الجمعة كما هو مذهب المصنف (سلطان) وقد يحمل على من اغتسل بنية ما في الذمة وهو بعيد.
3- أي في النوم الأول أو الأعم ، بل الأعم من أن يكون بنية الغسل أولا ، بقرينة التعليل بأن جنابته كانت في وقت أحلها اللّه تعالى بقوله « أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم » ونومه أيضا حلال ولكن لا يدل على جواز البقاء عليها عمدا. لكن يحمل على النومة الأولى جمعا بين الاخبار. (م ت)

وجاز له » (1).

1901 - وسأله عبد اللّه بن سنان « عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى يجئ آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع ، قال : لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره » (2).

1902 - وسأله العيص بن القاسم « عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم ، ثم يستيقظ ثم ينام قبل أن يغتسل ، قال : لا بأس » (3).

1903 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر ، ثم

ص: 120


1- طريق المصنف إلى عبد اللّه بن أبي يعفور حسن ، ورواه الشيخ في الصحيح. وقوله « يجنب » أي يحتلم كما هو الظاهر ويحتمل أن يكون المراد به يجامع ثم ينام ثم يستيقظ. وقوله « فإن لم يستيقظ » أي من النومة الأولى. وقوله : « أتم صومه » في بعض النسخ « أتم يومه » (م ت) وقيل قوله « يتم صومه ويقضى يوما آخر » ينافي مذهب من قال بعدم اشتراط الصوم بالطهارة الا أن يحمل على الندب.
2- يدل على أن مع أدرك الصبح جنبا لا يصح له قضاء شهر رمضان كما هو مختار أكثر المحققين من المتأخرين ، واطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضى عدم الفرق في ذلك بين من أصبح في النومة الأولى أو الثانية ولا في القضاء بين الموسع والمضيق ، واحتمل الشهيد الثاني  - قدس سره - جواز القضاء مع التضيق لمن لم يعلم بالجنابة حتى أصبح ، ويحتمل مساواته لصوم شهر رمضان فيصح إذا أصبح في النومة الأولى خاصة ، وقال السيد المحقق في المدارك : قال المحقق في المعتبر - بعد ايراد الروايات المتضمنة لفساد صوم شهر رمضان بتعمد البقاء على الجنابة - : ولقائل أن يخص هذا الحكم برمضان دون غيره من الصيام ، وأقول : الحق أن قضاء شهر رمضان ملحق بأدائه بل الظاهر عدم وقوعه من الجنب في حال الاختيار مطلقا للأخبار الصحيحة ، ويبقى الاشكال فيما عداه من الصوم الواجب والمطابق للأصل عدم اعتبار هذا الشرط انتهى كلامه ولا يخفى متانته. (المرآة)
3- يدل على عدم حرمة النوم ثانيا ولا ينافيه وجوب القضاء بالاخبار المتقدمة ، وان أمكن حمل أخبار القضاء على الاستحباب. (م ت)

إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب ، قال : قد تم صومه ولا يقضيه » (1).

1904 - وروى حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر عليه السلام : « وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأيته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك ، وتكف عن الطعام إن كنت قد أصبت منه شيئا ».

وكذلك روى زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

وبهذه الاخبار أفتي ، ولا أفتي بالخبر الذي أوجب عليه القضاء لأنه رواية سماعة بن مهران وكان واقفيا (3).

ص: 121


1- قال في المدارك ص 275 : لا خلاف بين علمائنا ظاهرا في جواز الافطار عند ظن الغروب إذا لم يكن للظان طريق إلى العلم ، وإنما اختلفوا في وجوب القضاء وعدمه إذا انكشف فساد الظن ، فذهب الشيخ في جملة من كتبه وابن بابويه في من لا يحضره الفقيه وجمع من الأصحاب إلى أنه غير واجب ، وقال المفيد وأبو الصلاح بالوجوب واختاره المحقق في المعتبر والمعتمد الأول ، ثم تمسك - رحمه اللّه - لمختاره بالروايات الآتية.
2- في التهذيب ج 1 ص 428 عن أبي جميلة عن الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام نحو حديث أبي الصباح الكناني المتقدم.
3- في الكافي ج 4 ص 100 عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن عثمان ابن عيسى عن سماعة قال : « سألته عن قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فظنوا أنه ليل فأفطروا ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس ، فقال : على الذي أفطر صيام ذلك اليوم ، ان اللّه عزوجل يقول : « ثم أتموا الصيام إلى الليل » فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا » ورواه العياشي عن أبي بصير في التفسير ج 1 ص 82 فالطريق غير منحصر بسماعة. وفى الكافي أيضا عن أبي بصير وسماعة. وعلى أي حال نوقش في السند لاشتماله على محمد بن عيسى عن يونس وباشتراك أبي بصير بين الثقة والضعيف و قول المصنف « لأنه رواية سماعة » يعنى من متفرداته أو المراد لا أعمل به عند التعارض والا فهو يروى عنه كثيرا ، ويمكن حملها على الاستحباب جمعا وتوفيقا بين الأدلة.

باب 122: الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصوم

1905 - قال الصادق عليه السلام : « الصبي يؤخذ بالصيام إذا بلغ تسع سنين على قدر ما يطيقه ، فإن أطاق إلى الظهر أو بعده صام إلى ذلك الوقت ، فإذا غلب عليه الجوع أو العطش أفطر » (1).

1906 - وروى عنه إسماعيل بن مسلم أنه قال : « إذا أطاق الغلام صوم ثلاثة أيام متتابعة فقد وجب عليه صيام شهر رمضان » (2).

1907 - وسأله سماعة « عن الصبي متى يصوم؟ قال : إذا قوي على الصيام ».

1908 - وفي رواية معاوية بن وهب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في كم يؤخذ الصبي بالصيام؟ قال : ما بينه وبين خمس عشرة سنة ، أو أربع عشرة سنة (3) ، فإن هو صام قبل ذلك فدعه ، ولقد صام ابني فلان قبل ذلك فتركته ».

1909 - وفي خبر آخر : « على الصبي إذا احتلم الصيام ، وعلى المرأة إذا حاضت الصيام » (4).

وهذه الأخبار كلها متفقة المعاني ، يؤخذ الصبي بالصيام إذا بلغ تسع سنين إلى أربع عشرة سنة أو خمس عشرة سنة وإلى الاحتلام ، وكذلك المرأة إلى الحيض ، ووجوب الصوم عليهما بعد الاحتلام والحيض ، وما قبل ذلك تأديب.

ص: 122


1- روى نحوه الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عنه عليه السلام.
2- حمل على تأكد الاستحباب وكأن المراد أنه يجب على وليه تكليفه بالصوم.
3- العائد في « بينه » يرجع إلى الصبي ، يعنى وقت مؤاخذته بالصيام ووجوبه عليه بلوغه خمس عشرة سنة وأربع عشرة سنة وإنما لم يعين أحدهما لاختلاف الصبيان في الحلم والاحتلام وكان أحدهما أقله والاخر أكثره. (الوافي)
4- أي الصيام الواجب الذي يعاقب بتركه. ورواه الشيخ ج 2 ص 444 من التهذيب بزيادة من حديث أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

باب 123: الصوم للرؤية والفطر للرؤية

1910 - روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا ، وليس بالرأي والتظني (1) وليس الرؤية أن يقوم عشرة نفر ينظرون فيقول واحد منهم : هو ذا [هو ذا] ، وينظر تسعة فلا يرونه ، ولكن إذا رآه واحد رآه ألف ».

1911 - وروى الفضل بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال : « ليس على أهل القبلة إلا الرؤية ، [و] ليس على المسلمين إلا الرؤية » (2).

1912 - وفي رواية القاسم بن عروة ، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الصوم للرؤية ، والفطر للرؤية ، وليس الرؤية أن يراه واحد ولا اثنان ولا خمسون » (3).

1913 - وفي رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه السلام : إذا رأيتم الهلال فأفطروا ، أو شهد عليه عدل من المسلمين (4) ، وإن لم تروا

ص: 123


1- في الصحاح التظني اعمال الظن ، وأصله التظنن أبدل إحدى النونات ياء.
2- الحصر إضافي بالنسبة إلى الجدول والحساب وأمثالها لا حقيقي فان الهلال يثبت بعدلين ، ويمكن تصحيح كون الحصر حقيقيا بأن يكون المراد الحصر فيما ينتهى إلى الرؤية وشهادة العدلين إنما يعتبر إذا استند إلى الرؤية لا إلى الجدول ومثله ، ويحتمل أن المراد بالحصر أن الروية تكفى ولا تتوقف على الثبوت عند الحاكم على ما زعم بعض العامة فحينئذ لا يكون المراد أنه لا يثبت بشئ آخر بل لا يتوقف على شئ آخر فتأمل. (سلطان)
3- أي ليس المناط ذلك ولا يكفي مجرد رؤية هؤلاء ان لم يفد علما بالرؤية أو ظنا متاخما للعلم حيث لم يكونوا عدولا.
4- قوله « أو شهد عليه عدل من المسلمين » استدل به على الاكتفاء بالعدل الواحد وأجاب عنه العلامة - رحمه اللّه - في التذكرة بان لفظ العدل يصح اطلاقه على الواحد فما زاد لأنه مصدر يطلق على القليل والكثير (الشيخ محمد) وقال سلطان العلماء : هذا مؤيد للمستدل على كفاية الواحد إذ صحة الاطلاق على الواحد يكفيه فعلى من ادعى الاثنين اثبات الزائد وكان مراد العلامة أن لنا دليلا على الزائد وهذا طريق الجمر. انتهى.

الهلال إلا من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام إلى الليل ، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ليلة ثم افطروا ».

1914 - وفي رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام : « ان عليا عليه السلام كان يقول : لا أجيز في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين ».

1915 - وسأله سماعة عن اليوم في شهر رمضان يختلف فيه قال : « إذا اجتمع أهل المصر على صيامه للرؤية فاقضه إذا كان أهل المصر خمسمائة إنسان ».

1916 - وقال علي عليه السلام : « لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين » (1).

1917 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يرى الهلال (2) في شهر رمضان وحده لا يبصره غيره أله أن يصوم؟ قال : إذا لم يشك فليفطر (3) ، وإلا فليصمه مع الناس ».

1918 - وروى محمد بن مرازم ، عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا تطوق الهلال فهو لليلتين (4) ، وإذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث ليال ».

ص: 124


1- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 77 عن حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال علي عليه السلام.
2- يعنى هلال شوال.
3- لأنه كثيرا ما يخيل الانسان ورأي شعرة معلقة من حاجبه أو رأى غيمة هلالية محمرة زعم أنها هلال فبعد الدقة والتأمل ينكشف خطأه. وفى التهذيب « إذا لم يشك فليصم » فعليه المراد بالهلال هلال شهر رمضان.
4- نقل الاجماع على عدم اعتبار ذلك الا أن الشيخ في كتابي الاخبار حملها على ما إذا كان في السماء علة من غيم.

1919 - وروى حماد بن عيسى ، عن إسماعيل بن الحر ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة ، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين ».

1920 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا صح هلال رجب فعد تسعة وخمسين يوما وصم يوم الستين » (1).

1921 - وقال عليه السلام : « إذا صمت شهر رمضان في العام الماضي في يوم معلوم فعد في العام المستقبل من ذلك اليوم خمسة أيام وصم يوم الخامس » (2).

1922 - وروى أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « رجل أسرته الروم ولم يصح له شهر رمضان ولم يدر أي شهر هو؟ قال : يصوم شهرا يتوخى ويحسب فإن كان الشهر الذي صامه قبل شهر

ص: 125


1- المشهور عدم اعتبار تلك الأمور (المرآة) والخبر في الكافي ج 3 ص 77 رواه مرفوعا وحمل على أن المراد به استحباب صيام يوم الشك. (م ت)
2- مثلا إذا كان أول شهر رمضان يوم الأربعاء في سنة فهو في السنة التي بعدها يوم الاثنين لان السنة القمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وثلث يوم تقريبا أي ثمان ساعات وبضع دقايق فإذا قسمنا عدد الأيام على السبعة وهو عدد أيام الأسبوع بقي أربعة فيكون أول شهر رمضان في السنة المتأخرة بعد مضى أربعة أيام من غرة شهد رمضان في السنة الماضية فيكون اليوم الخامس من شهر رمضان مع قطع النظر عن ثلث يوم هو كسر السنة ، وهذا حساب صحيح حكى في الجواهر عن عجائب المخلوقات للقزويني قال : قد امتحنوا ذلك خمسين سنة فكان صحيحا - انتهى ، وقد عمل بذلك أن غمت شهور السنة الشيخ - رحمه اللّه - في المبسوط والفاضل في المحكى عن جملة من كتبه ، والشهيدان في الدروس والروضة ، وفى المختلف أن المعتمد في ذلك العادة لا الرواية ، واعترض عليه بمالا حاجة إلى ذكره هنا ولكن الحق أن العمل بهذا الحديث متعين مع غمة شهور السنة أو أكثرها إذ لولا العمل به لزم عد كل شهر ثلاثين وهو مخالف للقطع واليقين ، إذ لم يعهد في العادات توالى أكثر من ثلاثة أشهر تامة بل توالى الثلاثة أيضا قليل وأثبت المنجمون بالحساب أن غاية ما يتصور أن يكون تامة أربعة أشهر ولا يمكن أكثر من ذلك ، وشرط الاستصحاب وكل حكم ظاهري أن لا يكون القطع بخلافه واقعا بل الظن المتأخم للعام ، وبالجملة فاليوم الخامس بعد السنة الماضية أقرب شئ إلى الحقيقة في الحساب والعادة والتجربة وقد وردت فيه الرواية فلا شبهة فيه إن شاء اللّه (ذلك من تحقيقات أستاذنا الشعراني - مد ظله - ذكرها في هامش الوافي).

رمضان لم يجزئه ، وإن كان بعد شهر رمضان أجزأه » (1).

1923 - وسأله العيص بن القاسم « عن الهلال إذا رآه القوم جميعا فاتفقوا على أنه لليلتين أيجوز ذلك؟ قال : نعم » (2).

باب 124: صوم يوم الشك

1924 - « سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن اليوم المشكوك فيه ، فقال : لئن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان » (3).

فيجوز أن يصام على أنه من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأه ، وإن كان من شعبان لم يضره ، ومن صامه وهو شاك فيه فعليه قضاؤه وإن كان من شهر رمضان لأنه لا يقبل شئ من الفرائض إلا باليقين ، ولا يجوز أن ينوي من يصوم يوم الشك أنه من شهر رمضان.

1925 - لان أمير المؤمنين عليه السلام قال : « لئن أفطر يوما من شهر رمضان

ص: 126


1- ما تضمنه هذا الخبر من وجوب التوخي - أي التحري - والسعي في تحصيل الظن والاجتزاء بمع الموافقة والتأخر ووجوب القضاء مع التقدم مقطوع به في كلام الأصحاب.
2- هذه الأخبار حملها في التهذيبين على ما إذا كانت السماء متغيمة ويكون فيها علة مانعة من الرؤية فيعتبر حينئذ في الليلة المستقبلة الغيبوبة والتطوق ورؤية الظل ونحوها دون أن تكون مصحية كما أن الشاهدين من خارج البلد (في خبر حبيب الخزاعي المروى في التهذيب) إنما يعتبر مع العلة دون الصحو. (الوافي)
3- لعل اسم التفضيل هنا من قبيل قولهم : العسل أحلى من النحل. والمراد بافطار يوم من شهر رمضان افطار يوم يكون واقعا منه وان لم يكن مكلفا بصومه ، ويدل على رجحان صوم يوم الشك والمشهور استحباب صومه بنية الندب مطلقا. (المرآة)

أحب إلي من أن أصوم يوما من شعبان أزيده في شهر رمضان » (1).

1926 - وسأل بشير النبال أبا عبد اللّه عليه السلام « عن صوم يوم الشك فقال : صمه (2) فإن كان من شعبان كان تطوعا ، وإن كان من شهر رمضان فيوم وفقت له ».

1927 - وسأله عبد الكريم بن عمرو فقال : « إني جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم عليه السلام ، فقال : لا تصم في السفر (3) ، ولا في العيدين ، ولا [في] أيام التشريق (4) ولا اليوم الذي يشك فيه » (5).

ومن كان في بلد فيه سلطان فالصوم معه والفطر معه لان في خلافه دخولا في نهي اللّه عزوجل حيث يقول : « ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ».

1928 - وقد روي عن عيسى بن أبي منصور أنه قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام في اليوم الذي يشك فيه الناس فقال : يا غلام اذهب فانظر أصام الأمير (6) أم لا؟ فذهب ثم عاد فقال : لا ، فدعا بالغداء فتغدينا معه ».

1929 - وقال الصادق عليه السلام : « لو قلت : إن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا ».

ص: 127


1- قال في الوافي : « معنى الحديث السابق أن صيام يوم الشك بنية شعبان أحب إلى من افطاره وذلك لأنه ان صامه بنية شعبان وكان في الواقع من شهر رمضان فكان قد أفطر يوما من شهر رمضان وصيام يوم من شهر شعبان خير من الافطار يوم من شهر رمضان ، ومعنى الحديث الأخير أن افطار يوم الشك بنية شعبان إذا لم يعلم أنه من شهر رمضان أحب إلى من صيامه بنية أنه من شهر رمضان وذلك لان افطاره على تلك النية جائز مرخص فيه وصيامه على هذه النية بدعة منهى عنه فلا منافاة بين الحديثين بوجه ».
2- أي بنية الندب.
3- يدل على مرجوحية صوم النافلة في السفر.
4- يعنى إذا كانت بمعنى ناسكا.
5- حمل على الصوم بنية أنه من شهر رمضان.
6- في بعض النسخ « هل صام الأمير ».

1930 - وقال عليه السلام : « لا دين لمن لا تقية له » (1).

1931 - وروى عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني ، عن سهل بن سعد قال : « سمعت الرضا عليه السلام يقول : الصوم للرؤية ، والفطر للرؤية ، وليس منا من صام قبل الرؤية للرؤية وأفطر قبل الرؤية للرؤية (2) ، قال : قلت له : يا ابن رسول اللّه فما ترى في صوم يوم الشك؟ فقال : حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : لئن أصوم يوما من شهر شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : وهذا حديث غريب لا أعرفه إلا من طريق عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني المدفون بالري في مقابر الشجرة وكان مرضيا  - رضي اللّه عنه -.

باب 125: الرجل يسلم وقد مضى بعض شهر رمضان

1932 - « سئل الصادق عليه السلام عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان ما عليه من صيامه؟ فقال : ليس عليه أن يصوم إلا ما أسلم فيه ، وليس عليه أن يقضي ما قد مضى منه » (3).

ص: 128


1- رواه الكليني ج 2 ص 217 في الحسن كالصحيح عن أبي عمر الأعجمي عنه عليه السلام في حديث.
2- أي لرؤية من لم يثبت الهلال برؤيته (مراد) وقوله : « للرؤية » في الموضعين ليس في بعض النسخ.
3- لا خلاف في سقوط القضاء عن الكافر بعد الاسلام والمراد الكافر الأصلي أما غيره كالمرتد ومن انتحل الاسلام من الفرق المحكوم بكفرها كالخوارج والغلاة فيجب عليهم القضاء قطعا ، ولو استبصر المخالف وجب عليه قضاء ما فاته من العبادات دون ما أتى به سوى الزكاة. (المرآة)

1933 - وروى صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام هل عليهم أن يصوموا ما مضى منه أو يومهم الذي أسلموا فيه؟ فقال : ليس عليهم قضاء ولا يومهم الذي أسلموا فيه إلا أن يكونوا أسلموا فيه قبل طلوع الفجر (1) ».

باب 126: الوقت الذي يحل فيه الافطار وتجب فيه الصلاة

1934 - روى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إذا غاب القرص (2) أفطر الصائم ودخل وقت الصلاة ».

وقال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : يحل لك الافطار إذا بدت ثلاثة أنجم وهي تطلع مع غروب الشمس (3).

وهي رواية أبان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (4).

1935 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن الافطار قبل الصلاة أو بعدها؟ قال : إن كان معه قوم يخشى أن يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم (5) وإن

ص: 129


1- هذا أحد القولين في المسألة ونقل عن الشيخ (رحمه اللّه) قال في المبسوط : وجوب الصوم إذا كان الاسلام قبل الزوال وقواه في المعتبر (سلطان) وقال العلامة المجلسي : يدل على أنه إذا أسلم في أثناء النهار لا يجب عليه صوم ذلك اليوم وإن كان قبل الزوال وهو المشهور بين الأصحاب وقالوا باستحباب الامساك بقية اليوم وقال الشيخ في المبسوط بوجوب الأداء إذا أسلم قبل الزوال ومع الاخلال به فالقضاء ، وقواه في المختلف.
2- المراد بغيبوبة القرص ذهاب الحمرة.
3- الظاهر أنه من كلام المصنف - رحمه اللّه - ذكره لتقوية مذهبه.
4- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 442 باسناده عن أحمد بن محمد ، عن الحسين ابن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن وقت افطار الصائم ، قال : حين يبدو ثلاثة أنجم الحديث.
5- العشاء بالفتح الطعام الذي يؤكل في العشاء ، يدل على استحباب تقديم الصلاة على الافطار الا مع الانتظار. (م ت)

كان غير ذلك فليصل ثم ليفطر.

باب 127: الوقت الذي يحرم فيه الأكل والشرب على الصائم) وتحل فيه صلاة الغداة

1936 - روى عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ليث المرادي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام فقلت : متى يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة - صلاة الفجر -؟ فقال لي : إذا اعترض الفجر فكان كالقبطية (1) البيضاء فثم يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة - صلاة الفجر - قلت : أفلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟ قال : هيهات أين تذهب بك تلك صلاة الصبيان ».

1937 - وروى أبو بصير (2) ، عن أحدهما عليهما السلام في قول اللّه عزوجل : « وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر (3) » فقال : نزلت في خوات بن جبير الأنصاري (4) وكان مع النبي صلى اللّه عليه وآله في الخندق وهو صائم وأمسى على تلك الحال وكانوا قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام

ص: 130


1- القبطية واحدة القباطي - بفتح القاف ثياب رقاق من كتان تتخذ بمصر ، وقد يضم لأنهم يغيرون في النسبة (الصحاح) وقوله « اعترض الفجر » أي حصل البياض في عرض الأفق وهو الصادق لا في طوله فإنه الكاذب. (م ت)
2- هو أيضا ليث المرادي لما في الكافي عن ابن مسكان عنه.
3- مروى في الكافي ج 4 ص 98 وفيه في قول اللّه تعالى « أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم الآية » فقال : نزلت في خوات بن جبير الأنصاري وهكذا في التهذيب.
4- خوات - بتشديد الواو - عده الشيخ في رجاله منم أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وأنه بدري. وفى أسد الغابة : خرج خوات بن جبير مع رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) إلى بدر فلما بلغ الصفراء أصاب ساقه حجر فرجع فضرب له رسول اللّه بسهمه ، وقال ابن إسحاق : لم يشهد خوات بدرا ولكن رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ضرب بسهمه مع أصحاب بدر. ومثله قال ابن الكلبي.

فجاءخوات إلى أهله حين أمسى فقال : عندكم طعام؟ فقالوا : لا تنم (1) حتى نصنع لك طعاما فاتكى فنام ، قالوا : قد فعلت؟ قال : نعم ، فبات على تلك الحال وأصبح ثم غدا إلى الخندق فجعل يغشى عليه ، فمر به رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فلما رأى الذي به أخبره كيف كان أمره ، فأنزل اللّه عزوجل : « وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ».

1938 - وسئل الصادق عليه السلام « عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر فقال : بياض النهار من سواد الليل » (2).

1939 - وقال في خبر آخر : « وهو الفجر الذي لا شك فيه ».

1940 - وسأله سماعة بن مهران « عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر فقال : أحدهما هو ذا ، وقال الآخر : ما أرى شيئا ، قال : فليأكل الذي لم يتبين له الفجر وليشرب لان اللّه عزوجل يقول : « وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل » قال سماعة : وسألته عن رجل أكل وشرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان ، فقال : إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ، ثم أعاد النظر فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه ، وإن كان قام فأكل وشرب ، ثم نظر إلى الفجر فرآه قد طلع فليتم صومه ذلك ويقضي يوما آخر ، لأنه بدأ بالاكل قبل النظر فعليه الإعادة ».

1941 - وروى صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت فنظر إلى الفجر فناداهم أنه قد طلع [الفجر] فكف بعض وظن بعض أنه يسخر فأكل ، فقال : يتم ويقضي » (3).

1942 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال : « قلت لأبي عبد اللّه

ص: 131


1- في الكافي « لا ، لا تنم ».
2- رواه الشيخ في التهذيب والكليني ج 4 ص 98 بسند صحيح عن الحلبي عنه عليه السلام.
3- قيده بعض الأصحاب بما إذا لم يكن المخبر عدلين. (سلطان)

عليه السلام : آمر الجارية لتنظر إلى الفجر فتقول : لم يطلع بعد ، فآكل ثم أنظر فأجده قد كان طلع حين نظرت (1) قال : اقضه أما إنك لو كنت أنت الذي نظرت لم يكن عليك شئ ».

باب 128: حد المرض الذي يفطر صاحبه

1943 - روى ابن بكير ، عن زرارة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام ما حد المرض الذي يفطر فيه الصائم ويدع الصلاة من قيام؟ فقال : بل الانسان على نفسه بصيرة [و] هو أعلم بما يطيقه ».

1944 - وروى جميل بن دراج (2) ، عن الوليد بن صبيح قال : « حممت بالمدينة يوما في شهر رمضان ، فبعث إلي أبو عبد اللّه عليه السلام بقصعة فيها خل وزيت ، وقال لي : أفطر وصل وأنت قاعد ».

1945 - وروى بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله أبي و أنا أسمع عن حد المرض الذي يترك الانسان فيه الصوم ، قال : إذا لم يستطع أن يتسحر » (3).

1946 - وروى سليمان بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « اشتكت أم سلمة رضي اللّه عنها عينها في شهر رمضان فأمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن تفطر وقال : عشاء الليل لعينيك ردي » (4).

1947 - وفي رواية حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الصائم إذا خاف على

ص: 132


1- يعنى حين نظرت الجارية.
2- الطريق إليه صحيح ، وفى الكافي حسن كالصحيح.
3- أي من شدة المرض ، ونقل العلامة المجلسي عن والده - رحمهما اللّه - قال : المراد به ان لم يستطع أن يشرب الدواء في السحر ويصوم فليفطر.
4- أي مضر.

عينيه من الرمد أفطر ».

1948 - وقال عليه السلام : « كلما أضر به الصوم فالافطار له واجب ».

باب 129: ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو شاب أو حامل أو مرضع

1949 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام ولا قضاء عليهما ، فإن لم يقدرا فلا شئ عليهما » (1).

1950 - وروى عمار بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يصيبه العطش حتى يخاف على نفسه ، قال : يشرب بقدر ما يمسك رمقه ، ولا يشرب حتى يروي » (2).

1951 - وفي رواية ابن بكير أنه سئل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عزوجل :

ص: 133


1- أي لم يقدرا على التصدق. ويحتمل أن المراد أنه ان لم يقدرا على الصوم أي أصلا حتى مع المشقة فلا شئ عليهما من الكفارة والاثم بترك الصوم ، فيكون المراد في أول الكلام من يقدر على الصوم لكن بمشقة ويؤيده لفظة « لا حرج » فإنه مع عدم القدرة أصلا يجب الافطار فلا يلائمه نفى الحرج (سلطان) وظاهر الحديث الاكتفاء بالمد كما ذهب إليه جماعة ، وذهب الشيخ في النهاية - على المحكى - إلى وجوب مدين فإن لم يقدر فمد لما في بعض الأخبار ، وربما حمل المدين على الاستحباب.
2- قال في المدارك : هل يجب على ذي العطاش الاقتصار من الشرب على ما تندفع به الضرورة أم يجوز له التملى من الشراب وغيره؟ قيل بالأول لرواية عمار وقيل بالثاني وهو خيرة الأكثر لاطلاق سائر الأخبار ، ولا ريب أن الأول أحوط - انتهى. و قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- ظاهر رواية عمّار أنّها فيمن أصابه العطش اتفاقا من غير أن تكون له علّة مقتضية له مستمرة و ظاهر أخبار الفدية أنّها وردت في صاحب العلّة فلا يبعد أن يكون حكم الأول جواز الشرب بقدر سدّ الرّمق و القضاء بدون فدية، و حكم الثاني وجوب الفدية و سقوط القضاء و عدم وجوب الاقتصار على سدّ الرّمق.

« وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين » قال : على الذين كانوا يطيقون الصوم ثم أصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك فعليهم لكل يوم مد.

1952 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سمعته يقول : الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان لأنهما لا تطيقان الصوم ، وعليهما أن تتصدق كل واحدة منهما في كل يوم تفطر فيه بمد من طعام وعليهما قضاء كل يوم أفطرا فيه ثم تقضيانه بعد ».

1953 - وسأل عبد الملك بن عتبة الهاشمي أبا الحسن عليه السلام « عن الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان ، قال : يتصدق عن كل يوم بمد من حنطة ».

باب 130: ثواب من فطر صائما

1954 - روى أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من فطر صائما فله أجر مثله ».

1955 - وقال الصادق عليه السلام : « دخل سدير على أبي عليه السلام في شهر رمضان فقال له : يا سدير هل تدري أي ليال هذه؟ فقال له : نعم جعلت فداك إن هذه ليالي شهر رمضان فما ذاك؟ فقال له أبي : أتقدر على أن تعتق كل ليلة من هذه الليالي عشر رقاب من ولد إسماعيل؟ فقال له سدير : بأبي أنت وأمي لا يبلغ مالي ذاك ، فما زال ينقص حتى بلغ به رقبة واحدة ، في كل ذلك يقول : لا أقدر عليه ، فقال له : أفما تقدر أن تفطر في كل ليلة رجلا مسلما؟ فقال له : بلى وعشرة ، فقال له أبي عليه السلام : فذاك الذي أردت ، يا سدير إن إفطارك أخاك المسلم يعدل عتق رقبة من ولد إسماعيل عليه السلام ».

1956 - وروى موسى بن بكر عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال : « تفطيرك أخاك الصائم أفضل من صيامك ».

1957 - و « كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة

ص: 134

فتذبح وتقطع أعضاؤه وتطبخ ، فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق وهو صائم ، ثم يقول : هاتوا القصاع (1) اغرفوا لآل فلان ، اغرفوا لآل فلان ، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاؤه » (2).

1958 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله (3) « من فطر في هذا الشهر مؤمنا صائما كان له بذلك عند اللّه عزوجل عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه ، فقيل له : يا رسول اللّه ليس كلنا نقدر على أن نفطر صائما ، فقال : إن اللّه تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثواب منكم من لم يقدر إلا على مذقة (4) من لبن يفطر بها صائما ، أو شربة من ماء عذب ، أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك ».

باب 131: ثواب السحور

1959 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « السحور بركة ، وقال صلى اللّه عليه وآله : لا تدع أمتي السحور ولو على حشفة تمر ». (5)

1960 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السلام « عن السحور لمن أراد الصوم ، فقال : أما في شهر رمضان فإن الفضل في السحور ولو بشربة من ماء ، وأما في التطوع فمن أحب أن يتسحر فليفعل : ومن لم يفعل فلا بأس ».

ص: 135


1- القصاع : جمع قصعة وهي الظرف الذي يؤكل فيه.
2- العشاء - بالفتح والمد - الطعام الذي يؤكل بالعشي.
3- جزء من الخطبة التي خطبها (صلی اللّه عليه وآله) في آخر جمعة من شعبان.
4- المذق : اللبن الممزوج بالماء ومميه أصلية.
5- السحور - بالفتح - : ما يتسحر به من الطعام والشراب. وفى الكافي عن علي عن أبيه ، عن النوفلي عن السكوني ، عن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال : « قال : رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : السحور بركة ، قال : وقال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) : لا تدع أمتي السحور ولو على حشفة ». والتاء للوحدة. والحشف : أردى التمر واليابس الفاسد منه. (النهاية)

1961 - وسأله أبو بصير « عن السحور لمن أراد الصوم (1) أواجب هو عليه؟ فقال : لا بأس بأن لا يتسحر إن شاء ، فأما في شهر رمضان فإنه أفضل أن يتسحر ، أحب (2) أن لا يترك في شهر رمضان ».

1962 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « تعاونوا بأكل السحور على صيام النهار ، وبالنوم عند القيلولة على قيام الليل ».

1963 - وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله أنه قال : « إن اللّه تبارك وتعالى وملائكته يصلون على المستغفرين والمتسحرين بالاسحار فليتسحر أحدكم ولو بشربة من ماء ».

وأفضل السحور السويق والتمر (3) ، ومطلق لك الطعام والشراب إلى أن تستيقن طلوع الفجر (4).

1964 - وسأل رجل الصادق عليه السلام فقال : « آكل وأنا أشك في الفجر؟ فقال : كل حتى لا تشك ».

1965 - وقال عليه السلام : « لو أن الناس تسحروا ثم لم يفطروا إلا على الماء لقدروا على أن يصوموا الدهر ».

باب 132: الرجل يتطوع بالصيام وعليه شئ من الفرض

وردت الاخبار والآثار عن الأئمة عليهم السلام أنه لا يجوز أن يتطوع الرجل بالصيام وعليه شئ من الفرض ، وممن روى ذلك الحلبي وأبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام (5).

ص: 136


1- كذا في بعض النسخ والكافي وفى أكثرها « في أداء الصوم ».
2- في الكافي ج 4 ص 86 « نحب » كما هو نسخة في بعض النسخ.
3- رواه حفص بن البختري عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 408.
4- كما في قوله تعالى « فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ».
5- في الكافي ج 4 ص 125 عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أيتطوع؟ فقال : لا حتى يقضى ما عليه من شهر رمضان ». وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل عليه من شهر رمضان أيام أيتطوع؟ فقال : لا حتى يقضى ما عليه من شهر رمضان » ورواهما الشيخ في التهذيب ج 1 ص 430.

باب 133: الصلاة في شهر رمضان

1966 - سأل زرارة ، ومحمد بن مسلم ، والفضيل أبا جعفرالباقر وأبا عبد اللّه الصادق عليهما السلام عن الصلاة في شهر رمضان نافلة بالليل جماعة ، فقالا : (1) إن النبي صلى اللّه عليه وآله كان إذا صلى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله ثم يخرج من آخر الليل إلى المسجد فيقوم فيصلي ، فخرج في أول ليلة من شهر رمضان ليصلي كما كان يصلي فاصطف الناس خلفه فهرب منهم إلى بيته وتركهم ففعلوا ذلك ثلاث ليال ، فقام صلى اللّه عليه وآله في اليوم الثالث (2) على منبره فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال : « أيها الناس إن الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة ، وصلاة الضحى بدعة ، ألا فلا تجتمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل ، ولا تصلوا صلاة الضحى فإن تلك معصية ، ألا فإن كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة سبيلها إلى النار ، ثم نزل صلى اللّه عليه وآله وهو يقول : قليل في سنة خير من كثير في بدعة ».

1967 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصلاة في شهر رمضان ، فقال : ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الصبح قبل الفجر كذلك كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يصلي ، وأنا كذلك أصلي ، ولو كان خيرا لم يتركه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ».

1968 - وروى عبد اللّه بن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الصلاة في شهر رمضان فقال : ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتان

ص: 137


1- في بعض النسخ « فقالا : لا » وجعل « لا » نسخة.
2- في بعض النسخ « في اليوم الرابع ».

قبل صلاة الفجر ولو كان فضلا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أعمل به وأحق ». (1)

وممن روى الزيادة في التطوع في شهر رمضان زرعة عن سماعة وهما واقفيان (2).

1969 - قال (3) : « سألته عن شهر رمضان كم يصلى فيه؟ قال : كما يصلى في غيره إلا أن لشهر رمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي للعبد أن يزيد في تطوعه ، فإن أحب وقوي على ذلك أن يزيد في أول الشهر إلى عشرين ليلة كل ليلة عشرين ركعة سوى ما كان يصلي قبل ذلك ، يصلي من هذه العشرين اثنتي عشرة ركعة بين المغرب والعتمة ، وثمان ركعات بعد العتمة ، ثم يصلي صلاة الليل التي كان يصليها قبل ذلك ثمان والوتر ثلاث يصلي ركعتين ويسلم فيهما ثم يقوم فيصلي واحدة ، فيقنت فيها فهذا الوتر ، ثم يصلي ركعتي الفجر حتى ينشق الفجر فهذه ثلاث عشرة ركعة ، فإذا بقي من شهر رمضان عشر ليال فليصل ثلاثين ركعة في كل ليلة سوى هذه الثلاث عشرة يصلي منها بين المغرب والعشاء اثنتين وعشرين ركعة وثمان ركعات بعد العتمة ، ثم يصلي صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة كما وصفت لك. وفي ليلة إحدى و عشرين وثلاث وعشرين يصلي في كل واحدة منهما إذا قوي على ذلك مائة ركعة سوى هذه الثلاث عشرة ركعة ، وليسهر فيهما حتى يصبح فإن ذلك يستحب أن يكون في

ص: 138


1- ظاهر هذه الأخبار نفى الصلاة رأسا وحملت على الجماعة للخبر المتقدم وأمثاله ولوجودها في الأخبار الكثيرة البالغة حد التواتر ، ويمكن حمل أخبار النفي اما على نفى السنة وأخبار الاثبات على التطوع فان السنة لا تترك من النبي والأئمة عليهم السلام والتطوع قد يترك ، كما قاله المولى المجلسي - رحمه اللّه - وأما أحاديث الاثبات فتحمل على التقية كما قاله بعض المحققين. وأجيب عن رواية عبد اللّه بن سنان بتجوير أن يكون السؤال وقع عن النوافل الراتبة هل تزيد في شهر رمضان أم لا.
2- في شرعية الزيادة روايات كثيرة كرواية أبى خديجة ، ومحمد بن يحيى ، وأبى بصير ، وعبيد بن زرارة وجميل بن صالح جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام. (الذكرى)
3- يعنى سماعة كما هو الظاهر.

صلاة ودعاء وتضرع فإنه يرجى أن يكون ليلة القدر في إحديهما ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : إنما أوردت هذا الخبر في هذا الباب مع عدولي عنه وتركي لاستعماله ليعلم الناظر في كتابي هذا كيف يروى ومن رواه وليعلم من اعتقادي فيه أني لا أرى بأسا باستعماله.

باب 134: ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان

1970 - روى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخروج إذا دخل شهر رمضان ، فقال : لا إلا فيما أخبرك به : خروج إلى مكة ، أو غزو في سبيل اللّه عزوجل ، أو مال تخاف هلاكه ، أو أخ تخاف هلاكه وإنه ليس بأخ من الأب والام » (1).

1971 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان وهو مقيم لا يريد براحا (2) ثم يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر فسكت ، فسألته غير مرة ، فقال : يقيم أفضل إلا أن يكون له حاجة لابد له من الخروج فيها ، أو يتخوف على ماله ».

قال مصنف هذا الكتاب - أسكنه اللّه جنته - : فالنهي عن الخروج في السفر في شهر رمضان نهي كراهية لا نهي تحريم ، والفضل في المقام لئلا يقصر في الصيام.

1972 - وقد روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل « عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان وهو مقيم وقد مضى منه أيام ، فقال : لا بأس

ص: 139


1- يعنى أن مرادي من الأخ من كان مؤمنا لا الأخ النسبي.
2- البراح - بالفتح - : المتسع من الأرض التي لا زرع فيها ولا نبات ، والبراح أيضا مصدر قولك : برح مكانه أي زال عنه وصار في البراح (الصحاح) ويمكن أن يقرأ « نزاحا » بالنون والزاي المعجمة - كما في بعض نسخ الكافي - من قولهم نزح بفلان إذا بعد عن دياره غيبة بعيدة.

بأن يسافر ويفطر ولا يصوم (1) ».

وقد روى ذلك أبان بن عثمان عن الصادق عليه السلام.

1973 - وسئل الصادق عليه السلام (2) « عن الرجل يخرج يشيع أخاه مسيرة يومين أو ثلاثة ، فقال : إن كان في شهر رمضان فليفطر فسئل أيهما أفضل [يقيم و] يصوم أو يشيعه؟ قال : يشيعه إن اللّه عزوجل وضع الصوم عنه إذا شيعه ».

1974 - وروى الوشاء ، عن حماد بن عثمان قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل من أصحابي قد جاءني خبره من الأعوص (3) وذلك في شهر رمضان أتلقاه (4) وأفطر؟ قال : نعم ، قلت : أتلقاه وأفطر أو أقيم وأصوم؟ قال : تلقاه وأفطر ».

باب 135: وجوب التقصير في الصوم في السفر

اشارة

1975 - روى يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر ، ثم قال : إن رجلا أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال : يا رسول اللّه أصوم شهر رمضان في السفر؟ فقال : لا ، فقال : يا رسول اللّه إنه علي يسير ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إن اللّه تبارك وتعالى تصدق على مرضى أمتي ومسافريها بالافطار في شهر رمضان ، أيحب أحدكم إذا تصدق بصدقة أن ترد عليه ».

ص: 140


1- يمكن الجواب عنه بأنه يشعر بضرورة السفر ومحل الخلاف السفر الاختياري.
2- الظاهر أن السائل محمد بن مسلم كما يظهر من الكافي ج 4 ص 129.
3- في المراصد : « أعوص - بفتح الواو والصاد المهملة - : موضع قرب المدينة على أميال منها يسيرة ، وأعوص واد في ديار باهلة لبنى حصن ويقال الاعوصين » : ونسخة في الجميع « الاعراض » وأعراض الحجاز : رساتيقه.
4- الهمزة للمتكلم والأصل « تتلقاه » فحذفت إحدى التائين والكلام مسوق على وجه الاستفهام.

1976 - وسأل عبيد بن زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « فمن شهد منكم الشهر فليصمه (1) » قال : ما أبينها من شهد فليصمه ومن سافر فلا يصمه ».

1977 - وروى محمد بن حكيم عن الصادق عليه السلام أنه قال : « لو أن رجلا مات صائما في السفر لما صليت عليه ».

1978 - وروى حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمى رسول - اللّه صلى اللّه عليه وآله قوما صاموا حين أفطر وقصر : العصاة ، قال : وهم العصاة إلى يوم القيامة ، وإنا لنعرف أبناءهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا.

1979 - وروى العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا خرج الرجل في شهر رمضان مسافرا أفطر ، وقال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان ومعه الناس وفيهم المشاة فلما انتهى إلى كراع الغميم (2) دعا بقدح من ماء فيما بين الظهر والعصر فشرب وأفطر وأفطر الناس معه وتم أناس على صومهم فسماهم العصاة ، وإنما يؤخذ بأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » (3).

1980 - وروى أبان بن تغلب عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : خيار أمتي الذين إذا سافروا أفطروا وقصروا ، وإذا أحسنوا استبشروا ، وإذا أساؤوا استغفروا ، وشرار أمتي الذين ولدوا في النعيم وغذوا به ، يأكلون طيب الطعام ، ويلبسون لين الثياب ، وإذا تكلموا لم يصدقوا ».

ص: 141


1- « فمن شهد » أي فمن حضر في موضع في هذا الشهر ولم يكن مسافرا ولا مريضا.
2- هو اسم موضع بين مكة والمدينة ، والكراع جانب مستطيل من الحرة ، تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق ، والغميم - بالفتح - واد بالحجاز أمام عسفان.
3- بيان لوجه عصيانهم أي يجب الاخذ والعمل بأوامر الرسول (صلی اللّه عليه وآله) فإذا أمر بالافطار وجب الافطار ، فمن لم يفطر كان عاصيا ، وإنما يؤخذ الصوم بأمره فلما أفطر يجب الإطاعة (سلطان) أقول : كأن في سقطا والأصل « إنما يؤخذ بآخر أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » كما في الكافي ج 4 ص 127 ولعله من النساخ ، وذلك لرفع توهم عدم كونهم عصاة لاخذهم بقوله السابق.

1981 - وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن عمار بن مروان عن أبي - عبد اللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : من سافر قصر وأفطر إلا أن يكون رجلا سفره إلى صيد (1) أو في معصية اللّه عزوجل ، أو رسولا لمن يعص اللّه عزوجل ، أو طلب عدو أو شحناء ، أو سعاية (2) أو ضرر على قوم من المسلمين.

1982 - وقال عليه السلام : « لا يفطر الرجل في شهر رمضان إلا بسبيل حق » (3).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : قد أخرجت تقصير المسافر في جملة أبواب الصلاة في هذا الكتاب ، والحد الذي يجب فيه التقصير ، والذين يجب عليهم التمام.

فأما صوم التطوع في السفر

1983 - فقد قال الصادق عليه السلام : « ليس من البر الصوم في السفر » (4).

1984 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الرجل يخرج من بيته وهو يريد السفر وهو صائم ، فقال : إن خرج قبل أن ينتصف النهار فليفطر وليقض ذلك اليوم ، وإن خرج بعد الزوال فليتم يومه » (5).

1985 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا سافر الرجل في شهر رمضان فخرج بعد نصف النهار فعليه صيام ذلك اليوم ويعتد به من شهر رمضان ، وإذا دخل أرضا قبل طلوع الفجر وهو يريد الإقامة بها فعليه صوم ذلك

ص: 142


1- المراد بالصيد اللّهوى منه ، قال الشيخ في النهاية والمبسوط « ان طلب الصيد للتجارة يقصر صومه ويتم صلاته » وفى خصوص هذه المسألة اختلاف بين فقهائنا راجع مصباح الفقيه ص 744 من كتاب الصلاة.
2- سعى به إلى الوالي : وشى به. والشحناء : العداوة.
3- أي مباح كما هو المشهور ، أو راجح كما قيل. (المرآة)
4- ظاهره نفى صحة الصوم ومشروعيته في السفر إذ العبادة ليست غير البر ، الا أن يكون المراد ليس من البر الكامل ، ثم لا يخفى أن الحديث ليس صريحا في صوم التطوع إذ ربما كان المراد صوم شهر رمضان (سلطان) أقول : في بعض النسخ « الصيام في السفر ».
5- في بعض النسخ « فليتم صومه ».

اليوم ، وإن دخل بعد طلوع الفجر فلا صيام عليه ، وإن شاء صام » (1).

1986 - وفي رواية رفاعة بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل يقبل (2) في شهر رمضان من سفر حتى يرى أنه سيدخل أهله ضحوة (3) أو ارتفاع النهار ، قال : إذا طلع الفجر وهو خارج لم يدخل فهو بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر ».

1987 - وروى يونس بن عبد الرحمن عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال : « في المسافر يدخل أهله وهو جنب قبل الزوال ولم يكن أكل فعليه أن يتم صومه ولا قضاء عليه - قال : (4) يعني إذا كانت جنابته من احتلام - ».

1988 - وسأل عبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يأتي جاريته في شهر رمضان بالنهار في السفر ، فقال : ما عرف هذا حق شهر رمضان إن له في الليل سبحا طويلا (5) قال : قلت له : أليس له أن يأكل ويشرب ويقصر؟ قال : إن اللّه عزوجل رخص للمسافر في الافطار والتقصير رحمة وتخفيفا لموضع التعب والنصب ووعث السفر (6) ولم يرخص له في مجامعة النساء في السفر بالنهار في شهر رمضان ، وأوجب عليه قضاء

ص: 143


1- المشهور وجوب الصوم إذا دخل قبل الزوال ولم يفطر ، وحمل هذا الخبر وأمثاله على التخيير قبل الدخول ويؤيده خبر رفاعة الآتي.
2- في الكافي ج 4 ص 132 « يقدم »
3- ضحوة النهار : بعد طلوع الشمس ، والضحى ارتفاعه.
4- لعله كلام يونس وحملها على جنابة لم تخل بصحة الصوم فالمراد الاحتلام في اليوم أو في الليل ولم ينتبه الا بعد طلوع الفجر أو انتبه ونام بقصد الغسل (المرآة) وقال الفاضل التفرشي : لعل مراده بالاحتلام في اليوم دون الليل وبقائه على الجنابة حتى يطلع الفجر إذ الظاهر عدم الفرق بين الاحتلام والجماع في الليل.
5- السبح : الفراغ والتصرف في المعاش كما قال قتادة في قوله تعالى « ان لك في النهار سبحا طويلا ». أي فراغا طويلا. (الصحاح)
6- الوعث : المكان السهل الكثير الدهس ، ووعثاء السفر مشتقة.

الصيام ولم يوجب عليه قضاء تمام الصلاة إذا آب من سفره ، ثم قال : والسنة لا تقاس (1) وإني إذا سافرت في شهر رمضان ما آكل كل القوت (2) وما أشرب كل الري ».

والنهي عن الجماع للمقصر في السفر إنما هو نهي كراهة لا نهي تحريم.

1989 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « رجل صام في السفر فقال : إن كان بلغه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نهى عن ذلك فعليه القضاء ، وإن لم يكن بلغه فلا شئ عليه ».

باب 136: صوم الحائض والمستحاضة

1990 - روى أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشاء (3) حاضت أتفطر؟ قال : نعم وإن كان قبل المغرب فلتفطر ، وعن امرأة ترى الطهر في أول النهار في شهر رمضان ولم تغتسل ولم تطعم كيف تصنع بذلك اليوم؟ قال : إنما فطرها من الدم » (4).

1991 - وروي عن علي بن مهزيار قال : كتبت إليه عليه السلام (5) « امرأة طهرت

ص: 144


1- ذكره هذه الجملة هنا كأنه لبيان عدم صحة القياس حتى يقاس جواز الجماع بجواز الأكل والشرب ، ثم الظاهر من الخبر حرمة الجماع بالنهار في السفر وحمله الأكثر على الكراهة جمعا (المرآة) وذهب الشيخ إلى عدم الجواز في بعض كتبه وعمل بظاهر هذا الخبر وحمل ما يدل على الجواز على غلبة الشهوة وخوف وقوعه في المحظور أو على الوطي بالليل ولا يخفى بعدهما.
2- في الكافي « الا القوت » وما في المتن أظهر ، ويدل على كراهة التملي من الطعام والشراب للمسافر كما هو مذهب الأصحاب فيه وفى سائر ذوي الأعذار. (المرآة)
3- العشاء هي الزوال إلى المغرب والمشهور أنه آخر النهار. (المغرب)
4- أي لا صوم لها ولا بأس عليها.
5- يعنى أبا جعفر الجواد عليه السلام.

من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز صومها وصلاتها أم لا؟ فكتب عليه السلام : تقضي صومها ولا تقضي صلاتها لان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان يأمر المؤمنات (1) من نسائه بذلك » (2).

1992 - وروي عن سماعة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام » عن المستحاضة ، قال : تصوم شهر رمضان إلا الأيام التي كانت تحيض فيهن ، ثم تقضيها من بعده.

1993 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا الحسن عليه السلام « عن المرأة تلد بعد العصر أتتم ذلك اليوم أم تفطر؟ فقال : تفطر ثم تقضي ذلك اليوم ».

1994 - وروى العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن المرأة

ص: 145


1- في الكافي ج 4 ص 136 والتهذيب ج 1 ص 440 « يأمر فاطمة والمؤمنات من نسائه بذلك ».
2- هذا الخبر مع اضماره مخالف للاخبار الكثيرة والاجماع على اشتراط الصلاة بالطهارة ، وفى هامش التهذيب السائل سأل عن حكم المستحاضة التي صلت وصامت في شهر رمضان ولم تعمل أعمال المستحاضة ، والإمام عليه السلام ذكر حكم الحائض وعدل عن جواب السائل من باب التقية لان الاستحاضة من باب الحدث الأصغر عند العامة فلا توجب غسلا عندهم. وقال الفيض - رحمه اللّه - في الوافي : هذا الخبر مع اضماره متروك بالاتفاق ولو كان الحكم بقضاء الصوم دون الصلاة متعاكسا لكان له وجه ، على أنه قد ثبت عندنا أن فاطمة لم تر حمرة قط ، اللّهم الا أن يقال : إن المراد بفاطمة فاطمة بنت أبي حبيش فإنها كانت مشتهرة بكثرة الاستحاضة والسؤال عن مسائلها في ذلك الزمان ، ويحمل قضاء الصوم على قضاء صوم أيام حيضها خاصة دون سائر الأيام وكذا نفى قضاء الصلاة - انتهى. و قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه: اعلم أن المشهور بين الاصحاب أن المستحاضة اذا أخلت بالاغسال تقضى صومها، و استدلوا بهذا الخبر و فيه اشكال لاشتماله على عدم قضاء الصلاة، و لم يقل به أحد و مخالف لسائر الاخبار قال: و قد وجّه بوجوه( نقلنا بعضها): الاوّل ما ذكره الشيخ- رحمه اللّه- في التهذيب حيث قال: لم يأمرها بقضاء الصلاة إذا لا تعلم أن عليها لكل صلاتين غسلا أولا يعلم ما يلزم المستحاضة فاما مع العلم بذلك و الترك له-- على العمد يلزمها القضاء. و أورد عليه أنّه ان بقى الفرق بين الصوم و الصلاة فالاشكال بحاله و ان حكم بالمساواة بينهما و نزّل قضاء الصوم على حالة العلم و عدم قضاء الصلاة على حالة الجهل فتعسف ظاهر. الثاني ما ذكره المحقّق الأردبيليّ- قدّس اللّه روحه- و هو أن المراد لا يجب عليها قضاء جميع الصلوات لان منها ما كان واقعا في الحيض، و هو بعيد. الثالث ما ذكره صاحب المنتقى- روح اللّه روحه- قال: و الذي يختلج بخاطرى أن الجواب الواقع في الحديث غير متعلّق بالسؤال المذكور فيه و الانتقال الى ذلك من وجهين أحدهما قوله فيه« ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يأمر فاطمة- الخ» فان مثل هذه العبارة انّما تستعمل فيما يكثر وقوعه و يتكرّر و كيف يعقل كون تركهن لما تعمله المستحاضة في شهر رمضان جهلا و الثاني أن هذه العبارة بعينها كانت في أخبار الحيض في كتاب الطهارة مرادا بها قضاء الحائض للصوم دون الصلاة- الى أن قال-: و لا يخفى أن للعبارة بذلك الحكم مناسبة ظاهرة تشهد بها السليقة لكثرة وقوع الحيض و تكرّره و الرجوع إليه( ص) في حكمه و بالجملة فارتباطها بذلك الحكم و منافرتها لقضية الاستحاضة ممّا لا يرتاب فيه أهل الذوق السليم و ليس بالمستبعد أن يبلغ الوهم الى موضع الجواب مع غير سؤاله فان من شأن الكتابة في الغالب أن تجمع الأسئلة المتعدّدة فإذا لم ينعم الناقل نظره فيها يقع له نحو هذا الوهم- انتهى كلامه( ره) و احتمل سبطه الجليل احتمالا لعله قريب حاصله أن قوله« تقضى صومها و لا تقضى صلاتها» أصله« تقضى صومها ولاء و تقضى صلاتها» ثم ذكر في توجيهها كلاما لا يسعنا ذكره راجع مرآة العقول ج 3 ص 233. و أقول: قال المحقق التستريّ صاحب الاخبار الدخيلة- مد ظلّه- فيما كتب الىّ: الظاهر أن عليّ بن مهزيار في أصوله التي جمع منها كتابه خبران: خبر في السؤال عن حكم تاركة غسل الاستحاضة في شهر رمضان لصلاتها و صومها، و خبر في السؤال عن قضاء الحائض صلاتها و صومها فخلط بين الخبرين بنقل سؤال الخبر الأوّل و جواب الخبر الثاني في كتابه فنقله المشايخ الثلاثة عن كتابه مثل ما وجدوا و لم يؤوّله أحد منهم الا الشيخ- رحمه اللّه-

تطمث في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس؟ قال : تفطر حين تطمث.

1995 - وروى علي بن الحكم ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل أن يخرج شهر رمضان

ص: 146

هل يقضى عنها؟ قال : أما الطمث والمرض فلا ، وأما السفر فنعم (1).

1996 - وروى ابن مسكان ، عن محمد بن جعفر قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « إن امرأتي جعلت على نفسها صوم شهرين فوضعت ولدها وأدركها الحبل فلم تقدر (2) على الصوم ، قال : فلتصدق مكان كل يوم بمد على مسكين » (3).

باب 137: قضاء صوم شهر رمضان

1997 - روى عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل مرض في شهر رمضان فلما برأ أراد الحج كيف يصنع بقضاء الصوم؟ قال : إذا رجع فليصمه » (4).

1998 - وسأله عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه « عن قضاء شهر رمضان في ذي الحجة وقطعه قال : إقضه في ذي الحجة واقطعه إن شئت » (5).

ص: 147


1- عمل الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب بظاهره ، والمشهور الاستحباب.
2- نسخة في الجميع « لم تقو ».
3- المشهور بين الأصحاب أن مع العجز عن الصوم المنذور يسقط الصوم ولا يلزمه شئ وذهب جماعة إلى لزوم الكفارة عن كل يوم بمد وجماعة بمدين لرواية أخرى ، والقائلون بالمشهور حملوا تلك الأخبار على الاستحباب لكن العجز لا يتحقق في النذر المطلق الا باليأس منه في جميع العمر فهذا الخبر اما محمول على شهرين معينين أو على اليأس بأن يكون ظنها أنها تكون دائما اما في الحمل أو في الرضاع ، مع أنه يحتمل أن يكون الكفارة في الخبر للتأخير مع عدم سقوط المنذور. (المرآة)
4- في بعض النسخ « فليقضه ». ويدل على عدم جواز قضاء صوم شهر رمضان في السفر وعليه الأصحاب.
5- ليس التتابع شرطا في القضاء فلا بأس أن يقطع بالعيد أو غيره (سلطان) وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : الشرط متعلق بالامرين لا بخصوص القطع مع احتماله فيكون المراد القطع بغير العيد ، ثم إن الخبر يدل على عدم مرجوحية القضاء في عشر ذي الحجة كما هو المشهور بين الأصحاب ، وروى الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب بسند موثق عن غياث ابن إبراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام المنع منه وحمله على ما إذا كان مسافرا ولعله محمول على التقية لان بعض العامة يمنعون من ذلك لفوات التتابع الذي يقولون بلزومه. وقال الشهيد  - رحمه اللّه - في الدروس : لا يكره القضاء في عشر ذي الحجة والرواية عن علي عليه السلام بالنهي عنه مدخولة.

1999 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كان على الرجل شئ من صوم شهر رمضان فليقضه في أي شهر شاء أياما متتابعة فإن لم يستطع فليقضه كيف شاء ، وليحص الأيام ، فإن فرق فحسن وإن تابع فحسن ».

2000 - وسأل سليمان بن جعفر الجعفري أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان أيقضيها متفرقة؟ قال : لا بأس بتفرقة قضاء شهر رمضان ، إنما الصيام الذي لا يفرق صوم كفارة الظهار ، وكفارة الدم وكفارة اليمين » (1).

2001 - وروى جميل ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام « في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض فلا يصح حتى يدركه شهر رمضان آخر ، قال : يتصدق عن الأول ويصوم الثاني ، وإن كان صح فيما بينهما ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعا وتصدق عن الأول ».

ومن فاته شهر رمضان حتى يدخل الشهر الثالث من مرض فعليه أن يصوم هذا الذي دخله وتصدق عن الأول لكل يوم بمد من طعام ويقضي الثاني (2).

ص: 148


1- الحصر إضافي بالنسبة إلى قضاء شهر رمضان ، أو المراد كفارة الظهار وأمثالها من الكفارات (سلطان) وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : تخصيص الثلاث بالذكر لكونها منصوصا عليها في القرآن أو لمزيد الاهتمام.
2- يمكن أن يكون من تتمة خبر زرارة وأن يكون قول الصدوق ، ويؤيده عدم ذكر الكليني والشيخ لهذه الزيادة ، وظاهره أن التصدق واجب للسنة الأولى ويجب القضاء فقط للسنة الثانية أو يكون هذا الحكم من خبر وصل إليه ان لم يكن جزء الخبر ، والمشهور العمل بالاخبار الأولة ، ويمكن حمله على ما إذا صح فيما بين الثاني والثالث ولم يقض ولم يتهاون بل كان في نيته القضاء ثم مرض ولم يقض ولم يصح فيما بين الأول والثاني ، واختلف في وجوب تعدد الكفارة بتعدد السنين والأحوط التعدد بمعنى أنه إذا مرض وتهاون في القضاء حتى مضى أربع سنين فهل يجب لكل يوم أربعة أم يكفي مد واحد. (م ت)

2002 - وروى ابن محبوب ، عن الحارث بن محمد ، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان ، قال : إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه إلا يوما مكان يوم ، وإن أتى أهله بعد زوال الشمس فإن عليه أن يتصدق على عشرة مساكين لكل مسكين مد ، فإن لم يقدر عليه صام يوما مكان يوم وصام ثلاثة أيام كفارة لما صنع » (1).

وقد روي أنه إن أفطر قبل الزوال فلا شئ عليه ، وإن أفطر بعد الزوال فعليه الكفارة مثل ما على من أفطر يوما من شهر رمضان (2).

2003 - وروى سماعة ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تقضي شهر رمضان فيكرهها زوجها على الافطار فقال : لا ينبغي (3) أن يكرهها بعد زوال الشمس ».

2004 - وسأله سماعة عن قوله : « الصائم بالخيار إلى زوال الشمس » قال :  « إن ذلك في الفريضة فأما في النافلة فله أن يفطر أي ساعة شاء إلى غروب الشمس ».

2005 - وروى ابن فضال ، عن صالح بن عبد اللّه الخثعمي قال : « سألت أبا عبد اللّه

ص: 149


1- قال بعض الشراح تحريم الافطار بعد الزوال في قضاء رمضان هو مذهب الأصحاب لا يعلم فيه خلاف وأما الجواز قبله فمذهب الأكثر ونقل عن أبي الصلاح القول بوجوب اتمام كل صوم واجب ، وعن ابن أبي عقيل عدم جواز الافطار في قضاء رمضان مطلقا هذا مع التوسعة وأما مع تضييق الوقت يحرم الافطار مطلقا لكن لا تجب الكفارة قبل الزوال.
2- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 430 عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل صام قضاء من شهر رمضان فأتى النساء ، قال : عليه من الكفارة ما على الذي أصاب في شهر رمضان » وحمله الشيخ على الاستحباب وجوز فيه الحمل على الافطار مع الاستخفاف و يمكن الحمل على التشبيه في وجوب الكفارة لا في قدرها.
3- ظاهره الكراهة وحمل على الحرمة. (المرآة)

عليه السلام عن الرجل ينوي الصوم فيلقاه أخوه الذي هو على أمره (1) فيسأله أن يفطر أيفطر؟ قال : إن كان تطوعا أجزأه وحسب له ، وإن كان قضاء فريضة قضاه » (2).

وإذا أصبح الرجل وليس من نيته أن يصوم ثم بدا له فله أن يصوم (3).

2006 - وسئل عليه السلام « عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة ، فقال : هو بالخيار ما بينه وبين العصر وإن مكث حتى العصر ثم بدا له أن يصوم ولم يكن (4) نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء (5) ».

وإذا طهرت المرأة من حيضها وقد بقي عليها بقية يوم صامت ذلك المقدار تأديبا وعليها قضاء ذلك اليوم ، وإن حاضت وقد بقي عليها بقية يوم أفطرت وعليها القضاء (6).

ص: 150


1- أي على دينه ومذهبه أو عليه أطاعته وقبول أمره.
2- ظاهر الخبر أن بدعوة المؤمن يستحب افطار صوم القضاء أيضا لكن لا يجزيه بل يلزمه فعله مرة أخرى ، وأما حمله على أن المراد بالقضاء اتمام هذا الصوم وعدم الافطار فلا يخفى بعده. (المرآة)
3- يدل عليه أخبار منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام « في الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان ولم يكن نوى ذلك من الليل : قال : نعم ليصمه وليعتد به إذا لم يكن أحدث شيئا » (الكافي ج 4 ص 122).
4- رواه الكليني ج 4 ص 122 بسند موثق عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصائم - الخبر » وفيه « فإن لم يكن » وما في المتن أظهر.
5- قد قطع الأصحاب بأن وقت النية في الواجب غير المعين كالقضاء والنذر المطلق يستمر من الليل إلى الزوال إذا لم يفعل المنافى نهارا ويدل عليه روايات كثيرة ويظهر من كلام ابن الجنيد جواز تجديد النية بعد الزوال أيضا وفى المعين المشهور أنه يجوز النية مع النسيان إلى الزوال لا مع العمد وبعد الزوال لا يجوز الا على ظاهر ابن الجنيد ، وفى النافلة ذهب جماعة إلى امتداد وقت النية إلى الغروب. (سلطان)
6- روى الشيخ - رحمه اللّه - عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة أصبحت صائمة في رمضان فلما ارتفع النهار حاضت؟ قال : تفطر ، قال : وسألته عن امرأة رأت الطهر أول النهار؟ قال : تصلى وتتم صومها - أي تأديبا - ويقضى ».

وإذا وجب على الرجل صوم شهرين متتابعين فصام شهرا ولم يصم من الشهر الثاني شيئا فعليه أن يعيد صومه ولم يجزئه الشهر الأول إلا أن يكون أفطر لمرض فله أن يبني على ما صام فان اللّه عزوجل حبسه (1) ، فإن صام شهرا وصام من الشهر الثاني أياما (2) ثم أفطر فعليه أن يبني على ما صام (3).

ص: 151


1- أي منعه من الصوم وعموم التعليل ربما يدل على عموم الحكم لكل مانع من قبل اللّه كالحيض وغيره. وفى المدارك : اما وجوب البناء إذا كان قد صام من الشهر الثاني يوما فصاعدا فقال العلامة في التذكرة والمنتهى وولده في الشرح : انه قول علمائنا أجمع واختلف الأصحاب في جواز التفريق اختيارا بعد الاتيان بما يتحقق به التتابع فذهب الأكثر إلى الجواز والمفيد - رحمه اللّه - إلى المنع واختاره ابن إدريز. قدس سره -.
2- المشهور كفاية يوم واحد ومراد المصنف أعم منه لقوله سابقا « ولم يصم من الشهر الثاني شيئا ».
3- روى الكليني ج 4 ص 138 في الصحيح عن جميل ومحمد بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل الحر يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار فيصوم شهرا ثم يمرض ، قال : يستقبل وان زاد على الشهر الاخر يوما أو يومين بنى على ما بقي » ورواه الشيخ في التهذيب وحمل قوله « يستقبل » على مرض يمنعه من الصيام وإن كان يشق عليه. ولعل حمله على الاستحباب أظهر. و روى الكليني أيضا في الحسن كالصحيح و الشيخ في الصحيح و اللفظ له عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:« صيام كفّارة اليمين في الظهار شهران متتابعان، و التتابع أن يصوم شهرا و يصوم من الشهر الآخر أياما أو شيئا منه فان عرض له شي ء يفطر فيه أفطر ثمّ قضى ما بقى عليه و ان صام شهرا ثمّ عرض له شي ء فأفطر قبل أن يصوم من الآخر شيئا فلم يتابع أعاد الصيام كله»، و ظاهر قوله« فان عرض له شي ء» غير الاعذار الشرعية. و في الموثّق عن سماعة قال:« سألته عن الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أ يفرق بين الايام؟ فقال: إذا صام أكثر من شهر فوصله ثمّ عرض له أمر فأفطر فلا بأس، فان كان أقل من شهر أو شهرا فعليه أن يعيد الصيام».

2007 - وروى موسى بن بكر ، عن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « في رجل عليه (1) صوم شهر فصام منه خمسة عشر يوما ثم عرض له أمر ، فقال : إن كان صام خمسة عشر يوما فله أن يقضي ما بقي ، وإن كان صام أقل من خمسة عشر يوما لم يجزئه حتى يصوم شهرا تاما (2) ».

2008 - وروى منصور بن حازم عنه عليه السلام أنه قال « في رجل صام في ظهار شعبان ثم أدركه شهر رمضان قال : يصوم شهر رمضان ثم يستأنف الصوم وإن هو صام في الظهار فزاد في النصف يوما قضى بقيته ».

2009 - وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل كان عليه صوم شهرين متتابعين في ظهار فصام ذا القعدة ودخل عليه ذو الحجة ، قال : يصوم ذا الحجة كله إلا أيام التشريق ، ثم يقضيها في أول يوم من المحرم حتى يتم ثلاثة أيام فيكون قد صام شهرين متتابعين ، قال : ولا ينبغي له أن يقرب أهله حتى يقضي ثلاثة أيام التشريق التي لم يصمها ، ولا بأس إن صام شهرا ثم صام من الشهر الذي يليه أياما ثم عرضت له علة أن يقطعها (3) ، ثم يقضي بعد تمام الشهرين ».

باب 138: قضاء الصوم عن الميت

2010 - روى أبان بن عثمان ، عن أبي مريم الأنصاري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان ، ثم لم يزل مريضا حتى مات فليس

ص: 152


1- في التهذيب ج 1 ص 432 والكافي ج 4 ص 139 « في رجل جعل عليه » وكأنه سقط من النساخ.
2- ذلك لان الشهر قد يكون تسعة وعشرين فإذا صام خمسة عشر فقد جاوز النصف. ومضمون الخبر مشهور بين فقهائنا ومنهم من رده لضعف السند.
3- ظاهره عدم جواز الافطار بدون العذر وإن كان العذر خفيفا ، ولعله محمول على الأفضلية بقرينة « لا ينبغي ». (المرآة)

عليه قضاء ، وإن صح ثم مرض ثم مات وكان له مال تصدق عنه مكان كل يوم بمد فإن لم يكن له مال صام عنه وليه (1) ».

وإذا مات رجل وعليه صوم شهر رمضان فعلى وليه أن يقضي عنه ، وكذلك من فاته في السفر والمرض إلا أن يكون مات في مرضه من قبل أن يصح بمقدار ما يقضي به صومه فلا قضاء عليه إذا كان كذلك (2) وإن كان للميت وليان فعلى أكبرهما من الرجال أن يقضي عنه. فإن لم يكن له ولي من الرجال قضى عنه وليه من النساء (3).

2011 - وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « إذا مات الرجل وعليه صوم شهر رمضان فليقض عنه من شاء من أهله ».

2012 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام في رجل مات وعليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام وله وليان هل يجوز لهما

ص: 153


1- يدل على أنه يجب على الولي قضاء الصلاة والصيام عن الميت سواء تمكن من القضاء أم لا وسواء فات بمرض أو غيره ويدل أيضا على أن الولي مطلق الوارث من الذكور وفى المسألة أقوال شتى ففي الدروس : لو مات قبل التمكن من القضاء فلا قضاء ولا كفارة ويستحب القضاء وفى التهذيب يقضى ما فات في السفر ولو مات في رمضان لرواية منصور بن حازم والسر فيه تمكن المسافر من الأداء وهو أبلغ من التمكن من القضاء إذا كان تركه للسفر سائغا ، وان تمكن من القضاء ومات قبله فالمشهور وجوب القضاء على الولي سواء كان صوم رمضان أو لا ، وسواء كان له مال أو لا. ومع عدم الولي يتصدق من أصل ماله عن كل يوم بمد ، قال المرتضى يتصدق عنه فإن لم يكن له مال صام وليه ، وقال الحسن : يتصدق عنه لا غير ، وقال الحلبي : مع عدم الولي يصام عنه من ماله كالحج والأول أصح ، والمرأة هنا كالرجل على الأصح وأما العبد فمشكل والمساواة قريبة ، ثم الولي عند الشيخ أكبر أولاده الذكور لا غير ، وعند المفيد لو فقد أكبر الولد فأكبر أهله من الذكور فان فقدوا فالنساء وهو ظاهر القدماء والاخبار والمختار ، ولو كان له وليان فصاعدا متساويان توزعوا الا أن يتبرع به بعضهم ، وقال القاضي : يقرع بينهما ، وقال ابن إدريس : لا قضاء والأول أثبت. (المرآة)
2- راجع الكافي ج 4 ص 123.
3- يمكن أن يكون الدليل الخبر الآتي أو العمومات.

أن يقضيا عنه جميعا خمسة أيام أحد الوليين وخمسة أيام الآخر؟ فوقع عليه السلام يقضي عنه أكبر ولييه عشرة أيام ولاء إن شاء اللّه (1).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : وهذا التوقيع عندي مع توقيعاته إلى محمد بن الحسن الصفار بخطه عليه السلام.

باب 139: فدية صوم النذر

2013 - روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام « في رجل نذر على نفسه إن هو سلم من مرض أو تخلص من حبس أن يصوم كل يوم أربعاء وهو اليوم الذي تخلص فيه فعجز عن ذلك لعلة أصابته أو غير ذلك فمد اللّه عزوجل للرجل في عمره واجتمع عليه صوم كثير ما كفارة ذلك؟ قال : تصدق لكل يوم مدا من حنطة أو بمد تمر (2) ».

2014 - وفي رواية إدريس بن زيد ، وعلي بن إدريس عن الرضا عليه السلام « تصدق عن كل يوم بمد من حنطة أو شعير (3) ».

باب 140: صوم الاذن

2015 - روى الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إذا دخل رجل بلدة فهو ضيف على من بها من أهل دينه حتى يرحل عنهم ، ولا ينبغي للضيف أن يصوم إلا بإذنهم لئلا يعملوا شيئا فيفسد ، ولا ينبغي لهم أن يصوموا

ص: 154


1- الحكم بالتتابع محمول على الأفضل. (الوافي)
2- اختلف الأصحاب فيمن عجز عن صوم النذر فقيل : يجب عليه القضاء دون الكفارة وقيل بالعكس ، والكفارة اما مد على المشهور أو مدان كما ذهب إليه الشيخ وبعض الأصحاب فهذا الخبر يدل على الاكتفاء بالكفارة وأنها مد. (المرآة)
3- هذا الخبر في الكافي ج 4 ص 143 مثل خبر البزنطي بأدنى اختلاف في اللفظ.

إلا بإذن الضيف لئلا يحتشمهم (1) ويشتهي فيتركه لهم ».

2016 - وروى نشيط بن صالح ، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه ، و من طاعة المرأة لزوجها أن لا تصوم تطوعا إلا بإذنه وأمره ، ومن صلاح العبد و طاعته ونصيحته لمولاه أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن مولاه ، ومن بر الولد بأبويه أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن أبويه وأمرهما ، وإلا كان الضيف جاهلا ، وكانت المرأة عاصية وكان العبد فاسدا عاصيا ، وكان الولد عاقا (2) ».

باب 141: الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان وما جاء في العشر الأواخر وفى ليلة القدر

2017 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال : « يغتسل في ثلاث ليال من شهر رمضان ، في تسع عشرة ، وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وأصيب أمير المؤمنين عليه السلام في تسع عشرة ، وقبض عليه السلام في إحدى وعشرين ، قال :

ص: 155


1- الاحتشام بمعنى الغضب وبمعنى الحياء وبمعنى الخجلة والانقباض. وقوله « ويشتهي » أي حال كونه يشتهى الطعام فيتركه لهم مع اشتهائه.
2- اختلف الأصحاب في صوم الضيف نافلة من دون اذن مضيفه فقال المحقق في الشرايع انه مكروه الا مع النهى فيفسد ، وقال في النافع والمعتبر : انه غير صحيح ، وأطلق العلامة وجماعة الكراهة وهو المعتمد كما هو الظاهر من سياق الرواية ، وقوله صلى اللّه عليه وآله « وكانت المرأة عاصية » يدل على حرمة صومها بدون اذن زوجها مطلقا (المرآة) وقال ملاذنا وفقيه عصرنا الآية الخوانساري - دامت بركاته - : وقد يفصل بين عدم الإذن والنهى لما في خبر هشام من التعبير بالعقوق والعصيان ويمكن أن يقال : لعل التعبير بالعقوق والعصيان للمبالغة في الكراهة مع حفظ اطلاق عدم الإذن لصورة عدم النهى (جامع المدارك ج 2 ص 230).

والغسل في أول الليل وهو يجزي إلى آخره (1) ».

2018 - وقد روي أنه « يغتسل في ليلة سبع عشرة ».

2019 - وروى زرارة ، وفضيل عن أبي جعفر عليه السلام قال : « الغسل في شهر رمضان عند وجوب الشمس قبيله ، ثم يصلي ويفطر (2) ».

2020 - وروى سماعة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا دخل العشر الأواخر شد المئزر (3) واجتنب النساء وأحيا الليل و تفرغ للعبادة ».

2021 - وروى سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال : « صل ليلة إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين مائة ركعة ، تقرأ في كل ركعة الحمد مرة و قل هو اللّه أحد عشر مرات ».

2022 - وقال الصادق عليه السلام : « في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير ، وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء ، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السنة إلى مثلها (4) ، ولله عزوجل أن يفعل ما يشاء في خلقه ».

2023 - وروى رفاعة عنه عليه السلام أنه قال : « ليلة القدر هي أول السنة وهي آخرها » (5).

ص: 156


1- يدل أن الغسل في أول الليل أفضل.
2- وجوب الشمس غروبها ، في القاموس وجب الشمس وجبا ووجوبا غابت ، و « قبيلة » أي قبل سقوط الشمس وغروبها بقليل.
3- شد المئزر كناية عن الجد والاجتهاد في العبادة أو عن اجتناب النساء أو عنهما معا وعلى الأخيرين يكون العطف تفسيرا أو تخصيصا بعد التعميم والأول أظهر. (م ت)
4- هكذا جاء في هذه الرواية وفى الكافي ج 4 ص 159 مسندا عن زرارة قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « التقدير في ليلة تسع عشرة ، والابرام في ليلة إحدى وعشرين ، والامضاء في ليلة ثلاث وعشرين ».
5- الظاهر أن الأولية باعتبار التقدير أي أول السنة التي يقدر فيها الأمور لليلة القدر والاخرية باعتبار المجاورة فان ما قدر في السنة الماضية انتهى إليها كما سيجئ أن أول السنة التي يحل فيها الأكل والشرب يوم الفطر ، أو أن عملها يكتب في آخر السنة الأولى وأول السنة الثانية كصلاة الصبح في أول الوقت ، أو يكون أول السنة باعتبار تقدير ما يكون في السنة الثانية وآخر السنة المقدر فيها الأمور. (م ت)

2024 - « واري (1) رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في منامه بني أمية يصعدون منبره من بعده يضلون الناس عن الصراط القهقرى فأصبح كئيبا حزينا ، فهبط عليه جبرئيل عليه السلام فقال : يا رسول اللّه مالي أراك كئيبا حزينا؟ قال : يا جبرئيل إني رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلون الناس عن الصراط القهقرى فقال : والذي بعثك بالحق نبيا إن هذا لشئ ما اطلعت عليه ، ثم عرج إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها : « أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون (2) » وأنزل عليه « إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر » جعل ليلة القدر لنبيه صلى اللّه عليه وآله خيرا من ألف شهر من ملك بني أمية » (3).

ص: 157


1- في الكافي ج 4 ص 159 باسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « رأى رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) - الخ ».
2- قال في المجمع معناه : أرأيت ان أنظرناهم أو أخرناهم سنين ومتعناهم بشئ من الدنيا ثم أتاهم العذاب لم يغن عنهم ما متعوا في تلك السنين من النعيم لازديادهم في الآثام واكتسابهم من الاجرام.
3- قد حوسب مدة ملك بنى أمية فكانت ألف شهر من دون زيادة يوم ولا نقصان يوم وإنما أرى اضلالهم للناس عن الدين القهقرى لان الناس كانوا يظهرون الاسلام وكانوا يصلون إلى القبلة ومع هذا كانوا يخرجون من الدين شيئا فشيئا كالذي يرتد عن الصراط السوي القهقرى ويكون وجهه إلى الحق حتى إذا بلغ غاية سعيه رأى نفسه في جهنم (الوافي). أقول: فى هامش الطبع الأول من الوافي الذي لم يتم طبعه« أن المستفاد من كتب السير أن أول انفراد بني أميّة بالامر كان عند ما صالح الحسن بن عليّ عليهما السلام معاوية سنة 40-- من الهجرة و كان انقضاء ملكهم على يد أبى مسلم المروزى سنة 132 منها، فكانت تمام دولتهم اثنتان و تسعون سنة حذفت منها خلافة عبد اللّه بن الزبير و هي ثمان سنين و ثمانية أشهر بقى ثلاث و ثمانون سنة و أربعة أشهر بلا زيادة و لا نقصان و هي ألف شهر- انتهى. أقول: و لعلّ المراد بألف شهر المبالغة في التكثير، لا حقيقة.

2025 - وسأل رجل الصادق عليه السلام فقال : « أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كل عام؟ فقال : لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن » (1).

2026 - وسأل حمران أبا جعفر عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « إنا أنزلناه في ليلة مباركة » قال : هي ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر ، ولم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر قال اللّه عزوجل : « فيها يفرق كل أمر حكيم » قال : يقدر في ليلة القدر كل شئ يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل من خير أو شر ، أو طاعة أو معصية ، أو مولود أو أجل أو رزق ، فما قدر في تلك الليلة وقضي فهو المحتوم ولله عزوجل فيه المشيئة ، قال : قلت له : ليلة القدر خير من ألف شهر أي شئ عنى بذلك؟ فقال : العمل الصالح في ليلة القدر (2) ولولا ما يضاعف اللّه تبارك وتعالى للمؤمنين ما بلغوا (3) ولكن اللّه عزوجل يضاعف لهم الحسنات ».

2027 - وسئل الصادق عليه السلام « كيف تكون ليلة القدر خيرا من ألف شهر؟ قال : العمل الصالح فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ». (4)

ص: 158


1- أي تبقى ليلة القدر إلى انقضاء التكليف الذي علامته رفع القرآن إلى السماء ، ويحتمل أن يكون المعنى رفع حكم القرآن ومدلوله أي لو ذهبت ليلة القدر بطل حكم القرآن حيث يدل على استمراره فان قوله « تنزل الملائكة والروح فيها » يدل على الاستمرار التجددي ثم اعلم أنه لا خلاف بين الامامية في استمرار ليلة القدر وبقائها ، واليه ذهب أكثر العامة وذهب شاذ منهم إلى أنها كانت مختصة بزمن الرسول (صلی اللّه عليه وآله) وبعد وفاته رفعت.
2- في الكافي ج 4 ص 158 « العمل الصالح فيها من الصلاة والزكاة وأنواع الخير خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر » ولعل هذه الزيادة سقطت من نسخة الفقيه.
3- أي غاية الفضل والثواب. (المرآة)
4- في الكافي هذا الخبر جزء من حديث حمران المتقدم كما أشرنا إليه.

2028 - وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « نزلت التوراة في ست مضين من شهر رمضان ، ونزل الإنجيل في اثنى عشرة مضت من شهر رمضان ، ونزل الزبور في ليلة ثمان عشرة من شهر رمضان ، ونزل القرآن [الفرقان - خ ل) في ليلة القدر ».

2029 - وروي عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن علامة ليلة القدر؟ فقال : علامتها أن تطيب ريحها وإن كانت في برد دفئت (1) وإن كانت في حر بردت وطابت ».

2030 - وسئل عليه السلام « عن ليلة القدر فقال : تنزل فيها الملائكة والكتبة إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون في أمر السنة وما يصيب العباد وأمر عنده عزوجل موقوف له فيه المشيئة فيقدم منه (2) ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويمحو ويثبت وعنده أم الكتاب ».

2031 - وروي عن علي بن أبي حمزة (3) قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له أبو بصير : جعلت فداك الليلة التي يرجى فيها ما يرجى (4) أي ليلة هي؟ فقال : في ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين ، قال : فإن لم أقو على كلتيهما ، فقال : ما أيسر ليلتين فيما تطلب ، قال : فقلت : ربما رأينا الهلال عندنا وجاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك في أرض أخرى؟ فقال : ما أيسر أربع ليال فيما تطلب فيها ، قلت : جعلت فداك ليلة

ص: 159


1- بالدال المهملة مهموزة اللام من باب فرح أي سخنت.
2- الظاهر أن « له » خبر المشيئة قدم عليها ، و « فيه » متعلق به ، ولعل المراد بذلك الامر ما لم يطلع الكتبة على تفصيله فيكتبونه على وجه الاجمال وتفصيله موكول إلى مشيئة اللّه تعالى ومعنى التقديم والتأخير أنه قد تراءى منه أنه يقدم وهو في علم اللّه تعالى الذي لم يطلع عليه أحد مؤخر فيؤخر أو بالعكس ، ولعل ذلك هو معنى المحو والاثبات ومعنى البداء. (مراد)
3- السند ضعيف لأنه البطائني تحقيقا.
4- يعنى من الرحمة والمغفرة وتضاعف الحسنات وقبول الطاعات يعنى بها ليلة القدر (الوافي) وفى بعض النسخ « نرجو فيها ما نرجو ».

ثلاث وعشرين ليلة الجهني (1) قال : إن ذلك ليقال ، قلت : جعلت فداك إن سليمان بن خالد روى أن في تسع عشرة يكتب وفد الحاج (2) ، فقال : يا أبا محمد وفد الحاج يكتب في ليلة القدر والمنايا (3) والبلايا والأرزاق وما يكون إلى مثلها في قابل فاطلبها في إحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، وصل في كل واحدة منهما مائة ركعة وأحيهما إن استطعت إلى النور (4) واغتسل فيهما ، قال : قلت : فإن لم أقدر على ذلك وأنا قائم؟ قال : فصل وأنت جالس ، قلت : فإن لم أستطع؟ قال : فعلى فراشك ، قلت : فإن لم أستطع؟ فقال : لا عليك أن تكتحل أول الليل بشئ من النوم (5) إن أبواب السماء تفتح في شهر رمضان وتصفد الشياطين (6) وتقبل الأعمال - أعمال المؤمنين - نعم الشهر شهر رمضان كان يسمى على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله المرزوق ».

2032 - وروى محمد بن حمران ، عن سفيان بن السمط قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الليالي التي يرجى فيها من شهر رمضان؟ فقال : تسع عشرة ، وإحدى و عشرين ، وثلاث وعشرين ، قلت : فإن أخذت إنسانا الفترة أو علة ما المعتمد عليه من ذلك؟ فقال : ثلاث وعشرين ».

2033 - وفي رواية عبد اللّه بن بكير ، عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال :  « سألته عن الليالي التي يستحب فيها الغسل في شهر رمضان؟ فقال : ليلة تسع عشرة

ص: 160


1- إشارة إلى ما يأتي تحت رقم 2031 وقوله « ما أيسر » يدل على استحباب الاحتياط في الأمور المستحبة عند اشتباه الهلال لئلا يقع في حرام كصوم يوم عرفة عند اشتباه الهلال في ذي الحجة لاحتمال العيد المحرم صومه.
2- وفد الحاج هم القادمون إلى مكة للحج فان في تلك الليلة تكتب أسماء من قدر أن يحج في تلك السنة. (الوافي)
3- المنايا جمع المنية وهي الموت. والبلايا جمع البلية وهي الآفات.
4- النور كناية عن انفجار الصبح بالفلق. (الوافي)
5- استعارة عن قلة النوم أول الليل. و « لا عليك » أي لا بأس عليك.
6- في القاموس صفده يصفده : شده وأوثقه كأصفده وصفده من باب التفعيل.

وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وقال : ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة الجهني وحديثه أنه قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إن منزلي ناء عن المدينة فمرني بليلة أدخل فيها ، فأمره بليلة ثلاث وعشرين ».

قال مصنف هذا الكتاب (رحمه اللّه) : واسم الجهني عبد اللّه بن أنيس الأنصاري.

باب 142: الدعاء في كل ليلة من العشر الأواخر من شهر رمضان

2034 - في نوادر محمد بن أبي عمير (1) أن الصادق عليه السلام قال : « تقول في العشر الأواخر من شهر رمضان كل ليلة : أعوذ بجلال وجهك الكريم أن ينقضي عني شهر رمضان أو يطلع الفجر من ليلتي هذه ولك قبلي تبعة أو ذنب تعذبني عليه [يا رحمن يا رحيم] ».

الدعاء في الليلة الأولى وهي ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان (2) « يا مولج الليل في النهار ومولج النهار في الليل ، ومخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي يا رازق من يشاء بغير حساب ، يا اللّه يا رحمن يا اللّه يا رحيم ، يا اللّه يا اللّه يا اللّه ، لك الأسماء الحسنى والأمثال العليا والكبرياء والآلاء أسألك أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء ، وروحي مع الشهداء ، وإحساني في عليين وإساءتي مغفورة ، وأن تهب لي يقينا تباشر به قلبي ، وإيمانا يذهب به الشك عني ، وترضيني بما قسمت لي ، وآتني في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقني عذاب النار وارزقني فيها شكرك وذكرك والرغبة إليك والإنابة والتوبة والتوفيق لما وفقت له

ص: 161


1- رواه الكليني - رحمه اللّه - عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 160 عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسين ، عن محمد بن عيسى ، عن أيوب بن يقطين أو غيره عنهم عليهم السلام دعاء العشر الأواخر وفيه تقول في الليلة الأولى : « يا مولج الليل - الدعاء ».

محمدا وآله صلواتك عليهم أجمعين ».

الليلة الثانية : « يا سالخ النهار من الليل فإذا نحن مظلمون ، ومجري الشمس لمستقرها بتقديرك يا عزيز يا عليم ، ومقدر القمر منازل حتى عاد كالعرجون القديم ، يا نور كل نور ، ومنتهى كل رغبة ، وولي كل نعمة ، يا اللّه يا رحمن ، يا قدوس يا أحد ، [يا واحد] يا فرد يا صمد ، يا اللّه يا اللّه يا اللّه ، لك الأسماء الحسنى والأمثال العليا والكبرياء والآلاء ، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد (1) وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء حتى تنتهي إلى آخر الدعاء في أول ليلة (2) ».

الليلة الثالثة - وهي ليلة القدر - (3) « يا رب ليلة القدر وجاعلها خيرا من ألف شهر ، ورب الليل والنهار و [رب] الجبال والبحار ، والظلم والأنوار ، والأرض و السماء ، يا بارئ يا مصور ، يا حنان يا منان ، يا اللّه يا رحمن ، يا اللّه يا قيوم ، يا اللّه يا بديع ، يا اللّه يا اللّه يا اللّه ، لك الأسماء الحسنى والأمثال العليا والكبرياء والآلاء ، أسألك أن تصلى على محمد وآل محمد ، وأن تجعل اسمي في هذه الليلة في السعداء - إلى آخره - ».

وتقول فيها (4) : « اللّهم اجعل فيما تقضي وفيما تقدر من الامر المحتوم وفيما تفرق من الامر الحكيم في ليلة القدر وفي القضاء الذي لا يرد ولا يبدل أن تكتبني من حجاج بيتك الحرام ، المبرور حجهم ، المشكور سعيهم ، المغفور ذنوبهم المكفر عنهم سيئاتهم ، واجعل فيما [تقضي و] تقدر أن تمد لي في عمري ، وأن توسع لي في رزقي ، وأن تفك رقبتي من النار يا أرحم الراحمين ».

وتقول فيها : « يا مدبر الأمور ، يا باعث من في القبور ، يا مجري البحور ،

ص: 162


1- في بعض النسخ « وأهل بيته ».
2- أي المذكور في الليلة الأولى.
3- قوله « وهي ليلة القدر » ليس في الكافي ولعله من كلام الصدوق.
4- من هنا إلى قوله الليلة الرابعة ليس في الكافي نعم روى نحو الدعاء الأولى باسناده عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن عطية عن الصادق عليه السلام لكل ليلة من شهر رمضان.

يا ملين الحديد لداود صلى على محمد وآل محمد ، وافعل بي - كذا وكذا - الليلة الليلة ، الساعة الساعة » وارفع يديك إلى السماء وقله وأنت ساجد وراكع وقائم وجالس وردده ، وقله في آخر ليلة من شهر رمضان.

الليلة الرابعة (1) « يا فالق الاصباح ويا جاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ، يا عزيز يا عليم ، يا ذا المن والطول ، والقوة والحول ، والفضل والانعام ، يا ذا الجلال والاكرام ، يا اللّه يا رحمن ، يا اللّه يا فرد ، يا اللّه يا وتر ، يا اللّه يا ظاهر يا باطن ، يا حي لا إله إلا أنت لك الأسماء الحسنى والأمثال العليا والكبرياء والآلاء ، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد » ثم تتمه بأول الدعاء (2).

الليلة الخامسة : « يا جاعل الليل لباسا ، والنهار معاشا ، والأرض مهادا ، و الجبال أوتادا ، يا اللّه يا قاهر يا جبار ، يا اللّه يا اللّه يا اللّه ، لك الأسماء الحسنى والأمثال العليا والكبرياء والآلاء ، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد - ثم تتمه إلى آخره - ».

الليلة السادسة : « يا جاعل الليل والنهار آيتين ، يا من محا آية الليل وجعل آية النهار مبصرة لنبتغي فضلا من ربنا ورضوانا (3) يا مفصل كل شئ تفصيلا ، يا اللّه يا ماجد ، يا اللّه يا وهاب ، يا اللّه يا جواد ، يا اللّه يا اللّه يا اللّه ، لك الأسماء الحسنى والأمثال العليا والكبرياء والآلاء ، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تجعل اسمي في السعداء  - ثم تتمه إلى آخره - ».

الليلة السابعة « يا ماد الظل ولو شئت لجعلته ساكنا وجعلت الشمس عليه دليلا ثم قبضته إليك قبضا يسيرا ، يا ذا الجود والطول والكبرياء والآلاء ، لا إله إلا أنت يا قدوس يا سلام يا مؤمن يا مهيمن يا عزيز يا جبار يا متكبر ، يا خالق يا بارئ يا مصور يا اللّه يا اللّه يا اللّه ، لك الأسماء الحسنى والأمثال العليا والكبرياء والآلاء ، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد - ثم تتمه [إلى آخره] - ».

ص: 163


1- رواها الكليني أيضا.
2- أي بتتمة الدعاء الأول من قوله « وأن تجعل في هذه الليلة - الخ ».
3- في الكافي « لتبتغوا فضلا منه ورضوانا »

الليلة الثامنة : يا خازن الليل في الهواء ، وخازن النور في السماء ، ومانع السماء أن تقع على الأرض إلا باذنك وحابسهما أن تزولا ، يا عظيم يا غفور ، يا دائم يا اللّه [يا دائم] يا وارث (1) يا باعث من في القبور ، يا اللّه يا اللّه يا اللّه ، لك الأسماء الحسنى والأمثال العليا والكبرياء والآلاء ، أسألك أن تصلى على محمد وآل محمد - ثم تتمه.

الليلة التاسعة : « يا مكور الليل على النهار ، يا مكور النهار على الليل ، يا عليم يا حليم (2) يا حكيم ، يا اللّه يا رب الأرباب ، وسيد السادات ، لا إله إلا أنت ، يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد ، يا اللّه يا اللّه يا اللّه ، لك الأسماء الحسنى والأمثال العليا والكبرياء والآلاء ، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد - ثم تتمه بأول الدعاء - ».

الليلة العاشرة وهي ليلة الوداع « الحمد لله الذي لا شريك له ، الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله ، وكما هو أهله ، يا نور يا قدوس ، يا نور يا قدوس (3) يا سبوح ، يا منتهى التسبيح ، يا رحمن يا فاعل الرحمة يا اللّه ، يا عليم (4) يا اللّه ، يا لطيف يا اللّه ، يا جليل (5) يا اللّه ، لك الأسماء الحسنى والأمثال العليا والكبرياء والآلاء ، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد - ثم تتمه بأول الدعاء - ».

باب 143: وداع شهر رمضان

2035 - روى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تقول في وداع شهر رمضان » اللّهم إنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل - وقولك الحق - (6) « شهر

ص: 164


1- في الكافي « يا عليم يا غفور يا دائم يا اللّه يا وارث ».
2- ليس في الكافي « يا حليم ».
3- في الكافي « يا قدوس يا نور القدس ».
4- زاد في الكافي هنا « يا كبير ».
5- زاد هنا في الكافي « يا اللّه يا سميع يا بصير يا اللّه يا اللّه ».
6- ليس في الكافي من قوله « على نبيك » إلى هنا.

رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان » (1) وهذا شهر رمضان قد انصرم (2) فأسألك بوجهك الكريم وكلماتك التامات إن كان بقي علي ذنب لم تغفره لي وتريد أن تحاسبني به (3) أو تعذبني عليه أو تقايسني به أن يطلع (4) فجر هذه الليلة أو ينصرم هذا الشهر (5) إلا وقد غفرته لي يا أرحم الراحمين ، اللّهم لك الحمد بمحامدك كلها ، على نعمائك كلها ، أولها وآخرها ، ما قلت لنفسك منها وما قاله الخلائق الحامدون المجتهدون في ذكرك والشكر لك (6) الذين أعنتهم على أداء حقك من أصناف خلقك من الملائكة المقربين والنبيين والمرسلين وأصناف الناطقين [و] المسبحين لك من جميع العالمين على أنك بلغتنا شهر رمضان وعلينا من نعمك و عندنا من قسمك وإحسانك وتظاهر امتنانك ما لا نحصيه ، فلك الحمد الخالد الدائم الزائد (7) المخلد السرمد الذي لا ينفد طول الأبد ، جل ثناؤك أعنتنا عليه حتى قضيت عنا صيامه وقيامه من صلاة ، فما كان منافيه من بر أو شكر أو ذكر ، اللّهم فتقبله منا بأحسن قبولك وتجاوزك وعفوك وصفحك وغفرانك وحقيقة رضوانك حتى تظفرنا فيه بكل خير مطلوب ، وجزيل عطاء موهوب ، تؤمننا فيه من كل مرهوب ، أو بلاء مجلوب ، أو ذنب مكسوب (8) ، اللّهم إني أسألك بعظيم ما سألك به أحد من خلقك من كريم أسمائك وجميل ثنائك وخاصة دعائك أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعل

ص: 165


1- ليس في الكافي « هدى للناس - إلى قوله - والفرقان ».
2- أي انقطع ومضى وفى الكافي. وقد تصرم.
3- ليس في الكافي « وتريد أن تحاسبني به ».
4- في المصباح « أن لا يطلع » وهو الظاهر.
5- في الكافي « أو يتصرم هذا الشهر ».
6- في الكافي « المجتهدون المعدون الموقرون ذكرك والشكر لك ». وفى بعض نسخه « المعدودون » أي الذين عددتهم في أوليائك.
7- في بعض النسخ « الزاكي » وفى الكافي « الراكد ».
8- قوله « من كل مرهوب » كذا في الكافي « وفى التهذيب » كل أمر مرهوب وقوله :  « مجلوب » أي جلبته المعاصي.

شهرنا هذا أعظم شهر مر علينا منذ أنزلتنا إلى الدنيا بركة في عصمة ديني (1) وخلاص نفسي ، وقضاء حاجتي ، وتشفيعي في مسائلي (2) وتمام النعمة علي ، وصرف السوء عني ، ولباس العافية لي ، وأن تجعلني برحمتك ممن ادخرت له ليلة القدر (3) وجعلتها له خيرا من ألف شهر في أعظم الاجر ، وأكرم الذخر ، وأحسن الشكر ، وأطول العمر ، وأدوم اليسر (4).

اللّهم وأسألك برحمتك وعزتك وطولك وعفوك ونعمائك وجلالك وقديم إحسانك وامتنانك أن لا تجعله آخر العهد منا لشهر رمضان حتى تبلغناه من قابل على أحسن حال وتعرفنا هلاله مع الناظرين إليه والمتعرفين له ، في أعفى عافيتك وأتم نعمتك وأوسع رحمتك ، وأجزل قسمك.

اللّهم يا ربي الذي ليس لي رب غيره لا تجعل هذا الوداع مني له وداع فناء ، ولا آخر العهد مني للقاء حتى ترينيه من قابل في أسبغ النعم ، وأفضل الرجاء ، و أنالك على أحسن الوفاء ، إنك سميع الدعاء.

اللّهم اسمع دعائي وارحم تضرعي وتذللي لك ، واستكانتي وتوكلي عليك ، فأنا لك مسلم ، لا أرجو نجاحا ولا معافاة إلا بك ومنك ، فامنن علي جل ثناؤك وتقدست أسمائك ، وبلغني شهر رمضان وأنا معافى من كل مكروه ومحذور ، وجنبني من جميع البوائق ، الحمد اللّه الذي أعاننا على صيام هذا الشهر حتى بلغنا آخر ليلة منه (5).

ص: 166


1- « بركة » منصوب على التميز عن قوله « أعظم ».
2- كذا في التهذيب وفى الكافي « وتشفعني » وما في المتن أظهر. وربما يقرء « وتشفعتي » بصيغة المصدر على وزن تفعلة.
3- في الكافي « ممن خرت له ليلة القدر ». وفى بعض نسخه « حزت » بالحاء المهملة والزاي من حاز الشئ يحوزه إذا قبضه وأحرزه.
4- في الكافي « وحسن الشكر وطول العمر ودوام اليسر ».
5- راجع شرح هذه الأدعية كلها مرآة العقول ج 3 ص 240.

باب 144: التكبير ليلة الفطر ويومه وما يقال في سجدة الشكر بعد المغرب

2036 - روى سعيد النقاش (1) قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : أما إن في الفطر تكبيرا ولكنه مسنون ، قال : قلت : فأين هو (2)؟ قال : في ليلة الفطر في المغرب و العشاء الآخرة وفي صلاة الفجر وفي صلاة العيد - وفي غير رواية سعيد وفي الظهر والعصر - ثم تقطع ، قال : قلت : كيف أقول : قال تقول : « اللّه أكبر ، اللّه أكبر ، لا إله إلا اللّه واللّه أكبر ، اللّه أكبر ، ولله الحمد ، اللّه أكبر على ما هدانا (3) ، والحمد لله على ما أبلانا » وهو قول اللّه عزوجل : « ولتكملوا العدة (يعني الصيام) ولتكبروا اللّه على ما هداكم ».

2037 - وروي أنه « لا يقال فيه » ورزقنا من بهيمة الأنعام « فإن ذلك في أيام التشريق ».

2038 - وروى القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إن الناس يقولون إن المغفرة تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر فقال : يا حسن إن القاريجار (4) إنما يعطى اجرته عند فراغه وذلك ليلة العيد ،

ص: 167


1- سعيد النقاش مجهول وفى طريقه محمد بن سنان وهو ضعيف.
2- في بعض النسخ « فأنى هو ».
3- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : استحباب التكبير في الفطر عقيب الفرائض الأربع مذهب أكثر الأصحاب ، وظاهر المرتضى في الانتصار أنه واجب وضم ابن بابويه إليها صلاة الظهرين وابن الجنيد النوافل أيضا ومستند الحكم ظاهرا هذا الخبر وهي صريحة في الاستحباب وينبغي العمل بها في كيفية التكبير ومحله ، وان ضعف سندها لأنها الأصل في هذا الحكم وما ذكره الأصحاب غير موافق لهذا الخبر ثم ذكر لتأييده خبرا عن كتاب اقبال الأعمال للسيد رضي اللّه عنه. أقول : ليس في الكافي « الحمد لله على ما أبلانا » وليس فيهما « وله الشكر على ما أولانا » كما في النافع وغيره.
4- معرب « كاريگر ». وصحف في كثير من النسخ وفيها « القائل لحان » وفى بعض نسخ المتن والكافي « الفاريجان » وهو بمعنى الحصاد الذي يحصد بالفرجون بمعنى الداس.

قلت : جعلت فداك فما ينبغي لنا أن نعمل فيها؟ فقال : إذاغربت الشمس(1)صليت الثلاث من المغرب وارفع يديك وقل : « يا ذا الطول ، يا ذا الحول ، يا مصطفى محمد وناصره صل على محمد وآل محمد ، واغفر لي كل ذنب أذنبته (2) ونسيته أنا وهو عندك في كتاب مبين » وتخر ساجدا وتقول مائة مرة : « أتوب إلى اللّه » وأنت ساجد وتسأل حوائجك.

باب 145: ما يجب على الناس إذا صح عندهم بالرؤية يوم الفطر بعد ما أصبحوا صائمين

2039 - روى محمد بن قيس (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا شهد عند الامام شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الامام بإفطار ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس ، وإن شهدا بعد زوال الشمس أمر الامام بإفطار ذلك اليوم وأخر الصلاة إلى الغد فيصلي بهم » (4).

2040 - وفي خبر آخر (5) قال : « إذا أصبح الناس صياما ولم يروا الهلال وجاء قوم عدول يشهدان على الرؤية فليفطروا وليخرجوا من الغد أول النهار إلى عيدهم ».

ص: 168


1- زاد في الكافي « فاغتسل وإذا ».
2- زاد في الكافي « أحصيته على ».
3- السند حسن لمكان إبراهيم بن هاشم في الطريق ورواه الكليني بسند صحيح.
4- ذكر الشيخ في التهذيب أخبارا تدل على عدم القضاء منها صحيحة زرارة أو حسنته « ومن لم يصل مع امام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه » وقال : من فاتته الصلاة يوم العيد لا يجب عليه القضاء ويجوز أن يصلى ان شاء أربعا من غير أن يقصد بها القضاء - انتهى. أقول : يمكن الجمع بين هذه الأخبار بأن نقول : مفاد خبر زرارة أن من فاتته الصلاة مع الامام في جماعة لم يجب عليه تداركها ولو مع بقاء وقتها. وليس المراد بالقضاء القضاء المصطلح بل المراد مطلق فعلها ومفاد خبر محمد بن قيس والمرسل الآتي أنه إذا لم يثبت العيد الا بعد فوات وقت الصلاة فعلى الامام أن يؤخر الصلاة ويقيمها من الغد أداء لان وقتها بين طلوع الشمس إلى الزوال فلا معارضة. راجع مصباح الفقيه ص 468 من كتاب الصلاة.
5- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 169 مرفوعا مضمرا.

وإذا رئي هلال شوال بالنهار قبل الزوال فذلك اليوم من شوال (1) وإذا رئي بعد الزوال فذلك اليوم من شهر رمضان.

باب 146: النوادر

2041 - روى الحسين بن سعيد ، عن ابن فضال قال : « كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن قوم عندنا يصلون ولا يصومون شهر رمضان وربما احتجت إليهم يحصدون لي فإذا دعوتهم للحصاد لم يجيبوني حتى أطعمهم وهم يجدون من يطعمهم فيذهبون إليهم ويدعوني وأنا أضيق من إطعامهم في شهر رمضان؟ فكتب عليه السلام بخطه أعرفه : أطعمهم » (2).

2042 - وفي رواية محمد بن سنان (3) عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا ».

2043 - وفي رواية حذيفة بن منصور عن معاذ بن كثير - ويقال له : معاذ بن مسلم الهراء - (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص واللّه

ص: 169


1- هذا موافق لمذهب السيد المرتضى - رحمه اللّه - وقال : هذا مذهبنا ، والشيخ وأكثر الأصحاب - قدس اللّه أسرارهم - على خلافه وقالوا : ان المعتبر هو الرؤية في الليلة السابقة مطلقا في هلال شهر رمضان وشوال ومارئي في النهار كان النهار من الشهر السابق وإن كان قبل الزوال والعلامة في المختلف فرق بين هلال شوال ورمضان فاعتبر الرؤية قبل الزوال في رمضان احتياطا للصوم دون شوال وهذا الكلام ينافي ما اختاره (سلطان) أقول : مضمون كلام المؤلف مروى في الكافي ج 4 ص 78 عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- محمول على مجرد اعطائهم الخبز.
3- ضعيف لا يعول عليه ولا يلتفت إلى ما تفرد به. (جش)
4- ذكر الرجاليون معاذ بن كثير تحت عنوان ، وقالوا : معاذ بن كثير الكسائي من أصحاب الصادق عليه السلام وخاصته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين. ومعاذ بن مسلم الهراء تحت عنوان آخر وقالوا : معاذ بن مسلم الهراء الأنصاري النحوي الكوفي ، وفى رجال ابن داود من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام ممدوح وعنونه العلامة في القسم الأول من الخلاصة ووثقه أقول : قيل إن كان قوله : « ويقال له معاذ بن مسلم الهراء » كلام حذيفة بن منصور كما هو ظاهر تعبير الصدوق - رحمه اللّه - فكان قوله باتحادهما مقدما على قول غيره ، لكن الظاهر كونه من اجتهاد الصدوق (رحمه اللّه) لان الكليني (رحمه اللّه) رواه في الكافي ج 4 ص 79 عن معاذ بن كثير وليس فيه هذه الجملة ، هذا وقد عنون السيوطي في طبقات النحاة « معاذ بن مسلم » وقال : شيعي من رواة جعفر ومن أعيان النحاة ، وأول من وضع علم الصرف وقول الكافيجي : ان واضعه معاذ بن جبل خطأ ، ويقال له : الهراء لأنه كان يبيع الثياب الهروية.

أبدا » (1).

2044 - وفي رواية محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن محمد بن يعقوب ، عن شعيب عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : إن الناس يروون أن النبي صلى اللّه عليه وآله ما صام من شهر رمضان تسعة وعشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين قال : كذبوا ما صام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلا تاما ، ولا تكون الفرائض ناقصة إن اللّه تبارك وتعالى خلق السنة ثلاثمائة وستين يوما وخلق السماوات والأرض في ستة أيام فحجزها (2) من ثلاثمائة وستين يوما فالسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وشهر رمضان ثلاثون يوما لقول اللّه عزوجل  « ولتكملوا العدة » والكامل تام وشوال تسعة وعشرون يوما ، وذو القعدة ثلاثون يوما لقول اللّه عزوجل : « وواعدنا موسى ثلاثين ليلة » (3) فالشهر هكذا ثم هكذا

ص: 170


1- عمل المصنف - رحمه اللّه - بهذه الاخبار ومعظم الأصحاب على خلافه وردوا تلك الأخبار اما بضعف السند أو بالشذوذ ومخالفة المحسوس والأخبار المستفيضة ، أو حملوها على معان صحيحة وصنف في خصوص هذه المسألة غير واحد من الأكابر رسائل نفيا واثباتا وحاصل مقالهم منقول في مرآة العقول ج 3 ص 218 ، والوافي باب عدد أيام شهر رمضان ، واقبال الأعمال لسيد بن طاووس - رحمه اللّه - فليراجع. والسند فيه محمد بن سنان كما في الكافي وتقدم الكلام فيه.
2- كذا في بعض النسخ وفى بعضها « فحجرها » بالراء وكل واحد منهما بمعنى المنع أي منع السنة من الدخول في ذلك العدد. وفى الكافي « اختزلها » والاختزال بمعنى الانقطاع.
3- لا يخفى ما في التعليل من الوهن لان اتفاق تمامية ذي القعدة في أيام موسى عليه السلام لا يوجب تماميته في مستقبل الأوقات وهذا مما يكشف عن عدم كونه من كلام المعصوم عليه السلام.

أي شهر تام وشهر ناقص ، وشهر رمضان لا ينقص أبدا وشعبان لا يتم أبدا (1).

2045 - وسأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل » ولتكملوا العدة « قال : ثلاثين يوما ».

2046 - وروي عن ياسر الخادم قال : قلت للرضا عليه السلام : « هل يكون شهر رمضان تسعة وعشرين يوما؟ فقال : إن شهر رمضان لا ينقص من ثلاثين يوما أبدا ».

قال مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - : من خالف هذه الأخبار وذهب إلى الاخبار الموافقة للعامة في ضدها اتقي كما يتقى العامة ولا يكلم إلا بالتقية كائنا من كان إلا أن يكون مسترشدا فيرشد ويبين له فإن البدعة إنما تماث وتبطل بترك ذكرها ولا قوة إلا باللّه.

2047 - وروي عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن صيام أيام التشريق ، قال : إنما نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن صيامها بمنى ، فأما بغيرها فلا بأس » (2).

ص: 171


1- قال استاذنا الشعراني - مد ظله العالي - في هامش الوافي : عادة المنجمين أن يحاسبوا الشهور الهلالية أولا على الامر الأوسط ويرتبون الأيام ويستخرجون مواضع الكواكب في تلك الأيام ثم يرجعون ويستخرجون رؤية الأهلة ويرتبون الشهور ويعينون غرة كل شهر على حسب الرؤية فإذا بنوا على الامر الأوسط حاسبوا شهر محرم تاما وصفر ناقصا وهكذا فيكون شعبان ناقصا ورمضان تاما وهذا بحسب الامر الأوسط وهو عادتهم من قديم الدهر الا أن هذا عمل يبتدؤون به في الحساب قبل أن يستخرج الأهلة ، فإذا استخرج الهلال بنوا على الرؤية وكان بعض الرواة سمع ذلك من عمل المنجمين فاستحسنه لان نسبة النقصان إلى شهر رمضان وهو شهر اللّه الأعظم يوجب التنفير وإساءة الأدب فنسبه إلى بعض الأئمة عليهم السلام سهوا وزاد فيه ، والعجب أن الصدوق - قدس اللّه سره - روى الأحاديث في الصوم للرؤية والافطار لها وروى أحاديث الشهادة على الهلال وروى أحكام يوم الشك ، ولو كان شعبان ناقصا أبدا وشهر رمضان تاما أبدا لانتفى جميع هذه الأحكام وبطلت جميع تلك الروايات ولا يبقى يوم الشك ولم يحتج إلى الرؤية. انتهى كلامه لاضحى ظله.
2- لا خلاف بين الأصحاب في صوم أيام التشريق لمن كان بمنى ناسكا وأكثر الأصحاب لم يقيدوا بالناسك كما هو ظاهر الخبر ، وإنما يظهر من كلام بعض الأصحاب القول بعموم التحريم وهو شاذ لكن الظاهر من الاخبار الكراهة في سائر الأمصار كما ذكره بعض المتأخرين. (م ت)

2048 - ونهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله « عن الوصال في الصيام ، وكان يواصل فقيل له في ذلك ، فقال عليه السلام : إني لست كأحدكم إني أظل عند ربي فيطعمني ويسقيني ».

2049 - وقال الصادق عليه السلام : « الوصال الذي نهي عنه هو أن يجعل الرجل عشاءه سحوره » (1).

2050 - وسأل زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام « عن صوم الدهر ، فقال : لم يزل مكروها ».

2051 - وقال عليه السلام : « لا وصال في صيام ولا صمت يوما إلى الليل ».

2052 - وروي عن البزنطي ، عن هشام بن سالم ، عن سعد الخفاف عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كنا عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان فقال : لا تقولوا هذا رمضان ولا ذهب رمضان ولا جاء رمضان (2) فإن رمضان اسم من أسماء اللّه عزوجل ، لا يجئ ولا يذهب إنما يجئ ويذهب الزائل ولكن قولوا : شهر رمضان ، فالشهر مضاف إلى الاسم والاسم اسم اللّه عزوجل وهو الشهر الذي انزل فيه القرآن جعله اللّه عزوجل مثلا وعيدا » (3).

2053 - وروى غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن أبيه ، عن جده عليهما السلام قال : قال علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه : « لا تقولوا : رمضان ولكن قولوا

ص: 172


1- العشاء - بالفتح - : طعام العشى ، والسحور - كصبور - : ما يتسحر به (الوافي)
2- لعله على الفضل والأولوية ، فان الذي يقول رمضان ظاهرا أنه يريد شهر رمضان اما بحذف المضاف أو بأنه صار بكثرة الاستعمال اسما للشهر وان لم يكن في الأصل كذلك ويؤيده أنه ورد في كثير من الاخبار رمضان بدون ذكر الشهر وان أمكن أن يكون الاسقاط من الرواة والأحوط العمل بهذا الخبر. (المرآة)
3- أي الشهر أو القرآن مثلا أي حجة وعيدا أي محل سرور لأوليائه ، والمثل بالثاني أنسب كما أن العيد بالأول أنسب. وقال الفيروزآبادي : « العيد ما اعتادك من هم أو مرض أو حزن ونحوه ». وعلى الأخير يحتمل كون الواو جزءا للكلمة. (المرآة)

شهر رمضان فإنكم لا تدرون ما رمضان » (1).

2054 - وقال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان لقول اللّه عزوجل : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم (2).

2055 - وروى محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السلام قال لبعض مواليه يوم الفطر وهو يدعو له : « يا فلان تقبل اللّه منك ومنا ، قال : ثم أقام حتى كان يوم الأضحى فقال له : يا فلان تقبل اللّه منا ومنك ، قال. فقلت له : يا ابن رسول اللّه قلت في الفطر شيئا وتقول في الأضحى شيئا غيره ، فقال : نعم إني قلت له في الفطر تقبل اللّه منك ومنا لأنه فعل مثل فعلي واستويت أنا وهو في الفعل (3) ، وقلت له في الأضحى : تقبل اللّه منا ومنك لأنا يمكننا أن نضحي ولا يمكنه أن يضحي فقد فعلنا غير فعله ».

2056 - وروى جراح المدائني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : أطعم يوم الفطر

ص: 173


1- في المدارك ص 263 : اختلف الأصحاب في رمضان ، فقيل : انه اسم من أسماء اللّه تعالى وعلى هذا فمعنى شهر رمضان شهر اللّه ، وقد ورد ذلك في عدة أخبار ، وقيل : إنه علم للشهر كرجب وشعبان ومنع الصرف للعلمية والألف والنون ، واختلف في اشتقاقه فعن الخليل أنه من الرمض - بتسكين الميم - وهو مطر يأتي في وقت الخريف يطهر وجه الأرض من الغبار ، سمى الشهر بذلك لأنه يطهر الأبدان عن الأوضار والأوزار ، وقيل : من الرمض بمعنى شدة الحر من وقع - الشمس ، وقال الزمخشري في الكشاف : الرمضان مصدر رمض إذا احترق من الرمضاء سمى بذلك اما لارتماضهم فيه من حر الجوع كما سموه نابقا لأنه كان ينبقهم أي يزعجهم بشدته عليهم ، أو لان الذنوب ترمض فيه أي تحترق ، وقيل إنما سمى بذلك لان أهل الجاهلية كانوا يرمضون أسلحتهم فيه ليقضوا منها أوطارهم في شوال قبل دخول الأشهر الحرم ، وقيل : انهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر فسميت بذلك.
2- لعل التعليل إنما يتم بانضمام أن اللّه يحب المبادرة إلى رخصه كما يحب المبادرة إلى عزائمه. (المرآة)
3- في الكافي ج 4 ص 181 « فعل مثل فعلى وتأسيت أنا وهو ».

قبل أن تصلي ولا تطعم (1) يوم الأضحى حتى ينصرف الامام (2).

2057 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا اتي بطيب يوم الفطر بدأ بلسانه » (3).

2058 - وقال علي بن محمد النوفلي لأبي الحسن عليه السلام « إني أفطرت يوم الفطر على طين القبر وتمر ، فقال له : جمعت [بين] بركة وسنة » (4).

2059 - ونظر الحسن بن علي عليهما السلام (5) إلى الناس في يوم فطر يلعبون و يضحكون فقال لأصحابه والتفت إليهم : إن اللّه عزوجل خلق شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى رضوانه فسبق فيه قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون ويخيب فيه المقصرون ، وأيم اللّه لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه ومسئ بإساءته (6).

2060 - وروى حنان بن سدير ، عن عبد اللّه بن دينار (7) عن أبي جعفر عليه السلام

ص: 174


1- في الكافي ج 4 ص 168 « ليطعم يوم الفطر قبل أن يصلى ولا يطعم - الخ ».
2- أي حتى فرغ من الصلاة وانصرف.
3- أي كان يفطر أولا من الطيب ثم يتطيب ، وفى بعض النسخ « بدء بنسائه » كما في الكافي يعنى يعطيهن أولا ثم يعطى من أراد من أهله وأصحابه.
4- يعنى تربة الحسين عليه السلام ويدل على استحباب الافطار يوم الفطر بالتربة والتمر ولعل الأحوط أن ينوى في أكل الطين استشفاء داء ولو كان من الأدواء الباطنة. (المرآة)
5- في بعض النسخ « نظر الحسين بن علي عليهما السلام » وتقدم في صلاة العيدين تحت رقم 1479 كما في المتن. وفى الكافي ج 4 ص 181 باسناده عن أحمد بن عبد الرحيم رفعه إلى أبى الحسن صلوات اللّه عليه قال : « نظر إلى الناص. الخ ».
6- أي لشغل كل محسن بالسعي في زيادة احسانه وكل مسئ بالسعي في تدارك إساءته عن ضروريات بدنه فكيف عن اللّهو واللعب كما روى السيد بن طاووس في الاقبال من كتاب محمد ابن عمران المرزباني باسناده عن الحسن عليه السلام مثل هذا الحديث وفى آخره هكذا « ومسئ بإساءته عن ترجيل شعره وتصقيل ثوبه » وقيل : أي شغل المحسن بالتأسف لقلة احسانه والمسئ بالتأسف لاساءته. (المرآة)
7- في بعض النسخ « عبد اللّه بن سنان ». وفى الكافي مثل ما في المتن وقد تقدم تحت رقم 1480 في المجلد الأول مرسلا.

أنه قال : « يا عبد اللّه ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلا وهو يجدد لآل محمد فيه حزن ، قال : قلت : ولم؟ قال : لأنهم يرون حقهم في يد غيرهم ».

2061 - وروى عبد اللّه بن لطيف التفليسي ، عن رزين قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « لما ضرب الحسين بن علي عليهما السلام بالسيف وسقط ثم ابتدر ليقطع رأسه نادى مناد من بطنان العرش ألا أيتها الأمة المتحيرة الضالة بعد نبيها لا وفقكم اللّه لاضحى ولا فطر » (1). وفي خبر آخر « لصوم ولا فطر » قال : ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام : فلا جرم واللّه ما وفقوا ولا يوفقون حتى يثور ثائر الحسين بن علي عليهما السلام (2).

2062 - وروي عن جابر عن أبي جعفر عن أبيه عليهما السلام أنه قال : « إذا كان أول يوم من شوال نادى مناد أيها المؤمنون اغدوا إلى جوائزكم ، ثم قال أبو - جعفر عليه السلام : يا جابر جوائز اللّه عزوجل ليست كجوائز هؤلاء الملوك ثم قال : هو يوم الجوائز ».

باب 147: الفطرة

2063 - روى ابن أبي نجران (3) وعلي بن الحكم ، عن صفوان الجمال قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطرة فقال : على الصغير والكبير والحر والعبد عن كل إنسان صاع من حنطة أو صاع من تمر أو صاع من زبيب » (4).

ص: 175


1- تقدم تحت رقم 1812 نحوه.
2- أي من ينتقم من قتلته وهو صاحب الامر عليه السلام. والثائر الطالب بالثأر وهو طلب الدم ، يقال : ثأرت القتيل فأنا ثائر أي قتلت قاتله.
3- الطريق إليه صحيح وهو ثقة اسمه عبد الرحمن.
4- لا خلاف بين الأصحاب في عدم وجوب الفطرة على الصغير والمجنون والعبد ، فلفظة « على » في قوله : « على الصغير - الخ » بمعنى « عن » كما يدل عليه قوله : « عن كل انسان » (المرآة) وقال سلطان العلماء : المشهور أنه لا فطرة على الصغير والمجنون بل ادعى عليه الاجماع في التذكرة وحمل الخبر على منفقهما عنهما.

2064 - وروى محمد بن خالد ، عن سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : « سألته عن الفطرة كم تدفع عن كل رأس من الحنطة والشعير والتمر والزبيب؟ قال : صاع بصاع النبي صلى اللّه عليه وآله » (1).

2065 - وروى محمد بن أحمد بن يحيى ، عن جعفر بن إبراهيم بن محمد الهمداني وكان معنا حاجا قال : « كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام على يد أبي (2) جعلت فداك إن أصحابنا اختلفوا في الصاع بعضهم يقول : الفطرة بصاع المدني ، وبعضهم يقول : بصاع العراقي ، فكتب عليه السلام إلي : الصاع ستة أرطال بالمدني ، وتسعة أرطال بالعراقي ، قال : وأخبرني أنه يكون بالوزن ألفا ومائة وسبعين وزنة » (3).

2066 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : « من لم يجد الحنطة والشعير أجزأ عنه القمح والسلت والعلس والذرة » (4).

ص: 176


1- في بعض الأخبار أنه كان خمسة أمداد والأحوط العمل به.
2- كان هو الحامل للكتاب ، وقيل : كان هو الكتاب وهو بعيد (المرآة) أقول : المراد بأبي الحسن الهادي عليه السلام.
3- أي درهما إذ روى الشيخ - رحمه اللّه - هذه الرواية عن إبراهيم بن محمد الهمداني على وجه أبسط وقال في آخره « تدفعه وزنا ستة أرطال برطل المدينة والرطل مائة وخمسة و تسعون درهما فتكون الفطرة ألفا ومائة وسبعين درهما » وتفسير الوزنة بالمثقال لقول الفيروز - آبادي « الوزن المثقال » غير مستقيم ومخالف لسائر الاخبار وأقوال الأصحاب وعلى ما ذكرنا يكون الصاع ستمائة مثقال وأربعة عشر مثقالا وربع مثقال بالمثقال الصيرفي إذ لا خلاف في أن عشرة دراهم توازن سبعة مثاقيل وأن المثقال الشرعي والدينار واحد والدينار لم يتغير في الجاهلية والاسلام وهو ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي. وقد بسطنا الكلام في ذلك في رسالتنا المعمولة لتقدير الأوزان. (المرآة)
4- القمح هو الحنطة وهذه الرواية تدل على أنه غيرها ولعله نوع منه خاص أدون. والسلت - بالضم فالسكون - ضرب من الشعير لا قشر فيه كأنه الحنطة ، والعلش. بالتحريك - نوع من الحنطة يكون حبتان منه في قشر وهو طعام أهل صنعاء ، ورواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم في التهذيب ج 1 ص 370 وفيه « العدس ».

وإذا كان الرجل في البادية لا يقدر على صدقة الفطرة فعليه أن يتصدق بأربعة أرطال من لبن (1).

وكل من اقتات قوتا فعليه أن يؤدي فطرته من ذلك القوت (2).

2067 - وكتب محمد بن القاسم بن الفضيل البصري إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله « عن الوصي يزكي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال؟ فكتب عليه السلام : لا زكاة على يتيم » (3).

وليس على المحتاج صدقة الفطرة ، من حلت له لم تجب عليه (4).

2068 - وروى سيف بن عميرة ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل لا يكون عنده شئ من الفطرة إلا ما يؤدي عن نفسه وحدها أيعطيه عنها أو يأكل هو وعياله؟ قال : يعطي بعض عياله ، ثم يعطي الآخر عن نفسه يرد دونها بينهم فتكون عنهم جميعا فطرة واحدة » (5).

ص: 177


1- روى الكليني ج 4 ص 173 والشيخ في التهذيب ج 1 ص 370 باسنادها المرفوع والمرسل عن أبي عبد اللّه عليه السلام « قال : سئل عن رجل في البادية لا يمكنه الفطرة قال : يتصدق بأربعة أرطال من لبن » وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : ظاهر هذا الخبر أن هذا على الاستحباب لظهوره في كون المعطى فقيرا.
2- روى الكليني ج 4 ص 173 باسناده عن يونس ، عمن ذكره ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « جعلت فداك هل على أهل البوادي الفطرة ، قال : فقال : الفطرة على كل من اقتات قوتا فعليه أن يؤدى من ذلك القوت ». وظاهره الوجوب ويدل على ما ذهب إليه ابن الجنيد من وجوب الاخراج من القوت الغالب أي شئ كان.
3- للرواية ذيل في الكافي سيأتي تحت رقم 2073 يفهم منه خلاف ما هو ظاهر الصدر وسيأتي الكلام فيه.
4- في بعض النسخ « لم تحل عليه » وفى التهذيب ج 1 ص 369 في خبر عن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قلت له : لمن تحل له الفطرة؟ قال : لمن لا يجد ، ومن حلت له لم تحل عليه ومن حلت عليه لم تحل له » وهو من باب محاز المشاكلة. بمعنى لم تجب عليه أيضا.
5- لا خلاف في استحباب ذلك على الفقير ، وذكر الشهيد - رحمه اللّه - في البيان أن الأخير منهم يدفعه إلى الأجنبي ، وظاهر الأكثر عدم اشتراط ذلك. (المرآة)

2069 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عمر بن يزيد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه فيحضر يوم الفطر يؤدي عنه الفطرة؟ فقال : نعم ، الفطرة واجبة على كل من يعول من ذكر أو أنثى ، صغير أو كبير ، حر أو مملوك » (1).

2070 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس أن يعطي الرجل الرجل عن رأسين وثلاثة وأربعة » يعني الفطرة -.

2071 - وفي خبر آخر قال : « لا بأس بأن تدفع عن نفسك وعن من تعول إلى واحد ».

ولا يجوز أن تدفع ما يلزم واحد [ا] إلى نفسين (2).

وإن كان لك مملوك مسلم أو ذمي فادفع عنه الفطرة (3).

وإن ولد لك مولود يوم الفطر قبل الزوال فادفع عنه الفطرة استحبابا ، وإن ولد بعد الزوال فلا فطرة عليه وكذلك الرجل إذا أسلم قبل الزوال أو بعده فعلى هذا (4)

ص: 178


1- اختلف الأصحاب في قدر الضيافة المقتضية لوجوب الفطرة على المضيف فاشترط الشيخ والمرتضى الضيافة طول الشهر ، واكتفى المفيد بالنصف الأخير منه ، واجتزأ ابن إدريس بليلتين في آخره والعلامة بالليلة الواحدة وحكى المحقق في المعتبر قولا بالاكتفاء بمسمى الضيافة في جزء من الشهر بحيث يهل الهلال وهو في ضيافته وقال : هذا هو الأولى ، ولا يخلو من قوة. (المرآة)
2- كذا وروى الشيخ - ره - باسناده عن الحسين بن سعيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تعط أحدا أقل من رأس ». ونقل عن المرتضى - رحمه اللّه - اجماع الامامية عليه ، وذهب بعض الأصحاب إلى الجواز وحمل الخبر على الاستحباب الا مع وجود من لا يسع فإنه يستحب التفريق حينئذ لما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان (راجع التهذيب ج 1 ص 374).
3- روى الشيخ - رحمه اللّه - في الصحيح عن حماد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يؤدى الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه ورقيق امرأته وعبده النصراني والمجوسي وما أعلق عليه بابه » (التهذيب ج 1 ص 445).
4- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 445 والكليني في الكافي ج 4 ص 172 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مولود ولد ليلة الفطر أعليه فطرة؟ قال : لا، خرج من الشهر قال : وسألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر عليه فطرة؟ قال : لا » والمشهور أنه تجب اخراج الفطرة عن الولد والمملوك ان حصلت الولادة والملك قبل رؤية الهلال ، ويستحب لو كان قبل انتهاء وقتها. (المرآة)

وهذا على الاستحباب والاخذ بالأفضل ، فأما الواجب فليست الفطرة إلا على من أدرك الشهر.

2072 - روى ذلك علي بن أبي حمزة ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المولود يولد ليلة الفطر ، واليهودي والنصراني يسلم ليلة الفطر؟ قال : ليس عليهم فطرة ، ليس الفطرة إلا على من أدرك الشهر ».

2073 - وروى محمد بن عيسى ، عن علي بن بلال قال : « كتبت إلى الطيب العسكري عليه السلام » هل يجوز أن يعطى الفطرة عن عيال الرجل وهم عشرة أقل أو أكثر رجلا محتاجا موافقا؟ فكتب عليه السلام : نعم ، افعل ذلك (1).

2074 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن المكاتب هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه وتجوز شهادته؟ قال : الفطرة عليه ولا تجوز شهادته » (2).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : وهذا على الانكار لا على الاخبار ، يريد بذلك [أنه] كيف تجب عليه الفطرة ولا تجوز شهادته أي أن شهادته جائزة كما أن الفطرة عليه واجبة (3).

ص: 179


1- في بعض النسخ « نعم ذلك أفضل ». وقوله « موافقا » أي اماميا.
2- يدل باطلاقه أو عمومه على وجوب الفطرة على المكاتب مطلقا كان أو مشروطا ، سواء كان على الانكار أو لا ، ويمكن أن يكون للانكار ويكون المراد أنه إذا لم تقبل شهادته كيف يكون الفطرة واجبا عليه لان المدار فيهما على الحرية ، ويكون للتقية ، وحمله الأكثر على المطلق الذي أدى شيئا بقدر الحرية للعمومات التي تقدمت وإن كان ظاهرها العيلولة ولا شك معها ولما في رواية حماد بن عيسى التي تقدمت. (م ت)
3- قال في المدارك : عدم الوجوب على المكاتب المشروط والمطلق الذي يتحرر منه مذهب الأصحاب لا أعلم فيه مخالفا سوى الصدوق في من لا يحضره الفقيه وهو جيد.

2075 - وكتب محمد بن القاسم بن الفضيل إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام « يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه وهو عنه غائب في بلدة أخرى ، وفي يده مال لمولاه و يحضر الفطر أيزكي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى؟ فقال : نعم » (1).

2076 - وقال الصادق عليه السلام : « لان أعطي في الفطرة صاعا من تمر أحب إلي من أن أعطي صاعا من تبر » (2).

2077 - وروى عنه هشام بن الحكم أنه قال : « التمر في الفطرة أفضل من غيره لأنه أسرع منفعة ، وذلك أنه إذا وقع في يد صاحبه أكل منه ، قال : ونزلت الزكاة وليس للناس أموال وإنما كانت الفطرة » (3).

2078 - وسأل إسحاق بن عمار أبا الحسن عليه السلام « عن الفطرة ، فقال : الجيران أحق بها ، ولا بأس أن يعطى قيمة ذلك فضة ».

2079 - وسأل علي بن يقطين أبا الحسن الأول عليه السلام عن زكاة الفطرة أيصلح

ص: 180


1- ينافي بظاهره ما تقدم سابقا تحت رقم 2065 عن مكاتبة محمد بن القاسم بن الفضيل أيضا أنه « لا زكاة على يتيم » فيمكن أن يحمل هنا على الاستحباب ، وقال في المدارك : « يستفاد من هذه الرواية أن الساقط عن اليتيم فطرته خاصة لا فطرة غلامه وأن للمملوك التصرف في مال اليتيم على هذا الوجه وكلا الحكمين مشكل ». ونقل المحقق والعلامة اجماع علمائنا على عدم وجوب زكاة الفطرة على الصبي المجنون. وقال المولى المجلسي : يمكن حمل الخبر على أن يكون موت المولى بعد الوجوب لان الواو لا يدل على الترتيب فعلى هذا يكون الزكاة دينا على المولى ويجوز اخراجها.
2- التبر - بالكسر - : الذهب والفضة أو فتاتهما قبل أن تصاغا ، فإذا صيغا فهما ذهب وفضة ، وروى الشيخ في التهذيب في القوى عن زيد الشحام قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « لان أعطى صاعا من تمر أحب إلى من أن أعطى صاعا من ذهب في الفطرة » وكأنه نقل بالمعنى.
3- أي نزلت آيات الزكاة : أولا في زكاة الفطرة لأنه لم يكن حينئذ للمسلمين أموال تجب فيها الزكاة ، ويحتمل أن يكون آيات الزكاة شاملة للزكاتين لكن كان في ذلك الوقت تحققها في ضمن زكاة الفطرة وتعلق وجوبها على الناس من تلك الجهة. (المرآة)

أن يعطى الجيران والظؤورة ممن لا يعرف ولا ينصب (1) فقال : لا بأس بذلك إذا كان محتاجا ». (2)

2080 - وروى إسحاق بن عمار ، عن معتب أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « اذهب فأعط عن عيالنا الفطرة وعن الرقيق واجمعهم ولا تدع منهم أحدا فإنك إن تركت منهم إنسانا تخوفت عليه الفوت ، قلت : وما الفوت؟ قال : الموت ». (3)

2081 - وروى صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل ينفق على رجل ليس من عياله إلا أنه يتكلف له نفقته وكسوته أيكون عليه فطرته؟ قال : لا إنما يكون فطرته على عياله صدقة دونه ، وقال : العيال الولد والمملوك والزوجة وأم الولد ». (4)

2082 - وروى صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الفطرة ، قال : إذا عزلتها فلا يضرك متى ما أعطيتها قبل الصلاة أو بعدها ، وقال : الواجب عليك أن تعطي عن نفسك وأبيك وأمك وولدك وامرأتك وخادمك » (5).

ص: 181


1- الظؤورة جمع ظئر وهي العاطفة على ولد غيرها والمرضعة. وقوله : « لا يعرف ولا ينصب » أي أنه لا يعرف المذهب وليس بناصبي بل يكون مستضعفا.
2- قال المحقق في الشرايع : مع عدم المؤمن يجوز صرف الفطرة خاصة إلى المستضعفين وقال صاحب المدارك : نبه بقوله « يجوز صرف الفطرة خاصة » على أن زكاة المال لا يجوز دفعها إلى غير المؤمن وان تعذر الدفع إلى المؤمن - إلى أن قال - وأما زكاة الفطرة فقد اختلف فيها كلام الأصحاب فذهب الأكثر ومنهم المفيد والمرتضى وابن الجنيد وابن إدريس إلى عدم جواز دفعها إلى غير المؤمن مطلقا كالمالية ويدل عليه مضافا إلى العمومات صحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري [المروية في الكافي ج 3 ص 547] وذهب الشيخ وأتباعه إلى جواز دفعها مع عدم المؤمن إلى المستضعف وهو الذي لا يعاند الحق من أهل الخلاف.
3- يدل على أن زكاة الفطرة وقاية للانسان كما أن زكاة المال وقاية له. (المرآة)
4- حصر العيال في المذكورات على سبيل الغالبية أي الغالب في العيال هؤلاء بدليل الحديث الآتي. (المرآة)
5- ينبغي أن يقيد وجوب فطره المذكورين بما إذا كانوا واجبي النفقة فلو كان الأب أو الام أو الولد ذا مال لم تجب فطرته وكذا الزوجة إذا كانت ناشزة. (مراد)

2083 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عما يجب على الرجل في أهله من صدقة الفطرة ، قال : تصدق عن جميع من تعول من حر أو عبد ، أو صغير أو كبير ، من أدرك منهم الصلاة » (1).

وقال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : لا بأس بإخراج الفطرة في أول يوم من شهر رمضان إلى آخره (2) وهي زكاة إلى أن تصلي العيد فإن أخرجتها بعد الصلاة فهي صدقة (3) ، وأفضل وقتها آخر يوم من شهر رمضان (4).

2084 - وروى محمد بن مسعود العياشي قال : « حدثنا محمد بن نصير قال : حدثنا سهل بن زياد قال : حدثني منصور بن العباس قال : حدثنا إسماعيل بن سهل ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت : « رقيق بين قوم عليهم فيه زكاة الفطرة؟ قال : إذا كان لكل إنسان رأس فعليه أن يؤدي عنه

ص: 182


1- أي صلاة العيد بأن يصير عيالا قبلها أي قبل انقضاء وقتها ، فينبغي أن يحمل على الوجوب ان أدركوا الشهر أيضا والا فعلى الاستحباب (مراد) وقال سلطان العلماء : المراد صلاة العيد وهي كناية عن ادراك العيد فمن مات قبل ادراك العيد لم تجب عنه الفطرة.
2- روى الشيخ في الصحيح عن زرارة وبكير ابني أعين والفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبى عبد اللّه عليهما السلام أنهما قالا : « على الرجل أن يعطى عن كل من يعول من حر وعبد وصغير وكبير يعطى يوم الفطر وهو أفضل وهو في سعة أن يعطيها في أول يوم يدخل في شهر رمضان إلى آخره فان أعطى تمرا فصاع لكل رأس وان لم يعط تمرا فنصف صاع لكل رأس من حنطة أو شعير ، والحنطة والشعير سواء ، ما أجزأ عنه الحنطة فالشعير يجزى » (التهذيب ج 1 ص 370) وحمل على الدفع قرضا كما تقدم في الزكاة.
3- كما في صحيحة عبد اللّه بن سنان المروية في الكافي ج 4 ص 170 عن الصادق عليه السلام « قال اعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل وبعد الصلاة صدقة » أي فات وقتها بل تكون صدقة مندوبة أو واجبة قضاء وليس لها الثواب والمشهور أن المراد بالصلاة وقتها هو إلى الزوال. (م ت)
4- لعل مستنده صحيحة الفضلاء المتقدمة. والظاهر أنه منتهى جواز التقديم وظهر من الاخبار أن أفضل وقتها قبل صلاة العيد وأول وقتها من حين الغروب ليلة العيد والأحوط اخراجها قبل صلاة العيد مع أدائها إلى المستحق فإن لم يتيسر فمتى تيسر. (م ت)

فطرته ، وإذا كان عدة العبيد وعدة الموالي سواء وكانوا جميعا فهم سواء (1) أدوا زكاتهم لكل واحد منهم على قدر حصته ، وإن كان لكل إنسان منهم أقل من رأس فلا شئ عليهم (2).

2085 - وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : « بعثت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام بدراهم لي ولغيري وكتبت إليه أخبره أنها من فطرة العيال ، فكتب عليه السلام بخطه : قبضت » (3).

2086 - وفي رواية السكوني باسناده أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « من أدى زكاة الفطرة تمم اللّه له بها ما نقص من زكاة ماله ».

2087 - وروى حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي بصير ، وزرارة قالا : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : إن من تمام الصوم إعطاء الزكاة - يعني الفطرة - (4) كما أن الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله من تمام الصلاة لأنه من صام ولم يؤد الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمدا ، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله ، إن اللّه عزوجل قد بدأ بها قبل الصلاة قال : « قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه (5) فصلى » (6).

ص: 183


1- في بعض النسخ « فيهم سواء ».
2- ظاهره عدم وجوب الزكاة على المولى إذا كان له أقل من رأس ، وحمل على عدم وجوب الفطرة الكاملة ، والمشهور أنها على الموالي بالحصص لعموم الأخبار المتقدمة ولا ريب في أنه أحوط هذا إذا لم يعله أحد من الموالي أو غيرهم لأنه مع العيلولة زكاته على العايل بلا ريب لعموم الأخبار السابقة. (م ت)
3- يدل على رجحان حمل الزكاة إلى الامام المعصوم المنصوص عليه عليه السلام كما في خبر الفضيل. وقيل : ومع غيبته إلى الفقهاء المأمونين لأنهم أبصر بمواقعها. وفى أبصريتهم بمواقعها موضوعا كلام كما لا يخفى. والخبر في الكافي بسند مجهول وفيه « قبضت وقبلت ».
4- قيل : من هنا كأنه من كلام المصنف ، لكن في التهذيب ج 1 ص 181 عن ابن أبي عمير عن زرارة عن أبي عبد اللّه نحوه إلى قوله « ربه فصلى ».
5- أي بالتكبير المعهود عند الخروج إلى المصلى ، أو الأعم بعد أربع صلوات كما تقدم.
6- رواه الشيخ في الاستبصار ج 1 ص 343 باختلاف في اللفظ.

باب 148: الاعتكاف

2088 - روى الحلبي (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا اعتكاف إلا بصوم في مسجد الجامع » (2).

2089 - قال : « وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد وضربت له قبة من شعر وشمر المئزر (3) وطوى فراشه ، وقال بعضهم : واعتزل النساء فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : أما اعتزال النساء فلا » (4).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : معنى قوله عليه السلام : « أما اعتزال النساء فلا » هو أنه لم يمنعهن من خدمته والجلوس معه فأما المجامعة فإنه امتنع منها كما منع ومعلوم من معنى قوله : « وطوى فراشه » ترك المجامعة.

2090 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : « كانت بدر (5) في شهر رمضان فلم يعتكف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فلما أن كان من قابل اعتكف عشرين ، عشرا لعامه وعشرا قضاء لما فاته » (6)

2091 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عمر بن يزيد قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مساجدها؟ قال : لا تعتكف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيه إمام عدل جماعة ، ولا بأس بأن يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة

ص: 184


1- الظاهر أنه عبد اللّه فالطريق إليه صحيح.
2- الاعتكاف هو اللبث في المسجد الجامع صائما للعبادة ثلاثة أيام فصاعدا. (م ت)
3- في النهاية : في حديث الاعتكاف « كان إذا دخل العشر الأواخر شد المئزر » الإزار كنى بشدة عن اعتزال النساء ، وقيل : أراد تشميره للعبادة ، يقال : شددت لهذا الامر مئزري أي شمرت له.
4- المراد به الاعتزال بالكلية بحيث يمنعن عن الخدمة والمكالمة والجلوس معه (المرآة) والخبر رواه الكليني ج 4 ص 174 في الحسن كالصحيح.
5- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 175 بسند حسن كالصحيح.
6- « عشرين » الظاهر أنه بفتح العين بصيغة التثنية ، وقال العلامة المجلسي : ولا ينافي وجوب كل ثالث لان عشر الأداء ، وعشر القضاء كانا منفصلين في النية.

ومسجد المدينة ومسجد مكة » (1).

2092 - وقد روي « في مسجد المداين » (2).

2093 - وروى البزنطي ، عن داود بن سرحان (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا أرى الاعتكاف إلا في المسجد الحرام ، أو مسجد الرسول صلى اللّه عليه وآله ، أو في مسجد جامع ولا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد الجامع إلا لحاجة لابد منها ، ثم لا يجلس حتى يرجع ، والمرأة مثل ذلك » (4).

2094 - وفي رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المعتكف بمكة يصلي في أي بيوتها شاء ، سواء عليه صلى في المسجد أو في بيوتها » (5).

2095 - وفي رواية منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المعتكف بمكة يصلي في أي بيوتها شاء ، والمعتكف في غيرها لا يصلي إلا في المسجد الذي سماه ».

2096 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة كان زوجها غائبا فقدم وهي معتكفة بإذن زوجها فخرجت حين بلغها

ص: 185


1- السند صحيح ، والمراد بالعدل ما يقابل الجور فيشمل غير المعصوم ممن يصلح للقدوة الا أن يجعل تخصيص هذه المساجد بالذكر قرينة لإرادة المعصوم عليه السلام كما في الوافي ، لكن حصر صحة الاعتكاف في المساجد التي يصلى فيها الامام المعصوم جماعة يوجب حرمان جل الشيعة من هذه العبادة العظيمة ، والمستفاد من الروايات مطلقها ومقيدها أن الجامع الذي لا ينعقد فيه الجماعة مع امام عدل لا يصلح فيه الاعتكاف والذي ليس بجامع وان انعقد فيه الجماعة معه لا يصلح أيضا.
2- ذلك لما روى أنه صلى فيه الحسن بن علي عليهما السلام صلاة جماعة. (م ت)
3- السند صحيح ، وقوله « لا ينبغي » من تتمة الخبر كما هو ظاهر الكافي والتهذيبين وأخطاء من زعم أنه من كلام المصنف ، وظاهر الخبر الكراهة ، وحمل على التحريم لنقل الاجماع في التذكرة والمعتبر بعدم جواز الخروج لغير الأسباب المبيحة له من المسجد الذي يعتكف فيه.
4- السند صحيح وما تضمنه الخبر مقطوع به في كلام الأصحاب واستثنى منه صلاة الجمعة إذا وقعت في غير ذلك المسجد فإنه يخرج لأدائها. (المرآة)
5- ورواه الكليني ج 4 ص 177 أيضا في الصحيح.

قدومه من المسجد الذي هي فيه فتهيأت لزوجها حتى واقعها ، فقال : إن كانت خرجت من المسجد قبل أن تمضي ثلاثة أيام ولم تكن اشترطت في اعتكافها فإن عليها ما على المظاهر » (1).

2097 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام ، ومن اعتكف صام ، وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم » (2).

2098 - وروى أبو أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا اعتكف الرجل يوما ولم يكن اشترط فله أن يخرج وأن يفسخ اعتكافه ، وإن أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له أن يفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة أيام » (3).

2099 - وروى أبو أيوب عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال : المعتكف لا يشم الطيب ، ولا يتلذذ بالريحان ، ولا يماري ، ولا يشتري ولا يبيع ، قال : ومن اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع بالخيار إن شاء زاد ثلاثة أخرى وإن شاء خرج من المسجد ، فإن أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة أيام

ص: 186


1- صحيح ويدل أولا على أن أقل الاعتكاف ثلاثة أيام ولا خلاف فيه ، واختلفوا في دخول الليالي والمشهور دخول الليلتين المتوسطتين ، وثانيا على مشروعية الاشتراط فيه وهو مقطوع به أيضا ، وثالثا على أن كفارة ترك الاعتكاف كفارة الظهار ، واختلفوا فيه والأكثر على التخيير ، ولابد أن يحمل الخبر على مضى اليومين أو على النذر.
2- السند صحيح وتقدم الكلام فيه.
3- السند صحيح ، ويدل على أنه لا يجب الاعتكاف المستحب بالدخول فيه وانه يجب اتمامه ثلاثة بعد مضى يومين ، واختلف الأصحاب فيه فقال السيد وابن إدريس : لا يجب أصلا بل له الرجوع فيه متى شاء ، وتبعهما جماعة ، وقال الشيخ في المبسوط وأبو الصلاح : يجب بالدخول فيه كالحج ، وقال ابن الجنيد وابن البراج وجمع من المتأخرين : لا يجب الا أن يمضى يومان فيجب الثالث وهو أقوى ، وذهب الشهيد في الدروس وجماعة إلى وجوب الثالث. (المرآة)

اخر (1).

2100 - ووري عن داود بن سرحان قال : « كنت بالمدينة في شهر رمضان فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إني أريد أن أعتكف فماذا أقول وماذا أفرض على نفسي؟ فقال : لا تخرج من المسجد إلا لحاجة لابد منها (2) ولا تقعد تحت ظلال حتى تعود إلى مجلسك ».

2101 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا لحاجة لابد منها ، ثم لا يجلس حتى يرجع ، ولا يخرج في شئ إلا لجنازة أو يعود مريضا (3) ولا يجلس حتى يرجع ، قال : واعتكاف المرأة مثل ذلك ».

2102 - وفي رواية صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا مرض المعتكف أو طمثت المرأة المعتكفة فإنه يأتي بيته ثم يعيد إذا برء ويصوم » (4).

ص: 187


1- السند صحيح وقوله : « لا يشم الطيب » المشهور حرمة شم الطيب والريحان وذهب الشيخ (رحمه اللّه) في المبسوط إلى الجواز ، ولا خلاف في تحريم البيع والشراء ، واستثنى من ذلك ما تدعو الحاجة إليه من المأكول والملبوس ، والمشهور تحريم المراء أيضا بل قطعوا به وقال الشهيد الثاني (رحمه اللّه) : المراد به هنا المجادلة على أمر ديني أو دنيوي ، واستثنى منها ما إذا كانت في مسألة علمية لمجرد اظهار الحق ، ونسب إلى الشيخ (رحمه اللّه) أنه قال في الجمل بأنه يحرم على المعتكف جميع ما يحرم على المحرم وهو ضعيف. (المرآة)
2- لعل المراد بها أعم مما لابد منه عرفا وعادة ومما أكد الشارع فيه تأكيدا عظيما كشهادة الجنازة ونحوها. (المرآة)
3- « أو يعود مريضا » لا خلاف في جواز الخروج لها وذكر المحقق والعلامة جواز الخروج لتشييع المؤمن ولم أقف على رواية تدل عليه ، والأولى تركه ، وأما الخروج لقضاء حاجة المؤمن فقد قطع العلامة في المنتهى به من غير نقل خلاف ويدل عليه رواية ميمون بن مهران ، وتوقف فيه بعض المحققين لضعف الرواية (المرآة) أقول : ستأتي رواية ميمون بن مهران تحت رقم 2108.
4- حملت الإعادة على الاستحباب الا أن يكون لازما بنذر وشبهه ويحصل العذر قبل مضى ثلاثة أيام فإذا مضت الثلاثة لا يعيد بل يبنى حتى يتم العدد الا إذا كان العدد أقل من ثلاثة أيام فيتمها من باب المقدمة. (م ت)

2103 - وفي رواية السكوني باسناده (1) قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجتين وعمرتين ».

2104 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن المعتكف يجامع؟ قال : إذا فعل ذلك فعليه ما على المظاهر » (2).

وقد روي أنه إن جامع بالليل فعليه كفارة واحدة ، وإن جامع بالنهار فعليه كفارتان ، روى ذلك :

2105 - محمد بن سنان ، عن عبد الاعلى بن أعين قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وطئ امرأته وهو معتكف ليلا في شهر رمضان؟ قال : عليه الكفارة ، قال : قلت : فإن وطئها نهارا قال : عليه كفارتان » (3).

ص: 188


1- يعنى عن الصادق عن آبائه عليهم السلام.
2- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : اعلم أنه لا ريب في فساد الاعتكاف بكل ما يفسد الصوم وذهب المفيد والمرتضى - رضي اللّه عنهما - إلى وجوب الكفارة بفعل المفطر في الاعتكاف الواجب ، وقال في المعتبر : لا أعرف مستندهما ، وذهب الشيخ وأكثر المتأخرين إلى اختصاص الكفارة بالجماع دون ما عداه من المفطرات وإن كان يفسد به الصوم ويجب به القضاء فيما قطع به الأصحاب ، وهو أقوى ، ثم إن هذه الرواية وغيرها تدل بظواهرها على عدم الفرق في الاعتكاف بين الواجب والمندوب ولا في الواجب بين المطلق والمعين وبمضمونها أفتى الشيخان وقال في المعتبر : ولو خصا ذلك باليوم الثالث أو بالاعتكاف الواجب كان أليق بمذهبهما ، لكن لا يصح هذا على قول الشيخ في المبسوط فإنه يرى وجوب الاعتكاف بالدخول فيه ، ثم إن هذا الخبر يدل على أن كفارة الاعتكاف مرتبة خلافا للأكثر الا أن يقال. التشبيه في أصل الخصال ولا ريب أن العمل بالترتيب أحوط.
3- لا خلاف في وجوب تعداد الكفارة للمعتكف إذا جامع في نهار شهر رمضان إحداهما للاعتكاف والأخرى لصوم شهر رمضان ويدل عليه هذا الحديث ، ونقل عن السيد المرتضى  - رحمه اللّه - أنه أطلق وجوب الكفارتين على المعتكف إذا جامع نهارا والواحدة إذا جامع ليلا واستقرب الشهيد (رحمه اللّه) في الدروس هذا الاطلاق ، وقال العلامة - قدس سره - في التذكرة : الظاهر أن مراد السيد رمضان. والخبر رواه الشيخ في التهذيب والكليني في الكافي بسند ضعيف كما هنا لكن ينجبر بعمل الأصحاب ويؤيده أصل عدم تداخل الكفارتين الثابتتين بالاخبار.

2106 - وروى ابن المغيرة ، عن سماعة قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن معتكف واقع أهله ، فقال : هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان (1).

2107 - وروى داود بن الحصين ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « اعتكف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في شهر رمضان في العشر الأولى ، ثم اعتكف في الثانية في العشر الوسطى ، ثم اعتكف في الثالثة في العشر الأواخر ، ثم لم يزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يعتكف في العشر الأواخر » (2).

2108 - وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المعتكفة إذا طمثت قال : ترجع إلى بيتها فإذا طهرت رجعت فقضت ما عليها » (3).

2109 - وروى الحسن بن الجهم عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن المعتكف يأتي أهله؟ قال : لا يأتي امرأته ليلا ولا نهارا وهو معتكف » (4).

2110 - وروي عن ميمون بن مهران قال : « كنت جالسا عند الحسن بن علي

ص: 189


1- السند حسن كالصحيح مروى في الكافي ج 4 ص 179 في صحيح. ويدل على المشهور من وجوب كفارة واحدة في غير شهر رمضان ، وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : يدل على أن كفارته مثل كفارة شهر رمضان وقد تقدم أنه كالظهار فيجمع بينهما اما بحمل الخبرين السابقين على استحباب رعاية الترتيب وهذا الخبر على الوجوب ، أو يحمل المماثلة في هذا الخبر على مجرد المماثلة في الخصال مع قطع النظر عن الترتيب أو التخيير وهو أحوط لكن ذكر في التهذيب (ج 1 ص 434) زيادة بعد قوله « شهر رمضان » « متعمدا عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا » ويمكن حمله على الترتيب بأن يقال عتق رقبة مع القدرة ، أو صوم شهرين مع العجز عن العتق ، أو اطعام ستين مع العجز عن الصيام كما فعله الأصحاب في موارد ستجيئ.
2- يدل على أن السنة استمرت واستقرت على الاعتكاف في العشر الأواخر. والطريق فيه مهمل ، وفى الكافي ضعيف.
3- السند صحيح وتقدم الكلام فيه.
4- يدل على عدم جواز الجماع للمعتكف ليلا ونهارا ولا خلاف فيه.

عليهما السلام فأتاه رجل فقال له : يا ابن رسول اللّه إن فلانا له علي مال ويريد أن يحبسني ، فقال : واللّه ما عندي مال فأقضي عنك ، قال : فكلمه ، قال : فلبس عليه السلام نعله فقلت له : يا ابن رسول اللّه أنسيت اعتكافك؟ فقال له : لم أنس ولكني سمعت أبي عليه السلام يحدث عن [جدي] رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أنه قال : من سعى في حاجة أخيه المسلم فكأنما عبد اللّه عزوجل تسعة آلاف سنة ، صائما نهاره قائما ليله ». (1)

باب 149: علل الحج

قال الشيخ مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : قد أخرجت أسانيد العلل التي أنا ذاكرها عن النبي صلى اللّه عليه وآله وعن الأئمة عليهم السلام في كتابي جامع علل الحج.

2111 - قال النبي صلى اللّه عليه وآله : « سميت الكعبة كعبة لأنها وسط الدنيا » (2).

2112 - وقد روي (3) أنه إنما سميت كعبة لأنها مربعة ، وصارت مربعة

ص: 190


1- قيل : يدل على جواز الخروج بل استحبابه لقضاء حاجة المؤمن ، وروى الكليني في الكافي ج 2 ص 198 بسند قوى عن صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال : « ان رجلا أتى الحسن بن علي عليهما السلام فقال : بأبي أنت وأمي أعني على قضاء حاجة ، فانتعل وقام معه فمر على الحسين عليه السلام وهو قائم يصلى فقال له : أين كنت عن أبي عبد اللّه تستعينه على حاجتك؟ قال : قد فعلت فذكر أنه معتكف فقال له : اما انه لو أعانك كان خيرا له من اعتكافه شهرا ». قال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : خبر صفوان يدل على جواز الخروج عن المسجد بل استحبابه لقضاء حاجة المؤمن. انتهى ، ويمكن أن يقال قوله « انه لو أعانك كان خيرا له - الخ » يعنى لو كان غير معتكف واستعان على حاجتك كان ذلك خيرا له من اعتكافه شهرا ، وأما بعد اعتكافه فلم يجز له الخروج.
2- رواه في الأمالي والعلل هكذا « جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فسألوه عن أشياء فكان فيما سألوه عنه أن قال له أحدهم : لأي شئ سميت الكعبة كعبة؟ فقال النبي (صلی اللّه عليه وآله) لأنها وسط الدنيا ». ولعل المراد أنها مرتفعة شرفا وصورة في وسطها بالنظر إلى المشرقي والمغربي (م ت) وفى النهاية الأثيرية : كل ما علا وارتفع فهو كعب ومنه سميت الكعبة للبيت الحرام وقيل : سميت لتكعيبها أي لتربيعها.

لأنها بحذاء البيت المعمور وهو مربع وصار البيت المعمور مربعا لأنه بحذاء العرش وهو مربع ، وصار العرش مربعا لان الكلمات التي بني عليها الاسلام أربع وهي : « سبحان اللّه ، والحمد لله ، ولا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر ».

2113 - وسمي بيت اللّه الحرام لأنه حرم على المشركين أن يدخلوه (1).

2114 - و « سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق » (2).

2115 - وروي « أنه سمي العتيق لأنه بيت عتيق من الناس ولم يملكه أحد » (3).

2116 - و « وضع البيت في وسط الأرض لأنه الموضع الذي من تحته دحيت الأرض ، وليكون الفرض لأهل المشرق والمغرب في ذلك سواء » (4).

وإنما يقبل الحجر (5) ويستلم ليؤدي إلى اللّه عزوجل العهد الذي أخذ عليهم في الميثاق.

وإنما وضع اللّه عزوجل الحجر في الركن الذي هو فيه ولم يضعه في غيره لأنه تبارك وتعالى حين أخذ الميثاق أخذه في ذلك المكان.

ص: 191


1- رواه المصنف في علل الشرايع طبع النجف الأشرف ص 398 عن الصادق عليه السلام بسند فيه ارسال.
2- رواه في العلل ص 398 مسندا عن حنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام. رواه في العلل مسندا عن أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في ذيل حديث ، وعن ذريح المحاربي في حديث آخر.
3- رواه في العلل مسندا عن أبان بن عثمان عمن أخبره عن أبي جعفر (عليه السلام).
4- رواه في العلل ص 396 مسندا عن محمد بن سنان عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في جواب مسائله.
5- من هنا إلى قوله « يوطأ قبرها » مضمون عدة أخبار أوردها المصنف في العلل و الأمالي والعيون ، والكليني في الكافي وجلها عن الصادقين عليهما السلام في علل الشرايع ولم نتعرض لتخريجها لقلة الجدوى ولما لم تكن باللفظ الصادر عن المعصوم عليه السلام لم نرقمها إنما نرقم ما كان منها بلفظ الخبر دون ما تصرف فيه.

وجرت السنة بالتكبير واستقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا ، لأنه لما نظر آدم عليه السلام من الصفا وقد وضع الحجر في الركن كبر اللّه عزوجل وهلله ومجده.

وإنما جعل الميثاق في الحجر لان اللّه عزوجل لما أخذ الميثاق له بالربوبية ولمحمد صلى اللّه عليه وآله بالنبوة ولعلي عليه السلام بالوصية اصطكت فرائص الملائكة وأول من أسرع إلى الاقرار بذلك الحجر فلذلك اختاره اللّه عزوجل وألقمه الميثاق وهو يجئ يوم القيامة وله لسان ناطق وعين ناظرة يشهد لكل من وافاه إلى ذلك المكان وحفظ الميثاق.

وإنما اخرج الحجر من الجنة ليذكر آدم عليه السلام ما نسي من العهد والميثاق.

وصار الحرم مقدار ما هو لم يكن أقل ولا أكثر لان اللّه تبارك وتعالى أهبط على آدم عليه السلام ياقوتة حمراء فوضعها في موضع البيت فكان يطوف بها آدم عليه السلام وكان ضوؤها يبلغ موضع الاعلام فعلمت الاعلام على ضوئها فجعله اللّه عزوجل حرما.

وإنما يستلم الحجر لان مواثيق الخلائق فيه ، وكان أشد بياضا من اللبن فاسود من خطايا بني آدم ، ولولا ما مسه من أرجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا برء.

2117 - و « سمي الحطيم حطيما لان الناس يحطم بعضهم بعضا هنالك » (1)

وصار الناس يستلمون الحجر والركن اليماني ولا يستلمون الركنين الآخرين لان الحجر الأسود والركن اليماني عن يمين العرش ، وإنما أمر اللّه عزوجل أن يستلم ما عن يمين عرشه.

2118 - و « إنما صار مقام إبراهيم عليه السلام عن يساره لان لإبراهيم عليه السلام مقاما في القيامة ولمحمد صلى اللّه عليه وآله مقاما فمقام محمد صلى اللّه عليه وآله عن يمين عرش ربنا عزوجل ومقام إبراهيم عليه السلام عن شمال عرشه (2) ، فمقام إبراهيم عليه السلام في مقامه يوم القيامة ،

ص: 192


1- رواه المصنف في العلل ص 400 من حديث معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام).
2- في بعض النسخ « يسار عرشه ».

وعرش ربنا تبارك وتعالى مقبل غير مدبر » (1).

وصار الركن الشامي متحركا في الشتاء والصيف والليل والنهار لان الريح مسجونة تحته (2).

وإنما صار البيت مرتفعا يصعد إليه بالدرج لأنه لما هدم الحجاج الكعبة فرق الناس ترابها فلما أرادوا أن يبنوها خرجت عليهم حية فمنعت الناس البناء فأتي الحجاج فأخبر فسأل الحجاج علي بن الحسين عليهما السلام عن ذلك فقال له : مر الناس أن لا يبقى أحد منهم أخذ منه شيئا إلا رده فلما ارتفعت حيطانه أمر بالتراب فألقي في جوفه فلذلك صار البيت مرتفعا يصعد إليه بالدرج.

وصار الناس يطوفون حول الحجر ولا يطوفون فيه لان أم إسماعيل دفنت في الحجر ففيه قبرها فطيف كذلك كيلا يوطأ قبرها.

2119- وروي « أن فيه قبور الأنبياء عليهم السلام » (3).

وما في الحجر شئ من البيت ولا قلامة ظفر (4).

2120 - و « سميت بكة لان الناس يبك بعضهم بعضا فيها بالأيدي » (5).

2121 - وروي « أنها سميت بكة لبكاء الناس حولها وفيها » (6).

وبكة هو موضع البيت والقرية مكة (7).

وإنما لا يستحب الهدي (8) إلى الكعبة لأنه يصير إلى الحجبة دون المساكين

ص: 193


1- رواه في العلل ص 428 من حديث بريد العجلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- راجع العلل ص 448 رواية العرزمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- رواه الكليني ج 4 ص 210 في ذيل حديث عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
4- جزء من خبر معاوية بن عمار ونقله بالمعنى.
5- رواه بلفظه المصنف في العلل ص 398 من حديث الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
6- رواه في العلل ص 397 مسندا عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
7- كما روى المصنف في العلل من حديث سعيد بن عبد اللّه الأعرج عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
8- في بعض النسخ بدون « لا » أي يستحب الهدى بشرط أن يصرف في الزوار ، ولا يستحب بان يصرف إلى بان يصرف الى الكعبة( م ت) و المراد هنا من الهدى كلّ ما يهدى الى الكعبة كما يظهر من قوله« و ما جعل هديا لها فهو لزوارها».

والكعبة لا تأكل ولا تشرب وما جعل هديا لها فهو لزوارها وروي أنه ينادى على الحجر : ألا من انقطعت به النفقة فليحضر فيدفع إليه (1).

2122 - و « إنما هدمت قريش الكعبة لان السيل كان يأتيهم من أعلى مكة فيدخلها فانصدعت » (2).

2123 - وسئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « سواء العاكف فيه والباد » فقال : لم يكن ينبغي أن يصنع على دور مكة أبواب لان للحاج أن ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدار حتى يقضوا مناسكهم ، فإن أول من جعل لدور مكة أبوابا معاوية ».

ويكره المقام بمكة لان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله اخرج عنها ، والمقيم بها يقسو قلبه حتى يأتي فيها ما يأتي في غيرها (3).

ص: 194


1- روى الكليني في الكافي ج 4 ص 242 باسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن رجل جعل جاريته هديا للكعبة كيف يصنع؟ قال : ان أبى أتاه رجل قد جعل جاريته هديا للكعبة فقال له : قوم الجارية أو بعها ، ثم مر مناديا يقوم على الحجر فينادى : ألا من قصرت به نفقته أو قطع به طريقه أو نفذ طعامه فليأت فلان بن فلان ، ومره أن يعطى أولا فأولا حتى ينفد ثمن الجارية ». ونحوه في العلل وقرب الإسناد وبمضمونه أخبار أخر رواه في الكافي ج 4 باب ما يهدى إلى الكعبة وفى العلل عن ابن الوليد عن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن عبد اللّه بن المغيرة عن السكوني عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي (عليه السلام) : قال : « لو كان لي واديان يسيلان ذهبا وفضة ما أهديت إلى الكعبة شيئا لأنه يصير إلى الحجبة دون المساكين ».
2- روى المؤلف باسناده عن ابن أبي عمير عمن ذكره عن الصادق (عليه السلام) في العلل قال : « إنما هدمت - الخ » والغرض أن قريش لم يتعمدوا خرابها بل انصدعت وانشقت بسب السيل فهدموها وبنوها من رأس.
3- راجع الكافي ج 4 ص 230.

ولم يعذب ماء زمزم لأنها بغت على المياه فأجرى اللّه عزوجل إليها عينا من صبر (1).

وإنما صار ماء زمزم يعذب في وقت دون وقت لأنه يجري إليها عين من تحت الحجر فإذا غلبت ماء العين عذب ماء زمزم (2).

وإنما سمي الصفا صفا لان المصطفى آدم عليه السلام هبط عليه فقطع للجبل اسم من اسم آدم عليه السلام لقول اللّه عزوجل : « إن اللّه اصطفى آدم ونوحا » وهبطت حوا على المروة فسميت المروة لأن المرأة هبطت عليه فقطع للجبل اسم من اسم المرأة (3).

2124 - و « حرم المسجد لعلة الكعبة ، وحرم الحرم لعلة المسجد ، ووجب الاحرام لعلة الحرم » (4).

2125 - و « إن اللّه تبارك وتعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد ، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم ، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا » (5).

وإنما جعلت التلبية لان اللّه عزوجل لما قال لإبراهيم عليه السلام : « وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا » فنادى فأجيب من كل فج يلبون (6).

ص: 195


1- روى البرقي في المحاسن ص 573 باسناده عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « كانت زمزم أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد ، وكانت سائحة فبغت على المياه فأغارها اللّه وأجرت عليها عينا من صبر » ورواه المصنف في العلل ص 415.
2- في العلل ص 415 والمحاسن باسنادهما عن علي بن عقبة عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « ذكر ماء زمزم فقال : يجرى إليها عن تحت الحجر ، فإذا غلب ماء العين عذب ماء زمزم ».
3- لما رواه الكليني ج 4 ص 192 في حديث ضعيف والمؤلف في العلل ص 432.
4- هذا الكلام بلفظه خبر مسند رواه في العلل ص 415.
5- هذا الكلام أيضا خبر بلفظه مروى مسندا في العلل وتقدم في المسجد الأول تحت رقم 844 مرسلا عن الصادق (عليه السلام) ورواه الشيخ بسند فيه ارسال.
6- كما في رواية الحلبي المروية في الكافي ج 4 ص 335 باب التلبية ، ورواه المصنف في العلل. والفج هو الطريق الواسع بين الجبلين.

2126 - وفي رواية أبي الحسين الأسدي - رضي اللّه عنه - عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن عثمان الدارمي ، عن سليمان بن جعفر قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن التلبية وعلتها ، فقال : إن الناس إذا أحرموا ناداهم اللّه عزوجل فقال : « عبادي وإمائي لأحرمنكم على النار كما أحرمتم لي » فقولهم : « لبيك اللّهم لبيك » إجابة لله عزوجل على ندائه لهم ».

وإنما جعل السعي بين الصفا والمروة لان الشيطان تراءى لإبراهيم عليه السلام في الوادي فسعى وهو منازل الشياطين (1).

وإنما صار المسعى أحب البقاع إلى اللّه عزوجل لأنه يذل فيه كل جبار (2).

2127 - وإنما سمي يوم التروية « لأنه لم يكن بعرفات ماء وكانوا يستقون من مكة من الماء لريهم وكان يقول بعضهم لبعض : ترويتم ترويتم ، فسمي يوم التروية لذلك » (3).

وسميت عرفة عرفة لان جبرئيل عليه السلام قال لإبراهيم عليه السلام هناك : اعترف بذنبك واعرف مناسكك فلذلك سميت عرفة (4).

وسمي المشعر مزدلفة لان جبرئيل عليه السلام قال لإبراهيم عليه السلام بعرفات : يا

ص: 196


1- روى المصنف باسناده عن الحلبي في العلل ص 433 قال : « سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) لم جعل السعي بين الصفا والمروة؟ قال : لان الشيطان تراءى لإبراهيم (عليه السلام) في الوادي فسعى وهو منازل الشياطين ».
2- روى الكليني في الكافي ج 4 ص 434 باسناده عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول : « ما من بقعة أحب إلى اللّه من المسعى لأنه يذل فيها كل جبار ».
3- رواه المؤلف في العلل ص 435 باسناده عن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
4- رواه في العلل باسناده عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن عرفات لم سميت عرفات؟ فقال : ان جبرئيل (عليه السلام) خرج بإبراهيم (عليه السلام) يوم عرفة فلما زالت الشمس قال له جبرئيل : يا إبراهيم اعترف بذنبك واعرف مناسكك ، فسميت عرفات لقول جبرئيل عليه السلام اعترف فاعترف ».

إبراهيم ازدلف إلى المشعر الحرام فسميت المزدلفة لذلك (1).

وسميت المزدلفة جمعا لأنه يجمع فيها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين (2).

2128 - و « سميت منى منى لان جبرئيل عليه السلام أتى إبراهيم عليه السلام فقال له : تمن يا إبراهيم وكانت تسمى منى فسماها الناس منى » (3).

2129 - وروي أنها « سميت منى لان إبراهيم عليه السلام تمنى هناك أن يجعل اللّه مكان ابنه كبشا يأمره بذبحه فدية له » (4).

2130 - و « سمي الخيف خيفا لأنه مرتفع عن الوادي ، وكل ما ارتفع عن الوادي سمي خيفا » (5).

2131 - وإنما صير الموقف بالمشعر ولم يصير بالحرم « لان الكعبة بيت اللّه والحرم حجابه والمشعر بابه ، فلما قصده الزائرون أوقفهم بالباب يتضرعون حتى أذن لهم بالدخول ، ثم أوقفهم بالحجاب الثاني وهو مزدلفة ، فلما نظر إلى طول تضرعهم أمرهم بتقرب قربانهم ، فلما قربوا وقضوا تفثهم وتطهروا من الذنوب التي كانت لهم حجابا دونه أمرهم بالزيارة على طهارة » (6).

وإنما كره الصيام في أيام التشريق « لان القوم زوار اللّه عزوجل فهم في

ص: 197


1- روى في العلل من حديث معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام) في حديث إبراهيم (عليه السلام) « ان جبرئيل انتهى به إلى الموقف فأقام به حتى غربت الشمس ثم أفاض به ، فقال : يا إبراهيم ازدلف إلى المشعر الحرام فسميت مزدلفة ».
2- رواه في العلل من رسالة أبيه ، وجاء في فقه الرضا عليه السلام مثله.
3- رواه في العلل من حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- رواه في العلل مسندا عن محمد بن سنان عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وكذا في العيون ج 2 ص 90 قاله في جواب مسائل ابن سنان.
5- رواه في العلل من حديث معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام.
6- رواه في العلل من حديث محمد بن الحسن الهمداني عن ذي النون المصري ، وفى الكافي ج 4 ص 224 نحوه مرفوعا عن أمير المؤمنين عليه السلام.

ضيافته ولا ينبغي لضيف أن يصوم عند من زاره وأضافه » (1).

2132 - وروي « أنها أيام أكل وشرب وبعال » (2).

ومثل التعلق بأستار الكعبة مثل الرجل يكون بينه وبين الرجل جناية فيتعلق بثوبه ، ويستخذي له رجاء أن يهب له جرمه (3).

وإنما صار الحاج لا يكتب عليه ذنب أربعة أشهر من يوم يحلق رأسه لان اللّه عزوجل أباح للمشركين الأشهر الحرم أربعة أشهر إذ يقول : « فسيحوا في الأرض أربعة أشهر » فمن ثم وهب لمن يحج من المؤمنين البيت مسك الذنوب أربعة أشهر (4).

2133 - وإنما « يكره الاحتباء في المسجد الحرام تعظيما للكعبة » (5).

2134 - وإنما « سمي الحج الأكبر لأنها كانت سنة حج فيها المسلمون

ص: 198


1- هذا ذيل خبر ذي النون ومضمون خبر الكافي المتقدم ذكره.
2- روى المؤلف في معاني الأخبار ص 300 باسناده عن عمرو بن جميع عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال : « بعث رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) بديل بن ورقاء على جمل فأمره أن ينادى في الناس أيام منى أن لا تصوم هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وبعال » والبعال : النكاح و ملاعبة الرجل أهله.
3- ذيل خبر ذي النون المتقدم ذكره.
4- مضمون رواية رواها الكليني في الكافي ج 4 ص 255 ، المسك - محركة - : الارتكاب.
5- في العلل باسناد صحيح عن حماد بن عثمان قال : « رأيت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يكره الاحتباء في المسجد الحرام اعظاما للكعبة » وفى الكافي ج 4 ص 546 باسناده عن عبد اللّه ابن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « لا ينبغي لاحد أن يحتبى قبالة الكعبة ». وفى بعض نسخ الفقيه « إنما يكره الاحتذاء في المسجد » والمراد به لبس النعل ولا ريب في منافاته للتعظيم وفى النهاية : الاحتباء هو أن يضم الانسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليها ، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب وإنما نهى عنه لأنه إذا لم يكن عليه الا ثوب واحد ربما تحرك أو زال الثوب فتبدو عورته - انتهى ، وقيل إن كراهته لاستقبال العورة بالكعبة لا سيما إذا لم يكن له سراويل.

والمشركون ولم يحج المشركون بعد تلك السنة » (1).

2135 - وإنما « صار التكبير بمنى في دبر خمس عشرة صلاة وبالأمصار في دبر عشرة صلوات لأنه إذا نفر الناس في النفر الأول أمسك أهل الأمصار عن التكبير وكبر أهل منى ما داموا بمنى إلى النفر الأخير » (2).

وإنما صار في الناس من يحج حجة وفيهم من يحج أكثر ، وفيهم من لا يحج لان إبراهيم عليه السلام لما نادى هلم إلى الحج أسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة ، فلبى الناس في أصلاب الرجال وأرحام النساء لبيك داعي اللّه لبيك داعي اللّه ، فمن لبى عشرا حج عشرا ومن لبى خمسا حج خمسا ومن لبى أكثر فبعدد ذلك ، ومن لبى واحدا حج واحدا ، ومن لم يلب لم يحج (3).

2136 - وسمي الأبطح أبطحا لان آدم عليه السلام أمر أن ينبطح في بطحاء جمع فانبطح حتى انفجر الصبح (4).

وإنما امر آدم عليه السلام بالاعتراف ليكون سنة في ولده (5).

وأذن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقاية الحاج. (6)

ص: 199


1- رواه المصنف في المعاني ص 296 من حديث فضيل بن عياض وفى العلل من حديث حفص بن غياث عن الصادق (عليه السلام) في ذيل حديث.
2- رواه الكليني بأدنى اختلاف في الكافي ج 4 ص 516 عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام).
3- كما في رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام المروية في الكافي ج 4 ص 206.
4- رواه المؤلف في العلل ص 444 من حديث عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
5- مضمون مأخوذ من جزء حديث طويل رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 191 باسناده عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
6- كما في العلل ص 452 في الصحيح عن مالك بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام). وذلك لان المبيت في ليالي التشريق بمنى واجب الا للضرورة ، وسيأتي الكلام فيه.

وإنما أحرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله من الشجرة لأنه لما أسري به إلى السماء فكان بالموضع الذي بحذاء الشجرة نودي يا محمد ، قال : لبيك قال : ألم أجدك يتيما فآويت ووجدتك ضالا فهديت؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك ، فلذلك أحرم من الشجرة دون المواضع كلها (1).

وأما تقليد البدن فليعرف أنها بدنة ويعرفها صاحبها بنعله الذي يقلدها به (2)

والاشعار إنما أمر به ليحرم ظهرها على صاحبها من حيث أشعرها ولا يستطيع الشيطان أن يتسنمها. (3)

2137 - وإنما أمر برمي الجمار « لان إبليس اللعين كان يتراءى لإبراهيم عليه السلام في موضع الجمار فيرجمه إبراهيم عليه السلام فجرت بذلك السنة ». (4)

وروي أن أول من رمى الجمار آدم عليه السلام ثم إبراهيم عليه السلام. (5)

2138 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إنما جعل اللّه هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من اللحم ، فأطعموهم ».(6)

والعلة التي من أجلها تجزي البقرة عن خمسة نفر لان الذين أمرهم السامري

ص: 200


1- كما في رواية الحسين بن الوليد عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام المروية في العلل ص 433.
2- كما في رواية السكوني في العلل ص 434 عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) وقوله : « يتسنمها » أي يركب على سنامها حقيقة أو مجازا بوسوسة ابدالها وركوبها والانتفاع بها أو ذبحها (م ت) وفى بعض النسخ « يمسها ».
3- كما في رواية السكوني في العلل ص 434 عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) وقوله : « يتسنمها » أي يركب على سنامها حقيقة أو مجازا بوسوسة ابدالها وركوبها والانتفاع بها أو ذبحها (م ت) وفى بعض النسخ « يمسها ».
4- مروى في العلل ص 437 بسند صحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام.
5- روى في العلل مسندا عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه قال : « أول من رمى الجمار آدم (عليه السلام) وقال : أتى جبرئيل (عليه السلام) إبراهيم فقال ارم يا إبراهيم ، فرمى جمرة العقبة ، و ذلك أن الشيطان تمثل له عندها ».
6- رواه في العلل ص 437 مسندا عن الصادق عن آبائه عليهم السلام عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) وفيه « لتتسع مساكينكم - الخ ». وفى بعض النسخ « هدى الأضحى ».

بعبادة العجل كانوا خمسة أنفس وهم الذين ذبحوا البقرة التي أمر اللّه تبارك وتعالى بذبحها وهم أذينونة وأخوه ميذونة وابن أخيه وابنته وامرأته. (1)

وإنما يجزي الجذع من الضأن في الأضحية ولا يجزي الجذع من المعز لان الجذع من الضأن يلقح والجذع من المعز لا يلقح (2).

وإنما يجوز للرجل أن يدفع الضحية إلى من يسلخها بجلدها لان اللّه عزوجل قال : « فكلوا منها وأطعموا » والجلد لا يؤكل ولا يطعم ولا يجوز ذلك في الهدي (3).

ولم يبت أمير المؤمنين عليه السلام بمكة بعد أن هاجر منها حتى قبض لأنه كان يكره أن يبيت بأرض قد هاجر منها (4) [رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله].

باب 150: فضائل الحج

اشارة

قال اللّه تبارك وتعالى : « ففروا إلى اللّه » يعني حجوا إلى اللّه (5).

2139 - و « من اتخذ محملا للحج كان كمن ارتبط فرسا في سبيل اللّه

ص: 201


1- راجع الخصال ص 292 رواية الحسين بن خالد عن أبي الحسن عليه السلام وفيه « الذين أمروا قوم موسى بعبادة العجل كانوا خمسة » وهو خلاف ما رواه هنا. ثم الكل خلاف ما في الكتاب. راجع لتفصيله الاخبار الداخلية ج 2 ص 251.
2- راجع الكافي ج 4 ص 489 روى ما يدل عليه بسند ضعيف عن حماد بن عثمان عن الصادق (عليه السلام) وأورده المصنف في العلل بسند صحيح.
3- روى المصنف في العلل ص 439 باسناد حسن عن صفوان بن يحيى عن أبي إبراهيم عليه السلام ما يدل على ذلك ، والضحية - على فعلية - والأضحية بمعنى واحد.
4- روى ما يدل عليه في العلل ص 452 باسناده عن جعفر بن عقبة عن أبي الحسن عليه السلام وزاد « فكان يصلى العصر ويخرج منها ويبيت بغيرها ».
5- كما في الكافي ج 4 ص 256 عن الباقر عليه السلام.

عزوجل ». (1)

ويقال : حج فلان أي أفلج (2) ، والحج القصد إلى بيت اللّه عزوجل لخدمته على ما أمر به من قضاء المناسك.

2140 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن محمد بن قيس قال :  « سمعت أبا جعفر عليه السلام يحدث الناس بمكة قال : صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بأصحابه الفجر ثم جلس معهم يحدثهم حتى طلعت الشمس فجعل يقوم الرجل بعد الرجل حتى لم يبق معه إلا رجلان أنصاري وثقفي فقال لهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : قد علمت أن لكما حاجة تريدان أن تسألاني عنها فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني وإن شئتما فاسألاني قالا : بل تخبرنا أنت يا رسول اللّه ، فإن ذلك أجلى للعمى وأبعد من الارتياب وأثبت للايمان ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : أما أنت يا أخا الأنصار فإنك من قوم يؤثرون على أنفسهم وأنت قروي وهذا الثقفي بدوي أفتؤثره بالمسألة؟ قال : نعم ، قال : أما أنت يا أخا ثقيف فإنك جئت تسألني عن وضوئك وصلاتك ومالك فيهما فاعلم أنك إذا ضربت يدك في الماء وقلت : بسم اللّه الرحمن الرحيم تناثرت الذنوب التي اكتسبتها يداك ، فإذا غسلت وجهك تناثرت الذنوب التي اكتسبتها عيناك بنظرهما وفوك بلفظه ، فإذا غسلت ذراعيك تناثرت الذنوب عن يمينك وشمالك ، فإذا مسحت رأسك وقدميك تناثرت الذنوب التي مشيت إليها على قدميك ، فهذا لك في وضوئك (3). فإذا قمت إلى الصلاة وتوجهت وقرأت أم الكتاب وما تيسر لك من السور ثم ركعت فأتممت ركوعها وسجودها وتشهدت وسلمت غفر لك كل ذنب فيما بينك وبين الصلاة التي قدمتها إلى الصلاة المؤخرة فهذا لك في صلاتك.

ص: 202


1- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 281 مسندا عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- في بعض النسخ « أي فلج » أي فاز. وهذا الكلام مضمون خبر رواه المصنف في العلل ص 411 عن أبي جعفر عليه السلام.
3- إلى هنا رواه الكليني في الكافي ج 3 ص 71.

وأما أنت يا أخا الأنصار فإنك جئت تسألني عن حجك وعمرتك ومالك فيهما من الثواب فاعلم أنك إذا توجهت إلى سبيل الحج ثم ركبت راحلتك وقلت : بسم اللّه ومضت بك راحلتك لم تضع راحلتك خفا ولم ترفع خفا إلا كتب اللّه عزوجل لك حسنة ، ومحا عنك سيئة ، فإذا أحرمت ولبيت كتب اللّه تعالى لك في كل تلبية عشر حسنات ، ومحا عنك عشر سيئات ، فإذا طفت بالبيت أسبوعا كان لك بذلك عند اللّه عهد وذكر يستحيي منك ربك أن يعذبك بعده ، فإذا صليت عند المقام ركعتين كتب اللّه لك بهما ألفي ركعة مقبولة ، وإذا سعيت بين الصفا والمروة سبعة أشواط كان لك بذلك عند اللّه عزوجل مثل أجر من حج ماشيا من بلاده ومثل أجر من أعتق سبعين رقبة مؤمنة ، وإذا وقفت بعرفات إلى غروب الشمس فلو كان عليك من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر لغفرها اللّه لك ، فإذا رميت الجمار كتب اللّه لك بكل حصاة عشر حسنات فيما تستقبل من عمرك ، فإذا حلقت رأسك كان لك بعدد كل شعرة حسنة تكتب لك فيما تستقبل من عمرك ، فإذا ذبحت هديك أو نحرت بدنتك كان لك بكل قطرة من دمها حسنة تكتب لك فيما تستقبل من عمرك ، فإذا طفت بالبيت أسبوعا للزيارة وصليت عند المقام ركعتين ضرب ملك كريم على كتفيك فقال : أما ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بينك وبين عشرين ومائة يوم ».

2141 - وروي « أن بني إسرائيل كانت إذا قربت القربان تخرج نار فتأكل قربان من قبل منه ، وإن اللّه تبارك وتعالى جعل الاحرام مكان القربان » (1).

2142 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « ما من مهل يهل في التلبية إلا أهل من عن يمينه من شئ إلى مقطع التراب ، وعن يساره إلى مقطع التراب ، وقال له الملكان : أبشر يا عبد اللّه ، وما يبشر اللّه عبدا إلا بالجنة » (2).

ص: 203


1- رواه في العلل ص 415 مسندا عن أبي المغرا عن الصادق (عليه السلام).
2- روى نحوه الترمذي وابن ماجة والبيهقي والحاكم كلهم من رواية سهل بن سعد عن النبي (صلی اللّه عليه وآله).

2143 - و « من لبى في إحرامه سبعين مرة إيمانا واحتسابا أشهد اللّه له ألف ملك ببراءة من النار ، وبراءة من النفاق » (1).

ومن انتهى إلى الحرم فنزل واغتسل وأخذ نعليه بيده ثم دخل الحرم حافيا تواضعا لله عزوجل محا اللّه عنه مائة ألف سيئة ، وكتب اللّه له مائة ألف حسنة ، وبنى [اللّه] له مائة ألف درجة ، وقضى له مائة ألف حاجة (2).

ومن دخل مكة بسكينة [ووقار] غفر اللّه له ذنبه ، وهو أن يدخلها غير متكبر ولا متجبر (3).

ومن دخل المسجد حافيا على سكينة ووقار وخشوع غفر اللّه له (4).

ومن نظر إلى الكعبة عارفا بحقها غفر اللّه له ذنوبه وكفى ما أهمه (5).

2144 - وقال الصادق عليه السلام : « من نظر إلى الكعبة عارفا (6) فعرف من حقنا وحرمتنا مثل الذي عرف من حقها وحرمتها غفر اللّه له ذنوبه كلها وكفاه هم الدنيا والآخرة ».

ص: 204


1- رواه الكليني ج 4 ص 337 مسندا عن أبي جعفر عليه السلام رفعه عن النبي صلى اللّه عليه وآله وفيه « ألف ألفي ملك ».
2- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 398 باسناده عن أبان بن تغلب قال : « كنت مع أبي عبد اللّه (عليه السلام) مزامله فيما بين مكة والمدينة فلما انتهى إلى الحرم نزل واغتسل وأخذ نعليه بيديه ثم دخل الحرم حافيا فصنعت مثل ما صنع فقال : يا أبان من صنع مثل ما رأيتني صنعت تواضعا لله محا اللّه عنه - الخ ».
3- في الكافي ج 4 ص 401 مسندا عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه قال : « من دخلها بسكينة غفر له ذنبه قلت كيف يدخلها بسكينة؟ قال : يدخل غير متكبر ولا متجبر ».
4- رواه الكليني ج 4 ص 401 في حديثين عن إسحاق ومعاوية ابني عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
5- راجع الكافي ج 4 ص 239 باب فضل النظر إلى الكعبة.
6- مروى في الكافي ج 4 ص 241 وفيه « من نظر إلى الكعبة بمعرفة - الخ ».

2145 - وروي « أن من نظر إلى الكعبة لم يزل تكتب له حسنة وتمحى عنه سيئة حتى يصرف ببصره عنها » (1).

2146 - وروي « أن النظر إلى الكعبة عبادة ، والنظر إلى الوالدين عبادة ، والنظر في المصحف من غير قراءة عبادة (2) والنظر إلى وجه العالم عبادة ، والنظر إلى آل محمد عليهم السلام عبادة ».

2147 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « النظر إلى علي عليه السلام عبادة ».

2148 - وفي خبر آخر قال صلى اللّه عليه وآله : « ذكر علي عليه السلام عبادة ».

2149 - وقال الصادق عليه السلام : « من أم هذا البيت حاجا أو معتمرا مبرءا من الكبر رجع من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه ، والكبر هو أن يجهل الحق ويطعن على أهله ، ومن فعل ذلك فقد نازع اللّه رداءه » (3).

2150 - وقال الصادق عليه السلام : « في قول اللّه عزوجل : « ومن دخله كان آمنا » قال : من أم هذا البيت (4) وهو يعلم أنه البيت الذي أمر اللّه به وعرفنا أهل البيت حق معرفتنا كان آمنا في الدنيا والآخرة ».

وروي : أن من جنى جناية ثم لجأ إلى الحرم لم يقم عليه الحد ، ولا يطعم ولا يشرب ولا يسقى ولا يؤوى (5) حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد ، فإن

ص: 205


1- رواه الكليني ج 4 ص 240 عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- راجع الكافي ج 4 ص 240 وفيه « والنظر إلى الامام عبادة ».
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 453 والكليني في الكافي ج 4 ص 252 ، و فيهما بعد قوله « ولدته أمه » ثم قرأ « فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى » قلت ما الكبر قال : قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ان أعظم الكبر غمص الخلق وسفه الحق « قلت : ما غمص الخلق وسفه الحق؟ قال : يجهل الحق ويطعن على أهله - الخ ».
4- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 545 باسناده عن عبد الخالق الصيقل. وقوله « من أم هذا البيت » أي قصده حاجا أو معتمرا مع الايمان. ولعل ذلك تأويل الآية وما ورد من أن المراد دخول الحرم والبيت فتفسيرها.
5- في أكثر النسخ « ولا يؤذى ».

أتى ما يوجب الحد في الحرم اخذ به في الحرم لأنه لم ير للحرم حرمة (1).

2151 - وقال عليه السلام : « دخول الكعبة (2) دخول في رحمة اللّه ، والخروج منها خروج من الذنوب ، معصوم فيما بقي من عمره ، مغفور له ما سلف من ذنوبه ».

2152 - وقال عليه السلام : « من دخل الكعبة بسكينة وهو أن يدخلها غير متكبر ولا متجبر غفر له ».

2153 - و « من قدم حاجا فطاف بالبيت وصلى ركعتين كتب اللّه له سبعين ألف حسنة ، ومحا عنه سبعين ألف سيئة ، ورفع له سبعين ألف درجة ، وشفعه في سبعين ألف حاجة ، وكتب له عتق سبعين ألف رقبة ، قيمة كل رقبة عشرة آلاف درهم » (3).

2154 - وفي خبر آخر (4) هذا الثواب « لمن طاف بالبيت حتى تزول الشمس

ص: 206


1- روى الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل قتل رجلا في الحل ثم دخل الحرم؟ فقال : لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد ، قلت : فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال : يقام عليه الحد في الحرم صاغرا انه لم ير للحرم حرمة - الحديث » ،
2- في الكافي ج 4 ص 527 والتهذيب ج 1 ص 533 مسندا عن عبد اللّه القداح عن أبيه قال : « سألته عن دخول الكعبة؟ قال : الدخول فيها دخول في رحمة اللّه - الخبر ».
3- رواه الكليني ج 4 ص 411 عن العدة عن البرقي باسناده عن علي بن ميمون الصائغ « قال : قدم رجل على علي بن الحسين عليهما السلام فقال : قدمت حاجا؟ فقال : نعم ، فقال : أتدري ما للحاج؟ قال : لا ، قال من قدم حاجا - الحديث ». ولعل علي بن الحسين تصحيف و الصواب أبى الحسن (عليه السلام) لكونه في المحاسن عنه (عليه السلام) وأيضا رواه المصنف في ثواب الأعمال مسندا عن محمد بن مسلم عن أبي الحسن (عليه السلام).
4- رواه الكليني ج 4 ص 412 عن أبي الحسن (عليه السلام) في حديث قال : « قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ما من طائف يطوف بهذا البيت حين تزول الشمس حاسرا عن رأسه ، حافيا يقارب بين خطاه ويغض بصره ويستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذى أحدا ولا يقطع ذكر اللّه عزوجل عن لسانه الا كتب اللّه له بكل خطوة سبعين ألف حسنة ، ومحا عنه سبعين ألف سيئة ، ورفع له سبعين ألف درجة وأعتق عنه سبعين ألف رقبة ثمن كل رقبة عشرة آلاف درهم ، وشفع في سبعين من أهل بيته ، وقضيت له سبعون ألف حاجة ان شاء فعالجه وان شاء فأجله ».

حاسرا عن رأسه حافيا ، يقارب بين خطاه ويغض بصره ويستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذي أحدا ، ولا يقطع ذكر اللّه عزوجل عن لسانه ».

2155 - وقال الصادق عليه السلام : « إن لله عزوجل حول الكعبة عشرين ومائة رحمة ، منها ستون للطائفين ، وأربعون للمصلين ، وعشرون للناظرين » (1).

2156 - وروي « أن من طاف بالبيت خرج من ذنوبه » (2).

2157 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « من صلى عند المقام ركعتين عدلتا عتق ست نسمات ».

2158 - « وطواف قبل الحج أفضل من سبعين طوافا بعد الحج » (3).

2159 - و « من أقام بمكة سنة فالطواف أفضل له من الصلاة ، ومن أقام سنتين خلط من ذا وذا ، ومن أقام ثلاث سنين كانت الصلاة أفضل له » (4).

2160 - وروي أن « الطواف لغير أهل مكة أفضل من الصلاة ، والصلاة لأهل مكة أفضل » (5).

ص: 207


1- رواه في ثواب الأعمال مسندا ورواه الكليني في الكافي ج 4 ص 240.
2- روى المؤلف - رحمه اللّه - في ثواب الأعمال ص 71 باسناده عن جميل عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) : ان الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا ولم يضعه الا كتب اللّه له عشر حسنات - إلى أن قال - وإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه ، وإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه ، وإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه ، وإذا وقف بالمشعر خرج من ذنوبه ، وإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه ، فعد رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) كذا كذا موطنا كلها يخرجه من ذنوبه ثم قال : فأنى لك ان تبلغ ما بلغ الحاج ».
3- رواه الكليني ج 4 ص 412 بهذا اللفظ مسندا عن ابن القداح عن أبي عبد اللّه (عليه السلام)
4- رواه الكليني ج 4 ص 412 في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
5- رواه الكليني ج 4 ص 412 بسند حسن كالصحيح عن حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

ومن كان مع قوم وحفظ عليهم رحلهم حتى يطوفوا أو يسعوا كان أعظمهم أجرا (1).

2161 - وقال الصادق عليه السلام : « قضاء حاجة المؤمن أفضل من الطواف وطواف وطواف - حتى عد عشرا - » (2).

2162 - وقال الصادق عليه السلام : « الركن اليماني بابنا الذي ندخل منه الجنة » (3).

2163 - وقال عليه السلام : فيه باب من أبواب الجنة لم يغلق منذ فتح. (4)

2164 - و « فيه نهر من الجنة يلقى فيه أعمال العباد » (5).

2165 - وروي أنه « يمين اللّه في أرضه يصافح بها خلقه » (6).

2166 - وقال الصادق عليه السلام : « ماء زمزم شفاء لما شرب له ».

2167 - وروي « أنه من روي من ماء زمزم أحدث له به شفاء ، وصرف عنه داء ».

2168 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يستهدي ماء زمزم وهو بالمدينة » (7).

2169 - وروي « أن الحاج إذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه ».

2170 - وقال علي بن الحسين عليهما السلام : « الساعي بين الصفا والمروة تشفع له

ص: 208


1- رواه الكليني ج 4 ص 545 في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير عن إسماعيل الخثعمي قال. « قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) : انا إذا قدمنا مكة ذهب أصحابنا يطوفون ويتركوني احفظ متاعهم قال : أنت أعظمهم أجرا ».
2- رواه الكليني ج 2 ص 194 ذيل حديث مسند عن إسحاق بن عمار ، وفى حديث آخر عن أبان بن تغلب عنه عليه السلام.
3- مروى مسندا في الكافي ج 4 ص 409.
4- رواه الكليني ج 4 ص 409.
5- رواه المصنف في العلل ص 424.
6- رواه المصنف في العلل ص 424 في حديث.
7- استهدى الشئ أي طلب أن يهدى إليه.

الملائكة فتشفع فيه بالايجاب ».

2171 - وروي أن « من أراد أن يكثر ماله فليطل الوقوف على الصفا و المروة » (1).

2172 - وقال الصادق عليه السلام : « إن تهيأ لك أن تصلي صلواتك كلها الفرائض وغيرها عند الحطيم فافعل فإنه أفضل بقعة على وجه الأرض ».

والحطيم ما بين باب البيت والحجر الأسود وهو الموضع الذي فيه تاب اللّه عزوجل على آدم عليه السلام ، وبعده الصلاة في الحجر أفضل ، وبعد الحجر ما بين الركن العراقي وباب البيت وهو الموضع الذي كان فيه المقام ، وبعده خلف المقام حيث هو الساعة ، وما قرب من البيت فهو أفضل (2) إلا أنه لا يجوز لك أن تصلي ركعتي طواف النساء وغيره إلا خلف المقام حيث هو الساعة.

2173 - و « من صلى في المسجد الحرام صلاة واحدة قبل اللّه عزوجل منه كل صلاة صلاها وكل صلاة يصليها إلى أن يموت » (3).

2174 - و « الصلاة فيه بمائة ألف صلاة ». (4)

2175 - و « إذا أخذ الناس مواطنهم بمنى نادى مناد من قبل اللّه عزوجل إن أردتم أن أرضى فقد رضيت ». (5)

2176 - وروي أنه « إذا أخذ الناس منازلهم بمنى ناداهم مناد : لو تعلمون بفناء من حللتم لأيقنتم بالخلف بعد المغفرة ». (6)

ص: 209


1- رواه الكليني ج 4 ص 433 بسند مرفوع عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
2- راجع الكافي ج 4 ص 525 باب الصلاة في المسجد الحرام وأفضل بقعة فيه.
3- تقدم تحت رقم 681 في خبر أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام).
4- تقدم تحت رقم 680 في خبر خالد بن ماد عن الصادق (عليه السلام).
5- رواه الكليني بلفظه باسناده عن داود بن أبي يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام ج 4 ص 262.
6- في الكافي ج 4 ص 263 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام ، والخلف - محركة - : العوض يعنى عوض ما أنفقتم وهو ناظر إلى قوله تعالى « وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه ».

2177 - وروي « أن الجبار جل جلاله يقول : إن عبدا أحسنت إليه وأجملت إليه فلم يزرني في هذا المكان في كل خمس سنين لمحروم ». (1)

2178 - وقد « صلى في مسجد الخيف - بمنى - سبعمائة نبي. » (2)

2179 - و « كان مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد ، وفوقها إلى القبلة نحو ثلاثين ذراعا ، [و] عن يمينها وعن يسارها وخلفها نحو ذلك ». (3)

2180 - و « من صلى في مسجد منى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما ، ومن سبح اللّه في مسجد منى مائة تسبيحة كتب اللّه عزوجل له أجر عتق رقبة ، ومن هلل اللّه فيه مائة مرة عدلت إحياء نسمة ، ومن حمد اللّه عزوجل فيه مائة مرة عدلت أجر خراج العراقين في سبيل اللّه عزوجل » (4).

2181 - و « الحاج إذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه » (5).

2182 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « ما يقف أحد على تلك الجبال بر ولا فاجر إلا استجاب اللّه له ، فأما البر فيستجاب له في آخرته ودنياه ، وأما الفاجر فيستجاب له في دنياه ».

ص: 210


1- في الكافي ج 4 ص 278 عن ذريح المحاربي عن الصادق (عليه السلام) قال : « من مضت له خمس سنين فلم يفد إلى ربه وهو موسر انه لمحروم » ، ورواية حمران عن الباقر (عليه السلام) قال : « ان لله مناديا ينادى أي عبد أحسن اللّه إليه وأوسع عليه في رزقه فلم يفد إليه في كل خمسة أعوام مرة ليطلب نوافله ان ذلك لمحروم » والمراد بالنوافل زوائد رحمته وعطاياه سبحانه.
2- تقدم بلفظه تحت رقم 688 في حديث جابر عن أبي جعفر (عليه السلام).
3- تقدم تحت رقم 690 ، ورواه الكليني ج 4 ص 519 باسناده عن معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام).
4- تقدم نحوه تحت رقم 689 عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام.
5- رواه جميل عن الصادق عليه السلام وتقدم جزء منه تحت رقم 2154 وسيأتي بعضه.

2183 - وقال الصادق عليه السلام : « ما من رجل من أهل كورة وقف بعرفة من المؤمنين إلا غفر اللّه لأهل تلك الكورة من المؤمنين (1) وما من رجل وقف بعرفة من أهل بيت من المؤمنين إلا غفر اللّه لأهل ذلك البيت من المؤمنين ».

2184 - و « سمع علي بن الحسين عليهما السلام يوم عرفة سائلا يسأل الناس فقال له : ويحك أغير اللّه تسأل في هذا اليوم؟ إنه ليرجى لما في بطون الحبالى في هذا اليوم أن يكون سعيدا » (2).

2185 - و « كان أبو جعفر عليه السلام إذا كان يوم عرفة لم يرد سائلا ». (3)

ومن أعتق عبدا له عشية يوم عرفة فإنه يجزي عن العبد حجة الاسلام (4) ، ويكتب للسيد أجران ثواب العتق وثواب الحج.

وروي في العبد إذا أعتق يوم عرفة أنه إذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج. (5)

وأعظم الناس جرما من أهل عرفات الذي ينصرف من عرفات وهو يظن أنه لم يغفر له (6) يعني الذي يقنط من رحمة اللّه عزوجل.

ص: 211


1- الكورة - بالضم - المدينة والناحية.
2- أي يرجى من فضل اللّه لمن يكون حملا في هذا اليوم في هذا الموضع أن يجعل سعيدا وان كتب عليه شقاوته كما سيجئ أنه يكتب عليه في بطن أمه سعيد أو شقى فكيف تسأل من الناس شيئا ولك لسان يمكنك الطلب من اللّه تعالى.
3- وإن كان الأولى بالنظر إلى السائل أن لا يسأل فالأولى بالنظر إلى المسؤول ان لا يرده لكراهة الرد مطلقا لا سيما في ذلك اليوم. (م ت)
4- مضمون ما رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 276 باسناده عن السراد عن شهاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أعتق عشية عرفه عبدا له أيجزي عن العبد حجة الاسلام قال : نعم - الحديث » وسيجيئ إن شاء اللّه.
5- سيجيئ خبره على وجهه إن شاء اللّه تعالى.
6- روى الكليني في الكافي ج 4 ص 541 في الحسن كالصحيح عن بعض الأصحاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله رجل في المسجد الحرام من أعظم الناس وزرا فقال من يقف بهذين الموقفين عرفة والمزدلفة وسعى بين هذين الجبلين ثم طاف بهذا البيت وصلى خلف مقام إبراهيم (عليه السلام) ثم قال في نفسه أو ظن أن اللّه لا يغفر له فهو من أعظم الناس وزرا ». وقوله « يعنى » تفسير الصدوق - رحمه اللّه - لا مضمون الرواية.

2186 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا كان عشية عرفة بعث اللّه عزوجل ملكين يتصفحان وجوه الناس فإذا فقدا رجلا قد عود نفسه الحج ، قال أحدهما لصاحبه : يا فلان ما فعل فلان؟ قال : فيقول : اللّه أعلم ، قال : فيقول أحدهما : اللّهم إن كان حبسه عن الحج فقر فأغنه ، وإن كان حبسه دين فاقض عنه دينه ، وإن كان حبسه مرض فاشفه ، وإن كان حبسه موت فاغفر له وارحمه ».

2187 - وقال عليه السلام : « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش ولك مائة ألف ضعف مثله. وإذا دعا لنفسه كانت له واحدة ، فمائة ألف مضمونة خير من واحدة لا يدرى يستجاب له أم لا » (1).

2188 - و « من دعا لأربعين رجلا من إخوانه قبل أن يدعو لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه ». (2)

2189 - و « من مر بين مأزمي منى غير مستكبر غفر اللّه له ذنوبه ». (3)

2190 - و « إن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لأصوات المؤمنين ، لهم دوي كدوي النحل يقول اللّه عزوجل : أنا ربكم وأنتم عبادي أديتم حقي وحق علي أن أستجيب لكم فيحط تلك الليلة عمن أراد أن يحط عنه ذنوبه ويغفر لمن أراد

ص: 212


1- روى الكليني ج 2 ص 508 نحوه عن عبد اللّه بن جندب عن موسى بن جعفر عليها السلام في حديث.
2- روى المؤلف في الصحيح أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من قدم أربعين رجلا من إخوانه فدعا لهم ثم دعا لنفسه استجيب له فيهم وفى نفسه ».
3- الظاهر أن المراد بهما مضيق مكة إلى منى ومضيق منى إلى عرفات وهو المزدلفة ويحتمل أن يكون المراد به المشعر فقط كما فهمه الأصحاب ويطلقون عليه في كتبهم ، والأول أوفق بكلام أهل اللغة (م ت) أقول : في القاموس المأزم ويقال له : المأزمان : مضيق بين جمع وعرفة ، وآخر بين مكة ومنى.

أن يعفر له » (1).

فإذا ازدحم الناس فلم يقدروا على أن يتقدموا ولا يتأخروا كبروا فإن التكبير يذهب بالضغاط (2).

2191 - و « الحاج إذا وقف بالمشعر خرج من ذنوبه » (3).

والوقوف بعرفة سنة ، وبالمشعر فريضة. (4)

وما من عمل أفضل يوم النحر من دم مسفوك ، أو مشي في بر الوالدين أو ذي - رحم قاطع يأخذ عليه بالفضل ويبدأه بالسلام ، أو رجل أطعم من صالح نسكه ثم دعا إلى بقيته جيرانه من اليتامى وأهل المسكنة والمملوك وتعاهد الاسراء. (5)

2192 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « استفرهوا ضحاياكم فإنها مطاياكم على الصراط ». (6)

2193 - وجاءت أم سلمة - رضي اللّه عنها - إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فقالت : « يا رسول اللّه يحضر الأضحى وليس عندي ثمن الأضحية فأستقرض وأضحي؟ فقال : استقرضي [وضحي] فإنه دين مقضي ». (7)

ص: 213


1- روى الكليني في باب ليلة المزدلفة والوقوف بالمشعر في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث أنه قال : « ان استطعت أن تحيى تلك الليلة فافعل فإنه بلغنا أن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لأصوات المؤمنين ، لهم دوي كدوي النحل يقول اللّه تعالى أنا ربكم - إلى قوله -. يغفر له ».
2- سيأتي الكلام فيه.
3- جزء من خبر جميل بن دراج الذي تقدم في الهامش.
4- الوقوف بعرفة ظهر وجوبه من السنة ، وبالمشعر من الكتاب قوله تعالى « فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا اللّه عند المشعر الحرام ».
5- هذه الأعمال مطلوبة يوم النحر مطلقا وان لم يكن بمنى. (م ت)
6- أي اختاروا الفارهة الجيدة منها غير المعيوبة ، ورواه المؤلف في العلل ص 438 بسند قوى عن موسى بن جعفر عليه السلام رفعه عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
7- رواه في العلل ص 440 بالسند الذي تقدم للخبر السابق.

2194 - و « يغفر لصاحب الأضحية عند أول قطرة تقطر من دمها ». (1)

2195 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إنما استحسنوا إشعار البدن لان أول قطرة تقطر من دمها يغفر اللّه له على ذلك ». (2)

2196 - و « من كف بصره ولسانه ويده أيام التشريق كتب اللّه عزوجل له مثل حج [من] قابل ». (3)

2197 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « رمي الجمار ذخر يوم القيامة ». (4)

2198 - وقال صلى اللّه عليه وآله : « الحاج إذا رمى الجمار خرج من ذنوبه ».

2199 - وقال الصادق عليه السلام : « من رمى الجمار يحط عنه بكل حصاة كبيرة موبقة ، وإذا رماها المؤمن التقفها الملك (5) ، وإذا رماها الكافر قال الشيطان : بإستك ما رميت ». (6)

2200 - وقال الصادق عليه السلام : « إن المؤمن إذا حلق رأسه بمنى ثم دفنه جاء يوم القيامة وكل شعرة لها لسان طلق تلبي باسم صاحبها ».

2201 - و « استغفر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله للمحلقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة ». (7)

ص: 214


1- رواه في العلل ص 440 مسندا عن شريح بن هاني ، عن أمير المؤمنين (عليه السلام).
2- رواه باسناده عن جابر الجعفي عنه عليه السلام في العلل ص 434.
3- يشبه أن يكون خبرا مأثورا بلفظه ولم أجده ، نعم روى ابن حبان في الثواب و البيهقي في شعب الايمان عن الفضل بن العباس عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) قال : من « حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة » كما في الجامع الصغير.
4- كما في رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي ج 4 ص 261.
5- في المحاسن ص 67 مسندا والتقف الشئ : تناولها بسرعة. والموبقة : المهلكة.
6- أي أنت من حزبي ومع ذلك ترمانى بالجمرة. والخبر رواه الكليني ج 4 ص 480 مسندا عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام إلى قوله « موبقة ».
7- روى الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب ج 1 ص 516 في الصحيح عن حريز عن الصادق عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يوم الحديبية : اللّهم اغفر للمحلقين مرتين ، قيل : وللمقصرين؟ قال : للمقصرين ، وفى الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « استغفر رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) للمحلقين ثلاث مرات ». وروى مثله مسلم في صحيحه.

2202 - وروي « أن من حلق رأسه بمنى كان له بكل شعرة نور يوم القيامة ». (1)

ولا يجوز للصرورة أن يقصر ، وعليه الحلق. (2)

2203 - وسئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه » قال : يرجع مغفورا لا ذنب له ».

2204 - وروي « يخرج من ذنوبه كنحو ما ولدته أمه ». (3)

2205 - وقال عليه السلام : « لا يزال العبد في حد الطائف بالكعبة ما دام شعر الحلق عليه ». (4)

2206 - وروي « أن الحاج من حين يخرج من منزلة حتى يرجع بمنزلة الطائف بالكعبة ». (5)

ص: 215


1- في الكافي ج 4 ص 261 مسندا عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله « وحلق الرأس لك بكل شعرة نور يوم القيامة ».
2- سيجيئ أخباره وحكمه إن شاء اللّه تعالى.
3- روى الكليني ج 4 ص 252 في الصحيح عن عبد الاعلى قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « كان أبى يقول : من أم هذا البيت حاجا أو معتمرا مبرءا من الكبر رجع من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه ثم قرأ » فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى « قلت ما الكبر الحديث ».
4- أي عليه الشعر الذي نبت بعد الحلق بمنى ، وروى الكليني في الحسن كالصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يزال العبد في حد الطواف بالكعبة ما دام حلق الرأس عليه » أي إذا حلق رأسه بمنى فان له ثواب الطائف بالكعبة إلى حلق آخر ».
5- يمكن أن يكون مأخوذا مما رواه الكليني ج 4 ص 428 في الحسن كالصحيح عن زياد القندي قال : « قلت لأبي الحسن عليه السلام جعلت فداك انى أكون في المسجد الحرام وأنظر إلى الناس يطوفون بالبيت وأنا قاعد فأغتم لذلك ، فقال : يا زياد لا عليك ، فان المؤمن إذا خرج من بيته يؤم الحج لا يزال في طواف وسعى حتى يرجع ».

2207 - وقال الصادق عليه السلام : « من حج حجة الاسلام فقد حل عقدة من النار من عنقه ، ومن حج حجتين لم يزل في خير حتى يموت ، ومن حج ثلاث حجج متوالية ، ثم حج أو لم يحج فهو بمنزلة مدمن الحج » (1).

2208 - وروى « أن من حج ثلاث حجج لم يصبه فقر أبدا » (2).

2209 - و « أيما بعير حج عليه ثلاث سنين جعل من نعم الجنة ». وروي « سبع سنين ». (3)

2210 - وقال الرضا عليه السلام : « من حج بثلاثة من المؤمنين فقد اشترى نفسه من اللّه عزوجل بالثمن ، ولم يسأله من أين اكتسب ماله من حلال أو حرام » (4).

ص: 216


1- مدمن الحج هو الذي إذا وجد سبيلا إلى الحج حج كما أن مدمن الخمر هو الذي إذا وجد الخمر شربه ، رواه الكليني باسناده عن فضيل بن يسار عن أحدهما عليهما السلام في ج 4 ص 542 ، ومن قوله « ومن حج حجتين إلى قوله » مدمن الحج رواه المصنف مسندا في الخصال ص 60 وص 117 من حديث صفوان بن مهران وحريز بن عبد اللّه.
2- رواه المصنف في الخصال ص 117 باسناده عن صفوان بن مهران عن الصادق عليه السلام.
3- روى المؤلف في ثواب الأعمال ص 74 في حديث عن يونس بن يعقوب عن علي ابن الحسين عليهما السلام قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله « ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج الا جعله اللّه من نعم الجنة وبارك في نسله ».
4- نقله المؤلف مسندا في العيون وقال : يعنى بذلك أنه لم يسأله عما وقع في ماله من الشبهة ، ويرضى عنه خصماءه بالعوض ، ونقل الفيض - رحمه اللّه - هذا الكلام في الوافي وقال : لعل ذلك بشرط التوبة وعدم معرفة أصحاب المال بأعيانهم ليرده عليهم - انتهى. أقول: فى طريق الرواية سلمة بن الخطّاب و هو ضعيف، و أحمد بن على و هو مجهول و الديلميّ أعنى الحسن بن عليّ و هو مهمل و لقد روى المؤلّف- رحمه اللّه- في الفقيه كما سيجي ء و قال: روى عن الأئمّة عليهم السلام انهم قالوا:« من حجّ بمال حرام نودى عند التلبية: لا لبّيك عبدى و لا سعديك». و روى الطبراني في الاوسط عن أبي هريرة و الأصبهانيّ في الترغيب عن أسلم العدوى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال:« إذا خرج الحاجّ حاجّا بنفقة طيّبة و وضع رجله في الغرز فنادى لبّيك اللّهمّ لبّيك ناداه مناد من السماء: لبّيك و سعديك، زادك حلال و راحلتك حلال، و حجّك مبرور غير مأزور؛ و إذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى لبّيك، ناداه مناد من السماء: لا لبّيك و لا سعديك، زادك حرام، و حجّك مأزور غير مبرور».

2211 - و « من حج أربع حجج لم تصبه ضغطة القبر أبدا ، وإذا مات صور اللّه عزوجل الحجج التي حج في صورة حسنة أحسن ما يكون من الصور بين عينيه تصلي في جوف قبره حتى يبعثه اللّه عزوجل من قبره ويكون ثواب تلك الصلاة له واعلم أن الركعة من تلك الصلاة تعدل ألف ركعة من صلاة الآدميين » (1).

2212 - و « من حج خمس حجج لم يعذبه اللّه أبدا ، ومن حج عشر حجج لم يحاسبه اللّه أبدا ، ومن حج عشرين حجة لم ير جهنم ولم يسمع شهيقها ولا زفيرها » (2).

2213 - و « من حج أربعين حجة قيل له : اشفع فيمن أحببت ويفتح له باب من أبواب الجنة يدخل منه هو ومن يشفع له ». (3)

2214 - و « من حج خمسين حجة بنى له مدينة في جنة عدن فيها ألف قصر ، في كل قصر ألف حوراء من حور العين ، وألف زوجة ، ويجعل من رفقاء محمد صلى اللّه عليه وآله في الجنة ». (4)

2215 - و « من حج أكثر من خمسين حجة كان كمن حج خمسين حجة مع محمد والأوصياء صلوات اللّه عليهم ، وكان ممن يزوره اللّه عزوجل كل جمعة

ص: 217


1- رواه في الخصال ص 215 من حديث منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
2- رواه أيضا في الخصال ص 283 و 445 و 516 من حديث أبي بكر الحضرمي عن الصادق عليه السلام.
3- رواه في الخصال ص 548 من حديث أبي يحيى زكريا الموصلي كوكب الدم عن موسى بن جعفر عليهما السلام.
4- رواه في الخصال ص 571 من حديث هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).

وهو من يدخل جنة عدن التي خلقها اللّه عزوجل بيده ولم ترها عين ، ولم يطلع عليها مخلوق ، وما من أحد يكثر الحج إلا بنى اللّه عزوجل له بكل حجة مدينة في الجنة فيها غرف ، في كل غرفة منها حوراء من حور العين ، مع كل حوراء ثلاثمائة جارية ، لم ينظر الناس إلى مثلهن حسنا وجمالا » (1).

2216 - وقال الصادق عليه السلام : « من حج سنة وسنة لا فهو ممن أدمن الحج ».

2217 - وقال إسحاق بن عمار قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني قد وطنت نفسي على لزوم الحج كل عام بنفسي أو برجل من أهل بيتي بمالي ، فقال : وقد عزمت على ذلك؟ قلت : نعم [قد عزمت على ذلك] فقال : إن فعلت ذلك فأيقن بكثرة المال - أو أبشر بكثرة المال - ».

2218 - وروي أنه « ما تقرب عبد إلى اللّه عزوجل بشئ أحب إليه من المشي إلى بيته الحرام على القدمين ، وإن الحجة الواحدة تعدل سبعين حجة ، و من مشى عن جمله كتب اللّه له ثواب ما بين مشيه وركوبه ، والحاج إذا انقطع شسع نعله كتب اللّه له ثواب ما بين مشيه حافيا إلى متنعل » (2).

2219 - « والحج راكبا أفضل منه ماشيا ، لان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حج راكبا » (3).

ص: 218


1- لم أجده في مظانه والظاهر أنه خبر مأثور بلفظه مثل ما تقدم.
2- الظاهر إلى هنا خبر واحد كما في الوسائل ولم أجده مسنده في المصادر التي عندي.
3- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 583 في الموثق عن رفاعة وابن بكير جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الحج ماشيا أفضل أو راكبا ، فقال : بل راكبا ، فان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حج راكبا » ورواه الكليني ج 4 ص 456. و يمكن الجمع بوجوه الاوّل أن يحمل أخبار المشى من مكّة لافعال الحجّ كما يظهر من صحيحة رفاعة قال:« سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مشى الحسن عليه السلام من مكّة أو المدينة قال: من مكّة، و سألته إذا زرت البيت أركب أو أمشى فقال: كان الحسن عليه السلام يزور راكبا»( الكافي ج 4 ص 456). الثاني أن يحمل أخبار المشى على من لم يضعّفه عن الدعاء و العبادة و الركوب على-- غيره كما يظهر من صحيحة سيف التّمار قال:« قلت لابى عبد اللّه عليه السلام: انا كنّا نحجّ مشاة فبلغنا عنك شي ء فما ترى؟ قال: ان الناس ليحجّون مشاة و يركبون، قلت: ليس عن ذلك أسألك، قال: فعن أي شي ء سألت؟ قلت: أيّهما أحبّ إليك أن نصنع؟ قال: تركبون أحبّ الى، فان ذلك أقوى لكم على الدعاء و العبادة» الكافي ج 4 ص 456. الثالث أن يحمل أخبار الركوب على ما إذا أخذ معه مركبا يتخذه لحاجته و ضرورته و المشى على المشى معه كما يظهر من قوله عليه السلام فيما يأتي رقم 2219.

والجمع ما بين الخبرين في هذا المعنى :

2020 - ما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام أنه سأله « عن المشي أفضل أو الركوب؟ فقال : إذا كان الرجل موسرا فمشى ليكون أقل لنفقته فالركوب أفضل ».

2221 - و « كان الحسين بن علي عليهما السلام يمشي وتساق معه المحامل و الرحال ».

2222 - و « جاء رجل (1) إلى علي بن الحسين عليهما السلام فقال : قد آثرت الحج على الجهاد ، وقد قال اللّه عزوجل : « إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة - إلى آخرها » فقال له علي بن الحسين عليهما السلام : فاقرأ ما بعدها فقال : « التائبون العابدون الحامدون - إلى أن بلغ آخر الآية » فقال : إذا رأيت هؤلاء فالجهاد معهم يؤمئذ أفضل من الحج ». وروي أنه عليه السلام : قرأ « التائبين العابدين - إلى آخر الآية ».

2223 - و « من حج يريد به وجه اللّه عزوجل لا يريد به رياء ولا سمعة غفر اللّه له البتة ». (2)

2224 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أراد دنيا وآخرة فليؤم هذا البيت ».

ص: 219


1- الرجل هو عباد البصري الصوفي والخبر رواه الكليني والشيخ - رحمهما اللّه -.
2- رواه المصنف في ثواب الأعمال ص 74 من حديث سيف التمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

2225 - و « من رجع من مكة وهو ينوي الحج من قابل زيد في عمره » (1).

2226 - و « من خرج من مكة وهو لا ينوي العود إليها فقد قرب أجله ودنا عذابه ». (2)

2227 - وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « ترون هذا الجبل - ثافلا - إن يزيد ابن معاوية لما رجع من حجه مرتحلا إلى الشام أنشأ يقول :

إذا تركنا ثافلا يمينا *** فلن نعود بعده سنينا

للحج والعمرة ما بقينا

فأماته اللّه عزوجل قبل أجله » (3).

2228 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « ما من عبد يؤثر على الحج حاجة من حوائج الدنيا إلا نظر إلى المحلقين قد انصرفوا قبل أن تقضى له تلك الحاجة ». (4)

2229 - وقال الصادق عليه السلام : « ما تخلف رجل من الحج إلا بذنب (5) وما يعفو اللّه عزوجل أكثر ».

2230 - و « سئل » عن قول اللّه عزوجل : « فأصدق وأكن من الصالحين » قال : أصدق من الصدقة ، وأكن من الصالحين أي أحج.

2231 - وقال الرضا عليه السلام : « العمرة إلى العمرة كفارة ما بينهما ».

2232 - وروي عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : « الحجة ثوابها الجنة ، والعمرة كفارة كل ذنب » وأفضل العمرة رجب (6).

ص: 220


1- رواه الكليني ج 4 ص 281 باسناده عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- رواه الكليني أيضا ج 4 ص 270 باسناده عن الحسين الأحمسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام وفيه « لا يريد العود ».
3- ذكر هذا الخبر لبيان الشاهد على تعجيل عذاب من لا ينوى العود.
4- « على الحج » أي حجة الاسلام. وهذا مجرب.
5- أي ذلك التخلف بسبب ذنب اكتسبه.
6- ستجيئ الاخبار في ذلك إن شاء اللّه.

2233 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « كل نعيم مسؤول عنه صاحبه إلا ما كان في غزو أو حج ».

2234 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « الحج والعمرة سوقان من أسواق الآخرة اللازم لهما من أضياف اللّه عزوجل إن أبقاه أبقاه ولا ذنب له وإن أماته أدخله الجنة ».

2235 - وسئل الصادق عليه السلام « عن رجل ذي دين يستدين ويحج؟ فقال : نعم هو أقضى للدين » (1).

2236 - وروي عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن رجلا استشارني في الحج وكان ضعيف الحال فأشرت عليه أن لا يحج ، فقال : ما أخلقك أن تمرض سنة ، فقال : فمرضت سنة ».

2237 - وقال الصادق عليه السلام : « ليحذر أحدكم أن يعوق أخاه من الحج فتصيبه فتنة في دنياه مع ما يدخر له في الآخرة ».

2238 - وقد روي « أن الحج أفضل من الصلاة والصيام لان المصلي إنما يشتغل عن أهله ساعة. وأن الصائم يشتغل عن أهله بياض يوم ، وأن الحاج يشخص بدنه ويضحى نفسه (2) وينفق ماله ويطيل الغيبة عن أهله ، لا في مال يرجوه ولا إلى تجارة ».

2239 - وروي « أن صلاة فريضة خير من عشرين حجة وحجة خير من بيت مملوء ذهبا يتصدق به حتى ينفى ».

قال مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - هذان الحديثان متفقان ، غير مختلفين وذلك أن الحج فيه صلاة والصلاة ليس فيها حج فالحج بهذا الوجه أفضل من الصلاة

ص: 221


1- رواه الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 329 مسندا.
2- من الضحية يعنى يجعلها بارزة للشمس بالسير والسلوك في ضاحية النهار. (م ح ق)

وصلاة فريضة أفضل من عشرين حجة متجردة عن الصلاة (1).

2240 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « ما من حاج يضحى ملبيا (2) حتى تزول الشمس إلا غابت ذنوبه معها ، والحج والعمرة ينفيان الفقر كما ينفي الكير (3) خبث الحديد ».

2241 - و « سئل الصادق عليه السلام عن الرجل يحج عن آخر أله من الأجر والثواب شئ؟ فقال : للذي يحج عن الرجل أجر وثواب عشر حجج ويغفر له ولأبيه ولامه ولابنه ولابنته ولأخيه ولأخته ولعمه ولعمته ولخاله ولخالته ، إن اللّه واسع كريم ».

2242 - وقال الصادق عليه السلام : « من حج عن إنسان اشتركا حتى إذا قضى طواف الفريضة انقطعت الشركة ، فما كان بعد ذلك من عمل كان لذلك الحاج ».

2243 - وسأل علي بن يقطين أبا الحسن عليه السلام « عن رجل دفع إلى خمسة نفر حجة واحدة ، فقال : يحج بها بعضهم ، وكلهم شركاء في الاجر (4) فقال له : لمن الحج؟

ص: 222


1- قال الشهيد في قواعده : لعل المعارضة بين الصلاة الواجبة والحج المندوب ، وبين المتفضل في الصلاة والمستحق في الحج مع قطع النظر عن المتفضل في الحج ، أو يراد به أن لو حج في ملة غير هذه الملة ، وأما الصلاة المندوبة فيمكن أن لا يراد الواحدة أفضل من الحج إذ ليس في الحديث الا الفريضة ، وأما حديث « خير أعمالكم الصلاة - الخ » فيمكن حمله على المعهودة وهي الفرائض ويؤيده الأذان والإقامة لاختصاصهما بها أو نقول لو صرف زمان الحج والعمرة في الصلاة المندوبة كان أفضل منها ، أو يختلف بحسب الأحوال والأشخاص كما نقل أنه صلى اللّه عليه وآله « سئل أي الأعمال أفضل ، فقال : الصلاة لأول وقتها ، وسئل أيضا أي الأعمال أفضل ، فقال : بر الوالدين ، وسئل أي الأعمال أفضل فقال : حج مبرور » فتخص بما يليق بالسائل من الأعمال فيكون لذلك السائل والدان محتاجان إلى بره ، والمجاب بالصلاة يكون عاجزا عن الحج والجهاد ، والمجاب بالجهاد في الخبر السابق يكون قادرا عليه كذا ذكره بعض العلماء رفعا للتناقض.
2- أي يبرز في حر الشمس ويلبى.
3- هو الزق الذي ينفخ فيه الحديد.
4- أي أعطاهم جميعا ليذهب واحد منهم ويكون سائرهم شركاء في الثواب الحج فالثواب الكامل لمن حج منهم ولكل واحد منهم حظ من الثواب ، وفى الصحاح صلى بالامر إذا قاسى شدة حره. (المرآة)

فقال : لمن صلي في الحر والبرد ».

فإن أخذ رجل من رجل مالا يحج عنه ومات ولم يخلف شيئا فإن كان الأجير قد حج اخذت حجته ودفعت إلى صاحب المال ، وإن لم يكن حج كتب لصاحب المال ثواب الحج (1).

2244 - وقال الصادق عليه السلام : « لو أشركت ألفا في حجتك لكان لكل واحد حج من غير أن ينقص من حجتك شئ ».

2245 - وروي « أن اللّه عزوجل جاعل له ولهم حجا وله أجر لصلته إياهم » (2).

ومن أراد أن يطوف عن غيره فليقل حين يفتتح الطواف : « اللّهم تقبل من فلان » ويسمي الذي يطوف عنه (3).

2246 - ومن حج عن غيره فليقل « اللّهم ما أصابني من نصب أو تعب أو شعث فآجر فيه فلانا وآجرني في قضائي عنه » (4).

ص: 223


1- لما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في الكافي ج 4 ص 311 وقوله « اخذت حجته » لعل هذا ينافي وجوب استيجار الحج ثانيا واستعادة الاجر مع الامكان كما هو المشهور. (المرآة)
2- روى الكليني ج 4 ص 315 باسناده الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قلت له : أشرك أبوي في حجتي؟ قال : نعم ، قلت : أشرك اخوتي في حجتي؟ قال : نعم ان اللّه عزوجل جاعل لك حجا ولهم حجا ولك أجر لصلتك إياهم ، قلت : فأطوف عن الرجل والمرأة وهم بالكوفة؟ فقال : نعم تقول حين تفتتح الطواف : » اللّهم تقبل من فلان « الذي تطوف عنه » أي تسميه باسمه.
3- كما في ذيل خبر ابن عمار.
4- رواه الكليني ج 4 ص 311 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا « اللّهم ما أصابني من نصب أو شعث أو شدة فاجر فلانا فيه وآجرني في قضائي عنه ». والشعث تفرق البال ونحوه. وفى آخر عن الحلبي « اللّهم ما أصابني في سفري هذا من تعب أو شدة أو بلاء أو شعث فاجر فلانا فيه وآجرني في قضائي عنه ».

وقد روي أنه يذكره إذا ذبح (1) ، وإن لم يقل شيئا فليس عليه شئ لان اللّه عزوجل عالم بالخفيات.

ومن وصل قريبا بحجة أو عمرة كتب اللّه عزوجل له حجتين وعمرتين (2) وكذلك من حمل عن حميم يضاعف له الاجر ضعفين (3).

2247 - وروي « أن حجة واحدة أفضل من عتق سبعين رقبة » (4).

2248 - و « ولما صد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (5) أتاه رجل فقال يا رسول اللّه إني رجل ميل  - يعني كثير المال - وإني في بلد ليس يصلح مالي غيري (6) فأخبرني يا رسول اللّه بشئ إن أنا صنعته كان لي مثل أجر الحاج ، فقال له : انظر إلى الجبل - يعني أبا قبيس - لو أنفقت مثل هذا ذهبا تتصدق به في سبيل اللّه عزوجل ما أدركت أجر الحاج » (7).

ص: 224


1- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 566 والاستبصار ج 2 ص 326 بسند حسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يحج عن الانسان يذكره في جميع المواطن كلها؟ قال : ان شاء فعل وان شاء لم يفعل ، اللّه يعلم أنه قد حج عنه ، ولكنه يذكره عند الأضحية إذا ذبحها ».
2- روى الكليني ج 4 ص 316 في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يشرك أباه وأخاه وقرابته في حجه؟ فقال : إذا يكتب لك حجا مثل حجهم وتزداد أجرا بما وصلت ».
3- « حمل عن حميم » بان قضى له دينا أو أدى دية كانت عليه والاخبار في ذلك مستفيضة.
4- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 452 عن عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام. وروى المصنف في ثواب الأعمال ص 72 باسناده عن عمر بن يزيد قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : الحج أفضل من عتق عشر رقبات حتى عد سبعين رقبة ، والطواف وركعتاه أفضل من عتق رقبة ».
5- أي منعه المشركون من دخول مكة في الحديبية من العمرة ، والظاهر أن لفظة « صد » تصحيف وقع من الناسخ والصواب « أفاض » كما في الكافي والتهذيب وثواب الأعمال أو الصواب « صدر رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) » بمعنى أفاض وسقط حرف الراء من قلم الناسخ في الأوائل.
6- أن أنا ضابط مالي وليس أحد يقوم بأمري ، وفى بعض النسخ « ليس يصلح لي غيري »
7- زاد في التهذيب « ثم قال : ان الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا ولم يضعه الا كتب اللّه له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، فإذا ركب بعيره لم يرفع خفا ولم يضعه الا كتب اللّه له مثل ذلك ، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه ، فإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه ، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه ، فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه ، فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه ، قال : فعد رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) كذا وكذا موقفا إذا وقفها الحاج خرج من ذنوبه ، ثم قال : أنى لك أن تبلغ ما يبلغ الحاج ».

2249 - وقال الصادق عليه السلام : « من أنفق درهما في الحج كان خيرا له من مائة ألف درهم ينفقها في حق ».

2250 - وروي « درهما في الحج خير من ألف ألف درهم في غيره ، ودرهم يصل إلى الامام مثل ألف ألف درهم في الحج ».

2251 - وروي « أن درهما في الحج أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه في سبيل اللّه عزوجل ». (1)

2252 - و « الحاج عليه نور الحج ما لم يلم بذنب » (2).

وهدية الحاج من نفقة الحج (3).

ولا تماكس في أربعة أشياء في ثمن الكفن وفي ثمن النسمة وفي شراء الأضحية وفي الكراء إلى مكة. (4)

ص: 225


1- روى البرقي في المحاسن ص 64 مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث « ولدرهم ينفقه الحاج يعدل ألفي ألف درهم في سبيل اللّه ».
2- روى الكليني ج 4 ص 255 باسناده عن داود بن أبي يزيد عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الحاج لا يزال عليه نور الحج ما لم يلم بذنب » وقال الجوهري : ألم الرجل من اللمم وهي صغار الذنوب ، ويقال : هو مقاربة المعصية.
3- روى الكليني ج 4 ص 280 باسناده عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « هدية الحج من الحج » وفى مرفوعة « الهدية من نفقة الحج » ولعل المعنى أن ما يهدى إلى أهله واخوانه بعد الرجوع من الحج له ثواب نفقة الحج ، أو أنه ينبغي أن يحسب أولا عند نفقة الحج الهدية أيضا ، أو لا يزيد في شراء الهدية على ما معه من النفقة. (المرآة)
4- هذا مضمون الحديث لا لفظه ورواه المصنف على وجهه في الخصال ص 245 في مرفوع عن أبي جعفر عليه السلام وفى خبر آخر مسند عن علي عليه السلام عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) والنهى محمول على الكراهة.

2253 - وقال الصادق عليه السلام : « ودمن في القبور لو أن له حجة بالدنيا و ما فيها » (1).

2254 - وروي « أن الحاج والمعتمر يرجعان كمولودين مات أحدهما طفلا لا ذنب له ، وعاش الآخر ما عاش معصوما ». (2)

2255 - و « الحاج على ثلاثة أصناف فأفضلهم نصيبا رجل يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ووقاه اللّه عذاب القبر ، وأما الذي يليه فرجل غفر له ذنبه ما تقدم منه ويستأنف العمل فيما بقي من عمره ، وأما الذي يليه فرجل يحفظ في أهله وماله » (3) وروي « أنه هو الذي لا يقبل منه الحج » (4).

2256 - وقال الصادق عليه السلام : « الحج جهاد الضعفاء ونحن الضعفاء ». (5)

2257 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « أربعة لا ترد لهم دعوة حتى تفتح لهم أبواب السماء وتصير إلى العرش : دعوة الوالد لولده ، والمظلوم على من ظلمه ، والمعتمر حتى يرجع ، والصائم حتى يفطر ».

2258 - و « من ختم القرآن بمكة من جمعة إلى جمعة أو أقل أو أكثر كتب اللّه عزوجل له من الاجر والحسنات من أول جمعة في الدنيا إلى آخر جمعة

ص: 226


1- الظاهر أنه يتمنى أنه ليت له كل الدنيا ويصرفه في حجة واحدة ، أوليت له الدنيا بما فيها ويعطيها ويأخذ ثواب حجة في الآخرة. (م ت)
2- يمكن أن يكون على اللف والنشر المرتب ، أو كل واحد لكل واحد ويكون الاختلاف باختلاف الأشخاص كما سيذكر. (م ت)
3- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 262 بهذا اللفظ مسندا عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله ومعناه أنه لا يغفر له لكن يحفظ في أهله وماله فقط.
4- لم أجده.
5- مروى في الكافي ج 4 ص 259 مسندا عن جندب عن الصادق عليه السلام عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) قال « الحج جهاد الضعيف ، ثم وضع أبو عبد اللّه عليه السلام يده على صدر نفسه وقال : نحن الضعفاء ونحن الضعفاء » يعنى استضعفنا أهل الجور وأخذوا حقنا ولا يمكننا الجهاد فأبدلناه بالحج.

تكون ، وكذلك إن ختمه في سائر الأيام » (1).

2259 - وقال علي بن الحسين عليهما السلام : « من ختم القرآن بمكة لم يمت حتى يرى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ويرى منزله من الجنة » (2).

2260 - و « تسبيحة بمكة تعدل خراج العراقين ينفق في سبيل اللّه عزوجل » (3).

2261 - و « من صلى بمكة سبعين ركعة فقرأ في كل ركعة بقل هو اللّه أحد وإنا أنزلناه وآية السخرة وآية الكرسي لم يمت إلا شهيدا ، والطاعم بمكة كالصائم فيما سواها ، وصيام يوم بمكة يعدل صيام سنة فيما سواها ، والماشي بمكة في عبادة اللّه عزوجل » (4).

2262 - وقال الباقر أبو جعفر عليه السلام : « من جاور سنة بمكة غفر اللّه له ذنبه ولأهل بيته ولكل من استغفر له ولعشيرته ولجيرانه ذنوب تسع سنين وقد مضت و عصموا من كل سوء أربعين ومائة سنة ». والانصراف والرجوع أفضل من المجاورة (5).

ص: 227


1- رواه المصنف في ثواب الأعمال ص 125 والكليني في الكافي ج 2 ص 612 مسندا عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام.
2- رواه البرقي في المحاسن ص 69 بسند مرسل عن أبي جعفر عليه السلام.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 581 مسندا عن خالد بن ماد القلانسي عن أبي - عبد اللّه عليه السلام رواه عن جده علي بن الحسين عليهما السلام في صدر الحديث المتقدم وفيه « تسبيحة بمكة أفضل من خراج العراقيين » ورواه البرقي في المحاسن ص 68 مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في المتن.
4- الظاهر أن من قوله « ومن صلى بمكة » إلى ههنا تتمة رواية خالد بن ماد عن علي ابن الحسين عليهما السلام. والمراد بآية السخرة « ان ربكم اللّه الذي خلق السماوات والأرض  - إلى قوله - : تبارك اللّه رب العالمين » وقيل : إلى قوله « ان رحمة اللّه قريب من المحسنين ».
5- روى الكليني في الكافي ج 4 ص 230 في الصحيح كالشيخ في التهذيب عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكة سنة ، قلت : كيف يصنع؟ قال : يتحول عنها » واعلم أن الفيض وسلطان العلماء - رحمهما اللّه - جعلا هذه الجملة تتمة لحديث الباقر عليه السلام وليس ببعيد.

2263 - و « النائم بمكة كالمتهجد في البلدان ». (1)

2264 - و « الساجد بمكة كالمتشحط بدمه في سبيل اللّه عزوجل » (2).

2265 - و « من خلف حاجا في أهله بخير كان له كأجره حتى كأنه يستلم الأحجار ». (3)

2266 - وقال علي بن الحسين عليه السلام : « يا معشر من لم يحج استبشروا بالحاج إذا قدموا فصافحوهم وعظموهم فإن ذلك يجب عليكم ، تشاركوهم في الاجر » (4).

2267 - وقال عليه السلام : « بادروا بالسلام على الحاج والمعتمرين ومصافحتهم من قبل أن تخالطهم الذنوب » (5).

2268 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « وقروا الحاج والمعتمرين فإن ذلك واجب عليكم ».

2269 - و « من أماط أذى عن طريق مكة (6) كتب اللّه عزوجل له حسنة ».

ص: 228


1- مروى في المحاسن ص 68 من حديث خالد بن ماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن علي بن الحسين عليهما السلام وفيه « كالمتشحط في البلدان ».
2- مروى في المحاسن ص 68 بسند فيه ارسال عن أبي جعفر الباقر عليه السلام.
3- مروى في المحاسن ص 70 من حديث خالد بن ماد عن علي بن الحسين عليهما السلام بأدنى اختلاف في اللفظ ، ورواه المصنف في عقاب الأعمال ص 345 عن النبي صلى اللّه عليه وآله قاله في خطبة طويلة له.
4- مروى في المحاسن ص 71 والكافي ج 4 ص 264 مسندا عن أبي عبد اللّه عن علي بن الحسين عليهما السلام ، والخبر يدل على استحباب الاستبشار والتبسم وطلاقة الوجه والمصافحة والتعظيم لهم عند مجيئهم ، ويحتمل إلى انقضاء أربعة أشهر والأعم منه ومن الاستقبال والمعانقة والمبادرة بالسلام. (م ت)
5- رواه الكليني ج 4 ص 256 بسند مرسل عن علي بن الحسين عليهما السلام.
6- أي كل ما يؤذى الناس من حجر أو شجر أو ضيق طريق وأمثال ذلك.

وفى خبر آخر « من قبل اللّه منه حسنة لم يعذبه ». (1)

2270 - و « من مات محرما بعث يوم القيامة ملبيا بالحج مغفورا له » (2).

2271 - و « من مات في طريق مكة ذاهبا أو جائيا أمن من الفزع الأكبر يوم القيامة ». (3)

2272 - و « من مات في أحد الحرمين بعثه اللّه من الآمنين » (4).

2273 - و « من مات بين الحرمين لم ينشر له ديوان » (5).

2274 - و « من دفن في الحرم أمن من الفزع الأكبر من بر الناس وفاجرهم » (6).

2275 - و « ما من سفر أبلغ في لحم ولادم ولا جلد ولا شعر من سفر مكة ، وما من أحد يبلغه حتى تلحقه المشقة » (7) وإن ثوابه على قدر مشقته.

نكت في حج الأنبياء والمرسلين صلوات اللّه عليهم أجمعين

2276 - قال أبو جعفر عليه السلام : « أتى آدم عليه السلام هذا البيت ألف أتية على قدميه منها سبعمائة حجة وثلاثمائة عمرة ، وكان يأتيه من ناحية الشام ، وكان يحج على ثور والمكان الذي يبيت فيه عليه السلام الحطيم - وهو ما بين باب البيت والحجر الأسود - وطاف

ص: 229


1- رواه الكليني ج 4 ص 547 مع الخبر السابق كليهما في حديث عن الصادق عليه السلام.
2- كأنه مضمون رواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام المروية في الكافي ج 4 ص 256 حيث قال : « الحاج والمعتمر في ضمان اللّه ، فان مات متوجها غفر اللّه له ذنوبه ، وان مات محرما بعثه اللّه ملبيا - الخ » وروى الخطيب في تاريخه مسندا عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : « من مات محرما حشر ملبيا ».
3- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 263 مسندا عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 256 في ذيل خبر أبي بصير المتقدم.
5- لم أجده ، وفى المحاسن ص 70 عن أبي عبد اللّه عليه السلام « من مات بين الحرمين بعثه اللّه في الآمنين ».
6- رواه البرقي في المحاسن ص 72 باسناده عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه - السلام بأدنى اختلاف وكذا الكليني في الكافي ج 4 ص 258.
7- رواه الكليني ج 4 ص 262 في الصحيح في هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام والظاهر أن الباقي من كلام المؤلف.

آدم عليه السلام قبل أن ينظر حواء مائة عام ، وقال له جبرئيل عليه السلام : حياك اللّه و بياك (1) - يعني أضحكك اللّه - ».

2277 - وقال الصادق عليه السلام : « لما أفاض آدم عليه السلام من منى تلقته الملائكة بالأبطح فقالوا : يا آدم بر حجك (2) أما إنا قد حججنا هذا البيت قبل أن تحجه بألفي عام ».

2278 - و « نزل جبرئيل عليه السلام (3) بمهاة من الجنة - وروي بياقوتة حمراء - فأدارها على رأس آدم وحلق رأسه بها » (4).

2279 - وروي أنه « كان طول سفينة نوح عليه السلام ألفا ومائتي ذراع وعرضها مائة ذراع وطولها في السماء ثمانين ذراعا فركب فيها فطافت بالبيت سبعة أشواط وسعت بين الصفا والمروة سبعا ثم استوت على الجودي (5) ».

2280 - وسئل الصادق عليه السلام عن الذبيح من كان؟ فقال : إسماعيل عليه السلام لان اللّه عزوجل ذكر قصته في كتابه ، ثم قال : « وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ».

وقد اختلفت الروايات في الذبيح فمنها ما ورد بأنه إسماعيل ، ومنها ما ورد

ص: 230


1- « حياك اللّه » أي أبقاك أو فرحك أو سلم عليك ، و « بياك » هو تابع حياك ، معناه أصلحك أو أضحكك. وفى بعض النسخ « حياك اللّه ولباك » أي أجاب تلبيتك وقبل حجتك ،
2- « بر » بفتح الباء وضمها وشد الراء - فهو مبرور من البر وهو الصلة والخير والاتساع في الاحسان وقيل : الحج المبرور مالا يخالطه شئ من المآثم وقيل هو المقبول المقابل بالبر و هو الثواب (الوافي) أقول : والمراد بحج الملائكة الطواف.
3- كما في الكافي ج 4 ص 195. والمهاة : البلورة أو الدرة كما سيفسرها المؤلف.
4- روى الكليني ج 4 ص 265 مسندا عن علي بن محمد العلوي قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن آدم حيث حج بما حلق رأسه؟ فقال : نزل عليه جبرئيل عليه السلام بياقوتة من الجنة فأمرها على رأسه فتناثر شعره ».
5- في الكافي ج 4 ص 212 « كان طول سفينة نوح ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ثمانمائة ذراع وطولها في السماء مائتين ذراعا فطافت - الخ ».

بأنه إسحاق ، ولا سبيل إلى رد الاخبار متى صح طرقها ، وكان الذبيح إسماعيل لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي امر أبوه بذبحه ، وكان يصبر لأمر اللّه عزوجل ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه فينال بذلك درجته في الثواب فعلم اللّه عزوجل ذلك من قبله فسماه بين ملائكته ذبيحا لتمنيه لذلك ، وقد ذكرت إسناد ذلك في كتاب النبوة متصلا بالصادق عليه السلام.

2281 - وسئل الصادق عليه السلام « أين أراد إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه؟ فقال : على الجمرة الوسطى ».

ولما أراد إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه صلى اللّه عليهما قلب جبرئيل عليه السلام المدية واجتر الكبش من قبل ثبير (1) واجتر الغلام من تحته ووضع الكبش مكان الغلام و نودي من ميسرة مسجد الخيف : « أن يا إبراهيم. قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لهو البلاء المبين. وفديناه بذبح عظيم » يعني بكبش أملح يمشي في سواد ، ويأكل في سواد ، وينظر في سواد ، ويبعر في سواد ، ويبول في سواد ، أقرن فحل ، وكان يرتع في رياض الجنة أربعين عاما (2).

قال مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - : لم أحب تطويل هذا الكتاب بذكر القصص لان قصدي كان بوضع هذا الكتاب على إيراد النكت وقد ذكرت القصص مشروحة في كتاب النبوة.

2282 - « وإن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام حدا المسجد الحرام ما بين الصفا والمروة (3) فكان الناس يحجون من مسجد الصفا » (4).

ص: 231


1- ثبير - كامير - جبل بمكة. وفى الكافي ج 4 ص 20 « واجتر الغلام من تحته و تناول جبرئيل الكبش من قلة ثيبر فوضعه تحته ».
2- كما في الكافي ج 4 ص 209 عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام.
3- في الكافي ج 4 ص 209 مسندا عن حماد بن عثمان عن الحسن بن نعمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : ان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام حدا المسجد الحرام بين الصفا والمروة.
4- لعل المراد الطواف أي يطوفون حول الكعبة إلى الصفا. والخبر في التهذيب ج 1 ص 576 إلى هنا عن حماد عن الحسين بن نعيم عنه عليه السلام وهو الصواب.

2283 - وقد روي « أن إبراهيم عليه السلام خط ما بين الحزورة إلى المسعى (1) ». وأول من كسا البيت إبراهيم عليه السلام (2)

2284 - وروي « أن إبراهيم عليه السلام لما قضى مناسكه أمره اللّه عزوجل بالانصراف فانصرف ».

وماتت أم إسماعيل فدفنها في الحجر وحجر عليه لئلا يوطأ قبرها (3).

وبقي إسماعيل عليه السلام وحده ، فلما كان من قابل أذن اللّه عزوجل لإبراهيم عليه السلام في الحج وبناء الكعبة وكانت العرب تحج البيت وكان ردما (4) إلا أن قواعده معروفة.

وكان إسماعيل عليه السلام لما صدر الناس جمع الحجارة وطرحها في جوف الكعبة ، فلما قدم إبراهيم عليه السلام كشف هو وإسماعيل عنها فإذا هو حجر واحد أحمر ، فأوحى اللّه عزوجل إليه ضع بناءها عليه وأنزل عليه أربعة أملاك. فلما تم بناؤه قعد على كل ركن ثم نادى هلم إلى الحج هلم إلى الحج فلو ناداهم هلموا إلى الحج لم يحج إلا من كان يومئذ إنسيا مخلوقا ولكنه نادى إلى الحج فلبى الناس في أصلاب الرجال وأرحام النساء لبيك داعي اللّه لبيك داعي اللّه ، فمن لبى مرة حج مرة ، ومن لبى عشرا حج عشرا حجج ، ومن لم يلب لم يحج (5).

وكان إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام يضعان الحجارة ويرفعان لها القواعد والملائكة

ص: 232


1- الحزورة وزان قسورة - موضع كان به سوق مكة بين الصفا والمروة قريب من موضع النخاسين وهو معروف أو عند باب الحناطين. وقوله « إلى المسعى » أي مبتدأ السعي هو الصفا.
2- سيأتي ما يدل على أن المراد أن إبراهيم عليه السلام أول من كسا البيت بالخصف وأن آدم عليه السلام أول من كساه وكساه بالشعر.
3- كما روى الكليني ج 4 ص 210 باسناده عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- كما في الكافي ج 4 ص 203 ، والردم ما يسقط من الجدار المنهدم ، وردمت الثلمة ونحوها ردما سددتها. وفى مكة موضع يقال له الردم كأنه تسمية بالمصدر. (المصباح)
5- كما هو مروى عن أبي عبد اللّه عليه السلام في العلل ص 419 والكافي ج 4 ص 203.

يناولونهما حتى تمت اثنا عشر ذراعا ، فلما انتهى إلى موضع الحجر ناداه أبو قبيس يا إبراهيم ان لك عندي وديعة فأعطاه الحجر فوضعه موضعه ، وهيأ له بابين بابا يدخل منه وبابا يخرج منه وجعلا عليه عتبا وشريجا (1) من جريد على أبوابها.

وكانت الكعبة عريانة فصدر إبراهيم عليه السلام وقد سوى البيت وأقام إسماعيل عليه السلام فتزوج إسماعيل امرأة من العمالقة وخلى سبيلها ، وتزوج أخرى حميرية فكانت عاقلة فتأملت بابي البيت فقالت لإسماعيل عليه السلام : هلا تعلق على هذين البابين سترين سترا من ههنا وسترا من ههنا؟ فقال لها : نعم فعملت للبيت سترين طولهما اثنا عشر ذراعا فعلقهما إسماعيل عليه السلام على البابين فأعجبها ذلك فقالت : فهلا أحوك للكعبة ثيابا تسترها كلها فإن هذه الأحجار سمجة؟ فقال لها إسماعيل عليه السلام : بلى فأسرعت في ذلك وبعث إلى قومها تستغزلهم ، وإنما وقع استغزال النساء بعضهن من بعض لذلك فكلما فرغت من شقة علقتها ، فجاء الموسم وقد بقي وجه واحد من وجوه الكعبة فقالت لإسماعيل عليه السلام : كيف نصنع بهذا الوجه؟ فكسوه خصفا (2) فلما جاء الموسم نظرت العرب إلى أمر أعجبهم فقالوا : ينبغي أن نهدي إلى عامر هذا البيت فمن ثم وقع الهدي ، فجعل يأتي الكعبة كل فخذ من العرب بشئ من ورق وغيره حتى اجتمع شئ كثير فنزعوا ذلك الخصف وأتموا الكسوة وعلقوا على البيت بابين.

ولم تكن الكعبة مسقفة فوضع إسماعيل فيها أعمدة مثل الأعمدة التي ترون من خشب ، وسقفها بالجرائد ، وسواها بالطين ، فجاءت العرب من الحول فدخلوا الكعبة ورأوا عمارتها فقالوا : ينبغي لعامر هذا البيت أن يزاد ، فلما كان من قابل جاءه الهدي فلم يدر إسماعيل عليه السلام ما يصنع به ، فأوحى اللّه عزوجل إليه أن انحره وأطعمه الحاج.

ص: 233


1- الشريج ما يضم من القصب ويجعل على الحوانيت كالأبواب. (المصباح)
2- الخصف شئ يعمل من الخوص والنخل. وقيل المراد به هنا الثياب الغلاظ جدا تشبيها.

وانقطع ماء زمزم فشكى إسماعيل إلى إبراهيم عليهما السلام قلة الماء فأوحى اللّه عز وجل إلى إبراهيم عليه السلام وأمره بالحفر فحفر هو وإسماعيل وجبرئيل عليهم السلام حتى ظهر ماؤها (1) وضرب في أربع زوايا البئر ، وقال في كل ضربة بسم اللّه ، فتفجرت بأربعة أعين فقال له جبرئيل عليه السلام : اشرب يا إبراهيم وادع لولدك فيها بالبركة وأفض عليك من الماء ، وطف بهذا البيت فهذه سقيا سقاها اللّه تعالى لإسماعيل وولده (2).

وأما قول اللّه عزوجل « فيه آيات بينات مقام إبراهيم » فأحدها أن إبراهيم عليه السلام حين قام على الحجر أثر قدماه فيه ، والثانية الحجر ، والثالثة منزل إسماعيل عليه السلام (3).

2285 - وروي « أن موسى عليه السلام أحرم من رملة مصر (4) وأنه مر في سبعين نبيا على صفائح الروحاء عليهم العباء القطوانية (5) يقول : لبيك عبدك وابن عبديك لبيك ».

2286 - وروي في خبر آخر « أن موسى عليه السلام مر بصفائح الروحاء على جمل أحمر ، خطامه من ليف عليه عباءتان قطوانيتان وهو يقول : « لبيك يا كريم

ص: 234


1- قال العلامة المجلسي في مرآة العقول : لعل ماء زمزم كان أول ظهوره بتحريك إسماعيل عليه السلام رجله على وجه الأرض ثم يبس فحفر إبراهيم عليه السلام في ذلك المكان حتى ظهر الماء ويحتمل أن يكون الحفر لازدياد الماء فيكون المراد بقوله عليه السلام « حتى ظهر ماؤها » أي ظهر ظهورا بينا بمعنى كثر.
2- راجع الكافي حديث كلثوم بن عبد المؤمن الحراني عن الصادق عليه السلام ج 4 ص 203 إلى 205.
3- كما في الكافي ج 4 ص 223 مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- في المراصد : الرملة واحدة الرمل : مدينة بفلسطين ، كانت قصبتها ، وكانت رباطا للمسلمين وبينها وبين بيت المقدس اثنا عشر ميلا وهي كورة منها - انتهى ، وقال الجوهري : رملة مدينة بالشام ، وقال العلامة المجلسي يحتمل أن نسبتها إلى مصر لكونها في ناحيتها ، أو يكون في مصر أيضا رملة أخرى - انتهى. وقيل : موضع في طريق مصر.
5- الصفح الجانب ومن الجبل مضجعه والجمع صفاح ، والصفائح : حجارة عراض رقاق. (القاموس) ، والروحاء موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة. والقطوانية : عباءة بيضاء قصيرة الخمل.

لبيك « ومر يونس بن متى عليه السلام بصفائح الروحاء وهو يقول لبيك كشاف الكرب العظام لبيك » ومر عيسى بن مريم عليهما السلام بصفائح الروحاء وهو يقول : « لبيك عبدك ابن أمتك ، لبيك » ومر محمد صلى اللّه عليه وآله بصفائح الروحاء وهو يقول : « لبيك ذا المعارج لبيك » (1).

وكان موسى عليه السلام يلبي وتجيبه الجبال. (2)

وسميت التلبية إجابة لأنه أجاب موسى عليه السلام ربه عزوجل وقال : لبيك (3).

2287 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن سليمان عليه السلام قد حج البيت في الجن والإنس والطير والرياح وكسا البيت القباطي (4) ».

2288 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن آدم عليه السلام هو الذي بنى البيت ووضع أساسه وأول من كساه الشعر ، وأول من حج إليه ، ثم كساه تبع بعد آدم عليه السلام الأنطاع (5) ثم كساه إبراهيم عليه السلام الخصف ، وأول من كساه الثياب سليمان بن داود عليهما السلام كساه القباطي ».

2289 - وقال الصادق عليه السلام : « لما حج موسى عليه السلام نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال له موسى : يا جبرئيل ما لمن حج هذا البيت بلا نية صادقة ولا نفقة طيبة؟ قال : لا أدري حتى أرجع إلى ربي عزوجل ، فلما رجع قال اللّه عزوجل : يا جبرئيل ما

ص: 235


1- رواه الكليني ج 4 ص 213 من حديث هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- كما في العلل ص 418 رواه عن أبي جعفر عليه السلام.
3- في الكافي ج 4 ص 214 باسناده عن زيد الشحام عمن رواه عن أبي جعفر عليه السلام قال : « حج موسى بن عمران عليه السلام ومعه سبعون نبيا من بني إسرائيل ، خطم إبلهم من ليف ، يلبون وتجيبهم الجبال ، وعلى موسى عباءتان قطوانيتان يقول : لبيك عبدك ابن عبدك ».
4- القباطي جمع القبطي منسوب إلى القبط - بالكسر - : ثوب يعمل في القبط و هي بلدة أو ناحية.
5- الأنطاع جمع نطع وهو بساط من الأديم.

قال لك موسى؟ وهو أعلم بما قال ، قال : يا رب قال لي : ما لمن حج هذا البيت بلا نية صادقة ولا نفقة طيبة ، قال اللّه عزوجل : ارجع إليه وقل له : أهب له حقي وأرضي عنه خلقي ، قال : فقال : يا جبرئيل فما لمن حج هذا البيت بنية صادقة ونفقة طيبة؟ قال : فرجع إلى اللّه تعالى فأوحى اللّه إليه قل له : أجعله في الرفيق الاعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك وفيقا ».

2290 - ونزلت المتعة (1) على النبي صلى اللّه عليه وآله عند المروة بعد فراغه من السعي (2) فقال : يا أيها الناس هذا جبرئيل - وأشار بيده إلى خلفه - يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحل ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لقعلت كما أمرتكم ولكني سقت الهدي (3) وليس لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله ، فقام إليه سراقة بن مالك بن جعشم الكناني (4) فقال : يا رسول اللّه علمتنا ديننا فكأننا خلقنا اليوم أرأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو للأبد؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : لا بل لابد الأبد ، وإن رجلا قام (5) فقال : يا رسول اللّه نخرج حاجا ورؤوسنا تقطر (6)

ص: 236


1- راجع الكافي ج 4 ص 245 إلى 247 رواه في الصحيح عن الصادق عليه السلام.
2- قال سلطان العلماء - رحمه اللّه : كان صلى اللّه عليه وآله محرما بالحج وهذه الواقعة قبل الوقوف بعرفات فالمراد بالسعي اما الندب فلا خلاف في جواز تقديمه وتقديم الطواف المندوب على الوقوفين إذا دخل المفرد والقارن مكة ، أو الواجب بناء على مذهب الأكثر من تقديم الطواف والسعي الواجب لهما على الوقوفين إذا دخلا مكة.
3- يعنى لو جاءني جبرئيل بحج التمتع وادخال العمرة في الحج قبل سياقي الهدى كما جاءني بعد ما سقت الهدى لصنعت مثل ما أمرتكم يعنى لتمتعت بالعمرة وما سقت الهدى.
4- هو سراقة بن مالك بن جعشم بن ملك بن عمرو بن مالك ينتهى نسبه إلى كنانة المدلجي يكنى أبا سفيان من مشاهير الصحابة وهو الذي لحق النبي صلى اللّه عليه وآله حين خرج مهاجرا إلى المدينة وقصته معروفة مشهورة وقد صحف في بعض النسخ « بسراقة بن مالك ابن خثعم ».
5- هو عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء كما صرح به في غير واحد من المصادر العامية كالصحاح.
6- أي من ماء غسل الجنابة.

فقال : إنك لن تؤمن بهذا أبدا ، وكان علي عليه السلام باليمن فلما رجع وجد فاطمة عليها السلام قد أحلت فجاء النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم مستفتيا ومحرشا على فاطمة عليها السلام (1) ، فقال له : أنا أمرت الناس بذلك فبم أهللت (2) أنت يا علي؟ فقال : إهلالا كإهلال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : كن على إحرامك مثلي فأنت شريكي في هديي ، وكان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ساق معه مائة بدنة فجعل لعلي عليه السلام منها أربعا وثلاثين ولنفسه ستا وستين ونحرها كلها بيده ثم أخذ من كل بدنة جذوة (3) وطبخها في قدر وأكلا منها وتحسيا من المرق (4) فقال : قد أكلنا الآن منها جميعا ولم يعطيا الجزارين جلودها و لاجلالها ولا قلائدها ولكن تصدقا بها.

2291 - و « كان علي عليه السلام يفتخر على الصحابة ويقول : من فيكم مثلي وأنا شريك رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في هديه ، من فيكم مثلي وأنا الذي ذبح رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم هديي بيده ».

2292 - وروي « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم غدا من منى في طريق ضب (5) ورجع من بين المأزمين (6) وكان عليه السلام إذا سلك طريقا لم يرجع فيه (7) ».

2293 - وروي « أنه عليه السلام حج عشرين حجة مستسرا وفي كلها يمر بالمأزمين

ص: 237


1- في النهاية : ومنه حديث على في الحج « فذهبت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله محرشا على فاطمة عليها السلام » أراد بالتحريش ههنا ذكر ما يوجب عتابه لها.
2- أي بم أحرمت؟ بالحج أو العمرة.
3- الجذوة القطعة وهي مثلثة.
4- أي شربا المرق شيئا بعد شئ ، والحسوة - بالضم والفتح - : الجرعة من الشراب ملء الفم. وفى الكافي « وحسيا من مرقها ».
5- الضب بفتح المعجمة وشد الباء الموحدة - واحد ضباب : اسم الجبل الذي مسجد الخيف في أصله.
6- المأزم : كل طريق ضيق بين جبلين ، ومنه سمى الموضع الذي بين المشعر وبين عرفة مأزمين (الصحاح).
7- رواه الكليني ج 4 ص 248 في الصحيح عن إسماعيل بن همام عن أبي الحسن (عليه السلام).

فينزل ويبول (1) ».

واعتمر عليه السلام تسع عمر (2) ولم يحج حجة الوداع إلا وقبلها حج.

2294 - وروى محمد بن أحمد السناني ، وعلي بن أحمد بن موسى الدقاق ، قالا : حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان ، قال : حدثنا بكر بن عبد اللّه ابن حبيب ، قال : حدثنا تميم بن بهلول ، عن أبيه ، عن أبي الحسن العبدي (3) عن سليمان بن مهران قال : قلت لجعفر بن محمد عليهما السلام : كم حج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم؟ فقال : عشرين حجة مستسرا في كل حجة يمر بالمأزمين فينزل فيبول ، فقلت له : يا ابن رسول اللّه ولم كان ينزل هناك فيبول؟ قال : لأنه موضع عبد فيه الأصنام ومنه اخذ الحجر الذي نحت منه هبل الذي رمى به علي عليه السلام من ظهر الكعبة لما علا ظهر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فأمر به فدفن عند باب بني شيبة فصار الدخول إلى المسجد من باب بني شيبة سنة لأجل ذلك ، قال سليمان : فقلت : فكيف صار التكبير يذهب

ص: 238


1- رواه الكليني ج 4 ص 244 في الحسن عن ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام وفيه « عشر حجات » وفى الضعيف ج 4 ص 252 كما في المتن وروى في الموثق كالصحيح عن عمر بن يزيد عنه عليه السلام قال : « حج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عشرين حجة » وفى الموثق عن غياث بن إبراهيم عنه عليه السلام قال : « لم يحج النبي صلى اللّه عليه وآله بعد قدومه المدينة الا واحدة وقد حج بمكة مع قومه حجات ». والظاهر أن المراد بالعشر بعد البعثة وبالعشرين ما يعم ما قبلها وما بعدها. وسبب الاستسرار النسئ الذي يعمله قريش.
2- لم نعثر على رواية تدل عليه ، وفى الكافي ج 4 ص 251 « ثلاث عمر » ولعل ما في المتن تصحيف من النساخ حيث فسرت في الكافي عمرة الحديبية وعمرة القضاء ومن الجعرانة حين أقبل من الطائف وكلهن في ذي القعدة. وفى الخصال ص 200 بسند عامي عن ابن عباس قال : « ان النبي صلى اللّه عليه وآله اعتمر أربع عمر : عمرة الحديبية ، وعمرة القضاء من قابل ، والثالثة من الجعرانة (يعنى حين منصرفه من غزوة الطائف) ، والرابعة التي مع حجته » - يعنى حجة الوداز. وهو غريب ، وسيأتي من المؤلف في باب العمرة في أشهر الحج حديث بأنه صلى اللّه عليه وآله اعتمر ثلاث عمر متفرقات كلها في ذي القعدة.
3- في بعض النسخ « أبى الحسن القندي » والسند عامي.

بالضغاط هناك (1)؟ قال : لان قول العبد : « اللّه أكبر » معناه اللّه أكبر من أن يكون مثل الأصنام المنحوتة والآلهة المعبودة دونه ، وأن إبليس في شياطينه يضيق على الحاج مسلكهم في ذلك الموضع فإذا سمع التكبير طار مع شياطينه وتبعتهم الملائكة حتى يقعوا في اللجة الخضراء.

قلت : وكيف صار الصرورة يستحب له دخول الكعبة دون من قد حج؟ فقال : لان الصرورة قاضي فرض مدعو إلى حج بيت اللّه فيجب أن يدخل البيت الذي دعي إليه ليكرم فيه (2) فقلت : وكيف صار الحلق عليه واجبا دون من قد حج؟ فقال : ليصير بذلك موسما بسمة الآمنين ، ألا تسمع قول اللّه عزوجل يقول : « لتدخلن المسجد الحرام إن شاء اللّه آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون » فقلت : فكيف صار وطأ المشعر الحرام عليه فريضة (3)؟ قال : ليستوجب بذلك وطأ بحبوحة الجنة.

2293 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الذي كان على بدن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ناجية بن الخزاعي الأسلمي ، والذي حلق رأسه عليه السلام يوم الحديبية خراش بن أمية الخزاعي ، والذي حلق رأسه في حجته معمر بن عبد اللّه ابن حارث (4) بن نصر بن عوف بن عويج بن عدي بن كعب فقيل له وهو يحلقه : يا معمر اذن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في يدك (5) قال : واللّه إني لأعده فضلا علي من اللّه عظيما ، و

ص: 239


1- يدل على استحباب التكبير لرفع الضغاط بالازدحام.
2- يدل على استحباب دخول الكعبة للصرورة وعلى وجوب الحلق.
3- الظاهر أن المراد بالمشعر الحرام المسجد الذي على قزح أو أصل جبل قزح والمراد بوطئه أن يكون راجلا وان لم يكن حافيا فإن لم يمكنه فراكبا ببعيره كما سيجيئ.
4- في الكافي « الحراثة » مكان حارث ، وفى أسماء آباء معمر اختلاف راجع الإصابة وأسد الغابة وجمهرة أنساب العرب لابن حزم وتهذيب التهذيب وغيرها.
5- زاد في الكافي « وفى يدك الموسى » وقال الفيض - رحمه اللّه - كأن قريشا كنوا بما قالوا عن قدرة معمر على قتل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وتمنوا أن لو كانوا مكانه فقتلوه ، وربما يوجد في بعض نسخ الكافي « أذى » بدل « أذن » والمعنى حينئذ أن ما يوجب الأذى من شعر الرأس وشعثه منه صلى اللّه عليه وآله في يدك ، كأنه تعيير منهم إياه بهذا الفعل في حسبه ونسبه وهذا أوفق للجواب من الأول.

كان معمر بن عبد اللّه يرجل شعره (1) عليه السلام (2) وكان ثوبا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله اللذان أحرم فيهما يمانيين عبري وظفار (3) وقطع التلبية حين زاغت الشمس يوم عرفة (4) ».

2296 - و « قد أحرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في ثوبي كرسف (5) ».

2297 - وإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله طاف بالكعبة حتى إذا بلغ الركن اليماني رفع رأسه إلى الكعبة وقال : « الحمد لله الذي شرفك وعظمك ، والحمد لله الذي بعثني نبيا وجعل عليا إماما ، اللّهم اهد له خيار خلقك ، وجنبه شرار خلقك (6) ».

ص: 240


1- في الكافي ج 4 ص 250 « يرحل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : يا معمر ان الرحل الليلة لمسترخى » وهكذا في التهذيب ، وقال في الصحاح : رحلت البعير أرحله رحلا إذا شددت على ظهره الرحل. ويمكن أن يكون أصل نسخة الفقيه « يرحل بعيره » فصحف بيد النساخ لقرب الكتابة.
2- إلى هنا مروى في الكافي في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في باب حج النبي صلى اللّه عليه وآله مع زيادة لم يذكرها المصنف - رحمه اللّه -.
3- العبر - بالكسر - : ما أخذ على غربي الفرات إلى برية العرب يسمى العبر ، واليه ينسب العبريون من اليهود لأنهم لم يكونوا عبروا الفرات حينئذ ، والظفار بفتح أوله والبناء على - الكسر كقطام وحذام - : مدينتان باليمن أحداهما قرب صنعاء ينسب إليها الجزع الظفاري ، بها كان مسكن ملوك حمير ، وقيل : ظفار مدينة صنعاء نفسها.
4- إلى هنا من حديث معاوية بن عمار كما في الكافي ج 4 ص 339 و 462 والظاهر أن المصنف أخذه من كتاب حج معاوية بن عمار رأسا ، لكن الكليني نقله بتقطيع في تضاعيف أبواب كتاب الحج في كل باب ما يناسبه.
5- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 339 بسند فيه ارسال عن بعض الأئمة عليهم السلام. ويمكن أن يكون من تتمة خبر معاوية بن عمار.
6- رواه الكليني ج 4 ص 410 بسند مرسل عن أبي الحسن موسى عليه السلام.

باب 151: ابتدأ الكعبة وفضلها وفضل الحرم

اشارة

2298 - قال أبو جعفر عليه السلام : « لما أراد اللّه عزوجل أن يخلق الأرض أمر الرياح [الأربع] (1) فضربن متن الماء حتى صار موجا ، ثم أزبد (2) فصار زبدا واحدا فجمعه في موضع البيت ، ثم جعله جبلا من زبد ثم دحا الأرض من تحته وهو قول اللّه عزوجل : « إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا » (3) فأول بقعة خلقت من الأرض الكعبة ، ثم مدت الأرض منها ».

2299 - وقال الصادق عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى دحا الأرض من تحت الكعبة إلى منى ، ثم دحاها من منى إلى عرفات ، ثم دحاها من عرفات إلى منى فالأرض من عرفات ، وعرفات من منى ، ومنى من الكعبة (4) ، وكذلك علمنا بعضه من بعض ».

2300 - و « إن اللّه عزوجل أنزل البيت من السماء وله أربعة أبواب على كل باب قنديل من ذهب معلق (5) ».

2301 - وروي عن موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال : « في خمسة وعشرين (6) من

ص: 241


1- ما بين القوسين نسخة في جميع النسخ وليس في الكافي.
2- أزيد : أخرج الزبد وقذف به.
3- الرواية إلى هنا في الكافي ج 4 ص 189 مسندا عن أبي حسان عنه عليه السلام وعن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وبكة لغة في مكة وقيل : مكة : البلد ، وبكة موضع البيت.
4- الخبر في الكافي ج 4 ص 189 إلى هنا رواه بسند ضعيف ، ويمكن أن يكون المراد به أن ابتداء بسط الأرض كان من كعبة إلى منى ومنها إلى عرفات وانتهى إلى ما أراد اللّه تعالى من فوقها ثم دحاها من تحتها حتى انتهى إلى منى فصارت كرة. (م ت)
5- يمكن أن يكون خبرا برأسه ولم أجده أو من تتمة الخبر السابق.
6- تقدم تحت رقم 1815 وفيه « في تسع وعشرين ».

ذي القعدة أنزل اللّه عزوجل الكعبة البيت الحرام فمن صام ذلك اليوم كان كفارة سبعين سنة ، وهو أول يوم أنزلت فيه الرحمة من السماء على آدم عليه السلام ».

2302 - وقال الرضا عليه السلام : « ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة دحيت الأرض من تحت الكعبة فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستين شهرا (1) ».

2303 - وسأل محمد بن عمران العجلي أبا عبد اللّه عليه السلام « أي شئ كان موضع البيت حيث كان الماء في قول اللّه تعالى » وكان عرشه على الماء «؟ قال : كانت مهاة بيضاء - يعني درة - ».

2304 - وفي رواية أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « إن اللّه عزوجل أنزله لآدم عليه السلام من الجنة وكان درة بيضاء (2) فرفعه اللّه تعالى إلى السماء وبقي أسه وهو بحيال هذا البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون إليه أبدا فأمر اللّه عز وجل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ببنيان البيت على القواعد ».

2305 - وفي رواية عيسى بن عبد اللّه الهاشمي ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال : كان موضع الكعبة ربوة من الأرض بيضاء (3) تضئ كضوء الشمس

ص: 242


1- تقدم تحت رقم 1814 بزيادة عن الحسن بن علي الوشاء عنه عليه السلام.
2- في الكافي ج 4 ص 188 باسناده عن أبي خديجة قال : « ان اللّه عزوجل أنزل الحجر لآدم عليه السلام من الجنة وكان بيت درة بيضاء فرفعه اللّه - الخبر » وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : والتغيير الذي من الصدوق هو التصريح دون الاضمار ويفهم منه أنه فهم أن معنى الخبرين واحد والذي يظهر من الخبرين وباقي الاخبار أنه كان هنا ثلاثة أشياء : موضع البيت حين كان عرشه على الماء وكان منيرا كاللؤلؤة ، والبيت الذي أنزله اللّه لآدم عليه السلام وكان من ياقوتة حمراء في الصفاء كاللؤلؤة ، والظاهر أنه البيت المعمور لقوله عليه السلام يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك ، كما ورد في الأخبار المتواترة ان البيت المعمور في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ولا يرجعون إليه إلى يوم القيامة ، والحجر الأسود الذي أنزله اللّه تعالى أيضا.
3- أي موضع أساس الكعبة ، والربوة - بفتح الراء وكسرها - : ما ارتفع من الأرض.

والقمر حتى قتل ابنا آدم أحدهما صاحبه فاسودت ، فلما نزل آدم عليه السلام رفع اللّه عزوجل له الأرض كلها حتى رآها ثم قال : هذه لك كلها قال : يا رب ما هذه الأرض البيضاء المنيرة؟ قال : هي حرمي في أرضي ، وقد جعلت عليك أن تطوف بها كل يوم سبعمائة طواف.

2306 - وروى سعيد بن عبد اللّه الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أحب الأرض إلى اللّه تعالى مكة ، وما تربة أحب إلى اللّه عزوجل من تربتها ، ولا حجر أحب إلى اللّه عزوجل من حجرها ، ولا شجر أحب إلى اللّه عزوجل من شجرها ، ولا جبال أحب إلى اللّه عزوجل من جبالها ، ولا ماء أحب إلى اللّه عزوجل من مائها ».

2307 - وفي خبر آخر : « ما خلق اللّه تبارك وتعالى بقعة في الأرض أحب إليه منها - وأومأ بيده إلى الكعبة - ولا أكرم على اللّه عزوجل منها ، لها حرم اللّه الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات والأرض ».

2308 - وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « إن اللّه عزوجل اختار من كل شئ شيئا [و] اختار من الأرض موضع الكعبة ».

2309 - وقال عليه السلام : « لا يزال الدين قائما ما قامت الكعبة ».

2310 - وقال زرارة بن أعين لأبي جعفر عليه السلام : « أدركت الحسين عليه السلام؟ قال : نعم أذكر وأنا معه في المسجد الحرام وقد دخل فيه السيل والناس يتخوفون على المقام (1) يخرج الخارج فيقول : قد ذهب به السيل ، ويدخل الداخل فيقول : هو مكانه ، قال : فقال : يا فلان (2) ما يصنع هؤلاء؟ فقلت : أصلحك اللّه (3) يخافون أن يكون

ص: 243


1- أي خافوا أن يذهب به السيل. وفى بعض النسخ « يقومون ».
2- كذا في جميع النسخ والكافي أيضا كأنه دعا رجلا كان هناك وقوله « فقلت » مصحف « فقال ».
3- قال المحقق التستري صاحب « الاخبار الداخلية » فيما كتب إلى أن فيه سقطا أو تصحيفا فان خطاب الإمام عليه السلام ابن ابنه وهو ابن أقل من أربع سنين بيا فلان وجوابه هو أيضا بأصلحك اللّه في غاية البعد ، وفى الكافي « فقال لي : يا فلان » والظاهر أن الأصل « فقال لرجل : يا فلان ما يصنع هؤلاء فقال : أصلحك اللّه » فصحف.

السيل قد ذهب بالمقام ، قال : (1) إن اللّه عزوجل قد جعله علما لم يكن ليذهب به ، فاستقروا ».

وكان (2) موضع المقام الذي وضعه إبراهيم عليه السلام عند جدار البيت فلم يزل هناك حتى حوله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو فيه اليوم ، فلما فتح النبي صلى اللّه عليه وآله مكة رده إلى الموضع الذي وضعه إبراهيم عليه السلام ، فلم يزل هناك إلى أن ولي عمر فسأل الناس من منكم يعرف المكان الذي كان فيه المقام فقال له رجل (3) : أنا قد كنت أخذت مقداره بنسع (4) فهو عندي ، فقال : ائتني به ، فأتاه فقاسه ثم رده إلى ذلك المكان.

2311 - وروي أنه « قتل الحسين بن علي عليهما السلام ولأبي جعفر عليه السلام أربع سنين » (5).

2312 - وروي « أن الكعبة شكت إلى اللّه عزوجل في الفترة بين عيسى و محمد صلوات اللّه عليهما فقالت : يا رب مالي قل زواري ، مالي قل عوادي؟ فأوحى اللّه جل جلاله إليها أني منزل نورا جديدا على قوم يحنون إليك (6) كما تحن الانعام إلى أولادها ويزفون إليك (7) كما تزف النسوان إلى أزواجها - يعني أمة محمد صلى اللّه عليه وآله ».

2313 - وروى حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « وجد في حجر : إني أنا

ص: 244


1- الشراح تكلفوا في معناه وكأن فيه سقطا وفى الكافي « قال : ناد أن اللّه - الخ » فحينئذ يستقيم المعنى بلا تكلف.
2- ظاهره من كلام أبى جعفر عليه السلام ويمكن أن يكون من زرارة ذكره بالمناسبة.
3- هو المطلب بن أبي وداعة السهمي القرشي سبط حارث بن المطلب وأمه أروى ، راجع اتحاف الورى باخبار أم القرى حوادث سنة سبع عشرة وفى نسب الرجل جمهرة أنساب العرب لابن حزم الأندلسي ص 164.
4- النسع - بالكسر - : سير ينسج عريضا على هيئة أعنة النعال تشد به الرحال و القطعة منه نسعة وسمى نسعا لطوله.
5- ذكر ذلك للتوجه بسن أبى جعفر عليه السلام.
6- أي يشتاقون ، والحنين الشوق.
7- أي يجيئون إليك في نهاية الشوق.

اللّه ذو بكة صنعتها (1) يوم خلقت السماوات والأرض ، ويوم خلقت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حفا (2) مبارك لأهلها في الماء واللبن ، يأتيها رزقها من سبل من أعلاها وأسفلها والثنية » (3).

2314 - وروي أنه وجد في حجر آخر مكتوب : « هذا بيت اللّه الحرام بمكة ، تكفل اللّه عزوجل برزق أهله من ثلاثة سبل ، مبارك لأهله في اللحم والماء ».

2315 - وروي عن أبي حمزة الثمالي قال : « قال لنا علي بن الحسين عليهما السلام : أي البقاع أفضل؟ فقلنا : اللّه ورسوله وابن رسوله أعلم ، فقال : أما أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ، ولو أن رجلا عمر ما عمر نوح عليه السلام في قومه - ألف سنة إلا خمسين عاما - يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك المكان ثم لقي اللّه عزوجل بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا ». (4)

2316 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يوم فتح مكة : « إن اللّه تبارك وتعالى حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى أن تقوم الساعة لم تحل لاحد قبلي

ص: 245


1- في بعض النسخ « خلقتها ». وفى الكافي في الصحيح عن سعيد الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان قريشا لما هدموا الكعبة وجدوا في قواعدها حجرا فيه كتاب لم يحسنوا قراءته حتى دعوا رجلا فقرأه فإذا فيه : أنا اللّه ذو بكة ، حرمتها يوم خلقت السماوات والأرض ووضعتها بين هذين الجبلين وحففتها بسبعة أملاك حفا » وفى طرق العامة « أملاك حنفاء ».
2- أي يحفظونها من الأشرار ، وهذه أيضا من آياتها مع كثرة الكفرة المعاندين وفى بعض النسخ « مباركا » والبركة بمعنى الزيادة الصورية والمعنوية.
3- فمن طريق الطائف من التمر وسائر الثمار ، ومن العراق ونجد من أصناف النعم ، ومن طريق الثنية العقبة طريق المدينة المشرفة والشام ومصر من التمر والأرز والحنطة وغيرها كما هو المشاهد أنها أكثر بلاد اللّه نعما وفوائد ، وهذه أيضا من آياتها. (م ت)
4- يدل على أفضلية الحطيم للعبادة وعلى أن الايمان شرط في جميع العبادات كما هو مذهبنا معاشر الامامية. (م ت)

ولا تحل لاحد من بعدي ، ولم تحل لي إلا ساعة من النهار ». (1)

2317 - وروى كليب الأسدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله استأذن اللّه عزوجل في مكة (2) ثلاث مرات من الدهر فأذن اللّه له فيها ساعة من النهار ثم جعلها حراما ما دامت السماوات والأرض ».

2318 - وقال عليه السلام : « إن اللّه عزوجل حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ولا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ، ولا يلتقط لقطتها الا لمنشد ، فقام إليه العباس بن عبد المطلب فقال : يا رسول اللّه إلا الإذخر (3) فإنه للقبر ولسقوف بيوتنا ، فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ساعة وندم العباس على ما قال ، ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إلا الإذخر » (4).

2319 - وقال الصادق عليه السلام : أساس البيت من الأرض السابعة السفلى إلى الأرض السابعة العليا.

2320 - وروى أبو همام - إسماعيل بن همام - عن الرضا عليه السلام أنه قال لرجل :  أي شئ السكينة عندكم؟ فلم يدر القوم ما هي ، فقالوا : جعلنا اللّه فداك ما هي؟ قال : ريح تخرج من الجنة طيبة ، لها صورة كصورة الانسان تكون مع الأنبياء عليهم السلام وهي التي أنزلت على إبراهيم عليه السلام حين بنى الكعبة فأخذت تأخذ كذا وكذا وبنى

ص: 246


1- في يوم الفتح ، رواه الكليني ج 4 ص 216 في الصحيح عن معاوية بن عمار. و قوله : « لا تحل لاحد قبلي » أي الدخول فيه بغير احرام ويظهر من هذه الأخبار أنها فتحت عنوة.
2- أي في باب قتال مكة بأن يفتح له صلحا أو الأعم أو قهرا.
3- في النهاية في حديث تحريم مكة : « لا يختلى خلاها » الخلا مقصورا النبات الرطب الرقيق ما دام رطبا واختلاه أي قطعه واختلت الأرض كثر خلاها فإذا يبس فهو حشيش - انتهى « وفى الصحاح : الإذخر - بكسر الهمزة وسكون الذال المعجمة وكسر الخاء : نبت ، والواحدة اذخرة انتهى. ويعضده أي يقطعه وعضد الشجرة قطعها بالمعضد وقوله » الا لمنشد أي لقاصد الانشاد لا للتملك. والخبر مروى نحوه في الكافي ج 4 ص 225 بزيادة عن حريز وطريق المصنف إلى حريز صحيح.
4- كأنه سكت صلى اللّه عليه وآله انتظارا لنزول الوحي كما في بعض الأخبار.

الأساس عليها.

2321 - وقال الصادق عليه السلام : « كان طول الكعبة تسعة أذرع ، ولم يكن لها سقف ، فسقفها قريش ثمانية عشر ذراعا ، ثم كسرها الحجاج على ابن الزبير فبناها وجعلها سبعة وعشرين ذراعا ». (1)

2322 - وروي عن سعيد بن عبد اللّه الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إن قريشا في الجاهلية هدموا البيت فلما أرادوا بناءه حيل بينه وبينهم والقي في روعهم الرعب (2) حتى قال قائل منهم : ليأت كل رجل منكم بأطيب ماله ولا تأتوا بمال اكتسبتموه من قطيعة رحم أو حرام ففعلوا ، فخلي بينهم وبين بنيانه ، فبنوه حتى انتهوا إلى موضع الحجر الأسود فتشاجروا فيه أيهم يضع الحجر في موضعه حتى كاد أن يكون بينهم شر ، فحكموا أول من يدخل من باب المسجد ، فدخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فلما أتاهم أمر بثوب فبسط ثم وضع الحجر في وسطه ثم أخذت القبائل بجوانب الثوب فرفعوه ، ثم تناوله عليه السلام فوضعه في موضعه فخصه اللّه عزوجل به ».

2323 - وروي « أن الحجاج لما فرغ من بناء الكعبة سأل علي بن الحسين عليهما السلام أن يضع الحجر في موضعه ، فأخذه ووضعه في موضعه ».

2324 - وروي أنه « كان بنيان إبراهيم عليه السلام الطول ثلاثين ذراعا ، والعرض اثنين وعشرين ذراعا ، والسمك تسعة أذرع ، وإن قريشا لما بنوها كسوها الاردية ».

2325 - وروى البزنطي ، عن داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن

ص: 247


1- الظاهر أن المراد ببناء عبد اللّه بن الزبير تسقيفها وهدم الحجاج الكعبة من قبل عبد الملك بن مروان لما خرج ابن الزبير وادعى الإمامة بعد زوال ملك بنى سفيان واستولى على العراقين عشر سنين وخطب باسمه على المنابر فبعث الحجاج بجند عظيم إليه فتحصن ابن الزبير بالمسجد الحرام فوضع المنجنيق عليه حتى هدم الكعبة وغلب الحجاج فأخذه وصلبه سنين حتى شفعت له أمه أسماء ذات النطاقين بنت أبي بكر فأنزله ودفنه وقتل جماعة كثيرة بسبب خروجه. (م ت)
2- الروع - بالضم - : القلب أو موضع الفزع منه أو سواده ، والذهن والعقل.

رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ساهم قريشا في بناء البيت فصار لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله من باب الكعبة إلى النصف ما بين الركن اليماني إلى الحجر الأسود » (1).

2326 - وفي رواية أخرى أنه « كان لبني هاشم من الحجر الأسود إلى الركن الشامي ».

[من أراد الكعبة بسوء] (2).

وما أراد الكعبة أحد بسوء إلا غضب اللّه عزوجل لها ، ونوى يوما تبع الملك أن يقتل مقاتلة أهل الكعبة ويسبي ذريتهم ثم يهدم الكعبة فسالت عيناه حتى وقعتا على خديه فسأل عن ذلك ، فقالوا : ما نرى الذي أصابك إلا بما نويت في هذا البيت لان البلد حرم اللّه والبيت بيت اللّه ، وسكان مكة ذرية إبراهيم خليل اللّه ، فقال : صدقتم فما مخرجي مما وقعت فيه؟ قالوا : تحدث نفسك بغير ذلك فحدث نفسه بخير فرجعت حدقتاه حتى ثبتتا في مكانهما ، فدعا القوم الذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم ثم أتى البيت فكساه الأنطاع وأطعم الطعام ثلاثين يوما كل يوم مائة جزور حتى حملت الجفان إلى السباع في رؤوس الجبال ونثرت الاعلاف للوحوش ، ثم انصرف من مكة إلى المدينة فأنزل بها قوما من أهل اليمن من غسان وهم الأنصار (3).

ص: 248


1- المساهمة : العمل بالقرعة وصار لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قريبا من ربع البيت (م ت) وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - قوله « من باب الكعبة إلى النصف » أي إلى منتصف الضلع الذي بين اليماني والحجر ، ولا يخفى أنها تنافى الرواية الأخرى الا أن يقال : إنهم كانوا أشركوه صلى اللّه عليه وآله مع بني هاشم في هذا الضلع وخصوه بالنصف من الضلع الاخر فجعل بنو هاشم له صلى اللّه عليه وآله ما بين الحجر والباب.
2- العنوان زيادة منا وليس في الأصل.
3- راجع الكافي ج 4 ص 215 روى خبر ذلك على وجهه عن علي عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام. و النطع بساط من الاديم جمعه أنطاع و نطوع. و راجع مفصل تاريخ تبع اخبار مكّة الازرقى ج 1 ص 84 ط 1275.

وروي : أنه ذبح له ستة آلاف بقرة بشعب ابن عامر ، وكان يقال لها مطابخ تبع (1) حتى نزلها ابن عامر فأضيفت إليه فقيل : شعيب ابن عامر ، ولم يكن تبع مؤمنا ولا كافرا ولكنه كان ممن يطلب الدين الحنيف ، ولم يملك المشرق إلا تبع وكسرى.

وقصده أصحاب الفيل وملكهم أبو يكسوم : أبرهة بن الصباح الحميري ليهدمه. فأرسل اللّه عليهم طيرا أبابيل (2) ترميهم بحجارة من سجيل ، فجعلهم كعصف مأكول.

وإنما لم يجر على الحجاج ما جرى على تبع وأصحاب الفيل لان قصد الحجاج لم يكن إلى هدم الكعبة إنما كان قصده إلى ابن الزبير وكان ضدا لصاحب الحق ، فلما استجار بالكعبة أراد اللّه أن يبين للناس أنه لم يجره فامهل من هدمها عليه.

2327 - وروي عن عيسى بن يونس قال : « كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد فقيل له : تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة فقال : إن صاحبي كان مخلطا كان يقول طورا بالقدر ، وطورا بالجبر ، وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه ، قال : ودخل مكة تمردا وإنكارا على من يحج وكان يكره العلماء مساءلته إياهم ومجالسته لهم لخبث لسانه وفساد ضميره فأتى جعفر بن محمد عليه السلام فجلس إليه في جماعة من نظرائه ، ثم قال له : إن المجالس أمانات ولابد لكل من كان به سعال أن يسعل (3) أفتأذن لي في الكلام؟ فقال : تكلم فقال : إلى كم تدوسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر وتعبدون هذا البيت المرفوع

ص: 249


1- أي قبل نزول ابن عامر فيها.
2- أبابيل جماعات في تفرقة ، زمرة زمرة ، وقيل : لا واحد لها ، وقيل : كعباديد واحدها أبول وزان عجول ، وقيل : واحدها ابالة وهي بكسر الهمزة : الجماعة.
3- السعال حركة للهواء تحدث في قصبة الرية تدفع الاخلاط المؤذية عنها.

بالطوب والمدر (1) وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر ، من فكر في هذا أو قدر علم أن هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر ، فقل فإنك رأس هذا الامر وسنامه وأبوك أسه ونظامه.

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : إن من أضله اللّه وأعمى قلبه ، استوخم الحق (2) فلم يستعذبه ، وصار الشيطان وليه يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره ، وهذا بيت استعبد اللّه به خلقه ، ليختبر طاعتهم في إتيانه ، فحثهم على تعظيمه وزيارته ، وجعله محل أنبيائه وقبلة للمصلين له ، فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي إلى غفرانه ، منصوب على استواء الكمال ومجتمع العظمة والجلال ، خلقه اللّه قبل دحو الأرض بألفي عام ، وأحق من أطيع فيما أمر وانتهي عما نهى عنه وزجر ، اللّه المنشئ للأرواح بالصور.

فقال ابن أبي العوجاء : ذكرت يا أبا عبد اللّه فأحلت على غائب ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : ويلك وكيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد ، وإليهم أقرب من حبل الوريد ، يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم ويعلم أسرارهم ، وإنما المخلوق (3) الذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان ، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه ، فأما اللّه العظيم الشأن الملك الديان فإنه لا يخلو منه مكان ، ولا يشتغل به مكان ، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان ، والذي بعثه بالآيات المحكمة ، والبراهين الواضحة ، وأيده بنصره ، واختاره لتبليغ رسالته صدقنا قوله بأن ربه بعثه وكلمه.

فقام عنه ابن أبي العوجاء فقال لأصحابه : من ألقاني في بحر هذا ، سألتكم

ص: 250


1- الدوس : الوطأ على الرجل ، والبيدر : الموضع الذي يداس فيه الطعام ويدق ليخرج الحب من السنبل ، والطوب : الاجر.
2- الاستيخام : الاستثقال وعد الشئ غير موافق. واستوخمه أي وجده وخيما ثقيلا. وقوله « لم يستعذبه » أي لم يجده عذبا.
3- أي إنما الغائب هو المخلوق الذي كذا أو إنما المخلوق هو الذي.

أن تلتمسوا لي خمرة فألقيتموني على جمرة (1) قالوا له : ما كنت في مجلسه إلا حقيرا فقال : إنه ابن من حلق رؤوس من ترون ». (2)

2328 - وقال الصادق عليه السلام في خبر آخر حديث يذكر فيه الاسلام والايمان :  « ولو أن رجلا دخل الكعبة فبال فيها معاندا اخرج من الكعبة ومن الحرم ، وضربت عنقه ». (3)

2329 - وسأل عبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : » ومن دخله كان آمنا « قال : من دخل الحرم مستجيرا به فهو آمن من سخط اللّه عزوجل ، وما دخل من الوحش والطير كان آمنا من أن يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم ».

[الالحاد في الحرم والجنايات]

[الالحاد في الحرم والجنايات] (4)

ومن أتى بموجب الحد في الحرم اخذ به في الحرم لأنه لم ير للحرم حرمة. (5)

2330 - وروى معاوية بن عمار أنه « اتي أبو عبد اللّه عليه السلام فقيل له : إن

ص: 251


1- الخمرة - بالفتح بمعنى الخمر ، وبالضم ألمها وصداعها ، ومراد اللعين أنى سألتكم أن تأتوني إلى من أجادله وألعب وأستهزئ به وأضحك عليه لا إلى من يحرقني ببلاغة بيانه وبرهانه ، وقال المولى المجلسي : الخمرة ما يخمر به وعكر النبيذ وحصيرة صغيرة من السعف والورس وأشياء من الطيب تطلى به المرأة لتحسن وجهها ولكل مناسبة ، والجمرة النار الموقدة ، أي كنت أردت منكم أن تحصلوا لي شخصا لاباحث معه وأغلبه وحصلتم لي مباحثا الزمني وأهلكني وضيعني.
2- يعنى هذا هو ابن من أمر هذا الخلق الذي ترون بحلق الرأس فأطاعوه مع أن حلق الرأس عندهم عار عظيم وليس العجز لجهلي بل لاحتشامي إياه.
3- رواه الكليني بتمامه في الكافي ج 2 ص 27 وهذا الكلام في ذيله.
4- العنوان زيادة منا.
5- كما في صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي ج 4 ص 228 ، وحسنة الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) ص 226.

سبعا من سباع الطير على الكعبة ليس يمر به شئ من حمام الحرم إلا ضربه ، فقال : انصبوا له واقتلوه فإنه قد ألحد » (1).

2331 - قال : و « سألته عن قول اللّه عزوجل : « ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقة من عذاب أليم » قال : كل ظلم إلحاد ، وضرب الخادم في غير ذنب من ذلك الالحاد » (2).

2332 - وفي رواية أبي الصباح الكناني (3) عنه عليه السلام قال : « كل ظلم يظلمه الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شئ من الظلم فإني أراه إلحادا ، ولذلك كان يتقي الفقهاء أن يسكنوا مكة ».

[اظهار السلاح بمكة]

[اظهار السلاح بمكة] (4)

2333 - وسأله أبو بصير « عن رجل يريد مكة أو مدينة أيكره أن يخرج منه بالسلاح؟ فقال : لا بأس أن يخرج بالسلاح من بلده ولكن إذا دخل مكة لم يظهره ».

2334 - وفي رواية حريز بن عبد اللّه عنه عليه السلام قال : « لا ينبغي أن يدخل الحرم بسلاح إلا أن يدخله في جوالق (5) أو يغيبه - يعني حتى يلف على الحديد شيئا - ». (6)

[الانتفاع بثياب الكعبة]

2335 - وسأل عبد الملك بن عتبة أبا عبد اللّه عليه السلام « عما يصل إلينا من ثياب

ص: 252


1- راجع الكافي ج 4 ص 227.
2- راجع الكافي ج 4 ص 227.
3- لم يذكر المصنف طريقه إليه والظاهر أنه مأخوذ من كتابه فيكون صحيحا ورواه الكليني عنه أيضا وفى الطريق محمد بن الفضيل الأزدي الضعيف ، فإن كان محمد بن الفضيل الضبي فهو ثقة.
4- العنوان زيادة منا هنا وما يأتي.
5- الجوالق - بالضم والكسر - : العدل من صوف أو شعر جمع جالق معرب جوال.
6- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 228 عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن حريز ، قال في المنتقى : الظاهر أن ذكر ابن أبي عمير في هذا السند سهو ، و النسخ التي عندي متفقة فيه. وقوله « يغيبه » أي يجعله غائبا.

الكعبة هل يصلح لنا أن نلبس شيئا منها؟ فقال : يصلح للصبيان والمصاحف والمخدة تبتغي بذلك البركة إن شاء اللّه تعالى ». (1)

[كراهية أخذ تراب البيت وحصاه]

[كراهية أخذ تراب البيت وحصاه] (2)

2336 - وروي عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أخذت سكا (3) من سك المقام وترابا من تراب البيت وسبع حصيات ، فقال : بئس ما صنعت أما التراب والحصى فرده ». (4)

2337 - وروي محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا ينبغي لاحد أن يأخذ من تربة ما حول البيت وإن أخذ من ذلك شيئا رده ». (5)

2338 - وقال حذيفة بن منصور لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن عمي كنس الكعبة فأخذ من ترابها فنحن نتداوى به فقال : رده إليها ». (6)

2339 - وقال له زيد الشحام : « أخرج من المسجد حصاة (7) ، قال : فردها أو اطراحها في مسجد ». (8)

ص: 253


1- يدل على جواز الانتفاع واستحباب التبرك بها وعلى جواز الباس الصبيان بها و يحمل على غير المميز جمعا بين الروايات ، ولا يرد أنه وقف للكعبة فلا يجوز التصرف فيها لأنه هكذا وقف بأن يكون سنة لباس الكعبة وبعدها يكون للخدمة. والابتغاء : الطلب. (م ت)
2- العنوان زيادة منا هنا وما يأتي.
3- السك - بالضم - : ضرب من الطيب ويطلق على كل طيب ، وقيل : هو المسمار.
4- يدل على عدم جواز اخراج الحصى من المسجد الحرام وكذا قمامة الكعبة على الظاهر ، ويمكن أن يكون المراد ترابه المحكوك. (م ت)
5- ظاهره الكراهة والمشهور الحرمة ووجوب الرد إليه مع الامكان. والخبر رواه الكليني في الصحيح والشيخ بسندين صحيحين.
6- ظاهر هذه الأخبار وجوب الرد إلى الكعبة أو المسجد الحرام. (م ت)
7- في الكافي « أخرج من المسجد وفى ثوبي حصاة ».
8- يدل على جواز الرد إلى مسجد آخر مع امكان الرد إليه وهو خلاف المشهور. (المرآة)
[كراهية المقام بمكة]

2340 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكة سنة ، قلت : كيف يصنع؟ قال : يتحول عنها ولا ينبغي أن يرفع بناء فوق الكعبة ». (1)

2341 - وروي « أن المقام بمكة يقسي القلب ». (2)

2342 - وروى داود الرقي (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا فرغت من نسكك فارجع فإنه أشوق لك إلى الرجوع ».

[شجر الحرم]

2343 - وروي عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « شجرة أصلها في الحل وفرعها في الحرم؟ فقال : حرم أصلها لمكان فرعها ، قلت : فان أصلها في الحرم وفرعها في الحل؟ قال : حرم فرعها لمكان أصلها ».

2344 - وروى حريز عنه عليه السلام أنه قال : « كل شئ ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا ما أنبته أنت أو غرسته ». (4)

ص: 254


1- يدل على كراهة المجاورة ورفع بناء فوق الكعبة بأن يكون سمكه ارفع من سمك الكعبة فلا يكره البناء في الجبال المرتفعة عليها كأبي قبيس مطلقا بل مع زيادة السمك ، وروى الشيخ في الصحيح عن علي بن مهزيار قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام المقام بمكة أفضل أو الخروج إلى الأمصار؟ فكتب عليه السلام : المقام عند بيت اللّه أفضل » (م ت) أقول : المشهور كراهة المجاورة بمكة وعلل بخوف الملالة وقلة الاحترام أو الخوف من ملامسة الذنب لأنه فيها أعظم أو بأن المقام فيها يقسى القلب.
2- رواه في الكافي ج 4 ص 230 مرسلا أيضا وفيه بدل القلب « القلوب » وكأنه محمول على الغالب كما هو المشاهد فيها وفى مشاهد الأئمة صلوات اللّه عليهم.
3- طريق المصنف إليه غير نقى ، لكن رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير عمن ذكره عن ذريح المحاربي عنه عليه السلام.
4- من قوله « الا ما أنبته - » ليس في الكافي وسيأتي تحت رقم 2047 تفصيله.

2345 - وقال عليه السلام : « يخلى عن البعير في الحرم يأكل ما شاء ». (1)

2346 - و « ما يأكله الإبل فليس به بأس أن ينزعه ». (2)

2347 - وسأله سليمان بن خالد « عن الرجل يقطع من الأراك الذي بمكة قال : عليه ثمنه يتصدق به ولا ينزع من شجر مكة شيئا إلا النخل وشجر الفواكه ».

2348 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « قلت له : المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم؟ فقال : نعم ، قلت : فمن الحرم؟ قال : لا ». (3)

2349 - وسأل إسحاق بن يزيد أبا جعفر عليه السلام « عن الرجل يدخل مكة فيقطع من شجرها ، فقال : اقطع ما كان داخلا عليك ولا تقطع ما لم يدخل منزلك عليك ». (4)

ص: 255


1- قال في المدارك : يجوز للمحرم أن يترك إبله لترعى الحشيش وان حرم عليه قطعه ، بل لو قيل بجواز نزع الحشيش للإبل لم يكن بعيدا لصحيحة جميل ومحمد بن حمران (المشار إليها فيما يأتي).
2- كما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل ومحمد بن حمران قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن النبت الذي في أرض الحرم أينزع؟ فقال : أما شئ يأكله الإبل فليس به بأس أن تنزعه ». وحمله الشيخ على نزع الإبل والأحوط الترك.
3- يدل على أن قطع الحشيش من محرمات الحرم لا الاحرام كما يظهر من الأخبار المتواترة من العامة والخاصة من أنه لا يختلى خلاها وقد تقدم بعضها ويؤيده ما رواه الكليني ج 4 ص 365 عن عبد اللّه بن سنان قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « المحرم ينحر بعيره أو يذبح شاته قال : نعم ، قلت له : يحتش لدابته وبعيره؟ قال : نعم ويقطع ما شاء من الشجر حتى يدخل الحرم فإذا دخل الحرم فلا ».
4- « ما كان داخلا » ظاهره جواز قطع أغصان شجر دخل على الانسان في منزلة و ان لم ينبت فيه وهو خلاف المشهور ، ويمكن أن يكون المراد جواز قطع ما نبت بعد اتخاذ الموضع منزلا وعدم جواز قطع ما نبت قبله (المرآة) أقول : روى الكليني في الكافي ج 4 ص 231 والشيخ في التهذيب بسند ضعيف عن حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم ، قال : ان بنى المنزل والشجرة فيه فليس له أن يقلعها وان كانت نبتت في منزله وهو له فليقلعها » ويمكن حمل النهى في غير الداخل على الكراهة كما يظهر من رواية صحيحة رواها الشيخ في التهذيب عن جميل عن الصادق عليه السلام قال : « رآني علي بن الحسين عليهما السلام وأنا أقلع الحشيش من حول الفساطيط بمنى فقال : يا بنى ان هذا لا يقلع ».

2350 - وسأل منصور بن حازم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الأراك يكون في الحرم فأقطعه ، قال : عليك فداؤه ». (1)

[لقطة الحرم]

2351 - وروى إبراهيم بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « اللقطة لقطتان لقطة الحرم تعرف سنة فإن وجدت صاحبها وإلا تصدقت بها ، ولقطة غير الحرم تعرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فهي كسبيل مالك ». (2)

ص: 256


1- أي ثمنه كما تقدم ، والاراك شجر يتخذ ساقه للسواك. قال في مرآة العقول : اعلم أن تحريم قطع الشجر والحشيش على المحرم مجمع عليه في الجملة وقد استثنى من ذلك أربعة أشياء : الأول ما ينبت في ملك الانسان وفى دليله كلام ، ولا ريب في جواز ما أنبته الانسان لصحيحة حريز. الثاني شجر الفواكه وقد قطع الأصحاب بجواز قلعه مطلقا وظاهر المنتهى أنه موضع وفاق. الثالث شجر الإذخر ونقل الاجماع على جواز قطعه. الرابع عودا المحالة وهما اللذان يجعل عليهما المحالة ليستقى بها ، ولا بأس بقطع اليابس من الشجر والحشيش ، واعلم أن قطع شجر الحرم كما يحرم على المحرم يحرم على المحل أيضا كما صرح به الأصحاب ودلت عليه النصوص.
2- الخبر صحيح وظاهره جواز أخذ لقطة الحرم وعدم جواز تملكها بعد التعريف و اختلف الأصحاب في ذلك اختلافا كثيرا فذهب الشيخ في النهاية وجماعة إلى أنه لا تحل لقطة الحرم مطلقا ، وذهب المحقق في النافع وجماعة إلى الكراهة مطلقا ، وذهب جماعة إلى جواز القليل مطلقا ، والكثير على كراهية مع نية التعريف ، والقول بالكراهة لا يخلو من قوة ، ثم اختلف في حكمها بعد الالتقاط فذهب المحقق وجماعة إلى التخيير بين التصدق ولا ضمان ، وبين ابقائها أمانة لأنه لا يجوز التملك مطلقا وقال في موضع آخر يجوز تملك ما دون الزائد وخير بين ابقائها أمانة والتصدق ولا ضمان ، ونقل عن أبي الصلاح أنه يجوز تملك الكبير أيضا والأظهر والأحوط وجوب التصدق بها بعد التعريف كما دل عليه هذا الخبر. (المرآة)

وروي أن في أسماء مكة أنها مكة وبكة وأم القرى وأم رجم والباسة كانوا إذا ظلموا بها بستهم - أي أهلكتهم - وكانوا إذا ظلموا رحموا. (1)

باب 152: تحريم صيد الحرم وحكمه

2352 - روى زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا أصاب المحرم في الحرم حمامة إلى أن تبلغ الظبي فعليه دم يهريقه ، ويتصدق بمثل ثمنه أيضا (2) فإن أصاب منه وهو حلال فعليه أن يتصدق بمثل ثمنه ». (3)

2353 - وسأل سليمان بن خالد أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل أغلق بابه على طير فمات ، فقال : إن كان أغلق الباب عليه بعدما أحرم فعليه دم ، وإن كان أغلقه قبل أن يحرم وهو حلال فعليه ثمنه ». (4)

ص: 257


1- « أم رجم » بالجيم كما في أكثر النسخ والصواب كما في خبر أبي بصير « أم رحم » بالحاء المهملة هكذا « وتسمى أم رحم كانوا إذا لزموها رحموا » والظاهر أن ما ذكره المصنف مضمون هذا الخبر وكان التصحيف من النساخ ، أو يكون خبرا آخر ولا منافاة بينهما. وفى النهاية « الرحم » بالضم - الرحمة ومنه حديث مكة « هي أم رحم » أي أصل الرحمة وفى حديث مجاهد : من أسماء مكة الباسة سميت بها لأنها تحطم من أخطأ فيها. والبس : الحطم ويروى بالنون من النس أي الطرد (م ت) أقول روى الأزرقي في أخبار مكة ج 1 ص 197 عن جده عن داود بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن مجاهد قال : من أسماء مكة هي مكة وهي بكة وهي أم رحم وهي أم القرى وهي صلاح وهي كوثا وهي الباسة. وفى آخر عن ابن أبي يحيى قال : بلغني أن أسماء مكة مكة وبكة وأم رحم وأم القرى والباسة والبيت العتيق والحاطمة تحطم من استخف بها ، والباسة تبسهم بسا أي تخرجهم اخراجا إذا غشموا وظلموا.
2- « إلى أن تبلغ الظبي » أي في الجثة ، من الطيور وغيرها « فعليه دم يهريقه » أي باعتبار كونه محرما « ويتصدق بمثل ثمنه » باعتبار كونه في الحرم. (م ت)
3- « فان أصاب منه » أي من الصيد في الحرم أو من الحرم تجوزا « وهو حلال » أي غير محرم فعليه أن يتصدق بمثل ثمنه والحاصل أن الفداء للاحرام والقيمة للحرم.
4- الطريق حسن بإبراهيم بن هاشم وسليمان ثقة وهو الذي خرج مع زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام وقطع إصبعه ، والخبر رواه الشيخ في الصحيح ويدل على أن الحكم في المحرم الفداء وفى الحرم القيمة ، وعلى أن السبب كالمباشر في الضمان ، والظاهر أن الضمان للموت لا بمجرد الاغلاق وان ورد الجواب بالأعم لأن الظاهر انصراف الجواب إلى السؤال ولو لم يكن ظاهرا فيه فليس بظاهر في العموم فلا يمكن الاستدلال به للاجمال (م ت) وقال سلطان العلماء قوله عليه السلام « فعليه دم » أي من حيث الاحرام فلا ينافي وجوب شئ آخر عليه لو كان في الحرم.

2354 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أغلق باب بيت على طير من حمام الحرم فمات ، قال : يتصدق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم ». (1)

2355 - وروى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم وهو في الحرم غير محرم ، فقال : عليه قيمتها وهو درهم يتصدق به أو يشتري به طعاما لحمام الحرم ، فإن قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة وقيمة الحمامة ». (2)

2356 - وروى حفص بن البختري (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « فيمن أصاب طيرا في الحرم ، قال : إن كان مستوي الجناح فليخل عنه ، وإن كان غير مستو [ي الجناح] نتفه وأطعمه وأسقاه ، فإذا استوى جناحاه خلى عنه ». (4)

ص: 258


1- الظاهر أنه للمحرم وان وقع السؤال بالأعم ، ويدل على أن الدرهم قيمة الحمامة شرعا وعلى التخيير بين الصدقة والعلف لحمام الحرم. (م ت)
2- الطريق ضعيف وفى الكافي ج 4 ص 233 في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : « من أصاب طيرا في الحرم وهو محل فعليه القيمة ، والقيمة درهم يشترى به علفا لحمام الحرم ».
3- الطريق إليه صحيح وهو ثقة.
4- « نتفه » أي نزع ريشه. والغرض من النتف أن يسرع نبات الريش وظاهره الوجوب لأنه في المعنى فلينتف. وفى معنى الخبر ما رواه الكليني ج 4 ص 237 في الصحيح عن داود بن فرقد قال : كنا عند أبي عبد اللّه عليه السلام بمكة وداود بن علي بها ، فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام قال لي داود بن علي : ما تقول يا أبا عبد اللّه في قماري اصطدناها وقصيناها؟ فقلت : تنتف وتعلف فإذا استوت خلى سبيلها واصل قصيناها قصصناها أبدلت الثانية تاء و المراد بداود حاكم المدينة وهو عباسي.

2357 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحرم وعنده في أهله صيد إما وحش وإما طير ، قال : لا بأس ». (1)

2358 - وروى ابن أبي عمير ، عن خلاد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل ذبح حمامة من حمام الحرم ، قال : عليه الفداء ، قال : قلت : فيأكله؟ قال : لا ، قلت : فيطرحه؟ قال : إذا يكون عليه فداء آخر قال : قلت : فما يصنع به؟ قال : يدفنه ». (2)

2359 - وروى ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال : « أرسلت إلى أبي الحسن عليه السلام « إن أخا لي اشترى حماما من المدينة فذهبنا بها معنا إلى مكة فاعتمرنا وأقمنا إلى الحج ، ثم أخرجنا الحمام معنا من مكة إلى الكوفة هل علينا في ذلك شئ فقال للرسول : إني أظنهن كن فرهة (3) قل له : يذبح مكان كل طير شاة ». (4)

2360 - وروى صفوان ، عن العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام

ص: 259


1- يدل على أن الصيد لا يخرج عن ملك صاحبه بالاحرام ، ويؤيده صحيح جميل المروى في الكافي [ج 4 ص 382] قال : « قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام) الصيد يكون عند الرجل من الوحش في أهله أو من الطير يحرم وهو في منزله؟ قال : لا بأس لا يضره » ولا مناسبة لهذا الخبر في هذا الباب لأنه من أحكام المحرم لا الحرم. (م ت)
2- عمل به جماعة من الأصحاب وقال الشهيد - رحمه اللّه - في الدروس : يدفن المحرم الصيد إذا قتله ، فان أكله أو طرحه فعليه فداء آخر على الرواية. (المرآة)
3- جملة معترضة أي أظن نقلهن إلى بلده لكونهن حاذقة سريعة السير (سلطان) « فرهة » جمع فاره التي لا عيب فيها ، وفى القاموس فره - ككرم فراهة وفراهية - : حذق فهو فاره بين الفروهة والجمع فره - كركع وسكرة وسفرة ، وغرضه عليه السلام أن سبب اخراجهن من مكة إلى الكوفة لعله كان حذاقتهن في ايصال الكتب ونحو ذلك. (المرآة)
4- لعله محمول على ما إذا لم يمكن اعادتها وظاهر كلام الشيخ في التهذيب أن بمجرد الاخراج يلزمه الدم ، وظاهر الأكثر انه إنما يلزم إذا تلفت (المرآة) والامر بوجوب الفداء لأنها وان كانت من المدينة لكن بادخالها الحرم صارت من الحرم ويحرم اخراجها منه. (م ت)

عن شراء القماري (1) بمكة والمدينة فقال : ما أحب أن يخرج منها شئ. (2)

2361 - وروى حريز ، عن زرارة « أن الحكم سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل أهدي له في الحرم حمامة مقصوصة ، فقال : انتفها وأحسن علفها (3) حتى إذا استوى ريشها فخل سبيلها ».

2362 - وروى حريز ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أهدي له حمام أهلي وجئ به وهو في الحرم محل ، قال : إن أصاب منه شيئا فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه ». (4)

2363 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا - عبد اللّه عليه السلام (5) عن رجل رمى صيدا في الحل وهو يؤم الحرم فيما بين البريد والمسجد فأصابه في الحل فمضى برميته حتى دخل الحرم فمات من رميته هل عليه جزاء؟ فقال : ليس عليه جزاء إنما مثل ذلك مثل من نصب شركا في الحل إلى جانب الحرم فوقع فيه صيد فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فليس عليه جزاؤه لأنه نصب حيث نصب وهو له حلال ، ورمى حيث رمى وهو له حلال فليس عليه فيما كان بعد ذلك شئ فقلت : هذا القياس عند الناس ، فقال : إنما شبهت لك الشئ بالشئ لتعرفه ».

2364 - وروى المثنى ، عن كرب الصيرفي قال : « كنا جميعا فاشترينا طيرا فقصصناه فدخلنا به مكة فعاب ذلك أهل مكة فأرسل كرب إلى أبي عبد اللّه عليه السلام فسأله فقال : استودعوه رجلا من أهل مكة مسلما أو امرأة [مسلمة] فإذا استوى

ص: 260


1- القماري : طائر معروف حسن الصوت أصغر من الحمام ، واحده قمري.
2- ظاهره جواز اخراج القماري مع كراهة وهو مشكل والحرام غير محبوب و اطلاقه على الحرام غير عزيز في الاخبار والاحتياط في الترك. (م ت)
3- لا خلاف فيه ولو أخرجه فتلف فعليه ضمانة اجماعا. (م ت)
4- يظهر منه وجوب القيمة ولو أتلفه بغير رضا صاحبه لزمه قيمته أيضا فإنه لا منافاة بينهما. (م ت)
5- في الكافي « سألت أبا الحسن موسى عليه السلام » ويمكن أن يكون وقع سؤاله منهما.

خلوا سبيله ». (1)

2365 - وروى ابن مسكان ، عن إبراهيم بن ميمون قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل نتف حمامة من حمام الحرم (2) فقال : يتصدق بصدقة على مسكين ويعطي باليد التي نتف بها فإنه قد أوجعه ».

2366 - وروى صفوان ، عن منصور بن حازم قال : قلت « لأبي عبد اللّه عليه السلام أهدي لنا طير مذبوح بمكة فأكله أهلنا ، فقال : لا يرى به أهل مكة بأسا ، قلت : فأي شئ تقول أنت؟ قال : عليهم ثمنه ».

2367 - وروى صفوان ، عن عبد اللّه بن سنان قال : أبو عبد اللّه عليه السلام : « لا يذبح الصيد في الحرم وإن صيد في الحل ».

2368 - وروى النضر (3) عن عبد اللّه بن سنان قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في حمام مكة : الطير الأهلي من حمام الحرم (4) من ذبح منه طيرا فعليه أن يتصدق

ص: 261


1- مقتضى الرواية جواز ايداعه المسلم ليحفظه إلى أن يكمل واعتبر في المنتهى كونه ثقة لرواية المثنى. (المرآة)
2- كذا في الكافي أيضا ، وفى التهذيب « نتف ريشة حمامة من حمامة الحرم » ولذا قطع الأصحاب بأن من نتف ريشة حمامة من حمام الحرم كان عليه صدقة ويجب أن يسلمها بتلك اليد الجانية ، وتردد بعضهم فيما لو نتف أكثر من الريشة واحتمل الأرش كقوله من الجنايات وتعدد الفدية بتعدده ، واستوجه العلامة في المنتهى تكرر الفدية إن كان النتف متفرقا والأرش إن كان دفعة ، ويشكل الأرش حيث لا يوجب ذلك نقصا أصلا ، هذا على نسخة التهذيب ، وأما على ما في الكافي والمتن يتناول نتف الريشة فما فوقها ، ويحتمل أن يكون المراد نتف جميع ريشاتها أو أكثرها ولو نتف ريشة غير الحمامة أو غير الريش قيل : وجب الأرش ولا يجب تسليمه باليد الجانية ولا تسقط الفدية بنبات الريش كما ذكره الأصحاب. (المرآة)
3- هو النضر بن سويد الثقة والطريق إليه صحيح.
4- في الكافي ج 4 ص 235 « الطير الأهلي غير حمام الحرم » ولعل المراد الطير الذي ادخل الحرم من خارجه ، وما في المتن أظهر كما في المرآة.

بصدقة أفضل من ثمنه (1) فإن كان محرما فشاة عن كل طير ».

2369 - وسأل معاوية بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام عن طير أهلي أقبل فدخل الحرم ، فقال : [لا يؤخذ] ولا يمس لان اللّه عزوجل يقول : « ومن دخله كان آمنا ».

2370 - وسأل محمد بن مسلم أحدهما عليهما السلام عن الظبي يدخل الحرم ، فقال : لا يؤخذ ولا يمس لان اللّه عزوجل يقول : « ومن دخله كان آمنا ».

2371 - وروى ابن مسكان ، عن يزيد بن خليفة قال : « كان في جانب بيتي مكتل (2) كان فيه بيضتان من حمام الحرم ، فذهب غلامي فكب المكتل وهو لا يعلم أن فيه بيضتين فكسرهما ، فخرجت فلقيت عبد اللّه بن الحسن فذكرت ذلك له فقال تصدق بكفين من دقيق ، قال : فلقيت أبا عبد اللّه عليه السلام بعد فأخبرته فقال لي عليه السلام : عليه ثمن طيرين يطعم به حمام الحرم. فلقيت عبد اللّه بن الحسن فأخبرته ، فقال : صدق خذ به فإنه أخذ عن آبائه عليهم السلام ».

2372 - وروي عن شهاب بن عبد ربه قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني أتسحر بفراخ اتي بها من غير مكة فتذبح في الحرم فأتسحر بها؟ فقال : بئس السحور سحورك أما علمت أن ما أدخلت به الحرم حيا فقد حرم عليك ذبحه وإمساكه (3) ».

2373 - وروى محمد بن حمران عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال : « كنت مع علي بن الحسين عليهما السلام بالحرم فرآني أوذي الخطاطيف (4) فقال : يا بني لا تقتلهن ولا تؤذهن فإنهن لا يؤذين شيئا ».

ص: 262


1- الظاهر أن المراد به الدرهم ، حيث كان في ذلك الزمان أكثر من الثمن ، فعلى القول بلزوم الثمن يكون الأفضل محمولا على الفضل ، وقوله « فإن كان محرما » أي في الحل أو المعنى فشاة أيضا. (المرآة)
2- المكتل - كمنبر - : الزنبيل الكبير.
3- الذي صار سببا لتوهم شهاب هو أنه جيئ به من خارج الحرم فلا يكون من حمام الحرم كما أنه لو خرج من الحرم لا يجوز صيده لأنه من الحرم. (م ت)
4- أي أريد أن أخرجها لتلويثها البيت غالبا وتعشيشها على أشيائه.

2374 - وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج (1) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فرخين مسرولين (2) ذبحتهما وأنا بمكة ، فقال لي : لم ذبحتهما؟ فقلت : جاءتني بهما جارية من أهل مكة فسألتني أن أذبحهما فظننت أني بالكوفة ولم أذكر الحرم قال : تصدق بقيمتهما ، قلت : كم؟ قال : درهما وهو خير منهما ».

2375 - وسأله زرارة « عن رجل أخرج طيرا من مكة إلى الكوفة ، فقال : يرده إلى مكة ».

2376 - وروى المثنى عن محمد بن أبي الحكم قال : قلت لغلام لنا : « هيئ لنا غداءنا فأخذ لنا من أطيار مكة فذبحها وطبخها فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام فقال : ادفنهن وأفد عن كل طير منهن ».

2377 - وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل قتل طيرا من طيور الحرم وهو محرم في الحرم ، فقال : عليه شاة وقيمة الحمام درهم يعلف به حمام الحرم ، وإن كان فرخا فعليه حمل وقيمة الفرخ نصف درهم يعلف به حمام الحرم ».

2378 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تشترين في الحرم إلا مذبوحا قد ذبح في الحل ، ثم جئ به إلى الحرم مذبوحا فلا بأس به للحلال (3) ».

2379 - وسأل سعيد بن عبد اللّه الأعرج أبا عبد اللّه عليه السلام « عن بيضة نعامة أكلت في الحرم ، فقال : تصدق بثمنها (4) ».

2380 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « في قيمة الحمامة درهم ، وفي الفرخ نصف درهم ، وفي البيضة ربع درهم (5) ».

ص: 263


1- الطريق إليه حسن ورواه الشيخ والكليني في الكافي ج 4 ص 237 في الصحيح.
2- حمام مسرول الذي في رجليه ريش كأنه سراويل.
3- يدل على جواز أكل المحل في الحرم ما ذبح في الحل وأدخل الحرم وفى معناه أخبار كثيرة. (م ت)
4- حمل على ما إذا كان محلا وكانت البيضة من نعام الحرم. (المرآة)
5- رواه الكليني ج 4 ص 234 والشيخ في التهذيب في الصحيح عن حفص بن البختري عنه عليه السلام.

باب 153: ما يجوز أن يذبح في الحرم ويخرج به منه

2381 - روى ابن مسكان ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يذبح في الحرم إلا الإبل والبقر والغنم والدجاج (1) ».

2382 - وسأله معاوية بن عمار « عن دجاج الحبش ، فقال : ليس من الصيد إنما الطير ما طار بين السماء والأرض وصف (2) ».

2383 - وقال جميل بن دراج ، ومحمد بن مسلم : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الدجاج السندي يخرج به من الحرم؟ فقال : نعم لأنها لا تستقل بالطيران » وفي خبر آخر « أنها تدف دفيفا » (3).

2384 - وسأله (4) الحسين بن الصيقل « عن دجاج مكة وطيرها ، فقال : ما لم يصف فكله ، وما كان يصف فخل سبيله ».

2385 - و « سئل الصادق عليه السلام عن رجل أدخل فهده إلى الحرم أله أن يخرجه؟ فقال : هو سبع فكلما أدخلت من السبع الحرم أسيرا فلك أن تخرجه ».

ص: 264


1- أي مما يؤكل لحمه كما هو الظاهر فلا ينافي جواز قتل بعض ما لا يؤكل لحمه و اما استثناء الأربعة فموضع وفاق. (المرآة)
2- « دجاج الحبش » قيل إنه طائر أغبر اللون في قدر الدجاج الأهلي أصله من البحر ويظهر من كلام بعض أن كل دجاج أصله من الحبش « فقال ليس من الصيد » بل هو ما كان ممتنعا بالطيران. والدجاج وإن كان يطير لكن ليس له صفيف مثل ما للحمام بل له دفيف فقط. (م ت)
3- روى الكليني في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام « ما كان يصف من الطير فليس لك أن تخرجه وما كان لا يصف فلك أن تخرجه » فإن كان مراده هذا الخبر فالنقل بالمعنى ويمكن أن يكون خبرا آخر. (م ت)
4- هذه الاضمارات من المصنف اختصارا لا أنه مضمر كما فهمه بعض. (م ت)

2386 - وروى عنه عليه السلام معاوية بن عمار أنه قال : « لا بأس بقتل النمل (1) والبق في الحرم ، وقال : لا بأس بقتل القملة في الحرم وغيره ».

2387 - وروى عبد اللّه بن سنان عنه عليه السلام أنه قال : « كلما لم يصف من الطير فهو بمنزلة الدجاج ».

باب 154: ما جاء في السفر إلى الحج وغيره من الطاعات

2388 - روى عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « في حكمة آل داود عليه السلام : أن على العاقل أن لا يكون ظاعنا (2) إلا في ثلاث : تزود لمعاد ، أو مرمة لمعاش (3) ، أو لذة في غير محرم ».

2389 - وروى السكوني باسناده (4) قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : سافروا تصحوا وجاهدوا تغنموا ، وحجوا تستغنوا ».

2390 - وروى جعفر بن بشير (5) عن إبراهيم بن الفضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا سبب اللّه عزوجل لعبد الرزق في أرض جعل له فيها حاجة ».

ص: 265


1- في بعض النسخ « النحل » لكن في التهذيب بسندين صحيحين « النمل » وهو أظهر ، وسيجيئ النهى عن قتل النحل مطلقا. ويمكن أن يكون القمل وهو بالتخفيف ما يكون في بدن الانسان. والقملة - بالتشديد - ما يكون في الحيوان وسيجيئ حكمها.
2- أي مسافرا أو يخرج من منزله.
3- أي اصلاح لما يعيش به والعيش الحياة.
4- يعنى عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام.
5- الطريق إليه صحيح وهو ثقة وإبراهيم بن الفضل أسند عنه ولم يوثق لكن اعتمد عليه الفضلاء.

باب 155: الأيام والأوقات التي يستحب فيها السفر ، والأيام والأوقات التي يكره فيها السفر

2391 - روى حفص بن غياث النخغي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من أراد سفرا فليسافر يوم السبت ، فلو أن حجرا زال عن جبل في يوم السبت لرده اللّه عزوجل إلى مكانه ، ومن تعذرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي ألان اللّه عزوجل فيه الحديد لداود عليه السلام (1) ».

2392 - وروى إبراهيم بن أبي يحيى المديني عنه عليه السلام أنه قال : « لا بأس بالخروج في السفر ليلة الجمعة ».

2393 - وروى عبد اللّه بن سليمان عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يسافر يوم الخميس ».

2394 - وقال عليه السلام : « يوم الخميس يوم يحبه اللّه ورسوله وملائكته ».

2395 - وكتب بعض البغداديين إلى أبي الحسن الثاني عليه السلام « يسأله عن الخروج يوم الأربعاء لا يدور (2) فكتب عليه السلام : من خرج يوم الأربعاء لا يدور خلافا على أهل الطيرة وقي من كل آفة ، وعوفي من كل عاهة ، وقضى اللّه عزوجل له حاجته ».

2396 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « عليكم بالسير بالليل ، فإن الأرض تطوى بالليل ».

2397 - وفي رواية جميل بن دراج ، وحماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الأرض تطوى من آخر الليل ».

ص: 266


1- رواه المصنف إلى هنا في الخصال عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن المنقري ، عن حفص بن غياث وكان عاميا. ورواه الكليني في الروضة ص 143 مسندا عن القاسم بن محمد عن المنقري عن حفص.
2- الأربعاء لا يدور آخر أربعاء من الشهر والجملة صفة ليوم الأربعاء. وقيل : هو أربعاء آخر الصفر.

2398 - وروى محمد بن يحيى الخثعمي عنه عليه السلام : « لا تخرج يوم الجمعة في حاجة فإذا كان يوم السبت وطلعت الشمس فاخرج في حاجتك ».

2399 - وسأل أبو أيوب الخزاز ، وعبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه » فقال عليه السلام : الصلاة يوم الجمعة والانتشار يوم السبت (1) ».

2400 - وقال عليه السلام : « السبت لنا والأحد لبني أمية ».

2401 - وقال عليه السلام : « لا تسافر يوم الاثنين ولا تطلب فيه حاجة ».

2402 - وروي عن أبي أيوب الخزاز أنه قال : « أردنا أن نخرج فجئنا نسلم على أبي عبد اللّه عليه السلام فقال : كأنكم طلبتم بركة الاثنين؟ قلنا : نعم ، قال : فأي يوم أعظم شؤما من يوم الاثنين فقدنا فيه نبينا صلى اللّه عليه وآله وارتفع الوحي عنا ، لا تخرجوا يوم الاثنين واخرجوا يوم الثلاثاء ».

2403 - وروى محمد بن حمران ، عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى ».

2404 - وروى [عن] عبد الملك بن أعين قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إني قد ابتليت بهذا العلم فأريد الحاجة ، فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت الطالع الشر جلست ولم أذهب فيها ، وإذا رأيت الطالع الخير ذهبت في الحاجة ، فقال لي : تقضي (2)؟ قلت : نعم : قال : أحرق كتبك (3) ».

ص: 267


1- تقدم الحديث ج 1 تحت رقم 1253.
2- أي تحكم بأن للنجوم تأثيرا تعلمه أو لذلك الطالع أثرا ، أو صنعت في ذلك كتبا.
3- أي لا تعتقد بما تظن من ذلك وإن كان للنجوم تأثيرا ما لكن لا تعلمه أنت ولا أقرانك لأنكم لا تحيطون بذلك علما « وما أوتيتم من العلم الا قليلا » قال المولى المجلسي - رحمه اللّه - اعلم أنه ورد في الأخبار الكثيرة في الكافي وغيره بأن للنجوم تأثيرا وروى في أخبار كثيرة تهديدات شديدة في تعليمها وتعلمها ولا أعلم خلافا بين أصحابنا في حرمتها ، والذي يظهر من الاخبار أن النهى اما لسد باب الاعتقاد فإنه يفضى بأنها مستبدة في التأثير وهي المؤثرة كما قاله كفرة المنجمين وهم طائفتان فطائفة لا يقولون بالواجب بالذات بل يقولون انها الواجب ، وطائفة يقولون بهما وهم مشركون ، فلما كان هذا العلم يفضى إلى هذه الاعتقادات الفاسدة نهى الشارع عن تعلمها وتعليمها لئلا يفضى إليها ، واما بالنظر إلى الموحدين الذين يقولون بحدوثها وأن لها تأثير السقمونيا والفلفل ولا شعور لها أو قيل بشعورها وتأثيرها لكنها مسخرات بتسخير الواجب بالذات ، فالظاهر أن هذا الاعتقاد على سبيل الاجمال لا يضر ، واما بالتفضيل الذي يقوله المنجمون فإنه وهم محض وقول بما لا يعلم لأنه لا يمكن الإحاطة به الا من علمه اللّه تعالى من الأنبياء والأئمة صلوات اللّه عليهم أجمعين ولهذا ورد عن الصادق عليه السلام قال : « انكم تنظرون في شئ كثيره لا يدرك وقليله لا ينفع ».

2405 - وروى سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال : الشؤم للمسافر في طريقه في ستة (1) الغراب الناعق عن يمينه ، والكلب الناشر لذنبه (2) والذئب العاوي الذي يعوي في وجه الرجل وهو مقع على ذنبه يعوي ثم يرتفع (3) ثم ينخفض ثلاثا ، والظبي السانح من يمين إلى شمال (4) والبومة الصارخة ، والمرأة الشمطاء (5) تلقى فرجها ، والاتان العضباء يعني الجدعاء (6) فمن أوجس في

ص: 268


1- كذا مع أن المعدود سبعة وفى الخصال والمحاسن خمسة.
2- أي الرافع لذنبه.
3- أي نفسه أو ذنبه أو صوته « ثم ينخفض ثلاثا » أي إذا فعل الفعلات ثلاث مرات فهو شوم.
4- سنح لي الظبي يسنح سنوحا إذا مر من مياسرك إلى ميامنك ، والعرب تتيمن بالسانح وتتشأم بالبارح. (الصحاح)
5- الشمطاء هي التي اختلط شيبها بالشباب ، أو بياض شعرها بالسواد وذهب خيرها. وقوله « تلقى فرجها » في الكافي ج 8 ص 315 « تلقاء فرجها » وهو في الجميع تصحيف والصواب « تلقاء وجهها » أي شعر ناصيتها بياض مخلوط بالسواد. وقيل في معنى لفظ المتن أقوال لا يخلو جميعها من الركاكة.
6- الجدعاء أي المقطوعة الأذن وفسرها بالجدعاء لئلا يتوهم أن المراد المشوقة الاذن.

نفسه منهن شيئا فليقل : « اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي فاعصمني من ذلك » قال : فيعصم من ذلك ،

باب 156: افتتاح السفر بالصدقة

2406 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « تصدق واخرج أي يوم شئت ».

2407 - وروي عن حماد بن عثمان قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أيكره السفر في شئ من الأيام المكروهة مثل الأربعاء وغيره؟ فقال : افتتح سفرك بالصدقة واخرج إذا بدا لك ، واقرأ آية الكرسي واحتجم إذا بدا لك (1) ».

2408 - وروي عن ابن أبي عمير أنه (2) قال : « كنت أنظر في النجوم وأعرفها (3) وأعرف الطالع ، فيدخلني من ذلك شئ فشكوت ذلك إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ، فقال : إذا وقع في نفسك شئ فتصدق على أول مسكين ثم امض ، فإن اللّه عز وجل يدفع عنك (4) ».

2409 - وروى كردين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع اللّه عزوجل عنه نحس ذلك اليوم ».

ص: 269


1- في الكافي والمحاسن والتهذيب عن حماد عنه عليه السلام « افتتح سفرك بالصدقة و اقرأ آية الكرسي إذا بدا لك » فيكون قراءتها للسفر لا للحجامة ، ويمكن أن يكون حماد سمعه مرتين ، والذي رواه المصنف - رحمه اللّه - غير ما رووه.
2- فيه سقط وفى المحاسن ص 349 باسناده عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن سفيان ابن عمر قال : كنت أنظر في النجوم - الخ.
3- التعبير بالماضي إشارة إلى أنه تارك له.
4- ظاهر الخبر أنه عليه السلام لا ينهى عنه ، ويمكن أن يكون عدم النهى لعدم المفسدة في مثله.

2410 - وروى هارون بن خارجة ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من اللّه عزوجل بما تيسر له ، ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب ، فإذا سلمه اللّه عزوجل وانصرف حمد اللّه تعالى وشكره وتصدق بما تيسر له ».

باب 157: حمل العصا في السفر

2411 - قال أمير المؤمنين عليه السلام : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من خرج في سفر ومعه عصا لوزمر (1) وتلا هذه الآية : « ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل - إلى قول اللّه عزوجل - واللّه على ما نقول وكيل » آمنه اللّه عز وجل من كل سبع ضار (2) ومن كل لص عاد ، وكل ذات حمة (3) حتى يرجع إلى أهله و منزله ، وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات (4) يستغفرون له حتى يرجع ويضعها ».

2412 - وقال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « حمل العصا ينفي الفقر ولا يجاوره الشيطان » (5)

2413 - وقال عليه السلام : « من أراد أن تطوى له الأرض فليتخذ النقد من العصا والنقد عصا لوزمر - ».

2414 - وقال عليه السلام : « تعصوا فإنها من سنن إخواني النبيين وكانت بنو إسرائيل الصغار والكبار يمشون على العصا حتى لا يختالوا في مشيهم ».

ص: 270


1- أعم من الجبلي والبستاني والمسموع من المشايخ الأول. (م ت)
2- أي معتاد الصيد خصوصا بالانسان كالأسد.
3- مخففة : السم ، وقرء بالتشديد ، والتخفيف أفصح ، وقيل : المراد بالحمة إبرة العقرب ونحوها.
4- المعقبات الملائكة الذين يجيئ بعضهم عقيب بعض للحفظ.
5- « لا يجاوره » في بعض النسخ بالحاء المهملة.

باب 158: ما يستحب للمسافر من الصلاة إذا أراد الخروج

2415 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (1) : ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفره ويقول : « اللّهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريتي (2) ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي » فما قال ذلك أحد إلا أعطاه اللّه عزوجل ما سأل.

وسيأتي ذلك في أول باب سياق المناسك في هذا الكتاب عند انتهائي إليه إن شاء اللّه تعالى.

باب 159: ما يستحب للمسافر من الدعاء عند خروجه في السفر

2416 - روى موسى بن القاسم البجلي ، عن صباح الحذاء قال : « سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام يقول : لو كان الرجل منكم إذا أراد سفرا أقام على باب داره تلقاء الوجه الذي يتوجه إليه فقراء فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وعن شماله ، وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله ، ثم قال : « اللّهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن » لحفظه اللّه ولحفظ ما معه وسلمه اللّه وسلم ما معه وبلغه اللّه وبلغ ما معه ، قال : ثم قال : يا صباح أما رأيت الرجل يحفظ ولا يحفظ ما معه ويسلم ولا يسلم ما معه ويبلغ ولا يبغ ما معه؟ قلت : بلى جعلت فداك ».

2417 - و « كان الصادق عليه السلام إذا أراد سفرا قال : « اللّهم خل سبيلنا وأحسن

ص: 271


1- رواه الكليني باسناده عن السكوني ج 4 ص 283 والشيخ في التهذيب.
2- في التهذيب « مالي وديني ودنياي وآخرتي ».

تسييرنا وأعظم عافيتنا.

2418 - وروى علي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام (1) قال : قال لي : « إذا خرجت من منزلك في سفر أو حضر فقل : « بسم اللّه ، آمنت باللّه ، توكلت على اللّه ما شاء اللّه ولا حول ولا قوة إلا باللّه » فتلقاه الشياطين (2) فتضرب الملائكة وجوهها وتقول : ما سبيلكم عليه (3) وقد سمى اللّه عزوجل وآمن به وتوكل على اللّه ، وقال ما شاء اللّه لا حول ولا قوة إلا باللّه ».

2419 - وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : « من قال حين يخرج من باب داره (4) : « أعوذ باللّه مما عاذت منه ملائكة اللّه من شر هذا اليوم ، ومن شر الشياطين ، ومن شر من نصب لأولياء اللّه عزوجل ، ومن شر الجن والإنس ، ومن شر السباع والهوام ومن شر ركوب المحارم كلها أجير نفسي باللّه من كل شر » غفر اللّه له ، وتاب عليه (5) وكفاه المهم ، وحجزه عن السوء وعصمه من الشر ».

باب 160: القول عند الركوب

2420 - كان الصادق عليه السلام (6) إذا وضع رجله في الركاب يقول : « سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين » (7) ويسبح اللّه سبعا ، ويحمد اللّه سبعا ، ويهلل اللّه سبعا.

2421 - وروي عن الأصبغ بن نباتة أنه قال : أمسكت لأمير المؤمنين عليه السلام

ص: 272


1- رواه الكليني ج 2 ص 543 باسناده عن الحسن بن الجهم عنه عليه السلام.
2- فيه حذف يعنى من قال ذلك تلقاه الشياطين ، وفى الكافي « فتنصرف وتضرب الملائكة ».
3- الضمير المؤنث في « وجوهها » للشياطين و « ما » موصولة أي أي سلطة لكم عليه.
4- في السفر والحضر كما يقتضيه الاطلاق.
5- أي قبل توبته أو وفقه للتوبة ، والحجز : المنع والفعل كينصر.
6- رواه البرقي بسند قوى في المحاسن ص 353.
7- أي مطيقين لتسخيره ، قادرين عليه بدون تسخيرك إياه لنا. (م ت)

بالركاب وهو يريد أن يركب فرفع رأسه ثم تبسم فقلت : يا أمير المؤمنين رأيتك رفعت رأسك وتبسمت ، قال : نعم يا أصبغ أمسكت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كما أمسكت لي فرفع رأسه [إلى السماء] وتبسم ، فسألته كما سألتني وسأخبرك كما أخبرني أمسكت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الشهباء فرفع رأسه إلى السماء وتبسم فقلت : يا رسول اللّه رفعت رأسك إلى السماء وتبسمت فقال : يا علي إنه ليس من أحد يركب ما أنعم اللّه عليه ثم يقرأ آية السخرة (1) ثم يقول : « أستغفر اللّه الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، اللّهم اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت » إلا (2) قال السيد الكريم : يا ملائكتي عبدي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه.

باب 161: ذكر اللّه عزوجل والدعاء في المسير

2422 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في سفره إذا هبط سبح ، وإذا صعد كبر (3) ».

2423 - وروى العلاء ، عن أبي عبيدة عن أحدهما عليهما السلام قال : إذا كنت في سفر فقل : « اللّهم اجعل مسيري عبرا ، وصمتي تفكرا ، وكلامي ذكرا ».

2424 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم (4) : « والذي نفس أبي القاسم بيده ما هلل

ص: 273


1- « آية السخرة » هي قوله تعالى « ان ربكم اللّه الذي خلق السماوات والأرض  - إلى قوله : - رب العالمين ». والمشهور إلى قوله. « انه لا يحب المعتدين » للتصريح في بعض الروايات (م ت) وهي في الأعراف 54 ولعل المراد هنا ما ذكر في الخبر السابق قوله تعالى « سبحان الذي سخر » وقيل : المراد من آية السخرة آيتان في آخر حم السجدة : « سنريهم آياتنا » ولا يخفى أن الضمير الجمع البارز في قوله « سنريهم » راجع إلى المشركين الضالين المعاندين ، لا المسلمين الموحدين والآية في مقام التخويف بلا مرية كما صرح به في الكافي والارشاد وتفسير على ابن إبراهيم في روايات عن الصادق والكاظم عليهما السلام فسراها بالاسقام والآفات الدنيوية وعليه فلا مناسبة لها ههنا وقول القيل مبتن على الوهم.
2- استثناء من قوله : « ليس من أحد ».
3- لا يخفى مناسبة التسبيح في الهبوط والتكبير في الصعود. (م ت)
4- مروى في المحاسن ص 353 بسند مرفوع عن الصادق عن النبي صلى اللّه عليه وآله بأدنى اختلاف.

[اللّه] مهلل ، ولا كبر [اللّه] مكبر على شرف من الاشراف إلا هلل ما خلفه وكبر ما يديه بتهليله وتكبيره حتى يبلغ مقطع التراب ».

باب 162: ما يجب على المسافر في الطريق من حسن الصحابة ، وكظم الغيظ ، وحسن الخلق ، وكف الأذى ، والورع

2425 - روي عن أبي الربيع الشامي قال : « كنا عند أبي عبد اللّه عليه السلام والبيت غاص بأهله (1) فقال : ليس منا من لم يحسن صحبة من صحبه ، ومرافقة من رافقه وممالحة من مالحه ، ومخالقة من خالقه (2) ».

2426 - وروى صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان أبي عليه السلام يقول : ما يعبؤ بمن يؤم هذا البيت (3) إذا لم يكن فيه ثلاث خصال : خلق يخالق به من صحبه ، وحلم يملك به غضبه ، وورع يحجزه عن محارم اللّه عزوجل ».

2427 - وقال الصادق عليه السلام : « ليس من المروءة أن يحدث الرجل بما يلقى في السفر من خير أو شر » (4).

2428 - وروي عن عمار بن مروان الكلبي (5) قال : أوصاني أبو عبد اللّه عليه السلام

ص: 274


1- أي ممتلئ بأهله. وقوله : « ليس منا » أي من شيعتنا أو من خواصهم.
2- في المغرب « الممالحة : المؤاكلة ، ومنها قولهم « بينهما حرمة الملح والممالحة وهي المراضعة ». والمخالقة : المعاشرة. وفى بعض النسخ » مخالفة من خالفه وقال المولى المجلسي : أي مخالفة من خالفه في الدين الا مع التقية ولو لم يكن في الدين فينبغي أن لا يخالف إلى حد لا يبقى طريق الاصلاح.
3- أي ما أبالي به ولا أرى به وزنا.
4- أي من خير صنعه هو لغيره ومن شر صنعه غيره به ، أو يكون ذكر الخير استتباعا للشر ، فان ذكر محاسن الرفقاء حسن وإنما يقبح نقل مساويهم.
5- بنو كلب قبيلة من العرب ووصفه بالكلبي موجود في المحاسن وليس في الكافي ، و في الرجال اليشكري ، والخبر صحيح.

فقال : « أوصيك بتقوى اللّه ، وأداء الأمانة ، وصدق الحديث ، وحسن الصحبة لمن صحبك ، ولا قوة إلا باللّه ».

2429 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « من خالطت فإن استطعت أن يكون يدك العليا عليه (1) فافعل ».

باب 163: تشييع المسافر وتوديعه والدعاء له

2430 - « لما شيع أمير المؤمنين عليه السلام(2) أبا ذر - رحمة اللّه عليه - شيعه الحسن والحسين عليهما السلام ، وعقيل بن أبي طالب ، وعبد اللّه بن جعفر ، وعمار بن ياسر ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : ودعوا أخاكم فإنه لابد للشاخص (3) أن يمضي وللمشيع من أن يرجع ، فتكلم كل رجل منهم على حياله (4) فقال الحسين بن علي عليهما السلام : رحمك اللّه يا أبا ذر إن القوم إنما امتهنوك بالبلاء (5) لأنك منعتهم دينك فمنعوك دنياهم ، فما أحوجك غدا إلى ما منعتهم وأغناك عما منعوك ، فقال أبو ذر : رحمكم اللّه من أهل بيت فمالي شجن (6) في الدنيا غيركم ، إني إذا ذكرتكم ذكرت بكم جدكم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (7) ».

ص: 275


1- بأن تزيد عليه في المال والخدمة والتواضع فافعل بشرط أن لا تذله ولا تفقره.
2- رواه البرقي في المحاسن ص 353 مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- الشاخص : المسافر.
4- أي منفردا أو تلقاء وجهه.
5- كذا في النسخ وفى المحاسن ص 354 ، أيضا والامتهان الابتذال للخدمة. وفى الكافي ج 8 ص 207 تحت رقم 251 نحوه بتفصيل وفيه « امتحنوك بالبلاء ».
6- في الكافي « ومالي بالمدينة شجن ولا سكن » والشجن - بالتحريك - : الحاجة ، والسكن - بالتحريك - ما يسكن إليه.
7- في الكافي نقل كلام أمير المؤمنين عليه السلام أولا ، ثم كلام عقيل ، ثم الحسن ، الحسين عليهما السلام وفى آخره كلام عمار فبعد ذلك كلام أبي ذر جوابا لهم.

2431 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا ودع المؤمنين قال : زودكم اللّه التقوى ، ووجهكم إلى كل خير ، وقضى لكم كل حاجة ، وسلم لكم دينكم ودنياكم ، وردكم سالمين إلى سالمين (1) ».

2432 - وفي خبر آخر (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا ودع مسافرا أخذ بيده ، ثم قال : أحسن اللّه لك الصحابة ، وأكمل لك المعونة ، وسهل لك الحزونة (3) وقرب لك البعيد ، وكفاك المهم ، وحفظ لك دينك وأمانتك و خواتيم عملك ، ووجهك لكل خير ، عليك بتقوى اللّه ، أستودع اللّه نفسك ، سر على بركة اللّه عزوجل ».

باب 164: ما يقول من خرج وحده في سفر

2433 - روى بكر بن صالح ، عن سليمان بن جعفر عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « من خرج وحده في سفر (4) فليقل : ما شاء اللّه لا حول ولا قوة إلا باللّه اللّهم آنس وحشتي ، وأعني على وحدتي ، وأد غيبتي » (5).

باب 165: كراهة الوحدة في السفر

2434 - روى علي بن أسباط ، عن عبد الملك بن مسلمة ، عن السري بن خالد

ص: 276


1- رواه البرقي في المحاسن ص 354 باسناده عن ابن مسكان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، وقوله « سالمين إلى سالمين » أي ردكم بالسلامة إلى عيالاتكم وهم سالمون أو إلينا ونحن سالمون.
2- رواه البرقي ص 354 أيضا باسناده عن عبد الرحيم عن أبي جعفر عليه السلام.
3- الحزونة - بضم المهملة - غلاظة الأرض.
4- أي خرج ولم يكن له رفيق يسافر معه.
5- بأن أرجع سالما عنها ، مجاز في الاسناد أي أدنى عن غيبتي. (م ت)

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ألا أنبئكم بشر الناس؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه ، قال : من سافر وحده ، ومنع رفده (1) وضرب عبده ».

2435 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « في وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لعلي عليه السلام لا تخرج في سفر وحدك فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ، يا علي إن الرجل إذا سافر وحده فهو غاو ، والاثنان غاويان ، والثلاثة نفر - وروى بعضهم : سفر - » (2).

2436 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ثلاثة : الآكل زاده وحده ، والنائم في بيت وحده ، والراكب في الفلاة وحده (3) ».

2437 - وروى محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام بمكة إذ جاءه رجل من المدينة فقال له : من صحبك؟ فقال : ما صحبت أحدا فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام : أما لو كنت تقدمت إليك لأحسنت أدبك (4) ثم قال : واحد شيطان ، واثنان شيطانان ، وثلاثة صحب ، وأربعة رفقاء (5) ».

ص: 277


1- الرفد - بالكسر - : العطاء أي عطاه من الواجبات أو الأعم (م ت) و « ضرب عبده » أي من غير سيئة.
2- النفر - بالتحريك - : عدة رجال من الثلاثة إلى العشرة (الصحاح) والسفر - بفتح المهملة وسكون الفاء - : جمع سافر مثل صحب وصاحب. (النهاية)
3- مبالغة في النهى عن تلك الأفعال لكونها خلاف المروءة والحزم.
4- أي لو كنت رأيتك قبل السفر لعلمتك آدابه (م ت) أو المعنى لو كنت عندك حين أقدمت على السفر بدون صاحب لضربتك ، وفيه مبالغة في أنه ارتكب أمرا شنيعا. (مراد)
5- روى الكليني في الكافي ج 6 ص 533 باسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : ان الشيطان أشد ما يهم بالانسان حين يكون وحده خاليا لا أرى أن يرقد وحده. وعن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان الشيطان أشد ما يهم بالانسان إذا كان وحده فلا تبيتن وحدك ولا تسافرن وحدك » (ج 6 ص 534).

باب 166: الرفقاء في السفر ووجوب حق بعضهم على بعض

2438 - روى السكوني باسناده قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الرفيق ثم السفر (1) ».

2439 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « ما اصطحب اثنان إلا كان أعظمهما أجرا و أحبهما إلى اللّه عزوجل أرفقهما لصاحبه (2) ».

2440 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا تصحبن في سفر من لا يرى لك من الفضل عليه كما ترى له عليك (3) ».

2441 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من السنة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا نفقتهم فإن ذلك أطيب لأنفسهم وأحسن لأخلاقهم (4) ».

2442 - وروى إسحاق بن جرير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان يقول : اصحب من تتزين به (5) ، ولا تصحب من يتزين بك ».

2443 - وروى شهاب بن عبد ربه قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « قد عرفت

ص: 278


1- رواه الكليني ج 4 ص 286 عن علي عن أبيه عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله - الخ ». وفى المحاسن « الرفيق ثم الطريق » كما هو المشهور في الألسنة.
2- رواه الكليني ج 2 ص 669 والبرقي في المحاسن ص 357 عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام.
3- رواه الكليني عن السكوني بالسند المتقدم ذكره. أي اصحب من يعتقد أنك أفضل منه كما تعتقد أنه أفضل منك ، وهذا من صفات الكمال لمؤمنين (م ت) وقيل : يحتمل أن يكون الفضل بمعنى الاحسان والتفضل والأول أظهر.
4- رواه في المحاسن ص 359 بالسند المذكور سابقا والظاهر أن المراد أن يخرج كل منهم مثل ما يخرج الاخر فيتركون المجموع عند أحد وينفقون منه لئلا يتوهم أحد منهم أنه أنفق زائدا عما أنفق صاحبه.
5- أي من كان أفضل منك ويصير سببا لكمالك وتزيينك. (مراد)

حالي وسعة يدي وتوسيعي على إخواني ، فأصحب النفر منهم في طريق مكة فأوسع عليهم ، قال : لا تفعل يا شهاب فإنك إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم (1) ، وإن هم أمسكوا أذللتهم ، فاصحب نظراءك ، اصحب نظراءك (2).

2444 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إذا صحبت فاصحب نحوك ولا تصحب من يكفيك فإن ذلك مذلة للمؤمن (3) ».

2445 - وروى أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « البائت في البيت وحده شيطان ، والاثنان لمة ، والثلاثة أنس (4) ».

2446 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « أحب الصحابة إلى اللّه عزوجل أربعة ، وما زاد قوم على سبعة إلا كثر لغطهم (5) ».

2447 - وقال الصادق عليه السلام : « حق المسافر أن يقيم عليه إخوانه إذا مرض ثلاثا (6) ».

2448 - وروى عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما من نفقة أحب إلى اللّه من نفقة قصد ، ويبغض الاسراف إلا في حج أو عمرة (7) »

ص: 279


1- أجحفت بهم بتقديم الجيم أي أفقرتهم وأحوجتهم بسبب صرفهم الزيادة عن شأنهم.
2- « اصحب نظراءك » تأكيد للأول وليس في الكافي والمحاسن.
3- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 286 والبرقي في المحاسن بسند فيه ارسال. و قوله « نحوك » أي مثلك في الغنى والفقر ، ولا تصحب من يكفيك مؤونتك.
4- اللمة - بالضم - : الصاحب والأصحاب في السفر ، والانس - محركة - : الجماعة الكثيرة ، ومن تأنس به جمع أناس.
5- رواه الكليني في الروضة تحت رقم 464 مسندا ، واللغط صوت وضجة لا يفهم معناه.
6- رواه الكليني ج 2 ص 670 في الصحيح عن يعقوب بن يزيد عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله. وقوله ثلاثا أي ثلاثة أيام بلياليها بقرينة التأنيث ولا يلزم أكثر من ذلك للحرج ولان لهم أيضا حقا ، هذا إذا كان في بلدة أو سفر يمكنهم الإقامة. (م ت)
7- القصد : القوام والوسط. ولا اسراف في الحج لأنه لا اسراف في الخير والحج من أعظم الخيرات بشرط أن لا يتعدى حتى يحتاج إلى السؤال.

باب 167: الحداء والشعر في السفر

2449 - روى السكوني باسناده قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : زاد المسافر الحداء والشعر ما كان منه ليس فيه خنا » (1).

باب 168: حفظ النفقة في السفر

2450 - روي عن صفوان الجمال قال « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إن معي أهلي وأنا أريد الحج فأشد نفقتي في حقوي؟ قال : نعم فإن أبي عليه السلام كان يقول : من قوة المسافر حفظ نفقته (2) ».

2451 - وروى علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « تكون معي الدراهم فيها تماثيل وأنا محرم فأجعلها في همياني وأشده في وسطي؟ قال : لا بأس أو ليس هي نفقتك وعليها اعتمادك بعد اللّه عزوجل؟ ».

باب 169: اتخاذ السفرة في السفر

2452 - قال الصادق عليه السلام : « إذا سافرتم فاتخذوا سفرة وتنوقوا فيها (3) ».

ص: 280


1- الحداء نوع من الغناء المجوز تقوله العرب لسوق الإبل. والخنا : الفحش ، أي الذي لا يكون فيه هجو للمؤمن أو مدح لامرأة مغنية.
2- الحقو : معقد الإزار أي أشده في وسطى. وقال المجلسي : ترك استفصاله يدل على جواز الصلاة معها ولو كان دنانير مع أنه لم يرد نهى فيه وليس بتزين للذهب حتى يكون حراما والظاهر من النهى على تقدير صحته هو التزين ، وربما يقال بالجواز لأنه موضع الضرورة.
3- « سفرة » أي طعاما من الخبز والحلو والطير المشوي أو مع الجلد الذي يكون الأطعمة فيه. « تنوقوا » أي تجودوا وبالغوا في جودة الطعام أو مع السفرة. (م ت)

2453 - وروي عن نصر الخادم قال : « نظر العبد الصالح أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى سفرة عليها حلق صفر (1) فقال : انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقرب شيئا مما فيها شئ من الهوام ».

باب 170: السفر الذي يكره فيه اتخاذ السفرة

2454 - قال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه : تأتون قبر أبي عبد اللّه صلوات اللّه عليه؟ فقال له : نعم ، قال : تتخذون لذلك سفرة؟ قال : نعم ، قال : أما لو أتيتم قبور آبائكم وأمهاتكم لم تفعلوا ذلك ، قال : قلت : فأي شئ نأكل؟ قال : الخبز باللبن (2).

2455 - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام : « بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين عليه السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والاخبصة (3) وأشباهه ، لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا ».

باب 171: الزاد في السفر

2456 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفر (4) ».

ص: 281


1- الحلق - كعنب - حلقة والحديد يدفع الهوام.
2- يدل على استحباب ترك المطاعم الجيدة في سفر زيادة أبى عبد اللّه الحسين عليه السلام واستشعار الحزن فيه ، والخبر رواه ابن قولويه في كامل الزيارات ص 129 مسندا.
3- الجداء : الجدي المشوي ، وفى الكامل « الحلاوة » ، والخبيص حلواء من التمر.
4- رواه الكليني ج 8 ص 303 تحت رقم 467 عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) الحديث » وشرف الرجل : مجده وأصالته

2457 - و « كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا سافر إلى مكة للحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر ، والسويق المحمض والمحلى ».

2458 - وروي أنه « قام أبو ذر - رحمة اللّه عليه - عند الكعبة فقال : أنا جندب ابن السكن ، فاكتنفه الناس فقال : لو أن أحدكم أراد سفرا لاتخذ فيه من الزاد ما يصلحه لسفره ، فتزودوا لسفر يوم القيامة ، أما تريدون فيه ما يصلحكم؟ فأقم إليه رجل فقال : أرشدنا ، فقال : صم يوما شديد الحر للنشور ، وحج حجة لعظائم الأمور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور ، كلمة خير تقولها ، وكلمة شر تسكت عنها ، أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجو بها يا مسكين من يوم عسير ، اجعل الدنيا درهمين درهما قد أنفقته على عيالك ودرهما قدمته لآخرتك ، والثالث يضر ولا ينفع لا ترده ، اجعل الدنيا كلمتين كلمة في طلب الحلال وكلمة للآخرة ، والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها ، ثم قال : قتلني هم يوم لا أدركه ».

2459 - وقال لقمان لابنه : « يا بني إن الدنيا بحر عميق ، وقد هلك فيها عالم كثير ، فاجعل سفينتك فيها الايمان باللّه ، واجعل شراعها التوكل على اللّه (1) واجعل زادك فيها تقوى اللّه عزوجل ، فإن نجوت فبرحمة اللّه ، وإن هلكت فبذنوبك ».

باب 172: حمل الآلات والسلاح في السفر

2460 - روى سليمان بن داود المنقري ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « في وصية لقمان لابنه : يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك (2)

ص: 282


1- رواه الكليني ج 1 ص 16 في حديث طويل عن هشام بن الحكم ، عن موسى بن جعفر عليهما السلام مع اختلاف وفيه « فلتكن سفينتك فيها تقوى اللّه ، وحوشها الايمان ، وشراعها التوكل » والشراع - ككتاب - ما يقال له بالفارسية بادبان.
2- الحبال : الرسن. ورواه الكليني في الروضة ص 303 تحت رقم 2. وفيه « وخبائك » والخباء : الخيمة.

وسقائك وخيوطك ومخرزك (1) وتزود معك من الأدوية ما تنتفع به أنت ومن معك ، وكن لأصحابك موافقا إلا في معصية اللّه عزوجل - وزاد فيه بعضهم : وفرسك - (2) ».

باب 173: الخيل وارتباطها وأول من ركبها

2461 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة (3) والمنفق عليها في سبيل اللّه عزوجل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها » (4).

فإذا أعددت شيئا فأعده أقرح أرثم محجل الثلاثة ، طلق اليمين ، كميتا ثم أغر تسلم وتغنم (5).

ص: 283


1- في الكافي « وسقائك وأبرتك وخيوطك » والمخرز ما يخرز به الخف والجراب والسقاء وما كان من الجلود.
2- في بعض النسخ « وقوسك » كما في المحاسن ص 360. ولعله الأصوب.
3- إلى هنا رواه الكليني ج 5 ص 48 في الصحيح وكذا البرقي في المحاسن ص 631 وفيهما « الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة » وهكذا رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة.
4- رواه أبو داود السجستاني باسناده عن سهل بن الربيع بن عمرو عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، ورواه الطبراني في الأوسط - على ما في الجامع الصغير - عن أبي هريرة عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) هكذا « الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة ، والمنفق على الخيل كالباسط كفه بالنفقة لا يقبضها ».
5- روى ابن حبان في صحيحة عن عقبة بن عامر وأبى قتادة قال : قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) « خير الخيل الأدهم الاقرح الارثم المحجل طلق اليد اليمنى ، قال يزيد بن أبي حبيب : فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية » وروى الحاكم في المستدرك عن عقبة عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) قال : « إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسا أغر محجلا مطلق اليمنى فإنك تغنم وتسلم » ونحوه في المحاسن ص 431. والاقرح هو الفرس يكون في وسط جبهته قرحه - بالضم - وهي بياض يسير ، والارثم - بفتح الهمزة والثاء المثلثة المفتوحة - هو الفرس الذي أنفه وشفته العليا أبيض ، والمحجل هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين لأنهما مواضع الأحجال وهي الخلاخيل والقيود ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان (النهاية) وطلق اليمين بفتح الطاء وسكون اللام وبضمها أيضا إذا لم يكن بها تحجيل. والكميت - بضم الكاف وفتح الميم - هو الفرس الأحمر أو الذي ليس بالأشقر ولا الأدهم بل يخالط حمرته سواد ، والشية بكسر الشين المعجمة وفتح الياء مخففة هو كل لون في الحيوان يكون معظم لونها على خلافه. وقوله « محجل الثلاثة » أي يكون يده اليسرى ورجلاه بيضاء أو يكون فيها بياض. والأغر ما يكون في جبهته بياض.

2462 - وروى بكر بن صالح ، عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سمعته يقول : الخيل على كل منخر منها شيطان ، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم » (1).

2463 - قال : وسمعته يقول : « من ربط فرسا عتيقا محيت عنه عشر سيئات (2) وكتبت له إحدى عشرة حسنة في كل يوم ، ومن ارتبط هجينا (3) محيت عنه في كل يوم سيئتان وكتبت له تسع حسنات في كل يوم ، ومن ارتبط برذونا (4) يريد به جمالا أو قضاء حاجة أو دفع عدو محيت عنه في كل يوم سيئة وكتبت له ست حسنات.(5) ومن (6) ارتبط فرسا

ص: 284


1- رواه الكليني ج 6 ص 539 من يعقوب بن جعفر عنه عليه السلام وفيه « فليسم اللّه عزوجل » ، وهكذا في المحاسن.
2- في المحاسن والكافي ج 5 ص 48 « ثلاث سيئات ». والعتيق هو الذي أبواه عربيان وفرس عتيق - ككريم - وزنا ومعنى.
3- الهجين هو الذي أبوه عربي وأمه أمة غير محصنة ، ومن الخيل : الذي ولدته برذونة من حصان عربي.
4- البرذون - بالكسر - ما لم يكن شئ من أبويه عربيا ، والتركي من الخيل. (راجع الصحاح والنهاية)
5- إلى هنا في الكافي ج 5 ص 48 والمحاسن ص 631 وثواب الأعمال ص 226 عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام.
6- من هنا في المحاسن ص 631 وثواب الأعمال من حديث بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر الجعفري.

أشقر أغر أو أقرح - فإن كان أغر سائل الغرة به وضح في قوائمه (1) فهو أحب إلي - لم يدخل بيته فقر ما دام ذاك الفرس فيه ، وما دام في ملك صاحبه لا يدخل بيته حيف » (2).

2462 - قال : وسمعته يقول : « أهدى أمير المؤمنين عليه السلام لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أربعة أفراس من اليمن فأتاه فقال : يا رسول اللّه أهديت لك أربعة أفراس ، قال : صفها (3) قال : هي ألوان مختلفة ، قال : فيها وضح؟ قال : نعم ، قال : فيها أشقر به وضح؟ قال نعم ، قال : فأمسكه لي ، وقال : فيها كميتان أوضحان ، قال : أعطهما ابنيك ، قال : والرابع أدهم بهيم (4) قال : بعه واستخلف قيمته لعيالك ، إنما يمن الخيل في ذوات الأوضاح ».

2463 - قال (5) : وسمعته يقول : « من خرج من منزله أو منزل غير منزله في أول الغداة فلقي فرسا أشقر به أوضاح بورك له في يومه ، وإن كانت به غرة سائلة فهو العيش ، ولم يلق في يومه ذلك إلا سرورا ، وقضى اللّه عزوجل حاجته (6) ».

ص: 285


1- الشقرة : حمرة صافية في الخيل وهي لون يأخذ من الأحمر والأصفر وهو أشقر وقد قيل : الأشقر : شديدة الحمرة ، والغرة : بياض في جبهة الفرس وهو أغر ، وتقدم بيان الأقرح من أنه الذي يكون في جبهته قرحة وهي بياض بقدر الدرهم أو دونه ، والوضح : الضوء والبياض ، يقال : بالفرس وضح إذا كان في قوائمه كلها بياض ، وقد يكون به البرص.
2- كذا في المحاسن وفى بعض النسخ « حيق » والحيق ما يشمل الانسان من المكروه لكن في ثواب الأعمال « لا يدخل في بيته حنق ». والظاهر أن كل ما ذكره من فضائل ارتباط الفرس العتيق والهجين والبرذون والأشقر وجده في كتاب سليمان بن جعفر الجعفري أو غيره متفرقا فذكره هنا مجتمعا أو كان فيه مجتمعا ونقله البرقي والكليني متفرقا في تضاعيف الأبواب.
3- في الكافي ج 6 ص 538 والمحاسن « فقال : سمها لي ».
4- البهيم من الدواب المصمت منها وهو الذي لا يخالط لونه لون غيره والجمع بهم.
5- يعنى سليمان قال : سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام.
6- رواه هكذا البرقي في المحاسن والمؤلف نحوه في ثواب الأعمال عن سليمان عن أبي جعفر الباقر عليه السلام والظاهر أنه تصحيف لان سليمان لم يدرك الباقر عليه السلام. ويحتمل التعدد ، أو رواه سليمان مرسلا ويؤيده اختلاف الألفاظ.

2466 - وقال الصادق عليه السلام : « كانت الخيل وحوشا في بلاد العرب ، وصعد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام على أبي قبيس فناديا : ألا هلا ألا هلم ، فما بقي فرس إلا أعطى بقيادة وأمكن من ناصيته (1) ».

باب 174: حق الدابة على صاحبها

2467 - روى إسماعيل بن أبي زياد (2) باسناده قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : للدابة على صاحبها خصال : يبدأ بعلفها إذا نزل ، ويعرض عليها الماء إذا مر به ، ولا يضرب وجهها فإنها تسبح بحمد ربها ، ولا يقف على ظهرها إلا في سبيل اللّه عزوجل ، ولا يحملها فوق طاقتها ، ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق ».

2468 - وسأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام « متى أضرب دابتي تحتي؟ قال : إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مذودها (3) ».

2469 - وروي أنه قال : « اضربوها على العثار ، ولا تضربوها على النفار فإنها ترى ما لا ترون (4) ».

2470 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها :

ص: 286


1- رواه البرقي في المحاسن ص 630 بسند مرفوع عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- يعنى السكوني ، ورواه الكليني ج 6 ص 527 بتقديم وتأخير.
3- المذود - بالذال أخت الدال كمنبر - : معتلف الدابة.
4- في الكافي ج 6 ص 538 باسناده عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : اضربوها على النفار ولا تضربوها على العثار » و رواه أيضا مرسلا في خبر آخر أيضا ، وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : « لعل ما في الكافي أوفق وأظهر » والتعليل لا يلائمه. وفى المحاسن كما في الكافي.

تعست ، تقول : تعس أعصانا للرب (1) ».

2471 - وقال علي عليه السلام « في الدواب : لا تضربوا الوجوه ولا تلعنوها فإن اللّه عزوجل لعن لاعنها (2) » وفي خبر آخر : « لا تقبحوا الوجوه ».

2472 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « إن الدواب إذا لعنت لزمتها اللعنة (3) ».

2473 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا تتوركوا على الدواب ولا تتخذوا ظهورها مجالس (4) ».

ص: 287


1- تعس يتعس إذا عثر وانكب بوجهه وقد يفتح العين وهو دعاء عليه بالهلاك (النهاية) وقال العلامة المجلسي في المرآة : لعل المراد بالرب المالك. في الكافي ج 6 ص 538 رواه عن العدة عن سهل عن جعفر بن محمد بن يسار عن الدهقان عن درست عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله.
2- روى البرقي ص 633 باسناده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا تضربوا الدواب على وجوهها فإنها تسبح بحمد ربها ». وفى حديث آخر « لا تسموها في وجوهها » وهكذا مروى في الكافي ج 6 ص 2. ويحتمل التعدد ، ويؤيده الخبر الآتي. وقال المولى المجلسي قوله « ولا تقبحوا الوجوه » أي الدواب أو وجوهها بالكي ونحوه. وقال الفاضل التفرشي : الوجوه في « لا تضربوا الوجوه » بدل الضمير بدل البعض ، ويمكن أن يراد بتقبيح الوجه ضربه فان الضرب قد تقبحه ، وقال سلطان العلماء : لا تقبحوا الوجوه بالاحراق بالكي وغيره ، ويحتمل أن يكون المراد لا تقولوا : قبح اللّه وجهك. ويحتمل أن يكون المراد لا تضربوا وجوهها ضربا مؤثرا.
3- لعل المراد انه يلزم عليها أن تلعن لاعنيها ، أو تصير ملعونا ، أو تصير سبب هلاكها وتضروا.
4- رواه الكليني ج 6 ص 535 باسناده عن عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله. والمراد الجلوس عليها على أحد الوركين فإنه يضربها ويصير سببا لدبرها ، أو المراد رفع إحدى الرجلين ووضعها فوق السرج للاستراحة ، قال الفيروزآبادي تورك على الدابة ثنى رجليه لينزل أو ليستريح ، وقال الجوهري : تورك على الدابة أي ثنى رجله ووضع إحدى وركيه في السرج (المرآة) وفى بعض نسخ الكافي « لا تتوكؤوا ». و قوله « لا تتخذوا ظهورها مجالس » أي بان تقفوا عليها للصحبة بل أنزلوا وتكلموا الا أن يكون يسيرا. (م ت)

2474 - وقال الباقر عليه السلام : « لكل شئ حرمة وحرمة البهائم في وجوهها (1) ».

باب 175: ما لم تبهم عنه البهائم

2475 - روى علي بن رئاب ، عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه كان يقول : « ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة : معرفتها بالرب تبارك وتعالى ، و معرفتها بالموت (2) ، ومعرفتها بالاثني من الذكر ، ومعرفتها بالمرعى الخصب ».

2476 - وأما الخبر الذي روي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « لو عرفت البهائم من الموت ما تعرفون ما أكلتم منها سمينا قط » فليس بخلاف هذا الخبر لأنها تعرف الموت لكنها لا تعرف منه ما تعرفون.

باب 176: ثواب النفقة على الخيل

2477 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله « في قول اللّه عزوجل : « الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون « قال : نزلت في النفقة على الخيل ».

قال مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - : هذه الآية روي أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وكان سبب نزولها أنه كان معه أربعة دراهم فتصدق بدرهم منها بالليل وبدرهم منها بالنهار ، ودرهم في السر ، وبدرهم في العلانية فنزلت فيه هذه الآية (3). والآية إذا نزلت في شئ فهي منزلة في كل ما يجري فيه ، فالاعتقاد في تفسيرها أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وجرت في النفقة على الخيل وأشباه ذلك (4).

ص: 288


1- الخبر في الكافي والمحاسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام مسندا.
2- الظاهر أنها تعرف الموت ولا تعرف ما بعدها لأنه ليس لها عذاب كما كان لبنى آدم.
3- رواه ابن المغازلي وموفق بن أحمد والمفيد في الاختصاص والعياشي.
4- لعموم الآية وخصوص السبب لا يخصص العموم كما في كثير من الآيات ، ويمكن أن يكون صدقته عليه السلام على الخيل المربوطة للجهاد. (م ت)

باب 177: علة الرقعتين في باطن يدي الدابة

2478 - روى حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « جعلت فداك نرى الدواب في بطون أيديها مثل الرقعتين (1) في باطن يديها مثل الكي (2) فأي شئ هو؟ قال : ذلك موضع منخريه في بطن أمه ».

باب 178: حسن القيام على الدواب

2479 - روي عن أبي ذر - رحمة اللّه عليه - أنه قال : « سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : إن الدابة تقول : اللّهم ارزقني مليك صدق يشبعني ويسقيني ولا يحملني مالا أطيق (3) ».

2480 - وقال الصادق عليه السلام : « ما اشترى أحد دابة إلا قالت : اللّهم اجعله بي رحيما » (4).

2481 - وروى عنه عبد اللّه بن سنان أنه قال : « اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضى عليها الحوائج ، ورزقها على اللّه عزوجل ».

2482 - وروى السكوني باسناده (5) قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إن اللّه تبارك

ص: 289


1- الرقعة - بالضم - مأخوذ من الرقعة التي ترقع به الثوب. (مراد)
2- الكي احراق قطعة من الجلد بحديدة محماة ويقال له بالفارسية « داغ ».
3- مروى نحوه في المحاسن ورواه الكليني بلفظ آخر مسندا عن الصادق عليه السلام في ج 6 ص 537.
4- في المحاسن ص 626 مسندا عن علي بن جعفر عن أبي إبراهيم عليه السلام قال : ما من دابة يريد صاحبها أن يركبها الا قالت : « اللّهم اجعله بي رحيما ».
5- يعنى عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عنه صلى اللّه عليه وآله.

وتعالى يحب الرفق ويعين عليه ، فإذا ركبتم الدواب العجاف (1) فأنزلوها منازلها فإن كانت الأرض مجدبة فانجوا (2) عليها ، وإن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها.

2483 - وقال علي صلوات اللّه عليه (3) : « من سافر منكم بدابة فيبدأ حين ينزل بعلفها وسقيها ».

2484 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إذا سرت في أرض خصبة فارفق بالسير ، وإذا سرت في أرض مجدبة فعجل بالسير ».

باب 179: ما جاء في الإبل

2485 - قال الصادق عليه السلام : « إياكم والإبل الحمر ، فإنها أقصر الإبل أعمارا (4) ».

2486 - وقال عليه السلام : « إن على ذروة كل بعير شيطان فأشبعه وامتهنه (5) ».

2487 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : « اشتروا السود القباح فإنها أطول الإبل أعمارا (6) ».

2488 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الإبل عز لأهلها (7) ».

ص: 290


1- العجف - بالتحريك - : الهزال ، والأعجف المهزول ، والعجفاء الأنثى والجمع عجاف على غير قياس لان فعلاء لا يجمع على فعال. (الصحاح)
2- أي أسرعوا ، ونجوت أي أسرعت وسبقت.
3- مروى في المحاسن ص 361 مسندا.
4- مروى في الكافي ج 6 ص 543 عن ابن أبي يعفور عن أبي جعفر عليه السلام.
5- أي استعمله وذلله واستفد منه.
6- مروى في الكافي ج 6 ص 543 في ذيل حديث رواه عن صفوان الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام وقال فيه : « اشتر لي جملا وخذه أشوه - الخ ». وفى المحاسن في حديث رواه أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
7- رواه البرقي ص 635 باسناده عن عمر بن أبان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.

2489 - و « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يتخطى القطار (1) قيل : يا رسول اللّه ولم؟ قال : لأنه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان ».

2490 - و « سئل النبي صلى اللّه عليه وآله أي المال خير؟ قال : زرع زرعه صاحبه وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده ، قيل : يا رسول اللّه فأي المال بعد الزرع خير؟ قال : رجل في غنمه قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ، قيل : يا رسول اللّه فأي المال بعد الغنم خير؟ قال : البقر تغدو بخير وتروح بخير (2) قيل : يا رسول اللّه فأي المال بعد البقر خير؟ فقال : الراسيات في الوحل ، المطعمات في المحل (3) نعم الشئ النخل من باعه فإنما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهقة (4) اشتدت به الريح في يوم عاصف إلا أن يخلف مكانها ، قيل : يا رسول اللّه فأي المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل : فأين الإبل؟ قال : فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار ، تغدو مدبرة وتروح مدبرة (5) لا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم ، أما إنها لا تعدم الأشقياء الفجرة (6) ».

قال مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - : معنى قوله صلى اللّه عليه وآله : « لا يأتي خيرها إلا من جانبها الأشأم » هو أنها لا تحلب ولا تركب إلا من الجانب الأيسر (7).

ص: 291


1- أي التجاوز من بينهم. الخبر رواه البرقي بسند فيه ارسال.
2- أي تحلب منها اللبن في الغداة أي أول اليوم والرواح أي آخره. (م ت)
3- أي الثابتات أرجلها في الطين والمطعمات في أيام الجدب والقحط فإنها صابرة العطش ، والمراد النخل كما صرح به.
4- الشاهقة : الجبل الراسخ والعالي.
5- أي أن الادبار والنحوسة لا ينفك عنها في وقت من الأوقات. (مراد)
6- جواب لسؤال مقدر كأنه قيل : إذا كان كذلك فمن مربيها قال عليه السلام أما انها لا تعدم الأشقياء الفجرة وهم الجمالون كما هو المسموع والمشهود ، وفى الخصال « انهم الظلمة ».
7- يحتمل أن يكون جانبها الأيسر كناية عن عدم اليمن وقلة الخير والبركة. (سلطان)

2491 - وقال عليه السلام : « في الغنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت (1) ، والبقر إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أدبرت ، والإبل ، إذا أقبلت أدبرت وإذا أدبرت أدبرت ».

باب 180: ما يجب من العدل على الجمل وترك ضربه واجتناب ظلمه

2492 - روى السكوني باسناده « أن النبي صلى اللّه عليه وآله أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها ، فقال : أين صاحبها ، مروه فليستعد غدا للخصومة » (2).

2493 - وفي خبر آخر قال النبي صلى اللّه عليه وآله : « أخروا الأحمال فإن اليدين معلقة ، والرجلين موثقة ».

2494 - وروى ابن فضال ، عن حماد اللحام قال : « مر قطار لأبي عبد اللّه عليه السلام فرأى زاملة (3) قد مالت ، فقال : يا غلام اعدل على هذا الحمل ، فإن اللّه تعالى يحب العدل ».

2495 - وروى أيوب بن أعين قال : « سمعت الوليد بن صبيح يقول لأبي عبد اللّه عليه السلام : إن أبا حنيفة (4) رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة ،

ص: 292


1- أي إذا أقبلت بالنتاج فهو وإذا أدبرت يعنى بالموت يذبحها صاحبها وينتفع من لحمها وجلدها ، أما البقر فوسط ، وأما الإبل فاقبالها ادبارها لأنه إذا حصل له بعض النتاج أو النفع أنفق لها صاحبها أزيد من نتاجها.
2- يعنى يوم القيامة لان عقال الناقة وعليها حملها ظلم عليها فإذا كان يوم القيامة تخاصم صاحبه بين يدي الجبار وتقول : ما ذنبي حتى ظلمتني فينتصف اللّه سبحانه منك لها.
3- الزاملة المحمل وبعير يحمل الطعام والمتاع ، وميل الحمل إلى جانب سبب لدبر الدابة.
4- هو سعيد بن بيان سابق الحاج الهمداني ومع أنه ثقة يذم فعله ، وقيل إنه كان يذهب بجماعة إلى الحج في نهاية السرعة وذهب بهم في هذا الخبر من القادسية التي كانت قريبة من النجف إلى عرفات في ثمانية أيام وشئ. وروى العياشي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أتى قنبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال : هذا سابق الحاج ، فقال : لا قرب اللّه داره هذا خاسر الحاج يتعب البهيمة ، وينقر الصلاة ، اخرج إليه فاطرده ».

فقال : ما لهذا صلاة ، ما لهذا صلاة » (1).

2496 - و « حج علي بن الحسين عليهما السلام على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط » (2).

2497 - وقال الصادق عليه السلام : « أي بعير حج عليه ثلاث سنين يجعل من نعم الجنة » وروى « سبع سنين » (3).

باب 181: ما جاء في ركوب العقب

* (ما جاء في ركوب العقب) * (4)

2498 - روى علي بن رئاب ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعقبون بعيرا بينهم وهم منطلقون إلى بدر ».

باب 182: ثواب من أعان مؤمنا مسافرا

2499 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أعان مؤمنا مسافرا نفس اللّه عنه ثلاثا وسبعين كربة ، وأجاره في الدنيا والآخرة من الغم والهم ، ونفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم » وفي خبر آخر « حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم ».

ص: 293


1- لأنه لا يمكن الصلاة مع هذه الحركة الا بالايماء واحداث هذه الضرورة اختياري لامكان الخروج قبله بأيام فمعنى نفى الصلاة عدم اتيانها على وجهها لاشتغاله بالسير والسرعة.
2- روى البرقي بسندين صحيحين عن عبد اللّه بن سنان نحوه في أحدهما « ولقد بركت به في سنة من سنواته فما قرعها بسوط ».
3- تقدم تحت رقم 2207 ونحوه مروى في المحاسن ص 635.
4- أي الركوب بالنوبة.

باب 183: المروءة في السفر

2500 - تذاكر الناس عند الصادق عليه السلام أمر الفتوة فقال : « تظنون أمر الفتوة بالفسق والفجور إنما الفتوة والمروءة طعام موضوع ، ونائل مبذول بشئ معروف ، وأذى مكفوف فأما تلك فشطارة وفسق ، ثم قال : ما المروءة؟ فقال الناس : لا نعلم ، قال : المروءة واللّه أن يضع الرجل خوانه بفناء داره ، والمروءة مروءتان مروءة في الحضر ومروءة في السفر ، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المساجد والمشي مع الاخوان في الحوائج (1) والنعمة ترى على الخادم أنها تسر الصديق وتكبت العدو ، وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط اللّه عزوجل ، ثم قال عليه السلام : والذي بعث جدي صلوات اللّه عليه وآله بالحق نبيا إن اللّه عزوجل ليرزق العبد على قدر المروءة وإن المعونة تنزل على قدر المؤونة ، وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء ».

باب 184: ارتياد المنازل والأمكنة التي يكره النزول فيها

2501 - روى السكوني باسناده (2) قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إياكم والتعريس (3) على ظهر الطريق وبطون الأودية فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات ».

2502 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من نزل منزلا يتخوف فيه السبع فقال : » أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، بيده الخير وهو على

ص: 294


1- راجع معاني الأخبار ص 258 روى نحوه مسندا.
2- يعنى عن أبي عبد اللّه عن آبائه عن علي عليهم السلام.
3- التعريس : نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.

كل شئ قدير ، اللّهم إني أعوذ بك من شر كل سبع « إلا أمن (1) من شر ذلك السبع حتى يرحل من ذلك المنزل إن شاء اللّه تعالى ».

باب 185: المشي في السفر

2503 - روى منذر بن جيفر (2) ، عن يحيى بن طلحة النهدي قال : قال لنا أبو عبد اللّه عليه السلام : « سيروا وانسلوا فإنه أخف عليكم » (3).

2504 - وروي « أن قوما مشاة أدركهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فشكوا إليه شدة المشي ، فقال لهم : استعينوا بالنسل » (4).

2505 - وسأل معاوية بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل عليه دين أعليه أن يحج؟ قال : نعم إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين ، ولقد كان أكثر من حج مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله مشاة ، ولقد مر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بكراع الغميم (5) فشكوا إليه الجهد والطاقة والاعياء ، فقال : شدوا أزركم واستبطنوا ، ففعلوا [ذلك] فذهب ذلك عنهم ».

2506 - وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : قول اللّه عزوجل : « ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا » قال : يخرج يمشي إن لم يكن عنده [شئ] قلت : لا يقدر على المشي؟ قال : يمشي

ص: 295


1- أي لا يتم هذه الكلمات الا أمن ، أو لا يدعوا بها الا أمن.
2- منذر بن جيفر بن حكيم العبدي عربي صميم له كتاب وجيفر اختلف فيه و الأصح بتقديم الياء على الفاء. وطريق الصدوق إليه فيه إبراهيم بن هاشم وهو حسن كالصحيح.
3- نسل ينسل نسلا ونسلانا في المشي أي أسرع.
4- في النهاية وفى رواية « شكوا إليه الاعياء فقال : عليكم بالنسلان » أي الاسراع في المشي.
5- كراع الغميم موضع بين مكة والمدينة وهو واد أمام عسفان ، والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق.

ويركب ، قلت : لا يقدر على ذلك ، قال : يخدم القوم ويخرج معهم (1).

باب 186: آداب المسافر

2507 - روى سليمان بن داود المنقري ، عن حماد بن عيسى (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال لقمان لابنه : إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وأمورهم ، وأكثر التبسم في وجوههم ، وكن كريما على زادك بينهم ، وإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم ، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك

ص: 296


1- هذا الحديث ليس بمعمول به عند الفقهاء وقد حملوه على التقية أو الاستحباب و في المدارك ص 318 « أجمع العلماء كافة أن الاستطاعة شرط في الحج قال اللّه تعالى » ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا « وقال عزوجل » لا يكلف اللّه نفسا الا وسعها « قال في المنتهى وقد اتفق علماءنا على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لم يجب عليه الحج وان تمكن من المشي ، ويدل على اعتبارهما مضافا إلى عدم تحقق الاستطاعة عرفا بدونهما غالبا صحيحة محمد بن يحيى الخثعمي قال : » سأل حفص الكناسي أبا عبد اللّه (عليه السلام) وأنا عنده عن قول اللّه عزوجل « ولله على الناس - الآية » ما يعنى بذلك؟ قال : من كان صحيحا في بدنه ، مخلى سربه ، له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج وصحيحة محمد بن مسلم قال : « قلت لأبي جعفر عليه السلام قوله تعالى » ولله على الناس  - إلى قوله - إليه سبيلا « قال : يكون له ما يحج به ، قلت : فان عرض عليه الحج فاستحيى؟ قال : هو ممن يستطيع ولم يستحيى ولو على حمار أجدع أبتر ، فإن كان يستطيع أن يمشى راجلا بعضا ويركب بعضا فليفعل » قال في المنتهى : إنما يشترط الزاد والراحلة في حق المحتاج إليهما لبعد مسافته أما القريب إلى مكة فلا يعتبر في حقه وجود الراحلة إذا لم يكن محتاج إليها. وهو جيد لكن في تحديد القرب الموجب لذلك خفاء والرجوع إلى اعتبار المشقة وعدمها جيد الا أن اللازم منه عدم اعتبار الراحلة في حق البعيد أيضا إذا تمكن من المشي من غير مشقة شديدة ولا نعلم به قائلا.
2- في المحاسن « عن حماد بن عثمان » وفى الكافي « عن حماد » بدون ذكر الأب وعلى أي حال هما ثقتان.

من دابة أو ماء أو زاد ، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم ، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك ، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر ، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك ، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه اللّه رأيه ونزع عنه الأمانة ، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم ، وإذا رأيتهم يعلمون فاعمل ، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا ، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا فقل : نعم ، ولا تقل : لا ، فإن « لا » عي (1) ولؤم وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا ، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتؤامروا ، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فان الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله أن يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم ، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا مالا أرى. فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه ، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب ، يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ ، صلها واسترح منها فإنها دين ، وصل في جماعة ولو على رأس زج (2) ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها (3) وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل (4) ، وإذا قربت من المنزل فأنزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك ، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الأرض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا ، فإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس ، وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الأرض ، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الأرض التي حللت بها وسلم عليها وعلى أهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة ، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتصدق منه فافعل.

ص: 297


1- بكسر العين أي جهل وبفتحها أي عجز. (م ت)
2- الزج - بالضم : الرمح والحديدة التي في أسفل الرمح ، وذلك يكون للمبالغة.
3- الدبر - بالتحريك : جراحة على ظهر الدابة.
4- لاسترخاء المفاصل أي إذا لم يمدد يسترخى المفاصل.

وعليك (1) بقراءة كتاب اللّه عزوجل ما دمت راكبا ، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا [عملا] وعليك بالدعاء ما دمت خاليا ، وإياك والسير من أول الليل وسر في آخره ، وإياك ورفع الصوت في مسيرك.

باب 187: دعاء الضال عن الطريق

2508 - روى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :  « إذا ضللت عن الطريق فناد » يا صالح - أو يا أبا صالح - أرشدونا إلى طريق يرحمكم اللّه.

2509 - وروي « أن البر موكل به صالح ، والبحر موكل به حمزة » (2).

باب 188: القول عند نزول المنزل

2510 - قال النبي صلى اللّه عليه وآله لعلي عليه السلام : « يا علي إذا نزلت منزلا فقل : « اللّهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين » ترزق خيره ويدفع عنك شره ».

باب 189: القول عند دخول مدينة أو قرية

2511 - كان في وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لعلي عليه السلام : « يا علي إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها : « اللّهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها ، اللّهم

ص: 298


1- احتمل بعض الاعلام أن من هنا إلى آخر الحديث من قول الصادق عليه السلام جعله عليه السلام متمما لوصية لقمان حيث إنه كان في نسخته « وعليك بقراءة القرآن » مكان « عليك بقراءة كتاب اللّه » كما صرح هو بذلك.
2- المشهور أن الموكل بالبر الخضر وبالبحر الياس عليهما السلام. (م ت)

حببنا إلى أهلها ، وحبب صالحي أهلها إلينا (1).

باب 190: الموت في الغربة

2512 - روى الحسن بن محبوب ، عن أبي محمد الوابشي ، (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما من مؤمن يموت في أرض غربة تغيب عنه فيها بواكيه إلا بكته بقاع الأرض التي كان يعبد اللّه عزوجل عليها ، وبكته أثوابه ، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله ، وبكاه الملكان الموكلان به ».

2513 - وقال عليه السلام : « إن الغريب إذا حضره الموت التفت يمنة ويسرة ولم ير أحدا رفع رأسه ، فيقول اللّه عزوجل : إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني و عزتي وجلالي لئن أطلقتك عن عقدتك (3) لأصيرنك في طاعتي ، ولئن قبضتك لأصيرنك إلى كرامتي ».

باب 191: تهنئة القادم من الحج

2514 قال الصادق عليه السلام : « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان يقول للقادم من مكة : قبل اللّه منك ، وأخلف عليك نفقتك ، وغفر ذنبك ».

باب 192: ثواب معانقة الحاج

2515 - في رواية أبي الحسين الأسدي - رضي اللّه عنه - قال : قال الصادق عليه السلام

ص: 299


1- كذا وفى المحاسن ص 374 « اللّهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها ، اللّهم أطعمنا من جناها وأعذنا من وبائها وحببنا إلى أهلها ، وحبب صالحي أهلها إلينا ». وفى بعض نسخه « أطعمنا من خانها » وقال بعضهم : الظاهر أن المراد بالخان الخوان.
2- كان من رجال الصادق عليه السلام وكأنه عبد اللّه بن سعيد.
3- أي المرض المقدر عليه كالعقدة.

« من عانق حاجا بغباره كان كأنما استلم الحجر الأسود ».

باب 193: النوادر

2516 - روي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم » (1).

2517 - وقال عليه السلام : « السفر قطعة من العذاب ، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الإياب إلى أهله » (2).

2518 - وقال الصادق عليه السلام : « سير المنازل ينفد الزاد ، ويسيئ الأخلاق ، ويخلق الثياب ، والسير ثمانية عشر » (3).

2519 - وروى عبد اللّه بن ميمون باسناده (4) قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا ضللتم الطريق فتيامنوا » (5).

ص: 300


1- يدل على كراهة دخول المسافر منزله في الليل الا أن يعلمهم. وروى « أنه دخل رجل منزله في زمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ورأي ابنه نائما مع زوجته فتوهم أنه أجنبي فقتله ، فلما سمعه (صلی اللّه عليه وآله) نهى عن ذلك ».
2- رواه البرقي ص 377 عن النوفلي عن السكوني باسناده قال قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله).
3- رواه البرقي عن أبيه عن أبن أبى نجران عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- يعنى عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله كما في المحاسن ص 362.
5- « فتيامنوا » أي توجهوا إلى جانب يمينكم. (م ت)

2520 - وروى جعفر بن القاسم (1) عن الصادق عليه السلام قال : « إن على ذروة كل جسر شيطانا (2) ، فإذا انتهيت إليه فقل : بسم اللّه ، يرحل عنك ».

2521 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « أنا ضامن لمن خرج يريد سفرا معتما تحت حنكه ثلاثا ألا يصيبه السرق والغرق والحرق » (3).

باب 194: توفير الشعر للحج والعمرة

2522 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة ، ومن أراد الحج وفر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة ومن أراد العمرة وفر شعره شهرا » (4).

ص: 301


1- كذا في النسخ والطريق إليه فيه أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه عنه كما في المشيخة ، وفى الكافي ج 4 ص 287 عن حفص بن القاسم وهكذا في المحاسن ص 373.
2- في الصحاح « الجسر - بكسر الجيم - واحد الجسور التي يعبر عليها. والجسر - بالفتح - العظيم من الإبل وغيرها والأنثى جسرة - اه » والمراد هنا الأول بقرينة قوله « إذا انتهيت إليه ». ويرحل أي يبعد.
3- رواه البرقي في المحاسن ص 373 بسند ضعيف. وقوله « معتما تحت حنكه » أي حين الذهاب إلى السفر لا في جميع السفر كما يفهم من الإرادة. وقوله « ثلاثا » أي أنا ضامن له ثلاثة أمور وهي التي يذكرها بعد. وفى بعض النسخ « الشرق » بالشين المعجمة وهو الشجى والغصة ، وشرق بريقة أي غص.
4- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : استحباب توفير شعر الرأس للمتمتع من أول ذي القعدة وتأكده عند هلال ذي الحجة قول الشيخ في الجمل وابن إدريس وسائر المتأخرين ، وقال الشيخ في النهاية : « فإذا أراد الانسان أن يحج متمتعا فعليه أن يوفر شعر رأسه ولحيته من أول ذي القعدة ولا يمس شيئا منهما » وهو يعطى الوجوب. ونحوه قال في الاستبصار : وقال المفيد في المقنعة إذا أراد الحج فليوفر شعر رأسه في مستهل ذي القعدة فان حلقه في ذي القعدة كان عليه دم يهريقه ، وقال السيد في المدارك : لا دلالة لشئ من الروايات على اختصاص الحكم بمن يريد حج التمتع فالتعميم أولى.

وقد يجزي الحاج بالرخص أن يوفر شعره شهرا ، روى ذلك هشام بن الحكم وإسماعيل بن جابر عن الصادق عليه السلام (1).

ورواه إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام (2).

2523 - وروي عن سماعة قال : « سألته عن الحجامة وحلق القفا في أشهر الحج قال : لا بأس ، ولا بأس بالنورة والسواك » (3).

باب 195: مواقيت الاحرام

2524 - روى عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : الاحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، لا ينبغي لحاج ولا معتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها ، وقت لأهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة (4) كان يصلي فيه ويفرض

ص: 302


1- في التهذيب ج 1 ص 460 باسناده الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : كم أوفر شعري إذا أردت هذا السفر؟ قال : اعفه شهرا ».
2- في التهذيب ج 1 ص 460 في الموثق عنه قال : « قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : مرني كم أوفر شعري إذا أردت العمرة ، فقال : ثلاثين يوما ».
3- قال الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 160 : فالوجه في هذا الخبر أن نحمل جواز ذلك على أشهر الحج التي هي شوال قال : لا بأس يأخذ الانسان من شعر رأسه ولحيته في هذا الشهر كله إلى غرة ذي القعدة ، ثم استدل بخبر الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السلام حيث قال : « سألته عن الرجل يريد الحج أيأخذ من شعره في شوال كله ما لم ير الهلال؟ قال : نعم لا بأس به ». و قال المولى المجلسيّ: فى خبر سماعة: ظاهره الضرورة أو يحمل عليها أو على شوّال جمعا بين الاخبار.
4- ذو الحليفة موضع على ستة أميال من المدينة. وقال في مرآة العقول : « قال سيد المحققين : ظاهر المحقق والعلامة في كتبه : ان ميقات أهل المدينة نفس مسجد الشجرة ، و جعل بعضهم الميقات الموضع المسمى بذى الحليفة ويدل على اطلاق عدة من الأخبار الصحيحة لكن مقتضى صحيحة الحلبي أن ذا الحليفة عبارة عن نفس المسجد ، وعلى هذا فتصير الاخبار متفقة ويتعين الاحرام من المسجد - انتهى. ويحتمل أن يكون المراد هو الموضع الذي فيه مسجد الشجرة ولا ريب أن الاحرام من المسجد أولى وأحوط ».

الحج (1) ، فإذا خرج من المسجد فسار واستوت به البيداء حين يحازي الميل الأول أحرم (2). ووقت لأهل الشام الجحفة (3) ووقت لأهل نجد العقيق (4) ووقت لأهل الطائف قرن المنازل (5) ووقت لأهل اليمن يلملم (6) ولا ينبغي لاحد أن يرغب عن مواقيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.

2525 - وفي رواية رفاعة بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : وقت

ص: 303


1- في الكافي ج 4 ص 319 « يفرض فيه الحج » وهكذا في التهذيب وليس فيهما لفظة « كان »
2- ليس في التهذيب والكافي من قوله « فإذا خرج - إلى قوله - أحرم ». ومعنى قوله : « فسارت واستوت به البيداء » أي دخل فيها لان مسجد الشجرة في المنخفضة والبيداء مستعلية عليها فما لم يدخل فيها لم يستويه البيداء كما قاله المولى المجلسي - رحمه اللّه -.
3- تسمى برابغ وفي المراصد الجحفة - بالضم ثم السكون والفاء - كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق مكة على أربع مراحل وهي ميقات أهل مصر والشام ، ان لم يمروا على المدينة وكان اسمها مهيعة وسميت الجحفة لان السيل جحفها ، وبينها وبين البحر ستة أميال ، وبينها وبين غدير خم ميلان. وفى القاموس الجحفة ميقات أهل الشام وكانت قرية جامعة على اثنين وثمانين ميلا من مكة ، وكانت تسمى مهيعة فنزل بها بنو عبيل وهم اخوة عاد وكان أخرجهم العماليق من يثرب فجاءهم سيل الجحاف فاجتحفهم فسميت الجحفة.
4- هو موضع قريب من ذات عرق قبلها بمرحلة أو مرحلتين ، وفى بلاد العرب مواضع كثيرة تسمى العقيق ، وكل موضع شققته من الأرض فهو عقيق. (النهاية)
5- في المراصد : قرن المنازل هو ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة. وقال في القاموس : هو قرية عند الطائف أو اسم الوادي كله.
6- في القاموس : يلملم وألملم ميقات اليمن جبل على مرحلتين من مكة. وفى المراصد : موضع على ليلتين من مكة وفيه مسجد لمعاذ بن جبل.

رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله العقيق لأهل نجد ، وقال : هو وقت لما أنجدت الأرض (1) وأنتم منهم ووقت لأهل الشام الجحفة ويقال لها : مهيعة.

2526 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يجزيك إذا لم تعرف العقيق أن تسأل الناس والاعراب عن ذلك » (2).

2527 - وقال الصادق عليه السلام : « أول العقيق بريد البعث (3) وهو بريد من دون بريد غمرة ».

2528 - وقال الصادق عليه السلام : وقت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لأهل العراق العقيق وأوله المسلخ ووسطه غمرة (4) وآخره ذات عرق ، وأوله

ص: 304


1- أي هو ميقات لمن أدخلته الأرض في نجد وأنتم أهل العراق منهم ، وفى القاموس النجد ما أشرف من الأرض أعلاه تهامة واليمن وأسفله العراق والشام وأوله من جهة الحجاز ذات عرق.
2- يدل على الاعتماد عليهم في تحقيق المواضع والمشاعر ، ولعله مع حصول العلم بالتواتر أو الاستفاضة. (م ت)
3- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - في المرآة : في النسخ [يعنى الكافي] بالغين المعجمة وهو غير مذكور في اللغة وصحح بعض الأفاضل البعث بالعين المهملة بمعنى الجيش وقال : لعله كان موضع بعث الجيوش - انتهى ، وقال والده (رحمه اللّه) : البعث هو أول العقيق. وفى هامش الفقيه المطبوع بالنجف : « البعث بالعين المهملة والثاء المثلثة وهو مكان دون المسلخ بستة أميال مما يلي العراق » وقال الشيخ حسن في المنتقى : لم أقف على ضبط لغة النغب الا في خط العلامة في المنتهى ، فإنه - ضبطه بالنون ثم الغين المعجمة والباء الموحدة -. و في القاموس« الثغب: الغدير في ظل جبل». و ربما يقال يريد النغب بالنون قبل الغين المعجمة و الباء الموحدة أخيرا و يحكى الضبط كذلك أيضا بخط العلامة في المنتهى. و كيف كان في الكافي عن معاوية بن عمّار« بريد البعث دون غمرة ببريدين» و لعلّ رواية المصنّف هذا هو رواية معاوية بن عمّار و الاختلاف من النسّاخ. و قيل الغمرة- بفتح المعجمة بئر بمكّة قديمة.
4- قال العلامة المجلسي (رحمه اللّه) قال السيد - رحمه اللّه - : انا لم نقف على ضبط المسلخ وغمرة على شئ يعتد به وقال في التنقيح : المسلح - بالسين والحاء المهملتين واحد المسالح وهي المواضع العالية ، ونقل جدي عن بعض الفقهاء أنه ضبطه بالخاء المعجمة من السلخ وهو نزع الثياب للاحرام ، ومقتضى ذلك تأخير التسمية عن وضعه ميقاتا. وأما ذات عرق ففي القاموس « انها بالبادية ميقات العراقيين » وقيل : إنها كانت قرية فخربت.

أفضل (1).

ولا يجوز الاحرام قبل بلوغ الميقات (2) ، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لعلة أو تقية (3).

وإذا كان الرجل عليلا أو اتقى فلا بأس بأن يؤخر الاحرام إلى ذات عرق (4).

ص: 305


1- قال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : لم نجده مسندا ولكنه عمل أكثر الأصحاب عليه وأكثر الاخبار على خلافه كما تقدم ، نعم روى الشيخ في الموثق عن أبي بصير قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : حد العقيق أوله مسلخ وآخره ذات عرق » أي في الفضيلة لما رواه الكليني في الصحيح عن صفوان عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن الاحرام من غمرة ، قال : ليس به بأس وكان بريد العقيق أحب إلى » وحملها على التقية أظهر لان ذات عرق ميقات قرره الثاني من الخلفاء.
2- راجع الكافي ج 4 ص 321 باب من أحرم دون الميقات ، وفيه في الحسن كالصحيح عن ابن أذينة قال قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « من أحرم بالحج في غير أشهر الحج فلا حج له ، ومن أحرم دون الميقات فلا احرام له » وفى آخر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام « مثل ذلك مثل من صلى في السفر أربعا وترك الثنتين ».
3- روى الكليني - رحمه اللّه - في الكافي ج 4 ص 323 في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : « كتبت إليه أن بعض مواليك بالبصرة يحرمون ببطن العقيق وليس بذلك الموضع ماء ولا منزل وعليهم في ذلك مؤونة شديدة ويعجلهم أصحابهم و جمالهم ومن وراء بطن العقيق بخمسة عشر ميلا منزل فيه ماء وهو منزلهم الذي ينزلون فيه فترى أن يحرموا من موضع الماء لرفقه بهم وخفته عليهم؟ فكتب » أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقت المواقيت لأهلها ولمن أتى عليها من غير أهلها وفيها رخصة لمن كانت به علة فلا يجاوز الميقات الا من علة. والتقية علة بل أعظم العلل.
4- كأنه مخالف لما تقدم من جواز تأخير الاحرام إلى ذات عرق الا أن يحمل على الاستحباب أو نفى الكراهة ويشعر بكونها ميقاتا. (م ت)

2529- وسأل معاوية بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة فقال : لا بأس » (1).

2530 - وروي عن أبي بصير (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إنا نروي بالكوفة أن عليا عليه السلام قال : إن من تمام حجك إحرامك من دويرة أهلك ، فقال : سبحان اللّه لو كان كما يقولون لما تمتع (3) رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بثيابه إلى الشجرة » (4).

2531 - وسأل ميسر الصادق عليه السلام « عن رجل أحرم من العقيق وآخر أحرم من الكوفة أيهما أفضل عملا؟ فقال : يا ميسر تصلي العصر أربعا أفضل (5) أو تصليها ستا؟ فقلت : أصليها أربعا ، قال : فكذلك سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أفضل من غيرها ».

2532 - وسئل [الصادق] عليه السلام « عن رجل منزله خلف الجحفة من أين يحرم؟ قال : من منزله ».

2533 - وفي خبر آخر « من كان منزله دون المواقيت ما بينها وبين مكة فعليه أن يحرم من منزله » (6).

ص: 306


1- يدل بظاهره على جواز التأخير اختيارا إلى الجحفة لأهل المدينة ويفهم من المصنف - رحمه اللّه - أنه يعمل به كما ظهر سابقا لكنه محمول على الجهل أو النسيان جمعا بين الاخبار. (م ت)
2- كذا ، وفى الكافي ج 4 ص 322 في الضعيف وفى التهذيب ج 1 ص 463 في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن مهران بن أبي نصر ، عن رباح بن أبي نصر. وكأنه كان عن ابن أبي نصر فغيره النساخ تصحيفا ويمكن أن يكون السؤال منهما.
3- في الكافي « ما كان يمنع » وفى التهذيب « لم يتمتع ».
4- أي إلى المسجد الشجرة ، قال في التهذيب ، وإنما معنى دويرة أهله من كان أهله وراء الميقات إلى مكة.
5- الأفضل هنا ما يأتي بمعنى الصواب وهو نوع من الموعظة في التخطئة. (م ت)
6- روى نحوه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 463.

2534 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من أقام بالمدينة وهو يريد الحج شهرا أو نحوه ثم بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة فإذا كان حذاء الشجرة والبيداء مسيرة ستة أميال فليحرم منها » (1).

باب 196: التهيؤ للاحرام

2535 - روى معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق أو إلى وقت من هذه المواقيت وأنت تريد الاحرام - إن شاء اللّه - فانتف إبطيك (2) وقلم أظفارك ، واطل عانتك ، وخذ من شاربك ، ولا يضرك بأي ذلك بدأت ، ثم استك واغتسل ، والبس ثوبيك (3) وليكن فراغك من ذلك - إن شاء اللّه تعالى - عند زوال الشمس ، وإن لم يكن ذلك عند زوال الشمس فلا يضرك

ص: 307


1- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : إذا حج المكلف على طريق لا يفضى إلى أحد المواقيت فقد ذكر جمع من الأصحاب أنه يجب عليه الاحرام إذا غلب على ظنه محاذاة الميقات لهذا الخبر ، فقيل : يحرم على محاذاة أقرب المواقيت إلى طريقه ولو سلك طريقا لم يؤد إلى محاذاة ميقات قيل يحرم من مساواة أقرب الأماكن إلى مكة ، واستقرب العلامة  - رحمه اللّه - وجوب الاحرام من أدنى الحل وهو حسن. وقال السيد - رحمه اللّه - : لولا ورود الرواية بالمحاذاة لأمكن المناقشة فيه أيضا مع أن الرواية إنما تدل على محاذاة مسجد الشجرة والحاق غيره يحتاج إلى دليل - انتهى. وفى الكافي بعد نقله : وفى رواية أخرى « يحرم من الشجرة يأخذ أي طريق شاء » وظاهرها عدم جواز الاكتفاء بالمحاذاة.
2- يمكن أن يكون المراد بالنتف مطلق الإزالة فعبر عنه بما هو الشايع ، فان الظاهر أن الحلق أفضل من النتف والطلى أفضل من الحلق كما صرح به جماعة من الأصحاب. (المرآة)
3- يعنى للاحرام مقدما عليه ويظهر منه ومن غيره من الاخبار أن لبس ثوبي الاحرام واجب فيه لا أنه جزء حقيقة حتى يكون المقارنة مع الاحرام شرطا في صحته. (م ت)

إلا أن ذلك أحب إلي أن يكون عند زوال الشمس (1).

2536 - وروى معاوية بن وهب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام - ونحن بالمدينة - عن التهيؤ للاحرام ، فقال : أطل بالمدينة وتجهز بكل ما تريد ، واغتسل إن شئت (2) ، وإن شئت استمتعت بقميصك حتى تأتي مسجد الشجرة ».

2537 - وسأل (3) معاوية بن عمار « عن الرجل يطلي قبل أن يأتي الوقت بست ليال؟ قال : لا بأس [به]. وسأله عن الرجل يطلي قبل أن يأتي مكة بسبع ليال أو ثمان ليال؟ قال لا بأس به ».

2538 - وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : « سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام وأنا حاضر فقال : إذا اطليت للاحرام الأول كيف لي أن أصنع في الطلية الأخيرة وكم حد ما بينهما؟ فقال : إن كان بينهما جمعتان خمسة عشر يوما فاطل » (4).

2539 - وروى ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : « أرسلنا إلى أبي - عبد اللّه عليه السلام ونحن جماعة بالمدينة : إنا نريد أن نودعك ، فأرسل إلينا أبو عبد اللّه عليه السلام أن اغتسلوا بالمدينة فإني أخاف أن يعز الماء عليكم بذي الحليفة ، فاغتسلوا بالمدينة (5) والبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها ، ثم تعالوا فرادى ومثاني (6) ،

ص: 308


1- هذه المقدمات كلها مستحبة كما قطع به الأصحاب الا الغسل فإنه ذهب به ابن أبي عقيل إلى الوجوب والمشهور فيه الاستحباب أيضا. (المرآة)
2- في التهذيب ج 1 ص 464 « واغتسل » بدون قوله « ان شئت ».
3- كذا ، والظاهر « سأله » والسهو من النساخ بقرينة ما يأتي.
4- ظاهر الاكتفاء بأقل من خمسة عشر يوما وعدم استحبابه لأقل من ذلك كما هو ظاهر المحقق وجماعة ، وذهب العلامة وجماعة إلى أن المراد به نفى تأكد الاستحباب ويستحب قبل ذلك أيضا لغيره من الاخبار وهو أظهر. (المرآة)
5- عز الماء يعز عزازة إذا قل ولا يكاد يوجد فهو عزيز. ولا خلاف في جواز تقديم الغسل على الميقات مع خوف عوز الماء ويظهر من بعض الأخبار الجواز مطلقا ، والمشهور استحباب الإعادة إذا وجد الماء في الميقات وهذا الخبر يدل على الحكمين معا.
6- يدل على استحباب لبس ثوبي الاحرام بعد الغسل (م ت) ولعل منعهم عن الاتيان مجتمعين مبنى على التقية والخوف من الأعداء. (مراد)

قال : فاجتمعنا عنده فقال له ابن أبي يعفور : ما تقول في دهنة (1) بعد الغسل للاحرام فقال : قبل وبعد ومع ليس به بأس ، وقال : ثم دعا بقارورة بان سليخة (2) ليس فيها شئ فأمرنا فادهنا منها ، فلما أردنا أن نخرج قال : لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماء إذا بلغتم ذا الحليفة » (3).

2540 - وسأله محمد الحلبي « عن دهن الخيري (4) والبنفسج أندهن به إذا أردنا أن نحرم؟ قال : نعم. وسأله عن الرجل يغتسل بالمدينة لاحرامه فقال : يجزيه ذلك

ص: 309


1- « دهنه » اما بتاء الوحدة أو بالضمير الراجع إلى المحرم.
2- أي الدهن المتخذ من ثمر البان قبل أن يربب ، وقوله « ليس فيها شئ » أي من الطيب الذي تبقى رائحته بعد الاحرام ، ولا خلاف بين الأصحاب في حرمة استعمال الدهن المطيب بعد الاحرام ، وكذا غير المطيب على المشهور وجوزه جماعة ، وأما قبل الاحرام فالمشهور عدم جواز استعمال دهن تبقى رائحته بعد الاحرام. قال في المدارك : أما تحريم استعمال أدهان الطيبة كدهن الورد والبنفسج والبان في حال الاحرام فقال في المنتهى : انه قول عامة أهل العلم ويجب به الفدية اجماعا ، وأما تحريم استعمالها قبل الاحرام إذا كانت رائحته تبقى إلى وقت الاحرام فهو قول الأكثر وجعله ابن حمزة مكروها والأصح التحريم لورود النهى عنه في عدة روايات كحسنة الحلبي [المروية في الكافي ج 4 ص 329] عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر من أجل أن رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم ، وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل ». ورواية علي بن أبي حمزة [الآتية تحت رقم 2540] ومقتضى الروايتين جواز التدهن بغير المطيب قبل الاحرام ونقل عليه في التذكرة الاجماز. واطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضى عدم الفرق في ذلك بين ما يبقى أثره إلى حال الاحرام وغيره ، واحتمل بعض الأصحاب تحريم الادهان مما يبقى أثره بعد الاحرام قياسا على المطيب وهو بعيد ، ولا يخفى أن تحريم الادهان بالمطيب قبل الاحرام إنما يتحقق مع وجوب الاحرام وتضيق وقته والا لم يكن الادهان محرما وان حرم إنشاء الاحرام قبل زوال أثره كما هو واضح.
3- يدل على جواز الادهان بعد الغسل وعلى استحباب الغسل في الميقات مع التمكن.
4- كذا في بعض النسخ ، وفى بعضها « دهن الحسنى » وفى أكثرها « دهن الحناء » كما في التهذيب ج 2 ص 533 والاستبصار ج 2 ص 182، والظاهر أن الصواب ما اخترناه وهو بكسر الخاء المعجمة دهنه معروف ويقال له بالفارسية (شب بو).

من الغسل بذي الحليفة » (1).

2541 - وروى معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال : « الرجل يدهن بأي دهن شاء إذا لم يكن فيه مسك ولا عنبر ولا زعفران ولا ورس (2) قبل أن يغتسل للاحرام قال : ولا تجمر ثوبا لاحرامك ».

2542 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة قال : « سألته عن الرجل يدهن بدهن فيه طيب وهو يريد أن يحرم؟ فقال : لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر يبقى ريحه في رأسك بعدما تحرم ، وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم قبل الغسل وبعده ، فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل ».

2543 - وروى حماد ، عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « كان لا يرى بأسا بأن تكتحل المرأة وتدهن وتغتسل بعد هذا كله للاحرام » (3).

2544 - وفي رواية جميل أنه قال : « غسل يومك يجزيك لليلتك ، وغسل ليلتك يجزيك ليومك » (4).

2545 - وسئل أبو جعفر عليه السلام « عن رجل اغتسل لاحرامه ثم قلم أظفاره ،

ص: 310


1- يدل على جواز الادهان بأمثال هذه الادهان وعلى الاكتفاء بغسل المدينة.
2- الورس : نبات كالسمسم ليس الا باليمن.
3- يحمل على الدهن الذي لا يكون فيه الطيب الذي يبقى ريحه بعد الاحرام وكذا الاكتحال. (م ت)
4- هذا الخبر وان لم يذكر فيه أنه للاحرام لكن ذكره المؤلف في هذا الباب كما ذكر الأصحاب نحوه أيضا وذلك اما لعمومه أو معلوم عندهم بالقرائن أن المراد غسل الاحرام ويمكن أن يستنبط منه حكم غسل الزيارات وغيرها. وروى الكليني ج 4 ص 327 في الصحيح عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « غسل يومك ليومك وغسل ليلتك لليلتك ».

قال : يمسحها بالماء (1) ولا يعيد الغسل ».

ولا بأس أن يغتسل الرجل بكرة ويحرم عشية.

وإن لبست ثوبا من قبل أن تلبي فانزعه من فوق وأعد الغسل ولا شئ عليك وإن لبسته بعد ما لبيت فانزعه من أسفل وعليك دم شاة ، وإن كنت جاهلا فلا شئ عليك (2).

وإذا اغتسل الرجل للاحرام فلا بأس أن يمسح رأسه بمنديل وإزار (3).

وإذا اغتسل الرجل للاحرام ثم نام قبل أن يحرم فعليه إعادة الغسل استحبابا لأنه قد :

2546 - روى العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يغتسل للاحرام بالمدينة ويلبس ثوبين ، ثم ينام قبل أن يحرم؟ قال : ليس عليه غسل » (4).

ص: 311


1- أي استحبابا لكراهة الحديد.
2- روى الكليني في الكافي في الحسن كالصحيح ج 4 ص 348 والشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار وغير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أحرم وعليه قميص ، قال : ينزعه ولا يشقه وإن كان لبسه بعد ما أحرم شقه وأخرجه مما يلي رجليه » والظاهر أنه لئلا يغطى رأسه. وفى الكافي ج 4 ص 328 باسناده عن علي بن أبي حمزة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل اغتسل للاحرام ثم لبس قميصا قبل أن يحرم قال : قد انتقض غسله ». والمشهور استحباب إعادة الغسل بعد لبس المحرم ما لا يجوز له. وفيه أيضا في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « من لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليه ، ومن فعله متعمدا فعليه دم ».
3- روى الكليني في الكافي ج 4 ص 329 في الحسن كالصحيح عن ابن دراج عن أحدهما عليهما السلام « في الرجل يغتسل للاحرام ثم يمسح رأسه بمنديل؟ قال : لا بأس به ».
4- في الكافي ج 4 ص 328 في الصحيح عن النضر بن سويد عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يغتسل للاحرام ثم ينام قبل أن يحرم؟ قال : عليه إعادة الغسل ». وقال في المدارك : الأصح عدم انتقاض الغسل بالنوم وان استحب الإعادة بل لا يبعد تأكد استحباب الإعادة لصحيحة العيص بن القاسم.

ومن اغتسل أول الليل ثم أحرم آخر الليل أجزأه غسله (1).

باب 197: وجوه الحاج

2547 - روى منصور الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الحاج عندنا على ثلاثة أوجه : حاج متمتع ، وحاج مفرد للحج ، وسائق للهدي - والسائق هو القارن - » (2).

ولا يجوز لأهل مكة ولا حاضريها التمتع بالعمرة إلى الحج ، وليس لهم إلا القران أو الافراد لقول اللّه عزوجل : « فمن تمتع بالعمرة إلى الحج (3) فما استيسر من الهدي » ثم قال بعد ذلك : « ذلك لمن يكن أهله حاضري المسجد الحرام » وحد حاضري المسجد الحرام أهل مكة وحواليها على ثمانية وأربعين ميلا ، ومن كان خارجا من هذا الحد فلا يحج إلا متمتعا بالعمرة إلى الحج ولا يقبل اللّه غيره.

2548 - وروى ابن بكير ، عن زرارة قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل إن أحب أو كره (4) » إلا من اعتمر في عامه ذلك أو

ص: 312


1- تقدم الكلام فيه وروى الكليني ج 4 ص 328 عن البطائني عن أبي بصير قال : « سألته عن الرجل يغتسل بالمدينة لاحرامه أيجزيه ذلك من غسل ذي الحليفة؟ قال : نعم فأتاه رجل وأنا عنده فقال : اغتسل بعض أصحابنا فعرضت له حاجة حتى أمسى ، قال : يعيد الغسل ، يغتسل نهارا ليومه ذلك وليلا لليلته » ويحمل على ما لو لم ينم.
2- ما يدل عليه من انقسام الحج إلى الأقسام الثلاثة وحصره فيها مما أجمع عليه العلماء. وأما انكار عمر التمتع فقد ذكر المخالفون أيضا أنه قد تحقق الاجماع بعده على جوازه.
3- أي تمتع بعد العمرة من النساء والثياب والطيب وغيرها من محرمات الاحرام إلى الاحرام بالحج. (م ت)
4- الخبر إلى هنا في الكافي ج 4 ص 299 والتهذيب. وما بعده من كلام الراوي ظاهرا.

ساق الهدي وأشعره وقلده (1).

2549 - وروى ابن أذينة ، عن زرارة قال : « جاء رجل إلى أبي جعفر عليه السلام وهو خلف المقام فقال : إني قرنت بين حجة وعمرة ، فقال : هل طفت بالبيت؟ فقال : نعم (2) قال : هل سقت الهدي؟ قال : لا ، فأخذ أبو جعفر عليه السلام بشعره ، ثم قال :

ص: 313


1- لا أعلم له معنى صريحا ويمكن أن يكون فيه سقطا أو تصحيفا ، وقال الفيض - رحمه اللّه - في الوافي : بناء استثناء المعتمر على عدم جواز عمرتين في عام فإنه إذا كان كذلك لم يكن طوافه من عمرة صحيحة فلا عقد لا حل. ومورد الكلام في هذا الحديث طواف المفردين المقدمين وان عم حكمه في الحج مطلقا. وقال الشيخ محمد : الغرض رد العامة الذين يدخلون مكة محرما ويطوفون قاصدين طواف القدوم من دون احلال بل يبقون على احرامهم فقال : هم محلون كرهوا أو أحبوا الا من اعتمر لعامه ليتمتع فإنه يحل باختياره وسائق الهدى إذا قدم الطواف لا يحل فالاستثناء من قوله « أحب أو كره » اه. وقال الفاضل التفرشي مثله.
2- أريد بالطواف البيت والمسعى معا (الوافي) وقال المولى المجلسي - رحمه - اللّه - : قوله « انى قرنت بين حجة وعمرة » أي قلت حين التلبية لبيك بحجة وعمرة ، وهذا الكلام لو قاله المتمتع كان معناه أنى أعتمر عمرة أتمتع بعدها إلى الحج ، وان قاله القارن الذي ساق الهدى كان معناه أنى أحج ان أمكن ولا أعتمر بعمرة مفردة ، وان قاله المفرد فإن كان لا يدرى أن التمتع عليه واجب أو لم يجب عليه بان كان من أهل مكة وحواليها فإن لم يلب بعد صلاة الطواف ولم يعقد احرامه بالتلبية تصير حجه عمرة أو يمكنه أن يجعله عمرة بالنية بل لو كان عامدا وكان التمتع عليه واجبا يمكنه النقل كما يظهر من الاخبار ويدل عليه اطلاق هذا الخبر أيضا وإن كان قصده من الطواف المستحب القدومي لا التقديمي. و قال استاذنا الشعرانى: يحتمل أن يكون المقصود القران على مذهب العامّة بأن ينوى الجمع بين العمرة و الحجّ في احرام واحد و هو غير جائز عندنا، فان خالف و نوى الجمع اختلف الفقهاء فقال بعضهم: لا يقع حجا و لا عمرة، و قال بعضهم: يصح حجا مفردا و يجوز له أن يعدل الى عمرة التمتع قال الشيخ- رحمه اللّه- في الخلاف: إذا قرن بين العمرة و الحجّ في احرامه لم ينعقد احرامه الا بالحج، فان أتى بافعال الحجّ لم يلزمه دم، و ان أراد أن يأتي بأفعال العمرة و يحل و يجعلها متعة جاز ذلك و يلزمه الدم، و مثله في المبسوط، و الرواية موافقة لهذا القول و ذلك لان احرامهم لو كان باطلا لوجب على الامام ردعهم لا تركهم على الباطل و تقريرهم على ما أتوا به و يحتمل استفادة البطلان كما قاله المراد- رحمه اللّه- قوله قال« ثم أحللت» لعله كناية عن بطلان احرامه و لعلّ السؤال عن الطواف و السياق لبيان الحال لا لانّ لهما دخلا في الحكم- انتهى.

أحللت اللّه » (1).

2550 - وروى أبو أيوب بن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن أحدهم (2) يقرن ويسوق فأدعه عقوبة بما صنع ».

2551 - وروي عن يعقوب بن شعيب (3) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يحرم بحجة وعمرة وينشئ العمرة أيتمتع (4)؟ قال : نعم ».

2552 - وروى إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل يفرد الحج فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ، ثم يبدو له أن يجعلها عمرة ، فقال : إن كان لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له » (5).

ص: 314


1- الظاهر أن هذا كناية عن التقصير أي قصر أو أخذ عليه السلام من شعره. وقيل : الضمير راجع إليه عليه السلام تأكيدا للقسم أي أخذ عليه السلام بلحية نفسه وقال : أحللت واللّه.
2- من المخالفين ومعنى « أدعه » أي لا أبين لهم أفضلية التمتع عقوبة لترك متابعته امام الحق.
3- السند صحيح على ما في الخلاصة.
4- يعنى مع أنه قال : لبيك بحجة وعمرة وقدم الحجة في النية ولما قدم مكة قلبها تمتعا أيجوز ذلك ، قال : نعم وذلك لان الواو لا يدل على الترتيب. وقال الفاضل التفرشي المراد أنه نوى في إحرامه الحج والعمرة ثم عدل عنه إلى الاحرام بالعمرة. وفى بعض النسخ « ينسى » بالسين المهملة فينبغي أن يراد بيحرم يريد الاحرام للحجة المتمتع بها فنسي أن يحرم بالعمرة فمعنى أيتمتع أله أن يعدل عنه إلى العمرة ويتمتش. وقال استاذنا الشعراني : الأظهر أن السؤال عن القران على مذهب العامة والجواب أنه صحيح يقع حجا مفردا يجوز له العدول إلى العمرة موافقا لقول الخلاف ، ولا يبعد أن يكون « ينسئ » مهموز اللام من الانساء بمعنى التأخير لان العامة يجوزون في القران أن ينوى الحج والعمرة نية واحدة عند الاحرام وأن ينوى الاحرام بالحج أولا ، ثم يدخل العمرة في احرامه بعد مضى مدة. وقال الفيض  - رحمه اللّه - : أريد بهذه الاخبار جواز العدول عن الافراد إلى التمتع ما لم يسق الهدى فيقصر ويحرم بحج التمتع الا أنه إن كان قد لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له كما يأتي.
5- ذلك لأنه أبطل عمرته بالتلبية قبل اكمالها. (الوافي)

2553 - وكتب علي بن ميسر إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام يسأله « عن رجل اعتمر في شهر رمضان (1) ثم حضر الموسم أيحج مفردا للحج أو يتمتع أيهما أفضل؟ فكتب عليه السلام إليه : يتمتع » (2).

2554 - وروى حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المتعة واللّه أفضل وبها نزل القرآن وجرت السنة إلى يوم القيامة (3) ».

2555 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال ابن عباس : دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ».

2556 - وسأل أبو أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز أبا عبد اللّه عليه السلام « أي أنواع الحج أفضل؟ فقال : المتعة وكيف يكون شئ أفضل منها ورسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما فعل الناس ».

والمتمتع هو الذي يحج في أشهر الحج ويقطع التلبية إذا نظر إلى بيوت مكة فإذا دخل مكة طاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام وسعى بين الصفا والمروة سبعا وقصر وأحل فهذه عمرة يتمتع بها من الثياب والجماع والطيب وكل شئ يحرم على المحرم إلا الصيد لأنه حرام على المحل في الحرم وعلى المحرم في الحل والحرم ، ويتمتع بما سوى ذلك إلى الحج.

والحج ما يكون بعد يوم التروية من عقد الاحرام الثاني بالحج المفرد ، والخروج إلى منى (4) ومنها إلى عرفات ، وقطع التلبية عند زوال الشمس يوم عرفة (5) والجمع فيها بين الظهر والعصر (6) بأذان واحد وإقامتين ، والوقوف بها إلى غروب

ص: 315


1- أي لم يكن من أشهر الحج حتى يتمتع بعمرته. (م ت)
2- في الكافي ج 4 ص 292 « يتمتع أفضل ».
3- أي لم ينسخ كما قاله بعض المخالفين تقوية لقول عمر.
4- للبيتوتة بها استحبابا ومنها إلى عرفات وجوبا.
5- ونية الوقوف عنده على المشهور.
6- أي استحبابا ، و « بأذان واحد » أي للظهر.

الشمس ، والإفاضة إلى المشعر الحرام (1) والجمع بين المغرب والعشاء بها بأذان واحد وإقامتين ، والبيتوتة بها (2) والوقوف بها بعد الصبح إلى تطلع الشمس على جبل ثبير (3) والرجوع إلى منى ، والذبح والحلق والرمي (4) ودخول مسجد الحصباء (5) والاستلقاء فيه على القفا ، وزيارة البيت وطواف الحج وهو طواف الزيارة ، وطواف النساء (6) فهذه صفة المتمتع بالعمرة إلى الحج.

والمتمتع عليه ثلاثة أطواف بالبيت : طواف للعمرة ، وطواف للحج ، وطواف للنساء (7) وسعيان بين الصفا والمروة (8) كما ذكرناه.

وعلى القارن والمفرد طوافان بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة (9) ولا يحلان بعد العمرة ، يمضيان على إحرامهما الأول ، ولا يقطعان التلبية إذا نظرا إلى بيوت مكة كما يفعل المتمتع بالعمرة ولكنهما يقطعان التلبية يوم عرفة عند زوال الشمس.

والقارن والمفرد صفتهما واحدة إلا أن القارن يفضل على المفرد بسياق الهدي.

ص: 316


1- أي الذهاب إلى المشعر وهو بين المأزمين.
2- أي إلى طلوع الشمس وجوبا تأسيا بالنبي والأئمة عليهم السلام أو استحبابا على المشهور والاحتياط تقربا إلى اللّه تعالى بدون نيتهما. (م ت)
3- ثبير كأمير جبل مشرف على مسجد منى وهو مقابل للحاج عند انتظار طلوع الشمس في أول وادى محسر ولا يشاهد الشمس في المشعر للجبال. (م ت)
4- يعنى الرجوع إلى منى للمناسك وهو الذبح والحلق والرمي وكأنه لا يرى الترتيب وإن كان الواو لا تدل عليه لكن يبتدى برمي جمرة العقبة ثم يذبح هديه ويأكل منه ثم يحلق رأسه أو يقصر. (م ت)
5- بالأبطح لمن نفر في الأخير ، والاستلقاء فيه على القفا استحبابا ويأتي الكلام فيه مفصلا.
6- لم يذكر المبيت في الليالي الثلاث ورمى الجمار فيها اما لما سيجئ واما لاعتقاده أنها ليست من أجزاء الحج أو لندبها عنده. (م ت)
7- أي للحج وليس في العمرة طواف النساء.
8- سعى للحج وسعى للعمرة.
9- الظاهر أن لفظة « سعيان » من سهو النساخ والصواب سعى كما في الاخبار (م ت) أو كون التثنية باعتبار الصفا والمروة لكنه بعيد.

2557 - وروى درست (1) عن محمد بن الفضل الهاشمي قال : « دخلت مع إخواني علي أبي عبد اللّه عليه السلام فقلنا له : إنا نريد الحج وبعضنا صرورة ، فقال عليه السلام : عليكم بالتمتع فإنا لا نتقي أحدا في التمتع بالعمرة إلى الحج ، واجتناب المسكر ، والمسح على الخفين ».

باب 198: فرائض الحج

فرائض الحج (2) سبع : الاحرام ، والتلبيات الأربع التي يلبى بها سرا ، وهي « لبيك اللّهم لبيك لبيك ، لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك » والطواف بالبيت ، والركعتان عند مقام إبراهيم عليه السلام ، والسعي بين الصفا والمروة ، والوقوف بالمشعر الحرام ، والهدي للمتمتع.

2558 - وقال الصادق عليه السلام : « والوقوف بعرفة سنة (3) وبالمشعر فريضة ، وما سوى ذلك من المناسك سنة » (4).

باب 199: ما جاء فيمن حج بمال حرام

2559 - روي عن الأئمة عليهما السلام أنهم قالوا : « من حج بمال حرام نودي

ص: 317


1- درست واقفي ولم يوثق وهو من أصحاب أبي الحسن موسى عليه السلام.
2- المراد بالفرائض هنا الأركان ظاهرا.
3- أي ليس في الكتاب العزيز ما يدل على وجوبه صريحا بل وجوبه إنما يستفاد من عمل النبي صلى اللّه عليه وآله ، وأما قوله تبارك وتعالى « ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس » وكذا قوله « فإذا أفضتم من عرفات » فإنما يدلان على وقوع الإفاضة منها ووقوع ما يلزمه من الكون بها دون وجوبه. وقوله « وبالمشعر فريضة » يعنى وجوبه ثابت بالقرآن صريحا حيث يقول « فاذكروا اللّه عند المشعر الحرام » والامر ظاهره الوجوب.
4- يعنى ما سوى المذكور وإن كان بكل إشارة في الكتاب لكن لا يكون بحيث يدل على الوجوب صريحا وإنما يستفاد الوجوب من عمل النبي صلى اللّه عليه وآله.

عند التلبية لا لبيك عبدي ولا سعديك (1) ».

باب 200: عقد الاحرام وشرطه ونقضه والصلاة له

2560 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال لا يكون إحرام إلا في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة ، فإن كانت مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم ، وإن كانت نافلة (2) صليت ركعتين وأحرمت في دبرها ، فإذا انفتلت من الصلاة فاحمد اللّه عزو جل واثن عليه وصل على النبي صلى اللّه عليه وآله وتقول : « اللّهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع أمرك ، فاني عبدك وفي قبضتك لا أوقي إلا ما وقيت ، ولا آخذ إلا ما أعطيت ، وقد ذكرت الحج فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك وسنة نبيك [صلى اللّه عليه وآله] وتقويني على ما ضعفت عنه وتتسلم مني مناسكي في يسر منك و عافية ، واجعلني من وفدك الذين رضيت وارتضيت وسميت وكتبت ، اللّهم إني خرجت من شقة بعيدة ، وأنفقت مالي ابتغاء مرضاتك (3) اللّهم فتمم لي حجي ، اللّهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله ، فإن عرض لي عارض يحسبني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي ، اللّهم إن لم تكن حجة فعمرة ، أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي و عظامي ومخي وعصبي من النساء والثياب والطيب ، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة » يجزيك (4) أن تقول هذا مرة واحدة حين تحرم ، ثم قم فامش هنيئة ، فإذا

ص: 318


1- يدل على عدم كمال حجه الا أن يكون ثوبا احرامه مغصوبين أو أحدهما ، وكذا الهدى أو اشتراها بعين المال الحرام. (م ت)
2- قال الفيض - رحمه اللّه - : يعنى وان لم يكن وقت صلاة مكتوبة وتكون صلاتك للاحرام نافلة صليت ركعتين.
3- من قوله « اللّهم إني خرجت » إلى هنا ليس في الكافي والتهذيب.
4- في الكافي والتهذيب « قال : يجزيك - الخ ».

استوت بك الأرض (1) ماشيا كنت أو راكبا فلب (2).

2561 - وسأل الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « أليلا أحرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أم نهارا؟ فقال : نهارا ، فقلت : أي ساعة؟ قال : صلاة الظهر ، فسألته متى ترى أن نحرم ، قال : سواء عليكم (3) إنما أحرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله صلاة الظهر لأن الماء كان قليلا ، كان يكون في رؤوس الجبال فيهجر الرجل (4) إلى مثل ذلك من الغد (5) فلا يكادون يقدرون على الماء ، وإنما أحدثت هذه المياه حديثا ».

2562 - وروى ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني أريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج فكيف أقول؟ فقال : « اللّهم

ص: 319


1- أي سلكت فيها ودخلت في الطريق.
2- قال في المدارك : التلبيات الأربع وعدم انعقاد الاحرام للتمتع الا بها فقال العلامة في التذكرة والمنتهى : انه قول علمائنا أجمع والاخبار فيه مستفيضة ، وإنما الكلام في اشتراط مقارنتها للنية كمقارنة التحريم لنية الصلاة وبه قطع الشهيد في اللمعة لكن ظاهر كلامه في الدروس التوقف وكلام باقي الأصحاب خال من الاشتراط بل صرح كثير منهم بعدمه ، وينبغي الجزم بجواز تأخير التلبية عن نية الاحرام للاخبار الكثيرة الدالة عليه كصحيحة معاوية بن عمار (يعنى هذا الخبر) وغيرها ، بل يظهر من صحيحة معاوية تعين ذلك لكن الظاهر أنه للاستحباب والذي يقتضيه الجمع بين الاخبار التخيير بين التلبية في موضع عقد الاحرام وبعد المشي هنيئة ، وبعد الوصول إلى البيداء وإن كان الأولى العمل بما تضمنه صحيحة معاوية بن عمار.
3- أي مثل ذلك الوقت إلى نصف النهار. وقال العلامة المجلسي : لعله محمول على التقية أو على عدم تأكد الاستحباب.
4- في المغرب : هجر : إذا سار في الهاجرة وهي نصف النهار في القيظ خاصة ثم قال : قيل هجر إلى الصلاة : إذا بكر ومضى إليها في أول وقتها.
5- يعنى يذهب في طلب الماء اليوم فلا يأتي به الا أن يمضى به من الغد مقدار ما مضى من اليوم. والمراد أن السبب في احرام النبي صلى اللّه عليه وآله وقت الظهر إنما كان حصول الماء له في ذلك الوقت. (الوافي)

إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك » وإن شئت أضمرت الذي تريد ».

2563 - وسأله حمران بن أعين (1) « عن الرجل يقول : حلني حيث حبستني قال : هو حل حيث حبسه اللّه عزوجل ، قال أو لم يقل ».

2564 - وروى حفص بن البختري : ومعاوية بن عمار ، وعبد الرحمن بن الحجاج والحلبي جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا صليت في مسجد الشجرة فقل وأنت قاعد في دبر الصلاة قبل أن تقوم ما يقول المحرم ، ثم قم فامش حتى تبلغ الميل وتستوي بك البيداء ، فإذا استوت بك البيداء فلب » (2).

وإن أهللت (3) من المسجد الحرام للحج فإن شئت لبيت خلف المقام ، وأفضل ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء (4) وتلبي قبل أن تصير إلي الأبطح (5).

ص: 320


1- طريق المؤلف إليه غير مذكور في المشيخة والخبر في الكافي والتهذيب عن حمزة ابن حمران وسيأتي من المؤلف بعينه في باب الحصر عن حمزة بن حمران ولعل السهو من النساخ. وطريق الصدوق إلى حمزة صحيح.
2- يدل على استحباب تأخير التلبية إلى البيداء لمن أحرم من الشجرة كما يدل عليه غيره من الأخبار الكثيرة. (م ت)
3- لما ذكر موضع الاحرام بالعمرة ذكر هنا موضع الاحرام بالحج.
4- الرقطاء موضع دون الردم ، والردم هو الحاجز الذي يمنع السيل عن البيت المحرم ويسمى المدعى ، ويظهر من بعض الأخبار أنه ملتقى طريق الجبل وطريق العام إلى منى. و قال الفاضل الاسترآبادي: قد فتشنا تواريخ مكّة فلم نجد فيها أن يكون الرقطاء اسم موضع بمكّة. و اما الردم فالمراد منه المدعا- بفتح الميم و سكون الدال المهملة و العين المهملة بعدها ألف- و العلة في التعبير عن المدعا بالردم أن الجائى من الابطح الى المسجد الحرام كان يشرف الكعبة من موضع مخصوص و كان يدعو هناك و كانت هناك عمارة ثمّ طاحت و صار موضعها تلا، و الظاهر عندي« الرمضاء» بالراء المفتوحة و الميم الساكنة و الضاد المعجمة بعدها الف- انتهى كلامه رفع مقامه. و في الكافي« الرفضاء» و في بعض نسخه« الروحاء».
5- روى الكليني ج 4 ص 454 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كان يوم التروية إن شاء اللّه فاغتسل ، وألبس ثوبيك وادخل المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار ، ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحجر ، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة ، وأحرم بالحج ، ثم امض وعليك السكينة والوقار فإذا انتهيت إلى الرفضاء دون الردم فلب ، فإذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتى منى ».

2565 - وفي رواية هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أحرمت من غمرة (1) أو بريد البعث صليت وقلت ما يقول المحرم في دبر صلاتك وإن شئت لبيت من موضعك ، والفضل أن تمشي قليلا ثم تلب » (2).

2566 - وفي رواية ابن فضال عن أبي الحسن عليه السلام « في الرجل يأتي ذا الحليفة أو بعض الأوقات بعد صلاة العصر أو في غير وقت صلاة؟ قال : لا ، ينتظر حتى تكون الساعة التي يصلي فيها - وإنما قال ذلك مخافة الشهرة - » (3).

2567 - وروى حفص بن البختري (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « فيمن عقد الاحرام في مسجد الشجرة ، ثم وقع على أهله قبل أن يلبي ، قال : ليس عليه شئ » (5).

ص: 321


1- أوسط وادى العقيق أو آخره كما تقدم ، وبريد البعث أوله. (م ت)
2- قوله « صليت » أي للاحرام « قلت ما يقول المحرم » من نية العمرة المتمتع بها إلى الحج لفظا مع القصد (م ت)
3- الظاهر أن هذه الجملة من كلام المؤلف - رحمه اللّه - وحمل الخبر على الاتقاء عليهم أو التقية ويدل عليه خبر إدريس بن عبد اللّه في التهذيب ج 1 ص 468 قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي بعض المواقيت بعد العصر كيف يصنع؟ قال : يقيم إلى المغرب ، قلت : فان أبى جماله أن يقيم عليه ، قال : ليس له أن يخالف السنة ، قلت : أله أن يتطوع بعد العصر؟ قال : لا بأس به ولكني أكرهه للشهرة وتأخير ذلك أحب - الخ »
4- الطريق إليه صحيح وهو ثقة.
5- يدل على أن الاحرام هو نية التحريم ، ولا ينعقد الا بالتلبية ويجوز الجماع قبلها (م ت) وهو مجمع عليه بين الأصحاب.

2568 - وفي رواية أبان ، عن علي بن عبد العزيز (1) قال : اغتسل أبو عبد اللّه عليه السلام بذي الحليفة للاحرام وصلى ، ثم قال : هاتوا ما عندكم من لحوم الصيد فاتي بحجلتين (2) فأكلهما قبل أن يحرم (3).

2569 - وفي رواية عبد الرحمن بن الحجاج عنه عليه السلام « أنه صلى ركعتين وعقد في مسجد الشجرة ، ثم خرج فاتي بخبيص (4) فيه زعفران فأكل - قبل أن يلبي - منه ».

2570 - وروى عنه وهب بن عبد ربه (5) « في رجل كانت معه أم ولد له فأحرمت قبل سيدها أله أن ينقض إحرامها ويطأها قبل أن يحرم؟ قال : نعم » (6).

2571 - وكتب بعض أصحابنا إلى أبي إبراهيم عليه السلام « في رجل دخل مسجد الشجرة فصلى وأحرم ، ثم خرج من المسجد فبدا له قبل أن يلبي [أله] أن ينقض ذلك بمواقعة النساء؟ فكتب عليه السلام : نعم - أو لا بأس به - » (7).

ص: 322


1- رواه الكليني في الصحيح عن ابن مسكان ، عن علي بن عبد العزيز.
2- الحجل الذكر من القبج معرب كبك.
3- استدل به على عدم انتقاض الغسل بأكل لحم الصيد ، ويمكن أن يكون عليه السلام اغتسل بعد ذلك ، نعم يدل على جواز الأكل منه بعدهما وأن كان الظاهر الأول. (م ت)
4- الخبيص - وزان فعيل بمعنى مفعول - : طعام يعمل من التمر والزيت والسمن.
5- طريق المصنف إليه غير مذكور في المشيخة لكنه ثقة ورواه الكليني في القوى عن ابن محبوب عنه.
6- يدل ظاهرا على عدم انعقاد احرام المملوك بدون اذن مولاه ، وعلى جواز نقضه لو قيل بالانعقاد ولا مدخل لهذا الخبر في هذا الباب وكأن المصنف - رحمه اللّه - حمله على الاحرام بدون التلبية وهو خلاف ظاهر المقام. (م ت)
7- مروى في الكافي ج 4 ص 331 عن النظر بن سويد في الصحيح ، ويدل على ما هو المقطوع به في كلام الأصحاب من أنه إذا عقد نية الاحرام ولبس ثوبيه ولم يلب ثم فعل ما لا يحل للمحرم فعله لم يلزمه بذلك كفارة.

باب 201: الاشعار والتقليد

الاشعار والتقليد (1)

2572 - روى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إنما استحسنوا إشعار البدن لان أول قطرة تقطر من دمها يغفر اللّه عزوجل له على ذلك » (2).

2573 - وروى حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان الناس يقلدون الغنم والبقر (3) وإنما تركه الناس حديثا ويقلدون بخيط أو بسير » (4).

2574 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل ساق هديا ولم يقلده ولم يشعره ، قال : قد أجزأ عنه (5) ما أكثر ما لا يقلد ولا يشعر ولا

ص: 323


1- الاشعار مختص بالبدن بشق سنامها من الجانب الأيمن ولطخه بدمها ، والتقليد مشترك بين الانعام الثلاثة بأن يقلد في رقبتها نعل خلق قد صلى فيها أو غيره ، أو خيط أو سير على ما يظهر من الاخبار ، والبدن جمع للبدنة - ككتب للكتبة - وهي الإبل الجسيم ذو البدن وسيجئ أنها الثنى منها ، وهي ما دخل في السادسة وقد تطلق على البقرة لكن في غير أخبارنا اعلامها بشق سنامها ولطخها بالدم. (م ت)
2- « استحسنوا اشعار البدن » أي مع اشتماله على الاضرار بها ، ولعل مرجع الضمير الخواص والعوام وضمير « له » لصاحب البدن. (مراد)
3- لعل المراد كانوا يقلدونها بالنعل التي يصلون فيها لان تقليدها به هو الشايع المتعارف. (مراد)
4- السير كالخيط من الجلد.
5- لعل المراد بعد ما وقع عنه التلبية فإنه حينئذ يستحب التقليد والاشعار (سلطان) وقال الفاضل التفرشي : لعل المراد اجزاء التلبية عن عقد الاحرام بهما ، و « ما أكثر » فعل التعجب و « ما » الثانية عبارة عن الهدى. واسناد لا يحلل - على بناء الفاعل من التحليل - إليه مجازي أي كثيرا ما من الهدى هدى لا يقلد ولا يشعر ولا يوجب ذلك أن يكون صاحبه حلالا لم ينعقد احرامه. ويجوز أن يكون « ما » بمعنى « من » أي كثير من الناس يعقد احرامه بغير الاشعار والتقليد ولا يلزم من ذلك أن يكون حلالا فاسد الاحرام.

يجلل » (1).

2575 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل أحرم من الوقت (2) ومضى ثم إنه اشترى بدنة بعد ذلك بيوم أو يومين فأشعرها وقلدها وساقها ، فقال : إن كان ابتاعها قبل أن يدخل الحرم فلا بأس ، قلت : فإنه اشتراها قبل أن ينتهي إلى الوقت الذي يحرم منه فأشعرها وقلدها أيجب عليه حين فعل ذلك ما يجب على المحرم؟ قال : لا ولكن إذا انتهى إلى الوقت فليحرم ، ثم يشعرها ويقلدها فإن تقليده الأول ليس بشئ » (3).

2576 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا - عبد اللّه عليه السلام عن البدن كيف تشعر؟ فقال : تشعر وهي باركة من شق سنامها الأيمن وتنحر وهي قائمة من قبل الأيمن ».

2577 - وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تقلدها (4) نعلا خلقا قد صليت فيها (5) والاشعار والتقليد بمنزلة التلبية ».

2578 - وفي رواية عبد اللّه بن سنان عنه عليه السلام « إنها تشعر وهي معقولة ».

2579 - وروى ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال : خرجت في عمرة (6)

ص: 324


1- تجليل الهدى : ستره بثوب ، ومنه الجل للفرس وروى أنهم كانوا يجللون بالبرد. وقال سلطان العلماء : قد ضبطه بعضهم بالحاء المهملة على صيغة المجهول أي كثيرا ما لا يبلغ الهدى محله من التحليل أي تبليغ الهدى محله ، وقيل : المراد كثيرا ما لا يقلد ولا يشعر ولا يصير بذلك المكلف حلالا أي لا يبطل احرامه ولا يخفى بعد ذلك كله.
2- أي من الميقات وكذا ما يأتي في الموضعين.
3- يدل على جواز الاشعار والتقليد بعد الاحرام لو كان قبل دخول الحرم ، وعلى أن الاحرام والتقليد والاشعار قبل الميقات بمنزلة العدم. (م ت)
4- في بعض النسخ « يقلدها » بالياء.
5- الخلق : البالي ، وقوله « صليت » على نسخة « تقلدها » يقرء معلوما وعلى نسخة « يقلدها » يقرء مجهولا ، والذي ذهب إليه أكثر الفقهاء صيغة المعلوم يعنى كون المحرم صلى فيها.
6- أي عمرة التمتع بقرينة قوله « من عرفة ».

فاشتريت بدنة وأنا بالمدينة فأرسلت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام فسألته كيف أصنع بها؟ فأرسل إلى ما كنت تصنع بهذا فإنه كان يجزيك أن تشتري منه من عرفة ، وقال : انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة فاستقبل بها القبلة وأنخها ثم ادخل المسجد فصل ركعتين ثم اخرج إليها فأشعرها في الجانب الأيمن ، ثم قل : « بسم اللّه اللّهم منك ولك ، اللّهم تقبل مني » فإذا علوت البيداء فلب (1).

باب 202: التلبية

2580 - روى النضر بن سويد (2) عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لما لبى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « لبيك اللّهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد (3) والنعمة لك والملك ، لا شريك لك [لبيك] ، لبيك ذا المعارج لبيك » وكان عليه السلام يكثر من ذي المعارج (4) وكان يلبي كلما لقي راكبا أو علا أكمة (5) أو هبط واديا ، ومن آخر الليل ، وفي أدبار الصلوات » (6).

2581 - وفي رواية حريز « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لما أحرم أتاه جبرئيل عليه السلام فقال : مر أصحابك بالعج والثج ، فالعج رفع الصوت بالتلبية ، والثج نحر البدن » (7)

ص: 325


1- يدل ظاهرا على عدم استحباب السياق من التمتع أو عدم تأكده ولهذا رخص له (م ت) والخبر رواه الكليني ج 4 ص 296 مع اختلاف ويمكن أن يكون هذا غيره.
2- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة.
3- يجوز الفتح والكسر في الهمزة والكسر أولى ، لأنه يدل على العموم بخلاف الفتح لما يدل على خصوص المقام لأنه يصير كالعلة في اختصاص التلبية به تعالى وفى الكسر يدل عليه وعلى غيره من المحامد. (م ت)
4- أي كان صلى اللّه عليه وآله يقول : « لبيك ذا المعارج لبيك » كثيرا. (م ت)
5- الأكمة - محركة - : التل وهي دون الجبال.
6- رواه الكليني في حديث مفصل في باب حج النبي صلى اللّه عليه وآله ج 4 ص 250.
7- في الكافي ج 4 ص 336 « علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز رفعه قال » ان رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) - الخ « وزاد في آخره » قال جابر بن عبد اللّه : ما بلغنا الروحاء حتى بحت أصواتنا أي خشنت أصواتنا. والروحاء على نحو أربعين ميلا من المدينة.

2582 - وروى أبو سعيد المكاري (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن اللّه عزوجل وضع عن النساء أربعا : الاجهار بالتلبية ، والسعي بين الصفا والمروة - يعني الهرولة - ودخول الكعبة ، واستلام الحجر الأسود » (2).

2583 - وروى الحلبي (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا بأس أن تلبي وأنت على غير طهر ، وعلى كل حال » (4).

2584 - وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « لا بأس أن يلبي الجنب » (5).

2585 - وقال الصادق عليه السلام : « يكره للرجل أن يجيب بالتلبية إذا نودي وهو محرم ».

2586 - وفي خبر آخر « إذا نودي المحرم فلا يقل لبيك ولكن يقول : يا سعد » (6).

2587 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « جاء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال له : إن التلبية شعار المحرم فارفع صوتك بالتلبية » لبيك اللّهم لبيك لبيك

ص: 326


1- لم يذكر المؤلف طريقه إليه وهو ضعيف ورواه الشيخ بسند فيه ارسال.
2- روى الكليني عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي سعيد المكارى ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس على النساء جهر بالتلبية » وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : في بعض نسخ الكافي الصحيحة بزيادة « ولا استلام الحجر ولا دخول البيت ولا سعى بين الصفا والمروة - يعنى الهرولة - ». وفى طريق هذا الخبر ابن أبي عمير وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه فالسند معتبر لصحته عنه.
3- الطريق إليه صحيح وهو عبيد اللّه بن علي الحلبي وكان ثقة.
4- يدل على عدم اشراط الطهارة في التلبية وان كانت أحسن كما سيجئ. (م ت)
5- كذا في النسخ التي عندي وقد قرأه بعضهم : « لا بأس أن يلبى المجيب ».
6- محمول على الكراهة ولعل المراد ما رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 366 في الصحيح عن حماد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس للمحرم أن يلبى من دعاه حتى يقضى احرامه ، قلت : كيف يقول قال يقول : يا سعد » وهو أيضا ، محمول على الكراهة. والحكمة فيه واضحة لان التلبية هنا إجابة لله تعالى فيكره أن يشرك غيره فيها ما دام في احرامه.

لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك [لبيك] (1).

2588 - وروى لي محمد بن القاسم الاسترآبادي (2) ، عن يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن يسار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب [عن أبيه] عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لما بعث اللّه عزوجل موسى ابن عمران واصطفاه نجيا ، وفلق له البحر ، ونجى بني إسرائيل ، وأعطاه التوراة والألواح رأى مكانه من ربه عزوجل فقال : يا رب لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا من قبلي ، فقال اللّه جل جلاله ، يا موسى أما علمت أن محمدا صلى اللّه عليه وآله أفضل عندي من جميع ملائكتي وجميع خلقي ، فقال موسى : يا رب فإن كان محمد أكرم عندك من جميع خلقك فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟ قال اللّه عزوجل : يا موسى أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟ فقال : يا رب فإن كان آل محمد كذلك فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمتي ظللت عليهم الغمام ، وأنزلت عليهم المن والسلوى ، وفلقت لهم البحر؟ فقال اللّه عزوجل : يا موسى أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي ، فقال موسى عليه السلام : يا رب ليتني كنت أراهم ، فأوحى اللّه عزوجل إليه يا موسى إنك لن تراهم فليس هذا أوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنان جنات عدن والفردوس بحضرة محمد ، في نعيمها يتقلبون ، وفي خيراتها يتبجحون (3) أفتحب أن أسمعك كلامهم؟ قال : نعم يا إلهي قال اللّه عزوجل : قم بين يدي واشدد مئزرك

ص: 327


1- يدل على كيفية التلبية ، وعلى أنها شعار المحرم وعلامته ، وعلى استحباب الجهر فيها. (م ت)
2- هو صاحب التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام قال العلامة في الخلاصة انه ضعيف كذاب روى الصدوق عنه تفسيرا يرويه عن رجلين مجهولين أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد والاخر علي بن محمد بن يسار عن أبيهما عن أبي الحسن الثالث عليه السلام والتفسير موضوع عن سهل الديباجي عن أبيه بأحاديث من هذه المناكير - انتهى.
3- بتقديم المعجمة على المهملة أي يتنعمون.

قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل ، ففعل ذلك موسى عليه السلام فنادى ربنا عزوجل يا أمة محمد! فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم » لبيك اللّهم لبيك لبيك ، لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك [لبيك] « قال : فجعل اللّه عزوجل تلك الإجابة شعار الحج ».

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وقد أخرجته في تفسير القرآن.

باب 203: ما يجب على المحرم اجتنابه من الرفث والفسوق والجدال في الحج

ما يجب على المحرم اجتنابه من الرفث والفسوق والجدال (1) في الحج

2589 - روى محمد بن مسلم ، والحلبي جميعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزوجل : « الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج » (2) فقال : إن اللّه عزوجل اشترط على الناس شرطا وشرط لهم شرطا ، فمن وفى له وفى اللّه له ، فقالا له : فما الذي اشترط عليهم وما الذي شرط لهم؟ فقال : أما الذي اشترط عليهم فإنه قال : « الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ». وأما ما شرط لهم فإنه قال : « فمن تعضل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى » قال يرجع ولا ذنب له ، فقالا له : أرأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه؟ فقال : لم يجعل اللّه عزوجل له حدا يستغفر اللّه ويلبي ، فقالا له : فمن ابتلي بالجدال ما عليه؟ فقال : إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه شاة ، وعلى المخطئ بقرة (3) وقال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي (4) : إتق في إحرامك الكذب

ص: 328


1- الرفث هو الجماع أو الأعم منه ومن الفحش والكلام القبيح ، والفسوق : الكذب ، والجدال هو قول : « لا واللّه وبلى واللّه ».
2- أي لاجماع ولا كذب ولا سباب ولا جدال في أيام الحج.
3- يعنى يجب على الصادق في يمينه دم شاة يهريقه ويطعمها على المساكين ، وعلى المخطئ بقرة.
4- اكتفى في هذه الأحكام بقول أبيه ولم ينقل الأخبار الواردة فيها اختصارا.

واليمين الكاذبة والصادقة وهو الجدال ، والجدال قول الرجل : (لا واللّه وبلى واللّه) فإن جادلت مرة أو مرتين وأنت صادق فلا شئ عليك ، فإن جادلت ثلاثا وأنت صادق فعليك دم شاة ، فإن جادلت مرة كاذبا فعليك دم شاة ، وإن جادلت مرتين كاذبا فعليك دم بقرة ، وإن جادلت كاذبا ثلاثا فعليك بدنة (1) ، والفسوق الكذب فاستغفر اللّه منه ، والرفث الجماع ، فإن جامعت وأنت محرم في الفرج فعليك بدنة والحج من قابل ، ويجب أن يفرق بينك وبين أهلك حتى تقضيا المناسك ، ثم تجتمعان ، فإن أخذتما على طريق غير الذي كنتما أخذتما عليه عام أول لم يفرق بينكما ، وتلزم المرأة بدنة إذا جامعها الرجل ، فإن أكرهها لزمته بدنتان ولم يلزم

ص: 329


1- في الكافي ج 4 ص 338 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا أحرمت فعليك بتقوى اللّه ، وذكر اللّه كثيرا ، وقلة الكلام الا بخير فان من تمام الحج والعمرة أن يحفظ المرء لسانه الا من خير كما قال اللّه عزوجل فان اللّه عزوجل يقول : « فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج » والرفث : الجماع ، والفسوق : الكذب والسباب ، والجدال : قول الرجل « لا واللّه وبلى واللّه » واعلم أن الرجل إذا حلف بثلاث أيمان ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل فعليه دم يهريقه ويتصدق به ، وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدق به ، وقال : اتق المفاخرة وعليك بورع يحجزك عن معاصي اللّه فان اللّه عزوجل يقول : « ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق » قال أبو عبد اللّه : من التفث أن تتكلم في احرامك بكلام قبيح ، فإذا دخلت مكة وطفت بالبيت وتكلمت بكلام طيب فكان ذلك كفارة ، قال : وسألته عن الرجل يقول : لا لعمري وبلى لعمري ، قال : ليس هذا من الجدال إنما الجدال لا واللّه وبلى واللّه ». و فيه بسند ضعيف، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: « إذا حلف ثلاث أيمان متتابعات صادقا فقد جادل و عليه دم، و إذا حلف بيمين واحدة كاذبا فقد جادل و عليه دم». و فيه بسند صحيح عن سليمان بن خالد قال:« سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول: « فى الجدال شاة، و في السباب و الفسوق بقرة، و الرفث فساد الحجّ».

المرأة شئ ، فإن كان جماعك دون الفرج فعليك بدنة وليس عليك الحج من قابل. (1)

2590 - وقال الصادق عليه السلام (2) : إن وقعت على أهلك بعد ما تعقد للاحرام

ص: 330


1- في الكافي ج 4 ص 373 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المحرم يقع على أهله ، قال : إن كان أفضى إليها فعليه بدنة والحج من قابل ، وان لم يكن أفضى إليها فعليه بدنة وليس عليه الحج من قابل ، قال : وسألته عن رجل وقع على امرأته وهو محرم ، قال : إن كان جاهلا فليس عليه شئ وان لم يكن جاهلا فعليه سوق بدنة وعليه الحج من قابل ، فإذا انتهى إلى المكان الذي وقع بها فرق محملهما فلم يجتمعا في خبأ واحد الا أن يكون معهما غيرهما حتى يبلغ الهدى محله ». و فيه في الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:« سألته عن رجل باشر امرأته و هما محرمان ما عليهما؟ فقال: ان كانت المرأة أعانت بشهوة مع شهوة الرجل فعليهما الهدى جميعا و يفرق بينهما حتّى يفرغا من المناسك و حتّى يرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا و ان كانت المرأة لم تعن بشهوة و استكرهها صاحبها فليس عليها شي ء». و فيه ج 4 ص 373 في الحسن كالصحيح عن زرارة قال:« سألته عن محرم غشى امرأته و هي محرمة، قال: جاهلين أو عالمين؟ قلت: أجبنى في الوجهين جميعا، قال: ان كانا جاهلين استغفرا ربهما و مضيا على حجهما و ليس عليهما شي ء، و ان كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه و عليهما بدنة و عليهما الحجّ من قابل، فإذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه فرق بينهما حتّى يقضيا نسكهما و يرجعا الى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا، قلت: فأى الحجتين لهما، قال: الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا و الأخرى عليهما عقوبة». و قال في المدارك ص 451 اطلاق النصّ و كلام الاصحاب يقتضى عدم الفرق في الزوجة بين الدائم و المستمتع بها، و لا في الوطى بين القبل و الدبر، و نقل عن الشيخ في المبسوط أنّه أوجب بالوطى في الدبر البدنة دون الإعادة و هو ضعيف لان المواقعة المنوط بها الإعادة يتناول الامرين، و ألحق العلامة في المنتهى بوطى الزوجة الزنا و وطى الغلام لانه أبلغ في هتك الاحترام فكانت العقوبة عليه أولى بالوجوب، و هو غير بعيد و ان أمكن المناقشة في دليله، و لا فرق في الحجّ بين كونه واجبا أو مندوبا لإطلاق النصّ و لان الحجّ المندوب يجب اتمامه بالشروع فيه كما يجب اتمام الحجّ الواجب، و انما يفسد الحجّ بالجماع إذا وقع قبل الوقوف بالمشعر كما سيجي ء التصريح به. و قال في ص 453« ان من جامع بعد الوقوف بالمشعر قبل طواف النساء كان حجه صحيحا و وجب عليه بدنة لا غير.
2- احتمل المولى المجلسي - رحمه اللّه - أن يكون هذا من تتمة كلام أبيه ويكون ملفقا من أخبار. وقال : إن كان من كلام المصنف لم نطلع عليه في غير هذا الكتاب.

وقبل أن تلبي فلا شئ عليك ، وإن جامعت وأنت محرم قبل أن تقف بالمشعر فعليك بدنة والحج من قابل ، وإن جامعت بعد وقوفك بالمشعر فعليك بدنة وليس عليك الحج من قابل ، وإن كنت ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليك.

2591 - وسأله أبو بصير « عن رجل واقع امرأته (1) وهو محرم ، قال ، عليه السلام : عليه جزور كوماء (2) فقال : لا يقدر ، قال عليه السلام : ينبغي لأصحابه أن يجمعوا له ولا يفسدوا عليه حجه » (3).

وإن نظر محرم إلى غير أهله فأنزل فعليه جزورا أو بقرة ، فإن لم يقدر فشاة. (4) وإذا نظر المحرم إلى المرأة (5) نظر شهوة فليس عليه شئ ، فإن لمسها فعليه

ص: 331


1- في بعض النسخ « واقع أهله ».
2- أي الناقة العظيمة السنام.
3- « ينبغي » أي يستحب. والخبر يحمل على ما إذا كان بعد الوقوف بالمشعر.
4- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 540 في الصحيح عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل محرم نظر إلى غير أهله فأنزل ، قال عليه جزور أو بقرة ، فإن لم تجد فشاة ». وفى الكافي ج 4 ص 377 في الصحيح عن معاوية بن عمار « في محرم نظر إلى غير أهله فأنزل ، قال : عليه دم لأنه نظر إلى غير ما يحل له ، وان لم يكن أنزل فليتق اللّه ولا يعد وليس عليه شئ ». وهذا الخبر مجمل يفسره الخبر الأول أو يحمل الأول على الاستحباب عينا والوجوب تخييريا كما قاله المولى المجلسي.
5- أي امرأته دون الأجنبية روى الكليني في الكافي ج 4 ص 375 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم ، قال : لا شئ عليه ولكن ليغتسل ويستغفر ربه وان حملها من غير شهوة فأمنى أو أمذى فلا شئ عليه وان حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو أمذى فعليه دم ، قال في المحرم ينظر إلى امرأته وينزلها بشهوة حتى ينزل قال : عليه بدنة ». و فيه في الحسن كالصحيح عن الحلبيّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:« سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته، قال: نعم يصلح عليها خمارها و يصلح عليها ثوبها و محملها. قلت: أ فيمسها و هي محرمة؟ قال: نعم، قلت: المحرم يضع يده بشهوة؟ قال: يهريق دم شاة، قلت: فان قبل؟ قال: هذا أشدّ ينحر بدنة».

دم شاة ، فان قبلها فعليه دم شاة (1).

فإن أتى المحرم أهله ناسيا فلا شئ عليه إنما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان وهو ناس (2).

2592 - وسأل أبو بصير (3) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل محرم نظر إلى ساق امرأة أو إلى فرجها فأمنى ، فقال : إن كان موسرا فعليه بدنة ، وإن كان وسطا فعليه بقرة ، وإن كان فقيرا فعليه شاة ، وقال : إني لم أجعل عليه هذا لأنه أمنى ولكني جعلته عليه لأنه نظر إلى ما لا يحل له ».

2593 - وسأله محمد بن مسلم « عن الرجل يحمل امرأته أو يمسها فأمنى أو أمذى؟ فقال : إن حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو لم يمن أو أمذى أو لم يمذ فعليه دم شاة يهريقه ، وإن حملها أو مسها بغير شهوة فليس عليه شئ أمنى أو لم يمن ، أمذى أو لم يمذ ».

وإذا وجبت على الرجل بدنة في كفارة فلم يجدها فعليه سبع شياه ، فإن لم

ص: 332


1- في الكافي في الصحيح عن مسمع أبى سيار قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : « يا أبا سيار ان حال المحرم ضيقة فمن قبل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ، ومن قبل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور ويستغفر ربه ، ومن مس امرأته بيده وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة ، ومن نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور ، ومن مس امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شئ عليه » ويأتي تحت رقم 2715 عن الحلبي ما يدل على كلام المؤلف.
2- روى المؤلف في العلل عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام « في المحرم يأتي أهله ناسيا؟ قال : لا شئ عليه إنما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان وهو ناس » ويؤيده ما رواه الكليني ج 4 ص 381 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام  - في حديث - : « وليس عليك فداء ما أتيته بجهالة الا الصيد ، فان عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد » وكذا ما روى في تحف العقول في مرسل عن أبي جعفر الثاني عليه السلام في حديث طويل قال : وكلما أتى به المحرم بجهالة أو خطا فلا شئ عليه الا الصيد - الحديث.
3- طريق المؤلف إلى أبي بصير ضعيف بعلى بن أبي حمزة البطائني ، لكن الخبر رواه الكليني ج 4 ص 377 في الموثق كالصحيح.

يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزله (1).

وإن طفت بالبيت وبالصفا والمروة وقد تمتعت ثم عجلت فقبلت أهلك قبل أن تقصر من رأسك فإن عليك دما تهريقه ، وإن جامعت فعليك جزور أو بقرة (2)

2594 - وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له أصحابه : واللّه لا تعلمه (3) فيقول : واللّه لأعملنه فيحالفه مرارا ، فيلزمه ما يلزم صاحب الجدال؟ فقال : لا إنما أراد بهذا إكرام أخيه إنما يلزمه ما كان لله عزوجل معصية ».

2595 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إتق المفاخرة وعليك بورع يحجزك عن معاصي اللّه عزوجل فإن اللّه عزوجل يقول : « ثم ليقضوا تفثهم » ومن التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح فإذا دخلت مكة فطفت

ص: 333


1- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 584 في الصحيح عن ابن محبوب ، عن داود الرقي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء ، قال : إذا لم يجد بدنة فسبع شياه ، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما ». ورواه الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن محمد ، عن داود الرقي.
2- روى الكليني في الكافي ج 4 ص 440 في الحسن كالصحيح والشيخ في التهذيب في الصحيح عن الحلبي واللفظ للكليني قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثم بالصفا والمروة وقد تمتع ثم عجل فقبل امرأته قبل أن يقصر من رأسه ، فقال : عليه دم يهريقه ، وان جامع فعليه جزور أو بقرة » وقال العلامة المجلسي - ره - : ظاهره التخيير والمشهور أنه يجب عليه بدنة فان عجز فشاة وهو اختيار ابن إدريس ، وقال ابن أبي عقيل : عليه بدنة ، وقال سلار : عليه بقرة. والمعتمد الأول ، وقال في التحرير : ولو جامع امرأته عامدا قبل التقصير وجب عليه جزور إن كان موسرا وإن كان متوسطا فبقرة ، وإن كان فقيرا فشاة ولا تبطل عمرته ، والمرأة ان طاوعته وجب عليها مثل ذلك ولو أكرهها تحمل عنها الكفارة ولو كان جاهلا لم يكن عليه شئ ، ولو قبل امرأته قبل التقصير وجب عليه دم شاة.
3- أي يريد أن يخدمهم على وجه الاكرام وهم يقسمون عليه على وجه التواضع ان لا تفعل. (المرآة)

بالبيت تكلمت بكلام طيب وكان ذلك كفارة لذلك (1).

باب 204: ما يجوز الاحرام فيه وما لا يجوز

2596 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان ثوبا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله اللذان أحرم فيهما يمانيين عبري وظفار وفيهما كفن » (2).

2597 - وروى حماد ، عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كل ثوب تصلي فيه فلا بأس تحرم فيه (3) ».

2598 - وسأله حماد النواء (4) أو سئل وهو حاضر « عن المحرم يحرم في برد (5) قال : لا بأس به وهل كان الناس يحرمون إلا في البرود (6) ».

2599 - وروى خالد بن أبي العلاء (7) الخفاف قال : « رأيت أبا جعفر عليه السلام

ص: 334


1- هذا جزء من الحديث الذي تقدم تمامه في الهامش على الكليني والشيخ  - رحمهما اللّه -.
2- العبر - بالكسر - : ما أخذ على غربي الفرات إلى برية العرب ، وقبيلة (القاموس) وظفار - بفتح أوله والبناء على الكسر - كقطام وحذام مدينتان باليمن إحداهما قرب صنعاء ينسب إليها الجزع الظفاري ، بها كان مسكن ملوك حمير ، وقيل : ظفار هي مدينة صنعاء نفسها. (المراصد)
3- في بعض النسخ « تصلى فيه » وكيف كان يستدل به على أنه يشترط أن يكونا من جنس ما يصلى فيه فلا يجوز في الحرير ولا النجس عدا النجاسة المعفو عنها في الصلاة ولا في جلد مالا يؤكل لحمه وشعره ووبره بل استشكل بعضهم في الجلد مطلقا بأنه لم يعهد من النبي (صلی اللّه عليه وآله) ومن الأئمة (عليهم السلام) وفيه أن الخبر كاف في المعهودية مع تأيده بأخبار أخر مثله نعم الأفضل أن يكون قطنا محضا لما رواه الكليني من فعل النبي (صلی اللّه عليه وآله). (م ت)
4- الطريق إليه ضعيف كما في الخلاصة.
5- أي مع كونه مغشوشا بالحرير. (م ت)
6- مبالغة في كثرة الاحرام في البرد ومثله شايع في المبالغة. (مراد)
7- كذا ، وهكذا في المشيخة لكن في كتب الرجال خالد بن بكار أبو العلاء الخفاف ، وفى الكافي عن خالد أبى العلاء الخفاف.

وعليه برد أخضر وهو محرم (1) ».

2600 - وروي عن عمرو بن شمر [عن أبيه] (2) قال : « رأيت أبا جعفر عليه السلام وعليه برد مخفف (3) وهو محرم ».

2601 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه « سئل عن الرجل يحرم في الثوب الوسخ فقال : لا ولا أقول إنه حرام ، ولكن أحب ذلك إلي أن يطهر [ه] وطهره غسله (4) ولا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحل وإن توسخ إلا أن تصيبه جنابة أو شئ فيغسله (5) ».

2602 - وروى ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس أن يحرم الرجل في ثوب مصبوغ ممشق (6) ».

2603 - وروي عن أبي بصير قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : كان علي عليه السلام معه بعض صبيانه (7) فمر عليه عمر فقال : ما هذان الثوبان المصبوغان وأنت

ص: 335


1- يدل على جواز الاحرام في الأخضر إذا كان بردا بغير كراهية الا أن يكون لبيان الجواز. (م ت)
2- ما بين القوسين زيادة في أكثر النسخ ، ورواية عمرو بن شمر عن أبيه غريب لم نعهده الا هنا ولم يذكر في كتب الرجال. ولعله من زيادة النساخ.
3- في بعض النسخ « مخفق » أي لماع شفاف ، وأخفق الرجل بثوبه لمع به. وعلى نسخة المتن يحتمل أن يكون المراد رقة الثواب أو قلة قيمته كما قاله سلطان العلماء - ره -.
4- لعل ذلك إشارة إلى الثواب الذي يحرم فيه ومعنى أن يطهر كونه خاليا عن الوسخ وفى بعض النسخ أن يطهره أي يزيل وسخه بالغسل فذلك إشارة إلى الثواب الوسخ وعلى التقديرين فضمير غسله للوسخ. (مراد)
5- المشهور بين الأصحاب كراهة الاحرام في الثياب الوسخة كما دلت عليه الرواية وكذا كراهة الغسل للثوب الذي أحرم فيه وان توسخ الا مع النجاسة. (المرآة)
6- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 467 عن ابن مسكان عن الحلبي نحوه في حديث. والممشق - كمعظم : المصبوغ بالمشق وهو بالكسر : طين أحمر يقال له بالفارسية « گل أرمني ».
7- في بعض النسخ « بعض أصحابه » لكن في التهذيب كما في المتن في حديث مفصل.

محرم؟ فقال علي عليه السلام ما نريد أحدا يعلمنا بالسنة إن هذين الثوبين صبغا بطين ».

2604 - وروي عن الحسين بن المختار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أيحرم الرجل في الثوب الأسود؟ قال : لا يحرم في الثوب الأسود ، ولا يكفن فيه الميت (1) ».

2605 - وروى حنان بن سدير قال : « كنت جالسا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فسأله رجل أيحرم في ثوب فيه حرير ، قال : فدعا بإزار له فرقبي (2) فقال : أنا أحرم في هذا وفيه حرير ».

2606 - وروي عن الحلبي قال : « سألته عن الرجل يحرم في ثوب له علم؟ فقال : لا بأس به » (3).

2607 - وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس أن يحرم الرجل في الثوب المعلم ، وتركه أحب إلي إذا قدر على غيره ».

2608 - وسأله ليث المرادي « عن الثوب المعلم هل يحرم فيه الرجل؟ قال : نعم إنما يكره الملحم (4) ».

2609 - وسأله الحسين بن أبي العلاء « عن الثوب للمحرم يصيبه الزعفران ثم يغسل فقال : لا بأس به إذا ذهب ريحه ولو كان مصبوغا كله إذا ضرب إلى البياض

ص: 336


1- ظاهر الشيخ - رحمه اللّه - في النهاية حرمة الاحرام في السواد وحمل على تأكد الكراهة.
2- هو ثوب مصري أبيض من كتان ، قال الزمخشري : الفرقبية : ثياب مصرية بيض من كتان. وفى بعض النسخ « قرقبى » منسوب إلى قرقوب حذف منه الواو كما حذف في السابري حيث ينسب إلى سابور ، وقرقوب - بالضم ثم السكون وقاف أخرى وواو ساكنة وآخره باء موحدة - : بلدة متوسطة بين واسط والبصرة والأهواز كما في المراصد.
3- « في ثوب له علم » أي لون يخالف لونه.
4- في الصحاح الملحم - كمكرم - : جنس من الثياب. وقد قطع المحقق وجمع من الأصحاب بكراهة الاحرام في الملحم. وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : الخبر محمول على الكراهة وعلى أن المراد بالملحم ما كان من الحرير المحض. وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : الظاهر أن المراد بالملحم ما كان لحمته حريرا كالقطني المعروف بيننا فان حريره ظاهر شفاف بخلاف مثل الخزفان سداه أبريشم ولا يظهر.

وغسل فلا بأس (1) ».

2610 - وروى القاسم بن محمد الجوهري (2) عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن اضطر المحرم إلى أن يلبس قباء من برد ولا يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا ، ولا يدخل يديه في يدي القباء ».

2611 - وروي عن الكاهلي قال : « سأله رجل وأنا حاضر عن الثوب يكون مصبوغا بالعصفر (3) ثم يغسل ألبسه وأنا محرم؟ فقال : نعم ليس العصفر من الطيب ، ولكني أكره أن تلبس ما يشهرك به الناس ».

2612 - و « سأله إسماعيل بن الفضل (4) عن المحرم أيلبس الثوب قد أصابه الطيب؟ فقال : إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه ».

2613 - وروي عن أبي الحسن النهدي قال : « سأل سعيد الأعرج أبا عبد اللّه

ص: 337


1- أي لا يكون مشبعا بلونه فإنه لا يكاد يذهب ريحه غالبا وإذا ضرب إلى البياض ان غسل حتى يذهب ريحه يجوز والا فلا يجوز لان الزعفران طيب بلا خلاف. (م ت)
2- ضعيف واقفي كعلى بن أبي حمزة ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 466 في الصحيح عن موسى بن القاسم ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وفى المدارك : هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب بل ظاهر التذكرة والمنتهى أنه موضع وفاق ويستفاد من الروايات أن معنى قلب الثوب تنكيسه وجعل الذيل على الكتفين كما ذكره ابن إدريس ، وفسره بعضهم بجعل باطن القباء ظاهرا ، واجتزأ العلامة في المختلف بكل من الامرين ، أما التنكيس فلما تقدم ، وأما جعل الباطن ظاهرا فلقوله عليه السلام « ولا يدخل يديه » فان هذا النهى إنما يتحقق مع القلب بالتفسير الثاني ، ولخبر محمد بن مسلم والاحتياط يقتضى الجمع بينهما - انتهى. أقول : أراد بخبر محمد بن مسلم ما يأتي تحت رقم 2616.
3- المشهور بين الأصحاب كراهة المعصفر (أي المصبوغ بالعصفر وهو صبغ أصفر اللون) وكل ثوب مصبوغ مفدم ، وقال في المنتهى : لا بأس بالمعصفر من الثياب ويكره إذا كان مشبعا وعليه علماؤنا ، والأظهر عدم كراهة المعصفر مطلقا إذ الظاهر من الاخبار أن أخبار النهى محمولة على التقية كما يومى إليه آخر هذا الخبر. (المرآة)
4- السند حسن كالصحيح.

عليه السلام وأنا عنده عن الخميصة (1) سداها إبريسم ولحمتها مرعزي (2) فقال : لا بأس بأن تحرم فيها ، إنما يكره الخالص منها (3) ».

2614 - وسأل حماد بن عثمان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن خلوق الكعبة وخلوق القبر يكون في ثوب الاحرام ، فقال : لا بأس بهما هما طهوران (4) ».

2615 - وسأله سماعة « عن الرجل يصيب ثوبه زعفران الكعبة وهو محرم ، فقال : لا بأس به وهو طهور فلا تتقه أن يصيبك ».

2616 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المحرم يلبس الطيلسان المزرر؟ قال : نعم في كتاب علي عليه السلام : لا تلبس طيلسانا حتى تحل أزراره ، وقال :

ص: 338


1- الخميصة : كساء أسود مربع له علمان فإن لم يكن معلما فليس بخميصة (الصحاح) وفى النهاية : ثوب خز أو صوف معلم ، وقيل : لا تسمى بها الا أن تكون سوداء معلمة.
2- رواه الكليني عن أبي بصير وفيه « ولحمتها من غزل ». والمرعزى - بكسر الميم وتشديد الياء وبفتح الميم وتخفيف الياء - : صغار شعر العنز الذي ينسج منه الصوف.
3- لعل المراد بالكراهة الحرمة.
4- أراد بالقبر قبر النبي (صلی اللّه عليه وآله) فان القبر كثيرا ما يطلق في كلامهم عليهم السلام ويراد به قبره صلى اللّه عليه وآله ، فان أضافوا إليه الطين فالمراد قبر الحسين عليه السلام ، وإنما كانا طهورين لشرفهما المستفاد من المكان الشريف فتطهيرهما معنوي عقلي ، لا صوري حسي كتطهير الماء (الوافي) وفى النهاية الأثيرية : الخلوق طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب ويغلب عليه الحمرة والصفرة - ا ه. وقيل : خلوق الكعبة ما يتخذ من زعفران الكعبة أي يكون غالب أخلاطه الزعفران ، وخلوق القبر - بكسر القاف وسكون الموحدة ما يكون غالب أخلاطه القبر وهو كما في القاموس موضع متأكل في عود الطيب. وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : الظاهر أن الخلوق كان طيبا مركبا من أشياء منها الزعفران وكانوا يرشونها على الكعبة وعلى القبر فكان يصيب المحرم فرخص فيه للعسر والغرض من ذكر القبر بيان الخلوق المتخذ لهما إذا كان في الكعبة أو إذا أحرموا من مسجد الشجرة ورجعوا إلى زيارته صلى اللّه عليه وآله.

إنما كره ذلك مخافة أن يزره الجاهل عليه فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه (1) ».

ص: 339


1- قال في المدارك : لم أقف في كلام أهل اللغة على معنى طيلسان ، وعرفه المحقق بأنه ثوب منسوج محيط بالبدن ، ومقتضى العبارة جواز لبسه اختيارا ، وبه صرح العلامة في جملة من كتبه والشهيد في الدروس ، واعتبر العلامة في الارشاد في جواز لبسه الضرورة والمعتمد الجواز مطلقا للأصل والأخبار الكثيرة. و قال المولى المجلسيّ- رحمه اللّه-: الظاهر أنّه ثوب يشمل البدن و ليس له كمّ، و يكون فوق الثياب و يكون في بلاد الهند مخيطا و عندنا من اللبد للمطر، و الظاهر تجويز الجميع بشرط ان لا يزر أزراره عليه، و الأحوط نزع الازرار لئلا يزر الجاهل عليه أو ناسيا و ان لم يلزم الناسى شي ء لكن لما كانت المقدّمة اختيارية فهو بمنزلة العمد، و أمّا الفقيه العالم فلا بأس لان تقواه مانع من النسيان كما هو المجرب. أقول: قال في النافع في المحرمات على المحرم« و لبس المخيط للرّجال و في النساء قولان أصحهما الجواز». و لم توجد رواية دالّة على الحرمة و انما نهى عن القميص و القباء و السراويل و عن ثوب تزرّه أو تدرعه. و يمكن التمسك بما ورد في كيفية الاحرام من قول المحرم« أحرم لك شعرى و بشرى و لحمى و دمى و عظامى و عصبى من النساء و الطيب و الثياب» و قد ورد الترخيص في بعض الأخبار قال العلامة في التذكرة:« ألحق أهل العلم بما نصّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ما في معناه، فالجبّة و الدراعة و شبههما تلحق بالقميص، و التبان و الران ملحق بالسراويل، و القلنسوة و شبهها مساو للبرنس، و الساعدان و القفازين و شبههما مساو للخفين اذا عرفت هذا فيحرم لبس الثياب المخيط و غيرها إذا شابهها كالدرع المنسوج و المعقّق كجبّة الملبد، و الملصق بعضه ببعض حملا على المخيط و لمشابهته له في المعنى من الرفه». و قال فقيه عصرنا مدّ ظله العالى في جامع المدارك:« الظاهر أن مراده من النصّ ما روى العامّة« أن رجلا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ما يلبس المحرم من الثياب، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: لا يلبس القميص و لا العمائم و لا السراويلات و لا البرانس و لا الخفاف الا أحدا لا يجد النعلين فليلبس الخفين و ليقطعهما أسفل من الكعبين»( رواه أبو داود في السنن ج 2 ص 423 و مسلم في صحيحه ج 4 ص 2) ثم قال: و الحقّ أن يقال: ان اندرج شي ء من المذكورات في النصّ المذكور و قلنا باعتباره من جهة أخذ الفقهاء- رضوان اللّه عليهم- به أو تحقّق اجماع فلا إشكال و الا فما الوجه في حرمته كما أنّه قد يوهن دعوى الإجماع من جهة ذكر مدرك المجمعين، الا أن يتمسّك بقول المحرم في حال الاحرام« أحرم لك شعرى- الخ». و هذا كله للرجال و أمّا النساء ففى حرمة لبس المخيط عليهنّ خلاف ففى المحكى عن المنتهى« يجوز للمرأة لبس المخيط إجماعا لأنّها عورة و ليست كالرجال و لا نعلم فيه خلافا الا قولا شاذا للشيخ- رحمه اللّه- و هذا القول ذهب إليه الشيخ في النهاية في ظاهر كلامه حيث قال: و يحرم على المرأة في حال الاحرام من لبس الثياب جميع ما يحرم على الرّجل و يحل لها ما يحلّ له. مع أنّه قال بعد ذلك: و قد وردت رواية بجواز لبس القميص للنساء و الأفضل ما قدّمناه، و في بعض نسخه.« و الأصل ما قدمناه» و أمّا لبس السراويل فلا بأس بلبسه لهنّ على كلّ حال.

2617 - وسأله رفاعة بن موسى (1) « عن المحرم يلبس الجوربين ، فقال : نعم ، والخفين إذا اضطر إليهما (2) ».

2618 - وروى محمد بن مسلم (3) عن أبي جعفر عليه السلام « في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن له نعل؟ قال : نعم ولكن يشق ظهر القدم ، ويلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء ، ويقلب ظهره لباطنه ».

2619 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تلبس ثوبا له أزرار وأنت محرم إلا أن تنكسه ، ولا ثوبا تدرعه (4) ، ولا سراويل إلا أن لا يكون

ص: 340


1- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة حسن الطريقة.
2- ظاهره عدم وجوب الشق. وفى المدارك ص 373 : لا خلاف في جواز لبسهما عند الضرورة ، إنما الخلاف في وجوب شقهما ، فقال الشيخ وأتباعه بالوجوب لرواية محمد ابن مسلم وأبى بصير وفى طريقهما ضعف ، وقال ابن إدريس وجماعة : لا يجب الشق ، واختلف في كيفية الشق ، فقيل : يشق ظهر قدميها كما هو ظاهر الرواية ، وقيل : يقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين ، وقال ابن حمزة : يشق ظاهر القدمين وان قطع الساقين أفضل - انتهى ملخصا.
3- في طريق المصنف إليه علي بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه وهما غير مذكورين.
4- أي يكون كالقميص والقباء وان لم يكن مخيطا (م ت) وفى الوافي : « تدرعه »  - بحذف إحدى التائين - أي تلبسه بادخال يديك في يدي الثوب.

لك إزار ولا خفين إلا أن يكون لك نعلان ».

2620 - وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عما يكره للمحرم أن يلبسه ، فقال : يلبس كل ثوب إلا ثوبا [واحدا] يتدرعه ».

2621 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بأن يغير المحرم ثيابه ، ولكن إذا دخل مكة لبس ثوبي إحرامه اللذين أحرم فيهما ، وكره أن يبيعهما ». وقد رويت رخصة في بيعهما (1).

2622 - وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سمعته يقول : أكره أن ينام المحرم على الفراش الأصفر [أ] والمرفقة (2) ».

2623 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا الحسن عليه السلام « عن المحرم يلبس الخز؟ فقال : لا بأس به ».

2624 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المحرم إذا خاف لبس السلاح (3) ».

2625 - وروى محمد بن مسلم (4) عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب مختلفة ، فقال عليه السلام : عليه كل صنف منها فداء (5) ».

2626 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن المحرم تصيب ثوبه الجنابة ، قال : لا يلبسه حتى يغسله وإحرامه تام (6) ».

ص: 341


1- لم أجدها في خبر وقد تفهم من ظاهر ما ورد من الاخبار لأنها وردت بلفظ الكراهة.
2- المرفقة - بتقديم الموحدة على المثناة - المخدة ، وقد حمل على ما إذا كان مسبوقا بالزعفران أو بغيره من الطيب. (المرآة)
3- المشهور بين الأصحاب حرمة لبس السلاح للمحرم بغير الضرورة ، وذهب جماعة إلى الكراهة.
4- تقدم ضعف الطريق إليه ورواه الكليني في الحسن كالصحيح.
5- هذا أحد الأقوال في المسألة وذهب جماعة إلى أن مع اتحاد المجلس لا يتكرر و مع الاختلاف يتكرر ، وقيل يتكرر بتكرر اللبس.
6- يدل على لزوم الطهارة دائما في الثوبين ، وقوله « واحرامه تام » أي لا يصير الاحتلام سببا لبطلان الاحرام أو النزع للغسل ، أو لو لم يغسل وفعل حراما لا يبطل احرامه. (م ت)

2627 - وفي رواية حماد [بن عثمان] عن حريز قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : المحرمة تسدل الثوب (1) على وجهها إلى الذقن (2).

2628 - وفي رواية معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه قال : « تسدل المرأة الثوب على وجهها من أعلاها إلى النحر إذا كانت راكبة ».

2629 - وروى عبد اللّه بن ميمون عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال : « المحرمة لا تتنقب لان إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه ».

2630 - و « مر (3) أبو جعفر عليه السلام بامرأة محرمة قد استترت بمروحة فأماط المروحة بقضيبه عن وجهها (4) ».

ص: 342


1- سدل ثوبه يسدله - بالضم - سدلا أي إرخاء. (الصحاح)
2- لما كان احرام الرجل في رأسه واحرام المرأة في وجهها بمعنى لزوم كشفها حالة الاحرام ، رخص للمرأة سدل قناعها إلى أنفها والى ذقنها والى نحرها ، وحمل على الراجلة وعلى الراكبة على الحمار وشبهه وعلى راكبة البعير بالترتيب ، أو على مراتب الفضل على الترتيب فإنه كلما كان وجهها مكشوفة كان أحسن في احرامها فان أمكنها ما يسترها كالمحمل فتكشف وجهها فيه وان لم يتيسر لها فالكشف أفضل (م ت) وقال الفاضل التفرشي : لا منافاة بينه وبين المنع عن التنقب والاستتار بالمروحة فيما يأتي إذ لا اسدال في شئ منهما
3- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 346 عن البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام و في طريقه سهل بن زياد.
4- أجمع الأصحاب على أن احرام المرأة في وجهها فلا يجوز لها تغطيته بل قال في المنتهى انه قول علماء الأمصار والأصل فيه قول النبي (صلی اللّه عليه وآله) « احرام الرجل في رأسه واحرام المرأة في وجهها » وما رواه الكليني (في الكافي ج 4 ص 344) في الحسن (كالصحيح) عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « مر أبو جعفر عليه السلام بامرأة متنقبة وهي محرمة فقال : إحرمي واسفري وأرخى ثوبك من فوق رأسك فإنك ان تنقبت لم يتغير لونك ، فقال رجل إلى أين ترخيه؟ فقال تغطي عينيها ، قال : قلت : يبلغ فمها؟ قال : نعم » وذكر جمع من الأصحاب أنه لا فرق في التحريم بين أن تغطيه بثوب وغيره وهو مشكل وينبغي القطع بجواز وضع اليدين عليه وجواز نومها على وجهها لعدم تناول الأخبار المانعة لذلك ، ويستثنى من الوجه ما يتوقف عليه ستر الرأس فيجب ستره في الصلاة تمسكا بمقتضى العمومات المتضمنة لوجوب ستره ، السالمة عما يصلح للتخصيص. و قد أجمع الاصحاب و غيرهم على أنّه يجوز للمحرمة سدل ثوبها فوق رأسها على وجهها الى طرف أنفها قاله في التذكرة. و قال في المنتهى: لو احتاجت على ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها سدلت ثوبها من فوق رأسها على وجهها. و لا نعلم فيه خلافا و يستفاد من الروايات جواز سدل الثوب الى النحر، و اعلم أن اطلاق الروايات يقتضى عدم اعتبار مجافاة الثواب عن الوجه و به قطع في المنتهى و استدلّ عليه بأنّه ليس بمذكور في الخبر مع أن الظاهر خلافه فان سدل الثوب لا يكاد يسلم معه البشرة من الإصابة فلو كان شرطا لبين لانه موضع الحاجة، و نقل عن الشيخ أنّه أوجب عليها مجافاة الثوب عن وجهها بخشبة و شبهها بحيث لا يصيب البشرة و حكم بلزوم الدم إذا أصاب الثوب وجهها و لم يزله بسرعة و كلا الحكمين مشكل لانتفاء الدليل عليه، ثمّ ان قلنا بعدم انتفاء المجافاة فيكون المراد بتغطية الوجه المحرمة تغطيته بالنقاب خاصّة اذ لا يستفاد من الاخبار أزيد منه أو تغطيته بغير السّدل و كيف كان فاطلاق الحكم بتحريم تغطية الوجه مع الحكم بجواز سدل الثوب عليه و ان أصاب البشرة غير جيّد و الامر في ذلك هيّن بعد وضوح المأخذ (المدارك) و قال فقيه عصرنا- مدّ ظله العالى- في شرحه على المختصر النافع المسمّى بجامع المدارك ج 2 ص 410: قد يقع الاشكال في كيفية الجمع بين الحكمين (جواز السدل أو وجوبه بناء على وجوب ستر المرأة وجهها) من جهة أن السدل خصوصا الى النحر مناف للسفور الواجب عليها و قد يجمع بأن المحرّم هو تغطية الوجه بحيث يكون الغطاء مباشرة للوجه، و السدل الجائز أو الواجب ما كان غير مباشر له، و استشكل عليه بأن الدليل خال عن ذكر التغطية و انما فيه الاحرام بالوجه و الامر بالاسفار عن الوجه، و السدل سواء كان بالمباشرة أو بغيرها تغطية عرفا فالجمع بإخراج السدل بقسميه و غير السدل أعمّ من أن يكون بالنقاب أو المروحة أو غيرهما محرّم عليها، و يشكل بأنّه علل الإمام عليه السلام في حسن الحلبيّ عدم جواز التنقيب بعدم تغير اللّون و على هذا فالسدل الذي يكون بنحو المباشرة مساو للتنقب في عدم حصول تغير اللون فاللازم على هذا اختياره بالنحو الآخر كما هو الغالب و لعلّ الغلبة صارت باعثة لعدم ذكر الخصوصية- انتهى.

2631 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تلبس المرأة

ص: 343

المحرمة الحائض تحت ثيابها غلالة » (1).

2632 - وروى يحيى بن أبي العلاء ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام « أنه كره للمحرمة البرقع والقفازين (2) ».

2633 - وسأله محمد بن علي الحلبي « عن المرأة إذا أحرمت أتلبس السراويل؟ فقال : نعم إنما تريد بذلك الستر (3) ».

2634 - وروى الكاهلي عنه عليه السلام أنه قال : « تلبس المرأة المحرمة الحلي كله إلا القرط المشهور والقلادة المشهورة (4) ».

2635 - وسأله عامر بن جذاعة « عن مصبغات الثياب تلبسها المرأة المحرمة ، فقال : لا بأس إلا المفدم المشهور (5) ».

2636 - وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المحرمة أنها تلبس الحلي كله إلا حليا مشهورا لزينة (6) ».

2637 - وسأله سماعة « عن المحرمة تلبس الحرير فقال : لا يصلح لها أن تلبس حريرا محضا لا خلط فيه ، فأما الخز والعلم في الثوب فلا بأس بأن تلبسه وهي محرمة وإن مر بها رجل استترت منه بثوبها ، ولا تستر بيدها من الشمس ، وتلبس الخز ،

ص: 344


1- الغلالة - بالكسر - ثوب يلبس تحت الثياب لمنع الحيض عن التعدي ، واختلف الأصحاب في وجوب اجتناب المرأة عن المخيط أما الغلالة فلا خلاف بينهم في جواز لبسها للنص والضرورة (م ت) بل ادعى عليه الاجماع.
2- القفاز - كرمان - شئ يعمل لليدين يحشى بقطن تلبسه المرأة للبرد ، أو ضرب من الحلى اليدين والرجلين (الوافي) وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - قوله « كره » أي حرم أو الأعم فان البرقع - بضمتين - أعم من النقاب والسدل.
3- يدل على جواز لبس السراويل لها بدون الكراهة كالغلالة. (م ت)
4- القرط - بالضم - : ما يعلق في أعلى الاذن أو شحمتها ، والمشهورة : الظاهرة بأن تظهرها لزوجها أو غيره ، والقلادة - بالكسر مشهورة - (م ت)
5- ثوب مفدم - ساكنة الفاء - إذا كان مصبوغا بحمرة مشبعا ، وصبغ مفدم أيضا أي خاثر مشبع (الصحاح) والخبر رواه الكليني ج 4 ص 346 في الصحيح.
6- كذا وفى التهذيب « للزينة » أي تلبسه للزينة أي غير المعتادة أو مع اظهارها. (م ت)

أما إنهم سيقولون : إن في الخز حريرا [و] إنما يكره الحرير المبهم ».

2638 - وسأله أبو بصير المرادي « عن القز تلبسه المرأة في الاحرام؟ قال : لا بأس إنما يكره الحرير المبهم (1) ».

2639 - وسأله يعقوب بن شعيب (2) « عن المرأة تلبس الحلي؟ قال : تلبس المسك والخلخالين (3) ».

2640 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس أن تحرم المرأة في الذهب والخز ، وليس يكره إلا الحرير المحض (4) ».

2641 - وفي رواية حريز قال : « إذا كان للمرأة حلي لم تحدثه للاحرام لم تنزع حليها ».

2642 - وروي عن أبي الحسن النهدي (5) قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام وأنا حاضر عن المرأة تحرم في العمامة ولها علم؟ قال : لا بأس (6) ».

2643 - وسأله سعيد الأعرج (7) « عن المحرم يعقد إزاره في عتقه (8)؟ قال : لا ».

ص: 345


1- أي الخالص ، ويدل على مغايرة حكم القز لحكم الحرير الخالص.
2- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة.
3- المسك - بفتحتين - السوار أو الأعم منه ومن الخلخال أو السوار من قرون تيس الجبل والعاج ، وقيل : جلود دابة بحرية. (م ت)
4- يدل على جواز احرامهن في الذهب والخز ، وعلى كراهة الحرير. (م ت)
5- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة. وهو لم يوثق صريحا وله كتاب عنه ابن محبوب كما في الفهرست للشيخ - رحمه اللّه -.
6- يظهر منه ومن غيره من الاخبار اطلاق العمامة على اليسير مثل ثلاثة أذرع ونحوها ويفهم منه أن المعلم بمعنى ذو اللونين كما يكون الغالب فيها وان احتمل الملون أيضا. (م ت)
7- ثقة والطريق إليه فيه عبد الكريم بن عمرو وفيه كلام.
8- المراد به عقد الرداء في عنقه اختيارا ، ويدل على جوازه إن كان قصيرا. وفى بعض النسخ « أزراره » أي أزرار قباه أو قميصه في صورة جواز لبسهما. ويؤيد ما في المتن ما رواه الكليني ج 4 ص 347 - بسند فيه سهل بن زياد - عن القداح عن جعفر عليه السلام « أن عليا عليه السلام كان لا يرى بأسا بعقد الثوب إذا قصر ثم يصلى [فيه] وإن كان محرما » وقد ذكر العلامة وغيره أنه يحرم على المحرم عقد الرداء وزره وتخليله ، واستدلوا عليه بهذه الرواية أعني صحيح الأعرج وحملها في المدارك على الكراهة لقصورها من حيث السند على اثبات التحريم والاحتياط في الترك الا مع الضرورة.

2644 - وسأله محمد بن مسلم « عن المحرم يضع عصام القربة (1) على رأسه إذا استقى؟ فقال : نعم ».

2645 - وسأله يعقوب بن شعيب « عن الرجل المحرم يكون به القرحة يربطها أو يعصبها بخرقة؟ فقال : نعم (2) ».

2646 - وروى عمران الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المحرم يشد على بطنه العمامة وإن شاء يعصبها على موضع الإزار ، ولا يرفعها إلى صدره (3) ».

2647 - وروى ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « عن [الرجل] المحرم يشد الهميان في وسطه (4)؟ فقال : نعم وما خيره بعد نقفته؟ (5) ».

2648 - وفي رواية أبي بصير عنه عليه السلام أنه قال : « كان أبي عليه السلام يشد على بطنه نفقته يستوثق بها فإنها تمام حجة (6) ».

ص: 346


1- أي رباطها وسيرها الذي تحمل به وهو مستثنى من ستر الرأس للضرورة. (م ت)
2- الظاهر أن المراد بها القرحة في الرأس بقرينة العصابة ، وعلى العموم فيشمل الرأس أيضا وهذا مستثنى أيضا للضرورة (م ت)
3- يدل على جواز شد الحيزوم في الاحرام ولا يرفع إلى الصدر والظاهر أنه على الاستحباب كما ذكره الأصحاب والاحتياط ظاهر. (م ت)
4- الهميان - بالكسر - كيس للنفقة يشد في الوسط.
5- يدل على جواز شد الهميان في الوسط ، وبعمومه على جواز الصلاة معه وإن كان فيه الدينار والذهب ، وما يدل على النهى على تقدير صحته فالظاهر التزين به « وما خيره » أي أي خير أو مال له بعد ذهاب نفقته فإنه يحتاج إلى السؤال. (م ت)
6- رواه الكليني ج 4 ص 344 في ذيل خبر عنه عليه السلام.

باب 205: ما يجوز للمحرم اتيانه واستعماله ومالا يجوز من جميع الأنواع

اشارة

2649 - روى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس للمحرم أن يكتحل بكحل ليس فيه مسك ولا كافور إذا اشتكى عينيه ، وتكتحل المرأة المحرمة بالكحل كله إلا كحلا أسود لزينة (1) ».

2650 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « يكتحل المحرم عينيه إن شاء بصبر ليس فيه زعفران ولا ورس (2) ».

2651 - وروى حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تنظر في المرآة وأنت محرم من الزينة (3) ».

2652 - وروي عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « في المحرم يستاك؟ قال : نعم ، قال : قلت : فإن أدمى يستاك (4)؟ قال : نعم هو من السنة ».

ص: 347


1- يدل على جواز الاكتحال بما ليس فيه المسك والكافور مع الضرورة ، والظاهر أن مطلق الطيب المحرم مضر وتخصيصهما لكثرة وقوعهما ، ويدل أيضا على جواز اكتحال المرأة بجميع أنواع الكحل وما يذر في العين الا الكحل الأسود للزينة لا للسنة أو لأنه زينة فلا يكتحل مطلقا والاكتحال أعم من أن يكون بالسواد وغيره لغة وشرعا. (م ت)
2- الصبر - ككتف - دواء معروف مبرد هو عصارة جامدة من نبات ، والورس نبات كالسمسم ليس الا باليمن يزرع فيبقى عشرين سنة.
3- يدل على عدم جواز نظر المحرم في المرآة ، وقد اختلف الأصحاب فيه فذهب الأكثر إلى التحريم وقال الشيخ في الخلاف : انه مكروه والأصح التحريم ، ولا فرق فيه بين الرجل والمرأة كما يقتضيه اطلاق الخبر. (المرآة)
4- يدل على مذهب من قال بعدم تحريم الادماء مطلقا ، ومن قال بالتحريم حمله على حال الضرورة ، وقال الشهيد في الدروس بكراهة المبالغة في السواك إذا لم يفض إلى الادماء (المرآة) ويدل على جواز السواك بل استحبابه.

2653 - وروى حماد ، عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقلع الشعر (1) ».

واحتجم الحسن بن علي عليهما السلام وهو محرم (2).

2654 - وسأل ذريح أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المحرم يحتجم؟ فقال : نعم إذا خشي.

الدم ».

2655 - وسأل الحسن الصيقل أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المحرم يؤذيه ضرسه أيقلعه؟ قال : نعم لا بأس به (3) ».

ص: 348


1- حمله الشيخ - رحمه اللّه - على حال الضرورة لورود النهى فيه ففي الكافي ج 4 ص 360 في الحسن كالصحيح عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يحتجم؟ قال : لا الا أن لا يجد بدا فليحتجم ولا يلحق مكان المحاجم ». وفى الموثق عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال « لا يحتجم المحرم الا أن يخاف على نفسه أن لا يستطيع الصلاة ». وقال في المرآة : ذهب جماعة من الأصحاب إلى حرمة اخراج الدم سواء كان بالحجامة أو بالحك أو بالسواك ، وقيل بالكراهة مطلقا جمعا بين الأصحاب ، واختلف في الفداء ، فقيل : لا فدية ، وقيل : شاة ، وعن الحلبي أنه قال في الادماء بالحك اطعام مسكين ، هذا كله مع انتفاء الضرورة وأما معها فقال في التذكرة : انه جائز بلا خلاف ولا فدية فيه اجماعا. أقول: فى التهذيب ج 1 ص 534 عن الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: « فاذا اضطرّ الى حلق القفا للحجامة فليحلق و ليس عليه شي ء». و اما في حال الاختيار فلا يجوز له ذلك، و روى عن موسى بن القاسم بإسناده عن مهران بن أبي نصر و عليّ بن إسماعيل بن عمّار عن أبي الحسن عليه السلام قالا:« سألناه فقال في حلق القفا للمحرم ان كان أحد منكم يحتاج الى الحجامة فلا بأس به و الا فيلزم ما جرى عليه الموسى إذا حلق».
2- الظاهر أنه من كلام المصنف ويمكن أن يكون من تتمة الخبر وان لم يذكره غيره لكن روى في العلل عن مقاتل قال : « رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام في يوم جمعة في وقت الزوال على ظهر الطريق يحتجم وهو محرم » وروى في القوى عن الرضا عن آبائه عليهم السلام عن علي عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يحتجم وهو صائم محرم ». (م ت)
3- يدل على جواز القلع مع الضرر ولا ينافيه ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن عيسى عن عدة من أصحابنا عن رجل من أهل خراسان « أن مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شئ محرم قلع ضرسه فكتب صلوات اللّه عليه - أي الرضا عليه السلام - يهريق دما » لأنه لا ينافي الجواز كما في كثير من محرمات الاحرام ، مع امكان حمله على الاستحباب لقصور السند عن إفادة الوجوب.

2656 - وروى عمران الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن المحرم يكون به الجرح فيتداوى بدواء زعفران؟ فقال : إن كان الزعفران غالبا على الدواء فلا ، وإن كانت الأدوية غالبة عليه فلا بأس ».

2657 - وسأله معاوية بن عمار « عن المحرم يعصر الدمل ويربط عليه الخرقة؟ فقال : لا بأس ».

2658 - وقال عليه السلام : « إذا اشتكى المحرم فليتداوى بما يحل له أن يأكل و هو محرم (1) ».

2659 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا خرج بالمحرم الخراج والدمل فليبطه (2) وليداويه بزيت أو سمن ».

2660 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام « في المحرم تشقق يداه ، فقال : يدهنهما بزيت أو سمن أو إهالة (3) ».

2661 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة أرادت أن تحرم فتخوفت الشقاق (4) تخصب بالحناء قبل ذلك؟

ص: 349


1- رواه الكليني بسند فيه جهالة عن أبي الصباح الكناني عنه عليه السلام وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - قوله « وهو محرم » الظاهر أنه حال عن فاعل « يأكل » أي يتداوى بما يجوز له أكله في حال الاحرام ، هذا إذا لم ينحصر الدواء في غيره ، ويحتمل أن يكون حالا عن فاعل « فليتداو » أي يجوز له أكل أي دواء كان في حال الاحرام ، والأول أظهر بل يتعين.
2- أي يشقه ، والبط : شق الجرح والدمل ونحوها ، والخراج - بضم الخاء المعجمة والجيم في آخره - كل ما يخرج بالبدن كالدمل ، الواحدة خراجة جمعها خراجات. وفى الكافي « فليربطه ».
3- في بحر الجواهر : قال أبو زيد : الإهالة - بكسر الهمزة - : كل دهن من الادهان مما يؤتدم به وقيل : الشحم وما أذيب منه ، وقيل : الدسم الجامد.
4- الشقاق - بالضم - هنا بمعنى الداء الذي يتناثر منه الشعر ، وقد يأتي بمعنى تشقق الجلد من برد وغيره في اليدين والوجه كما في بحر الجواهر.

قال : ما يعجبني أن تفعل (1) ».

[الطيب للمحرم]

[الطيب للمحرم] (2)

2662 - و « كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا تجهز إلى مكة قال لأهله : إياكم أن تجعلوا في زادنا شيئا من الطيب ولا الزعفران نأكله (3) أو نطعمه (4) ».

2663 - وقال الصادق عليه السلام : « يكره من الطيب أربعة أشياء للمحرم : المسك والعنبر والزعفران والورس ، وكان يكره من الأدهان الطيبة الريح (5) ».

2664 - وروي عن الحسن بن هارون قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أكلت خبيصا فيه زعفران (6) حتى شبعت منه وأنا محرم ، فقال : إذا فرغت من مناسكك وأردت الخروج من مكة فابتع بدرهم تمرا وتصدق به (7) فيكون كفارة لذلك ولما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم ».

2665 - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم ، وإن كان ناسيا فلا شئ عليه ويستغفر اللّه ويتوب إليه.

2666 - وروي عن الحسين بن زياد (8) قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : وضأني

ص: 350


1- يمكن أن يكون الكراهة مخصوصة بها لئلا يفتتن الرجل بزينتها والا فلا بأس به لصحيحة عبد اللّه بن سنان عن الصادق عليه السلام المروية في الكافي ج 4 ص 356 وسيأتي تحت رقم 2638.
2- العنوان زائد منا.
3- في بعض النسخ « بآكله ».
4- أي لئلا نأكله نسيانا أو نطعمه غيرنا ، وذلك بالنظر إلى أعوانه وأنصاره وأصحابه والا فهو عليه السلام في عصمة عن النسيان والخطأ من جانب اللّه.
5- رواه الشيخ بسند موثق عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام.
6- الخبيص : طعام يعمل من التمر والسمن وقد تقدم.
7- محمول على الاستحباب للاخبار الكثيرة المتضمنة لسقوط الكفارة عن الناسي والجاهل الا في الصيد.
8- في طريقه من لم يوثق صريحا.

الغلام وأنا لا أعلم بدستشان (1) فيه طيب فغسلت يدي وأنا محرم ، فقال : تصدق بشئ لذلك » (2).

2667 - وكتب إبراهيم بن سفيان إلى أبي الحسن عليه السلام : « المحرم يغسل يده باشنان فيه الإذخر؟ فكتب : لا أحبه لك » (3).

2668 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل مس الطيب ناسيا وهو محرم ، قال : يغسل يديه ويلبي عليه شئ ». وفي خبر آخر : « ويستغفر ربه » (4).

2669 - وروى حمران عن أبي جعفر عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « ثم ليقضوا تفثهم [وليوفوا نذورهم] » قال : التفث حفوف الرجل من الطيب (5) فإذا قضى نسكه حل له الطيب ».

2670 - وسأل عبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الحناء ، فقال : إن المحرم ليمسه ويداوي به بعيره وما هو بطيب وما به بأس ».

2671 - وقال عليه السلام : « لا بأس أن يغسل الرجل الخلوق عن ثوبه وهو محرم ».

وإذا اضطر المحرم إلى سعوط فيه مسك من ريح يعرض له في وجهه وعلة تصيبه فلا بأس بأن يستعط به فقد سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذلك فقال : استعط به (6).

ص: 351


1- معرب دستشو ، ويمكن أن يكون مصحف « باشنان » كما في نسخة ويظهر من الكافي.
2- محمول على الاستحباب للتصريح بعدم العلم.
3- الإذخر - بكسر الهمزة والخاء - : نبات معروف ، ذكى الرائحة وإذا جف ابيض ، ويدل الخبر على استحباب الاجتناب من غسل اليد بالإذخر.
4- يمكن أن يكون المراد بهذا الخبر ما رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 354 عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام.
5- حف رأسه يحف حفوفا - بالمهملة والفاء - بعد عهده بالدهن. (القاموس)
6- رواه الشيخ في الصحيح في الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسماعيل ابن جابر - وكانت عرضت له ريح في وجهه من علة أصابته وهو محرم - « قال : فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ان الطبيب الذي يعالجني وصف لي سعوطا فيه مسك فقال : استعط به ».

2672 - وروى الحلبي ، ومحمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المحرم يمسك على أنفه من الريح الطيبة ، ولا يمسك على أنفه من الريح الخبيثة ».

2673 - وروى هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بالريح الطيبة فيما بين الصفا والمروة من ريح العطارين ولا يمسك على أنفه » (1).

2674 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا بأس أن تشم الإذخر والقيصوم والخزامي والشيح (2) وأشباهه وأنت محرم ».

وروى علي بن مهزيار قال : « سألت ابن أبي عمير عن التفاح والأترج والنبق وما طاب من ريحه ، فقال : تمسك عن شمه وأكله » (3) ولم يرو فيه شيئا.

[الظلال للمحرم]

[الظلال للمحرم] (4)

2675 - وروي عن عبد اللّه بن المغيرة قال : « قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام :

ص: 352


1- « لا يمسك » أي لا يجب ، أو يجب أن لا يمسك وهو أظهر. (م ت)
2- قد مر معنى الإذخر آنفا ، والقيصوم - فيعول - من نبات البادية معروف ، والخزامي  - بألف التأنيث - من نبات البادية ، قال الفارانى هو خيرى البرى ، وقال الأزهري : بقلة طيبة الرائحة لها نور كنور البنفسج (المصباح) وقال الجوهري : الشيح - بكسر المعجمة - : نبت. وقال في بحر الجواهر : هو ضرب من الحشايش وهو تركي وأرمني حار يابس.
3- كذا وهكذا في الكافي ج 4 ص 356 ولكن رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 534 والاستبصار ج 2 ص 183 عن سعد بن عبد اللّه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام. وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : ولعله من اشتباه الشيخ. ويؤيده قول المصنف - رحمه اللّه - : « ولم يرو فيه شيئا ». ويمكن أن يكون مرويا لابن أبي عمير لكن أفتى بالمروى وهو الأظهر لما هو المعهود من دأبهم ، والأترج - بضم الهمزة وتشديد الجيم - فاكهة معروفة ، الواحدة أترجة ، وفى لغة ضعيفة « ترنج » ، وقال الأزهري الأولى هي التي تكلم بها الفصحاء وارتضاها النحويون (المصباح) والنبق - بفتح النون وكسر الباء الموحدة وقد يسكن - : ثمر السدر. وفيه دلالة على عدم البأس بأكل ما لم يتخذ لطيب وإن كان له رائحة طيبة.
4- العنوان زيادة منا وليس في الأصل أضفناه للتسهيل.

أظلل وأنا محرم (1)؟ قال : لا ، قلت : فاظلل وأكفر (2)؟ قال : لا ، قلت : فإن مرضت؟ قال : ظلل وكفر (3) ، ثم قال : أما علمت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : ما من حاج يضحى ملبيا (4) حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه معها ».

2676 - وروي عن الحسين بن مسلم (5) عن أبي جعفر الثاني عليه السلام أنه « سئل ما فرق ما بين الفسطاط وبين ظل المحمل ، قال : لا ينبغي أن يستظل في المحمل ، والفرق بينهما أن المرأة تطمث في شهر رمضان فتقضي الصيام ولا تقضي الصلاة ، قال : صدقت جعلت فداك ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : معنى هذا الحديث أن السنة لا تقاس.

2677 - وروى علي بن مهزيار ، عن بكر بن صالح (6) قال : « كتبت إلى

ص: 353


1- أي بالهودج ونحوه. (م ت)
2- أي أيجوز لي أن أظلل اختيارا وأكفر عنه؟.
3- يدل على جواز التظليل للمضطر والعليل بشرط التزام الكفارة.
4- أي يبرز للشمس في حال التلبية. وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : المشهور بين الأصحاب عدم جواز تظليل المحرم عليه سائرا بل قال في التذكرة : يحرم على المحرم الاستظلال حالة السير فلا يجوز الركوب في المحمل وما في معناه كالهودج وأشباه ذلك عند علمائنا أجمش. وقال في المنتهى يجوز للمحرم الاستظلال بالسقف والشجر والخباء وغيرها حالة النزول اجماعا ، ويجوز للمحرم المشي تحت الظلال كما نص عليه الشيخ وغيره وقال في المدارك : مقتضى كلام العلامة تحريم الاستظلال في حالة المشي بالثوب إذا جعله فوق رأسه لكن الاقتصار في المنع على حالة الركوب لا يخلو من قوة ، وعلى التقادير الحكم مختص بالرجال ، أما المرأة فيجوز لها ذلك اجماعا.
5- كذا في أكثر النسخ وفى الرجال أيضا وقالوا هو من أصحاب الجواد عليه السلام وفى بعض النسخ « الحسين بن سالم » ولعله هو الصواب لما كان في المشيخة من عنوانه وعدم عنوان الأول وفى طريقه أبو عبد اللّه الخراساني وهو مجهول واسمه غير معلوم ، وفيه عبد اللّه ابن جبلة وهو واقفي موثق.
6- بكر بن صالح الرازي الضبي مولى بنى ضبة ضعيف جدا من أصحاب الكاظم عليه السلام كثير التفرد بالغرائب (صه ، جش)

أبي جعفر الثاني عليه السلام : إن عمتي معي وهي زميلتي (1) ويشتد عليها الحر إذا أحرمت فترى أن أظلل علي وعليها؟ فكتب عليه السلام : ظلل عليها وحدها ».

2678 - وروى البزنطي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : « سألته عن المرأة تضرب عليها الظلال وهي محرمة؟ فقال : نعم ، قلت : فالرجل يضرب عليه الظلال وهو محرم؟ قال : نعم إذا كانت به شقيقة (2) ويتصدق بمد لكل يوم ».

2679 - وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع أنه « سئل أبو الحسن عليه السلام وأنا أسمع (3) عن الظل للمحرم في أذى من مطر أو شمس - أو قال : من علة - فأمر بفداء شاة يذبحها بمنى (4) ، وقال : نحن إذا أردنا ذلك ظللنا وفدينا ».

2680 - وفي رواية حريز قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « لا بأس بالقبة على النساء والصبيان وهم محرمون ، ولا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم » (5).

2681 - وروي عن منصور بن حازم قال : « رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام وقد توضأ وهو محرم ثم أخذ منديلا فمسح به وجهه » (6).

2682 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يكره للمحرم أن يجوز بثوبه فوق أنفه ، ولا بأس أن يمد المحرم ثوبه حتى يبلغ أنفه » (7) يعني

ص: 354


1- الزميل : الرفيق والعديل والذي يعادلك في المحمل.
2- في النهاية : الشقيقة : نوع من الصداع يعرض في مقدم الرأس والى جانبيه ، وفى الصحاح : وجع يأخذ في نصف الرأس والوجه.
3- في بعض النسخ « سأل محمد بن إسماعيل بن بزيع أبا الحسن عليه السلام وأنا أسمع » والظاهر أنه تصحيف لموافقة ما في المتن مع الكافي والتهذيبين ، وعدم مرجع للضمير.
4- إلى هنا في الكافي والتهذيبين وليس الباقي فيها.
5- يدل على أن حكم الصبيان في التظليل حكم النساء ، وعدم جواز الارتماس مقطوع به في كلام الأصحاب.
6- الطريق صحيح كما في الخلاصة ، ويدل على جواز ستر الوجه بمقدار مسح المنديل عليه (م ت) وقد يحمل على ما إذا لم يصل إلى رأسه أو يقال : هذا القدر معفو عنه.
7- في ستر الانف كراهة وتتأكد في التجاوز عنه. (م ت)

من أسفل (1) ، وذلك :

2683 - أن حفص بن البختري ، وهشام بن الحكم رويا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « يكره للمحرم أن بجوز ثوبه أنفه من أسفل وقال : أضح لمن أحرمت له » (2)

2684 - وروي عن عبد اللّه بن سنان قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول لأبي - وشكى إليه حر الشمس وهو محرم وهو يتأذى به - وقال : ترى أن أستتر بطرف ثوبي؟ قال : لا بأس بذلك ما لم يصب رأسك » (3).

2685 - وسأله سعيد الأعرج « عن المحرم يستتر من الشمس بعود أو بيده ، فقال : لا إلا من علة ».

2686 - وسأله الحلبي « عن المحرم يغطي رأسه ناسيا أو نائما ، فقال : يلبي إذا ذكر » (4).

2687 - وفي رواية حريز « يلقي القناع ويلبي وليس عليه شئ » (5).

ص: 355


1- فإنه إذا كان من الأعلى فاما أن يستر الرأس فهو حرام واما أن يستر الوجه فهو مناف للبروز للشمس المندوب إليه في الاخبار وقد تقدم بعضهما. (م ت)
2- أي أبرز للشمس لمن أحرمت له وهو اللّه تعالى. والخبر المطلق يحمل على المقيد (م ت) وفى المدارك : اختلف الأصحاب في جواز تغطية الرجل المحرم وجهه فذهب الأكثر إلى جواز بل قال في التذكرة : انه قول علمائنا أجمز. ومنعه ابن أبي عقيل وجعل كفارته اطعام مسكين في يده ، وقال الشيخ في التهذيب ص 534 وأما تغطية الوجه فيجوز مع الاختيار غير أنه يلزمه الكفارة ومتى لم ينو الكفارة لم يجز له ذلك ، وقد وردت بالجواز مطلقا روايات كثيرة.
3- في بعض النسخ « ما لم يصبك رأسك » بدل البعض من الكل.
4- حمل التلبية على الاستحباب لعدم القائل بالوجوب ، وقال المولى المجلسي : هذا الحمل بلا وجه والاحتياط ظاهر.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 534 مسندا عن حريز قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم غطى رأسه ناسيا ، قال : يلقى القناع و - الحديث ».

2688 - وسأله (1) « عن المحرم ينام على وجهه وهو على راحلته ، فقال : لا بأس بذلك ».

2689 - وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام « عن المحرم يقع الذباب على وجهه حين يريد النوم فيمنعه من النوم أيغطي وجهه إذا أراد أن ينام؟ قال : نعم ».

2690 - وروى زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن المحرمة تسدل ثوبها إلى نحرها » (2).

[المحرم يقص ظفرا أو شعرا]

[المحرم يقص ظفرا أو شعرا] (3)

2691 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قلم ظفرا من أظافيره وهو محرم ، قال : عليه مد من طعام حتى يبلغ عشرة ، فإن قلم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة ، قلت : فإن قلم أظافير يديه ورجليه جميعا؟ فقال : إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم ، وإن كان فعله متفرقا في مجلسين فعليه دمان » (4).

2692 - وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام « أن من فعل ذلك ناسيا أو ساهيا (5) أو جاهلا فلا شئ عليه ».

ص: 356


1- يعنى الحلبي كما هو الظاهر من الكتاب وتصريح الكليني في الكافي.
2- تقدم تحت رقم 2626 في صحيحة معاوية بن عمار اشتراط ركوبها.
3- العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل وليس في الأصل.
4- قال في المدارك ما حاصله : أفتى بمضمون هذه الرواية الأصحاب الامن شذ ، وقال ابن الجنيد في الظفر مد أو قيمته حتى تبلغ خمسة فصاعدا فدم إن كان في مجلس واحد فان فرق بين يديه ورجليه فليديه دم ولرجليه دم ، وقال الحلبي في قص ظفر كف من طعام وفى أظفار إحدى يديه صاع وفى أظفار كلتيهما شاة ، وكذا حكم أظفار رجليه وإن كان الجميع في مجلس فدم. ولم نقف لهذين القولين على مستند.
5- قيل : الفرق بين الناسي والساهي بحمل أحدهما على المسألة والاخر على الاحرام أو أحدهما على الشك.

2693 - وسأل معاوية بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المحرم تطول أظفاره أو ينكسر بعضها فيؤذيه ذلك ، قال : لا يقص منها شيئا إن استطاع فإن كانت تؤذيه فليقصها وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام » (1).

2694 - وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام « عن رجل نسي أن يقلم أظافيره عند الاحرام حتى أحرم ، قال : يدعها ، قلت : فإن رجلا من أصحابنا أفتاه أن يقلم أظافيره ويعيد إحرامه ففعل ، فقال : عليه دم » (2).

2695 - وروى حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا نتف الرجل إبطه (3) بعد الاحرام فعليه دم ».

2696 - وفي خبر آخر : « من حلق رأسه أو نتف إبطه ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليه » (4).

2697 - وقال عليه السلام : « لا بأس أن يدخل المحرم الحمام ولكن لا يتدلك » (5)

2698 - وقال عليه السلام : « لا يأخذ الحرام من شعر الحلال » (6).

ص: 357


1- المشهور بين الأصحاب أن في كل ظفر مدا من طعام وفى أظفار اليدين والرجلين في مجلس واحد دم ولو كان كل وحد منهما في مجلس لزمه دمان (المرآة) وقال المولى المجلسي : يدل الخبر على لزوم القبضة مع الضرورة فيحمل المد على غيرها.
2- الظاهر ارجاع ضمير « عليه » إلى المقلم وأرجعه الأكثر إلى المفتى ، وعمل به الشيخ وجماعة ، وصرح في الدروس بعدم اشتراط احرام المفتى ولا كونه من أهل الاجتهاد واعتبر الشهيد الثاني صلاحية الافتاء بزعم المستفتى.
3- في التهذيب « إبطيه » والمشهور أن في نتف الإبطين معا شاة وفى أحدهما اطعام ثلاثة مساكين ، وظاهر بعض الأصحاب أن فيه مطلقا شاة.
4- رواه الشيخ والكليني ج 4 ص 361 في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام وزادا « ومن فعله متعمدا فعليه دم ».
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 537 في الصحيح عن معاوية بن عمار ، وحمل على الكراهة.
6- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 544 ورواه الكليني ج 4 ص 361 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام والمراد بالحرام المحرم ، وفى الكافي « لا يأخذ المحرم - الخ » أي لا يلحق المحرم رأس المحل.

2699 - و « مر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على كعب بن عجرة الأنصاري (1) وهو محرم وقد أكل القمل رأسه وحاجبيه وعينيه ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ما كنت أرى أن الامر يبلغ ما أرى فأمره فنسك عنه نسكا (2) وحلق رأسه بقول اللّه عزوجل : » فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك « فالصيام ثلاثة أيام ، والصدقة على ستة مساكين لكل مسكين صاع من تمر (وروي مد من تمر (3)) والنسك شاة ، لا يطعم منها أحد إلا المساكين » (4).

2700 - وقال عبد اللّه بن سنان لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أرأيت إن وجدت علي

ص: 358


1- كنيته أبو محمد كان من بنى سالم بن عوف حليف بنى الخزرج قال الواقدي : استأخر اسلامه ثم أسلم وشهد المشاهد وهو الذي نزلت فيه بالحديبية الرخصة في حلق رأس المحرم والفدية. وتوفى سنة 51 أو 52 كما في تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني. وعجرة بضم العين المهملة وفتح الراء كما في القاموس.
2- النسك - بالضم وبضمتين وكسفينة - الذبيحة. (القاموس)
3- ما بين القوسين لم أجده في مظانه والبقية تتمة الخبر.
4- رواه الكليني ج 4 ص 358 والشيخ في التهذيبين باختلاف في اللفظ وزيادة وفيها « لكل مسكين مدان » وسند الكافي حسن كالصحيح وفى التهذيبين حسن. ولعل ما نقله المصنف غيره وما ذكره من الصاع محمول على الاستحباب و يدلّ الخبر على أحكام منها: جواز الخلق في حال الاضطرار مع الالتزام بالكفارة و العلماء أجمعوا على وجوب الكفّارة و هي الفدية على المحرم إذا حلق رأسه سواء كان متعمّدا او لاذى أو غيره كما في المنتهى، و الآية و كذا الرواية علقتا الحكم على الحلق للاذى الا أن ذلك تقتضى وجوب الكفّارة على غيره بطريق أولى، و منها أن الصدقة إطعام ستة مساكين و هو المشهور بين الاصحاب، و ذهب بعض الاصحاب الى وجوب إطعام عشرة لكل مسكين مدّ لرواية عمر بن يزيد المروية في التهذيب ج 1 ص 542، و منها أن النسك المذكور في الآية شاة و هو المقطوع به في كلام الاصحاب.

قرادا أو حملة (1) أطرحها عني وأنا محرم؟ قال : نعم وصغارا لهما إنهما رقيا في غير مرقاهما » (2).

2701 - وقال له معاوية بن عمار : « المحرم يحك رأسه فتسقط القملة والثنتان (3) فقال : لا شئ عليه ولا يعيدها (4) ، قال : كيف يحك المحرم؟ قال : بأظفاره ما لم يدم ولا يقطع شعره ».

2702 - وسأله « عن المحرم يبعث بلحيته فيسقط منها الشعرة والثنتان؟ قال : يطعم شيئا ».

2703 - وفي خبر آخر : « مدا من طعام أو كفين » (5).

والأولى أن لا يحك المحرم رأسه إلا حكا رفيقا بأطراف الأصابع (6).

ص: 359


1- قيل : القراد - كغراب - : دويبة تلصق بجسم البعير ، والحلمة - محركة - : الدودة الصغيرة تقع في الجلد فتأكله.
2- « وصغار لهما » أي ذل يعنى لا بأس باذلا لهما بالطرح فإنهما فعلا ما ليس لهما لأنهما يكونان في الإبل لا في الانسان (الوافي). وقال في المدارك : قطع أكثر الأصحاب بجواز القاء القراد والحلم عن نفسه وعن بعيره ولا دلالة في الروايات على جواز القاء الحلم عن البعير ، وقال الشيخ في التهذيب : ولا بأس أن يلقى المحرم القراد عن بعيره وليس له أن يلقى الحلمة وهو لا يخلو من قوة.
3- كذا في النسخ ، وقيل الصواب « قملة وثنتان » كما لا يخفى.
4- كذا في جميع النسخ ولكن في التهذيب « ولا يعود » وهو تصحيف لما روى فيه ج 1 ص 543 عن الحلبي قال : « حككت رأسي وأنا محرم فوقع منه قملات فأردت ردهن فنهاني (يعنى أبا عبد اللّه عليه السلام) وقال : تصدق بكف من طعام ».
5- روى الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 198 في القوى كالصحيح عن منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المحرم إذا مس لحيته فوقع منها شعرة ، قال : يطعم كفا من طعام أو كفين » والظاهر أن هذا هو الخبر الذي أشار إليه المصنف لكن صحف فيه « كفا » وصار « مدا » ولا مناسبة بين المد والكفين ظاهرا.
6- في الكافي ج 4 ص 365 باسناد ضعيف عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا حككت رأسك فحكه رفيقا ولا تحكن بالأظفار ولكن بأطراف الأصابع » وحمل على الاستحباب لما رواه ذيل عنوان أدب المحرم والظاهر كونه في المستحبات والمكروهات.

2704 - وفي رواية هشام بن سالم قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا وضع أحدكم يده على رأسه وعلى لحيته وهو محرم فسقط شئ من الشعر فليتصدق بكف من كعك أو سويق » (1).

2705 - وروى أبان ، عن أبي الجارود (2) قال : « سأل رجل أبا جعفر عليه السلام عن رجل قتل قملة وهو محرم ، قال : بئس ما صنع ، قال : فما فداؤها؟ قال : لا فداء لها ».

2706 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المحرم يلقي عنه الدواب كلها إلا القملة من جسده ، فإذا أراد أن يحول قملة من مكان إلى مكان فلا يضره ».

2707 - وروى أبان ، عن زرارة قال : « سألته عن المحرم هل يحك رأسه أو يغسل بالماء؟ فقال : يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة ، ولا بأس بأن يغتسل بالماء ويصب على رأسه ما لم يكن ملبدا ، فإن كان ملبدا (3) فلا يفيض على رأسه الماء إلا من احتلام ».

2708 - وسأل يعقوب بن شعيب أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المحرم يغتسل؟ فقال : نعم ويفيض الماء على رأسه ولا يدلكه » (4).

ص: 360


1- الكعك : خبز معروف ، معرب كاك. والسويق طعام معروف وهو الدقيق المشوي من أصناف الحبوب. ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 544 والاستبصار ج 2 ص 199 وفيهما « فليتصدق بكف من طعام أو كف من سويق ».
2- ضعيف جدا. وروى الكليني في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ما تقول في محرم قتل قملة ، قال : لا شئ عليه في القمل ولا ينبغي أن يتعمد قتلها ». والمشهور في القاء القملة أو قتلها كفا من الطعام وربما قيل بالاستحباب كما هو ظاهر الكليني ولعله أقوى وحمله بعضهم على الضرورة. (المرآة)
3- في النهاية الأثيرية : تلبيد الشعر : أن يجعل فيه شئ من صمغ عند الاحرام لئلا يشعث ويقمل ابقاء على الشعر ، وإنما يلبد من يطول مكثه في الاحرام.
4- ولا يدلكه لرفع الوسخ لئلا يسقط الشعر ولا يدمى. (م ت)

2709 - وفي رواية حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا اغتسل المحرم من الجنابة صب على رأسه الماء ويميز الشعر بأنامله بعضه من بعض » (1).

[المحرم يتزوج أو يزوج أو يطلق]

[المحرم يتزوج أو يزوج أو يطلق] (2)

2710 - وقال عليه السلام « في المحرم يشهد نكاح محلين؟ قال عليه السلام : لا يشهد (3) ، ثم قال : يجوز للمحرم يشير بصيد على محل؟ » (4).

قال مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - : وهذا على الانكار لذلك لا على أنه يجوز.

2711 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس للمحرم أن يتزوج ولا يزوج محلا ، فان تزوج أو زوج فتزويجه باطل ».

2712 - و « إن رجلا من الأنصار تزوج وهو محرم فأبطل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نكاحه » (5).

2713 - وقال عليه السلام (6) : « من تزوج امرأة في إحرامه فرق بينهما ، ولم

ص: 361


1- ليصل الماء إلى أصول الشعر بالرفق (م ت) ومازه يميزه ميزا : عزله.
2- العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل.
3- لا خلاف في عدم جواز الشهادة سواء كانت لمحل أو لمحرم وكذا في الإقامة على المشهور ، وقيد الشيخ تحريم الإقامة بما إذا تحملها وهو محرم ، والمشهور عموم المنع كما في المدارك.
4- استفهام انكاري ، وليس هذا من القياس بل هو تشبيه حكم بحكم للتفهيم أو للمباحثة مع العامة. (م ت)
5- رواه الكليني ج 4 ص 372 والشيخ في التهذيب ج 1 ص 541 في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عليه السلام.
6- يعنى الصادق عليه السلام كما رواه الكليني في الموثق عن إبراهيم بن الحسن عنه عليه السلام ج 4 ص 372 وفيه « ثم لا يتعاودان أبدا » ومثله في التهذيب ج 1 ص 541.

تحل له أبدا » (1).

2714 - وفي رواية سماعة « لها المهر إن كان دخل بها » (2).

2715 - وفي رواية عاصم بن حميد ، عن أبي بصير : قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : المحرم يطلق ولا يتزوج » (3).

2716 - وسأل سعيد الأعرج أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل ينزل المرأة من المحمل فيضمها إليه وهو محرم؟ فقال : لا بأس إلا أن يتعمد وهو أحق أن ينزلها من غيره » (4).

2717 - وروي عن محمد بن الحلبي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « المحرم ينظر إلى امرأته وهي محرمة؟ قال : لا بأس » (5).

ص: 362


1- قال الشيخ - رحمه اللّه - : فإن كان غير عالم بتحريم ذلك جاز له العقد عليها بعد الاحلال ويدل على ذلك ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان وابن أبي عمير ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ملك بضع امرأة وهو محرم قبل أن يحل ، فقضى أن يخلى سبيلها ولم يجعل نكاحه شيئا حتى يحل فإذا أحل خطبها ان شاء ، فان شاء أهلها زوجوه وان شاؤوا لم يزوجوه ». وقال في المدارك : مقتضى الرواية انها لا تحرم مؤبدا بالعقد ، وحملها الشيخ على الجاهل جمعا بينها وبين خبرين ضعيفين وردا بالتحريم المؤبد بذلك مطلقا وحملا على العالم وهو مشكل. وفى المدارك ظاهر المنتهى أن الحكم مجمع عليه بين الأصحاب فان تم فهو الحجة والا فللنظر فيه مجال.
2- يحمل على جهل المرأة ، والظاهر أن المراد بالمهر مهر المثل كما في كل عقد باطل بعد الدخول. (م ت)
3- الطريق حسن كالصحيح ، ورواه الكليني في الصحيح ، ويدل على جواز الطلاق دون التزويج وعليه فتوى الأصحاب.
4- قوله « ينزل المرأة » الظاهر كونها امرأته دون الأجنبية. وقوله عليه السلام « الا أن يتعمد » أي الا أن يكون ذلك لأجل الشهوة دون الضرورة للنزول.
5- يدل باطلاقه على جواز النظر ولو بشهوة ، وقيل : حمل على ما إذا كان بغير شهوة.

2718 - وروي عن خالد بياع القلانس قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أتى أهله وعليه طواف النساء ، قال : عليه بدنة ، ثم جاءه آخر فسأله عنها فقال : عليه بقرة ، ثم جاءه آخر فسأله عنها ، فقال : عليه شاة ، فقلت : بعد ما قاموا أصطلحك اللّه كيف قلت عليه بدنة؟ فقال : أنت موسر (1) وعليك بدنة ، وعلى الوسط بقرة ، وعلى الفقير شاة » (2).

[ما يجوز للمحرم قتله]

[ما يجوز للمحرم قتله] (3)

2719 - وقال عليه السلام : « لا يذبح الصيد في الحرم وإن صيد في الحل » (4).

2720 - وروى حنان بن سدير (5) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بقتل الفأرة في الحرم والافعي والعقرب والغراب الأبقع ترميه فإن أصبته فأبعده اللّه عزوجل وكان يسمي الفأرة الفويسقة ، وقال : إنها توهي السقا ، وتضرم البيت على أهله » (6).

ص: 363


1- لعل الإمام عليه السلام علم أن الرجل الذي سأل الرسول عن حاله هو الراوي نفسه فلذا خاطبه بالحكم وقال : أنت موسر.
2- المشهور أنه لو جامع قبل الوقوف بالمشعر يفسد على حجه ويلزمه بدنة وإن كان بعد الوقوف وقبل طواف النساء لا يفسد حجه ولزمه بدنة وان جامع بعد الوقوف وقبل طواف الزيارة لزمه بدنة فان عجر فبقرة أو شاة.
3- العنوان زيادة منا.
4- تقدم تحت رقم 2365.
5- الظاهر أنه سقط « عن أبيه » فإنه لم يدرك أبا جعفر عليه السلام كما نص عليه الكشي.
6- يدل على جواز قتل هذه الحيوانات في الحرم كما يجوز قتلها للمحرم. والغراب الأبقع أي الأبلق « ترميه » عن ظهر بعيرك لئلا يؤذيه بأكل سنامه المجروح « فان أصبته » بالرمي و قتلته « فأبعده اللّه » برميك واصابته وان قتلته وقع القتل موقعه فلعنه اللّه. و « توهى السقاء » أي تخرقه وتشقه أو تضعفه بمضغ حبله ورباطه ويذهب الماء في الموضع الذي هو فيه كالحياة ، وتضرم البيت على أهله بجر فتيلة السراج وكأنه وقع مرة أو مرات فاشتهرت بذلك والمراد بالبيت ما فيه أو بيوت العرب فإنها من القصب والجلد غالبا ، والظاهر استواء حكم المحرم والحرم في ذلك. (م ت)

2721 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن ألقى المحرم القراد عن بعيره فلا بأس ، ولا يلقي الحملة » (1).

2722 - وفي رواية حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن القراد ليس من البعير ، والحلمة من البعير » (2).

2723 - وفي رواية علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : « سألته عن المحرم ينزع الحلمة عن البعير؟ فقال : لا هي بمنزلة القملة من جسدك » (3)

2724 - وروى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن المحرم وما يقتل من الدواب؟ قال : يقتل الأسود والافعي والفأرة والعقرب وكل حية ، وإن أرادك السبع فاقتله ، وإن لم يردك فلا تقتله ، والكلب العقور إن أرادك فاقتله ، ولا بأس للمحرم أن يرمي الحدأة ، وإن عرض له اللصوص امتنع منهم » (4).

باب 206: ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد

2725 - روى جميل ، عن محمد بن مسلم ، وزرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في محرم

ص: 364


1- لا بأس بالقاء القراد عن البعير لأنه ليس منه ولا يجوز القاء الحملة لأنها منه كما في الرواية الآتية وقد أفتى الشيخ في التهذيب بمضمون الرواية وقال في المدارك : ولا يخلو من قوة لصحة المستند.
2- كأن فيه خلطا ، رواه الكليني ج 4 ص 364 باختلاف.
3- كأن فيه خلطا ، رواه الكليني ج 4 ص 364 باختلاف.
4- الظاهر أن من قوله : « والكلب العقور » إلى هنا من تتمة الحديث ويمكن أن يكون من كلام المصنف أخذه من صحيحة معاوية بن عمار في الكافي ج 4 ص 363 حيث قال فيه « والكلب العقور والسبع إذا أراداك فاقتلهما وان لا يريداك فلا تردهما والأسود الغدر فاقتله على كل حال ، وارم الغراب رميا ، والحدأة على ظهر بعيرك » وفى آخر حسن كالصحيح عن الحلبي « ويرجم الغراب والحدأة رجما فان عرض لك لصوص امتنعت منهم ». وقال صاحب الوافي ينبغي حمل الامتناع من اللصوص على ما إذا لم يريدوه ، أو أريد بالامتناع عدم التمكين ودفع الشر مهما أمكن. وقال المولى المجلسي : امتنع منهم بالمحاربة والدفع عن النفس والمال للعمومات.

قتل نعامة ، قال : عليه بدنة لم يجد فإطعام ستين مسكينا ، فإن كانت قيمة البدنة أكثر من [ا] طعام ستين مسكينا لم يزد على [ا] طعام ستين مسكينا ، وإن كانت قيمة البدنة أقل من [ا] طعام ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة » (1).

2726 - وروى الحسن بن محبوب ، عن داود الرقي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء ، فقال : إذا لم يجد فسبع شياة ، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزلة » (2).

2727 - وروى عبد اللّه بن مسكان ، عن أبي بصير (3) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم أصاب نعامة أو حمار وحش ، قال : عليه بدنة ، قلت : فإن لم يقدر؟ قال : يطعم ستين مسكينا ، قلت : فإن لم يقدر على ما يتصدق به ما عليه؟ قال : فليصم ثمانية عشر يوما ، قلت : فان أصاب بقرة ما عليه؟ قال : عليه بقرة ، قلت : فإن لم يقدر؟ قال : فليطعم ثلاثين مسكينا ، قلت : فإن لم يقدر على ما يتصدق به؟ قال : فليصم تسعة أيام ، قلت : فإن أصاب ظبيا ما عليه؟ قال : عليه شاة ، قلت : فإن لم يجد؟ قال : فعليه إطعام عشرة مساكين ، قلت : فإن لم يحد ما يتصدق به؟ قال : فعليه صيام ثلاثة أيام (4) ».

ص: 365


1- البدنة هي الناقة على ما نص عليه الجوهري ومقتضاه عدم اجزاء الذكر وقيل بالاجزاء وهو اختيار الشيخ وجماعة نظرا إلى اطلاقه اسم البدنة عليه ولقول الصادق عليه السلام في رواية أبى الصباح « وفى النعامة جزور » وليس في هذه الرواية تعيين المدين لكل مسكين بل ربما ظهر منها الاكتفاء بالمد لأنه المتبادر من الاطعام ومن ثم ذهب ابن بابويه وابن أبي عقيل إلى الاكتفاء بذلك ، ثم اعلم أنه ليس في الروايات تعيين لاطعام البر ومن ثم اكتفى جماعة بمطلق الطعام وهو غير بعيد الا أن الاقتصار على اطعام البر أولى لأنه المتبادر من الطعام. (المدارك)
2- قال الشيخ وجماعة من الأصحاب - قدس اللّه أسرارهم : من وجب عليه بدنة في نذر أو كفارة ولم يجد كان عليه سبع شياه ، واستدلوا بهذه الرواية مع أنها مختصة بالفداء ، وعلى أي حال يجب تخصيصه بما إذا لم يكن للبدنة بدل منصوص كما في النعامة. (المدارك)
3- السند صحيح ورواه الشيخ في الموثق والكليني في الضعيف.
4- يشتمل على أحكام كثيرة : الأول في قتل النعامة بدنة وهذا قول علمائنا أجمع و وافقنا عليه أكثر العامة. الثاني أن مع العجز عن البدنة يتصدق على ستين مسكينا وبه قال ابن بابويه وابن أبي عقيل. الثالث : أنه يكفي مطلق الاطعام. الرابع : أنه مع العجز عن الاطعام يصوم ثمانية عشر يوما. الخامس : أن حمار الوحش حكمه حكم النعامة والمشهور أن حكمه حكم البقرة. السادس : أن في بقرة الوحش بقرة أهلية وبه قطع الأصحاب. السابع: أنه مع العجز يطعم ثلاثين مسكينا و المشهور أنّه يفض ثمنها على البرّ. الثامن: أنه مع العجز يصوم تسعة أيّام و المشهور أنّه يصوم من كل مدّين يوما. التاسع: فى قتل الظبى شاة و لا خلاف فيه بين الاصحاب. العاشر: أنه مع العجز يطعم عشرة مساكين و المشهور أنه يفض ثمنها على البرّ لكل مسكين مدّان، و قيل: مدّ كما هو ظاهر الخبر، و لا يلزم ما زاد عن عشرة. الحادي عشر: أنه مع العجز يصوم ثلاثة أيّام و هو مختار الاكثر و ذهب المحقق و جماعة الى أنّه مع العجز يصوم عن كل مدّين يوما فان عجز صام ثلاثة أيام، و يمكن حمله في جميع المراتب على الاستحباب جمعا بين الاخبار. الثاني عشر: أن الابدال الثلاثة في الاقسام الثلاثة على الترتيب و يظهر من قول الشيخ في الخلاف و ابن إدريس التخيير لظاهر الآية، و الترتيب أظهر و ان أمكن حمل الترتيب على الاستحباب.( المرآة).

2728 - وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل رمى صيدا وهو محرم فكسر يده أو رجله فذهب على وجهه فلا يدري ما صنع ، قال : فداؤه ، قلت : فإن رآه بعد ذلك قد رعى ومشى ، قال : عليه ربع قيمته ».

2729 - وروى البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن محرم أصاب أرنبا أو ثعلبا ، قال : في الأرنب دم شاة (1) ».

2730 - وفى رواية ابن مسكان ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الأرنب يصيبه المحرم ، فقال : شاة هديا بالغ الكعبة ».

2731 - وفي رواية البزنطي ، عن علي بن أبي حمزة (2) عن أبي بصير فقال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن محرم قتل ثعلبا ، قال : عليه دم ، فقلت : فأرنب؟ فقال : مثل ما في الثعلب (3) ».

ص: 366


1- لا خلاف في لزوم الشاة في قتل الأرنب والثعلب. (المدارك)
2- هو البطائني الضعيف قائد أبي بصير المكفوف.
3- لو لم يكن وجوب الشاة في الثعلب اجماعيا لأمكن المناقشة لضعف المستند كما ذكره السيد المحقق محمد بن علي بن الحسين الجبعي صاحب المدارك - رحمه اللّه -.

2732 - وروى محمد بن الفضيل قال : سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم وهو محرم ، فقال : إن قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة وقيمة الحمامة درهم ، وإن قتلها في الحرم وهو غير محرم فعليه قيمتها وهو درهم يتصدق به أو يشتري به طعاما لحمام الحرم ، وإن قتلها وهو محرم في غير الحرم فعليه دم شاة (1).

فإن قتل فرخا وهو محرم في غير الحرم فعليه حمل قد فطم ، وليس عليه قيمته لأنه ليس في الحرم (2).

ويذبح الفداء إن شاء في منزله بمكة وإن شاء بالحزورة (3) بين الصفا والمروة قريبا من موضع النخاسين وهو معروف (4).

ص: 367


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 546 إلى هنا باختلاف وتغيير.
2- من قوله « فان قتل فرخا » إلى هنا يمكن أن يكون تتمة للحديث السابق أعني خبر أبي الحسن عليه السلام ويمكن أن يكون قول المصنف أخذه من حديث أبي جعفر الجواد مع يحيى بن أكثم بلفظه كما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره ص 170 عن محمد بن الحسن عن محمد بن عون النصيبي عنه عليه السلام ، ورواه ابن شعبة الحراني في تحف العقول مرسلا ، وفى الصحاح الفرخ ولد الطائر والأنثى فرخة وجمع القلة أفرخ وأفراخ والكثير فراخ - بالكسر -. و في المصباح : الحمل - بفتحتين - : ولد الضائنة في السنة الأولى والجمع حملان.
3- قال في المراصد : الحزورة - بالفتح ثم السكون وفتح الواو وراء وهاء - كانت سوق مكة ودخلت في المسجد لما زيد ، وباب الحزورة معروف من أبواب المسجد الحرام والعامة تقول : عرورة - بالعين.
4- روى الكليني في الكافي ج 4 ص 384 في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « من وجب عليه فداء صيد أصابه وهو محرم فإن كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى وإن كان معتمرا نحر بمكة قبالة الكعبة وفى الضعيف عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال » في المحرم إذا أصاب صيدا فوجب عليه الفداء فعليه أن ينحره إن كان في الحج بمنى حيث ينحر الناس فإن كان في عمرة نحره بمكة وان شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه فإنه يجزى عنه « ورواه الشيخ - رحمه اللّه - وقال بعد ايراده قوله » وان شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه رخصة لتأخير شراء الفداء إلى مكة ومنى لان من وجب عليه كفارة الصيد فان الأفضل أن يفديه من حيث أصابه. وقال في المدارك : هذه الروايات كما ترى مختصة بفداء الصيد أما غيره فلم أقف على نص يقتضى تعيين ذبحه في هذين الموضعين - انتهى. وروى الكليني ج 4 ص 384 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : « يفدى المحرم فداء الصيد من حيث أصابه » والظاهر أن المراد به شراؤه وسوقه إلى مكة كما يشعر به ظاهر الآية حيث يقول اللّه تعالى « هديا بالغ الكعبة » ، ويؤيده مرسلة أحمد بن محمد البزنطي في الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : من وجب عليه هدى في احرامه فله أن ينحره حيث شاء الافداء الصيد فان اللّه عزوجل يقول : « هديا بالغ الكعبة » و روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 554 في الموثق كالصحيح عن إسحاق بن عمّار« أن عباد البصرى جاء الى أبي عبد اللّه عليه السلام و قد دخل( يعنى الإمام عليه السلام) مكّة بعمرة مبتولة و أهدى هديا، فأمر به فنحر في منزله بمكّة، فقال له عباد: نحرت في منزلك و تركت أن تنحره بفناء الكعبة و أنت رجل يؤخذ منك؟ فقال له: أ لم تعلم أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نحر هديه بمنى في المنحر و أمر الناس فنحروا في منازلهم، و كان ذلك موسعا عليهم، فكذلك هو موسع على من ينحر الهدى بمكّة في منزله إذا كان معتمرا» و يدلّ على أن الامر بفناء الكعبة للاستحباب و فعله عليه السلام لبيان الجواز.

فإن قتله وهو محرم في الحرم فعليه حمل وقيمة الفرخ نصف درهم ، وفي البيضة ربع درهم (1).

وفي القطاة حمل قد فطم من اللبن ورعى من الشجر (2).

وإذا أصاب المحرم بيض نعام ذبح عن كل بيضة شاة بقدر عدد البيض ، فإن لم يجد شاة فعليه صيام ثلاثة أيام ، فإن لم يقدر فإطعام عشرة مساكين (3).

ص: 368


1- في حديث أبي جعفر الجواد عليه السلام « في الفرخ نصف درهم وفى البيضة ربع درهم ».
2- روى الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « وجدنا في كتاب علي عليه السلام في القطاة إذا أصابها المحرم حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجرة » (التهذيب ج 1 ص 545) وروى نحوه الكليني بسند فيه ضعف.
3- روى الكليني ج 4 ص 387 عن البزنطي بسند ضعيف عن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن رجل أصاب بيض نعامة وهو محرم ، قال : يرسل الفحل في الإبل على عدد البيض ، قلت : فان البيض يفسد كله ويصلح كله قال : ما ينتج من الهدى فهو هدى بالغ الكعبة وان لم ينتج فليس عليه شئ فمن لم يجد إبلا فعليه لكل بيضة شاة ، فإن لم يجد فالصدقة على عشرة مساكين لكل مسكين مد ، فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام ». وقال العلامة المجلسي : لا خلاف فيه بين الأصحاب غير أنه محمول على ما إذا لم يتحرك الفرخ ، فان تحرك فعليه بكارة من الإبل وهو أيضا اجماعي - انتهى. وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 549 بسند فيه ضعف عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « في بيضة النعام شاة ، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فمن لم يستطع فكفارته اطعام عشرة مساكين إذا أصابه وهو محرم » وترتيب ما في المتن كترتيب هذا الخبر.

وإذا وطئ بيض نعام ففدغها وهو محرم وفيها أفراخ تتحرك فعليه أن يرسل فحولة من البدن على الإناث بقدر عدد البيض فما لقح وسلم حتى ينتج فهو هدي لبيت اللّه الحرام ، فإن لم ينتج شيئا فليس عليه شئ (1).

وإن وطئ بيض قطاة فشدخه فعليه أن يرسل فحولة من الغنم على عددها من الإناث بقدر عدد البيض فما سلم فهو هدي لبيت اللّه الحرام (2).

2733 - وقال الصادق عليه السلام : « ما وطئت أو وطئه بعيرك وأنت محرم فعليك فداؤه (3) ».

وإذا قتل المحرم الصيد فعليه جزاؤه ويتصدق بالصيد على مسكين ، فإن عاد

ص: 369


1- في الكافي ج 4 ص 389 في الصحيح عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال « في رجل وطئ بيض نعامة ففدغها وهو محرم فقال : قضى علي عليه السلام أن يرسل الفحل على مثل عدد البيض من الإبل فما لقح وسلم حتى ينتج كان النتاج هديا بالغ الكعبة ». والفدغ كالشدخ : الكسر.
2- في الكافي ج 4 ص 389 في الصحيح عن سليمان بن خالد قال : « سألته عن محرم وطئ بيض قطاة فشدخه ، قال : يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدد البيض من النعام في الإبل ». وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 549 في الصحيح عن سليمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « في كتاب علي عليه السلام : في بيض القطاة كفارة مثل ما في بيض النعام » وأعلم أن الفيض - رحمه اللّه - جعل كل هذه الأحكام أعني من قوله « فان قتل فرخا وهو محرم في غير الحرم » إلى هنا - جزء الخبر الذي رواه محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام.
3- مروى في الكافي ج 4 ص 383 بسند حسن كالصحيح ، وقال الكليني بعده : اعلم أنه ليس عليك فداء شئ أتيته وأنت جاهل به وأنت محرم في حجك ولا في عمرتك الا الصيد فان عليك فيه الفداء بجهالة كان أو بعمد.

فقتل صيدا آخر متعمدا فليس عليه جزاؤه وهو ممن ينتقم اللّه منه والنقمة في الآخرة وهو قول اللّه عزوجل : « عفى اللّه عما سلف ومن عاد فينتقم اللّه منه » ، فإذا أصاب الصيد ثم عاد خطأ فعليه كلما عاد كفارة (1).

وكلما أتاه المحرم بجهالة فليس عليه شئ إلا الصيد فإن عليه فداؤه ، فان تعمد كان عليه فداؤه وأثمه (2).

ولا بأس أن يصيد المحرم السمك ويأكل طريه ومالحه ويتزوده ، فإن قتل

ص: 370


1- روى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أي عبد اللّه عليه السلام في محرم أصاب صيدا ، قال : عليه الكفارة ، قلت : فان أصاب آخر ، قال : إذا أصاب آخر فليس عليه كفارة وهو ممن قال اللّه عزوجل : « ومن عاد فينتقم اللّه منه ». أقول : اتفق الأصحاب في تكرر الكفارة بتكرر الصيد على المحرم إذا كان وقع منه خطأ أو نسيانا ، لكن اختلفوا في تكررها مع العمد والقصد ، واستدل القائلون بعدم تكرر في العامد بهذه الرواية والآية إذ تدلان على أن ما وقع ابتداء هو حكم المبتدى ولا يشمل العائد فلا يجرى ما ذكر فيه من الجزاء في العائد ، وأجاب الآخرون بأن تخصيص العائد بالانتقام لا ينافي ثبوت الكفارة فيه أيضا مع أنه يمكن أن يشمل الانتقام الكفارة أيضا. وقد روى الكليني في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المحرم يصيد الطير قال : عليه الكفارة في كل ما أصاب » ويدل على وجوب الكفارة في كل طير وعلى تكرر الكفارة في تكرر الصيد مطلقا. وقال ابن أبي عمير عن بعض أصحابه  « إذا أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه أبدا في كل ما أصاب الكفارة وإذا أصابه متعمدا فان عليه الكفارة ، فان عاد فأصاب ثانيا متعمدا فليس عليه الكفارة وهو ممن قال اللّه عزوجل : ومن عاد فينتقم اللّه منه ». وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 553 بسندين صحيحين عن الحلبي عن أبي - عبد اللّه عليه السلام قال « في المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه ويتصدق بالصيد على مسكين فان عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاؤه وينتقم اللّه منه والنقمة في الآخرة » ويدل هذا الخبر زائدا على ما مر على أن صيد المحرم لا يصير ميتة بل هو حرام على المحرم.
2- تقدم الاخبار فيه.

جرادة فعليه تمرة ، وتمرة خير من جرادة (1) فإن كان كثيرا فعليه دم شاة (2).

2734 - ومر أبو جعفر عليه السلام على الناس وهم يأكلون جرادا فقال « سبحان اللّه وأنتم محرمون؟ قالوا : إنما هو من البحر ، قال : فارمسوه في الماء إذن (3) ».

والجراد لا يأكله المحرم (4). ولا يأكله الحلال في الحرم (5).

ص: 371


1- إلى هنا كلام المؤلف أخذه من حديث حريز الذي رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن حماد عن حريز عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بأن يصيد المحرم السمك ويأكل مالحه وطريه ويتزوده - الخ » وفى آخر بهذا السند أيضا عنه عليه السلام « في محرم قتل جرادة قال : يطعم تمرة والتمرة خير من جرادة » وقوله عليه السلام « والتمرة خير من جرادة » مثل للعرب استعمله عليه السلام هنا.
2- روى الكليني أيضا ج 4 ص 393 عن البزنطي بسند فيه ضعف عن العلاء عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته من محرم قتل جرادة قال : كف من طعام وإن كان كثيرا فعليه دم شاة » ورواه الشيخ ج 1 ص 551 من التهذيب بسند صحيح.
3- كذا وروى الكليني ج 4 ص 393 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : مر على صلوات اللّه عليه على قوم يأكلون جرادا فقال : سبحان اللّه وأنتم محرمون؟ فقالوا : إنما هو من صيد البحر ، فقال لهم : ارمسوه في الماء اذن ». وروى الشيخ  - رحمه اللّه - في التهذيب ج 1 ص 151 من كتاب الحسين بن سعيد في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام » أنه مر على ناس. وساق مثل ما في المتن - « وقال المولى المجلسي  - رحمه اللّه - : الظاهر أنه كان قبل ذلك الخبر خبر عن أمير المؤمنين عليه السلام ولما ذكر بعده هذا الخبر أضمر فتوهم المصنف أن المار أبو جعفر عليه السلام ويمكن أن يكون وقع منه عليه السلام أيضا لكن الظاهر الأول. وقوله » فارمسوه في الماء أي إذا أدخلتموه في الماء يموت فكيف يكون من البحر والبحري ما يكون عيشه في الماء. وتؤيد الحرمة أخبار كثيرة وتوهم العامة أنه من صيد البحر لأنه يحصل من ذرق السمك أو من الحيتان التي تنبذه الماء على الشط وتتعفن ويخلق منها الجراد وعلى تقدير الصحة لا يصير من البحر لان صيد البحر ما يبيض ويفرخ فيه.
4- يدل عليه سوى ما مر ما في التهذيب ج 1 ص 551 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس للمحرم أن يأكل جرادا ولا يقتله - الخ ».
5- لأنه ثبت بالاخبار أنه صيد وثبت أيضا ان كل صيد دخل الحرم لا يجوز قتله لقوله تعالى « ومن دخله كان آمنا » والظاهر أنه خبر (م ت) أقول : روى الكليني ج 4 ص 381 في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تستحلن شيئا من الصيد وأنت حرام ولا أنت حلال في الحرم - الخ ».

فإن قتل عظاية فعليه أن يتصدق بكف من طعام (1).

وإن قتل زنبورا خطأ فلا شئ عليه ، وإن كان عمدا فعليه أن يتصدق بكف من طعام (2).

وإن أصاب المحرم صيدا خارجا من الحرم فذبحه ثم أدخله الحرم مذبوحا وأهدى إلى رجل محل فلا بأس أن يأكله إنما الفداء على الذي أصابه (3).

2735 - وسئل الصادق عليه السلام « عن المحرم يصيب الصيد فيفديه يطعمه أو يطرحه ، قال : إذا يكون عليه فداء آخر ، قيل : فأي شئ يصنع به؟ قال :

ص: 372


1- العظاية نوع من الوزغ أكبر منه تمشى مشيا سريعا. روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 545 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : محرم قتل عظاية؟ قال : كف من طعام » :
2- روى الكليني في الكافي ج 4 ص 364 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن محرم قتل زنبورا قال : إن كان خطأ فليس عليه شئ قلت : لا بل متعمدا؟ قال. يطعم شيئا من طعام ، قلت : انه أرادني ، قال : كل شئ أرادك فاقتله » ونحوه في التهذيب ج 1 ص 551.
3- تقدم ما فيه دلالة ما على ذلك تحت رقم 2376 ، وذهب أكثر الأصحاب إلى أن ما قتله المحرم يحرم على المحل والمحرم ، بل قال في المنتهى - على المحكى - أنه قول علمائنا أجمع واستدل عليه برواية وهب وإسحاق ، والظاهر من كلام المصنف أن مذبوح المحرم في - غير الحرم لا يحرم على المحل مطلقا ، ويؤيده ما روى الكليني في الكافي ج 4 ص 382 في الصحيح عن منصور بن حازم قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : رجل أصاب من صيد أصابه محرم وهو حلال ، قال : فليأكل منه الحلال وليس عليه شئ إنما الفداء على المحرم » وما رواه في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم وهو محرم فإنه ينبغي أن يدفنه ولا يأكله أحد ، وإذا أصابه في الحل فان الحلال يأكله وعليه - هو - الفداء ».

يدفنه » (1).

وكل من وجب عليه فداء شئ أصابه وهو محرم فإن كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى ، وإن كان معتمرا نحره بمكة قبالة الكعبة (2).

وإذا اضطر المحرم إلى الصيد وميتة فإنه يأكل الصيد ويفدي (3) ، وإن [كان] أكل الميتة فلا بأس إلا (4) :

2736 - أن أبا الحسن الثاني عليه السلام قال : « يذبح الصيد ويأكله ويفدي أحب إلي من الميتة » (5).

2737 - وروى يوسف الطاطري (6) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : صيد

ص: 373


1- تقدم تحت رقم 2356 نحوه ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 555 في الصحيح و حمل على ما كان في الحرم لرواية معاوية بن عمار التي تقدمت في الهامش آنفا.
2- روى الكليني ج 4 ص 384 في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من وجب عليه فداء صيد أصابه وهو محرم - وساق مثل ما في المتن بلفظه - » وقد تقدم مثله.
3- روى الكليني ج 4 ص 383 في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اضطر إلى ميتة وصيد وهو محرم ، قال : يأكل الصيد ويفدى وروى في الحسن كالصحيح عن الحلبي عنه عليه السلام قال : « سألته عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد أيهما يأكل ، قال : يأكل من الصيد ، ما يحب أن يأكل من ماله؟ قلت بلى ، قال : إنما عليه الفداء فليأكل وليفده ».
4- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لا خلاف بين الأصحاب في أنه لو اضطر المحرم إلى الصيد يأكل ويفدى ، واختلف فيما إذا كان عنده صيد وميتة ، فذهب جماعة إلى أنه يأكل الصيد ويفدى مطلقا ، وأطلق آخرون أكل الميتة ، وقيل : يأكل الصيد ان أمكنه الفداء و الا يأكل الميتة.
5- روى المؤلف نحوه في العلل ج 2 ب 195 عن أبيه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن. العمركي ، عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام.
6- الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان ورواه الكليني ج 4 ص 391 بسند مجهول.

أكله قوم محرمون ، قال : عليهم شاة شاة ، وليس على الذي ذبحه إلا شاة (1).

2738 - وروى علي بن رئاب ، عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قوم حجاج محرمين أصابوا أفراخ نعام فأكلوا جميعا ، قال : عليهم مكان كل فرخ أكلوه بدنة يشتركون فيها جميعا فيشترونها على عدد الفراخ وعلى عدد الرجال » (2).

2739 - وروى زرارة ، وبكير عن أحدهما عليهما السلام « في محرمين أصابا صيدا فقال عليه السلام : على كل واحد منهما الفداء » (3).

2740 - وسأل أبو بصير (4) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن قوم محرمين اشتروا صيدا فاشتركوا فيه فقالت امرأة رفيقة لهم : إجعلوا لي منه بدرهم فجعلوا لها ، فقال : على كل إنسان منهم شاة » (5).

2741 - وقال اللّه عزوجل : « أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم و للسيارة » وقال الصادق عليه السلام : « هو مليحه الذي تأكلون ، وقال : فصل ما بينهما : كل طير يكون في الآجام يبيض في البر ويفرخ في البر فهو صير البر ، وما كان من طير يكون في البر ويبيض في البحر ويفرخ في البحر فهو من صيد البحر » (6).

ص: 374


1- يدل على ضمان كل من الشركاء الفداء كاملا وعلى وجوب الفداء بالاكل ويمكن حمله على الاستحباب ، واعترض في المدارك بأنه إنما يدل على وجوب الفداء مع مغايرة الذابح للاكل لا مطلقا.
2- الطريق صحيح ورواه الشيخ أيضا في الصحيح وزاد قلت : فان منهم من لا يقدر على شئ ، قال : يقوم بحساب ما يصيبه من البدن ويصوم لكل بدنة ثمانية عشر يوماً.
3- الطريق صحيح وعليه فتوى الأصحاب.
4- رواه الكليني ج 4 ص 392 بسند فيه ضعف عن البزنطي عن البطائني عن أبي بصير والظاهر أنه يحيى بن القاسم بقرينة رواية البطائني عنه.
5- قال العلامة المجلسي : لعله محمول على أنهم ذبحوه أو حبسوه حتى مات وظاهره أن بمحض الشراء يلزمهم الفداء ولم أربه قائلا.
6- لهذا الحديث صدر تقدم ص 370 ورواه الكليني ج 4 ص 392 عن حماد عن حريز عمن أخبره. ويستفاد منه أن ما كان من طيور يعيش في البر والبحر يعتبر بالبيض فإن كان يبض في البر فهو صيد البر وإن كان ملازما للماء كالبط ونحوه وإن كان مما يبيض في البحر فهو صيد البحر ، وقال في المنتهى : لا نعلم فيه خلافا الا من عطاء.

2742 - و « المحرم لا يدل على الصيد فإن دل عليه فقتل فعليه الفداء » (1).

باب 207: تقصير المتمتع وحلقه واحلاله ومن نسي التقصير حتى يواقع أو يهل بالحج

2743 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا فرغت من سعيك وأنت متمتع فقصر من شعر رأسك من جوانبه ولحيتك ، وخذ من شاربك وقلم أظفارك وابق منها لحجك فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ يحل منه المحرم (2) فطف بالبيت تطوعا ما شئت » (3).

2744 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام قال : قلت له : « الرجل يتمتع فينسى أن يقصر حتى يهل بالحج ، فقال : عليه دم ». وفي رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « يستغفر اللّه تعالى ». (4)

ص: 375


1- هذا الكلام بلفظه مروى في الكافي ج 4 ص 381 في الحسن كالصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : يشمل باطلاقه ما إذا كان المدلول محلا في الحل كما ذكره الأصحاب.
2- زاد هنا في الكافي « وأحرمت منه ».
3- يدل على وجوب التقصير وانه يحل له به كل شئ مما حرمه الاحرام ، وعلى استحباب الجمع بين أخذ الشعر من الرأس واللحية والشارب وقص الأظفار وعدم المبالغة فيها ليبقى شئ للحج ، وعلى مرجوحية الطواف المندوب قبل التقصير (المرآة) أقول : روى الشيخ في التهذيب بسند صحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يطوف المعتمر بالبيت بعد طواف الفريضة حتى يقصر ».
4- رواه الكليني ج 4 ص 440 بسند صحيح عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام « عن رجل متمتع نسي أن يقصر حتى أحرم بالحج قال : يستغفر اللّه ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : والدم على الاستحباب والاستغفار يجزي عنه ، والخبران غير مختلفين (1).

2745 - وسأل عمران الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل طاف بالبيت و بالصفا والمروة وقد تمتع ثم عجل فقبل امرأته قبل أن يقصر من رأسه ، قال : عليه دم يهريقه ، وإن جامع فعليه جزور أو بقرة » (2).

2746 - وسأل عبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل عقص (3) رأسه وهو متمتع فقدم مكة فقضى نسكه وحل عقاص رأسه وقصر وادهن وأحل ، قال :

ص: 376


1- الظاهر من كلام الشيخ في الاستبصار أنه حمل الخبر الأول على ظاهره والثاني على أنه تمت عمرته ولا شئ عليه من العقاب. وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - في خبر ابن سنان : لعل الاستغفار للتقصير في مباديه أو للذنوب الأخرى لتدارك ما دخل عليه من النقص بسبب النسيان ، ثم إن ظاهر الخبر صحة احرامه وأنه لا يلزمه سوى الاستغفار ، ولا خلاف بين الأصحاب - على ما ذكر في المنتهى - في أنه لا يجوز انشاء احرام آخر قبل أن يفرغ من أفعال ما أحرم له ، وأما المتمتع إذا أحرم ناسيا بالحج قبل تقصير العمرة فقد اختلف فيه الأصحاب فذهب ابن إدريس وسلار وأكثر المتأخرين إلى أنه يصح حجه ولا شئ عليه ، وقال الشيخ و علي بن بابويه : يلزمه بذلك دم ، وحكى في المنتهى قولا لبعض أصحابنا ببطلان الاحرام الثاني والبناء على الأول ، مع أنه قال في المختلف لو أحل بالتقصير ساهيا وأدخل احرام الحج على العمرة سهوا لم يكن عليه إعادة الاحرام وتمت عمرته اجماعا وصح احرامه ثم نقل الخلاف في وجوب الدم خاصة ، والأول أقوى.
2- ظاهره التخيير والمشهور أنه يجب عليه بدنة فان عجز فشاة ، وهو اختيار ابن إدريس  ، وقال ابن أبي عقيل : عليه بدنة ، وقال سلار : عليه بقرة ، والمعتمد الأول ، قال في التحرير : ولو جامع امرأته عامدا قبل التقصير وجب عليه جزور إن كان موسرا وإن كان متوسطا فبقرة وإن كان فقيرا فشاة ولا تبطل عمرته والمرأة ان طاوعته وجب عليها مثل ذلك ولو أكرهها تحمل عنها الكفارة ولو كان جاهلا لم يكن عليه شئ ، ولو قبل امرأته قبل التقصير وجب عليه دم شاة (المرآة)
3- العقص : جمع الشعر وجعله في وسط الرأس وشده.

عليه دم شاة ».

2747 - وسأله معاوية بن عمار « عن رجل متمتع وقع على امرأته ولم يقصر ، قال : ينحر جزورا وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما ، وإن كان جاهلا فلا شئ عليه ، قال : وقلت له : متمتع قرض من أظفاره بأسنانه وأخذ من شعره بمشقص ، فقال : لا بأس به ليس كل أحد يجد الجلم » (1).

2748 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن متمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه ، قال : عليه دم يهريقه ، فإذا كان يوم النحر أمر الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق (2) ».

2749 - وروى أبو المغرا (3) عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « رجل أحل من إحرامه ولم تحل امرأته فوقع عليها ، قال : عليها بدنة يغرمها زوجها ».

2750 - وقال الصادق عليه السلام : « ينبغي للمتمتع بالعمرة إلى الحج إذا أحل أن لا يلبس قميصا وأن يتشبه بالمحرمين » (4).

ص: 377


1- المشقص - كمنبر - : نصل عريض ، والجلم - بالتحريك - : الذي يجز به الشعر و الصوف وما يقال له المقراض
2- ظاهره أن حلق الرأس وقع نسيانا فيحمل الدم على الاستحباب والأحوط الدم مطلقا أما وجوب التقصير وعدم جواز الحلق فلا ريب فيه للأخبار المتواترة بالامر بالتقصير ، والأحوط امرار الموسى على رأسه يوم النحر فإن كان عليه شعر فيكفي عن التقصير وان لم يكن فليقصر معه ، وظاهر الخبر الاكتفاء بالحلق الذي وقع منه نسيانا لأنه مشتمل على التقصير والأحوط أن يقصر معه سيما إذا وقع منه عمدا. (م ت)
3- في الطريق عثمان بن عيسى وهو واقفي من المستبدين بمال موسى بن جعفر عليهما - السلام. ورواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 492 بسند صحيح عنه ، وأبو المغرا هو حميد بن المثنى العجلي الصيرفي كان ثقة له أصل كما في الخلاصة.
4- رواه الكليني ج 4 ص 441 بسند قوى عنه عليه السلام والمراد بالتشبه بالمحرمين عدم لبس المخيط كما في الدروس أو مطلقا كما قال الشهيد الثاني - قدس سره -.

2751 - وروى حفص وجميل وغيرهما عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في يحرم يقصر من بعض ولا يقصر من بعض ، قال : يجزيه » (1).

2752 - وسأله جميل بن دراج « عن متمتع حلق رأسه بمكة ، فقال : إن كان جاهلا فليس عليه شئ (2) فإن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوما فليس عليه شئ ، وإن تعمد ذلك بعد الثلاثين التي يوفر فيها الشعر (3) للحج فإن عليه دما يهريقه » (4).

2753 - وروي عن حماد بن عثمان قال : قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السلام : « جعلت فداك إني لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي ولم اقصر ، قال : عليك بدنة قال : فاني لما أردت ذلك منها ولم تكن قصرت امتنعت فلما غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها قال : رحمها اللّه إنها كانت أفقه منك ، عليك بدنة وليس عليها شئ » (5)

باب 208: المتمتع يخرج من مكة ويرجع

2754 - قال الصادق عليه السلام : إذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض

ص: 378


1- يدل على عدم وجوب التقصير من كل شعر.
2- تحريم الحلق على من اعتمر عمرة التمتع ووجوب الدم بذلك هو المشهور بين الأصحاب ونقل عن الشيخ في الخلاف أنه قال : الحلق مجز والتقصير أفضل وهو ضعيف ، وذكر العلامة في المنتهى أن الحلق مجز وان قلنا إنه محرم وهو ضعيف. (المرآة)
3- قوله « التي يوفر فيها » صفة لقوله « بعد » ظاهرا بتأويل الأزمنة أو الأشهر ، و يحتمل أن يكون صفة للثلاثين بأن يكون توفير الشعر في شوال مستحبا (المرآة)
4- المشهور بين الأصحاب استحباب توفير الشعر من أول ذي القعدة للتمتع فان حلقه يستحب له اهراق دم ، وذهب المفيد وبعض الأصحاب إلى وجوبهما واستدل له بهذا الخبر لأنه عليه السلام حكم بجواز ذلك في أول أشهر الحج إلى ثلاثين وحكم بلزوم الكفارة بعد الثلاثين كما في المرآة
5- يدل كالأسبق على جواز الاكتفاء بالمسمى لا سيما مع الضرورة. (م ت)

المواضع فليس له ذلك لأنه مرتبط بالحج حتى يقضيه إلا أن يعلم أنه لا يفوته الحج ، فإذا علم وخرج وعاد في الشهر الذي خرج فيه دخل مكة محلا ، وإن دخلها في غير ذلك الشهر دخلها محرما (1).

2755 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « هل يدخل الرجل مكة بغير إحرام؟ قال : لا ، إلا مريض أو من به بطن » (2).

2756 - وروى القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل يدخل مكة في السنة المرة والمرتين والثلاث كيف يصنع؟ قال : إذا دخل فليدخل ملبيا ، وإذا خرج فليخرج محلا ».

ص: 379


1- قال في الشرايع « لا يجوز للمتمتع الخروج من مكة حتى يأتي بالحج لأنه صار مرتبطا به الا على وجه لا يفتقر إلى تجديد عمرة ». وقال استاذنا في هامش الوافي : المتمتع إذا أراد الخروج من مكة يجب عليه إما أن يحرم بالحج فيخرج ويبقى على احرامه إلى موسم الحج وإما أن يخرج محلا ويرجع محلا قبل أن يمضى شهر من عمرته السابقة وأنكر صاحب الجواهر الوجه الثاني وقال : على كل حال فالمتجه الاقتصار في الخروج على الضرورة وأن لا يخرج منها الا محرما ، وأما النصوص الفارقة بين ما إذا رجع قبل مضى الشهر أو بعده فقال إن هذه النصوص غير جامعة لشرايط الحجية ولا شهرة محققة جابرة لها ، بل لم نعرف ذلك الا للمحقق والفاضل - انتهى. أقول : استشكل العلامة في القواعد احتساب الشهر من حين الاحرام أو الاحلال وقال المحقق في النافع : ولو خرج بعد احرامه ثم عاد في شهر خروجه أجزأه وان عاد في غيره أحرم ثانيا. ومقتضى ذلك عدم اعتبار مضى الشهر من حين الاحرام أو الاحلال بل الاكتفاء في سقوط الاحرام بعوده في شهر خروجه إذا وقع بعد احرام متقدم كما في المدارك وظاهر هذا الخبر وما رواه الشيخ في الصحيح عن أبان بن عثمان عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يخرج في الحاجة من الحرم قال : ان رجع في الشهر الذي خرج فيه دخل بغير احرام وان دخل في غيره دخل باحرام » صريح في اعتبار الدخول في شهر الخروج وما يفهم من بعض الأخبار من اعتبار مضى الشهر فقاصر من حيث السند.
2- ادعى الاجماع على عدم جواز دخول مكة بغير احرام الا في موارد الاستثناء فان تم الاجماع على لزوم الاحرام فهو والا فالنصوص قاصرة اما من حيث الدلالة واما من حيث السند راجع جامع المدارك ج 2 ص 421 إلى ص 424.

باب 209: احرام الحائض والمستحاضة

2757 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر بالبيداء لأربع بقين من ذي القعدة في حجة الوداع فأمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فاغتسلت واحتشت وأحرمت ولبت مع النبي صلى اللّه عليه وآله وأصحابه فلما قدموا مكة لم تطهر حتى نفروا من منى وقد شهدت الموقف كلها : عرفات وجمعا ورمت الجمار ولكن لم تطف بالبيت ولم تسع بين الصفا والمروة ، فلما نفروا من منى أمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فاغتسلت وطافت بالبيت وبالصفا والمروة (1) وكان جلوسها في أربع بقين من ذي القعدة وعشر من ذي الحجة وثلاثة أيام التشريق ».

2758 - وروي عن درست (2) عن عجلان أبي صالح قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلامعن متمتعة دخلت مكة فحاضت ، فقال : تسعى بين الصفا والمروة ، ثم تخرج مع الناس حتى تقضي طوفها بعد ».

2759 - وسأله معاوية بن عمار « عن امرأة طافت بين الصفا والمروة فحاضت بينهما فقال : تتم سعيها (3) ، وسأله عن امرأة طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن تسعى ، قال : تسعى ».

2760 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن المحرمة إذا

ص: 380


1- ظاهره أنها حجت التمتع وقضت الطواف والسعي مع احتمال الافراد. (م ت)
2- الطريق إليه صحيح وهو ابن أبي منصور الواسطي وهو واقفي ولم يوثق صريحا. و عجلان أبو صالح مشترك والظاهر هو الواسطي الخباز ولم يوثق كما في جامع الرواة وقد عنون الكشي عجلان أبا صالح ونقل عن محمد بن مسعود أنه قال : سمعت علي بن الحسن بن علي ابن فضال يقول : عجلان أبو صالح ثقة.
3- يدل على أنها إذا حاضت بعد الطواف ولو لم تصل سواء كان قبل السعي أو في أثنائه تتم عمرتها ولا ريب فيه. (م ت)

طهرت تغسل رأسها بالخطمي؟ فقال : يجزيها الماء » (1).

2761 - وروى جميل عنه عليه السلام أنه قال « في الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية إنها تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجة ثم تقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة » (2).

2762 - وروى صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المرأة تجئ متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتى تخرج إلى عرفات ، فقال : تصير حجة مفردة وعليها دم أضحيتها » (3).

2763 - وروى صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل كانت معه امرأة فقدمت مكة وهي لا تصلي فلم تطهر إلا يوم التروية وطهرت وطافت بالبيت ولم تسع بين الصفا والمروة (4) حتى شخصت إلى عرفات هل تعتد بذلك الطواف أو تعيد قبل الصفا والمروة؟ قال : تعتد بذلك الطواف الأول وتبني عليه » (5).

2764 - وروى أبان ، عن زرارة قال : « سألته عن امرأة طافت بالبيت فحاضت

ص: 381


1- يدل على استحباب اجتناب المحرمة من الخطمي. (م ت)
2- يدل على أنها إذا قدمت مكة وهي حائض تجعل عمرتها حجة وتحج وتعتمر بعده.
3- رواه الشيخ - ره - في الاستبصار ج 2 ص 310 : وفيه « عليها دم تهريقه وهي أضحيتها » وقال الشيخ محمولة على الاستحباب دون الوجوب لأنه إذا فاتتها المتعة صارت حجتها مفردة وليس على المفرد هدى - انتهى ، وقيل : لعل في العدول عن الهدى إلى الأضحية اشعارا بان ذلك على الاستحباب.
4- اما لضيق الوقت أو لنسيان ، وقيل : ظاهر العبارة مشعر بأنه لم يفت منها من أفعال العمرة الا السعي فتكون قد قصرت وأحرمت بالحج.
5- الظاهر أنها قصرت وأحلت وأهلت بالحج ولم تسع فحينئذ تقضى السعي ولو طافت وذهبت إلى عرفات فيمكن أن تصير حجها مفردا ويكون عدم الاحتياج إلى الطواف لذلك ، أو يكون مغتفرا بالنظر إلى المعذور الجاهل أو أحدهما وهو الأظهر من الخبر. (م ت)

قبل أن تصلي الركعتين فقال : ليس عليها إذا طهرت إلا الركعتين وقد قضت الطواف » (1).

2765 - وروى أبان ، عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا طافت المرأة طواف النساء فطافت أكثر من النصف فحاضت نفرت إن شاءت » (2).

2766 - وروى صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن جارية لم تحض خرجت مع زوجها وأهلها فحاضت فاستحيت أن تعلم أهلها وزوجها حتى قضت المناسك وهي على تلك الحالة وواقعها زوجها ورجعت إلى الكوفة ، فقالت لأهلها : قد كان من الامر كذا وكذا ، فقال : عليها سوق بدنة والحج من قابل (3) وليس على زوجها شئ ».

2767 - وروى فضالة بن أيوب ، عن الكاهلي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن النساء في إحرامهن ، فقال : يصلحن ما أردن أن يصلحن (4) فإذا وردن الشجرة أهللن بالحج ولبين عند الميل أول البيداء ، ثم يؤتى بهن مكة يبادر بهن الطواف السعي (5) فإذا قضين طوافهن وسعيهن قصرن وجازت (6) متعة ، ثم أهللن يوم التروية بالحج

ص: 382


1- يدل على أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل الصلاة صحت متعتها.
2- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لعل الأوفق بأصول الأصحاب حمله على الاستنابة في بقية الطواف وإن كان ظاهر الخبر الاجتزاء بذلك كظاهر كلام الشيخ في التهذيب (ج 1 ص 560 والعلامة في التحرير والأحوط الاستنابة.
3- سوق بدنة حمل على ما إذا كانت عالمة بالحكم واستحيت عن اظهار ذلك (المرآة) والحج بسبب أنها كانت محرمة لم تحل لان الطوافين اللذين وقع منها كانا باطلين لعدم الطهارة لكن الجماع وقع بعد الموقفين الا أن يقال عمرة التمتع بمنزلة جزء الحج فكأنها كانت في العمرة لعدم التحلل فيكون قبل المشعر كما في الرواية وقبل الموقفين كما قاله الأصحاب أو لان حجها كانت باطلة فليزم عليها حجة الاسلام لا حج العقوبة وهو الأظهر. (م ت)
4- يعنى من حلق العانة أو نتفها والنورة وغير ذلك ولما قبح ذكر بعض هذه الأشياء عبر عنه بهذه العبارة. (م ت)
5- لئلا يحصل الحيض بالتأخير. (م ت)
6- في بعض النسخ « صارت ».

وكانت عمرة وحجة ، وإن اعتللن كن على حجهن (1) ولم يفردن حجهن ».

2768 - وروى حريز ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن مرأة طافت ثلاثة أطوف أو أقل من ذلك ثم رأت دما ، فقال : تحفظ مكانها فإذا طهرت طافت منه واعتدت بما مضى » (2). وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام مثله.

قال مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - : وبهذا الحديث أفتي دون الحديث الذي رواه :

2769 - ابن مسكان ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عمن سأل أبا عبد اللّه عليه السلام « عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت ، قال : تتم طوافها وليس عليها غيره ، ومتعتها تامة ، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة لأنها زادت على النصف وقد قضت متعتها فلتستأنف بعد الحج ، وإن هي لم تطف إلا ثلاثة أشواط فلتستأنف بعد الحج فان أقام بها جمالها بعد الحج فلتخرج إلى الجعرانة أو إلى التنعيم فلتعتمر » (3).

لان هذا الحديث إسناده منقطع والحديث الأول رخصة ورحمة ، وإسناده متصل وإنما لا تسعى الحائض التي حاضت قبل الاحرام بين الصفا والمروة وتقضي المناسك

ص: 383


1- أي حج التمتع بقرينة « ولم يفردن حجهن » ويحتمل أن يكون المراد حج الافراد وقوله « ولم يفردن » أي في أول الأمر بل إن حصل العذر أفردن. (م ت)
2- قال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : يدل على الاكتفاء بالثلاث وان لم يتجاوز النصف. وحمله الشيخ على طواف النافلة وقال : ان طواف الفريضة متى نقص عن النصف يجب على صاحبه استينافه من أوله ولا يجوز البناء عليه إن كان أقل من النصف ويجوز في النافلة البناء.
3- ذكر المصنف للمعارضة خبرا واحدا مع أنه وردت أخبار كمرسل الكليني عن أحمد بن عمر الحلال عن أبي الحسن عليه السلام وما رواه في الضعيف عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي ج 4 ص 448 و 449 ، وما رواه الشيخ في الضعيف عن سعيد الأعرج عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج 1 ص 559.

كلها لأنها لا تقدر أن تقف بعرفة إلا عشية عرفة ولا بالمشعر (1) إلا يوم النحر ولا ترمي الجمار إلا بمنى (2) وهذا إذا طهرت قضته.

باب 210: الوقت الذي إذا أدركه الانسان يكون مدركا للتمتع

الوقت الذي إذا أدركه الانسان يكون مدركا للتمتع (3)

2770 - روى ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، ومرازم ، وشعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل المتمتع يدخل ليلة عرفة فيطوف ويسعى ثم يحرم (4) فيأتي منى فقال : لا بأس ».

2771 - وروى الحسين بن سعيد (5) عن حماد ، عن محمد بن ميمون قال : قدم أبو الحسن عليه السلام متمتعا ليلة عرفة فطاف وأحل وأتى بعض جواريه ، ثم أهل

ص: 384


1- لعل مراده أنه إذا حاضت قبل السعي أو قبل احرام الحج إنما تؤخر السعي وتقضيه بعد ، بخلاف مناسك الحج فإنها تفعلها حائضا لان لافعال الحج أوقاته معينة لا يمكن تجاوزها فليس لها أن تؤخرها إلى أن تطهر فهي مقدورة فيها بخلاف السعي (سلطان) أقول : روى الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 314 مسندا عن عمر بن يزيد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الطامث ، قال تقضى المناسك كلها غير أنها لا تطوف بين الصفا والمروة ، قال : قلت : فان بعض ما تقضى من المناسك أعظم من الصفا والمروة والموقف فما بالها تقضى المناسك ولا تطوف بين الصفا والمروة؟ قال : لان الصفا والمروة تطوف بهما إذا شاءت ، وان هذه المواقف لا تقدر أن تقضيها إذا فاتها ».
2- كل ذلك في الأيام المخصوصة.
3- وسيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه تعالى.
4- في الكافي ج 4 ص 443 ثم يحل ثم يحرم.
5- في أكثر النسخ « روى الحلبي عن أحدهما عن حماد ، عن محمد بن ميمون » وهو تصحيف والصواب ما في بعض النسخ كما في الكافي والتهذيب ولذا اخترناه في المتن.

بالحج وخرج (1).

2772 - وروي عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « المرأة تجئ متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت فيكون طهرها ليلة عرفة ، فقال عليه السلام : إن كانت تعلم أنها تطهر وتطوف وتحل من إحرامها وتلحق الناس بمنى فلتفعل ».

2773 - وروى النضر ، عن شعيب العقر قوفي قال : « خرجت أنا وحديد فانتهينا إلى البستان (2) يوم التروية فتقدمت على حمار فقدمت مكة وطفت وسعيت وأحللت من تمتعي ، ثم أحرمت بالحج ، وقدم حديد من الليل فكتبت إلى أبي الحسن عليه السلام استفتيته في أمره ، فكتب إلي : مره يطوف ويسعى ويحل من متعته ويحرم بالحج ويلحق الناس بمنى ولا يبيتن بمكة » (3).

2774 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل خرج متمتعا بعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلا يوم النحر ، فقال : يقيم بمكة على إحرامه ويقطع التلبية حين يدخل الحرم فيطوف بالبيت ويسعى ويلحق رأسه ويذبح شاته ، ثم ينصرف إلى أهله ، ثم قال : هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه أن يحله حيث حبسه ، فإن لم يشترط فإن عليه الحج والعمرة من قابل » (4).

ص: 385


1- أي خرج إلى منى والخبر يدل على ادراك التمتع بادراك ليلة عرفة.
2- هو وادى فاطمة أو قرية النارنج أو غيرهما ، ويوم التروية هو الثامن من ذي الحجة. (م ت)
3- النهى للكراهة لاستحباب البيتوتة بمنى مهما أمكن ولو ببعض الليل.
4- ذكر هذا الخبر في باب الاشتراط في الاحرام أو في الباب الذي بعده أنسب ، و قال في المدارك : استشكل العلامة في المنتهى بان الحج الفائت إن كان واجبا لم يسقط فرضه في العام المقبل بمجرد الاشتراط ، وان لم يكن واجبا لم يجب بترك الاشتراط ، قال : والوجه في هذه الرواية حمل الزام الحج في القابل مع ترك الاشتراط على شدة الاستحباب وهو حسن وقوله : « ويحلق رأسه » أي يأتي بعمرة مفردة ، وقوله « ويذبح شاته » الظاهر أن المراد بهادم الأضحية.

باب 211: الوقت الذي متى أدركه الانسان كان مدركا للحج

2775 - روى ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من أدرك المشعر الحرام على خمسة من الناس فقد أدرك الحج » (1).

2776 - وروى ابن أبي عمير ، عن جميل بن دارج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من أدرك الموقف بجمع يوم النحر من قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج » (2).

2777 - وروى عبد اللّه بن المغيرة ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من أدرك المشعر الحرام (3) قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج ».

ورواه إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام (4).

2778 - وروى معاوية بن عمار قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا أدرك الزوال (5) فقد أدرك الموقف ».

ص: 386


1- الظاهر أنه كناية عن ادراك آخر وقت الوقوف بالمشعر حيث ذهب الناس ، ويدل على ادراك الحج باضطراري المشعر. وفى بعض النسخ « وعليه خمسة من الناس ».
2- يعنى أنه لا يفوت حجه من حيث فوت الوقوف بالمشعر حيث أدرك وقوفه الاضطراري وهو بعد طلوع الشمس إلى الزوال ، لا أنه يكفي عن جميع المناسك. قال العلامة - رحمه اللّه - في القواعد : لو أدرك عرفة اختيارا والمزدلفة اضطرارا أو بالعكس أو أحدهما اختيارا صح حجه ، ولو أدرك الاضطراريين فالأقرب الصحة ، ولو أدرك أحد الاضطراريين خاصة بطل ويتخلل من فاته الحج بعمرة مفردة ثم يقضيه واجبا مع وجوبه كما فاته والاندبا ويسقط باقي الافعال عنه لكن يستحب له الإقامة بمنى أيام التشريق ثم يعتمر للتخلل.
3- رواه الكليني ج 4 ص 476 بزيادة ههنا وهي « وعليه خمسة من الناس ».
4- لعله رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 530 في الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن عبد اللّه بن المغيرة قال : « جاءنا رجل بمنى فقال : انى لم أدرك الناس بالموقفين جميعا فقال عبد اللّه بن المغيرة : فلا حج لك وسأل إسحاق بن عمار فلم يجبه ، فدخل إسحاق على أبى الحسن عليه السلام فسأله عن ذلك فقال : إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس فقد أدرك الحج ».
5- أي كان قبل الزوال في المشعر.

باب 212: تقديم طواف الحج وطواف النساء قبل السعي وقبل الخروج إلى منى

إلى منى (1)

2779 - روى إسحاق بن عمار ، عن سماعة بن مهران عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال : « سألته عن رجل طاف طواف الحج وطواف النساء قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال : لا يضره يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجة » (2).

2780 - وروى بان أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي الحسن عليه السلام « في تعجيل الطواف قبل الخروج إلى منى فقال : هما سواء أخر ذلك أو قدمه (3) » يعني المتمتع (4).

2781 - وروى ابن بكير ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، وروى جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنهما سألاهما « عن المتمتع يقدم طوافه وسعيه في الحج ، فقالا : هما سيان قدمت أو أخرت ».

2782 - وروى صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا إبراهيم

ص: 387


1- دأب المصنف غير دأب الأصحاب في ذكر المناسك أولا ثم بيان أحكامها بل ذكر أولا أحكامها ثم ساق المناسك لاشتمالها على الأدعية والآداب الكثيرة. (م ت)
2- حمل على الناسي وفى الجاهل خلاف ويمكن الاستدلال بهذا الخبر على عدم وجوب الإعادة عليه أيضا (المرآة) وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : يدل على عدم الاعتداد بطواف النساء إذا وقع قبل السعي ، ويؤيده ما رواه الكليني ج 4 ص 512 عن أحمد بن محمد عمن ذكره قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « جعلت فداك متمتع زار البيت فطاف طواف النساء ثم سعى؟ فقال : لا يكون السعي الا قبل طواف النساء ، فقلت : عليه شئ؟ فقال : لا يكون السعي الا قبل طواف النساء ».
3- قد حمل على ذوي الأعذار
4- الظاهر أنه من كلام حفص ويحتمل كونه من المصنف ، والأول أظهر.

عليه السلام عن المتمتع إذا كان شيخا كبيرا أو امرأة تخاف الحيض يعجل الطواف للحج قبل أن يأتي منى؟ قال : نعم من هو هكذا يعجل. قال : وسألته عن رجل يحرم بالحج من مكة ثم يرى البيت خاليا فيطوف به قبل أن يخرج ، عليه شئ؟ فقال : لا » (1).

باب 213: تأخير الزيارة

* (تأخير الزيارة) * (2)

2783 - روي عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن زيارة البيت تؤخر إلى يوم الثالث (3) ؟ فقال : تعجيلها أحب إلي وليس به بأس إن أخرته (4) ».

2784 - وفي رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بأن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر » (5).

2785 - وروى عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته

ص: 388


1- المشهور أنه يجوز للمفرد والقارن تقديم الطواف على الوقوف بعرفة اختيارا ويجوز للمتمتع اضطرارا كخوف الحيض والنفاس للاخبار : إذ الروايات المذكورة مطلقة الا رواية إسحاق بن عمار فإنها تشعر بجواز ذلك للمضطر ، ويمكن حمل ما في الروايات عليها أيضا (سلطان) أقول : روى الكليني ج 4 ص 457 خبر إسحاق وفيه زيادة « قلت : المفرد بالحج إذا طاف بالبيت وبالصفا والمروة يعجل طواف النساء؟ فقال : لا إنما طواف النساء بعد ما يأتي منى » والخبر يدل على جواز التقديم بل على وجوبه مع العذر وظاهر التتمة الاطلاق.
2- يسمى طواف الزيادة زيارة لان الحاج يأتي من منى فيزور البيت ولا يقيم بمكة بل يرجع إلى منى. والأولى أن يطوف بالبيت يوم النحر بعد الاتيان بمناسك منى ولو لم يتيسر فالحادي عشر ، ولا ينبغي تأخيره عنه وقيل بالحرمة كما في روضة المتيقن.
3- أي ثالث النحر وهو الثاني عشر.
4- يدل على جواز التأخير واستحباب التعجيل. (م ت)
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 518 بزيادة وهي « إنما يستحب تعجيل ذلك مخافة الاحداث والمعاريض ».

عن رجل نسي أن يزور البيت حتى أصبح ، فقال : لا بأس أنا ربما أخرته حتى تذهب أيام التشريق ولكن لا يقرب النساء والطيب » (1).

2786 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عمن نسي زيارة البيت حتى يرجع إلى أهله ، فقال : لا يضره إذا كان قد قضى مناسكه » (2).

2787 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس إن أخرت زيارة البيت إلى أن تذهب أيام التشريق إلا أنك لا تقرب النساء ولا الطيب ».

باب 214: حكم من نسي طواف النساء

2788 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « رجل نسي طواف النساء حتى رجع إلى أهله ، قال : يأمر أن يقضى عنه إن لم يحج فإنه لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت » (3).

ص: 389


1- قال الشيخ بعد نقله في الاستبصار ج 2 ص 291 : فالوجه في هذه الأخبار أن نحملها على غير المتمتع فإنه موسع له تأخير ذلك عن النحر وغده ، يدل على ذلك ما رواه الحسين ابن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن فضالة ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن المتمتع متى يزور البيت؟ قال : يوم النحر أو من الغد ولا يؤخر ، والمفرد والقارن ليسا سواء موسع عليهما » على أنه يكره للمتمتع تأخير ذلك أكثر من يومين وان لم يكن ذلك مفسدا للحج يدل على ذلك ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام « في زيارة البيت يوم النحر قال : زره فان شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد ولا تؤخر أن تزور من يومك فإنه يكره للمتمتع أن يؤخره وموسع للمفرد أن يؤخره ».
2- يدل على اغتفار النسيان في ترك الطواف. ولعل المراد أنه لا يفسد حجه فيعود إليه وجوبا مع المكنة ومع التعذر يستنيب كما في شرح اللمعة ، وقد حمل على طواف الوداع
3- مروى في الكافي ج 4 ص 513 بتقديم وتأخير وزيادة فيه هكذا « قال لا تحل له النساء حتى يزور البيت وقال : يأمر أن يقضى عنه ان لم يحج فان توفى قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره ».

2789 - وروى ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام بمكة فدخل عليه رجل فقال : أصلحك اللّه إن معنا امرأة حائضا ولم تطف طواف النساء ويأبى الجمال أن يقيم عليها ، قال : فاطرق وهو يقول : لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها ولا يقيم عليها جمالها ، ثم رفع رأسه إليه فقال : تمضى. فقد تم حجها » (1).

2790 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن حمران بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة أشواط بالبيت ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره ، فخرج إلى منزله فنفض (2) ثم غشي جاريته؟ قال : يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت تمام ما بقي عليه من طوافه ويستغفر ربه ولا يعود » (3).

ص: 390


1- لعله محمول على الاستنابة للعذر كما هو المقطوع به في كلام الأصحاب (المرآة) و قال سلطان العلماء : لعله محمول على عدم استطاعتها الاستنابة وعدم قدرتها على العود ، ويمكن أن يكون المراد عدم فساد حجها وان لزم عليها قضاء الطواف.
2- في بعض النسخ « فشخص » أي خرج من مكة ، وفى بعضها « فنقض » أي وضوءه ، وفى بعضها « فشقص » وفى الكافي مثل ما في المتن وقال الفيض - رحمه اللّه - « فنفض » بالفاء والضاد المعجمة كناية عن قضاء الحاجة - انتهى. ولعل النفض كناية عن التغوط كأنه ينفض عن نفسه النجاسة أو عن الاستنجاء. في النهاية « ابغنى أحجارا أستنفض بها » أي استنجى بها وهو من نفض الثوب لان المستنجى ينفض عن نفسه الأذى بالحجر أي يزيله ويدفعه.
3- زاد في الكافي ج 4 ص 379 « وإن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشى فقد أفسد حجه وعليه بدنة ويغتسل ثم يعود فيطوف أسبوعا » وقال في المدارك بعد ايراد تلك الرواية : هي صريحة في انتفاء الكفارة بالوقاع بعد الخمسة بل مقتضى مفهوم الشرط في قوله « وإن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط » الانتفاء إذا وقع ذلك بعد تجاوز الثلاثة ، وما ذكره في المنتهى من أن هذا المفهوم معارض بمفهوم الخمسة غير جيد إذ ليس هناك مفهوم وإنما وقع السؤال عن تلك المادة والاقتصار في الجواب على بيان حكم المسؤول عنه لا يقتضى نفى الحكم عما عداه ، والقول بالاكتفاء في ذلك بمجاوزة النصف للشيخ في النهاية ونقل عن ابن إدريس انه اعتبر مجاوزة النصف في صحة الطواف والبناء عليه لا سقوط الكفارة ، وما ذكره ابن إدريس من ثبوت الكفارة قبل اكمال السبع لا يخلو من قوة وإن كان اعتبار الخمسة لا يخلو من رجحان.

2791 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل نسي طواف النساء ، قال : إذا زاد على النصف وخرج ناسيا أمر من يطوف عنه ، وله أن يقرب النساء إذا زاد على النصف » (1).

وروي فيمن ترك طواف النساء أنه إن كان طاف طواف الوداع فهو طواف النساء (2).

باب 215: انقضاء مشى الماشي

2792 - روى الحسين بن سعيد ، عن إسماعيل بن همام المكي ، عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عليهما السلام قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام « في الذي عليه المشي إذا رمى الجمرة زار البيت راكبا » (3).

ص: 391


1- أي لا يفسد حجه بالمواقعة لما تقدم.
2- روى الكليني ج 4 ص 513 في الموثق كالصحيح وكذا الشيخ في التهذيب عن إسحاق ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام. قال : « لولا ما من اللّه عزوجل على الناس من طواف النساء لرجع الرجل إلى أهله وليس يحل له أهله » ومعناه ظاهر والأظهر طواف الوداع بدل طواف النساء كما في التهذيب ويظهر من كلام المصنف هنا. وحمل على من نسي طواف النساء وطاف طواف الوداز. وقال الفيض - رحمه اللّه - : يعنى أن العامة وان لم يوجبوا طواف النساء ولا يأتون به الا أن طوافهم للوداع ينوب مناب طواف النساء وبه تحل لهم النساء ، وهذا مما من اللّه تعالى به عليهم ، أو المراد من نسي طواف النساء وطاف طواف الوداع فهو قائم له مقامه بفضل اللّه ومنه في حل النساء وان لزمه التدارك - انتهى ، وقال الأستاذ : الالتزام به بالنسبة إلى العارف المعتقد وجوب هذا الطواف مشكل ، وقال في كشف اللثام « يمكن اختصاصه بالعامة الذين لا يعرفون وجوب طواف النساء والمنة على المؤمنين بالنسبة إلى نسائهم الغير العارف منهن » أقول : وهكذا بالنسبة إلى طهارة مولد من يستبصر منهم وقد كان متولدا من أب لم يطف طواف النساء.
3- زاد في الكافي ج 4 ص 457 « وليس عليه شئ ». وقوله « زار البيت راكبا » هذا يحتمل أمرين أحدهما أراد زيارة البيت لطواف الحج لأنه المعروف بطواف الزيارة وهذا يخالف القولين معا (أن آخره منتهى أفعاله الواجبة وهي رمى الجمار ، والآخر - وهو المشهور - أن آخره طواف النساء) فليزم اطراحها ، والثاني أن يحمل رمى الجمار على الجمير. ويحتمل زيارة البيت على معناه اللغوي أو على طواف الوداع ونحوها وهذا هو الأظهر. كذا ذكره سلطان العلماء - رحمه اللّه - في حواشي شرح اللمعة. وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - ظاهره جمرة العقبة كما رواه علي بن أبي حمزة (في الكافي ج 4 ص 456) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته متى ينقطع مشى الماشي؟ قال : إذا رمى جمرة العقبة وحلق رأسه فقد انقطع مشيه فليزر راكبا » ويمكن أن يكون الوجه خروجه من الاحرام وكان الركوب مرجوحا فتحلل منه أيضا.

2793 - وروي « أن من نذر أن يمشي إلى بيت اللّه حافيا مشى ، فإذا تعب ركب » (1).

2794 - وروي « أنه يمشي من خلف المقام » (2).

باب 216: حكم من قطع عليه الطواف بصلاة أو غيرها

2795 - روى يونس بن يعقوب قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رأيت في ثوبي شيئا من دم وأنا أطوف ، قال : فاعرف الموضع ثم اخرج فاغسله ، ثم عد فابن

ص: 392


1- رواه الكليني في الحسن كالصحيح ج 4 ص 458 عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وظاهره عدم انعقاد النذر في الحفاء لعدم رجحانه ، بل يجب عليه المشي على أي وجه كان لرجحانه ، ويحتمل على بعد أن يكون المراد فليمش حافيا والأول موافق لما فهمه الأصحاب وقال في الدروس : لا ينعقد نذر الحفاء في المشي (المرآة) وقال المولى المجلسي : يدل على مرجوحية الحفاء وعلى تعلق النذر بالمطلق إذا كان القيد مرجوحا.
2- قال الفيض - رحمه اللّه - لعل المراد بالمشي من خلف المقام مشيه من خلف مقام إبراهيم نحو البيت والاجتزاء به فإنه أقل ما يفي به نذره ولهذا اقتصر عليه. وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : يمكن أن يكون المراد به أنه إذا تعلق النذر بالحج فلا يجب عليه المشي في العمرة بل يمشى بعدما أحرم بالحج من مقام إبراهيم عليه السلام إلى أن يرمى الجمرة وأن يكون المراد به أنه ما لم يأت إلى المسجد الحرام للطواف فهو في الاحرام وهو مقدمة الحج فإذا وصل إلى الطواف فيطوف ماشيا ويصلى ثم يشرع في المشي إلى انقضائه ، هذا إذا لم يكن مراده في النذر مشى الطريق كما هو المتعارف أن من ينذر الحج ماشيا يقصد به الطريق بل لا يخطر بباله أصل العمرة والحج.

على طوافك » (1).

2796 - وروى ابن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كان في طواف النساء (2) فأقيمت الصلاة ، قال : يصلي معهم الفريضة (3) فإذا فرغ بنى من حيث بلغ (4).

2797 - وفي نوادر ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام أنه

ص: 393


1- يدل على وجوب طهارة الثوب أو استحبابها في الطواف وعدم الإعادة في صورة الجهل أو النسيان وفى هامش الوافي : « يمكن أن يستأنس به لاشتراط الطهارة من الخبث واختلفوا فيه وذهب ابن الجنيد وابن حمزة إلى كراهية الطواف في الثوب النجس سواء كانت النجاسة معفوا عنها أم لا قاله الفاضل التوني في حاشية الروضة » وفى التهذيب باسناده عن يونس بن يعقوب قال « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف ، قال : ينظر الموضع الذي رأى فيه الدم فيعرفه ثم يخرج فيغسله ، ثم يعود فيتم طوافه » و عن البزنطي ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « رجل في ثوبه دم مما لا تجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه ، فقال : أجزأه الطواف فيه ثم ينزعه ويصلى في ثوب طاهر » وقوله « فابن على طوافك » سواء تجاوز عن النصف أو لا ، ويمكن تخصيصه بالأول.
2- في الكافي ج 4 ص 415 ، في طواف الفريضة لكن مروى في التهذيب عن محمد بن يعقوب كما في المتن.
3- يعنى مع العامة تقية ولا يدل على الجواز أو الرجحان بدونها وظاهره الوجوب (م ت) وصرح المحقق في النافع بجواز القطع لصلاة الفريضة والبناء وان لم يبلغ النصف وربما ظهر من كلام العلامة في المنتهى دعوى الاجماع على ذلك فما ذكره الشهيد من نسبة هذا القول إلى الندرة عجيب. (المدارك).
4- كذا في جميع النسخ التي عندنا « والصواب » من حيث قطع كما في الكافي والتهذيب ج 1 ص 481 وهامش نسخة مما عندي من نسخ الفقيه.

قال : « في الرجل يطوف فتعرض له الحاجة ، قال : لا بأس بأن يذهب في حاجته أو حاجة غيره ويقطع الطواف ، وإذا أراد أن يستريح في طوافه (1) ويقعد فلا بأس به فإذا رجع بنى على طوافه وإن كان أقل من النصف » (2).

2798 - وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه وبقي عليه بعضه (3) فيخرج من الطواف إلى الحجر أو إلى بعض المسجد إذا كان لم يوتر فيوتر فيرجع فيتم طوافه أفترى ذلك أفضل أم يتم الطواف ثم يوتر وإن أسفر بعض الاسفار؟ فقال : ابدأ بالوتر واقطع الطواف إذا خفت ثم ائت الطواف » (4).

2799 - وروى ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام « فيمن كان يطوف بالبيت فيعرض له دخول الكعبة فدخلها ، قال : يستقبل طوافه » (5).

ص: 394


1- قوله « في طوافه » كذا ، وليس في التهذيبين ولا في روضة المتقين.
2- قوله « فإذا رجع بنى على طوافه » مبنى على كون طوافه طواف نافلة لورود أخبار بأن من قطع طواف الفريضة إن كان تجاوز النصف فليبن وان لم يتجاوز فليستأنف ، منها حسنة أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل طاف شوطا أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة ، فقال : إن كان طواف نافلة بنى عليه وإن كان طواف فريضة لم يبن عليه » واطلاق بعض الأخبار يقتضى جواز القطع في طواف الفريضة والبناء مطلقا إن كان لحاجة ولعل الاستيناف في طواف الفريضة أحوط وأحوط منه الاتمام ثم الاستيناف ان لم يتجاوز النصف.
3- زاد في الكافي ج 4 ص 415 ههنا « فيطلع الفجر » ولعل المراد به الفجر الأول.
4- في الكافي والتهذيب « ثم أتم الطواف » ولعل السهو من النساخ ، فيدل على جواز القطع للوتر إذا خاف فوت الوقت بالاسفار والتنوير ، وعلى البناء على الطواف وان لم يتجاوز النصف. (م ت)
5- يدل على إعادة الطواف لو قطعه لدخول البيت سواء كان قبل مجاوزة النصف أو بعده ويؤيده ما في الكافي ج 4 ص 414 في الموثق كالصحيح عن عمران الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط من الفريضة ثم وجد خلوة من البيت فدخله كيف يصنع؟ فقال : يقضى طوافه وقد خالف السنة فليعد طوافه » والسؤال وإن كان قبل مجاوزة النصف لكن الاعتبار بعموم الجواب ، والتقييد بمخالفة السنة أي لم يقطعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله والأئمة عليهم السلام لدخول البيت ، ويمكن أن يكون المراد بمخالفة السنة القطع قبل مجاوزة النصف وهكذا فهمه أكثر الأصحاب وحملوا الاطلاق عليه ، لكن الأول أظهر وإن كان الأحوط البناء بعد المجاوزة والإعادة خروجا من الخلاف وعملا بالاخبار مهما أمكن (م ت)

2800 - وروى حماد بن عثمان ، عن حبيب بن مظاهر (1) قال : « ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا واحدا ، فإذا إنسان قد أصاب أنفي فأدماه فخرجت فغسلته ، ثم جثت فابتدأت الطواف فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال : بئسما صنعت كان ينبغي لك أن تبني على ما طفت ، ثم قال : إما أنه ليس عليك شئ » (2).

2801 - وروي عن صفوان الجمال قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يأتي أخاه وهو في الطواف ، فقال : يخرج معه في حاجته ثم يرجع ويبني على على طوافه » (3).

باب 217: السهو في الطواف

2802 - روى صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة فبينا هو يطوف إذ ذكر أنه قد ترك بعض طوافه بالبيت ، قال : يرجع إلى البيت ويتم طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي » (4).

ص: 395


1- مجهول لكن لا يضر لاجماع العصابة على صحة ما صح عن حماد. وتوهم أن المراد بأبي عبد اللّه ، الحسين بن علي عليهما السلام وبحبيب حبيب بن مظاهر المشهور في غاية البعد.
2- يدل على البناء لإزالة النجاسة ولو كان قبل المجاوزة وعلى معذورية الجاهل فإنه لو لم يكن معذورا لكان الواجب عليه الإعادة لزيادة الشوط عمدا كما سيجيئ. (م ت)
3- حمل على النافلة لما في الكافي ج 4 ص 413 في الحسن كالصحيح عن أبان بن تغلب وقد تقدم ص 394.
4- يدل على البناء في الطواف والسعي وان لم يتجاوز النصف وهو أحد القولين في المسألة ذهب إليه الشيخ في التهذيب والمحقق في النافع والعلامة في جملة من كتبه. والقول الاخر - وهو الأشهر بين المتأخرين - أنه ان تجاوز النصف في الطواف والسعي يبنى عليهما والا يستأنفهما ، ثم إن ظاهر الخبر أنه لا يعيد ركعتي الطواف مع البناء وكلام الأكثر في ذلك مجمل. (المرآة)

2803 - وروي عن أبي أيوب قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط طواف الفريضة قال : فليضم إليها ستا ثم يصلى أربع ركعات » (1).

وفي خبر آخر (2) إن الفريضة هي الطواف الثاني والركعتان الأوليان لطواف الفريضة ، والركعتان الاخريان والطواف الأول تطوع (3).

2804 - وفي رواية القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل وأنا حاضر عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط ، فقال : نافلة أو فريضة؟ فقال : فريضة ، قال : يضيف إليها ستة فإذا فرغ صلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام ثم يخرج إلى الصفا والمروة ويطوف بهما ، فإذا فرغ صلى ركعتين أخراوين فكان طواف نافلة وطواف فريضة ».

2805 - وروي عن الحسن بن عطية (4) قال : « سأله سليمان بن خالد وأنا

ص: 396


1- « فليضم إليها ستا » ليصير طوافين ويكون الأول فريضة والثاني نافلة ، « ثم يصلى أربع ركعات » أي بعد الطواف أو ركعتين للفريضة بعده وركعتين للنافلة بعد السعي ، وحمل على الزيادة ناسيا. (م ت)
2- يعنى يستفاد من خبر آخر.
3- قال صاحب المدارك : لم نقف على هذه الرواية مسندة ولعله أشار بها إلى رواية زرارة. وهي ما رواه الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 219 في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام أو أبى عبد اللّه عليه السلام (كما في التهذيب) قال : « ان عليا عليه السلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف إليها ستا ، ثم صلى ركعتين خلف المقام ثم خرج إلى الصفا والمروة فلما فرغ من السعي بينهما رجع فصلى ركعتين اللتين تركه في المقام الأول ». ثم قال السيد (رحمه اللّه) : مقتضى هذه الرواية وقوع السهو من الإمام عليه السلام وقد قطع ابن بابويه بامكانه. وفيه دلالة على ايقاع صلاة الفريضة قبل السعي وصلاة النافلة بعده.
4- الحسن بن عطية الحناط كوفي مولى ثقة روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام. ولم يذكر المصنف طريقه إليه لكن رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 487 في الصحيح والكليني في الكافي ج 4 ص 418 في الحسن كالصحيح.

معه عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : وكيف يطوف ستة أشواط؟ فقال : استقبل الحجر ، فقال : اللّه أكبر وعقد واحدا (1) ، فقال : يطوف شوطا ، قال سليمان : فإن فاته ذلك حتى أتى أهله؟ قال : يأمر من يطوف عنه » (2).

2806 - وروى عنه رفاعة أنه قال « في رجل لا يدري ستة طاف أو سبعة ، قال : يبني على يقينه » (3).

2807 - وسئل (4) « عن رجل لا يدري ثلاثة طاف أو أربعة ، قال : طواف نافلة أو فريضة؟ قال : أجبني فيهما جميعا قال : إن كان طواف نافلة فابن على ما شئت ، وإن كان طواف فريضة فأعد الطواف ». فان طفت بالبيت طواف الفريضة ولم تدر ستة طفت أو سبعة فأعد طوافك ، فإن خرجت وفاتك ذلك فليس عليك شئ (5)

ص: 397


1- أي كان منشأ غلطه أنه حين ابتدأ الشوط عقد واحدا ، فلما كملت الستة عقد السبعة فظن أنه قد أكمل السبعة.
2- يدل على أنه إذا ترك الشوط الواحد ناسيا ورجع إلى أهله لا يلزمه الرجوع ويأمر من يطوف عنه ، وعدى المحقق وجماعة هذا الحكم إلى كل من جاز النصف وقال في المدارك : هذا هو المشهور ولم أقف على رواية تدل عليه ، والمعتمد البناء إن كان المنقوص شوطا واحدا وكان النقص على وجه الجهل والنسيان والاستيناف مطلقا في غيره - انتهى ، ويظهر من كلام العلامة في التحرير أنه أيضا اقتصر على مورد الرواية ولم يتعد (المرآة) وقال المولى المجلسي : قوله « حتى أتى أهله » أي رجع إلى بلده ولا يمكنه أو يتعسر عليه الذهاب إلى مكة فيستنيب من يطوف عنه هذا الشوط المنسى ، والأحوط أن يبلى النائب به محرما.
3- أي على الأقل ويحمل على النافلة أو على البطلان والإعادة حتى يحصل له اليقين.(م ت)
4- يمكن أن يكون تتمة خبر رفاعة فيكون صحيحا وأن يكون خبرا آخر. (م ت)
5- يؤيده في الكافي ج 4 ص 416 في الصحيح عن منصور بن حازم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طاف طواف الفريضة فلم يدر ستة أم سبعة ، قال : فليعد طوافه ، قلت : ففاته؟ قال : ما أرى عليه شيئا والإعادة أحب إلى وأفضل ». وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لا خلاف بين الأصحاب في أنه لا عبرة بالشك بعد الفراغ من الطواف مطلقا ، والمشهور أنه لو شك في النقصان في أثناء الطواف يعيد طوافه إن كان فرضا وذهب المفيد وعلي بن بابويه وأبو الصلاح وابن الجنيد وبعض المتأخرين إلى أنه يبنى على الأقل وهو قوى ، ولا يبعد حمل أخبار الاستيناف على الاستحباب بقرينة قوله عليه السلام « ما أرى عليه شيئا » بأن يحمل على أنه قد أتى بما شك فيه أو على أن حكم الشك غير حكم ترك الطواف رأسا ، وربما يحمل على أنه لا يجب عليه العود بنفسه بل يبعث نائبا وعوده بنفسه أفضل ، ولا يخفى بعده. وقال المحقق الأردبيلي - قدس سره - : لو كانت الإعادة واجبة لكان عليه شئ ولم يسقط بمجرد الخروج وفوته فالحمل على الاستحباب حمل جيد.

باب 218: ما يجب على من اختصر شوطا في الحجر

ما يجب على من اختصر شوطا في الحجر (1)

2808 - روى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر كيف يصنع؟ قال : يعيد الطواف الواحد » (2).

2809 - وفي رواية معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه قال : « من اختصر في الحجر

ص: 398


1- المراد به أنه يجب أن يكون الطواف حول البيت والحجر ، لا بمعنى أن الحجر داخل في البيت لما تقدم في الأخبار الصحيحة أنه ليس من البيت ولا قلامة ظفر منه بل لأنه كما يجب على الطائف الطواف بالبيت كذلك يجب أن يطوف على حجر إسماعيل تعبدا أو تأسيا بالنبي صلى اللّه عليه وآله والأئمة عليهم السلام ، فلو دخل في الحجر وخرج منه وطاف على الكعبة فقط كان ذلك الشوط باطلا ويجب الاتيان بشوط آخر من الركن الذي فيه الحجر الأسود كما ابتدء أولا ويختم به. (م ت)
2- مروى في التهذيب ج 1 ص 477 وفيه « يعيد ذلك الشوط » ، قال في المدارك : هل يجب على من اختصر شوطا في الحجر إعادة ذلك الشوط وحده أو إعادة الطواف من رأس ، الأصح الأول لصحيحة الحلبي حيث قال : « يعيد ذلك الشوط » ونحوه روى الحسن بن عطية (في المصدر) ولا يكفي اتمام الشوط من موضع سلوك الحجر بل يجب البداءة من الحجر الأسود لأنه الظاهر من الشوط ، ولقوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمار « فليعد طوافه من الحجر الأسود » ، ولا ينافي ما ذكرنا من الاكتفاء بإعادة الشوط خاصة رواية إبراهيم بن سفيان الآتية لأنه غير صريح في توجه الامر إلى إعادة الطواف من أصله فيحتمل تعلقه بإعادة ذلك الشوط.

الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود » (1).

2810 - وروى الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن سفيان قال : « كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام امرأة طافت طواف الحج فلما كانت في الشوط السابع اختصرت فطافت في الحجر وصلت ركعتي الفريضة وسعت وطافت طواف النساء ثم أتت منى؟ فكتب عليه السلام : تعيد » (2).

باب 219: ما جاء في الطواف خلف المقام

ما جاء في الطواف خلف المقام (3)

2811 - روى أبان ، عن محمد بن علي الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الطواف خلف المقام ، قال : ما أحب ذلك وما أرى به بأسا ، فلا تفعله إلا أن لا تجد منه بدا » (4).

باب 220: ما يجب على من طاف أو قضى شيئا من المناسك على غير وضوء

2812 - روي عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « لا بأس بأن

ص: 399


1- ظاهره الاكتفاء بإعادة الشوط ، ويدل على أنه لا يكفي اتمام الشوط من حيث سلوك الحجر بل لا بد من الرجوع إلى الحجر واستيناف الشوط كما ذكره الأصحاب. (المرآة).
2- يحتمل تعلقه بإعادة الطواف من أصله أو بإعادة ذلك الشوط كما مر.
3- المشهور بين الأصحاب أنه لا بد أن يكون الطواف بين البيت والمقام ويكون من المسافة من الجوانب الثلاثة الأخر أيضا بمقدار تلك المسافة ، والمسافة جانب الحجر من الحجر لا من الكعبة فلو بعد عن تلك المسافة ولو بخطوة كان باطلا. (م ت)
4- « ما أرى به بأسا » أي في الضرورة أو مطلقا « الا أن لا تجد منه بدا » ظاهره كراهة الخروج عن الحد وحمل على الحرمة ، أو في النافلة والاحتياط ظاهر. (م ت)

تقضي المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف بالبيت ، والوضوء أفضل » (1).

2813 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن رجل طاف الفريضة وهو على غير طهر ، قال : يتوضأ ويعيد طوافه ، فإن كان تطوعا توضأ (2) وصلى ركعتين ».

2814 - وفي رواية عبيد بن زرارة عنه عليه السلام أنه قال : « لا بأس بأن يطوف الرجل النافلة على غير وضوء ثم يتوضأ ويصلي ، وإن طاف متعمدا على غير وضوء فليتوضأ وليصل » (3) ومن طاف تطوعا وصلى ركعتين على غير وضوء فليعد الركعتين ولا يعد الطواف.

2815 - وروى صفوان ، عن يحيى الأزرق قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « رجل سعى بين الصفا والمروة فسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم بال ثم أتم سعيه بغير وضوء ، فقال : لا بأس ولو أتم مناسكه بوضوء كان أحب إلي » (4).

ص: 400


1- أجمع الأصحاب على اشتراط الطهارة في الطواف الواجب ، واختلفوا في المندوب والمشهور عدمه والاستحباب كما في سائر المناسك ، وقوله : « والوضوء أفضل » أي في غير الطواف بقرينة استثناء الطواف (م ت) ونقل عن أبي الصلاح الاشتراط لاطلاق بعض الروايات.
2- يدل كالسابق على اشتراط الطهارة في الواجب دون المندوب وعلى اشتراطها للصلاة المندوبة. (م ت)
3- لعل هذا لرفع توهم أن الكلام السابق مخصوص بالسهو (سلطان) والخبر في التهذيب ج 1 ص 480 إلى هنا. والباقي يمكن أن يكون من تتمة الخبر أو من كلام المصنف أخذه من صحيحة حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل طاف تطوعا وصلى ركعتين وهو على غير وضوء ، فقال : يعيد الركعتين ولا يعيد الطواف » راجع التهذيب ج 1 ص 480.
4- نقل عن ابن أبي عقيل القول بوجوب الطهارة للسعى والمشهور الاستحباب.

باب 221: ما جاء في طواف الأغلف

2816 - روى حريز ، وإبراهيم بن عمر قالا : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « لا بأس بأن تطوف المرأة غير مخفوضة فأما الرجل فلا يطوف الا مختونا » (1).

2817 - وروى ابن مسكان ، عن إبراهيم بن ميمون عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل الذي يسلم فيريد أن يختتن وقد حضر الحج أيحج أو يختتن؟ قال : لا يحج حتى يختتن » (2).

باب 222: القران بين الأسابيع

القران بين الأسابيع (3)

2818 - روى ابن مسكان ، عن زرارة قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إنما يكره أن يجمع الرجل بين السبوعين (4) والطوافين في الفريضة ، فأما في النافلة فلا بأس » (5)

ص: 401


1- اشتراط الاختتان مقطوع به في كلام الأصحاب ، ونقل عن ابن إدريس أنه توقف في هذا الحكم ، وقيل يسقط مع التعذر ويحتمل اشتراطه مطلقا فتأمل (سلطان) والخبر يدل على الوجوب للرجال والاستحباب للنساء ، وخفض الجواري بمنزلة الختان للرجال.
2- ظاهره الاشتراط لان النهى عن العبادة مستلزم للفساد. (م ت)
3- المراد بالقران على ما ذكره الأصحاب الزيادة على السبع وإن كان خطوة أو أقل وقالوا بحرمتها في الفريضة وكراهتها في النافلة ، وظاهر الاخبار يدل على أن المراد الاتيان بطوافين بدون صلاته في البين. (م ت)
4- في النهاية : في الحديث انه طاف بالبيت أسبوعا أي سبع مرات ومنه الأسبوع للأيام السبعة ويقال له : سبوع - بلا ألف - لغة فيه قليلة ، وقيل : هو جمع سبع أو سبع كبرد وبرود وضرب وضروب.
5- قال في المدارك : حكم المحقق في النافع وغيره بكراهة القران في النافلة وعزى تحريمه وبطلان الطواف به في الفريضة إلى الشهرة. ونقل عن الشيخ رحمه اللّه أنه حكم بالتحريم خاصة في الفريضة ، وعن ابن إدريس أنه حكم بالكراهة ، والمستفاد من صحيحة زرارة كراهة القران في الفريضة دون النافلة ، ويمكن أن يقال بالكراهة في النافلة أيضا وحمل هذا الخبر وخبر عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام « إنما يكره القران في الفريضة فأما النافلة فلا واللّه ما به بأس » على التقية كما تدل عليه صحيحة صفوان والبزنطي قالا : « سألناه عن قران الطواف السبوعين والثلاثة ، قال : لا إنما هو سبوع وركعتان ، وقال : كان أبى يطوف مع محمد بن إبراهيم فيقرن وإنما كان ذلك منه لحال التقية ».

2819 - وقال زرارة : « ربما طفت مع أبي جعفر عليه السلام وهو ممسك بيدي الطوافين والثلاثة ثم ينصرف ويصلي الركعات ستا » (1).

وكلما قرن الرجل بين طواف النافلة صلى لكل أسبوع أسبوع ركعتين ركعتين (2).

باب 223: طواف المريض والمحمول من غير علة

2820 - روى محمد بن مسلم قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : حدثني أبي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله طاف على راحلته واستلم الحجر بمحجنه (3) وسعى عليها بين الصفا والمروة ».

2821 - وفي خبر آخر « إنه كان يقبل المحجن » (4).

ص: 402


1- كذا في جميع النسخ وفى التهذيب ج 1 ص 581 في الصحيح عن زرارة قال : « طفت مع أبي جعفر عليه السلام ثلاثة عشر أسبوعا قرنها جميعا وهو آخذ بيدي ثم خرج فتنحى ناحية فصلى ستا وعشرين ركعة وصليت معه » والظاهر الصواب ما في التهذيب لعدم التناسب بين قوله « الطوافين والثلاثة » وبين قوله : يصلى ست ركعات.
2- تقدم في الاخبار ما يدل عليه.
3- المحجن - كمنبر - عصا معوجة الرأس كالصولجان.
4- في الكافي ج 4 ص 429 في الصحيح عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : طاف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على ناقته العضباء وجعل يستلم الأركان بمحجنه ويقبل المحجن » وفى بعض نسخ الفقيه « يقبل الحجر » وزاد في بعضها « بمحجنه ».

2822 - وروي عن أبي بصير « أن أبا عبد اللّه عليه السلام مرض فأمر غلمانه أن يحملوه ويطوفوا به ، فأمرهم أن يخطوا برجله الأرض حتى تمس الأرض قدماه في الطواف ».

وفي رواية محمد بن الفضيل ، عن الربيع بن خثيم (1) أنه كان يفعل ذلك كلما بلغ إلى الركن اليماني (2).

2823 - وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام « عن المريض المغلوب يطاف عنه بالكعبة؟ فقال : لا ولكن يطاف به » (3).

وقد روى عنه حريز رخصة في أن يطاف عنه وعن المغمى عليه ويرمى عنه (4).

ص: 403


1- ضبطه المولى المجلسي - كزبير - وهو اما أن يكون الذي هو من الزهاد الثمانية فالمراد بأبي عبد اللّه السبط الشهيد المفدى عليه السلام لأنه مات قبل السبعين ولم يدرك الصادق عليه السلام واما أن يكون غيره فهو مجهول وعلى الأول يكون مرسلا عن محمد بن الفضيل وهو بعيد جدا.
2- الخبر في الكافي ج 4 ص 422 عن محمد بن الفضيل عن الربيع بن خثيم قال « شهدت أبا عبد اللّه عليه السلام وهو يطاف به حول الكعبة في محمل وهو شديد المرض فكان كلما بلغ الركن اليماني أمرهم فوضعوه بالأرض ، فأخرج يده من كوة المحمل حتى يجرها على الأرض ثم يقول ارفعوني ، فلما فعل ذلك مرارا في كل شوط ، قلت له : جعلت فداك يا ابن رسول اللّه ان هذا يشق عليك. فقال : انى سمعت اللّه عزوجل يقول : « ليشهدوا منافع لهم » فقلت : منافع الدنيا أو منافع الآخرة؟ فقال : الكل ». والخبر كما ترى مفاده مغاير لخبر أبي بصير المتقدم وكأن المؤلف رضوان اللّه عليه غفل عن عدم توافق الخبرين.
3- يحمل المغلوب على من اشتد مرضه وغلب عليه لا المغلوب على عقله لكنه بعيد.
4- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 481 و 482 في الصحيح عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المريض المغمى عليه يرمى عنه ويطاف به ، قال : وسألته عن الرجل يطاف به ويرمى عنه قال : نعم إذا كان لا يستطيع ». وقال في المرآة لا خلاف بين الأصحاب في أن من لم يتمكن من الطواف بنفسه يطاف به فإن لم يمكن ذلك اما لأنه لا يستمسك الطهارة أو لأنه يشق عليه مشقة شديدة يطاف عنه ، وحمل المبطون والكسير الواردين في خبر عمار على ما هو الغالب فيهما من أن الأول لا يستمسك الطهارة والثاني يشق عليه تحريكه مشقة شديدة ويحمل ما ورد من أنه يطاف بالكسير على ما إذا لم يكن كذلك رفعا للتنافي بين الاخبار.

2824 - وفي رواية معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال : « الكسير يحمل فيرمي الجمار ، والمبطون يرمى عنه ويصلى عنه ».

وقد روى معاوية عنه عليه السلام رخصة في الطواف والرمي عنهما (1).

2825 - وقال : « في الصبيان يطاف بهم ويرمى عنهم » (2).

باب 224: ما يجب على من بدأ بالسعي قبل الطواف أو طاف وأخر السعي

ما يجب على من بدأ بالسعي قبل الطواف أو طاف وأخر السعي (3)

2826 - روى صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة فبينا هو يطوف إذ ذكر أنه قد ترك من طوافه بالبيت ، فقال : يرجع إلى البيت فيتم طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي ، قلت : فإنه بدأ بالصفا والمروة قبل أن يبدأ بالبيت؟ قال : يأتي البيت فيطوف به ثم يستأنف طوافه بين الصفا والمروة ، قلت : فما الفرق بين هذين؟ قال : لان هذا قد دخل في شئ من الطواف وهذا لم يدخل في شئ منه » (4).

ص: 404


1- روى الكليني في الكافي ج 4 ص 422 في الحسن كالصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج ومعاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى عنهما الجمار ».
2- في الكافي ج 4 ص 422 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الصبيان يطاف بهم ويرمى عنهم - إلى آخر الحديث ».
3- لا ريب في وجوب الابتداء بالطواف قبل السعي للتأسي ولاخبار كثيرة تقدمت ، والمشهور بين الأصحاب جواز تأخير السعي للاستراحة إلى يوم آخر. (م ت)
4- هو صريح في أنه إذا تلبس بشئ من الطواف ثم دخل في السعي سهوا لا يستأنفهما كما مر ، وأما إذا لم يتلبس بالطواف وبدأ بالسعي فيدل الخبر على أنه لا يعتد بالسعي ويأتي بالطواف و يعيد السّعى، و قطع به في الدروس و قال فيه: قال ابن الجنيد: لو بدأ بالسعى-- قبل الطواف أعاده بعده فان فاته ذلك قدم. و المشهور وجوب الإعادة مطلقا( المرآة) و قال في المدارك في قوله« لان هذا قد دخل في شي ء»: هذا التعليل كالصريح في عدم الفرق بين تجاوز النصف و عدمه لكن الرواية قاصرة من حيث السند فيمكن المصير الى ما اعتبره القوم من التقييد إذا الظّاهر أنّه لا خلاف في البناء مع تجاوز النصف و مع ذلك فلا ريب أن الاتمام ثمّ الاستيناف طريق الاحتياط.

2827 - وسأله عبد اللّه بن سنان « عن الرجل يقدم حاجا وقد اشتد عليه الحر فيطوف بالكعبة ويؤخر السعي إلى أن يبرد ، فقال : لا بأس به وربما فعلته » (1)

8826 - وفي حديث آخر : « يؤخره إلى اليل » (2).

2829 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيا أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد؟ قال : لا » (3).

2830 - وسأله رفاعة « عن الرجل يطوف بالبيت فيدخل وقت العصر أيسعى قبل أن يصلي أو يصلي قبل أن يسعى؟ قال : لا بأس أن يصلي ثم يسعى » (4).

ص: 405


1- يدل على تأخير السعي مع ايقاعه في يوم الطواف ولا خلاف فيه ، قال في الدروس لا يجوز تأخير السعي عن يوم الطواف إلى الغد في المشهور الا لضرورة فلو أخره أثم وأجزأ ، و قال المحقق يجوز تأخيره إلى الغد ولا يجوز عن الغد ، والأول مروى وفى خبر عبد اللّه بن سنان يجوز تأخيره إلى الليل. (المرآة)
2- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 483 خبر عبد اللّه بن سنان وزاد « قال - يعنى عبد اللّه - : ربما رأيته يؤخر السعي إلى الليل » وقال المولى المجلسي : يمكن أن يكون في كتاب عبد اللّه خبرين أحدهما مع الزيادة والآخر بدونها كما يقع كثيرا ، منها خبر إسحاق المتقدم فان المشايخ الثلاثة ذكروه في كتبهم مع الزيادة وبدونها.
3- رواه الكليني عن العلاء فيمكن أن يكون سمعه من شيخه أولا وبعد ما أدرك الإمام عليه السلام سأله عنه أيضا ، ويدل الخبر على عدم التأخير من يوم إلى آخر ، ويحتمل الكراهة كما قال بها بعض الأصحاب والاحتياط ظاهر. (م ت)
4- كذا وفى الكافي ج 4 ص 421 « لا بل يصلى ثم يسعى » ولا يخفى اختلاف المفهومين فما في الفقيه يدل على جواز تقديم الصلاة ، وما في الكافي يدل على وجوبه.

باب 225: الرجل يطوف عن الرجل وهو غائب أو شاهد

الرجل يطوف عن الرجل وهو غائب أو شاهد (1)

2831 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : إذا أردت أن تطوف عن أحد (2) من إخوانك فائت الحجر الأسود وقل : « بسم اللّه اللّهم تقبل من - فلان - » (3).

2832 - وسأله يحيى الأزرق (4) « عن الرجل يصلح له أن يطوف عن أقاربه؟ فقال : إذا قضى مناسك الحج فليصنع ما شاء » (5).

ولا يجوز للرجل إذا كان مقيما بمكة ليست به علة أن يطوف عنه غيره (6).

ص: 406


1- يجوز الطواف تبرعا عن الحاضر والغائب لعموم الاخبار ، وكذا صلاة الطواف ولا يطوف نيابة في الواجب الا مع العذر وقد تقدم. (م ت)
2- مطلقا مستحبا كان أو واجبا.
3- ويسمى باسمه ، وان أضمر جاز لما سيجيئ.
4- رواه الكليني ج 4 ص 311 في الصحيح عن يحيى عن أبي الحسن عليه السلام وهو الكاظم ولم يتقدم ذكره عليه السلام فلا يصح الاضمار ، ولعله سأله عن أبي عبد اللّه عليه السلام مرة وعنه مرة أخرى فيصح الاضمار.
5- قال المولى المجلسي : الخبر يدل على استحباب الطواف عن الأقارب وغيره بعد قضاء المناسك لا قبله بمفهوم الشرط المعتبر عند المحققين.
6- روى الكليني ج 4 ص 423 في الحسن عن إسماعيل بن عبد الخالق قال : « كنت إلى جنب أبى عبد اللّه عليه السلام وعنده ابنه عبد اللّه وابنه الذي يليه فقال له رجل :  - أصلحك اللّه - يطوف الرجل عن الرجل وهو مقيم بمكة ليس به علة؟ فقال : لا ، لو كان ذلك يجوز لأمرت ابني فلانا فطاف عنى - سمى الأصغر - وهما يسمعان » ويشمل الواجب والمندوب ويدل على أنه لا يجوز نيابة الطواف في المندوب أيضا لمن حضر بمكة من غير عذر.

باب 226: السهو في ركعتي الطواف

السهو في ركعتي الطواف (1)

2833 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « قال في رجل طاف طواف الفريضة ونسي الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة ثم ذكر قال : يعلم ذلك المكان ثم يعود فيصلي الركعتين ثم يعود إلى مكانه (2). (وقد رخص له أن يتم طوافه ثم يرجع فيركع خلف المقام روى ذلك محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام فبأي الخبرين أخذ جاز (3)) قال : قلت له : رجل نسي الركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام فلم يذكر حتى ارتحل من مكة ، قال : فليصلهما حيث ذكر ، وإن ذكرهما وهو بالبلد فلا يبرح حتى يقضيهما » (4).

ص: 407


1- ان تعلق الشك والسهو بالركعات أو الافعال فحكمه حكم اليومية والنظر هنا إلى سهو الأصل. (م ت)
2- المشهور بين الأصحاب أنه إذا سهى ركعتي الطواف فان أمكنه الرجوع يرجع ويصلى في المقام وان لم يمكنه الرجوع أو يمكن مع المشقة الشديدة فلا يجب بل يتخير بين أن يصلى حيث يذكر أو يرجع أو يستنيب ، لكن ان أمكنه الرجوع فهو أولى منهما والأحوط الرجوع مع الامكان ومع عدمه الصلاة بنفسه والاستنابة خروجا من الخلاف وجمعا بين الاخبار ، ولو فاته فالأحوط للولي أن يقضى عنه في المقام ان أمكنه والا حيث أمكن. (م ت)
3- قال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : لم نطلع على الرخصة. بل تقدم خلافه - انتهى وقوله « أن يتم طوافه » أي بين الصفا والمروة. وما بين القوسين توضيح من المؤلف توسط بين رواية معاوية بن عمار ، وقوله « قال : وقلت » تتمة كلام ابن عمار.
4- يدل على أن مع الخروج من مكة يجوز له ايقاع الصلاة في أي مكان ذكرها وان أراد الرجوع إلى مكة بعد ذلك ، ويمكن حمله على ما إذا لم يرد الرجوع. وأما إذا كان بمكة صلى عند مقام إبراهيم عليه السلام ويؤيد ذلك ما رواه الكليني ج 4 ص 425 في الصحيح عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي أن يصلى الركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام فان اللّه عزّ و جلّ يقول« وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى» و ان كان قد ارتحل فلا آمره أن يرجع».

2834 - وفي رواية عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « إن كان قد مضى قليلا فليرجع فليصلهما أو يأمر بعض الناس فليصلهما عنه » (1).

2835 - وروى الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن عمر (2) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل نسي ركعتي طواف الفريضة وقد طاف بالبيت حتى يأتي منى ، قال : يرجع إلى مقام إبراهيم عليه السلام فليصلهما » (3).

وقد رويت رخصة في أن يصليهما بمنى رواها ابن مسكان ، عن عمر بن البراء عن أبي عبد اللّه عليه السلام (4).

2836 - وفي رواية جميل بن دراج (5) عن أحدهما عليهما السلام « إن الجاهل في

ص: 408


1- حمل على ما إذا لم يتعسر عليه الرجوع. والطريق صحيح.
2- الطريق صحيح وأحمد بن عمر الحلال ثقة من أصحاب الرضا عليه السلام.
3- يدل على وجوب الرجوع أو استحبابه من منى. (م ت)
4- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 486 والاستبصار ج 2 ص 235 بطريق فيه جهالة عن ابن مسكان قال : حدثني عمر بن يزيد أو عمر بن البراء عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سأل « عن رجل نسي أن يصلى الركعتين ركعتي الفريضة عند مقام إبراهيم عليه السلام حتى أتى منى؟ قال : يصليهما بمنى ». وروى الكليني ج 4 ص 426 عن هشام بن المثنى وحنان قال : « طفنا بالبيت طواف النساء ونسينا الركعتين فلما صرنا بمنى ذكرناهما فأتينا أبا - عبد اللّه عليه السلام فسألناه ، فقال : صلياهما بمنى » وحمل الشيخ هذين الخبرين على ما إذا شق عليه الرجوش. وحمل المؤلف على الرخصة.
5- جميل بن دراج من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام والظاهر أن الواسطة محمد ابن مسلم أو زرارة أو يكون المراد بأحدهما الصادق والكاظم عليهما السلام لا الباقر والصادق صلوات اللّه عليهما كما هو المتعارف في كتب الحديث وعلى أي حال لا يضر لاجماع العصابة.

ترك الركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام بمنزلة الناسي » (1).

باب 227: نوادر الطواف

2837 - روى عاصم بن حميد ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يطوف ويسعى ، ثم يطوف بالبيت تطوعا قبل أن يقصر؟ قال : ما يعجبني » (2).

2838 - وروى صفوان بن يحيى ، عن هيثم التميمي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل كانت معه صاحبته لا تستطيع القيام على رجلها ، فحملها زوجها في محمل فطاف بها طواف الفريضة بالبيت وبالصفا والمروة أيجزيه ذلك الطواف عن نفسه طوافه بها؟ فقال : إيها واللّه إذا » (3).

ص: 409


1- يدل على أن الناسي والجاهل سيان في حكم صلاة الطواف.
2- الطريق صحيح ويدل على كراهة الطواف المندوب قبل التقصير (م ت).
3- قال في المنتقى ج 2 ص 494 اتفق في النسخ التي رأيتها للكافي ومن لا يحضره الفقيه اثبات الجواب هكذا « أيها اللّه إذا » وفى بعضها « اذن » وهو موجب لالتباس المعنى واحتمال صورة لفظ « أيها » لغير المعنى المقصود المستفاد من رواية الحديث بطريقي الشيخ ولولاها لم يكد يفهم الغرض بعد وقوع هذا التصحيف ، قال الجوهري : و « ها » للتنبيه قد يقسم بها ، يقال : « لاها اللّه ما فعلت » أي لا واللّه. أبدلت الهاء من الواو ، وان شئت حذفت الألف التي بعد الهاء وان شئت أثبت ، وقولهم « لاها اللّه ذا » أصله لا واللّه هذا ، ففرقت بين « ها و « ذا » وجعلت الاسم بينهما وجررته بحرف التنبيه والتقدير لا واللّه ما فعلت هذا فحذف واختصر لكثرة استعمالهم هذا في كلامهم ، وقدم « ها » كما قدم في قولهم « ها هو ذا ، وها أنا ذا ». ومن هذا الكلام يتضح معنى الحديث بجعل كلمة » أي فيه مكسورة الهمزة بمعنى نعم ، أي نعم واقعة ، مكان قولهم في الكلام الذي حكاه الجوهري لا وبقية الكلمات متناسبة فيكون معناها متحدا والاختلاف بإرادة النفي في ذلك الكلام والايجاب في الحديث فالتقدير فيه على موازنة ما ذكره الجوهري نعم واللّه يجزيه هذا ، وأما على الصورة المصحفة فالمعنى في « أيها » على ضد المقصود ، قال الجوهري إذا كففت الرجل قلت « أيها عنا » بالكسر ، وإذا أردت التبعيد قلت أيها - بفتح الهمزة - بمعنى هيهات. وباقي الكلمات لا يتحصل لها معنى الا بالتكلف التام مع منافاة الغرض - انتهى. و قال العلّامة المجلسيّ: العجب منه- رحمه اللّه- كيف حكم بغلط النسخ مع اتفاقها من غير ضرورة و قرأ أي ها اللّه ذا، مع أنّه قال في الغريبين« أيها» تصديق و ارتضاء. و قال في النهاية:« قد ترد ايها» منصوبة بمعنى التصديق و الرضا بالشي ء و منه حديث ابن الزبير لما قيل له« يا ابن ذات النطاقين» فقال:« ايها و الاله» أي صدفت و رضيت بذلك، فقوله« ايها كلمة تصديق و« اللّه» مجرور بحذف حرف القسم، و« اذا» بالتنوين ظرف و المعنى مستقيم من غير تصحيف و تكلف.

2839 - وروى ابن مسكان عن الهذيل (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يتكل على عدد صاحبته في الطواف أيجزيه عنهما ، وعن الصبي؟ فقال : نعم ألا ترى أنك تأتم بالامام إذا صليت خلفه ، وهو مثله » (2).

2840 - وسأله سعيد الأعرج « عن الطواف أيكتفي الرجل بإحصاء صاحبه قال : نعم ».

2841 - وروى صفوان ، عن يزيد بن خليفة (3) قال : رآني أبو عبد اللّه عليه السلام أطوف حول الكعبة وعلي برطلة (4) فقال بعد ذلك : تطوف حول الكعبة وعليك

ص: 410


1- مجهول لكن جهله لا يضر. (م ت)
2- سياق الكلام يشعر باشتراط العدالة في المتكل عليه والتمثيل للتفهيم لا القياس المحكوم في مذهب أهل البيت عليهم السلام ، واطلاق الكلام يقتضى عدم الفرق في الحافظ بين الذكر والأنثى لكن يشترط فيه البلوغ والعقل إذ لا اعتداد بخبر المجنون والصبي ولا يبعد اعتبار عدالته للامر بالتثبت عند خبر الفاسق كما قاله صاحب المدارك - رحمه اللّه -.
3- يزيد بن خليفة الخولاني واقفي ولم يوثق ولكن لا يضر.
4- البرطلة - بضم الباء والطاء واسكان الراء وتشديد اللام المفتوحة - : قلنسوة طويلة كانت تلبس قديما على ما ذكره جماعة.

برطلة ، لا تلبسها حول الكعبة فإنها من زي اليهود (1).

2842 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يستحب أن تطوف ثلاثمائة وستين أسبوعا عدد أيام السنة ، فإن لم تستطع فثلاثمائة وستين شوطا ، فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف » (2).

2843 - وسأل أبان (3) أبا عبد اللّه عليه السلام « أكان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله طواف يعرف به؟ فقال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يطوف بالليل والنهار عشرة أسابيع (4) ، ثلاثة أول الليل ، وثلاثة آخر الليل ، واثنين إذا أصبح. واثنين بعد الظهر ، وكان فيما بين ذلك راحته ».

2844 - وسأله سعيد الأعرج « عن المسرع والمبطئ في الطواف ، فقال : كل واسع ما لم يؤذ أحدا ».

2845 - وروى علي بن النعمان عن يحيى الأزرق قال : « قلت لأبي الحسن عليه السلام : إني طفت أربعة أسابيع فعييت أفأصلي ركعاتها وأنا جالس (5)؟ قال : لا ، قلت : وكيف يصلي الرجل صلاة الليل إذا أعيا أو وجد فترة وهو جالس؟ فقال :

ص: 411


1- قد اختلف الأصحاب في حكم لبس البرطلة في الطواف فقال الشيخ : لا يجوز الطواف فيها وقال في التهذيب بالكراهة ، وقال ابن إدريس : ان لبسها مكروه في طواف الحج ، محرم في طواف العمرة نظرا إلى تحريم تغطية الرأس فيه. (المرآة)
2- على مضمونه عمل الأصحاب ومقتضى استحباب الثلاثمائة والستين شوطا أن يكون الطواف الأخير عشرة أشواط وقد قطع المحقق بعدم كراهة الزيادة هنا وهو كذلك لظاهر النص ونقل العلامة في المختلف عن ابن زهرة أنه استحب زيادة أربعة أشواط ليصير الأخير طوافا كاملا حذرا من كراهة القران ولتوافق عدد أيام السنة الشمسية ونفى عنه البأس وهو حسن الا أنه خلاف مدلول الرواية. (المرآة)
3- إن كان ابن عثمان وهو الأظهر فموثق كالصحيح ، وإن كان ابن تغلب فقوى وفى طريقه في الكافي أبى الفرج وهو مجهول.
4- في بعض النسخ « عشرة أسباع ».
5- في بعض النسخ « فأعييت أفأصلي ركعتيها وأنا جالس ».

يطوف الرجل جالسا؟ (1) فقلت : لا ، قال : فتصليهما وأنت قائم ».

2846 - وروى علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السلام « أنه سئل عن رجل سها أن يطوف بالبيت حتى يرجع إلى أهله ، فقال : إذا كان على وجه الجهالة أعاد الحج وعليه بدنة » (2).

2847 - وروى هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من أقام بمكة سنة فالطواف له أفضل من الصلاة ، ومن أقام سنتين خلط من ذا وذا ، ومن أقام ثلاث سنين كانت الصلاة له أفضل » (3).

2848 - وروى معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه قال : « يستحب أن تحصي أسبوعك في كل يوم وليلة » (4).

2849 - وروى صفوان ، عن عبد الحميد بن سعد قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن باب الصفا (5) فقلت : إن أصحابنا قد اختلفوا فيه فبعضهم يقول : الذي يلي السقاية ، وبعضهم يقول : الذي يستقبل الحجر الأسود ، فقال : هو الذي يستقبل الحجر ، والذي

ص: 412


1- لعل غرضه عليه السلام تنبيهه على عدم جواز المقايسة في الأحكام لا مقايسة الصلاة بالطواف ، ولا يبعد حمل الخبر على الكراهة وإن كان الأحوط الترك. (المرآة)
2- لعل المراد الجاهل بالحكم فإنه كالعامد بخلاف الناسي فإنه يصح حجه ويجب عليه تداركه اما بنفسه ان أمكن والا فبالنائب (سلطان) وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - حمل إعادة الحج على إعادة الطواف أو الاستحباب.
3- يدل على أفضلية الطواف على الصلاة في السنة الأولى عكس الثالثة والتساوي في الثانية. (م ت)
4- بأن يكون لطوافك عدد مقدر كعشرة وعشرين ، والفائدة فيه أنه لا يحصل الكسل لان كلما صار عادة لا يتعسر فعله ولا ينخدع النفس عن الشيطان بأنك أكثرت أو تحسبها حتى تكون في الزيادة لا في النقصان كما هو المجرب أن من يعد أذكاره بالسبحة ونحوها يزداد يوما فيوما. (م ت)
5- لأنه يستحب أن يخرج منه إلى الصفا للسعى كما سيجئ (م ت)

يلي السقاية محدث صنعه داود ، وفتحه داود » (1).

باب 228: السهو في السعي بين الصفا والمروة

2850 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة ، قال : يطاف عنه » (2).

2851 - وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام « عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط وهو يظن أنها سبعة ، فذكر بعد ما أحل وواقع النساء أنه إنما طاف ستة ، قال : عليه بقرة يذبحها ويطوف شوطا آخر » (3).

ومن لم يدر ما سعى فليبتدئ السعي (4).

ص: 413


1- يعنى داود بن علي بن العباس الذي كان واليا على مكة.
2- أي يستنيب مع تعسر الرجوع (م ت) وقال سلطان العلماء : لا خلاف في أن السعي ركن يبطل بتركه الحج والعمرة عمدا وأما إذا ترك سهوا يجب الاتيان به والعود لاستدراكه أن أمكن أي بدون مشقة شديدة والا استناب - انتهى وقال الشيخ في الاستبصار بعد نقل خبر المتن الوجه في هذا الخبر أن نحمله على من لا يتمكن من الرجوع إلى مكة فإنه يجوز له أن يستنيب غيره في ذلك ومن تمكن فلا يجوز له غير الرجوع على ما تضمنه خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « رجل نسي السعي بين الصفا والمروة ، فقال : يعيد السعي ، قلت : فإنه يخرج قال : يرجع فيعيد السعي ، ان هذا ليس كرمى الجمار ان الرمي سنة والسعي بين الصفا والمروة فريضة - الخ ».
3- رواه الشيخ في القوى في التهذيب ج 1 ص 490. وقال صاحب المدارك : لا يحل لمن أخل بالسعي ما يتوقف عليه من المحرمات كالنساء حتى يأتي به كملا بنفسه أو بنائبه ، وهل يلزمه الكفارة لو ذكر ثم واقع؟ لم أقف فيه على نص لكن الحكم بوجوبها على من ظن اتمام السعي فواقع ثم تبين النقص كما سيأتي يقتضى الوجوب هنا بطريق أولى ، وفى الحاق الجاهل بالعامد أو الناسي وجهان أظهرهما الأول - انتهى.
4- قال بعض الشراح : قد قطع الأصحاب بأن الشك في النقيصة في السعي يبطل ، وأما إذا كان بين الاكمال والزيادة فيقطع ويصح سعيه. وقال فقيه عصرنا - مد ظله العالي - في جامع المدارك ج 2 ص 527 : لزوم الإعادة مع عدم تحصيل العدد إنما خصص بصورة حصول الشك في الأثناء قبل الفراغ وعدم احراز السبعة لدوران الامر بين الزيادة والنقيصة الموجبتين للبطلان والاعتماد على أصالة الأقل ، واستدل أيضا بالصحيح قال سعيد بن يسار : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « : رجل متمتع سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط ثم رجع إلى منزله وهو يرى أنه قد فرغ منه وقلم أظافيره وأحل ثم ذكر أنه سعى ستة أشواط؟ فقال لي : يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فإن كان يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد وليتم شوطا وليرق دما ، فقلت : دم ماذا؟ قال : بقرة ، قال : وان لم يكن حفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد فليبتدء السعي حتى يكمل سبعة أشواط ، ثم ليرق دم بقرة ». ويمكن أن يقال : أما صورة الشك بعد الفراغ فمقتضى القاعدة عدم الالتفات بالشك لكن بعد التجاوز عن المحل الشرعي بالدخول فيما رتب على العمل لا مجرد الانصراف بناء على اعتبار الموالاة في الأشواط ، ومع ذلك مقتضى اطلاق الصحيح المذكور لزوم الإعادة ، ولا استبعاد في تخصيص القاعدة بالصحيح المذكور مع فرض الخروج عن العمل في الصحيح ، وأما صورة حصول الشك في الأثناء فلولا الصحيح المذكور لأمكن التصحيح بدون لزوم محذور بأن يسعى عدة أشواط يقطع معها بحصول المأمور به بقصر حصول المأمور به بما كان لازما مع الغاء ما كان زائدا نظير ما قيل في الطواف لاحراز البدأة بأول البدن مع أول الحجر الأسود مع عدم تيسر احراز الجزء الأول منهما فالحكم بالاستيناف في الصحيح يمكن أن يكون من جهة عدم الاعتداد بما ذكر ، ويمكن أن يكون من جهة عدم سهولة الاستيناف وعدم الاعتداد بالأشواط السابقة فالمتعين الاخذ به.

ومن سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط فعليه أن يعيد ، وإن سعى بينهما تسعة أشواط فلا شئ عليه (1).

وفقه ذلك أنه إذا سعى ثمانية أشواط يكون قد بدأ بالمروة وختم بها وكان ذلك خلاف السنة ، وإذا سعى تسعة يكون قد بدأ بالصفا وختم بالمروة ، ومن بدأ بالمروة قبل الصفا فعليه أن يعيد.

ص: 414


1- روى الشيخ في الصحيح في التهذيب ج 2 ص 490 عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان طاف الرجل بين الصفا والمروة تسعة أشواط فليسع على واحد ويطرح ثمانية وان طاف بين الصفا والمروة ثمانية أشواط فليطرحها وليستأنف السعي ، وان بدأ بالمروة فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا ». وقال المولى المجلسي : هذا الخبر يحتمل وجوها منها أن يجعل السبعة مندوبا ويبنى على واحد ويتمه بستة كما فهمه الشيخ لان الشوط الذي وقع من المروة إلى الصفا باطل فيبنى على التاسع ويتمه بستة ، ولو بنى على السبعة و أبطل الزائد كان صحيحا لما سيجيئ من الاخبار وعلى هذا يكون في المروة ويكون الثمانية باطلا لأنه ينكشف أنه كان الابتداء منها ، والظاهر أن المصنف عمل بابطال الزائد لأنه قال لا شئ عليه. ومنها أن يكون على المروة ويكون باطلا للزيادة التي وقعت منه عمدا أو جهلا ويحمل الصحة على ما وقع منه نسيانا ولا يضر حينئذ البناء على التاسع باعتبار أنه لم ينوه لأنه مشترك بين الجمير. ويدل هذا الخبر أيضا على المساهلة فيها شرعا لأنها هي القصد لله ولا يخلو العبد منه سيما في أفعال الحج ، يحتمل أن يكون على المروة وكان لم يحسب الشوط الذي من المروة إلى الصفا أولا أو ثانيا كما ذكر سابقا في الزيادة سهوا.

ومن ترك شيئا من الرمل (1) في سعيه فلا شئ عليه (2).

2852 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم عليه السلام « في رجل سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط ، فقال إن كان خطأ طرح واحدا واعتد بسبعة » (3)

ص: 415


1- الرمل - بالتحريك - : الهرولة وهي المشي بالاسراع من تقارب الخطأ دون الوثب والعدو.
2- روى الكليني ج 4 ص 436 في الصحيح عن سعيد الأعرج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة ، قال : لا شئ عليه - الحديث ».
3- يدل على أنه إذا زاد على السعي سهوا لا يبطل سعيه ، وبمفهومه يدل على أنه إذا كان عامدا يبطل سعيه ، والثاني مقطوع به في كلام الأصحاب وحكموا في الأول بالتخيير بين طرح الزائد والاعتداد بالسبعة وبين اكمالها أسبوعين فيكون الثاني مستحبا ، وقالوا : إنما يتخير إذا لم يتذكر الا بعد اكمال الثامن والا تعين القطع ولم يحكموا باستحباب السعي الا هنا (المرآة) وقال صاحب جامع المدارك : استشكل في المقام بأن التخيير المذكور في كلام الأصحاب مستلزم لامرين يشكل الالتزام بهما ، أحدهما وقوع السعي كالطواف واجبا ومستحبا وهذا غير معهود ولم نقف على دليل يدل عليه غير الخبر المذكور في هذا الباب ، والثاني كون الابتداء من المروة واطلاق الاخبار وكلمات الأصحاب يقتضى كون الابتداء من الصفا ، واجب بأن ما ذكر كالاجتهاد في قبال النص فإنه بعد وجود الدليل نلتزم بما ذكر ، قلت : مقتضى صحيح معاوية بن عمار المتقدم عدم الاعتداد بالشوط المبتدأة من المروة فيكون هذا صحيح معارضا في المقام لما دل على الاعتداد به فبعد المعارضة يكون عموم ما دل على لزوم البدأة من الصفا مرجعا أو مرجحا ، وبالجملة المسألة غير خالية عن شوب الاشكال - انتهى كلامه أدام اللّه ظله -.

وفي رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : يضيف إليها ستة (1).

باب 229: السعي راكبا والجلوس بين الصفا والمروة

2853 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قلت له : المرأة تسعى بن الصفا والمروة على دابة أو على بعير ، قال : لا بأس بدلك ، قال : وسألته عن الرجل يفعل ذلك ، قال : لا بأس به والمشي أفضل » (2).

2854 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا إبراهيم عليه السلام « عن النساء يطفن على الإبل والدواب بين الصفا والمروة أيجزيهن أن يقفن تحت الصفا والمروة حيث يرين البيت؟ فقال : نعم » (3).

ص: 416


1- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 489 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « ان في كتاب علي عليه السلام قال : إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة واستيقن ثمانية أضاف إليها ستا وكذلك إذا استيقن أنه سعى ثمانية أشواط أضاف إليها ستا - الخ » وقال في الاستبصار بعد نقله : الوجه في هذا الخبر أن نحمله على من فعل ذلك ساهيا على ما قدمناه ويكون مع ذلك إذا سعى ثمانية يكون عند الصفا ، فأما إذ علم أنه سعى ثمانية وهو عند المروة فتجب عليه الإعادة على كل حال لأنه يكون بدأ بالمروة ولا يجوز لمن فعل ذلك البناء عليه ، ثم استدل له بخبر معاوية بن عمار المتقدم.
2- يدل على جواز الركوب واستحباب المشي ولا خلاف فيه بين الأصحاب
3- مروى في الكافي ج 4 ص 437 في الصحيح وفيه « أيجزيهن أن يقفن تحت الصفا والمروة قال : نعم بحيث يرين البيت » ويدل على جواز الركوب سيما على نسخة الكافي وعلى تأكد استحباب رؤية البيت في ابتداء السعي. (م ت)

2855 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس على الراكب سعي ولكن ليسرع شيئا » (1).

2856 - وروى عنه عليه السلام عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : « لا تجلس بين الصفا والمروة إلا من جهد ».

باب 230: حكم من قطع عليه السعي لصلاة أو غيرها

2857 - روى معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيدخل وقت الصلاة أيخفف أو يصلي ثم يعود أو يلبث كما هو على حاله حتى يفرغ؟ فقال : أو ليس عليهما مسجد له (2) ، لا بل يصلي ثم يعود ، قلت : ويجلس على الصفا والمروة؟ قال : نعم » (3).

2858 - وروى علي بن النعمان ، وصفوان ، عن يحيى الارزق (4) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة فيلقاه الصديق فيدعوه إلى الحاجة أو إلى الطعام ، قال : إن أجابه فلا بأس ، ولكن يقضي حق اللّه عزوجل أحب إلي من أن يقضي حق صاحبه » (5).

ص: 417


1- يدل على أنه يستحب للراكب تحريك دابته في مقام الهرولة كما ذكره الأصحاب
2- أي موضع صلاة له. وقيل : المراد به المسجد الحرام وكونه عليهما كناية عن قرية وظهوره للساعين. ولا يخفى بعده (المرآة) وقوله : « لا » أي لا يسعى معجلا ولا مخففا بل يصلى ثم يعود.
3- في الكافي ج 4 ص 438 « قلت : جلس عليهما؟ قال : أو ليس هو ذا يسعى على الدواب » أي يجلس عليها وهو شايع وجائز فكيف لا يكون الجلوس جائزا. (م ت)
4- طريق علي بن نعمان صحيح وطريق صفوان حسن كالصحيح ، ويحيى بن عبد الرحمن الأزرق ثقة والمراد بأبي الحسن أبو الحسن الأول لعدم روايته عن الثاني صلوات اللّه عليهما.
5- يدل على جواز القطع لقضاء الحاجة وعلى أن الاتمام أفضل ، ويحتمل أن يكون لأجل عدم مجاوزة النصف. (م ت)

2859 - وروي عن ابن فضال قال : سأل محمد بن علي أبا الحسن عليه السلام فقال له : « سعيت شوطا ثم طلع الفجر ، فقال : صل ثم عد فأتم سعيك » (1).

باب 231: استطاعة السبيل إلى الحج

استطاعة السبيل إلى الحج (2)

2860 - روي عن أبي الربيع الشامي (3) قال : سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عزوجل : « ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا » فقال : ما يقول الناس فيها (4)؟ فقيل له : الزاد والراحلة ، فقال عليه السلام : قد سئل أبو جعفر عليه السلام عن هذا فقال : هلك الناس إذا لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت به عياله ويستغني به عن الناس ينطلق إليه (5) فيسلبهم إياه لقد هلكوا إذا (6) ، فقيل له : فما السبيل؟ فقال :

ص: 418


1- قال المحقق : لو دخل وقت الفريضة وهو في السعي قطعه وصلى ثم أتمه ، وكذا لو قطعه لحاجة له أو لغيره. وقال في المدارك : ما اختاره المحقق من جواز قطع السعي في هاتين الصورتين والبناء مطلقا هو المشهور بين الأصحاب بل قال في التذكرة : انه لا يعرف فيه خلافا ونقل عن المفيد وأبى الصلاح وسلار أنهم جعلوا ذلك كالطواف في اعتبار مجاوزة النصف والمعتمد الأول للأصل وخبر معاوية بن عمار وابن فضال ويحيى الأزرق ، ولم يتعرض الأكثر لجواز قطعه اختيارا في غير هاتين الصورتين لكن مقتضى الاجماع المنقول على عدم وجوب الموالاة فيه الجواز مطلقا ولا ريب أن الاحتياط يقتضى عدم قطعه في غير المواضع المنصوصة.
2- أي حجة الاسلام وهي ما أوجبه الاسلام بأصل الشرع على المستطيع دون ما أوجبه المكلف على نفسه بالنذر وشبهه. (م ت)
3- في القوى كالكليني والشيخ والمصنف لكن طريق المصنف والكليني بل الشيخ صحيح إلى الحسن بن محبوب وهو في الطريق ولا يضر جهالة ما بعده فيكون الخبر صحيحا ولهذا تلقاه الأصحاب بالقبول ولم يرده أحد سوى بعض المتأخرين ممن لا معرفة له بطرق الاخبار ، وعلى أي حال فالشهرة بين الأصحاب كافية في العمل به. (م ت)
4- أي في الآية أو في الاستطاعة.
5- أي إلى الحج ، وقوله « فيسلبهم إياه » يعنى يسلب عياله ما يقوتون به.
6- أي لقد هلك إذا عياله لأنه أنفق زادهم ونفقتهم في سبيل الحج وتركهم معدمين.

السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقى بعض لقوت عياله (1) أليس قد فرض اللّه عزوجل الزكاة فلم يجعلها إلا على من يملك مائتي درهم.

2861 - وروى هشام بن سالم ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « من عرض عليه الحج ولو على حمار أجدع - مقطوع الذنب - فأبى فهو مستطيع للحج » (2).

باب 232: ترك الحج

2862 - روى حنان بن سدير (3) قال : ذكرت لأبي جعفر عليه السلام البيت ، فقال : « لو عطلوه سنة واحدة لم يناظروا » (4) وفي خبر آخر : لينزل عليهم العذاب (5).

ص: 419


1- اعلم أن المشهور بين الأصحاب أنه لا يشترط في الاستطاعة الرجوع إلى كفاية من صناعة أو مال أو حرفة ، وقال الشيخان وأبو الصلاح وابن البراج وابن حمزة باشتراطه مستدلين بهذا الخبر ، وأجيب عنه أو لا بالطعن في السند بجهالة الراوي وثانيا بالقول بالموجب فانا نعتبر زيادة على الزاد والراحلة بقاء النفقة لعياله مدة ذهابه وعوده ، ثم قال العلامة المجلسي بعد كلام : الحق أن هذه الرواية ظاهرة في اعتبار ما ذهبوا إليه من الاشتراط ، لكن تخصيص الآية والأخبار المستفيضة بها مع جهالة سندها وعدم صراحة متنها لا يخلو من اشكال.
2- أي العرض عليه موجب لوجوب الحج والاباء لا يسقطه فهو مستطيع أي في حكم المستطيع فيجب عليه ولو بالمشقة ، ولعله محمول على من يكفيه ذلك حيث ليس له عيال و حصل له نفقة نفسه (سلطان) والأجدع - بالدال المهملة - : مقطوع الاذن. وقيل : ظاهره عدم اعتبار مناسبة حاله في الشرف وهو المشهور.
3- سقطت هنا لفظة « عن أبيه » لعدم رواية حنان بلا واسطة عن أبي جعفر عليه السلام والخبر في الكافي ج 4 ص 271 في الموثق عنه عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام.
4- المراد بالمناظرة ههنا الانظار بمعنى المهملة فالمعنى : لم يمهلوا من العذاب ولو تضرعوا إلى اللّه بأن يمهلوا للمفاعلة.
5- في الكافي في الحسن كالصحيح عن الحسين بن عثمان الأحمسي الثقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لو ترك الناس الحج لما نوظروا العذاب - أو قال : أنزل عليهم العذاب - ».

باب 233: الاجبار على الحج وعلى زيارة النبي صلى اللّه عليه وآله

2863 - روى حفص بن البختري ، وهشام بن سالم ، ومعاوية بن عمار ، وغيرهم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لو أن الناس تركوا الحج لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده ، ولو تركوا زيارة النبي صلى اللّه عليه وآله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده ، فإن لم يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين » (1).

باب 234: علة التخلف عن الحج

2864 - روى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما تخلف رجل عن الحج إلا بذنب ، وما يعفو اللّه عزوجل أكثر ».

2865 - وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : « ما من عبد يؤثر على الحج حاجة من حوائج الدنيا إلا نظر إلى المحلقين قد انصرفوا قبل أن تقضى له تلك الحاجة » (2).

ص: 420


1- يدل على كون عمارة البيت وعمارة روضة النبي وزيارته صلى اللّه عليه وآله وتعاهدها من الواجبات الكفائية فان الاجبار لا يتصور في الامر المستحب ، وربما يقال : إنما يجبر لان ترك الناس كلهم ذلك يتضمن الاستخفاف والتحقير وعدم الاعتناء بشأن تلك الأماكن ومشرفيها وذلك أن لم يكن كفرا يكون فسقا. والجواب أن ذلك مما يؤيد الوجوب الكفائي ولا ينافيه (المرآة) وقوله : « وعلى المقام عنده » أي يجب على الامام أن يجبر جماعة على الإقامة في الحرمين ، وان لم يكن لهم مال ينفق عليهم من بيت المال.
2- اعلم أن التأكيدات المتقدمة شاملة للحج والعمرة معا ، وذكر الحج فقط اما لشموله للعمرة لغة بل شرعا كما جاءت به روايات راجع الكافي (ج 4 ص 264) باب الحج والعمرة ، منها ما فيه في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج على من استطاع لان اللّه تعالى يقول : « وأتموا الحج والعمرة لله » - الحديث ».

باب 235: دفع الحج إلى من يخرج فيها

دفع الحج إلى من يخرج فيها (1)

2866 - روى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن كان موسرا (2) حال بينه وبين الحج مرض أو أمر يعذره اللّه عزوجل فيه فإن عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له » (3).

2867 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن أمير المؤمنين عليه السلام أمر شيخا كبيرا لم يحج قط ولم يطق الحج لكبره أن يجهز رجلا يحج عنه » (4).

ص: 421


1- أي الحجة والامر في التذكير والتأنيث سهل قال الزمخشري في الكشاف عن ابن روبة : الامر في التذكير والتأنيث بيدك.
2- أي المكلف.
3- الصرورة - بالفتح - : الذي لم يتزوج أو لم يحج ، وهذه الكلمة من النوادر التي وصف بها المذكر والمؤنث (المصباح المنير) والخبر صحيح ويدل على الوجوب مطلقا سواء استقر قبل عروض المانع في ذمته أم لا ، وسواء كان المانع مرضا أو غيره من ضعف أصلى أو هرم أو عدو أو غيرها ، وظاهره كون الحج الممنوع منه حجة الاسلام كما في المرآة.
4- أجمع الأصحاب على أنه إذا وجب الحج على كل مكلف ولم يحج حتى استقر في ذمته ثم عرض له مانع يمنعه عن الحج لا يرجى زواله عادة من مرض أو كبر أو خوف أو نحو ذلك يجب عليه الاستنابة ، واختلف فيما إذا عرض له مانع قبل استقرار الوجوب ، فذهب الشيخ و أبو الصلاح وابن الجنيد وابن البراج إلى وجوب الاستنابة ، وقال ابن إدريس : لا يجب و استقر به في المختلف ، وإنما يجب الاستنابة مع اليأس من البرء وإذا رجا البرء لم تجب عليه الاستنابة اجماعا. وربما لاح من كلام الشهيد في الدروس وجوب الاستنابة مع عدم اليأس من البرء على التراخي وهو ضعيف نعم قال في المنتهى باستحباب الاستنابة مع عدم اليأس من البرء والحال هذه ولو حصل له اليأس بعد الاستنابة وجب عليه ، الإعادة ، ولو اتفق موته قبل حصول اليأس لم يجب القضاء عنه. (المرآة)

2868 - وسأل معاوية بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل حج عن غيره أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام؟ قال : نعم » (1).

2869 - وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لو أن رجلا معسرا أحجه رجل كانت له حجة ، فان أيسر بعد ذلك كان عليه الحج ، وكذلك الناصب إذا عرف فعليه الحج وإن قد حج » (2).

2870 - وروى سعد بن عبد اللّه ، عن موسى بن الحسن ، عن أبي علي أحمد بن محمد بن مطهر (3) قال : « كتبت إلى أبي محمد عليه السلام إني دفعت إلى ستة أنفس مائة دينار

ص: 422


1- حمل على أنه يجزيه إن كان معسرا إلى وقت اليسار ، أي ان له ثواب حجة الاسلام إلى أن يستطيع لها فيحجها كما يأتي ، وروى الشيخ في القوى عن آدم بن علي عن أبي الحسن عليه السلام قال : « من حج عن انسان ولم يكن له مال يحج به أجزأت عنه حتى يرزقه اللّه ما يحج ويجب عليه الحج » (التهذيب ج 1 ص 448) وقال سلطان العلماء : الظاهر أن ضمير يجزيه راجع إلى الغير ويكون محمولا على من لا يقدر على الذهاب بنفسه.
2- حمل إعادة المعسر والناصب على الاستحباب ، والمشهور بين الأصحاب أن المخالف إذا استبصر لا يعيد الحج الا أن يخل بركن منه ، ونقل عن ابن الجنيد وابن البراج أنهما أوجبا الإعادة على المخالف وان لم يخل بشئ ، وربما كان مستندهما مضافا إلى ما دل على بطلان عبادة المخالف هذه الرواية وأجيب أولا بالطعن في السند لمقام البطائني وثانيا بالحمل على الاستحباب جمعا بين الأدلة ، وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : يمكن القول بالفرق بين الناصب والمخالف فان الناصب كافر لا يجرى عليه شئ من أحكام الاسلام. ثم قال : اعلم أنه اعتبر الشيخ وأكثر الأصحاب في عدم إعادة الحج أن لا يكون المخالف قد أخل بركن منه والنصوص خالية من هذا القيد.
3- طريق المؤلف إلى سعد بن عبد اللّه صحيح وموسى بن الحسن هو أبو الحسن الأشعري وكان ثقة ، وأحمد بن محمد بن مطهر حسن.

وخمسين دينارا ليحجوا بها ، فرجعوا ولم يشخص بعضهم (1) وأتاني بعض فذكر أنه قد أنفق بعض الدنانير وبقيت بقية وانه يرد علي ما بقي ، وإني قد رمت مطالبة من لم يأتني (2) بما دفعت إليه ، فكتب عليه السلام : لا تعرض لمن لم يأتك ، ولا تأخذ ممن أتاك شيئا مما يأتيك به ، والاجر قد وقع على اللّه عزوجل » (3).

2871 - وروى البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن رجل أخذ حجة من رجل فقطع عليه الطريق فأعطاه رجل حجة أخرى أيجوز له ذلك (4)؟ فقال : جائز له ذلك محسوب للأول والآخر (5) ، وما كان يسعه غير الذي فعل إذا وجد من يعطيه الحجة ».

2872 - وروى جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل ليس له مال حج عن رجل أو أحجه غيره ثم أصاب مالا هل عليه الحج؟ فقال : يجزي عنهما » (6).

2873 - وقيل لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يأخذ الحجة من الرجل

ص: 423


1- يمكن أن يكون المراد ذهبوا جميعا إلى الحج وحجوا ثم رجعوا ، وأن يكون المراد أنه لم يذهب بعضهم ، والأول أظهر بقرينة قوله « فرجعوا ».
2- يعنى أتاني بعضهم فرد على ما زاد من نفقة حجه ولم يراجعني بعضهم فقصدت مطالبة من لم يأتني.
3- ربما يحمل على هبته إياهم مالا ليحجوا بدون شرط واستيجار ، ويدل على كراهة أخذ ما زاد أو استحباب عدم الاخذ.
4- أي مع كونه مشغول الذمة بالأولى.
5- لعل المراد حساب الثواب لهما في الآخرة حيث لا يقدر على غير ذلك فهو محمول على استحباب الحجتين. (سلطان)
6- لعل الضمير راجع إلى المنوبين المذكورين أي يجزى عنهما فقط لا عن النائب ورجوع الضمير إلى المنوب والنائب كما هو ظاهر العبارة خلاف الفتوى بالتسبة إلى النائب كما لا يخفى (سلطان) وقال الفاضل التفرشي : لعل الفرق بين الذي حج عنه والذي أحج أن الأول ميت والثاني حي.

فيموت فلا يترك شيئا ، فقال : أجزأت عن الميت ، وإن كانت له عند اللّه حجة أثبتت لصاحبه » (1).

2874 - وسأل سعيد بن عبد اللّه الأعرج أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الصرورة أيحج عن الميت؟ فقال : نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به ، وإن كان له مال فليس له ذلك حتى يحج من ماله وهو يجزي عن الميت (2) كان له مال أو لم يكن له مال » (3).

2875 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام  « في رجل أعطى رجلا حجة يحج بها عنه من الكوفة ، فحج بها عنه من البصرة ، قال :

ص: 424


1- روى الكليني 4 ص 311 في الحسن عن ابن أبي عمير عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أخذ من رجل مالا ولم يحج عنه ومات لم يخلف شيئا ، قال : إن كان حج الأجير أخذت حجته ودفعت إلى صاحب المال وان لم يكن حج كتب لصاحب المال ثواب الحج ». فإن كان مراد المصنف هذا الخبر فلا يدل على براءة ذمة الميت. وإن كان غيره فالمراد به الاجزاء في الثواب أو إذا كان الحج مندوبا والا فالظاهر أنه لا يبرى ذمة الميت ما لم يحج عنه الحج الصحيح الا بفضل اللّه تبارك وتعالى (م ت) وقال علماؤنا : لا تبرء ذمة المنوب والنائب الا باحرام النائب ودخول الحرم وفى بعض الروايات الاجزاء ان مات في الطريق ولا يفتى به أحد.
2- كذا في النسخ وفى الكافي والتهذيب في نظير هذا الخبر عن موسى بن جعفر عليهما السلام « وهي تجزى عن الميت » فالضمير لا محالة راجع إلى حج الصرورة.
3- يعنى ان حج الصرورة من مال ميت عن الميت يجزى عن الميت سواء كان للصرورة مال أم لا ، ولا يجزى عن نفسه الا إذا لم يجد ما يحج به عن نفسه فحينئذ يجزى عنهما أي يجزى عن الميت ويوجر هو فيه وهذا لا ينافي وجوب الحج عليه إذا أصر ، وظاهر قوله عليه السلام : « فليس له ذلك حتى يحج عن نفسه » يدل أن مشغول الذمة بالحج الواجب لا يجوز له أن يحج عن غيره مع امكانه عن نفسه. وان أتم فحج عن الغير كان مجزيا عن الغبر. وارجاع ضمير « له » إلى الميت بعيد جدا.
4- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 307 والشيخ في التهذيب في الصحيح عن علي ابن رئاب ، عن حريز عنه عليه السلام.

لا بأس إذا قضى جميع مناسكه فقدتم حجه » (1).

2876 - وروى ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام « في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها عنه حجة مفردة أيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال : نعم إنما خالفه إلى الفضل والخير » (2).

2877 - وقال وهب بن عبد ربه (3) للصادق عليه السلام : « أيحج الرجل عن الناصب؟

ص: 425


1- قال الشيخ - رحمه اللّه - في جملة من كتبه والمفيد - قدس سره - في المقنعة بجواز العدول عن الطريق الذي عينه المستأجر إلى طريق آخر مطلقا مستدلين بهذه الرواية. وأورد عليه بأنها لا تدل على جواز المخالفة لاحتمال أن يكون قوله « من الكوفة » صفة لرجل لا صلة ليحج. (المرآة) وقال الأستاذ الشعراني : يحمل الحديث على عدم تعلق غرض بالكوفة وأما إذا كان الذكر على التقييد وعلم أو احتمل تعلق غرض به فالظاهر عدم جواز المخالفة ، نعم يقع الحج عن المنوب مع المخالفة قطعا وان لم يستحق الأجرة ويجزى عنه.
2- المشهور بين الأصحاب أنه يجب على المؤجر أن يأتي بما شرط عليه من تمتع أو قران أو افراد ، وهذه الرواية تدل على جواز العدول عن الافراد إلى التمتع ، ومقتضى التعليل الواقع فيها اختصاص هذا الحكم بما إذا كان المستأجر مخيرا بين الأنواع كالمتطوع وذي المنزلين وناذر الحج مطلقا لان التمتع لا يجزى مع تعين الافراد فضلا عن أن يكون أفضل منه ، وقال المحقق (قده) في المعتبر : ان الرواية محمولة على حج مندوب فالغرض به تحصيل الاجر فيعرف الاذن من قصد المستأجر ويكون ذلك كالمنطوق به انتهى (المرآة) وقال الأستاذ الشعراني في بيان الحديث : الأصل أن لا يخالف الأجير مورد الإجارة ، ويحمل الحديث على أن المذكور في الإجارة كان من التصريح بأقل ما يكتفى به لا من التقييد ، ويتفق مثله كثيرا مثل أن يستأجر الكاتب للكتابة من غير مقابلة أو اعراب فزاد الأجير في العمل ، أو الحفار على حفر البئر فقط فحفرها وطواها ولو علم التقييد فلا يجوز أن يخالف ، وأما أجر الميت تفضلا ان لم يوص واستحقاقا ان أوصى ولو مع المخالفة فمتجه بل الاجزاء عنه وسقوط الإعادة عن الولي أو النائب أيضا متجه وان خالف الأجير ولم يستحق الأجرة بمخالفته.
3- رواه الكليني ج 4 ص 309 عن علي ، عن أبيه ، عن وهب والمؤلف لم يذكر طريقه إلى وهب فإن كان أخذه عن كتابه فصحيح وان أخذه عن الكافي فحسن كالصحيح.

فقال : لا ، قلت : فإن كان أبي؟ فقال : إن كان أباك فحج عنه » (1).

2878 - وروي « أن الصادق عليه السلام أعطى رجلا ثلاثين دينارا فقال له : حج عن إسماعيل وافعل وافعل ، ولك تسع وله واحدة » (2).

2879 - وروى أبان بن عثمان ، عن يحيى الأزرق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من حج عن إنسان اشتركا حتى إذا قضى طواف الفريضة انقطعت الشركة ، فما كان بعد ذلك من عمل كان لذلك الحاج ».

2880 - وقال عليه السلام « في رجل أعطى رجلا مالا يحج عنه فحج عن نفسه فقال : هي عن صاحب المال » (3).

ولا بأس أن تحج المرأة عن المرأة ، والمرأة عن الرجل (4) ، والرجل عن المرأة

ص: 426


1- المشهور عدم جواز الحج عن المخالف الا إذا كان أبا ، وتردد في المعتبر في عدم الجواز وأنكر ابن إدريس النيابة عن الأب أيضا وادعى عليه الاجماع.
2- قوله عليه السلام « وافعل وافعل » : أي افعل كذا وكذا وعد عليه المناسك من العمرة إلى الحج واشترط عليه كلها حتى السعي في وادى محسر ، كما في الكافي ج 4 ص 312 والتهذيب ج 1 ص 576 حيث رويا عن عبد اللّه بن سنان - قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام إذ دخل عليه رجل فأعطاه ثلاثين دينارا يحج بها عن إسماعيل ولم يترك شيئا من العمرة إلى الحج الا اشترط عليه حتى اشترط عليه أن يسعى [في] وادى محسر ثم قال : يا هذا إذا أنت فعلت هذا كان لإسماعيل حجة بما أنفق من ماله وكان لك تسع بما أتعبت من بدنك ».
3- ان المقطوع به في كلام الأصحاب أنه لا يجوز للنائب عدول النية إلى نفسه ، واختلفوا فيما إذا عدل النية ، فذهب أكثر المتأخرين إلى أنه لا يجزى عن واحد منهما فيقع باطلا ، وقال الشيخ بوقوعه عن المستأجر ، واختاره المحقق في المعتبر ، وهذا الخبر يدل على مختارهما ، وطعن فيه بضعف السند ومخالفة الأصول ، ويمكن حمله على الحج المندوب ويكون المراد أن الثواب لصاحب المال. (المرآة)
4- في الكافي ج 4 ص 307 والتهذيب ج 1 ص 565 في الحسن كالصحيح عن معاوية ابن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يحج عن المرأة والمرأة تحج عن الرجل قال : لا بأس ».

والرجل عن الرجل.

ولا بأس أن يحج الصرورة عن الصرورة (1) ، والصرورة عن غير الصرورة ، وغير الصرورة عن الصرورة.

2881 - وروى حريز ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصرورة أيحج من مال الزكاة؟ قال : نعم » (2).

ص: 427


1- إذا لم يكن على النائب حج واجب وكذا إذا حج عن غير الصرورة ، وتقدم أنه إذا أثم وحج برء ذمة المنوب وظهر من بعض الأخبار استحباب استنابة الصرورة للصرورة روى الكليني ج 4 ص 406 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل صرورة مات ولم يحج حجة الاسلام وله مال؟ قال : يحج عنه صرورة لا مال له ». وقال في المدارك : منع الشيخ في الاستبصار عن نيابة المرأة الصرورة عن الرجل ، وفى النهاية أطلق المنع من نيابة المرأة الصرورة وهو ظاهر اختياره في التهذيب والمعتمد الأول ، لنا أن الحج مما تصح فيه النيابة ولها أهلية الاستقلال بالحج فتكون نيابتها جائزة وما رواه الشيخ في الصحيح في التهذيب (ج 1 ص 565) عن رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « المرأة تحج عن أخيها وعن أختها؟ قال : تحج المرأة عن أبيها » وفى حسنة معاوية بن عمار المتقدمة واحتج الشيخ بما رواه عن زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سمعته يقول : يحج الرجل الصرورة عن الرجل الصرورة ولا يحج المرأة الصرورة عن الرجل الصرورة » وعن مصادف قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام تحج المرأة عن الرجل قال : نعم إذا كانت فقيهه مسلمة وقد كانت قد حجت ، رب امرأة خير من رجل » والجواب عن الروايتين أولا بالطعن في السند لاشتمال سند الأولى على المفضل وهو مشترك بين عدة من الضعفاء وبان راوي الثانية وهو صادف نص العلامة على ضعفه ، وثانيا بالحمل على الكراهة كما يشعر به رواية سليمان بن جعفر قال : « سألت الرضا عليه السلام عن امرأة صرورة حجت عن امرأة صرورة ، قال : لا ينبغي » ولفظ « لا ينبغي » صريح في الكراهة.
2- الطريق صحيح. ويدل على جواز اعطاء سهم سبيل اللّه أو الفقراء الصرورة الذي لا مال له بقدر ما صار به مستطيعا ويجوز له الاخذ واتيان الحج به.

2882 - وروي عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يخرج في تجارة إلى مكة أو يكون له إبل فيكريها ، حجته ناقصة أو تامة؟ قال : لا با حجته تامة » (1).

باب 236: حج الجمال والأجير

2883 - روي عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « حجة الجمال تامة أم ناقصة (2)؟ قال : تامة ، قلت : حجة الأجير تامة أو ناقصة؟ قال : تامة » (3).

باب 237: من يموت وعليه حجة الاسلام وحجة في نذر عليه

2884 - روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس الكناسي

ص: 428


1- يدل على أنه لا يضر بصحة الحج نية التجارة والكراية وغيرهما إذا كان الحج لله أو منضما بل لا يضر التجارة في أصله كالنائب فإنه لو لم يكن مال الإجارة لا يذهب إلى الحج لكن لما آجر نفسه صار الحج واجبا عليه (م ت) أقول : المناسب للحديث أن يذكر في الباب التالي المعقود لمثله.
2- الجمال هو الذي له الجمل وكان مستطيعا للحج أو حج حجة الاسلام ويحج ندبا لكن بنية ليست بخالصة ، ويطلق على خدمة الجمل أيضا ، وقوله « تامة » أي مبرئة للذمة أو صحيحة وقوله عليه السلام « تامة » أي في المستطيع بالبراءة وفى غيره بالصحة. (م ت)
3- الأجير من يوجر نفسه للخدمة بالزاد والراحلة أو من يوجر نفسه للحج نيابة أو الأعم. واعلم أن بعض العلماء استدل بالخبر على وجوب الحج لمن آجر نفسه للخدمة بالزاد والراحلة لكن الاجمال في الأجير والتمامية يمنعان من الدلالة ، والاستدلال بالآية باعتبار شمول الاستطاعة له أولى.

قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل عليه حجة الاسلام نذر نذرا في شكر (1) ليحجن به رجلا إلى مكة ، فمات الذي نذر قبل أن يحج حجة الاسلام ومن قبل أن يفي بنذره الذي نذر ، قال : إن كان ترك مالا يحج عنه حجة الاسلام من جميع المال وأخرج من ثلثه ما يحج به رجل لنذره وقد وفى بالنذر وإن لم يكن ترك مالا إلا بقدر ما يحج به حجة الاسلام حج عنه بما ترك ويحج عنه وليه حجة النذر إنما هو مثل دين عليه » (2).

باب 238: ما جاء في الحج قبل المعرفة

2885 - روى عمر بن أذينة قال : « كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام أسأله عن رجل حج ولا يدري ولا يعرف هذا الامر ، ثم من اللّه عليه بمعرفته والدينونة به أعليه حجة الاسلام؟ قال : قد قضى فريضة اللّه عزوجل والحج أحب إلي » (3).

ص: 429


1- السند صحيح والنذر في الشكر ما كان متعلقه طاعة مشروطة بوصول نعمة أو دفع بلية أو فعل طاعة أو ترك معصية. (م ت)
2- يدل على وجوب اخراج حجة الاسلام من الأصل ، والنذر من الثلث مع وفاء المال ، و مع عدمه يحج الولي حجة النذر وهو محمول على الاستحباب والاحتياط ظاهر (م ت) وذهب جماعة إلى وجوب قضاء الحج المنذور من أصل المال إذا لم يتمكن من فعله وتأخر ، وذهب جماعة إلى وجوب قضائه من الثلث واعترض عليهم صاحب المدارك بعدم المستند ، وقيل بعدم وجوب القضاء مطلقا ، وقال في المدارك في موضع آخر بعدم دلالة هذا الخبر على مدعى من ذهب إلى وجوب قضائه من الثلث إذ مدعاهم ما لو نذر أن يحج بنفسه والخبر يدل على بذل المال للحج والفرق ظاهر لان الثاني مالي صرف. ويمكن أن يستدل به على مدعاهم بالطريق الأولى فتأمل.
3- السند صحيح والمراد بالمعرفة معرفة الأئمة صلوات اللّه عليهم بالإمامة والخبر يدل على الاجزاء واستحباب الإعادة وقد تقدم قول المشهور من عدم وجوب الإعادة على المخالف ما لم يخل بركن ، والمحكى عن ابن الجنيد وابن البراج وجوب الإعادة مطلقا.

2886 - وروي عن أبي عبد اللّه الخراساني عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال قلت له : « إني حججت وأنا مخالف وحججت حجتي هذه وقد من اللّه عزوجل علي بمعرفتكم وعلمت أن الذي كنت فيه كان باطلا فما ترى في حجتي؟ قال : اجعل هذه حجة الاسلام وتلك نافلة » (1).

باب 239: ما جاء في حج المجتاز

2887 - روى معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يمر مجتازا يريد اليمن أو غيرها من البلدان وطريقه بمكة فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحج فيخرج معهم إلى المشاهد ، أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام : قال : نعم » (2)

باب 240: حج المملوك والمملوكة

حج المملوك والمملوكة (3)

2888 - روى حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كلما أصاب العبد المحرم في إحرامه فهو على السيد إذا أذن له في الاحرام » (4).

ص: 430


1- يدل على جواز القلب بعد الفعل كما مر في صلاة الجماعة ، وعلى استحباب الإعادة كما دل عليه الاخبار منها ما تقدم.
2- حمل على الاستطاعة في البلد ، وظاهر الخبر أعم من ذلك ، ويشمله عموم الآية إذ كان مستطيعا حين الإرادة.
3- لا خلاف بين الأصحاب في اشتراط حجة الاسلام بالحرية ، وفى صحة حجهما وفى أن لهما ثواب حجة الاسلام إذا حجا إلى أن يعتقا ، فإذا أعتقا وحصل الشرائط يجب عليهما حجة الاسلام. (م ت)
4- يدل على أن جنايات العبد كلها على المولى إذا أذن له في الاحرام وبه قال المحقق في المعتبر وجماعة ، وقال الشيخ : انه يلزم ذلك العبد لأنه فعله بدون اذن مولاه ، ويسقط الدم إلى الصوم ، وقال المفيد على السيد الفداء في الصيد وهذا في جناياته ، وأما دم الهدى فمولاه بالخيار بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصوم اتفاقا (المرآة) أقول : ربما حمل الخبر على الاستحباب لما رواه الشيخ (في التهذيب ج 1 ص 556) في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن عبد أصاب صيدا وهو محرم هل على مولاه شئ من الفداء؟ قال : لا شئ على مولاه ».

2889 - وروى الحسن بن محبوب ، عن الفضل بن يونس قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام فقلت : تكون عندي الجواري وأنا بمكة فأمرهن أن يعقدن بالحج (1) يوم التروية فأخرج بهن فيشهدن المناسك أو اخلفهن بمكة؟ قال : فقال : إن خرجت بهن فهو أفضل ، وإن خلفتهن عند ثقة فلا بأس ، فليس على المملوك حج ولا عمرة حتى يعتق » (2).

2890 - وروى مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لو أن عبدا حج عشر حجج كانت عليه حجة الاسلام إذا استطاع إلى ذلك سبيلا » (3).

2891 - وفي رواية النضر (4) عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن المملوك إن حج وهو مملوك أجزأه إذا مات قبل أن يعتق ، وإن أعتق فعليه الحج ».

ص: 431


1- حرف الاستفهام محذوف أي أفآمرهن. (مراد)
2- يدل على عدم وجوب الحج على المملوك وعليه اجماع الأصحاب. (م ت)
3- يدل على اشتراط حجة الاسلام للعبد بالاستطاعة بعد العتق (م ت) أقول : هذا القول مبنى على كون المراد بالعبد المملوك كما فهمه المصنف ولم يثبت ، والظاهر من الكليني أن المراد بالعبد غير المملوك حيث رواه في باب ما يجزى من حجة الاسلام ومالا يجزى وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : ليس المراد بالعبد المملوك وحمل الخبر على الحج المندوب بدون الاستطاعة ويؤيد نظر العلامة المجلسي ذيل الخبر في الكافي (ج 4 ص 278) حيث ذكر فيه بعده حج الغلام قبل أن يحتلم ثم حج المملوك قبل أن يعتق. ولم ينقله المصنف - رحمه اللّه -.
4- الطريق صحيح ورواه الشيخ في الصحيح أيضا عن صفوان وابن أبي عمير جميعا عن عبد اللّه بن سنان.

2892 - وروى إسحاق بن عمار (1) قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن أم ولد تكون للرجل قد أحجها أيجوز ذلك عنها من حجة الاسلام؟ قال : لا ، قلت : لها أجر في حجها؟ قال : نعم ».

باب 241: ما يجزى عن المعتق عشية عرفة من حجة الاسلام

2893 - روى الحسن بن محبوب ، عن شهاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أعتق عشية عرفة عبدا له ، قال : يجزي عن العبد حجة الاسلام ويكتب للسيد أجران : ثواب العتق وثواب الحج » (2).

2894 - وروي عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « مملوك أعتق يوم عرفة ، قال : إذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج » (3).

ص: 432


1- الطريق إليه صحيح وهو ثقة بل من الاجلاء ، وفى بعض النسخ « روى عن إسحاق ».
2- الطريق إليه صحيح والخبر رواه الكليني ج 4 ص 276 والشيخ في التهذيب ج 1 ص 447 والاستبصار ج 2 ص 148 هكذا « في رجل أعتق عشية عرفة عبدا له أيجزي عن العبد حجة الاسلام؟ قال : نعم ، قلت : أم ولد أحجها مولاها أيجزي عنها؟ قال : لا ، قلت : أله أجر في حجتها؟ قال نعم - إلى آخر الحديث » ويحتمل التعدد أو يكون من قوله « ويكتب الخ » من كلام المصنف والمراد بعشية عرفة بعد الظهر إلى المغرب أو مع الليل حتى يشهد اضطراري عرفة وقال المولى المجلسي : السؤال منه لا يدل على عدم الاكتفاء بالمشعر إذ الظاهر أن شهابا توهم الاحتياج إلى وقوف عرفة في الاجزاء فسأل عنه.
3- « إذا أدرك » أي العبد معتقا أو الأعم كما هو الواقع ولا يعتبر خصوص السؤال بل العبرة بالجواب وخصوصه أو عمومه. والظاهر أن ادراك أحد الموقفين شامل للاختياري والاضطراري كل منهما فحينئذ الحاق الصبي والمجنون به ليس من باب القياس بل هما داخلان في هذا العموم و غيره من العمومات بأنهما إذا بلغا أو عقلا مع ادراك أحد الموقفين كان مجزيا عن حجة الاسلام كما قاله أكثر الأصحاب بل لا مخالف لهم ظاهرا. (م ت)

باب 242: حج الصبيان

2895 - روى زرارة (1) عن أحدهما عليهما السلام قال : « إذا الرجل بابنه وهو صغير فإنه يأمره أن يلبي ويفرض الحج ، فإن لم يحسن أن يلبي لبي عنه (2) ويطاف به ويصلى عنه ، قلت : ليس لهم ما يذبحون عنه؟ (3) قال : يذبح عن الصغار ويصوم الكبار (4) ويتقى عليهم (5) ما يتقى على المحرم من الثياب والطيب ، فإن قتل صيدا فعلى أبيه » (6).

2896 - وروي عن أيوب أخي أديم (7) قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام من أين يجرد الصبيان؟ فقال : كان أبي عليه السلام يجردهم من فخ » (8).

ص: 433


1- كذا في أكثر النسخ فيكون صحيحا وفى بعض النسخ « روى عن زرارة » فرواه الكليني عن العدة ، عن سهل ، عن البزنطي ، عن المثنى ، عن زرارة فيكون ضعيفا على المشهور لمقام سهل.
2- في بعض النسخ والتهذيب ج 1 ص 564 « لبوا عنه » بصيغة الجمع فيدل على جواز التلبية عنه لغير الولي.
3- في الكافي والتهذيب بدون لفظ « عنه ».
4- يحتمل أن يكون المراد بالكبار المميزين من الأطفال أو البلغ - بشد اللام - أي يصومون لأنفسهم ويذبحون لأطفالهم والأول أظهر (المرآة) وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : أي يجوز للولي أن يأمرهم بالصوم وأن يذبح عنهم من ماله.
5- في بعض النسخ « يتقى عليه » وفى الكافي والتهذيب كما في المتن.
6- لأنه صار سببا لاحرامه ، والمشهور لزوم جميع الكفارات على الولي وهذا الخبر يدل على خصوص كفارة الصيد ، وقيل : يلزمه في ماله لكونه صادرا عن جنايته ، وأيضا اختلف في أنه هل يختلف عمده وخطؤه أو يكون عمده في قوة الخطأ كما هو حكمه في باب الديات.
7- طريق المصنف إلى أيوب بن الحر صحيح ، وهو ثقة لكن قوله « روى » يشعر بكونه مأخوذا من الكافي أو غيره وفيه في طريقه سهل بن زياد فيكون السند ضعيفا على المشهور.
8- الظاهر أن المراد بالتجريد الاحرام كما فهمه الأكثر ، وفخ : بئر معروف على فرسخ من مكة ، وقد نص الشيخ وغيره على أن الأفضل الاحرام بالصبيان من الميقات لكن رخص في تأخير الاحرام بهم حتى يصيروا إلى فخ وتدل على أن الأفضل الاحرام بهم من الميقات روايات (المرآة) وقال المولى المجلسي : ذهب جماعة إلى أنه لا يدل على أكثر من التجريد وهو واجب من الاحرام فيمكن أن يكون احرامهم من الميقات سوى التجريد ويكون تجريدهم منه جمعا بينه و بين ما سيأتي. (م ت)

2897 - وروي عن يونس بن يعقوب (1) عن أبيه قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن معي صبية صغارا وأنا أخاف عليهم البرد فمن أين يحرمون؟ فقال : ائت بهم العرج (2) فليحرموا منها فإنك إذا أتيت العرج وقعت في تهامة (3) ثم قال : فإن خفت عليهم فائت بهم الجحفة (4) ».

2898 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة أو إلى بطن مر (5) ويصنع بهم ما يصنع بالمحرم ويطاف بهم ويرمى عنهم ، ومن لا يجد الهدي منهم فليصم عنه وليه ، وكان علي بن الحسين عليهما السلام يضع السكين في يد الصبي ثم يقبض على يده الرجل فيذبح (6) ».

2899 - وسأله سماعة « عن رجل أمر غلمانه أن يتمتعوا قال : عليه أن يضحي

ص: 434


1- يونس بن يعقوب ثقة وفى طريق المصنف إليه الحكم بن مسكين ولم يوثق صريحا وهو حسن ، ويعقوب بن قيس أبوه لم يوثق أيضا ورواه الكليني بطريق قوى عن يونس عن أبيه في الكافي ج 4 ص 303.
2- العرج - كفلس - : عقبة بين مكة والمدينة (المراصد) وقيل قرية من أعمال الفرع على أيام من المدينة.
3- المراد أعمال مكة وتوابعها التي لا يجوز لاحد أن يدخلها بدون الاحرام. وتهامة أرض أولها ذات عرق من قبل نجد إلى مكة وما وراءها بمرحلتين (المصباح المنير).
4- الجحفة - بضم الجيم هي مكان بين مكة والمدينة محاذية لذي الحليفة من الجانب الشامي قريب من رابغ بين بدر وخليص وهي أقرب من العرج إلى مكة.
5- بطن مر موضع بقرب مكة من جهة الشام نحو مرحلة.
6- قوله « كان علي بن الحسين عليهما السلام - الخ » داخل في حديث معاوية كما في الكافي ج 4 ص 304 ، ووضع السكين في يد الصبي على المشهور محمول على الاستحباب (المرآة)

عنهم (1) قلت : فإنه أعطاهم دراهم فبعضهم ضحى وبعضهم أمسك الدراهم وصام ، قال : قد أجزأ عنهم وهو بالخيار إن شاء تركها (2) قال : قال : ولو أنه أمرهم فصاموا كان قد أجزأ عنهم (3) ».

2900 - وروى صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن ابن عشر سنين يحج؟ قال : عليه حجة الاسلام إذا احتلم ، وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت (4) ».

2901 - وروي عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن الفضيل قال : « سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عن الصبي متى يحرم به؟ قال : إذا أثغر » (5).

2902 - وروى أبان ، عن الحكم (6) قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « الصبي إذا حج به فقد قضى حجة الاسلام حتى يكبر ، والعبد إذا حج به فقد قضى حجة الاسلام حتى يعتق (7) ».

ص: 435


1- الظاهر أن المراد بالغلمان العبيد وحمله المصنف على الصبيان وهو بعيد. والخبر في الكافي أيضا مضمر.
2- أي ان شاء ترك الدراهم لمن صام وان شاء أخذها منه واكتفاه بالشق الأول أولى. (مراد)
3- يدل على اجزاء الصوم عنهم مع التمكن.
4- يدل على اشتراط البلوغ في حجة الاسلام والطمث دليل البلوغ في الزمان المحتمل له (م ت)
5- ثغر - مجهولا - وأثغر ، واثغر - بشد المثلثة - الغلام ألقى سنة أو نبت والقاء السن غالبا يكون في سن يحصل فيه تميز ما وهو السبع ، ويحمل على الحج التمريني والا فالظاهر استحبابه في أقل من هذا كما تقدم ، وقال العلامة المجلسي : لعله محمول على تأكد الاستحباب أو على احرامهم بأنفسهم دون أن يحرم عنهم.
6- يعنى به حكم بن حكيم الصيرفي الثقة كما في التهذيب.
7- بهذا الخبر يجمع بين الأخبار الدالة على جواز حجهما وعدم اجزائها عن حجة الاسلام يعنى أن العبد تكفيه ما دام عبدا فلا بد له من حجة أخرى بعد العتق والاستطاعة وكذا الصبي.

باب 243: الرجل يستدين ويحج ، ووجوب الحج على من عليه الدين

2903 - روي عن يعقوب بن شعيب (1) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يحج بدين وقد حج حجة الاسلام ، قال : نعم إن اللّه عزوجل سيقضي عنه إن شاء اللّه تعالى (2) ».

2904 - وروي عن عبد الملك بن عتبة (3) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل عليه دين يستقرض ويحج؟ قال : إن كان له وجه في مال فلا بأس (4) ».

2905 - وروى موسى بن بكر (5) عنه عليه السلام قال : قلت له : « هل يستقرض الرجل ويحج إذا كان خلف ظهره ما يؤدي به عنه إذا حدث به حدث؟ قال : نعم ».

2906 - وروي عن أبي همام (6) قال : قلت للرضا عليه السلام : « الرجل يكون عليه الدين ويحضره الشئ (7) أيقضي دينه أو يحج؟ قال : يقضي ببعض ويحج ببعض قلت : فإنه لا يكون إلا بقدر نفقة الحج ، قال : يقضي سنة ويحج سنة ، قلت : أعطي

ص: 436


1- الطريق إلى يعقوب بن شعيب صحيح كما في الخلاصة ورواه الكليني في الصحيح أيضا.
2- لعله محمول على ما إذا كان له وجه لأداء الدين لما سيأتي. (المرآة)
3- طريق المصنف إلى عبد الملك قوى بحسن بن علي بن فضال ، ورواه الكليني ج 4 ص 279 في الصحيح.
4- يدل على الجواز بدون الكراهة مع الوجه. (م ت)
5- طريق المصنف إليه غير مذكور في المشيخة ورواه الكليني في الضعيف على المشهور وكذا الشيخ.
6- طريق المصنف إلى أبى همام وهو إسماعيل بن همام صحيح وهو ثقة.
7- الظاهر أن المراد بالشئ مستغل تحصل له في كل سنة ، بقرينة ما يجيئ من قوله عليه السلام : يقضى سنة ويحج سنة. (مراد)

المال من ناحية السلطان ، قال : لا بأس عليكم (1) ».

2907 - وسال رجل أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له : « إني رجل ذو دين فأتدين وأحج؟ فقال : نعم هو أقضى للدين (2) ».

2908 - وروى ابن محبوب ، عن أبان ، عن الحسن بن زياد العطار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « يكون علي الدين فيقع في يدي الدراهم فإن وزعتها بينهم لم يقع شيئا (3) أفأحج أو أوزعها بين الغرماء؟ قال : حج بها وادع اللّه أن يقضي عنك دينك إن شاء اللّه تعالى (4) ».

باب 244: ما جاء في المرأة يمنعها زوجها من حجة الاسلام أو حجة تطوع

2909 - روى أبان ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن امرأة لها

ص: 437


1- يدل على جواز الحج مع الدين وكذا جواز أخذ جوائز السلطان للشيعة و الحج بها.
2- رواه الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 329 وحمله على ما إذا كان له وجه يقضى ينه منه ، وربما حمل على المندوب أو على استقرار الوجوب. وقال الفاضل التفرشي قوله « هو أقضى للدين » يدل على أن الاستدانة للحج تصير سببا لان يقضى اللّه تعالى دينه هذا وغيره من الديون ، وقال يمكن التوفيق بين منطوق هذا الخبر والذي يأتي وما في معناهما وبين مفهوم حديث عبد الملك بن عتبة بحمل الاستدانة للحج عند عدم ما يؤدى به عنه على الكراهة ، وأما قوله : « هو أقضى للدين » فلا يوجب رفع الكراهة فان معناه أنه مقتضى لذلك وان توقف تأثيره على تحقق الشرائط وارتفاع الموانز. والاستدانة اشتغال الذمة ناجزا بما ليس عنده بالفعل ما يبرء الذمة ، فمجرد اتيانه بما يقتضى حصول ما يبرء الذمة لا يرتفع تلك الكراهة.
3- كذا في النسخ ولعله ضمن فيه معنى فعل معتد أي لم يقع التوزيع والتقسيم مبقيا شيئا أو تاركا شيئا ، وفى الكافي ج 4 ص 279 « لم يبق شئ » فيستقيم المعنى بدون تكلف ، ولعل ما في المتن تصحيف من النساخ.
4- قوله : « حج بها وادع اللّه » أي مع رضاهم أو مع كونه مستجاب الدعوة. (م ت)

زوج وهي صرورة ولا يأذن لها في الحج ، قال : تحج وإن لم يأذن لها (1) ».

2910 - وفي رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه (2) عن الصادق عليه السلام قال : « تحج وإن رغم أنفه (3) ».

2911 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام قال : « سألته عن المرأة الموسرة قد حجت الاسلام فتقول لزوجها : أحجني مرة أخرى أله أن يمنعها؟ قال : نعم (4) ، يقول لها : حقي عليك أعظم من حقك علي في ذا (5) ».

باب 245: حج المرأة مع غير محرم أو ولى

2912 - روي عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة تخرج إلى مكة بغير ولي ، فقال : لا بأس تخرج مع قوم ثقات ».

ص: 438


1- طريق المصنف إلى أبان بن عثمان صحيح وهو مقبول الرواية ، ورواه الكليني في ج 4 ص 282 وفى طريقه معلى بن محمد البصري وقال ابن الغضائري : نعرف حديثه وننكره ويجوز أن يخرج شاهدا.
2- طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة.
3- أي تحج بدون اذنها إذا كانت صرورة وان ذل الزوج بخروجها.
4- يدل على اشتراط اذن الزوج في المندوب. (م ت)
5- ادعى الاجماع على أنه لا يصح حجها تطوعا الا باذن زوجها بل قال في المنتهى انه لا نعلم فيه مخالفا بين أهل العلم ثم استدل بهذا الخبر ، وقال فقيه عصرنا - مد ظله - في جامع المدارك : لا يخفى أن جواز المنع لا يترتب عليه الفساد ما لم يستلزم الخروج بغير اذن الزوج كما لو كان الخروج مع الزوج وباذنه وقارن معه الحج ، نعم الحج مضاد للاستمتاع ومجرد هذا لا يوجب الفساد ، ولو أحرمت بغير اذنها وقلنا بصحة احرامها يشكل تحللها بغير ما يوجب التحلل من أفعال الحج والعمرة ، وأما التمسك بالآية الشريفة « الرجال قوامون على النساء » فمشكل لاثبات عدم صحة أعمالها بدون إجازة الزوج بحيث يحتاج في كل عمل يصدر منها إلى مراجعته ، ألا ترى أنه لا مجال للشك في صحة الصلوات المندوبة منها بدون الاذن.

2913 - وفي رواية هشام ، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المرأة تريد الحج وليس معها محرم هل يصلح لها الحج؟ فقال : نعم إذا كانت مأمونة (1) ».

2914 - وروى البزنطي ، عن صفوان الجمال قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « قد عرفتني بعملي (2) ، تأتيني المرأة أعرفها باسلامها وحبها إياكم وولايتها لكم ليس لها محرم ، قال : إذا جاءت المرأة المسلمة فاحملها (3) فإن المؤمن محرم المؤمنة ، ثم تلا هذه الآية : والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ».

باب 246: حج المرأة في العدة

2915 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « المطلقة تحج في عدتها » (4).

ص: 439


1- يمكن أن يراد بذلك كونها مع قوم ثقات أو أن يكون لها سيرة يأمن عليها الزوج فحينئذ ليس للزوج منعها عن الحج (مراد) وقال العلامة المجلسي : ظاهره أن هذا الشرط لعدم جواز منع أهاليها من حجها فإنهم إذا لم يعتمدوا عليها في ترك ارتكاب المحرمات وما يصير سببا لذهاب عرضهم يجوز لهم أن يمنعوها إذا لم يمكنهم بعث أمين معها ، ويحتمل أن يكون المراد مأمونة عند نفسها أي آمنة من ذهاب عرضها فيوافق الاخبار الاخر.
2- أي كنت عرفت أنى جمال.
3- أي يجوز لك كرايتها والتولي لأمورها. وقال في المدارك : الظاهر أن المراد من قوله عليه السلام « المؤمن محرم المؤمنة » أن المؤمن كالمحرم في جواز مرافقته للمرأة ، ومقتضى هذه الروايات الاكتفاء في المرأة بوجود الرفقة المأمونة وهي التي يغلب ظنها بالسلامة معها فلو انتفى الظن المذكور بان خافت على النفس أو البضع أو العرض فلم يندفع ذلك الا بالمحرم اعتبر وجوده قطعا لما في التكليف بالحج مع الخوف من فوات شئ من ذلك من الحرج والضرر.
4- محمول على الحج الواجب في الرجعية ، فتكون مستثناة من منع خروجها عن البيت الذي طلق فيه. (مراد)

2916 - وروى ابن بكير ، عن زرارة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة التي يتوفى عنها زوجها أتحج في عدتها؟ قال : نعم ».

باب 247: الحاج يموت في الطريق

2917 - روى علي بن رئاب (1) ، عن ضريس عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل خرج حاجا حجة الاسلام فمات في الطريق ، فقال : إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الاسلام ، وإن كان مات دون الحرم فليقض عنه وليه حجة الاسلام » (2)

2918 - وروى علي بن رئاب ، عن بريد العجلي (3) قال : « سألت أبا - جعفر عليه السلام عن رجل خرج حاجا ومعه جمل له ونفقة وزاد فمات في الطريق ، قال : إن كان صرورة ثم مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الاسلام ، وإن كان مات و هو صرورة قبل أن يحرم (4) جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجة الاسلام ،

ص: 440


1- الطريق إلى ابن رئاب صحيح وهو ثقة جليل ، وضريس الكناسي ثقة خير فاضل.
2- ينبغي حمله على ما إذا كانت الحجة عليه مستقرة وكان له مال يفي بالحج (مراد) وقال في المدارك ما حاصله : لا ريب في وجوب القضاء لو مات قبل الاحرام ودخول الحرم وقد استقر الحج في ذمته بأن يكون قد وجب قبل تلك السنة وتأخر ، وقد قطع المتأخرون بسقوط القضاء إذا لم تكن الحجة مستقرة في ذمته بأن كان خروجه في عام الاستطاعة ، و أطلق المفيد في المقنعة والشيخ في جملة من كتبه وجوب القضاء إذا مات قبل دخول الحرم ولعلهما نظرا إلى اطلاق الامر بالقضاء في بعض الروايات وأجيب عنهما بالحمل على من استقر الحج في ذمته.
3- بريد بن معاوية العجلي من وجوه أصحابنا ثقة فقيه له محل عند الأئمة عليهم السلام.
4- قال في المدارك : ذهب علماؤنا إلى أنه إذا مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأ عنه ، واختلفوا فيما إذا كان بعد الاحرام وقبل دخول الحرم والأشهر عدم الاجزاء ، و ذهب الشيخ في الخلاف وابن إدريس إلى الاجتزاء وربما أشعر به مفهوم قوله عليه السلام « قبل أن يحرم » لكنه معارض بمنطوق قوله عليه السلام « وإن كان مات دون الحرم ».

فان فضل من ذلك شئ فهو للورثة إن لم يكن عليه دين ، قلت : أرأيت إن كانت الحجة تطوعا ثم مات في الطريق قبل أن يحرم لمن يكون جمله ونفقة وما معه؟ قال : يكون جميع ما معه وما ترك للورثة ، إلا أن يكون عليه دين فيقضى عنه أو يكون أوصى بوصية فينفذ ذلك لمن أوصى له ويجعل ذلك من ثلثه ».

باب 248: ما يقضى عن الميت من حجة الاسلام ، أوصى أو لم يوص

2919 - روى هارون بن حمزة الغنوي (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل مات ولم يحج حجة الاسلام (2) ولم يترك إلا قدر نفقة الحج وله ورثة (3) ، قال : هم أحق بميراثه إن شاؤوا أكلوا وإن شاؤوا حجوا عنه » (4).

2920 - وروي عن حارث بياع الأنماط (5) أنه سئل أبو عبد اللّه عليه السلام « عن رجل أوصى بحجة ، فقال : إن كان صرورة فهي من صلب ماله إنما هي دين عليه ، وإن كان قد حج فهي من الثلث » (6).

ص: 441


1- الطريق إليه صحيح وهو ثقة عين كما في الخلاصة.
2- مع عدم وجوبها عليه واستقرارها. أو لم تستقر بأن يكون الموت في سنة الاستطاعة قبل الاتيان بالحج. (م ت)
3- ولم يترك نفقة العيال ولم يكن مستقرا وله ورثة.
4- فالحاصل يحمل على سنة الاستطاعة إذا لم تكن له نفقة العيال أو كانت ولم يصر مستطيعا بأن يكون قد مات قبل أوان الحج بمقدار ما يمكن الاتيان به أو قبل دخول الحرم كما قاله بعض. (م ت)
5- الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان وروى نحوه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات فأوصى أن يحج عنه ، قال : إن كان صرورة فمن جميع المال وإن كان تطوعا فمن ثلثه ».
6- يدل على أن حجة الاسلام من الأصل كسائر الديون المالية ، وغيرها من الثلث ويشمل النذر. والخبر بكتاب الوصية أنسب من هذا الكتاب.

2921 - وروي عن الحارث بن المغيرة (1) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن ابنتي أوصت بحجة ولم تحج ، قال : فحج عنها فإنها لك ولها ، قلت : إن أمي ماتت ولم تحج ، قال : حج عنها فإنها لك ولها » (2).

2922 - وروي عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة أوصت بمال في الصدقة والحج والعتق ، فقال : ابدأ بالحج فإنه مفروض فإن بقي شئ فاجعل في الصدقة طائفة وفي العتق طائفة » (3).

2923 - وروي عن بشير النبال (4) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن والدتي توفيت ولم تحج ، قال : يحج عنها رجل أو امرأة ، قال : قلت : أيهم أحب إليك؟ قال : رجل أحب إلي » (5).

2924 - وروي عن عاصم بن حميد (6) ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها أيقضى عنه؟ قال : نعم » (7).

ص: 442


1- الطريق إليه صحيح على ما في الخلاصة الا أن فيه أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه ومحمد بن ماجيلوية وتوثيقه من تصحيح العلامة نحو هذا الطرق (جامع الرواة).
2- أي لك ثوابا ولها أصالة ان كانت واجبة عليها دونه وبالعكس لو كان الامر بالعكس أو كان لهما أصالة كما يفهم من اخبار كثيرة وقد تقدم بعضها ، وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « حج الصرورة يجزى عنه وعمن حج عنه ». وحمل على الاجزاء في الثواب حتى يجب عليه الحج ويحج عن نفسه. (م ت)
3- يدل على تقديم الحج لكونه مفروضا والتعليل يشعر بتقديم الفرائض لو وقعت مع غيرها وربما يقيده بالمالية كما في المعلل. (م ت)
4- الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان.
5- يدل على جواز نيابة المرأة وأفضلية الرجل. (م ت)
6- الطريق إليه حسن كالصحيح وهو ثقة عين.
7- يدل على وجوب قضاء الحج عن الميت وان لم يوص ، ويؤيده ما في الكافي ج 4 ص 277 في الصحيح عن رفاعة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها أيقضى عنه؟ قال : نعم ».

باب 249: الرجل يوصى بحجة فيجعلها وصيه في نسمة

2925 - روى ابن مسكان (1) قال : حدثني أبو سعيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن رجل أوصى بحجة فجعلها وصيه في نسمة ، قال : يغرمها وصيه ويجعلها في حجة كما أوصى فإن اللّه عزوجل يقول : « فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه » (2).

باب 250: الحج عن أم الولد إذا ماتت

2926 - روى ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال : « أرسلت إلى أبي - عبد اللّه عليه السلام أن أم امرأة كانت أم ولد فماتت فأرادت المرأة أن تحج عنها ، قال : أو ليس قد عتقت بولدها (3) تحج عنها ».

باب 251: الرجل يوصى إليه الرجل أن يحج عنه ثلاثة رجال ، فيحل له أن يأخذ لنفسه حجة منها

2927 - كتب عمرو بن سعيد الساباطي (4) إلى أبي جعفر عليه السلام يسأله « عن رجل أوصى إليه رجل أن يحج عنه ثلاثة رجال فيحل له أن يأخذ لنفسه حجة منها؟ فوقع عليه السلام بخطه وقرأته : حج عنه إن شاء اللّه تعالى فان لك مثل أجره ،

ص: 443


1- الطريق إليه صحيح والظاهر أن أبا سعيد هو القماط الثقة.
2- يدل على ضمان الوصي إذا غير الوصية.
3- أي بموت مولاها والامر بالحج عنها اما وجوبا مع الاستقرار أو استحبابا مع عدمه ، وقال سلطان العلماء : لعله إشارة إلى عدم بقائها على الرقية فينبغي الحج عنها.
4- في الطريق إليه أحمد بن الحسن بن علي بن فضال وهو فطحي ثقة.

ولا ينقض من أجره شئ إن شاء اللّه تعالى » (1).

باب 252: من يأخذ حجة فلا تكفيه

2928 - روى علي بن مهزيار (2) عن محمد بن إسماعيل قال : أمرت رجلا أن يسأل أبا الحسن عليه السلام « عن الرجل يأخذ من الرجل حجة فلا تكفيه أله أن يأخذ من رجل آخر حجة أخرى فيتسع بها فتجزي عنهما جمعيا أو يتركهما جميعا إن لم تكفه إحداهما؟ فذكر أنه قال : أحب إلي أن تكون خالصة لواحد فان كانت لا تكفيه فلا يأخذها ».

باب 253: من أوصى في الحج بدون الكفاية

2929 - روى ابن مسكان ، عن أبي بصير (3) عمن سأله قال : قلت له : « رجل أوصى بعشرين دينارا في حجة ، فقال : يحج بها رجل من حيث يبلغه » (4).

2930 - وكتب إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمد عليه السلام : « أعلمك يا مولاي أن مولاك علي بن مهزيار أوصى أن يحج عنه من ضيعة - صير ربعها لك - حجة في كل سنة بعشرين دينارا وإنه منذ انقطع طريق البصرة تضاعفت المؤونة على الناس فليس يكتفون بعشرين دينارا ، وكذلك أوصى عدة من مواليك في حجتين (5) فكتب عليه السلام :

ص: 444


1- مع أن ظاهر الوصية ارسال الغير أو لأنه يشترط التعدد في الموجب والقابل ولعل ذلك مبنى على أن العبارة عامة والتغاير الاعتباري كاف.
2- الطريق إليه صحيح وهو ومحمد بن إسماعيل ثقتان.
3- كذا في جميع النسخ وفى الكافي ج 4 ص 308 والتهذيب « عن أبي سعيد » و هو الصواب.
4- لعل المراد به موضع يفي به ذلك المال وهو أيضا في الوصية. (المرآة)
5- في الكافي ج 4 ص 310 « وكذلك أوصى عدة من مواليك في حججهم ».

يجعل ثلاث حجج حجتين إن شاء اللّه تعالى » (1).

2931 - وكتب إليه علي بن محمد الحضيني : « أن ابن عمي أوصى أن يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنة فليس يكفي فما تأمرني في ذلك؟ فكتب عليه السلام : تجعل حجتين في حجة إن شاء اللّه ، إن اللّه عالم بذلك ».

باب 254: الحج من الوديعة

2932 - روى سويد القلاء ، عن أيوب بن حر ، عن بريد العجلي (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل استودعني مالا فهلك وليس لولده شئ ولم يحج حجة الاسلام ، قال : حج عنه وما فضل فأعطهم » (3).

ص: 445


1- اعلم أن الأصحاب قد قطعوا بأنه إذا أوصى أن يحج عنه سنين متعددة وعين لكل سنة قدرا معينا اما مفصلا كمائة أو مجملا كغلة بستان فقصر عن أجرة الحج جمع مما زاد على السنة ما يكمل به أجرة المثل لسنة ثم يضم الزائد إلى ما بعده وهكذا ، واستدلوا بهذه الرواية والرواية الآتية ، ولعلهم حملوا هذه الرواية على أنه عليه السلام علم في تلك الواقعة أنه لا تكمل أجرة المثل الا بضم نصف أجر السنة الثانية بقرينة أن حكم في الحديث الاخر بجعل حجتين حجة لعلمه بأنه في تلك الواقعة لا تكمل الأجرة الا بضم مثل ما عين لكل سنة إليه ويظهر منهما أن اجرة الحج في تلك السنين كانت ثلاثين دينارا فلما كان علي بن مهريار أوصى لكل سنة بعشرين فبانضمام نصف اجرة السنة الثانية تم الأجرة ولما كان الاخر أوصى بخمسة عشر أمر بتضعيفها لتمام الأجرة فتأمل (المرآة) أقول : ويظهر من هذا الخبر أن وفاة علي بن مهزيار الأهوازي في حياة أبى محمد العسكري عليه السلام فما رواه المصنف رحمه اللّه - في كمال الدين باب من شاهد القائم عليه السلام من ملاقاته إياه عليه السلام في زمان الغيبة ففيه ما فيه وبسطنا الكلام هناك (راجع كمال الدين ص 466 طبع مكتبة الصدوق).
2- طريق الرواية صحيح ورواه الكليني أيضا في الصحيح.
3- قال في المدارك ص 338 : اعتبر المحقق وغيره في جواز الاخراج علم المستودع أن الورثة لا يؤدون والا وجب استيذانهم وهو جيد لان مقدار أجرة الحج وإن كان خارجا عن ملك الورثة الا أن الوارث مخير في جهات القضاء وله الحج بنفسه والاستقلال بالتركة و الاستيجار بدون أجرة المثل فيقتصر في منعه من التركة على موضع الوفاق ، واعتبر في التذكرة مع ذلك أمن الضرر فلو خاف على نفسه أو ماله لم يجز له ذلك وهو حسن ، واعتبر أيضا عدم التمكن من الحاكم واثبات الحق عنده والأوجب استيذانه ، وحكى الشهيد في اللمعة قولا باعتبار اذن الحاكم في ذلك مطلقا واستبعده ، وذكر الشارح أن وجه البعد اطلاق النص الوارد بذلك وهو غير جيد فان الرواية إنما تضمنت أمر الصادق عليه السلام لبريد في الحج عمن له عنده الوديعة وهو اذن وزيادة ، ولا ريب أن استيذان الحاكم مع امكانه أولى أما مع التعذر فلا يبعد سقوطه حذرا من تعطيل الحق الذي يعلم من بيده المال ثبوته ، ومورد الرواية الوديعة وألحق بها غيرها من الحقوق المالية حتى الغصب والدين ويقوى اعتبار استيذان الحاكم في الدين فإنه إنما يتعين بقبض المالك أو ما في معناه ، ومقتضى الرواية أن المستودع يحج لكن جواز الاستيجار ربما كان أولى خصوصا إذا كان الأجير أنسب لذلك من الودعي.

باب 255: الرجل يموت وما يدرى ابنه هل حج أو لا

2933 - سئل أبو عبد اللّه عليه السلام (1) « عن رجل مات وله ابن فلم يدر حج أبوه أم لا ، قال : يحج عنه ، فإن كان أبوه قد حج كتب لأبيه نافلة وللابن فريضة ، وإن لم يكن حج أبوه كتب لأبيه فريضة وللابن نافلة » (2).

باب 256: المتمتع عن أبيه

2934 - روى جعفر بن بشير (3) ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر

ص: 446


1- رواه الكليني ج 4 ص 277 بسند مرفوع عنه عليه السلام.
2- قال العلامة المجلسي : لعله محمول على أنه لم يترك سوى ما يحج به وليس للولد مال غيره فلو كان الأب قد حج يكون الابن مستطيعا بهذا المال ، ولو لم يكن قد حج كان يلزمه صرف هذا المال في حج أبيه فيجب على الولد أن يحج بهذا المال ويردد النية بين والده ونفسه فإن لم يكن أبوه حج كان لأبيه مكان الفريضة والا فللابن ، فلا ينافي هذا وجوب الحج على الابن مع الاستطاعة بمال آخر لتيقن البراءة.
3- الطريق إليه صحيح وهو ثقة والمراد بالعلاء العلاء بن رزين القلاء وهو الذي صحب محمد بن مسلم وتفقه عليه وكان ثقة جليلا.

عليه السلام قال : « سألته عن رجل يحج عن أبيه أيتمتع (1)؟ قال : نعم ، المتعة له والحج عن أبيه » (2).

باب 257: تسويف الحج

2935 - روى محمد بن الفضيل قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول اللّه عزوجل : « ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا » فقال : نزلت فيمن سوف الحج (3) - حجة الاسلام - وعنده ما يحج به ، فقال : العام أحج ، العام أحج حتى يموت قبل أن يحج ».

2936 - وروي عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل لم يحج قط وله مال ، فقال : هو ممن قال اللّه عزوجل : « ونحشره يوم القيمة أعمى » فقلت : سبحان اللّه أعمى؟! فقال : أعماه اللّه عزوجل عن طريق الخير ».

2937 - وروى صفوان بن يحيى (4) عن ذريح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق منه الحج (5) أو سلطان يمنعه منه ، فليمت يهوديا أو نصرانيا ». (6)

ص: 447


1- مع أنه لا فائدة للأب في التمتع لأنه لا يمكن له التمتع بالنساء والثياب والطيب الذي هو فائدة حج التمتع. (م ت)
2- لعله محمول على أنه كان على أبيه حج الافراد والمطلق فإذا تفضل الابن بالتمتع كان الفضيلة له وأصل الحج للأب. (سلطان)
3- التسويف : التأخير ، يقال : سوفته أي مطلته ، فكأن الانسان في تأخير الحج يماطل نفسه فيما ينفعه. (المرآة)
4- طريق المصنف إلى صفوان حسن كالصحيح ورواه الكليني والشيخ في الصحيح. وصفوان وذريح ثقتان.
5- في بعض النسخ « معه الحج ».
6- يعنى كان حشره معهم أو يكون مثلهم في ترك الحج.

2938 - وروى علي بن أبي حمزة عنه عليه السلام أنه قال : « من قدر على ما يحج به وجعل يدفع ذلك وليس له عنه شغل يعذره اللّه فيه حتى جاء الموت فقد ضيع شريعة من شرايع الاسلام ».

باب 258: العمرة في أشهر الحج

2939 - روى سماعة بن مهران (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « من حج معتمرا (2) في شوال ومن نيته أن يعتمر ويرجع إلى بلاده فلا بأس بذلك ، وإن هو أقام إلى الحج فهو متمتع لان أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة ، فمن اعتمر فيهن وأقام إلى الحج فهي متعة ، ومن رجع إلى بلاده ولم يقم إلى الحج فهي عمرة ، فان اعتمر في شهر رمضان أو قبله فأقام إلى الحج فليس بمتمتع وإنما هو مجاور أفرد العمرة ، فان هو أحب أن يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق (3) ، أو يجاوز عسفان (4) فيدخل متمتعا بعمرة إلى

ص: 448


1- الطريق إليه حسن قوى وهو واقفي ثقة.
2- أي قصد العمرة ، وكونه بمعنى الحج الاصطلاحي بعيد. قد ذكر سابقا أخبار تدل على وجوب العمرة على الناس مثل الحج كما في قوله تعالى : « وأتموا الحج والعمرة لله ». ومن تمتع بالعمرة إلى الحج لا يجب عليه عمرة أخرى ، ويجب العمرة المفردة على القارن والمفرد مقدما على الحج أو مؤخرا عنه ، واستطاعة العمرة مثل استطاعة الحج ومن استطاع العمرة المفردة فقط لا يجب عليه الحج الا أن يستطيع له بعد فيجب عليه الحج متمتعا على قول.
3- ذات عرق موضع أول تهامة وآخر عقيق وهو على نحو مرحلتين من مكة.
4- وعسفان - كعثمان - موضع بين مكة والمدينة ، بينه وبين مكة مرحلتان. و قال بعض الشراح : ان لم يكن التجاوز بمعنى الوصول إلى الجحفة يمكن أن يكون الاحرام منه للمحاذاة.

الحج فإن هو أحب أن يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فيلبي منها » (1).

2940 - وروى عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله متى شاء إلا أن يدركه خروج الناس يوم التروية » (2)

2941 - وفي رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « العمرة في العشر متعة » (3).

ص: 449


1- قال في المراصد : « الجعرانة » لا خلاف في كسر أوله ، وأصحاب الحديث يكسرون عينه ويشددون راءه ، وأهل الأدب يخطئونهم ويسكنون العين ويخففون الراء ، و الصحيح أنهما لغتان جيدتان ، قال علي بن المديني : أهل المدينة يثقلون الجعرانة والحديبية وأهل العراق يخففونهما - : منزل - أوماء - بين الطائف ومكة وهي إلى مكة أقرب ، نزله النبي عليه السلام وقسم بها غنائم حنين وأحرم منه بالعمرة ، وله فيه مسجد وبه بئار متقاربة - انتهى وقال سلطان العلماء : لعل المراد أنه أراد افراد الحج عن هذه العمرة التي أراد فعلها فليخرج إلى الجعرانة لاحرام هذه العمرة المفردة فالخروج إليها للعمرة التي أحب افراد الحج عنها لا للحج كما توهم العبارة ، فان ميقات حج الافراد اما مكة أو دويرة أهلها ولا دخل للجعرانة فيها هذا على المشهور ، وأما على ما في روايتين صحيحتين إحديهما عن عبد الرحمن ابن الحجاج عن الصادق عليه السلام والأخرى عن سالم الحناط عنه عليه السلام : ان المجاور إذا أراد الحج فليخرج إلى الجعرانة. فيمكن حمل هذا أيضا عليهما - انتهى ، أقول : لعل المراد برواية عبد الرحمن بن الحجاج ما في التهذيب ج 1 ص 459 وأما رواية سالم فما عثرت عليها.
2- ظاهره أنه يصح له التمتع بتلك العمرة فيشترط وقوعها في أشهر الحج ، ولعل المراد بادراكه خروج الناس يوم التروية وقوعه في العشر من ذي الحجة فيكون في معنى ما يجيئ من قوله عليه السلام « وإن كان في ذي الحجة فلا يصلح الا الحج » والظاهر أن الاتيان بالحج الذي يفهم من الاستثناء على سبيل الوجوب اما من حيث إنه حينئذ يستطيع الحج فيكون داخلا في عموم الآية فيكون ذلك بالنسبة إليه حجة الاسلام إن كان مستطيعا من منزله ، ولا ينافي ذلك وجوبه على غير المستطيع مرة أخرى لو استطاع لدليل آخر واما من حيث إنه أتى بالعمرة فيكون ذلك حجة الاسلام بالنسبة إلى المستطيع من منزله دون من لا يستطيع منه فلو استطاع بعد ذلك وجب عليه كما هو المشهور. (مراد)
3- يدل على تأكد استحباب جعل العمرة في العشر من ذي الحجة تمتعا أو وجوبه إذا قصد بها التمتع سواء كان في العشر أو في أشهر الحج. (م ت)

2942 - وروى معاوية بن عمار قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل أفرد الحج هل له أن يعتمر بعد الحج؟ فقال : نعم إذا أمكن الموسى من رأسه فحسن » (1).

2943 - وروى المفضل بن صالح (2) عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « العمرة مفروضة مثل الحج ، فإذا أدى المتعة فقد أدى العمرة المفروضة ».

2944 - وسأله عبد اللّه بن سنان « عن المملوك يكون في الظهر يرعى وهو يرضى أن يعتمر ثم يخرج ، فقال : إن كان اعتمر في ذي القعدة فحسن ، وإن كان في ذي الحجة فلا يصلح إلا الحج » (3).

2945 - « واعتمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ثلاث عمر متفرقات كلها في ذي القعدة (4)

ص: 450


1- وفى الكافي عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه مثله. ولعله كناية عن الاحلال فينتقل الذهن من تمكينه الموسى من رأسه إلى الحلق ومنه إلى الاحلال (مراد) وقال المولى المجلسي هذا الخبر يدل على عدم الاحتياج إلى الفصل بين العمرة المفردة وحجها بشهر بل يكفي اليومين والثلاثة - انتهى ، وقال السيد - رحمه اللّه - في المدارك : محل العمرة المفردة بعد الفراغ من الحج وذكر جمع من الأصحاب أنه يجب تأخيرها إلى انقضاء أيام التشريق ، و نص العلامة وغيره على جواز تأخيرها إلى استقبال المحرم واستشكل جدي - رحمه اللّه - هذا الحكم بوجوب ايقاع الحج والعمرة المفردة في عام واحد ، قال : الا أن يراد بالعام اثنى عشر شهرا مبدؤها زمان التلبس بالحج ، وهو محتمل مع أنه لا دليل على اعتبار هذا الشرط وأوضح ما وقفت عليه صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قلت له : العمرة بعد الحج؟ قال إذا أمكن الموسى من الرأس ».
2- طريق المصنف إليه غير مذكور وهو ضعيف.
3- فيه نوع منافاة مع خبر عمر بن يزيد المتقدم تحت رقم 2938 ويمكن الجمع بحمل ذي الحجة وتقييده بادراك يوم التروية والتفصيل في كتاب منتقى الجمان ج 2 ص 597 فلتراجع.
4- رواه الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، و ينافي ما تقدم ص 238 عن المصنف أن النبي صلى اللّه عليه وآله اعتمر تسع عمر ولم يحج حجة الوداع الا وقبلها حج.

عمرة أهل فيها من عسفان وهي عمرة الحديبية ، وعمرة القضاء أحرم فيها من الجحفة وعمرة أهل فيها من الجعرانة وهي بعد أن رجع من الطائف من غزوة حنين » (1).

باب 259: اهلال العمرة المبتولة واحلالها ونسكها

2946 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا دخل المعتمر مكة من غير تمتع وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام وسعى بين الصفا والمروة فليلحق بأهله إن شاء » (2).

ص: 451


1- « أهل » أي رفع صوته بالتلبية ، وعسفان - كعثمان - : موضع على مرحلتين من مكة لقاصد المدينة.
2- ظاهره موافق لمذهب الجعفي من عدم وجوب طواف النساء في العمرة المفردة وهو الظاهر من كلام المصنف - رحمه اللّه - كما سيأتي خلافا للمشهور بل الاجماع على ما نقل في المنتهى (سلطان) وقال المولى المجلسي - قدس سره - : « لم يذكر فيه التقصير وطواف النساء لا يدل على عدم الوجوب لأنهما للاحلال وليسا من الأركان والنسك مع وجودهما في أخبار أخر والمثبت مقدم - إلى آخر ما قال - » أقول : روى الكليني ج 4 ص 538 في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن إسماعيل بن رباح عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال نعم » ورواه الشيخ في كتابيه. وفيه عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن إبراهيم ابن عبد الحميد ، عن عمر بن يزيد أو غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المعتمر يطوف ويسعى ويحلق ، قال : ولا بد له من بعد الحلق من طواف آخر » ونقله الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 232 وقال : أما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى ، عن علي بن محمد بن عبد الحميد ، عن أبي خالد مولى علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ فقال : ليس عليه طواف النساء » فلا ينافي ما قدمناه لان هذا الخبر محمول على من دخل معتمرا عمرة مفردة في أشهر الحج ، ثم أراد أن يجعلها متعة للحج جاز له ذلك ، ولم يلزمه طواف النساء لان طواف النساء إنما يلزم المعتمر العمرة المفردة عن الحج ، فإذا تمتع بها إلى الحج سقط عنه فرضه. يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال : كتب أبو القاسم مخلد ابن موسى الرازي إلى الرجل « سأله عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء ، والعمرة التي يتمتع بها إلى الحج؟ فكتب أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء ، واما التي يتمتع بها إلى الحج فليس على صاحبها طواف النساء » واما ما رواه محمد بن أحمد ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن سيف ، عن يونس عمن رواه قال : « ليس طواف النساء الا على الحاج » فلا ينافي ما ذكرناه لأن هذه الرواية موقوفة غير مسندة إلى أحد من الأئمة عليهم السلام وإذا لم تكن مسندة لم يجب العمل بها لأنه يجوز أن يكون ذلك مذهبا ليونس اختاره على بعض آرائه كما اختار مذاهب كثيرة لا يلزمنا المصير إليها لقيام الدلالة على فسادها.

2947 - وروى عنه عليه السلام أنه قال : « من ساق هديا في عمرة فلينحر قبل أن يحلق رأسه ، قال : ومن ساق هديا وهو معتمر نحر هديه عند المنحر وهو بين الصفا والمروة وهي الحزورة » (1).

2948 - وروى علي بن رئاب ، عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام  « في الرجل يعتمر عمرة مفردة ثم يطوف بالبيت طواف الفريضة ، ثم يغشى امرأته قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال : قد أفسد عمرته وعليه بدنة ويقيم بمكة حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه (2) ، ثم يخرج إلى الوقت الذي وقته رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

ص: 452


1- ما اشتمل عليه من ذبح ما ساقه في العمرة بالحزورة محمول على الاستحباب كما هو المشهور بين الأصحاب. والحزورة - كقسورة - موضع بمكة عند باب الحناطين بين الصفا والمروة.
2- المنع فيه من الاتيان بالعمرة التي للافساد في الشهر الأول لا ينافي ما يجيئ من تجويز الاتيان بالعمرة بعد مضى عشرة أيام من العمرة الأولى لان ذلك لعل بطريق الاستحباب أو بخصوص صورة الافساد.

لأهله فيحرم منه ويعتمر ».

2949 - وقد روى علي بن رئاب ، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام « أنه يخرج إلى بعض المواقيت فيحرم منه ويعتمر ».

ولا يجب طواف النساء إلا على الحاج (1)

والمعتمر عمرة مفردة يقطع التلبية إذا دخل أول الحرم (2).

2950 - وروى صفوان بن يحيى ، عن سالم بن الفضيل (3) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « دخلنا بعمرة فنقصر أو نحلق؟ فقال : احلق (4) فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ترحم على المحلقين ثلاث مرات وعلى المقصرين مرة ».

فإن أحل رجل من عمرته فقصر من شعره ونسي أظفاره فإنه يجز به ذلك وإن تعمد ذلك أو هو جاهل فليس عليه شئ (5).

باب 260: العمرة في شهر رمضان ورجب وغيرهما

2951 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل أي العمرة

ص: 453


1- تقدم الكلام فيه آنفا من أنه مذهب المؤلف خلافا للمشهور وظاهر أكثر النصوص ويمكن أن نقول بان الحصر إضافي بالنسبة إلى عمرة التمتع بها إلى الحج كما هو المشهور.
2- ستجيئ الاخبار في هذا الحكم عن قريب.
3- هكذا في النسخ التي بأيدينا وسالم بن الفضيل مجهول وعد صاحب المدارك هذه الرواية من الصحاح ، ولعل في نسخته سالم أبى الفضل وهو الصواب والمراد سالم الحناط وكنيته أبو الفضل ورواية صفوان عنه كثيرة في التهذيب والاستبصار والفقيه.
4- لعل المراد العمرة المفردة فان فيها التخيير بين الحلق والتقصير ، والحلق فيها أفضل على المشهور بخلاف عمرة التمتع فان التقصير فيها متعين. (سلطان)
5- سيجئ أن الواجب فيها الحلق أو التقصير ويكفى في التقصير مسماه ، فلو اكتفى بقلم الأظفار أو بتقصير الشعر جاز والجمع أفضل ومع الحلق أكمل. (م ت)

أفضل : عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال : لا بل عمرة في شهر رجب أفضل »

2952 - وروى عنه عليه السلام عبد الرحمن بن الحجاج « في رجل أحرم في شهر وأحل في آخر ، قال : يكتب له في الذي نوى ، وقال (1) : يكتب له في أفضلهما ».

2953 - وفي رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أحرمت وعليك من رجب يوم وليلة فعمرتك رجبية ».

باب 261: مواقيت العمرة من مكة وقطع تلبية المعتمر

2954 - روى عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة والحديبية وما أشبههما ، ومن خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى الكعبة » (2).

ص: 454


1- في الكافي « أو يكتب له في أفضلهما » فإن كان هو الصواب بالترديد من الراوي ، أو المراد أنه ان لم يكن في أحدهما فضل على الاخر يكتب في الذي نوى والا ففي الأفضل. و قال الفاضل التفرشى: قوله« فى الذي نوى» ظاهره أن عمرته يحسب في الفضل من عمرة الشهر الذي نوى و أهل فيه، و لعلّ مقصود السائل أن يسأل عمّن أحرم في رجب و أحلّ في شعبان و قد علم عليه السلام ذلك من قصده فأجاب بأن عمرته هذه رجبية ثمّ ذكر لتتميم الافادة أن تلك العمرة و ان اختلف احرامها و احلالها بحسب الشهر تحسب من أفضل الشهرين عمرة فلا منافاة بين القولين، و يمكن أن يراد بالقول الأول أنّها معدودة من عمرة الشهر الذي أهل فيه و بالقول الثاني أنّه يثاب بثواب أفضل الشهرين، و أن يراد بقوله عليه السلام« فى الذي نوى» فى الشهر الذي هو المقصود بالذّات من تلك العمرة.
2- قال الشيخ بعد نقله في التهذيب ج 1 ص 473 : يجوز أن تكون هذه الرواية مخصوصة بمن خرج من مكة للعمرة دون من سواه.

2955 - وروي أنه « يقطع التلبية إذا نظر إلى المسجد الحرام » (1).

2956 - وروي أنه « يقطع التلبية إذا دخل أول الحرم » (2).

2957 - وفي رواية الفضيل (3) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت : دخلت بعمرة فأين أقطع التلبية؟ فقال : بحيال العقبة - عقبة المدنيين - ، قلت : أين عقبة المدنيين؟ قال : بحيال القصارين » (4).

2958 - وروي عن يونس بن يعقوب (5) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة ، فقال : إذا رأيت ذا طوى فاقطع التلبية » (6).

2959 - وفي رواية مرازم (7) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يقطع صاحب العمرة

ص: 455


1- روى الكليني ج 4 ص 537 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من اعتمر من التنعيم فلا يقطع التلبية حتى ينظر إلى المسجد » والتنعيم موضع بمكة خارج الحرم وهو أدنى الحل إليها على طريق المدينة.
2- روى الكليني ج 4 ص 537 في الموثق عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « يقطع تلبية المعتمر إذا دخل الحرم ».
3- المراد بالفضيل الفضيل بن يسار كما صرح به في التهذيب ج 1 ص 473 ، وفى طريقه علي بن الحسين السعد آبادي وهو قوى.
4- خص ذلك بمن جاء من المدينة كما قال الشيخ - رحمه اللّه - وقال المولى المجلسي : ويمكن القول بالتخيير بينه وبين دخول الحرم وهو مشترك بين الجانبين ، ويمكن حمله على عمرة التمتع كما سيجئ أنه موضع قطعها من طريق المدينة وإن كان الأظهر المفردة.
5- في الطريق إليه الحكم بن مسكين ولم يوثق ورواه الشيخ في الاستبصار والتهذيب عنه بسند حسن ، ويونس بن يعقوب كوفي ثقة له كتب.
6- ذو طوى موضع بمكة داخل الحرم على نحو فرسخ من مكة ترى منه بيوت مكة ، وحمل الشيخ الخبر على من جاء من طريق العراق.
7- طريق المصنف إليه حسن بإبراهيم بن هاشم وهو كالصحيح وفى الكافي ج 4 ص 537 أيضا في الحسن كالصحيح ، ومرازم بن حكيم ثقة.

المفردة التلبية إذا وضعت الإبل أخفافها في الحرم » (1).

2960 - وروي أنه « يقطع التلبية إذا نظر إلى بيوت مكة » (2).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذه الأخبار كلها صحيحة متفقة ليست بمختلفة والمعتمر عمرة مفردة في ذلك بالخيار يحرم من أي ميقات من هذه المواقيت شاء (3) ، ويقطع التلبية في أي موضع من هذه المواضع شاء ، وهو موسع عليه ، ولا قوة إلا باللّه [العلي العظيم].

باب 262: أشهر الحج وأشهر السياحة والأشهر الحرم

2961 - روى زرارة (4) عن أبي جعفر عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « الحج

ص: 456


1- محمول على من أحرم من المواقيت الخمسة لعمرة التمتع أو من دويرة الأهل غير خارج الحرم من التنعيم والحديبية والجعرانة. (م ت)
2- روى الكليني في الحسن كالصحيح ج 4 ص 399 عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المتمتع إذا نظر إلى بيوت مكة قطع التلبية ». وفى خبر آخر عن سدير قال : قال أبو جعفر وأبو عبد اللّه عليهما السلام : « إذا رأيت أبيات مكة فاقطع التلبية ».
3- حمله على التخيير باعتبار فهم المنافاة في الجميع ولا منافاة بينها على ما ذكرنا ولا تفهم منها الا في بعضها ، مع أنه لا معنى للتخيير للمحرم من خارج الحرم كالتنعيم فإنه أول الحرم بين القطع ومن دخول الحرم وبين النظر إلى المسجد والى الكعبة لان ظاهر الابتداء والقطع يقتضى الفصل ولا فاصلة هنا وكذا ما ذكره الشيخ - رحمه اللّه - من عدم المنافاة بين الجميع أيضا بحمل القطع عند دخول الحرم لمن أحرم من خارجه ، والقطع عند النظر إلى المسجد والى الكعبة لمن أحرم من أول الحرم ، والقطع عند العقبة لمن جاء من طريق المدينة. وعند ذي طوى لمن جاء من قبل العراق فإنه يبقى المنافاة بين النظر إلى المسجد والى الكعبة وبين القطع عند أول الحرم والقطع عند ذي طوى والعقبة فالأولى الجمع بالتخيير في موضع المنافاة كما ذكرنا واللّه تعالى يعلم. (م ت)
4- كذا في بعض النسخ وفى بعضها « أبان » ولعل المراد ابن تغلب لعدم رواية أبان بن عثمان عن أبي جعفر عليه السلام ولكن الصواب النسخة التي جعلناها في المتن يعنى « زرارة » لما في الكافي ج 4 ص 289 ومعاني الاخبار ص 294 طبع مكتبة الصدوق مروى عنه.

أشهر معلومات » (1) قال : شوال وذو القعدة وذو الحجة ، ليس لأحد أن يحرم بالحج فيما سواهن ».

2962 - وفي رواية أخرى « وشهر مفرد لعمرة رجب » (2).

2963 - وقال عليه السلام : « ما خلق اللّه عزوجل في الأرض بقعة أحب إليه من الكعبة ولا أكرم عليه منها ولها حرم اللّه عزوجل الأشهر الحرم الأربعة في كتابه يوم خلق السماوات والأرض ثلاثة منها متوالية للحج وشهر مفرد للعمرة رجب » (3).

2964 - وقال عليه السلام : في قول اللّه عزوجل : « فسيحوا في الأرض أربعة أشهر » قال : عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشرة أيام من شهر

ص: 457


1- قال الطبرسي في المجمع : يعنى وقت الحج أشهر معلومات لا يجوز فيها التبديل والتغيير بالتقديم والتأخير كما يفعلهما النساء الذين انزل فيهم « إنما النسئ - الآية » وأشهر الحج عندنا شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة على ما روى عن أبي جعفر عليه السلام وبه قال ابن عباس وإنما صارت هذه الأشهر أشهر الحج لأنه لا يصح الاحرام بالحج الا فيها.
2- الظاهر أنه تتمة خبر مثل الخبر المتقدم [أو ما يأتي] ويكون فيه هذه الزيادة فتصير المعنى أن أشهر الحج ثلاثة وشهر مفرد قرره اللّه تعالى لعمرة رجب ، ويمكن أن يكون من كلام المعصوم تتمة لقول اللّه تعالى (م ت) وقال الفاضل التفرشي : ينبغي أن يقرأ « رجب » بالرفع على أن يكون بيانا لشهر ويجعل تنوين عمرة للتعظيم ، ويؤيده ما يجيئ من قوله عليه السلام « وشهر مفرد للعمرة رجب ».
3- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 239 في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في ذيل حديث ، وأما الأشهر الحرم فهي الأشهر الذي حرم اللّه تعالى فيها القتال والجهاد وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ، وقد يخطر بالبال اشكال في الكلام حيث قال « ولها حرم اللّه الأشهر الحرم » يعنى لحرمة الكعبة والحج فان أريد بالأشهر المتوالية شوال وتالياه فليس شوال من الأشهر الذي حرم فيه القتال وعلى تقديره كانت الأربعة متوالية لا ثلاثة منها ولم يكن رجب منها ، وان أريد ذو القعدة وتالياه فليس للمحرم دخل في الحج فلم يكن تحريم القتال فيه للحج ، ويمكن رفع الاشكال بأن يقال : لما كان الحج في ذي الحجة حرم اللّه قبله شهر للمجيئ وبعده شهر لعود الحاج إلى أوطانهم حتى لا يكون حرب في الطريق ويأمن السبل.

ربيع الآخر ، ولا يحسب في الأربعة الأشهر عشرة أيام من أول ذي الحجة (1).

2965 - وروي أبو جعفر الأحول عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل فرض الحج في غير أشهر الحج ، قال : يجعلها عمرة (2) ».

باب 263: العمرة في كل شهر وفى أقل ما يكون

2966 - روى إسحاق بن عمار (3) قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « السنة اثنا عشر شهرا يعتمر لكل شهر عمرة (4) ».

2967 - وروى علي بن أبي حمزة (5) عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : « لكل شهر عمرة ، قال : فقلت له : أيكون أقل من ذلك؟ قال : لكل عشرة أيام عمرة (6) ».

ص: 458


1- لا مناسبة بين الحديث والباب لان الآية نزلت في أمر آخر لا صلة له بأشهر الحج وهو امهال المشركين الناكثين أربعة أشهر من يوم الابلاغ كما في الخبر غير الأشهر الحرم المشهورة.
2- الطريق حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم. وقوله : « فرض الحج » أي أحرم وقيل : أي أراد ، وقوله « يجعلها عمرة » أي أحرم بالعمرة دون الحج.
3- الطريق إليه صحيح وهو ثقة على المشهور.
4- يدل على استحباب العمرة في كل شهر ويشعر بكراهة الأقل.
5- الظاهر أنه البطائني الواقفي وهو ضعيف.
6- اختلف الأصحاب في حد الفصل بين العمرتين فقال ابن أبي عقيل : لا يجوز عمرتان في عام واحد ، وقال أبو الصلاح وابن حمزة والمحقق في النافع والعلامة في المختلف : أقله شهر ، وقال الشيخ في المبسوط : أقل ما بين العمرتين عشرة أيام ، وقال السيد المرتضى وابن إدريس وجماعة إلى جواز الاتباع بين العمرتين مطلقا ، وأما القول بأنه « لا يجوز عمرتان في عام واحد » فلعله لصحيح الحلبي في التهذيب ج 1 ص 571 عن الصادق عليه السلام « العمرة في كل سنة مرة » وقول أبى جعفر عليه السلام في صحيح حريز وزرارة « لا يكون عمرتان في سنة » وقد حملا على خصوص عمرة التمتع للأخبار المستفيضة بجواز الأكثر بل استحبابها. وأما القول بأن أقل الفصل شهر فلرواية إسحاق بن عمار وما رواه الكليني ج 4 ص 534 في الحسن عن يونس بن يعقوب قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : ان عليا عليه السلام كان يقول : في كل شهر عمرة » وصحيحة ابن الحجاج عن الصادق عليه السلام قال : « في كتاب علي عليه السلام في كل شهر عمرة » ويمكن المناقشة بعدم صراحتها في المنع من تكرر العمرة في الشهر الواحد إذ من الجائز أن يكون الوجه في تخصيص الشهر تأكد الاستحباب ، وأما القول بعدم الحد فلعله من جهة الاطلاق مع أنه يشكل استفادته من الاخبار أو النبوي المشهور « والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما » وهو كما ترى لا يستفاد منه عدم الحد ، غير أنه من طرق العامة ورواه أحمد ابن حنبل في مسنده ج 3 ص 447 و ج 2 ص 246 و 462 من حديث عامر بن ربيعة.

2968 - وروى أبان ، عن أبي الجارود (1) عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن العمرة بعد الحج في ذي الحجة ، قال : حسن (2) ».

باب 264: يقول الرجل إذا حج عن غيره أو طاف عنه

2969 - روى ابن مسكان ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن الرجل يقضي عن أخيه أو عن أبيه أو عن رجل من الناس الحج هل ينبغي له أن يتكلم بشئ؟ قال : نعم يقول عند إحرامه بعد ما يحرم : « اللّهم ما أصابني في سفري هذا من نصب أو شدة أو بلاء أو شعث (3) فأجر فلانا فيه وأجرني في قضائي عنه (4) ».

ص: 459


1- الطريق إلى أبان بن عثمان صحيح وهو الذي روى كثيرا في الكافي والتهذيب والاستبصار عن أبي الجارود زياد بن المنذر الضعيف.
2- يدل على جواز العمرة في ذي الحجة بعد الحج وقد تقدمت الأخبار الصحيحة في ذلك.
3- الشعث - محركة - : انتشار الامر ، وقد يطلق على ما يعرض للشعر من ترك الترجيل والتدهين. وفى بعض النسخ « أو شغب » أي جوع.
4- المشهور بين الأصحاب أنه إنما يجب تعيين المنوب عنه عند الافعال قصدا ، وحملوا التكلم به لا سيما الألفاظ المخصوصة على الاستحباب.

2970 - وفي رواية معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا أردت أن تطوف بالبيت عن أحد من إخوانك فائت الحجر الأسود وقل : بسم اللّه ، اللّهم تقبل من فلان (1) ».

2971 - وروي عن البزنطي أنه قال : « سأل رجل أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يحج عن الرجل يسميه باسمه؟ قال : اللّه عزوجل لا تخفى عليه خافية (2) ».

2972 - وروى مثنى بن عبد السلام (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يحج عن الانسان يذكره في المواطن كلها؟ قال : إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل ، اللّه يعلم أنه قد حج عنه ولكن يذكره عند الأضحية إذا هو ذبحها (4) ».

باب 265: الرجل يحج عن الرجل أو يشركه في حجة أو يطوف عنه

2973 - روى معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن أبي قد حج ووالدتي قد حجت ، وإن أخوي قد حجا ، وقد أردت أن ادخلهم في حجتي كأني قد أحببت أن يكونوا معي ، فقال : اجعلهم معك فإن اللّه عزوجل جاعل لهم حجا ولك حجا ، ولك أجرا بصلتك إياهم (5) ».

2974 - وقال عليه السلام : « يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج

ص: 460


1- أي يسمى المنوب.
2- يدل على عدم وجوب التلفظ والاجتزاء بالقصد الذي هو لازم لفعل المختار.
3- الطريق إليه قوى بمعاوية بن حكيم ، والمثنى لا بأس به.
4- يدل على عدم الاستحباب الا عند الذبح ، وتحمل الاخبار الأولة على الأدعية لا النية. (م ت)
5- يدل على عدم استحباب تشريك ذوي القرابة في ثواب الحج والأولى أن يكون بعد الحج لو كان واجبا. (م ت)

والصدقة والعتق » (1).

2975 - وقال رجل للصادق عليه السلام : جعلت فداك إني كنت نويت أن أشرك

ص: 461


1- تقدم نحوه ج 1 ص 185 وتقدم الكلام في وجه انتفاع الميت بما أهدى إليه هناك ونزيدك ههنا بيانا وهو ما قاله استاذنا الشعراني في هامش الوافي قال - مد ظله - في جملة كلامه ما حاصله : مستحق الاجر العامل وما يصل إلى الميت تفضل من اللّه تعالى وذلك لان ما يصل إلى العبد في الآخرة ثلاثة أقسام ثواب وعوض وتفضل ، لأنه اما أن يكون على سبيل الاستحقاق أو لا ، والثاني هو التفضل ، والأول اما أن يكون على العمل الاختياري أو على غير الاختياري ، والأول هو الثواب مثل ما يستحقه على الصلاة والصوم ، والثاني هو العوض مثل ما يستحقه على الآلام والأمراض والفقر وغيرها ، والميت لا يستحق بعمل الغير شيئا لأنه اما أن يكون عاصيا فرفعه عنه بفعل الغير تفضل ، وهو واضح ، وإن كان معذورا لا يستحق عقابا سواء أتى الولي أو الغير بقضاء ما فات عنه أو عصى ولم يأت وهذا شئ يوافق أصول مذهبنا ومذهب أهل العدل ، ويصح دعوى الاجماع بل ضرورة المذهب عليه ، وببالي أنى رأيت دعوى الاجماع من ابن شهر - آشوب عليه الرحمة ولكن يظهر من كلام شيخنا الأنصاري - قدس سره - أن في المسألة خلافا بين الامامية فالمشهور على أن الثواب للميت ، والسيد المرتضى والعلامة - قدس سرهما - على أن الثواب للعامل ، ثم إنه سرد أحاديث كثيرة وتعجب من السيد واستبعد أن تكون تلك الأخبار مخفية عن مثله ، والحق أن مذهب السيد - رحمه اللّه - اجماعي موافق لأصول المذهب لان الثواب كما ثبت في علم الكلام بل العوض أيضا إنما هما على الكلفة التي يحتملها المكلف من جانب المولى والواجب في مذهب أهل العدل ايصال نفع إليه جبرا لتلك المشقة والكلفة واما من لم يتكلف شيئا فلا يجب على المولى اثابته. و أمّا الأحاديث التي سردها( ره) فلا يدلّ الأعلى انتفاع الميت بالعمل و هذا ممّا لا ريب فيه و لكنه تفضل لا استحقاق و لم يدلّ دليل على كونه مستحقا لاجر عمل تكلفه غيره الا إذا أوصى فله ثواب الوصية سواء عمل الأوصياء بوصيته أولا، و قال بعض أساتيدنا ان الشيخ- رحمه اللّه- حمل الثواب على مطلق انتفاع الميت و فهم من عدم الثواب عدم الانتفاع مطلقا و لذلك تعجب من السيّد- قدّس سرّه- و جعل مفاد الاخبار ردا عليه. و هو بعيد لان الفرق بين الثواب و التفضل و العوض معروف في الكتب الاعتقادية و كون الثواب في مذهب أهل العدل واجبا لاستحقاق العبد بسبب الكلفة أيضا معروف، و السيّد و العلامة و غيرهما كانوا معتنين بهذه المسائل أشدّ اعتناء أكثر-- من اعتنائهم بالمسائل الفرعية أو مثلها لابتلائهم بالمحاجة مع المخالفين، فإذا أطلقوا لفظ الثواب ما كان ينصرف أذهانهم الا الى المعنى المصطلح عليه في علم الكلام الذي صرفوا عمرهم في اثباته و ردّ أهل الجبر من مخالفيهم و لا يحتمل البتة أن يريدوا بالثواب مطلق الانتفاع بل المراد منه في كلامهم الاستحقاق قطعا و لا ريب أن المستحق للثواب هو العامل و انتفاع الميت تفضل. ثمّ ان مطلق انتفاع الميت بعمل الاحياء ليس ممّا يحتاج في اثباته الى هذه الأحاديث بل هو ممّا اتفق عليه أهل الملل و ليس الصلاة على الميت الا لذلك و كذلك زيارة القبور و الاستغفار لهم، و يدلّ عليه آيات كثيرة من القرآن الكريم كقوله تعالى« رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ» و قوله:« اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ» و قوله« وَ لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ ماتُوا وَ هُمْ فاسِقُونَ» الى غير ذلك، و لكن جميع ذلك لا يدلّ على أن الميت يستحق ثواب الصلاة و الاستغفار بل يدلّ على ايصال نفع اليه تفضلا. و اللّه العالم.

في حجتي (1) العام أمي أو بعض أهلي فنسيت ، فقال عليه السلام : الآن فأشركهما.

باب 266: التعجيل قبل التروية إلى منى

2976 - روي عن إسحاق بن عمار (2) قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « يتعجل الرجل قبل التروية بيوم أو يومين من أجل الزحام وضغاط الناس؟ فقال : لا بأس » (3).

2977 - وقال (4) في خبر آخر : « لا يتعجل بأكثر من ثلاثة أيام (5) ».

2978 - وروى جميل بن دراج (6) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « على الامام أن

ص: 462


1- في بعض النسخ « أن أدخل في حجتي ».
2- الطريق إليه صحيح وهو ثقة.
3- يدل على جواز التعجيل بيوم أو يومين للمعذور.
4- أي قال إسحاق بن عمار كما في الكافي ج 4 ص 460 وهو فيه تتمة للخبر الأول.
5- يدل على عدم جواز التعجيل للمعذور أكثر من ثلاثة أيام ولعله محمول على ما إذا لم يكن العذر شديدا بحيث يضطره إلى ذلك. (المرآة)
6- الطريق إليه صحيح وهو ثقة جليل.

يصلي الظهر بمنى ثم يبيت بها ويصبح حتى تطلع الشمس ، ثم يخرج إلى عرفات (1) ».

2979 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « هل صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم الظهر بمنى يوم التروية قال : نعم والغداة يوم عرفة ».

باب 267: حدود منى وعرفات وجمع

2980 - روى معاوية بن عمار ، وأبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « حد منى من العقبة إلى وادي محسر (2) » و « حد عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف » (3).

2981 - وقال عليه السلام : « حد عرفة من بطن عرنة ، وثوية ، ونمرة (4) و

ص: 463


1- المشهور بين المتأخرين أنه يستحب للمتمتع أن يخرج إلى عرفات يوم التروية بعد أن يصلى الظهرين الا المضطر كالشيخ والهم والمريض من يخشى الزحام ، وذهب المفيد والمرتضى إلى استحباب الخروج قبل الفريضتين وايقاعهما بمنى (المرآة) وقال الفاضل التفرشي : قوله « على الامام أن يصلى الظهر بمنى » أي ظهر يوم التروية ، ويمكن أن يراد بالامام امام الأصل وامام قوم يأتمون به في الصلاة.
2- إلى هنا صحيحة معاوية بن عمار كما في الكافي ج 4 ص 461 رواها في الحسن ذيل حديث ، والباقي من حديث أبي بصير كما في الكافي ج 4 ص 462 رواه في الصحيح. والمراد من العقبة هي التي فيها جمرة العقبة.
3- محسر بضم الميم وكسر السين المهملة وتشديدها واد بين منى ومزدلفة وهو إلى منى أقرب وحد من حدودها ، والمأزمين : موضع بين عرفة والمشعر وطريق بين جبلي المشعر الذي في جانب عرفة وهو مخالف للمشهور ولما يأتي الا أن يقال توابع عرفة ، وقرأ بعض الأفاضل المأرمين - بالراء - المهملة - وفسره بالميلين المنصوبين لحد الحرم ، قال في النهاية الارام الاعلام وهي حجارة تجمع وتنصب في المفازة يهتدى بها ، واحدها ارم - كعنب -.
4- نمرة - كفرحة - : ناحية بعرفات أو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك خارجا من المازمين تريد الموقف ومسجدها ، و « عرفة » بضم العين وفتح الراء - قال في القاموس : « بطن عرنة بعرفات وليس من الموقف » ، وثوية - بفتح الثاء المثلثة وكسر الواو وتشديد الياء المفتوحة - كذا ضبطه الأكثر. وفى الصحاح « ثوية - بهيئة التصغير - : اسم موضع ». وهو كالسابق من حدود عرفة وليس منها ، في المراصد « ونمرة - بالفتح ثم الكسر - : ناحية بعرفة ، كانت منزل النبي صلى اللّه عليه وآله في حجة الودار. وقيل : نمرة هو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف ، وذو المجاز : موضع سوق بعرفة على ناحية كبكب عن يمين الامام على فرسخ ، كانت به تقوم في الجاهلية ثمانية أيام ».

ذي المجاز وخلف الجبل موقف - إلى وراء الجبل (1) - ».

وليست عرفات من الحرم والحرم أفضل منها (2).

وحد المشعر الحرام من المأزمين إلى الحياض وإلى وادي محسر (3).

2982 - و « وقف النبي (4) صلى اللّه عليه وآله بعرفة في ميسرة الجبل فجعل الناس يبتدرون

ص: 464


1- مروى في الكافي ج 4 ص 462 إلى قوله « وخلف الجبل موقف » والظاهر أن « إلى وراء الجبل » من توضيح المصنف.
2- لما روى الكليني ج 4 ص 462 في الحسن كالصحيح عن حفص وهشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قيل له : « أيما أفضل الحرم أو عرفة؟ فقال : الحرم ، فقيل : وكيف لم تكن عرفات في الحرم؟ فقال : هكذا جعلها اللّه عزوجل ».
3- هذا الكلام رواه الشيخ في الصحيح في التهذيب ج 1 ص 501 عن معاوية بن عمار ولم ينسبه إلى المعصوم ويمكن أن يكون مقطوعا أو مضمرا. وروى في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه « قال للحكم بن عتيبة : ما حد المزدلفة؟ فسكت. فقال أبو جعفر عليه السلام : حدها ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض محسر » والظاهر أن المراد بالحياض حياض وادى محسر فيكون التحديد من ابتداء المأزمين من جانب عرفات إلى منتهى المازمين وهو وادى محسر ، وتقدم أن المأزم هو ما بين الجبلين ، والمأزمين أحدهما المشعر والاخر من جمرة العقبة إلى الأبطح وهما مأزما منى من الجانبين ، لكن اشتهر اطلاق المأزمين على مأزم المشعر اما باعتبار جانبيه واما باعتبار اطلاق المأزم على الجبل دون مضيقه كما قال المولى المجلسي  - رحمه اللّه - ويؤيده ما في الكافي في الموثق كالصحيح عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن حد جمع فقال : ما بين المأزمين إلى وادى محسر ».
4- هذا هو حديث معاوية بن عمار رواه الكليني ج 4 ص 463 في الصحيح عن أبي - عبد اللّه عليه السلام.

أخفاف ناقته فيقفون إلى جانبها فنحاها ، ففعلوا مثل ذلك فقال : أيها الناس إنه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف ولكن هذا كله موقف وأشار بيده ، وقال عليه السلام : عرفة كلها موقف ولو لم يكن إلا ما تحت خف ناقتي لم يسع الناس ذلك ، وفعل عليه السلام في المزدلفة مثل ذلك ، فإذا رأيت خللا فتقدم فسده بنفسك وراحلتك فإن اللّه تعالى يحب أن تسد تلك الخلال (1) وانتقل عن الهضاب واتق الأراك (2) ونمرة وهي بطن عرنة ، وثوية وذا المجاز فإنه ليس من عرفات ».

2983 - وفي خبر آخر قال : « أصحاب الأراك لاحج لهم - وهم الذين يقفون

ص: 465


1- المراد سد الفرج الكائنة على الأرض برحله أو بنفسه بأن لا يدع بينه وبين الأصحاب فرجة لتستر الأرض التي يقفون عليها وربما علل بأنها إذا بقيت فربما يطمع أجنبي في دخولها فيشتغلون بالتحفظ منه عن الدعاء ويؤذيهم في شئ من أمورهم ، واحتمل بعض الأصحاب كون متعلق الجار في « به » و « بنفسه » محذوفا صفة للخلل والمعنى أنه يسد الخلل الكائن بنفسه و برحله بأن يأكل إن كان جائعا ويشرب إن كان عطشانا وهكذا يصنع ببعيره ويزيل الشواغل المانعة عن الاقبال والتوجه والدعاء ، وهو اعتبار حسن ، الا أن معنى الأول هو المستفاد من النقل.
2- كذا في بعض النسخ والمعنى أنه لا يرتفع الجبال ، والمشهور الكراهة ونقل عن ابن البراج وابن إدريس أنهما حرما الوقوف على الجبل الا لضرورة ، ومع الضرورة كالزحام وشبهه ينتفى الكراهة والتحريم اجماعا. وفى بعض النسخ « وأسفل عن الهضاب » وفى القاموس : الهضبة : الجبل المنبسط على الأرض أو جبل خلق من صخرة واحدة وفى التهذيب « وابتهل عن الهضاب » وقال المولى المجلسي : يستحب أن يكون الوقوف في سفح الجبل والمكان المستوى. وقوله : « واتق الأراك » الأراك - كسحاب - : القطعة من الأرض وموضع بعرفة كما في القاموس ولا خلاف في أن الأراك من حدود عرفة وليس بداخل فيها. والخبر إلى هنا من خبر معاوية بن عمار والبقية يمكن أن يكون من تتمة هذا الخبر أو يكون في خبر آخر عن معاوية بن عمار أيضا كما نقل نحوه الشيخ في ذيل خبر في التهذيب عن معاوية بن عمار ، وأيضا روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 497 في حديث عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا « اتق الأراك ونمرة وهي بطن عرنة وثوية وذا المجاز. فإنه ليس من عرفة فلا تقف فيه ».

تحت الأراك - » (1).

2984 - و « وقف النبي صلى اللّه عليه وآله بجمع فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته فأهوى بيده وهو واقف فقال : إني وقفت وكل هذا موقف (2) ».

2985 - وقال الصادق عليه السلام : « كان أبي عليه السلام يقف بالمشعر الحرام حيث يبيت (3) ».

ويستحب للصرورة أن يطأ المشعر برجله أو يطأه ببعيره (4).

ويستحب للصرورة أن يدخل البيت (5).

باب 268: التقصير في الطريق إلى عرفات

2986 - روى معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : إن أهل مكة

ص: 466


1- روى الكليني ج 4 ص 463 بسند ضعيف عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان النبي صلى اللّه عليه وآله قال : ان أصحاب الأراك لا حج لهم - يعنى الذين يقفون عند الأراك - » وروى الشيخ في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا ينبغي الوقوف تحت الأراك فاما النزول تحته حتى تزول الشمس وتنهض إلى الموقف فلا بأس » (التهذيب ج 1 ص 498).
2- تقدم الكلام فيه.
3- يدل على الاستحباب لما رواه الكليني ج 4 ص 469 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أصبح على طهر بعد ما تصلى الفجر فقف ان شئت قريبا من الجبل وان شئت حيث شئت - الخبر ».
4- روى الكليني ج 4 ص 468 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال : « ويستحب للصرورة أن يقف على المشعر الحرام ويطأه برجله - الحديث » وفى آخر حسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام في حديث « ثم أفض حين يشرق لك ثبير وترى الإبل موضع أخفافها ».
5- روى الكليني ج 4 ص 469 في مرسل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يستحب للصرورة أن طأ المشعر الحرام وأن يدخل البيت ».

يتمون الصلاة بعرفات ، فقال : ويلهم - أو ويحهم - وأي سفر أشد منه ، لا يتم (1).

باب 269: اسم الجبل الذي يقف عليه الناس بعرفة

2987 - سئل الصادق عليه السلام « ما اسم جبل عرفة الذي يقف عليه الناس؟ فقال : ألال (2) ».

باب 270: كراهة المقام عند المشعر بعد الإفاضة

2988 - روى أبان ، عن عبد الرحمن بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام « أنه كره أن يقيم عند المشعر بعد الإفاضة ».

ولا يجوز للرجل الإفاضة منها قبل طلوع الشمس (3) ، ولا من عرفات قبل قبل غروبها فيلزمه دم شاة (4).

ص: 467


1- تقدم تحت رقم 1301 مع بيانه في المجلد الأول ص 447.
2- « الال » بالفتح وآخره لام بوزن حمام ويروى بالكسر بوزن بلال - : جبل بعرفات. قيل : جبل رمل بعرفات عليه يقوم الامام. وقيل : عن يمين الامام ، وقيل : هو جبل عرفة نفسه ، وقيل : سمى ألالا لان الحجيج إذا رأوه ألو - أي اجتهدوا - ليدركوا الوقوف. (المراصد) قال النابغة : بمصطحبات من لصاف وثبرة *** يزرن ألالا سيرهن التدافع
3- روى الكليني ج 4 ص 470 في الحسن كالصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تجاوز وادى محسر حتى تطلع الشمس » وفى الموثق عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام أي ساعة أحب إليك أن أفيض من جمع فقال : قبل أن يطلع الشمس بقليل فهي أحب الساعات إلى ، قلت : فان مكثنا حتى تطلع الشمس ، قال : ليس به بأس » وتقدم خبر معاوية بن عمار « ثم أفض حين يشرق لك ثبير وترى الإبل موضع أخفافها ».
4- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 499 عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس؟ قال : عليه بدنة ينحرها يوم النحر فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوم بمكة أو في الطريق أو في أهله « وفى الصحيح عن مسمع ابن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام » في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمر. قال : إن كان جاهلا فلا شئ عليه وإن كان متعمدا فعليه بدنة « والمشهور لزوم البدنة ومستندهم الخبران وأمثالهما ونسبت الشاة إلى ابن بابويه ، وروى المؤلف تحت رقم 2994 ما يدل على أن من أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة ».

باب 271: السعي في وادى محسر

2989 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا مررت بوادي محسر (1) - وهو واد عظيم بين جمع ومنى وهو إلى منى أقرب - فاسع فيه حتى تجاوزه ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حرك ناقته فيه وقال : اللّهم سلم عهدي (2) واقبل توبتي ، وأجب دعوتي ، واخلفني بخير فيمن تركت بعدي (3) ».

2990 - وروى محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن عليه السلام قال : « الحركة في وادي محسر مائة خطوة (4) ».

2991 - وفي حديث آخر « مائة ذراع (5) ».

ص: 468


1- « محسر » - بالضم ثم الفتح وكسر السين المشددة وراء - واد بين منى ومزدلفة ليس من منى ولا من مزدلفة. المراصد)
2- في الكافي ج 4 ص 471 « اللّهم سلم لي عهدي » أي اجعل ايماني الذي عهدت معك في الميثاق سالما من شوائب الشرك الخفي والجلي ومن الالحاد في دينك ، أو عهدي في المجئ إلى بيتك اجعله سالما من الفساد الصوري والمعنوي. (م ت)
3- أي بعد مجيئي إلى بيتك أو بعد مفارقتي للحياة (م ت) وقال في المدارك : المراد بالسعي هنا الهرولة وهي الاسراع في المشي للماشي ، وتحريك الدابة للراكب ، وأجمع العلماء كافة على استحباب ذلك ، ولو ترك السعي فيه رجع فسعى استحبابا - انتهى ، وقال العلامة - المجلسي : قوله « حرك ناقته » يدل على أن الراكب يركض دابته قليلا.
4- ظاهره أن طول وادى محسر مائة خطوة. (المرآة)
5- روى الكليني ج 4 ص 471 بسند مجهول عن عمر بن يزيد مقطوعا قال : « الرمل في وادى محسر قدر مائة ذراع » والرمل - محركة - الهرولة.

وترك رجل السعي في وادي محسر فأمره أبو عبد اللّه بعد الانصراف إلى مكة أن يرجع فيسعى (1).

باب 272: ما جاء فيمن جهل الوقوف بالمشعر

2992 - في رواية علي بن رئاب أن الصادق عليه السلام قال : « من أفاض من عرفات مع الناس فلم يلبث معهم بجمع ومضى إلى منى متعمدا أو مستخفا فعليه بدنة » (2)روی الكليني في الحسن كالصحيح ج4 ص 473 عن محمد بن يحيی الخثعمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال «في رجل لم يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتی أتی منی فقال: ألم ير الناس ولم ينكر [يذكر خ ل] منی حين دخلها؟ قلت فان جهل ذلك، قال : يرجع ، قلت : ان ذلك قد فاته ، قال : لا بأس.(3).

2993 - وروى يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « رجل أفاض من عرفات فمر بالمشعر فلم يقف حتى انتهى إلى منى فرمى الجمرة ولم يعلم

ص: 469


1- روى الكليني ج 4 ص 470 في الحسن عن حفص بن البختري وغيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال لبعض ولده. « هل سعيت في وادى محسر؟ فقال : لا ، قال : فأمره أن يرجع حتى يسعى : قال له ابنه : لا أعرفه ، فقال له : سل الناس » وفى آخر مرسل قال : « مر رجل بوادي محسر فأمره أبو عبد اللّه عليه السلام بعد الانصراف إلى مكة أن يرجع فيسعى ».
2- رواه الكليني ج 4 ص 473 عن سهل بن زياد عن علي بن رئاب عن حريز عنه عليه السلام ، وقال الشهيد في الدروس : الوقوف بالمشعر ركن أعظم من عرفة عندنا فلو تعمد تركه بطل حجه ، وقول ابن الجنيد بوجوب البدنة لا غير ضعيف ورواية حريز بوجوب البدنة على متعمد تركه أو المستخف به متروكة محمولة على من وقف به ليلا قليلا ثم مضى ولو تركه نسيانا فلا شئ عليه إذا كانت وقف بعرفات اختيارا فلو نسيهما بالكلية بطل حجه وكذا الجاهل ، ولو ترك الوقوف بالمشعر جهلا بطل حجه عند الشيخ في التهذيب ورواية محمد بن يحيى
3- بخلافه وتأولها الشيخ على تارك كمال الوقوف جهلا وقد أتى باليسير منه - انتهى.

حتى ارتفع النهار ، قال : يرجع إلى المشعر فيقف ، ثم يرمي الجمرة » (1).

2994 - وروى محمد بن حكيم قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل الأعمى (2) والمرأة الضعيفة يكونان مع الجمال الاعرابي فإذا أفاض بهم من عرفات مر بهم كما هم إلى منى ولم ينزل بهم جمعا ، فقال : أليس قد صلوا بها ، فقد أجزأهم ، قلت : فإن لم يصلوا بها؟ قال : ذكروا اللّه عزوجل فيها فان كانوا قد ذكروا اللّه عزوجل فيها فقد أجزأهم » (3).

وروي فيمن جهل الوقوف بالمشعر أن القنوت في صلاة الغداة بها يجزيه وأن اليسير من الدعاء يكفي (4).

باب 273: من رخص له التعجيل من المزدلفة قبل الفجر

2995 - روى ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول :

ص: 470


1- يدل على أن الجاهل معذور والرجوع لادراك اضطراري المشعر يكون قبل الزوال.
2- في بعض النسخ « الأعجمي ».
3- يدل على معذورية الجاهل والضعيف عن معارضة الجمال والاجتزاء بالصلاة في المشعر أو الذكر كما قال اللّه تعالى « فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا اللّه عند المشعر الحرام ».
4- روى الكليني ج 4 ص 472 بسند فيه محمد بن سنان عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : جعلت فداك ان صاحبي هذين جهلا أن يقفا بالمزدلفة فقال : يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة : قلت : فإنه لم يخبرهما أحد حتى كان اليوم وقد نفر الناس ، قال : فنكس رأسه ساعة ثم قال : أليسا قد صليا الغداة بالمزدلفة؟ قلت : بلى فقال : أليسا قد قنتا في صلاتهما؟ قلت : بلى ، فقال : تم حجهما ، ثم قال : المشعر من المزدلفة والمزدلفة من المشعر وإنما يكفيهما اليسير من الدعاء » قال العلامة المجلسي : قوله عليه السلام « من المزدلفة » لفظ « من » اما للابتداء أي لفظ المشعر مأخوذ من المكان المسمى بالمزدلفة وكذا العكس ، أو للتبعيض أي لفظ المشعر من أسماء المزدلفة أي المكان المسمى بها وبالعكس وعلى التقديرين المراد أن المشعر الذي هو الموقف مجموع المزدلفة لا خصوص المسجد وإن كان قد يطلق عليه.

لا بأس بأن تقدم النساء إذا زال الليل فيقفن عند المشعر الحرام ساعة ، ثم ينطلق بهن إلى منى فيرمين الجمرة (1) ثم يصبرن ساعة ، ثم يقصرن وينطلق بهن إلى مكة فيطفن إلا أن يكن يردن أن يذبح عنهن فإنهن يوكلن من يذبح عنهن » (2).

2996 - وروى علي بن رئاب ، عن مسمع عن أبي إبراهيم عليه السلام « في رجل وقف مع الناس بجمع ثم أفاض قبل أن يفيض الناس ، قال : إن كان جاهلا فلا شئ عليه وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة » (3).

باب 274: ما جاء فيمن فاته الحج

2997 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من أدرك جمعا فقد

ص: 471


1- أي جمرة العقبة.
2- روى الكليني ج 4 ص 474 في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « رخص رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) للنساء والصبيان أن يفيضوا بليل ويرموا الجمار بليل وأن يصلوا الغداة في منازلهم فان خفن الحيض مضين إلى مكة ووكلن من يضحى عنهن » وفى الحسن عن أبي بصير عنه عليه السلام قال : « رخص رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله للنساء والضعفاء أن يفيضوا من جمع بليل وأن يرموا الجمرة بليل ، فان أرادوا أن يزوروا البيت وكلوا من يذبح عنهن ». وفى الشرايع : « و يجوز الإضافة قبل الفجر للمرأة ومن يخاف على نفسه من غير جبران » وقال في المدارك : هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب بل قال في المنتهى ويجوز للخائف والنساء ولغيرهم من أصحاب الاعذار ومن له ضرورة الإفاضة قبل طلوع الفجر من مزدلفة ، وهو قول من يحفظ عنه العلم ، ثم استدل بهذه الروايات وما شاكلها.
3- رواه الكليني ج 4 ص 473 في الصحيح عن مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام ولعل السهو من النساخ. وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : اختلف الأصحاب في أن الوقوف بالمشعر ليلا واجب أو مستحب وعلى التقديرين يتحقق به الركن ، فلو أفاض قبل الفجر عامدا بعد أن كان به ليلا ولو قليلا لم يبطل حجه وجبره بشاة على المشهور بين الأصحاب ، وقال ابن إدريس : من أفاض قبل الفجر عامدا مختارا يبطل حجه. ولا خلاف في عدم بطلان حج الناسي بذلك وعدم وجوب شئ عليه ولا في جواز إفاضة أولى الاعذار قبل الفجر واختلف في الجاهل وهذا الخبر يدل على أنه كالناسي.

أدرك الحج (1) ، وقال : إيماء قارن أو مفرد أو متمتع قدم وقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل ، قال : وقال في رجل أدرك الامام وهو بجمع ، فقال : إن ظن أنه يأتي عرفات فيقف بها قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها (2) ، فإن ظن أنه لا يأتيها حتى يفيضوا فلا يأتيها (3) وقد تم حجه ».

2998 - وروى ابن محبوب عن داود الرقي قال : « كنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام بمنى إذ جاء رجل فقال : إن قوما قدموا (4) وقد فاتهم الحج ، فقال عليه السلام : نسأل اللّه العافية ، أرى أن يهريق كل رجل منهم شاة ويحلوا (5) وعليهم الحج من قابل

ص: 472


1- « أدرك جمعا » أي وقوقه الاختياري أو الأعم منه ومن الاضطراري ولعله أظهر و أقسام الوقوفين بالنسبة إلى الاختياري والاضطراري ثمانية ، أربعة مفردة وأربعة مركبة والصور كلها مجزية الا اضطراري عرفة فإنه غير مجز قولا واحدا وكذا الاختياري على الأظهر وإن كان الأشهر الاجزاء وفى الاضطراريين واضطراري المشعر خلاف وظاهر الأخبار الصحيحة الاجزاء.
2- فليأت عرفات حيث إنه يدرك الموقف الاضطراري في عرفات والاختياري في المشعر.
3- في الكافي « فلا يأتها وليقم بجمع فقد تم حجه » فيستفاد منه أن اختياري المشعر مقدم على اضطراري عرفة ، وقال العلامة المجلسي : ولا ريب فيه وإنما الاشكال فيما إذا تعارض الاضطراريان ولعل تقديم اضطراري المشعر أولى لدلالة الاخبار على ادراك الحج بادراكه دون اضطراري عرفة.
4- في الكافي ج 4 ص 475 « قدموا يوم النحر وقد فاتهم - الحديث » فاختلف الحكم فيه لان من قدم يوم النحر وأدرك المشعر الحرام قبل الزوال فقد أدرك الحج لان اضطراري المشعر (يعنى الوقوف فيه آنا ما) كان من طلوع الشمس إلى زوال يوم النحر.
5- أجمع علماؤنا على أن من فاته الحج تسقط عنه بقية أفعاله ويتحلل بعمرة مفردة ، وصرح في المنتهى وغيره بأن معنى تحلله بالعمرة أنه ينقل احرامه بالنية من الحج إلى العمرة المفردة ثم يأتي بأفعالها ، ويحتمل قويا انقلاب الاحرام إليها بمجرد الفوات كما هو الظاهر القواعد والدروس ، ولا ريب أن العدول أولى وأحوط ، وهذه العمرة واجبة بالفوات فلا تجزى عن عمرة الاسلام ، وهل يجب الهدى على فائت الحج؟ قيل : لا وهو المشهور وحكى الشيخ قولا بالوجوب للامر به في رواية الرقي ولم يعمل به أكثر المتأخرين لضعف الخبر عندهم. (المرآة)

إن انصرفوا إلى بلادهم (1) ، وإن أقاموا حتى تمضي أيام التشريق بمكة ثم خرجوا (2) إلى وقت أهل مكة فأحرموا منه واعتمروا فليس عليهم الحج من قابل ».

باب 275: أخذ حصى الجمار من الحرم وغيره

2999 - روى حنان بن سدير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يجزيك أن تأخذ حصى الجمار من الحرم كله إلا من مسجد الحرام ومسجد الخيف » (3).

ص: 473


1- حمله الشيخ على حج التطوع وحمل الحج من قابل على الاستحباب ، واحتمل في الاستبصار ج 2 ص 308 حمله على من اشترط في حال الاحرام فإنه إذا كان كذلك لم يلزمه الحج من قابل. وقال الفيض : « ذلك لأنه لا بد لمن أتى مكة من اتيانه بإحدى العبادتين ولهذا يقول في شرطه حين يحرم » وان لم يكن حج فعمرة أقول : استدل الشيخ في الاستبصار على حمله هذا بصحيحة ضريس بن أعين قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل خرج متمتعا بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة الا يوم النحر ، فقال : يقيم على احرام ويقطع التلبية حين يدخل مكة ويطوف ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق رأسه وينصرف إلى أهله ان شاء ، وقال : هذا لمن اشترط على ربه عند احرامه ، فإن لم يكن فان عليه الحج من قابل » واعترض عليه العلامة - رحمهما اللّه - بأن الحج الفائت إن كان واجبا لم يسقط بمجرد الاشتراط وان لم يكن واجبا لم يجب بترك الاشتراط. وقال الفاضل التفرشي : في هذا الحديث منافاة للحديث السابق حيث كان فيه ان من فاته الحج كان احلاله بالعمرة ، وفى هذا الحديث انه يحل بالشاة ، وفيه اشكال آخر وهو أن هذا الحج إن كان واجبا فكيف يسقط عنهم بالعمرة وان لم يكن واجبا فكيف يجب عليهم من قابل إذا انصرفوا إلى بلادهم ، ويمكن دفع المنافاة بحمل فوت الحج في هذا الحديث على فوته بالمرض وفى الحديث الأول على فوته بمنع العدو عنه ، ويمكن دفع الاشكال بحمل الحج على المندوب وحمل قوله عليه السلام « وعليهم الحج من قابل » على تأكيد الاستحباب لتحصيل ثواب الحج دون الوجوب وحمل قوله عليه السلام « وان أقاموا - الخ » على أن ثواب تلك العمرة يقوم مقام ثواب الحج من قابل.
2- في الكافي « ثم يخرجوا ». وقوله « وقت » أهل مكة أي ميقاتهم.
3- ظاهره جواز الاخذ من غيرهما من المساجد ، لكن الوجه في تخصيص المسجدين لأنهما الفرد المعروف من المساجد التي كانت في الحرم أو لكونهما موردين للحاج لا انحصار الحكم فيهما ، وفى الكافي ج 4 ص 478 في القوى عن حريز عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته من أين ينبغي أخذ حصى الجمار؟ قال : لا تأخذه من موضعين : من خارج الحرم ، ومن حصى الجمار ، ولا بأس بأخذه من سائر الحرم » وهذا الخبر وخبر المتن كل منهما مخصص للاخر بوجه ، ويدل على وجوب كون الحصاة أبكارا لم يرم بها صحيحا قبل ذلك وعليه فتوى الأصحاب.

باب 276: ما جاء فيمن خالف الرمي أو زاد أو نقص

3000 - روى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ذهبت أرمي فإذا في يدي ست حصيات ، فقال : خذ واحدة من تحت رجليك » (1).

3001 - وفي خبر آخر : « ولا تأخذ من حصى الجمار - (2) الذي قد رمي - ».

3002 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أخذ إحدى وعشرين حصاة فرمى بها وزادت واحدة ولم يدر أيهن نقصت ، قال : فليرجع فليرم كل واحدة بحصاة ، وإن سقطت من رجل حصاة ولم يدر أيتهن هي فليأخذ من تحت قدميه حصاة فيرمي بها ، قال : فإن رميت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها ، وإن أصابت إنسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار أجزأك (3). وقال في رجل رمى الجمار فرمى الأولى بأربع حصيات ثم رمى الأخيرتين بسبع سبع ، قال : يعود فيرمى الأولى بثلاث وقد فرغ (4) ، وإن كان رمى الوسطى بثلاث ثم رمى الأخرى فليرم الوسطى

ص: 474


1- محمول على ما إذا لم يعلم أنها من حصيات المرمية ، وعدم العلم كاف ولا يحتاج إلى العلم بالعدم.
2- رواه الكليني في القوى من حديث عبد الاعلى عن الصادق عليه السلام في خبر بهذا اللفظ والظاهر أن التوضيح من المصنف. وتقدم نحوه في خبر حريز المنقول في الهامش.
3- لأنه بفعلك بخلاف ما تممت بفعل آخر.
4- لا خلاف بين الأصحاب ظاهرا في عدم لزوم استيناف ما جاوز النصف ولا ما بعده إذا كان ناسيا أو جاهلا ، ولو لم يتجاوز في الأول النصف فلا خلاف في استيناف ما بعده ، والمشهور استيناف الأول أيضا ، وذهب ابن إدريس إلى عدم وجوب استيناف الأول بل يكفي البناء على الأول عنده والخبر في الكافي بزيادة ههنا وهي « وإن كان رمى الأولى بثلاث ورمى الأخيرتين بسبع سبع فليعد وليرمهن جميعا بسبع سبع ».

بسبع (1) ، وإن كان رمى الوسطى بأربع رجع فرمى بثلاث (2) قال : قلت : الرجل يرمي الجمار منكوسة ، قال : يعيدها على الوسطى وجمرة العقبة » (3)

3003 - وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في الخائف : « لا بأس بأن يرمي الجمار بالليل ، ويضحي بالليل ، ويفيض بالليل » (4).

3004 - وسأله معاوية بن عمار « عن امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى نفرت إلى مكة ، قال : فلترجع فترمي الجمار كما كانت ترمي ، والرجل كذلك » (5).

ص: 475


1- أي لا يحتاج إلى رمى الأولى فإنها قد تمت ، لا أنها لا تحتاج إلى رمى الأخرى لأنه لم يحصل الترتيب بين الوسطى والعقبة بخلاف ما لو تجاوز النصف. (م ت)
2- فلا يحتاج إلى رمى الأخير. (م ت)
3- قوله « قلت الرجل - الخ » نقله الكليني بلفظ أبسط وزاد في آخره بعد قوله « وجمرة العقبة » « وإن كان من الغد ».
4- يدل على أنه يجوز لذوي الاعذار ايقاع تلك الأفعال في الليل وظاهره الليلة المتقدمة (المرآة) وقال الفاضل التفرشي : الظاهر أن المراد بالليل الحادي عشر وما بعدها إذ لو كان المراد ليلة النحر كانت الإفاضة من المشعر بالليل فكان المناسب تقديم الإفاضة على الرمي و التضحية - انتهى ، أقول : تعميم الحكم لذوي الاعذار مطلقا وحمل الاخبار على المثال من دون لحاظ الخصوصية مشكل حيث إن بعض المذكورات التي تأتى تحت رقم 3004 في خبر أبي بصير كالحاطبة والمملوك وما في موثق سماعة في التهذيب ج 1 ص 521 من الراعي والعبد ليس معذورا بنظر العرف فالتعدي عن مورد النصوص إلى كل عذر عرفي مشكل.
5- اطلاق الرواية يقتضى وجوب الرجوع من مكة والرمي وإن كان بعد انقضاء أيام التشريق ، لكن صرح الشيخ وغيره بأن الرجوع إنما يجب مع بقاء أيام التشريق ومع خروجها يقضى في القابل ، وظاهر الأكثر أن القضاء في القابل على الاستحباب ، وقال جماعة بالوجوب بنفسه ان أمكن والا استناب. قاله في المدارك.

3005 - وروى عنه عبد اللّه بن سنان « في رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى فعرض له شئ فلم يرم الجمرة حتى غابت الشمس ، قال : يرمي إذا أصبح مرتين إحديهما بكرة وهي للامس ، والأخرى عند زوال الشمس » (1).

باب 277: الذين أطلق لهم الرمي بالليل

3006 - روى وهيب بن حفص (2) عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الذي ينبغي له أن يرمي بالليل من هو؟ قال : الحاطبة (3) والمملوك الذي لا يملك من أمره شئ ، والخائف ، والمدين ، والمريض الذي لا يستطيع أن يرمي يحمل إلى الجمار فإن قدر على أن يرمي وإلا فارم عنه وهو حاضر » (4).

باب 278: الرمي عن العليل والصبيان

3007 - روى معاوية بن عمار ، وعبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الكسير والمبطون يرمى عنهما ، قال : والصبيان يرمى عنهم ».

3008 - وسأل إسحاق بن عمار أبا الحسن موسى عليه السلام « عن المريض يرمى

ص: 476


1- الطريق صحيح ورواه الكليني أيضا في الصحيح وزاد في آخره « وهي ليومه » و الخبر يدل على وجوب القضاء والابتداء بالفائت وعليه الأصحاب ، وعلى استحباب الفصل بينه وبين الأداء.
2- في الطريق إليه محمد بن علي والظاهر كما نص عليه الأردبيلي أنه أبو سمينة الصيرفي وهو ضعيف لا يعتمد على شئ كما في الخلاصة.
3- كذا في بعض النسخ بمعنى الحطاب الذي يجلب الحطب ، وفى بعضها بالخاء المعجمة. وقال سلطان العلماء : ولعل المراد من خطبها رجل فيستحيى فيكون اسم الفاعل بمعنى المفعول. وقال الفاضل التفرشي نظيره.
4- المريض مبتدأ خبره « يحمل إلى الجمار ».

عنه الجمار؟ قال : نعم يحمل إلى الجمرة ويرمى عنه ، قلت : لا يطيق ذلك ، فقال : يترك في منزله ويرمى عنه » (1).

باب 279: ما جاء فيمن بات ليالي منى بمكة

ما جاء فيمن بات ليالي منى بمكة (2)

3009 - روى ابن مسكان ، عن جعفر بن ناجية عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عمن بات ليالي منى بمكة ، فقال : عليه ثلاثة من الغنم يذبحهن » (3)راجع علل الشرايع ج2 ب 207 وصحيح مسلم ج4 ص86 والبخاري كتاب 25 ب 75 وموطأ مالك باب البنونة بمكة ليالي مني و سنن أبي داود ج1 ص454.(4).

ص: 477


1- المشهور وجوب الاستنابة مع العذر وحملوا الحمل إلى الجمرة على الاستحباب جمعا. (المرآة)
2- يجب أن يبيت المتقى عن الصيد والنساء في احرامه ليلة الحادي عشر والثاني عشر بمنى وغير المتقى الليلتين مع ليلة الثالث ، ولا يجوز أن يبيت في غيرها فليزمه لكل ليلة دم شاة الا أن يكون مشتغلا بالعبادة بمكة أو كان فيها أكثر الليل. (م ت)
3- حمل على من غربت الشمس في الليلة الثالثة وهو بمنى أو من لم يتق الصيد والنساء وادعى الاجماع على وجوب المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر ، وقد حكى عن تبيان الشيخ ومجمع الطبرسي - قدس سرهما - القول باستحباب المبيت وهو نادر فان تم الاجماع فلا كلام فيه والا فاستفادة الوجوب من كثير من الاخبار التي استدلوا بها مشكلة حيث يظهر من بعضها كالخبر الآتي أنه مع الاشتغال بطاعة اللّه تعالى ولو كان بالعبادات المستحبة لا شئ عليه ولا يسقط الفرض بالنفل كما هو المعروف ، ولا تنافى بين لزوم الدم وعدم وجوب المبيت وفى الحج موارد تجب فيها الكفارة مع عدم حرمة ما يوجبها نعم ما روى من طريقنا وطرق العامة « أنه لم يرخص النبي صلى اللّه عليه وآله لاحد أن يبيت بمكة الا للعباس من أجل سقايته
4- » بمفهومه في الجملة يؤيد القول بالوجوب وكذا صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « لا تبت ليالي التشريق الا بمنى فان بت في غيرها فعليك دم - الخ » و أما ما روى الشيخ ج 1 ص 520 من التهذيب في الصحيح عن العيص بن القاسم عن أبي - عبد اللّه عليه السلام « عن رجل فاتته ليلة من ليالي منى ، قال : ليس عليه شئ وقد أساء » فلا يدل على الوجوب لجواز حمل الإساءة على الكراهة كما يظهر من صحيحة سعيد بن يسار قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام فاتتني ليلة المبيت بمنى من شغل ، فقال : لا بأس ».

3010 - وسأله معاوية بن عمار « عن رجل زار البيت فلم يزل في طوافه ودعائه والسعي والدعاء حتى طلع الفجر ، قال : ليس عليه شئ (1) كان في طاعة اللّه عزوجل ».

3011 - وروى عنه جميل بن دراج أنه قال : « إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح إلا بها ».

3012 - وروى عنه عليه السلام جعفر بن ناجية أنه قال : « إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل إلا وهو بمنى (2) ، وإذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس أن يصبح بغيرها ».

3013 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تدخلوا منازلكم بمكة إذا زرتم - يعني أهل مكة - » (3).

3014 - وروى ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا زار الحاج من منى فخرج من مكة فجاز بيوت مكة (4) فنام ثم أصبح قبل أن يأتي منى فلا شئ عليه » (5).

ص: 478


1- الظاهر أن يكون النظر إلى الدم ، ولا يبعد أن يكون النظر إلى سقوط المبيت و يؤيده ترخيص النبي صلى اللّه عليه وآله للعباس.
2- قوله « فلا ينتصف » على صيغة نهى الغائب من قبيل « لا تمت وأنت ظالم » أي ليكن على حال لا ينتصف الليل الا وهو بمنى. (مراد)
3- رواه الكليني في الموثق كالصحيح ج 4 ص 515 عن ابن بكير عمن أخبره وحمله الشيخ في التهذيبين على الفضل والاستحباب دون الحظر والايجاب (الوافي) وقال صاحب الوسائل : محمول على الكراهة أو على الدخول مع النوم.
4- أي حال كونه جائيا من منى إلى مكة للزيارة فزار وخرج من مكة فجاز بيوتها.
5- اعلم أن أقصى ما يستفاد من الروايات ترتب الدم على مبيت الليالي المذكورة في غير منى بحيث يكون خارجا عنها من أول الليل إلى آخره بل أكثر الأخبار المعتبرة إنما يدل على ترتب الدم على مبيت هذه الليالي بمكة كرواية هشام بن الحكم وغيرها والمسألة قوية الاشكال. (المدارك)

باب 280: اتيان مكة بعد الزيارة للطواف

3015 - روى جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس أن يأتي الرجل مكة فيطوف أيام منى ولا يبيت بها ».

3016 - وسأله ليث المرادي (1) « عن الرجل يأتي مكة أيام منى بعد فراغه من زيارة البيت فيطوف بالبيت تطوعا؟ فقال : المقام بمنى أحب إلي » (2).

باب 281: النفر الأول والأخير

3017 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أردت أن تنفر في يومين (3) فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس (4) ، فإن تأخرت إلى آخر أيام التشريق وهو يوم النفر الأخير فلا عيلك أي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده ».

3018 - قال (5) : وسمعته يقول : في قول اللّه عزوجل : « فمن تعجل في يومين إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى » فقال : يتقى الصيد حتى ينفر

ص: 479


1- لم يذكر المصنف طريقه إليه ورواه الكليني ج 4 ص 515 عن المفضل بن صالح الضعيف عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام وكذا الشيخ في التهذيبين.
2- في الكافي والتهذيبين « المقام بمنى أفضل وأحب إلى ».
3- أي بعد مضى يومين من يوم النحر وهو يوم الثاني عشر من ذي الحجة.
4- فلا يجوز قبله وهو المشهور بل قيل إنه اجماع. لكن في خبر زرارة المروى في التهذيب ج 1 ص 524 عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأول قبل الزوال » وحمله الشيخ على حال الضرورة دون حال الاختيار ، وفى سنده ضعف و جهالة ولم يثبت الجابر.
5- أي قال معاوية بن عمار.

أهل منى في النفر الأخير (1).

3019 - وفي رواية ابن محبوب ، عن أبي جعفر الأحوال ، عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « لمن اتقى الرفث والفسوق والجدال وما حرم اللّه عليه في إحرامه » (2).

3020 - وفي رواية علي بن عطية ، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لمن اتقى اللّه عزوجل (3) ».

3021 - وروي أنه « يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه » (4).

3022 - وروي « من وفى [لله] وفى اللّه له » (5).

3023 - وفي رواية سليمان بن داود المنقري ، عن سفيان بن عيينة عن أبي - عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه » يعني من مات فلا إثم عليه ، ومن تأخر أجله فلا إثم عليه لمن اتقى الكبائر » (6).

ص: 480


1- أي يجوز أن يعجل إذا اتقى الصيد حتى ينفر أهل منى في النفر الأخير ، والمشهور أن المراد أن التخيير لمن اتقى في احرامه عن الصيد والنساء ، ويمكن تعميم هذا الخبر بحيث يشمل ما قبله أيضا. (م ت)
2- أي عدم الاثم ، أو التخيير ، أو التعجيل لمن اتقى الرفث وأخويه وسائر المحرمات في حال الاحرام.
3- أي التخيير أو التعجيل أو عدم الاثم لمن كان متقيا قبل حجه أو مطلقا كقوله تعالى « إنما يتقبل اللّه من المتقين ».
4- يؤيد عدم الاثم ، ورواه الكليني ج 4 ص 252 باسناده عن عبد الاعلى عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث.
5- يعنى وفى لله بقوله تعالى « فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ، ووفى اللّه له » بقوله « فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه » فعلى هذا يكون المراد بالتقوى تقوى الاحرام فيكون كخبر سلام بن المستنير الذي رواه الكليني بلفظ آخر في باب ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال.
6- رواه الكليني ج 4 ص 522 في ضمن حديث طويل.

3024 - وسأله أبو بصير « عن الرجل ينفر في النفر الأول قال : له أن ينفر ما بينه وبين أن تصفر الشمس (1) ، فإن هو لم ينفر حتى يكون عند غروبها فلا ينفر وليبت بمنى حتى إذا أصبح فطلعت الشمس فلينفر متى شاء ».

3025 - وروي الحلبي أنه « سئل عن الرجل ينفر في النفر الأول قبل أن تزول الشمس فقال : لا ولكن يخرج ثقله إن شاء ولا يخرج هو حتى تزول الشمس » (2).

وروي أن من فعل ذلك (3) فهو ممن تعجل في يومين.

3026 - وروى عنه معاوية بن عمار قال : « ينبغي لمن تعجل في يومين أن يمسك عن الصيد حتى ينقضي اليوم الثالث » (4).

3027 - وروى عنه جميل بن دراج أنه قال : « لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأول ثم يقيم بمكة (5) وقال : كان أبي عليه السلام يقول : من شاء رمى الجمار

ص: 481


1- أي بعد الزوال بقرينة الحديث السابق واللاحق. (مراد)
2- يدل على عدم جواز النفر قبل الزوال في النفر الأول ، وجواز تقديم الثقل - و هو بالتحريك - : متاع المسافر وحشمه. (م ت)
3- أي أخرج ثقله ونفر بعد الزوال. روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 586 باسناده عن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي ، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال « في رجل بعث بثقله يوم النفر الأول وأقام إلى الأخير قال : هو ممن تعجل في يومين ».
4- تقدم نحوه تحت رقم 3016.
5- ظاهره جواز النفر في الأول مطلقا وخص بمن اتقى الصيد والنساء في احرامه ، ولا خلاف في أنه يجوز للمتقى النفر في الأول الا ما نقل عن أبي الصلاح أنه لا يجوز للصرورة النفر في الأول ، ومستنده غير معلوم ، وقد قطع الأصحاب بأن من لم يتق الصيد والنساء في احرامه لا يجوز النفر في الأول ، وفيه اشكال من حيث المستند والمراد بعدم اتقاء الصيد في حال الاحرام قتله ، وبعدم اتقاء النساء جماعهن ، وفى الحاق باقي المحرمات المتعلقة بالقتل والجماع وجهان ونقل عن ابن إدريس اشتراط اتقاء كل محظور يوجب الكفارة (المرآة) وقال المولى المجلسي (رحمه اللّه) : أي لا يكره له الإقامة بعد النفر وان كانت قبله مكروهة ، أقول : الخبر إلى هنا في الكافي والتهذيب والظاهر أن البقية من خبر جميل ولم يذكراها.

ارتفاع النهار (1) ثم ينفر ، قال : فقلت له (2) : إلى متى يكون رمي الجمار؟ فقال : من ارتفاع النهار إلى غروب الشمس (3) ومن أصاب الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأول ».

3028 - وسئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل » فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه « قال : ليس هو (4) على أن ذلك واسع إن شاء صنع ذا وإن شاء صنع ذا ، لكنه يرجع مغفورا له لا إثم عليه ولا ذنب له ».

باب 282: نزول الحصبة

نزول الحصبة (5)

3029 - روي أبان ، عن أبي مريم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الحصبة فقال : كان أبي عليه السلام ينزل الأبطح قليلا (6) ثم يدخل البيوت من غير أن ينام بالأبطح

ص: 482


1- مع أن المستحب أن يكون عند الزوال (م ت) وقد حمل على ذوي الأعذار.
2- أي قال جميل : فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام.
3- أي مستحبا إلى غروب الشمس.
4- أي ليس هو على التعيين بل كلاهما مراد اللّه عزوجل كما تقدم في الاخبار ، وفى بعض النسخ « ليبين » أي ليعلم أنه مع التقديم والتأخير مغفور له والظاهر الأول والتصحيف من النساخ (م ت) وقرأه الفاضل التفرشي « لينبئن » على صيغة المجهول المؤكد بالنون المصدر بلام الامر من النبأ من باب التفعيل أي ليخبر هو أي الحاج بتلك البشارة ، وقال : في بعض النسخ « ليبشر » من التبشير وفى بعضها « ليبين » من التبيين والمعنى واحد.
5- أي النزول بالمحصب وهو في الأصل كل موضع كثر حصبها والمراد الشعب الذي أحد طرفيه منى والاخر متصل بالأبطح وينتهي عنده ، وفى المراصد هو بين مكة ومنى وهو إلى منى أقرب وهو بطحاء مكة سمى بذلك للحصباء التي في أرضه - انتهى ، والظاهر أن الحصبة مسجد في الأبطح ولم يبق أثره كما يأتي.
6- في بعض النسخ بدون قليلا وفى بعضها « ينزل الأبطح ليلا ».

فقلت له : أرأيت من تعجل في يومين (1) عليه أن يحصب؟ قال : لا » (2).

3030 - وقال : « كان أبي عليه السلام : ينزل الحصبة قليلا ثم يرتحل ، وهو دون خبط وحرمان » (3).

باب 283: باب قضاء التفث

باب قضاء التفث (4)

3031 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : يستحب للرجل و المرأة أن لا يخرجا من مكة حتى يشتريا بدرهم تمرا فيتصدقا به لما كان منهما في

ص: 483


1- زاد هنا في الكافي « إن كان من أهل اليمن ».
2- قال في الدروس : يستحب للنافر في الأخير التحصيب تأسيا برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وهو النزول بمسجد الحصبة بالأبطح الذي نزل به رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله و يستريح فيه قليلا ويستلقى على قفاه ، وروى أن النبي صلى اللّه عليه وآله صلى فيه الظهرين والعشائين وهجع هجعة ثم دخل مكة وطاف ، وليس من سنن الحج ومناسكه وإنما هو فعل مستحب اقتداء برسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله).
3- كذا ، وقال في منتقى الجمان : هاتان الكلمتان من الغريب ولم أقف لهما على تفسير في شئ مما يحضرني من كتب اللغة - انتهى ، واحتمل المولى المجلسي - رحمه اللّه - تصحيفهما وقال : في بعض كتب العامة « دون حائط حرمان » وذكر أنه كان هناك بستان ، و مسجد الحصباء كان قريبا منه وهو أظهر. أقول : يخطر بالبال ان المراد بهذا الكلام الإشارة إلى حدود الحصبة والضمير المذكر باعتبار المسجد والصواب « حائط حرمان » كما استظهره ويؤيده ما حكى عن الأزرقي أنه قال : « ان حد المحصب من الحجون مصعدا في الشق الأيسر وأنت ذاهب إلى منى إلى حائط حرمان مرتفعا عن بطن الوادي ». و قال العلّامة المجلسيّ: ذكر الشيخ في المصباح و غيره« أن التحصيب النزول في مسجد الحصبة». و هذا المسجد غير معروف الآن بل الظاهر اندراسه من قرب زمان الشيخ كما اعترف به جماعة منهم ابن إدريس حيث قال: ليس من المسجد أثر الآن.
4- مأخوذ من قوله تعالى : « ثم ليقضوا تفثهم » أي ليزيلوا وسخهم بقص الشارب و الأظفار ، ونتف الإبط ، وفى الصحاح : التفث في المناسك : ما كان من نحو قص الأظفار و الشارب وحلق الرأس والعانة ورمى الجمار ونحر البدن وأشباه ذلك ، وقال أبو عبيدة : ولم يجئ فيه شعر يحتج به - انتهى. وفى النهاية « التفث » وهو ما يفعله المحرم بالحج إذا حل كقص الشارب والأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ، وقيل : هو اذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقا - انتهى. وفى المغرب : التفث الوسخ والشعث ومنه رجل تفث - بكسر الفاء - أي مغبر شعث لم يدهن ولم يستحد عن ابن شميل ، وقضاء التفث قضاء ازالته بقص الشارب والأظفار. وفى المصباح بعد ذكر نحو مما مر وقيل : هو استباحة ما حرم عليهم بالاحرام بعد التحلل. وفى تفسير التبيان : التفث مناسك الحج من الوقوف والطواف والسعي ورمى الجمار والحلق بعد الاحرام من الميقات ، وقال ابن عباس وابن عمر : التفث جميع المناسك وقيل : التفث قشف الاحرام وقضاؤه بحلق الرأس والاغتسال ونحوه ، وقال الأزهري : لا يعرف التفث في لغة العرب الا من قول ابن عبار. انتهى ، أقول : جميع ما ذكر يرجع إلى تطهير الظاهر والباطن جميعا كما يأتي في روايات الباب وبهذا الوجه يجمع بين الاخبار.

إحرامهما ، ولما كان في حرم اللّه عزوجل (1).

3032 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل » ثم ليقضوا تفثهم « قال : ما يكون من الرجل في إحرامه ، فإذا دخل مكة وطاف تكلم بكلام طيب كان ذلك كفارة لذلك الذي كان منه ».

3033 - وروى ذريح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : » ثم ليقضوا تفثهم « قال : التفث لقاء الامام » (2).

ص: 484


1- أي لما لعله دخل عليه في حجه واحرامه من المنافيات.
2- أصل الخبر كما رواه الكليني ج 4 ص 549 باسناده عن عبد اللّه بن سنان عن ذريح المحاربي هكذا قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ان اللّه أمرني في كتابه بأمر وأحب أن أعمله ، قال : وما ذاك؟ قلت : قول اللّه عزوجل » ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم « قال : « ليقضوا تفثهم » لقاء الامام « وليوفوا نذورهم » تلك المناسك ، قال عبد اللّه بن سنان : فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فقلت : جعلت فداك قول اللّه عزوجل « ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم » قال : أخذ الشارب وقص الأظفار وما أشبه ذلك ، قال : قلت : جعلت فداك ان ذريح المحاربي حدثني عنك بأنك قلت له « ليقضوا تفثهم » لقاء الامام « وليوفوا نذورهم » تلك المناسك ، فقال : صدق ذريح وصدقت ، ان للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح » فروى المصنف صدره ههنا وذيله تحت رقم 1. ووجه الاشتراك التطهير فان ما قاله عليه السلام لذريح فهو تطهير الباطن وما قاله لعبد اللّه بن سنان هو تطهير الظاهر والأول هو التأويل والباطن والثاني هو التفسير والظاهر.

3034 - وروى ربعي ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « في قوله عزوجل » ثم ليقضوا تفثهم « قال : الشارب والأظفار ».

3035 - وفي رواية النضر ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن التفث هو الحلق وما في جلد الانسان » (1).

3036 - وروى زرارة ، عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام « أن التفث حفوف الرجل من الطيب ، فإذا قضى نسكه حل له الطيب » (2).

3037 - وفي رواية البزنطي عن الرضا عليه السلام قال : « التفث تقليم الأظفار وطرح الوسخ ، وطرح الاحرام عنه » (3).

3038 - وروي عن عبد اللّه بن سنان قال : أتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فقلت له : جعلني اللّه فداك ما معنى قول اللّه عزوجل : « ثم ليقضوا تفثهم » قال : أخذ الشارب وقص الأظفار وما أشبه ذلك ، قال : قلت : جعلت فداك فإن ذريحا المحاربي حدثني عنك أنك قلت : « ليقضوا تفثهم » لقاء الامام « وليوفوا نذورهم » تلك

ص: 485


1- أي من الوسخ والشعر.
2- الحفوف - بالمهملة والفائين يقال ، حف رأسه يحف - بالكسر - حفوفا أي بعد عهده بالدهن. وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : مقتضى الجمع بين الاخبار حمل قضاء التفث على إزالة كل ما يشين الانسان في بدنه وقلبه وروحه ليشمل إزالة الأوساخ البدنية بقص الأظفار وأخذ الشارب ونتف الإبط وغيرها ، وإزالة وسخ الذنوب عن القلب بالكلام الطيب و الكفارة ونحوهما وإزالة دنس الجهل عن الروح بلقاء الإمام عليه السلام ففسر في كل خبر ببعض معانيه على وفق أفهام المخاطبين ومناسبة أحوالهم.
3- أي ثوبي الاحرام الوسخين. أو لوازم الاحرام. (سلطان)

المناسك ، قال : صدق ذريح وصدقت ، إن للقرآن ظاهرا وباطنا ومن يحتمل ما يحتمل ذريح.

وأما قوله عزوجل : « وليطوفوا بالبيت العتيق » فإنه : روي أنه طواف النساء (1).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذه الأخبار كلها متفقة غير مختلفة والتفث معناه كل ما وردت به هذه الأخبار ، وقد أخرجت الاخبار في هذا المعنى في كتاب تفسير المنزل في الحج.

باب 284: أيام النحر

3039 - روى عمار بن موسى الساباطي (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الأضحى بمنى ، قال : أربعة أيام ، وعن الأضحى في سائر البلدان؟ قال : ثلاثة أيام ، وقال : لو أن رجلا قدم إلى أهله بعد الأضحى بيومين ضحى اليوم الثالث الذي يقدم فيه » (3).

3040 - وروى كليب الأسدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن النحر

ص: 486


1- روى الكليني ج 4 ص 412 باسناده عن أحمد بن محمد قال : « قال أبو الحسن عليه السلام في قول اللّه عزوجل » وليطوفوا بالبيت العتيق « قال طواف الفريضة طواف النساء » وبسند آخر فيه ارسال عن حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : » وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق « قال : طواف النساء ».
2- الطريق إليه قوى على ما في الخلاصة بأحمد بن الحسن بن علي بن فضال وعمرو بن سعيد المدائني ومصدق بن صدقة.
3- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 504 في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال : « سألته عن الأضحى كم هو بمنى؟ قال : أربعة أيام ، وسألته عن الأضحى في غير منى ، فقال ثلاثة أيام ، فقلت : فما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحى بيومين أله أن يضحى في اليوم الثالث؟ قال : نعم ».

فقال : أما بمنى فثلاثة أيام ، وأما في البلدان فيوم واحد » (1).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذان الحديثان متفقان غير مختلفين وذلك أن خبر عمار هو الضحية وحدها وخبر كليب للصوم وحده (2) ، وتصديق ذلك :

3041 - ما رواه سيف بن عميرة عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سمعته يقول : النحر بمنى ثلاثة أيام ، فمن أراد الصوم لم يصم حتى تمضي الثلاثة الأيام ، والنحر بالأمصار يوم فمن أراد أن يصوم صام من الغد » (3).

3042 - وروي « أن الأضحى ثلاثة أيام وأفضلها أولها » (4).

ص: 487


1- روى الكليني في الحسن كالصحيح عن جميل عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « الأضحى يومان بعد يوم النحر ويوم واحد بالأمصار » وقال العلامة المجلسي : هذا الخبر وخبر كليب خلاف المشهور من جواز التضحية بمنى أربعة أيام وفى الأمصار ثلاثة أيام وحملهما الشيخ في التهذيب على أيام النحر التي لا يجوز فيه الصوم ، والأظهر حملهما على تأكد الاستحباب.
2- فيكون معنى قوله « سألته عن النحر » سألته عن حرمة صوم يوم ينحر فيه ، و لعل معنى قوله عليه السلام « أما بمنى فثلاثة أيام » أن الثلاثة الأيام لا ينفك عن حرمة صومها للحاج وهي العيد والحادي عشر والثاني عشر ، وأما الثالث عشر فإنما يحرم على من لم ينفر في النفر الأول فقد تنفك عن الحرمة (مراد) وقال سلطان العلماء : فيه بعد ذلك اشكال إذ النحر بالنظر إلى الصوم أيضا أربعة لمن كان بمنى : يوم العيد وثلاثة أيام التشريق فان صوم تلك الأربعة حرام على من كان بمنى اجماعا مع اجتماع اشتراط النسك على قول ، ومطلقا على قول آخر ، اللّهم الا أن يقال : المراد الثلاثة بعد العيد وهو بعيد عن العبارة ، ويمكن حمل رواية كليب ومثلها على التقية لموافقتها لقول بعض العامة مثل جابر بن زيد وأحمد ومالك وابن عمر.
3- قال في المدارك ص 400 : يمكن حمل رواية منصور على أن المراد بالصوم ما كان بدلا عن الهدى لما سبق أن الأظهر جواز صوم يوم الحصبة وهو يوم النفر في ذلك ، والأجود حمل روايتي محمد بن مسلم وكليب الأسدي على أن الأفضل ذبح الأضحية في الأمصار يوم النحر وفى منى في يوم النحر وفى اليومين الأولين من أيام التشريق.
4- رواه الشيخ ج 1 ص 504 من التهذيب في الصحيح عن غياث بن إبراهيم الموثق عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم السلام.

باب 285: الحج الأكبر والحج الأصغر

3043 - روي عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن يوم الحج الأكبر ، فقال : هو يوم النحر ، والأصغر هو العمرة » (1).

3044 - وفي رواية سليمان بن داود المنقري ، عن فضيل بن عياض (2) ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في آخر حديث يقول فيه : « إنما سمي الحج الأكبر لأنها كانت سنة حج فيها المسلمون والمشركون ولم يحج المشركون بعد تلك السنة ».

باب 286: الأضاحي

3045 - روى سويد القلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « الأضحية واجبة على من وجد (3) من صغير أو كبير ، وهي سنة ».

3046 - وروي عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن رجلا سأله عن الأضحى فقال : هو واجب على كل مسلم إلا من لم يجد ، فقال له السائل : فما ترى في العيال؟ قال : إن شئت فعلت وإن شئت لم تفعل ، وأما أنت فلا تدعه » (4).

ص: 488


1- « هو النحر » أي يحج فيه بالطواف والسعي بخلاف العمرة فإنها ليس لها يوم معين. وتقدم تحت رقم 2132 معنى الحج الأكبر.
2- رواه المصنف في العلل والمعاني عن سليمان عن حفص بن غياث. وفضيل بن عياض صوفي بصرى وحفص بن غياث عامي له كتاب معتمد كما في فهرست الشيخ والخلاصة.
3- أي سنة مؤكدة والاحتياط عدم تركها للواجد.
4- يؤيده ما رواه الكليني ج 4 ص 487 في الحسن كالصحيح عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل عن الأضحى أواجب على من وجد لنفسه وعياله؟ فقال : أما لنفسه فلا يدعه وأما لعياله ان شاء تركه » ويدل ظاهرا على ما ذهب إليه ابن الجنيد من وجوب الأضحية وربما كان مستنده خبر محمد بن مسلم أو هذا الخبر وأجيب بمنع كون المراد بالوجوب المعنى المتعارف عند الفقهاء ، وقوله « اما أنت فلا تدعه » معارض بقوله في خبر محمد بن مسلم « وهي سنة » فان المتبادر من السنة المستحب.

3047 - وجاءت أم سلمة - رضي اللّه عنها - إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فقالت : « يا رسول اللّه يحضر الأضحى وليس عندي ثمن الأضحية فأستقرض واضحي؟ قال : فاستقرضي فإنه دين مقضي » (1).

3048 - و « ضحى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بكبشين ذبح واحدا بيده فقال : « اللّهم هذا عني وعمن لم يضح من أهل بيتي » وذبح الآخر ، وقال : « اللّهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي » (2) وكان أمير المؤمنين عليه السلام يضحي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كل سنة بكبش فيذبحه ويقول : « بسم اللّه وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين اللّهم منك ولك » ثم يقول : « اللّهم هذا عن نبيك « ثم يذبحه ويذبح كبشا آخر عن نفسه ».

3049 - وقال علي عليه السلام : « أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في الأضاحي ألا نستشرف العين والاذن ، ونهانا عن الخرقاء ، والشرقاء ، والمقابلة ، والمدابرة (3) ».

ص: 489


1- أي يقضى اللّه تعالى البتة ، ورواه المصنف في القوى عن أبي الحسين عليه السلام قال : « قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) لام سلمة وقد قالت له : يا رسول اللّه يحضر الأضحى وليس عندي ما أضحى به فأستقرض - الحديث ».
2- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 495 في الحسن كالصحيح عن عبد اللّه بن سنان مقطوعا هكذا « قال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يذبح يوم الأضحى كبشين أحدهما عن نفسه والاخر عمن لم يجد من أمته وكان أمير المؤمنين عليه السلام يذبح كبشين أحدهما عن رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) والاخر عن نفسه ». ويدل على استحباب التذكية عن الغير وإن كان حيا.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 507 مسندا عن شريح بن هانئ ، عن علي عليه السلام وفى النهاية في الحديث « أمرنا أن نستشرف العين والاذن » أي ، نتأمل سلامتهما من آفة يكون بهما ، وفى المصباح المنير الخرقاء من الشاة ما كان في أذنها خرق وهو ثقب مستدير ، وشرقت الشاة شرقا من باب تعب إذا كانت مشقوقة الأذن باثنتين فهي شرقاء ، و المقابلة على صيغة اسم المفعول - الشاة التي يقطع من اذنها قطعة ولا تبين وتبقى معلقة من قدم ، فان كانت من أخر فهي المدابرة ، و « قدم » بضمتين بمعنى المقدم ، و « أخر » بضمتين أيضا بمعنى المؤخر.

3050 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا يضحى بعرجاء بين عرجها ، ولا بالعوراء بين عورها ، ولا بالعجفاء ولا بالجرباء ولا بالجدعاء ولا بالعضباء » (1) وهي المكسورة القرن ، والجدعاء المقطوعة الأذن.

3051 - وروي عن داود الرقي قال : سألني بعض الخوارج عن هذه الآية من كتاب اللّه تعالى : « ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين - إلى قوله تعالى - : ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين » ما الذي أحل اللّه عزوجل من ذلك؟ وما الذي حرم فلم يكن عندي فيه شئ فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام وأنا حاج فأخبرته بما كان فقال : إن اللّه تبارك وتعالى أحل في الأضحية بمنى الضأن والمعز الأهلية ، وحرم أن يضحى فيه بالجبلية ، وأما قوله عزوجل : « ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين » فإن اللّه تبارك وتعالى أحل في الأضحية بمنى الإبل العراب وحرم فيها البخاتي (2)

ص: 490


1- رواه الكليني ج 4 ص 491 في القوى وكذا الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام مع اختلاف نشير إليه. وعرج في مشيه من باب تعب إذا كان من علة لازمة فهو أعرج والأنثى عرجاء ، فإن كان من غير علة لازمة بل من شئ أصابه حتى غمز في مشيه قيل عرج يعرج من باب قتل فهو عارج كما في المصباح للفيومي ، والعور - محركة - ذهاب إحدى العينين ، والعجفاء : المهزولة من الغنم وغيرها ، والجرباء : ذات الجرب وهو داء معروف يسقط به الشعر والصوف وفى الكافي والتهذيب بعد قوله « الجرباء » « ولا بالخرقاء ولا بالحذاء ولا بالعضباء » والحذاء هي التي قصر عن شعر ذنبها ، والظاهر أن قوله « وهي  - الخ كلام المؤلف ، والعضباء أيضا المشقوقة الاذن والقصيرة اليد. والجدعاء - بالجيم و الدال والعين المهملتين - وفى المصباح » جدعت الشاة جدعا من باب تعب قطعت اذنها من أصلها فهي جدعاء ، ولا خلاف في عدم اجزاء العوراء والعرجاء البين عرجها والمشهور عدم اجزاء المكسور القرن الداخل ولا مقطوع الاذن ولا الخصي وفى المشقوق والمثقوب اختلاف.
2- العراب - بالكسر - الإبل العربية ، والبخت - بالضم - الإبل الخراسانية و الجمع البخاتي ، وفسر عليه السلام الزوجين بالأهلي والوحشي وذكر أن اللّه تعالى حرم أن يضحى بالجبلية من الضأن والمعر والبقر وأحل الأهلية منها وحرم البخاتي من الإبل وأحل العراب وأطلق المفسرون الأزواج على الذكر والأنثى من كل صنف من الأصناف الثمانية.

وأحل البقر الأهلية أن يضحى بها ، وحرم الجبلية ، فانصرفت إلى الرجل وأخبرته بهذا الجواب ، فقال : هذا شئ حملته الإبل من الحجاز (1).

3052 - وروى أبان ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « الكبش يجزي عن الرجل ، وعن أهل بيته يضحي به » (2).

3053 - وسأل يونس بن يعقوب أبا عبد اللّه عليه السلام « عن البقرة يضحى بها؟ فقال : تجزي عن سبعة نفر » (3).

3054 - وروى وهيب بن حفص (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : البقرة والبدنة تجزيان عن سبعة نفر إذا كان كانوا من أهل بيت أو من غيرهم (5).

ص: 491


1- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 492 بسند مجهول.
2- يدل على جواز الاكتفاء بكبش عن نفسه وأهل بيته. (م ت)
3- رواه الشيخ في الموثق كالصحيح في التهذيب ج 1 ص 506 رواه المصنف في الخصال ص 356 طبع مكتبة الصدوق.
4- سقط هنا « عن أبي بصير » كما هو موجود في الخصال ص 356 والعلل ج 2 ب 184 والتهذيب ج 1 ص 506 ، ووهيب يروى كثيرا عن أبي بصير عنه عليه السلام ولم يعهد روايته عنه بلا واسطة والتعبير بروى وان صح أن يكون مع الواسطة لكن مراد المصنف غير هذا كما هو دأبة.
5- هذا الخبر والسابق يدلان على الاجتزاء بالبقرة عن سبعة ، سواء كانوا من أهل بيت واحد أو لم يكونوا وقد حمل على الضرورة لما روى الكليني في الصحيح ج 4 ص 496 عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن قوم غلت عليهم الأضاحي وهم متمتعون وهم مترافقون وليسوا بأهل بيت واحد ، وقد اجتمعوا في مسيرهم ، ومضربهم واحد ، ألهم أن يذبحوا بقرة؟ فقال : لا أحب ذلك الا من ضرورة » وظاهره كراهة الاكتفاء بالواحد في غير الضرورة ، وقال العلامة المجلسي : اختلف الأصحاب فيه فقال الشيخ في موضع من الخلاف : الهدى الواجب لا يجزى الا واحد عن واحد. وعليه الأكثر ، وقال في النهاية والمبسوط وموضع من الخلاف يجزى الواحد عند الضرورة عن خمسة وعن سبعة وعن سبعين ، وقال المفيد : تجزى البقرة عن خمسة إذا كانوا أهل بيت ونحوه قال ابن بابويه ، وقال سلار : تجزى البقرة عن خمسة وأطلق ، والمسألة محل اشكال وإن كان القول باجزاء البقرة عن خمسة غير بعيد كما قواه بعض المحققين ، ويمكن حمل هذا الخبر على المستحب بعد ذبح الهدى الواجب وإن كان بعيدا.

وروي أن الجزور يجزي عن عشرة نفر متفرقين وإذا عزت الأضاحي أجزأت شاة عن سبعين (1).

ولا يجوز في الأضاحي من البدن إلا الثني وهو الذي تم له خمس سنين ودخل في السادسة ، ويجزي من المعز والبقر الثني وهو الذي تم له سنة ودخل في الثانية ، ويجزي من الضأن الجذع لسنة (2).

ص: 492


1- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 506 في القوى عن السكوني عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام قال : « البقرة الجدعة تجزى عن ثلاثة من أهل بيت واحد و المسنة تجزى عن سبعة نفر متفرقين ، والجزور تجزى عن عشرة متفرقين » وفى الموثق كالصحيح عن سوادة القطان وعلي بن أسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قالا : « قلنا له جعلنا فداك عزت الأضاحي علينا بمكة أفيجزي اثنين أن يشتركا في شاة؟ فقال : نعم وعن سبعين ».
2- هذا الكلام بلفظه في الشرايع وأفتى به وقال السيد - رحمه اللّه - في المدارك : مذهب الأصحاب أنه لا يجزى في الهدى من غير الضأن الا الثنى ، أما الضأن فلا يجزى الا الجذع ووافقنا على ذلك أكثر العامة ، وقال بعضهم : لا يجزى الا الثنى من كل شئ ، وقال آخرون يجزى الجذع من الكل الا المعز والمستند فيما ذكره الأصحاب ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : يجزى من الضأن الجذع ولا يجزى من المعز الا الثنى » وفى الصحيح عن عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام - رفعه - عن علي عليه السلام أنه كان يقول : « الثنية من الإبل والثنية من البقر والثنية من المعز والجذع من الضأن ». وفى الصحيح عن حماد بن عثمان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أدنى ما يجزى من أسنان الغنم في الهدى ، فقال : الجذع من الضأن ، قلت : فالمعز؟ قال : لا يجوز الجذع من المعس. قلت : ولم؟ قال : لان الجذع من الضأن يلقح والجذع من المعز لا يلقح ».

3055 - وسئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر » قال : القانع هو الذي يقنع بما تعطيه ، والمعتر الذي يعتريك » (1).

3056 - و « كان علي بن الحسين وأبو جعفر عليهما السلام يتصدقان بثلث على جيرانهم وبثلث على السؤال ، وبثلث يمسكانه لأهل البيت » (2).

3057 - و « كره أبو عبد اللّه عليه السلام أن يطعم المشرك من لحوم الأضاحي » (3).

3058 - وقال الصادق عليه السلام : « كنا ننهى الناس عن إخراج لحوم الأضاحي من منى بعد ثلاث لقلة اللحم وكثرة الناس ، فأما اليوم فقد كثر اللحم وقل الناس فلا بأس باخراجه » (4).

ص: 493


1- رواه الكليني ج 4 ص 500 والشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار وزادا بعد قوله « يعتريك » « والسائل : الذي يسألك في يديه. والبائس هو الفقير ». والاعتراء طلب المعروف. وفى الصحاح المعتر : الذي يتعرض للمسألة ولا يسأل ، وفى المصباح : المتعرض للسؤال من غير طلب.
2- روى الكليني في الكافي ج 4 ص 499 في القوى كالصحيح عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن لحوم الأضاحي ، فقال : كان علي بن الحسين وأبو جعفر عليهما السلام يتصدقان - الحديث » والسؤال - ككفار - جمع سائل.
3- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 585 في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه كره أن يطعم - الحديث « قيل : الأولى اعتبار الايمان في المستحق حملا على الزكاة وإن كان في تعينه نظر ، وروي الشيخ في الصحيح عن صفوان عن هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام » أن علي بن الحسين عليهما السلام كان يطعم من ذبيحته الحرورية ، قلت : وهو يعلم أنهم حرورية؟ قال : نعم وحمل على التقية أو على التضحية المستحبة لكن الحمل على التقية بعيد وأما الحمل على المستحبة فلا ضرورة له وان القضايا الشخصية تقصر عن معارضة النصوص ، ويمكن أن يكون فعله عليه السلام لبيان الجواز أو لتأليف قلوبهم.
4- رواه الكليني ج 4 ص 500 في الحسن كالصحيح بلفظ آخر.

ولا بأس باخراج الجلد والسنام من الحرم ، ولا يجوز إخراج اللحم منه (1).

3059 - وسئل الصادق عليه السلام « عن فداء الصيد يأكل صاحبه من لحمه؟ فقال : يأكل من أضحيته ويتصدق بالفداء » (2)

3060 - وقال الصادق عليه السلام : « لا يضحى ألا بما يشترى في العشر » (3).

والخصي لا يجزي في الأضحية (4)

ص: 494


1- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 511 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن اللحم أيخرج به من الحرم ، فقال : لا يخرج منه بشئ الا السنام بعد ثلاثة أيام » وفى الموثق عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام قال : « سألته عن الهدى أيخرج شئ منه عن الحرم؟ فقال : الجلد والسنام والشئ ينتفع به ، قلت : انه بلغنا عن أبيك أنه قال : لا يخرج من الهدى المضمون شيئا ، قال ، بل يخرج بالشئ ينتفع به ، وزاد فيه في رواية أحمد بن محمد : ولا يخرج بشئ من اللحم من الحرم ».
2- رواه الكليني ج 4 ص 500 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عنه عليه السلام.
3- لم أجده مسندا ولعل ذلك لأجل أن لا يصير مربى لما رواه الكليني ج 4 ص 544 في القوى عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال : « قلت : جعلت فداك كان عندي كبش سمين لاضحى به فلما أخذته وأضجعته نظر إلى فرحمته ورققت عليه ثم انى ذبحته قال : فقال لي : ما كنت أحب لك أن تفعل ، لاتربين شيئا من هذا ثم تذبحه » فيدل على كراهة التضحية بما رباه الانسان كما ذكره الأصحاب.
4- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 505 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه « سئل عن الأضحية ، فقال : أقرن فحل - إلى أن قال : وسألته أيضحى بالخصي؟ فقال : لا » وفى آخر عنه قال : « سألته عليه السلام عن الأضحية بالخصي ، فقال لا ». وفى الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يشترى الهدى فلما ذبحه إذا هو خصى مجبوب ولم يكن يعلم أن الخصي لا يجزى في الهدى هل يجزيه أم يعيده؟ قال : لا بجريه الا أن يكون لا قوة به عليه ». وفى الصحيح عنه قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشترى الكبش فيجده خصيا مجبوبا؟ قال : إن كان صاحبه موسرا فليشتر مكانه ».

وذبح رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن نسائه البقر (1).

وإذا اشترى الرجل أضحية فماتت قبل أن يذبحها فقد أجزأت عنه (2).

وإن اشترى الرجل أضحية فسرقت فإن اشترى مكانها فهو أفضل ، فإن لم يشتر فليس عليه شئ (3).

ويجوز أن ينتفع بجلدها أو يشترى به متاع أو يدبغ فيجعل منه جراب أو مصلى ، وأن تصدق به فهو أفضل (4).

ص: 495


1- روى الكليني ج 4 ص 491 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو - عبد اللّه عليه السلام : « إذا رميت الجمرة فاشتر هديك إن كان من البدن أو من البقر والا فاجعل كبشا سمينا فحلا فإن لم تجد فموجوء من الضأن ، فإن لم تجد فتيسا فحلا ، فإن لم تجد مما استيسر عليك ، وعظم شعائر اللّه عزوجل ، فان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ذبح عن أمهات المؤمنين بقرة بقرة ونحر بدنة ».
2- روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 508 باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى في كتابه عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل اشترى شاة فسرقت منه أو هلكت؟ فقال : إن كان أوثقها في رحله فضاعت فقد أجزأت عنه ».
3- روى الكليني في الكافي ج 4 ص 493 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى أضحية فماتت أو سرقت قبل أن يذبحها ، فقال : لا بأس وان أبدلها فهو أفضل وان لم يشتر فليس عليه شئ » وفى المقنعة (ص 71) قال. « سئل عليه السلام عن رجل اشترى أضحية فسرقت منه ، فقال : ان اشترى مكانها فهو أفضل ، وان لم يشتر مكانها فلا شئ عليه ».
4- في الكافي ج 4 ص 501 وفى رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ينتفع بجلد الأضحية ويشترى به المتاع وان تصدق به فهو أفضل - الخ » وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 511 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الارهاب؟ فقال : تصدق به أو تجعله مصلى تنتفع به في البيت ولا تعطه الجزارين وقال : نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يعطى جلالها وقلائدها الجزارين ، وأمره أن يتصدق بها ». وروى في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال : « سألته عن جلود الأضاحي هل يصلح لمن يضحى أن يجعلها جرابا؟ قال : لا يصلح أن يجعلها جرابا الا أن يتصدق بثمنها » وفى قرب الإسناد ص 106 مثله.

وإذا نسي الرجل أن يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكة ثم نحرها فلا بأس قد أجزأ عنه (1).

3061 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يشتري الضحية عوراء فلا يعلم إلا بعد شرائها هل تجزي عنه؟ قال : نعم إلا أن يكون هديا فإنه لا يجوز [أن يكون] ناقصا » (2).

3062 - وسئل أبو جعفر عليه السلام « عن هرمة قد سقطت ثناياها هل تجزي في الأضحية؟ فقال : لا بأس أن يضحى بها » (3) .

3063 - وقال علي عليه السلام : « لا يضحى عمن في البطن » (4).

3064 - وروى جميل (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الأضحية يكسر قرنها ، قال : إذا كان القرن الداخل صحيحا فهي تجزي ».

وسمعت شيخنا محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه - يقول : سمعت محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - يقول : إذا ذهب من القرن الداخل ثلثاه وبقي ثلثه فلا بأس

ص: 496


1- روى الكليني ج 4 ص 505 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل نسي أن يذبح بمنى حتى زار البيت - إلى آخر الكلام بلفظه ».
2- يدل على عدم اجزاء المعيوب بالعيب الظاهر في الهدى بخلاف الهزال فإنه قد يخفى كما سيجيئ ، وفى حسنة معاوية بن عمار المروية في الكافي ج 4 ص 490 عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يشترى هديا وكان به عيب - عور أو غيره - فقال : إن كان نقد ثمنه فقد أجزأ عنه ، وان لم يكن نقد ثمنه رده واشترى غيره - الخ ».
3- روى نحوه الكليني في الصحيح عن عيض بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام بزيادة راجع ج 4 ص 492.
4- يدل بمفهومه على استحباب التضحية عمن ولد حيا ويدل عليه العمومات. (م ت)
5- الطريق إليه صحيح ورواه الكليني في الحسن كالصحيح كالشيخ على الظاهر.

بأن يضحى به (1).

3065 - وروي عن عبد اللّه بن عمر (2) قال : « كنا بمكة فأصابنا غلاء في الأضاحي فاشترينا بدينار ثم بدينارين ، ثم بلغت سبعة ، ثم لم نجد بقليل ولا كثير ، فوقع هشام المكاري إلى أبي الحسن عليه السلام بذلك ، فوقع إليه انظروا الثمن الأول والثاني والثالث فاجمعوه ثم تصدقوا بمثل ثلثه » (3).

3066 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « لا يضحى بشئ من الدواجن » (4).

3067 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الأضحية يخطئ الذي يذبها فيسمي غير صاحبها أتجزي عن صاحب الأضحية؟ قال : نعم إنما له ما نوى » (5).

وذبح رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كبشا أقرن ، ينظر في سواد ، ويمشي في سواد (6).

ص: 497


1- قال في الدروس - على المحكى - : ولا يجزى مكسور القرن الداخل وان بقي ثلثه خلافا للصفار - انتهى. وقال المولى المجلسي : الظاهر أنوصل إلى الصفار خبر بذلك ولهذا اعتمد الصدوقان عليه.
2- عبد اللّه بن عمر مجهول.
3- في الكافي والتهذيب مثله ، وعليه عمل الأصحاب ، وروى أنه يخلف ثمنه عند من يشترى له ويذبح عنه طول ذي الحجة وسيجئ.
4- الدواجن هي الشاة التي يعلفها الناس في بيوتهم ، وكذلك الناقة والحمامة و أشباههما ، والظاهر أن المراد هنا النعم المرباة ، وحمل على الكراهة.
5- يدل على أن المعتبر النية لا اللفظ ويمكن الاستدلال به على لزوم النية في العبادات مطلقا وإن كان المورد خاصا. (م ت)
6- روى الشيخ في الصحيح ج 1 ص 505 من التهذيب عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يضحى بكبش أقرن فحل ينظر في سواد ، ويمشي في سواد » وقال في المنتقى : لم أقف فيما يحضرني من كتب اللغة على تفسير لما في الحديث. نعم ذكر العلامة في المنتهى أن الأقرن معروف وهو ماله قرنان ، وقوله « ينظر في سواد - الخ » اختلف في تفسيره قال ابن الأثير في النهاية : في الحديث « انه ضحى بكبش يطأ في سواد ، وينظر في سواد ، ويبرك سواد » أي أسود القوائم والمرابض والمحاجر. انتهى ، والمراد بالمحاجز الأوساط فان الحجزة معقد الإزار وهذا المعنى اختيار ابن إدريس ، وقيل : السواد كناية عن المرعى والنبت فإنه يطلق عليه ذلك لغة والمعنى حينئذ كان يرعى وينظر ويبرك في خضرة ، وقيل : كونه من عظمه شحمه ينظر في شحمه ويمشي في فيئه ويبرك في ظل شحمه.

3068 - وقال علي عليه السلام : « إذا اشترى الرجل البدنة عجفاء فلا تجزي عنه وإن اشتراها سمينة فوجدها عجفاء أجزأت عنه ، وفي هدي المتمتع مثل ذلك » (1).

3069 - وسأل محمد الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن النفر تجزيهم البقرة؟ فقال : أما في الهدي فلا ، وأما في الأضحى فنعم ، ويجزي الهدي عن الأضحية » (2).

3070 - وروى البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن سعيد بن يسار قال :  سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عمن اشترى شاة ولم يعرف بها ، فقال : لا بأس عرف بها

ص: 498


1- في الأشعثيات ص 73 مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أبيه عن علي عليهما السلام قال : « من اشترى بدنة وهو يراها حسنة فوجدها عجفاء أجزأت عنه ومن اشتراها سمينة فوجدها عجفاء لم يجز عنه » وهو كما ترى ، وروى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا اشترى الرجل البدنة مهزولة فوجدها سمينة فقد أجزأت عنه وان اشتراها مهزولة فوجدها مهزولة فإنها لا تجزى عنه » وقال العلامة المجلسي : تفصيل القول فيه أنه لو اشتراها مهزولة فبانت كذلك فلا يجزى ولو بانت سمينة قبل الذبح فلا ريب في الاجزاء ، ولو بانت سمينة بعد الذبح فذهب الأكثر إلى الاجزاء ، وقال ابن أبي عقيل : ولم اشتراها على أنها سمينة فبانت مهزولة بعد الذبح فهو مجز ، ولو بانت مهزولة قبله ، فقيل بالاجزاء والمشهور عدمه ولعل الخبر باطلاقه يشمله.
2- في الشرايع « يجزى الهدى عن الأضحية ، والجمع بينها أفضل » وفى التهذيب ج 1 ص 514 والهدى يجزى عن الفرض وعن الأضحية على طريق التطوع روى ذلك محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « يجزيه في الأضحية هديه » وفى نسخة « يجزيك من الأضحية هديك ».

أو لم يعرف بها (1).

باب 287: الهدى يعطب أو يهلك قبل أن يبلغ محله وما جاء في الاكل منه

3071 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل ساق بدنة فنتجت قال : ينحرها وينحر ولدها ، وإن كان الهدي مضمونا (2) فهلك اشترى مكانها ومكان ولدها ».

3072 - وروى منصور بن حازم (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يضل هديه فيجده رجل آخر فينحره ، فقال : إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه

ص: 499


1- قال في المقنعة « لا يجوز أن يضحى الا بما قد عرف به ، وهو الذي أحضر عشية عرفة بعرفة » وقال الشيخ في التهذيب ج 1 ص 504 : روى ذلك الحسين بن سعيد عن حماد ابن عيسى ، عن شعيب ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يضحى الا بما قد عرف به » ثم روى نحوه عن البزنطي وقال : لا ينافي هذا ما رواه عبد اللّه بن مسكان عن سعيد بن يسار وذكر خبر المتن وقال : هذا الخبر محمول على أنه إذا لم يعرف بها المشترى وذكر البايع أنه قد عرف بها فإنها يصدقه في ذلك ويجزى عنه والذي يدل على ذلك ما رواه الحسين بن سعيد عن صفوان عن سعيد بن يسار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « انا نشتري الغنم بمنى ولسنا ندري عرف بها أم لا ، فقال. انهم لا يكذبون ، لا عليك ضح بها » قال في المدارك قوله « لا يجوز أن يضحى الا بما قد عرف » المشهور أن ذلك على الاستحباب بل قال التذكرة : ويستحب أن يكون مما عرف به وهو الذي أحضر عرفة عشية عرفة اجماعا « وقال المفيد في المقنعة » لا يجوز أن يضحى - الخ « وظاهره أن ذلك على الوجوب ، لكن قال في المنتهى » ان الظاهر أنه أراد تأكد الاستحباب. ويكفى في ثبوت التعريف اخبار البايع بذلك لصحيحة سعيد بن يسار.
2- كالكفارات والنذور.
3- الطريق إليه فيه محمد بن علي ماجيلويه ولم يوثق صريحا ورواه الكليني ج 4 ص 495 في الحسن كالصحيح والشيخ في الصحيح.

الذي ضل عنه (1) ، وإن كان نحره في غير منى لم يجز عن صاحبه ».

3073 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا عرف بالهدي ضل بعد ذلك فقد أجزأ » (2).

3074 - وروي عن حفص بن البختري (3) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل ساق الهدي فعطب (4) في موضع لا يقدر على من يتصدق به عليه ، ولا يعلم أنه هدي ، فقال : ينحره ويكتب كتابا يضعه عليه ليعلم من مر به أنه صدقة » (5).

3075 - وروى القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة (6) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلها أو عرض لها موت أو هلاك ، قال : يذكيها إن قدر على ذلك ويلطخ نعلها التي قلدت بها حتى يعلم من مر

ص: 500


1- حمل على ما إذا ذبحه عن صاحبه فلو ذبحه عن نفسه لا يجزى عن أحدهما كما صرح به الشيخ وجمع من الأصحاب ودلت عليه مرسلة جميل المروية في الكافي ج 4 ص 495 عن أحدهما عليهما السلام « في رجل اشترى هديا فنحره فمر به رجل فعرفه فقال : هذه بدنتي ضلت منى بالأمس وشهد له رجلان بذلك ، فقال : له لحمها ولا يجزى عن واحد منهما - الحديث » واطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضى عدم الفرق بين أن يكون الهدى متبرعا أو واجبا بنذر أو كفارة أو للتمتع ، وفى الدروس لو ضل هدى التمتع فذبح عن صاحبه قيل : لا يجزى لعدم تعينه وكذا لو عطب سواء كان في الحل أو الحرم ، بلغ محله أم لا ، والأصح الاجزاء لرواية سماعة « إذا تلفت شاة المتعة أو سرقت أجزأت ما لم يفرط » وفى رواية ابن حازم « لو ضل وذبحه غيره أجزأ ».
2- يدل على أن حضور الهدى بعرفات كاف في الاجزاء وحمل على المستحب (م ت) أو على هدى القران. والطريق إلى عبد الرحمن صحيح في الخلاصة ، وفيه أحمد بن محمد ابن يحيى العطار ولم يوثق صريحا.
3- الطريق إليه صحيح وهو ثقة كما في الخلاصة.
4- أي صار بحيث لا يقدر على المشي. (مراد)
5- فيه دلالة على جواز العمل بالكتابة ، وقال المولى المجلسي : يدل على جواز الاكتفاء بالظن في حلية اللحم المطروح.
6- هما واقفيان والثاني ضعيف ، ورواه المصنف في العلل بسند صحيح.

بها أنها قد ذكيت فيأكل من لحمها إن أراد ، فإن كان الهدي مضمونا فإن عليه أن يعيده ، يبتاع مكان الهدي إذا انكسر أو هلك - والمضمون الواجب عليه في نذر أو غيره - فإن لم يكن مضمونا وإنما هو شئ تطوع به فليس عليه أن يبتاع مكانه إلا أن يشاء أن يتطوع ».

3076 - وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل اشترى هديا لمتعته فأتى به منزله فربطه ثم انحل فهلك هل يجزيه أو يعيد؟ قال : لا يجزيه إلا أن يكون لا قوة به عليه » (1).

3077 - وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى كبشا فهلك منه ، قال : يشتري مكانه آخر ، قلت : فان اشترى مكانه ثم وجد الأول ، قال : إن كانا جمعيا قائمين فليذبح الأول وليبع الآخر وإن شاء ذبحه وإن كان قد ذبح الآخر فليذبح الأول معه » (2).

3078 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أصاب الرجل بدنة ضالة (3) فلينحرها ويعلم أنها بدنة » (4).

ص: 501


1- رواه الكليني ج 4 ص 494 في الصحيح وظاهره الاجزاء مع تعذر البدل وهو مخالف للمشهور ، ويمكن حمله على الانتقال إلى الصوم. (المرآة)
2- حمل على الاستحباب الا أن يكون الأول منذورا أو إذا أشعره لما روى الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشترى البدنة ثم تضل قبل أن يشعرها ويقلدها فلا يجدها حتى يأتي منى فينحر فيجد هديه ، قال : ان لم يكن قد أشعرها فهي من ماله ان شاء نحرها وان شاء باعها وإن كان أشعرها نحرها ».
3- أي منقطعة ، لا يمكنها الحركة.
4- أي فلينحرها عن صاحبها ويسمها بعلامة الذبيحة كالكتابة أو لطخ السنام بالدم ليعلم من مر بها أنها بدنة ، والظاهر لزوم الحفظ والتعريف مع الامكان لما روى الكليني في الصحيح ج 4 ص 494 والشيخ واللفظ له عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « إذا وجد الرجل هديا ضالا فليعرفه يوم النحر والثاني والثالث ثم يذبحه عشية الثالث - الحديث » و قطع به في المنتهى.

3079 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن الهدي الواجب إن أصابه كسر أو عطب أيبيعه؟ وإن باعه ما يصنع بثمنه؟ قال : إن باعه فليتصدق بثمنه ويهدي هديا آخر » (1).

3080 - وفي رواية حماد ، عن حريز في حديث يقول في آخره : « إن الهدي المضمون لا يأكل منه إذا عطب فإن أكل منه غرم (2) ».

باب 288: الذبح والنحر وما يقال عند الذبيحة

3081 - روي معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « النحر في اللبة (3)

ص: 502


1- رواه الشيخ ج 1 ص 508 في الصحيح مع زيادة هكذا « قال : سألته عن الهدى الواجب إذا أصابه كسر أو عطب أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه في هدى؟ قال : لا يبيعه ، فان باعه فليتصدق بثمنه وليهد هديا آخر » ورواه الكليني في الحسن كالصحيح ج 4 ص 494 عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا قال : « سألته عن الهدى الواجب إذا أصابه كسر أو عطب أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه على هدى آخر؟ قال : يبيعه ويتصدق بثمنه ويهدى هديا آخر » وقال في الدروس : ولو كسر جاز بيعه فيتصدق بثمنه أو يقيم بدله ندبا ولو كان الهدى واجبا وجب البدل ، وفى رواية الحلبي يتصدق بثمنه ويهدى بدله ، وقال في المدارك ص 398 مورد الرواية الهدى الواجب ومقتضاه أنه إذا بيع يتصدق بثمنه ويقيم بدله وجوبا ، وأما الهدى المتبرع به فلم أقف على جواز بيعه وأفضلية التصدق بثمنه وإقامة بدله على رواية تدل عليه والأصح تعين ذبحه مع العجز عن الوصول وتعليمه بما يدل على أنه هدى سواء كان عجزه بواسطة الكسر أو غيره.
2- روى الكليني ج 4 ص 500 باسناده عن أبي بصير قال : « سألته عن رجل أهدى هديا فانكسر ، فقال : إن كان مضمونا - والمضمون ما كان في يمين يعنى نذر أو جزاء - فعليه فداؤه ، قلت : أيأكل منه؟ فقال : لا إنما هو للمساكين فإن لم يكن مضمونا فليس عليه شئ ، قلت أيأكل منه؟ قال : يأكل منه » وروى أيضا « أنه يأكل منه مضمونا كان أو غير مضمون » وقال في المدارك : ربما يجمع بحمل المنع على الكراهة أو بحمل المضمون على غير الفداء والمنذور ، بل على ما لزم بالسياق والاشعار والتقليد.
3- اللبة - بالفتح والتشديد - : المنحر وموضع القلادة ، والنحر في الإبل والذبح في البقر والغنم.

والذبح في الحلق ».

3082 - وقال الصادق عليه السلام : « كل منحور ومذبوح حرام ، وكل مذبوح منحور حرام (1) ».

3083 - وروى الحلبي عنه عليه السلام أنه قال : « لا يذبح لك اليهودي ولا النصراني أضحيتك ، وإن كانت امرأة فلتذبح لنفسها وتستقبل القبلة (2) وتقول : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما (3) اللّهم منك ولك ».

3084 - وروي عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزوجل « فاذكروا اسم اللّه عليها صواف » قال : ذلك حين تصف للنحر (4) ، وتربط يديها ما بين الخف إلى الركبة ، ووجوب جنوبها إذا وقعت إلى الأرض (5).

3085 - وسأله أبو الصباح الكناني « كيف تنحر البدنة؟ قال : تنحر وهي قائمة من قبل اليمين (6) ».

3086 - وروى معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه قال : إذا اشتريت هديك فاستقبل

ص: 503


1- أي كل ما يجب نحره لو ذبح بدل النحر فهو حرام وكذا العكس. (سلطان)
2- « فلتذبح لنفسها » أي فلتذبح جوازا لنفسها لا لغيرها كراهة ، و « تستقبل القبلة » أي بالذبيحة أو معها ، وكأنه الخطاب ويمكن الغيبة.
3- يكمن أن يكون على سبيل الاختصار يعنى إلى آخر الآيات ليوافق الخبر السابق تحت 3046 والآتي تحت رقم 3084 والمجزى ذلك والزائد فضل ، وقوله « منك » أي هذه النعمة منك ، و « لك » أي لاغيرك.
4- في القاموس : صفت الإبل قوائمها فهي صافة وصواف وفى التنزيل « فاذكروا اسم اللّه عليها صواف » أي مصفوفة ، فواعل بمعنى مفاعل ، وقيل مصطفة.
5- الوجوب بمعنى السقوط ، وفسروا وجوب الجنوب بما في الخبر لكن صرحوا بأنه كناية عن خروج الروح وهو المشهور بين الأصحاب والأحوط في العمل. (المرآة)
6- أي الذي ينحرها يقف من جانبها الأيمن ويطعنها في موضع النحر. (سلطان)

به القبلة (1) وانحره أو اذبحه وقل : « وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، اللّهم منك ولك ، بسم اللّه ، واللّه أكبر ، اللّهم تقبل مني » ثم أمر السكين ولا تنخعها حتى تموت (2).

باب 289: نتايج البدنة وحلابها وركوبها

3087 - روى حماد ، عن حريز أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال : « كان علي عليه السلام إذا ساق البدنة ومر على المشاة حملهم على بدنة ، وإن ضلت راحلة رجل ومعه بدنة ركبها غير مضر ولا مثقل ».

3088 - وسأل يعقوب بن شعيب أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل أيركب هديه إن احتاج إليه؟ فقال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : يركبها غير مجهد ولا متعب (3) ».

3089 - وروى منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان علي عليه السلام يحلب البدنة ويحمل عليها غير مضر (4) ».

3090 - وروى أبو بصير عنه عليه السلام في قول اللّه عزوجل : « لكم فيها منافع إلى أجل مسمى » قال : إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها وإن كان لها

ص: 504


1- ظاهره جعل الذبيحة مقابلة للقبلة وربما يفهم منه استقبال الذابح أيضا وقال العلامة - المجلسي : فيه نظر.
2- أي لا تقطع رقبتها ، وقال بعض الشارحين : أي لا تقطع نخاعها قبل موتها والنخاع هو الخيط الأبيض الذي في جوف القفار ممتدا من الرقبة إلى أصل الذنب ، وفى الوافي : نخع الذبيحة جاوز منتهى الذبح فأصاب نخاعها.
3- بأن يركبها قليلا ولا يركب معه غيره ولا يحمل عليها فوق طاقتها ويرفق بها. (م ت)
4- أي غير مضر في الحلب والحمل ، وفى بعض النسخ « غير مصر » بالمهملة.

لبن حلبها حلابا لا ينهكها (1).

باب 290: بلوغ الهدى محله

3091 - روى علي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا اشترى الرجل هديه وقمطه في بيته فقد بلغ محله فإن شاء فليحلق (2) ».

باب 291: الرجل يوصى من يذبح عنه ويلقى هو شعره بمكة

3092 - روى ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يوصي من يذبح عنه ويلقي هو شعره بمكة ، فقال : ليس له أن يلقي شعره إلا بمنى (3) ».

باب 292: تقديم المناسك وتأخيرها

3093 - روى بن أبي عمير (4) ، عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

ص: 505


1- العنف - مثلثة العين - : ضد الرفق ، ونهلك الضرع نهكا : استوفى جميع ما فيه كما في القاموس ، والخبر كسابقيه يدل على جواز ركوب الهدى ما لم يضربه ، والشرب ما لم يضر بولده.
2- في القاموس قمطه يقمطه : شد يديه ورجليه كما يفعل بالصبي في المهد - انتهى ، و يدل على جواز الحلق بعد شراء الهدى وربطه في منزله كما هو الظاهر من كريمة « لا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله » وبه قال الشيخ في جملة من كتبه ، والمشهور عدم جوازه قبل الذبح والنحر.
3- قال المحقق : يجب أن يحلق بمنى فلو رحل رجع فحلق بها ، فإن لم يتمكن حلق أو قصر مكانه وبعث بشعره ليدفن بها ولو لم يتمكن لم يكن عليه شئ.
4- طريق المصنف إلى محمد بن أبي عمير صحيح ورواه الكليني في الحسن كالصحيح.

« سألته عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق؟ قال : لا ينبغي إلا أن يكون ناسيا ، ثم قال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أتاه أناس يوم النحر ، فقال بعضهم : يا رسول اللّه حلقت قبل أن أذبح ، وقال بعضهم حلقت قبل أن أرمي ، فلم يتركوا شيئا كان ينبغي لهم أن يقدموه إلا أخروه ، ولا شيئا كان ينبغي لهم أن يؤخروه إلا قدموه ، فقال : لا حرج (1) ».

3092 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل نسي أن يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكة ، ثم نحرها ، قال : لا بأس قد أجزأ عنه ».

باب 293: * (فيمن نسي أو جهل أن يقصر أو يحلق حتى ارتحل من منى) *

3095 - روى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل جهل أن يقصر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى ، قال : فليرجع إلى منى حتى يلقي شعره بها حلقا كان أو تقصيرا ، وعلى الصرورة الحلق (2) ».

ص: 506


1- فيه دلالة على ما ذهب إليه الشيخ في الخلاف وابن أبي عقيل وأبو الصلاح وابن إدريس من أن ترتيب مناسك منى مستحب لا واجب ، واختاره العلامة في المختلف على ما هو المحكى عنه ، ويفهم من كلام الشهيد الثاني الميل إليه ، وذهب الشيخ في المبسوط والاستبصار إلى وجوب الترتيب واليه ذهب أكثر المتأخرين فلو قدم بعضها على بعض أثم ولا إعادة ، قال في المدارك : لا ريب في حصول الاثم بناء على القول بوجوب الترتيب وإنما الكلام في الإعادة وعدمها فالأصحاب قاطعون بعدم وجوب الإعادة وأسنده في المنتهى إلى علمائنا مستدلا عليه بصحيحة جميل وما في معناها ، وهو مشكل لأنها محمولة على الناسي والجاهل عند القائلين بالوجوب ولو قيل بتناولها للعامد لدلت على عدم وجوب الترتيب والمسألة محل تردد - انتهى وقال في المنتهى : هذا كما يتناول مناسك منى كذلك يتناول مناسك منى مع الطواف.
2- يدل على أنه لا بد للجاهل أن يرجع إلى منى للحلق والتقصير ، ولعله محمول على الامكان ويدل على تعين الحلق على الصرورة وحمل في المشهور على تأكد الاستحباب ، وقال الشيخ بتعينه على الصرورة وعلى الملبد. (المرآة)

وروي أنه يحلق بمكة ويحمل شعره إلى منى (1).

3096 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يوم النحر يحلق رأسه ويقلم أظفاره ويأخذ من شاربه ومن أطراف لحيته (2) ».

باب 294: ما يحل للمتمتع والمفرد إذا ذبح وحلق قبل أن يزور البيت

3097 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء والطيب ، فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء ، فإذا طاف طواف النساء فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا الصيد » (3).

3098 - وروى علي بن النعمان (4) ، عن سعيد الأعرج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل رمى الجمار وذبح وحلق رأسه أيلبس قميصا وقلنسوة قبل أن يزور البيت؟ فقال : إن كان متمتعا فلا (5) ، وإن كان مفردا للحج فنعم ».

ص: 507


1- أصل الخبر كما رواه الكليني ج 4 ص 503 في الحسن كالصحيح عن حفص البختري الثقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا « في رجل يحلق رأسه بمكة؟ قال : يرد الشعر إلى منى » ولا يخفى اختلاف المفهومين.
2- رواه الكليني مسندا في الكافي ج 4 ص 502 عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- المراد بالصيد هنا الحرمي لا الاحرامي كما هو واضح ، لكن أفتى ابن الجنيد بخلافه ويؤيده ظاهر بعض الروايات التي تدل على أنه لا يجوز للمحرم الصيد الا بعد النفر الثاني ، وفى شرح اللمعة. الأقوى حل الاحرام من الصيد بطواف النساء.
4- الطريق إلى علي بن النعمان صحيح كما في الخلاصة وسعيد الأعرج لم يوثق وله أصل عنه علي بن النعمان وصفوان بن يحيى.
5- لعله محمول على الكراهة فلا ينافي ما سبق. (سلطان)

وقد روي أنه يجوز له أن يضع الحناء على رأسه ، إنما يكره السك و ضربه (1) إن الحناء ليس بطيب ، ويجوز أن يغطي رأسه لان حلقه له أعظم من تغطيته إياه (2).

باب 295: ما يجب من الصوم على المتمتع إذا لم يجد ثمن الهدى

روي عن الأئمة عليهم السلام أن المتمتع إذا وجد الهدي ولم يجد الثمن صام ثلاثة أيام في الحج يوما قبل التروية ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ، وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله تلك عشرة كاملة لجزاء الهدي ، فإن فاته صوم هذه الثلاثة الأيام تسحر ليلة الحصبة (3) وهي ليلة النفر وأصبح صائما وصام يومين من بعد ، فإن فاته صوم هذه الثلاثة الأيام حتى يخرج وليس له مقام صام هذه الثلاثة في الطريق إن شاء و إن شاء صام العشرة في أهله ويفصل بين الثلاثة والسبعة بيوم وإن شاء صامها متتابعة. (4)

ص: 508


1- السك - بالضم - : نوع من الطيب ، وضربه أي نحوه.
2- في الكافي ج 4 ص 505 في الصحيح عن سعيد بن يسار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتمتع إذا حلق رأسه قبل أن يزور البيت يطليه بالحناء؟ قال : نعم الحناء والثياب والطيب وكل شئ الا النساء - رددها على مرتين أو ثلاثة - ، وقال : وسألت أبا الحسن عليه السلام عنها فقال : نعم الحناء والثياب والطيب وكل شئ الا النساء » وفى الموثق عن يونس ابن يعقوب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام فقلت : المتمتع يغطى رأسه إذا حلق ، فقال : يا بنى حلق رأسه أعظم من تغطيته إياه ».
3- أي يأكل السحور أو يخرج في السحر ليجوز له صوم اليوم.
4- روى الكليني ج 4 ص 506 بسند فيه ارسال لا يضر بصحة السند كما نقلنا تحقيقه في هامش الكافي وكذا رواه الشيخ عن رفاعة بن موسى قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتمتع لا يجد الهدى ، قال : يصوم قبل التروية بيوم ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ، قلت فإنه قدم يوم التروية؟ قال : يصوم ثلاثة أيام بعد التشريق ، قلت : لم يقم عليه جماله قال : يصوم يوم الحصبة وبعده يومين ، قال : قلت : وما الحصبة؟ قال : يوم نفره ، قلت : يصوم وهو مسافر؟ قال : نعم أليس هو يوم عرفة مسافرا ، انا أهل بيت نقول ذلك لقول اللّه عزوجل : « فصيام ثلاثة أيام في الحج « يقول في ذي الحجة » ، وفى الصحيح عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه - السلام قال : « سألته عن متمتع لم يجد هديا قال : يصوم ثلاثة أيام في الحج يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة ، قال : قلت فان فاته ذلك؟ قال : يتسحر ليلة الحصبة ويصوم ذلك اليوم ، ويومين بعده ، قلت : فإن لم يقم عليه جماله أيصومها في الطريق؟ قال : ان شاء صامها في الطريق وان شاء إذا رجع إلى أهله ». وفى الموثق كالصحيح كالشيخ عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام أنه قال : « من لم يجد هديا وأحب أن يقدم الثلاثة الأيام في أول العشرة فلا بأس ». و يستفاد ممّا تقدم جواز صيام اليوم الثالث عشر في هذه الصورة و لا بأس به فيخص المنع من صيام أيّام التشريق بغيرها لتخصيص منع الصيام في السفر بغير الثلاثة الأيّام كما قاله الفيض- رحمه اللّه- في الوافي. و في الشرائع« و لو فاته يوم التروية أخره الى بعد النفر» و قال في المدارك: بل الأظهر جواز يوم النفر و هو الثالث عشر و يسمى يوم الحصبة كما اختاره الشيخ في النهاية و ابنا بابويه و ابن إدريس للاخبار الكثيرة و ان كان الافضل التأخير الى بعد أيّام التشريق كما يدلّ عليه صحيحة رفاعة و قد ظهر من الروايات أن يوم الحصبة هو الثالث من أيّام التشريق و نقل عن الشيخ في المبسوط أنّه جعل ليلة التحصيب ليلة الرابع، و الظاهر أن مراده الرابع من يوم النحر لصراحة الاخبار، و ربما يظهر من كلام أهل اللغة أنّه اليوم الرابع عشر، و لا عبرة به.

ولا يجوز له أن يصوم أيام التشريق (1) ، فإن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بعث بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق (2) فأمره أن يتخلل الفساطيط وينادي في الناس أيام منى ألا لا تصوموا فإنها أيام أكل وشرب وبعال (3).

ص: 509


1- أي بمنى وما تقدم من أنه يصوم يوم الثالث فمحمول على من نفر في الثاني عشر. (م ت)
2- الاورق من الإبل ما لونه لون الرماد.
3- روى المؤلف في معاني الأخبار ص 300 مسندا عن عمرو بن جميع ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق فأمره أن ينادى في الناس أيام منى ألا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وبعال - والبعال : النكاح وملاعبة الرجل أهله - » ، وروى الشيخ في الصحيح نحوه في التهذيب ج 1 ص 512.

ومن جهل صيام ثلاثة أيام في الحج صامها بمكة إن أقام جماله ، وإن لم يقم صامها في الطريق أو بالمدينة إن شاء ، فإذا رجع إلى أهله صام السبعة الأيام (1).

فإذا مات قبل أن يرجع إلى أهله ويصوم السبعة فليس على وليه القضاء (2).

3099 - وروى صفوان (3) ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من مات ولم يكن له هدي لمتعته فليصم عنه وليه ».

قال مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - : هذا على الاستحباب لا على الوجوب وهو إذا لم يصم الثلاثة في الحج أيضا (4).

ص: 510


1- روى الشيخ في الصحيح ج 1 ص 513 عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه - السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من كان متمتعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ، فان فاته ذلك وكان له مقام بعد الصدر صام ثلاثة أيام بمكة ، وان لم يكن له مقام صام في الطريق أو في أهله » ، وقوله « في الطريق » قيد بما إذا لم يخرج ذو الحجة فإذا خرج وجب عليه الهدى من قابل لما رواه الكليني ج 4 ص 509 في الحسن كالصحيح عن منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من لم يصم في ذي الحجة حتى يهل هلال المحرم فعليه دم شاة وليس له صوم ويذبحه بمنى ».
2- روى الكليني ج 4 ص 509 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه - السلام أنه « سئل عن رجل يتمتع بالعمرة إلى الحج ولم يكن له هدى فصام ثلاثة أيام في الحج ثم مات بعدما رجع إلى أهله قبل أن يصوم السبعة الأيام أعلى وليه أن يقضى عنه؟ قال : ما أرى عليه قضاء » وقال العلامة المجلسي : ذهب أكثر المتأخرين إلى قضاء الجميع وذهب الشيخ وجماعة إلى وجوب قضاء الثلاثة فقط لهذا الخبر ، وحمل في المنتهى على ما إذا مات قبل التمكن من الصيام ، وربما ظهر من كلام الصدوق استحباب قضاء الثلاثة أيضا وهو ضعيف.
3- يعنى صفوان بن يحيى والطريق إليه حسن ورواه الكليني ج 4 ص 509 في الصحيح عن معاوية بن عمار.
4- كأنه حمل عليه قوله عليه السلام في صحيح الحلبي « ما أرى عليه قضاء » وهو عام وإن كان المورد خاصا والمشهور وجوب الثلاثة دون السبعة بحمل الوجوب على الثلاثة والعدم على السبعة. (م ت)

3100 - وروي عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : « سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي فصام ثلاثة أيام ، فلما قضى نسكه بداله أن يقيم سنة ، قال : فلينظر منهل أهل بلده (1) فإذا ظن أنهم قد دخلوا بلدهم فليصم السبعة الأيام » (2)

3101 - وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه إن كان له مقام بمكة فأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر سيره إلى أهله أو شهرا ثم صام » (3).

وإن لم يصم الثلاثة الأيام فوجد بعد النفر ثمن هدي فإنه يصوم الثلاثة لان أيام الذبح قد مضت (4).

3102 - وقد روى زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « من لم يجد ثمن

ص: 511


1- المنهل : المشرب والموضع الذي فيه المشرب والمورد وتسمى المنازل التي في المفاوز على طرق السفار مناهل لان فيها الماء. وفى الكافي « ينتظر مقدم أهل بلده ».
2- المشهور بين الأصحاب أن المقيم بمكة ينتظر أقل الأمرين من مضى الشهر ومن مدة وصوله إلى أهله على تقدير الرجوع. (المرآة)
3- قال في المدارك : من وجب عليه صوم السبعة بدل الهدى إذا أقام بمكة انتظر لصيامها مضى مدة يمكن أن يصل فيها إلى بلده ان لم يزد تلك المدة على شهر فإذا زادت على تلك كفى مضى الشهر ، ومبدء الشهر من انقضاء أيام التشريق.
4- روى الكليني ج 4 ص 509 في الموثق كالصحيح عن أبي بصير عن أحدهما عليهما - السلام قال : « سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدى [به] حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم؟ قال : بل يصوم فان أيام الذبح قد مضت » وهو خلاف المشهور وحمله الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 260 على من لم يجد الهدى ولا ثمنه وصام الثلاثة الأيام ثم وجد ثمن الهدى فعليه أن يصوم السبعة. وقال الشهيد في الدروس : مكان هدى التمتع منى و زمانه يوم النحر فان فات أجزأ في ذي الحجة ، وفى رواية أبي بصير تقييده بما قبل يوم النفر و حملت على من صام ثم وجد ويشكل بأنه احداث قول ثالث الا أن يبنى على جواز صيامه في التشريق - انتهى ، والمشهور جواز المضي في الصوم لمن لم يجد الهدى وصام ووجدها بعد صوم الثلاثة وقالوا : الهدى أفضل ، واستقرب العلامة في القواعد وجوب الهدى إذا وجده في وقت الذبح ، وقال ابن إدريس بسقوط الهدى بمجرد التلبس بالصوم وان لم يتم الثلاثة.

الهدي فأحب أن يصوم الثلاثة الأيام في العشر الأواخر فلا بأس بذلك » (1).

3103 - وسأل يحيى الأزرق (2) أبا إبراهيم عليه السلام « عن رجل دخل يوم التروية متمتعا وليس له هدي فصام يوم التروية ويوم عرفة ، فقال : يصوم يوما آخر بعد أيام التشريق بيوم (3) قال : وسألته عن متمتع كان معه ثمن هدي وهو يجد بمثل الذي معه هديا فلم يزل يتوانى ويؤخر ذلك (4) حتى كان آخر أيام التشريق وغلت الغنم فلم يقدر أن يشتري بالذي معه هديا ، قال : يصوم ثلاثة أيام بعد أيام التشرق » (5)

3104 - وروى عبد الرحمن بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال : « الصبي يصوم عنه وليه إذا لم يجد هديا » (6)

ص: 512


1- يدل على جواز التأخير إلى الأواخر اختيارا.
2- طريق المصنف إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم ، وروى الشيخ صدر الخبر في التهذيب ج 1 ص 512 في الصحيح والكليني ج 4 ص 508 ذيله في الصحيح عن يحيى وهو يحيى بن عبد الرحمن الأزرق ثقة كوفي من أصحاب الكاظم عليه السلام وفى المشيخة يحيى بن حسان ولعله نسبة إلى الجد.
3- يدل على حصول التتابع الواجب بصيام اليومين إذا كان الفاصل العيد وأيام التشريق (م ت) وقال في المدارك : أما وجوب التتابع في الثلاثة في غير هذه الصورة - وهي غير ما إذا كان الثالث العيد - فقال في المنتهى : انه مجمع عليه بيه الأصحاب. وإنما الكلام في استثناء هذه الصورة فان الروايات الواردة بذلك ضعيفة الاسناد وفى مقابلها أخبار كثيرة دالة على خلاف ما تضمنته وهي أقوى منها اسنادا وأوضح دلالة لكن نقل العلامة في المختلف الاجماع على الاستثناء فان تم فهو الحجة والا فللنظر فيه مجال ، ونقل عن ابن حمزة أنه استثنى أيضا ما إذا أفطر يوم عرفة لضعفه عن الدعاء وقد صام يومين قبله ونفى عنه البأس في المختلف وهو بعيد - انتهى أقول : قوله - قدس سره - « ان الروايات الواردة بذلك ضعيفة الاسناد » منها خبر المتن وقد عرفت أن سنده في هذا الكتاب حسن كالصحيح وفى الكافي والتهذيب صحيح.
4- قوله « وهو يجد مثل الذي معه » أي يجد بقدر الثمن الذي معه هديا يشتريه بهذا الثمن. وقوله « يؤخر ذلك » بمنزلة التفسير لقوله « يتوانى ». (مراد)
5- أي متتابعا لما تقدم وروى الشيخ في القوى عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه - السلام قال : « لا تصوم الثلاثة الأيام متفرقة » (التهذيب ج 1 ص 512).
6- تقدم نحوه تحت رقم 2896 عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وقال الفاضل التفرشي : ظاهره ان الولي لم يجد هديا من ماله.

3105 - وروي عن عمران الحلبي أنه قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل نسي أن يصوم الثلاثة الأيام التي على المتمتع إذا لم يجد الهدي حتى يقدم إلى أهله قال : يبعث بدم » (1).

باب 296: ما يجب على المتمتع إذا وجد ثمن الهدى ولم يجد الهدى

قال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : إن وجدت ثمن الهدي ولم تجد الهدي فخلف الثمن عند رجل من أهل مكة ليشتري لك في ذي الحجة ويذبحه عنك ، فإن مضت ذو الحجة ولم يشتر أخره إلى قابل ذي الحجة لان أيام الذبح قد مضت. (2)

ص: 513


1- قال الشيخ في الاستبصار ج 2 ص 283 : انه يبعث بدم إذا خرج ذو الحجة ولم يصم وإنما يجوز له صيام الثلاثة الأيام ما دام في ذي الحجة - انتهى ، ويستفاد من هذه الرواية أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون تأخير الصوم عن ذي الحجة لعذر أو لغيره كما قاله صاحب المدارك.
2- روى الكليني ج 5 ص 508 في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في متمتع يجد الثمن ولا يجد الغنم قال : يخلف الثمن عند بعض أهل مكة ويأمر من يشترى له ويذبح عنه وهو يجزى عنه ، فان مضى ذو الحجة أخر ذلك إلى قابل من ذي - الحجة » ، وفى التهذيب ج 1 ص 457 في الصحيح عن البزنطي عن النضر بن قراوش قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فوجب عليه النسك فطلبه فلم يصبه وهو موسر حسن الحال وهو يضعف عن الصيام فما ينبغي له أن يصنع؟ قال يدفع ثمن النسك إلى من يذبحه بمكة إن كان يريد المضي إلى أهله وليذبح في ذي الحجة ، فقلت : فإنه دفعه إلى من يذبحه عنه فلم يصب في ذي الحجة نسكا وأصابه بعد ذلك ، قال : لا يذبحه عنه الا في ذي الحجة ولو أخره إلى قابل » وما تعارضه من اختيار الصوم في ذي الحجة وان أصاب الثمن فيها فمحمولة على التخيير أو على أنه وجد الثمن بعد صيام الثلاثة أو بعد التلبس بالصيام.

باب 297: المحصور والمصدود

المحصور والمصدود (1)

3106 - روى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « المحصور غير المصدود ، وقال : المحصور هو المريض ، والمصدود هو الذي يرده المشركون (2) كما ردوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وأصحابه ليس من مرض ، والمصدود تحل له النساء والمحصور لا تحل له النساء » (3).

وإذا قرن الرجل الحج والعمرة فاحصر بعث هديا مع هديه (4) ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله ، فإذا بلغ محله أحل وانصرف إلى منزله وعليه الحج من قابل ولا يقرب النساء ، وإذا بعث بهديه مع أصحابه فعليه أن يعدهم لذلك يوما فإذا كان ذلك اليوم فقد وفى فإن اختلفوا في الميعاد لم يضره إن شاء اللّه تعالى (5).

ص: 514


1- المحصور هو الممنوع بعد الاحرام عن الوصول والاتمام بالمرض ، والمصدود هو الممنوع بعد الاحرام من مكة أو الموقفين بالعدو.
2- لعله كناية عن العدو ، وخصوص ذكر المشركين من باب التمثيل.
3- أي بعد الذبح والتقصير والحلق ، والخبر رواه الشيخ والكليني ج 4 ص 369 في الصحيح مع زيادة ورواه المصنف في معاني الأخبار ص 222 باسناده عن ابن أبي عمير وصفوان ابن يحيى رفعاه إلى أبى عبد اللّه عليه السلام كما في المتن بدون الزيادة.
4- اختلف الأصحاب في أنه هل يكفي هدى السياق عن هدى التحلل أم لا فذهب ابنا بابويه وجمع من الأصحاب إلى عدم الاكتفاء والمشهور الاكتفاء ، ففي الدروس : قال ابنا بابويه لا يجزى هدى السياق عن هدى التحلل وأطلق المعظم التداخل.
5- روى المصنف في المقنع ص 77 عن سماعة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل احصر في الحج قال : فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه ، ومحله منى يوم النحر إذا كان في حج وإن كان في عمرة نحر بمكة فإنما عليه أن يعدهم لذلك يوما ، فإذا كان ذلك اليوم فقد وفى ، فان اختلفوا في الميعاد لم يضره إن شاء اللّه » ورواه الشيخ في الموثق ج 1 ص 568 من التهذيب عن زرعة. وقوله « وعليه الحج من قابل » أي وجوبا إن كان واجبا عليه وندبا إن كان ندبا ، لكن يجب طواف النساء لتحليلها.

3107 - وقال الصادق عليه السلام : « المحصور والمضطر ينحران بدنتيهما في المكان الذي يضطر ان فيه » (1).

3108 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المحصور ولم يسق الهدي ، قال : ينسك ويرجع ، قيل : فإن لم يجد هديا؟ قال : يصوم » (2).

وإذا تمتع رجل بالعمرة إلى الحج فحبسه سلطان جائر بمكة فلم يطلق عنه إلى يوم النحر فإن عليه أن يلحق الناس بجمع ، ثم ينصرف إلى منى فيرمي ويذبح ويحلق ولا شئ عليه ، فإن خلي عنه يوم النحر فهو مصدود عن الحج إن كان دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت أسبوعا ويسعى أسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة ، وإن كان دخل مكة مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا شئ عليه (3).

ص: 515


1- لعل المراد بالمضطر هنا المصدود وحكمه واضح ، وأما المحصور ففيه اشكال من حيث وجوب بعث الهدى عليه كما هو المشهور ولا يحل حتى يبلغ الهدى محله ، ويمكن حمله على عدم امكان البعث أو على التخيير كما هو مذهب ابن الجنيد فإنه خير المحصور بين البعث والذبح حيث حصر ، وقال سلار : المتطوع ينحر حيث يحصر ويتحلل حتى من النساء والمفترض يبعث ولا يتحلل من النساء. (سلطان)
2- أي يذبح أو ينحر هناك ويرجع ، وفى الكافي « فإن لم يجد ثمن هدى صام » والخبر يدل على أن الصوم في المحصور بدل من الهدى مع العجز عنه وهو خلاف المشهور ، وفى المدارك : المعروف من مذهب الأصحاب أنه لا بدل لهدي التحلل فلو عجز عنه وعن ثمنه بقي على احرامه ونقل عن ابن الجنيد أنه حكم بالتحلل بمجرد النية عند عدم الهدى ، نعم ورد بعض الروايات في بدلية الصوم في هدى الاحصار كحسنة معاوية بن عمار وهي مجملة المتن.
3- روى الكليني في الموثق كالصحيح عن الفضل بن يونس عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن رجل عرض له سلطان فأخذه ظالما له يوم عرفة قبل أن يعرف فبعث به إلى مكة فحسبه فلما كان يوم النحر خلى سبيله كيف يصنع؟ قال : يلحق فيقف بجمع ثم ينصرف إلى منى فيرمى ويذبح ويحلق ولا شئ عليه ، قلت : فان خلى عنه يوم النفر كيف يصنع؟ قال : هذا مصدود عن الحج إن كان دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت أسبوعا ثم يسعى أسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة ، فإن كان مفردا للحج فليس عليه ذبح ولا شئ عليه » ولزوم الهدى على من صد عن التمتع حتى فاته الموقفان خلاف المشهور ، وحكى عن الشيخ أنه نقل في الخلاف قولا بوجوب الدم على فائت الحج. وظاهر الخبر عدم لزوم العمرة لو فات عنه الافراد للتحلل وهو خلاف ما عليه الأصحاب.

3109 - وروى رفاعة بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : خرج الحسين عليه السلام معتمرا وقد ساق بدنة حتى انتهى إلى السقيا فبرسم (1) فحلق رأسه ونحرها مكانه ثم أقبل حتى جاء فضرب الباب ، فقال علي عليه السلام : ابني ورب الكعبة افتحوا له وكانوا قد حموا له الماء فأكب عليه فشرب ، ثم اعتمر بعد (2).

والمحصور لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت ويسعى بن الصفا والمروة. (3)

والقارن إذا احصر وقد اشترط وقال : فحلني حيث حبستني فلا يبعث بهديه ولا يتمتع من قابل ولكن يدخل في مثل ما خرج منه (4).

ص: 516


1- البرسام - بالكسر - علة شديدة ، برسم الرجل فهو مبرسم أي أصيب بالبرسام.
2- روى الكليني ج 4 ص 369 في الصحيح في ذيل حديث رواه عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « فان الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما خرج معتمرا فمرض في - الطريق فبلغ عليا عليه السلام ذلك وهو في المدينة ، فخرج في طلبه فأدركه بالسقيا وهو مريض بها ، فقال : يا بنى ما تشتكي؟ فقال : أشتكي رأسي ، فدعا علي عليه السلام ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده إلى المدينة ، فلما برأ من وجعه اعتمر ، قلت : أرأيت حين برء من وجعه قبل أن يخرج إلى العمرة حلت له النساء؟ قال : لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة ، قلت : فما بال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حين رجع من الحديبية حلت له النساء ولم يطف بالبيت؟ قال : ليسا سواء كان النبي صلى اللّه عليه وآله مصدودا والحسين عليه السلام محصورا ».
3- كما في ذيل صحيحة معاوية بن عمار التي تقدمت.
4- قوله « فلا يبعث بهديه » أي لا حاجة إلى البعث بل يذبح هناك وهذا فائدة الاشتراط ، وروى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 568 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام وعن فضالة عن ابن أبي عمير عن رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنهما قالا « القارن يحصر وقد قال واشترط فحلني حيث حبستني ، قال : يبعث بهديه ، قلنا : هل ، يتمتع في قابل؟ قال : لا ولكن يدخل في مثل ما خرج منه » والمشهور استحباب القضاء قارنا الا إذا كان واجبا عليه بالنذر وشبهه ، وفى المحكى عن المنتهى قال : ونحن نحمل هذه الرواية على الاستحباب أو على أنه قد كان القران متعينا عليه لأنه إذا لم يكن واجبا لم يجب القضاء فعدم وجوب الكيفية أولى. و قال في المدارك و هو حسن و القول بوجوب الإتيان بما كان واجبا عليه و التخيير في المندوب لابن إدريس و جماعة و قوته ظاهرة.

3110 - وسأل حمزة بن حمران أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الذي يقول : حلني حيث حبستني ، فقال : هو حل حيث حبسه اللّه عزوجل ، قال أو لم يقل (1) ولا يسقط الاشتراط عنه الحج من قابل » (2).

باب 298: الرجل يبعث بالهدى ويقيم في أهله

3111 - روي عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبعث بالهدي تطوعا وليس بواجب (3) فقال : يواعد أصحابه يوما فيقلدونه (4) فإذا كان تلك الساعة اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى يوم النحر ، فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه (5) ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم حين صده المشركون يوم الحديبية نحر وأحل ورجع

ص: 517


1- أي سواء قال باللفظ أو نوى ، قال سلطان العلماء : يكمن أن يراد بذلك أن القول ليس له دخل بل الاعتداد بالقصد.
2- أي إن كان الحج واجبا عليه لا يسقط بالاشتراط.
3- أي يبعث بالهدى للقران أو التمتع على تقدير إن كان يحج قارنا أو تمتعا تطوعا وليس بواجب عليه بالنذر وشبهه أو الكفارة أو القضاء. (م ت)
4- أي يقلدون الهدى الذي بعثه الرجل فيعلقون في عنقه النعل في ذلك اليوم الموعود فيصير ذلك بمنزلة احرام الرجل بالتقليد. (مراد)
5- أي أجزأ عن حجه أو أجزأ الاجتناب ولا يلزم الاجتناب إلى يوم النفر الأول والثاني لان أركان الحج يمكن حصولها يوم النحر فالأولى أن يكون المنتهى منتهى اليوم (م ت) أقول : والخبر في الكافي ج 4 ص 540 إلى هنا ، ورواه الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب ج 1 ص 568 بتمامه. وروى أيضا في الصحيح عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل بعث بهديه مع قوم يساق وواعدهم يوما يقلدون فيه هديهم ويحرمون ، فقال : يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الذي واعدهم فيه حتى يبلغ الهدى محله ، قلت : أرأيت ان اختلفوا في الميعاد وأبطؤوا في المسير عليه وهو يحتاج أن يحل هو في اليوم الذي واعدهم فيه قال : ليس عليه جناح أن يحل في اليوم الذي واعدهم فيه » وروى الكليني في القوى نحوه عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وفى الشرايع « روى أن باعث الهدى تطوعا يواعد أصحابه وقتا لذبحه أو نحره ثم يجتنب ما يجتنبه المحرم ، فإذا كان وقت المواعدة أحل لكن لا يلبى ولو أتى بما يحرم على المحرم كفر استحبابا » وقال في المدارك : ذكر الشارح أن ملابسة تروك الاحرام بعد المواعدة أو الاشعار مكروه لا محرم ، ويشكل بان مقتضى روايتي الحلبي وأبى الصباح التحريم ولا معارض لهما ، وأما ما ذكره من استحباب التكفير بملابسة ما يوجبه على المحرم فلم أقف له على مستند ، وغاية ما يستفاد من صحيحة هارون بن خارجة (يعنى ما يأتي في الهامش) أن من لبس ثيابه للتقية كفر ببقرة ، وهي مختصة باللبس ومع ذلك فحملها على الاستحباب يتوقف على وجود معارض.

إلى المدينة » (1).

3112 - وقال الصادق عليه السلام : « ما يمنع أحدكم من أن يحج كل سنة؟ فقيل له لا يبلغ ذلك أموالنا ، فقال : أما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه بثمن أضحية ويأمره أن يطوف عنه أسبوعا بالبيت ويذبح عنه فإذا كان يوم عرفة لبس ثيابه وتهيأ وأتى المسجد فلا يزال في الدعاء حتى تغرب الشمس » (2).

ص: 518


1- لعله تعليل للاجزاء عنه بان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فعل بالحديبية وأجزأ عنه فبعثه ونحره يوم النحر بمكة أو منى أجزأ بطريق أولى. (سلطان)
2- قيل : مقتضى هذا الخبر مغاير لمقتضى الخبر الأول ، وقال الفاضل التفرشي : هذا طريقة أخرى لادراك ثواب الحج قريبة من الطريق الأولى ولا منافاة بين الحديثين - انتهى وروى الكليني ج 4 ص 540 في الصحيح عن هارون بن خارجة قال : « ان مرادا بعث ببدنة وأمر أن تقلد وتشعر في يوم كذا وكذا ، فقلت له : إنما ينبغي أن لا يلبس الثياب فبعثني إلى أبى عبد اللّه عليه السلام بالحيرة فقلت له : ان مرادا صنع كذا وكذا وانه لا يستطيع أن يترك الثياب لمكان زياد فقال : مره أن يلبس الثياب وليذبح بقرة يوم الأضحى عن نفسه » وكان زياد واليا في الكوفة وكان مراد يتردد إليه ويتقى منه.

باب 299: نوادر الحج

3113 - روي عن بكير بن أعين ، عن أخيه زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « جعلني اللّه فداك أسألك في الحج منذ أربعين عاما فتفتيني (1) ، فقال : يا زرارة بيت يحج قبل آدم عليه السلام بألفي عام (2) تريد أن تفنى مسائله في أربعين عاما ».

3114 - وقال الصادق عليه السلام : « أودية الحرم تسيل في الحل ، وأودية الحل لا تسيل في الحرم » (3).

وروي عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت أنه قال : لولا جعفر بن محمد ما علم الناس مناسك حجهم.

3115 - وذكر الماء عند الصادق عليه السلام في طريق مكة وثقله قال : « الماء لا يثقل إلا أن ينفرد به الجمل فلا يكون عليه غير الماء » (4).

ص: 519


1- أي أسألك مع أبيك أو كان سأل عنه عليه السلام في زمان أبيه أيضا والا فالظاهر أنه كان في زمان إمامته عليه السلام أربعا وثلاثين سنة أو على المبالغة والتجوز ، وقوله « في الحج » أي عن مسائله منذ أربعين عاما فتفتيني وما يفنى مسائله. (م ت)
2- أي كان يحجه الملائكة أو مع بنى الجان. (م ت)
3- لعل المراد انه تعالى رفعه صورة كما رفعه معنى. والخبر رواه الكليني ج 4 ص 540 باسناده عن أصرم بن حوشب وهو عامي موثق له كتاب ، ولعله مخصوص بما إذا جرى السيل من غير عمل فلا ينافي جريان الماء من عرفات إلى مكة.
4- رواه الكليني ج 4 ص 542 بسند فيه ارسال. ولعل المراد أن الماء لا يبقى ثقله ولا يحس به إذا كان في حمل البعير مع غيره من الأحمال فينبغي أن لا ينفرد به البعير (مراد) وقال سلطان العلماء : أي لا ينبغي اكثار حمله وثقله على الجمل مزيدا على سائر ما حمله فإنه ظلم عليه ، نعم لو انفرد بحمله فلا بأش. وقال العلامة المجلسي : لعله محمول على المياه القليلة التي تشرب في الطريق وما يعلق على الأحمال منها.

3116 - و « كان علي عليه السلام يكره الحج والعمرة على الإبل الجلالات » (1).

3117 - وقال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : « إذا كان أيام الموسم بعث اللّه تبارك اللّه تعالى ملائكة في صور الآدميين يشترون متاع الحاج والتجار ، قيل : ما يصنعون به؟ قال : يلقونه في البحر » (2).

وروي عن محمد بن عثمان العمري - رضي اللّه عنه - أنه قال : واللّه إن صاحب هذا الامر ليحضر الموسم كل سنة يرى الناس ويعرفهم ويرونه ولا يعرفونه.

وروي عن عبد اللّه بن جعفر الحميري أنه قال : سألت محمد بن عثمان العمري  - رضي اللّه عنه - فقلت له : رأيت صاحب هذا الامر؟ فقال : نعم وآخر عهدي به عند بيت اللّه الحرام وهو يقول : « اللّهم انجز لي ما وعدتني » قال محمد بن عثمان  - رضي اللّه عنه وأرضاه - : ورأيته صلوات اللّه عليه متعلقا بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول : « الهم انتقم لي من أعدائك ».

3118 - وروي عن داود الرقي قال : « دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام ولي على رجل مال قد خفت تواه (3) فشكوت ذلك إليه ، فقال لي : إذا صرت بمكة فطف عن عبد المطلب طوافا ، وصل عنه ركعتين ، وطف عن أبي طالب طوافا ، وصل عنه ركعتين ، وطف عن عبد اللّه طوافا ، وصل عنه ركعتين ، وطف عن آمنة [أم محمد] طوافا وصل عنها ركعتين ، وطف عن فاطمة بنت أسد طوافا ، وصل عنها ركعتين ، ثم ادع اللّه عز و جل أن يرد عليك مالك ، قال : ففعلت ذلك ثم خرجت من باب الصفا فإذا غريمي

ص: 520


1- مروى في الكافي ج 4 ص 543 في الموثق عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن آبائه عليهم السلام.
2- رواه الكليني ج 4 ص 547 عن أحمد بن محمد ، عن علي بن إبراهيم التيملي عن ابن أسباط ، عن رجل من أصحابنا ، وعلي بن إبراهيم التيملي مجهول الحال وليس له عنوان في كتب الرجال والتيملي المعروف هو الحسن بن علي بن فضال فان صح فيدل على كون الملائكة أجسام لطيفه يمكنهم التشكل بشكل الآدميين وأنه يمكن لغير النبي والوصي أن يراهم ولا يعرفهم وعلى استحباب التجارة بمنى ومكة وان أمكن المناقشة فيه كما قاله العلامة المجلسي.
3- توى - يتوى توى - المال : هلك وضاع وتلف.

واقف ، يقول : يا داود حبستني تعال فاقبض مالك » (1).

3119 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام وأبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « من سهى عن السعي حتى يصير من السعي على بعضه أو كله ، ثم ذكر فلا يصرف وجهه منصرفا ولكن يرجع القهقرى إلى المكان الذي يجب منه السعي » (2).

3120 - وروى سعد بن سعد الأشعري عن الرضا عليه السلام قال : قلت : « المحرم يشتري الجواري أو يبيع؟ فقال : نعم » (3).

3121 - وفي رواية حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل قدم مكة في وقت العصر ، فقال : يبدأ بالعصر ثم يطوف » (4).

3122 - وروى السكوني باسناده قال : قال علي عليه السلام « في امرأة نذرت أن تطوف على أربع ، فقال : تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها » (5).

3123 - وقيل للصادق عليه السلام : « رجل في ثوبه دم مما لا يجوز الصلاة في مثله

ص: 521


1- الخبر رواه الكليني ج 4 ص 544 بسند مجهول ، ويدل على استحباب الطواف عن الموتى لا سيما الأكابر ، ويدل على ايمان هؤلاء المذكورين كما هو مذهب الإمامية وعلى جلالة مقامهم ورفعة شأنهم ، وكذا يدل على أن الطواف عنهم يوجب استجابة الدعاء وتيسر الأمور.
2- يدل على أنه من نسي الهرولة رجع القهقرى ولم نطلع على سنده وعمل به الأصحاب (م ت) أقول : ورواه الشيخ والتهذيب ج 1 ب 576 هكذا مرسلا.
3- رواه الكليني ج 4 ص 373 في الصحيح وعليه الفتوى.
4- الطريق صحيح ويدل على تقديم اليومية على الطواف. (م ت)
5- الطريق إلى السكوني فيه النوفلي ولم يوثق ورواه الكليني ج 4 ص 429 بسند مجهول وعمل به الشيخ وجماعة في الرجل والمرأة وقالوا بوجوب الطوافين ، وقال ابن إدريس ببطلان النذر ، وفى المنتهى بالبطلان في الرجل والتوقف في المرأة لورود النص فيها ، ولا يبعد القول بوجوب طواف واحد على الهيئة الشرعية لانعقاد النذر في أصل الطواف وعدمه في الهيئة لمرجوحيتها ولم أر من قال به هنا وان قيل في نظائره. (المرآة)

فطاف في ثوبه ، فقال : أجزأه الطواف فيه ثم ينزعه ويصلي في ثوب طاهر » (1)

3124 - وقال الصادق عليه السلام : « دع الطواف وأنت تشتهيه » (2).

3125 - وقال الهيثم بن عروة التميمي (3) لأبي عبد اللّه عليه السلام « إني حملت امرأتي ثم طفت بها وكانت مريضة وإني طفت بها بالبيت في طواف الفريضة وبالصفا والمروة واحتسبت بذلك لنفسي فهل يجزيني؟ فقال : نعم ».

3126 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام قال : قلت له : « إن أصحابنا يروون أن حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة ، فقال :

ص: 522


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 1 ص 482 في الصحيح عن البزنطي عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام والمشهور اشتراط طهارة الثوب والبدن في الطواف الواجب والمندوب وذهب بعض الأصحاب إلى العفو ههنا عما يعفى عنه في الصلاة ، ونقل عن ابن الجنيد وابن حمزة أنهما كرها الطواف في الثوب النجس ، وقال في المدارك : هنا مسائل : الأول من طاف وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة لم يعف عنها مع العلم بها يبطل طوافه وهو موضع وفاق من القائلين باعتبار طهارة الثوب والجسد. الثانية من لم يعلم بالنجاسة حتّى فرغ من طوافه كان طوافه صحيحا، و هو مذهب الاصحاب لا أعلم فيه مخالفا. الثالثة من لم يعلم بالنجاسة ثمّ علم في أثناء الطواف وجب عليه إزالة النجاسة و اتمام الطواف، و اطلاق عبارة المحقق يقتضى عدم الفرق بين أن يقع العلم بعد اكمال أربعة أشواط أو قبل ذلك، و جزم الشهيدان بوجوب الاستيناف ان توقفت الازالة على فعل يستدعى قطع الطواف و لما يكمل أربعة أشواط نظرا الى ثبوت ذلك مع الحدث في أثناء الطواف، و لو قيل بوجوب الاستيناف مطلقا مع الاخلال بالموالاة الواجبة بدليل التأسى و غيره أمكن لقصور الروايتين المتضمنتين للبناء من حيث السند و الاحتياط في البناء و الاكمال ثمّ الاستيناف مطلقا.
2- أي لا تبالغ في كثرته حيث تمله فتطوف من غير نشاط ، ورواه الكليني ج 4 ص 429 في الصحيح عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة عن بعض أصحابنا عنه عليه السلام.
3- هو ثقة وتقدم الخبر مع بيانه تحت رقم 2836 في باب نوادر الطواف بنحو آخر ورواه الكليني ج 4 ص 428 نحوه في الصحيح عنه.

كان أبو الحسن عليه السلام إذا قضى نسكه عدل إلى قرية يقال لها ساية فحلق » (1).

3127 - وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال : « حلق الرأس في غير حج ولا عمرة مثلة لأعدائكم وجمال لكم » (2).

3128 - وروى محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من ركب زاملة (3) ثم وقع منها فمات دخل النار » (4).

قال مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - كان الناس يركبون الزوامل فإذا أراد أحدهم النزول وقع عن راحلته من غير أن يتعلق بشئ من الرحل فنهوا عن ذلك لئلا يسقط أحدهم متعمدا فيموت فيكون قاتل نفسه ويستوجب بذلك دخول النار ، فهذا معنى الحديث ، وذلك أن الناس في أيام النبي صلى اللّه عليه وآله والأئمة صلوات اللّه عليهم كانوا يركبون الزوامل فلا يمنعون ولا ينكر عليهم ذلك.

3129 - وأما الحديث الذي روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « من ركب زاملة فليوص » (5).

فليس بنهي عن ركوب الزاملة ، وإنما هو أمر بالاحتراز من السقوط وهذا مثل قول القائل : من خرج إلى الحج أو إلى الجهاد في سبيل اللّه فليوص ، ولم يكن فيما مضى إلا الزوامل وإنما المحامل محدثة ، ولم تعرف فيما مضى.

ص: 523


1- قوله « مثلة » أي قبيح كالعقوبة والنكال ، أو لا يكون الا في العقوبة كما في حلق رأس الزاني ، فقال عليه السلام : لو كان مثلة لما فعله أبو الحسن موسى عليه السلام مع أنه كان دأبه أن يحلق رأسه بعد المراجعة عن مكة في قرية يقال لها : ساية مع قربها من مكة. (م ت)
2- تقدم تحت رقم 288 وللمؤلف بيان له هناك.
3- الزاملة : ما يحمل عليه من المطايا سواء كان من الإبل أو من غيره ، وفى النهاية الزاملة : البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع.
4- ربما يحمل على ما إذا استكراه للحمل لا للركوب.
5- رواه الكليني ج 4 ص 542 عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن يعقوب ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام وفيه « من ركب راحلة فليوص ».

3130 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل أفرد الحج فلما دخل مكة طاف بالبيت ثم أتى أصحابه وهم يقصرون فقصر معهم ثم ذكر بعد ما قصر أنه مفرد للحج ، فقال : ليس عليه شئ إذا صلى فليجدد التلبية » (1).

3131 - وروي عن علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن الأول عليه السلام عن رجل يعطي خمسة نفر حجة واحدة ، ويخرج فيها واحد منهم ألهم أجر؟ قال : نعم لكل واحد منهم أجر حاج. قال : فقلت : فأيهم أعظم أجرا؟ فقال : الذي نابه الحر والبرد (2) ، وإن كان صرورة لم يجز ذلك عنهم ، والحج لمن حج ».

3132 - وروي عن منصور بن حازم قال : « سأل سلمة بن محرز أبا عبد اللّه عليه السلام وأنا حاضر فقال : إني طفت بالبيت وبين الصفا والمروة ثم أتيت منى فوقعت على أهلي ولم أطف طواف النساء ، فقال : بئس ما صنعت فجهلني ، فقلت : ابتليت فقال : لا شئ عليك » (3).

3133 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « أمرتم بالحج والعمرة فلا تبالوا بأيهما بدأتم » (4).

ص: 524


1- يدل على وجوب تجديد التلبية لو فعل ذلك ناسيا وتقدم.
2- إلى هنا تقدم بلفظ آخر باب فضائل الحج تحت رقم 2241 مع بيانه وروى الكليني نحوه في الكافي ج 4 ص 312 إلى قوله « والبرد » ويحتمل قريبا أن يكون الباقي من كلام المؤلف.
3- تقدم وقوله « فجهلني » أي نسبني إلى الجهل وقال : ان فعلك هذا وقع بسبب الجهالة ويمكن أن يراد بالابتلاء توجه ضرر لا يندفع الا بالجماع ، وأن يراد به الفقر وعجزه عن - البدنة (مراد) أقول : روى الشيخ في التهذيب ج 1 ص 585 في الموثق كالصحيح عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل وقع على امرأته قبل أن يطوف طواف النساء قال : عليه جزور سمينة ، قلت : رجل قبل امرأته وقد طاف طواف النساء ولم تطف هي ، قال : عليه دم يهريقه من عنده ». وعليه الفتوى.
4- يمكن أن يكون التخيير بالنظر إلى من يجب عليه أحدهما أو وقع تقية أو اخبارا بأنكم لا تبالون وإن كان الواجب على المجاور تقديم الحج وعلى غيره تقديم العمرة وما ذكره المصنف أيضا حسن. (م ت)

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني العمرة المفردة فأما العمرة التي يتمتع بها إلى الحج فلا يجوز إلا أن يبدأ بها قبل الحج ، ولا يجوز أن يبدأ بالحج قبلها إلا أن لا يدرك المتمتع ليلة عرفة فيبدأ بالحج ثم يعتمر من بعده.

3134 - وقال الصادق عليه السلام : « أول ما يظهر القائم عليه السلام من العدل أن ينادي مناديه أن يسلم أصحاب النافلة لأصحاب الفريضة الحجر الأسود والطواف بالبيت » (1)

3135 - وروي عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « مقام يوم قبل الحج أفضل من مقام يومين بعد الحج » (2).

وقد أخرجت هذه النوادر مسندة مع غيرها من النوادر في كتاب جامع نوادر الحج.

باب 300: سياق مناسك الحج

اشارة

إذا أردت الخروج إلى الحج فاجمع أهلك وصل ركعتين (3) ومجد اللّه كثيرا وصل على محمد وآله ، وقل : « اللّهم إني أستودعك اليوم ديني ونفسي ومالي وأهلي وولدي وجيراني ، وأهل حزانتي (4) الشاهد منا والغائب وجميع ما أنعمت به علي ،

ص: 525


1- رواه الكليني ج 4 ص 427 مسندا عن البزنطي عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام ويدل على استحباب عدم مزاحمة من يطوف مستحبا لمن يطوف واجبا في استلام الحجر وفى أصل الطواف إذا كان الطائف كثيرا. (م ت)
2- أي بمكة ، ولعل وجه ذلك أنه حينئذ اما محرم باحرام العمرة أو مرتبط باحرام الحج (مراد) وقال سلطان العلماء : لعله لأجل التلبس بالاحرام وما في حكمه - انتهى ، أقول : روى الكليني ج 4 ص 430 في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه - السلام قال : « طواف في العشر أفضل من سبعين طوافا في الحج » يعنى بالعشر عشر ذي الحجة.
3- راجع الكافي ج 4 ص 283.
4- الحزانة - بضم المهملة والتخفيف - : عيال الرجل الذين يحزنه أمرهم.

اللّهم اجعلنا في كنفك ومنعك وعياذك وعزك ، عز جارك (1) وجل ثناؤك ، وامتنع عائذك ، ولا إله غيرك ، توكلت على الحي الذي لا يموت الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولم يكن له شريك في الملك ، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ، اللّه أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان اللّه بكرة وأصيلا ».

فإذا خرجت من منزلك فقل : « بسم اللّه الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم ، اللّهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب (2) وسوء المنظر في الأهل والمال والولد ، اللّهم إني أسألك في سفري هذا السرور والعمل بما يرضيك عني ، اللّهم اقطع عني بعده ومشقته وأصحبني فيه واخلفني في أهلي بخير » (3).

فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك فقل : « الحمد لله الذي هدانا للاسلام ، وعلمنا القرآن ، ومن علينا بمحمد صلى اللّه عليه وآله ، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين ، اللّهم أنت الحامل على الظهر ، والمستعان على الامر ، وأنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل والمال والولد (4) ، اللّهم أنت عضدي وناصري ».

فإذا مضت بك راحلتك فقل في طريقك : « خرجت بحول اللّه وقوته بغير حول مني وقوة ولكن بحول اللّه وقوته ، برئت إليك يا رب من الحول والقوة ، اللّهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله ، اللّهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا تسوقه إلي وأنا خائض في عافية بقوتك وقدرتك ، اللّهم إني سرت في سفري بلا ثقة مني بغيرك ولا رجاء لسواك فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك

ص: 526


1- أي عز من أجرته من أن يظلمه ظالم.
2- وعثاء السفر : مشقته ، وكآبة المنقلب : الرجوع من السفر بالغم والحزن والانكسار.
3- أي كن عوضي في أهلي في ايصال الخيرات إليهم ومنع السوء عنهم.
4- هاتان الصفتان مما لا يجتمعان في واحد سوى اللّه تعالى وفى كلام أمير المؤمنين عليه السلام « اللّهم أنت الصاحب في السفر وأنت الخليفة في الأهل ولا يجمعهما غيرك لان المستخلف لا يكون مستصحبا والمستصحب لا يكون مستخلفا ».

ووفقني لطاعتك وعبادتك حتى ترضى وبعد الرضا » (1).

وعليك في طريقك بتقوى اللّه تعالى وإيثار طاعته واجتناب معصيته واستعمال مكارم الأخلاق والافعال ، وحسن الخلق ، وحسن الصاحبة لمن صحبك ، وكظم الغيظ وأكثر من تلاوة القرآن وذكر اللّه عزوجل والدعاء.

فإذا بلغت أحد المواقيت التي وقتها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فإنه عليه السلام وقت لأهل العراق العقيق وأوله المسلخ ووسطه غمرة وآخر ذات عرق وأوله أفضل ، ووقت لأهل الطائف قرن المنازل ، ووقت لأهل اليمن يلملم ولأهل الشام المهيعة وهي الجحفة ولأهل المدينة ذا الحليفة وهي مسجد الشجرة ، فاغتسل بعد أن تقلم أظافيرك وتأخذ من شاربك وتنتف إبطيك وتتنور.

وقل إذا اغتسلت : « بسم اللّه وباللّه اللّهم اجعله لي نورا وطهورا وحرزا وأمنا من كل خوف ، وشفاء من كل داء وسقم ، اللّهم طهرني وطهر لي قلبي واشرح لي صدري ، وأجر على لساني محبتك ومدحتك والثناء عليك فإنه لا قوة لي إلا بك ، وقد علمت أن قوام ديني التسليم لأمرك والاتباع لسنة نبيك صلواتك عليه وآله » ثم البس ثوبي إحرامك وقل : « الحمد لله الذي رزقني ما أواري به عورتي وأؤدي به فرضي وأعبد فيه ربي وأنتهي فيه إلى ما أمرني ، الحمد لله الذي قصدته فبلغني وأردته فأعانني ، وقبلني ولم يقطع بي ، ووجه أردت فسلمني ، فهو حصني وكهفي وحرزي وظهري وملاذي وملجأي ومنجاي وذخري وعدتي في شدتي ورخائي ».

وصل للاحرام ست ركعات وتوجه في الأولي منها واقرأ في كل ركعتين في الأولى الحمد وقل هو اللّه أحد ، وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون وتقنت في الثانية من كل ركعتين قبل الركوع وبعد القراءة ، وتسلم في كل ركعتين. وإن شئت صليت ركعتين للاحرام على ما وصفت.

وأفضل الساعات للاحرام عند زوال الشمس فلا يضرك في أي الساعات أحرمت عند طلوع الشمس وعند غروبها (2). وإن كان وقت صلاة فريضة فصل هذه الركعات

ص: 527


1- حتى ترضى بالواجبات وبعد الرضا بالمندوبات والنوافل. (م ت)
2- في الكافي ج 3 ص 288 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : خمس صلوات لا تترك على كل حال : إذا طفت بالبيت وإذا أردت أن تحرم وصلاة الكسوف وإذا نسيت فصل إذا ذكرت وصلاة الجنازة » وفى الموثق عن أبي بصير عنه عليه السلام قال : « خمس صلوات تصليهن في كل وقت : صلاة الكسوف ، والصلاة على الميت ، وصلاة الاحرام ، والصلاة التي تفوت ، وصلاة الطواف من الفجر إلى طلوع الشمس وبعد العصر إلى الليل ».

قبل الفريضة ثم صل الفريضة وأحرم في دبرها ليكون أفضل ، فإذا فرغت من صلاتك فاحمد اللّه عزوجل واثن عليه بما هو أهله وصل على نبيه محمد وآله وسلم ، ثم قل : « اللّهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع أمرك فاني عبدك وفي قبضتك ، لا اوقي إلا ما وقيت ولا آخذ إلا ما أعطيت ، اللّهم إني أريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه و آله ، فإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي اللّهم وإن لم يكن حجة فعمرة أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي و مخي وعصبي من النساء والطيب أبتغي بذلك وجهك الكريم والدار الآخرة » (1) و يجزيك أن تقول هذا مرة واحدة حين تحرم.

التلبية

ثم لب بالتلبيات الأربع سرا (2) وهي المفروضات (3) تقول « لبيك اللّهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ، أن الحمد والنعمة لك ، والملك لا شريك لك » هذه الأربع مفروضات ، ثم قم فامض هنيئة فإذا استوت بك الأرض راكبا كنت أو ماشيا فأعلن التلبية وارفع صوتك بها ، وإن كنت أخذت على طريق المدينة وأحرمت من مسجد

ص: 528


1- تقدم مسندا راجع ص 318 إلى 327.
2- كما هو المشهور بين الأصحاب من أن التلبية بمنزلة التكبيرة للاحرام في وجوب المقارنة وحملوا ما ورد في الأخبار الصحيحة في التأخير إلى البيداء وغيرها على التلبية جهرا فالأحوط أن يلبى سرا بعد النية ويجهر بها بعده في المواضع التي تقدمت. (م ت)
3- يظهر منه أنه يقول بوجوب الزيادة وتقدم الكلام فيه.

الشجرة فلب سرا بهذه التلبيات الأربع المفروضات حتى تأتي البيداء وتبلغ الميل الذي على يسار الطريق ، فإذا بلغته فارفع صوتك بالتلبية ولا تجز الميل إلا ملبيا وتقول : « لبيك اللّهم لبيك ، لبيك لا شريك لك بيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، لبيك ذا المعارج ، لبيك لبيك تبدئ والمعاد إليك ، لبيك لبيك داعيا إلى دار السلام ، لبيك لبيك غفار الذنوب ، لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك ، لبيك لبيك أنت الغنى ونحن الفقراء إليك ، لبيك لبيك ذا الجلال والاكرام لبيك لبيك إله الحق ، لبيك لبيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل ، لبيك لبيك كشاف الكرب العظام ، لبيك لبيك عبدك وابن عبديك ، لبيك لبيك يا كريم ، لبيك لبيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد ، لبيك لبيك بحجة وعمرة معا لبيك لبيك هذه عمرة متعة إلى الحج ، لبيك لبيك أهل التلبية ، لبيك لبيك تلبية تمامها وبلاغها عليك لبيك ».

تقول هذا في دبر كل صلاة مكتوبة أو نافلة وحين ينهض بك بعيرك ، أو علوت شرفا ، أو هبطت واديا ، أو لقيت راكبا ، أو استيقظت من منامك ، أو ركبت أو نزلت وبالأسحار ، وإن تركت بعض التلبية فلا يضرك غير أنها أفضل إلا المفروضات فلا تترك منها شيئا ، وأكثر من « ذي المعارج ».

فإذا بلغت الحرم فاغتسل من بئر ميمون (1) أو من فخ وإن اغتسلت في منزلك بمكة فلا بأس ، وقل عند دخول الحرم : « اللّهم إنك قلت في كتابك المنزل وقولك الحق « وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق »

ص: 529


1- روى الكليني ج 4 ص 400 باسناده القوى عن عجلان أبى صالح قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا انتهيت إلى بئر ميمون أو بئر عبد الصمد فاغتسل واخلع نعليك وامش حافيا وعليك السكينة والوقار » وفى الحسن كالصحيح عن الحلبي قال : « أمرنا أبو عبد اللّه عليه السلام أن نغتسل من فخ قبل أن ندخل مكة ». وبئر ميمون بمكة عندها قبر أبى جعفر المنصور. وفخ بئر قريبة من مكة على نحو فرسخ عندها كانت واقعة فخ حيث استشهد الحسين ابن علي بن الحسين عليهما السلام مع جماعة من أهل البيت في أيام الهادي العباسي.

اللّهم وإني أرجو أن أكون ممن أجاب دعوتك ، وقد جئت من شقة بعيدة ومن فج عميق سامعا لندائك ومستجيبا لك ، مطيعا لأمرك ، وكل ذلك بفضلك علي وإحسانك إلي فلك الحمد على ما وفقتني له ، أبتغي بذلك الزلفة عندك ، والقربة إليك ، والمنزلة لديك ، والمغفرة لذنوبي ، والتوبة علي منها بمنك ، اللّهم صل على محمد وآل محمد وحرم بدني على النار ، وآمني من عذابك وعقابك برحمتك [يا أرحم الراحمين] ».

فإذا نظرت إلى بيوت مكة فاقطع التلبية ، وحدها عقبة المدنين أو بحذائها (1).

ومن أخذ على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلي عريش مكة وهي عقبة ذي طوى وعليك بالتكبير والتهليل والتحميد والتسبيح والصلاة على النبي [محمد] وآله.

دخول مكة

فإذا أردت دخول مكة فاجهد أن تدخلها على غسل بسكينة ووقار (2).

دخول المسجد الحرام

فإذا أردت أن تدخل المسجد الحرام فادخل من باب بني شيبة حافيا ، وأدخل رجلك اليمنى قبل اليسرى ، وعليك السكينة والوقار فإنه من دخله بخشوع غفر له ، وقل وأنت على باب المسجد : « السلام عليك أيها النبي ورحمة اللّه وبركاته بسم اللّه وباللّه ومن اللّه وما شاء اللّه ، والسلام على رسول اللّه وآله ، والسلام على إبراهيم وآله ، والسلام على أنبياء اللّه ورسله ، والحمد لله رب العالمين » (3).

النظر إلى الكعبة

فإذا دخلت المسجد فانظر إلى الكعبة وقل : « الحمد لله الذي عظمك وشرفك وكرمك وجعلك مثابة للناس وأمنا مباركا وهدى للعالمين ».

ص: 530


1- كما في خبر معاوية بن عمار في الكافي ج 4 ص 399.
2- كما تقدم في خبر عجلان آنفا.
3- راجع صحيحة معاوية بن عمار المروية في الكافي ج 4 ص 401.
النظر إلى الحجر الأسود

ثم انظر إلى الحجر الأسود واستقبله بوجهك وقل « الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه ، سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ، ويميت ويحيي وهو حي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شئ قدير ، اللّهم صل على محمد وآل محمد (1) ، وبارك على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وسلام على جميع النبيين والمرسلين والحمد اللّه رب العالمين ، اللّهم إني أومن بوعدك ، وأصدق رسلك ، وأتبع كتابك ».

استلام الحجر الأسود

ثم استلم الحجر الأسود وقبله في كل شوط ، فإن لم تقدر عليه فافتح به واختم به ، فإن لم تقدر عليه فامسحه بيدك اليمنى وقبلها ، فإن لم تقدر عليه عليه فأشر إليه بيدك وقبلها وقل : « أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة ، آمنت باللّه وكفرت بالجبت والطاغوت واللات والعزى وعبادة الشيطان وعبادة الأوثان وعبادة كل ند يدعى من دون اللّه عزوجل (2) ».

الطواف

ثم طف بالبيت سبعة أشواط وقبل الحجر في كل شوط وقارب بين خطاك ، فإذا بلغت باب البيت فقل : « سائلك مسكينك ببابك فتصدق عليه بالجنة اللّهم البيت بيتك ، والحرم حرمك ، والعبد عبدك ، وهذا مقام العائذ المستجير

ص: 531


1- كما روى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام راجع الكافي ج 4 ص 403.
2- راجع الكافي ج 4 ص 404 وقال في الدروس : يستحب استلام الحجر ببطنه وبدنه أجمع ، فان تعذر فبيده فان تعذر أشار إليه بيده يفعل ذلك في ابتداء الطواف وفى كل شوط ، ويستحب تقبيله ، وأوجبه السلار ، ولو لم يتمكن من تقبيله استلمه بيده ثم قبلها ويستحب وضع الخد عليه وليكن ذلك في كل شوط وأقله الفتح والختم. (المرآة)

بك من النار ، فأعتقني ووالدي وأهلي وولدي وإخواني المؤمنين من النار ، يا جواد يا كريم ».

فإذا بلغت مقابل الميزاب فقل : « اللّهم أعتق رقبتي من النار ، ووسع علي من الرزق الحلال ، وادرأ عني شر فسقه العرب والعجم وشر فسقه الجن والإنس » (1) وتقول وأنت تجوز : « اللّهم إني إليك فقير ، وإني منك خائف ومستجير فلا تبدل اسمي ، ولا تغير جسمي » (2).

القول في الطواف

وتقول في طوافك : « اللّهم إني أسألك باسمك الذي يمشي به على طلل الماء كما يمشي به على جدد الأرض (3) ، وأسألك باسمك المخزون المكنون عندك ، وأسألك باسمك الأعظم الأعظم الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت ، وإذا سئلت به أعطيت أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي - كذا وكذا - ».

فإذا بلغت الركن اليماني فالتزمه وقبله (4) وصل على النبي محمد وآله في كل شوط.

ص: 532


1- في الكافي ج 4 ص 407 عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب يرفع رأسه ثم يقول : اللّهم أدخلني الجنة برحمتك - وهو ينظر إلى الميزاب - وأجرني برحمتك من النار وعافني من السقم وأوسع على من الرزق الحلال وادرأ عنى شر فسقة الجن والإنس وشر فسقة العرب والعجم ».
2- كما في ذيل صحيحة معاوية بن عمار في الكافي ج 4 ص 407.
3- الطل - بالطاء المهملة - محركة - : الظهر ، ومشى على طلل الماء أي على ظهره (القاموس) والجدد - محركة - : الأرض الغليظة المستوية ، والى هنا رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 406 من حديث معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- كما في خبر زيد الشحام قال : « كنت أطوف مع أبي عبد اللّه عليه السلام وكان إذا انتهى إلى الحجر مسحه بيده وقبله وإذا انتهى إلى الركن اليماني التزمه ، فقلت : جعلت فداك تمسح الحجر بيدك وتلتزم اليماني؟ فقال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما أتيت الركن اليماني الا وجدت جبرئيل قد سبقني إليه يلتزمه ». وباسناده عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال : « كان رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) لا يستلم الا الركن الأسود واليماني ثم يقبلهما ويضع خده عليهما ورأيت أبي يفعله ».
*(القول بين الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود)*

وقل بين هذين الركنين : « ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة و قنا برحمتك عذاب النار » (1).

الوقوف بالمستجار

فإذا كنت في الشوط السابع فقف بالمستجار - وهو مؤخر الكعبة مما يلي الركن اليماني بحذاء باب الكعبة - فابسط يديك على البيت وألزق خدك وبطنك بالبيت وقل : « اللّهم البيت بيتك ، والعبد عبدك ، وهذا مقام العائذ بك من النار ، اللّهم إني حللت بفنائك فاجعل قراي مغفرتك ، وهب لي ما بيني وبينك ، واستوهبني من خلقك » وادع بما شئت ثم أقر لربك بذنوبك وقل « اللّهم من قبلك الروح والراحة والفرح والعافية ، اللّهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي واغفر لي ما اطلعت عليه مني وخفي على خلقك ، أستجير باللّه من النار » وتكثر لنفسك من الدعاء ثم استلم الركن اليماني ثم استلم الركن الذي فيه الحجر الأسود (2) وقبله واختم به وإن لم تستطع

ص: 533


1- كما في ذيل صحيحة معاوية بن عمار في الكافي ج 4 ص 407 ، وفى صحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : يستحب أن تقول بين الركن والحجر « اللّهم آتنا في الدنيا  - ثم ذكر نحوه ».
2- روى الكليني ج 4 ص 411 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة - وهو بحذاء المستجار دون الركن اليماني بقليل - فابسط يديك على البيت والصق بطنك وخدك بالبيت وقل : اللّهم البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مكان العائذ بك من النار » ثم أقر لربك بما عملت فإنه ليس من عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان الا غفر اللّه له إن شاء اللّه ، وتقول : « اللّهم من قبلك الروح والفرح والعافية ، اللّهم ان عملي ضعيف فضاعفه لي واغفر لي ما اطلعت عليه منى وخفى على خلقك » ثم تستجير باللّه من النار وتخير لنفسك من الدعاء ، ثم استلم الركن اليماني ، ثم ائت الحجر الأسود.

ذلك فلا يضرك غير أنه لا بد من أن تفتح بالحجر الأسود وتختم به وتقول ، « اللّهم قنعني بما رزقتني ، وبارك لي فيما آتيتني ».

مقام إبراهيم عليه السلام

ثم ائت مقام إبراهيم عليه السلام فصل فيه ركعتين واجعله أمامك (1) وأقرأ في الأولى منهما الحمد وقل هو اللّه أحد ، وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون ، ثم تشهد وسلم واحمد اللّه واثن عليه وصل على النبي صلى اللّه عليه وآله ، واسأل اللّه تعالى أن يتقبله منك وأن لا يجعله آخر العهد منك ، فهاتان الركعتان هما الفريضة وليس يكره لك أن تصليهما في أي الساعات شئت عند طلوع الشمس وعند غروبها ، فإنما وقتهما عند فراغك من الطواف ما لم يكن وقت صلاة مكتوبة ، فإن كان وقت صلاة مكتوبة فابدأ بها ثم صل ركعتي الطواف ، فإذا فرغت من الركعتين فقل : « الحمد لله بمحامده كلها على نعمائه كلها حتى ينتهى الحمد إلى ما يحب ربي ويرضى ، اللّهم صل على محمد وآل محمد ، وتقبل منى ، وطهر قلبي وزك عملي » واجتهد في الدعاء واسأل اللّه عزوجل أن يتقبل منك ، ثم ائت الحجر الأسود واستلمه وقبله أو امسحه بيدك ، أو أشر إليه وقل ما قلته أو لا فإنه لابد من ذلك (2).

الشرب من ماء زمزم

فان قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن تخرج إلى الصفا فافعل وتقول حين تشرب : « اللّهم اجعله علما نافعا ، ورزقا واسعا ، وشفاء من كل داء وسقم (3) إنك قادر يا رب العالمين ».

ص: 534


1- في الكافي ج 4 ص 423 في صحيحة معاوية بن عمار « إذا فرغت من طوافك فائت مقام إبراهيم عليه السلام فصل ركعتين واجعله أماما واقرأ - الخ ».
2- راجع الكافي ج 4 ص 430 صحيحة معاوية بن عمار.
3- في الكافي ذيل صحيحة معاوية بن عمار قال : ان قدرت أن تشرب - ثم ساق إلى هنا وقال بعد ذلك - : « قال : وبلغنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال حين نظر إلى زمزم : لولا أن أشق على أمتي لاخذت منه ذنوبا أو ذنوبين ». والذنوب الدلو العظيم.
الخروج إلى الصفا

ثم اخرج إلى الصفا وقم عليه حتى تنظر إلى البيت وتستقبل الركن الذي فيه الحج واحمد اللّه عزوجل واثن عليه واذكر من آلائه وحسن ما صنع إليك ما قدرت عليه ثم قل : « لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير » ثلاث مرات وتقول : « اللّهم إني أسألك العفو والعافية واليقين في الدنيا والآخرة » ثلاث مرات ، وتقول : « اللّهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار » ثلاث مرات ، وتقول : الحمد لله - مائة مرة - واللّه أكبر  - مائة مرة - وسبحان اللّه - مائة مرة - ولا إله إلا اللّه - مائة مرة - وأستغفر اللّه وأتوب إليه - مائة مرة -. وصل على محمد وآل محمد - مائة مرة - (1) ، وتقول : « يا من لا يخيب سائله ولا ينفد نائله صل على محمد وآل محمد ، وأعذني من النار برحمتك » وادع لنفسك ما أحببت ، وليكن وقوفك على الصفا أول مرة أطول من غيرها.

ص: 535


1- في الكافي ج 4 ص 431 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام « ثم اخرج إلى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وهو الباب الذي يقابل الحجر الأسود حتى تقطع الوادي وعليك السكينة والوقار فاصعد على الصفا حتى تنظر إلى البيت وتستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود واحمد اللّه واثن عليه ثم أذكر من آلائه وبلائه وحسن ما صنع إليك ما قدرت على ذكره ، ثم كبر اللّه سبعا واحمده سبعا وهلله سبعا ، وقل : لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت وهو على كل شئ قدير - ثلاث مرات - » ثم صل على النبي (صلی اللّه عليه وآله) وقل « اللّه أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا ، والحمد لله الحي القيوم ، والحمد لله الحي - الدائم ثلاث مرات - وقل » أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، لا نعبد الا إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون - ثلاث مرات - اللّهم إني أسألك إلى قوله - وقنا عذاب النار ثلاث مرات ، ثم كبر اللّه مائة مرة وهلل مائة مرة واحمد مائة مرة وسبح مائة مرة ، وتقول : « لا إله إلا اللّه وحده ، أنجز وعده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد وحده وحده ، اللّهم بارك لي في الموت وفى ما بعد الموت اللّهم إني أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته اللّهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل الا ظلك ».

ثم انحدر وقف على المرقاة الرابعة حيال الكعبة وقل : « اللّهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وفتنته وغربته ووحشته وظلمته وضيقه وضنكه ، اللّهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ».

ثم انحدر عن المرقاة وأنت كاشف عن ظهرك وقل : « يا رب العفو ، يا من أمر بالعفو ، يا من هو أولى بالعفو ، يا من يثيب على العفو ، العفو العفو العفو ، يا جواد يا كريم يا قريب يا بعيد أردد علي نعمتك ، واستعملني بطاعتك ومرضاتك » ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى تصير إلى المنارة وهي طرف المسعى فاسع ملء فروجك (1) وقل : « بسم اللّه واللّه أكبر ، اللّهم صل على محمد وآل محمد ، اللّهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم ، انك أنت الأعز الأكرم (2) واهدني للتي هي أقوم اللّهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي ، وتقبل مني ، اللّهم لك سعيي وبك حولي وقوتي ، فتقبل عملي يا من يقبل عمل المتقين » فإذا جزت زقاق العطارين فاقطع الهرولة وامش على سكون ووقار وقل : « يا ذا المن والطول والكرم والنعماء والجود صل على محمد وآل محمد واغفر لي ذنوبي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا كريم ».

فإذا أتيت المروة فاصعد عليها وقم حتى يبدو لك البيت وادع كما دعوت على الصفا واسأل اللّه عزوجل حوائجك وقل في دعائك : « يامن أمر بالعفو ، يامن يجزي على العفو ، يامن دل على العفو ، يامن زين العفو ، يامن يثيب على العفو يامن يحب العفو ، يامن يعطي على العفو ، يامن يعفو على العفو ، يا رب العفو العفو العفو العفو » وتضرع إلى اللّه عزوجل وابك ، فإن لم تقدر على البكاء فتباك واجهد أن تخرج من عينيك الدموع ولو مثل رأس الذباب ، واجتهد في الدعاء ، ثم انحدر عن المروة إلى الصفا وأنت تمشي ، فإذا بلغت زقاق العطارين فاسع ملء فروجك إلى المنارة الأولى التي تلي الصفا ، فإذا بلغتها فاقطع الهرولة وامش حتى

ص: 536


1- يعنى أسرع في مسيرك ، جمع فرج وهو ما بين الرجلين ، يقال للفرس ملا فرجه و فروجه إذا عدى وأسرع وبه سمى فرج الرجل والمرأة لأنه ما بين الرجلين. (الوافي)
2- راجع الكافي ج 4 ص 434 حسنة معاوية بن عمار.

تأتي الصفا وقم عليه (1) ، واستقبل البيت بوجهك وقل مثل ما قلته في الدفعة الأولى ، [ثم انحدر إلى المروة فافعل ما كنت فعلته ، وقل مثل ما كنت قلته في الدفعة الأولى] حتى تأتي المروة ، فطف بين الصفا والمروة سبعة أشواط يكون وقوفك على الصفا أربعا وعلى المروة أربعا والسعي بينهما سبعا تبدأ بالصفا وتختم بالمروة.

ومن ترك الهرولة في السعي حتى صار في بعض المكان لم يحول وجهه ورجع القهقرى حتى يبلغ الموضع الذي ترك معه الهرولة ، ثم يهرول منه إلى الموضع الذي ينبغي له أن يقطعها فيه إن شاء اللّه تعالى.

التقصير

فإذا فرغت من سعيك فأنزل من المروة وقصر من شعر رأسك من جوانبه ومن حاجبيك ومن لحيتك وخذ من شاربك وقلم أظفارك وابق منها لحجك ، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ أحرمت منه ، ويجوز لك أن تطوف بالبيت تطوعا ما شئت ، ولا بأس أن تصلي ركعتي طواف التطوع حيث شئت من المسجد وإنما لا يجوز أن تصلي ركعتي طواف الفريضة إلا عند المقام (2).

فإذا كان يوم التروية فاغتسل والبس ثوبيك ، وادخل المسجد الحرام حافيا ، وعليك السكينة والوقار فطف بالبيت أسبوعا تطوعا ، وإن شئت فصل ركعتين لطوافك

ص: 537


1- روى الكليني عن سماعة في الموثق قال : « سألته عن السعي بين الصفا والمروة ، قال : إذا انتهيت إلى الدار التي على يمينك عند أول الوادي فاسع حتى تنتهي إلى أول زقاق عن يمينك بعد ما تجاوز الوادي إلى المروة فإذا انتهيت إليه فكف عن السعي وامش مشيا ، وإذا جئت من عند المروة فابدء من عند الزقاق الذي وصفت لك ، فإذا انتهيت إلى الباب الذي من قبل الصفا بعد ما تجاوز الوادي فاكفف عن السعي وامش مشيا ، فإنما السعي على الرجال وليس على النساء سعى » ، يعنى بالسعي السرعة دون العدو.
2- في الكافي ج 4 ص 424 عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال : « لا ينبغي أن تصلى ركعتي طواف الفريضة الا عند مقام إبراهيم عليه السلام ، فاما التطوع فحيث شئت من المسجد » وقوله « لا ينبغي » ظاهره الكراهة وحمل في المشهور على الحرمة. (المرآة)

عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحجر ، واقعد تزول الشمس ، فإذا زالت الشمس فصل ست ركعات قبل الفريضة ، ثم صل الفريضة واعقد الاحرام في دبر الظهر وإن شئت في دبر العصر بالحج مفردا تقول : « لا إله إلا اللّه الحليم الكريم ، لا إله إلا اللّه العلي العظيم ، سبحان اللّه رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب العرش العظيم ، والحمد لله رب العالمين ، اللّهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع كتابك وأمرك فاني عبدك وفي قبضتك لا أوقي إلا ما وقيت ، ولا آخذ إلا ما أعطيت ، اللّهم إني أريد ما أمرت به من الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله فقوني على ما ضعفت عنه ويسره لي وتقبله مني وتسلم مني مناسكي في يسر منك وعافية واجعلني من وفدك وحجاج بيتك الذين رضيت عنهم وارتضيت وسميت وكتبت ، اللّهم ارزقني قضاء مناسكي في يسر منك وعافية وأعني عليه وتقبله مني ، اللّهم وإن عرض لي عارض يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي واصرف عني سوء القضاء وسوء القدر أحرم لك وجهي وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعظامي وعصبي من النساء والطيب والثياب أريد بذلك وجهك الكريم ، والدار الآخرة » ثم لب سرا بالتلبيات الأربع المفروضات إن شئت قائما ، وإن شئت قاعدا ، وإن شئت على باب المسجد وأنت خارج عنه مستقبل الحجر الأسود ، تقول : « لبيك اللّهم لبيك لبيك ، لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك » ثم توجه وعليك السكينة والوقار بالتسبيح والتهليل وذكر اللّه عزوجل ، فإذا بلغت الرقطاء دون الردم وهو ملتقى الطريقين حتى تشرف على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى (1).

ص: 538


1- روى الكليني ج 4 ص 454 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه - السلام قال : إذا كان يوم التروية إن شاء اللّه فاغتسل والبس ثوبيك وادخل المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار ، ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحجر ثم اقعد حتى تزول الشمس وصل المكتوبة ، ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فأحرم بالحج ثم امض وعليك السكينة والوقار ، فإذا انتهيت إلى الرفضاء (وفى التهذيب الرقطاء) دون الردم فلب ، فإذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتى منى ». وفى رواية أبي بصير » اغتسل والبس ثوبيك ثم ائت المسجد الحرام فصل فيه ست ركعات قبل أن تحرم وتدعو اللّه وتسأله العون وتقول : « اللّهم إني أريد الحج فيسره لي وحلني حيث حسبتني لقدرك الذي قدرت على » وتقول : « أحرم لك شعري وبشرى ولحمي ودمي من النساء والطيب والثياب أريد بذلك وجهك والدار الآخرة وحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت على ثم تلب من المسجد الحرام كما لبيت حين أحرمت - الخ » ، وفى الصحيح عن عمرو بن حريث الصيرفي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « من أين أهل بالحج؟ فقال : ان شئت من رحلك وان شئت من الكعبة وان شئت من الطريق ».

ولب مثل ما لبيت في العمرة وأكثر من « ذي المعارج » ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان يكثر منها ، وتقول وأنت متوجه إلى منى اللّهم إياك أرجو ، وإياك أدعو فبلغني أملي ، وأصلح لي عملي.

فإذا أتيت منى فقل : « الحمد اللّه الذي أقدمنيها صالحا في عافية وبلغني هذا المكان ، اللّهم وهذه منى وهي مما مننت به على أوليائك من المناسك فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تمن علي فيها بما مننت على أوليائك وأهل طاعتك ، فإنما أنا عبدك وفي قبضتك » ثم صل بها المغرب والعشاء الآخرة والفجر في مسجد الخيف (1) ، ولتكن صلاتك فيه عند المنارة التي في وسط المسجد وعلى ثلاثين ذراعا من جميع جوانبها فذاك مسجد النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ومصلى الأنبياء الذين صلوا فيه قبله عليهم السلام ، وما كان خارجا من ثلاثين ذراعا حولها من كل جانب فليس من

ص: 539


1- روى الكليني ج 4 ص 461 في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا انتهيت إلى منى فقل : « اللّهم هذه منى وهي مما مننت بها علينا من المناسك فأسألك أن تمن علينا بما مننت به على أنبيائك ، فإنما أنا عبدك وفى قبضتك » ثم تصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ، والامام يصلى بها الظهر لا يسعه الا ذلك وموسع عليك أن تصلى بغيرها ان لم تقدر ثم تدركهم بعرفات ، قال : وحد منى من العقبة إلى وادى محسر ».

المسجد (1).

الغدو إلى عرفات

الغدو إلى عرفات (2)

ثم امض إلى عرفات وقل أنت متوجه إليها : « اللّهم إليك صمدت ، وإياك اعتمدت ، ووجهك أردت ، وقولك صدقت ، وأمرك اتبعت ، أسألك أن تبارك لي في أجلي (3) ، وأن تقضي لي حاجتي وأن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل مني » ثم تلب وأنت مار إلى عرفات ، ولا تخرج من منى قبل طلوع الفجر بوجه (4).

فإذا اتيت إلى عرفات فاضرب خباءك بنمرة قريبا من المسجد فإن ثم ضرب النبي صلى اللّه عليه وآله خبأه وقبته ، فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية (5) واغتسل وصل به الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، وإنما تتعجل في الصلاة وتجمع بينهما

ص: 540


1- روى الكليني ج 4 ص 519 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه - السلام قال : « صل في مسجد الخيف وهو مسجد منى وكان مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا وعن يمينها وعن يسارها وخلفها نحوا من ذلك ، فقال : فتحر ذلك فان استطعت أن يكون مصلاك فيه فافعل فإنه قد صلى فيه ألف نبي ، وإنما سمى الخيف لأنه مرتفع عن الوادي وما ارتفع عنه يسمى خيفا ».
2- يعنى المضي في الغداة إليها.
3- كذا هو الصواب.
4- تقدم أن المستحب أن لا تخرج الا بعد طلوع الشمس ويجوز التقديم للمشاة والخائف من الزحام وغيرهما من أصحاب الاعذار. (م ت)
5- روى الكليني ج 4 ص 462 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « الحاج يقطع التلبية يوم عرفة زوال الشمس » وفى الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام : « قطع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله التلبية حين زاغت الشمس يوم عرفة ، وكان علي بن الحسين عليهما السلام يقطع التلبية إذا زاغت الشمس يوم عرفة ، قال أبو عبد اللّه عليه السلام : فإذا قطعت التلبية فعليك بالتهليل والتحميد والتمجيد والثناء على اللّه عزوجل ».

لتفرغ للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة (1).

ثم ائت الموقف وعليك السكينة والوقار ، فقف بسفح الجبل (2) في ميسرته وادع بدعاء الموقف (3) وادع لأبويك كثيرا واستوهبهما من ربك عزوجل ، ولا تقف إلا وأنت على طهر وقد اغتسلت ولا تفض منها حتى تغيب الشمس ، فإنك إن أفضت قبل غروبها لزمك دم شاة (4).

دعاء الموقف

3136 - روى زرعة عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إذا أتيت الموقف فاستقبل البيت وسبح اللّه تعالى مائة مرة ، وكبر اللّه تعالى مائة مرة ، وتقول : « ما شاء اللّه لا قوة إلا باللّه » مائة مرة ، وتقول : « أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، ويميت ويحيي ، بيده خير وهو على كل شئ قدير » مائة مرة ، ثم تقرأ عشر آيات من أول سورة البقرة ، ثم تقرأ قل هو اللّه أحد ثلاث مرأت ، وتقرأ آية الكرسي حتى تفرغ منها ، ثم تقرأ آية السخرة

ص: 541


1- في الكافي ج 4 ص 461 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا غدوت إلى عرفة فقل وأنت متوجه إليها : « اللّهم إليك صمدت ، وإياك اعتمدت ، ووجهك أردت ، فأسألك أن تبارك لي في رحلتي ، وأن تقضى لي حاجتي ، وأن تجعلني اليوم ممن تباهى به من هو أفضل منى » ثم تلب وأنت غاد إلى عرفات ، فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خبأك بنمرة - ونمرة هي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة - فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصل الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، وإنما تعجل العصر ويجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة ».
2- أي المواضع السوية تحته ولا تقف فوقه ولا على التلال كما تقدم (م ت) وفى رواية مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « عرفات كلها موقف وأفضل الموقف سفح الجبل » ، وفى الكافي ج 4 ص 463 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قف في ميسرة الجبل فان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقف بعرفات في ميسرة الجبل الخبر ».
3- راجع الكافي ج 4 ص 464 وفيه دعاء غير ما يأتي عن زرعة عن أبي بصير.
4- تقدم أخبار في أن عليه بدنة وهو أحوط راجع ص 467 الهامش الرابع.

« إن ربكم اللّه الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا - إلى آخرها » ثم تقرأ : قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس حتى تفرغ منهما ، ثم تحمد اللّه عزوجل على كل نعمة أنعم عليك وتذكر أنعمه واحدة واحدة ما أحصيت منها ، وتحمده على ما أنعم عليك من أهل أو مال ، وتحمد اللّه عزوجل على ما أبلاك وتقول : « اللّهم لك الحمد على نعمائك التي لا تحصى بعدد ولا تكافى بعمل » وتحمده بكل آية ذكر فيها الحمد لنفسه في القرآن وتسبحه بكل تسبيح ذكر به نفسه في القرآن ، وتكبره بكل تكبير كبر به نفسه في القرآن ، وتهلله بكل تهليل هلل به نفسه في القرآن ، وتصلي على محمد وآل محمد وتكثر منه وتجتهد فيه ، وتدعو اللّه عزوجل بكل اسم سمى به نفسه في القرآن وبكل اسم تحسنه ، وتدعوه بأسمائه التي في آخر الحشر ، وتقول : « أسألك يا اللّه يا رحمن بكل اسم هو لك وأسألك بقوتك وقدرتك وعزتك ، وبجميع ما أحاط به علمك ، وبجمعك وبأركانك كلها ، وبحق رسولك صلواتك عليه وآله وباسمك الأكبر الأكبر ، وباسمك العظيم الذي من دعاك به كان حقا عليك أن تجيبه وباسمك الأعظم الأعظم الأعظم الذي من دعاك به كان حقا عليك أن لا ترده وأن تعطيه ما سأل أن تغفر لي جميع ذنوبي في جميع علمك في » وتسأل اللّه تعالى حاجتك كلها من أمر الآخرة والدنيا ، وترغب إليه في الوفادة في المستقبل وفي كل عام ، وتسأل اللّه الجنة سبعين مرة ، وتتوب إليه سبعين مرة وليكن من دعائك « اللّهم فكني من النار وأوسع علي من رزقك الحلال الطيب ، وادرأ عنى شر فسقة الجن والإنس  ، وشر فسقة العرب والعجم ».

فإن نفد هذا الدعاء ولم تغرب الشمس فأعده من أوله إلى آخرة ولا تمل من الدعاء والتضرع والمسألة.

3137 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لعلي عليه السلام : ألا أعلمك دعاء يوم عرفة وهو دعاء من كان قبلي من الأنبياء؟ فقال علي عليه السلام : بلى يا رسول اللّه ، قال : فتقول : « لا إله إلا اللّه وحده

ص: 542

لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيى ويميت ، ويميت ويحيي ، وهو حي لا يموت بيده الخير ، وهو على كل شئ قدير ، اللّهم لك ، الحمد أنت كما تقول وخير ما يقول القائلون ، اللّهم لك صلاتي وديني ومحياي ومماتي ، ولك تراثي وبك حولي ومنك قوتي ، اللّهم إني أعوذ بك من الفقر ومن وسواس الصدر ومن شتات الامر ومن عذاب النار ومن عذاب القبر ، اللّهم إني أسألك من خير ما تأتي به الرياح وأعوذ بك من شر ما تأتي به الرياح ، وأسألك خير الليل وخير النهار.

3138 - وفي رواية عبد اللّه بن سنان : « اللّهم اجعل في قلبي نورا وفي سمعي [نورا] وفي بصري نورا وفي لحمي ودمي وعظامي وعروقي ومفاصلي ومقعدي ومقامي ومدخلي ومخرجي نورا ، وأعظم لي نورا يا رب يوم ألقاك إنك على كل شئ قدير ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذا الدعاء تام كاف لموقف عرفة وقد أخرجت دعاء جامعا لموقف عرفة في كتاب دعاء الموقف فمن أحب أن يدعو به دعا به إن شاء اللّه تعالى.

الإفاضة من عرفات

فإذا غربت الشمس يوم عرفة فامش وعليك السكينة والوقار ، وأفض بالاستغفار فإن اللّه عزوجل يقول : « ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا اللّه إن اللّه غفور رحيم » (1).

3139 - وروى زرعة ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : إذا غربت الشمس يوم عرفة فقل : « اللّهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف وارزقنيه أبدا ما أبقيتني ، واقلبني اليوم مفلحا منجحا مستجابا لي ، مرحوما مغفورا لي بأفضل ما ينقلب به اليوم أحد من وفدك وحجاج بيتك الحرام ، واجعلني اليوم من أكرم وفدك عليك ، وأعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم من الخير والبركة [والعافية] والرحمة والرضوان والمغفرة ، وبارك لي فيما أرجع إليه من أهل أو مال أو قليل أو كثير وبارك لهم في » (2).

ص: 543


1- كما في خبر معاوية بن عمار في الكافي ج 4 ص 467.
2- الخبر إلى هنا في التهذيب ج 1 ص 499 باب الإفاضة من عرفات.

فإذا أفضت فاقتصد في السير وعليك بالدعة واترك الوجيف (1) الذي يصنعه كثير من الناس في الجبال والأودية ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله كان يكف ناقته حتى تبلغ رأسها الورك ويأمر بالدعة ، وسنته السنة التي تتبع. (2)

فإذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر وهو عن يمين الطريق فقل : « اللّهم ارحم موقفي ، وبارك لي في علمي ، وسلم لي ديني ، وتقبل مناسكي ».

فإذا أتيت مزدلفة وهي جمع فأنزل في بطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر الحرام ، فإن لم تجد فيه موضعا فلا تجاوز الحياض التي عند وادي محسر فإنها فصل ما بين جمع ومنى ، وصل المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ثم صل نوافل المغرب بعد العشاء ، ولا تصل المغرب ليلة النحر إلا بالمزدلفة ، وإن ذهب ربع الليل إلى ثلثه وبت بمزدلفة ، وليكن من دعائك فيها (3) « اللّهم هذه جمع فاجمع لي فيها جوامع الخير كله ، اللّهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي وعرفني ما عرفت أولياءك في منزلي وهب لي جوامع الخير واليسر كله » وإن استطعت أن لا تنام تلك الليلة فافعل ، فإن أبواب السماء لا تغلق لأصوات المؤمنين لها (4) دوي

ص: 544


1- الوجيف : الاضطراب والسرعة في المشي.
2- الورك : ما فوق الفخذ ، وهي مؤنثة. والدعة : الخفض والسعة والسير اللين والسكينة والوقار.
3- روى الكليني ج 4 ص 9 46 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال : « لا تصل المغرب حتى تأتى جمعا فتصلى بها المغرب والعشاء الآخرة باذان واحد وإقامتين ، وانزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر ، ويستحب للصرورة أن يقف على المشعر الحرام ويطأه برجله ولا يجاوز الحياض ليلة المزدلفة ، وتقول : « اللّهم هذه جمع ، اللّهم إني أسألك أن يجمع لي فيها جوامع الخير ، اللّهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي وأطلب إليك أن تعرفني ما عرفت أولياءك في منزلي هذا ، وأن تقيني جوامع الشر » وان استطعت أن تحيى تلك الليلة فافعل فإنه بلغنا أن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لأصوات المؤمنين ، لهم دوي كدوي النحل يقول اللّه جل ثناؤه ، أنا ربكم وأنتم عبدي أديتم حقي وحق على أن أستجيب - إلى آخر ما في المتن ».
4- أي للأصوات.

كدوي النحل يقول اللّه تبارك وتعالى : أنا ربكم وأنتم عبادي يا عبادي أديتم حقي وحق علي أن أستجيب لكم ، فيحط تلك الليلة عمن أراد أن يحط عنه [ذنوبه] ويغفر ذنوبه لمن أراد أن يغفر له.

أخذ حصى الجمار من جمع

وخذ حصى الجمار من جمع ، وإن شئت أخذتها من رحلك بمنى ، ولا تأخذ من حصى الجمار الذي قد رمي ، ولا تكسر الأحجار كما يفعل عوام الناس ، ولا بأس أن تأخذ حصى الجمار من حيث شئت من الحرم إلا من المسجد الحرام ومسجد الخيف وتكون منقطة كحلية مثل الأنملة أو مثل حصى الخذف (1) واغسلها وهي سبعون حصاة وشدها في طرف ثوبك واحتفظ بها (2).

الوقوف بالمشعر الحرام

فإذا طلع الفجر فصل الغداة وقف بها بسفح الجبل (3). ويستحب للصرورة أن يطأ المشعر برجله أو براحلته إن كان راكبا قال اللّه تعالى : « فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا اللّه عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين » وليكن وقوفك وأنت على غسل (4) وقل : « اللّهم رب المشعر الحرام ، و رب الركن والمقام ، ورب الحجر الأسود وزمزم ، ورب الأيام المعلومات فك رقبتي من النار وأوسع علي من رزقك الحلال ، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس و

ص: 545


1- تقدم الكلام والاخبار في ذلك.
2- قال المولى المجلسي : أما الغسل والشد فلم نطلع على خبر يدل عليهما والظاهر أنه رآه في خبر كما هو دأبهم.
3- هو الوقوف الواجب الذي هو ركن ويجب النية عند طلوع الصبح بأن يقف في المشعر إلى طلوع الشمس.
4- الظاهر أنه فهم الغسل من لفظ الطهر في رواية ابن عمار والأظهر أن المراد به الطهر من الحدث بأن لا يكون محدثا بالحدث الأصغر والأكبر ، لكن الغسل مستحب لكونه يوم الأضحى. (م ت)

شر فسقة العرب والعجم ، اللّهم أنت خير مطلوب إليه وخير مدعو وخير مسؤول ولكل وافد جائزة فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تقيلني عثرتي ، وتقبل معذرتي ، وتتجاوز عن خطيئتي ، وتجعل التقوى من الدنيا زادي ، وتقلبني مفلحا ، منجحا ، مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك وحجاج بيتك الحرام » (1) وادع اللّه عزوجل كثيرا لنفسك ولوالديك وولدك وأهلك ومالك وإخوانك المؤمنين و المؤمنات فإنه موطن شريف عظيم والوقوف فيه فريضة ، فإذا طلعت الشمس فاعترف لله عزوجل بذنوبك سبع مرات واسأله التوبة سبع مرات ، وإذا كثر الناس بجمع وضاقت عليهم ارتفعوا إلى المأزمين.

الإفاضة من المشعر الحرام

فإذا طلعت الشمس على جبل ثبير ورأت الإبل مواضع أخفافها فأفض ، و إياك أن تفيض منها قبل طلوع الشمس فيلزمك دم شاة (2) وأفض وعليك السكينة والوقار ، واقصد في مشيك إن كنت راجلا ، وفي مسيرك ان كنت راكبا ، وعليك بالاستغفار فإن اللّه عزوجل يقول : ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا

ص: 546


1- روى الكليني ج 4 ص 469 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أصبح على طهر بعد ما تصلى الفجر فقف ان شئت قريبا من الجبل وان شئت حيث شئت ، فإذا وقفت فاحمد اللّه واثن عليه واذكر من آلائه وبلائه ما قدرت عليه ، وصل على النبي صلى اللّه عليه وآله وليكن من قولك » اللّهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار ، وأوسع على من رزقك الحلال ، وادرأ عنى شر فسقة الجن والإنس ، اللّهم أنت خير مطلوب إليه وخير مدعو وخير مسؤول ، ولكل وافد جائزة فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تقيلني عثرتي وتقبل معذرتي وأن تجاوز عن خطيئتي ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي ، ثم أفض حين تشرق لك ثبير وترى الإبل الإبل موضع أخفافها. وما اشتمل عليه من الطهارة والوقوف والذكر والدعاء فالمشهور استحبابها وإنما الواجب النية والكون بها ما بين الطلوعين.
2- تقدم ، وتقدم أيضا استحباب الإفاضة قبله بقليل ولكن لا يجاوز وادى محسر حتى تطلع الشمس ، وتقدم لزوم الدم وغيره (م ت) أقول : ثبير جبل بين مكة ومنى على يمين الداخل منها إلى مكة. (المصباح المنير).

اللّه إن اللّه غفور رحيم ، ويكره المقام عند المشعر بعد الإفاضة (1).

فإذا انتهيت إلى وادي محسر - وهو واد عظيم بين جمع ومنى وهو الذي إلى منى أقرب - فاسع فيه مقدار مائة خطوة وإن كنت راكبا فحرك راحلتك قليلا وقل : « رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم » كما قلت في المسعى بمكة ، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يحرك ناقته فيه ويقول : « اللّهم سلم عهدي ، واقبل توبتي ، وأجب دعوتي ، واخلفني فيمن تركت بعدي (2) ».

ومن ترك السعي في وادي محسر فعليه أن يرجع حتى يسعى فيه ، فمن لم يعرف موضعه سأل الناس عنه (3) ، ثم امض إلى منى.

الرجوع إلى منى ورمى الجمار

فإذا أتيت رحلك بمنى فاقصد إلى جمرة العقبة وهي القصوى وأنت على طهر (4)

ص: 547


1- أي بعد إفاضة الناس. (مراد)
2- روى الكليني ج 4 ص 471 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إذا مررت بوادي محسر - وهو واد عظيم بين جمع ومنى وهو إلى منى أقرب - فاسع فيه حتى تجاوزه فان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حرك ناقته وقال : « اللّهم سلم لي عهدي واقبل توبتي وأجب دعوتي واخلفني فيمن ترك بعدي ».
3- روى الكليني ج 4 ص 470 في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وغيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه قال لبعض ولده : هل سعيت في وادى محسر ، فقال : لا ، قال : فأمره أن يرجع حتى يسعى ، قال : فقال له ابنه : لا أعرفه ، فقال له : سل الناس ».
4- روى الكليني ج 4 ص 482 في الصحيح عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجمار ، فقال : لا ترم الا وأنت على طهر » وحمل على تأكد الاستحباب إذا أمكن وتيسر ، وهذا قول العلماء أجمع سوى المفيد والمرتضى وابن الجنيد - رحمهم اللّه - فإنهم ذهبوا إلى الوجوب ، ويؤيد الاستحباب ما رواه الشيخ في التهذيب باسناده القوى عن حميد بن مسعود قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رمى الجمار على غير طهور؟ قال : الجمار عندنا مثل الصفا والمروة حيطان ان طفت بينهما على غير طهور لم يضرك والطهر أحب إلى فلا تدعه وأنت قادر عليه » ، وروى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الغسل إذا رمى الجمار ، فقال : ربما فعلت وأما السنة فلا ولكن من الحر والعرق ».

وأخرج مما معك من حصى الجمار سبع حصيات ، وتقف في وسط الوادي مستقبل القبلة ، يكون بينك وبين الجمرة عشر خطوات أو خمس عشرة خطوة وتقول وأنت مستقبل القبلة (1) والحصى في كفك اليسرى « اللّهم هذه حصياتي فأحصهن لي وارفعهن في عملي » ثم تتناول منها واحدة وترمي الجمرة من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها ، وتقول مع كل حصاة إذا رميتها : « اللّه أكبر ، اللّهم ادحر عني الشيطان وجنوده ، اللّهم اجعله حجا مبرورا ، وعملا مقبولا ، وسعيا مشكورا ، و ذنبا مغفورا ، اللّهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك محمد صلى اللّه عليه وآله (2) » حتى ترميها بسبع حصيات ، ويجوز أن تكبر مع كل حصاة ترميها تكبيرة (3) فإن سقطت منك حصاة في الجمرة أو في طريقك فخذ مكانها من تحت رجليك ولا تأخذ من حصى -

ص: 548


1- الظاهر أن هذا من سهو النساخ أو المصنف إذ لا يمكن الاستقبال مع الرمي من الأسفل والظاهر من كلام الشهيد في الدروس أنه حمل الاستقبال للقبلة في كلام ابن بابويه على الاستقبال في حال الدعاء لاحالة الرمي فقال : « فيوافق المشهور الا في الدعاء » (سلطان) وفى الشرايع « و في جمرة العقبة يستقبلها ويستدبر القبلة » والمراد كونه مقابلا لها عاليا عليها إذ ليس لها وجه خاص يتحقق به الاستقبال. وفى نسخة مصححة عندي صححها بالحك والاصلاح « مستدبر القبلة » وجعل ما في المتن نسخة.
2- روى الكليني ج 4 ص 478 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : خذ حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها وتقول - والحصى في يدك - : « اللّهم هؤلاء حصياتي فاحصهن لي وارفعهن في عملي » ثم ترمى وتقول مع كل حصاة « اللّه أكبر » اللّهم ادحر عنى الشيطان ، اللّهم تصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك (صلی اللّه عليه وآله) للهم اجعله حجا مبرورا ، وعملا مقبولا ، وسعيا مشكورا ، وذنبا مغفورا « وليكن فيما بينك وبين الجمرة قدر عشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعا ، فإذا أتيت رحلك ورجعت من الرمي فقل. » اللّهم بك وثقت وعليك توكلت فنعم الرب ونعم المولى و نعم النصير « قال : ويستحب أن يرمى الجمار على طهر ».
3- في الكافي ج 4 ص 481 في الصحيح عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت : « ما أقول : إذا رميت؟ فقال : كبر مع كل حصاة ».

الجمار الذي قد رمي بها (1) وإذا رميت جمرة العقبة حل لك كل شئ إلا النساء والطيب (2) وترمي يوم الثاني والثالث والرابع في كل يوم بإحدى وعشرين حصاة ، و ترمي إلى الجمرة الأولى بسبع حصيات وتقف عندها وتدعو ، وإلى الجمرة الثانية بسبع حصيات وتقف عندها وتدعو ، وإلى الجمرة الثالثة بسبع حصيات ولا تقف عندها ، فإذا رجعت من رمي الجمار يوم النحر إلى رحلك بمنى فقل : « اللّهم بك وثقت ، وعليك توكلت ، فنعم الرب أنت ، ونعم المولى ونعم النصير (3) ».

الذبح

واشتر هديك إن كان من البدن أو من البقر أو من الغنم وإلا فاجعله كبشا سمينا فحلا ، فإن لم تجد فحلا فموجوءا من الضأن (4) فإن لم تجد فتيسا فحلا ، وإن لم تجد فما تيسر لك ، وعظم شعائر اللّه عزوجل فإنها من تقوى القلوب ، ولا تعط الجزار جلودها ولا قلائدها ولا جلالها ولكن تصدق بها ، ولا تعط السلاخ منها شيئا (5).

ص: 549


1- تقدم الاخبار والكلام فيه.
2- هذا خلاف المشهور من أنه يحل بعد الحلق ، بل خلاف ما أفتى به المصنف سابقا بنقل رواية معاوية بن عمار أن الحل المذكور يحصل بعد الذبح ونسب في المدارك إلى المصنف مخالفة المشهور في هذه المسألة وقال : « قال ابن بابويه : انه يتحلل بالرمي الا من الطيب والنساء ولا يخفى أنه ينافي ما روى سابقا عن معاوية بن عمار ان التحلل يحصل بالذبح والحلق فإنه  - رحمه اللّه - يفتى بما يروى في هذا الكتاب ».
3- تقدم آنفا في خبر معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- في الكافي ج 4 ص 491 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال ، « إذا رميت الجمرة فاشتر هديك - الخ » والموجوء هو الذي وجئت خصيتاه. والتيس : الذكر من المعز.
5- في الكافي ج 4 ص 501 في الحسن كالصحيح عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يعطى الجزار من جلود الهدى وأجلالها شيئا ». وعن معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال : « نحر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بدنة ولم يعط الجزارين جلودها ولا قلائدها ولا جلالها ، ولكن تصدق به ، ولا تعط السلاخ منها شيئا ولكن أعطه من غير ذلك » والاجلال جمع جل وقد يجمع على جلال أيضا ، وقال في الدروس : يستحب الصدقة بجلودها وجلالها وقلائدها تأسيا بالنبي صلى اللّه عليه وآله ، ويكره بيع الجلود واعطاؤها الجزار أجرة لا صدقة.

فإذا اشتريت هديك فاستقبل القبلة وانحره أو اذبحه وقل : « وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، اللّهم منك ولك بسم اللّه واللّه أكبر ، اللّهم تقبل مني » ثم اذبح ولا تنخع حتى يموت ويبرد ثم كل وتصدق وأطعم وأهد إلى من شئت ، ثم احلق رأسك (1).

وقد ذكرت الأضاحي في هذا الكتاب وأنا أعيد ذكر ما لا بد من إعادته في هذا الموضع.

لا يجوز في الأضاحي من البدن إلا الثني وهو الذي تم له خمس سنين و دخل في السادسة ، ويجزى من البقر والمعز الثنى وهو الذي تم له سنة ودخل في الثانية ، ويجزي من الضأن الجذع لسنة ، وتجزي البقرة عن سبعة نفر بالأمصار ، و بمنى عن واحد (2) ، والبدنة تجزي عن سبعة ، والجزور تجزي عن عشرة متفرقين ، والكبش يجزي عن الرجل وعن أهل بيته ، وإذا عزت الأضاحي أجزأت شاة عن سبعين (3).

الحلق

وإذا أردت أن تحلق رأسك فاستقبل القبلة وابدأ بالناصية واحلق رأسك إلى العظمين النابتين من الصدغين قبالة وتد الاذنين (4) فإذا حلقت ، فقل : « اللّهم أعطني

ص: 550


1- تقدم الكلام والاخبار فيه ص 503. 504.
2- كما تقدم راجع ص 491 و 492.
3- راجع ص 492 الهامش.
4- في الكافي في الصحيح عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن آبائه عن علي عليهم السلام قال : « السنة في الحلق أن يبلغ العظمين » والظاهر أن المراد به منتهى الرأس لابيان انتهاء الحلق إليه ويحمل كلام المصنف أيضا عليه.

بكل شعرة نورا يوم القيامة (1) » وادفن شعرك بمنى (2).

زيارة البيت

وزر البيت يوم النحر أو من الغد وأنت على غسل ولا تؤخر أن تزوره من يومك أو من الغد فإنه ليس للمتمتع أن يؤخره وموسع للمفرد أن يؤخره ، وقل في طريقك وأنت متوجه إلى الزيارة من تمجيد اللّه والثناء عليه والصلاة على النبي وآله ما قدرت عليه ، فإذا بلغت باب المسجد فقم عليه وقل : « اللّهم أعني على نسكي وسلمه لي وسلمني منه ، أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه أن تغفر لي ذنوبي وأن ترجعني بحاجتي ، اللّهم إني عبدك ، والبلد بلدك ، والبيت بيتك ، جئت أطلب رحمتك وأبتغي مرضاتك (3) متبعا لأمرك ، راضيا بقدرك ، أسألك مسألة المضطر إليك المطيع لأمرك ، المشفق من عذابك ، الخائف لعقوبتك ، أسألك أن تلقيني عفوك (4) و تجيرني برحمتك من النار ».

اتيان الحجر الأسود

ثم تأتي الحجر الأسود فتستلمه فإن لم تستطع فامسحه بيدك وقبل يدك ، فإن لم تستطع فاستقبله وأشر إليه بيدك وقبلها وكبر وقل مثل ما قلت يوم طفت بالبيت يوم قدمت مكة ، وطف بالبيت سبعة أشواط كما وصف لك ، ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام تقرأ فيهما في الأولى الحمد وقل هو اللّه أحد وفي الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون ، ثم ارجع إلى الحجر الأسود فقبله إن استطعت أو استلمه وكبر (5).

ص: 551


1- روى الشيخ في التهذيب مسندا عن معاوية بن عمار عن أبي جعفر عليه السلام قال : « أمر الحلاق أن يضع الموسى على قرنه الأيمن ثم أمره أن يحلق وسمى هو وقال : اللّهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيامة ».
2- في الكافي ج 4 ص 502 باسناده عن أبي شبل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان المؤمن إذا حلق رأسه بمنى ثم دفنه جاء يوم القيامة وكل شعرة لها لسان طلق تلبي باسم صاحبها ».
3- في بعض النسخ « وأبتغي طاعتك ».
4- في بعض النسخ « تبلغني عفوك ».
5- في الكافي ج 4 ص 511 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ينبغي للمتمتع أن يزور البيت يوم النحر أو من ليلته ولا يؤخر ذلك ». و في الصحيح عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام في زيارة البيت يوم النحر ، قال : زره فان شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد ولا تؤخره أن تزور من يومك فإنه يكره للمتمتع أن يؤخره ، وموسع للمفرد أن يؤخره ، فإذا أتيت البيت يوم النحر فقمت على باب المسجد قلت : « اللّهم أعني على نسكك وسلمني له وسلمه لي ، أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه أن تغفر لي ذنوبي وأن ترجعني بحاجتي ، اللّهم إني عبدك ، والبلد بلدك ، والبيت بيتك جئت أطلب رحمتك ، وأؤم طاعتك ، متبعا لأمرك ، راضيا بقدرك ، أسألك مسألة المضطر إليك ، المطيع لأمرك ، المشفق من عذابك ، الخائف لعقوبتك أن تبلغني عفوك وتجيرني من النار برحمتك ، ثم تأتى الحجر الأسود فتسلمه وتقبله ، فإن لم تستطع فاستلمه بيدك وقبل يدك ، فإن لم تستطع فاستقبله وكبر وقل كما قلت حين طفت بالبيت يوم قدمت مكة ، ثم طف بالبيت سبعة أشواط كما وصفت لك يوم قدمت مكة ، ثم صل عند مقام إبراهيم عليه السلام ركعتين تقرأ فيهما بقل هو اللّه أحد وقل يا أيها الكافرون ، ثم ارجع إلى الحجر الأسود فقبله ان استطعت واستقبله وكبر ، ثم اخرج إلى الصفا فاصعد عليه واصنع كما صنعت يوم دخلت مكة ، ثم ائت المروة فاصعد عليهما وطف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة ، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ أحرمت منه الا النساء ، ثم ارجع إلى البيت وطف به أسبوعا آخر ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام ، ثم أحللت من كل شئ وفرغت من حجك كله وكل شئ أحرمت منه ».
الخروج إلى الصفا

ثم اخرج إلى الصفا واصنع عليه كما صنعت يوم قدمت مكة ، وطفت بينهما سبعة أشواط ، تبدأ بالصفا وتختم بالمروة ، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ أحرمت منه إلا النساء (1).

طواف النساء

صم ارجع إلى البيت وطف به أسبوعا وهو طواف النساء ، ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو حيث شئت من المسجد (2) وقد حل لك النساء و [قد] فرغت من

ص: 552


1- هذا خلاف المشهور فإن المحلل الثاني على المشهور هو طواف الزيارة.
2- وجوب صلاة ركعتي الفريضة خلف المقام أو إلى أحد جانبيه بحيث لا يتباعد عنه عرفا مع الاختيار قول معظم الاصحاب، و قال الشيخ في الخلاف: يستحب فعلهما خلف المقام فان لم يفعل و فعل في غيره أجزأ، و نقل عن أبي الصلاح أنّه جعل محلهما المسجد الحرام مطلقا و وافقه ابنا بابويه في ركعتى طواف النساء خاصّة و هما مدفوعان بالاخبار المستفيضة المتضمّنة لوجوب ايقاعهما خلف المقام أو عنده السليمة من المعارضة، و هذا الحكم مختص بصلاة طواف الفريضة أما النافلة فيجوز فعلها حيث شاء من المسجد للاصل و اختصاص الروايات المتضمنة للصلاة خلف المقام بطواف الفريضة و لما رواه الشيخ- رحمه اللّه- عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال:« لا ينبغي أن يصلى ركعتى طواف الفريضة الا عند مقام إبراهيم عليه السلام فأما التطوع فحيث شئت من المسجد.( المدارك).

حجك كله إلا رمي الجمار وأحللت من كل شئ أحرمت منه.

الرجوع إلى منى

ولا تبت ليالي التشريق إلا بمنى ، فإن بت في غيرها فعليك دم شاة لكل ليلة وإن خرجت أول الليل من منى فلا ينتصف الليل إلا وأنت بمنى ، أو قد خرجت من مكة إلا أن تكون في شغل من طوافك وسعيك وأصبحت بمكة فلا شئ عليك وإن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرك أن تصبح في غيرها (1).

رمى الجمار

وارم الجمار في كل يوم بعد طلوع الشمس إلي الزوال وكلما قرب من الزوال فهو أفضل (2).

ص: 553


1- روى الكليني ج 4 ص 514 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تبت ليالي التشريق الا بمنى ، فان بت في غيرها فعليك دم ، وان خرجت أول الليل فلا ينتصف لك الليل الا وأنت بمنى الا أن يكون شغلك بنسكك أو قد خرجت من مكة و ان خرجت نصف الليل فلا يضرك أن تصبح بغيرها ، قال : وسألته عن رجل زار عشاء فلم يزل في طوافه ودعائه وفى السعي بين الصفا والمروة حتى يطلع الفجر؟ قال : ليس عليه شئ كان في طاعة اللّه ».
2- وقت الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها كما هو ظاهر النصوص والمشهور بين الأصحاب ، وذهب إليه الشيخ في النهاية والمبسوط وقال في الخلاف : لا يجوز الرمي أيام التشريق الا بعد الزوال واختاره ابن زهرة ، وقال ابن حمزة : وقت الرمي طول النهار و الفضل في الرمي عند الزوال ، وبه قال ابن إدريس وقال في المدارك المعتمد الأول.

وقد رويت رخصة من أول النهار إلى آخره (1).

وقل ما قلت يوم رميت جمرة العقبة وابدأ بالجمرة الأولى وأرمها بسبع حصيات من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها ، ثم قف على يسار الطريق واحمد اللّه عزوجل و اثن عليه وصل على النبي وآله ، ثم تقدم قليلا وادع اللّه عزوجل واسأله أن يتقبل منك ، ثم تقدم قليلا وادع اللّه ثم تقدم قليلا ثم افعل ذلك عند الوسطى ترميها بسبع حصيات واصنع كما صنعت في الأولى وتقف عندها وتدعو ، ثم امض إلى الثالثة وعليك السكينة والوقار وارمها بسبع حصيات ولا تقف عندها.

التكبير أيام التشريق

والتكبير في الأضحى (2) من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الرابع (3) يكون ذلك في خمس عشرة صلاة وذلك بمنى ، وبالأمصار في دبر عشرة صلوات من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الثالث (4) ، والتكبير أن تقول : « اللّه أكبر ، اللّه أكبر ، لا إله إلا اللّه ، واللّه أكبر ، اللّه أكبر ، ولله الحمد ، اللّه أكبر على ما هدانا ، والحمد لله على ما أبلانا ، واللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ».

ص: 554


1- راجع التهذيب ج 1 ص 521 والاستبصار ج 2 ص 296 والكافي ج 4 ص 481.
2- المشهور استحباب هذا التكبير وقال ابن الجنيد والسيد بالوجوب وما ورد في الاخبار بلفظ الوجوب محمول على تأكد الاستحباب.
3- كذا.
4- روى الكليني ج 4 ص 516 في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عزوجل » واذكروا اللّه في أيام معدودات « قال : التكبير في أيام التشريق من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من يوم الثالث وفى الأمصار عشر صلوات - الخ » وفى الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « التكبير أيام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر (كذا في جميع نسخه وفى التهذيب « إلى صلاة الفجر » وهو الصواب) من آخر أيام التشريق ان أنت أقمت بمنى وان أنت خرجت فليس عليك التكبير والتكبير أن تقول : « اللّه أكبر ، اللّه أكبر ، لا اله الا اللّه و اللّه أكبر، اللّه أكبر، و للّه الحمد، اللّه أكبر على ما هدانا، اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام، و الحمد للّه على ما أبلانا» و في الحسن كالصحيح عن زرارة قال: قلت لابى- جعفر عليه السلام:« التكبير في أيّام التشريق في دبر الصلوات، فقال: التكبير بمنى في دبر خمسة عشر صلاة و في سائر الامصار في دبر عشر صلوات و أول التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر يقول فيه:« اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلّا اللّه و اللّه أكبر، اللّه أكبر، و للّه الحمد، اللّه أكبر على ما هدانا، اللّه أكبر على ما رزقنا من البهيمة الانعام» و انما جعل في سائر الامصار في دبر عشر صلوات لانه إذا نفر الناس في النفر الأول أمسك أهل الامصار عن التكبير و كبر أهل منى ما داموا بمنى الى النفر الأخير» و قال العلّامة المجلسيّ: الأولى في كيفية التكبير اتباع هذا الخبر المعتبر و ان كان خلاف ما ذكره الاكثر.
النفر من منى

فإذا أردت أن تنفر من منى يوم الرابع (1) من يوم النحر نفرت إذا طلعت الشمس ولا عليك أي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده ، فإذا أردت أن تنفر في النفر الأول وهو اليوم الثالث فانفر إذا زالت الشمس فإنه ليس لك أن تنفر قبل زوال الشمس ، وإن أنت أقمت إلى أن تغيب الشمس فليس لك أن تخرج من منى ووجب عليك المقام إلى اليوم الرابع من يوم النحر وهو النفر الأخير ، وأفض إلى مكة مهللا وممجدا وداعيا فإذا بلغت مسجد النبي صلى اللّه عليه وآله وهو مسجد الحصباء دخلته واستلقيت فيه على قفاك بقدر ما تستريح (2). ومن نفر في النفر الأول فليس عليه أن يحصب (3).

ص: 555


1- كذا.
2- روى الكليني ج 4 ص 520 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس وان تأخرت إلى آخر أيام التشريق وهو يوم النفر الأخير فلا عليك أي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده ، فإذا نفرت وانتهيت إلى الحصبة وهي البطحاء فشئت أن تنزل قليلا فان أبا عبد اللّه عليه السلام قال : كان أبى ينزلها ثم يحمل فيدخل مكة من غير أن ينام بها » وفيه في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من تعجل في يومين فلا ينفر حتى تزول الشمس فان أدركه المساء بات ولم ينفر ».
3- ذلك لان التحصيب كما تقدم عن الدروس ليس من سنن الحج إنما هو فعل مستحب اقتداء بالنبي صلى اللّه عليه وآله وروى أنه صلى اللّه عليه وآله نزل بمسجد الحصبة بالأبطح في النفر الأخير.
دخول مكة

ثم ادخل مكة وعليك السكينة والوقار وقد فرغت من كل شئ لزمك في حج وعمرة وابتع بدرهم تمرا وتصدق به ليكون كفارة لما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم (1).

دخول الكعبة

وإن أحببت أن تدخل الكعبة فأدخلها وإن شئت لم تدخلها (2) إلا أن تكون صرورة فلا بد لك من دخولها (3) واغتسل قبل أن تدخلها وقل إذا دخلتها اللّهم إنك قلت في كتابك : « ومن دخله كان آمنا » فآمني من عذابك عذاب النار ثم صل بين الأسطوانتين على البلاطة الحمراء ركعتين ، تقرأ في الأولى الحمد وحم السجدة وفي الثانية الحمد وعدد آيها من القرآن ، وتصلي في زواياه وتقول : « اللّهم من تهيا أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده ونوافله وجوائزه فإليك يا سيدي (4)

ص: 556


1- روى الكليني ج 4 ص 533 في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي ، وعن معاوية بن عمار وحفص عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « ينبغي للحاج إذا قضى نسكه وأراد أن يخرج أن يبتاع بدرهم تمرا يتصدق به فيكون كفارة لما لعله دخل عليه في حجه من حك أو قملة سقطت أو نحو ذلك » وبسند مرسل عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا أردت أن تخرج من مكة فاشتر بدرهم تمرا فتصدق به قبضة قبضة ، فيكون لكل ما كان منك في احرامك وما كان منك بمكة ».
2- روى الكليني ج 4 ص 527 في الموثق كالصحيح عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال : « سألته عن دخول الكعبة ، قال : الدخول فيها دخول في رحمة اللّه ، والخروج منها خروج من الذنوب ، معصوم فيما بقي من عمره ، مغفور له ما سلف من ذنوبه ».
3- المراد تأكد الاستحباب له ، روى الكليني ج 4 ص 469 عن أبان بن عثمان ، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام ، وأن يدخل البيت ».
4- روى الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل أن تدخلها ولا تدخلها بحذاء وتقول إذا دخلت » اللّهم انك قلت « ومن دخله كان آمنا » فآمني من عذاب النار ، ثم تصلى ركعتين بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء تقرأ في الركعة الأولى حم السجدة وفى الثانية عدد آياتها من القرآن وتصلى في زواياه وتقول : « اللّهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده ونوافله وفواضله فإليك يا سيدي - إلى آخر ما في المتن ».

تهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك ونوافلك وجائزتك فلا تخيب اليوم رجائي ، يامن لا يخيب عليه سائل ، ولا ينقصه نائل ، ولا يبلغ مدحته قائل ، فإني لم آتك بعمل صالح قدمته ، ولا شفاعة مخلوق رجوتها ، لكني أتيتك مقرا بالظلم و الإساءة على نفسي ، أتيتك بلا حجة ولا عذر ، فأسألك يا من هو كذلك ان تعطيني منيتي وتقلبني برحمتك ولا تردني محروما ولا خائبا يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم ، فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم » ولا تدخلها بحذاء ولا خف ولا تبزق فيها ولا تمتخط.

وداع البيت

فإذا أردت وداع البيت فطف به أسبوعا ، وصل ركعتين حيث أحببت من الحرم وائت الحطيم - والحطيم ما بين باب الكعبة والحجر الأسود - فتعلق بأستار الكعبة وأنت قائم واحمد اللّه عزوجل واثن عليه وصل على النبي صلى اللّه عليه وآله ثم قل « اللّهم إني عبدك وابن عبدك ، ابن أمتك ، حملته على دوابك وسيرته في بلادك وأقدمته المسجد الحرام ، اللّهم وقد كان في أملي ورجائي أن تغفر لي فان كنت يا رب قد فعلت ذلك فازدد عني رضا وقربني إليك زلفى ، وإن لم تكن فعلت يا رب ذلك فمن الآن فاغفر لي قبل أن تنأى داري عن بيتك غير راغب عنه ولا مستبدل به ، هذا أو ان انصرافي إن كنت قد أذنت لي ، اللّهم فاحفظني من بين يدي ومن خلفي ومن تحتي ومن فوقي و عن يميني وعن شمالي حتى تقدمني أهلي صالحا ، فإذا أقدمتني أهلي فلا تتخل مني وأكفني مؤونة عيالي ومؤونة خلقك » (1).

ص: 557


1- راجع الكافي ج 4 ص 530 في باب وداع البيت صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

فإذا بلغت باب الحناطين (1) فاستقبل الكعبة بوجهك وخر ساجدا واسأل اللّه عزوجل أن يتقبله منك ولا يجعله آخر العهد منك ثم تقول وأنت مار : « آئبون تائبون حامدون لربنا شاكرون ، إلى اللّه راغبون ، وإلى اللّه راجعون ، وصلى اللّه على محمد وآله وسلم كثيرا ، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل » (2).

باب 301: الابتداء بمكة والختم بالمدينة

اشارة

3140 - روى هشام بن المثنى (3) ، عن سدير عن أبي جعفر عليه السلام قال له : « ابدأوا بمكة واختموا بنا » (4).

3141 - وروى عمر بن أذينة (5) ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إنما امر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرهم » (6).

3142 - وسأل بعض أصحابنا أبا جعفر عليه السلام (7) فقال له : « أبدأ بمكة أو

ص: 558


1- ذكر الشهيد في الدروس أن هذا الباب بإزاء الركن الشامي وأنه باب بنى جمع قبيلة من قريش سمى بذلك لبيع الحنطة عنده وقيل لبيع الحنوط (المدارك) وقال الفاضل التفرشي : ولا يكاد يوجد من يعرف موضع هذا الباب لان المسجد زيد فيه.
2- في الكافي في ذيل صحيحة ابن عمار التي أشرنا إليه ثم ائت زمزم فاشرب من مائها ثم اخرج وقل : « آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون إلى ربنا ، راغبون إلى اللّه ، راجعون إن شاء اللّه » ، وقوله : « آئبون » خبر مبتدأ محذوف أي نحن آئبون.
3- وكذا في الكافي ، وفى الرجال هاشم بن المثنى الحناط وهو ثقة والسدير ممدوح والطريق في الكافي حسن كالصحيح.
4- يدل على استحباب تأخير الزيارة عن الحج ولعله مخصوص بمن لا ينتهى طريقهم إلى المدينة كاهل العراق ، كما يأتي في حديث صفوان.
5- الطريق إليه صحيح وهو ثقة من أصحاب أبي الحسن موسى عليه السلام.
6- ظاهره لقاؤهم حيا ويحتمل شموله للزيارة بعد الموت أيضا. (المرآة)
7- المراد أبو جعفر الثاني لما رواه الكليني ج 4 ص 550 عن علي بن محمد ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه عن أبيه عنه عليه السلام فالسائل هو البرقي.

بالمدينة؟ فقال [له] : ابدأ بمكة واختم بالمدينة فإنه أفضل ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذه الأخبار إنما وردت فيمن يملك الاختيار ويقدر على أن يبدأ بأيهما شاء من مكة أو المدينة ، فأما من يؤخذ به على أحد الطريقين فاحتاج إلى الاخذ فيه شاء أو أبي فلا خيار له في ذلك ، فإن اخذ به على طريق المدينة بدأ بها وكان ذلك أفضل له لأنه لا يجوز له أن يدع دخول المدينة وزيارة قبر النبي صلى اللّه عليه وآله والأئمة عليهم السلام بها وإتيان المشاهد انتظار لرجوعه ، فربما لم يرجع أو اخترم دون ذلك (1) ، والأفضل له أن يبدأ بالمدينة ، وهذا معنى حديث

3143 - صفوان ، عن العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الحجاج من الكوفة يبدؤون بالمدينة أفضل أو بمكة؟ فقال : بالمدينة ».

الصلاة في مسجد غدير خم

فإذا انتهيت إلى مسجد غدير خم فأدخله وصل فيه ما بدا لك.

3144 - فإن أحمد بن محمد بن أبي نصر روى عن أبان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « يستحب الصلاة في مسجد الغدير لان النبي صلى اللّه عليه وآله أقام فيه أمير المؤمنين عليه السلام وهو موضع أظهر اللّه فيه الحق ».

3145 - وروى صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الصلاة في مسجد غدير خم بالنهار وأنا مسافر ، فقال : صل فيه فإن فيه فضلا ، وقد كان أبي عليه السلام يأمر بذلك.

3146 - وروي عن حسان الجمال (2) قال : حملت أبا عبد اللّه عليه السلام من المدينة إلى مكة فلما انتهينا إلى مسجد الغدير نظر في ميسرة المسجد فقال : ذاك موضع قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حيث قال : « من كنت مولاه فعلي مولاه » ثم نظر إلى الجانب

ص: 559


1- أي مات قبل ذلك ، وفى القاموس واخترم فلان عنا - مبنيا للمفعول - : مات ، واخترمته المنية أخذته.
2- هو ثقة ولم يذكر المصنف طريقه إليه ورواه الكليني في الصحيح عنه ج 4 ص 566.

الآخر فقال : ذاك موضع فسطاط المنافقين وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة بن الجراح ، فلما رأوه رافعا يده قال بعضهم : انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون ، فنزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية « وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين ».

نزول معرس النبي صلى اللّه عليه وآله

3147 - روى معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا انصرفت من مكة إلى المدينة وانتهيت إلى ذي الحليفة وأنت راجع إلى المدينة من مكة فائت معرس النبي صلى اللّه عليه وآله (1) فإن كنت في وقت صلاة مكتوبة أو نافلة فصل ، وإن كان غير وقت صلاة فأنزل فيه قليلا فإن النبي صلى اللّه عليه وآله قد كان يعرس فيه ويصلي فيه ».

3148 - وروى علي بن مهزيار ، عن محمد بن القاسم بن الفضيل قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « جعلت فداك أن جمالنا مر بنا ولم ينزل المعرس ، فقال : لابد أن ترجعوا إليه فرجعنا إليه » (2).

3149 - وسأل العيص بن القاسم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الغسل في المعرس فقال : ليس عليك فيه غسل ، والتعريس هو أن يصلى فيه ويضطجع فيه ليلا مر به أو نهارا » (3)

ص: 560


1- قال الجوهري : التعريس نزول القوم في السفر من آخر الليل يقعون فيه وقعة للاستراحة ثم يرتحلون ، وأعرسوا لغة فيه قليلة والموضع معرس ومعرس - انتهى ، والمراد النزول في مسجد النبي (صلی اللّه عليه وآله) الذي عرس به وهو على فرسخ من المدينة بقرب مسجد الشجرة ، وفى المراصد : المعرس : مسجد ذي الحليفة على ستة أميال من المدينة وهو منهل أهل المدينة كان رسول اللّه عليه السلام يعرس فيه ثم يرحل.
2- في بعض النسخ والكافي « فرجعت إليه » والخبر يدل على تأكد الاستحباب ، وفى الكافي ج 4 ص 565 في الصحيح عن علي بن أسباط عن بعض أصحابنا « أنه لم يعرس فأمره الرضا عليه السلام أن ينصرف فيعرس ». وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : أجمع الأصحاب على استحباب النزول والصلاة في معرس النبي (صلی اللّه عليه وآله) تأسيا به ، ويستفاد من الاخبار أن التعريس إنما يستحب في العود من مكة إلى المدينة.
3- يدل على عدم استحباب الغسل وعلى استحباب التعريس أي وقت كان. (م ت)

باب 302: تحريم المدينة وفضلها

3150 - روى زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال : « حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم المدينة ما بين لا بتيها صيدها ، حرم عليه السلام ما حولها بريدا في بريد أن يختلى خلاها أو يعضد شجرها إلا عودي الناضح » (1).

3151 - وروي « أن لا بتيها ما أحاطت به الحرار » (2).

3152 - وروي في خبر آخر : « أن ما بين لابتيها ما بين الصورين إلى الثنية » (3) والذي حرمه من الشجر ما بين ظل عائر إلى فيئ وعير وهو الذي حرم وليس

ص: 561


1- لابتا المدينة : حرتاها اللتان تكتنفان بها من الشرق والغرب ، والخلي مقصورة : الرطب من النبات واحدته خلاة ، أو كل بقلة قلعتها ، واختلاه جزه أو نزعه ، ويختلي خلاها أي يجز عشبها ، ويعضد أي يقطع ، وعودا الناضح ما يستقى عليهما الماء ، والناضح الإبل يستقى به ، واختلف في هذا الحكم فذهب جماعة من أصحابنا إلى أنه لا يجوز قطع شجر هذه المحدودة ولا قتل صيدها ، وقال في المدارك : أسنده في المنتهى إلى علمائنا ، وقيل بالكراهة و هو اختيار المحقق بل هو الأشهر وربما قيل بتحريم قطع الشجر وكراهة الصيد ، وقال العلامة المجلسي : المعتمد الأول ، وأنكر أبو حنيفة تحريم الصيد وحرمه الشافعي ومالك.
2- رواه الكليني ج 4 ص 564 والشيخ في الصحيح عن ابن مسكان ، عن الحسن الصقيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، والحرار جمع حرة : ارض ذات حجارة سود. وسيأتي الكلام فيها.
3- رواه الكليني في ذيل صحيحة ابن مسكان ، و « الصورين » تثنية الصور - بالفتح ثم السكون - موضع في أقصى بقيع الغرقد مما يلي طريق بني قريظة ، والثنية - بتشديد الياء - هو اسم موضع ثنية مشرفة على المدينة وفى الأصل كل عقبة في جبل مسلوكة ، وللمدينة ثنيتان إحديهما ثنية مدران - بكسر الميم - : موضع في طريق تبوك من المدينة في شمالها الغربي فيه مسجد للنبي عليه السلام. وأخرى ثنية الوداع وهو ثنية مشرفة على المدينة في جنوبها الغربي يطؤها من يريد مكة.

صيدها كصيد مكة ، يؤكل هذا ، ولا يؤكل ذاك (1).

3153 - وروى أبو بصير (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « حد ما حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من المدينة من رباب (3) إلى وأقم والعريض ، والنقب (4) من قبل مكة ».

3154 - وفي رواية عبد اللّه بن سنان (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يحرم من

ص: 562


1- في الكافي ج 4 ص 564 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ان مكة حرم اللّه حرمها إبراهيم عليه السلام ، و ان المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم ، لا يعضد شجرها وهو ما بين ظل عائر إلى وعير ، و ليس صيدها كصيد مكة يؤكل هذا ولا يؤكل ذلك » وقيل المراد بالظل والفيئ أصل الجبل الذي منه الظل الفيئ. ولكن تقدم شرح ذلك مفصلا في المجلد الأول ص 1. وقوله « يؤكل » يومى إلى الكراهة كما لا يخفى.
2- الظاهر هو ليث المرادي ولم يذكر المصنف طريقه إليه ويشتبه كثيرا ، ورواه الكليني ج 4 ص 564 في الصحيح عن ابن مسكان عنه.
3- كذا وهو بفتح الراء وتخفيف الباء الموحدة الأولى : جبل بين المدينة و فيد على طريق كان يسلك قديما. وفى الكافي « ذباب » - بضم المعجمة - وهو جبل بالمدينة.
4- وأقم - بالقاف - : أطعم من آطام المدينة في شرقيها عند منازل بنى عبد الأشهل إلى جانبه حرة نسبت إليه ، والاطم الحصن. والعريض - ومصغرا - واد في شرقي المدينة قرب وادى قناة ، والنقب في غربي المدينة قرب وادى عقيق يقال : نقب المدينة وقد سلكه النبي صلى اللّه عليه وآله في مسيره إلى بدر قال ابن هشام قال ابن إسحاق « فسلك صلى اللّه عليه وآله طريقه من المدينة إلى مكة على نقب المدينة ثم على العقيق ثم على ذي الحليفة ثم على أولات الجيش - أو ذات الجيش - ثم على تربان ثم على ملل - الخ » والجار في قوله عليه السلام « من قبل مكة » متعلق بالأخير ، ويحتمل أن يكون العريض معطوفا على وأقم لان كلاهما في الجهة الشرقي ، والنقب في الجهة الغربي. وان أردت أن تكون على بصيرة من الامر راجع الخريطة التقريبية للمدينة المنورة التي نشرت مع كتاب قصص الأنبياء طبع مكتبتنا.
5- طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة كما في الخلاصة.

صيد المدينة ما صيد بين الحرتين » (1).

3155 - وسأله يونس بن يعقوب قال : « يحرم علي في حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ما يحرم علي في حرم اللّه تعالى؟ قال : لا » (2).

3156 - وروى أبان ، عن أبي العباس - يعني الفضل بن عبد الملك - قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم المدينة؟ فقال : نعم حرم بريدا في بريد عضاها ، قلت : صيدها؟ قال : لا ، يكذب الناس » (3).

ص: 563


1- الحرتان هما حرة وأقم التي كانت في مشرق المدينة ممتدة من الشمال إلى الجنوب دون وادى العريض ، وحرة وبرة التي كانت في مغربها وهي أيضا ممتدة من الشمال إلى الجنوب دون وادى عقيق ، ويستفاد من هذا الخبر الفرق بين صيد حرم مكة وصيد حرم المدينة لان صيد مكة يحرم في جميع الحرم وليس كذلك في حرم المدينة لان الذي يحرم منها هو القدر المخصوص وهو ما بين الحرتين فقط.
2- يدل على عدم المساواة في جميع الأحكام ولا ينافي مساواته لها في بعض الأحكام كالصيد وقطع الحشيش والشجر ، أو يحمل الحرمة على الكراهة الشديدة كما ذهب إليه جماعة وفى المدارك : قال العلامة في المنتهى : « حرم المدينة يفارق حرم مكة في أمور أحدها أنه لا كفارة فيما يقتل فيه من صيد أو قطع شجر ، الثاني أنه يباح من شجر المدينة ما تدعو الحاجة إليه من الحشيش للعلف ، الثالث أنه لا يجب دخولها الا بالاحرام ، الرابع أن من أدخل صيدا إلى المدينة لم يجب ارساله. انتهى كلامه - رحمه اللّه - » وهو جيد لمطابقة ما ذكر لمقتضى الأصل وان أمكن المناقشة في جواز الاحتشاش.
3- العضاه - بكسر العين المهملة ، والضاد المعجمة وبعد الألف هاء - : جمع عضاهة وهي شجرة الخمط ، وقيل : بل كل شجرة ذات شوك ، وقيل : ما عظم منها ، قال الجوهري في باب الهاء فصل العين المهملة : العضاه : كل شجر يعظم وله شوك ، وفى باب الياء فصل الغين المعجمة : الغضى : شجر - انتهى ، وقال صاحب المنتقى : قد ضبطت في الكافي والتهذيب بالغين المعجمة ولا يخلو من نظر إذ ظاهر أن المراد ههنا مطلق الشجر ، والغضى شجر مخصوص - انتهى ، أقول : روى مسلم باسناده عن عامر بن سعد عن أبيه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « انى أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها ، أو يقتل صيدها » وهكذا رواه البغوي في المصابيح ، وقوله « لا يكذب الناس » قال الفيض - رحمه اللّه - يحتمل معنيين أحدهما أن يكون « لا » كلاما برأسه ، و « يكذب الناس » كلاما آخر على حدة من الكذب ، والثاني أن يكونا كلاما واحدا من التكذيب على سبيل التقية فان العامة روت في التحريم رواية - انتهى ، وقال الشيخ : التكذيب إنما هو للتعميم بل لا يحرم الا ما بين الحرتين.

3157 - ولما دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم المدينة قال : « اللّهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد ، وبارك في صاعها ومدها ، وانقل حماها ووباها إلى الجحفة » (1).

3158 - وروي أن الصادق عليه السلام ذكر الدجال فقال : « لا يبقى منها سهل إلا وطئه إلا مكة والمدينة فإن على كل نقب من أنقابهما ملك يحفظهما من الطاعون والدجال » (2) واللّه الموفق.

ص: 564


1- روى البغوي في مصابيح السنة ج 1 ص 187 عن عائشة قالت : « لما قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله المدينة وعك أبو بكر وبلال فجئت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخبرته ، فقال : اللّهم حبب إلينا المدينة - وساق كما في المتن - » ورواه البخاري و مسلم أيضا ، وفى اللمعات الجحفة - بضم الجيم وسكون الحاء موضع بين مكة والمدينة و كان ساكنوها يومئذ اليهود ، وقال النووي : فيه دليل للدعاء على الكفار بالأمراض والأسقام والهلاك ، وفيه الدعاء للمسلمين بالصحة وطيب بلادهم والبركة فيها وكشف الضر والشدائد عنهم وهذا مذهب العلماء كافة. وفى هذا الحديث علم من أعلام نبوة نبينا (صلی اللّه عليه وآله) فان الجحفة من يومئذ مجتنبة ولا يشرب أحد من مائها الاحم - انتهى ، وقال المنذري في الترغيب : يقال للجحفة قديما « مهيعة » بفتح الميم واسكان الهاء وفتح الياء ، وهي اسم لقرية قديمة كانت بميقات الحج الشامي على اثنين وثلاثين ميلا من مكة ، فلما اخرج العماليق بنى عبيل اخوة عاد من يثرب نزلوها فجاءهم سيل الجحاف - بضم الجيم - فجحفهم وذهب بهم فسميت حينئذ الجحفة.
2- رواه الشيخ ج 2 ص 5 من التهذيب في الموثق كالصحيح ، وأخرجه مسلم في صحيحه باب صيانة المدينة في كتاب الحج عن أبي هريرة هكذا قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم » « على أنقاب المدينة ملائكة ، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال ».

باب 303: ما جاء فيمن حج ولم يزر النبي صلى اللّه عليه وآله وفيمن مات بمكة أو المدينة

اشارة

3159 - روى محمد بن سليمان الديلمي ، عن إبراهيم بن أبي حجر الأسلمي (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : من أتى مكة حاجا ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة ، ومن أتاني زائرا وجبت له شفاعتي ، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة ، ومن مات في أحد الحرمين مكة والمدينة لم يعرض ولم بحاسب ومات مهاجرا إلى اللّه عزوجل وحشر يوم القيامة مع أصحاب بدر ».

اتيان المدينة

إذا دخلت المدينة (2) فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها ، ثم ائت قبر -

ص: 565


1- كذا في جميع النسخ ، وفى الكافي « عن أبي حجر الأسلمي » وفى التهذيب نقلا عن محمد بن يعقوب « عن أبي يحيى الأسلمي » ولعل الصواب ما في التهذيب الا أن فيه سقطا والصواب « ابن أبي يحيى » وهو نسبة إلى الجد والظاهر أن الرجل هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي المذكور في رجال العامة كنيته أبو إسحاق وضعفه جماعة منهم وقالوا كان كذابا قدريا رافضيا وفى المحكى عن الشافعي قال : انه ثقة ، وأنت خبير بأن تضعيف القوم بعض الرواة كثيرا ما يكون من جهة الرفض أو التشيع فلا عبرة به ، وبالجملة توفى إبراهيم 184 أو 191 على اختلاف.
2- رواه الكليني ج 4 ص 550 في الصحيح عن معاوية عمار أبى عبد اللّه عليه السلام ، و اعلم - أيدك اللّه - أن جماعة قليلة من العامة ينكرون علينا زيارة المشاهد لا سيما مشاهد العترة الطاهرة والدعاء عندها والصلاة فيها والتوسل والتبرك بها قال استاذنا الأميني - رضوان اللّه تعالى عليه - في كتابه الغدير الأغر : قد جرت السيرة المطردة من صدر الاسلام منذ عهد الصحابة الأولين والتابعين لهم باحسان على زيارة قبور ضمنت في كنفها نبيا مرسلا ، أو إماما طاهرا ، أو وليا صالحا أو عظيما من عظماء الدين وفى مقدمها قبر النبي الأقدس صلى اللّه عليه وآله. وكانت الصلاة لديها ، والدعاء عندها ، والتبرك والتوسل بها ، والتقرب إلى اللّه وابتغاء الزلفة لديه باتيان تلك المشاهد من المتسالم عليه بين فرق المسلمين من دون أي نكير من أحادهم وأي غميزة من أحد منهم على اختلاف مذاهبهم حتى ولد الدهر ابن تيمية الحراني ، فجاء كالمغمور مستهترا يهذي ولا يبالي ، فتراه وأنكر تلك السنة الجارية سنة اللّه التي لا تبديل لها ولن تجد لسنة اللّه تحويلا ، وخالف هاتيك السيرة المتبعة وشذ عن تلك الآداب الاسلامية الحميدة ، وشدد النكير عليها بلسان بذى وبيان تافه ووجوه خارجة عن نطاق العقل السليم ، بعيدا عن أدب العلم ، أدب الكتابة ، أدب العفة ، وأفتى بحرمة شد الرحال لزيارة النبي صلى اللّه عليه وآله وعد السفر لأجل ذلك سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة ، فخالفه أعلام عصره ورجالات قومه فقابلوه بالطعن الشديد فأفرد هذا بالوقيعة عليه تأليفا حافلا (كشفاء السقام في زيارة خير الأنام للسبكي) و (الدرة المضيئة في الرد على ابن تيمية) له أيضا ، والمقالة المرضية لقاضي القضاة المالكية تقى الدين أبى عبد اللّه الأخنائي ، ونجم المهتدي ورجم المقتدى للفخر ابن المعلم القرشي ، ودفع الشبه لتقي الدين الحصني ، والتحفة المختارة في الرد على منكر الزيارة لتاج الدين الفاكهاني ، وتأليف أبى عبد اللّه محمد بن عبد المجيد الفاسي. وجاء ذلك يزيف آراءه ومعتقداته في طي تآليفه القيمة كالصواعق الإلهية في الرد على الوهابية للشيخ سليمان بن عبد الوهاب في الرد على أخيه محمد بن عبد الوهاب النجدي ، والفتاوى الحديثة لابن حجر ، والمواهب اللدنية للقسطلاني ، وشرحه للزرقاني. وهناك آخر يترجمه بعجره وبجره ويعرفه للملاء ببدعه وضلالاته. ثمّ قال: و قد أصدر الشاميون فتيا بتكفيره و عرضت الفتيا هذه على قاضى القضاة بمصر البدر بن جماعة فكتب على ظاهر الفتوى« الحمد للّه هذا المنقول باطنها جواب عن السؤال عن قول ابن تيمية« انّ زيارة الأنبياء و الصالحين بدعة و ما ذكره من نحو ذلك و من أنه لا يرخّص بالسفر لزيارة الأنبياء» باطل مردود عليه، و قد نقل جماعة من العلماء أن زيادة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فضيلة و سنة مجمع عليها، و هذا المفتى المذكور- يعنى ابن تيمية- ينبغي أن يزجر عن مثل هذه الفتاوي الباطلة عند الأئمّة و العلماء و يمنع من الفتاوي الغريبة، و يحبس إذا لم يمتنع من ذلك و يشهر أمره ليحتفظ الناس من الاقتداء به، راجع الغدير ج 5 ص 87.

النبي صلى اللّه عليه وآله وادخل المسجد من باب جبرئيل عليه السلام ، فإذا دخلت فسلم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ثم قم عند الأسطوانة المقدمة من جانب القبر من عند زاوية القبر وأنت مستقبل القبلة ، ومنكبك الأيسر إلى جانب القبر ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر فإنه موضع رأس النبي صلى اللّه عليه وآله ، ثم تقول : أشهد أن لا إله إلا اللّه

ص: 566

وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأشهد أنك رسول اللّه ، وأشهد أنك محمد بن عبد اللّه (1) ، وأشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لامتك وجاهدت في سبيل اللّه ، وعبدت اللّه مخلصا حتى أتاك اليقين ، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأديت الذي عليك من الحق ، وأنك قد رؤفت بالمؤمنين وغلظت على الكافرين فبلغ اللّه بك أشرف محل المكرمين ، الحمد لله الذي استنقذنا بك من الشرك والضلالة ، اللّهم اجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين وعبادك الصالحين وأنبيائك المرسلين وأهل السماوات والأرضين ومن سبح لك يا رب العالمين من الأولين والآخرين على محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك ونجيك وحبيبك وصفيك و خاصتك وصفوتك من بريتك وخيرتك من خلقك ، اللّهم وأعطه الدرجة والوسيلة من الجنة وابعثه مقاما محمودا يغبطه بن الأولون والآخرون ، اللّهم إنك قلت وقولك الحق : « ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا اللّه واستغفر لهم الرسول لوجدوا اللّه توابا رحيما » وإني أتيت نبيك مستغفرا تائبا من ذنوبي ، يا رسول اللّه إني أتوجه بك إلى اللّه ربي وربك ليغفر لي ذنوبي.

وإن كانت لك حاجة فاجعل النبي صلى اللّه عليه وآله خلف كتفيك واستقبل القبلة وارفع يديك وسل حاجتك فإنك حري أن تقضى لك إن شاء اللّه تعالى (2).

ثم قل وأنت مسند ظهرك إلى المروة الخضراء الدقيقة العرض مما يلي القبر وأنت مسند إليه مستقبل القبلة : « اللّهم إليك ألجأت أمري وإلى قبر محمد عبدك رسولك صلواتك عليه وآله أسندت ظهري والقبلة التي رضيت لمحمد صلى اللّه عليه وآله اسقبلت ، اللّهم

ص: 567


1- أي المبشر به في كتب اللّه وعلى لسان أنبيائه عليهم السلام. (المرآة)
2- إلى هنا تمام الخبر وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : استدبار النبي (صلی اللّه عليه وآله) وإن كان خلاف الأدب لكن لا بأس به إذا كان التوجه إلى اللّه تعالى ، وقال العلامة المجلسي (رحمه اللّه) يحتمل أن يكون المراد الاستدبار فيما بين القبر والمنبر بأن لا يكون استدبارا حقيقيا كما يدل عليه بعض القرائن فالمراد بالقبر في الثاني الجدار الذي أدير على القبر فإنه المكشوف والقبر مستور ، واللّه يعلم.

إني أصحبت لا أملك لنفسي خير ما أرجو لها ، ولا أدفع عنها شر ما أحذر عليها ، وأصبحت الأمور بيدك ، فلا فقير أفقر مني إني لما أنزلت إلي من خير فقير ، اللّهم ارددني منك بخير ، لا راد لفضلك ، اللّهم إني أعوذ بك من أن تبدل اسمي ، وأن تغير جسمي ، أو تزيل نعمتك عني ، اللّهم زيني بالتقوى ، وجملني بالنعمة ، و اغمرني بالعافية ، وارزقني شكرك » (1).

اتيان المنبر

ثم ائت المنبر فامسح عينيك ووجهك برمانتيه فإنه يقال : إنه شفاء للعين ، وقم عنده واحمد اللّه واثن عليه وسل حاجتك.

3160 - فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة وإن منبري على ترعة من ترع الجنة ». - قوائم المنبر ربت في الجنة ، والترعة هي الباب الصغير -.

ثم ائت مقام النبي صلى اللّه عليه وآله فصل عنده ما بدا لك ، ومتى دخلت المسجد فصل على النبي صلى اللّه عليه وآله وكذلك إذا خرجت (2).

ص: 568


1- روى الكليني ج 4 ص 551 باسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال : « كان أبى علي بن الحسين عليهم السلام يقف على قبر النبي صلى اللّه عليه وآله فيسلم عليه ويشهد له بالبلاغ ويدعوا بما حضره ، ثم يسند ظهر إلى المروة الخضراء الدقيقة العرض مما يلي القبر ويلتزق بالقبر ويسند ظهره إلى القبر ويستقبل القبلة و يقول « اللّهم - الخ » الا أن فيه « ألجأت ظهري » وقال الفيض (رحمه اللّه) لعل ما في الفقيه أصوب ، وفيه أيضا « اللّهم كرمني بالتقوى » مكان « اللّهم زيني بالتقوى » وفيه وفى بعض نسخ الفقيه « وارزقني شكر العافية » مكان « ارزقني شكرك ». والمروة في القاموس المرو حجارة بيض براقة تورى النار أو أصلب الحجارة وفى بعض نسخه » أو أصل الحجارة.
2- روى الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا فرغت من الدعاء عند قبر النبي صلى اللّه عليه وآله فائت المنبر فامسحه بيدك وخذ برمانتيه وهما السفلا وان وامسح عينيك ووجهك به فإنه يقال : إنه شفاء للعين وقم عنده فاحمد اللّه واثن عليه وسل حاجتك فان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : قال ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة - والترعة هي الباب الصغير - ثم تأتى مقام النبي صلى اللّه عليه وآله فتصلى فيه ما بدا لك فإذا دخلت المسجد فصل على النبي صلى اللّه عليه وآله ، وإذا خرجت فاصنع مثل ذلك وأكثر من الصلاة في مسجد الرسول صلى اللّه عليه وآله ». وقال الفيض - رحمه اللّه - : الترعة - بضم المثناة الفوقانية ثم المهملتين - في الأصل هي الروضة على المكان المرتفع خاصة فإذا كانت في المطمئن فهي روضة ، قال القتيبي في معنى الحديث : ان الصلاة والذكر في هذا الموضع يؤديان إلى الجنة فكأنه قطعة منها ، وقيل : الترعة : الدرجة : وقيل : الباب كما في هذا الحديث ، وكان الوجه فيه أن بالعبادة هناك يتيسر دخول الجنة كما أن بالباب يتمكن من الدخول.

ثم ائت مقام جبرئيل عليه السلام وهو تحت الميزاب ، فإنه كان مقامه إذا استأذن على نبي اللّه صلى اللّه عليه وآله ثم قل : « أي جواد أي كريم أي قريب أي أسألك (1) أن ترد علي نعمتك ».

وذلك مقام لا تدعو فيه حائض فتستقبل القبلة إلا رأت الطهر ، ثم تدعو بدعاء الدم تقول : « اللّهم إني أسألك بكل اسم هولك أو تسميت به لاحد من خلقك ، أو هو مأثور في علم الغيب عندك ، وأسألك باسمك الأعظم الأعظم الأعظم ، وبكل حرف أنزلته على موسى ، وبكل حرف أنزلته على عيسى ، وبكل حرف أنزلته على محمد صلواتك عليه وآله وعلى أنبياء اللّه إلا فعلت بي كذ وكذا » والحائض تقول : « إلا أذهبت عني هذا الدم » (2).

ص: 569


1- في الكافي « أسألك أن تصلى على محمد وأهل بيته ، وأسألك - إلى آخر الدعاء ».
2- في الكافي ج 4 ص 452 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أشرفت المرأة على مناسكها وهي حائض فلتغتسل ولتحتش بالكرسف ولتقف هي و نسوة خلفها فيؤمن على دعائها وتقول : « اللّهم إني أسألك بكل اسم هو لك أو تسميت به لاحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك وأسألك باسمك الأعظم الأعظم وبكل حرف أنزلته على موسى وبكل حرف أنزلته على عيسى وبكل حرف أنزلته على محمد صلى اللّه عليه وآله الا أذهبت عنى هذا الدم « وإذا أرادت أن تدخل المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى اللّه عليه وآله فعلت مثل ذلك ، قال : وتأتي مقام جبرئيل عليه السلام وهو تحت الميزاب فإنه كان مكانه إذا استأذن على نبي اللّه (صلی اللّه عليه وآله) قال : فدلك مقام لا تدعوا اللّه فيه حائض تستقبل القبلة وتدعو بدعاء الدم - الا رأت الطهر إن شاء اللّه ». وباسناده عن عمر بن يزيد قال « حاضت صاحبتي وأنا بالمدينة وكان ميعاد جمالنا وابان مقامنا وخروجنا قبل أن تطهر ، ولم تقرب المسجد ولا القبر ولا المنبر ، فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام ، فقال : مرها فلتغتسل ولتأت مقام جبرئيل عليه السلام فان جبرئيل كان يجيئ فيستأذن على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وإن كان على حال لا ينبغي أن يأذن له قام في مكانه حتى يخرج إليه وان اذن له دخل عليه ، فقلت : وأين المكان؟ فقال : حيال الميزاب الذي إذا خرجت من الباب الذي يقال له باب فاطمة بحذاء القبر إذا رفعت رأسك بحذاء الميزاب ، والميزاب فوق رأسك والباب من وراء ظهرك وتجلس في ذلك الموضع وتجلس معها نساء ولتدع ربها ويؤمن على دعائها ، قال : فقلت : وأي شئ تقول؟ قال : تقول : » اللّهم إني أسألك بأنك أنت اللّه ليس كمثلك شئ أن تفعل بي كذا وكذا « قال : فصنعت صاحبتي الذي أمرني فطهرت - الخ » وروى ص 453 باسناده عن بكر بن عبد اللّه الأزدي قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : جعلت فداك ان امرأة مسلمة صحبتني حتى انتهيت إلى بستان بنى عامر فحرمت عليها الصلاة فدخلها من ذاك أمر عظيم فخافت أن تذهب متعتها فأمرتني أن أذكر ذلك لك وأسألك كيف تصنر. فقال قل لها فلتغتسل نصف النهار وتلبس ثيابا نظافا وتجلس في مكان نظيف وتجلس حولها نساء يؤمن إذا دعت وتعاهد لها زوال الشمس فإذا زالت فمرها فلتدع بهذا الدعاء وليؤمن النساء على دعائها حولها كلما دعت تقول : « اللّهم إني أسألك بكل اسم هو لك وبكل اسم تسميت به لاحد من خلقك وهو مرفوع مخزون في علم الغيب عندك وأسألك باسمك الأعظم الأعظم الذي إذا سئلت به كان حقا عليك أن تجيب أن تقطع عنى هذا الدم » فان انقطع الدم والا دعت بهذا الدعاء الثاني فقل لها فلتقل : « اللّهم إني أسألك بكل حرف أنزلته على محمد صلى اللّه عليه - وآله ، وبكل حرف أنزلته على موسى عليه السلام وبكل حرف أنزلته على عيسى عليه السلام وبكل حرف أنزلته في كتاب من كتبك ، وبكل دعوة دعاك بها ملك من ملائكتك أن تقطع عنى هذا الدم » فان انقطع فلم تر يومها ذلك شيئا والا فلتغتسل من الغد في مثل الساعة التي اغتسلت فيها بالأمس فإذا زالت الشمس فلتصل ولتدع بالدعاء وليؤمن النسوة إذا دعت ، ففعلت ذلك المرأة فارتفع عنها الدم حتى قضت متعتها وحجها وانصرفنا راجعين ، فلما انتهينا إلى بستان بنى عامر عاودها الدم ، فقلت له : أدعو بهذين الدعائين في دبر صلاتي؟ فقال : ادع بالأول ان أحببت ، وأما الاخر فلا تدع به الا في الامر الفظيع ينزل بك ».
الصوم بالمدينة والاعتكاف عند الأساطين

إن كان لك بالمدينة مقام ثلاثة أيام (1) صمت يوم الأربعاء وصليت ليلة الأربعاء

ص: 570


1- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 6 في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الأربعاء - وساق مثل ما في المتن بأدنى اختلاف في اللفظ وزاد في آخره « فإنك حرى أن تقضى حاجتك إن شاء اللّه » ، وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : فيستحب الاعتكاف الشرعي بالشرائط المتقدمة ، وظاهر كلام المصنف الاعتكاف اللغوي وهو ملازمة المسجد ، وعلى أي حال يجوز الصوم في السفر بخصوص هذه الثلاثة الأيام وان قلنا بحرمة صيام النافلة فيه ، ولو تيسر أن يكون اقامته فيها في الأربعاء والخميس والجمعة كان أحسن ، وربما قيل باختصاص الصوم بهذه الثلاثة لأنها مورد الروايات وهو أحوط - انتهى.

عند أسطوانة التوبة وهي أسطوانة أبي لبابة (1) التي ربط نفسه إليها وتقعد عندها يوم الأربعاء ، ثم تأتي ليلة الخميس الأسطوانة التي تليها مما يلي مقام النبي صلى اللّه عليه وآله

ص: 571


1- هو أبو لبابة بن عبد المنذر الأنصاري المدني ، واختلف في اسمه ، فقيل : رفاعة ، و قيل مبشر ، وقيل بشير ، وهو أحد النقباء وقصته معروفة في التواريخ والتفاسير ، ذيل قوله تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا اللّه والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون » وهي أن بني قريظة لما حوصروا بعثوا إلى رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بنى عمرو بن عوف - وكانوا حلفاء الأوس - لنستشيره في أمرنا ، فأرسله رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) إليهم ، فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم ، و قالوا له : يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد ، قال : نعم وأشار بيده إلى حلقه - أنه الذبح - قال أبو لبابة : فواللّه ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أنى قد خنت اللّه ورسوله (صلی اللّه عليه وآله) ثم انطلق على وجهه ولم يأت رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) فذهب إلى المسجد وارتبط نفسه إلى عمود من عمده وقال : لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب اللّه على وعاهد اللّه أن لا أطأ بني قريظة أبدا ، فأنزل اللّه تعالى الآية ، فلما بلغ خبره رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) قال : أما انه لو جاءني لاستغفرت له فأما إذا قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه حتى يتوب اللّه عليه ، فلم يزل مرتبطا بالجذع ست ليال وتأتيه امرأته في كل وقت صلاة فتحله للصلاة ، ثم يعود فيرتبط ، ونزلت توبته ورسول اللّه في بيت أم سلمة قالت : سمعت رسول اللّه في السحر وهو يضحك ، فسألته مم تضحك أضحك اللّه سنك؟ قال : تيب على أبى لبابة ، قلت : أفلا أبشره! قال : بلى ان شئت ، قالت : فقمت إلى باب الحجرة وقلت يا أبا لبابة أبشر فقد تاب اللّه عليك ، فثار الناس إليه ليطلقوه ، فقال : لا واللّه حتى يكون رسول - اللّه (صلی اللّه عليه وآله) هو الذي أطلقني بيده فمر عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حين خرج لصلاة الصبح وأطلقه. ووهم بعض الشراح فعده من الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك.

فتقعد عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الخميس ، ثم تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبي صلى اللّه عليه وآله ومصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة ، وإن استطعت أن لا تتكلم بشئ هذه الأيام إلا بما لا بد منه ولا تخرج من المسجد إلا لحاجة ولا تنام في ليل ولا نهار إلا القليل فافعل ، واحمد اللّه عزوجل يوم الجمعة واثن عليه وصل على النبي صلى اللّه عليه وآله ، ثم سل حاجتك ، ثم قل : « اللّهم ما كانت لي إليك من حاجة شرعت في طلبها والتماسها أو لم أشرع ، سألتكها أو لم أسألكها فإني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة في قضاء حوائجي صغيرها وكبيرها ».

زيارة فاطمة بنت النبي صلوات اللّه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : اختلفت الروايات في موضع قبر فاطمة سيدة نساء العالمين عليها السلام ، فمنهم من روى أنها دفنت في البقيع (1) ، ومنهم من روى أنها دفنت بين القبر والمنبر وأن النبي صلى اللّه عليه وآله إنما قال : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة لان قبرها بين القبر والمنبر (2) ، ومنهم من روى أنها دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد (3) وهذا هو الصحيح عندي ، وإني لما حججت بيت اللّه الحرام كان رجوعي على المدينة بتوفيق اللّه تعالى ذكره ، فلما فرغت من زيارة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قصدت إلى بيت فاطمة عليها السلام وهو من عند الأسطوانة التي تدخل إليها من باب جبرئيل عليه السلام إلى مؤخر الحظيرة التي فيها النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقمت عند الحظيرة ويساري إليها وجعلت ظهري إلى القبلة واستقبلها بوجهي وأنا على

ص: 572


1- راجع مناقب ابن شهرآشوب.
2- روى المصنف في معاني الأخبار ص 267 مسندا عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة لان قبر فاطمة صلوات اللّه عليها بين قبره ومنبره ، وقبرها روضة من رياض الجنة واليه ترعة من ترع الجنة ».
3- كما تقدم تحت رقم 685 ورواه الكليني عن البزنطي عن الرضا عليه السلام ج 1 ص 461 من الكافي.

غسل وقلت : « السلام عليك يا بنت رسول اللّه ، السلام عليك يا بنت نبي اللّه ، السلام عليك يا بنت حبيب اللّه ، السلام عليك يا بنت خليل اللّه ، السلام عليك يا بنت صفي اللّه ، السلام عليك يا بنت أمين اللّه ، السلام عليك يا بنت خير خلق اللّه ، السلام عليك يا بنت أفضل أنبياء اللّه ورسله وملائكته ، السلام عليك يا ابنة خير البرية ، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، السلام عليك يا زوجة ولي اللّه وخير الخلق بعد رسول اللّه ، السلام عليك يا أم الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة ، السلام عليك أيتها الرضية المرضية السلام عليك أيتها الفاضلة الزكية ، السلام عليك أيتها الحورية الانسية ، السلام عليك أيتها التقية النقية ، السلام عليك أيتها المحدثة العليمة ، السلام عليك أيتها المظلومة المغصوبة ، السلام عليك أيتها المضطهدة المقهورة (1) ، السلام عليك يا فاطمة بنت رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته ، صلى اللّه عليك وعلى روحك وبدنك ، أشهد أنك مضيت على بينة من ربك وأن من سرك فقد سر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ومن جفاك فقد جفا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ومن آذاك فقد آذى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، ومن وصلك فقد وصل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، ومن قطعك فقد قطع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، لأنك بضعة منه وروحه التي بين جنبيه ، كما قال عليه أفضل سلام اللّه وصلواته اشهد اللّه ورسله وملائكته أني راض عمن رضيت عنه ، ساخط على من سخطت عليه ، متبرئ ممن تبرأت منه ، موال لمن واليت ، معاد لمن عاديت ، مبغض لمن أبغضت ، محب لم أحببت ، وكفى باللّه شهيدا وحسيبا وجازيا ومثيبا ».

ثم قلت : « اللّهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد بن عبد اللّه خاتم النبيين وخير الخلائق أجمعين ، وصل على وصيه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وإمام المسلمين وخير الوصيين ، وصل على فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين ، وصل على سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين ، وصل على زين العابدين علي بن -

ص: 573


1- في اللغة أضهده وأضهد به واضطهده : قهره وجار عليه ، وآذاه وأضر به بسبب المذهب أو الدين.

الحسين ، وصل على محمد بن علي باقر علم النبيين ، وصل على الصادق عن اللّه جعفر ابن محمد ، وصل على كاظم الغيظ في اللّه موسى بن جعفر ، وصل على الرضا علي بن موسى ، وصل على التقي محمد بن علي ، وصل على النقي علي بن محمد ، وصل على الزكي الحسن بن علي ، وصل على الحجة القائم ابن الحسن بن علي ، اللّهم أحي بن العدل ، وأمت به الجور ، وزين بطول بقائه الأرض ، وأظهر به دينك وسنة نبيك حتى لا يستخفى بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق واجعلنا من أعوانه و أشياعه والمقبولين في زمرة أوليائه يا رب العالمين ، اللّهم صل على محمد وأهل بيته الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتم تطهيرا ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : لم أجد في الاخبار شيئا موظفا محدودا لزيارة الصديقة عليها السلام فرضيت لمن نظر في كتابي هذا من زيارتها ما رضيت لنفسي واللّه الموفق للصواب وهو حسبنا ونعم الوكيل.

اتيان المشاهد وقبور الشهداء

ولا تدع أن تأتي المشاهد كلها : مسجد قبا ، ومشربة أم إبراهيم ، ومسجد الفضيخ وقبور الشهداء ، ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح ، وتطوع فيها بما أحببت من الصلاة. وإذا أتيت قبور الشهداء فقل : « السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار » وإذا أتيت مسجد الفتح فقل : « يا صريخ المكروبين ويا مجيب [دعوة] المضطرين اكشف عني غمي وهمي وكربي كما كشفت عن نبيك صلواتك عليه وآله همه وغمه وكربه وكفيته هول عدوه في هذا المكان » (1).

ص: 574


1- في الكافي ج 4 ص 560 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « لا تدع اتيان المشاهد كلها مسجد قبا فإنه المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم ، ومشربة أم إبراهيم ، ومسجد الفضيخ وقبور الشهداء ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح ، قال : وبلغنا أن النبي صلى اللّه عليه وآله كان إذا أتى قبور الشهداء قال : « السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار » وليكن فيما تقول عند مسجد الفتح : « يا صريخ المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرين - إلى آخره ».
توديع قبر النبي صلى اللّه عليه وآله ومنبره

فإذا أردت أن تخرج من المدينة فائت موضع رأس النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فسلم عليه ، ثم ائت المنبر وصل عنده على النبي صلى اللّه عليه وآله ما استطعت وادع لنفسك بما أحببت للدين والدنيا ، ثم ارجع إلى قبر النبي صلى اللّه عليه وآله وألزق منكبك الأيسر بالقبر قريبا من الأسطوانة التي دون الأسطوانة المخلفة عند رأس النبي صلى اللّه عليه وآله فصل ست ركعات أو ثمان ركعات واقرأ في كل ركعة الحمد وسورة واقنت في كل ركعتين ، فإذا فرغت منها استقبلت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقلت مودعا له عليه السلام : « صلى اللّه عليك السلام عليك لا جعله اللّه آخر تسليمي عليك ، اللّهم لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر نبيك صلواتك عليه وآله وإن توفيتني قبل ذلك فاني أشهد في مماتي على ما أشهد في حياتي أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك » (1).

زيارة قبور الأئمة

الحسن بن علي بن أبي طالب ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن على الباقر ، وجعفر بن محمد الصادق عليهم السلام بالبقيع

فإذا أتيت قبور الأئمة عليهم السلام بالبقيع فاجعلها بين يديك (2) ، ثم قل : « السلام عليكم يا أئمة الهدى ، السلام عليكم يا أهل التقوى ، السلام عليكم يا حجج اللّه على أهل الدنيا ، السلام عليكم أيها القوامون في البرية بالقسط ، السلام عليكم يا أهل الصفوة ، السلام عليكم يا أهل النجوى ، أشهد أنكم قد بلغتم ونصحتم وصبرتم في

ص: 575


1- جمع المؤلف بين الخبرين المرويين في الكافي ج 4 ص 563 أحدهما عن معاوية بن عمار والاخر عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 559 موقوفا مرسلا والظاهر كونه من تتمة خبر معاوية بن عمار الذي تقدم ذكره سابقا في الصوم بالمدينة والاعتكاف عند الأساطين كما يظهر من سياق الكلام في الكافي ، ورواه ابن قولويه في الكامل ص 54 عن حكيم بن - داود ، عن سلمة بن الخطاب ، عن عبد اللّه بن أحمد ، عن بكر بن صالح ، عن عمرو بن هاشم [أو هشام] عن بعض أصحابنا عن أحدهم [أو أحدهما] عليهما السلام ، نقله العلامة المجلسي في مزار البحار وشرحه مجملا.

ذات اللّه عزوجل وكذبتم ، وأسئ إليكم فغفرتم ، وأشهد أنكم الأئمة الراشدون (1) وأن طاعتكم مفروضة ، وأن قولكم الصدق ، وأنكم دعوتم فلم تجابوا ، وأمرتم فلم تطاعوا ، وأنكم دعائم الدين ، وأركان الأرض ، لم تزالوا بعين اللّه ، ينسخكم في أصلاب المطهرين (2) ، وينقلكم في أرحام المطهرات ، لم تدنسكم الجاهلية الجهلاء ولم تشرك فيكم فتن الأهواء (3) ، طبتم وطابت منبتكم ، أنتم الذين من بكم علينا ديان الدين (4) فجعلكم في بيوت أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وجعل صلواتنا عليكم رحمة لنا وكفارة لذنوبنا إذا اختاركم لنا ، وطيب خلقنا بما من علينا من ولايتكم ، وكنا عنده بفضلكم معترفين ، وبتصديقنا إياكم مقرين (5) وهذا مقام من أسرف وأخطأ واستكان وأقر بما جنى ، ورجا بمقامه الخلاص ، وأن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من النار (6) فكونوا لي شفعاء ، فقد وفدت إليكم إذ رغب عنكم أهل الدنيا ، واتخذوا آيات اللّه هزوا ، واستكبروا عنها ، يامن هو قائم لا يسهو ودائم لا يلهو ومحيط بكل شئ ، لك المن بما وفقتني وعرفتني بما ائتمنتني عليه إذ صد عنه عبادك ، وجهلوا ، معرفتهم ، واستخفوا بحقهم ، ومالوا إلى سواهم ، فكانت المنة منك علي مع أقوام خصصتهم بما خصصتني به فلك الحمد إذ كنت عندك في مقامي مكتوبا ، فلا تحرمني ما رجوت ، ولا تخيبني فيما دعوت » وادع لنفسك بما أحببت (7).

ص: 576


1- زاد في الكافي والكامل « المهديون » وفى نسخة في الكامل « المهتدون ».
2- النسخ في الأصل النقل ، ونسخت الريح آثار الدار أي غيرتها.
3- دنس ثوبه : وسخه ، ووصف الجاهلية بالجهلاء من قبيل ليل أليل تأكيد. والفتن جمع فتنة - بالكسر - : الحيرة والضلالة.
4- الديان : القهار والقاضي والحاكم والسايس الحاسب والمجازي الذي لا يضيع عملا بل يجزى بالخير والشر. (القاموس)
5- في الكافي « وكنا عنده مسمين بفضلكم معترفين بتصديقنا إياكم ».
6- الهلكى - بفتح الهاء وسكون اللام - جمع هالك.
7- إلى هنا تمام الخبر الذي في الكافي وقد أشرنا إليه.

ثم صل ثمان ركعتان (1) في المسجد الذي هناك وتقرا فيها ما أحببت وتسلم في كل ركعتين. ويقال : إنه مكان صلت فيه فاطمة عليها السلام.

باب 304: ثواب زيارة النبي والأئمة صلوات اللّه عليهم أجمعين

3161 - قال الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « يا أبتاه ما جزاء من زارك؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : يا بني من زارني حيا أو ميتا أوزار أباك أو زار أخاك أو زارك كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة وأخلصه من ذنوبه » (2).

3162 - وروى الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : « إن لكل إمام عهدا في عنق أوليائه وشيعته ، وإن من تمام الوفاء بالعهد زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاؤهم يوم القيامة » (3).

3163 - وروى علي بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما من نبي ولا وصي يبقى في الأرض أكثر من ثلاثة أيام حتى يرفع بروحه وعظمه ولحمه إلى السماء ، وإنما يؤتى مواضع آثارهم ويبلغونهم من بعيد السلام ، ويسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب » (4).

ص: 577


1- إنما يصلى ثمان ركعات لان الأئمة عليهم السلام هناك أربعة : المجتبى والسجاد والباقر والصادق عليهم السلام فيصلى لكل منهم ركعتين.
2- رواه الكليني ج 4 ص 548 في الموثق عن عثمان بن عيسى ، عن المعلى أبى - شهاب.
3- رواه الكليني في الكافي ج 4 ص 567. وقال الفاضل التفرشي : قوله ان لكل امام عهدا ، المراد بالعهد ما يشبه العهد فان من قال بامامة الأئمة ، وبأنهم أوصياء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، أن اللّه عزوجل فرض طاعتهم فكأنه عهد إليه أن يطيعه ويخلص له عقيدته ويزوره إلى غير ذلك.
4- هنا شبهة مشهورة وهي أن نوح عليه السلام نقل عظام آدم عليه السلام من الماء أو سر نديب إلى الغري ، وكذا موسى عليه السلام نقل عظام يوسف عليه السلام من مصر إلى بيت المقدر. ورأس الحسين عليه السلام نقل من كربلا إلى الشام ومن الشام إلى النجف أو كربلاء وأن بعض أهل الكتاب كان يأخذ عظم نبي من الأنبياء عليهم السلام بيده ويستسقى وكان بإذن اللّه ينزل المطر حتى اخذ منه ذلك العظم فما نزل بعد ذلك باستسقائه ، وقد نطقت الأحاديث بتلك الوقايع. ووجه بامكان العود بعد تلك الأيام ولا يخفى ما فيه ومنافاته لتتمة الخبر. و احتمل الفيض- قدّس سرّه- في الوافي بأن يكون المراد باللحم و العظم المرفوعين المثاليين منهما أعنى البرزخيين و ذلك لعدم تعلقهم بهذه الاجساد العنصرية فكأنهم و هم بعد في جلابيب من أبدانهم قد نفضوها و تجردوا عنها فضلا عما بعد وفاتهم، و الدليل على ذلك من الحديث قولهم عليهم السلام« ان اللّه خلق أرواح شيعتنا ممّا خلق منه أبداننا» فأبدانهم عليهم السلام ليست الا تلك الاجساد اللطيفة المثالية، و أمّا العنصرية فكأنها أبدان الأبدان- ثم أيد قوله بما تقدم من اخراج نوح (عليه السلام) عظام آدم (عليه السلام)، و كذا خبر موسى و اخراجه عظام يوسف عليهما السلام، و قال: فلو لا أن الاجسام العنصرية منهم تبقى في الأرض لما كان لاستخراج العظام و نقلها من موضع إلى آخر بعد سنين مديدة معنى، و انما يبلغونهم من بعيد السلام لانهم في الأرض و هم عليهم السلام في السماء- الخ، و قيل: لعل صدور أمثال هذا الخبر لنوع مصلحة تورية لقطع أطماع الخوارج و بني أميّة و أضرابهم بالنبش و اللّه يعلم.

3164 - وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « من تمام الحج لقاء الامام » (1).

3165 - وروى صالح بن عقبة ، عن زيد الشحام قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « ما لمن زار واحدا منكم ، قال : كمن زار رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ».

3166 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لعلي عليه السلام : يا علي من زارني في حياتي أو بعد مماتي ، أو زارك في حياتك أو بعد مماتك ، أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد مماتهما ضمنت له يوم القيامة أن أخلصه من أهوالها وشدائدها حتى أصيره معي

ص: 578


1- تقدم أنه من قضاء التفث ، وذلك لان إبراهيم (عليه السلام) حين رفع قواعد البيت وجعل لذريته عندها مسكنا قال : « ربنا انى أسكنت من ذريتي بواد غير ذي ذرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهرى إليهم » فاستجاب دعاءه وأمر الناس بالاتيان إلى الحج من كل فج عميق ليتحببوا إلى ذريته.

في درجتي (1).

3167 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « موضع قبر الحسين عليه السلام منذ يوم دفن فيه روضة من رياض الجنة ».

3168 - وقال عليه السلام : « موضع قبر الحسين عليه السلام ترعة من ترع الجنة » (2)

3169 - وقال عليه السلام : « حريم قبر الحسين عليه السلام خمسة فراسخ من أربعة جوانب القبر » (3).

3170 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما بين قبر الحسين عليه السلام إلى السماء السابعة مختلف الملائكة » (4).

ص: 579


1- رواه الكليني كالخبر السابق في الكافي ج 4 ص 579 بسند مرفوع.
2- رواه المصنف مع الخبر السابق كليهما في ثواب الأعمال ص 120 في خبر عن إسحاق بن عمار وهكذا ابن قولويه في الكامل ص 271. وفى نسخة « نزعة من نزع الجنة » ولعله تصحيف.
3- رواه ابن قولويه في الكامل ص 272 بسند مرفوع ونقله الشيخ في التهذيب ج 2 ص 25 عنه ، وروى عن محمد بن إسماعيل عمن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « حرم الحسين فرسخ في فرسخ من أربع جوانب القبر » بأن يكون من القبر إلى فرسخ حريمه من الجوانب الأربعة ، وروى الكليني ج 4 ص 588 والمؤلف في ثواب الأعمال ص 119 في الصحيح عن إسحاق بن عمار قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : لموضع قبر الحسين عليه السلام حرمة معلومة من عرفها واستجار بها أجير ، فقلت : صف لي موضعها؟ قال : امسح من موضع قبره اليوم خمسة وعشرين ذراعا من قدامة وخمسة وعشرين ذراعا عند رأسه وخمسة وعشرين ذراعا من ناحية رجليه وخمسة وعشرين ذراعا من خلفه - الخ » وروى أيضا ج 4 ص 588 باسناده عن سليمان بن عمر السراج ، عن بعض أصحابنا قال : « يؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام من عند القبر على سبعين ذراعا » وجمع الشيخ وغيره بين الاخبار المختلفة الواردة في ذلك على اختلاف مراتب الفضل.
4- أي محل ترددهم بالصعود والنزول كما روى المصنف في ثواب الأعمال ص 121 عن ابن المتوكل عن الحميري عن أحمد عن السراد عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سمعته يقول : ليس ملك في السماوات والأرض الا وهم يسألون اللّه أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين عليه السلام ففوج ينزل وفوج يعرج » ومثله في الكامل ص 272

3171 - وروى صالح بن عقبة ، عن بشير الدهان قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ربما فاتني الحج فاعرف عند قبر الحسين عليه السلام (1) ، قال : أحسنت يا بشير أيما مؤمن اتى قبر الحسين عليه السلام عارفا بحقه في غير يوم عيد كتبت له عشرون حجة و عشرون عمرة مبرورات متقبلات ، وعشرون غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل ، ومن أتاه في يوم عيد كتب له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات ، وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل ، قال : فقلت له : وكيف لي بمثل الموقف؟ قال : فنظر إلي شبه المغضب ، ثم قال : يا بشير إن المؤمن إذا أتى قبر الحسين عليه السلام يوم عرفة [عارفا بحقه] فاغتسل بالفرات ثم توجه إليه كتب اللّه عزوجل له بكل خطوة حجة بمناسكها - ولا أعلمه إلا قال - وعمرة ».

3172 - وروي عن داود الرقي قال : سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد وأبا الحسن موسى بن جعفر ، وأبا الحسن علي بن موسى عليهم السلام وهم يقولون : « من أتى قبر الحسين بن علي عليهما السلام بعرفة قلبه اللّه تعالى ثلج الصدر » (2).

3173 وقال الصادق عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي عليهما السلام عشية عرفة ، قيل له : قبل نظره إلى أهل الموقف؟ قال : نعم ، قيل له وكيف ذاك؟ قال : لان في أولئك أولاد زنا وليس في هؤلاء أولاد زنا » (3).

ص: 580


1- أي أعمل أعمال عرفة من الغسل والدعاء وغيرهما في يوم عرفة عند قبره عليه السلام
2- رواه المصنف - رحمه اللّه - في ثواب الأعمال مسندا وفيه « ثلج الفؤاد » وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - أي أعطاه اللّه تعالى يقينا بالأئمة المعصومين حتى يصير نفسه مطمئنة لا يدخلها شك ولا ريبة ، أو أذهب اللّه عنه غمه ، أو رجع من المحشر إلى الجنة بعد زوال أهوال يوم القيامة عنه ، أو الجميع. وفى بعض النسخ « أبلج الوج » واليلوج الاشراق كما في قوله تعالى « يوم تبيض وجوه ».
3- رواه المصنف في الصحيح في ثواب الأعمال ص 115 عن علي بن أسباط يرفعه إلى أبى عبد اللّه عليه السلام.

3174 - وقال عليه السلام : « من زار قبر الحسين بن علي عليهما السلام جعل ذنوبه جسرا على باب داره ، ثم عبرها كما يخلف أحدكم الجسر وراءه إذا عبره » (1).

3175 - وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « وكل اللّه عزوجل بالحسين صلوات اللّه عليه سبعين ألف ملك يصلون عليه في كل يوم شعثا غبرا ويدعون لمن زاره ويقولون : يا رب هؤلاء زوار الحسين افعل بهم وافعل بهم ».

3176 وقال عليه السلام : « من أتى [قبر] الحسين عليه السلام عارفا بحقه كتبه اللّه عز وجل في أعلى عليين » (2).

3177 وسأله زيد الشحام فقال له : « ما لمن زار واحدا منكم؟ قال : كمن زار رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » (3).

3178 - وقال موسى بن جعفر عليهما السلام : « أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد اللّه عليه السلام بشط الفرات إذا عرف حقه وحرمته وولايته أن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر » (4).

ص: 581


1- رواه المصنف في الثواب ص 116 عن شيخه ابن الوليد عن الصفار عن الخشاب عن بعض رجاله عنه عليه السلام بلفظ آخر. وقيل قوله « جعل ذنوبه جسرا » كناية عن أنه يغفر جميع ذنوبه بحيث إذا دخل داره لم يبق له ذنب وكأنه إشارة إلى أن ذنوبه التي يقع منه في العود تغفر أيضا. وأقول : المذنب إذا توجه إلى زيارة قبر الحسين عليه السلام مع عرفانه به كأنه مال إلى الحق وأناب ورجع إليه وذلك بمنزلة التوبة ومن تاب غفر اللّه له إن شاء اللّه.
2- رواه المصنف في ثواب الأعمال ص 110 بسند صحيح عن عبد اللّه بن مسكان الثقة عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وقوله « في أعلى عليين » أي بأن يكون ممن يسكن أعلى غرف الجنان ، أو يكتب اسمه في أعلى عليين أنه من أهل الجنة. (م ت)
3- رواه الكليني والشيخ عنه وفى معناه أخبار كثيرة.
4- رواه في ثواب الأعمال ص 111 والمراد بما تقدم من ذنبه وما تأخر اما القديم والحديث أو الآثام التي لها أثر حين الارتكاب راجع إلى المرتكب فقط والتي آثارها باقية بعده في الناس نظير ما قاله المفسرون في قوله تعالى « ينبؤ الانسان يومئذ بما قدم وأخر » ولعل المراد بيان كثرة الثواب من باب المبالغة.

3179 - وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال : « مرو شيعتنا بزيارة الحسين بن علي عليهما السلام فإن زيارته تدفع الهدم والغرق والحرق وأكل السبع ، وزيارته مفترضة على من أقر للحسين عليه السلام بالإمامة من اللّه عزوجل ».

3180 - وروى هارون بن خارجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كان النصف من شعبان نادى مناد من الأفق الاعلى : يا زائري قبر الحسين ارجعوا مغفورا لكم ثوابكم على ربكم ومحمد نبيكم ». (1)

3181 - وروى الحسين بن محمد القمي عن الرضا عليه السلام أنه قال : « من زار قبر أبي عليه السلام ببغداد كان كمن زار قبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقبر أمير المؤمنين عليه السلام إلا أن لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام فضلهما » (2).

3182 - وروي عن الحسن بن علي الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : « سألته عن زيارة قبر أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام مثل زيارة الحسين عليه السلام؟ قال : نعم ».

3183 - وروى علي بن مهزيار عن أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام قال قلت له : « جعلت فداك زيارة الرضا عليه السلام أفضل أم زيارة أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام؟ قال : زيارة أبي عليه السلام أفضل ، وذلك أن أبا عبد اللّه عليه السلام يزوره كل الناس وأبي عليه السلام لا يزوره إلا الخواص من الشيعة » (3).

3184 - وروي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : « قرأت كتاب أبي -

ص: 582


1- يدل على تأكد استحباب زيارته عليه السلام في خصوص منتصف شعبان.
2- يعنى وان كانا أفضل مرتبة لكنه في ثواب الزيارة متساوون.
3- وذلك لان جل الشيعة يومئذ في العراق والحجاز وزيارتهم للرضا عليه السلام يستلزم تحمل المشقة العظيمة للبعد ، والثواب على قدر المشقة ، وقيل : لأنه لا يزوره الا الاثنا عشري بخلاف أبى عبد اللّه الحسين عليه السلام فإنه يزوره جميع فرق الشيعة بل بعض العامة ، والأول أظهر.

الحسن الرضا عليه السلام : أبلغ شيعتي أن زيارتي تعدل عند اللّه تعالى ألف حجة ، قال قلت لأبي جعفر - يعني ابنه عليه السلام - ألف حجة! قال : أي واللّه وألف ألف حجة لمن زاره عارفا بحقه » (1).

3185 - وروى الحسين بن زيد عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سمعته يقول : يخرج رجل من ولد موسى اسمه اسم أمير المؤمنين عليه السلام فيدفن في أرض طوس وهي من خراسان ، يقتل فيها بالسم فيدفن فيها غريبا ، فمن زاره عارفا بحقه أعطاه اللّه عزوجل أجر من أنفق من قبل الفتح وقاتل » (2).

3186 - وروى البزنطي عن الرضا عليه السلام قال : ما زارني أحد من أوليائي عارفا بحقي إلا شفعت فيه يوم القيامة.

3187 - وقال أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام : « إن بين جبلي طوس قبضة قبضت من الجنة ، من دخلها كان آمنا يوم القيامة من النار » (3).

3188 - وقال عليه السلام : « ضمنت لمن زار قبر أبي بطوس عارفا بحقه الجنة على اللّه عزوجل » (4).

3189 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « ستدفن بضعة مني بخراسان ما زارها مكروب إلا نفس اللّه عزوجل كربه ، ولا مذنب إلا غفر اللّه له ذنوبه » (5).

ص: 583


1- رواه المصنف في الصحيح في ثواب الأعمال ص 123.
2- فان ثواب من جاهد في سبيل اللّه وأنفق ماله في سبيل اللّه قبل فتح مكة لا يحصى كثرة كما قال اللّه عزوجل « لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا » لما في قبل الفتح من الشدة والعسر وكذلك زيارته عليه السلام. (م ت)
3- رواه المصنف في الصحيح عن أبي هاشم الجعفري عنه عليه السلام في العيون ص 362.
4- رواه في العيون ص 362 باسناده عن القمي عن أبيه عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنى عنه عليه السلام.
5- رواه في العيون ص 364 مسندا عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام عنه صلى اللّه عليه وآله. وهذا الخبر من جملة معجزاته صلى اللّه عليه وآله واخباره عن المغيبات : وكذا الخبر الآتي يعد من جملة معجزات أمير المؤمنين عليه السلام واخباره بالمغيبات.

3190 - وروى النعمان بن سعد ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال : « سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان بالسم ظلما اسمه اسمي واسم أبيه اسم ابن عمران موسى عليه السلام ، ألا فمن زاره في غربته غفر اللّه عزوجل له ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر ، ولو كانت مثل عدد النجوم وقطر الأمطار وورق الأشجار » (1).

3191 - وروى حمدان الديواني عن الرضا عليه السلام أنه قال : « من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن حتى أخلصه من أهوالها : إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا ، وعند الصراط ، وعند الميزان » (2).

3192 - وروى حمزة بن حمران قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام « يقتل حفدتي (3) بأرض خراسان في مدينة يقال لها : طوس ، من زاره إليها عارفا بحقه أخذته بيدي يوم القيامة وأدخلته الجنة وإن من أهل الكبائر ، قال : قلت : جعلت فداك وما عرفان حقه؟ قال : يعلم أنه إمام مفترض الطاعة ، غريب شهيد من زاره عارفا بحقه أعطاه اللّه عزوجل أجر سبعين شهيدا ممن استشهد بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على حقيقة » (4).

3193 - وروى الحسن بن علي بن فضال عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام أنه « قال له رجل من أهل خراسان : يا ابن رسول اللّه رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في المنام كأنه يقول لي : كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي ، واستحفظتم وديعتي ، وغيب في ثراكم نجمي ، فقال له الرضا عليه السلام : أنا المدفون في أرضكم ، أنا بضعة من نبيكم ، وأنا الوديعة والنجم ، ألا فمن زارني وهو يعرف ما

ص: 584


1- رواه في العيون ص 364 مسندا.
2- مروى في العيون مسندا ص 361.
3- حفدة الرجل بناته وأولاده.
4- رواه في العيون ص 365 مسندا.

أوجب اللّه عزوجل من حقي وطاعتي فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ، ومن كنا شفعاؤه نجى ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجن والإنس ، ولقد حدثني أبي ، عن جدي ، عن أبيه عليه السلام أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : من رآني في منامه فقد رآني لان الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي ولا في صورة واحدة من شيعتهم وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة ».

3194 - وروي عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال : « سمعت الرضا عليه السلام يقول : واللّه ما منا إلا مقتول شهيد ، فقيل له : فمن يقتلك يا ابن رسول اللّه؟ قال : شر خلق اللّه في زماني يقتلني بالسم ثم يدفنني في دار مضيقة (1) وبلاد غربة ، ألا فمن زارني في غربتي كتب اللّه عزوجل له أجر مائة ألف شهيد ، ومائة ألف صديق ، ومائة ألف حاج ومعتمر ، ومائة ألف مجاهد ، وحشر في زمرتنا وجعل في الدرجات العلى من الجنة رفيقنا ».

3195 - وروى الحسن بن علي بن فضال عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال : « إن بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة ، فقال : فلا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد إلى أن ينفخ في الصور ، فقيل له : يا ابن رسول اللّه وأية بقعة هذه؟ قال : هي بأرض طوس فهي واللّه روضة من رياض الجنة ، من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وكتب اللّه تبارك وتعالى له ثواب ألف حجة مبرورة ، وألف عمرة مقبولة ، وكنت أنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ».

3196 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « ستدفن بضعة مني بأرض خراسان لا يزورها مؤمن إلا أوجب اللّه له الجنة وحرم جسده على النار » (2).

ص: 585


1- كذا في العيون ص 363 وفى بعض النسخ « دار مضيعة » وقال المولى المجلسي أي هوان وضاع معنوي.
2- رواه في العيون ص 362 مسندا عن محمد بن عمارة عن الصادق عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.

باب 305: موضع قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

اشارة

3197 - روى صفوان بن مهران الجمال عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال : « سار وأنا معه في القادسية حتى أشرف على النجف فقال : هو الجبل الذي اعتصم به ابن جدي نوح عليه السلام فقال : « سآوي إلى جبل يعصمني من الماء » فأوحى اللّه عزوجل إليه يا جبل أيعتصم بك مني أحد ، فغار في الأرض وتقطع إلى الشام ، ثم قال عليه السلام : اعدل بنا ، قال : فعدلت به فلم يزل سائرا حتى أتى الغري فوقف على القبر فساق السلام من آدم على نبي نبي عليهم السلام وأنا أسوق السلام معه حتى وصل السلام إلى النبي صلى اللّه عليه وآله ، ثم خر على القبر فسلم عليه وهلا نحيبه ثم قام فصلى أربع ركعات (وفي خبر آخر : ست ركعات) وصليت معه ، وقلت له : يا ابن رسول اللّه. ما هذا القبر؟ قال : هذا القبر قبر جدي علي بن أبي طالب عليه السلام » (1).

زيارة قبر أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه

3198 - إذا أتيت الغري بظهر الكوفة فاغتسل وامش على سكون ووقار حتى تأتي أمير المؤمنين عليه السلام فتستقبله بوجهك. وتقول (2) : « السلام عليك يا ولي اللّه

ص: 586


1- اختلف العامة في موضع قبره عليه السلام ، فقيل : انه دفن في مسجد الكوفة ، وقيل الرحبة ، وقيل : في الغري ، وكان سبب الاختلاف انه صلى اللّه عليه دفن سرا لأجل الا خوارج وبنى أمية ، وكان القبر مختفيا إلى مجيئ الصادق عليه السلام إلى الكوفة فزاره عليهما السلام وأخبر أصحابنا بموضع القبر ولم يعرفه غير الشيعة إلى زمان هارون الرشيد لما خرج من الكوفة للصيد فذهب الظباء إلى موضع القبر ولم يذهب الكلب والبازي في طلبها ، فلما سأل المشايخ الذين كانوا هناك عن حاله أخبروه أنا سمعنا من آبائنا أنه موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام فزاره هارون وعلم الناس به واشتهر ، وروى ابن طاووس في كتابه فرحة الغري أخبارا كثيرة في أن موضع قبر أمير المؤمنين عليه السلام هو المكان المعروف اليوم.
2- من هنا منقول في الكافي ج 4 ص 569 رواه عن عدة من أصحابنا عن سهل عن محمد بن أورمة عمن حدثه عن أبي الحسن الثالث عليه السلام ، وعن محمد بن جعفر الرازي عن العبيدي عن رجل من أصحابنا عنه عليه السلام ، ونقله ابن قولويه في كتابه كامل الزيارات ص 41 عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ذكره في كتابه المسمى بالجامر. وقال العلامة الرازي - قدس سره - في كتابه الكبير الذريعة ج 5 ص 29 : « الجامع في الحديث » لأبي جعفر محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد شيخ القميين المعروف بابن الوليد ، والمتوفى 343 روى الشيخ الطوسي في التهذيب زيارة علي بن موسى الرضا عليهما السلام عن الكتاب المترجم بالجامع تأليف أبى جعفر محمد بن الحسن بن الوليد ، والظاهر من السيد ابن طاووس المتوفى 664 أن « الجامع » هذا كان عنده ، قال في الاقبال في نوافل شهر رمضان : « روى عبد اللّه الحلبي في كتاب له وابن الوليد في جامعه » بل الظاهر من ميرزا كمالا صهر العلامة المجلسي أنه كان موجودا في عصره حيث إنه يأمر ولده بالرجوع إلى هذا الكتاب في المجموعة التي مرت في ج 3 ص 170 بعنوان « بياض الكمالي » - انتهى. أقول : الظاهر من تسمية الكتاب أن كل ما فيه مأثور عن الأئمة عليهم السلام واللّه يعلم لكن المولى المجلسي توقف في صدور جميع أخباره عن المعصوم عليه السلام فلذا قال في جميع الموارد الآتية لا بأس به لكن الأولى الزيارة المنقولة عنهم عليهم السلام.

أنت أول مظلوم ، وأول من غصب حقه ، صبرت واحتسبت حتى أتاك اليقين ، وأشهد أنك لقيت اللّه عزوجل ، وأنت شهيد ، عذب اللّه قاتلك بأنواع العذاب ، وجدد عليه العذاب ، جئتك عارفا بحقك ، مستبصرا بشأنك ، معاديا لأعدائك ومن ظلمك ، ألقى على ذلك ربي أن شاء اللّه ، إن لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي عند ربك فإن لك عند اللّه تبارك وتعالى مقاما معلوما ، وإن لك عند اللّه جاها وشفاعة وقد قال اللّه عزوجل : ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ».

3199 - وتقول عند أمير المؤمنين عليه السلام (1) أيضا : الحمد لله الذي أكرمني بمعرفته ومعرفة رسوله ومن فرض طاعته رحمة منه لي وتطولا منه علي ، ومن علي بالايمان ، الحمد لله الذي سيرني في بلاده ، وحملني على دوابه ، وطوى لي البعيد ،

ص: 587


1- روى نحوه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 9 مسندا عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وابن قولويه في الكامل أيضا.

ودفع عني المكروه حتى أدخلني حرم أخي نبيه وأرانيه في عافية ، الحمد لله الذي جعلني من زوار قبر وصي رسوله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنتهدي لولا أن هدانا اللّه ، أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، جاء بالحق من عنده ، وأشهد أن عليا عبد اللّه وأخو رسوله ، اللّهم عبدك وزائرك متقرب إليك بزيارة قبر أخي رسولك ، وعلى كل مأتي حق لمن أتاه وزاره ، وأنت خير مأتي وأكرم مزور فأسألك يا اللّه يا رحمن يا رحيم يا جواد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، أن تصلي على محمد وأهل بيته وأن تجعل تحفتك إياي من زيارتي في موقفي هذا فكاك رقبتي من النار ، واجعلني ممن يسارع في الخيرات ويدعوك رغبا ورهبا ، واجعلني من الخاشعين ، اللّهم [إنك] بشرتني على لسان نبيك صلواتك عليه وآله فقلت : « فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه » وقلت : « وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم » اللّهم وإني بك مؤمن وبجميع أنبيائك فلا تقفني بعد معرفتهم موقفا تفضحني به على رؤوس الخلائق بل قفني معهم وتوفني على التصديق بهم ، فإنهم عبيدك وأنت خصصتهم بكرامتك وأمرتني باتباعهم.

ثم تدنو من القبر وتقول : « السلام من اللّه ، السلام على محمد أمين اللّه وعلى رسوله وعزائم أمره ومعدن الوحي والتنزيل الخاتم لما سبق والفاتح لما استقبل والمهيمن على ذلك كله والشاهد على خلقه والسراج المنير ، والسلام عليه ورحمة اللّه وبركاته ، اللّهم صلى على محمد وأهل بيته المظلومين أفضل وأكمل وأرفع وأشرف ما صليت على أحد من أنبيائك ورسلك وأصفيائك ، اللّهم صلى على علي أمير المؤمنين عبدك وخير خلقك بعد نبيك وأخي رسولك ووصي رسولك الذي انتجبته من خلقك والدليل على من بعثته برسالاتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين خلقك والسلام عليه ورحمة اللّه وبركاته ، اللّهم صلى على الأئمة من ولده ، القوامين بأمرك من بعده ، المطهرين الذين ارتضيتهم أنصارا لدينك وحفظة لسرك وشهداء على خلقك وأعلاما لعبادك »

ص: 588

وتصلي عليهم ما استطعت وتقول : « السلام على الأئمة المستودعين ، السلام على خالصة اللّه من خلقه ، السلام على الأئمة المتوسمين ، السلام على المؤمنين الذين قاموا بأمرك ووازروا أولياء اللّه وخافوا لخوفهم ، السلام على ملائكة اللّه المقربين ».

ثم تقول : « السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللّه وبركاته ، السلام عليك يا حبيب اللّه ، السلام عليك يا صفوة اللّه ، السلام عليك يا ولي اللّه ، السلام عليك يا حجة اللّه ، السلام عليك يا عمود الدين ووارث علم الأولين والآخرين ، وصاحب الميسم والصراط المستقيم ، أشهد أنك قد أقمت الصلاة ، وآتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر ، واتبعت الرسول ، وتلوت الكتاب حق تلاوته وجاهدت في اللّه حق جهاده ونصحت لله ولرسوله وجدت بنفسك صابرا محتسبا ومجاهد عن دين اللّه موقيا لرسوله ، طالبا ما عند اللّه وراغبا فيما وعد اللّه عزوجل ومضيت للذي كنت عليه شهيدا وشاهدا ومشهودا ، فجزاك اللّه عن رسوله. وعن الاسلام وأهله أفضل الجزاء ، ولعن اللّه من قتلك ولعن اللّه من خالفك ولعن اللّه من افترى عليك وظلمك ولعن اللّه من غصبك ومن بلغه ذلك فرضى به ، أنا إلى اللّه منهم برئ ، لعن اللّه أمة خالفتك وأمة جحدتك وجحدت ولايتك وأمة تظاهرت عليك وأمة قتلتك وأمة حادت عنك وخذلتك ، الحمد اللّه الذي جعل النار مثواهم وبئس الورد المورود ، وبئس ورد الواردين ، وبئس الدرك المدرك ، اللّهم العن قتلة أنبيائك ، وقتله أوصياء أنبيائك بجميع لعناتك : وأصلهم حر نارك ، اللّهم العن الجوابيت والطواغيت والفراعنة واللات والعزى والجبت ، وكل ند يدعى من دون اللّه ، وكل مفتر ، اللّهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم وأولياءهم وأعوانهم ومحبيهم لعنا كثيرا ، اللّهم العن قتلة أمير - المؤمنين - ثلاثا - اللّهم العن قتله الحسن والحسين - ثلاثا - اللّهم العن قتله الأئمة  - ثلاثا - اللّهم عذبهم عذابا لا تعذبه أحدا من العالمين وضاعف عليهم عذابك كما شاقوا ولاة أمرك وأعد لهم عذابا لم تحله بأحد من خلقك ، اللّهم وادخل على قتلة أنصار رسولك ، وقتله أنصار أمير المؤمنين ، وعلى قتلة أنصار الحسن والحسين ، وعلى قتلة من قتل في ولاية آل محمد أجمعين عذابا مضاعفا في أسفل درك من الجحيم ، لا يخفف

ص: 589

عنهم من عذابهم وهم فيها مبلسون ملعونون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ، قد عاينوا الندامة والخزي الطويل لقتلهم عترة أنبيائك ورسلك وأتباعهم من عبادك الصالحين ، اللّهم العنهم في مستسر السر وظاهر العلانية في سمائك وأرضك ، اللّهم اجعل لي لسان صدق في أوليائك وأحبب إلي مستقرهم ومشاهدهم حتى تلحقني بهم ، وتجعلني لهم تبعا في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين ».

ثم اجلس عند رأسه وقل : « سلام اللّه وسلام ملائكته المقربين والمسلمين لك بقلوبهم ، الناطقين بفضلك ، الشاهدين على أنك صادق أمين صديق عليك يا مولاي صلى اللّه على روحك وبدنك ، وأشهد أنك طهر طاهر مطهر من طهر طاهر مطهر أشهد لك يا ولي اللّه وولي رسوله بالبلاغ والأداء ، أشهد أنك جنب اللّه ، وأنك باب اللّه ، وأنك وجه اللّه الذي يؤتى منه ، وأنك سبيل اللّه (1) وأنك عبد اللّه وأخو رسول اللّه ، أتيتك وافدا لعظيم حالك ومنزلتك عند اللّه عزوجل وعند رسوله ، أتيتك متقربا إلى اللّه عزوجل بزيارتك في خلاص نفسي ، متعوذا بك من نار استحقها مثلي بما جنيت على نفسي ، أتيتك انقطاعا إليك وإلى وليك الخلف من بعدك على بركة الحق (2) ، فقلبي لكم مسلم وأمري لكم متبع ونصرتي لكم (3) معدة ، وأنا عبد اللّه ومولاك في طاعتك ، الوافد إليك ، ألتمس بذلك كمال المنزلة عند اللّه عزوجل ، وأنت ممن أمرني اللّه بصلته ، وحثني على بره ، ودلني على فضله ، وهداني لحبه ، ورغبني في الوفادة إليه ، وألهمني طلب الحوائج عنده ، أنتم أهل بيت يسعد من تولاكم ، ولا يخيب من أتاكم ، ولا يخسر من يهواكم ، ولا يسعد من عاداكم ، ولا أجد أحدا أفزع

ص: 590


1- المراد بالجنب اما القرب فالمعنى أنت أقرب أفراد الخلق إلى اللّه تعالى من باب تسمية الحال باسم المحل ، واما الطاعة فالمراد أن طاعتك طاعة اللّه عزوجل ، والمراد بالباب الذي لا يؤتى الا منه أي لا يوصل إلى اللّه والى معرفته وعبادته الا بمتابعتك ، وكذا الكلام في الوجه والسبيل.
2- في بعض النسخ « على تزكية الحق » وهكذا في التهذيب.
3- في بعض النسخ « لك » مكان « لكم » في المواضع الثلاثة.

إليه خيرا لي منكم ، أنتم أهل بيت الرحمة ، ودعائم الدين ، وأركان الأرض ، والشجرة الطيبة ، اللّهم لا تخيب توجهي إليك برسولك وآل رسولك واستشفاعي بهم ، اللّهم أنت مننت علي بزيارة مولاي وولايته ومعرفته ، فاجعلني ممن ينصره وينتصر به ، و من علي بنصرك لدينك في الدنيا والآخرة ، اللّهم إني أحيى على ما حيي عليه علي ابن أبي طالب عليه السلام ، وأموت على ما مات عليه علي بن أبي طالب عليه السلام » (1).

3200 - وإذا أردت أن تودعه فقل (2) : « السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته أستودعك اللّه ، وأسترعيك ، وأقرأ عليك السلام آمنا باللّه وبالرسول وبما جاءت به ودلت عليه فاكتبنا مع الشاهدين (3) أشهد في مماتي على ما شهدت عليه في حياتي ، أشهد أنكم الأئمة واحدا بعد واحد ، وأشهد أن من قتلكم وحاربكم مشركون ، ومن رد عليكم في أسفل درك من الجحيم ، وأشهد أن من حاربكم لنا أعداء ونحن منهم برآء وأنهم حزب الشيطان ، اللّهم إني أسألك بعد الصلاة والتسليم أن تصلي على محمد وآل محمد - وتسميهم عليهم السلام - ولا تجعله آخر العهد من زيارته فإن جعلته فاحشرني مع هؤلاء الأئمة المسمين ، اللّهم وثبت قلوبنا بالطاعة والمناصحة والمحبة وحسن المؤازرة والتسليم ».

وسبح تسبيح الزهراء فاطمة عليها السلام وهو سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم سبحان ذي العز الشامخ المنيف ، سبحان ذي الملك الفاخر القديم ، سبحان ذي البهجة والجمال ، سبحان من تردى بالنور والوقار ، سبحان من يرى أثر النمل في الصفا ووقع الطير في الهواء.

ص: 591


1- الظاهر أن من قوله « الحمد لله الذي أكرمني - إلى هنا - » كما يظهر من كامل الزيارات منقول من كتاب الجامع تأليف محمد بن الحسن بن الوليد.
2- رواه ابن قولويه ص 46 عن جامع ابن الوليد وهو رواه عن أبي الحسن الثالث عليه السلام ، ورواه الشيخ في المصباح ص 519 إلى قوله « والتسليم ».
3- زاد هنا في الكامل « اللّهم لا تجعله آخر العهد من زيارتي إياه فان توفيتني قبل ذلك فانى أشهد في مماتي - الخ ».
زيارة أخرى لأمير المؤمنين عليه السلام

3201 - تقول (1) : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، السلام عليك يا حبيب اللّه ، السلام عليك يا صفوة اللّه ، السلام عليك يا ولي اللّه ، السلام عليك يا حجة اللّه ، السلام عليك يا إمام الهدى ، السلام عليك يا علم التقى ، السلام عليك أيها الوصي البار التقي ، السلام عليك يا أبا الحسن ، السلام عليك يا عمود الدين ، ووارث علم الأولين والآخرين وصاحب الميسم (2) والصراط المستقيم ، أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة ، و أمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر ، واتبعت الرسول ، وتلوت الكتاب حق تلاوته وبلغت عن اللّه عزوجل ، ووفيت بعهد اللّه ، وتمت بك كلمات اللّه ، وجاهدت في اللّه حق جهاده ونصحت لله ولرسوله ، وجدت بنفسك صابرا ومجاهدا عن دين اللّه مؤمنا برسول اللّه ، طالبا ما عند اللّه ، راغبا فيما وعد اللّه ، ومضيت للذي كنت عليه شاهدا وشهيدا ومشهودا ، فجزاك اللّه عن رسوله وعن الاسلام وأهله من صديق أفضل الجزاء.

كنت (3) أول القوم إسلاما ، وأخلصهم إيمانا ، وأشدهم يقينا ، وأخوفهم

ص: 592


1- الظاهر أنه مأخوذ من كتاب الجامع المذكور ومروي عن المعصوم عليه السلام ولعله عن أبي الحسن الثالث عليه السلام وذلك لان المؤلف قال سابقا « لم أجد في الاخبار شيئا موظفا محدودا لزيارة الصديقة عليهما السلام فرضيت لمن نظر في كتابي هذا من زيارتها ما رضيت لنفسي » فيدل بالمفهوم أن هذه الزيارات التي نقل في الكتاب كلها مأثورة عنهم عليهم السلام.
2- الميسم بكسر الميم : اسم الآلة التي يكوى بها ويعلم وأصله الواو وجمعه مياسم ومواسم ، الأولى على اللفظ والثانية على الأصل.
3- من هنا رواه الكليني ج 1 ص 454 مع اختلاف باسناده عن البرقي عن أحمد ابن زيد النيشابوري قال : حدثني عمر بن إبراهيم الهاشمي عن عبد الملك بن عمر عن أسيد ابن صفوان صاحب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين عليه السلام ارتج الموضع بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض النبي صلى اللّه عليه وآله وجاء رجل باكيا وهو مسرع مسترجع وهو يقول : اليوم انقطعت خلافة النبوة حتى وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين عليه السلام : « رحمك اللّه يا أبا الحسن كنت أول القوم اسلاما - وساق نحوا مما يكون في المتن باختلاف ، وقيل الرجل هو الخضر عليه السلام واللّه يعلم.

لله ، وأعظمهم عناء ، وأحوطهم على رسوله ، وأفضلهم مناقب ، وأكثرهم سوابق ، و أرفعهم درجة ، وأشرفهم منزلة ، وأكرمهم عليه. قويت حين ضعف أصحابه ، وبرزت حين استكانوا ، ونهضت حين وهنوا ، ولزمت منهاج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، كنت خليفته حقا لم تنازع برغم المنافقين ، وغيظ الكافرين ، وكره الحاسدين ، وضغن الفاسقين ، فقمت بالامر حين فشلوا ، ونطقت حين تتعتعوا (1) ، ومضيت بنور اللّه إذ وقفوا ، فمن اتبعك فقد هدي ، كنت أقلهم كلاما ، وأصوبهم منطلقا ، وأكثرهم رأيا ، وأشجعهم قلبا ، وأشدهم يقينا ، وأحسنهم عملا ، وأعناهم بالأمور (2).

كنت للدين يعسوبا أولا (3) حين تفرق الناس ، وأخيرا حين فشلوا ، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا ، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا ، وحفظت ما أضاعوا ، ورعيت ما أهملوا ، وشمرت إذا [ا] جتمعوا ، وشهدت إذ جمعوا ، وعلوت إذ هلعوا (4) ، وصبرت إذ جزعوا ، كنت على الكافرين عذابا صبا ، وللمؤمنين غيثا و خصبا لم تفلل حجتك ، ولم يزغ قلبك ، ولم تضعف بصيرتك ، ولم تجبن نفسك ، و لم تهن ، كنت كالجبل لا تحركه العواصف ، ولا تزيله القواصف (5) ، وكنت كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ضعيفا في بدنك ، قويا في أمر اللّه ، متواضعا في نفسك ، عظيما عند اللّه عزوجل ، كبيرا في الأرض ، جليلا عند المؤمنين ، لم يكن لاحد فيك مهمز ، ولا لقائل فيك مغمز (6) ولا لاحد فيك مطمع ، ولا لاحد عندك هوادة (7) الضعيف الذليل

ص: 593


1- التعتعة في الكلام : التردد من حصر أوعى.
2- في الكافي « وأعرفهم بالأمور ».
3- اليعسوب : السيد والرئيس والمقدم وأمير النحل. (النهاية)
4- الهلع : أفحش الجزع والحرص والفزع.
5- العاصف : الشديد ، والقاصف شديد الصوت.
6- الهمز : العيب والنقص ، والغمز : الطعن والاتهام.
7- الهوادة : الميل واللين والرفق ، وما يرجى به الصلاح بين القوم.

عندك قوي عزير حتى تأخذ بحقه ، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق والقريب والبعيد عندك في سواء ، شأنك الحق والصدق و الرفق ، وقولك حكم وحتم ، وأمرك حلم وحزم ، ورأيك علم وعزم ، اعتدل بك الدين ، وسهل بك العسير ، وأطفئت بك النيران ، وقوي بك الايمان ، وثبت بك الاسلام والمؤمنون ، سبقت سبقا بعيدا ، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا ، فجللت عن النكال (1) ، وعظمت رزيتك في السماء ، وهدت مصيبتك الأنام ، فانا لله وإنا إليه راجعون ، رضينا عن اللّه قضاءه ، وسلمنا لله أمره ، فواللّه لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا ، كنت للمؤمنين كهفا وحصنا ، وعلى الكافرين غلظة وغيظا فألحقك اللّه بنبيه ولا حرمنا أجرك ، ولا أضلنا بعدك ، والسلام عليك ورحمة اللّه وبركاته » (2).

وتصلي عنده ست ركعات تسلم في كل ركعتين لان في قبره عظام آدم ، وجسد نوح (3) وأمير المؤمنين عليهم السلام فمن زار قبره فقد زار آدم ونوحا وأمير المؤمنين عليهم السلام فتصلي لكل زيارة ركعتين.

زيارة قبر أبى عبد اللّه الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام المقتول بكربلا

3202 - قال الصادق عليه السلام (4) إذا أتيت أبا عبد اللّه الحسين عليه السلام فاغتسل على

ص: 594


1- في بعض النسخ « البكاء ».
2- إلى هنا تم ما في الكافي
3- يؤيد ما مر من القول ببقاء أجسادهم عليهم السلام في الأرض.
4- روى الكليني في الكافي ج 4 ص 575 والشيخ عنه في التهذيب ج 2 ص 19 واللفظ للكافي عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن الحسين بن ثوير قال : كنت أنا ويونس بن ظبيان والمفضل بن عمر وأبو سلمة السراج جلوسا عند أبي عبد اللّه عليه السلام وكان المتكلم منا يونس وكان أكبرنا سنا فقال له : جعلت فداك انى أحضر مجلس هؤلاء القوم يعنى ولد العباس فما أقول؟ فقال إذا حضرت فذكرتنا فقل : « اللّهم أرنا الرخاء والسرور » فإنك تأتى على ما تريد ، فقلت : جعلت فداك انى كثيرا ما أذكر الحسين عليه السلام فأي شئ أقول : « فقال : قل : « صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه تعيد ذلك ثلاثا فان السلام يصل إليه من قريب ومن بعيد ، ثم قال : ان أبا عبد اللّه الحسين عليه السلام لما قضى بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن ينقلب في الجنة والنار من خلق ربنا وما يرى وما لا يرى بكى على أبى - عبد اللّه الحسين عليه السلام الا ثلاثة أشياء لم تبك عليه ، قلت : جعلت فداك وما هذه الثلاثة الأشياء؟ قال : لم تبك عليه البصرة ولا دمشق ولا آل عثمان ، قلت : جعلت فداك انى أريد أن أزوره فكيف أقول وكيف أصنع؟ قال : إذا أتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فاغتسل - ثم ساق إلى آخر الزيارة - « والظاهر من الكافي والكامل أن قوله » فقلت جعلت فداك أنى كثيرا ما أذكر الحسين يعنى قال الحسين بن ثوير الثقة فقلت له كذا وكذا لكن ظاهر التهذيب المتكلم يونس بن ظبيان.

شاطئ الفرات ثم البس ثيابا طاهرة ، ثم امش حافيا ، فإنك في حرم من حرم اللّه عزوجل [وحرم] رسول صلى اللّه عليه وآله ، وعليك بالتكبير والتهليل والتمجيد والتعظيم لله عزوجل كثيرا والصلاة على محمد وأهل بيته صلوات اللّه عليهم حتى تصير إلى باب الحائر ثم تقول : « السلام عليك يا حجة اللّه وابن حجته ، السلام عليكم يا ملائكة اللّه وزوار قبر ابن نبي اللّه » ثم أخط عشر خطى ، ثم قف وكبر اللّه ثلاثين تكبيرة ، ثم امش إليه حتى تأتيه من قبل وجهه واستقبل وجهه بوجهك واجعل القبلة بين كتفيك ثم قل :

السلام عليك يا حجة اللّه وابن حجته ، السلام عليك يا ثار اللّه في الأرض وابن ثاره ، السلام عليك يا وتر اللّه الموتور في السماوات والأرض ، أشهد أن دمك سكن في الخلد ، واقشعرت له أظلة العرش ، وبكى له جميع الخلائق ، وبكت له السماوات السبع والأرضون [السبع] وما فيهن وما بينهن ، ومن يتقلب في الجنة والنار من خلق ربنا ، وما يرى وما لا يرى (1)، أشهد أنك حجة اللّه وابن حجته ، وأشهد أنك ثار اللّه وابن ثاره ، وأشهد أنك وتر اللّه الموتور في السماوات والأرض ، وأشهد أنك بلغت عن اللّه ونصحت ووفيت وأوفيت ، وجاهدت في سبيل ربك ، ومضيت للذي كنت عليه شهيدا ومستشهدا وشاهدا ومشهودا ، أنا عبد اللّه ومولاك وفي طاعتك ، والوافد إليك ، ألتمس بذلك كمال المنزلة عند اللّه عزوجل ، وثبات القدم في الهجرة إليك ، والسبيل الذي لا يختلج دونك من الدخول في كفالتك التي أمرت بها ، من أراد

ص: 595


1- في بعض النسخ « وما نرى ومالا نرى ».

اللّه بدأ بكم ، من أراد اللّه بدأ بكم ، من أراد اللّه بدأ بكم (1) ، بكم يبين اللّه الكذب ، وبكم يباعد اللّه الزمان الكلب (2) وبكم يفتح اللّه وبكم يختم اللّه ، وبكم يمحو اللّه ما يشاء ، وبكم يثبت وبكم يفك الذل من رقابنا ، وبكم يدرك اللّه ترة كل مؤمن ومؤمنة تطلب ، وبكم تنبت الأرض أشجارها ، وبكم تخرج الأشجار أثمارها ، وبكم تنزل السماء قطرها ، وبكم يكشف اللّه الكرب ، وبكم ينزل اللّه الغيث ، وبكم تسبح الأرض التي تحمل أبدانكم (3) لعنت أمة قتلتكم ، وأمة خالفتكم ، وأمة جحدت ولايتكم ، وأمة ظاهرت عليكم ، وأمة شهدت ولم تنصركم (4) الحمد لله الذي جعل النار مأواهم وبئس ورد الواردين ، وبئس الورد المورود ، والحمد لله رب العالمين.

صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه ، أنا إلى اللّه ممن خالفك برئ ، أنا إلى اللّه ممن خالفك برئ ، أنا إلى اللّه ممن خالفك برئ.

ثم ائت عليا ابنه عليهما السلام (5) وهو عند رجليه وتقول : « السلام عليك يا ابن رسول اللّه ، السلام عليك يا ابن علي أمير المؤمنين ، السلام عليك يا ابن الحسن و الحسين (6) ، السلام عليك يا ابن خديجة وفاطمة عليهما السلام ، صلى اللّه عليك ، صلى اللّه عليك ، صلى اللّه عليك ، لعن اللّه من قتلك ، لعن اللّه من قتلك ، لعن اللّه من قتلك ، أنا إلى اللّه منهم برئ ، أنا إلي اللّه منهم برئ ، أنا إلى اللّه منهم برئ » [ثم تقوم

ص: 596


1- قوله « من أراد اللّه بدأ بكم » ليس في الكافي الامرة واحدة وكذا في التهذيب ومعناه أنه لا يمكن معرفته تعالى ولا عبادته بدون متابعتكم والتكرير ثلاثا للتأكيد.
2- الكلب - بكسر اللام - : الشديد.
3- زاد في الكافي وتستقر جبالها عن مراسيها إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر في بيوتكم والصادر عما فصل من أحكام العباد وما بين منها ، أو ما يفصل بينهم في قضاياهم ، أو ما يميز به بين الحق والباطل ، أو ما خرج من الوحي منها يؤخذ منكم. وفى بعض نسخ الكافي « وبكم تسيخ الأرض - الخ ».
4- في الكافي « ولم تستشهد ».
5- في الكافي « ثم تقوم فتأتي ابنه عليا عليه السلام ».
6- بناء على أن العم قد يسمى أبا.

فتؤمي بيدك إلى الشهداء وتقول] (1) : « السلام عليكم ، السلام عليكم ، السلام عليكم ، فزتم واللّه ، فزتم اللّه ، فزتم اللّه ، يا ليتني كنت معكم فأفوز عظيما ».

ثم تدور فتجعل قبر أبي عبد اللّه عليه السلام بين يديك فتصل ست ركعات وقد تمت زيارتك.

هذه الزيارة رواية الحسن بن راشد عن الحسين بن ثوير عن الصادق عليه السلام (2).

الوداع

3203 - من رواية يوسف الكناسي (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أردت أن تودعه فقل : « السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته ، ونستودعك اللّه ونقرأ عليك السلام آمنا باللّه وبالرسول وبما جاء به ودل عليه ، واتبعنا الرسول يا رب فاكتبنا مع الشاهدين ، اللّهم لا تجعله آخر العهد منا ومنه ، اللّهم إنا نسألك أن تنفعنا بحبه اللّهم ابعثه مقاما محمودا ، تنصر به دينك ، وتقتل به عدوك وتبير به (4) من نصب حربا لآل محمد ، فإنك وعدته ذلك وأنت لا تخلف الميعاد ، السلام عليك ورحمة اللّه و بركاته ، أشهد أنكم شهداء نجباء ، جاهدتم في سبيل اللّه وقتلتم على منهاج رسول -

ص: 597


1- ما بين القوسين ليس في أكثر النسخ وفى بعضها مكانه « ثم ائت الشهداء وقل » والظاهر أنه من زيادات النساخ لتوهمهم أن الخطاب بصيغة الجمع يكون للشهداء.
2- كما رواه ابن قولويه في الكامل ص 197 عن أبيه وعلى الحسين ، ومحمد بن الحسن جميعا عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن الحسن بن راشد عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة.
3- في الكامل ص 253 حدثني أبي ومحمد بن الحسن عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، وحدثني أبي وعلي بن الحسين ومحمد بن الحسن ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، وحدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن بن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ابن أيوب ، عن نعيم بن الوليد ، عن يوسف الكناسي وفى بعض ألفاظه اختلاف نشير إليها.
4- أي تهلك ، وأباره أي أهلكه.

اللّه صلى اللّه عليه وآله وابن رسوله كثيرا (1) ، والحمد لله الذي صدقكم وعده ، وأراكم ما تحبون وصلي اللّه على محمد وآل محمد وعليهم السلام ورحمة اللّه وبركاته ، اللّهم لا تشغلني في الدنيا عن شكر نعمتك ولا باكثار فيها فتلهيني عجائب بهجتا ، وتفتنني زهرتها (2) ، ولا بإقلال يضر بعملي ضره ، (3) ويملا صدري همه ، أعطني من ذلك غنى عن شرار خلقك ، وبلاغا أنال به رضاك يا أرحم الراحمين.

وقد أخرجت في كتاب الزيارات ، وفي كتاب مقتل الحسين عليه السلام أنواعا من الزيارات واخترت هذه لهذا الكتاب لأنها أصح الزيارات عندي من طريق الرواية وفيها بلاغ وكفاية.

زيارة قبور الشهداء

فإذا أردت زيارة قبور الشهداء فقل : « السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار » (4).

باب 306: ما يجزى من زيارة الحسين عليه السلام في حال التقية

3204 - إذا أتيت الفرات فاغتسل والبس ثوبيك الطاهرين ، ثم أتت القبر و قل : « صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه ، صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه ، صلى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه » وقد تمت زيارتك هذه في حال التقية. روى ذلك يونس بن ظبيان عن الصادق عليه السلام.

ص: 598


1- زاد هنا في الكامل « أنتم السابقون والمهاجرون والأنصار ، أشهد أنكم أنصار اللّه وأنصار رسوله ».
2- في الكامل : « اللّهم لا تشغلني في الدنيا عن ذكر نعمتك لا باكثار تلهيني عجائب بهجتها وتفتنني زهرات زينتها ».
3- في الكامل « يضر بعملي كده ».
4- راجع لزيارة عباس بن علي عليهما السلام كامل الزيارات ص 256.

باب 307: ما يقوم مقام زيارة الحسين وزيارة غيره من الأئمة عليهم السلام لمن لا يقدر على

قصده لبعد المسافة

3205 - روي ابن أبي عن هشام قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا بعدت بأحدكم الشقة ونأت به الدار فليصعد أعلى منزله فليصل ركعتين وليؤم بالسلام إلى قبورنا فإن ذلك يصل إلينا ».

3206 - وفي رواية حنان بن سدير عن أبيه قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : « يا سدير تزور قبر الحسين عليه السلام في كل يوم؟ قلت : جعلت فداك لا ، قال : ما أجفاكم فتزوره في كل شهر؟ قلت : لا ، قال : فتزوره ، في كل سنة؟ قلت : قد يكون ذلك ، قال : يا سدير ما أجفاكم للحسين عليه السلام أما علمت أن اللّه تبارك وتعالى ألف ألف ملك شعث غبر ، يبكون ويزورون ولا يفترون ، وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين عليه السلام في كل جمعة (1) خمس مرات أو في كل يوم مرة ، قلت : جعلت فداك بيننا وبينه فراسخ كثيرة ، فقال لي : اصعد فوق سطحك ثم التفت يمنة ويسرة ، ثم ارفع رأسك إلى السماء ثم تنحو نحو القبر فتقول : « السلام عليك يا أبا عبد اللّه ، السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته » تكتب لك بذلك ، زورة الزورة حجة وعمرة ، قال سدير : فربما فعلت ذلك في الشهر أكثر من عشرين مرة ».

باب 308: فضل تربة الحسين عليه السلام وحريم قبره

3207 - قال الصادق عليه السلام : « في طين قبر الحسين عليه السلام شفاء من كل داء

ص: 599


1- المراد بالجمعة الأسبوع كما هو الظاهر.

وهو الدواء الأكبر » (1).

3208 - وقال عليه السلام : « إذا أكلته فقل : اللّهم رب التربة المباركة ورب الوصي الذي وارته صل على محمد وآل محمد واجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء » (2).

3209 - وقال الصادق عليه السلام : « حريم قبر الحسين عليه السلام خمسة فراسخ من أربعة جوانب القبر » (3).

3210 - وروي إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « موضع قبر الحسين عليه السلام منذ يوم دفن [فيه] روضة من رياض الجنة » (4).

3211 - وقال عليه السلام : « موضع قبر الحسين عليه السلام ترعة من ترع الجنة » (5)

باب 309: زيارة الامامين أبى الحسن موسى بن جعفر وأبى جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام ببغداد في مقابر قريش

3212 - إذا أردت بغداد إن شاء اللّه فاغتسل وتنظف والبس ثوبيك الطاهرين وزر قبريهما وقل حين تصير إلى قبر موسى بن جعفر عليهما السلام : السلام عليك يا ولي اللّه ،

ص: 600


1- رواه ابن قولويه ص 275 ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن أبيه ، عن محمد بن سليمان البصري ، عن أبيه عنه عليه السلام ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 26 عنه.
2- في الكامل ص 284 عن أبيه وجماعة عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن عيسى ابن عبيد قال : وروى لي بعض أصحابنا نسيت اسناده قال : إذا أكلته تقول ...
3- كل ذلك تقدم تحت رقم 3167 و 3165 و 3166 على الترتيب.
4- كل ذلك تقدم تحت رقم 3167 و 3165 و 3166 على الترتيب.
5- كل ذلك تقدم تحت رقم 3167 و 3165 و 3166 على الترتيب.

السلام عليك يا حجة اللّه ، السلام عليك يا نور اللّه في ظلمات الأرض (1) أتيتك زائرا عارفا بحقك ، معاديا لأعدائك ، مواليا لأوليائك ، فاشفع لي عند ربك ثم سل حاجتك ثم تسلم على أبي جعفر عليه السلام بهذه الأحرف والنداء (2).

وإذا أردت زيارته عليه السلام فاغتسل وتنظف والبس ثوبيك الطاهرين وقل : « اللّهم صل على محمد بن علي الامام التقي النقي الرضي المرضي ، وحجتك على من فوق الأرض ومن تحت الثرى ، صلاة كثيرة نامية زاكية مباركة متواصلة متواترة مترادفة كأفضل ما صليت على أحد من أوليائك ، والسلام عليك يا ولي اللّه ، السلام عليك يا نور اللّه ، السلام عليك يا حجة اللّه ، السلام عليك يا إمام المتقين ، (3) ووارث علم النبيين ، وسلالة الوصيين (4) ، السلام عليك يا نور اللّه في ظلمات الأرض أتيتك زائرا عارفا بحقك ، معاديا لأعدائك ، مواليا لأوليائك ، فاشفع لي عند ربك » ثم سل حاجتك (5).

ص: 601


1- في الكافي ج 2 ص 578 والكامل والتهذيب هنا « السلام عليك يامن بد اللّه في شأنه » ويمكن عدم كون هذه الجملة في النسخة التي نقل عنها المؤلف وإنما زيدت بعد ، أو أسقطها المصنف وهو الأظهر لأنه لا يعتقد الخبر الذي نقل عن الصادق عليه السلام أنه قال ، « ما بد اللّه بداء كما بداله في إسماعيل ابني » فإنه قال بعد نقله في كتاب التوحيد باب البداء : وقد روى لي من طريق أبى الحسين الأسدي في ذلك شئ غريب وهو أنه روى أن الصادق عليه السلام قال : « ما بد اللّه بداء كما بداله في إسماعيل أبى إذا أمر أباه إبراهيم بذبحه ثم فداه بذبح عظيم ». ثمّ قال: فى الحديث على الوجهين جميعا عندي نظر، الا أننى أوردته لمعنى لفظ البداء.
2- الزيارة رواها ابن قولويه ص 301 من الكامل ، عن محمد بن جعفر الرزاز الكوفي عن محمد بن عيسى بن عبيد عمن ذكره عن أبي الحسن عليه السلام.
3- في بعض النسخ « امام المؤمنين ».
4- السلالة - بضم السين المهملة - : الولد.
5- مروى في الكامل ص 302 بالسند المتقدم.

ثم صل في القبة التي فيها محمد بن علي عليهما السلام أربع ركعات بتسليمتين عند رأسه ، ركعتين لزيارة موسى عليه السلام ، وركعتين لزيارة محمد بن علي عليهما السلام ، ولا تصل عند رأس موسى عليه السلام فإنه يقابلك قبور قريش ولا يجوز اتخاذها قبلة إن شاء اللّه.

باب 310: يارة قبر الرضا أبى الحسن علي بن موسى عليهما السلام بطوس

اشارة

3213 - إذا أردت زيارة قبر أبي الحسن علي بن موسى عليهما السلام بطوس فاغتسل عند خروجك من منزلك وقل حين تغتسل (1) « اللّهم طهرني ، وطهر لي قلبي ، واشرح لي صدري ، وأجر على لساني مدحتك ، والثناء عليك ، فإنه لا قوة إلا بك ، اللّهم اجعله لي طهورا وشفاء » وتقول حين تخرج : « بسم اللّه وباللّه وإلى اللّه وإلى ابن رسول اللّه حسبي اللّه ، توكلت على اللّه ، اللّهم إليك توجهت ، وإليك قصدت ، وما عندك أردت ».

فإذا خرجت فقف على باب دارك وقل : « اللّهم إليك وجهت وجهي ، وعليك خلفت أهلي ومالي وما خولتني ، وبك وثقت فلا تخيبني ، يامن لا يخيب من أراده ، ولا يضيع من حفظه صل على محمد وآل محمد ، واحفظني بحفظك فإنه لا يضيع من حفظت ».

فإذا وافيت سالما فاغتسل وقل حين تغتسل « اللّهم طهرني ، وطهر لي قلبي واشرح لي صدري ، وأجر على لساني مدحتك ومحبتك والثناء عليك ، فإنه لا قوة إلا بك فقد علمت أن قوام ديني التسليم لأمرك ، والاتباع لسنة نبيك ، والشهادة على جميع خلقك ، اللّهم اجعله لي شفاء ونورا ، إنك على كل شئ قدير ».

والبس أطهر ثيابك وامش حافيا ، وعليك السكينة والوقار بالتكبير والتهليل

ص: 602


1- نقل هذه الزيارة الشيخ الطوسي - رحمه اللّه - في التهذيب ج 2 ص 30 عن كتاب الجامع لمحمد الحسن بن أحمد بن الوليد شيخ المصنف - رحمهما اللّه - ورواها ابن قولويه ص 309 قال : وروى عن بعضهم قال : « إذا أتيت قبر علي بن موسى عليهما السلام بطوس فاغتسل قبل خروجك من منزلك وقل حين تغتسل : اللّهم طهرني - الخ ».

والتمجيد وقصر خطاك وقل حين تدخل : « بسم اللّه وباللّه وعلى ملة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأن عليا ولي اللّه ».

وسر حتى تقف على قبره (1) وتستقبل وجهه بوجهك ، واجعل القبلة بين كتفيك وقل : « أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأنه سيد الأولين والآخرين ، وأنه سيد الأنبياء والمرسلين ، اللّهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وسيد خلقك أجمعين ، صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك ، اللّهم صل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عبدك وأخي رسولك ، الذي انتجبته بعلمك وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك ، والدليل على من بعثته برسالاتك ، وديان الدين بعدلك ، وفصل قضائك بين خلقك ، والمهيمن على ذلك كله ، والسلام عليه ورحمة اللّه وبركاته ، اللّهم صل على فاطمة بنت نبيك وزوجة وليك وأم السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، والطهرة الطاهرة المطهرة ، والتقية النقية الرضية الزكية ، سيدة نساء أهل الجنة أجمعين صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك ، اللّهم صل على الحسن والحسين سبطي نبيك وسيدي شباب أهل الجنة القائمين في خلقك والدليلين على من بعثت برسالاتك ودياني الدين بعدلك ، وفصلي قضائك بين خلقك اللّهم صل على علي بن الحسين عبدك القائم في خلقك والدليل على من بعثت برسالاتك وديان الدين بعدك وفصل قضائك بين خلقك ، سيد العابدين ، اللّهم صل على محمد بن علي عبدك وخليفتك في أرضك باقر علم النبيين ، اللّهم صل على جعفر بن محمد الصادق عبدك وولي دينك ، وحجتك على خلقك أجمعين ، الصادق البار اللّهم صل على موسى بن جعفر عبدك الصالح ، ولسانك في خلقك ، الناطق بحكمك والحجة على بريتك ، اللّهم صل على علي بن موسى الرضا المرتضى ، عبدك و ولي دينك ، القائم بعدلك ، والداعي إلى دينك ودين آبائه الصادقين ، صلاة لا يقوى على إحصائها غيرك ، اللّهم صل على محمد بن علي عبدك ووليك ، القائم بأمرك ، والداعي

ص: 603


1- في الكامل « ثم أشر على قبره » وهو تصحيف وما في المتن صحيح.

إلى سبيلك ، اللّهم صل على علي بن محمد عبدك وولي دينك ، اللّهم صل على الحسن ابن علي العامل بأمرك ، القائم في خلقك ، وحجتك المؤدي عن نبيك ، وشاهدك على خلقك ، المخصوص بكرامتك ، الداعي إلى طاعتك وطاعة رسولك ، صلواتك عليهم أجمعين اللّهم صل على حجتك ووليك القائم في خلقك صلاة تامة نامية باقية تعجل بها فرجه وتنصره بها ، وتجعلنا معه في الدنيا والآخرة ، اللّهم إني أتقرب إليك بحبهم وأوالي وليهم وأعادي عدوهم ، فارزقني بهم خير الدنيا والآخرة ، واصرف عني بهم شر الدنيا والآخرة ، وأهوال يوم القيامة ».

ثم تجلس عند رأسه وتقول : « السلام عليك يا ولي اللّه ، السلام عليك يا حجة اللّه ، السلام عليك يا نور اللّه في ظلمات الأرض ، السلام عليك يا عمود الدين ، السلام عليك يا وارث آدم صفوة اللّه ، السلام عليك يا وارث نوح نبي اللّه (1) ، السلام عيك يا وارث إبراهيم خليل اللّه ، السلام عليك يا وارث إسماعيل ذبيح اللّه ، السلام عليك يا وارث موسى كليم اللّه ، السلام عليك يا وارث عيسى روح اللّه ، السلام عليك يا وارث محمد رسول اللّه ، السلام عليك يا وارث أمير المؤمنين علي ولي اللّه ووصي رسول رب العالمين ، السلام عليك يا وارث فاطمة الزهراء ، السلام عليك يا وارث الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، السلام عليك يا وارث علي بن الحسين سيد العابدين ، السلام عليك يا وارث محمد بن علي باقر علم الأولين والآخرين ، السلام عليك يا وارث جعفر بن محمد الصادق البار ، السلام عليك يا وارث موسى بن جعفر ، السلام عليك أيها الصديق الشهيد ، السلام عليك أيها الوصي البار التقي أشهد أنك قد أقمت الصلاة ، وآتيت الزكاة ، وأمرت بالمعروف ، ونهيت عن المنكر وعبدت اللّه مخلصا حتى أتاك اليقين ، السلام عليك يا أبا الحسن ورحمة اللّه وبركاته إنه حميد مجيد ».

ثم تنكب على القبر وتقول : « اللّهم إليك صمدت من أرضي ، وقطعت البلاد رجاء رحمتك فلا تخيبني ولا تردني بغير قضاء حوائجي ، وارحم تقلبي على قبر ابن

ص: 604


1- في التهذيب « نجى اللّه ».

أخي رسولك صلواتك عليه وآله ، بأبي أنت وأمي أتيتك زائرا وافدا عائذا مما جنيت على نفسي ، واحتطبت على ظهري ، فكن لي شافعا إلى اللّه يوم فقري وفاقتي ، فلك عند اللّه مقام محمود وأنت [عنده] وجيه ».

ثم ترفع يدك اليمنى وتبسط اليسرى على القبر وتقول : « اللّهم إني أتقرب إليك بحبهم وبولايتهم ، أتولى آخرهم بما توليت به أولهم ، وأبرأ من كل وليجة دونهم (1) اللّهم العن الذين بدلوا نعمتك ، واتهموا نبيك ، وجحدوا بآياتك ، وسخروا بإمامك ، وحملوا الناس على أكتاف آل محمد ، اللّهم إني أتقرب إليك باللعنة عليهم والبراءة منهم في الدنيا والآخرة يا رحمن ».

ثم تحول إلى عند رجليه وقل : « صلى اللّه عليك يا أبا الحسن ، صلى اللّه على روحك وبدنك ، صبرت وأنت الصادق المصدق ، قتل اللّه من قتلك بالأيدي والألسن ».

ثم ابتهل (2) في اللعنة على قاتل أمير المؤمنين وعلى قتله الحسن والحسين وعلى جميع قتله أهل بيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، ثم تحول إلى عند رأسه من خلفه وصل ركعتين وتقرأ في إحديهما الحمد ويس وفي الأخرى الحمد والرحمن ، وتجتهد في الدعاء والتضرع ، وأكثر من الدعاء لنفسك ولوالديك ولجميع إخوانك وأقم عند رأسه ما شئت ، ولتكن صلاتك عند القبر.

الوداع

فإذا أردت أن تودعه فقل : « السلام عليك يا مولاي وابن مولاي ورحمة اللّه و بركاته أنت لنا جنة من العذاب وهذا أو ان انصرافنا عنك (3) غير راغب عنك ، ولا مستبدل بك ، ولا مؤثر عليك ، ولا زاهد في قربك ، وقد جدت بنفسي للحدثان (4) ،

ص: 605


1- الوليجة : من تتخذه معتمدا من غير أهلك ، أي أبرأ من كل من لم يحذو حذوهم ولم يقل بإمامتهم.
2- الابتهال هو أن تمد يديك جميعا وأصله التضرع والمبالغة في السؤال. (النهاية)
3- الجنة - بصم الجيم - : كل ما وقى ، والأوان : الحين وقد يكسر. (القاموس)
4- جدت أي بذلت وهو من الجود ، وحدثان الدهر : نوائبه وحوادثه.

وتركت الأهل والأوطان والأولاد ، فكن لي شافعا يوم حاجتي وفقري وفاقتي ، يوم لا يغني عني حميمي (1) ولا قريبي ، يوم لا يغني عني والدي ، أسأل اللّه الذي قدر رحيلي إليك أن ينفس بك كربتي ، وأسال اللّه الذي قدر علي فراق مكانك أن لا يجعله آخر العهد من رجوعي ، وأسأل اللّه الذي أبكى عليك عيني أن يجعله لي سببا وذخرا ، وأسال اللّه الذي أراني مكانك وهداني للتسليم عليك وزيارتي إياك أن يوردني حوضكم ، ويرزقني مرافقتكم في الجنان ، السلام عليك يا صفوة اللّه [السلام على محمد بن عبد اللّه خاتم النبيين] (2) السلام على أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين ، وقائد الغر المحجلين ، السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، السلام علي الأئمة - وتسميهم عليهم السلام - ورحمة اللّه وبركاته ، السلام على ملائكة اللّه الحافين ، السلام على ملائكة اللّه المقيمين (3) المسبحين الذين هم بأمره يعملون ، السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين ، اللّهم لا تجعله آخر العهد من زيارتي إياه ، فإن جعلته فاحشرني معه ومع آبائه الماضين ، وإن أبقيتني يا رب فارزقني زيارته أبدا ما أبقيتني إنك على كل شئ قدير ».

وتقول : « أستودعك اللّه وأسترعيك وأقرأ عليك السلام آمنا باللّه وبما دعوت إليه ، اللّهم فاكتبنا مع الشاهدين ، اللّهم ارزقني حبهم ومودتهم أبدا [ما أبقيتني السلام على ملائكة اللّه وزوار قبر ابن بني اللّه ، السلام مني أبدا] (4) ما بقيت ودائما إذا فنيت ، السلام علينا وعلى عبد اللّه الصالحين ».

فإذا خرجت من القبة فلا تول وجهك عنه حتى يغيب عن بصرك.

ص: 606


1- في بعض النسخ « عنى حبيبي ».
2- ما بين القوسين زيادة في بعض النسخ.
3- في بعض النسخ كما في التهذيب المقربين « مكان (المقيمين ».
4- ما بين القوسين زيادة في بعض النسخ والتهذيب.

باب 311: زيارة الامامين أبى الحسن علي بن محمد وأبي محمد الحسن بن علي عليهم السلام بسر من رأى

3214 - إذا أردت زيارة قبريهما فاغتسل وتنظف والبس ثوبيك الطاهرين فإن وصلت إلى قبريهما وإلا أومأت من عند الباب الذي على الشارع إن شاء اللّه و تقول (1) : « السلام عليكما يا وليي اللّه ، السلام عليكما يا حجتي اللّه ، السلام عليكما يا نوري اللّه في ظلمات الأرض ، أتيتكما عارفا بحقكما ، معاديا لأعدائكما ، مواليا لأوليائكما ، مؤمنا بما آمنتما به ، كافرا بما كفرتما به ، محققا لما حققتما ، مبطلا لما أبطلتما ، أسأل اللّه ربي وربكما أن يجعل حظي من زيارتي إياكما الصلاة على محمد وآله ، وأن يرزقني مرافقتكما في الجنان مع آبائكما الصالحين ، وأسأله أن يعتق رقبتي من النار ، وأن يرزقني شفاعتكما ومصاحبتكما ، ولا يفرق بيني وبينكما (2) ولا يسلبني حبكما وحب آبائكما الصالحين ، وأن لا يجعله آخر العهد من زيارتكما وأن يجعل محشري معكما في الجنة برحمته ، اللّهم ارزقني حبهما وتوفني على ملتهما ، اللّهم العن ظالمي آل محمد حقهم ، وانتقم منهم ، اللّهم العن الأولين منهم والآخرين ، وضاعف عليهم العذاب الأليم ، وبلغ بهم وبأشياعهم ومحبيهم وشيعتهم أسفل درك من الجحيم إنك على كل شئ قدير ، اللّهم عجل فرج وليك وابن وليك واجعل فرجنا مع فرجه يا أرحم الراحمين ».

وتجتهد في الدعاء لنفسك ولوالديك وصل عندهما لكل زيارة ركعتين ركعتين وإن لم تصل إليهما دخلت بعض المساجد وصليت لكل إمام لزيارته ركعتين وادع اللّه بما أحببت إن اللّه قريب مجيب.

ص: 607


1- هذه الزيارة نقلها الشيخ في التهذيب ج 2 ص 32 عن كتاب المترجم بالجامع لمحمد بن الحسن بن أحمد الوليد شيخ المصنف - رحمهم اللّه - وتقدم الكلام فيه ص 587.
2- في بعض النسخ « ويعرف بيني وبينكما ».

باب 312: ما يجزي من القول عند زيارة جميع الأئمة عليهم السلام

اشارة

3215 - روي عن علي بن حسان قال : سئل الرضا عليه السلام في إتيان قبر أبي الحسن موسى عليه السلام فقال : صلوا في المساجد حوله ، ويجزي في المواضع كلها أن تقول (1) : « السلام على أولياء اللّه وأصفيائه ، السلام على أمناء اللّه وأحبائه ، السلام على أنصار اللّه وخلفائه ، السلام على محال معرفة اللّه ، السلام على مساكن ذكر اللّه ، السلام على مظهري أمر اللّه ونهيه ، السلام على الدعاة إلى اللّه ، السلام على المستقرين في مرضات اللّه ، السلام على المخلصين في طاعة اللّه ، السلام على الادلاء على اللّه ، السلام على الذين من والاهم فقد والى اللّه ، ومن عاداهم فقد عادى اللّه ، ومن عرفهم فقد عرف اللّه ، ومن جهلهم فقد جهل اللّه ، ومن اعتصم بهم فقد اعتصم باللّه ، ومن تخلى منهم فقد تخلى من اللّه عزوجل ، واشهد اللّه أني سلم لمن سالمتم ، وحرب لمن حاربتم ، مؤمن بسركم وعلانيتكم ، مفوض في ذلك كله إليكم ، لعن اللّه عدو آل محمد من الجن والإنس ، وأبرأ إلى اللّه منهم و صلى اللّه على محمد وآل محمد ».

[و] هذا يجزي في الزيارات كلها ، وتكثر من الصلاة على محمد وآله الأئمة وتسميهم واحدا واحدا بأسمائهم ، وتبرأ من أعدائهم ، وتخير من الدعاء ما شئت لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات.

ص: 608


1- في الكافي ج 4 ص 578 عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن هارون بن مسلم ، عن علي بن حسان ، عن الرضا عليه السلام قال : « سئل أبى عن اتيان قبر الحسين عليه السلام فقال : صلوا في المساجد حوله ويجزى في المواضع كلها أن تقول : « السلام على أولياء اللّه - وساق إلى آخر ما في المتن بأدنى اختلاف في اللفظ ، وفى التهذيب ج 2 ص 35 عن محمد بن يعقوب بالسند المتقدم قال : « سئل الرضا عليه السلام عن اتيان قبر أبى الحسن عليه السلام  - الخ » ولعل ما في الكافي تصحيف.
زيارة جامعة لجميع الأئمة عليهم السلام

3216 - روى محمد بن إسماعيل البرمكي (1) قال : « حدثنا موسى بن عبد اللّه النخعي قال : قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام علمني يا ابن رسول اللّه قولا أقوله ، بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم ، فقال : إذا صرت إلى الباب فقف وأشهد الشهادتين وأنت على غسل ، فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل : « اللّه أكبر ، اللّه أكبر - ثلاثين مرة - ، ثم امش قليلا ، وعليك السكينة والوقار ، وقارب بين خطاك ، ثم قف وكبر اللّه عزوجل - ثلاثين مرة - ثم ادن من القبر وكبر اللّه - أربعين مرة - تمام مائة تكبيرة ، ثم قل :

ص: 609


1- المعروف بصاحب الصومعة يكنى أبا عبد اللّه سكن قم وليس أصله منها ووثقه النجاشي وقال : انه ثقة مستقيم ، واعتمد على توثيقه إياه العلامة ويروى عنه محمد بن جعفر بن عون الأسدي المعروف بمحمد بن أبي عبد اللّه الكوفي وكان ثقة صحيح الحديث الا أنه يروى عن الضعفاء كما في فهرست النجاشي ، ويروى المصنف عنه بواسطة ثلاثة رجال من مشايخه 1 - علي بن أحمد بن موسى الدقاق ، 2 - محمد بن أحمد السناني وهو ابن أحمد بن محمد بن سنان ، 3 - الحسين ابن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ، وهؤلاء الثلاثة من مشايخ الإجازة ولم يذكرهم المصنف في جميع كتبة الا مع الترضية واعتمد عليهم وكفى باعتماده عليهم مدحا واجتماعهم لا يقصر عن ثقة فالطريق صحيح أو حسن كالصحيح. وأما موسى بن عبد اللّه النخعي وان لم يذكره الرجاليون بمدح ولا قدح لكن روايته هذه الزيارة الكاملة التي هي أكمل الزيارة المأثورة عن أهل البيت عليهم السلام تعطينا خبرا بأن الرجل كان من المخلصين لهم والمتفانين في محبتهم بل صاحب أسرارهم عليهم السلام فالسند حسن كالصحيح ويؤيده اعتماد الصدوق - ره - عليه حيث قال في مقدمة هذا الكتاب لم أقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه ، بل قصدت إلى ايراد ما أفتى به وأحكم بصحته وأعتقد فيه أنه حجة فيما بيني وبين ربى - تقدس ذكره وتعالت قدرته - وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول واليها المرجر. ثم اعلم أن المؤلف روى هذه الزيارة في العيون ص 375 عن علي بن أحمد الدقاق ومحمد بن أحمد السناني وعلي بن عبد اللّه الوراق والحسين بن إبراهيم المكتب جميعا عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي وأبى الحسين الأسدي عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن موسى بن عمران النخعي ولعل عمران تصحيف عبد اللّه أو يكون نسبة إلى أحد أجداده والعلم عند اللّه وفى التهذيب كما في الفقيه.

السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومهبط الوحي ، ومعدن الرحمة وخزان العلم ، ومنتهى الحلم ، وأصول الكرم ، و قادة الأمم ، وأولياء النعم ، وعناصر الأبرار ، ودعائم الأخيار ، وساسة العباد ، وأركان البلاد ، وأبواب الايمان ، وامناء الرحمن ، وسلالة النبيين ، وصفوة المرسلين ، و عترة خيرة رب العالمين ، ورحمة اللّه وبركاته ، السلام على أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى وأعلام التقى ، وذوي النهى ، وأولي الحجى ، وكهف الورى (1) ، وورثة الأنبياء ، والمثل الاعلى ، والدعوة الحسنى (2) ، وحجج اللّه على أهل الدنيا والآخرة والأولى ، ورحمة اللّه وبركاته (3) ، السلام على محال معرفة اللّه ، ومساكن بركة اللّه ، ومعادن حكمة اللّه وحفظة سر اللّه ، وحملة كتاب اللّه ، وأوصياء نبي اللّه ، وذرية رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ورحمة اللّه وبركاته ، السلام على الدعاة إلى اللّه ، والأدلاء على مرضات اللّه ، والمستقرين في أمر اللّه (4) والتامين في محبة اللّه (5) ، والمخلصين في توحيد اللّه ، والمظهرين لأمر اللّه ونهيه ، وعباده المكرمين ، الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، ورحمة اللّه وبركاته ، السلام على الأئمة الدعاة ، والقادة الهداة ، والسادة الولاة ، والذادة الحماة ، وأهل

ص: 610


1- الدجى جمع الدجية : الظلمة أو هي مع غيم ، والمعنى انكم الهادون للناس من ظلمة الشرك والكفر والضلالة إلى نور الايمان والطاعة. والاعلام جمع العلم : العلامة والمنار ، والنهى جمع النهية وهي العقل لأنها تنهى عن القبائح وذلك لأنهم أولى العقول الكاملة ، والحجى  - كالى - : العقل والفطنة ، و « كهف الورى » أي ملجأ الخلائق في الدين والدنيا والآخرة.
2- يمكن أن يكون المراد أنهم حصلوا بدعاء إبراهيم وغيره من الأنبياء عليهم السلام كما قال النبي صلى اللّه عليه وآله « أنا دعوة أبى إبراهيم عليه السلام ».
3- بالرفع عطف على السلام ، ويمكن أن يقرأ - بالكسر - عطفا على الجمل السابقة أي أنتم رحمته تعالى وبركاته لكنه بعيد.
4- في بعض النسخ « المستوفرين في أمر اللّه » أي الساعين في الايتمار بأوامره الواجبة والمندوبة مطلقا ، أوفى أمر الإمامة ، وما في المتن أظهر. (م ت)
5- أي مراتبها الثلاث من محبة الذات لذاته سبحانه وتعالى ولصفاته الحسنى ولأفعاله الكاملة. (م ت)

الذكر ، وأولي الأمر (1) ، وبقية اللّه وخيرته وحزبه ، وعيبة علمه ، وحجته وصراطه ونوره ، ورحمة اللّه وبركاته ، أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له كما شهد لنفسه وشهدت له ملائكته وأولوا العلم من خلقه لا إله إلا هو العزيز الحكيم ، وأشهد أن محمدا عبده المنتجب ورسوله المرتضى ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، وأشهد أنكم الأئمة الراشدون المهديون المعصومون المكرمون المقربون المتقون الصادقون المصطفون المطيعون لله ، القوامون بأمره ، العاملون بإرادته ، الفائزون بكرامته ، اصطفاكم بعلمه ، وارتضاكم لغيبه (2) ، واختاركم لسره ، واجتباكم بقدرته ، وأعزكم بهداه ، وخصكم ببرهانه ، وانتجبكم بنوره ، وأيدكم بروحه ، ورضيكم خلفاء في أرضه ، وحججا على بريته ، وأنصارا لدينه وحفظة لسره ، وخزنة لعلمه ، ومستودعا لحكمته ، وتراجمة لوحيه ، وأركانا لتوحيده ، وشهداء على خلقه ، وأعلاما لعباده ، ومنارا في بلاده ، وأدلاء على صراطه ، عصمكم اللّه من الزلل ، وآمنكم من الفتن ، وطهركم من الدنس ، وأذهب عنكم الرجس [أهل البيت] وطهركم تطهيرا ، فعظمتم جلاله ، وأكبرتم شأنه ، ومجدتم

ص: 611


1- القادة جمع القائد والهداة جمع الهادي والمراد أنتم الذين قال اللّه سبحانه « وجعلناهم أئمة يهدون بأمره » والسادة جمع السيد وهو الأفضل الأكرم ، والولاة جمع الوالي فإنهم عليهم السلام يقودون السالكين إلى اللّه والأولى بالتصريف في الخلق من أنفسهم كما في قوله تعالى « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم » وقوله « إنما وليكم اللّه ورسوله والذين آمنوا » وقول النبي (صلی اللّه عليه وآله) « من كنت مولاه فهذا على مولاه ». والذادة جمع الذائد من الذود بمعنى الدفر. والحماة جمع الحامي ، فإنهم حماة الدين يدفعون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين أو يدفعون عن شيعتهم الآراء الفاسدة والمذاهب الباطلة ، أهل الذكر الذين قال اللّه سبحانه « فاسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون » والذكر اما القرآن فهم أهله أو الرسول فهم عترته. « وأولي الأمر » الذين قال اللّه تعالى « أطيعوا اللّه وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ».
2- كما في قوله تعالى « فلا يظهر على غيبة أحدا الا من ارتضى من رسوله » و « من » في قوله « من رسول » غبر بيانية أي من ارتضاه الرسول للوصاية والإمامة بأمر اللّه تعالى.

كرمه ، وأدمنتم ذكره ووكدتم ميثاقه (1) ، وأحكمتم عقد طاعته ، ونصحتم له في السر والعلانية ، ودعوتم إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وبذلتم أنفسكم في مرضاته وصبرتم على ما أصابكم في جنبه (2) ، وأقمتم الصلاة ، وآتيتم الزكاة ، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر ، وجاهدتم في اللّه حق جهاده حتى أعلنتم دعوته ، وبينتم فرائضه وأقتم حدوده ، ونشرتم شرائع أحكامه (3) ، وسننتم سنته ، وصرتم في ذلك منه إلى الرضا ، وسلمتم له القضاء ، وصدقتم من رسله من مضى ، فالراغب عنكم مارق واللازم لكم لاحق ، والمقصر في حقكم زاهق (4) والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم وأنتم أهله ومعدنه ، وميراث النبوة عندكم ، وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم (5) وفصل الخطاب عندكم ، وآيات اللّه لديكم ، وعزائمه فيكم (6) ونوره وبرهانه عندكم

ص: 612


1- في بعض النسخ « وذكرتم ميثاقه ». والادمان الإدامة ، أي كنتم مداومين على ذكره ومواظبين عليه.
2- أي في أمره ورضاه وقربه ، وفى بعض النسخ « في حبه ».
3- في بعض النسخ « فسرتم شرايع أحكامه ». وقوله « وسننتم سنته » أي بينتم والمراد سنة اللّه ، أو المعنى سلكتم طريقة وفى اللغة سن الطريق سارها.
4- المارق : الخارج يعنى من رغب عن طريقتكم خرج من الدبن ومن لزمها لحق بكم ، والزاهق : الباطل والهالك.
5- أي رجوعهم لاخذ المسائل والأحكام من الحلال والحرام إليكم في الدنيا. وحسابهم عليكم في الآخرة كما قال اللّه تعالى « ان إلينا ايابهم ثم أن علينا حسابهم » أي إلى أوليائنا المأمورين بذلك بقرينة الجمع.
6- فصل الخطاب هو الذي يفصل بين الحق والباطل ، وقوله « عزائمه فيكم » قال المولى المجلسي أي الجد والصبر والصدع بالحق ، أو كنتم تأخذون بالعزائم دون الرخص ، أو الواجبات اللازمة غير المرخص في تركها من الاعتقاد بإمامتهم وعصمتهم ووجوب متابعتهم ومولاتهم بالآيات والأخبار المتواترة ، أو الأقسام التي أقسم اللّه تعالى بها في القرآن كالشمس والقمر والضحى بكم أو لكم ، أو السور العزائم أو آياتها فيكم ، أو قبول الواجبات اللازمة بمتابعتكم ، أو الوفاء بالمواثيق والعهود الإلهية في متابعتكم. (م ت)

وأمره إليكم ، من ولاكم فقد والى اللّه ومن عاداكم فقد عادى اللّه ، ومن أحبكم فقد أحب اللّه ، ومن أبغضكم فقد أبغض اللّه ، ومن اعتصم بكم فقد اعتصم باللّه ، أنتم الصراط الأقوم ، وشهداء دار الفناء ، وشفعاء دار البقاء ، والرحمة الموصولة ، والآية المخزونة والأمانة المحفوظة ، والباب المبتلى به الناس ، من أتاكم نجى ، ومن لم يأتكم هلك إلى اللّه تدعون ، وعليه تدلون ، وبه تؤمنون ، وله تسلمون ، وبأمره تعملون ، وإلى سبيله ترشدون ، وبقوله تحكمون ، سعد من والاكم ، وهلك من عاداكم ، وخاب من جحدكم ، وضل من فارقكم ، وفاز من تمسك بكم ، وأمن من لجأ إليكم ، وسلم من صدقكم ، وهدي من اعتصم بكم ، من اتبعكم فالجنة مأواه ، ومن خالفكم فالنار مثواه ومن جحدكم كافر ، ومن حاربكم مشرك ، ومن رد عليكم في أسفل درك من الجحيم أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى وجار لكم فيما بقي (1) وأن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة ، طابت وطهرت بعضها من بعض ، خلقكم اللّه أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، وجعل صلواتنا عليكم ، وما خصنا به (2) من ولايتكم طيبا لخلقنا ، وطهارة لأنفسنا وتزكية لنا ، وكفارة لذنوبنا ، فكنا عنده مسلمين بفضلكم (3) ، ومعروفين بتصديقنا إياكم ، فبلغ اللّه بكم أشرف محل المكرمين ، وأعلى منازل المقربين ، وأرفع درجات المرسلين ، حيث لا يلحقه لاحق ولا يفوقه فائق ، ولا يسبقه سابق ، ولا يطمع في إدراكه طامع ، حتى لا يبقى ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولا صديق ولا شهيد ، ولا عالم ولا جاهل ، ولا دني ولا فاضل ، ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح ، ولا جبار عنيد ، ولا شيطان مريد ، ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلا عرفهم جلالة أمركم وعظم خطركم

ص: 613


1- يعنى أن هذا الحكم أي وجوب المتابعة أو كل واحد من المذكورات سابق لكم فيما مضى من الأزمنة ، وجار لكم فيما يأتي.
2- مفعول ثان لجعل ، أو يكون عطفا على « من علينا » وهو أظهر.
3- في بعض النسخ « مسمين » وهو الأوفق بالباء.

وكبر شأنكم ، وتمام نوركم ، وصدق مقاعدكم (1) وثبات مقامكم ، وشرف محلكم ومنزلتكم عنده ، وكرامتكم عليه ، وخاصتكم لديه ، وقرب منزلتكم منه ، بأبي أنتم وأمي وأهلي ومالي وأسرتي (2) ، اشهد اللّه وأشهدكم أني مؤمن بكم وبما آمنتم به كافر بعدوكم وبما كفرتم به ، مستبصر بشأنكم وبضلالة من خالفكم ، موال لكم ولأوليائكم ، مبغض لأعدائكم ومعاد لهم ، سلم لمن سالمكم [و] حرب لمن حاربكم محقق لما حققتم ، مبطل لما أبطلتم ، مطيع لكم ، عارف بحقكم ، مقر بفضلكم ، محتمل لعلمكم ، محتجب بذمتكم (3) معترف بكم ، ومؤمن بإيابكم ، مصدق برجعتكم ، منتظر لامركم ، مرتقب لدولتكم ، آخذ بقولكم ، عامل بأمركم ، مستجير بكم ، زائر لكم ، لائذ عائذ بقبوركم ، مستشفع إلى اللّه عزوجل بكم ، ومتقرب بكم إليه ، ومقدمكم أمام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كل أحوالي وأموري مؤمن بسركم وعلانيتكم ، وشاهدكم وغائبكم ، وأولكم وآخركم ، ومفوض في ذلك كله إليكم (4) ومسلم فيه معكم ، وقلبي لكم سلم (5) ، ورأيي لكم تبع ، ونصرتي لكم معدة ، حتى يحيي اللّه دينه بكم ويردكم في أيامه ، ويظهركم لعدله ، ويمكنكم في أرضه ، فمعكم معكم لا مع عدوكم (6) آمنت بكم ، وتوليت آخركم بما توليت به أولكم ، وبرئت إلى اللّه عزوجل من أعدائكم ، ومن الجبت والطاغوت ، والشياطين وحزبهم الظالمين لكم ، والجاحدين لحقكم ، المارقين من ولايتكم ، والغاصبين لارثكم

ص: 614


1- الخطر : القدر والمنزلة ، والمقاعد : المراتب والمعنى أنكم صادقون في هذه المرتبة وأنها حقكم كما في قوله تعالى « في مقعد صدق عند مليك مقتدر »
2- الأسرة - بالضم - : عشيرة الرجل ورهطه الأدنون.
3- أي مستتر أو داخل في الداخلين تحت أمانكم ، والذمة : العهد والأمان والحق والحرمة.
4- أي أعتقد الجميع بقولكم ، « ومسلم فيه معكم » أي كما سلمتم لله تعالى أوامره عارفين إياها فأنا أيضا مسلم وان لم يصل عقلي إليها.
5- في بعض النسخ « فقلبي لكم مسلم » من باب التفعيل.
6- في بعض النسخ « لا مع غيركم ».

الشاكين فيكم ، المنحرفين عنكم ، ومن كل وليجة دونكم ، وكل مطاع سواكم ، ومن الأئمة الذين يدعون إلى النار ، فثبتني اللّه أبدا ما حييت على موالاتكم ومحبتكم ودينكم ، ووفقني لطاعتكم ، ورزقني شفاعتكم ، وجعلني من خيار مواليكم التابعين لما دعوتم إليه ، وجعلني ممن يقتص آثاركم ، ويسلك سبيلكم ، ويهتدي بهداكم ، ويحشر في زمرتكم ، ويكر في رجعتكم ، ويملك في دولتكم ، ويشرف في عافيتكم ، ويمكن في أيامكم ، وتقر عينه غدا برؤيتكم ، بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي ، من أراد اللّه بدأ بكم ، ومن وحده قبل عنكم ، ومن قصده توجه بكم (1) موالي لا أحصي ثناءكم (2) ولا أبلغ من المدح كنهكم ، ومن الوصف قدركم ، وأنتم نور الأخيار ، وهداة الأبرار ، وحجج الجبار ، بكم فتح اللّه وبكم يختم (3) وبكم ينزل الغيث ، وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه (4) وبكم ينفس الهم ويكشف الضر ، وعندكم ما نزلت به رسله ، وهبطت به ملائكته ، وإلى جدكم بعث الروح الأمين (وان كانت الزيارة لأمير المؤمنين عليه السلام فقل : « والى أخيك بعث الروح الأمين »)

آتاكم اللّه ما لم يؤت أحدا من العالمين ، طأطأ كل شريف لشرفكم ، وبخع كل

ص: 615


1- أي كل من يقول بتوحيد اللّه على وجهه يقبل قولكم ، فان البرهان كما يدل على التوحيد يدل على وجوب نصب الإمام من عند اللّه الحكيم. أو المعنى على ما قاله بعض الشراح أن من قال أو اعتقد بالتوحيد الصحيح أخذ عنكم لان كثيرا ممن يدعى العلم في الصدر الأول كان يقول بالتشبيه والتجسيم دون أن يعلم فساد اعتقاده حتى أن جماعة كثيرة منهم يقولون بامكان الرؤية في الدنيا وما كانوا يفهمون وجود موجود غير جسماني ولا يتعقلون روحانيا مجردا أصلا فبتعليمهم عليهم السلام إياهم يعرفون التوحيد.
2- « موالي » منادى ، و « لا أحصى ثناءكم » لأنه لا يمكن لنا أن نعرف جميع كمالاتهم المعنوية.
3- أي بكم فتح اللّه الولاية الكبرى في الاسلام وبكم يختم.
4- « بكم ينزل الغيث » أي من أجلكم ينزل اللّه الغيث لعباده وهكذا من أجلكم يمسك اللّه السماء أن تقع على الأرض والا « لو يؤاخذ اللّه الناس بظلم ما ترك على ظهرها من دابة ».

متكبر لطاعتكم (1) ، وخضع كل جبار لفضلكم ، وذل كل شئ لكم ، وأشرقت الأرض بنوركم (2) وفاز الفائزون بولايتكم ، بكم يسلك إلى الرضوان ، وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن ، بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي ، ذكركم في الذاكرين وأسماؤكم في الأسماء ، وأجسادكم في الأجساد ، وأرواحكم في الأرواح ، وأنفسكم في النفوس ، وآثاركم في الآثار ، وقبوركم في القبور ، فما أحلى أسماءكم (3) وأكرم أنفسكم ، وأعظم شأنكم وأجل خطركم وأوفى عهدكم ، كلامكم نور ، وأمركم رشد ، ووصيتكم التقوى ، وفعلكم الخير وعادتكم الاحسان ، وسجيتكم الكرم ، وشأنكم الحق والصدق والرفق ، وقولكم حكم وحتم ، ورأيكم علم وحلم وحزم ، إن ذكر الخير كنتم أوله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه ، بأبي أنتم وأمي ونفسي كيف أصف حسن ثنائكم ، وأحصي جميل بلائكم ، وبكم أخرجنا اللّه من الذل وفرج عنا غمرات الكروب ، وأنقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار ، بأبي أنتم وأمي ونفسي ، بموالاتكم علمنا اللّه معالم ديننا وأصلح ما كان فسد من دنيانا ، وبموالاتكم تمت الكلمة وعظمت النعمة وائتلفت الفرقة وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة ولكم المودة الواجبة ، والدرجات الرفيعة ، والمقام المحمود ، والمقام المعلوم عند اللّه عزوجل ، والجاه العظيم ، والشأن كبير ، والشفاعة المقبولة ، ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ، سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ، يا ولي اللّه إن بيني وبين اللّه عزوجل ذنوبا لا يأتي عليها (4) إلا رضاكم ، فبحق من ائتمنكم على سره ، واسترعاكم أمر خلقه ، وقرن طاعتكم بطاعته لما استوهبتم ذنوبي ، وكنتم شفعائي

ص: 616


1- البخوع - بالموحدة والخاء المعجمة والعين المهملة - : الخضوع والاقرار.
2- أي بنور وجودكم وهدايتكم وتعاليمكم الناس.
3- أي وإن كان بحسب الظاهر ذكركم مذكورا بين الذاكرين ولكن لا نسبة ولا ربط بين ذكركم وذكر غيركم فما أحلى أسماءكم وكذا البواقي (م ت) وقال الفاضل التفرشي : لعل الخبر محذوف أي أحسن الذكر وكذا في نظائره بقرينة قوله بعد ذلك « فما أحلى أسماءكم ».
4- أي لا يهلكها ولا يمحوها. وأتى عليه الدهر أي أهلكه.

فاني لكم مطيع ، من أطاعكم فقد أطاع اللّه ، ومن عصاكم فقد عصى اللّه ، ومن أحبكم فقد أحب اللّه ، ومن أبغضكم فقد أبغض اللّه ، اللّهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي ، فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم ، إنك أرحم الراحمين ، وصلى اللّه على محمد وآله وسلم [تسليما] كثيرا وحسبنا اللّه ونعم الوكيل.

الوداع

إذا أردت الانصراف فقل : « السلام عليك سلام مودع لاسئم ولا قال ولا مال (1) ورحمة اللّه وبركاته عليكم يا أهل بيت النبوة ، إنه حميد مجيد ، سلام ولي لكم غير راغب عنكم ، ولا مستبدل بكم ، ولا مؤثر عليكم ، ولا منحرف عنكم ، ولا زاهد في قربكم ، لا جعله اللّه آخر العهد من زيارة قبوركم ، وإتيان مشاهدكم ، والسلام عليكم وحشرني اللّه في زمرتكم ، وأوردني حوضكم ، وجعلني في حزبكم ، وأرضاكم عني ومكنني في دولتكم ، وأحياني في رجعتكم ، وملكني في أيامكم ، وشكر سعيي بكم وغفر ذنبي بشفاعتكم ، وأقال عثرتي بمحبتكم ، وأعلى كعبي بموالاتكم ، وشر فني بطاعتكم ، وأعزني بهداكم ، وجعلني ممن انقلب مفلحا منجحا غانما سالما معافا غنيا فائزا برضوان اللّه وفضله وكفايته بأفضل ما ينقلب به أحد من زواركم ومواليكم ومحبيكم وشيعتكم ، ورزقني اللّه العود ثم العود أبدا ما أبقاني ربي ، بنية صادقة وإيمان وتقوى وإخبات ، ورزق واسع حلال طيب ، اللّهم لا تجعله آخر العهد من زيارتهم وذكرهم والصلاة عليهم ، وأوجب لي المغفرة والرحمة والخير والبركة والفوز والنور والايمان ، وحسن الإجابة كما أوجبت لأوليائك العارفين بحقهم ، الموجبين طاعتهم ، الراغبين في زيارتهم ، المتقربين إليك وإليهم ، بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي

ص: 617


1- سئم الشئ - كفرح - : مل من الملالة ، ومنه قوله « مال ».

ومالي اجعلوني في همكم (1) وصيروني في حزبكم ، وأدخلوني في شفاعتكم واذكروني عند ربكم ، اللّهم صل على محمد وآل محمد ، وأبلغ أرواحهم وأجسادهم مني السلام ، والسلام عليه وعليهم ورحمة اللّه وبركاته ، وصلى اللّه على محمد وآله وسلم كثيرا وحسبنا اللّه ونعم الوكيل ».

باب 313: الحقوق

3217 - روى إسماعيل بن الفضل ، عن ثابت بن دينار (2) عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال :

حق اللّه الأكبر (3) عليك أن تعبده ولا تشرك به شيئا ، فإذا فعلت ذلك

ص: 618


1- أي فيمن تهتمون به في الشفاعة في الدنيا والآخرة.
2- هو أبو حمزة الثمالي والسند قوى.
3- رواه المصنف في الخصال أبواب الخمسين عن شيخه علي بن أحمد بن موسى  - رضي اللّه عنه - عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي ، عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري ، قال : حدثنا خيران بن داهر ، عن أحمد بن علي بن سليمان الجبلي ، عن أبيه ، عن محمد ابن علي ، عن محمد بن فضيل ، عن أبي حمزة الثمالي قال : هذه رسالة علي بن الحسين (عليهما السلام) إلى بعض أصحابه : اعلم أن اللّه عزوجل عليك حقوقا محيطة بك في كل حركة تحركتها أو سكنة سكنتها ، أو حال حلتها ، أو منزلة نزلتها ، أو جارحة قلبتها ، أو آلة تصرفت فيها. فأكبر حقوق اللّه تبارك و تعالى عليك ما أوجب عليك لنفسه من حقّ الذي هو أصل الحقوق. ثمّ ما أوجب اللّه عزّ و جلّ عليك لنفسك من قرنك الى قدمك على اختلاف جوارحك، فجعل عزّ و جلّ للسانك عليك حقا، و لسمعك عليك حقا، و لبصرك عليك حقا، و ليدك عليك حقا، و لرجلك عليك حقا، و لبطنك عليك حقا، و لفرجك عليك حقا فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الافعال. ثم جعل عزّ و جلّ لافعالك عليك حقوقا فجعل لصلاتك عليك حقا و لصومك عليك حقا، و لصدقتك عليك حقا، و لهديك عليك حقا، و لافعالك عليك حقوقا. ثمّ يخرج الحقوق منك الى غيرك من ذوى الحقوق الواجبة عليك، فأوجبها عليك حقوق أئمتك، ثمّ حقوق رعيتك، ثمّ حقوق رحمك، فهذه حقوق تتشعب منها حقوق، فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك حقّ سائسك بالسلطان، ثمّ حقّ سائسك بالعلم، ثمّ حقّ سائسك بالملك، و كل سائس امام. و حقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك حقّ رعيتك بالسلطان ثمّ حق-- رعيتك بالعلم فان الجاهل رعية العالم، ثمّ حقّ رعيتك بالملك من الازواج و ما ملكت الايمان، و حقوق رعيتك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة، و أوجبها عليك حقّ امك، ثمّ حقّ أبيك ثمّ حقّ ولدك، ثمّ حقّ أخيك، ثمّ الأقرب فالاقرب و الأولى فالاولى، ثمّ حقّ مولاك المنعم عليك، ثمّ حقّ مولاك الجارية نعمته عليك، ثمّ حقّ ذوى المعروف لديك، ثمّ حقّ مؤذنك لصلاتك ثمّ حقّ امامك في صلاتك، ثم حقّ جليسك، ثمّ حقّ جارك، ثمّ حقّ صاحبك، ثمّ حقّ شريكك ثمّ حقّ مالك، ثمّ حقّ غريمك الذي تطالبه، ثمّ حقّ غريمك الذي يطالبك، ثمّ حقّ خليطك ثمّ حقّ خصمك المدعى عليك، ثمّ حقّ خصمك الذي تدعى عليه، ثمّ حقّ مستشيرك، ثمّ حق المشير عليك، ثمّ حقّ مستنصحك، ثمّ حقّ الناصح لك، ثمّ حقّ من هو أكبر منك، ثمّ حق من هو أصغر منك، ثمّ حقّ سائلك، ثمّ حقّ من سألته، ثمّ حقّ من جرى لك على يديه مساءة بقول أو فعل عن تعمد منه أو غير تعمد، ثمّ حقّ أهل ملتك عليك، ثمّ حقّ أهل ذمتك، ثمّ الحقوق الجارية بقدر علل الأحوال و تصرف الأسباب. فطوبى لمن أعانه اللّه على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه و وفقه لذلك و سدده. فأما حقّ اللّه الأكبر عليك- الى آخر الحديث.

بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة.

وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة اللّه عزوجل.

وحق اللسان إكرامه عن الخنى (1) ، وتعويده الخير ، وترك الفضول التي لا فائدة لها ، والبر بالناس وحسن القول فيهم.

وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة ، وسماع ما لا يحل سماعه.

وحق البصر أن تغضه عما لا يحل لك وتعتبر بالنظر به.

وحق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك.

وحق رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك ، فبهما تقف على الصراط فانظر أن لا تزلا بك فتردى في النار.

وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام ، ولا تزيد على الشبع.

وحق فرجك أن تحصنه عن الزنا ، وتحفظه من أن ينظر إليه.

وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى اللّه عزوجل ، وأنت فيها قائم بين يدي

ص: 619


1- الخنى - محركه - : الفحش في الكلام.

اللّه عزوجل ، فإذا علمت ذلك قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار ، وتقبل عليها بقلبك ، وتقيمها بحدودها وحقوقها.

وحق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك ، وفرار إليه من ذنوبك ، وفيه قبول توبتك ، وقضاء الفرض الذي أوجبه اللّه تعالى عليك.

وحق الصوم أن تعلم أنه حجاب ضربه اللّه عزوجل على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك ليسترك به من النار ، فإن تركت الصوم خرقت ستر اللّه عليك.

وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك ، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الاشهاد عليها ، وكنت (1) لما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه علانية ، وتعلم أنها تدفع عنك البلايا والأسقام في الدنيا ، وتدفع عنك النار في الآخرة.

وحق الهدي أن تريد به اللّه عزوجل (2) ولا تريد به خلقه ، ولا تريد به إلا التعرض لرحمة اللّه ونجاة روحك يوم تلقاه.

وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة وأنه مبتلى فيك بما جعله اللّه عزوجل له عليك من السلطان ، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقي بيدك إلى التهلكة ، وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء.

وحق سائسك بالعلم التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الاستماع إليه ، والاقبال عليه ، وأن لا ترفع عليه صوتك ، ولا تجيب أحدا يسأله عن شئ حتى يكون هو الذي يجيب ، ولا تحدث في مجلسه أحدا ، ولا تغتاب عنده أحدا ، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأن تستر عيوبه ، وتظهر مناقبه ، ولا تجالس له عدوا ، ولا تعادي له وليا ، فإذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة اللّه عزوجل بأنك قصدته ، و تعلمت علمه لله جل وعز اسمه لا للناس.

وأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط اللّه عزوجل

ص: 620


1- في الخصال « فإذا علمت ذلك كنت - الخ ».
2- في الخصال « أن تريد به وجه اللّه عزوجل ».

فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر اللّه عزوجل على ما آتاك من القوة عليهم.

وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن اللّه عزوجل إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم ، وفتح لك من خزائنه ، فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم (1) ولم تضجر عليهم زادك اللّه من فضله ، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على اللّه عزوجل أن يسلبك العلم وبهاءه ، ويسقط من القلوب محلك.

وأما حق الزوجة فأن تعلم أن اللّه عزوجل جعلها لك سكنا وانسا فتعلم أن ذلك نعمة من اللّه عزوجل عليك فتكرمها ، وترفق بها ، وإن كان حقك عليها أوجب فإن لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك ، وتطعمها وتكسوها ، وإذا جهلت عفوت عنها.

وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك وأمك ، ولحمك ودمك لم تملكه لأنك صنعته دون اللّه ، ولا خلقت شيئا من جوارحه ، ولا أخرجت له رزقا ولكن اللّه عزوجل كفاك ذلك ، ثم سخره لك ، وائتمنك عليه ، وأستودعك إياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه ، فأحسن إليه كما أحسن اللّه إليك ، وإن كرهته استبدلت به ، ولم تعذب خلق اللّه عزوجل ، ولا قوة إلا باللّه.

وأما حق أمك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا ، ووقتك بجميع جوارحها ، ولم تبال أن تجوع وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتضحى وتظلك ، وتهجر النوم لأجلك ووقتك الحر والبرد لتكون لها ، فإنك لا تطيق شكرها إلا بعون اللّه وتوفيقه.

ص: 621


1- الخرق - بالضم والتحريك - : ضد الرفق وأن لا يحسن الرجل العمل.

وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك فإنك لولاه لم تكن (1) فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه ، فاحمد اللّه واشكره على قدر ذلك ، ولا قوة إلا باللّه.

وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره ، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة على ربه عزوجل والمعونة على طاعته ، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسان إليه ، معاقب على الإساءة إليه.

وأما حق أخيك فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية اللّه (2) ولا عدة للظلم لخلق اللّه ، ولا تدع نصرته على عدوه (3) والنصيحة له ، فان أطاع اللّه تعالى وإلا فليكن اللّه أكرم عليك منه ، ولا قوة إلا باللّه.

وأما حق مولاك المنعم عليك فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله ، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وانسها ، فأطلقك من أسر الملكة ، وفك عنك قيد العبودية ، وأخرجك من السجن ، وملكك نفسك ، وفرغك لعبادة ربك ، وتعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك وموتك ، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك وما احتاج إليه منك ، ولا قوة إلا باللّه.

وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه فأن تعلم أن اللّه عزوجل جعل عتقك له وسيلة إليه ، وحجابا لك من النار ، وأن ثوابك في العاجل ميراثه إذا لم يكن له رحم مكافأة لما أنفقت من مالك ، وفي الآجل الجنة.

وأما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه ، وتكسبه (4) المقالة

ص: 622


1- في الخصال « فإنه لولاه لم تكن ».
2- أي لا تجعلهم عونا لك على المعصية بالجور والغلبة على أعدائك ، أو بالاجتماع معهم بالغيبة وأمثالها ويؤيده قوله « ولا عدة » أي مهيأة وان احتمل التأكيد. (م ت)
3- اذا كان الحق معه. (م ت)
4- أي تذكر معروفه عند الناس حتى يذكر بالمعروف فكأنك جعلت كسبه ، والكسب بمعنى الجمع أيضا.

الحسنة ، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين اللّه عزوجل ، فإذا فعلت ذلك كنت قد شركته سرا وعلانية ، ثم إن قدرت على مكافأته يوما كافئته.

وأما حق المؤذن فأن تعلم أنه مذكر لك ربك عزوجل ، وداع لك إلى حظك ، وعونك على قضاء فرض اللّه عليك فاشكر على ذلك شكرك للمحسن إليك.

وأما حق إمامك في صلاتك فأن تعلم أنه تقلد السفارة فيما بينك وبين ربك عزوجل ، وتكلم ولم تتكلم عنه ، ودعا لك ولم تدع له ، وكفاك هول المقام بين يدي اللّه عزوجل ، فإن كان نقص كان عليه دونك ، وإن كان تماما كنت شريكه ، ولم يكن له عليك فضل فوقى نفسك بنفسه ، وصلاتك بصلاته ، فتشكر له على قدر ذلك.

وأما حق جليسك فأن تلين له جانبك ، وتنصفه في مجازاة اللفظ (1) ، ولا تقوم من مجلسك إلا بإذنه ، ومن تجلس إليه يجوز له القيام عنك بغير إذنك ، وتنسى زلاته ، وتحفظ خيراته ، ولا تسمعه إلا خيرا.

وأما حق جارك فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا ، ونصرته إذ كان مظلوما ، ولا تتبع له عورة (2) فان علمت عليه سوءا سترته عليه ، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه ، ولا تسلمه عند شديدة ، وتقيل عثرته. وتغفر ذنبه ، وتعاشره معاشرة كريمة ، ولا قوة إلا اللّه.

وأما حق الصاحب فأن تصحبه بالتفضل والانصاف وتكرمه كما يكرمك ، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة ، فإن سبق كافئته ، وتوده كما يودك ، وتزجره عما يهم به من معصية (3) وكن عليه رحمة ، ولا تكن عليه عذابا ، ولا قوة إلا باللّه.

وأما حق الشريك فإن غاب كفيته ، وإن حضر رعيته ، ولا تحكم دون حكمه

ص: 623


1- أي ان تواضع لك بالكلمات الحسنة فتواضع بمثلها ولا تتكلم معه الا بما تريد أن يتكلم معك وان حصل لك خطأ فتداركه. (م ت)
2- أي لا تجسس عيوبه.
3- من قوله : « ولا تدعه » إلى هنا ليس في الخصال.

ولا برأيك دون مناظرته ، وتحفظ عليه ماله ، ولا تخنه فيما عز أوهان من أمر ، فان يد اللّه تبارك وتعالى على الشريكين ما لم يتخاونا ، ولا قوة إلا باللّه.

وأما حق مالك فأن لا تأخذه إلا من حله ، ولا تنفقه إلا في وجهه ، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك ، فاعمل به بطاعة ربك ، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة ، ولا قوة إلا باللّه.

وأما حق غريمك الذي يطالبك فإن كنت موسرا أعطيته ، وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول ، ورددته عن نفسك ردا لطيفا (1).

وأما حق الخليط أن (2) لا تغره ، ولا تغشه ، ولا تخدعه ، وتتقي اللّه تبارك وتعالى في أمره.

وأما حق الخصم المدعي عليك فإن كان ما يدعي عليك حقا كنت شاهده على نفسك ، ولم تظلمه وأوفيته حقه ، وإن كان ما يدعي باطلا رفقت به ، ولم تأت في أمره غير الرفق ، ولم تسخط ربك في أمره ، ولا قوة الا باللّه.

وأما حق خصمك الذي تدعي عليه فان كنت محقا في دعواك أجملت مقاولته ، ولم تجحد حقه ، وإن كنت مبطلا في دعواك اتقيت اللّه عزوجل ، وتبت إليه ، وتركت الدعوى.

وأما حق المستشير فان علمت أن له رأيا حسنا أشرت عليه ، وإن لم تعلم له أرشدته إلى من يعلم.

وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه ، وإن وافقك حمدت اللّه عزوجل.

وحق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة ، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به.

ص: 624


1- ليس في النسخ ولا في الخصال ولا في تحف العقول حق الغريم الذي تطالبه و الظاهر أنه سقط من الجميع أو زيد من النساخ في أول الخبر.
2- كذا في النسخ والظاهر أن الصواب « فأن » لان جواب « أما » يذكر مع الفاء.

وحق الناصح أن تلين له جناحك ، وتصغي إليه بسمعك ، فإن أتى بالصواب حمدت اللّه عزوجل ، وإن لم يوافق رحمته ولم تتهمه ، وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة ، فلا تعبأ بشئ من أمره على حال ، ولا قوة إلا باللّه.

وحق الكبير توقيره لسنه وإجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك ، وترك مقابلته عند الخصام ، ولا تسبقه إلى طريق ، ولا تتقدمه ولا تستجهله ، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته لحق الاسلام حرمته.

وحق الصغير رحمته في تعليمه ، والعفو عنه والستر عليه ، والرفق به والمعونة له (1).

وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته.

وحق المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفصله ، وإن منع فاقبل عذره.

وحق من سرك لله تعالى أن تحمد اللّه تعالى أولا ثم تشكره.

وحق من أساءك أن تعفو عنه ، وإن علمت أن العفو يضر انتصرت ، قال اللّه تبارك وتعالى : « ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ».

وحق أهل ملتك إضمار السلامة والرحمة لهم ، والرفق بمسيئهم وتألفهم واستصلاحهم ، وشكر محسنهم وكف الأذى عنهم ، وتحب لهم ما تحب لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك ، وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك ، وشبانهم ، بمنزلة إخوتك وعجائزهم بمنزلة أمك ، والصغار بمنزلة أولادك.

وحق الذمة (2) أن تقبل منهم ما قبل اللّه عزوجل منهم ، ولا تظلمهم ما وفوا

ص: 625


1- في تحف العقول هكذا « وأما حق الصغير فرحمته وتثقيفه وتعليمه والعفو عنه والستر عليه والرفق به ، والستر على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة ، والمداراة له ، وترك مما حكته ، فان ذلك أدنى لرشده ».
2- أي حق أهل الذمة.

لله عزوجل بعهده (1).

باب 314: الفروض على الجوارح

3218 - قال أمير المؤمنين عليه السلام (2) في وصيته لابنه محمد بن الحنفية رضي اللّه عنه : يا بني لا تقل ما لا تعلم ، بل لا تقل كل ما تعلم ، فإن اللّه تبارك وتعالى قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة ويسألك عنها ، وذكرها و وعظها وحذرها وأدبها ولم يتركها سدى ، فقال اللّه عزوجل : « ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا » وقال عزوجل :  « إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند اللّه عظيم » ثم استعبدها بطاعته فقال عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون » فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح ، وقال عزوجل : « وأن المساجد لله فلا تدعوا مع اللّه أحدا » يعني بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والابهامين ، وقال عزوجل : « وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم » يعني بالجلود الفروج.

ثم خص كل جارحة من جوارحك بفرض ونص عليها ، ففرض على السمع أن لا تصغي به إلى المعاصي فقال عزوجل : « وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذ أسمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم » وقال عزوجل : « وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره » ، ثم استثنى عزوجل موضع النسيان فقال : « وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين » وقال عزوجل : « فبشر

ص: 626


1- اعلم أن هذه الرسالة بتمامها منقولة في تحف العقول لحسن بن علي بن شعبة الحراني مع زيادات في بيان كل حق وقد أشرت إليها في حق الصغير فقط.
2- رواه المصنف في الحسن كالصحيح عن حماد بن عيسى عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما نص عليه في المشيخة.

عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم اللّه وأولئك هم أولوا الألباب » وقال عزوجل : « وإذ أمروا باللغو مروا كراما » وقال عزوجل :  « والذين إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه » فهذا ما فرض اللّه عزوجل على السمع و هو عمله.

وفرض علي البصر أن لا ينظر إلى ما حرم اللّه عزوجل عليه فقال عز من قائل : « قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم » فحرم أن ينظر أحد إلى فرج غيره.

وفرض على اللسان الاقرار والتعبير عن القلب بما عقد عليه فقال عزوجل : « قولوا آمنا باللّه وما انزل إلينا - الآية » وقال عزوجل : « وقولوا للناس حسنا » (1).

وفرض على القلب وهو أمير الجوارح الذي به تعقل وتفهم وتصدر عن أمره ورأيه فقال عزوجل : « إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان - الآية » وقال تعالى حين أخبر عن قوم أعطوا الايمان بأفواهم ولم تؤمن قلوبهم فقال تعالى : « الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم » وقال عزوجل : « ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب » وقال عزوجل : « وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به اللّه فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ».

وفرض على اليدين أن لا تمدهما إلى ما حرم اللّه عزوجل عليك وأن تستعملهما بطاعته فقال عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين » وقال عزوجل « فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ».

وفرض على الرجلين أن تنقلهما في طاعته وأن لا تمش بهما مشية عاص فقال عزوجل : « ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها » وقال عزوجل : « اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون » فأخبر عنها أنها تشهد

ص: 627


1- يدل على وجوب الاقرار بالاعتقادات ، ولا يدل على اشتراط الايمان به كما قاله بعض ، نعم يشترط عدم الانكار باللسان لقوله تعالى « وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ». (م ت)

على صاحبها يوم القيامة ، فهذا ما فرض اللّه تبارك وتعالى على جوارحك فاتق اللّه يا بني واستعملها بطاعته ، ورضوانه ، وإياك أن يراك اللّه تعالى عند معصيته أو يفقدك عند طاعته فتكون من الخاسرين ، وعليك بقراءة القرآن والعمل بما فيه ولزوم فرائضه وشرائعه وحلاله وحرامه وأمره ونهيه والتهجد به (1) وتلاوته في ليلك و نهارك فإنه عهد من اللّه تبارك وتعالى إلى خلقه فهو واجب على كل مسلم أن ينظر كل يوم في عهده ولو خمسين آية ، واعلم أن درجات الجنة على عدد آيات القرآن فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن : اقرأ وارق ، فلا يكون في الجنة بعد النبيين والصديقين أرفع درجة منه (2).

والوصية طويلة أخذنا منها موضع الحاجة ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم ، والحمد لله رب العالمين.

ثم الجزء الثاني من كتاب من لا يحضره الفقيه تصنيف الشيخ الامام السعيد الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي [نزيل الري] قدس اللّه روحه ونور ضريحه ، ويتلوه [في] الجزء الثالث أبواب القضايا والأحكام و الحمد لله وحده ، والصلاة على من لا نبي بعده.

ص: 628


1- هجد أي نام ، وتهجد : سهر ، ومنه قيل لصلاة الليل التهجد. (الصحاح)
2- ستجئ البقية في المجلد الرابع باب النوادر آخر أبواب الكتاب إن شاء اللّه. إلى هنا تمت تعاليقنا على هذا الجز والحمد لله رب العالمين ، ونسأله أن يفرج عنا الهم ويكشف الغم لئلا نشتغل بهما عن تعاهد فروضه واستعمال سننه. علي اكبر الغفاري 7ع-1- 1393 ه ق

فهرس الموضوعات

كتاب الزكاة

3 - علة وجوب الزكاة.

9 - ما جاء في مانع الزكاة.

13 - ما جاء في تارك الزكاة وقد وجبت له.

13 - من استحيا من أخذ الزكاة يعطى على وجه آخر.

13 - الأصناف التي تجب عليها الزكاة.

14 - نصاب النقدين : الذهب والفضة إذا كانا مسكوكين.

15 - زكاة مال التجارة وأحكامها.

15 - عدم وجوب الزكاة في السبائك والحلي والنقير.

19 - جواز اشتراء الرجل مملوكا من زكاة ماله فيعتقه.

19 - جواز اشتراء الأب من الزكاة وإعتاقه.

20 - زكاة مال الغائب والوديعة والقرض.

22 - زكاة الأنعام وأحكامها.

25 - أسنان الإبل.

25 - الأسنان التي تؤخذ في الصدقة.

26 - زكاة البقر والغنم.

27 - أدب المصدق.

29 - ضمان المزكي ونقل الزكاة.

29 - احتساب ما يأخذه السلطان من الزكاة.

32 - جواز إعطاء القيمة وتبديل الفريضة.

ص: 629

32 - أصناف المستحقين للزكاة.

35 - زكاة الغلات.

35 - الحج من مال الزكاة.

36 - زكاة مال المملوك والمكاتب.

37 - ما لبني هاشم من الزكاة.

38 - نوادر الزكاة.

كتاب الخمس

39 - خمس المعادن ، وما يخرج من البحر من الجواهر والرصاص والصفر وغيرها.

40 - ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة.

40 - خمس الكنز وما يخرج من الأرض.

41 - مانع الخمس وقد وجب عليه.

42 - الخمس بعد المؤونة.

43 - أيما ذمي اشترى أرضا من مسلم فعليه الخمس.

43 - تشديد الامر في الخمس.

44 - غناء الامام عن أموال الناس وماله فيها.

44 - تحليل الخمس لشيعتهم ، وتشديدهم الامر فيه.

45 - الأنفال والفئ ومصرفهما.

46 - حق الحصاد والجذاذ.

48 - الحق المعلوم والماعون.

48 - الخراج والجزية.

54 - فضل المعروف.

58 - ثواب القرض.

58 - ثواب إنظار المعسر.

ص: 630

59 - ثواب تحليل الميت.

60 - استدامة النعمة باحتمال المؤونة.

61 - فضل السخاء والجود.

62 - البخل والشح وذمهما.

64 - فضل القصد.

64 - فضل سقي الماء.

65 - ثواب اصطناع المعروف إلى العلوية.

66 - فضل الصدقة واستحبابها والترغيب إليها.

67 - فضل سرقة السر ، وأفضل الصدقة.

68 - التوسيع على العيال والنهي عن تضييعهم.

69 - حق السائل وأدب الاعطاء.

70 - حرمة السؤال من غير حاجة.

71 - فضل الاستغناء عن الناس.

71 - كراهة لمن للمعطي.

72 - ثواب صلة الإمام عليه السلام

73 - من لم يقدر على صلتهم عليه السلام فليصل صالحي شيعتهم.

كتاب الصوم

73 - علة فرض الصيام.

74 - فضل الصيام وما بني عليه الاسلام.

74 - ثواب الصائم.

77 - وجوه الصوم من الواجب والحرام وما كان صاحبه بالخيار ، وصوم التأديب والإباحة.

81 - صوم السنة ، والأيام والشهور التي يستحب فيها الصوم.

85 - صوم التطوع وثوابه من الأيام المتفرقة.

ص: 631

91 - ثواب صوم رجب.

92 - ثواب صوم شعبان.

94 - فضل شهر رمضان وثواب صيامه.

100 - القول عند رؤية هلال شهر رمضان.

102 - ما يقال في أول يوم من شهر رمضان.

106 - القول عند الافطار كل ليلة من شهر رمضان.

107 - آداب الصائم ، وما ينقض صومه ومالا ينقضه.

115 - ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان.

118 - حكم الناسي والغالط.

119 - حكم الصائم يصبح جنبا أو يحتلم نهارا.

122 - الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصوم.

123 - الصوم للرؤية ، والفطر للرؤية.

124 - الشهود للرؤية وعلامة دخول الشهر.

126 - صوم يوم الشك.

128 - الرجل يسلم وقد مضى بعض شهر رمضان.

129 - الوقت الذي يحل فيه الافطار وتجب فيه الصلاة.

130 - الوقت الذي يحرم فيه الأكل والشرب على الصائم.

132 - حد المرض الذي يفطر صاحبه.

133 - العاجز عن الصيام كالشيخ والشيخة وذي العطاش.

134 - ثواب من فطر صائما.

135 - ثواب السحور والنهي عن تركه.

136 - عدم جواز التطوع بالصيام لمن عليه شئ من الفرض.

137 - الصلوات في شهر رمضان والتراويح.

ص: 632

139 - ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان.

140 - صوم المسافر ووجوب التقصير عليه.

142 - صوم التطوع في السفر.

144 - صوم الحائض والمستحاضة.

147 - كيفية قضاء صوم شهر رمضان وأحكامه.

152 - قضاء الصوم عن الميت.

154 - فدية صوم النذر.

154 - صوم الاذن.

155 - الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان.

158 - ليلة القدر والعمل الصالح فيها.

161 - أدعية ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان.

164 - وداع شهر رمضان ودعاؤه.

167 - التكبير ليلة الفطر ويومه.

168 - إذا لم يثبت الهلال في الليل ويثبت في النهار يوم العيد كيف يصنع.

169 - باب النوادر

170 - اختلاف الروايات في عدد أيام شهر رمضان.

171 - حرمة صوم الوصال ، وصوم الدهر ومعناهما.

172 - حرمة صوم الوصال ، وصوم الدهر ومعناهما.

174 - بعض أحكام العيد.

175 - وجوب الفطرة.

175 - من تجب عليه الفطرة ومن لا تجب.

176 - كمية زكاة الفطرة وجنسها.

176 - من لم يجد الحنطة كيف يصنع

180 - التمر أفضل ما يعطى.

ص: 633

180 - مستحق الفطرة.

181 - عدم جواز اعطاء الفطرة لواجبي النفقة.

181 - وقت أداء زكاة الفطرة.

183 - حمل الفطرة إلى الإمام عليه السلام.

184 - الاعتكاف وأحكامه.

كتاب الحج

190 - علل الحج والمشاعر والمناسك وفضل الكعبة والحرم وخصائصهما.

201 - فضائل الحج وثواب الحاج والمعتمر وثواب الطواف والسعي.

207 - ثواب من أقام بمكة سنة.

208 - فضل ماء زمزم.

210 - مسجد الخيف وفضل الصلاة فيه.

210 - فضل الموقفين والوقوف بهما.

212 - ليلة عرفة وفضلها.

213 - الأضحية وفضلها.

214 - فضل أيام التشريق ورمي الجمار.

215 - فضل خلق الرأس بمنى والتقصير.

216 - ثواب من حج حجة الاسلام ومن حج ثلاثة حجج.

216 - ثواب من حج بثلاثة نفر من المؤمنين.

217 - ثواب من حج أربع حجج أو خمس أو عشر أو عشرين أو أربعين أو خمسين أو أزيد.

218 - إدمان الحج ومعناه وثوابه.

218 - الحج راكبا للموسر أفضل منه ماشيا.

220 - استحباب نية الرجوع لمن حج وكراهة نية عدم العود.

221 - الرجل ذي دين يستدين ويحج.

ص: 634

221 - النهي عن منع الناس عن حج التطوع.

222 - ثواب من يحج عن آخر ، والتبرع بالحج.

223 - ما يقول من يحج عن غيره أو يطوف.

224 - الحج أفضل من عتق سبعين رقبة.

225 - ثواب الانفاق في الحج ، وهدية الحاج.

226 - ثواب من ختم القرآن بمكة.

227 - تسبيحة بمكة تعدل إنفاق مثل خراج العراقين.

227 - ثواب المجاورين بمكة وأفضلية الرجوع ويأتي تحت رقم 2338.

228 - ثواب النائم بمكة والساجد بها ، ومن أماط الأذى عن طريقها.

228 - تعظيم القادم من الحج وتهنئته.

229 - من مات في طريق مكة ذاهبا أو جائيا ومن مات محرما.

229 - من دفن في الحرم أو مات في أحد الحرمين أو بينهما.

حج الأنبياء والمرسلين عليهم السلام

229 - حج آدم عليه السلام للبيت وتهنئة جبريل عليه السلام له.

230 - طول سفينة نوح وطوافها بالبيت.

230 - من هو الذبيح إسماعيل أو إسحاق؟ ومحل الذبح.

231 - حدود مسجد الحرام التي حدها إبراهيم عليه السلام.

232 - حج إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وذبحه إياه ، وبناء البيت.

235 - حج موسى وسليمان عليهما السلام.

235 - أول من بني البيت آدم عليه السلام.

236 - حج نبينا صلى اللّه عليه وآله ونزول المتعة.

238 - عدد حجج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وعمره.

241 - ابتداء الكعبة وفضلها وفضل الحرم.

ص: 635

248 - من أراد الكعبة بسوء. وقصة أصحاب الفيل والحجاج.

251 - الإلحاد في الحرم والجنابات.

252 - إظهار السلاح بمكة.

252 - حكم الانتفاع بثياب الكعبة.

253 - كراهة أخذ تراب البيت وحصاه أو حرمته.

254 - كراهة المقام بمكة ، وحكم شجر الحرم.

256 - لقطة الحرم ، وأسماء مكة.

257 - تحريم صيد الحرم وكفارته.

260 - أحكام صيد الحرم وذبحه والاكل منه.

264 - ما يجوز أن يذبح في الحرم ويخرج به منه.

265 - ما جاء في السفر إلى الحج وغيره من الطاعات.

266 - السفر وأوقاته المستحبة والمكروهة.

269 - استحباب افتتاح السفر بالصدقة.

270 - استحباب حمل العصا في السفر.

271 - استحباب صلاة ركعتين للمسافر عند الخروج.

271 - ما يستحب للمسافر من الدعاء عند خروجه.

272 - القول عند الركوب والدعاء له.

273 - ذكر اللّه عز وجل والدعاء في المسير.

274 - أدب المسافر في المسير وما يجب عليه من حسن الخلق.

275 - تشييع المسافر وتوديعه والدعاء له.

276 - ما يقول من خرج وحده في السفر. وكراهة الوحدة فيه.

278 - استحباب اتخاذ الرفيق في السفر وحقوق الصحبة.

280 - الحداء والشعر في السفر. وحفظ النفقة واتخاذ السفرة فيه.

281 - كراهة اتخاذ السفرة لزيارة قبر الحسين عليه السلام.

ص: 636

281 - الزاد في السفر واستحباب اللوز والسكر والسويق المحمض والمحلى.

282 - نصيحة أبي ذر الناس عند الكعبة ، ونصيحة لقمان لابنه.

282 - حمل الآلات والسلاح في السفر.

283 - الخيل وارتباطها وأول من ركبها.

286 - حق الدابة على صاحبها.

288 - مالم تبهم عنه البهائم.

288 - ثواب النفقة على الخيل.

289 - علة الرقعتين في باطن يدي الدابة.

289 - حسن القيام على الدواب.

290 - ما جاء في الإبل.

292 - وجوب العدل على الجمل وترك ضربه واجتناب ظلمه.

293 - جواز التناوب في ركوب الدابة.

293 - ثواب من أعان مؤمنا مسافرا.

293 - المروءة في السفر. وارتياد المنازل والأمكنة المكروهة للنزول.

295 - المشي في السفر.

296 - آداب المسافر.

298 - دعاء الضال عن الطريق.

298 - القول عند نزول المنزل والقول عند دخول مدينة أو قرية.

299 - الموت في الغربة ، وتهنئة القادم من الحج ، وثواب معانقته.

300 - باب نوادر السفر

301 - استحباب توفير الشعر للحج والعمرة.

302 - مواقيت الاحرام وحكم تأخر الاحرام أو تقدمه من الميقات.

307 - التهيؤ للاحرام وما يجوز فعله قبل التلبية وما لا يجوز.

312 - وجوه الحاج وأحكامهم.

ص: 637

317 - فرائض الحج ، وحكم من حج بمال حرام.

318 - عقد الاحرام وشرطه ونقضه والصلاة له.

323 - الاشعار والتقليد.

325 - التلبية وأحكامها ومتى تقطع.

328 - ما يجب على المحرم اجتنابه من الرفث والفسوق والجدال.

334 - لباس المحرم وما يجوز ومالا يجوز فيه.

347 - ما يجوز للمحرم إتيانه واستعماله وما لا يجوز له.

350 - الطيب للمحرم.

352 - الظلال للمحرم.

355 - تغطية الرأس للمحرم.

356 - المحرم يقص ظفرا أو شعرا.

361 - المحرم يتزوج أو يشهد نكاح المحلين.

363 - ما يجوز للمحرم قتله.

364 - ما يجب على المحرم من أنواع ما يصيب من الصيد.

375 - تقصير المتمتع وحلقه وإحلاله. وحكم من نسي التقصير حتى يواقع أهله.

378 - المتمتع يخرج من مكة ويرجع.

380 - إحرام الحائض والمستحاضة.

384 - الوقت الذي إذا أدركه الانسان يكون مدركا للتمتع.

386 - الوقت الذي متى أدركه الانسان كان مدركا للحج.

387 - تقديم طواف الحج وطواف النساء قبل السعي والخروج إلى منى.

388 - تأخير طواف الزيارة.

389 - حكم من نسي طواف النساء.

391 - انقضاء مشي الماشي.

392 - حكم من قطع عليه الطواف بصلاة وغيرها.

ص: 638

395 - السهو في الطواف.

398 - حكم من اختصر شوطا في الحجر.

399 - ما جاء في الطواف خلف المقام.

399 - من قضى شيئا من المناسك على غير وضوء.

401 - ما جاء في طواف الأغلف.

401 - القران بين الأسابيع.

402 - طواف المريض والمحمول من غير علة.

404 - حكم من بدأ بالسعي قبل الطواف أو طاف وأخر السعي.

406 - الطواف عن الغير من غير علة.

407 - السهو في أصل ركعتي الطواف وحكم الجاهل.

409 - نوادر الطواف.

413 - السهو في السعي بين الصفا والمروة.

416 - السعي راكبا والجلوس بين الصفا والمروة.

417 - حكم من قطع عليه السعي لصلاة أو غيرها.

418 - استطاعة السبيل إلى الحج.

419 - ترك الحج.

420 - الاجبار على الحج وعلى زيارة النبي صلى اللّه عليه وآله.

421 - دفع ألح إلى من يخرج فيها.

424 - حكم الصرورة في النيابة عن الغير.

428 - حج الجمال والأجير.

428 - من يموت وعليه حجة الاسلام وحجة في نذر.

429 - ما جاء في الحج قبل المعرفة.

430 - ما جاء في حج المجتاز.

430 - حج المملوك والمملوكة.

ص: 639

432 - ما يجزي عن المعتق عشية عرفة من حجة الاسلام.

433 - حج الصبيان وما يجب على وليهم ومن أين يجر دوا.

436 - الاستدانة للحج ، وحج من عليه دين.

437 - حج المرأة إذا لم يأذن لها زوجها حجة الاسلام أو حجة تطوع.

438 - حج المرأة من غير ذي محرم أو ولي.

439 - حج المرأة في العدة.

440 - الحاج يموت في الطريق.

441 - ما يقضى عن الميت من حجة الاسلام أوصى أو لم يوص.

443 - الرجل يوصي بحجة فيجعلها وصيته في نسمة.

443 - الحج عن أم الولد إذا ماتت.

443 - إذا أوصى أن يحج عنه ثلاثة رجال يجوز للوصي أن يأخذ لنفسه حجة.

444 - من يأخذ حجة فلا تكفيه.

444 - من أوصى في الحج بدون الكفاية.

445 - الحج من الوديعة.

446 - الرجل يموت وما يدري ابنه حج أولا.

446 - المتمتع عن أبيه.

447 - تسويف الحج.

448 - العمرة في أشهر الحج.

451 - إهلال العمرة المبتولة وإحلالها ونسكها.

453 - العمرة في شهر رمضان ورجب وغيرهما.

454 - مواقيت العمرة من مكة وقطع تلبية المعتمر.

456 - أشهر الحج ، وأشهر السياحة ، والأشهر الحرم.

458 - العمرة في كل شهر وفي أقل ما يكون.

459 - ما يقول الرجل إذا حج عن غيره أو طاف عنه.

ص: 640

460 - الرجل يحج عن الرجل أو يشكره في حجة أو يطوف عنه.

462 - التعجيل قبل التروية إلى منى.

463 - حدود منى وعرفات وجمع.

466 - التقصير في الطريق إلى عرفات.

467 - اسم الجبل الذي يقف عليه الساس بعرفة.

467 - كراهة المقام عند المشعر بعد الإفاضة.

468 - السعي في وادي محسر.

469 - ما جاء فيمن جهل الوقوف بالمشعر.

470 - من رخص له التعجيل من المزدلفة قبل الفجر.

471 - ما جاء فيمن فاته الحج.

473 - أخذ حصى الجمار من لحرم وغيره.

474 - ما جاء فيمن خالف الرمي أو زاد أو نقص.

476 - الذين أطلق لهم الرمي بالليل.

476 - الرمي عن العليل والصبيان.

477 - ما جاء فيمن بات ليالي منى بمكة.

479 - إتيان مكة بعد الزيارة للطواف.

479 - النفر الأول والأخير.

482 - نزول الحصبة.

483 - قضاء التفث ومعناه.

486 - أيام النحر.

488 - معنى الحج الأكبر والأصغر.

488 - الأضاحي وعلى من تجب وآدابها.

499 - الهدي يعطب أو يهلك قبل أن يبلغ محلة والاكل منه.

ص: 641

502 - أحكام الذبح والنحر وما يقال عند الذبيحة.

504 - نتاج البدنة وحلابها وركوبها.

505 - بلوغ الهدي محلة.

505 - الرجل يوصي من يذبح عنه ويلقى هو شعره بمكة.

505 - تقديم المناسك وتأخيرها.

506 - فيمن نسي أو جهل أن يقصر أو يحلق حتى ارتحل من منى.

507 - ما يحل للمتمتع والمفرد إذا ذبح وحلق قبل أن يزور البيت.

508 - ما يجب عن الصوم على المتمتع إذا لم يجد ثمن الهدي.

513 - ما يجب على المتمتع إذا وجد ثمن الهدي ولم يجد الهدي.

514 - المحصور والمصدود.

517 - الرجل يبعث بالهدي ويقيم في أهله.

519 - نوادر الحج.

520 - كراهة الحج على الإبل الجلالات.

520 - إن صاحب هذا الامر ليحضر الموسم كل سنة.

520 - من كان له على رجل مال وخاف تواه يطوف عن هؤلاء.

521 - من سهى عن السعي حتى يصير على بعضه أو كله.

521 - جواز اشتراء المحرم الجواري.

521 - من قدم مكة في وقت العصر فليبدأ بالصلاة.

521 - امرأة نذرت أن تطوف على أربع كيف تصنع.

522 - من طاف وفي ثوبه دم مما لا يجوز الصلاة فيه وهو لا يعلم.

522 - استحباب حلق الرأس في غير الحج والعمرة أو جوازه.

523 - ركوب الزاملة.

ص: 642

524 - حكم من أفرد الحج وقصر مع المقصرين نسيانا.

524 - من أتى أهله قبل طواف النساء.

525 - أول ما يظهر القائم عليه السلام تخلية المطاف والحجر الأسود لمن طاف وجوبا.

525 - المقام بمكة يوما قبل الحج أفضل من يومين بعده.

سياق مناسك الحج

525 - الأدعية التي يستحب للحاج إذا أراد الخروج.

528 - التلبية ومستحباتها وواجباتها.

530 - دخول مكة وآدابه.

530 - دخول مسجد الحرام وآدابه.

530 - النظر إلى الكعبة ودعاؤه.

531 - النظر إلى الحجر الأسود ودعاؤه.

531 - استلام الحجر الأسود.

531 - الطواف وتقبيل الحجر.

532 - القول في الطواف.

533 - القول بين الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود.

533 - الوقوف بالمستجار.

534 - مقام إبراهيم عليه السلام.

534 - الشرب من ماء زمزم.

535 - الخروج إلى الصفا.

537 - التقصير.

540 - الغدو إلى عرفات.

541 - دعاء الموقف.

ص: 643

543 - الإفاضة من عرفات.

545 - أخذ حصى الجمار من جمع.

545 - الوقوف بالمعشر الحرام.

546 - الإفاضة من المشعر الحرام.

547 - الرجوع إلى منى ورمي الجمار.

549 - الذبح وأحكامه.

550 - الحلق وسننه.

551 - زيارة البيت.

551 - إتيان الحجر الأسود.

552 - الخروج إلى الصفا للسعي.

552 - طواف النساء.

553 - الرجوع إلى منى.

553 - رمي الجمار.

554 - التكبير أيام التشريق.

555 - النفر من منى.

556 - دخول مكة ودخول الكعبة.

557 - وداع البيت.

الزيارات

558 - الابتداء بمكة والختم بالمدينة.

559 - الصلاة في مسجد غدير خم.

560 - نزول معرس النبي صلى اللّه عليه وآله.

561 - تحريم المدينة وفضلها.

ص: 644

565 - ما جاء فيمن حج ولم يزر النبي صلى اللّه عليه وآله.

565 - إتيان المدينة.

568 - إتيان المنبر.

570 - الصوم بالمدينة والاعتكاف عند الأساطين.

572 - زيارة فاطمة الزهراء بنت النبي عليها وعلى أبيها السلام.

574 - إتيان المشاهد وقبور الشهداء.

575 - توديع قبر النبي صلى اللّه عليه وآله ومنبره.

575 - زيارة أئمة البقيع عليهم السلام.

577 - ثواب زيارة النبي والأئمة صلوات اللّه عليهم أجمعين.

586 - موضع قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

586 - زيارة قبر أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه.

592 - زيارة أخرى لأمير المؤمنين عليه السلام.

594 - زيارة أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام.

596 - زيارة علي بن الحسين عليهما السلام المقتول بكربلاء.

597 - زيارة وداع الحسين عليه السلام.

598 - زيارة قبور الشهداء.

598 - زيارة أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام في حال التقية.

599 - زيارة جميع الأئمة عليهم السلام من بعيد.

599 - فضل تربة الحسين عليه السلام.

600 - زيارة الامامين موسى بن جعفر ومحمد بن علي عليهما السلام ببغداد.

602 - زيارة أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام.

ص: 645

605 - زيارة وداع على بن موسى عليهما السلام.

607 - زيارة العسكريين عليهما السلام بسر من رأي.

608 - ما يجزي من القول عند زيارة جميع الأئمة عليهم السلام.

608 - زيارة الوداع لهم عليهم السلام.

609 - الزيارة الجامعة.

618 - الوداع

618 - باب الحقوق

626 - الفروض على جميع الجوارح.

ص: 646

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله، وصلّى اللّه على محمدٍ نبي اللّه، وعلى آله آل اللّه

لقد قامت مؤسستنا - بفضل اللّه ومنّه - بنشاطاتٍ واسعة في مجال نشر المعرفة وإحياء التراث العلمي الإسلامي، فإلى رواد العلم سرد بعضها، سائلين الباري عزّ شأنه قبول الأعمال والوصول إلى درجة الكمال، إنه سميع متعال.

1 - أصول الفقه ( 4 أجزاء): للشيخ المظفّر.

2 - الأمالي: للشيخ المفيد.

3 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: للسيد محسن الخرّازي.

4 - بحوث في الملل والنحل (6 أجزاء): للشيخ جعفر السبحاني.

5 - بداية الحكمة: للعلامة الطباطبائي.

6- بداية المعارف (جزءان) : للسيد محسن الخرّازي

7 - التمهيد في علوم القرآن (6 أجزاء): للشيخ محمد هادي معرفة.

8 - التوحيد: للشيخ الصدوق.

9 - جامع الأثر: للسيد حسن آل طه.

10 - الخصال (جزءان): للشيخ الصدوق.

11 - الخلاف (6 أجزاء): للشيخ الطوسي.

12 - دروس في علم الأصول (جزءان): للشهيد الصدر.

13 - الذخيرة: للسيّد المرتضى.

14 - رجال النجاشي: للنجاشي.

15 - الرسائل التوحيدية: للعلامة الطباطبائي.

ص: 646

16 - الرسائل العشر: للشيخ الطوسي.

17 - رسالة في صلاة الجمعة: للشهيد الثاني.

18 - صيانة القرآن من التحريف: للشيخ محمد هادي معرفة.

19 - العدل الإلهي: للشهيد المطهري.

20 - العروة الوثقى (6 أجزاء): للسيد الطباطبائي.

21 - العقائد الجعفرية: للشيخ الطوسي.

22 - فرائد الأصول: للشيخ الأنصاري.

23 الفوائد المدنية: للمحدّث الأسترآبادي.

24 - قاموس الرجال: للشيخ التستري.

25 - كشف اللثام (11 جزء): للفاضل الهندي.

26 - كمال الدين وتمام النعمة (جزءان): للشيخ الصدوق.

27 - كنز الدقائق (11 جزء): للميرزا محمد المشهدي.

28 - مجمع الفائدة والبرهان (14 جزء): للمحقق الأردبيلي.

29 - مخالفة الوهابية للقرآن: عمر عبد السلام.

30 - مختلف الشيعة (9 أجزاء): للعلامة الحلّي.

31 - مستدرك سفينة البحار (10 أجزاء): للشيخ علي النمازي الشاهرودي.

32 - معاني الأخبار: للشيخ الصدوق.

33 - مفاهيم القرآن (جزءان): للشيخ جعفر السبحاني.

34 - المقنعة: للشيخ المفيد.

35 - منازل الآخرة: للمحدّث القمي.

36 - المنطق: للشيخ المظفّر.

37 - من هو المهدي : للشيخ أبو طالب التجليل التبريزي.

38 - المیزان (20 جزء): للعلامة الطباطبائي.

39 - الوهابية في الميزان: للشيخ جعفر السبحاني.

ص: 646

المجلد 3

هوية الكتاب

المؤلف: أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

المحقق: علي اكبر الغفّاري

الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية - قم المقدّسة

الطبعة: 2

الموضوع : الحديث وعلومه

تاريخ النشر : 1404 ه-.ق

الصفحات: 612

المكتبة الإسلامية

168

من لا يحضر الفقيه

تأليف: المحدث الجليل الأقدم

أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي

الشيخ الصدوق

المتوفی سنة 381 ه

الجزء الثالث

تحقيق: سماحة الأستاذ المحقق الشيخ علي اكبر الغفاري

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة

المحرّر الرّقمي: محمّد علي ملك محمّد

ص: 1

اشارة

شابك (دورة) 4-415-470-964-978

ISBN 978-964-470-415-4

بيان الرموز

نرمز إلی شرح المولی محمد تقي المجلسي رحمه اللّه المسمی بروضة المتقين في شرح أخبار الأئمة المعصومين ب«م ت».

و إلی حاشية المولی مراد بن عليخان التفرشي رحمه اللّه ب«مراد».

و إلی حاشية سلطان العلماء الحسين بن محمد بن محمود الحسيني الآملي رحمه اللّه ب«سلطان».

و إلی حاشية الحكيم الإلهی السيد محمد باقر الحسيني المعروف بميرداماد رحمه اللّه ب«م ح ق».

و إلی شرح العلامة المجلسي قدس سره علی الكافي المعروف بمرآة العقول ب«المرآة».

ونعبر عن المجلسي الأول ب«المولی المجلسي» وعن الثاني ب«العلامة المجلسي».

من لا يحضر الفقيه

(ج3)

تأليف: رئيس المحدثين الشيخ الصدوق قدس سره

الموضوع: الحديث

تصحيح وتعليق: الأستاذ المرحوم علي أكبر الغفاري رحمه اللّه

طبع ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي

عدد الصفحات: 612

الطبعة: الخامسة

المطبوع: 500 نسخة

التاريخ: 1429 ه.ق

شابك ج3: 0-637-470-964-978

ISBN 978-964-470-637-0

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 1

أبواب القضايا والأحكام

باب 315: من يجوز التحاكم إليه ومن لا يجوز

قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الفقيه مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - :

3219 - روى أحمد بن عائذ (1) عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : « إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل

ص: 2


1- طريق المؤلف إليه صحيح وهو ثقة كما في « جش » ، وأما سالم بن مكرم أبو خديجة وقد يكنى أبا سلمة فهو ثقة عند النجاشي أيضا ، وقال العلامة في الخلاصة : « قال الشيخ انه ضعيف وقال في موضع آخر : انه ثقة ، والوجه عندي التوقف فيما يرويه لتعارض الأقوال » أقول : تضعيف الشيخ إياه مبنى على زعمه اتحاد الرجل مع سالم بن أبي سلمة الكندي السجستاني الذي ضعفه النجاشي وابن الغضائري والعلامة ، والدليل على ذلك أن الشيخ - رضوان اللّه عليه - ذكر الرجلين في عنوان وقال : « سالم بن مكرم يكنى أبا خديجة ومكرم يكنى أبا سلمة » مع أن أبا سلمة نفس سالم دون أبيه كما في فهرست النجاشي ورجال البرقي ويؤيد ذلك ما رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 218 في شراء العبدين المأذونين كل واحد منهما الاخر باسناده عن أحمد ابن عائذ عن أبي سلمة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) كما سيجئ عن المؤلف ، تحت رقم 3247 وفى التهذيب ج 2 ص 138 باسناده عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة وعليه فلا وجه لتوقف العلامة قدس سره فيه ( راجع لمزيد التحقيق قاموس الرجال ج 4 ص 297 ).

الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم ، فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه (1) ».

3220 - وروى معلى بن خنيس عن الصادق عليه السلام قال : « قلت له : قول اللّه عز وجل » إن اللّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل « قال : على الامام (2) أن يدفع ما عنده إلى الامام الذي بعده ، وأمرت الأئمة أن يحكموا بالعدل ، وأمر الناس أن يتبعوهم ».

3221 - وروى عطاء بن السائب (3) عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : « إذا كنتم في أئمة جور فاقضوا في أحكامهم (4) ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا ، وإن تعاملتم بأحكامنا كان خيرا لكم ».

ص: 3


1- يستفاد منه أولا حرمة الترافع إلى أهل الجور ، والظاهر دخول الفساق في أهل الجور ، وثانيا وجوب الترافع إلى العالم من الشيعة وقبول قوله ، والمشهور الاستدلال بهذا الحديث على جواز التجزي في الاجتهاد حيث اكتفى عليه السلام بالعلم بشئ من الأحكام ، وقال سلطان العلماء : ولى فيه تأمل إذ ربما كان المراد بالعلم بشئ من الأحكام ما هو الحاصل بعد إحاطة جميع الأدلة والمآخذ لحصول الظن القوى بعدم المعارض في هذا الحكم كما هو مذهب من قال بعدم جواز التجزي فإنه لا يدعى وجوب العلم بجميع الأحكام حتى ينافيه اكتفاؤه عليه - السلام بالعلم شئ منها بل يدعى وجوب الإحاطة على جميع الأدلة والمآخذ حتى يعتبر حكمه وظنه وإن كان في مسألة خاصة.
2- كذا في بعض النسخ والتهذيب ج 2 ص 70 أيضا ، وفى الكافي ج 1 ص 277 « قال : أمر اللّه الامام أن يدفع ». وفى بعض نسخ الفقيه « عدل الامام » والظاهر تصحيفه ، ويؤيد صحة ما في الكافي قوله « أمرت الأئمة » و « أمر الناس ».
3- في الطريق أبان بن عثمان الأحمر وهو وإن كان ناووسيا ولم يوثق صريحا لكن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، وأما عطاء فلم يذكر في كتب رجالنا ومعنون في كتب العامة ووثقه بعضهم وقال صاحب منهج المقال ، « ربما يشهد له بعض الروايات بالاستقامة » أقول : وهذا الحديث يدل في الجملة على كونه اماميا مأمورا بالتقية ومثله كثير في أصحابنا.
4- لعل المراد الصيرورة قاضيا بأمرهم وجبرهم.

3222 - وروى الحسن بن محبوب (1) ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم اللّه عزوجل فقد شركه في الاثم (2) ».

3223 - وروى حريز ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « أيما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق فدعاه إلى رجل من إخوانكم ليحكم بينه وبينه فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال اللّه عزوجل : « ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به الآية (3) ».

باب 316: أصناف القضاة ووجوه الحكم

3224 - قال الصادق عليه السلام : (4) : « القضاة أربعة : ثلاثة في النار وواحد في الجنة رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار ، و رجل قضى بحق وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة ، وقال عليه السلام : الحكم حكمان حكم اللّه عزوجل ، وحكم أهل الجاهلية ، فمن أخطأ حكم اللّه عزوجل حكم بحكم أهل الجاهلية (5) ، ومن حكم بدرهمين بغير ما أنزل

ص: 4


1- الطريق إليه صحيح وهو ثقة كما في الخلاصة.
2- يدل على حرمة التحاكم إليهم مع وجود حاكم العدل وامكان أخذ الحق به ، وأما في صورة التعذر أو عدم وجود العدل فإن كان الحق ثابتا بينه وبين اللّه فغير معلوم حرمته.
3- المراد بالطاغوت هنا كل من لم يحكم بما أنزل اللّه ، أو من حكم بغير ما أنزل اللّه.
4- رواه الكليني ج 7 ص 407 بأسناده عن البرقي ، عن أبيه مرفوعا إليه عليه السلام إلى قوله « بحكم أهل الجاهلية ».
5- أي إذا أخطأ بلا دليل معتبر شرعا لتقصيره أو مع علمه ببطلانه ، فلا ينافي كون المجتهد المخطئ الغير المقصر مصيبا ، ولا يبعد أن يكون الغرض بيان أن كون الحكم مطابقا للواقع لا ينفع في كونه حقا بل لابد من أخذه من مأخذ شرعي فمن لم يأخذ منه فقد حكم بحكم الجاهلية وإن كان مطابقا للواقع. ( المرآة )

اللّه عزوجل فقد كفر باللّه تعالى (1) ».

باب 317: اتقاء الحكومة

3225 - روى سليمان بن خالد (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « اتقوا الحكومة فإن الحكومة إنما هي للامام العالم بالقضاء ، العادل في المسلمين كنبي أو وصي نبي ».

3226 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام لشريح : « يا شريح قد جلست مجلسا ما جلسه إلا نبي ، أو وصي نبي ، أو شقي (3) ».

باب 318: كراهة مجالسة القضاة في مجالسهم

3227 - روى محمد بن مسلم قال : « مربي أبو جعفر عليه السلام وأنا جالس عند

ص: 5


1- في بعض النسخ « ومن حكم في درهمين - الخ ».
2- ثقة والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.
3- رواه الكليني في الكافي بسند ضعيف عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام رفعه إلى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، وفيه « جلست مجلسا لا يجلسه الا نبي - الخ » ولا يخفى اختلاف المفهومين فما في المتن ربما يفهم منه أن من زمان النبي (صلی اللّه عليه وآله) إلى هذا الزمان ما جلس فيه الا هذه الثلاثة الأصناف ، وما في الكافي يفهم منه صعوبة القضاء وانه يستلزم لغير المعصوم الشقاء والهلاك. وقال العلامة المجلسي : ان هذه الأخبار تدل بظواهرها على عدم جواز القضاء لغير المعصوم ، ولا ريب أنهم عليهم السلام كانوا يبعثون القضاة إلى البلاد فلابد من حملها على أن القضاء بالأصالة لهم ولم يجوز لغيرهم تصدى ذلك الا باذنهم وكذا في قوله « لا يجلسه » أي بالأصالة ، والحاصل أن الحصر إضافي بالنسبة إلى من جلس فيها بغير اذنهم و نصبهم عليهم السلام.

القاضي بالمدينة ، فدخلت عليه من الغد فقال لي : ما مجلس رأيتك فيه أمس؟ قال قلت له : جعلت فداك إن هذا القاضي بي مكرم ، فربما جلست إليه ، فقال لي : وما يؤمنك أن تنزل اللعنة فتعمك معه ». وفي خبر آخر « فتعم من في المجلس ».

3228 - وروي في خبر آخر : « إن شر البقاع دور الامراء الذين لا يقضون بالحق ».

3229 - وقال الصادق عليه السلام : « إن النواويس (1) شكت إلى اللّه عزوجل شدة حرها فقال لها عزوجل : اسكتي فإن مواضع القضاة أشد حرا منك ».

باب 319: كراهة أخذ الرزق على القضاء

3230 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق ، فقال : ذاك سحت » (2).

باب 320: الحيف في الحكم

3231 - روى السكوني باسناده (3) قال : « قال علي عليه السلام : يد اللّه فوق رأس

ص: 6


1- النواويس جمع ناووس مقبرة النصارى وموضع بجهنم.
2- السحت : الحرام ، وحمل على الأجرة ، والمشهور جواز الارتزاق من بيت المال قال في المسالك : ان تعين عليه بتعيين الامام أو بعدم قيام أحد غيره حرم عليه أخذ الأجرة وان لم يتعين عليه فإن كان له غنى عنه لم يجز أيضا والا جاز ، وقيل يجوز مع عدم التعين مطلقا ، وقيل : يجوز مع الحاجة مطلقا ، ومن الأصحاب من جوز اخذ الأجرة عليه مطلقا ، والأصح المنع مطلقا الا من بيت المال على جهة الارتزاق فيقيد بنظر الحاكم ( المرآة ) أقول : في الكافي والتهذيب « ذلك السحت ».
3- رواه الكليني ج 7 ص 410 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 69 عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام عنه صلوات اللّه عليه.

الحاكم ترفرف بالرحمة ، فإذا حاف في الحكم وكله اللّه عزوجل إلى نفسه » (1).

باب 321: الخطأ في الحكم

3232 - روي عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر عليه السلام : « من حكم في درهمين فأخطأ كفر » (2).

3233 - وروى معاوية بن وهب (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « أي قاض قضى بين اثنين فأخطأ سقط أبعد من السماء » (4).

باب 322: أرش خطأ القضاة

3234 - روي عن الأصبغ بن نباتة (5) أنه قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام أن ما أخطأت القضاة في دم أو قطع فهو على بيت مال المسلمين ».

ص: 7


1- ترفرف الطائر بجناحه إذا بسطها عند السقوط على شئ يطوف عليه ، والحيف : الجور والظلم.
2- تقدم الكلام فيه في باب أصناف القضاة.
3- طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة.
4- أي سقط من درجة قربه وكماله أو درجاته في الجنة ، أو يلحقه الضرر الأخروي مثل ما يلحق الضرر الدنيوي من سقط من السماء. ( المرآة )
5- طريق المصنف إلى الأصبغ ضعيف كما في الخلاصة لان فيه الحسين بن علوان الكلبي وعمرو بن ثابت فالأول عامي وإن كان له ميل ومحبة شديدة حتى قيل بايمانه والثاني لم يثبت مدحه ولا توثيقه مع قول فيه بالضعف ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 96 عن الأصبغ وطريقه مثل طريق المؤلف.

باب 323: الاتفاق على عدلين في الحكومة

3235 - روي عن داود بن الحصين (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجلين اتفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف فرضيا بالعدلين ، فاختلف العدلان بينهما ، على قول أيهما يمضي الحكم (2)؟ قال : ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه ، ولا يلتفت إلى الاخر » (3).

3236 - وروى داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام

ص: 8


1- طريق المؤلف إليه فيه الحكم بن مسكين ولم يوثق صريحا ، ورواه الشيخ باسناده الصحيح عن محمد بن علي بن محبوب الثقة عن الحسن بن موسى الخشاب الذي هو من وجوه أصحابنا عن ابن أبي نصير البزنطي ، عن داود بن الحصين الواقفي الموثق راجع التهذيب ج 2 ص 91.
2- قوله « بالعدلين » حمل على المجتهدين. ( سلطان )
3- إذا تعارض الأعلم والأورع فالمشهور تقديم الأعلم ، والتخيير أظهر ( م ت ) وفى الجواب اشعار بأنه لابد من كونهما عالمين فقيهين ورعين لكن مع خلافهما ينظر إلى أعلمهما وأفقههما وأورعهما. ( سلطان )
4- عمر بن حنظلة وثقه الشهيد - رحمه اللّه - في درايته. والرواية معروفة بمقبولة عمر بن حنظلة ومعنى المقبولة قبول مضمونها في الجملة لا أنها محكومة بالصحة في جميع جزئياتها ، ولها صدر أورده الكليني ج 1 ص 67 وهو « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان والى القضاة أيحل ذلك؟ قال : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا ، وإن كان حقا ثابتا لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر اللّه أن يكفر به قال اللّه تعالى » يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به « قلت : فكيف يصنعان؟ قال : ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف من أحكامنا فليرضوا به حكما فانى قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم اللّه وعلينا رد ، و الراد علينا الراد على اللّه وهو على حد الشرك باللّه ، قلت : فإن كان كل رجل اختار رجلا فرضيا أن يكونا الناظرين - الخ - » بأدنى اختلاف في اللفظ.

« قال : قلت : في رجلين اختار كل واحد منهما رجلا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما ، فاختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثنا ، قال : الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الاخر. (1)

ص: 9


1- قال استاذنا الشعراني - مد ظله العالي - في هامش الوافي : شرح هذه العبارة وما بعدها لا يخلو عن صعوبة لان القاضي في واقعة واحدة لا يكون اثنين ، أما إن كان منصوبا فواضح ، وأما إن كان قاضى التحكيم فيعتبر فيه تراضى المتداعيين فان اختار كل رجل قاضيا لنفسه لم يتحقق التراضي وعلي هذا فالفقيه إن كان بمنزلة القاضي المنصوب كان النافذ حكم من يختاره المدعى ويجبر المدعى عليه على الحضور عنده وقبول حكمه وليس له أن يختار قاضيا آخر ، قال العلامة - قدس سره - في القواعد : يجوز تعدد القضاة في بلد واحد وإذا استقل كل منهما في جميع البلد تخير المدعى في المرافعة إلى أيهما شاء - انتهى ، ولا يمكن في القضاء غير ذلك ولولاه لسهل على المدعى عليه طريق الفرار ، وإن كان المراد في الحديث الاستفتاء فقط وأطلق عليه التحاكم والقضاء جاز تعدد المفتى بأن يختار كل واحد منهما فقيها يقلده ولكن لا تحصل منه فائدة القضاء ولا ينحل به الاختلاف ، والغرض من القضاء قطع الخصومة. و أيضا فان المتداعيين ان كانا مجتهدين لم يجز لهما تقليد غيرهما و ان كانا مقلّدين لم يتمكّنا من ملاحظة الترجيحات المذكورة في الحديث، و حل الاشكال أن مفاد الرواية أمر الشيعة إرشادا بكل وسيلة ممكنة الى حصول التراضى و قطع الخصومة من غير الترافع الى قضاة الجور اما بأن تراضيا بحكم فقيه واحد و يقبلا قوله فيعد قوله بالنسبة اليهما قضاء ان كانا مجتهدين و فتوى ان كانا مقلّدين و ان لم يتراضيا بحكم فقيه واحد و اختار كل واحد فقيها لم يكن قولاهما بالنسبة اليهما حكما و قضاء و لا فتوى بل نظير قوله تعالى« فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها» فيتوسلان بهما الى قطع الخصومة بوجه و هو الترجيح، فان كان المتداعيان مجتهدين و اتفقا على أرجحية أحدهما قبلاه و الا تراضيا بقول من يرجح بينهما فاختيار رجلين خارج عن حكم القضاء و غير مناسب له، قال العلامة- ره- في نهاية الأصول: التعادل إذا وقع للإنسان في عمل نفسه تخير، أو للمفتى تخير المستفتى في العمل بأيهما شاء كما يلزمه في حقّ نفسه، أو للحاكم يعين لانه نصب لقطع التنازع، و تخيير الخصمين يفتح باب المخاصمة لان كلا منهما يختار الاوفق له بخلاف المفتى- انتهى. فمفاد الحديث أمر الشيعة بقطع الخصومة بينهم، ان كان بالتصالح و العفو فهو، و ان كان بالقضاء من فقيه بالتراضى فهو، و ان كان باختيار حكمين و الترجيح في مورد، اختلافهما-- فهو، و الغرض عدم الترافع الى قضاة الجور. و قوله« اختلفا فيما حكما» قال المولى رفيعا أي اختلافهما في الحكم استند الى اختلافهما في الحديث و قوله عليه السلام« أصدقهما في الحديث» أي من يكون حديثه أصح من حديث الآخر بأن يكون ينقله من أعدل أو أكثر من العدول و الثقاة و ظاهر هذه العبارة الحكم بترجيح حكم الراجح في هذه الصفات الاربع جميعها، و يحتمل الترجيح بحسب الرجحان في واحدة من الاربع أيّها كانت، و على الأول يكون حكم الرجحان بحسب بعضها دون بعض مسكوتا عنه، و على الثاني يكون حكم تعارض الرجحان في بعض منها على الرجحان في بعض آخر مسكوتا عنه، و الاستدلال بالاولوية و الرجحان بالترتيب الذكرى ضعيف و المراد أن الحكم الذي يجب قبوله من الحكمين المذكورين حكم الموصوف بما ذكر من الصفات الاربع، و يفهم منه وجوب اختياره لان يتحاكم إليه ابتداء و ان ترجيح الافضل لازم في الصور المسكوت عنها، و من هنا ابتدأ في الوجوه المعتبرة للترجيح في القول و الفتيا.

قال : قلت : فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا ليس يتفاضل واحد منهما على صاحبه (1) ، قال : فقال : ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه حكمنا لا ريب فيه (2) ، وإنما الأمور ثلاثة ، أمر بين رشده فمتبع ، وأمر بين غيه فمجتنب ، وأمر مشكل يرد حكمه إلى اللّه عزوجل قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « حلال بين ، وحرام بين ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجى من المحرمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم ».

ص: 10


1- أي فان الراويين لحديثكم العارفين بأحكامكم عدلان مرضيان لا يفضل أحدهما على صاحبه.
2- أجاب عليه السلام وبين له وجها آخر في الترجيح بقوله « ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك » أي المشهور روايته بين أصحابك فيؤخذ بأشهرهما رواية ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه أي المشهور في الرواية لا ريب فيه لان المناط غلبة الظن بصحة الخبر واستناد الحكم بالخبر الصحيح.

قلت : فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال : ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة أخذ به.

قلت : جعلت فداك وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والاخر مخالفا لها بأي الخبرين يؤخذ؟ قال : بما يخالف العامة فإن فيه الرشاد.

قلت : جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا؟ قال ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر.

قلت : فإن وافق حكامهم وقضاتهم الخبران جميعا؟ قال : إذا كان كذلك فارجه (1) حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات ».

باب 324: آداب القضاء

3237 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من ابتلي بالقضاء فلا يقضين وهو غضبان » (2).

3238 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا كان الحاكم يقول لمن عن يمينه ولمن عن يساره : ما تقول؟ ما ترى؟ فعلى ذلك لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين ، ألا يقوم (3) من مجلسه ويجلسهما مكانه » (4).

ص: 11


1- أي قف ولا تحكم.
2- رواه الكليني ج 7 ص 413 عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله وقال في الشرايع : « ويكره أن يقضى وهو غضبان وكذا يكره مع كل وصف يساوى الغضب في شغل النفس كالجوع والعطش والغم والفرح والوجع ومدافعة الأخبثين وغلبة النعاس ولو قضى والحال هذه نفذ إذا وقع حقا ».
3- يعنى لم لا يقوم ، وفى الكافي ج 4 ص 414 أيضا هكذا وكلمة « ألا » بالفتح للتحضيض وفى بعض النسخ والتهذيب « الا أن يقوم ».
4- الخبر مروى في الكافي بسند فيه ارسال ، وقوله « ما تقول؟ ما ترى؟ » أي بطريق استعلام الحكم حيث لا يعلم هو يسأل من عن يمينه أو عن يساره ، والخبر كما قال استاذنا الشعراني يدل على وجوب كون القاضي مجتهدا ، إذ كان مقلدا لاحتاج إلى غيره في السؤال ولا يخفى على المتأمل أن التنصيص على جميع الفروع غير ممكن ، وعلم المقلد بجميعها محال ويتفق للقاضي أمور لم يسمع النص عليه من عالم ويجب عليه دائما اعمال النظر في تطبيق الفروع على الأصول والتفحص عن الأدلة ، واكتفى صاحب القوانين وتبعه صاحب الجواهر - رحمهما اللّه - بقضاء المقلد وزعم أن من تصدى القضاء في زمن الأئمة عليهم السلام والنبي صلى اللّه عليه وآله لم يكونوا مجتهدين بل كانوا يأخذون الحكم منهم سماعا ويقضون به ، ولا نسلم تصدى غير المجتهد في عصرهم قضاء أصلا ، وكان صاحب القوانين حمل المجتهد على من يحفظ الاصطلاحات الأصولية المتجددة والمجادلات الصناعية وليس ذلك معنى الاجتهاد إذ قد رأى كل أحد جماعة من المهرة في تلك الأمور لا يعتمد عليه في مسألة شرعية من أوضح المسائل أصلا ومن ليس له قدرة على الجدل والمماراة قد يوثق بقوله في الشرع تبحره وانسه بأقوال الفقهاء وأخبار أهل بيت العصمة وتفسير القرآن وسيرة الرسول والمتواتر من عمل المسلمين ودقة نظره وتمييزه بين قرائن الصدق والكذب ومهارته في العربية وفهم مقاصد الكلام العربي والمجتهد هو القادر على استنباط الأحكام من الأدلة وكان هذه القدرة حاصلة لهم ، ولذلك إذا أنصف رجل وقايس بين الشيخ الصدوق أو الكليني - رحمهما اللّه - وبين الأصوليين المتأخرين وجد أن النسبة بينهما كالنسبة بين امرء القيس والسكاكي في الشعر والفصاحة ، وقد يتفق لأهل الجدل والمهرة في المغالبة والمماراة وابداء الشبهات أن يذهب بهم دقتهم في بعض الأمور إلى أن يخرجوا من مقتضى الأفكار السليمة ويؤديهم إلى الوسوسة والترديد وعدم الجزم بشئ ، وحصول الشبهات في القرائن الواضحة الموجبة للعلم للذهن السالم ، وهذا أيضا ضار بالاجتهاد ولا يجوز تقليد صاحبه ولا يقبل حكمه ولا ينفذ قضاؤه. و عندي أوراق مجموعة في أحكام القضاء لم يصرح باسم مؤلّفه و الظاهر أنّه من أفاضل أهل التحقيق قد يستنبط بالتكلّف من دقائق الألفاظ معاني لا يمكن أن يعتمد عليها العوام فضلا عن العلماء، و ممّا حقّقه فيها «أنّ أدلّة مشروعيّة القضاء و ما استدلوا عليه من الكتاب و السنة و الاخبار الخاصّة الواردة في نصب نائب الغيبة لا تدلّ على جواز اعمال البيّنات و التحليف و الاقارير و نحو ذلك من معينات الموضوعات بل مفادها بيان الحكم الإلهي في الموارد الجزئية. و استنبط ذلك من دخول حرف الباء على الحقّ و العدل و تقريبه أن القائل «إذا قال: حكمت بالحق أو أحكم بالحق فمعناه أن الحق حقّ قبل أن يحكم به، و إذا قضى بالبيّنة و التحليف فليس ما حكم به حقا قبل الحكم بل صار حقا بسبب الحكم فلا يصدق عليه أنه حكم حكما حقا ، وبالجملة في موارد الحكم بالبينة ومثلها نفس الحكم حق لا متعلق الحكم » ونحن نقول : مفهوم القضاء والحكم يشمل الحكم بالبينة والتحليف والأدلة الظاهرية قطعا وشموله لها أوضح من شموله لما اشتبه نفس الحكم وذلك لانس ذهن جميع الناس بأن القضاء لا يمكن بغير بينات وشهود وان المدعى عليه لا يتسلم للمدعى فلا بد من اقامته البينة عليه ، وإذا ورد حديث أو دل آية على جواز تصدى القضاء والحكم بين الناس دل على جواز الاعتماد على البينات والتحليف والأدلة الشرعية سواء قال أحكم بالحق أو أحكم حكما حقا ، ولا اعتبار بهذا التدقيق في حرف الباء مع هذه القرينة القوية الدالة على أن القضاء لا يمكن بغير البينة وإقامة الأدلة والاذن في أحدهما اذن في الاخر - انتهى.

3239 - وإن رجلا نزل بعلي بن أبي طالب عليه السلام فمكث عنده أياما ثم تقدم

ص: 12

إليه في حكومة (1) لم يذكرها لعلي عليه السلام فقال له علي عليه السلام : أخصم أنت؟ قال : نعم قال : تحول عنا فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نهى أن يضاف الخصم إلا ومعه خصمه » (2).

3240 - وقال الصادق عليه السلام أنه قال : « من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره » (3).

3241 - وروي عن علي عليه السلام أنه قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع من الاخر ، فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء (4) ، قال علي عليه السلام : فما زلت بعدها قاضيا ، وقال له النبي صلى اللّه عليه وآله : اللّهم

ص: 13


1- رواه الكليني في الكافي ج 7 ص 413 عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي. عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام وفيه « تقدم إليه في خصومة ».
2- « يضاف » من الضيافة وقال في الشرايع : يكره أن يضيف أحدا الخصمين دون صاحبه.
3- قوله عليه السلام « رضى » يمكن أن يقرأ بصيغة المجهول فالمعنى أن يكون مع الناس في مقام الانصاف من نفسه فهو أهل لان يكون حكما وقاضيا بين الناس ، ويمكن أن يقرأ بالمعلوم أي من أنصف الناس فقد جعل نفسه حكما لنفسه ولا يحتاج إلى غيره في الحكومة والقضاء ، وعلى الأول فيه اشعار بان من لم ينصف الناس من نفسه ولم يفوض الحكم إلى من هو أعلم منه لا يصلح حكما لغيره ، والخبر رواه الكليني ج 2 ص 146 بسند فيه ارسال.
4- إلى هنا رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 71 باسناد عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن ذبيان بن حكيمة الأودي عن موسى بن أكيل النميري عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.

فهمه القضاء (1) ».

3242 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام لشريح : « يا شريح لاتسار أحدا في مجلسك وإذا غضبت فقم ولا تقضين وأنت غضبان » (2).

3243 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يقدم صاحب اليمين في المجلس بالكلام » (3).

3244 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا تقدمت مع خصم إلى وال أو إلى قاض فكن عن يمينه - يعني عن يمين الخصم - ».

3245 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « من ابتلي بالقضاء فليسا وبينهم في الإشارة و النظر في المجلس » (4).

ص: 14


1- أراد بقوله « فما زلت بعدها قاضيا » أن هذه الكلمة سهلت لي أمر القضاء فما تعسر على بعد ما سمعتها شئ منه. ( الوافي )
2- رواه الكليني ج 7 ص 413 عن عدة من أصحابنا عن البرقي رفعه إليه عليه السلام وكذا في التهذيب.
3- أي حكم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وأمر أن يقدم بسماع دعوى من على يمين خصمه إذا شرعا في الدعوى ، فلو شرع واحد منهما فهو المقدم كذا فهمه الأصحاب وفهمه ابن سنان أو ابن محبوب من كلام الصادق عليه السلام على ما سيجيئ ، ويمكن أن يكون المراد تقديم من على يمين الحاكم ، وقيل : المراد بصاحب اليمين صاحب الحلف وهو بعيد.
4- رواه الكليني ج 7 ص 413 عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، وقال : في المسالك : من وظيفة الحاكم أن يسوى بين الخصمين والسلام عليهما وجوابه واجلاسهما والقيام لهما والنظر والاستماع والكلام وطلاقة الوجه وسائر أنواع الاكرام ولا يخصص أحدهما بشئ من ذلك. هذا إذا كانا مسلمين أو كافرين أما لو كان أحدهما مسلما والاخر كافرا جاز أن يرفع المسلم في المجلس ثم التسوية بينهما في العدل في الحكم واجبة بغير خلاف. وأما في تلك الأمور هل هي واجبة أم مستحبة؟ الأكثرون على الوجوب ، وقيل إن ذلك مستحب واختاره العلامة في المختلف لضعف المستند ، وإنما عليه أن يسوى بينهما في الافعال الظاهرة ، فاما التسوية بينهما بقلبه بحيث لا يميل إلى أحد فغير مؤاخذ به.

3246 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام لشريح (1) : « يا شريح انظر إلى أهل المعك والمطل والاضطهاد (2) ، ومن يدفع حقوق الناس من أهل المقدرة واليسار ، ومن يدلي بأموال المسلمين إلى الحكام (3) فخذ للناس بحقوقهم منهم ، وبع العقار والديار فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : مطل المسلم الموسر ظلم للمسلم ، ومن لم يكن له مال ولا عقار ولا دار فلا سبيل عليه ، واعلم أنه لا يحمل الناس على الحق إلا من وزعهم عن الباطل (4) ، ثم واس المسلمين بوجهك ومنطقك ومجلسك حتى لا يطمع قريبك في حيفك (5) ولا ييأس عدوك من عدلك ، ورد اليمين على المدعي مع بينة فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت في القضاء (6) ، واعلم أن المسلمين عدول بعضهم على بعض إلا

ص: 15


1- رواه الكليني ج 7 ص 412 عن علي ، عن أبيه ، عن أبن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن سلمة بن كهيل وسلمة بن كهيل ضعيف.
2- في بعض النسخ « أهل الشح والمطل والاضطهاد » وفى الوافي « أهل المعك والمطل بالاضطهاد » ، وفى اللغة : ما عكه بدينه : ماطله ، والمطل : التسويف بالدين ، والشح : البخل والحرص ، والاضطهاد : القهر والغلبة والجور.
3- أدلى بمال : دفعه ، وبقرابة : توسل.
4- « وزعهم » بالزاي ، وفى بعض النسخ بالراء المهملة وفى النهاية « وزعه : كفه ومنعه ».
5- الحيف : الجور والظلم.
6- قوله عليه السلام « رد اليمين على المدعى » قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : ربما يحمل هذا على التقية لموافقته لمذاهب بعض العامة ، أو على اختصاص الحكم بشريح لعدم استئهاله للقضاء ، أو على ما إذا كان الدعوى على الميت ، أو مع الشاهد الواحد ، أو مع دعوى الرد قال في المسالك : الأصل في المدعى أن لا يكلف اليمين خصوصا إذا قام البينة بحقه ولكن تخلف عنه الحكم بدليل خارج في صورة رده عليه اجماعا ومع نكول المنكر عن اليمين على خلاف ، وبقى الكلام فيما إذا أقام بينة بحقه ، فان كانت دعواه على مكلف حاضر فلا يمين عليه اجماعا ولكن ورد في الرواية المتضمنة لوصية علي عليه السلام لشريح قوله عليه السلام « ورد اليمين على المدعى مع بينته فان ذلك أجلى للعمى وأثبت للقضاء » وهي ضعيفة ، وربما حملت على ما إذا ادعى المشهود عليه الوفاء والابراء والتمس احلافه على بقاء الاستحقاق فإنه يجاب إليه لانقلاب المنكر مدعيا ، وهذا الحكم لا اشكال فيه ، الا أن اطلاق الوصية بعيد عنه فان ظاهرها كون ذلك على وجه الاستظهار ، وكيف كان فالاتفاق على ترك العمل بها على الاطلاق - انتهى ، وقال في الوافي : لعل رد اليمين على المدعى مختص بما إذا اشتبه عليه صدق البينة كما يدل قوله « فإنه أجلى للعمى وأثبت للقضاء » وما بعده ، وفى بعض النسخ « مع بينة ».

مجلودا في حد لم يتب منه ، أو معروفا بشهادة الزور ، أو ظنينا ، وإياك والضجر (1) والتأذي في مجلس القضاء الذي أوجب اللّه تعالى فيه الاجر وأحسن فيه الذخر لمن قضى بالحق ، واجعل لمن ادعى شهودا غيبا أمدا بينهم فإن أحضرهم أخذت له بحقه وإن لم يحضرهم أوجبت عليه القضية (2) ، وإياك أن تنفذ حكما في قصاص أو حد من حدود الناس أو حق من حقوق اللّه عزوجل حتى تعرض ذلك علي ، وإياك أن تجلس في مجلس القضاء حتى تطعم شيئا إن شاء اللّه تعالى ».

روى ذلك الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن سلمة ابن كهيل عن أمير المؤمنين عليه السلام.

باب 325: ما يجب الاخذ فيه بظاهر الحكم

3247 - في رواية يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض رجاله (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن البينة إذا أقيمت على الحق أيحل للقاضي أن يقضي بقول البينة؟ فقال : خمسة أشياء يجب على الناس الاخذ فيها بظاهر الحكم : الولايات ، والمناكح

ص: 16


1- الظنين : المتهم ، والضجر : الملال.
2- قال المولى المجلسي : الظاهر أن هذا فيما إذا أثبت المدعى بالشهود ثم ادعى المدعى عليه الأداء والابراء والا فالمدعى بالخيار في الدعوى الا أن يقال بأنه إذا طلب المنكر مكررا ولم يثبت يجعل الحاكم أمدا بينهما لئلا يؤذى المنكر بالطلب دائما.
3- رواه الكليني ج 7 ص 431 عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى ، عن يونس عن بعض رجاله عنه عليه السلام بتقديم وتأخير واختلاف في اللفظ.

والذبايح ، والشهادات ، والأنساب ، فإذا كان ظاهر الرجل طاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسأل عن باطنه » (1).

باب 326: الحيل في الحكم

3248 - في رواية النضر بن سويد يرفعه « أن رجلا حلف أن يزن فيلا؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : يدخل الفيل سفينة ثم ينظر إلى موضع مبلغ الماء من السفينة فيعلم عليه ثم يخرج الفيل ويلقي في السفينة حديدا أو صفرا أو ما شاء ، فإذا بلغ الموضع الذي علم عليه أخرجه ووزنه ».

3249 - وفي رواية عمرو بن شمر ، عن جعفر بن غالب الأسدي رفع الحديث قال « بينما رجلان جالسان في زمن عمر بن الخطاب إذ مر بهما رجل مقيد ، فقال أحد الرجلين : إن لم يكن في قيده كذا وكذا فامرأته طالق ثلاثا ، فقال الآخر : إن كان فيه كما قلت فامرأته طالق ثلاثا ، فذهبا إلى مولى العبد وهو المقيد فقالا له : إنا حلفنا على كذا وكذا فحل قيد غلامك حتى نزنه ، فقال مولى العبد : امرأته طالق إن حللت قيد غلامي ، فارتفعوا إلى عمر فقصوا عليه القصة فقال عمر : مولاه أحق به اذهبوا به إلى علي بن أبي طالب لعله يكون عنده في هذا شئ. فأتوا عليا عليه السلام فقصوا عليه القصة ، فقال : ما أهون هذا ، فدعا بجفنة (2) وأمر بقيده فشد فيه خيط وأدخل رجليه والقيد في الجفنة ، ثم صب عليه الماء حتى امتلأت ، ثم قال عليه السلام : ارفعوا القيد فرفعوا القيد حتى اخرج من الماء فلما اخرج نقص الماء ، ثم

ص: 17


1- ظاهره أن بناء هذه الأمور على ظاهر الحال والاسلام ولا يسأل عن بواطن من يتصدى لها فالولايات يولى الامام الامارة والقضاء من كان ظاهره مأمونا ، وكذا ولى الطفل والوصي ، وكذا يزوج من كان على ظاهر الاسلام ، وكذا يورث ، وكذا يعتمد على ذبحه ، وتقبل شهادته من غير مسألة عن باطنه.
2- الجفنة : البئر الصغيرة والقصعة والمراد الثاني.

دعا بزبر الحديد فأرسله في الماء حتى تراجع الماء إلى موضعه والقيد في الماء ثم قال : زنوا هذا الزبر فهو وزنه ».

قال مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - إنما هدى أمير المؤمنين عليه السلام إلى معرفة ذلك ليخلص به الناس من أحكام من يجيز الطلاق باليمين. (1)

3250 - وروى أحمد بن عائذ ، عن أبي سلمة (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجلين مملوكين مفوض إليها يشتريان ويبيعان بأموال مواليهما فكان بينهما كلام فاقتتلا فخرج هذا يعدو إلى مولى هذا ، وهذا إلى مولى هذا وهما في القوة سواء فاشترى هذا من مولى هذا العبد ، وذهب هذا فاشترى هذا من مولاه وجاء هذا وأخذ بتلبيب هذا ، وأخذ هذا بتلبيب هذا (3) وقال كل واحد منهما لصاحبه : أنت عبدي قد اشتريتك قال : يحكم بينهما من حيث افترقا فيذرع الطريق فأيهما كان أقرب فالذي أخذ فيه هو الذي سبق الذي هو أبعد (4) ، وإن كانا سواء فهما رد على مواليهما (5) ».

ص: 18


1- قال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : لا خلاف عندنا في أن الطلاق باليمين باطل و الطلاق ثلاثا في مجلس واحد أيضا باطل فالظاهر حمله على التقية لبيان جهلهم ، على أنه عليه السلام لم يقل ان الطلاق صحيح بل ذكر امكان معرفة ذلك فتوجيه المصنف لا وجه له. أقول : وأما الحمل على التقية فقول المصنف مبنى عليه وأما معرفة الامكان فهو بعض ما ذكره المصنف.
2- هو سالم بن مكرم وقد يكنى أبا خديجة وتقدم الكلام فيه تحت رقم 3216.
3- لببه تلبيبا : جمع ثيابه عند نحره في الخصومة وجره.
4- المملوكان المأذون لهما إذا ابتاع كل واحد منهما صاحبه من مولاه حكم بعقد السابق بخلاف المتأخر لبطلان اذنه بانتقاله عن ملك مالكه ، ثم إن كان شراء كل واحد منهما لنفسه وقلنا بملكه فبطلان الثاني واضح لأنه لا يملك العبد سيد. وان أحلنا الملك وكان شراؤه لسيده صح السابق وكان الثاني فضوليا فيقف على إجازة من اشترى له ، ولو كان وكيلا وقلنا بأن وكالة العبد لا تبطل بالبيع فصح الثاني أيضا والا فكالمأذون ، والفرق بينهما ان الاذن ما جعلت تابعة للملك والوكالة ما أباحت التصرف في العين مطلقا ، ولو اقترنا لم يمضيا بل يوقفان على الإجازة ، وقيل بالقرعة والقائل الشيخ وفرضها في صورة التساوي في المسافة واشتباه الحال وقيل بذرع الطريق لرواية أبى خديجة. ( المسالك )
5- زاد في الكافي ج 5 ص 218 « جاءا سواء وافترقا سواء الا أن يكون أحدهما سبق صاحبه فالسابق هو له ان شاء باع وان شاء أمسك وليس له أن يضربه » وقال في رواية أخرى « إذا كانت المسافة سواء يقرع بينهما فأيما وقعت القرعة به كان عبده » والضمير راجع إلى الاخر المعلوم بقرينة المقام ، وفى التهذيب « عبد الاخر ».

3251 - وفي رواية إبراهيم بن محمد الثقفي قال : « استودع رجلان امرأة وديعة وقالا لها : لا تدفعي إلى واحد منا حتى نجتمع عندك ، ثم انطلقا فغابا فجاء أحدهما إليها وقال : أعطيني وديعتي فإن صاحبي قد مات ، فأبت حتى كثر اختلافه إليها ثم أعطته ، ثم جاء الاخر فقال : هاتي وديعتي ، قالت : اخذها صاحبك وذكر أنك قد مت فارتفعا إلى عمر فقال لها عمر : ما أراك إلا وقد ضمنت؟ فقالت المرأة : اجعل عليا عليه السلام بيني وبينه ، فقال له : اقض بينهما ، فقال علي عليه السلام : هذه الوديعة عندها (1) وقد أمرتماها ألا تدفعها إلى واحد منكما حتى تجتمعا عندها فائتني بصاحبك ولم يضمنها ، وقال علي عليه السلام : إنما أرادا أن يذهبا بمال المرأة ».

3252 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان لرجل على عهد علي عليه السلام جاريتان فولدتا جميعا في ليلة واحدة إحداهما ابنا والأخرى بنتا فعمدت (2) صاحبة الابنة فوضعت ابنتها في المهد الذي كان فيه الابن وأخذت ابنها ، فقالت صاحبة الابنة : الابن ابني ، وقالت صاحبة الابن : الابن ابني ، فتحاكما (3) إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأمر أن يوزن لبنهما ، وقال : أيتهما كانت أثقل لبنا فالابن لها ».

3253 - وقال أبو جعفر عليه السلام (4) : « ضرب رجل رجلا في هامته على عهد أمير المؤمنين عليه السلام فادعى المضروب أنه لا يبصر بعينيه شيئا ، وأنه لا يشم رائحة ،

ص: 19


1- رواه الكليني ج 7 ص 428 وفيه « هذه الوديعة عندي » ولعل المعنى افرض أنها عندي أو عندها فلا يجوز دفعها الا مع حضوركما.
2- في بعض النسخ « فغدت ».
3- الصواب « فتحاكمتا ».
4- رواه الكليني ج 7 ص 323 مع اختلاف في اللفظ عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن الوليد ، عن محمد بن فرات ، عن الأصبغ بن نباتة قال : سئل أمير المؤمنين عليه السلام.

وأنه قد خرس فلا ينطق ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : إن كان صادقا فقد وجبت له ثلاث ديات النفس ، فقيل له : وكيف يستبين ذلك منه يا أمير المؤمنين حتى نعلم أنه صادق؟ فقال : أما ما ادعاه في عينيه وأنه لا يبصر بهما فإنه يستبين ذلك بأن يقال له : ارفع عينيك إلى عين الشمس فإن كان صحيحا لم يتمالك إلا أن يغمض عينيه (1) وإن كان صادقا لم يبصر بهما وبقيت عيناه مفتوحتين ، وأما ما ادعاه في خياشيمه (2) وأنه لا يشم رائحة فإنه يستبين ذلك بحراق يدني من أنفه (3) فإن كان صحيحا وصلت رائحة الحراق إلى دماغه ودمعت عيناه ونحى برأسه (4) وأما ما ادعاه في لسانه من الخرس وأنه لا ينطق فإنه يستبين (5) ذلك بإبرة تضرب على لسانه فإن كان ينطق خرج الدم أحمر ، وإن كان لا ينطق خرج الدم أسود ». (6)

3254 - وروى سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته قال : « اتي عمر بن الخطاب بجارية فشهد عليها شهود أنها بغت ، وكان من قصتها أنها كانت يتيمة عند رجل وكان للرجل امرأة وكان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله فشبت اليتيمة ، وكانت جميلة فتخوفت

ص: 20


1- مفعول « لم يتمالك » محذوف يدل عليه ما سبقه أي لم يتمالك رفع عينيه إلى عين الشمس لأنه حينئذ يغمض عينيه فيكون « أن » مخففة من المثقلة محذوفا عنها حرف الجر ، لا ناصبة ، ويمكن أن يكون « يغمض عينيه » بيانا لقوله عليه السلام : « لم يتمالك ». ( مراد )
2- الخيشوم أقصى الانف.
3- الحراق - بضم الحاء المهملة - والحراقة : ما تقع فيه النار عند القدح ، والعامة تقوله بالتشديد. ( الصحاح ).
4- نحى : مال على أحد شقيه ، نحى بصره إليه : أماله.
5- في بعض النسخ « يستبرأ » هنا وكذا في المواضع الثلاثة المتقدمة.
6- عمل بهذا الخبر بعض الأصحاب ، والأكثر عملوا بالقسامة وحملوه على اللوث. وقال الشهيد - رحمه اللّه - في ابطال الشم من المنخرين معا الدية ومن أحدهما خاصة نصفها ، ولو ادعى ذهابه وكذبه الجاني عقيب جناية يمكن زواله بها اعتبر بالروائح الطيبة والخبيثة والروائح الحادة فان تبين حاله وحكم به. ثم احلف القسامة ان لم يظهر بالامتحان وقضى له.

المرأة أن يتزوجها زوجها إذا رجع إلى منزله فدعت بنسوة من جيرانها فأمسكنها ثم اقتضتها بإصبعها (1) فلما قدم زوجها سأل امرأته عن اليتيمة ، فرمتها بالفاحشة وأقامت البينة من جيرانها على ذلك ، قال : فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فلم يدر كيف يقضي في ذلك ، فقال للرجل : اذهب بها إلى علي بن أبي طالب : فأتوا عليا وقصوا عليه القصة ، فقال لامرأة الرجل : ألك بينة؟ قالت : نعم هؤلاء جيراني (2) يشهدن عليها بما أقول ، فأخرج علي عليه السلام السيف من غمده وطرحه بين يديه ثم أمر بكل واحدة من الشهود ، فأدخلت بيتا ثم دعا بامرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها فردها إلى البيت الذي كانت فيه ، ثم دعا بإحدى الشهود وجثا على ركبتيه و قال لها : أتعرفيني أنا علي بن أبي طالب وهذا سيفي وقد قالت امرأة الرجل ما قالت ورجعت إلى الحق وأعطيتها الأمان فاصدقيني وإلا ملأت سيفي منك ، فالتفتت المرأة إلى علي (3) فقالت : يا أمير المؤمنين الأمان على الصدق؟ فقال لها علي عليه السلام : فاصدقي ، فقالت لا واللّه ما زنت اليتيمة ولكن امرأة الرجل لما رأت حسنها وجمالها وهيئتها خافت فساد زوجها فسقتها المسكر ، ودعتنا فأمسكناها فافتضتها بإصبعها ، فقال علي عليه السلام : اللّه أكبر ، اللّه أكبر أنا أول من فرق بين الشهود إلا دانيال ثم حد المرأة حد القاذف وألزمها ومن ساعدها على اقتضاض اليتيمة المهر لها أربع مائة درهم ، وفرق بين المرأة وزوجها وزوجه اليتيمة ، وساق عنه المهر إليها من ماله.

فقال عمر بن الخطاب : فحدثنا يا أبا الحسن بحديث دانيال النبي عليه السلام فقال : إن دانيال كان غلاما يتيما لا أب له ولا أم ، وإن امرأة من بني إسرائيل عجوزا ضمته إليها وربته وإن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان ، وكان له صديق و كان رجلا صالحا ، وكانت له امرأة جميلة وكان يأتي الملك فيحدثه فاحتاج الملك إلى رجل يبعثه في بعض أموره فقال للقاضيين : اختارا لي رجلا أبعثه في بعض أموري ، فقالا : فلان ، فوجهه الملك ، فقال الرجل للقاضيين أوصيكما بامرأتي خيرا ، فقالا.

ص: 21


1- اقتضتها - بالقاف - أي رفعت بكارتها.
2- الصواب « جاراتي ».
3- الصواب عمره

نعم فخرج الرجل وكان القاضيان يأتيان باب الصديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت عليهما فقالا لها ، إن لم تفعلي شهدنا عليك عند الملك بالزنا ليرجمك ، فقالت : افعلا ما شئتما فأتيا الملك ، فشهدا عليها أنها بغت وكان لها ذكر حسن جميل ، فدخل الملك من ذلك أمر عظيم اشتد غمه وكان بها معجبا فقال لهما : إن قولكما مقبول فأجلوها ثلاثة أيام ثم ارجموها ، ونادى في مدينته أحضروا قتل فلانة العابدة فإنها قد بغت وقد شهد عليها القاضيان بذلك فأكثر الناس القول في ذلك فقال الملك لوزيره : ما عندك في هذا حيلة؟ فقال : لا واللّه ما عندي في هذا شئ.

فلما كان اليوم الثالث ركب الوزير وهو آخر أيامها ، فإذا هو بغلمان عراة يلعبون ، وفيهم دانيال فقال دانيال : يا معشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك و تكون أنت يا فلان فلانة العابدة ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب ، ثم قال للغلمان : خذوا بيد هذا فنحوه إلى موضع كذا - والوزير واقف - وخذوا هذا فنحوه إلى موضع كذا ، ثم دعا بأحدهما فقال : قل حقا فإنك إن لم تقل حقا قتلتك ، قال : نعم - والوزير يسمع - فقال له : بم تشهد على هذه المرأة؟ قال : أشهد أنها زنت ، قال : في أي يوم؟ قال : في يوم كذا وكذا قال : في أي وقت؟ قال : في وقت كذا وكذا ، قال : في أي موضع؟ قال في موضع كذا وكذا ، قال : مع من؟ قال : مع فلان بن فلان ، فقال : ردوا هذا إلى مكانه ، وهاتوا الاخر ، فردوه وجاؤوا بالآخر فسأله عن ذلك فخالف صاحبه في القول ، فقال دانيال : اللّه أكبر ، اللّه أكبر شهدا عليها بزور ، ثم نادى في الغلمان إن القاضيين شهدا على فلانة بالزور فحضروا قتلهما ، فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره بالخبر فبعث الملك إلى القاضيين فأحضرهما ثم فرق بينهما ، وفعل بهما كما فعل دانيال بالغلامين فاختلفا كما اختلفا ، فنادى في الناس وأمر بقتلهما » (1).

ص: 22


1- مروى في الكافي ج 7 ص 425 عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام مع اختلاف في اللفظ دون المعنى.

3255 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « وجد على عهد أمير المؤمنين صلوت اللّه عليه رجل مذبوح في خربة وهناك رجل بيده سكين ملطخ بالدم فأخذ ليؤتى به أمير - المؤمنين عليه السلام فأقر أنه قتله ، فاستقبله رجل فقال لهم : خلوا عن هذا فأنا قاتل صاحبكم فأخذ أيضا واتي به مع صاحبه أمير المؤمنين عليه السلام فلما دخلوا قصوا عليه القصة ، فقال للأول : ما حملك على الاقرار؟ قال : يا أمير المؤمنين إني رجل قصاب وقد كنت ذبحت شاة بجنب الخربة فأعجلني البول ، فدخلت الخربة وبيدي سكين ملطخ بالدم فأخذني هؤلاء وقالوا : أنت قتلت صاحبنا ، فقلت : ما يغني عني الانكار شيئا وههنا رجل مذبوح وأنا بيدي سكين ملطخ بالدم فأقررت لهم أني قتلته ، فقال علي عليه السلام للاخر : ما تقول أنت؟ قال : أنا قتلته يا أمير المؤمنين فقال أمير المؤمنين عليه السلام : اذهبوا إلى الحسن ابني ليحكم بينكم ، فذهبوا إليه وقصوا عليه القصة فقال عليه السلام : أما هذا فإن كان قد قتل رجلا فقد أحيا هذا واللّه عزوجل يقول : « ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا « ليس على أحد منهما شئ وتخرج الدية من بيت المال لورثة المقتول » (1).

3256 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « توفي رجل على عهد أمير المؤمنين عليه السلام وخلف ابنا وعبدا فادعى كل واحد منهما أنه الابن وأن الاخر عبد له ، فأتيا أمير المؤمنين عليه السلام فتحاكما إليه فأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن يثقب في حائط المسجد ثقبين ، ثم أمر كل واحد منهما أن يدخل رأسه في ثقب ففعلا ، ثم قال : يا قنبر جرد

ص: 23


1- مروى في الكافي ج 7 ص 288 والتهذيب ج 2 ص 96 مع اختلاف في اللفظ واتفاق في المعنى لكن في الكافي بسند فيه ارسال عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وقال الشهيد (رحمه اللّه) في المسالك بمضمون هذه الرواية عمل أكثر الأصحاب مع أنها مرسلة مخالفة للأصول ، والأقوى تخير الولي في تصديق أيهما شاء والاستيفاء منه ، وعلى المشهور لو لم يكن بيت مال أشكل درء القصاص عنهما واذهاب حق المقر له مع أن مقتضى التعليل ذلك ، ولو لم يرجع الأول عن اقراره فمقتضى التعليل بقاء الحكم أيضا والمختار التخيير مطلقا.

السيف وأسر إليه لا تفعل ما آمرك به ، ثم قال : اضرب عنق العبد ، قال : فنحى العبد رأسه فأخذه أمير المؤمنين عليه السلام وقال للاخر : أنت الابن ، وقد أعتقت هذا وجعلته مولى لك ». (1)

3257 - وروى عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال : اتي عمر بن الخطاب بامرأة تزوجها شيخ فلما أن واقعها مات على بطنها ، فجاءت بولد فادعى بنوه أنها فجرت وتشاهدوا عليها فأمر بها عمر أن ترجم فمروا بها على علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقالت : يا ابن عم رسول اللّه إني مظلومة وهذه حجتي ، فقال : هاتي حجتك ، فدفعت إليه كتابا فقرأه ، فقال : هذه المرأة تعلمكم بيوم تزوجها ويوم واقعها وكيف كان جماعه لها (2) ردوا المرأة ، فلما كان من الغد دعا علي عليه السلام بصبيان يلعبون أتراب (3) وفيهم ابنها ، فقال لهم : العبوا ، فلعبوا حتى إذا ألهاهم اللعب ، فصاح بهم فقاموا وقام الغلام الذي هو ابن المرأة متكئا على راحتيه ، فدعا به علي عليه السلام فورثه من أبيه ، وجلد إخوته المفترين حدا حدا ، فقال له عمر : كيف صنعت؟ قال : عرفت ضعف الشيخ في تكأة الغلام على راحتيه » (4).

3258 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « دخل علي عليه السلام المسجد فاستقبله شاب وهو يبكي وحوله قوم يسكتونه ، فقال عليه السلام : ما أبكاك؟ فقال : يا أمير المؤمنين إن شريحا قضى علي بقضية ما أدري ما هي إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في سفرهم فرجعوا ولم يرجع أبي فسألتهم عنه ، فقالوا : مات فسألتهم عن ماله فقالوا : ما ترك مالا فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم ، وقد علمت يا أمير المؤمنين أن أبي خرج ومعه

ص: 24


1- لعله بطريق الاستيذان والالتماس لا بطريق الحكم والقطع.
2- أي تدعى مع القرائن من القبالة وغيرها.
3- الأتراب الذين ولدوا معا وسنهم واحد.
4- يكفي في سقوط الحد شبهة وفى هذا الواقع كان صلوات اللّه عليه علم الواقع فيحكم بالواقع بأمثال هذه الحيل الشرعية. ( م ت )

مال كثير ، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام : ارجعوا فردوهم جميعا والفتى معهم إلى شريح ، فقال له : يا شريح كيف قضيت بين هؤلاء؟ فقال ، يا أمير المؤمنين ادعى هذا الغلام على هؤلاء النفر أنهم خرجوا في سفر وأبوه معهم فرجعوا ولم يرجع أبوه ، فسألتهم عنه فقالوا : مات فسألتهم عن ماله فقالوا : ما خلف شيئا ، فقلت للفتى : هل لك بينة على ما تدعي؟ فقال : لا ، فاستحلفتهم ، فقال علي عليه السلام : يا شريح هيهات هكذا تحكم في مثل هذا (1) ، فقال : كيف هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال علي عليه السلام : يا شريح واللّه لأحكمن فيهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلا داود النبي عليه السلام ، يا قنبر ادع لي شرطة الخميس فدعاهم فوكل بهم بكل واحد منهم رجلا من الشرطة ، ثم نظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى وجوههم ، فقال : ماذا تقولون أتقولون إني لا أعلم ما صنعتم بأب هذا الفتى إني إذا لجاهل ، ثم قال : فرقوهم وغطوا رؤوسهم ففرق بينهم وأقيم كل واحد منهم إلى أسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم ، ثم دعا بعبيد اللّه بن أبي رافع كاتبه ، فقال : هات صحيفة ودواة ، وجلس علي عليه السلام في مجلس القضاء ، واجتمع الناس إليه فقال : إذا أنا كبرت فكبروا ، ثم قال للناس : أفرجوا ، ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه فكشف عن وجهه ، ثم قال لعبيد اللّه اكتب إقراره وما يقول ، ثم أقبل عليه بالسؤال ، ثم قال له : في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم؟ فقال الرجل : في يوم كذا وكذا ، فقال : وفي أي شهر؟ فقال : في شهر كذا وكذا ، وقال : وإلى أين بلغتم من سفركم حين مات أبو هذا الفتى؟ قال : إلى موضع كذا وكذا ، قال : وفي إي منزل؟ قال : في منزل فلان بن فلان ، قال : وما كان من مرضه؟ قال : كذا وكذا ، قال : وكم يوما مرض؟ قال : كذا وكذا يوما ، قال : فمن كان

ص: 25


1- أي كان يجب عليك أن تسألني في أمثال تلك الوقايع حتى أحكم بالواقع كما اشترطت عليك في القضاء ، أو لما كان موضع التهمة كان يجب عليك السؤال والتفتيش ، أو لما ادعوا موته وأنه ما خلف مالا كان يمكنك طلب الشهود والتفريق حتى تبين الحق ، أو لما خرج معهم كان يجب عليهم أن يردوه أو يثبتوا موته وأنه لم يخلف شيئا كما تدل عليه أخبار كثيرة.

يمرضه؟ وفي إي يوم مات؟ ومن غسله؟ وأين غسله؟ ومن كفنه؟ وبما كفنتموه؟ ومن صلى عليه؟ ومن نزل قبره؟ فلما سأله عن جميع ما يريد كبر علي عليه السلام وكبر الناس معه ، فارتاب أولئك الباقون ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه ، فأمر أن يغطى رأسه ، وأن ينطلقوا به إلى الحبس.

ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ، ثم قال : كلا زعمت أني لا أعلم ما صنعتم ، فقال : يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم ولقد كنت كارها لقتله فأقر ، ثم دعا بواحد بعد واحد فكلهم يقر بالقتل وأخذ المال ، ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا فألزمهم المال والدم.

فقال شريح : يا أمير المؤمنين وكيف كان حكم داود؟ فقال عليه السلام : إن داود النبي عليه السلام مر بغلمة يلعبون وينادون بعضهم بعضا : مات الدين ، فدعا منهم غلاما فقال له : يا غلام ما اسمك؟ قال : اسمي مات الدين فقال له داود عليه السلام من سماك بهذا الاسم؟ قال : أمي ، فانطلق إلى أمه ، فقال يا امرأة ما اسم ابنك هذا؟ قالت : مات الدين ، فقال لها : ومن سماه بهذا الاسم! قالت : أبوه ، قال : وكيف كان ذلك؟ قالت : إن أباه خرج في سفر له ومعه قوم هذا الصبي حمل في بطني ، فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي ، فسألتهم عنه فقالوا : مات ، قلت : أين ما ترك؟ قالوا : لم يخلف مالا فقلت : أوصاكم بوصية؟ قالوا : نعم زعم أنك حبلى فما ولدت من ولد ذكر أو أنثى فسميه مات الدين فسميته ، فقال ، أتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك؟ قالت : نعم ، قال : فأحياء هم أم أموات؟ قالت : بل أحياء ، قال : فانطلقي بنا إليهم ثم مضى معها فاستخرجهم من منازلهم فحكم بينهم بهذا الحكم فثبت عليهم المال والدم ، ثم قال المرأة : سمي ابنك هذا عاش الدين.

ثم إن الفتى والقوم اختلفوا في مال أب الفتى كم كان فأخذ علي عليه السلام خاتمه وجمع خواتيم عدة ، ثم قال : أجيلوا هذه السهام فأيكم أخرج خاتمي فهو الصادق

ص: 26

في دعواه لأنه سهم اللّه عزوجل (1) وهو سهم لا يخيب ».

3259 - و « قضى علي عليه السلام في امرأة أتته فقالت : إن زوجي وقع على جاريتي بغير إذني ، فقال للرجل : ما تقول؟ فقال : ما وقعت عليها إلا بإذنها ، فقال علي عليه السلام : إن كنت صادقة رجمناه ، وإن كنت كاذبة ضربناك حدا؟ وأقيمت الصلاة فقام علي عليه السلام يصلي ، ففكرت المرأة في نفسها فلم تر لها في رجم زوجها فرجا ولا في ضربها الحد ، فخرجت ولم تعد ولم يسأل عنها أمير المؤمنين عليه السلام ».

3260 - و « قضى علي عليه السلام في رجل جاء به رجلان فقالا : إن هذا سرق درعا ، فجعل الرجل يناشده لما نظر في البينة (2) وجعل يقول : واللّه لو كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ما قطع يدي أبدا ، قال : ولم؟ قال : كان يخبره ربي عزوجل أني برئ فيبرأني ببراءتي ، فلما رأى علي عليه السلام مناشدته إياه دعا الشاهدين ، وقال لهما : اتقيا اللّه ولا تقطعا يد الرجل ظلما وناشدهما ، ثم قال : ليقطع أحدكما يده ويمسك الاخر يده ، فلما تقدما إلى المصطبة (3) ليقطعا يده ضربا الناس حتى اختلطوا فلما اختلطوا أرسلا الرجل في غمار الناس (4) وفرا حتى اختلطا بالناس ، فجاء الذي شهدا عليه فقال يا أمير المؤمنين شهد علي الرجلان ظلما فلما ضربا الناس واختلطوا أرسلاني وفرا ولو كانا صادقين لما فرا ولم يرسلاني ، فقال علي عليه السلام : من يدلني على هذين الشاهدين انكلهما »؟ (5).

ص: 27


1- قال العلامة المجلسي : قوله « لأنه سهم اللّه » أي القرعة أو خاتمه عليه السلام ولعله حكم في واقعة لا يتعداه ، وعلى المشهور بين الأصحاب ليس هذا موضع القرعة بل عندهم أن القول قول المنكر مع اليمين.
2- مروى في الكافي ج 7 ص 294 بسند حسن كالصحيح عن محمد بن قيس عن أبي - جعفر عليه السلام ، وفى القاموس ناشدة مناشدة ونشادا : حلفه.
3- المصطبة - بالكسر - كالدكان للجلوس عليه. ( القاموس )
4- غمار الناس جمعهم المتكاثف.
5- من التنكيل أي اجعلهما نكالا أي عبرة لغيرهما.

باب 327: الحجر والافلاس

الحجر والافلاس (1)

3261 - روى الأصبغ بن نباتة (2) عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قضى أن يحجر على الغلام المفسد حتى يعقل ، وقضى عليه السلام في الدين أنه يحبس صاحبه ، فإذا تبين إفلاسه والحاجة فيخلى سبيله حتى يستفيد مالا (3) ، وقضى عليه السلام في الرجل يلتوي على غرمائه (4) أنه يحبس ثم يأمر به فيقسم ماله بين غرمائه بالحصص فإن أبى باعه فقسمه بينهم ».

3262 - وسأل أبو أيوب الخزاز أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يحيل الرجل بالمال أيرجع عليه (5)؟ قال : لا يرجع عليه أبدا إلا أن يكون قد أفلس قبل ذلك ».

ص: 28


1- الحجر : المنع والمحجور : الممنوع ، وأفلس الرجل أي صار مفلسا كأنما صارت دراهمه فلوسا وزيوفا. ( الصحاح )
2- طريق المصنف إلى الأصبغ ضعيف بحسين بن علوان الكلبي وعمرو بن ثابت كما في الخلاصة فان الأول عامي وإن كان له ميل ومحبة شديدة حتى قيل إنه كان مؤمنا ، والثاني لم يثبت مدحه ولا توثيقه مع قول فيه بالضعف واللّه أعلم. ( جامع الرواة )
3- الظاهر أن الحبس إذا كان له أصل مال أو كان الدعوى مالا أما إذا كان مثل المهر فلا حبس. ( م ت )
4- لواه بدينه ليا مطله ( القاموس ) لويت الحبل فتلته ، ولوى الرجل رأسه وألوى برأسه : أمال وأعرض ، وقوله تعالى : « وان تلووا وتعرضوا » بواوين قال ابن عباس هو القاضي يكون ليه واعراضه لاحد الخصمين على الاخر. ( الصحاح )
5- يدل على ما هو مقطوع به في كلام الأصحاب من عدم جواز الرجوع مع العلم بالافلاس وجوازه مع عدمه والخبر بباب الحوالة أنسب من هذا الباب.

باب 328: الشفاعات في الأحكام

3263 - روى السكوني باسناده قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا يشفعن أحدكم في حد إذا بلغ الامام فإنه لا يملكه فيما يشفع فيه ، وما لم يبلغ الامام فإنه يملكه فاشفع فيما لم يبلغ الامام إذا رأيت الندم ، واشفع فيما لم يبلغ الامام في غير الحد مع رجوع المشفوع له ، ولا تشفع في حق امرئ مسلم أو غيره إلا بإذنه » (1).

باب 329: الحبس بتوجه الأحكام

3264 - روى صفوان بن مهران ، عن عامر بن السمط (2) ، عن علي بن الحسين عليهما السلام «في الرجل يقع على أخته ، قال : يضرب ضربة بالسيف بلغت منه ما بلغت ، فإن عاش خلد في الحبس حتى يموت». (3)

3265 - وروى السكوني باسناده (4) « أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في رجل أمر

ص: 29


1- رواه الكليني ج 7 ص 254 عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام ، والخبر بباب الحدود أنسب من هذا الباب ، وقيل المراد بعدم البلوغ عدم الثبوت عنده بالبينة الشرعية وإن كان قد ذكر عنده ، إذ لا يعقل الشفاعة بدونه ، وقال سلطان العلماء : لا يلزم أن يكون الشفاعة عند الامام لعلها يكون عند من يرفعه إلى الامام.
2- عامر بن السمط تابعي لم أجده في كتب رجال القدماء من أصحابنا وعنونه ابن الحجر في التقريب والتهذيب ونقل توثيقه عن جماعة منهم. وفى بعض النسخ « عمرو بن السمط » ولم أجده.
3- قوله « يقع » من الوقاع وهو الجماع ، وقوله « بلغت منه ما بلغت » أي سواء قتله أم لا ، ولا يشترط في نكاح المحارم الاحصان ، والخبر ببعض أبواب كتاب الحدود أنسب.
4- يعنى عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام.

عبده أن يقتل رجلا فقتله ، قال : هل عبد الرجل إلا كسوطه وسيفه ، فقتل السيد واستودع العبد السجن » (1).

3266 - و « رفع ثلاثة نفر إلى علي عليه السلام (2) أما واحد منهم أمسك رجلا وأقبل الاخر فقتله ، والثالث في الرؤية يراهم (3) ، فقضى علي عليه السلام في الذي في الرؤية

ص: 30


1- في التهذيب والكافي ج 7 ص 385 « يقتل السيد به ويستودع العبد السجن » وسيأتي الخبر في المجلد الرابع بلفظ الكافي والتهذيب ، ثم اعلم أن الشيخ وجماعة من الأصحاب فهموا معارضة بين هذا الخبر وبين الخبر الذي رواه ابن محبوب عن ابن رئاب ، عن زرارة عن أبي - جعفر عليه السلام « في رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله ، فقال : يقتل به الذي قتله ويحبس الامر في الحبس حتى يموت » حيث كان القود في الأول على الامر وفى خبر زرارة على المباشر فلذا تكلفوا في خبر السكوني وحملوه على وجوه بعيدة مثل حمل العبد على غير المميز أو غير البالغ أو على أن السيد كان معتادا بأمر عبده بقتل الناس وأمثال ذلك ، والحق أنه لا تعارض بين الخبرين فان خبر زرارة في الكافي والتهذيبين سقط منه لفظة « حرا » بعد قوله « رجلا » ففي الفقيه في باب القود ومبلغ الدية روى خبر زرارة هكذا « في رجل أمر رجلا حرا أن يقتل رجلا فقتله - الحديث » فان قلنا بالسقط في الثلاثة فلا حاجة إلى تكلف الحمل لان أحدهما حكم العبد والثاني حكم الحر والفرق واضح فان العبد على ما في تعليل الإمام عليه السلام بمنزلة الآلة لأنه كثيرا ما يكون أسيرا في يد مولاه خائفا منه على نفسه وان قتله مولاه لا يقتل به خلاف الأجنبي الحر ، وان قلنا بأن الأصل ما في الكافي والتهذيبين وبزيادة لفظة « حرا » من الصدوق ذكرها توضيحا فحمله أقرب مما حملوه عليه ، ونقل العلامة في المختلف ص 240 عن الشيخ في الخلاف أنه قال : اختلف روايات أصحابنا في أن السيد إذا أمر عبده بقتل غيره فقتله فعلى من يجب القود فروى في بعضها أن على السيد القود وفى بعضها أن على العبد القود ولم يفصلوا ، قال : والوجه في ذلك أنه إن كان العبد مخيرا عاقلا يعلم أن ما أمره به معصية فان القود على العبد ، وإن كان صغيرا أو كبيرا لا يميز واعتقد أن جميع ما يأمره به سيده واجب عليه فعله كان القود على السيد - انتهى ، أقول : في صورة كون العبد صغيرا أو كبيرا لا يميز أن الحكم بحبسه أبدا مشكل فتأمل.
2- رواه الكليني كالخبر السابق ج 4 ص 288 عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- قيل : لعل المراد من يرى الأطراف لئلا يطلع أحد.

أن تسمل عيناه (1) ، وقضى في الذي أمسك أن يحبس حتى يموت كما أمسكه ، وقضى في الذي قتل أن يقتل ».

3267 - وفي رواية حماد ، عن حريز (2) أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يخلد في السجن إلا ثلاثة : الذي يمسك على الموت يحفظه حتى يقتل (3) والمرأة المرتدة عن الاسلام (4) ، والسارق بعد قطع اليد والرجل » (5).

3268 - وروى عبد اللّه بن سنان (6) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « على الامام أن يخرج المحبوسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة ، ويوم العيد إلى العيد ، فيرسل معهم ، فإذا قضوا الصلاة والعيد ردهم إلى السجن ».

3269 - وفي رواية أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن علي عليه السلام أنه قال : « يجب على الامام أن يحبس الفساق من العلماء والجهال من الأطباء ، والمفاليس (7) من

ص: 31


1- سملت عينه إذا فقأتها وقلعتها بحديدة
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 485 والاستبصار ج 4 ص 255 بسند صحيح.
3- بيان ليمسك أي أمسك حتى قتله آخر ، أو أمر بقتله ، وهذه الجملة المفسرة ليست في الكتابين.
4- وان كانت فطرية ، ولا تقتل المرأة بالارتداد بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتى ترجع وتصلى. ( م ت )
5- يعنى بعد قطع اليد اليمنى في الأولى والرجل اليسرى في الثانية ، فيحبس في الثالثة أبدا الا أن يسرق في السجن فيقتل.
6- كذا في بعض النسخ وفى بعضها « عبد اللّه بن سيابة » كما في التهذيب وهو أخو عبد - الرحمن بن سيابة ولعله العلاء بن سبابة فصحف.
7- لعل وجه حبسهم أن لا يخدعوا الناس بأخذ الأموال فيذهبوا به بالمدافعة و التأخير. ( سلطان )

الاكرياء » (1).

وقال عليه السلام : « حبس الامام بعد الحد ظلم » (2).

باب 330: الصلح

3270 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه والصلح جائز بين المسلمين (3) إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا » (4).

ص: 32


1- في التهذيب أيضا مرسل ، والاكرياء جمع المكارى ولعل المراد الذين يدافعون ما عليهم ويؤخرون ، من قولهم أكريت العشاء أي أخرته ، قال الحطيئة : وأكريت العشاء إلى سهيل أو الشعرى فطال بي الاناء
2- ما ورد في بعض الموارد مخصص بهذا الخبر. ( مراد )
3- روى صدر الخبر الكليني - رحمه اللّه - ج 7 ص 415 بسند حسن كالصحيح عن ابن أبي عمير ، عن الحلبي ، عن جميل وهشام ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله ، وذيله ج 5 ص 258 في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا « الصلح جائز بين الناس » دون قوله « الا صلحا - الخ ».
4- قال استاذنا الشعراني مد ظله في هامش الوافي : لا ريب أن كل عقد يوجب حل حرام وحرمة حلال ، فان الرجل إذا باع داره حرم له التصرف فيها وكان حلالا وحل للمشترى وكان حراما ، وكذلك وطئ الزوجة كان حراما وصار حلالا بعقد النكاح وكان خروج المرأة عن بيتها بغير اذن الرجل مباحا عليها وصار حراما ، فالمراد تحليل ما كان في الشرع حراما مطلقا وبالعكس ولا يتغيير موضوعه بسبب العقد ، مثلا الخمر حرام مطلقا ولا يتغير الخمر عن هذا الاسم بأي عقد كان ، والزنا حرام ولكن يتغير موضوعه بعقد النكاح ، والتصرف في مال الغير حرام ويتغير موضوعه بالا شتراء فيصير مال نفسه ، واستشكل في قوله عليه السلام « أو حرم حلالا » والمتبادر إلى الذهن منه أن يصير الحلال كالمحرم يمتنع منه تدينا من أول عمره إلى آخره لا أن يمتنع منه في الجملة في وقت خاص وزمان خاص لان الرجل ان التزم بترك عمل كأكل اللحم في شهر بعينه لا يصدق عليه أنه حرم على نفسه اللحم بل إذا التزم بتركه مطلقا والا فما من شرط وعقد وصلح ويمين ونذر الا ويحرم به حلال في الجملة ، ولتفصيل ذلك محل آخر.

3271 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « قال في رجلين كان لكل واحد منهما طعام عند صاحبه ولا يدري كل واحد منهما كم له عند صاحبه ، فقال كل واحد منهما لصاحبه : لك ما عندك ولي ما عندي ، فقال : لا بأس بذلك إذا تراضيا وطابت أنفسهما ». (1)

3272 - وروى علي بن أبي حمزة قال : « قلت لأبي الحسن عليه السلام : رجل يهودي أو نصراني كانت له عندي أربعة آلاف درهم ، فمات ألي أن أصالح ورثته ولا اعلمهم كم كان؟ قال : لا يجوز حتى تخبرهم ». (2)

3273 - وروى أبان ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام (3) « في الرجل يكون عليه دين إلى أجل مسمى فيأتيه غريمه ويقول له : انقد لي من الذي لي كذا وكذا وأضع لك بقيته أو يقول : انقد لي بعضا وأمد لك في الأجل فيما بقي ، فقال : لا أرى به بأسا ما لم يزد على رأس ماله شيئا يقول اللّه عزوجل : « فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون

ص: 33


1- قال الأستاذ : الصلح عقد يعتبر فيه ما يعتبر في مطلق العقود ويترتب عليه أحكام المطلق ولكن ما يختص بعقد مخصوص من الشرائط والأحكام كخيار المجلس والحيوان والشفعة في البيع فلا يجرى في الصلح ومن الشروط المطلقة الرضا وطيب النفس فيعتبر فيه كما يعتبر في سائر العقود ويترتب عليه خيار الفسخ بالشرط المأخوذ فيه إذا تخلف ، وأما الغبن والعيب ان لم يكن الصلح مبنيا على المحاباة ولم يعلم طيب نفسهما مع العيب والغبن فلابد أن يلتزم اما ببطلان الصلح أو خيار الفسخ ولا سبيل إلى الحكم باللزوم مع عدم طيب النفس والصحيح الخيار والظاهر أن الربا ممنوع في الصلح وقال في الكفاية بجوازه واللّه العالم - انتهى ، أقول : استدل بهذا الخبر على جواز الصلح على المجهول وهو غير سديد إذ غاية ما يستفاد منه ابراء ذمة كل واحد منهما مما في ذمته لصاحبه فيفيد عدم اعتبار خصوص لفظ في الاسقاط.
2- رواه الكليني ج 5 ص 259 عن القمي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة عنه عليه السلام وظاهره بطلان الصلح حينئذ ، وظاهر الأصحاب سقوط الحق الدنيوي وبقاء الحق الأخروي. ( المرآة )
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 65 في الصحيح عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب الثقة ، عن أبان بن عثمان المقبول خبره ، عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام ، ورواه الكليني ج 5 ص 259 في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

ولا تظلمون » (1).

3274 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يعطى أقفزة من حنطة معلومة يطحنون بالدراهم ، فلما فرغ الطحان من طحنه نقده الدراهم وقفيزا منه وهو شئ قد اصطلحوا عليه فيما بينهم (2) قال : لا بأس به وإن لم يكن ساعره على ذلك » (3).

3275 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إني كنت عند قاض من قضاة المدينة فأتاه رجلان فقال أحدهما : إني اكتريت من هذا دابة ليبلغني عليها من كذا وكذا إلى كذا وكذا فلم يبلغني الموضع ، فقال القاضي لصاحب الدابة بلغته إلى الموضع؟ قال : لا قد أعيت دابتي فلم تبلغ ، فقال له القاضي : ليس لك كراء إذ لم تبلغه إلى الموضع الذي اكترى دابتك إليه ، قال عليه السلام : فدعوتهما إلي فقلت للذي اكترى : ليس لك يا عبد اللّه أن تذهب بكراء دابة الرجل كله ، وقلت للاخر : يا عبد اللّه ليس لك أن تأخذ كراء دابتك كله ، ولكن انظر قدر ما بقي من الموضع وقدر ما ركبته فاصطلحا عليه (4) ففعلا ».

ص: 34


1- يدل على جواز الصلح ببعض الحق على بعض المدة ، وعلى مدة البعض بزيادتها ، وعلى عدم جواز التأجيل بالزيادة على الحق وإن كان على سبيل الصلح فإنه ربا ، والاستدلال بالآية لنفى الزيادة وان دلت في النقص أيضا لكن ثبت جوازه بالاخبار الكثيرة ( م ت ) ويمكن أن يقال : نفى الظلم في الشقين للتراضي. ( المرآة )
2- يمكن أن يراد بعض الدراهم بأن يعطيه بعض الدراهم المقررة وقدرا من الدقيق عوضا عن بعضها على وجه الصلح. ( سلطان )
3- كأنه على القفيز والا فقد ساعره على غيره ، أو المراد لا بأس وان لم يكن ساعره على شئ من الأصل فيكون حكما منه على سبيل العموم ، وقال المولى المجلسي : أي وان لم يقع البيع والشراء على ذلك والصلح أيضا من أنواع المعاوضات.
4- ذلك لأن عدم بلوغه كان لعذر وهو اعسار الدابة دون تفريط أو تقصير من المؤجر فلا يبعد توزيع اجرة المسمى أو أجرة المثل على الطريق ، والامر بالاصطلاح لعله يكون لعسر مساحة الطريق والتوزيع ، أو هو كناية عن التراد بينهما ، ثم اعلم أن هذا الخبر رواه الكليني ج 5 ص 290 باسناد صحيح وفيه حذف أو نقصان لعله يخل بالمعنى.

3276 - وروى منصور بن يونس ، عن محمد الحلبي (1) قال : « كنت قاعدا عند قاض وعنده أبو جعفر عليه السلام جالس فأتاه رجلان فقال أحدهما : إني تكاريت إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعا إلى بعض المعادن فاشترطت أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا لان بها سوقا أتخوف أن يفوتني فإن احتبست عن ذلك حططت من الكراء عن كل يوم احتبسته كذا وكذا ، وإنه حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا يوما ، فقال القاضي : هذا شرط فاسد وفه كراه ، فلما قام الرجل أقبل إلي أبو جعفر عليه السلام وقال : شرطه هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه » (2).

3277 - وفي رواية عبد اللّه بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجلين كان معهما درهمان فقال أحدهما : الدرهمان لي ، وقال الآخر : هما بيني وبينك ، فقال : أما الذي قال : هما بيني وبينك فقد أقر بأن أحد الدرهمين ليس له وأنه لصاحبه ويقسم الاخر بينهما » (3).

3278 - وروى عبد اللّه بن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه

ص: 35


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 176 باسناده عن محمد الحلبي ، ورواه الكليني ج 5 ص 290 بسند موثق.
2- يمكن أن يقال : التكارى المذكور في الرواية مع الاشتراط المذكور يتصور على نحوين أحدهما أن يكون الكرى على تقدير ادخال الرجل المعدن يوم كذا المقدار المعين وعلى تقدير التأخير مقدارا آخر ، ولا اشكال في أنه نظير البيع بثمنين أو أزيد ، والنحو الاخر أن يكون الكرى معينا ليس غير واشتراط براءة ذمته على تقدير التأخير وهذا ليس كالبيع بثمنين أو أزيد وليس تعليقا في المعاملة ولا مانع من صحته فان بنينا على حفظ القواعد وعدم التخصيص فيها فلابد من حمل الرواية على النحو الثاني أو الحمل على الجعالة وإن كان الحمل على الجعالة بعيدا جدا ، وان قلنا بأنه لا مانع من تخصيص القواعد بالنص المعتبر فلا مانع من الصحة في كلتا الصورتين ( جامع المدارك ) ثم اعلم أن ذكر الرواية في كتاب الإجارة أنسب كالخبر السابق وذكرهما المصنف في هذا الباب نظرا إلى لفظ الصلح أو معناه.
3- حمل على ما إذا أقاما البينة أو حلفا أو نكلا. ( سلطان )

عليه السلام عن رجلين كان لهما مال. منه بأيديهما ومنه متفرق عنهما فاقتسما بالسوية ما كان في أيديهما وما كان غائبا ، فهلك نصيب أحدهما مما كان عنه غائبا واستوفى الاخر أيرد على صاحبه؟ قال : نعم ما يذهب بماله » (1).

3279 - وفي رواية ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن سماك بن حرب ، عن ابن طرفة (2) أن رجلين ادعيا بعيرا فأقام كل واحد منهما بينة فجعله علي عليه السلام بينهما » (3).

3280 - وفي رواية الحسين بن أبي العلاء (4) عن إسحاق بن عمار قال : « قال أبو عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهما في ثوب (5) وآخر عشرين درهما في ثوب ، فبعث الثوبين ولم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه ، قال : يباع الثوبان فيعطى صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن ، والاخر خمسي الثمن ، قال : فقلت : فإن صاحب

ص: 36


1- في بعض النسخ « ما يذهب ماله » و « ما » للنفي ، وقال سلطان العلماء : ينبغي حمله على ما في الذمة وإن كان يشمل الغير أيضا ، وأيضا ينبغي حمله على ما إذا لم يصلحا بل اكتفيا بالقسمة ، وظاهر ذكره في باب الصلح عدم جواز الصلح أيضا. وقال المولى المجلسي : الخبر يدل على عدم جواز قسمة ما في الذمم بل كل ما حصل لكل واحد منهما كان عليهما ، هذا إذا لم يقع الصلح في القسمة.
2- أبو جميلة هو المفضل بن صالح الأسدي النخاس مولاهم ضعيف كذاب يضع الحديث كما في الخلاصة ، وسماك بن حرب مذكور في كتب رجال العامة ووثقه ابن معين ، يروى عن جماعة منهم تميم بن طرفة الطائي الكوفي الذي وثقه ابن سعد وأبو داود وقال الشافعي : تميم بن طرفة مجهول وتوفى سنة 94 أو 93. والخبر رواه الكليني ج 7 ص 419.
3- أي بعنوان المصالحة ليناسب ذكره في المقام أو إنما فعل ذلك لتساوي البينتين ، وقال سلطان العلماء : هذا مع عدم اختصاص أحدهما باليد كما سيجئ.
4- الطريق إليه ضعيف بموسى بن سعدان ، ومروى في الكافي ج 7 ص 421 أيضا بسند فيه موسى بن سعدان.
5- أي أعطاه ثلاثين درهما ليشترى به ثوبا ، والبضاعة طائفة من المال تبعثها للتجارة.

العشرين قال : لصاحب الثلاثين اختر أيهما شئت؟ قال : لقد أنصفه » (1).

3281 - وفي رواية السكوني عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « في رجل استودع رجلا دينارين واستودعه آخر دينارا فضاع دينار منهما ، فقال : يعطى صاحب الدينارين دينارا ويقتسمان الدينار الباقي بينهما نصفين ».

3282 - وروي عن صباح المزني رفعه (2) قال : « جاء رجلان إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال أحدهما : يا أمير المؤمنين إن هذا غاداني فجئت أنا بثلاثة أرغفة وجاء هو بخمسة أرغفة فتغدينا ومر بنا رجل فدعوناه إلى الغداء فجاء فتغدى معنا فلما فرغنا وهب لنا ثمانية دراهم ومضى ، فقلت : يا هذا قاسمني فقال : لا أفعل إلا على قدر الحصص من الخبز ، قال : إذهبا فاصطلحا ، قال : يا أمير المؤمنين إنه يأبى أن يعطيني إلا ثلاثة دراهم ويأخذ هو خمسة دراهم فاحملنا على القضاء ، قال : فقال له : يا عبد اللّه أتعلم أن ثلاثة أرغفة تسعة أثلاث؟ قال : نعم ، قال : وتعلم أن خمسة أرغفة خمسة عشر ثلثا؟ قال : نعم ، قال : فأكلت أنت من تسعة أثلاث ثمانية وبقي لك واحد وأكل هذا من خمسة عشر ثمانية وبقي له سبعة ، وأكل الضيف من خبز هذا سبعة أثلاث ومن خبزك هذا الثلث الذي بقي من خبزك ، فأصاب كل واحد منكم ثمانية

ص: 37


1- قال في المسالك : هذا الحكم مشهور بين الأصحاب ومستندهم رواية إسحاق والمحقق عمل بمقتضى الرواية من غير تصرف وقبله الشيخ وجماعة ، وفصل العلامة فقال : ان أمكن بيعهما منفردين وجب ثم إن تساويا فلكل واحد ثمن ثوب ولا اشكال ، وان اختلفا فالأكثر لصاحبه ، وكذا الأقل بناء على الغالب وان أمكن خلافه الا أنه نادر ولا أثر له شرعا ، وان لم يمكن صار كالمال المشترك شركة اجبارية كما لو امتزج الطعامان فيقسم الثمن على رأس المال وعليه تنزل الرواية ، وأنكر ابن إدريس ذلك كله وحكم بالقرعة وهو أوجه من الجميع لولا مخالفة المشهور وظاهر النص مع أنه قضية في واقعة.
2- صباح بن يحيى المزني ثقة ، وروى الخبر الكليني بلفظ آخر عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، وعن علي بن إبراهيم ، وعن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن ابن الحجاج.

أثلاث ، فلهذا سبعة دراهم بدل كل ثلث درهم ، ولك أنت لثلثك درهم ، فخذ أنت درهما وأعط هذا سبعة دراهم ».

باب 331: العدالة

3283 - روي عن عبد اللّه بن أبي يعفور (1) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال : أن تعرفوه بالستر (2) والعفاف ، وكف البطن والفرج واليد واللسان (3) وتعرف باجتناب الكبائر التي أوعد اللّه عزوجل عليها النار من شرب الخمور ، والزنا ، والربا ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف وغير ذلك ، والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك ، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس ، ويكون معه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن ، وحفظ مواقيتهن بحضور جماعة من المسلمين (4) وأن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم إلا من علة فإذا (5) كان كذلك لازما لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس ، فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا : ما رأينا منه إلا خيرا ، مواظبا على الصلوات ، متعاهدا لأوقاتها في مصلاه ، فإن ذلك يجيز شهادته وعدالته

ص: 38


1- روى الخبر الشيخ في التهذيب ج 2 ص 74 في الصحيح عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن موسى ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن علي بن عقبة ، عن موسى بن أكيل النميري عن ابن أبي يعفور والمراد بالحسن بن علي بن فضال الذي يروى عن أبيه ، عن علي بن عقبة كثيرا.
2- أي يكون مستور العيوب سواء لم يكن له عيب أم كان ولم يعلم لأنا مكلفون بالظاهر ( م ت )
3- إلى هنا معنى أصل العدالة والباقي بيان أمور تدل على وجودها في صاحبها.
4- في التهذيبين « باحضار جماعة المسلمين » بدون لفظة « من » ولعله الأصوب.
5- من هنا إلى قوله « عدالته بين المسلمين » ليس في التهذيبين.

بين المسلمين ، وذلك أن الصلاة ستر ، وكفارة للذنوب (1) وليس يمكن الشهادة على الرجل بأنه يصلي إذا كان لا يحضر مصلاه ويتعاهد جماعة المسلمين ، وإنما جعل الجماعة والاجتماع إلى الصلاة لكي يعرف من يصلي ممن لا يصلي ، ومن يحفظ مواقيت الصلوات ممن يضيع ، ولولا ذلك لم يمكن أحد أن يشهد على آخر بصلاح لان من لا يصلي لا صلاح له بين المسلمين ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله هم بأن يحرق قوما في منازلهم لتركهم الحضور لجماعة المسلمين ، وقد كان منهم من يصلي في بيته فلم يقبل منه ذلك ، وكيف تقبل شهادة أو عدالة بين المسلمين ممن جرى الحكم من اللّه عز وجل ومن رسوله صلى اللّه عليه وآله فيه الحرق في جوف بيته بالنار ، وقد كان يقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد مع المسلمين إلا من علة » (2).

ص: 39


1- من هنا إلى قوله « ممن يضيع » ليس في التهذيبين وبعده فيهما هكذا « ولولا ذلك لم يكن لاحد أن يشهد على أحد بالصلاح لان من لم يصل فلا صلاح له بين المسلمين ، لان الحكم جرى فيه من اللّه ومن رسوله صلى اللّه عليه وآله بالحرق في جوف بيته وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا صلاة لمن لا يصلى في المسجد مع المسلمين الا من علة « وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا غيبة الا لمن صلى في جوف بيته ورغب عن جماعتنا ، ومن رغب عن جماعة المسلمين وجبت غيبته وسقطت بينهم عدالته ووجب هجرانه « وإذا رفع إلى امام المسلمين أنذره وحذره ، فان حضر جماعة المسلمين والا أحرق عليه بيته ، ومن لزم جماعتهم حرمت عليهم غيبته وثبتت عدالته بينهم ».
2- قال الأستاذ - مد ظله - : زعم بعض الفقهاء أن الاطلاع على العدالة غير ممكن وهو خطأ فان العدالة كسائر الصفات النفسانية كالبخل والجود والحسد والعلم والجهل والذوق ، يدل عليها بالاعمال والظواهر وذكر في هذا الحديث نبذا من أمثلة ما يدل على العدالة وليست توقيفية لان الحكم الشرعي على نفس العدالة لا على ما يدل عليه فإذا علمت بأي دليل كفى ، ولو كلفنا اللّه تعالى بالعلم بالعدالة لم يكن تكليفا بمالا يطاق لان العلم بها ممكن واكتفى بعض علمائنا بحصول الظن بها زعما منه أن تحصيل العلم بها غير ممكن ، ونقول هو ممكن بل ميسور وسهل الا في المبتلين بالوسواس الذي يصعب العلم في جميع الأشياء ومنها العدالة ، وتدل الروايات على أن الأصل العدالة فلا يحتاج إلى تكلف الدليل عليه.

باب 332: من يجب رد شهادته ومن يجب قبول شهادته

3284 - روي عن عبيد اللّه بن علي الحلبي قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عما يرد من الشهود؟ فقال : الظنين والمتهم والخصم ، قال : قلت : فالفاسق والخائن؟ قال : هذا يدخل في الظنين » (1).

3285 - وفي حديث آخر (2) قال : « لا يجوز شهادة المريب والخصم ودافع مغرم أو أجير أو شريك أو متهم أو تابع (3) ولا تقبل شهادة شارب الخمر ، ولا شهادة اللاعب بالشطرنج والنرد ، ولا شهادة المقامر » (4).

3286 - وروى علي بن أسباط (5) عن محمد بن الصلت قال : « سألت أبا الحسن

ص: 40


1- الظنين هو الذي يظن به السوء ، والمتهم من يجر بشهادته نفعا كالوصي فيما هو وصى فيه واشتباهه قال في النهاية « لا يجوز شهادة ظنين » أي متهم في دينه فعيل بمعنى مفعول من الظنة التهمة. والخبر رواه الكليني ج 7 ص 395 بسند صحيح عن عبد اللّه بن سنان وأبى بصير عنه عليه السلام ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 75 بسند صحيح من حديث سليمان ابن خالد وفى أخرى عن أبي بصير عنه عليه السلام. ولعل المراد بالخصم من كان بين المدعى عليه وبينه عداوة وحمل على العداوة الدنيوية.
2- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 75 في الصحيح عن الحسن بن سعيد ، عن زرعة عن سماعة صدره.
3- قوله عليه السلام « دافع مغرم » كشهادة العاقلة بنفي الجناية فبما أمكن فيه شهادة كما إذا شهد شهود بأنه وقع الجناية في يوم الخميس وشهدت العاقلة بأنها كانت في يوم الجمعة ، والمريب من يحصل الريب في صدقه كالسائل بكفه والعبد لمولاه ، والتابع كالخدم والعبيد المتهمين ، وفى بعض النسخ « بايع » كشهادته لاحد المشتريين بملكه قبل قبض الثمن. ( م ت )
4- تعميم بعد تخصيص أي من يلعب بالقمار أي قمار كان. ( سلطان )
5- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة كان فطحيا فرجع وأما محمد بن الصلت فهو مجهول الحال. وفى الكافي ج 7 ص 394 عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن أسباط ، عن محمد بن الصلت.

الرضا عليه السلام عن رفقة كانوا في طريق فقطع عليهم الطريق فاخذ اللصوص (1) فشهد بعضهم لبعض ، فقال : لا تقبل شهادتهم إلا بالاقرار من اللصوص أو شهادة من غيرهم عليهم » (2).

3287 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « تجوز (3) شهادة العبد المسلم على الحر المسلم ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني لغير سيده.

3288 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار بن مروان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام - أو قال : سأله بعض أصحابه - عن الرجل يشهد لأبيه أو الأخ لأخيه ، أو الرجل لامرأته ، قال : لا بأس بذلك إذا كان خيرا (4) تقبل شهادته لأبيه ، والأب لابنه ، والأخ لأخيه ».

ص: 41


1- في الكافي والتهذيب فأخذوا اللصوص ».
2- ينبغي تخصيص الحكم بما إذا كان المشهود به مما كان لهم فيه شركة ( الوافي ) وقال العلامة المجلسي : لا خلاف في عدم قبول شهادة كل منهم فيما أخذ منه ولا في قبول شهادته إذا لم يؤخذ منه شئ ، وفى شهادته في حق الشركاء إذا اخذ منه أيضا خلاف والأشهر عدم القبول والخبر يدل عليه - انتهى ، وقال المولى المجلسي : عمل بمضمون الخبر أكثر الأصحاب ، وحمله بعضهم على كونهم شركاء ، أو على التقية وهو أظهر لان الغالب أنه كان في مجلسه بخراسان جماعة من العامة وكان عليه السلام يتقى منهم كثيرا والا فالرفاقة والصحبة لا يمنع من قبول الشهادة عندنا.
3- في بعض النسخ « لا تجوز - الخ » وتفسير المؤلف يؤيد ما في المتن ، وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 76 والاستبصار ج 3 ص 16 خبرين عن محمد بن مسلم في أحدهما « تجوز » وفى أخرى « لا تجوز » وقال الشهيد الثاني في شرحه على الشرايع بعد نقل الاختلاف في قبول شهادة المملوك وعد خمسة أقوال : قال ابنا بابويه : لا بأس بشهادة العبد إذا كان عدلا لغير سيده. وهذا يدل على أن النسخة التي عنده بدون لفظة « لا » فالخبر يدل على قبول شهادة العبد وتقييد المصنف - رحمه اللّه - سيذكر وجهه قريبا.
4- أي إذا كان كل واحد منهم عادلا.

3289 - وفي خبر آخر : « أنه لا تقبل شهادة الولد على والده » (1).

3290 - وروى الحسن بن زيد - نحوا مما ذكره - (2) عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال : « اتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون قد شرب الخمر فشهد عليه رجلان أحدهما خصي وهو عمرو التميمي والاخر المعلى بن الجارود (3) فشهد أحدهما أنه رآه يشرب وشهد الاخر أنه رآه يقئ الخمر ، فأرسل عمر إلى أناس من أصحاب رسول - اللّه صلى اللّه عليه وآله فيهم علي بن أبي طالب عليه السلام فقال لعلي عليه السلام ما تقول يا أبا الحسن ، فإنك الذي قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أعلم هذه الأمة وأقضاها بالحق ، فإن هذين قد اختلفا في شهادتهما فقال علي عليه السلام : ما اختلفا في شهادتهما وما قاءها حتى شربها (4) فقال : هل تجوز شهادة الخصي؟ فقال عليه السلام : ما ذهاب أنثييه (5) إلا كذهاب بعض أعضائه ».

ص: 42


1- قيل : هذا الخبر وإن كان غير مناف للاخبار السابقة لأنها له وهذا عليه الا أنه مناف لمنطوق الآية الشريفة « يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين » وكذا قوله تعالى « وأقيموا الشهادة لله » وللاخبار المتواترة بالنهي عن كتمان الشهادة ولقوله تعالى « ومن يكتمها فإنه آثم قلبه » وقيل : وجوب شهادة الولد على الوالد لا يستلزم وجوب قبولها ، وقال في المسالك : لا خلاف في قبول شهادة الأقرباء بعضهم لبعض وعلى بعض الا شهادة الولد على والده فان أكثر الأصحاب ذهبوا إلى عدم قبولها حتى نقل الشيخ في الخلاف عليه الاجماع ، وقد خالف في ذلك المرتضى - قدس سره - لقوله تعالى « كونوا قوامين - الآية » والاخبار ، واليه ذهب الشهيد في الدروس وعلى الأول هل يتعدى الحكم إلى من علا من الاباء وسفل من الأولاد وجهان.
2- كذا في جمع النسخ. ولا ادرى ما يعنى بهذا الكلام وكأنه وقع فيه سقط. وفى الكافي ج 7 ص 401 والتهذيب ج 2 ص 85 مسندا عن الحسين بن زيد ولعله الحسين بن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام الذي يلقب ذا الدمعة.
3- كذا والصواب جارود بن المعلى.
4- قال في الروضة قال الشهيد في شرح الارشاد عليها فتوى الأصحاب لم أقف فيه على مخالف ، والعلامة استشكل الحكم في القواعد من حيث إن القئ وان لم يحتمل الا الشرب الا أن مطلق الشرب لا يوجب الحد لجواز الاكراه ، ويندفع بأن الاكراه خلاف الأصل و لأنه لو كان لادعاه.
5- في الكافي والتهذيب « ما ذهاب لحيته » ولا منافاة لان الخصي لا تنبت لحيته.

3291 - وروى إسماعيل بن مسلم عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « لا تقبل شهادة ذي شحناء (1) أو ذي مخزية في الدين » (2).

3292 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم (3) : « من شهد عندنا بشهادة ثم غير أخذنا بالأولى وطرحنا الأخرى » (4).

3293 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا تصلي خلف من يبغي على الاذان والصلاة بالناس أجرا ، ولا تقبل شهادته ».

3294 - وروى العلاء بن سيابة (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تقبل شهادة ، صاحب النرد ، والأربعة عشر ، وصاحب الشاهين (6) ، يقول : لا واللّه ، وبلى واللّه مات واللّه شاهه وقتل واللّه شاهه ، واللّه تعالى ذكره شاهه ما مات ولا قتل » (7).

ص: 43


1- أي ذا العداوة الدنيوية وان لم يوجب الفسق.
2- المخزية ما يوجب الخزي كولد الزنا والمحدود قبل التوبة أو غير الاثني عشرية أو الفاسق مطلقا أو المستخف بأمر الدين كالسائل بالكف والذي يأخذ الأجرة على الاذان والصلاة وأمثالهما ( م ت ) وفى بعض النسخ « ذي خزية في الدين ».
3- رواه الشيخ بسند ضعيف عن السكوني عن الصادق عن أبيه عن علي عليهم السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
4- حمل على ما إذا كان اقرارا على نفسه لما سيجئ ما ينافيه ، والا فالتغير يرفع الأمان عن قوله فكيف يؤخذ به ، وربما حمل على ما إذا شهد في وقت بحكم بعدالته ثم رجع بعد ما تغير حاله عن العدالة وهو بعيد.
5- الطريق إليه صحيح والعلاء بن سيابة مجهول الحال روى عنه أبان بن عثمان وقيل في روايته عنه اشعار ما بعدم كونه ضعيفا.
6- الأربعة عشر نوع من القمار وكما قال الطريحي : صفان من نقر يوضع فيها شئ يلعب فيه ، في كل صف سبع نقر محفورة - انتهى ، والشاهين - بصيغة التثنية - : الشطرنج لان فيه شاهين ووزيرين ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي : ان لكل من المقامرين في الشطرنج ما يسمونه « شاه » بمعنى الملك ينقلونه من بيت من بيوت بساط الشطرنج إلى بيت ، فإذا صار بحيث لا يمكن نقله إلى بيت آخر وله مانع من بقائه في البيت الذي هو فيه يقولون : مات.
7- مروى في الكافي ج 7 ص 396 وفيه « يقول : لا واللّه ، وبلى واللّه ، مات واللّه شاه وقتل واللّه شاه ، وما مات وما قتل » أي مع أنه يقامر يحلف باللّه وقد نهى اللّه تعالى عنه وقال سبحانه « ولا تجعلوا اللّه عرضة لايمانكم » وكذا يكذب وهو قبيح ، قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - لعل هذه الوجوه الاستحسانية إنما وردت الزاما على العامة لاعتنائهم بها في المسائل الشرعية والا فالمجاز ليس بكذب ولعل لفظ ما في المتن يكون تفسيرا من المؤلف فسره بذلك فرارا عما ذكر مع أنه لا ينفع كما لا يخفى.

3295 - وروى سماعة بن مهران ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بشهادة الضيف إذا كان عفيفا صائنا (1) ، قال : ويكره شهادة الأجير لصاحبه ولا بأس بشهادته لغيره ، ولا بأس بها له عند مفارقته » (2).

3296 - وروى فضالة ، عن أبان قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن شريكين شهد أحدهما لصاحبه ، قال : تجوز شهادته إلا في شئ له فيه نصيب » (3).

3297 - وروى عن طلحة بن زيد ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عن علي عليهم السلام قال : « شهادة الصبيان جائزة بينهم ما لم يتفرقوا أو يرجعوا إلى أهليهم » (4).

ص: 44


1- أي نفسه عن المحرمات أو حافظا ضابطا للشهادة.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 78 والاستبصار ج 3 ص 21 وفيه « لا بأس بها له بعد مفارقته » وفيهما باسناده عن العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه السلام » لا يجيز شهادة الأجير » وقال الشيخ (رحمه اللّه) : هذا الخبر وإن كان عاما في أن شهادة الأجير لا تقبل على سائر الأحوال ومطلقا فينبغي أن يخص ويقيد بحال كونه أجيرا لمن هو أجير له ، فأما لغيره أوله بعد مفارقته له فإنه لا بأس بها على كل حال ، واستدل على قوله هذا بخبر صفوان وخبر أبي بصير هذا.
3- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لا خلاف في عدم قبول شهادة الشريك فيما هو شريك فيه.
4- حمل على ما إذا تواتر بحيث يحصل العلم من اتفاقهم أو يعتمد على شهادتهم إذا كانت محفوفة بالقرينة فإذا تفرقوا أو رجعوا إلى أهليهم انعدمت القرينة ، وربما حمل على القتل ، وقوله « جائزة بينهم » أي بين الصبيان.

3298 - وروى إسماعيل بن مسلم (1) عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام « أن شهادة الصبيان إذا شهدوا وهم صغار جازت إذا كبروا ما لم ينسوها (2) ، وكذلك اليهود والنصارى إذا أسلموا جازت شهادتهم (3) ، والعبد إذا اشهد على شهادة ثم أعتق جازت شهادته إذا لم يردها الحاكم قبل أن يعتق ، وقال عليه السلام : إن أعتق العبد لموضع الشهادة لم تجز شهادته » (4).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : أما قوله عليه السلام : « إذا لم يردها الحاكم قبل أن يعتق » فإنه يعني به أن يردها لفسق ظاهر أو حال يجرح عدالته ، لا لأنه عبد لان شهادة العبد جائزة ، وأول من رد شهادة المملوك عمر ، وأما قوله عليه السلام : إن أعتق العبد لموضع الشهادة لم تجز شهادته كأنه يعني إذا كان شاهدا لسيده (5) ، فأما إذا كان شاهدا لغير سيده جازت شهادته عبدا كان أو معتقا إذا كان عدلا.

3299 - وروى الحسن بن محبوب (6) ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر

ص: 45


1- طريق المصنف إلى إسماعيل بن مسلم السكوني فيه الحسين بن يزيد النوفلي وقال قوم من القميين أنه غلا في آخر عمره مع أنه لم يوثقه أحد.
2- في الكافي ج 7 ص 389 « إذا أشهدوهم وهم صغار - الخ » ويدل على أن الاعتبار بحال الأداء لا التحمل. ( م ت )
3- مروى في الكافي ج 7 ص 398 وفيه « اليهود والنصارى إذا شهدوا ثم أسلموا جازت شهادتهم ، أي إذا صاروا شاهدين.
4- قال الشيخ في الاستبصار ج 3 ص 18 بعد نقل هذا الذيل : فالوجه في قوله عليه السلام « إذا لم يردها الحاكم » أن نحمله على أنه إذا لم يردها لفسق أو ما يقدح في قبول الشهادة لا لأجل العبودية ، وقوله عليه السلام : « ان أعتق لموضع الشهادة لم تجز شهادته » محمول على أنه إذا أعتقه مولاه ليشهد له لم تجز شهادته - انتهى.
5- كأن المصنف - رحمه اللّه - حمله على كون المراد أعتقه سيده لتكون شهادته مقبولة ويمكن توجيهه بوجه آخر بأن يكون المراد إذا أعتق العبد بسبب شهادته لم تجز شهادته كما شهد على أن ابني اشتراني.
6- طريق المصنف إلى ابن محبوب صحيح كما في الخلاصة والمراد بالعلاء العلاء ابن رزين الثقة والسند صحيح ورواه الشيخ في التهذيبين بسند صحيح أيضا.

عليه السلام قال : « تجوز شهادة المملوك من أهل القبلة على أهل الكتاب ».

3300 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قال أبو جعفر عليه السلام : لا تقبل شهادة سابق الحاج إنه قتل راحلته ، وأفنى زاده ، و أتعب نفسه ، واستخف بصلاته (1) ، قيل : فالمكاري والجمال والملاح (2)؟ فقال : وما بأس بهم تقبل شهادتهم إذا كانوا صلحاء ».

3301 - وروي عن عبد اللّه بن المغيرة قال : قلت للرضا عليه السلام : « رجل طلق امرأته وأشهد شاهدين ناصبيين ، قال : كل من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته » (3).

ص: 46


1- سابق الحاج بالباء الموحدة أي سبقهم لا يصال خبرهم إلى منازلهم ويمكن أن يقره بالياء كأنه يذهب بالمتخلفين بالسرعة والذم بقراءة الأول أنسب ، وقوله عليه السلام « أنه قتل راحلته » تعليل لعدم قبول شهادته إذ لا أقل من أن يكون في تلك الأمور خلاف المروة واتعاب راحلته كأنه قتلها ظاهرا ، وكذا اتعاب نفسه زائدا على المتعارف وكذا الاستخفاف بالصلاة اما بمعنى أنه لم يأت بفعلها على ما ينبغي واما بمعنى أنه لا يهتم بها ، و أما افناء الزاد فليس لها وجه ظاهر ويمكن حمله على أن ذلك يؤدى إلى القاء بعضه عند اعياء الراحلة فكأنه قد جعله في معرض الفناء ، وروى المصنف والبرقي في القوى عن الوليد بن صبيح « أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام ان أبا حنيفة رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة ، فقال : ما لهذا صلاة ما لهذا صلاة ». وفى مرآة العقول قال يحيى بن سعيد في جامعه : « لا تقبل شهادة سابق الحاج فإنه أتعب نفسه وراحلته وأفنى زاده واستخف بصلاته » والأكثر لم يتعرضوا له.
2- فهم وان كانوا اجراء ولكن لا يطلق الأجير غالبا الا على من آجر نفسه فلا ينافي أخبار كراهة شهادة الأجير وان أمكن أن يكون المراد شهادتهم لغير من استأجر منهم.
3- قال المولى المجلسي : هذه الرواية وردت تقية ، أو عليهم أو على الكفار لا على المؤمنين فإنه لا خلاف بين الأصحاب في اشتراط الايمان - انتهى. وفى الروضة « لا يقبل شهادة غير الامامي مطلقا مقلدا كان أم مستدلا » وأضاف الفاضل التوني وقال : سواء كان مخالفا لاجماع المسلمين أو ما علم ثبوته من الدين ضرورة أم لا ، قال في التحرير : والمسائل الأصولية التي ترد الشهادة لمخالفتها كل ما يتعلق بالتوحيد وما لا يجوز عليه من الصفات وما يستحيل عليه والعدل والنبوة والإمامة ، أما الصفات التي لا مدخل لها في العقيدة مثل المعاني والأحوال والاثبات والنفي ، وما شابه ذلك من فروع الكلام فلا ترد شهادة المخطئ فيها.

3302 - وروي عن عبيد اللّه بن علي الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام هل تجوز شهادة أهل الذمة على غير أهل ملتهم (1)؟ قال : نعم إن لم يوجد من أهل ملتهم جازت شهادة غيرهم إنه لا يصلح ذهاب حق أحد » (2).

3303 - وروى الحسن بن علي الوشاء ، عن أحمد بن عمر قال : «سألته عن قول اللّه عزوجل : « ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم » قال : اللذان منكم مسلمان واللذان من غيركم من أهل الكتاب فإن لم تجد من أهل الكتاب فمن المجوس لان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « سنوا بهم سنة أهل الكتاب » وذلك إذا مات الرجل بأرض

ص: 47


1- كاليهودي على النصراني أو على المجوسي أو سائر أصناف الكفار فان الكفر ملة واحدة ، أو على مسلم في الوصية ( م ت ) أقول : استثناء الوصية لظاهر قوله تعالى « يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم - الآية » أي من غير أهل ملتكم ، ويكون « أو » ههنا للتفصيل لا للتخيير لان المعنى أو آخران من غيركم ان لم تجدوا شاهدين منكم ، ويشترط فيها العدالة لظاهر العطف على قوله « منكم » الداخل في حيز العدالة. ولموثقة سماعة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شهادة أهل الملة ، قال : فقال : لا تجوز الا على أهل ملتهم ، فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصية لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد » ولحسنة هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل » أو آخران من غيركم « فقال : إذا كان في أرض غربة ولا يوجد فيها مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية ».
2- في الروضة : لا تقبل شهادة الكافر وإن كان ذميا ولو كان المشهود عليه كافرا على الأصح خلافا للشيخ حيث قبل شهادة أهل الذمة لملتهم وعليهم استنادا إلى رواية ضعيفة ، وللصدوق حيث قبل شهادتهم على مثلهم وان خالفهم في الملة كاليهود على النصارى ولا تقبل شهادة غير الذمي اجماعا ، ولا شهادته على المسلم اجماعا الا في الوصية عند عدم عدول المسلمين فتقبل شهادة الذمي بها ، ويمكن أن يريد اشتراط فقد المسلمين مطلقا بناء على تقديم المستورين ( أي اللذين لم يعلم عدالتهما ) والفاسقين اللذين لا يستند فسقهما إلى الكذب وهو قول العلامة في التذكرة ويضعف باستلزامه التعميم في غير محل الوفاق ».

غربة فلم يجد مسلمين يشهدهما فرجلان من أهل الكتاب » (1).

3304 - وروى حماد ، عن الحلبي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في المكاتب : كان الناس مدة لا يشترطون إن عجز فهو رد في الرق (2) ، فهم اليوم يشترطون والمسلمون عند شروطهم ، ويجلد في الحد على قدر ما أعتق منه ، قلت : أرأيت إن أعتق نصفه أتجوز شهادته في الطلاق؟ قال : إن كان معه رجل وامرأة جازت شهادته ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : إنما ذلك على جهة التقية وفي الحقيقة تقبل شهادة المكاتب والرجل معه بشاهدين (3) وأدخل المرأة في ذلك لئلا يقول المخالفون : إنه قبل شهادة قد ردها إمامهم (4) وأما شهادة النساء في الطلاق فغير مقبولة على أصلنا.

3305 - وروى عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا (5) عليه السلام قال : « من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته » (6).

3306 - وروي عن العلاء بن سيابة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شهادة من يلعب بالحمام ، قال : لا بأس إذا كان لا يعرف بفسق ، قلت : فإن من قبلنا يقولون :

ص: 48


1- اعلم أن هذا الخبر وكذا بعض الأخبار الأخر يدل على اشتراط السفر وذهب إليه الشيخ وجماعة من الأصحاب محتجا بظاهر الآية وبهذه الاخبار ، وذهب بعض إلى عدمه لعمومها على عدمه لكن ذهب جمهور الأصحاب إلى اختصاص الحكم بوصية المال وكثير من الاخبار خالية عن التقييد. ( سلطان )
2- في بعض النسخ « كان الناس مرة » وقال سلطان العلماء هذا الكلام إشارة إلى المكاتب والمشروط على الاصطلاح المشهور بين الفقهاء ، وقوله « ان عجز - الخ » مفعول « لا يشترط ».
3- متعلق بقوله « يقبل » أي يحسبان بشاهدين معتبرين ( سلطان ) وفى بعض النسخ « شاهدان ».
4- يعنى الذي هو أول من رد شهادة المملوك كما مر سابقا.
5- تقدم تحت رقم 3298.
6- قيل : لعل فيه دلالة على قبول شهادة المخالف الصالح لكونه على فطرة الاسلام.

قال عمر : هو شيطان (1) فقال : سبحان اللّه أما علمت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : إن الملائكة لتنفر عند الرهان وتلعن صاحبه ما خلا الحافر والخف والريش والنصل (2) فإنها تحضرها الملائكة ، وقد سابق رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أسامة بن زيد وأجرى الخيل » (3).

3307 - وروي عن داود بن الحصين قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : أقيموا الشهادة على الوالدين والولد ولا تقيموها على الأخ في الدين الضير (4) قلت : وما الضير؟ قال : إذا تعدى فيه صاحب الحق الذي يدعيه قبله خلاف ما أمر اللّه عزوجل ورسوله صلى اللّه عليه وآله ، ومثل ذلك أن يكون لرجل على آخر دين وهو معسر ، وقد أمر اللّه تعالى بإنظاره حتى ييسر ، فقال : «فنظرة إلى ميسرة» ويسألك أن تقيم الشهادة

ص: 49


1- الظاهر رجوع الضمير إلى الحمام ويحتمل رجوعه إلى من يلعب به. ( سلطان )
2- الحافر اسم فاعل ، وحافر الدابة هو بمنزلة القدم للانسان ، والخف - بالضم - للبعير والنعام بمنزلة الحافر لغيرهما ، والمراد صاحب الخف وصاحب الحافر من الدواب. والريش : كسوة الطائر وزينته وهو له بمنزلة الشعر لغيره من الحيوان ، والريش أيضا اللباس الفاخر ، وذو الريش : فرز. والنصل : حديدة السهم والرمح والسيف.
3- المشهور عدم جواز السبق والرهان على الطيور ، وظاهر هذا الخبر الجواز ، وحمل على التقية ، وقال المولى المجلسي : يمكن أن يكون المراد بقوله « سبحان اللّه » انكار كون اللاعب به مطلقا شيطانا ويكون الاستشهاد لحرمة الرهان كما قال عليه السلام « ما لم يعرف بفسق » أي رهانة فسق لا مطلق اللعب به - انتهى ، أقول : يستفاد من الخبر أن اللعب بالحمام ليس بفسق واللاعب به تقبل شهادته ، والرهان بالريش جائز. وأما كون المراد من الريش أي شئ الطائر أو السهم فغير معلوم ، وقال صاحب الوسائل في الهامش في الخبر دلالة على أن الريش هو الحمام في السبق دون النشاب ، ويحتمل الاتحاد مع النصل ، وعند أهل مكة لعب الحمام هو لعب الخيل ، فان صح أمكن ارادته من الخبر فتدبر - انتهى وقال سلطان العلماء : لعل الاستشهاد على جواز السبق في الجملة حتى يؤيد جواز اللعب بالحمام.
4- في بعض النسخ « الصبر » في الموضعين. وداود بن الحصين الكوفي واقفي موثق ولكن في الطريق إليه الحكم بن مسكين وهو مهمل.

وأنت تعرفه بالعسر ، فلا يحل لك أن تقيم الشهادة في حال العسر ».

3308 - وروى مسمع كردين (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في أربعة شهدوا على رجل بالزنا فرجم ، ثم رجع أحدهم وقال : شككت في شهادتي ، قال : عليه الدية ، قال : قلت : فإنه قال : شهدت عليه متعمدا ، قال : يقتل » (2).

3309 - وروى محمد بن قيس (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : لا آخذ بقول عراف ، ولا قائف (4) ولا لص ، ولا أقبل شهادة الفاسق إلا على نفسه ». (5)

ص: 50


1- هو أبو سيار الكوفي الثقة ، وفى الطريق إليه القاسم بن محمد الجوهري وهو واقفي غير موثق بل ضعيف.
2- ويرد على وارث المقتول ثلاثة أرباع الدية. ( م ت )
3- قال الشهيد - رحمه اللّه - في درايته : « كلما كان محمد بن قيس عن أبي جعفر فهو مردود لاشتراكه بين الثقة والضعيف » أقول : كونه محمد بن قيس الثقة مما لا ريب فيه لان له كتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام وليس لسميه ، والخبر أقوى قرينة على ذلك وهكذا الكلام في جميع أبواب كتاب القضاء ، قال النجاشي : محمد بن قيس أبو عبد اللّه البجلي ثقة كوفي روى عن أبي جعفر وأبى عبد اللّه عليهما السلام له كتاب القضاء المعروف رواه عنه عاصم بن الحميد الحناط وقال الشيخ في الفهرست : محمد بن قيس البجلي له كتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام ، عاصم بن حميد عنه ، وقال المصنف - رحمه اللّه - في المشيخة : « ما كان فيه عن محمد بن قيس فقد رويته عن أبي - رضي اللّه عنه - عن سعد ابن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس.
4- العراف - كشداد - : الكاهن والمنجم والذي يدعى علم الغيب. والقائف : هو الذي يثبت النسب أو يعلمه بالآثار والنظر إلى أعضاء المولود والقيافة.
5- أي اقراره ، كان فيه أن اعتراف العقلاء على أنفسهم مسموع من غير نظر إلى صلاح وفساد.

3310 - وروى سليمان بن داود المنقري (1) عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال له رجل : أرأيت إذا رأيت شيئا في يدي رجل أيجوز لي أن أشهد أنه له؟ فقال : نعم ، قلت : فلعله لغيره؟ قال : ومن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكا لك ثم تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه (2) ولا يجوز لك ان تنسبه إلى من صار ملكه إليك من قبله؟ ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام : لو لم يجز هذا ما قامت للمسلمين سوق ».

3311 - وروى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام «أن أمير المؤمنين عليه السلام شهد عنده رجل وقد قطعت يده ورجله بشهادة فأجاز شهادته وقد كان تاب وعرفت توبته». (3)

3312 - وروى صفوان بن يحيى ، عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن شهادة النساء هل تجوز في نكاح أو طلاق أو رجم؟ قال : تجوز شهادة النساء فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه (4) ، وتجوز في النكاح إذا كان معهن رجل ،

ص: 51


1- الطريق إليه صحيح عند العلامة وفيه القاسم بن محمد الأصبهاني وهو غير مرضى وسليمان موثق ، وحفص بن غياث قاض عامي له كتاب معتمد.
2- يعنى أن جواز اشترائك الشئ ممن في يده المال والحكم بعد الشراء بأنه صار ملكا لك وجائز التصرف لك فيه ليس مستندا الا إلى شهادتك بأن ذلك المبيع ملكا للبايع لكونه في تصرفه فلولا أن يصح الحكم بأنه ملكه لما صح تلك الأحكام ، قال العلامة المجلسي لا خلاف في جواز الشهادة بالملك بالاستفاضة وهي خبر جماعة يفيد الظن الغالب إذا اقترنت باليد والتصرف بالبناء والهدم والإجارة وغيرها من غير معارض ، واختلف في الاستفاضة بدون اليد المتصرفة والأشهر الاكتفاء بها ، ثم اختلف في التصرف فقط بدونها والمشهور الاكتفاء به أيضا ، ثم القائلون بالتصرف اختلفوا في الاكتفاء باليد بدون التصرف واختار العلامة وأكثر المتأخرين الاكتفاء بها وهذا الخبر حجة لهم.
3- كذا في التهذيب والاستبصار والكافي وبعض نسخ الفقيه ، وفى أكثر النسخ « روى إسماعيل بن مسلم عن جعفر عن أبيه عليهما السلام » في رجل شهد عنده بشهادة وقد قطعت يده ورجله فأجاز شهادته وقد كان تاب وعرفت توبته ».
4- كالعذرة فان النظر إلى فرج المرأة حرام على الرجال والنساء لكن عند الاضطرار تقدم المرأة وجوبا. ( م ت )

ولا تجوز في الطلاق ولا في الدم ، وتجوز في حد الزنا إذا كان ثلاثة رجال وامرأتين ، ولا تجوز شهادة رجلين وأربع نسوة » (1).

3313 - وسأل عبيد اللّه بن علي الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن شهادة القابلة في الولادة ، قال : تجوز شهادة الواحدة وشهادة النساء في المنفوس والعذرة » (2).

3314 - و « قضى أمير المؤمنين عليه السلام (3) في غلام شهدت عليه امرأة أنه دفع غلاما في بئر فقتله ، فأجاز شهادة المرأة » (4).

3315 - وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام « في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا فقالت : أنا بكر ، فنظرت إليها النساء فوجدوها بكرا ، قال : تقبل شهادة النساء » (5).

3316 - وسأل عبد اللّه بن الحكم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن امرأة شهدت على رجل

ص: 52


1- المشهور أن هذا في الرجم وأما الحد بالجلد فيكفي فيه رجلان وأربع نسوة ( سلطان ) وفى الروضة : « يكفي في الزنا الموجب للرجم ثلاثة رجال وامرأتان وللجلد رجلان وأربع نسوة ».
2- لأنه يعسر اطلاع الرجال عليهما غالبا والمنفوس المولود حديثا.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 81 والاستبصار ج 3 ص 17 في الصحيح عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام.
4- لعل المراد مع غيرها ، أو إجازة شهادتها في اثبات الدية فقط كما هو المشهور لا القصاص فلا ينافي ما سبق في رواية صفوان ، عن محمد بن الفضيل أنه لا يجوز شهادتهن في الدم ، وقد يحمل ذلك على شهادتهن منفردات. ( سلطان )
5- أي في البكارة ، لكن ذلك لا ينافي الزنا لامكان وقوعه في الدبر ، لكن حينئذ يمكن دفع الحد لتطرق الشبهة الا إذا صرحت الشهود بالوطي في القبل ( مراد ) وقال سلطان العلماء : الخبر إنما يدل على ثبوت البكارة بذلك أما حكم الحد من أنه هل يسقط بذلك أم لا لاحتمال الوطي في الدبر فغير معلوم منه وإن كان يشعر في الجملة بالسقوط ، ويمكن توجيهه بأنها شبهة يسقط بها الحد ، وهذا على تقدير أن يشهد الرجال بالوطي في القبل.

أنه دفع صبيا في بئر فمات ، قال : على الرجل ربع دية الصبي بشهادة المرأة ».

3317 - وروى ابن أبي عمير ، عن الحسين بن خالد الصيرفي (1) عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال : « كتبت إليه في رجل مات وله أم ولد وقد جعل لها سيدها شيئا في حياته ثم مات ، قال : فكتب عليه السلام : لها ما آتاها به سيدها في حياته معروف ذلك لها (2) تقبل على ذلك شهادة الرجل والمرأة والخدم غير المتهمين » (3).

3318 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أجاز شهادة النساء في الدين (4) وليس معهن رجل ».

3319 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عمر بن يزيد قال « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات وترك امرأة وهي حامل فوضعت بعد موته غلاما ثم مات الغلام بعد ما وقع إلى الأرض ، فشهدت المرأة التي قبلتها به أنه استهل (5) وصاح حين وقع إلى الأرض ، ثم مات بعد ، فقال : على الامام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام » (6).

ص: 53


1- في بعض النسخ « يحيى بن خالد » وهو تصحيف.
2- في بعض النسخ « لها ما أثابها به سيدها » أي السيد يعطيها الأشياء في حياته وكان متعارفة ، وقال الفاضل التفرشي : يمكن أن يكون « معروف » خبر مبتدأ محذوف أي ما آتاها أو أثابها به سيدها وأعطاها إياها معروف واحسان ، وأن يكون خبر ذلك قدم للاهتمام ، فيكون « لها » خبر مبتدأ محذوف.
3- المشهور عدم قبول شهادة النساء متفردات في الأموال والديون وان انضم إليها اليمين ، وقوى الشهيدان في الدروس والروضة قبول شهادة امرأتين ويمين في الأموال.
4- أي في الوصية بالدين. ( م ت )
5- الاستهلال ولادة الولد حيا ليرث ، سمى ذلك استهلالا للصوت الحاصل عند ولادته ممن حضر عادة كتصويت من رأى الهلال فاشتق منه. قاله في الروضة ، وفى القاموس استهل الصبي : رفع صوته بالبكاء كأهل.
6- السند صحيح وعليه الفتوى وقالوا بثبوت النصف بشهادة اثنتين والثلاثة أرباع بشهادة ثلاث والكل بشهادة أربع ، واستدلوا على الجميع بهذا الخبر وفيه خفاء ، كما في المرسلة الآتية والاثنتان في صحيحة ابن سنان كما يأتي في الهامش ، وقال العلامة المجلسي رحمه اللّه - ولعل هذه الأمور مع الشهرة التامة بين الأصحاب تكفى في ثبوت الحكم.

3320 - وفي رواية أخرى : « إن كانت امرأتين تجوز شهادتهما في نصف الميراث وإن كن ثلاث جازت شهادتهن في ثلاثة أرباع الميراث ، وإن كن أربعا جازت شهادتهن في الميراث كله » (1).

باب 333: الحكم بشهادة الواحد ويمين المدعى

3321 - « قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بشهادة شاهد ويمين المدعي (2) ، وقال صلى اللّه عليه وآله : نزل علي جبرئيل عليه السلام بالحكم بشهادة شاهد ويمين صاحب الحق ، وحكم به أمير المؤمنين عليه السلام بالعراق » (3).

3322 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لو كان الامر إلينا لأجزنا شهادة الرجل إذا علم منه خير مع يمين

ص: 54


1- لم أجده وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 82 والكليني في الكافي ج 7 ص 156 باسنادهما الصحيح عن عبد اللّه بن سنان قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « تجور شهادة القابلة في المولود إذا استهل وصاح في الميراث ويورث الربع من الميراث بقدر شهادة امرأة واحدة ، قلت : فان كانتا امرأتين ، قال : تجور شهادتهما في النصف من الميراث ».
2- روى الكليني في الكافي ج 7 ص 5 38 بسند موثق عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له عند الرجل الحق وله شاهد واحد ، قال : فقال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقضى بشاهد واحد ويمين صاحب الحق ، وذلك في الدين » ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 83 وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : أجمع علماؤنا - رضوان اللّه عليهم - على القضاء في الجملة بالشاهد واليمين واليه ذهب أكثر العامة ، وخالف فيه بعضهم ، والمشهور القضاء بذلك في كل ما كان مالا أو كان المقصود منه المال وفى النكاح والوقف خلاف.
3- روى المؤلف - رحمه اللّه - في الأمالي ص 218 من طبع الكمباني نحوه بسند عامي فيه جهالة.

الخصم (1) في حقوق الناس ، فأما ما كان من حقوق اللّه عزوجل ورؤية الهلال فلا ».

باب 334: الحكم بشهادة امرأتين ويمين المدعى

3323 - روى منصور بن حازم « أن أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : إذا شهد لطالب الحق امرأتان ويمينه فهو جائز » (2).

3324 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدين يحلف باللّه إن حقه لحق » (3).

باب 335: إقامة الشهادة بالعلم دون الاشهاد

إقامة الشهادة بالعلم دون الاشهاد (4)

3325 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر عليه السلام « في الرجل يشهد حساب الرجلين ثم يدعى إلى الشهادة ، قال : إن شاء شهد وإن شاء لم يشهد » (5).

3326 - وروى ابن فضال ، عن أحمد بن يزيد ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « في الرجل يشهد حساب الرجلين ثم يدعى إلى الشهادة قال : يشهد » (6).

ص: 55


1- قوله عليه السلام « لو كان الامر إلينا » أي كنا مبسوطي اليد وأمر الحكومة والخلافة بأيدينا. والمراد بالخصم المدعى.
2- رواه الكليني في الكافي ج 7 ص 386 بسند مرسل.
3- أي أن الحق الذي ادعى الطالب لثابت ( مراد ) والخبر مروى في الكافي ج 7 ص 386 في الحسن كالصحيح.
4- أي من دون أن يجعلوه شاهدا.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 79 بلفظ آخر وزاد في آخره « فان شهد شهد بحق قد سمعه. وان لم يشهد فلا شئ عليه لأنهما لم يشهداه ».
6- روى الكليني في الحسن كالصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها فهو بالخيار ، ان شاء شهد وان شاء سكت ، وقال : إذا اشهد لم يكن له الا أن يشهد » وفى الصحيح عن محمد بن مسلم نحوه وقال الشيخ في النهاية : « من علم شيئا من الأشياء ولم يكن قد اشهد عليه ثم دعى إلى أن يشهد كان بالخيار في اقامتها ، وفى الامتناع منها ، اللّهم الا أن يعلم أنه أن لم يقمها بطل حق مؤمن فحينئذ يجب عليه إقامة الشهادة » ويظهر من كلام ابن الجنيد التخيير مطلقا موافقا لظاهر أكثر الاخبار ، والمشهور وجوب الإقامة مطلقا لكن على التحقيق يرجع الخلاف بين الشيخ والمشهور إلى اللفظ لأنه على المشهور إذا كان هناك من الشهود ما ثبت به المدعى فالاقامة غير لازم لان وجوبه كفائي وحملوا الاخبار على هذه الصورة ، ولا يخفى أنه على ما حملوه لا وجه للفرق بين الاشهاد وعدمه الا أن يحمل على أنه مع الاشهاد تأكد استحباب الإقامة.

3327 - وروى علي بن أحمد بن أشيم (1) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل طهرت امرأته من حيضها فقال : فلانة طالق وقوم يسمعون كلامه ولم يقل لهم اشهدوا أيقع الطلاق عليها؟ قال : نعم هذه شهادة (2) أفتتركها معلقة » (3).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : معنى هذا الخبر الذي جعل الخيار فيه إلى الشاهد بحساب الرجلين هو إذا كان على ذلك الحق غيره من الشهود ، فمتى علم أن صاحب الحق مظلوم ولا يحيى حقه إلا بشهادته وجب عليه إقامتها ولم يحل

ص: 56


1- « أشيم » بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الياء المنقطة تحتها نقطتين وكان على من أصحاب الرضا عليه السلام وحاله مجهول والطريق إليه صحيح عند العلامة وفيه محمد بن علي ماجيلويه وهو من مشايخ الإجازة ، وقال المحقق البهبهاني : علي بن أحمد بن أشيم حكم خالي العلامة بحسنه لوجود طريق للصدوق إليه والرواية عنه كثيرة ويؤيده رواية أحمد بن محمد بن عيسى عنه - انتهى ، ورواه الكليني ج 6 ص 71 عنه.
2- يدل على الاكتفاء بسماع الشاهدين وان لم يشهدهما ، قال في المسالك : أجمع الأصحاب على أن الاشهاد شرط في صحة الطلاق والمعتبر سماع الشاهدين لانشاء الطلاق سواء قال لهما : أشهد أم لا. وقوله « أفتتركها معلقة » استفهام للانكار أي بلا زوج وبلا رخصة تزويج ، مع أنها مطلقة في الواقس. وهذا الكلام سبب لعدم رغبة الأزواج فيها.
3- في بعض النسخ « أفيتركها معلقة » ،

له كتمانها (1).

3328 - فقد قال الصادق عليه السلام : « العلم شهادة إذا كان صاحبه مظلوما » (2).

باب 336: الامتناع من الشهادة وما جاء في اقامتها وتأكيدها وكتمانها

3329 - روي عن محمد بن الفضيل (3) قال : قال العبد الصالح عليه السلام : « لا ينبغي للذي يدعى إلى شهادة أن يتقاعس عنها » (4).

3330 - وروى هشام بن سالم (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا » قال : قبل الشهادة ، وفي قوله عزوجل : « ومن يكتمها فإنه آثم قلبه » (6) قال : بعد الشهادة » (7).

3331 - وروى عثمان بن عيسى ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

ص: 57


1- استبعد بعض الأكابر قول المصنف (رحمه اللّه) في بيان الخبر وقال : ظاهر الحديث أن من تحمل شهادة بالاشهاد يجب عليه اقامتها لأنها أمانة عنده ، ولا يجب على من شهد القضية من غير اشهاد ، وما استدل به من قول الصادق عليه السلام فالظاهر منه أن العلم الحاصل بتواتر أو بقرينة فهو بمنزلة حضور القضية. واللّه أعلم.
2- لم أجده مسندا ، وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 79 بسند فيه ارسال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها فهو بالخيار ان شاء شهد وان شاء سكت الا إذا علم من الظالم فيشهد ، ولا يحل له أن لا يشهد » و « من » في قوله « من الظالم » موصولة.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 84 بسند صحيح عنه.
4- التقاعس : التأخر كما في القاموس.
5- طريق المصنف إلى هشام بن سالم صحيح وهو ثقة.
6- في المجمع اسناد الاثم إلى القلب لان الكتمان فعله لان العزم على الكتمان إنما يقع بالقلب ولان إضافة الاثم إلى القلب أبلغ في الذم كما أن إضافة الايمان إلى القلب أبلغ في المدح.
7- روى الكليني الخبر في الكافي بتقطيع في موضعين بسند حسن كالصحيح.

قلت له : « يكون للرجل من إخواني عندي الشهادة ليس كلها تجيزها القضاة عندنا ، قال : إذا علمت أنها حق فصححها بكل وجه حتى يصح له حقه » (1).

3332 - وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ن كتم الشهادة أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم أو ليتوي مال امرئ مسلم (2) أتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مد البصر وفي وجهه كدوح (3) تعرفه الخلائق باسمه ونسبه ، ومن شهد شهادة حق ليحيي بها مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه نور مد البصر تعرفه الخلائق باسمه ونسبه ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : ألا ترى أن اللّه عزوجل يقول : «وأقيموا الشهادة لله» (4).

3333 - وقال عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « ومن يكتمها فإنه آثم قلبه » قال : كافر قلبه » (5).

ص: 58


1- كأن يكون لامرأة من جهة مهر المتعة شئ عند رجل وإذا أخبر بأنه من جهة المتعة لا يجيزها العامة فيغيرها ويقول من جهة النكاح أو يقول : لها عليه هذا المبلغ ولا يسمى شيئا ، أو كان من جهة الرد في الإرث وهم لا يجيزونها بل يحكمون به للعصبة فيشهد بأن له عليهم دين كذا وكذا وهكذا في سائر ما هو مخالف لرأى العامة ، ومن الأفاضل من عمم الخبر بحيث يشمل حكم العدل كما إذا شهدت المرأة بوصية عشرة دراهم لرجل والحاكم يحكم بربعه فيشهد بأربعين درهما ليصل إليه ما أوصى له ، وفيه اشكال واللّه يعلم. ( المرآة )
2- توى - كرضى - : هلك ( القاموس ) وفى الكافي ج 7 ص 380 والتهذيب ج 2 ص 84 بسند فيه أبو جميلة مفضل بن صالح الضعيف « ليزوى » وفى النهاية « ما زويت عنى مما أحب » أي صرفته وقبضته ، واللام فيه وفى « ليهدر » للعاقبة.
3- « مد البصر » أي تسرى ظلمته إلى غيره بقدر مد البصر ، والكدوح : الخدوش جمع كدح وكل أثر من خدش أو عض فهو كدح كما في النهاية.
4- أي يجب أن تكون إقامة الشهادة لله فإذا تضمن اتلاف مال المسلم أو اهدار دمه من غير حق فلا يكون لله قال في المجمع : هذا - الكلام - خطاب للشهود أي أقيموها لوجه اللّه واقصدوا بأدائها التقرب إلى اللّه لا الطلب لرضا المشهود له والاشفاق من المشهود عليه.
5- لم أجده مسندا ، ورواه المفسر الجرجاني في تفسيره مرسلا أيضا.

باب 337: شهادة الزور وما جاء فيها

شهادة الزور وما جاء فيها (1)

3334 - روى محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في شهادة الزور قال : «إذا كان الشئ قائما بعينه رد على صاحبه (2) ، وإن لم يكن قائما ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل» (3).

3335 - وروى سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « شهود الزور يجلدون حدا وليس له وقت (4) ذلك إلى الامام ، ويطاف بهم حتى يعرفوا ولا يعودوا ، قال قلت : فإن تابوا وأصلحوا أتقبل شهادتهم بعد؟ فقال : إذا تابوا تاب اللّه عليهم وقبلت شهادتهم بعد ».

3336 - و « كان علي عليه السلام إذا أخذ شاهد زور (5) فإن كان غريبا (6) بعث به إلى حيه ، وإن كان سوقيا بعث به إلى سوقه (7) ثم يطيف به ، ثم يحبسه أياما ، ثم يخلي سبيله ».

3337 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد (8) عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام

ص: 59


1- أي حكم شهادة الزور وما جاء في شاهد الزور.
2- يعنى بعد ظهور الزور.
3- أي ضمن الشاهد بالزور بقدر ما أتلف بسبب شهادته.
4- أي ليس له مقدار معين والامر موكول إلى الامام وتعيينه ، والوقت : القدر والمقدار.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 85 باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر عن أبيه عليهما السلام هكذا « أن عليا عليه السلام كان إذا حد شاهد زور - الخ ».
6- في التهذيب في نسخة « إن كان أعرابيا ».
7- أي بعد اجراء الحد.
8- الطريق حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم ، وإبراهيم بن عبد الحميد ثقة.

« في امرأة شهد عندها شاهدان بأن زوجها مات فتزوجت ، ثم جاء زوجها الأول (1) ، قال : لها المهر بما استحل من فرجها الأخير ، ويضرب الشاهدان الحد ويضمنان المهر بما غرا الرجل ، ثم تعتد ، (2) وترجع إلى زوجها الأول ».

3338 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، وأبي أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « في رجلين شهدا على رجل غائب عند امرأته بأنه طلقها ، فاعتدت المرأة وتزوجت ، ثم إن الزوج الغائب قدم فزعم أنه لم يطلقها وأكذب نفسه أحد الشاهدين ، فقال لا سبيل للأخير عليها ، ويؤخذ الصداق من الذي شهد و رجع فيرد على الأخير (3) ويفرق بينهما ، وتعتد من الأخير ، ولا يقربها الأول حتى تنقضي عدتها ».

3339 - وروى علي بن مطر (4) عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن شهود الزور يجلدون حدا ليس له وقت ، ذلك إلى الامام ، ويطاف بهم حتى يعرفهم الناس ، وقوله عزوجل (5) : « ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا » ، قلت : بم تعرف توبته؟ قال : يكذب نفسه على رؤوس الاشهاد حيث يضرب ، ويستغفر ربه عزوجل فإن هو فعل ذلك فثم ظهرت توبته ».

3340 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (6) : « لا ينقضي كلام شاهد زور من بين يدي الحاكم

ص: 60


1- فتعين أن الشاهدين شهدا زورا. ( م ت )
2- « يضرب الشاهدان الحد » حمل على التعزير ، وفى بعض النسخ « بما غرم الرجل » وقوله « تعتد » أي من الزوج الأخير.
3- أي فيرد الصداق المأخوذ من الأخير من الشاهد الذي رجع عن شهادته إلى الأخير وربما يحمل على نصف مهر المثل وقيل : يشكل الحكم في الرواية بأخذ كل الصداق منه لأنه نصف السبب فلا يضمن الا النصف.
4- مجهول ، وفى طريقه محمد بن سنان وهو ضعيف.
5- مروى في التهذيب ج 2 ص 80 في الموثق عن سماعة بن مهران مضمرا.
6- مروى في الكافي ج 7 ص 383 بسند ضعيف عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

حتى يتبوأ مقعده من النار (1) ، وكذلك من كتم الشهادة ».

3341 - وروى صالح بن ميثم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « ما من رجل يشهد شهادة زور على رجل مسلم ليقطع ماله إلا كتب اللّه له مكانه صكا إلى النار » (2).

3342 - وروى جميل بن دراج ، عمن أخبره (3) عن أحدهما عليهما السلام « في الشهود إذا شهدوا على رجل ثم رجعوا عن شهادتهم وقد قضي على الرجل ضمنوا ما شهدوا به وغرموا ، فإن لم يكن قضي طرحت شهادتهم ولم يغرم الشهود شيئا (4).

باب 338: بطلان حق المدعى بالتحليف وإن كان له بينة

3343 - روى عبد اللّه بن أبي يعفور (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا رضي صاحب الحق بيمين المنكر لحقه فاستحلفه فحلف أن لا حق له قبله ذهبت اليمين بحق المدعي ولا دعوى له ، قلت : وإن كانت له بينة عادلة؟ قال : نعم وإن أقام بعد

ص: 61


1- في القاموس تبوأت منزلا أي هيأته.
2- الصك - بشد الكاف - ما يقال له : برأت أي كتاب الاقرار بالمال. وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : قوله عليه السلام « مكانه » مفعول فيه أي قبل أن يزول عن مكانه ، وقيل : عوضه ولا يخفى بعده.
3- السند مرسل كالصحيح لصحة الطريق وكون جميل ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه.
4- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - قال في المسالك : إذا رجع الشاهدان عن شهادة فإن كان قبل حكم الحاكم لم يحكم ، وإن كان بعد الحكم فإن كان مالا واستوفى لم ينقض الحكم ويغرم الشهود وان كانت العين باقية ، وقال الشيخ في النهاية : يرد العين مع بقائها ، ولو كانوا شهدوا بالزنا ورجعوا قبل الحكم واعترفوا بالتعمد حدوا للقذف ، فان قالوا : أخطأنا فوجهان ، ولو رجعوا بعد القضاء فإن كان قبل الاستيفاء فإن كان مالا قيل يستوفى وقيل : لا ، وإن كان في حد اللّه لم يستوف وإن كان حد آدمي أو مشتركا فوجهان.
5- هو ثقة ، والطريق إليه صحيح.

ما استحلفه باللّه خمسين قسامة (1) ما كان له حق فإن اليمين قد أبطلت كل ما ادعاه قبله مما قد استحلفه عليه » (2).

3344 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم (3) : « من حلف لكم باللّه على حق فصدقوه ، ومن سألكم باللّه فأعطوه ، ذهبت اليمين بدعوى المدعي (4) ولا دعوى له ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : متى جاء الرجل الذي يحلف على حق تائبا وحمل ما عليه مع ما ربح فيه فعلى صاحب الحق أن يأخذ منه رأس المال ونصف

ص: 62


1- القسامة الجماعة يشهدون أو يقسمون على شئ.
2- قال في المسالك ج 2 ص 368 : من فوائد اليمين انقطاع الخصومة في الحال لا براءة الذمة من الحق في نفس الامر ، بل يجب على الحالف فيما بينه وبين اللّه أن يتخلص من حق المدعى كما كان عليه له ذلك قبل الحلف ، وأما المدعى فإن لم يكن له بينة بقي حقه في ذمته إلى يوم القيامة ولم يكن له أن يطالبه به ولا أن يأخذه مقاصة كما كان له ذلك قبل التحليف ولا معاودة المحاكمة ولا تسمع دعواه لو فعل ، هذا هو المشهور بين الأصحاب لا يظهر فيه مخالف ومستنده أخبار كثيرة منها قوله (صلی اللّه عليه وآله) « من حلف لكم باللّه فصدقوه » ( كما يأتي ) وقوله عليه السلام « من حلف له باللّه فليرض » ( الكافي ج 7 ص 438 ) ورواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام - ثم ساق الكلام إلى أن قال : - « ولو أقام بعد احلافه بينة بالحق ففي سماعها أقوال : أحدها - وهو الأشهر - عدم سماعها مطلقا للتصريح به في رواية ابن أبي يعفور ودخولها في عموم الاخبار واطلاقها ، وادعى عليه الشيخ في الخلاف الاجماع ، ولان اليمين حجة للمدعى عليه كما أن البينة حجة للمدعى وكما لا يسمع يمين المدعى عليه ، بعد حجة المدعى كذلك لا تسمع حجة المدعى بعد حجة المدعى عليه ، وللشيخ في المبسوط قول آخر بسماعها مطلقا ذكره في فصل فيما على القاضي والشهود ، وفصل في موضع آخر منه بسماعها مع عدم علمه بها أو نسيانه ، وهو خيرة ابن إدريس ، وقال المفيد يسمع الا مع اشتراط سقوطها ، محتجا بأن كل حال يجب عليه الحق باقراره فيجب عليه بالبينة كما قبل اليمين ، وأجيب بالفرق بين البينة والاقرار لان الثاني أقوى فلا يلزم التسوية في الحكم ، والحق أن الرواية ان صحت كانت هي الحجة والفارق والا فلا.
3- لم أجده مسندا وجعله في الوسائل تتمة لخبر ابن أبي يعفور.
4- في بعض النسخ « بحق المدعى » وقوله « لا دعوى له » أي لا تبقى دعوى له.

الربح ويرد عليه نصف الربح لان هذا رجل تائب ، روى ذلك مسمع أبو سيار عن أبي عبد اللّه عليه السلام وسأذكر الحديث بلفظه في هذا الكتاب في باب الوديعة إن شاء اللّه تعالى.

باب 339: الحكم برد اليمين وبطلان الحق بالنكول

3345 - روى أبان ، عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أقام المدعي البينة فليس عليه يمين ، وإن لم يقم البينة فرد عليه الذي ادعي عليه اليمين فأبى فلا حق له » (1).

باب 340: الحكم باليمين على المدعى على الميت حقا بعد إقامة البينة

3346 - روي عن ياسين الضرير ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : « قلت للشيخ - يعني موسى بن جعفر - عليهما السلام (2) أخبرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلا يكون له بينة بماله ، قال : فيمين المدعى عليه (3) ، فإن حلف فلا حق له

ص: 63


1- رواه الكليني ج 7 ص 417 بسند فيه ارسال عن أبان عن البقباق عنه عليه السلام والضمير في « أبى » راجع إلى المدعى يعنى المدعى ان لم يقم البينة وطلب المدعى عليه منه اليمين فأبى أن يحلف فلا حق له. ثم اعلم أن « عن جميل » في السند كان مصحف « عن رجل ».
2- كذا في النسخ وقوله « يعنى » من المؤلف وليس في الكافي والتهذيب وعبد الرحمن ثقة وعده الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام لكن هنا وفى التهذيب باب وجوه الصيام ج 1 ص 436 في خبر روى عن أبي الحسن عليه السلام وفى الاستبصار ج 3 ص 133 أيضا في صوم يوم عرفة ، فما استظهر بعض الشراح بأن المراد بالشيخ الصادق عليه السلام لأنه مذكور في رواته دون رواة موسى بن جعفر عليهما السلام لا وجه له.
3- الظاهر أن خبره محذوف أي ثابت ولازم ، وقيل : هو على صيغة اسم الفاعل والضمير المجرور للمنكر أي فيمين المدعى ثابت على المدعى عليه. ( سلطان عن م ق ر )

وإن رد اليمين على المدعي فلم يحلف فلا حق له ، فإن كان المطلوب بالحق قد مات وأقيمت عليه البينة فعلى المدعي اليمين باللّه الذي لا إله إلا هو لقد مات فلان وإن حقه لعليه ، فإن حلف وإلا فلا حق له لأنا لا ندري لعله قد أوفاه بينة لا نعلم موضعهم أو بغير بينة قبل الموت ، فمن ثم صارت عليه اليمين مع البينة ، وإن ادعى بلا بينة فلا حق له لان المدعى عليه ليس بحي ، ولو كان حيا لالزم اليمين أو الحق أو يرد اليمين (1) فمن ثم لم يثبت له حق » (2).

باب 341: حكم المدعيين في حق يقيم كل واحد منهما البينة على أنه له

3347 - روى شعيب (3) ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه ذكر أن عليا عليه السلام أتاه قوم يختصمون في بغلة فقامت البينة لهؤلاء أنهم أنتجوها على مذودهم (4) لم يبيعوا ولم يهبوا ، وقامت البينة لهؤلاء أنهم أنتجوها على مذودهم لم يبيعوا و

ص: 64


1- قال العلامة المجلسي : الخبر يدل على ما هو المشهور من أنه لو كانت الدعوى على ميت يستحلف المدعى مع البينة على بقاء الحق في ذمة الميت ولا يظهر في ذلك مخالف من الأصحاب ، وفى تعدى حكم المسألة إلى ما شاركها في المعنى كالدعوى على الطفل أو الغائب أو المجنون قولان ومذهب الأكثر ذلك نظرا إلى مشاركتهم للميت في العلة المومى إليها فيكون من باب منصوص العلة ومن باب اتحاد طريق المسألتين ، وفيه أن العلة المذكورة في الخبر احتمال توفية الميت قبل الموت وهي غير حاصلة في محل البحث وان حصل مثله إذ مورد النص أقوى من الملحق به ، وذهب جماعة من الأصحاب منهم المحقق إلى العدم قصرا للحكم على مورد النص وهو غير بعيد.
2- أي ولما لم يكن حيا فلا يتصور شئ من الثلاثة فلا يسمع دعواه. ( سلطان )
3- شعيب هذا هو العقرقوفي ابن أخت أبي بصير يحيى بن القاسم وهو ثقة عين ولم يذكر المؤلف طريقه إليه ، ورواه الكليني مع الخبر الآتي في الكافي ج 7 ص 418 في الصحيح كليهما في خبر.
4- أي اتخذوها بالنتاج ، والمذود - كمنبر - معتلف الدابة.

يهبوا ، فقضى عليه السلام بها لأكثرهم بينة واستحلفهم » (1).

3348 - قال أبو بصير : (2) « وسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي القوم فيدعي دارا في أيديهم ويقيم البينة ويقيم الذي في يده الدار البينة أنها ورثها عن أبيه و لا يدري كيف أمرها ، فقال : أكثرهم بينة يستحلف وتدفع إليه ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : لو قال الذي في يده الدار : إنها لي وهي ملكي وأقام على ذلك بينة (3) وأقام المدعي على دعواه بينة كان الحق أن يحكم بها للمدعي لان اللّه عزوجل إنما أوجب البينة على المدعي ولم يوجبها على المدعى عليه (4) ، ولكن هذا المدعى عليه ذكر أنه ورثها عن أبيه ولا يدري كيف أمرها فلهذا

ص: 65


1- وجوب اليمين على من رجحت بينته هو مختار الشهيد في الدروس ، وظاهر عبارة اللمعة عدم وجوب اليمين. ( سلطان )
2- رواه الكليني في صدر الخبر المتقدم.
3- في بعض النسخ « على ذلك البينة ».
4- ظاهره أنه لا فرق بين كون بينة ذي اليد أكثر أو أعدل أم لا في ذلك وهذا يخالف مفهوم ما سيأتي من قوله « واستوى الشهود في العدالة » الا أن يقال : أن ذلك من كلام أبيه ولا يرتضى به ( سلطان ) وقال استاذنا الشعراني - مد ظله العالي - : ظاهر كلام الصدوق يدل على أن ذا اليد لا يقبل بينته إذا كانت خالية عن ذكر السبب ، وأما إذا ذكر السبب فتقبل بينته كما تقبل بينة غير ذي اليد فيعارض بينهما فيرجح الأكثر عددا وقال بعد ذلك فيما لو كان المتداعيان غير ذوي أيدي يرجح الأعدل ثم الأكثر عددا ، ولا فرق بين كون المتصرف أحدهما أو خارجا عنهما والى هذا الاختلاف في الكلام أشار سلطان العلماء ، وأما قبول بينة ذي اليد إذا كانت مستندة إلى سبب فغير بعيدة لان الزام البينة على المنكر ينتفى في الشرع لكونه حرجا فإذا رضى المنكر بإقامة البينة والتزم بالحرج فهو له ، وإنما قلنا الزامه بالبينة حرج لأنه لا يمكن لاحد أن يحفظ الشهود على براءة ذمته من كل دين محتمل وكون ما في يده من الأموال مما لا حق لاحد عليه ، وأيضا فان من شرط شهادة الشهود أن يزيد بها على علم القاضي وظاهر أن الشهود إنما يشهدون على ملك الناس لما في أيديهم باستناد تصرفهم وتقلبهم فيها فلا يزيد بشهادة الشهود على علم القاضي شئ فإنه يعرف تصرفه وتقلبه فيما بيده ولا ينكره المدعى أيضا فلا فائدة في الشهادة الا إذا شهدوا بالسبب فإنه يزيد على الاعتماد على التصرف وهو شئ ينافي شهود المدعى فرضا كما في الحديث إذ شهد كل من البينتين بالانتاج على ندور من شهدت له وحينئذ فلا وجه لرد شهادة ذي اليد مطلقا والحكم بشهادة غير ذي اليد فالصحيح أن يقال : إذا شهدت بينة ذي اليد بالسبب ولم يكتف بالاعتماد على التصرف في الشهادة على الملك قبل منه وعارضت بينه الخارج. وقال سلطان - العلماء - رحمه اللّه - في وجه الحديث : ان بينة الداخل مع ذكر السبب فيه خاصة مقدم على الخارج وهو مختار بعض الأصحاب. راجع المختلف

أوجب الحكم باستحلاف أكثرهم بينة ودفع الدار إليه.

ولو أن رجلا ادعى على رجل عقارا أو حيوانا أو غيره وأقام شاهدين وأقام الذي في يده شاهدين واستوى الشهود في العدالة لكان الحكم أن يخرج الشئ من يدي مالكه إلى المدعي لان البينة عليه ، فإن لم يكن الشئ في يدي أحد وادعى فيه الخصمان جميعا فكل من أقام البينة فهو أحق به ، فإن أقام كل واحد منهما البينة فإن أحق المدعيين من عدل شاهداه ، فان استوى الشهود في العدالة فأكثرهما شهودا يحلف باللّه ويدفع إليه الشئ هكذا ذكره أبي رضي اللّه عنه في رسالته إلي -.

باب 342: الحكم في جميع الدعاوي

قال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : إعلم يا بني أن الحكم في الدعاوي كلها أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ، فإن نكل عن اليمين لزمه الحق (1) ، فإن رد المدعى عليه اليمين على المدعي إذا لم يكن للمدعي شاهدان

ص: 66


1- لعل ذلك مع اللوث لغلبة ظن الحاكم بصدق المدعى فاكتفى بيمينه وهو القسامة على النحو المذكور في كتب الفروع ، ومختاره القضاء بمجرد النكول وهو مختار الشيخين أيضا ، وقيل رد اليمين على المدعى فان حلف قضى بحقه ولا يسقط وهو مختار بعض المحققين. (سلطان)

فلم يحلف فلا حق له إلا في الحدود فلا يمين فيها ، وفي الدم فإن البينة على المدعى عليه ، واليمين على المدعي (1) لئلا يبطل دم امرئ مسلم.

باب 343: الشهادة على المرأة

3349 - روي عن علي بن يقطين (2) عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال : « لا بأس بالشهادة على إقرار المرأة وليست بمسفرة (3) إذا عرفت بعينها أو يحضر من عرفها (4) ، - ولا يجوز عندهم أن يشهد الشهود على إقرارها دون أن تسفر فينظر إليها - ».

3350 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام « في رجل أراد أن يشهد على امرأة ليس لها بمحرم هل يجوز له أن يشهد عليها من وراء الستر ويسمع كلامها إذا شهد عدلان أنها فلانة بنت فلان

ص: 67


1- قيل : هذا مخالف للأصل وعليه الفتوى ، وقيل : هذا مخصوص ببعض الصور كأن يقيم المدعى عليه البينة على نفى الدم عنه وينسب إلى غيره بالبينة العادلة ، وقيل : المراد باليمين هو القسامة وهي خمسون يمينا ، أقول : في الكافي ج 7 ص 415 في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان اللّه حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم ، حكم في أموالكم أن البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه ، وحكم في دمائكم أن البينة على من ادعى عليه واليمين على من ادعى لكيلا يبطل دم امرئ مسلم ».
2- كذا في النسخ وهو الصواب وفى الكافي ج 7 ص 400 عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن أخيه جعفر بن عيسى بن يقطين عن أبي الحسن الأول عليه السلام وكان فيه سقط والصواب « عن أخيه جعفر بن عيسى عن ابن يقطين » وهو علي بن يقطين كما في المتن.
3- سفرت المرأة : كشفت عن وجهها فهي سافر. ( القاموس )
4- إلى هنا مروى في الكافي والتهذيب وفيهما بعده هكذا « فأما ان لا تعرف بعينها ولا يحضر من يعرفها فلا يجوز للشهود أن يشهدوا عليها وعلى اقرارها دون أن تسفر وينظروا إليها » فهو بيان ما يستفاد من أول الحديث وما في المتن بعده نقل مذهب العامة من كلام المؤلف.

التي تشهدك وهذا كلامها ، أو لا تجوز الشهادة عليها حتى تبرز وتثبتها بعينها (1)؟ فوقع عليه السلام : تتنقب وتظهر للشهود إن شاء اللّه » (2) وهذا التوقيع عندي بخطه عليه السلام.

باب 344: ابطال الشهادة على الجنف والربا وخلاف السنة

3351 - روى إسماعيل بن مسلم ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أنه قال : تبطل الشهادة في الربا والجنف (3) ، وإذا قال الشهود : إنا لا نعلم (4) خل

ص: 68


1- في بعض النسخ « يبينها بعينها ».
2- لا يخفى أن مضمون الخبر الأول أنه لا حاجة إلى استسفار الوجه إذا عرفت بعينها وهذا لا ينافيه من هذه الجهة بل يوافقه لأنه عليه السلام أمر بالنقاب ، والمنافاة من جهة أنه اكتفى في السابق بحضور من عرفها ولم يكتف هنا بل أمر بالظهور للشهود ولذا تصدى الشيخ للتوجيه ( سلطان ) وقال في الاستبصار ج 3 ص 19 : « هذا لا ينافي الخبر الأول من وجهين أحدهما أن يكون محمولا على الاحتياط والاستظهار ، والثاني أن يكون تتنقب وتظهر للشهود الذي يعرفون بأنها فلانة لأنه لا يجوز لهم أن يعرفونها بأنها فلانة بسماع الكلام وان لم يشاهدوها لان الاشتباه يدخل في الكلام ويبعد من دخوله مع البروز والمشاهدة » وقال استاذنا الشعراني - مد ظله - : الظاهر أن الشهود الذين أمرت بالظهور لهم غير الشهود الذين شهدوا عليها بالاقرار لان الشهود المعرفين كانوا من المحارم الذين يعرفونها لأنهم رأوها مرارا عديدة وأما شهود الاقرار فلا يعرفونها بعد الظهور والاستسفار أيضا لأنهم لم يروها سابقا فقوله عليه السلام « تتنقب » أي للشهود الذين شهدوا عليها بالاقرار لأنهم أجانب لا يعرفونها ولو بعد الكشف ، وقوله « تظهر » للشهود أي للشهود الذين يشهدون بأنها فلانة إذ يعرفونها بالكشف والرؤية ، ولا يخفى دلالة الحديث على جريان السيرة في عهدهم عليهم السلام في النساء باحتجاب الوجه وعدم جواز الكشف لغير المحارم الا لضرورة.
3- « تبطل » أمر في صورة الخبر ( الوافي ) والجنف - محركة - : الميل والجور وقد جنف في وصيته - كفرح - وأجنف مختص بالوصية ، والجنف مطلق الميل عن الحق. كما في القاموش. وفى بعض النسخ هنا وما يأتي « الحيف ».
4- أي انا كنا لا نعلم أنه ربا أو جنف أو خلاف سنة أو لا نعلم عدم جواز الشهادة عليه ( الوافي ) أو لا نعلم سبب استحقاق المدعى بل إنما شهدنا باقرار المدعى عليه ، أولا نعلم أن مثله في المعاملة لا يوجب الاستحقاق ، ولا يبعد أن يكون ذلك فيما لم يكن بطلانه من ضروريات الدين كالربا. ( مراد )

سبيلهم ، وإذا علموا عزرهم ».

3352 - وفي رواية عبد اللّه بن ميمون ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : يا رسول اللّه أحب أن تشهد لي على نخل نحلتها ابني ، قال : مالك ولد سواه؟ قال : نعم ، قال : فنحلتهم كما نحلته؟ قال : لا ، قال : فإنا معاشر الأنبياء لا نشهد على الجنف » (1).

3353 - وفي رواية أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي - رضي اللّه عنه - قال الصادق عليه السلام : « لا تشهد على من يطلق لغير السنة » (2).

باب 345: الشهادة على الشهادة

3354 - قال الصادق عليه السلام : « إذا شهد رجل على شهادة رجل فإن شهادته تقبل وهي نصف شهادة (3) وإن شهد رجلان عدلان على شهادة رجل فقد ثبت شهادة رجل واحد ».

ص: 69


1- لعل ذلك من خواص الأنبياء عليهم السلام ، فلا يخفى أن سماع قوله « نحلتها ابني » لا يوجب تحمل الشهادة ما لم يعين النحلة والابن ولم يصرح بالاقباض وان المراد بالشهادة ما يترتب عليها حكم حكم الحاكم بمقتضاها ، فلا يرد أن السماع موجب لتحمل الشهادة فكيف يقول صلى اللّه عليه وآله لا نشهد ( مراد ) أقول : قوله « من خواص الأنبياء » لعله لما سيجئ من جواز تفضيل بعض الأولاد على بعض.
2- السنة هنا بالمعنى الأعم أي ما يقابل البدعة كالطلاق في الحيض.
3- لا يصح انقسام اليمين لكنها جزء علة ، فإذا انضم إليها شهادة آخر يصير بمنزلة شاهد واحد. ( م ت )

3355 - وروى غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام كان لا يجيز شهادة رجل على شهادة رجل إلا شهادة رجلين على شهادة رجل ».

3356 - وروي عن عبد اللّه بن سنان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل شهد على شهادة رجل فجاء الرجل (1) فقال : إني لم أشهده قال : تجوز شهادة أعدلهما ، وإن كانت عدالتهما واحدة لم تجز شهادته » (2).

3357 - وسأل صفوان بن يحيى أبا الحسن عليه السلام « عن رجل أشهد أجيره على شهادة ثم فارقه أتجوز شهادته بعد أن يفارقه؟ قال : نعم ، قلت : فيهودي اشهد على شهادة ، ثم أسلم أتجوز شهادته؟ قال : نعم » (3).

3358 - وروى العلاء عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن الذمي والعبد يشهدان على شهادة ثم يسلم الذمي ويعتق العبد أتجوز شهادتهما على ما كانا اشهدا عليه؟ قال : نعم إذا علم منهما بعد ذلك خير جازت شهادتهما ».

3359 - وروى غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال

ص: 70


1- أي المشهود عليه.
2- عمل الشيخ في النهاية وجماعة بمدلول الخبر وقالوا : ان كذب الفرع الأصل تعمل بشهادة أعدلهما فان تساويا طرح الفرع ، والأشهر بين المتأخرين هو أنه إن كان قبل الحكم الحاكم لا عبرة بشهادة الفرع مع تكذيب الأصل وإن كان بعده نفذ حكم الحاكم ولا عبرة بقول الأصل فيحملون هذا الخبر وأمثاله على ما إذا شك الأصل قبل حكم الحاكم فينفذ بعده مطلقا ، ومنهم من قال به بعد الحكم فيبطل شهادة الفرع قبل مطلقا ، والأول أقوى لصحة الخبر. (المرآة)
3- قوله « أشهد أجيره على شهادة » كأنه فهم المصنف منه أنه أشهد الأجير على شهادة شخص آخر وكذا في الخبر الآتي فلذا أوردهما في هذا الباب والظاهر أنه أشهد أجيره على واقعة فالمراد من الشهادة في قوله « على شهادة » هي المشهود به ( سلطان ) وقال في الوافي قوله « على شهادة » أي شهادة شاهد لهذا الرجل فيصير الأجير شاهدا له.

علي عليه السلام : لا تجوز شهادة على شهادة في حد ، ولا كفالة في حد » (1).

3360 - وروي عن محمد بن مسلم عن الباقر أبي جعفر عليه السلام « في الشهادة على شهادة الرجل وهو بالحضرة في البلد ، قال نعم ولو كان خلف سارية ، ويجوز ذلك إذا كان لا يمكنه أن يقيمها لعلة تمنعه من أن يحضر ويقيمها ، فلا بأس بإقامة الشهادة على شهادته » (2).

3361 - وروى عمرو بن جميع ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : « أشهد على شهادتك من ينصحك ، قالوا : أصلحك اللّه كيف يزيد وينقص؟! قال : لا ولكن من يحفظها عليك » (3).

ولا تجوز شهادة على شهادة على شهادة (4).

باب 346: الاحتياط في إقامة الشهادة

3362 - روي عن علي بن غراب (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تشهدن على

ص: 71


1- في الروضة ضابطة قبول الشهادة على الشهادة كل ما لم يكن عقوبة لله تعالى مختصة به كشرب الخمر اجماعا أو مشتركة كالقذف على الخلاف.
2- السارية : الأسطوانة ، وقوله عليه السلام « يجوز ذلك » أي الشهادة على الشهادة مع حضور الأصل وهذا الكلام بمنزلة التقييد والتخصيص لقوله السابق ( سلطان ) أي جواز الاشهاد على شهادته مع حضوره في البلد مشروط بعدم تمكنه. ( مراد )
3- قوله « قالوا أصلحك اللّه » أي الحضار عند أبيه عليه السلام ، ولما كان تخصيص الاشهاد بالناصح أي الذي يريد اصلاح حال المنصوح يوهم أن غير الناصح قد يزيد وينقص في الشهادة قالوا : كيف يزيد وينقص من يشهد على شهادة فبين عليه السلام ان المراد بالناصح من يحفظ الشهادة ( مراد ) أو المراد أن الشاهد مع عدالته لا يزيد ولا ينقص فلا يحتاج إلى كونه ناصحا فأجاب عليه السلام بأن المراد كونه حافظا للشهادة.
4- يمكن أن يكون من تتمة خبر عمرو بن جميع أو كلاما للمؤلف أو خبرا ولم أجده.
5- علي بن غراب مشترك والطريق إليه اما ضعيف أو مجهول والخبر في الكافي عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن حسان وقد ضعفه العلامة ، عن إدريس بن الحسن وهو غير مذكور عن علي بن غياث.

شهادة حتى تعرفها كما تعرف كفك » (1).

3363 - وروي عن علي بن سويد قال : قلت لأبي الحسن الماضي عليه السلام « يشهدني هؤلاء على إخواني؟ قال : نعم أقم الشهادة لهم وإن خفت على أخيك ضررا ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه هكذا وجدته في نسختي ، ووجدت في غير نسختي « وإن خفت على أخيك ضررا فلا » ومعناهما قريب وذلك أنه إذا كان لكافر على مؤمن حق وهو موسر ملي به وجب إقامة الشهادة عليه بذلك وإن كان عليه ضرر بنقص من ماله ، ومتى كان المؤمن معسرا وعلم الشاهد بذلك فلا تحل له إقامة الشهادة عليه وإدخال الضرر عليه بأن يحبس أو يخرج عن مسقط رأسه أو يخرج خادمه عن ملكه ، وهكذا لا يجوز للمؤمن أن يقيم شهادة يقتل بها مؤمن بكافر ومتى كان غير ذلك فيجب إقامتها عليه ، فإن في صفات المؤمن ألا يحدث أمانته الأصدقاء ولا يكتم شهادة الأعداء (2).

3364 - وروي عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل يشهدني على الشهادة فأعرف خطي وخاتمي ولا أذكر من الباقي قليلا ولا كثيرا ، فقال : إذا كان صاحبك ثقة ومعك رجل ثقة فأشهد له » (3).

ص: 72


1- ظاهره في الشهادة على الشهادة ، ويمكن أن يكون « على » بمعنى « في » أو الشهادة بمعنى المشهود به.
2- روى الكليني في الكافي ج 2 ص 231 باسناده عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : « المؤمن يصمت ليسلم ، وينطق ليغنم ، لا يحدث أمانته الأصدقاء ولا يكتم شهادته من البعداء ، وفى بعض نسخه « من الأعداء ».
3- حمله العلامة في المختلف على ما إذا حصل بالقرائن الحالية والمقالية للشاهد ما استفاد به العلم وحينئذ فشهادته مستندة إلى العلم لا إلى خطه ، والشيخ - رحمه اللّه - في النهاية عمل باطلاق الخبر ولم يقيده بالخاتم كما ذكر واللازم ذلك وقوفا فيما خالف الأصل على مورده مع معارضته باخبار كثيرة دلت على عدم الاكتفاء بذلك. ( الروضة البهية )

وروي أنه لا تكون الشهادة إلا بعلم ، من شاء كتب كتابا [ أ ] ونقش خاتما (1).

باب 347: شهادة الوصي للميت وعليه دين

3365 - كتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام « هل تقبل شهادة الوصي للميت بدين له على رجل مع شاهد آخر عدل؟ فوقع عليه السلام : إذا شهد معه آخر عدل فعلى المدعي يمين. (2) وكتب إليه أيجوز للوصي أن يشهد لوارث الميت صغيرا أو كبيرا بحق له على الميت أو على غيره وهو القابض للوارث الصغير وليس للكبير بقابض؟ فوقع عليه السلام : نعم وينبغي للوصي أن يشهد بالحق (3) ولا يكتم شهادته. وكتب إليه أو تقبل شهادة الوصي على الميت بدين مع شاهد آخر

ص: 73


1- روى الكليني في الكافي عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا تشهد بشهادة لا تذكرها فإنه من شاء كتب كتابا ونقش خاتما ».
2- لعل المراد به وارث الميت والحكم بها كناية عن عدم قبول شهادة الوصي فيما هو وصى فيه كما هو المشهور ( خلافا لابن الجنيد حيث قبل شهادة الوصي ومال إليه في الدروس ) فيثبت الحق بالشاهد الواحد واليمين وعلى هذا يحتاج إلى تأويل فيما بعد ، ويحتمل أن يقال المراد ضم اليمين هنا إلى الشاهدين للاستظهار كما في بعض المواضع وحينئذ لا يحتاج إلى تأويل فيما بعد لكن خلاف المشهور من جهتين ( سلطان ) وفى الوافي : إنما أوجب اليمين في المسألة الأخيرة لان الدعوى على الميت وأما في المسألة الأولى فلعله للاستظهار والاحتياط لمكان التهمة ، وقال العلامة المجلسي : قوله « فعلى المدعى يمين » أي لا عبره بشهادة الوصي ومع وجود شاهد آخر يثبت الحق به وبيمين الوارث.
3- هذا لا ينافي عدم قبول شهادته في حق الصغير كما هو المشهور من عدم قبول شهادة الوصي فيما هو وصى فيه ، وذهب ابن الجنيد إلى قبولها كما يوهمه الخبر. ( المرآة )

عدل؟ فوقع عليه السلام : نعم من بعد يمين » (1).

باب 348: النهى عن احياء الحق بشهادات الزور

3366 - سئل أبو عبد اللّه عليه السلام (2) « عن الرجل يكون له على الرجل حق فيجحد حقه ويحلف أن ليس له عليه شئ وليس لصاحب الحق على حقه بينة أيجوز له إحياء حقه بشهادة الزور إذا خشي ذهاب حقه؟ قال : لا يجوز ذلك لعلة التدليس » وهذا في رواية يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

باب 349: نوادر الشهادات

3367 - قال الصادق عليه السلام : « إذا دفنت في الأرض شيئا فأشهد عليها فإنها لا تؤدي إليك شيئا ».

3368 - وقال عليه السلام : « أول شهادة شهد بها بالزور في الاسلام شهادة سبعين رجلا حين انتهوا إلى ماء الحوأب فنبحتهم كلابها فأرادت صاحبتهم الرجوع ، و قالت : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول لأزواجه : « إن إحداكن تنبحها كلاب الحوأب (3)

ص: 74


1- يدل مع صحته على ثبوت اليمين الاستظهاري إذا كان الدعوى على الميت ، إذ لا مانع من قبول شهادة الوصي على الميت وإنما لا يقبل إذا كانت له. ( المرآة )
2- مروى في الكافي ج 7 ص 388 والتهذيب ج 2 ص 80 عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحابه عنه عليه السلام.
3- الحوأب : موضع بئر من مياه العرب على طريق البصرة وفيه نبحت كلابه على عائشة عند مقبلها إلى البصرة كما في المجلد الثالث ص 356 من معجم الحموي وقال : « في الحديث أن عائشة لما أرادت المضي إلى البصرة في وقعة جمل مرت بهذا الموضع فسمعت نباح الكلاب فقالت : ما هذا الموضع؟ فقيل لها : هذا موضع يقال له : حوأب فقالت : ردوني وهمت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها أنه ليس بالحوأب ». وفى شرح النهج لابن أبي الحديد قال : « قال أبو مخنف : لما انتهت عائشة في مسيرها إلى الحوأب وهو ماء لبنى عامر بن صعصعة نبحتها الكلاب حتى نقرت صعاب ابلها ، فقال قائل من أصحابها : الا ترون ما أكثر كلاب الحوأب وما أنشد نباحها ، فأمسكت زمام بعيرها وقالت : وانها لكلاب الحوأب؟ ردوني ردوني ، فانى سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه يقول. وذكرت الخبر ، فقال قائل : مهلا يرحمك اللّه ، فقد جزنا ماء الحوأب ، فقالت : فهل من شاهد؟ فلفقوا لها خمسين أعرابيا جعلوا لهم جعلا ، فحلفوا لها ان هذا ليس بماء الحوأب ، فسارت لوجهها ».

في التوجه إلى قتال وصيي علي بن أبي طالب عليه السلام « فشهد عندها سبعون رجلا إن ذلك ليس بماء الحوأب ، فكانت أول شهادة شهد بها في الاسلام بالزور ».

3369 - وقيل للصادق عليه السلام : « إن شريكا يرد شهادتنا ، فقال : لا تذلوا أنفسكم » (1).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : ليس يريد عليه السلام بذلك النهي عن إقامتها لان إقامة الشهادة واجبة ، إنما يعني بها تحملها يقول : لا تتحملوا الشهادات فتذلوا أنفسكم بإقامتها عند من يردها ، وقد روي عن أبي كهمس أنه قال : « تقدمت إلى شريك في شهادة لزمتني فقال لي : كيف أجيز شهادتك وأنت تنسب إلى ما تنسب إليه ، قال أبو كهمس : فقلت : وما هو؟ قال : الرفض ، قال : فبكيت ثم قلت : نسبتني إلى قوم أخاف ألا أكون منهم ، فأجاز شهادتي » وقد وقع مثل ذلك لابن أبي يعفور ولفضيل سكرة.

ص: 75


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 86 باسناده عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عنه عليه السلام والمراد بشريك شريك بن عبد اللّه بن أبي شريك النخعي الكوفي القاضي وكان من قضاة العامة ولى القضاء بواسط سنة 155 ثم ولى الكوفة وتوفى بها سنة سبع وسبعين ومائة ، وقيل : المراد أنه لا تذلوا أنفسكم بإقامة الشهادة عند من لا يقبلها.

باب 350: الشفعة

الشفعة(1)

3370 - روى طلحة بن زيد عن الصادق عن أبيه عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قضى بالشفعة ما لم تورف (2) - يعني تقسم - ).

3371 - وروى عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن ، وقال : لا ضرر ولا [ إ ] ضرار » (3).

ص: 76


1- الشفعة - بالضم - : استحقاق حق تملك الشقص على شريكه المتجدد ملكه قهرا بعوض والشريك شفيع لأنه يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به وكأنه كان واحدا وترا فصار زوجا شفعا ( م ت ) وفى الشرايع هي استحقاق أحد الشريكين حصة شريكه بسبب انتقالها بالبيع.
2- في فصل الهمزة من القاموس « الأرفة - بالضم - : الحد بين الأرضين » وفى فصل الواو « ورف الأرض - من باب التفعيل - قسمها ». وطلحة بن زيد بتري يكنى أبا الخزرج كان ضعيفا عامي المذهب.
3- نهى في صورة النفي. أي لا يضر الرجل ابتداء ولا يضره جزاء لان الضرر يكون من الواحد ، والضرار من الاثنين بمعنى الضارة ، وهو أن تضر من ضرك ، وفى المجمع : الضرار فعال من الضر أي يجازيه على اضراره بادخال الضرر عليه ، والضرر فعل الواحد والضرار فعل الاثنين ، والضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه ، « وقيل : الضرر ما تضر به صاحبك وتنتفع أنت به ، والضرار أن تضره من غير أن تنتفع أنت به. وقال أستاذنا الشعراني - مد ظله - : اختلف أصحابنا في ثبوت الشفعة في جميع الاملاك أو في بعضها ، وأثبت كثير من قدمائنا الشفعة في كل مال منقول أو غير منقول وخصها كثير من المتأخرين بغير المنقول ، قال في القواعد : كل عقار ثابت مشترك بين اثنين قابل للقسمة ، وعلى هذا فلا تثبت في المنقول ولا في البناء ولا الأشجار من غير المنقول إذا بيعا منفردين ولا في مثل الغرفة المبنية على بيت لعدم كونها ثابتة على الأرض ، فلا تدخل تلك الغرفة في شفعة الأرض تبعا للأرض وتثبت في الدولاب تبعا لأنه غير منقول في العادة ، ولا تثبت في الثمرة على الشجرة ولو تبعا ، ولا تثبت الشفعة في كل مال غير قابل للقسمة وإن كان غير منقول كالطاحونة وبئر الماء والحمام وذلك لان حكمة الشفعة التضرر بالقسمة وإذا لم يمكن تقسيم المال أمن الضرر ولا يمكن أن يكون نفس الشركة ضررا موجبا للشفعة فإنها كانت حاصلة ولم يثبت بالبيع شئ لم يكن. قلت : يمكن أن تكون الحكمة أن الشريك الأول ربما يكون بحيث يمكن مساكنته ومعاملته بخلاف الشريك الثاني إذ ربما يكون سيئ المعاشرة والمعاملة فلذلك تثبت الشفعة شرعا.

3372 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا أرفت الارف وحدت الحدود فلا شفعة (1) [ ولا شفعة إلا لشريك غير مقاسم ] » (2).

3373 - وروى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : « قال علي عليه السلام (3) : الشفعة على عدد الرجال » (4).

3374 - وفي رواية طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : « قال علي عليه السلام : الشفعة على عدد الرجال ».

ص: 77


1- هذا الخبر في الكافي والتهذيب جزء من خبر عقبة بن خالد.
2- هذا الذيل ليس في بعض النسخ ولا الكتابين ولعلها من زيادات النساخ.
3- في بعض النسخ « قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ».
4- أي لكل واحد من الشركاء استحقاق الاخذ بالشفعة وظاهر هذا الخبر وما يأتي بل وخبر عقبة بن خالد حصول الشفعة مع تعدد الشركاء وأنها على عدد الرؤوس لا على قدر السهام ، وفى ثبوت الشفعة مع كثرة الشركاء اختلاف بين الفقهاء - قدس اللّه أسرارهم - وذلك لاختلاف النصوص ففي التهذيب في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تكون الشفعة الا لشريكين ما لم يتقاسما فإذا صاروا ثلاثة فليس لواحد منهم شفعة » وفى آخر كما يأتي عنه عليه السلام « إذا كان الشئ بين الشريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره ، فان زاد على الاثنين فلا شفعة لاحد منهم » وعمل بذلك الاخبار علي بن بابويه - كما في الايضاح - والصدوق نفسه في المقنع ونسب ثبوتها مع الكثرة إلى الرواية ، والشيخان والمرتضى والسلار وأبو الصلاح وابن البراج وابن حمزة وابن زهرة وقطب الدين الكيدري وابن إدريس - وادعى عليه الاجماع في السرائر - والمحقق والعلامة. وبما خالفها من الاخبار الصدوق في الفقيه في غير الحيوان وابن الجنيد ، وحجة القائلين بعدم ثبوتها مع الكثرة سوى النصوص أصالة عدم الشفعة وثبوت الملك في غير موضع الوفاق. راجع لمزيد البيان المسالك ج 2 ص 272.

3375 - وقال عليه السلام : « ليس لليهودي والنصراني شفعة ، ولا شفعة إلا لشريك غير مقاسم » (1).

3376 - وفي رواية طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : الشفعة لا تورث » (2).

3377 - وفي رواية السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا شفعة في سفينة ولا في نهر ولا في طريق ولا في رحى ولا في حمام »(3).

3378 - وقال علي عليه السلام : « وصي اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة إذا كانت

ص: 78


1- رواه الشيخ والكليني عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وقوله عليه السلام : « ليس لليهودي - الخ » أي على المسلم للاجماع على ثبوتها لهما على غير المسلم ، وعدم ثبوت شفعة الكافر على المسلم أيضا اجماعي.( المرآة )
2- قال في الروضة : الشفعة تورث عن الشفيع كما يورث الخيار في أصح القولين لعموم أدلة الإرث ، وقيل : لا يورث استنادا إلى رواية ضعيفة السند وهي رواية طلحة بن زيد.
3- حمل على ما إذا كانت هذه الأشياء ضيقة لا تقبل القسمة ، قال استاذنا الشعراني : أما السفينة فمال منقول وأيضا غير قابل للقسمة ، والنهر غير قابل لها غالبا ، والطريق ان بيع منفردا عن الدور فلا شفعة فيها إن كان ضيقا غير قابل للتقسيم كما هو الغالب في الطريق التي تباع ، والرحى والحمام أيضا لا يقبلان القسمة ، فهذا الخبر لا يخالف مذهب أكثر المتأخرين فإنهم اشترطوا امكان الانقسام في المأخوذ بالشفعة لان في كثير من أخبار - الشفعة اثباتها في ما لم يقسم وظاهرها أن يكون قابلا للانقسام ولم يقسم لا السالبة بانتفاء القابلية - انتهى. وفى الشرايع « في ثبوت الشفعة في النهر والطريق والحمام وما لا تضر قسمته تردد أشبهه أنها لا تثبت ، ونعني بالضرر أن لا ينتفع به بعد قسمته ، والمتضرر لا يجبر على القسمة ، ولو كان الحمام أو الطريق أو النهر مما لا تبطل منفعته بعد القسمة أجبر الممتنع وتثبت الشفعة.

[ له ] رغبة ، وقال عليه السلام : للغائب الشفعة » (1).

3379 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إذا وقعت السهام ارتفعت الشفعة (2).

3380 - وسئل الصادق عليه السلام (3) « عن الشفعة لمن هي؟ وفي أي شئ هي؟ وهل تكون في الحيوان شفعة؟ وكيف هي؟ قال : الشفعة واجبة في كل شئ من حيوان أو أرض أو متاع إذا كان الشئ بين شريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره ، فإن زاد على الاثنين فلا شفعة لاحد منهم » (4).

ص: 79


1- مروى في الكافي ج 5 ص 281 عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عنه صلوات اللّه عليهما. وقوله عليه السلام « إذا كانت له رغبة » أي مصلحة للطفل فيها ، ويدل على أن الأب والجد والوصي يأخذون بالشفعة للطفل إذا كان له غبطة ، و على أن للغائب شفعة كما هو المشهور فيهما. و قال المحقق:« و تثبت للغائب و السفيه و كذا المجنون و السبى و يتولى الاخذ وليهما مع الغبطة» و قال في المسالك: لا شبهة في ثبوتها لمن ذكر لعموم الأدلة المتناولة للمولى عليه و غيره، و أمّا الغائب فيتولى هو الاخذ بعد حضوره و ان طال زمان الغيبة، و لو تمكن من المطالبة في الغيبة بنفسه أو وكيله فكالحاضر، و لا عبرة بتمكنه من الاشهاد على المطالبة فلا يبطل حقه و لو لم يشهد بها.
2- مروى في الكافي ج 5 ص 280 في الضعيف عن حماد ، عن جميل ، عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام.
3- في الكافي والتهذيب مسندا عن يونس عن بعض رجاله عن الصادق عليه السلام.
4- قال في المسالك ج 2 ص 269 : « اختلف الأصحاب في محل الشفعة من الأموال بعد اتفاقهم على ثبوتها في العقار الثابت للقسمة كالأرض والبساطين على أقوال كثيرة منشاؤها اختلاف الروايات فذهب أكثر المتقدمين وجماعة من المتأخرين منهم الشيخان والمرتضى و ابن الجنيد وأبو الصلاح وابن إدريس إلى ثبوتها في كل مبيع منقولا كان أم لا ، قابلا للقسمة أم لا ، ومال إليه الشهيد في الدروس ونفى عنه العبد ، وقيده آخرون بالقابل للقسمة وتجاوز آخرون بثبوتها في المقسوم أيضا اختاره ابن أبي عقيل واقتصر أكثر المتأخرين على ما اختاره المحقق من اختصاصها بغير المنقول عادة مما يقبل القسمة » والمراد بقبول القسمة هو أن لا يخرج عن حد الانتفاع بحيث لا يمكن الاستفادة المعتد بها منه.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني بذلك الشفعة في الحيوان وحده فأما في غير الحيوان فالشفعة واجبة للشركاء وإن كانوا أكثر من اثنين ، وتصديق ذلك ما رواه (1) :

3381 - أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألته عن مملوك بين شركاء أراد أحدهم بيع نصيبه ، قال : يبيعه ، قال قلت : فإنهما كانا اثنين ، فأراد أحدهما بيع نصيبه فلما أقدم على البيع قال له شريكه : أعطني ، قال : هو أحق به ، ثم قال عليه السلام : لا شفعة في حيوان إلا أن يكون الشريك فيه واحدا » (2).

3382 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل اشترى دارا برقيق ومتاع وبز وجوهر ، فقال : ليس لأحد فيها شفعة » (3).

وإذا كانت دارا فيها دور وطريق أربابها في عرصة واحدة فباع أحدهم دارا منها من رجل وطلب صاحب الدار الأخرى الشفعة فإن له عليه الشفعة إذا لم يتهيأ

ص: 80


1- قال الفاضل التفرشي : يمكن التوفيق بينه وبين ما سبق من جريان الشفعة مع تكثر الشركاء بأن يكون هذا على وجوب الشفعة أي وجوب دفع المشترى ما اشتراه إلى الشريك الواحد عند طلبه وحمل ما سبق على استحباب ذلك أي استحباب دفعه عند طلب الشركاء ، وأما حمل المصنف ففي غاية البعد واستشهاده مبنى على اعتبار المفهوم في قوله عليه السلام « لا شفعة في حيوان » وهو غير حجة على ما تقرر في الأصول مع أنه من قبيل مفهوم اللقب.
2- مفهوم هذه الرواية ثبوت الشفعة في غير الحيوان إذا كان الشريك أكثر. ولا يخفى ضعف دلالة المفهوم مع تضمن الخبر ثبوت الشفعة في الحيوان وفى موثقة سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « ليس في الحيوان شفعة » ( التهذيب ج 2 ص 163 ).
3- في المسالك : لا خلاف في ثبوت الشفعة على تقدير كون الثمن مثليا ، واختلفوا فيما إذا كان قيميا فذهب جماعة منهم الشيخ في الخلاف مدعيا الاجماع والعلامة في المختلف إلى عدم ثبوت الشفعة حينئذ اقتصارا فيما خالف الأصل على موضع اليقين ولرواية علي بن رئاب عن الصادق عليه السلام وذهب الأكثر ومنهم الشيخ في غير الخلاف ، والعلامة في غير المختلف إلى ثبوتها لعموم الأدلة ولان القيمة بمنزلة العوض المدفوع ولضعف مستند المنع سندا ودلالة أما الأول ففي طريقة الحسن بن سماعة وهو واقفي والعجب من دعوى العلامة في التحرير صحته مع ذلك ، ودلالته على موضع النزاع ممنوعة ، فان نفى الشفعة أعم من كونه بسبب كون الثمن قيميا أو غيره إذ لم يذكر أن في الدار شريكا فجاز نفى الشفعة لذلك عن الجار وغيره أو لكونها غير قابلة للقسمة أو لغير ذلك ، وبالجملة فان المانع من الشفعة غير مذكور وأسباب المنع كثيرة فلا وجه لحمله على المتنازع فيه أصلا ، والعجب مع ذلك من دعوى أنها نص في الباب مع أنها ليست ظاهرة فضلا عن النص - انتهى ، أقول : تضعيفه - رحمه اللّه - السند لا وجه له لأنه مبنى على طريق الشيخ في التهذيب حيث رواه باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن ابن محبوب عن ابن رئاب وأما المصنف فطريقه إلى ابن محبوب في غاية الصحة حيث رواه عن شيخه محمد بن موسى بن المتوكل وهو ثقة جليل ، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري القمي وهو شيخ القميين ووجههم - وثقه الشيخ والنجاشي وغيرهما - أو عن سعد بن عبد اللّه القمي الأشعري وهو شيخ الطائفة وفقيهها ووجهها وثقه كلهم ، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن سعد بن مالك الأشعري الذي هو من الاجلاء وكان شيخا وجيها فقيها غير مدافع وثقه النجاشي والشيخ والعلامة. والبز اما مطلق الثياب أو متاع البيت الثياب وغيره.

له أن يحول باب الدار التي اشتراها إلى موضع آخر (1) ، فإن كان حول بابها فلا شفعة لاحد عليه (2).

ص: 81


1- كأن مدرك هذه الفتوى حسنة منصور بن حازم قال « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن دار فيها دور وطريقهم واحد في عرصة الدار فباع بعضهم منزله من رجل هل لشركائه في الطريق أن يأخذوا بالشفعة؟ فقال : إن كان باع الدار وحول بابها إلى طريق غير ذلك فلا شفعة لهم ، وان باع الطريق مع الدار فلهم الشفعة » رواه الكليني ج 5 ص 280 في الحسن كالصحيح ، وروى في آخر حسن عن منصور أيضا قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : دار بين قوم اقتسموها فأخذ كل واحد منهم قطعة وبناها وتركوا بينهم ساحة فيها ممرهم ، فجاء رجل فاشترى نصيب بعضهم أله ذلك؟ قال : نعم ولكن يسد بابه ويفتح بابا إلى الطريق أو ينزل من فوق البيت و يسد بابه فان أراد صاحب الطريق بيعه فإنهم أحق به والا فهو طريقه يجيئ حتى يجلس على ذلك الباب ».
2- هذا إذا لم يكن البايع قد باع حقه من الطريق المشترك مع داره ، بل باع الدار فقط وفتح لها بابا إلى الطريق السالك فلا شفعة حينئذ لأن المبيع غير مشتركة ولا في حكمه كالاشتراك في الطريق وإن كان باع الدار مع الطريق المشترك تثبت الشفعة. ( زين الدين )

ومن طلب شفعة وزعم أن ماله غير حاضر وأنه في بلد آخر انتظر به مسيرة الطريق في ذهابه ورجوعه وزيادة ثلاثة أيام فإن أتى بالمال وإلا فلا شفعة له (1).

وإذا قال طالب الشفعة للمشتري : بارك اللّه لك فيما اشتريت (2) أو طلب منه مقاسمة فلا شفعة له (3).

وكان شيخنا محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه - يقول : ليس في الموهوب والمعاوض به شفعة (4) إنما الشفعة فيما اشتريت بثمن معلوم ذهب أو فضة ويكون غير مقسوم.

ص: 82


1- في المسالك : « إذا ادعى غيبة الثمن فان ذكر أنه ببلده أجل ثلاثة أيام من وقت حضوره للاخذ وان ذكر أنه ببلد آخر أجل مقدار ذهابه وعوده وثلاثة أيام كما تقتضيه الرواية » أقول : الظاهر مراده من الرواية حسنة علي بن مهزيار في التهذيب ج 2 ص 163 « قال : سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عن رجل طلب شفعة أرض فذهب على أن يحضر المال فلم يتفق فكيف يصنع صاحب الأرض ان أراد بيعها أيبيعها أو ينتظر مجئ شريكه صاحب الشفعة؟ قال : إن كان معه بالمصر فلينتظر به ثلاثة أيام فان أتاه بالمال والا فليبع وبطلت شفعته في الأرض ، وان طلب الأجل إلى أن يحمل المال من بلد آخر فلينتظر به مقدار ما سافر الرجل إلى تلك البلدة وينصرف وزيادة ثلاثة أيام إذا قدم فان وافاه والا فلا شفعة له » وقيده الأصحاب بما إذا لم يتضرر المشترى بالتأخير بأن كان البلد الذي نسب الثمن إليه بعيدا جدا كالعراق من - الشام ونحو ذلك والا بطلت ، والمراد ببطلانها على تقدير عدم احضاره في المدة المضروبة سقوطها.
2- لتضمنه الرضا بالبيع أو لمنافاته الفورية ، وفيه كلام راجع المسالك ج 2 ص 283.
3- هذا أيضا من حيث دلالته على الرضا بالبيع المبطل للشفعة.
4- ذلك لاشتراط انتقال الشقص بالبيع فلا تثبت لو انتقل بهبة أو صلح أو صداق أو صدقة خلافا لابن الجنيد حيث ذهب إلى ثبوتها بانتقال الحصة وان لم يكن بعقد وقيل : وكأنه احتج بأن حكمة تشريعها موجودة في جميع صور الانتقالات وفيه نظر لان وجود الحكمة غير كاف لعدم الانضباط والشارع ضبطها بالبيع لكونها وصفا مضبوطا ألا ترى أنه ضبط القصر بالسفر وان وجدت المشقة في غيره ، ويمكن أن يقال : التخصيص بالذكر ليس دليلا على تخصيص الحكم به لان الغالب في المعاملات ونقل الاملاك البيع ، واستدل أيضا بخبر أبي بصير الآتي وفيه نظر لجواز أن يكون نفى الشفعة لكثرة الشركاء ، والحق أن حق الشفعة خلاف الأصل وكل ما هو على خلاف الأصل يقتصر فيه على موارد النص.

وحديث علي بن رئاب يؤيد ذلك (1).

وإذا تبرأ الرجل إلى الرجل من نصيبه في دار أو أرض فلا شفعة لاحد عليه (2) ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم.

3383- وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام (3) قال : « سألته عن رجل تزوج امرأة على بيت في دار له ، وله في تلك الدار شركاء ، قال : جائز له ولها ، ولا شفعة لاحد من الشركاء عليها » (4).

باب 351: الوكالة

3384 - روي جابر بن يزيد ، ومعاوية بن وهب (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « من وكل رجلا على إمضاء أمر من الأمور فالوكالة ثابتة أبدا حتى يعلمه بالخروج منها كما أعلمه بالدخول فيها » (6).

3385 - وروى عن عبد اللّه بن مسكان ، عن أبي هلال الرازي قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « رجل وكل رجلا بطلاق امرأته إذا حاضت وطهرت ، وخرج الرجل

ص: 83


1- حيث نفى الشفعة فيما إذا كان الثمن قيميا.
2- الظاهر أن المراد أنه جعل نفسه بريئا من نصيبه في ذلك الشئ وأعطاه لشريكه وأبرأه من حصته فلا شفعة لان الشفعة مختصة بالبيع. ( سلطان )
3- في بعض النسخ « عن أبي عبد اللّه عليه السلام ».
4- استدل به على انحصار حق الشفعة بالبيع وتقدم الاشكال فيه.
5- طريق المصنف إلى جابر بن يزيد ضعيف بعمرو بن شمر ، والى معاوية بن وهب صحيح كما في الخلاصة.
6- التشبيه اما في أصل الاعلام أو في كيفيته ، فعلى الثاني لا يكفي اخبار الواحد غير العدل بل العادل ، لكن صحيحة هشام بن سالم كما سيأتي تحت رقم 3385 - تدل على الاكتفاء بالثقة ( سلطان ) وقال المولى المجلسي : يمكن أن يقال بجواز الدخول في الوكالة أيضا بقول الثقة وان لم يثبت الا بالعدل وهو الأظهر من الاخبار. أقول : في الروضة « لا يكفي في انعزاله الاشهاد من الموكل على عزله على الأقوى خلافا للشيخ وجماعة ».

فبدا له فأشهد أنه قد أبطل ما كان أمره به وأنه قد بدا له في ذلك ، قال : فليعلم أهله وليعلم الوكيل » (1).

3386 - وروي عن علاء بن سيابة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة وكلت رجلا بأن يزوجها من رجل فقبل الوكالة فأشهدت له بذلك فذهب الوكيل فزوجها ثم إنها أنكرت ذلك الوكيل وزعمت أنها عزلته عن الوكالة ، فأقامت شاهدين أنها عزلته ، فقال : ما يقول من قبلكم في ذلك؟ قال : قلت : يقولون ينظر في ذلك ، فإن كانت عزلته قبل أن يزوج فالوكالة باطلة والتزويج باطل ، وإن عزلته وقد زوجها فالتزويج ثابت على ما زوج الوكيل وعلى ما اتفق معها من الوكالة إذا لم يتعد شيئا مما أمرت به واشترطت عليه في الوكالة ، قال : ثم قال : يعزلون الوكيل عن وكالتها ولم تعلمه بالعزل؟! فقلت : نعم يزعمون أنها لو وكلت رجلا وأشهدت في الملا و قالت في الملا اشهدوا اني قد عزلته وأبطلت وكالته بلا أن يعلم بالعزل وينقضون جميع ما فعل الوكيل في النكاح خاصة ، وفي غيره لا يبطلون الوكالة إلا أن يعلم الوكيل بالعزل ويقولون : المال منه عوض لصاحبه (2) والفرج ليس منه عوض إذا وقع منه ولد (3) فقال عليه السلام : سبحان اللّه ما أجور هذا الحكم وأفسده!! إن النكاح أحرى و أحرى أن يحتاط فيه وهو فرج ومنه يكون الولد ، إن عليا عليه السلام أتته امرأة استعدته على أخيها (4) فقالت : يا أمير المؤمنين وكلت أخي هذا بأن يزوجني رجلا وأشهدت له ثم عزلته من ساعته تلك فذهب فزوجني ولي بينة أني عزلته قبل أن يزوجني فأقامت البينة ، فقال الأخ : يا أمير المؤمنين إنها وكلتني ولم تعلمني أنها عزلتني

ص: 84


1- أما اعلام الوكيل فظاهر ، وأما اعلام الأهل فللتأكيد استحبابا أو لادخال السرور عليها ( م ت ) وظاهره أنه بدون الاعلام لا ينعزل.
2- أي فلو كانت الوكالة باطلة كان الامر سهلا لان له عوضا.
3- أي لو كان العقد باطلا كان الولد ولد زنا وليس النكاح من قبيل المعاوضات حتى لو كان باطلا كان المهر بإزاء الوطي وكان عوضه لان الزنا لا عوض له ، فالاحتياط عدم امضاء الوكالة. ( م ت )
4- استعداه : استغاثه واستنصره. ( القاموس )

عن الوكالة حتى زوجتها كما أمرتني ، فقال لها : ما تقولين؟ قالت : قد أعلمته يا أمير المؤمنين ، فقال لها : ألك بينة بذلك؟ فقالت : هؤلاء شهودي يشهدون ، قال لهم : ما تقولون؟ قالوا : نشهد إنها قالت : اشهدوا إني قد عزلت أخي فلانا عن الوكالة بتزويجي فلانا واني مالكة لامري قبل ان يزوجني فلانا ، فقال « أشهدتكم على ذلك بعلم منه ومحضر؟ قالوا : لا ، قال : فتشهدون أنها أعلمته العزل كما أعلمته الوكالة؟ قالوا : لا ، قال : أرى الوكالة ثابتة والنكاح واقعا أين الزوج؟ فجاء فقال : خذ بيدها بارك اللّه لك فيها ، قالت : يا أمير المؤمنين أحلفه أني لم أعلمه العزل وأنه لم يعلم بعزلي إياه قبل النكاح ، فقال : وتحلف (1)؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين فحلف وأثبت وكالته وأجاز النكاح ».

3387 - وروي عن داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل قال لاخر : اخطب لي فلانة فما فعلت شيئا مما قاولت من صداق أو ضمنت من شئ أو شرطت فذلك لي رضى وهو لازم لي ، ولم يشهد على ذلك ، فذهب فخطب له وبذل عنه الصداق وغير ذلك مما طالبوه وسألوه ، فلما رجع أنكر ذلك كله ، قال : يغرم لها نصف الصداق عنه (2) ، وذلك أنه هو

ص: 85


1- بطريق الاستفهام ولعل المراد أنه هل يقدر على الحلف أو تنكل عنه لا أن المراد تخييره في الحلف ، وفائدة هذا الحلف غير ظاهر لان النكاح قد ثبت ولا معنى للحلف لاثبات حق الغير فلو قال الوكيل بعد ذلك انها أعلمتني لم يسمع في حق الزوج فكيف إذا نكل نعم لو أقر بالأعلام لغرر. ( سلطان )
2- للأصحاب في هذه المسألة ثلاثة أقوال : الأول لزوم كل المهر على الوكيل وهو اختيار الشيخ في النهاية ، والثاني - وهو المشهور بين الأصحاب واختاره الشيخ في المبسوط - لزوم نصف المهر على الوكيل مستندا بهذه الرواية وبأنه فسخ قبل الدخول فيجب معه نصف المهر كالطلاق والثالث - وهو مختار المحقق - بطلان النكاح ظاهرا وانتفاء المهر ظاهرا ، ويمكن حمل الرواية بناء على هذا المذهب على ضمان الوكيل المهر وفى الرواية اشعار به. ( سلطان )

الذي ضيع حقها (1) ، فلما لم يشهد لها عليه بذلك الذي قال له (2) ، حل لها أن تتزوج ، ولا تحل للأول فيما بينه وبين اللّه عزوجل إلا أن يطلقها (3) لان اللّه تعالى يقول : « فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان » فإن لم يفعل فإنه مأثوم فيما بينه وبين اللّه عزوجل وكان الحكم الظاهر حكم الاسلام ، وقد أباح اللّه عز وجل لها أن تتزوج ».

3388 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل وكل آخر على وكالة في أمر من الأمور وأشهد له بذلك شاهدين ، فقام الوكيل فخرج لامضاء الامر ، فقال : اشهدوا أني قد عزلت فلانا عن الوكالة ،

ص: 86


1- حيث ترك الاشتهاد.
2- « عليه » أي على الموكل « بذلك الذي قال له » أي التوكيل. قال في الشرايع « إذا زوجه امرأة فأنكر الوكالة ولا بينة كان القول قول الموكل مع يمينه ، ويلزم الوكيل مهرها وروى نصف مهرها وقيل يحكم ببطلان العقد في الظاهر ويجب على الموكل أن يطلقها إن كان يعلم صدق الوكيل وأن يسوق إليها نصف المهر وهو قوى » وقال في المسالك : وجه الأول أن المهر يجب بالعقد كلا وإنما ينتصف بالطلاق وليس. وقد فوته الوكيل عليها بتقصيره بترك الاشهاد فيضمنه وهو اختيار الشيخ في النهاية ، والثاني هو المشهور بين الأصحاب و اختاره الشيخ أيضا في المبسوط ومستنده ما رواه عمر بن حنظلة عن الصادق عليه السلام ، ولأنه فسخ قبل الدخول فيجب معه نصف المهر كالطلاق ، وفى الأخير منع وفى سند الحديث ضعف ولو صح لم يمكن العدول عنه ، والقول الثالث الذي اختاره أقوى ووجهه واضح ، فإنه إذا أنكر الوكالة وحلف على نفيها انتفى النكاح ظاهرا ، ومن ثم يباح لها أن تتزوج وقد صرح به في الرواية فينتقى المهر أيضا لان ثبوته يتوقف على لزوم العقد ولأنه على تقدير ثبوته إنما يلزم الزوج لأنه عوض البضع والوكيل ليس بزوج ، نعم لو ضمن الوكيل المهر كله أو نصفه لزمه حسب ما ضمن ، ويمكن حمل الرواية عليه ، وأما وجوب الطلاق على الزوج مع كذبه في نفس الامر ووجوب نصف المهر عليه فواضح.
3- إنما يجوز للمرأة التزويج مع حلف الموكل إذا لم يصدق الوكيل عليها ولم تعلم. والا لا يجوز لها التزويج قبل الطلاق. ( سلطان )

فقال : إن كان الوكيل أمضى الامر الذي وكل عليه (1) قبل أن يعزل عن الوكالة فإن الامر واقع ماض على ما أمضاه الوكيل ، كره الموكل أم رضي ، قلت : فإن الوكيل أمضى الامر قبل أن يعلم بالعزل أو يبلغه أنه قد عزل عن الوكالة فالامر على ما أمضاه؟ قال : نعم (2) ، قلت : فإن بلغه العزل قبل أن يمضي الامر ثم ذهب حتى أمضاه لم يكن ذلك بشئ؟ قال : نعم إن الوكيل إذا وكل ثم قام عن المجلس فأمره ماض أبدا ، والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه أو يشافه بالعزل عن الوكالة » (3).

3389 - وروى حماد ، عن الحلبي (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « في رجل ولته امرأة أمرها إما ذات قرابة أو جارة له لا يعلم دخيلة أمرها (5) فوجدها قد دلست عيبا هو بها ، قال : يؤخذ المهر منها (6) ولا يكون على الذي زوجها شئ ، وقال : في امرأة ولت أمرها رجلا فقالت : زوجني فلانا ، قال : لا زوجتك حتى تشهدي

ص: 87


1- في التهذيب « وكل فيه ».
2- يدل على أن ما فعله الوكيل صحيح ماض إلى أن يبلغه الثقة بالعزل ، والمشهور بين الأصحاب أن الثقة : العدل الضابط ، والظاهر من اللفظ : المعتمد عليه في القول كما ذكره الشيخ في الراوي وما ذكره أحوط ، وهل يكفي الثقة في الفعل؟ ظاهر المساواة ذلك ، والمشهور أن الوكالة لا تثبت الا بعدلين ، وظاهر الخبر السابق أيضا ذلك ، فان شهادة العدل يفيد العلم الشرعي والفرق بين الفعل والترك بين ، فان التصرف في مال الغير يحتاج إلى اذن الشرعي بخلاف الترك فان بناءه على الاحتياط ، ومن هذا يظهر أن المعتمد عليه كاف فيه. ( م ت )
3- ظاهره كفاية ثقة واحدة في التبليغ وهو مختار الشهيد الثاني في شرحه على اللمعة. ( سلطان )
4- رواه الشيخ أيضا بسند صحيح.
5- أي لا يعلم الوكيل باطن أمرها.
6- أي بعد الفسخ لو دفع إليها المهر استرجع منها ، وهذا على تقدير عدم الدخول ظاهر ، وإن كان بعد الدخول فلها المسمى لأنه ثبت المهر بالدخول ثبوتا مستقرا فلا يسقط بالفسخ إن كان المدلس غيرها ، ولو كان هو المرأة رجع عليها أيضا بمعنى أنه لا يثبت لها مهر إذ لا معنى لاعطائها وأخذها الا أن وقع الاعطاء قبل العلم بالعيب فيسترجع. ( سلطان )

بأن أمرك بيدي ، فأشهدت له ، فقال : عند التزويج للذي يخطبها يا فلان عليك كذا وكذا؟ قال : نعم ، فقال هو للقوم (1) : اشهدوا إن ذلك لها عندي وقد زوجتها من نفسي ، فقالت المرأة : ما كنت أتزوجك ولا كرامة ولا أمري إلا بيدي و ما وليتك أمري إلا حياء من الكلام ، قال : تنزع منه ويوجع رأسه » (2).

3390 - وفي نوادر محمد بن أبي عمير ، عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل قبض صداق ابنته من زوجها ، ثم مات هل لها أن تطالب زوجها بصداقها؟ أو قبض أبيها قبضها (3)؟ فقال عليه السلام : إن كانت وكلته بقبض صداقها من زوجها فليس لها أن تطالبه ، وإن لم تكن وكلته فلها ذلك ، ويرجع الزوج على ورثة أبيها بذلك إلا أن تكون حينئذ صبية في حجره فيجوز لأبيها أن يقبض صداقها عنها ، ومتى طلقها قبل الدخول بها فلأبيها أن يعفو عن بعض الصداق ويأخذ بعضا (4) ، وليس له أن يدع كله وذلك قول اللّه عزوجل : « إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح « يعني الأب والذي توكله المرأة وتوليه أمرها من أخ أو قرابة أو غيرهما ».

ص: 88


1- أي قال الوكيل للقوم الحاضرين.
2- يدل على ما هو المشهور من أن الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه ، ومعنى العبارة أنه ليس له ذلك سواء أطلقت الاذن أم عممته على وجه يتناوله العموم لان المتبادر كون الزوج غيره ، ونقل عن العلامة - قدس سره - أنه احتمل في التذكرة جوازه مع الاطلاق. و قوله « يوجع رأسه » أي بالضرب واللطمة للتدليس في كيفية أخذ الاذن ، وقال الفاضل التفرشي : الظاهر من التفويض تفويض المهر وغيره إلى رأى الوكيل لا التزويج من غير الزوج المذكور.
3- أي أو يكون قبض أبيها بمنزلة قبضها فلا لها أن تطالبه.
4- أي يأخذ بعض الصداق الذي استحقت أخذه وهو النصف فيأخذ بعض النصف ويعفو بعضه ، ولعل هذا مبنى على عدم لزوم مراعاة الغبطة على الولي أو الوكيل. ( سلطان )

باب 352: الحكم بالقرعة

3391 - روى حماد بن عيسى ، عمن أخبره ، عن حريز (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال : «أول من سوهم عليه مريم بنت عمران وهو قول اللّه عزوجل : « وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم « والسهام ستة ، ثم استهموا في يونس عليه السلام لما ركب مع القوم فوقعت (2) السفينة في اللجة ، فاستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرات قال : فمضى يونس عليه السلام إلى صدر السفينة فإذا الحوت فاتح فاه فرمى نفسه ، ثم كان عند عبد المطلب تسعة بنين فنذر في العاشر إن رزقه اللّه غلاما أن يذبحه (3) ، فلما ولد عبد اللّه لم يكن يقدر أن يذبحه ورسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في صلبه

ص: 89


1- كان فيه اضطراب لان حماد بن عيسى يروى عن حريز بلا واسطة في جميع ما يروى عنه ، والصواب كما في الخصال والبحار وغيرهما عن حماد بن عيسى عن حريز عمن أخبره عن أبي جعفر عليه السلام وكان حريز من أصحاب أبي عبد اللّه وموسى بن جعفر عليهما السلام وقال يونس : انه لم يرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام الا حديثين ، وهو لم يدرك أبا جعفر الباقر عليه السلام.
2- في بعض النسخ « فوقفت ».
3- جاءت هذه القصة في كثير من كتب الحديث من الطريقين واشتهرت بين الناس و أرسلها جماعة من المؤلفين ارسال المسلمات ونقلوها في مصنفاتهم دون أي نكير ، وهي كما ترى تضمنت أمرا غريبا بل منكرا لا يجوز أن ينسب إلى أحد من أوساط الناس والسذج منهم فضلا عن مثل عبد المطلب الذي كان من الأصفياء وهو في العقل والكياسة والفطنة على حد يكاد أن لا يدانيه أحد من معاصريه ، وقد يفتخر النبي صلى اللّه عليه وآله مع مقامه السامي بكونه من أحفاده وذراريه ويباهي به القوم ويقول : أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب. و في الكافي روايات تدلّ على عظمته و جلالته و كمال ايمانه و عقله و درايته و رئاسته في قومه ففى المجلد الأول منه ص 446 في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال« يحشر عبد المطلب يوم القيامة أمّة واحدة، عليه سيماء الأنبياء و هيبة الملوك» يعنى إذا حشر الناس فوجا فوجا يحشر هو وحده، لانه كان في زمانه منفردا بدين الحق من بين قومه كما-- قاله العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- و في حديث آخر رواه الكليني أيضا مسندا عن الصادق(عليه السلام) قال:« يبعث عبد المطلب أمة واحدة عليه بهاء الملوك، و سيماء الأنبياء، و ذلك أنّه أول من قال بالبداء» و في الحسن كالصحيح عن رفاعة عن أبي عبد اللّه(عليه السلام) قال:« كان عبد المطلب يفرش له بفناء الكعبة، لا يفرش لاحد غيره، و كان له ولد يقومون على رأسه فيمنعون من دنا منه»، الى أمثالها الكثير الطيب كلها تدلّ على كمال ايمانه و عقله و حصافة رأيه و ان أردت أن تحيط بذلك خبرا فانظر الى تاريخ اليعقوبي المتوفى في أواخر القرن الثالث ما ذكر من سننه التي سنّها و جاءت بها الإسلام من تحريمه الخمر، و الزنا و وضع الحدّ عليه، و قطع يد السارق، و نفى ذوات الرايات، و نهيه عن قتل الموؤدة، و نكاح المحارم، و اتيان البيوت من ظهورها، و طواف البيت عريانا، و حكمه بوجوب الوفاء بالنذر و تعظيم الأشهر الحرم، و بالمباهلة، و بمائة إبل في الدية ثمّ تأمل كيفية سلوكه مع أبرهة صاحب الفيل في تلك الغائلة المهلكة المهدمة كيف حفظ بحسن تدبيره و سديد رأيه قومه و دماءهم و أموالهم من الدمار و البوار دون أي مئونة و قال: أنا ربّ الإبل و لهذا البيت ربّ يمنعه» مع أن الواقعة موحشة بحيث تضطرب في أمثالها قلوب أكثر السائسين، فإذا كان الامر كذلك فكيف يصحّ أن يقال: انّه نذر أن يذبح سليله و ثمرة مهجته و قرة عينه قربة إلى اللّه سبحانه، و أنّى يتقرّب بفعل منهىّ عنه في جميع الشرائع و القتل من أشنع الأمور و أقبحها، و العقل مستقل بقبحه بل يعده من أعظم الجنايات، مضافا الى كل ذلك أن النذر بذبح الولد قربانا للمعبود من سنن الوثنيين و الصابئين و قد ذكره اللّه تعالى في جملة ما شنّع به على المشركين و قال في كتابه العزيز بعد نقل جمل من بدعهم و مفترياتهم:« كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَ لِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ»( الانعام: 137) و هذا غير مسألة الوأد المعروف الذي كان بنو تميم من العرب يعملون به، فان المفهوم من ظاهر لفظ الاولاد أعم من الذكور منهم و البنات و الوأد مخصوص بالبنات، و أيضا غير قتلهم أولادهم من املاق أو خشيته، بل هو عنوان آخر يفعلونه على سبيل التقرّب الى الالهة. فان قيل: لعله كان مأمورا من جانب اللّه سبحانه كما كان جدّه إبراهيم(عليه السلام) مأمورا، قلنا: هذا التوجيه مخالف لظاهر الروايات فانّه صرّح في جميعها بأنّه نذر، مضافا الى أنّه لو كان مأمورا فلا محيص له عنه-- و يجب عليه أن يفعله كما أمر، فكيف فداء بالابل، و لم لم يقل في جواب من منعه- كما في الروايات-: انّى مأمور بذلك. و بالجملة في طرق هذه القصة و ما شاكلها مثل خبر« أنا ابن الذّبيحين» جماعة كانوا ضعفاء أو مجهولين أو مهملين أو على غير مذهبنا مثل أحمد بن سعيد الهمدانيّ المعروف بابن عقدة و هو زيدى جارودى، أو أحمد بن الحسن القطان و هو شيخ من أصحاب الحديث عامى و يروى عنه المؤلّف في كتبه بدون أن يردفه بالرضيلة مع أن دأبه أن يتبع مشايخه بها ان كانوا اماميا، و كذا محمّد بن جعفر بن بطة الذي ضعّفه ابن الوليد و قال: كان مخلّطا فيما يسنده، و هكذا عبد اللّه بن داهر الأحمرى و هو ضعيف كما في( صه و جش) و أبو قتادة و وكيع بن الجرّاح و هما من رجال العامّة و رواتهم و لا يحتج بحديثهم إذا كان مخالفا لاصول المذهب و ان كانوا يسندون خبرهم الى أئمة أهل البيت عليهم السلام، و أنّك إذا تتبّعت أسانيد هذه القصة و ما شابهها ما شككت في أنّها من مفتعلات القصّاصين و مخترعاتهم نقلها المحدّثون من العامّة لجرح عبد المطلّب و نسبة الشرك- العياذ باللّه- اليه رغما للامامية حيث انّهم نزهوا آباء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن دنس الشرك، و يؤيّد ذلك أنّ كثيرا من قدماء مفسّريهم كالزمخشريّ و الفخر الرّازى و النيشابورى و أضرابهم و المتأخرين كالمراغى و سيّد قطب و زمرة كبيرة منهم نقلوا هذه القصّة أو أشاروا إليها عند تفسير قوله تعالى« وَ كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ» و جعلوا عبد المطلب مصداقا للآية انتصارا لمذهبهم الباطل في اعتقاد الشرك في آباء النّبى صلّى اللّه عليه و آله و أجداده. قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-: اتّفقت الإماميّة- رضوان اللّه عليهم- على أن والدى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و كل أجداده الى آدم عليه السلام كانوا مسلمين بل كانوا من الصّديقين إمّا أنبياء مرسلين أو أوصياء معصومين، ثمّ نقل عن الفخر الرّازى أنّه قال:« قالت الشيعة ان أحدا من آباء الرسول صلّى اللّه عليه و آله و أجداده ما كان كافرا» ثم قال: نقلت ذلك عن امامهم الرازيّ ليعلم أن اتفاق الشيعة على ذلك كان معلوما بحيث اشتهر بين المخالفين». و ان قيل: لا ملازمة بين هذا النذر و بين الشرك، و يمكن أن يقال ان نذر عبد المطلب كان للّه و امّا المشركون فنذروا لآلهتهم، قلت: ظاهر الآية أن النذر بذبح الولد من سنن المشركين دون الموحدين فالناذر اما مشرك أو تابع لسنن الشرك و جلّ ساحة عبد المطلب أن يكون مشركا- العياذ باللّه- أو تابعا لسنن-- المشركين، و الاصرار بتصحيح أمثال هذه القصص مع نكارتها كثيرا ما يكون من الغفلة عمّا جنته يد الافتعال، ثمّ اعلم أنّ المصنّف- رضوان اللّه تعالى عليه- لم يحتجّ بهذا الخبر في حكم من الاحكام انّما أورده في هذا الكتاب طردا للباب و يكون مراده جواز القرعة فقطّ و هو ظاهر من الخبر.

فجاء بعشر من الإبل فساهم عليها وعلى عبد اللّه فخرجت السهام على عبد اللّه ، فزاد عشرا فلم تزل السهام تخرج على عبد اللّه ويزيد عشرا ، فلما أن خرجت مائة خرجت

ص: 90

السهام على الإبل ، فقال عبد المطلب : ما أنصفت ربي فأعاد السهام ثلاثا فخرجت على الإبل فقال : الآن علمت أن ربي قد رضي فنحرها ».

ص: 91

3392 - وروي عن محمد بن الحكيم (1) قال : « سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن شئ فقال لي : كل مجهول ففيه القرعة ، فقلت : إن القرعة تخطئ وتصيب فقال : كل ما حكم اللّه عزوجل به فليس بمخطئ ».

3393 - وقال الصادق عليه السلام : « ما تقارع قوم ففوضوا أمرهم إلى اللّه تعالى إلا خرج سهم المحق ».

3394 - وقال عليه السلام (2) : «أي قضية أعدل من القرعة إذا فوض الامر إلى اللّه ، أليس اللّه تعالى يقول : « فساهم فكان من المدحضين » (3).

3395 - وروى الحكم بن مسكين (4) ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا وطئ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد فولدت فادعوه جميعا أقرع الوالي بينهم ، فمن قرع (5) كان الولد ولده ويرد قيمة الولد على صاحب الجارية (6) ، قال : فإن اشترى رجل جارية فجاء رجل فاستحقها وقد ولدت من المشتري رد

ص: 92


1- طريق المصنف إلى محمد بن الحكيم صحيح وهو ممدوح.
2- روى البرقي في المحاسن ص 603 عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن منصور بن حازم قال : « سأل بعض أصحابنا أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسألة فقال له : هذه تخرج في القرعة ، ثم قال : وأي قضية - الخ ».
3- يعنى يقول في قصة يونس عليه السلام هو كان من المخرجين بالقرعة. ( م ت )
4- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 296 والاستبصار ج 3 ص 368 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن معاوية بن عمار.
5- في القاموس : قرعهم - كنصر - غلبهم بالقرعة. وقال المولى المجلسي : الظاهر أنها كانت ملكهم والملك شبهة وان علموا بالتحريم.
6- أي بقية القيمة أو تمامها إذا أحل صاحبها لهم ووطؤوها بالشبهة والا فالزنا لا يلحق به النسب ( م ت ) وقال سلطان العلماء : يحتمل كون ذلك على تقدير اشتراك الجارية بينهم ووطؤوها بشبهة تحليل الشركة فيكون المراد حينئذ بقوله « ويرد قيمة الولد على صاحب الجارية » أنه يرد نصيب الشركاء عليهم كما يشعر به رواية عاصم بن حميد التي يأتي في آخر الباب ، ويحتمل أن يكون الجارية لمالك آخر فوطؤوها بشبهة وحينئذ كان الكلام على ظاهره فتأمل.

الجارية عليه وكان له ولدها بقيمته » (1).

3396 - وروى زرعة ، عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن رجلين اختصما إلى علي عليه السلام في دابة فزعم كل واحد منهما أنها نتجت على مذوده (2) ، و أقام كل واحد منهما بينة سواء في العدد ، فأقرع بينهما سهمين فعلم السهمين على كل واحد منهما بعلامة ، ثم قال : « اللّهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ورب العرش العظيم ، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، أيهما كان صاحب الدابة وهو أولى بها فأسألك أن تخرج سهمه ، فخرج سهم أحدهما ، فقضى له بها ».

3397 - وروى البزنطي ، عن داود بن سرحان (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجلين شهدا على رجل في أمر وجاء آخران فشهدا على غير الذي شهد عليه الأوليان ، قال : يقرع بينهم فأيهم قرع فعليه اليمين وهو أولى بالقضاء ».

ص: 93


1- أي كان للمشترى ولدها بالشبهة بقيمة يوم ولد ( ت ) وقال السيد - رحمه اللّه - الأمة المشركة لا يجوز لاحد من الشركاء وطيها لكن لو وطئها بغير اذن الشريك لم يكن زانيا بل كان عاصيا يستحق التغرير يلحق به الولد وتقوم عليه الأمة والولد يوم سقط حيا وهذا لا اشكال فيه ، ولو فرض وطي الجميع لها في طهر واحد فعلوا محرما ولحق بهم الولد لكن لا يجوز الحاقه بالجميع بل بواحد منهم بالقرعة فمن خرجت له القرعة ألحق به وغرم حصص الباقين. ( المرآة )
2- المذود - كمنبر - : معتلف الدابة.
3- طريق المصنف إلى البزنطي وهو أحمد بن محمد بن أبي نصر صحيح وهو ثقة جليل وداود ابن سرحان ثقة أيضا والخبر رواه الكليني ج 7 ص 419 والشيخ ج 2 ص 72 من التهذيب كلاهما بسند ضعيف على المشهور.

3398 - وروى حماد بن عثمان ، عن عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل قال : أول مملوك أملكه فهو حر فورث سبعة جميعا ، قال : يقرع بينهم و يعتق الذي خرج سهمه » (1).

3399 - وروى حريز ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل يكون له المملوكون فيوصي بعتق ثلثهم ، قال : كان علي عليه السلام يسهم بينهم ».

3400 - وروى موسى بن القاسم البجلي ، وعلي بن الحكم ، عن عبد - الرحمن بن أبي عبد اللّه قال ، قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « كان علي عليه السلام إذا أتاه رجلان يختصمان بشهود عدتهم سواء وعدالتهم [ سواء ] أقرع بينهما على أيهما تصير اليمين (2) وكان يقول : « اللّهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ، من كان الحق له فأده إليه « ثم يجعل الحق للذي تصير اليمين عليه إذا حلف » (3).

3401 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل ، عن فضيل بن يسار عن أبي - عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن مولود ليس له ما للرجال وليس له ما للنساء ، قال : هذا يقرع عليه الامام يكتب على سهم عبد اللّه ، وعلى سهم آخر أمة اللّه ، ثم يقول الامام أو المقرع «اللّهم أنت اللّه لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، بين لنا أمر هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في كتابك» ثم يطرح السهمين في سهام مبهمة ، ثم تجال فأيهما خرج ورث عليه ».

3402 - وروى عاصم بن حميد. عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : « بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عليا عليه السلام إلى اليمن فقال له حين قدم : حدثني بأعجب ما ورد عليك ، قال : يا رسول اللّه أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطؤوها جميعا في طهر واحد

ص: 94


1- في بعض النسخ « خرج اسمه » وحمل الخبر على النذر لعدم انعقاد عتق ما لم يملك بعد ، وهل يفتقر إلى صيغة العتق ثانيا أولا؟ وجهان.
2- أي أيهما خرج راجحا في القرعة حتى يصير اليمين عليه.
3- أي بعد الحلف.

فولدت غلاما فاختلفوا فيه كلهم يدعي فيه ، فأسهمت بينهم ثلاثة فجعلته للذي خرج سهمه وضمنته نصيبهم ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : ليس من قوم تقارعوا وفوضوا أمرهم إلى اللّه إلا خرج سهم المحق » (1).

باب 353: الكفالة

3403 - روى سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل تكفل بنفس رجل أن يحبس ، وقال له : اطلب صاحبك. وقضى عليه السلام أنه لا كفالة في حد ».

3404 - وقال الصادق عليه لسلام لأبي العباس الفضل بن عبد الملك (2) : « ما منعك من الحج؟ قال : كفالة تكفلت بها ، قال : مالك وللكفالات؟ أما علمت أن الكفالة

ص: 95


1- قال في المسالك : الأصحاب حكموا بمضمونها وحملوا قوله « ضمنته نصيبهم » على النصيب من الولد والام معا كما لو كان الواطي واحدا منهم ابتداء فإنه يلحق به ويغرم نصيبهم منهما كذلك ، لكن يشكل الحكم بضمانه لهم نصيب الولد لادعاء كل منهم أنه ولده وأنه لا يلحق بغيره ولازم ذلك أنه لا قيمة له على غيره من الشركاء وهذا بخلاف ما لو كان الواطي واحدا فان الولد محكوم بلحوقه به ، لما كان من نماء الأمة المشتركة جمع بين الحقين باغرامه قيمة الولد لهم والحاقه به بخلاف ما هنا ، والرواية ليست بصريحة في ذلك لان قوله « وضمنته نصيبهم » يجوز إرادة النصيب من الام لأنه هو النصيب الواضح لهم باتفاق الجميع بخلاف الولد ، ويمكن أن يكون الوجه في اغرامه نصيبهم من الولد أن ذلك ثابت عليه بزعمه أنه ولده ودعواهم لم يثبت شرعا فيؤخذ المدعى باقراره بالنسبة إلى حقوقهم والنصيب في الرواية يمكن شموله لهما معا من حيث أن الولد نماء أمتهم فلكل منهم فيه نصيب سواء الحق به أم لا ولهذا يغرم من لحق به نصيب الباقين في موضع الوفاق ، وعلى كل حال فالعمل بما ذكره الأصحاب متعين ولا يسمع الشك فيه مع ورود النص به ظاهرا وان احتمل غيره.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 65 باسناده عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن أبي الحسن الخزاز قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول لأبي العباس الفضل بن عبد الملك - الخ » والظاهر أن المراد بأبي الحسن الخزاز أحمد بن النضر الثقة.

هي التي أهلكت القرون الأولى »!! (1).

3405 - وروي عن الحسين بن خالد (2) قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « جعلت فداك قول الناس الضامن غارم ، فقال : ليس على الضامن غرم إنما الغرم على من أكل المال » (3).

3406 - وروى داود بن الحصين ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يتكفل بنفس الرجل إلى أجل فإن لم يأت به فعليه كذا و كذا درهما ، قال : إن جاء به إلى الأجل فليس عليه ما قال ، وهو كفيل بنفسه أبدا إلا أن يبدأ بالدراهم فإن بدأ بالدراهم فهو لها ضامن إن لم يأت به إلى الأجل الذي أجله » (4).

ص: 96


1- روى الكليني في الكافي ج 5 ص 103 بسند صحيح عن حفص بن البختري قال : « أبطأت عن الحج فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام ما أبطأ بك عن الحج؟ فقلت جعلت فداك تكفلت برجل فخفر بي فقال : مالك والكفالات أما علمت أنها أهلكت القرون الأولى ، ثم قال : ان قوما أذنبوا ذنوبا كثيرة فأشفقوا منها وخافوا خوفا شديدا وجاء آخرون فقالوا ذنوبكم علينا فأنزل اللّه عزوجل عليهم العذاب ، ثم قال تبارك وتعالى خافوني واجترأتم علي ».
2- رواه الكليني في مرسل مجهول ج 5 ص 104 والشيخ في التهذيب في الحسن عنه.
3- قال العلامة المجلسي : لعله محمول على ما إذا ضمن باذن الغريم فان له الرجوع عليه بما أدى فالغرم عليه لا على الضامن - انتهى ، وقيل : لعل المصنف حمل الضامن على الكفيل. وقال سلطان العلماء - ره - قوله « إنما الغرم - الخ » لان كل ما يغرمه الكفيل والضامن يأخذ منه فلم يبق عليهما غرم وهذا في الكفالة مع الاذن في الكفالة أو الاذن في الأداء ولعل الحديث محمول على هذا بناء على أنه الغالب - انتهى - وقال الفيض - رحمه اللّه - : أراد بالضامن ضامن النفس أعني الكفيل أو يكون المراد به ضامن المال ويكون الوجه في نفى الغرم عنه أنه يرجع إلى الغريم بما أداه.
4- هكذا رواه الشيخ في الموثق ، وروى الكليني ج 5 ص 104 عن أبي العباس في الموثق أيضا قال : و « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام » رجل كفل لرجل بنفس رجل فقال : ان جئت به والا عليك خمسمائة درهم ، قال : عليه نفسه ولا شئ عليه من الدراهم فان قال : على خمسمائة درهم ان لم أدفعه إليك ، قال تلزمه الدراهم ان لم يدفعه إليه وفى القواعد ولو قال إن لم أحضره كان على كذا لزمه الاحضار خاصة ولو قال على كذا إلى كذا ان لم أحضره وجب عليه ما شرط في المال. وفى شرح المحقق الشيخ على - رحمه اللّه - : هذا مروى من طريق الأصحاب وقد أطبقوا على العمل به ولا يكاد يظهر الفرق بين الصيغتين باعتبار اللفظ ومثل هذا مما يصار إليه من غير نظر إلى حال اللفظ مسيرا إلى النص والاجمار. انتهى ، وقال الفيض رحمه اللّه - : الفرق بين الصيغتين في الخبرين غير بين ولا مبين وقد تكلف في ابدائه جماعة من أصحابنا بما لا يسمن ولا يغنى من جوع صونا لهما من الرد ، وقد ذكره الشهيد الثاني في شرحه للشرايع من أراد الوقوف عليه وعلى ما يرد عليه فليراجع إليه ويخطر بالبال أن مناط الفرق ليس تقديم الشرط على الجزاء وتأخيره عنه كما فهموا بل مناطه ابتداء الكفيل بضمان الدراهم من قبل نفسه مرة والزامه المكفول له بذلك من دون قبوله أخرى كما هو ظاهر خبر الكافي ، وخبر المتن وإن كان ظاهره خلاف ذلك الا أنه يجوز حمله عليه فان قول السائل فإن لم يأت به فعليه كذا ليس صريحا في أنه قول الكفيل وعلى تقدير ابائه عن هذا الحمل على وهم الراوي أو سوء تقريره فان مصدر الخبرين واحد والسائل فيها واحد هذا على نسخة الكافي كما كتبناه - انتهى.

3407 - وسأل داود بن سرحان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الكفيل والرهن بيع النسية ، قال : لا بأس » (1).

3408 - وقال الصادق عليه السلام : « الكفالة خسارة ، غرامة ، ندامة » (2).

باب 354: الحولة

3409 - روى غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام « في رجلين بينهما مال منه بأيديهما ومنه غائب عنهما ، فاقتسما الذي بأيديهما وأحال كل واحد منهما بنصيبه فقبض أحدهما ولم يقبض الاخر ، فقال : ما

ص: 97


1- الطريق إليه صحيح وهو ثقة ، والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 66 عن البزنطي عنه.
2- أي موجبة لتلك الأمور. ( مراد )

قبض أحدهما فهو بينهما وما ذهب فهو بينهما » (1).

3410 - وروي (2) أنه احتضر عبد اللّه بن الحسن فاجتمع إليه غرماؤه فطالبوه بدين لهم فقال : ما عندي ما أعطيكم ولكن ارضوا بمن شئتم من أخي وبني عمي علي بن الحسين أو عبد اللّه بن جعفر (3) فقال الغرماء : أما عبد اللّه بن جعفر فملي مطول (4) ، وأما علي بن الحسين فرجل لا مال له صدوق وهو أحبهما إلينا ، فأرسل إليه فأخبره الخبر فقال عليه السلام : أضمن لكم المال إلى غلة ولم يكن له غلة ، فقال القوم : قد رضينا فضمنه ، فلما أتت الغلة أتاح اللّه عزوجل له المال [ فأداه ] » (5).

3411 - وسأل أبو أيوب أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يحيل الرجل بالمال أيرجع عليه؟ قال : لا يرجع عليه أبدا إلا أن يكون قد أفلس قبل ذلك » (6).

ص: 98


1- لعل وجهه أن مثل تلك الحوالة يرجع إلى توكيل كل منهما الاخر في أخذ حقه من المديون واحتسابه عما أخذه الاخر من المديون الاخر فإذا أخذ أحدهما ثلث حق الموكل عنده وهذا الحق باق إلى أن يأخذ الاخر من المديون الاخر ويحتسب عنه فإذا لم يأخذ بقي حقه عند الاخر ، هذا إذا كان المراد بالمال الغائب ما في الذمم وهو الذي يجرى فيه الحوالة وأما الأعيان القائمة الغائبة عنهما فيمكن صحة تقسيمها وان يبيع كل واحد منهما حصته من الاخر فليس لمن لم يصل إليه ذلك المال أن يأخذ حصته من الذي وصل إليه ما اشتراه الا إذا تلف ذلك المال الغائب قبل قبضه أولم يقدر عليه فإنه حينئذ يبطل بنفسه. ( مراد )
2- رواه الكليني مسندا ج 5 ص 97 عن عيسى بن عبد اللّه.
3- في الكافي « ارضوا بما شئتم من ابني عمى علي بن الحسين عليهما السلام وعبد اللّه ابن جعفر » والمراد بعبد اللّه بن الحسن عبد اللّه بن الحسن المثنى.
4- مطول : مماطل ذا مطل وهو التسويف بالدين.
5- تاح له الشئ : تهيأ ، وأتاح اللّه له الشئ أي قدره له ويسره. وقال الفاضل التفرشي : ظاهر الخبر أنه إلى وقت حصول غلة كالحنطة ويستفاد منه أن توقيت الضمان صحيح وإن كان وقته قابلا للزيادة والنقصان.
6- تقدم تحت رقم 3259 - ورواه الكليني مسندا عن منصور بن حازم بأدنى اختلاف وقال الفاضل التفرشي قوله : « لا يرجع عليه أبدا » محمول على ما إذا اشتغل ذمة المحيل بحق المحتال وذمة المحال عليه بحق المحيل ، فلا ينافي ما تقدم من بطلان حوالة ما في الذمم.

3412 - وروى البزنطي عن داود بن سرحان (1) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كانت له عند رجل دنانير فأحال له على رجل آخر بدنانيره فيأخذ بها دراهم أيجوز ذلك؟ قال : نعم ».

باب 355: الحكم في سيل وادى مهزور

3413 - روى غياث بن إبراهيم (2) عن أبي عبد اللّه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : « قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في سيل وادي مهزور (3) أن يحبس الاعلى على الأسفل الماء للزرع إلي الشراك وللنخل إلى الكعب ، ثم يرسل الماء إلى الأسفل من ذلك » (4).

3414 - وفي خبر آخر « للزرع إلى الشراكين وللنخل إلى الساقين » (5) وهذا على حسب قوة الوادي وضعفه.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : سمعت من أثق به من أهل المدينة أنه وادي مهزور (6) ومسموعي من شيخنا محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه - أنه قال : وادي مهروز بتقديم الراء غير المعجمة على الزاي المعجمة وذكر أنها كلمة فارسية وهو من هرز الماء ، والماء الهرز بالفارسية الزائد على المقدار الذي يحتاج إليه.

ص: 99


1- داود بن سرحان مولى كوفي ثقة ، له كتاب روى عنه البزنطي.
2- الطريق إلى غياث صحيح وهو بتري موثق.
3- مهزور بتقديم الزاي على الراء وادى بني قريظة ، وعلى العكس موضع سوق المدينة كما نقل عن الفائق للزمخشري وسيأتي الكلام فيه عن المؤلف.
4- في التهذيب « إلى أسفل من ذلك » وهو الصواب.
5- الظاهر أن المراد بالكعب هنا أصل الساق لا قبة القدم لأنها موضع الشراك فلا يحصل الفرق ، ولعله على هذا لا تنافى بين الخبرين. ( المرأة ).
6- يعنى بالزاي أولا والراء أخيرا.

باب 356: الحكم في الحظيرة بين دارين

3415 - سأل منصور بن حازم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن حظيرة بين دارين فذكر أن عليا عليه السلام قضى بها لصاحب الدار الذي من قبله القماط » (1).

3416 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن جده عن علي عليهم السلام « أنه قضى في رجلين اختصما إليه في خص فقال : إن الخص للذي إليه القمط ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : الخص : الطن (2) الذي يكون في السواد بين الدور ، والقمط : هو شد الحبل ، يعني أن يكون الخص هو الذي إليه شد الحبل وقد قيل : إن القماط هو الحجر الذي يغلق منه على الباب (3).

باب 357: الحكم في نفش الغنم في الحرث

الحكم في نفش الغنم في الحرث (4)

3417 - روى جميل بن دراج ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «في قوله عز و جل» وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم » قال : لم يحكما

ص: 100


1- في النهاية : في حديث شريح « اختصم إليه رجلان في خص فقضى بالخص للذي يليه معاقد القمط » هي جمع قماط وهي الشرط التي يشد بها الخص ويوثق من ليف أو خوص أو غيرهما ومعاقد القمط تلى صاحب الخص ، والخص : البيت الذي يعمل من القصب هكذا قاله الهروي بالضم وقال الجوهري بالكسر كأنه عنده واحد.
2- الطن - بضم الطاء المهملة وتشديد النون - : حزمة القصب.
3- أي من الخص بأن يشد رأس حبل على الخص ورأسه الاخر على الحجر الذي يرخى على الباب ليمنع من فتح الباب بسهولة. ( مراد )
4- نفشت الإبل والغنم تنفش نفوشا أي رعت ليلا بلا راع.

إنما كانا يتناظران ، ففهمناها سليمان » (1).

3418 - وروى الوشاء ، عن أحمد بن عمر الحلبي قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام «عن قول اللّه عزوجل : « وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث» قال : كان حكم داود عليه السلام رقاب الغنم ، والذي فهم اللّه عزوجل سليمان عليه السلام أن حكم لصاحب الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله » (2).

باب 358: حكم الحريم

3419 - روى إسماعيل بن مسلم عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في رجل باع نخله ، واستثنى نخلة قضى له بالمدخل إليها والمخرج منها ومدى جرائدها » (3).

3420 - وروى وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن علي ابن أبي طالب عليه السلام كان يقول : حريم البئر العادية (4) خمسون ذراعا إلا أن يكون إلى عطن (5) أو إلى طريق فيكون أقل من ذلك إلى خمسة وعشرين ذراعا ».

3421 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : حريم النخلة طول سعفتها » (6).

ص: 101


1- إشارة إلى الآية وفى بعض النسخ « ففهمها سليمان ».
2- أي يكون الغنم لصاحب الزرع والمراد بالحكم هنا أيضا ما فسره به أبو جعفر عليه السلام في الحديث السابق أي كان في التناظر ، مع هذا الاحتمال فلا منافاة بينه وبين الحديث السابق ، والظاهر أن ضمير « ففهمها » للغنم باعتبار حكمها. ( مراد )
3- أي له حق المرور ما دامت رطبة وله منتهى بلوغ أغصانها في هواء الحائط و بإزائها في الأرض مسقط التمر ، والمدى الغاية.
4- العادية : القديمة ، وفى القاموس شئ عادى أي قديم كأنه منسوب إلى عاد.
5- العطن والمعطن واحد الأعطان وهي مبارك الإبل عند الماء لتشرب عللا بعد نهل فإذا استوفت ردت إلى المرعى.
6- لم أجده مسندا وروى ابن ماجة في الضعيف عن ابن عمر عن عبادة بن صامت عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : « حريم النخلة مد جرائدها » والجريدة السعف.

3422 - وروي « أن حريم المسجد أربعون ذراعا من كل ناحية ، وحريم المؤمن في الصيف باع » وروي « عظم الذراع » (1).

3423 - وروى عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أتى جبلا فشق منه قناة جرى ماؤها سنة ، ثم إن رجلا أتى ذلك الجبل فشق منه قناة أخرى فذهبت قناة الاخر بماء قناة الأول ، قال : يقايسان بحقائب البئر ليلة ليلة فينظر أيتها أضرت بصاحبتها ، فإن كانت الأخيرة أضرت بالأولى فليتعور (2) ، وقضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بذلك ، وقال : إن كانت الأولى أخذت ماء الأخيرة لم يكن لصاحب الأخيرة على الأولى سبيل ».

3424 - وسئل عليه السلام » (3) « عن قوم كان لهم عيون في أرض قريبة بعضها من بعض ، فأراد رجل أن يجعل عينه أسفل من موضعها الذي كانت عليه ، وبعض العيون إذا فعل بها ذلك أضرت ببقيتها ، وبعضها لا تضر من شدة الأرض ، فقال : ما كان في مكان جليد فلا يضره (4) ، وما كان في أرض رخوة بطحاء فإنه يضر ».

3425 - وقال عليه السلام « يكون بين البئرين إن كانت أرضا صلبة خمسمائة

ص: 102


1- ولا منافاة بينهما لان ذلك على سبيل الاستحسان والتخيير ، ويمكن أن يراد بالباع حريم الجانبين مجموعا فيقرب لكل جانب من عظم الذراع ( مراد ) والباع قدر مد اليدين ، قال سلطان العلماء : ولعل هذا في الشتاء وذلك في الصيف أو يحمل الباع على الأفضل.
2- الحقائب جمع الحقيبة وهي العجيزة ووعاء يجمع الراحل فيه زاده وحقب المطر أي تأخر واحتبس يعنى منتهى البئر ، والحاصل أنه يحبس كل ليلة ماء إحدى القناتين ليعلم أيتهما تضر بالأخرى. وفى التهذيب « بجوانب البئر » وفى بعض النسخ « بعقائب البئر » وقال الفيض رحمه اللّه - العقبة - بالضم - : النوبة ، والتعوير : الطم ، وفى النهاية : عورت الركية وأعورتها إذا طممتها وسددت أعينها التي ينبع منها الماء.
3- مروى في الكافي ج 5 ص 293 عن القمي ، عن أبيه ، عن محمد بن حفص عنه عليه السلام مع زيادة.
4- الجليد : الأرض الصلبة.

ذراع ، وإن كانت رخوة فألف ذراع » (1).

3426 - وروى الحسن الصيقل (2) ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : قال أبو جعفر عليه السلام : « كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بني فلان ، فكان إذا جاء إلى نخلته نظر إلى شئ من أهل الرجل يكرهه الرجل ، قال : فذهب الرجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فشكاه ، فقال : يا رسول اللّه إن سمرة يدخل علي بغير إذني فلو أرسلت إليه فأمرته أن يستأذن حتى تأخذ أهلي حذرها منه ، فأرسل إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فدعاه فقال : يا سمرة ما شأن فلان يشكوك ويقول : يدخل بغير إذني فترى من أهله ما يكره ذلك ، يا سمرة استأذن إذا أنت دخلت ، ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : يسرك أن يكون لك عذق في الجنة بنخلتك؟ قال : لا ، قال : لك ثلاثة؟ قال : لا ، قال : ما أراك يا سمرة إلا مضارا ، اذهب يا فلان فاقطعها واضرب بها وجهه » (3).

ص: 103


1- مروى في الكافي والتهذيب ج 2 ص 157 بسند فيه محمد بن عبد اللّه بن هلال وهو مجهول الحال.
2- في الطريق إليه من لم يوثق صريحا ، ورواه الكليني والشيخ مع اختلاف وبنحو أبسط وفيهما « باع نخلا واستثنى عليه نخلة ».
3- في التهذيب « فقال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) للأنصاري : اذهب فاقطعها وارم بها إليه ، فإنه لا ضرر ولا ضرار « وفى الكافي » وشكا الأنصاري إلى رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) فأرسل إليه رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) فأتاه فقال له : ان فلانا قد شكاك وزعم أنك تمر عليه وعلى أهله بغير أذنه فاستأذن عليه إذا أردت أن تدخل ، فقال : يا رسول اللّه أستأذن في طريقي إلى عذقى؟ فقال له رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) : خل عن ولك مكانه عذق في مكان كذا وكذا ، فقال : لا ، قال : فلك اثنان ، قال : لا أريد ، فلم يزل يزيده حتى بلغ عشرة أعذاق ، فقال : لا ، قال : فلك عشرة في مكان كذا وكذا فأبى فقال : خل عنه ولك مكانه عذق في الجنة ، قال : لا أريد ، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : انك رجل مضار ، ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن ، قال : ثم أمر بها رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) فقلعت ثم رمى بها إليه ، وقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : انطلق واغرسها حيث شئت ، وقال استاذنا الشعراني - مد ظله العالي - : هذا الحديث معتبر منقول بطرق مختلفة عن العامة والخاصة فلا بأس بالعمل به في مورده وهو أن يكون لرجل عذق في أرض رجل ولا يستأذن في الدخول و يأبى عن البيع والمعاوضة ، وأما إذا تخلف بعض الشروط مثل أن يكون مال آخر غير النخل كشجرة التفاح أو زرع أو بناء أو كان الأرض غير مسكونة لاحد وكان الداخل يستأذن إذا دخل أو يرضى بعوضه أو عوض ثمرته فهو خارج عن مدلول الحديث ، ويمكن تعميم الحكم بالنسبة إلى كل شجرة غير النخل والى الزرع والبناء ، والاضرار بأمور أخرى غير عدم الاستيذان وأما إذا لم يضر واستأذن أو رضى بعوض فوق قيمته فجواز قلع الشجرة أو هدم الدار ممنور. و بالجملة القدر المسلم حرمة اضرار الغير الا أن يكون في أموال حفظها على مالكها ففرط في حفظها وتضرر بتفريطه في الحفظ. فيجوز أن يعمل في ملكه عملا يضر جاره ، وعلى الجار أيضا حفظ ملكه ثم إن الضرر مع حرمته لا يوجب لنا اختراع أحكام من قبل أنفسنا لدفع الضرر ، مثلا إذا تلفت غلة قرية بآفة لا يجوز لنا الحكم ببراءة ذمة المستأجر من مال الإجارة ، أو إذا استلزم خروج المستأجر من الدار والحانوت وانتقاله إلى مكان آخر ضررا لا يجوز لنا المنع من اخراجه وأمثال ذلك كثيرة في العقود والمعاملات ولا ينفى عنها بمقتضياتها إذا استلزم ضررا وكذلك لا يحلل به المحرمات كالربا إذا استلزم الامتناع منه ضررا ويجب في كل مورد من موارد الضرر اتباع الأدلة الخاصة به.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : ليس هذا الحديث بخلاف الحديث الذي ذكرته في أول هذا الباب من قضاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في رجل باع نخلة واستثنى نخلة فقضى له بالمدخل إليها والمخرج منها ، لان ذلك فيمن اشترى النخلة مع الطريق إليها (1) ، وسمرة كانت له نخلة ولم يكن له الممر إليها .

ص: 104


1- حق العبارة « فيمن كانت له النخلة مع الطريق إليها » لان استثناء النخلة ليس بشرائها مع طريقها وإن كان في حكم ذلك ، ففي العبارة مسامحة ، ويمكن حمل فعل النبي (صلی اللّه عليه وآله) على أن سمرة لما لم يسمع قول رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ولم يرض من نخلته بثلاثة من عذق الجنة استحق ذلك ولا بعد فيه ، وأيضا ما مر من أن لصاحب النخلة الدخول والخروج وغير ذلك لا ينافي وجوب الاستيذان وان وجب الاذن على صاحب الحائط عنده ، ولا بعد أيضا في أن صاحب النخلة ان لم يرض بالاستيذان وكان ينظر إلى ما يكرهه صاحب الحائط استحق أن يقلع نخلته لدفع الاضرار. وقال سلطان العلماء : يمكن الجمع بأنه صلى اللّه عليه وآله لما علم أن غرض سمرة الاضرار والعناد والنظر إلى أهل الرجل أمر بقلع نخلتها كما يشعر به قوله عليه السلام « ما أراك الا مضارا » بعد الالتماس منه بخلاف ما سبق ، فلا منافاة.

باب 359: الحكم باجبار الرجل على نفقة أقربائه

3427 - روى محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « من الذي أجبر على نفقته؟ قال : الوالدان والولد والزوجة (1) ، والوارث الصغير يعني الأخ وابن الأخ وغيره (2).

باب 360: ما يقبل من الدعاوي بغير بينة

3428 - « جاء أعرابي إلى النبي صلى اللّه عليه وآله (3) فادعى عليه سبعين درهما ثمن

ص: 105


1- مروى في التهذيب ج 2 ص 89 والاستبصار ج 3 ص 43 نحو صدره مسندا عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث وذيله عن محمد الحلبي في آخر ، وأما اعتبار الصغر فهو مناف للأصول ويمكن أن يكون الصغير تصحيفا للفقير ويؤيد ذلك أنه نقل عن الشهيد - قدس سره - ذكر في بعض مصنفاته أن الشيخ ذكر في المبسوط أنه يجب نفقة الوارث الفقير للرواية. والظاهر أن المراد هذه الرواية لعدم وجودي غيرها. وقال الفاضل التفرشي : يمكن أن يراد بالوارث من ليس للمنفق أقرب وأن يراد من من شأنه أنه يصير وارثا ، والأول أقرب - انتهى
2- في الاستبصار والتهذيب « يعنى الأخ وابن الأخ ونحوه » وقال في المسالك : المشهور أنه لا يجب نفقه غير العمودين من الأقارب ونقل العلامة في القواعد في ذلك خلافا وأسنده الشراح إلى الشيخ وأنه ذهب إلى وجوبها على كل وارث والشيخ في المبسوط قطع باختصاصها بالعمودين وأسند وجوبها على الوارث إلى رواية وحملها على الاستحباب - انتهى.
3- روى المصنف في الأمالي المجلس (22) عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان ابن سليمان ، عن نوح بن شعيب ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن علقمة ، عن الصادق عليه السلام نحو هذا الخبر ، وفى الانتصار للسيد المرتضى - قدس اللّه روحه - نحوه راجع مسائل القضاء والشهادات منه.

ناقة باعها منه ، فقال : قد أوفيتك ، فقال : اجعل بيني وبينك رجلا يحكم بيننا ، فأقبل رجل من قريش فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : احكم بيننا ، فقال للاعرابي ما تدعي على رسول اللّه؟ قال : سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه ، فقال : ما تقول يا رسول اللّه؟ قال : قد أوفيته فقال للاعرابي : ما تقول؟ قال : لم يوفني فقال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ألك بينة على أنك قد أوفيته؟ قال : لا ، قال للاعرابي : أتحلف أنك لم تستوف حقك وتأخذه؟ فقال : نعم ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لأتحاكمن مع هذا إلى رجل يحكم بيننا بحكم اللّه عزوجل (1) ، فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام ومعه الاعرابي « فقال علي عليه السلام مالك يا رسول اللّه؟ قال : يا أبا الحسن أحكم بيني وبين هذا الاعرابي ، فقال علي عليه السلام : يا أعرابي ما تدعي على رسول اللّه؟ قال : سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه ، فقال : ما تقول يا رسول اللّه؟ قال : قد أوفيته ثمنها ، فقال : يا أعرابي أصدق رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فيما قال؟ قال : لا ما أوفاني شيئا ، فأخرج علي عليه السلام سيفه فضرب عنقه ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لم فعلت يا علي ذلك؟! فقال : يا رسول اللّه نحن نصدقك على أمر اللّه ونهيه وعلى أمر الجنة والنار والثواب والعقاب و وحي اللّه عزوجل ولا نصدقك في ثمن ناقة هذا الاعرابي! وإني قتلته لأنه كذبك لما قلت له أصدق رسول اللّه فيما قال فقال : لاما أوفاني شيئا ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أصبت يا علي فلا تعد إلى مثلها ، ثم التفت إلي القرشي وكان قد تبعه ، فقال : هذا حكم اللّه لا ما حكمت به » (2).

3429 - وفي رواية محمد بن بحر الشيباني ، عن أحمد بن الحرث قال : حدثنا أبو أيوب الكوفي قال : حدثنا إسحاق بن وهب العلاف قال : حدثنا أبو عاصم النبال ،

ص: 106


1- أي مع هذا الاعرابي ، و « لأتحاكمن » جواب القسم المحذوف.
2- تحاكم النبي (صلی اللّه عليه وآله) إلى القرشي ابتداء ورد حكمه ثانيا يعطى جواز التحاكم إلى من في ظاهره قابلية التحكم ورد حكمه عند العلم بخطائه ، وكذا ما يجيئ من قضية شريح في درع طلحة.

عن ابن جريج ، عن الضحاك (1) ، عن ابن عباس قال : « خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله من منزل عائشة فاستقبله أعرابي ومعه ناقة فقال : يا محمد تشتري هذه الناقة؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : نعم بكم تبيعها يا أعرابي؟ فقال : بمائتي درهم فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : بل ناقتك خير من هذا ، قال : فما زال النبي صلى اللّه عليه وآله يزيد حتى اشترى الناقة بأربع مائة درهم ، قال : فلما دفع النبي صلى اللّه عليه وآله إلى الاعرابي الدراهم ضرب الاعرابي يده إلى زمام الناقة ، فقال : الناقة ناقتي والدراهم دراهمي فإن كان لمحمد شئ فليقم البينة قال : فأقبل رجل فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : أترضى بالشيخ المقبل؟ قال : نعم يا محمد ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : تقضي فيما بيني وبين هذا الاعرابي؟ فقال : تكلم يا رسول اللّه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي ، فقال الاعرابي : بل الناقة ناقتي و الدراهم دراهمي إن كان لمحمد شئ فليقم البينة ، فقال الرجل : القضية فيها واضحة يا رسول اللّه وذلك أن الاعرابي طلب البينة ، فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله : إجلس فجلس ثم أقبل رجل آخر فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : أترضى يا أعرابي بالشيخ المقبل؟ قال : نعم يا محمد ، فلما دنا قال النبي صلى اللّه عليه وآله : إقض فيما بيني وبين الاعرابي قال تكلم يا رسول اللّه فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي ، فقال الاعرابي : بل الناقة ناقتي والدراهم دراهمي إن كان لمحمد شئ فليقم البينة ، فقال الرجل : القضية فيها واضحة يا رسول اللّه لان الاعرابي طلب البينة ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : اجلس حتى يأتي اللّه بمن يقضي بيني وبين الاعرابي بالحق ، فأقبل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : أترضى بالشاب المقبل؟ قال : نعم فلما دنا قال النبي صلى اللّه عليه وآله : يا أبا الحسن إقض فيما بيني وبين الاعرابي ، فقال : تكلم

ص: 107


1- ذكر المصنف هنا تمام السند لأنه مقطوع وجل رواته من العامة ، ومحمد بن بحر مرمى بالغلو وارتفاع المذهب والقول بالتفويض ، وأحمد بن الحرث مشترك بين جماعة غير موثقين ولعله تصحيف أحمد بن حرب وهو حفيد محمد البخاري العامي ، و أبو أيوب الكوفي إن كان الخزاز فهو ثقة والا فمجهول ، وإسحاق بن وهب عامي وكذا بقية رجال السند إلى ابن عباس.

يا رسول اللّه فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي فقال الاعرابي : لا بل الناقة ناقتي والدراهم دراهمي إن كان لمحمد شئ فليقم البينة ، فقال علي عليه السلام : خل بين الناقة وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال الاعرابي : ما كنت بالذي أفعل أو يقيم البينة (1) قال : فدخل علي عليه السلام منزله فاشتمل على قائم سيفه (2) ثم أتى فقال : خل بين الناقة وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : ما كنت بالذي أفعل أو يقيم البينة : قال : فضربه علي عليه السلام ضربة فاجتمع أهل الحجاز على أنه رمى برأسه وقال بعض أهل العراق بل قطع منه عضوا ، قال : فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : ما حملك على هذا يا علي!؟ فقال : يا رسول اللّه نصدقك على الوحي من السماء ولا نصدقك على أربعمائة درهم »!.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذان الحديثان غير مختلفين لأنهما في قضيتين ، وكانت هذه القضية قبل القضية التي ذكرتها قبلها (3).

3430 - وروى محمد بن بحر الشيباني ، عن عبد الرحمن بن أحمد الذهلي قال : حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري قال : حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع الحمصي ، قال : حدثنا شعيب ، عن الزهري ، عن عبد اللّه بن أحمد الذهلي قال (4) حدثني عمارة بن خزيمة بن ثابت أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله « أن النبي صلى اللّه عليه وآله ابتاع فرسا من أعرابي فأسرع النبي صلى اللّه عليه وآله المشي ليقبضه ثمن فرسه فأبطأ الاعرابي فطفق رجال يعترضون الاعرابي فيساومونه بالفرس (5) وهم لا يشعرون

ص: 108


1- « أو يقيم » بمعنى إلى أن يقيم.
2- قائم السيف وقائمته : مقبضه. ( المصباح )
3- قال ذلك دفعا لان النبي صلى اللّه عليه وآله نهاه في الخبر السابق عن العود إلى مثله ، لكن في الخبرين غرابة كما لا يخفى والعلم عند اللّه.
4- السند عامي وروى نحوه الكليني ج 7 ص 401 من الكافي في الموثق كالصحيح عن معاوية بن وهب مقطوعا. وذكر القضية جماعة من العامة وأشار إليه ابن قتيبة في المعارف وابن الأثير في أسد الغابة.
5- المساومة المقاولة في البيع والشراء والمجاذبة بين البايع والمشترى على السلعة وفضل ثمنها.

أن النبي صلى اللّه عليه وآله ابتاعه حتى زاد بعضهم الاعرابي في السوم على الثمن فنادى الاعرابي فقال : إن كنت مبتاعا لهذا الفرس فابتعه وإلا بعته ، فقام النبي صلى اللّه عليه وآله حين سمع الاعرابي فقال : أو ليس قد ابتعته منك؟ فطفق الناس يلوذون بالنبي صلى اللّه عليه وآله و بالأعرابي وهما يتشاجران فقال الاعرابي : هلم شهيدا يشهد إني قد بايعتك ، و من جاء من المسلمين قال للاعرابي : إن النبي صلى اللّه عليه وآله لم يكن ليقول إلا حقا حتى جاء خزيمة بن ثابت فاستمع لمراجعة النبي صلى اللّه عليه وآله والأعرابي فقال خزيمة : إني أنا أشهد أنك قد بايعته ، فأقبل النبي صلى اللّه عليه وآله على خزيمة فقال : بم تشهد!؟ قال : بتصديقك يا رسول اللّه فجعل النبي صلى اللّه عليه وآله شهادة خزيمة بن ثابت شهادتين وسماه ذا - الشهادتين ».

3431 - وروى محمد بن قيس (1) عن أبي جعفر عليه السلام « أن عليا عليه السلام كان في مسجد الكوفة فمر به عبد اللّه بن قفل التيمي ومعه درع طلحة فقال علي عليه السلام : هذه درع طلحة اخذت غلولا (2) يوم البصرة ، فقال ابن قفل : يا أمير المؤمنين اجعل بيني وبينك قاضيك الذي ارتضيته للمسلمين فجعل بينه وبينه شريحا فقال علي عليه السلام : هذه درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة فقال شريح : يا أمير المؤمنين هات على ما تقول بينة فأتاه بالحسن بن علي عليه السلام فشهد أنها درع طلحة اخذت يوم البصرة غلولا فقال شريح : هذا شاهد ولا أقضي بشاهد حتى يكون معه آخر ، فأتي بقنبر فشهد أنها درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة ، فقال : هذا مملوك ولا أقضى بشهادة المملوك ، فغضب علي عليه السلام ، ثم قال : خذوا الدرع فإن هذا قد قضى بجور ثلاث مرات فتحول شريح عن مجلسه وقال : لا أقضي بين اثنين حتى تخبرني من أين قضيت

ص: 109


1- رواه الكليني ج 7 ص 385 عن القمي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن ابن الحجاج ، والشيخ في التهذيب ج 2 ص 87 في الموثق عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي جعفر عليه السلام والظاهر أنه سقط محمد ابن قيس في الكتابين لان عبد الرحمن لم يلق أبا جعفر عليه السلام.
2- الغلول : الخيانة في المغنم خاصة.

بجور ثلاث مرات؟ فقال له علي عليه السلام : إني لما قلت لك : إنها درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة فقلت هات على ما تقول بينة ، وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : حيثما وجد غلول اخذ بغير بينة (1) ، فقلت : رجل لم يسمع الحديث ، ثم أتيتك بالحسن فشهد فقلت : هذا شاهد واحد ولا أقضي بشاهد حتى يكون معه آخر وقد قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بشاهد ويمين ، فهاتان اثنتان ، ثم أتيتك بقنبر ، فشهد فقلت : هذا مملوك ، وما بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلا فهذه الثالثة (2) ، ثم قال عليه السلام : يا شريح إن إمام المسلمين يؤتمن من أمورهم على ما هو أعظم من هذا (3) ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : فأول من رد شهادة المملوك - رمع - » (4).

3432 - وروى محمد بن عيسى بن عبيد ، عن أخيه جعفر بن عيسى قال : « كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : جعلت فداك المرأة تموت فيدعي أبوها أنه أعارها بعض ما كان عندها من المتاع والخدم أتقبل دعواه بلا بينة ، أم لا تقبل دعواه إلا ببينة؟ فكتب عليه السلام : تجوز بلا بينة ، قال : وكتبت إلى أبي الحسن - يعني علي بن محمد - عليهما السلام جعلت فداك إن ادعى زوج المرأة الميتة أو أبو زوجها أو أم زوجها في متاعها أو في خدمها مثل الذي ادعى أبوها من عارية بعض المتاع والخدم أيكون بمنزلة الأب

ص: 110


1- لعل مبنى ذلك على أنه لم يكن كلام في أنها درع طلحة لعلمهم بذلك بحيث لا يمكن انكاره حيث رأوها مرة بعد أخرى ، بل الكلام إنما كان في أن عبد اللّه بن قفل هل أخذه غلولا أو على وجه شرعي ، والأصل عدم انتقالها إليه بنافل شرعي ( مراد ) وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - قوله « حيث ما وجد غلول » لعله محمول على ما إذا كان معروفا مشهورا بين الناس أو عند الامام والا فالحكم به مطلقا لا يخلو عن اشكال.
2- يستفاد منه تعديل قنبر وقبول شهادة المملوك العادل.
3- الخبر في الكافي والتهذيب إلى هنا.
4- مقلوب عمر. وحاصل الخبر أن طلب البينة من المدعى إنما يكون فيمن لم يعلم عصمته ، وأما فيمن علم عصمته بالدليل فيعلم بقوله حقية دعواه فلم يحتج الحاكم في الحكم إلى بينة لوجوب حكمه بعلمه ولهذا يجب تصديقه في جميع الأحكام الشرعية والاعتقادات. ( مراد )

في الدعوى؟ فكتب عليه السلام : لا » (1).

3433 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن رفاعة بن موسى النخاس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا طلق الرجل امرأته فادعت أن المتاع لها وادعى أن المتاع له كان له ما للرجال ولها ما للنساء » (2).

وقد روي أن المرأة أحق بالمتاع لان من بين لابتيها قد يعلم أن المرأة تنقل إلى بيت زوجها المتاع (3).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني بذلك المتاع الذي هو من متاع النساء والمتاع الذي هو يحتاج إليه الرجال كما تحتاج إليه النساء ، فأما ما لا يصلح إلا للرجال فهو للرجل ، وليس هذا الحديث بمخالف للذي قال : له ما للرجال و لها ما للنساء وباللّه التوفيق.

ص: 111


1- مروى في الكافي ج 7 ص 431 وفى التهذيب ج 2 ص 87 ، وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لعل الفرق فيما إذا علم كونها ملكا للأب سابقا كما هو الغالب بخلاف غيره ، فالقول قول الأب لأنه كان ملكه والأصل عدم الانتقال ، وقال في التحرير : هذه الرواية محمولة على الظاهر لأن المرأة تأتى بالمتاع من بيت أهلها.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 89 والاستبصار ج 3 وص 47 في ذيل حديث.
3- هذا الكلام مضمون خبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 90 في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألني هل يقضى ابن أبي ليلى بقضاء يرجع عنه فقلت له : بلغني أنه قضى في متاع الرجل والمرأة إذا مات أحدهما فادعى ورثة الحي وورثة الميت ، أو طلقها الرجل فادعاه الرجل وادعته المرأة أربع قضيات قال : ما هن؟ قلت : أما أول ذلك فقضى فيه بقضاء إبراهيم النخعي أن يجعل متاع المرأة الذي لا يكون للرجل للمرأة ، ومتاع الرجل الذي لا يكون للمرأة للرجل ، وما يكون للرجال والنساء بينهما نصفين ثم بلغني أنه قال : هما مدعيان جميعا والذي بأيديهما جميعا مما يتركان بينهما نصفين ثم قال : الرجل صاحب البيت والمرأة الداخلة عليه وهي المدعية فالمتاع كله للرجل الا متاع النساء الذي لا يكون للرجال فهو للمرأة ، ثم قضى بعد ذلك بقضاء لولا انى شهدته لم أروه عليه ، ماتت امرأة منا ولها زوج وتركت متاعا فرفعته إليه فقال اكتبوا لي المتاع فلما قرأه قال : هذا يكون للمرأة وللرجل وقد جعلته للمرأة الا الميزان فإنه من متاع الرجل ، فهو لك ، قال ، فقال لي على أي شئ هو اليوم؟ قلت : رجع إلى أن جعل البيت للرجل ، ثم سألته عن ذلك فقلت له : ما تقول فيه أنت؟ قال : القول الذي أخبرتني أنك شهدت منه وإن كان قد رجع عنه ، قلت له : يكون المتاع للمرأة؟ فقال : لو سألت من بينهما - يعنى الجبلين - ونحن يومئذ بمكة لا خبروك أن الجهاز والمتاع يهدى علانية من بيت المرأة إلى بيت الرجل فيعطى التي جاءت به وهو المدعى فان زعم أنه أحدث فيه شيئا فليأت بالبينة ».

باب 361: نادر

3434 - روى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام « أنه سئل عن رجل أبصر طيرا فتبعه حتى وقع على شجرة فجاء رجل آخر فأخذه فقال : للعين ما رأت ولليد ما أخذت ».

3435 - وروى علي بن عبد اللّه الوراق - رحمه اللّه - عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الأخرس كيف يحلف إذا ادعي عليه دين ولم يكن للمدعى بينة فقال إن أمير المؤمنين عليه السلام اتي بأخرس وادعي عليه دين فأنكره ولم يكن للمدعي عليه بينة فقال أمير المؤمنين عليه السلام : الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى بينت للأمة جميع ما يحتاج إليه ، ثم قال : ائتوني بمصحف فاتي به ، فقال للأخرس : ما هذا فرفع رأسه إلى السماء وأشار أنه كتاب اللّه ، ثم قال : ائتوني بوليه فأتوه بأخ له فأقعده إلى جنبه ، ثم قال : يا قنبر علي بدواة وصينية فأتاه بهما (1) ثم قال لأخ الأخرس : قل لأخيك : هذا بينك وبينه انه علي ، فتقدم إليه بذلك ثم كتب أمير - المؤمنين عليه السلام : واللّه الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، الطالب الغالب الضار النافع ، المهلك المدرك ، الذي يعلم السر والعلانية ، إن فلان بن فلان المدعي ليس له قبل فلان بن فلان - أعني الأخرس - حق ولا طلبة بوجه من

ص: 112


1- يعنى قصعة ، والخبر مروى في التهذيب ج 2 ص 97.

الوجوه ولا سبب من الأسباب ثم غسله وأمر الأخرس أن يشربه ، فامتنع فألزمه الدين » (1).

باب 362: العتق وأحكامه

3436 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أعتق مؤمنا أعتق اللّه بكل عضو منه عضوا من النار ، وإن كانت أنثى أعتق اللّه بكل عضوين منها عضوا من النار ، لأن المرأة بنصف الرجل » (2).

3437 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يستحب للرجل أن يتقرب عشية عرفة ويوم عرفة بالعتق والصدقة ».

3438 - وروي عن أبي بصير ، وأبي العباس ، وعبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا ملك الرجل والديه أو أخته أو عمته أو خالته أو ابنة أخيه أو ابنة أخته وذكر أهل هذه الآية (3) من النساء عتقوا جميعا ، ويملك الرجل عمه وابن

ص: 113


1- قال في المسالك : في حلف الأخرس أقوال أشهرها تحليفه بالإشارة المفهمة الدالة عليه كسائر أموره ، والشيخ في النهاية اشترط مع ذلك وضع يده على اسم اللّه تعالى ، وقيل : بكتب اليمين في لوح ويؤمر بشر به بعد اعلامه ، واحتجوا بهذا الخبر ، وحمله ابن إدريس على أخرس لا يكون له كتابة معقولة ولا إشارة مفهومة ، وما ذكر في الخبر من فهمه إشارة علي عليه السلام إليه بالاستفهام عن المصحف ينافي ذلك.
2- هذا إذا كان المعتق - على صيغة الفاعل - رجلا ، أما إذا كانت امرأة فالظاهر من العلة المذكورة أن يعتق بكل عضو منها عضوا منها من النار ، وفى صورة العكس ينعتق بكل عضو منه عضوان بمعنى تضاعف الاجر ، وفى المجلد الأول من الكافي ص 453 باب مولد أمير المؤمنين عليه السلام « أن فاطمة بنت أسد قالت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : انى أريد أن أعتق جاريتي هذه ، فقال لها : أن فعلت أعتق اللّه بكل عضو منها عضوا منك من النار ». والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 309 والكليني ج 6 ص 180.
3- المراد قوله تعالى « حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم - الآية ».

أخيه وابن أخته وخاله ، ولا يملك أمه من الرضاعة ولا أخته ولا عمته ولا خالته ، فإذا ملكهن عتقن ، قال : وما يحرم من النسب من النساء فإنه يحرم من الرضاع (1) ، وقال : يملك الذكور ما خلا الوالد والولد ، ولا يملك من النساء ذات محرم ، قلت : وكذلك يجري في الرضاع؟ قال : نعم يجري في الرضاع مثل ذلك » (2).

3439 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في جارية كانت بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه قال : إن كان موسرا كلف أن يضمن وإن كان معسرا اخدمت بالحصص » (3).

3440 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في عبد كان بين رجلين فحرر أحدهما نصفه وهو صغير وأمسك الاخر نصفه (4) ، قال : يقوم قيمة يوم حرر الأول وامر المحرر أن يسعى في نصفه الذي لم يحرر حتى يقضيه ».

3441 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا - عبد اللّه عليه السلام عن الرجلين يكون بينهما الأمة فيعتق أحدهما نصفه فتقول الأمة للذي لم يعتق نصفه : لا أريد أن تقومني ذرني كما أنا أخدمك وإنه أراد أن يستنكح النصف

ص: 114


1- اختلف الأصحاب تبعا لاختلاف الروايات في أن من ملك من الرضاع من ينعتق عليه لو كان بالنسب هل ينعتق أم لا ، فذهب الشيخ وأتباعه وأكثر المتأخرين إلى الانعتاق ، وذهب المفيد وابن أبي عقيل وسلار وابن إدريس - رحمهم اللّه - إلى عدم الانعتاق. ( المرآة )
2- ظاهر الحديث يدل على انعتاق كل من بين تحريمها في الآية وإن كان بالمصاهرة كأم الزوجة وزوجة الولد ، ولكنهم خصصوا الحكم بالمحرمات بالنسب والرضاع. ( مراد )
3- كذا في الاستبصار ، وفى بعض النسخ « اخذت » وفى التهذيب « اخدمت بالحصة » ، وقيل : يمكن أن يحمل ذلك على ما إذا لم يقدر على السعي في تحصيل قيمة ما بقي لها من الرق أو لم يسع بقرينة ما يجيئ.
4- في الكافي ج 6 ص 183 « وأمسك الاخر نصفه حتى كبر الذي حرر نصفه ».

الاخر ، قال لا ينبغي له أن يفعل إنه لا يكون للمرأة فرجان ولا ينبغي له أن يستخدمها ولكن يقومها ويستسعيها » (1).

وفي رواية أبي بصير مثله إلا أنه قال : « وإن كان الذي أعتقها محتاجا فليستسعها ».

3442 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجلين كان بينهما عبد فأعتق أحدهما نصيبه ، قال : إن كان مضارا كلف أن يعتقه كله و إلا استسعى العبد في النصف الآخر » (2).

3443 - وروى حريز ، عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل ورث غلاما وله فيه شركاء فأعتق لوجه اللّه نصيبه ، فقال : إذا أعتق نصيبه مضارة وهو موسر ضمن للورثة ، وإذا أعتق نصيبه لوجه اللّه عزوجل كان الغلام قد أعتق منه حصة من أعتق ، ويستعملونه على قدر ما لهم فيه ، فإن كان فيه نصفه عمل لهم يوما وله يوم ، وإن أعتق الشريك مضارا فلا عتق له لأنه أراد أن يفسد على القوم و يرجع القوم على حصتهم ».

3444 - وقال الصادق عليه السلام : « لا عتق إلا ما أريد به وجه اللّه عزوجل » (3).

3445 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن الرجل تكون له الأمة ، فيقول : متى آتيها فهي حرة ، ثم يبيعها من رجل ، ثم يشتريها بعد ذلك ، قال : لا بأس بأن يأتيها قد خرجت من ملكه ».

3446 - وروي عن سماعة قال : « سألته عن رجل قال لثلاثة مماليك له : أنتم أحرار ، وكان له أربعة فقال له رجل من الناس : أعتقت مماليكك؟ قال : نعم أيجب

ص: 115


1- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 482 وفيه « فيستسعيها ».
2- أي إذا كان قصده بذلك الاضرار على شريكه فيلزمه العتق فيما بقي ويؤخذ بما بقي لشريكه ، والخبر رواه الشيخ في الاستبصار ج 4 ص 4 والتهذيب ج 2 ص 310.
3- كذا في جميع النسخ كما في الكافي ج 6 ص 178 وفى التهذيب ج 2 ص 309 « ولا أعتق الا ما أريد به وجه اللّه تعالى ».

عتق الأربعة حين أجملهم؟ أو هو للثلاثة الذين أعتق؟ قال : إنما يجب العتق لمن أعتق ».

3447 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل زوج أمته من رجل وشرط له أن ما ولدت من ولد فهو حر ، فطلقها زوجها أو مات عنها فزوجها من رجل آخر ما منزلة ولدها؟ قال : بمنزلتها إنما جعل ذلك للأول (1) وهو في الاخر بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء أمسك ».

3448 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك » (2).

3449 - وسأله عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه « عن رجل قال لغلامه : أعتقك على أن أزوجك جاريتي هذه فإن نكحت عليها أو تسريت فعليك مائة دينار ، فأعتقه على ذلك فنكح أو تسرى أعليه مائة دينار ويجوز شرطه؟ قال : يجوز عليه شرطه » (3).

3450 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام « في رجل أعتق مملوكه على أن يزوجه ابنته وشرط عليه إن تزوج أو تسرى عليها فعليه كذا وكذا ، قال : يجوز ». (4)

ص: 116


1- في التهذيب ج 2 ص 311 « قال منزلتها ما جعل ذلك الا للأول - الخ ، وقال سلطان العلماء : ينبغي حمل ذلك على صورة يفيد فيها هذا الشرط ويصح كون الولد بمنزلة الام مع عدم الاشتراط كما إذا كان الزوج عبدا أو كما ذهب إليه ابن الجنيد من كون الولد رقا وإن كان الزوج حرا الا مع اشتراط الحرية ، والمشهور كون ولد الزوج الحر حر الا مع اشتراط الرقية ، وقيل : لا تأثير لشرط الرقية.
2- رواه الكليني في الكافي ج 6 ص 179 في الحسن كالصحيح. ويمكن حمله على أن المراد لا يصح عتق يكون انعتاقه قبل الملك لئلا ينافي الأخبار الدالة ظاهرا على صحة تعليقه بالملك ولكن حملها الشيخ على النذر.
3- أجمع الأصحاب على أن المعتق إذا شرط على العبد شرطا سائغا في العتق لزمه الوفاء ، وهل يشترط في لزوم الشرط قبول المملوك ، قيل : لا ، وهو اختيار المحقق ، وقيل : يشترط مطلقا وهو اختيار العلامة في التحرير وفصل في القواعد وقال بلزومه في شرط المال دون الخدمة.
4- روى نحوه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام.

3451 - وسأله يعقوب بن شعيب « عن رجل أعتق جاريته وشرط عليها أن تخدمه خمس سنين فأبقت ثم مات الرجل فوجدها ورثته ألهم أن يستخدموها؟ قال : لا » (1).

3452 - وروى جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام « في رجل أعتق عبدا له مال لمن مال العبد؟ قال : إن كان علم أن له مالا تبعه ماله وإلا فهو للمعتق (2). وفي رجل باع مملوكا وله مال ، قال : إن علم مولاه الذي باعه أن له مالا فالمال للمشتري ، وإن لم يعلم البايع فالمال للبايع ».

3453 - وروى ابن بكير ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كان للرجل مملوك فأعتقه وهو يعلم (3) أن له مالا ولم يكن استثنى السيد المال حين أعتقه فهو للعبد ».

3454 - وسأله عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه (4) « عن رجل أعتق عبدا له و

ص: 117


1- مروى في الكافي ج 6 ص 179 في الصحيح ، وعليه الأصحاب ، وقوله « فأبقت » من الإباق أي هربت من سيدها.
2- إلى هنا رواه الكليني في الكافي ج 6 ص 190 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 311.
3- كذا ، وفى الكافي ج 6 ص 190 والتهذيب « قال : إذا كاتب الرجل مملوكه وأعتقه وهو يعلم - الخ » وفى الاستبصار كما في المتن وزاد في بعض نسخه بعد قوله « فهو للعبد » « والا فهو له - أي وان لم يعلم أن له مالا فالمال للسيد - ».
4- رواه الشيخ في التهذيبين باسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وقال بعده : هذه الأخبار عامة مطلقة ينبغي أن نقيدها بأن نقول إنما يكون له المال إذا بدأ به في اللفظ قبل العتق بأن يقول : لي مالك وأنت حر ، فان بدأ بالحرية لم يكن له من المال شئ ، يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن سعد بن سعد ، عن أبي جرير قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قال لمملوكه : أنت حر ولى مالك ، قال : لا يبدء بالحرية قبل المال يقول له : لي مالك وأنت حر برضا المملوك فان ذلك أحب إلى ».

للعبد مال فتوفي الذي أعتق العبد لمن يكون مال العبد؟ أيكون للذي أعتق العبد ، أو للعبد؟ قال : إذا أعتقه وهو يعلم أن له مالا فماله له ، وإن لم يعلم فماله لولد سيده ».

3455 - وروى جميل ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أعتق مملوكه عند موته وعليه دين ، قال : إن كان قيمة العبد مثل الذي عليه ومثله (1) جاز عتقه وإلا لم يجز » (2).

ص: 118


1- في بعض النسخ « ومثليه » والظاهر أنه من النساخ كما في جميع كتب الاخبار والفقه وكما سيجيئ أيضا مفردا يعنى إذا أعتق سدس الغلام يستسعى في الباقي الا إذا كان أقل منه فإنه اضرار على الورثة وأصحاب الديون ويؤيده ، موثقة الحسن بن الجهم في الكافي والتهذيب.
2- قال في المسالك : إذا أوصى بعتق مملوكه تبرعا أو أعتقه منجزا على أن المنجزات من الثلث وعليه دين فإن كان الدين يحيط بالتركة بطل العتق والوصية وان فضل منها عن الدين فضل وان قل صرف ثلث الفاضل في الوصايا فيعتق من العبد بحساب ما يبقى من الثلث ويسعى في ما بقي من قيمته ، هذا هو الذي تقتضيه القواعد ولكن وردت روايات صحيحة في أنه يعتبر قيمة العبد الذي أعتق في مرض الموت فان كانت بقدر الدين مرتين أعتق العبد وسعى في خمسة أسداس قيمته لان نصفه حينئذ ينصرف إلى الدين فيبطل فيه العتق ويبقى منه ثلاثة أسداس للمعتق منها سدس وهو ثلث التركة بعد الدين وللورثة سدسان ، وان كانت قيمة العبد أقل من قدر الدين مرتين بطلت العتق فيه أجمع ، وقد عمل بمضمونها المحقق وجماعة والشيخ وجماعة عدوا الحكم من منطوق الرواية إلى الوصية بالعتق ، والمحقق اقتصر على الحكم في المنجز ، وأكثر المتأخرين ردوا الرواية لمخالفتها لغيرها من الروايات الصحيحة ولعله أولى ويرد على القائل بتعديتها إلى الوصية معارضتها فيها لصحيحة الحلبي ( الآتي ) حيث تدل باطلاقها باعتاقه متى زادت قيمته عن الدين فلا وجه لعمل الشيخ بتلك الرواية مع عدم ورودها في مدعاه واطراح هذه ، ومن الجائز اختلاف حكم المنجز والموصى به في مثل ذلك كما اختلفا في كثير من الأحكام على تقدير تسليم حكمها في المنجز ويبقى في رواية الحلبي أنه عليه السلام حكم باستسعاء العبد في قضاء دين مولاه ولم يتعرض لحق الورثة مع أن لهم في قيمته مع زيادتها عن الدين حقا كما تقرر الا أن ترك ذكرهم لا يقدح لامكان استفادته عن خارج وتخصيص الامر بوفاء الدين لا ينافيه.

3456 - وروى حماد ، عن الحلبي عنه عليه السلام أنه قال : « في الرجل يقول : إن مت فعبدي حر وعلى الرجل دين قال : إن توفي وعليه دين قد أحاط بثمن العبد بيع العبد ، وإن لم يكن أحاط [ بثمن العبد ] استسعي العبد في قضاء دين مولاه وهو حر به إذا أوفاه » (1).

3457 - وروى محمد بن مروان عنه عليه السلام أنه قال : « أن أبي عليه السلام ترك ستين مملوكا وأوصى بعتق ثلثهم ، فأقرعت بينهم فأخرجت عشرين فأعتقتهم » (2).

3458 - وروى حريز ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن رجل ترك مملوكا بين نفر فشهد أحدهم أن الميت أعتقه ، قال : إن كان الشاهد مرضيا لم يضمن وجازت شهادته في نصيبه ، واستسعى العبد فيما كان للورثة » (3).

ص: 119


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 313 ، وقال سلطان العلماء : قوله « إذا مت فعبدي حر » هذا بطريق الوصية والسابق بطريق التخيير ، ولعل الحكم فيها مختلف كما هو مذهب بعض الأصحاب ، فلا منافاة - انتهى ، وما بين القوسين ليس في أكثر النسخ وهو موجود في التهذيب.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 314.
3- الظاهر أنه الفرد الخفي أي مع أنه مرضى لا يصير اقراره سببا للسراية لأنه لم يعتق ، فكيف إذا لم يكن مرضيا ، ويمكن أن يكون مفهومه إذا لم يكن مرضيا يضمن القيمة للورثة كما في السراية إذا كان مضارا ، وفيه بعد ، ويمكن أن لا يسمع قوله مع عدم كونه مرضيا في السراية وان سمع اقراره على نفسه في عتق حصته ( م ت ) وقال سلطان العلماء : لو كانا اثنين يظهر فائدة كونهما مرضيين إذ بشهادتهما يحكم بعتق الكل أما في الواحد فلا يظهر وجهه الا أن يقال لدفع احتمال قصد الاضرار المبطل وهو بعيد وفيه تأمل - انتهى ، وقال العلامة في المختلف : الوجه أن نقول : الاقرار يمضى في حق المقر سواء كان مرضيا أم لا ولا يجب السعي ، وبالجملة فلا فرق بين المرضى وغيره ، ويمكن أن يقال : إن عدالته ينفى التهمة فيمضى الاقرار في حقه خاصة وأما في حق الشركاء فيستسعى العبد كمن أعتق حصة من عبد ولم يقصد الاضرار مع الاعسار وأما إذا لم يكن مرضيا فإنه لا يلتفت إلى قوله الا في حقه فلا يستسعى العبد بل يبقى حصص الشركاء على العبودية ويحكم في حصته بالحرية ، وهذا عندي محمول على الاستحباب عملا بالرواية.

باب 363: التدبير

التدبير(1)

3459 - سأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام « عن الرجل يعتق مملوكه عن دبر ، ثم يحتاج إلى ثمنه ، قال : يبيعه ، قال : قلت فإن كان له عن ثمنه غنى (2) قال : إذا رضي المملوك فلا بأس ».

3460 - وروى جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن المدبر أيباع؟ قال : إن أحتاج صاحبه إلى ثمنه ورضي المملوك فلا بأس » (3).

3461 - وروي عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام « في الرجل يعتق غلامه أو جاريته عن دبر منه ، ثم يحتاج إلى ثمنه أيبيعه؟ قال : لا إلا أن يشترط على الذي يبيعه إياه أن يعتقه عند موته » (4).

3462 - وسئل أبو إبراهيم عليه السلام (5) « عن امرأة دبرت جارية لها فولدت

ص: 120


1- التدبير هو التفعيل من الدبر ، والمراد به تعليق العتق بدبر الحياة ، وقيل : سمى تدبيرا لأنه دبر أمر دنياه باستخدامه واسترقاقه وأمر آخرته باعتاقه وهذا راجع إلى الأول لان التدبير في الامر مأخوذ من لفظ الدبر أيضا لأنه نظر في عواقب الأمور. ( المسالك )
2- أي لا يحتاج إليه فهل يجوز بيعه.
3- لا يخفى صحة الرواية وهي تدل على اشتراط الاحتياج ورضى المملوك في جواز بيعه وهي تنافى الرواية السابقة واللاحقة ، ولم ينقل من واحد من الأصحاب العمل بها والجمع بين الروايات المذكورة لا يخلو من اشكال واللّه أعلم. ( سلطان )
4- في المحكى عن المسالك : قال الصدوق : لا يجوز بيعه الا أن يشترط على الذي يبيعه إياه أن يعتقه عند موته ، وقريب منه قول ابن أبي عقيل. والمشهور جواز بيعه مطلقا كأنهم حملوا الروايات الدالة على اشتراط الشرائط المذكورة على الاستحباب والكراهة بدونها ولذا اختلف في الروايات ذكر الشرائط وهو بعيد. وقال الفاضل التفرشي : محمول على الكراهة بدون الاشتراط ، والظاهر رجوع ضمير « موته » إلى البايع ليبقى معنى التدبير.
5- رواه الكليني ج 6 ص 184 عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى الكلاني عنه عليه السلام.

الجارية جارية نفيسة فلم يدر أمدبرة هي مثل أمها أم لا؟ فقال : متى كان الحمل (1)؟ كان وهي مدبرة أو قبل التدبير؟ قلت : جعلت فداك لا أدري أجنبي فيهما جميعا ، فقال : إن كانت الجارية حبلى قبل التدبير ولم يذكر ما في بطنها فالجارية مدبرة و ما في بطنها رق ، وإن كان التدبير قبل الحمل ثم حدث الحمل فالولد مدبر مع أمه لان الحمل إنما حدث بعد التدبير » (2).

3463 - وسأل الحسن بن علي الوشاء أبا الحسن عليه السلام « عن رجل دبر جارية وهي حبلي ، فقال : إن كان علم بحبل الجارية فما في بطنها بمنزلتها ، وإن كان لم يعلم فما في بطنها رق (3) ، قال : وسألته عن الرجل يدبر المملوك وهو حسن الحال ثم يحتاج أيجوز له أن يبيعه؟ قال : نعم إذا أحتاج إلى ذلك » (4).

3464 - وروي عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : المدبر من الثلث ، وللرجل أن يرجع في ثلثه إن كان أوصى في صحة أو مرض » (5).

3465 - وروى أبان ، عن أبي مريم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سئل عن الرجل

ص: 121


1- استفهام وما بعده تفصيل لذلك.
2- حمل على أنه لم يعلم ذلك وإنما ينكشف له بعد ذلك أنها كانت حاملا في حال ما دبرها ، فلأجل ذلك صار ولدها رقا ، ولو علم في حال التدبير أنها حامل كان حكم الولد حكم الام على ما تضمنه الخبر الآتي.
3- في المسالك : المشهور بين الأصحاب أن الحمل لا يتبع الحامل ، وذهب الشيخ في النهاية إلى أنه مع العلم يتبعها والا فلا ، استنادا إلى رواية الوشاء وقيل بسراية التدبير إلى الولد مطلقا ، وقال : عمل بمضمون خبر الوشاء كثير من المتقدمين والمتأخرين ونسبوها إلى الصحة ، والحق أنها من الحسن ، وذهب المحقق والعلامة وقبلهما الشيخ في المبسوط وابن إدريس إلى عدم تبعيته لها مطلقا للأصل وانفصاله عنها حكما كنظائره.
4- يدل على جواز الرجوع عن التدبير كما هو المذهب. ( المرآة )
5- رواه الكليني بسند موثق ويدل على أن التدبير من الثلث كما ذكره الأصحاب ، وقيل كأنه حمل المصنف الشرائط السابقة من رضى العبد والاحتياج على الاستحباب.

يعتق جاريته عن دبر أيطأها إن شاء ، أو ينكحها ، أو يبيع خدمتها حياته؟ قال : نعم أي ذلك شاء فعل » (1).

3466 - وروى عاصم (2) ، عن أبي بصير قال : « سألته عن العبد والأمة يعتقان عن دبر ، فقال : لمولاه أن يكاتبه إن شاء (3) وليس له أن يبيعه إلا أن يشاء العبد أن يبيعه مدة حياته (4) ، وله أن يأخذ ماله إن كان له مال » (5).

3467 - وسأله عبد اللّه بن سنان « عن امرأة أعتقت ثلث خادمها عند موتها أعلى أهلها إن يكاتبوها أن شاؤوا وإن أبوا (6) قال : لا ولكن لها من نفسها ثلثها و للوارث ثلثاها ، يستخدمها بحساب الذي له منها ويكون لها من نفسها بحساب ما أعتق منها ».

3468 - وروى أبان ، عن عبد الرحمن قال : « سألته عن الرجل قال : لعبده

ص: 122


1- قال العلامة في المختلف : يحمل بيع الخدمة على اجارتها فإنها في الحقيقة بيع المنافع مدة معينة فإذا انقضت المدة جاز أن يوجره أخرى وهكذا مدة حياته ، وحمل ابن إدريس بيع الخدمة على الصلح مدة حياته ، والمحقق قطع ببطلان بيع الخدمة لأنها مجهولة. ( سلطان )
2- الطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم ، وعاصم بن حميد ثقة والمراد بابي بصير ليث المرادي ظاهرا.
3- لأنه تعجيل للعتق لان معنى الكتابة كما في النهاية أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه إليه منجما ، فإذا أداه صار حرا ، وسميت كتابة لمصدر كتب ، كأنه يكتب على نفسه لمولاه ثمنه ويكتب مولاه له عليه العتق ، وقد كاتبة مكاتبة والعبد مكاتب.
4- محمول على الاستحباب.
5- يدل على أن العبد لا يملك.
6- أي أيحب على أهلها أن يكاتبوها ويمهلوها لتؤدي قيمتها سواء رضوا بذلك أم لا ، بل لهم استخدامها بقدر حصتهم ( مراد ) وقال سلطان العلماء قوله « أن يكاتبوها » أي في الثلثين الباقيين ولعل المكاتبة كناية عن عتقها أجمع وسعيها في قيمة باقيها. وقال المولى المجلسي. لا ريب في عدم وجوب المكاتبة فيحمل على ما ترد إلى ذمة ويحمل على ما لو يكن لها سواها والا فالظاهر انعتاقها بانعتاق جزء منها كما تقدم في السراية وإن كان أكثر الاخبار في السراية في حصة الشريك لكن تدل على نفسه بالطريق الأولى.

إن حدث بي حدث فهو حر ، وعلى الرجل تحرير رقبة في كفارة يمين أو ظهار أله أن يعتق عبده الذي جعل له العتق إن حدث به حدث في كفارة تلك اليمين؟ قال : لا يجوز الذي يجعل له في ذلك » (1).

3469 - وروى وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل دبر غلامه وعليه دين فرارا من الدين ، قال : لا تدبير له ، وإن كان دبره في صحة منه وسلامة فلا سبيل للديان عليه » (2).

3470 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن بريد بن معاوية قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل دبر مملوكا له تاجرا موسرا (3) فاشترى المدبر جارية بأمر مولاه فولدت منه أولادا ، ثم إن المدبر مات قبل سيده ، فقال : أرى

ص: 123


1- أي لا يجوز التدبير الذي جعل للعبد في الكفارة بأن يحسب منها ( مراد ) وقال سلطان العلماء : لعل من قال بجواز الرجوع في التدبير مطلقا حمل ذلك على الكراهة فإنه إذا جوز بيعه فالعتق أولى لأنه تعجيل لما تشبث به من الحرية ، ويمكن حمله بناء على مذهب من اشترط في جواز الرجوع أحد الشرائط المذكورة على صورة فقدان الشرائط المذكورة فتأمل.
2- قال في المسالك : لما كان التدبير كالوصية اعتبر في نفوذه كونه فاضلا من الثلث بعد أداء الدين وما في معناه من الوصايا الواجبة والعطايا المنجزة والمتقدمة عليه لفظا ، ولا فرق في الدين بين المتقدم منه على ايقاع صيغة التدبير والمتأخر على الأصح للعموم كالوصية والقول بتقديمه على الدين مع تقدمه عليه الشيخ في النهاية استنادا إلى صحيحة أبي بصير عن الصادق عليه السلام ، وصحيحة ابن يقطين ( المروية في التهذيب ج 2 ص 321 ) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن المدبر قال : إذا أذن في ذلك فلا بأس وإن كان على مولىة العبد دين فدبره فرارا من الدين فلا تدبير له وإن كان دبره في صحة وسلامة فلا سبيل للديان عليه ويمضى تدبيره ، وأجيب بحمله على التدبير الواجب بنذر وشبهه فإنه إذا وقع كذلك مع سلامة من الدين لم ينعقد نذره لأنه لم يقصد به الطاعة وهو محمل بعيد
3- صفتان للمملوك.

أن جميع ما ترك المدبر من متاع أو ضياع فهو للذي دبره ، وأرى أن أم ولده رق للذي دبره ، وأرى أن ولدها مدبرين كهيئة أبيهم فإذا مات الذي دبر أباهم فهم أحرار ».

3471 - وقال علي عليه السلام (1) : « المعتق عن دبر هو من الثلث ، وما جنى هو و المكاتب وأم الولد فالمولى ضامن لجنايتهم » (2).

باب 364: المكاتبة

المكاتبة (3)

3472 - روى محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا » قال : إن علمتم لهم مالا (4) ، قال قلت : « وآتوهم من مال اللّه الذي آتاكم ». قال : تضع عنه من نجومه التي لم تكن تريد أن تنقصه منها شيئا ولا تزيده فوق ما في نفسك (5) ، فقلت : كم؟ قال : وضع أبو جعفر

ص: 124


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 321 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر عن أبي الجوزاء ( منبه بن عبد اللّه ) عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام والحسين بن علوان وعمرو بن خالد عدا من رجال العامة والثاني بتري.
2- في المسالك جناية المدبر على غيره كجناية القن فإذا جنى على انسان تعلق برقبته فإن كان موجبا للقصاص فاقتص منه فات التدبير ، وان عفى عنه أو رضى المولى بالمال أو كانت الجناية توجب مالا ففداه السيد بأرش الجنابة أو بأقل الامرين على الخلاف المقرر في جناية القن بقي على التدبير وله بيعه فيها أو بعضه فيبطل فيما بيع منه. والمولى المجلسي حمل الخبر على التقية لان رواته من الزيدية.
3- تقدم معنى المكاتبة آنفا.
4- الخير المال كما في قوله تعالى « انه لحب الخير لشديد » ولعل المراد منه القدرة على المال وإن كان بالاكتساب ، وقال قوم من المفسرين ان الآية خطاب للمؤمنين بمعونتهم على خلاص رقابهم من الرق وعلى ما في الرواية كان الخطاب لمواليهم.
5- المراد بالنجوم الأقساط يعنى المال الذي يؤديه نجوما من مال الكتابة ، وقوله « قلت : وآتوهم من مال اللّه - الآية » أي وما معنى قوله تعالى : « وآتوهم - الخ ».

عليه السلام لمملوك له ألفا من ستة آلاف ».

3473 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن المكاتب يشترط عليه إن عجز فهو رد في الرق ، فعجز قبل أن يؤدي شيئا ، قال : لا يرد في الرق حتى يمضي له ثلاث سنين (1) ، ويعتق منه مقدار ما أدى صدرا (2) فإذا أدى صدرا فليس لهم أن يردوه في الرق ».

3474 - وسئل الصادق عليه السلام « عن مكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدى بعضها قال : يؤدي عنه من مال الصدقة إن اللّه عزوجل يقول في كتابه : « وفي الرقاب » (3).

3475 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن رجل كاتب مملوكه فقال بعد ما كاتبه : هب لي بعض مكاتبتي وأعجل لك مكاتبتي أيحل ذلك؟ قال : إن كان هبة فلا بأس ، وإذا قال : تحطه عني واعجل لك فلا يصلح » (4).

ص: 125


1- حمله الشهيد الثاني في شرحه على الشرايع ( يعنى المسالك ) على الاستحباب و استدل به على استحباب الصبر للمولى مع عجز العبد ، ويحتمل أن المراد بالسنين النجوم ، أي يستحب أن يصبر المولى إلى ثلاثة أنجم ، وقد حمل الشيخ - رحمه اللّه - العام على النجم في بعض هذه الروايات فلا تستبعد. ( سلطان )
2- قوله « ويعتق » ابتداء كلام ولعل الغرض بيان حكم المشروط الذي أدى شيئا بعد ما بين حكم من لم يؤد شيئا فحينئذ يكون قوله « يعتق » بطريق الاستحباب ، وقوله « وليس لهم أن يردوه ، بطريق الكراهة ( سلطان ) والصدر أعلى مقدم كل شئ وأوله والطائفة من الشئ ( القاموس ) ولا يخفى مناسبة كلا المعنيين هنا فتأمل ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي لعل المراد بصدر أزمان قبل انقضاء المدة المشترطة.
3- جواز الدفع إلى المكاتب من الزكاة مشترك بين القسمين لكن وجوب الفك مختص بالمطلق من سهم الرقاب مع الامكان فان تعذر كان كالمشروط يجوز فسخ الكتابة واسترقاقه أو ما بقي منه إن كان قد أدى شيئا. ( المسالك )
4- قوله « بعض مكاتبتي » أي بعض المال الذي وقع عليه الكتابة ، والفرق بين العبارة الأولى والثانية وقوع الأولى بلفظ الهبة ، والثانية بلفظ الحطة ليناسب الأولى كون التعجيل وعدمه إذ يناسب الثانية كونه عوضا ، فعلى الأولى للسيد أن يحسب تلك الهبة من الوضع المستحب دون الثاني لان الحط في مقابل التعجيل ، ويمكن حمل عدم الصلوح على الكراهة. ( مراد )

3476 - وروى عمار بن موسى الساباطي (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في مكاتب بين شريكين فيعتق أحدهما نصيبه كيف يصنع الخادم؟ قال : يخدم الثاني يوما ويخدم نفسه يوما (2) ، قلت : فإن مات وترك مالا؟ قال : المال بينهما نصفان بين الذي أعتق وبين الذي أمسك » (3).

3477 - وروى ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أراد أن يعتق مملوكا له وقد كان مولاه يأخذ منه ضريبة فرضها عليه (4) في كل سنة ورضي بذلك منه المولى فأصاب المملوك في تجارته مالا سوى ما كان يعطي مولاه من الضريبة ، فقال : إذا أدى إلى سيده ما كان فرض عليه فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك ، قال : ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام : أليس قد فرض اللّه عز وجل على العباد فرائض فإذا أدوها إليه لم يسألهم عما سواها ، قلت له : فللمملوك أن يتصدق مما اكتسب ويعتق بعد الفريضة التي يؤديها إلى سيده؟ قال : نعم (5) وأجر

ص: 126


1- الطريق إليه قوى وهو فطحي موثق ورواه الكليني ج 7 ص 172 بسند موثق.
2- محمول على عدم تحقق السراية ( المرآة ) ويحتمل أن يكون في صورة عجزه عن أداء مال الكتابة ، ولعل المراد من قوله « يخدم الثاني » أي يسعى في أداء مال الكتابة ( سلطان ).
3- بولاء العتق إذا لم يكن له وارث آخر.
4- الضريبة من ضربت عليه خراجا أي وظيفة ، وضريبة العبد هو ما يؤدى لسيده من الخراج المقدر عليه. وقال سلطان العلماء : لعل المصنف - رحمه اللّه - حمل ذلك على المكاتبة ولذا نقله في هذا الباب فيكون المراد أنه ان يحصل له العتق بعد أداء مال الكتابة ويكون المراد بالضريبة مال الكتابة الذي فرضه عليه في النجوم.
5- قال المحقق في الشرايع : العبد لا يملك ، وقيل : يملك فاضل الضريبة وهو المروى وأرش الجناية على قول ، ولو قيل : يملك مطلقا لكنه محجور عليه بالرق حتى يأذن المولى كان حسنا. وقال الشهيد في شرحه على الشرايع القول بالملك في الجملة للأكثر ومستنده الاخبار وذهب جماعة إلى عدم ملكه مطلقا واستدلوا عليه بأدلة مدخولة ولعل القول بعدم الملك متجه ، ويمكن حمل الاخبار على إباحة تصرفه فيما ذكر لا بمعنى ملك رقبة المال فيكون وجها للجمر. وقال في الدروس صحيحة عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام مصرحة بملكه فاضل الضريبة وجواز تصدقه وعتقه منه غير أنه لا ولاء عليه بل سائبة. ولو ضمن العبد جريرته لم يصح وبذلك أفتى في النهاية - انتهى ، وأقول : السائبة المهملة والعبد يعتق على أن لا ولاء له.

ذلك له قلت : فإن أعتق مملوكا مما كان اكتسب سوى الفريضة (1) لمن يكون ولاء المعتق؟ فقال : يذهب فيتولى إلى من أحب ، فإذا ضمن جريرته وعقله (2) كان مولاه وورثه ، قلت له : أليس قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الولاء لمن أعتق؟ فقال : هذا سائبة (3) لا يكون ولاؤه لعبد مثله ، قلت : فإن ضمن العبد الذي أعتقه جريرته وحدثه يلزمه ذلك ويكون مولاه ويرثه؟ فقال : لا يجوز ذلك ، لا يرث عبد حرا ».

3478 - وروى أبان ، عن أبي العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل قال : غلامي حر وعليه عمالة (4) كذا وكذا سنة ، قال : هو حر وعليه العمالة قلت : إن ابن أبي ليلى يزعم أنه حر وليس عليه شئ ، قال : كذب إن عليا عليه السلام أعتق أبا نيزر وعياضا ورياحا (5) وعليهم عمالة كذا وكذا سنة ولهم رزقهم وكسوتهم بالمعروف في تلك السنين » (6).

ص: 127


1- أي فان أعتق العبد مملوكا من كسبه.
2- الجريرة : الجناية والعقل : الدية ، يعنى إذا ضمن هو جريرته وعقله كان مولاه يرثه.
3- أي هذا المعتق الذي أعتقه العبد سائبة ليس له مولى.
4- العمالة مثلثة : رزق العامل وأجر العمل ، والظاهر أن المراد هنا الخدمة تجوزا. ( م ت )
5- في بعض النسخ والكافي « رباحا » بالباء الموحدة ولعله هو الصواب.
6- يدل على جواز شرط العمل في العتق ولا ينافي القربة بل ربما كان له أصلح وعدم ذكر القربة لا يدل على العدم. ( م ت )

3479 - وروى القاسم بن بريد (1) ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « في مكاتب شرط عليه إن عجز أن يرد في الرق ، قال : المسلمون عند شروطهم ».

3480 - وسئل الصادق عليه السلام « عن المكاتب ، فقال : يجوز عليه ما شرطت عليه » (2).

3481 - و « قضى أمير المؤمنين عليه السلام (3) في مكاتبة توفيت وقد قضت عامة ما عليها (4) وقد ولدت ولدا في مكاتبتها ، فقضى في ولدها أن يعتق منه مثل الذي عتق منها ويرق منه مثل ما رق منها ».

3482 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المكاتب يشترط عليه مولاه أن لا يتزوج إلا باذن منه حتى يؤدي مكاتبته ، قال : ينبغي له أن لا يتزوج إلا باذن منه ، إن لهم شرطهم » (5).

3483 - وروى جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في مكاتب (6) يموت وقد أدى بعض مكاتبته وله ابن من جاريته وترك مالا ، قال : يؤدي ابنه بقية مكاتبته ويعتق ويرث ما بقي » (7).

ص: 128


1- القاسم بن بريد بن معاوية العجلي ثقة والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان
2- ما لم يخالف الكتاب والسنة ، والخبر رواه الكليني ج 6 ص 186 بسند فيه ضعف وارسال.
3- رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام.
4- أي أكثر ما عليها من مال الكتابة. والمراد المطلقة فإنه يعتق منه ومن ولده بمقدار ما يؤدى.
5- رواه الكليني ج 6 ص 187 ذيل خبر عن حماد عن الحلبي وفيه « فان له شرطه ».
6- أي مكاتب مطلق.
7- هذا في المكاتب المطلق إذ المشروط يبطل كتابته بالموت رأسا اجماعا وان بقي عليه شئ يسير ، وبمضمون هذه الرواية عمل ابن الجنيد وظاهرها عدم قسمة تركته بين المولى والورثة بنسبة الحرية والرقية بل يؤدى بقية مال الكتابة من أصل التركة وكان الباقي للورثة ويعتقون جميعا ، والأشهر بين الأصحاب خلاف ذلك فإنهم قالوا : ان أدى المطلق بعض مال الكتابة تحرر منه بحسابه ويحرر من أولاده التابعين له بقدر حريته وميراثه لمولاه ووارثه بالنسبة ويتعلق بقية مال الكتابة بنصيب الورثة التابعين له ، وان زاد منه في نصيبهم شئ فلهم ، ولو لم يخلف مالا فعليهم أداء الباقي ويعتقون بأدائه ، وهل يجبرون على السعي فيه وجهان ويشهد لقول الأصحاب بعض الروايات الصحيحة ، وطريق الجمع أن يحمل الأداء في هذه الرواية على الأداء من نصيب الولد لامن أصل التركة وانه يرث ما بقي من نصيبه وهذا وإن كان خلاف الظاهر الا أنه متعين لمراعاة الجمع بين الأخبار الصحيحة ، وفى التحرير توقف في الحكم والتفصيل يطلب من شرح الشهيد الثاني على الشرايع. ( سلطان )

3484 - وسأله سماعة « عن العبد يكاتبه مولاه وهو يعلم أن ليس له قليل ولا كثير ، قال : فليكاتبه وإن كان يسأل الناس ، ولا يمنعه المكاتبة من أجل أنه ليس له مال (1) فإن اللّه عزوجل يرزق العباد بعضهم من بعض فالمحسن معان » (2).

3485 - وقال عليه السلام (3) « في رجل ملك مملوكا له (4) فسأل صاحبه المكاتبة أله أن لا يكاتبه إلا على الغلاء؟ قال : نعم » (5).

3486 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المكاتب يكاتب ويشترط عليه مواليه أنه إن عجز فهو مملوك ولهم ما أخذوا منه ، قال : يأخذه

ص: 129


1- لا ينافي ما سبق من الاخبار من اشتراط الخير وهو المال على ما فسر به في الرواية السابقة إذ يجوز كون ذلك شرطا للاستحباب كما مر جوابه أو شرط تأكيده فلا ينافي الجواز وحصول أصل الاستحباب بدونه.
2- أي إذا أحسن المولى بالكتابة يعينه اللّه بإيفاء ماله ، أو يلزم الناس اعانته ، والخبر مروى في الكافي ج 6 ص 187 بسند موثق عن سماعة.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 324 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- زاد هنا في التهذيب « مال » فعليه يدل على تملك العبد ظاهرا ، ويمكن حمله على القدرة على تحصيل المال.
5- يدل على جواز المكاتبة بأكثر من ثمنه أو المعتاد المعروف وإن كان الاكتفاء بذلك أولى ( م ت ) وقال سلطان العلماء : لعل ما سبق من تفسير « وآتوهم من مال اللّه » بأنه لا تزيده فوق ما في نفسه من القيمة كان بطريق الاستحباب فلا منافاة.

مواليه بشرطهم » (1).

3487 - وروى معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « في مملوك كاتب على نفسه وماله (2) وله أمة وقد شرط عليه أن لا يتزوج فأعتق الأمة وتزوجها قال : لا يصلح له أن يحدث في ماله إلا الاكلة من الطعام ونكاحه فاسد مردود ، قيل : فإن سيده علم بنكاحه ولم يقل شيئا؟ قال : إذا صمت حين يعلم ذلك فقد أقر (3) ، قيل : فإن كان المكاتب أعتق أفترى أن يجدد نكاحه ، أو يمضي على النكاح الأول؟ قال : يمضي على نكاحه » (4).

3488 - وروى علي بن النعمان ، عن أبي الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المكاتب يؤدي نصف مكاتبته ويبقى عليه النصف ، ثم يدعو مواليه إلى بقية مكاتبته فيقول لهم : خذوا ما بقي ضربة واحدة ، قال : يأخذون ما بقي ثم يعتق (5) ، وقال : في المكاتب يؤدي بعض مكاتبته ، ثم يموت ويترك ابنا ويترك مالا أكثر مما عليه من مكاتبته ، قال : يوفي مواليه ما بقي من مكاتبته وما بقي فلولده » (6).

ص: 130


1- يدل على جواز الشرط في الكتابة بأن يقول : إذا عجزت فأنت رق وما أعطيت فلى. ( م ت )
2- بأن يصير حرا بمال الكتابة وبأن يكون مال العبد له بعد أداء مال الكتابة ( م ت )
3- المشهور أن عقد العبد والأمة لأنفسهما فضولي موقوف على الإجازة ، وهل يكفي علم المولى وسكوته في الإجازة؟ المشهور أنه لا يكفي ، وقال ابن الجنيد : يكفي وهذا الخبر يؤيده ، قال في المسالك : ومما يحجر فيه على المكاتب : تزوجه بغير اذن المولى ذكرا كان أم أنثى ، فان بادرت بالعقد كان فضولا لأنها لم يملك نفسها على وجه تستقل به ، وكذا لا يجوز للمكاتب وطئ أمة يبتاعها الا بإذن مولاه لان ذلك تصرف بغير الاكتساب.
4- لعله على تقدير صمت المولى لا مطلقا.
5- لعله محمول على جواز الاخذ مع التراضي حذرا من مخالفة القواعد الشرعية وأوجب ابن الجنيد على المولى قبوله قبل الأجل بشروط. ( سلطان )
6- يوافق مضمونه ما سبق من رواية جميل وقد عرفت التفصيل فيه. ( سلطان )

3489 - وروى ابن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في مكاتب يموت وقد أدى بعض مكاتبته وله ابن من جاريته ، قال : إن كان اشترط عليه إن عجز فهو مملوك رجع ابنه مملوكا والجارية ، وإن لم يكن اشترط عليه أدى ابنه ما بقي من مكاتبته وورث ما بقي ».

3490 - وروى جميل بن دراج ، عن مهزم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المكاتب يموت وله ولد ، فقال : إن كان اشترط عليه (1) فولده مماليك وإن لم يكن اشترط عليه سعى ولده في مكاتبة أبيهم وعتقوا إذا أدوا ».

3491 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن اشترط المملوك المكاتب على مولاه أنه لا ولاء لاحد عليه (2) أو اشترط السيد ولاء المكاتب فأقر المكاتب الذي كوتب فله ولاؤه (3) ، قال : وقضى أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في مكاتب اشترط عليه ولاؤه إذا أعتق فنكح وليدة لرجل آخر فولدت له ولدا فحرر ولده (4) ثم توفي المكاتب فورثه ولده فاختلفوا في ولده من يرثه فألحق ولده

ص: 131


1- أي يكون مكاتبا مشروطا.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 324 في الصحيح وفيه « أنه لا ولاء لاحد عليه إذا قضى » المال فأقر بذلك الذي كاتبه فإنه لا ولاء لاحد عليه ».
3- يحتمل أن المراد أحد غير مولاه أي يكون الولاء لمولاه وحينئذ يستقيم المراد بظاهره لشقي الترديد ، ويكون ضمير « له » في الجزاء للمولى وظاهر العبارة هنا أن المراد نفى الولاء مطلقا حتى عن المولى أيضا ، ويحتمل على هذا ارجاع ضمير « له » في الجزاء إلى المملوك المكاتب أي ولاءه لنفسه وضعه أين يشاء لمولاه ولغيره ، وأما تقدير الجزاء للأول كقولنا يصح الشرط فبعيد بحسب العبارة لكن الجزاء مذكور في عبارة التهذيب فهو يؤيد هذا. ( سلطان )
4- يحتمل كونه بصيغة المجهول أي فصار ولده حرا من حيث كون أبيه حرا بالمكاتبة وحينئذ يستقيم الحكم بالحاق الولد إلى موالي أبيه لأنه تابع لأبيه ، ولو قرئ بصيغة المعلوم ويكون الضمير راجعا إلى الرجل مالك الوليدة ( وهي الأمة ) يشكل الحكم بالحاق الولد إلى موالي أبيه الا أن يحمل تحريره على الاتيان بصيغة التحرير مع عدم ترتب الثمرة عليها من حيث كونه حرا بسبب عتق أبيه واللّه أعلم. ( سلطان )

بموالي أبيه ».

3492 - وقضى علي عليه السلام (1) « في مكاتبة توفيت وقد قضت عامة الذي عليها فولدت ولدا في مكاتبتها فقضى في ولدها أنه يعتق منه مثل الذي عتق منها ، ويرق منه مثل الذي رق منها ».

3493 - وروى عمر صاحب الكرابيس (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل كاتب مملوكه واشترط عليه أن ميراثه له ، فرفع ذلك إلى علي عليه السلام فأبطل شرطه ، وقال : شرط اللّه قبل شرطك » (3).

3494 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عز وجل : « فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا » قال : الخير أن يشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه ، ويكون بيده عمل يكتسب به ، أو يكون له حرفة » (4).

3495 - وروي عن القاسم بن سليمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن عليا عليه السلام كان يستسعي المكاتب لأنهم لم يكونوا يشترطون إن عجز فهو رق (5) ، وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : لهم شروطهم ، وقال عليه السلام : ينتظر بالمكاتب (6) ثلاثة أنجم فان هو عجز رد رقيقا ».

3496 - قال : « وسألته عن قول اللّه عزوجل : « وآتوهم من مال اللّه الذي

ص: 132


1- تقدم تحت رقم 3478 مع بيانه.
2- كذا وفى التهذيب ج 2 ص 324 باسناد صحيح عن عمرو صاحب الكرابيس وهو غير معنون في المشيخة.
3- لان ميراثه لوارثه أو لضامن جريرته أو للامام ، وقال سلطان العلماء : لعل ذلك محمول على اشتراط ميراثه له وإن كان له وارث نسبي أو سببي.
4- لا ينافي ما سبق إذ لا دلالة فيما سبق على الحصر في المال. ( سلطان )
5- أي لم يكن الشرط في زمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله والصحابة وكانت الكتابة مطلقة. ( سلطان ) وفى بعض النسخ « فهو رقيق ».
6- محمول على الاستحباب.

آتاكم « قال : سمعت أبي عليه السلام يقول : لا يكاتبه على الذي أراد أن يكاتبه ثم يزيد عليه ، ثم يضع عنه ولكنه يضع عنه مما نوى أن يكاتبه عليه ».

باب 365: ولاء المعتق

3497 - روى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال النبي صلى اللّه عليه وآله : الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع ولا توهب » (1).

3498 - وقيل للصادق عليه السلام : « لم قلتم مولى الرجل منه؟ قال : لأنه خلق من طينه (2) ثم فرق بينهما فرده السبي إليه ، فعطف عليه ما كان فيه منه فأعتقه ، فلذلك هو منه ».

3499 - وروي عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يعتق الرجل في كفارة يمين أو ظهار لمن يكون الولاء؟ قال : للذي أعتق ) (3).

ص: 133


1- اللحمة - بضم اللام - القرابة ، وقوله صلى اللّه عليه وآله « كلحمة النسب » أي اشتراك واشتباك كالسدي مع اللحمة في النسج فلا تباع ولا توهب أي أن الولاء بمنزلة القرابة فكما لا يمكن الانفصال منها لا يمكن الانفصال عنه ، وقد كانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع فأبطله الشارع ، وقال بعض : معنى أنه كلحمه النسب أنه تعالى أخرجه بالحرية إلى النسب حكما كما أن الأب أخرجه بالنطفة إلى الوجود حسا لان العبد كالمعدوم في حق الأحكام لا يقضى ولا يملك ولا يلي فأخرجه السيد بالحرية من ذل الرق إلى عز وجود هذه الأحكام فجعل الولاء له والحق برتبة النسب في منع البيع وغيره.
2- يعنى هما مخلوقان من طينة واحدة ، وفى بعض النسخ « من طينته ».
3- المشهور أنه لا ولاء الا في العتق تبرعا أما إذا كان العتق واجبا بكفارة أو نذر أو شبهه فلا ولاء للمعتق. فلا بد من حمل الخبر وقال الشيخ : فالوجه أن نحمله على أنه يكون ولاؤه له إذا توالى العبد إليه بعد العتق لأنه لم يتوال العبد إليه كان سائبة - انتهى ، ويمكن أن يقرء « أعتق » بصيغة المجهول فالمعنى أن العبد كان ولاؤه لنفسه يتولى من يشاء.

3500 - وفي رواية عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه ذكر « أن بريرة كانت عند زوج لها وهي مملوكة فاشترتها عائشة فأعتقتها ، فخيرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إن شاءت تقر عند زوجها ، وإن شاءت فارقته ، وكان مواليها الذين باعوها قد اشترطوا ولاءها على عائشة ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الولاء لمن أعتق (1) ، وصدق على بريرة بلحم فأهدته إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فعلقته عائشة وقالت : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لا يأكل الصدقة ، فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله واللحم معلق ، فقال : ما شأن هذا اللحم لم يطبخ؟ قالت : يا رسول اللّه صدق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة ، فقال صلى اللّه عليه وآله : هو لها صدقة ولنا هدية ، ثم أمر بطبخه فجرت فيها ثلاث من السنن » (2).

3501 - وروى صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى عبدا وله أولاد من امرأة حرة فأعتقه ، قال : ولاء أولاده لمن أعتقه » (3).

ص: 134


1- أي ليس للبايع وان اشترط ، ويدل على عدم فساد البيع بفساد الشرط.
2- في بعض النسخ « فجاء فيها ثلاث من السنن » وهذه الجملة من كلام الصادق عليه السلام والسنة الأولى يتخير المعتقة في فسخ نكاحها. والثانية أن الولاء لمن أعتق لا للذي اشترط لنفسه ، والثالثة حل الصدقة لبنى هاشم إذا أهداها لهم المتصدق عليه لأنها ليست لهم بصدقة.
3- ظاهره أن الام كانت حرة أصلية فعلى المشهور بين الأصحاب بل ظاهرهم الاتفاق عليه أن لا ولاء لاحد على الولد ، وظاهر كثير من الاخبار أن الولاء ينجر إلى موالي الأب إذا أعتق ولو كانت الام حرة أصلية ، ويمكن حمل هذا الخبر على أن الام كانت معتقة فبعد عتق الأب ينجر ولاء الأولاد من موالي الام إلى الأب كما هو المشهور ، ويمكن ارجاع الضمير إلى الولد بناء على صحة اشتراط رقية الولد لكنه بعيد ، وقال في المسالك : لو كانت الام حرة أصلية والأب معتق ففي ثبوت الولاء عليه لمعتق الأب من حيث الانتساب إلى الأب وهو معتق أو عدم الولاء عليه كما لو كان الأب حرا بناء على أنه يتبع أشرف الأبوين وجهان أشهرهما عند الأصحاب الثاني ، بل ظاهرهم الاتفاق عليه وعلى هذا فشرط الولاء أن لا يكون في أحد الطرفين حر أصلى.

3502 - وروي عن بكر بن محمد أنه قال : « دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام ومعي علي بن عبد العزيز فقال لي : من هذا؟ قلت : مولانا ، فقال : أعتقتموه أو أباه؟ فقلت : بل أباه ، فقال : ليس هذا مولاك هذا أخوك وابن عمك (1) ، وإنما المولى الذي جرت عليه النعمة ، فإذا جرت على أبيه فهو أخوك وابن عمك (2).

قال : وسأله رجل وأنا حاضر فقال : يكون لي الغلام ويشرب ويدخل في هذه الأمور المكروهة فأريد عتقه فاعتقه أحب إليك؟ أم أبيعه وأتصدق بثمنه؟ فقال : إن العتق في بعض الزمان أفضل ، وفي بعض الزمان الصدقة أفضل ، العتق أفضل إذا كان الناس حسنة حالهم ، وإذا كان الناس شديدة حالهم فالصدقة أفضل ، وبيع هذا أحب إلي إذا كان بهذه الحال ».

3503 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يملك ذا رحمه هل يصلح له أن يبيعه أو يستعبده؟ قال : لا يصلح له بيعه(3) ولا يتخذه عبدا وهو مولاه وأخوه في الدين ، وأيهما مات ورثه صاحبه إلا أن يكون له وارث أقرب إليه منه »(4).

3504 - وروى حذيفة بن منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المعتق هو المولى

ص: 135


1- أي بمنزلة أخيك وابن عمك لا ينبغي ان تسميه المولى بل إنما ينبغي اطلاق اسم المولى على من وقعت له نعمة العتق لا أنه ليس لك بالنسبة إليه ولاء لو لم يكن له وارث يرثه ( مراد ) وقال الشيخ إنما نفى في الخبر أن يكون الولد مولى وهذا صحيح لان المولى في اللغة هو المعتق نفسه ولا يطلق ذلك على ولده وليس إذا انتفى أن يكون مولى ينتفى الولاء أيضا لان أحد الامرين منفصل من الاخر - انتهى ، فعليه لا ينافي الاخبار التي جاءت بان ولاء الولد لمن أعتق الأب.
2- إلى هنا رواه الكليني ج 6 ص 199 والباقي ص 194 في الصحيح عن بكر بن محمد.
3- لعل المراد بالرحم أحد العمودين فيكون النهى بطريق التحريم ، ويحتمل التعميم فالنهي للتنزيه. ( سلطان )
4- قال الفاضل التفرشي : ينبغي حمل قوله عليه السلام « لا يصلح » على الكراهة وأنه يستحب له اعتاقه ليتحقق التوارث بينهما.

والولد ينتمي إلى من يشاء ».

3505 - وروى الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن السائبة قال : هو الرجل يعتق غلامه ثم يقول له : اذهب حيث شئت ليس لي من ميراثك شئ ولا علي من جريرتك شئ ، ويشهد على ذلك شاهدين ». (1)

3506 - وروي عن شعيب (2) ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه سئل عن المملوك يعتق سائبة ، قال : يتولى من شاء وعلى من يتولى جريرته وله ميراثه ، قال : قلت : فإن سكت حتى يموت ولم يتول أحدا؟ قال : يجعل ماله في بيت مال المسلمين ».

3507 - وروى ابن محبوب ، عن عمار بن أبي الأحوص (3) قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن السائبة ، قال : أنظر في القرآن فما كان فيه تحرير رقبة فذلك يا عمار السائبة التي لا ولاء لاحد من المسلمين عليه إلا اللّه عزوجل ، فما كان ولاؤه لله عزوجل فهو لرسوله ، وما كان لرسوله صلى اللّه عليه وآله فأن ولاءه للامام وجنايته على الامام وميراثه له ».

3508 - وروى ياسين ، عن حريز ، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن مملوك أراد أن يشتري نفسه فدس إنسانا (4) هل للمدسوس أن يشتريه

ص: 136


1- قال في الدروس : ويتبرئ المعتق من ضمان الجريرة عند العتق لا بعده على قول قوى ولا يشترط الاشهاد في التبري نعم هو شرط في ثبوته وعليه صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام قال : « من أعتق رجلا سائبة فليس عليه من جريرته شئ وليس له من ميراثه شئ وليشهد على ذلك » في الامر بالاشهاد ، وظاهر ابن الجنيد والصدوق والشيخ انه شرط في الصحة.
2- يعنى العقرقوفي كما صرح به في الكافي ج 7 ص 171 في الحسن كالصحيح.
3- في الكافي ج 7 ص 171 « عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن عمار بن أبي الأحوص ».
4- أي أعطى مالا لرجل وقال اشترني من سيدي بهذا المال ، ويدل على تملك العبد ويحمل على الضريبة أو أرش الجناية ، وقيل مبنى على أن العبد يملك ما ملكه المولى وهو قول ثالث.

كله من مال العبد ولا يخبر السيد أنه إنما يشتريه من مال العبد؟ قال : لا ينبغي وإن أراد أن يستحل ذلك فيما بينه وبين اللّه عزوجل حتى يكون ولاؤه له فليزد هو ما يشأ (1) بعد أن يكون زيادة من ماله في ثمن العبد يستحل به الولاء فيكون ولاء العبد له ».

3509 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد العجلي قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل كان عليه عتق رقبة فمات من قبل أن يعتق رقبة ، فانطلق ابنه فابتاع رجلا من كسبه فأعتقه عن أبيه ، وإن المعتق أصاب بعد ذلك مالا ثم مات وتركه لمن يكون ميراثه؟ قال : فقال : إن كانت الرقبة التي كانت على أبيه في نذر أو شكر أو كانت واجبة عليه (2) فإن المعتق سائبة لا سبيل لاحد عليه ، قال : فإن كان تولى قبل أن يموت إلى أحد من المسلمين فضمن جنايته و جريرته (3) كان مولاه ووارثه إن لم يكن له قريب [ من المسلمين ] يرثه ، وإن لم يكن توالى إلى أحد حتى مات فإن ميراثه للامام إمام المسلمين إن لم يكن له قريب يرثه من المسلمين ، قال : وإن كانت الرقبة التي على أبيه تطوعا وقد كان أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة ، فإن ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد (4) الميت ، قال : ويكون الذي اشتراه فأعتقه بأمر أبيه كواحد من الورثة إذا لم يكن للمعتق قرابة من المسلمين أحرار يرثونه ، قال : وإن كان ابنه الذي اشترى الرقبة فأعتقها

ص: 137


1- قيل : لعل المراد بالزيادة جميع الثمن لأنه زائد على مال العبد والا أشكل الحال ويمكن أن يقال : مع اخبار السيد بأنه يشتريه من مال العبد وزيادة من ماله يجوز.
2- في الكافي ج 7 ص 171 « في ظهار أو شكر أو واجبة عليه » وهكذا في الاستبصار والتهذيب والمراد بالشكر النذر ولعل ما في المتن تصحيف وقع من النساخ.
3- في بعض النسخ « وحدته ».
4- في الكافي والتهذيبين « لجميع ولد الميت من الرجال » وحينئذ ينطبق على القول المشهور.

عن أبيه من ماله بعد موت أبيه تطوعا منه من غير أن يكون أبوه أمره بذلك فإن ولاءه وميراثه للذي اشتراه من ماله فأعتقه عن أبيه إذا لم يكن للمعتق وارث من قرابته » (1).

باب 366: أمهات الأولاد

3510 - روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن أم الولد ، قال : أمة تباع وتورث وتوهب ، وحدها حد الأمة » (2).

3511 - وروى الحسن بن محبوب ، عن وهب بن عبد ربه عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل زوج أم ولد له عبدا له ثم مات السيد قال : لا خيار لها على العبد هي مملوكة للورثة » (3).

3512 - وفي رواية محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البزنطي ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت وله أم ولد وله منها ولد أيصلح للرجل(4) أن يتزوجها؟ فقال : أخبرت أن عليا عليه السلام

ص: 138


1- استدل العلامة - رحمه اللّه - في المختلف بهذا الحديث على أن من أعتق عبد نفسه عن غيره باذنه تطوعا كان ولاؤه للغير الاذن لا للمعتق ، وهو اختيار الشيخ أيضا خلافا لابن إدريس حيث جعل الولاء للمعتق ، دون الاذن. ( سلطان )
2- قوله عليه السلام « أمة » أي ليس محض الاستيلاد سببا لعدم جواز البيع بل تباع في بعض الصور كما لو مات ولدها أو في ثمن رقبتها وغير ذلك من المستثنيات ، وهو رد على العامة حيث منعوا من بيعها مطلقا ، وأما كونها موروثة فيصح مع وجود الولد أيضا فإنها تجعل في نصيب ولدها ثم تعتق ، وقوله عليه السلام « حدها حد الأمة » يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المعنى حكمها في سائر الأمور حكم الأمة ، تأكيدا لما سبق ، وثانيهما أنها إذا فعلت ما يوجب الحد فحكمها فيه حكم الأمة.
3- يمكن حملها على من لم يبق لها ولد بعد سيدها. ( مراد )
4- أي لرجل ، وليس اللام للعهد.

أوصى في أمهات الأولاد اللاتي كان يطوف عليهن من كان منهن (1) لها ولد فهي من نصيب ولدها ، ومن لم يكن لها ولد فهي حرة ، وإنما جعل من كان منهن لها ولد من نصيب ولدها لكيلا تنكح إلا بإذن أهلها » (2).

3513 - وروى سليمان بن داود المنقري ، عن عبد العزيز بن محمد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام - أو سمعته يقول - : لا تجبر الحرة على رضاع الولد ، وتجبر أم الولد ».

3514 - وروى ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن بعضهم عليهم السلام (3) قال : « كان علي عليه السلام إذا مات الرجل وله امرأة مملوكة اشتراها من ماله فأعتقها ثم ورثها » (4).

3515 - وروى عمر بن يزيد عن أبي إبراهيم عليه السلام (5) قال : قلت له « أسألك ، قال : سل ، قلت : لم باع أمير المؤمنين عليه السلام أمهات الأولاد؟ فقال : في فكاك رقابهن ، قلت : وكيف ذاك؟ قال : أيما رجل اشترى جارية فأولدها ثم لم يؤد ثمنها ولم يدع من المال ما يؤدى عنه اخذ ولدها منها وبيعت(6) وادي ثمنها ، قلت : فتباع فيما

ص: 139


1- قوله « يطوف عليهن » كناية عن الوطي ، وفى بعض النسخ هنا وما يأتي « فمن كان فيهن ».
2- لما جعلت المرأة حرة من نصيب الولد يكون الولد كالمعتق لها ومولى لها فلا ينبغي أن تنكح الا باذن ولدها فالنهي في قوله « لكيلا تنكح » نهى تنزيه لا نهى تحريم.
3- رواه الشيخ في التهذيب والاستبصار ج 4 ص 178 باسناد ذكره عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- قال الشيخ : الوجه في هذا الخبر أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يفعل على طريق التطوع لأنا قد بينا أن الزوجة إذا كانت حرة ولم يكن هناك وارث لم يكن لها أكثر من الربع والباقي يكون للامام وإذا كان المستحق للمال أمير المؤمنين عليه السلام جاز أن يشترى الزوجة ويعتقها ويعطيها بقية المال تبرعا وندبا دون أن يكون فعل ذلك واجبا لازما.
5- رواه الكليني مع اختلاف في بعض الألفاظ بسند صحيح عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه أو قال لأبي إبراهيم - الخ.
6- في بعض النسخ « أحد ولدها ثمنها منه بيعت ».

سوى ذلك من الدين؟ قال : لا ».

3516 - وروى عاصم ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال أمير - المؤمنين عليه السلام : أيما رجل ترك سرية لها ولد أو في بطنها ولد أو لا ولد لها ، فإن كان أعتقها ربها عتقت ، وإن لم يعتقها حتى توفي فقد سبق فيها كتاب اللّه عزوجل وكتاب اللّه أحق (1) ، قال : وإن كان لها ولد وترك مالا تجعل في نصيب ولدها ويمسكها أولياء ولدها حتى يكبر الولد فيكون هو الذي (2) يعتقها إن شاء ويكونون هم يرثون ولدها ما دامت أمة ، فإن أعتقها ولدها عتقت ، وإن توفي عنها ولدها ولم يعتقها فإن شاؤوا أرقوا وإن شاؤوا أعتقوا ، وقضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ترك جارية وقد ولدت منه ابنة وهي صغيرة غير أنها تبين الكلام فأعتقت أمها فتخاصم فيها موالي أب الجارية فأجاز عتقها لامها »(3).

3517 - وروى الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن الوليد بن هشام قال : « قدمت من مصر ومعي رقيق فمررت بالعاشر (4) فسألني فقلت : هم أحرار كلهم فقدمت المدينة ، فدخلت على أبي الحسن عليه السلام فأخبرته بقولي للعاشر ، فقال : ليس عليك شئ (5) ، فقلت : إن فيهم جارية قد وقعت عليها وبها حمل ، قال : لا أليس ولدها بالذي يعتقها إذا هلك سيدها صارت من نصيب ولدها » (6).

ص: 140


1- لان كتاب اللّه نزل بالميراث فهي تصير مملوكة للابن بالميراث ثم تعتق ، وأما أن جميعها يجعل في نصيبه فقد ظهر من السنة. ( المرآة )
2- في الاستبصار ج 4 ص 13 « فيكون المولود هو الذي - الخ » وكذا في التهذيب.
3- يمكن أن يكون الإجازة لأنها قد صارت حرة بمجرد الملك بدون اعتاقها لا للعتق لأنه لا اعتداد بفعلها. ( المرآة )
4- العاشر هو الذي يأخذ العشور من الرقيق وغيره من الأموال.
5- أي ليس عليك من تحرير الرقيق شئ.
6- قوله « لا » أي ليس عليك شئ من تحريرها فلا يتحرر بذلك بل انها يتحرر باعتاق ولدها إياها ، وظاهر هذا الحديث أن أم الولد لا تعتق ولدها إياها ، ويمكن حمل الاعتاق على أن الولد يصير سببا لعتقها فيكون اسناد الاعتاق إلى الولد مجازا. ( مراد )

باب 367: الحرية

3518 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : إن الناس كلهم أحرار إلا من أقر علي نفسه بالرق وهو مدرك ، من عبد أو أمة ، ومن شهد عليه شاهدان بالرق صغيرا كان أو كبيرا ».

3519 - وروي عن العباس بن عامر ، عن أبان ، عن محمد بن الفضل الهاشمي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل أقر أنه عبد ، قال : يأخذه بما قال أو يرد المال » (1).

3520 - وروي السكوني عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إذا عمي العبد فلا رق عليه ، والعبد إذا أجذم فلا رق عليه » (2).

ص: 141


1- أي إذا اشتراه أحد باقراره بالعبودية ثم ظهر كذبه فعليه أن يرد على المشترى الثمن بل بما أعزم لأنه ضيع حقه ( م ت ) وقال سلطان العلماء : قوله « يأخذه » لعل المراد أنه يأخذ المشترى العبد بما قال أي بما أقر على نفسه بالعبودية أو « يرد المال » بصيغة المجهول أي الثمن من البايع إلى المشترى لو لم يقر بالعبودية ، ولعل هذا إذا لم يكن ثابت العبودية بأن يباع في الأسواق فان ظاهر اليد والتصرف يقتضى الملك بل وجده في يده وادعى رقيته ولم يعلم شراءه ولا بيعه فإنه حينئذ لو لم يقر بالعبودية بل أنكرها لم يقبل دعوى البايع الا بالبينة عملا بأصالة الحرية ، وان سكت أو كان صغيرا فاستقرب في التذكرة أصالة الحرية وفى التحرير ظاهر اليد واختاره الشهيد (رحمه اللّه) ، واحتمال كون « يرد » بصيغة المعلوم وارجاع ضمير الفاعل إلى العبد أي يرد العبد ثمنه إلى المشترى على تقدير ثبوت حريته لأنه موجب لتلفه يأباه لفظة « أو » بل المناسب حينئذ الواو.
2- يدل على الانعتاق بالعمى والجذام كما هو المشهور بين الأصحاب ، وألحق ابن حمزة بالجذام البرص ، وألحق الأكثر الاقعاد ومستندهم غير معلوم ويظهر من المحقق التوقف فيه. ( المرآة )

3521 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا عمي العبد فقد عتق » (1).

3522 - وروى هشام بن سالم ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام فيمن نكل بمملوكه أنه حر لا سبيل له عليه سائبة يذهب فيتولى إلى من أحب فإذا ضمن حدثه فهو يرثه » (2).

3523 - وروي « في امرأة قطعت ثدي وليدتها أنها حرة لا سبيل لمولاتها عليها » (3).

3524 - وروى طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « في رجل أعتق بعض مملوكه ، قال : هو حر كله ليس لله عزوجل شريك » (4).

3525 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « في رجل أعتق أمة وهي حبلى فاستثنى ما في بطنها (5) ، قال : الأمة حرة وما في بطنها حر لان ما في بطنها منها » (6).

3526 - وروي عن سيف بن عميرة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أيجوز

ص: 142


1- رواه الكليني ج 6 ص 189 في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان عنه عليه السلام.
2- في الكافي « فإذا ضمن جريرته فهو يرثه » وعليه الأصحاب. ( المرآة )
3- هذا الخبر مروى في الكافي ج 7 ص 303 في صدر الخبر المتقدم هكذا « قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة قطعت - الخ » ويدل على أن التنكيل موجب للعتق من غير ولاء كما هو المشهور.
4- قال في الدروس : من أعتق شقصا من عبده عتق جميعه لقوله عليه السلام « ليس لله شريك » الا أن يكون مريضا ولا يخرج من الثلث. ( المرآة )
5- أي فاستثنى حال العقد فيكون محمولا على الاستحباب ، أو بعده بزمان لا يتصل به.
6- أي بمنزلة جزئها فيسرى العتق إليه ، قال في المسالك : المشهور بين الأصحاب أن عتق الحامل لا يسرى إلى الحمل وبالعكس لان الرواية في الأشقاص ، وذهب الشيخ في النهاية وجماعة إلى تبعية الحمل لها في العتق وان استثناه استنادا إلى رواية السكوني عن الصادق عن الباقر عليهما السلام وضعف الرواية وموافقتها للعامة يمنع من العمل بمضمونها ، هذا ، وقال بعض الاعلام : يحتمل كون الأصل فيه « فما استثنى » فصحف.

للمسلم أن يعتق مملوكا مشركا؟ قال : لا » (1).

3527 - وروى أبو البختري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام قال : « لا يجوز في العتاق (2) الأعمى والأعور والمقعد ، ويجوز الأشل والا عرج ».

3528 - وروي عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن رجل عليه عتق رقبة فأراد أن يعتق نسمة أيهما أفضل أن يعتق شيخا كبيرا أو شابا أجرد؟ قال : أعتق من أغنى نفسه (3) ، الشيخ الكبير أفضل من الشاب الأجرد » (4).

3529 - وروي عن أحمد بن هلال قال : « كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام (5) كان

ص: 143


1- عمل بها أكثر الأصحاب بل حكموا بعدم الجواز في الكافر غير المشرك أيضا و قال الشيخ في المبسوط والخلاف بصحة عتقه مطلقا وفصل في النهاية والاستبصار بصحته مع النذر وبطلانه مع التبرع جمعا بين الاخبار ( سلطان ) أقول : روى الكليني في الكافي ج 6 ص 182 بسند صحيح عن الحسن بن صالح الزيدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان عليا عليه السلام أعتق عبدا له نصرانيا فأسلم حين أعتقه » وقال في المسالك القول باشتراط اسلام المملوك المعتق للأكثر والقول بصحته مع النذر وبطلانه مع التبرع للشيخ في النهاية والاستبصار جمعا بحمل فعل علي عليه السلام على أن كان قد نذر عتقه لئلا ينافي النهى عن عتقه مطلقا وهو جمع بعيد لا اشعار به في الخبر.
2- أي الواجب في الكفارة وشبهها. وقال سلطان العلماء « والأعور » لعله مأخوذ من العوار بمعنى العيب ويكون محمولا على الجذام والبرص لا من العور بمعنى ذهاب إحدى العينين إذ يجوز عتقه في الكفارة اجماعا الا أن يكون ناشيا من مولاه - انتهى. والمراد بالأشل من يبست يداه ، وبالأعرج من اعتل رجلاه.
3- أي عن الخدمة فيكون كالتعليل لما بعده ، ويحتمل أن يكون المراد أن العمدة في ذلك أن يكون له كسب أو صنعة لا يحتاج في معيشته إلى السؤال ولو اشتركا في ذلك فالشيخ أفضل. ( المرآة )
4- رواه الكليني ج 6 ص 196 بسند صحيح.
5- المراد أبو الحسن علي بن محمد الهادي عليهما السلام وأما أحمد بن هلال العبرتائي ففيه كلام ، راجع جامع الرواة

علي عتق رقبة فهرب لي مملوك لست أعلم أين هو أيجزيني عتقه؟ فكتب عليه السلام نعم ».

3530 - وروي عن أبي هاشم الجعفري قال ، « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل له مملوك قد أبق منه يجوز أن يعتقه في كفارة الظهار؟ قال : لا بأس به ما لم يعرف منه موتا » (1).

باب 368: ما جاء في ولد الزنا واللقيط

3531 - روى سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بأن يعتق ولد الزنا » (2).

3532 - وروى عنبسة بن مصعب (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « جارية لي زنت أبيع ولدها؟ قال : نعم ، قلت : أحج بثمنه؟ قال : نعم » (4).

ص: 144


1- رواه الكليني ج 6 ص 200 بسند حسن كالصحيح وزاد في آخره « قال أبو هاشم : » وكان سألني نصر بن عامر القمي أن أسأله عن ذلك ، وقال العلامة المجلسي : ظاهر الخبر عدم الاكتفاء باستصحاب الحياة.
2- رواه الكليني في الصحيح والمشهور جواز عتق ولد الزنا ومنع منه السيد المرتضى وابن إدريس بناء على كفره ولم يثبت بل هو ممنوع.
3- طريق المصنف إليه غير مذكور وهو واقفي ناووسي ولم يوثق ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 312 في الصحيح عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن إسحاق بن عمار عنه.
4- روى الكليني ج 5 ص 226 في القوى عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « تكون لي المملوكة من الزنا أحج من ثمنها وأتزوج؟ فقال : لا تحج ولا تتزوج منه » ونقلها الشيخ في التهذيب وقال : محمول على ضرب من الكراهة لأنا قد بينا جواز بيع ولد الزنا والحج من ثمنه والصدقة منه.

3533 - وروى حماد ، عن الحلبي قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن ولد الزنا أيشترى أو يباع أو يستخدم؟ قال : نعم إلا جارية لقيطة فإنها لا تشتري » (1).

3534 - وروى حماد بن عيسى ، عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المنبوذ حر إن شاء جعل ولاءه للذين ربوه وإن شاء لغيرهم ».

3535 - وفى رواية المثنى (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن طلب الذي رباه بنفقته وكان موسرا رد عليه ، وإن لم يكن موسرا كان ما أنفق صدقة » (3).

3536 - وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام أنه قال : « في لقيطة وجدت ، فقال : حرة لا تشترى ولا تباع ، وإن كان ولد مملوك لك من الزنا فأمسك أو بع إن أحببت ، هو مملوك لك ».

باب 369: الإباق

3537 - قال أبو جعفر عليه السلام : « العبد الآبق لا تقبل له صلاة حتى يرجع إلى مولاه »(4).

3538 - وقال الصادق عليه السلام : « المملوك إذا هرب ولم يخرج من مصره لم

ص: 145


1- اللقيط : المولود الذي تنبذه أمه في الطريق ، وحمل على لقيط دار الاسلام أو لقيط دار الكفر إذا كان فيها مسلم يمكن الحاقه به.
2- رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي نجران ، عن المثنى في ذيل حديث.
3- المشهور أنه ينفق عليه من ماله إن كان له مال بإذن الحاكم ان أمكن والا فمن بيت المال وان تعذر ولم يوجد متبرع وأنفق الملتقط من ماله يرجع عليه بعد البلوغ إن كان له مال مع نية الرجوع والا فلا ، وذهب ابن إدريس إلى عدم الرجوع مطلقا.
4- الظاهر أنه الخبر الذي رواه الكليني ج 6 ص 199 مسندا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « ثلاثة لا يقبل اللّه عزوجل لهم صلاة : أحدهم العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه ».

يكن آبقا »(1).

3539 - وروى زيد الشحام (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه سئل عن رجل يتخوف إباق مملوكه أو يكون المملوك قد أبق أيقيده أو يجعل في عنقه راية (3) قال : إنما هو بمنزلة بعير يخاف شراده (4) ، فإذا خفت ذلك فاستوثق منه وأشبعه واكسه ، قلت : وكم شبعه؟ قال : أما نحن نرزق عيالنا مدين تمرا ».

3540 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن جارية مدبرة أبقت من سيدها سنين ثم أنها جاءت بعد ما مات سيدها بأولاد ومتاع كثير وشهد لها شاهدان أن سيدها كان قد دبرها في حياته من قبل أن تأبق ، قال : أرى أن جميع ما معها للورثة (5) ، قلت : ولا تعتق من ثلث سيدها؟ قال : لا إنها أبقت عاصية لله ولسيدها ، فأبطل الا باق التدبير » (6).

3541 - وروى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام اختصم إليه في رجل أخذ عبدا آبقا وكان معه ثم هرب منه ، قال : يحلف باللّه الذي لا إله إلا هو ما سلبه ثيابه ولا شيئا مما كان عليه ، ولا باعه ، ولا داهن في ، إرساله ، فإذا حلف برء من الضمان »(7).

3542 - وروى غياث بن إبراهيم الدارمي عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام

ص: 146


1- رواه الكليني ج 6 ص 200 بسند مرفوع عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ويمكن حمله على ما إذا كان في بيوت أقاربه وأصدقائه بحيث لا يسمى آبقا عرفا ، والا فهو مخالف للمشهور ولما ورد في جعل من رد الآبق من المصر. ويظهر الفائدة في ابطال التدبير وفى فسخ المشترى وفى الجعل لرد الآبق وغيرها كما في المرآة.
2- مروى في الكافي ج 6 ص 200 عن القمي ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر عن أبي جميلة عن زيد ، وأبو جميلة هو المفضل بن صالح الضعيف ولكن لا يضر.
3- الراية بالمثناة : القلادة أو التي توضع في عتق الغلام الآبق.
4- شرد البعير : نفر.
5- كذا وفى الكافي والتهذيبين « أنها وجميع ما معها للورثة ».
6- أجمع أصحاب على أنه إذا أبق المدبر بطل تدبيره وكان من يولد بعد الإباق رقا.
7- محمول على ما إذا ادعى المالك عليه تلك الأمور. ( المرآة)

« أن عليا عليه السلام قال في جعل الآبق : إن المسلم يرد على المسلم » (1).

3543 - وقال عليه السلام (2) « في رجل أخذ آبقا ففر منه قال : ليس عليه شئ ».

3544 - وروى الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل أصاب دابة (3) قد سرقت من جار له فأخذها ليأتيه بها فنفقت قال : ليس عليه شئ » (4).

3545 - وروى علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن العبد إذا أبق من مواليه ثم سرق لم يقطع وهو آبق لأنه بمنزلة المرتد عن الاسلام ولكن يدعى إلى الرجوع إلى مواليه والدخول في الاسلام فإن أبى أن يرجع إلى مواليه قطعت يده بالسرقة ثم قتل ، والمرتد إذا سرق بمنزلة » (5).

ص: 147


1- مروى في الكافي بسند موثق وقال العلامة المجلسي « المسلم يرد على المسلم » أي يلزم أن يرد المسلم الآبق على المسلم ولا يأخذ منه جعلا ، أو ينبغي أن يرد الجعل على المسلم لو أخذه منه أو لا يأخذه لو أعطاه ، ويحتمل بعيدا أن يكون المعنى أن المسلم المالك يرد أن يعطى الجعل. وعلى التقادير الأولة فهو محمول على الاستحباب إذا قرر جعلا وعلى الوجوب مع عدمه إذا لم نقل بوجوب الدينار والأربعة دنانير ، ويمكن أن يكون المراد أنه إذا أخذ جعلا ولم يرد العبد يجب عليه رد الجعل - انتهى ، أقول : قال الفاضل التفرشي وسلطان العلماء نحوا مما مر في بيان الخبر ، ولكن بنظري القاصر أن المراد أن العبد الآبق إذا كان مسلما ومولاه أيضا مسلما يجوز أخذ الجعل والرد ، وأما إذا كان المولى كافرا والآبق مسلما فلا يجوز الرد ولا أخذ الأجر « ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا ».
2- يعنى الصادق عليه السلام ظاهرا فان الخبر رواه الكليني ج 6 ص 200 في الصحيح عن الحسن بن صالح هكذا قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل أصاب عبدا آبقا فأخذه وأفلت منه العبد ، قال : ليس عليه شئ » وحمل على عدم التفريط فان المشهور أنه لو أبق العبد اللقيط أوضاع من غير تفريط لم يضمن ولو كان بتفريط ضمن.
3- كذا في النسخ والظاهر أنه تصحيف لعدم مناسبته بالباب وفى الكافي « أصاب جارية ».
4- نفقت الدابة تنفق نفوقا أي ماتت ، وهذا الخبر في الكافي تتمة للخبر السابق.
5- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لم أر أحدا من الأصحاب قال بظاهر الخبر غير الكليني والصدوق حيث أورداه في كتابيهما ، ويمكن أن يحمل على ما إذا ارتد بعد الإباق.

3546 - وروى ابن أبي عمير ، عن أبي حبيب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل اشترى من رجل عبدا وكان عنده عبدان ، فقال للمشتري : اذهب بهما فأختر أحدهما ورد الاخر ، وقد قبض المال ، فذهب بهما المشتري فأبق أحدهما من عنده ، قال : ليرد الذي عنده ، منهما ويقبض نصف ثمن ما أعطى من البائع ويذهب في طلب الغلام فإن وجده أختار أيهما شاء ورد الاخر وإن لم يجده كان العبد بينهما نصفه للبائع ونصفه للمبتاع » (1).

3547 - وروي عن أبي جميلة ، عن عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « اكتب للآبق في ورقة أو في قرطاس : « بسم اللّه الرحمن الرحيم يد فلان مغلولة إلى عنقه إذا أخرجها لم يكد يراها ومن لم يجعل اللّه له نورا فماله من نور ، ثم لفها ثم أجعلها بين عودين ثم ألقها في كوة بيت مظلم في الموضع الذي كان يأوي فيه » (2).

3548 - وروي عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ادع بهذا

ص: 148


1- قال المحقق : إذا اشترى عبدا في الذمة ودفع البائع إليه عبدين وقال : اختر أحدهما فأبق واحد ، قيل : يكون التالف بينهما ويرجع بنصف الثمن ، فان وجده اختاره والا كان الموجود لهما ، وهو بناء على انحصار حقه فيهما - الخ ، وقال في المسالك : هذا الحكم ذكره الشيخ وتبعه عليه بعض الأصحاب ومستنده ما رواه محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام وفى طريقها ضعف يمنع من العمل ، مع ما فيها من المخالفة للأصول الشرعية من انحصار الحق الكلى دون تعيينه في فردين وثبوت المبيع في نصف الموجود المقتضى للشركة مع عدم الموجب لها ثم الرجوع إلى التخيير لو وجد الآبق ، ونزلها الأصحاب على تساويهما قيمة ومطابقتهما للمبيع الكلى وصفا وانحصار حقه فيهما حيث دفعهما إليه وعينهما للتخيير كما لو حصر الحق في واحد ، وعدم ضمان الآبق اما بناء على عدم ضمان المقبوض بالسوم أو تنزيل هذا التخيير منزلة الخيار الذي لا يضمن التالف في رقبة ، ويشكل الحكم بانحصار الحق فيهما على هذه التقادير أيضا لان البيع أمر كلى لا يتشخص الا بتشخيص البايع ودفعه الاثنين لتخيير أحدهما ليس تشخيصا وان حصر الامر فيهما لأصالة بقاء الحق في الذمة إلى أن يثبت المزيل ولم يثبت شرعا كون ذلك كافيا كما لو حصر في عشرة فصاعدا.
2- الكوة ثقب البيت وإذا لم يكن البيت الذي يأوى إليه مظلما فليجعل مظلما. ( م ت )

الدعاء للآبق وأكتبه في ورقة (1) « اللّهم السماء لك والأرض لك وما بينهما لك ، فاجعل ما بينهما أضيق على فلان من جلد جمل حتى ترده علي وتظفرني به » وليكن حول الكتاب آية الكرسي مكتوبة مدورة (2) ثم أدفنه وضع فوقه شيئا ثقيلا في الموضع الذي كان يأوي فيه بالليل ».

باب 370: الارتداد

3549 - روى هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : كل مسلم بين مسلمين (3) ارتد عن الاسلام وجحد محمدا صلى اللّه عليه وآله نبوته و كذبه فإن دمه مباح لكل من سمع ذلك منه ، وامرأته بائنة منه فلا تقربه (4) ، و يقسم ماله على ورثته ، وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها ، وعلى الامام أن يقتله إن أتي به ولا يستتيبه »(5).

3550 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام « أن المرتد عن الاسلام تعزل عنه امرأته ، ولا تؤكل ذبيحته ، ويستتاب ثلاثا (6) فإن رجع وإلا قتل يوم الرابع إذا كان صحيح العقل (7).

ص: 149


1- ظاهره أن القراءة والكتابة كليهما لازمان ويحتمل أن يكون العطف تفسيريا.
2- أي يكون على شكل الدائرة.
3- في بعض النسخ « كل مسلم ابن مسلمين » والظاهر لا يشمل من كان أحد أبويه كافرا وفى بعض النسخ « كل مسلم ابن مسلم » وهذا لا يشمل من كانت أمه مسلمة فقط.
4- أن لا تمكنه من نفسها.
5- ظاهره اختصاص الحكم بمن كان أبواه مسلمين فلا يشمل من كان أحد أبويه مسلما ، والمشهور بل المتفق عليه الاكتفاء فيه بكون أحدهما مسلما ولعله ورد على سبيل المثال ، وقال في الدروس : قاتل المرتد الامام أو نائبه ولو بادر غيره إلى قتله فلا ضمان فإنه مباح الدم ولكنه يأثم ويعزر قاله الشيخ ، وقاله الفاضل يحل قتله لكل من سمعه وهو بعيد. ( المرآة )
6- كذا وفى الكافي « ثلاثة أيام » رواه عن مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
7- قال الشيخ في المبسوط بعدم التحديد بل قال يستتاب القدر الذي يمكن معه الرجوع والمحقق استحسن التحديد بثلاثة أيام فقتل في الرابع عملا بالرواية المذكورة. ( سلطان )

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني بذلك المرتد الذي ليس بابن مسلمين.

3551 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرتدة عن الاسلام قال : « لا تقتل وتستخدم خدمة شديدة وتمنع عن الطعام والشراب إلا ما تمسك به نفسها ، وتلبس أخشن الثياب ، وتضرب على الصلوات » (1).

3552 - وفي رواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام قال : إذا ارتدت المرأة عن الاسلام لم تقتل ولكن تحبس أبدا ».

3553 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إن عليا عليه السلام لما فرغ من أهل البصرة أتاه سبعون رجلا من الزط (2) فسلموا عليه وكلموه بلسانهم (3) ، ثم قال لهم : إني لست كما قلتم إنا عبد اللّه مخلوق ، قال : فأبوا عليه وقالوا - لعنهم اللّه - : لا بل أنت أنت هو ، فقال لهم : لئن لم ترجعوا عما قلتم ولم تتوبوا (4) إلى اللّه عزوجل لأقتلنكم ، قال : فأبوا عليه أن يتوبوا ويرجعوا (5) قال : فأمر عليه السلام أن تحفر لهم آبار فحفرت ، ثم خرق بعضها إلى بعض ، ثم قذف بهم فيها ، ثم جن رؤوسها ، ثم ألهب في بئر منها نارا وليس فيها أحد منهم فدخل فيها الدخان عليهم فماتوا ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : إن الغلاة - لعنهم اللّه - يقولون : لو

ص: 150


1- كل ذلك على تقدير امتناعها من التوبة فلو تابت قبل منها وإن كان ارتدادها عن فطرة عند الأصحاب ، ويشعر عبارة التحرير بالخلاف في القبول في الفطرية ، وعلى هذا يمكن ابقاء الروايات على ظواهرها من استمرار هذه الأمور دائما حملا على الفطرة وما يدل على التوبة ففي الملية ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي : أي يضرب في وقت كل صلاة لتتوب وتصلى ، ويمكن أن يراد بالحبس في الخبر الآتي هذا المعنى أي منعها من الطعام والشراب والاستراحة.
2- الزط - بضم الزاي وتشديد الطاء - : جنس من السودان والهنود.
3- رواه الكليني ج 7 ص 259 بسند ضعيف مرسل وزاد هنا « فرد عليهم بلسانهم ».
4- في بعض النسخ « ثم تتوبوا - الخ » وفى الكافي « قلتم في وتتوبوا ».
5- في بعض النسخ « أن يقبلوا ويرجعوا ».

لم يكن علي ربا لما عذبهم بالنار (1) ، فيقال لهم : لو كان ربا لما احتاج إلى حفر الابار وخرق بعضها إلى بعض وتغطية رؤوسها ولكان يحدث نارا في أجسادهم فتلهب بهم فتحرقهم ، ولكنه لما كان عبدا مخلوقا حفر الابار وفعل ما فعل حتى أقام حكم اللّه فيهم وقتلهم ولو كان من يعذب بالنار ويقيم الحد بها ربا لكان من عذب بغير النار ليس برب ، وقد وجدنا اللّه تعالى عذب قوما بالغرق ، وآخرين بالريح وآخرين بالطوفان ، وآخرين بالجراد والقمل والضفادع والدم ، وآخرين بحجارة من سجيل ، وإنما عذبهم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام على قولهم بربوبيته بالنار دون غيرها لعلة فيها حكمة بالغة وهي أن اللّه تعالى ذكره حرم النار على أهل توحيده ، فقال علي عليه السلام : لو كنت ربكم ما أحرقتكم وقد قلتم بربوبيتي ، ولكنكم استوجبتم مني بظلمكم ضد ما استوجبه الموحدون من ربهم عزوجل ، وأنا قسيم ناره بإذنه ، فإن شئت عجلتها لكم ، وإن شئت أخرتها فمأواكم النار هي مولاكم - أي هي أولى بكم - وبئس المصير ، ولست لكم بمولى ، وإنما أقامهم أمير المؤمنين عليه السلام في قولهم بربوبيته مقام من عبد من دون اللّه عز وجل صنما.

3554 - وذلك أن رجلين بالكوفة من المسلمين (2) ، « أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام فشهد أنه رآهما يصليان لصنم فقال علي عليه السلام : ويحك لعله بعض من يشتبه عليك أمره ، فأرسل رجلا فنظر إليهما وهما يصليان لصنم فاتي بهما ، قال فقال لهما :

ص: 151


1- المعروف أن الغلاة تمسكوا بما روى عن النبي صلى اللّه عليه وآله أنه قال : « لا يعذب بالنار الا رب النار » وهذا الخبر على فرض صدوره حكم لا خبر واحراقه عليه السلام إياهم كان بأمر اللّه تعالى وقد جاء أخبار في حد اللواط تدل على جواز احتراق الواطي بالنار ولا خلاف فيه.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 484 مسندا عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا « ان رجلين من المسلمين كانا بالكوفة فأتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام - الخ ».

ارجعا فأبيا ، فخد لهما في الأرض أخدودا وأجج فيه نارا فطرحهما فيه » (1) روى ذلك موسى بن بكر ، عن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

3555 - وكتب غلام لأمير المؤمنين عليه السلام (2) إليه « أني قد أصبت قوما من المسلمين زنادقة [ وقوما من النصارى زنادقة ] فقال : أما من كان من المسلمين ولد على الفطرة ثم ارتد فاضرب عنقه ، ولا تستتبه ، ومن لم يولد منهم على الفطرة فاستتبه فإن تاب وإلا فاضرب عنقه ، وأما النصارى فما هم عليه أعظم من الزندقة » (3).

3556 - وفي رواية موسى بن بكر ، عن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن رجلا من المسلمين تنصر فاتي به علي عليه السلام فاستتابه فأبى عليه ، فقبض على شعره وقال : طئوا عباد اللّه (4) [ عليه ]. فوطئ حتى مات ».

3557 - وروى فضالة ، عن أبان أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال « في الصبي إذا شب فاختار النصرانية وأحد أبويه نصراني أو جميعا مسلمين قال : لا يترك ولكن يضرب على الاسلام » (5).

3558 - وروى ابن فضال ، عن أبان (6) أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال « في الرجل يموت مرتدا عن الاسلام وله أولاد ومال ، قال : ماله لولده المسلمين » (7).

3559 - وقال علي عليه السلام : « إذا أسلم الأب جر الولد إلى الاسلام ، فمن

ص: 152


1- الأخدود : الحفرة المستطيلة ، جمعه أخاديد ، والأجيج : تلهب النار.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 484 عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى رفعه قال : « كتب عامل أمير المؤمنين عليه السلام - الخ ».
3- أي فلا تقتلهم بالزندقة ، ولعل المراد بالزندقة هنا عدم الاعتقاد بالآخرة فالقول بالتثليث أعظم منها.
4- أمر من وطئ برجله وطأ.
5- ظاهره عدم قتل الفطري ابتداء ، ويمكن حمله على المراهق للبلوغ.
6- في الكافي ج 7 ص 152 عن القمي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
7- قال في الدروس : المرتد يرثه المسلم ولو فقد فالامام ولا يرثه الكافر على الأقرب.

أدرك من ولده دعي إلى الاسلام فإن أبى قتل ، وإن أسلم الولد لم يجر أبويه ولم يكن بينهما ميراث ». (1)

باب 371: نوادر العتق

3560 - روى سعد بن سعد عن حريز (2) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قال لمملوكه : أنت حر ولي مالك ، قال : يبدأ بالمال قبل العتق يقول : لي مالك و أنت حر برضى من المملوك » (3).

3561 - و « سأله الحسن الصيقل عن رجل قال : أول مملوك أملكه فهو حر فأصاب ستة ، فقال : إنما كانت نيته على واحد فليختر أيهم شاء فليعتقه » (4).

3562 - وروى إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي بن مهزيار قال : « كتبت إليه (5) أسأله عن المملوك يحضره الموت فيعتقه مولاه في تلك الساعة فيخرج من الدنيا حرا هل للمولى في عتقه ذلك أجر؟ أو يتركه مملوكا فيكون له أجر إذا مات وهو مملوك له أفضل؟ فكتب عليه السلام : يترك العبد مملوكا في حال موته فهو آجر لمولاه (6) وهذا العتق في تلك الساعة (7) لم يكن نافعا له ».

ص: 153


1- أي من الطرفين فلا ينافي وراثة المسلم من الاخر.
2- في الكافي « عن أبي جرير ».
3- فيه اشعار بان العبد يملك. ( مراد ).
4- عمل به ابن الجنيد واختاره الشهيد في شرح الارشاد ، وقيل بالقرعة وهو اختيار الشيخ في النهاية ، وربما قيل ببطلان النذر لإفادة الصيغة وحدة المعتق ولم توجد وربما احتمل عتق الجميع لوجود الأولية في كل واحد وهو اختيار العلامة في المختلف. ( سلطان )
5- يعنى الهادي عليه السلام.
6- رواه الكليني ج 6 ص 195 مع اختلاف في اللفظ بسند صحيح وقوله « فهو آجر » لان العتق الذي ليس للقربة لا يثاب عليه ولا يمكن قصد القربة مع الجزم أو الظن الغالب بموته وأما الاجر فهو لكل مضرة دنيوية وهو حاصل. ( م ت )
7- في بعض النسخ « وهذا عتق في تلك الساعة ».

3563 - وروى محمد بن عيسى العبيدي ، عن الفضل بن المبارك أنه كتب إلى أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام « في رجل له مملوك فمرض أيعتقه في مرضه أعظم لاجره أو يتركه مملوكا؟ فقال : إن كان في مرض فالعتق أفضل له لأنه يعتق اللّه عزوجل بكل عضو منه عضوا من النار ، وإن كان في حال حضور الموت فيتركه مملوكا أفضل له من عتقه ».

3564 - وروى محمد بن عيسى العبيدي ، عن الفضل بن المبارك البصري ، عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « جعلت فداك الرجل يجب عليه عتق رقبة مؤمنة فلا يجدها كيف يصنع؟ فقال : عليكم بالأطفال فأعتقوهم فإن خرجت مؤمنة فذاك ، وإن لم تخرج مؤمنة فليس عليكم شئ » (1).

3565 - وروى معاوية بن ميسرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يبيع عبده بنقصان من ثمنه ليعتق ، فقال له العبد فيما بينهما : لك علي كذا وكذا ، أله أن يأخذه منه (2)؟ قال : يأخذه منه عفوا ويسأله إياه في عفو فإن أبى فليدعه » (3).

3566 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام « في مكاتبة يطأها مولاها فتحبل ، قال : يرد عليها مهر مثلها وتسعى في قيمتها ، فإن عجزت فهي من أمهات الأولاد » (4).

ص: 154


1- السؤال مبنى على توهم عدم شمول رقبة مؤمنة للأطفال فمراده عدم وجدان البالغ فقال عليه السلام يكفي الأطفال. ( سلطان )
2- أي يجوز أن يأخذ البائع من العبد المال.
3- العفو ما فضل عن النفقة والمراد به هنا السهولة والرفق فإنه غير لازم عليه.
4- لعله محمول على صورة اكراه المولى لها أو وطئ الشبهة فيلزم عليه لها المهر لأنه من جملة مكاسبها ، ومكاسبا لها في حال المكاتبة ، وفى غير صورة الاكراه والشبهة لا مهر لها لأنها زانية ، وكذلك تحد فإنه لا يجوز وطيها لا بالملك ولا بالعقد ( سلطان ) وقال الشهيد في المسالك : من التصرف الممنوع منه وطئ المكاتبة بالعقد والملك لعدم صيرورتها حرة تصلح للعقد وخروجها بعقد المكاتبة عن محض الرق المسوغ للوطئ ، فان وطئها عالما بالتحريم عزر ، وان لم يتحرر منها شئ ، وحد بنسبة الحرية ان تبعضت ، ولو طاوعته هي حدت حد المملوك ان لم تتبعض والا فبالنسبة ، وان أكرهها اختص بالحكم ولها مهر المثل ، وفى تكرره بتكرره أوجه ثالثها اشتراطه بتخلل أدائه إليها بين الوطيين ورابعها تعدده مع العلم بتعدد الوطي ، ومع الشبهة المستمرة مهرا واحدا.

3567 - ودخل ابن أبي سعيد المكاري (1) على الرضا عليه السلام فقال له : « أبلغ اللّه من قدرك أن تدعي ما يدعي أبوك؟! فقال له : مالك أطفأ اللّه نورك وأدخل الفقر بيتك ، أما علمت أن اللّه تبارك وتعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا فوهب له مريم ووهب لمريم عيسى ، فعيسى من مريم ومريم من عيسى ، وعيسى ومريم شئ واحد ، وأنا من أبي وأبي مني وأنا وأبي شئ واحد (2) ، فقال له ابن أبي سعيد : فأسألك عن مسألة؟ فقال : لا أخا لك تقبل مني ، ولست من غنمي (3) ولكن هلمها ، فقال : رجل قال عند موته كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه اللّه تعالى ، فقال : نعم إن اللّه عزوجل يقول : « حتى عاد كالعرجون القديم « فما كان من مماليكه أتى له ستة أشهر فهو قديم حر ، قال : فخرج وافتقر حتى مات ولم يكن له مبيت ليلة - لعنه اللّه - ».

3568 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي الورد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن مملوك نصراني لرجل مسلم عليه جزية؟ قال : نعم إنما هو مالكه يفتديه (4) إذا اخذ يؤدي عنه ».

ص: 155


1- هو الحسين بن هاشم بن حيان المكارى ، كان هو وأبوه من وجوه الواقفة وكان الحسين ثقة في حديثه كما في ( جش )
2- الظاهر أن الواقفة كانوا متمسكين بقول الصادق عليه السلام : « يخرج منى من ينور اللّه به العباد والبلاد ويظهر الحق » فقالوا يجب أن يكون ذلك موسى بن جعفر عليهما السلام ولم يحصل منه في أيامه فيجب أن يكون باقيا إلى أو ان ظهوره وهو المهدى ، فأجابه عليه السلام بأن الذي قاله جدي هو في وفى ولدى القائم كما أوحى اللّه - الخ. ( م ت )
3- أي لا أظنك تقبل منى والحال أنك لا تكون من شيعتي ورعيتي.
4- أي هي فداء الغلام النصراني فلا يضر أخذه من المسلم والمشهور عدمه ، ويمكن حمله على التقية ( م ت ) وفى المسالك : قيل بسقوط الجزية عن المملوك مطلقا ، وروى أنها تؤخذ منه. وفى بعض النسخ « هو ماله يفتديه ».

كتاب المعيشة

باب 372: المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات

اشارة

3569 - روى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزوجل : « ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة » قال : رضوان اللّه والجنة في الآخرة ، والسعة في الرزق والمعايش وحسن الخلق في الدنيا ».

3570 - وروى ذريح بن يزيد المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « نعم العون الدنيا على الآخرة ».

3571 - وقال عليه السلام : « ليس منا من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه » (1).

3572 - وروي عن العالم عليه السلام أنه قال : « اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا » (2).

3573 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « نعم العون على تقوى اللّه الغنى » (3).

3574 - وروى عمر بن أذينة عن الصادق عليه السلام أنه قال : « إن اللّه تبارك وتعالى ليحب الاغتراب (4) في طلب الرزق ».

ص: 156


1- معنى ترك الدنيا للآخرة هو ترك الاتيان بما يجب من تحصيل الرزق ، وترك التزويج الذي هو من السنة ، والرهبانية وأمثال ذلك كما فعله عاصم بن زياد أخو العلاء بن زياد ونهاه أمير المؤمنين عليه السلام وزجره وقد حكى اللّه تعالى لنبيه قوم موسى حيث قالوا لقارون « وابتغ فيما آتاك اللّه الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ».
2- لعل المصنف - رحمه اللّه - حمل هذا الحديث على العمل في الدنيا أي اجتهد في تحصيل الدنيا وزراعتها وعمارتها كاجتهاد من يعيش فيها أبدا ، وربما يحمل الحديث على ترك العمل للدنيا فان من يعيش أبدا لا يلزم عليه التعجيل في السعي ويمكنه التسويف والتأخير لوسعة وقته فيكون المراد أنه أخر عمل دنياك كشخص له وقت وسيع للعمل. ( سلطان )
3- يحتمل غنى النفس فإنه معين على التقوى.
4- الغرب - بالضم - : النزوح عن الوطن كالغربة والاغتراب والتغرب. ( القاموس )

3575 - وقال عليه السلام : « أشخص يشخص لك الرزق » (1).

3576 - وروى علي بن عبد العزيز عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إني لأحب أن أرى الرجل متحرفا (2) في طلب الرزق ، إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : اللّهم بارك لا متي في بكورها » (3).

3577 - وقال صلى اللّه عليه وآله : « إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر إليها فإني سألت ربي عزوجل أن يبارك لا متي في بكورها ».

3578 - وقال عليه السلام : « إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر إليها وليسرع المشي إليها ».

3579 - وروى حماد اللحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تكسلوا في طلب معايشكم فإن آباءنا كانوا يركضون فيها ويطلبونها » (4).

3580 - و « أرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله رجلا في حاجة فكان يمشي في الشمس ، فقال له : امش في الظل فإن الظل مبارك » (5).

3581 - وقال الصادق عليه السلام : « من ذهب في حاجة على غير وضوء فلم تقض حاجته فلا يلومن إلا نفسه » (6).

ص: 157


1- شخص من بلد إلى بلد : ذهب ، وقال المولى المجلسي : ينبغي أن يحمل على ما إذا تعسر الرزق في البلد لما سيجيئ من أن السعادة أن يكون متجر المرء في بلده ، و يمكن أن يكون المراد الخروج من الدار أو الأعم.
2- كذا في جل النسخ ، والتحرف : الميل ، ويمكن أن يكون الأصل « محترفا » فصحف بتقديم التاء على الحاء ولكن لا يلائم لفظة « في » الا بتكلف ، وفى بعض النسخ « متبكرا » والتبكر التقدم في العمل ، والمراد القيام بكرة في طلب الرزق.
3- أي في ذهابهم بكرة في طلب الرزق.
4- الكسل : التثاقل عن الامر ، والركض تحريك الرجل ، والمراد السرعة في المشي.
5- قيل المشي في الظل كناية عن التبكر ظاهرا.
6- يدل على كراهة الذهاب في طلب الحاجة بدون الوضوء.

3582 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إني أجدني أمقت الرجل (1) يتعذر عليه المكاسب فيستلقي على قفاه ويقول : اللّهم أرزقني ويدع أن ينتشر في الأرض ويلتمس من فضل اللّه ، والذرة تخرج من جحرها تلتمس رزقها » (2).

3583 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى يحب المحترف الأمين ».

3584 - وروي عن محمد بن عذافر ، عن أبيه قال : دفع إلي أبو عبد اللّه عليه السلام سبعمائة دينار وقال : يا عذافر اصرفها في شئ ما ، وقال : ما أفعل هذا على شره مني (3) ولكني أحببت أن يراني اللّه تبارك وتعالى متعرضا لفوائده ، قال عذافر : فربحت فيها مائة دينار فقلت له في الطواف : جعلت فداك قد رزق اللّه عزوجل فيها مائة دينار ، قال : أثبتها في رأس مالي ».

3585 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : يا رسول اللّه قد علمت ابني هذا الكتاب ففي أي شئ أسلمه؟ فقال : أسلمه - لله أبوك - ولا تسلمه في خمس لا تسلمه سياء ولا صائغا ولا قصابا ولا حناطا ولا نخاسا ، فقال : يا رسول اللّه وما السياء (4)؟ قال : الذي يبيع الأكفان ويتمنى موت أمتي ، وللمولود من أمتي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، وأما الصائغ ، فإنه يعالج غبن أمتي (5) ، وأما القصاب فإنه يذبح

ص: 158


1- المقت في الأصل أشد البغض.
2- الذرة : النملة الصغيرة ، والحجر - بتقديم المعجمة المضمومة على الحاء المهملة الساكنة - : حفرة الهوام والسباع كالبيت للانسان.
3- الشره - محركة - : الحرص الغالب.
4- رواه المصنف في معاني الأخبار ص 150 في الضعيف وكذا الشيخ في التهذيب ، والسياء بالياء المثناة المشددة قال ابن الأثير في النهاية في الحديث « لا تسلم ابنك سياء » جاء تفسيره في الحديث أنه الذي يبيع الأكفان ويتمنى موت الناس. ولعله من السوء والمساءة أو من السيئ بالفتح.
5- « غبن » بالمعجمة لعل المراد أنه يزاول ما يحتمل الغرر ويقبل القلب فكأنه بصدد غبنهم ، وفى بعض النسخ « عين أمتي » بالعين المهملة والياء المثناة من تحت ولعله بمعنى النقد المضروب ، وفى بعضها « غنى أمتي » ولا يخفى بعدهما.

حتى تذهب الرحمة من قلبه ، وأما الحناط : فإنه يحتكر الطعام على أمتي ، و لان يلقى اللّه العبد سارقا أحب إلي من أن يلقاه قد احتكر طعاما أربعين يوما ، و أما النخاس : فإنه أتاني جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد إن شر أمتك الذين يبيعون الناس » (1).

3586 - وروي عن سدير الصير في قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « حديث بلغني عن الحسن البصري فإن كان حقا فإنا لله وإنا إليه راجعون ، قال : وما هو؟ قلت : بلغني أن الحسن كان يقول : لو غلى دماغه من حر الشمس ما استظل بحائط صيرفي ، ولو تفرثت كبده (2) عطشا لم يستسق من دار صيرفي ماء ، وهو عملي و تجارتي ، وعليه نبت لحمي ودمي ، ومنه حجتي وعمرتي ، قال : فجلس عليه السلام ثم قال : كذب الحسن خذ سواء وأعط سواء ، فإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك وأنهض إلى الصلاة ، أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة »(3) يعني صيارفة الكلام ولم يعن صيارفة الدراهم.

ص: 159


1- النخاس بياع الدواب والرقيق ، والحناط بايع الحنطة ، والمشهور كراهة هذه الصنايع الخمسة وحملوا الاخبار المعاوضة على نفى الحرمة.
2- أي تشققت وانتثرت والكبد مؤنث لفظا.
3- الخبر في الكافي والتهذيب إلى هنا والبقية كلام المؤلف أخذه من خبر آخر رواه عن ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار معنعنا عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل ، والذي حمله على نقل هذا التأويل في المقام تواتر أن أصحاب الكهف كانوا من أبناء الملوك وأشراف الروم ولم يكونوا تجارا. وقال المولى المجلسي في بيان قول الإمام عليه السلام : « ان أصحاب الكهف كانوا صيارفة » أي عنى عليه السلام أنهم كانوا صيارفة الكلام فكأنه قال لسدير : مالك ولقول الحسن البصري أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام ونقدة الأقاويل فانتقدوا ما قرع أسماعهم فأخذوا الحق ورفضوا الباطل ولم يسمعوا أماني أهل الضلال وأكاذيب رهط السفاهة فأنت أيضا كن صيرفيا لما قرع سمعك من الأقاويل ، ناقدا منتقدا ، فخذ الحق واترك الباطل.

3587 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « ويل لتجار أمتي من لا واللّه وبلى واللّه ، وويل لصناع أمتي من اليوم وغد » (1).

3588 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « احتجم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، حجمه مولى لبني بياضة وأعطاه ولو كان حراما ما أعطاه ، فلما فرغ قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أين الدم؟ قال : شربته يا رسول اللّه ، فقال : ما كان ينبغي لك أن تفعله ، وقد جعله اللّه لك حجابا من النار » (2).

3589 - وروي عن علي بن جعفر (3) عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن النثار من السكر واللوز وأشباهه أيحل أكله؟ فقال : يكره كل مال ينتهب » (4).

3590 - وروى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لما أنزل اللّه تبارك وتعالى : « إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه » قيل : يا رسول اللّه ما الميسر؟ قال : كل ما تقوم به حتى الكعاب والجوز ،

ص: 160


1- أي ويل لتجار أمتي من الحلف ولصناعهم من الوعد الكاذب والتعويق والمماطلة ، واعلم أنا لم نعن بتخريج أسانيد هذه الأخبار لقلة الجدوى لان جلها في السنن والآداب ولا تحتاج إلى صحة السند.
2- ينبغي أن يحمل على كونه قبل نزول قوله تعالى « حرمت عليكم الميتة والدم - » ويمكن أن يقال : إنه كان معذورا لجهالته بالحكم ، وقيل : « من » في قوله صلى اللّه عليه وآله « من النار » بيانية وهو بعيد.
3- هو ثقة والطريق إليه صحيح ومروى في الكافي ج 5 ص 123 أيضا في الصحيح.
4- كذا في جميع النسخ وفى الكافي « مكروه أكل ما انتهب » وهو الصواب وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : المشهور بين الأصحاب أنه يجوز النثر ، وقيل : يكره ، ويجوز الاكل منه بشاهد الحال ، ولا يجوز أخذه من غير أن يؤكل في محله الا باذن أربابه صريحا أو بشاهد الحال - انتهى ، أقول : فصل بعض الأصحاب بأنه لو كان قرينة على إباحة المالك فهو مكروه وان لم يكن فهو حرام وبه يجمع بين الاخبار ، وقد روى « أن النبي صلى اللّه عليه وآله حضر في أملاك فأتى بأطباق عليها جوز ولوز وتمر فنثرت فقبضنا أيدينا فقال : مالكم لا تأخذون؟ قالوا : لأنك نهيت عن النهب ، قال : إنما نهيتكم عن نهب العساكر ، خذوا على اسم اللّه تعالى فجاذبنا ».

قيل : فما الأنصاب؟ قال : ما ذبحوا لآلهتهم (1) ، قيل : فما الأزلام؟ قال : قداحهم التي يستقسمون بها » (2).

3591 - وروى السكوني عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام « أنه كان ينهى عن الجوز الذي يجئ به الصبيان من القمار أن يؤكل ، وقال : هو سحت ».

3592 - وروى أيوب بن الحر ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : « لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميت ، وأجر المغنية التي تزف العرائس ليس به بأس (3) ، وليست بالتي يدخل عليها الرجال » (4).

3593 - وروى أبان بن عثمان (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أربع لا تجوز

ص: 161


1- المشهور في تفسيرها أنها الأصنام التي نصبت للعبادة وفسرها عليه السلام هنا موافقا لما ورد في الآية الأخرى في هذه السورة في تفصيل ما حرمت فقال أيضا « وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ، والنصب واحد الأنصاب وهي أحجار كانت منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويعدون ذلك قربة ، وقيل : هي الأصنام و « على » بمعنى اللام.
2- الاستقسام بالأزلام اما المراد به طلب ما قسم لهم بالأزلام أي بالقداح وذلك أنهم كانوا إذا قصدوا فعلا مبهما ضربوا ثلاثة أقداح مكتوب على أحدها « أمرني ربى » وعلى الاخر « نهاني ربى » والثالث غفل أي بلا علامة ، فان خرج الامر فعلوا ، وان خرج النهى اجتنبوا وتركوا وان خرج الغفل أجالوها ثانيا فمعنى الاستقسام طلب معرفة ما قسم لهم دون ما لم يقسم أو المراد استقسام الجزور بالقداح وكان قمارا معروفا عندهم.
3- زف يزف - بضم العين - العروس إلى زوجها : أهداها إليه.
4- الطريق صحيح ورواه الكليني أيضا في الصحيح. وقال الشهيد في الدروس : يحرم الغناء وتعلمه وتعليمه واستماعه والتكسب به الا غناء العرس إذا لم تدخل الرجال على المرأة ولم تتكلم بالباطل ولم تلعب بالملاهي ، وكرهه القاضي وحرمه ابن إدريس والفاضل في التذكرة ، والإباحة أصح طريقا وأخص دلالة ( المرآة ) وقوله « وليست - الخ » جملة حالية تفيد اشتراط عدم البأس بهذا الشرط.
5- الطريق إليه صحيح وهو مقبول الرواية فاسد المذهب وكان ناووسيا.

في أربعة ، الخيانة والغلول (1) والسرقة والربا لايجزن في حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة ».

3594 - وقال عليه السلام : « لا بأس بكسب الماشطة إذا لم تشارط وقبلت ما تعطى ولا تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها ، فأما شعر المعز فلا بأس بأن يوصل بشعر المرأة ولا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقا » (2).

3595 - وروي « أنها تستحله بضرب إحدى يديها على الأخرى » (3).

3596 - وروي عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه قال : « رأيت أبا الحسن عليه السلام يعمل في أرض له وقد استنقعت قدماه في العرق ، فقلت له : جعلت فداك أين الرجال؟ فقال : يا علي عمل باليد من هو خير مني ومن أبي أرضه ، فقلت له : من هو؟ فقال : رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وأمير المؤمنين وآبائي عليهم السلام كلهم قد عملوا بأيديهم وهو من عمل النبيين والمرسلين والصالحين ».

3597 - وروى شريف بن سابق التفليسي ، عن الفضل بن أبي قرة السمندي الكوفي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « أوحى اللّه عزوجل إلى داود عليه السلام أنك نعم العبد لولا أنك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا ، قال : فبكى داود عليه السلام ، فأوحى اللّه عزوجل إلى الحديد أن لن لعبدي داود ، فلان

ص: 162


1- الغلول : الخيانة في المغنم خاصة. ولعل التخصيص بالأربع لبيان أنه يصير سببا لحبط أجرها فإنه لا يجوز التصرف فيه بوجه. ( المرآة )
2- لم أجده مسندا وفى معناه أخبار وقوله « ولا تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها » لعله لعدم جواز الصلاة معه أو للتدليس إذا أرادت التزويج كما في المرأة ، وقوله « إذا قالت صدقا » محمول على ما إذا لم يسمعها الأجانب.
3- رواه الكليني ج 5 ص 118 بسند مجهول عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لعل المراد أنها ( يعنى النائحة ) تعمل أعمالا شاقة فيها تستحق الأجرة أو هو إشارة إلى أنه لا ينبغي أن تأخذ الاجر على النياحة بل على ما يضم إليها من الأعمال ، وقيل : هو كناية عن عدم اشتراط الأجرة ، ولا يخفى ما فيه.

فألان اللّه تعالى له الحديد (1) فكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم فعمل عليه السلام ثلاثمائة وستين درعا فباعها بثلاثمائة وستين ألفا واستغنى عن بيت المال.

3598 - وروي عن الفضل بن أبي قرة قال : « دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السلام و هو يعمل في حائط له ، فقلنا : جعلنا اللّه فداك دعنا نعمل لك أو تعمله الغلمان ، قال : لا ، دعوني فإني أشتهي أن يراني اللّه عزوجل أعمل بيدي وأطلب الحلال في أذى نفسي ».

3599 - و « كان أمير المؤمنين عليه السلام يخرج في المهاجرة (2) في الحاجة قد كفيها يريد أن يراه اللّه تعالى يتعب نفسه في طلب الحلال ».

ولا بأس بكسب المعلم إذا كان إنما يأخذ على تعليم الشعر والرسائل والحقوق وأشباهها وإن شارط ، فأما على تعليم القرآن فلا (3).

3600 - وروي عن الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « إن هؤلاء يقولون : إن كسب المعلم سحت ، فقال : كذب أعداء اللّه إنما أرادوا أن لا يعلموا أولادهم القرآن ، لو أن رجلا أعطى المعلم دية ولده كان للمعلم مباحا ».

ص: 163


1- كما في قوله تعالى « وألنا له الحديد » قيل أن ذوب الحديد إنما كشف قبل ميلاد المسيح عليه السلام بألف عام وكان ذلك يطابق عصر داود عليه السلام وكذلك ذوب النحاس وقد قال اللّه تعالى « وأسلنا له عين القطر » والقطر النحاس أي أذبناها له فسالت له كالعين الجارية.
2- الهاجرة : نصف النهار في القيظ أو من عند الزوال إلى العصر لان الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا ، وأيضا شدة الحر.
3- قال في الدروس لو أخذ الأجرة على الواجب من الفقه والقرآن جاز على كراهة ويتأكد مع الشرط ولا يحرم ، ولو استأجره لقراءة ما يهدى إلى ميت أو حي لا يحرم وإن كان تركه أولى ، ولو دفع إليه بغير شرط فلا كراهة ، والرواية التي تمتع الأجرة على تعليم القرآن تحمل على الواجب أو على الكراهة - انتهى. أقول : روى الكليني ج 5 ص 121 مسندا عن حسان المعلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التعليم فقال : لا تأخذ على التعليم أجرا قلت : الشعر والرسائل وما أشبه ذلك أشارط عليه؟ قال : نعم بعد أن يكون الصبيان عندك سواء في التعليم ، لا تفضل بعضهم على بعض ».

3601 - وقال علي بن الحسين عليهما السلام : « إن من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده ، ويكون خلطاؤه صالحين ، ويكون له أولاد يستعين بهم ».

3602 - وروي عن عبد الحميد بن عواض الطائي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني اتخذت رحي فيها مجلسي ويجلس إلي فيها أصحابي ، قال : ذاك رفق اللّه عزوجل » (1).

3603 - وقال الصادق عليه السلام للوليد بن صبيح (2) : « يا وليد لا تشتر لي من محارف شيئا فإن خلطته لا بركة فيها » (3).

3604 - وقال عليه السلام : « لا تخالطوا ولا تعاملوا إلا من نشأ في الخير » (4).

3605 - وقال عليه السلام : « احذروا معاملة أصحاب العاهات ، فإنهم أظلم شئ » (5).

3606 - وقال عليه السلام لأبي الربيع الشامي : « لا تخالط الأكراد ، فإن الأكراد حي من الجن كشف اللّه عزوجل عنهم الغطاء » (6).

3607 - وقال عليه السلام : « لا تستعن بمجوسي ، ولو على أخذ قوائم شاتك وأنت تريد أن تذبحها ».

3608 - وقال عليه السلام : « إياكم ومخالطة السفلة فإنه لا يؤول إلى خير ».

ص: 164


1- أي لطف اللّه تعالى بل حيث يسر لك تحصيل الدنيا والآخرة.
2- رواه الكليني ج 5 ص 157 بسند صحيح.
3- قال الجزري في النهاية : المحارف - بفتح الراء - هو المحروم المحدود الذي إذا طلب لا يرزق ، وقد حورف كسب فلان إذا شدد عليه في معاشه. وهو خلاف المبارك.
4- مروى في الكافي ج 5 ص 158 بسند موثق والمراد بالخير المال.
5- مروى في الكافي مرفوعا. والعاهات جمع العاهة وهي الآفة ولعل ذلك لسراية المرض.
6- مروى في الكافي بسند فيه ارسال وقال العلامة المجلسي : يدل على كراهة معاملة الأكراد ، وربما يأول كونهم من الجن بأنهم لسوء أخلاقهم وكثرة حيلهم أشباه الجن فكأنهم منهم كشف عنهم الغطاء.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - جاءت الاخبار في معنى السفلة على وجوه ، فمنها : أن السفلة هو الذي لا يبالي ما قال ولا ما قيل له ، ومنها : أن السفلة من يضرب بالطنبور ، ومنها : أن السفلة من لم يسره الاحسان ولا تسوؤه الإساءة ، و السفلة : من أدعى الإمامة (1) وليس لها بأهل ، وهذه كلها أوصاف السفلة من اجتمع فيه بعضها أو جميعها وجب اجتناب مخالطته.

3609 - وروي عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني قد تركت التجارة ، فقال : لا تفعل افتح بابك وابسط بساطك ، واسترزق اللّه ربك » (2).

3610 - وقال سدير الصيرفي (3) قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أي شئ على الرجل في طلب الرزق؟ فقال : يا سدير إذا فتحت بابك وبسطت بساطك فقد قضيت ما عليك ».

3611 - وقال عليه السلام (4) : « إن اللّه تبارك وتعالى جعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يحتسبون ، وذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه ».

3612 - وقال علي عليه السلام : « كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإن موسى ابن عمران عليه السلام خرج يقتبس لأهله نارا فكلمه اللّه عزوجل ورجع نبيا ، و خرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السلام ، وخرجت سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين » (5).

3613 - وقال رجل لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « عدني قال : كيف

ص: 165


1- في بعض النسخ « ادعى الأمانة ».
2- يدل على كراهة ترك العمل وعدم التعرض للكسب.
3- ( 3 رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 79 مسندا عن الحسين الصحاف عنه.
4- مروى في الكافي ج 5 ص 84 مسندا عن علي بن السرى عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- مروى في الكافي ج 4 ص 83 عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام.

أعدك؟! وأنا لما لا أرجو أرجى مني لما أرجو » (1).

3614 - وروى [ عن ] جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما سد اللّه عزوجل على مؤمن باب رزق إلا فتح اللّه له ما هو خير منه ».

3615 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال علي عليه السلام : « من أتاه اللّه عزوجل برزق لم يخط إليه برجله ، ولم يمد إليه يده ، ولم يتكلم فيه بلسانه ، ولم يشد إليه ثيابه (2) ، ولم يتعرض له ، كان ممن ذكره اللّه عزوجل في كتابه : « ومن يتق اللّه يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ».

3616 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « المعونة تنزل من السماء على قدر المؤونة ».

3617 - وقال الصادق عليه السلام : « غنى يحجزك عن الظلم خير من فقر يحملك على الاثم ».

3618 - وقال عليه السلام : « لا خير فيمن لا يحب جمع المال من حلال فيكف به وجهه ، ويقضي به دينه ، ويصل به رحمه ».

3619 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من المروءة استصلاح المال » (3).

3620 - وقال الصادق عليه السلام : « إصلاح المال من الايمان ».

3621 - وقال الصادق عليه السلام : « لا يصلح المرء المسلم إلا بثلاث : التفقه في الدين ، والتقدير في المعيشة ، والصبر على النائبة » (4).

3622 - قال : « وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إن النفس إذا أحرزت قوتها

ص: 166


1- أي فربما حصل شئ قبل الموعد ، فلا وجه للوعدة ( سلطان ) وفى بعض النسخ « أرجى منه لما أرجو ».
2- لعله كناية عن التشمير أو عن السفر لطلبه أي لم يشد إليه رحاله.
3- أي من الانسانية استصلاح المال بأن لا يفسده ولا يضيعه فان المال نعمة من اللّه.
4- التفقه في الدين هو تحصيل البصيرة في المعارف الدينية والمسائل والأحكام ، و تقدير المعيشة : تعديلها بحيث لا يميل إلى طرفي الاسراف والتقتير ، والمراد بالنائبة المصيبات الواردة ، وفى بعض النسخ « والصبر على البلايا ».

استقرت ».

3623 - وسأل معمر بن خلاد أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن حبس الطعام سنة فقال : أنا أفعله » - يعني بذلك إحراز القوت -.

3624 - وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : ما من نفقة أحب إلى اللّه عزوجل من نفقة قصد ، ويبغض الاسراف إلا في الحج والعمرة ، فرحم اللّه مؤمنا كسب طيبا ، وأنفق من قصد ، أو قدم فضلا » (1).

3625 - وقال العالم عليه السلام : « ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر ».

3626 - وقال علي بن الحسين عليهما السلام : « إن الرجل لينفق ماله في حق و إنه لمسرف » (2).

3627 - وروى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : « للمسرف ثلاث علامات : يأكل ما ليس له (3) ويشتري ما ليس له ، ويلبس ما ليس له ».

3628 - وروى أبو هشام البصري عن الرضا عليه السلام أنه قال : « من الفساد قطع الدرهم والدينار وطرح النوى » (4).

3629 - وسأل إسحاق بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن أدنى الاسراف فقال : ثوب صونك تبتذله (5) ، وفضل الاناء تهريقه ، وقذفك النوى هكذا و هكذا » (6).

ص: 167


1- أي قدم إلى الآخرة ما يفضل عنه وعن عياله.
2- أي قد يتفق أن يكون انفاقه في أمر مشروع ومع ذلك مسرف لعدم اعتبار التوسط وترك رعاية القوام بين الاسراف والاقتار.
3- سواء كان حراما أو كان زائدا على الشبع أولم يكن مناسبا له ، وكذلك. ( م ت )
4- « قطع الدرهم والدينار » لعل المراد كسرهما لصياغة شئ من الظروف وغيره ، وطرح النوى « أي نوى التمر ونحوه إذ فيه نفع ». ( سلطان )
5- أي تخلقه ، وثوب الصون أي ثوب التجمل لأنه يصان به عرضك.
6- أي يمينا وشمالا وفى الأطراف بأن لا يجتمع.

3630 - وروى الوليد بن صبيح عن الصادق عليه السلام أنه قال « ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم - أو قال : يرد عليهم دعاؤهم - (1) رجل كان له مال كثير يبلغ ثلاثين ألفا أو أربعين ألفافا نفقه في وجوهه ، فيقول : اللّهم أرزقني ، فيقول اللّه تعالى : ألم أرزقك؟! ورجل أمسك عن الطلب (2) فيقول : اللّهم ارزقني ، فيقول اللّه تعالى : ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب؟! ورجل كانت عنده امرأة فقال : اللّهم فرق بيني وبينها فيقول اللّه عزوجل : ألم أجعل ذلك إليك؟! ».

3631 - وقال عليه السلام : « من سعادة المرء أن يكون القيم على عياله » (3).

3632 - وقال عليه السلام : « كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول » (4).

3633 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « ملعون ملعون من يضيع من يعول ».

3634 - وقال عليه السلام : « الكاد على عياله من حلال كالمجاهد في سبيل اللّه ».

3635 - وروى إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا تتعرضوا للحقوق ، فإذا لزمتكم فاصبروا لها » (5).

3636 - وقال الرضا عليه السلام : « لا تبذل لإخوانك من نفسك ما ضرره عليك أكثر من نفعه لهم » (6).

3637 - وروى عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إياك و

ص: 168


1- للخبر صدر نقله المصنف في الخصال باب الثلاثة.
2- أي عن السعي في تحصيل الرزق بالتجارة والكسب والحرفة.
3- أي المتعهد لحالهم بان لان يحتاج إلى سفر أو لا يضيعهم عمدا أو فقرا ( م ت ) أو يقوم بنفسه على حوائجهم.
4- أي يكفي اثم التضييع لدخول جهنم ولا يحتاج إلى اثم آخر فلا ينفع قيام الليل و صيام النهار مع هذا الاثم العظيم. ( م ت )
5- أي لا تتعرضوا لما يستلزم وجوب الحقوق عليكم أولا تشتغل ذمتك بحقوق الناس كالضمان والكفالة وأمثال ذلك ولكن ، إذا لزمتكم فاصبروا على أدائها إلى أهلها.
6- يعنى إذا كان لك شئ قليل وأنت محتاج إليه وصرفه في إخوانك لا ينفعهم غير أنك صرت محتاجا فلا تبذله ، وهذا غير الايثار الذي هو من صفات الأولياء.

الكسل والضجر (1) فإنهما مفتاح كل سوء ، إنه من كسل لم يؤد حقا ، ومن ضجر لم يصبر على حق ».

3638 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « إن اللّه تعالى ليبغض العبد النوام ، أن اللّه تعالى ليبغض العبد الفارغ ».

3639 - وقال الصادق عليه السلام لبشير النبال : « إذا رزقت من شئ فالزمه » (2).

3640 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « شكا رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الحرقة ، فقال : انظر بيوعا فاشترها ثم بعها فما ربحت فيه فالزمه » (3).

3641 - وقال الصادق عليه السلام : « باشر كبار أمورك بنفسك وكل ما صغر منها إلى غيرك (4) ، فقيل : ضرب أي شئ؟ فقال : ضرب أشرية العقار وما أشبهها » (5).

3642 - وروي عن الأرقط قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « لا تكونن دوارا في الأسواق ولا تلي شراء دقائق الأشياء بنفسك فإنه لا ينبغي للمرء المسلم ذي الدين والحسب أن يلي شراء دقائق الأشياء بنفسه ما خلا ثلاثة أشياء فإنه ينبغي لذي - الدين والحسب أن يليها بنفسه : العقار والإبل والرقيق ».

3643 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه السلام يحتطب ويستقي ويكنس ، وكانت فاطمة عليها السلام تطحن وتعجن وتخبز ».

3644 - وقال الصادق عليه السلام : « مشتري العقار مرزوق ، وبائع العقار ممحوق ».

ص: 169


1- الضجر : القلق والاضطراب من الغم.
2- أي لا تتحول منه إلى غيره. ( م ت )
3- شكا الرجل عدم حصول النفع من حرفته فأمره صلى اللّه عليه وآله بمداومة ما يربح فيه من المعاملات.
4- في الكافي « وكل ما شف إلى غيرك » والشف - بكسر الشين - الشئ اليسير.
5- الأشرية جمع الشرى وهو شاذ لان فعلا لا يجمع على أفعلة ( الصحاح )

3645 - وروى زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما يخلف الرجل بعده شيئا أشد عليه من المال الصامت (1) قال : قلت له : كيف يصنع؟ قال : يضعه في الحائط والبستان والدار ».

3646 - وروى عبد الصمد بن بشير ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لما دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله المدينة خط دورها برجله ، ثم قال : « اللّهم من باع رقعة من أرض (2) فلا تبارك فيه ».

3647 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « مكتوب في التوراة أنه من باع أرضا وماء فلم يضع ثمنه في أرض وماء ذهب ثمنه محقا » (3)

3648 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن كسب الحجام ، فقال : لا بأس به » (4).

3649 - و « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن عسيب الفحل وهو أجر الضراب » (5).

3650 - وسأله أبو بصير « عن ثمن كلب الصيد فقال : لا بأس بثمنه والاخر لا يحل ثمنه » (6).

ص: 170


1- الصامت من المال : الذهب والفضة. ( القاموس )
2- في بعض النسخ « من باع ربقة أرض » وفى بعضها « بقعة من أرض ».
3- محقه - كمنعه - : أبطله ومحاه ، ومحق اللّه الشئ : ذهب ببركته. ( القاموس )
4- قال في المسالك : يكره الحجامة مع اشتراط الأجرة على فعله سواء عينها أم أطلق فلا يكره لو عمل بغير شرط وان بذلت له بعد ذلك كما دلت عليه الأخبار ، هذا في طرف الحاجم وأما المحجوم فعلى الضد يكره له أن يستعمل من غير شرط ولا يكره معه.
5- الضراب : نزو الذكر على الأنثى والمراد بالنهي ما يؤخذ عليه من الأجرة لا عن نفس الضراب ، وذكر العلامة من المحرمات بيع عسيب الفحل وهو ماؤه قبل الاستقرار في الرحم ، والمشهور بين الفقهاء كراهة التكسب بضراب الفحل بأن يؤاجره لذلك ، ولعل التفسير من المؤلف.
6- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 107 باسناده عن الأهوازي ، عن الجوهري ، عن البطائني ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، والمراد بالآخر كلب الهراش.

3651 - وقال : « أجر الزانية سحت (1) وثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد (2)

ص: 171


1- روى الكليني في الكافي ج 5 ص 126 عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « السحت ثمن الميتة وثمن الكلب ، وثمن الخمر ، ومهر البغي ، والرشوة في الحكم ، وأجر الكاهن » وعن العدة عن البرقي ، عن الجاموراني ، عن الحسن البطائني ، عن زرعة ، عن سماعة قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام « السحت أنواع كثيرة منها كسب الحجام إذا شارط ، وأجر الزانية ، وثمن الخمر فأما الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه العظيم » والسحت اما بمعنى مطلق الحرام أو الحرام الشديد الذي يسحت ويهلك. و حرمة أجرة الزانية لعلها من الضروريات حيث لا مهر لبغي والفعل الحرام لا أجرة له.
2- قال في المسالك : الأصح جواز بيع الكلاب الثلاثة : الماشية والزرع والحائط لمشاركتها لكلب الصيد في المعنى المسوغ بيعه ، ودليل المنع ضعيف السند قاصر الدلالة - انتهى ، وقال استاذنا الشعراني - مد ظله : الظاهر أن الكلب الذي لا يصيد مساوق لكلب الهراش الذي لا قائدة عقلية في اقتنائه والنهى عن بيعه نظير النهى عن بيع القرد لعدم الفائدة لا للنجاسة لأن النجاسة في الحيوان الحي والانسان غير مانعة عن البيع والمنع عن بيع النجاسة منصرف إلى ما يتناول ويباشر ويتلوث المستعمل به في العادة فيبقى الكلب داخلا تحت عموم أدلة البيع إذا كان له فائدة مشروعة محللة ، قال في الغنية احترزنا بقولنا ينتفع به منفعة محللة عما يحرم الانتفاع به ويدخل في ذلك النجس الا ما خرج بالدليل من الكلب المعلم للصيد - انتهى ، ويستفاد منه أن غير الصيود هراش لا ينتفع به ، فان قيل قسم الكلب في هذه الأخبار على صيود وغير صيود وأجيز الأول دون الثاني والثاني يشمل كلب الماشية والزرع والبستان فيحرم بيع جميعها لأنه غير صيود ولا دليل على تخصيصه بالهراش ، قلنا اقتناء الكلاب لهذه الأمور لم يكن كثير التداول عندهم وكلب الصيد مذكور في القرآن وكان حاضرا في الأذهان دائما وقد شاع الحصر الإضافي في لغة العرب وبحث عنه علماء البيان نحو ما زيد الا شاعر في مقابل من يتوهم كونه شاعرا وكاتبا وهكذا كان في أذهان الناس كلبان الصيود وغير الصيود أي الهراش وحصر الحل في الأول ، وأما الكلاب الاخر فلم تكن حاضرة في الأذهان لقلة التداول وعدم ذكرها في القرآن كما أن زيدا في مثال علماء البيان كان له صفات كثيرة ولم تكن حاضرة في ذهن المخاطب غير كونه شاعرا وكاتبا ، وفهم فقهاؤنا رضوان اللّه عليهم - من ألفاظ هذه الأخبار أنها في مقام الحصر الإضافي ولهم الاعتماد على فهمهم المستند إلى القرائن في استنباط هذه الأمور المتعلقة بالألفاظ ، قال في التذكرة يجوز بيع هذه الكلاب عندنا ، وعن الشهيد في بعض حواشيه ان أحدا لم يفرق بين الكلاب الأربعة فمن اقتصر في التجويز على كلب الصيد ولم يذكر الثلاثة الباقية مراده الحصر الإضافي كما حمل عليه الاخبار. راجع الوافي الطبعة الثانية ج 10 ص 51 في الهامش.

سحت ، وثمن الخمر سحت ، وأجر الكاهن سحت (1) ، وثمن الميتة سحت ، فأما الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه العظيم » (2).

3652 - وروي « أن أجر المغني والمغنية سحت » (3).

3653 - و « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن أجرة القارئ الذي لا يقرأ إلا على أجر مشروط » (4).

3654 - وروي عن الحسين بن المختار القلانسي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « إنا نعمل القلانس فنجعل فيها القطن العتيق فنبيعها ولا نبين لهم ما فيها ، فقال :

ص: 172


1- لحرمة عملها ولا خلاف في حرمة تعليمها وتعلمها واستعمالها في شرع الاسلام.
2- ادعى في جامع المقاصد والمسالك اجماع المسلمين على حرمة الرشا في الحكم لما يدل عليه الكتاب والسنة والمستفيضة من الاخبار.
3- لعله مضمون مأخوذ من الخبر لا لفظه ، وروى الكليني مسندا عن إبراهيم بن أبي البلاد قال : « أوصى إسحاق بن عمر وفاته بجوار له مغنيات أن نبيعهن ونحمل ثمنهن إلى أبى الحسن عليه السلام قال إبراهيم : فبعت الجواري بثلاثمائة ألف درهم وحملت الثمن إليه فقلت له : ان مولى لك يقال له : إسحاق بن عمر قد أوصى عند موته ببيع جوار له مغنيات وحمل الثمن إليك وقد بعتهن وهذا الثمن ثلاثمائة ألف درهم ، فقال : لا حاجة لي فيه ان هذا سحت وتعليمهن كفر والاستماع منهن نفاق وثمنهن سحت » وحمل على ما إذا كان الشراء أو البيع للغناء ، ولا يخفى أن هذا الخبر يدل على حرمة بيعهن لا حرمة أجرهن. وروى في الموثق عن نصر بن قابوس قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : المغنية ملعونة ملعون من أكل كسبها ». وكيف كان لا خلاف في حرمة الغناء بين الأصحاب والاخبار مستفيضة في حرمتها بل ادعى تواترها.
4- روى الشيخ باسناده عن الأهوازي ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني قال : « نهى أبو عبد اللّه عليه السلام عن أجر القارئ الذي لا يقرء الا بأجر مشروط ». وحمل النهى على الكراهة وسيأتي الكلام فيه.

إني لأحب لك أن تبين لهم ما فيها ». (1)

3655 - وقال الصادق عليه السلام : « إن آكل مال اليتيم سيلحقه وبال ذلك في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فإن اللّه عزوجل يقول : « وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا اللّه » وأما في الآخرة فان اللّه عزوجل يقول : « إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ».

3656 - وكتب محمد بن الحسين الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام يقول : « رجل يبذوق القوافل (2) من غير أمر السلطان في موضع مخيف ويشارطونه على شئ مسمى أله أن يأخذه منهم أم لا؟ فوقع عليه السلام : إذا آجر نفسه بشئ معروف أخذ حقه إن شاء اللّه ».

3657 - وكتب محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني إلى أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام « في رجل دفع ابنه إلى رجل وسلمه منه سنة بأجرة معلومة ليخيط له ، ثم جاء رجل آخر فقال له : سلم ابنك مني سنة بزيادة هل له الخيار في ذلك؟ وهل يجوز له أن يفسخ ما وافق عليه الأول أم لا؟ فكتب عليه السلام بخطه : يجب عليه الوفاء للأول ما لم يعرض لابنه مرض أو ضعف » (3).

3658 - وروى محمد بن خالد البرقي ، عن محمد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن الإجارة فقال : صالح لا بأس بها إذا نصح قدر طاقته (4) ، قد آجر

ص: 173


1- الظاهر أنه على الاستحباب إذا لم يكن المعروف القطن الجديد والا فهو تدليس وغرر. ( م ت )
2- البذرقة الجماعة تتقدم القافلة للحراسة. ( المصباح )
3- ظاهر اطلاقه عليه السلام عدم خيار الغبن في الإجارة ، ويمكن حمله على صورة لم تصل الزيادة إلى حد الغبن ( سلطان ) وقال المولى المجلسي : الخبر يدل على جواز إجارة الابن الصغير ولزوم الوفاء بها ما لم يعرض للابن مرض في جميع المدة فينفسخ أو في بعضها فيكون للمستأجر الخيار وكذا الضعف عن العمل.
4- أي إذا كان قدر طاقته خالصا غير مشوب بالتقصير وفى الصحاح قال الأصمعي : الناصح الخالص من العسل وغيره مثل الناصح وكل شئ خلص فقد نصح. ( مراد )

نفسه موسى بن عمران عليه السلام واشترط قال : إن شئت ثمانيا وإن شئت عشرا فأنزل اللّه تعالى فيه : على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك » (1).

3659 - وروى محمد بن عمرو بن أبي المقدام ، عن عمار الساباطي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يتجر وإن هو آجر نفسه أعطي أكثر مما يصيب في تجارته قال : لا يؤاجر نفسه ولكن يسترزق اللّه تعالى ويتجر ، فإنه إذا آجر نفسه حظر على نفسه الرزق » (2).

3660 - وروى عبد اللّه بن محمد الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال : « من آجر نفسه فقد حظر عليها الرزق ، وكيف لا يحظر عليها الرزق وما أصاب فهو لرب آجره » (3).

3661 - وروى هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل استأجر أجيرا فلم يأمن أحدهما صاحبه فوضع الاجر على يدي رجل فهلك ذلك الرجل ولم يدع وفاء (4) واستهلك الاجر ، فقال : المستأجر ضامن لاجر الأجير حتى يقضي إلا أن يكون الأجير دعاه إلى ذلك فرضي به ، فان فعل فحقه حيث وضعه ورضي به ».

3662 - وروى عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال له : « يا عبيد إن السرف يورث الفقر ، وإن القصد يورث الغنى ».

ص: 174


1- لعل عقد الإجارة وقع على الثمان بلا ترديد كما تدل عليه الآية وإنما علق العشر على المشيئة فالمراد أنه ان شئت اكتفيت بالثمان الذي وقع عليه العقد وان شئت زدت عليه سنتين وهذا في الحقيقة تعليق العشر بالمشيئة فلا حاجة في تصحيح ذلك إلى القول بأنه لعله يجوز الترديد والجهالة في وجه الإجارة في شرع من قبلنا فتأمل. ( سلطان )
2- حظر أي منع كأنه منع على نفسه الرزق لاتكاله على الغير.
3- ان حمل المنع في هذين الخبرين على الكراهة لزم القول بكون معاملة موسى و شعيب عليهما السلام معاملة مكروهة ، وكذا ان حمل على ما إذا استغرقت جميع أوقات الأجير بحيث لم يبق لنفسه وقت ، الا أن لا نلتزم باستغراق الإجارة جميع أوقات موسى عليه الاسلام.
4- أي لم يترك ما يفي بوفاء ذلك المال أي مال الإجارة.

3663 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن الرجل يعالج الدواء للناس فيأخذ عليه جعلا ، قال : لا بأس به » (1).

3664 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن أبي سارة ، عن هند السراج قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « أصلحك اللّه إني كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم فلما عرفني اللّه هذا الامر ضقت بذلك السلاح قلت : لا أحمل إلى أعداء اللّه ، قال : احمل إليهم وبعهم فان اللّه تعالى يدفع بهم عدونا وعدوكم - يعني الروم - قال : فإذا كانت الحرب بيننا وبينهم فمن حمل إلى عدونا سلاحا يستعينون به علينا فهو مشرك » (2).

3665 - وروي الحسن بن محبوب عن أبي ولاد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « ما ترى في الرجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلا من أعمالهم وأنا أمر به وأنزل عليه فيضيفني ويحسن إلي ، وربما أمر لي بالدراهم والكسوة ، وقد ضاق صدري من ذلك ، فقال لي : خذ وكل منه فلك المهنأ وعليه الوزر » (3).

3666 - وروي عن أبي المغرا قال : « سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام وأنا عنده فقال : أصلحك اللّه أمر بالعامل أو آتي العامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟ قال : نعم ، قلت : وأحج بها؟ قال : نعم وحج بها » (4).

ص: 175


1- الظاهر أن المراد اصلاح الدواء وعمله ويمكن ان يعمم ليشمل الطبيب مطلقا.
2- قال في المسالك : إنما يحرم بيع السلاح مع قصد المساعدة في حال الحرب أو التهيؤ له ، أما بدونهما فلا ، ولو باعهم ليستغنوا به على قتال الكفار لم يحرم كما دلت عليه الرواية وهذا كله فيما يعد سلاحا كالسيف والرمح وأما ما يعد جنة كالبيضة والدرع ونحوهما فلا يحرم ، وعلى تقدير النهى لو باع هل يصلح ويملك الثمن أو يبطل ، قولان أظهر هما الثاني لرجوع النهى إلى نفس المعوض - انتهى قول : تقوية الكافر على المسلم حرام مطلقا فإذا كان بيع الدرع والبيضة وأمثال ذلك يعد تقوية لهم يكون حراما بلا اشكال.
3- الهنئ ما أتاك بلا مشقة وما ساغ ولذ من الطعام ، والمهنأ - بفتح الميم وتخفيف النون - اسم منه ، والوزر : الحمل والثقل وأكثر ما يطلق في الحديث على الذنب والاثم كما في النهاية فالمعنى كل وخذ ويكون لك هنيئا ، ووزره على صاحبه.
4- محمول كالخبر السابق على ما إذا كان لم يعلم أنه مال حرام بعينه فيكون داخلا تحت عموم « كل شئ هو لك حلال حتى تعلم الحرام بعينه ».

3667 - وروى علي بن يقطين قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « إن لله تبارك وتعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه ». (1)

3668 - وفي خبر آخر « أولئك عتقاء اللّه من النار ».

3669 - وقال الصادق عليه السلام : « كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان ».

3670 - وروي عن عبيد بن زرارة أنه قال : « بعث أبو عبد اللّه عليه السلام رجلا إلى زياد بن عبيد اللّه (2) فقال : ول ذا بعض عملك » (3).

[ الأب يأخذ من مال ابنه ]

[ الأب يأخذ من مال ابنه ] (4).

3671 - روى حريز ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن رجل لابنه مال فاحتاج إليه الأب ، قال : يأكل منه ، وأما الام فلا تأخذ منه إلا قرضا على نفسها » (5).

ص: 176


1- يدل على أنه إذا اضطرا إلى عملهم ورعى فيه ما يجب عليه من إعانة الاخوان فهو من أولياء اللّه تعالى ، أو أن اللّه تعالى يضطر أولياء ه لعملهم حتى يراعوا أحوال الضعفاء من أوليائه.
2- هو زياد بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عبد المدان الحارثي خال أبى العباس السفاح و كان واليا من قبل السفاح على المدينة سنة 133 قال القلقشندي ج 4 ص 266 من كتاب صبح الأعشى : ولى أبو العباس السفاح على المدينة وسائر الحجاز داود ثم توفى سنة 133 فولى مكانه في جميع ذلك زياد بن عبيد اللّه بن عبد اللّه الحارثي.
3- في بعض النسخ « وأراد نقص عملك » وأثبته الكاشاني في الوافي هكذا وقال : كأنه أراد اقض حاجة الرجل جبرا لنقص عملك. وفى بعض النسخ « داو نقص عملك » وفى بعضها « اذن نقص عملك » وفى بعضها « وإذا نقص عملك » وكل هذه عندي من تصحيف النساخ والصواب ما في المتن.
4- كذا في بعض النسخ وكأنها زيادة من بعض المحشين.
5- طريق الخبر صحيح ويدل على جواز أخذ الوالد من مال ولده بغير قرض وهو مخالف للمشهور وأيضا جواز أخذ الام قرضا خلاف المشهور ، ويمكن أن يحمل على ما إذا كانت قيمة أو كان الاخذ بإذن الولي ، والحمل على النفقة مشترك بينهما الا أن يحمل على أنها تأخذ قرضا للنفقة إلى أن ترى الولي فينفذه قال في التحرير : يحرم على الام أخذ شئ من مال ولدها صغيرا كان أو كبيرا ، وكذا الولد لا يجوز أن يأخذ من مال والد له شيئا ، ولو كانت معسرة وهو موسر أجبر على نفقتها ، وهل لها أن تقترض من مال الولد؟ جوزه الشيخ ومنعه ابن إدريس ، وعندي فيه توقف وبقول الشيخ رواية حسنة ، وقال في الدروس : لا يجوز تناول الام من مال الولد شيئا الا بإذن الولي أو مقاصة وليس لها الاقتراض من مال الصغير و جوزه علي بن بابويه والشيخ والقاضي وربما حمل على الوصية. ( المرآة )

3672 - وروى الحسين بن أبي العلاء قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ما يحل للرجل من مال ولده؟ قال : قوته بغير سرف إذا اضطر إليه ، قال : فقلت له : فقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « أنت ومالك لأبيك « فقال : إنما جاء بأبيه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال : يا رسول اللّه هذا أبي وقد ظلمني ميراثي من أمي ، فأخبره الأب أنه قد أنفقه عليه وعلى نفسه ، فقال : أنت ومالك لأبيك ، ولم يكن عند الرجل شئ(1) أفكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يحبس أبا لابن؟ ».

3673 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا هبة ولا نذر (2) في مالها إلا باذن زوجها إلا في زكاة أو بر والديها أو صلة قرابتها ».

3674 - وقيل للصادق عليه السلام : « إن الناس يروون عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أنه قال : إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي ، فقال عليه السلام : قد قال لغني ولم يقل لذي مرة سوي » (3).

ص: 177


1- حتى يأخذ منه ويعطى الولد.
2- حمل في المشهور على الاستحباب في غير النذر ، وفى النذر كلام ، واشتراطه باذن الزوج مشهور بين المتأخرين.
3- المرة - بالكسر - : القوة والشدة ، والسوي : الصحيح الأعضاء ، وقال الفيض (رحمه اللّه) ذكر الغنى يغنى عن ذكر ذي المرة السوي ولذا لم يقله ، وذلك لان الغنى قد يكون بالقوة والشدة كما يكون بالمال ولو فرض رجل لا يغنيه القوة والشدة فهو فقير محتاج لا وجه لمنعه من الصدقة فبناء المنع على الغنى ليس الا ، أقول : الخبر غير مناسب بالباب كالخبرين الآتيين وأورده الكليني في كتاب الزكاة باب من يحل له أن يأخذ الصدقة.

3675 - وروى أبو البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا سماع الأصم من غير ضجر صدقة هنيئة » (1).

3676 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله لرجل (2) : « أصبحت صائما؟ قال : لا ، قال : فعدت مريضا؟ قال : لا ، قال : فاتبعت جنازة؟ قال : لا ، قال : فأطعمت مسكينا؟ قال : لا ، قال : فارجع إلى أهلك فأصبهم فإنه منك عليهم صدقه » (3).

3677 - « وأتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام (4). فقال : يا أمير المؤمنين واللّه إني لأحبك ، فقال له : ولكني أبغضك ، قال : ولم؟ قال : لأنك تبغي في الاذان كسبا ، وتأخذ على تعليم القرآن أجرا ».

3678 - وقال علي عليه السلام : « من أخذ على تعليم القرآن أجرا كان حظه يوم القيامة » (5)

ص: 178


1- الضجر : السأمة والملال ، والهنيئ يقال لما لا تعب فيه ، كأن المراد ههنا أنها صدقة لا ينقص بها مال ولا بدن ، ( الوافي )
2- مروى في الكافي مسندا عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله.
3- أهل الرجل عشيرته وأولاده وذوو قراباته ، ومن المجاز زوجته كما صرح به في اللغة ، ويحتمل قويا أن يكون المراد بالإصابة التقبيل قال ابن الأثير في النهاية « كان صلى اللّه عليه وآله يصيب من رأس بعض نسائه وهو صائم » أراد التقبيل. والغرض أنه لا ينبغي أن يخلو اليوم من صدقة أو فعل مندوب إليه ولو بادخال السرور في قلب العيال مع قصد القربة.
4- رواه الشيخ في الاستبصار ج 3 ص 65 وفى التهذيب باسناده عن الصفار ، عن عبد اللّه ابن منبه ، عن الحسين بن علوان ، عن عمر وبن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام.
5- قال استاذنا الشعراني - دام ظله العالي - : اعلم أن كثيرا من فقهائنا ذكروا أن الفقه وما يجب على المكلفين كالفاتحة والسورة وأذكار الصلاة وصيغ النكاح واجب ولا يجوز أخذ الأجرة عليه وكذلك تجهيز الميت والصلاة عليه ، وهذا ان ثبت فبدليل خاص به إذا لا تنافي الوجوب أخذ الأجرة ، ولا يبعد أن يكون قول أو عمل واجبا على رجل إذا أعطى الأجرة عليه كالطبيب ولا يكون واجبا مطلقا كما أنه يكون بيع مال كالطعام واجبا إذا أعطى ثمنه لا مطلقا ، وفائدة الوجوب عدم القدرة على الامتناع مع الأجرة والثمن بخلاف غير الواجب من الافعال كبيع سائر الأمتعة فإنه لا يجب على البايع وان أعطى ثمنه وكتابة الاشعار وصياغة الحلى وهذا شئ معقول عرفا ثابت شرعا ، نعم ان ثبت وجوب عمل مطلقا سواء أعطى الأجرة عليه أولا كصلاة الميت كان أعطاه الأجرة عليها سفها ، ويمكن هنا عقلا تصور وجه آخر وهو أن يجب الفعل مطلقا سواء أعطى الأجرة أولا لكن يجاز للعامل أخذ الأجرة قهرا عن المعمول له وهذا شئ معقول متصور في العرف لا مانع عنه في الشرع ولعل أجرة الوصي والقيم من هذا القسم ، وبالجملة فالوجوب من حيث هو وجوب لا ينافي جواز أخذ الأجرة ، نعم كون الواجب تعبديا بقصد القربة مانع عن الأجرة وهذا جار في المستحب العبادي أيضا ، ولكن المحقق الثاني نقل اجماع الأصحاب على منع الأجرة على أقسام الواجب ، ولعله منصرف في كلامهم إلى التعبدي ، وقد صرح فخر الدين في الايضاح بأنه يجوز أخذ الأجرة على الواجب الكفائي غير التعبدي ، ولا يجوز على العيني والتعبدي وكذلك المحقق الثاني ، فالاحتياط في الواجب العيني وان لم يكن تعبديا عدم أخذ الأجرة الا بالرضا والهبة ، وكذلك في الواجب الكفائي ان تعين في واحد بعينه للانحصار إذ يجب على العامل قطعا هذا العمل ، وتسلطه على اجبار المعمول له لاخذ الأجرة غير ثابت بدليل ، مع أنه لا يجوز له الامتناع من العمل ان امتنع المولى له من الأجرة هذا إذا ثبت وجوب العمل مطلقا لا بشرط أخذ الأجرة ، ولعل الصناعات المتوقفة عليها أمر المعاش من قبيل الثاني. و ربما يسأل عن الواجب النيابى و قصد القربة فيه و أنّه كيف يجتمع مع الاجرة، و الواجب أن الاجرة هنا بمنزلة الحوائج الدنيوية في صلاة الحاجة، فان المصلى يقصد التقرب بالعمل إلى اللّه الى قضاء حاجاته كذلك الاجير للعبادة يقصد التقرب و يتوسل به الى الاجرة، و الثاني في طول الأول و في كتاب المكاسب للشيخ المحقق الأنصاريّ- رحمه اللّه- تحقيقات أنيقة لا موضع لذكرها.

3679 - وروى الحكم بن مسكين ، عن قتيبة بن الأعشى (1) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني أقرأ القرآن فتهدى إلي الهدية فأقبلها؟ قال : لا ، قلت : إن

ص: 179


1- قتيبة الأعشى من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام وكان قاريا شيعيا من قراء الكوفة من رواة أبى بكر بن عياش ، وأبو بكر من رواة عاصم ، ذكره النجاشي والشيخ ووثقوه.

لم أشارطه ، قال : أرأيت إن لم تقرأه أكان يهدى لك؟ قال : قلت : لا ، قال : فلا تقبله » (1)

3680 - وروي عن عيسى بن شقفي (2) وكان ساحرا يأتيه الناس ويأخذ على ذلك الاجر قال : « فحججت فلقيت أبا عبد اللّه عليه السلام بمنى فقلت له : جعلت فداك أنا رجل كانت صناعتي السحر وكنت آخذ عليه الاجر وقد حججت ومن اللّه عزوجل علي بلقائك وقد تبت إلى اللّه فهل لي في شئ منه مخرج؟ فقال : نعم حل ولا تعقد » (3).

3681 - وقال الصادق عليه السلام : « من مر ببساتين فلا بأس بأن يأكل من ثمارها ولا يحمل معه منها شيئا » (4).

ص: 180


1- حمله الشيخ على الكراهة ، وروى في الاستبصار ج 3 ص 66 مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المعلم لا يعلم بالاجر ويقبل الهدية إذا أهدى إليه ».
2- في بعض النسخ « عيسى بن سيفي » وفى بعضها « عيسى بن سقفي » وفى الكافي نسخة « عيسى بن شقفى » وعلى كل مهمل مجهول الحال لكن لا يضر جهالته لأنه ليس بر أو للحديث ، إنما يروى عنه رجل آخر ، ففي الكافي عن القمي ، عن أبيه قال : حدثني شيخ من أصحابنا الكوفيين قال : « دخل عيسى بن سقفي على أبى عبد اللّه عليه السلام - وكان ساحرا يأتيه الناس ويأخذ على ذلك الاجر فقال له : جعلت فداك أنا رجل الخ ».
3- ظاهره جواز السحر لدفع السحر ، وحمل على ما إذا كان الحل بغير السحر كالقرآن والذكر وأمثالهما.
4- روى الكليني في الكافي ج 3 ص 569 في الحسن كالصحيح عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بالرجل يمر على الثمرة ويأكل منها ولا يفسد ، قد نهى رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) أن تبنى الحيطان بالمدينة لمكان المارة ، قال : وكان إذا بلغ نخله أمر بالحيطان فخرقت لمكان المارة » وروى عن أبي الربيع الشامي مثله الا أنه قال : « ولا يفسد ولا يحمل » والنهى عن الافساد والحمل ليسا بقيدين لحلية المأكول بل توجه النهى بهما مستقلا كما هو الظاهر ، وفى الجواز وعدمه اختلاف بين الفقهاء قال الشهيد (رحمه اللّه) في الدروس « اختلفت في الاكل من الثمرة الممرور بها فجوزه الأكثر ، ونقل في الخلاف فيه الاجماع ، ولا يجوز له الحمل ولا الافساد ولا القصد » - انتهى ، ومع نهى مالكه قيل : حرام مطلقا ، و فيه نظر. والرخصة ما دامت الثمرة على الشجرة فلو سقطت على الأرض فالظاهر التحريم لخروجه عن مورد النص ، والذي يستفاد من الاخبار أنه حق ثابت من قبل الشارع للمار نظير الزكاة والخمس المتعلقين بالأموال من دون مدخلية لاذن المالك ورضاه كالوضوء من النهر الكبير والصلاة في الأراضي المتسعة ، ولا مجال للتمسك للحرمة بقاعدة قبح التصرف في مال الغير بغير اذنه ، روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 143 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يمر بالنخل والسنبل والثمر أفيجوز له أن يأكل منها من غير اذن صاحبها من ضرورة أو من غير ضرورة؟ قال : لا بأس ». وعن محمد بن مروان قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أمر بالثمرة فآكل منها؟ قال كل ولا تحمل ، قلت جعلت فداك ان التجار قد اشتروها ونقدوا أموالهم ، قال : اشتروا ما ليس لهم ».

باب 373: الدين والقرض

الدين والقرض(1)

3682 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : تعوذوا باللّه من غلبة الدين ، وغلبة الرجال ، وبوار الأيم » (2).

3683 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال

ص: 181


1- في بعض النسخ « والقروض » وفى بعضها « والقراض ».
2- « غلبة الرجال » ففي المرآة قال النووي : كأنه يريد به هيجان النفس من شدة الشبق واضافته إلى المعمول ، أي يغلبهم ذلك وقال الطيبي : اما أن يكون اضافته إلى الفاعل أي قهر الديان إياه وغلبتهم عليه بالتقاضي وليس له ما يقضى دينه ، أو إلى المفعول بأن لا يكون أحد يعاونه على قضاء ديونه من رجاله وأصحابه - انتهى. أقول : ويحتمل أن يكون المراد به غلبة الجبارين عليه ومظلوميته ، أو غلبة النساء على الرجال ، وقيل : هي العلة الملعونة. وقال ابن الأثير بوار الأيم كسادها ، من بارت السوق إذا كسدت ، والأيم - ككيس التي لا زوج لها وهي مع ذلك لا يرغب فيها ، وروى المصنف في معاني الأخبار ص 343 مسندا عن عبد الملك بن عبد اللّه القمي قال : « سأل أبا عبد اللّه عليه السلام الكاهلي وأنا عنده أكان علي عليه السلام يتعوذ من بوار الأيم؟ فقال نعم ، وليس حيث تذهب إنما كان يتعوذ من الباهات ، والعامة يقولون : بوار الأيم وليس كما يقولون » ، وقبل الأيم كل من الرجل و المرأة إذا فقدا زوجهما.

رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إياكم والدين فإنه شين للدين » (1).

3684 - وقال علي عليه السلام : « إياكم والدين فإنه هم بالليل وذل بالنهار ».

3685 - وقال علي عليه السلام : « إياكم والدين فإنه مذلة بالنهار ، ومهمة بالليل وقضاء في الدنيا ، وقضاء في الآخرة » (2).

3686 - وروي عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إنه ذكر لنا أن رجلا من الأنصار مات وعليه ديناران دينا فلم يصل عليه النبي صلى اللّه عليه وآله وقال : صلوا على أخيكم حتى ضمنهما عنه بعض قراباته (3) ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : ذاك الحق ، ثم قال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أنما فعل ذلك ليتعظوا (4) وليرد بعضهم على بعض ، ولئلا يستخفوا بالدين ، (5) وقد مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وعليه دين ، وقتل أمير المؤمنين عليه السلام وعليه دين ، ومات الحسن عليه السلام وعليه دين ، وقتل الحسين عليه السلام وعليه دين ».

3687 - وروي عن موسى بن بكر عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال : « من طلب الرزق من حله فغلب (6) فليستقرض على اللّه عزوجل وعلى رسوله صلى اللّه عليه وآله ».

3688 - وروى الميثمي (7) ، عن أبي موسى قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام :

ص: 182


1- الشين بفتح المعجمة خلاف الزين.
2- « مذلة » اسم مكان من الذل ، وفى القاموس همه الامر هما ومهمة - بفتح الميم والهاء - حزنه كأهمه فاهتم.
3- لعله كان مستخفا بالدين ولا ينوى قضاءه ، أو لم يكن له وجه الدين ومن يؤدى عنه كما يدل غلبه آخر هذا الخبر وغيه من الاخبار. ( المرآة )
4- في بعض النسخ « ليتعاطوا » والتعاطي التناول ، ولعل المراد هنا أن يجرى بين الناس القرض ورده فإنه إذا لم يفت قرض أحد عند أحد يقدم كل أحد على الاقراض بخلاف مألوفات. ( مراد )
5- يفهم منه أن الرجل كان مستخفا بالدين ولا ينوى قضاءه والا فمع عدم التقصير كيف ترك صلى اللّه عليه وآله الصلاة عليه.
6- أي افتقر.
7- الظاهر هو أحمد بن الحسن الميثمي وهو واقفي موثق ، فالطريق إليه صحيح ، و أبو موسى هو عمر بن يزيد الصيقل ظاهرا لروايته عنه في غير مورد وهو ثقة.

« جعلت فداك يستقرض الرجل ويحج؟ قال : نعم ، قلت : يستقرض ويتزوج؟ قال : نعم إنه ينتظر رزق اللّه غدوة وعشية ».

3689 - وروي عن أبي ثمامة (1) كأحمد بن هلال وعمرو بن شمر وأبى جميلة مفضل بن صالح.(2) قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام : « إني أريد أن الازم مكة والمدينة وعلي دين فما تقول؟ قال : ارجع إلى مؤدي دينك (3) وانظر أن تلقى اللّه عزوجل وليس عليك دين فإن المؤمن لا يخون ».

3690 - وقال الصادق عليه السلام : « من كان عليه دين ينوي قضاءه كان معه من اللّه عزوجل حافظان يعينانه على الأداء عن أمانته ، فان قصرت نيته عن الأداء قصرا عنه من المعونة بقدر ما قصر من نيته ».

3691 - وروي عن أبان ، عن بشار عن أبي جعفر عليه السلام قال : « أول قطرة من دم الشهيد كفارة لذنوبه إلا الدين (4) ، فان كفارته قضاؤه ».

3692 - وروى أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أيما رجل أتى رجلا فاستقرض منه مالا وفي نيته ألا يؤديه فذلك اللص العادي » (5).

ص: 183


1- في الكافي « عن أبي تمامة » بالتاء المثناة من فوق. وقال من المشيخة وما كان فيه عن أبي ثمامة فقد رويته عن ماجيلويه ومحمد بن موسى والحسين بن إبراهيم ، عن علي ابن إبراهيم عن أبيه ، عن أبي ثمامة صاحب أبى جعفر الثاني عليه السلام. وقيل عنوان الصدوق لرجل في المشيخة ونقل طريقه إليه مشعر بكونه لا يقصر عن حسن ، وأقول : هذا إذا ما لم ينصوا على ضعفه ، والا فجماعة من المعنونين في المشيخة كانوا ضعفاء
2- وقد قال الوحيد البهبهاني في التعليقة : عده خالي من الحسان. ويحتمل قريبا أن يكون هو أبا تمام الطائي الشاعر و هو من أصحاب أبي جعفر الثاني عليه السلام.
3- في الكافي « ارجع فأده إلى مودى دينك ».
4- أي مع التأخير وامكان الأداء ومطالبة الغريم.
5- أي مثله في العقاب ، ويحتمل حرمة الانتفاع به أيضا الا أن يتوب وينوى الأداء ، ويحتمل لزوم لاستدانة به مرة أخرى لأن العقد الأول كان باطلا لأن العقود تابع للقصود ، ويحتمل الاكتفاء بالنية لأن العقد وقع صحيحا ويجب عليه أداؤه وإن كان آثما بالنية ( م ت ) أقول : أبو خديجة هو سالم بن مكرم والطريق إليه ضعيف بأبي سمينة الصيرفي.

3693 - وروى سماعة بن مهران (1) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل منا يكون عنده الشئ يتبلغ به (2) وعليه دين أيطعمه عياله حتى يأتيه اللّه عزوجل بميسرة فيقضي دينه؟ أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان وشدة المكاسب ، أو يقبل الصدقة (3)؟ فقال : يقضي بما عنده دينه ولا يأكل أموال الناس إلا وعنده ما يؤدي إليهم إن اللّه عزوجل يقول « ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ».

3694 - وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « من حبس حق امرئ مسلم وهو يقدر على أن يعطيه إياه مخافة من أنه إن خرج ذلك الحق من يده أن يفتقر ، كان اللّه عزوجل أقدر على أن يفقره منه على أن يغني نفسه بحبسه ذلك الحق (4).

3695 - وروى إسماعيل بن أبي فديك (5) ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : « إن اللّه عزوجل مع صاحب الدين حتى يؤديه ما لم يأخذه مما يحرم عليه » (6).

3696 - وروي عن بريد العجلي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن علي دينا لأيتام وأخاف إن بعت ضيعتي بقيت ومالي شئ ، قال : لا تبع ضيعتك ولكن

ص: 184


1- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 95 في الصحيح عنه.
2- يعنى يتوسل به إلى المعاش ، والبلغة ما يتبلغ من العيش ، وتبلغ بكذا اكتفى به.
3- بميسرة أي سعة ، وضمن الاستقراض معنى الحمل أي حال كونه حاملا ثقل الدين على ظهره ، وفى التهذيب « خيب الزمان » وهو بمعنى الحرمان والخسران ( الوافي ) و قال المولى المجلسي قوله « أو يقبل الصدقة » عطف على « يستقرض » أي إذا أدى دينه مما في يده فلابد من أحد الامرين اما الاستقراض أو قبول الصدقة فكأنه يعتذر لاكل ما في يده فأجاب عليه السلام بأنه يؤدى ولا يستقرض لعدم الوجه بل يتوكل على اللّه ويقبل الصدقة.
4- أي كان قدرة اللّه تعالى على افقار ذلك الحابس أشد من قدرة ذلك الحابس على اغناء نفسه بحبس ذلك الحق فضمير منه راجع إلى الحابس.
5- إسماعيل بن أبي فديك معنون في المشيخة والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان.
6- أي يقصد عدم الأداء أو يكون ثمن محرم أو ربا مثلا. ( م ت )

أعط بعضا وأمسك بعضا » (1).

3697 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « ليس من غريم ينطلق من عنده غريمه راضيا إلا صلت عليه دواب الأرض ونون البحور (2) وليس من غريم ينطلق صاحبه غضبان وهو ملي إلا كتب اللّه عزوجل بكل يوم يحبسه [ أ ] وليلة ظلما » (3).

3698 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد ، (4) عن خضر بن عمرو النخعي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يكون له على الرجل مال فيجحده ، قال : إن استحلفه فليس له أن يأخذ منه بعد اليمين شيئا ، وإن حبسه فليس له أن يأخذ منه شيئا (5) ، وإن تركه ولم يستحلفه فهو على حقه ».

3699 - وروى علي بن رئاب ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه وحلف ، ثم وقع له عندي مال أفآخذه مكان مالي الذي أخذه وأحلف عليه كما صنع هو؟ فقال : إن خانك فلا تخنه ، ولا

ص: 185


1- أي مع رخصة الولي أو أنه عليه السلام رخص لولايته العامة. ويستفاد من الخبر جواز التأخير مع الضرورة. وفى الكافي ج 5 ص 96 « ان على دينا وأظنه قال ، لا يتام ».
2- لم أجده من طريقنا ، ورواه البيهقي في شعب الايمان عن خولة بنت قيس بن فهد النجارية امرأة حمزة بن عبد المطلب ، وقوله « صلت عليه دواب الأرض » أي دعت له بالمغفرة ، والمراد بنون البحار حيتانها.
3- في شعب الايمان « ولا غريم يلوى غريمه وهو يقدر الا كتب اللّه عليه في كل يوم وليلة اثما ».
4- واقفي موثق والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم رواه عن ابن أبي عمير عنه كما في الكافي وخضر بن عمر ومجهول.
5- جملة « وان حبسه فليس له أن يأخذ منه شيئا » ليست في الكافي والتهذيب ولعلها من الراوي مؤكدة لما سبق أي إذا حبسه باليمين فلا يأخذ شيئا بعد ذلك. وفى بعض النسخ « فإذا احتسبه » من الاحتساب أي ان قال : أمرك إلى اللّه أو أنت مع اللّه أو ترك الحلف تعظيما لله فحينئذ ليس له المطالبة لكن الأصحاب لم يذكروا غير اليمين في الاسقاط بل اختلفوا في اليمين فبعضهم ذهب إلى أنه لا يسقط الا بشرط الاسقاط.

تدخل فيما عبته عليه » (1).

3700 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « الرجل يكون لي عليه حق فيجحدنيه ، ثم يستودعني مالا ألي أن آخذ مالي عنده؟ قال : لا ، هذه الخيانة » (2).

3701 - وروى زيد الشحام قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : « من ائتمنك بأمانة فأدها إليه ، ومن خانك فلا تخنه ».

3702 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل كان له على رجل مال فجحده إياه وذهب به منه ، ثم صار إليه بعد ذلك منه (3) للرجل الذي ذهب بماله مال مثله أيأخذه مكان ماله الذي ذهب به منه؟ قال : نعم ، يقول : « اللّهم إني إنما آخذ هذا مكان مالي الذي أخذه مني » (4).

3703 - وفي خبر آخر ليونس بن عبد الرحمن ، عن أبي بكر الحضرمي مثله ، إلا أنه قال يقول : « اللّهم إني لم آخذ ما أخذت منه خيانة ولا ظلما ولكني أخذته مكان حقي » (5).

3704 - وفي خبر آخر : « إن استحلفه على ما أخذ منه فجائز له أن يحلف

ص: 186


1- يدل على عدم جواز المقاصة بعد الاحلاف كما هو المشهور بين الأصحاب ، بل لا نعلم فيه مخالفا الا أن يكذب المنكر نفسه بعد ذلك. ( المرآة ) وطريق المصنف إلى علي بن رئاب صحيح وهو ثقة.
2- الطريق إلى معاوية بن عمار صحيح ، ولعله محمول على الحلف أو ضرب من الكراهة لورود أخبار في الجواز راجع التهذيب ج 2 ص 105 والاستبصار ج 52 و 53.
3- يعنى بعد صدور الجحد منه.
4- قال في الدروس : تجوز المقاصة المشروعة في الوديعة على كراهة وينبغي أن يقول ما في رواية أبى بكر الحضرمي. ( المرآة )
5- المطلوب اما التكلم بتلك العبارات أو القصد إلى تلك المعاني ، ويؤيد الأخير اختلاف العبارات المنقولة والأحوط التكلم بإحديها والأولى الجمع ( م ت ) أقول : يمكن أن يقال : المقصود قصد القصاص ليمتاز عن السرقة.

إذا قال هذه الكلمة ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذه الأخبار متفقة المعاني غير مختلفة ، وذلك أنه متى حلفه على ماله فليس له أن يأخذ منه بعد ذلك شيئا.

3705- لقول النبي صلى اللّه عليه وآله : « من حلف باللّه فليصدق ، ومن حلف له باللّه فليرض ، ومن لم يرض فليس من اللّه [ في شئ ] ».

وإن حلف من غير أن يحلفه ثم طالبه بحقه أو أخذ منه أو مما يصير إليه من ماله لم يكن بداخل في النهي ، وكذلك إن استودعه مالا فليس له أن يأخذ منه شيئا لأنها أمانة ائتمنه عليها فلا يجوز له أن يخونه كما خانه ، ومتى لم يحلفه على ماله ولم يأتمنه على أمانة ، وإنما صار إليه له مال أو وقع عنده فجائز له أن يأخذ منه حقه بعد أن يقول ما أمر به مما قد ذكرته ، فهذا وجه اتفاق هذه الأخبار ، ولا حول ولا قوة إلا باللّه (1).

3706 - وقد روى محمد بن أبي عمير ، عن داود بن زربي قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « إني أعامل قوما فربما أرسلوا إلي فأخذوا مني الجارية والدابة فذهبوا بها مني ، ثم يدور لهم المال عندي فآخذ منه بقدر ما أخذوا مني؟ فقال : خذ منهم بقدر ما أخذوا منك ولا تزد عليه ».

3707 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هذيل بن حنان أخي جعفر بن حنان الصيرفي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني دفعت إلى أخي جعفر مالا فهو يعطيني ما أنفقه وأحج منه وأتصدق ، وقد سألت من عندنا فذكروا أن ذلك فاسد لا يحل وأنا أحب أن انتهي في ذلك إلى قولك ، فقال : أكان يصلك قبل أن تدفع إليه مالك؟ قلت : نعم ، قال : خذ منه ما يعطيك وكل واشرب وحج وتصدق فإذا قدمت العراق

ص: 187


1- لو كانت الاخبار ما ذكر فقط لكان الجمع حسنا لكن وردت أخبار في جواز التقاص من الأمانة أيضا الا أن تحمل على الأمانة المالكية دون الشرعية لكن فيها ما يدل على جواز التقاص في الأمانة المالكية أيضا كما في خبر شهاب ( الذي رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 105 ) فالجمع بالكراهة والجواز أحسن كما فعله المتأخرون. ( م ت )

فقل : جعفر بن محمد أفتاني بهذا » (1).

3708 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل ينزل على الرجل وله عليه دين أيأكل من طعامه؟ فقال : نعم يأكل من طعامه ثلاثة أيام ولا يأكل بعد ذلك شيئا » (2).

3709 - وقال الصادق عليه السلام : « في قول اللّه عزوجل : « لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس « فقال : يعني بالمعروف القرض » (3).

3710 - وروي عن الصباح بن سيابة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن عبد اللّه بن أبي يعفور أمرني أن أسألك ، قال : إنا نستقرض الخبز من الجيران فنرد أصغر منه أو أكبر ، فقال عليه السلام : نحن نستقرض الجوز الستين والسبعين عددا فيكون فيه الصغيرة والكبيرة فلا بأس » (4).

3711 - قال أبو جعفر عليه السلام : « من أقرض قرضا إلى ميسرة كان ماله في زكاة وكان هو في صلاة من الملائكة عليه حتى يقبضه » (5).

3712 - وروى إسماعيل بن مسلم عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام أنه كان يقول : « إذا كان على الرجل دين ثم مات حل الدين » (6).

ص: 188


1- يدل على أن القرض إذا جر نفعا بدون أن يكون فيه شرط الربح لا بأس به.
2- رواه الكليني بسند موثق.
3- رواه الكليني ج 4 ص 34 في الحسن كالصحيح.
4- الظاهر أن الخبز في بعض البلاد من المعدود فالرخصة بهذا الاعتبار ، أو لأنه لما كان التفاوت يسيرا ، بل كانوا يزنون العجين غالبا فلذا جوز ( م ت ) ولعله محمول على ما إذا لم يعلم التفاوت والا فيعتبر الوزن.
5- رواه الكليني ج 3 ص 558 باب القرض انه حمى الزكاة بسند ضعيف ، وقوله « إلى ميسرة » أي إلى وقت يصير ذا يسر. وقوله « يقبضه » في بعض النسخ والكافي « يقضيه ».
6- مروى مسندا في التهذيب ج 2 ص 60 وفيه « إذا كان على الرجل دين إلى أجل ومات الرجل حل الدين » ووجهه أن الميت لا ذمة له.

3713 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا مات الميت حل ماله وما عليه » (1).

3714 - وروى الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يموت وعليه دين فيضمنه ضامن للغرماء؟ قال : إذا رضي به الغرماء فقد برئت ذمة الميت ».

3715 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد ، عن الحسن بن خنيس قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن لعبد الرحمن بن سيابة دينا على رجل وقد مات فكلمناه أن يحلله فأبى ، قال : ويحه أما يعلم أن له بكل درهم عشرة إذا حلله ، وإذا لم يحلله فإنما له درهم بدل درهم » (2).

3716 - وروى السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « أتى رجل عليا عليه السلام فقال : إني كسبت مالا أغمضت في طلبه حلالا وحراما (3) فقد أردت التوبة ولا أدري الحلال منه ولا الحرام فقد اختلط علي فقال علي عليه السلام : أخرج خمس مالك فإن اللّه عزوجل قد رضي من الانسان بالخمس وسائر المال كله لك حلال » (4).

3717 - وروى أبو البختري وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قضى علي عليه السلام في رجل مات وترك ورثة فأقر أحد الورثة بدين على أبيه

ص: 189


1- مروى في الكافي ج 5 ص 95 بسند مرسل مجهول كما في التهذيب عن أبي بصير ، وفى الدروس : يحل الديون المؤجلة بموت الغريم ولو مات المدين لم يحل الا على رواية أبي بصير. واختاره الشيخ والقاضي والحلبي وحكى عن أبي الصلاح وابن البراج. والمشهور عدم العمل به بالنظر إلى ماله وما تقدم يدل على حلول ما عليه دون ماله ، فالأحوط بالنظر إلى المديون أن يؤدى لانتقال المال إلى الورثة ، وقيل : يمكن الحمل على الاستحباب.
2- تقدم تحت رقم 174 ورواه الكليني ج 4 ص 36.
3- أي ما لاحظت الحرام والحلال في تحصيله أو تساهلت في أحكام البيع والشراء فخلطت الحلال بالحرام.
4- تقدم نحوه تحت رقم 1655 ، وحمل على مجهولية قدر المال وصاحبه ، ومصرفه مصرف الصدقات لا مصرف الخمس كما ذهب إليه بعض.

أنه يلزمه ذلك في حصته بقدر ما ورث ، ولا يكون ذلك في ماله كله (1) ، فإن أقر اثنان من الورثة وكانا عدلين أجيز ذلك على الورثة ، وإن لم يكونا عدلين الزما في حصتهما بقدر ما ورثا ، وكذلك إن أقر بعض الورثة بأخ أو أخت إنما يلزمه في حصته ، وقال علي عليه السلام (2) : من أقر لأخيه فهو شريك في المال ولا يثبت نسبه ، وإذا أقر اثنان فكذلك إلا أن يكونا عدلين فيلحق نسبه ويضرب في الميراث معهم ».

3718 - وروى إبراهيم بن هاشم « أن محمد بن أبي عمير - رضي اللّه عنه – كان رجلا بزازا فذهب ماله وافتقر وكان له على رجل عشرة آلاف درهم ، فباع دارا له كان يسكنها بعشرة آلاف درهم وحمل المال إلى بابه ، فخرج إليه محمد بن أبي عمير فقال : ما هذا؟ قال : هذا مالك الذي لك علي ، قال : ورثته؟ قال : لا ، قال : وهب لك؟ قال : لا ، قال : فقال ، فهو ثمن ضيعة بعتها؟ قال : لا ، قال : فما هو؟ قال : بعت داري التي أسكنها لأقضي ديني ، فقال محمد بن أبي عمير - رضي اللّه عنه - : حدثني ذريح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا يخرج الرجل عن مسقط رأسه بالدين « إرفعها فلا حاجة لي فيها ، واللّه إني محتاج في وقتي هذا إلى درهم وما يدخل ملكي منها درهم » (3).

وكان شيخنا محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه - يروي أنها إن كانت الدار واسعة يكتفى صاحبها ببعضها فعليه أن يسكن منها ما يحتاج إليه ويقضي ببقيتها دينه ، وكذلك إن كفته دار بدون ثمنها باعها واشترى بثمنها دارا ليسكنها ويقضي

ص: 190


1- ظاهره أنه يؤدى بنسبة نصيبه من جميع المال فيكون قوله « كله » تأكيدا لقوله « ذلك » وفى التهذيب ج 2 ص 379 كما في المتن وفى ص 63 منه « ذلك كله في ماله » وهو صريح ، ويمكن أن يكون المراد أنه لا يلزمه باقراره أكثر مما ورث فيكون « كله » مجرورا تأكيدا لقوله « ماله ».
2- تتمة لحديث وهب كما يظهر من التهذيب.
3- لعله مع رضا المدين لم يحرم القبول لكنه - رحمه اللّه - لم يقبل لكثرة ورعه.

بباقي الثمن دينه (1).

3719 - وكتب يونس بن عبد الرحمن إلى الرضا عليه السلام « أنه كان لي على رجل عشرة دراهم وإن السلطان أسقط تلك الدراهم وجاء بدراهم أعلى من تلك الدراهم وفي تلك الدراهم الأولى اليوم وضيعة فأي شئ لي عليه ، الدراهم الأولى التي أسقطها السلطان؟ أو الدراهم التي أجازها السلطان؟ فكتب : لك الدراهم الأولى ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : كان شيخنا محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه - يروي حديثا في أن له الدراهم التي تجوز بين الناس (2).

والحديثان متفقان غير مختلفين فمتى كان للرجل على الرجل دراهم بنقد معروف فليس له إلا ذلك النقد ، ومتى كان له على الرجل دراهم بوزن معلوم بغير نقد معروف فإنما له الدراهم التي تجوز بين الناس.

باب 374: التجارة وآدابها وفضلها وفقهها

اشارة

3720 - قال الصادق عليه السلام : « التجارة تزيد في العقل » (3).

ص: 191


1- في التهذيب ج 2 ص 62 باسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة قال : « سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام وسئل عن رجل عليه دين وله نصيب في دار وهي تغل غلة ، فربما بلغت غلتها قوته وربما لم يبلغ حتى يستدين فان هو باع الدار وقضى دينه بقي لا دار له ، فقال إن كان في داره ما يقضى به دينه ويفضل منها ما يكفيه وعياله فليبع الدار والا فلا ».
2- لعل المراد من الحديث ما رواه الكليني ج 5 ص 252 في الموثق عن يونس قال « كتبت إلى أبى الحسن الرضا عليه السلام أن لي على رجل ثلاثة آلاف درهم وكانت تلك الدراهم تنفق بين الناس تلك الأيام وليست تنفق اليوم فلي عليه تلك الدراهم بأعيانها أو ما ينفق اليوم بين الناس؟ قال : فكتب إلى لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس كما أعطيته ما ينفق بين الناس » يعنى بقيمة الدراهم الأولى ما ينفق بين الناس قاله الشيخ في الاستبصار رفعا للتنافي وقال : لأنه يجوز أن تسقط الدراهم الأولى حتى لا يكاد تؤخذ أصلا فلا يلزمه أخذها وهولا ينفع بها وإنما له قيمة دراهمه الأولة وليس له المطالبة بالدراهم التي تكون في الحال.
3- المراد بالعقل المكتسب وهو عقل المعاش.

3721 - وقال الصادق عليه السلام : « ترك التجارة مذهبة للعقل » (1).

3722 - وروي عن المعلى بن خنيس أنه قال : « رآني أبو عبد اللّه عليه السلام وقد تأخرت عن السوق ، فقال لي : اغد إلى عزك » (2).

3723 - وروي عن روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه » قال : كانوا أصحاب تجارة فإذا حضرت الصلاة تركوا التجارة وانطلقوا إلى الصلاة ، وهم أعظم أجرا ممن لم يتجر ».

3724 - وروى هارون بن حمزة ، عن علي بن عبد العزيز قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « ما فعل عمر بن مسلم (3)؟ قلت : جعلت فداك أقبل على العبادة وترك التجارة فقال : ويحه أما علم أن تارك الطلب لا يستجاب له دعوة؟! أن قوما من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لما نزلت : « ومن يتق اللّه يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب « أغلقوا الأبواب وأقبلوا على العبادة وقالوا : قد كفينا ، فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فأرسل إليهم فقال : ما حملكم على ما صنعتم؟! قالوا : يا رسول اللّه تكفل اللّه عزوجل بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة فقال : إنه من فعل ذلك لم يستجب اللّه له ، عليكم بالطلب ، ثم قال : إني لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربه يقول : ارزقني و يترك الطلب ».

3725 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « اتجروا بارك اللّه لكم ، فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : إن الرزق عشرة أجزاء تسعة في التجارة وواحد في غيرها » (4).

ص: 192


1- ذلك لمن كان مشتغلا بها ثم تركها ويحتمل الأعم وفى الكافي « ترك التجارة ينقص العقل ».
2- أي إلى ما هو سبب لعزك.
3- الظاهر أنه أخو معاذ بن مسلم الهراء كما ذكره البهبهاني في التعليقة.
4- روى سعيد بن منصور في سننه - على ما في الجامع الصغير - عن نعيم بن عبد الرحمن الأزدي عنه صلى اللّه عليه وآله قال : « تسعة أعشار الرزق في التجارة والعشر في المواشي » وفى رواية بدل المواشي « السائمات » وقال الزمخشري وهي الناج فمرجعهما واحد.

3726 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « تعرضوا للتجارة فإن فيها لكم غنى عما في أيدي الناس » (1).

3727 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تدعوا التجارة فتهونوا (2) اتجروا بارك اللّه لكم » روى ذلك شريف بن سابق التفليسي عن الفضل بن أبي قرة السمندي.

3728 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ، ثم ارتطم ، فلا يقعدن في السوق إلا من يعقل الشراء والبيع » (3).

3729 - و « كان علي عليه السلام (4) بالكوفة يغتدي كل بكرة فيطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا ، ومعه الدرة على عاتقه ، وكان لها طرفان ، وكانت تسمى السبيبة (5) قال : فيقف على أهل كل سوق فيناديهم : يا معشر التجار (6) قدموا الاستخارة وتبركوا بالسهولة (7) واقتربوا من المبتاعين ، وتزينوا بالحلم ، وتجافوا عن

ص: 193


1- رواه الكليني ج 5 ص 149 مسندا.
2- من الهون وهو من قبيل لا تكفر تدخل الجنة ، وفى بعض النسخ « فتمونوا » على صيغة المفعول من التفعيل والتمون كثرة النفقة.
3- ارتطم في الوحل أي وقع فيه وقوعا لا يقدر معه على الخروج منه. والخبر رواه الكليني بسند لا يقصر عن القوى.
4- رواه الكليني ج 5 ص 151 بسند حسن ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام - الخ.
5- الدرة - بالكسر السوط الذي يضرب به ولعل تسميتها بالسبيبة لكونها متخذة من السب وهو بالكسر جلد البقر المدبوغ بالقرظ يتخذ منها النعال ( المرآة ) وفى الصحاح « السب بكسر السين : شقة كتان رقيقة ، والسبيبة - بالفتح - مثله »
6- في الكافي « فينادى : يا معشر التجار اتقوا اللّه عزوجل ، فإذا سمعوا صوته عليه السلام ألقوا ما بأيدهم وارعوا إليه بقلوبهم وسمعوا بأذانهم فيقول عليه السلام : قدموا الاستخارة « - الخ ».
7- أي اطلبوا الخير من اللّه في أوله ، وابتغوا البركة أيضا منه بالسهولة في البيع والشراء أي بكونكم سهل البيع والشراء والقضاء والاقتضاء ، « واقتربوا من المبتاعين » أي بالكلام الحسن والبشاشة وحسن الخلق ، أولا تغالوا في الثمن ليوجب تنفر المشترى. وزاد في الكافي بعد قوله « بالحلم » « وتناهوا عن اليمين ، وجانبوا الكذب ».

الظلم ، وأنصفوا المظلومين ، ولا تقربوا الربا ، وأوفوا الكيل والميزان ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ، ولا تعثوا في الأرض مفسدين (1) ، قال : فيطوف في جميع أسواق الكوفة ثم يرجع فيقعد للناس ».

3730 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (2) : « من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشترين ولا يبيعن : الربا ، والحلف ، وكتمان العيوب ، والمدح إذا باع والذم إذا اشترى » (3).

3731 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « يا معشر التجار ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق ، تبعثون يوم القيامة فجارا إلا من صدق حديثه ».

3732 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « التاجر فاجر والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطى الحق ».

3733 - وقال عليه السلام : « يا معشر التجار صونوا أموالكم بالصدقة (4) تكفر عنكم ذنوبكم وأيمانكم التي تحلفون فيها تطيب لكم تجارتكم ».

3734 - وروي عن الأصبغ بن نباتة قال : « سمعت عليا عليه السلام يقول على المنبر :

ص: 194


1- هذه الجمل مقتبسة من كتاب اللّه العزيز سورة الأعراف : 85.
2- مروى في الكافي ج 5 ص 150 مسندا عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن جده صلى اللّه عليه وآله.
3- أما تحريم الربا والحلف على الكذب فواضح ولا خلاف فيه وأما الحلف على الصدق فالمشهور كراهته وكذا مدح البايع وذم المشترى ان لم يشتملا على الكذب ، وأما كتمان العيب فحرام على الأشهر ويكون له الخيار فيما يطلع عليه وفيما لم يمكن الاطلاع عليه كمزج اللبن بالماء فحرام بلا خلاف.
4- أي أحفظوا ، وفى بعض النسخ « شوبوا أموالكم بالصدقة ».

يا معشر التجار الفقه ثم المتجر ، الفقه ثم المتجر (1) ، واللّه للربا في هذه الأمة دبيب أخفى من دبيب النمل على الصفا ، صونوا أموالكم بالصدقة (2) ، التاجر فاجر ، والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطي الحق ».

3735 - وروى حفص بن البختري ، عن الحسين بن المنذر قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « دفعت إلي امرأتي مالا أعمل به ما شئت فأشتري من مالها الجارية أطأها؟ قال : لا إنما دفعت إليك لتقر عينها وأنت تريد أن تسخن عينها » (3).

3736 - وروى عثمان بن عيسى ، عن ميسر (4) قال : قلت له : « يجيئني الرجل فيقول : تشتري لي؟ فيكون ما عندي خيرا من متاع السوق ، قال : إن أمنت ألا يتهمك فأعطه من عندك ، وإن خفت أن يتهمك فاشتر له من السوق ».

3737 - وروى إسماعيل بن مسلم عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : « أنزل اللّه تعالى على بعض أنبيائه عليهم السلام للكريم فكارم (5) وللسمح فسامح ، وللشحيح

ص: 195


1- المتجر مصدر ميمي بمعنى التجارة.
2- مروى في الكافي ج 5 ص 150 وفيه « شوبوا أيمانكم بالصدق » وفى بعض نسخ الفقيه « شوبوا أموالكم بالصدقة » والشوب الخلط.
3- في المحكى عن الدروس أنه لو ملكته مالا كره التسري ، ويحتمل كراهية جعله صداقا الا باذنها ، وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 105 في الصحيح عن هشام وغيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل تدفع إليه امرأته المال فتقول له : اعمل ما شئت أله أن يشترى الجارية يطأها؟ قال : ليس له ذلك » ، وذلك لان القرينة قائمة على أن هذا خارج عن المأذون ، ويمكن حملها على الكراهة ( كذا في هامش التهذيب ».
4- عثمان بن عيسى ممن توقف العلامة فيما ينفرد به لكن صحح طريق الصدوق إلى معاوية بن شريح وهو فيه ، وحسن طريقه إلى سماعة وهو فيه أيضا ، وأما ميسر بن عبد العزيز فهو ممدوح بل ثقة.
5- أي إذا عاملت مع الكريم فعامله بالكرم. ويطلق الكرم على الجود والتعظيم و شرف النفس وعلى الأخلاق الحسنة والكل مناسب. ( م ت )

فشاحح ، وعند الشكس فالتو » (1).

3738 - وقال علي عليه السلام : « سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : السماح وجه من الرباح - قال عليه السلام ذلك لرجل يوصيه ومعه سلعة يبيعها - »(2).

3739 - و « مر علي عليه السلام على جارية قد اشترت لحما من قصاب وهي تقول : زدني ، فقال له علي عليه السلام : زدها فإنه أعظم للبركة » (3).

3740 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إن اللّه تبارك وتعالى يحب العبد يكون سهل البيع ، سهل الشراء ، سهل القضاء ، سهل الاقتضاء » (4).

3741 - وقال الصادق عليه السلام : « أيما مسلم أقال مسلما ندامة في البيع أقاله اللّه عثرته يوم القيامة » (5).

3742 - وقال علي عليه السلام : « مر النبي صلى اللّه عليه وآله على رجل ومعه سلعة يريد بيعها فقال : عليك بأول السوق ».

3743 - وقال عليه السلام : « صاحب السلعة أحق بالسوم » (6).

3744 - و « نهى صلى اللّه عليه وآله عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ». (7)

ص: 196


1- رجل شكس - ككتف - أن صعب الخلق ، والتوى رأسه أمال وأعرض.
2- رواه الكليني ج 5 ص 152 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله هكذا : « السماحة من الرباح » وفى النهاية المسامحة المساهلة ، ومنه الحديث المشهور « السماح رباح » أي المساهلة في الأشياء يربح صاحبها ، وفى القاموس الرباح - كسحاب - اسم ما يربح.
3- مروى في الكافي بالسند المذكور سابقا.
4- يعنى سهل القضاء للدين الذي عليه. وسهل الاقتضاء للدين الذي له على غيره.
5- الإقالة : فسخ البيع بعد لزومه ، والخبر رواه الكليني ج 5 ص 153 عن أبي حمزة عنه عليه السلام.
6- المراد أن البايع أحق بالمساومة والابتداء بالسعر كما فهمه الشهيد - رحمه اللّه - أو أحق بتسعير ثمن المتاع من المشترى أو الوكيل ، والخبر مروى في الكافي باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
7- مروى في الكافي بسند مرفوع وحمل على الكراهة.

3745 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « ماكس المشتري فإنه أطيب للنفس وإن أعطى الجزيل ، (1) فإن المغبون في بيعه وشرائه غير محمود ولا مأجور ».

3746 - وقال عليه السلام : « لا تماكس في أربعة أشياء : في الأضحية ، وفي الكفن ، وفي ثمن نسمة ، وفي الكرى إلى مكة » (2).

3747 - وكان علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام يقول لقهرمانه : « إذا أردت أن تشتري لي من حوائج الحج شيئا فاشتر ولا تماكس ، وروى ذلك زياد القندي عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام ».

الوفاء والبخس

الوفاء والبخس(3)

3748 - وروى ميسر ، عن حفص (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « رجل من نيته الوفاء وهو إذا كال لم يحسن أن يكيل ، فقال : ما يقول الذين حوله؟ قال : قلت يقولون : لا يوفي ، قال : هو ممن لا ينبغي له أن يكيل » (5).

3749 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من أخذ الميزان بيده فنوى أن يأخذ لنفسه وافيا لم يأخذه إلا راجحا ، ومن أعطى فنوى أن يعطي

ص: 197


1- لعل المراد بالمماكسة المنع من التفريط الموجب للغبن فلا ينافي استحباب المساهلة أي ترك الافراط ، فالمراد بالجزيل الجزيل في نفسه لا بالنسبة إلى السلعة. ( سلطان )
2- رواه المؤلف في الخصال باب الأربعة في حديث مرفوع عن أبي جعفر عليه السلام ، وحمل على الكراهة لما روى عن رجل يسمى سوادة قال « كنا جماعة بمنى فعزت الأضاحي فنظرنا فإذا أبو عبد اللّه صلوات اللّه عليه واقف على قطيع يساوم بغنم ويماكسهم مكاسا شديدا فوقفنا ننتظر فلما فرغ أقبل علينا فقال : أظنكم قد تعجبتم من مكاسى؟ فقلنا : نعم ، فقال : ان المغبون لا محمود ولا مأجور ». والمماكسة في البيع : التناقص في الثمن.
3- العنوان زيادة منا.
4- رواه الكليني مسندا عن مثنى الحناط عن بعض أصحابنا عنه عليه السلام.
5- ظاهره كراهة تعرض الكيل والوزن لمن لا يحسنها كما ذكره الأصحاب ، ويحتمل عدم الجواز لوجوب العلم بإيفاء الحق. ( المرآة )

سواء لم يعط إلا ناقصا » (1).

3750 - وروى حماد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يكون الوفاء حتى يميل اللسان » (2).

3751 - وفي خبر آخر : « لا يكون الوفاء حتى يرجح » (3).

3752 - وروي عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « آخذ الدراهم من الرجل فأزنها ثم أفرقها ويفضل في يدي منها فضل ، قال : أليس تحرى الوفاء؟ قلت : بلى ، قال : لا بأس » (4).

[ العربون ]

[ العربون ] (5)

3753 - وروى وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام كان يقول : « لا يجوز العربون إلا أن يكون نقدا من الثمن » (6).

ص: 198


1- الحاصل أنه ينبغي نية اعطاء الزيادة حتى يحصل الوفاء والا فالنفس مائلة إلى أخذ الراجح واعطاء الناقص ، فينخدع من نفسه ذلك كثيرا ، والمحكى عن دروس الشهيد استحباب قبض الناقص واعطاء الراجح.
2- في الكافي ج 5 ص 159 « حتى يميل الميزان » وظاهره الوجوب من باب المقدمة ويمكن أن يكون المراد بالوفاء الوفاء الكامل فيحمل على الاستحباب ، ولكن لا ينبغي ترك العمل بظاهر الخبر.
3- مروى في الكافي بسند حسن كالصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام. وفى القاموس رجح الميزان : مال ورجح - من باب التفعيل - أعطاه راجحا.
4- لأنه يمكن أن يكون حصول الفضل من مسامحة الطرف فإنه مستحبة من الطرفين.
5- العنوان زيادة منا.
6- قال في النهاية : « العربان - بفتح العين والراء - هو أن تشترى السلعة وتدفع إلى صاحبها شيئا على أنه ان أمضى البيع حسب من الثمن وان لم يمض كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشترى ، يقال : أعرب في كذا وعرب وعربن وهو عربان - كقربان - وعربون - كعرجون - وعربون ، قيل سمى بذلك لان فيه اعرابا لعقد البيع ، أي اصلاحا وإزالة فساد لئلا يملكه غيره باشترائه وهو بيع باطل عند الفقهاء لما فيه من الشرط والغرر وأجازه أحمد وروى عن ابن عمر اجازته وحديث النهى منقطع » ، وقال في المختلف : قال ابن الجنيد : العربون من الثمن ولو شرط المشترى للبايع أنه ان جاء بالثمن والا فالعربون له كان ذلك عوضا عما عنه من النفع والتصرف في سلعته ، والمعتمد أن يكون من جملة الثمن فان امتنع المشترى من دفع الثمن وفسخ البايع البيع وجب عليه رد العربون للأصل ولرواية وهب.

باب 375: السوق

3754 - قال أمير المؤمنين عليه السلام : « جاء أعرابي من بني عامر إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فسأله عن شر بقاع الأرض وخير بقاع الأرض ، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : شر بقاع الأرض الأسواق وهي ميدان إبليس يغدو برايته ويضع كرسيه ويبث ذريته فبين مطفف في قفيز ، أو طايش في ميزان (1) ، أو سارق في ذرع ، أو كاذب في سلعة ، فيقول : عليكم برجل مات أبوه (2) وأبوكم حي فلا يزال مع ذلك أول داخل وآخر خارج (3) ثم قال عليه السلام : وخير البقاع المساجد ، وأحبهم إلى اللّه عزوجل أولهم دخولاً وآخرهم خروجا منها ».

3755 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل ».

باب 376: ثواب الدعاء في الأسواق

3756 - روى عاصم بن حميد ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من دخل سوقا أو مسجد جماعة فقال مرة واحدة : « أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده

ص: 199


1- الطيش الخفة.
2- أي يقول الشيطان لذريته : عليكم باغواء رجل من أبناء آدم أبى البشر وهو ميت لا يعاون أولاده وأنا أبوكم أعاونكم على اغواء بني آدم.
3- أي فلا يزال الشيطان مع هذا القول أول داخل في السوق وآخر خارج منه.

لا شريك له ، واللّه أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان اللّه بكرة وأصيلا ، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم وصلى اللّه على محمد وآله « عدلت له حجة مبرورة ».

3754 - وروى عبد اللّه بن حماد الأنصاري ، عن سدير قال : قال أبو جعفر عليه السلام « يا أبا الفضل أمالك في السوق مكان تقعد فيه تعامل الناس؟ قال : قلت : بلى ، قال : إعلم أنه ما من رجل يغدو ويروح إلى مجلسه وسوقه فيقول حين يضع رجله في السوق » اللّهم إني أسألك خيرها وخير أهلها ، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها « إلا وكل اللّه عزوجل به من يحفظه ويحفظ عليه حتى يرجع إلى منزله فيقول له : قد أجرتك من شرها وشر أهلها يومك هذا ، فإذا جلس مكانه حين يجلس فيقول : « أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى اللّه عليه وآله ، اللّهم إني أسألك من فضلك حلالا طيبا ، وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم ، وأعوذ بك من صفقة خاسرة ويمين كاذبة « فإذا قال ذلك قال الملك الموكل : أبشر فما في سوقك اليوم أحد أوفر نصيبا منك وسيأتيك ما قسم اللّه لك موفرا حلالا طيبا مباركا فيه ».

3758 - وروي « أن من ذكر اللّه عزوجل في الأسواق غفر اللّه له بعدد ما فيها من فصيح وأعجم - والفصيح ما يتكلم ، والأعجم ما لا يتكلم - ».

3759 - وقال الصادق عليه السلام : من ذكر اللّه عزوجل في الأسواق غفر له بعدد أهلها ».

باب 377: الدعاء عند شراء المتاع للتجارة

3760 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : قال أحدهما عليهما السلام : « إذا اشتريت متاعا فكبر اللّه ثلاثا ثم قل : « اللّهم إني اشتريته ألتمس فيه من خيرك فاجعل لي فيه خيرا ، اللّهم إني اشتريته ألتمس فيه من فضلك فاجعل لي فيه فضلا ، اللّهم إني اشتريته ألتمس فيه من رزقك فاجعل لي فيه رزقا » ثم أعد كل واحدة منها

ص: 200

ثلاث مرات ».

3761 - و « كان الرضا عليه السلام يكتب على المتاع بركة لنا » (1).

باب 378: الدعاء عند شراء الحيوان

3762 - روى عمر بن إبراهيم عن أبي الحسن عليه السلام قال : « من اشترى دابة فليقم من جانبها الأيسر ويأخذ ناصيتها بيده اليمنى ويقرأ على رأسها فاتحة الكتاب وقل هو اللّه أحد ، والمعوذتين ، وآخر الحشر ، وآخر بني إسرائيل قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرحمن « وآية الكرسي فإن ذلك أمان تلك الدابة من الآفات ».

3763 - وروى ابن فضال ، عن ثعلبة [ بن ميمون ] عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا اشتريت جارية فقل : « اللّهم إني أستشيرك وأستخيرك » (2) وإذا اشتريت دابة أو رأسا فقل « اللّهم قدر لي أطولهن حياة ، وأكثرهن منفعة ، وخيرهن عاقبة ».

باب 379: الشرط والخيار في البيع

3764 - روى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري فهو بالخيار فيها إن اشترط أو لم يشترط » (3).

3765 - وقال عليه السلام (4) : أيما رجل اشترى من رجل بيعا فهما بالخيار حتى

ص: 201


1- أي هو بركة لنا أو ألتمس البركة فيه.
2- إلى هنا في الكافي من حديث ثعلبة بن ميمون عن هذيل عن الصادق عليه السلام.
3- يدل على ثبوت الخيار في الحيوان ثلاثة أيام وعلى أنه مخصوص بالمشترى ، ولا خلاف في ثلاثة أيام لكل حيوان الا أن أبا الصلاح قال : خيار الأمة مدة الاستبراء ، والمشهور عدم هذا الخيار للبايع وخالف فيه السيد المرتضى وذهب إلى ثبوته للبايع أيضا.
4- مروى في الكافي بسند حسن كالصحيح عن الحلبي عنه عليه السلام.

يفترقا ، فإذا افترقا فقد وجب البيع » (1).

3766 - وقال عليه السلام « في رجل اشترى من رجل عبدا أو دابة وشرط يوما أو يومين فمات العبد أو نفقت الدابة (2) أو حدث فيه حدث على من الضمان؟ قال : لا ضمان على المبتاع حتى ينقضي الشرط ويصير المبيع له » (3).

3767 - وروى إسحاق بن عمار عن العبد الصالح عليه السلام قال : « من اشترى بيعا ومضت ثلاثة أيام ولم يجئ فلا بيع له » (4).

3768 - وروى عبد اللّه بن سنان (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المسلمون عند شروطهم ، إلا كل شرط خالف كتاب اللّه عزوجل فلا يجوز » (6).

3769 - وروى جميل ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : « الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعه عنده يقول حتى آتيك بثمنه ، فقال : إن جاء

ص: 202


1- يدل على سقوط خيار المجلس بعد الافتراق وكان وجوب البيع من جهة هذا الخيار فلا ينافي ثبوت الخيار من جهة أخرى كخيار الحيوان مثلا.
2- نفقت الدابة أي هلكت وخرجت روحها.
3- رواه في الكافي بسند حسن مع اختلاف وفيه « على من ضمان ذلك فقال : على البايع حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام ويصير المبيع للمشترى » قال سلطان العلماء قوله عليه السلام « يصير المبيع له » أي استقر ملكا له فلا ينافي كونه قبل ذلك ملكا متزلزلا وكون النماء له - انتهى وقال العلامة المجلسي : الخبر يدل على أن المبيع في أيام خيار المشترى مضمون على البايع وظاهره عدم تملك المشترى في زمن الخيار وحمل على الملك المستقر.
4- « من اشترى بيعا » أي مبيعا ويقيد بعدم قبض المبيع والثمن ، وقوله « فلا بيع له » أي للمشترى وظاهره بطلان البيع كما قاله في المبسوط ، ويحتمل أن يكون المراد أن للبائع الخيار في الفسخ ، ويؤيد هذا الاحتمال ظهور قوله عليه السلام « فلا بيع له » لاختصاصه بالمشترى دون البايع.
5- تقدم غير مرة أنه ثقة والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
6- يدل على لزوم مطلق الشروط الجائزة المذكورة في العقود. ( المرآة )

فيما بينه وبين ثلاثة أيام وإلا فلا بيع له » (1).

3770 - وفي رواية أخرى ، عن ابن فضال ، عن الحسن بن علي بن رباط ، عمن رواه (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن حدث بالحيوان حدث قبل ثلاثة أيام فهو من مال البائع » (3).

ومن اشترى جارية وقال للبائع : أجيئك بالثمن فإن جاء فيما بينه وبين شهر وإلا فلا بيع له (4).

والعهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول والبطيخ والفواكه يوم إلى الليل (5).

باب 380: الافتراق الذي يجب به البيع أهو بالأبدان أو بالقول

الافتراق الذي يجب به البيع أهو بالأبدان أو بالقول (6)

3771 - روي عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إن أبي عليه السلام

ص: 203


1- تقدم الكلام فيه ، واستدل به على خيار التأخير للبايع والحكم مختص بغير الجواري فان المدة فيها شهر كما يأتي.
2- في بعض النسخ « عن زرارة » بدل « عمن رواه » ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 136 باسناده عن الأهوازي عن الحسن بن علي بن فضال ، عن الحسن بن علي بن رباط ، عن رواه.
3- الخبر إلى هنا في التهذيب ، فالباقي من كلام المصنف.
4- روى الشيخ في التهذيب باسناده عن محمد بن أحمد ، عن أبي إسحاق ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى جارية وقال : أجيئك بالثمن ، فقال : ان جاء فيما بينه وبين شهر والا فلا بيع له ».
5- أراد بالعهدة ضمان البايع ، والمستند ما رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 125 والكليني في الكافي بسند فيه ارسال عن أبي عبد اللّه أو أبى الحسن عليهما السلام « في الرجل يشترى الشئ الذي يفسد من يومه ويتركه حتى يأتيه بالثمن ، قال : ان جاء فيما بينه وبين الليل بالثمن والا فلا بيع » ويستفاد منه ان كل ما يفسده المبيت فللبايع الخيار عند انقضاء النهار ، ويمكن أن يقال : ظاهر الخبر يحكم بان المشترى ان جاء بالثمن بين اليوم والليل بحيث لا يتضرر البايع فله والا فالخيار للبايع.
6- مراده من القول صيغة الايجاب والقبول ظاهرا.

اشترى أرضا يقال لها : العريض فلما استوجبها قام فمضى ، فقلت له : يا أبة عجلت بالقيام! فقال : يا بني إني أردت أن يجب البيع » (1).

3772 - وروى أبو أيوب ، عن محمد بن مسلم قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ابتعت أرضا فلما استوجبتها (2) قمت فمشيت خطا ثم رجعت ، أردت أن يجب البيع حين الافتراق ».

باب 381: حكم القبالة المعدلة بين الرجلين بشرط معروف إلى أجل معلوم

* ( حكم القبالة المعدلة (3) بين الرجلين بشرط معروف إلى أجل معلوم

3773 - روي عن سعيد بن يسار (4) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إنا نخالط قوما من أهل السواد وغيرهم فنبيعهم ، ونربح عليهم العشرة اثنى عشر ، والعشرة ثلاثة عشر ، ونؤخر ذلك فيما بيننا وبينهم السنة ونحوها ، فيكتب الرجل لنا بها على داره أو على أرضه بذلك المال الذي فيه الفضل الذي أخذ منا شرى بأنه قد باعه وأخذ الثمن (5) فنعده إن هو جاء بالمال في وقت بيننا وبينه أن نرد عليه الشراء

ص: 204


1- لفظ الخبر في الكافي والتهذيبين هكذا « قال أبو عبد اللّه عليه السلام : ان أبى اشترى أرضا يقال له العريض من رجل وابتاعها من صاحبها بدنانير فقال : أعطيك ورقا بكل دينار عشرة دراهم ، فباعه بها فقام أبى فأتبعته يا أبة لم قمت سريعا؟ فقال : أردت أن يجب البيع ».
2- أي نطقت بالقبول بعد الايجاب.
3- قال في المصباح تقبلت العمل من صاحبه إذا التزمته بعقد ، والقباله اسم المكتوب من ذلك لما يلزمه الانسان من عمل أو دين وغير ذلك ، قال الزمخشري : كل من تقبل بشئ مقاطعة وكتب عليه بذلك كتابا فالكتاب الذي يكتب هو القبالة - بالفتح - والعمل القبالة بالكسر - لأنه صناعة.
4- رواه الكليني ج 5 ص 172 بسند صحيح وطريق المصنف إلى سعيد أيضا صحيح وهو ثقة وله كتاب.
5- أي يجعلون دراهم وأرضهم مبيعا لنا ببيع الشرط بالثمن الذي في ذمتهم من قيمة ما بعناهم من المتاع فيكتبون على ذلك القبالة ( سلطان ) ، وفى بعض النسخ « وفيض الثمن ».

وإن جاءنا الوقت ولم يأتنا بالدراهم فهو لنا فما ترى في الشراء؟ فقال : أرى أنه لك إذا لم يفعل ، وإن جاء بالمال للوقت فترد عليه » (1).

3774 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله رجل وأنا عنده ، فقال : رجل مسلم احتاج إلى بيع داره فجاء إلى أخيه فقال : أبيعك داري هذه فتكون لك أحب إلي من أن تكون لغيرك على أن تشترط لي إن أنا جئتك بثمنها إلى سنة أن تردها علي ، فقال : لا بأس بهذا إن جاء بثمنها إلى سنة ردها عليه ، قلت : فإن كانت فيها غلة كثيرة فأخذ الغلة لم تكون الغلة (2)؟ قال : للمشتري أما ترى أنها لو احترقت لكانت من ماله »؟!.

قال شيخنا محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه - : متى عدلت القبالة بين رجلين عند رجل إلى أجل فكتبا بينهما اتفاقا ليحملهما عليه ، فعلى العدل أن يعمل بما في الاتفاق ولا يتجاوزه ، ولا يحل له أن يؤخر رد ذلك الكتاب على مستحقه في الوقت الذي يستوجبه فيه.

وسمعته - رضي اللّه - عنه يقول : سمعت مشايخنا رضي اللّه عنهم يقولون إن الاتفاقات لا تحمل على الأحكام لأنها إن حملت على الأحكام بطلت ، والمسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب اللّه عزوجل (3) ، ومتى جاء من عليه المال ببعضه في

ص: 205


1- هذه من حيل التخلص من الربا. وقال المولى المجلسي : الخبر يدل على جواز البيع بشرط ويظهر من السؤال انهم كانوا لا يأخذون اجرة المبيع من البايع والمشهور أنها من المشترى بناء على انتقال المبيع قبل انقضاء الخيار ، وقيل إنه لا ينتقل الا بعد زمن الخيار. وقال العلامة المجلسي : لعله يدل على عدم سقوط هذا الخيار بتصرف البايع كما لا يخفى.
2- الغلة : الدخل من كرى دار أو محصول أرض أو أجر غلام.
3- أي ليست الاتفاقات كلها مثل الأحكام الشرعية في اللزوم ووجوب العمل بها أجمع بل يعمل بما هو موافق للكتاب والسنة لا بما هو مخالف لهما ، ويحتمل أن يكون المراد أن الاتفاقات لا يجب جعلها موافقا لمقتضيات الأحكام بأصل الشرع فمقتضى حكم البيع مثلا اللزوم فلو اقتضى الاتفاق في الشرط الخيار والجواز لا يجب العدول عنه إلى مقتضى حكم البيع من اللزوم والا لبطلت رواية المؤمنون عند شروطهم إلى آخره ( سلطان ) وقيل قوله « لا تحمل على الأحكام » يعني الاتفاقات لا تحتاج مثل القضاء والافتاء إلى الامام أو نائبه العام أو الخاص بل يكفي فيها أن يكون على يد رجل عدل لأنها لو احتاجت إليهما كالقضاء بطلت الشروط التي تقع بين المسلمين.

المحل أو قبله وحل الأجل ولم يحمل تمامه (1) ، فعلى العدل أن يصحح المقبوض من المال على قابضه بالاشهاد عليه إن كان مليا ، وإن لم يكن مليا فبالاستيثاق (2) وإن أمره برده على من قبضه منه كان أولى وأبلغ ، وإن ذكر في الاتفاق بينهما غير ذلك حملهما عليه إن شاء اللّه تعالى.

باب 382: البيوع

اشارة

3775 - روى منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه إلا أن توليه (3) ، فإن لم يكن فيه كيل ولا وزن فبعه » يعني أنه يوكل المشتري بقبضه.

3776 - وروى عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته

ص: 206


1- قوله « من عليه المال » أي البايع الشارط ، وقوله « ولم يحمل تمامه » حال والمعنى ان انقضت المدة ولم يجئ بالباقي فقد لزم البيع.
2- « على قابضه » أي على المشترى لئلا ينكر ما دفعه البايع حتى يرده ، والحاصل أنه يجب على العدل أن يشهد عدلين على المشترى بأنه قبض البعض إن كان مليا يعنى ذا مال والا فعليه أن يأخذ الرهن منه ويؤدى إليه بعض الثمن وان رده على البايع حتى يأتي بالجميع ويؤدى إليه القبالة كان أولى وأتم ولا يحتاج إلى الاشهاد والرهن.
3- أي الا أن تبيعه برأس المال فحينئذ جائز قبل القبض ولعل ذلك لما أنه قبل القبض لم يدخل في ملكه فإذا باعه وأخذ الثمن زائدا مما اشتراه فكأنه أعطى ثمنا وأخذ زايدا عليه وهذا مختص باتحاد جنس الثمنين. وفى شرح اللمعة قوله « لا تبعه » حمل على الكراهة جمعا بينه وبين ما دل على الجواز والأقوى التحريم وفاقا للشيخ في المبسوط مدعيا الاجماع و العلامة في التذكرة والارشاد لضعف روايات الجواز.

عن رجل عليه كر من طعام فاشترى كرا (1) من رجل فقال للرجل : انطلق فستوف حقك ، قال : لا بأس به » (2).

3777 - وروى عبد اللّه بن مسكان ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « في رجل ابتاع من رجل طعاما بدراهم فأخذ نصفه ، ثم جاءه بعد ذلك وقد ارتفع الطعام أو نقص ، فقال : إن كان يوم ابتاعه ساعره بكذا وكذا فهو ذاك ، وإن لم يكن ساعره فإنما له سعر يومه (3) ، قال : وقال في الرجل يكون عنده لونان من طعام واحد ، قد شعرهما بشئ ، وأحدهما خير من الاخر فيخلطهما جميعا ثم يبيعهما بسعر واحد ، قال : لا يصلح له أن يفعل يغش به المسلمين حتى يبينه ».

3778 - وروى إسحاق بن عمار ، عن أبي العطارد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « رجل يشتري الطعام فيتغير سعره قبل أن يقبضه ، قال : إني لأحب أن يفي له كما أنه لو كان فيه فضل أخذه ».

3779 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال « لا يصلح للرجل أن يبيع بصاع غير صاع المصر » (4).

3780 - وروي عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله محمد ابن القاسم الحناط فقال : أصلحك اللّه أبيع الطعام من الرجل إلى أجل فأجئ وقد

ص: 207


1- الطريق صحيح وقال الأزهري - الكر - بالضم - : ستون قفيزا والقفيز ثمانية مكاكيك والمكوك بشد الكاف - : صاع ونصف فهو على هذا الحساب اثنا عشر وسقا وكل وسق ستون صاعا.
2- لأنه حوالة وليس ببيع ( م ت ) والخبر رواه الكليني ج 5 ص 179 في مرسل كالموثق وفيه « انطلق فاستوف كرك ».
3- . قال الشيخ حسن - رحمه اللّه - ، هذا يدل على أن المساعرة تكفى في البيع وأنه يصح التصرف مع قصد البيع قبل المساعرة - انتهى. وقال العلامة المجلسي : ويحتمل أن يكون المساعرة كناية عن تحقق البيع موافقا للمشهور ، ويحتمل الاستحباب على تقدير تحقق المساعرة فقط - انتهى ، واعلم أن طريق المصنف إلى ابن مسكان صحيح والخبر إلى هنا رواه الكليني في الحسن كالصحيح في باب والباقي في باب آخر.
4- قال سلطان العلماء : لعل وجهه عدم معلومية صاع غير البلد عند أهل البلد غالبا فيقع التنازع.

تغير الطعام من سعره فيقول : ليس عندي دراهم ، قال : خذ منه بسعر يومه ، قال : أفهم - أصلحك اللّه - إنه طعامي الذي اشتراه مني (1) ، قال : لا تأخذ منه حتى يبيع ويعطيك ، قال : أرغم اللّه أنفي رخص لي فرددت عليه فشدد علي » (2).

3781 - وروى حماد ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري طعاما فيكون أحسن له وأنفق أن يبله (3) من غير أن يلتمس زيادة؟ فقال : إن كان لا يصلحه إلا ذلك ولا ينفقه غيره من غير أن يلتمس فيه الزيادة فلا بأس ، وإن كان إنما يغش به المسلمين فلا يصلح ».

3782 - وروي عن ابن مسكان ، عن إسحاق المدائني قال « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القوم يدخلون السفينة يشترون الطعام فيساومون منه (4) ثم يشتريه رجل منهم فيسألونه فيعطيهم ما يريدون من الطعام ، فيكون صاحب الطعام هو الذي يدفعه إليهم ويقبض الثمن (5) ، قال : لا بأس ما أراهم وقد شاركوه ، فقلت : إن صاحب الطعام يدعو الكيال فيكيله لنا ولنا اجراء فيعتبرونه (6) فيزيد وينقص ، قال : لا

ص: 208


1- « خذ منه بسعر يومه » أي خذ الطعام منه بسعر اليوم ، فقال : انى أعلم أنه طعامي الذي اشتراه ، قال : لا تأخذ منه حتى يبيع ويعطيك ، ويحتمل أن يكون قوله « افهم » بصيغة الامر فلا يخفى ما فيه من سوء الأدب وينبغي ان يحمل النهى على الكراهة.
2- أي رخص لي الإمام عليه السلام أولا حيث أذن بأخذ الطعام عوضا عن الدراهم فجهلت ورددت عليه فأمرني بالصبر حتى يبيع الطعام.
3- النفاق ضد الكساد وأنفق له أي أروج ، وقوله « يبله » أي يرشه بالماء.
4- المساومة : المجاذبة بين البايع والمشترى على السلعة وفضل ثمنها.
5- لعل وجه السؤال توهم بيع ما لم بقبض وحاصله أنهم دخلوا في السفينة جميعا وطلبوا من صاحب الطعام البيع وتكلموا في القيمة ثم اشتراه رجل منهم أصالة أو وكالة أو اشترى جميعا لنفسه وعبارات الخبر بعضها تدل على الوكالة وبعضها على الأصالة ، والجواب على الأول انهم شركاء لتوكيلهم إياه في البيع ، وعلى الثاني انهم بعد البيع شركاء. ( المرآة )
6- أي يكيلونه ثانيا ، وفى بعض النسخ « فيعرونه » وفى الصحاح : عايرت المكائيل والموازين عيارا وعاورت بمعنى ، يقال : عايروا بين مكائيلكم وموازينكم وهو فاعلوا من العيار ، ولا تقل عيروا من باب التفعيل.

بأس ما لم يكن شئ كثير غلط » (1).

3783 - وروي عن خالد بن حجاج الكرخي (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أشتري طعاما إلى أجل مسمى فيطلبه التجار مني عبد ما اشتريته قبل أن أقبضه ، قال : لا بأس أن تبيع إلى أجل كما اشتريته وليس لك أن تدفع أو تقبض (3) ، قلت : فإذا قبضته جعلت فداك فلي أن أدفعه بكيله (4)؟ قال : لا بأس بذلك إذا رضوا ، وقال عليه السلام : كل طعام اشتريته من بيدر أو طسوج فأتى اللّه عزوجل عليه فليس للمشتري إلا رأس ماله (5) ، ومما اشتري من طعام موصوف ولم يسم فيه قرية ولا موضعا فعلى صاحبه أن يؤديه (6) ، قال ، وقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أشتري الطعام من الرجل ثم أبيعه من رجل آخر قبل أن أكتاله فأقول : أبعث وكيلك حتى يشهد كيله إذا قبضته ، قال : لا بأس » (7).

3784 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « في رجل اشترى من رجل طعاما عدلا بكيل معلوم وإن صاحبه قال للمشتري : أبتع

ص: 209


1- سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه.
2- هو مجهول الحال ولم يذكره المصنف في المشيخة وفى التهذيب ج 2 ص 129 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن ابن مسكان عن ابن الحجاج الكرخي.
3- في بعض النسخ « أن تدفع قبل أن تقبض » ويحتمل أنه إشارة إلى بيعه برأس المال فيكون بيعه تولية فيوافق ما سبق من منع بيع ما لم يقبض الا تولية ، ويحتمل أن يكون المراد بقدر الأجل الذي شرط في الشراء فلا يكون إشارة إلى التولية وحينئذ يكون طريق الجمع حمل هذا على بيان الجواز وعدم الحرمة ، وذلك على الكراهة. ( سلطان )
4- أي بكيله الذي أخذته من البايع بدون الكيل والوزن ثانيا.
5- الطسوج - كنتور - : الناحية ، وربع دانق ، معرب ، وقوله « أتى اللّه عليه » أي أهلكه. أي إذا حصلت الآفة في الطعام من قبل اللّه فليس للمشترى الا دراهمه من غير زيادة ولا نقصان لأن المبيع معين وقد تلف فانفسخ ، بخلاف ما يأتي.
6- وذلك لأنه غير معين والذمة باقية.
7- أي حضور المشترى أو وكيله كاف في القبض بالكيل. ( م ت )

مني هذا العدل الاخر بغير كيل فإن فيه ما في الاخر الذي ابتعته ، قال : لا يصلح إلا بكيل (1) ، قال : وما كان من طعام سميت فيه كيلا فإنه لا يصلح مجازفة (2) ، هذا مما يكره من بيع الطعام ».

3785 - وسأل عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه أبا عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يشتري الطعام أشتريه منه بكيله وأصدقه؟ فقال : لا بأس ولكن لا تبعه حتى تكيله » (3).

3786 - وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فضول الكيل والموازين ، فقال : إذا لم يكن تعدى فلا بأس » (4).

3787 - و « سأله جميل عمن اشترى تبن بيدر (5) كل كر بشئ معلوم ويقبض التبن فيبيعه قبل أن يكتال الطعام ، فقال : لا بأس » (6).

ص: 210


1- قوله « ابتع » أي اشتر ، والظاهر أن البايع يقول بالتخمين فلا ينافي ما مر من جواز الاعتماد على قول البايع ، ويمكن حمله على الكراهة كما هو ظاهر الخبر. ( المرآة )
2- لعل في اطلاق المجازفة هنا مسامحة فلا يفيد الا الكراهة فلا ينافي ما سبق. ( سلطان )
3- إذ لابد من العلم في الاخبار ولا يحصل بمجرد السماع من البايع.
4- أي ما لم يتعد حد المسامحة ، قال في الدروس : لو ظهر في المبيع أو الثمن زيادة تتفاوت بها المكائيل والموازين فهي مباحة والا فهي أمانة.
5- في بعض النسخ « سأله جميل عن رجل اشترى » والبيدر : الكدس وهو الموضع الذي يداس في الطعام.
6- قال العلامة المجلسي : هذا مخالف لقواعد الأصحاب من وجهين : الأول من جهة جهالة المبيع لان المراد اما كل كر من التبن أو تبن كل كر من الطعام كما هو الظاهر من قوله : « قبل أن يكتال الطعام » وعلى التقديرين فيه جهالة ، قال في المختلف : قال الشيخ في النهاية : لا بأس أن يشترى الانسان من البيدر كل كر من الطعام تبنه بشئ معلوم وان لم يكل بعد الطعام ، وتبعه ابن حمزة ، وقال ابن إدريس : لا يجوز ذلك لأنه مجهول وقت العقد ، والمعتمد الأول لأنه مشاهد فينتفى الغرر ، ولرواية زرارة ( يعنى الخبر الآتي ظاهرا ) والجهالة ممنوعة إذ من عادة الزراعة قد يعلم مقدار ما يخرج من الكر غالبا - انتهى ، والثاني من جهة البيع قبل القبض فعلى القول بالكراهة لا اشكال وعلى التحريم فلعله لكونه غير موزون أو لكونه غير طعام أو لأنه مقبوض وان لم يكتل الطعام بعد كما هو مصرح به في الخبر.

3788 - وروى جميل ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اشترى من طعام قرية بعينه ، فقال : لا بأس إن خرج فهو له ، وإن لم يخرج كان دينا عليه » (1).

3789 - وروى ابن أبي عمير ، عن الحسن بن عطية قال ، « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت : إنا نشتري الطعام من السفن ثم نكيله فيزيد (2) ، قال : وربما نقص عليكم؟ قلت : نعم ، قال ، فإذا نقص يردون عليكم؟ قلت : لا ، قال ، لا بأس ».

3790 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يشتري الثمرة (3) ثم يبيعها قبل أن يأخذها ، قال : لا بأس به إن وجد بها ربحا فليبع (4). قال : وسئل عليه السلام عن شراء النخل والكرم والثمار ثلاث سنين وأربع. قال : لا بأس به تقول : إن لم يخرج في هذه السنة يخرج في قابل ، وإن اشتريته سنة واحدة فلا تشتره حتى يبلغ (5). قال : وسئل عليه السلام عن الرجل يشتري الثمرة المسماة من الأرض فتهلك ثمرة تلك الأرض كلها فقال : قد اختصموا في ذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فكانوا يذكرون ذلك فلما رآهم لا يدعون الخصومة نهاهم عن ذلك البيع حتى تبلغ الثمرة ولم يحرمه ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم ». (6)

3791 - وروى حماد بن عيسى ، عن ربعي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يبيع الثمرة ثم يستثني كيلا وتمرا (7) ، قال : لا بأس به ، قال : وكان مولى له عنده

ص: 211


1- يحتمل ارجاع الضمير إلى الثمن المفهوم من الكلام ، لا إلى الطعام فلا ينافي ما سبق. ( سلطان )
2- أي الزيادة القليلة المتعارفة باختلاف المكائيل.
3- أي يشترى الثمرة على الشجرة.
4- لأنها ما دام على الشجرة ليست بمكيلة ولا موزونة ، فلا مانع من بيعها قبل القبض.
5- أي حتى يبدو صلاحها.
6- يدل على أن أخبار النهى محمولة على الكراهة ، بل على الارشاد لرفع التنازع.
7- قال المولى المجلسي : الظاهر زيادة الواو وعلى تقديره يمكن أن يكون المراد من قوله « كيلا » قدرا معينا ، وبقوله « تمرا » الإشاعة أو يكون عطفا تفسيريا.

جالسا فقال المولى : إنه ليبيع ويستثني أوساقا - يعني أبا عبد اللّه عليه السلام - قال : فنظر إليه ولم ينكر ذلك من قوله ».

3792 - وروى زرعة ، عن سماعة قال : « سألته عن يبيع الثمرة هل يصلح شراؤها قبل أن يخرج طلعها (1)؟ فقال : لا إلا أن يشتري معها شيئا من غيرها رطبة أو بقلة فيقول : أشتري منك هذه الرطبة وهذا النخل وهذا الشجر (2) بكذا وكذا ، فإن لم تخرج الثمرة كان رأس مال المشتري في الرطبة والبقل. قال : وسألته عن ورق الشجر هل يصلح شراؤه ثلاث خرطات أو أربع خرطات؟ فقال : إذا رأيت الورق في شجرة فاشتر منه ما شئت من خرطة » (3).

3793 - وروى القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى بستانا فيه نخل وشجر منه ما قد أطعم ومنه ما لم يطعم قال : لا بأس به إذا كان فيه ما قد أطعم » (4).

3794 - وروي عن الحسن بن علي بن بنت إلياس (5) قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « هل يجوز بيع النخل إذا حمل؟ قال : لا يجوز بيعه حتى يزهو ، قلت : وما الزهو جعلت فداك؟ قال : يحمر ويصفر ».

3795 - وروي عن يعقوب بن شعيب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت :

ص: 212


1- الطلع ما يطلع من النخل ثم يصير بسرا أو تمرا.
2- قال في المسالك : فيه تنبيه على أن المراد بالظهور ما يشمل خروجه في الطلع وفيه دليل على جواز بيعه عاما مع الضميمة الا أنه مقطوع ، وحال سماعة مشهور. وقال سلطان العلماء : لا يخفى أن هذا بظاهره يشمل البيع عاما واحدا أو أكثر من عام واحد ، والمشهور عدم الجواز عاما واحدا مع الضميمة أيضا قبل الظهور ، وأكثر من عام واحد أيضا على قول الأكثر الا ابن بابويه من غير اشتراط الضميمة على ما نقل عنه.
3- الخرط : انتزاع الورق من الشجر باجتذاب ، والخرطة المرة منه. ( الوافي )
4- في القاموس أطعم النخل : أدرك ثمرها.
5- هو الحسن بن علي الوشاء الممدوح والطريق إليه صحيح.

أعطي الرجل الثمن (1) عشرين دينارا وأقول له : إذا قامت ثمرتك بشئ فهي لي بذلك الثمن إن رضيت أخذت وإن كرهت تركت ، فقال : أما تستطيع أن تعطيه ولا تشترط شيئا ، قلت : جعلت فداك ولا يسمي شيئا واللّه يعلم من نيته ذلك (2) قال : لا يصلح إذا كان من نيته [ ذلك ]. » (3).

3796 - وروي عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقول للرجل : أبتاع لك متاعا والربح بيني وبينك ، قال : لا بأس به ».

3797 - وروي عن ميسر بياع الزطي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إنا نشتري المتاع بنظرة (4) فيجئ الرجل فيقول : بكم تقوم عليك؟ فأقول : تقوم بكذا وكذا فأبيعه بربح؟ قال : إذا بعته مرابحة كان له من النظرة مثل ما لك (5) ، قال فاسترجعت (6) ، وقلت : هلكنا ، فقال : مما؟ قلت : لان ما في الأرض ثوبا

ص: 213


1- مروى في الكافي ج 5 ص 176 في الصحيح عنه عليه السلام وفيه « أعطى الرجل له الثمرة » ولعله تصحيف وما في المتن أظهر وأصوب.
2- أي هو لا يتكلم بالشرط ولكن اللّه عزوجل يعلم أن ذلك مقصوده ، فأنا أتكلم به. ( مراد )
3- يحتمل وجوها : الأول أن يكون المراد به إذا قومت ثمرتك بقيمة فان أردت شراءها أشتري منك ما يوازى هذا الثمن بالقيمة التي قوم بها ، فالنهي لجهالة المبيع أو للبيع قبل ظهور الثمرة أو قبل بدو صلاحها ، فيدل على كراهة اعطاء الثمن بنية الشراء لما لا يصح شراؤه ، الثاني أن يكون الغرض شراء مجموع الثمرة بتلك القيمة ، فيحتمل أن يكون المراد بقيام الثمرة بلوغها حدا يمكن الانتفاع بها ، فالنهي لعدم إرادة البيع أو لعدم الظهور أو بدو الصلاح ، الثالث أن يكون المراد به أنه يقرضه عشرين دينارا بشرط أن يبيعه بعد بلوغ الثمرة بأقل مما يشتريه غيره ، فالمنع منه لأنه في حكم الربا ولعله أظهر ( المرآة ) وقال الفيض - رحمه اللّه - : حاصل مضمون الحديث عدم صلاحية اعطاء الثمن بنية الشراء لما لا يصلح شراؤه بعد ، بل ينبغي أن يعطى قرضا ، فإذا جمع له شرائط الصحة اشترى.
4- أي نسيئة ، والنظرة التأخير في الامر.
5- لان للأجل قسطا من الثمن وقيمة المتاع نقدا غير قيمته نسيئة.
6- الاسترجاع هو أن يقول الانسان : « انا لله وانا إليه راجعون ».

أبيعه مرابحة فيشتري مني ولو وضعت من رأس المال ، حتى أقول : تقوم بكذا وكذا قال : فما رأى ما شق علي قال : أفلا أفتح لك بابا يكون لك فيه فرج؟ [ قلت : بلى ، قال ] : قال : قام علي بكذا وكذا وأبيعك بكذا وكذا ، ولا تقل : بربح » (1).

3798 - وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يقول له الرجل : أشتري منك المتاع على أن تجعل لي في كل ثوب أشتريه به منك كذا وكذا ، وإنما يشتري للناس ويقول : اجعل لي ريحا على أن أشتري منك (2) ، فكرهه ».

3799 - وروي عن بشار بن يسار (3) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبيع المتاع بنساء (4) أيشتريه من صاحبه الذي يبيعه منه؟ قال : نعم لا بأس به ، فقلت له : أشتري متاعي؟ فقال : ليس هو متاعك ولا بقرك ولا غنمك » (5).

3800 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الرجل يبتاع الثوب من السوق لأهله ويأخذه بشرط (6) فيعطى الريح في أهله ، قال : إن رغب في الربح فليوجب الثوب على نفسه (7) ، ولا يجعل في نفسه أن يرد الثوب على

ص: 214


1- لان البيع إذا لم يصرح فيه بالمرابحة لا يكون مرابحة.
2- لعل المراد أن بع ذلك منى على وجه لي أن أربح على المشترى بعد أن آخذ منك الجعل. فيكون لي منك الجعل ومن المشترى الربح. ( مراد )
3- هو ثقة لكن الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان ، ومروي في الكافي ج 5 ص 208 بسندين أحدهما موثق والاخر صحيح كما في التهذيب أيضا.
4- النساء والنسيئة اسمان بمعنى التأخير.
5- هو ما يقال له العينة ، وإنما توهم الراوي عدم الجواز بسبب أنه يشترى متاع نفسه وأجابه عليه السلام بأنه ليس في هذا الوقت متاعه بل صار ملكا للمشترى بالبيع الأول.( المرآة )
6- أي بشرط أن يرده ان لم يقبله أهله.
7- أي ان أراد أن يبيعه مرابحة فعليه أن يوجب البيع على نفسه.

صاحبه إن رد عليه » (1).

3801 - وروى ابن مسكان ، عن عيسى بن أبي منصور قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القوم يشترون الجراب الهروي ، أو الكروي ، أو المروزي ، أو القوهي (2) فيشتري الرجل منهم (3) عشرة أثواب يشترط عليه خياره (4) كل ثوب خمسة دراهم أو أقل أو أكثر ، فقال : ما أحب هذا البيع ، أرأيت إن لم يجد فيه خيارا غير خمسة أثواب ووجد بقيته سواء؟! فقال له إسماعيل ابنه : إنهم قد اشترطوا عليه أن يأخذ منه عشرة أثواب فردد عليه مرارا ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : إنما اشترط عليهم أن يأخذ خيارها أرأيت إن لم يجد إلا خمسة ووجد بقيته سواء؟! ثم قال : ما أحب هذا البيع » (5).

3802 - وروى أبو الصباح الكناني ، وسماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الرجل يحمل المتاع لأهل السوق ، وقد قوموا عليه قيمة فيقولون : بع فما

ص: 215


1- « لا يجعل في نفسه » يعنى لا ينوى في نفسه ان لم يجد له المشترى أن يفسخ البيع ويرده على صاحبه لأنه بعرضه على البيع قد أسقط خياره. ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 125 عن زيد الشحام وفيه يدل « فيعطى الربح في أهله » « فيعطى به ربحا ».
2- الجراب : ما يوضع فيه المتاع ، والهروي نسبة إلى هرات بلد مشهور بكورة خراسان ، واليوم من أعمال أفغانستان ، والكروى نسبة إلى كروان - كرمضان - قرية بطوس ، والمروزي نسبة إلى مر والشاهجان وهي أشهر مدن خراسان ، والقوهى نسبة إلى قوهاء ( قهستان ) كورة بين نيشابور وهرات ، قصبتها قائن وطبرس. وفى بعض النسخ « القهوى » وفى بعضها « التهوى » وفى بعضها « التوهى » وفى القاموس القوهى ثياب بيض.
3- في الكافي « منه ».
4- أي يشترط المشترى على البايع أن يأخذ جياده وأحسنه.
5- فيه اشكالان الأول من جهة عدم تعين المبيع وظاهر بعض الأصحاب والاخبار كهذا الخبر جواز ذلك ، والثاني من جهة اشتراط ما لا يعلم تحققه في جملة ما أبهم فيه المبيع وظاهر الخبر أن المنع من هذه الجهة ، ومقتضى قواعد الأصحاب أيضا ذلك ، ولعل غرض إسماعيل أنه إذا تعذر الوصف يأخذ من غير الخيار ذا هلا عن أن ذلك لا يرفع الجهالة ، وكونه مظنة النزاع الباعثين للمنع. ( المرآة )

ازددت فلك ، قال : لا بأس بذلك ولكن لا يبيعهم مرابحة » (1).

3803 - وروى عبيد اللّه بن علي الحلبي ، ومحمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قدم لأبي عبد اللّه عليه السلام (2) متاع من مصر فصنع طعاما ودعا له التجار فقالوا : نأخذه بده دوازده ، فقال : وكم يكون ذلك؟ فقالوا : في كل عشرة آلاف ألفين قال : فإني أبيعكم هذا المتاع باثني عشر ألفا » (3)

3804 - وروى العلا ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام « في الرجل يشتري المتاع جميعا بثمن ، ثم يقوم كل ثوب بما يسوى (4) حتى يقع على رأس ماله (5) يبيعه مرابحة ثوبا؟ قال : لا حتى يبين له أنه إنما قومه » (6).

3805 - وروي عن عمر بن يزيد قال : « بعت بالمدينة جرابا هرويا كل ثوب بكذا وكذا ، فأخذوه فاقتسموه ثم وجدوا بثوب فيها عيبا فردوه علي ، فقلت لهم : أعطيكم ثمنه الذي بعتكم به ، فقالوا : لا ولكنا نأخذ قيمته منك ، فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال : يلزمهم ذلك » (7).

ص: 216


1- يدل على جواز الجعالة للدلال والجهالة في الجعل وعدم جواز المرابحة فيما لم يشتر لأنها موقوفة على الاخبار برأس المال الذي اشتراه به.
2- كذا وهكذا في التهذيب والصواب « قدم لأبي عليه السلام متاع » كما في الكافي ج 5 ص 197.
3- زاد في الكافي « فباعهم مساومة » وقال المولى المجلسي : الظاهر أنه عليه السلام أراد أن لا يبيعهم مرابحة بل أراد مساومة لكراهة البيع مرابحة كما يظهر من أخبار أخر - انتهى ، وقال الفاضل التفرشي : فيه دلالة على صحة الايجاب بلفظ المضارع.
4- أي يبسط الثمن على عدد الأثواب حتى لا يكون كاذبا في الاخبار عن رأس المال.
5- أي بلغ قيمة الجميع تمام رأس المال فيكون في قبال كل ثوب قسط من الثمن.
6- هذه الصحيحة تدل على ما هو المشهور من عدم جواز بيع بعض ما اشتراة صفقة مرابحة الا مع الأخيار بالحال ، وجوزه ابن الجنيد وابن البراج على ما في المحكى عنهما - فيما لا تفاضل فيه كالمعدود والمتساوي ولعل الخبر لا يشمل هذا الفرد.
7- أي يلزم المشترى أن يأخذ الثمن لا القيمة لأنه كان للمشترى أن يفسخ الكل أو يرضى بالمعيب لئلا يلزم تبعض الصفقة فلما رضى البايع بفسخ المعيب فقط بعد رضى المشترى به انفسخ العقد في الثوب المعيب فلزم أن يرجع بثمنه ويظهر الفائدة فيما لو كان الثمن أقل من القيمة للبايع أو أكثر للمشترى. ( م ت )

3806 - وفي رواية جميل بن دراج ، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام « في الرجل يشتري الثوب من الرجل أو المتاع فيجد به عيبا ، قال : إن كان الثوب قائما بعينه رده على صاحبه وأخذ الثمن ، وإن كان خاط الثوب أو صبغه أو قطعه رجع بنقصان العيب » (1).

3807 - وروى أبان ، عن منصور (2) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى بيعا ليس فيه كيل ولا وزن أله أن يبيعه مرابحة قبل أن يقبضه ويأخذ ربحه؟ قال : لا بأس بذلك ما لم يكن فيه كيل ولا وزن فإن هو قبضه فهو أبرأ لنفسه » (3).

3808 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوم اشتروا بزا (4) فاشتركوا فيه جميعا ولم يقتسموه أيصلح لاحد منهم بيع بزه قبل أن يقبضه؟ قال : لا بأس به ، وقال : إن هذا ليس بمنزلة الطعام لان الطعام يكال ».

3809 - وروى حماد ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى ثوبا ثم رده على صاحبه فأبي أن يقيله إلا بوضيعة ، قال : لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة (5) ، فإن جهل فأخذه فباعه بأكثر من ثمنه رد على صاحبه الأول

ص: 217


1- يدل على أن التصرف يمنع الرد دون الأرش.
2- المراد بأبان أبان بن عثمان والطريق إليه صحيح وهو مقبول الرواية والمراد بمنصور منصور بن حازم وهو ثقة ، ورواه الشيخ في التهذيب في الصحيح.
3- يدل على جواز البيع قبل القبض في غير المكيل والموزون.
4- البز : الثياب أو متاع البيت من الثياب وغيرها. ( القاموس )
5- لان الإقالة فسخ البيع ومع الفسخ يرجع الثمن بتمامه إلى المشترى والمبيع إلى البايع ( م ت ) وفى بعض النسخ « وقال : لا يصلح له الا أن يأخذه بوضيعة » وقال سلطان العلماء لو صحت هذه النسخة يمكن توجيهها بجعل هذا القول أي « الا أن يأخذه بوضعية » ناعلا لقوله « لا يصلح » لا استثناء منه فتأمل.

ما زاد » (1).

3810 - وروي عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن بيع الغزل بالثياب المنسوجة والغزل أكثر وزنا من الثياب ، قال : لا بأس » (2).

3811 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد عن أبي عبد اللّه عليه السلام : وغيره عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا بأس بأجر السمسار (3) إنما هو يشتري للناس يوما بعد يوم بشئ مسمى (4) ، إنما هو مثل الأجير ».

3812 - قال : وسألته (5) « عن السمسار يشتري بالاجر فيدفع إليه الورق (6) ويشترط عليه أنك ما تشتري فما شئت أخذته وما شئت تركته ، فيذهب فيشتري ثم يأتي بالمتاع فيقول : خذ ما رضيت ودع ما كرهت ، فقال : لا بأس ».

[ شراء الرقيق وأحكامه ]

[ شراء الرقيق وأحكامه ] (7)

3813 - وروي عن معاوية بن عمار (8) قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول :

ص: 218


1- يعنى ان جهل البايع الحكم المسألة فأخذه من المشترى بالوضيعة وهي فسخ باطل ثم باعه بأكثر من ثمنه كان الزيادة من مال المشترى فيجب أن يرد عليه لان الفسخ لم يقع.
2- لان الغزل وإن كان موزونا لكن الثوب المنسوج ليس موزونا ( مراد ) أقول : ذكر الخبر في باب الربا المعاملي أنسب.
3- السمسار هو القيم بالامر الحافظ له ، فهو في البيع اسم للذي يدخل بين البايع والمشترى متوسطا لامضاء البيع ، والسمسرة البيع والشراء.
4- أي يعمل عملا يستحق الأجرة والجعل بإزائه أو المعنى أنه لابد من توسطه بين البايع والمشترى لاطلاعه بكثرة المزاولة. ( المرآة )
5- كذا ورواه الكليني ج 5 ص 196 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 133 بسند موثق عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
6- المراد بالورق الدراهم المضروبة ، وقوله « يشترى بالاجر » الظاهر أنه يشترى المتاع ثم يبيعهم ان شاؤوا بربح وهذا الربح هو الذي عبر عنه بالاجر مجازا ، وقيل : يحتمل أن يكون المراد أنه يشترى وكالة عن المشترى ويشترط الخيار ويأخذ الاجر للشراء.
7- العنوان زيادة منا.
8- رواه الكليني في الكافي في الصحيح ج 5 ص 218.

اتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بسبي من اليمن فلما بلغوا الجحفة نفدت نفقاتهم فباعوا جارية كانت أمها معهم فلما قدموا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله سمع بكاءها فقال ، ما هذه؟ فقالوا : يا رسول اللّه احتجنا إلى نفقة فبعنا ابنتها ، فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فاتى بها ، وقال : بيعوهما جميعا أو أمسكوهما جميعا ».

3814 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السلام عن الأخوين المملوكين هل يفرق بينهما؟ وبين المرأة وولدها؟ فقال : لا هو حرام إلا أن يريدوا ذلك » (1).

3815 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجل اشترى جارية بثمن مسمى ثم باعها فربح فيها قبل أن ينقد صاحبها الذي كانت له ، فأتى صاحبها يتقاضاه ، فقال : صاحب الجارية للذين باعهم اكفوني غريمي هذا والذي ربحت عليكم فهو لكم ، فقال : لا بأس » (2).

3816 - وقال عليه السلام (3) في رجل اشترى دابة ولم يكن عنده ثمنها فأتى رجلا من أصحابه فقال : يا فلان أنقد عني والربح بيني وبينك (4) فنقد عنه ، فنفقت

ص: 219


1- قال في الدروس : اختلف في التفريق بين الأطفال وأمهاتهم إلى سبع سنين وقيل إلى بلوغ سنتين ، وقيل إلى بلوغ مدة الرضاع ففي رواية سماعة يحرم الا برضاهم ، وأطلق المفيد والشيخ ني الخلاف والمبسوط التحريم وفساد البيع ، وهو ظاهر الاخبار.
2- قال سلطان العلماء : لعله باعها إلى أجل بالربح ولذا يسقط الربح لاعطاء غريمه حالا والا لا حاجة إليه. وقال العلامة المجلسي : الظاهر أنه باعهم المشترى بأجل فلما طلب البايع الأول منه الثمن حط عن الثمن بقدر ما ربح ليعطوه قبل الأجل ، وهذا جائز كما صرح به الأصحاب وورد في غيره من الاخبار - انتهى ، وقال المولى المجلسي : الخبر يدل على جواز البيع قبل أداء الثمن وعلى جواز نقص الثمن المؤجل ليؤديه حالا.
3- من تتمة كلام الحلبي فيكون صحيحا ، وفى أكثر النسخ « وسئل عليه السلام » وما في المتن موافق لما في التهذيب حيث رواه في الصحيح عن الحلبي.
4- أي حتى أكون شريكا لك فيكون نصف الثمن قرضا عليه فمع التلف يكون الثمن عليهما. ( م ت )

الدابة (1) قال : الثمن عليهما لأنه لو كان ربح كان بينهما ».

3817 - وقال عليه السلام (2) « في الرجل يبيع المملوك ويشترط عليه أن يجعل له شيئا (3) قال : يجوز ».

3818 - وروى يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : « من باع عبدا وكان للعبد مال فالمال للبائع إلا أن يشترط المبتاع ، أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بذلك ».

3819 - وفي رواية جميل بن دراج ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « الرجل يشتري المملوك لمن ماله؟ فقال : إن كان علم البائع أن له مالا فهو للمشتري وإن لم يكن علم فهو للبائع ». (4) قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذان الحديثان متفقان وليسا بمختلفين وذلك أن من باع مملوكا واشترط المشتري ماله فإن لم يعلم البائع به فالمال للمشتري ومتى لم يشترط المشتري ماله ولم يعلم البائع له أن مالا فالمال للبائع ، ومتى علم البائع أن له مالا ولم يستثن به عند البيع فالمال للمشتري.

3820 - وروي عن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يشتري المملوك وماله؟ فقال : لا بأس ، قلت : فيكون مال المملوك أكثر مما اشتراه به ، فقال : لا باس ». (5)

ص: 220


1- نفقت الدابة : هلكت.
2- من تتمة خبر الحلبي أيضا كما هو ظاهر التهذيب فيكون صحيحا.
3- أي يشترط على البايع أن يجعل للمملوك شيئا من فاضل الضربية وغيرها ( مراد ) فيدل على أن العبد يملك فاضل الضريبة ونحوها.
4- تقدم نحوه في باب العتق وأحكامه عن زرارة أيضا.
5- رواه الكليني بسند فيه علي بن حديد وضعفه الشيخ في كتابي الاخبار. وقال العلامة المجلسي : حمل الخبر على ما إذا كانا مختلفين في الجنص. ويمكن أن يقال به على اطلاقه لعدم كونه مقصودا بالذات أو باعتبار أن المملوك يملكه - انتهى ، أقول : وينبغي أن يحمل على أن مال المملوك كان من غير النقدين متاعا أو شيئا مما لا يرغب فيه البايع ، والا فالبيع يكون سفهيا.

3821 - وروى أبان ، عن إسماعيل بن الفضل قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شراء مملوك أهل الذمة ، فقال : إذا أقروا لهم بذلك فاشتر وانكح ». (1)

3822 - وروي عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يشتري الجارية فيقع عليها فيجدها حبلى ، فقال : يردها ويرد معها شيئا » (2).

3823 - وفي رواية عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام « يردها ويرد نصف عشر ثمنها إذا كانت حبلى ». (3)

3824 - وفي رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « يردها ويكسوها ». (4)

3825 - وروى محمد بن ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان علي عليه السلام لا يرد الجارية بعيب إذا وطئت ولكن يرجع بقيمة العيب ، وكان علي عليه السلام يقول : معاذ اللّه أن أجعل لها أجرا ».

ص: 221


1- قوله : « إذا أقروا » يمكن أن يكون المراد ثبوت اليد اما بالاقرار أو بالشراء أو بالتصرفات الدالة على الملكية فلا يختص الحكم بأهل الذمة ، ويكون ذكر الاقرار على المثال ، ويحتمل أن يكون الحكم مختصا بهم كما هو الظاهر فلا يكفي فيهم مجرد اليد ، بل لابد من الاقرار بخلاف المسلمين فان فعالهم محمولة على الصحة لكن لم نر قائلا بالفرق الا ما يظهر من كلام يحيى بن سعيد في الجامع حيث خص الحكم بهم تبعا للرواية ، ويمكن حمله على الاستحباب ، وقال في التحرير : يجوز شراء المماليك من الكفار إذا أقروا لهم بالعبودية أو قامت لهم البينة بذلك أو كانت أيديهم عليهم. ( المرآة )
2- رواه الكليني ج 5 ص 215 بسند مرسل كالموثق. وحمل الشيخ « الشئ » في الاستبصار ج 3 ص 81 على نصف عشر ثمنها كما في خبر عبد الملك الآتي. وقال العلامة المجلسي : ويمكن حملها على ما إذا رضى البائع بها.
3- لفظ الخبر كما في الكافي والتهذيبين « ترد الحبلى وترد معها نصف عشر قيمتها » والسند حسن كالصحيح.
4- في الكافي ج 5 ص 215 في المرسل كالموثق « في الرجل يشترى الجارية الحبلى فينكحها وهو لا يعلم ، قال : يردها ويكسوها ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني التي ليست بحبلى ، فأما الحبلى فإنها ترد.

3826 - وروي عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : « رجل يدل الرجل على السلعة ويقول : اشترها ولي نصفها فيشتريها الرجل وينقد من ماله قال : له نصف الربح ، قلت : فإن وضع لحقه من الوضيعة شئ؟ فقال : نعم عليه الوضيعة كما يأخذ الربح ».

3827 - وروي عن حمزة بن حمران قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أدخل السوق أريد أن أشتري جارية فتقول : إني حرة ، قال : اشترها إلا أن تكون لها بينة » (1).

3828 - وسأله العيص بن القاسم « عن مملوك (2) ادعى أنه حر ولم يأت ببينة على ذلك أشتريه؟ قال : نعم ».

3829 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في وليدة باعها ابن سيدها وأبوه غائب ، فتسراها الذي اشتراها فولدت منه غلاما ، ثم جاء سيدها الأول يخاصم سيدها الاخر ، فقال : وليدتي باعها ابني بغير إذني قال : الحكم أن يأخذ وليدته وابنها (3) فيناشده الذي اشتراها (4) ، فقال له : خذ ابنه الذي باعك وتقول : لا واللّه لا ارسل ابنك حتى ترسل ابني (5) ، فلما رأى ذلك سيد

ص: 222


1- ينبغي حمله على ما إذا كانت الجارية مشهورة بالرقبة ، أو كان قولها ذلك بعد الاشتراء واطلاعها عليه وسكوتها فمعنى « اشترها » امض الشراء ولا تقدم بالرد بمجرد ذلك. ( مراد )
2- أي مملوك مشهور بالمملوكية وهو في يد صاحبه ، وفى المحكى عن يحيى بن سعيد في الجامع أنه لا تقبل دعوى الرقيق الحرية في السوق الا ببينة.
3- أما الأمة فلكونها ملكه وأما الابن فلكونه حاصل ملكه ولم يأذن في الوطي.
4- أي قال المشترى واللّه انى مظلوم وما كنت أعلم الواقعة.
5- في الكافي « فقال له خذ ابنه الذي باعك الوليدة حتى ينفذ لك البيع ، فلما أخذه قال له أبوه : أرسل ابني ، قال : لا واللّه لا أرسل إليك ابنك حتى ترسل ابني - الخ ».

الوليدة أجاز بيع ابنه » (1).

3830 - وروي عن ابن سنان (2) قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يشتري الغلام أو الجارية وله أخ أو أخت أو أب أو أم بمصر من الأمصار ، قال : لا يخرجه من مصر إلى مصر آخر إن كان صغيرا ، ولا يشتريه ، فإن كانت له أم فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت ».

[ بيع العدد والمجازفة والشئ المبهم ]

[ بيع العدد والمجازفة والشئ المبهم ] (3)

3831 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه سئل عن الجوز لا نستطيع أن نعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه ، ثم يكال ما بقي على حساب ذلك من العدد (4)؟ قال : لا بأس [ به ] ».

3832 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح بيعه مجازفة ، هذا مما يكره من بيع الطعام » (5).

3833 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج (6) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يشتري المبيع بالدرهم وهو ينقص الحبة ونحو ذلك ، أيعطيه الذي يشتري منه ولا يعلمه أنه ينقص؟ قال : لا إلا أن يكون مثل هذه الوضاحية (7) يجوز

ص: 223


1- قال. سلطان العلماء : ظاهر الخبر يدل على صحة بيع الفضولي وأنه يصح بالإجازة الا أن الظاهر هنا فسخ السيد قبل الإجازة ومن قال بصحة الفضولي لم يقل في مثل هذه الصورة ، ويحتمل أن المراد تجديد بيعه - انتهى ، أقول : لعل الإمام عليه السلام علم أن السيد أذن في شراء العبد سابقا فأجرى بهذا العمل حكم اللّه تعالى موافقا لعلمه كما كان في أكثر قضاياه صلوات اللّه وسلامه عليه.
2- يعنى عبد اللّه بن سنان ، رواه الكليني في الصحيح عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل.
4- الغالب أنه حينئذ يزيد أو ينقص لكن اغتفر هذه الجهالة. ( م ت )
5- الكراهة هنا محمولة على الحرمة كما هو المشهور بين الأصحاب. ( المرآة )
6- الطريق إليه صحيح ورواه الشيخ أيضا في الصحيح.
7- أي ذلك الناقص مثل هذه الوضاحية وهي الصحيحة الرائجة من الدراهم.

كما يجوز عندنا عددا » (1) ..

3834 - وسأله سماعة « عن اللبن يشتري وهو في الضروع؟ فقال : لا إلا أن يحلب لك منه سكرجة (2) فتقول : اشتري منك (3) هذا اللبن الذي في السكرجة و ما في ضروعها بثمن مسمى ، فإن لم يكن في الضروع شئ كان فيما في السكرجة » (4).

3835 - وروى أبان ، عن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال ، « سألته عن الرجل يتقبل خراج الرجال رؤوسهم وخراج النخل والشجر (5) و

ص: 224


1- أي كما يعتبر الوزن في زماننا ويكون العدد رائجا تم وزنه أو نقص. وقال الفاضل التفرشي : لعل الوضاحية مأخوذة من الوضح بمعنى الدرهم الصحيح ومعنى يجوز : يدور بين - الناس يؤخذ ويعطى ، والظاهر أن « عددا » تمير. وكان في ذلك الزمان كان يجوز بين الناس درهم ينظر إلى عدده دون وزنه فلا يلتفت إليه لقلة التفاوت.
2- السكرجة - بضم السين والكاف وتشديد الراء - : انا صغير يؤكل فيه فارسية.
3- مروى في الكافي بسند موثق وفيه « اشتر منى هذا اللبن الذي - الخ ».
4- يدل على جواز بيع المجهول إذا انضم إلى معلوم ، وعلى جواز بيع اللبن بلا كيل ولا وزن الا أن يحمل على وزن الحليب أو كيله. ( م ت )
5- طريق المصنف إلى أبان وهو ابن عثمان صحيح كما في الخلاصة وهو موثق وإسماعيل ابن الفضل ثقة والخبر مروى في الكافي ج 5 ص 195 والتهذيب ج 2 ص 152 بسند مرسل كالموثق لما فيهما عن الحسن بن محمد بن سماعة عن غير واحد جميعا عن أبان ، وقال الشيخ في النهاية في باب بيع الغرر والمجازفة : لا بأس أن يشترى الانسان أو يتقبل بشئ معلوم ، جزية رؤوس أهل الذمة ، وخراج الأرضين ، وثمرة الأشجار ، وما في الآجام من السموك إذا كان قد أدرك شئ من هذه الأجناس ، وكان البيع في عقد واحد ، ولا يجوز ذلك ما لم يدرك منه شئ على حال ، وقال ابن إدريس لا يجوز ذلك لأنه مجهول : وقال العلامة بعد نقل ذلك : أن الشيخ عول على رواية إسماعيل بن الفضل وهي ضعيفة مع أنها محمولة على أنه يجوز شراء ما أدرك ومقتضى اللفظ ذلك من حيث عود الضمير إلى الأقرب ، على أنا نقول ليس هذا بيعا في الحقيقة وإنما هو نوع مراضاة غير لازمة ولا محرمة - انتهى ، وقال العلامة المجلسي : الأظهر أن القبالة عقد آخر أعم موردا من سائر العقود ونقل عن الشهيد الثاني - رحمه اللّه - أنه قال : ظاهر الأصحاب أن للقبالة حكما خاصا زائدا على البيع والصلح بكون الثمن والمثمن واحدا وعدم ثبوت الربا فيها ، وفى الدروس أنها نوع صلح.

الآجام والمصائد والسمك والطير وهو لا يدري لعل هذا لا يكون أبدا أو يكون أيشتريه؟ وفي أي زمان يشتريه ويتقبل منه (1) فقال : إذا علمت أن من ذلك شيئا واحدا قد أدرك فاشتره وتقبل به ».

3836 - وروى زرعة ، عن سماعة بن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يشتري العبد وهو آبق عن أهله ، قال : لا يصلح له إلا أن يشتري معه شيئا آخر ، ويقول : أشتري منك هذا الشئ وعبدك بكذا وكذا فإن لم يقدر على العبد كان الثمن الذي نقده فيما اشترى منه » (2).

3837 - وروي عن يعقوب بن شعيب (3) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون لي عليه أحمال بكيل مسمى فبعث إلي بأحمال منها أقل من الكيل الذي لي عليه فاخذها مجازفة؟ فقال : لا بأس (4) به. قال : وسألته عن الرجل يكون له على الاخر مائة كر تمرا وله نخل فيأتيه فيقول : أعطني نخلك (5) هذا بما عليك ، فكأنه كرهه (6) ، قال : وسألته عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول أحدهما لصاحبه : اختر إما أن تأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيلا مسمى وتعطيني نصف

ص: 225


1- « جزية رؤوسهم - الخ » أي خراج أهل الذمة للأرض أو جزية رؤوسهم ، والآجام جمع أجم - بضم الهمزة - هو الشجر الملتف.
2- في بعض النسخ « يتقبل به ».
3- مروى في الكافي ج 5 ص 209 في الموثق وعليه عمل الأصحاب.
4- الطريق إلى يعقوب بن شعيب صحيح وهو ثقة وروى السؤال الأول الشيخ في التهذيبين بسند صحيح ، والسؤالان الأخيران مرويان في الكافي في الصحيح.
5- لعل وجهه أن هذا وفاء للقرض لا بيع حتى لا يصح مجازفة ، مع أن المأخوذ أقل من الطلب. ( سلطان ) 5. أي اعطني ثمرة نخلك.
6- لأن الظاهر أنه يبيع ثمرة النخل بالتمر الذي هو في ذمته ويحتمل الزيادة والنقصان بل احتمال المساواة بعيد جدا وليس بحرام لان ثمرة النخل ما دامت على الشجرة ليس بمكيل ولا موزون فكأنه باع غير الموزون به وهو جائز لكنه لما كان شبيها بالربا كره ذلك. ( م ت )

هذا الكيل زاد أو نقص ، وإما أن آخذه أنا بذلك ، قال : لا بأس به (1).

3838 - وروى جميل ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اشترى تبن بيدر قبل أن يداس ، تبن كل كر بشئ معلوم ، فيأخذ التبن ويبيعه قبل أن يكال الطعام؟ قال : لا بأس [ به ] » (2).

3839 - وروي عن عبد الملك بن عمرو قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أشتري مائة راوية من زيت وأعترض رواية أو اثنتين وأتزنهما ثم آخذ سايره (3) على قدر ذلك ، فقال : لا بأس ».

3840 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يكون له الدين ومعه رهن أيشتريه؟ قال : نعم » (4).

3841 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح مجازفة » (5).

3842 - وروي عن داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان معي

ص: 226


1- قال في الشرايع : إذا كان بين اثنين نخل أو شجر فتقبل أحدهما بحصة صاحبه بشئ معلوم كان جائزا ، وقال في المسالك : هذه القبالة عقد مخصوص مستثناة من المزابنة والمحاقلة معا. والأصل رواية ابن شعيب ولا دلالة فيها على ايقاعها بلفظ التقبيل - انتهى ، أقول : المزابنة بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر والمحاقلة بيع الزرع قبل بدو الصلاح أو بيعه في سنبله بالحنطة ، كذا في اللغة ولكن في الحديث المحاقلة بيع النخل بالتمر ، والمزابنة بيع الزرع بالحنطة ، خلاف ما في اللغة. والخبر في الكافي ج 5 ص 192.
2- تقدم تحت رقم 3784 عن جميل عنه عليه السلام بأدنى تغيير في اللفظ.
3- مروى في الكافي والتهذيب في الصحيح وفى الأخير « ثم آخذ سايرها » وهو الصواب وتقدم القول فيه.
4- قوله « أيشتريه » يدل على أنه يجوز أن يشترى المرتهن المرهون كما هو المشهور بين الأصحاب وقال في المسالك : موضع الشبهة ما لو كان وكيلا في البيع فإنه يجوز أن يتولى طرفي العقد ، وربما قيل بالمنع ومنع ابن الجنيد من بيعه على نفسه وولده وشريكه ونحوهم لتطرق التهمة ، والخبر مروى في الكافي في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
5- تقدم آنفا مع زيادة تحت رقم 3829.

جرابان من مسك أحدهما رطب والاخر يابس فبدأت بالرطب فبعته ثم أخذت اليابس أبيعه فإذا أنا لا أعطى باليابس الثمن الذي يسوى ولا يزيدوني على ثمن الرطب فسألته عن ذلك أيصلح لي أن انديه؟ (1) قال : لا إلا أن تعلمهم ، قال : فنديته ثم أعلمتهم ، قال : لا بأس به إذا أعلمتهم ».

3843 - وروي عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ولد الزنا أيباع ويشترى ويستخدم؟ قال : نعم قلت : فيستنكح؟ قال : نعم ولا تطلب ولدها » (2).

3844 - وسأله سماعة « عن شراء الخيانة والسرقة ، قال : « إذا عرفت أنه كذلك فلا ، إلا أن يكون شيئا تشتريه من العمال » (3).

باب 383: المضاربة

[ باب المضاربة ] (4)

3845 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المضاربة يعطى الرجل المال فيخرج به إلى أرض وينهى أن يخرج به إلى أرض غيرها ، فعصى وخرج إلى أرض أخرى فعطب المال (5) ، فقال : هو ضامن ، و إن سلم وربح (6) فالربح بينهما ».

ص: 227


1- أي أبله - بشد اللام - والندى البلل.
2- أي تعزل قرب الانزال ، والنهى تنزيهي.
3- الظاهر أن الاستثناء منقطع وإنما استثنى عليه السلام ذلك لأنه كالسرقة والخيانة من حيث إنه ليس لهم أخذه ، وعلى هذا لا يبعد أن يكون الاستثناء متصلا. ( المرآة )
4- المضاربة مفاعلة من الضرب في الأرض والسير فيها للتجارة ، وهي أن يدفع الشخص إلى غيره مالا من أحد النقدين المسكوكين ليتصرف في ذلك بالبيع والشراء على أن له حصة معينة من ريحه.
5- عطب الشئ أي تلف أو هلك.
6- أي في صورة المخالفة فالربح حينئذ بينهما على ما شرطاه. قال في النافع : ولو أمر بالسفر إلى جهة فقصد غيرها ضمن ولو ربح كان بينهما بمقتضى الشرط ، وقال في الروضة ان خالف ما عين له ضمن المال لكن لو ربح كان بينهما للأخبار الصحيحة ولولاها لكان التصرف باطلا أو موقوفا على الإجازة.

3846 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن أمير المؤمنين عليه السلام قال : من ضمن تاجرا فليس له إلا رأس المال (1) وليس له من الربح شئ ».

3847 - وروي عن محمد بن قيس (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم ، قال ، يقوم فإن زاد درهما واحدا أعتق واستسعى في مال الرجل » (3).

3848 - وروى السكوني عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قال علي عليه السلام في رجل يكون له مال على رجل فيتقاضاه ولا يكون عنده ما يقضيه فيقول : هو عندك مضاربة ، قال ، لا يصلح حتى يقبضه منه » (4).

ص: 228


1- ذلك لان بعد ما شرط عليه الضمان يخرج عن كونه مضاربة ويصير قرضا ، فليس له حينئذ الا رأس ماله.
2- كذا في نسخ الفقيه والتهذيب لكن في الكافي عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام وهو الصواب لان له كتابا رواه ابن أبي عمير كما نص عليه الشيخ والنجاشي مضافا إلى أن محمد بن قيس يروى عن أبي جعفر عليه السلام ، ولعل التصحيف من النساخ للتشابه الخطى بين كتابة قيس وميسر.
3- قوله عليه السلام « فان زاد » المشهور بين الأصحاب أنه يجوز له أن يشترى أباه فان ظهر فيه ربح حال الشراء أو بعده انعتق نصيبه لاختياره السبب ويسعى المعتق في الباقي وإن كان الولد موسرا لاطلاق هذه الرواية وقيل يسرى على العامل مع يساره ، وحملت الرواية على اعساره ، وربما فرق بين ظهور الربح حالة الشراء وتجدده فيسرى في الأول دون الثاني ، ويمكن حمل الرواية عليه أيضا ، وفى وجه ثالث بطلان البيع لأنه مناف لمقصود القراض هذا ما ذكره الأصحاب ، ويمكن القول بالفرق بين علم العامل بكونه أباه وعدمه فيسرى عليه في الأول لاختياره السبب عمدا دون الثاني الذي هو المفروض في الرواية لكن لم أربه قائلا. ( المرآة )
4- يدل على عدم جواز ايقاع المضاربة على ما في الذمة ، ولا يدل على لزوم كونه نقدا مسكوكا ، لكن نقل في التذكرة الاجماع على اشتراط كون مال المضاربة عينا وأن يكون دراهم أو دنانير ، وتردد المحقق في الشرايع في غير المسكوك ، قال الشهيد الثاني في الشرح لا نعلم قائلا بجوازه ، لكن اعترف بعدم النص والدليل سوى الاجماع.

3849 - وقال علي عليه السلام (1) : « المضارب ما أنفق في سفره فهو من جمع المال فإذا قدم بلدته فما أنفق فهو من نصيبه ».

3850 - وكان علي عليه السلام (2) يقول : « من يموت وعنده مال المضاربة إنه إن سماه بعينه قبل موته فقال : « هذا لفلان « فهو له ، وإن مات ولم يذكره فهو أسوة الغرماء » (3).

3851 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجلين اشتركا في مال فربحا ربحا وكان من المال دين وعين فقال أحدهما لصاحبه : أعطني رأس المال والربح لك وما توى فعلي فقال : لا بأس به إذا اشترطا (4) وإن كان شرطا يخالف كتاب اللّه رد إلى كتاب اللّه عزوجل ».

3852 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « لا ينبغي للرجل منكم أن يشارك الذمي ولا يبضعه بضاعة ولا يودعه وديعة ولا يصافيه المودة ». (5)

ص: 229


1- تتمة لخبر السكوني كما يظهر من الكافي والتهذيب.
2- يدل على أن جميع السفر من أصل المال كما هو الأقوى والأشهر ، وقيل إنما يخرج من أصل المال ما زاد من نفقة السفر على الحضر ، وقيل : جميع النفقة على نفسه ، وأما كون نفقة الحضر على نفسه فلا خلاف فيه. ( المرآة )
3- أي صاحب مال المضاربة مثل أحد الغرماء ، فيوزع المال على الجميع بقدر ديونهم. ( سلطان )
4- توى - كرضى - هلك ، وفى بعض النسخ « وما توى فعليك » والظاهر هو الصواب لمطابقته مع الكافي ، وقوله « لا بأس به إذا اشترطا » محمول على ما إذا كان بعد انقضاء الشركة كما هو الظاهر.
5- طريق الخبر صحيح ومروي في الكافي في الصحيح أيضا ، والابضاع أن يدفع إلى أحد مالا يتجر فيه والربح لصاحب المال خاصة ، ويدل على كراهة مشاركة الذمي و ابضاعه وايداعه ومصافاته ، ولا يبعد في الأخير القول بالحرمة بل هو الظاهر لقوله تعالى « لا تجد قوما يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادون من حاد اللّه ورسوله » ( المرآة ) أقول : فيه نظر لاحتمال أن يكون المراد بمن حاد اللّه المنافقين بل هو الأظهر من سياق الآيات في سورة المجادلة ولا شك أن المنافق أعظم خطرا من الذمي فلا مجال للتمسك بالأولوية.

3853 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد قال ، « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له الغنم يحلبها لها ألبان كثيرة في كل يوم ما تقول في شراء الخمسمائة رطل بكذا وكذا درهما يأخذ في كل يوم منه أرطالا (1) حتى يستوفي ما يشتري منه؟ قال : لا بأس بهذا ونحوه ».

3854 - وروى الحسن بن محبوب ، عن رفاعة النخاس قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ساومت رجلا بجارية فباعنيها بحكمي (2) فقبضتها على ذلك ثم بعثت إليه بألف درهم ، وقلت له : هذه ألف درهم على حكمي عليك فأبى أن يقبلها مني وقد كنت مسستها قبل أن أبعث إليه بالثمن ، فقال : أرى أن تقوم الجارية قيمة عادلة فإن كان ثمنها أكثر مما بعثت به إليه كان عليك أن ترد عليه ما نقص من القيمة وإن كان ثمنها أقل مما بعثت به إليه فهو له (3) ، قلت : جعلت فداك فإن وجدت بها عيبا بعد ما مسستها قال : ليس لك أن تردها ولك أن تأخذ قيمة ما بين الصحة والعيب منه ». (4)

ص: 230


1- أي يشترى حالا ويأخذ منه في كل وقت ما يريد إلى أن يستوفى ما اشتراه.
2- أي بما أقول في قيمتها.
3- سند الخبر صحيح ورواه الكليني ج 5 ص 209 في الصحيح أيضا ، وقال الشهيد في الدروس : يشترط في العوضين أن يكونا معلومين فلو باعه بحكم أحدهما أو ثالث بطل. و قال سلطان العلماء : لا يخفى أن البيع بحكم المشترى أو غيره في الثمن باطل اجماعا كما نقل العلامة في التذكرة وغيره لجهالة الثمن وقت البيع « فعلى هذا يكون بيع الجارية المذكورة باطلا وكان وطي المشترى لها محمولا على الشبهة ، وأما جواب الإمام عليه السلام للسائل فلا يخلو من اشكال لأن الظاهر أن الحكم حينئذ رد الجارية مع عشر القيمة أو نصف العشر أو شراءه مجددا بثمن رضى به البايع مع أحد المذكورين سواء كان بقدر ثمن المثل أولا فيحتمل حمله على ما إذا لم يرض البايع بأقل من ثمن المثل ، ويكون حاصل الجواب حينئذ أنه يقوم بثمن المثل ان أراد شراءها ويشترى به مجددا إن كان ثمن المثل أكثر مما دفع والا بما دفع ندبا واستحبابا بناء على أنه أعطاه سابقا ، وهذا الحمل وإن كان بعيدا من العبارة مشتملا على التكلفات لكن لابد منه لئلا يلزم طرح الحديث الصحيح بالكلية.
4- محمول على ما إذا كان العيب غير الحمل.

3855 - وروى الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم بن زياد الكرخي قال : « اشتريت لأبي عبد اللّه عليه السلام جارية فلما ذهبت أنقدهم قلت أستحطهم؟ قال : لا إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة ». (1)

3956 - وروى ابن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة وما في بطونها من حمل بكذا وكذا درهما؟ فقال : لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف » (3).

3857 - وروى الحسن بن محبوب ، عن زيد الشحام قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري سهام القصابين من قبل أن يخرج السهم ، قال : (4) إن

ص: 231


1- ظاهره التحريم وحمل على الكراهة ومعنى الاستحطاط بعد الصفقة هو أن يطلب المشترى من البايع أن يحط عنه من ثمن المبيع بعد أن يكون البيع تماما.
2- مجهول لكن لا يضر جهالته لصحة الطريق عن ابن محبوب وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه على قول الأكثر.
3- قال سلطان العلماء : إن كان الصوف مجزوزا فلا اشكال بعد كونه معلوم الوزن ، وإن كان على ظهر الانعام لابد أن يكون مستجزا أو شرط جزه على المشهور لأن المبيع حينئذ مشاهد والوزن غير معتبر مع كونه على ظهرها. وقال المحقق وجماعة لا يجوز بيع الجلود والأصواف والأوبار والشعر على الانعام ولو ضم إليه غيره لجهالته ، وقال في المسالك : الأقوى جواز بيع ماعد الجلد منفردا ومنضما مع مشاهدته وان جهل وزنه لأنه حينئذ غير موزون كالثمرة على الشجرة وإن كان موزونا لو قلس. وفى بعض الأخبار دلالة عليه وينبغي مع ذلك جزه في الحال أو شرط تأخيره إلى مدة معلومة ، فعلى هذا يصح ضم ما في البطن إليه إذا مكان المقصود بالذات هو ما على الظهر ، وهو جيد لكن في استثناء الجلد تأمل كما قاله العلامة المجلسي.
4- رواه الكليني ج 5 ص 223 في الصحيح وزاد هنا : « لا يشترى شيئا حتى يعلم من أين يخرج السهم فان اشترى - الحديث » وقال سلطان العلماء : لعل المراد بسهام القصابين الجزء المشاع من عدة أغنام اشتروها شركة ، فالرجل إذا اشترى من أحدهم سهمه قبل القسمة والتعيين فهو بالخيار بعد الخروج والقسمة لخيار المقرر في الحيوان ان قلنا بصحة ذلك البيع ، ويحتمل أن يكون المراد الخيار بأخذه ببيع جديد أو تركه بناء على بطلان ذلك البيع حيث لا يكون المنظور الجزء المشاع بل ما حصل بعد القسمة وهو مجهول فتأمل.

اشترى سهما فهو بالخيار إذا خرج ».

3858 - وروى الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ما تقول في رجل يهب لعبده ألف درهم أو أقل أو أكثر فيقول : حللني من ضربي إياك أو من كل ما كان مني إليك أو مما أخفتك وأرهبتك فيحلله و يجعله في حل رغبة فيما أعطاه ، ثم إن المولى بعد أصاب الدراهم التي أعطاه في موضع قد وضعها فيه العبد فأخذها المولى أحلال هي له؟ فقال : لا ، فقلت له : أليس العبد وماله لمولاه؟ قال : ليس هذا ذاك (1) ، ثم قال عليه السلام : قل له : فليردها عليه فإنه لا يحل له فإنه افتدى بها نفسه من العبد مخافة العقوبة والقصاص يوم القيامة فقلت له : فعلى العبد أن يزكيها إذا حال عليها الحول؟ قال : لا (2) إلا أن يعمل له بها (3) ، ولا يعطى العبد من الزكاة شيئا ».

3859 - وروي عن يونس بن يعقوب (4) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يشتري من الرجل البيع فيستوهبه (5) بعد الشراء من غير أن يحمله على الكره؟ قال : لا بأس به.

3860 - وروي عن زيد الشحام قال : « أتيت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام بجارية أعرضها عليه فجعل يساومني وأنا أساومه ثم بعتها إياه فضمن على يدي (6)

ص: 232


1- ظاهره يشعر بعدم مالكية العبد في غير ذلك. ( سلطان )
2- يدل على تملك العبد أرش الجناية وعلى أنه ليس عليه في ماله زكاة لعدم تمكنه من التصرف ( م ت ) وقال في المدارك : لا ريب في عدم وجوب الزكاة على المملوك على القول بأنه لا يملك وإنما الخلاف على القول بملكه والأصح أنه لا زكاة عليه.
3- فيؤدى زكاة التجارة استحبابا كالطفل. ( سلطان )
4- في كثير من النسخ « يوسف بن يعقوب » فالطريق ضعيف بمحمد بن سنان والى يونس فيه الحكم بن مسكين.
5- المراد بالبيع المبيع ويستوهبه أي يطلب منه الاستحطاط ظاهرا.
6- أي ضرب على يدي وهو الصفقة ( مراد ) وفى الكافي « فضم على يدي » وهو سريح في المقصود.

فقلت : جعلت فداك إنما ساومتك لأنظر المساومة تنبغي أو لا تنبغي فقلت : قد حططت عنك عشرة دنانير ، قال : هيهات ألا كان هذا قبل الضمة (1)؟ أما بلغك قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الوضيعة بعد الضمة حرام »؟. (2)

3861 - وروى روح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تسعة أعشار الرزق في التجارة ». (3)

3862 - وروى ابن بكير ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن سمرة ابن جندب كان له عذق في حائط رجل من الأنصار وكان منزل الأنصاري فيه الطريق إلى الحائط فكان يأتيه فيدخل عليه ولا يستأذن ، فقال : إنك تجئ وتدخل ونحن في حال نكره أن ترانا عليه ، فإذا جئت فاستأذن حتى نتحرز ثم نأذن لك وتدخل ، قال : لا أفعل هو مالي أدخل عليه ولا أستأذن ، فأتى الأنصاري رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فشكى إليه وأخبره ، فبعث إلى سمرة فجاءه ، فقال له : استأذن عليه ، فأبى وقال له مثل ما قال للأنصاري ، فعرض عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يشتري منه بالثمن فأبى عليه وجعل يزيده فيأبى أن يبيع ، فلما رأى ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال له : لك عذق في الجنة فأبى أن يقبل ذلك فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الأنصاري أن يقلع النخلة فيلقيها إليه وقال لا ضرر ولا إضرار ». (4)

3863 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن الرجل يدفع الطعام إلى الطحان فيقاطعه على أن يعطي صاحبه لكل عشرة أمنان

ص: 233


1- الضمة ان ضم أحدهما يد الآخر كما هو الدأب في البيع والشراء وفى كثير من النسخ « قبل الضمنة » بالنون أي لزوم البيع وضمان كل منهما لما صار إليه.
2- الوضعية أن توضع من الثمن وحمل على الكراهة الشديدة أو عدم رضى البايع ، وفى كثير من النسخ « الوضيعة بعد الضمنة حرام ».
3- لعله روح بن عبد الرحيم وفى نسخة « ذريح » وتقدم نحوه تحت رقم 3722 مع بيان له.
4- تقدم تحت رقم 3423 بلفظ آخر ونقلنا كلام الشراح هناك مبسوطا.

عشرة أمنان دقيق (1)؟ قال : لا ، فقلت : فرجل يدفع السمسم إلى العصار فيضمن له بكل صاع أرطالا مسماة؟ فقال : لا ». (2)

باب 384: بيع الكلاء والزرع والأشجار والأرضين والقنى والشرب والعقار

والقنى والشرب والعقار (3)

3864 - روى أبان ، عن إسماعيل بن الفضل قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن بيع الكلاء إذا كان سيحا (4) يعمد الرجل إلى مائه فيسوقه إلى الأرض فيسقيه الحشيش وهو الذي حفر النهر وله الماء يزرع به ما يشاء؟ فقال : إذا كان الماء له فليزرع به ما شاء ويبيعه بما أحب ».

3865 - وسأله سماعة « عن شراء القصيل (5) يشتريه الرجل فلا يقصله (6) ويبدو له في تركه حتى يخرج سنبله شعيرا أو حنطة وقد اشتراه من أصله (7) وما

ص: 234


1- رواه الكليني ج 5 ص 189 في الصحيح وفيه « فيقاطعه على أن يعطى صاحبه لكل عشرة أرطال اثنى عشر دقيقا - الخ » وقوله « قال : لا » لأنه يمكن أن ينقص كما هو الغالب سيما إذا كان في الحنطة تراب ونحوه ، ويحتمل أن يكون المراد نفى اللزوم أي العامل أمين ويلزم أن يؤدى إلى المالك ما حصل سواء كان أقل أو أكثر. ( المرآة )
2- في المحكى عن الشهيد في الدروس : روى محمد بن مسلم النهى من مقاطعة الطحان على دقيق بقدر حنطة وعن الخروج عن البيع والإجارة.
3- القناة يجمع على قنوات وقني - على فعول بالضم - وقناء مثل جبل وجبال ، والمراد بالشرب نصيب الماء ، والعقار الأرض والضياع والنخل كما في الصحاح.
4- السيح : الماء الجاري سمى بالمصدر ، يعنى إذا كان الماء جاريا ، وقوله « يعمد - الخ » بيان ذلك. ( مراد )
5- القصيل : الشعير الأخضر لعلف الدواب.
6- أي ولا يقطعه ، والقصل : القطع.
7- أي لا جزة ولا جزاة ، ذكره تأييدا لجواز الترك. ( المرآة )

كان على أربابه من خراج فهو على العلج (1) فقال : إن كان اشترط حين اشتراه إن شاء قطعه قصيلا وإن شاء تركه كما هو حتى يكون سنبلا (2) ، وإلا فلا ينبغي له أن يتركه ، حتى يكون سنبلا ».

3866 - وسأله سماعة « عن الرجل اشترى مرعى يرعى فيه بخمسين درهما أو أقل أو أكثر فأراد أن يدخل معه من يرعى معه ويأخذ منهم الثمن ، قال : فليدخل معه من شاء ببعض ما أعطى ، وإن أدخل معه بتسعة وأربعين درهما فكان غنمه ترعى بدرهم فلا بأس ، وليس له أن يبيعه بخمسين درهما ويرعى معهم (3) إلا أن يكون قد عمل في المرعى عملا حفر بئرا أو شق نهرا برضا أصحاب المرعى فلا بأس بأن يبيعه بأكثر مما اشتراه به لأنه قد عمل فيه عملا فلذلك يصلح له ».

3867 - وروى سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إني لأكره أن أستأجر الرحى وحدها ثم أؤاجرها بأكثر مما استأجرتها إلا أن أحدث فيها حدثا أو أغرم فيها غرما ». (4)

3868 - وفي رواية إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا تقبلت أرضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأكثر مما قبلتها به لان الذهب والفضة مصمتان ». (5)

ص: 235


1- العلج الرجل من كفار العجم ، وكأنهم في ذلك الزمان كانوا زارعين لأهل المدينة ويحتمل اشتقاقه من المعالجة بمعنى المزاولة. ( سلطان )
2- جزاء الشرط محذوف أي فلا بأس.
3- أن كان الكلام أفاد الحرمة فالحكم مخصوص بالمرعى دون المسكن لجوازه في الاخبار والا فمحمول على الكراهة ، والخبر رواه الكليني في الموثق أيضا.
4- الغرامة ما يلزم أداؤه ورواه الكليني في الموثق عن أبي بصير عنه عليه السلام.
5- لعل المراد أنهما ليسا مما ينمو كالحيوان والنبات فلا يزيد ان في يد المالك بالتصرف فيهما على وجه من الوجوه ( مراد ) وفى بعض النسخ « مضمونان » كما في التهذيب ، وقال سلطان العلماء : لا يخفى ما فيه من الخفاء ويحتمل أن المراد أن ما أخذت شيئا مما دفعت من الذهب والفضة فهو مضمون وأنت ضامن له يجب دفعه إلى صاحبه ويكون معنى قوله عليه السلام « فإنهما مضمونان » أن الشرع ورد بذلك فهو نقل لا بيان للعلة والحكمة وكذا على نسخة « مضمنان » ، وأما على نسخة « مصمتان » فيحتمل أن المراد أنهما غير نابتين فينبغي أن يكون عوضهما كذلك وفيه تأمل ، أقول : روى في التهذيب ج 2 ص 173 عن الحلبي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « أتقبل الأرض بالثلث أو بالربع فأقبلها بالنصف؟ قال : لا بأس به ، قلت فأتقبلها بألف درهم وأقبلها بألفين؟ قال : لا يجور. قلت : كيف جاز الأول ولم يجز الثاني؟ قال : لان هذا مضمون وذلك غير مضمون ».

3869 - وروى [ عن ] علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الحنطة والشعير اشتري زرعه قبل أن يسنبل وهو حشيش؟ قال : لا إلا أن يشتريه لقصيل يعلفه الدواب ثم يتركه إن شاء حتى يسنبل ». (2)

3870 - وروي عن سعيد بن يسار (3) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له شرب مع القوم في قناتهم وهم فيه شركاء فيستغني بعضهم عن شربه أيبيعه قال : نعم إن شاء باعه بورق (4) وإن شاء باعه بكيل حنطة ».

3871 - وسأله سماعة « عن رجل يزارع ببذره في الأرض مائة جريب من الطعام أو غيره مما يزرع ثم يأتيه رجل آخر فيقول له : خذ مني نصف بذرك ونصف نفقتك في هذه الأرض لا شاركك؟ قال : لا بأس بذلك ». (5)

ص: 236


1- علي بن أبي حمزة هو البطائني الضعيف قائد أبي بصير يحيى بن ( أبى ) القاسم الحذاء المكفوف وراويه.
2- قال في شرح اللمعة : يجوز بيع الزرع قائما على أصوله سواء أحصد أم لا ، قصد قصله أم لا ، لأنه قابل للعلم مملوك ، فتناوله الأدلة خلافا للصدوق حيث شرط كونه سنبلا أو القصل.
3- كذا في النسخ وفى الكافي « سعيد الأعرج » وهو سعيد بن عبد الرحمن أو عبد اللّه ويظهر من كتب الرجال عدم اتحادهما.
4- أي بدرهم مع تعيين المدة. قال في المسالك : ما حكم بملكه من الماء يجوز بيعه كيلا ووزنا لانضباطهما فكذا يجوز مشاهدة إذا كان محصورا. وأما بيع ماء البئر والعين أجمع فالأشهر منعه لكونه مجهولا وكونه يزيد شيئا فشيئا فيختلط المبيع بغيره ، وفى الدروس جوز بيعه على الدوام سواء كان منفردا أم تابعا للأرض وينبغي جواز الصلح لان دائرته أوسع.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 172 في حديث مع اختلاف في اللفظ.

3872 - وسأله « عن رجل اشترى قصيلا فلم يقصله وتركه حتى صار شعيرا وقد كان اشترط على العلج يوم اشتراه أنه ما يأتيه من نائبة أنه على العلج ، فقال : إن كان اشتراط على العلج يوم اشتراه أنه إن شاء جعله سنبلا وإن شاء جعله قصيلا فله شرطه ، وان لم يكن اشتراط فلا ينبغي له أن يدعه حتى يكون سنبلا فإن فعل فإن عليه طسقه (1) ونفقته وله ما يخرج منه ». (2)

وإن اشترى رجل نخلا ليقطعه للجذوع فغاب وترك النخل كهيئته لم يقطع ثم قدم وقد حمل النخل فالحمل له إلا أن يكون صاحب النخل كان يسقيه ويقوم عليه (3).

وإن أتى رجل أرضا فزرعها بغير إذن صاحبها ، فلما بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال : زرعت بغير إذني فزرعك لي وعلي ما أنفقت فللزارع زرعه ولصاحب الأرض كرى أرضه. (4)

ص: 237


1- الطسق - كفلس - : الوظيفة من خراج الأرض المقررة عليها ، والكلمة دخيلة.
2- تقدم صدره تحت رقم 3862
3- روى الكليني ج 5 ص 297 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 174 في الصحيح عن - هارون بن حمزة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشترى النخل ليقطعه للجذوع فيغيب الرجل ويدع النخل كهيئته لم يقطع ، فيقدم الرجل وقد حمل النخل ، فقال : له الحمل يصنع به ما شاء الا أن يكون صاحب النخل كان يسقيه ويقوم عليه » لم يذكر عليه السلام اجرة السقي ولعل ذلك أنه كان للمالك أن يقطع النخل فلما لم يقطعه فكأنه رضى ببقائه مجانا والمشهور بين الأصحاب استحقاق الاجر وعدم الذكر لا يدل على العدم.
4- مضمون ما رواه الكليني ج 5 ص 296 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 172 بسند صحيح عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن عبد اللّه بن هلال - وهو مجهول الحال - عن عقبة بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أتى أرض رجل فزرعها بغير اذنه حتى إذا بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال : زرعت بغير اذني فزرعك لي ولك على ما أنفقت ، أله ذلك أم لا؟ فقال : للزارع زرعه ولصاحب الأرض كرى أرضه » ويدل على ما هو المشهور بين الأصحاب من أنه إذا زرع الغاصب الأرض المغصوبة أو غرس فيها غرسا فنماؤه له تبعا للأصل ولا يملكه المالك على أصح القولين كما في المرآة.

3873 - وروي عن محمد بن علي بن محبوب (1) قال : « كتب رجل إلى الفقيه عليه السلام في رجل كانت له رحى على نهر قرية والقرية لرجل أو لرجلين فأراد صاحب القرية أن يسوق الماء إلى قريته في غير هذا النهر الذي عليه هذه الرحى ويعطل هذه الرحي أله ذلك أم لا؟ فوقع عليه السلام : يتقي اللّه ويعمل في ذلك بالمعروف ولا يضار أخاه المؤمن. وفي رجل كانت له قناة في قرية فأراد رجل آخر أن يحفر قناة أخرى فوقها (2) فما يكون بينهما في البعد حتى لا يضر بالأخرى في أرض إذا كان صعبة أو رخوة؟ فوقع عليه السلام : على حسب أن لا يضر أحدهما بالآخر إن شاء اللّه تعالى ». (3)

3874 - و « قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يكون بين القناتين في العرض (4) إذا كانت أرضا رخوة أن يكون بينهما ألف ذراع ، وإن كانت أرضا صلبة يكون بينهما خمسمائة ذراع ».

3875 - « وقضى عليه السلام في أهل البوادي أن لا يمنعوا فضل ماء ولا يبيعوا (5) فضل الكلاء ».

3876 - و « قضى عليه السلام أن البئر حريمها أربعون ذراعا لا يحفر إلى جنبها بئر أخرى لمعطن أو غنم ». (6)

ص: 238


1- كذا في جميع النسخ والتهذيب أيضا ، ومحمد بن علي بن محبوب عده الشيخ في رجاله ممن لم يرو عنهم عليهم السلام وفى الكافي ج 5 ص 293 عن محمد بن يحيى ، عن محمد ابن الحسين وفى بعض النسخ « محمد بن الحسن » - قال : « كتبت إلى أبى محمد عليه السلام - و ذكر مثله » الا أنه قدم المسألة الثانية على الأولى.
2- في الكافي « إلى قرية له ».
3- ظاهر هذا الخبر والاخبار الاخر أن المدار على الضرر مع تواتر الاخبار بلا ضرر ولا ضرار والمشهور التحديد في الصلبة بخمسمائة ذراع وفى الرخوة بألف ذراع كما سيجيئ.( م ت )
4- بأن يكون أحدهما موازية للأخرى ( مراد ) وفى بعض النسخ « في الأرض » بدل « في العرض ».
5- في بعض النسخ « ولا يمنعوا ».
6- المعطن مشرب الإبل ، وفى بعض النسخ « لعطن ».

3877 - وروى محمد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن ماء - الوادي فقال : إن المسلمين شركاء في الماء والنار والكلاء ». (1)

3878 - وروى عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل باع أرضا على أن فيها عشرة أجربة ، فاشترى المشتري ذلك منه بحدوده ونقد الثمن وأوقع صفقة البيع وافترقا فلما مسح الأرض إذا هي خمسة أجرية ، قال : إن شاء استرجع فضل ماله وأخذ الأرض ، وإن شاء رد البيع وأخذ ماله كله إلا أن تكون إلى حد تلك الأرض له أيضا أرضون فيوفيه ويكون البيع لازما له والوفاء له بتمام المبيع (2) ، فإن لم يكن له في ذلك المكان غير الذي باع فإن شاء المشتري أخذ الأرض واسترجع فضل ماله ، وإن شاء رد وأخذ المال كله ».

باب 385: احياء الموات والأرضين

3879 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن الشراء من أرض

ص: 239


1- الكلاء : العشب رطبه ويابسه والمراد بالماء ماء الوادي بقرينة السؤال ، وقال سلطان العلماء : لعل المراد بالنار الحطب تسمية للسبب باسم المسبب ، والمراد بالثلاثة ما هو المباح بالأصل قبل الحيازة أي نسبة جميع المسلمين إليه بالسواء فيجوز لكل أحد حيازتها والانتفاع بها - انتهى. أقول : محمد بن سنان ضعيف جدا لا يعول عليه ولا يلتفت إلى ما تفرد به وقال المفيد انه ثقة لكن ضعفه الشيخ وقال الفضل بن شاذان في بعض كتبه ان من الكذابين المشهورين ابن سنان وليس بعبد اللّه ، ورفع أيوب بن نوح إلى حمدويه دفترا فيه أحاديث محمد بن سنان فقال : ان شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا فانى كتبت عن محمد بن سنان ولكني لا أروى عنه شيئا فإنه قال قبل موته : كل ما حدثتكم به لم يكن لي سماعا ولا رواية وإنما وجدته. راجع القسم الثاني من الخلاصة ، والمراد بأبي الحسن على الرضا عليه السلام.
2- ان أريد بيان أحد شقوق التراضي فهو والا فظاهره لزوم البيع من جانب المشترى وليس له رده ، وقوله عليه السلام : « لازما له » أي للمشترى ، و « الوفاء له بتمام المبيع » أي من المبايع.

اليهودي والنصراني (1) فقال : ليس به بأس ، وقد ظهر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على خيبر فخارجهم (2) على أن تكون الأرض في أيديهم يعملون فيها ويعمرونها ، وما بأس لو اشتريت منها (3) شيئا ، وأيما قوم أحيوا شيئا من الأرض فعمروه فهم أحق به وهو لهم ». (4)

3880 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله (5) : « من غرس شجرا بدءا أو حفر واديا لم يسبقه إليه أحد ، أو أحيا أرضا ميتة فهي له قضاء من اللّه عزوجل ورسوله ».

3881 - وروي عن الحسن بن علي الوشاء قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى من رجل أرضا جربانا معلومة بمائة كر على أن يعطيه من الأرض ، فقال : حرام (6) ، قلت : جعلت فداك فان اشترى منه الأرض بكيل معلوم وحنطة من غيرها (7)؟ فقال : لا بأس بذلك ».

3882 - وروي عن أبي الربيع الشامي (8) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا

ص: 240


1- المراد بأراضيهم ما يكون ملكا لهم وتؤخذ الجزية منها.
2- أي ضرب الخراج عليهم وقاطعهم ، والاستشهاد من باب مفهوم الموافقة فإذا كان بيع أراضي خيبر جائزا فما كان ملكا لهم جاز بالطريق الأولى.
3- أي من الأرض المسؤول عنها التي هي ملكهم.
4- في التهذيب والاستبصار « فهم أحق بها وهي لهم ».
5- رواه الكليني ج 5 ص 280 عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله وكذا الشيخ في كتابيه.
6- رواه الكليني ج 5 ص 264 بسند صحيح وقال العلامة المجلسي : لعل المنع لكونه شبيها بالربا أو لعدم تيقن حصوله منها أو لعدم العلم بالمدة التي يحصل منها ولم أره كما في بالى في كلام القوم.
7- أي مع اشتراط غيرها أو مع الاطلاق بحيث يجوز له أن يؤدى من غيرها. ( المرآة )
8- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 158 باسناده عن الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي واسمه خليد بن أوفى ، وله كتاب.

يشترى من أراضي أهل السواد شيئا إلا من كانت له ذمة فإنما هي فيئ للمسلمين » (1).

3883 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل - وأنا حاضر - عن رجل أحيا أرضا مواتا فكرى فيها نهرا (2) وبنى بيوتا وغرس نخلا وشجرا ، فقال : هي له وله أجر بيوتها وعليه فيها العشر فيما سقت السماء أو سيل واد أو عين ، وعليه فيما سقت الدوالي والغرب (3) نصف العشر ».

3884 - وسأله سماعة « عن رجل زارع مسلما أو معاهدا فأنفق فيه نفقة (4) ثم بداله في بيعه أله ذلك؟ قال : يشتريه بالورق فإن أصله طعام » (5).

3885 - وسأله عبد اللّه بن سنان « عن النزول على أهل الخراج ، فقال : ثلاثة أيام ». وروي ذلك عن النبي صلى اللّه عليه وآله (6).

3886 - وروي عن علي بن مهزيار قال : « سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عن دار كانت لامرأة وكان لها ابن وابنة فغاب الابن في البحر وماتت المرأة فادعت ابنتها أن أمها كانت صيرت تلك الدار لها وباعت أشقاصا(7) منها وبقيت في الدار قطعة

ص: 241


1- المراد بأراضي أهل السواد الأراضي المفتوحة عنوة كالعراق وغيره وقوله « الا من كانت له ذمة » أي من ضرب عليه الخراج على أن تكون الأرض في أيديهم ، وقوله : « لا يشترى » خبر منفى ، وفى بعض النسخ « لا تشترى » وفى التهذيب والاستبصار « لا تشتر » فالمعنى واضح وعلى ما في المتن يمكن أن يكون المراد أنه لا يشترى من الأراضي المفتوحة عنوة الا مسلم أو معاهد يؤدى الخراج ، لكن الظاهر أن نسخ الفقيه مصحفة والصواب ما في كتابي الشيخ رحمه اللّه.
2- كريت النهر كريا حفرته.
3- الغرب : الدلو العظيم والراوية.
4- أي فأنفق الزارع فيه نفقة. وقوله « بداله في بيعه » أي بيع حصته.
5- يدل على كراهة بيع الزرع بالحب للربا المعنوي ولا يحرم لان الزرع ليس بمكيل ولا موزون ولو كان حنطة فباعه بحنطة منه فهو محاقلة وقد ادعى الاجماع على حرمته.
6- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 159 في الصحيح.
7- الشقص - بكسر الشين المعجمة - : القطعة من الأرض والنصيب في العين المشتركة من كل شئ.

إلى جنب دار رجل من إخواننا فهو يكره أن يشتريها لغيبة الابن وما يتخوف من أنه لا يحل له شراؤها وليس يعرف للابن خبر ، قال : ومنذ كم غاب؟ قلت : منذ سنين كثيرة ، فقال : ينتظر به غيبة سنين ثم يشتري » (1).

3887 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رحمه اللّه - (2) إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام « في رجل اشترى من رجل بيتا في دار له بجميع حقوقه ، وفوقه بيت آخر هل يدخل البيت الاعلى في حقوق البيت الأسفل أم لا؟ فوقع عليه السلام : ليس له إلا ما اشتراه باسمه وموضعه إن شاء اللّه ».

3888 - وكتب إليه « في رجل قال لرجلين : اشهدا إن جميع الدار التي له في موضع كذا وكذا بحدودها كلها لفلان ابن فلان وجميع ماله في الدار من المتاع ، والبينة لا تعرف المتاع أي شئ هو؟ فوقع عليه السلام ، يصلح إذا أحاط الشراء بجميع ذلك إن شاء اللّه » (3).

3889 - وكتب إليه « في رجل كانت له قطاع أرضين فحضره الخروج إلى مكة والقرية على مراحل من منزله ولم يكن له من المقام ما يأتي بحدود أرضه (4) وعرف

ص: 242


1- المشهور الانتظار إلى العمر الطبيعي ، وقيل : أربع سنين بشرط الطلب وهو اختيار السيد المرتضى والصدوق - رحمهما اللّه - في الميراث ، وقيل : إلى عشرة سنين بلا طلب كما في هذه الرواية ( سلطان ) أقول : طريق المصنف إلى علي بن مهزيار صحيح لكن قوله « روى عن علي بن مهزيار » يشعر بكونه مأخوذا من كتاب مثل الكافي وفيه في طريقه سهل بن زياد وهو ضعيف على المشهور ، ومروى في التهذيب في باب ميراث المفقود « عن علي بن مهزيار » بدون لفظة « روى » وطريقه إليه صحيح.
2- كذا وطريق المصنف إليه صحيح ، وفى التهذيب مثل ما في المتن أعني بدون ذكر السند وطريقه إليه صحيح أيضا.
3- في الكافي ج 7 ص 402 في حديث عن محمد بن يحيى عنه وفى التهذيب ذيل الخبر المتقدم ، وقوله « يصلح » ذلك إذا علم المشترى ما في البيت ولم يعلمه الشاهد أو مع جهالته عند المشترى أيضا لكونه آئلا إلى المعلومية مع انضمامه إلى المعلوم كما في المرآة.
4- أي لا يسعه التوقف بقدر استعلام حدود أرضه بخصوصها وان عرف حدود كل القرية ( سلطان ) وفى الكافي « ولم يؤت بحدود أرضه » بدل « ولم يكن له من المقام - الخ ».

حدود القرية الأربعة فقال للشهود : اشهدوا اني قد بعت من فلان - يعني المشتري - جميع القرية التي حد منها كذا والثاني والثالث والرابع وإنما له في هذه القرية قطاع أرضين فهل يصلح للمشتري ذلك وإنما له بعض هذه القرية وقد أقر له بكلها؟ فوقع عليه السلام لا يجوز بيع ما ليس يملك وقد وجب الشراء من البائع على ما يملك » (1).

3890 - وكتب إليه « في رجل يشهده أنه قد باع ضيعة من رجل آخر وهي قطاع أرضين ولم يعرف الحدود في وقت ما أشهده ، وقال : إذا أتوك بالحدود فاشهد بها هل يجوز له ذلك ، أو لا يجوز له أن يشهد؟ فوقع عليه السلام : نعم يجوز والحمد لله » (2).

3891 - وكتب إليه « هل يجوز أن يشهد على الحدود إذا جاء قوم آخرون من أهل تلك القرية فشهدوا أن حدود هذه الضيعة التي باعها الرجل هي هذه ، فهل يجوز لهذا الشاهد الذي أشهده بالضيعة ولم يسم الحدود أن يشهد بالحدود بقول هؤلاء الذين عرفوا هذه الضيعة وشهدوا له؟ أم لا يجوز لهم أن يشهدوا وقد قال لهم البائع : اشهدوا بالحدود إذا أتوكم بها (3)؟ فوقع عليه السلام : لا تشهد إلا على صاحب الشئ وبقوله (4) إن شاء اللّه ».

3892 - وروي عن جراح المدائني قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن دار

ص: 243


1- أي بنسبة من الثمن كما هو المشهور ، أو بكله إذا علم المشترى أن المبيع بعض هذه القرية وإنما ذكر الكل لعدم علمه بالحدود. ( المرآة )
2- اما مجملا مع عدم العلم بالحدود أو مفصلا مع العلم بها ، ليوافق المشهور وسائر الأخبار ( المرآة ) وقال الفاضل التفرشي : قوله « إذا أتوك » أي إذا ذكروا لك الحدود و عرفوا إياها فاشهد بها ، والظاهر أن المعرفين ممن نص عليهم المقر بقرينة ما يأتي بعد ذلك « إذا جاء قوم آخرون » أي سوى الجماعة التي أشار البايع إليهم بقوله « إذا أتوك ».
3- يعنى قال البايع لهؤلاء الآخرين : اشهدوا بالحدود إذا أتوكم بها ، ولعل هذا لا يلائم استظهار الفاضل التفرشي.
4- يعنى إذا حصل لك العلم من البايع بالبيع ومن الشهود بالحدود فعليك أن تشهد بما في الواقع بأن تقول : أشهدني المالك على البيع والشهود على الحدود. ( م ت )

فيها ثلاثة أبيات وليس لهن حجر (1) ، قال : إنما الاذن على البيوت ليس على الدار إذن » (2).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني بذلك الدار التي تكون للغلة وفيها السكان بالكرى أو بالسكنى فليس على مثلها من الدور إذن إنما الاذن على البيوت ، فأما الدار التي ليست للغلة فليس لأحد أن يدخلها إلا بإذن.

باب 386: المزارعة والإجارة

3893 - روي عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يعطي الرجل أرضه وفيها ماء ونخل وفاكهة فيقول : اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرج اللّه عزوجل منه ، قال : لا بأس ».

قال : وسألته عن الرجل يعطي الرجل الأرض الخربة فيقول : اعمرها وهي لك ثلاث سنين أو أربع أو خمس سنين أو ما شاء ، قال : لا بأس [ بذلك ].

قال : وسألته عن الرجل تكون له الأرض من أرض الخراج عليها خراج معلوم وربما زاد وربما نقص فيدفعها إلى الرجل (3) على أن يكفيه خراجها ويعطيه مائتي درهم في السنة؟ قال : لا بأس » (4).

ص: 244


1- أي ليس لهذه البيوت منع عن الدخول يعنى ليس لها باب فهل يحتاج إلى الاستيذان لدخول الدار أم لا ويجوز الدخول.
2- إشارة إلى قوله تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ».
3- يحتمل كون ذلك بطريق المصالحة أو الإجارة أو التقبل. ( سلطان )
4- لعل وجهه أن مال الإجازة أو المصالحة حينئذ في الحقيقة هو مائنا درهم وهو معلوم لا جهالة فيه ويكون الخراج من قبيل سائر المؤونات التي على المستأجر ويزيد و ينقص فلا بأس بجهالته واحتماله الزيادة والنقصان كسائر المؤونات ( سلطان ) واحتمل بعض أن يكون فاعل زاد ونقص هو الحاصل.

3894 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يتقبل الأرض بطيبة نفس أهلها على شرط يشارطهم عليه ، قال : له أجر بيوتها (1) إلا الذي كان في أيدي دهاقينها إلا أن يكون قد اشترط على أصحاب الأرض ما في أيدي الدهاقين » (2).

3895 - وروى شعيب ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا تقبلت أرضا بطيبة نفس أهلها على شرط شارطتهم عليه فإن لك كل فضل في حرثها إذا وفيت لهم ، وإنك إن رممت فيها مرمة وأحدثت فيها بناء فإن لك أجر بيوتها إلا ما كان في أيدي دهاقينها ».

3896 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن رجل استأجر أرضا بألف درهم ، ثم آجر بعضها بمائتي درهم ، ثم قال له صاحب الأرض الذي آجره : أنا أدخل معك فيها بما استأجرت فننفق جميعا (3) فما كان فيها من فضل كان بيني وبينك ، قال : لا بأس بذلك ».

3897 - وروى أبان ، عن إسماعيل قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل استأجر من رجل أرضا فقال : آجرنيها بكذا وكذا إن زرعتها أو لم أزرعها أعطيك

ص: 245


1- قوله « على شرط يشارطهم عليه » أي من المدة والعمل وغير ذلك ، وقوله عليه السلام « له » أي للمتقبل والمراد بأجر البيوت منافع بيوتها الكائنة في هذه الأرض.
2- في التهذيب والكافي هكذا « بطيبة نفس أهلها على شرط يشارطهم عليه وان هو رم فيها مرمة أو جدد فيها بناء فان له أجر بيوتها الا الذي كان في أيدي دهاقينها أولا ، قال إذا كان قد دخل في قبالة الأرض على أمر معلوم فلا يعرض لما في أيدي دهاقينها الا أن يكون قد اشتراط - الخ » فالظاهر أن الزيادة سقط من قلم المصنف أو لخص الخبر ، والغرض كما قاله المولى المجلسي؟ إذا تقبل عاملا قرية خربة وشرط على أصحابها انه ان رم دورها يكون له أجرة تلك الدور سوى ما كان في أيدي أهل القرية قبل المرمة أو قبل الإجارة فإذا رمها هل يجوز أن يأخذ من الاكرة أجرة الدور؟ فقال عليه السلام قاعدة كلية وهي أنه إذا استأجر الأرض أو زارعها فان القبالة يشملهما ينصرف الاطلاق إلى الأراضي ولا يدخل فيه الدور والبيوت سيما ما كان في أيدي الاكرة الا أن يذكر الدور مع المزرعة.
3- أي الضروريات للعمل.

ذلك فلم يزرع الرجل ، قال : له أن يأخذه بماله إن شاء ترك وأن شاء لم يترك ». (1)

3898 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تستأجر الأرض بالتمر ولا بالحنطة ولا بالشعير ولا بالأربعاء ولا بالنطاف (2) ، قلت : وما الأربعاء؟ قال : الشرب ، والنطاف فضل الماء (3) ، ولكن تتقبلها بالذهب والفضة ، والنصف والثلث والربع ».

3899 - وروى محمد بن مسلم (4) عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل اكترى دارا وفيها بستان فزرع في البستان وغرس نخلا وأشجارا وفاكهة وغيرها ولم يستأمر في ذلك صاحب الدار ، قال : عليه الكرى ، ويقوم صاحب الدار ذلك الغرس والزرع فيعطيه الغارس إن كان استأمره في ذلك ، وإن لم يكن استأمره فعليه الكرى وله الغرس والزرع يقلعه ويذهب به حيث شاء ».

3900 - وروى إدريس بن زيد (5) عن أبي الحسن عليه السلام قال : قلت له : « جعلت

ص: 246


1- أي ان شاء المستأجر ترك الزرع وان شاء لم يترك ، ويحتمل أن يكون تفصيلا لقوله « له أن يأخذه بماله » أي ان شاء المؤجر ترك ماله ولم يأخذ من المستأجر وان شاء لا يترك ويأخذ منه.
2- الأربعاء جمع الربيع وهو النهر الصغير ، والنطاف جمع نطفة وهي الماء القليل والمراد حصة من ماء ، وقال المولى المجلسي : أي لا يستأجر الأرض بشرب أرض المؤجر.
3- حمل على الكراهة وقد قيد بما إذا كان شرط أن يكون الحنطة أو الشعير من تلك الأرض ، وقيد الشيخ - رحمه اللّه - في الاستبصار النهى بما إذا كان قبلها بما يزرع فيها فاما إذا كان في غيرها فلا بأس.
4- في طريق المصنف إليه علي بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن خالد عن أبيه وهما غير مذكورين ورواه الكليني في الكافي ج 5 ص 297 والشيخ في التهذيب بسند موثق بأدنى اختلاف.
5- الطريق إليه حسن كما في الخلاصة وهو مجهول الحال الا أن المصنف وصفه في المشيخة بصاحب الرضا عليه السلام وربما يشعر ذلك بالمدح ، وقال الوحيد البهبهاني في التعليقة : حكم بعض المتأخرين باتحاده مع إدريس بن زياد الكفرثوثي الثقة بقرينة رواية إبراهيم بن هاشم عنه.

فداك إن لنا ضياعا ولها الدولاب وفيها مراعي وللرجل منا غنم وإبل ويحتاج إلى تلك المراعي لغنمه وإبله أيحل له أن يحمي المراعي لحاجته إليها؟ قال : إذا كانت الأرض أرضه فله أن يحمي ويصير ذلك إلى ما يحتاج إليه ، وقلت له : الرجل يبيع المرعى؟ فقال : إذا كانت الأرض أرضه فلا بأس » (1).

3901 - وروى الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أشارك العلج المشرك (2) فيكون من عندي الأرض والبقر والبذر ويكون على العلج القيام والسعي والعمل في الزرع حتى يصير حنطة أو شعيرا وتكون القسمة فيأخذ السلطان حظه (3) ويبقى ما بقي على أن للعلج منه الثلث ولي الباقي؟ فقال : لا بأس بذلك ، قلت : فإن عليه أن يرد على ما أخرجت من البذر ويقسم الباقي ، فقال : لا إنما شاركته على أن البذر والبقر والأرض من عندك ، وعليه القيام والسعي » (4).

3902 - وروى الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير أخي إسحاق بن جرير (5) قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن أرض يريد رجل أن يتقبلها فأي وجوه القبالة أحل؟ قال ، يتقبل من أهلها بشئ مسمى (6) إلى سنين مسماة فيعمر

ص: 247


1- قال في الجامع : يجوز بيع المرعى والكلاء إذا كان في ملكه وان يحمى ذلك في ملكه ، فاما الحمى العام فليس الا لله ولرسوله وأئمة المسلمين يحمى لنعم الصدقة والجزية والضوال وخيل المجاهدين ، وقال في الدروس : يجوز بيع الكلاء المملوك ويشترط تقدير ما يرعاء بما يرفع الجهالة. ( المرآة )
2- العلج - بالكسر والسكون - : الرجل الضخم من كفار العجم ، وقيل مطلقا.
3- في الكافي ج 5 ص 268 « فيأخذ السلطان حقه ».
4- في الكافي « والسقي » وما اشتمل عليه موافق للمشهور. ( المرآة )
5- خالد بن جرير بن عبد اللّه البجلي كان من أصحاب الصادق عليه السلام وله كتاب رواه ابن محبوب. وروى الكشي عن علي بن الحسن أنه قال : خالد بن جرير كان صالحا ، و في التهذيب ج 2 ص 172 عنه عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ولعل الواسطة سقط من النساخ.
6- أي من الأجرة والحصة بالثلث والربع. ( م ت )

ويؤدي الخراج ، فإن كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في القبالة فإن ذلك لا يحل » (1).

3903 - وروى الحسن بن محبوب عن خالد ، عن أبي الربيع قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتقبل الأرض من الدهاقين فيؤاجرها بأكثر مما يتقبلها به ويقوم فيها بحظ السلطان؟ فقال : لا بأس به (2) إن الأرض ليست مثل الأجير ولا مثل البيت ، إن فضل الأجير والبيت حرام » (3).

3904 - « ولو أن رجلا استأجر دارا بعشرة دراهم فسكن ثلثيها وآجر ثلثها بعشرة دراهم لم يكن به بأس ولكن لا يؤاجرها بأكثر مما استأجرها » (4).

3905 - وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام (5) « عن رجل استأجر أرضا من أرض الخراج

ص: 248


1- الظاهر أن المشار إليه بذلك مشاركة العلج في القبالة حتى يتعلق حقه بالأرض مثل حق المسلم فلا ينافي ما مر أنه لا بأس في مشاركة العلج حيث إن مشاركته حينئذ في الزراعة عوضا عن عمله وخدمته فهو حينئذ في معنى الأجير ، ويمكن أن يحمل نفى الحل على الحل الذي كان السائل قد سأله وهو كونه أحل ، فيكون المراد أن عدم مشاركة العلج أحل. ( مراد )
2- قد مر في رواية إسحاق بن عمار وغيرها النهى عن ذلك إذا كان بالذهب والفضة ، والأصحاب حملوا النهى على الكراهة فلا ينافي الجواز ، ويحتمل حمل هذا على ما إذا عمل فيه عمل ويحتمل الفرق بين الذهب والفضة وغيرهما لكن غير موجود في كلام أكثر الأصحاب.( سلطان )
3- يدل على جواز إجارة الأرض للزراعة بأكثر مما استأجرها مع قيامه بالخراج بخلاف الزيادة التي تحصل من الأجير والبيت. ( م ت )
4- هذا الكلام بلفظه حديث رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 272 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وزاد في آخره « الا أن يحدث فيها شيئا ». ويدل على أنه يجوز أن يسكن بعضها ويوجر الباقي بمثل ما استأجرها ولا يجوز بالأكثر كما ذهب إليه ابن البراج ، والشيخ قال بالمنع فيهما كما في المرآة.
5- رواه الكليني ج 5 ص 272 في ذيل خبر عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

بدراهم مسماة أو بطعام مسمى فيؤاجرها جريبا جريبا أو قطعة قطعة بشئ معلوم فيكون له فضل فيما استأجر من السلطان ولا ينفق شيئا ، أو يؤاجر تلك الأرض قطعا على أن يعطيهم البذور والنفقة فيكون له في ذلك فضل على إجارته وله مرمة الأرض (1) أله ذلك؟ أو ليس له ، فقال : إذا استأجرت أرضا فأنفقت فيها شيئا أو رممت فيها فلا بأس بما ذكرت ».

ولا بأس أن يستكري الرجل أرضا بمائة دينار فيكري بعضها بخمسة وتسعين دينارا ويعمر بقيتها (2).

3906 - روي عن أبي الربيع (3) قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « كان أبو جعفر عليه السلام يقول : إذا بيع الحائط وفيه النخل والشجر سنة واحدة فلا يباعن حتى يبلغ ثمرته ، وإذا بيع سنتين أو ثلاثا فلا بأس ببيعه بعد أن يكون فيه شئ من الخضر » (4).

3907 - وروي عن أبي الربيع (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يزرع في

ص: 249


1- في بعض النسخ والكافي « وله تربة الأرض » وقال العلامة المجلسي : يمكن حمل الأول على الإجارة والثاني على المزارعة ، لان في المزارعة لا يملك منافع الأرض فهو بمنزلة الأجير في العمل ، أو المراد بالتربة التراب الذي يطرح على المزارع لاصلاحها ، أو أنه يبقى لنفسه شيئا من تربة الأرض ، أو لا يبقى بل يؤاجرها كلها ، وفى بعض النسخ « ولم تربة الأرض » بتشديد الميم بمعنى اصلاح تربتها.
2- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 173 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن رجل يستكري الأرض بمائة دينار فيكري نصفها بخمسة و تسعين دينارا ويعمر هو بقيتها؟ قال : لا بأس ».
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 142 باسناده عن ابن محبوب ، عن خالد بن جرير عنه.
4- لعله إشارة إلى عدم كون الأشجار يابسة بحيث لا يستعد للاثمار في السنين ، أو المراد الضميمة كما هو المشهور. ( سلطان )
5- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 170 بالسند السابق عنه مثله وزاد في آخره « فإنما يحرم الكلام ».

أرض رجل على أن يشترط للبقر الثلث وللبذر الثلث ولصاحب الأرض الثلث؟ فقال لا يسمي بقرا ولا بذرا ولكن يقول لصاحب الأرض : أزارعك في أرضك ولك كذا وكذا مما أخرج اللّه عزوجل فيها ».

3908 - قال أبو الربيع : وقال أبو عبد اللّه عليه السلام « في رجل يأتي أهل قرية وقد اعتدى عليهم السلطان فضعفوا عن القيام بخراجها ، والقرية في أيديهم ولا يدرى لهم هي أم لغيرهم فيها شئ فيدفعونها إليه على أن يؤدي خراجها فيأخذها منهم ويؤدي خراجها ويفضل بعد ذلك شئ كثير؟ فقال : لا بأس بذلك إذا كان الشرط عليهم بذلك ».

3909 - وفي رواية حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن مزارعة أهل الخراج بالربع والثلث والنصف؟ فقال : لا بأس قد قبل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أهل خيبر (1) أعطاها اليهود حين فتحت عليه الخبر ، والخبر هو النصف » (2).

3910 - وروى محمد بن خالد ، عن ابن سيابة (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله رجل فقال له : جعلت فداك أسمع قوما يقولون : إن الزراعة مكروهة ، فقال : ازرعوا واغرسوا ، فلا واللّه ما عمل الناس عملا أحل وأطيب منه ، واللّه ليزرعن الزرع والنخل بعد خروج الدجال » (4).

ص: 250


1- الصواب أرض خيبر.
2- المخابرة أن يزرع على النصف ونحوه كالخبر - بالكسر -
3- في بعض النسخ « عن ابن سنان » وفى الكافي « عن سيابة » بدون لفظة « ابن »
4- في الكافي والتهذيب « واللّه ليزرعن الزرع وليغرسن النخل بعد خروج الدجال » وهذا اما كناية عن الدوام والتأييد أو عن زمان ظهور القائم عليه السلام ، وعلى الثاني لعل المراد أن في حكومته صلوات اللّه عليه تكون الزراعة والفلاحة من أهم الأمور وأشغل الأعمال لاهتمامه عليه السلام بشأنهما وشدة تحريصه الناس عليهما بحيث نصير الأرض في أيامه معمورة على حد لا توجد فيها قطعة مستعدة الا وقد تزرع ولا بستان الا وهو ملتف بالنخيل والأثمار كما جاء في الاخبار ، وهذه خصيصة تخص بها الحكومة الحقة الإلهية قلما تكون في غيرها ، وقال سلطان العلماء : لعله كناية عن أن هذا عمل يعمل إلى آخر الزمان والناس يحتاجون إليها إلى قيام الساعة فكيف يكون مكروها ، ويحتمل أن يكون المراد أن بعد خروج الدجال يكون قيام القائم عليه السلام وأمر الناس بالبر والتقوى ورفع الظلم والنهى عن المحرمات و في زمان شأنه كذا الناس مشغولون بالزراعة فكيف يكون مكروها. وقال المولى المجلسي أي عند ظهور القائم عليه السلام مع وجوب اشتغال العالمين بخدمته والجهاد تحت لوائه يزرعون فان بني آدم يحتاجون إلى الغذاء ويجب عليهم كفاية تحصيله بالزراعة.

3911 - روى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا تستأجر الأرض بحنطة ثم تزرعها حنطة » (1).

3912 - وروى محمد بن سهل ، عن أبيه (2) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يزرع له الحراث الزعفران ويضمن له (3) على أن يعطيه في جريب أرض يمسح عليه كذا وكذا درهما (4) فربما نقص وغرم وربما زاد؟ قال : لا بأس به إذا تراضيا ».

3913 - وروي عن علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يتكارى من الرجل البيت أو السفينة سنة وأكثر من ذلك أو أقل ، قال : الكرى لازم إلى الوقت الذي تكارى إليه ، والخيار في أخذ الكرى إلى ربها إن شاء أخذ وإن شاء ترك » (5).

3914 - وسأل علي الصائغ (6) أبا عبد اللّه عليه السلام فقال : « أتقبل العمل فاقبله

ص: 251


1- لعل المراد اشتراط أن يزرعها حنطة ، فهو كناية عن الإجارة بالحنطة الحاصلة من هذه الأرض المعينة. ( سلطان )
2- محمد بن سهل بن اليسع كان من أصحاب الرضا وأبى جعفر عليهما السلام عنونه المصنف في المشيخة وطريقه إليه صحيح وقال النجاشي : له كتاب يرويه جماعة وذكر منهم أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري. وفى هذا القول ايماء إلى الاعتماد عليه لا سيما كون الجماعة من القميين - رضوان اللّه عليهم - وأبوه سهل بن اليسع القمي ثقة.
3- أي يضمن الحارث الرجل.
4- في الكافي ج 5 ص 266 والتهذيب ج 2 ص 171 « وزن كذا وكذا درهما ».
5- يدل على جواز أخذ الأجرة للمؤجر معجلا ما لم يشترط التأجيل.
6- الظاهر أنه علي بن ميمون الصائغ ولم يذكر المصنف طريقه إليه وهو ممدوح.

من الغلمان يعملون معي بالثلثين؟ فقال : لا يصلح ذلك إلا أن تعالج معهم ، قلت : فإني اذبيه لهم (1)؟ قال : ذلك عمل فلا بأس ».

3915 - وروى صفوان بن يحيى ، عن أبي محمد الخياط عن مجمع قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أتقبل الثياب أخيطها فأعطيها الغلمان بالثلثين؟ قال : أليس تعمل فيها؟ قلت : اقطعها وأشتري لهم الخيوط ، قال : لا بأس ».

3916 - وروي عن محمد الطيار (2) قال : « دخلت المدينة وطلبت بيتا أتكاراه فدخلت دارا فيها بيتان بينهما باب وفيه امرأة ، فقالت : تكاري هذا البيت؟ قلت : بينهما باب وأنا شاب ، قالت : أنا أغلق الباب بيني وبينك فحولت متاعي فيه وقلت لها : اغلقي الباب ، فقالت : تدخل علي منه الروح دعه ، فقلت : لا أنا شاب وأنت شابة أغلقيه ، قالت : أقعد أنت في بيتك فلست آتيك ولا أقربك وأبت تغلقه ، فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فسألته عن ذلك ، فقال : تحول منه فإن الرجل والمرأة إذا خليا في بيت كان ثالثهما الشيطان ».

3917 - وكتب أبو همام (3) إلى أبي الحسن عليه السلام « في رجل استأجر ضيعة من رجل فباع المؤاجر تلك الضيعة بحضرة المستأجر ، ولم ينكر المستأجر البيع وكان حاضرا له شاهدا عليه ، فمات المشتري وله ورثة هل يرجع ذلك الشئ في ميراث الميت؟ أو يثبت في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته؟ فكتب عليه السلام : يثبت في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته » (4)

ص: 252


1- « أذيبه » كما في التهذيب من أذاب يذيب ، وفى بعض النسخ « ادنيه » ولعله تصحيف من النساخ.
2- لعله والد حمزة بن محمد الطيار مولى فزارة ، وفى بعض النسخ « محمد الطيان » ولم أجده.
3- يعنى إسماعيل بن همام وهو ثقة وكان من أصحاب الرضا عليه السلام.
4- المشهور أن الإجارة لا تبطل بالبيع لكن إن كان المشترى عالما بالإجارة تعين عليه الصبر إلى انقضاء المدة وإن كان جاهلا تخير بين الفسخ والامضاء.

وسألت شيخنا محمد بن الحسن رضي - اللّه عنه - عن رجل آجر ضيعة من رجل هل له أن يبيعها؟ قال : ليس له أن يبيعها قبل انقضاء مدة الإجارة إلا أن يشترط على المشتري الوفاء للمستأجر إلى انقضاء مدة إجارته (1).

3918 - وروي عن محمد بن عطية قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : إن اللّه عزوجل اختار لأنبيائه عليهم السلام الحرث والزرع لئلا يكرهوا شيئا من قطر السماء » (2).

3919 - و « سئل [ علي ] عليه السلام عن قول اللّه عزوجل » وعلى اللّه فليتوكل المتوكلون « قال : الزارعون ».

باب 387: ما يجب من الضمان على من يأخذ اجرا على شئ ليصلحه فيفسده

3920 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يعطى الثوب ليصبغه فيفسده ، فقال : كل عامل أعطيته أجرا على أن يصلح فأفسد فهو ضامن » (3).

3921 - وروى علي بن الحكم ، عن إسماعيل بن الصباح (4) قال : « سألت

ص: 253


1- المشهور جواز بيع العين المستأجرة وعدم بطلان الإجارة بالبيع.
2- أي طبعا مع قطع النظر عن علمهم بالمصالح العامة.
3- يدل على ضمان الصانع إذا أفسد مطلقا والظاهر أنه لا خلاف فيه.
4- في الكافي « عن علي بن الحكم عن أبي الصباح » وكذا في التهذيب لكن في الاستبصار ج 3 ص 132 « إسماعيل عن أبي الصباح » والظاهر هو الصواب لما روى نحوه عن الحسين ابن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح وهو إبراهيم بن نعيم الكناني وعليه فلعل المراد بإسماعيل إسماعيل بن عبد الخالق الأسدي وهو خير فاضل لرواية علي بن الحكم عنه في موارد عديدة ، والعلم عند اللّه.

أبا عبد اللّه عليه السلام عن القصار يسلم إليه المتاع فيحرقه أو يخرقه أيغرمه؟ قال : نعم غرمه بما جنت يده فإنك إنما أعطيته ليصلح ولم تعطه ليفسد ».

3922 - وقال عليه السلام : « كان أبي عليه السلام يضمن القصار والصواغ ما أفسدا وكان علي بن الحسين عليهما السلام يتفضل عليهم ».

باب 388: ضمان من حمل شيئا فادعى ذهابه

3923 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في جمال يحمل معه الزيت فيقول : قد ذهب أو أهرق أو قطع عليه الطريق ، فإن جاء عليه ببينة عادلة أنه قطع عليه أو ذهب فليس عليه شئ وإلا ضمن (1). وفي رجل حمل معه رجل في سفينته طعاما فنقص قال : هو ضامن ، قلت له : إنه ربما زاد ، قال : تعلم أنه زاد فيه شيئا؟ قلت : لا ، قال : هو لك ».

3924 - وقال عليه السلام « في الغسال والصواغ (2) ما سرق منهم من شئ فلم يخرج ببينة على أمر بين أنه قد سرق وكل قليل له أو كثير (3) فإن فعل فليس

ص: 254


1- قال في المسالك : القول بضمانهم مع عدم البينة هو المشهور بل ادعى عليه الاجماع والروايات مختلفة ، والأقوى أن القول قولهم مطلقا لأنهم أمناء وللأخبار الدالة عليه ، و يمكن الجمع بينها وبين ما دل على الضمان بحمل ما دل على الضمان على ما لو فرطوا أو أخروا المتاع عن الوقت المشترط كما دل عليه بعضها - انتهى ، وقال المولى المجلسي : لعل الحكم بوجوب إقامة البينة عليه والضمان على تقدير عدم الإقامة في صورة التهمة أي ظن كذب الحمال أو ظن تفريطه أو عدم كونه عادلا كما يشعر به بعض الأخبار الآتية لا مطلقا وهذا أظهر طرق الجمع في هذه الأخبار - انتهى ، وقال نحوه سلطان العلماء.
2- الظاهر أنهما بالضم جمع الغاسل والصايغ ، ويحتمل الفتح فيهما على المبالغة فرجع ضمير « منهم » إليهما باعتبار تعدد أفرادهما والأول يشمل القصار. ( مراد )
3- قوله « فلم يخرج » أي من ادعى منهم السرقة ، وقوله « وكل قليل له أو كثير » عطف على الضمير في « سرق » أي مع كل قليل أو كثير ، وقوله « فان فعل » أي أخرج البينة ، وقال العلامة المجلسي : كأنه ليس المراد به شهادة البينة على أنه سرق المتاع بعينه فإنه مع تلك الشهادة لا حاجة إلى شهادة انه سرق غيره معه ، بل المراد انه شهدت البينة أنه سرق عنه أشياء كثيرة بحيث يكون الظاهر أن المسروق فيها.

عليه شئ وإن لم يقم ببينة وزعم أنه قد ذهب الذي ادعى (1) فقد ضمنه إن لم يكن له على قوله بينة ». (2)

3925 - وقال (3) « في رجل تكارى دابة إلى مكان معلوم فتضيع الدابة ، قال إن كان جاز الشرط فهو ضامن ، وإن دخل واديا فلم يوثقها فهو ضامن ، وإن سقطت في بئر فهو ضامن لأنه لم يستوثق منها ». (4)

3926 - وروي (5) « عن رجل جمال اكتري منه إبل وبعث معه بزيت إلى أرض فزعم أن بعض زقاق الزيت انخرق واهراق الزيت ، قال : إنه أشاء أخذ الزيت وقال انخرق ، ولكن لا يصدق إلا ببينة عادلة (6) ، وأيما رجل تكارى دابة فاخذتها الذئبة (7) فشقت عينها فنفقت (8) فهو لها ضامن إلا أن يكون مسلما

ص: 255


1- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 343 في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن الحلبي بلفظ آخر ، وكذلك الشيخ في التهذيب. وفى الكافي « الذي ادعى عليه » وهو الصواب.
2- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 343 في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن الحلبي بلفظ آخر ، وكذلك الشيخ في التهذيب. وفى الكافي « الذي ادعى عليه » وهو الصواب.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 176 باسناده عن أحمد بن محمد ، عن رجل ، عن أبي المغرا ، عن الحلبي.
4- وجه ضمانه في الصورة الأولى هو الافراط وفعل ما لا يجوز فعله ، وفى الأخيرتين التفريط وترك ما يجب عليه فعله.
5- رواه الكليني ج 5 ص 243 في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل عن رجل جمال استكرى - إلى قوله - ببينة عادلة ».
6- قوله : « فزعم » أي ادعى وقوله عليه السلام « ان شاء أخذ الزيت » يعنى الجمال ان شاء أخذ الزيت ويقول انخرق الزقاق واهراق الزيت ولكن يجب عليه في ادعائه إقامة البينة.
7- الذئبة : داء يأخذ الدواب في حلوقها فينقب عنه بحديدة في أصل أذنه فيستخرج شئ كحب الجاورس. ( القاموس )
8- أي هلكت وماتت ، وفى بعض النسخ « فشقت عسها » والعس بضم العين وشد السين المهملة : الذكر والفرج ، وقد يقرء في بعضها « فشقت عسنها » والعسن بفتح العين : الشحم.

عدلا » (1).

3927 - وروي عن جعفر بن عثمان (2) قال : « حمل أبي متاعا إلى الشام مع جمال فذكر أن حملا منه ضاع ، فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال : « أتتهمه؟ فقلت : لا ، قال : فلا تضمنه » (3).

3928 - وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن قصار دفعت إليه ثوبا فزعم أنه سرق من بين ثيابه ، قال : عليه أن يقيم البينة أن ذلك سرق من بين متاعه وليس عليه شئ ، وإن سرق مع متاعه فليس عليه شئ » (4).

3929 - وروى عثمان بن زياد عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : « إن جمالا لنا كان يكارينا فحمل على غيره (5) فضاع ، قال : ضمنه وخذ منه ».

3930 - و « كان (6) أمير المؤمنين عليه السلام : يضمن الصباغ (7) والقصار والصائغ

ص: 256


1- الظاهر أن من قوله « وأيما رجل - إلى هنا - » من تتمة خبر الحلبي ولم يخرجه الشيخان ، ويحتمل أن يكون عن غيره.
2- في الكافي ج 5 ص 244 عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير عن جعفر بن عثمان ، وجعفر بن عثمان مشترك فإن كان الرواسي فهو ثقة ، وإن كان ابن شريك الكلابي أو صاحب أبي بصير فهما مهملان ، وإن كان جعفر بن عثمان الطائي فلم يوثق ، لكن نقل الوحيد عن خاله العلامة المجلسي أنه قال : الغالب المراد به الثقة. يعنى الرواسي ، وفى طريق المصنف إلى جعفر بن عثمان علي بن موسى الكمنداني وأبو جعفر الشامي وهما غير مذكورين.
3- يدل على عدم التضمين مع عدم التهمة أما وجوبا أو استحبابا. ( المرآة )
4- تقدم الكلام في مثله.
5- أي على جمال آخر أو أنه حمل متاعنا على غير ما كرينا منه من الإبل.
6- رواه الكليني ج 5 ص 242 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وكذا الشيخ أيضا في التهذيب.
7- قوله « يضمن » من باب التفعيل أي يحكم بضمانهم.

احتياطا على أمتعة الناس ، وكان لا يضمن من الغرق والحرق والشئ الغالب (1) ، وإذا غرقت السفينة وما فيها فأصابه الناس فما قذف به البحر على ساحله فهو لأهله وهم أحق به ، وما غاص عليه الناس وتركه صاحبه فهو لهم ».

3931 - وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يضمن الصائغ ولا القصار ولا الحائك إلا أن يكونوا متهمين فيجيثون بالبينة [ فيخوف ] ويستحلف لعله يستخرج منه شئ ». (2)

3932 - و « اتي علي عليه السلام (3) بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت فلم يضمنه ، وقال : إنما هو أمين » (4).

3933 - و « إن عليا عليه السلام ضمن رجلا مسلما أصاب خنزيرا لنصراني قيمته » (5).

3934 - وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يستأجر الحمال فيكسر الذي يحمل عليه أو يهريقه ، قال : إن كان مأمونا فليس عليه شئ ، وإن كان غير مأمون فهو ضامن ».

ص: 257


1- لعل المراد الكثير الوقوع أو مالا يقدرون على دفعه ومالا اختيار لهم فيه أو الغالب كونه سببا للتلف.
2- ظاهره جمع الحلف مع البينة ولعل وجهه عدم اطلاع البينة على تقصيره ويحتمل كون الحلف على تقدير التهمة فيكون كل من البينة والحلف على تقدير آخر. ( سلطان )
3- رواه الكليني 5 ج ص 243 بسند موثق عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال : ان عليا عليه السلام أتى بصاحب حمام - الخ ورواه الشيخ في التهذيب أيضا.
4- يدل على ما هو المشهور من أن صاحب الحمام لا يضمن الا ما أودع عنده وفرط فيه. ( المرآة )
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 178 باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه ، وعن أبيه عليهما السلام ، وقوله : « أصاب » أي قتل.

3935 - وروى ابن أبي نصر (1) ، عن داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فمات أو انكسر منه شئ فهو ضامن ».

3936 - وروي عن محمد بن علي بن محبوب قال : « كتب رجل إلى الفقيه عليه السلام في رجل دفع ثوبا إلى القصار ليقصره فدفعه القصار إلى قصار غيره ليقصره فضاع الثوب هل يجب على القصار أن يرد ما دفعه إلى غيره إن كان القصار مأمونا؟ فوقع عليه السلام : هو ضامن له إلا أن يكون ثقة مأمونا (2) أن شاء اللّه.

باب 389: السلف في الطعام والحيوان وغيرهما

3937 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجل أسلفته (3) دراهم في طعام : فلما حل طعامي عليه بعث إلى بدارهم ، وقال : اشتر لنفسك طعاما واستوف حقك ، فقال : أرى أن تولي ذلك غيرك وتقوم معه حتى تقبض الذي لك ولا تول أنت شراءه » (4).

3938 - وروي عن صفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يسلم في الحنطة أو التمر مائة درهم فيأتي صاحبه حين يحل له الدين فيقول : واللّه ما عندي إلا نصف الذي لك فخذ مني إن شئت بنصف الذي لك حنطة ونصفا ورقا ، فقال : لا بأس إذا أخذ منه الورق كما أعطاه (5).

ص: 258


1- طريق المصنف إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر صحيح وهو ثقة جليل ، وداود بن سرحان ثقة أيضا.
2- لعل المراد القصار الثاني يعنى إن كان القصار الثاني ثقة مأمونا لم يفرط الأول فلم يكن ضامنا.
3- في بعض النسخ « أسلفه ».
4- لعله بطريق الكراهة أو لرفع توهم أخذ النقد عوض الثمن فيخرج عن حقيقة السلف ويلحقه أحكام الصرف ( سلطان ) وقال المولى المجلسي : حمل على الاستحباب لرفع التهمة ولئلا يخدعه الشيطان في أن يأخذ أعلا من الوصف أو لشباهته بالربا.
5- أي مثل ما أعطاه من غير زيادة ولا نقصان فيرجع إلى فسخ النصف. ( مراد )

قال : وسألته عن الرجل يكون لي عليه جلة من بسر ، فآخذ منه جلة من رطب (1) مكانها وهي أقل منها (2)؟ قال : لا بأس ، قلت : فيكون لي عليه جلة من بسر فآخذ مكانها جلة من تمر ، وهي أكثر منها؟ قال : لا بأس إذا كان معروفا بينكما (3). قال : وسألته عن رجل يكون له على الاخر مائة كر من تمر وله نخل فيأتيه فيقول : أعطني نخلك هذا بما عليك ، فكأنه كرهه (4).

قال : وسألته عن الرجل يكون له على الاخر أحمال من رطب أو تمر فيبعث إليه بدنانير فيقول : اشتر بهذه واستوف منه الذي لك ، قال : لا بأس إذا ائتمنه » (5).

3939 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسلم في غير زرع ولا نخل ، قال : يسمي كيلا معلوما إلى

ص: 259


1- الجلة : وعاء التمر ، والبسر - بضم الموحدة - : التمر إذا لون ولم ينضج ، الواحدة بسرة والجمع بسار بكسر الباء ، والرطب : ما نضج قبل أن يصير تمرا ، والتمر أول ما يبدو من النخل طلع ثم خلال ثم بلج ثم بسر ثم رطب ثم تمر.
2- أي أقل منها وزنا.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 63 بسند صحيح ، عن الصادق عليه السلام وقوله « لا بأس إذا كان معروفا بينكما » أي إذا كان متعارفا بينكم تتسامحون فيها ، ويمكن أن يكون المراد من المعروف الاحسان ، وقال المولى المجلسي : يعنى يجوز أخذ الزائد إذا كان احسانا ولا يكون شرطا ، أو كان الاحسان معروفا بينكما بأن تحسن إليه و يحسن هو إليك.
4- رواه الكليني ج 5 ص 193 عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وتقدم تحت رقم 225 و تقدم وجه كراهته عليه السلام أيضا ، وقوله « أعطني نخلك » أي ثمرة نخلك.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 130 في الصحيح عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وحمل على الجواز وما سبق من النهى في رواية الحلبي على الكراهة ، ويمكن حمل هذا على تولى الغير.

أجل معلوم (1). قال : وسألته (2) عن السلم في الحيوان والطعام ويرتهن الرجل بماله رهنا؟ قال : نعم استوثق من مالك ».

3940 - وروى عن منصور بن حازم (3) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل كان له على رجل دراهم من ثمن غنم اشتراها منه فأتى الطالب المطلوب يتقاضاه فقال له المطلوب : أبيعك هذه الغنم بدراهمك التي لك عندي فرضي ، قال : لا بأس بذلك ».

3941 - وروى عن عبد اللّه بن بكير (4) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أسلف في شئ يسلف الناس فيه من الثمار فذهب ثمارها (5) ولم يستوف سلفه ، قال : فليأخذ رأس ماله أو لينظره ».

3942 - وروى صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتى إذا حضر الأجل لم يكن عنده طعام ووجد عنده دوابا ورقيقا ومتاعا أيحل له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه قال : نعم يسمي كذا وكذا بكذا وكذا صاعا » (6).

3943 - وروي عن حديد بن حكيم (7) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل

ص: 260


1- يحتمل أن يكون المراد أن المسلم فيه ليس بزرع ولا نخل أو ليس أو ان بلوغ الزرع وثمرة النخل ( سلطان ) ويدل على اشتراط تقدير المسلم فيه بالكيل والوزن.
2- روى هذه القطعة من الخبر الشيخ في التهذيب ج 2 ص 130 في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان وزاد بعد قوله « من مالك » « ما استطعت ».
3- يعنى روى صفوان ، عن منصور بن حازم كما في التهذيب ج 2 ص 130 ، رواه في الصحيح.
4- رواه صفوان ، أيضا عن عبد اللّه بن بكير كما في التهذيب ج 2 ص 130 رواه عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ومحمد بن خالد ، عن عبد اللّه بن بكير.
5- أي ثمار هذه السنة أي ذهب زمانها ، وفى التهذيب « فذهب زمانها ».
6- رواه الكليني في الصحيح ج 5 ص 186 وكذا الشيخ في التهذيبين.
7- رواه الكليني ج 5 ص 221 في مرسل كالموثق عن أبان عن حديد.

يشتري الجلود من القصاب فيعطيه كل يوم شيئا معلوما (1)؟ فقال : لا بأس [ به ] ».

3944 - وروى أبان أنه قال « في الرجل يسلف الرجل الدراهم ينقدها إياه بأرض أخرى ، قال : لا بأس به » (2).

3945 - وسأله سماعة « عن الرهن يرهنه الرجل في سلم إذا أسلم في طعام أو متاع أو حيوان ، فقال : لا بأس بأن تستوثق من مالك ». (3)

3946 - وروى علي بن أبي حمزة (4) ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السلم في الحيوان ، فقال : ليس به بأس ، فقلت : أرأيت إن أسلم في أسنان معلومة أو شئ معلوم من الرقيق ، فأعطاه دون شرطه أو فوقه بطيبة نفس منهم؟ فقال : لا بأس به » (5).

ص: 261


1- أي شيئا معلوما من الجلود فيكون من باب السلف ، قال العلامة في التحرير : « لو أسلم في شئ واحد على أن يقبضه في أوقات متفرقة أجزاء معلومة جاز » والظاهر مستنده هذا الخبر ، واستشكل لجواز أن يكون المراد من الشئ المعلوم الشئ من الثمن فيكون نسيئة لا سلفا ، والمشهور عدم جواز السلم في الجلود.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 148 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن أبان ، عهن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه - هكذا - قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسلف الرجل الدراهم وينقدها إياه بأرض أخرى والدراهم عددا ، قال : لا بأس » ولعل المراد بالاسلاف الاقراض.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 130 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن عن زرعة ، عن سماعة ، وفيه « يرتهنه الرجل في سلفه إذا أسلف في طعام - الحديث ».
4- هو البطائني قائد أبي بصير المكفوف وهو ضعيف وأبو بصير ثقة ومروى في الكافي ج 5 ص 230 في الصحيح عن علي بن أبي حمزة ونحوه في الصحيح عن الحلبي.
5- في التحرير : إذا حضر المسلم فيه على الصفة وجب قبوله وان أتى به دون الصفة لم يجب الا مع التراضي سواء كان من الجنس أو من غيره ، وان أتى به أجود من الموصوف وجب قبوله إن كان من نوعه وإن كان من غير نوعه لم يلزم ولو تراضيا عليه جاز سواء كان الجنس واحدا أو مختلفا.

3947 - وروى أبان (1) ، عن يعقوب بن شعيب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع طعاما بدراهم فلما بلغ ذلك الأجل تقاضاه ، فقال : ليس عندي دراهم خذ مني طعاما ، قال : لا بأس به إنما له دراهم يأخذ بها ما شاء » (2).

3948 - وروى عبيد اللّه بن علي الحلبي (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجل أسلم دراهم في خمسة مخاتيم (4) حنطة أو شعير إلى أجل مسمى ، وكان الذي عليه الحنطة والشعير لا يقدر على أن يقضيه جميع الذي حل ، فشاء صاحب الحق أن يأخذ نصف الطعام أو ثلثه أو أقل من ذلك أو أكثر ويأخذ رأس مال ما بقي من الطعام دراهم ، قال ، لا بأس به. قال : وسئل عن الزعفران يسلف فيه الرجل دراهم في عشرين مثقالا أو أقل من ذلك أو أكثر ، قال : لا بأس إن لم يقدر الذي عليه الزعفران أن يعطيه جميع ماله أن يأخذ نصف حقه أو ثلثه أو ثلثيه ويأخذ رأس مال ما بقي من حقه دراهم » (5).

3949 - وسئل (6) ( عن الرجل يسلف في الغنم ثنيان وجذعان (7) وغير

ص: 262


1- طريق المصنف إلى أبان بن عثمان صحيح وهو موثق مقبول الرواية ويعقوب بن شعيب ثقة ، ورواه الكليني والشيخ في مرسل كالموثق.
2- لا يخفى عدم المناسبة بين الخبر والباب فإنه يدل على جواز بيع الطعام نسيئة لا سلفا ، وقال العلامة المجلسي : ذهب الشيخ - رحمه اللّه - إلى أنه لا يجوز له أخذ الطعام أكثر مما باعه ، والأكثرون على خلافه وهذا الخبر بعمومه حجة لهم ، وحمله الشيخ على عدم الزيادة لاخبار أخر بعضها يدل على عدم جواز الشراء مطلقا وحملها العلامة على الكراهة جمعا وهو حسن.
3- الطريق إليه صحيح وهو ثقة وجه.
4- مخاتيم جمع مختوم وهو الصاع.
5- رواه الكليني ج 5 ص 186 والشيخ في التهذيب في الصحيح أيضا.
6- يعنى وقال الحلبي : وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام كما في الكافي ج 5 ص 221 رواه في الحسن كالصحيح عنه ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 127 في الموثق كالصحيح عن سليمان بن خالد.
7- الثنى هو ولد الناقة الذي دخل في السادسة وسمى ثنيا لأنه ألقى ثنيه ، ومن ذي الظلف والحافر ما دخل في الثالثة ، والجذع - بفتحتين - وهو من الإبل ما دخل في السنة الخامسة ، ومن البقر والمعز ما دخل في الثانية.

ذلك إلى أجل مسمى ، قال : لا بأس إن لم يقدر الذي عليه الغنم على جميع الذي عليه أن يأخذ صاحب الغنم نصفها أو ثلثها أو ثلثيها ويأخذ رأس مال ما بقي من الغنم دراهم ، ويأخذ (1) دون شرطهم ولا يأخذ فوق شرطهم (2) ، قال : والأكسية أيضا مثل الحنطة والشعير والزعفران والغنم ».

3950 - وروى الوشاء (3) ، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « لا ينبغي للرجل إسلاف السمن بالزيت ، ولا الزيت بالسمن » (4).

3951 - وروى عمر بن شمر (5) ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن السلف في اللحم؟ قال : لا تقربنه فإنه يعطيك مرة السمين ، ومرة التاوي (6) ، ومرة المهزول فاشتره معاينة يدا بيد. قال : « وسألته عن السلف في روايا الماء (7) ، فقال : لا فإنه يعطيك مرة ناقصة ، ومرة كاملة ، ولكن اشترها معاينة فهذا أسلم لك وله » (8).

ص: 263


1- في الكافي والتهذيب « يأخذون » وكذا ما يأتي.
2- حمل على الكراهة. ( المرآة )
3- طريق المصنف إلى الحسن بن علي الوشاء صحيح وهو ثقة وكذا عبد اللّه بن سنان ورواه الشيخ في التهذيب بسند صحيح والكليني ج 1905 بسند فيه معلى بن محمد البصري وهو ضعيف على المشهور.
4- حكى عن ابن الجنيد أنه عمل بظاهر الخبر وحكم بالتحريم ، والمشهور حملوه على الكراهة.
5- عمرو بن شمر ضعيف جدا لا يعتمد عليه في شئ ، ورواه الشيخ والكليني في التهذيب والكافي عنه أيضا.
6- التاوى : الضعيف الهالك ، والمراد هنا الذي يشرف على الموت فيذبح.
7- روايا جمع راوية : الإبل الحوامل للماء.
8- المشهور بين الأصحاب بل المقطوع به في كلامهم عدم جواز السلف في اللحم ، والخبر مع ضعفه يمكن حمله على الكراهة بقرينة آخر الخبر.

3952 - وروى وهب بن وهب (1) عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : لا بأس أن يسلف ما يوزن فيما يكال ، وما يكال فيما يوزن ».

3953 - وروى غياث بن إبراهيم (2) ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : لا بأس بالسلم بكيل معلوم إلى أجل معلوم ، ولا يسلم إلى دياس ولا حصاد » (3).

3954 - وروى النضر (4) عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أيصلح أن يسلم في الطعام عند رجل ليس عنده طعام ولا حيوان إلا أنه إذا جاء الأجل اشتراه وأوفاه؟ قال : إذا ضمنه إلى أجل مسمى فلا بأس ، قال : قلت : أرأيت إن أوفاني بعضا وأخر بعضا أيجوز ذلك؟ قال : نعم » (5).

3955 - وروى العلاء (6) ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته

ص: 264


1- طريق المصنف إليه صحيح وهو ضعيف كذاب.
2- طريق المصنف إليه صحيح وهو بتري موثق ، ورواه الشيخ ، في التهذيب والكليني في الصحيح عنه.
3- عليه الفتوى ، والدياس : دق الطعام بالفدان ليخرج الحب من السنبل ، والحصاد قطع الزرع بالمنجمل.
4- الطريق إليه صحيح وهو ثقة.
5- رواه الشيخ - رحمة اللّه عليه - في التهذيب ج 2 ص 129 في الصحيح والكليني في الكافي ج 5 ص 185 في الحسن كالصحيح عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان و زاد بعد قوله « نعم » « ما أحسن ذلك » ، والمشهور بين الأصحاب أنه إذا حل الأجل في السلم ولم يوجد المسلم فيه أو وجد وتأخر البايع حتى انقطع كان له الخيار بين الفسخ وأخذ الثمن وبين الصبر إلى أو انه ، وأنكر ابن إدريس الخيار ، وزاد بعضهم ثالثا وهو أن يفسخ ولا يصبر بل يأخذ قيمة الان ، ولو قبض بعضه ثم انقطع كان له الخيار في الفسخ في البقية والجميع لتبعض الصفقة ، والخيار في الموضعين مشروط بما إذا لم يكن التأخير من قبل المشترى كما ذكره الأصحاب. ( المرآة )
6- الطريق إلى العلاء بن رزين صحيح وهو ثقة صاحب محمد بن مسلم وتفقه عليه.

عن الرهن والكفيل في بيع النسيئة ، قال : لا بأس به » (1).

3956 - وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (2) قال : « لا بأس بالسلم في المتاع إذا وصفت الطول والعرض (3) ، وفي الحيوان إذا وصفت أسنانه ».

باب 390: الحكرة والأسعار

الحكرة والأسعار (4)

3957 - روي عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « ليس الحكرة إلا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت » (5).

3958 - و « مر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (6) بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق وحيث ينظر الناس إليها (7) فقيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لو قومت عليهم ، فغضب عليه السلام حتى عرف الغضب في وجهه وقال : انا أقوم عليهم إنما السعر إلى اللّه عزوجل يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء ».

ص: 265


1- رواه الكليني ج 5 ص 233 في الصحيح عن محمد بن مسلم ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام وقال العلامة المجلسي : صحيح وعليه الفتوى.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 129 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن جميل بن سعيد ، عن فضالة ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة عنه عليه السلام.
3- الظاهر أن ذلك على سبيل المثالث والمراد مضبوطية الوصف بما يرجع إليه.
4- الحكرة - بالضم - : اسم من الاحتكار وهو جمع الطعام وحبسه انتظارا لغلائه ، والمشهور أن الحكرة مكروه ، وقال الشهيد الثاني : الأقوى تحريمه وهو جيد.
5- المشهور أيضا تخصيصه بتلك الأجناس وأضاف بعضهم الملح والزيت ، واشترط فيه أن يستبقيها للزيادة في الثمن ولا يوجد بايع ولا باذل غيره وقيده جماعة بالشراء ( المرآة ) والخبر موثق بغيات.
6- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 162 بسند فيه جهالة عن الحسين بن عبيد اللّه بن ضمرة ، عن أبيه ، عن جده عن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وكذلك في الاستبصار ج 3 ص 114.
7- في التهذيبين « وحيث تنظر الابصار إليه ».

3959 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الحكرة فقال : إنما الحكرة أن تشتري طعاما وليس في المصر غيره فتحتكره ، فإن كان في المصر طعام أو متاع غيره فلا بأس أن تلتمس بسلعتك الفضل ).

3960 - وروى صفوان بن يحيى ، عن سلمة الحناط (1) قال : « قال أبو عبد اللّه عليه السلام : ما عملك؟ فقلت : حناط وربما قدمت على نفاق ، وربما قدمت على كساد فحبسته (2) ، قال : فما يقول من قبلكم فيه؟ قلت : يقولون محتكر ، قال : يبيعه أحد غيرك؟ قلت : ما أبيع أنا من ألف جزء جزءا ، فقال : لا بأس إنما كان ذلك رجل من قريش يقال له : حكيم بن حزام ، وكان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كله فمر عليه النبي صلى اللّه عليه وآله فقال له : يا حكيم بن حزام إياك أن تحتكر ».

3961 - وروى النضر ، عن عبد اللّه بن سنان (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « في تجار قدموا أرضا واشتركوا على أن لا يبيعوا بيعهم إلا بما أحبوا (4) قال : لا بأس بذلك ».

3962 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (5) : « لا يحتكر الطعام إلا خاطئ ».

3963 - وروي عن معمر بن خلا قال : « سأل رجل الرضا عليه السلام عن حبس الطعام سنة ، قال : أنا أفعله - يعني إحراز القوت - ».

3964 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الجالب مرزوق والمحتكر ملعون » (6).

ص: 266


1- الطريق صحيح ورواه الشيخ والكليني أيضا في الصحيح.
2- نفق البيع نفاقا ضد كسد أي راج ، وقوله « فحبسته » أي امتنعت عن بيعه.
3- في التهذيب ج 2 ص 162 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن عبد اللّه بن سليمان ، وهو النخعي ولم يوثق.
4- أي تعاهدوا واتفقوا على أن لا يبيعوا متاعهم الا بما أحبوا من القيمة المعينة وليس لاحد أن ينقص من الثمن المعين.
5- رواه الشيخ في التهذيبين باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الحديث.
6- رواه الكليني عن العدة ، عن سهل ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله - الحديث وجلبه يجلبه ساقه من موضع إلى موضع.

3965 - و « نهى أمير المؤمنين عليه السلام ، عن الحكرة في الأمصار » (1).

3966 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : الحكرة في الخصب أربعون يوما (2) وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام ، فما زاد على أربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون ، وما زاد في العسرة فوق ثلاثة أيام فصاحبه ملعون » (3).

3967 وروى أبو إسحاق ، عن الحارث عن علي عليه السلام قال : « من باع الطعام نزعت منه الرحمة » (4).

3968 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « كيلوا طعامكم فإن البركة في الطعام المكيل » (5).

3969 - وروي عن أبي حمزة الثمالي قال : « ذكر عند علي بن الحسين عليهما السلام غلاء السعر ، فقال : وما علي من غلائه إن غلا فهو عليه ، وإن رخص فهو عليه » (6).

ص: 267


1- يمكن أن يكون المراد بها حبس الطعام للقوت فان أهل الأمصار يمكنهم الشراء من السوق بخلاف أهل القرى أو يكون الكراهة في المصر أشد. ( م ت )
2- الخصب - بكسر المعجمة - نقيض الجذب.
3- مروى في الكافي والتهذيبين عن النوفلي ، عن السكوني ، والمشهور تقييده بالحاجة لا بالمدة ، ويمكن حمله على الغالب.
4- رواه الشيخ في التهذيب بسند مجهول ، والمراد من جعل كسبه بيع الطعام.
5- رواه الكليني عن علي بن محمد بن بندار ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن هارون ابن الجهم ، عن حفص بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله. ويمكن أن يكون المراد الكيل عند الصرف للطعام ، أو عند البيع فيكون على الوجوب.
6- رواه الكليني والشيخ بسند فيه ارسال عن أبي حمزة ، وذكره المصنف في التوحيد ص 389 طبع مكتبة الصدوق وقال بعده : الغلاء هو الزيادة في أسعار الأشياء حتى يباع الشئ بأكثر مما كان يباع في ذلك الموضع ، والرخص هو النقصان في ذلك ، فما كان من الرخص والغلاء عن سعة الأشياء وقلتها فان ذلك من اللّه عزوجل ويجب الرضا بذلك والتسليم له ، و ما كان من الغلاء والرخص بما يؤخذ الناس به لغير قلة الأشياء وكثرتها من غير رضى منهم به أو من جهة شراء واحد من الناس جميع طعام بلد فيغلوا الطعام لذلك فذلك من المسعر والمتعدي بشراء طعام المصر كله كما فعل حكيم بن حزام - انتهى ، وقوله « لغير قلة الأشياء » عطف بيان لقوله « بما يؤخذ الناس به » أي وما كان من الغلاء والرخص بسبب عمل الناس الذي صح مؤاخذتهم عليه وهو غير قلة الأشياء وكثرتها من اللّه تعالى من دون وجوب الرضا على الناس به أو كان جهة شراء واحد - الخ ( كذا في هامش التوحيد ) وتفصيل الكلام في هامش الكافي ج 5 ص 163.

3970 - وقال الصادق عليه السلام : « اشتروا وإن كان غاليا فإن الرزق ينزل مع الشراء » (1).

3971 - وقال عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « إني أراكم بخير » (2) فقال : كان سعرهم رخيصا ».

3972 - و « قيل للنبي صلى اللّه عليه وآله : لو سعرت لنا سعرا فإن الأسعار تزيد وتنقص فقال عليه السلام : ما كنت لألقى اللّه تعالى ببدعة لم يحدث إلي فيها شيئا ، فدعوا عباد اللّه يأكل بعضهم من بعض ، وإذا استنصحتم فانصحوا » (3).

3973 - وروي عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : « إن اللّه تبارك وتعالى وكل بالسعر ملكا يدبره بأمره ».

3974 - وروي عن أبي الصباح الكناني قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « يا

ص: 268


1- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 119 باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن عقبة قال : كان محمد بن أبي الخطاب قبل أن يفسد وهو يحمل المسائل لا صحابنا ويجيئ بجواباتها روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : اشتروا - الحديث. وقوله عليه السلام « فان الرزق ينزل مع الشراء » أي أن اللّه يعطيك الثمن وإن كان كثيرا.
2- يعنى في قصة شعيب في سورة هود : 87 حيث قال : « ولا تنقصوا المكيال والميزان انى أراكم بخير - الآية ». والخبر رواه الكليني ج 5 ص 164 بسند مرسل مرفوع.
3- رواه المؤلف في التوحيد مرسلا ، ولعل المراد أنه ان سأل منكم سائل سعر الوقت وقدره وشاور معكم فانصحوه والا فدعوا الناس في غفلاتهم وجهالاتهم ينفع بعضهم من بعض.

أبا الصباح شراء الدقيق ذل ، وشراء الحنطة عز ، وشراء الخبز فقر فتعوذوا باللّه من الفقر » (1).

3975 - وقال عليه السلام : « دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على عائشة وهي تحصي الخبز ، فقال : يا حميرا لا تحصين فيحصى عليك » (2).

3976 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « لا تمانعوا قرض الخمير والخبز ، فإن منعهما يورث الفقر » (3).

3977 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (4) : « علامة رضى اللّه في خلقه عدل سلطانهم و رخص أسعارهم ، وعلامة غضب اللّه على خلقه جور سلطانهم وغلا أسعارهم ».

باب 391: الحكم في اختلاف المتبايعين

3978 - قال الصادق عليه السلام (5) « في رجل يبيع الشئ فيقول المشتري : هو بكذا وكذا ، بأقل مما قال البائع ، قال : القول البائع إذا كان الشئ قائما

ص: 269


1- أي الفقر إلى الناس وأما الفقر في نفسه فهو زين للمؤمن وإن كان إلى اللّه تعالى فهو أعلى الكمالات. ( م ت )
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 162 باسناده عن أحمد بن محمد ، عن محمد ابن الحسين ، عن عبد اللّه بن جبلة ، عن الكناني عنه عليه السلام.
3- رواه في التهذيب باسناده عن أحمد بن محمد ، عن بنان بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن السكوني ، وهذا الخبر والخبران السابقان غير مناسب بالباب.
4- رواه الكليني ج 5 ص 163 والشيخ بسند مجهول عن القاسم بن إسحاق ، عن أبيه ، عن جده عنه صلى اللّه عليه وآله.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 180 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن معاوية بن حكيم ، عن البزنطي ، عن رجل عنه عليه السلام والسند صحيح إلى البزنطي وهو ثقة جليل القدر من أصحاب الاجماع ، ورواه الكليني بسند ضعيف على المشهور.

بعينه مع يمينه » (1).

باب 392: وجوب رد المبيع بخيار الرؤية

3979 - روى محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى ضيعة وقد كان يدخلها ويخرج منها ، فلما أن نقد المال صار إلى الضيعة ففتشها ثم رجع فاستقال صاحبه فلم يقله ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : لو قلبها ونظر منها إلى تسع وتسعين قطعة ، ثم بقي منها قطعة لم يرها لكان له في ذلك خيار الرؤية » (2).

3980 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن ميسر بن عبد العزيز (3) قال ، قلت : لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « رجل اشترى زق زيت فوجد فيه درديا (4) فقال : إن كان ممن يعلم أن ذلك يكون في الزيت لم يرده عليه ، وإن لم يكن يعلم أن ذلك يكون في الزيت رده عليه » (5).

3981 - و « دخل أمير المؤمنين عليه السلام (6) سوق التمارين فإذا امرأة تبكي و

ص: 270


1- الوجه فيه أنه مع بقاء العين يرجع الدعوى إلى رضى البايع وهو منكر لرضاه بالأقل ، ومع تلفه يرجع إلى شغل ذمة المشتري بالثمن وهو منكر للزيادة. ( الوافي )
2- طريق الخبر صحيح ورواه الشيخ باسناده الصحيح عن محمد بن علي بن محبوب الثقة ، عن أبن أبى عمير ، عن جميل في التهذيب ج 2 ص 125. وقوله عليه السلام : « له في ذلك خيار الرؤية » أي له الخيار في فسخ الجميع وامضائه ، وليس له فسخ ما لم يره فقط لتبعض الصفقة ( م ت ) أقول : القطعة - بالضم - الطائفة من الأرض.
3- طريق المصنف إلى ابن أبي عمير صحيح وهو ثقة جليل وكذا ميسر بن عبد العزيز.
4- الدردى من الزيت وغيره ما يبقى في أسفله.
5- يدل على أنه إذا كان عالما بالعيب والغش لا يرد المبيع ، وإذا كان جاهلا فله الرد وحمله الأصحاب على الزائد على المعتاد. ( م ت )
6- رواه الكليني ج 5 ص 230 عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم ابن إسحاق الخدري عن أبي صادق قال دخل أمير المؤمنين عليه السلام - الخ »

هي تخاصم رجلا تمارا ، فقال لها : مالك؟ فقالت : يا أمير المؤمنين اشتريت من هذا تمرا بدرهم فخرج أسفله رديا وليس مثل هذا الذي رأيت ، فقال له : رد عليها ، فأبى حتى قال له ثلاث مرات فأبى ، فعلاه بالدرة حتى رد عليها ، وكان عليه السلام يكره أن يجلل التمر » (1).

باب 393: النداء على المبيع

3982 - روى أمية بن عمرو ، عن الشعيري (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « إذا نادى المنادي فليس لك أن تزيد ، فإذا سكت فلك أن تزيد ، وإنما تحرم الزيادة والنداء يسمع ، ويحلها السكوت » (3).

باب 394: البيع في الظلال

3983 - روى [ عن ] هشام بن الحكم أنه قال : « كنت أبيع السابري في الظلال فمر بي أبو الحسن الأول عليه السلام راكبا فقال لي : يا هشام إن البيع في الظلال غش والغش لا يحل » (4).

ص: 271


1- التجليل التغطية ، وكراهته لئلا يغش كما فعله هذا التمار ( م ت ) وقال العلامة المجلسي : لعل الكراهة بمعنى الحرمة ، وفى بعض النسخ « يخلل » بالخاء المعجمة ولعل المراد التخليط يعنى خلط رديه بجيده.
2- الطريق إلى أمية فيه أحمد بن هلال هو ضعيف ، والشعيرى هو السكوني ظاهرا والخبر مروى في الكافي والتهذيب بسند ضعيف وليس فيها قوله « فإذا سكت فلك أن تزيده ».
3- قال في الدروس : يكره الزيادة وقت النداء بل حال السكوت ، وقال ابن إدريس : لا يكره. وقال سلطان العلماء : ظاهر الخبر الحرمة والمشهور الكراهة ، وكان الأصحاب حملوه على المبالغة في الكراهة.
4- ثوب سابري منسوب إلى سابور ، والخبر رواه الكليني ج 5 ص 160 في الحسن كالصحيح وكذا الشيخ في التهذيب ، وحمل في المشهور على الكراهة ، وقال في الدروس يحرم البيع في الظل من غير وصف.

باب 395: بيع اللبن المشاب بالماء

3984 - روى إسماعيل بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يشاب اللبن بالماء للبيع » (1).

باب 396: غبن المسترسل

3985 - قال الصادق عليه السلام : « غبن المسترسل سحت ، وغبن المؤمن حرام » (2).

3986 - وفي رواية عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « غبن المسترسل ربا » (3).

3987 - وقال عليه السلام (4) : « إذا قال الرجل للرجل : هلم أحسن بيعك ، فقد حرم عليه الربح » (5).

باب 397: الاحسان وترك الغش في البيع

3988 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لزينب العطارة الحولاء : « إذا بعت فأحسني

ص: 272


1- رواه الكليني عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن إسماعيل ، وظاهره الحرمة لأجل البيع وأما إذا كان لأجل نفسه أو لجهة أخرى دون البيع فلا يشمله النهى.
2- رواه الكليني ج 5 ص 153 في خبرين عن ميسر وإسحاق بن عمار عنه عليه السلام والمراد بالمسترسل الذي يوثق ويعتمد على الانسان في قيمة المتاع ، وقيل : المراد به من تعده بالاحسان فالمراد بغبنه أخذ النفع منه.
3- قال ابن الأثير في نهايته : الاسترسال الاستيناس والطمأنينة إلى الانسان والثقة به فيما يحدثه به ، وأصله السكون والثياب ، ومنه الحديث « غبن المسترسل ربا » أي كالربا في الحرمة.
4- مروى في التهذيب والكافي ج 5 ص 152 بسند مجهول مرسل.
5- حمله الأصحاب على الكراهة. ( المرآة )

ولا تغشي ، فإنه أنقى وأبقى للمال ». (1)

3989 - وقال عليه السلام : « ليس منا من غش مسلما ». (2)

3990 - وقال عليه السلام : « من غش المسلمين حشر مع اليهود يوم القيامة ، لأنهم أغش الناس للمسلمين ». (3)

باب 398: التلقي

3991 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (4) : « لا يتلقى أحدكم طعاما خارجا من المصر ولا يبيع حاضر لباد ، ذروا المسلمين يرزق اللّه بعضهم من بعض ». (5)

3992 - وروي عن منهال القصاب (6) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن تلقي الغنم؟ فقال : لا تلق ولا تشتر ما تلقى ، ولا تأكل من لحم ما تلقى ». (7)

ص: 273


1- مروى في الكافي ج 5 ص 151 مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام وله صدر.
2- رواه في العيون ص 198 في الحسن كالصحيح عن الرضا عليه السلام رفعه عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، وزاد في آخره « أو ضره أو ماكره » وسيأتي في المجلد الرابع.
3- سيأتي في أوائل المجلد الرابع في حديث مناهى النبي صلى اللّه عليه وآله عن شعيب بن واقد ، عن الحسين بن زيد ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام ، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله هكذا « قال : ومن غش مسلما في شراء أو بيع فليس منا ويحشر يوم القيامة مع اليهود لأنهم أغش الخلق للمسلمين » وروى في عقاب الأعمال نحوه.
4- رواه الكليني ج 5 ص 168 بسند ضعيف عن عروة بن عبد اللّه عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.
5- قال ابن الأثير في النهاية : التلقي هو أن يستقبل الحضري البدوي قبل وصوله إلى البلد ويخبره بكساد ما معه كذبا ليشترى منه سلعته بالوكس وأقل من ثمن المثل. و قال الفيض - رحمه اللّه - بعد نقل : الظاهر أنه في الحديث أعم منه ، وفى الكافي « تجارة » بدل « طعاما ».
6- رواه الكليني ج 5 ص 168 بسند صحيح عن منهال وهو غير معنون في الرجال نعم عنونه المصنف في المشيخة وذكر طريقه إليه وصحح العلامة الطريق.
7- ظاهره التحريم بل فساد البيع ، والمشهور الكراهة.

3993 - وروى « أن حد التلقي روحة (1) فإذا صار إلى أربع فراسخ فهو جلب » (2).

باب 399: الربا

3994 - روى الحسين بن المختار ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « درهم ربوا أشد عند اللّه عزوجل من ثلاثين زنية كلها بذات محرم مثل الخالة والعمة ».

3995 - وفي رواية هشام بن سالم (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « درهم ربوا أشد عند اللّه من سبعين زنية كلها بذات محرم » (4).

3996 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (5) : « آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهداه في الوزر سواء ».

3997 - وقال علي عليه السلام (6) : « لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الربا وآكله ومؤكله وبايعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه ».

ص: 274


1- يعنى وروى منهال القصاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما هو ظاهر الكافي ، و قوله « روحة » أي مرة من الرواح أي قدر ما يتحرك المسافر بعد العصر إلى غروب الشمس وهو أقل من أربعة فراسخ.
2- أي سفر للتجارة أو كسب.
3- رواه الكليني ج 5 ص 144 في الصحيح عنه.
4- الربا معاوضة متجانسين مكيلين أو موزونين بزيادة في أحدهما وان كانت حكمية كحال بمؤجل ، أو مع ابهام قدره وإن كان باختلافهم رطبا ويابسا ، وأكثر اطلاقه على تلك الزيادة ( الوافي ) والزنية - بالفتح والكسر - : الزنا.
5- في الكافي عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « آكل الربا - الخ » والمؤكل من الايكال أي مطعمه ، ويمكن أن يكون المراد بالاكل الاخذ وبالمؤكل المعطى.
6- مروى في التهذيب باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه عن علي عليهم السلام.

3998 - وروى إبراهيم بن عمر (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل » وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند اللّه « قال : هو هديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها فدلك ربوا يؤكل » (2).

3999 - وروى عبيد بن زرارة (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن ». (4)روى الشيخ في الصحيح في الاستبصار ج 3 ص 101 عن محمد بن مسلم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الثوبين الرديين بالثوب المرتفع، والبعير بالبعيرين والدابة بالدابتين، فقال كره ذلك على عليه السلام فنحن نكره الا أن يختلف الصنفان قال : وسألته عن الابل والبقر والغنم أواحد هو في هذا الباب؟ قال: نعم نكرهه» وسيأتى حديث زرارة تحت رقم 4007.(5)

4000 - وقال عليه السلام : « كل ربا أكله الناس بجهالة ثم تابوا فإنه يقبل منهم إذا عرفت منهم التوبة ». (6)

وقال عليه السلام : « لو أن رجلا ورث من أبيه مالا وقد علم أن في ذلك المال ربوا ولكن قد اختلط في التجارة بغيره فإنه له حلال طيب فليأكله وإن عرف منه شيئا

ص: 275


1- طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 122 في الصحيح أيضا.
2- سيجئ تفصيل هذا الكلام في أواخر الباب إن شاء اللّه.
3- رواه الكليني عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة عنه عليه السلام وجميع رجال السند من الثقات الا ابن فضال وهو حسن كالصحيح. وأما طريق المصنف إليه ففيه الحكم بن مسكين ولم يوثق.
4- يدل على أنه لا رباء في المعدود ، وقال في الدروس : وفى ثبوت الربا في المعدود قولان أشهرهما الكراهية لصحيحتي بن مسلم وزرارة
5- والتحريم خيرة المفيد وسلار وابن الجنيد ، ولم نقف لهم على دليل قاطع ، ولو تفاضل المعدود ان نسيئة ففيه الخلاف، والأقرب الكراهية. ( المرآة )
6- رواه الكليني مع الذي بعده في خبر في الكافي ج 5 ص 145 بسند صحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

معزولا أنه ربوا فليأخذ رأس ماله وليرد الربا ». (1).

4001 - وقال عليه السلام : « أيما رجل أدار مالا كثيرا (2) قد أكثر فيه من الربا فجهل ذلك ، ثم عرفه بعد (3) فأراد أن ينزع ذلك منه ، فما مضى فله ، ويدعه فيما يستأنف ». (4)

4002 - وقال عليه السلام (5) : « أتى رجل إلى أبي جعفر عليه السلام فقال : « إني ورثت مالا وقد علمت أن صاحبه الذي ورثته منه قد كان يربي وقد أعرف أن فيه ربوا

ص: 276


1- عمل بظاهر الخبر ابن الجنيد من بين الأصحاب ، وقال : إذا ورث مالا كان يعلم أن صاحبه يربى ولا يعلم الربا بعينه فيعزله جاز له أكله والتصرف فيه إذا لم يعلم فيه الربا ، وحمله بعض الأصحاب على ما إذا كان المورث جاهلا فيكون الرد في آخر الخبر محمولا على الاستحباب ، وحمل بعضهم العلم على الظن الضعيف الذي لا يعتبر شرعا بأنه كان يعلم أنه يربى ولا يعلم أن الان ذمته مشغولة بها ، ولا يخفى أنه يمكن حمل كلام ابن الجنيد رحمه اللّه - أيضا عليه بل هو أظهر. ( المرآة )
2- أدارا لشئ تعاطاه وتناوله ، وفى الكافي « أفاد » ، وفى أكثر نسخ الفقيه جعله نسخة وأفاد بمعنى استفاد كما في الصحاح.
3- أي جهل حرمة الربا زمانا ثم عرفه.
4- قال في تذكرة الفقهاء : يجب على آخذ الربا المحرم رده على مالكه ان عرفه لأنه مال له لم ينتقل عنه إلى آخذه ، ويده يد عادية ، فيجب دفعه إلى مالكه ، ولو لم يعرف المالك تصدق عنه لأنه مجهول المالك ، ولو وجد المالك قد مات سلم إلى الورثة ، فان جهلهم تصدق به ان لم يتمكن من استعلامهم ، ولو لم يعرف المقدار وعرف المالك صالحه ، ولو لم يعرف المقدار ولا المالك أخرج خمسه وحل له الباقي ، هذا إذا فعل الربا متعمدا ، أما إذا فعله جاهلا بتحريمه فالأقوى أنه كذلك أيضا ، وقيل : لا يجب عليه رده لقوله تعالى « فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف » وهو يتناول ما أخذه على وجه الربا ، ولما روى عن الصادق عليه السلام - انتهى ، أقول : ظاهر كلام العلامة وجوب الرد وإن كان لم يأخذ الربا متعمدا ، فكأنه حمل الآية على حط الذنب بعد التوبة أو اختصاص الحكم بزمن الرسول صلى اللّه عليه وآله ، ولم يعمل بالخبر مع تكرر مضمونه.
5- رواه الكليني ج 5 ص 145 في الحسن كالصحيح عن الحلبي أيضا.

وأستيقن ذلك وليس يطيب لي حلاله لحال علمي فيه (1) ، وقد سألت فقهاء أهل العراق وأهل الحجاز فقالوا : لا يحل لك أكله من أجل ما فيه ، فقال له أبو جعفر عليه السلام : إن كنت تعلم أن فيه مالا معروفا ربوا وتعرف أهله فخذ رأس مالك ورد ما سوى ذلك ، وإن كان مختلطا فكله هنيئا مريئا فإن المال مالك واجتنب ما كان يصنع صاحبه ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قد وضع ما مضى من الربا وحرم ما بقي ، فمن جهله وسعه جهله حتى يعرفه ، فإذا عرف تحريمه حرم عليه ووجب عليه فيه العقوبة إذا ركبه كما يجب على من يأكل الربا ». (2)

4003 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (3) : « ليس بيننا وبين أهل حربنا ربوا نأخذ منهم ولا نعطيهم ». (4)

4004 - وقال عليه السلام (5) : « ليس بين الرجل وبين ولده ربوا (6) وليس بين

ص: 277


1- في بعض النسخ « لمكان علمي فيه ».
2- قيل : أي على قدر يجب على آكل الربا فهذا بيان لقدر العقوبة لا تشبيه للوجوب بالوجوب ، والأظهر أنه من باب تشبيه حكم بحكم تفهيما للسائل كما هو الشايع في الاخبار أي كما أن الجهل بالحكم يحلل كذلك جهل العين أيضا ( المرآة ) وقال بعض الشراح : أن هذا مؤيد للحمل على جهل المورث ولا يخفى وهنه.
3- رواه الكليني ج 5 ص 147 بسند ضعيف عن عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
4- يدل على جواز أخذ الربا من الحربي وعدم جواز اعطائه ، كما هو المشهور بين الأصحاب ولا فرق بين العاهد وغيره في الحربي ولا بين كونه في دار الحرب أو دار الاسلام كما في المسالك ، وقال في الدروس : في جواز أخذ الفضل من الذمي خلاف أقربه المنع ، ولا يجوز اعطاؤه الفضل قطعا.
5- رواه الكليني بالسند المتقدم ذكره عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السلام.
6- قال الشهيد الثاني - رحمه اللّه - : الحكم مختص بالوالد النسبي بالنسبة إلى الأب فلا يتعدى الحكم إلى الام ولا إلى الجد مع ولد الولد ولا إلى ولد الرضاع على اشكال فيهما - انتهى ، وحكم السيد المرتضى - رحمه اللّه - في بعض كتبه بثبوت الربا بين الوالد والولد والمولى ومملوكه وبين الزوجين ، وحمل الخبر على النفي كقوله تعالى « ولا رفث ولا فسوق » ثم رجع ووافق المشهور وادعى الاجماع عليه.

السيد وبين عبده ربوا ». (1)

4005 - وقال الصادق عليه السلام : « ليس بين المسلم وبين الذمي ربوا (2) ولا بين المرأة وبين زوجها ربوا ». (3)

4006 - وروي عن عمر بن يزيد بياع السابري (4) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : جعلت فداك إن الناس يزعمون أن الربح على المضطر حرام وهو من الربا ، فقال : وهل رأيت أحدا اشترى - غنيا أو فقيرا - (5) إلا من ضرورة؟! يا عمر قد أحل اللّه البيع وحرم الربا ، فاربح ولا تربه (6) قلت : وما الربا؟ قال : دراهم بدراهم مثلان بمثل ». (7)

4007 - وروى غياث بن إبراهيم (8) ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام كره بيع اللحم بالحيوان ». (9)

ص: 278


1- ظاهره العبد المختص قال في الدروس : لا رباء بين المولى وعبده ان قلنا بملك العبد الا أن يكون مشتركا.
2- تقدم الكلام فيه ، وقال العلامة في المختلف بثبوت الربابين المسلم والذمي وحمل الخبر على الذمي الخارج عن شرائط الذمة ، وذهب ابن الجنيد إلى أنه إنما يجوز إذا كان الذمي في دار الحرب.
3- تقدمت دعوى الاجماع عليه.
4- طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة.
5- أي حال كون المشترى غنيا أو فقيرا.
6- من الارباء ، أفعال من الربا ، وفى بعض النسخ « ولا ترب » أي لا تأخذ منه الزيادة.
7- ذكر مثلان بمثل على سبيل التمثيل ، وكذلك ذكر الدراهم إذ لا اختصاص للربا بالتضعيف ولا بالدراهم. ( مراد )
8- الطريق إليه صحيح وهو بتري موثق ، ورواه الكليني ج 5 ص 191 في الموثق.
9- أي الحي أو المذبوح ، وأطلق جماعة من الأصحاب عدم الجواز وبعضهم خصوه باتحاد الجنس ، وذهب بعضهم إلى جوازه في الجنس وغيره ، وقوى العلامة في المختلف القول بالجواز في الحي دون المذبوح جمعا بين الأدلة ، وقال العلامة المجلسي : الاستدلال بمثل هذا الخبر على التحريم مشكل لضعفه سندا ودلالة ، نعم لو كان الحيوان مذبوحا وكان ما فيه من اللحم يساوى مع اللحم أو أزيد يدخل تحت العمومات ويكون الخبر مؤيدا.

4008 - وسأل رجل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عزوجل : « يمحق اللّه الربوا ويربي الصدقات « وقد أرى من يأكل الربا يربو ماله ، فقال : فأي محق أمحق من درهم ربوا يمحق الدين فإن تاب منه ذهب ماله وافتقر ». (1)

4009 - وروى أبان ، عن محمد بن علي الحلبي ، وحماد بن عثمان ، عن عبيد اللّه ابن علي الحلبي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : ما كان من طعام مختلف (2) أو متاع أو شئ من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مثلين بمثل يدا بيد ، فأما نظرة فإنه لا يصلح ». (3)

4010 - وروى جميل بن دراج (4) ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « البعير بالبعيرين والدابة بالدابتين يدا بيد ليس به بأس (5) ، وقال : لا بأس بالثوب بالثوبين يدا بيد ونسيئة إذا وصفتهما » (6).

4011 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السلام (7) « عن بيع الحيوان اثنين بواحد ،

ص: 279


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 124 باسناده عن الصفار ، عن محمد بن عيسى عن سماعة هكذا قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : انى سمعت اللّه عزوجل يقول : « يمحق اللّه الربا - الخ ». « وافتقر » أي من حيث وجوب الرد.
2- أي لا يكون من جنس واحد.
3- « نظرة » أي نسيئة ومؤجلا ، وظاهر قوله « لا يصلح » عدم الجواز ، والمشهور بين المتأخرين الجواز ، ولعلهم حملوا الخبر على الكراهة أو التقية.
4- الطريق صحيح ، ورواه الشيخ والكليني - رحمهما اللّه - في الصحيح أيضا.
5- يدل بمفهومه على عدم جواز النسيئة فيه.
6- يدل على أن « لا يصلح » في رواية الحلبي السابقة بطريق الكراهة أو التقية ( سلطان ) أقول : قال في الشرايع : فلو باع ما لا كيل فيه ولا وزن جاز ولو كان معدودا كالثوب بالثوبين والثياب والبيضة بالبيضتين والبيض نقدا ، وفى النسيئة تردد والمنع أحوط. وقال في المسالك : الجواز أقوى للأخبار الصحيحة والقول بالمنع للشيخ في أحد قوليه استنادا إلى خبر ظاهره الكراهة.
7- رواه الشيخ في التهذيب باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة عن سماعة ، قال : « سألته عن بيع الحيوان - الخ ».

فقال : إذا سميت السن فلا بأس » (1).

4012 - وسأل عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه (2) أبا عبد اللّه عليه السلام عن العبد بالعبدين والعبد بالعبد والدراهم ، فقال : لا بأس بالحيوان كلها يد بيد ».

4013 - وسأله سعيد بن يسار (3) « عن البعير بالبعيرين يدا بيد ونسيئة ، فقال : نعم لا بأس إذا سميت الأسنان جذعان أو ثنيان (4) ، ثم أمرني فخططت على النسيئة (5). لان - الناس يقولون : لا ، وإنما فعل ذلك للتقية - ».

4014 - وروى أبان ، عن سلمة ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام : « أن عليا عليه السلام (6) كسا الناس بالعراق فكان في الكسوة حلة جيدة فسأله إياها الحسين عليه السلام فأبى ، فقال الحسين عليه السلام : أنا أعطيك مكانها حلتين فأبى ، فلم يزل يعطيه حتى بلغ خمسا فأخذها منه ، ثم أعطاه الحلة ، وجعل الحلل في حجره فقال : لاخذن خمسة بواحدة ».

4015 - وروى جميل ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « الدقيق بالحنطة والسويق بالدقيق مثلا بمثل لا بأس به » (7).

ص: 280


1- في بعض النسخ « سميت الثمن » أي إذا عينت الحيوان الذي جعلته ثمنا فلا بأس.
2- رواه الشيخ في الاستبصار ج 3 ص 100 والتهذيب باسناده عن الحسين ، عن القاسم ابن محمد ، عن أبان ، عن عبد الرحمن عنه عليه السلام.
3- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 191 في الموثق عن سعيد عنه عليه السلام.
4- في بعض النسخ والكافي « جذعين أو ثنيين ».
5- الخبر في الكافي إلى هنا ، وقال العلامة المجلسي : لا خلاف بين العامة في جواز بيع الحيوان بالحيوانين حالا ، وإنما الخلاف بينهم في النسيئة ، فذهب أكثرهم إلى عدم الجواز فالامر بالخط على النسيئة لئلا يراه المخالفون - انتهى. وقيل : يظهر منه أن سعيد بن يسار قد كتب ما سمعه من الإمام عليه السلام ، وقوله « لان الناص. الخ » كان من كلام المصنف لعدم كونه في الكافي والتهذيبين.
6- مروى في التهذيب ج 2 ص 150 في الصحيح عن أبان ، عن سلمة.
7- يفهم منه أن المعتبر في بيع المثل بالمثل المساواة في الوزن دون الصفة. ( مراد )

4016 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1) قال : « الحنطة والشعير رأس برأس لا يزاد واحد منهما على الاخر ».

4017 - وسأله سماعة « عن الطعام والتمر والزبيب (2) فقال : لا يصلح شئ منه اثنان بواحد إلا أن تصرفه من نوع إلي نوع آخر (3) فإذا صرفته فلا بأس به اثنان بواحد وأكثر من ذلك » (4).

4018 - وروي عن محمد بن قيس قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « يكره وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر لان تمر المدينة أجودهما (5) ، قال : و كره أن يباع التمر بالرطب عاجلا بمثل كيله إلى أجل من أجل أن الرطب ييبس فينقص من كيله » (6).

4019 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليه السلام « عن رجل أعطى عبده عشرة دراهم على أن يؤدي العبد كل شهر عشرة دراهم أيحل ذلك؟ قال : لا بأس » (7).

4020 - وسأل داود بن الحصين (8) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الشاة بالشاتين والبيضة بالبيضتين ، قال : لا بأس ما لم يكن مكيلا أو موزونا » (9).

ص: 281


1- كذا وفى الكافي أيضا ، وجعل في الفقيه « عن أبي جعفر عليه السلام » نسخة.
2- في بعض النسخ « الزيت »
3- كما يباع من من تمر بمنين من طعام. ( مراد )
4- مروى في التهذيب ج 2 ص 144 في الموثق.
5- تعليل لهذا الفعل لا الكراهة.
6- مروى في التهذيب ج 2 ص 144 في الصحيح.
7- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 124 في ذيل حديث.
8- رواه الكليني ج 5 ص 191 في الموثق ، وداود بن الحصين واقفي موثق وطريق المصنف إليه فيه الحكم بن مسكين المكفوف مولى ثقيف ولم يؤثق.
9- أي وأن كان متفاضلا.

4021 - وروى الحلبي (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا بأس بمعاوضة المتاع ما لم يكن كيلا ولا وزنا ».

4022 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « يجيئني الرجل يطلب بيع الحرير مني وليس عندي منه شئ فيقاولني وأقاوله في الربح والأجل حتى نجتمع على شئ ، ثم أذهب فأشتري له وأدعوه إليه ، فقال : أرأيت إن وجد بيعا هو أحب إليه مما عندك أيستطيع أن ينصرف إليه ويدعك؟ أو وجدت أنت ذلك أتستطيع أن تنصرف عنه وتدعه؟ قلت : نعم ، قال : لا بأس ». (2)

4023 - وسأله أبو الصباح الكناني « عن رجل اشترى من رجل مائة من صفرا بكذا وكذا وليس عنده ما اشترى منه ، فقال : لا بأس إذا أوفاه الوزن الذي اشترط عليه ». (3)

4024 - وسأله عبد الرحمن بن الحجاج « عن الرجل يشتري الطعام من الرجل ليس عنده ويشتري منه حالا؟ قال : لا بأس به ، قال : قلت : إنهم يفسدونه عندنا (4) قال : فأي شئ يقولون في السلم؟ قلت ، لا يرون فيه بأسا يقولون : هذا إلى أجل فإذا كان إلى غير أجل وليس هو عند صاحبه فلا يصلح ، فقال : إذا لم يكن أجل كان أحق به (5) ، ثم قال : لا بأس أن يشتري الرجل الطعام وليس هو عند صاحبه إلى أجل وحالا لا يسمى له أجلا إلا أن يكون بيعا لا يوجد (6) مثل العنب والبطيخ وشبهه في غير زمانه ، فلا ينبغي شراء ذلك حالا ».

ص: 282


1- هو عبيد اللّه بن علي والطريق إليه صحيح ، ورواه الكليني أيضا في الصحيح.
2- السؤال لبيان عدم الشراء وكالة.
3- روى الشيخ في التهذيب نحوه عن زيد الشحام.
4- أي ان المخالفون الذين عندنا يحكمون بفساده.
5- أي أحق بكونه صالحا وصحيحا ، ولعل وجه الأحقية أن في صورة الحلول يمكن أن يكون البايع عارفا بحال نفسه من كونه قادرا على تحصيل المبيع وأدائه بخلاف المؤجل فان المستقبل لا يعلم ما يحدث فيه الا عالم الغيب. ( سلطان )
6- أي مبيعا لا يوجد في وقت المبايعة. ( مراد )

4025 - وروى محمد بن قيس (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام « من باع سلعة فقال : إن ثمنها كذا وكذا يدا بيد ، وثمنها كذا وكذا نظرة ، فخذها بأي ثمن شئت واجعل (2) صفقتها واحدة فقال : ليس له إلا أقلهما وإن كانت نظرة » (3).

4026 - وقال أبو جعفر عليه السلام (4) « في رجل أمره نفر أن يبتاع لهم بعيرا بورق ويزيدونه فوق ذلك نظرة ، فابتاع لهم بعيرا ومعه بعضهم فمنعه أن يأخذ منهم فوق ورقه نظرة » (5)

4027 - وروى جميل بن دراج ، عن رجل قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أصلحك اللّه إنا نخالط نفرا من أهل السواد فنقرضهم القرض ويصرفون إلينا غلاتهم فنبيعها لهم بأجر ولنا في ذلك منفعة؟ فقال : لا بأس ولا أعلمه إلا قال : ولو ما يصرفون إلينا من غلاتهم لم نقرضهم ، فقال : لا بأس ». (6)

ص: 283


1- طريق المصنف إليه حسن بإبراهيم بن هاشم وهو كالصحيح.
2- كذا في جميع النسخ وفى التهذيب أيضا ، وفى الكافي « وجعل صفقتها واحدة » ولعله أصوب فعلى ما في المتن والتهذيب هو بصيغة الامر أو التكلم أي أوقعها في بيع واحد ، أو اختر أيهما شئت.
3- عمل به جماعة من الأصحاب وقالوا بلزوم أقل الثمنين وأبعد الأجلين ، والمشهور بطلان هذا العقد. ( المرآة )
4- مروى في الكافي ج 5 ص 108 في الحسن كالصحيح عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل - الخ ».
5- يعنى أمروه أن يشترى لهم وكالة عنهم بعيرا ويعطى الثمن من ماله ثم يأخذ منهم أكثر مما أعطى بعد مدة فمنعه عليه السلام لان في صورة الوكالة لا يجوز أن يأخذ منهم أزيد مما أعطى لكون ذلك هو الربا المحرم ، فقوله « يزيدونه - الخ » أي قالوا : نعطيك زيادة على ما أديت بعد مدة.
6- الطريق إلى جميل صحيح وهو ثقة ، ولا يضر الارسال لاجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 64 في الصحيح عن جميل.

4028 - وروى ابن مسكان عن الحلبي (1) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يستقرض الدراهم البيض عددا ويقضي سودا وزنا وقد عرف أنها أثقل مما أخذ وتطيب بها نفسه أن يجعل له فضلها؟ قال : لا بأس به إذا لم يكن فيه شرط ولو وهبها له كلها صلح ». (2)

4029 - وسأله عبد الرحمن بن الحجاج (3) « عن الرجل يستقرض من الرجل الدرهم فيرد عليه المثقال أو يستقرض المثقال فيرد الدرهم؟ قال : إذا لم يكن شرط فلا بأس وذلك هو الفضل ، إن أبي عليه السلام كان يستقرض الدراهم الفسولة (4) فيدخل من غلته الجياد فيقول : يا بني ردها على الذي استقرضنا منه ، فأقول : يا أبة إن دراهمه كانت فسولة وهذه أجود منها ، فيقول : يا بني هذا هو الفضل فأعطها إياه ». (5)

4030 - وروى إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : « الرجل يكون له عند الرجل المال فيعطيه قرضا فيطول مكثه عند الرجل لا يدخل على صاحبه منه منفعة ، فينيله الرجل الشئ بعد الشئ (6) كراهة أن يأخذ ماله حيث لا يصيب منه منفعة ، يحل ذلك له؟ فقال : لا بأس إذا لم يكونا شرطاه ». (7)

4031 - وروى شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سمعته يقول :

ص: 284


1- رواه الكليني ج 5 ص 253 في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن الحلبي.
2- يدل على جواز أخذ الزيادة بدون الشرط. ( المرآة )
3- رواه الكليني ج 5 ص 254 في الصحيح والشيخ في التهذيب في الموثق.
4- المثقال : الدينار. والفسولة من الفسل وهو الردى من كل شئ.
5- ولعل قوله عليه السلام « هو الفضل » إشارة إلى قوله تعالى « ولا تنسوا الفضل بينكم ».
6- أي يعطيه عطية بعد عطية ، وفى بعض النسخ « فيقبله الرجل الشئ بعد الشئ » وهو تصحيف.
7- يدل كما تقدم على الجواز بدون الشرط لان الربا إنما جاء من قبل الشرط.

« إن رجلا جاء إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يسأله ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من عنده سلف (1) فقال : بعض المسلمين عندي فقال : أعطه أربعة أوساق من تمر فأعطاه ، ثم جاء (2) إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فتقاضاه ، فقال : يكون فأعطيك (3) ، ثم عاد فقال : يكون فأعطيك ثم عاد فقال : يكون فأعطيك فقال : أكثرت (4) يا رسول اللّه فضحك وقال : عند من سلف؟ فقام رجل فقال : عندي فقال : كم عندك؟ قال : ما شئت ، فقال : أعطه ثمانية أوساق ، فقال : الرجل : إنما لي أربعة ، فقال عليه السلام : وأربعة أيضا ».

4032 - وسأله محمد بن مسلم (5) « عن الرجل يستقرض من الرجل قرضا ويعطيه الرهن إما خادما وإما آنية وإما ثيابا ، فيحتاج إلى الشئ من أمتعته فيستأذنه فيه فيأذن له؟ قال : إن طابت نفسه له فلا بأس ، قلت : إن من عندنا يروون أن كل قرض جر منفعة فهو فاسد ، فقال : أو ليس خير القرض ماجر منفعة »؟! (6)

4033 - وسئل أبو جعفر عليه السلام « عن الرجل يكون له على الرجل الدراهم والمال فيدعوه إلى طعامه أو يهدي له الهدية ، قال : لا بأس ». (7)

4034 - وسأل يعقوب بن شعيب أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلة فيأخذ منه الدراهم الطازجية (8) طيبة بها نفسه ، فقال : لا بأس به (9) وذكر ذلك عن علي عليه السلام ».

ص: 285


1- السلف : السلم والقرض بلا منفعة أيضا.
2- أي صاحب أربعة أو ساق من التمر.
3- أي إذا يحصل فأعطيك فاصبر.
4- أي وعدت كثيرا.
5- رواه الكليني ج 5 ص 255 وفى الحسن كالصحيح.
6- أي بلا شرط بالنسبة إلى ما تجر بشرط ، أو بالنسبة إلى المقترض أو بحسب الدنيا ، وهو الأظهر.
7- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 64 نحوه عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
8- الغلة : المغشوشة والطازجية أي البيض الجيدة كأنه معرب ( تازه ) بالفارسية.
9- ذهب الشيخ في النهاية وأبو الصلاح وابن البراج وجماعة إلى جواز اشتراط الصحيح عن الغلة ، واحتج الشيخ بهذا الخبر وأشباهه ، وذهب ابن إدريس وجماعة من المتأخرين منهم العلامة إلى عدم جوازه ، واحتج هو بما رواه الكليني ج 5 ص 254 عن القمي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أقرضت الدراهم ثم أتاك بخير منها فلا بأس إذا لم يكن بينكما شرط » حيث يدل مفهوم الشرط على عدم الجواز مع الشرط ، وحمل هذا الخبر على عدم الاشتراط وهو الظاهر.

والربا رباء ان ربوا يؤكل وربوا لا يؤكل ، فأما الذي يؤكل فهو هديتك إلى الرجل تريد الثواب أفضل منها ذلك قول اللّه عزوجل : « وما أتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند اللّه » وأما الذي لا يؤكل فهو أن يدفع الرجل إلى الرجل عشرة دراهم على أن يرد عليه أكثر منها فهذا الربا الذي نهى اللّه عنه فقال « يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وذروا ما بقي من الربوا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون » عنى اللّه عزوجل أن يرد آكل الربا الفضل الذي أخذه عن رأس ماله (1) حتى اللحم الذي على بدنه مما حمله من الربا عليه أن يضعه فإذا وفق للتوبة أدمن دخول الحمام لينقص لحمه عن بدنه.

وإذا قال الرجل لصاحبه : عاوضني بفرسي فرسك وأزيدك فلا يصلح ولا يجوز ذلك ، ولكنه يقول : أعطني فرسك بكذا وكذا وأعطيك فرسي بكذا وكذا. (2)

باب 400: المبادلة والعينة

المبادلة والعينة (3)

4035 - روى يونس بن عبد الرحمن ، عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في

ص: 286


1- محمول على صورة أخذه مع العلم بتحريمه فلا ينافي ما سبق من أن المأخوذ مع الجهل لا يجب رده.
2- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 151 في الصحيح عن صفوان ، عن ابن مسكان عن أبن عبد اللّه عليه السلام أنه سئل « عن الرجل يقول : « عاوضني بفرسي فرسك وأزيدك ، قال : لا يصلح ولكن يقول : أعطني فرسك بكذا وكذا ، وأعطيك فرسي بكذا وكذا » ورواه في الاستبصار ج 3 ص 101 وحمله على الأفضل والأحوط.
3- العينة هو أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به ، فان اشترى بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها ثم باعها المشترى من البايع الأول بالنقد بأقل من الثمن فهذه أيضا عينة وهي أهون من الأولى ، وسميت عينة لحصول النقد لصاحب العينة لأن العين هو المال الحاضر من النقد ، والمشترى إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه معجلة ( النهاية ) ونقل عن الدروس : العينة لغة وعرفا شراء العين نسيئة فان حل الأجل فاشترى منه عينا آخر نسيئة ثم باعها وقضاه الثمن الأول كان جائزا ويكون عينة على عينة. وفى السرائر العينة معناها في الشريعة هو أن يشترى سلعة نسيئة ثم يبيعها بدون ذلك الثمن نقدا ليقضى دينا عليه لمن قد حل له عليه ويكون الدين الثاني وهو العينة - بكسر العين - من صاحب الدين الأول.

الرجل يبايع الرجل على الشئ (1)؟ فقال : لا بأس إذا كان أصل الشئ حلالا ».

4036 - وروى محمد بن إسحاق بن عمار قال : قلت للرضا عليه السلام : « الرجل يكون له المال فيدخل على صاحبه يبيعه لؤلؤة تساوي مائة درهم بألف درهم ويؤخر عليه المال إلى وقت ، قال : لا بأس قد أمرني أبي عليه السلام ففعلت ذلك ».

وروى محمد بن إسحاق بن عمار أنه سأل أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن ذلك فقال له مثل ذلك.

4037 - وروي عن صفوان الجمال (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « عينت رجلا عينة فحلت عليه؟ فقلت له : اقضني قال : ليس عندي فعيني حتى أقضيك ، قال : عينه حتى يقضيك ».

4038 - وروي عن بكار بن أبي بكر عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يكون له على الرجل المال ، فإذا حل قال له : بعني متاعا حتى أبيعه وأقضيك الذي لك علي قال : لا بأس به ».

باب 401: الصرف ووجوهه

4039 - روي عن عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « الرجل

ص: 287


1- أي يبايعه على شرط فإذا كان الشرط صحيحا شرعيا فلا بأس.
2- رواه الكليني ج 5 ص 205 في الصحيح عن صفوان ، عن هارون بن خارجة عنه عليه السلام ولعله سقط من قلم النساخ.

يبيع الدراهم بالدنانير نسيئة؟ قال : لا بأس به ». (1)

4040 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الفضة بالفضة مثل بمثل ، والذهب بالذهب مثل بمثل ليس فيه زيادة ولا نظرة ، الزائد والمستزيد في النار ». (2)

4041 - وروى أبان ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : » الرجل يكون له على الرجل الدنانير فيأخذ منه دراهم ثم يتغير السعر ، قال : هي له على السعر الذي أخذها يومئذ (3) ، وإن أخذ دنانير وليس له دراهم عنده

ص: 288


1- يدل خلافا للمشهور على عدم وجوب التقابض في المجلس ، ويعارضه ما رواه الكليني ج 5 ص 251 في الحسن كالصحيح عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه السلام : لا يبتاع رجل فضة بذهب الا يدا بيد ، ولا يبتاع ذهبا بفضة الا يدا بيد ». وكذا صحيح منصور بن حازم في التهذيب ج 2 ص 145 عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا اشتريت ذهب بفضة أو فضة بذهب فلا تفارقه حتى تأخذ منه فان نزا حائطا فانز معه » ، وحمل سلطان العلماء خبر عمار الساباطي على ما إذا كان أحد النقدين في ذمة أحدهما نسيئة فوقع البيع عليه بعد الحلول بنقد آخر فيكون من في ذمته المال بمنزلة الوكيل في القبض فقوله « نسيئة » ليس قيدا للبيع حتى يكون خلاف المشهور أو خلاف الاجمار. بل اما قيد للدنانير ويكون قوله « يبيع » بمعنى يشترى واما قيد للدراهم و « يبيع » على معناه الظاهر ، وعلى التقديرين يكون موافقا لفتوى الأصحاب - انتهى ، أقول : حاصل الكلام إن كان له على غيره دنانير نسيئة جاز أن يبيعها عليه في الحال بدراهم بسعر الوقت ويأخذ الثمن عاجلا ، و بمضمون هذه الرواية روايات أخر كلها عن عمار الساباطي الا خبرا واحدا عن زرارة وفى طريقه علي بن حديد ، وأما عمار فلا يعتمد على ما تفرد به لكونه فطحيا فاسد المذهب وإن كان موثقا ، وأما علي بن حديد فضعيف جدا لا يعول على ما تفرد به.
2- الزائد المعطى ، والمستزيد الاخذ. والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 145 وفيه « ولا نقصان » بدل « ولا نظرة ».
3- يدل على جواز تبديل ما في الذمة لأنه مقبوض بيده ، وعلى أن المحسوب سعر اليوم الذي أخذ منه ، وعلى أنه إذا أخذ الدنانير فهو مشغول الذمة بها حتى يؤديها بعينها أو يبدلها بالدراهم حين يأخذ ( م ت ) والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 147 في الصحيح عن أبان ، عن إسحاق بن عمار.

فدنانيره عليه يأخذها برؤوسها متى شاء ».

4042 - وروى ابن محبوب ، عن حنان بن سدير قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إنه يأتيني الرجل ومعه الدراهم فأشتريها منه بالدنانير ثم اعطيه كيسا فيه دنانير أكثر من دراهمه فأقول : لك من هذه الدنانير كذا وكذا دينارا ثمن دراهمك فيقبض الكيس مني ثم يرده علي ويقول : أثبتها لي عندك (1) ، فقال : إن كان في الكيس وفاء بثمن دراهمه فلا بأس به » (2).

4043 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « جاءه رجل من أهل سجستان فقال : إن عندنا دراهم يقال لها : الشامية تحمل على الدراهم دانقين (3) فقال : لا بأس به يجوز [ ذلك ] ».

4044 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من الصيارفة ابتاعا ورقا بدنانير (4) ، فقال أحدهما لصاحبه : انقد عني ، وهو موسر لو شاء أن ينقد نقد فينقد عنه ، ثم بدا له أن يشتري نصيب صاحبه بربح أيصلح؟ قال : لا بأس به » (5).

4045 - روي عن عمر بن يزيد (6) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الدراهم

ص: 289


1- أي يكون عندك وديعة.
2- لأنه وقع القبض الذي هو شرط بيع الصرف وان لم يف ففي المقبوض لا بأس به وفى غيره يكون باطلا في المشهور ، ويدل على أنه إذا وقع القبض فلا يضر الرد إليه. ( م ت )
3- في بعض النسخ « الشاهية » والظاهر تصحيفه ، والدانق سدس الدرهم وقوله : « تحمل » أي تزيد ، أو دانقان منه مغشوش كما قاله المولى المجلسي.
4- الورق : الدرهم ، أي ابتاعا من رجل ثالث.
5- أي الامر موسر قادر على النقد ، « فينقد » أي المأمور ، « ثم بدا له » أي بدا للمأمور أن يشترى نصيب صاحبه ، ووجه الشبهة والسؤال عدم حصول القبض ، ووجه الصحة أن قبض الوكيل كاف. ويدل على جواز الربح ، ويحمل على مخالفة الجنس.
6- طريق المصنف إليه صحيح وهو عمر بن يزيد بياع السابري ثقة ، ورواه الشيخ في التهذيب باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن صفوان ، عن ابن بكير ، عنه.

بالدراهم في إحديهما رصاص وزنا بوزن ، قال : أعد ، فأعدت عليه ، ثم قال : أعد فأعدت عليه (1) ، فقال : لا أرى به بأسا » (2).

4046 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألته عن الصرف وقلت له : إن الرفقة ربما عجلت فلم نقدر على الدمشقية والبصرية وأنما يجوز بنيسابور (3) الدمشقية والبصرية [ فقال : وما الرفقة؟ فقلت القوم يترافقون ويجتمعون للخروج فإذا عجلوا فربما لم يقدروا على الدمشقية والبصرية ] فبعنا [ ها ] (4) بالغلة فصرفوا الألف والخمسين منها بألف من الدمشقية ، فقال : لا خير فيها أفلا تجعلون فيها (5) ذهبا لمكان زيادتها؟ فقلت له : أشتري الألف ودينارا بألفي درهم؟ قال : لا بأس ، إن أبي عليه السلام كان أجرأ على أهل المدينة منا فكان يفعل هذا فيقولون : إنما هو الفرار (6) ولو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم ، ولو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار ، وكان عليه السلام يقول : نعم الشئ الفرار من الحرام إلى الحلال ».

4047 - وروى صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يكون لي عليه المال فيقضيني بعضا دنانير وبعضا دراهم فإذا جاء يحاسبني ليوفيني جاء وقد تغير سعر الدنانير أي السعرين أحسب؟ الذي كان يوم أعطاني الدنانير ، أو سعر يوم احاسبه؟ قال : سعر يوم أعطاك الدنانير لأنك حبست

ص: 290


1- كأن الإعادة لان يسمع الحاضرون أو يفهموا.
2- يدل على جواز بيع المغشوش بغيره وزنا بوزن ، ويكون الزيادة في الصحيح في مقابلة الغش ( م ت ) وقال الفاضل التفرشي : محمول على ما إذا كان الرصاص مضمحلا فيه بحيث لا يلتفت إليه أو يكون الرصاص معلوما بحيث لا يوجب جهالة المبيع.
3- مروى في الكافي ج 5 ص 446 في الصحيح وفيه « بسابور » وقال في القاموس سابور كورة بفارس مدينتها نوبندجان. وفى بعض نسخ الفقيه « وإنما يجوز بيننا بورق الدمشقية - الخ ».
4- والغلة : المغشوشة. وفى بعض النسخ والكافي « فبعثنا بالغلة ».
5- أي مع الدمشقية والبصرية.
6- أي الحملة في دفع الحرام ، والمراد العامة أو الأعم ، وقوله « ولو جاء - الخ » تتمة لكلامهم.

منفعتها عنه » (1).

4048 - وسأل عبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن شراء الفضة وفيها الزيبق والرصاص بالورق وهي إذا أذيبت نقصت من كل عشرة درهمان أو ثلاثة ، فقال : لا يصلح إلا بالذهب » (2).

4049 - وروي عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « يكون للرجل عندي من الدراهم الوضح فيلقاني فيقول : أليس لي عندك كذا وكذا ألف درهم وضح (3)؟ فأقول : نعم ، فيقول : حولها إلى دنانير بهذا السعر وأثبتها لي عندك ، فما ترى في هذا؟ قال : إذا كنت قد استقصيت له السعر يومئذ فلا بأس بذلك. قال : فقلت : إني لم أوازنه ولم اناقده إنما كان كلام مني ومنه ، فقال : أليس الدراهم من عندك والدنانير من عندك؟ قلت : بلى ، قال : لا بأس بذلك » (4).

باب 402: اللقطة والضالة

4050 - روى أبو عبد اللّه محمد بن خالد البرقي - رضي اللّه عنه - عن وهب

ص: 291


1- لأنك إذا لم تأخذ منه ذلك اليوم يمكنه أن يبيعها بقيمتها ذلك اليوم فقد حبست عنه منفعتها ، أو كان يمكنه في تلك المدة أن يعامل عليها فينتفع بها فالزيادة لك والنقصان عليك.
2- الحصر إضافي بالنسبة إلى الورق ، ولعله محمول على ما هو الغالب في المعاملات فإنهم لا يبذلون من الجنس الغالب أزيد مما في الغش كما ذكره الأصحاب. قال في الدروس : المغشوش من النقدين يباع بغيرهما أو بأحدهما مخالفا أو مماثلا مع زيادة تقابل الغش وان لم يعلم قدر الغش إذا علم وزن المبيع. ( المرآة )
3- الوضح - محركة : الدرهم الصحيح ( القاموس ) ، والخبر مروى في الكافي ج 5 ص 245 في الموثق وفيه « فيلقاني فيقول لي : كيف سعر الوضح اليوم؟ فأقول له كذا وكذا ، فيقول : أليس لي عندك كذا وكذا ألف درهم وضحا ، فأقول : بلى - الخ ».
4- يدل على جواز التبديل وظاهره أنه بيع وأن ذلك توكيل الصيرفي في القبض وما في الذمة مقبوض.

ابن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « لا يأكل من الضالة إلا الضالون » (1).

4051 - وفي رواية مسعدة بن زياد ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا صلوات اللّه وسلامه عليه قال : إياكم واللقطة فإنها ضالة المؤمن وهي حريق من حريق جهنم » (2).

4052 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن اللقطة يجدها الفقير ، هو فيها بمنزلة الغني؟ فقال : نعم ، قال : وكان علي بن الحسين عليهما السلام يقول : هي لأهلها لا تمسوها. قال : وسألته (3) عن الرجل يصيب درهما أو ثوبا أو دابة كيف يصنع؟ قال : يعرفها سنة فإن لم يعرف (4) جعلها في عرض ماله حتى يجيئ طالبها فيعطيها إياه ، وإن مات أوصى بها وهو لها ضامن » (5).

ص: 292


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 118 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام هكذا قال : « سألته عن جعل الآبق والضالة ، قال : لا بأس ، وقال : لا يأكل الضالة الا الضالون » وهو نهى عن الاكل بغير تعريف وضمان كما هو دأب أهل الفسق ، أو محمول على الكراهة.
2- قال في التذكرة : الأقرب عندي أنه يجوز لكل أحد أخذ الضالة صغيرة كانت أو كبيرة ، ممتنعة عن السباع أو غير ممتنعة بقصد الحفظ لمالكها ، والأحاديث الواردة في النهى عن ذلك محمولة على ما إذا نوى بالالتقاط الملك اما قبل التعريف أو بعده ، أما مع نية الاحتفاظ فالأولى الجواز - انتهى وقال الفاضل التفرشي قوله : « فإنها ضالة المؤمن » لعل المعنى أنها أمر من شأنها واللائق بها أن يضل عن المؤمن لا يكون معه الا بحيث كأنه لا يعرف مكانها ، ويمكن أن يراد أنها ضلت عن مؤمن فينبغي أن لا تؤخذ حتى يأخذها صاحبها ، وأما ما ورد من أن العلم ضالة المؤمن فمعناه أنه بمنزلة ضالته ولا بدله من تفحصها حتى يجدها. وفى بعض النسخ « وهي حريق من حريق النار ».
3- السائل علي بن جعفر والمسؤول موسى بن جعفر عليهما السلام.
4- أي فإن لم يعرف الواجد صاحبها بعد ما عرفها سنة ، أو لم يعرفها أحد ، وفى بعض النسخ « فإن لم تعرف » فهو على صيغة المجهول.
5- محمول على قدر الدرهم فما زاد فإنه لا خلاف في عدم وجوب تعريف ما دون الدرهم ولا في وجوب تعريف ما زاد عنه ، وفى قدر الدرهم خلاف.

4053 - وروى ابن محبوب ، عن جميل بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « رجل وجد في بيته دينارا ، فقال : يدخل منزله غيره؟ فقلت : نعم كثير ، قال : هذه لقطة ، قلت : ورجل وجد في صندوقه دينارا؟ قال : يدخل أحد يده في صندوقه غيره أو يضع فيه شيئا؟ قلت : لا ، قال : فهو له » (1).

4054 - وروى محمد بن عيسى ، عن محمد بن رجاء الخياط (2) قال : « كتبت إلى الطيب عليه السلام (3) إني كنت في المسجد الحرام فرأيت دينارا فأهويت إليه لاخذه فإذا أنا بآخر ، ثم بحثت الحصى فإذا أنا بثالث فأخذتها فعرفتها ولم يعرفها أحد فما ترى في ذلك؟ فكتب عليه السلام : إني قد فهمت ما ذكرت من أمر الدنانير فان كنت محتاجا فتصدق بثلثها ، وإن كنت غنيا فتصدق بالكل » (4).

4055 - وروى الحسن بن محبوب ، عن صفوان بن يحيى الجمال أنه سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « من وجد ضالة فلم يعرفها ثم وجدت عنده فإنها لربها

ص: 293


1- السند صحيح ، ورواه الكليني ج 5 ص 137 في الصحيح أيضا ، وعليه فتوى الأصحاب.
2- محمد بن رجاء مجهول الحال ، وفى بعض النسخ « الحناط » ، وفى الكافي ج 4 ص 239 « محمد بن رجاء الأرجاني ». وفى بعض النسخ « أحمد بن رجاء » وهو مهمل.
3- يعنى الهادي عليه السلام.
4- احتج الشيخ بهذا الخبر على أنه إن كان له حاجة إليها يجوز تملك ثلثها والتصدق بالباقي وأنكره العلامة ، ويمكن أن يقال مع احتياجه يكون من مصارف الصدقة فيكون الصدقة بالثلث محمولا على الاستحباب لكن الظاهر من كلامهم وجوب التصدق على غيره الا أن يقال في تلك الواقعة لما رفع أمرها إلى الإمام عليه السلام يجوز أن تصدق عليه السلام به عليه وعلى غيره فيكون مخصوصا بتلك الواقعة ، ثم إن تقريره عليه السلام على أخذه يدل على جواز أخذ لقطة الحرم ( المرآة ) وقال الفاضل التفرشي : لا منافاة بين هذا الخبر وحديث علي بن جعفر من أن الفقير بمنزلة الغنى إذ يمكن حمله على أنه بمنزلته في وجوب الحفظ والتعريف لا في جواز التصدق على نفسه حين أقدم على التصدق بها عن صاحبها ، ولا منافاة أيضا بينه وبين ما مر من أنه يحفظها إلى أن يموت فيوصي بها لجواز التخيير بين الحفظ والايصاء وبين التصدق والضمان لو جاء صاحبها ولم يرض بالاجر كما يجيئ. أقول : والمشهور عدم تملك لقطة الحرم.

ومثلها من مال الذي كتمها » (1).

4056 - وروي عن أبي العلاء (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل وجد مالا فعرفه حتى إذا مضت السنة اشترى بها خادما فجاء طالب المال فوجد الجارية التي اشتراها بالدراهم هي ابنته ، قال : ليس له أن يأخذ إلا الدراهم وليس له الابنة ، إنما له رأس ماله ، إنما كانت ابنته مملوكة قوم » (3).

4057 - وروى أبو خديجة سالم بن مكرم الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سأله ذريح عن المملوك يأخذ اللقطة؟ فقال : ما للمملوك واللقطة ، المملوك لا يملك من نفسه شيئا ، فلا يعرض لها المملوك فإنه ينبغي للحر (4) أن يعرفها سنة في مجمع فان جاء طالبها دفعها إليه وإلا كانت من ماله ، فان مات كانت ميراثا لولده ولمن ورثه ، فان جاء طالبها بعد ذلك دفعوها إليه » (5).

ص: 294


1- قوله : « ومثلها » كذا في الكافي. وفى بعض النسخ والتهذيب « أو مثلها » وقال سلطان العلماء : « لعله محمول على صورة عدم وجدان عينها ، فلزوم العين على تقدير الوجدان ، ولزوم المثل على تقدير عدم الوجدان ، وإن كان ظاهر العبارة على نسخة » ومثلها « جمعها » أقول : ويمكن أن يكون الواو بمعنى « أو ».
2- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 139 عن القمي ، عن أبيه ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي العلاء.
3- قال العلامة المجلسي : حاصله أنه كما كانت ابنته قبل شراء الملتقط مملوكة قوم وكانت لا تنعتق عليه فكذا في هذا الوقت مملوكة للملتقط ، أو المراد بالقوم الملتقط وعلى التقادير اما مبنى على أن اللقطة بعد الحول تصير ملكا للملتقط ، أو محمول على الشراء في الذمة ، أو مبنى على أنه بدون تنفيذ الشراء لا تصير ملكا وان اشتريت بعين ماله.
4- مروى في الكافي ج 5 ص 309 وفيه « فإنه ينبغي له » وما في المتن أظهر.
5- يعنى اللقطة لها أحكام ولوازم لا يناسب حال العبد لان التعريف مثلا ينافي حق مولاه ، وتملكه بعد التعريف واليأس لا يتصور منه ، ولكن الخبر ليس بصريح في المنع ، ويمكن حمله على الكراهة ، ومورد الكلام ما إذا كان بغير اذن مولاه ، ومع اذنه فلا اشكال فيه وفاقا.

4058 - وسأله داود بن أبي يزيد « عن الإداوة (1) والنعلين والسوط يجده الرجل في الطريق أينتفع به؟ قال : لا يمسه » (2).

4059 - وقال عليه السلام (3) : « لا بأس بلقطة العصا والشظاظ والوتد (4) والحبل والعقال وأشباهه ».

4060 - وسئل (5) « عن الشاة الضالة بالفلاة فقال للسائل : هي لك أو لأخيك أو للذئب قال : وما أحب أن أمسها ، وعن البعير الضال أيضا قال : مالك وله (6) بطنه وعاؤه ، وخفه حذاؤه ، وكرشه سقاؤه ، خل عنه ».

4061 - وروي عن حنان بن سدير قال : « سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام عن اللقطة وأنا أسمع ، فقال : تعرفها سنة ، فان وجدت صاحبها وإلا فأنت أحق بها.

- يعني لقطة غير الحرم - » (7).

ص: 295


1- الإداوة - بالكسر - : هي المطهرة ، وقيل : هي اناء صغير من جلد يتطهر به و يشرب.
2- حمل عند الأكثر على الكراهة ، ويجوز أن يحمل على أنه مبنى على نجاسة الجلد المطروح.
3- رواه الشيخ في التهذيب ، والكليني ج 5 ص 140 في الحسن كالصحيح عن حماد عن حريز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- الشظاظ خشبة محددة الطرف تدخل في عروتي الجو القين ليجمع بينهما عند حملهما على البعير والجمع أشظة. ( النهاية )
5- كذا وظاهره أن المسؤول هو أبو عبد اللّه عليه السلام ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 117 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأل رجل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن الشاة الضالة - الخ ».
6- في التهذيب « فقال للسائل : مالك وله ، خفه حذاؤه - الخ » بدون قوله « بطنه وعاؤه ».
7- اختصاصه بغير الحرام من المؤلف وليس في التهذيب وزاد فيه بعد قوله « فأنت أحق بها » « وقال هي كسبيل مالك ، وقال : خيره إذا جاءك بعد سنة بين أجرها وبين أن تغرمها له إذا كنت أكلتها » وقوله « أنت أحق بها » أي بالتصرف فيها اما بالتملك والضمان أو بالتصدق معه أو بالحفظ والايصاء.

4062 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قضى علي عليه السلام في رجل ترك دابته من جهد ، قال ، إن تركها في كلاء وماء وأمن فهي له يأخذها حيث أصابها ، وإن تركها في خوف وغير ماء ولا كلاء فهي لمن أصابها » (1).

4063 - وروي عن وهب بن وهب (2) ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « سألته عن جعل الآبق والضالة ، قال : لا بأس ».

4064 - وروى الحسين بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول في الضالة يجدها الرجل فينوي أن يأخذ لها جعلا فتنفق قال : هو ضامن لها (3) فإن لم ينو أن يأخذ لها جعلا فنفقت فلا ضمان عليه ».

4065 - وروي عن عبد اللّه بن جعفر الحميري قال : « سألته عليه السلام (4) في كتاب عن رجل اشترى جزورا أو بقرة أو شاة أو غيرها للأضاحي أو غيرها فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم أو دنانير أو جواهر أو غير ذلك من المنافع ، لمن يكون ذلك ، وكيف يعمل به؟ فوقع عليه السلام : عرفها البائع فإن لم يعرفها فالشئ لك رزقك اللّه إياه ».

4066 - وروى الحجال (5) عن داود بن أبي يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال له رجل : إني قد أصبت مالا وإني قد خفت فيه على نفسي ، فلو أصبت صاحبه دفعته إليه وتخلصت منه ، قال له : فواللّه لو أصبته كنت تدفع إليه؟ قال : إي واللّه ،

ص: 296


1- رواه الكليني ج 5 ص 140 في الضعيف. ولا ضمان ، وفى رد العين مع طلب المالك اشكال ولعل مبناه على أن صاحبها حينئذ أخرجها من ملكه وأعرض عنها فمن أخذها فهي له.
2- طريق المصنف إليه صحيح ولكن هو ضعيف جدا ، وقصته مع الرشيد في قتل يحيى ابن عبد اللّه بن الحسن معروف. راجع مقاتل الطالبيين عنوان يحيى بن عبد اللّه بن الحسن.
3- لأنه حينئذ بمنزلة الأجير ، ولعل المراد أن عليه البينة إن كان متهما بالتفريط.
4- يعنى العسكري عليه السلام فان عبد اللّه بن جعفر الحميري من أصحابه ، وهو شيخ القميين ثقة وجه ، والخبر مروى في الكافي عن محمد بن يحيى عنه.
5- مروى في الكافي ج 5 ص 138 بسند مجهول عنه.

قال عليه السلام : فلا واللّه ماله صاحب غيري؟ [ قال : ] واستحلفه أن يدفع إلى من يأمره ، قال : فحلف ، قال : اذهب فاقسمه في إخوانك ولك الأمان فيما خفت ، قال : فقسمه بين إخوانه ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : كان ذلك بعد تعريفه سنة (1).

4067 - وقال الصادق عليه السلام : « أفضل ما يستعمله الانسان في اللقطة إذا وجدها ألا يأخذها ولا يتعرض لها ، فلو أن الناس تركوا ما يجدونه لجاء صاحبه فأخذه » (2).

وإن كانت اللقطة دون درهم فهي لك لا تعرفه (3).

وإن وجدت في الحرم دينارا مطلسا فهو لك لا تعرفه (4).

وإن وجدت طعاما في مفازة فقومه على نفسك لصاحبه ثم كله فإن جاء صاحبه

ص: 297


1- هذا البيان مبنى على كون الملتقط من مال غيره عليه السلام وكأنه حمل قوله عليه السلام « ماله صاحب غيري » على كونه أولى بالتصرف فيه ، أو على الأموال التي له التصرف فيها ، ويجوز أن يقال : إن المراد بقوله عليه السلام « ماله صاحب غيري » كون الملتقط من أمواله ، مع أنه لا تصريح في الحديث بأن ما أصابه الرجل هو لقطة ، ولعله أصاب المال من جهة أخرى حراما ولم يعرف صاحبه.
2- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 116 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن الحسين بن أبي العلاء قال : « ذكرنا لأبي عبد اللّه عليه السلام اللقطة ، فقال : لا تعرض لها فان الناس لو تركوها لجاء صاحبها حتى يأخذها ».
3- روى الكليني ج 5 ص 137 بسند مرسل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن اللقطة ، قال : تعرف سنة ، قليلا كان أو كثيرا ، قال : وما كان دون الدرهم فلا يعرف ».
4- المطلس والاطلس هو الدينار الذي لا نقش فيه. وكأنه مع ما تقدمه وما يأتي خبر مروى عن الصادق عليه السلام ولم أجده بهذا اللفظ ، نعم روى الكليني ج 4 ص 239 مسندا عن فضيل بن غزوان قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له الطيار : انى وجدت دينارا في الطواف قد اسحق كتابته ، فقال هو لك ».

فرد عليه القيمة (1).

وإن وجدت لقطة في دار وكانت عامرة فهي لأهلها ، وإن كانت خرابا فهي لمن وجدها (2).

باب 403: ما يكون حكمه حكم اللقطة

4068 - روى سليمان بن داود المنقري (3) ، عن حفص بن غياث النخعي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا واللص مسلم فهل يرده عليه؟ قال : لا يرده عليه فإن أمكنه أن يرده على صاحبه فعل (4) ، وإلا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا ، فإن أصاب صاحبها وإلا تصدق بها ، فإن جاء صاحبها بعد ذلك خير بين الاجر والغرم ، فإن

ص: 298


1- روى الكليني ج 6 ص 297 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها وخبزها وجبنها وبيضها وفيها سكين ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يقوم ما فيها ثم يؤكل لأنه يفسد وليس له بقاء ، فان جاء طالبها غرموا له الثمن - الحديث » ويدل على أحكام.
2- روى الكليني ج 5 ص 138 في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن الدار يوجد فيها الورق ، فقال : ان كانت معمورة فيها أهلها فهو لهم ، وان كانت خربة قد جلا عنها أهلها فالذي وجد المال فهو أحق به ». واعلم أن صاحبا الوسائل والوافي جعلا من قوله « وان كانت القطعة دون درهم » إلى قوله « فهي لمن وجدها » تتمة للخبر السابق ، وهي عندي من كلام المؤلف أخذها من أحاديثهم صلوات اللّه عليهم كما هو دأبه ، والعلم عند اللّه.
3- طريق المصنف إلى المنقري ضعيف بمحمد بن القاسم ، ورواه الكليني عنه ولكن ضعفة منجبر بالشهرة كما في المسالك.
4- يدل على أنه يعلم أن ذلك المال ملك الغير وإنما كان في يد اللص بالغصب منه. ( مراد )

اختار الاجر فله الاجر ، وإن اختار الغرم غرم له وكان الاجر له » (1).

باب 404: الهدية

4069 - قال الصادق عليه السلام : « الهدية في التوراة غافر عينا » (2).

4070 - وقال عليه السلام : « تهادوا تحابوا » (3).

4071 - وقال عليه السلام : « الهدية تسل السخائم » (4).

4072 - وقال عليه السلام : « نعم الشئ الهدية أمام الحاجة ».

4073 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « لو دعيت إلى كراع لأجبت ، ولو أهدي إلي كراع لقبلت » (5).

ص: 299


1- عمل به الأصحاب وقال ابن إدريس : ردها إلى امام المسلمين فان تعذر أبقاه أمانة ثم يوصى بها إلى حين التمكن ، وقواه في المختلف ، واستحسنه في المسالك.
2- أي يستر العين عن رؤية العيوب ، وفى بعض النسخ « غافر عيبا » وفى بعضها « عاقر عيبا » أي يمحو العيب في التراب ، وروى الطبراني في الكبير مسندا عن عصمة بن مالك عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : « الهدية تذهب بالسمع والقلب والبصر » ومعناه أن قبول الهدية تورث محبة المهدى إليه للمهدى فيصير كأنه أصم عن سماع القدح فيه ، أعمى عن رؤية عيوبه ، وذلك لان النفس مجبولة على حب من أحسن إليها. وروى الديلمي في مسند الفردوس بسند ضعيف عن ابن عباس عنه صلى اللّه عليه وآله « الهدية تعور عين الحكيم » أي تصيره أعور لا يبصر الا بعين الرضا وتعمى عين السخط ولهذا كان يدعو بعضهم « اللّهم لا تجعل لفاجر عندي نعمة ».
3- رواه الكليني ج 5 ص 144 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله وزاد بعده « تهادوا فإنها تذهب بالضغائن ».
4- مروى في الكافي ج 5 ص 143 في حديث مسند عن أبي جعفر الباقر عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، والسل : انتزاعك الشئ برفق وإخراجه ، والسخيمة : الحقد في النفس.
5- الكراع - كغراب - هو ما دون الركبة من ساق البقر والغنم ، وفى صحيح البخاري « لو دعيت إلى ذراع لا جبت » ، ورواه أحمد في مسنده ، وابن حبان في صحيحه والترمذي في سننه كلهم من حديث أنس بسند صحيح عندهم هكذا « لو اهدى إلى كراع لقبلت ، ولو دعيت عليه لأجبت » وظاهره أن المراد بالكراع كراع الشاة وقيل : المراد بالكراع كراع الغميم وهو موضع بين مكة والمدينة على ثلاثة أميال من عسفان ، ويكون المعنى لو دعيت إلى كراع الغميم مع بعده لأجبت ، ولكن لا يناسب لفظ ما ورد من طريق العامة.

4074 - وقال عليه السلام : « عجلوا رد ظروف الهدايا فإنه أسرع لتواترها ».

4075 - و « كان عليه السلام لا يرد الطيب والحلوا ».

4076 - و « اتي علي عليه السلام بهدية النيروز ، فقال عليه السلام : ما هذا؟ قالوا : يا أمير المؤمنين اليوم النيروز ، فقال عليه السلام : اصنعوا لنا كل يوم نيروزا ».

4077 - وروي أنه قال عليه السلام : « نيرزونا كل يوم ».

4078 - وروى ثوير بن أبي فاختة ، عن أبيه ، عن علي عليه السلام قال : « أهدى كسرى للنبي صلى اللّه عليه وآله فقبل منه ، وأهدى قيصر للنبي صلى اللّه عليه وآله فقبل منه ، وأهدت له الملوك فقبل منهم » (1).

4079 - وقال عليه السلام : « عد من لا يعودك (2) ، وأهد إلى من لا يهدي إليك ».

4080 وقال الصادق عليه السلام : « الهدية ثلاث : هدية مكافأة ، وهدية مصانعة (3) وهدية لله عزوجل ».

4081 - وروى الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له الضيعة الكبيرة ، فإذا كان يوم المهرجان والنيروز أهدوا إليه الشئ ليس هو عليهم يتقربون بذلك الشئ إليه ، فقال : أليس هم مصلين

ص: 300


1- قال العلامة - قدس سره - : نحن في رواية ثوير بن أبي فاختة من المتوقفين.
2- أي زر أخاك في مرضه وان لم يزرك في مرضك ، ويحتمل أن يكون من العائدة أي المعروف والصلة لا العيادة. والخبر رواه البخاري في تاريخه ، والبيهقي في شعب الايمان كما في الجامع الصغير.
3- لعل المراد به الرشوة ، وفى القاموس المصانعة أن تصنع له شيئا ليصنع لك آخر ، وهي مفاعلة من الصنع. والخبر رواه الكليني ج 5 ص 141 باسناده عن السكوني عنه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.

قلت : بلى ، قال : فليقبل هديتهم وليكافهم ».

4082 - وقال عليه السلام : « إذا أهدي إلى الرجل الهدية من طعام وعنده قوم فهم شركاء فيها - يعني الفاكهة وغيرها - » (1).

4083 - وروي عن عيسى بن أعين قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أهدي إلى رجل هدية وهو يرجو ثوابها فلم يثبه صاحبها حتى هلك وأصاب الرجل هديته بعينها أله أن يراجعها إن قدر على ذلك؟ قال : لا بأس أن يأخذه » (2).

4084 - وروي عن إسحاق بن عمار قال : قلت له : « الرجل الفقير يهدي إلي الهدية يتعرض لما عندي فاخذها ولا أعطيه شيئا أيحل لي؟ قال : نعم هي لك حلال ولكن لا تدع أن تعطيه » (3).

4085 - روى محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام قال : « سألته عن مسألة كتب بها إلى محمد بن عبد اللّه القمي الأشعري فقال (4) : « لنا ضياع فيها بيوت نيران تهدي إليها المجوس البقر والغنم والدراهم فهل يحل لأرباب القرى أن يأخذوا ذلك ، ولبيوت نيرانهم قوام يقومون عليها؟ فقال أبو الحسن عليه السلام : ليأخذ أصحاب القرى من ذلك فلا بأس به » (5).

ص: 301


1- رواه الكليني ج 5 ص 144 بسند مرفوع بدون « يعنى ».
2- لعله محمول على ما إذا لم يكن المهدى إليه من رحمه.
3- رواه الكليني بسند فيه ارسال ، وظاهره عدم وجوب العوض ، ويمكن حمله على عدم العلم بإرادة العوض ، أو على أن المراد أن الهدية حلال والعوض واجب فعدم اعطاء العوض لا يصير سببا لحرمة الهدية وإن كان بعيدا ( المرآة ) وقال الفاضل التفرشي : ظاهر النهى وجوب الاعطاء ، وذلك لا ينافي حل الهدية على تقدير عدم الاعطاء.
4- رواه الكليني ج 5 ص 142 عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن عليه السلام قال : « قال له محمد بن عبد اللّه القمي : ان لنا ضياعا فيها بيوت النيران تهدى إليها المجوس البقر - الخ ». بأدنى اختلاف
5- السؤال اما عن جواز الاخذ منهم قهرا أو برضاهم ، فعلى الأول عدم البأس لعدم عملهم يومئذ بشرائط الذمة ، وعلى الثاني لعله مبنى على أنه يجوز أخذ أموالهم على وجه يرضون به وإن كان ذلك الوجه فاسدا كما في الربا ، وربما يحمل على عدم كونه مما اهدى إلى تلك البيوت بل يظن ذلك. ( المرآة )

باب 405: العارية

4086 - روي عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أو أبي إبراهيم عليه السلام قال : « العارية ليس على مستعيرها ضمان إلا أن يشترط ، إلا ما كان من ذهب أو فضة فإنهما مضمونتان اشترطا أو لم يشترطا (1) ، وقال عليه السلام : إذا استعيرت عارية بغير إذن صاحبها فهلكت فالمستعير ضامن » (2).

4087 - وروى أبان ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن العارية يستعيرها الانسان فتهلك أو تسرق ، فقال : إذا كان أمينا فلا غرم عليه ». (3)

4088 - وروى أبان ، عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل استعار ثوبا ثم عمد إليه فرهنه فجاء أهل المتاع إلى متاعهم ، فقال : يأخذون متاعهم ».

4089 - و « استعار النبي صلى اللّه عليه وآله من صفوان بن أمية الجمحي سبعين درعا حطمية (4) وذلك قبل إسلامه فقال : أغصب أم عارية يا أبا القاسم؟ فقال صلى اللّه عليه وآله : لا بل

ص: 302


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 168 في الموثق ، وفى الروضة « يضمن العارية باشتراط الضمان وبكونها ذهبا وفضة سواء كانا دنانير أو دراهم أم لا على أصح القولين ، وقيل : يختص بالنقدين ».
2- يحتمل أن يكون المراد أنها استعيرت ثانية بدون اذن صاحبها أي أعارها المستعير لغيره بدون اذن المالك فالمستعير الأول ضامن لتعديه ، بل الثاني أيضا لو كان عالما بالمال بل مطلقا على وجه ، ويحتمل أن يكون المراد استعارتها أولا بغير اذن صاحبها أي أخذها بنية الاستعارة وان لم يستأذن من المالك فهو ضامن لو هلك. ( سلطان )
3- قوله عليه السلام : « إذا كان أمينا » لعله كناية عن عدم التفريط ، وظاهره يشمل النقدين لكن ينبغي تخصيصه بغيرهما جمعا بين الاخبار. ( سلطان )
4- الحطمية نسبة إلى حطم بن محارب وكان يعمل الدروع وتنسب إليه ، وقيل : سميت بذلك لأنها تحطم السيوف.

عارية مؤداة فجرت السنة في العارية إذا اشترط فيها أن تكون مؤداة. وكان صفوان ابن أمية بعد إسلامه نائما في المسجد فسرق رداؤه فتبع اللص وأخذ منه الرداء وجاء به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وأقام بذلك شاهدين عدلين عليه فأمر عليه السلام بقطع يمينه فقال صفوان : يا رسول اللّه أتقطعه من أجل ردائي قد وهبته له ، فقال عليه السلام : ألا كان هذا قبل أن ترفعه إلي؟ فقطعه (1) فجرت السنة في الحد إذا رفع إلى الامام وقامت عليه البينة أن لا يعطل ويقام ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : لا قطع على من يسرق من المساجد والمواضع التي يدخل إليها بغير إذن مثل الحمامات والأرحية والخانات وإنما قطعه النبي صلى اللّه عليه وآله لأنه سرق الرداء وأخفاه فلاخفائه قطعه (2) ولو لم يخفه لعزره ولم يقطعه.

ص: 303


1- روى المؤلف نحوه في الخصال ص 192 مرسلا عن الصادق (عليه السلام) وفيه « كان ( يعنى صفوان ) راقدا في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وتحت رأسه رداءه فخرج يبول فجاء قد سرق رداؤه ، فقال : من ذهب بردائي وخرج في طلبه فوجده في يد رجل فرفعه إلى النبي (صلی اللّه عليه وآله) فقال : اقطعوا يده - ثم ساق نحو ما في المتن ». وروى هذه القصة البغوي في شرح السنة و المصابيح أيضا ، وروى نحوه ابن ماجة في سننه.
2- لا نفهم منه وجه وجيه لان الاخفاء لازم للسرقة وقوله « فوجد في يد رجل » كما في الخصال ينافي ذلك. وقال الشيخ في المبسوط : « وإن كان معه ثوب ففرشه ونام عليه أو اتكأ عليه أو نام وتوسده فهو في حرز في أي موضع كان في البلد أو البادية لان النبي صلى اللّه عليه وآله قطع سارق رداء صفوان وكان سرقه من تحت رأسه في المسجد لأنه كان متوسدا له ، فإن تدحرج عن الثوب زال الحرز » أقول : هذا القول ينافي أيضا خبر الخصال لان فيه « فخرج يبول فجاء وقد سرق رداؤه » الا أن يقال هذه الجملة من زيادة النساخ لعدم ذكره في غيره ، فإن كان كونه تحت الرأس يكون في العرف حرزا فهو والا فلابد من أن نقول : قضية في واقعة لا نعلم خصوصياتها ، أو أن يوجه بأن الحكم بقطع يد السارق عند نزول الآية غير مقيد ببعض الشروط ونزلت القيود والشروط بعد ، وقوله « ثم جرت السنة في الحد » أي بعد أن رفع إلى الامام.

باب 406: الوديعة

4090 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان ».

4091 - وقال (1) « في رجل استأجر أجيرا فأقعده على متاعه فسرق ، قال : هو مؤتمن » (2).

4092 - وروي عن محمد بن علي بن محبوب قال : « كتب رجل إلى الفقيه عليه السلام (3) في رجل دفع إلى رجل وديعة وأمره أن يضعها في منزله أو لم يأمره ، فوضعها الرجل في منزل جاره فضاعت هل يجب عليه إذا خالف أمره أو أخرجها من ملكه؟ فوقع عليه السلام : هو ضامن لها إن شاء اللّه تعالى ».

4093 - وروى ابن أبي عمير ، عن حبيب الخثعمي (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « الرجل يكون عنده المال وديعة يأخذ منه بغير إذن صاحبه؟ قال : لا يأخذ إلا أن يكون له وفاء (5) ، وقال : قلت : أرأيت إن وجد من يضمنه ولم يكن له وفاء وأشهد على نفسه الذي يضمنه (6) يأخذ منه؟ قال : نعم ».

ص: 304


1- اما تتمة للخبر السابق أو معلق عليه. ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 168 في الصحيح عن الحلبي.
2- أي جعله صاحب المتاع أمينا فلا يضمن ما لم يظهر أنه خان أو فرط. ( مراد )
3- في الكافي ج 5 ص 239 عن محمد بن الحسين قال : « كتبت إلى أبى محمد عليه السلام : رجل دفع إلى رجل وديعة فوضعها في منزل جاره فضاعت - الحديث » فالظاهر أن المراد بالفقيه أبو محمد العسكري عليه السلام.
4- صحيح ورواه الشيخ في التهذيب أيضا في الصحيح.
5- أي قدرة على وفاء عوضها له ضاعت.
6- يعنى وأشهد الضامن على نفسه أنه ضامن ، وينبغي حمله على ما إذا كان الضامن مليا ( الوافي ) أقول : الخبر ظاهره غير معمول به وظاهر المؤلف العمل به ، وقد يحمل على فحوى الاذن وان لم يكن صريحا.

4094 - وروي عن مسمع أبي سيار (1) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني كنت استودعت رجلا مالا فجحدنيه وحلف لي عليه ثم إنه جاءني بعد ذلك بسنتين (2) بالمال الذي أودعته إياه فقال : هذا مالك فخذه وهذه أربعة آلاف درهم ربحتها فهي لك مع مالك واجعلني في حل فأخذت منه المال وأبيت أن آخذ الربح منه ووقفت المال الذي كنت استودعته وأبيت أخذه حتى أستطلع رأيك فما ترى؟ فقال : خذ نصف الربح وأعطه النصف وحلله فإن هذا رجل تائب واللّه يحب التوابين ».

4095 - وسأل إسحاق بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل استودع رجلا ألف درهم فضاعت ، فقال له الرجل : إنما كانت عليه قرضا وقال الآخر. إنما كانت وديعة ، فقال : المال لازم له إلا أن يقيم البينة إنما كانت وديعة ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : مضى مشايخنا - رضي اللّه عنهم - على أن قول المودع مقبول فإنه مؤتمن ولا يمين عليه (3).

4096 - وقال رجل الصادق عليه السلام : « إني ائتمنت رجلا على مال أودعته إياه عنده فخانني فيه وأنكر مالي ، فقال عليه السلام : لم يخنك الأمين ولكنك ائتمنت الخائن » (4).

باب 407: الرهن

4097 - روى محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام « في رجل رهن عند رجل رهنا فضاع الرهن ، قال : هو من مال الراهن ويرتجع المرتهن عليه بماله ».

ص: 305


1- هو ثقة والطريق إليه ضعيف بالقاسم بن محمد الجوهري.
2- في بعض النسخ « بسنين ».
3- قال الشيخ في النهاية : إذا اختلف نفسان في مال فقال الذي عنده المال : انه وديعة وقال الآخر : انه دين عليك ، كان القول قول صاحب المال باليمين أنه لم يودعه ذلك المال ، وكذا قال ابن الجنيد.
4- رواه الشيخ أيضا مرسلا وفيه « إنما ائتمنت الخائن ».

4098 - وفي رواية إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الظهر يركب إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يركبه نفقته ، والدر (1) يشرب إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يشرب الدر نفقته » (2).

4099 - وروى صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام قال : قلت له : « الرجل يرتهن العبد فيصيبه عور أو ينقص من جسده شئ على من يكون نقصان ذلك؟ قال : على مولاه ، قال : قلت : إن الناس يقولون إن رهنت العبد فمرض أو انفقأت عينه فأصابه نقصان في جسده ينقص من مال الرجل بقدر ما ينقص من العبد ، قال : أرأيت لو أن العبد قتل على من تكون جنايته؟ قال : جنايته في عنقه » (3).

4100 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عباد بن صهيب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن متاع في يدي رجلين أحدهما يقول : استودعتكاه ، والاخر يقول هو رهن ، فقال : القول قول الذي هو رهن عندي إلا أن يأتي الذي ادعى أنه قد أودعه بشهود » (4).

ص: 306


1- يعنى بالظهر الحيوان الذي يكون المقصود منه الركوب ، وكذا الدرأى الحيوان الذي يكون المقصود منه اللبن.
2- المشهور عدم جواز تصرف المرتهن في العين المرهونة الا باذن الراهن فان تصرف لزمته الأجرة ، والخبر مروى في التهذيب مسندا عن عبد اللّه بن المغيرة عن السكوني إسماعيل ابن مسلم.
3- أي في عنق العبد ويغرمه مولاه ، وروى الكليني ج 5 ص 234 في الموثق عن إسحاق بن عمار هكذا قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام « الرجل يرهن الغلام والدار فتصيبه الآفة على من يكون؟ قال : على مولاه ، ثم قال : أرأيت لو قتل قتيلا على من يكون؟ قلت : هو في عنق العبد ، قال : ألا ترى فلم يذهب مال هذا؟ ثم قال : أرأيت لو كان ثمنه مائة دينار فزاد وبلغ مائتي دينار لمن كان يكون؟ قلت : لمولاه ، قال : كذلك يكون عليه ما يكون له ».
4- مروى في الكافي ج 5 ص 238 والتهذيب بسند موثق.

4101 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد (1) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأخذ الدابة والبعير رهنا بماله هل له أن يركبهما؟ فقال : إن كان يعلفهما فله أن يركبهما وإن كان الذي أرهنهما عنده يعلفهما فليس له أن يركبهما » (2).

4102 - وروى الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال : « سألت أبا - عبد اللّه عليه السلام عن الرجل رهن بماله أرضا أو دارا لهما غلة كثيرة ، فقال : على الذي ارتهن الأرض والدار بماله أن يحسب لصاحب الأرض والدار ما أخذ من الغلة ويطرحه عنه من الدين له » (3).

4103 - وروى محمد بن حسان ، عن أبي عمران الأرمني (4) عن عبد اللّه بن الحكم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أفلس وعليه دين لقوم وعند بعضهم رهون وليس عند بعضهم ، فمات ولا يحيط ماله بما عليه من الدين ، قال : يقسم جميع ما خلف من الرهون وغيرها على أرباب الدين بالحصص » (5).

ص: 307


1- مروى في الكافي ج 5 ص 236 والتهذيب ج 2 ص 166 بسند صحيح مع اختلاف.
2- قال في المسالك : قال الشيخ : إذا أنفق عليها كان له ركوبها أو يرجع على الراهن بما أنفق استنادا إلى رواية أبى ولاد ، والمشهور أنه ليس للمرتهن التصرف في الرهن مطلقا الا باذن الراهن فان تصرف لزمته الأجرة ، وأما النفقة فان أمره الراهن بها رجع بما غرم والا استأذنه ، فان امتنع أو غاب رفع أمره إلى الحاكم ، فان تعذر أنفق بنية الرجوع ، فان تصرف مع ذلك ضمن مع الاثم وتقاصا ، وهذا هو الأقوى ، والرواية محمولة على الاذن في التصرف والانفاق مع تساوى الحقين ، وربما قيل بجواز الانتفاع بما يخاف فوته على المالك عند تعذر استيذانه أو استيذان الحاكم.
3- في بعض النسخ « من الذي له ».
4- أبو عمران الأرمني اسمه موسى بن رنجويه وهو ضعيف وله كتاب. والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 166 في الضعيف أيضا.
5- المشهور اختصاص المرتهن بالرهن ، قال في الشرايع : « المرتهن أحق باستيفاء دينه من الغرماء سواء كان الراهن حيا أو ميتا على الأشهر » فيمكن حمل الرواية على الزيادة عن دينه ، فحينئذ يقسم الزيادة بين الغرماء ، أو يحمل على أن الرهن بعد الفلس.

4104 - قال : « وسألته عن رجل رهن عند رجل رهنا على ألف درهم والرهن يساوي ألفين فضاع ، قال : يرجع عليه بفضل ما رهنه ، وإن كان أنقص مما رهنه عليه رجع على الراهن بالفضل ، وإن كان الرهن يسوى ما رهنه عليه فالرهن بما فيه ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذا متى ضاع الرهن بتضييع المرتهن له فأما إذا ضاع من حرزه أو غلب عليه يرجع بماله على الراهن ، وتصديق ذلك :

4105 - ما رواه علي بن الحكم (1) ، عن أبان بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « في الرهن إذا ضاع من عند المرتهن من غير أن يستهلكه رجع بحقه على الراهن فأخذه ، وإن استهلكه ترادا الفضل بينهما ».

4106 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن رهن رجل أرضا فيها ثمرة فإن ثمرتها من حساب ماله ، وله حساب ما عمل فيها وأنفق فيها فإذا استوفى ماله فليدفع الأرض إلى صاحبها ».

4107 - وروى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام في رهن اختلف فيه الراهن والمرتهن ، فقال الراهن : هو بكذا وكذا ، وقال المرتهن : هو بأكثر : إنه يصدق المرتهن حتى يحيط بالثمن لأنه أمين » (2).

ص: 308


1- طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة ، ورواه الكليني ج 5 ص 234 في الضعيف على المشهور عن الوشاء عن أبان عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، والشيخ في التهذيبين باسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن بنان بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان عنه عليه السلام ، وبنان بن محمد امامي ولم يوثق.
2- قال في المسالك : ذهب الأكثر إلى أن القول قول الراهن ، وهو الأقوى لأصالة عدم الزيادة وبراءة ذمة الراهن ، ولأنه منكر ، ولصحيحة محمد بن مسلم ( المروية في الكافي ج 5 ص 237 ) عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل يرهن عند صاحبه رهنا لا بينة بينهما فيه فادعى الذي عنده الرهن أنه بألف ، فقال صاحب الرهن : إنما هو بمائة ، قال : البينة على الذي عنده الرهن أنه بألف وان لم يكن بينة فعلى الراهن اليمين ». والقول بأن القول قول المرتهن ما لم يستغرق دعواه ثمن الرهن قول ابن الجنيد استنادا إلى رواية السكوني.

4108 - وروى صفوان بن يحيى (1) ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا - إبراهيم عليه السلام عن رجل يكون عنده الرهن فلا يدري لمن هو من الناس [ فقال : ما أحب أن يبيعه حتى يجيئ صاحبه ] ، قلت : لا يدري لمن هو من الناس ، فقال : فيه فضل أو نقصان؟ قلت : فإن كان فيه فضل أو نقصان ما يصنع؟ قال : إن كان فيه نقصان فهو أهون ، يبيعه فيؤجر بما بقي ، وإن كان فيه فضل فهو أشدهما عليه يبيعه ويمسك فضله حتى يجيئ صاحبه » (2).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذا : إذا لم يعرف صاحبه ولم يطمع في رجوعه فمتى عرف صاحبه فليس له بيعه حتى يجيئ ، وتصديق ذلك :

4109 - ما رواه القاسم بن سليمان (3) عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل رهن رهنا إلى وقت ثم غاب هل له وقت يباع فيه رهنه؟ فقال : لا حتى يجيئ ».

4110 - وروى أبان ، عن عبيد بن زرارة فال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل رهن عند رجل سوارين (4) فهلك أحدهما ، قال : يرجع بحقه فيما بقي ».

4111 - وقال عليه السلام : « في رجل رهن عند رجل دارا فاحترقت أو انهدمت ، قال ، يكون ماله في تربة الأرض ».

4112 - وقال عليه السلام « في رجل رهن عنده رجل مملوكا فجذم ، أو رهن عنده متاعا فلم ينشر ذلك المتاع ولم يتعاهده ولم يحركه فأكل - يعني أكله السوس (5) -

ص: 309


1- الطريق إلى صفوان بن يحيى حسن كالصحيح ، ورواه الكليني في الموثق.
2- حمل على ما إذا كان وكيلا أو أذن الحاكم كما قال ابن إدريس وهو المشهور ، وقال العلامة في المختلف : إذا حل الدين لم يجز بيع الرهن الا أن يكون وكيلا أو يأذن الحاكم ، قاله ابن إدريس وهو جيد ، وأطلق أبو الصلاح جواز البيع مع عدم التمكن من استيذان الراهن.
3- رواه الكليني ج 5 ص 234 في الموثق كالصحيح عن ابن بكير عن عبيد بن زرارة.
4- السوار - ككتاب - : حلية كالطوق تلبسه المرأة في معصمها أو زندها.
5- السوس - بالضم - : دود يقع في الصوف. ( القاموس )

هل ينقص من ماله بقدر ذلك؟ قال : لا » (1).

4113 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يرهن عند الرجل الرهن فيصيبه توى (2) أو ضاع ، قال : يرجع بماله عليه ».

4114 - وروى محمد بن عيسى بن عبيد (3) ، عن سليمان بن حفص المروزي قال : « كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام في رجل مات وعليه دين ولم يخلف شيئا إلا رهنا في يد بعضهم ولا يبلغ ثمنه أكثر من مال المرتهن أيأخذه بماله أو هو وسائر الديان فيه شركاء فكتب عليه السلام : جميع الديان في ذلك سواء يوزعونه بينهم بالحصص (4) ، قال : وكتبت إليه في رجل مات وله ورثة فجاء رجل فادعى عليه مالا وإن عنده رهنا ، فكتب عليه السلام إن كان له على الميت مال ولا بينة له عليه فليأخذ ماله مما في يده وليرد الباقي على ورثته ، ومتى أقر بما عنده أخذ به وطولب بالبينة على دعواه وأوفي حقه بعد اليمين ، ومتى لم يقم البينة والورثة منكرون فله عليهم يمين علم ، يحلفون باللّه ما يعلمون أن له على ميتهم حقا » (5).

4115 - وروى فضالة ، عن أبان ، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته

ص: 310


1- يدل على أنه لا يجب على المرتهن نشر المتاع وتعاهده وتحريكه ويكفى مجرد الضبط وقوله « هل ينقص من ماله » أي هل ينقص هلاك الرهن بمثل هذه الأمور الدين من مال المرتهن فيسقط من دينه بقدر انتقاص الرهن.
2- التوى : الهلاك والتلف ، وقد تقدم.
3- طريق المصنف إليه صحيح وهو مختلف فيه وثقه جماعة وضعفه آخرون ، واستثناء المصنف من رجال نوادر الحكمة وقال : لا أروى ما يختص بروايته ، وقيل إنه كان يذهب مذهب الغلاة ، وأما سليمان بن حفص فيعرف من بعض الأقوال حسن حاله.
4- تقدم الكلام فيه ، والمشهور اختصاص المرتهن به ، ويمكن حمله على الرهن بعد الافلاس كما مر.
5- فيه تعليم المرتهن في أخذ ماله بالسهولة وبيان الحكم لو أقر بالرهن وادعى الدين بأنه ان أقام على مدعاه البينة أخذ دينه بعد الحلف والا توجه القسم بنفي العلم على الورثة ، وفيه أيضا دلالة على جواز أخذ الدين من الرهن بدون اذن المالك إذا تضمن الاخذ من المالك مشقة مثل إقامة البينة والحلف. ( مراد )

كيف يكون الرهن بما فيه (1) إن كان حيوانا أو دابة أو فضة أو متاعا فأصابه حريق أو لصوص فهلك ماله أو نقص متاعه وليس له على مصيبته بينة؟ قال : إذا ذهب متاعه كله فلم يوجد له شئ فلا شئ عليه ، وإن قال : ذهب من بين مالي وله مال فلا يصدق » (2).

4116 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن داود بن الحسين ، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل رهن عنده آخر عبدين فهلك أحدهما أيكون حقه في الاخر؟ قال : نعم ، قلت أو دارا فاحترقت أيكون حقه في التربة؟ قال : نعم ، قلت : أو دابتين فهلكت إحداهما أيكون حقه في الأخرى؟ قال : نعم ، قلت : أو متاعا فهلك من طول ما تركه أو طعاما ففسد أو غلاما فأصابه جدري فعمي أو ثيابا تركها مطوية لم يتعاهدها ولم ينشرها حتى هلكت قال : هذا نحو واحد يكون حقه عليه » (4).

4117 - وروى صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يرهن الرهن بمائة درهم وهو يساوي ثلاثمائة درهم فيهلكه أعلى الرجل أن يرد على صاحبه مائتي درهم؟ قال : نعم لأنه أخذ رهنا فيه فضل وضيعه ، قلت : فهلك نصف الرهن ، قال : على حساب ذلك (5) ، قلت : فيتراد أن الفضل قال : نعم ».

ص: 311


1- أي كيف يكون حكم الرهن مما وقع فيه من المذكورات.
2- أي لا يصدق الا بالبينة على وقوع ذلك ومع ثبوت الوقوع لا شئ عليه.
3- الطريق إلى البزنطي صحيح وهو ثقة جليل ، وداود بن الحصين واقفي موثق ، والفضل بن عبد الملك ثقة.
4- قال في الدروس : الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه الا بتعد أو تفريطه على الأشهر ، ونقل الشيخ عليه الاجماع منا ، وما روى من التقاص بين قيمته وبين الدين محمول على التفريط ، ولو هلك بعضه كان الباقي مرهونا.
5- محمول على ما إذا كان الهلاك بسبب المرتهن كما هو ظاهر قوله عليه السلام « وضيعه ». والخبر رواه الكليني ج 5 ص 234 في الموثق.

4118 - وروى محمد بن قيس (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في الرهن إذا كان أكثر من مال المرتهن فهلك أن يؤدي الفضل إلى صاحب الرهن ، وإن كان الرهن أقل من ماله فهلك الرهن أدى إليه صاحبه فضل ماله ، وإن كان الرهن يسوى ما رهنه فليس عليه شئ » (2).

4119 - وروى فضالة ، عن أبان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا اختلفا في الرهن فقال أحدهما : رهنته بألف درهم ، وقال الآخر : رهنته بمائة درهم فإنه يسأل صاحب الألف البينة ، فإن لم يكن له بينة حلف صاحب المائة ، وإن كان الرهن أقل مما رهن به أو أكثر واختلفا في الرهن فقال أحدهما : هو رهن ، وقال الآخر : هو وديعة فإنه يسأل صاحب الوديعة البينة ، فإن لم يكن له بينة حلف صاحب الرهن » (3).

4120 - وروى صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يرهن العبد أو الثوب أو الحلي أو متاع البيت فيقول صاحب المتاع للمرتهن : أنت في حل من لبس هذا الثوب البس الثوب وانتفع بالمتاع واستخدم الخادم ، قال : هو له حلال إذا أحله له وما أحب أن يفعل ، قلت : فارتهن دارا لها

ص: 312


1- الطريق إليه حسن كالصحيح وهو اما محمد بن قيس البجلي الثقة أو الأسدي الممدوح دون أبى رهم المجهول بقرينة أن ليس له كتاب القضايا دون سمييه وكونه من أصحاب النبي (صلی اللّه عليه وآله) ، وروى الخبر الكليني في الموثق كالصحيح من حديث ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- قال العلامة المجلسي : لعله وأمثاله محمول على التقية إذ روت العامة عن شريح والحسن والشعبي « ذهبت الرهان بما فيها » ويمكن الحمل على التفريط كما يدل عليه خبر أبان المتقدم تحت رقم 4102.
3- رواه الكليني ج 5 ص 237 عن أبان عن ابن أبي يعفور عنه عليه السلام ، ويشتمل على حكمين أحدهما : أنه لو اختلفا فيما عليه الرهن فالبينة على المرتهن وان لم يأت بها فالقول قول الراهن مع اليمين وذهب إليه جماعة من الأصحاب كما تقدم ، وثانيهما أنه لو اختلف المالك ومن هو عنده فقال المالك هو وديعة وقال الممسك هو رهن فالقول قول الممسك مع يمينه ان لم يكن للمالك ببنة.

غلة لمن الغلة (1)؟ قال : لصاحب الدار ، قلت : فارتهن أرضا بيضاء فقال له صاحب الأرض : أزرعها لنفسك ، فقال : هذا حلال ليس هذا مثل هذا يزرعها بماله فهو له حلال كما أحله لأنه يزرع بماله ويعمرها ».

4121 - وروى صفوان بن يحيى ، عن محمد بن رباح القلاء (2) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل هلك أخوه وترك صندوقا فيه رهون بعضها عليه اسم صاحبه وبكم هو رهن ، وبعضها لا يدرى لمن هو ، ولا بكم هو رهن ، ما ترى في هذا الذي لا يعرف صاحبه؟ فقال : هو كما له ». (3)

4122 - وروى أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي - رضي اللّه عنه - عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه قال « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخبر الذي روي » أن من كان بالرهن أوثق منه بأخيه المؤمن فأنا منه برئ « فقال : ذلك إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت ، قلت : فالخبر الذي روي » أن ربح المؤمن على المؤمن ربوا « ما هو؟ قال : ذاك إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت وأما اليوم فلا بأس بأن يبيع من الأخ المؤمن ويربح عليه ».

4123 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن

ص: 313


1- الغلة : الدخل من كرى دار أو أجرة غلام أو فائدة أرض.
2- كذا وفى الكافي والتهذيب أيضا ، والظاهر أنه تصحيف والصواب « عمر بن رباح » وهو الذي روى عنه صفوان في غير مورد وفى بعض النسخ « محمد بن دراج ».
3- ظاهره أنه يحكم بكونه من ماله إذا لم يعرف الرهن بعينه وان علم أن فيه رهنا كما هو الظاهر المحقق في الشرايع حيث قال : لو مات المرتهن ولم يعلم الرهن كان كسبيل ماله حتى يعلم بعينه ، وقال في المسالك : المراد أن الرهن لم يعلم كونه موجودا في التركة ولا معدوما فإنه حينئذ كسبيل مال المرتهن أي بحكم ماله بمعنى أنه لا يحكم للراهن في التركة بشئ عملا بظاهر الحال من كون ما تركه لورثته وأصالة براءة ذمته من حق الراهن ، و قوله « حتى يعلم بعينه » المراد أن الحكم ثابت إلى أن يعلم وجود الرهن في التركة يقينا سواء علم معينا أم مشتبها في جملة التركة والأكثر جزموا هنا ، والحكم لا يخلو من اشكال فان أصالة البراءة معارضة بأصالة بقاء المال.

الرجل يرهن جاريته أيحل له أن يطأها؟ قال : إن الذين ارتهنوها يحولون بينه وبينها ، قلت : أرأيت إن قدر عليها خاليا ولم يعلم الذين ارتهنوها؟ قال : نعم لا أرى بهذا بأسا » (1).

باب 408: الصيد والذبايح

اشارة

قال اللّه تبارك وتعالى : « يسئلونك ماذا أحل لهم (2) قال أحل لكم الطيبات (3) وما علمتم من الجوارح مكلبين (4) تعلمونهن مما علمكم اللّه فكلوا مما أمسكن

ص: 314


1- رواه الكليني ج 5 ص 237 في الصحيح ، وروى أيضا نحوه عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الحسن كالصحيح ، ولا خلاف بين الأصحاب ظاهرا في عدم جواز تصرف الراهن في الرهن بدون اذن المرتهن بل ذهب بعضهم إلى عدم جواز الوطي مع الاذن أيضا و ظاهر الأخبار المعتبرة جواز الوطي سرا. ولولا الاجماع لأمكن حمل أخبار النهى على التقية ، وقال في الدروس : في رواية الحلبي يجوز وطيها سرا وهي متروكة ، ونقل في المبسوط الاجماع عليه. ( المرآة )
2- أي عما أحل لهم بعد ما بين لهم المحرمات وحصل لهم الشبهة في موضع يحتمل التحريم ولم يكتفوا بالبراءة الأصلية وطلبوا النص. ( زبدة البيان )
3- المراد بالطيبات ما لم تستخبثه الطباع السليمة ولم تنفر عنه عادة وعلى سبيل الغلبة ، ويمكن أن يكون ما لم يدل دليل على تحريمه من عقل أو نقل ، فيكون مؤيدا للحكم العقلي فاجتمع العقل والنقل على إباحة ما لم يدل دليل على تحريمه ، وبمفهومه يدل على تحريم المستخبثات لمقابلة الطيبات كما دل عليه « ويحرم عليهم الخبائث » بمنطوقه. ( زبدة البيان )
4- يحتمل أن يكون عطفا على « الطيبات » ولكن بحذف مضاف أي مصيد ما علمتم من الجوارح أي الكلاب التي تصيدون بها بقرينة قوله « مكلبين » فإنه مشتق من الكلب أي حال كونكم صاحبي كلاب ، فيلزم كون الجوارح كلبا لان المكلب صاحب الكلب وهو وان أطلق على كل سبع كما في دعائه صلى اللّه عليه وآله على عتبة بن أبي لهب « اللّهم سلط عليه كلبا من كلابك » فخرج إلى الشام فافترسه أسد. لكنه حقيقة في المعهود ، وذهب بعض العلماء إلى أن المراد مطلق الجوارح من الطيور وذوات الأربع من السباش. وقالوا بان اطلاق المكلبين باعتبار أن المعلم في الغالب كلب ، وهو خلاف مذهب الأصحاب ورواياتهم كما يأتي. وقوله « تعلمونهن » أي تؤدبونهن حتى يصرن معلمة ، وفيه دلالة في الجملة على حرمة صيد غير المعلم إذا لم تدرك ذكاته.

عليكم (1) واذكروا اسم اللّه عليه » (2).

4124 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في صيد الكلب : إن أرسله صاحبه وسمى فليأكل كلما أمسك عليه وإن قتل ، وإن أكل فكل ما بقي وإن كان غير معلم فعلمه ساعته (3) حين يرسله فليأكل منه فإنه معلم فأما ما خلا الكلاب مما تصيده الفهود والصقور وأشباهه فلا تأكل من صيده (4) إلا ما أدركت ذكاته لان اللّه عزوجل قال : « مكلبين » فما خلا الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل إلا أن تدرك ذكاته ».

4125 - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام : « كل ما أكل منه الكلب وإن أكل منه ثلثيه ، كل ما أكل الكلب وإن لم يبق منه إلا بضعة واحدة » (5).

4126 - وروى هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن كلب المجوسي يأخذه الرجل المسلم (6) فيسمي حين يرسله أيأكل

ص: 315


1- فيه دلالة على أنه لا يباح ما أكل منه ، وهو قول أصحابنا وأكثر الفقهاء.
2- الضمير راجع إلى « ما علمتم » والمعنى سموا عند ارسال الكلب ، أو راجع إلى « ما أمسكن » أي سموا عليه إذا أدركتم ذكاته ، أو عند أكله ، والأول أوفق وهو المشهور.
3- لعل المراد اكمال تعليمه في الساعة. ( سلطان )
4- هذا هو المشهور بل ادعى السيد المرتضى عليه الاجماع ، وذهب ابن أبي عقيل إلى حل صيد ما أشبه الكلب من الفهد والنمر وغيرها ، وتقدم الكلام فيه.
5- « ما أكل » أي المعلم ، و « ثلثيه » لعله محمول على ندرة ذلك من غير أن يكون عادة له ، وهذا بناء على المشهور من اشتراط كون الكلب معلما بعدم أكله الصيد غالبا ، وأما على ما ذهب إليه جماعة من الأصحاب من عدم اشتراط ذلك فلا حاجة إلى تأويل الحديث. ( سلطان ) والبضعة : القطعة العظيمة من اللحم.
6- لعل الاخذ هنا بمعنى الاتخاذ والتطويع أي اتخذه وطوعه وعلمه.

ما أمسك عليه؟ قال : نعم لأنه مكلب وذكر اسم اللّه عليه ».

4127 - وروى النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان قال : « سألت أبا - عبد اللّه عليه السلام عن كلب أفلت ولم يرسله صاحبه (1) فصاد فأدركه صاحبه وقد قتله أيأكل منه؟ فقال : لا ، إذا صاد وقد سمى فليأكل ، وإذا صاد ولم يسم فلا يأكل ، وهو (2) « مما علمتم من الجوارح مكلبين ».

4128 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أرسل الرجل كلبه ونسي أن يسمي فهو بمنزلة من قد ذبح ونسي أن يسمي ، وكذلك إذا رمى ونسي أن يسمي » (3).

4129 - وحكم ذلك (4) في خبر آخر : « أن يسمي حين يأكل ».

4130 - وروى حماد بن عيسى ، عن حريز قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرمية (5) يجدها صاحبها من الغد أيأكل منها؟ قال : إن كان يعلم أن رميته هي قتلته فليأكل ، وذلك إذا كان قد سمى ».

4231 - وروى أبان (6) ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « ما أخذت الحبالة (7) وقطعت منه فهو ميتة ، وما أدركت من سائر جسده حيا فذكه ثم كل منه » (8).

ص: 316


1- أي نفر وخرج من يده دون أن يرسله صاحبه.
2- الضمير راجع إلى ما ذكره أولا أي مع التسمية حلال وداخل تحت هذا النوع.
3- نسيان التسمية عند الذبح لا يقدح في الحل ، كذا ذكروه.
4- في بعض النسخ « وحل ذلك » أي حلاليته.
5- الرمية : الصيد الذي ترميه فتقصده وينفذ فيه سهمك ( الوافي ) والطريق إلى حماد بن عيسى صحيح ، ورواه الكليني ج 6 ص 210 في الحسن كالصحيح.
6- هو أبان بن عثمان الطريق إليه صحيح.
7- الحبالة - بالكسر - ما يصطاد بها من أي شئ كان ( النهاية ) وقوله « قطعت منه » أي قطعت الحبالة منه أي من الصيد.
8- يعنى إذا أدركت الحبالة بعض جسده والحيوان حي فذكه ثم كل.

4132 - وروى أبان بن عثمان ، عن عيسى القمي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أرمي بسهم فلا أدري أسميت أم لم اسم؟ فقال : كل ولا بأس (1) ، فقلت : أرمي فيغيب عني فأجد سهمي فيه ، فقال : كل ما لم يؤكل منه (2) وإن أكل منه فلا تأكل [ منه ] ».

4133 - وسأله محمد بن علي الحلبي « عن الصيد يضربه الرجل بالسيف أو يطعنه برمحه أو يرميه بسهمه فيقتله ، وقد سمي حين فعل ذلك ، قال : كله فلا بأس به » (3).

4134 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصيد يرميه الرجل بسهم فيصيبه معترضا فيقتله وقد سمى عليه حين رمى ولم تصبه الحديدة (4) ، فقال : إن كان السهم الذي أصابه هو قتله فإذا رآه فليأكله ».

4135 - وسمع زرارة أبا جعفر عليه السلام يقول : « فيما قتل المعراض (5) لا بأس به إذا كان إنما يصنع لذلك » (6).

ص: 317


1- يعنى على تقدير نسيان التسمية.
2- لأن عدم أثر جراحة سبع وغيره قرينة قوية على أنه قتل بسهمه فيفيد الظن القوى.
3- رواه الكليني ج 6 ص 210 في الصحيح وكذا الشيخ في التهذيب.
4- لعل المراد سهم فيه نصل إذ لو لم يكن فيه نصل يشترط في الحل به الخرق بأن يدخل فيه ولو يسيرا ويموت ذلك على ما هو المشهور. ( سلطان )
5- المعراض - كمحراب - : سهم بلا ريش ، دقيق الطرفين ، غليظ الوسط ، يصيب بعرضه دون حده. ( القاموس )
6- مروى في الكافي ج 6 ص 212 بلفظ آخر ، وقال العلامة المجلسي : اعلم أن الآلة التي يصطاد بها اما مشتملة على نصل كالسيف والرمح والسهم ، أو خالية عنه لكنها محددة تصلح للخرق أو مثقلة تقتل بثقلها كالحجر والخشبة غير المحددة ، والأولى يحل مقتولها سواء مات يحرقها أم لا كما لو أصابت معترضة عند أصحابنا لصحيحة الحلبي ، والثانية يحل مقتولها بشرط أن تخرقه بأن تدخل فيه ولو يسيرا ويموت بذلك فلو لم تخرق لم يحل ، والثالثة لا يحل مقتولها مطلقا سواء خدشت أم لم تخدش ، وسواء قطعت البندقة رأسه أو عضوا آخر منه.

4136 - وفي رواية حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه سئل عما صرع المعراض من الصيد ، فقال : إن لم يكن له نبل غير المعراض وذكر اسم اللّه عزوجل عليه فليأكل مما قتل ، وإن كان له نبل غيره فلا ».

4137 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « إذا كان ذلك سلاحه الذي يرمي به فلا بأس ».

4138 - وفي خبر آخر : « إن كانت تلك مرماته فلا بأس » (1).

4139 - وروي « أنه إن خرق اكل وإن لم يخرق لم يؤكل » (2).

4140 - وقال علي عليه السلام « في رجل له نبال ليس فيها حديد وهي عيدان كلها فيرمي بالعود فيصيب وسط الطير معترضا فيقتله ويذكر اسم اللّه عليه وإن لم يخرج دم (3) وهي نبالة معلومة (4) فيأكل منه إذا ذكر اسم اللّه عزوجل ».

4141 - وروى حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، وحماد بن عيسى ، عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه سئل عن قتل الحجر والبندق أيؤكل؟ فقال : لا » (5).

ص: 318


1- لعله خبر زرارة وإسماعيل الجعفي المروى في الكافي وفيه « لا بأس إذا كان هو مرماتك أو صنعته لذلك ».
2- رواه الكليني ج 6 ص 212 في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا : « قال : إذا رميت بالمعراض فخرق فكل وان لم يخرق واعترض فلا تأكل » وخرق في النسخ بالخاء المعجمة والراء المهملة وورد في أحاديث العامة نحو هذا الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وآله وضبطوها بالخاء المعجمة والزاي ، في النهاية : في حديث عدى « قلت يا رسول اللّه انا نرمي بالمعراض فقال : كل ما خزق وأصاب بعرضه فلا تأكل » وقال ابن الأثير خزق السهم وخسق : إذا أصاب الرمية ونفذ فيها ، وسهم خازق وخاسق.
3- قوله « وهي عيدان كلها » يدل على عدم اشتراط كون آلة الصيد من الحديد ، بل يجزى كل قاطع ويشترط فيه القطع والخرق فقط وان لم يخرج دم كثير. ( قاله الأستاذ في هامش الوافي )
4- لعل المراد أن تلك النبال معمولة للصيد.
5- لان الحجر والبندق ان قتل فإنما يقتل بالثقل والصدمة لا بالخرق وهو يكسر السن ويفقأ العين كما في الخبر ، وأما ان خرق وأسال الدم فالظاهر الحلية كما في الصيد المقتول بالسلاح الذي يقال له التفنك في هذه الاعصار لعموم قوله في الحديث الاتير « من جرح بسلاح - الخ » والبندق - بضم الباء الموحدة وسكون النون - كل ما يرمى به والرصاص الكروي الذي يرمى به.

4142 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام (1) « في صيد وجد فيه سهم وهو ميت لا يدري من قتله ، فقال : لا تطعموه (2).

وقال (3) : من جرح بسلاح وذكر اسم اللّه عزوجل ثم بقي الصيد ليلة أو ليلتين ثم وجده لم يأكل منه سبع وعلم أن سلاحه قتله فليأكل منه إن شاء [ اللّه ] ».

4143 - وقال عليه السلام « في ايل (4) اصطاده رجل فيقطعه الناس والذي اصطاده يمنعه ففيه نهي؟ فقال : ليس فيه نهي وليس به بأس » (5).

4144 - وروى أبان ، عن محمد الحلبي قال : « سألته عن الرجل يرمي الصيد فيصرعه فيبتدره القوم فيقطعونه ، فقال : كله » (6).

ص: 319


1- رواه الكليني ج 6 ص 211 في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام عنه صلوات اللّه عليه وآله.
2- في بعض النسخ « فلا تطعمونه » وفى الكافي فلا « تطعمه » وذلك لان صيده غير معلوم هل هو على وجه شرعي من لزوم ايمان الرامي والتسمية أم لا.
3- يعنى قال أبو جعفر عليه السلام كما هو صريح الكافي في ج 6 ص 210 فهو تتمة للخبر السابق.
4- الأيل - كقنب وخلب ، أو كسيد وميت ، أو كبقم - : التيس الجبلي وما يقال له بالفارسية : بزكوهى نر وگوزن.
5- في الكافي « والرجل يتبعه أفتراه نهبة؟ فقال عليه السلام : ليس بنهبة وليس به بأس » وذلك لان النبي صلى اللّه عليه وآله نهى عن النهبة.
6- رواه الكليني ج 6 ص 211 وظاهر قوله « فيقطعونه » أي قبل الذبح والمشهور إنما يجوز أكله إذا كانوا صيروه جميعا في حكم المذبوح أو الرامي صيره كذلك ، فإن لم يصيره الرامي في حكم المذبوح بل أدركوه وفيه حياة مستقرة ولم يذكوه في موضع ذكاته بل تناهبوه وتوزعوه من قبل ذكاته فلا يجوز لهم أكله لان كان مقدورا على ذكاته ولم يذك.

4145 - وروى المفضل بن صالح (1) ، عن أبان بن تغلب قال : « سمعت أبا - عبد اللّه عليه السلام يقول : كان أبي عليه السلام يفتي في زمن بني أمية أن ما قتل الباز والصقر فهو حلال وكان يتقيهم وأنا لا أتقيهم وهو حرام ما قتل الباز والصقر ».

4146 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إن أرسلت بازا أو صقرا أو عقابا فقتل فلا تأكل حتى تذكيه ».

4147 - وقال عليه السلام : « إن أرسلت كلبك على صيد فأدركته ولم تكن معك حديدة تذبحه بها فدع الكلب يقتله ثم كل منه » (2).

فإذا أرسلت كلبك على صيد وشاركه كلب آخر فلا تأكل منه إلا أن تدرك ذكاته (3).

وإن رميته وهو على جبل فسقط ومات فلا تأكله (4). وإن رميته فأصابه سهمك ووقع في الماء [ فمات ] فكله إذا كان رأسه خارجا من الماء ، وإن كان رأسه في الماء فلا تأكله (5).

ص: 320


1- هو أبو سمينة الصيرفي كان ضعيفا جدا ، ورواه الكليني في الضعيف عنه أيضا.
2- هذا ليس من خبر أبي بصير بل هنا مرسل ، ورواه الكليني في الكافي ج 6 ص 204 في الصحيح عن جميل بن دراج هكذا « قال : سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذه ولا يكون معه سكين يذكيه بها أيدعه حتى يقتله ويأكل منه قال : لا بأس - الحديث ».
3- روى الكليني ج 6 ص 203 في الصحيح عن عبيدة الحذاء قال : « سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل يسرح كلبه المعلم ويسمى إذا سرحه فقال يأكل مما أمسك عليه فإذا أدركه قبل قتله ذكاه ، وان وجد معه كلبا غير معلم فلا يأكل منه - الحديث » ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 345.
4- محمول على ما إذا لم يخرق فيه السهم كما يدل عليه الخبر الحلبي.
5- روى الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه « سئل عن رجل رمى صيدا وهو على جبل أو حائط فيخرق فيه السهم فيموت فقال : كل منه وان وقع في الماء من رميتك فمات فلا تأكل منه ، وفى المقنعة : وان وقع الصيد في الماء فمات فيه أو وقع من جبل فانكسر ومات لم يؤكل.

والطير إذا ملك جناحيه فهو لمن أخذه إلا أن يعرف صاحبه فيرده عليه (1).

4148 - و « نهى أمير المؤمنين عليه السلام عن صيد الحمام بالأمصار » (2).

ولا يجوز أخذ الفراخ (3) من أوكارها في جبل أو بئر أو أجمة حتى ينهض. (4)

4149 - وروى ابن أبي عمير ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة بن أعين أنه قال : « واللّه ما رأيت مثل أبي جعفر عليه السلام قط سألته فقلت : أصلحك اللّه ما يؤكل من الطير فقال : كل ما دف ولا تأكل ما صف ، قال : قلت : البيض في الآجام؟ قال : كل ما استوى طرفاه فلا تأكل (5) ، وكل ما اختلف طرفاه فكل ، قلت فطير الماء؟ قال : كل ما كانت له قانصة فكل ، وما لم تكن له قانصة فلا تأكل ». (6)

ص: 321


1- روى الكليني ج 6 ص 222 بسند فيه ارسال عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « إذا ملك الطائر جناحه فهو لمن أخذه ». وروى في الصحيح « سأل البزنطي عن الرضا (عليه السلام) عن رجل يصيد الطير يساوى دراهم كثيرة ، وهو مستوى الجناحين ، ويعرف صاحبه أو يجيئه فيطلبه من لا يتهمه ، فقال : لا يحل له امساكه يرده عليه ، فقلت له : فان صاد ما هو مالك لجناحيه لا يعرف له طالبا؟ قال : هوله ».
2- دعائم الاسلام مرسلا عنه عليه السلام.
3- لأنه لا يملك جناحيه. ولعل المراد بالأخذ الاصطياد.
4- في الدروس : يكره أخذ الفراخ من أعشاشها.
5- حمل على الاشتباه والا فهو تابع للحيوان.
6- رواه الكليني ج 6 ص 247 في الحسن كالصحيح. وقال في الصحاح : « القانصة واحدة القوانص وهي للطير بمنزلة المصارين لغيرها ». والمراد المعاء ، وفى القاموس نحوه ، وفى مجمع البحرين « هي للطير بمنزلة الكرش والمصارين لغيره » وقال بعض اللغويين : القانصة اللحمة الغليظة جدا يجتمع فيها كل ما تنقر من الحصى الصغار بعد ما انحدر من الحوصلة ، ويقال له بالفارسية « سنگدان » كما يقال للحوصلة « چينه دان ». و هذا المعنى هو الصواب لموافقتها للاخبار ، ففي الكافي في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « قلت له : الطير ما يؤكل منه؟ فقال : لا يؤكل منه ما لم تكن له قانصة » والمعدة موجودة في كل الطيور. والمعروف أن الطير إذا كانت له قانصة أو صيصية أو حوصلة أو كان دفيفه أكثر من صفيفه حلال سواء كان من طير الماء أو البر ، وأما ما نص على تحريمه فلا عبرة بالعلامات.

وفي حديث آخر : إن كان الطير يصف ويدف فكان دفيفه أكثر من صفيفه اكل ، وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه فلم يؤكل ، ويؤكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية ولا يؤكل ما ليست له قانصة أو صيصية (1).

4150 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام ». (2)

4151 - وروى صفوان بن يحيى ، عن محمد بن الحارث (3) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن طير الماء مما يأكل السمك منه يحل؟ قال : لا بأس به كله ».

4152 - وسأل كردين المسمعي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الحبارى (4) فقال : لوددت أن عندي منه فآكل حتى أمتلي ».

4153 - وسأل زكريا بن آدم (5) أبا الحسن عليه السلام « عن دجاج الماء ، فقال : إذا كان يلتقط غير العذرة فلا بأس به ».

4154 - وسأل عبد اللّه بن سنان (6) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن بيض طير الماء ، فقال :

ص: 322


1- كأن المراد بالحديث ما يأتي في المجلد الرابع باب النوادر - آخر أبواب الكتاب - في وصية النبي لعلى عليهما السلام « يا علي كل من البيض ما اختلف طرفاه ، ومن السمك ما كان له قشور ، ومن الطير ما دف واترك ما صف ، وكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية » والصيصية - بكسر أوله بغير همز - الإصبع الزايد في باطن رجل الطائر بمنزلة الابهام من بني آدم لأنها شوكة ويقال للشوكة : الصيصية أيضا.
2- رواه الكليني في الكافي ج 6 ص 245 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي - عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 343 في الحسن كالصحيح عن نجبة بن الحارث.
4- الحبارى - بضم المهملة مقصورا - : طائر معروف يضرب به المثل في البلاهة ويقال له بالفارسية : ( هوبره ).
5- طريق المصنف إلى زكريا بن آدم صحيح وهو ثقة جليل القدر من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قبره بفم المشرفة.
6- الطريق إليه صحيح وهو ثقة. والخبر مروى في التهذيب ج 2 ص 342 في ذيل حديث عنه.

ما كان منه مثل بيض الدجاج - يعني على خلقته - فكل ».

4155 - وقال الصادق عليه السلام : « كل من السمك ما كان له فلوس ، ولا تأكل منه ما ليس له فلس » (1).

4156 - وروى حماد ، عن أبي أيوب أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل اصطاد سمكة فربطها بخيط وأرسلها في الماء فماتت أتؤكل؟ قال : لا ». (2)

4157 - وسأله عبد الرحمن بن سيابة (3) « عن السمك يصاد ثم يجعل في شئ ثم يعاد في الماء فيموت فيه ، فقال : لا تأكل لأنه مات في الذي فيه حياته » (4).

4158 - وروى أبان ، عن زرارة قال : قلت له : « سمكة ارتفعت فوقعت على الجدد فاضطربت حتى ماتت آكلها؟ قال : نعم ». (5)

4159 - وروى القاسم بن بريد (6) ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام

ص: 323


1- روى الكليني ج 6 ص 219 نحوه في ذيل حديث عن أبي جعفر عليه السلام كالصحيح.
2- الطريق صحيح ومروى في الكافي في الحسن كالصحيح.
3- طريق المصنف إليه غير مذكور في المشيخة ، ورواه الكليني بسند فيه عبد اللّه بن محمد وهو مشترك بين جماعة أكثرهم غير موثقين.
4- في بعض النسخ « مات في الذي منه حياته » ويدل على حرمة ما مات في الماء وان اخرج قبل ذلك والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب.
5- في التهذيبين « السمك يثب من الماء فيقع على الشط فيضطرب حتى يموت ، فقال : كلها » وحمله الشيخ على أنه لما خرجت من الماء أخذها وهي حية ثم ماتت ، ولو ماتت قبل أن يأخذها لم يجز أكلها ، واستدل على ذلك بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال : « سألته عن سمكة وثبت من نهر فوقعت على الجد من النهر فماتت هل يصلح أكلها فقال : ان أخذتها قبل أن تموت ثم ماتت فكلها ، وان ماتت من قبل أن تأخذها فلا تأكلها » والجد بالفك والادغام : شاطئ النهر.
6- القاسم بن البريد ثقة والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان ، ورواه الكليني في الكافي ج 6 ص 217 في الصحيح.

« في رجل نصب شبكة في الماء ثم رجع إلي بيته وتركها منصوبة ، ثم أتاها بعد ذلك وقد وقع فيها سمك فموتن (1) فقال : ما عملت يده فلا بأس بأكل ما وقع فيه » (2).

4160 - وسأل أبو الصباح الكناني أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الحيتان يصيدها المجوس ، قال : لا بأس بها إنما صيد الحيتان أخذها » (3).

4161 - وفي رواية عبد اللّه بن سنان (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بكواميخ (5) المجوس ، ولا بأس بصيدهم السمك ».

4162 - قال : « وسألته عن الحظيرة من القصب تجعل للحيتان في الماء فيدخلها الحيتان فيموت بعضها فيها ، قال : لا بأس » (6).

4163 - وسأله الحلبي « عن صيد الحيتان وإن لم يسم ، فقال : لا بأس به » (7).

ص: 324


1- بصيغة المجهول من التمويت ، ويمكن حمله على أنهن أشرفن على الموت حتى إذا خرجت الشبكة من الماء متن ، وفى بعض النسخ « متن » كما في الكافي ، وقال العلامة المجلسي يعنى كلها أو بعضها فاشتبه الحي بالميت كما فهمه الأكثر.
2- عمل بظاهره ابن أبي عقيل ، وأكثر المتأخرين على خلافه ، وأجابوا عن هذه الصحيحة وما في معناها بعدم دلالته صريحا على الموت في الماء فلعله مات خارج الماء والأصل الإباحة كما في المسالك.
3- أي لا يعتبر في حليتها سوى الاخذ فلا يعتبر التسمية ولا اسلام الاخذ.
4- رواه الشيخ في التهذيبين في الصحيح عنه.
5- الكواميخ - جمع كامخ - : ادام يؤتدم به وهو معرب.
6- حمله الشيخ في الاستبصار ج 4 ص 62 على ما إذا لم يتميز له ما مات في الماء مما لم يمت فيه واخرج منه جاز أكل الجميع وأما مع التميز فلا يجوز على حال ، واستدل على ذلك بصحيحة عبد الرحمن ( ولعله ابن سيابة ) قال : أمرت رجلا يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل صاد سمكا وهن أحياء ثم أخرجهن بعد ما مات بعضهن فقال : ما مات فلا تأكله فإنه مات فيما فيه حياته ».
7- رواه الكليني ج 6 ص 216 في الحسن كالصحيح ، ويدل على ما هو المقطوع في كلام الأصحاب من عدم اشتراط التسمية في صيد السمك وأنه لا يعتبر فيه لا الاخراج من الماء حيا. ( المرأة )

4164 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تأكل الجري ، ولا المارماهي ، ولا الزمير ولا الطافي (1) - وهو الذي يموت في الماء فيطفو على رأس الماء - ».

وإن وجدت سمكا ولم تعلم أذكي هو أو غير ذكي - وذكاته أن يخرج من الماء حيا - فخذ منه فاطرحه في الماء فإن طفا على الماء مستلقيا على ظهره فهو غير ذكي ، وإن كان على وجهه فهو ذكي.

وكذلك إذا وجدت لحما ولا تعلم أذكي هو أم ميتة فألق منه قطعة على النار فان تقبض فهو ذكي ، وإن استرخى على النار فهو ميتة (2).

4165 - وروي « فيمن وجد سمكا ولم يعلم أنه مما يؤكل أولا فإنه يشق

ص: 325


1- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 340 في الحسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الجري والمار ما هي والطافي حرام في كتاب علي عليه السلام » ، وروى الكليني ج 6 ص 220 في الموثق عنه عليه السلام قال : « لا تأكل الجريث ولا المارماهي ولا طافيا ولا طحالا لأنه بيت الدم ومضغة الشيطان ». وفى القاموس الجري - بالكسر - : سمك طويل أملس لا تأكله اليهود وليس عليه فصوص ، والزمير كسكيت - : نوع من السمك ، وطفا فوق الماء : علاه ، و قال في المسالك : حيوان البحر اما أن يكون له فلس كالأنواع الخاصة من السمك ولا خلاف بين المسلمين في كونه حلالا وما ليس على صورة السمك من أنواع الحيوان فلا خلاف بين أصحابنا في تحريمه ، وبقى من حيوان البحر ما كان من السمك وليس له فلس كالجري والمارماهي والزمار ، وقد اختلف الأصحاب في حله بسبب اختلاف الروايات فيه ، فذهب الأكثر ومنهم الشيخ - رحمه اللّه - في أكثر كتبه إلى التحريم.
2- كما روى الكليني في الكافي ج 6 ص 261 بسند فيه من لم يوثق عن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل دخل قرية فأصاب بها لحما لم يدر أذكى هو أم ميت ، قال : يطرحه على النار ، فكل ما انقبض فهو ذكى وكل ما انبسط فهو ميت » وقال في المسالك : هذا هو المشهور خصوصا بين المتقدمين ، وقال الشهيد الثاني : لم أجد أحدا خالف فيه الا المحقق في الشرايع والفاضل فإنهما أورداه بلفظة « قيل » المشعر بالضعف مع أن المحقق وافقهم في النافع ، وفى المختلف لم يذكره من مسائل الخلاف ولعله لذلك ، وادعى بعضهم عليه الاجماع و قال الشهيد : هو غير بعيد ويؤيد موافقة ابن إدريس عليه ، والأصل فيه رواية شعيب وظاهرها أنه لا يحكم بحل اللحم وعدمه باختبار بعضه بل لابد من اختبار كل قطعة منه على حدة.

أصل ذنبه (1) فإن ضرب إلى الخضرة فهو مما لا يؤكل ، وإن ضرب إلي الحمرة فهو مما يؤكل » (2).

وإن ابتلعت حية سمكة ثم رمت بها وهي حية تضطرب ، فإن كان فلوسها قد تسلخت لم تؤكل وإن لم يكن فلوسها تسلخت اكلت (3).

[ ما تذكى به الذبيحة ]

[ ما تذكى به الذبيحة ] (4)

4166 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المروة (5) والقصبة والعود يذبح بهن الانسان إذا لم يجد سكينا فقال : إذا فري الأوداج فلا بأس بذلك » (6).

4167 - وروى ابن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه

ص: 326


1- في بعض النسخ « يفشق أصل ذنبه » ، والفشق : الكسر. وفى بعض النسخ « اذنيه » بدل « ذنبه » ولعله أصوب ، وضرب إليه أي مال.
2- لم أجده مسندا.
3- روى الكليني ج 6 ص 218 بسند فيه جهالة عن أيوب بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « جعلت فداك ما تقول في حية ابتلعت سمكة ثم طرحتها وهي حية تضطرب أفآكلها؟ فقال عليه السلام : ان كانت فلوسها قد تسلخت فلا تأكلها ، وان كانت لم تنسلخ فكلها » ، وقال الشيخ في النهاية بحليتها ما لم يتسلخ مطلقا ولم يعتبر ادراكها حية تضطرب لهذه الرواية وهي كما ترى لا تدل على مذهبه ، واشترط المحقق وابن إدريس وجملة من المتأخرين أخذه لها حية لان ذلك هو ذكاة السمك ، أقول : لعل النهى عن أكل ما تسلخت فلوسها للتحرز عن السم أو لتأثير أثير معدتها وخلطه بلحم السمكة لا لبيان حكم الحلية والحرمة من جهة الذكاة وعدمها فلا وجه للتمسك بها من هذه الجهة. واللّه أعلم.
4- العنوان زيادة منا وليس في الأصل.
5- المروة - بفتح الميم - : حجارة حادة براقة يقدح النار.
6- قال في المسالك : المعتبر عندنا في الآلة التي يذكى بها أن يكون من حديد فلا يجزى غيره وإن كان من المعادن المنطبعة كالنحاس والرصاص وغيرها ويجوز مع تعذرها والاضطرار إلى التذكية ما فرى الأوداج من المحددات ، ولو من خشب أو ليطة - بفتح اللام وهي القشر الظاهر من القصبة - أو مروة أو غير ذلك عدا السن والظفر اجماعا وفيهما قولان أحدهما العدم ، - انتهى ، أقول : الفري : الشق والقطع ، والخبر مروى في الكافي في الصحيح.

قال : « لا بأس بأن تأكل ما ذبح بحجر إذا لم تجد حديدة ».

4168 - وروى الفضل (1) ، وعبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن قوما أتوا النبي صلى اللّه عليه وآله فقالوا له : إن بقرة لنا غلبتنا واستصعبت (2) علينا فضربناها بالسيف ، فأمرهم بأكلها ».

4169 - وروى صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن ثورا ثار بالكوفة فثار إليه الناس بأسيافهم فضربوه وأتوا أمير المؤمنين عليه السلام فسألوه ، فقال : ذكاة وحية (3) ولحمه حلال ».

4170 - وروى أبان ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن بعير تردى في بئر فذبح من قبل ذنبه ، [ ف ] قال : لا بأس إذا ذكر [ وا ] اسم اللّه عليه ».

4171 - وروى عمر بن أذينة ، عن الفضيل (4) قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل ذبح فسبقه السكين فقطع الرأس ، فقال : ذكاة وحية فلا بأس بأكله ».

4172 - وفي رواية حريز ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن خرج الدم فكل » (5).

4173 - وفي رواية سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس به إذا سال الدم ».

4174 - وسأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الشاة تذبح فلا تتحرك ويهراق منها دم كثير عبيط ، فقال : لا تأكل ، إن عليا عليه السلام كان يقول : إذا ركضت الرجل

ص: 327


1- يعنى فضل بن عبد الملك كما صرح به في التهذيب والكافي ج 6 ص 231.
2- في بعض النسخ « واستعصيت » كما في بعض نسخ التهذيب.
3- أي مع التسمية ، وفى مجمع البحرين موت وحى مثل سريع لفظا ومعنى فعيل بمعنى فاعل ، ومنه ذكاة وحية أي سريعة. والخبر مروى في الكافي في الحسن كالصحيح.
4- طريق المصنف إلى عمر بن أذينة صحيح وهو ثقة ، والمراد بالفضيل الفضيل بن يسار الثقة كما صرح به في الكافي ومروى فيه في الحسن كالصحيح عنه.
5- تمام الخبر كما رواه الكليني ج 6 ص 230 عن علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز عن محمد بن مسلم هكذا قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن مسلم ذبح شاة و سمى فسبقه السكين بحدتها فأبان الرأس ، فقال : ان خرج الدم فكل ».

أو طرفت العين فكل » (1).

4175 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل « عن رجل ذبح طيرا فقطع رأسه أيؤكل منه؟ قال : نعم ولكن لا يتعمد قطع رأسه » (2).

4176 - وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تأكلن من فريسة السبع ولا الموقوذة ولا المنخنقة ولا المتردية ولا النطيحة إلا أن تدركه حيا فتذكيه » (3).

4177 - وروى أبان ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال ، « في الذبيحة تذبح وفي بطنها ولد ، قال : إن كان تاما فكله ، فإن ذكاته ذكاة أمه ، وإن لم يكن تاما فلا تأكله » (4).

4178 - وروى عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن قول اللّه عزوجل : « أحلت لكم بهيمة الأنعام « فقال : الحنين إذا أشعر [ أ ] وأوبر فذكاته ذكاة أمه » (5).

ص: 328


1- رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح ويدل على حرمة ما لم يتحرك بعد الذبح وان يهريق دم كثير ، والركض : التحريك.
2- دل على حرمة قطع الرأس عمدا دون حرمة الذبيحة. ( مراد )
3- فرس الأسد فريسة أي دق عنقها وكسر عظم رقبتها واصطادها ، والموقوذة هي التي قتلت بخشب أو حجر أو نحو ذلك ، والمنخنقة هي التي ماتت بخنق ، والمتردية هي التي تردى في بئر أو وقعت من علو فماتت ، والنطيحة هي التي نطحتها بهيمة أخرى فماتت.
4- المراد بتمامه أي إذا أشعر أو أوبر كما في الخبر الآتي ، قال في المسالك : ولا فرق بين أن ولجته الروح أولا لاطلاق النصوص ، وشرط جماعة منهم الشيخ مع تمامه أن لا تلجه الروح والألم تحل بذكاة أمه ، واطلاق النصوص حجة عليهم نعم لو خرج مستقرة الحياة اعتبر تذكيته ولو لم يتسع الزمان لتذكيته فهو في حكم غير مستقرة الحياة على الأقوى.
5- يمكن أن يكون المراد أن الجنين أيضا داخل في الآية فيكون من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف ، ويمكن أن يكون المراد بالبهيمة الجنين فقط فالإضافة بتقدير من ، والثاني أظهر من الخبر ، والأول من تتمة الآية ( المرآة ) وقوله عليه السلام « إذا أشعر أو أوبر » أي إذا خرج الشعر أو الوبر.

4179 - وروى الكاهلي (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله رجل وأنا عنده عن قطع أليات الغنم ، قال : لا بأس بقطعها إذا كنت إنما تصلح به مالك ، ثم قال : إن في كتاب علي عليه السلام أن ما قطع منها ميت لا ينتفع به » (2).

4180 - وقال الصادق عليه السلام : « كل منحور مذبوح حرام ، وكل مذبوح منحور حرام » (3).

4181 - وروي عن صفوان بن يحيى قال : « سأل المرزبان أبا الحسن عليه السلام عن ذبيحة ولد الزنا وقد عرفناه بذلك ، قال : لا بأس به (4) والمرأة والصبي إذا اضطروا إليه » (5).

4182 - وسأله الحلبي « عن ذبيحة المرجي والحروري ، قال : فقال : كل وقر واستقر حتى يكون ما يكون » (6).

ص: 329


1- يعنى عبد اللّه بن يحيى ، وطريق المؤلف إليه صحيح ، ورواه الكليني عنه بسند فيه سهل بن زياد وهو ضعيف على المشهور.
2- يدل على جواز قطع أليات الغنم إذا كان الغرض اصلاح المال وأن المقطوع ميتة يحرم الانتفاع به مطلقا حتى الاستصباح به كما ذكره الأصحاب ، وإنما جوزوا الانتفاع بالدهن المتنجس تحت السماء. وأليات جمع ألية وهي طرف الشاة ويقال لها بالفارسية ( دنبه ).
3- تقدم في المجلد الثاني تحت رقم 3080 مع بيانه.
4- دل على صحة الحكم باسلام ولد الزنا وأن الأصل ذلك. ( مراد )
5- الظاهر أنه لا خلاف في حلية ما يذبحه الصبي المميز والمرأة والتقييد بالاضطرار محمول على الاستحباب ، والاحتياط أولى.
6- مروى في الكافي ج 6 ص 236 بسندين أحدهما صحيح والاخر حسن كالصحيح ، . وفي المغرب المرجئة هم الذين لا يقطعون على أهل الكبائر بشئ من عقوبة أو عفو بل يرجئون أي يؤخرون أمرهم إلى يوم القيامة - انتهى ، والمشهور أنهم فرقة يعتقدون أنه لا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، وقد يطلق في مقابلة الشيعة من الارجاء بمعين التأخير وذلك لتأخيرهم عليا (عليه السلام) عن درجته ، والحرورية فرقة من الخوارج منسوبة إلى حروراء قرية بالكوفة كان أول مجتمعهم بها ، وقوله « وقر واستقر » بالتشديد أمران من القرار والاستقرار أي لا تضطرب فإنهما على ظاهر الاسلام وبحكم المسلم واستقرهم على هذا الحكم إلى أن تظهر دولة الحق ، أو اصبر حتى يظهر الحق ، وحينئذ فيه اشعار بعدم الجوار. وقد قرء « وأقر واستقر » بدون التشديد من القرى وهو طعام الضيف ، ولعل المعنى كل من طعامهم ولا تأب أن تكون ضيفا لهم وتضفهم وتطعمهم من طعامك. وقال العلامة المجلسي : اختلف الأصحاب في اشتراط ايمان الذابح زيادة على الاسلام فذهب الأكثر إلى عدم اعتباره والاكتفاء بالحل باظهار الشهادتين على وجه يتحقق معه الاسلام بشرط أن لا يعتقد ما يخرجه عنه كالناصبي ، وبالغ القاضي فمنع من ذبيحة غير أهل الحق ، وقصر ابن إدريس الحل على المؤمن والمستضعف الذي لا منا ولا من مخالفينا ، واستثنى أبو الصلاح من المخالف جاحد النص فمنع من ذبيحته ، وأجاز العلامة ذباحة المخالف غير الناصبي مطلقا بشرط اعتقاده وجوب التسمية ، والأصح الأول.

4183 - وقال الصادق عليه السلام (1) : « لا تأكل ذبيحة اليهودي والنصراني والمجوسي وجميع من خالف الدين إلا [ ما ] إذا سمعته يذكر اسم اللّه عليها (2) وفي كتاب علي عليه السلام لا يذبح المجوسي ولا النصراني ولا نصارى العرب الأضاحي ، وقال : تأكل ذبيحته إذا ذكر اسم اللّه عزوجل » (3).

ص: 330


1- ظاهره كون حديثا عنه (عليه السلام) بلفظه ، لكن يخطر بالبال أنه مأخوذ من جملة من أحاديث عنه وعن أبيه عليهما السلام فلذا نشير إلى مداركها ومسانيدها.
2- روى الشيخ في التهذيبين مسندا عن محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في حديث « قال : فسألته أنا عن ذبيحة اليهودي والنصراني ، فقال : لا تأكل منه « وفى الصحيح عن حمران قال : « سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في ذبيحة الناصب واليهودي والنصراني : لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم اللّه ، قلت : المجوسي؟ فقال : نعم إذا سمعته يذكر اسم اللّه ، أما سمعت قول اللّه تعالى : ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه » ، وفى الصحيح عن حريز عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) وزرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أنهما قالا « في ذبائح أهل الكتاب : فإذا شهدتموهم وقد سموا اسم اللّه فكلوا ذبائحهم ، وان لم تشهدهم فلا تأكل ، وان أتاك رجل مسلم فأخبرك أنهم سموا فكل » وفى الحسن عن حريز قال : « سئل أبو عبد اللّه (عليه السلام) عن ذبائح اليهود والنصارى والمجوس ، فقال : إذا سمعتهم يسمون أو شهد لك من رآهم يسمون فكل ، وان لم تسمعهم ولم يشهد عندك من رآهم فلا تأكل ذبيحتهم ، راجع التهذيب ج 2 ص 355 و الاستبصار ج 4 ص 84 إلى 86.
3- روى الشيخ في الاستبصار ج 4 ص 82 عن سلمة أبى حفص عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام « أن عليا (عليه السلام) قال : لا يذبح ضحاياك اليهود والنصارى ولا يذبحها الا مسلم » وفى الصحيح عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن ذبائح نصارى العرب هل تؤكل؟ فقال : كان علي عليه السلام ينهى عن أكل ذبائحهم وصيدهم ، فقال : لا يذبح لك يهودي ولا نصراني أضحيتك ».

4184 - وفي رواية عبد الملك بن عمرو (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « ما تقول في ذبائح النصارى؟ فقال : لا بأس بها ، قلت : فإنهم يذكرون عليها المسيح فقال : إنما أرادوا بالمسيح اللّه تعالى ».

4185 - وروى أبو بكر الحضرمي ، عن الورد بن زيد قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « حدثني حديثا وأمل علي حتى أكتبه ، فقال : أين حفظكم يا أهل الكوفة؟ قلت : حتى لا يرده علي أحد ، ما تقول في مجوسي قال بسم اللّه وذبح؟ فقال : كل ، فقلت : مسلم ذبح ولم يسم؟ فقال : لا تأكل إن اللّه تعالى يقول : « فكلوا مما ذكر اسم اللّه عليه » ويقول : « ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه » (2).

4186 - وروى الحسين الأحمسي (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « هو الاسم ولا يؤمن عليه إلا مسلم ».

4187 - وروى الحسين بن المختار ، عن الحسين بن عبيد اللّه (4) قال : قلت

ص: 331


1- في طريق المصنف إليه الحكم بن مسكين وهو مجهول الحال ، ورواه الشيخ (رحمه اللّه) في التهذيبين وفى طريقه القاسم بن محمد الجوهري وهو واقفي ولم يوثق.
2- أقول في قبال هذه الأخبار أخبار تدل على عدم حليه ذبائح أهل الكتاب راجع التهذيبين وحمل الشيخ أخبار الإباحة أولا على حال الضرورة دون حال الاختيار لان عند الضرورة تحل الميتة فكيف ذبيحة من خالف الاسلام واستدل بصحيحة زكريا بن آدم قال : قال لي أبو الحسن عليه السلام : « انى أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي أنت عليه وأصحابك الا في وقت الضرورة إليه ». وثانيا على التقية وقال : ان جميع من خالفنا يرى إباحة ذلك.
3- هو الحسين بن عثمان الأحمسي الثقة ولم يذكر المؤلف طريقه إليه ، ورواه الكليني في الكافي ج 6 ص 240 في الحسن كالصحيح.
4- طريق المصنف إلى الحسين بن المختار صحيح وهو ثقة ، وثقه المفيد وعلي بن الحسن بن فضال ، وأما الحسين بن عبيد اللّه فمشترك ، وفى الكافي وبعض نسخ التهذيب « الحسين ابن عبد اللّه » ولعله الأرجاني ، وفى الاستبصار وبعض نسخ التهذيب « الحسن بن عبد اللّه » وهو اما الأرجاني المذكور والا فهو مجهول الحال.

لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إنا نكون بالجبل فنبعث الرعاة إلى الغنم فربما عطبت الشاة (1) وأصابها شئ فذبحوها فنأكلها؟ قال : لا إنما هي الذبيحة فلا يؤمن عليها إلا المسلم ».

4188 - وروي (2) عن الفضيل ، وزرارة ، ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « أنهم سألوه عن شراء اللحم من الأسواق ولا يدرى ما يصنع القصابون؟ فقال : كل إذا كان في أسواق المسلمين ولا تسأل عنه » (3).

[ ما ذبح لغير القبلة أو ترك التسمية ] (4)

4189 - وسأل محمد بن مسلم (5) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن ذبيحة ذبحت لغير القبلة فقال : كل لا بأس بذلك ما لم يتعمد ، قال : وسألته عن رجل ذبح ولم يسم؟ فقال : إن كان ناسيا فليسم حين يذكر (6) يقول : بسم اللّه على أوله وعلى آخره » (7).

ص: 332


1- أي أشرف على الهلاك ، والمراد بالرعاة الكفار من أهل الكتاب.
2- رواه الكليني ج 6 ص 237 في الحسن كالصحيح عنهم.
3- قال في المسالك : كما يجوز شراء اللحم والجلد من سوق الاسلام لا يلزم السؤال عنه هل كان ذابحه مسلما أم لا وأنه هل سمى واستقبل بذبيحته القبلة أم لا ، بل ولا يستحب ، ولو قيل بالكراهة كان وجها للنهي عنه في الخبر الذي أقل مراتبه الكراهة ، وفى الدروس اقتصر على نفى الاستحباب.
4- العنوان زيادة منا وليس في الأصل.
5-
6- حمل على الاستحباب في المشهور.
7- اشتراط التسمية عند النحر والذبح موضع وفاق عندنا لقوله تعالى « ولا تأكلوا ما لم يذكر اسم اللّه عليه وابه لفسق » فلو تركها عامدا حرمت ، ولو نسي لم تحرم ، والأقوى الاكتفاء بها وان لم يعتقد وجوبها لعموم النص خلافا للمختلف.

4190 - وسأل محمد بن مسلم (1) أبا جعفر عليه السلام « عن رجل ذبح فسبح أو كبر أو هلل أو حمد اللّه عزوجل قال : هذا كله من أسماء اللّه تعالى ، لا بأس به » (2).

4191 - وفي رواية حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل عن الرجل يذبح فينسى أن يسمي أتؤكل ذبيحته؟ قال : نعم إذا كان لا يتهم (3) ويحسن الذبح قبل ذلك ، ولا ينخع ، ولا يكسر الرقبة حتى تبرد الذبيحة » (4).

4192 - وروى محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من لم يسم إذا ذبح فلا تأكله » (5).

4193 - وروى حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبيحة المرأة ، فقال : إن كن نساء ليس معهن رجل فلتذبح أعلمهن ولتذكر اسم اللّه عليه ، وسألته عن ذبيحة الصبي فقال : إذا تحرك وكان خمسة أشبار ، وأطاق الشفرة » (6).

ص: 333


1- رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام.
2- يدل على الاكتفاء بمطلق التسمية وقال في المسالك : المراد بالتسمية أن يذكر اللّه تعالى عند الذبح والنحر كما يقتضيه الآية كقوله : بسم اللّه ، أو الحمد لله ، أو يهلله ، أو بكبره ، أو يسبحه ، أو يستغفر لصدق الذكر بذلك كله ، ولو اقتصر على لفظة « اللّه » ففي الاجتزاء قولان - إلى أن قال - وكذا الخلاف لو قال : اللّهم اغفر لي ، والأقوى الاجزاء هنا ، ولو قال : اللّهم صل على محمد وآل محمد » فالأقوى الجواز ..
3- بأن كان مخالفا واتهم بتركه عمدا لكونه لا يعتقد الوجوب ، فيدل على أنه لو ترك المخالف التسمية لم تحل ذبيحته كما هو المشهور. ( المرآة )
4- النهى عن قطع النخاع قبل البرد محمول على الكراهة الشديدة ، حيث أن يقطع النخاع يحصل الموت وربما يستند الموت به دون فرى الأوداج ، فلذا لو ذبحه من القفا حرم قطعا لسبق قطع النخاع واستناد الموت إليه فان الظاهر من أدلة الذبح أن يكون المؤثر الوحيد في ازهاق الروح هو قطع الأوداج الأربعة ، وذهب بعض العلماء إلى حرمة الذبيحة إذا قطع النخاع مع فرى الأوداج دفعة ، وسيأتي ما يدل على خلافه ظاهرا.
5- أي من لم يسم معتمدا ، وتقدم حكم الناسي.
6- قوله « إذا تحرك » أي صار حركا ، والحرك - ككتف - : الغلام الخفيف الذكي ( الوافي ) والشفرة : السكين العظيمة والعريضة.

4194 - وفي رواية عمر بن أذينة (1) عن رهط رووه عنهما عليهما السلام جميعا « أن ذبيحة المرأة إذا أجادت الذبح وسمت فلا بأس بأكله ، وكذلك الصبي ، وكذلك الأعمى إذا سدد » (2).

4195 - وفي رواية ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبيحة الغلام والمرأة هل تؤكل؟ فقال : إذا كانت المرأة مسلمة وذكرت اسم اللّه على ذبيحتها حلت ذبيحتها ، والغلام إذا قوي على الذبيحة وذكر اسم اللّه تعالى حلت ذبيحته ، وذلك إذا خيف فوت الذبيحة ولم يوجد من يذبح غيرهما » (3).

4196 - وروى ابن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن علي بن الحسين عليهما السلام كانت له جارية تذبح له إذا أراد » (4).

[ الحمل والجدي يرضعان من لبن خنزيرة أو امرأة ]

[ الحمل والجدي يرضعان من لبن خنزيرة أو امرأة ] (5)

4197 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا تأكل من لحم حمل رضع من خنزيرة » (6).

4198 - وكتب أحمد بن محمد بن عيسى (7) إلى علي بن محمد عليهما السلام : « امرأة أرضعت

ص: 334


1- رواه الكليني ج 6 ص 238 في الحسن كالصحيح عنه ، عن غير واحد عنهما عليهما السلام.
2- إذا سدد أي هدى إلى القبلة وقوم. ( الوافي )
3- أن التقييد بالاضطرار محمول على الاستحباب لما تقدم ويأتي.
4- رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن حماد ، عن الحلبي عنه عليه السلام.
5- العنوان زائد منا وليس في الأصل.
6- الحمل - بالتحريك الذكر من أولاد الضأن قبل استكمالها الحول. والمشهور بل المقطوع به في كلام الأصحاب ان شرب لبن خنزيرة فإن لم يشتد كره ويستحب استبراؤه سبعة أيام ، وان اشتد حرم لحمه ولحم نسله ، والمراد بالاشتداد أن ينبت عليه لحمه ويشتد عظمه وقوته.
7- رواه الكليني ج 6 ص 250 قال : عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد - الخ.

عناقا (1) [ من الغنم ] بلبنها حتى فطمتها ، فكتب عليه السلام : فعل مكروه ، ولا بأس به » (2).

4199 - وروى الحسن بن محبوب (3) ، ومحمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير قال : « سئل الصادق عليه السلام عن جدي رضع من لبن خنزيرة حتى شب وكبر ثم استفحله رجل في غنمه فخرج له نسل ، قال : أما ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربه ، وأما ما لم تعرفه فإنه بمنزلة الجبن فكل ولا تسأل عنه » (4).

[ الحلال والحرام من لحوم الدواب ]

[ الحلال والحرام من لحوم الدواب ] (5)

4200 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن لحوم الخيل والدواب والبغال والحمير ، فقال : حلال ولكن الناس يعافونها » (6).

وإنما نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن أكل لحوم الحمر الانسية بخيبر لئلا تفنى ظهورها (7) ، وكان ذلك نهي كراهة لا نهي تحريم.

ولا بأس بأكل لحوم الحمر الوحشية ولا بأس بأكل الامص وهو اليحامير (8).

ص: 335


1- العناق - بالفتح - الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها الحول.
2- ظاهر الخبر كراهة الفعل لا اللحم. وقال في الدروس : لو شرب لبن امرأة و اشتد كره لحمه.
3- الطريق إليه صحيح ، ورواه الكليني في الحسن كالصحيح ، والشيخ في الصحيح.
4- يدل على أن الحرام المشتبه بالحلال حلال حتى يعرف بعينه.
5- العنوان زائد منا وليس في الأصل.
6- عاف الطعام كرهه ، ورواه البرقي ص 473 من المحاسن.
7- روى الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنهما سألاه عن أكل لحوم الحمر الأهلية ، قال : « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عنها يوم خيبر ، وإنما نهى عن أكلها في ذلك الوقت لأنها كانت حمولة الناس وإنما الحرام ما حرم اللّه عزوجل في القرآن ».
8- روى البرقي في المحاسن ص 472 عن أبيه ، عن سعد بن سعد الأشعري قال : « سألت الرضا عليه السلام عن الامص فقال : ما هو؟ فذهبت أصفه ، فقال : أليس اليحامير؟ قلت : بلى ، قال : أليس يأكلونه بالخل والخردل والابزار؟ قلت : بلى ، قال : لا بأس به ، أقول اليحامير جمع يحمور وهو الضان الوحشي ، والامص والاميص : طعام يتخذ من لحم عجل بجلده ، أو مرق السكباج المبرد المصفى من الدهن معرب خاميز ( القاموس ) و قال العلامة وابن إدريس بكراهة الحمار الوحشي ، وفى الكافي ج 6 ص 313 في الضعيف عن نصر بن محمد قال : « كتبت إلى أبى الحسن عليه السلام أسأله عن لحوم حمر الوحش ، فكتب عليه السلام : يجوز أكله لوحشته ، وتركه عندي أفضل ».

ولا بأس بألبان الأتن والشيراز المتخذ منها (1).

ولا يجوز أكل شئ من المسوخ (2) وهي القردة والخنزير والكلب والفيل و الذئب والفأرة والأرنب والضب والطاووس والنعامة والدعموص والجري والسرطان والسلحفاة والوطواط والبقعاء والثعلب والدب واليربوع والقنفذ (3) مسوخ لا يجوز

ص: 336


1- في بعض النسخ « المعد عنها » أي من ألبان الأتن ، وفى المحاسن ص 494 عن أبيه ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شرب ألبان الأتن فقال : اشربها ». وعنه عن الحسن بن المبارك عن أبي مريم الأنصاري قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن شرب ألبان الأتن؟ فقال : لا بأس بها ». وعنه عن خلف بن حماد ، عن يحيى بن عبد اللّه قال : « كنا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فأتينا بسكرجات فأشار نحو واحدة منهن وقال : هذا شيراز الأتن لعليل عندنا ، فمن شاء فليأكل ، ومن شاء فليدع ». وعنه ، عن صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تغديت معه فقال : هذا شيراز الأتن اتخذناه لمريض لنا ، فان أحببت أن تأكل منه فكل » ، ولعل المراد بالشيراز اللبن الرائب المستخرج ماؤه كما في القاموس.
2- في الكافي ج 6 ص 245 في الحسن كالصحيح عن الحسين بن خالد ( وهو ممدوح ) قال : « قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام : أيحل لحم الفيل : قال : لا ، قلت : ولم؟ قال لأنه مثلة وقد حرم اللّه عزوجل الامساخ ولحم ما مثل به في صورها ».
3- الدعموص - بضم الدال - دويبة تكون في مستنقع الماء وتتكون فيه ، والجري نوع من السمك غير ذي فلس ، والوطواط : الخفاش ، و « البقعاء » كذا في بعض النسخ وفى بعضها « العيفيقا » وفى بعضها « العيقيقا » بالقافين وفى بعضها « الببغاء » وفى بعضها « العيفيفا » وكل ذلك مصحف ظاهرا ، وقيل الصواب العنقاء وقيل الصواب القعنباة أو العبنقاء وصفان للعقاب و صحف لمشاكلة الخط ، وعدم دقة النساخ وتصرفهم وعقاب عبنقاء أي ذات مخالب حداد ، وبالفارسية القردة ، ميمون ، والخنزير : خوك ، والذئب : گرگ ، والفأرة : موش والأرنب : خرگوش ، والضب : سوسمار ، والنعامة : شتر مرغ ، والدعموص : كفچه ليز ، والسرطان : خرچنگ ، والسلحفاة : لاك پشت وسنگ پشت ، والوطواط : شب پره وخفاش ، والثعلب : روباه ، والدب : خرس واليربوع : موش صحرائي ، والقنفذ : خار پشت.

أكلها (1).

4201 - وروي « أن المسوخ لم تبق أكثر من ثلاثة أيام فإن هذه مثل بها فنهى اللّه عزوجل عن أكلها ».

4202 - وروى الوشاء ، عن داود الرقي (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن رجلا من أصحاب أبي الخطاب نهاني عن البخت (3) وعن أكل لحم الحمام المسرول فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : لا بأس بركوب البخت ، وشرب ألبانها وأكل لحومها ، وأكل لحم الحمام المسرول » (4).

ونهى عليه السلام عن ركوب الجلالات (5) وشرب ألبانها فقال : إن أصابك شئ من

ص: 337


1- روى المؤلف في الخصال والآمال والعلل حديثا مسندا في جملة من المسوخ و عد ثلاثة عشر صنفا منها ، وقال العلامة المجلسي في البحار ج 14 ص 787 : اعلم أن أنواع المسوخ غير مضبوطة في كلام الأصحاب بل أحالوها إلى الروايات وإن كان في أكثرها ضعف على مصطلحهم فالذي يحصل من جميعها ثلاثون صنفا ، ثم عدها وزاد على ما في المتن : العقرب والوزغ والعظاية والعنكبوت والحية والخنفساء والزمير والمارماهي والوبر والورل. والوبر - محركة - دويبة كالسنور لكن أصغر منه وله ذنب قصير ، والورل أيضا : دابة على خلقة الضب أعظم منه.
2- رواه الكليني ج 6 ص 311 في الصحيح عنه.
3- المراد بأبي الخطاب محمد بن مقلاص الأسدي الكوفي وهو غال ملعون ذو رأى الحادي وله أصحاب ، والبخت والبخاتي ، الإبل الخراسانية.
4- الحمام المسرول الذي في رجليه ريش كأنه سراويل.
5- كذا في جميع النسخ ولعله من سهو النساخ إذ المناسب أن يكون لحوم الجلالات كما روى الكليني ج 6 ص 250 في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : لا تأكلوا لحوم الجلالات ( وهي التي تأكل العذرة ) وان أصابك من عرقها فاغسله « نعم في رواية بسام الصير في عن أبي جعفر عليه السلام » في الإبل الجلالة قال : لا يؤكل لحمها ولا تركب أربعين يوما « راجع الكافي ج 6 ص 1. وإنما ذكر الأصحاب كراهة الحج على الإبل الجلالات ، قال العلامة في المنتهى : يكره الحج والعمرة على الإبل الجلالات وهي التي تتغذى بعذرة الانسان خاصة لأنها محرمة فيكره الحج عليها ويدل عليه ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) « أن عليا عليه السلام كان يكره الحج و العمرة على الإبل الجلالات ». وقال العلامة المجلسي : المشهور أنه يحصل الجلل بأن يتغذى الحيوان عذرة الانسان لا غيره ، والنصوص والفتاوى خالية عن تقدير المدة ، وربما قدره بعضهم بأن ينموا ذلك في بدنه ويصير جزءا منه ، وبعضهم بيوم وليلة كالرضار. و آخرون بأن يظهر النتن في لحمه وجلده وهذا قريب ، والمعتبر على هذا رائحة النجاسة التي اغتذاها ، لا مطلق الرائحة الكريهة ، وقال الشيخ في الخلاف والمبسوط أن الجلالة هي التي أكثر غذائها العذرة فلم يعتبر تمحض العذرة ، وقال المحقق : هذا التفسير صواب ان قلنا بكراهة الجلل وليس بصواب ان قلنا بالتحريم ، وألحق أبو الصلاح بالعذرة غيرها من النجاسات ، والأشهر الأول. ثم اختلف الأصحاب في حكم الجلال فالأكثر على أنه محرم وذهب الشيخ في المبسوط وابن الجنيد إلى الكراهة بل قال في المبسوط : « أنه مذهبنا » مشعرا بالاتفاق عليه ، وقال في المسالك : لو قيل بالتفصيل كما قال به المحقق كان وجها.

عرقها فاغسله (1).

والناقة الجلالة تربط أربعين يوما ، ثم يجوز بعد ذلك نحرها وأكلها (2) ، والبقرة تربط ثلاثين يوما (3).

4203 - وفي رواية القاسم بن محمد الجوهري « أن البقرة تربط عشرين يوما ».

ص: 338


1- ظاهره وجوب الإزالة كما هو مذهب المفيد والشيخ والقاضي ، لكن المشهور بين المتأخرين الكراهة واستحباب الغسل.
2- كما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي ج 6 ص 251 ولا خلاف في مدة استبراء الناقة لا زالة الجلل.
3- في رواية السكوني في الكافي « والبقرة الجلالة عشرين يوما » كما يأتي عن الجوهري ، وفى رواية يونس عن الرضا عليه السلام « والبقرة ثلاثين يوما » وكذا في مرفوعة يعقوب بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام ورواية مسمع عنه عليه السلام ، والعشرون قول الأكثر. وقال الشيخ في المبسوط بأربعين ولعل مستنده رواية مسمع حيث نقله في الاستبصار ج 4 ص 77 عن الكليني وفيه « والبقرة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى - أربعين يوما » مع أن في الكافي « ثلاثين يوما ».

والشاة تربط عشرة أيام (1) ، والبطة تربط ثلاثة أيام - وروى ستة أيام - (2) والدجاجة تربط ثلاثة أيام (3) ، والسمك الجلال يربط يوما إلى الليل في الماء » (4).

4204 - وقال الصادق عليه السلام : « كل ما كان في البحر مما يؤكل في البر مثله فجائز أكله ، وكل ما كان في البحر مما لا يجوز أكله في البر لم يجز أكله » (5).

4205 - وروى أبان ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا تأكل الجري ولا الطحال » (6).

4206 - وروى ابن مسكان ، عن عبد الرحيم القصير قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن إبراهيم عليه السلام لما أراد أن يذبح الكبش أتاه إبليس فقال : هذا لي؟ فقال إبراهيم عليه السلام : لا ، قال : لي منه كذا وكذا؟ قال إبراهيم عليه السلام : لا ، فلم يزل يسمي عضوا عضوا من الشاة ويأبى عليه إبراهيم عليه السلام حتى انتهى إلى الطحال فسماه فأعطاه إياه فهو لقمة الشيطان ».

وقال الصادق عليه السلام : إذا كان اللحم مع الطحال في سفود (7) اكل اللحم (8) إذا

ص: 339


1- عطف على « والناقة الجلالة ». وقوله : « عشرة أيام » هكذا في رواية السكوني وفى مرفوعة يعقوب بن يزيد ورواية مسمع في الكافي ، وفيه عن يونس عن الرضا عليه السلام « أربعة عشر يوما » وأفتى به ابن الجنيد ، والمشهور عشرة أيام.
2- في رواية السكوني « خمسة أيام » وفى رواية يونس « سبعة أيام ».
3- كما في رواية السكوني أيضا ، وقال أبو الصلاح في كافيه : البطة والدجاج خمسة أيام ، وروى في الدجاج خاصة ثلاثة أيام.
4- في رواية يونس « ينتظر به يوما وليلة » وعمل بها الشهيد ، والمشهور يوما إلى الليل ، والأحوط في جميع ذلك كله مراعاة أكثر الأوقات.
5- أورده العلامة المجلسي في المجلد الرابع عشر من البحار عن كتاب جامع الشرايع ليحيى بن سعيد وقال بعده : لم أر قائلا بهذا الخبر الا أن الفاضل المذكور نقله رواية وقد قال قبل ذلك : لا يحل من صيد البحر سوى السمك.
6- الطحال : غدة اسفنجية في يسار جوف الحيوان لازقة بالجنب.
7- السفود بالفتح كتنور - : الحديدة التي يشوى بها اللحم.
8- ان هذا الكلام وإن كان يشبه خبرا بلفظه لكن دأب المصنف (رحمه اللّه) في هذا الكتاب خاصة أنه نقل فتاويه المأخوذة من الاخبار بلفظ يشبه لفظ الخبر ، ولذا لم نرقم أمثاله و أصل اللفظ كما في الكافي ج 6 ص 262 والتهذيب ج 2 ص 358 في الموثق عن عمار بن موسى هكذا « قال : سئل عن الجري يكون في السفود مع السمك فقال : يؤكل ما كان فوق الجري ويرمى ما سال عليه الجري ، قال : وسئل عن الطحال في سفود مع اللحم وتحته خبز و هو الجوذاب أيؤكل ما تحته؟ قال : نعم يؤكل اللحم والجوذاب ويرمى بالطحال لان الطحال في حجاب لا يسيل منه ، فإن كان الطحال مثقوبا أو مشقوقا فلا تأكل مما يسيل عليه الطحال ». والجوذاب - بالضم - : طعام يتخذ من سكر وأرز ولحم.

كان فوق الطحال ، فإن كان أسفل من الطحال لم يؤكل ويؤكل جوذابه لان الطحال في حجاب ولا ينزل منه شئ إلا أن يثقب فإن ثقب سال منه ، ولم يؤكل ما تحته من الجوذاب.

فإن جعلت سمكة يجوز أكلها مع جري أو غيرها مما لا يجوز أكله في سفود أكلت التي لها فلوس إذا كانت في السفود فوق الجري وفوق اللاتي لا تؤكل فإن كانت أسفل من الجري لم تؤكل (1).

4207 - وكتب محمد بن إسماعيل بن بزيع (2) إلى الرضا عليه السلام : « اختلف الناس في الربيثا (3) فما تأمرني فيها؟ فكتب عليه السلام : لا بأس بها ».

4208 - وروي عن حنان بن سدير (4) قال : « أهدى فيض بن المختار إلى أبي - عبد اللّه عليه السلام ربيثا فأدخلها إليه وأنا عنده ، فنظر إليها وقال : هذه لها قشر فأكل منها ونحن نراه ».

4209 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا يؤكل ما نبذه الماء

ص: 340


1- كما في صدر رواية عمار بن موسى التي تقدمت.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 238 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن محمد ابن إسماعيل قال : كتبت - الحديث.
3- الربيثا : ضرب من السمك له فلس لطيف.
4- مروى في الكافي ج 6 ص 220 في الحسن كالصحيح عنه.

من الحيتان وما نضب الماء عنه (1) فذلك المتروك ».

4210 - وروى محمد بن يحيى الخثعمي (2) ، عن حماد بن عثمان قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « جعلت فداك ما تقول في الكنعت (3)؟ قال : لا بأس بأكله ، قلت : فإنه ليس له قشر؟ قال : بلى ولكنها حوتة سيئة الخلق تحتك بكل شئ ، فإذا نظرت في أصل اذنيها وجدت لها قشرا ».

4211 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « كل شئ يكون فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه » (4).

4212 - وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاخصاء فلم يجبني (5) ، فسألت أبا الحسن عليه السلام عن ذلك ، فقال : لا بأس به ».

4213 - وروى يونس بن يعقوب ، عن أبي مريم قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام :

ص: 341


1- رواه الشيخ في التهذيبين إلى هنا ولعل الباقي من كلام المصنف ، وقال الشيخ لا ينافي الخبر ما رواه الحسين بن سعيد عن عبد اللّه بن بحر عن رجل ، عن زرارة قال : « قلت : السمك يثبت من الماء فتقع على الشط فتضطرب حتى تموت؟ فقال : كلها » لان النهى في الأول إنما توجه إلى ما يموت في الماء ، وهذا الخبر يتضمن أن السمكة تخرج حيه ثم تموت.
2- طريق المصنف إلى محمد الخثعمي ضعيف بزكريا المؤمن ، ورواه الكليني أيضا في الضعيف بمعلى بن محمد ، ورواه الشيخ في الصحيح عنه ج 2 ص 339 من التهذيب.
3- الكنعت - كجعفر - : ضرب من السمك له فلس ضعيف يحتك بالرمل فيذهب عنه ثم يعود.
4- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 358 في الصحيح. والكليني أيضا ج 6 ص 339.
5- في اللغة خصى يخصي خصاء صيره خصيا ، والخصي الذي سلت خصيتاه ، والاخصاء جعل الحيوان خصيا. وقيل عدم اجابته يشعر بالكراهة ، ويمكن تخصيص الكراهة بغير ما هو معد للاكل.

« السخلة التي مر بها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وهي ميتة فقال : ماضر أهلها لو انتفعوا بإهابها (1) فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : لم تكن ميتة يا أبا مريم ولكنها كانت مهزولة فذبحها أهلها فرموا بها ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما كان على أهلها لو انتفعوا بإهابها ».

4214 - وسأل سعيد الأعرج (2) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن قدر فيها لحم جزور وقع فيها أوقية من دم (3) ، أيؤكل منها؟ قال : نعم فإن النار تأكل الدم » (4).

4215 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي - عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الإنفحة تخرج من الجدي الميت (5) قال : لا بأس به قلت : اللبن يكون في ضرع الشاة وقد ماتت قال : لا بأس به ، قلت : فالصوف والشعر وعظام الفيل (6) والبيضة تخرج من الدجاجة ، فقال : كل هذا ذكي لا بأس به » (7).

ص: 342


1- الإهاب - ككتاب - : الجلد أو ما لم يدبغ منه.
2- رواه الكليني ج 6 ص 235 في الصحيح.
3- قيل : الأوقية - بالضم - سبعة مثاقيل تكون عشرة دراهم ، وقال في الصحاح : هي في الحديث أربعون درهما وكذلك كان فيما مضى واليوم فما يتعارفه الناس فعشرة دراهم. ( الوافي )
4- عمل بمضمونها الشيخ في النهاية والمفيد ، وذهب ابن إدريس والمتأخرون إلى بقاء المرق على نجاسته ، وفى المختلف حمل الدم على ما ليس بنجس كدم السمك وشبه وهو خلاف الظاهر حيث علل بأن الدم تأكله النار ولو كان طاهرا لعلل بطهارته ، ولو قيل بأن الدم الطاهر يحرم أكله ففيه أن استهلاكه في المرق ان كفى في حله لم يتوقف على النار والا لم يؤثر في حله النار. ( المرآة )
5- في الصحاح الإنفحة - بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة - : كرش الحمل أو الجدي ما لم يأكل فإذا أكل فهو كرش ( عن أبي زيد ) والجمع أنافح - انتهى ، ويقال له بالفارسية « پنبر مايه » وليس بها بأس لأنه مما لا تلجه الروج وكذا اللبن.
6- زاد في التهذيبين هنا الجلد
7- سيأتي تحت رقم 4217 عن الصادق عليه السلام قال : « عشرة أشياء من الميتة ذكية » وعدها وذكر منها الا نفحة واللبن ، وقال في المسالك : ذهب الشيخ وأكثر المتقدمين وجماعة من المتأخرين منهم الشهيد إلى أنه طاهر للنص على طهارته في الروايات الصحيحة فيكون مستثنى من المايع النجس كما استثنى الإنفحة ، وذهب ابن إدريس والمحقق والعلامة وأكثر المتأخرين إلى نجاسته لملاقاته الميت - انتهى ، واستدل للحرمة بما رواه الشيخ في التهذيبين عن وهب بن وهب عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام أنه « سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن فقال علي عليه السلام : ذلك الحرام محضا » ووهب بن وهب كان ضعيفا كذابا لا يحتج بحديثه فلا مجال للتمسك بروايته قبال ما دل على الحلية ، نعم مقتضى القاعدة نجاسة ذلك اللبن لأنه مايع لاقى الميتة ، لكن بعد وجود النص لا مجال للقاعدة.

4216 - وروى عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني (1) عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام أنه قال : « سألته عما أهل لغير اللّه به ، فقال : ما ذبح لصنم أو وثن أو شجر حرم اللّه ذلك كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه أن يأكل الميتة ، قال : فقلت له : يا ابن رسول اللّه متى تحل للمضطر الميتة؟ قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله سئل فقيل له : يا رسول اللّه إنا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة فمتى تحل لنا الميتة؟ قال : ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفئوا بقلا فشأنكم بها (2).

ص: 343


1- في طريق المؤلف إليه علي بن الحسين السعد آبادي ، وظاهر جماعة من الأصحاب اعتباره ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 359 باسناده عن أبي الحسين الأسدي ، عن سهل بن زياد عنه ، وسهل بن زياد ضعيف على المشهور.
2- المخمصة : المجاعة ، وقوله : « ما لم تصطبحوا - الخ » أي إذا لم يكن لكم الغداء أو العشاء ولم تجدوا بقلا حل لكم الميتة فالزموها ، وقال العلامة المجلسي : هذا الخبر روته العامة أيضا عن أبي واقد عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) واختلفوا في تفسيره قال في النهاية : في « صبح » منه الحديث أنه سئل متى تحل لنا الميتة؟ فقال : « ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحنفئوا بها بقلا فشأنكم بها » الاصطباح ههنا أكل الصبوح وهو الغداء ، والغبوق : العشاء وأصلهما في الشرب ثم استعملا في الاكل ، أي ليس لكم أن تجمعوهما من الميتة ، قال الأزهري : قد أنكر هذا على أبى عبيد وفسر أنه أراد إذا لم تجدوا لبينة تصطبحونها أو شرابا تغتبقونه ، ولم تجدوا بعد عدمكم الصبوح والغبوق بقلة تأكلونها حلت لكم الميتة ، قال : وهذا هو الصحيح. وقال في باب الحاء مع الفاء قال أبو سعيد الضرير في « تحتفئوا » صوابه « ما لم تحتفوا بها » بغير همز من أحفى الشعر ، ومن قال : « تحنفئوا » مهموزا هو من الحفأ وهو البردى ، فباطل لان البردى ليس من البقول. وقال أبو عبيد : هو من الحفأ مهموز مقصور وهو أصل البردى الأبيض الرطب منه ، وقد يؤكل ، يقول : ما لم تقتلعوا هذا بعينه فتأكلوه ، ويروى « ما لم تحتفوا » بتشديد الفاء من احتففت الشئ إذا أخذته كله كما تحف المرأة وجهها من الشعر ، ويروى « ما لم تجتفئوا » بالجيم ، وقال في باب الجيم مع الفاء : ومنه الحديث « متى تحل لنا الميتة؟ قال : ما لم تجتفئوا بقلا » أي تقتلعوه وترموا به ، من جفأت القدر إذا رمت بما يجتمع على رأسها من الوسخ والزبد. وقال في باب الخاء مع الفاء « أو تختفوا بقلا » أي تظهرونه ، يقال : اختفيت الشئ إذا أظهرته ، وأخفيته إذا سترته - انتهى ، وقال الطيبي : « تحتفوا بها » أي بالأرض أي ألزموا الميتة ، و « أو » بمعنى وأو فيجب نفى الخلال الثلاث حتى تحل لنا الميتة ، و « ما » للمدة أي يحل لكم مدة عدم اصطباحكم - انتهى. أقول : في بعض نسخ الفقيه بالواو في الموضعين فلا يحتاج إلى تكلف ، وعلى الحاء المهملة يحتمل أن تكون كناية عن استيصال البق هذا شايع في عرفنا على التمثيل فلعله كان في عرفهم أيضا كذلك.

قال عبد العظيم : فقلت له : يا ابن رسول اللّه ما معنى قوله عزوجل « فمن اضطر غير باغ ولا عاد [ فلا إثم عليه ] » قال : العادي السارق ، والباغي الذي يبغي الصيد بطرا أو لهوا لا ليعود به على عياله ، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا ، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار ، وليس لهما أن يقصرا في صوم ولا صلاة في سفر (1).

قال : فقلت : فقوله عزوجل : « والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم » قال : المنخنقة التي انخنقت بأخناقها حتى تموت ، والموقوذة التي مرضت وقذفها المرض حتى لم يكن بها حركة ، والمتردية التي تتردى من مكان مرتفع إلى أسفل أو تتردى من جبل أو في بئر فتموت ، والنطيحة التي تنطحها بهيمة أخرى فتموت وما أكل السبع منه فمات ، وما ذبح على النصب على حجر أو صنم إلا ما أدرك ذكاته فيذكى (2).

قلت : « وأن تستقسموا بالأزلام » (3)؟ قال : كانوا في الجاهلية يشترون بعيرا

ص: 344


1- رواه العياشي في تفسيره ج 1 ص 75 عن حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- في التهذيب « الا ما أدركت ذكاته فذكى ».
3- في القاموس : الزلم - محركة - : قدح لا ريش عليه.

فيما بين عشرة أنفس ويستقسمون عليه بالقداح ، وكانت عشرة : سبعة لها أنصباء ، و ثلاثة لا أنصباء لها ، أما التي لها أنصباء فالفذ والتوأم والنافس والحلس والمسبل و المعلى والرقيب (1) ، وأما التي لا أنصباء لها فالفسيح والمنيح والوغد فكانوا يجيلون السهام بين عشرة فمن خرج باسمه سهم من التي لا أنصباء لها الزم ثلث ثمن البعير فلا يزالون بذلك حتى تقع السهام الثلاثة التي لا أنصباء لها إلى ثلاثة منهم فيلزمونهم ثمن البعير ، ثم ينحرونه ويأكله السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئا ، ولم يطعموا منه الثلاثة الذين نقدوا ثمنه شيئا ، فلما جاء الاسلام حرم اللّه تعالى ذكره ذلك فيما حرم فقال عزوجل : « وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق - يعني حراما - ».

وهذا الخبر في روايات أبي الحسين الأسدي - رحمه اللّه - عن سهل بن زياد عن عبد - العظيم بن عبد اللّه [ الحسني ] عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام.

4217 - وقال الصادق عليه السلام : « من اضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل شيئا من ذلك حتى يموت فهو كافر » وهذا في نوادر الحكمة لمحمد بن أحمد ابن يحيى بن عمران الأشعري.

4218 - وروى محمد بن عذافر (2) ، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : « لم حرم اللّه الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟ فقال : إن اللّه تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده وأحل لهم ما وراء ذلك من رغبة فيما أحل لهم ، ولا زهد فيما حرمه عليهم ، ولكنه عزوجل خلق الخلق فعلم ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحله لهم وأباحه لهم ، وعلم ما يضر هم فنها هم عنه ، ثم أحله للمضطر

ص: 345


1- الأنصباء جمع نصيب ، وهذه الأسماء خلاف الترتيب المشهور ، ففي الصحاح سهام الميسرة عشرة أولها الفذ ، ثم النوأم ، ثم الرقيب ، ثم الحلس ، ثم النافس ، ثم المسبل ، ثم المعلى ، وترتيب مالا أنصباء لها المذكور كترتيب ما ذكر في الصحاح.
2- طريق المصنف إليه صحيح ، وهو ثقة له كتاب ، وكان من أصحاب أبي الحسن موسى عليه السلام.

في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك (1) ، ثم قال : وأما الميتة فإنه لم ينل أحد منها إلا ضعف بدنه ، ووهنت قوته ، وانقطع نسله ، ولا يموت آكل الميتة إلا فجأة.

وأما الدم فإنه يورث آكله الماء الأصفر ويورث الكلب (2) ، وقساوة القلب ، وقلة الرأفة والرحمة حتى لا تؤمن على حميمه ولا يؤمن على من صحبه.

وأما لحم الخنزير فإن اللّه تبارك وتعالى مسخ قوما في صور شتى مثل الخنزير والقرد والدب ، ثم نهى عن أكل المثلة (3) لئلا ينتفع بها ولا يستخف بعقوبتها.

وأما الخمر فإنه حرمها لفعلها وفسادها ، ثم قال : إن مدمن الخمر كعابد وثن ، ويورثه الارتعاش ، ويهدم مروءته ، ويحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء وركوب الزنا حتى لا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك (4) ، والخمر لا يزيد شاربها إلا كل شر » (5).

4219 - وقال الصادق عليه السلام : « في الشاة عشرة أشياء لا تؤكل : الفرث ، والدم ، والنخاع ، والطحال ، والغدد ، والقضيب ، والأنثيان ، والرحم ، والحياء

ص: 346


1- البلغة - بالضم - : ما يتبلغ به من العيش. ( القاموس )
2- الكلب - بالتحريك - : العطش والحرص والشدة ، والاكل الكثير بلا شبع ، و جنون الكلاب المعترى من لحم الانسان : وشبه جنونها المعترى للانسان من عضها ( القاموس ) وفى النهاية الكلب : داء يعرض للانسان شبه الجنون.
3- مثل بفلان مثلا ومثلة - بالضم - : نكل كمثل تمثيلا وهي المثلة - بضم الثاء وسكونها -. والمراد هنا المسوخ ، وفى بعض النسخ « الثلاثة ».
4- الوثوب كناية عن الجماع ، والحرم - بضم الحاء وفتح الراء : - اللواتي تحرم نكاحهن ، ويحتمل أن يراد بالوثوب القتل ، وبحرمه نساؤه كما جاء في القاموس.
5- روى نحوه الكليني ج 6 ص 242 عن المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام مع اختلاف ، وكذا في المحاسن ص 334.

والأوداج » (1).

4220 - وقال عليه السلام : « عشرة أشياء من الميتة ذكية : القرن ، والحافر ، والعظم ، والسن ، والإنفحة ، واللبن ، والشعر ، والصوف ، والريش ، والبيض ».

وقد ذكرت ذلك مسندا في كتاب الخصال في باب العشرات.

[ طعام أهل الذمة ومؤاكلتهم وآنيتهم ]

[ طعام أهل الذمة ومؤاكلتهم وآنيتهم ] (2)

4221 - وسئل الصادق عليه السلام (3) عن قول اللّه عزوجل : « وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم » قال : « يعني الحبوب » (4).

4222 - وفي رواية هشام بن سالم (5) عنه عليه السلام قال : « العدس والحمص وغير ذلك ».

4223 - وسأله سعيد الأعرج « عن سؤر اليهودي والنصراني أيؤكل أو يشرب؟ قال : لا » (6).

ص: 347


1- أخرجه المصنف في الخصال باب العشرات بسند صحيح عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، والكليني والشيخ بسند ضعيف وفى روايتهما العلباء والمرارة بدل الرحم والأوداج ، والعلباء : عصب العنق ، والحياء الفرج من ذوات الخف و الظلف والسباع كما في القاموس ، والظاهر أن المراد فرج الأنثى ويحتمل شموله لحلقة الدبر من الذكر والأنثى ، ففي المصباح المنير : حياء الشاة ممدود ، وعن أبي زيد اسم للدبر من كل أنثى ذي الظلف والخف وغير ذلك. ولا خلاف في حرمة الدم والطحال ، و اختلف في البواقي ويأتي في المجلد الرابع باب النوادر وهو آخر أبواب الكتاب في وصية النبي لعلى عليهما السلام « حرم من الشاة سبعة أشياء : الدم والمذاكير والمثانة والنخاع و الغدد والطحال والمرارة ».
2- العنوان زيادة منا للتسهيل.
3- السائل سماعة ، كما رواه الكليني ج 6 ص 263 في الموثق.
4- كأن ذكر الحبوب على سبيل المثال والمراد مطلق ما لم يشترط فيه التذكية كما قاله العلامة المجلسي في المجلد الرابع عشر من البحار أي السماء والعالم.
5- مروى في التهذيب في الصحيح.
6- حكم نجاسة الكفار حربيا كانوا أم أهل الذمة هو المشهور بين الأصحاب ، بل ادعى جماعة منهم السيد المرتضى وابن إدريس عليه الاجمار. وذهب ابن الجنيد وابن أبي عقيل إلى عدم نجاسة أسئارهم وهو الظاهر من كلام الشيخ - رحمه اللّه - في النهاية حيث قال : يكره أن يدعوا الانسان أحدا من الكفار إلى طعامه فيأكل وإذا دعاه فليأمر بغسل يده ثم يأكل معه ان شاء ( المسالك ) أقول : كلام الشيخ هذا محمول على حال الضرورة أو مالا يتعدى ، وغسل اليد قيل للتعبد أو لزوال الاستقذار الحاصل من النجاسات الخارجية ، ويمكن أن يقال كأن في اعتقادهم أن النجس لا ينجس شيئا الا مع تعدى العين لا بمجرد الملاقاة وحيث زالت دسومة اليد و عرقها بغسلها جوزوا المؤاكلة معهم في قصعة مع قولهم بنجاسة الكافر وهذا وجه كلام الشيخ في النهاية لتصريحه قبل ذلك بأسطر بعدم جواز مؤاكلة الكفار على اختلاف مللهم ولا استعمال أوانيهم الا بعد غسلها وانهم أنجاس ينجس الطعام بمباشرتهم.

4224 - وروى زرارة عنه عليه السلام أنه قال : « في آنية المجوس إذا اضطررتم إليها فاغسلوها بالماء » (1).

4225 - وسأله العيص بن القاسم (2) « عن مؤاكلة اليهودي والنصراني ، فقال : لا بأس إذا كان من طعامك ، وسأله عن مؤاكلة المجوسي ، فقال : إذا توضأ فلا بأس » (3).

4226 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن آنية أهل الذمة ، فقال : لا تأكلوا في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيها الميتة والدم ولحم الخنزير ».

[ جواز استعمال شعر الخنزير ] (4)

4227 - وروى حنان بن سدير ، عن برد الإسكاف قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام :

ص: 348


1- رواه البرقي في المحاسن ص 584 في الصحيح عن زرارة.
2- رواه الكليني ج 6 ص 263 في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام بأدنى اختلاف.
3- يدل على عدم منجسية الكتابي والمجوسي بعد الغسل ، لا على طهارتهم كما قيل. والمؤلف وأبوه والمفيد والشيخ والفاضلان والشهيدان والحلي والديلمي والمحقق الكركي وزمرة كبيرة من المتأخرين قالوا بنجاستهم ونسب إلى ابن الجنيد وابن أبي عقيل المفيد في المسائل الغروية القول بطهارة أهل الكتاب ، وربما يحمل الخبر على التقية ، أو على الطعام الجامد كالخبز وأمثاله. وقال سلطان العلماء في قوله « إذا كان من طعامك » : لعل المراد أن لا يكون من ذبيحتهما.
4- العنوان زيادة منا وليس في الأصل.

« إني رجل خراز ولا يستقيم عملنا إلا بشعر الخنزير نخرز به (1) قال : خذ منه وبرة فاجعلها في فخارة ثم أوقد تحتها حتى تذهب دسمه ثم اعمل به » (2).

4228 - وفي رواية عبد اللّه بن المغيرة ، عن برد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « جعلت فداك إنا نعمل بشعر الخنزير فربما نسي الرجل فصلى وفي يده منه شئ ، فقال : لا ينبغي أن يصلي وفي يده منه شئ ، وقال : خذوه فاغسلوه فما كان له دسم فلا تعملوا به ، وما لم يكن له دسم فاعملوا به ، واغسلوا أيديكم منه » (3).

[ اتخاذ الغنم والطير ]

[ اتخاذ الغنم والطير ] (4)

4229 - وروى الحسن بن محبوب ، عن محمد بن مارد قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « ما من مؤمن يكون له في منزله عنز حلوب إلا قدس أهل ذلك المنزل وبورك عليهم ، فإن كانت اثنتين قدسوا كل يوم مرتين ، فقال رجل من أصحابنا : كيف يقدسون؟ قال : يقال لهم : بورك عليكم وطبتم وطاب إدامكم ، قال : قلت : فما معنى قدستم؟ قال : طهرتم ».

4230 - وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه : « اتقوا اللّه فيما خولكم وفي العجم من أموالكم (5) ، فقيل له : وما العجم؟ قال : الشاة والبقرة

ص: 349


1- خرزت الجلد خرزا من باب ضرب وقتل وهو كالخياطة في الثياب ( المصباح المنير ) وفى الصحاح : حرز الخف وغيره يخرزه خرزا فهو خراز.
2- فيه تأييد في الجملة لما اختاره السيد المرتضى من عدم نجاسة ما لا تحله الحياة من نجس العين الا أن يقال : المستفاد من الخبر جواز استعماله فقط وهو أعم من الطهارة.
3- قال في المسالك : على قول المرتضى - رحمه اللّه - لا اشكال في جواز استعمال شعر الخنزير لغير ضرورة ، وعلى القول بنجاسته فالمشهور عدم جواز استعماله من غير ضرورة لا طلاق تحريم الخنزير الشامل لجميع أجزائه وجميع ضروب الانتفاع ، وذهب جماعة منهم العلامة في المختلف إلى جواز استعماله مطلقا ونجاسته لا يدل على تحريم الانتفاع به كغيره من الآلات المنجسة.
4- العنوان زيادة منا وليس في الأصل.
5- أي افعلوا فيما بما أمر اللّه تعالى به من الحفظ والانفاق والزكاة ، وخوله اللّه المال أي أعطاء.

والحمام وأشباه ذلك ».

4231 - و « شكا رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وآله الوحشة فأمره باتخاذ زوج حمام » (1).

4232 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إن حفيف أجنحة الحمام ليطرد الشياطين » (2).

[ كراهة نهك العظام ]

[ كراهة نهك العظام ] (3)

4233 - وروي عن علي بن أسباط ، عن أبيه قال : صنع لنا أبو حمزة طعاما ونحن جماعة فلما حضروا رأى أبو حمزة رجلا ينهك عظما فصاح به (4) وقال : لا تفعل فإني سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول : « لا تنهكوا العظام فإن للجن فيها نصيبا ، فإن فعلتم ذهب من البيت ما هو خير لكم من ذلك » (5).

4234 - وقيل للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : « بلغنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « إن اللّه تبارك وتعالى ليبغض البيت اللحم (6) واللحم السمين ، فقال عليه السلام : إنا لنأكل اللحمونحبه وإنما عنى عليه السلام البيت الذي تؤكل فيه لحوم الناس بالغيبة ، وعنى باللحم السمين المتبختر المختال في مشيته ».

4235 - وروى حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

ص: 350


1- رواه الكليني ج 6 ص 546 مسندا عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام وفيه « فأمره أن يتخذ في بيته زوج حمام ». وفى بعض نسخ الفقيه « الوحدة ».
2- في الكافي مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « احتفر أمير المؤمنين عليه السلام بئرا فرموا فيها ، فأخبر بذلك فجاء حتى وقف عليها فقال لتكفن أو لأسكننها الحمام ، ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام : ان حفيف أجنحتها تطرد الشياطين » ، وحف الشجرة أو الحية حفيفا أبدت صوتا. وفى بعض النسخ « خفيق أجنحتها » وأخفق الطائر ضرب بجناحيه
3- العنوان زيادة منا.
4- نهكت من الطعام بالغت في أكله ، ونهكت الضرع استوفيت جميع ما فيه.
5- أي ان نهكتم ولم تبقوا شيئا مما في العظام فهم يأخذون من البيت من أصل الطعام وهو خير مما فضل. ( مراد )
6- بكسر الحاء وجاء بمعنى البيت الذي يؤكل فيه اللحم كثيرا.

نهى أن يؤكل اللحم غريضا - يعني نيئا - وقال : إنما تأكله السباع ، قال : حريز : يعني حتى تغيره الشمس أو النار » (1).

4236 - وقال الصادق عليه السلام : « لا يؤكل من الغربان زاغ ولا غيره ، ولا يؤكل من الحيات شئ » (2).

4237 - وسأل الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن قتل الحيات ، فقال : اقتل كل شئ تجده في البرية إلا الجان ، ونهى عن قتل عوامر البيوت (3) ، وقال : لا تدعوهن مخافة تبعاتهن فإن اليهود على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قالت : من قتل عامر بيت أصابه كذا وكذا ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من تركهن مخافة تبعاتهن فليس مني ، وإنما تتركها لأنها لا تريدك ، وقال : ربما قتلتهن في بيوتهن ».

4238 - وروى موسى بن بكر الواسطي عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : سمعته يقول : « اللحم ينبت اللحم ، والسمك يذيب الجسد ، والدباء يزيد في الدماغ (4) ، وكثرة أكل البيض يزيد في الولد ، وما استشفي مريض بمثل العسل ، ومن

ص: 351


1- رواه الكليني ج 6 ص 313 وفيه « إنما تأكله السباع ولكن حتى تغيره الشمس أو النار » وفى الدروس : يكره أكل اللحم غريضا يعنى نيئا أي غير نضيج. وهو بكسر النون والهمز وفى الصحاح الغريض : الطري.
2- الغربان جمع الغراب ، والزاغ : أغرب أسود صغير قد يكون محمر المنفار والرجلين وهو لطيف الشكل ، حسن المنظر. وذهب الشيخ في الخلاف إلى تحريم الجميع وتبعه العلامة في المختلف وكرهه الشيخ في النهاية مطلقا ، وفصل آخرون منهم ابن إدريس والعلامة في أحد قوليه فحرموا الأسود الكبير والأبقع وأحلوا الزاغ وهو الأغبر الرمادي ، و هذا الاختلاف بسبب اختلاف الروايات فيه.
3- في النهاية الأثيرية في الحديث « انه نهى عن قتل الجنان » بكسر الجيم وتشديد النون - وهي الحيات التي تكون في البيوت واحدها جان. وفى الصحاح الجان حية بيضاء. وقال في النهاية أيضا في حديث قتل الحيات « ان لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم منها شيئا فحرجوا عليه ثلاثا » العوامر الحيات التي تكون في البيوت ، واحدها عامر وعامرة ، وقيل سميت عوامر لطول أعمارها - انتهى ، وقيل : سميت الحية حية لطول حياتها وكذا الحيتان.
4- الدباء - بضم الدال وتشديد الباء ممدودا - : القرع واحدها دباءة ، وقد يقرء بفتح الدال وتخفيف الباء مقصورا وهو الجراد قبل أن يطير ، ولكن القراءة الأولى قراءة المشايخ حيث ذكروا الخبر في باب القرع.

أدخل جوفه لقمة شحم أخرجت مثلها من الداء ».

باب 409: الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة وغير ذلك من آداب الطعام

4239 - روى سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا ينبغي الشرب في آنية الفضة والذهب » (1).

4240 - وروى أبان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا تأكل في آنية ذهب ولا فضة » (2).

4241 - وروى ثعلبة ، عن بريد العجلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « كره الشرب في الفضة وفي القدح المفضض ، وكره أن يدهن من مدهن مفصض ، والمشط كذلك ، فإن لم يجد بدا من الشرب في القدح المفضض عدل بفمه عن موضع الفضة » (3).

ص: 352


1- رواه الكليني ج 6 ص 385 في الموثق ، وظاهره الكراهة ويمكن حمله على الحرمة لما نقل من الاجماع ولكن وردت روايات بلفظ الكراهة.
2- قال في المدارك ص 107 : أجمع الأصحاب على تحريم استعمال أو انى الذهب و الفضة في الأكل والشرب وغيرهما قاله في التذكرة وغيرها ، وقال الشيخ في الخلاف : يكره استعمال أواني الذهب والفضة ، والظاهر أن مراده التحريم ، والأخبار الواردة بالنهي عن الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة من الطريقين مستفيضة ثم نقل أخبارا عن طريق الجمهور وطريقنا أيضا ، ثم قال : والمشهور بين الأصحاب تحريم اتخاذها لغير الاستعمال أيضا ، واستقرب العلامة في المختلف الجواز استضعافا لأدلة المنع وهو حسن الا أن المنع أولى لان اتخاذ ذلك وإن كان جائزا بالأصل فربما يصير محرما بالعرض لما فيه من إرادة العلو في الأرض وطلب الرئاسة المهلكة.
3- قال في المدارك : اختلف الأصحاب في الأواني المفضضة وقال الشيخ في الخلاف ان حكمها حكم الأواني المتخذة من الذهب والفضة ، وقال في المبسوط يجوز استعمالها لكن يجب عزل الفم عن موضع الفضة ، وهو اختيار العلامة في المنتهى وعامة المتأخرين ، وقال المحقق في المعتبر : يستحب العزل وهو حسن ، والأصح أن الآنية المذهبة كالمفضضة في الحكم بل هي أولى بالمنع.

4242 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « آنية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون » (1).

4243 - وروى يونس بن يعقوب ، عن يوسف أخيه أن أبا عبد اللّه عليه السلام استسقى ماء ، فاتي بقدح من صفر فيه ماء ، فقال له بعض جلسائه : إن عباد البصري يكره الشرب في الصفر ، قال : فسله أذهب هو أم فضة؟ ».

4244 - وروي عن جراح المدائني قال : « كره أبو عبد اللّه عليه السلام أن يأكل الرجل بشماله أو يشرب بها أو يتناول بها ».

4245 - وروى عبد اللّه بن ميمون ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : « كان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بتبوك يعبون الماء (2) فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : اشربوا في أيديكم فإنها من خير آنيتكم ».

4246 - وقال الصادق عليه السلام : « شرب الماء من قيام بالنهار أدر للعرق وأقوى للبدن » (3).

4247 - وقال عليه السلام : « شرب الماء بالليل من قيام يورث الماء الأصفر » (4).

4248 - وسأله بعض أصحابه عن الشرب بنفس واحد ، فقال : « إذا كان الذي يناولك الماء مملوكا لك فاشرب في ثلاثة أنفاس ، وإن كان حرا فاشربه بنفس واحد ».

وهذا الحديث في روايات محمد بن يعقوب الكليني - رحمه اللّه - (5).

4249 - وفي رواية حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ثلاثة أنفاس

ص: 353


1- رواه الكليني بسند ضعيف على المشهور عن موسى بن بكر عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، وظاهره يدل على تحريم اتخاذها مطلقا وإن كان من غير استعمال.
2- العب : شرب الماء من غير مص ، وفى الكافي « يشربون الماء بأفواههم في غزوة تبوك ».
3- في الكافي « شرب الماء من قيام بالنهار أقوى وأصح للبدن ».
4- رواه الكليني ج 6 ص 383 في حديث مرفوع.
5- لم أعثر عليه في الكافي في مظانه.

في الشرب أفضل من شرب بنفس واحد ، وكان يكره أن يشبه بالهيم قلت : وما الهيم؟ قال ، الزمل » (1). وفي حديث آخر : « الإبل » (2). وروي « أن الهيم النيب » (3). وروي « أن الهيم ما لم يذكر اسم اللّه عليه » (4).

4250 - وروى عبد اللّه بن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تأكل وأنت تمشي إلا أن تضطر إلى ذلك » (5).

4251 - وروي عن عمر بن أبي شعبة قال : « رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يأكل متكئا ثم ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال : ما أكل متكئا حتى مات » (6).

4252 - وروي عن حماد بن عثمان ، عن عمر بن أبي شعبة ، عن أبي شعبة أنه رأى

ص: 354


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 361 بسند آخر ، وروى ذيله البرقي في المحاسن ، والزمل جمع الزاملة وهي ما يحمل عليه من البعير ، وفى بعض نسخ المتن والمحاسن « الرمل ».
2- رواه البرقي في المحاسن ص 576.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 361 مسندا عن أبي بصير - هكذا - قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : ثلاثة أنفاس أفضل في الشرب من نفس واحد ، وكان يكره أن يتشبه بالهيم وقال : الهيم النيب » والناب الناقة المسنة والجمع أنياب ونيوب ونيب كما في القاموس ، وفى المحاسن ص 576 مسندا عن روح بن عبد الرحيم قال : « كان أبو عبد اللّه عليه السلام يكره أن يتشبه بالهيم ، قلت : وما الهيم؟ قال : الكثيب » وهو التل من الرمل وهذا يؤيد نسخة « الرمل » في الخبر المتقدم.
4- في الكافي ج 6 ص 384 بسند فيه ارسال عن شيخ من أهل المدينة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشرب الماء فلا يقطع نفسه حتى ، يروى ، قال : فقال عليه السلام وهل اللذة الا ذاك ، قلت : فإنهم يقولون إنه شرب الهيم ، قال : فقال : كذبوا إنما شرب الهيم ما لم يذكر اسم اللّه عزوجل عليه ».
5- يدل على كراهة الاكل ماشيا من غير ضرورة.
6- رواه في المحاسن عنه عن أبيه أنه رآه عليه السلام يفعل ذلك وفيه « عمر بن أبي سعيد » وهو تصحيف والصواب ما في الفقيه. ولعل فعله مع ذكره صفة أكل النبي صلى اللّه عليه وآله لبيان الجواز أو كان معذورا وذلك لئلا يتوهم أنه فعل ذلك على سبيل الاستحباب.

أبا عبد اللّه عليه السلام يأكل متربعا » (1).

4253 - وفي رواية إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « إذا وضعت المائدة حفها أربعة أملاك فإذا قال العبد : « بسم اللّه » قالت الملائكة للشيطان : اخز يا فاسق فلا سلطان لك عليهم ، فإذا فرغوا فقالوا : « الحمد لله » قالت الملائكة : هم قوم أنعم اللّه عليهم فأدوا شكر ربهم ، فإذا لم يقولوا «بسم اللّه» قالت الملائكة للشيطان : ادن يا فاسق فكل معهم ، فإذا رفعت فلم يحمدوا اللّه قالت الملائكة : هم قوم أنعم اللّه عليهم فنسوا ربهم » (2).

4254 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « صاحب الرحل يشرب أول القوم ويتوضأ آخرهم » (3).

4255 - وروى سماعة بن مهران قال : « كنت آكل مع أبي عبد اللّه عليه السلام فقال : « يا سماعة أكلا وحمدا لا أكلا وصمتا » (4).

4256 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « ضمنت لمن سمى على طعامه (5) أن لا يشتكي منه ، فقال ابن الكواء (6) : يا أمير المؤمنين لقد أكلت البارحة طعاما فسميت عليه ثم آذاني ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أكلت ألوانا فسميت على بعضها ولم تسم على بعض يا لكع » (7).

ص: 355


1- رواه البرقي في صدر الخبر السابق.
2- رواه في الكافي ج 6 ص 292 باسناده عن السكوني.
3- رواه البرقي في المحاسن ص 452 عن أبيه عن النوفلي باسناده عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
4- رواه البرقي ص 435 مسندا عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام بدون قوله : كنت آكل معه عليه السلام ».
5- مروى في الكافي بسند موثق عن أبي عبد اللّه عليه السلام رفعه إلى جده أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، وفيه « لمن يسمى على طعامه ».
6- هو من الخوارج بل كان رئيسهم ، وكان دأبه الاعتراض على أمير المؤمنين عليه السلام في جميع الأمور.
7- اللكع : العبد الأحمق ، والرجل اللئيم.

وروي أن من نسي أن يسمي على كل لون فليقل : « بسم اللّه على أوله وآخره » (1).

4257 - وقال الصادق عليه السلام : « ما أتخمت قط وذلك أني لم أبدأ بطعام إلا قلت :  «بسم اللّه» ولم أفرغ من طعام إلا قلت : « الحمد لله » (2).

4258 - وقال عليه السلام : « إن البطن إذا شبع طغى » (3).

4259 - وروي عن عمر [ و ] بن قيس الماصر قال : « دخلت على أبي جعفر عليه السلام بالمدينة وبين يديه خوان وهو يأكل ، فقلت له : ما حد هذا الخوان؟ فقال : إذا وضعته فسم اللّه ، وإذا رفعته فاحمد اللّه ، وقم ما حول الخوان ، فإن هذا حده ، قال : فالتفت فإذا كوز موضوع ، فقلت له : ما حد الكوز؟ فقال : اشرب مما يلي شفتيه وسم اللّه عزوجل ، فإذا رفعته عن فيك فاحمد اللّه عزوجل ، وإياك وموضع العروة أن تشرب منها فإنها مقعد الشيطان فهذا حده » (4).

4260 - وروي عن محمد بن الوليد الكرماني (5) قال : « أكلت بين يدي أبي جعفر الثاني عليه السلام حتى إذا فرغت ورفع الخوان ، ذهب الغلام يرفع ما وقع من فتات الطعام (6) فقال له : ما كان في الصحراء فدعه ولو فخذ شاة ، وما كان في البيت فتتبعه والقطه ».

ص: 356


1- مضمون مأخوذ مما روى الكليني في الصحيح عن داود بن فرقد قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : كيف أسمى على الطعام؟ قال : فقال : إذا اختلفت الآنية فسم على كل اناء ، قلت : فان نسيت أن أسمى؟ قال : تقول : « بسم اللّه على أوله وآخره ».
2- رواه البرقي في المحاسن مسندا عن عبد اللّه الأرجاني عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : ما أتخمت - وذكر نحوه ».
3- رواه البرقي في المحاسن ص 446 مسندا عن الحسين بن المختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وروى الكليني نحوه عن أبي جعفر عليه السلام.
4- روى البرقي في المحاسن ص 448 والكشي في رجاله عن ثوير بن أبي فاختة نحوه.
5- طريق المصنف إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.
6- الفتات - بالضم - : ما انفت من الشئ. وفتات الشئ ما تكسر منه.

4261 - وقال الصادق عليه السلام « إن بني أمية يبدؤون بالخل في أول الطعام ويختمون بالملح ، وإنا نبدأ بالملح في أول الطعام ونختم بالخل » (1).

4262 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « ابدؤوا بالملح في أول الطعام فلو علم الناس ما في الملح ، لاختاروه على الترياق المجرب ».

4263 - وروى الحسن بن محبوب (2) عن وهب بن عبد ربه قال : « رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يتخلل فنظرت إليه ، فقال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يتخلل ، وهو يطيب الفم ».

4264 - وفي خبر آخر : « إن من حق الضيف أن يعد له الخلال » (3).

4265 - وقال عليه السلام : « ما أدرت عليه لسانك فأخرجته فابلعه ، وما أخرجته بالخلال فارم به » (4).

ص: 357


1- روى الكليني ج 6 ص 330 باسناده عن سليمان الديلمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال « ان بني إسرائيل كانوا يستفتحون بالخل ويختمون به ونحن نستفتح بالملح ونختم - بالخل » . وروى البرقي في المحاسن مسندا عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : انا لنبدأ بالخل كما تبدؤون بالملح عندكم وان الخل ليشد العقل » ونقله في الكافي عنه بسند فيه أبان بن عبد الملك وهو مجهول الحال ، وما جاء في الابتداء بالملح أقوى سندا مما جاء في الابتداء بالخل راجع الكافي ج 6 ص 326 وص 329.
2- فيه سقط وفى المحاسن عنه عن مالك بن عطية عن وهب.
3- رواه الكليني ج 6 ص 285 مسندا عن سليمان بن حفص عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا « ان من حق الضيف أن يكرم وأن يعدله الخلال » وفى المحاسن نحو ما في المتن.
4- في المحاسن ص 559 مسندا عن الفضل بن يونس قال : « تغدى عندي أبو الحسن عليه السلام فلما فرغ من الطعام أتى بالخلال ، فقلت له : جعلت فداك ما حد هذا الخلال؟ فقال : يا فضل كل ما بقي في فيك ، وما أدرت عليه لسانك ، وما استكرهته بالخلال فأنت فيه بالخيار ان شئت أكلته وان شئت طرحته ». وعن إسحاق بن جرير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن اللحم يكون في الأسنان ، فقال : أما ما كان في مقدم الفم فكله ، وأما ما كان في الأضراس فاطرحه « وعن ابن سنان عنه عليه السلام قال : أما ما يكون على اللثة فكله وازدرده ، وما كان في الأسنان فارم به » وزرد اللقمة - كسمع : بلعها ازدردها. ( القاموس )

4266 - وروى صفوان الجمال ، عن أبي غرة الخراساني قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « الوضوء قبل الطعام وبعده يذهبان بالفقر » (1).

4267 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من سره أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور طعامه » (2).

4268 - وقال عليه السلام (3) : « من غسل يده قبل الطعام وبعده عاش في سعة وعوفي من بلوى في جسده ».

4269 - وروي عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السلام « أنه كان إذا طعم قال : « الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وأيدنا وآوانا وأنعم علينا وأفضل ، الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم ».

4270 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « نعم الادام الخل ، ما أقفر بيت فيه خل » (4).

4271 - وروى شعيب ، عن أبي بصير قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الثوم والبصل والكراث ، فقال : لا بأس بأكله نيا وفي القدور ، ولا بأس بأن يتداوى بالثوم ، ولكن إذا كان ذلك فلا يخرج إلى المسجد » (5).

4272 - وروى عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن الثوم ، فقال : إنما نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عنه لريحه ، وقال : من أكل هذه البقلة

ص: 358


1- قال في الدروس : يستحب غسل اليد قبل الطعام ولا يمسحها فإنه لا يزال البركة في الطعام ما دامت النداوة في اليد ويغسلها بعده ويمسحها ، والمراد بالمسح التمندل ، والخبر رواه الكليني ج 6 ص 290 في الحسن كالصحيح عن صفوان عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، والبرقي في المحاسن عنه عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام.
2- رواه الكليني والبرقي عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- ظاهره رسول اللّه عليه وآله ومروى في الكافي مسندا عن ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وفى المحاسن عنه عن آبائه عليهم السلام.
4- رواه الكليني ج 6 ص 329 مسندا عن أم سلمة في ذيل حديث. وفى النهاية ما أقفر بتقديم القاف أي ما خلا من الادام ولا عدم أهله الادم.
5- رواه الكليني ج 6 ص 375 في الصحيح وقوله « نيأ » أي غير نضيج.

الخبيثة فلا يقرب مسجدنا ، فأما من أكله ولم يأت المسجد فلا بأس ».

4273 - وروى إبراهيم الكرخي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال : « قال الحسن بن علي عليهما (1) السلام : في المائدة اثنتا عشرة خصلة يجب على كل مسلم أن يعرفها : أربع منها فرض ، وأربع سنة ، وأربع تأديب ، فأما الفرض : فالمعرفة (2) ، والرضا والتسمية (3) والشكر. وأما السنة : فالوضوء قبل الطعام ، والجلوس على الجانب الأيسر ، والاكل بثلاث أصابع ، ولعق الأصابع ، وأما التأديب : فالاكل مما يليك وتصغير اللقمة ، وتجويد المضغ ، وقلة النظر في وجوه الناس ».

4274 - وقال الصادق عليه السلام : « ينبغي للشيخ الكبير ألا ينام إلا وجوفه ممتلئ من الطعام فإنه أهدأ لنومه ، وأطيب لنكهته » (4).

4275 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « عجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار » (5).

باب 410: الايمان والنذور والكفارات

اشارة

4276 - روى منصور بن حازم (6) عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله :

ص: 359


1- رواه المصنف في الخصال أبواب الاثني عشر بسند ضعيف.
2- أي معرفه المنعم أو الحلال من الحرام.
3- يعنى الابتداء ببسم اللّه الرحمن الرحيم أو باسم اللّه مطلقا.
4- روى الكليني عن الوليد بن صبيح قال : « سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول : لا خير لمن دخل في السن أن يبيت خفيفا بل يبيت ممتلئا خير له ».
5- اعلم أن المصنف رحمه اللّه لم يذكر هنا حرمة الخمر وأحكامها ونقل بعض اخبارها في باب معرفة الكبائر آخر هذا المجلد وبعضها في أبواب الحدود.
6- طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة وروى الكليني ج 7 ص 440 ذيله في الحسن كالصحيح وبتمامه مروى في البحار عن كتاب الحسين بن سعيد الأهوازي.

« لا رضاع بعد فطام ، ولا وصال في صيام ، ولا يتم بعد احتلام ، ولا صمت يوما إلى الليل (1) ، ولا تعرب بعد الهجرة ، ولا هجرة بعد الفتح (2) ، ولا طلاق قبل نكاح ، ولا عتق قبل ملك ، ولا يمين لولد مع والده ، ولا لمملوك مع مولاه ، ولا للمرأة مع زوجها (3) ، ولا نذر في معصية ، ولا يمين في قطيعة » (4).

4277 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام « أنه سئل عن امرأة جعلت مالها هديا وكل مملوك لها حرا إن كلمت أختها أبدا ، قال : تكلمها وليس هذا بشئ إنما هذا وشبهه من خطوات الشيطان » (5).

4278 - وقال الصادق عليه السلام : « من حلف على يمين فرأى ما هو خير منها فليأت الذي هو خير منها ، وله زيادة حسنة » (6).

ص: 360


1- « لا رضاع بعد فطام » أي لا حكم للرضاع بعد الحولين فلا ينشر الحرمة ، ويحتمل أن يكون المراد أنه منهى بعد ذلك ( سلطان ) وقوله « لا وصال في صيام » أي بان ينوى صوم يومين فصاعدا بدون الافطار بينهما وحرمته اجماعي ، وقوله « لا يتم بعد احتلام » أي لا يبقى أحكام الطفولية بعد الاحتلام ولا يجوز العمل بمقتضاها ، و « لا صمت يوم إلى الليل » أي بأن ينوى الصوم ساكتا.
2- أي لا يجوز التعرب بعد الهجرة ، ولا يعد من المهاجرين من هاجر بعد فتح مكة منها إلى المدينة.
3- ظاهره بطلان يمين كل من هؤلاء بدون اذن المذكورين وهو مختار الشهيد الثاني لنفى اليمين مع أحد الثلاثة المحمول على نفى الصحة لأنه أقرب المجازات إلى نفى المهية ، والمشهور أن الاذن ليس شرطا في صحتها بل النهى مانع عنه ، والفائدة تظهر عند زوال الولاية بالموت أو الطلاق أو المعتق فينعقد اليمين على المشهور ويبطل على مختار الشهيد - رحمه اللّه -
4- أي لا يجوز النذر في معصية ولا ينعقد. وكذا اليمين في قطيعة الرحم ، ولعله على سبيل المثال.
5- في بعض النسخ « خطرات الشيطان » وما في المتن أصوب لوروده في روايات أخر.
6- مروى في الكافي بسند فيه ارسال ، و « على يمين » قد يسمى المحلوف عليه يمينا ، وروى الكليني في الصحيح عن سعيد الأعرج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحلف على اليمين فيرى أن تركها أفضل وان لم يتركها خشي أن يأثم أيتركها؟ فقال : أما سمعت قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إذا رأيت خير من بمينك فدعها ». وعليه فتوى الأصحاب.

4279 - وروى حماد بن عثمان ، عن محمد بن أبي الصباح قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « إن أمي تصدقت علي بنصيب لها في الدار ، فقلت لها : إن القضاة لا يجيزون هذا ولكن اكتبيه شرى ، فقالت : أصنع من ذلك ما بدا لك ولك ما ترى أن يسوغ لك فتوثقت ، فأراد بعض الورثة أن يستحلفني أني قد نقدتها الثمن ولم أنقدها شيئا فما ترى؟ قال : فاحلف لهم » (1).

4280 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام « في رجل حلف إن كلم أباه أو أمه فهو يحرم بحجة ، قال : ليس بشئ » (2).

4281 - وسئل عليه السلام « عن رجل غضب فقال : علي المشي إلى بيت اللّه الحرام ، قال : إذا لم يقل لله علي فليس بشئ ».

4282 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « لا يؤاخذكم اللّه باللغو في أيمانكم « قال : هو لا واللّه وبلى واللّه » (3).

4283 - وروى محمد بن مسلم (4) قال : « سألت أحدهما عليهما السلام عن رجل قالت له

ص: 361


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 329 في الصحيح والمشهور أنه يجب التورية بان يحلف اما ببراءة ذمته أو يحلف بأن ليس عليه من ثمن الحصة شئ أو يقول : نقدتها الثمن و يقصد ثمن شئ قد نقدها.
2- لم أجده مسندا ولعله موثق سماعة في الكافي ج 7 ص 440 قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل جعل عليه أيمانا أن يمشى إلى الكعبة أو صدقة أو عتق أو نذر أو هدى ان هو كلم أباه أو أمه أو أخاه أو ذا رحم أو قطع قرابة أومأ ثم فيه يقيم عليه ، أو أمر لا يصلح له فعله ، فقال : كتاب اللّه قبل اليمين ولا يمين في معصية ».
3- المراد باللغو الساقط الذي لا يعتد به من كلام وغيره ولغو اليمين مالا عقد معه كما سبق به اللسان أو تكلم جاهلا لمعناه ، ومنها قول : لا واللّه وبلى واللّه من غير عقد بل لمجرد التأكيد فقط ولا يؤاخذ اللّه به في الدنيا بوجوب الكفارة عقوبة ولا في الآخرة بعذاب. والخبر رواه الشيخ والكليني عن القمي عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عنه عليه السلام بزيادة في آخره وهي « ولا يعتقد على شئ ».
4- رواه الحسين بن سعيد عن محمد بن مسلم كما في البحار.

امرأته : أسألك بوجه اللّه إلا ما طلقتني ، قال : يوجعها ضربا أو يعفو عنها » (1).

4284 - وروى عثمان بن عيسى ، عن أبي أيوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تحلفوا باللّه صادقين ولا كاذبين فإن اللّه عزوجل قد نهى عن ذلك فقال عزوجل : « ولا تجعلوا اللّه عرضة لايمانكم » (2).

4285 - وقال أبو أيوب قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « من حلف باللّه فليصدق ومن لم يصدق فليس من اللّه في شئ ، ومن حلف له باللّه فليرض ومن لم يرض فليس من اللّه في شئ » (3).

4286 - وروى بكر بن محمد الأزدي ، عن أبي بصير عنه عليه السلام أنه قال : « لو حلف الرجل أن لا يحك أنفه بالحائط لابتلاه اللّه تعالى حتى يحك أنفه بالحائط ، ولو حلف الرجل أن لا ينطح برأسه الحائط لوكل اللّه عزوجل به شيطانا حتى ينطح برأسه الحائط » (4).

4287 - وروى حماد بن عيسى ، عن عبد اللّه بن ميمون عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « للعبد أن يستثني ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي (5) إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أتاه

ص: 362


1- أي هو مختار في أحد الامرين ولا يلزم عليه شئ بما قال امرأته. ( سلطان )
2- العرضة فعلة بمعنى مفعول تطلق لما يعرض دون الشئ ، وللمعرض للامر ، فالمعنى على الأول لا تجعلوا اللّه حاجزا لما حلفتم عليه من الخيرات فيكون المراد بالايمان الأمور المحلوف عليها ، وعلى الثاني لا تجعلوا اللّه معرضا لايمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به فحينئذ كلمة « أن » في بقية الآية « أن تبروا » مع صلتها بيان للمحلوف عليه على المعنى الأول وعلى الثاني تعليل للنهي أي أنهاكم إرادة بركم وتقواكم.
3- رواه الكليني ج 7 ص 438 بسند موثق ، وتقدم نحوه في باب الدين والقروض تحت رقم 3702.
4- رواه الحسين بن سعيد عن البطائني عن أبي بصير كما في نوادر أحمد بن عيسى ص 60 ويدل على كراهة الحلف على ترك هذه الأمور.
5- يعنى يجوز للحالف أن يعلق يمينه على مشيئة اللّه بأن يقول « لله على كذا إن كان كذا إن شاء اللّه ويجوز تأخير « إن شاء اللّه » إلى أربعين يوما إذا نسي ، وهذا يقتضى عدم انعقاد اليمين للنبوي المنجبر « من حلف على يمين فقال إن شاء اللّه لم يحنث » رواه أبو داود في سننه ج 2 ص 201 ، ولخبر السكوني المروى في الكافي ج 7 ص 448 عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السلام « من استثنى في يمين فلا حنث ولا كفارة » وذلك إذا كان المقصود بالاستثناء التعليق ، لا مجرد التبرك ، وفصل العلامة في القواعد فحكم بانعقاد اليمين مع الاستثناء إن كان المحلوف عليه واجبا أو مندوبا والا فلا.

ناس من اليهود فسألوه عن أشياء فقال لهم : تعالوا غدا أحد ثكم ولم يستثن فاحتبس جبرئيل عليه السلام عنه أربعين يوما ، ثم أتاه فقال : « ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء اللّه واذكر ربك إذا نسيت ».

4288 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة قال : « سألته عمن قال : واللّه ، ثم لم يف به قال أبو عبد اللّه عليه السلام : كفارته إطعام عشرة مساكين مدا مدا دقيق أو حنطة أو تحرير رقبة أو صيام ثلاثة أيام متوالية إذا لم يجد شيئا » (1).

4289 - وروى ابن بكير ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « نمر بالمال على العشار فيطلبون منا أن نحلف لهم ويخلون سبيلنا ولا يرضون منا إلا بذلك ، قال : فاحلف لهم فهو أحل من التمر والزبد » (2).

4290 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : « التقية في كل ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به » (3).

4291 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أرى أن لا يحلف إلا باللّه وأما قول الرجل « لا بل شانئك » (4) فإنه من قول الجاهلية ، ولو حلف

ص: 363


1- مروى في الكافي ج ص 453 في الصحيح وفيه « إذا لم يجد شيئا من ذا » وعدم ذكر الكسوة لظهوره عند المخاطب أو لعلمه عليه السلام عدم وجدانها له.
2- في بعض النسخ « أحلى من التمر والزبد » فلعل الواو بمعنى « مع » والزبد - بالضم - : زبد اللبن لان المقام يقتضى ما هو أشد حلاوة. وفى نوادر أحمد بن محمد بن عيسى كما في المتن.
3- رواه الحسين بن سعيد عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في النوادر والبحار.
4- مخفف قولهم « لا أب لشانئك » أي لمبغضك كما في بعض النسخ ، وهذه كلمة كانوا ينطقون بها في ضمن كلامهم مرددا كما هو عادة كل أحد من ترداد شئ ضمن كلامه مثل « يغفر اللّه لك » و « لله أبوك » و « يرحمك اللّه » وأمثال ذلك ، وفائدته أنه قد ينسى المتكلم ما يريد أن يقوله فيردد هذه الكلمة حتى يذكر ما كان قد نسيه ، وليس هذا وأمثاله حلفا ويمينا الا أنه قد يمكن جعل « لا بل شانئك » قسما نظير ما يقال : ليمت أبى ان كنت قلت ذاك ، ولست ابن أبي أو هلك ابني ، وأما في أكثر الامر فليس قسما البتة.

الناس بهذا أو شبهه ترك أن يحلف باللّه ، وأما قول الرجل : « يا هناه يا هناه » فإنما ذلك طلب الاسم (1) ولا أرى به بأسا ، وأما لعمر اللّه ، وأيم اللّه فإنما هو باللّه » (2).

4292 - وقال عليه السلام « في رجل حلف تقية قال : إن خشيت على دمك ومالك فاحلف ترده عنك بيمينك. فإن رأيت أن يمينك لا ترد عنك شيئا فلا تحلف لهم » (3).

4293 - وقال الحلبي : « وسألته عن الرجل يجعل عليه نذرا ولا يسميه ، فال : إن سميته فهو ما سميت ، وإن لم تسم شيئا فليس بشئ ، فإن قلت » لله على « فكفارة يمين » (4).

4294 - وقال عليه السلام : « كل يمين لا يراد بها وجه اللّه عزوجل فليس بشئ

ص: 364


1- أي لطلب شئ نسي اسمه فيقول « يا هناه يا هناه » حتى يتذكر.
2- لأنه راجع إلى الحلف بحياته تبارك وتعالى والصفة عين الذات فينعقد بخلاف ما لو قال « وحق اللّه تعالى » ، والمشهور أنه لا ينعقد اليمين الا باللّه عز اسمه وجل أو بأسمائه المختصة به جل وعلا أو ما ينصرف اطلاقه إليه تعالى.
3- رواه الكليني ج 7 ص 463 عن القمي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام هكذا - « وفى رجل حلف تقية قال : ان خفت على مالك ودمك فاحلف ترده بيمينك ، فإن لم تر أن ذلك يرد شيئا فلا تحلف لهم ».
4- روى الكليني صدره في « باب ما لا يلزم من الايمان والنذور » وذيله في « باب النذور » في الحسن كالصحيح ، ويدل على أن كفارة النذر كفارة اليمين مطلقا كما ذهب إليه سلار والمحقق في النافع ، وبين الأصحاب في ذلك اختلاف لاختلاف الروايات فذهب الشيخان وأتباعهما والمحقق والعلامة وأكثر المتأخرين إلى أنها كفارة افطار رمضان مطلقا ، وذهب السيد المرتضى وابن إدريس إلى أنه إن كان النذر لصوم فكفارة رمضان وإن كان لغير ذلك فكفارة يمين ، وجمع العلامة في بعض كتبه بذلك بين الاخبار.

في طلاق أو عتق » (1).

4295 - وقال : « في كفارة اليمين مد وحفنة » (2).

4296 - و « عن الرجل (3) يحلف لصاحب العشور يحرز بذلك ماله؟ قال : نعم ».

4297 - و « سألته عن امرأة جعلت مالها هديا لبيت اللّه إن أعارت متاعا لها فلانة وفلانة ، فأعار بعض أهلها بغير أمرها ، قال : ليس عليها هدي إنما الهدي ما جعل لله عزوجل هديا للكعبة فذلك الذي يوفى به إذا جعل لله ، وما كان من أشباه هذا فليس بشئ ولا هدي لا يذكر فيه اسم اللّه عزوجل » (4).

ص: 365


1- رواه الكليني في الصحيح عن الحلبي ، وظاهره اشتراط القربة في اليمين وهو خلاف المشهور الا أن يكون المراد باليمين النذر فإنه يشترط فيه القربة اجماعا ، ويحتمل أن المراد بقوله « لا يراد بها وجه اللّه » أن لا يكون يمينه باسم اللّه بل بالطلاق والعتاق وغير ذلك. ( سلطان )
2- رواه الحسين بن سعيد عن عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في البحار ، وفى الكافي ج 7 ص 451 في الصحيح عن الحلبي عنه عليه السلام « في كفارة اليمين يطعم عشرة مساكين مد من حنطة أو مدمن دقيق وحفنة - الخ ». والحفنة ملء الكف والظاهر تعلقها بالحنطة والدقيق معا لأجرة خبزهما وغيره لما روى الكليني أيضا في الحسن كالصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في كفارة اليمين مد مدمن حنطة وحفنة لتكون الحفنة في طحنه وحطبه ، ويحتمل تعلقه بالدقيق فقط لتفاوت كيل الدقيق والحنطة.
3- يعنى قال الحلبي : وسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل.
4- رواه الكليني ج 7 ص 441 في الحسن كالصحيح مع الخبر الآتي في حديث وفى التهذيب ج 2 ص 333 رواه باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي وفيه « ولا هدى الا بذكر اللّه ».

4298 - وسئل « عن الرجل يقول : علي ألف بدنة وهو محرم بألف حجة (1) قال : تلك خطوات الشيطان (2) ، وعن الرجل يقول : وهو محرم بحجة أو يقول : أنا أهدي هذا الطعام (3) قال : ليس بشئ إن الطعام لا يهدى ، أو يقول لجزور بعد ما نحرت : هو هدي لبيت اللّه ، إنما تهدى البدن وهي أحياء وليس تهدى حين صارت لحما » (4).

4299 - وروي في حديث آخر « في رجل قال : لا وأبي ، قال : يستغفر اللّه » (5).

4300 - وقال الصادق عليه السلام : « اليمين على وجهين ، أحدهما : أن يحلف الرجل على شئ لا يلزمه أن يفعل فيحلف أنه يفعل ذلك الشئ أو يحلف على ما يلزمه أن يفعل فعليه الكفارة إذا لم يفعله (6) ، والأخرى على ثلاثة أوجه فمنها ما يؤجر الرجل عليه إذا حلف كاذبا ، ومنها ما لا كفارة عليه ولا أجر له ، ومنها مالا كفارة عليه فيها والعقوبة فيها دخول النار ، فأما التي يؤجر عليها الرجل إذا حلف

ص: 366


1- الظاهر أنه جملة حالية عن ضمير « على » منقولة بالمعنى وكأن القائل قال : على ألف بدنة وأنا محرم بألف حجة ، فيرفع إلى علي ألف احرام بألف حجة في كل احرام أو كل حجة بدنة. ( مراد )
2- في الكافي والتهذيب « تلك من خطوات الشيطان » لأنه لا يريد ايقاعه لامتناعه بحسب حاله وهو لاغ فيه.
3- يعنى وسئل عن رجل يقول : أنا محرم بحجة أو يقول : أهدى هذا الطعام كل ذلك ليس بشئ الا أن يقول : لله على كذا.
4- من قوله « قال الحلبي » إلى هنا من كلام الحلبي كما أشرنا إليه ورواه الحسين ابن سعيد الأهوازي في كتابه عن الحلبي كما في البحار.
5- لم أجده وادخال لا النافية على فعل القسم شايع في كلامهم للتأكيد كما قال البيضاوي ، وتقدم الكلام في عدم انعقاد اليمين بغير أسماء اللّه تعالى ، وكفارة هذا اليمين الاستغفار.
6- أي في الصورتين فان الحلف في الصورة الأولى الوجوب والكفارة على صورة المخالفة ، وفى الصورة الثانية وجوب الكفارة دون أصل الوجوب لأنه كان واجبا عليه بدون الحلف ، نعم صار وجوب ذلك الفعل مؤكدا حتى صار تركه أقبح. ( مراد )

كاذبا ولا تلزمه الكفارة فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرئ مسلم أو خلاص ماله من متعد يتعدى عليه من لص أو غيره. وأما التي لا كفارة عليه فيها ولا أجر له فهو أن يحلف الرجل على شئ ثم يجد ما هو خير من اليمين فيترك اليمين ويرجع إلى الذي هو خير. وأما التي عقوبتها دخول النار فهو أن يحلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه ظلما فهذه يمين غموس توجب النار ولا كفارة عليه في الدنيا » (1).

ولا يجوز إطعام الصغير في كفارة اليمين ولكن صغير بن بكبير (2) فمن لم يجد في الكفارة إلا رجلا أو رجلين فليكرر عليهم حتى يستكمل.

4301 - وقال الصادق عليه السلام : « اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع من أهلها » (3).

والنذر على وجهين ، أحدهما : أن يقول الرجل : إن كان كذا وكذا صمت أو صليت أو تصدقت أو حججت أو فعلت شيئا من الخير وكان (4) ذلك ، فهو بالخيار إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل (5) ، فان قال ، إن كان كذا وكذا فلله علي كذا وكذا فهو نذر واجب لا يسمه تركه وعليه الوفاء به ، وإن خالف لزمته الكفارة ، وكفارة النذر كفارة اليمين ، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم

ص: 367


1- لم أجد هذا الخبر في أصل مسندا نعم مضمونه في أخبار شتى ، رواه الشيخ في التهذيبين والكليني في الكافي وفى صحيفة الرضا نقله بعين ألفاظه وفى الهداية للمؤلف نقله بدون ذكر الإمام عليه السلام.
2- روى الكليني ج 7 ص 453 في الموثق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يجزى اطعام الصغير في الكفارة اليمين ولكن صغيرين بكبير » ولعل هذا مخصوص بكفارة اليمين وأما في غيرها فيجتزى بهم مطلقا كالكبار وهكذا في صورة الاطعام دون التسليم.
3- مروى في الكافي في الضعيف عن الصادق عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله البلاقع جمع بلقع وبلقعة هي الأرض القفر التي لا شئ بها كما في النهاية.
4- أي حصل وتحقق ذلك الشرط الذي علق عليه الفعل.
5- حيث لم يقل : « لله على » وبدون هذه الكلمة لم يتحقق النذر.

لكل مسكين مد أو كسوتهم لكل رجل ثوبين ، أو تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم.

فإن نذر رجل أن يصوم كل يوم سبت أو أحد أو سائر الأيام فليس له أن يتركه إلا من علة ، وليس عليه صومه في سفر ولا مرض إلا أن يكون نوى ذلك (1) ، فإن أفطر من غير علة تصدق مكان كل يوم على عشرة مساكين (2).

فإن نذر أن يصوم يوما بعينه ما دام حيا فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق أو سافر أو مرض فقد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الأيام كلها ، ويصوم يوما بدل يوم (3).

وإذا نذر الرجل نذرا ولم يسم شيئا (4) فهو بالخيار إن شاء تصدق بشئ ، وإن شاء صلى ركعتين ، وإن شاء صام يوما ، وإن شاء أطعم مسكينا رغيفا (5).

وإذا نذر أن يتصدق بمال كثير ولم يسم مبلغه فإن الكثير ثمانون وما زاد لقول اللّه تعالى : « لقد نصركم اللّه في مواطن كثيرة » وكانت ثمانين موطنا (6).

ص: 368


1- أي نوى أن يصوم في السفر أو المرض ما لم يتضرر ، أو الاستثناء من السفر فقط.
2- لانعقاد النذر شرعا وفى صورة التخلف تجب عليه الكفارة.
3- كما في مكاتبة القاسم بن أبي القاسم الصيقل المروية في التهذيبين قال : « كتبت إليه يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوم الجمعة دائما ما بقي فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق أو سفر أو مرض هل عليه صوم أو قضاؤه أو كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب إليه : قد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الأيام كلها ويصوم يوما بدل يوم إن شاء اللّه » ونقل هذا الخبر في التهذيب في باب النذر عن علي بن مهزيار مكاتبة فاذن صحيح ، وقوله « أو في أيام التشريق » مخصوص بمن كان بمنى ناسكا كما تقدم في أحكام الحج.
4- أي شيئا من الصالحات بخصوصه ، بل نذر فعلا حسنا مطلقا.
5- روى الكليني ج 7 ص 463 في الضعيف عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن رجل نذر ولم يسم شيئا ، قال : ان شاء صلى ركعتين ، وان شاء صام يوما ، وان شاء تصدق برغيف ».
6- لرواية أبى بكر الحضرمي المروية في التهذيب ج 2 ص 335 قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فسأله رجل عن رجل مرض فنذر لله شكرا ان عافاه اللّه أن يتصدق من ماله بشئ كثير ولم يسم شيئا فما تقول؟ قال : يتصدق بثمانين درهما فإنه يجزيه ، وذلك بين في كتاب اللّه إذ يقول لنبيه » لقد نصركم اللّه في مواطن كثيرة « والكثيرة في كتاب اللّه ثمانون ». وفى تفسير العياشي عن يوسف بن السخت أنه « اشتكى المتوكل فنذر لله ان شفاه اللّه أن يتصدق بما كثير فكتب إلى الهادي عليه السلام يسأله فكتب تصدق بثمانين درهما ، وكتب قال اللّه لرسوله (صلی اللّه عليه وآله) » لقد نصركم اللّه في مواطن كثيرة « والمواطن التي نصر اللّه رسوله فيها ثمانون موطنا فثمانون درهما من حله مال كثير » وروى نحوه الكليني ج 7 ص 467 وفى تفسير علي بن إبراهيم مثله ، وروى في معاني الأخبار ص 218 مسندا عن البرقي عن أبيه ، عن أبن أبى عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « في رجل نذر أن يتصدق بمال كثير ، فقال الكثير ثمانون فما زاد لقول اللّه تبارك وتعالى » لقد نصركم اللّه في مواطن كثيرة « وكانت ثمانين موطنا ».

وإن صام يوما أو شهرا لم يسمه في النذر فأفطر فلا كفارة عليه إنما عليه أن يصوم مكانه يوما معروفا على حسب ما نذر ، فإن نذر أن يصوم يوما معروفا أو شهرا معروفا فعليه أن يصوم ذلك اليوم أو ذلك الشهر فإن لم يصمه أو صامه فأفطر فعليه الكفارة » (1).

فإن نذر أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم على أهله فعليه أن يصوم بدل يوم ويعتق رقبة مؤمنة (2).

والأعمى لا يجزي في الرقبة ، ويجزي الأقطع والأشل والأعرج والأعور ، ولا يجزي المقعد (3).

ص: 369


1- قال في النافع : « ما لم يعين بوقت يلزمه الذمة مطلقا ، وما قيد بوقت يلزمه فيه ولو أخل لزمه الكفارة » لان الأول بمنزلة الواجب الموسع والثاني بمنزلة المضيق.
2- كما في ذيل مكاتبة علي بن مهزيار المروية في الكافي ج 7 ص 456 في الموثق « كتب إليه يسأله يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم على أهله ، ما عليه من الكفارة؟ فكتب إليه : يصوم يوما بدل يوم وتحرير رقبة مؤمنة ».
3- روى الشيخ في الموثق عن أبي جعفر عليه السلام « لا يجزى الأعمى في الرقبة و يجزى ما كان منه مثل الأقطع والأشل والأعرج والأعور ، ولا يجوز المقعد ». ومروى نحوه في الكافي في الضعيف عن أمير المؤمنين عليه السلام.

ويجوز في الظهار صبي ممن ولد في الاسلام (1).

فإن حلف رجل غريمه أن لا يخرج من البلد إلا يعلمه فلا يجوز له أن يخرج حتى يعلمه ، فإن خشي أن لا يدعه أن يخرج ويقع عليه وعلى عياله ضرر فليخرج ولا شئ عليه (2).

وإن ادعى رجل على رجل مالا ولم يكن له بينة وكان غير محق في دعواه فإن بلغ مقدار ثلاثين درهما فليعطه ولا يحلف ، وإن كان أكثر من ثلاثين درهما فليحلف ولا يعطه (3).

وإذا كان للرجل جارية فأذته امرأته وغارت عليه فقال لها : هي عليك صدقة فإن كان جعلها لله عزوجل فليس له أن يقر بها وإن لم يكن ذكر اللّه فهي جاريته يصنع بها ما يشاء (4).

4302 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أجل اللّه أن يحلف به كاذبا أعطاه اللّه

ص: 370


1- كما في مرسلة الحسين بن سعيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في التهذيب ج 2 ص 233.
2- روى الكليني ج 7 ص 462 في الضعيف عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يكون عليه اليمين فيحلفه غريمه بالايمان المغلظة أن لا يخرج من البلد الا يعلمه ، فقال : لا يخرج حتى يعلمه ، قلت : ان أعلمه لم يدعه ، قال : إن كان علمه ضررا عليه وعلى عياله فليخرج ولا شئ عليه ».
3- روى الكليني ج 7 ص 435 عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا ادعى عليك مال ولم يكن له عليك فأراد أن يحلفك ، فان بلغ مقدار ثلاثين درهما فأعطه ولا تحلف ، وإن كان أكثر من ذلك فاحلف ولا تعطه ».
4- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 236 في المرسل كالصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل تكون له الجارية فتؤذيه امرأته وتغار عليه فيقول : هي عليك صدقة ، قال : ان جعلها لله وذكر اللّه فليس له أن يقربها ، وان لم يكن ذكر اللّه فهي جاريته يصنع بها ما شاء ».

عزوجل خيرا مما ذهب منه » (1).

4303 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « ما ترك عبد شيئا لله عزوجل ففقده ».

4304 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من حلف سرا فليستثن سرا ومن حلف علانية فليستثن علانية » (2).

4305 - وسأل إسماعيل بن سعد أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن الرجل يحلف باليمين وضميره على غير ما حلف ، قال : اليمين على الضمير » (3) - يعني على ضمير المظلوم -.

4306 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يحلف وينسى ما قاله ، قال : هو على ما نوى » (4).

ص: 371


1- رواه الكليني ج 7 ص 434 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام رفعه إلى النبي صلى اللّه عليه وآله ونقله الشيخ في التهذيب عنه وفيهما بدون لفظة « كاذبا » فحينئذ معناه واضح وأما على ما في المتن فاما أن يقرء « يحلف به » بالتخفيف فيكون « كاذبا » حالا عنه واما أن يقرء بالتشديد فيكون « كاذبا » مفعوله ، والمعنى أنه لم يقدم على احلاف الكاذب ويترك حقه من أجل أن لا بينة له ويجل اللّه سبحانه من أن يحلف به. وفى نسخة من الفقيه « صادقا » بدل « كاذبا » والظاهر أنه أنسب بالمقام.
2- مروى في الكافي مسندا عن السكوني وقال العلامة الحلي : لعله لعدم الاتهام بترك اليمين ولم أر قائلا بوجوبه.
3- رواه الكليني ج 7 ص 444 في الصحيح. وفى التهذيب في الحسن كالصحيح عن صفوان عنه عليه السلام. وقوله « على ضمير المظلوم » من كلام المؤلف لعدم وجوده في الكافي والتهذيب وأخذه المؤلف من خبر مسعدة بن صدقة المروى في الكافي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول وسئل عما يجوز من النية على الاضمار في اليمين فقال : قد يجوز في موضع ولا يجوز في آخر ، فأما ما يجوز فإذا كان مظلوما فما حلف به ونوى اليمين فعلى نيته ، وأما إذا كان ظالما فاليمين على نية المظلوم » ويدل على أن المعتبر في اليمين على نية المظلوم من الخصمين ولا ينفع للظالم التورية لو حلف.
4- مروى في قرب الإسناد ص 121 مسندا وفيه « ما حاله » بدل « ما قاله » ولعله تصحيف وحاصله أن السائل سأل عن حالف قصد الحلف على شئ فحلف ثم نسي كلامه ولم يدر هل كان حلفه يطابق نيته أولا فأجاب عليه السلام إذا نسي ولم يدر فهو على نيته.

4307 - وروي عن سعد بن الحسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الرجل يحلف أن لا يبيع سلعته بكذا وكذا ثم يبدو له (1) قال : يبيع ولا يكفر » (2).

4308 - وروى السكوني عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : « إذا قال الرجل : أقسمت أو حلفت فليس بشئ حتى يقول : أقسمت باللّه أو حلفت باللّه » (3).

4309 - وروى أبان ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل قال : علي بدنة ولم يسم أين ينحرها؟ قال : إنما النحر بمنى يقسمها بين المساكين » (4).

4310 - وروى محمد بن يحيى الخزاز ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام كره أن يطعم الرجل في كفارة اليمين قبل الحنث » (5).

4311 - وسأل محمد بن منصور موسى بن جعفر عليهما السلام « عن رجل نذر صياما فثقل الصوم عليه ، قال : يتصدق [ عن ] كل يوم بمد من حنطة » (6).

ص: 372


1- أي ثم يظهر له أن يبيعه بذلك الذي حلف أن لا يبيعه لأنه أصلح له.
2- لعدم كونه من أقسام اليمين التي تجب الكفارة بمخالفتها وقد تقدم فلا ينافي ما ورد من وجوب الكفارة بالحنث.
3- تقدم الاخبار فيه ، والخبر مروى في التهذيب ج 2 ص 332 عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن النوفلي ، عن السكوني.
4- مروى في التهذيب بسند موثق كالصحيح.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 332 بسند صحيح عن طلحة بن زيد وهو بتري عامي المذهب ولم يوثق ، وقال الشيخ في الفهرست له كتاب معتمد. والحنث في اليمين نقضها وقبل الحنث لا يجب الكفارة. وفى الضعيف عن الصادق عليه السلام « أن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : إذا حنث الرجل فليطعم عشرة مساكين ويطعم قبل ان يحنث ».
6- الخبر في الكافي ج 4 ص 143 هكذا قال : « سألت الرضا عليه السلام عن رجل نذر نذرا في صيام فعجز فقال : كان أبى يقول : عليه مكان كل يوم مد » ولا يخفى اختلاف المفهومين فان ثقل الصوم غير العجز وصوم شهر رمضان في الصيف في بعض الأمصار ثقيل على نوع الناس ولا يصدق العجز ، فلابد أن نحمل الثقل على العجز. وفى نسخة من الفقيه « تصدق عن كل يوم بمدين من حنطة » وستأتي بقية الكلام عند خبر إسحاق بن عمار تحت رقم 4325 إن شاء اللّه.

4312 - وروى طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام في امرأة حبلى شربت دواء فأسقطت ، قال : تكفر عنه » (1).

4313 - و « سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله رجلا يقول : « أنا برئ من دين محمد « فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ويلك إذا برئت من دين محمد فعلى دين من تكون؟! فما كلمه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حتى مات » (2).

4314 - وروى محمد بن إسماعيل ، عن سلام بن سهم الشيخ المتعبد (3) أنه سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول لسدير : يا سدير إنه من حلف باللّه كاذبا كفر ، ومن حلف باللّه صادقا أثم ، إن اللّه عزوجل يقول : ولا تجعلوا اللّه عرضة لايمانكم ».

4315 - وروى عبد اللّه بن القاسم ، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام (4) : « لا يمين في غضب ولا في قطيعه رحم ولا في جبر ولا في إكراه ، قال : قلت : أصلحك اللّه فما فرق بين الاكراه والجبر؟ قال ، الجبر من السلطان يكون و الاكراه من الزوجة والأب والام وليس ذلك بشئ ».

ص: 373


1- الخبر أجنبي عن المقام بل يناسب باب الكفارات ، وتجب الكفارة بقتل الجنين حيث تلجه الروح كالمولود ، وقيل مطلقا مع المباشرة بقتله لا مع التسبيب كغيره ، كما في الروضة البهية ، وطلحة بن زيد تقدم حاله.
2- رواه الكليني ج 7 ص 438 بسند مرفوع ، ولا خلاف في حرمة الحلف بالبراءة من اللّه سبحانه وتعالى ورسوله صلى اللّه عليه وآله والأئمة عليهم السلام ولا ينعقد صادقا كان أو كاذبا ، واختلف في وجوب الكفارة وعدمها فقال المحقق في الشرايع : ولا تجب بها كفارة ويأثم.
3- في الكافي والتهذيب « عن يحيى بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي سلام المتعبد » وفى بعض نسخ الفقيه « عن سلام بن يسهم الشيخ المتعبد » وفى رجال العامة ورواتهم رجل يقال له : سلام بن سلم - أو سلام بن سليم - يروى عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وضعفه جلهم وقالوا انه خراساني الأصل. يعرف بسلام الطويل ، توفى حدود سنة سبع وسبعين ومائة ولعله هو.
4- كذا في الكافي ومعاني الاخبار ص 166 ، وفى بعض نسخ الفقيه » قال أبو جعفر عليه السلام.

4316 - وقال علي عليه السلام : « احلف باللّه كاذبا وأنج أخاك من القتل » (1).

4317 - وروى عبد اللّه بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يجعل عليه صياما في نذر فلا يقوى ، قال : يعطي من يصوم عنه كل يوم مدين » (2).

4318 - وروى محمد بن عبد اللّه بن مهران ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى ابن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن الرجل يقول هو يهدي إلى الكعبة كذا وكذا ، ما عليه إذا كان لا يقدر على ما يهديه ، قال : إن كان جعله نذرا ولا يملكه فلا شئ عليه ، وإن كان مما يملك غلاما أو جارية أو شبههما باع واشترى بثمنه طيبا فيطيب به الكعبة ، وإن كانت دابة فليس عليه شئ » (3).

4319 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن علي بن أبي طالب عليه السلام سئل عن رجل نذر أن يمشي إلى البيت فمر بمعبر ، قال : فليقم في المعبر حتى يجوزه » (4).

ص: 374


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 332 باسناده عن الصغار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام عن علي عليه السلام ، وظاهر الخبر الوجوب ولا خلاف فيه.
2- طريق الصدوق إلى عبد اللّه بن جبلة صحيح ، ورواه الكليني عنه بسند فيه جهالة ، وظاهر الخبر أن المدين اجرة لمن يصوم نيابة عنه ولم يقل به أحد ، وقال سلطان العلماء : يحتمل أن يكون الظرف متعلقا بيعطى بتضمين الكفارة أي يعطى كفارة عن الصوم أو عن نفسه من يصوم أي من عليه الصوم وهو الناذر في كل يوم مدين وكأن الشيخ حمل على هذا فأوجب مدين عليه - انتهى وقال في الشرايع « إذا عجز الناذر عما نذره سقط فرضه فلو نذر الحج فصد سقط النذر وكذا لو نذر صوما فعجز لكن روى في هذا أنه يتصدق عن كل يوم بمد من طعام ». وطريق التوفيق بين المدين في هذا الخبر والمد في خبر محمد بن منصور التخيير أو حمل المدين على الاستحباب.
3- قال في المسالك : في اخراجه عليه السلام الدابة من الحكم وحكمه بعدم لزوم شئ عليه على تقديرها مخالفة للجميع ومحمد بن عبد اللّه بن مهران ضعيف جدا.
4- رواه الكليني ج 7 ص 455 عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني وعمل به جماعة وحمله جماعة على الاستحباب ، والمعبر - بكسر الميم - : ما يعبر به كالسفينة.

4320 - وقال الصادق عليه السلام ليونس بن ظبيان : « يا يونس لا تحلف بالبراءة منا ، فإنه من حلف بالبراءة منا صادقا كان أو كاذبا فقد برئ منا » (1).

4321 - وقال عليه السلام : « من برئ من اللّه عزوجل صادقا كان أو كاذبا فقد برئ اللّه منه ».

4322 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن الأحكام (2) ، فقال : يجوز على كل دين بما يستحلفون » (3).

4323 - و « قضى أمير المؤمنين عليه السلام فيمن استحلف رجلا من أهل الكتاب بيمين صبر (4) أن يستحلفه بكتابه وملته » (5).

ص: 375


1- مروى في الكافي والتهذيب بسند ضعيف ، وتقدم الكلام فيه.
2- أي عن الأحكام الشرعية والمسائل الدينية.
3- كذا في جميع النسخ ورواه الشيخ في التهذيبين بسند صحيح وفيهما هكذا « فقال : في كل دين ما يستحلفون » وزاد في بعض النسخ « به » فحينئذ لا يدل على جواز الاستحلاف بغير اللّه للمسلم لأنه مجرد اخبار عن شرايعهم.
4- اليمين الصبر هي التي يمسك الحكم عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم أي الزم بها صاحبها ويحبس عليها.
5- روى الكليني ج 7 ص 451 في الحسن كالصحيح عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أهل الملل يستحلفون ، فقال : « لا تحلفوهم الا باللّه عزوجل » وفى الموثق عنه عليه السلام قال سماعة : « سألته هل يصلح لاحد أن يحلف أحدا من اليهود والنصارى والمجوس بآلهتهم؟ قال : لا يصلح لاحد أن يحلف أحدا الا باللّه عزوجل « وفى الصحيح عن سليمان بن خالد عنه عذره السلام قال : « لا يحلف اليهودي ولا النصراني ولا المجوسي بغير اللّه ان اللّه عزوجل يقول : « فاحكم بينهم بما أنزل اللّه » ، ولعل المراد بما انزل اللّه قوله تعالى في الشهادة على الوصية حيث قال عز من قائل « يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم ان أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان باللّه ان ارتبتم » يعنى الآخرين من غير المسلمين ، وقال في المسالك : مقتضى هذه النصوص عدم جواز الاحلاف الا باللّه ، سواء كان الحالف مسلما أو كافرا ، وسواء كان حلفه بغيره أردع أم لا ، وفى بعضها تصريح بالنهي عن احلافه بغير اللّه ، لكن استثنى المحقق والشيخ في النهاية وجماعة ما إذا رأى الحاكم تحليف الكافر بما يقتضيه دينه أردع من احلافه باللّه ، فيجوز تحليفه بذلك والمستند رواية السكوني « أن أمير المؤمنين عليه السلام استحلف يهوديا بالتوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام » ولا يخلو من اشكال - انتهى أقول : واحتمل الفيض في هذا الخبر أعني ما في المتن أن يكون المجرور في كتابه وملته راجعين إلى من استحلف ولهذا اتيا بالمفرد دون الجمع.

4324 - وروى عبد اللّه بن مسكان ، عن بدر بن خليل (1) قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل كان في حبس فقال : لله علي إن خرجت من حبسي هذا أن أصوم سنة فخرج الرجل من الحبس وخاف أن لا يمكنه أن يصوم سنة كيف يصنع؟ قال : يصوم شهرا ومن الشهر الثاني أياما فيكون قد صام شهرين متتابعين ، ثم يصوم بعد ذلك ، فمتى أفطر يوما تصدق بمد ، ومتى صام حسب له حتى يتم له سنة ».

4325 - وروي محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال ، قلت له « رجل مات وعليه صوم ، يصام عنه أو يتصدق عنه فإنه أفضل » (2).

4326 - وروي عن علي بن مهزيار قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام : « قوله عزوجل ، » والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى « وقوله عزوجل : « والنجم إذا هوى « وما أشبه هذا ، فقال : إن اللّه عزوجل يقسم من خلقه بما يشاء وليس لخلقه أن يقسموا إلا به عزوجل » (3).

ص: 376


1- الظاهر هو بدر بن الوليد الكوفي لرواية ابن مسكان عنه كثيرا.
2- لا مناسبة له بالباب ، وقال سلطان العلماء : ولعل المصنف حمل الصوم هذا على صوم الكفارة المخيرة بينه وبين الطعام أو النذر المخير ولذا أورد الحديث في هذا الباب.
3- رواه الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر محمد ابن علي الباقر عليهما السلام.
[ الكفارات ]

[ الكفارات ] (1)

4327 - وروى محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يجوز في القتل إلا رجل (2) ، ويجوز في الظهار وكفارة اليمين صبي » (3).

4328 - وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام فقال : « يعطي ضعيفا من غير أهل الولاية؟ قال : نعم ، وأهل الولاية؟ أحب إلي » (4) - يعني في الكفارات -.

4329 - وروي عن المفضل بن عمر الجعفي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في قول اللّه عزوجل : « فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم « يعني به اليمين بالبراءة من الأئمة عليهم السلام يحلف بها الرجل يقول : إن ذلك عند اللّه عظيم » وهذا الحديث في نوادر الحكمة.

4330 - وروى حفص بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ما كفارة الاغتياب؟ قال : تستغفر لمن اغتبته كما ذكرته » (5).

4331 - وقال الصادق عليه السلام : « كفارة الضحك أن يقول : اللّهم لا تمقتني » (6).

ص: 377


1- العنوان زيادة منا وليس في الأصل.
2- أي لا يجوز في كفارة القتل الخطأ الا اعتاق رجل.
3- المشهور عدم جواز الصبي في الجميع وعمل ابن الجنيد بظاهر الخبر.
4- روى العياشي في تفسيره ج 1 ص 336 باسناده عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن اطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو اطعام ستين مسكينا أيجمع ذلك؟ فقال : لا ولكن يعطى كل انسان كما قال اللّه ، قال : قلت : فيعطى الرجل قرابته إذا كانوا محتاجين؟ قال : نعم ، قلت : فيعطيها إذا كانوا ضعفاء من غير أهل الولاية؟ فقال : نعم وأهل الولاية أحب إلى » وروى الحسين بن سعيد نحوه كما في نوادر أحمد ابن محمد بن عيسى ص 61 وأقول : في اشتراط ايمان مستحق الكفارة أربعة أقوال راجع المسالك.
5- أي تقول اللّهم اغفر له ، حيا كان أو ميتا.
6- في القاموس : أمقته أبغضه كمقته.

4332 - وقال الصادق عليه السلام : « كفارة عمل السلطان فضاء حوائج الاخوان » (1).

4333 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - (2) إلى أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام « رجل حلف بالبراءة من اللّه عزوجل أو من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فحنث ما توبته وما كفارته؟ فوقع عليه السلام : يطعم عشرة مساكين ، لكل مسكين مد ، و يستغفر اللّه عزوجل ».

4334 - وروى عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري - رضي اللّه عنه - عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت للرضا عليه السلام : « يا ابن رسول اللّه قد روي لنا عن آبائك عليهم السلام فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات ، وروي عنهم عليهم السلام أيضا كفارة واحدة فبأي الخبرين نأخذ؟ فقال : بهما جميعا ، متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات : عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم ، وإن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة وقضاء ذلك اليوم ، وإن كان ناسيا فلا شئ عليه ».

4335 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « من حلف فقال : لا ورب المصحف (3) فعليه كفارة واحدة ».

4336 - وروى حنان بن سدير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « كل ذنب يكفره القتل في سبيل اللّه إلا الدين لا كفارة له إلا الأداء ، أو يرضى صاحبه ، أو يعفو الذي له الحق » (4).

ص: 378


1- تقدم في كتاب المعايش والمكاسب تحت رقم 3666
2- رواه الكليني في الصحيح ج 7 ص 461.
3- كأنه سقط هنا « فحنث » وهو موجود في الكافي والتهذيب وروياه بسند حسن عن النوفلي عن السكوني عن الصادق عليه السلام عن جده أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه.
4- تقدم خبر في هذا المعنى تحت رقم 3688 في باب الدين والقروض.

4337 - وروي عن جميل بن صالح قال : « كانت عندي جارية بالمدينة فارتفع طمثها فجعلت لله عزوجل علي نذرا إن هي حاضت ، فعلمت بعد أنها حاضت قبل أن أجعل النذر علي فكتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام وأنا بالمدينة ، فأجابني إن كانت حاضت قبل النذر فلا نذر عليك ، وإن كانت حاضت بعد النذر فعليك » (1).

4338 - وقال الصادق عليه السلام : « كفارات المجالس أن تقول عند قيامك منها : سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ».

كتاب النكاح

باب 411: بدء النكاح وأصله

4339 - روي عن زرارة بن أعين (2) أنه قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن خلق حواء وقيل له : إن أناسا عندنا يقولون : إن اللّه عزوجل خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى فقال : سبحان اللّه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ، أيقول من يقول هذا (3) إن اللّه تبارك وتعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لادم زوجة من غير ضلعه؟! ويجعل للمتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام أن يقول : إن آدم كان ينكح

ص: 379


1- رواه الكليني والشيخ في الضعيف وأحمد بن محمد بن عيسى في نوادره ص 59 عن الحسين بن سعيد ، عن جميل بن صالح ولعله مرسل والواسطة القاسم بن محمد وهو واقفي ولم يوثق ، وعمل الأصحاب بالخبر قال في النافع : لو نذر أن برئ مريضه أو قدم مسافره فبان البرء والقدوم قبل النذر لم يلزم ولو كان بعده لزم.
2- رواه المؤلف في العلل الجزء الأول ب 17 عن شيخه ابن الوليد ، عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار جميعا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أحمد بن إبراهيم بن عمار ، عن ابن نوبة ، عن زرارة. وأحمد بن إبراهيم مشترك. وابن نوبة مجهول.
3- في بعض النسخ « يقولون : من يقول هذا - الخ ».

بعضه بعضا إذا كانت من ضلعه ما لهؤلاء حكم اللّه بيننا وبينهم!! ثم قال عليه السلام : إن اللّه تبارك وتعالى لما خلق آدم عليه السلام من طين وأمر الملائكة فسجدوا له ألقى عليه السبات (1) ثم ابتدع له حواء فجعلها في موضع النقرة التي بين وركيه (2) وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل ، فأقبلت تتحرك ، فانتبه لتحركها ، فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه ، فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن يشبه صورته غير أنها أنثى ، فكلمها فكلمته بلغته ، فقال لها : من أنت؟ قالت : خلق خلقني اللّه كما ترى ، فقال آدم عليه السلام عند ذلك : يا رب ما هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه والنظر إليه؟ فقال اللّه تبارك وتعالى : يا آدم هذه أمتي حواء ، أفتحب أن تكون معك تؤنسك وتحدثك وتكون تبعا لأمرك؟ فقال : نعم يا رب ولك علي بذلك الحمد والشكر ما بقيت ، فقال اللّه عزوجل : فاخطبها إلي (3) فإنها أمتي وقد تصلح لك أيضا زوجة للشهوة وألقى اللّه عزوجل عليه الشهوة وقد علمه قبل ذلك المعرفة بكل شئ ، فقال : يا رب فإني أخطبها إليك فما رضاك لذلك؟ فقال عزوجل : رضاي أن تعلمها معالم ديني ، فقال : ذلك لك يا رب علي إن شئت ذلك لي ، فقال عزوجل وقد شئت ذلك وقد زوجتكها ، فضمها إليك ، فقال لها آدم عليه السلام : إلي فاقبلي فقالت له : بل أنت فاقبل إلي ، فأمر اللّه عزوجل آدم عليه السلام أن يقوم إليها ، ولولا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حتى يخطبن على أنفسهن ، فهذه قصة حواء صلوات اللّه عليها ».

وأما قول اللّه عزوجل : « يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء «فإنه روي أنه عزوجل خلق من طينتها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء (4) والخبر الذي روي» أن

ص: 380


1- المراد بالسبات هنا النوم وأصله الراحة.
2- النقرة هي الحفرة والمراد الحفرة التي يكون فوق الدبر.
3- يعنى اطلب منى تزويجها.
4- نقل السيد الرضى - قدس سره - في حقايق التأويل عن المبرد أن المراد نفس واحدة الحقيقة الواحدة.

حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر صحيح ومعناه من الطينة التي فضلت من ضلعه الأيسر (1) فلذلك صارت أضلاع الرجل أنقص من أضلاع النساء بضلع (2).

4340 - وروى زرارة (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن آدم عليه السلام ولد له شيث وأن اسمه هبة اللّه ، وهو أول وصي أوصي إليه من الآدميين في الأرض ، ثم ولد له بعد شيث يافث ، فلما أدركا اللّه عزوجل أن يبلغ بالنسل ما ترون وأن يكون ما قد جرى به القلم من تحريم ما حرم اللّه عزوجل من الأخوات على الاخوة أنزل بعد العصر في يوم خميس حوراء من الجنة اسمها نزلة ، فأمر اللّه عزوجل آدم أن يزوجها من شيث فزوجها منه ، ثم أنزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنة و اسمها منزلة فأمر اللّه عزوجل آدم أن يزوجها من يافث فزوجها منه ، فولد لشيث غلام وولد ليافث جارية فأمر اللّه عزوجل آدم حين أدركا أن يزوج ابنة يافث من ابن شيث ففعل ، فولد الصفوة من النبيين والمرسلين من نسلهما ، ومعاذ اللّه أن يكون ذلك على ما قالوا من أمر الاخوة والأخوات » (4).

ص: 381


1- روى العياشي في تفسيره عن النبي صلى اللّه عليه وآله « ان اللّه تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه - وكلتا يديه يمين - وخلق منها آدم ، وفضل فضلة منه فخلق منها حواء » وروى المؤلف نحوه في العلل.
2- قال استاذنا الشعراني : يزعمون أن الرجل أنقص ضلعا من المرأة وليس كذلك بالحسن والتجربة بل أضلاعهم متساوية في اليمين واليسار ، وتكذيب الإمام عليه السلام لهذا الحديث مؤيد بالحس ولا يحتاج إلى التأويل والتكلف.
3- رواه المؤلف في ذيل حديث طويل في العلل عن أبيه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، عن النوفلي ، عن علي بن داود اليعقوبي ، عن الحسن بن مقاتل ، عمن سمع زرارة عنه. وعلي بن داود مجهول الحال مهمل ، وكذا الحسن بن مقاتل.
4- ظاهر هذا مستلزم لبقاء بنات آدم عليه السلام بلا زوج الا أن يجوز تزويج العمات دون الأخوات. ( سلطان )

4341 - روى القاسم بن عروة (1) ، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن اللّه تبارك وتعالى أنزل على آدم حوراء من الجنة فزوجها أحد ابنيه ، وتزوج الاخر ابنة الجان ، فما كان في الناس من جمال كثير أو حسن خلق فهو من الحوراء ، وما كان فيهم من سوء خلق فهو من ابنة الجان ».

باب 412: وجوه النكاح

4342 - روي عن محمد بن زياد (2) عن الحسين بن زيد قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : تحل الفروج بثلاثة وجوه ، نكاح بميراث ، ونكاح بلا ميراث ، ونكاح بملك اليمين » (3).

باب 413: فضل التزويج

4343 - روي عن عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما يمنع المؤمن أن يتخذ أهلا لعل اللّه أن يرزقه نسمة ، تثقل الأرض بلا إله إلا اللّه ».

4344 - وروي عن معمر بن خلاد عن الرضا عليه السلام قال : « سمعته يقول : ثلاث

ص: 382


1- هو مجهول الحال ، وطريق المصنف إليه فيه هارون بن مسلم بن سعد وهو وإن كان ثقة الا أن له مذهبا في الجبر والتشبيه.
2- لم يذكر المصنف طريقه إليه وهو مشترك ، ورواه الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن موسى ، عنه ، عن الحسين بن زيد.
3- يعنى نكاح الدوام ، والمتعة ، وملك الإماء والتحليل.

من سنن المرسلين : العطر ، وإحفاء الشعر (1) ، وكثرة الطروقة ».

4345 - وقد روى الحسن بن علي بن أبي حمزة (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من تزوج أحرز نصف دينه - وفي حديث آخر - فليتق اللّه في النصف الباقي ».

4346 - وروى عبد اللّه بن الحكم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، ما بني بناء في الاسلام أحب إلى اللّه تعالى من التزويج ».

4347 - وروى علي بن رئاب ، عن محمد بن مسلم أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال : « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم غدا في القيامة حتى أن السقط ليجئ محبنطئا (3) على باب الجنة فيقال له : ادخل الجنة ، فيقول : لا حتى يدخل أبواي الجنة قبلي ».

4348 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « اتخذوا الأهل فإنه أرزق لكم » (4).

ص: 383


1- رواه الكليني في الكافي ج 5 س 320 في الصحيح وفيه « وأخذ الشعر » وفى بعض نسخه مثل ما في المتن. والطروقة فعولة بمعنى مفعولة. الزوجة وكل امرأة طروقة فحلها. ( النهاية )
2- رواية الحسن بن علي بن أبي حمزة عن الصادق عليه السلام بلا واسطة بعيد بل غير معهود ، فلابد هنا من واسطة ولعله كليب بن معاوية الأسدي كما هو موجود في الكافي ج 5 ص 329.
3- رواه المصنف في معاني الأخبار ص 291 في الصحيح وقال بعده : قال أبو عبيدة : المحبنطي - بغير همز - : المتغضب المستبطئ للشئ ، والمحبنطئ - بالهمز : العظيم البطن المنتفخ ، قال : ومنه قيل لعظيم البطن « حبنطأ » ويقال : السقط - بكسر السين وفتحها ، وقال أبو عبيدة : يقال : سقط - بفتح القاف - وسقط - بكسرها - وسقط - بضمها -.
4- مروى في الكافي ج 5 ص 329 في ذيل حديث مسند عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام عنه صلى اللّه عليه وآله.

باب 414: فضل المتزوج على العزب

4349 - روى عبد اللّه بن ميمون ، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال : « ركعتان يصليهما متزوج أفضل من سبعين ركعة يصليهما [ أ ] عزب (1).

4350 - قال : « وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : « لركعتان يصليهما متزوج أفضل من رجل عزب يقوم ليله ويصوم نهاره » (2).

4351 - وروي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « إن أراذل موتاكم العزاب » (3).

4352 - وروي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « أكثر أهل النار العزاب » (4).

باب 415: حب النساء

4353 - روى أبو مالك الحضرمي ، عن أبي العباس (5) قال : « سمعت الصادق عليه السلام يقول : العبد كلما ازداد للنساء حبا ازداد في الايمان فضلا ».

4354 - وفي رواية أبان ، عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما أظن رجلا يزداد في الايمان خيرا إلا ازداد حبا للنساء » (6).

ص: 384


1- رواه الكليني في الموثق ج 5 ص 328.
2- رواه الكليني في صدر الحديث الأسبق.
3- مروى في الكافي مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وفى المصباح رذل الشئ - بالضم - رذالة ورذولة : ردئ ، فهو رذل والجمع أرذل ، ثم يجمع على أراذل.
4- لان أكثر المعاصي من الشهوة والغضب وبالتزويج ينكسران.
5- يعنى فضل بن عبد الملك البقباق.
6- مروى في الكافي ج 5 ص 320 في الحسن أو الموثق.

باب 416: كثرة الخير في النساء

4355 - روي عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عمن سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « أكثر الخير في النساء » (1).

باب 417: فيمن ترك التزويج مخافة الفقر

4356 - روي عن محمد بن أبي عمير ، عن حريز ، عن الوليد قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « من ترك التزويج مخافة الفقر فقد أساء الظن باللّه عزوجل ، إن اللّه عزوجل يقول : « إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله » (2).

4357 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « من سره أن يلقى اللّه طاهرا مطهرا فليلقه بزوجة ومن ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن باللّه عزوجل ».

باب 418: من تزوج لله عزوجل ولصلة الرحم

4358 - قال علي بن الحسين سيد العابدين عليهما السلام : « من تزوج لله عزوجل ولصلة الرحم توجه اللّه تعالى بتاج الملك [ والكرامة ] ».

باب 419: أفضل النساء

4359 - روى إسماعيل بن مسلم ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن

ص: 385


1- لحفظ النوع بالولادة وتنظيم أمور البيت وكذا المعاش.
2- رواه الكليني بهذا السند مع اختلاف في اللفظ بدون ذكر الآية ، وبسند آخر عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) مع ذكرها.

آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا » (1).

باب 420: أصناف النساء

4360 - روي عن مسعدة بن زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « النساء أربعة أصناف ، فمنهن ربيع مربع ، ومنهن جامع مجمع ، ومنهن كرب مقمع ، ومنهن غل قمل ».

قال أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي : جامع مجمع أي كثيرة الخير مخصبة ، وربيع مربع التي في حجرها ولد وفي بطنها آخر ، وكرب مقمع أي سيئة الخلق مع زوجها وغل قمل هي عند زوجها كالغل القمل ، وهو غل من جلد يقع فيه القمل فيأكله فلا يتهيأ له أن يحذر منه شيئا ، وهو مثل للعرب.

4361 - وروى الحسن بن محبوب ، عن داود الكرخي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج ، فقال : انظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرك وأمانتك ، فإن كنت لابد فاعلا فبكرا تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق.

ألا إن النساء خلقن شتى *** فمنهن الغنيمة والغرام

ومنهن الهلال إذا تجلى *** لصاحبه ومنهن الظلام

فمن يظفر بصالحهن يسعد *** ومن يغبن فليس له انتقام

وهن ثلاث : فامرأة ولود ودود ، تعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته ، ولا تعين الدهر عليه ، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق ولا تعين زوجها على خير ،

ص: 386


1- مروى في الكافي والتهذيب عن السكوني أيضا.

وامرأة صخابة ، ولاجة ، همازة ، تستقل الكثير ولا تقبل اليسير » (1).

باب 421: بركة المرأة وشؤمها

4362 - روى عن عبد اللّه بن بكير (2) عن محمد بن مسلم قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « من بركة المرأة خفة مؤونتها ، وتيسير ولادتها ، ومن شؤمها شدة مؤونتها وتعسير ولادتها ».

4363 - وروى « أن من بركة المرأة قله مهرها ، ومن شؤمها كثرة مهرها ».

4364 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « تزوجوا الزرق فإن فيهن البركة » (3).

باب 422: ما يستحب ويحمد من أخلاق النساء وصفاتهن

4365 - قال أمير المؤمنين عليه السلام (4) : « تزوج سمراء عيناء عجزاء مربوعة

ص: 387


1- الصخب - محركة - : شدة الصوت ، و « ولاجة » أي كثيرة الدخول والخروج ، « همازة » أي عيابة. والخبر رواه الكليني ج 5 ص 323 باسناده عن ابن محبوب عن إبراهيم الكرخي بدل داود الكرخي وكلاهما مجهولان.
2- رواه الكليني ج 5 ص 564 عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال عنه عن محمد.
3- مروى في الكافي ج 5 ص 335 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام مرفوعا عنه صلى اللّه عليه وآله وفيه « فان فيهن اليمن ».
4- رواه الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن مالك بن أشيم ، عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام رفعه إليه صلوات اللّه عليه ، وأيضا عن العدة ، عن سهل ، عن بكر بن صالح ، عن ابن أشيم ، عن بعض رجاله عن الصادق عليه السلام مرفوعا عنه سلام اللّه عليه.

فإن كرهتها فعلي الصداق » (1).

4366 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا أراد أن يتزوج امرأة بعث إليها من ينظر إليها وقال : شمي ليتها (2) فإن طاب ليتها طاب عرفها ، وإن درم كعبها عظم كعثبها » (3).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - الليت : صفحة العنق ، والعرف : الريح الطيبة قال اللّه عزوجل : « ويدخلهم الجنة عرفها لهم » أي طيبها لهم ، وقد قيل إن العرف العود الطيب الريح ، وقوله عليه السلام : درم كعبها أي كثر لحم كعبها ، ويقال امرأة درماء إذا كانت كثيرة لحم القدم والكعب ، والكعثب : الفرج.

4367 - وقال عليه السلام (4) : « إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها فإن الشعر أحد الجمالين ».

4368 - وقال عليه السلام (5) : « خير نسائكم الطيبة الريح ، الطيبة الطعام (6) ،

ص: 388


1- السمراء : لون بين البياض والسواد ، والعيناء : الواسعة العين مع سوادها ، والعجزاء : العظيمة العجز والأليتين ، والمربوعة : من لم تكن طويلة ولا قصيرة.
2- مروى في الكافي مرفوعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام وفيه « قال للمبعوثة : شمي ليتها » والليت - بالكسر -.
3- العرف - بفتح العين - الرائحة مطلقا ، وأكثر استعماله في الطيبة ، والدرم في الكعب ما يواريه اللحم حتى لا يبين له حجم. ( الصحاح )
4- يعنى النبي صلى اللّه عليه وآله كما في نوادر الراوندي ص 13 رواه باسناد ذكره عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عليهما السلام عن أبيه إسماعيل بن موسى ، عن أبيه أبى الحسن موسى عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام عنه صلى اللّه عليه وآله.
5- مروى في الكافي والتهذيب في القوى عن عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام مرفوعا عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
6- بأن يحسن طبخه أو يطيبه بالزعفران والدارصين ، وروى الكليني بسند مرسل عن محمد بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « خير نسائكم الطيبة الريح ، الطيبة الطبيخ ، التي إذا أنفقت - إلى آخر ما في المتن ».

التي إن أنفقت أنفقت بمعروف ، وإن أمسكت أمسكت بمعروف ، فتلك من عمال اللّه وعامل اللّه لا يخيب ».

4369 - وروى جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « خير نسائكم التي إن غضبت أو أغضبت قالت لزوجها : يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى عني » (1).

4370 - وروى علي بن رئاب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : « كنا جلوسا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : فتذاكرنا النساء وفضل بعضهن على بعض ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ألا أخبركم بخير نسائكم؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه فأخبرنا ، قال ، إن من خير نسائكم الولود الودود ، الستيرة العفيفة العزيزة في أهلها ، الذليلة مع بعلها ، المتبرجة مع زوجها ، الحصان مع غيره ، التي تسمع قوله وتطيع أمره ، وإذا خلا بها بذلت له ما أراد منها ولم تبذل له تبذل الرجل » (2)

4371 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (3) : « ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة ، تسره إذا نظر إليها ، وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله ».

4372 - وجاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال : « إن لي زوجة إذا دخلت تلقتني ، وإذا خرجت شيعتني ، وإذا رأتني مهموما قالت : ما يهمك؟! إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل لك به غيرك ، وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك اللّه هما ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « إن لله عمالا وهذه من عماله ، لها نصف أجر الشهيد » (4).

ص: 389


1- أي لا تنام عيني حتى ترضى عنى.
2- التبرج اظهار الزينة ، والحصان - بالفتح - : المرأة العفيفة ، والبذل ضد الصيانة ، والمراد بعدم تبذلها عدم اظهارها الشوق كما يظهر الرجل بل تحفظ نفسها عند الرغبة.
3- مروى في الكافي في القوى عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام عنه صلوات اللّه عليه.
4- لما ورد أن جهاد المرأة حسن التبعل ، والمرأة بنصف الرجل.

باب 423: المذموم من أخلاق النساء وصفاتهن

4373 - روي عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أغلب الأعداء للمؤمن زوجة السوء ».

4374 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم (1) : « ما رأيت ضعيفات الدين ناقصات العقول أسلب لذي لب منكن » (2).

4375 - وقال عليه السلام (3) : « إنما النساء عي وعورة ، فاستروا العورة بالبيوت واستروا العي بالسكوت ».

4376 - وقال عليه السلام : « لولا النساء لعبد اللّه حقا حقا » (4).

4377 - وروى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « سمعته يقول : يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة - وهو شر الأزمنة - نسوة كاشفات عاريات ، متبرجات من الدين ، داخلات في الفتن ، مائلات إلى الشهوات ، مسرعات إلى اللذات ، مستحلات للمحرمات ، في جهنم خالدات » (5).

ص: 390


1- رواه الكليني والشيخ في القوى عن سليمان الجعفري عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام مرفوعا عنه صلى اللّه عليه وآله.
2- يعنى مع ضعف عقولهن يسلبن عقول ذوي العقول كما هو المشاهد. ( م ت )
3- مروى في الكافي ج 5 ص 535 في الحسن كالصحيح عن هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام مرفوعا عنه صلى اللّه عليه وآله.
4- رواه ابن عدي في الكامل باسناده الضعيف عن عبد اللّه بن عمر عنه صلى اللّه عليه وآله كما في الجامع الصغير. وقال المناوي : لأنهن من أعظم الشهوات القاطعة عن العبادات ألا ترى أن اللّه تعالى قدمهن في آية ذكر الشهوات حيث بين الشهوات بقوله : « من النساء » ثم عقبها بغيرها دلالة على أنها أصلها ورأسها وأسها. وقال : الخبر أوردها ابن الجوزي في الموضوعات.
5- في بعض النسخ « مستحلات للحرمات ، في جهنم داخلات ».

4378 - ومر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم على نسوة فوقف عليهن ، ثم قال ، يا معاشر النساء ما رأيت نواقص عقول ودين أذهب بعقول ذوي الألباب منكن ، إني قد رأيت أنكن أكثر أهل النار يوم القيامة فتقربن إلى اللّه عزوجل ما استطعتن ، فقالت امرأة منهن : يا رسول اللّه ما نقصان ديننا وعقولنا؟ فقال : أما نقصان دينكن فالحيض الذي يصيبكن فتمكث إحداكن ما شاء اللّه لا تصلي ولا تصوم ، وأما نقصان عقولكن فشهادتكن ، إنما شهادة المرأة نصف شهادة الرجل ».

4379 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم (1) : ألا أخبركم بشر نسائكم؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه فأخبرنا ، قال : من شر نسائكم الذليلة في أهلها ، العزيزة مع بعلها ، العقيم الحقود التي لا تتورع عن قبيح ، المتبرجة إذا غاب عنها زوجها ، الحصان معه إذا حضر ، التي لا تسمع قوله ، ولا تطيع أمره ، فإذا خلا بها تمنعت تمنع الصعبة عند ركوبها (2) ، ولا تقبل له عذرا ، ولا تغفر له ذنبا ».

4380 - وقام النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم خطيبا (3) فقال : « أيها الناس إياكم وخضراء الدمن ، قيل : يا رسول اللّه وما خضراء الدمن؟ قال ، المرأة الحسناء في منبت السوء » (4).

ص: 391


1- رواه الكليني ج 5 ص 325 في الصحيح عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري عنه صلى اللّه عليه وآله.
2- الصعبة : الناقة التي لا يذل للركوب.
3- رواه الكليني والشيخ باسنادهما عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام مرفوعا عنه صلى اللّه عليه وآله.
4- في النهاية الدمن جمع دمنة وهي ماتد منه الإبل والغنم بأبوالها وأبعارها ، أي تلبيده في مرابضها ، فربما نبت فيها النبات الحسن النضير ، والخبر رواه المصنف في معاني الأخبار ص 316 وقال بعده : قال أبو عبيد : نراه أراد فساد النسب إذا خيف أن يكون لغير رشدة ، وإنما جعلها خضراء الدمن تشبيها بالشجرة الناضرة في دمنة البقرة وأصل الدمن ما تدمنه الإبل والغنم من أبعارها وأبوالها فربما ينبت فيها النبات الحسن وأصله في دمنة ، يقول : فمنظرها حسن أنيق ومنبتها فاسد ، قال الشاعر : وقد ينبت المرعى على دمن الثرى *** تبقى حزازات النفوس كما هيا ضربه مثلا للرجل الذي يظهر المودة وفى قلبه العداوة.

4381 - وقال عليه السلام : « اعلموا أن المرأة السوداء (1) إذا كانت ولودا أحب إلي من الحسناء العاقر ».

باب 424: الوصية بالنساء

4382 - روى سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « اتقوا اللّه في الضعيفين - يعني بذلك اليتيم والنساء - » (2).

باب 425: تزويج المرأة لمالها ولجمالها ، أو لدينها

4383 - روى هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا تزوج الرجل المرأة لمالها أو جمالها لم يرزق ذلك ، فان تزوجها لدينها رزقه اللّه عزوجل جمالها

ص: 392


1- كذا والظاهر أن السوداء تصحيف السوءاء لما روى الكليني ج 5 ص 333 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : تزوجوا بكرا ولودا ، ولا تزوجوا حسناء جميلة عاقرا ، فانى أباهي بكم الأمم يوم القيامة » وفى الصحيح عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال « جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال : يا نبي اللّه ان لي ابنة عم قد رضيت جمالها وحسنها ودينها ولكنها عاقر؟ فقال : لا تزوجها - وساق إلى أن قال : - فجاء رجل من الغد إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال مثل ذلك ، فقال : تزوج سوءاء ولودا فانى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ، قال فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ما السوءاء؟ قال : القبيحة ». وفى خبر آخر « شكا رجل إلى أبى عبد اللّه عليه السلام قلة ولده ، قال : إذا أتيت العراق فتزوج امرأة ولا عليك أن تكون سوءاء ، قلت : جعلت فداك ما السوءاء؟ قال. امرأة فيها قبح فإنهن أكثر أولادا ».
2- رواه المؤلف في الخصال ص 37 مسندا ويظهر منه نهاية المبالغة في رعايتهن من جميع الجهات حفظا وأدبا وتعليما.

ومالها » (1).

باب 426: الأكفاء

4384 - روى محمد بن الوليد (2) ، عن الحسين بن بشار قال : « كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام في رجل خطب إلي فكتب : من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته كائنا من كان فزوجوه ، [ و ] إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ».

4385 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « إنما أنا بشر مثلكم أتزوج فيكم وأزوجكم إلا فاطمة فإن تزويجها نزل من السماء » (3).

4386 - وقال عليه السلام : « لولا أن اللّه تعالى خلق فاطمة لعلي ما كان لها على وجه الأرض كفو ، آدم فمن دونه » (4).

4387 - و « نظر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى أولاد علي وجعفر عليهما السلام فقال : « بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا » (5).

4388 - وقال الصادق عليه السلام : « المؤمنون بعضهم أكفاء بعض » (6).

ص: 393


1- رواه الكليني ج 5 ص 333 في الصحيح عن هشام عنه عليه السلام وفيه « إذا تزوج المرأة لجمالها أو مالها ولك إلى ذلك - الخ ».
2- وصفه المصنف بالكرماني وليس في كتب الرجال لكن الظاهر أن كتابه معتمد الطائفة ، ويحتمل أن يكون الخزاز المؤثق. ( م ت )
3- رواه الكليني ج 5 ص 568 بسند مجهول ، والروايات في ذلك مستفيضة راجع بحار الأنوار المجلد العاشر طبع الكمپاني.
4- رواه الشيخ في التهذيب ، والكليني في الكافي ج 1 ص 461 من حديث يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- في فقه الرضا عليه السلام « نروي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نظر إلى ولدى أمير المؤمنين الحسن والحسين صلوات اللّه عليهم وبنات جعفر بن أبي طالب فقال : بنونا لبناتنا وبناتنا لبنينا ».
6- مروى في الكافي ج 5 ص 337 في ذيل حديث مرسل.

4389 - وقال عليه السلام : « الكفؤ أن يكون عفيفا وعنده يسار » (1).

باب 427: ما يستحب من الدعاء والصلاة لمن يريد التزويج

4390 - روى مثنى بن الوليد الحناط ، عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام (2) : « إذا تزوج أحدكم كيف يصنع؟ قلت : ما أدري جعلت فداك ، قال : إذا هم بذلك فليصل ركعتين ويحمد اللّه عزوجل ويقول : « اللّهم إني أريد التزويج ، فقدر لي من النساء أعفهن فرجا ، وأحفظهن لي في نفسها ومالي ، وأوسعهن رزقا ، وأعظمهن بركة ، وقيض لي منها ولدا طيبا تجعله لي خلفا صالحا في حياتي وبعد موتي » (3).

باب 428: الوقت الذي يكره فيه التزويج

4391 - روى محمد بن حمران (4) ، عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى ».

4392 - وروي « أنه يكره التزويج في محاق الشهر » (5).

ص: 394


1- رواه الكليني ج 5 ص 347 في الصحيح عن أبان بن عثمان ، عن رجل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- مروى في الكافي عن الحسن بن راشد ، عن أبي بصير قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام - الخبر.
3- في بعض النسخ « اقض لي » وفى الكافي « قدر لي » وقيض وتقيض لهم أي تقدر وتسبب.
4- طريق المصنف إليه بصحيح وهو ثقة. وكذا أبوه.
5- لم أجده مسندا فإن كان المراد ما رواه الكليني في القوى عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال : « من أتى أهله في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد ، فهو يدل على كراهة الوطي دون التزويج ، والظاهر أن المراد بالتزويج العقد.

باب 429: الولي والشهود والخطبة والصداق

4393 - روى العلاء ، عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تنكح ذوات الاباء من الابكار إلا بإذن آبائهن » (1).

4394 - وسأل محمد بن إسماعيل بن بزيع الرضا عليه السلام « عن الصبية يزوجها أبوها ثم يموت وهي صغيرة ، ثم تكبر قبل أن يدخل بها زوجها أيجوز عليها التزويج أم الامر إليها؟ فقال : يجوز عليها تزويج أبيها » (2).

4395 - وروى ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الجارية يريد أبوها أن يزوجها من رجل ويريد جدها أن يزوجها من رجل آخر ، فقال : الجد أولى بذلك إن لم يكن الأب زوجها من قبله » (3).

4396 - وفي رواية هشام بن سالم : ومحمد بن حكيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا زوج الأب والجد كان التزويج للأول ، فإن كانا زوجا في حال واحدة فالجد أولى » (4).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : لا ولاية لاحد على المرأة إلا لأبيها ما لم تتزوج وكانت بكرا ، فإن كانت ثيبا فلا يجوز عليها تزويج أبيها إلا بأمرها ، وإن كان لها (5) أب وجد فللجد عليها ولاية ما دام أبوها حيا لأنه يملك ولده

ص: 395


1- مروى في الكافي ج 5 ص 393 في الصحيح ويدل على عدم جواز تزويج البكر بدون اذن الأب مطلقا ، و « من » في قوله عليه السلام « من الابكار » بيانية قطعا.
2- يدل على عدم سقوط ولاية الأب بمحض التزويج من غير دخول. والخبر مروى في الكافي ج 5 ص 395 بسند صحيح.
3- مروى في الكافي بسند موثق ، ويدل على ولاية الأب والجد ، ومع التعارض تقدم الجد.
4- مروى في الكافي في الصحيح ، ويدل على تقديم عقد السابق ومع اقتران قبولهما فالجد أولى ، وهو مقطوع به في كلام الأصحاب.
5- أي للبكر فان الثيب لا ولاية لاحد عليها.

وما ملك ، فإذا مات الأب لم يزوجها الجد إلا بإذنها (1)

4397 - وروى حنان بن سدير ، عن مسلم بن بشير (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل تزوج امرأة ولم يشهد ، فقال : أما فيما بينه وبين اللّه عز وجل فليس عليه شئ ، ولكن إن أخذه سلطان جائر عاقبة » (3).

4398 - وروى عن عبد الحميد بن عواض (4) ، عن عبد الخالق قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الثيب تخطب إلى نفسها قال : هي أملك بنفسها تولي أمرها

ص: 396


1- كأن المصنف - رحمه اللّه - يقول باشتراط وجود الأب في ولاية الجد وهو مذهب الشيخ وجماعة وقالوا بأن ولاية الجد مشروط بحياة الأب فلو مات سقط ولاية الجد ، ولعل مستندهم رواية فضل بن عبد الملك المروية في الكافي والتهذيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان الجد إذا زوج ابنة وكان أبوها حيا وكان الجد مرضيا جاز ، قلنا : فان هوى أبو الجارية هوى وهوى الجد هوى وهما سواء في العدل والرضا؟ قال : أحب إلى أن ترضى بقول الجد » وهذا الخبر مع ضعفه لاشتمال سنده على الحسن بن محمد بن سماعة وجعفر ابن سماعة وهما واقفيان ولم يؤثقا لا يدل على مدعاهم الا بالمفهوم وحجيته إنما يثبت إذا لم يظهر للتقييد وجه سوى نفى الحكم عن المسكوت عنه ، ويمكن هنا أن يكون التقييد للتنبيه على الفرد الأخفى وهو جواز عقد الجد مع وجود الأب ، والدليل الذي ذكره المصنف - رحمه اللّه - لا يدل على فتواه. والمشهور أنه لا يشترط في ولاية الجد حياة الأب ولا موته بل ثبتت له الولاية مطلقا.
2- طريق المصنف إلى حنان بن سدير صحيح وهو واقفي موثق ، ومسلم بن بشير مجهول.
3- يدل على عدم وجوب الاشهاد ولا استحبابه الا لرفع تهمة الزنا أو التقية من العامة لاشتراطه أو وجوبه عندهم. ( م ت )
4- ثقة والطريق إليه وإن كان صحيحا لكن فرق بين أن يقال : روى فلان أو روى عن فلان فظاهر الثاني الارسال ، وعبد الخالق مجهول الحال ، وقال المولى المجلسي : كأنه ابن عبد ربه الثقة وروى الشيخ والكليني نحو هذا الخبر في الصحيح.

من شاءت إذا كان كفوا بعد أن تكون قد نكحت زوجا قبل ذلك » (1).

4399 - وروى داود بن سرحان (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه قال في رجل يريد أن يزوج أخته ، قال : يؤامرها فإن سكتت فهو إقرارها ، وإن أبت لم يزوجها ، فإن قالت : زوجني فلانا فليزوجها ممن ترضى ، واليتيمة في حجر الرجل لا يزوجها إلا ممن ترضى » (3).

4400 - وروى الفضيل بن يسار ، ومحمد بن مسلم ، وزرارة ، وبريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام قال : « المرأة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة ولا المولى عليها تزويجها بغير ولي جائز » (4).

4401 - وخطب أبو طالب - رحمة اللّه - لما تزوج النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم خديجة بنت خويلد - رحمها اللّه - بعد أن خطبها إلى - أبيها ومن الناس من يقول إلى عمها - (5) فأخذ بعضادتي الباب ومن شاهده من قريش حضور فقال : « الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم ، وذرية إسماعيل ، وجعل لنا بيتا محجوجا ، وحرما آمنا ، يجبى إليه ثمرات كل شئ ، وجعلنا الحكام على الناس في بلدنا الذي نحن فيه ، ثم إن

ص: 397


1- يدل على أن الثيبوبة المعتبرة في الاستقلال إنما هو إذا كانت بالنكاح والتزويج دون إزالة البكارة بغير ذلك.
2- رواه الكليني ج 5 ص 393 بسند فيه سهل بن زياد وهو ضعيف على المشهور.
3- المشهور بين الأصحاب أنه يكفي في اذن البكر سكوتها ، ولا يعتبر النطق ، وخالف ابن إدريس ، ولو ضحكت فهو اذن ، ونقل عن ابن البراج أنه ألحق بالسكوت والضحك البكاء وهو مشكل ، وأما الثيب فيعتبر نطقها بلا خلاف ، وألحق العلامة بالبكر من زالت بكارتها بطفرة أو سقط أو نحو ذلك لان حكم الابكار إنما يزول بمخالطة الرجال ، وهو غير بعيد وإن كان الأولى اعتبار النطق في غير البكر مطلقا. ( المرآة )
4- صحيح ومروى في الكافي بسند حسن كالصحيح وقال العلامة المجلسي : لا خلاف في عدم ثبوت الولاية على الثيب ، وظاهر الروايات المراد بالثيب من زالت بكارته بوطي مستند إلى تزويج صحيح لا غيره كما قاله بعض الفقهاء من المتأخرين.
5- مروى في الكافي مع اختلاف كثير وفيه « حتى دخل على ورقة بن نوفل عم خديجة ».

ابن أخي محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب لا يوزن برجل من قريش إلا رجح ، ولا يقاس بأحد منهم إلا عظم عنه ، وإن كان في المال قل فإن المال رزق حائل (1) ، وظل زائل ، وله في خديجة رغبة ، ولها فيه رغبة ، والصداق ما سألتم عاجله وآجله من مالي ، وله خطر عظيم ، وشأن رفيع ، ولسان شافع جسيم « فزوجه ودخل بها من الغد ، فأول ما حملت ولدت عبد اللّه بن محمد صلوات اللّه عليه وآله » (2).

4402 - ولما تزوج أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام ابنة المأمون خطب لنفسه فقال : « الحمد لله متم النعم برحمته ، والهادي إلى شكره بمنه ، وصلى اللّه على محمد خير خلقه ، الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله (3) ، وجعل تراثه إلى من خصة بخلافته (4) ، وسلم تسليما. وهذا أمير المؤمنين زوجني ابنته على ما فرض اللّه عزوجل للمسلمات على المؤمنين من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، وبذلت لها من الصداق ما بذله رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لأزواجه وهو اثنتا عشرة أوقية ونش (5) وعلي تمام الخمسمائة وقد نحلتها من مالي مائة ألف ، زوجتني يا أمير المؤمنين؟ قال : بلى ، قال : قبلت ورضيت » (6).

4403 - وقال الصادق عليه السلام : « من تزوج امرأة ولم ينو أن يوفيها صداقها

ص: 398


1- أي متغير زائل لا يدوم وفى الكافي « فان المال رفد جار » أي عطاء يجرى على عباد اللّه بقدر ضروراتهم.
2- قال ابن حزم في كتابه المسمى بجمهرة أنساب العرب ص 16 « كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الولد سوى إبراهيم : القاسم وآخر اختلف في اسمه فقيل : الطاهر ، وقيل الطيب ، وقيل عبد اللّه ».
3- أي أنه صلى اللّه عليه وآله جامع لجميع الكمالات التي كانت متفرقة في الأنبياء عليهم السلام.
4- أي وراثته للكمالات وغيرها أو الوصاية. ( م ت )
5- الأوقية كما جاء في الاخبار أربعون درهما ، والنش - بالفتح والشد - النصف من كل شئ فهو عشرون درهما ويصير المجموع خمسمائة درهم ، وهو مهر السنة.
6- يدل على صحة العقد إذا كان على هذا الترتيب.

فهو عند اللّه عزوجل زان » (1).

4404 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إن أحق الشروط أن يوفى بها ما استحللتم به الفروج ».

والسنة المحمدية في الصداق خمسمائة درهم فمن زاد على السنة رد إلى السنة ، فإن أعطاها من الخمسمائة درهم واحدا أو أكثر من ذلك ثم دخل بها فلا شئ لها بعد ذلك إنما لها ما أخذت منه قبل أن يدخل بها (2).

ص: 399


1- رواه الكليني في الصحيح هكذا « في الرجل يتزوج المرأة ولا يجعل في نفسه أن يعطيها مهرها فهو زنا » أي فهو كالزنا في العقوبة وإذا أدى بعد ذلك لعله لا يعاقب بنيته.
2- هذه الفتوى بلفظها تقريبا رواية رواها الشيخ في التهذيبين باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر قال : « دخلت على أبى عبد اللّه عليه السلام فقلت له : أخبرني عن مهر المرأة الذي لا يجوز للمؤمن أن يجوزه؟ قال : فقال. السنة المحمدية خمسمائة درهم فمن زاد على ذلك رد إلى السنة ولا شئ عليه أكثر من الخمسمائة درهم فان أعطاها من الخمسمائة درهم درهما أو أكثر من ذلك فدخل بها فلا شئ عليه ، قال : قلت : فان طلقه بعد ما دخل بها ، قال : لا شئ عليه إنما كان شرطها خمسمائة درهم فلما أن دخل بها قبل أن تستوفى صداقها هدم الصداق ولا شئ لها وإنما لها ما أخذت من قبل أن يدخل بها ، فإذا طلبت بعد ذلك في حياة منه أو بعد موته فلا شئ لها ». قال الشيخ : « فأول ما في هذا الخبر أنه لم يروه غير محمد بن سنان عن المفضل ومحمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جدا وما يختص بروايته ولا يشاركه فيه غيره لا يعمل عليه ». أقول : هذا الخبر مع ضعف سنده يعارض الأخبار المعتبرة كصحيحة الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن المهر ، ما هو؟ قال : ما تراضى عليه الناس » وصحيحة فضيل عنه عليه السلام قال : « سألته عن المهر ، فقال : هو ما تراضى عليه الناس » وصحيحة أخرى له عن أبي جعفر عليه السلام « الصداق ما تراضيا عليه من قليل أو كثير » ، وصحيحة زرارة عنه عليه السلام أيضا « الصداق كل شئ تراضى عليه الناس قل أو كثر ». وصحيحة الوشاء عن الرضا عليه السلام « لو أن رجلا تزوج امرأة وجعل مهرها عشرين ألفا وجعل لأبيها عشرة آلاف كان المهر جائزا ، والذي جعل لأبيها فاسدا ». « فمن زاد على ذلك ردّ الى السنة» ينافى أيضا قوله تعالى:« وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً» و أمّا قوله: فان أعطاه من الخمسمائة درهما أو أكثر من ذلك- الخ» حمل على ما إذا رضيت بذلك عن صداقها و الظاهر أن المتعارف في ذاك العصر من تريد أن تأخذ المهر كانت تأخذ و من لا تأخذ بعضه يبرأ زوجها من بقية الصداق و ان صح هذا الحمل فهو، و الا ينافى قوله تعالى« وَ آتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً» و الاخبار المعتبرة كحسنة الحلبيّ أو صحيحته عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال« فى رجل دخل بامرأته، قال: إذا التقى الختانان وجب المهر و العدة» و غيره من أخبار الحسان أو الصحاح التي يقول باستقرار المهر بالدخول، و بالجملة لم يعمل بهذا الخبر أحد من العلماء الا الصدوق و أفتى بمضمونه في كتبه السيّد المرتضى أيضا حيث قال في الانتصار« و ممّا انفردت به الإماميّة أنّه لا يتجاوز بالمهر خمسمائة درهم جياد قيمتها خمسون دينارا فما زاد على ذلك ردّ الى هذه السنة» و قالوا: ان السيّد منفرد في ذلك مع أنّه فتوى الصدوق صريحا في المقنع و الهداية و الفقيه.

وكلما جعلته المرأة من صداقها دينا على الرجل فهو واجب لها عليه في حياته وبعد موته أو موتها ، والأولى أن لا يطالب الورثة بما لم تطالب به المرأة في حياتها ولم تجعله دينا لها على زوجها ، وكل ما دفعه إليها ورضيت به عن صداقها قبل الدخول بها فذاك صداقها (1).

وإنما صار مهر السنة خمسمائة درهم لان اللّه تبارك وتعالى أوجب على نفسه إن لا يكبره مؤمن مائة تكبيرة ، ولا يسبحه مائة تسبيحة ، ولا يهلله مائة تهليلة ولا يحمده مائة تحميدة ، ولا يصلي على النبي [ وآله ] صلى اللّه عليه وآله مائة مرة ، ثم يقول : « اللّهم زوجني من الحور العين » إلا زوجه اللّه حوراء من الجنة وجعل ذلك مهرها (2).

ص: 400


1- يظهر منه أن المصنف قائل بوجوب المهر إذا كان دينا ، وروى الكليني ج 5 ص 413 في الموثق وفى الصحيح عن عبد الحميد بن عواض قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أتزوج المرأة أيصلح لي أن أواقعها ولم أنقدها من مهرها شيئا؟ قال : نعم إنما هو دين عليك » وفى الحسن كالصحيح عن البزنطي قال : « قلت لأبي الحسن عليه السلام : الرجل يتزوج المرأة على الصداق المعلوم يدخل بها قبل أن يعطيها؟ قال : يقدم إليها ما قل أو كثر الا أن يكون له وفاء من عرض ( أي متاع ) ان حدث به حدث أدى عنه فلا بأس ».
2- روى الكليني ج 5 ص 376 والشيخ في التهذيب في الصحيح عن البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام بهذا المضمون رواية.

وإذا زوج الرجل ابنته فليس له أن يأكل صداقها (1).

باب 430: النثار والزفاف

4405 - روي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : « لما زوج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فاطمة من علي عليه السلام أتاه ناس من قريش ، فقالوا : إنك زوجت عليا بمهر خسيس فقال لهم : ما أنا زوجت عليا ولكن اللّه عزوجل زوجه ليلة أسري بي عند سدرة المنتهى ، أوحى اللّه عزوجل إلى السدرة أن انثري ، فنثرت الدر والجوهر على الحور العين فهن يتهادينه ويتفاخرون به ويقلن : هذا من نثار فاطمة بنت محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فلما كانت ليلة الزفاف اتي النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ببغلته الشهباء وثني عليها قطيفة وقال لفاطمة عليها السلام : اركبي وأمر سلمان - رحمه اللّه - أن يقودها والنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يسوقها ، فبينا هو في بعض الطريق إذ سمع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وجبة فإذا هو بجبرئيل عليه السلام في سبعين ألفا وميكائيل في سبعين ألفا ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : ما أهبطكم إلى الأرض؟ قالوا : جئنا نزف فاطمة عليها السلام إلى زوجها ، وكبر جبرئيل عليه السلام وكبر ميكائيل عليه السلام وكبرت الملائكة وكبر محمد صلى اللّه عليه وآله فوضع التكبير على العرائس من تلك الليلة » (2).

4406 - وروى السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « زفوا عرايسكم ليلا

ص: 401


1- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 217 في الصحيح عن البزنطي قال : « سئل أبو - الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يزوج ابنته ، أله أن يأكل صداقها؟ قال : لا ليس ذلك له » وذلك لان المهر مال المرأة ، والأب وان كانت له ولاية النكاح في بعض الصور والعفو عن الصداق في بعضها ، لكن ليست هذه الولاية سببا لجواز الانتفاع له من مالها.
2- رواه ابن الشيخ في أماليه بسند مجهول عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام ، عن جابر.

وأطعموا ضحى » (1).

باب 431: الوليمة

4407 - روى موسى بن بكر (2) ، عن أبي الحسن الأول عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : لا وليمة إلا في خمس ، في عرس ، أو خرس ، أو عذار ، أو وكار أو ركاز ، فالعرس التزويج ، والخرس النفاس بالولد ، والعذار الختان ، والوكار الرجل يشتري الدار ، والركاز الرجل يقدم من مكة » (3).

باب 432: ما يصنع الرجل إذا أدخلت أهله إليه

4408 - قال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه (4) : « إذا أدخلت عليك أهلك فخذ بناصيتها واستقبل بها القبلة وقل : « اللّهم بأمانتك أخذتها وبكلماتك استحللت فرجها فإن قضيت لي منها ولدا فاجعله مباركا سويا (5) ، ولا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا ».

باب 433: الأوقات التي يكره فيها الجماع

4409 - روى سليمان بن جعفر الجعفري (6) عن أبي الحسن موسى بن -

ص: 402


1- مروى في الكافي والتهذيب عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، ويدل على استحباب الزفاف بالليل.
2- رواه في الخصال ص 313 والمعاني ص 272 مسندا بأسانيد غير نقية.
3- للمؤلف في الخصال والمعاني هنا كلام نقله عن بعض أهل اللغة.
4- الظاهر أن هذا الرجل أبو بصير ليث المرادي لما رواه الكليني ج 5 ص 500 عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الحسن كالصحيح.
5- في الكافي « فاجعله مباركا تقيا من شيعة آل محمد ، ولا تجعل - الخ ».
6- الطريق إليه صحيح ، ورواه الكليني في الضعيف ج 5 ص 499.

جعفر عليهما السلام قال : سمعته يقول : « من أتى أهله في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد ».

4410 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن عمرو بن عثمان عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته أيكره الجماع في ساعة من الساعات؟ قال : نعم يكره في ليلة ينخسف فيها القمر ، واليوم الذي تنكسف فيه الشمس ، وفيما بين غروب الشمس إلى أن يغيب الشفق ، ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وفي الريح السوداء والحمراء والصفراء والزلزلة ، ولقد بات رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ليلة عند بعض نسائه فانخسف القمر في تلك الليلة فلم يكن منه شئ ، فقالت له زوجته : يا رسول اللّه بأبي أنت وأمي أكل هذا لبغض (1)؟ فقال : ويحك حدث هذا الحادث في السماء فكرهت أن أتلذذ وأدخل في شئ ، ولقد عير اللّه تعالى قوما فقال : « وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم « وأيم اللّه (2) لا يجامع أحد في هذه الساعات التي وصفت فيرزق من جماعة ولدا وقد سمع هذا الحديث فيرى ما يحب ».

4411 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تجامع في أول الشهر ، ولا في وسطه ، ولا في آخره ، فإنه من فعل ذلك فليسلم لسقط الولد ، فإن تم أوشك أن يكون مجنونا الا ترى أن المجنون أكثر ما يصرع في أول الشهر ووسطه وآخره » (3).

ص: 403


1- كذا في النسخ وفى التهذيب أيضا ، وفى الكافي « البغض كان منك » فيظهر منه أن الصواب « أكان هذا لبغض » ولعل التغيير من النساخ لمشابهة « كل » مع « كان » في الخط.
2- هذا من تتمة كلام أبى جعفر عليه السلام كما في الكافي والمحاسن ص 311.
3- روى المصنف في العلل والعيون بسند ضعيف عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنى عن علي بن محمد العسكري عن أبيه عن آبائه عليهم السلام مثله ، وروى الكليني والشيخ نحوه عن موسى بن جعفر عليهما السلام فيما أوصى به رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عليا عليه السلام.

4412 - وقال عليه السلام : « يكره الجنابة حين تصفر الشمس ، وحين تطلع وهي صفراء » (1).

4413 - وسأل محمد بن الفيض (2) أبا عبد اللّه عليه السلام فقال : « أجامع وأنا عريان قال : لا ، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها » (3).

4414 - وقال عليه السلام : « لا تجامع في السفينة » (4).

4415 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « يكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى ، فإن فعل فخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه » (5).

4416 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « من جامع امرأته وهي حائض فخرج الولد مجذوما أبرص فلا يلومن إلا نفسه » (6).

باب 434: التسمية عند الجماع

4417 - قال الصادق عليه السلام : « إذا أتى أحدكم أهله فليذكر اللّه فإن من لم

ص: 404


1- تقدم في المجلد الأول تحت رقم 182 رواه عن عبيد اللّه الحلبي عن الصادق عليه السلام قال : « انى لأكره الجنابة - الخ ». والمراد بالجنابة الجماع وباصفرار الشمس قربها من الغروب.
2- في أكثر النسخ « محمد بن العيص » وكذا في التهذيب ، وهو تصحيف ، وطريق المصنف إليه قوى.
3- يدل على كراهة الجماع عريانا بغير ستر ، وعلى كراهة الاستقبال والاستدبار في حالته.
4- مروى في التهذيب مرسلا وكذا في فقه الرضا عليه السلام ولم أجده مسندا.
5- رواه البرقي في المحاسن مسندا ص 321 ، ويدل على كراهة جماع المحتلم وتخف بالوضوء.
6- رواه في المحاسن ص 321 مسندا هكذا « انه كره أن يغشى الرجل امرأته وهي حائض فان غشيها فخرج الولد مجذوما - الخ ». وروى المؤلف نحوه في الخصال في حديث ص 520 وكذا في العلل ، والمراد بالكراهة هنا الحرمة.

يذكر اللّه عند الجماع وكان منه ولد كان ذلك شرك شيطان ، ويعرف ذلك بحبنا وبغضنا » (1).

باب 435: حد المدة التي يجوز فيها ترك الجماع لمن عنده المرأة الشابة الحرة

4418 - سأل صفوان بن يحيى أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن الرجل تكون عنده المرأة الشابة فيمسك عنها الأشهر والسنة لا يقربها ليس يريد الاضرار بها ، يكون لهم مصيبة ، يكون في ذلك آثما؟ قال : إذا تركها أربعة أشهر كان آثما بعد ذلك [ إلا أن يكون باذنها ] (2).

باب 436: ما أحل اللّه عزوجل من النكاح وما حرم منه

4419 - روي عن أبي المغرا (3) عن الحلبي قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « لا تتزوج المرأة المستعلنة بالزنا ، ولا يزوج الرجل المستعلن بالزنا إلا أن تعرف منهما التوبة » (4).

4420 - روى داود بن سرحان ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن قول اللّه عزوجل : « الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا

ص: 405


1- لم أجده مسندا.
2- رواه الشيخ في التهذيب بهذا السند وكأنه أخذ من الفقيه. وقوله « يكون لهم مصيبة » أي أصابتهم مصيبة ويكون الجماع حينئذ قبيحا عرفا. وما بين القوسين ليس في أكثر النسخ ، وهذا الحكم موضع وفاق كما في المسالك.
3- الطريق إلى أبى المغرا حميد بن المثنى قول بعثمان بن عيسى ، ورواه الشيخ في الصحيح.
4- يدل على كراهة تزويج الزاني والزانية ، وظاهر المؤلف حمله على الحرمة.

زان أو مشرك » قال : هن نساء مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، شهروا بالزنا وعرفوا به ، والناس اليوم بتلك المنزلة من أقيم عليه حد الزنا أو شهر بالزنا لم ينبغ لاحد أن يناكحه حتى يعرف منه توبة » (1).

4421 - وقال عليه السلام : « إياكم وتزويج المطلقات ثلاثا في مجلس واحد فإنهن ذوات أزواج » (2).

4422 - وروى حفص بن البختري (3) عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في « رجل يريد تزويج امرأة قد طلقت ثلاثا كيف يصنع فيها؟ قال : يدعها حتى تحيض وتطهر ثم يأتي زوجها ومعه رجلان فيقول له : قد طلقت فلانة فإذا قال : نعم تركها ثلاثة أشهر ، ثم خطبها إلى نفسه » (4).

4423 - وفي خبر آخر قال عليه السلام : « إن طلاقكم الثلاث لا يحل لغيركم ، وطلاقهم يحل لكم ، لأنكم لا ترون الثلاث شيئا وهم يوجبونها » (5).

ص: 406


1- الطريق صحيح ، ورواه الكليني ج 5 ص 354 في الضعيف لمكان سهل بن زياد ، وقوله « والناس اليوم - الخ » يعنى أن الآية نزلت فيمن كان متهما بالزنا على عهد النبي صلى اللّه عليه وآله ولكن حكمها باق إلى اليوم ليست بمنسوخة كما ظن قوم. ( الوافي )
2- رواه في الخصال مسندا ، ورواه الكليني ج 5 ص 434 بسند ضعيف كالشيخ عن علي بن حنظلة ، واتفق الأصحاب على أن الطلاق المتعدد بلفظ واحد كالثلاث لا يقع مجموعة وأنه يشترط لوقوع العدد تخلل الرجعة ، ولكن اختلفوا في أنه يقع باطلا من رأس أو يقع منه واحدة ويلغو الزائد ، فذهب الأكثر إلى الثاني وبه روايات ، وذهب المرتضى وابن أبي عقيل وابن حمزة إلى الأول ، والخبر يدل على مذهبهم ، وقال المولى المجلسي : « ظاهر الأصحاب اطباقهم على صحة ما صدر عن المخالفين صحيحا بزعمهم » والخبر يدل بظاهره على ما إذا كان المطلق من غير أهل مذهبنا.
3- الطريق إليه صحيح وهو ثقة ، ورواه الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح.
4- يدل على وقوع الطلاق بنعم كما هو مذهب الشيخ وجماعة وان قصد المتكلم الاخبار والسائل الانشاء للضرورة. ( م ت )
5- روى الشيخ في التهذيبين في القوى عن محمد بن عبد اللّه العلوي قال : « سألت الرضا عليه السلام عن تزويج المطلقات ثلاثا ، فقال لي : ان طلاقكم لا يحل لغيركم وطلاقهم يحل لكم ، لأنكم لا ترون الثلاث شيئا وهم يوجبونها ».

4424 - وقال عليه السلام : « من كان يدين بدين قوم لزمته أحكامهم » (1).

4425 - وروى الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن وهب وغيره من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل المؤمن يتزوج اليهودية والنصرانية؟ فقال : إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنصرانية؟! قلت ، يكون له فيها الهوى ، قال : فإن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير ، واعلم أن عليه في دينه في تزويجه إياها غضاضة » (2).

4426 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن الرجل المسلم يتزوج المجوسية؟ فقال : لا ولكن إن كانت له أمة مجوسية فلا بأس أن يطأها ، ويعزل عنها ولا يطلب ولدها » (3)

ص: 407


1- رواه المؤلف في معاني الأخبار ص 263 في حديث مسند. وفى الشرايع « ولو كان المطلق مخالفا يعتقد الثلاث لزمته » وقال في المسالك : هكذا وردت النصوص ، ولا فرق في الحكم على المخالف بوقوع ما يعتقده بين الثلاث وغيرها مما لا يجتمع شرائطه عندنا كتعليقه على الشرط ووقوعه بغير اشهاد ، ومع الحيض ، وباليمين ، وبالكتابة مع النية وغير ذلك وظاهر الأصحاب الاتفاق على الحكم.
2- مروى في الكافي ج 5 ص 356 وفى التهذيب والاستبصار في الصحيح وفى جميعها « واعلم أن عليه في دينه غضاضة » والغضاضة : الذلة والمنقصة ، وظاهر الخبر كراهة تزويج الكتابية بالشرط المذكور وحمل على المتعة ، وأجمع العلماء كافة على عدم جواز تزويج غير الكتابية من أصناف الكفار واختلفوا في الكتابية على أقوال : اختار المصنف وابن أبي عقيل الجواز مطلقا دواما ومتعة ، واختار السيد المرتضى التحريم مطلقا وقواه ابن إدريس ، واختار ابن حمزة وابن البراج جواز المتعة اختيارا والدوام اضطرارا ، واختار أبو الصلاح وسلار وأكثر المتأخرين جواز المتعة وتحريم الدوام ، واختار ابن الجنيد عدم الجواز مطلقا اختيارا وجوازه اضطرارا مطلقا.
3- ألحق الأصحاب المجوس بأهل الكتاب ، وقال المصنف في الهداية وتزويج المجوسية والناصبية حرام والخبر رواه الكليني ج 5 ص 357 بدون الذيل ، وكذا الشيخ في التهذيب ، ورواه الحسين بن سعيد بتمامه في الصحيح كما في البحار.

4427 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سليمان الحمار (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا ينبغي (2) للرجل المسلم منكم أن يتزوج الناصبية ، ولا يزوج ابنته ناصبا ولا يطرحها عنده ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : من نصب حربا لآل محمد صلوات اللّه عليهم فلا نصيب له في الاسلام فلهذا حرم نكاحهم.

4428 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « صنفان من أمتي لا نصيب لهما في الاسلام الناصب لأهل بيتي حربا ، وغال في الدين مارق منه ».

ومن استحل لعن أمير المؤمنين عليه السلام والخروج على المسلمين وقتلهم حرمت مناكحته لان فيها الالقاء بالأيدي إلى التهلكة ، والجهال يتوهمون أن كل مخالف ناصب وليس كذلك.

4429 - وروى صفوان ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم لأن المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه » (3).

4430 - وروى الحسن بن محبوب ، عن يونس بن يعقوب ، عن حمران بن أعين « وكان بعض أهله يريد التزويج فلم يجد امرأة يرضاها ، فذكر ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال : أين أنت من البلهاء واللواتي لا يعرفن شيئا؟ قلت : إنما يقول : إن الناس على وجهين كافر ومؤمن ، فقال : فأين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا؟! وأين المرجون لأمر اللّه؟! أي عفو اللّه - ».

ص: 408


1- سليمان الحمار غير مذكور في الرجال وروى الكليني في الصحيح عن فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يتزوج المؤمن الناصبة المعروفة بذلك » ولا خلاف في عدم جواز تزويج الناصبي والناصبية واختلف في غيرهم من أهل الخلاف.
2- ظاهره الكراهة وحمله المصنف على الحرمة للاخبار.
3- المراد بالشاك من ليس له عداوة ويقبل التشكيك ويرجى منه الرجوع إلى الحق كالمستضعف الذي لا يعاند الحق وليس من أهله فان يعلم الحق يصير إليه.

4431 - وروى يعقوب بن يزيد ، عن الحسين بن بشار الواسطي قال : « كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أن لي قرابة قد خطب إلي ابنتي وفي خلقه سوء فقال : لا تزوجه إن كان سيئ الخلق » (1).

4432 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن زرارة قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ما أحب للرجل المسلم أن يتزوج امرأة إذا كانت ضرة لامه مع غير أبيه » (2).

4433 - وروي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : « سألت الرضا عليه السلام عن امرأة ابتليت بشرب نبيذ فسكرت فزوجت نفسها رجلا في سكرها ، ثم أفاقت فأنكرت ذلك ، ثم ظنت أنه يلزمها فورعت منه فأقامت مع الرجل على ذلك التزويج أحلال هو لها؟ أو التزويج فاسد لمكان السكر ولا سبيل للرجل عليها؟ فقال : إذا أقامت معه بعد ما أفاقت فهو رضاها ، فقلت : وهل يجوز ذلك التزويج عليها؟ فقال : نعم » (3).

ص: 409


1- يدل على جواز ترك إجابة الكفؤ إذا كان سيئ الخلق ويؤيده الأخبار المتقدمة من قوله عليه السلام « ممن ترضون خلقه » وان احتمل أن يكون المراد به الدين لكن الدين مذكور معه والتأسيس أولى من التأكيد. ( م ت )
2- يدل على كراهة تزويج ضرة الام إذا كان من غير أبيه ، لان منكوحة أبيه حرام عليه.
3- قال في المسالك : شرط صحة العقد القصد إليه فالسكران الذي بلغ به السكر حدا زال عقله وارتفع قصده نكاحه باطل كغيره من العقود سواء في ذلك الذكر والأنثى هذا هو الأقوى على ما يقتضيه القواعد الشرعية ومتى كان كذلك وعقد في هذه الحالة يقع القعد باطلا فلا تنفعه اجازته بعد الإفاقة لان الإجازة لا يصحح ما وقع باطلا من أصله والرواية عمل بمضمونها الشيخ في النهاية ومن تبعه ، وله عذر من حيث صحة سندها ولمن خالفها عذر من حيث مخالفتها للقواعد الشرعية ، والأولى اطراح الرواية - ، انتهى ، وقال سلطان العلماء : يحتمل تنزيلها على توكيلها في حال السكر من يزوجها فالصيغة صادرة ممن له قصد وشعور وإن كان التوكيل بلا شعور ، وحينئذ لا يبعد صحة العقد بعد الإجازة إذ ليس هذا أدون من العقد الفضولي بلا توكيل فان التوكيل المذكور ان لم يكن نافعا لم يكن مضرا فتأمل.

4434 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن القابلة أيحل للمولود أن ينكحها؟ قال : لا ولا ابنتها هي كبعض أمهاته » (1).

4435 - وروي عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إن قبلت ومرت (2) فالقوابل أكثر من ذلك ، وإن قبلت وربت حرمت عليه » (3).

4436 - وروى الحسن بن محبوب ، عن يونس بن يعقوب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يتزوج؟ قال : لا ، ولا يزوج المحرم المحل ».

4437 - وفي خبر آخر : « إن زوج أو تزوج (4) فنكاحه باطل » (5).

4438 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل تكون عنده الجارية يجردها وينظر إلى جسمها نظر شهوة هل تحل لأبيه؟ وإن فعل أبوه هل تحل لابنه؟ قال : إذا نظر إليها نظر شهوة ونظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحل لابنه وإن فعل ذلك الابن لم تحل للأب » (6).

ص: 410


1- قال المصنف في المقنع : « لا تحل القابلة للمولود ولا ابنتها وهي كبعض أمهاته » وظاهره التحريم ، والمشهور كراهة نكاح القابلة وبنتها وخصها الشيخ والمحقق وجماعة بالقابلة المربية.
2- أي مرت إلى سبيلها ولم تشتغل بالتربية كما كان فعل أكثرهن.
3- حمل الشيخ الحرمة على الكراهة لصحيحة البزنطي أو موثقته عن الرضا عليه السلام قال : قلت له : « يتزوج الرجل المرأة التي قبلته؟ فقال : سبحان اللّه ما حرم اللّه عليه من ذلك » ويمكن حمل التربية على الرضاع وتكون كناية عنه فحينئذ قوله « حرمت » محمول على ظاهره.
4- في بعض النسخ « أو زوج » بصيغة المجهول.
5- لعل المراد ما رواه الكليني ج 4 ص 372 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار مقطوعا قال : « المحرم لا يتزوج ولا يزوج فان فعل فنكاحه باطل » أو ما رواه في الموثق كالصحيح عن الحسن بن علي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يخطب ولا يشهد النكاح وان نكح فنكاحه باطل » وما تضمنه من الأحكام مقطوع به في كلام الأصحاب.
6- المسألة اختلافية لاختلاف النصوص قال في المسالك : إذا ملك الرجل أمة ولمسها أو نظر منها إلى ما يحرم على غيره النظر إليها كالنظر إلى ما عدا الوجه والكفين وما يبدو منها غالبا ولمسه فهل تحرم بذلك على أبيه وابنه؟ فيه أقوال ، أحدها عدم التحريم مطلقا لكنه يكره وهو اختيار المحقق والعلامة في غير المختلف والتذكرة للأصل وعموم « وأحل لكم ما وراء ذلكم وما ملكت أيمانكم » وموثقة علي بن يقطين عن الكاظم عليه السلام ( التهذيب ج 2 ص 195 ) « في الرجل يقبل الجارية ويباشرها من غير جماع داخل أو خارج أتحل لابنه أو لأبيه ، قال : لا بأس ». وثانيها التحريم عليهما اختاره الشيخ وأتباعه والعلامة في المختلف ومال إليه في التذكرة وجماعة لان المملوكة حليلة فتدخل في عموم « وحلائل أبنائكم » خرج منه ما إذا لم ينظر إليها ويلمس على الوجه المذكور ، فيبقى الباقي داخلا في العموم ولصحيحة محمد بن إسماعيل في الكافي ج 5 ص 418 « سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل تكون عنده الجارية فيقبلها هل تحرم لولده؟ قال : بشهوة؟ قلت : نعم ، قال : ما ترك شيئا إذا قبلها بشهوة ، ثم قال ابتداء منه ، ان جردها ونظر إليها بشهوة حرمت على أبيه وابنه ، قلت : إذا نظر إلى جسدها؟ فقال : إذا نظر إلى فرجها وجسدها بشهوة حرمت عليه » ونحوها خبر عبد اللّه بن سنان. وثالثها أن النظر واللمس يحرمان منظورة الأب وملموسته على ابنه دون العكس وهو قول المفيد - رحمه اللّه - لصحيحة محمد بن مسلم ( الكافي ج 5 ص 419 ) عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « إذا جرد الرجل الجارية ووضع يده عليها فلا تحل لابنه ». والقول الوسط هو الأوسط لان تحريمها على الابن لا يدل على اختصاصه به فيمكن استفادة تحريمها على الأب من الخبرين السابقين فلا منافاة بين أخبار التحريم فسقط القول الأخير وبقى الكلام في الأولين - ثم رجح أخبار التحريم سندا ومتنا بوجوه ليس هنا موضع ذكرها.

4439 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على أختها من الرضاعة (1) ، قال : وقال عليه السلام : إن عليا عليه السلام ذكر لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ابنة حمزة فقال : أما علمت أنها ابنة أخي من الرضاعة ، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وحمزة

ص: 411


1- رواه الكليني في الصحيح ، ويدل على أن حكم العمة والخالة من الرضاعة حكم النسب في عدم جواز تزويج بنت الأخت وبنت الأخ عليهما كما هو المقطوع به في كلام الأصحاب لكن حمل في المشهور على ما إذا لم يكن برضاهم فان أذنتا صح.

قد رضعا من لبن امرأة »(1).

4440 - وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تتزوج المرأة على خالتها وتزوج الخالة على ابنة أختها » (2).

4441 - وفي رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا تنكح ابنة الأخ ولا ابنة الأخت على عمتها ولا على خالتها إلا بإذنهما ، وتنكح العمة والخالة على ابنة الأخ وابنة الأخت بغير إذنهما » (3).

4442 - وسأل عبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة أينظر إلى شعرها؟ قال : نعم إنما يريد أن يشتريها بأغلا الثمن » (4).

4443 - وروى موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ، « لا يدخل

ص: 412


1- في كشف الغمة : « أرضعته صلى اللّه عليه ثويبة مولاة أبى لهب قبل قدوم حليمة أياما بلبن ابنها مسروح وكانت قد أرضعت قبله عمه حمزة رضي اللّه عنه ». وفى المعارف لابن قتيبة ص 125 » وكان حمزة بن عبد المطلب رضيع النبي صلى اللّه عليه وسلم وأبى سلمة بن عبد الأسد المخزومي ، أرضعتهم امرأة من أهل مكة يقال لها ثويبة. ولحمزة ابن يقال له عمارة من امرأة من بنى النجار ولم يعقب وبنت يقال لها : أم أبيها ، أمها زينب بنت عميس الخثعمية.
2- يحمل عدم الجواز على عدم الإذن لما سيجئ.
3- يدل على ما هو المشهور من اشتراط جواز تزويج بنت الأخت على الخالة وبنت الأخ على العمة على اذنهما وعدم الاشتراط في عكسه ، وخالف في ذلك ابن أبي عقيل وابن الجنيد على الظاهر من كلامهما وقالوا بجواز الجمع مطلقا.
4- مروى في الكافي في الحسن كالصحيح ، وأجمع العلماء كافة على أن من أراد نكاح امرأة يجوز له النظر إلى وجهها وكفيها من مفصل الزند ، واختلفوا فيما عدا ذلك فقال بعضهم يجوز النظر إلى شعرها ومحاسنها أيضا واشترط الأكثر العلم بصلاحيتها للتزويج واحتمال اجابتها وأن لا يكون لريبة ، والمراد بها خوف الوقوع بها في محرم ، وأن الباعث على النظر إرادة التزويج دون العكس والمستفاد من النصوص الاكتفاء بقصد التزويج قبل النظر كيف كان. ( المرآة )

بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين أو عشر [ سنين ] » (1).

4444 - وروي « أن من دخل بامرأة قبل أن تبلغ تسع سنين فأصابها عيب فهو ضامن » رواه (2) حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

4445 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أعتق مملوكة له وجعل عتقها صداقها (3) ثم طلقها من قبل أن يدخل بها ، فقال : قد مضى عتقها ويرتجع عليها سيدها بنصف قيمة ثمنها تسعى فيها ولا عدة له عليها ».

4446 - وفي رواية الحسن بن محبوب ، عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أعتق أمة له وجعل عتقها صداقها ، ثم طلقها قبل أن يدخل بها قال : يستسعيها في نصف قيمتها فإن أبت كان لها يوم وله يوم في الخدمة ، قال : فإن كان لها ولد وله مال أدى عنها نصف قيمتها وعتقت ».

4447 - وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن رجل قال لامته : أعتقك وجعلت عتقك مهرك ، قال : عتقت وهي بالخيار إن شاءت تزوجته وإن شاءت فلا ، فإن تزوجته فليعطها شيئا ، فإن قال : قد تزوجتك ، وجعلت مهرك عتقك فإن النكاح واقع ولا يعطيها شيئا » (4).

ص: 413


1- مروى في الكافي والتهذيب ج 2 ص 229 والترديد لان كثيرا من الجواري يتضرر بالجماع قبل العشر.
2- رواه الشيخ عن محمد بن أبي خالد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا « قال : من وطئ امرأته قبل تسع سنين فأصابها عيب فهو ضامن ».
3- اعلم أن فقهاءنا كافة أطبقوا على بطلان تزويج الانسان بأمته بأي مهر كان الا إذا جعل مهرها عتقها ، واختلفوا في اشتراط تقديم التزويج على العتق وعكسه وجواز كل منهما والحق أنه لا فرق بين تقديم العتق والتزويج كما استحسنه المحقق في الشرايع.
4- لعل وجهه عدم ذكر التزويج أصلا ، لا تأخيره فلا يدل على اشتراط تقديم التزويج كما هو القول المشهور ( سلطان ) وفى بعض النسخ « لا يعطها شيئا ».

4448 - وروى ابن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن المرأة تضع أيحل أن تتزوج قبل أن تطهر (1)؟ قال : نعم وليس لزوجها أن يدخل بها حتى تطهر ».

4449 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل تزوج جارية على أنها حرة ، ثم جاء رجل فأقام البينة على أنها جاريته ، قال : يأخذها ويأخذ قيمة ولدها ».

4450 - وفي رواية جميل بن دراج أنه « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها هل تحل له ابنتها؟ قال : الام والابنة في هذا سواء إذا لم يدخل بإحديهما حلت له الأخرى ». (2)

ص: 414


1- في بعض النسخ « تتطهر » وفى التهذيبين كما في المتن.
2- أصل هذا الخبر كما في الكافي والتهذيبين هكذا : عن جميل وحماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « الام والبنت سواء إذا لم يدخل بها ، يعنى إذا تزوج المرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإنه ان شاء تزوج أمها وان شاء ابنتها » ونقله المصنف بالمعنى كما هو ظاهر قوله « وفى رواية جميل أنه سئل » والحق أن قوله « يعنى » من كلام الراوي وفسر الخبر على زعمه وغفل عن حرمة تزويج أم المعقودة كما هو ظاهر قوله تعالى « وأمهات نسائكم » مع أن معنى « الام والبنت سواء » أنه إذا ملك الانسان امرأة وبنتها فله وطئ أيتهما شاء فمتى اختار إحديهما وفعل بها حرمت عليه الأخرى ويؤيد ذلك أن أحمد بن محمد بن عيسى أورد الخبر في نوادره في مسألة الجمع بين الام والبنت في الملك ، وزعم الشيخ - رضوان اللّه تعالى عليه - أن قوله « يعنى - إلى آخره » من تتمة كلام الإمام عليه السلام فنسبه إلى الشذوذ ومخالفة القرآن ، وكذا الصدوق - رحمه اللّه - فأفتى بظاهره ، وفى التهذيبين باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا (عليه السلام) قال : إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها إذا دخل بالأم وإذا لم يدخل بالأم فلا بأس أن يتزوج بالبنت ، فإذا تزوج الابنة فدخل بها أو لم يدخل فقد حرمت عليه الام ، وقال : الربائب عليكم حرام كن في الحجر أو لم يكن ». وباسناده عن الصفار عن محمد بن الحسين ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال : « سألته عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها ، قال : تحل له ابنتها ولا تحل له أمها » والخبران موافقان لظاهر الكتاب وعليه الفتوى.

4451 - وقال علي عليه السلام : « الربائب عليكم حرام ، كن في الحجر أو لم يكن » (1).

4452 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « في رجل تزوج امرأة على حكمها أو على حكمه (2) فمات أو ماتت قبل أن يدخل بها ، قال : لها المتعة (3) والميراث ، ولا مهر لها ، قال : وإن طلقها وقد تزوجها على حكمها لم يتجاوز بحكمها على أكثر من خمسمائة درهم (4) مهور نساء النبي صلى اللّه عليه وآله ».

4453 - وروى صفوان بن يحيى ، عن أبي جعفر [ ب ] مردعة (5) قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « رجل تزوج امرأة بحكمها ، ثم مات قبل أن تحكم ، قال : ليس لها صداق وهي ترث » (6).

ص: 415


1- مروى في ذيل خبر غياث الذي نقلناه في الهامش كما عرفت.
2- يعنى في تقدير المهر بان يقبل الزوج كلما تحكم به المرأة وبالعكس.
3- أي تمتع من المال بحسب حال الرجل ، وفى التهذيب ج 2 ص 242 مسندا عن زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل تزوج امرأة ولم يسم لها مهرا فمات قبل أن يدخل بها ، قال : هي بمنزلة المطلقة » وحكم المطلقة إذا كانت غير مدخول بها قوله تعالى « ومتعوهن على الموسع قدره على المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين ». وقوله « والميراث » لأنها زوجة وان لم يدخل بها « ولا مهر لها » لان المتعة بدله. ( م ت )
4- يعنى إن كان الحاكم المرأة لا تتجاوز عن مهر السنة ، ويؤيد ما رواه الكليني ج 5 ص 379 عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل تزوج امرأة على حكمها ، قال : لا يجاوز حكمها مهور آل محمد (صلی اللّه عليه وآله) - الخبر ».
5- كذا ولم أجده ، وفى رجال الصادق عليه السلام جماعة كنيتهم أبو جعفر كمحمد بن مسلم ومحمد بن نعمان ، وغيرهما ولعله محمد بن حمران
6- قوله « ثم مات » أي قبل الدخول ، وقوله « ليس لها صداق » أي صداق معين كمهر المثل وهو بمنزلة قوله « لا مهر لها » في حديث محمد بن مسلم فلا ينافي أن يكون لها المتعة « والمستفاد من كلام الأصحاب أن موت المحكوم عليه لا أثر له في سقوط المهر و لزوم المتعة وأن لها أن تحكم ما لم تزد على مهر السنة.

4454 - وروى علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن رجل تزوج بامرأة فلم يدخل بها فزنى ما عليه؟ قال : يجلد الحد ويحلق رأسه ويفرق بينه وبين أهله وينفى سنة » (1).

4455 - وروى طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قرأت في كتاب علي عليه السلام : أن الرجل إذا تزوج المرأة فزنى أن يدخل بها لم تحل له لأنه زان (2) ويفرق بينهما ويعطيها نصف المهر ».

4456 - وفي رواية إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام في المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها زوجها ، قال : يفرق بينهما ، ولا صداق لها لان الحدث من قبلها » (3).

4457 - وفي رواية الحسن بن محبوب ، عن الفضل بن يونس قال : « سألت أبا - الحسن موسى عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها فزنت ، قال : يفرق بينهما وتحد الحد ولا مصداق لها ».

4458 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يصيب من أخت امرأته حراما أيحرم ذلك عليه امرأته؟ فقال : إن الحرام لا يفسد الحلال (4) والحلال يصلح به الحرام ».

ص: 416


1- يدل على أن الذي تزوج ولم يدخل ليس بمحصن فلا يرجم بالزنا ، والخبر يناسب أبواب الحددد.
2- حمل على الكراهة والتفريق على الاستحباب كالخبرين الآتيين.
3- مروى في الكافي والمشهور بين الأصحاب أن المرأة لا ترد بالزنا وان حدت فيه وقال الصدوق في المقنع بما دلت عليه هذه الرواية وقال المفيد وسلار وابن البراج وابن الجنيد وأبو الصلاح ترد المحدودة في الفجور. ( المرآة )
4- هذه قاعدة شرعية لا يصار إلى خلافها الا لأمر يمنع المقتضى عن مقتضاه كما في سائر القواعد الشرعية مثل حرمة الميتة والدم ولحم الخنزير وغير ذلك فإنها قد تحل في المخمصة فلا يرد عليه ما مر من أن الرجل أو المرأة إذا زنى أو زنت بعد العقد قبل الدخول يفرق بينهما ، فحرم بالحرام ما كان مباحا لهما من توابع الزوجية ، وأما تحريم العقد على المعتدة إياها عند العلم بالعدة والتحريم فليس مما حرم حلالا ، بل إنما أفاد استمرار الحرمة والمنع عن ازالتها بالعقد ، وكذا ايقاب الغلام بالنظر إلى تحريم أمه وبنته وأخته ( مراد ) أقول : قوله « والحلال يصلح - الخ » يعنى إذا كانت أجنبية حراما فيصير بالعقد حلالا ، وهكذا في سائر العقود فإنها موجبة لحل ما كان حراما.

4459 - وفي رواية موسى بن بكر ، عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سئل عن رجل كانت عنده امرأة (1) فزنى بأمها أو بابنتها أو بأختها ، فقال : ما حرم حرام قط حلالا ، امرأته له حلال ، وقال : لا بأس إذا زنى رجل بامرأة أن يتزوج بها بعد (2) ، وضرب مثل ذلك مثل رجل سرق من تمرة نخلة ثم اشتراها بعد ، ولا بأس أن يتزوجها بعد أمها أو ابنتها أو أختها (3) وإن كانت تحته المرأة

ص: 417


1- أي امرأة مدخول بها فلا ينافي ما سبق.
2- إذا لم تكن ذات بعل ولا في عدة رجعية ولا المتوفى عنها زوجها.
3- « بعد أمها » أي بعد الزنا بأمها ، ويدل على أن الزنا السابق لا ينشر الحرمة و حكمه غير حكم النكاح الصحيح وهو مذهب المفيد والمرتضى وابن إدريس كما في المرآة وجماعة من الفقهاء قالوا بنشر الحرمة للأخبار المستفيضة بل الصحيحة كصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام « أنه سئل عن الرجل يفجر بالمرأة أيتزوج ابنتها؟ قال : لا - الخ » وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل كان بينه وبين امرأة فجور فهل يتزوج ابنتها ، فقال : إن كان من قبلة أو شبهها فليتزوج ، وإن كان جماعا فلا يتزوج ابنتها - الخ » ( الكافي ج 5 ص 415 ) وفى التهذيب ج 2 ص 207 في القوى عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا فجر الرجل بالمرأة لم تحل له ابنتها أبدا - الخ ». و في قبال هذه الأخبار نصوص تدلّ على الجواز كخبر هشام أو هاشم بن المثنى قال:« كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام جالسا فدخل عليه رجل فسأله عن الرجل يأتي المرأة حراما أ يتزوجها، قال: نعم و أمها و ابنتها»، و عنه أيضا في الصحيح قال:« كنت جالسا عند أبى عبد اللّه عليه السلام فقال له رجل: رجل فجر بامرأة أ تحل له ابنتها؟ قال: نعم ان الحرام لا يفسد الحلال»، و في الموثق عن حنان بن سدير قال:« كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام اذ سأله-- سعيد عن رجل تزوج امرأة سفاحا هل تحل له ابنتها، قال: نعم ان الحرام لا يحرم الحلال». و لا يخفى عدم إمكان الجمع بينها فلا بدّ من التخيير أو الترجيح و اختار المحقق رحمه اللّه في النافع الاخبار التي تدلّ على عدم نشر الحرمة.

فتزوج أمها أو ابنتها أو أختها فدخل بها ثم علم فارق الأخيرة والأولى امرأته (1) ولم يقرب امرأته حتى يستبرئ رحم التي فارق ، وإن زنى رجل بامرأة ابنه أو امرأة أبيه أو بجارية ابنه أو بجارية أبيه (2) ، فإن ذلك لا يحرمها على زوجها ولا تحرم الجارية على سيدها ، وإنما يحرم ذلك إذا كان ذلك منه بالجارية وهي حلال ، فلا تحل تلك الجارية أبدا لابنه ولا لأبيه ، وإذا تزوج امرأة تزويجا حلالا فلا تحل تلك المرأة لابنه ولا لأبيه » (3).

4460 - وروى أبو المغرا ، عن أبي بصير (4) قال : « سألته عن رجل فجر بامرأة ، ثم أراد بعد ذلك أن يتزوجها ، فقال : إذا تابت حلت له ، قلت : وكيف تعرف توبتها؟ قال : يدعوها إلى ما كانا عليه من الحرام فإن امتنعت فاستغفرت ربها عرف توبتها » (5).

4461 - وروى علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل تزوج امرأة بالعراق ثم خرج إلى الشام فتزوج امرأة أخرى فإذا هي أخت امرأته التي بالعراق ، قال : يفرق بينه وبين التي تزوجها بالشام ولا يقرب العراقية حتى تنقضي عدة الشامية ، قلت : فإن تزوج امرأة ثم تزوج أمها وهو لا يعلم أنها أمها ، فقال : قد وضع اللّه عنه جهالته بذلك ثم قال : إذا علم أنها أمها فلا

ص: 418


1- أي الزوجة التي تحته كانت باقية على زوجيته.
2- مروى في الكافي في الصحيح عن موسى بن بكر وهو واقفي ولم يوثق عن زرارة وفيه « إذا زنى رجل بامرأة أبيه أو جارية أبيه ».
3- قال اللّه عزوجل : « ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء » وقال عزوجل : « وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ».
4- الطريق إلى أبى المغرا قوى ، ورواه الشيخ في الصحيح.
5- حرم الشيخ التزويج قبل التوبة والمشهور الكراهة ، وتقدم نحوه.

يقربها ولا يقرب الابنة حتى تنقضي عدة الام منه ، فإذا انقضت عدة الام حل له نكاح الابنة ، قلت : فإن جاءت الام بولد ، فقال : هو ولده يرثه ويكون ابنه وأخا لامرأته » (1).

4462 - وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أن يزوجه امرأة من أهل البصرة من بني تميم فزوجه امرأة من أهل الكوفة من بني تميم ، قال : خالف أمره وعلى المأمور نصف الصداق لأهل المرأة ولا عدة عليها ولا ميراث بينهما (2) ، فقال بعض من حضره : فإن أمره أن يزوجه امرأة ولم يسم أرضا ولا قبيلة ثم جحد الامر أن يكون قد أمره بذلك بعدما زوجه؟ فقال : إن كان للمأمور بينة أنه كان أمره أن يزوجه بزوجة كان الصداق على الامر ، وإن لم يكن له بينة كان الصداق على المأمور لأهل المرأة ، ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها ، ولها نصف الصداق إن كان فرض لها صداقا وإن لم يكن سمى لها صداق فلا شئ لها » (3).

4463 - وروى ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل تزوج أختين في عقدة واحدة ، قال : يمسك أيتهما شاء ويخلي سبيل الأخرى (4) وقال في رجل تزوج خمسا في عقدة واحدة قال : يخلي سبيل أيتهن شاء » (5).

ص: 419


1- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 431 ، والشيخ في الصحيح.
2- يدل على أن الوكيل إذا خالف قول الموكل يكون العقد فضوليا وكان للموكل الفسخ وعلى الوكيل نصف المهر إذا ذكره في العقد وان لم يذكره لم يكن عليه شئ ، هذا إذا لم يذكر الواقع للمرأة ، فان ذكره فليس على الوكيل شئ لا قدامها على العقد كذلك. ( م ت )
3- هنا ثلاثة أقوال وتقدمت في الوكالة ص 85.
4- يمكن أن يكون المراد بامساك إحديهما الامساك بعقد جديد فلا ينافي قول الأكثر من بطلان النكاح رأسا ، وقال الشيخ في النهاية يتخير فمن اختارها بطل نكاح الأخرى والى هذا القول ذهب ابن الجنيد والقاضي والعلامة في المختلف واستدل عليه بهذا الخبر.
5- يمكن حمله على الامساك بعقد جديد كما مر.

4464 - وروى محمد بن قيس (1) عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال « في رجل كان تحته أربع نسوة فطلق واحدة منهن ، ثم نكح أخرى قبل أن تستكمل المطلقة عدتها فقضى أن تلحق الأخيرة بأهلها حتى تستكمل المطلقة أجلها وتستقبل الأخرى عدة أخرى ولها صداقها إن كان دخل بها ، وإن لم يكن دخل بها فليس لها صداق ولا عدة عليها منه ، ثم إن شاء أهلها بعد انقضاء عدتها زوجوها إياه وإن شاؤوا فلا » (2).

4465 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف الزام ، عن سنان ابن طريف عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل عن رجل كن له ثلاث نسوة ثم تزوج امرأة أخرى فلم يدخل بها ، ثم أراد أن يعتق أمة ويتزوجها ، فقال : إن هو طلق التي لم يدخل بها فلا بأس أن يتزوج أخرى من يومه ذلك ، وإن طلق من الثلاث النسوة اللاتي دخل بهن واحدة لم يكن له أن يتزوج امرأة أخرى حتى تنقضي عدة المطلقة » (3).

4466 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن عنبسة بن مصعب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كن له (4) ثلاث نسوة فتزوج عليهن امرأتين في عقدة واحدة ، فدخل بواحدة منهما ثم مات ، قال : إن كان دخل بالتي بدأ باسمها وذكرها عند عقدة النكاح فإن نكاحه جائز وعليها العدة ولها الميراث ، وإن كان دخل بالمرأة التي سميت وذكرت بعد ذكر المرأة الأولى فإن نكاحه باطل ولا ميراث لها وعليها العدة » (5).

ص: 420


1- الطريق إليه حسن كالصحيح ، ومروى في الكافي بسند ضعيف.
2- قال العلامة المجلسي : اختلف الأصحاب فيما لو تزوج بخمس في عقد واحد أو باثنين وعنده ثلاث فذهب جماعة إلى التخيير وجماعة إلى البطلان ولم أعثر على قال بمضمون تلك الرواية.
3- ظاهره يشمل المطلقة الرجعية والبائنة ، والمشهور أن ذلك في الرجعية وأنه يكره في البائنة. ( سلطان )
4- كذا ، والصواب « كانت له ».
5- لا ينافي هذا الخبر رواية جميل التي تقدمت تحت رقم 4460 لان ظاهر هذا الخبر التقديم والتأخير في الذكر في صيغة واحدة والتي تقدمت التعبير عن الجميع بلفظ واحد من غير تقديم كضمير الجمع.

4467 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام أنه « سئل عن رجل تزوج امرأة حرة وأمتين مملوكتين في عقدة واحدة فقال : أما الحرة فنكاحها جائز فإن كان قد سمى لها مهرا فهو لها ، وأما المملوكتان فإن نكاحهما في عقدة [ واحدة ] مع الحرة باطل يفرق بينه وبينهما » (1).

4468 - وروى طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام قال : إذا اغتصبت أمة فاقتضت (2) فعليه عشر ثمنها فإذا كانت حرة فعليه الصداق ».

4469 - وقال الصادق عليه السلام (3) « في رجل أقر أنه غصب رجلا على جاريته وقد ولدت الجارية من الغاصب ، قال : ترد الجارية وولدها على المغصوب إذا أقر بذلك أو كانت عليه بينة » (4).

4470 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجلين نكحا امرأتين فاتي هذا بامرأة هذا ، وهذا بامرأة هذا ، قال : تعتد هذه من هذا ، وهذه من هذا ، ثم ترجع كل واحدة إلى زوجها » (5).

4471 - وروى جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام

ص: 421


1- في النافع « ولو جمع بينهما في عقد صح عقد الحرة دون الأمة » واستدلوا على ذلك بهذا الخبر ، وربما استدل بالأدلة المانعة من ادخال الأمة على الحرة وليس بشئ لظهورها في صورة سبق نكاح الحرة.
2- على صيغة المجهول من الاقتضاض وهو إزالة البكارة.
3- مروى في التهذيب ج 2 ص 248 عن الحسين بن سعيد ، عن أبن أبى عمير ، عن جميل ، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام.
4- لعل ذكر الاقرار لبيان المساواة بينه وبين البينة والا فقد فرض ذلك في السؤال فلم يحتج إلى ذكره ( مراد ) وقال سلطان العلماء : هذا الحكم موافق للفتوى نعم لو كان الوطي بالشبهة كان الولد حرا وعليه قيمته.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 234 في الصحيح عن الحلبي.

عن رجل كن له ثلاث بنات أبكار فزوج واحدة منهن رجلا ولم يسم التي زوج للزوج ولا للشهود وقد كان الزوج فرض لها صداقا فلما بلغ أن يدخل بها على الزوج وبلغ الزوج أنها الكبرى قال الزوج لأبيها : إنما تزوجت منك الصغرى من بناتك ، فقال أبو جعفر عليه السلام : إن كان الزوج رآهن كلهن ولم يسم له واحدة منهن فالقول في ذلك قول الأب وعلى الأب فيما بينه وبين اللّه عزوجل أن يدفع إلى الزوج الجارية التي كان نوى أن يزوجها إياه عند عقدة النكاح ، وإن كان الزوج لم يرهن كلهن ولم يسم له واحدة منهن عند عقدة النكاح فالنكاح باطل » (1).

4472 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح (2) أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال « في أختين أهديتا لأخوين فأدخلت امرأة هذا على هذا وامرأة هذا على هذا ، قال : لكل واحدة منهما الصداق بالغشيان. وإن كان وليهما تعمد ذلك أغرم الصداق ، ولا يقرب واحد منهما امرأته حتى تنقضي العدة ، فإذا انقضت العدة صارت كل امرأة منهما إلى زوجها الأول بالنكاح الأول ، قيل له : فإن ماتتا قبل انقضاء العدة قال : يرجع الزوجان بنصف الصداق على ورثتهما ، ويرثانهما الرجلان ، قيل : فان مات الزوجان وهما في العدة؟ قال : ترثانهما ولهما نصف المهر وعليهما العدة بعدما

ص: 422


1- قال في المسالك : إذا كان لرجل عدة بنات فزوج واحدة منهن لرجل ولم يسمها عند العقد فإن لم يقصداها بطل العقد وان قصداها معينة واتفق العقد صح ، فان اختلفا بعد ذلك قال الأكثر إن كان الزوج رآهن كلهن فالقول قول الأب لأن الظاهر أنه وكل التعيين إليه وعلى الأب فيما بينه وبين اللّه أن يسلم إلى الزوج التي نواها ، وان لم يكن يراهن كان العقد باطلا والأصل في المسألة رواية أبى عبيدة وهي تدل على أن رؤية الزوج كافية في الصحة والرجوع إلى ما عينه الأب. وان اختلف العقد ، وعدم رؤيته كاف في البطلان مطلقا ، و قد اختلف في تنزيلها فالشيخ ومن تبعه أخذوا بها جامدين عليها ، والمحقق والعلامة نزلاها على ما مر ، والأظهر اما العمل بمضمون الرواية كما فعل الشيخ أوردها رأسا والحكم بالبطلان في الحالين كما فعل ابن إدريس.
2- في الكافي ج 5 ص 407 في الصحيح عنه عن بعض أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام وكذا في التهذيب ولعل السقط من النساخ.

تفرغان من العدة الأولى ، تعتد أن عدة المتوفى عنها زوجها » (1).

4473 - وروى محمد بن عبد الحميد ، عن محمد بن شعيب (2) قال : « كتبت إليه أن رجلا خطب إلى عم له ابنته فأمر بعض إخوته أن يزوجه ابنته التي خطبها ، وأن الرجل أخطأ باسم الجارية وكان اسمها فاطمة فسماها بغير اسمها وليس للرجل ابنة باسم التي ذكر المزوج ، فوقع عليه السلام : لا بأس به » (3).

4474 - وروى إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام قال ، لا يحل النكاح اليوم في الاسلام بإجارة بأن يقول أعمل عندك كذا وكذا سنة على أن تزوجني أختك أو ابنتك ، قال : هو حرام لأنه ثمن رقبتها وهي أحق بمهرها » (4).

وفي حديث آخر : إنما كان ذلك لموسى بن عمران عليه السلام لأنه علم من طريق الوحي هل يموت قبل الوفاء لا فوفى بأتم الأجلين (5).

ص: 423


1- ما تضمنه من تنصيف المهر بالموت قول جماعة من الأصحاب وبه روايات صحيحة وفى مقابلها أخبار أخر دالة على خلاف ذلك ، راجع مدارك الأحكام تأليف السيد السند محمد بن علي بن الحسين عاملي.
2- محمد بن شعيب من أصحاب الرضا عليه السلام وحال مجهول ، والخبر مروى في الكافي ج 5 ص 562 عن أبي على الأشعري ، عن عمران بن موسى ، عن محمد بن عبد الحميد عن محمد بن شعيب.
3- يدل على أن المدار النية فإذا نسي اسم الزوجة وتكلم بغيرها لا يضر بصحة العقد كما ذكرة الأصحاب.
4- رواه الكليني ج 5 ص 414 في الضعيف على المشهور ، وقال العلامة المجلسي : ظاهره عدم جواز جعل المهر العمل لغير الزوجة ومنع الشيخ في النهاية من جعل المهر عملا من الزوج لها أو لوليها وأجازه في الخلاف ، واليه ذهب المفيد وابن إدريس وعامة المتأخرين.
5- مضمون خبر رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن البزنطي قال : « قلت لأبي الحسن (عليه السلام) قول شعيب (عليه السلام) » انى أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حج فان أتممت عشرا فمن عندك « أي الأجلين قضى؟ قال : الوفاء منهما أبعدهما عشر سنين ، قلت : فدخل بها قبل أن يقتضى الشرط أو بعد انقضائه ، قال : قبل أن ينقضي ، قلت له. فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين يجوز ذلك؟ فقال : ان موسى عليه السلام قد علم أنه سيتم له شرطه ، فكيف لهذا بأن يعلم سيبقى حتى يفي له ، وقد كان الرجل على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يتزوج المرأة على السورة من القرآن وعلى الدرهم وعلى القبضة من الحنطة ».

4475 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : « سئل أبو جعفر عليه السلام عن خصي تزوج امرأة وهي تعلم أنه خصي ، قال : جائز قيل له : إنه مكث معها ما شاء اللّه ثم طلقها هل عليها عدة؟ قال : نعم أليس قد لذ منها ولذت منه ، قيل له : فهل كان عليها فيما يكون منها ومنه غسل؟ قال : إن كان إذا كان ذلك منه أمنت فإن عليها غسلا ، قيل له : فله أن يرجع بشئ من الصداق إذا طلقها؟ قال : لا » (1).

4476 - وروى علي بن رئاب ، عن عبد اللّه بن بكير ، عن أبيه عن أحدهما عليهما السلام « في خصي دلس نفسه لامرأة مسلمة فتزوجها ، قال : يفرق بينهما إن شاءت المرأة ويوجع رأسه ، فإن رضيت وأقامت معه لم يكن لها بعد الرضا أن تأباه » (2).

4477 - وروى صفوان بن يحيى ، عن أبي جرير القمي قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام أزوج أخي من أمي أختي من أبي؟ فقال أبو الحسن عليه السلام : زوج إياها إياه

ص: 424


1- قال في المسالك : ذهب جماعة من المتقد مين إلى أن الخلوة يوجب المهر ظاهرا حيث لا يثبت شرعا عدم الدخول وأما باطنا فلا يستقر المهر جميعه الا بالدخول ، و أطلق بعضهم كالصدوق وجوبه بمجرد الخلوة وأضاف ابن الجنيد إلى الجماع انزال الماء بغير ايلاج ولمس العورة والنظر إليها والقبلة متلذذا.
2- قال سلطان العلماء المشهور بين الأصحاب كون الخصاء عيبا ، وهذا الحديث يدل عليه ونقل الشيخ في المبسوط والخلاف عن بعض الفقهاء ان الخصاء ليس بعيب مطلقا محتجا بأن الخصي يولج ويبالغ أكثر من الفحل وان لم ينزل وعدم الانزال ليس بعيب.

- أو زوج إياه إياها - » (1).

4478 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام « أنه قضى (2) في رجل تزوج امرأة وأصدقته هي واشترطت عليه أن بيدها الجماع والطلاق ، قال : خالفت السنة ووليت حقا ليست بأهله ، فقضى أن عليه الصداق وبيده الجماع والطلاق وذلك السنة » (3).

4479 - و « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأتين نكح إحديهما رجل ثم طلقها (4) وهي حبلى ثم خطب أختها فنكحها قبل أن تضع أختها المطلقة ولدها ، فأمره أن يطلق (5) الأخرى حتى تضع أختها المطلقة ولدها ، ثم يخطبها ويصدقها صداقها مرتين » (6).

4480 - و « قضى أمير المؤمنين عليه السلام (7) أن تنكح الحرة على الأمة ، ولا تنكح الأمة على الحرة (8) ، ومن تزوج حرة على أمة قسم للحرة ضعفي ما يقسم

ص: 425


1- الترديد من الراوي ، ويمكن أن يكون منه (عليه السلام) لما سأل عن إحدى الصورتين فأجاب بأنه لا بأس من الجانبين ، ويدل باطلاقه على جواز التزويج وإن كان حصول الولد من الام بعد مفارقة أبيه ولعدم الاستفصال. ( م ت )
2- يعنى قضى أمير المؤمنين عليه السلام لان محمد بن قيس هذا هو أبو عبد اللّه البجلي الثقة وله كتاب ينقل فيه القضايا ولم يكن أبو جعفر عليه السلام يقضى ، مضافا إلى أن الشيخ رواه عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ، عن علي عليهما السلام.
3- دل على أن الشرط الفاسد ولا يبطل العقد. ( مراد )
4- أي طلاقا رجعيا والمعتدة الرجعية بمنزلة الزوجة.
5- من الاطلاق بمعنى التخلية أي يفارق الأخير وليس من التطليق لفساد النكاح في نفسه.
6- إحداهما لوطئ الشبهة والثاني للنكاح الصحيح.
7- لعله منقول من كتاب محمد بن قيس كالخبرين السابقين.
8- يدل في الجملة على عدم جواز عقد الأمة على الحرة ، ويؤيده ما رواه الكليني ج 5 ص 359 في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تزوج الحرة على الأمة ولا تزوج الأمة على الحرة ، ومن تزوج أمة على الحرة فنكاحه باطل » والمشهور جواز التزويج باذن الحرة ومع عدمه يكون باطلا ، وقال ابن البراج وابن حمزة والشيخ : ان للحرة الخيرة بين الإجازة والفسخ ولها أن يفسخ نفسها ، وذهب أكثر المتأخرين إلى عدم الخيار ، وقال المحقق في النافع : لا يجوز نكاح الأمة على الحرة الا باذنها ، ولو بادر كان العقد باطلا.

للأمة من ماله ونفسه وللأمة الثلث من ماله ونفسه » (1).

4481 - وروى الحسن بن محبوب (2) ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل تزوج ذمية على مسلمة ، قال : يفرق بينهما ويضرب ثمن الحد اثني عشر سوطا ونصفا ، فإن رضيت المسلمة ضرب ثمن الحد ولم يفرق بينهما ، قلت : كيف يضرب النصف؟ قال : يؤخذ السوط بالنصف فيضرب به » (3).

4482 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علاء ، وأبي أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا يتزوج الاعرابي المهاجرة فيخرجها من دار الهجرة

ص: 426


1- قوله (عليه السلام) « من ماله » أي النفقة بحسب حال المرأة والغالب أنها تكون ضعف الأمة ، وقوله « ونفسه » أي يقسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة. ( م ت )
2- تقدم كرارا أن الطريق إلى ابن محبوب صحيح ، وهو ثقة.
3- يدل على جواز نكاح الذمية أو صحته وان وجب الحد ( م ت ) وروى الكليني ج 7 ص 241 بسند مرسل عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « سألته عن رجل تزوج ذمية على مسلمة ولم يستأمرها ، قال : يفرق بينهما ، قال : فقلت : فعليه أدب؟ قال نعم اثنا عشر سوطا ونصف ثمن حد الزاني وهو صاغر ، قلت : فان رضيت المرأة الحرة المسلمة بفعله بعد ما كان فعل ، قال : لا يضرب ولا يفرق بينهما يبقيان على النكاح الأول » ورواه الشيخ في التهذيب وفيه « سألته عن رجل تزوج أمة على مسلمة » ولعله تصحيف. والاخبار في نكاح الكتابية مختلفة فبعضها يدل على الجواز مطلقا ، وبعضها يدل على التحريم مطلقا ، وبعضها يدل على الجواز عند الضرورة ، وبعضها يدل على الجواز مع الكراهة ، وبعضها خص الجواز بالبله ، وذهب جماعة إلى التحريم لموافقة أخبار الجواز مذهب العامة.

إلى الاعراب » (1).

4483 - وروى ابن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن محمد بن مسلم قال : قلت له : « الرجل تكون عنده المرأة يتزوج أخرى أله أن يفضلها؟ قال : نعم إن كانت بكرا فسبعة أيام وإن كانت ثيبا فثلاثة أيام » (2).

4484 - وروى الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي (3) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل له أربع نسوة فهو يبيت عند ثلاث منهن في لياليهن ويمسهن فإذا بات عند الرابعة في ليلتها لم يمسها فهل عليه في هذا إثم؟ قال : إنما عليه أن يبيت عندها في ليلتها ويظل عندها صبيحتها ، وليس عليه أن يجامعها إذا لم يرد

ص: 427


1- حمل على الكراهة لما رواه أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، وابن أبي عمير ، عن جميل ، عن حماد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « لا يصح لاعرابي أن ينكح المهاجرة فيخرج بها من أرض الهجرة فيتعرب بها الا أن يكون قد عرف السنة والحجة ، فان أقام بها في أرض الهجرة فهو مهاجر ».
2- روى الشيخ في التهذيب في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « سئل عن الرجل يكون عنده امرأتان إحداهما أحب إليه من الأخرى أله أن يفضل إحديهما على الأخرى؟ قال : نعم يفضل بعضهن على بعض ما لم يكن أربعا ، وقال : إذا تزوج الرجل بكرا وعنده ثيب فله أن يفضل البكر بثلاثة أيام » وروى الكليني ج 5 ص 565 في الحسن كالصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) « في الرجل يتزوج البكر ، قال : يقيم عندها سبعة أيام » وفى الضعيف عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) « في الرجل تكون عنده المرأة فتزوج أخرى كم يجعل للتي يدخل بها؟ قال : ثلاثة أيام ثم يقسم » والمشهور اختصاص البكر عند الدخول بسبع والثيب بثلاث ، وذهب الشيخ في النهاية والتهذيبين إلى أن حكم السبع للبكر على طريق الاستحباب وأما الواجب لها فثلاث كالثيب جمع بين الاخبار.
3- إبراهيم الكرخي مجهول ولكن لا يضر السند لان طريق المصنف إلى ابن محبوب صحيح وهو من أصحاب الاجماع ، والخبر مروى بهذا السند في الكافي ج 5 ص 564 ومنجبر بالشهرة.

ذلك » (1).

4485 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن الرجل تكون عنده امرأتان إحداهما أحب إليه من الأخرى ، قال : له أن يأتيها ثلاث ليال والأخرى ليلة فإن شاء أن يتزوج أربع نسوة كان لكل امرأة ليلة فلذلك كان له أن يفضل بعضهن على بعض ما لم يكن أربعا » (2).

4486 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « تزوج الأمة على الأمة ، ولا تزوج الأمة على الحرة ، وتزوج الحرة على الأمة ، فإن تزوجت الحرة على الأمة فللحرة الثلثان وللأمة الثلث ، وليلتان وليلة ».

4487 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة قال : « إن ضريسا كانت تحته ابنة حمران فجعل لها أن لا يتزوج عليها ولا يتسرى عليها أبدا في حياتها ولا بعد موتها على أن جعلت هي أن لا تتزوج بعده ، وجعلا عليهما من الحج والهدي والنذور وكل مال لهما يملكانه في المساكين وكل مملوك لهما حرا إن لم يف كل واحد منهما لصاحبه ، ثم إنه أتى أبا عبد اللّه عليه السلام فذكر له ذلك فقال : إن لابنة حمران حقا (3) ولن يحملنا ذلك على أن لا نقول الحق اذهب فتزوج وتسر فإن ذلك ليس بشئ فجاء بعد ذلك فتسرى فولد له بعد ذلك أولاد » (4).

ص: 428


1- يدل على وجوب القسمة لمن عنده أربع حرائر ، ولا خلاف في عدم وجوب المواقعة في نوبة كل منهن ، وأما لزوم أن يظل صبيحتها عندها فحملوه على الاستحباب وإن كان العمل بمضمون الخبر أحوط ، وفى المحكى عن ابن الجنيد أنه أضاف إلى الليل القيلولة ، وربما ظهر من كلام الشيخ في المبسوط وجوب الكون مع صاحبة الليلة نهارا.
2- تقدم نحوه في الهامش عن التهذيب من حديث الحلبي.
3- فيه مدح ما لحمران وابنته.
4- الخبر بباب اليمين أنسب لأنه لم يقع الشرط في العقد ، ويدل على أن اليمين والنذر بأمثال هذه الأمور المرجوحة لا تنعقدا.

4488 - وروى ثعلبة بن ميمون (1) عن عبد اللّه بن هلال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل يتزوج الولد الزنا؟ فقال : لا بأس إنما يكره مخافة العار (2) ، وإنما الولد للصلب ، وإنما المرأة وعاء ، قال : قلت : فالرجل يشتري الجارية الولد الزنا فيطأها؟ قال : لا بأس » (3).

4489 - وروى البزنطي ، عن المشرقي عن أبي الحسن عليه السلام (4) قال : قلت له : « ما تقول في رجل ادعى أنه خطب امرأة إلى نفسها ومازح فزوجته من نفسها وهي مازحة ، فسئلت المرأة عن ذلك ، فقالت : نعم ، قال : ليس بشئ ، قلت : فيحل للرجل أن يتزوجها؟ قال : نعم » (5).

4490 - وسأل حماد بن عيسى أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له : « كم يتزوج العبد؟ قال : قال أبي عليه السلام : قال علي عليه السلام : لا يزيد على امرأتين » (6).

4491 - وفي حديث آخر : (7) « يتزوج العبد حرتين أو أربع إماء أو أمتين

ص: 429


1- في التهذيب في الصحيح عن ابن فضال عن ثعلبة وعبد اللّه بن هلال فيكون صحيحا لان الطريق إلى ثعلبة صحيح.
2- أي أن الناس يعيبونه ولا عيب فيها في الواقع ، أو العيب لعيبهم وهو أيضا عيب ويؤيد الأول قوله « إنما الولد للصلب ». ( م ت )
3- المشهور كراهة نكاح ولد الزنا : وذهب ابن إدريس إلى التحريم لأنها عنده بحكم الكافر. ( المرآة )
4- يعنى الرضا (عليه السلام) لان المشرقي وهو هشام بن إبراهيم كان من أصحابه. والخبر في الكافي ج 5635 عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن المشرقي.
5- يدل على أنه لا يترتب على المزاح بدون قصد التزويج شئ. ( المرآة )
6- حماد بن عيسى من أصحاب الكاظم (عليه السلام) وقد يروى عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في كتب الرجال ، ولعل الواسطة سقطت هنا.
7- المشهور أنه لا يجوز للعبد أن يتزوج أكثر من حرتين ، ويجوز له أن يتزوج أربع إماء.

وحرة » (1).

وللحر أن يتزوج من الحرائر المسلمات أربعا ويتسرى ويتمتع ما شاء.

ولا بأس أن يتزوج الرجل أخت المختلعة من ساعته » (2).

4492 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل أمر رجلا أن يزوجه امرأة بالمدينة وسما هاله ، والذي أمره بالعراق ، فخرج المأمور فزوجها إياه (3) ، ثم قدم إلى العراق فوجد الذي أمره قد مات؟ قال : ينظر في ذلك فإن كان المأمور زوجها إياه قبل أن يموت الامر ، ثم مات الامر بعده فإن المهر في جميع ذلك الميراث بمنزلة الدين (4) ، وإن كان زوجها إياه بعدما مات الامر فلا شئ على الامر ولا على المأمور والنكاح باطل » (5).

4493 - وروى صفوان بن يحيى ، عن زيد بن الجهم الهلالي (6) قال : « سألت

ص: 430


1- لم أجده مسندا ، وفى الاستبصار ج 3 ص 214 قال أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه رحمه اللّه - : وفى رواية أخرى وساق مثل ما في المتن فيظهر منه أن الشيخ - رحمه اللّه - ما وجده الا في الفقيه ويظهر من جملة من الاخبار أن الأمتين بمنزلة حرة.
2- أي من دون انتظار خروج عدتها ، وروى الكليني عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل اختلعت منه امرأته أيحل له أن يخطب أختها قبل أن تنقضي عدتها؟ فقال : إذا برئت عصمتها ولم يكن له رجعة فقد حل له أن يخطب أختها - الخ » وظاهره ان بالاختلاع تبرئ العصمة لأنه لا يجوز الرجوع فيها كما هو المشهور بين الأصحاب ، وهل لها حينئذ الرجوع في البذل؟ ظاهره الجواز وإن كان لا يمكن للزوج الرجوع فيها. ( المرآة )
3- أي خرج المأمور من العراق إلى المدينة وزوجها له.
4- الظاهر عدم تنصيف المهر ، ويمكن حمله على أن المراد بالمهر المتعلق بالتركة ما يجب منه سواء كان تمامه أو نصفه. ( مراد )
5- يدل على أن الوكالة تبطل بموت الموكل ، وعلى أن المهر من الأصل كساير الديون. ( م ت )
6- في الكافي وبعض كتب الرجال زيد بن الجهيم وهو مجهول الحال.

أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتزوج المرأة ولها ابنة من غيره أيزوج ابنه ابنتها؟ قال : إن كانت من زوج قبل أن يتزوجها فلا بأس ، وإن كانت من زوج بعدما تزوجها فلا » (1).

4494 - وروى الحسن بن محبوب ، عن حماد الناب (2) ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل تزوج امرأة على بستان له معروف وله غلة كثيرة ثم مكث سنين لم يدخل بها ثم طلقها ، قال : ينظر إلى ما صار إليه من غلة البستان من يوم تزوجها فيعطيها نصفه ويعطيها نصف البستان إلا أن تعفو فتقبل منه ويصطلحان على شئ ترضى به منه فإنه أقرب للتقوى » (3).

4495 - وروى إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن رجل يتزوج امرأة على عبد له وامرأة للعبد فساقهما إليها فماتت امرأة العبد عند المرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها ، قال : إن كان قومها عليها يوم تزوجها بقيمة فإنه يقوم الثاني بقيمة ثم ينظر ما بقي من القيمة الأولى التي تزوجها عليها فترد المرأة على الزوج ثم يعطيها الزوج نصف ما صار إليه من ذلك » (4).

4496 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل عن رجل تزوج جارية بكرا لم تدرك (5) ، فلما دخل بها اقتضها فأفضاها (6)

ص: 431


1- محمول على الكراهة ، قال في النافع : يكره أن يزوج ابنه بنت زوجته إذا ولدتها بعد مفارقته ، ولا بأس لمن ولدتها قبل ذلك.
2- حماد بن عثمان الناب ثقة جليل من أصحاب الكاظم (عليه السلام)
3- يدل على أن الزوجة تملك نصف المهر بالعقد.
4- يدل على أنه مع التقويم يصير مال المرأة وبالطلاق ينتصف ويرد إليه النصف من القيمة ، وان لم يقوم فالظاهر أن العبد الباقي لهما والتالف منهما ان لم تفرط المرأة أو لم تتعد فيها لأنها كانت بمنزلة الأمانة ( م ت ) والخبر مروى مع اختلاف في اللفظ في الكافي ج 6 ص 108 عن محمد بن يحيى رفعه ، عن إسحاق بن عمار وطريق المؤلف إليه صحيح وهو موثق.
5- أي لم تبلغ تسع سنين هلالية كاملة.
6- افتضها أي أزالت بكارتها ، وأفضاها أي جعل مسلك بولها وحيضها واحدا ، و قيل : أو جعل مسلك حيضها وغائطها واحدا ، ويصدق الافضاء عليه أيضا. ( م ت )

فقال : إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شئ عليه (1) ، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقل من ذلك بقليل حين دخل بها فاقتضها فإنه قد أفسدها وعطلها على الأزواج فعلى الامام أن يغرمه ديتها ، وإن أمسكها ولم يطلقها حتى تموت فلا شئ عليه » (2).

4497 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن العزل قال : الماء للرجل يصرفه حيث يشاء » (3).

باب 437: ما يرد منه النكاح

4498 - روى صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « المرأة ترد من أربعة أشياء : من البرص ، والجذام ، والجنون ، والقرن والعفل (4) ما لم يقع عليها ، فإذا وقع عليها فلا ».

ص: 432


1- أي من الذمة فلا ينافي وجوب الانفاق دائما ما دامت في حياتها. ( سلطان )
2- أي هو مخير بين الامرين الغرم والامساك.
3- يدل على جواز العزل فيمكن حمل أخبار المنع على الكراهة ، واختلف الأصحاب في جواز العزل عن الزوجة الحرة الدائمة بغير اذنها بعد اتفاقهم على جواز العزل عن الأمة والمتمتع بها والدائمة مع الاذن ، فذهب الأكثر على الكراهة ، ونقل عن ابن حمزة الحرمة وهو ظاهر اختيار المفيد - رحمه اللّه - والمعتمد ، ثم لو قلنا بالتحريم فالأظهر أنه لا يلزم على الزوج بذلك للمرأة شئ وقيل : تجب عليه دية النطفة عشرة دنانير ( المرآة ) أقول : سيأتي الكلام فيه في الباب المنعقد له.
4- القرن : لحم ينبت في الفرج في مدخل الذكر كالغدة العظيمة ، وقد يكون عظما ، والعفل - بالتحريك - : لحم ينبت في قبل المرآة يمنع من وطيها ، وقيل : هو ورم يكون بين مسلكيها. والعفل عين القرن وفى الكافي ج 5 ص 409 « والقرن وهو العفل » و لعل السقط من النساخ ، والحصر إضافي فلا ينافي قول المشهور من أنها سبعة بإضافة العمى والاقعاد والافضاء. والظاهر أنه لا خلاف في كون كل واحدة منهما موجبا لخيار الفسخ للزوج في صورة سبقه على العقد وان وطئ إذا لم يعلم بالعيب ، وأما المقارن والمتجدد بعد العقد فظاهر الأصحاب أنه إن كان الوطي قبل وجود العيب وكان حدوثه بعده فلا يوجب خيار الفسخ للزوج واما العيب الحادث بين العقد والوطي ففيه خلاف ، فمن قال بجواز الفسخ فلا بدله أن يحمل هذا الخبر وأمثاله على الوطي بعد العلم بحالها.

4499 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن رجل تزوج إلى قوم امرأة فوجدها عوراء ولم يبينوا أله أن يردها؟ قال : [ لا يردها ] إنما يرد النكاح من الجنون والجذام والبرص ، قلت : أرأيت إن دخل بها كيف يصنع؟ قال : لها المهر بما استحل من فرجها ، ويغرم وليها الذي أنكحها مثل ما ساقه » (1).

4500 - وروى عبد الحميد ، عن محمد بن مسلم قال : قال أبو جعفر عليه السلام : « ترد العمياء والبرصاء والجذماء والعرجاء » (2).

4501 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « في الرجل يتزوج إلى قوم فإذا امرأته عوراء ولم يبينوا له قال : لا ترد إنما يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل ، قلت : أرأيت إن كان قد دخل بها كيف يصنع بمهرها؟ قال : المهر لها بما استحل من فرجها ويغرم وليها الذي أنكحها مثل ما ساق إليها ».

4502 - وروى الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن صالح قال : « سألت أبا - عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فوجدها قرناء ، قال : هذه لا تحبل (3) ترد على أهلها ، قلت : فإن كان دخل بها ، قال : إن كان علم قبل أن يجامعها ثم جامعها ، فقد رضي بها ، وإن لم يعلم بها إلا بعد ما جامعها فإن شاء بعد أمسكها وإن شاء سرحها إلى أهلها ، ولها ما أخذت منه بما استحل من فرجها ».

ص: 433


1- أي من المهر وغيره ، والحصر في الخبر إضافي كما تقدم.
2- رواه الشيخ في التهذيبين بدون قوله « الجذماء ».
3- هكذا في التهذيب والكافي ، وفى بعض النسخ « لا تحل » والظاهر أنه تصحيف.

باب 438: التفريق بين الزوج والمرأة بطلب المهر

4503 - روى عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن الحسن بن مالك (1) قال : « كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام رجل زوج ابنته من رجل فرغب فيه ، ثم زهد فيه بعد ذلك وأحب أن يفرق بينه وبين ابنته ، وأبى الختن ذلك ولم يجب إلى الطلاق فأخذه بمهر ابنته ليجيب إلى الطلاق ، ومذهب الأب التخلص منه (2) ، فلما اخذ بالمهر أجاب إلى الطلاق؟ فكتب عليه السلام : إن كان الزهد من طريق الدين فليعمد إلى التخلص (3) ، وإن كان غيره فلا يتعرض لذلك » (4).

باب 439: الولد يكون بين والديه أيهما أحق به

4504 - روى العباس بن عامر القصباني (5) عن داود بن الحصين عن أبي - عبد اللّه عليه السلام «في قول اللّه عزوجل : « والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين» قال : ما دام الولد في الرضاع فهو بين الأبوين بالسوية (6) ، فإذا فطم فالأب أحق به من الام ، فإذا مات الأب فالأم أحق به من العصبة ، وإن وجد الأب من يرضعه

ص: 434


1- في بعض النسخ « الحسين بن مالك » وهو بكلا العنوانين ثقة من أصحاب أبي - الحسن الثالث الهادي (عليه السلام).
2- أي مقصوده التخلص لا أخذ المهر.
3- أي إن كان سببه أمرا دينا كأن يكون الزوج مخالفا - لا كونه وضيعا مثلا أو قليل المال وأمثال ذلك - فلا مانع منه.
4- ظاهر النهى الحرمة وحمل على التنزيهي.
5- هو ثقة كثير الحديث وله كتاب يرويه عنه سعد بن عبد اللّه ، وفى طريقه من لم يوثق ، وداود بن الحصين واقفي موثق.
6- أي في عمل الرضاع على الام والأجرة على الأب ، لا في الانفاق فإنه على الأب حق الرضاع وعلى الام الحضانة اجماعا.

بأربعة دراهم ، فقالت الام : لا أرضعه إلا بخمسة دراهم ، فإن له أن ينزعه منها إلا أن خيرا له وأرفق به أن يذره مع أمه » (1).

4505 - وروى سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث أو غيره قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طلق امرأته وبينهما ولد أيهما أحق به؟ قال : المرأة ما لم تتزوج ».

4506 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « أيما امرأة حرة تزوجت عبدا فولدت منه أولادا فهي أحق بولدها منه وهم أحرار ، فإذا أعتق الرجل فهو أحق بولده منها لموضع الأب ».

4507 - وروى عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أيوب بن نوح (2) قال : « كتب إليه عليه السلام بعض أصحابه أنه كانت لي امرأة ولي منها ولد وخليت سبيلها ، فكتب عليه السلام : المرأة أحق بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين إلا أن تشاء المرأة » (3).

ص: 435


1- قال في المسالك : لا خلاف في أن الام أحق بالولد مطلقا مدة الرضاع إذا كانت متبرعة أو راضية بما يأخذ غيرها من الأجرة ، إنما الخلاف فيما بعد الحولين بسبب اختلاف الروايات ففي بعضها أن الام أحق بالولد مطلقا ما لم تتزوج ، وفى بعضها أنها أحق إلى سبع سنين ، وفى بعضها إلى التسع ، وفى بعضها أن الأب أحق به ، وليس في الجميع فرق بين الذكر والأنثى ، ولكن من فصل جمع بينهما بحمل ما دل على أولوية الأب على الذكر وما دل على أولوية الام على الاثني ، ورجحوا الاخبار المحددة للسبع لأنها أكثر وأشهر.
2- هو من وكلاء أبى الحسن الثالث عليه السلام ، وله كتب وروايات ومسائل عنه عليه السلام ، وكان ثقة عظيم المنزلة عنده وعند ابنه أبى محمد عليهما السلام ، وكان جميل ابن دراج عمه.
3- حملها الأكثر على الولد الأنثى جمعا بين الاخبار.

باب 440: الحد الذي إذا بلغه الصبيان لم يجز مباشرتهم وحملهم ووجب التفريق بينهم في المضاجع

4508 - روى محمد بن يحيى الخزاز ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي صلوات اللّه عليه : مباشرة المرأة ابنتها إذا بلغت ست سنين شعبة من الزنا » (1).

4509 - وروى عبد اللّه بن يحيى الكاهلي قال : « سأل أحمد بن النعمان أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له : عندي جويرية (2) ليس بيني وبينها رحم ولها ست سنين ، قال : لا تضعها في حجرك » (3).

4510 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال : « يؤخذ الغلام بالصلاة وهو ابن سبع سنين ، ولا تغطي المرأة شعرها منه حتى يحتلم ».

4511 - وروي « أنه يفرق بين الصبيان في المضاجع لست سنين » (4).

4512 - وروى عبد اللّه بن ميمون ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الصبي والصبي ، والصبي والصبية ، والصبية والصبية

ص: 436


1- لعل المراد بالمباشرة امساس الفرج ، وفيه مبالغة شديدة في الكراهة.
2- في الكافي ج 5 ص 533 في الصحيح عن الكاهلي ، عن أبي أحمد الكاهلي - وأظنني قد حضرته - قال : « سألته عن جويرية ليس بيني - الحديث. ولعل أحمد بن النعمان تصحيف ، وفى نسخة « محمد بن النعمان ».
3- ظاهره الحرمة وربما يحمل على الكراهة مع عدم الريبة. ( المرآة )
4- لم أجده مسندا ، وروى المؤلف في الخصال ص 439 مسندا عن ابن القداح عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال : « يفرق بين النساء والصبيان في المضاجع لعشر سنين ».

يفرق بينهم في المضاجع لعشر سنين » (1).

4513 - وفي رواية محمد بن أحمد ، عن العبيدي ، عن زكريا المؤمن رفعه أنه قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا بلغت الجارية ست سنين فلا يقبلها الغلام ، والغلام لا يقبل المرأة إذا جاز سبع سنين ».

باب 441: الاحصان

الاحصان(2)

4514 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن الحر أتحصنه المملوكة؟ قال : لا تحصن الحر المملوكة ، ولا يحصن المملوك الحرة (3) والنصراني يحصن اليهودية ، واليهودي يحصن النصرانية ».

4515 - وسئل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عزوجل : « والمحصنات من النساء «قال : هن ذوات الأزواج ، قلت : « والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم»؟ قال : هن العفايف » (4).

ص: 437


1- حاصله أنه لابد من التفريق بينهم عند بلوغهم عشر سنين ، وحينئذ فالتعبير عن الجارية بالصبية للمشاكلة ، ويمكن الجمع بينه وبين ما مر من التفريق بينهما لست سنين بحمل هذا الحديث على وجوب التفريق أو تأكيد استحبابه ، وحمل الرواية على أصل الاستحباب. ( م ت )
2- الاحصان والتحصين في اللغة المنع وورد في الشرع بمعنى الاسلام والبلوغ والعقل ، وبمعنى الحرية ، وبمعنى الزوج ومنه قوله تعالى « والمحصنات من النساء » ، وبمعنى العفة عن الزنا ، ومنه قوله تعالى « والذين يرمون المحصنات » ، وبمعنى الإصابة في النكاح ، ومنه قوله تعالى « محصنين غير مسافحين ».
3- عمل بظاهر الخبر ابن الجنيد وابن أبي عقيل وسلار وقالوا : ان ملك اليمين لا يحصن ، وقال الشهيد في المسالك - على المحكى - : لا فرق في الموطوءة التي يحصل بها الاحصان بين الحرة والأمة عندنا ، وقال سلطان العلماء : المشهور أنه يكفي في الاحصان المعتبر لوجوب الرجم بالزنا الإصابة لامرأة بوطئ صحيح وان كانت أمة بحيث يتمكن عليها متى أراد مع حصول باقي شروط الاحصان نعم لا يكفي المتعة. أقول : ذكر الخبرين بل الباب في أبواب كتاب الحدود أنسب.
4- الغرض ورود المحصن في القرآن بهذه المعاني.

باب 442: حق الزوج على المرأة

4516 - روى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « جاءت امرأة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقالت : يا رسول اللّه ما حق الزوج على المرأة؟ فقال لها : تطيعه ولا تعصيه ، ولا تصدق من بيتها شيئا إلا باذنه ، ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه ، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب (1) ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه ، فإن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الأرض ، وملائكة الغضب ، وملائكة الرحمة حتى ترجع إلى بيتها ، فقالت : يا رسول اللّه من أعظم الناس حقا على الرجل؟ قال : والداه ، قالت : فمن أعظم الناس حقا على المرأة؟ قال : زوجها ، قالت : فمالي من الحق عليه مثل ما له علي؟ قال : لا ولا من كل مائة واحدة ، فقالت : والذي بعثك بالحق نبيا لا يملك رقبتي رجل أبدا » (2).

4517 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا هبة ولا نذر في مالها إلا باذن زوجها إلا في حج أو زكاة أو بر والديها أو صلة قرابتها » (3).

4518 - وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن سليمان بن - خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن قوما أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقالوا : يا رسول اللّه إنا رأينا أناسا يسجد بعضهم لبعض ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لو كنت آمرا أحدا أن

ص: 438


1- القتب : الرحل الذي يشدى على الإبل.
2- رواه الكليني ج 5 ص 506 بسند صحيح.
3- رواه الكليني في الصحيح وحمل في غير النذر على الاستحباب في المشهور.

يسجد لاحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها » (1).

4519 - وروى محمد بن الفضيل ، عن شريس الوابشي ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن اللّه عزوجل كتب على الرجال الجهاد ، وعلى النساء الجهاد فجهاد الرجل أن يبذل ماله ودمه حتى يقتل في سبيل اللّه عزوجل ، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته » (2).

4520 - وقال عليه السلام : « إن الناجي من الرجال قليل ، ومن النساء أقل وأقل » (3).

4521 - وفي حديث آخر قال : « جهاد المرأة حسن التبعل » (4).

4522 - وروى محمد بن الفضيل ، عن سعد بن عمر الجلاب قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « أيما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حق لم تقبل منها صلاة حتى يرضى عنها » (5).

4523 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أيما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها فلا نفقة لها حتى ترجع » (6).

ص: 439


1- رواه الكليني في الصحيح وقوله : « لو كنت آمرا » أي يمتنع أمري بذلك لان السجدة غاية الخضوع والعبودية ولا يصلح الا لله عزوجل. وفيه مبالغة كاملة لحق الزوج.
2- رواه الكليني ج 5 ص 9 بسند آخر عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وقوله « وغيرته » بالإضافة إلى الفاعل أو المعقول.
3- رواه الكليني ج 5 ص 515 مسندا بزيادة في آخره » ، هي » قيل : ولم يا رسول اللّه؟ قال : « لأنهن كافرات الغضب ، مؤمنات الرضا » أي كافرات عند الغضب ولا يقدرن على كظم غيظهن وضبط نفسهن ، فيتكلمن بما يوجب كفرهن على المصطلح ، أو الكفر هنا بمعنى العصيان.
4- رواه الكليني ج 5 ص 507 مسندا ، وحسن التبعل إطاعة زوجها ، وفى القاموس تبعلت المرأة : أطاعت زوجها أو تزينت له انتهى ، ويلزم ذلك أن يكون لها زوج.
5- عدم القبول أعم من عدم الاجزاء.
6- وذلك لأنها حينئذ ناشزة. وفى بعض النسخ « بغير اذن بعلها ».

4524 - وقال عليه السلام : « أيما امرأة تطيبت لغير زوجها لم تقبل منها صلاة حتى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها » (1).

4525 - وقال الصادق عليه السلام : « لا ينبغي للمرأة أن تجمر ثوبها إذا خرجت [ من بيتها ] » (2).

4526 - وقال عليه السلام : « أيما امرأة وضعت ثوبها في غير منزل زوجها أو بغير إذنه لم تزل في لعنة اللّه إلى أن ترجع إلى بيتها ».

4527 - وروى جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « أيما امرأة قالت لزوجها : ما رأيت قط من وجهك خيرا (3) فقد حبط عملها ».

باب 443: حق المرأة على الزوج

4528 - روى العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : أوصاني جبرئيل عليه السلام بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلا من فاحشة مبينة » (4).

4529 - وسأل إسحاق بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن حق المرأة على زوجها قال : يشبع بطنها ، ويكسو جثتها ، وإن جهلت غفر لها ».

4530 - « إن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام شكا إلى اللّه عزوجل خلق سارة فأوحى اللّه عزوجل إليه إن مثل المرأة مثل الضلع إن أقمته انكسر ، وإن تركته

ص: 440


1- رواه الكليني في ذيل حديث عن أبي عبد اللّه عليه السلام. وقوله « لغسلها » لعل التشبيه في أصل اللزوم أو في شموله للجسد. ( المرآة )
2- رواه الكليني ج 5 ص 519 بسند مرسل مجهول ، والتجمير من التطيب بل أشد رائحة.
3- في بعض النسخ « ما رأيت منك خير أقط ».
4- يدل على كراهة الطلاق كما سيجيئ. والمراد بالفاحشة المبينة الزنا.

استمتعت به (1) ، قلت : من قال هذا؟ فغضب ، ثم قال : هذا واللّه قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ».

4531 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : « كانت لأبي عليه السلام امرأة وكانت تؤذيه فكان يغفر لها » (2).

4532 - وروى عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها (3) كان حقا على الامام أن يفرق بينهما ».

4533 - وروى ربعي بن عبد اللّه ، والفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قوله عزوجل : « ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه اللّه » قال : إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلا فرق بينهما » (4).

4534 - وروى أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحجت بيت ربها ، وأطاعت زوجها ، وعرفت حق علي عليه السلام فلتدخل من أي أبواب الجنان شاءت » (5).

4535 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

ص: 441


1- رواه الكليني إلى هنا ج 5 ص 513 في الصحيح عن محمد الواسطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- رواه الكليني ج 5 ص 511 بسند موثق في ذيل حديث.
3- عطف على المنفى.
4- أي يجبره الحاكم على الانفاق أو الطلاق مع القدرة ، والمشهور بين الأصحاب أن الاعسار ليس بعيب يوجب الفسخ ، ويفهم من كلام بعضهم اشتراطه في صحة العقد وذهب ابن إدريس إلى ثبوت الخيار للمرأة مع اعسار الزوج قبل العقد وعدم علمها به ، ونقل عن ابن الجنيد ثبوت الخيار لها مع تجدد الاعسار أيضا ، وحكى الشيخ فخر الدين عن بعض العلماء قولا بان الحاكم يفرق بينهما. ( المرآة )
5- رواه الكليني ج 5 ص 555 بسند حسن عن أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السلام.

« إن رجلا من الأنصار على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله خرج في بعض حوائجه وعهد إلى امرأته عهدا ألا تخرج من بيتها حتى يقدم ، قال : وإن أباها مرض فبعثت المرأة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقالت : إن زوجي خرج وعهد إلي أن لا أخرج من بيتي حتى يقدم وإن أبي مريض فتأمرني أن أعوده؟ فقال : لا اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك ، قال : فمات فبعثت إليه فقالت : يا رسول اللّه إن أبي قد مات فتأمرني أن أصلي عليه؟ فقال : لا اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك ، قال : فدفن الرجل فبعث إليها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ان اللّه عزوجل قد غفر لك ولأبيك بطاعتك لزوجك ».

4536 - وسئل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عزوجل : « قوا أنفسكم وأهليكم نارا » كيف نقيهن؟ قال : تأمرونهن وتنهونهن ، قيل له : إنا نأمرهن وننهاهن فلا يقبلن ، قال : إذا أمرتموهن ونهيتموهن فقد قضيتم ما عليكم » (1).

4537 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ألهموهن حب علي عليه السلام وذروهن بلهاء » (2).

4538 - وروى إسماعيل بن أبي زياد (3) عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام عن آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا تنزلوا نساءكم الغرف ولا تعلموهن الكتابة ، ولا تعلموهن سورة يوسف ، وعلموهن المغزل وسورة النور ».

4539 - وروى ضريس الكناسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن امرأة أتت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لبعض الحاجة ، فقال لها : لعلك من المسوفات؟ فقالت : وما المسوفات يا رسول اللّه؟ فقال : المرأة يدعوها زوجها لبعض الحاجة فلا تزال تسوفه حتى ينعس

ص: 442


1- مروى في الكافي بسند موثق ج 5 ص 62 عن أبي بصير عنه عليه السلام.
2- أي حدثوا لهن ببعض فضائل أمير المؤمنين علي عليه السلام ومناقبه وايمانه باللّه وجهاده في سبيله وتفانيه في محبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وعدالته في القسمة وعباداته وقضائه حتى تحصل بذلك محبة حقيقية له في قلوبهن ثم ذروهن لا يعلمن دقائق الدين ولا يعرفن حقيقة الولاية.
3- هو السكوني العامي وهذا من متفرداته والطريق إليه ضعيف كما في الكافي أيضا.

زوجها فينام فتلك لا تزال الملائكة تلعنها حتى يستيقظ زوجها » (1).

4540 - وقال الصادق عليه السلام : « رحم اللّه عبدا أحسن فيما بينه وبين زوجته (2) فإن اللّه عزوجل قد ملكه ناصيتها وجعله القيم عليها » (3).

4541 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « خيركم خيركم لنسائه ، وأنا خيركم لنسائي » (4).

باب 444: العزل

4542 - روى القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد ، عن يعقوب الجعفي قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : « لا بأس بالعزل في ستة وجوه : المرأة التي أيقنت أنها لا تلد ، والمسنة ، والمرأة السليطة ، والبذية ، والمرأة التي لا ترضع ولدها ، والأمة » (5).

ص: 443


1- رواه الكليني ج 5 ص 508 في الضعيف.
2- أي أحسن في الحقوق التي تلزمه بالنسبة إليها.
3- كما قال اللّه تعالى « الرجال قوامون على النساء بما فضل اللّه بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم - الآية ».
4- رواه ابن ماجة في سننه بسند صحيح عندهم عن ابن عباس بهذا اللفظ « خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي » وأخرجه ابن عساكر في التاريخ بسند صحيح عندهم عن علي عليه السلام ، والمراد أن خيار كم أفضلكم برا ونفعا ودينا ودنيا لنسائه أو لأهله.
5- قال في المسالك : المراد بالعزل أن يجامع فإذا جاء وقت الانزال أخرج فأنزل خارج الفرج ، وقد اختلفوا في جوازه وتحريمه ، وذهب الأكثر إلى جوازه على الكراهة وقد ظهر من الخبر المعتبر في الحكم أن الحكم مختص بالزوجة الحرة مع عدم الشرط وزاد بعضهم كونها منكوحة بالعقد الدائم وكون الجماع في الفرج ، وروى الصدوق والشيخ باسناد ضعيف عن يعقوب الجعفي قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : « لا بأس بالعزل في ستة وجوه - الحديث ». أقول : زاد في بعض الروايات : الحامل والمرضعة.

باب 445: الغيرة

4543 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « كان أبي إبراهيم عليه السلام غيورا وأنا أغير منه ، وأرغم اللّه أنف من لا يغار من المؤمنين » (1).

4544 - وقال عليه السلام (2) : « إن الغيرة من الايمان ».

4545 - وقال عليه السلام : « إن الجنة لتوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ، ولا يجدها عاق ولا ديوث ، قيل : يا رسول اللّه وما الديوث؟ قال : الذي تزني امرأته وهو يعلم بها ».

4546 - وروى محمد بن الفضيل ، عن شريس الوابشي ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال لي : « إن اللّه تبارك وتعالى لم يجعل الغيرة للنساء وإنما جعل الغيرة للرجال لان اللّه عزوجل قد أحل للرجل أربع حرائر وما ملكت يمينه ولم يجعل للمرأة إلا زوجها وحده ، فإن بغت مع زوجها غيره كانت عند اللّه عزوجل زانية ، وإنما تغار المنكرات منهن فأما المؤمنات فلا » (3).

ص: 444


1- رواه الكليني ج 5 ص 536 في الصحيح عن ابن محبوب عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله وفيه « وجدع اللّه أنف - الخ ».
2- يعنى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فان الخبر رواه البيهقي في شعب الايمان بسند حسن عن أبي سعيد الخدري عنه صلوات اللّه عليه وزاد « والمذاء من النفاق » وفى النهاية « الغيرة من الايمان والمذاء من النفاق » المذاء - بكسر الميم - قيل : هو أن يدخل الرجل الرجال على أهله ، ثم يخليهم يماذى بعضهم بعضا ، يقال : أمذى الرجل وماذى إذا قاد على أهله ، مأخوذ من المذي.
3- مروى في الكافي ج 5 ص 505 عن محمد بن الفضيل عن سعد الجلاب مع اختلاف وتقديم الذيل على الصدر.

باب 446: عقوبة المرأة على أن تسحر زوجها

4547 - روى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لامرأة سألته أن لي زوجا وبه علي غلظة وإني صنعت شيئا لاعطفه علي فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أف لك كدرت البحار وكدرت الطين ولعنتك الملائكة الأخيار ، وملائكة السماوات والأرض ، قال : فصامت المرأة نهارها وقامت ليلها وحلقت رأسها ولبست المسوح (1) فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : إن ذلك لا يقبل منها »(2).

باب 447: استبراء الإماء

4548 - روى عبد اللّه بن القاسم (3) ، عن عبد اللّه بن سنان قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « أشتري الجارية من الرجل المأمون فيخبرني أنه لم يمسها منذ طمثت عنده وطهرت ، قال : ليس بجائز أن تأتيها حتى تستبرأها بحيضة ، ولكن يجوز لك ما دون الفرج ، إن الذين يشترون الإماء ثم يأتونهن قبل أن يستبرؤوهن فأولئك

ص: 445


1- المراد بخلع الرأس عدم مشطه وزينته وطيبه. والمسوح جمع مسح - بالكسر - وهو الكساء من الشعر وما يلبس من نسيج على البدن تقشفا. وعملت ذلك خوفا من اللّه وتوبة إليه.
2- مبالغة لئلا يجترئ أحد بمثل فعلها ، أو كان قبل نزول آية التوبة لان غاية ما في الباب أن تكون مرتدة والمرتدة تقبل توبتها وان كانت فطرية بلا ريب. ( م ت )
3- هو ضعيف والطريق إليه ضعيف بأبي عبد اللّه الرازي ، ويمكن الحكم بصحة السند لأن الظاهر وجود كتب عبد اللّه بن سنان عند المصنف نقل عنها بإجازة المشايخ فلا يضر ضعف الطريق حينئذ ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 308 أيضا.

الزناة بأموالهم » (1).

4549 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إذا اشترى الرجل جارية وهي لم تدرك أو قد يئست من الحيض فلا بأس بأن لا يستبرأها » (2).

4550 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن رجل اشترى جارية ولم يكن صاحبها يطأها أيستبرئ رحمها؟ قال : نعم ، قلت : جارية لم تحض كيف يصنع بها؟ قال : أمرها شديد (3) فإن أتاها فلا ينزل حتى يستبين له أنها حبلى أولا (4) ، قلت له : في كم يستبين له ذلك؟ قال : في خمس وأربعين ليلة » (5).

باب 448: المملوك يتزوج بغير اذن سيده

4551 - روى موسى بن بكر ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل تزوج عبده امرأة بغير إذنه فدخل بها ثم اطلع على ذلك مولاه ، قال : ذلك لمولاه إن شاء فرق بينهما وإن شاء أجاز نكاحهما ، فإن فعل وفرق بينهما فللمرأة ما

ص: 446


1- المشهور عدم وجوب الاستبراء على المشترى إذا كان البايع عدلا أخبر بأنه لم يطأها بعد طمثها وطهرها ، ويدل على ذلك روايات صحيحة كثيرة ، وخالف ابن إدريس ذلك وأوجب الاستبراء لعموم الامر ولرواية عبد اللّه بن سنان هذه ، وأجيب بأن عموم الأوامر قد خص بما ذكر من الروايات الصحيحة ، والرواية المذكورة مع ضعف سندها بعبد اللّه بن القاسم يمكن حملها على الكراهة جمعا مع أن عبد اللّه بن سنان روى الجواز أيضا. ( سلطان ) أقول : راجع الكافي ج 5 ص 472 باب استبراء الأمة.
2- رواه الكليني بسند مجهول وعليه فتوى الأصحاب.
3- قال المولى المجلسي : يعنى في الاستبراء وعدم الوطي أو عدم الانزال.
4- لعل قوله عليه السلام « فلا ينزل » كناية عن عدم الوطي في الفرج وحينئذ يؤيد قول من ذهب إلى جواز الاستمتاع بها فيها دون الفرج.
5- مروى في الكافي بسند موثق من حديث سماعة وفيه « في خمسة وأربعين يوما ».

أصدقها (1) إلا أن يكون اعتدى فأصدقها صداقا كثيرا ، فإن أجاز نكاحه فهما على نكاحهما الأول ، فقلت لأبي جعفر عليه السلام : فإنه في أصل النكاح كان عاصيا ، فقال أبو جعفر عليه السلام : إنما أتى شيئا حلالا وليس بعاص لله إنما عصى سيده ولم يعص اللّه عزوجل إن ذلك ليس كإتيانه ما حرم اللّه عليه من نكاح في عدة وأشباه ذلك » (2).

4552 - وروى أبان بن عثمان أن رجلا يقال له ابن زياد الطائي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني كنت رجلا مملوكا فتزوجت بغير إذن موالي ثم أعتقني اللّه عزوجل فأجدد النكاح؟ فقال : كانوا علموا أنك تزوجت؟ قلت : نعم قد علموا وسكتوا ولم يقولوا لي شيئا ، فقال : ذلك إقرار منهم ، أنت على نكاحك » (3).

باب 449: الرجل يشترى الجارية وهي حبلى فيجامعها

4553 - روى محمد بن أبي عمير ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى جارية حاملا قد استبان حملها فوطئها ، قال : بئس ما صنع (4) فقلت : ما تقول فيها؟ قال : عزل عنها أم لا؟ قلت : أجبني في الوجهين ، فقال : إن كان عزل عنها فليتق اللّه ولا يعد ، وإن كان لم يعزل عنها فلا يبيع ذلك الولد ولا يورثه و

ص: 447


1- ذلك على تقدير جهلها بالرق أو بالتحريم فلا ينافي ما سيجيئ من عدم المهر إذ هو على تقدير العلم. ( سلطان )
2- مروى في الكافي ج 5 ص 478 في الضعيف على المشهور وهكذا في التهذيب ج 2 ص 213.
3- رواه الكليني في الصحيح بتفاوت في اللفظ ، وكذا الشيخ في التهذيب.
4- مروى في الكافي في الموثق وقوله « بئس ما صنع » لأنها كالمعتدة من غيره ، وقد قال سبحانه : « وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ».

لكن يعتقه ويجعل له شيئا من ماله يعيش به فإنه قد غذاه بنطفته » (1).

باب 450: الجمع بين أختين مملوكتين

4554 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل كان عنده أختان مملوكتان فوطئ إحديهما ثم وطئ الأخرى ، قال : إذا وطئ الأخرى فقد حرمت عليه الأولى حتى تموت الأخرى (2) ، قلت : أرأيت إن باعها أتحل له الأولى؟ قال : إن كان باعها لحاجة ولا يخطر على باله من الأخرى شئ فلا أرى بذلك بأسا ، وإن كان يبيعها ليرجع إلى الأولى فلا ولا كرامة ».

4555 - وفي رواية علي بن رئاب ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « الرجل يشتري الأختين فيطأ إحديهما ثم يطأ الأخرى ، قال : إذا وطئ الأخرى بجهالة لم تحرم عليه الأولى ، فإن وطئ الأخيرة وهو يعلم أنها تحرم عليه حرمتا عليه جميعا » (3).

ص: 448


1- قد اختلف كلام الأصحاب في تحريم وطئ الأمة الحامل وكراهته بسبب اختلاف الروايات فقوم حكموا بالكراهة مطلقا ، وهو قول الشيخ في الخلاف ، وقوم حكموا بالتحريم ، مطلقا ، وقوم حكموا بالتحريم قبل مضى أربعة أشهر وعشرة أيام مع الكراهة بعد ذلك وهو قول الأكثر ( سلطان ) أقول : في بعض النسخ « ولا يعتقه » ولعل المراد على هذه النسخة أنه لا يعتقه في الكفارات. بناء على أنه يجب عتقه كما يستفاد من قوله « ولكن يعتقه ».
2- هذا أيضا مستثنى من قاعدة « ان الحرام لا يفسد الحلال » كما مرت الإشارة إلى مثله مما يستثنى من تلك القاعدة ، وينبغي حمل حرمة الأولى على دخوله بالأخرى مع العلم بالحرمة كما يجيئ في الحديث الاخر ، كما أن قوله عليه السلام « فان وطئ الأخيرة وهو يعلم أنها تحرم عليه حرمتا عليه جميعا » في الحديث الآتي ينبغي حمله على حرمتها ما دامت الأخرى حية عنده أو مع اخراجها بقصد الاتيان بالأولى. ( مراد )
3- لا خلاف في أنه لا يجوز الجمع بين الأختين في الوطي بملك اليمين كما لا يجوز بالنكاح ، ولا خلاف أيضا في جواز جمعهما في الملك ، فإذا وطئ إحديهما حرمت الأخرى عليه حتى يخرج الأولى عن ملكه ، فان وطئها قبل ذلك فعل حراما ولا حد عليه ولكن يعزر كما في فاعل المحرم لكن إذا وطئ الثانية ففي تحريم الأولى أو الثانية أو تحريمهما على بعض الوجوه أقوال : الأول وهو مختار الشيخ في المبسوط والمحقق وأكثر المتأخرين ان الأولى تبقى على الحل والثانية تبقى على التحريم سواء كان جاهلا بتحريم وطئ الثانية أم كان عالما وسواء أخرج الثانية عن ملكه أم لا ، ومتى أخرج الأولى عن ملكه حلت الثانية سواء أخرجها للعود إلى الثانية أم لا ، الثاني قول الشيخ في النهاية وهو أنه ان وطئ الثانية عالما بتحريم ذلك حرمت عليه الأولى حتى تموت الثانية ، فان أخرج الثانية عن ملكه ليرجع إلى الأولى لم يجز له الرجوع إليها وان أخرجها عن ملكه لا لذلك جاز له الرجوع إلى الأولى ، وان لم يعلم تحريم ذلك عليه جاز له الرجوع إلى الأول على كل حال إذا أخرج الثانية عن ملكه ، واستند لهذا التفصيل إلى أخبار كثيرة مضطربة الألفاظ مختلفة المعاني فجمع الشيخ بينها بما ذكر وهنا أقوال أخر والتفصيل مذكور مع أدلة الأقوال في شرح الشرايع ( أي المسالك ) ( سلطان ) وقال العلامة في التحرير : الأقرب عندي أن الثانية محرمة دون الأولى لكن يستحب له التربص حتى يستبرئ الثانية.

باب 451: كيفية انكاح الرجل عبده أمته

4556 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن الرجل كيف ينكح عبده أمته ، قال : يجزيه أن يقول : قد أنكحتك فلانة ويعطيها ما شاء من قبله أو من قبل مولاه ، ولابد من طعام (1) أو درهم أو نحو ذلك ، ولا بأس بأن يأذن له فيشتري من ماله إن كان له جارية أو جواري يطأهن ».

باب 452: تزويج الحرة نفسها من عبد بغير اذن مواليه وكراهية نكاح الأمة بين الشريكين

4557 - روى زرعة ، عن سماعة قال : « سألته عن رجلين بينهما أمة فزوجاها

ص: 449


1- كذا وفى حسنة الحلبي المروية في الكافي « ولو مد من طعام ». وذهب الشيخان وأتباعهما إلى وجوب الاعطاء والمحقق والأكثر إلى الاستحباب ، والظاهر من حال هذا المدفوع أنه ليس على جهة المهر بل مجرد الصلة والبر وجبر قلبها ولهذا لم يتقدر بقدر مهر المثل مع الدخول ولا بغيره. ( المسالك )

من رجل ثم إن الرجل اشترى بعض السهمين ، قال : حرمت عليه باشترائه إياها وذلك أن بيعها طلاقها (1) إلا أن يشتريها جميعا ».

4558 - وروى إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أيما امرأة حرة زوجت نفسها عبدا بغير إذن مواليه فقد أباحت فرجها (2) ولا صداق لها ».

باب 453: أحكام المماليك والإماء

4559 - روى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل اشترى جارية مدركة ولم تحض عنده حتى مضى لها ستة أشهر وليس بها حبل ، قال : إن كان مثلها تحيض ولم يكن ذلك من كبر ، فهذا عيب ترد منه » (3).

4560 - وروى أبان بن عثمان ، عن الحسن الصيقل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سمعته وسئل عن رجل اشترى جارية ثم وقع عليها قبل أن يستبرئ رحمها ، قال : بئس ما صنع يستغفر اللّه ولا يعود ، قال : فإنه باعها من رجل آخر فوقع عليها ولم يستبرئ رحمها ، ثم باعها الثاني من رجل آخر فوقع عليها ولم يستبرئ رحمها

ص: 450


1- ذلك لأنه لا يجتمع العقد مع الملك ولا يجوز الوطي بالامرين. ( م ت )
2- أي أعطت فرجها بلا عوض لا أنه يحل ذلك ، وهذا على تقدير علمها بالرقية والتحريم. ( سلطان )
3- الأنسب ذكر هذا الخبر في باب البيوع ، ويدل على أن عدم الحيض في سن من تحيض عيب يجوز به الفسخ ويجوز الأرش. ( م ت )

فاستبان حملها عند الثالث ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : الولد للفراش وللعاهر الحجر » (1).

4561 - وروى وهب بن وهب (2) ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي بن أبي طالب عليه السلام : من اتخذ من الإماء أكثر مما ينكح أو ينكح (3) فالاثم عليه إن بغين ».

4562 - وروى هارون بن مسلم (4) ، عن مسعدة بن زياد قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « يحرم من الإماء عشر ، لا تجمع بين الام والابنة ، ولا بين الأختين ولا أمتك وهي حامل من غيرك حتى تضع (5) ، ولا أمتك وهي عمتك من الرضاعة ، ولا أمتك وهي خالتك من الرضاعة ، ولا أمتك وهي أختك من الرضاعة ، ولا أمتك وهي ابنة أخيك من الرضاعة (6) ، ولا أمتك ولها زوج ، ولا أمتك وهي في عدة ، ولا أمتك ولك فيها شريك » (7).

4563 - وروى داود بن الحصين ، عن أبي العباس البقباق قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « يتزوج الرجل الأمة بغير علم أهلها؟ قال : هو زنا إن اللّه عزوجل

ص: 451


1- عهر عهرا من باب فجر فهو عاهر ، وللعاهر الحجر أي الخيبة كما يقال : له التراب ( المصباح ) والمراد بالفراش هنا فراش المشترى ، وقد صرح به في خبر آخر عن الحسن الصيقل رواه الشيخ في التهذيب وفيه « الولد للذي عنده الجارية ». ( المرآة )
2- وهب بن وهب أبو البختري القرشي كان كذابا وهو الذي تزوج أبو عبد اللّه عليه السلام بأمه وأخباره مع الرشيد مذكورة في الكتب.
3- أي يحللها من غيره ويمكن أن يكون الترديد من الراوي.
4- لم يذكر في المشيخة طريقه إليه ، ورواه في الخصال مع اختلاف ص 438 في الصحيح عنه وهو ثقة وكذا مسعدة والسند صحيح. ورواه الشيخ أيضا في الصحيح.
5- يدل على تحريم وطئ الأمة الحاملة من الغير وإن كان بعد أربعة أشهر وعشر وهو أحد الأقوال. ( سلطان )
6- في بعض النسخ « ابنة أختك من الرضاعة ».
7- لا ينبغي اعتبار مفهوم العدد هنا إذ المحرم منها غير منحصرة في المذكورات إذ يحرم عليها ابنتها من الرضاعة ، وأمها من الرضاعة ، وفى حال الحيض وغيرها. ( سلطان )

يقول : « فانكحوهن بإذن أهلهن ».

4564 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « في كتاب علي عليه السلام : إن الولد لا يأخذ من مال والده شيئا ويأخذ الوالد من مال ولده ما يشاء (1) ، وله أن يقع على جارية ابنه إن لم يكن الابن وقع عليها ».

4565 - وفي خبر آخر : « لا يجوز له أن يقع على جارية ابنته إلا بإذنها » (2)

4566 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج ، وحفص بن البختري أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل تكون له الجارية أفتحل لابنه (3)؟ قال : ما لم يكن جماع أو مباشرة كالجماع فلا بأس » (4).

4567 - وقال عليه السلام : « كان لأبي عليه السلام جاريتان تقومان عليه فوهب لي إحديهما ».

4568 - وسئل عليه السلام : عن المملوك ما يحل له من النساء؟ قال : « حرتين أو أربع إماء » (5).

4569 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل كانت له جارية وكان يأتيها ، فباعها فأعتقت وتزوجت فولدت ابنة هل تصلح ابنتها لمولاها الأول؟ قال : هي عليه حرام » (6).

ص: 452


1- ربما يحمل على الاقتراض من مال ولده الصغير ، أوفى حال الاضطرار مطلقا.
2- لم أجده مسندا ويمكن أن يكون المراد به خبر الحسن بن صدقة المروى في الكافي ج 5 ص 471. وفى بعض النسخ « جارية ابنه الا باذنه » وقال سلطان العلماء : يحمل على البالغ أو البالغة - على اختلاف النسخ - وعدم تقويم الأب فلا ينافي ما سبق ، والظاهر الجمع بعدم الاذن والاذن.
3- أي باذن الأب أو تحليله.
4- تقدم أن فيه خلاف ، والمشهور الكراهية.
5- تقدم من كلام المصنف ص 429 قال وفى حديث آخر ورواه الكليني عن محمد ابن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام.
6- رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح مثل ما في المتن ، ورواه أيضا بسند صحيح بغير السند الأول وزاد في آخره « وهي ربيبته والحرة والمملوكة في هذا سواء » وهكذا رواه العياشي في تفسيره ج 1 ص 230 عن محمد بن مسلم.

4570 - وقال « في جارية لرجل وكان يأتيها فأسقطت سقطا منه بعد ثلاثة أشهر قال : هي أم ولد » (1).

4571 - قال : « وسألت أبا جعفر عليه السلام عن امرأة حرة تزوجت عبدا على أنه حر ، ثم علمت بعد أنه مملوك ، قال : هي أملك بنفسها إن شاءت بعد علمها أقرت به وأقامت معه ، وإن شاءت لم تقم ، وإن كان العبد دخل بها فلها الصداق بما استحل من فرجها ، وإن لم يكن دخل بها فالنكاح باطل ، فإن أقرت معه بعد علمها أنه عبد مملوك فهو أملك بها » (2).

4572 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما السلام « في رجل زوج مملوكة له من رجل حر على أربعمائة درهم فعجل له مائتي درهم ، ثم أخر عنه مائتي درهم فدخل بها زوجها ، ثم إن سيدها باعها بعد من رجل لمن تكون المائتان المؤخرتان عليه (3)؟ فقال : إن لم يكن أوفاها بقية المهر حتى باعها فلا شئ له عليه ولا لغيره » (4). وإذا باعها السيد فقد بانت من الزوج الحر إذا كان يعرف هذا الامر (5) ». وقد تقدم من ذلك على أن بيع

ص: 453


1- لعل المراد كونها أم ولد من حيث لكم العدة والوصية لو أوصى لأمهات الأولاد شيئا وأمثال ذلك لا المنع من البيع. ( سلطان )
2- قال السيد - رحمه اللّه - : إذا تزوجت المرأة زوجا على أنه حر فبان عبدا فإن كان بغير اذن مولاه ولم يجز العقد وقع باطلا وإن كان باذنه أو اجازته صح العقد وكان للمرأة الفسخ سواء شرطت حريته في نفس العقد أو عولت على الظاهر ، ولا فرق في ذلك بين أن يتبين الحال قبل الدخول أو بعده ولكن ان فسخت بعده ثبت لها المهر فإن كان النكاح برضا السيد كان لها المسمى عليه والا كان لها مهر المثل على المملوك يتبع به إذا أعتق. ( المرآة )
3- في بعض النسخ « المؤخرة » وفى بعضها « عنه ».
4- يدل على أنه إذا لم يطلب المهر مدة ليس للمولى أن يطالب به كما تقدم ، وحمل على الاستحباب. ( م ت )
5- أي يعرف أن بيع الأمة طلاقها ، وللمولى الثاني الخيار في تنفيذ العقد وفسخه.

الأمة طلاقها (1).

4573 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن مملوك لرجل أبق منه فأتى أرضا فذكر لهم أنه حر من رهط بني فلان وأنه تزوج امرأة من أهل تلك الأرض فأولدها أولادا ، وإن المرأة ماتت وتركت في يده مالا وضيعة وولدها ، ثم إن سيده بعد أتى تلك الأرض فأخذ العبد وجميع ما في يده وأذعن له العبد بالرق ، فقال : أما العبد فعبده ، وأما المال والضيعة فإنه لولد المرأة الميتة (2) لا يرث عبد حرا ، قلت : جعلت فداك فإن لم يكن للمرأة يوم ماتت ولد ولا وارث ، لمن يكون المال والضيعة التي تركتها في يد العبد؟ فقال : يكون جميع ما تركت لإمام المسلمين خاصة ».

4574 - وروى الحسن بن محبوب ، عن حكم الأعمى ، وهشام بن سالم ، عن عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل أذن لغلامه في امرأة حرة فتزوجها ، ثم إن العبد أبق من مواليه فجاءت امرأة العبد تطلب نفقتها من مولى العبد ، فقال : ليس لها على مولى العبد نفقة وقد بانت عصمتها منه لان إباق العبد طلاق امرأته ، وهو بمنزلة المرتد عن الاسلام ، قلت : فإن هو رجع إلى مولاه أترجع امرأته إليه؟ قال : إن كان انقضت عدتها منه ، ثم تزوجت زوجا غيره فلا سبيل له عليها ، وإن كانت لم تتزوج فهي امرأته على النكاح الأول ».

4575 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة أمكنت من نفسها عبدا لها [ فنكحها ، أن تضرب مائة ويضرب العبد خمسين جلدة و ] (3) أن يباع بصغر منها (4) ومحرم على كل مسلم

ص: 454


1- هذه البقية من كلام المصنف أو الراوي لكنه بعيد.
2- يدل على أن حكم الشبهة حكم الشبهة حكم الصحيح والا لما ورث الولد ، وعلى أن الولد تابع لأشرف الأبوين ، وعلى أن الامام وارث من لا وارث له. ( م ت )
3- ما بين القوسين موجود في جميع النسخ الا أن في بعضها جعله نسخة.
4- الصغر - بالضم - : الذي أي يبيعه الحاكم وان كرهت المرأة.

أن يبيعها عبدا مدركا بعد ذلك ».

4576 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد العزيز ، عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في عبد بين رجلين زوجه أحدهما والاخر لم يعلم به ثم إنه علم به بعد أله أن يفرق بينهما؟ قال : للذي لم يعلم ولم يأذن يفرق بينهما إذا علم وإن شاء تكره على نكاحه ».

4577 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السلام « في رجل يزوج مملوكا له امرأة حرة على مائة درهم ، ثم إنه باعه قبل أن يدخل عليها ، فقال : يعطيها سيده من ثمنه نصف ما فرض لها ، إنما هو بمنزلة دين استدانه بإذن سيده » (1).

4578 - وسأل محمد بن إسماعيل بن بزيع الرضا عليه السلام « عن امرأة أحلت لزوجها جاريتها فقال : ذلك له ، قال : فإن خاف أن تكون تمزح؟ قال : فإن علم أنها تمزح فلا » (2).

4579 - وروى جميل (3) ، عن فضيل قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « جعلت فداك إن بعض أصحابنا روى عنك أنك قلت : إذا أحل الرجل لأخيه المؤمن فرج جاريته فهو له حلال ، فقال له : نعم يا فضيل ، قلت : فما تقول في رجل عنده جارية له نفيسة وهي بكر أحل لأخ له ما دون الفرج أله أن يفتضها؟ قال : لا ليس له إلا ما أحل له منها ، ولو أحل له قبلة منها لم يحل له ما سوى ذلك ، قلت : أرأيت إن هو أحل له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فاقتضها؟ قال : لا ينبغي له ذلك ،

ص: 455


1- يدل على أن الفسخ بالبيع منصف للمهر ، وعلى أن المهر مع اذن المولى في ذمته ، وكذا كل دين يكون باذن السيد. ( م ت )
2- رواه الشيخ في التهذيبين والكليني في الكافي ج 5 ص 469 في الصحيح هكذا « سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة أحلت لي جاريتها ، فقال : ذلك لك ، قلت : فان كانت تمزح ، قال : وكيف لك بما في قلبها ، فان علمت أنها تمزح فلا ».
3- يعنى ابن صالح كما في الكافي والتهذيب.

قلت : فإن فعل ذلك أيكون زانيا؟ قال : لا ولكن يكون خائنا ويغرم لصاحبها ، عشر قيمتها » (1).

4580 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن دراج (2) ، عن ضريس بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يحل لأخيه جاريته وهي تخرج في حوائجه ، قال : هي له حلال ، قلت : أرأيت إن جاءت بولد ما يصنع به؟ قال : هو لمولى الجارية (3) إلا أن يكون قد اشترط عليه حين أحلها له أنها إن جاءت بولد مني فهو حر فإن كان فعل فهو حر ، قلت : فيملك ولده؟ قال : إن كان له مال اشتراه بالقيمة » (4).

4581 - وروى سليمان الفراء (5) ، عن حريز ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « الرجل يحل لأخيه جاريته ، قال : لا بأس به ، قلت : فإن جاءت بولد ، فقال : ليضم إليه ولده وليرد على الرجل جاريته ، قلت له : لم يأذن له في ذلك ، قال : إنه قد أذن له ولا يأمن أن يكون ذلك » (6).

ص: 456


1- الافتضاض إزالة البكارة ، والخبر مروى في التهذيب والكافي ج 5 ص 468 بزيادة في آخره هكذا « يغرم لصاحبها عشر قيمتها ان كانت بكرا ، وان لم تكن بكرا فنصف عشر قيمتها » ولم ينقل المصنف (رحمه اللّه) هذه الزيادة لان السؤال عن حكم البكر كما في قوله : « وهي بكر ».
2- مروى في التهذيبين وفيهما « جميل بن صالح ».
3- هذا مختص بصورة التحليل ، فلا ينافي ما يدل على أن الولد تابع للحر من الأبوين.
4- يدل على أن الولد لمولى الجارية الا مع شرط حريته ، وعلى الوالد أن يفكه بقيمته يوم ولد حبا. ( م ت )
5- في الكافي والتهذيب « سليم » ، وسليمان الفراء وسليم الفراء واحد كما في كتب الرجال وكأنه كان اسمه سليمان فبالترخيم صار سليم وهو ثقة ، ورواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه.
6- يعنى لما أذن له في الوطي فأذن في لوازمه ومنها الولد.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذان الحديثان متفقان وليسا بمختلفين وخبر حريز عن زرارة فيما قال : ليضم إليه ولده يعني بالقيمة ما لم يقع الشرط بأنه حر (1).

4582 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن محمد بن مسلم (2) قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن جارية بين رجلين دبراها جميعا ، ثم أحل أحدهما فرجها لشريكه ، قال : هي حلال له وأيهما مات قبل صاحبه فقد صار نصفها حرا من قبل الذي مات ، ونصفها مدبرا ، قلت : أرأيت إن أراد الباقي منهما أن يمسها أله ذلك؟ قال : لا ، إلا أن يثبت عتقها ويتزوجها برضى منها متى ما أراد ، قلت له : أليس قد صار نصفها حرا وقد ملكت نصف رقبتها والنصف الآخر للباقي منهما؟ قال : بلى ، قلت : فإن هي جعلت مولاها في حل من فرجها؟ قال : لا يجوز ذلك له ، قلت له : لم لا يجوز لها ذلك؟ وكيف أجزت للذي كان له نصفها حين أحل فرجها لشريكه فيها؟ قال : لأن المرأة لا تهب فرجها ولا تعيره ولا تحله ، ولكن لها من نفسها يوم وللذي دبرها يوم ، فإن أحب أن يتزوجها متعة بشئ في ذلك اليوم الذي تملك فيه نفسها فليتمتع منها بشئ قل أو كثر » (3).

4583 - وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل الحر يتزوج بأمة قوم ، الولد

ص: 457


1- يعنى ضم الولد كناية عن وجوب فكه بالقيمة ، فلا ينافي الأخبار السابقة.
2- مروى في الكافي ج 5 ص 482 والتهذيب ج 2 ص 305 وفيهما « محمد بن قيس » والصواب ما في المتن لوجود هذا السند في طريقه لا في طريق محمد بن قيس ويؤيد ذلك أن في بعض نسخ الكافي « عن محمد » ولم ينسبه ، وأيضا رواه الشيخ رحمه اللّه في موضع آخر عن محمد بن مسلم راجع ج 2 ص 185 من التهذيب.
3- لا شبهة في أن وطئ المالك للأمة التي قد انعتق بعضها غير جائز بالملك ولا بالعقد ولا بأن تبيح الأمة نفسها لأنه ليس لها تحليل نفسها وأما اذاها ياها وعقد عليها متعة في أيامها فالأكثر على منعه لأنه لا يخرج عن كونه مالكا لذلك البعض بالمهاياة وجوزه الشيخ في النهاية واستدل بهذه الرواية.

مماليك أو أحرار؟ قال : الولد أحرار ، ثم قال : إذا كان أحد والديه حرا فالولد حر » (1).

4584 - وروى جميل بن دراج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج بأمة فجاءت بولد ، قال : يلحق الولد بأبيه ، قلت : فعبد تزوج حرة؟ قال : يلحق الولد بأمه ».

باب 454: الذمي يتزوج الذمية ثم يسلمان

4585 - روي عن رومي بن زرارة ، عن عبيد بن زرارة (2) قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « النصراني يتزوج النصرانية على ثلاثين دن خمرا (3) ، وثلاثين خنزيرا ، ثم أسلما بعد ذلك ولم يكن دخل بها ، قال : ينظركم قيمة الخنزير وكم قيمة الخمر فيرسل به إليها ، ثم يدخل عليها وهما على نكاحهما الأول » (4).

باب 455: المتعة

4586 - قال الصادق عليه السلام : « ليس منا من لم يؤمن بكرتنا ، ويستحل متعتنا » (5).

ص: 458


1- كأنها حسنة ابن أبي عمير المروية في الكافي والتهذيبين ، ويدل كما تقدم على أن الولد تابع لأشرف الأبوين مطلقا ، وفى المحكى عن ابن الجنيد أنه جعل الولد تبعا للمملوك من أبويه الا مع اشتراط الحرية.
2- في الكافي والتهذيب عن رومي بن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام - الخ ».
3- الدن : الراقود العظيم أو أطول من الحب أو أصفر. ( القاموس )
4- هذا إذا أسلما معا أو أسلم الزوج أولا. والخبر يدل على أن الواجب قيمتها عند مستحليه.
5- عطف على المنفى أي لم يستحل متعتنا التي حكمنا بجوازها.

4587 - وقال الرضا عليه السلام : « المتعة لا تحل إلا لمن عرفها ، وهي حرام على من جهلها ».

4588 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبان ، عن أبي مريم عن أبي جعفر عليه السلام قال ، « إنه سئل عن المتعة ، فقال : إن المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم ، إنهن كن يؤمن يؤمئذ ، فاليوم لا يؤمن فاسألوا عنهن » (1).

وأحل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله المتعة ولم يحرمها حتى قبض (2).

وقرأ ابن عباس « فما استمتعتم به منهن - إلى أجل مسمى - فآتوهن أجورهن فريضة من اللّه » (3).

وقد أخرجت الحجج على منكريها في كتاب إثبات المتعة.

4589 - وروى داود بن إسحاق ، عن محمد بن الفيض قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتعة فقال : نعم إذا كانت عارفة ، قلت : جعلت فداك فإن لم تكن عارفة؟ قال : فاعرض عليها (4) ، وقل لها فإن قبلت فتزوجها وإن أبت ولم ترض بقولك فدعها ، وإياكم والكواشف والدواعي والبغايا وذوات الأزواج ، فقلت : ما الكواشف فقال : اللواتي يكاشفن وبيوتهن معلومة ويؤتين ، قلت : فالدواعي؟ قال : اللواتي يدعون إلى أنفسهن وقد عرفن بالفساد ، قلت : فالبغايا؟ قال : المعروفات بالزنا ، قلت : فذوات الأزواج؟ قال : المطلقات على غير السنة ».

4590 - وروي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : « سأل رجل الرضا عليه السلام

ص: 459


1- أي كن مأمونات لا يحتاج إلى التحقيق واليوم بخلاف ذلك.
2- تحليله صلوات اللّه عليه المتعة اجماعي اتفاقي كما يدل عليه كلام عمر « متعتان محللتان - الخ ».
3- روى عن جماعة من الصحابة منهم أبي بن كعب و عبد اللّه بن عباس وعبد اللّه ابن مسعود أنهم قرأوا الآية هكذا يعنى بزيادة قوله - إلى أجل مسمى - يعنى فهموا من الآية النكاح المنقطع.
4- يعنى المتعة أو الايمان مطلقا أو بالمتعة. ( المرآة )

عن الرجل يتزوج امرأة متعة ويشترط عليها أن لا يطلب ولدها فتأتي بعد ذلك بولد فينكر الولد فشدد في ذلك ، وقال : يجحد ، وكيف يجحد؟! إعظاما لذلك - قال الرجل : فإن اتهمها؟ قال : لا ينبغي لك أن تتزوج إلا بمأمونة إن اللّه عزوجل قال : « الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين » (1).

4591 - وروى سعدان ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يتزوج اليهودية ولا النصرانية على حرة متعة وغير متعة ».

4592 - وسأل الحسن التفليسي الرضا عليه السلام « يتمتع الرجل من اليهودية والنصرانية؟ قال أبو الحسن الرضا عليه السلام : يتمتع من الحرة المؤمنة وهي أعظم حرمة منها » (2).

4593 - وروى علي بن رئاب (3) قال : « كتبت إليه أسأله عن رجل تمتع بامرأة ثم وهب لها أيامها قل أن يفضي إليها أو وهب لها أيامها بعدما أفضى إليها هل له أن يرجع فيما وهب لها من ذلك؟ فوقع عليه السلام : لا يرجع » (4).

ص: 460


1- لا خلاف في عدم جواز نفى ولد المتعة وان عزل وان اتهمها ، بل مع العلم بانتفائه على قول بعض ، لكن ان نفاه ينتفى بغير لعان. ( المرآة )
2- رواه الشيخ في التهذيب هكذا « قال : سألت الرضا عليه السلام : أيتمتع من اليهودية والنصرانية؟ فقال : تمتع من الحرة المؤمنة أحب إلى وهي أعظم حرمة منها ». وعبارة المتن محتملة لظاهر عبارة التهذيب ولمعنى آخر وهو أنه إذا جاز التمتع بالحرة المؤمنة مع عظم حرمتها بالايمان والحرية فكيف لا يجوز التمتع بأهل الذمة مع كفرهم وكونهم كالإماء. ( م ت )
3- الطريق إليه صحيح وهو ثقة جليل من أصحاب الكاظم عليه السلام ، لكن في بعض النسخ « روى عن علي بن رئاب » وقلنا في غير مورد فرق بين قوله روى عن فلان وروى فلان فان الأول يوهم الارسال دون الثاني لان الطريق في الثاني مذكور في المشيخة.
4- يدل على أن طلاق المتعة هبة مدتها ، ليس فيها رجوع بل بائن ويحتاج إلى تزويج جديد.

4594 - وروى محمد بن يحيى الخثعمي (1) ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن الجارية يتمتع منها الرجل؟ قال : نعم إلا أن تكون صبية تخدع ، قلت : أصلحك اللّه وكم الحد الذي إذا بلغته لم تخدع؟ قال : ابنة عشر سنين » (2).

4595 - وروى حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يتزوج البكر متعة؟ قال : يكره للعيب على أهلها ».

4596 - وروى أبان عن أبي مريم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « العذراء التي لها أب لا تتزوج متعة إلا بأذن أبيها » (3).

4597 - وروى حماد ، عن أبي بصير قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن المتعة أهي من الأربع؟ قال : لا ولا من السبعين » (4).

4598 - وسأله الفضيل بن يسار عن المتعة ، فقال : هي كبعض إمائك » (5).

4599 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عمر بن خنظلة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أتزوج المرأة شهرا بشئ مسمى فتأتي بعض الشهر ولا تفي ببعض الشهر ، قال : تحبس عنها من صداقها بقدر ما احتبست عنك إلا أيام حيضها فإنها لها » (6).

ص: 461


1- الطريق إليه ضعيف بزكريا المؤمن ، ورواه الشيخ في الموثق كالصحيح.
2- يدل على جواز التمتع بالبكر بعد عشر سنين بدون اذن الأبوين ، وعلى كراهته قبله ( م ت ) والمسألة خلافية لاختلاف الروايات.
3- يمكن الجمع بين الروايات بأنه إذا لم يكن لها أب يجوز وإذا كان لها أب فلا أو بأن يجوز بدون اذن الأب إذا لم يرد اقتضاضها ، وان أراد الاقتضاض فلا يجوز الا باذن أبيها.
4- السبعون كناية عن الكثرة أي ليس لها حد. ( م ت )
5- قوله « عن المتعة » أي عن حدها فأجاب عليه السلام بأنه لا حد لها في العدد وحكمه حكم الإماء. أو السؤال عن حكمها من الطلاق والإرث والنوبة فأجاب عليه السلام بأن حكمها في ذلك كله حكم الأمة.
6- قال السيد ( العاملي الجبعي ) : إنما يستقر المهر بالدخول بشرط الوفاء بالمدة فإذا أخلت بشئ من المدة وضع عنه من المهر بنسبة ذلك ويستفاد من رواية عمر بن حنظلة وإسحاق بن عمار استثناء أيام الطمث ، وفى استثناء غيرها من أيام الاعذار كأيام المرض والحبس وجهان ، وأما الموت فلا يسقط بسببه شئ.

4600 - وسأله محمد بن النعمان الأحول فقال (1) : « أدنى ما يتزوج به الرجل متعة؟ قال : كيف من بر ، يقول (2) لها : زوجيني نفسك متعة على كتاب اللّه وسنة نبيه نكاحا غير سفاح على أن لا أرثك ولا ترثيني ولا أطلب ولدك إلى أجل مسمى فإن بدا لي زدتك وزدتني ».

4601 - وروى جميل بن صالح قال : « إن بعض أصحابنا قال لأبي عبد اللّه عليه السلام إنه يدخلني من المتعة شئ ، فقد حلفت أن لا أتزوج متعة أبدا ، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام : إنك إذا لم تطع اللّه فقد عصيته » (3).

4602 - وروي عن يونس بن عبد الرحمن قال : « سألت الرضا عليه السلام عن رجل تزوج امرأة متعة فعلم بها أهلها فزوجوها من رجل في العلانية وهي امرأة صدق (4) ، قال : لا تمكن زوجها من نفسها حتى تنقضي عدتها وشرطها ، قلت : إن كان شرطها سنة ولا يصبر لها زوجها ، قال : فليتق اللّه زوجها وليتصدق عليها بما بقي له فإنها قد ابتليت والدار دار هدنة ، والمؤمنون في تقية ، قلت : فإن تصدق عليها بأيامها وانقضت عدتها كيف تصنع؟ قال : تقول لزوجها إذا [ د ] خلت به : يا هذا

ص: 462


1- في الكافي بسند ضعيف عن الأحول قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أدنى ما يتزوج به المتعة؟ قال : كف من بر ».
2- في بعض النسخ « كفين من بر » فلعله منصوب بفعل محذوف ، والخبر في الكافي ج 5 ص 457 إلى هنا والظاهر أن البقية من تتمة الخبر لما رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 189 إلى آخر الكلام.
3- يدل على استحباب المتعة ، وعلى أنه لا ينعقد العهد واليمين على ترك المستحب. ( م ت ) أقول : روى نحو هذا الخبر الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح عن جميل عن علي السائي عن أبي الحسن عليه السلام.
4- أي صالحة لا ترضى بذلك كيف تفعل.

وثب علي أهلي فزوجوني بغير أمري ولم يستأمروني وإني الان قد رضيت فاستأنف أنت اليوم وتزوجني تزويجا صحيحا فيما بيني وبينك ، قال : وقلت للرضا عليه السلام المرأة تتزوج متعة فينقضي شرطها فتتزوج رجلا آخر قبل أن تنقضي عدتها ، قال : وما عليك إنما إثم ذلك عليها ».

4603 - وروى صالح بن عقبة ، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : « للمتمتع ثواب؟ قال : إن كان يريد بذلك وجه اللّه تعالى وخلافا على من أنكرها لم يكلمها كلمة إلا كتب اللّه تعالى له بها حسنة ، ولم يمد يده إليها إلا كتب اللّه له حسنة ، فإذا دنا منها غفر اللّه تعالى له بذلك ذنبا ، فإذا اغتسل غفر اللّه له بقدر ما مر من الماء على شعره ، قلت : بعدد الشعر؟ قال : نعم بعدد الشعر ».

4604 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إن النبي صلى اللّه عليه وآله لما أسري به إلى السماء قال : لحقني جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد إن اللّه تبارك وتعالى يقول : إني قد غفرت للمتمتعين من أمتك من النساء ».

4605 - وروى بكر بن محمد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن المتعة فقال : إني لأكره للرجل المسلم أن يخرج من الدنيا وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لم يقضها ».

4606 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة قال : « قرأت في كتاب رجل إلى أبي الحسن عليه السلام (1) رجل تزوج بامرأة متعة إلى أجل مسمى فإذا انقضى الأجل بينهما هل يحل له أن يتزوج بأختها؟ فقال : لا يحل له حتى تنقضي عدتها ».

4607 - وسأل أحمد بن محمد بن أبي نصر الرضا عليه السلام « عن الرجل يتزوج

ص: 463


1- رواه الكليني ج 5 ص 431 عن القمي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس قال : « قرأت في كتاب الرجل إلى أبى الحسن الرضا عليه السلام - الخ » ويدل على عدم جواز نكاح الأخت في عدة المتعة وعليه فتوى الأصحاب.

المرأة متعة أيحل له أن يتزوج ابنتها بتاتا؟ قال : لا » (1).

4608 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : عدة المتعة خمسة وأربعون يوما - كأني أنظر إلى أبي جعفر عليه السلام يعقد بيده خمسة وأربعين يوما - فإذا جاء الأجل كانت فرقة بغير طلاق » (2).

فان شاء أن يزيد فلابد من أن يصدقها شيئا قل أو كثر. (3) والصداق كل شئ تراضيا عليه في تمتع أو تزويج بغير متعة ، ولا ميراث بينهما في المتعة إذا مات واحد منهما في ذلك الأجل (4).

وله أن يتمتع إن شاء وله امرأة وإن كان مقيما معها في مصره (5).

4609 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة يتزوجها الرجل متعة ، ثم يتوفى عنها هل عليها العدة؟ قال : تعتد أربعة أشهر وعشرا ، فإذا انقضت أيامها وهو حي فحيضة ونصف (6) مثل ما يجب على الأمة ، قال : قلت : فتحد (7)؟ قال : نعم ، وإذا مكثت عنده يوما أو

ص: 464


1- رواه الكليني ج 5 ص 422 في الصحيح بدون قوله « بتاتا » ولعل المراد الدوام من البت بمعنى القطع أي نكاحا قطعيا.
2- اختلف في عدة المتعة إذا دخل بها على أقوال أحدها أنها حيضتان ، ذهب إليه الشيخ في النهاية وجماعة ، الثاني حيضة واحدة اختاره ابن أبي عقيل ، والثالث أنها حيضة ونصف اختاره الصدوق في المقنع ، والرابع أنها طهران اختاره المفيد وابن إدريس والعلامة في المختلف وحمل الزائد على الحيضة على الاستحباب ، ولا يخلو من قوة ، والأحوط رعاية الحيضتين ، ولو كانت في سن من تحيض ولا تحيض فخمسة وأربعون يوما اتفاقا. ( المرآة )
3- تقدم الكلام فيه في الجملة ، والمشهور بين الأصحاب عدم جواز العقد الجديد قبل انقضاء المدة.
4- تقدم أن الظاهر أنه لا ميراث بينهما الا أن يشرطا.
5- يظهر من بعض الروايات كراهته للغنى.
6- أي اعتدت بحيضة ونصف كما في الاستبصار.
7- من الحداد وهو ترك الزينة الذي يجب على المتوفى عنها زوجها.

يومين أو ساعة من النهار ، فقد وجبت العدة ولا تحد ».

4610 - وروى عمر بن أذينة ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام ما عدة المتعة إذا مات عنها الذي تمتع بها؟ قال : أربعة أشهر وعشرا ، قال : ثم قال : يا زرارة كل نكاح إذا مات عنها الزوج فعلى المرأة حرة كانت أو أمة على أي وجه كان النكاح منه متعة أو تزويجا أو ملك يمين فالعدة أربعة أشهر وعشرا (1) ، وعدة المطلقة ثلاثة أشهر ، والأمة المطلقة عليها نصف ما على الحرة ، وكذلك المتعة عليها مثل ما على الأمة ».

4611 - وقيل لأبي عبد اللّه عليه السلام (2) : « لم جعل في الزنا أربعة من الشهود وفي القتل شاهدين؟ قال : إن اللّه تبارك وتعالى أحل لكم المتعة وعلم أنها ستنكر عليكم فجعل الأربعة الشهود احتياطا لكم ولولا ذلك لاتي عليكم (3) وقل ما يجتمع أربعة على شهادة بأمر واحد ».

4612 - وروي عن بكار بن كردم قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يلقى المرأة فيقول لها : زوجيني نفسك شهرا ، ولا يسمي الشهر بعينه فيلقاها بعد سنين ، فقال : له شهره إن كان سماه ، وإن لم يكن سماه فلا سبيل له عليها » (4).

ص: 465


1- يدل على ما ذهب إليه جمع من الفقهاء كابن إدريس والعلامة في المختلف من أن عدة الأمة من الوفاة كعدة الحرة ، والمشهور أن عدتها في الوفاة نصف عدة الحرة ، وذهب الشيخ وجماعة من المتأخرين إلى التفصيل بأنها ان كانت أم ولد للمولى وزوجها ومات زوجها فعدتها عدة الحرة والا عدة الأمة جمعا بين الاخبار هذا إذا لم تكن حاملا.
2- رواه المصنف في العلل عن علي بن أشيم ، عمن رواه من أصحابنا عنه عليه - السلام.
3- يعنى يشهدون عليكم بالزنا بسهولة بفعل المتعة وهذا أحد الوجوه.
4- مروى في الكافي في الحسن ، ولو عين شهرا منفصلا عن العقد فالمشهور الصحة ، وذهب جماعة إلى عدم صحته ، والأولون اختلفوا في جواز أن تعقد نفسها لغيره في ما بين ذلك ، واستدل القائلون بالصحة باطلاق هذا الخبر فان ظاهره أن الشهر الذي سماه لو كان بعد سنين لو وجب أن ذلك له ، ولو شرط أجلا مطلقا كشهر ففي صحة العقد وحمله على الاتصال وبطلانه قولان ، والأولون استدلوا بهذا الخبر إذ المفروض وقوع المطالبة بعد الشهر ، لكن فيه أن نفى السبيل يمكن أن يكون لبطلان العقد لا لمعنى المدة ، والقول بالبطلان لابن إدريس محتجا بالجهالة. ( المرآة )

4613 - وروى زرعة ، عن سماعة قال : « سألته عن رجل أدخل جارية يتمتع بها ثم انسي (1) حتى واقعها هل يجب عليه حد الزاني؟ قال : لا ولكن يتمتع بها بعد النكاح (2) ويستغفر اللّه مما أتى ».

4614 - وروى علي بن أسباط ، عن محمد بن عذافر ، عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن التمتع بالابكار ، قال : هل جعل ذلك إلا لهن؟! فليستترن منه وليستعففن » (3).

4615 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « رجل تزوج بجارية عاتق (4) على أن لا يقتضها ، ثم أذنت له بعد ذلك ، قال : إذا أذنت له فلا بأس ».

4616 - وروي « أن المؤمن لا يكمل حتى يتمتع ».

4617 - وروي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله خطب الناس فقال : « أيها الناس إن اللّه تبارك وتعال أحل لكم الفروج على ثلاثة معان : فرج موروث وهو البتات (5) ، وفرج غير موروث وهو المتعة ، وملك أيمانكم ».

4618 - وقال الصادق عليه السلام : « إني لأكره للرجل أن يموت وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لم يأتها ، فقلت له : فهل تمتع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم

ص: 466


1- قوله « أدخل جارية » أي بيته ليتمتع بها ، وقوله « ثم انسى » أي صيغة التمتع وفى الكافي « ثم انسى أن يشترط ».
2- المراد بالتمتع المعنى اللغوي وبالنكاح الصيغة ، والاستغفار لتدارك النسيان.
3- قوله « فليستترن » أي عن الناس لئلا يلحق بهم أو بهن الضرر من قبل المخالفين و « ليستعففن » بأن لا يقع الوطي بدون الصيغة أو بإزالة البكارة لئلا يعاب عليهن. ( م ت )
4- العاتق الجارية الشابة أول ما أدركت. ( الصحاح )
5- أي النكاح الذي يورث به ، والبتات من البت بمعنى القطع أريد به النكاح الدائم.

قال : نعم وقرأ هذه الآية « وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا - إلى قوله تعالى : - ثيبات وأبكارا » (1).

4619 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن اللّه تبارك وتعالى حرم على شيعتنا المسكر من كل شراب وعوضهم من ذلك المتعة ».

باب 456: النوادر

4620 - روى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : لا يحل لامرأة حاضت أن تتخذ قصة ولا جمة » (2).

4621 - وقال عليه السلام : « رحم اللّه المسرولات » (3).

4622 - وقال عليه السلام : « إذا جلست المرأة مجلسا فقامت عنه فلا يجلس في مجلسها أحد حتى يبرد ».

4623 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن اللّه عزوجل خلق الشهوة عشر أجزاء تسعة في الرجال وواحدة في النساء ».

وذلك لبني هاشم وشيعتهم ، وفي نساء بني أمية وشيعتهم الشهوة عشرة أجزاء في النساء تسعة ، وفي الرجال واحدة (4).

ص: 467


1- ظاهره أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أعتق مارية وتزوجها متعة وأسره إلى بعض نسائه.
2- القصة شعر الناصية والجمة من شعر الرأس ما سقط على المنكبين وكلنا هما كناية عن الزينة ولعل وجه النهى عنهما في حال الحيض لئلا يوجب ذلك رغبة الزوج في الاتيان ، وقيل : المراد حرمة ذلك على البالغة ، وقوله « حاضت » أي بلغت. فلا بأس للصبية ، وهو بعيد جدا.
3- لان السروال إلى السر أقرب.
4- هذا من كلام المصنف وليس تتمة للخبر وأخذه المصنف من مرفوعة ابن مسكان في الوافي ج 12 ص 17 عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان اللّه عزوجل نزع الشهوة من رجال بنى أمية وجعلها في نسائهم وكذلك فعل بشيعتهم الخ ».

4624 - وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في النساء : « لا تشاوروهن في النجوى ، ولا تطيعوهن في ذي قرابة ، إن المرأة إذا كبرت ذهب خير شطريها وبقي شرهما ، ذهب جمالها ، واحتد لسانها ، وعقم رحمها ، وإن الرجل إذا كبر ذهب شر شطريه وبقي خيرهما ، ثبت عقله ، واستحكم رأيه ، وقل جهله ».

4625 - وقال علي عليه السلام : « كل امرئ تدبره امرأة فهو ملعون » (1).

4626 - وقال عليه السلام : « في خلافهن البركة » (2).

4627 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن » (3).

4628 - و « نهى عليه السلام أن يركب السرج بفرج » يعني المرأة تركب بسرج (4).

4629 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا تحملوا الفروج على السروج فتهيجوهن للفجور » (5).

4630 - وروى الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « شئ يقوله الناس : إن أكثر أهل النار يوم القيامة النساء ، قال : وأني ذلك!؟ وقد يتزوج الرجل في الآخرة ألفا من نساء الدنيا في قصر من درة واحدة ».

4631 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أكثر أهل الجنة من المستضعفين النساء ، علم اللّه عزوجل ضعفهن فرحمهن ».

4632 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « محاش نساء أمتي على رجال أمتي حرام » (6).

4633 - وقال الصادق عليه السلام : « الحياء عشرة أجزاء تسعة في النساء وواحدة في الرجال ، فإذا خفضت ذهب جزء من حيائها ، وإذا تزوجت ذهب جزء ، فإذا افترعت ذهب جزء ، وإذا ولدت ذهب جزء وبقي لها خمسة أجزاء ، فإذا فجرت ذهب حياؤها كله ، وإن عفت بقي لها خمسة أجزاء ».

ص: 468


1- مروى كلها في الكافي ج 5 ص 518 بسند مرفوع.
2- مروى كلها في الكافي ج 5 ص 518 بسند مرفوع.
3- مروى كلها في الكافي ج 5 ص 518 بسند مرفوع.
4- الكافي ج 5 ص 516 مسندا.
5- الكافي ج 5 ص 516 مسندا.
6- جمع محشة وهي الدبر.

4634 - وقال الصادق عليه السلام : « الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا وهن أجمل من الحور العين ، ولا بأس أن ينظر الرجل إلى امرأته وهي عريانة ».

4635 - وروى إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أينظر المملوك إلى شعر مولاته؟ قال : نعم وإلى ساقها » (1).

4636 - وروى [ عن ] محمد بن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « يكون للرجل الخصي يدخل على نسائه يناولهن الوضوء فيرى شعورهن؟ قال : لا » (2).

4637 - وفي رواية ربعي بن عبد اللّه « أنه لما بايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم النساء وأخذ عليهن ، دعا بإناء فملأه ثم غمس يده في الاناء ثم أخرجها فأمرهن أن يدخلن أيديهن فيغمسن فيه. وكان عليه السلام (3) يسلم على النساء ويرددن عليه السلام. وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسلم على النساء ، وكان يكره أن يسلم على الشابة منهن ، وقال : أتخوف أن يعجبني صوتها فيدخل من الاثم علي أكثر مما أطلب من الاجر ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : إنما قال عليه السلام ذلك لغيره وإن عبر عن نفسه ، وأراد بذلك أيضا التخوف من أن يظن ظان أنه يعجبه صوتها فيكفر (4) ، ولكلام الأئمة صلوات اللّه عليهم مخارج ووجوه لا يعقلها إلا العالمون.

4638 - وسأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السلام « هل يصافح الرجل المرأة ليست له بذي محرم؟ قال : لا إلا من وراء الثوب » (5).

4639 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عباد بن صهيب قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : لا بأس بالنظر إلى شعور نساء أهل تهامة والاعراب وأهل البوادي

ص: 469


1- ظاهر المصنف العمل بالخبر والأكثر حملوه على التقية وعملوا بأخبار المنع.
2- حمل على الكراهة وهو بعيد.
3- تتمة للخبر لما رواه الكليني بلفظه عن ربعي بن عبد اللّه في الحسن كالصحيح ج 2 ص 648 ، و ج 5 ص 535.
4- لا يخفى ما فيه من تكلف ظاهر بلا ضرورة لان خوفه صلى اللّه عليه وآله من ذلك لا ينافي عظمته بل كان من مقتضياتها ذلك كخوفه من العذاب.
5- مروى في الكافي في الحسن كالصحيح.

من أهل الذمة والعلوج لأنهن إذا نهين لا ينتهين ، قال : والمجنونة المغلوبة لا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك » (1).

4640 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن النساء كيف يسلمن إذا دخلن على القوم ، قال : المرأة تقول : عليكم السلام ، والرجل يقول : السلام عليكم » (2).

4641 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يتزوج امرأة ولها زوج ، فقال : إذا لم يرفع خبره إلى الامام فعليه أن يتصدق بخمسة أصواع دقيقا هذا بعد أن يفارقها » (3).

4642 - وفي رواية جميل بن دراج « في المرأة تتزوج في عدتها قال : يفرق بينهما وتعتد عدة واحدة منهما (4) ، فإن جاءت بولد لستة أشهر أو أكثر فهو للأخير وإن جاءت بولد في أقل من ستة أشهر فهو للأول ».

4643 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فقالت له : أنا حبلى أو أنا أختك من الرضاعة ، أو على غير عدة ، فقال : إن كان دخل بها وواقعها فلا يصدقها (5) ، وإن كان لم يدخل بها ولم يواقعها فليحتط (6) وليسأل إذا لم يكن عرفها قبل ذلك ».

ص: 470


1- هذا هو المشهور مقيدا بعدم التلذذ والريبة ، ومنع ابن إدريس عن النظر إلى نساء أهل الذمة.
2- هذا أيضا مخصوص بالدخول على قوم لا في جواب السلام مطلقا.
3- لان المفارقة فورية.
4- المشهور وجوب عدة أخرى بعد اكمال الأولى بوطئ الشبهة ، ولتعدد السبب ، وحمله الشيخ على عدم الدخول ، وهذا الحمل لا يلائم قوله « تعتد عدة واحدة منهما » وكذا قوله « فان جاءت بولد - الخ ».
5- قال العلامة المجلسي : ذلك لان قولها مناف لتمكينها بعد معرفة الزوج بخلاف ما إذا ادعت ذلك قبل المواقعة فإنه يمكنها أن تقول : لم أكن أعرفك والآن عرفتك.
6- حمل على الاستحباب ، وفى الكافي « فليختبر ».

4644 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قال لامه : كل امرأة أتزوجها فهي علي مثلك حرام ، قال : ليس هذا بشئ » (1).

4645 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن أبان بن تغلب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فلم تلبث بعد ما أهديت إليه إلا أربعة أشهر حتى ولدت جارية ، فأنكر ولدها وزعمت هي أنها حبلت منه ، فقال : لا يقبل منها ذلك ، وإن ترافعا إلى السلطان تلاعنا (2) وفرق بينهما ولم تحل له أبدا ».

4646 - وروى الحسن بن محبوب ، عن محمد بن حكيم قال : « سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن رجل زوج أمته من رجل آخر ، ثم قال لها : إذا مات الزوج فهي حرة ، فمات الزوج ، فقال : إذا مات الزوج فهي حرة تعتد عدة الحرة المتوفى عنها زوجها (3) ولا ميراث لها منه لأنها إنما صارت حرة بعد موت الزوج » (4).

4647 - وروي عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل اخذ (5) مع امرأة في بيت فأقرت أنها امرأته وأقر أنه زوجها ، فقال : رب رجل لو اتيت به لاجزت له ذلك ، ورب رجل لو اتيت به لضربته ».

ص: 471


1- لان الظهار لا يصح بمن ليس بزوجة وان أراد الطلاق فهو أيضا لا يقع بالكنايات ولا بالتعليق ولا بمن لم يكن زوجة بالفعل.
2- يعنى إذا لم تكن بينة ولم يعترف المرأة بأربعة أشهر تلاعنا.
3- يدل على أن عدة الأمة المتوفى عنها زوجها عدة الحرة وتقدم الكلام فيه.
4- هذا خلاف المشهور فان المشهور أن المملوك إذا أعتق قبل القسمة شارك مساويا أي في مرتبة الميراث لا في النصيب - وانفرد إن كان أولى بحسب مرتبة الإرث - ولو كان عتقه بعد القمسة لم يكن له نصيب ، كذا قالوا من غير فرق بين الزوجة وغيرها ولا يخفى أن عتق الزوجة هنا قبل القسمة مقارنا لفوت الزوج.
5- في بعض النسخ « وجد » بصيغة ما لم يسم فاعله.

4648 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يزوج مملوكته عبده أتقوم عليه كما كانت تقوم عليه تراه (1) منكشفا أو يراها على تلك الحال؟ فكره ذلك ، وقال : قد منعني أبي عليه السلام أن أزوج بعض غلماني أمتي لذلك » (2).

4649 - وسأل العلاء بن رزين أبا عبد اللّه عليه السلام (3) عن جمهور الناس ، فقال : هم اليوم أهل هدنة ترد ضالتهم ، وتؤدى أمانتهم ، وتحقن دماؤهم ، وتجوز مناكحتهم وموارثتهم في هذا الحال ».

4650 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من سعادة الرجل أن لا تحيض ابنته في بيته » (4).

4651 - وروى ابن أبي عمير ، عن يحيى بن عمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الشجاعة في أهل خراسان ، والباه في أهل بربر (5) ، والسخاء والحسد في العرب ، فتخيروا لنطفكم ».

4652 - وفي رواية إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : ما كثر شعر رجل قط إلا قلت شهوته ».

4653 - وروى إبراهيم بن هاشم ، عن عبد العزيز بن المهتدي ، قال : « سألت الرضا عليه السلام فقلت له : جعلت فداك إن أخي مات وتزوجت امرأته فجاء عمي وادعى أنه كان تزوجها سرا فسألتها عن ذلك فأنكرت أشد الانكار ، وقالت : ما كان بيني وبينه شئ قط ، فقال : يلزمك إقرارها ويلزمه إنكارها ».

ص: 472


1- في بعض النسخ « فتراه ».
2- يدل على أنه لا يجوز للمولى أن ينظر من جاريته المزوجة إلى ما يجوز للمولى خاصة النظر إليه كما ذهب إليه الأصحاب. ( المرآة )
3- في أكثر النسخ « أبا جعفر عليه السلام » ورواية العلاء عنه بلا واسطة غريب.
4- روى نحوه الكليني ج 5 ص 336 عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- هم طائفة من أهل سودان المغرب. والباه : الجماع.

4654 - وروى صالح بن عقبة ، عن سليمان بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل عن رجل ينكح جارية امرأته ثم يسألها أن تجعله في حل فتأبى ، فيقول : إذا لأطلقنك ويجتنب فراشها فتجعله في حل ، قال : هذا غاصب فأين هو عن اللطف؟ » (1).

4655 - وروى أبو العباس ، وعبيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في امرأة كان لها زوج مملوك فورثته وأعتقته هل يكونان على نكاحهما؟ قال : لا ولكن يجددان نكاحا آخر » (2).

4656 - وقال علي عليه السلام : « يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان لقول اللّه عزوجل : « أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم « والرفث المجامعة ».

4657 - وروى حريز ، عن محمد بن إسحاق قال : قال أبو جعفر عليه السلام : « أتدري من أين صار مهور النساء أربعة آلاف درهم؟ قلت : لا ، قال : إن أم حبيبة بنت أبي سفيان كانت في الحبشة فخطبها النبي صلى اللّه عليه وآله فساق عنه النجاشي أربعة آلاف درهم فمن ثم هؤلاء يأخذون به ، فأما الأصل فاثنا عشر أوقية ونش » (3).

4658 - وفي رواية السكوني « أن عليا عليه السلام مر على بهيمة وفحل يسفدها (4) على ظهر الطريق فأعرض عنه بوجهه ، فقيل له : لم فعلت ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال : إنه لا ينبغي أن تصنعوا ما يصنعون وهو من المنكر إلا أن تواروه حيث لا يراه رجل ولا امرأة ».

4659 - وقال الصادق عليه السلام : « من نظر إلى امرأة فرفع بصره إلى السماء أو

ص: 473


1- أي يمكنه أن يقول لها بالملاطفة ويسترضيها ويقول لها بالرفق حتى تحلله بطيب الخاطر.
2- رواه الكليني ج 5 ص 485 في الموثق وعليه فتوى الأصحاب.
3- « هؤلاء » يعنى العامة ، والنش - بالفتح - : نصف الأوقية.
4- السفاد نزو الذكر على الأنثى.

غمض بصره لم يرتد إليه بصره حتى يزوجه اللّه من الحور العين ».

4660 - وفي خبر آخر : « لم يرتد إليه طرفه حتى يعقبه اللّه إيمانا يجد طعمه ».

4661 - قال عليه السلام : « أول النظرة لك ، والثانية عليك ولا لك ، والثالثة فيها الهلاك ».

4662 - وفي رواية السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « لا بأس أن ينظر الرجل إلى شعر أمه أو أخته أو ابنته ».

باب 457: الدعاء في طلب الولد

4663 - قال علي بن الحسين عليهما السلام لبعض أصحابه : « قل في طلب الولد : « رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين واجعل لي من لدنك وليا يرثني في حياتي ويستغفر لي بعد موتي واجعله لي خلقا سويا (1) ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا ، اللّهم إني أستغفرك وأتوب إليك إنك أنت الغفور الرحيم » سبعين مرة (2) ، فإنه من أكثر من هذا القول رزقه اللّه تعالى ما تمنى من مال وولد ومن خير الدنيا والآخرة ، فإنه يقول : « استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ».

باب 458: الرضاع

4664 - روي عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الرضاع

ص: 474


1- في بعض النسخ « خلفا سويا » بالفاء.
2- يمكن أن يكون من قوله « اللّهم » أو المجموع ، والأول أظهر للدليل فإنه للاستغفار ، ويمكن أن يكون للمجموع ويكون الدليل للجزء. ( م ت )

واحد وعشرون شهرا فما نقص فهو جور على الصبي » (1).

4665 - وسأل سعد بن سعد الرضا عليه السلام « عن الصبي هل يرضع أكثر من سنتين؟ فقال : عامين ، قلت : فإن زاد على سنتين هل على أبويه من ذلك شئ؟ قال : لا ».

4666 - وقال علي عليه السلام : « ما من لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه » (2).

4667 - و « نظر الصادق عليه السلام إلى أم إسحاق بنت سليمان وهي ترضع أحد ابنيها محمدا أو إسحاق فقال : يا أم إسحاق لا ترضعيه من ثدي واحد وارضعيه من كليهما يكون أحدهما طعاما والاخر شرابا » (3).

4668 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن بريد العجلي قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « أرأيت قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فسره لي ، فقال : كل امرأة أرضعت من لبن فحلها ولد امرأة أخرى من جارية أو غلام فذلك الرضاع الذي قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وكل امرأة أرضعت من لبن فحلين كانا لها واحدا بعد آخر من جارية أو غلام فإن ذلك رضاع ليس بالرضاع الذي قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب » (4).

ص: 475


1- لان الغالب أن الحمل تسعة أشهر وكان حمله وفصاله ثلاثون شهرا وهو أقل مدة رضاع الولد.
2- رواه الكليني ج 6 ص 40 في الموثق عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلوات اللّه عليه.
3- رواه الكليني مسندا عن الوليد بن صبيح عن أمه أم إسحاق بنت سليمان قالت : « نظر إلى أبو عبد اللّه عليه السلام وأنا أرضع أحد بنى محمدا أو إسحاق فقال - الخ ».
4- رواه الكليني في الصحيح ج 5 ص 442 في ضمن حديث عن بريد العجلي.

4669 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « لا رضاع بعد فطام » (1).

ومعناه أنه إذا أرضع الصبي حولين كاملين ثم شرب بعد ذلك من لبن امرأة أخرى ما شرب لم يحرم ذلك الرضاع لأنه رضاع بعد فطام (2).

4670 - وروى داود بن الحصين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الرضاع بعد حولين قبل أن يفطم يحرم » (3).

4671 - وروي عن أيوب بن نوح قال : « كتب علي بن شعيب إلى أبي الحسن عليه السلام امرأة أرضعت بعض ولدي هل يجوز لي أن أتزوج بعض ولدها؟ فكتب : لا يجوز ذلك لان ولدها قد صار بمنزلة ولدك » (4).

4672 - و « كتب عبد اللّه بن جعفر الحميري إلى أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام في امرأة أرضعت ولد الرجل أيحل لذلك الرجل أن يتزوج ابنة هذه المرضعة أم لا؟ فوقع عليه السلام : لا يحل ذلك له » (5).

4673 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لو أن رجلا تزوج جارية رضيعة فأرضعتها امرأته فسد النكاح » (6).

ص: 476


1- رواه الكليني في الصحيح في صدر حديث ، والفطام : فصل الولد عن الرضاع من الفطم ، والصبي فطيم.
2- قال الفاضل التفرشي : فيه نظر لان الفطام قد يكون بعد الحولين كما يستفاد من الحديث الآتي ، نعم لو كان المراد بالفطام وقت الفطام لتم الكلام لكنه غير ظاهر.
3- هذا الخبر موافق لمذهب العامة وقد خرج مخرج التقية ، أو المراد بالحولين المدة من وضع المرضعة دون وضع أم الرضيع.
4- يدل على عدم جواز نكاح أب المرتضع في أولاد المرضعة نسبا. ( م ت )
5- رواه الكليني في الصحيح ، ويدل على حرمة أولاد المرضعة على أب المرتضع كما هو المشهور خلافا للشيخ. ( المرآة )
6- يدل على أنه إذا كان لرجل زوجتان كبيرة وصغيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة انفسخ نكاحهما ، وذلك لامتناع الجمع بين الام والبنت في النكاح.

4674 - وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يتزوج المرأة فتلد منه ثم ترضع من لبنها جارية أيصلح لولده من غيرها أن يتزوج تلك الجارية التي أرضعتها؟ قال : لاهي بمنزلة الأخت من الرضاعة لان اللبن لفحل واحد » (1).

4675 - وروى حريز ، عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يحرم من الرضاع إلا ما كان مجبورا ، قال : قلت : وما المجبور؟ قال : أم تربي ، أو ظئر تستأجر ، أو أمة تشترى » (2).

4676 - وروى العلاء بن رزين عن أبي عبد اللّه قال : « لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضع من ثدي واحد سنة » (3).

4677 - وروى عبيد بن زرارة ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرضاع فقال : لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضع من ثدي واحد حولين كاملين ».

4678 - وروى عبد اللّه بن زرارة ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا

ص: 477


1- يدل على أن اتحاد الفحل يكفي في التحريم وان تعددت المرضعة ، وعليه فتوى الأصحاب.
2- هذه الرواية جاءت بألفاظ مختلفة مع تغاير المعنى رواها الشيخ في التهذيب بسند ضعيف جدا عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام هكذا « لا يحرم من الرضاع الا المجبورة أو خادم أو ظئر قد رضع عشر رضعات يروى الصبي وينام ». فجعل المجبورة في هذا الخبر صفة لامرأة مغايرة للخادم والظئر فيكون هي الام ولم يشترط في الظئر الاستيجار مع أن المجبور في رواية المتن صفة للرضاع مفسرا بإحدى الثلاث واشترط في الظئر الاستيجار. ثم إن ما فيها من الحصر أيضا ممنوع لاجماع الأصحاب على أن المرضعة التي ينشر رضاعها الحرمة لا تنحصر فيمن ذكر فان المتبرعة خارجة عن الحصر ورضاعها ينشر الحرمة اجماعا ورواها الشيخ تارة أخرى بلفظ آخر مغاير لكلتا الروايتين.
3- فيه اشعار بأنه لابد من الارتضاع بالثدي خلافا لابن الجنيد. والظاهر أن المصنف يقول بعدم نشر الحرمة إذا كان الرضاع أقل من سنة أو سنتين ، وقال ابن الجنيد يحصل الرضاع برضعة تامة ، فما أبعد ما بينهما من البون.

يحرم من الرضاع إلا ما كان حولين كاملين » (1).

4679 - وفي رواية السكوني قال : كان علي عليه السلام يقول : « انهوا نساءكم أن يرضعن يمينا وشمالا فإنهن ينسين (2).

4680 - وروى فضيل ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « عليكم بالوضاء (3) من الظؤورة فإن اللبن يعدي ».

4681 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن امرأة زنت هل تصلح أن تسترضع؟ قال : لا تصلح ولا لبن ابنتها التي ولدت من الزنا » (4).

4682 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا تسترضعوا الحمقاء فإن اللبن يعدي وإن الغلام ينزع إلى اللبن - يعني إلى الظئر في الرعونة والحمق - » (5).

ص: 478


1- اختلف الأصحاب في حد الرضاع المحرم لا طلاق الآية واختلاف الروايات فذهب بعضهم إلى عشر رضعات وبعضهم إلى خمس رضعة وكما عرفت أن ابن الجنيد يقول برضعة كاملة ولكن لا خلاف في نشر الحرمة بما أنبت اللحم وشد العظم ، وقالوا برجوع ذلك إلى العرف وما يستفاد من الاخبار أن الرضعة والرضعتين لا يحرم ردا على العامة القائلين بتحقق التحريم بمسمى الرضاع لظاهر الآية.
2- قوله عليه السلام « انهوا » أمر من النهى أي امنعوهن عن كثرة الارضاع ، والمراد باليمين والشمال اما أولاد الناس الذين كانوا في جوارهن يمينا وشمالا ، أو أيديهن يمينا وشمالا فكان يمينهن مشغولة بارضاع أحد وشمالهن بارضاع آخر وذلك يوجب نسيانهن فربما يقع النكاح فيذكرن بعد سنين ، فيشكل الامر من حصول الأولاد وصعوبة الفراق.
3- الوضاء - بالضم - الحسن النظيف.
4- مروى في الكافي ج 6 ص 44 في الصحيح ، والنهى تنزيهي حمله الأصحاب على الكراهة ، ولا خلاف في أن اللبن الحادث من الزنا لا ينشر الحرمة لان الزنا لا حرمة له ولا يلحق به النسب.
5- الظاهر أن التفسير من الراوي ولو أبقى على عمومه بحيث يشمل الام أولى ( م ت ) أقول : نزع إليه أي أشبهه ، والرعونة الحمق والاسترخاء ، ويدل على كراهة استرضاع الحمقاء وعلى تأثير اللبن.

4683 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : « سألته عن رجل دفع ولده إلى ظئر يهودية أو نصرانية أو مجوسية ترضعه في بيتها أو ترضعه في بيته؟ قال : ترضعه لك اليهودية والنصرانية وتمنعها من شرب الخمر وما لا يحل مثل لحم الخنزير ولا يذهبن بولدك إلى بيوتهن ، والزانية لا ترضع ولدك فإنه لا يحل لك ، والمجوسية لا ترضع لك ولدك إلا أن تضطر إليها » (1).

4684 - وروى حريز ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحب إلى من لبن ولد الزنا (2) ، وكان لا يرى بأسا بلبن ولد الزنا إذا جعل مولى الجارية الذي فجر بالجارية في حل » (3).

4685 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن امرأة در لبنها من غير ولادة فأرضعت جارية وغلاما بذلك اللبن هل يحرم بذلك اللبن ما يحرم من الرضاع؟ قال : لا » (4).

4686 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : « وجور الصبي اللبن بمنزلة الرضاع » (5).

ص: 479


1- يدل على جواز استرضاع اليهودية والنصرانية وحملت أخبار النهى على الكراهة قال المحقق في النافع ولو اضطر إلى الكافرة استرضع ويمنعها من شرب الخمر ولحم الخنزير ويكره تمكينها من حمل الولد إلى منزلها ، ويكره استرضاع المجوسية ومن لبنها من زنا.
2- يحتمل أن يكون المراد به ولدها من الزنا ويكون المراد باللبن لبن الزانية الحاصل بالزنا ، أو يكون المراد المرضعة بقرينة اقترانه باليهودية والنصرانية ، وفى بعض النسخ « من لبن أم ولد الزنا » وفى نسخة « من لبن ابن ولد الزنا » والظاهر كلمة الام أو الابن من تفسير الشراح جعلوهما فوق السطر في نسخهم والنساخ بعد توهموا أنها جزء المتن وفى الاستبصار والكافي والتهذيب كما في المتن.
3- قال الشيخ في الاستبصار : إنما يؤثر تحليل صاحب الجارية الفاجرة في تطييب اللبن لا أن ما وقع من الزنا القبيح يصير حسنا مباحا.
4- الظاهر أنه لا خلاف في ذلك بين الأصحاب ، لكن هل يشترط انفصال الولد أم يكفي كونه حملا ففيه خلاف ، وربما يستدل على اشتراطه بهذا الخبر وفيه نظر.
5- الوجور : الصب في الحلق بأن لا يمص الثدي. والخبر محمول على التقية لموافقته الحنفي والشافي ويعارض الاخبار الاخر.

4687 - وقال عليه السلام : « لا تجبر الحرة على إرضاع الولد وتجبر أم الولد » (1).

ومتى وجد الأب من يرضع الولد بأربعة دراهم وقالت الام : لا أرضعه إلا بخمسة دراهم ، فإن له أن ينزعه منها إلا أن الأصلح له والأرفق به أن يتركه مع أمه (2) ، وقال اللّه عزوجل : « وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ».

4688 - وقضى أمير المؤمنين عليه السلام « في رجل توفي وترك صبيا واسترضع له أن أجر رضاع الصبي مما يرث من أبيه وأمه » (3).

4689 - وفي رواية السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام أتاه رجل فقال : إن أمتي أرضعت ولدي وقد أردت بيعها ، قال : خذ بيدها وقل : من يشتري مني أم ولدي » (4).

باب 459: التهنئة بالولد

4690 - وقال الصادق عليه السلام : « رجل هنأ رجلا أصاب ابنا فقال : يهنيك الفارس ، فقال له الحسن بن علي عليه السلام : ما علمك أن يكون فارسا أو راجلا؟! فقال له : جعلت فداك فما أقول؟ قال : تقول : شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب

ص: 480


1- رواه الكليني في الحسن كالصحيح ج 6 ص 41 ، ويدل على عدم جواز اجبار الحرة على الرضاع وجواز اجبار المولى أمته عليه ، ولا خلاف فيهما بين الأصحاب.
2- روى الكليني ج 6 ص 45 في الموثق عن داود بن الحصين في ذيل خبر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « فان وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم وقالت الام لا أرضعه الا بخمسة دراهم ، فان له أن ينزعه منها الا أن ذلك خير له وأرفق به أن يترك مع أمه ».
3- رواه الكليني في الحسن كالصحيح ويدل على أن نفقة الولد إنما يجب على الوالد إذا لم يكن للولد شئ ومع وجوده فمن ماله وأجرة الرضاع منه. ( م ت )
4- كأنه عليه السلام شنعه في ذلك الفعل وحمل على الكراهة. ويدل على أن أم الولد من الرضاع كأم الولد من النسب.

وبلغ أشده ، ورزقت بره ». (1)

باب 460: فضل الأولاد

4691 - في رواية السكوني قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة » (2).

4692 - وقال الصادق عليه السلام : « ميراث اللّه من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له ».

4693 - وقال أبو الحسن عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا لم يمته حتى يريه الخلف ».

4694 - وروي « أن من مات بلا خلف فكأن لم يكن في الناس ، ومن مات وله خلف فكأن لم يمت ».

4695 - وروى أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « البنات حسنات والبنون نعمة فالحسنات يثاب عليها والنعمة يسأل عنها ».

4696 - و « بشر النبي صلى اللّه عليه وآله بابنة فنظر في وجوه أصحابه فرأى الكراهة فيهم ، فقال : مالكم! ريحانة أشمها ورزقها على اللّه عزوجل ، وكان عليه السلام أبا بنات » (3).

ص: 481


1- مروى في الكافي في الضعيف ج 6 ص 17 وقوله « ما علمك » قيل إن المعنى من أين علمت أن كونه فارسا أصلح له من كونه راجلا.
2- رواه الكليني ج 6 ص 3 في الضعيف عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله.
3- روى الكليني في القوى عن الجارود بن المنذر قال : « قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : بلغني أنه ولد لك ابنة فتسخطها وما عليك منها ، ريحانة تشمها ، وقد كفيت رزقها ، وقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أبا بنات ».

4697 - وقال علي عليه السلام « في المرض يصيب الصبي : إنه كفارة لوالديه ».

4698 - وقال الصادق عليه السلام : « إن اللّه عزوجل ليرحم الرجل لشدة حبه لولده ».

4699 - وقال عمر بن يزيد : « إن لي بنات ، فقال : لعلك تتمنى موتهن أما إنك إن تمنيت موتهن ومتن لم تؤجر يوم القيامة ولقيت ربك حين تلقاه وأنت عاص ».

4700 - وروى حمزة بن حمران بإسناده « أنه أتى رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وعنده رجل فأخبره بمولود له فتغير لون الرجل فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : مالك؟ قال : خير ، قال : قل ، قال : خرجت والمرأة تمخض فأخبرت أنها ولدت جارية فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله الأرض تقلها ، والسماء تظلها ، واللّه يرزقها ، وهي ريحانة تشمها ، ثم أقبل على أصحابه فقال : من كان له ابنة واحدة فهو مقروح (1) ومن كان له ابنتان فيا غوثاه باللّه ، ومن كان له ثلاث بنات وضع عنه الجهاد وكل مكروه ، ومن كان له أربع بنات فيا عباد اللّه أعينوه ، يا عباد اللّه أقرضوه ، يا عباد اللّه ارحموه ».

4701 - وقال عليه السلام : « من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنة قيل : يا رسول اللّه واثنتين ، قال : واثنتين ، قيل : يا رسول اللّه وواحدة؟ قال : وواحدة ».

4702 - وقال الصادق عليه السلام : « من عال ابنتين أو أختين أو عمتين أو خالتين حجبتاه من النار ».

4703 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا أصاب الرجل ابنة بعث اللّه عزوجل إليها ملكا فأمر جناحه على رأسها وصدرها ، وقال : ضعيفة خلقت من ضعف ، المنفق عليها معان ».

ص: 482


1- كذا وفى الكافي « فهو مقدوح » وفدحه الدين - كمنعه - : أثقله ، والمفدوح ذو التعب ، وفوادح الدهر : خطوبه.

4704 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « اعلموا أن أحدكم يلقى سقطه محبنطئا (1) على باب الجنة حتى إذا رآه أخذ بيده حتى يدخله الجنة ، وإن ولد أحدكم إذا مات اجر فيه ، وإن بقي بعده استغفر له بعد موته ».

4705 - وقال عليه السلام : « أحبوا الصبيان وارحموهم وإذا وعدتموهم ففوا لهم فإنهم لا يرون ألا أنكم ترزقونهم ».

4706 - وروى رفاعة بن موسى عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يكون له بنون وأمهم ليست بواحدة أيفضل أحدهم على الاخر؟ قال : نعم لا بأس به ، [ و ] قد كان أبي عليه السلام يفضلني على عبد اللّه ».

4707 - وفي رواية السكوني قال : « نظر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلى رجل له ابنان فقبل أحدهما وترك الاخر ، فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله : فهلا واسيت بينهما » (2).

4708 - وقال عليه السلام : « يلزم الوالدين من عقوق الولد ما يلزم الولد لهما من العقوق ».

4709 - وقال الصادق عليه السلام : « بر الرجل بولده بره بوالديه » (3).

4710 - وفي خبر آخر قال : « قال النبي صلى اللّه عليه وآله : من كان عنده صبي

ص: 483


1- المحبنطئ : الممتلئ غيظا ، والمستبطئ للشئ.
2- قال الفاضل التفرشي : ينبغي حمله على ما إذا فضل أحدهما على الاخر ولم يكن له فضل عليه في نفس الامر ويحزن الاخر من ذلك ، والحديث السابق يحمل على ما إذا كان للمفضل فضل أو لم يحزن المفضل عليه من تفضيل الاخر عليه ، ويمكن الجمع أيضا بحمل الحديث الأول على التفضيل في المحبة ، ولعل المواساة هنا ضمنت معنى التسوية بقرينة تعلقها ببين.
3- يمكن حمله على التشبيه البليغ أي مثل بره بوالديه في الحسن وترتب الثواب عليه وعلى أن بره يوجب سرور الوالدين وان كانا قد ماتا لان الميت كثيرا ما يطلع على أحوال أهاليه ويحصل له السرور والحزن بذلك. ( مراد )

فليتصاب له » (1).

4711 - وقال عليه السلام : « من نعم اللّه عزوجل على الرجل أن يشبهه ولده ».

4712 - وقال الصادق عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى إذا أراد أن يخلق خلقا جمع كل صورة بينه وبين آدم ثم خلقه على صورة إحديهن ، فلا يقولن أحد لولده هذا لا يشبهني ولا يشبه شيئا من آبائي ».

باب 461: العقيقة والتحنيك والتسمية والكني وحلق رأس المولود وثقب أذنيه والختان

4713 - روى عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : « كل امرئ مرتهن يوم القيامة بعقيقته ، والعقيقة أوجب من الأضحية » (2).

4714 - وفي رواية أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كل إنسان مرتهن بالفطرة (3) وكل مولود مرتهن بالعقيقة ».

4715 - وروي عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « واللّه ما أدرى أكان أبي عق عني أم لا ، فأمرني عليه السلام فعققت عن نفسي وأنا شيخ ».

4716 - وفي رواية علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح عليه السلام قال : « العقيقة واجبة إذا ولد للرجل ولد فإن أحب أن يسميه من

ص: 484


1- أي فليلعب معه كالصبيان ، وصبي صباء مثل سمع سماعا أي لعب مع الصبيان ، وفى الكافي ج 6 ص 49 في الحسن كالصحيح عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « من كان له ولد صبا » أي فعل فعل الصبي.
2- رواه الكليني ج 6 ص 25 وليس فيه « يوم القيامة » والعقيقة : الذبيحة التي تذبح عن المولود ، وأصل العق : الشق ، وقيل للذبيحة : عقيقة لأنها يشق حلقها. ( النهاية )
3- أراد بالفطرة زكاتها ، والظاهر من الارتهان أنه يطالب ويمنع عن الثواب.

يومه فعل » (1).

4717 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « العقيقة لازمة لمن كان غنيا ، ومن كان فقيرا إذا أيسر فعل ، فإن لم يقدر على ذلك فليس عليه شئ وإن لم يعق عنه حتى ضحى عنه فقد أجزأته الأضحية ، وكل مولود مرتهن بعقيقته وقال في العقيقة : يذبح عنه كبش ، فإن لم يوجد كبش أجزأه ما يجزي في الأضحية وإلا فحمل أعظم ما يكون من حملان السنة » (2).

4718 - وفي رواية محمد بن مارد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن العقيقة فقال : شاة أو بقرة أو بدنة ، ثم يسمي ويحلق رأس المولود يوم السابع ، ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة فإن كان ذكرا عق عنه ذكرا ، وإن كان أنثى عق عنها أنثى ».

4719 - و « عق أبو طالب - رحمه اللّه - عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يوم السابع فدعا آل أبي طالب فقالوا : ما هذه؟ فقال : عقيقة أحمد قالوا : لأي شئ سميته أحمد؟ قال سميته أحمد لمحمدة أهل السماء والأرض له » (3).

ص: 485


1- لا خلاف بين الأصحاب في وقتها وهو اليوم السابع ، واختلف في حكمها وقال السيد وابن الجنيد : انها واجبة وادعى السيد عليه الاجماع ، وهو ظاهر المؤلف والكليني ، وذهب الشيخ ومن تأخر عنه إلى الاستحباب ، والظاهر أن المراد بقوله « العقيقة واجبة » هي سنة مؤكدة.
2- أي وان لم يوجد ما يجزى في الأضحية - وهو ما كان له سبعة أشهر من أولاد الضان وما كان له سنة من أولاد المعز - فيجزى حمل هو أعظم حملان تلك السنة التي ولد فيها المولود أي من أعظمها ، والحملان - بضم المهملة - جمع حمل - بفتحتين - وهو من أولاد الضأن ( مراد ) أقول : العقيقة ليست بمنزلة الأضحية وانها تجزى ما كانت كما في خبر مرازم في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : « العقيقة ليست بمنزلة الهدى خيرها أسمنها »
3- رواه الكليني ج 6 ص 34 مسندا ، وعن أبي السائب ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام.

ويجوز أن يعق عن الذكر بأنثى ، وعن الأنثى بذكر (1).

وقد روي أنه يعق عن الذكر بأنثيين ، وعن الأنثى بواحدة (2) وما استعمل من ذلك فهو جائز ، والأبوان لا يأكلان من العقيقة وليس ذلك بمحرم عليهما ، وإن أكلت منه الام لم ترضعه ، وتطعم القابلة الرجل منها بالورك ، وإن كانت القابلة أم الرجل أو في عياله فليس لها شئ وإن شاء قسمها أعضاء كما هي ، وإن شاء طبخها وقسم معها خبزا ومرقا ولا يعطيها إلا لأهل الولاية (3).

4720 - وفي رواية عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن كانت القابلة يهودية لا تأكل من ذبيحة المسلمين أعطيت ربع قيمة الكبش يشترى ذلك منها » (4).

4721 - وفي رواية عمار أيضا « أنه يعطى القابلة ربعها ، فإن لم تكن قابلة فلامه تعطيها من شاءت وتطعم منها عشرة من المسلمين فإن زاد فهو أفضل ».

4722 - وروي « أن أفضل ما يطبخ به ماء وملح ».

4723 - قال عمار الساباطي : « وسئل عن العقيقة إذا ذبحت هل يكسر عظمها

ص: 486


1- رواه في الكافي في الصحيح عن المنصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « العقيقة في الغلام والجارية سواء » وعن سماعة قال « سألته عن العقيقة فقال : في الذكر والأنثى سواء ، وفى معناه عن ابن مسكان وأبى بصير عنه عليه السلام.
2- لم أجده في مظانه.
3- في الكافي ج 6 ص 32 في الصحيح عن أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يأكل هو ولا أحد من عياله من العقيقة ، قال : وللقابلة الثلث من العقيقة ، فان كانت القابلة أم الرجل أو في عياله فليس لها منها شئ ، وتجعل أعضاء ، ثم يطبخها ويقسمها ولا يعطيها الا أهل الولاية ، وقال : يأكل العقيقة كل أحد الا الام ».
4- مروى في الكافي في ذيل حديث هكذا « وان كانت القابلة يهودية لا تأكل ذبيحة المسلمين أعطيت قيمة ربع الكبش » يعنى تعطى إياها وتشترى منها.

قال : نعم يكسر عظمها ويقطع لحمها ، وتصنع بها بعد الذبح ما شئت » (1).

4724 - وسأل إدريس بن عبد اللّه القمي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن مولود يولد فيموت يوم السابع هل يعق عنه؟ قال : إن كان مات قبل الظهر لم يعق عنه ، وإن [ كان ] مات بعد الظهر عق عنه » (2).

4725 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أردت أن تذبح العقيقة قلت : « يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، اللّهم منك ولك بسم اللّه واللّه أكبر ، اللّهم تقبل (3) من فلان بن فلان « وتسمي المولود باسمه ثم تذبح ».

4726 - وفي حديث آخر (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يقال عند العقيقة :  «اللّهم منك ولك ما وهبت ، وأنت أعطيت ، اللّهم فتقبله منا على سنة نبيك» وتستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم ، وتسمي وتذبح وتقول : « لك سفكت الدماء ، لا شريك لك ، والحمد لله رب العالمين ، اللّهم اخسأ عنا الشيطان الرجيم ».

وأما الختان فإنه سنة في الرجال ومكرمة في النساء (5).

4727 - وروى غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : لا بأس أن لا تختتن المرأة ، فأما الرجل فلابد منه ».

ص: 487


1- يدل على جواز كسر العظم ولا ينافي قول أبى عبد اللّه عليه السلام في رواية الكاهلي المروية في الكافي « يعطى القابلة الرجل مع الورك ولا يكسر العظم » حيث إنه محمول على الكراهة أو أن ما يعطى القابلة لا يكسر عظمه.
2- رواه الكليني ج 6 ص 39 في الصحيح وعليه عمل الأصحاب. ( المرآة )
3- في الكافي « اللّهم صل على محمد وآل محمد وتقبل - الخ ».
4- رواه الكليني ج 6 ص 39 مسندا عن محمد بن مارد عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- روى الكليني ج 6 ص 37 بسند مرسل عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الختان في الرجل سنة ، ومكرمة في النساء ».

4728 - وكتب عبد اللّه بن جعفر الحميري إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام « أنه روى عن الصالحين عليهما السلام (1) أن اختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا ، فإن الأرض تضج إلى اللّه عزوجل من بول الأغلف (2) وليس جعلني اللّه فداك لحجامي بلدنا حذق بذلك ولا يختنونه يوم السابع وعندنا حجام من اليهود فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين أم لا؟ فوقع عليه السلام : يوم السابع فلا تخالفوا السنن إن شاء اللّه » (3).

4729 - وروي عن مرازم بن حكيم الأزدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الصبي إذا ختن قال يقول : « اللّهم هذه سنتك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله واتباع منا لك ولنبيك (4) بمشيتك وبإرادتك ، وقضائك لأمر أنت أردته (5) وقضاء حتمته وأمر أنفذته فأذقته حر الحديد في ختانه وحجامته لأمر أنت أعرف به مني ، اللّهم فطهره من الذنوب ، وزد في عمره ، وادفع الآفات عن بدنه ، والأوجاع عن جسمه ، وزده من الغنى ، وادفع عنه الفقر ، فإنك تعلم ولا نعلم « وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : أي رجل لم يقلها عند ختان ولده فليقلها عليه من قبل أن يحتلم ، فإن قالها كفي حر الحديد من قتل أو غيره ».

ويستحب إذا ولد المولود أن يؤذن في أذنه الأيمن ويقام في الأيسر ويحنك بماء الفرات ساعة يولد إن قدر عليه (6).

ص: 488


1- في الكافي ج 6 ص 35 « أنه روى عن الصادقين عليهما السلام ».
2- الأغلف غير المختون.
3- يعنى أن المهم فيه إنما هو وقوعه يوم السابع ، وأما اسلام الحجام فليس بمهم. ( الوافي )
4- في بعض النسخ « وكتبك » بدل « ولنبيك ».
5- في بعض النسخ « بقضائك لأمر أردته ».
6- روى الكليني ج 6 ص 23 باسناده المعروف عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه عليه وآله : من ولد له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة وليقم في اليسرى فإنها عصمة من الشيطان الرجيم ». والحنك - محركة - : باطن أعلى الفم ، والتحنيك ما يصنع للمولود عند ولادته من وضع شئ حلو بعد مضغه أو وضع التربة الحسينية أو ماء الفرات في فمه ليصل ذلك إلى جوفه. وروى الكليني عن أبي جعفر عليه السلام قال : « يحنك المولود بماء الفرات ويقام في أذنه » وفى رواية أخرى « حنكوا أولادكم بماء الفرات وبتربة الحسين عليه السلام فإن لم يكن فبماء السماء ».

4730 - وروي عن هارون بن مسلم قال : « كتبت إلى صاحب الدار عليه السلام : ولد لي مولود وحلقت رأسه ووزنت شعره بالدراهم وتصدقت به ، قال : لا يجوز وزنه إلا بالذهب أو الفضة وكذا جرت السنة » (1).

4731 - وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام : « ما العلة في حلق رأس المولود؟ قال : تطهيره من شعر الرحم » (2).

4732 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن مولود لم يحلق رأسه يوم السابع ، فقال : إذا مضى سبعة أيام فليس عليه حلق » (3).

4733 - وفي رواية السكوني قال : « قال النبي صلى اللّه عليه وآله : يا فاطمة اثقبي اذني الحسن والحسين خلافا لليهود » (4).

ص: 489


1- المراد بصاحب الدار صاحب الامر عليه السلام ظاهرا ويحتمل كونه أبا محمد وأبا الحسن صلوات اللّه عليهما باعتبار كونهما محبوسين ( بالعسكر ) في دار سر من رأى التي هي مزارهما صلوات اللّه عليهما ، وقوله « كذا جرت السنة » كما في الاخبار من عدم ذكر الدرهم بل الفضة والورق وهذا الخبر مبينها كما ذكره الأصحاب وان أمكن أن يكون جوابه عليه السلام تقريرا لفعله مع زيادة افاده أنه لا يجوز غير المذهب والفضة. ( م ت )
2- رواه المصنف في العلل في الصحيح عن صفوان بن يحيى عمن حدثه عنه عليه السلام.
3- رواه الكليني في الصحيح ويدل على أنه لا حلق ولا تصدق بعد السابع ، ويمكن أن يكون محمولا على نفى الكمال تحريصا على فعله في السابع والعمل على الأول. ( م ت )
4- اعلم أن المصنف - رحمه اللّه - ذكر في العنوان التسمية والكنى ولم يذكر أخبارهما فان أردت الاخبار في ذلك فراجع الكافي ج 6 ص 18 وكتاب الوسائل أبواب أحكام الأولاد ب 21 إلى 30.

باب 462: حال من يموت من أطفال المؤمنين

4734 - روى أبو زكريا ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا مات طفل من أطفال المؤمنين نادى مناد في ملكوت السماوات والأرض ألا إن فلان ابن فلان قد مات ، فإن كان مات والداه أو أحدهما أو بعض أهل بيته من المؤمنين دفع إليه يغذوه وإلا دفع إلى فاطمة عليهما السلام تغذوه حتى يقدم أبواه أو أحدهما أو بعض أهل بيته فتدفعه إليه ».

4735 - وفي رواية الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن اللّه تبارك وتعالى كفل إبراهيم وسارة أطفال المؤمنين يغذوانهم بشجرة في الجنة لها أخلاف (1) كأخلاف البقر في قصر من درة ، فإذا كان يوم القيامة ألبسوا وطيبوا واهدوا إلى آبائهم ، فهم ملوك في الجنة مع آبائهم وهو قول اللّه عزوجل : « والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم » (2).

4736 - وفي رواية أبي بكر الحضرمي قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم (3) « قال : قصرت الأبناء عن أعمال الاباء فألحق اللّه الأبناء بالاباء لتقر بذلك أعينهم ».

4737 - وسأل جميل بن دراج أبا عبد اللّه عليه السلام « عن أطفال الأنبياء عليهم السلام ، فقال : ليسوا كأطفال الناس ».

4738 - و « سأله عن إبراهيم بن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لو بقي كان صديقا نبيا؟ قال : لو بقي كان على منهاج أبيه صلى اللّه عليه وآله ».

ص: 490


1- الخلف - بكسر - : حلمة ضرع الناقة جمعه أخلاف.
2- في بعض النسخ « واتبعناهم ذرياتهم » ، و « ألحقنا بهم ذرياتهم » كما في قراءة بعض.
3- في بعض النسخ « واتبعناهم ذرياتهم » ، و « ألحقنا بهم ذرياتهم » كما في قراءة بعض.

4739 - وفي رواية عامر بن عبد اللّه قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « كان على قبر إبراهيم بن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عذق يظله من الشمس حيثما دارت ، فلما يبس العذق ذهب أثر القبر فلم يعلم مكانه ».

4740 - وقال عليه السلام : « مات إبراهيم وله ثمانية عشر شهرا فأتم اللّه رضاعه في الجنة ».

4741 - وقال عليه السلام في قول اللّه عزوجل : « وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما » قال : أبدلهما اللّه عزوجل مكان الابن ابنة فولد منها سبعون نبيا ».

باب 463: حال من يموت من أطفال المشركين والكفار

4742 - روى وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : أولاد المشركين مع آبائهم في النار ، وأولاد المسلمين مع آبائهم في الجنة » (1).

4743 - وروى جعفر بن بشير ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أولاد المشركين يموتون قبل أن يبلغوا الحنث؟ قال : كفار ، واللّه أعلم بما كانوا عاملين يدخلون مداخل آبائهم » (2).

ص: 491


1- تقدم أن أبا البختري وهب بن وهب ضعيف كذاب ، وتعذيب غير المكلف قبيح عقلا.
2- الحنث هو الاثم وبلغ الغلام الحنث أي المعصية والطاعة. والسؤال عن أحكامهم من الغسل والكفين والصلاة والدفن ، والجواب أن حكمهم حكم الكفار ، يدفنون مع آبائهم أي في مقابرهم ، وقوله عليه السلام : « واللّه أعلم بما كانوا عاملين » أي كفوا عنهم ولا تقولوا فيهم شيئا ورد واعلم ذلك إلى اللّه تعالى. كما في خبر زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام المروى في الكافي ج 3 ص 249

4744 - وقال عليه السلام : « تؤجج لهم نار فيقال لهم : ادخلوها فإن دخلوها كانت عليهم بردا وسلاما ، وإن أبوا قال اللّه عزوجل لهم : هو ذا أنا قد أمرتكم فعصيتموني ، فيأمر اللّه عزوجل بهم إلى النار » (1).

4745 - وفي رواية حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا كان يوم القيامة احتج اللّه على سبعة : على الطفل ، والذي مات بين النبيين ، والشيخ الكبير الذي أدرك النبي صلى اللّه عليه وآله وهو لا يعقل ، والأبله ، والمجنون الذي لا يعقل ، والأصم والأبكم ، كل واحد منهم يحتج على اللّه عزوجل قال : فيبعث اللّه عزوجل إليهم رسولا فيؤجج لهم نارا فيقول : إن ربكم يأمركم أن تثبوا فيها فمن وثب فيها كانت عليه بردا وسلاما ، ومن عصى سيق إلى النار ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذه الأخبار متفقة وليست بمختلفة وأطفال المشركين والكفار مع آبائهم في النار لا يصيبهم من حرها لتكون الحجة أوكد عليهم متى أمروا يوم القيامة بدخول نار تؤجج لهم مع ضمان السلامة متى لم يثقوا به ولم يصدقوا وعده في شئ قد شاهدوا مثله (2).

باب 464: تأديب الولد وامتحانه

4746 - قال الصادق عليه السلام : « دع ابنك يلعب سبع سنين ، ويؤدب سبع سنين والزمه نفسك سبع سنين ، فإن أفلح وإلا فإنه ممن لا خير فيه » (3).

ص: 492


1- رواه الكليني في الضعيف المرفوع عن بعضهم عليهم السلام. وتأجيج النار اشتعالها والهابها ، يقال : أججتها تأجيجا.
2- لا خلاف في أن الأطفال المؤمنين يدخلون الجنة ويلحقون بآبائهم ، وإنما الخلاف في أطفال الكفار أهم أهل الجنة أم أهل النار ، والمسألة قليلة الجدوى ، وليس فيها قول نعتمد عليه ويوافق ظاهر الروايات. فنرد علمها إلى أهله.
3- رواه الكليني بسند فيه ارسال ج 6 ص 44.

4747 - وكان جابر بن عبد اللّه الأنصاري يدور في سكك الأنصار بالمدينة وهو يقول : علي خير البشر فمن أبى فقد كفر ، يا معاشر الأنصار أدبوا أولادكم على حب علي ، فمن أبى فانظروا في شأن أمه » (1).

4748 - وقال الصادق عليه السلام : « من وجد برد حبنا على قلبه فليكثر الدعاء لامه فإنها لم تخن أباه » (2).

وكان الصبي على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا وقع الشك في نسبه عرضت عليه ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فإن قبلها ألحق نسبه بمن ينتمي إليه وإن أنكرها نفي (3).

4749 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « يربى الصبي (4) سبعا ويؤدب سبعا ، ويستخدم سبعا ، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة ، وعقله في خمس وثلاثين [ سنة ] وما كان بعد ذلك فبالتجارب ».

4750 - وفي رواية حماد بن عيسى قال (5) : « يشب الصبي كل سنة أربع أصابع بإصبع نفسه ».

4751 - وروى صالح بن عقبة قال : سمعت العبد الصالح عليه السلام يقول : « تستحب

ص: 493


1- أي فمن أبى من الأولاد فهو لعلة كانت من قبل أمه ، وهذا الكلام رواه العامة بطريق متكثرة مذكورة في مسند أحمد بن حنبل وفردوس الاخبار ومسند فخر خوارزم وغيرها ، و نقل من طرقهم عن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بسبع طرق : « يا معشر الأنصار أدبوا أولادكم على حب علي عليه السلام » أقول : ورواه المصنف في العلل.
2- رواه المصنف في علل الشرايع في القوى عن المفضل بن عمر.
3- ينتمى أن ينتسب والانتماء الانتساب.
4- في مكارم الأخلاق « يرخى الصبي سبعا » وكذا في البحار.
5- مروى في الكافي ج 6 ص 46 مسندا عن حماد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « يشب - الخ ».

عرامة الغلام في صغره ليكون حليما في كبره » (1).

4752 - و « سأل رجل النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : ما بالنا نجد بأولادنا ما لا يجدون بنا (2)؟ قال : لأنهم منكم ولستم منهم » (3).

4753 - وسئل الصادق عليه السلام « لم أيتم اللّه نبيه محمدا صلى اللّه عليه وآله؟ قال : لئلا يكون لاحد عليه طاعة » (4).

كتاب الطلاق

باب 465: وجوه الطلاق

الطلاق على وجوه ، ولا يقع شئ منها إلا على طهر من غير جماع بشاهدين عدلين ، والرجل مريد للطلاق غير مكره ولا مجبر ، فمنها طلاق السنة ، وطلاق العدة ، وطلاق الغائب ، وطلاق الغلام ، وطلاق المعتوه ، وطلاق التي لم يدخل بها ، وطلاق الحامل ، وطلاق التي لم تبلغ المحيض ، وطلاق التي قد يئست من المحيض ، وطلاق الأخرس ، وطلاق السر ، ومنه التخيير والمبارأة والنشوز والشقاق والخلع

ص: 494


1- عرامة الغلام بطره وميله إلى اللعب وبغضه للمكتب وشكاسة خلقه وهي مستحسن مطلوب لأنها تدل على عقله وفطانته في الكبر. وقيل : المراد استحباب حمله على الأمور الشاقة في الصغر ليوجب حلمه وعقله في الكبر. وزاد في الكافي « ثم قال : ما ينبغي الا هكذا ».
2- أي نحزن ونضطرب بسبب مرضهم وموتهم وابتلاءاتهم ما لا يحزنون بنا.
3- رواه المصنف في العلل في الحسن كالصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام.
4- رواه المصنف في العلل في الحسن كالصحيح عن محمد بن أبي عمير ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

والايلاء والظهار واللعان ، وطلاق العبد ، وطلاق المريض ، وطلاق المفقود ، والخلية والبرية والبتة والبائن ، والحرام (1) وحكم العنين.

باب 466: طلاق السنة

روي عن الأئمة عليهم السلام أن طلاق السنة هو أنه (2) إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته تربص بها حتى تحيض وتطهر ، ثم يطلقها في قبل عدتها (3) بشاهدين عدلين في موقف واحد بلفظة واحدة ، فإن أشهد على الطلاق رجلا وأشهد بعد ذلك الثاني لم يجز ذلك الطلاق إلا أن يشهدهما جميعا في مجلس واحد (4) ، فإذا مضت بها ثلاثة أطهار فقد بانت منه ، وهو خاطب من الخطاب والامر إليها إن شاءت تزوجته وإن شاءت فلا ، فإن تزوجها بعد ذلك تزوجها بمهر جديد ، فإن أراد طلاقها طلقها للسنة على ما وصفت ، ومتى طلقها طلاق السنة فجائز له أن يتزوجها بعد ذلك ، و سمي طلاق السنة طلاق الهدم متى استوفت قروؤها وتزوجها ثانية هدم الطلاق الأول (5)

ص: 495


1- أي يقول : أنت على حرام.
2- مأخوذ من عدة روايات رواها الكليني والشيخ جلها عن الصادقين عليهما السلام.
3- بضم القاف وسكون الباء : أي في اقبالها حين يتمكن من الدخول.
4- روى الكليني في الحسن كالصحيح ج 6 ص 71 عن البزنطي قال : « سألت أبا - الحسن عليه السلام عن رجل طلق امرأته على طهر من غير جماع وأشهد اليوم رجلا ثم مكث خمسة أيام ثم أشهد آخر ، فقال : إنما أمر أن يشهدا جميعا ».
5- ظاهره أنه لا يحسب من الثلاث التي تحرم بعدها المطلقة ويحتاج إلى المحلل وهذا مذهب ابن بكير حيث قال - على المحكى - : « لو فعل هذا مائة مرة بها هدم ما قبله وحلت بلا محلل ، نعم لو راجعها قبل أن ينقضي عدتها ثم يطلقها ثلاثا كذلك لم تحل بعد الثلاث الا بالمحلل ». وروى في ذلك رواية عن أبي جعفر عليه السلام خلافا للمشهور بل للاجماع حيث حكموا بالاحتياج إلى المحلل بعد الثلاث وان انقضى العدة ، والرواية التي نقلها ابن بكير شاذ حكم بشذوذه الشهيد في المسالك وقال : هذا الخبر بالاعراض عنه حقيق ، وظاهر المصنف اختيار مذهب ابن بكير لكن لم ينقل عنه.

وكل طلاق خالف السنة فهو باطل ، ومن طلق امرأته للسنة فله أن يراجعها ما لم تنقض عدتها ، فإذا انقضت عدتها بانت منه وكان خاطبا من الخطاب ، ولا تجوز شهادة النساء في الطلاق (1) ، وعلى المطلق للسنة نفقة المرأة والسكنى ما دامت في عدتها ، وهما يتوارثان حتى تنقضي العدة » (2).

4754 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة قال : قال أبو - عبد اللّه عليه السلام : « لا طلاق إلا على السنة ، إن عبد اللّه بن عمر طلق ثلاثا في مجلس وامرأته حائض (3) فرد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله طلاقه ، وقال : ما خالف كتاب اللّه رد إلى كتاب اللّه » (4).

4755 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجل قال لامرأته : إن تزوجت عليك أو بت عنك (5) فأنت طالق ، فقال : إن رسول - اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : من شرط شرطا سوى كتاب اللّه عزوجل لم يجز ذلك عليه ولا له (6) ،

ص: 496


1- روى الكليني ج 7 ص 391 في الموثق عن محمد بن مسلم قال : قال : « لا تجوز شهادة النساء في الهلال ولا في الطلاق - الخ ».
2- لكونها زوجته فتجب على الزوجة النفقة والسكنى وبينهما الميراث.
3- الطلاق في الحيض كان مخالفا لقوله تعالى « فطلقوهن لعدتهن » أي وقتها ، واللام للتوقيت بالاجماع عند الفريقين وهو الطهر الذي لم يواقعها فيه بالاجماع.
4- مضمون هذا الخبر متواتر في الصحيحين روى مسلم في صحيحه كتاب الطلاق تحت رقم 4 مسندا عن محمد ( ابن أخير الزهري ) عن عمه قال : أخبرنا سالم بن عبد اللّه أن عبد اللّه بن عمر قال : طلقت امرأتي وهي حائض ، فذكر ذلك عمر للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فتغبط رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ثم قال : « مره فليراجعها حتى تحيض حيضة أخرى مستقبلة سوى حيضتها التي طلقتها فيها ، فان بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا من حيضتها قبل أن يمسها فذلك الطلاق للعدة كما أمر اللّه ».
5- أي ان تزوجت عليك بزوجة تكون ضرة لك أو لم أكن ليلة عندك وأكون عند غيرك.
6- الظاهر أن هذا هو الطلاق باليمين ، وربما يطلق عليه الطلاق بالشرط ، وأجمع الأصحاب على بطلان الطلاق بهما. ( م ت )

قال : وسئل عن رجل قال : كل امرأة أتزوجها ما عاشت أمي فهي طالق ، فقال : لا طلاق إلا بعد نكاح ، ولا عتق إلا بعد ملك ».

4756 - وفي رواية النضر بن سويد ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « في رجل قال : امرأته طالق ومماليكه أحرار إن شربت حراما أو حلالا من الطلا (1) أبدا ، فقال : أما الحرام فلا يقربه أبدا إن حلف وإن لم يحلف ، وأما الطلا فليس له أن يحرم ما أحل اللّه (2) قال اللّه عزوجل : « يا أيها النبي لم تحرم ما أحل اللّه لك « فلا يجوز يمين في تحريم حلال ، ولا في تحليل حرام ، ولا في قطيعة رحم ».

4757 - وروى [ عن ] محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : « إني طلقت امرأتي للعدة بغير شهود ، فقال : ليس طلاقك بطلاق ، فارجع إلى أهلك » (3).

ولا يقع الطلاق بإكراه ولا إجبار (4) ولا على سكر ، ولا على غضب ، ولا يمين. (5)

ص: 497


1- الطلا : المطبوخ من عصير العنب ، وحرامه ما لم يذهب ثلثاه ، وحلالا ما ذهب ثلثاه ويصير دبسا ، والحرام حرام أبدا ولا يحتاج إلى التحريم باليمين الباطلة. ( م ت )
2- أي ليس له أن يحرم ما كان منه حلالا.
3- يدل على أنه يشترط في الطلاق أن يكون بمحضر عدلين يسمعانه ، والخبر في الكافي هكذا عن محمد بن مسلم « قدم رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة فقال : انى طلقت امرأتي بعد ما طهرت من محيضها قبل أن أجامعها ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أشهدت رجلين ذوي عدل كما أمر اللّه عزوجل ، فقال : لا ، فقال : اذهب فان طلاقك ليس بشئ ».
4- روى الكليني ج 6 ص 127 في الحسن كالصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن طلاق المكره وعتقه ، فقال : ليس طلاقه بطلاق ولا عتقه بعتق - الحديث ».
5- روى الكليني في الحسن كالصحيح على الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن طلاق السكران ، فقال : لا يجوز ولا كرامة » وفى القوى عن أبي الصباح الكناني عنه عليه السلام « قال : ليس طلاق السكران بشئ ». وعن يحيى بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سمعته يقول : لا يجوز الطلاق في استكراه ، ولا يجوز عتق في استكراه ، ولا يجوز يمين في قطيعة رحم ولا في شئ من معصية اللّه ، فمن حلف أو حلف في شئ من هذا وفعله فلا شئ عليه قال : وإنما الطلاق ما أريد به الطلاق من غير استكراء ولا اضرار على العدة والسنة على طهر بغير جماع وشاهدين فمن خالف هذا فليس طلاقه ولا يمينه بشئ يرد إلى كتاب اللّه عزوجل » ج 6 ص 127.

4758 - وروى بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : « إذا طلق الرجل امرأته وأشهد شاهدين عدلين في قبل عدتها فليس له أن يطلقها بعد ذلك حتى تنقضي عدتها أو يراجعها » (1).

4759 - وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام (2) فقال : « يا أمير المؤمنين إني طلقت امرأتي ، فقال : ألك بينة؟ فقال : لا ، فقال : أعزب » (3).

ص: 498


1- رواه الكليني بسند حسن وفيه « حتى تنقضي عدتها الا أن يراجعها ».
2- رواه الكليني في الحسن كالصحيح في ذيل حديث عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام.
3- أي غب واذهب ، وهو كناية عن عدم الوقوع. ويدل بظاهره على وجوب الاشهاد عنده عليه السلام خلافا لمذهب الجمهور في المشهور وقد ذهب منهم جماعة إلى وجوبه كعبد الملك بن جريج وعطاء بن أبي رباح وعمران بن حصين وقالوا بأنه شرط لصحة الطلاق ووقوعه ، روى ابن كثير في تفسيره عن ابن جريج أن عطاء كان يقول في قوله تعالى : « واشهدوا ذوي عدل منكم » قال : لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا ارجاع الا شاهدا عدل ». وأخرج السيوطي في الدر المنثور عن عبد الرزاق وعبد بن حميد ، عن عطاء قال : النكاح بالشهود ، والطلاق بالشهود والمراجعة بالشهود. وعن ابن سيرين أن رجلا سأل عمران بن حصين عن رجل طلق ولم يشهد وراجع ولم يشهد ، قال : بئس ما صنع طلق لبدعة ، وراجع لغير سنة ، فليشهد على طلاقه وعلى مراجعته وليستغفر اللّه. و روى أبو داود في سننه نحوه عن عمران. و بالجملة ان القول بوجوب الاشهاد غير منحصر بالامامية، و بعد ما ثبت عندنا أن عليّا عليه السلام يقول به و يفتى و يحكم به فقول من خالفه باطل لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله« على مع الحق و الحق معه» كما رواه الفريقان.

4760 - وقال أبو جعفر عليه السلام (1) : « لو وليت الناس لعلمتهم الطلاق وكيف ينبغي لهم أن يطلقوا ، ثم قال : لو اتيت برجل قد خالفه لأوجعت ظهره ، ومن طلق لغير السنة رد إلى كتاب اللّه عزوجل وإن رغم أنفه ».

4761 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المطلقة أين تعتد؟ قال : في بيتها لا تخرج فإن أرادت زيارة خرجت قبل نصف الليل ، ورجعت بعد نصف الليل (2) ولا تخرج نهارا ، وليس لها أن تحج حتى تنقضي عدتها » (3).

4762 - وسئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « واتقوا اللّه ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة » قال : إلا أن تزني فتخرج ويقام عليها الحد » (4).

4763 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام « في امرأة طلقها زوجها ولم يجز عليها النفقة للعدة وهي محتاجة هل يجوز لها أن تخرج وتبيت عن منزلها للعمل والحاجة؟ فوقع عليه السلام : لا بأس بذلك إذا علم اللّه الصحة منها ».

باب 467: طلاق العدة

طلاق العدة هو أنه إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته طلقها على طهر من غير

ص: 499


1- رواه الكليني ج 6 ص 57 بسند موثق عن أبي بصير عنه عليه السلام.
2- نسخة في بعض النسخ « خرجت بعد نصف الليل ورجعت قبل نصف الليل » وفى الكافي والتهذيبين « وان أرادت زيارة خرجت بعد نصف الليل ولا تخرج نهارا - الخ » مع زيادة في آخره.
3- حمل على الرجعية ولا خلاف في عدم جواز خروجها من بيت الزوج وكذلك لا خلاف في عدم جواز اخراجها الا أن تأتى بفاحشة مبينة.
4- يعنى لا تخرج الا لإقامة الحد عليها فترد بعد الحد إلى بيت الزوج.

جماع بشاهدين عدلين ، ثم يراجعها من يومه ذلك أو بعد ذلك قبل أن تحيض (1) و يشهد على رجعتها حتى تحيض ، فإذا خرجت من حيضها طلقها تطليقة أخرى من غير جماع ويشهد على ذلك ، ثم يراجعها متى شاء قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها وتكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثانية ، فإذا خرجت من حيضتها طلقها الثالثة وهي طاهر من غير جماع ويشهد على ذلك ، فإن فعل ذلك فقد بانت منه و لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره (2) ، وأدنى المراجعة أن يقبلها أو ينكر الطلاق فيكون إنكار الطلاق مراجعة ، وتجوز المراجعة بغير شهود كما يجوز التزويج ، و إنما تكره المراجعة بغير شهود من جهة الحدود والمواريث والسلطان (3) ، ومن طلق امرأته للعدة ثلاثا واحدة بعد واحدة كما وصفت فتزوجت المرأة زوجا آخر و لم يدخل بها فطلقها أو مات عنها قبل الدخول بها فاعتدت المرأة لم يجز لزوجها الأول أن يتزوجها (4) حتى يتزوجها رجل آخر ويدخل بها ويذوق عسيلتها ،

ص: 500


1- ينبغي حمل كلامه على الحيض الذي بها يخرج عن العدة ، قال سلطان العلماء : لعل مراده الحيضة الثالثة التي هي انقضاء العدة فهو كناية عن أنه لابد أن يكون المراجعة قبل انقضاء العدة ، وأما اشتراط كون المراجعة في طهر الطلاق لم ينقل عن أحد بل المشهور اعتبار المراجعة في العدة وإن كان في الطهر الثاني أو الثالث.
2- الظاهر أن المؤلف لم يعتبر المواقعة في الرجعة الأولى وهو خلاف المشهور ولعله اكتفى بذكره في الطلاق الثاني ، وأخذ كلامه هذا من خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الكافي وفيه « ويراجعها من يومه ذلك أن أحب أو بعد ذلك بأيام ( أو ) قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها ويكون معها حتى تحيض فإذا حاضت وخرجت من حيضها طلقها تطليقة أخرى من غير جماع ويشهد على ذلك ثم يراجعها - إلى آخر الكلام » وعلى هذا ، الذي يترتب على طلاق العدة أنها في التاسعة تحرم مؤبدا بخلاف طلاق السنة فإنها لا تحرم أبدا إذا تحلل في كل ثالثة.
3- الاشهاد على الرجعة غير واجب عندنا للأصل ، ولكن يستحب لحفظ الحق ودفع النزاع ، وقوله « من وجهة الحدود » أي اسقاطها ، فان المخالفين يحدونهما وان قالوا بالرجعة.
4- لاشتراط الدخول في المحلل ، وعدم كفاية مجرد العقد.

ثم يطلقها أو يموت عنها فتعتد منه ، ثم إن أراد الأول أن يتزوجها فعل ، فإن تزوجها رجل متعة ودخل بها وفارقها أو مات عنها لم يحل لزوجها الأول أن يتزوج بها (1) حتى يتزوجها رجل آخر تزويجا بتاتا ويدخل بها فتكون قد دخلت في مثل ما خرجت منه (2) ، ثم يطلقها أو يموت عنها وتعتد منه ، ثم إن أراد الأول أن يتزوجها فعل ، فإن تزوجها عبدا فهو أحد الأزواج (3) ، وكل من طلق امرأته للعدة فنكحت زوجا غيره ، ثم تزوجها ثم طلقها للعدة فنكحت زوجا غيره ثم تزوجها ثم طلقها للعدة فقد بانت منه ، ولا تحل له بعد تسع تطليقات أبدا » (4).

4764 - وروى المفضل بن صالح ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن قول اللّه عزوجل : « ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا » قال : الرجل يطلق حتى إذا كادت أن يخلو أجلها راجعها ثم طلقها يفعل ذلك ثلاث مرات ، فنهى اللّه عزوجل عن ذلك » (5).

4765 - وروى البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن الحسن بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته ، ثم يراجعها وليس له

ص: 501


1- لاشتراط دوام العقد في المحلل اجماعا.
2- يعنى النكاح الدائم الذي خرجت منه بالطلاق. والزوج الثاني لا يصير محللا بالطلاق ان نواه حين العقد لقصده عدم الدوام.
3- روى الكليني ج 5 ص 425 في الضعيف المنجبر عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فتزوجها عبد ثم طلقها هل يهدم الطلاق؟ قال : نعم لقول اللّه عزوجل في كتابه » حتى تنكح زوجا غيره « وقال : هو أحد الأزواج » ورواه أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن أحمد بن محمد وكأنه البزنطي.
4- لان المطلقة للعدة ثلاثا لا تحل للرجل حتى تنكح زوجا غيره وتحرم عليه في التاسع في عدة من الاخبار ، ولا خلاف فيه.
5- يدل على حرمة الضرار بل امسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وظاهره وقوع الطلاق كذلك وان أثم. ( م ت )

فيها حاجة ثم يطلقها ، فهذا الضرار الذي نهى اللّه عزوجل عنه إلا أن يطلق ثم يراجع وهو ينوي الامساك ».

4766 - وروى القاسم بن الربيع الصحاف ، عن محمد بن سنان أن أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : « علة الطلاق ثلاثا لما فيه من المهلة فيما بين الواحدة إلى الثلاث لرغبة تحدث أو سكون غضب إن كان ، وليكن ذلك تخويفا وتأديبا للنساء وزجرا لهن عن معصية أزواجهن ، فاستحقت المرأة الفرقة والمباينة لدخولها فيما لا ينبغي من ترك طاعة زوجها ، وعلة تحريم المرأة بعد تسع تطليقات فلا تحل له عقوبة لئلا يستخف بالطلاق (1) ولا يستضعف المرأة وليكون ناظرا في أمور متيقظا معتبرا ، وليكون يأسا لهما من الاجتماع بعد تسع تطليقات ».

4767 - وروى علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه قال : « سألت الرضا عليه السلام عن العلة التي من أجلها لا تحل المطلقة للعدة لزوجها حتى تنكح زوجا غيره ، فقال : إن اللّه عزوجل إنما أذن في الطلاق مرتين فقال عزوجل : « الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح باحسان » (2) يعني في التطليقة الثالثة فلدخوله فيما كره اللّه عزوجل له من الطلاق الثالث حرمها عليه فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره لئلا يوقع الناس الاستخفاف بالطلاق ولا يضاروا النساء. (3) والمطلقة للعدة إذا رأت أول قطرة من الدم الثالث بانت من زوجها ولم تحل له حتى تنكح زوجا غيره.

4768 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « المطلقة ثلاثا ليس لها نفقة على زوجها ولا سكنى ، إنما ذلك للتي لزوجها عليها رجعة ».

ص: 502


1- في بعض النسخ « لئلا يتلاعب بالطلاق ».
2- « مرتان » لم يرخص في الزائد الا على سبيل الضرورة.
3- كأن إلى هنا تمام الخبر كما في العلل.

باب 468: طلاق الغائب

4769 - روى الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل قال لرجل : اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها أو قال : اكتب إلى عبدي بعتقه أيكون ذلك طلاقا أو عتقا؟ قال : لا يكون طلاق ولا عتق حتى تنطق به اللسان أو يخط بيده وهو يريد الطلاق أو العتق ويكون ذلك منه بالأهلة والشهود ويكون غائبا عن أهله ». (1)

وإذا أراد الغائب أن يطلق امرأته فحد غيبته التي إذا غابها كان له أن يطلق متى شاء ، أقصاه خمسة أشهر أو ستة أشهر ، وأوسطه ثلاثة أشهر ، وأدناه شهر. (2)

4770 - فقد روى صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : « الغائب الذي يطلق كم غيبته؟ قال : خمسة أشهر ، أو ستة أشهر ، قلت : حد فيه دون ذا؟ قال : ثلاثة أشهر ».

4771 - وروى محمد بن أبي حمزة ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

ص: 503


1- اتفق الأصحاب على عدم وقوع الطلاق بالكتابة للحاضر القادر على اللفظ واختلفوا في وقوعه من الغائب فذهب الأكثر منهم الشيخ في المبسوط والخلاف مدعيا عليه الاجماع إلى عدم وقوعه من الغائب وفى النهاية إلى وقوعه لهذه الصحيحة وأجيب بحملها على المضطر بأن يكون « أو » في « أو يخط » للتفصيل لا للتخيير ، ويرد عليه بأن الرواية صريحة في أن المطلق يقدر على التلفظ ، وأجيب بان هذا لا ينافي التعميم والتفصيل في الجواب إذ حاصله حينئذ أن الطلاق لا يكون الا بأحد الامرين في أحد الشخصين وهذا ليس واحدا منهما فلا يكون صحيحا. ( المرآة )
2- الظاهر أن المصنف - رحمه اللّه - جمع بين الاخبار بأن الشهر يكفي ، وحمل الزائد عليه على الاستحباب ، ويمكن أن يكون مراده الاختلاف بحسب عادات النساء كما ذكر. ( م ت )

« الغائب إذا أراد أن يطلق امرأته تركها شهرا » (1).

باب 469: طلاق الغلام

4772 - روى زرعة ، عن سماعة قال : « سألته عن طلاق الغلام ولم يحتلم وصدقته ، فقال : إذا طلق للسنة ووضع الصدقة في موضعها وحقها فلا بأس وهو جائز » (2).

باب 470: طلاق المعتوه

طلاق المعتوه (3)

4773 - وروى عبد الكريم بن عمرو ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن طلاق المعتوه الزائل العقل أيجوز؟ فقال : لا ، وعن المرأة إذا كانت كذلك يجوز بيعها وصدقتها؟ فقال : لا ».

ص: 504


1- لا خلاف في أن طلاق الغائب صحيح وان صادف الحيض ما لم يعلم أنه حائض ، لكن اختلف الأصحاب في أنه هل يكفي مجرد الغيبة في جوازه أم لابد معها من أمر آخر ، ومنشأ الاختلاف اختلاف الاخبار فذهب المفيد وعلي بن بابويه وجماعة إلى جواز طلاقها حيث لم يمكن استعلام حالها من غير تربص ، وذهب الشيخ في النهاية وابن حمزة إلى اعتبار مضى شهر منذ غاب ، وذهب ابن الجنيد والعلامة في المختلف إلى اعتبار ثلاثة أشهر ، وذهب المحقق وأكثر المتأخرين إلى اعتبار مضى مدة يعلم انتقالها من الطهر الذي واقعها فيه إلى آخر بحسب عادتها ولا يتقدر بمدة. ( المرآة ).
2- رواه الكليني والشيخ في الموثق ، وعمل بمضمونه الشيخ وابن الجنيد وجماعة. واعتبر الشيخ والمفيد وجماعة من القدماء بلوغ الصبي عشرا من الطلاق ، والمشهور بين المتأخرين عدم صحة طلاق الصبي مطلقا. وقد حملوا الأخبار المجوزة على من بلغ عشرا وهو يعقل ، واستشكل بأن الصبي قبل التميز ليس موردا لاخبار الطرفين ، وبعده مع تساوى الافراد الباقية تحت المطلق والخارجة من جهة التقييد كيف بحكم بالنفي والاثبات بنحو بيان القانون ، فلابد من الترجيح في مقام تعارض الاخبار.
3- المعتوه : الناقص العقل.

4774 - وروى حماد بن عيسى ، عن شعيب ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن المعتوه يجوز طلاقه ، فقال : ما هو؟ فقلت : الأحمق الذاهب العقل فقال : نعم ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني إذا طلق عنه وليه ، فأما أن يطلق هو فلا ، وتصديق ذلك :

4775 - ما رواه صفوان بن يحيى ، عن أبي خالد القماط قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل يعرف رأيه مرة وينكره أخرى يجوز طلاق وليه عليه؟ فقال : ما له هو لا يطلق؟ قال ، قلت : لا يعرف حد الطلاق ولا يؤمن عليه إن طلق اليوم أن يقول غدا : لم أطلق ، فقال : ما أراه إلا بمنزلة الامام - يعني الولي - » (1).

باب 471: طلاق التي لم يدخل بها ، وحكم المتوفى عنها زوجها قبل الدخول وبعده

4776 - روى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف مهرها ، وإن لم يكن سمى لها مهرا فمتاع بالمعروف » على الموسع قدره وعلى المقتر قدره « وليس لها عدة ، تتزوج من شاءت من ساعتها » (2).

ص: 505


1- المشهور بين المتقدمين وأكثر المتأخرين جواز طلاق الولي عن المجنون المطبق مع الغبطة مستندا بصحيحة أبى خالد القماط هذه ، وذهب ابن إدريس وقبله الشيخ في الخلاف إلى عدم الجواز محتجا باجماع الفرقة وهو غير ثابت. قال سلطان العلماء قوله : « ما أراه الا بمنزلة الامام » ليس صريحا في جواز طلاق الولي لان كونه بمنزلة الامام إنما يدل على الجواز لو كان جواز طلاق الامام ثابتا وهو غير ظاهر فلعل التشبيه باعتبار عدم الجواز منهما.
2- يستفاد من الرواية والآية الانقسام إلى اليسار والاعسار ، والأصحاب قسموها إلى اليسار والوسط والاعسار.

4777 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عز و جل : « وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا » قال : متعوهن أي جملوهن (1) بما قدرتم عليه من معروف فإنهن يرجعن بكآبة ووحشة وهم عظيم وشماتة من أعدائهن فإن اللّه عزوجل كريم يستحي ويحب أهل الحياء إن أكرمكم أشدكم إكراما لحلائلهم ».

4778 - وفي رواية البزنطي « أن متعة المطلقة فريضة » (2).

4779 - وروي « أن الغني يمتع بدار أو خادم ، والوسط يمتع بثوب ، و الفقير بدرهم أو خاتم » (3).

4780 - وروي « أن أدناه الخمار وشبهه » (4).

4781 - وروى الحلبي ، وأبو بصير ، وسماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح » قال : هو الأب أو الأخ أو الرجل يوصى إليه ، والذي يجوز أمره في مال المرأة فيبتاع لها ويتجر

ص: 506


1- أي افعلوا معهن بالجميل.
2- في الكافي ج 6 ص 105 عن القمي ، عن أبيه ، عن البزنطي قال : « ذكر بعض أصحابنا أن متعة المطلقة فريضة » وهو كما ترى موقوف ، واعلم أن تمتع المطلقة التي لم يدخل بها ولم يفرض لها مهر واجب بظاهر الآية والاخبار فان فرض لها فلها نصف المسمى وان لم يفرض فبقدر يساره وأطلق عليه التمتع.
3- مروى في فقه الرضا عليه السلام ولم نعثر على سند له.
4- رواه الكليني في الضعيف على المشهور عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : أخبرني عن قول اللّه عزوجل « وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين » ما أدنى ذلك المتاع إذا كان معسرا لا يجد؟ قال : خمار أو شبهه ».

فإذا عفا فقد جاز » (1).

4782 - وفي خبر آخر : « يأخذ بعضا ويدع بعضا ، وليس له أن يدع كله » (2).

4783 - وسأل عبيد بن زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام « عن امرأة هلك زوجها ولم يدخل بها ، قال : لها الميراث وعليها العدة كاملة ، وإن سمى لها مهرا فلها نصفه ، وإن لم يكن سمى لها مهرا فلا شئ لها ». (3)

وليس للمتوفى عنها زوجها سكنى ولا نفقة (4).

4784 - وسأل شهاب أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل تزوج بامرأة بألف درهم فأداها إليها فوهبتها له ، وقالت : أنا فيك أرغب فطلقها قبل أن يدخل بها ، قال : يرجع عليها بخمسمائة درهم » (5).

4785 - وروى علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « متعة النساء واجبة دخل بها أو لم يدخل بها ، تمتع قبل أن تطلق » (6).

ص: 507


1- حمل الأخ على كونه وكيلا أو وصيا ، والذي يجوز أمره على الوكيل المطلق الشامل وكالته لمثل هذا ، ويستفاد من الخبر أن للوصي النكاح ، وربما خصص بما إذا كان وصيا في خصوص النكاح.
2- رواه الشيخ في الصحيح عن رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وهو أحوط وإن كان ظاهر القرآن والاخبار أعم ( م ت ) أقول : قال الشهيد الثاني : لا فرق بعد بقاء البعض بين القليل والكثير ، والرواية يقتضى عدم الفرق في جواز عفوه بين كونه مصلحة للمولى عليه وعدمه نعم يشترط بعد الطلاق قبل الدخول.
3- رواه الكليني في الموثق كالصحيح ج 6 ص 120.
4- كما دل عليه النصوص راجع الكافي ج 6 ص 115 و 116 وعليه الفتوى ، وان كانت حاملا فينفق عليها من مال ولدها.
5- لان هبتها له كسائر اتلافاتها فيجب عليها رد نصف المهر ، وقيل : هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب.
6- هذه الجملة متعلقة بغير الدخول بها يعنى الجملة الأخيرة ، ولا يبعد التعميم بأن يكون التقديم في المدخول بها مستحبا.

4786 - وقضى أمير المؤمنين عليه السلام (1) « في امرأة توفي عنها زوجها ولم يمسها قال : لا تنكح حتى تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام عدة المتوفى عنها زوجها ».

والمطلقة تعتد من يوم طلقها زوجها ، والمتوفى عنها زوجها تعتد من يوم يبلغها الخبر ، لأن هذه تحد ، والمطلقة لا تحد (2).

4787 - وكتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام « في امرأة مات عنها زوجها وهي في عدة منه وهي محتاجة لا تجد من ينفق عليها وهي تعمل للناس هل يجوز لها أن تخرج وتعمل وتبيت عن منزلها للعمل والحاجة في عدتها؟ قال : فوقع عليه السلام لا بأس بذلك إن شاء اللّه » (3).

4788 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المرأة يموت عنها زوجها هل يحل لها أن تخرج من منزلها في عدتها؟ قال : نعم تختضب وتدهن وتكتحل وتمتشط وتصبغ وتلبس المصبغ وتصنع ما شاءت بغير زينة لزوج » (4).

4789 - وفي خبر آخر قال : « لا بأس بأن تحج المتوفى عنها زوجها وهي في عدتها وتنتقل من منزل إلى منزل » (5).

ص: 508


1- رواه الكليني ج 6 ص 119 بسند موثق عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قضى - الخ ».
2- الحداد ترك الزينة للمتوفى عنها زوجها ، والمطلقة يكفيها من يوم الطلاق لان الغرض استبراء الرحم بخلاف المتوفى عنها زوجها فالمطلوب منها استبراء الرحم والتعزية رعاية لحق زوجه ، وروى الكليني والشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام « في الرجل يموت وتحته امرأة وهو غائب ، قال : تعتد من يوم يبلغها وفاته » ، وفى الحسن كالصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال « في الغائب عنها زوجها إذا توفى قال : المتوفى عنها ( زوجها ) تعتد من يوم يأتيها الخبر لأنها تحد عليه ». أقول : أحدت المرأة على زوجها : حزن عليه ولبست لباس الحزن.
3- يدل على جواز البيتوتة عن منزلها للضرورة.
4- حمل على الأمة أو التقية أو الاكتحال بغير الإثمد والمشط في الحمام ، وفى طريق المصنف إلى عمار الساباطي من لم يوثق.
5- رواه الكليني ج 6 ص 116 في الموثق عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).

باب 472: طلاق الحامل

4790 - روى زرارة (1) عن أبي جعفر عليه السلام : « طلاق الحامل واحدة ، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه » (2).

وقال اللّه تبارك وتعالى : « وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن » فإذا طلقها الرجل ووضعت من يومها أو من غد فقد انقضى أجلها وجائز لها أن تتزوج ولكن لا يدخل بها زوجها حتى تطهر.

والحبلى المطلقة تعتد بأقرب الأجلين إن مضت بها ثلاثة أشهر قبل أن تضع فقد انقضت عدتها منه (3) ولكنها لا تتزوج حتى تضع ، فإن وضعت ما في بطنها قبل انقضاء ثلاثة أشهر فقد انقضى أجلها.

والحلبي المتوفى عنها زوجها تعتد بأبعد الأجلين ، إن وضعت قبل أن تمضي أربعة أشهر وعشرة أيام لم تنقض عدتها حتى تمضي أربعة أشهر وعشرة أيام ، وإن

ص: 509


1- رواه الكليني عن إسماعيل الجعفي عنه عليه السلام.
2- يمكن حملها على طلاق السنة بالمعنى الأخص إذا المعتبر فيه انقضاء العدة فلا يتصور في الحامل ثانيا الا بعد وضع الحمل إذ انقضاء عدة الحامل بالوضع فلا يتصور فيها طلاق السنة الا واحدة ، وأما طلاق العدة فيجوز في الحامل في الجملة اجماعا كما سيأتي في آخر الباب وإن كان المنقول عن الصدوقين اشتراط طلاقها ثانيا بانقضاء ثلاثة أشهر ، وفى المسألة أقوال أخر لاختلاف الروايات ، والتفصيل في المسالك ( سلطان ) أقول : الخبر مروى في التهذيبين أيضا عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام.
3- فليس للزوج الرجوع بعد ذلك وان لم يجز لها التزويج الا بعد الوضع ، وهذا مختار الصدوق وابن حمزة خلافا للمشهور حيث اعتبروا عدة الحامل المطلقة بوضع الحمل بالنسبة إلى جميع الأحكام طالت مدته أو قصرت فللزوج ما لم تصنع الحمل وإن كان بعد ثلاثة أشهر على المشهور. ( سلطان )

مضت لها أربعة أشهر وعشرة أيام قبل أن تضع لم تنقض عدتها حتى تضع (1).

4791 - وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : « الحلبي المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها وهي أحق بولدها أن ترضعه بما تقبله امرأة أخرى يقول اللّه عزوجل : « لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك « لا يضار بالصبي ولا يضار بأمه في رضاعه ، وليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين ، فإذا أراد الفصال قبل ذلك عن تراض منهما كان حسنا ، والفصال هو الفطام » (2).

4792 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المرأة الحلبي المتوفى عنها زوجها : ينفق عليها من مال ولدها الذي في بطنها ».

4793 - وفي رواية السكوني قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام : « نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها من جميع المال حتى تضع » (3).

والذي نفتي به رواية الكناني.

4794 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة توفي عنها زوجها وهي حبلى فولدت قبل أن تنقضي أربعة أشهر وعشرة أيام

ص: 510


1- روى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « في الحبلى المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها آخر الأجلين ». ومثله عن عبد اللّه ابن سنان عنه عليه السلام.
2- مروى في الكافي ج 6 ص 103 بزيادة.
3- قال في المسالك : المتوفى عنها زوجها ان كانت حائلا فلا نفقة لها اجماعا وان كانت حاملا فلا نفقة لها في مال المتوفى أيضا كذلك ، وهل تجب في نصيب الولد اختلف الأصحاب في ذلك بسبب اختلاف الروايات فذهب الشيخ في النهاية وجماعة من المتقدمين إلى الوجوب ، وللشيخ قول آخر بعدمه وهو مذهب المتأخرين للأصل - انتهى ، وقال العلامة المجلسي (رحمه اللّه) : ان كانت المرأة محتاجة لزم الانفاق عليها من نصيب ولدها والا فلا ، وبذلك يجمع بين الاخبار.

فتزوجت فقضى : أن يخلي عنها ثم لا يخطبها حتى ينقضي آخر الأجلين (1).

فإن شاء أولياء المرأة أنكحوها إياه وإن شاؤوا أمسكوها فإن أمسكوها ردوا عليه ماله » (2).

4795 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا إبراهيم عليه السلام « عن الحلبي يطلقها زوجها فتضع سقطا قد تم أو لم يتم ، أو وضعته مضغة أتنقضي بذلك عدتها؟ فقال : كل شئ وضعته يستبين أنه حمل ثم أو لم يتم فقد انقضت به عدتها وإن كانت مضغة (3). قال : وسمعته يقول : إذا طلق الرجل امرأته فادعت حبلا انتظرت تسعة أشهر فإن ولدت وإلا اعتدت ثلاثة أشهر ثم قد بانت منه » (4).

4796 - وروى سلمة بن الخطاب ، عن إسماعيل بن [ إسحاق ، عن إسماعيل بن ] أبان ، عن غياث ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم السلام قال : « أدنى ما تحمل المرأة لستة أشهر وأكثر ما تحمل لسنتين » (5).

4797 - وروى علي بن الحكم ، عن محمد بن منصور الصيقل ، عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يطلق امرأته وهي حبلى؟ قال : يطلقها ، قلت : فيراجعها؟ قال : نعم يراجعها ، قلت : فإنه بداله بعد ما راجعها أن يطلقها ، قال : لا حتى

ص: 511


1- حمل على عدم الدخول كما هو الظاهر ، وعليه عمل الأصحاب.
2- يدل على أن النكاح إذا كان كذلك في عدة لا يوجب التحريم الأبدي وهو محمول على الجهل بالتحريم والعدة مع عدم الدخول والا حرم مؤبدا.
3- إلى هنا رواه الكليني ج 6 ص 82 في الموثق وعليه فتوى الأصحاب وروى البقية عن عبد الرحمن أيضا ج 6 ص 101 في الحسن كالصحيح.
4- اختلف الأصحاب فيما إذا ادعت الحمل بعد الطلاق ، فقيل : تعتد سنة ، ذهب إليه الشيخ في النهاية والعلامة في المختلف ، وجماعة إلى أنها تتربص تسعة أشهر ، وقيل عشرة لاختلافهم في أقصى الحمل ، ويمكن حمل ما زاد على التسعة على الاحتياط والاستحباب كما يفهم من بعض الأخبار والأول أحوط. ( المرآة )
5- في بعض النسخ « تحمل لسنة » وعلى أي الرواية عامية.

تضع » (1).

4798 - وسئل الصادق عليه السلام (2) « عن المرأة الحامل يطلقها زوجها ثم يراجعها ، ثم يطلقها ثم يراجعها ، ثم يطلقها الثالثة ، فقال : قد بانت منه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره » (3).

باب 473: طلاق التي لم تبلغ المحيض والتي قد يئست من المحيض والمستحاضة والمسترابة

4799 - روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن محمد بن حكيم ، عن العبد الصالح عليه السلام قال : قلت له : « الجارية الشابة التي لا تحيض ومثلها تحيض طلقها زوجها ، قال : عدتها ثلاثة أشهر » (4).

4800 - وروى محمد بن حكيم ، عن محمد بن مسلم قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في التي قد يئست من المحيض يطلقها زوجها ، قال : بانت منه ولا عدة عليها ».

4801 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبان بن عثمان ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « عدة المرأة التي لا تحيض (5) والمستحاضة التي لا تطهر (6) والجارية

ص: 512


1- رواه الشيخ في التهذيبين عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام.
2- حمل على الاستحباب أو نفى طلاق السنة ، وفيه اشكالات راجع المسالك.
3- قال الشيخ لا ينافي هذا الخبر الاخبار التي تضمنت أن طلاق الحامل واحدة لأنا قد ذكرنا ذلك في طلاق السنة ، فأما طلاق العدة فإنه يجوز أن يطلقها في مدة حملها إذا راجعها ووطئها.
4- رواه الكليني في الضعيف ، وفى الأخبار المستفيضة أن العدة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر أن لم تحض.
5- أي وهي في سن من تحيض.
6- أي التي يدوم دمها بحيث لا تميز طهرها عن حيضها.

التي قد يئست (1) ثلاثة أشهر ، وعدة التي يستقيم حيضها ثلاث حيض » (2).

4802 - وفي رواية جميل أنه قال (3) : « في الرجل يطلق الصبية التي لم تبلغ ولا تحمل مثلها وقد كان دخل بها والمرأة التي قد يئست من المحيض وارتفع طمثها ولا تلد مثلها ، فقال : ليس عليهما عدة ».

4803 - وروى البزنطي ، عن المثنى ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن التي لا تحيض إلا في ثلاث سنين أو أربع سنين ، قال : تعتد ثلاثة أشهر ، ثم تتزوج إن شاءت ».

4804 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال « في التي تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة أو في كل سنة مرة (4) والمستحاضة ، والتي لم تبلغ ، والتي تحيض مرة ويرتفع حيضها مرة ، والتي لا تطمع في الولد (5) ، والتي قد ارتفع حيضها وزعمت أنها لم تيأس (6) والتي ترى الصفرة من حيض ليس بمستقيم ، فذكر أن عدة هؤلاء كلهن ثلاثة أشهر ».

ص: 513


1- أي البالغة التي لم تحض بعد فان الثلاث مسترابة بالحمل.
2- ينبغي حمل الحديث على ما إذا لم يكن للمستحاضة حيض مستقيم قبل استمرارها ولم يكن لها أهل يمكنها الرجوع إلى عادتهن للجمع بينه وبين حديث محمد بن مسلم الآتي في آخر الباب إذا أبقى ذلك الحديث على ظاهره. ( مراد )
3- يعنى أبا عبد اللّه أو أبا جعفر عليهما السلام لكونه في الكافي مرويا عن أحدهما عليهما السلام.
4- في الكافي والتهذيب « في كل ثلاثة أشهر مرة ، أو في سنة ، أو في سبعة أشهر » ولا شك في الستة ، وأما الثلاثة فيقيد بأن تمضى عليها ولا ترى دما لأنها ان رأت دما يجب عليها أن تعتد بالأقراء وان كانت في تسعة أشهر كما سيجيئ ، والظاهر أن السقط والتصحيف من النساخ.
5- بأن تكون في سن من تحيض ولم تحض بعد.
6- بأن تعلم سنها ولم يبلغ الخمسين أو الستين إذا كانت قرشية أو نبطية على قول.

4805 - وروى ابن أبي عمير ، والبزنطي جميعا ، عن جميل ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ، « أمران أيهما سبق إليها بانت به المطلقة المسترابة التي تستريب الحيض : إن مرت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت بها وإن مرت بها ثلاث حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر بانت بالحيض ».

قال ابن أبي عمير : قال جميل بن دراج : وتفسير ذلك إن مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت ، ثم مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت ، ثم مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت فهذه تعتد بالحيض على هذا الوجه ولا تعتد بالشهور ، فإن مرت بها ثلاثة أشهر بيض لم تحض فيها بانت.

4806 - وسأل أبو الصباح الكناني أبا عبد اللّه عليه السلام « عن التي تحيض في كل ثلاث سنين مرة كيف تعتد؟ قال : تنظر مثل قروئها التي كانت تحيض فيه في الاستقامة (1) فلتعتد ثلاثة قروء ثم لتتزوج إن شاءت ».

4807 - وسأله محمد بن مسلم « عن عدة المستحاضة ، فقال : تنتظر قدر أقرائها فتزيد يوما أو تنقص يوما (2) ، فإن لم تحض فلتنظر إلى بعض نسائها فلتعتد بأقرائها » (3).

4808 - وروي « أن المرأة إذا بلغت خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش » (4).

ص: 514


1- كان السؤال عمن كانت لها سابقا عادة مستقيمة وترى الدم في كل شهر مرة.
2- لعله لاتمام ثلاثة أشهر إذ الغالب في العادات اختلافها مع ثلاثة أشهر بقدر قليل. ( سلطان )
3- يدل على أن المستحاضة تعتد بعادتها ، أو التميز ، والا فعادة نسائها ، وحملت على المبتدئة. ( م ت )
4- رواه الكليني ج 3 ص 107 في الصحيح عن أبن أبى عمير ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ويدل على أن غير القرشية تيأس لخمسين ، وروى عن أبن أبى نصر عن بعض أصحابنا قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « المرأة قد يئست من المحيض حدها خمسون سنة » وروى « ستون سنة » أيضا ويفهم من الخبرين أن القرشية تيأس لستين ، وفى شرح الشرايع أنه لم يوجد رواية بالحاق النبطية بالقرشية والمراد بالقرشية من انتسب إلى قريش بأبيها كما هو المختار في نظائره ، ويحتمل الاكتفاء بالأم هنا لان لها مدخلا في ذلك بسبب تقارب الأمزجة.

باب 474: طلاق الأخرس

4809 - سأل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن رجل تكون عنده المرأة يصمت ولا يتكلم ، قال : أخرس هو؟ قلت : نعم فنعلم منه بغضا (1) لامرأته وكراهة لها أيجوز أن يطلق عنه وليه؟ قال : لا ولكن يكتب ويشهد على ذلك ، قلت ، أصلحك اللّه فإنه لا يكتب ولا يسمع كيف يطلقها؟ قال : بالذي يعرف به من أفعاله مثل ما ذكرت من كراهته وبغضه لها » (2).

وقال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : الأخرس إذا أراد أن يطلق امرأته ألقى على رأسها قناعها يري أنها قد حرمت عليه ، وإذا أراد مراجعتها كشف القناع عنها يري أنه قد حلت له (3).

ص: 515


1- كذا وفى الكافي « فيعلم منه بغض ».
2- قال في المسالك : لو تعذر النطق بالطلاق كفت الإشارة كالأخرس ، ويعتبر فيها أن تكون مفهمة لمن يخالطه ويعرف إشارته ويعتبر فهم الشاهدين لها ، ولو عرف الكتابة كانت من جملة الإشارة بل أقوى ، ولا يعتبر ضميمة الإشارة إليها ، وقدمها ابن إدريس على الإشارة ، ويؤيده رواية البزنطي ، واعتبر جماعة من الأصحاب منهم الصدوقان (رحمه اللّه) فيه القاء القناع على المرأة يرى أنها قد حرمت عليه. أقول : الخبر رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن البزنطي ج 6 ص 128.
3- روى الكليني باسناده المعروف عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « طلاق الأخرس أن يأخذ مقنعتها فيضعها على رأسها ويعتزلها ».

باب 475: طلاق السر

4810 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل تزوج امرأة سرا من أهله وهي في منزل أهلها وقد أراد أن يطلقها وليس يصل إليها فيعلم بطمثها إذا طمثت ، ولا يعلم بطهرها إذا طهرت ، فقال : هذا مثل الغائب عن أهله فيطلقها بالأهلة والشهور ، قال : قلت : أرأيت إن كان يصل إليها الأحيان والأحيان لا يصل إليها فيعلم حالها كيف يطلقها؟ فقال : إذا مضى لها شهر لا يصل إليها فيطلقها إذا نظر إلى غرة الشهر الاخر بشهود (1) ويكتب الشهر الذي يطلقها فيه ويشهد على طلاقها رجلين ، فإذا مضى ثلاثة أشهر فقد بانت منه ، وهو خاطب من الخطاب ، وعليه نفقتها في تلك الثلاثة الأشهر التي تعتد فيها ».

باب 476: اللاتي يطلقن على كل حال

4811 - روى جميل بن دراج ، عن إسماعيل بن جابر الجعفي (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « خمس يطلق على كل حال (3) ، الحامل المتبين حملها (4) ، والتي لم يدخل بها زوجها ، والغائب عنها زوجها (5) ، والتي لم تحض ، والتي قد جلست

ص: 516


1- هذا هو المشهور وخالف ابن إدريس فأنكر الحاق غير الغائب به. « ويكتب الشهر » لأجل تزويج أختها أو الخامسة أو للانفاق عليها أو لاخبارها بانقضاء عدتها. ( المرآة )
2- « الجعفي » مصحف « الخثعمي » والتحقيق في المشيخة إن شاء اللّه.
3- أي وان صادف الحيض وطهر المواقعة. ( المرآة )
4- في بعض النسخ « المتيقن حملها » وفى الكافي بدون التقييد ، وفى نسخة « المستبين حملها ».
5- اعتبر بعض أصحابنا في الغائب بعض الشروط مع عدم العلم بحالها. ( سلطان )

من المحيض » (1).

4812 - وفي خبر آخر : « والتي قد يئست من المحيض » (2).

باب 477: التخيير

قال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : اعلم يا بني أن أصل التخيير هو أن اللّه تبارك وتعالى أنف لنبيه صلى اللّه عليه وآله في مقالة قالتها بعض نسائه : أيرى محمد أنه لو طلقنا لا نجد أكفاءنا من قريش يتزوجونا ، فأمر اللّه نبيه صلى اللّه عليه وآله أن يعتزل نساءه تسعا وعشرين ليلة فاعتزلهن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في مشربة أم إبراهيم ثم نزلت هذه الآية : « يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا. وإن كنتن تردن اللّه ورسوله والدار الآخرة فإن اللّه أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما » فاخترن اللّه ورسوله فلم يقع الطلاق ، ولو اخترن أنفسهن لبن (3).

4813 - وفي رواية أبي الصباح الكناني « أن زينب قالت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا تعدل وأنت رسول اللّه؟! وقالت حفصة : إن طلقنا وجدنا في قومنا أكفاءنا من قريش ، فاحتبس الوحي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله تسعة وعشرين يوما فأنف اللّه عز و جل لرسوله فأنزل اللّه : « يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها - إلى قوله - أجرا عظيما « فاخترن اللّه ورسوله فلم يقع الطلاق ولو اخترن أنفسهن لبن ».

ص: 517


1- في الكافي « قد يئست من الحيض ».
2- لعل المراد خبر آخر لإسماعيل الجعفي ، أو المراد خبر الحلبي المروى في الكافي ج 6 ص 79 بسند حسن كالصحيح.
3- راجع الكافي ج 6 ص 137 وفيه مسندا عن عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها بانت منه؟ قال : لا إنما هذا شئ كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله خاصة ، أمر بذلك ففعل ولو اخترن أنفسهن لطلقهن وهو قول اللّه عزوجل : « قل لأزواجك ان كنتن تردن - الآية ».

4814 - وروى ابن أذينة ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا خيرها أو جعل أمرها بيدها في غير قبل عدتها من غير أن يشهد شاهدين فليس بشئ ، وإن خيرها أو جعل أمرها بيدها بشهادة شاهدين في قبل عدتها فهي بالخيار ما لم يتفرقا ، فان اختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق برجعتها وإن اختارت زوجها فليس بطلاق » (1).

4815 - وروى ابن مسكان ، عن الحسن بن زياد (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الطلاق أن يقول الرجل لامرأته : اختاري فإن اختارت نفسها فقد بانت منه وهو خاطب من الخطاب ، وإن اختارت زوجها فليس بشئ أو يقول : أنت طالق ، فأي ذلك فعل فقد حرمت عليه ، ولا يكون طلاق ولا خلع ولا مبارأة ولا تخيير إلا على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين » (3).

4816 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يخير امرأته أو أباها أو أخاها أو وليها ، فقال : كلهم بمنزلة واحده إذا رضيت ».

ص: 518


1- اتفق علماء الاسلام ممن عدا الأصحاب على جواز تفويض الزوج أمر بالطلاق إلى المرأة وتخييرها في نفسها ناويا به الطلاق ووقوع الطلاق لو اختارت نفسها ، وأما الأصحاب فاختلفوا فذهب جماعة منهم ابن الجنيد وابن أبي عقيل والسيد وظاهر ابني بابويه إلى وقوعه به إذا اختارت نفسها بعد تخييره لها على الفور مع اجتماع شرائط الطلاق ، وذهب الأكثر ومنهم الشيخ والمتأخرون إلى عدم وقوعه بذلك ، ووجه الخلاف اختلاف الروايات ، وأجاب المانعون عن الأخبار الدالة على الوقوع بحملها على التقية ، وحملها العلامة في المختلف على ما إذا طلقت بعد التخيير وهو غير سديد ، واختلف القائلون بوقوعه في أنه هل يقع رجعيا أو بائنا فقال ابن أبي عقيل : يقع رجعيا ، وفصل ابن الجنيد فقال : إن كان التخيير بعوض كان بائنا والا كان رجعيا ، ويمكن الجمع بين الاخبار بحمل البائن على مالا عدة لها والرجعي على ما لها عدة كالطلاق. ( المسالك )
2- مشترك بين العطار الثقة والصيقل المجهول.
3- يدل على جواز الطلاق بلفظ اختاري كما يجوز بلفظ اعتدى وهو كالسابق و ظاهره الجواز لغير النبي صلى اللّه عليه وآله ويدل على أنه بائن.

4817 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قال لامرأته : قد جعلت الخيار إليك فاختارت نفسها قبل أن تقوم ، قال : يجوز ذلك عليه ، قلت ، فلها متعة؟ قال : نعم ، قلت : فلها ميراث إن مات الزوج قبل أن تنقضي عدتها؟ قال : نعم ، وإن ماتت هي ورثها الزوج » (1).

4818 - وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : قال : « ما للنساء والتخيير (2) إنما ذلك شئ خص اللّه به نبيه صلى اللّه عليه وآله » (3).

باب 478: المبارأة

( باب المبارأة ) (4)

4819 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المبارأة أن تقول المرأة لزوجها لك ما عليك (5) واتركني فتركها ، إلا أنه يقول لها : إن ارتجعت في شئ منه فأنا أملك ببضعك ».

ص: 519


1- يدل على أنه رجعي للميراث.
2- في الكافي « ما للناس والتخيير ».
3- لا يخفى منافاته ظاهرا لما سبق ولم يتعرض المصنف لجمعها ، ويمكن حمله على أن المراد أنه لا ينبغي جعل التخيير للنساء وأن ذلك لا يليق بحالهن ، وما فعل النبي صلى اللّه عليه وآله خاص به ، وهذا لا ينافي أنه لو جعل التخيير لهن صح الطلاق فان كون ذلك منهيا قبيحا لا يقتضى عدم صحته ، لكن هذا التأويل لا يجرى في مثل رواية عيص بن القاسم حيث سأل عن البينونة بذلك فقال عليه السلام : لا - الخ ، واللّه أعلم. ( سلطان )
4- أي المفارقة ، وفى الصحاح : بارأت شريكي إذا فارقته ، وبارأ الرجل امرأته ، واستبرأت الجارية واستبرأت ما عندك - انتهى ، والمراد بها في الشرع طلاق بعوض مترتب على كراهة كل من الزوجين كما أن الخلع مترتب على كراهة الزوجة فقط وتقف الفرقة على التلفظ بالطلاق في المبارأة ، ولا يجوز أخذ الزيادة على ما وصل إليها وفى الخلع يجوز.
5- من المهر وغيره ، وهذا باطلاقه يدل على أنه يجوز في المبارأة أخذ جميع المهر كما هو المشهور ، ولا يشترط كون العوض دون المهر كما هو المنقول من المصنف وسيجيئ.

وروي أنه لا ينبغي له أن يأخذ منها أكثر من مهرها بل يأخذ منها دون مهرها (1).

والمبارأة لا رجعة لزوجها عليها (2).

باب 479: النشوز

النشوز(3)

النشوز قد يكون من الرجل والمرأة جميعا (4) ، فأما الذي من الرجل فهو ما قال اللّه عزوجل في كتابه : « وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا (5) فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير » وهو أن تكون المرأة عند الرجل لا تعجبه فيريد طلاقها فنقول : له أمسكني ولا تطلقني وأدع لك ما على ظهرك وأحل لك يومي وليلتي فقد طاب ذلك له : روى ذلك المفضل بن صالح عن زيد

ص: 520


1- المراد ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « المبارأة يؤخذ منها دون الصداق ، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر ، وإنما صارت المبارئة يؤخذ منها دون المهر ، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء لان المختلعة تعتدي في الكلام وتكلم بما لا يحل لها » ، ويحمل على الاستحباب لصريح خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « المبارأة تقول المرأة لزوجها : ذلك ما عليك واتركني أو تجعل له من قبلها شيئا فتركها الا أنه يقول : فان ارتجعت في شئ فانا أملك ببضعك ، ولا يحل لزوجها أن يأخذ منها الا المهر فما دونه » ولهذا قال المصنف « لا ينبغي » وان نسب إليه القول بعدم جواز أخذ المساوئ كما يأتي منه ص 524.
2- روى الشيخ في الموثق عن حمران قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يتحدث قال : « المبارأة تبين من ساعتها من غير طلاق ولا ميراث بينهما لان العصمة بينهما قد بانت ساعة كان ذلك منها ومن الزوج » وعن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المبارأة تطليقة باينة وليس في شئ من ذلك رجعة ».
3- أي الارتفاع عن الحق الواجب والمخالفة له.
4- في العبارة مسامحة وظاهرها معنى الشقاق لا النشوز ، والمراد أنه قد يكون من المرأة وقد يكون من الرجل.
5- « نشوزا » أي بالمخالفة للواجب عليه ، و « اعراضا » أي بترك المؤانسة والمجالسة وحسن المعاشرة.

الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

فإذا نشزت المرأة كنشوز الرجل فهو خلع ، فإذا كان من المرأة فهو أن لا تطيعه في فراشه وهو ما قال اللّه عزوجل : « واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن » فالهجر [ ان ] أن يحول إليها ظهره ، والضرب بالسواك وغيره ضربا رفيقا (2) « فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن اللّه كان عليا كبيرا ».

باب 480: الشقاق

الشقاق (3)

الشقاق قد يكون من المرأة والرجل جميعا وهو مما قال اللّه عزوجل : « و إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها » فيختار الرجل رجلا ، وتختار المرأة رجلا فيجتمعان على فرقة أو على صلح ، فإن أرادا الاصلاح أصلحا من غير أن يستأمرا ، وإن أرادا أن يفرقا فليس لهما أن يفرقا إلا بعد أن يستأمرا الزوج والمرأة.

4817 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن قول اللّه عزوجل : « فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها » قال : ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمرا الرجل والمرأة ويشترطان عليهما إن شاءا جمعا وإن شاءا فرقا ، فإن جمعا فجائز ، وإن فرقا فجائز ».

ص: 521


1- روى الكليني ج 6 ص 145 في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن قول اللّه عزوجل : « وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا » قال : هذا تكون عنده المرأة لا تعجبه فيريد طلاقها فتقول له : أمسكني ولا تطلقني وأدع لك ما على ظهرك وأعطيك من مالي وأحللك من يومى وليلتي فقد طاب ذلك له كله » ، وروى نحوه عن الحلبي.
2- الضرب بالسواك رواه الطبرسي - رضي اللّه عنه - مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام. والضرب يجب أن يكون بأمر من إليه الحكم واذنه كسائر التعزيرات ، وذلك نوع تهديد لها دفعا أو رفعا لنشوزها لا تجويز ضربها للزوج أو وجوبه عليه عند النشوز
3- الشقاق نشوزهما معا.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : لما بلغت هذا الموضع ذكرت فصلا لهشام ابن الحكم مع بعض المخالفين في الحكمين بصفين عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري فأحببت إيراد وإن لم يكن من جنس ما وضعت له الباب قال المخالف : إن الحكمين لقبولهما الحكم كانا مريدين للاصلاح بين الطائفتين ، فقال هشام : بل كانا غير مريدين للاصلاح بين الطائفتين ، فقال المخالف : من أين قلت هذا؟ قال هشام : من قول اللّه عزوجل في الحكمين حيث يقول : « إن يريدا إصلاحا يوفق اللّه بينهما » فلما اختلفا ولم يكن بينهما اتفاق على أمر واحد ولم يوفق اللّه بينهما علمنا أنهما لم يريدا الاصلاح. روى ذلك محمد بن أبي عمير عن هشام بن الحكم.

4821 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي جمزة قال : « سئل أبو إبراهيم عليه السلام عن المرأة يكون لها زوج قد أصيب في عقله بعد ما تزوجها أو عرض له جنون ، فقال : لها أن تنزع نفسها منه إن شاءت » (1).

4822 - وفي خبر آخر : « أنه إن بلغ به الجنون مبلغا لا يعرف أوقات الصلاة فرق بينهما ، فإن عرف أوقات الصلاة فلتصبر المرأة معه فقد بليت » (2).

باب 481: الخلع

4823 - روى علي بن النعمان ، عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « في الخلع إذا قالت له : لا أغتسل لك من جنابة (3) ولا أبر لك قسما (4) ولأوطئن فراشك من تكرهه (5) فإذا قالت له هذا حل له أن يخلعها وحل له ما

ص: 522


1- هذا الخبر وإن كان سنده ضعيفا لكن تقدم أخبار بأن الجنون يوجب جواز الفسخ من الرجل والمرأة.
2- قال المولى المجلسي : لم نطلع على سنده لكن عمل به جماعة من الأصحاب.
3- كناية عن عدم التمكين في الجماع.
4- أي ان ناشدتني بقولك واللّه لتفعلن كذا لا أفعله وابرار القسم من حقوق الايمان كما في الأخبار المتواترة فكيف إذا اجتمع معه حقوق الزوجة بالنظر إلى الزوج. ( م ت )
5- أي ان لم تطلقني أدخل في فراشك غيرك بالزنا.

أخذ منها ».

4824 - وفي رواية حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « عدة المختلعة عدة المطلقة وخلعها طلاقها وهي تجزى من غير أن يسمي طلاقا (1) ، والمختلعة لا يحل خلعها حتى تقول لزوجها : واللّه لا أبر لك قسما ولا أطيع لك أمرا ولا أغتسل لك من جنابة ولأوطئن فراشك ولاؤذنن عليك بغير إذنك ، وقد كان الناس [ عنده ] (2) يرخصون فيما دون هذا (3) ، فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حل له ما أخذ منها وكانت عنده على تطليقتين باقيتين وكان الخلع تطليقة ، وقال عليه السلام : يكون الكلام من عندها » (4) - يعني من غير أن تعلم.

4825 - وسأله رفاعة بن موسى « عن المختلعة ألها سكنى ونفقة؟ فقال : لا سكنى لها ولا نفقة ، وسئل عن المختلعة ألها متعة؟ فقال : لا » (5).

4826 - وفي رواية محمد بن حمران ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا قالت المرأة لزوجها جملة لا أطيع لك أمرا مفسرة أو غير مفسرة حل له ما أخذ منها ، وليس له عليها رجعة ».

وللرجل أن يأخذ من المختلعة فوق الصداق الذي أعطاها لقول اللّه عزوجل : « فإن خفتم ألا يقيما حدود اللّه فلا جناح عليهما فيما افتدت به ». والمبارأة لا يؤخذ

ص: 523


1- هذا مذهب الأكثر ، وحمله الشيخ على التقية ، وقال : لابد من الطلاق ولا يكفي الخلع.
2- ما بين القوسين ليس في بعض النسخ ولا في الكافي ، ولو صحت النسخة لعل المراد عند الخلع أي لأجل الخلع.
3- أي عمل فقهاء الصحابة والتابعين الرخصة في الخلع وفى الاخذ منها زائدا على ما أعطيت بأقل من هذا النشوز وهذا الأقوال.
4- أي يشترط أن يكون الكلام من عند نفسها ناشيا من كراهتها ، لان بان أقدمت بمثل هذه العبارات بالاخبار أو بالوساوس أو بالتسويلات.
5- يدل على أن الخلع طلاق بائن وليس للمختلعة سكنى ولا نفقة.

منها إلا دون الصداق الذي أعطاها لان المختلعة تعتدي في الكلام (1).

باب 482: الايلاء

الايلاء (2)

4827 - روى حماد ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يهجر امرأته من غير طلاق ولا يمين سنة فلا يأتي فراشها ، قال : ليأت أهله ، وقال عليه السلام : أيما رجل آلى من امرأته - والايلاء أن يقول : واللّه لا أجامعك كذا وكذا (3) ، واللّه لأغيظنك ثم يغايظها - فإنه يتربص به أربعة أشهر ، ثم يؤخذ بعد الأربعة الأشهر فيوقف (4) فإن فاء - وهو أن يصالح أهله - فإن اللّه غفور رحيم ، وإن لم يفء أجبر على الطلاق ولا يقع بينهما طلاق حتى يوقف وإن كان أيضا بعد الأربعة الأشهر ثم يجبر على (5) أن يقئ أو يطلق » .

وروي أنه إن فاء - وهو أن يرجع إلى الجماع - وإلا حبس في حظيرة من قصب وشدد عليه في المأكل والمشرب حتى يطلق (6).

ص: 524


1- حيث إن الكراهة خاصة بها فيجوز أخذ الزيادة منها. ( سلطان )
2- الايلاء هو الحلف لغة والمراد الحلف على ترك جماع زوجته دائما أو مطلقة أو مدة تزيد على أربعة أشهر مع كونها مدخولا بها قبلا للاضرار وكان طلاقا في الجاهلية كالظهار فغير الشرع حكمه وجعل له أحكاما خاصة ان جمع شرائطه والا فهو يمين يعتبر فيه ما يعتبر في اليمين أو يلحقه حكمه.
3- أي مدة زائدة على أربعة أشهر. وفى بعض النسخ « يغاضبها » وفى بعضها «لأغضبنك ثم يغاضبها ، وفى الكافي » لا واللّه لا أجامعك كذا وكذا ، ويقول : « واللّه لأغيظنك ، ثم يغاضبها ».
4- يعنى عند الحاكم فان يرجع ويصلح فهو والا يجبر على الطلاق
5- في الكافي بدون لفظة « ثم ».
6- روى الكليني ج 6 ص 133 في الضعيف كالشيخ عن حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المؤلى إذا أبى أن يطلق قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يجعل له حظيرة من قصب ويحبسه فيها ويمنعه من الطعام والشراب حتى يطلق ».

وقد روي أنه متى أمره إمام المسلمين بالطلاق فامتنع ضربت عنقه لامتناعه على إمام المسلمين » (1).

4828 - وفي رواية أبان بن عثمان ، عن منصور قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل آلى من امرأته فمرت أربعة أشهر ، قال : يوقف فإن عزم الطلاق بانت منه وعليها عدة المطلقة وإلا كفر يمينه وأمسكها » (2).

ولا ظهار ولا إيلاء حتى يدخل الرجل بامرأته (3).

باب 483: الظهار

4829 - روى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مملك ظاهر من امرأته ، فقال : لا يكون ظهار ولا يكون إيلاء حتى يدخل بها » (4).

ص: 525


1- رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن خلف بن حماد يرفعه إلى أبى عبد اللّه عليه السلام « في المؤلى اما أن يفي أو يطلق ، فان فعل والا ضربت عنقه » والظاهر أن المصنف حمله عليه أو يكون رواية أخرى ولكنه بعيد.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 252 في الضعيف ، والعياشي في تفسيره ج 1 ص 113.
3- روى الكليني ج 6 ص 133 في القوى عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يقع الايلاء الا على امرأة قد دخل بها زوجها ». وفى مرسل كالحسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يكون مؤليا حتى يدخل بها ». وعن أبي بصير عنه عليه السلام في حديث قال : « لا يقع الايلاء حتى يدخل بها ». وفى المسالك : اشترط الأصحاب في الايلاء كونها مدخولا بها ، وخالف فيه بعض كما يأتي.
4- رواه الكليني ج 6 ص 158 في الصحيح. وما تضمنه من اشتراط الدخول هو المشهور بين الأصحاب ، وذهب السيد المرتضى وابن إدريس إلى عدم الاشتراط ، وقوله « مملك » أي عقد ولم يدخل ، والاملاك التزويج وعقد النكاح.

4830 - وقال عليه السلام : « ولا يكون الظهار إلا على موضع الطلاق » (1).

4831 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن الظهار فقال : هو من كل ذي محرم أو من أم أو أخت أو عمة أو خالة (2) ، ولا يكون الظهار في يمين (3) ، فقلت : وكيف يكون؟ قال : يقول الرجل لامرأته وهي طاهر من غير جماع : أنت علي حرام مثل ظهر أمي أو أختي وهو يريد بذلك الظهار » (4).

4832 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن أبان وغيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان رجل على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقال له : أوس بن الصامت ، وكانت تحته امرأة يقال لها : خولة بنت المنذر ، فقال لها ذات يوم : أنت علي كظهر أمي ثم ندم من ساعته ، وقال لها أيتها المرأة ما أظنك إلا وقد حرمت علي ، فجاءت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

ص: 526


1- رواه الكليني والشيخ في الموثق كالصحيح عن ابن فضال ، عمن أخبره عن أبي - عبد اللّه عليه السلام ، والمراد أنه يشترط فيه شروط الطلاق من كونه مريدا غير مغضب مكره ، ويكون بمحضر من العدلين ، وتكون المرأة طاهرا من غير جماع.
2- انعقاد الظهار بقوله « أنت على كظهر أمي » موضع وفاق ونص ، وفى معنى « على » غيرها من ألفاظ الصلات كمنى وعندي ولدى ، ويقوم مقام « أنت » ما شابهها مما يميزها عن غيرها كهذه أو فلانة ، ولو ترك الصلة فقال : « أنت كظهر أمي » انعقد عند الأكثر ، واختلف فيما إذا أشبهها بظهر غير الام على أقوال أحدها أنه يقع بتشبيهها بغير الام مطلقا ، ذهب إليه ابن إدريس ، وثانيها أنه يقع بكل امرأة محرمة عليه على التأييد بالنسب خاصة ، اختاره ابن البراج ويدل عليه صحيحة زرارة ، وثالثها إضافة المحرمات بالرضاع وهو مذهب الأكثر واستدل عليه بقوله عليه السلام : « كل ذي محرم ». وقوله « أم أو أخت » على سبيل التمثيل لا الحصر لان بنت الأخت وبنت الأخ كذلك قطعا ، ورابعها إضافة المحرمات بالمصاهرة إلى ذلك اختاره العلامة في المختلف ، ويمكن الاستدلال عليه بصحيحة زرارة أيضا وهذا القول لا يخلو من قوة. ( المرآة )
3- كالطلاق والعتق باليمين وهو أن يكون زجرا على النفس. ( م ت )
4- أي يكون قاصدا للظهار لا عن غضب أو اكراه أو سهو ، فلو كان غرضه احترام الزوجة لم يقع.

فقالت : يا رسول اللّه إن زوجي قال لي : أنت علي كظهر أمي - وكان هذا القول فيما مضى يحرم المرأة على زوجها - فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أيتها المرأة ما أظنك إلا وقد حرمت عليه ، فرفعت المرأة يدها إلى السماء فقالت : أشكو إليك فراق زوجي فأنزل اللّه عزوجل يا محمد « قد سمع اللّه قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى اللّه واللّه يسمع تحاوركما إن اللّه سميع بصير. الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن اللّه لعفو غفور » ثم أنزل اللّه عزوجل الكفارة في ذلك فقال : « والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به واللّه بما تعملون خبير. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ».

والظهار على وجهين أحدهما : أن يقول الرجل لامرأته هي عليه كظهر أمه ، ويسكت فعليه الكفارة من قبل أن يجامع ، فإن جامع (1) من قبل أن يكفر لزمته كفارة أخرى ، فإن قال هي عليه كظهر أمه إن فعل كذا وكذا فليس عليه شئ حتى يفعل ذلك الشئ ويجامع فتلزمه الكفارة إذا فعل ما حلف عليه (2).

والكفارة تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا (3) لكل مسكين مد من طعام (4) ، فإن

ص: 527


1- في بعض النسخ « ومتى جامع ».
2- روى الكليني ج 6 ص 160 في الحسن كالصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج ( عن أبي عبد اللّه عليه السلام ) قال : « الظهار ضربان أحدهما فيه الكفارة قبل المواقعة والاخر بعدها ، فالذي يكفر قبل المواقعة الذي يقول : « أنت على كظهر أمي » ولا يقول : ان فعلت بك كذا وكذا ، والذي يكفر بعد المواقعة هو الذي يقول : « أنت على كظهر أمي ان قربتك « وظاهره أن الظهار بالشرط إنما يتحقق إذا كان الشرط الجماع لا غير ، وليس ببعيد عن فحوى الاخبار لكنه خلاف المشهور بين الأصحاب. ( المرآة )
3- تقدم ما يدل على ذلك في خبر حمران.
4- كما في سائر الكفارات ولصدق الاطعام عليه. ( م ت )

لم يجد صام ثمانية عشر يوما (1).

4833 - وروي « أنه إذا لم يقدر على الاطعام تصدق بما يطيق » (2).

ولا يقع الظهار على حد غضب ، ولا ظهار على من لفظ بالظهار إذا لم ينو به التحريم.

والمملوك إذا ظاهر من امرأته فعليه نصف ما على الحر من الصيام ، وليس عليه عتق ولا صدقة لان المملوك لا مال له (3).

وإذا قال الرجل لامرأته هي عليه كبعض ذوات المحارم فهو ظهار.

وإذا قال الرجل لامرأته هي عليه كظهر أمه أو كبطنها أو كيدها أو كرجلها أو ككعبها أو كشعرها أو كشئ من جسدها ينوي بذلك التحريم فهو ظهار كذلك ذكره إبراهيم بن هاشم في نوادره (4).

ص: 528


1- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 256 في الموثق عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته فلم يجد ما يعتق ولا ما يتصدق ولا يقوى على الصيام؟ قال : يصوم ثمانية عشر يوما ، لكل عشرة مساكين ثلاثة أيام ».
2- لم أجده ، ولعل المراد حسنة إسحاق بن عمار المروية في آخر الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفارة فليستغفر ربه وينوى أن لا يعود قبل أن يواقع ثم ليواقع وقد أجزأ ذلك عنه من الكفارة ، فإذا وجد السبيل إلى ما يكفر يوما من الأيام فليكفر ، وان تصدق وأطعم نفسه وعياله فإنه يجزيه إذا كان محتاجا وان لم يجد ذلك فليستغفر ربه وينوى أن لا يعود فحسبه ذلك واللّه كفارة ».
3- روى الكليني ج 6 ص 156 في الصحيح عن محمد بن حمران قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المملوك أعليه ظهار ، فقال : عليه نصف ما على الحر صوم شهر وليس عليه كفارة من صدقة ولا عتق ».
4- روى الكليني ج 6 ص 161 عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن سعيد عن يونس ، عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل قال لامرأته : أنت على كظهر أمي أو كيدها أو كبطنها أو كفرجها أو كنفسها أو ككعبها أيكون ذلك الظهار؟ وهل يلزمه ما يلزم المظاهر : فقال : المظاهر إذا ظاهر من امرأته فقال هي كظهر أمه أو كيدها أو كرجلها أو كشعرها أو كشئ منها ينوى بذلك التحريم فقد لزمه الكفارة في كل قليل منها أو كثير ، وكذلك إذا هو قال : كبعض ذوات المحارم فقد لزمته الكفارة » ويدل على وقوع الظهار بالتشبيه بغير الظهر من أجزاء المظاهر منها ، وذهب إليه الشيخ وجماعة ، وذهب السيد المرتضى مدعيا الاجماع وابن إدريس وابن زهرة وجماعة إلى أنه لا يقع بغير لفظ الظهر استضعافا للخبر.

4834 - وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن بريد بن معاوية (1) قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثم طلقها تطليقة ، قال : إذا هو طلقها تطليقة فقد بطل الظهار وهدم الطلاق الظهار ، فقلت له : فله أن يراجعها؟ قال : نعم هي امرأته فإن راجعها وجب عليه ما يجب على المظاهر من قبل أن يتماسا (2) قلت : فإن تركها حتى يحل أجلها وتملك نفسها ، ثم تزوجها بعد ذلك هل يلزمه الظهار من قبل أن يتماسا؟ قال : لا قد بانت منة وملكت نفسها ، قلت : فإن ظاهر منها فلم يمسها وتركها لا يمسها إلا أنه يراها متجردة من غير أن يمسها هل يلزمه في ذلك شئ؟ قال : هي امرأته وليس بمحرم عليه مجامعتها ولكن يجب عليه ما يجب على المظاهر قبل أن يجامعها وهي امرأته (3) قلت : فإن رفعته إلى السلطان فقالت :

ص: 529


1- في الكافي والتهذيب في الحسن كالصحيح عن ابن محبوب عن أبي أيوب الخزاز عن يزيد الكناسي وكأن في كتاب ابن محبوب « بريد » بدون النقطة فزعم الكليني أنه يزيد الكناسي ، والمصنف أنه بريد العجلي فلذا قال « عن بريد بن معاوية » وهو العجلي فإن كان العجلي فهو ثقة وإن كان الكناسي فهو من شيوخ الشيعة ، ويمكن بعيدا أن يكونا واحدا ، والكناسي إن كان أبا خالد القماط فهو ثقة أيضا وظن الاشتباه إلى الصدوق أقرب من الكليني - رضي اللّه عنهما - وعنون العسقلاني في لسان الميزان بريد الكناسي وقال : حدث عن أبي جعفر وأبى عبد اللّه (عليه السلام) وقال : قال الدارقطني وابن مأكولا في المؤتلف والمختلف : انه من شيوخ الشيعة.
2- يدل على أن الطلاق الباين أو الرجعي مع انقضاء العدة يرفع حكم الظهار فلو تزوجها بعقد جديد فله أن يجامعها بدون الكفارة ، وعلى أن المعتدة الرجعية بحكم الزوجة لا يجوز وطيها قبل الكفارة ، وعلى أن الكفارة قبل الرجوع. ( م ت )
3- يدل على جواز جميع الاستمتاعات غير الوطي قبل الكفارة.

إن هذا زوجي قد ظاهر مني وقد أمسكني لا يمسني مخافة أن يجب عليه ما يجب على المظاهر ، فقال : ليس يجب عليه أن يجبره على العتق والصيام والاطعام إذا لم يكن له ما يعتق ولا يقوى على الصيام ولا يجد ما يتصدق به (1) ، وإن كان يقدر على أن يعتق فإن على الامام أن يجبره على العتق والصدقة من قبل أن يمسها ومن بعد أن يمسها » (2).

4835 - وروى أبان ، عن الحسن الصيقل قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يظاهر من امرأته قال : فيكفر ، قلت : فإنه واقع من قبل أن يكفر؟ قال : فقد اتى حدا من حدود اللّه فليستغفر اللّه وليكف حتى يكفر » (3).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني في الظهار الذي يكون بشرط ، فأما الظهار الذي ليس بشرط فمتى جامع صاحبه من قبل أن يكفر لزمته كفارة أخرى كما ذكرته (4).

ومتى طلق المظاهر امرأته سقطت عنه الكفارة فإذا راجعها لزمته فإن تركها حتى يحل أجلها وتزوجها رجل آخر وطلقها أو مات عنها ثم تزوجها ودخل بها لم تلزمه الكفارة (5).

ص: 530


1- لعل المراد أنه حينئذ بجبره على الطلاق بخصوصه أو الاستغفار على القول ببدليته وذلك بعد انتظار ثلاثة أشهر من حين المرافعة على ما هو المشهور. ( المرآة )
2- أي إذا لم يأت بها قبل المس. ( مراد )
3- حمله الشيخ على أنه يكون واقعها جاهلا أو كان ظهاره مشروطا بالمواقعة. وقال الفاضل التفرشي : ظاهره أنه فعل محرما وترتب الاستغفار والكف عن الجماع حتى يكفر لا يستلزم عدم وجوب كفارة أخرى فلا ينافي ما دل على وجوب تكرير الكفارة ، ولعل تخصيص الكف بالذكر دفع لتوهم انحلال الظهار حينئذ وان وجبت الكفارة.
4- روى الكليني ج 6 ص 157 في الحسن كالصحيح عن زرارة وغير واحد عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا واقع المرة الثانية قبل أن يكفر فعليه كفارة أخرى ، قال : ليس في هذا اختلاف » وكأن الجملة الأخيرة من الرواة.
5- كما تقدم في خبر بريد أو يزيد عن أبي جعفر عليه السلام.

ويجزي في كفارة الظهار صبي ممن ولد في الاسلام (1).

4836 - وروى حماد ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرات ، فقال : يكفر ثلاث مرات ، قلت : إن واقع قبل أن يكفر؟ قال : يستغفر اللّه ، ويمسك حتى يكفر » (2).

4837 - و « سأله محمد بن مسلم عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات أو أكثر فقال : قال علي عليه السلام : مكان كل مرة كفارة » (3).

4838 - و « سأله جميل بن دراج (4) عن الظهار متى يقع على صاحبه فيه الكفارة فقال : إذا أراد أن يواقع امرأته ، قلت : فإن طلقها قبل أن يواقعها أعليه كفارة؟ فقال : لا ، سقطت الكفارة عنه ، قلت : فإن صام فمرض فأفطر أيستقبل أو يتم ما بقي عليه؟ فقال : إن صام شهرا ثم مرض استقبل ، فإن زاد على الشهر يوما أو يومين

ص: 531


1- روى الكليني ج 6 ص 158 في الصحيح عن معاوية بن وهب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقول لامرأته هي عليه كظهر أمه ، قال : تحرير رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا ، والرقبة يجزى عنه صبي ممن ولد في الاسلام ». وفى قرب الإسناد ص 111 عن عبد اللّه بن الحسن ، عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال : « سألته عن الظهار هل يجوز فيه عتق صبي؟ فقال : إذا كان مولودا ولد في الاسلام أجزاه ».
2- حمله الشيخ في التهذيبين على أن المعنى حتى يكفر بعدد ما يلزمه من الكفارة لا الكفارة الواحدة ، ويمكن حمله على العجز عن الكفارة أو على التقية لان المشهور بين العامة والزيدية عدم تعدد الكفارة بالوطي ، ونسبوا القول بالتعدد إلى الامامية.
3- رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام وأيضا في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام. وفى الكافي في الصحيح عن محمد ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام.
4- مروى في الكافي ج 6 ص 155 في الحسن كالصحيح عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام مع زيادة في صدره.

بنى عليه (1) ، قال : وقال : الحر والمملوك سواء غير أن على المملوك نصف ما على الحر من الكفارة » (2).

4839 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : قلت له : « إن ظاهر رجل في شعبان ولم يجد ما يعتق ، قال : ينتظر حتى يصوم شهر رمضان ، ثم يصوم شهرين متتابعين ، فإن ظاهر وهو مسافر ينظر حتى يقدم ، وإن صام فأصاب مالا فليمض في الذي ابتدأ فيه » (3).

4840 - وروى سماعة عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : يا رسول اللّه ظاهرت من امرأتي ، فقال : اذهب فأعتق رقبة ، فقال : ليس عندي ، فقال : اذهب فصم شهرين متتابعين ، فقال : لا أقوى ، فقال : اذهب فأطعم ستين مسكينا ، قال : ليس عندي ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أنا أتصدق عنك ، قال : فأعطاه تمرا لاطعام ستين مسكينا ، فقال : اذهب فتصدق به ، فقال : والذي بعثك بالحق نبيا ما أعلم أن بين لابتيها (4) أحدا أحوج إليه مني ومن عيالي ، فقال : اذهب فكل وأطعم عيالك ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذا الحديث في الظهار غريب نادر لان المشهور في هذا المعنى في كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان (5).

4841 - وفي رواية الحسن بن علي بن فضال أن رجلا قال : قلت لأبي الحسن

ص: 532


1- ظاهره خلاف فتوى الأصحاب إذ المرض من الاعذار التي يصح معها البناء عندهم خلافا لبعض العامة ، فيحمل هذا على المرض الذي لا يسوغ الافطار ، أو على التقية ، أو على الاستحباب. ( المرآة )
2- زاد في الكافي « وليس عليه عتق ولا صدقة إنما عليه صيام شهر ».
3- قوله « فليمض - الخ » هذا هو الذي عليه الأصحاب.
4- الضمير المؤنث راجع إلى المدينة المشرفة ، ولابتاها حرتان تكتنفان بها من الشرق والغرب.
5- كما رواه المصنف في كتاب الصوم في بابه تحت رقم 1885.

عليه السلام : « إني قلت لامرأتي : أنت علي كظهر أمي إن خرجت من باب الحجرة فخرجت ، فقال : ليس عليك شئ ، فقلت : فإني أقوى على أن أكفر ، فقال : ليس عليك شئ ، فقلت : فإني أقوى على أن أكفر رقبة ورقبتين ، فقال : ليس عليك شئ قويت أو لم تقو » (1).

4842 - وفي رواية السكوني قال : قال علي عليه السلام : « في رجل آلى من امرأته وظاهر في كلمة واحدة ، قال : عليه كفارة واحدة » (2).

4843 - وروى عبد اللّه بن بكير ، عن حمران قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل قال لامته أنت علي كظهر أمي يريد أن يرضي بذلك امرأته ، قال : يأتيها وليس عليها ولا عليه شئ » (3).

4844 - وروى أيوب بن نوح ، عن صفوان ، عن ابن عيينة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المظاهر إذا صام شهرا وصام من الشهر الاخر يوما فقد واصل ، فإن شاء فليقض متفرقا (4) ، وإن شاء فليعط لكل يوم مدا من طعام » (5).

ص: 533


1- اعلم أن الأصحاب اختلفوا في وقوع الظهار المعلق بالشرط عند وجود الشرط ، فذهب المحقق وجماعة إلى عدم الوقوع وذهب الشيخ والصدوقان وابن حمزة والعلامة وأكثر المتأخرين إلى الوقوع وهو الأقوى ، وهذا الخبر بظاهره يدل على عدم الوقوع ، والشيخ حمله على أن المراد عدم الاثم ، ولا يخفى بعده عن السؤال مع أن الظهار حرام اجماعا الا أن يقال : المراد أنه لا عقاب عليه للعفو كما قيل ، أقول : يمكن حمله على اليمين ، فإن قيل : لا يمين على فعل الغير ، قلت : يمكن أن يقرء « خرجت » في الموضعين بصيغة المتكلم. ( المرآة )
2- يدل على تداخل كفارة الايلاء والظهار ولم يعمل به الأصحاب وقالوا بلزوم حكمها سواء قدم الظهار أو أخر ولا يستبيحون بدون الكفارتين.
3- لان إرادة الظهار شرط فيه.
4- يدل على حصول التتابع بشهر ويوم من الثاني ، وعلى جواز التفريق. ( م ت )
5- يدل على جواز التصدق عن كل يوم من البقية بمد وهو غريب في البدل ، والأحوط الصوم لظاهر الآية والاخبار. ( م ت )

4845 - وروى زياد بن المنذر ، عن أبي الورد (1) أنه « سئل أبو جعفر عليه السلام وأنا عنده عن رجل قال لامرأته : أنت علي كظهر أمي مائة مرة ، فقال أبو جعفر عليه السلام : يطيق لكل مرة عتق نسمة؟ فقال : لا ، قال : يطيق إطعام ستين مسكينا مائة مرة؟ قال : لا ، قال : فيطيق صيام شهرين متتابعين مائة مرة؟ قال : لا ، قال : يفرق بينهما » (2).

4846 - وفي رواية ابن فضال ، عن غياث ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام في رجل ظاهر من أربع نسوة ، قال : عليه كفارة واحدة » (3).

4847 - وقال الصادق عليه السلام : « لا يقع ظهار عن طلاق ، ولا طلاق عن ظهار » (4).

4848 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد ، عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا يكون ظهار في يمين ، ولا في إضرار ، ولا في غضب ، ولا يكون ظهار إلا على طهر بغير جماع شاهدين مسلمين » (5).

ص: 534


1- كذا في بعض النسخ وفى بعضها « أبى الدرداء وهو تصحيف أبى الورد وفى التهذيب ج 2 ص 256 والاستبصار ج 3 ص 263 كما في المتن وصحته يظهر من المشيخة.
2- أي يجبره الحاكم بالطلاق لعدم امكان الرجوع بالكفارة. ( م ت )
3- حمله الشيخ على الوحدة الجنسية لما رواه في الصحيح عن صفوان قال : سأل الحسين بن مهران أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن رجل ظاهر من أربع نسوة فقال : يكفر لكل واحدة كفارة ، وسأله عن رجل ظاهر من امرأته وجاريته ما عليه ، قال : عليه لكل واحدة منهما كفارة عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا ».
4- في بعض النسخ « لا يقع ظهار على طلاق ، ولا طلاق على ظهار » فيكون « على » بمعنى مع وفسر بأنه لا يقع أحدهما مع إرادة الاخر. ولم أعثر على سند لهذا الخبر.
5- لعل المراد بالمسلمين العدلان كما هو شأن الشهادة أينما أطلقت وذهب بعض إلى الاكتفاء بالاسلام ، وقال : لا دليل على اشتراط كونهما عدلين الاعموم اشتراط العدالة في الشاهدين ، واثبات الحكم هنا بمثل ذلك مشكل ، وفى الوافي : الظهار في اليمين هو أن يقول امرأته عليه كظهر أمه ان فعل كذا ، فجعل الظهار مكان اسم اللّه سبحانه في اليمين كما يفعله المخالفون.

4849 - وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الظهار الواجب ، قال : الذي يريد به الرجل الظهار بعينه » (1).

4850 - وفي رواية السكوني قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « إذا قالت المرأة زوجي علي كظهر أمي فلا كفارة عليها » (2).

4851 - وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام « عن الرجل يظاهر من جاريته فقال : الحرة والأمة في هذا سواء » (3).

4852 - وسأل محمد بن حمران أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المملوك أعليه ظهار؟ فقال : عليه نصف ما على الحر من صوم شهر ، وليس عليه كفارة من صدقة ولا عتق ».

4853 - وفي رواية السكوني قال : قال علي عليه السلام : « أم الولد تجزي في الظهار » (4).

باب 484: اللعان

اللعان (5)

4854 - روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يقع اللعان حتى يدخل الرجل بامرأته » (6).

ص: 535


1- رواه الكليني والشيخ في الموثق ويدل على الإرادة.
2- رواه الكليني بسنده المعروف عن السكوني ، ويدل على عدم الوقوع من الزوجة لان الظهار فعل الرجل فلا اعتبار بقول المرأة فيه.
3- مروى في الكافي والتهذيب في الموثق ، وتقدم في حسنة جميل.
4- يعنى عتقها يجزى في كفارة الظهار.
5- اللعان مصدر لاعن يلاعن وأصله الطرد والابعاد فكأن كل واحد من الزوجين يبعد نفسه عن صاحبه ، ومعناه شرعا المباهلة بين الزوجين في إزالة حد أو نفى ولد بلفظ مخصوص عند الحاكم.
6- الخبر في الكافي إلى هنا والبقية كلام المصنف ظاهرا. ويشترط الدخول في اللعان بنفي الولد فان الولد قبل الدخول لا يتوقف نفيه على اللعان اجماعا وأما اللعان بالقذف فقد اختلفوا في اشتراطه بالدخول.

ولا يكون اللعان إلا بنفي الولد (1).

وإذا قذف الرجل امرأته ولم ينتف من ولدها جلد ثمانين جلدة ، فإن رمى امرأته بالفجور وقال : إني رأيت بين رجليها رجلا يجامعها وأنكر ولدها فإن أقام عليها بذلك أربعة شهود عدول رجمت ، وإن لم يقم عليها أربعة شهود لاعنها ، فإن امتنع من لعانها ضرب حد المفتري ثمانين جلدة ، فإن لاعنها درئ عنه الحد.

4855 - وسأل البزنطي أبا الحسن الرضا عليه السلام ، فقال له : « أصلحك اللّه كيف الملاعنة؟ قال : يقعد الامام ويجعل ظهره إلى القبلة ، ويجعل الرجل عن يمينه والمرأة والصبي عن يساره » (2).

4856 - وفي خبر آخر : « ثم يقوم الرجل فيحلف أربع مرات باللّه إنه لمن الصادقين فيما رماها به ، ثم يقول الامام له : اتق اللّه فإن لعنة اللّه شديدة ، ثم يقول الرجل : لعنة اللّه عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به ، ثم تقوم المرأة فتحلف أربع مرات باللّه إنه لمن الكاذبين فيما رماها به ، ثم يقول لها الامام : اتقي اللّه فإن غضب اللّه شديد ، ثم تقول المرأة : غضب اللّه عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به » (3).

فإن نكلت رجمت ويكون الرجم من ورائها ولا ترجم من وجهها لان الضرب والرجم لا يصيبان الوجه ، يضربان على الجسد على الأعضاء كلها ويتقى الوجه والفرج.

ص: 536


1- روى الكليني ج 6 ص 166 مسندا عن جميل بن دراج ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « لا يكون اللعان الا بنفي ولد ، وقال : إذا قذف الرجل امرأته لاعنها » ولعل المراد نفى اللعان الواجب ، أو الحصر بالنسبة إلى دعوى غير المشاهدة كما حمله الشيخ ونقل عن الصدوق في المقنع أنه قال : لا يكون اللعان الا بنفي الولد فلو قذفها ولم ينكر ولدها حد. ( المرآة )
2- الخبر مروى في الكافي والتهذيب بدون ذكر الصبي ، وما تضمنه من الأمران محمول على الاستحباب على المشهور.
3- ظاهره عن البزنطي ويحتمل أن يكون مستنبطا مما رواه هو عن المثنى عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي ج 6 ص 162 في تفسير قوله تعالى « والذين يرمون أزواجهم - الآية ». أو يكون خبرا آخر لم يصل إلينا وفى الوسائل جعله مع ما يأتي إلى قوله « والنصرانية » في ص 538 خبرا واحدا.

وإذا كانت المرأة حبلى لم ترجم وان لم تنكل درئ عنها الحد وهو الرجم ثم يفرق بينهما ولا تحل له أبدا » (1).

فإن دعا أحد ولدها ابن زانية جلد الحد (2).

فان ادعى الرجل الولد بعد الملاعنة نسب إليه ولده ولم ترجع إليه امرأته فإن مات الأب ورثه الابن وإن مات الابن لم يرثه الأب ويكون ميراثه لامه ، فإن لم يكن له أم فميراثه لأخواله ولا يرثه أحد من قبل الأب (3).

ص: 537


1- قوله « ان لم تنكل » أي الزوجة لم تمنع عن اللعان ، والمشهور جواز لعان الحامل لكن يؤخر الحد إلى أن تضع ، وقيل بمنع اللعان ، وروى الشيخ في الموثق كالصحيح عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كانت المرأة حبلى لم ترجم » ويشعر باللعان في الحمل.
2- روى الكليني ج 7 ص 213 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث « قلت : فان قذف أبوه أمه؟ فقال : ان قذفها وانتفى من ولدها تلاعنا ولم يلزم ذلك الولد الذي انتفى منه وفرق بينهما ولم تحل له أبدا ، قال : وإن كان قال لابنه - وأمه حية - : يا ابن الزانية ولم ينتف من ولدها جلد الحد لها ولم يفرق بينهما - الخ ».
3- روى الكليني في الحسن كالصحيح ج 7 ص 160 في الحديث « ان قذف رجل امرأته كان عليه الحد وان مات ولده ورثه أخواله فان ادعاه أبوه لحق به وان مات ورثه الابن ولم يرثه الأب » وروى في الضعيف على المشهور عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل لاعن امرأته وانتفى من ولدها ، ثم أكذب نفسه بعد الملاعنة وزعم أن الولد له هل يرد إليه ولده؟ قال : نعم يرد إليه ، ولا أدع ولده ليس له ميراث ، وأما المرأة فلا تحل له أبدا فسألته من يرث الولد؟ قال : أخواله ، قلت أرأيت أن ماتت أمه فورثها الغلام ، ثم مات الغلام من يرثه؟ قال : عصبة أمه ، قلت : فهو يرث أخواله قال : نعم » وعن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ولد الملاعنة من يرثه؟ قال : أمه ، فقلت : ان ماتت أمه من يرثه؟ قال أخواله ».

وإذا قذف الرجل امرأته وهي خرساء فرق بينهما (1).

والعبد إذا قذف امرأته تلاعنا كما يتلاعن الحران (2).

ويكون اللعان بين الحر والحرة ، وبين المملوك والحرة ، وبين الحر و المملوكة وبين العبد والأمة ، وبين المسلم واليهودية والنصرانية (3).

4857 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن الحر يلاعن المملوكة؟ قال : نعم إذا كان مولاها الذي زوجها إياه » (4).

4858 - فأما خبر الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يلاعن الرجل الحر الأمة ولا الذمية ولا التي يتمتع بها ».

فإنه يعني الأمة التي يطأها بملك اليمين ، والذمية التي هي مملوكة له ولم تسلم ، والحديث المفسر يحكم على المجمل (5).

وإذا لاعن الرجل امرأته وهي حبلى ثم ادعى ولدها بعدما ولدت وزعم أنه

ص: 538


1- روى الكليني ج 6 ص 164 في الحسن كالصحيح عن الحلبي ومحمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل قذف امرأته وهي خرساء ، قال : يفرق بينهما ».
2- روى الكليني ج 6 ص 166 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه « سئل عن عبد قذف امرأته ، قال : يتلاعنان كما يتلاعن الحران ».
3- روى الكليني ج 6 ص 164 في الحسن كالصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الحر بينه وبين المملوكة لعان؟ فقال : نعم وبين المملوك والحرة ، وبين العبد والأمة ، وبين المسلم واليهودية والنصرانية ، ولا يتوارثان ولا يتوارث الحر المملوكة » ، وهذا قول الأكثر خلافا لابن الجنيد وجماعة فإنهم اشترطوا اسلامها.
4- يحتمل أن التقييد للاحتراز عن المزوجة بدون اذن المولى فان نكاحها يكون باطلا ، وعن الموطوءة بالملك أو المحللة. ( سلطان )
5- حمله الشيخ في الاستبصار على نحو هذا الحمل وعلى أن يكون المراد بالحر إذا كان تزوج بأمة بغير اذن مولاها وقال : لأنه إذا كان كذلك فلا لعان بينهما ويكون الأولاد رقا لمولاها إن كان هناك ولد واستدل عليه بالخبر السابق.

منه رد إليه الولد ولا يجلد لأنه قد مضي التلاعن ، روى ذلك البزنطي عن عبد الكريم عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

4859 - وروى محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي عليه السلام (2) « في رجل قذف امرأته ثم خرج فجاء وقد توفيت ، قال : يخير واحدا من اثنين يقال له : إن شئت ألزمت نفسك الذنب (3) فيقام فيك الحد وتعطي الميراث ، وإن شئت أقررت فلاعنت أدنى قرابتها إليها ولا ميراث لك » (4).

4860 - وروى الحسن بن علي الكوفي عن الحسين بن سيف (5) ، عن محمد بن سليمان عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : قلت له : « جعلت فداك كيف صار الرجل إذا قذف امرأته كانت شهادته أربع شهادات باللّه ، فإذا قذفها غيره أب أو أخ أو ولد أو غريب جلد الحد أو يقيم البينة على ما قال؟ فقال : قد سئل جعفر بن محمد عليهما السلام عن ذلك ، فقال : إن الزوج إذا قذف امرأته فقال : رأيت ذلك بعيني كانت شهادته أربع شهادات باللّه ، وإذا قال إنه لم يره قيل له أقم البينة على ما قلته وإلا كان بمنزلة غيره ، وذلك إن اللّه عزوجل جعل للزوج مدخلا يدخله لم يجعله لغيره من والد ولا ولد ويدخله بالليل والنهار فجاز أن يقول رأيت ، ولو قال غيره رأيت ، قيل له : وما أدخلك المدخل الذي ترى هذا فيه وحدك؟ أنت متهم ولابد من أن يقام عليك

ص: 539


1- أصل الخبر في الكافي هكذا « في رجل لاعن امرأته وهي حبلى ، ثم ادعى ولدها بعد ما ولدت وزعم أنه منه ، قال : يرد إليه الولد ولا يجلد لأنه قد مضى التلاعن ».
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 303 عنه عن آبائه عن علي عليهم السلام والسقط من قلم النساخ لما سيأتي هذا الخبر في باب الميراث ويصله إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
3- وفى بعض النسخ « الذم ».
4- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 300 باسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام في خبر قال : « ان قام رجل من أهلها مقامها فلاعنه فلا ميراث له وان أبى أحد من أوليائها أن يقوم مقامها أخذ الميراث زوجها ».
5- في بعض النسخ « الحسن بن سيف » وفى بعضها مكان « سيف » يوسف.

الحد الذي أوجبه اللّه عليك ».

4861 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « إن عباد البصري سأل أبا عبد اللّه عليه السلام وأنا [ عنده ] حاضر كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال : عليه السلام : إن رجلا من المسلمين أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال : يا رسول اللّه أرأيت لو أن رجلا دخل منزله فرأى مع امرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع فيهما؟ قال : فأعرض عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فانصرف الرجل وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته ، قال : فنزل الوحي من عند اللّه عزوجل بالحكم فيهما ، قال : فأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلى ذلك الرجل فدعاه فقال : أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال : نعم ، فقال له : انطلق فأتني بامرأتك فإن اللّه عزوجل قد أنزل الحكم فيك وفيها ، قال فأحضرها زوجها فوقفها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقال للزوج : اشهد أربع شهادات باللّه إنك لمن الصادقين فيما رميتها به ، قال : فشهد ، قال : ثم قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أمسك ووعظه ثم قال له : اتق اللّه فإن لعنة اللّه شديدة ، ثم قال : اشهد الخامسة إن لعنة اللّه عليك إن كنت من الكاذبين ، قال : فشهد ، فأمر به فنحي (1) ثم قال عليه السلام للمرأة : اشهدي أربع شهادات باللّه ان زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به ، قال : فشهدت ، قال : ثم قال لها : أمسكي ووعظها ، ثم قال لها : اتقي اللّه فإن غضب اللّه شديد ، ثم قال لها : اشهدي الخامسة ان غضب اللّه عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به قال : فشهدت ، قال : ففرق بينهما ، وقال لهما : لا تجتمعا بنكاح أبدا بعدما تلاعنتما » (2).

باب 485: طلاق العبد

4862 - روى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال : « طلاق العبد إذا

ص: 540


1- على صيغة المجهول ، ولعله على تنحية قليلة بحيث لا يخرج عن المجلس.
2- المشهور بين الأصحاب أن الوعظ بعد الشهادة على الاستحباب.

تزوج امرأة حرة أو تزوج وليدة قوم آخرين إلى العبد ، وإن تزوج وليدة مولاه كان له أن يفرق بينهما أو يجمع بينهما إن شاء وإن شاء نزعها منه بغير طلاق ».

4863 - وروى ابن اذنية ، عن زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام قالا : « المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه إلا باذن سيده (1) ، قلت : فإن السيد كان زوجه بيد من الطلاق؟ قال : بيد السيد » ضرب اللّه مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ « والشئ الطلاق » (2).

4864 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل أنكح أمته حرا أو عبد قوم آخرين ، قال : ليس له أن ينزعها منه ، فإن باعها فشاء الذي اشتراها أن ينزعها من زوجها فعل » (3).

4865 - وروى ابن بكير ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن مملوك تزوج بغير إذن سيده ، فقال : ذلك إلى السيد إن شاء أجازه وإن شاء فرق بينهما (4) فقلت : أصلحك اللّه إن الحكم بن عتيبة وإبراهيم النخعي وأصحابها يقولون : إن أصل النكاح فاسد فلا تحل إجازة السيد له ، فقال : إنما عصى سيده ولم يعص اللّه فإذا أجازه له فهو جائز » (5).

4866 - وروى حماد بن عيسى ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « إذا كانت الحرة تحت العبد كم يطلقها؟ فقال : قال علي عليه السلام : الطلاق والعدة بالنساء » (6).

4867 - وروي حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

ص: 541


1- حمل على ما إذا كانت الأمة للسيد.
2- في بعض النسخ « أفشى « الطلاق »
3- السند ضعيف ، وكأنه حيلة في الطلاق إذا لم يطلق العبد.
4- يدل على صحة العقد الفضولي.
5- تقدم نحوه في باب المملوك يتزوج بغير اذن سيده.
6- السؤال عن عدد طلاق العبد إذا كان تحته حرة حتى تصير حراما عليه ويكون محتاجا إلى المحلل ، فقال : العبرة بالنساء فلما كانت المرأة حرة كان تطليقها ثلاثا وتعتد ثلاث حيض.

« طلاق الحرة إذا كانت تحت العبد ثلاث تطليقات وطلاق الأمة إذا كانت تحت الحر تطليقتان » (1).

4868 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كان الرجل حرا وامرأته أمة فطلاقها تطليقتان ، وإذا كان الرجل عبدا وهي حرة فطلاقها ثلاث تطليقات ».

4869 - وروى فضالة ، عن القاسم بن بريد ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا طلق الحر المملوكة فاعتدت بعض عدتها منه ثم أعتقت فإنها تعتد عدة المملوكة » (2).

4870 - وفي رواية سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « عدة الأمة التي لا تحيض خمس وأربعون ليلة - يعني إذا طلقت - » (3).

4871 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « طلاق الأمة بيعها أو بيع زوجها ، وقال في الرجل يزوج أمته رجلا حرا ثم يبيعها ، قال : هو فراق ما بينهما إلا أن يشاء المشتري أن يدعهما » (4).

ص: 542


1- هو كالتفسير للخبر السابق كالخبر الآتي.
2- يدل على أنه إذا أعتقت الأمة في العدة يتم عدة الأمة ولا يغلب جانب الحرية ، وحمله الشيخ على الطلاق البائن لما روى في الصحيح عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في أمة كانت تحت رجل فطلقها ثم أعتقت ، قال : تعتد عدة الحرة » وحمل ، معارضها على الرجعي.
3- رواه الشيخ في الموثق بدون التفسير فالظاهر أنه من المصنف.
4- يؤيده ما رواه الكليني ج 5 ص 483 في الحسن كالصحيح عن بكير بن أعين وبريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبى عبد اللّه عليهما السلام قالا : « من اشترى مملوكة لها زوج فان بيعها طلاقها ، فان شاء المشترى فرق بينهما وان شاء تركهما على نكاحهما » وحمل على أن معناه تسلط المشترى على الفسخ ، وقال السيد العاملي - رحمه اللّه - أطبق الأصحاب على أن بيع الأمة المزوجة يقتضى تسلط المشترى على فسخ العقد وامضائه واطلاق النصوص وكلام الأصحاب يقتضى عدم الفرق بين كون البيع قبل الدخول أو بعده ولا بين كون الزوج حرا أو مملوكا ، وفى صحيحة محمد بن مسلم هذا تصريح بثبوت الخيار إذا كان الزوج حرا ، وقطع الأكثر بأن هذا الخيار على الفور ، ويدل عليه خبر أبي الصباح الآتي.

4872 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا بيعت الأمة ولها زوج فالذي اشتراها بالخيار إن شاء فرق بينهما وإن شاء تركها معه ، فإن هو تركها معه فليس له أن يفرق بينهما بعد ما رضي (1) قال : وإن بيع العبد فإن شاء مولاه الذي اشتراه أن يصنع مثل الذي صنع صاحب الجارية فذلك له ، وإن هو سلم فليس له أن يفرق بينهما بعدما سلم » (2).

4873 - وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كان له أب مملوك وكانت لأبيه امرأة مكاتبة قد أدت بعض ما عليها فقال لها ابن العبد : هل لك أن أعينك على مكاتبتك حتى تؤدي ما عليك بشرط أن لا يكون لك الخيار على أبي إذا أنت ملكت نفسك؟ قالت : نعم ، فأعطاها لمكاتبتها أيكون لها الخيار بعد ذلك؟ فقال : لا يكون لها الخيار ، المسلمون عند شروطهم » (3).

4874 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كان العبد تحته أمة فطلقها تطليقة ، ثم أعتقا جميعا كانت عنده على تطليقة » (4).

4875 - وروى ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في أمة طلقت ثم أعتقت قبل أن تنقضي عدتها ، فقال : تعتد بثلاث حيض (5) ، فإن مات عنها زوجها ، ثم أعتقت قبل أن تنقضي عدتها فإن عدتها أربعة أشهر وعشرة [ أيام ] ».

4876 - وروى حريز بن عبد اللّه ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المملوكة تكون تحت العبد ثم تعتق ، قال : تخير فإن شاءت أقامت على زوجها

ص: 543


1- في بعض النسخ « بعد التراضي ».
2- التسليم : الرضا.
3- رواه الشيخ أيضا في الصحيح ، ويدل على وجوب الوفاء بالشرط.
4- أي بقي عليها طلاق واحد كالأمة ، وحمل على البائن.
5- تقدم الكلام في أنه حمل على المطلقة الرجعية.

وإن شاءت بانت ».

4877 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضي أمير المؤمنين عليه السلام في سرية لرجل ولدت لسيدها ثم أنحكها عبده ثم توفى سيدها فأعتقها فتزوجها (1) فورثه ولدها ، ثم توفي ولدها فورثت زوجها العبد فجاءا يختصمان فقال : هي امرأتي لست أطلقها ، وقالت : هو عبدي لم يجامعني ، فسئلت هل جامعك منذ كان لك عبدا؟ فقالت : لا ، فقال : لو جامعك منذ كان لك عبدا لأوجعتك اذهبي فهو عبدك ليس له عليك سبيل تبيعين إن شئت ، وترقين إن شئت ، وتعتقين إن شئت ».

باب 486: طلاق المريض

4878 - روى عبد اللّه بن مسكان ، عن فضل بن عبد الملك البقباق قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طلق امرأته وهو مريض فقال : ترثه في مرضه ما بينه وبين سنة إن مات من مرضه ذلك ، وتعتد من يوم طلقها عدة المطلقة ، ثم تتزوج إذا انقضت عدتها وترثه ما بينهما وبين سنة إن مات في مرضه ذلك ، فإن مات بعدما تمضي سنة فليس لها ميراث » (2).

ص: 544


1- فيه ما فيه لأنه لا يمكن التزويج بعد الموت ، وقال سلطان العلماء : لعل فاعل أعتقها فوت السيد إذ هو سبب لعتقها فأسند إليه ، أو الولد المفهوم ضمنا ، وهو كما ترى بعيد ولعل فاعل « تزوجها » العبد بأن يكون المراد امضاء العقد السابق أو عقد جديد.
2- قال في المسالك : طلاق المريض كطلاق الصحيح في الوقوع ولكنه يزيد عنه بكراهته مطلقا ، وظاهر بعض الأخبار عدم الجواز ، وحمل على الكراهة جمعا ، ثم إن كان الطلاق رجيعا توارثا ما دامت في العدة اجماعا ، وإن كان بائنا لم يرثها الزوج مطلقا كالصحيح ، وترثه هي في العدة وبعدها إلى سنة من الطلاق ما لم تتزوج بغيره أو يبرء من مرضه الذي طلق فيه. هذا هو المشهور خصوصا بين المتأخرين ، وذهب جماعة منهم الشيخ في النهاية إلى ثبوت التوارث بينهما في العدة مطلقا واختصاص الإرث بعدها بالمرأة منه دون العكس إلى المدة المذكورة - انتهى ، فعلى هذا قوله « ثم تتزوج » أي ان شاءت « إذا انقضت عدتها » أي يجوز لها التزويج ان لم ترد الميراث ، وإباحة التزويج لا ينافي اشتراط الإرث بعدمه ، وهكذا وجوب عدة الوفاة بعد ثبوت الميراث لا ينافي الاكتفاء بعدة الطلاق قبله كما في الوافي.

4879 - وروى الحسن بن محبوب ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المريض يطلق امرأته في تلك الحال؟ قال : لا ولكن له أن يتزوج إن شاء ، فإن دخل بها ورثته ، وإن لم يدخل بها فنكاحه باطل » (1).

4880 - وروى الحسن بن محبوب ، عن ربيع الأصم (2) ، عن أبي عبيدة الحذاء ، ومالك ابن عطية (3) كلاهما عن محمد بن علي عليهما السلام قال : « إذا طلق الرجل امرأته تطليقة في مرضه ، ثم مكث في مرضه حتى انقضت عدتها ثم مات في ذلك المرض بعد انقضاء العدة فإنها ترثه ما لم تتزوج ، فإذا كانت تزوجت بعد انقضاء العدة فإنها لا ترثه » (4).

4881 - وفي رواية سماعة قال : « سألته عن رجل طلق امرأته ، ثم إنه مات

ص: 545


1- يدل على كراهة الطلاق في المرض وجواز النكاح ولكنه مشروط بالدخول وان لم يدخل فنكاحه باطل بالنظر إلى المهر والميراث ، وأما بالنظر إلى العدة ففيه اشكال والأحوط العدة لعموم أخبارها ( م ت ) أقول : لا عدة على من لم يدخل بها عدى المتوفى عنها زوجها لقوله تعالى « إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ». وأما المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها فعليها العدة الرواية عبد الرحمن بن الحجاج وصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم وقد تأتى في الميراث.
2- له أصل عنه الحسن بن محبوب ( منهج المقال ).
3- في الكافي ج 6 ص 121 والتهذيب ج 2 ص 118 « وعن مالك بن عطية عن أبي الورد عن أبي جعفر عليه السلام » وهذا هو الصواب لعدم رواية مالك بن عطية عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام ، وكأن السقط من النساخ.
4- يدل على أن الميراث مشروط بعدم التزويج إلى سنة.

قبل أن تنقضي عدتها ، قال : تعتد عدة المتوفى عنها زوجها ولها الميراث » (1).

4882 - وفي رواية ابن أبي عمير ، عن أبان (2) أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال « في رجل طلق تطليقتين في صحة ، ثم طلق التطليقة الثالثة وهو مريض : إنها ترثه ما دام في مرضه وإن كان إلى سنة » (3).

4883 - وفي رواية ابن بكير ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس للمريض أن يطلق امرأته وله أن يتزوج » (4).

4884 - وفي رواية زرعة ، عن سماعة قال : « سألته عن رجل طلق امرأته وهو مريض ، فقال : ترثه ما دامت في عدتها ، فإن طلقها في حال الاضرار فهي ترثه إلى سنة ، (5) وإن زاد على السنة في عدتها (6) يوم واحد لم ترثه » (7).

4885 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الرجل يحضره الموت فيطلق امرأته هل يجوز طلاقه؟ قال : نعم وإن مات ورثته ، وإن ماتت لم يرثها » (8).

ص: 546


1- يدل على أنه لو طلقها ومات في العدة ترثه وتعتد عدة المتوفى عنها زوجها ويحمل على الرجعية.
2- في الكافي والتهذيب « عن أبان بن عثمان ، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام والسقط كأنه من النساخ.
3- يدل على ميراثها في البائن في العدة وما بعدها إلى سنة. ( م ت )
4- تقدم نحوه تحت رقم 4876 ، ويدل على كراهة طلاق المريض وجواز نكاحه. ( م ت )
5- أي ترثه مطلقا في العدة سواء قصد الاضرار أم لا ، بخلاف بعد العدة إلى السنة فإنه مشروط بالاضرار. ( سلطان )
6- أي عدتها التي تربصت للميراث.
7- اختلف الأصحاب في أن ثبوت الإرث للمطلقة في المرض هل هو مترتب على مجرد الطلاق فيه أو معلل بتهمته ، فذهب الشيخ في كتابي الفروع والأكثر إلى الأول لاطلاق النصوص ، وذهب في الاستبصار إلى الثاني لرواية سماعة هذه ، ورجحه العلامة في المختلف والارشاد.
8- أي إذا كان الطلاق بائنا. أو عدم ارث الزوج محمول على ما بعد العدة.

باب 487: طلاق المفقود

4886 - روى عمر بن أذينة ، عن بريد بن معاوية قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المفقود كيف تصنع امرأته؟ قال ، ما سكتت عنه وصبرت يخلى عنها ، وإن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجلها أربع سنين ثم يكتب إلى الصقع الذي فقد فيه (1) فيسأل عنه فإن خبر عنه بحياة صبرت ، وإن لم يخبر عنه بحياة حتى تمضي الأربع سنين دعي ولي الزوج المفقود فقيل له : هل للمفقود مال؟ فإن كان له مال أنفق عليها حتى تعلم حياته من موته ، وإن لم يكن له مال قيل للولي : أنفق عليها (2) ، فإن فعل فلا سبيل لها إلى أن تتزوج ما أنفق عليها ، وإن أبى أن ينفق عليها أجبره الوالي على أن يطلق تطليقة في استقبال العدة وهي طاهر ، فيصير طلاق الولي طلاق الزوج (3) ، فإن جاء زوجها قبل أن تنقضي عدتها من يوم طلقها الولي فبدا له أن يراجعها فهي امرأته وهي عنده على تطليقتين ، وإن انقضت العدة قبل أن يجيئ ويراجع فقد حلت للأزواج ولا سبيل للأول عليها ».

4887 - وفي رواية أخرى « انه إن لم يكن للزوج ولي طلقها الوالي ويشهد شاهدين عدلين فيكون طلاق الوالي طلاق الزوج ، وتعتد أربعة أشهر وعشرا ثم تتزوج إن شاءت » (4).

4888 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، وموسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا نعي الرجل إلى أهله أو خبروها أنه طلقها فاعتدت ، ثم تزوجت فجاء زوجها

ص: 547


1- الصقع - بالضم - : الناحية.
2- بطريق الشفاعة والسؤال لا الحكم.
3- أي بمنزلة طلاق الزوج هنا ، وفى بعض النسخ « طلاقا للزوج ».
4- لم أجده مسندا.

بعد فإن الأول أحق بها من هذا الآخر ودخل بها الاخر أو لم يدخل ، ولها من الاخر المهر بما استحل من فرجها « وزاد عبد الكريم في حديثه » وليس للاخر أن يتزوجها أبدا » (1).

4889 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل حسب أهله أنه قد مات أو قتل فنكحت امرأته وتزوجت سريته فولدت كل واحدة منهما من زوجها فجاء زوجها الأول ومولى السرية ، فقال : يأخذ امرأته فهو أحق بها ويأخذ سريته وولدها أو يأخذ رضى من ثمنه » (2).

4890 - وفي رواية إبراهيم بن عبد الحميد (3) أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال : « في شاهدين شهدا عند امرأة بأن زوجها طلقها فتزوجت ثم جاء زوجها ، قال : يضربان الحد ويضمنان الصداق للزوج ، ثم تعتد الزوجة وترجع إلى زوجها الأول » (4).

4891 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة نعي إليها زوجها فاعتدت وتزوجت فجاء زوجها الأول ففارقها وفارقها الاخر كم تعتد للناس؟ فقال : ثلاثة قروء وإنما يستبرأ رحمها بثلاثة قروء تحلها للناس كلهم » قال زرارة : وذلك أن ناسا قالوا : تعتد عدتين من كل واحد عدة فأبى ذلك أبو جعفر عليه السلام وقال : تعتد ثلاثة قروء فتحل للرجال (5).

ص: 548


1- هذه الزيادة كانت في رواية موسى بن بكر كما في الكافي والتهذيب لا في رواية عبد الكريم ، وكأن السهو من المصنف - رحمه اللّه -.
2- رواه الكليني في الحسن كالصحيح ، ويدل على أن ولد الشبهة لمولى الجارية ويجب فكه بالقيمة. ( م ت )
3- في الكافي في الموثق كالصحيح عنه عن أبي بصير وغيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- لابد من حمل الخبر على رجوع الشاهدين لا بمجرد انكار الزوج كما هو الظاهر والحد محمول على التعزير. ( المرآة )
5- المشهور عدم تداخل عدة وطئ الشبهة والنكاح الصحيح وتعتد لكل منهما عدة ، بل يظهر من كلام الشهيد الثاني - رحمه اللّه - اتفاق الأصحاب على ذلك ، ولكن ظاهر الخبر أن تعدد العدة مذهب العامة. ( المرآة )

باب 488: الخلية والبريئة والبتة والباين والحرام

4892 - روى حماد بن عثمان ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل قال لامرأته : أنت مني خلية أو بريئة أو بتة أو باين أو حرام ، فقال : ليس بشئ » (1).

4893 - وروى أحمد بن محمد أبي أبي نصر البزنطي ، عن محمد بن سماعة ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل قال لامرأته : أنت علي حرام فقال : لو كان لي عليه سلطان لأوجعت رأسه وقلت له : اللّه تعالى أحلها لك فمن حرمها عليك؟ إنه لم يزد على أن كذب فزعم أن ما أحل اللّه له حرام ولا يدخل عليه طلاق ولا كفارة ، فقلت له فقول اللّه عزوجل : « يا أيها النبي لم تحرم ما أحل اللّه لك تبتغي مرضات أزواجك واللّه غفور رحيم. قد فرض اللّه لكم تحلة أيمانكم « فجعل عليه فيه الكفارة فقال : إنما حرم عليه جاريته مارية وحلف أن لا يقربها ، وإنما جعلت عليه الكفارة في الحلف ولم يجعل عليه في التحريم » (2).

باب 489: حكم العنين

4894 - روى محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد اللّه ابن الفضل الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له أو سأله رجل « عن رجل ادعت

ص: 549


1- الخلية أي خالية من الزوج وكذا البريئة أي بريئة عن الزوج ، وقوله « بتة » أي مقطوعة الوصلة ، وهذه الكلمات كلها كنايات عن الطلاق وليس بطلاق عند الشارع ولا يتفرع عليها حرمة ولا كفارة.
2- يعنى الكفارة في الآية لمخالفة اليمين لا لقوله صلى اللّه عليه وآله : « أنت على حرام » وإن كان ظاهره ذلك لان اللّه تعالى يقول : « قد فرض اللّه عليكم تحلة أيمانكم » بعده. ( م ت )

عليه امرأته أنه عنين وينكر ذلك الرجل ، قال : تحشوها القابلة بالخلوق ولا يعلم الرجل ويدخل عليها ، فإن خرج وعلى ذكره الخلوق صدق وكذبت وإلا صدقت وكذب » (1).

4895 - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام : « إذا ادعت المرأة على زوجها أنه عنين وأنكر الرجل أن يكون كذلك فالحكم فيه أن يقعد الرجل في ماء بارد فإن استرخى ذكره فهو عنين وإن تشنج فليس بعنين » (2).

4896 - وروي في خبر آخر : « أنه يطعم السمك الطري ثلاثة أيام ثم يقال له : بل على الرماد فإن ثقب بوله الرماد فليس بعنين وإن لم يثقب بوله الرماد فهو عنين » (3).

4897 - وروى صفوان بن يحيى ، عن أبان ، عن غياث (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال « في العنين إذا علم أنه عنين لا يأتي النساء فرق بينهما ، وإذا وقع عليها وقعة واحدة لم يفرق بينهما ، والرجل لا يرد من عيب » (5).

4898 - وروى الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي قال « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فمكث أياما معها ولا يستطيع أن يجامعها غير أنه قد رأى منه ما يحرم على غيره ثم طلقها ، أيصلح له

ص: 550


1- العنن بالفتح - هو الضعف المخصوص بالعضو والاسم العنة - بالضم - ويقال للرجل إذا كان كذلك عنين - كسكين - وهو من جملة عيوب الرجل التي توجب تسلط الزوجة على الفسخ. والخلوق - كصبور - : طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره.
2- لم نطلع على سنده وهي قرينة ولم يعمل أكثر الأصحاب بهذه القرينة.
3- لم نطلع على سنده وهي قرينة ولم يعمل أكثر الأصحاب بهذه القرينة.
4- في الكافي ج 5 ص 410 « عباد الضبي » ولعله البصري يعنى ابن صهيب.
5- أي لا يفسخ نكاح الرجل من عيوبه أصلا مثل الجذام والبرص وغير ذلك لكن هذا العموم استثنى منه العيوب الأربعة التي منها العنن بدليل مثبت للاستثناء ، وهذا هو المشهور بين الأصحاب.

أن يتزوج ابنتها؟ قال : لا يصلح له وقد رأى من أمها ما رأى » (1).

4899 - وفي رواية السكوني قال : « قال علي عليه السلام : من أتى امرأة مرة واحدة ثم اخذ عنها فلا خيار لها » (2).

4900 - وسأله عمار الساباطي (3) « عن رجل اخذ عن امرأته (4) فلا يقدر على إتيانها ، قال : إن كان لا يقدر على إتيان غيرها من النساء فلا يمسكها إلا أن ترضى بذلك ، وإن كان يقدر على إتيان غيرها فلا بأس بإمساكها ».

4901 - وروي في خبر آخر : « أنه متى أقامت المرأة مع زوجها بعد ما علمت أنه عنين ورضيت به لم يكن لها خيار بعد الرضا » (5).

باب 490: النوادر

4902 - روي عن أبي سعيد الخدري قال : « أوصى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : يا علي : إذا دخلت العروس بيتك فاخلع خفيها حين تجلس واغسل رجليها ، وصب الماء من باب دارك إلى أقصى دارك ، فإنك إذا فعلت ذلك أخرج اللّه من بيتك سبعين ألف لون من الفقر ، وأدخل فيه سبعين ألف لون من البركة ، وأنزل عليه سبعين رحمة ترفرف على رأس العروس حتى تنال بركتها

ص: 551


1- تقدم الكلام فيه.
2- رواه الكليني باسناده المعروف عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلوات اللّه عليه.
3- يعنى عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في الكافي ج 5 ص 412.
4- التأخيذ حبس السواحر أزواجهن عن غيرهن من النساء.
5- لم أجده مسندا ، وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 234 عن وهب بن وهب عن أبي جعفر عليه السلام « أن عليا عليه السلام كان يقول : يؤخر العنين سنة من يوم مرافعة امرأته فان خلص إليها والا فرق بينهما ، فان رضيت أن تقيم معه ثم طلبت الخيار بعد ذلك فقد سقط الخيار ولا خيار لها ».

كل زاوية في بيتك ، وتأمن العروس من الجنون والجذام والبرص أن يصيبها ما دامت في تلك الدار ، وامنع العروس في أسبوعها من الألبان والخل والكزبرة والتفاح الحامض من هذه الأربعة الأشياء ، فقال علي عليه السلام : يا رسول اللّه ولأي شئ أمنعها هذه الأشياء الأربعة؟ قال : لان الرحم تعقم وتبرد من هذه الأربعة الأشياء عن الولد ، ولحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد ، فقال علي عليه السلام : يا رسول اللّه ما بال الخل تمنع منه؟ قال : إذا حاضت على الخل لم تطهر أبدا بتمام. والكزبرة تثير الحيض في بطنها وتشدد عليها الولادة ، والتفاح الحامض يقطع حيضها فيصير داء عليها.

ثم قال : يا علي لا تجامع امرأتك في أول الشهر ووسطه وآخره ، فإن الجنون والجذام والخبل ليسرع إليها وإلى ولدها ، يا علي : لا تجامع امرأتك بعد الظهر فإنه إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول ، والشيطان يفرح بالحول في الانسان ، يا علي : لا تتكلم عند الجماع فإنه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس ، ولا ينظرن أحد إلى فرج امرأته ، وليغض بصره عند الجماع ، فإن النظر إلى الفرج يورث العمى في الولد ، يا علي : لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك فإني أخشى إن قضي بينكما ولد أن يكون مخنثا أو مؤنثا مخبلا ، يا علي من كان جنبا في الفراش مع امرأته فلا يقرأ القرآن فإني أخشى أن تنزل عليهما نار من السماء فتحرقهما.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - يعني به قراءة العزائم دون غيرها -.

يا علي : لا تجامع امرأتك إلا ومعك خرقة ومع أهلك خرقة ولا تمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة فإن ذلك يعقب العداوة بينكما ثم يؤديكما إلى الفرقة والطلاق.

يا علي : لا تجامع امرأتك من قيام فإن ذلك من فعل الحمير فان قضي بينكما ولد كان بوالا في الفراش كالحمير البوالة في كل مكان ، يا علي : لا تجامع امرأتك في ليلة الأضحى فإنه إن قضي بينكما ولد يكون له ست أصابع أو أربع

ص: 552

أصابع. يا علي : لا تجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة فإنه إن قضي بينكما ولد يكون جلادا قتالا أو عريفا (1) يا علي : لا تجامع امرأتك في وجه الشمس وتلألوئها إلا أن ترخي سترا فيستركما ، فإنه إن قضي بينكما ولد لا يزال في بؤس وفقر حتى يموت. يا علي : لا تجامع امرأتك بين الأذان والإقامة ، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون حريصا على إهراق الدماء ، يا علي : إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء فإنه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب بخيل اليد ، يا علي : لا تجامع أهلك في النصف من شعبان فإنه إن قضي بينكما ولد يكون مشؤما ذا شأمة في وجهه ، يا علي : لا تجامع أهلك في آخر درجة منه (2) إذا بقي يومان فإنه إن قضي بينكما ولد يكون عشارا أو عونا للظالمين ويكون هلاك فئام من الناس على يديه (3) يا علي لا تجامع أهلك على سقوف البنيان فإنه إن قضي بينكما ولد يكون منافقا مرائيا مبتدعا ، يا علي : إذا خرجت في سفر فلا تجامع أهلك من تلك الليلة فإنه إن قضي بينكما ولد ينفق ماله في غير حق ، وقرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله « إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ».

يا علي : لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن فإنه إن قضي بينكما ولد يكون عونا لكل ظالم عليك ، يا علي : عليك بالجماع ليلة الاثنين ، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون حافظا لكتاب اللّه ، راضيا بما قسم اللّه عزوجل يا علي : إن جامعت أهلك في ليلة الثلاثاء فقضي بينكما ولد فإنه يرزق الشهادة بعد شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه ولا يعذبه اللّه مع المشركين ويكون طيب النكهة والفم ، رحيم القلب ، سخي اليد ، طاهر اللسان من الغيبة والكذب والبهتان ، يا علي : إن جامعت أهلك ليلة الخميس فقضي بينكما ولد فإنه يكون حاكما من الحكام أو عالما من العلماء ، وإن جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عن كبد

ص: 553


1- العريف من يعرف أصحابه والقيم بأمرهم والمراد من يعرف الناس إلى الظلمة.
2- كأنه تفسير لما قبله أي من شعبان ويحتمل كل شهر.
3- الفئام الجماعة من الناس ولا واحد له من لفظه.

السماء فقضي بينكما ولد فإن الشيطان لا يقربه يشيب ويكون قيما (1) ويرزقه اللّه عزوجل السلامة في الدين والدنيا ، يا علي : وإن جامعتها ليلة الجمعة وكان بينكما ولد فإنه يكون خطيبا قوالا مفوها ، وإن جامعتها يوم الجمعة بعد العصر فقضي بينكما ولد فإنه يكون معروفا مشهورا عالما ، وإن جامعتها في ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة ، فإنه يرجى أن يكون الولد من الابدال إن شاء اللّه تعالى.

يا علي : لا تجامع أهلك في أول ساعة من الليل فإنه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون ساحرا مؤثرا للدنيا على الآخرة ، يا علي : احفظ وصيتي هذه كما حفظتها عن جبرئيل عليه السلام ».

4903 - و « شكا رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام نساءه فقام عليه السلام خطيبا فقال : يا معاشر الناس لا تطيعوا النساء على حال : ولا تأمنوهن على مال ، ولا تذروهن يدبرن أمر العيال ، فإنهن إن تركن وما أردن أوردن المهالك ، وعدون أمر المالك (2) فإنا وجدناهن لا ورع لهن عند حاجتهن ، ولا صبر لهن عند شهوتهن ، البذخ (3) لهن لازم وإن كبرن ، والعجب لهن لاحق وإن عجزن ، لا يشكرن الكثير إذا منعن القليل ، ينسين الخير ويحفظن الشر ، يتهافتن بالبهتان ، ويتمادين في الطغيان ، ويتصدين للشيطان (4) ، فداروهن على كل حال (5) ، وأحسنوا لهن المقال ، لعلهن يحسن الفعال ».

4904 - وروى عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام قال : « إن اللّه تبارك وتعالى خص رسوله صلى اللّه عليه وآله بمكارم الأخلاق ، فامتحنوا أنفسكم فأن كانت

ص: 554


1- أي بأمور الناس ، وفى بعض النسخ « فهما ».
2- أي تجاوزن. وفى علل الشرايع « وعصين » والمراد بأمر المالك أمر الزوج أو مالك الملاك وهو اللّه تعالى.
3- البذخ التكبر. وفى بعض النسخ « والتبرج ».
4- أي يتعرضن للشيطان في الموارد المهلكة وبالخروج من بيوتهن.
5- من المدارأة أي اعملوا معهن بها.

فيكم فاحمدوا اللّه عزوجل وارغبوا إليه في الزيادة منها فذكرها عشرة : اليقين ، والقناعة ، والصبر ، والشكر ، والحلم ، وحسن الخلق ، والسخاء ، والغيرة ، والشجاعة والمروءة ».

4905 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أراد البقاء ولا بقاء فليباكر الغداء (1) وليجود الحذاء ، وليخفف الرداء ، وليقل مجامعة النساء ، قيل يا رسول اللّه وما خفة الرداء؟ قال : قلة الدين ».

4906 - وقال عليه السلام : « إذا قامت المرأة عن مجلسها فلا يجلس أحد في ذلك المجلس حتى يبرد ».

4907 - وقال الصادق عليه السلام : « ثلاثة يهدمن البدن وربما قتلن : دخول الحمام على البطنة (2) ، والغشيان على الامتلاء ، ونكاح العجائز ».

4908 - وقال عليه السلام : « ثلاثة من اعتادهن لم يدعهن : طم الشعر (3) ، وتشمير الثوب ، ونكاح الإماء ».

4909 - وقال عليه السلام « هلك بذوي المروءة أن يبيت الرجل عن منزله بالمصر الذي فيه أهله ».

4910 - وقال عليه السلام : « ملعون ملعون من ضيع من يعول ».

4911 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ».

4912 - وقال عليه السلام : « عيال الرجل أسراؤه وأحب العباد إلى اللّه عزوجل أحسنهم صنعا إلى اسرائه » (4).

ص: 555


1- بالدال أو الذال أي يأكل شيئا في أول النهار ولو قليلا ، والمراد بتجويد الحذاء اما لبسه جالسا أو كناية عن اتخاذ الزوجة الحسنة السيرة والصورة.
2- البطنة : الامتلاء من الطعام.
3- طم الشعر - بفتح الشين - أي جزه واستيصاله الا ما استثنى.
4- تقدم هذه الأخبار من المؤلف في باب الزكاة والتجارة والنكاح.

4913 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « عيال الرجل اسراؤه ، فمن أنعم اللّه عليه نعمة فليوسع على اسرائه ، فإن لم يفعل أو شك أن تزول تلك النعمة ».

4914 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد بن الحنفية : « يا بني إذا قويت فاقو على طاعة اللّه ، وإذا ضعفت فاضعف عن معصية اللّه عزوجل ، وإن استطعت أن لا تملك من أمرها ما جاوز نفسها فافعل فإنه أدوم لجمالها وأرخى لبالها وأحسن لحالها ، فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة فدارها على كل حال ، وأحسن الصحبة لها ليصفو عيشك ».

4915 - وروى عن خالد بن نجيح عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام قال : تذاكروا الشؤم عنده فقال : « الشؤم في ثلاثة في المرأة والدابة والدار ، فأما شؤم المرأة فكثرة مهرها وعقوق زوجها ، وأما الدابة فسوء خلقها ومنعها ظهرها ، وأما الدار فضيق ساحتها وشر جيرانها وكثرة عيوبها ».

4916 - وروى عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله « قالت أم سليمان بن داود لسليمان عليه السلام : يا بني إياك وكثرة النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة ».

4917 - وروي عن سليمان بن جعفر البصري (1) ، عن عبد اللّه بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إن اللّه تبارك وتعالى كره لكم أيتها الأمة أربعا وعشرين خصلة ونهاكم عنها : كره لكم العبث في الصلاة ، وكره المن في الصدقة ، وكره الضحك بين القبور ، وكره التطلع في الدور ، وكره النظر إلى فروج النساء وقال : يورث العمى ، وكره الكلام عند الجماع وقال : يورث الخرس ، وكره النوم قبل العشاء الآخرة ، وكره الحديث بعد العشاء الآخرة ، وكره الغسل تحت

ص: 556


1- رواه المؤلف في الخصال مسندا وفيه « سليمان بن حفص البصري » ولعله هو الصواب.

السماء بغير مئزر ، وكره المجامعة تحت السماء ، وكره دخول الأنهار بلا مئزر ، وقال في الأنهار عمار وسكان من الملائكة ، وكره دخول الحمامات إلا بمئزر ، وكره الكلام بين الأذان والإقامة في صلاة الغداة حتى تقضى الصلاة ، وكره ركوب البحر في هيجانه وكره النوم فوق سطح ليس بمحجر (1) ، وقال : من نام على سطح غير محجر برئت منه الذمة ، وكره أن ينام الرجل في بيت وحده ، وكره للرجل أن يغشى امرأته وهي حائض (2) ، فإن غشيها فخرج الولد مجذوما أو أبرص فلا يلومن إلا نفسه ، وكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى فإن فعل وخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه ، وكره أن يكلم الرجل مجذوما إلا أن يكون بينه وبينه قدر ذراع ، وقال : فر من المجذوم فرارك من الأسد (3) ، وكره البول على شط نهر جار ، وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة مثمرة قد أينعت أو نخلة قد أينعت - يعني أثمرت - ، وكره أن يتنعل الرجل وهو قائم ، وكره أن يدخل الرجل البيت المظلم ألا أن يكون بين يديه سراج أو نار ، وكره النفخ في الصلاة » (4).

4918 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « لا يحل لاحد أن يجنب في هذا المسجد إلا أنا

ص: 557


1- راجع الكافي ج 6 ص 530 باب تحجير السطوح ومن جملة أخباره عن الصادق عليه السلام أنه « في السطح يبات عليه وهو غير محجر ، قال : يجزيه أن يكون مقدار ارتفاع الحائط ذراعين ».
2- الكراهة هنا يحمل على الحرمة لما في غيره من الاخبار.
3- هذا لا ينافي قوله صلى اللّه عليه وآله « لا عدوى ولا طيرة ولا هامة » لان المراد به نفى ما يعتقدونه من أن تلك العلل المعدية مؤثرة بنفسها مستقلة في التأثير ، فأعلمهم أن الامر ليس كذلك بل إنما هو بمشيئة اللّه تعالى وفعله ، والحاصل أن العدوي ليست علة تامة وقضية كلية بل قضية مهملة وعلة ناقصة قد يتخلف ، ولا يدعى الأطباء أيضا كليتها كما قاله الأستاذ الشعراني في هامش الوافي.
4- في موضع السجود مطلقا أو مع ضرر الغير أو الأعم.

وعلي وفاطمة والحسن والحسين ومن كان من أهلي فإنه مني » (1).

4919 - وقال الصادق عليه السلام : « قيل لعيسى بن مريم عليه السلام : مالك لا تتزوج فقال : وما أصنع بالتزويج؟ قالوا : يولد لك ، قال : وما أصنع بالأولاد إن عاشوا فتنوا وإن ماتوا أحزنوا ».

4920 - وكان النبي صلى اللّه عليه وآله يقول في دعائه : « اللّهم إني أعوذ بك من ولد يكون علي ربا (2) ، ومن مال يكون علي ضياعا (3) ، ومن زوجة تشيبني قبل أوان مشيبي ، ومن خليل ماكر عيناه تراني وقلبه يرعاني (4) ، إن رأى خيرا دفنه وإن رأى شرا أذاعه ، وأعوذ بك من وجع البطن ».

صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به

وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا (5)

4921 - وقال الصادق عليه السلام : « ثلاث من تكن فيه فلا يرجى خيره أبدا : من لم يخش اللّه في الغيب ، ولم يرعو عند الشيب (6) ، ولم يستح من العيب ».

ص: 558


1- رواه المصنف في العيون ص 221 مسندا. وروى في العلل ما يؤيده وروى محب الدين الطبري في ذخائر العقبى ص 77 عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم « يا علي لا يحل لاحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك » قال علي بن المنذر : قلت لضرار بن صرد : ما معنى هذا الحديث؟ قال : لا يحل لاحد يستطرقه جنبا غيري وغيرك. أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن. وقال سلطان العلماء : المراد بالاجناب فيه الاجتياز لا فعل الجماع فيه ، وقال الفاضل التفرشي : « أن يجنب » أي يدخله ويمر فيه جنبا ، والظاهر أن المراد مسجد النبي صلى اللّه عليه وآله. أقول : هذا الحمل وإن كان بعيدا لا يلائم لفظ الخبر لكن لابد من ذلك فتأمل.
2- بأن يكون مسلطا على أو غير موافق لي أو ينفق على بأن أكون فقيرا.
3- أي يصرف في غير طاعة اللّه سبحانه.
4- أي بالمكر والخديعة.
5- في بعض النسخ « أذن » مفرد الاذان. وفى اللغة أذن يأذن إليه : استمع.
6- أي لم يترك المعاصي والقبايح عند الشيخوخة ، والرعو الرجوع عن الجهل وحسن الرجوع عنه.

4922 - وقال الصادق عليه السلام : « إن أحدكم ليأتي أهله فتخرج من تحته فلو أصابت زنجيا لتشبئت به (1) فإذا أتى أحدكم أهله فليكن بينهما مداعبة فإنه أطيب للامر ».

4923 - وروى سماعة ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين من اللذة ، ولكن اللّه عزوجل ألقى عليها الحياء ».

4924 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند اللّه عزوجل من رجل قتل نبيا ، أو هدم الكعبة التي جعلها اللّه عزوجل قبلة لعباده ، أو أفرغ ماءه في امرأة حراما ».

4925 - وروى معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : « انصرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله من سرية كان أصيب فيها ناس كثير من المسلمين فاستقبله النساء يسألن عن قتلاهن فدنت منه امرأة ، فقالت : يا رسول اللّه ما فعل فلان؟ قال : وما هو منك؟ قالت : أخي ، قال : احمدي اللّه واسترجعي (2) فقد استشهد ، ففعلت ذلك ثم قالت : يا رسول اللّه ما فعل فلان؟ قال : وما هو منك؟ قالت : زوجي ، قال : احمدي اللّه واسترجعي فقد استشهد ، فقالت : واذلاه ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما كنت أظن أن المرأة تجد (3) بزوجها هذا كله حتى رأيت هذه المرأة ».

4926 - وقال بعض أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله : « يا رسول ما بالنا نجد بأولادنا ما لا يجدون بنا؟ فقال : لأنهم منكم ولستم منهم » (4).

ص: 559


1- أي تقوم من تحته غير راضية منه ومن معاشرته ومداعبته بحيث ترض بالزنجي ولا ترضى به ويدل على استحباب المداعبة عند الجماع بلا رفث.
2- أي قولي : « انا لله وانا إليه راجعون ».
3- الوجد الحزن ، أي ما أظن أن المرأة تحزن بموت زوجها إلى هذا الحد.
4- تقدم تحت رقم 4749.

4927 - وروي عن مسعدة بن صدقة الربعي عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : قيل له : « ما بال المؤمن أحد شئ (1)؟ فقال : لان عز القرآن في قلبه ، ومحض الايمان في صدره ، وهو عبد مطيع لله ولرسوله مصدق ، قيل له : فما بال المؤمن قد يكون أشح شئ؟ قال : لأنه يكسب الرزق من حله ، ومطلب الحلال عزيز (2) فلا يحب أن يفارقه شيئه (3) لما يعلم من عز مطلبه وإن هو سخت نفسه لم يضعه إلا في موضعه ، قيل : فما بال المؤمن قد يكون أنكح شئ؟ قال : لحفظه فرجه عن فروج لا تحل له ولكيلا تميل به شهوته هكذا ولا هكذا (4) ، فإذا ظفر بالحلال اكتفى به واستغنى به عن غيره (5) ، وقال عليه السلام : « إن قوة المؤمن في قلبه ألا ترون أنكم تجدونه ضعيف البدن نحيف الجسم وهو يقوم الليل ويصوم النهار ».

4928 - وفي رواية السكوني ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا حضر ولادة المرأة قال : أخرجوا من في البيت من النساء ، لا تكون المرأة أول ناظر إلى عورته » (6).

ص: 560


1- في نسخة « أعز شئ » وفى العلل كما في المتن.
2- أي طلبه أو محل طلبه عزيز نادر الوجود.
3- في بعض النسخ « كسبه » وفى بعضها « سيبه » والسيب : العطاء.
4- أي لا يميل إلى كل مرأة وزمام نفسه بيده ولا يرخص النفس تميل إلى كل جانب.
5- البقية جزء لهذا الخبر كما في العلل ، وروى عن محمد بن عمارة قال : « سمعت الصادق عليه السلام يقول : « المؤمن علوي لأنه علا في المعرفة ، والمؤمن هاشمي لأنه هشم الضلالة - أي كسرها - والمؤمن قرشي لأنه أقر بالشئ المأخوذ عنا ، والمؤمن عجمي لأنه استعجم - أي أبهم عليه أبواب الشر - والمؤمن عربي لان نبيه صلى اللّه عليه وآله عربي وكتابه المنزل بلسان عربي ، والمؤمن نبطي لأنه استنبط العلم ، والمؤمن مهاجري لأنه هجر السيئات ، والمؤمن أنصاري لأنه نصر اللّه ورسوله وأهل بيت رسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والمؤمن مجاهد لأنه يجاهد أعداء اللّه عزوجل في دولة الباطل بالتقية وفى دولة الحق بالسيف وكفى بهذه شرفا للمؤمن ».
6- الظاهر أنه يخرج من النساء من لا يحتاج إليها ، والا يجب استبداد القابلة بها عدا الزوج.

4929 - وفي رواية الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عليهم السلام ، عن علي عليه السلام قال : « ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الجهاد فقالت امرأة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : يا رسول اللّه فما للنساء من هذا شئ؟ فقال : بلى للمرأة ما بين حملها إلى وضعها إلى فطامها من الاجر كالمرابط في سبيل اللّه ، فإن هلكت فيما بين ذلك كان لها مثل منزلة شهيد ».

4930 - وذكر النساء عند أبي الحسن عليه السلام فقال : « لا ينبغي للمرأة أن تمشي في وسط الطريق ولكنها تمشي إلى جانب الحائط ».

4931 - وروى حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا ينبغي للمرأة ان تنكشف بين يدي اليهودية والنصرانية فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن » (1).

4932 - وقال الصادق عليه السلام : « زوجوا الأحمق ، ولا تزوجوا الحمقاء ، فإن الأحمق قد ينجب والحمقاء لا تنجب ».

4933 - وروى علي بن رئاب ، عن زرارة بن أعين أو عن غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أربع لا يشبعن من أربع : أرض من مطر ، وأنثى من ذكر ، وعين من نظر ، وعالم من علم ».

باب 491: معرفة الكبائر التي أوعد اللّه عزوجل عليها النار

4934 - روى علي بن حسان الواسطي ، عن عمه عبد الرحمن بن كثير عن (2)

ص: 561


1- محمول على الكراهة كما عليه أكثر الأصحاب ، وحمله بعضهم على الحرمة ، واستثنى منها الإماء المملوكة لقوله تعالى « وما ملكت أيمانهن ».
2- طريق المصنف إلى علي بن حسان الواسطي صحيح لكن الذي يروى عن عمه ( عبد الرحمن بن كثير ) هو علي بن حسان الهاشمي لا الواسطي ، وليسا بمتحدين لما روى الكشي عن محمد بن مسعود قال : سألت علي بن الحسن بن فضال عن علي بن حسان ، قال : عن أيهما سألت أما الواسطي فهو ثقة ، وأما الذي عندنا - أشار إلى علي بن حسان الهاشمي يروى عن عمه عبد الرحمن بن كثير فهو كذاب. ونقل عن ابن الغضائري أنه قال : ومن أصحابنا علي بن حسان الواسطي ثقة ثقة وذكر ابن بابويه في اسناده إلى عبد الرحمن بن كثير الهاشمي علي بن حسان الواسطي وهو يعطى أن الواسطي هو ابن أخي عبد الرحمن ، وأظنه سهوا من قلم الشيخ ابن بابويه (رحمه اللّه) أو الناسخ ، أقول : الظاهر أن المصنف (رحمه اللّه) اعتقد اتحادهما كما يظهر من المشيخة حيث ذكر في طريقه إلى عبد الرحمن بن كثير الهاشمي علي بن حسان الواسطي وقال : روى عن عمه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي.

أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن الكبائر سبع فينا أنزلت ومنا استحلت (1) فأولها الشرك باللّه العظيم ، وقتل النفس التي حرم اللّه عزوجل ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين وقذف المحصنة ، والفرار من الزحف ، وإنكار حقنا ، فأما الشرك باللّه عظيم فقد أنزل اللّه فينا ما أنزل وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فينا ما قال ، فكذبوا اللّه وكذبوا رسوله فأشركوا باللّه ، وأما قتل النفس التي حرم اللّه فقد قتلوا الحسين بن علي عليهما السلام وأصحابه ، وأما أكل مال اليتيم فقد ذهبوا بفيئنا الذي جعله اللّه عزوجل لنا فأعطوه غيرنا ، وأما عقوق الوالدين فقد أنزل اللّه تبارك وتعالى ذلك في كتابه فقال عزوجل : « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم » (2) فعقوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في ذريته وعقوا أمهم خديجة في ذريتها ، وأما قذف المحصنة : فقد قذفوا فاطمة عليها السلام على منابرهم (3) ، وأما الفرار من الزحف (4) فقد أعطوا أمير المؤمنين عليه السلام بيعتهم طائعين غير مكرهين ففروا عنه وخذلوه ، وأما إنكار حقنا فهذا مما لا يتنازعون فيه » (5).

ص: 562


1- أي جعلت بالنسبة إلينا كأنها حلال.
2- الأحزاب : 6.
3- لعل المراد بالقذف تكذيبها في قصة فدك فان التكذيب نوع قذف. أو المراد نفيهم السبطين عليهما السلام عن أن يكونا بمنزلة ابن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.
4- كما خذلوه عليه السلام في وقعة صفين وألجأوه إلى تعيين الحكمين.
5- رواه المصنف في الخصال ص 363 بسند عامي عن علي بن حسان عن عبد الرحمن ابن كثير.

4935 - وروى عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام عن أبيه عليه السلام قال : « سمعت أبي موسى بن جعفر عليهما السلام يقول : دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبد اللّه عليه السلام فلما سلم وجلس تلا هذه الآية « الذين يجتنبون كبائر الاثم » (1) ثم أمسك فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : ما أسكتك؟ قال : أحب أن أعرف الكبائر من كتاب اللّه عزوجل فقال : نعم يا عمرو أكبر الكبائر الشرك باللّه يقول اللّه تبارك وتعالى : « إن اللّه لا يغفر أن يشرك به » (2) ويقول اللّه عزوجل : « إنه من يشرك باللّه فقد حرم اللّه عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار » (3) وبعده اليأس من روح اللّه لان اللّه عزوجل يقول : « إنه لا ييأس من روح اللّه إلا القوم الكافرون » (4) ثم الامن من مكر اللّه لان اللّه تعالى يقول : « فلا يأمن مكر اللّه إلا القوم الخاسرون » (5) ومنها عقوق الوالدين لان اللّه عزوجل جعل العاق جبارا شقيا في قوله تعالى : « وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا » (6) وقتل النفس التي حرم اللّه تعالى إلا بالحق لان اللّه عزوجل يقول : « ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها - إلى آخر الآية (7) » وقذف المحصنات لان اللّه عزوجل يقول : « إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا و الآخرة ولهم عذاب عظيم » (8) وأكل مال اليتيم ظلما لقول اللّه عزوجل : « إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا » (9) والفرار من الزحف لان اللّه عزوجل يقول : (10) « ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من اللّه ومأواه جهنم

ص: 563


1- الشورى : 37.
2- النساء : 47 و 115.
3- المائدة : 72.
4- يوسف : 87.
5- الأعراف : 98.
6- مريم : 32.
7- النساء : 92.
8- النور : 23.
9- النساء : 9.
10- الأنفال : 16.

وبئس المصير » وأكل الربا لان اللّه تعالى يقول : « الذين يأكلون الربوا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس » (1) ويقول اللّه عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وذروا ما بقي من الربوا إن كنتم مؤمنين. وإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله » (2) والسحر لان اللّه عزوجل يقول : « ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق » (3) والزنا لان اللّه عزوجل يقول : « ومن يفعل ذلك يلق أثاما. يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا. إلا من تاب وآمن - الآية » (4) واليمين الغموس لان اللّه عزوجل يقول : « إن الذين يشترون بعهد اللّه وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لأخلاق لهم في الآخرة - الآية » (5) والغلول قال اللّه تعالى : « ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمة » (6) ومنع الزكاة المفروضة لات اللّه عزوجل يقول « يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون » (7) وشهادة الزور (8) وكتمان الشهادة لان اللّه عزوجل يقول : « ومن يكتمها فإنه آثم قلبه » (9) وشرب الخمر لان اللّه عزوجل عدل بها عبادة الأوثان ، وترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرض اللّه عزوجل لان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة اللّه عزوجل وذمة رسوله صلى اللّه عليه وآله ونقض العهد ، وقطيعة الرحم لان اللّه عزوجل يقول : « أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار » (10) قال : فخرج عمرو بن عبيد وله صراخ من بكائه وهو يقول : هلك من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم ».

ص: 564


1- البقرة : 275.
2- البقرة : 279.
3- البقرة : 102
4- الفرقان : 68.
5- آل عمران : 77.
6- آل عمران : 161.
7- التوبة ، 36.
8- لم يذكر عقوبته اما لأنه أيضا كاتم للشهادة ، واما بالطريق الأولى أو الظهور وتقدمت الاخبار في عقابه.
9- البقرة : 283.
10- الرعد : 25.

4936 - وروي في خبر آخر : « أن الحيف في الوصية من الكبائر » (1).

4937 - وكتب علي بن موسى الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله « حرم اللّه قتل النفس لعلة فساد الخلق في تحليله لو أحل ، وفنائهم وفساد التدبير ، وحرم اللّه تبارك وتعالى عقوق الوالدين لما فيه من الخروج من التوقير لله عزوجل والتوقير للوالدين وكفران النعمة وإبطال الشكر وما يدعو من ذلك إلى قلة النسل وانقطاعه لما في العقوق من قلة توقير الوالدين والعرفان بحقهما وقطع الأرحام والزهد من الوالدين في الولد وترك التربية لعلة ترك الولد برهما ، وحرم اللّه تعالى الزنا لما فيه من الفساد من قتل الأنفس وذهاب الأنساب وترك التربية للأطفال وفساد المواريث وما أشبه ذلك من وجوه الفساد ، وحرم اللّه عزوجل قذف المحصنات لما فيه من فساد الأنساب ونفي الولد وإبطال المواريث وترك التربية وذهاب المعارف وما فيه من الكبائر والعلل التي تؤدي إلى فساد الخلق ، وحرم أكل مال اليتيم ظلما لعلل كثيرة من وجوه الفساد ، أول ذلك : إذا أكل الانسان مال اليتيم ظلما فقد أعان على قتله إذا ليتيم غير مستغن ولا يتحمل لنفسه ولا قائم بشأنه ولا له من يقوم عليه ويكفيه كقيام والديه ، فإذا أكل ماله فكأنه قد قتله وصيره إلى الفقر والفاقة مع ما حرم اللّه عليه وجعل له من العقوبة في قوله عزوجل : « وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا اللّه وليقولوا قولا سديدا « ولقول أبي جعفر عليه السلام : « إن اللّه أوعد في أكل مال اليتيم عقوبتين عقوبة في الدنيا وعقوبة في الآخرة ، ففي تحريم مال اليتيم استبقاء اليتيم واستقلاله لنفسه والسلامة للعقب أن يصيبهم ما أصابه لما أوعد اللّه عزوجل فيه من العقوبة مع ما في ذلك من طلب اليتيم بثأره إذا أدرك ووقوع الشحناء والعداوة والبغضاء حتى يتفانوا ، وحرم اللّه الفرار من الزحف لما فيه من الوهن في الدين والاستخفاف بالرسل والأئمة العادلة عليهم السلام وترك نصرتهم على الأعداء والعقوبة لهم على إنكار ما دعوا إليه من الاقرار

ص: 565


1- الحيف الظلم ، ويحمل على من أقر عند الموت بمال لاخر كذبا للظلم على الورثة. وتقدم في كتاب الوصية.

بالربوبية وإظهار العدل وترك الجور وإماتته والفساد ولما في ذلك من جرأة العدو على المسلمين وما يكون في ذلك من السبي والقتل وإبطال حق دين اللّه عزوجل وغيره من الفساد ، وحرم اللّه عزوجل التعرب بعد الهجرة للرجوع عن الدين وترك المؤازرة للأنبياء والحجج عليهم السلام وما في ذلك من الفساد وإبطال حق كل ذي حق [ لا ] لعلة سكنى البدو ولذلك لو عرف الرجل الدين كاملا لم يجز له مساكنة أهل الجهل ، والخوف عليه لأنه لا يؤمن أن يقع منه ترك العلم والدخول مع أهل الجهل والتمادي في ذلك ، وعلة تحريم الربا لما نهى اللّه عزوجل عنه ولما فيه من فساد الأموال لان الانسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهما وثمن الاخر باطلا فبيع الربا وشراؤه وكس على كل حال على المشتري وعلى البائع (1) ، فحرم اللّه عزوجل على العباد الربا لعلة فساد الأموال كما حظر على السفيه أن يدفع إليه ماله لما يتخوف عليه من إفساده حتى يؤنس منه رشده فلهذه العلة حرم اللّه عزوجل الربا ، وبيع الربا بيع الدرهم بالدرهمين ، وعلة تحريم الربا بعد البينة لما فيه من الاستخفاف بالحرام المحرم وهي كبيرة بعد البيان وتحريم اللّه عزوجل لها لم يكن ذلك منه إلا استخفافا بالمحرم الحرام (2) والاستخفاف بذلك دخول في الكفر ، وعلة تحريم الربا بالنسيئة لعلة ذهاب المعروف وتلف الأموال ورغبة الناس في الربح وتركهم للقرض والقرض صنايع المعروف ، ولما في ذلك من الفساد والظلم وفناء الأموال ».

4938 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إنما حرم اللّه عزوجل الربا كيلا يمتنعوا من صنايع المعروف (3) ».

4939 - وفي رواية محمد بن عطية ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إنما حرم اللّه عزوجل الربا لئلا يذهب المعروف ».

ص: 566


1- الوكس - كالوعد - : النقص.
2- أي المبين حرمته عقلا ونقلا ، أو تأكيدا.
3- في بعض النسخ « اصطناع المعروف ».

4940 - وسأل هشام بن الحكم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن علة تحريم الربا فقال : إنه لو كان الربا حلالا لترك الناس التجارات وما يحتاجون إليه فحرم اللّه الربا ليفر الناس من الحرام إلى الحلال وإلى التجارات وإلى البيع والشراء فيبقى ذلك بينهم في القرض ».

4941 - وفي رواية السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ساحر المسلمين يقتل ، وساحرا الكفار لا يقتل ، قيل : يا رسول اللّه لم لا يقتل ساحر الكفار؟ قال : لان الشرك أعظم من السحر ، ولان السحر والشرك مقرونان ».

4942 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « حرم اللّه عزوجل الخمر لفعلها وفسادها » (1).

4943 - وروي عن إسماعيل بن مهران ، عن أحمد بن محمد ، عن جابر ، عن زينب بنت علي عليهما السلام قالت : « قالت فاطمة عليها السلام في خطبتها في معنى فدك (2) : لله فيكم عهد قدمه إليكم وبقية استخلفها عليكم (3) : كتاب اللّه بينة بصائره ، وآي منكشفة سرائره ، وبرهان متجلية ظواهره ، مديم للبرية استماعه ، وقائد إلى الرضوان أتباعه ، مؤديا إلى النجاة أشياعه ، فيه تبيان حجج اللّه المنورة ، ومحارمه المحدودة وفضائله المندوبة (4) ، وجمله الكافية ، ورخصة الموهوبة (5) ، وشرايعة المكتوبة ،

ص: 567


1- رواه الكليني ج 6 ص 412 في الضعيف عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام.
2- رواها المصنف في العلل والكشي في الرجال والطبرسي في الاحتجاج وهي في نهاية الفصاحة والبلاغة والمصنف أخذ منها هنا موضع الحاجة ، وقوله في معنى فدك أي في شأنه ، وفى بعض النسخ « لله بينكم ».
3- لعل المراد بالعهد الكتاب وبالبقية العترة كما في حديث الثقلين.
4- المراد بالمحارم المحرمات والمنهيات ، وبالفضائل المندوبة الأمور الواجبة والمستحبة ، وبالجمل الكافية الجملات التي يستخرج منها جميع الأحكام كافيا شافيا.
5- الرخص في مقابل العزائم والموهوبة كما في قوله صلى اللّه عليه وآله « في القصر صدقة تصدق اللّه بها عليكم فاقبلوا صدقته ». وفى بعض النسخ « المرهوبة » أي رخص ورهب في الزيادة عن قدر الضرورة. ( م ت )

وبيناته الخالية (1) ، ففرض اللّه الايمان تطهيرا من الشرك ، والصلاة تنزيها عن الكبر والزكاة زيادة في الرزق ، والصيام تبيينا للاخلاص ، الحج تسنية للدين (2) ، والعدل تسكينا للقلوب ، الطاعة نظاما للملة ، والإمامة لما من الفرقة (3) ، والجهاد عزا للاسلام ، والصبر معونة على الاستيجاب (4) ، والامر بالمعروف مصلحة للعامة ، وبر الوالدين وقاية عن السخط ، وصلة الأرحام منماة للعدد ، والقصاص حقنا للدماء ، والوفاء بالنذر تعريضا للمغفرة ، وتوفية المكائيل والموازين تعييرا للبخسة (5) ، وقذف المحصنات حجبا عن اللعنة (6) ، وترك السرقة إيجابا للعفة (7) ، وأكل أموال اليتامى إجارة من الظلم (8) ، والعدل في الأحكام إيناسا للرعية ، وحرم اللّه الشرك إخلاصا له بالربوبية ، فاتقوا اللّه حق تقاته فيما أمركم اللّه به وانتهوا عما نهاكم عنه ».

والخطبة طويلة أخذنا منها موضع الحاجة.

4944 - وفي رواية أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال عن أبي عبد اللّه

ص: 568


1- المكتوبة : الواجبة أو الأعم منها ومن الأحكام التي يجب العمل عليها من الديات والمواريث والحدود ( م ت ) والبينات المعجزات والخالية الماضية ، وفى بعض النسخ « الجالية » أي الجليلة الواضحة ، ولعل المراد بالخالية أو الخالية من الاشتباه والريب كما قيل.
2- « تسنية » أي توضيحا أو رفعة ، والنساء بالمد الرفعة ، وفى بعض النسخ « للتثبيت الدين » وفى الاحتجاج « تشييدا للدين » وهو الأوضح. وفى نسخة « تلبية للدين ».
3- اللم : الجمع أي جمعا للفرقة.
4- أي استيجاب المطلوب والظفر به ، وعون الصبر على استيجاب المطلوب أمر مشهور. وفى الاحتجاج « على استجلاب الاجر ».
5- كما في قوله تعالى « ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين » فعيرهم بالافساد. وفى بعض النسخ « تغييرا » بالغين المعجمة ، وفى بعضها « للحنيفية » لعل الصواب إن كان بالمعجمة « تغييرا للحنيفية » وما في المتن أظهر وأصوب.
6- كأنه إشارة إلى قوله تعالى « ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم ».
7- أي لعفة النفس فإنها قبيحة عقلا وشرعا.
8- أي انقاذا واعاذة منه ، أجاره أنقذه وأعاذه.

عليه السلام قال : « الكذب على اللّه وعلى رسوله وعلى الأوصياء عليهم السلام من الكبائر ».

4945 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار » (1).

4946 - وروى يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن سليمان قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « من آمن رجلا على دمه ثم قتله جاء يوم القيامة يحمل لواء الغدر ».

4947 - وروى أحمد بن النضر ، عن عباد (2) عن كثير النواء قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن الكبائر فقال : كل ما أوعد اللّه عزوجل عليه النار » (3).

4948 - وروى زرعة بن محمد الحضرمي ، عن سماعة بن مهران قال : سمعته يقول : « إن اللّه تبارك وتعالى أوعد في أكل مال اليتيم عقوبتين ، أما إحداهما فعقوبة الآخرة بالنار (4) ، وأما عقوبة الدنيا فهو قوله عزوجل : « وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا اللّه وليقولوا قولا سديدا « يعني بذلك ليخش أن أخلفه في ذريته كما صنع بهؤلاء اليتامى » (5).

4949 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « سباب المؤمن فسق ، وقتله كفر ، وأكل

ص: 569


1- رواه العامة بطرق كثيرة ، بعبارات متقاربة حتى ادعى بعضهم تواتره المعنوي ، وقوله «يتبوأ» أي يتخذ » وتبوأ بيتا أي اتخذه مسكنا.
2- لعله عباد بن بكير ، وفى بعض النسخ « عن عباد بن كثير النواء ».
3- أي ما أوعد عليه النار بخصوصه في القرآن.
4- كما في قوله تعالى « ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ».
5- أي لو تركوا ذرية ضعافا فأكل جماعة أموالهم كما أكل هو أموال اليتامى ويستلزم أن يموت عن أولاد صغار قبل أو ان أجله. ( م ت )

لحمه من معصية اللّه ، وحرمة ماله كحرمة دمه » (1).

4950 - وقال الصادق عليه السلام : « من اكتحل بميل من مسكر كحله اللّه بميل من نار » (2).

4951 - وروى ابن أبي عمير ، عن إسماعيل بن سالم (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله رجل فقال : أصلحك اللّه شرب الخمر شر أم ترك الصلاة؟ قال : شرب الخمر ، ثم قال : أو تدري لم ذلك؟ قال : لا ، قال : لأنه يصير في حال لا يعرف فيها ربه عزوجل » (4).

4952 - وقال عليه السلام : « إن أهل الري (5) في الدنيا من المسكر يموتون عطاشا ، ويحشرون عطاشا ، ويدخلون النار عطاشا » (6).

4953 - وروى أبان بن عثمان ، عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « من شرب الخمر فسكر منها لم تقبل له صلاة أربعين يوما ، فإن ترك الصلاة في هذه الأيام ضوعف عليه العذاب لتركه الصلاة » (7).

ص: 570


1- مروى في الكافي ج 2 ص 359 بسند موثق كالصحيح ، والسباب هنا مصدر باب المفاعلة كقتال.
2- مروى في الكافي ج 6 ص 414 بسند مرسل ويدل على عدم جواز الاكتحال بالخمر لغير التداوي وجوزوا التداوي بها للعين إذا لم يكن عنها مندوحة ».
3- في الكافي ج 6 ص 402 « عن إسماعيل بن بشار » وفى عقاب الأعمال « عن إسماعيل بن سالم » كما هنا.
4- يدل على أن شرب الخمر شر من ترك الصلاة مع أن تركها كفر كما جاءت به الروايات.
5- في المصباح روى من الماء يروى ريا والاسم الري - بالكسر - وهو خلاف العطش.
6- مروى في الكافي والتهذيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
7- رواه المصنف في الصحيح في عقاب الأعمال ص 290 وظاهره أن القبول غير الاجزاء فأحد العذابين لعدم اتيانه بالصلاة المقبولة حيث قدر عليها ولم يفعل ، بل فعل مالا يقبل معه الصلاة ، والاخر لتركه الصلاة المجزية كما قال الفاضل التفرشي.

4954 - وفي خبر آخر : « إن صلاته توقف بين السماء والأرض فإذا تاب ردت عليه وقبلت منه » (1).

4955 - وروى إبراهيم بن هاشم ، عن عمرو بن عثمان ، عن أحمد بن إسماعيل الكاتب عن أبيه قال : « أقبل محمد بن علي عليهما السلام في المسجد الحرام فقال بعضهم : لو بعثتم إليه بعضكم يسأله ، فأتاه شاب منهم فقال له : يا عم ما أكبر الكبائر؟ قال : شرب الخمر فأتاهم فأخبرهم فقالوا له : عد إليه فلم يزالوا به حتى عاد إليه فسأله فقال له : ألم أقل لك يا ابن أخي : شرب الخمر إن شرب الخمر يدخل صاحبه في الزنا والسرقة وقتل النفس التي حرم اللّه وفي الشرك باللّه ، وأفاعيل الخمر تعلو على كل ذنب كما تعلو شجرتها على كل شجرة » (2).

4956 - وقال الصادق عليه السلام : « من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها » (3).

قال اللّه تبارك وتعالى : « ولا تقتلوا أنفسكم إن اللّه كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على اللّه يسيرا » (4).

ص: 571


1- في الكافي والتهذيب أخبار بأنه إذا تاب تاب اللّه عليه.
2- أعلم أن المصنف لم يذكر حكم الخمر في أبواب الأطعمة والأشربة ولم يذكر هنا الا هذه الأخبار وروى في الحدود نبذة منها وفى ثواب الأعمال وعقاب الأعمال جملة منها فان أردت الإحاطة بجميع أخبارها فراجع الوسائل أو التهذيب كتاب الأشربة أو الكافي أبواب الأنبذة من ص 392 إلى 415.
3- رواه المصنف فيما يأتي في الحدود في الصحيح عن أبي ولاد الحناط عنه عليه السلام ، وكذا في عقاب الأعمال ص 325 طبع مكتبة الصدوق.
4- الظاهر أنه من كلام المصنف نقل الآية تأييدا وليس من تتمة الخبر كما توهمه بعض.

4957 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة سبيلها إلى النار » (1).

4958 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأيا فيحب عليه ويبغض » (2).

4959 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي حمزة قال : قلت : لأبي جعفر عليه السلام : « ما أدنى النصب؟ قال : أن يبتدع الرجل شيئا فيحب عليه ويبغض عليه » (3).

4960 - وقال علي عليه السلام : « من مشى إلى صاحب بدعة فوقره فقد سعى في هدم الاسلام » (4).

4961 - وروى هشام بن الحكم ، وأبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان رجل في الزمن الأول طلب الدنيا من حلال فلم يقدر عليها ، وطلبها من حرام فلم يقدر عليها فأتاه الشيطان فقال له : يا هذا إنك قد طلبت الدنيا من حلال فلم تقدر عليها ، فطلبتها من حرام فلم تقدر عليها ، أفلا أدلك على شئ تكثر به دنياك وتكثر به تبعك؟ فقال : بلى قال : تبتدع دينا وتدعو إليه الناس ففعل فاستجاب له الناس فأطاعوه فأصاب من الدنيا ثم إنه فكر فقال : ما صنعت ، ابتدعت دينا ودعوت الناس إليه وما أرى لي توبة إلا أن آتي من دعوته فأرده عنه فجعل يأتي أصحابه الذين أجابوه فيقول : إن الذي دعوتكم إليه باطل وإنما ابتدعته ، فجعلوا يقولون :

ص: 572


1- رواه الكليني ج 1 ص 57 في الصحيح عن عبد الرحيم القصير وفيه « كل ضلالة في النار » والمراد به التشريع في الدين والافتراء على اللّه سبحانه ورسوله والأئمة عليهم السلام.
2- روى الكليني ج 2 ص 397 نحوه في الصحيح.
3- النصب العداوة لأولياء الحق عليهم السلام وأدناه أن يفتري الرجل عليهم شيئا ليس لهم ويحب من يدين به ويقبله ويبغض من لا يقبله. وقيل المراد بالنصب ما عيد من دون اللّه من الأصنام والتماثيل.
4- رواه الكليني ج 1 ص 54 مرفوعا مع اختلاف في اللفظ.

كذبت هو الحق ولكنك شككت في دينك فرجعت عنه ، فلما رأى ذلك عمد إلى سلسلة فوتد لها وتدا ثم جعلها في عنقه (1) وقال : لا أحلها حتى يتوب اللّه علي ، فأوحى اللّه عزوجل إلى نبي من الأنبياء قل لفلان : وعزتي وجلالي لو دعوتني حتى تنقطع أوصالك ما استجبت لك حتى ترد من مات على ما دعوته إليه فيرجع عنه » (2).

4962 - وروى بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : إن صاحب الشك والمعصية في النار ليسا منا ولا إلينا » (3).

4963 - وفي رواية عبد اللّه بن ميمون عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال : « للزاني ست خصال ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة ، فأما التي في الدنيا : فإنه يذهب بنور الوجه ، ويورث الفقر ، ويعجل الفناء ، وأما التي في الآخرة : فسخط الرب ، وسوء الحساب ، والخلود في النار » (4).

4964 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن إسحاق بن هلال (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ألا أخبركم بأكبر الزنا؟(6) قالوا : بلى ، قال : هي

ص: 573


1- أي جعل رأس السلسلة في وتد واستحكمه في الجدار أو الأرض لئلا يذهب إلى مكان آخر زجرا لنفسه كما فعله بعض أصحاب الرسول صلى اللّه عليه وآله حيث ربط نفسه بأسطوانة المسجد.
2- ظاهره عدم قبول توبة من يضل الناس ولعله في الشرايع الماضية وروى عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال « أبى اللّه لصاحب البدعة بالتوبة ، قيل : وكيف ذلك؟ قال : انه أشرب قلبه حبها ولا يوفق للتوبة » أقول : هذا هو المشاهد في عصرنا الأصحاب البدع والضلالات.
3- رواه الكليني ج 2 ص 400 عن بكر بن محمد عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا قال : « ان الشك - الخ » وقوله « ولا إلينا » أي ليس مرجعه إلينا.
4- مروى في الكافي ج 5 ض 541 في الضعيف على المشهور.
5- في الكافي « إسحاق بن أبي الهلال » وهما غير مذكوران لكن لا يضر لمكان ابن أبي عمير.
6- في الكافي « بكبر الزنا ».

امرأة توطئ فراش زوجها فتأتي بولد من غيره فتلزمه زوجها فتلك التي لا يكلمها اللّه ولا ينظر إليها يوم القيامة ، ولا يزكيها ولها عذاب أليم ».

4965 - وروى ابن أبي عمير ، عن سعيد الأزرق عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل قتل رجلا مؤمنا قال : يقال له مت أي ميتة شئت يهوديا وأن شئت نصرانيا وإن شئت مجوسيا » (1).

4966 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي » (2).

4967 - وقال الصادق عليه السلام : « شفاعتنا لأهل الكبائر من شيعتنا ، وأما التائبون فإن اللّه عزوجل يقول : « ما على المحسنين من سبيل ».

4968 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا شفيع أنجح من التوبة ».

4969 - وسئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء « هل تدخل الكبائر في مشيئة اللّه؟ قال : نعم ذاك إليه عزوجل إن شاء عذب عليها وإن شاء عفا » (3).

ص: 574


1- رواه الكليني ج 7 ص 273 في الحسن كالصحيح ، وقال العلامة المجلسي : أي قتل مؤمنا لايمانه أو يموت كموتهم وان كانت ينجو بعد من العذاب - انتهى ، أقول : ستجيئ الاخبار في باب القتل إن شاء اللّه تعالى.
2- كأنه رد لقول المعتزلة حيث إنهم قالوا إن شفاعة النبي صلى اللّه عليه وآله في - القيامة تكون لأهل الجنة ليزيد في درجاتهم ، وخالفهم في ذلك غيرهم من الفرق.
3- رواه الكليني في الموثق كالصحيح عن سليمان بن خالد وفى الموثق كالصحيح عن إسحاق بن عمار عنه عليه السلام. إلى هنا تمت تعاليقنا على هذا الجزء والحمد لله رب العالمين ، ونسأله أن يوفقنا لاتمام العمل وبلوغ الامل وأن يصوننا عن الخطأ والخطل. على أكبر الغفاري 21 رجب المرجب 1393

4970 - وقال الصادق عليه السلام : « من اجتنب الكبائر كفر اللّه عنه جميع ذنوبه وذلك قوله عزوجل : « إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ».

تم الجزء الثالث من كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ السعيد الفقيه محمد بن علي بن بابويه القمي رضي اللّه عنه وأرضاه.

ويتلوه في الجزء الرابع ذكر جمل من مناهي النبي صلى اللّه عليه وآله والحمد لله رب العالمين وصلى اللّه على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين.

ص: 575

فهرس الموضوعات

كتاب القضايا والاحكام

2 - باب من يجوز التحاكم إليه ومن لا يجوز

4 - أصناف القضاء ووجوه الحكم.

5 - اتقاء الحكومة وخطر القضاء.

5 - كراهة مجالسة القضاة في مجالسهم.

6 - كراهة أخذ الرزق على القضاء.

6 - الحيف في الحكم.

7 - الخطأ في الحكم.

7 - أرش خطأ القضاة.

8 - الاتفاق على العدلين في الحكومة.

11 - آداب القضاء وصفات القاضي.

16 - باب ما يجب الاخذ فيه بظاهر الحكم.

17 - الحيل في الاحكام.

28 - الحجر والإفلاس.

29 - الشفاعات في الاحكام

29 - الحبس بتوجه الاحكام.

32 - أحكام الصلح.

38 - معنى العدالة في الشاهد.

40 - من يجب رد شهادته ومن يجب قبول شهادته .

ص: 576

54 - الحكم بشهادة الواحد ويمين المدعي.

55 - الحكم بشهادة امرأتين ويمين المدعي.

55 - إقامة الشهادة بالعلم دون الاشهاد.

57 - الامتناع من الشهادة وكتمانها ، وما جاء في إقامتها.

58 - شهادة الزور وما جاء فيها.

61 - بطلان حق المدعي بالتحليف وإن كانت له بينة.

63 - الحكم برد اليمين وبطلان الحق بالنكول.

63 - الحكم باليمين على المدعي على الميت حقا بعد إقامة البينة.

64 - حكم المدعيين في حق يقيم كل واحد منهما البينة على أنه له.

66 - الحكم في جميع الدعاوي.

67 - الشهادة على المرأة حيث لم تكن بمسفرة.

68 - إبطال الشهادة على الحيف والربا وخلاف السنة.

69 - حكم الشهادة على الشهادة.

71 - الاحتياط في إقامة الشهادة.

73 - شهادة الوصي للميت بأن له على رجل دين.

74 - النهي عن إحياء الحق بشهادة الزور.

74 - نوادر الشهادات.

74 - أول شهادة شهد بها بالزور في الاسلام.

الشفعة

76 - مورد الشفعة.

77 - الشفعة على عدد الرجال.

78 - ليس للكتابي شفعة.

78 - حق الشفعة لا يورث.

78 - لا شفعة في سفينة ولا نهر ولا طريق ولا رحى ولا حمام.

ص: 577

79 - ثبوت الشفعة لوصي اليتيم وللغائب ، ومحلها من الأموال.

80 - ثبوت الشفعة في الحيوان إذا كان الشريك واحدا.

الوكالة

83 - حكم الوكالة. وانها من العقود الجائزة.

83 - جواز الوكالة في الطلاق.

84 - إذا ادعى الموكل عزل الوكيل بعد ما أمضاه الوكيل.

85 - حكم من زوج رجلا امرأة بدعوى الوكالة فأنكر الموكل.

87 - إذا وكلت المرأة رجلا أن يزوجها من رجل فزوجها من نفسه.

الحكم بالقرعة

89 - مورد جواز القرعة في الحكم.

89 - تحقيق قصة عبد المطلب ونذره إذا رزق ولده العاشر.

92 - الحكم بالقرعة في القضايا المشكلة.

92 - إذا وطئ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر فولدت.

93 - القرعة عند تعارض البينتين وما ترجح إحداهما.

الكفالة

95 - لا كفالة في حد.

95 - الكفيل يحتبس حتى يحضر المكفول أو ما عليه.

95 - كراهة التعرض للكفالات والضمان.

96 - حكم الكفيل إذا شرط في كفالته.

97 - يجوز لصاحب الدين طلب الكفيل من المديون.

97 - الكفالة خسارة ، غرامة ، ندامة.

الحوالة

97 - حكم الشركين في الدين إذا قسماه وأحال كل منهما بنصيبه.

ص: 578

98 - حكم الرجوع على المحيل.

99 - من احتال بدنانير جاز أن يأخذ بدلها دراهم.

أحكام المشتركات والأحاريم

99 - الحكم في سيل وادي مهزور.

99 - إذا تشاح أهل الماء.

100 - الحكم في الحظيرة بين دارين.

100 - الحكم في نفش الغنم في الحرث.

101 - حكم من باع نخلة واستثنى نخلة.

101 - حريم البئر العادية ،

101 - حريم النخلة.

102 - حريم المسجد.

102 - حريم القناة بجنب القناة.

102 - حكم صاحب العين إذا أراد أن يجعلها أسفل من موضعها وتضر بأخرى.

103 - عدم الجواز الاضرار بالمسلم وقصة سمرة بن جندب. وسيأتي ما يدل على أحكام الاحاريم ص 238.

105 - الحكم بإجبار الرجل على نفقة أقربائه.

105 - ما يقبل من الدعاوي بغير بينة.

107 - قصة أعرابي باع ناقته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم أنكر.

108 - قصة أعرابي باع فرسه من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم أنكر.

109 - قصة درع طلحة التي اخذت غلولا يوم البصرة.

111 - إذا ادعت المطلقة متاع البيت.

112 - باب نادر

112 - كيفية إحلاف الأخرس.

ص: 579

العتق وأحكامه

113 - ثواب العتق وفضله.

113 - الذين إذا ملكهم الانسان انعتقوا ، والانعتاق بالرضاع.

114 - حكم العبد المشترك بين الاثنين إذا أعتق أحدهما نصيبه.

115 - نكاح المرأة التي بعضها حر وبعضها رق.

115 - اشتراط صحة العتق بنية التقرب.

116 - الشرط في العتق.

116 - لا يصح العتق قبل الملك.

116 - من أعتق مملوكا وشرط عليه أن يزوجه ابنته لزم الشرط.

117 - من أعتق مملوكا وشرط عليه خدمته مدة فأبق العبد.

117 - حكم مال العبد إذا أعتق.

118 - من أعتق مملوكه عند الموت وعليه دين محيط بثمن العبد.

التدبير

120 - جواز بيع المدبر.

120 - جواز الرجوع في التدبير.

121 - المدبر يكون من الثلث.

122 - جواز مكاتبة المدبر.

122 - حكم عتق المدبر في الكفارة.

123 - من دبر مملوكه وعليه دين.

124 - المعتق عن دبر هو من الثلث.

المكاتبة

124 - استحباب مكاتبة المملوك المسلم.

125 - حكم المكاتب المشروط.

ص: 580

125 - جواز وضع بعض مال المكاتبة لتعجيلها الاجل بلفظ الهبة.

126 - حكم المكاتب الذي يكون بين شريكين فيعتق أحدهما نصيبه.

126 - إذا انعتق من المكاتب شئ ثم مات.

128 - حكم ولد المكاتبة التي توفيت وقد قضت عامة ما عليها.

128 - عدم جواز التزويج للمكاتب إلا بإذن مولاه.

128 - المكاتب المطلق إذا تحرر منه شئ تحرر من أولاده بقدره.

129 - جواز مكاتبة العبد مع العلم بعدم مال له أو حصوله له.

129 - جواز مكاتبة المملوك على مال يزيد عن قيمته.

129 - إذا شرط على المكاتب إن عجز رد في الرق وكان للسيد ما أخذ منه.

130 - جملة من أحكام المكاتب والمكاتبة.

131 - حكم ولاء المكاتب وولده.

132 - إن من شرط ميراث المكاتب لم يصح الشرط.

133 - ولاء المعتق.

133 - عدم صحة بيع الولاء ولا هبته ولا اشتراطه.

133 - الولاء لمن أعتق.

134 - ولاء الأولاد لمن أعتق الأب أو الجد.

135 - العتق أفضل أو البيع والتصدق بالثمن.

136 - السائبة التي لا ولاء لاحد من المسلمين عليه.

137 - ولاء السائبة.

138 - أمهات الأولاد وأحكامهن.

141 - باب الحرية

141 - الأصل في الناس الحرية.

141 - من أقر على نفسه بالرق.

ص: 581

141 - انعتاق المملوك بالعمى والجذام والتمثيل والتنكيل.

142 - عتق بعض المملوك والحبلى.

143 - عدم جواز عتق المملوك المشترك.

143 - عدم إجزاء عتق الأشل والأعرج والأعمى والأعور في الكفارات.

144 - جواز عتق الآبق في الكفارة والظهار.

باب ما جاء في ولد الزنا واللقيط

144 - جواز عتق ولد الزنا.

144 - جواز بيع ولد جارية ولد من الزنا.

145 - عدم جواز بيع جارية لقيطة.

145 - حكم المنبوذ.

145 - ولاء المنبوذ.

باب الاباق

145 - عدم قبول عبادة الآبق مالم يرجع.

145 - الآبق ما دام لم يخرج من مصره لم يكن آبقا شرعا.

146 - جواز استيثاق المملوك إذا خيف عليه الاباق.

146 - حكم المدبر الآبق وحكم أولاده وأمواله.

146 - عدم ضمان من أخذ آبقا ثم فر منه.

147 - حكم جعل الآبق.

147 - الآبق إذا سرق لم يقطع لأنه بحكم المرتد.

148 - حكم العبدين المشترى أحدهما من غير تعيين فأبق أحدهما.

148 - دعاء وتعويذ للآبق.

باب الارتداد

148 - حكم من ارتد عن الاسلام.

ص: 582

150 - حد المرتد ، وقصة الغلاة بعد وقعة الجمل.

151 - حد من كان مسلما فصلى لصنم.

152 - حكم زنادقة المسلمين وزنادقة النصارى.

152 - حكم الصبي إذا شب فاختار النصرانية.

152 - حكم ولد الكافر إذا أسلم أبوه.

نوادر العتق

153 - إذا قال الرجل لمملوكه : أنت حر ولي مالك.

153 - إذا قال : أول مملوك أملكه فهو حر فأصاب ستة.

153 - عدم أجر من أعتق مملوكه المحتضر.

154 - إجزاء عتق الصبي إذا لم يوجد البالغ.

154 - حكم المكاتبة إذا وطئها سيدها فتحبل.

155 - إذا أعتق المولى عند موته كل مملوك له قديم.

155 - حكم جزية مملوك نصراني كان لرجل مسلم.

كتاب المعيشة

156 - باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات

156 - كراهة ترك الكسب والتجارة واستحباب اختيارهما.

157 - كراهة الكسل في طلب المعاش.

157 - استحباب التبكير في طلب الرزق.

157 - استحباب التوضؤ والطهارة عند الذهاب إلى طلب الحاجة.

158 - كراهة الاستبطاء في الطلب واستحباب التعرض له.

158 - جملة من الحرف والصناعات المكروهة.

159 - جملة مما حرم التكسب به.

164 - كراهة المعاملة مع أصحاب العاهات والسفلة.

ص: 583

166 - استحباب مرمة المعاش وإصلاح المال.

167 - كراهة الاسراف واستحباب القصد.

168 - استحباب الكد على العيال من الحلال.

168 - كراهة الكسل والضجر.

168 - استحباب شراء العقار وكراهة بيعه.

169 - كسب الحجام وكراهته.

170 - حلية بيع كلب الصيد وثمنه.

171 - حرمة أجر الزانية ، وثمن الكلب.

171 - حرمة ثمن الخمر ، وأجر الكاهن ، وثمن الميتة ، والرشوة.

172 - حرمة أجر المغنية ، وكراهة أجر القارئ إذا شرط.

172 - حرمة أكل مال اليتيم.

173 - حكم خيار الغبن في الإجارة ، وجواز إجارة الابن الصغير.

173 - كراهة إجارة الانسان نفسه.

174 - ضمان أجرة الأجير للمستأجر.

175 - حكم بيع السلاح من الأعداء.

175 - جواز أخذ المال ممن عمال للسلطان.

176 - جواز عمل السلطان وشرطه.

176 - جواز أخذ الأب المحتاج من مال ابنه.

177 - ما يحل للرجل من مال ولده.

177 - اشتراط عتق الزوجة وصدقتها ونذرها وهبتها باذن الزوج.

178 - كراهة أخذ الأجرة للأذان وتعليم القرآن مع الشرط.

179 - جواز أخذ الهدية لقارئ القرآن.

180 - حق المارة.

ص: 584

باب الدين والقرض

181 - كراهة الاستدانة مع الغنى.

182 - جواز الاستدانة مع الحاجة إليه.

183 - جواز الاستقراض للتزويج.

183 - وجوب نية قضاء الدين ولو مع العجز.

184 - حرمة المماطلة بالدين مع القدرة على الأداء.

185 - وجوب إرضاء الغريم المطالب بالاعطاء أو المعذرة.

185 - من استحلف غريمه فحلف أو حبسه سقط حقه بعد.

186 - جواز استيفاء الدين من مال المديون.

187 - جواز قبول هدية الغريم وصلته وكل منفعة يجرها القرض من غير شرط.

188 - جواز النزول على الغريم والاكل من طعامه ثلاثة أيام.

188 - جواز اقتراض الخبز والجوز عددا.

188 - ثواب إقراض المؤمن واستحبابه.

188 - حلول الدين المؤجل بموت المدين.

189 - استحباب تحليل الميت من الدين.

189 - خمس مال المخلوط بالحرام.

189 - حكم من مات وأقر بعض الورثة لأداء الدين.

190 - لا يلزم المدين بيع مالا بد منه بالدين.

190 - حكم من أخذ دراهم قرضا فأسقط السلطان الدراهم.

التجارة وآدابها وفضلها وفقهها

191 - استحباب اختيار التجارة على سائر المكاسب.

192 - كراهة ترك التجارة والكسب.

195 - استحباب التفقه فيما يتولاه وزيادة التحفظ من الربا.

ص: 585

195 - أحكام الشراء والبيع للغير.

196 - استحباب الاخذ ناقصا والاعطاء راجحا.

196 - استحباب أن يكون الانسان سهل البيع سهل الشراء.

196 - استحباب إقالة النادم ، وعدم وجوبها.

196 - حكم خلط المتاع الجيد بغيره.

196 - استحباب ابتداء صاحب السلعة بالسوم.

196 - كراهة البيع ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

197 - استحباب المماكسة والتحفظ من الغبن.

197 - ما تكره المماكسة فيه.

197 - الوفاء والبخس.

198 - وجوب احتساب العربون من الثمن.

199 - باب آداب السوق والخيارات

199 - الدعاء في الأسواق واستحبابه.

200 - الدعاء عند شراء المتاع للتجارة.

201 - الدعاء عند شراء الحيوان.

201 - الشرط والخيار في البيع.

201 - مدة خيار الحيوان.

203 - إذا تلف الحيوان في مدة الخيار.

203 - خيار ما يفسد من يومه.

203 - ثبوت خيار المجلس.

203 - الافتراق الذي يجب به البيع.

204 - حكم القبالة المعدلة بين الرجلين بشرط.

205 - ذا حصل للمبيع نماء في مدة الخيار.

ص: 586

باب البيوع

206 - حكم بيع المتاع المسلم فيه قبل قبضه والحوالة به.

207 - الرجل يشتري الطعام فيتغير سعره قبل القبض.

207 - عدم جواز خلط الطعام الجيد بغيره إذا لم يبينه للمشتري.

207 - عدم جواز الكيل بمكيال غير البلد.

208 - جواز بل الطعام بالماء إذا لم يكن غشا.

208 - جواز بيع المبيع قبل قبضه ، وقبل أن يودي ثمنه.

209 - حكم فضول المكائيل والموازين ، ( راجع ص 210 و 211 أيضا ).

209 - جواز الشراء على تصديق البايع في الكيل والوزن.

210 - وجوب العلم بقدر المبيع وعدم جواز المجازفة.

210 - جواز بيع التبن بالمشاهدة.

211 - حكم من أسلف في طعام قرية بعينها.

211 - جواز اشتراء الثمرة على الشجرة ثم بيعها بربح قبل القبض.

211 - جواز استثناء البايع من الثمرة أرطالا أو شجرات معينة.

212 - جواز بيع الثمار قبل بدو الصلاح مع الضميمة.

212 - إذا أدرك بعض البستان جاز بيع ثمرته أجمع وكذلك حكم الثمار.

213 - بيع الثمار والسلف فيه.

213 - ثبوت الحصة المشترطة من الربح في المضاربة للعامل من دون ضمانه.

213 - حكم من اشترى نسيئة فباعه مرابحة.

214 - الرجل يشتري للرجل أو منه لغيره بربح لنفسه.

214 - بيع المرابحة.

216 - خيار الصفقة.

217 - جواز بيع غير المكيل والموزون قبل القبض مرابحة.

217 - عدم جواز الإقالة بوضيعة من الثمن.

ص: 587

218 - جواز بيع الغزل بالثياب المنسوجة مع اختلاف الوزن.

218 - جواز أخذ السمسار والدلال الاجرة مع البيع والشراء.

شراء الرقيق وأحكامه

218 - عدم جواز التفرقة بين ذوي الأرحام من المماليك.

219 - عدم جواز التفرقة بين الأطفال وأمهاتهم.

219 - جواز بيع العبد المشترى قبل أداء الثمن ونقص الثمن المؤجل ليؤديه حالا.

220 - جواز بيع المملوك مع شرط أن يجعل المشترى له شيئا.

220 - حكم مال المملوك إذا بيع.

221 - جواز الشراء من رقيق أهل الذمة إذا أقروا لهم بالرق.

221 - من اشترى جارية ووقع عليها فوجدها حبلى.

222 - حكم ما لو شرط في جارية أو غيرها الربح دون الخسران.

222 - جواز اشتراء الرقيق إذا بيع في الأسواق وان ادعى الحرية.

222 - قضاء علي عليه السلام في وليدة باعها ابن سيدها في غيبتها فحملت وولدت

223 - بيع العدد والمجازفة والشئ المبهم.

224 - جواز بيع اللبن في الضرع إذا ضم إليه شئ معلوم.

225 - عدم جواز بيع العبد الآبق منفردا وجوازه مع الضميمة.

225 - جواز وفاء الدين مجازفة ، وعدم جواز البيع مجازفة ،

226 - جواز بيع تبن بيدر قبل أن يداس بشئ معلوم.

226 - جواز اعتبار الروايا غير المكيل منها بالمكيل منها عند البيع.

226 - جواز اشتراء المرتهن الشئ المرهون من الراهن.

226 - عدم جواز بيع الطعام مجازفة إن سميت له كيلا.

227 - عدم جواز بل الطعام اليابس إلا مع الاعلام.

227 - جواز بيع ولد الزنا وشرائه إذا كان مملوكا ، وكذا نكاحه واستخدامه.

ص: 588

227 - عدم جواز شراء الخيانة والسرقة.

المضاربة

227 - ضمان العامل رأس المال في المضاربة إذا خالف شرط المالك.

228 - إذا ضمن صاحب المال العامل فليس له إلا رأس المال.

228 - إذا اشترى العامل أباه المملوك وظهر فيه ربح انعتق نصيبه.

228 - عدم جواز إيقاع المضاربة على ما في الذمة.

229 - للعامل أن ينفق في السفر من رأس المال وليس له ذلك في بلده.

229 - من يموت وعنده مال المضاربة.

229 - كراهة المشاركة مع الذمي وإبضاعه وإيداعه ومصافاته.

230 - حكم إعطاء البقر والغنم بالضريبة.

230 - ما جاء في البيع بقيمة عينها المشتري.

231 - الاستحطاط بعد الصفقة.

231 - جواز بيع ما في بطون الأنعام مع الضميمة لا منفردا.

231 - جواز شراء سهام القصابين ، وثبوت خيار الرؤية.

232 - تملك المملوك أرش الجنابة وعدم وجوب الزكاة في ماله.

232 - عدم جواز مقاطعة الطحان على دقيق بقدر الحنطة.

بيع الكلاء والزرع والأشجار والأرضين والقنى والشرب والعقار.

234 - جواز بيع أصول الزرع قبل أن يسنبل.

236 - جواز المشاركة في الزرع بأن يشترى من البذر ولو بعد زرعة.

237 - حكم من اشترى قصيلا فلم يقطعه وتركه حتى صار شعيرا.

237 - حكم من اشترى نخلا ليقطعه للجذوع وتركه حتى حمل.

237 - من زرع في غير أرضه أو غرس.

238 - عدم جواز حفر قناة بجنب قناة أخرى إذا كانت تضربها.

ص: 589

238 - حريم القناة والبئر ( راجع ص 102 و 103 أيضا ).

239 - المسلمين شركاء في ثلاث : الماء والكلاء والنار.

239 - من اشترى أرضا جربانا معينة فتقصر.

احياء الموات والأرضين

240 - جواز شراء أرض اليهودي والنصراني.

240 - من استخرج ماء أو غرس شجرا أو أحيا أرضا ميتة فهي له.

240 - عدم جواز اشتراء أرض بالحنطة التي يزرع فيها من دون ضميمة.

241 - من أحيا أرضا ميتة فهي له ، وعليه في حاصلها الزكاة.

241 - جواز النزول على أهل الخراج ثلاثة أيام.

241 - حكم شراء ميراث المفقود إذا كان سهما من دار.

241 - من اشترى دارا هل يدخل الأعلى والأسفل أم لا.

242 - حكم شهادة الشهود بالحدود إذا لم يعرفها البايع وعرفت من غيره.

243 - الاستيذان على البيوت والدور.

المزارعة والإجارة

244 - جواز المزارعة بالنصف وما زاد.

244 - ذكر الأجل في المزارعة.

244 - ما يجوز جارة الأرض به ومالا يجوز.

245 - حكم الزرع والغرس والبناء في الأرض المستأجرة.

246 - حكم إجارة الأرض للزراعة بالحنطة والشعير ونحوها.

246 - جواز بيع المرعى والكلاء المملوك وأن يحمى ذلك في ملكه.

247 - العمل على العامل والخراج على المالك الا مع الشرط ، وحكم البذر والبقر.

247 - جواز قبالة الأرض ، وعدم جواز قباله جزية الرؤوس.

248 - جواز إجارة الأرض للزراعة للمستأجر بأكثر مما استأجرها مع قيامه بالخراج

ص: 590

249 - النماء في المزارعة مشاع ، ولا يجوز أن يسمى شيئا للبذر ولا للبقر ولا للأرض

250 - جواز اشتراط خراج الأرض على المستأجر والعامل.

250 - جواز مزارعة أهل الخراج بالربع والنصف والثلث.

250 - استحباب الزرع والتأكيد له.

251 - عدم جواز أن تستأجر الأرض بحنطة ثم تزرع حنطة.

251 - جواز أن يخرص صاحب الشجر والأرض على العامل فإن قبل لزمه زاد أو نقص

251 - جواز أخذ الأجرة للمؤجر معجلا مالم يشترط التأجيل.

من تقبل بعمل لم يجز له أن يقبل غيره بنقيصة إلا أن يعمل فيه شيئا.

252 - من استأجر بيتا له باب إلى بيت آخر فيه امرأة أجنبية.

252 - بيع العين لا يبطل الإجارة.

الضمان

253 - ضمان الأجير والصناع.

254 - ضمان القصار والصواغ.

254 - ضمان من حمل شيئا لغيره فادعى ذهابه.

254 - حكم الغسال والصواغ إذا سرق المال عندهم.

255 - حكم من تكارى دابة إلى مكان معلوم فنفقت.

255 - ضمان الجمال والملاح.

257 - عدم ضمان صاحب الحمام إلا أن تودع عنده فيفرط.

258 - ضمان من حمل متاعا فأصاب إنسانا فمات.

السلف في الطعام والحيوان وغيرهما

258 - إذا تعذر وجود المسلم فيه عند حلول الأجل. وسيأتي أيضا في أحاديث.

259 - جواز استيفاء المسلم فيه بزيادة عما شرط ونقصان إذا تراضيا.

259 - اشتراط ذكر الأجل في السلم وتقدير المسلم فيه بالكيل والوزن.

ص: 591

260 - جواز تعدد الأجل بأن يجعل لكل جزء من المبيع أجل.

261 - جواز أخذ الرهن والكفيل في السلم ، وستأتي أيضا في أحاديث.

261 - اشتراط ذكر الجنس والوصف في السلم. وسيأتي.

263 - كراهة إسلاف السمن بالزيت وبالعكس.

263 - عدم جواز السلف فيما لا يضبطه الوصف كاللحم والروايا.

263 - جواز السلف فيما يوزن بما يكال وبالعكس.

الحكرة والأسعار

265 - ثبوت حرمة الاحتكار في أشياء معينة.

265 - إن المحتكر إذا لزم بالبيع لا يجوز أن يسعر عليه.

266 - عدم تحريم الاحتكار إذا وجد بايع غيره.

266 - أخبار في توبيخ المحتكر.

266 - استحباب ادخار قوت السنة.

267 - النهي عن الحكرة في الأمصار.

267 - كراهة اتخاذ بيع الطعام شغلا وكسبا.

267 - استحباب الأخذ من الحنطة بالكيل وكراهة أخذها جزافا.

267 - غلاء الأسعار ورخصها.

268 - كراهة التسعير للوالي ، ووجوب النصح للمستنصح.

268 - استحباب شراء الحنطة مع الامكان وكراهة شراء الدقيق والخبز.

269 - كراهة إحصاء الخبز مع عدم الحاجة إليه.

269 - كراهة منع الخمير والخبز.

269 - علامة رضى اللّه في خلقه ، وعلامة سخطه.

جملة من أحكام البيع وآدابه

269 - اختلاف المتبايعين.

ص: 592

270 - وجوب رد المبيع بخيار الرؤية.

271 - النداء على المبيع.

271 - البيع في الظلال.

272 - حكم بيع اللبن المشاب بالماء.

272 - حرمة غبن المؤمن والمسترسل.

273 - كراهة أن يبيع حاضر لباد.

273 - كراهة تلقى الركبان.

274 - حد التلقي المكروه.

باب الربا

274 - حرمة الربا ووزر آكله ومؤكله وشاهداه.

275 - لا يكون الربا المعاملي إلا فيما يكال أو يوزن.

275 - حكم من أكل الربا بجهالة ثم تاب.

275 - حكم من ورث مالا مخلوطا بالربا.

277 - لا رباء بين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم.

277 - لا رباء بين الوالد والولد ولا بين السيد وعبده.

278 - لا رباء بين الزوجين.

278 - حكم مبايعة المضطر والربح عليه.

278 - كراهة بيع اللحم بالحيوان الحي أو المذبوح.

279 - جواز بيع المختلفين متفاضلا ومتساويا نقدا.

279 - لا رباء في المعدود إذا لم يكن قرضا ( ويأتي ).

280 - الحنطة والشعير جنس واحد.

280 - لا يجوز بيع الدقيق والسويق بالحنطة متفاضلا.

280 - عدم الربا فيما لم يكن مكيلا أو موزونا إذا لم يكن قرضا.

ص: 593

282 - جواز بيع ما ليس عنده حالا إذا كان يؤجل.

283 - حكم من باع سلعة بثمن حالا وبأزيد منه مؤجلا.

283 - حكم من أمر الغير أن يشتري له وينقد عنه ويزيده نسيئة.

283 - إباحة القرض إذا جر نفعا من دون اشتراط.

284 - جواز قضاء الدين بأكثر منه وأجود مع التراضي من غير شرط.

286 - الربا قسمين : حلال وحرام وتفسيرهما.

286 - المبادلة والعينة.

الصرف ووجوهه

288 - تحريم التفاضل في بيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب.

288 - من كان له على غيره دنانير أو دراهم ثم تغير السعر ( وسيأتي ما يدل عليه )

289 - إذا صارفه ودفع إليه فوق حقه ليزن لنفسه ويقبض صح وإن لم يحصل في المجلس.

289 - ثبوت ملك العوضين في الصرف وجواز بيعه بربح وإن نقد عنه غيره.

289 - جواز انفاق المغشوشة والناقصة إن كانت معلومة الصرف.

290 - الفضة المغشوشة إذا يعلم قدرها لاتباع إلا بالذهب وكذلك العكس.

291 - جواز أن يوكل المديون بتبديل ما في ذمته الذهب بالفضة بالسعر.

اللقطة والضالة

291 - كراهة التقاط اللقطة والنهي عن تصرفها بغير تعريف.

292 - وجوب تعريف اللقطة سنة.

293 - من وجد في منزله شيئا.

293 - حكم لقطة الحرم. ( وسيأتي ).

293 - من ترك تعريف اللقطة ثم وجدت عنده.

294 - من اشترى باللقطة بنت المالك.

294 - عدم جواز الالتقاط للمملوك ، وحكم ما لو مات الملتقط.

ص: 594

295 - كراهة التقاط الأدواة والنعلين والسوط.

295 - جواز التقاط العصا والشظاظ والوتد والحبل.

295 - حكم التقاط الشاة الضالة والبعير الضال.

296 - ضمان من نوى أخذ الجعل على الضالة فتلفت.

296 - حكم من اشترى دابة فوجد في بطنها مالا.

297 - عدم وجوب تعريف اللقطة التي دون الدرهم.

297 - حكم من وجد في الحرم دينارا قد انسحقت.

297 - من وجد سفرة في الطريق فيها اللحم والخبز والبيض.

298 - ما يكون حكمه حكم اللقطة كالشئ الذي يؤخذ من اللصوص.

299 - باب الهدية واستحبابها وبعض أحكامها.

العارية

302 - عدم ثبوت الضمان على المستعير في غير الذهب والفضة مالم يفرط.

302 - من استعار شيئا من غير المالك بغير إذنه فهو ضامن.

302 - حكم من استعار شيئا فرهنه بغير إذن المالك.

302 - جواز الاستعارة من الكافر.

الوديعة

304 - عدم ضمان المستودع إذا لم يفرط وإن كانت ذهبا أو فضة.

304 - الأمين إن سرق المتاع عنده لم يضمن.

304 - ثبوت الضمان على المستودع مع التفريط.

304 - حكم الاقتراض من الوديعة.

305 - حكم من أنكر وديعة ثم أقر بها ودفع المال وربحه إلى مالكه.

305 - إذا تلف المال وقال صاحبه هو قرض وقال الآخذ وهو وديعة.

الرهن

305 - حكم ما إذا تلف الرهن من دون تفريط المرتهن.

ص: 595

306 - إذا كان الرهن دابة جاز للمرتهن ركوبها وعليه نفقتها. ( ويأتي ).

306 - إذا كان المرهون عبد فيصيبه عور أو ينقص من جسده.

306 - إذا اختلف الراهن والمرتهن فقال المالك هو وديعة وقال القابض رهن.

307 - إذا كان الرهن أرضا أو دارا وكانتا ذاتي غلة لمن تكون الغلة.

307 - إذا أفلس الراهن وعليه دين لقوم وعند بعضهم رهن.

308 - إن الرهن إذا تلف بتفريط المرتهن لزمه ضمانه وتراد الفضل بينهما.

308 - إذا كان المرهون أرضا فيها ثمرة لمن تكون.

308 - حكم اختلاف الراهن والمرتهن فيما على الرهن. ( وتأتي أخبار )

309 - من وجد عنده رهنا لم يعلم صاحبه ولا ما عليه. ( ويأتي أيضا )

309 - حكم الرهن إذا غاب صاحبه.

309 - إذا تلف بعض الرهن من غير تفريط المرتهن.

310 - عدم وجوب نشر المتاع للمرتهن وكذا تعاهده وتحريكه.

310 - إذا تلف الرهن أو بعضه بغير تفريط لم يسقط حق المرتهن.

312 - جواز انتفاع المرتهن من الرهن بإذن الراهن على كراهية.

313 - حكم الارتهان من المؤمن في زمان الغيبة.

313 - من رهن جارية هل له أن يطأها.

الصيد والذبايح

314 - إباحة ما يصيده الكلب المعلم إذا قتله مع شرط التسمية.

315 - جواز أكل صيد الكلب المعلم وان أكل منه من غير اعتياد.

315 - جواز الاكل مما صاده كلب المجوسي إن أرسله مسلم.

316 - حكم صيد الكلب الذي لم يرسله صاحبه.

316 - حكم من نسي التسمية حين إرسال الكلب.

316 - من ضرب صيدا بالسلاح فغاب عنه فوجده من الغد مقتولا برميته.

ص: 596

316 - حكم الصيد بالحبالة إذا لم تدرك ذكاته.

317 - من رمى صيدا ثم شك أنه سمى أو لم يسم.

317 - الصيد بالمعراض والسهم.

318 - الصيد بالنبال إذا لم تكن فيها حديدة.

318 - الصيد بالحجر والبندق.

319 - حكم الصيد الذي وجد فيه سهم وهو ميت لا يدرى من قتله.

319 - ما صيد بالسلاح إذا تقاطعه الناس قبل أن يموت.

320 - صيد الباز والصقر والعقاب.

320 - من أرسل كلبه وسمى فأخذ الصيد ولم يكن معه حديدة يذبحه.

320 - إذا شارك مع كلب المعلم كلب آخر فمات الصيد.

320 - إذا رمي الصيد على جبل فسقط ومات.

320 - من صاد طيرا مستوى الجناحين وغيره.

321 - كراهة صيد الحمام بالأمصار.

321 - كراهة أخذ الفراخ من أوكارها قبل أن ينهض.

321 - ما يؤكل من أنواع الطير وحكم بيض الطيور.

322 - حكم طير الماء والحيارى والدجاج وبيضها.

323 - ما يؤكل من أنواع السمك وما لا يؤكل.

323 - السمك الذي يصاد فيعود في الماء فمات فيه.

323 - إذا وثب السمك فوقع على الجدد فمات فيه.

324 - حكم صيد المجوس السمك وكواميخهم.

324 - من نصب شبكة فوقع فيها سمك ومات بعضه فيها.

324 - ذكاة السمك إخراجه من الماء حيا ويحل بغير تسمية.

325 - حرمة الجري والمارماهي والزمير والطافي.

325 - كيفية اختبار السمك إذا لم يعلم ذكاته.

ص: 597

325 - كيفية اختبار السمك إذا لم يعلم أنه مما يؤكل أولا.

326 - إذا ابتلعت حية سمكة ثم رمت بها وهي حية تضطرب.

الذبايح

326 - جواز التذكية بغير الحديد في حال الاضطرار.

327 - الذبيحة إذا استصعبت وامتنعت جاز ذبحها بالسيف وحل أكلها.

327 - إذا سبق السكين فقطع الرأس.

327 - اشتراط خروج الدم المعتدل من المذكى.

327 - يشترط في الذكاة من الحركة الاختيارية ولو يسيرة بعد الذبح.

328 - كراهة قطع الرأس أو حرمته عند الذبح.

328 - حرمة فريسة السبع والموقوذة والمنخنقة والمتردية والنطيحة.

328 - ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا كان تاما بأن أشعر وأوبر.

329 - حكم ما يقطع من أعضاء الحيوانات قبل الذكاة.

329 - حرمة لحم الإبل إذا ذبح ، ولحم الشاة إذا نحرت.

329 - جواز أكل ذبيحة ولد الزنا وإن عرف به.

329 - حكم ذبيحة المرجي والحروري.

330 - حكم ذبايح أهل الكتاب.

332 - جواز شراء الذبايح واللحوم من سوق المسلمين وإن لم يعلم ذبحها.

332 - ما ذبح لغير القبلة أو ترك التسمية.

ما يجزي في التسمية من التكبير والتسبيح والتهليل.

333 - اشتراط التسمية في حلية الذبح.

333 - عدم اشتراط ذكوية الذابح.

333 - عدم اشتراط بلوغ الذابح وجواز ذبح الصبي المميز إذا يحسن الذبح.

334 - الحمل والجدي يرضعان من لبن خنزيرة أو امرأة.

335 - الحلال والحرام من لحوم الدواب وألبانها.

ص: 598

338 - استبراء الجلال.

339 - إذا كان اللحم مع الطحال في سفود كيف يصنع.

340 - حلية الربيثا.

340 - ما نبذ الماء من الحيتان وما نضب عنه.

341 - حكم الكنعت - ضرب من السمك -.

341 - حكم شئ فيه حلال وحرام.

341 - حكم إخصاء الحيوان.

342 - حكم قدر كان فيها لحم جزور فوقع فيها أوقية من دم.

342 - حكم الإنفحة التي تخرج من الجدي الميت.

343 - حرمة ما ذبح على النصب وما أهل به لغير اللّه.

343 - متى تحل الميتة للمضطر.

345 - علة حرمة الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير.

346 - ما حرم أكلها من الشاة.

347 - عشرة أشياء من الميتة ذكية.

347 - حكم طعام أهل الذمة ومؤاكلتهم وآنيتهم.

348 - جواز استعمال شعر الخنزير.

349 - اتخاذ الغنم والطير.

350 - كراهة نهك العظام.

350 - النهى عن أكل اللحم غريضا.

350 - حرمة لحم الزاغ والحيات.

351 - جواز قتل الحيات ، والنهي عن قتل عوامر البيوت.

آنية الذهب والفضة

352 - حرمة الأكل في آنية الذهب والفضة.

352 - حكم القدح المفضض والشرب منه.

ص: 599

353 - عدم كراهة استعمال آنية الصفر.

آداب الأكل والشرب

353 - كراهة الأكل والشرب بالشمال.

353 - استحباب شرب الماء في النهار من قيام.

353 - كراهة شرب الماء بالليل من قيام.

353 - استحباب شرب الماء بثلاثة أنفاس.

354 - كراهة الأكل ماشيا إلا من ضرورة.

354 - كراهة الأكل متكئا ، وجوازه متربعا.

355 - استحباب التسمية عند الأكل.

355 - استحباب الحمد والشكر بعد الطعام وكراهة الصمت عنهما.

356 - كراهية البطنة ، والبطن إذا شبع طغى.

356 - آداب الشرب وكراهته من موضع العروة.

357 - استحباب الابتداء بالملح والختم بالخل.

357 - استحباب الخلال وعده للضيف.

358 - استحباب غسل اليد قبل الطعام وبعده.

358 - أكل الثوم والبصل والكراث والتداوي بها.

358 - كراهة دخول المسجد لمن أكلها.

359 - في المائدة اثنتا عشرة خصلة.

الايمان والنذور والكفارات

359 - إن يمين الولد والمرأة والمملوك لا تنعقد مع عدم الإذن.

360 - اليمين لا تنعقد في معصية كتحريم حلال أو قطيعة رحم.

360 - من حلف يمينا ثم رأى أن مخالفتها كانت خيرا من الوفاء.

361 - جواز الحلف في الدعوى على غير الواقع للتوصل إلى الحق.

361 - لا تنعقد اليمين في غضب ولا جبر ولا حرام. ( وسيأتي )

ص: 600

361 - لا تنعقد اليمين بغير قصد وإرادة.

362 - من خلف على الغير ليفعلن كذا لم ينعقد.

362 - كراهية اليمين الصادقة.

362 - وجوب الرضا باليمين الشرعية.

362 - كراهية الحلف على الأمور السخيفة الباطلة.

362 - حكم الاستثناء في اليمين.

363 - كفارة مخالفة اليمين.

363 - جواز أن يحلف الأسنان كذبا تقية.

363 - عدم انعقاد اليمين بغير أسماء اللّه.

364 - اشتراط القربة في اليمين.

365 - عدم انعقاد اليمين على ترك الراجح أو فعل المرجوح.

366 - أقسام اليمين وحكم كل منها.

367 - حرمة اليمين الكاذبة من غير ضرورة.

368 - وجوه النذر وأحكامه.

369 - كفارة مخالفة النذر.

369 - لا يجزي الأعمي في الرقبة ، ويجزي الأقطع والأشل والأعرج.

370 - يجوز في كفارة الظهار عتق صبي منم ولد في الاسلام.

370 - حكم ما إذا حلف الرجل غريمه أن لا يخرج من البلد إلا أن يعلمه.

370 - لا يمين إلا أن يراد بها وجه اللّه عز وجل.

371 - يستحب للمدعى عليه باطلا أن يختار الغرم على اليمين.

371 - ما ترك عبد شيئا لله عز وجل ففقده.

371 - من حلف سرا فليستثن سر أو من خلف علانية فليستثن علانية.

371 - اليمين تقع على ما نوى وعلى نية المظلوم دون الظالم.

371 - حكم من خلف ونسي ما قال.

ص: 601

372 - من حلف على أن يبيع سلعته بكذاب فيبدو له.

372 - من قال : أقسمت أو حلفت ولم يقل باللّه.

372 - من قال : علي بدنة ولم يسم أين ينحر.

372 - حكم أداء كفارة اليمين قبل الحنث.

372 - من نذر صياما فثقل عليه الصوم.

373 - كفارة امرأ حبلي شربت دواء فأسقطت.

373 - تحريم الحلف بالبراءة من دين اللّه ودين رسوله صلى اللّه عليه وآله صادقا أو كاذبا.

374 - جواز الحلف كاذبا لنجاة مؤمل بل وجوبه.

374 - من نذر أن يهدي إلى الكعبة فعجز.

374 - من نذر أن يمشي إلى الكعبة فمر بمعبر.

375 - من حلف بالبراءة من آل محمد عليهم السلام أو من اللّه تعالى.

375 - حكم استحلاف الكفار بغير اللّه مما يعتقدونه.

376 - من حلف أن يصوم سنة فعجز.

376 - رجل مات وعليه صوم كفارة مخيرة.

376 - عدم انعقاد الحلف بالنجوم والكواكب.

377 - كفارة القتل والظهار واليمين.

377 - كفارة الاغتياب والضحك.

378 - كفارة عمل السلطان.

378 - كفارة من حلف بالبراءة من دين اللّه.

378 - كفارة من جامع في شهر رمضان.

378 - كفارة من حلف فقال : لا ورب المصحف فحنث.

379 - من نذر ثم علم بوقوع الشرط قبل النذر.

379 - كفارة المجالس.

ص: 602

كتاب النكاح

379 - بدء النكاح وأصله.

382 - وجوه النكاح.

382 - فضل التزويج.

384 - فضل المتزوج على العزب.

384 - حب النساء.

385 - كثرة الخير في النساء.

385 - من ترك التزويج مخافة الفقر.

385 - من تزوج لله سبحانه ولصلة الرحم.

385 - أفضل النساء.

386 - أصناف النساء.

387 - بركة المرأة وشؤمها.

387 - ما يستحب ويحمد من أخلاف النساء وصفاتهن.

390 - المذموم من أخلاق النساء وصفاتهن.

392 - الوصية بالنساء.

392 - تزويج المرأة لمالها وجمالها ، ولدينها.

393 - باب الأكفاء.

394 - ما يستحب من الدعاء والصلاة لمن يريد التزويج.

394 - الوقت الذي يكره فيه التزويج.

395 - الولي والشهود والخطبة والصداق.

401 - النثار والزفاف.

402 - استحباب الوليمة عند الزفاف.

402 - ما يصنع الرجل إذا دخلت أهله إليه.

ص: 603

402 - الأوقات التي يكره فيها الجماع.

404 - استحباب التسمية عند الجماع.

405 - مدة التي يجوز فيها ترك الجماع لمن عنده الحرة الشابة.

405 - ما أحل اللّه من النكاح وما حرم منه.

405 - كراهة تزويج المرأة المعلنة بالزنا.

405 - نكاح الزانية والزاني.

406 - تزويج المطلقات ثلاثا في مجلس واحد.

407 - تزويج الكتابية والمجوسية.

408 - تزويج الناصبية من استحل لعن أمير المؤمنين عليه السلام.

408 - تزويج البلهاء اللاتي لا يعرفن شيئا.

409 - كراهية تزويج ضرة الام من غير الأب.

409 - من تزوج في حال السكر.

410 - حكم تزويج القابلة وابنتها.

410 - تزويج المحرم بالحج أو العمرة وتزوجه.

411 - تزويج المرأة على عمتها أو خالتها أو أختها الرضاعية.

412 - جواز النظر إلى شعر المرأة لمن أراد تزويجها.

413 - عدم جواز الدخول بالجارية قبل بلوغها تسع سنين.

413 - حكم من أعتق أمة وجعل عتقها صداقها ثم طلقها.

414 - من تزوج جارية على أنها حرة فظهر أنها أمة لرجل.

414 - حكم أم المعقود التي لم يدخل بها ، والربائب.

415 - من تزوج امرأة على حكمها أو على حكمه.

416 - حكم من تزوج بامرأة فلم يدخل بها فزنى.

416 - حكم المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها.

416 - الحرام لا يفسد الحلال ، والحلال يصلح به الحرام.

ص: 604

417 - من زنى بأم امرأته لا يحرم امرأته عليه.

418 - من جمع بين الأختين أو بين الابنة والام جاهلا.

419 - حكم ما إذا تزج الأختين في عقد واحد.

420 - ما يحرم باستيفاء العدد.

421 - حكم ما لو تزوج رجلان بامرأتين فأدخلت زوجة كل منهما على الآخر فوطآهما

421 - حكم من له عدة بنات فزوج واحدة غير مسمى لرجل ولم يقصداها معينة.

423 - عدم جواز جعل الصداق عملا لغير الزوجة.

423 - جواز نكاح الخصي مع علم الزوجة بالعيب.

424 - إذا دلس الخصي نفسه لامرأة فتزوجها.

425 - إذا شرط أن بيد الزوجة الطلاق والجماع لم يلزم.

425 - عدم جواز تزوج أخت المطلقة الرجعية التي كانت في العدة.

426 - عدم جواز نكاح الذمية على المسلمة.

427 - كراهة تزويج المهاجرة بالأعرابي.

428 - جواز تزويج الأمة أو الحرة على الأمة وعدم جوازه على الحرة.

428 - من شرط لزوجته أن لا يتزوج عليها ولا يتسرى لم يلزم الشرط.

429 - كراهة نكاح ولد الزنا.

429 - لا يترتب على المزاح بدون قصد التزويج بشئ.

429 - لا يجوز للعبد أن يتزوج أكثر من حرتين جمعا أو أربع إماء.

430 - لا يجوز للحر أن يجمع بين أزيد من أربع حرائر دواما.

430 - إذا زوج الوكيل امرأة للموكل ثم كشف موت الموكل قبل العقد

430 - يجوز أن يتزوج امرأة ويتزوج ابنه من غيرها ابنتها من غيره وبالعكس.

431 - يكره للولد تزويج البنت التي ولدت زوجة أبيه بعد مفارقة أبيه.

ص: 605

431 - حكم من دخل بامرأة قبل أن تبلغ تسعا فاقتضها وأفضاها.

432 - جواز العزل ، وسيأتي في بابه.

432 - ما يرد منه النكاح ومالا يرد.

434 - التفريق بين الزوج والمرأة بطلب المهر.

434 - الولد يكون بين أبويه أيهما أحق به أي بحضانته.

436 - الحد الذي إذا بلغه الصبيان لم يجز مباشرتهم ، ويجب تفريق مضاجعهم.

437 - باب الاحصان.

438 - حق الزوج على المرأة.

440 - حق المرأة على الزوج.

443 - باب العزل وجوازه.

444 - باب الغيرة.

445 - عقوبة المرأة على أن تسحر زوجها.

445 - استبراء الإماء.

446 - المملوك يتزوج بغير إذن سيده.

447 - الرجل يشتري الجارية وهي حبلى فيجامعها.

448 - الجمع بين أختين مملوكتين.

449 - كيفية إنكاح الرجل عبده أمته.

449 - إذا زوج الحرة نفسها من عبد بغير إذن مولاه.

450 - أحكام المماليك والإماء.

458 - الذمي يتزوج الذمية ثم يسلمان.

المتعة

458 - إباحتها واستحبابها لمن عرفها.

460 - جواز التمتع بالكتابية.

460 - إذا وهب أيامها لم يجز له الرجوع.

ص: 606

461 - جواز التمتع بالجارية التي لها عشر سنين.

461 - المتعة ليست من الأربع.

461 - جواز حبس المهر عن المرأة المتمتع بها بقدر ما تخلف من المدة.

462 - صيغة التمتع وما ينبغي فيها من الشروط.

462 - لا ينعقد العهد واليمين على ترك التمتع.

463 - ثواب المتمتع.

463 - كراهة ترك التمتع في العمر.

463 - حرمة نكاح أخت المتمتع بها في عدة أختها.

464 - حرمة نكاح ابنة المرأة المتمتع بها للمتمتع.

464 - عدة المتمتع بها إذا مات عنها الزوج.

465 - حكم من تزوج امرأة شهرا غير معين.

466 - حكم من أراد التمتع بامرأة فنسي العقد حتى دخل بها.

466 - جواز التمتع بالابكار.

466 - أخبار في استحباب التمتع.

باب النوادر

467 - عدم جواز الزينة للحائض إذا كان لها زوج.

467 - استحباب لبس السروال للمرأة.

467 - فضل شهوة النساء على الرجال.

468 - كراهة إطاعة الرجل امرأته.

468 - النهي عن ركوب النساء.

468 - حكم وطي الزوجة في الدبر.

469 - ما يجوز للمملوك النظر إليه من مولاته.

469 - عدم جواز دخول الخصي على النساء فيرى شعورهن.

ص: 607

469 - صفة مبايعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله مع النساء.

469 - حرمة مصافحة الأجنبية إلا من وراء ستر.

469 - جواز النظر إلى شعور النساء اللواتي إذا نهين لا ينتهين.

470 - كيفية سلام النساء إذا دخلن على الرجال.

470 - حكم من تزوج امرأة ذات بعل.

470 - المرأة تتزوج في عدتها كيف تصنع.

470 - من تزوج بامرأة فقالت : أنا حبلى وأنا أختك من الرضاعة.

471 - من تزوج امرأة فوضعت ولدا بعد أربعة أشعر.

471 - حد رجل اخذ مع امرأة في لحاف.

472 - عدم جواز نظر المولى إلى جاريته المزوجة.

473 - كراهة نزو الحيوان على ظهر الطريق.

474 - ثواب من غمض بصره عن النظر إلى الأجنبية.

474 - جواز النظر إلى شعر الام والأخت والابنة.

أحكام الأولاد

474 - الدعاء في طلب الولد.

475 - أحكام الرضاع.

480 - التهنئة بالولد.

481 - فضل الأولاد.

484 - العقيقة والتحنيك والكنى وحلق رأس المولود والتسمية.

491 - حال من يموت من أطفال المؤمنين.

491 - حال من يموت من أطفال المشركين والكفار.

492 - تأديب الولد وامتحانه.

كتاب الطلاق

494 - وجوه الطلاق.

ص: 608

495 - طلاق السنة والإشهاد.

499 - طلاق العدة وأحكامه.

503 - طلاق الغائب.

504 - طلاق الغلام.

504 - طلاق المعتوه.

505 - طلاق التي لم يدخل بها.

506 - متعة المطلقة.

507 - حكم المتوفى عنها زوجها قبل الدخول.

507 - من وهبت صداقها لزوجها فطلقها زوجها قبل الدخول.

507 - ليس للمتوفى عنها زوجها سكنى ولا نفقة.

508 - جواز خروج المتوفى عنها زوجها من الدار إذا احتاج إليه.

509 - طلاق الحامل وعدتها في الطلاق.

510 - نفقة الحبلى المطلقة.

511 - عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حبلى.

511 - أدنى مدة ما تحمل المرأة.

512 - طلاق التي لم تبلغ المحيض والتي يئست والمستحاضة والمسترابة.

515 - طلاق الأخرس.

516 - طلاق السر.

516 - اللاتي يطلقن على كل حال.

517 - باب التخيير.

519 - باب المبارأة.

520 - باب النشوز.

521 - باب الشقاق.

522 - باب الخلع.

ص: 609

524 - باب الايلاء.

525 - باب الظهار وأحكامه.

535 - باب اللعان.

540 - طلاق العبد.

544 - طلاق المريض.

547 - طلاق المفقود.

549 - الخلية والبريئة والبائن والحرام.

549 - حكم العنين.

باب النوادر

551 - ما أوصى النبي صلى اللّه عليه وآله عليا عليه السلام في آداب النكاح.

554 - عشر خصال من مكارم الأخلاق.

555 - من أراد البقاء فليفعل هذه الخصال المذكورة.

555 - كراهة الجلوس في موضع جلست فيه امرأة قبل أن يبرد.

555 - كراهة دخول الحمام على البطنة والغشيان على الامتلاء ونكاح العجائز.

555 - ثلاثة من اعتادهن لم يدعهن.

555 - كراهة مبيت الانسان في بلده في غير المنزل الذي فيه أهله.

555 - التوصية بالنساء والقيام بحقهن وحفظهن.

556 - كراهة كثرة النوم بالليل.

556 - كراهة أربع وعشرين خصلة.

556 - حرمة الاجتياز على مسجد النبي لكل جنب إلا للنبي وأهله عليهم السلام.

558 - الاستعاذة من الولد والمال والزوجة والخليل إذا كانوا أسواء.

558 - ثلاث من تكن فيه فلا يرجى خيره.

559 - استحباب المداعبة مع الزوجة في الفراش لفضل شهوتها.

ص: 610

559 - الشدة في حرمة الزنا.

559 - شدة محبة بعض النشاء لأزواجهن.

560 - صفات المؤمن.

561 - أجر المرأة في حملها ووضعها كأجر المرابط في سبيل اللّه.

561 - كراهة مشي المرأة في وسط الطريق.

561 - حكم ستر المرأة عن اليهودية والنصرانية.

561 - جواز تزويج الأحمق وكراهة تزويج الحمقاء.

561 - أربع لا يشبعن من أربع.

561 - باب معرفة الكبائر.

565 - علة تحريم الكبائر.

566 - علة تحريم الربا.

567 - ساحر المسلمين يقتل وساحر الكفار لا يقتل.

567 - علة تحريم الخمر.

567 - علل بعض الأحكام - من خطة الزهراء عليها السلام -.

569 - حرمة الكذب على اللّه وعلى رسوله صلى اللّه عليه وآله.

569 - في أكل مال اليتيم عدوانا عقوبتان.

569 - حرمة المؤمن وحرمة عرضه ودمه وماله.

570 - شرب الخمر شر أم ترك الصلاة؟.

570 - شارب الخمر لا تقبل صلاته أربعين يوما.

571 - أكبر الكبائر.

571 - حرمة قتل النفس وعذابه.

572 - أدنى الشرك ، وحرمة البدعة وحرمة توقير المبتدع.

573 - للزاني ست خصال.

ص: 611

573 - أكبر أنواع الزنا.

574 - عذاب من قتل مؤمنا.

574 - الشفاعة لأهل الكبائر.

574 - عدم غفران الشرك.

ص: 612

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله وصلى اللّه على محمد نبي اللّه وعلى آله آل اللّه

لقد قامت مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم المشرفة بنشاطات واسعة في مجال نشر المعرفة وإحياء التراث الاسلامي، وإليكم سرداً لبعض منشوراتها :

من الكتب التي تم طبعها

أحاديث المهدي / من مسند أحمد بن حنبل

مع «البيان في أخبار صاحب الزمان» / محمد الكنجي الشافعي

الاختصاص / الشيخ المفيد

إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان (ج 1و2) / العلامة الحلي

الأمالي / الشيخ المفيد

الإمام الصادق (عليه السلام) (ج 1 و 2) / الشيخ محمد حسين المظفّر العلامة الحلي

إيضاح الاشتباه / العلامة الحلي

بحوث في الاصول، وتشمل على : / الشيخ محمد حسين الإصفهاني

أ- الاصول على النهج الحديث

ب الطلب والإرادة

ج - الاجتهاد والتقليد

بحوث في الفقه، وتشمل على : / الشيخ محمد حسين الإصفهاني

أ- صلاة الجماعة

ب صلاة المسافر

ج- الإجارة

بداية الحكمة / العلامة الطباطبائي

ص: 613

تأويل الآيات الظاهرة / السيد علي الاسترابادي

التبيان في تفسير القرآن / الشيخ الطوسي

تحف العقول عن آل الرسول (صلی اللّه عليه وآله) / ابن شعبة الحراني

تعليقة استدلالية على العروة الوثقى / الشيخ ضياء الدين العراقي

تقريب المعارف في الكلام / الشيخ أبي الصلاح الحلبي

التوحيد / الشيخ الصدوق

جواهر الفقه / القاضي ابن البراج

الحاشية على تهذيب المنطق / المولى عبداللّه اليزدي

الحدائق الناضرة (ج1-25) / الشيخ يوسف البحراني

الخراجيات، وتشمل على :

أ- قاطعة اللجاج في تحقيق حل الخراج / المحقق الكركي

ب- السراج الوهاج لدفع عجاج قاطعة اللجاج / الفاضل القطيفي

ج- رسالتان في الخراج / المقدس الأردبيلي

د- رسالة في الخراج / الفاضل الشيباني

الخصال / الشيخ الصدوق

الخلاف / الشيخ الطوسي

درر الفوائد / الشيخ عبدالكريم الحائري

الدروس الشرعية في فقه الامامية (ج1) / الشهيد الصدر

دروس في علم الاصول (ج 1 و 2) / الشهيد الأول

الذخيرة في علم الكلام / السيد المرتضى علم الهدى

الذرية الطاهرة / محمد الرازي الدولابي

رجال النجاشي / الشيخ أحمد بن علي النجاشي

الرسائل العشر / الشيخ الطوسي

الرسائل الفشاركية / السيد محمد الفشاركي

ص: 614

المجلد 4

هوية الكتاب

المؤلف: أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

المحقق: علي اكبر الغفّاري

الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية - قم المقدّسة

الطبعة: 2

الموضوع : الحديث وعلومه

تاريخ النشر : 0 ه-.ق

الصفحات: 589

المكتبة الإسلامية

169

من لا يحضر الفقيه

تأليف: المحدث الجليل الأقدم

أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي

الشيخ الصدوق

المتوفی سنة 381 ه

الجزء الرابع

تحقيق: سماحة الأستاذ المحقق الشيخ علي اكبر الغفاري

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة

المحرّر الرّقمي: محمّد علي ملك محمّد

ص: 1

اشارة

شابك (دورة) 4-415-470-964-978

ISBN 978-964-470-415-4

بيان الرموز

نرمز إلی شرح المولی محمد تقي المجلسي رحمه اللّه المسمی بروضة المتقين في شرح أخبار الأئمة المعصومين ب«م ت».

و إلی حاشية المولی مراد بن عليخان التفرشي رحمه اللّه ب«مراد».

و إلی حاشية سلطان العلماء الحسين بن محمد بن محمود الحسيني الآملي رحمه اللّه ب«سلطان».

و إلی حاشية الحكيم الإلهی السيد محمد باقر الحسيني المعروف بميرداماد رحمه اللّه ب«م ح ق».

و إلی شرح العلامة المجلسي قدس سره علی الكافي المعروف بمرآة العقول ب«المرآة».

ونعبر عن المجلسي الأول ب«المولی المجلسي» وعن الثاني ب«العلامة المجلسي».

من لا يحضر الفقيه

(ج4)

تأليف: رئيس المحدثين الشيخ الصدوق قدس سره

الموضوع: الحديث

تصحيح وتعليق: الأستاذ المرحوم علي أكبر الغفاري رحمه اللّه

طبع ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي

عدد الصفحات: 592

الطبعة: الخامسة

المطبوع: 500 نسخة

التاريخ: 1429 ه.ق

شابك ج4: 7-638-470-964-978

ISBN 978-964-470-638-7

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

ص: 2

اشارة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى اللّه على محمد خاتم النبيين ، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وسلم عليهم أجمعين.

باب 492: ذكر جمل من مناهي النبي صلى اللّه عليه وآله

* ( ذكر جمل من مناهي النبي صلى اللّه عليه وآله ) * (1)

قال أبو جعفر محمد بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، الفقيه ، نزيل الري مصنف هذا الكتاب رضي اللّه عنه وأرضاه :

4971 - روى عن شعيب بن واقد (2) ، عن الحسين بن زيد ، عن الصادق جعفر ابن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : نهى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) عن الاكل على الجنابة (3) وقال : إنه يورث الفقر ، ونهى عن تقليم

ص: 3


1- تلك المناهي منها تحريمية ومنها تنزيهية وهي أكثرها.
2- وفي طريق المصنف إلى شعيب بن واقد حمزة بن محمد العلوي وهو مهمل وعبد العزيز بن محمد عيسى الأظهري وهو أيضا مهمل وشعيب نفسه غير مذكور أيضا في الرجال ، وأما طريقه إلى الحسين بن زيد بن علي بن الحسين فصحيح عند العلامة - رحمه اللّه - وفيه محمد بن علي ماجيلويه وهو وان لم يوثق لكنه من مشايخ الإجازة ، والحسين بن زيد عنونه العلامة في الخلاصة في الثقات ووثقه الدارقطني من العامة كما في تهذيب التهذيب وله كتاب ذكره الشيخ في الفهرست ، ولعل المصنف أخذ الحديث من كتابه رأسا بإجازة المشايخ ، فيكون صحيحا
3- وكذا الشرب ، ويخفف الكراهة بالوضوء والمضمضة والاستنشاق وغسل اليدين.

الأظفار بالأسنان ، وعن السواك في الحمام ، والتنخع في المساجد ، ونهى عن اكل سؤر الفأرة ، وقال : لا تجعلوا المساجد طرقا حتى تصلوا فيها ركعتين ، (1) ونهى أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة (2) أو على قارعة الطريق (3) ، ونهى أن يأكل الانسان بشماله ، وأن يأكل وهو متكئ ونهى أن تجصص المقابر ويصلى فيها ، وقال : إذا اغتسل أحدكم في فضاء من الأرض فليحاذر على عورته ، ولا يشربن أحدكم الماء من عند عروة الاناء فإنه مجتمع الوسخ. (4)

ونهى أن يبول أحدكم في الماء الراكد (5) فإنه منه يكون ذهاب العقل ، ونهى أن يمشي الرجل في فرد نعل ، أو أن يتنعل وهو قائم ، ونهى أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس أو للقمر ، (6) وقال : إذا دخلتم الغائط فتجنبوا القبلة. (7)

ص: 4


1- تحية للمسجد وتحصل بالصلاة الواجبة وذلك مذكور في وصايا النبي عليه السلام لأبي ذر  - رضي اللّه عنه - ( م ت ) وقال المولى مراد التفرشي : ظاهره يفيد أن المجتاز في المسجد مشيه فيه قبل فعل الصلاة منهي عنه الا أن يكون قاصدا للصلاة في موضع منه إذ ليس مشيه حينئذ لمجرد الاجتياز.
2- أي ذات ثمر بالفعل أو الأعم ويكون الكراهة فيما كان بالفعل آكد ، ولعل البول أعم من الغائط.
3- قارعة الطريق وسطه والمراد ههنا نفس الطريق ووجهه إذا كان مسلوكا.
4- العروة في الدلو والكوز : المقبض ، ووسخه لكثرة ورود الأيدي عليه.
5- وكذا في الماء الجاري الا أن في الراكد أشد كراهة والذي ذكره المصنف في المجلد الأول ص 22 : « ولا يجوز أن يبول الرجل في ماء راكد فأما الجاري فلا بأس أن يبول فيه ولكن يتخوف عليه من الشيطان. وقد روى أن البول في الماء الراكد يورث النسيان ». وفي التهذيب ج 1 ص 9 و 13 مسندا عن الفضيل عن الصادق ( عليه السلام ) قال : « لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري وكره أن يبول في الماء الراكد ».
6- من البدو وهو الظهور أي بحيث يكون فرجه ظاهرا لهما.
7- أي استقبالا واستدبارا ، وتقدم الكلام فيه في المجلد الأول.

ونهى عن الرنة عند المصيبة (1) ، ونهى عن النياحة والاستماع إليها (2) ، ونهى عن اتباع النساء الجنائز (3).

ونهى أن يمحى شئ من كتاب اللّه عزوجل بالبزاق أو يكتب به (4).

ونهى أن يكذب الرجل في رؤياه متعمدا وقال : يكلفه اللّه يوم القيامة أن يعقد شعيرة وما هو بعاقدها (5) ، ونهى عن التصاوير وقال : من صور صورة كلفه اللّه يوم القيامة أن ينفخ فيها وليس بنافخ (6).

ونهى أن يحرق شئ من الحيوان بالنار (7) ، ونهى عن سب الديك ، وقال : إنه يوقظ للصلاة ، ونهى أن يدخل الرجل في سوم أخيه المسلم (8).

ونهى أن يكثر الكلام عند المجامعة ، وقال يكون منه خرس الولد.

وقال : لا تبيتوا القمامة (9) في بيوتكم وأخرجوها نهارا فإنها مقعد الشيطان.

ص: 5


1- الرنة - بالفتح والتشديد - : الصياح ، ويحمل على الكراهة.
2- كما فعلوه في الجاهلية لمن توفي منهم ويذكر النائح مناقب للميت كذبا فيحرم الاستماع أيضا ، ولعل المراد كراهة النياحة للميت مطلقا.
3- التشييع للجنائز مكروه لهن لمنافاة ذلك لسترهن سيما بالنسبة إلى الشابة منهن.
4- لان ذلك ينافي تعظيمه المأمور به ، ويحمل على الكراهة.
5- لان الكذب في نفسه حرام وفي الرؤيا أقبح والتكليف بعقد الشعير من قبيل قوله تعالى « ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط » ولما كان عقد الشعير محالا كان دخولهم الجنة أيضا كذلك ، والمناسبة الاتيان بالمحال فان الكذب لا واقع له فلا يمكن جعله واقعا.
6- وكذلك التصوير حمله الأكثر على المجسمة. ( م ت )
7- المراد كل ماله حياة ، والمشهور الكراهة ، والترك أحوط ، وكذا سب الديك ( م ت ).
8- أي في بيعه أو شرائه وحمل على الكراهة.
9- قم البيت : كنسه والقمامة - بالضم الكناسة.

وقال : لا يبيتن أحدكم ويده غمرة فإن فعل فأصابه لمم الشيطان (1) فلا يلومن إلا نفسه ، ونهى أن يستنجي الرجل بالروث والرمة (2).

ونهى أن تخرج المرأة من بيتها بغير إذن زوجها فإن خرجت لعنها كل ملك في السماء وكل شئ تمر عليه من الجن والإنس حتى ترجع إلى بيتها ، ونهى أن تتزين لغير زوجها فإن فعلت كان حقا على اللّه عزوجل أن يحرقها بالنار ، ونهى أن تتكلم المرأة عند غير زوجها أو غير ذي محرم منها أكثر من خمس كلمات مما لابد لها منه ، ونهى أن تباشر المرأة المرأة وليس بينهما ثوب (3) ، ونهى أن تحدث المرأة المرأة بما تخلو به مع زوجها.

ونهى أن يجامع الرجل أهله مستقبل القبلة (4) ، وعلى ظهر طريق عامر فمن فعل ذلك فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين.

ونهى أن يقول الرجل للرجل : زوجني أختك حتى أزوجك أختي (5).

ونهى عن إتيان العراف (6) وقال : من أتاه وصدقه فقد برئ مما أنزل اللّه على محمد.

ونهى عن اللعب بالنرد والشطرنج والكوبة والعرطبة وهي الطنبور والعود (7) ،

ص: 6


1- الغمرة - بالتحريك - : ريح اللحم وما يتعلق باليد من دسمه ، واللمم الجنون.
2- الرمة - بالكسر - العظام البالية ، والمراد هنا العظم مطلقا.
3- لعل المراد بالثواب اللحاف فيكره اجتماعهما في لحاف واحد.
4- حمل على الكراهة ، وقوله عليه السلام « على ظهر الطريق » أي في الطريق والعامر المعمور ولعل المراد أن يجامع زوجته بمحضر الناس كالحيوان ولو لم ينظروا إلى فرجيهما أو مع خوف المارة ويظهر من الذيل حرمته في الجملة.
5- هذا هو النكاح الشغار المنهی عنه وهو أن يكون نكاح كل واحدة منهما مهراً للاخر فلو كان بغير هذا بأن يجعل لكل منهما مهراً كان جائزاً.
6- العراف : الكاهن والمنجم وهو الذي يخبر على زعمه عن الكائنات أو عن السارق أو عن أشياء خفى عن الناس ، كالحمل أذكر هو أم أنثى وأمثال ذلك.
7- كل ذلك من أسباب الملاهي واللعب.

ونهى عن الغيبة والاستماع إليها. ونهى عن النميمة والاستماع إليها (1) ، وقال : لا يدخل الجنة قتات - يعني نماما - ، ونهى عن إجابة الفاسقين إلى طعامهم (2).

ونهى عن اليمين الكاذبة ، وقال : إنها تترك الديار بلاقع (3) ، وقال : من حلف بيمين كاذبة صبرا ليقطع بها مال امرئ مسلم لقي اللّه عزوجل وهو عليه غضبان إلا أن يتوب ويرجع (4).

ونهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر (5).

ونهى أن يدخل الرجل حليلته إلى الحمام (6) ، وقال : لا يدخلن أحدكم الحمام إلا بمئزر ، ونهى عن المحادثة التي تدعو إلى غير اللّه عزوجل.

ونهى عن تصفيق الوجه (7) ، ونهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة (8) ، ونهى عن لبس الحرير والديباج والقز للرجال ، فأما للنساء فلا بأس.

ونهى أن تباع الثمار حتى تزهو يعنى تصفر أو تحمر ونهى عن المحاقلة يعنى بيع التمر بالرطب ، والزبيب بالعنب وما أشبه ذلك -. (9)

ص: 7


1- كل هذه محرم اتفاقا ، لما يفهم من الوعيد.
2- حمل على الكراهة الا إذا تضمن الفسق فحينئذ حرام.
3- وبلاقع جمع بلقعة وهي الأرض القفر.
4- يمين الصبر هي التي يمسك الحاكم عليها حتى يحلف أو التي يجبر ويلزم عليها حالفها.
5- وكلما يأكله أو يشربه عليها فهو حرام وان لم يشرب الخمر. ( م ت )
6- تقدم الكلام فيه في المجلد الأول ص 115.
7- يشمل المصيبة وغيرها وضربها وجهه ووجه غيره ، وحمل على الكراهة إذا لم يكن ظلما.
8- محمول على الحرمة ، وتقدم الكلام فيه في باب الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة في المجلد الثالث ص 352.
9- المحاقلة هي بيع الحنطة قبل الحصاد بحنطة منها أو مطلقا ، والمزابنة بيع ثمرة النخل بتمر منها أو مطلقا ، والتفسير إن كان من الرواة فعلى سبيل السهو ، وإن كان من المعصوم (عليه السلام) فعلى التجوز ، وكذا في تقديم التمر على الرطب فان الظاهر العكس والظاهر أن السهو من الرواة. ( م ت )

ونهى عن بيع النرد ، وأن يشترى الخمر وأن يسقي الخمر ، وقال ( عليه السلام ) لعن اللّه الخمر وغارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وبايعها ومشتريها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه ، وقال ( عليه السلام ) : من شربها لم يقبل اللّه له صلاة أربعين يوما فإن مات وفى بطنه شئ من ذلك كان حقا على اللّه عزوجل أن يسقيه من طينة خبال وهي صديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار ، فيصهر به ما في بطونهم والجلود (1).

ونهى عن أكل الربا وشهادة الزور وكتابة الربا ، وقال : إن اللّه عزوجل لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه.

ونهى عن بيع وسلف (2) ، ونهى عن بيعين في بيع (3) ، ونهى عن بيع ما ليس عندك (4) ، ونهى عن بيع ما لم تضمن (5). ونهى عن مصافحة الذمي (6).

ونهى عن أن ينشد الشعر أو ينشد الضالة في المسجد (7) ، ونهى أن يسل السيف في المسجد (8).

ص: 8


1- الصديد هو الدم والقيح الذي يسيل من الجسد ، وصهر الشئ أذابه.
2- لعل المراد بيع شئ نقدا بمبلغ ونسيئة بأخرى بايجاب واحد وذلك للجهالة وقد حمل على البطلان.
3- في النهاية « نهى عن بيعين في بيعة » هو أن يقول بعتك هذا الثوب نقدا بعشرة ونسيئة بخمسة عشر ويمكن أن يراد بيعه إلى شهر بكذا والى شهرين بكذا.
4- أي مالا تقدر عليه ، وهو غير بيع السلف.
5- في بعض النسخ « ما لم يقبض » فعلا ما في المتن لعل المراد مالا يوجد وقت الأداء وعلى ما في بعض النسخ اما ما لم يقبض من المتاع لأنه في ضمان البايع فلو تلف كان من ماله أو عليه الغرامة ، وقال الفاضل التفرشي : ينبغي أن يحمل على الطعام. وحمل على الكراهة.
6- حمل على الكراهة والأحوط المنع. ( م ت )
7- تقدم الكلام فيه في المجلد الأول ص 237.
8- حمل على الكراهة لما روى الكليني ج 3 ص 368 في الحسن كالصحيح عن الحلبي في حديث قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) : أيعلق الرجل السلاح في المسجد فقال : نعم وأما المسجد الأكبر فلا ، فان جدي ( عليه السلام ) نهى رجلا أن يبري مشقصا في المسجد » وفي قرب الإسناد علي بن جعفر عن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) قال : « سألته عن السيف هل يصلح أن يعلق في المسجد فقال : أما في القبلة فلا وأما في جانب فلا بأس ».

ونهى عن ضرب وجوه البهائم (1).

ونهى أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم وقال : من تأمل عورة أخيه المسلم لعنه سبعون ألف ملك ، ونهى المرأة أن تنظر إلى عورة المرأة (2).

ونهى أن ينفخ في طعام أو شراب أو ينفخ في موضع السجود (3) ، ونهى أن يصلى الرجل في المقابر والمطرق والأرحية (4) والأودية ومرابط الإبل (5) وعلى ظهر الكعبة (6). ونهى عن قتل النحل ، ونهى عن الوسم في وجوه البهائم (7).

ونهى أن يحلف الرجل بغير اللّه وقال : من حلف بغير اللّه عزوجل فليس من اللّه في شئ (8) ، ونهى أن يحلف الرجل بسورة من كتاب اللّه عزوجل وقال : من حلف بسورة من كتاب اللّه فعليه لكل آية منها كفارة يمين فمن شاء بر ومن شاء فجر (9).

ص: 9


1- تقدم الكلام فيه في المجلد الثاني ص 287.
2- محمول كلاهما على الحرمة اتفاقا بين الأصحاب.
3- هذه كلها محمولة على الكراهة وتقدم الكلام في الأخير ج 1 ص 271.
4- الأرحية جمع الرحى ، وقرأها المولى المجلسي : « الأرحبة » بالباء الموحدة وفسرها بالأمكنة الواسعة.
5- لأن هذه كلها لا تخلو عن شاغل للقلب فيها ولعل علة النهي في الأخير عدم الاستواء.
6- أي في الفريضة كراهة أو حرمة كما في جوفها ، والأحوط الترك الا مع الضرورة ، وتقدم الكلام فيه ج 1 ص 274
7- الوسم أثر الكي ، وظاهر النهي الحرمة ، يمكن حمله على الكراهة.
8- محمول على الكراهة وقوله « ليس من اللّه في شئ » أي من رحمته أو من ولايته وهذا لا يدل على الحرمة.
9- في الدروس : يكره الحلف بغير اللّه وبغير أسمائه الخاصة وربما قيل بالتحريم ، ولا ينعقد به يمين وقال ابن الجنيد : لا بأس بالحلف بما عظم اللّه من الحقوق كقوله وحق القرآن وحق رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) - انتهى ، وقوله « من شاء بر » أي عمل بما حلف عليه أو صدق « ومن شاء فجر » أي حنث أو كذب وعلى أي الحالين عليه الكفارة بكل آية لأنه حلف بغير اللّه وحمل على الاستحباب والاحتياط ظاهر. ( م ت )

ونهى أن يقو الرجل للرجل : لا وحياتك وحياة فلان (1).

ونهى أن يقعد الرجل في المسجد وهو جنب ، (2) ونهى عن التعري بالليل والنهار (3) ، ونهى عن الحجامة يوم الأربعاء والجمعة ، ونهى عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب فمن فعل ذلك فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له ، ونهى عن التختم بخاتم صفر أو حديد ، ونهى أن ينقش شئ من الحيوان على الخاتم.

ونهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند استوائها ، (4) ونهى عن صيام ستة أيام : يوم الفطر ، ويوم الشك ، ويوم النحر ، وأيام التشريق (5).

ونهى أن يشرب الماء كما تشرب البهائم (6) ، وقال : اشربوا بأيديكم فإنه أفضل أوانيكم (7) ، ونهى عن البزاق في البئر التي يشرب منها (8).

ونهى أن يستعمل أجير حتى يعلم ما أجرته (9) ، ونهى عن الهجران فمن كان

ص: 10


1- « لا » زائدة لتأكيد القسم ، أو لنفى ما قاله المخاطب والنهى عن الحلف بغير اللّه للكراهة على الأشهر. ( م ت )
2- أي المكث في المسجد كما في أكثر الاخبار ، والنهى هنا محمول على الحرمة.
3- أي كونه عريانا لا يكون عليه ثوب ، وحمل على الكراهة إذا لم يكن ناظر محترم والا فيجب ستر العورة للرجل ومطلقا للمرأة.
4- لعل المراد باستواء الشمس قبل الزوال ، وتقدم الكلام فيه في المجلد الأول ص 497.
5- يوم الشك صومه حرام بقصد رمضان ، وصوم أيام التشريق حرام لمن كان بمنى ناسكا بلا خلاف ، ولمن كان بمنى وان لم يكن ناسكا على المشهور ، ولمن كان في غيره على الكراهة ، وأيام التشريق ثلاثة أيام بعد النحر.
6- حمل على الكراهة كما هو الظاهر.
7- حمل على الاستحباب.
8- حمل على الكراهة والاحتياط أولى.
9- حمل على الكراهة ووجهه ظاهر.

لابد فاعلا فلا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام ، فمن كان مهاجرا لأخيه أكثر من ذلك كانت النار أولى به (1).

ونهى عن بيع الذهب بالذهب زيادة إلا وزنا بوزن. (2)

ونهى عن المدح وقال : احثوا في وجوه المداحين التراب (3).

وقال ( صلى اللّه عليه وآله ) : من تولى خصومة ظالم أو أعان عليها (4) ، ثم نزل به ملك الموت قال له : أبشر بلعنة اللّه ونار جهنم وبئس المصير ، وقال : من مدح سلطانا جائرا أو تخفف وتضعضع له طمعا فيه كان قرينه في النار (5) ، وقال ( صلى اللّه عليه وآله ) قال اللّه عزوجل : « ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار » (6) وقال ( عليه السلام ) : من ولى جائرا (7) على جور كان قرين هامان في جهنم.

ومن بنى بنيانا رياء وسمعة حمله يوم القيامة (8) من الأرض السابعة وهو نار تشتعل ثم تطوق في عنقه ويلقى في النار فلا يحبسه شئ منها دون قعرها إلا أن يتوب

ص: 11


1- الهجران يعني مفارقة الاخوان للتباغض ، وفي الكافي في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « لا هجرة فوق ثلاث ».
2- تقدم الكلام فيه في كتاب المعايش.
3- في النهاية في الحديث « احثوا في وجوه المداحين التراب » أي ارموا : يقال : حثا يحثو حثوا ويحثى حثيا ، يريد به الخيبة وألا يعطوا عليه شيئا ، ومنهم من يجريه على ظاهره فيرمي فيها التراب.
4- أي توكل من جانبه مع علمه بأنه ظالم فيها.
5- التخفف ضد التثقل ، وفي الصحاح : ضعضعه الدهر فتضعضع أي خضع وذل.
6- الركون : السكون إلى الشئ والميل إليه.
7- أي تصدى عملا من جانبه.
8- الضمير المرفوع للموصول والمنصوب للبناء أي حمله مبتدئا من الأرض السابعة مما يحاذي ذلك البناء ، وفي بعض النسخ « حمله اللّه » بالتشديد فهو من التحميل وهو على النسخة الأولى أيضا محتمل أي جملة اللّه عزوجل حاملا لذلك البناء. ( مراد )

قيل : يا رسول اللّه كيف يبنى رياء وسمعة؟ قال : يبنى فضلا على ما يكفيه استطالة منه (1) على جيرانه ومباهاة لاخوانه.

وقال ( عليه السلام ) : من ظلم أجيرا أجره أحبط اللّه عمله وحرم عليه ريح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام ، ومن خان جاره شبرا من الأرض جعله اللّه طوقا في عنقه من تخوم الأرض السابعة (2) حتى يلقى اللّه يوم القيامة مطوقا ، إلا أن يتوب ويرجع.

ألا ومن تعلم القرآن ثم نسيه (3) لقى اللّه يوم القيامة مغلولا يسلط اللّه عزوجل عليه بكل آية منه حية تكون قرينته إلى النار الا أن يغفر [ اللّه ] له.

وقال ( عليه السلام ) : من قرأ القرآن (4) ثم شرب عليه حراما أو آثر عليه حب الدنيا وزينتها استوجب عليه سخط اللّه إلا أن يتوب ، ألا وإنه إن مات على غير توبة حاجه يوم القيامة (5) فلا يزايله إلا مدحوضا.

ألا ومن زنى بامرأة مسلمة أو يهودية أو نصرانية أو مجوسية حرة أو أمة ثم لم يتب منه ومات مصرا عليه فتح اللّه في قبره ثلاثمائة باب تخرج منها حياة وعقارب وثعبان النار فهو يحترق إلى يوم القيامة ، فإذا بعث من قبره تأذى الناس من نتن ريحه فيعرف بذلك وبما كان يعمل في دار الدنيا حتى يؤمر به إلى النار.

ألا وإن اللّه عزوجل حرم الحرام وحد الحدود فما أحد أغير من اللّه عزوجل ومن غيرته حرم الفواحش.

ص: 12


1- « فضلا » أي زيادة على ما يكفيه ، و « استطالة » أي طلبا للترفع عليهم والتفوق ،
2- في بعض النسخ « الأرضين السابعة ».
3- أي ترك العمل أو تساهل حتى نسي حكمه ، أو لم يتعاهده حتى نسي لفظه وعلى الأخير يكون للمبالغة ( م ت )
4- لعل المراد من تعلم علمه وعلم أحكامه.
5- حاجه أي خاصمه ، ودحضت حجته أي بطلت أي لا يزايله الا بعد اتمام الحجة عليه وبطال حجته.

ونهى أن يطلع الرجل في بيت جاره ، وقال : من نظر إلى عورة أخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمدا أدخله اللّه تعالى مع المنافقين الذين كانوا يبحثون عن عورات الناس ولم يخرج من الدنيا حتى يفضحه اللّه ، إلا أن يتوب.

وقال ( عليه السلام ) من لم يرض بما قسم اللّه له من الرزق وبث شكواه ولم يبصر ولم يحتسب (1) لم ترفع له حسنة ويلقى اللّه عزوجل وهو عليه غضبان ، إلا أن يتوب.

ونهى أن يختال الرجل في مشيه ، وقال : من لبس ثوبا فاختال فيه خسف اللّه به من شفير جهنم فكان قرين قارون لأنه أول من اختال فخسف اللّه به وبداره الأرض ، ومن اختال فقد نازع اللّه عزوجل في جبروته.

وقال ( عليه السلام ) : من ظلم امرأة مهرها فهو عند اللّه زان يقول اللّه عزوجل له يوم القيامة : عبدي زوجتك أمتي على عهدي فلم توف بعهدي وظلمت أمتي ، فيؤخذ من حسناته فيدفع إليها بقدر حقها ، فإذا لم تبق له حسنة أمر به إلى النار بنكثه للعهد إن العهد كان مسؤولا.

ونهى ( عليه السلام ) عن كتمان الشهادة ، وقال : من كتمها أطعمه اللّه لحمه على رؤوس الخلائق (2) وهو قول اللّه عزوجل : « ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه واللّه بما تعملون عليم ».

وقال ( عليه السلام ) : من آذى جاره حرم اللّه عليه ريح الجنة ، ومأواه جهنم وبئس المصير ، ومن ضيع حق جاره فليس منا ، وما زال جبرئيل ( عليه السلام ) يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ، وما زال يوصيني بالمماليك حتى ظننت أنه سيجعل لهم وقتا إذا بلغوا ذلك الوقت أعتقوا ، وما زال يوصيني بالسواك حتى ظننت أنه سيجعله فريضة ، وما زال يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أن خيار أمتي لن يناموا.

ألا ومن استخف بفقير مسلم فلقد استخف بحق اللّه ، واللّه يستخف به يوم القيامة ، إلا أن يتوب. وقال ( عليه السلام ) : من أكرم فقيرا مسلما لقى اللّه عزوجل يوم القيامة

ص: 13


1- أي لم يكتف بما رزقه اللّه تعالى.
2- أي على محضر منهم يعنى في حضور الخلائق على رؤوس الاشهاد.

وهو عنه راض.

وقال ( عليه السلام ) : من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة اللّه عزوجل حرم اللّه عليه النار ، وآمنه من الفزع الأكبر ، وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله تبارك وتعالى : « ولمن خاف مقام ربه جنتان » (1).

الا ومن عرضت له دنيا وآخرة فاختار الدنيا على الآخرة لقى اللّه يوم القيامة وليست له حسنة يتقى بها النار ، ومن اختار الآخرة [ على الدنيا ] وترك الدنيا رضي اللّه عنه وغفر له مساوي عمله.

ومن ملا عينيه من حرام ملا اللّه عينيه يوم القيامة من النار ، إلا أن يتوب ويرجع.

وقال ( عليه السلام ) : من صافح امرأة تحرم عليه فقد باء بسخط من اللّه عزوجل (2) ، ومن التزم امرأة حراما قرن في سلسلة من نار مع شيطان ، فيقذفان في النار.

ومن غش مسلما في شراء أو بيع فليس منا ، ويحشر يوم القيامة مع اليهود لأنهم اغش الخلق للمسلمين.

ونهى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أن يمنع أحد الماعون (3) جاره ، وقال : من منع الماعون جاره منعه اللّه خيره يوم القيامة ووكله إلى نفسه ، ومن وكله إلى نفسه فما أسوأ حاله.

وقال ( عليه السلام ) : أيما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل اللّه عزوجل منها صرفا

ص: 14


1- المراد بمقام ربه موقفه الذي يوقف فيه العباد للحساب ، أو هو مصدر بمعنى قيامه على أحوالهم ومراقبته لهم ، أو المراد مقام الخائف عند ربه كما ذكره بهاء الملة (رحمه اللّه) في أربعينه.
2- باء يبوء أي رجع.
3- الماعون اسم جامع لمنافع البيت كالقدر وغيرها مما جرت العادة بعاريته. ( النهاية )

ولا عدلا ولا حسنة من عملها حتى ترضيه (1) وإن صامت نهارها ، وقامت ليلها ، وأعتقت الرقاب ، وحملت على جياد الخيل في سبيل اللّه ، وكانت في أول من يرد النار. كذلك الرجل إذا كان لها ظالما ، ألا ومن لطم خد امرئ مسلم أو وجهه بدد اللّه (2) عظامه يوم القيامة ، وحشر مغلولا حتى يدخل جهنم ، إلا أن يتوب.

ومن بات وفى قلبه غش لأخيه المسلم بات في سخط اللّه وأصبح كذلك حتى يتوب ، ونهى عن الغيبة وقال : من اغتاب امرء مسلما بطل صومه ونقض وضوؤه (3) وجاء يوم القيامة تفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة يتأذى بها أهل الموقف ، فإن مات قبل أن يتوب مات مستحلا لما حرم اللّه عزوجل.

وقال ( عليه السلام ) : من كظم غيظا وهو قادر على إنفاذه وحلم عنه أعطاه اللّه أجر شهيد ، ألا ومن تطول على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فرد ها عنه رد اللّه عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة ، فإن هو لم يردها وهو قادر على ردها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرة.

ونهى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) عن الخيانة ، وقال : من خان أمانة في الدنيا ولم يردها إلى أهلها ثم أدرك المؤتمات على غير ملتي ، ويلقى اللّه وهو عليه غضبان.

وقال ( عليه السلام ) : من شهد شهادة زور على أحد من الناس علق بلسانه مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار ، ومن اشترى خيانة وهو يعلم فهو كالذي خانها.

ومن حبس عن أخيه المسلم شيئا من حقه حرم اللّه عليه بركة الرزق ، الا أن يتوب.

ألا ومن سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها.

ومن احتاج إليه أخوه المسلم في قرض وهو يقدر عليه فلم يفعل حرم اللّه عليه ريح الجنة.

ص: 15


1- المراد بالصرف وبالعدل الفدية. ( الصحاح )
2- التبديد : التفريق والابعاد.
3- « بطل صومه » أي ثواب صومه. و « نقض وضوؤه » أي كماله وقد تقدم.

ألا ومن صبر على خلق امرأة سيئة الخلق واحتسب في ذلك الاجر أعطاه اللّه ثواب الشاكرين.

ألا وأيما امرأة لم ترفق بزوجها ، وحملت على مالا يقدر عليه ومالا يطيق لم يقبل اللّه منها حسنة ، وتلقى اللّه عزوجل وهو عليها غضبان.

ألا ومن أكرم أخاه المسلم فإنما يكرم اللّه عزوجل.

ونهى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله)أن يؤم الرجل قوما إلا بإذنهم ، وقال : من أم قوما بإذنهم وهم به راضون فاقتصد بهم في حضوره وأحسن صلاته بقيامه وقراءته وركوعه وسجوده وقعوده فله مثل أجر القوم ولا ينقص من أجورهم شئ.

وقال : من مشى إلى ذي قرابة بنفسه وماله ليصل رحمه أعطاه اللّه عزوجل أجر مائة شهيد ، وله بكل خطوة أربعون ألف حسنة ، ومحى عنه أربعون ألف سيئة ، ورفع له من الدرجات مثل ذلك ، وكان كأنما عبد اللّه عزوجل مائة سنة صابرا محتسبا ، ومن كفى ضريرا (1) حاجة من حوائج الدنيا ومشى لها فيها حتى يقضى اللّه له حاجته أعطاه اللّه براءة من النفاق ، وبراءة من النار ، وقضى له سبعين حاجة من حوائج الدنيا ، ولا يزال يخوض في رحمة اللّه عزوجل حتى يرجع.

ومن مرض يوما وليلة فلم يشك إلى عواده بعثه اللّه عزوجل يوم القيامة مع خليله إبراهيم [ خليل الرحمن ] ( عليه السلام ) حتى يجوز الصراط كالبرق اللامع.

ومن سعى لمريض في حاجة قضاها أو لم يقضها خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فقال رجل من الأنصار : بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه فإن كان المريض من أهل بيته أو ليس ذلك أعظم أجرا إذا سعى في حاجة أهل بيته؟ قال : نعم.

ألا ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج اللّه عنه اثنين وسبعين كربة من كرب الآخرة ، واثنين وسبعين كربة من كرب الدنيا أهونها المغص (2).

وقال : من يمطل على ذي حق حقه وهو يقدر على أداء حقه فعليه كل يوم

ص: 16


1- رجل ضرير بين الضرارة أي ذاهب البصر. ( الصحاح )
2- المغص القولنج وفي بعض النسخ « المغفرة » والأول موافق لما في الأمالي.

خطيئة عشار.

ألا ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعل اللّه ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من نار طوله سبعون ذراعا يسلطه اللّه عليه في نار جهنم وبئس المصير.

ومن اصطنع إلى أخيه معروفا فامتن به أحبط اللّه عمله وثبت وزره ولم يشكر له سعيه ، ثم قال ( عليه السلام ) : يقول اللّه عزوجل حرمت الجنة على المنان والبخيل والقتات وهو النمام.

ألا ومن تصدق بصدقة فله بوزن كل درهم مثل جبل أحد من نعيم الجنة ومن مشى بصدقه إلى محتاج كان له كأجر صاحبها من غير أن ينقص من أجره شئ.

ومن صلى على ميت صلى عليه سبعون ألف ملك ، وغفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فإن أقام حتى يدفن ويحثى عليه التراب كان له بكل قدم نقلها قيراط من الاجر ، والقيراط مثل جبل أحد.

ألا ومن ذرفت عيناه (1) من خشية اللّه عزوجل كان له بكل قطرة قطرت من دموعه قصر في الجنة ، مكللا بالدر والجوهر (2) ، فيه ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

ألا ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة ، ويرفع له من الدرجات مثل ذلك ، فإن مات وهو على ذلك وكل اللّه عزوجل به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ، ويبشرونه ويؤنسونه في وحدته ، ويستغفرون له حتى يبعث.

ألا ومن أذن محتسبا يريد بذلك وجه اللّه عزوجل أعطاه اللّه ثواب أربعين ألف شهيد ، وأربعين ألف صديق ، ويدخل في شفاعته أربعون ألف مسئ من أمتي إلى الجنة ألا وإن المؤذن إذا قال ، ( أشهد أن لا إله إلا اللّه ) صلى عليه سبعون ألف ملك ويستغفرون له ، وكان يوم القيامة في ظل العرش حتى يفرغ اللّه من حساب الخلائق ، ويكتب له

ص: 17


1- ذرفت الدمع يذرف ذرفا أي سال. ( الصحاح )
2- المكلل : المزين.

ثواب قوله ( أشهد أن محمدا رسول اللّه ) أربعون ألف ملك.

ومن حافظ على الصف الأول والتكبيرة الأولى لا يؤذي مسلما أعطاه اللّه من الاجر ما يعطى المؤذن في الدنيا والآخرة.

ألا ومن تولى عرافة (1) قوم أتى يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه ، فإن قام فيهم بأمر اللّه عزوجل أطلقه اللّه ، وإن كان ظالما هوى به في نار جهنم وبئس المصير.

وقال ( عليه السلام ) : لا تحقروا شيئا من الشر وإن صغر في أعينكم. ولا تستكثروا شيئا من الخير وإن كبر في أعينكم ، فإنه لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الاصرار (2).

قال شعيب بن واقد : سألت الحسين بن زيد عن طول هذا الحديث فقال : حدثني جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنه جمع هذا الحديث من الكتاب الذي هو إملاء رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) وخط علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بيده.

باب 493: ما جافي النظر إلى النساء

4972 - روي عن هشام بن سالم ، عن عقبة قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : ( النظرة سهم من سهام إبليس مسموم من تركها لله عزوجل لا لغيره أعقبه اللّه إيمانا يجد طعمه ).

4973 - وروى ابن أبي عمير ، عن الكاهلي قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : ( النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة وكفى (3) بها لصاحبها فتنة ).

ص: 18


1- العريف - كأمير - النقيب وهو من يعرف القوم وعند اللزوم يعرفهم للحاكم.
2- الظاهر أن هذين الفقرتين كلتيهما تعليل للجزء الأول من الكلام ولا يناسب شئ منهما للجزء الثاني ( سلطان ) وكأنه صحف قوله « وقال ( عليه السلام ) » بقوله « فإنه ».
3- أي بالنظرة الثانية.

4974 - وروى الأصبغ بن نباته عن علي ( عليه السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : يا علي لك أول نظرة ، والثانية عليك ولا لك ).

4975 - وقال أبو بصير للصادق ( عليه السلام ) : ( الرجل تمر به المرأة فينظر إلى خلفها قال : أيسر أحدكم أن ينظر إلى أهله وذات قرابته؟ قلت : لا ، قال : فارض للناس ما ترضاه لنفسك )(1).

4976 - وروى هشام ، وحفص ، وحماد بن عثمان (2) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه قال : ( ما يأمن الذين ينظرون في أدبار النساء ان يبتلوا بذلك في نسائهم )

4977 - وروى صفوان بن يحيى عن أبي الحسن ( عليه السلام ) ( في قول اللّه عزوجل : ( يا أبة استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) قال : قال لها شعيب ( عليه السلام ) : يا بنية هذا قوى قد عرفته برفع الصخرة ، الأمين من أين عرفته؟ قالت : يا أبة إني مشيت قدامه فقال : أمشي من خلفي فإن ضللت فأرشد يني إلى الطريق فإنا قوم لا ننظر في أدبار النساء ).

4978 - وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : ( يا أيها الناس إنما النظرة من الشيطان فمن وجد من ذلك شيئا فليأت أهله ). (3)

ص: 19


1- يدل على قبح النظر في أدبار النساء ، فإن كان للشهوة فالمشهور بين الأصحاب الحرمة. والظاهر المراد بأبي بصير ليث المرادي لا يحيى المكفوف.
2- الطريق إلى كل من هؤلاء صحيح ورواه الكليني في الحسن كالصحيح بأدنى اختلاف في اللفظ.
3- أصل الخبر كما رواه الكليني ج 5 ص 494 بسند ضعيف عن حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) هكذا قال : « رأى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) امرأة فأعجبته فدخل على أم سلمة وكان يومها فأصاب منها وخرج إلى الناس ورأسه يقطر فقال : أيها الناس إنما النظر من الشيطان فمن وجد من ذلك شيئا فليأت أهله » وقال العلامة المجلسي : قوله ( عليه السلام ) « فأعجبته » لا ينافي العصمة لأنه ليس من الأمور الاختيارية حتى يتعلق بها التكليف ، وأما نظره ( صلى اللّه عليه وآله ) إليها فاما أن يكون بغير اختيار أو يكون قبل نزول حكم الحجاب على أن حرمة النظر إلى الوجه والكفين بعد الحجاب أيضا غير ثابت.

4979 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : ( سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن الرجل يعترض الأمة ليشتريها ، قال : لا بأس أن ينظر إلى محاسنها ويمسها ما لم ينظر إلى مالا ينبغي له النظر إليه ) (1).

باب 494: ما جاء في الزنا

4980 - قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند اللّه عزوجل من رجل قتل نبيا ، أو هدم الكعبة التي جعلها اللّه قبلة لعباده ، أو أفرغ ماءه في امرأة حراما » (2).

4981 - وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « الزنا يورث الفقر ، ويدع الديار بلاقع » (3).

4982 - وقال ( عليه السلام ) : « ما عجت الأرض إلى ربها عزوجل كعجيجها من ثلاث : من دم حرام يسفك عليها ، أو اغتسال من زنا ، أو النوم عليها قبل طلوع الشمس » (4).

4983 - وفي رواية عبد اللّه بن ميمون ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : « قال يعقوب لابنه يوسف ( عليهما السلام ) : يا بنى لا تزن فإن الطير لو زنى لتناثر ريشه » (5).

ص: 20


1- السند ضعيف ، والمراد من المس مس اليد أو المحاسن إذا لم يكن بشهوة على ما ذكره الأصحاب ( م ت )
2- تقدم في باب النوادر أواخر المجلد الثالث.
3- جمع بلقعة وهي الأرض القفر التي لا نبات لها ولا شئ بها ، أي يصير الزنا سببا لفنائهم حتى لا يبقى منهم أحد.
4- رواه المصنف في الخصال أبواب الثلاثة مسندا عن سليمان بن حفص البصري عن الصادق ( عليه السلام ) عن النبي ( صلى اللّه عليه وآله ). والعج بشد الجيم رفع الصوت كالعجيج.
5- مروي في الكافي 5 ص 542 في الموثق كالصحيح وقوله « لو زنى » أي جمع مع غير زوجها.

4984 - وروى عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « كان فيما أوحى اللّه تعالى إلى موسى بن عمران ( عليه السلام ) : يا موسى بن عمران من زنى زني به ولو في العقب من بعده ، يا موسى بن عمران عف تعف أهلك ، يا موسى بن عمران إن أردت أن يكثر خير أهل بيتك فإياك والزنا ، يا موسى بن عمران : كما تدين تدان » (1).

4985 - وصعدرسول اللّه(صلى اللّه عليه وآله)المنبرفقال « ثلاثة لايكلمهم اللّه يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم : شيخ زان ، وملك جبار ، ومقل مختال » (2).

4986 - وفى رواية ابن مسكان ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : قال ( ثلاثة لا يكلمهم اللّه يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : الشيخ الزاني والديوث ، والمرأة توطئ فراش زوجها ) (3).

4987 - وروى علي بن إسماعيل الميثمي ، عن بشير قال (4) : « قرأت في بعض الكتب قال اللّه تبارك وتعالى : لا أنيل رحمتي من يعرضني للايمان الكاذبة ، ولا أدنى مني يوم القيامة من كان زانيا ».

4988 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( بروا آباءكم يبركم أبناؤكم ، وعفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم ) (5).

4989 - وفي رواية إبراهيم بن أبي البلاد قال : ( كانت امرأة على عهد داود

ص: 21


1- أي كما تفعل تجازي فيكون من باب المشاكلة.
2- رواه المؤلف في الصحيح عن أبي حمزة عن أبي جعفر ( عليه السلام ).
3- رواه في عقاب الأعمال مسندا والكليني في الكافي ج 5 ص 543 و 537 وقوله « توطئ فراشي زوجها » أي تجئ برجل آخر في فراش زوجها الذي ينام عليه ويفرش له وهو كناية عن الزنا.
4- كذا فإن كان ضمير « قال » رجع إلى أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) فمضمر ، وان رجع إلى بشير فمقطوع.
5- مروى في الكافي ج 5 ص 554 في الضعيف عن عبيد بن زرارة عنه ( عليه السلام ).

( عليه السلام ) يأتيها رجل يستكرهها على نفسها فألقى اللّه عزوجل في قلبها ، فقالت له : إنك لا تأتيني مرة إلا وعند أهلك من يأتيهم ، قال : فذهب إلى أهله فوجد عند أهله رجلا فأتى به داود ( عليه السلام ) ، فقال : يا نبي اللّه اتى إلى ما لم يؤت إلى أحد ، قال : وما ذاك؟ قال : وجدت هذا الرجل عند أهلي ، فأوحى اللّه تعالى إلى داود ( عليه السلام ) قل له : كما تدين تدان.

4990 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : إذا زنى الزاني خرج منه روح الايمان ، فإن استغفر عاد إليه ، قال : وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الشارب حين يشرب وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : وكان أبى ( عليه السلام ) يقول : « إذا زنى الزاني فارقه روح الايمان ، قلت : فهل يبقى فيه من الايمان شئ ما ، أو قد انخلع منه أجمع؟ قال : لابل فيه فإذا قام (1) عاد إليه روح الايمان » (2).

ص: 22


1- في بعض النسخ « فإذا تاب ».
2- قوله : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن » أي لا يبقى الايمان الكامل فإنه مشروط بالاجتناب عن الكبائر ، فإذا تاب رجع ، أو أن الاعتقاد الصحيح والايمان التام بعظمة اللّه تعالى وبعلمه وبقدرته لا يدع أن يفعلها أما لو غلبت الشهوة فصار أعمى فإنه يذهب ذلك الايمان فإذا ذهبت الشهوة ندم وعلم أنه فعل القبيح فكأنه في ذلك الوقت لا يعتقد قبحه ، وعلى المعنى الأول يلزم التوبة للايمان ويؤيده قوله « فان استغفر عاد إليه » وعلى المعنى الثاني يرجع بدونه وان أمكن أن يقال : الندم توبة وهو حاصل البتة لكن فرق بينهما ويؤيده قوله : « فإذا قام عاد إليه روح الايمان ». ( م ت )

كتاب الحدود

باب 495: ما يجب به التعزير والحد والرجم والقتل والنفي في الزنا

اشارة

4991 - روى القاسم بن محمد (1) ،عن عبد الصمد بن بشير،عن سليمان بن هلال قال : « سأل بعض أصحابنا أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) فقال : جعلت فداك الرجل ينام مع الرجل في لحاف واحد ، فقال : ذو محرم؟ قال : لا ، قال : من ضرورة ، قال : لا ، قال : يضربان ثلاثين سوطا ، ثلاثين سوطا ، قال : فإنه فعل ، قال : إن كان دون الثقب فالحد وإن هو ثقب أقيم قائما ثم ضرب ضربة بالسيف أخذ السيف منه ما أخذ ، قال : فقلت له فهو القتل؟ فقال : هو ذاك ، قلت : فامرأة نامت مع امرأة في لحاف ، فقال : ذات محرم (2)؟ قلت : لا ، قال : من ضرورة؟ قلت : لا ، قال : تضربان ثلاثين سوطا ، ثلاثين سوطا ، قلت : فإنها فعلت ، قال فشق ذلك عليه فقال : أف أف أف - ثلاثا - وقال : الحد » (3).

4992 - وروى حماد ، عن حريز عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « أن عليا ( عليه السلام ) وجدرجلا مع امرأة في لحاف واحد فضرب كل واحد منهما مائة سوط غير سوط ».

4993 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن الرجل والمرأة يوجدان في لحاف واحد ، فقال : اجلدهما مائة جلدة مائة جلدة » (4).

ص: 23


1- مروى في الاستبصار والتهذيب والظاهر أنه محمد بن القاسم الجوهري.
2- فيهما « ذواتا محرم ».
3- جمع بين هذا الخبر وبين ما يأتي عن حريز بحمل الثلاثين على أقل التعزير والتسعة والتسعين على أكثره ويكون ما بينهما منوطا برأي الحاكم.
4- قال في المسالك : اختلف الأصحاب والروايات في الذكرين مجتمعين تحت أزار واحد ونحوه ، فذهب الشيخ وابن إدريس والمحقق وأكثر المتأخرين إلى أنهما يعزران من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين ، وقال الصدوق وابن الجنيد أنهما يجلدان مائة جلدة تمام الحد وبه أخبار كثيرة ، وأجاب في المختلف عنها بحمل الحد على أقصى نهايات التعزير وهي مائة سوط غير سوط ، وفيه نظر لأن هذه الروايات أكثر وأجود سندا وليس فيها التقييد بعدم الرحم بينهما بان المحرمية لا يجوز الاجتماع المذكور إن لم يؤكد التحريم. ( المرآة )

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذه الأخبار كلها متفقة المعاني إذا وجد الرجل مع الرجل ، أو المرأة مع المرأة ، أو الرجل مع المرأة في لحاف واحد من ضرورة فلا شئ عليهما ، وإن لم يكن ذلك من ضرورة ولم يكن منهما حال تكره يضرب كل واحد منهما ثلاثين سوطا يعزران بذلك ، وإذا كان منهما الزنا وكانا غير محصنين جلد كل واحد منهما مائة جلدة ، وذلك متى أقرا بذلك أو شهد عليهما أربعة عدول ، ومتى وجدا في لحاف وقد علم الإمام أنه قد كان منهما ما يوجب الحد إلا أنهما لم يقرا به ولا شهد عليهما أربعة عدول ضربهما مائة سوط غير سوط لأنهما لم يقرا ولم تقم عليهما بالزنا البينة فينقصهما بذلك سوطا واحدا ليكون مائة سوط غير سوط لهما تعزيرا دون الحد (1).

4994 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : لا يجلد رجل ولا امرأة حتى يشهد عليه أربعة شهود على الايلاج والاخراج (2) ، وقال : لا أكون أول الشهود الأربعة أخشى الروعة أن ينكل بعضهم فاجلد » (3).

4995 - وروى فضالة ، عن داود بن أبي يزيد قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول إن أصحاب رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) قالوا لسعد بن عبادة : أرأيت لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت صانعا به؟ قال : كنت أضربه بالسيف ، قال : فخرج رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله )

ص: 24


1- قال سلطان العلماء : هذا خلاف المشهور خصوصا في حال غيبة الامام الأصل فان الفتوى المشهور أنه يحكم بعلمه مطلقا.
2- الخبر في الكافي والتهذيبين إلى هنا في موضع ، والبقية في موضع آخر عن محمد ابن قيس. ويدل على أنه لا يثبت الرجم إلا بالبينة دون الاقرار.
3- الروعة : الفزع ، وفي بعض النسخ « الردعة » والردع الانزجار.

فقال : ماذا يا سعد؟ فقال سعد : قالوا لي : لو وجدت على بطن امرأتك رجلا ما كنت تصنع به؟ فقلت : كنت أضربه بالسيف ، فقال : يا سعد فكيف بأربعة؟ فقال : يا رسول اللّه بعد رأى عيني وعلم اللّه بأنه قد فعل ، فقال : اي واللّه بعد رأى عينك وعلم اللّه بأنه قد فعل ، لان اللّه عزوجل قد جعل لكل شئ حدا وجعل لمن تعدى ذلك الحد حدا ).

4996 - وروى الحسن بن محبوب عن أبان ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « أنه سئل عن رجل محصن فجر بامرأة فشهد عليه ثلاثة رجال وامرأتان ، قال : وجب عليه الرجم ، فإن شهد عليه رجلان وأربع نسوة فلا تجوز شهادتهم ولا يرجم ولكن يضرب الحد حد الزاني » (1).

4997 - وروى شعيب ، عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « قضى علي ( عليه السلام ) في رجل تزوج امرأة رجل أنه رجم المرأة وضرب الرجل الحد ، وقال ( عليه السلام ) : لو علمت أنك علمت لفضخت رأسك بالحجارة » (2).

4998 - و « خرج أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بشراحة الهمدانية (3) فكاد الناس يقتل بعضهم بعضا من الزحام ، فلما رأى ذلك أمر بردها حتى خفت الزحمة ، ثم أخرجت وأغلق الباب ، قال : فرموها حتى ماتت ، ثم أمر بالباب ففتح ، قال : فجعل من دخل يلعنها قال : فلما رأى ذلك نادى منادية أيها الناس ارفعوا ألسنتكم عنها فإنه لا يقام حد إلا كان كفارة ذلك الذنب كما يجزى الدين بالدين ».

4999 - وروى زرعة ، عن سماعة قال : قال (4) : إذا زنى الرجل فجلد فليس

ص: 25


1- هذا الخبر بباب الشهادات أنسب ، ويدل على أنه يثبت الرجم بشهادة ثلاثة رجال وامرأتين ويثبت الجلد بشهادة رجلين وأربع نسوة.
2- رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح ، والفضخ : كسر الشئ الأجوف ، ومنه فضخت رأسه بالحجارة.
3- في القاموس شراحة - كسراقة - امرأة همدانية أقرت بالزنا عند علي كرم اللّه وجهه.
4- يعنى أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) كما في الكافي ج 7 ص 197 في الموثق.

ينبغي للامام أن ينفيه من الأرض التي جلد فيها إلى غيرها ، وإنما على الامام أن يخرجه من المصر الذي جلد فيه ).

5000 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : الشيخ والشيخة جلد مائة والرجم ، والبكر والبكرة جلد مائة ونفى سنة (1) ، والنفي من بلد إلى بلد ، وقد نفى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) رجلين من الكوفة إلى البصرة ).

5001 - وروى هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : في القرآن رجم؟ قال : نعم ، قلت : كيف؟ قال : « الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فإنهما قضيا الشهوة » (2).

5002 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : « إذا جامع الرجل وليدة امرأته فعليه ما على الزاني » (3).

5003 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل زوج أمته رجلا ، ثم وقع عليها ، قال : يضرب الحد » (4).

5004 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في امرأة اقتضت جارية بيدها ، قال : عليها المهر (5) وتضرب الحد ».

ص: 26


1- يدل على أنه يجمع للشيخ والشيخة الجلد مع الرجم إذا كانا محصنين ، وعلى أن النفي للبكر وهو من تزوج ولم يدخل ، هذا رأى أكثر المتقدمين ، وقال جماعة من المتأخرين ان البكر غير محصن.
2- السند صحيح ، وروى نحوه الكليني والشيخ أيضا في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان عنه ( عليه السلام ) وقيل : إنها منسوخة التلاوة ثابتة الحكم والظاهر أنه سقط جملة « إذا زنيا » بعد قوله « الشيخة ».
3- يعني يجلد مائة جلدة ، والخبر في التهذيبين له ذيل.
4- الوليدة : الصبية والأمة والجمع الولائد ( الصحاح ) والمشهور بين الأصحاب عدم اشتراط حرية الموطوءة لعموم الاخبار.
5- أي مهر المثل والمراد بالجارية الصبية الحرة أو البالغة التي لم تتزوج أو تزوجت ولم يدخل بها لا الأمة فان لمولاها العشر كما تقدم وسيجئ وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 458 في الموثق عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : إذا اغتصب أمة فاقتضت فعليه عشر ثمنها أو قيمتها وان كانت حرة فعليه الصداق.

5005 - وفي خبر آخر : « وتضرب ثمانين » (1).

5006 - وفي رواية الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) في رجل وقع على مكاتبته فقال : إن كانت أدت الربع ضرب الحد ، وإن كان محصنا رجم ، وإن لم يكن أدت شيئا فليس عليه شئ ) (2).

5007 - وروى الحسن بن محبوب ، عن محمد بن القاسم قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « من غشى امرأته بعد انقضاء العدة جلد الحد ، وإن غشيها قبل انقضاء العدة كان غشيانه إياها رجعة لها ».

5008 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في غلام صغير لم يدرك - ابن عشر سنين - زنى بامرأة ، قال : يجلد الغلام دون الحد وتضرب المرأة الحد كاملا ، قلت : فإن كانت محصنة ، قال : لا ترجم لان الذي نكحها ليس بمدرك ولو كان مدركا رجمت » (3).

5009 - وفي رواية يونس بن يعقوب عن أبي مريم قال : سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) في آخر ما لقيته عن غلام لم يبلغ الحلم وقع على امرأة أو فجر بامرأة أي ، شئ يصنع بهما؟ قال : يضرب الغلام دون الحد ، ويقام على المرأة الحد ، فقلت : جارية لم

ص: 27


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 458 في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « ان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قضى بذلك وقال : تجلد ثمانين » فيكون المراد بالحد في السابق حد القذف.
2- قال العلامة المجلسي : يمكن حمله على أن ذكر الربع على التمثيل بقرينة مقابلته بعدم أداء شئ.
3- ذهب الشيخ وجماعة من المتأخرين إليه وذهب جماعة منهم ابن الجنيد وأبو الصلاح وابن إدريس إلى وجوب الحد على الكامل منهما كملا بالرجم إن كان محصنا لورود الروايات باطلاق حد البالغ منهما وهو محمول على الحد المعهود عليه بحسب حاله من الاحصان وغيره.

تبلغ وجدت مع رجل يفجر بها ، قال : تضرب الجارية دون الحد ، ويقام على الرجل الحد.

5010 - وروى الحسن بن محبوب ، عن حنان بن سدير قال : إن عباد المكي (1) قال : قال لي سفيان الثوري : أرى لك من أبى عبد اللّه ( عليه السلام ) منزلة فاسأله عن رجل زنى وهو مريض فإن أقيم عليه الحد خافوا ان يموت ما تقول فيه؟ قال : فسألته فقال لي : هذه المسألة من تلقاء نفسك أو أمرك إنسان أن تسأل عنها؟ فقلت له : إن سفيان الثوري أمرني أن أسألك عنها ، فقال : إن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) اتى برجل أحبن (2) قد استسقى بطنه وبدت عروق فخذيه وقد زنى بامرأة مريضة فامر رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) فاتى بعرجون فيه مائة شمراخ فضربه به ضربه واحدة وضربها به ضربة واحدة وخلى سبيلهماوذلك قول اللّه عزوجل : « فخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ».

5011 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : لو أن رجلا أخذ حزمة من قضبان أو أصلا فيه قضبان فضربه ضربة واحدة أجزأه عن عدة ما يريد أن يجلده من عدة القضبان ) (3).

5012 - وفي رواية عبد اللّه بن المغيرة ، وصفوان ، وغير واحد رفعوه إلى أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه قال : إذا أقر الزاني المحصن كان أول من يرجمه الامام ، ثم الناس ، وإذا قامت عليه البينة كان أول من يرجمه البينة ، ثم الامام ثم الناس ) (4).

ص: 28


1- في الكافي ج 7 ص 243 « عن يحيى بن عباد المكي » ، والظاهر هو الصواب وهو غير عباد بن كثير البصري ، ولعل السقط من النساخ. وقد مر في المجلد الأول تحت رقم 405 خبر عن يحيى بن عبادة المكي وهو كما عنون في المنهج للاسترآبادي واللّه يعلم وفي المشيخة « يحيى بن عباد المكي »
2- الحبن : داء في البطن ، وحبن - كفرح - عظم بطنه وورم.
3- أجزاء أي في المريض كما هو الظاهر من غيره من الاخبار.
4- رواه الكليني عن صفوان عمن رواه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، وقال العلامة المجلسي : وبهذا التفصيل حكم المحقق وغيره ، وقال في المسالك : مستند التفصيل مرسلة صفوان وفي كثير من الاخبار بدأة الامام ويحتمل حمل ذلك على الاستحباب لضعف المستند ويظهر من كلام الشيخ عدم وجوب بدأة الشهود لأنه لا يوجب عليهم حضور موضع الرجم.

5013 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « أن عليا ( عليه السلام ) ضرب رجلا تزوج امرأة في نفاسها قبل أن تطهر الحد » (1).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه - : لو تزوجها في نفاسها ولم يدخل بها حتى تطهر لم يجب عليه الحد ، وإنما حده ( عليه السلام ) لأنه دخل بها (2).

5014 - وروى أبان ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « يضرب الرجل الحد قائما والمرأة قاعدة ، ويضرب كل عضو ويترك الوجه والمذاكير » (3).

5015 - وفي رواية سماعة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « حد الزاني كأشد ما يكون من الحدود » (4).

5016 - وروى طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : « لا يجرد في حد ولا يشبح - يعنى يمد - (5) وقال : يضرب الزاني على الحال التي يوجد عليها

ص: 29


1- رواه الكليني ج 7 ص 193 في الحسن كالصحيح.
2- قال الشيخ في التهذيب : هذا الذي ذكره يعني الصدوق - رحمه اللّه - يحتمل إذا كانت المرأة مطلقة ، فاما إذا قدرنا أنها كانت متوفى عنها زوجها فوضعها الحمل لا يخرجها عن العدة بل تحتاج أن تستوفى العدة أربعة أشهر وعشرة أيام فأمير المؤمنين ( عليه السلام ) إنما ضربه لأنها لم يخرج بعد من العدة التي هي عدة المتوفي عنها زوجها. والوجهان محتملان.
3- المذاكير جمع الذكر على خلاف القياس ولعله إنما جمع لشموله للخصيتين تغليبا أو لما حوله كقولهم شابت مفارق رأسه. وفي الشرايع يجلد الزاني مجردا ، وقيل على الحال التي وجد عليها قائما أشد الضرب وروى متوسطا ويفرق على جسده ويتقى رأسه ووجهه وفرجه ، والمرأة تضرب جالسة وتربط ثيابها.
4- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 453 في الصحيح عن سماعة وهو موثق.
5- الشبح مدك الشئ بين أوتاد كالجلد والحبل ، وفي المصباح شبحه يشبحه - بفتحتين - ألقاه محدودا بين خشبتين مغروزتين بالأرض يفعل ذلك بالمضروب والمصلوب.

إن وجد عريانا ضرب عريانا ، وإن وجد وعليه ثيابه ضرب وعليه ثيابه ».

5017 - وروى ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « اتى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) برجل وجد تحت فراش رجل فأمر به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فلوث في مخروءة » (1).

5018 - وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « سألته عن الرجل يزنى في اليوم الواحد مرارا ، قال : إن زنى بامرأة واحدة كذا كذا مرة فإنما عليه حد واحد ، وإن هو زنى بنساء شتى في يوم واحد أو في ساعة واحدة فإن عليه في كل امرأة فجر بها حدا » (2).

5019 - وروى يونس بن يعقوب (3) ، عن أبي مريم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « أتت امرأة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقالت : إني قد فجرت ، فأعرض بوجهه عنها فتحولت حتى استقبلت وجهه ، فقالت : إني قد فجرت ، فأعرض عنها بوجه ثم استقبلته ، فقالت : إني قد فجرت فأعرض عنها ، ثم استقبلته فقالت:إني قد فجرت فأمر بها فحبست وكانت حاملا فتربص بها حتى وضعت ، ثم أمر بها بعد ذلك فحفر لها حفيرة في الرحبة وخاط عليها ثوبا جديدا وادخلها الحفرة إلى الحقو وموضع الثديين وأغلق باب الرحبة ورماها بحجر وقال : بسم اللّه اللّهم على تصديق كتابك وسنة نبيك ، ثم أمر قنبر فرماها بحجر ، ثم دخل منزله ، وقال : يا قنبر ائذن لأصحاب محمد ( صلى اللّه عليه وآله ) ، فدخلوا فرموها بحجر حجر ، ثم قاموا لا يدرون أيعيدون حجارتهم أو يرمون بحجارة غيرها وبها رمق فقالوا يا قنبر أخبره إنا قد رميناها بحجارتنا وبها رمق فكيف نصنع؟ فقال : عودوا في حجارتكم فعادوا حتى قضيت فقالوا له : فقد ماتت فكيف نصنع بها؟ قال : فادفعوها إلى أوليائها ومروهم أن يصنعوا بها كما يصنعون

ص: 30


1- أي يلطخ بعذرة بيت الخلاء ، وهذا لمحض كونهما في لحاف واحد مع الثياب.
2- قال بمضمونة ابن الجنيد والمصنف في المقنع ، والمشهور أن للزنا المكرر قبل إقامة الحد حدا واحدا مطلقا.
3- في طريق المصنف إليه أبان بن عثمان الناووسي

بموتاهم ».

5020 - وروى سعد بن طريف (1) ، عن الأصبغ بن نباتة قال : أتى رجل أمير - المؤمنين ( عليه السلام ) فقال : يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني فأعرض أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بوجهه عنه ، ثم قال له : اجلس قأقبل على ( عليه السلام ) على القوم فقال : أيعجز أحدكم إذا قارف هذه السيئة أن يستر على نفسه كما ستر اللّه عليه ، فقام الرجل فقال : يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني ، فقال : وما دعاك إلى ما قلت؟ قال : طلب الطهارة ، قال : وأي الطهارة أفضل من التوبة ، ثم أقبل على أصحابه يحدثهم فقام الرجل فقال : يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني فقال له : أتقرأ شيئا من القرآن؟ قال : نعم ، فقال : إقرأ فقرأ فأصاب فقال له : أتعرف ما يلزمك من حقوق اللّه عزوجل في صلاتك وزكاتك فقال : نعم فسأله فأصاب ، فقال له : هل بك من مرض يعروك (2) أو تجد وجعا في رأسك أو شيئا في بدنك أو غما في صدرك؟ فقال : يا أمير المؤمنين لا ، فقال : ويحك اذهب حتى نسأل عنك في السر كما سألناك في العلانية ، فإن لم تعد إلينا لم نطلبك ، قال : فسأل عنه فأخبر أنه سالم الحال وأنه ليس هناك شئ يدخل عليه به الظن ، قال : ثم عاد الرجل إليه فقال له : يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني ، فقال له : لو إنك لم تأتنا لم نطلبك ولسنا بتاركيك إذا لزمك حكم اللّه عزوجل ، ثم قال : يا معشر الناس إنه يجزى من حضر منكم رجمه عمن غاب ، فنشدت اللّه رجلا منكم يحضر غدا لما تلثم بعمامته (3) حتى لا يعرف بعضكم بعضا وأتوني بغلس (4) حتى لا ينظر بعضكم بعضا فإنا لا ننظر في وجه رجل ونحن نرجمه بالحجارة ، قال : فغدا الناس كما أمرهم قبل أسفار الصبح ، فاقبل على ( عليه السلام ) عليهم ، ثم قال : نشدت اللّه رجلا منكم لله عليه مثل هذا الحق (5) أن يأخذ لله به فإنه لا يأخذ لله عزوجل بحق من يطلبه اللّه

ص: 31


1- القاضي ، عامي ولم يوثق.
2- عراه هذا الامر واعتراه غشيه.
3- « لما » بمعنى « الا » كما في قوله تعالى « لما » عليها حافظ.
4- أي في ظلمة الليل قبل طلوع الفجر واسفرار الأفق ، وسيظهر وجه ذلك.
5- أي من كان عليه حد مثل هذا الحد.

بمثله ، قال : فانصرف واللّه قوم ما ندري من هم حتى الساعة ، ثم رماه بأربعة أحجار ورماه الناس.

5021 - و « إن امرأة أتت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (1) فقالت : يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني طهرك اللّه فإن عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة الذي لا ينقطع فقال : مم أطهرك؟ قالت : من الزنا ، فقال لها : فذات بعل أنت أم غير ذات بعل؟ فقالت : ذات بعل ، فقال لها : فحاضرا كان بعلك أم غائبا؟ قالت : حاضرا ، فقال : انتظري حتى تضعي ما في بطنك ثم ائتيني ، فلما ولت عنه من حيث لا تسمع كلامه ، قال : اللّهم هذه شهادة ، فلم تلبث أن أتته فقالت إني وضعت فطهرني ، فتجاهل عليها ، قال لها : أطهرك يا أمة اللّه مماذا؟ قالت : إني قد زنيت وقد وضعت فطهرني ، قال : وذات بعل أنت إذ فعلت ما فعلت أم غير ذات بعل؟ قالت : بل ذات بعل ، قال : وكان بعلك غائبا أم حاضرا؟ قالت : بل حاضرا قال : اذهبي حتى ترضعيه ، فلما ولت حيث لا تسمع كلامه قال : اللّهم إنها شهادتان ، فلما أرضعته عادت إليه فقالت يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني ، فقال لها : وذات بعل كنت إذ فعلت ما فعلت أم غير ذات بعل؟ قالت : بل ذات بعل ، قال : وكان زوجك حاضرا أم غائبا؟ قالت:بل حاضرا،قال:اذهبي فاكفليه حتى يعقل أن يأكل ويشرب ولا يتردى من سطح ولا يتهور في بئر ، (2) فانصرفت وهي تبكى فلما ولت حيث لا تسمع كلامه قال : اللّهم هذه ثلاث شهادات ، فاستقبلها عمرو بن حريث وهي تبكى ، فقال : ما يبكيك؟ قالت أتيت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فسألته أن يطهرني فقال لي : اكفلي ولدك حتى يأكل ويشرب ولا يتردى من سطح ولا يتهور في بئر وقد خفت أن يدركني الموت ولم يطهرني ، فقال لها عمرو بن حريث :

ص: 32


1- مروى في الكافي ج 7 ص 186 بسند ضعيف جدا عن صالح بن ميثم ، عن أبيه.
2- المشهور أنه لا يقام الحد على الحامل سواء كان جلدا أو رجما ، فإذا وضعت فإن كان جلدا ينتظر خروجها من النفاس لأنها حينئذ مريضة ، ثم إن كان للولد من يرضعه ويكفله أقيم عليها الحد ولو رجما بعد شربه اللبأ بناء على المشهور من أنه لا يعيش غالبا بدونه والا انتظر بها استغناء الولد عنها كذا ذكره الشهيد في المسالك ، ولكن يشكل الاستدلال عليها بهذا الخبر.

ارجعي فإني أكفل ولدك.

فرجعت فأخبرت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بقول عمرو فقال لها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : لم يكفل عمرو ولدك؟ قالت : يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني ، قال : وذات بعل كنت إذ فعلت ما فعلت؟ قالت : نعم قال : وكان بعلك حاضرا أم غائبا؟ قالت بل حاضرا ، فرفع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) رأسه إلى السماء وقال : اللّهم إني قد أثبت ذلك عليها أربع شهادات وإنك قد قلت لنبيك ( صلوات اللّه عليه وآله ) فيما أخبرته من دينك : يا محمد من عطل حدا من حدودي فقد عاندني وضادني في ملكي ، اللّهم وإني غير معطل حدودك ولا طالب مضادتك ولا معاند لك ولا مضيع أحكامك ، بل مطيع لك متبع لسنة نبيك ، فنظر إليه عمرو بن حريث فقال : يا أمير المؤمنين إني إنما أردت أن أكفله لأني ظننت أن ذلك تحبه فأما إذ كرهته فلست أفعل فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : بعد أربع شهادات باللّه لتكفلنه وأنت صاغر ، ثم قام ( عليه السلام ) فصعد المنبر فقال : يا قنبر ناد في الناس الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس حتى غص المسجد بأهله فقال : أيها الناس إن إمامكم خارج بهذه المرأة إلى الظهر ليقيم عليها الحد إن شاء اللّه ، ثم نزل فلما أصبح خرج بالمرأة وخرج الناس متنكرين متلثمين بعمائمهم والحجارة في أيديهم وأرديتهم وأكمامهم حتى انتهوا إلى الظهر ، فأمر فحفر لها حفيرة ثم دفنها فيها إلى حقويها ثم ركب بغلته وأثبت رجله في غرز الركاب (1) ثم وضع يديه السبابتين في اذنيه ثم نادى بأعلى صوته : أيها الناس إن اللّه تبارك وتعالى عهد إلى نبيه ( صلى اللّه عليه وآله ) عهدا وعهد نبيه إلي أن لا يقيم الحد من لله عليه حد ، فمن كان لله عليه حد مثل ما له عليها فلا يقيم الحد عليها فانصرف الناس يومئذ كلهم ما خلا أمير المؤمنين والحسن والحسين ( عليهما السلام ) فأقاموا عليها الحد ، وما معهم ما غير هم من الناس » (2)

5022 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « إن رجلا جاء إلى عيسى بن مريم ( عليه السلام ) فقال له : يا روح اللّه إني زنيت فطهرني فأمر عيسى ( عليه السلام ) أن ينادى في الناس لا

ص: 33


1- الغرز : الركاب من جلد.
2- ولا يخفى أن رواية سعد بن طريف من العامة ورماه ابن حبان بالوضع وكان قاضيا لهم وذكره العلامة في الضعفاء وضعفه ابن الغضائري.

يبقى أحد إلا خرج لتطهير فلان (1) فلما اجتمع واجتمعوا وصار الرجل في الحفرة نادى الرجل لا يحدني من لله في جنبه حد ، فانصرف الناس كلهم إلا يحيى وعيسى ( عليهما السلام )فدنا منه يحيى ( عليه السلام ) فقال له : يا مذنب عظني فقال له : لا تخلين بين نفسك وبين هواها فترديك ، قال : ردني قال : لا تعيرن خاطئا خطيئة قال : زدني ، قال : لا تغضب ، قال حسبي ».

5023 - و « سئل الصادق ( عليه السلام ) عن المرجوم يفر (2) ، قال : إن كان أقر على نفسه فلا يرد وإن كان شهد عليه الشهود يرد ».

وقد روي أنه إن كان أصابه ألم الحجارة فلا يرد وإن لم يكن أصابه ألم الحجارة رد ، روى ذلك صفوان عن غير واحد عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) (3).

5024 - وفي رواية السكوني « أن ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا فقال على ( عليه السلام ) أين الرابع؟ فقالوا : الان يجئ ، فقال ( عليه السلام ) : حد وهم فليس في الحدود نظر ساعة » (4).

5025 - وروى عبد اللّه بن سنان عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قلت له : « ما المحصن رحمك اللّه؟ قال : من كان له فرج يغدو عليه ويروح فهو محصن »(5).

5026 - وفي رواية وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهما السلام )

ص: 34


1- المراد بعيسى بن مريم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كما لا يخفى على المحقق المدقق البصير بتاريخ عيسى ( عليه السلام ) والتعبير لحال التقية.
2- أي يفر من الحفيرة بقرينة ما يأتي.
3- لفظ الخبر كما في التهذيب ج 2 ص 459 هكذا « قال : قلت : المرجوم يفر من الحفيرة ، فيطلب؟ قال : لا ، ولا يعرض له إن كان أصابه حجر واحد لم يطلب ، فان هرب قبل أن تصيبه الحجارة رد حتى يصيبه ألم العذاب ».
4- رواه الكليني في الضعيف ، والشيخ سند آخر عن السكوني عن جعفر ، عن أبيه عن علي ( عليهم السلام ) « وقوله ، » نظر ساعة أي مهلة.
5- أي له تصرف في فرج يقدر عليه في الغداة والرواح وهذا كناية عن اقتداره عليها ( سلطان ) والخبر مروى في الكافي والتهذيب بسند صحيح.

« ان علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) اتي برجل وقع على جارية امرأته فحملت فقال الرجل وهبتها لي ، وأنكرت المرأة ، فقال : لتأتيني بالشهود أو لأرجمنك بالحجارة (1) ، فلما رأت المرأة ذلك اعترفت فجلدها على ( عليه السلام ) الحد » (2).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - جاء هذا الحديث هكذا في رواية وهب ابن وهب وهو ضعيف ، والذي أفتى به واعتمده في هذا المعنى :

5027 - ما رواه الحسن بن محبوب ، عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في الذي يأتي وليدة امرأته بغير إذنها عليه ما على الزاني يجلد مائة جلدة قال : ولا يرجم إن زنى بيهودية أو نصرانية أو أمة ، فإن فجر بامرأة حرة وله امرأة حرة فإن عليه الرجم ، قال : وكما لا تحصنه الأمة واليهودية والنصرانية إن زنى بحرة فكذلك لا يكون عليه حد المحصن إن زنى بيهودية أو نصرانية أو أمة وتحته حرة » (3).

5028 - وفي رواية محمد بن عمرو بن سعيد رفعه أن امرأة أتت عمر فقالت : يا أمير المؤمنين إني فجرت فأقم في حد اللّه عزوجل فأمر برجمها وكان على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حاضرا فقال : سلها كيف فجرت ، فسألها فقالت : كنت في فلاة من الأرض فأصابني عطش شديد فرفعت لي خيمة فأتيتها فأصبت فيها رجلا أعرابيا فسألته ماء

ص: 35


1- الزنا الموجب للحد لا يثبت الا بالاقرار أربع مرات جلدا ، أو بأربعة شهود رجما وجلدا ولم يكن في تلك الواقعة شئ منهما فلعل المراد بالرجم بالحجارة اما التعزير بها أو يكون هذا الكلام تهديدا للمرأة حتى يعترف بالحق.
2- أي حد الفرية والقذف.
3- قال الشيخ - رحمه اللّه - : يحتمل أن يكون المراد أن هؤلاء لا يحصنه إذ كن عنده على جهة المتعة دون عقد الدوام لان عقد الدوام لا يجوز في اليهودية والنصرانية وإنما يجوز المتعة لا تحصن - انتهى ، أقول : لافرق في الموطوءة التي يحصل بها الاحصان بين الحرة والأمة ما إذا عقدنا دائما ، وخالف في ذلك ابن الجنيد وابن أبي عقيل وسلار وذهبوا إلى أن ملك اليمين لا تحصن لصحيحة محمد بن مسلم ورواية الحلبي.

فأبى علي أن يسقيني إلا أن أمكنه من نفسي ، فوليت منه ها ربة فاشتدبي العطش حتى غارت عيناي وذهب لساني ، فلما بلغ منى العطش أتيته فسقاني ووقع على ، فقال على ( عليه السلام ) : هذه التي قال اللّه عزوجل : « فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه » هذه غير باغية ولا عادية فخل سبيلها ، فقال عمر : لولا علي لهلك عمر.

5029 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « أنه سئل عن رجل أقيمت عليه البينة أنه زنى ثم هرب ، قال : إن تاب فما عليه شئ ، وإن وقع في يد الامام قبل ذلك أقام عليه الحد ، وإن علم مكانه بعث إليه » (1).

5030 - وفي رواية صفوان ، وابن المغيرة عمن رواه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إذا أقر الزاني المحصن كان أول من يرجمه الامام ثم الناس ، وإذا قامت عليه البينة كان أول من يرجمه البينة ثم الامام ، ثم الناس » (2).

5031 - وروى الحسن بن محبوب (3) ، عن يزيد الكناسي قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن امرأة تزوجت في عدتها ، فقال : إن كانت تزوجت في عدة من بعد موت زوجها من قبل انقضاء الأربعة الأشهر وعشر فلا رجم عليها وعليها ضرب مائة جلدة ، وإن كانت تزوجت في عدة طلاق لزوجها عليها فيها رجعة فإن عليها الرجم وإن كانت تزوجت في عدة ليس لزوجها عليها فيها رجعة فإن عليها حد الزاني غير المحصن ) (4)

ص: 36


1- ظاهره يشمل التوبة بعد إقامة البينة والهرب وهو خلاف المشهور ويحتمل حمله على التوبة قبل إقامة البينة ( سلطان ) أقول : روى الخبر الكليني في الصحيح عن صفوان بن يحيى ، عن بعض أصحابه ، عن أبي بصير.
2- تقدم تحت رقم 5009 وكأنه وقع سهوا.
3- في الكافي ج 7 ص 192 والتهذيب ج 2 ص 450 عنه ، عن أبي أيوب ، عن يزيد الكناسي فلعل السقط من النساخ.
4- لا تخرج المطلقة الرجعية عن الاحصان فلو تزوجت عالمة كان عليها الحد تاما وكذا الزوج ان علم التحريم والعدة ولو جهل فلا حد ، ولو كان أحدهما عالما حد حدا تاما دون الجاهل ، ولو ادعى أحدهما الجهالة قبل إذا كان ممكنا في حقه وتخرج بالطلاق البائن عن الاحصان ( الشرايع )

وإذا فجر نصراني بامرأة مسلمة فلما اخذ ليقام عليه الحد أسلم فإن الحكم فيه أن يضرب حتى يموت لان اللّه عزوجل يقول : « فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا باللّه وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة اللّه التي قد خلت في عباده وخسر هنا لك المبطلون » (1).

أجاب بذلك أبو الحسن علي بن محمد العسكري ( عليهما السلام ) المتوكل لما بعث إليه وسأله عن ذلك. روى ذلك جعفر بن رزق اللّه عنه.

5032 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) في العبد يتزوج الحرة ، ثم يعتق فيصيب فاحشة ، قال : لا رجم عليه حتى يواقع الحرة بعد ما يعتق (2) ، قلت : فللحرة عليه الخيار إذا أعتق ، قال : لا قد رضيت به

ص: 37


1- روى الشيخ في التهذيب والكليني في الكافي ج 7 ص 238 عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد عن جعفر بن رزق اللّه أو رجل عن جعفر بن رزق اللّه قال : قدم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم فقال يحيى بن أكثم : قد هدم ايمانه شركة وفعله ، وقال بعضهم : يضرب ثلاثة حدود ، وقال بعضهم : يفعل به كذا وكذا ، فأمر المتوكل بالكتاب إلى أبي الحسن الثالث ( عليه السلام ) وسؤاله عن ذلك ، فلما قرأ الكتاب كتب. يضرب حتى يموت فأنكر يحيى بن أكثم وأنكر فقهاء العسكر ذلك وقالوا : يا أمير المؤمنين سل عن هذا فإنه شئ لم ينطق به كتاب ولم تجئ به سنة فكتب إليه أن فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا وقالوا : لم تجئ به سنة ولم ينطق به كتاب فبين لنا لم أوجبت عليه الضرب حتى يموت؟ فكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم « فلما أحسوا بأسنا قالوا آمنا باللّه وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا سنة اللّه التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون » قال فأمر المتوكل فضرب حتى مات ». أقول في المصحف » فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا - الآية والتغيير من النساخ ، ولا خلاف في ثبوت القتل بزنا الذمي مع المسلمة.
2- يدل على أنه لا يكفي في احصانه الوطي في حال الرقية كما هو المقطوع به في كلامهم. ( المرآة ) قال في الشرايع : لو راجع المخلع لم يتوجه عليه الرجم الابعد الوطي وكذا المملوك لو أعتق والمكاتب إذا تحرر.

وهو مملوك هو على نكاحه الأول » (1)

5033 - وفى رواية السكوني ( أن عليا ( عليه السلام ) اتي برجل أصاب حدا وبه قروح في جسده كثيرة ، فقال على ( عليه السلام ) : أقروه حتى يبرأ لا تنكؤوها عليه فتقتلوه » (2).

5034 - وروى عاصم بن حميد (3) ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « سألته عن امرأة ذات بعل زنت فحبلت ، فلما ولدت قتلت ولدها سرا ، قال : [ تجلد مائة جلدة لأنها زنت ، و ] تجلد مائة جلدة لقتلها ولدها (4) وترجم لأنها محصنة ، قال : وسألته عن امرأة غير ذات بعل زنت فحبلت فقتلت ولدها سرا ، قال : تجلد مائة جلدة لأنها زنت ، وتجلد مائة جلدة لأنها قتلت ولدها » (5).

5035 - وروى إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن حفص ، عن عبد اللّه يعنى ابن سنان (6) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إذا زنى الشيخ والعجوز جلدا ثم رجما عقوبة لهما وإذا زنى النصف من الرجال (7) رجم ولم يجلد إذا كان قد أحصن ، وإذا زنى الشاب الحدث جلد مائة ونفى سنة من مصره ».

5036 - وروي عن أبي عبد اللّه المؤمن ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي

ص: 38


1- يدل على أنه إذا أعتق الزوج لا يكون للزوجة خيار الفسخ.
2- رواه الكليني والشيخ في الضعيف وفيهما « أخروه » ونكأ القرح : قشرها قبل أن تبرأ.
3- الطريق إلى عاصم بن حميد حسن كالصحيح ، ورواه الكليني والشيخ في الضعيف.
4- إنما لا تقتل بفتل ولدها لان الولد ولد زنا ولا يقتل ولد الرشدة بولد الزنية مع أنه ليس له ولد حتى يدعى القود.
5- قال العلامة المجلسي : ان الحد مائة جلدة فيه لم أر مصرحا به من الأصحاب.
6- كأنه سهو من المؤلف والصواب عبد اللّه بن طلحة لأنه روى محمد بن أحمد بن يحيى في كتابه عن محمد بن حفص عن عبد اللّه بن طلحة ، ثم روى بطريق آخر عن محمد بن حفص عن عبد اللّه فطن المصنف أنه ابن سنان.
7- النصف - بالتحريك - ما بين الشباب والكهلة. ( النهاية )

عبد اللّه ( عليه السلام ) : « الزنا شر أو شرب الخمر؟ وكيف صار في الخمر ثمانين وفي الزنا مائة؟ فقال : يا إسحاق الحد واحد ، ولكن زيد هذا لتضييعه النطفة ولوضعه إياها في غير موضعها الذي أمر اللّه عزوجل به » (1).

5037 - وروى محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبه ، عن أبي شبل (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : « رجل مسلم فجر بجارية أخية فما توبته؟ قال : يأتيه ويخبره ويسأله أن يجعله في حل ولا يعود ، قلت : فإن لم يجعله من ذلك في حل؟ قال : يلقى اللّه عزوجل زانيا خائنا ، قال : قلت : فالنار مصيره؟ قال شفاعة محمد ( صلى اللّه عليه وآله ) وشفاعتنا تحيط بذنوبكم يا معشر الشيعة فلا تعودوا ولا تتكلوا على شفاعتنا ، فواللّه لا ينال أحدشفاعتنا إذا فعل حتى يصيبه ألم العذاب ويرى هول جهنم ».

5038 - وروى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل شهد عليه ثلاثة رجال أنه زنى بفلانة ، وشهد الرابع أنه لا يدرى بمن زنى قال : لا يحد ولا يرجم (3) ، وسئل عن محصنة زنت وهي حبلى ، قال : تقر ، حتى تضع ما في بطنها وترضع ولدها ، ثم ترجم ) (4).

5039 - وروى الحسن بن محبوب ، عن ربيع الأصم (5) ، عن الحارث بن المغيرة قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل له امرأة بالعراق فأصاب فجورا في الحجاز ،

ص: 39


1- يدل على أن الأصل في الحد ثمانون وزيد العشرون في الزنا لتضييع النطفة ، و سيجيى أن دية النطفة عشرون. ( م ت )
2- هو عبد اللّه بن سعيد الأسدي الثقة. ( م ت )
3- رواه الكليني ج 7 ص 210 بسند مجهول ، ويدل على أن مع ذكرهم لمن وقع عليها الزنا يلزم اتفاقهم فيها ،. ولا يدل على أنه لا يجب التعرض لمن وقع عليها كما يفهم من بعض الأصحاب وليس في الخبر حد الشمول وظاهر الأصحاب أنهم يحدون. المرآة
4- تتمة لخبر عمار كما يظهر من التهذيب ، ويدل على أنه لا ترجم الحامل حتى تضع وترضع ولدها ، واستشكل بأن ذلك يمكن أن يكون لعدم الثبوت بالاقرار أربع مرات
5- قال الشيخ في الفهرست ربيع الأصم له أصل أخبرنا به جماعة عن أبي المفضل ، عن ابن بطة عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن محبوب ، عنه.

فقال : يضرب حد الزاني مائة جلدة ولا يرجم.

قلت : فإن كان معها في بلد واحد وهو في سجن محبوس لا يقدر على أن يخرج إليها ولا تدخل عليه أرأيت إن زنى في السجن؟ قال : هو بمنزلة الغائب عن أهله يجلد مائة » (1).

[ حد ما يكون المسافر فيه معذورا في الرجم دون الجلد ]

[ حد ما يكون المسافر فيه معذورا في الرجم دون الجلد ] (2)

5040 - وروى محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين يرفعه قال في الحد في السفر الذي إذا زنى لم يرجم إذا كان محصنا ، قال : « إذا قصر وأفطر فليس بمحصن » (3).

5041 - وفي رواية طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد عن أبيه ( عليهما السلام ) « أن عليا ( عليه السلام ) قال : ليس على زان عقر ، ولا على مستكرهة حد » (4).

5042 - وروى عاصم ، عن ، محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن الرجل يزنى ولم يدخل بأهله أيحصن؟ قال : لا ولا بالأمة ». (5)

5043 - قال : وسأل رفاعة بن موسى (6) أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) « عن الرجل يزنى قبل أن يدخل بأهلة أيرجم؟ قال : لا ، قلت : هل يفرق بينهما إذا زنى قبل أن يدخل

ص: 40


1- من شرائط الاحصان التمكن من الفرج كما تقدم.
2- العنوان ليس في الأصل بل من زيادات بعض المحشين أو النساخ كما يظهر من بعض النسخ وأثبتناه رعاية للأمانة وإن كان الحق حذفه.
3- رواه الكليني والشيخ أيضا مرفوعا ويؤبده خبر عمر بن يزيد قال « قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : أخبرني عن الغائب عن أهله يزنى هل يرجم إذا كانت له زوجة وهو غائب عنها؟ قال : لا يرجم الغائب عن أهله ولا المملك الذي لم يبن بأهله ولا صاحب المتعة ، قلت : ففي أي حد سفره لا يكون محصنا؟ قال : إذا قصر وأفطر فليس بمحص ».
4- العقر - بالضم - دية الفرج المغصوب وصداق المرأة. ( القاموس )
5- يعني وإن كان له أمة ودخل بها فليس بمحصن. والصواب « لا ولا يحصن بالأمة ».
6- رواه الكليني ج 7 ص 179 في الصحيح بدون الذيل.

بها؟ قال : لا » (1). وفى حديث آخر : « عليه الحد »

5044 - وروى جميل ، عن زرارة عن أحدهما ( عليهما السلام ) « في رجل غصب امرأة مسلمة نفسها ، قال : يقتل » (2).

5045 - وفى رواية ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في رجل اغتصب امرأة فرجها ، قال يقتل محصنا كان أو غير محصن » (3).

5046 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب قال : « سمعت ابن بكير يروى عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : « من زنى بذات محرم حتى يواقعها ضرب ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت ، وإن كانت تابعته ضربت ضربة بالسيف أخذت منها ما أخذت ، قيل : ومن يضربهما وليس لهما خصم : قال : ذلك إلى الامام إذا رفعا إليه (4).

5047 - وفي رواية جميل عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « يضرب عنقه أو قال رقبته » (5).

ص: 41


1- تقدم في المجلد الثالث ما يدل على استحباب التفريق في رواية رواها طلحة بن زيد.
2- رواه الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح.
3- رواه الكليني ج 7 ص 189 والشيخ في الصحيح.
4- رواه الكليني ج 7 ص 190 في الحسن كالصحيح ، وقال في المسالك : لا خلاف في ثبوت القتل بالزنا بالمحارم النسبية ، وزنا الذمي بالمسلمة ، وزنا المكره للمرأة ، والنصوص واردة بها وإنما الخلاف في الحاق المحرمة بالسبب كامرأة الأب والنص ورد على الزنا بذات محرم والمتبادر من ذات المحرم النسبية ويمكن شمولها للسببية ، وظاهر النصوص الدالة على قتل المذكورين الاقتصار على أعناقهم ، سواء في ذلك المحصن وغيره ، والحر والعبد والمسلم والكافر.
5- رواه الكليني والشيخ في التهذيب ج 2 ص 451 بسند ضعيف ، وظاهر الرواية تركه ان لم يقتل بالضربة وهو خلاف المشهور وفي الروضة القتل للزاني بالمحرم كالأم والأخت والزاني مكرها ولا يعتبر الاحصان هنا ويجمع له بين الجلد والقتل على الأقوى جمعا بين الأدلة لان الآية دلت على جلد مطلق الزاني ، والروايات دلت على قتل من ذكر ولا منافاة بينهما فيجب الجمع.

5048 - وفي رواية السكوني أنه « رفع إلى علي ( عليه السلام ) رجل وقع على امرأة أبيه فرجمه وكان غير محصن » (1).

5049 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في رجل وجب عليه حد فلم يضرب حتى خولط ، فقال : إن كان أوجب على نفسه الحد وهو صحيح لا علة به من ذهاب عقل أقيم عليه الحد كائنا ما كان ) (2).

باب 496: حد اللواط والسحق

5050 - روى حماد بن عثمان (3) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قلت له : « رجل أتى رجلا قال : إن كان محصنا فعليه القتل ، وإن لم يكن محصنا فعليه الحد قلت : فما على المؤتى به؟ قال عليه القتل على كل حال محصنا كان أو غير محصن » (4).

5051 - وفي رواية هشام ، وحفص بن البختري « أنه دخل نسوة على أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) فسألته امرأة منهن عن السحق ، فقال : حدها حد الزاني (5) ، فقالت

ص: 42


1- قال الشيخ : الامام مخير بين أن يضربه ضربة بالسيف أو يرجمه.
2- يشعر بعدم الحد لو كان في حال الجنون. ( م ت )
3- الطريق إليه صحيح ، ورواه الكليني والشيخ في الضعيف.
4- قال في المسالك : مذهب الأصحاب أن حد اللائط الموقب القتل ليس الا ، ويتخير الامام في جهة قتله فان شاء قتله بالسيف ، وان شاء ألقاه من شاهق ، وان شاء أحرقه بالنار ، وان شاء رجمه ، ووردت روايات بالتفصيل بأنه إن كان محصنا رجم ، وإن كان غير محصن جلد ، ولم يعمل بها أحد.
5- المشهور بين الأصحاب أن الحد في السحق مائة جلدة حرة كانت أو أمة ، مسلمة كانت أو كافرة ، محصنة أو غير محصنة ، للفاعلة والمفعولة ، وقال الشيخ ترجم مع الاحصان وتجلد مع عدمه.

امرأة : ما ذكر اللّه ذلك في القرآن؟ فقال : بلى ، فقالت : أين هو؟ قال : هن أصحاب الرس » (1).

5052 - وفي رواية السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) « أن عليا ( عليه السلام ) قال : لو كان ينبغي لاحد أن يرجم مرتين لرجم اللوطي » (2).

5053 - وروى عبد الرحمن بن أبي هاشم البجلي ، عن أبي خديجة قال (3) : « لا ينبغي لامرأتين أن تناما في لحاف واحد إلا وبينهما حاجز ، فإن فعلتا نهيتا عن ذلك ، فإن وجدوهما بعد النهي في لحاف واحد جلدتا كل واحدة منهما حدا حدا ، (4) وإن وجدتا الثالثة في لحاف حدتا ، فإن وجدتا الرابعة في لحاف قتلتا » (5).

وإذا أتى الرجل امرأته فاحتملت ماءه فساحقت به جاريته فحملت رجمت المرأة وجلدت الجارية والحق الولد بأبيه ، روى ذلك عن علي بن أبي حمزة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) (6).

ص: 43


1- السؤال كان عن السحق نفسه لاعن حده فالجواب عن المقصود
2- رواه الكليني أيضا بسنده المعروف عن السكوني.
3- رواه الكليني ج 7 ص 202 مسندا عنه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) وفيه « ليس لامرأتين أن تبيتا في لحاف واحد - الخ ».
4- ربما حمل الحد على التعزير.
5- عمل به الشيخ في النهاية ، وفي الشرايع الأجنبيتان إذا وجدتا في لحاف مجردتين عزرت كل واحدة منهما دون الحد فان تكرر الفعل منهما والتعزير مرتين أقيم عليهما الحد في الثالثة ، فان عادتا قال في النهاية قتلتا ، والأولى الاقتصار على التعزير.
6- رواه الكليني في الضعيف عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « دعانا زياد فقال : ان أمير المؤمنين ( يعني منصور ) كتب إلى أن أسألك عن هذه المسألة ، فقلت : وما هي ، فقال : رجل أتى امرأة فاحتملت ماءه فساحقت به جارية فحملت فقلت له : فسل عنها أهل المدينة ، قال فألقي إلي كتابا فإذا فيه : سل عنها جعفر بن محمد فان أجابك والا فاحمله إلى ، قال فقلت له : ترجم المرأة وتجلد الجارية ويلحق الولد بأبيه ، قال ولا أعلمه الا قال : وهو الذي ابتلى بها ». يعني الخليفة. أقول : يعني بزياد زياد بن عبد المدان الحارثي والى المدينة.

باب 497: حد المماليك في الزنا

5054 - روى إبراهيم بن هاشم ، عن الأصبغ بن الأصبغ قال : حدثني محمد بن سليمان المصري (1) ، عن مروان بن مسلم ، عن عبيد بن زرارة أو عن بريد العجلي الشك من محمد قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : « عبد زنى فقال (2) : يجلد نصف الحد قلت : فإنه عاد ، قال : فيضرب مثل ذلك ، قال : قلت : فإنه عاد ، قال : لا يزاد على نصف الحد ، قال : قلت : فهل يجب عليه الرجم في شئ من فعله ، قال : نعم يقتل في الثامنة إن فعل ذلك ثمان مرات ، قال : قلت : فما الفرق بينه وبين الحر وإنما فعلهما واحد؟ قال : إن اللّه تبارك وتعالى رحمه أن يجمع عليه ربق الرق وحد الحر قال : ثم قال : وعلى إمام المسلمين أن يدفع ثمنه إلى مولاه من سهم الرقاب ».

5055 - وروى الحسن بن محبوب ، عن الحارث بن الأحول (3) ، عن بريد العجلي عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في » مه تزني ، قال : تجلد نصف الحد ، كان لها زوج أو لم يكن لها زوج (4).

ص: 44


1- رواه الشيخ في التهذيب والكليني في الكافي ج 7 ص 235 وليس فيهما الوصف بالمصري ولا في كتب الرجال ، إنما فيها محمد بن سليمان البصري ، ولعل التصحيف من النساخ.
2- فيهما « أمة زنت ، قال : تجلد خمسين - الخ » ولعل الراوي سمع حكمهما وروى مرة حكم العبد ورواه المصنف ومرة حكم الأمة ورواه الكليني وتبعه الشيخ ولا شك في تساوي حكمهما. ( م ت )
3- كأنه هو الحارث بن محمد بن النعمان الأحول فله كتاب يرويه جماعة منهم ابن محبوب كما في « جش » و « ست ».
4- مروى في الكافي في الصحيح عن ابن محبوب وعليه فتوى الأصحاب.

5056 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « أم الولد حدها حد الأمة إذا لم يكن لها ولد » (1).

5057 - وروى ابن محبوب ، عن نعيم بن إبراهيم ، عن مسمع أبى سيار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( أم الولد جنايتها في حقوق الناس على سيدها ، قال : وما كان من حق اللّه عزوجل في الحدود فان ذلك في بدنها ، وقال : ويقاص منها للمماليك ولا قصاص بين الحر والعبد (2)

5058 - وروى ابن محبوب ، عن عبد اللّه بن بكير ، عن عنبسة بن مصعب قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : « إن زنت جاريه لي أحدها؟ قال : نعم وليكن ذلك في سر فانى أخاف عليك السلطان » (3).

5059 - وروى إبراهيم بن هاشم ، عن صالح بن السندي (4) عن الحسين بن خالد ، عن الرضا ( عليه السلام ) « أنه سئل عن رجل كانت له أمة فقالت الأمة له : ما أديت من مكاتبتي فأنا به حرة على حساب ذلك؟ فقال لها : نعم ، فأدت بعض مكاتبتها وجامعها مولاها بعد ذلك ، قال : إن استكرهها على ذلك ضرب من الحد بقدر ما أدت من مكاتبتها ودرى عنه من الحد بقدر ما بقي له من مكاتبتها ، وإن كانت تابعته كانت شريكته

ص: 45


1- أي حد أم الولد حد الأمة التي لا ولد لها. ( سلطان )
2- ظاهره أن جنايتها لا تتعلق برقبتها بل يلزم المولى أرش جنايتها ونسب القول بذلك إلى الشيخ في المبسوط وابن البراج ، والمشهور أن جنايتها تتعلق برقبتها وللمولى فكها اما بأرش الجناية أو بأقل الامرين وان شاء دفعها إلى المجني عليه ، هذا في الخطأ ، وأما في العمد فلا خلاف في جواز القود.
3- قال العلامة (رحمه اللّه) في القواعد : للسيد إقامة الحد على عبده وأمته من دون اذن الامام وللامام أيضا الاستيفاء وهو أولى ، وللسيد أيضا التعزير.
4- في الكافي والتهذيب « صالح بن سعيد » وذكرا في كتب الرجال في عنوانين ولكل واحد منهما كتاب والاتحاد غير بعيد ، والمراد بالحسين بن خالد : ابن أبي العلاء الخفاف وله كتاب يعد من الأصول وهو ممدوح. وفيهما عن الحسين بن خالد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ).

في الحد ضربت مثل ما يضرب » (1).

5060 - وسئل الصادق ( عليه السلام ) (2) « عن رجل أصاب جارية من الفئ فوطئها قبل أن يقسم ، قال : تقوم الجارية وتدفع إليه بالقيمة ويحط لها منها ما يصيبه منها من الفئ ويجلد الحد ويدرأ عنه من الحد بقدر ما كان له فيها ، فقيل : فكيف صارت الجارية تدفع إليه بالقيمة دون غيرها؟ قال : لأنه وطئها ولا يؤمن أن يكون ثم حمل » (3).

5061 - وروى سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في عبد بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه ، ثم إن العبد أتى حدا من حدود اللّه عزوجل ، قال : إن كان العبد حيث أعتق نصفه قوم ليغرم الذي أعتقه نصف قيمته فنصفه حر يضرب نصف حد الحر ويضرب نصف حد العبد ، وإن لم يكن قوم فهو عبد يضرب حد العبد » (4).

ص: 46


1- تقدم الكلام فيه سابقا.
2- رواه الكليني في الكافي ج 7 ص 194 بسند حسن كالصحيح عن عمرو بن عثمان.
3- قال في المختلف : قال الشيخ في النهاية : من وطئ جارية من المغنم قبل أن يقسم قومت عليه وأسقط عنه من قيمتها بمقدار ما يصيبه منها والباقي بين المسلمين ويقام عليه الحد ، ويدرأ عنه بمقدار ما كان له منها ، وتبعه ابن البراج وابن الجنيد ، وقال المفيد : عزره الامام بحسب ما يراه من تأديبه وقومها عليه وأسقط من قيمتها سهمه وقسم الباقي بين المسلمين ، وقال ابن إدريس : ان ادعى الشبهة في ذلك يدرأ عنه الحد ، والوجه أن نقول إن وطئ مع الشبهة فلا حد ولا تعزير وان وطئ مع علم التحريم عزر لعدم علمه بقدر النصيب وهو شبهة واحتج الشيخ برواية عمرو بن عثمان والجواب أنه محمول على ما إذا عينها الامام لجماعة هو أحدهم. ( المرآة )
4- كأن فيه دلالة على أن بمجرد اعتاق الشريك حصته لا يسرى العتق إلى حصة شريكه من غير تقويم الحصة وكذا لا يتحقق العتق بالنظر إلى حصته أيضا ، وقال الفاضل التفرشي : لعل التقويم كناية عن صحة العتق ان لم يقصد المعتق الاضرار بالشريك ليبطل العتق حيث لم يقصد القربة بل قصدها ورضي بتقويم حصة الشريك عليه لكنه لم يقوم عليه لمانع فبقي النصف في الرق فيكون المعنى إن كان عتق نصفه صحيحا فكذا والا فهو عبد - الخ.

5062 - وروى عباد بن كثير البصري (1) عن جعفر بن محمد ( عليه السلام ) قال « في المكاتبين إذا فجرا يضربان من الحد بقدر ما أديا من مكاتبتهما حد الحر ويضربان الباقي حد المملوك » (2).

باب 498: حد من أتى بهيمة

5063 - روى الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن جرير ، عن سدير عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في الرجل يأتي البهيمة قال : يجلد دون الحد ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها لأنه أفسدها عليه ، وتذبح وتحرق وتدفن (3) إن كان مما يؤكل لحمه ، وإن كان مما يركب ظهره (4) أغرم قيمتها وجلد دون الحد وأخرجها من المدينة التي فعل ذلك بها إلى بلاد أخرى حيث لا تعرف فيبيعها فيها كي لا يعير بها » (5).

باب 499: حد القواد

حد القواد(6)

5064 - روى إبراهيم بن هاشم ، عن صالح بن السندي ، عن محمد بن سليمان البصري ، عن عبد اللّه بن سنان قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : أخبرني عن القواد ما حده؟ قال : لاحد على القواد أليس إنما يعطى الاجر على أن يقود؟ قلت : جعلت

ص: 47


1- كذا وفي الكافي في غير مورد من كتاب الحدود عن عباد البصري وهو عباد بن صهيب كما صرح به في بعضها.
2- في اللمعة « من تحرر بعضه فإنه يحد من حد الأحرار بقدر ما فيه من الحرية ومن حد العبيد بقدر العبودية ».
3- أي العظام التي لا تحرق غالبا وليس في التهذيب قوله « وتدفن ».
4- « مما يؤكل » كالشاة والبقر والناقة ، ومما يركب ، أي ما كان غير مأكول في العادة كالحمير والبغال والخيل.
5- أي لئلا يعير بها فاعلها أو مالكها. ( المسالك ).
6- أي دلال الزنا واللواط.

فداك إنما يجمع بين الذكر والأنثى حراما ، قال : ذاك المؤلف بين الذكر والأنثى حراما؟ فقلت : هو ذاك جعلت فداك ، قال : يضرب ثلاثة أرباع حد الزاني : خمسة وسبعين سوطا ، وينفى من المصر الذي هو فيه (1).

5065 - وفي خبر آخر : « لعن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) الواصلة والموتصلة - يعنى الزانية والقوادة في هذا الخبر » (2).

باب 500: حد القذف

5066 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في الذي يقذف امرأته ، قال : يجلد ، قلت : أرأيت إن عفت عنه ، قال : لا ولا كرامة » (3).

5067 - وروى ابن محبوب ، عن حماد بن زياد (4) ، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل قال لامرأته بعدما دخلت عليه : لم أجدك عذراء قال : لا حد عليه » (5).

ص: 48


1- مروى في التهذيب ج 2 ص 463 والكافي ج 7 ص 261 مع زيادة ، وقال في الشرايع يستوي في هذا الحكم الحر والعبد والمسلم والكافر.
2- رواه المؤلف في معاني الأخبار ص 250 في الحسن كالصحيح عن إبراهيم بن زياد الكرخي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، وفيه « الواصلة والمستوصلة ». وفي الكافي عن سعد الإسكاف عن الصادق ( عليه السلام ) نحوه وفيه « الواصلة والموصولة ». وقوله « في هذا الخبر » متعلق بيعني.
3- أي هل ينفع عفوها في سقوط الحد عنه قال : لا أي لا ينفع ، ورواه الشيخ في التهذيب بعد ذكر أخبار دلت على جواز العفو عن القاذف فحمله وفسره بما إذا عفت بعد الرفع إلى الحاكم وبذلك جمع بين الاخبار. وقال في المسالك : يسقط الحد بالعفو لأنه حق آدمي يقبل العفو كغيره من حقوقه ولا فرق في ذلك بين الزوجة وغيرها ولا بين وقوع العفو بعد المرافعة إلى الحاكم وقبلها.
4- كذا والصواب حماد عن زياد كما في التهذيب.
5- المشهور أن عليه التعزير.

5068 - وفي خبر آخر قال : « إن العذرة قد تسقط من غير جماع ، قد تذهب بالنكبة والعثرة والسقطة » (1).

5069 - وفي رواية وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) « أن عليا ( عليه السلام ) لم يكن يحد في التعريض حتى يأتي بالفرية المصرحة مثل يا زان ويا ابن الزانية ، أو لست لأبيك » (2).

5070 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عباد بن صهيب قال : « سئل أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) عن نصراني قذف مسلما فقال له : يا زان ، قال : يجلد ثمانين جلدة لحق المسلم ، وثمانين جلدة الا سوطا لحرمة الاسلام ، ويحلق رأسه ويطاف به في أهل دينه لكي ينكل غيره » (3).

5071 - وروي عن صفوان ، عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل يفترى على رجل من جاهلية العرب ، قال : يضرب حدا قلت : يضرب حدا؟ قال : نعم إن ذلك يدخل على رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) حدا قلت : يضرب حدا؟ قال : نعم إن ذلك يدخل على رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) » (4).

5072 - وروى جعفر بن بشير ، عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي مخلد السراج عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « أنه قضى (5) في رجل دعا آخر ابن المجنون وقال الآخر له :

ص: 49


1- روى الكليني ج 7 ص 212 في الحسن عن زرارة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل قال لامرأته : لم تأتني عذراء ، قال : ليس عليه شئ لان العذرة تذهب بغير جماع » والنكبة هي ما يصيبه الانسان من الحوادث ، والعثرة الزلة.
2- رواه الحميري في قرب الإسناد ص 72 عن السندي بن محمد البزاز عن وهب وعمل به الأصحاب لتأييدها بأخبار أخر راجع الكافي والتهذيب ح 2 ص 469.
3- رواه الكليني ج 7 ص 239 في الموثق وكذا الشيخ في التهذيب.
4- أي يفتري على الرجل من جاهلية العرب من بطلان نكاحهن والزنا وأمثال ذلك وكان قاذف العرب من حيث أنهم عرب يكون قاذفا لرسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) العياذ باللّه وفي التهذيب « قذف بعض جاهلية العرب »
5- يعني قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كما في الكافي والتهذيب.

بل أنت ابن المجنون فأمر الأول أن يجلد صاحبه عشرين جلدة وقال : إعلم أنه ستعقب مثلها عشرين ، فلما جلده أعطى المجلود السوط فجلده عشرين ، نكالا ينكلهما » (1).

5073 - وروى محمد بن عبد اللّه بن هلال ، عن عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل قال لامرأته : يا زانية ، قال يجلد حدا ويفرق بينهما بعدما جلد ، ولا تكون امرأته ، قال : وإن كان قال كلاما أفلت منه في غير أن يعلم شيئا أراد أن يغيظها به فلا يفرق بينهما ».

5074 - وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « إذا كان في الحد لعل أو عسى فالحد معطل » (2).

5075 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « قاذف اللقيط يحد » (3) والمرأة إذا قذفت زوجها وهو أصم يفرق بينهما ، ثم لا تحل له أبدا (4).

5076 - وروى ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير قال : « سئل أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل قذف امرأته بالزنا وهي خرساء صماء لا تسمع ما قال فقال : إن كان لها بينة يشهدون لها عند الامام جلده الحد وفرق بينهما ثم لا تحل له

ص: 50


1- قيل في وجه تقديم الأول على الثاني ، ويمكن أن يكون مقصود ( عليه السلام ) أن يعفو عن صاحبه فيكون بداء الصلح من جانبه كما كان بداء السب منه. والنكال العقوبة.
2- يمكن أن يكون المراد أنه لا ينبغي التأخير في إقامة الحدود أو أنه أشار إلى إدراء الحدود بالشبهات ، ولم أجده مسندا.
3- رواه الكليني ج 7 ص 209 في الحسن كالصحيح عن ابن محبوب عن بعض أصحابه عنه ( عليه السلام ) هكذا قال : « يحد قاذف اللقيط ، ويحد قاذف ابن الملاعنة ».
4- روى الكليني ج 6 ص 166 والشيخ في الصحيح عن ابن محبوب عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في امرأة قذفت زوجها وهو أصم ، قال : يفرق بينها وبينه ولا تحل له أبدا » وعمل به المصنف - رحمه اللّه - ولم يعمل به الأصحاب ، وفي عكسه روايات مع عمل الأصحاب عليها. ( م ت )

أبدا ، وإن لم يكن لها بينة فهي حرام عليه ما أقام معها ولا إثم عليها منه » (1).

5077 - وفي رواية السكوني « أن عليا ( عليه السلام ) قال : من أقر بولد ثم نفاه جلد الحد والزم الولد » (2).

5078 - وفي رواية يونس بن عبد الرحمن عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « كل بالغ من ذكر أو أنثى افترى على صغير أو كبير ، أو ذكر أو أنثى ، أو مسلم (3) أو حر أو مملوك فعليه حد الفرية ، وعلى غير البالغ حد الأدب » (4).

5079 - وقال على ( عليه السلام ) : « لاحد على مجنون حتى يفيق ، ولا على الصبي حتى يدرك ، ولا على النائم حتى يستيقظ » (5).

5080 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، وأبي أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في رجل قال لامرأته : يا زانية أنا زنيت بك ، قال : عليه حد واحد لقذفه إياها ، وأما قوله : أنا زنيت بك فلا حد عليه فيه إلا أن يشهد على

ص: 51


1- مروى في الكافي ج 6 ص 166 ، وهذا الحكم لا خلاف فيه ظاهرا بين الأصحاب ، ومقتضى الخبر اعتبار الصم والخرس معا وبذلك قال جماعة ، واكتفى الشيخ والمفيد والمحقق بأحد الامرين ، ويستفاد من قول المحقق أن التحريم إنما يثبت إذا رماها بالزنا مع دعوى ويستفاد من قول المحقق أن التحريم إنما يثبت إذا رماها بالزنا مع دعوى المشاهدة وعدم البينة ، والاخبار مطلقة في ترتب الحكم على مجرد القذف ، ولا فرق بين كون الزوجة مدخولا بها وعدمه لاطلاق النص.
2- مروى في الكافي بسنده المعروف عن السكوني عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، وقال سلطان العلماء : لابد من تخصيص النفي بما يوجب القذف إن كان المراد بالحد حد القذف لان نفى الولد لا يوجب القذف لاحتمال الشبهة ، ويحتمل أن المراد التعزير لأجل تكذيب نفسه فيستقيم في مطلق نفي الولد بعد الاقرار.
3- زاد هنا في التهذيبين « أو كافر ».
4- المشهور أن من قاذف الصبي أو المجنون أو الكافر لا حد عليه بل عليه التعزير فقوله ( عليه السلام ) « افترى على صغير » محمول على من قذفه بنسبة الزنا إلى أحد والديه فان ذلك يوجب الحد. مثل أن يقول : يا ابن الزانية ، ويمكن أن يكون المراد بالحد التعزير بالنسبة إلى الافتراء على الصغير. والمراد بحد الأدب التعزير الخفيف.
5- رواه الشيخ في التهذيب مسندا عن حماد بن عيسى عن أبي عبد اللّه الصادق عن أبيه عنه عليهم السلام.

نفسه أربع مرات بالزنا عند الامام » (1).

5081 - وروى الحسن بن محبوب ، عن نعيم بن إبراهيم (2) ، عن مسمع أبي - سيار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في أربعة شهدوا على امرأة بالفجور أحدهم زوجها قال يجلدون الثلاثة ، (3) ويلاعنها زوجها ، ويفرق بينهما ولا تحل له أبدا ».

5082 - وقد روى « أن الزوج أحد الشهود » (4).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه هذان الحديثان متفقان غير مختلفين وذلك أنه متى شهد أربعة على امرأة بالفجور أحدهم زوجها ولم ينف ولدها فالزوج أحد الشهود ، ومتى نفى ولدها مع إقامة الشهادة عليها بالزنا جلد الثلاثة الحد و لاعنها زوجها وفرق بينهما ولم تحل له أبدا ، لان اللعان لا يكون إلا بنفي الولد (5).

وإذا قذف عبد حرا جلد ثمانين جلدة لان هذا من حقوق الناس (6).

5083 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن ، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « لو اتيت برجل قد قذف عبدا مسلما بالزنا لا نعلم منه إلا خيرا لضربته الحد حد الحر إلا سوطا ».

5084 - وروى الحسن بن محبوب ، عن حماد بن زياد ، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : سئل علي ( عليه السلام ) (7) عن مكاتب افترى على رجل مسلم

ص: 52


1- بظاهر الخبر أفتى الشيخ - رحمه اللّه - في النهاية.
2- غير مذكور في الرجال إنما كان فيها إبراهيم بن نعيم ويروى عنه ابن محبوب.
3- هذا مذهب القاضي وجماعة من أصحابنا.
4- كما في التهذيب عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام وهذا مذهب الشيخ وجماعة.
5- هذا خلاف فتوى الأصحاب ولم ينقل أحد القول بذلك.
6- في الكافي ج 7 ص 234 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا قذف العبد الحر جلد ثمانين ، وقال : هذا من حقوق الناس ».
7- كذا ورواه الكليني في الحسن كالصحيح عن ابن محبوب عن حماد [ ولم ينسبه ] عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل عن المكاتب - الخ.

فقال : يضرب حد الحر ثمانين جلدة أدى من مكاتبته شيئا أولم يؤد ، قيل له : فإن زنى وهو مكاتب ولم يؤد من مكاتبته شيئا ، قال : هذا حق اللّه عزوجل يطرح عنه خمسون جلدة ويضرب خمسين.

5085 - وروى ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في امرأة قذفت رجلا ، قال : تجلد ثمانين جلدة ».

5086 - وروى محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قلت له : « الرجل ينتفي من ولده وقد أقر به ، قال : إن كان الولد من حرة جلد الأب خمسين سوطا حد المملوك ، وإن كان من أمة فلا شئ عليه » (1).

وإذا قال رجل لرجل : إنك تعمل عمل قوم لوط تنكح الرجال ضرب ثمانين جلدة (2) ، وكذلك إن قال له : يا معفوج يا منكوح جلد حد القاذف ثمانين جلدة. (3)

وإن قذف رجل قوما بكلمة واحدة فعليه حد واحد إذا لم يسمهم بأسمائهم وإن سماهم فعليه لكل رجل سماه حد ، روى ذلك بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام. (4)

ص: 53


1- حمل الخمسين على التعزير تقية لان بعضهم لا يعدون قول الرجل لولده « لست ولدي » قذفا ، أو حمل على ما إذا لم يصرح بنفي الولد ، وحمله الشيخ في الاستبصار على أنه وهم من الرواي.
2- في الكافي ج 7 ص 208 بسند مجهول عن الصادق عليه السلام « إذا قذف الرجل الرجل فقال إنك لتعمل عمل قوم لوط تنكح الرجال ، قال : يجلد حد القاذف ثمانين جلدة ».
3- في الكافي في المجهول عن أبي عبد اللّه عليه السلام يقول : « كان علي عليه السلام يقول : إذ قال الرجل للرجل يا معفوج ويا منكوح في دبره فان عليه الحد حد القاذف » والمعفوج المنكوح في دبره.
4- في الاستبصار ج 4 ص 228 الحسين بن سعيد ، عن ابن محبوب ، عن أبي الحسن الشامي ، عن بريد عن أبي جعفر عليه السلام « الرجل يقذف القوم جميعا بكلمة واحدة ، قال له : إذا لم يسمهم فإنما عليه حد واحد ، وان سمى فعليه لكل رجل حد ».

وروي أنهم إن أتوا به متفرقين ضرب لكل رجل منهم حدا واحدا ، وإن أتوا به مجتمعين ضرب حدا واحدا (1).

وإن قذف رجل رجلا فجلد ثم عاد عليه بالقذف ، فإن كان قال : إن الذي قلت لك حق لم يجلد ، وإن قذفه بالزنا بعد ما جلد فعليه الحد ، وإن قذفه قبل أن يجلد بعشر قذفات لم يكن عليه الا حد واحد (2).

5087 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « لاحد لمن لا حد عليه » يعني لو أن مجنونا قذف رجلا لم يكن عليه حد. ولو قذفه رجل فقال له : يا زان لم يكن عليه حد (3) روى ذلك أبو أيوب ، عن فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ).

5088 - وروى هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ( في رجل قال لرجل : يا ابن الفاعلة - يعنى الزنا - فقال : إن كانت أمه حية شاهدة ثم جاءت تطلب حقها ضرب ثمانين جلدة ، وإن كانت غائبة انتظر بها حتى تقدم فتطلب حقها ، وإن كانت قد ماتت ولم يعلم منها إلا خير ضرب المفتري عليها الحد ثمانين جلدة (4).

ص: 54


1- رواه الكليني ج 7 ص 210 في الحسن كالصحيح عن جميل وفي الموثق عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل افترى على قوم جماعة » قال : فقال : ان أتوا به مجتمعين ضرب حدا واحدا ، وان أتوا به متفرقين ضرب لكل رجل حدا ويجمع بين الروايتين بأن لتعدد الحد سببين أحدهما التسمية والاخر تفرق الطلب.
2- روى الكليني ج 7 ص 208 في الصحيح كالشيخ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « في الرجل يقذف الرجل فيجلد فيعود عليه بالقذف ، قال : ان قال له : ان الذي قلت لك حق لم يجلد ، وان قذفه بالزنا بعد ما جلد فعليه الحد ، وان قذفه قبل أن يجلد بعشر قذفات لم يكن عليه الا حد واحد ».
3- الظاهر أن التفسير من الرواي كما رواه الكليني في الحسن كالصحيح ج 7 ص 253 عن فضيل عنه (عليه السلام) ، والمقطوع به في كلام الأصحاب اشتراط كمال العقل في القاذف والمقذوف للحد كما في المرآة.
4- يدل على أنه إذا قال : يا ابن الفاعلة كان المقذوف الام وهي المطالبة بالحد كما ذكره الأصحاب ، وقوله « ضرب المفتري » أي إذا رأى الحاكم المصلحة في ذلك أو كان المطالب الوارث حينئذ.

5089 - وروى أبو أيوب ، عن حريز عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن المغصوبة يفترى عليه الرجل (1) فيقول له : يا ابن الفاعلة ، فقال : أرى عليه الحد ثمانين جلدة ، ويتوب إلى اللّه عزوجل مما قال ».

5090 - وروى عن أبي ولاد الحناط أنه قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « أتى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) برجلين قد قذف كل واحد منهما صاحبه في بدنه فدرأ عنهما الحد وعزرهما » (2).

باب 501: حد شرب الخمر وما جاء في الغناء والملاهي

5091 - روى الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه قال : « لو أن رجلا دخل في الاسلام فأقر به ثم شرب الخمر وزنى وأكل الربا ولم يتبين له شئ من الحلال والحرام لم أقم عليه الحد إذ كان جاهلا إلا أن تقوم عليه البينة أنه قرأ السورة التي فيها الزنا والخمر وأكل الربا ، وإذا جهل ذلك أعلمته وأخبرته فإن ركبه بعد ذلك جلدته وأقمت عليه الحد ».

5092 - وفي رواية عمرو بن شمر ، عن جابر يرفعه « أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) اتي بالنجاشي الحارثي الشاعر قد شرب الخمر في شهر رمضان فضربه ثمانين ثم حبسه ليلة ثم دعا به من الغد فضربه عشرين سوطا ، فقال : يا أمير المؤمنين ضربتني ثمانين سوطا في شرب الخمر فهذه العشرون ما هي؟ فقال : هذا لجرأتك على شرب الخمر في شهر رمضان » (3).

ص: 55


1- كذا في الكافي والتهذيب ، وفي بعض النسخ ، عليها وفي بعضها « عليهما ».
2- رواه الكليني ج 7 ص 242 والشيخ في التهذيب كلاهما في الصحيح.
3- مروى في الكافي في الضعيف وقال العلامة - رحمه اللّه - في التحرير : لو شرب المسكر في شهر رمضان أو موضع شريف أقيم عليه الحد وأدب بعد ذلك بما يراه الامام.

وإذا شرب الرجل الخمر أو النبيذ المسكر جلد ثمانين جلدة ، وكل ما أسكر كثيره فقليله وكثيره حرام (1) ، والفقاع بتلك المنزلة (2) ، وشارب المسكر خمرا كان أو نبيذا يجلد ثمانين جلدة ، فإن عاد جلد فإن عاد قتل (3) ، وقد روى أنه يقتل في الرابعة.

والعبد إذا شرب مسكرا جلد أربعين جلدة ويقتل في الثامنة (4).

وقال أبي رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : إعلم إن أصل الخمر من الكرم

ص: 56


1- روى الكليني ج 7 ص 214 في الموثق عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل شرب حسوة خمر ، قال : يجلد ثمانين جلدة قليها وكثيرها حرام » والحسوة - بالضم - : الجرعة ، وروى الشيخ في الحسن كالصحيح عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه يقول : « ان في كتاب علي (عليه السلام) يضرب شارب الخمر ثمانين ، وشارب النبيذ ثمانين ».
2- أي في حرمة قليلة وكثيرة ووجوب الحد عليه ، روى الشيخ مسندا عن الحسين القلانسي قال : « كتبت إلى أبي الحسن الماضي (عليه السلام) أسأله عن الفقاع فقال : لا تقربه فإنه من الخمر » وعن أبي الجهم وابن فضال عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألناه عن الفقاع فقال خمر وفيه حد شارب الخمر ».
3- روى الكليني ج 7 ص 218 في الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « قال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) : من شرب الخمر فاجلدوه فان عاد فاجلدوه ، فان عاد الثالثة فاقتلوه » وفي الصحيح أيضا عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) « أنه قال : في شارب الخمر إذا شرب ضرب فان عاد ضرب ، فان عاد في الثالثة ، قال جميل : وروى بعض أصحابنا أنه يقتل في الرابعة قال ابن أبي عمير : كان المعنى أن يقتل في الثالثة ومن كان إنما يؤتى به يقتل في الرابعة » أي من يؤت به الامام في الثالثة فيؤتى به في الرابعة يقتل.
4- هذا مختار المصنف - رحمه اللّه - كأنه أخذه من حسنة أبي بكر الحضرمي المروية في الكافي والتهذيب قال : « سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن عبد مملوك قذف حرا قال : يجلد ثمانين » هذا من حقوق الناس ، فأما ما كان من حقوق اللّه عزوجل فإنه يضرب نصف الحد ، قلت : الذي من حقوق اللّه عزوجل ما هو؟ قال : إذ زنى أو شرب خمرا فهذا من الحقوق التي يضرب فيها نصف الحد.

إذا أصابته النار أو غلى من غير أن تمسه النار فيصير أسفله أعلاه فهو خمر (1) ولا يحل شربه إلا أن يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ، فإن نش من غير أن تمسه النار فدعه حتى يصير خلا من ذاته من غير أن تلقى فيه [ شيئا (2) ، فإذا صار خلا من ذاته حل أكله فإن تغير بعد ذلك وصار خمرا فلا بأس أن تلقي فيه ] ملحا أو غيره ، وإن صب في الخل خمر لم يجز أكله حتى يعزل من ذلك الخمر [ في إناء ويصبر حتى يصير خلا ] فإذا صار خلا اكل ذلك الخل ، الذي صب فيه الخمر وإن اللّه تبارك وتعالى حرم الخمر بعينها ، وحرم رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) كل شراب مسكر ولعن الخمر وغارسها وحارسها وحاملها والمحمولة إليه وبايعها ومشتريها وآكل ثمنها وعاصرها وساقيها وشاربها ، ولها خمسة أسامي : العصير وهو من الكرم ، والنقيع وهو من الزبيب ، والبتع وهو من العسل (3) ، والمرز وهو من الشعير (4) ، والنبيذ وهو من التمر ، والخمر مفتاح كل شر ، وشاربها كعابد وثن ، ومن شربها حبست صلاته أربعين يوما ، فإن تاب في الأربعين لم تقبل توبته وإن مات فيها دخل النار (5).

5093 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « لا تجالسوا شراب الخمر فإن اللعنة إذا نزلت عمت من في المجلس ».

ولا تجوز الصلاة في بيت فيه خمر محصور في آنية ، ولا بأس بالصلاة في ثوب أصابته خمر لان اللّه عزوجل حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابته (6).

ص: 57


1- مراده بيان أن العصير العنبي حكمه حكم الخمر بعد الغليان قبل التثليث.
2- الظاهر أنه أراد بهذا الكلام الجمع بين مختلف الاخبار بأنه لا يطرح فيه الملح وأمثال قبل أن يصير خمرا ويجوز بعده. والمظنون أن ما بين المعقوفين زياد من المحشين.
3- في القاموس البتع - بالكسر وكعنب - : نبيذ العسل المشتد أو سلالة العنب أو بالكسر الخمر.
4- المرز - بالكسر - : نبيذ الذرة والشعير. ( القاموس )
5- راجع نصوصه في الكافي ج 6 ص 393 إلى 412 وعقاب الأعمال ص 292.
6- تقدم الكلام فيه ، راجع المجلد الأول ص 74.

5094 - وقال الصادق ( عليه السلام ) (1) : « شارب الخمر إن مرض فلا تعوده ، وإن مات فلا تشهدوه ، وان شهد فلا تزكوه (2) وخطب إليكم فلا تزوجوه ، فإن من زوج ابنته شارب الخمر فكأنما قادها إلى الزنا ، ومن زوج ابنته مخالفا له على دينه فقد قطع رحمها (3) ، ومن ائتمن شارب الخمر لم يكن له على اللّه تبارك وتعالى ضمان ».

5095 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « خمسة من خمسة محال : الحرمة من الفاسق محال ، والشفقة من العدو محال ، والنصيحة من الحاسد محال ، والوفاء من المرأة محال ، والهيبة من الفقير محال » (4).

والغناء مما أوعد اللّه عزوجل عليه النار وهو قوله عزوجل : « ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل اللّه بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين » (5).

5096 - وسئل الصادق ( عليه السلام ) عن قول اللّه عزوجل : « فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور » قال : الرجس من الأوثان الشطرنج ، وقول الزور الغناء ) (6).

والنرد أشد من الشطرنج ، فأما الشطرنج فإن اتخاذها كفر ، واللعب بها

ص: 58


1- صدر هذا الخبر في الكافي ج 6 ص 397 عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) وذيله في أخبار شتى وكأنه نقل بالمعنى كما قاله المولى المجلسي - رحمه اللّه -.
2- أي لا تقبلوا شهادته.
3- في بعض النسخ « فكأنما قطع رحمها ».
4- رواه المصنف في الخصال ص 269 باسناده عن البرقي عن أبيه باسناده يرفعه إليه عليه السلام.
5- روى الكليني ج 6 ص 431 في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال. سمعته يقول : الغناء مما أوعد اللّه عليه النار ، وتلا هذه الآية : « ومن الناص. الآية ».
6- رواه الكليني ج 6 ص 435 مسندا عن زيد الشحام قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه عزوجل - الخ ».

شرك (1) ، وتعليمها كبيرة موبقة (2) ، والسلام على اللاهي بها معصية ، ومقلبها كمقلب لحم الخنزير (3) ، والناظر إليها كالناظر إلى فرج أمه (4) ، واللاعب بالنرد قمارا مثله مثل من يأكل لحم الخنزير ، ومثل الذي يلعب بها من غير قمار مثل من يضع يده في لحم الخنزير أو في دمه (5).

ولا يجوز اللعب بالخواتيم ، والأربعة عشر (6) ، وكل ذلك وأشباهه قمار حتى لعب الصبيان بالجوز هو القمار (7) وإياك والضرب بالصوانيج (8) فإن الشيطان يركض معك والملائكة تنفر عنك ، ومن بقي في بيته طنبور أربعين صباحا فقد باء بغضب من اللّه عزوجل (9).

5097 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « إن الملائكة لتنفر عند الرهان ، وتلعن صاحبه ما خلا الحافر والخف والريش والنصل ، وقد سابق رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أسامة بن زيد وأجرى الخيل » (10).

5098 - فروى أن ناقة النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) سبقت فقال ( عليه السلام ) : إنها بغت وقالت فوقى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، وحق على اللّه عزوجل أن لا يبغي شئ على شئ الا أذله اللّه

ص: 59


1- الكفر والشرك مبالغة في شدة عذاب المتخذ لها.
2- أوبقة أي أهلكه والموبقة المهلكة.
3- أي كالذي يقصد الاكل من لحمها.
4- كما في السرائر نقلا عن جامع البزنطي.
5- نقل ابن إدريس نحو هذا الكلام في مستطرفات السرائر ص 478 عن جامع البزنطي.
6- تقدم معنى أربعة عشر ج 3 ص 3 4.
7- كما تقدم في المجلد الثالث باب المعايش تحت رقم 3588
8- جمع الصنج وهو صفيحة مدورة من النحاس أو الصفر تضرب بالأخرى مثلها للطرب.
9- لم أجد خبره في مظانه.
10- تقدم الخبر والقول فيه باب المراد بالريش السهم.

ولو أن جبلا بغى على جبل لهد اللّه الباغي منهما.

5099 - ونهى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) عن تحريش البهائم ما خلا الكلاب ). (1)

5100 - و « سأل رجل علي بن الحسين ( عليهما السلام ) عن شراء جارية لها صوت ، فقال ما عليك لو اشتريتها فذكر تك الجنة » يعنى بقراءة القرآن والزهد والفضائل التي ليست بغناء فأما الغناء فمحظور (2).

باب 502: حد السرقة

5101 - روي عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) أنه قال : « لا يزال العبد يسرق حتى إذا استوفى دية يده أظهره اللّه عزوجل عليه » (3).

5102 - وفى رواية السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : « لا يقطع السارق في عام سنة مجدبة (4) يعنى في المأكول دون غيره ».

5103 - وفي رواية غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام  « أن عليا ( عليه السلام ) اتى بالكوفة برجل سرق حماما فلم يقطعه ، وقال : لا [ أ ] قطع في

ص: 60


1- مروى نحوه في الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السلام وأخرجه أبو داود والترمذي في سننهما بسند حسن من حديث ابن عباس ، والتحريش الاغراء بين البهائم وتهييج بعضها على بعض كما يفعل بين الديوك وغيرها ، ويمكن أن يكون المراد تحريش الكلب على الصيد لا تحريش الكلاب بعضها ببعض.
2- كان المصنف لم يعد أمثال ما ذكر من الغناء المحرم ، إنما المحرم عنده ما كان في باطل.
3- مروى في الكافي ج 7 ص 260 بسند حسن عن ياسر عن بعض الغلمان عن أبي الحسن عليه السلام.
4- السنة - بفتح المهملة - : القحط والجدب ، والمجدبة اما تأكيد بحسب المعنى أو عبارة عن قليلة المطر أو عديمته ، وفي الكافي « في عام سنة - يعني في عام مجاعة - ».

الطير » (1).

5104 - وروى سعد بن طريف ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قطع على ( عليه السلام ) في بيضة حديد وفى جنة وزنها ثمانية وثلاثون رطلا » (2).

5105 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل أتى رجلا فقال : أرسلني فلان إليك لترسل إليه بكذا وكذا فأعطاه وصدقه ، فلقي صاحبه فقال له : إن رسولك أتاني فبعثت إليك معه بكذا وكذا ، فقال : ما أرسلته إليك ولا أتاني أحد بشئ فزعم الرسول (3) أنه قد أرسله وقد دفعه إليه ، قال : إن وجد عليه بينة أنه لم يرسله قطعت يده (4) ، وإن لم يجد عليه بينة فيمينه باللّه ما أرسله ويستوفى الآخر من الرسول المال ، قلت : فإن زعم أنه حمله على ذلك الحاجة ، قال : يقطع لأنه سرق مال الرجل ».

5106 - وروى عن أحدهما ( عليهما السلام ) أنه قال : « لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين فان رجع (5) ضمن السرقة ولم يقطع إذا لم يكن له شهود » (6).

5107 - وفى رواية السكوني قال : قال على ( عليه السلام ) كل مدخل يدخل إليه بغير إذن فسرق منه السارق فلا قطع عليه ، يعنى الحمامات والخانات والأرحية

ص: 61


1- حمل على ما إذا لم يسرق من الحرز كما هو الغالب فيه أو على عدم بلوغ النصاب ( م ت ) أقول في الكافي « فلاقطع في الطير » وفي نسخة من الفقيه « فلا يقطع في الطير ».
2- البيضة ما يقال له بالعجمية كلاهخود ، والجنة - بضم الجيم وتشديد النون - : الترس.
3- أي فادعى الرسول أنه بعثه إلى ذلك وما أخذه منه دفعه إلى الذي أرسله.
4- قطع اليد هنا خلاف المشهور وفي حديث زرارة الآتي تحت رقم 5110 ما ينافي ذلك لان القطع في السرقة ، والخيانة غير السرقة ، وقال المولى المجلسي : يمكن حمله على من تكرر منه بعد إقامة التعزير مكررا.
5- أي بعد الاقرار مرة وعليه الفتوى. ( المرآة )
6- مروى في الكافي ج 7 ص 219 والتهذيبين مسندا عن جميل عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام في حديث.

والمساجد ) (1).

5108 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن الصبي يسرق ، قال : إن كان له سبع سنين أو أقل رفع عنه ، فان عاد بعد السبع قطعت بنانه أو حكت حتى تدمى ، فإن عاد قطع منه أسفل من بنانه ، فان عاد بعد ذلك ، وقد بلغ تسع سنين قطعت يده ولا يضيع حد من حدود اللّه عزوجل ) (2).

5109 - و « جاء رجل إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأقر بالسرقة ، فقال له أمير - المؤمنين ( عليه السلام ) : أتقرأ شيئا من كتاب اللّه عزوجل؟ قال : نعم سورة البقرة ، فقال : قد وهبت يدك لسورة البقرة ، فقال الأشعث : أتعطل حدا من حدود اللّه تعالى؟ فقال : وما يدريك ما هذا ، إذا قامت البينة فليس للامام أن يعفو ، وإذا أقر الرجل على نفسه فذاك إلى الامام إن شاء عفا وإن شاء قطع » (3).

5110 - وفي رواية السكوني قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : لا قطع في ثمر ولا كثر - والكثر هو الجمار - » (4).

ص: 62


1- مروى في الكافي بسنده المعروف عن السكوني عن أبي عبد اللّه عنه عليهما السلام ويدل على أنه يشترط في الحد كون السرقة من الحرز ولا قطع في المواضع التي يدخلها كل أحد بدون الاذن.
2- المشهور بين المتأخرين عدم ثبوت القطع على الصبي مطلقا ، والروايات مختلفة وقال الشهيد - رحمه اللّه - : هذه الروايات مع وضوح سندها وكثرتها مختلفة الدلالة وينبغي جملها على كون الواقع تأدبيا منوطا بنظر الامام ، لأحدا.
3- عمل به بعض الأصحاب والمشهور خلافه.
4- الثمر - بفتح المثلثة والميم - هو ما كان معلقا في النخل قبل أن يجز ويحرز والكثر - بفتحتين - جمار النخل وهو شحمه الذي يخرج منه الكافور وهو وعاء الطلع من جوفه سمى جمارا وكثرا لأنه أصل الكوافير وحيث تجتمع وتكثر كما قاله الزمخشري. وبين بالحديث الحالة التي يجب فيها القطع وهي ما إذا كان المال في حرز فلا قطع على من سرق من غير حرز والثمر في النخل والكثر لا يكونان في حرز الا أن يكون النخل في حرز وإذا لم يكن النخل في حرز فلا قطع.

5111 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في نفر نحروا بعيرا فاكلوه فامتحنوا أيهم نحر فشهدوا على أنفسهم أنهم نحروه جميعا لم يخصوا أحدا ون أحد فقضى أن تقطع أيمانهم » (1).

5112 - وروى يونس ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قلت له : « رجل سرق من المغنم الشئ الذي يجب عليه القطع ، قال : ينظر كم الذي يصيبه فإن كان الذي أخذ أقل من نصيبه عزر ودفع إليه تمام ماله ، وإن كان أخذ مثل الذي له فلا شئ عليه (2) ، وإن كان أخذ فضلا بقدر ثمن مجن وهو ربع دينار قطع » (3).

5113 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل اكترى حمارا وأقبل إلى أصحاب الثياب فابتاع منهم ثوبا وترك الحمار عندهم (4) قال : يرد الحمار على أصحابه ويتبع الذي ذهب بالثوب وليس عليه قطع إنما هي خيانة ».

5114 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إذا سرق الرجل أو لا قطع يمينه ، فإن عاد قطع رجله اليسرى ، فإن عاد ثالثة خلده السجن وأنفق عليه من بيت المال » (5).

5115 - وروى أنه « إن سرق في السجن قتل » (6).

ص: 63


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 481 بسند صحيح ، وحمل على أخذه من حرز ويمكن أن يكون الحكم في البعير كذلك ، مطلقا.
2- ظاهره عدم التعزير وهو مشكل مع التعزير في أخذ الأقل فلا بد من حمل قوله « لا شئ عليه » على معنى لا يرد ولا يستعاد منه شئ وذلك لا ينافي وجوب تعزيره.
3- المجن - بكسر الميم وفتح الجيم وتشديد النون - : الترس.
4- أي رهنا على ما ابتاع.
5- كأنه خبر نضر بن سويد عن القاسم وهو المروى في الكافي ج 7 ص 223 عن أبي عبد اللّه عليه السلام ونقله المصنف بالمعنى ويمكن أن يكون خبرا آخر بلفظه.
6- في الكافي والتهذيب في الموثق عن سماعة قال : قال إذا أخذ السارق قطعت يده من وسط الكف فان عاد قطعت رجله من وسط القدم ، فان عاد استودع السجن فان سرق في السجن قتل.

5116 - وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام « عن أدنى ما يقطع فيه السارق قال : ربع دينار » (1).

5117 - وفى خبر آخر : « خمس دينار » (2).

فإذا دخل السارق دار رجل فجمع الثياب وأخذ في الدار ومعه المتاع فقال : [ إذا ] دفعه إلى رب الدار فليس عليه قطع ، فإذا أخرج المتاع من باب الدار فعليه القطع (3) أو يجئ بالمخرج منه (4).

وإذا أمر الامام بقطع يمين السارق فقطع يساره بالغلط فلا يقطع يمينه إذا قطعت يساره. (5)

5118 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في رجل سرق فقطعت يده اليمنى ، ثم سرق فقطعت رجله اليسرى ، ثم سرق الثالثة ، قال : كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يخلده في السجن ويقول : إني لأستحي

ص: 64


1- روى الكليني ج 7 ص 2 22 في الصحيح عن محمد بن مسلم قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : في كم يقطع السارق؟ فقال في ربع دينار - الحديث ».
2- في الكافي في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « أدنى ما يقطع فيه يد السارق خمس دينار ».
3- روى الكليني باسناده المعروف عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه السلام في السارق إذا أخذ وقد أخذ المتاع وهو في البيت لم يخرج بعد ، فقال : ليس عليه القطع حتى يخرج به من الدار ».
4- إن كان بفتح الميم فمعناه إلا أن يجيئ بالمخلص والمفر منه بأن يدعى مثلا إذن المالك في اخراج المال من البيت وأمثال ذلك ، وإن كان بضم الميم فمعناه أو يجيئ بالشخص الذي أخرج المتاع أو ادعى أنه لم يخرجه.
5- روى الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل أمر به أن يقطع يمينه فقدمت شماله فقطعوها وحسبوها يمينه وقالوا : إنما قطعنا شماله أتقطع يمينه؟ قال : فقال : لا تقطع يمينه وقد قطعت شماله - الحديث ».

من ربي أن أدعه بلا يد يستنظف بها ولا رجل يمشى بها إلى حاجته ، قال : وكان إذا قطع اليد قطعها دون المفصل ، وإذا قطع الرجل قطعها من الكعب ، قال : وكان لا يرى أن يعفى عن شئ من الحدود ».

5119 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن ابن مسكان عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إذا قيم على السارق الحد نفى إلى بلدة أخرى » (1).

وان سرق رجل فلم يقدر عليه حتى سرق مرة أخرى فاخذ فجاءت البينة فشهدوا عليه بالسرقة الأولى والأخيرة فإنه تقطع يده بالسرقة الأولى ولا تقطع رجله بالسرقة الأخيرة ، لان الشهود شهدوا عليه جميعا في مقام واحد بالسرقة الأولى والأخيرة قبل أن تقطع يده بالسرقة الأولى ، ولو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الأولى فقطعت يده ، ثم شهدوا عليه بعد بالسرقة الأخيرة قطعت رجله اليسرى (2).

5120 - وقال على ( عليه السلام ) : « لا قطع في الدغارة المعلنة وهي الخلسة ولكني اعزره ، ولكن يقطع من يأخذ ويخفى » (3).

وليس على الذي يسلب الثياب قطع ، وليس على الطرار قطع إذا طر من القميص الاعلى ، فان طر من القميص الأسفل فعليه القطع (4).

وليس على الأجير ولا على الضيف قطع لأنهما مؤتمنان وقد روى أنه إن

ص: 65


1- مروى في الكافي في الصحيح ، وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - لم أر أحدا تعرض للنفي في السارق. وظاهر الكليني والمصنف أنهما قالا به.
2- كما في رواية بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام ، راجع الكافي ج 7 ص 224.
3- كأن فيه خلط ، وفي الكافي « لا أقطع في الدغارة المعلنة وهي الخلسة ولكن أعزره » وفي حديث آخر « لا أقطع في الدغارة المعلنة ولكن أقطع يد من يأخذ ثم يخفى ».
4- روى الكليني ج 7 ص 226 في مرسل كالموثق عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس على الذي يستلب قطع وليس على الذي يطر الدراهم من ثوب الرجل قطع ». و في آخر عن السكونى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:« أتى أمير المؤمنين عليه السلام بطرّار قد طرّ دراهم من كمّ رجل، قال: فقال: ان كان قد طرّ من قميصه الأعلى لم أقطعه و ان كان طرّ من قميصه الداخل قطعته». و عن مسمع أبى سيار عنه عليه السلام« أن أمير المؤمنين عليه السلام أتى بطرّار قد طرّ من رجل من ردنه دراهم قال: ان كان طرّ من قميصه الأعلى لم نقطعه و ان كان طرّ من قميصه الاسفل قطعناه».

أضاف الضيف ضيفا فسرق قطع (1).

والأشل إذا سرق قطعت يمينه على كل حال شلاء كانت أو صحيحة ، فان عاد فسرق قطعت رجله اليسرى ، فإن عاد خلد السجن واجري عليه من بيت مال المسلمين وكف عن الناس. روى ذلك الحسن بن محبوب عن علاء ، عن محمد بن مسلم ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ). ورواه الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام (2).

ص: 66


1- روى الكليني ج 7 ص 227 في الحسن كالصحيح عن محمد بن قيس عن أبي - جعفر عليه السلام قال : « الضيف إذا سرق لم يقطع ، وان أضاف الضيف ضيفا فسرق قطع ضيف الضيف » ، وفي الصحيح عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يستأجر أجيرا فيسرق من بيته هل تقطع يده؟ قال : هذا مؤتمن ليس بسارق هذا خائن ». و في الموثق عنه عليه السلام من رواية سماعة قال:« سألته عن رجل استأجر أجيرا فأخذ الاجير متاعه فسرقه، فقال: هو مؤتمن، ثمّ قال: الاجير و الضيف أمناء ليس يقع عليهم حدّ السرقة».
2- روى المؤلف في العلل ج 2 ب 325 تحت رقم 6 عن شيخه محمد بن موسى بن المتوكل عن الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أشل اليمنى أو أشل الشمال سرق ، قال : تقطع يده اليمنى على كل حال » ورواه الكليني في الصحيح. وروى المؤلف بالاسناد الأول من ابن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم وعلي بن رئاب وزرارة جميعا عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل أشل اليد اليمنى سرق؟ قال : تقطع يمينه شلاء كانت أو صحيحة ، فان عاد فسرق قطعت رجله اليسرى ، فان عاد خلد في السجن وأجرى عليه طعامه من بيت مال المسلمين يكف الناس عن شره » ، وفي الشرايع : لا يقطع اليسار مع وجود اليمين بل يقطع ولو كانت شلاء وكذا لو كانت اليسار شلاء أو كانتا شلاوين قطعت اليمين على التقديرين.

وليس على العبد إذا سرق من مال مولاه قطع لأنه مال الرجل سرق بعضه بعضا (1).

5121 - والنباش إذا كان معروفا بذلك قطع (2)

5122 - وروى « أن عليا ( عليه السلام ) قطع نباش القبر فقيل له : أتقطع في الموتى فقال : إنا لنقطع لأمواتنا كما نقطع لأحيائنا » (3).

5123 - وروى « أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أتى بنباش فأخذ بشعره وجلد به الأرض ، ثم قال : طئوا عليه عباد اللّه ، فوطئ حتى مات » (4).

والعبد الآبق إذا سرق لم يقطع ، وكذلك المرتد إذا سرق ، ولكن يدعى العبد إلى الرجوع إلى مواليه ، والمرتد يدعى إلى الدخول في الاسلام ، فإن أبى واحد منهما قطعت يده في السرقة ثم قتل (5).

5124 - وسئل الصادق ( عليه السلام ) ( عن قول اللّه عزوجل : « إنما جزاء الذين

ص: 67


1- روى الكليني ج 7 ص 234 في الحسن كالصحيح عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في عبد سرق وختان من مال مولاه ، قال : ليس عليه قطع ».
2- رواه الشيخ في الاستبصار في الصحيح عن الفصل عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) بلفظه.
3- رواه الشيخ باسناده عن الصفار ، عن الخشاب ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- رواه الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا قال ، « أتى أمير المؤمنين عليه السلام - الخ ».
5- روى الكليني في الكافي ج 7 ص 259 في الصحيح عن أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « العبد إذا أبق من مواليه ثم سرق لم يقطع وهو آبق لأنه مرتد عن الاسلام ولكن يدعى إلى الرجوع إلى مواليه والدخول في الاسلام فان أبى أن يرجع إلى مواليه قطعت يده بالسرقة ثم قتل ، والمرتد إذا سرق بمنزلته ».

يحاربون اللّه ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض » فقال : إذا قتل ولم يحارب ولم يأخذ المال قتل ، وإذا حارب وقتل قتل وصلب ، وإذا حارب وأخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله ، وإذا حارب ولم يقتل ولم يأخذ المال نفي (1)

وينبغي أن يكون نفيا يشبه الصلب والقتل ، يثقل رجليه (2) ويرمى في البحر.

5125 - وقال الصادق ( عليه السلام ) المصلوب ينزل عن الخشبة بعد ثلاثة أيام يغسل ويدفن ، ولا ، ولا يجوز صلبه أكثر من ثلاثة أيام (3).

5126 - وفي رواية السكوني ، عن جعفر بن محمد عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : « أن عليا عليه السلام صلب رجلا بالحيرة ثلاثة أيام ، ثم أنزله يوم الرابع فصلى عليه ودفنه » (4)

5127 - وروى علي بن رئاب ، عن ضريس ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « من حمل السلاح بالليل فهو محارب إلا أن يكون رجلا ليس من أهل الريبة » (5).

5128 - وروى صفوان بن يحيى ، عن طلحة النهدي ، عن سورة بن كليب قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : رجل يخرج من منزله يريد المسجد أو يريد الحاجة فليلقاه رجل أو يستقبله فيضربه ويأخذ ثوبه ، قال : أي شئ يقول فيه من قبلكم؟ قال : قلت يقولون : هذه دغارة معلنة (6) وإنما المحارب في قرى مشركية (7) فقال :

ص: 68


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 481 مسندا بنحو أبسط.
2- بيان لطريق النفي الشبيه بالصلب وهذا التفسير للنفي مخالف للمشهور.
3- في الكافي والتهذيب في القوى عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « لا تدعوا المصلوب بعد ثلاثة أيام حتى ينزل فيدفن ».
4- مروي في الكافي ج 7 ص 246 عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- محمول على ما إذا شهر السلاح ، وبه استدل من قال باشتراط كون المحارب من أهل الريبة ، ويمكن أن يكون الاشتراط في الخبر لتحقق الإخافة. ( المرآة )
6- تقدم أنها بمعنى الفساد ، وأخذ الشئ اختلاسا.
7- « مشركة » - خ ل.

أيهما أعظم حرمة دار الاسلام أو دار الشرك؟ قال : فقلت : دار الاسلام ، قال : هؤلاء من أهل هذه الآية : « إنما جزاء الذين يحاربون اللّه ورسوله - إلى آخر الآية »

5129 - وروي عن طريف بن سنان الثوري (1) قال : « سألت جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) عن رجل سرق حرة فباعها ، فقال : فيها أربعة حدود ، أما أولها فسارق تقطع يده (2) والثانية إن كان وطئها جلد الحد ، وعلى الذي اشترى إن كان وطئها وقد علم ، إن كان محصنا رجم ، وإن كان غير محصن جلد الحد ، وإن كان لم يعلم فلا شئ عليه ولا عليها هي ، وإن كان استكرهها (3) فلا شئ عليها ، وإن كانت طاوعته جلدت الحد ».

5130 - وروى محمد بن عبد اللّه بن هلال ، عن أبيه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قلت له « أخبرني عن السارق لم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى لا تقطع يده اليمنى ورجله اليمنى؟ فقال : ما أحسن ما سألت إذا قطعت يده اليمنى ورجله اليمنى سقط على جانبه الأيسر ولم يقدر على القيام ، وإذا قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى اعتدل واستوى قائما (4) ، قال : قلت : جعلت فداك كيف يقوم وقد قطعت رجله؟! قال : إن القطع ليس من حيث رأيت تقطع ، إنما تقطع الرجل من الكعب ويترك له من قدمه ما يقوم عليه يصلى ويعبد اللّه عزوجل ، قلت : فمن أين تقطع اليد؟ قال : تقطع الأربع الأصابع ويترك له الابهام يعتمد عليها في الصلاة يغسل بها وجهه للصلاة ».

5131 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل سرق من

ص: 69


1- كذا ، وفي الكافي معاوية بن طريف وفي بعض نسخة مثل ما في المتن.
2- تقطع يده من جهة أنه كان مفسدا في الأرض لامن جهة أنه سارق ، وظاهر الخبر عدم اشتراط سفر الحر المبيع واشترطه الشيخ في المبسوط وتبعه جماعة.
3- في الكافي وفي بعض النسخ « فلا شئ عليه وعليها هي إن كان استكرهها الخ ».
4- الفرض أنه إذا قطعتا من جانب واحد لا يقدر المقطوع العضوين على القيام مستويا لان الغالب فيهم الاعتماد على العصا أو على العضو الصحيح فإذا قطع يده اليمنى ورجله اليمنى لم يتمكن من القيام الا بمشقة شديدة.

بستان عذقا قيمته درهمان ، قال : يقطع به » (1).

5132 - علي بن رئاب ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « العبد إذا أقر على نفسه عند الامام مرة أنه سرق قطعه ، والأمة إذا أقرت على نفسها عند الامام بالسرقة قطعها » (2).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : متى كان العبد ممن يعلم أنه يريد الاضرار بسيده لم يقطع إذا أقر على نفسه بالسرقة ، فإن شهد عليه شاهدان قطع.

5133 - روى ذلك الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « إذا أقر المملوك على نفسه بالسرقة لم يقطع ، وإن شهد عليه شاهدان قطع ».

باب 503: إقامة الحدود على الأخرس والأصم والأعمى

5134 - روى يونس ، عن إسحاق بن عمار قال : « سئل أحدهما ( عليهما السلام ) عن حد الأخرس والأصم والأعمى ، قال : عليهم الحدود إذا كانوا يعقلون ما يأتون ».

باب 504: حد اكل الربا بعد البينة

حد اكل الربا بعد البينة (3)

5135 - روى إسحاق بن عمار ، وسماعة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال :

ص: 70


1- رواه الشيخ في التهذيب ويدل على القطع في الثمرة ويحمل على ما كان محرزا وعلى القطع في درهمين والغالب كونهما خمس الدينار. ( م ت )
2- روى الشيخ في التهذيب ، في الصحيح عن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أقر العبد على نفسه بالسرقة لم يقطع وإذا شهد عليه شاهدان قطع » ثم روى هذا الخبر ، وقال : الوجه فيه أن نحمله على أنه إذا انضاف إلى الاقرار البينة ، فاما بمجرد الاقرار فلا قطع عليه حسب ما تضمنه الخبر الأول.
3- أي بعد العلم بالتحريم أو بعد ظهور التحريم على آكل الربا.

قلت له : [ ما حد ] آكل الربا بعد البينة ، قال : يؤدب ، فإن عاد أدب فإن عاد قتل.

باب 505: حد آكل الميتة والدم ولحم الخنزير

5136 - روى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه قال : آكل الميتة والدم ولحم الخنزير عليه أدب ، فإن عاد أدب ، قلت : فإن عاد؟ قال : يؤدب و ليس عليه قتل ) (1).

باب 506: ما يجب في اجتماع الحدود على رجل

5137 - روى علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « أيما رجل اجتمعت عليه حدود فيها القتل يبدأ بالحدود التي هي دون القتل ، ثم يقتل بعد ذلك » (2).

باب 507: وادر الحدود

5138 - روى سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال : « سألت

ص: 71


1- أي ليس عليه قتل مطلقا كما هو الظاهر ، واحتمل بعض أن المراد أنه لا قتل عليه في هذا العود.
2- وروى الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) « في الرجل يؤخذ وعليه حدود أحدها القتل ، فقال : كان علي (عليه السلام) يقيم الحدود ثم يقتله ولا يخالف علي (عليه السلام) » ويأتي نحوه في كتاب الديات ، وفي الحسن كالصحيح عن أبن بكير عن أبي - عبد اللّه (عليه السلام) ، « في رجل اجتمعت عليه حدود فيها القتل ، قال : يبدء بالحدود التي هي دون القتل ثم يقتل بعد » وقال العلامة في التحرير : « إذا اجتمعت حدود مختلفة كالقذف والقطع والقتل بدء بالجلد ثم القطع ولا يسقط ما دون القطع استحقاق القتل ، ولو أسقط مستحق الطرف حده استوفى الجلد ثم قتل ، ولو كانت الحدود لله تعالى بدء بما لا يفوت معه الآخر » أقول : الطرف : اليدان والرجلان.

أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) من يقيم الحدود السلطان أو القاضي؟ فقال : إقامة الحدود إلى من إليه الحكم » (1).

5139 - وروى « أن رجلا جاء برجل إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال : يا أمير المؤمنين ، ان هذا زعم أنه احتلم بأمي ، فقال أن الحلم بمنزلة الظل فان شئت جلدت لك ظله ، ثم قال ( عليه السلام ) : لكني أوجعه لئلا يعدو يؤذى المسلمين » (2).

5140 - وروى « أنه دنا من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) صبيان بيدهما لوحان فقالا : يا أمير المؤمنين خاير بيننا ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إن الجور في هذا كالجور في الأحكام أبلغا مؤدبكما عنى أنه إن ضربكما فوق ثلاث كان ذلك قصاصا يوم القيامة » (3).

5141 - وروى صفوان بن يحيى ، عن يونس عن أبي الحسن الماضي ( عليه السلام ) قال : « أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة » (4).

5342 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « من ضربناه حدا من حدود اللّه فمات فلا دية له علينا ، ومن ضربناه حدا من حدود الناس فمات فان ديته علينا » (5).

5143 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « جاء رجل إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) فقال : إن أمي لا تدفع يد لامس (6) قال : فاحبسها

ص: 72


1- أي يقيمها الامام ، والحاكم إذا كان منصوبا من عند الامام.
2- رواه الكليني ج 7 ص 263 والشيخ في التهذيب في الموثق من حديث سماعة وزادا في آخره « وفي رواية أخرى : ضربه ضربا وجيعا ».
3- رواه الكليني والشيخ بلفظ آخر من حديث السكوني ، وقوله « خاير » أي اختر بينهما واحكم أيهما خير والمراد الخطين.
4- رواه الكليني والشيخ في الصحيح أيضا.
5- رواه الكليني ج 7 ص 292 في الصحيح عن الحسن بن صالح بن حي الثوري وهو زيدي بتري ولم يوثق ، واستدل بالخبر على أن الدية على الامام ، ويمكن أن يكون (عليه السلام) نسبها إلى نفسه لان بيت المال في يده.
6- كناية عن أنها زانية ولا تمنع أحدا من الدخول عليها.

قال : قد فعلت ، قال : فامنع من يدخل عليها ، قال : قد فعلت ، قال : فقيدها فإنك لا تبرها بشئ أفضل من أن تمنعها من محارم اللّه عزوجل » (1).

5144 - روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس عن أبي - جعفر ( عليه السلام ) قال : « لا يعفى عن الحدود التي لله عزوجل دون الامام ، فأما ما كان من حق الناس في حد فلا بأس أن يعفى عنه دون الامام » (2).

5145 - وسئل الصادق ( عليه السلام ) : « عن رجل قال لامرأة يا زانية ، فقالت : أنت أزنى مني ، قال : عليها الحد فيما قذفته به (3) ، وأما في إقرارها على نفسها فلا تحد حتى تقر بذلك عند الامام أربع مرات ».

5146 - وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « لا يحل لوال يؤمن باللّه واليوم الآخران يجلد أكثر من عشرة أسواط إلا في حد ». (4)

واذن في أدب المملوك من ثلاثة إلى خمسة (5) ، ومن ضرب مملوكه حدا لم يجب عليه لم يكن له كفارة إلا عتقه (6).

5147 - وفي رواية زياد بن مروان القندي ، عمن ذكره عن أبي عبد اللّه

ص: 73


1- لما كان ظاهر قوله « قيدها » يوهم خلاف البر المأمور به في حق الوالدين قال عليه السلام : فإنك لا تبرها بشئ أفضل من منعها عن المعصية دفعا لتوهم ذلك.
2- ظاهره أن المراد غير الامام ، ويحتمل أن يكون المراد قبل أن يرفع إلى الامام.
3- يمكن أن يكون المراد بالحد التعزير لما تقدم في التقاذف.
4- كأنه في التأديب ، أو مبالغة في التخفيف ، ففي الكافي في الصحيح عن إسحاق ابن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التعزير كم هو ، قال : بضعة عشر سوطا ما بين العشرة إلى العشرين ».
5- في الكافي ج 7 ص 268 في الضعيف عن حماد بن عثمان قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام في أدب الصبي والمملوك ، فقال : خمسة أو ستة وارفق ».
6- روى الكليني ج 7 ص 263 في الصحيح عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : « من ضرب مملوكا حدا من الحدود من غير حد أوجبه المملوك لم يكن لضاربه كفارة إلا عتقه ».

عليه السلام قال : « لا يقطع السارق في سنة المحق (1) في شئ يؤكل مثل الخبز واللحم والقثاء ».

5148 - وروي عن آدم بن إسحاق ، عن عبد اللّه بن محمد الجعفي قال : « كنت عند أبي جعفر ( عليه السلام ) وجاءه كتاب هشام بن عبد الملك : في رجل نبش امرأة فسلبها ثيابها ونكحها (2) فإن الناس قد اختلفوا علينا ههنا ، طائفة قالوا : وطائفة قالوا : أحرقوه ، فكتب ( عليه السلام ) إليه إن حرمة الميت كحرمة الحي حده أن تقطع يده لنبشه وسلبه الثياب (3) ويقام عليه الحد في الزنا ، إن أحصن رجم ، وإن لم يكن أحصن جلد مائة ».

5149 - وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « ادرؤوا الحدود بالشبهات ، ولا شفاعة ولا كفالة ولا يمين في حد » (4).

5150 - وفي رواية السكوني ، عن جعفر بن محمد عن أبيه ( عليهما السلام ) « أن عليا ( عليه السلام )أتي بشارب فاستقرأه القرآن فقرأه فأخذ رداءه فألقاه مع أردية الناس ثم قال له : خلص رداك فلم يخلصه فحده » (5).

5151 - وروى أبو أيوب ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إن في

ص: 74


1- أراد بالمحق القحط والغلاء ، وفي الكافي في نحوه « المحل » وهو بفتح الميم وسكون المهملة : الجدب وانقطاع المطر ويبس الأرض.
2- أي نبش قبر امرأة وسرق كفنها وفعل بها ، وفى الكافي « ثم نكحها ».
3- حمل على ما إذا بلغ النصاب أو اعتاد النبش ليوافق الاخبار الاخر.
4- رواه ابن عدي في الكامل وروى ذيله البيهقي في السنن ، وادؤوا أي ادفعوا ، والكفالة الضمان ، وروى ذيل الخبر الكليني باسناده عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
5- لعل ذلك لزيادة تحقيق شربه المسكر والاحتياط لاثباته لاكون الحد موقوفا على شرب قدر المسكر منه بل يحد ولو شرب قطرة ( سلطان ) ويمكن أن يكون مراده (عليه السلام) أن يعلم بذلك أنه سكران أم لا ، فان السكران لا يميز رادءه بين الأردية ، أو المراد اظهار حالة السكر للناس ليتنفروا عن شرب المسكر ، واللّه العالم.

كتاب علي ( عليه السلام ) أنه كان يضرب بالسوط وبنصف السوط وببعضه (1) ، يعنى في الحدود إذا اتى بغلام أو جارية لم يدركا ، ولم يكن يبطل حدا من حدود اللّه (2) فقيل له : كيف كان يضرب ببعضه؟ قال : كان يأخذ السوط بيده من وسطه فيضرب به ، أو من ثلثه فيضرب به على قدر أسنانهم كذلك يضربهم بالسوط ولا يبطل حدا من حدود اللّه عزوجل ».

5152 - وخطب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الناس فقال : « إن اللّه تبارك وتعالى حد حدودا فلا تعتدوها ، وفرض فرائض فلا تنقصوها ، وسكت عن أشياء ، لم يسكت عنها نسيانا لها فلا تكلفوها ، رحمة من اللّه لكم فاقبلوها ، ثم قال على ( عليه السلام ) : حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك ، فمن ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له أترك (3) ، والمعاصي حمى اللّه عزوجل فمن يرتع حولها يوشك أن يدخلها » ..

كتاب الديات

باب 508: دية جوارح الانسان ومفاصله ودية النطفة والعلقة والمضغة والعظام والنفس

5153 - روى الحسن بن علي بن فضال ، عن ظريف بن ناصح ، عن عبد اللّه بن أيوب قال : حدثني الحسين الرواسي ، عن ابن أبي عمير الطبيب (4) قال : « عرضت هذه الرواية على أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) فقال : نعم هي حق وقد كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يأمر عماله بذلك :

ص: 75


1- أي للتربية والتأديب.
2- لفظ الخبر في الكافي هكذا « انه كان يضرب بالسوط وبنصف السوط وببعضه في الحدود ، وكان إذا أتى بغلام وجارية لم يدركا لا يبطل حدا - الخ ».
3- بصيغة أفعل التفضيل.
4- في بعض النسخ « ابن أبي عمر الطبيب ».

قال : أفتى ( عليه السلام ) في كل عظم له مخ فريضة مسماة إذا كسر فجبر على غير عثم (1) ولا عيب جعل فريضة الدية ستة أجزاء (2) ، وجعل في الجروح (3) والجنين (4) والأشفار والشلل والأعضاء والابهام لكل جزء ستة فرائض (5).

جعل دية الجنين مائة دينار ، وجعل دية منى الرجل إلى أن يكون جنينا خمسة اجزاء ، فإذا كان جنينا ، قبل أن تلجه الروح مائة دينار.

وجعل للنطفة عشرين دينارا وهو الرجل يفرغ عن عرسه فيلقي نطفته وهي لا تريد ذلك (6) فجعل فيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عشرين دينارا الخمس.

وللعلقة خمسي ذلك أربعين دينارا وذلك للمرأة أيضا تطرق أو تضرب فتلقيه » (7).

ثم للمضغة ستين دينارا إذا طرحته أيضا في مثل ذلك.

ثم للعظم (8) ثمانين دينار إذا طرحته المرأة.

ثم للجنين أيضا مائة دينار إذا طرقهم عدو فأسقطت النساء في مثل هذا (9) ،

ص: 76


1- عثم العظم المكسور - أو يختص باليد - : الحبر على غير استواء.
2- غالبا من كسره ونقبه وموضحته ونقله وصدعه ورضه. ( م ت )
3- في الرأس والبدن الستة المذكورة. ( م ت )
4- في أحواله الستة اما باعتبار النطفة والعلقة والمضغة والعظام واللحم وبعد نفخ الروح ، واما باعتبار الخمسة الأول مع عزل النطفة مجازا.
5- الأشفار بتجزيتها ستة أجزاء لعسر الزائد القليل بالمقايسة. والشلل باعتبار مراتبه كالسابق والابهام بخصوصها لما سيأتي من أن حكمها بخلاف حكم سائر الأصابص. لكل جزء من هذه الستة ستة فرائض من الديات باعتبار أحوالها الستة ، أو ستة أجزاء كما في بعض النسخ. ( م ت )
6- أي المرأة لا تريد العزل ولا تأذن فيه فديته خمس دية الجنين.
7- يعني هذا الحكم بالنسبة إلى الرجل والمرأة سواء ، وفي القاموس الطرق الضرب.
8- أي إذا كان للساقط عظم لكن لم يتم خلقته حتى يطلق عليه اسم الجنين.
9- أي طرق العد والقوم فأسقطت نسوان القوم ، و « في مثل هذا » أي مثل هذا الحكم من المضغة والعلقة.

وأوجب على النساء ذلك من جهة المعقلة مثل ذلك (1).

فإذا ولد المولود واستهل - وهو البكاء - فبيتوا بهم فقتلوا الصبيان ففيهم ألف دينار للذكر ، والأنثى على مثل هذا الحساب على خمسمائة دينار (2).

وأما المرأة إذا قتلت وهي حامل متم ولم يسقط ولدها ولم يعلم هو ذكر أم أنثى ولم يعلم بعدها مات أو قبلها فديته نصفين نصف دية الذكر ونصف دية الأنثى ودية المرأة كاملة بعد ذلك.

وأفتى في منى الرجل يفرغ عن عرسه فيعزل عنها الماء ولم ترد ذلك نصف خمس المائة من دية الجنين عشرة دنانير ، وإن أفرغ فيها عشرون دينارا (3) ، وجعل في قصاص جراحته ومعقلته (4) على قدر ديته وهي مائة دينار ، وقضى في دية جراح الجنين من حساب المائة على ما يكون من جراح الرجل والمرأة كاملة.

وأفتى ( عليه السلام ) في الجسد وجعله ستة فرائض (5) النفس ، والبصر ، والسمع ،

ص: 77


1- أي أوجب على النساء إذا أسقطن أولادهن الدية مثل ما إذا ضربهن غيرهن وأسقطن.
2- بيت العدو القوم أوقع بهم ليلا ( القاموس ) يعني إذا بيت العدو على جماعة فخافت نسوة وأسقطن أولادهن وهم تمام الخلقة فدية الذكر منهم ألف دينار والأنثى النصف وان لم يكن تمام الخلقة فعلى التفصيل السابق.
3- لو أسقط بعد ذلك ولا فرق في الجنين بين الذكر والأنثى لان الدية متساوية فيهما إلى أن تبلغ الثلث وغاية دية الجنين مائة وهو أقل من ثلث الثلث. ( م ت )
4- أي ديته فإذا أولجته الروح وضرب على بطن المرأة وأسقطت يد الجنين وولدت بعد ذلك وعلم أنه رجل وكان حيا وقت الجناية أقتص يد الجاني وكان ديتها خمسمائة دينار ولو كان أنثى وكان الجاني امرأة اقتص منها ويكون ديتها ذهبا مائتين وخمسين دينار وعلى هذا القياس. ولو كان قبل ولوج الروح فديتها خمسون دينارا ويمكن أن يكون المراد بالقصاص الدية ويكون معقلته تفسيرا له ويكون أظهر معنى والأول أظهر لفظا وأعم نفعا.
5- أي ذكر منها الستة وأحال الباقي عليها. ( م ت )

والكلام ونقص الصوت من الغنن والبحح (1) والشلل من اليدين والرجلين ، وجعل هذا بقياس ذلك الحكم (2).

ثم جعل مع كل شئ من هذه قسامة على نحو ما بلغت الدية ، والقسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلا ، وعلى الخطأ خمسة وعشرين رجلا على ما بلغت ديته ألف دينار من الجروح بقسامة ستة نفر ، فما كان دون ذلك فحسابه على ستة نفر والقسامة في النفس والسمع والبصر والعقل والصوت من الغنن والبحح ونقص اليدين والرجلين فهذه ستة اجزاء الرجل (3).

والدية في النفس ألف دينار ، والأنف ألف دينار ، والصوت كله من الغنن والبحح ألف دينار ، وشلل اليدين ألف دينار ، وذهاب السمع كله ألف دينار ، وذهاب البصر كله ألف دينار ، والرجلين جميعا ألف دينار ، والشفتين إذا استوصلتا ألف دينار والظهر إذا أحدب (4) ألف دينار ، والذكر فيه ألف دينار ، واللسان إذا استوصل ألف

ص: 78


1- لعل المراد بالكلام العقل كما سيذكر واستقامة الكلام واختلافه لازمة للعقل وفي الكافي « العقل » بدل « الكلام » والغنن هو أن يخرج صوته من خياشيمه ، والبحح - محركة - : خشونة وغلظة في الصوت ، والشلل بابطال المنفعة من اليدين والرجلين أو إحديهما.
2- أي حكم الجنين في الفرق بين الذكر والأنثى ، أو في غير النفس بتجزئتها ستة أجزاء ، أو يكون ذلك مبهما يفسره حكم القسامة ، أو يكون هذا إشارة إلى الخمسة الأخيرة من الستة المذكورة غير النفس وذلك إلى النفس أي جعل حكم هذه الخمسة بقياس حكم النفس فنصف البصر نصف النفس وهكذا. ( م ت )
3- أي جعل القسامة في النفس خمسين إذا كان عمدا ، وخمسا وعشرين في الخطأ ، وجعل القسامة في المنافع والأعضاء فيما كان ديته دية النفس على ستة نفر فإذا قطع الجاني الذكر أو الانف أو اليدين أو الرجلين أو أعماه أو صممه فيحلف المجني عليه مع خمسة نفر ، ولو قطع يدا واحدة فيحلف هو واثنان ، ولو قطع إصبعا فيحلف هو وحده وعلى هذا القياس ، وهذا المعنى من متفردات هذا الكتاب والمشهور أن الأطراف كالنفس ففي الانف مثلا يحلف هو وتسعة وأربعون رجلا وسيذكر. ( م ت )
4- الحدب - محركة - : خروج الظهر ودخول الصدر والبطن ، حدب كفرح. ( م ت )

دينار والأنثيين ألف دينار.

وجعل ( عليه السلام ) دية الجراحة في الأعضاء كلها في الرأس والوجه وساير الجسد من السمع والبصر والصوت والعقل واليدين والرجلين في القطع والكسر والصدع والبطط والموضحة والدامية ونقل العظام والناقبة (1) تكون في شئ من ذلك (2) ، فما كان من عظم كسر فجبر على غير عثم ولا عيب لم تنقل منه العظام فإن ديته معلومة فإذا أوضح ولم تنقل منه العظام فدية كسره ودية موضحته (3) ، ولكل عظم كسر معلوم فديته ونقل عظامه نصف دية كسره ، ودية موضحته ، ربع دية كسره مما وارت الثياب من ذلك غير قصبتي الساعد والأصابع ، وفي قرحه لا تبرأ ثلث دية ذلك العظم الذي هي فيه ، فإذا أصيب الرجل في إحدى عينيه فإنما تقاس ببيضة ، تربط على عينه المصابة وينظر ما منتهى بصر عينه الصحيحة ثم تغطي عينه الصحيحة وينظر ما منتهى بصر عينه المصابة فتعطى ديته من حساب ذلك ، والقسامة مع ذلك من الستة الاجزاء القسامة على ستة نفر على قدر ما أصيب من عينه (4) ، فإن كان سدس بصره حلف الرجل وحده وأعطى ، وإن كان ثلث بصره حلف هو وحلف معه رجل آخر ، وإن كان نصف بصره حلف هو وحلف معه رجلان آخران ، فإن كان ثلثي بصره حلف هو وحلف معه ثلاثة رجال ، وإن كان أربعة أخماس بصره حلف هو وحلف معه أربعة رجال ، وإن كان بصره كله حلف هو وحلف معه خمسة رجال ذلك في القسامة في العين.

قال : وأفتى ( عليه السلام ) فيمن لم يكن له من يحلف معه ولم يوثق به على ما ذهب من بصرة أنه تضاعف عليه اليمين إن كان سدس بصره حلف واحدة ، وإن كان الثلث

ص: 79


1- الصدع : الشق ، والبطط : شق الجرح والدمل ، والموضحة : ما ظهر به العظم والدامية : ما يخرج به الدم ، والناقبة أي التي تنقب العظم.
2- جملة حالية عن كل واحد من القطع والكسر إلى آخره.
3- لعل الخبر محذوف وهو معلومتان حذف بقرينة السابق ، ويمكن أن يكون الواو زيادة من النساخ والمعنى فان كسر فدية كسره دية موضحته ، والأول أظهر.
4- هذه المقايسة لحصول اللوث حتى يكون فيه القسامة كما سيجيئ. ( م ت )

حلف مرتين ، وإن كان النصف حلف ثلاث مرات ، وإن كان الثلثين حلف إربع مرات وإن كان خمسة أسداس حلف خمس مرات ، وإن كان بصره كله حلف ست مرات ثم يعطى ، وإن أبى أن يحلف لم يعط الا ما حلف عليه ووثق منه بصدق والوالي يستعين في ذلك بالسؤال والنظر والتثبت في القصاص والحدود والقود.

وإن أصاب سمعه شئ فعلى نحو ذلك يضرب له بشئ لكي يعلم منتهى سمعه ثم يقاس ذلك ، والقسامة على نحو ما ينقص من سمعه وإن كان سمعه كله فعلى نحو ذلك وان خيف منه فجور ترك حتى يتغفل ثم يصاح به فإن سمع عاودوه الخصومة إلى الحاكم والحاكم يعمل فيه برأيه ويحط عنه بعض ما أخذ.

وإن كان النقص في الفخذ أو في العضد فإنه يقاس بخيط يقاس رجله الصحيحة أو يده الصحيحة ثم يقاس به المصابة فيعلم ما نقص من يده أو رجله.

وإن أصيب الساق أو الساعد فمن الفخذ أو العضد يقاس ، وينظر الحاكم قدر فخذه.

وقضى عليه السلام في صدغ الرجل (1) إذا أصيب فلم يستطع أن يلتفت إلا ما انحرف الرجل نصف الدية (2) خمس مائة دينار ، وما كان دون ذلك فبحسابه.

وقضى في شفر العين الاعلى (3) ان أصيب فشتر فديته ثلث دية العين مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار ، وإن أصيب شفر العين الأسفل فديته نصف دية العين مائتا دينار وخمسون دينارا.

وان أصيب الحاجب فذهب شعره كله فديته نصف دية العين مائتا دينار و خمسون دينارا ، فما أصيب منه فعلى حساب ذلك.

ص: 80


1- الصدغ - بالضم - من الوجه ما بين العين والاذن.
2- مفعول قضى ، وخمسمائة بيان للنصف.
3- الشفر - بالضم ويفتح - الجلدة التي هي غطاء العين ، والشتر - محركة - انقلاب الجفن من أعلى وأسفل أو انشقاقه أو استرخاه أسفله.

وان قطعت روثة الانف فديتها خمسمائة دينار نصف الدية.

( قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : الروثة من الانف مجتمع مارنه ) (1).

وإن أنفدت فيه نافذة لا تنسد بسهم أو برمح فديته ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث (2) ، وإن كانت نافذة فبرئت والتأمت فديتها خمس دية روثة الانف مائة دينار ، فما أصيب فعلى حساب ذلك وإن كانت النافذة في إحدى المنخرين إلى الخيشوم وهو الحاجز بين المنخرين - فديتها عشر دية روثة الانف لأنه النصف والحاجز بين المنخرين خمسون دينارا ، وإن كانت الرمية نفذت في إحدى المنخرين والخيشوم إلى المنخر الاخر فديتها ستة وستون دينارا وثلثا دينار.

وإذا قطعت الشفة العليا فاستوصلت فديتها نصف الدية خمسمائة دينار فما قطع منها فبحساب ذلك ، فإن انشقت فبدا منها الأسنان ثم دوويت فبرئت والتأمت فدية جرحها والحكومة فيه خمس دية الشفة مائة دينار ، وما قطع منها فبحساب ذلك ، وإن شترت وشينت شينا قبيحا فديتها مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار.

( قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : الشتر انشقاق الشفة من أسفلها إما خلقة وإما من شئ أصابها ، ويقال : شفة شتراء إذا كانت كذلك ).

ودية شفة السفلى إذا قطعت واستوصلت ثلثا الدية كملا ستمائة دينار وستة وستون دينار أو ثلثا دينار فما قطع منها فبحساب ذلك ، فإن انشقت حتى تبدو منها الأسنان ثم برئت والتأمت فمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ، وإن أصيبت فشينت شينا فاحشا فديتها ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.

قال وسألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن ذلك فقال : بلغنا أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فضلها (3)

ص: 81


1- المارن : ما دون قصبة الانف ، وهو مالان منه.
2- أي ثلث دية النفس.
3- أي فضل السفلى على العليا.

لأنها تمسك الماء والطعام مع الأسنان فلذلك فضلها في حكومته (1).

وفي الخد إذا كانت فيه نافذة ويرئ منها جوف الفم فديتها مائة دينار ، فإن دوي فبرئ والتأم وبه أثر بين وشين فاحش فديته خمسون دينارا ، فإن كانت نافذة في الخدين كلتيهما فديتها مائة دينار وذلك نصف دية التي يرى منها الفم.

وإن كانت رمية بنصل نشبت في العظم (2) حتى تنفذ إلى الحنك فديتها مائة وخمسون دينارا جعل منها خمسين دينارا لموضحتها ، وإن كانت ناقبة ولم تنفذ فديتها مائة دينار فإن كانت موضحة في شئ من الوجه فديتها خمسون دينارا ، فإن كان لهاشين فدية شينها ربع دية موضحتها ، وإن كان جرحا ولم يوضح ثم برء وكان في الخدين أثر فديته عشرة دنانير ، وإن كان في الوجه صدع فديته ثمانون دينارا. فإن سقطت منه جذوة لحم ولم توضح وكان قدر الدرهم فما فوق ذلك فديتها ثلاثون دينارا.

ودية الشجة إذا كانت توضح أربعون دينارا إذا كانت في الجسد ، وفي مواضح الرأس خمسون دينارا ، فإن نقل منها العظام فديتها مائة دينار وخمسون دينارا (3) ، فإذا كانت ناقبة في الرأس فتلك تسمى المأمومة وفيها ثلث الدية ثلاثمائة دينار و ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.

وجعل في الأسنان في كل سن خمسين دينارا وجعل الأسنان سواء وكان قبل ذلك يجعل في الثنية خمسين دينارا ، وفيما سوى ذلك من الأسنان في الرباعية أربعين دينارا ، وفي الناب ثلاثين دينارا ، وفي الضرس خمسة وعشرين دينارا ، فإذا اسودت

ص: 82


1- اختلف الأصحاب في دية كل واحدة من الشفتين على انفرادهما بعد اتفاقهم على أن في المجموع منهما الدية الكاملة على أقوال أحدها التسوية بينهما في وجوب نصف الدية لكل واحدة ، وثانيها أن في العليا الثلث وفي السفلى الثلثين ، وثالثها أن في العليا خمسا الدية أربعمائة دينار ، وفي السفلى ثلاثة أخماس الدية ستمائة دينار ، ورابعها أن في العليا النصف وفي السفلى الثلثين اختاره ابن الجنيد ونقله المحقق عن المصنف ، كما في المسالك.
2- أي علقت فيه ، نشب الشئ في الشئ أي علق.
3- للنقل مائة ، وللايضاح خمسون.

السن إلى الحول فلم تسقط فديتها دية الساقطة خمسون دينارا ، وإن انصدعت فلم تسقط فديتها خمسة وعشرون دينارا ، فما انكسر منها فبحسابه من الخمسين الدينار وإن سقطت بعد وهي سوداء فديتها خمسة وعشرون دينارا ، فإن انصدعت وهي سوداء فديتها اثنا عشر دينارا ونصف ، فما انكسر منها من شئ فبحسابه من الخمسة والعشرين الدينار.

وفي الترقوة إذا انكسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب أربعون دينارا ، فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس كسرها اثنان وثلاثون دينارا ، فإن أوضحت فديتها خمسة وعشرون دينارا وذلك خمسة أجزاء من ثمانية أجزاء من ديتها إذا انكسرت ، فإن نقل منها العظام فديتها نصف دية كسرها عشرون دينارا ، وإن نقبت فديتها ربع دية كسرها عشرة دنانير.

ودية المنكب إذا كسر خمس دية اليد مائة دينار ، فإن كان في المنكب صدع فديته أربعة أخماس دية كسره ثمانون دينارا ، فما أوضح فديته ربع دية كسره خمسة وعشرون دينارا ، فإن نقلت منه العظام فديته مائة دينار وخمسة وسبعون دينارا ، منها مائة دينار دية كسره وخمسون دينارا لنقل العظام وخمسة وعشرون دينارا للموضحة فإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا (1) ، فإن رض فعثم فديته ثلث دية النفس (2) ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينار وثلث دينار ، فإن كان فك فديته ثلاثون دينارا (3).

وفى العضد إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب فديتها خمس دية اليد مائة دينار (4) ، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا ، ودية نقل عظامها

ص: 83


1- لعل المراد بالناقبة ما لم ينفذ إلى الجانب الآخر فلا ينافي حكم النافذة. ( المرآة )
2- هذا مخالف لما ذكره الأصحاب من أن فيه مع العثم ثلث دية العضو ، ويمكن حمله على ما إذا شلت اليد ففيه ثلثا دية اليد وهو ثلث النفس. ( المرآة )
3- قال به ابن حمزة خلافا للمشهور.
4- المشهور أنه إذا جبر على غير عثم أربعة أخماس دية الكسر.

نصف دية كسرها خمسون دينارا ، ودية نقبها ربع ودية كسرها خمسه وعشرون دينارا.

وفي المرفق إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة دينار وذلك خمس دية اليد ، فإن انصدع فديته أربعة أخماس دية كسره ثمانون دينارا ، فإن أوضح فديته ربع دية كسره خمسة وعشرون دينارا ، فإن نقلت منه العظام فديته مائة دينار وخمسة وسبعون دينارا ، للكسر مائة دينار ولنقل العظام خمسون دينارا وللموضحة خمسة وعشرون دينارا ، فإن كانت فيه ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا ، فإن رض المرفق فعثم فديته ثلث دية النفس ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ، فإن كان فك فديته ثلاثون دينارا ، وفي المرفق الاخر مثل هذا سواء.

وفى الساعد إذا كسر (1) فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية النفس ثلاثمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ، فإن كان كسر إحدى القصبتين من الساعد فديته خمس دية اليد مائة دينار ، وفي إحديهما أيضا في الكسر لاحد الزندين خمسون دينارا وفي كليهما مائه دينار ، فإن انصدع إحدى القصبتين ففيها أربعة أخماس دية إحدى قصبتي الساعد أربعون دينارا (2) ودية موضحتها ربع كسرها خمسة وعشرون دينارا [ ودية نقل عظامها مائة دينار ، وذلك خمس دية اليد ، وإن كانت ناقبة فديتها ربع دية كسرها خمسه وعشرون دينارا ] (3) ودية نقبها نصف دية موضحتها اثنا عشر دينارا ونصف دينار ، ودية نافذتها خمسون دينارا ، فإن صارت فيه قرحة لا تبرأ فديتها ثلث دية الساعد ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار (4) وذلك (5) ثلث دية الذي هو فيه.

ودية الرسغ إذا رض فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية اليد مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار (6).

ص: 84


1- أي كسر القصبتين معا.
2- كذا وفي بعض النسخ « ثمانون ».
3- ما بين القوسين ليس في بعض النسخ.
4- كذا والمراد واضح.
5- بيان للقاعدة وبمنزلة التعليل لما قبله. ( سلطان )
6- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - الظاهر أن ههنا سقطا أو لفظتا « غير » و « لا » زيدتا من النساخ ، فان المشهور أنه مع العثم فيه ثلث دية العضو وأما على سياق ما مر في المنكب من أن مع العثم فيه ثلث دية النفس لا استبعاد في أن يكون فيه من غير العثم ثلث دية العضو.

( قال الخليل بن أحمد : الرسغ : مفصل ما بين الساعد والكف. وفي « خلق الانسان » (1) للتيراني الرسغ : - گردن دست - والأرساغ جماعة ) (2).

وفي الكف إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية اليد مائة دينار فإن فكت الكف فديتها ثلث دية اليد (3) مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار وفى موضحتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا ، ودية نقل عظامها مائة دينار وثمانية وسبعون دينارا (4) نصف دية كسرها ، في نافذتها إن لم تنسد خمس دية اليد مائة دينار ، فإن كانت نافذة فديتها ربع دية كسرها خمسة وعشرون دينارا.

ودية الأصابع والقصب الذي في الكف : في الابهام إذا قطع ثلث دية اليد (5) مائة دينار وستة وستون دينارا وثلثا دينار ، ودية قصبة الابهام التي في الكف تجبر على غير عثم خمس دية الابهام ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ، إذا استوى جبرها وثبت ، ودية صدعها ستة وعشرون دينار أو ثلثا دينار ، ودية موضحتها ثمانية دنانير وثلث دينار ، ودية نقل عظامها ستة عشر دينارا وثلثا دينار ، ودية نقبها ثمانية دنانير وثلث دينار نصف دية نقل عظامها ، ودية موضحتها نصف دية ناقلتها ثمانية دنانير وثلث دينار ، ودية فكها عشرة دنانير.

ودية المفصل من من أعلى الابهام إن كسر فجبر على غير عثم ولا عيب ستة عشر دينارا وثلثا دينار ، ودية الموضحة إذا كان فيها أربعة دنانير وسدس دينار ، ودية نقبه أربعة دنانير وسدس دينار ، ودية صدعه ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار ، ودية نقل عظامها

ص: 85


1- اسم كتاب في اللغة للتيراني وهو محمد بن عبد اللّه لغوي مشهور. ( م ت )
2- قال في الصراح : رسغ باريكي پيوند دست است ، حمع آن أرساغ.
3- محمول على ما إذا لم تضر بالكف ففيها ثلثا دية اليد.
4- كذا ، وفي الكافي « ودية نقل عظامها خمسون دينارا ».
5- المشهور أن في كل إصبع عشر الدية والقول بالثلث على الابهام والثلثين على الأربع البواقي لأبي الصلاح وابن حمزة. ( المسالك )

خمسة دنانير ، وما قطع منها فبحسابه على منزلته.

وفي الأصابع فكل إصبع سدس دية اليد ثلاثة وثمانون دينارا وثلث دينار ، وأصابع الكف الأربع سوى الابهام دية كل قصبة عشرون دينارا وثلثا دينار ، ودية كل موضحة في كل قصبة من القصب من الأربع الأصابع أربعة دنانير وسدس ، ودية نقل كل قصبه منهن ثمانية دنانير وثلث دينار.

ودية كسر كل مفصل من الأصابع الأربع التي تلي الكف ستة عشر دينارا وثلثا دينار ، وفي صدع كل قصبة منهن ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار ، وإن كان في الكف قرحة لا تبرأ فديتها ثلاثة وثلاثون دينارا ، وثلث دينارا ، وفي نقل عظامها ثمانية دنانير و ثلث دينار (1) ، وفي موضحتها أربعة دنانير وسدس ، وفي نقبها أربعة دنانير وسدس دينار ، وفي فكها خمسة دنانير.

ودية المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قطع فديته خمسة وخمسون دينارا وثلث دينار ، وفي كسره أحد عشر دينارا وثلث دينار ، وفي صدعه ثمانية دنانير ونصف وفي موضحته دينار وثلثا دينار (2) وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث دينار وفي نقبه ديناران وثلثا دينار ، وفي فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار.

وفي المفصل الاعلى (3) من الأصابع الأربع إذا قطع سبعة وعشرون دينارا ونصف دينار وربع عشر دينار (4) وفي كسره خمسة دنانير وأربعة أخماس دينار ، وفي نقبه دينار وثلث ، وفي فكه دينار وأربعة أخماس دينار (5) وفي ظفر كل إصبع منها خمسة دنانير.

ص: 86


1- أي عظام الأصابع وهذا تكرار ، ويمكن أن يكون المراد بالعظام غير قصبات الأصابع فلا تكرار.
2- في الكافي « ديناران وثلثا دينار ».
3- لعل المراد المفصل الذي عليه الظفر.
4- في الكافي « سبعة وعشرون دينارا ونصف وربع ونصف عشر دينار » والمناسب للقاعدة ونصف تسع دينار أو سبعة وعشرون وثلثا دينار. ( م ت )
5- فيه « في نقبه ديناران وثلثا دينار وفي فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار ».

وفي الكف إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب فديتها أربعون دينارا ، و دية صدعها أربعة أخماس دية كسرها اثنان وثلاثون دينارا ، ودية موضحتها خمسة و عشرون دينارا ، ودية نقل عظامها عشرون دينارا ونصف دينار ، ودية نقبها ربع دية كسرها عشرة دنانير ، ودية قرحة فيها لا تبرأ ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار (1).

وفى الصدر إذا رض فتثنى شقاه كلاهما فديته خمسمائة دينار ، ودية إحدى شقية إذا انثنى (2) مائتا دينار وخمسون دينارا ، وإن انثنى الصدر والكتفان فديته مع الكتفين ألف دينار ، وإن انثنى إحدى الكتفين مع شق الصدر فديته خمسمائة دينار ، ودية الموضحة في الصدر خمسة وعشرون دينارا ، ودية موضحة الكتفين والظهر خمسه وعشرون دينارا ، وإن اعترى الرجل من ذلك صعر (3) ولا يقدر على أن يلتفت فديته خمسمائة دينار ، وإن كسر الصلب فجبر على غير عثم ولا عيب فديته مائة دينار وإن عثم فديته ألف دينار.

وفي الأضلاع فيما خالط القلب من الأضلاع إذا كسر منهما ضلع فديته خمسة وعشرون دينارا ، ودية صدعه اثنا عشر دينارا ونصف ، ودية نقل عظامه سبعة دنانير ونصف دينار وموضحته على ربع كسره ، ودية نقبه مثل ذلك. وفي الأضلاع مما يلي العضدين دية كل ضلع عشرة دنانير إذا كسر ، ودية صدعه سبعة دنانير ، ودية نقل عظامه خمسة دنانير ، وموضحة كل ضلع ربع دية كسره ديناران ونصف دينار ، وإن نقب ضلع منها فديته ديناران ونصف دينار ، وفي الجايفة (4) ثلث دية النفس ثلاثمائة دينار وثلاثة و

ص: 87


1- تقدم أن دية الكف مائة دينار وهي خمس دية اليد ، ولا وجه في إعادة ذكر الكف ومخالفته لما سبق ولعل فيه تصحيفا لكن نسخ الكتاب والكافي متفقة في ذلك ولا يخفى أن النسبة بين المقادير فيه أيضا مخالفة للقاعدة ، ولعل المراد الكف الزائد أو الشلاء. ( المرآة )
2- أي إذا انعطف ، الشق - بالكسر - : النصف.
3- الصعر الميل في الخد خاصة وصاعره أي أماله و « لا تصعر خدك للناس » أي لا تمل لهم خدك تكبرا كما في اللغة أو تذللا كما في الخبر وما في الخبر أوفق بسياق الآية.
4- الجائفة : الطعنة التي تبلغ الجوف.

ثلاثون دينارا وثلث دينار ، وإن نقب من الجانبين كليهما برمية أو طعنة وقعت في الشقاق فديتها أربعمائة دينار وثلاثة وثلاثون دينارا [ وثلث دينار ].

وفي الاذن إذا قطعت فديتها خمسمائة دينار وما قطع منها فبحساب ذلك وفي الورك إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار (1) فإن صدع الورك فديته مائة دينار وستون دينارا أربعة أخماس دية كسره وإن أوضحت فديته ربع دية كسره خمسون دينارا ، ودية نقل عظامه مائة وخمسة وسبعون دينارا ، منهما لكسرها مائة دينار ، ولنقل عظامها خمسون دينارا ، ولموضحتها خمسة وعشرون دينارا ، ودية فكها ثلاثون دينارا ، فإن رضت (2) فعثمت فديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.

وفي الفخذ إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار (3) ، فان عثمت الفخذ فديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ثلث دية النفس ، ودية صدع الفخذ أربعة أخماس دية كسرها مائة دينار وستون دينارا وإن كانت قرحة لا تبرأ فديتها ثلث دية كسرها ستة وستون دينارا وثلثا دينار ، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون دينارا ، ودية نقل عظامها نصف دية كسرها مائة دينار ، ودية نقبها ربع دية كسرها خمسون دينارا (4).

ص: 88


1- الظاهر أن المراد الوركان وكذا في الصدع والموضحة وأما الناقلة فذكر فيه حكم إحدى الوركين ، وأما الفك والرض فالأوفق بما سبق حملهما على ما إذا كانت في إحديهما فيكون الحكم بثلث دية النفس في الرض لأنه في حكم الشلل ففيه ثلثا دية العضو ، وبما ذكره الأصحاب. حملها على الوركين. ( المرآة )
2- أي الوركان.
3- الظاهر هنا أيضا أن المراد الفخذ أن ، والعثم يحتمل الامرين وإن كان الأظهر هنا الفخذان وكذا الصدع والبواقي ( المرآة )
4- في الكافي « ربع دية كسرها ومائة وستون دينارا » وهذا تصحيف ، وفي التهذيب كما في المتن وهو الصواب.

وفي الركبة (1) إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار ، فإن انصدعت فديتها أربعة أخماس دية كسرها مائة وستون دينارا ، ودية موضحتها ربع دية كسرها خمسون دينارا ، ودية نقل عظامها (2) مائة دينار وخمسة وسبعون دينارا ، منها في دية كسرها مائة دينار ، وفي نقل عظامها خمسون دينارا ، وفي موضحتها خمسة وعشرون دينارا ، ودية نقبها ربع دية كسرها خمسون دينارا ، فإذا رضت فعثمت ففيها ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ، فإن فكت ففيها ثلاثة اجزاء من دية الكسر ثلاثون دينارا.

وفي الساق إذا كسرت (3) فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين (4) مائتا دينار ، ودية صدعها أربعة أخماس دية كسرها مائه وستون دينارا ، وفي موضحتها ربع دية كسرها خمسون دينارا ، وفي نقل عظامها ربع دية كسرها خمسون دينارا ، وفي نقبها نصف دية موضحتها (5) خمسة وعشرون دينارا ، وفي تعورها (6) ربع دية كسرها خمسون دينارا ، وفي قرحة فيها لا تبرأ ثلاثة وثلاثون دينارا (7) ، فان عثمت الساق فديتها ثلث دية النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.

وفى الكعب إذا رض فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية الرجلين ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار (8).

ص: 89


1- أي في كلتيهما معا فلا منافاة. ( سلطان )
2- أي في كل واحد منهما. * ههنا في التهذيب زيادة.
3- أي كسرت كلتاهما.
4- في الكافي « دية الرجل » هنا وفيما تقدم في الفخذ والركبة ، وما يأتي في الكعب والقدم.
5- هذا مخالف لما مر وقال العلامة المجلسي : حمله على أن المراد في نقب إحديهما نصف دية موضحتهما بعيد وكذا نقل العظام مخالف للقاعدة ويجرى فيه ما ذكرنا من التوجيه وعليها قس البواقي.
6- في بعض النسخ « نفوذها » كما في الكافي.
7- في الكافي « وثلث دينار ».
8- الظاهر أن المراد بالكعب هما العظمان النابتان عن طرفي القدم ولعل المراد هنا دية كعوب الرجلين. ( المرآة )

وفي القدم (1) إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية الرجلين مائتا دينار ، وفي ناقبة فيها ربع دية كسرها خمسون دينارا ، ودية الأصابع والقصب التي في القدم للابهام ثلث دية الرجلين ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.

ودية كسر الابهام القصبة التي تلي القدم خمس دية الابهام ستة وستون (2) دينارا وثلث دينار ، وفي صدعها ستة وعشرون دينارا وثلثا دينار ، وفي موضحتها ثمانية دنانير وثلث دينار ، وفي نقل عظامها ستة وعشرون دينارا وثلثا دينار ، وفي نقبها ثمانية دنانير وثلث دينار ، وفي فكها عشرة دنانير.

ودية المفصل الاعلى من الابهام وهو الثاني فيه الظفر ستة عشر دينارا وثلثا دينار ، وفي موضحته أربعة دنانير وسدس دينار ، وفي نقل عظامه ثمانية دنانير وثلث دينار ، وفى ناقبته أربعة دنانير وسدس دينار ، وفي صدعه ثلاثة عشر دينارا وثلث ، وفي فكه خمسة دنانير (3).

ودية كل إصبع منها سدس دية الرجل ثلاثة وثمانون دينارا وثلث دينار ، ودية قصبة الأصابع الأربع سوى الابهام دية كسر كل قصبة منها ستة عشر دينارا وثلث (4) ، ودية موضحة كل قصبة منهن أربعة دنانير وسدس ، ودية نقل كل عظم قصبة منهن ثمانية دنانير وثلث ودية صدعها ثلاثة عشر دينار أو ثلث (5) ، ودية نقب

ص: 90


1- أي في كليهما.
2- في الكافي « ودية كسر قصبة الابهام التي تلي القدم خمس دية الابهام - الخ » وفي بعض النسخ « ستة وسبعون » وقال العلامة المجلسي - رخمه اللّه - : المراد بدية الابهام دية الابهامين ، وبكسر قصبة الابهام كسر قصبتي الابهامين ، وإنما جعل فيه خمس دية الابهام لان كسر تلك القصبة يسري ضرره في جميع الابهام.
3- زاد هنا في الكافي والتهذيب « وفي ضفره ثلاثين دينارا وذلك لأنه ثلث دية الرجل » وقال العلامة المجلسي : لم يقل بهذا أحد.
4- في الكافي « ستة عشر دينارا وثلثا دينار ».
5- في الكافي « ودية صدعها ثلاثة عشر دينارا وثلثا دينار ».

كل قصبة منهن أربعة دنانير وسدس ، ودية قرحة لا تبرأ في القدم ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث.

ودية كسر المفصل الذي يلي القدم من الأصابع (1) ستة عشر دينارا وثلث (2) ودية صدعها ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار ، ودية نقل عظم كل قصبة منهن ثمانية دنانير وثلث ، ودية موضحة كل قصبة أربعة دنانير وسدس دينار ، ودية نقبها أربعة دنانير وسدس دينار ، ودية فكها خمسة دنانير.

وفي المفصل الأوسط من الأصابع الأربع إذا قطع فديته خمسة وخمسون دينارا وثلثا دينار ، ودية كسره أحد عشر دينارا وثلثا دينار ، ودية صدعه ثمانية دنانير وأربعة أخماس دينار ، ودية موضحته ديناران ، ودية نقل عظامه خمسة دنانير وثلثا دينار ، ودية فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار (3) ، ودية نقبة ديناران وثلثا دينار.

وفى المفصل الاعلى من الأصابع الأربع التي فيها الظفر إذا قطع فديته سبعة وعشرون دينارا وأربعة أخماس دينار ، ودية كسره خمسة دنانير وأربعة أخماس دينار ودية صدعه أربعة دنانير وخمس دينار ، ودية موضحته دينار وثلث دينار ، ودية نقل عظامه ديناران وخمس دينار ، ودية نقبه دينار وثلث دينار ، ودية فكه دينار وأربعة أخماس دينار (4) ، ودية كل ظفر عشرة دنانير.

وأفتى ( عليه السلام ) في حلمة ثدي الرجل ثمن الدية مائة دينار وخمسة وعشرون دينارا ، وفي خصية الرجل خمسمائة دينار ، قال : فإن أصيب رجل فادر (5) خصيتاه كلتاهما فديته أربعمائة دينار ، وإن فحج (6) فلم يقدر على المشي إلا مشيا لا ينفعه فديته

ص: 91


1- أي الأصابع الأربعة كما في الكافي.
2- كذا في الكافي والتهذيب ولعل الصواب كما في نسخة من الفقيه « وثلثا دينار ».
3- ليس في الكافي « وثلثا دينار ».
4- في الكافي « ديناران وأربعة أخماس دينار ».
5- الأدرة : انتفاخ الخصيتين.
6- الفحج : تباعد ما بين الرجلين في الأعقاب مع تقارب صدور القدمين.

أربعة أخماس دية النفس ثمانمائة دينار ، فإن أحدب منها الظهر فحينئذ تمت ديته ألف دينار.

والقسامة في كل شئ من ذلك ستة نفر على ما بلغت ديته.

وأفتى ( عليه السلام ) في الوجأة إذا كانت في العانة فخرق الصفاق (1) فصارت أدرة في إحدى الخصيتين فديتها مائتا دينار خمس الدية ، وفي النافذة إذا نفذت من رمح أو خنجر في شئ من الرجل من أطرافه فديتها عشر دية الرجل مائة دينار.

وقضى ( عليه السلام ) أنه لاقود لرجل أصابه والده في أمر يعتب فيه عليه فأصابه عيب من قطع وغيره ويكون له الدية ولا يقاد ، ولا قود لامرأة أصابها زوجها فعيبت فغرم العيب على زوجها ولا قصاص عليه.

وقضى ( عليه السلام ) في امرأة ركلها زوجها فأعفلها (2) أن لها نصف ديتها مائتان وخمسون دينارا.

وقضى ( عليه السلام ) في رجل افتض جارية بإصبعه فخرق مثانتها فلا تملك بولها فجعل لها ثلث نصف الدية مائة وستة وستين دينارا وثلثا دينار. وقضى ( عليه السلام ) لها عليه صداقها مثل نساء قومها. وأكثر رواية أصحابنا في ذلك الدية كاملة.

باب 509: تحريم الدماء والأموال بغير حقها والنهى عن التعرض لما لا يحل ، والتوبة عن القتل إذا كان عمدا أو خطأ

5154 - روى زرعة ، عن سماعة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله )

ص: 92


1- الوجأة من الوجاء - بالكسر والمد - : رض عروق البيضتين حتى تنفضخ فيكون شبيها بالخصاء ، وقيل هو رض الخصيتين. والصفاق : الجلد الأسفل تحت الجلد الذي عليه الشعر أو ما بين الجلد والمصران ، أو جلد البطن كله « القاموس » وفي بعض النسخ بالسين ولعلهما بمعنى ، وفي بعضها « الوجية » بدل « الوجأة ». * أي دية الرجل.
2- الركل ضربك الفرس ليعدو والضرب برجل واحد « القاموس » والعفل والعفلة محركتين - شئ يخرج من قبل المرأة يمنع وطيها ، وقيل : هو ورم يكون بين مسلكيها فيضيق فرجها حتى يمنع الايلاج وقيل هو القرن.

وقف بمنى حين قضى مناسكه في حجة الوداع فقال : أيها الناس اسمعوا ما أقول لكم واعقلوه فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم في هذا الموقف بعد عامنا هذا ، ثم قال : أي يوم أعظم حرمة؟ قالوا : هذا اليوم ، قال : فأي شهر أعظم حرمة؟ قالوا : هذا الشهر قال : فأي بلدة أعظم حرمة؟ قالوا : هذه البلدة ، قال : فإن دماء كم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه فيسألكم عن أعمالكم ، ألا هل بلغت؟ قالوا : نعم ، قال : اللّهم اشهد ، ألا ومن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها فإنه لا يحل له دم امرء مسلم ولا ماله الا بطيبة نفسه فلا تظلموا أنفسكم ولا ترجعوا بعدي كفارا ».

5155 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن منصور بزرج ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « لا يغرنكم رحب الذراعين بالدم فان له عند اللّه قاتلا لا يموت (1) ، قالوا : يا رسول اللّه وما قاتل لا يموت؟! قال : النار »

5156 - وروى هشام بن سالم عن بي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ، وقال : لا يوفق قاتل المؤمن متعمدا للتوبة ».

5157 - وروى حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « يجيئ يوم القيامة رجل إلى رجل حتى يلطخه بالدم والناس في الحساب ، فيقول : يا عبد اللّه مالي ولك؟! فيقول أعنت علي يوم كذا وكذا بكلمة فقتلت » (2).

5158 - وفي رواية العلاء ، عن الثمالي قال : « لو أن رجلا ضرب رجلا سوطا لضربه اللّه سوطا من النار ».

5159 - وروى جميل عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « لعن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) من

ص: 93


1- الرحب : السعة ، ورحب الذراعين أي القادر على الفعل في سعة.
2- رواه المصنف في عقاب الأعمال في الصحيح.

أحدث بالمدينة حدثا ، أو آوى محدثا ، قلت : وما ذلك الحدث؟ قال : القتل » (1).

5160 - وروى ابن أبي عمير ، عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من أعان على مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة وبين عينيه مكتوب : آيس من رحمة اللّه » (2).

5161 - وروى أبان ، عن أبي إسحاق إبراهيم الصيقل قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : « وجد في ذؤابة سيف رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) صحيفة فإذا فيها مكتوب بسم اللّه الرحمن الرحيم إن اعتى الناس على اللّه يوم القيامة من قتل غير قاتله ، وضرب غير ضاربه (3) ، ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما انزل اللّه على محمد ، ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا لم يقبل اللّه تعالى منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا ، قال : ثم قال : أتدري ما يعنى بقوله ( من تولى غير مواليه )؟ قلت : ما يعنى به؟ قال : يعنى أهل الدين » (4).

والصرف (5) التوبة في قول أبي جعفر ( عليه السلام ) والعدل الفداء في قول أبى عبد اللّه ( عليه السلام ).

5162 - وروى عن حنان بن سدير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في قول اللّه عزوجل » أنه من قتل نفسا بغير نفس (6) أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا « قال : هو واد في جهنم لو قتل الناس جميعا كان فيه ولو قتل نفسا واحدة كان فيه ».

5163 - وروى أنه يوضع في موضع من جهنم إليه ينتهى شدة عذاب أهلها لو قتل الناس جميعا لكان إنما يدخل ذلك المكان ، قيل : فإنه قتل آخر؟ قال : يضاعف عليه»(7).

ص: 94


1- مروى في العقاب في الصحيح عن الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام.
2- مروى في العقاب في الصحيح عن ابن أبي عمير.
3- أي قتل من لا يريد قتله ، وضرب من لا يضربه.
4- « أهل البيت » نسخة في أكثر النسخ.
5- كلام إبراهيم الصيقل ويحتمل كون كلام أبان.
6- أي بغير قصاص بأن يقتله ظلما.
7- رواه الكليني في الحسن كالصحيح ج 7 ص 271 في حديث.

5164 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : من قتل دون ماله (1) فهو شهيد ، قال : وقال : لو كنت انا لتركت المال ولم أقاتل » (2).

5165 - وروى ابن أبي عمير ، عن محسن بن أحمد (3) ، عن عيسى الضعيف قال قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « رجل قتل رجلا ما توبته؟ فقال : يمكن من نفسه ، قلت : يخاف أن يقتلوه؟ قال : فليعطهم الدية ، قلت : يخاف أن يعلموا بذلك؟ قال : فليتزوج إليهم امرأة ، قلت : يخاف أن تطلعهم على ذلك؟ قال : فلينظر إلى الدية فيجعلها صررا ثم لينظر مواقيت الصلاة فليلقها في دارهم » (4).

5166 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال : « سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها » (5).

5167 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان ، وابن بكير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمدا له توبة؟ فقال : إن كان قتله لايمانه فلا توبة له ، وإن كان قتله لغضب أو لسبب شئ من أمر الدنيا فإن توبته أن يقاد منه ، وإن لم يكن علم به أحد أنطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية وأعتق نسمة ، وصام شهرين متتابعين

ص: 95


1- أي في مقام الدفع عنه مع طن السلامة وثوابه كثواب الشهيد.
2- تنبيه على أن المقاتلة لحفظ المال غير واجبة. ( مراد )
3- في الكافي ج 7 ص 276 « عن الحسين بن أحمد المنقري » ، وفيه أيضا في موضع « عن عيسى الضرير » وفي آخر « عن عيسى الضعيف » ويمكن أن يكون ضعيف العين فيطلق عليه تارة الضرير وأخرى الضعيف ، وهو ورواية مجهولان.
4- المشهور أن الخيار في القصاص وأخذ الدية إلى ورثة المجني عليه لا القاتل ، والخبر يدل على خلافة.
5- تقدم في المجلد الثالث.

وأطعم ستين مسكينا توبة إلى اللّه عزوجل » (1).

5168 - وروى ابن أبي عمير ، عن سعيد الأزرق عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل يقتل رجلا مؤمنا (2) قال : يقال له مت أي ميتة شئت إن شئت يهوديا ، وإن شئت نصرانيا ، وإن شئت مجوسيا ».

5169 - وروى جابر عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : أول ما يحكم اللّه عزوجل فيه يوم القيامة الدماء ، فيوقف ابنا آدم ( عليه السلام ) فيفصل بينهما ثم الذين يلونهما من أصحاب الدماء حتى لا يبقى منهم أحد من الناس بعد ذلك حتى يأتي المقتول بقاتله فيشخب دمه في وجهة (3) ، فيقول : أنت قتلته فلا يستطيع أن يكتم اللّه حديثا ».

5170 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل قتل رجلا مملوكا متعمدا قال : يغرم قيمته ويضرب ضربا شديدا (4) ، وقال في رجل قتل مملوكه قال : يعتق رقبة (5) ويصوم شهرين متتابعين ، ويطعم ستين مسكينا ، ثم التوبة بعد ذلك » (6).

5171 - وروى عثمان بن عيسى ، وزرعة ، عن سماعة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عمن قتل مؤمنا متعمدا هل له توبة؟ فقال : لا ، حتى يؤدي

ص: 96


1- يدل على أن القاتل أن قتل رجلا لايمانه لا توبة له ، ولعل ذلك لاستلزامه الكفر والارتداد والمرتد عن فطرة لا توبة له. ويدل على أن حد التوبة تسليم القاتل نفسه إلى أولياء المقتول إن شاؤوا قتلوه وإن شاؤوا عفو عنه ، وعلى أن كفارة القتل إذا كان عمدا هي كفارة الجمع.
2- أي من قتل مؤمنا لايمانه أو مستحلا دمه.
3- « حتى يأتي » متعلق بأول الكلام ، والشخب : السيلان.
4- لأنه لا تقاص بين الحر والعبد ولا يقتل الحر بالعبد ويقتل العبد بالحر ، وتعيين مقدار الضرب إلى الحاكم ، وتجب عليه الكفار ة لما يأتي. وعدم ذكرها لا يدل على عدمها.
5- يعني بعد أن يضرب ضربا شديدا لعموم ما تقدم.
6- أي لا تكفي الكفارة فقط بل إن أراد أن لا يعذبه اللّه تعالى في الآخرة يجب عليه أن يتوب ويندم ، عسى اللّه أن يتوب عليه ، وتدرأ التوبة عنه العذاب في الآخرة.

ديته إلى أهله ، ويعتق رقبة ، ويصوم شهرين متتابعين (1) ، ويستغفر اللّه عزوجل ، ويتوب إليه ويتضرع ، فإني أرجو أن يتاب عليه إذا هو فعل ذلك ، قلت : جعلت فداك فإن لم يكن له مال يؤدى ديته؟ قال : يسأل المسلمين حتى يؤدى ديته إلى أهله ».

5172 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن كليب الأسدي قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن الرجل يقتل في شهر حرام ما ديته؟ فقال : دية وثلث ) (2).

5173 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي حمزة عن أحد هم عليهما السلام قال : « أتي رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) فقيل : يا رسول اللّه قتيل في جهينة ، فقام رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) حتى انتهى إلى مسجدهم وتسامع به الناس فأتوه ، فقال ( عليه السلام ) : من قتل ذا؟ قالوا : يا رسول اللّه ما ندري ، قال : قتيل من المسلمين بين ظهراني المسلمين لا يدرى من قتله (3) والذي بعثني بالحق لو أن أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا فشركوا في دم امرئ مسلم ورضوا به لكبهم اللّه عزوجل على مناخرهم في النار (4)  - أو قال على وجوههم - » (5).

5174 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) » عن قول اللّه عزوجل : « ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم » قال : من قتل مؤمنا على دينه فذاك المتعمد الذي

ص: 97


1- لم يذكر فيه اطعام المساكين ، والمشهور وجوب كفارة الجمع كما سبق في رواية عبد اللّه بن سنان. ( سلطان )
2- تغليظ الدية بالقتل في أشهر الحرم موضع وفاق وبه نصوص ( المسالك ) والخبر في الكافي في الحسن كالصحيح عن كليب.
3- أي في وسطهم ومعظمهم.
4- على مناخرهم أي ألقاهم مقلوبا في النار ، وينبغي أن يحمل على قتله بسبب اسلامه ، ويدل على ذلك الحديث الآتي.
5- الترديد من الراوي.

قال اللّه عزوجل في كتابه وأعد له عذابا عظيما ، قلت : فالرجل يقع بينه وبين الرجل شئ فيضربه بسيفه فيقتله ، قال : ليس ذاك المتعمد الذي قال اللّه عزوجل.

5175 - وروى حماد بن عيسى ، عن أبي السفاتج عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في قول اللّه عزوجل : « ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم » قال : إن جازاه » (1).

5176 - وفي رواية إبراهيم بن أبي البلاد ، عمن ذكره عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « كانت في زمن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) امرأة صدق يقال لها أم فتان ، فأتاها رجل من أصحاب على ( عليه السلام ) فسلم عليها فوافقها مهتمة فقال لها : مالي أراك مهتمة؟ قالت : مولاة لي دفنتها فنبذتها الأرض مرتين ، قال : فدخلت على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأخبرته فقال : أن الأرض لتقبل اليهودي والنصراني فمالها الا أن تكون تعذب بعذاب اللّه عزوجل ، ثم قال : أما أنه لو أخذت تربة من قبر رجل مسلم فالقى على قبرها لقرت ، قال : فأتيت أم فتان فأخبرتها فأخذت تربة من قبر رجل مسلم فالقي على قبرها فقرت ، فسألت عنها ما كانت تفعل فقالوا : كانت شديدة الحب للرجال لا تزال قد ولدت وألقت ولدها في التنور ».

5177 - وروى علي بن الحكم ، عن الفضيل بن سعدان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « كانت في ذؤابة سيف رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) صحيفة مكتوب فيها لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين على من قتل غير قاتله ، أو ضرب غير ضاربه أو أحدث حدثا أو آوى محدثا ، وكفر باللّه العظيم الانتفاء من حسب وأن دق » (2).

باب 510: القسامة

القسامة (3)

5178 - روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير عن أبي

ص: 98


1- أي كان جزاؤه جهنم من جهة الاستحقاق لو لم يتفضل اللّه على بعفوه أو بشفاعة الشافعين ، وهذا أحد التأويلات للآية والتأويل الآخر هو أن المراد بالخلود المكث الطويل.
2- في الصحاح الحسب ما يعده الانسان من مفاخر الآباء ويقال حسبه دينه ويقال : ماله - إنتهى ، ولعل المراد بالدق كون حسبه خسيسا دنيا أو خفيا.
3- بالفتح : القسم والمراد ، بها هنا الجماعة يحلفون لاثبات الجناية.

عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إن اللّه تبارك وتعالى حكم في دمائكم بغير ما حكم في أموالكم حكم في أموالكم أن البينة على من ادعى واليمين على من ادعي عليه ، وحكم في دمائكم أن اليمين على من ادعى ، والبينة على من ادعى عليه لئلا يبطل دم امرء مسلم » (1)

5179 - وروى منصور بن يونس ، عن سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) « سألني عيسى بن موسى وابن شبرمة معه عن القتيل يوجد في أرض القوم وحدهم فقلت : وجد الأنصار رجلا في ساقية من سواقي خيبر (2) فقالت الأنصار : اليهود قتلوا صاحبنا ، فقال لهم رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : لكم بينة؟ فقالوا : لا ، فقال : أفتقسمون؟ قالت الأنصار : كيف نقسم على ما لم نره ، فقال : فاليهود يقسمون ، قالت الأنصار يقسمون على صاحبنا؟ قال : فوداه النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) من عنده ، فقال ابن شبرمة : أفرأيت لو لم يوده النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) قال : قلت : لا نقول لما قد صنع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : لو لم يصنعه ، قال : فقلت له : فعلى من القسامة؟ قال : على أهل القتيل » (3).

5180 - وروى محمد بن سهل ، عن أبيه ، عن بعض أشياخه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام )

ص: 99


1- فان الغالب أن القاتل له عداوة مع المقتول والقبيلة سيما الوارث مطلعون عليه فإذا كان لوث وهو القرينة الدالة على أن فلانا القاتل وحلفوا عليه قتلوا القاتل أو أخذوا الدية فكل من أراد القتل إذا عرف أنهم يحلفون ويقتلونه صار ذلك مانعا عن الاقدام عليه كالقصاص وقال اللّه تعالى « ولكم في القصاص حياة يا اولي الألباب » وذلك كالحكم بالبينة واليمين والقرعة ضابطة لرفع التنازع ولو خلفوا كاذبين وقتلوا أو أخذوا الدية كانت العقوبة في الآخرة. ( م ت )
2- الساقية : النهر الصغير. وفيه سقط والصواب « رجلا منهم في ... ».
3- كذا في النسخ ، وهو تصحيف ، والصواب « قال فقال لي فعلى من القسامة؟ فقلت على - الخ » وفي الكافي ج 7 ص 362 في الموثق عن حنان بن سدير قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : « سألني ابن شبرمة : ما تقول في القسامة في الدم؟ فأجبته بما صنع النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : أرأيت لو أن النبي (صلی اللّه عليه وآله) لم يصنع هكذا كيف كان القول فيه؟ قال : فقلت له : أما ما صنع النبي عليه السلام فقد أخبرتك به وأما ما لم يصنع فلا علم لي به ».

قال : « إن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سئل عن رجل كان جالسا مع قوم فمات وهو معهم (1) ، أو رجل وجد في قبيلة أو على دار قوم (2) فادعى عليهم ، قال : ليس عليهم قود ولا يطل ، دمه ، عليهم الدية » (3).

5181 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إنما جعلت القسامة ليغلظ بها في الرجل المعروف بالشر المتهم ، فإن شهدوا عليه جازت شهادتهم » (4).

5182 - وروى القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن القسامة أين كان بدؤها؟ فقال : كان من قبل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) لما كان بعد فتح خيبر تخلف رجل من الأنصار عن أصحابه فرجعوا في طلبه فوجدوه متشحطا في دمه قتيلا فجاءت الأنصار إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) فقالت : يا رسول اللّه قتلت اليهود صاحبنا ، فقال : ليقسم منكم خمسون رجلا على أنهم قتلوه ، قالوا : يا رسول اللّه أنقسم على ما لم نره!؟ قال : فيقسم اليهود؟ فقالوا : يا رسول اللّه من يصدق اليهود!! فقال : أنا إذا آدي صاحبكم ، فقلت له : كيف الحكم فيها؟ قال إن اللّه عزوجل حكم في الدماء ما لم يحكم في شئ من حقوق الناس لتعظيمه الدماء ، لو أن رجلا ادعى على رجل عشرة آلاف درهم ، أقل من ذلك أو أكثر لم يكن اليمين على المدعي وكانت اليمين على المدعى عليه ، فإذا ادعى الرجل على القوم الدم أنهم قتلوا كانت اليمين على مدعي الدم قبل المدعى عليهم فعلى المدعي أن يجئ بخمسين يحلفون أن فلانا قتل فلانا فيدفع إليهم الذي حلف عليه فإن شاؤوا عفوا عنه ، وإن شاؤوا قتلوا ، وإن شاؤوا قبلوا الدية ، فإن لم يقسموا فإن على المدعى

ص: 100


1- في أكثر النسخ « مع قوم ثقات ونفر معهم ».
2- في التهذيب على باب دار قوم ،
3- أي بعد القسامة للوث فيكون محمولا على غير العمد ، أو عليهم الدية لكن يؤديها الامام كما فعله النبي عليه السلام ، أو من بيت المال. ( م ت )
4- « الرجل المعروف » إشارة إلى لزوم اللوث وسيأتي معناه و « المتهم » أي بالعداوة.« فان شهدوا عليه أي ادعوا وحلفوا عليه ».

عليهم أن يحلف منهم خمسون رجلا ما قتلنا ولا علمنا له قاتلا ، فان فعلوا أدى أهل القرية التي وجد فيهم ديته ، وإن كان بأرض فلاة أديت ديته من بيت المال ، فإن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كان يقول : لا يطل دم امرئ مسلم (1).

5183 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) « عن رجل يوجد قتيلا في قرية أو بين قريتين ، قال : يقاس بينهما فأيتهما كانت إليه أقرب ضمنت » (2).

5184 - وروى زرارة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إنما جعلت القسامة احتياطا للناس لكيما إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلا أو يغتال رجلا حيث لا يراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل » (3).

باب 511: من لا دية له في جراح أو قتل

5185 - روى حماد بن عيسى عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : بينا رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) في بعض حجراته إذا أطلع رجل في شق الباب وبيد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) مذراة (4) فقال : لو كنت قريبا منك لفقأت به عينك ) (5).

ص: 101


1- أطل الدم أهدره وهو الشايع في ابطال الدم ، وفى بعض النسخ « لا يبطل دم امرئ مسلم ».
2- حمله جمع من الفقهاء على اللوث وهو امارة يظن بها صدق المدعي فيما ادعاه من القتل كوجود ذي سلاح ملطخ بالدم عند قتيل في دمه ، وفي النهاية اللوث في القسامة هو أن يشهد شاهد واحد على اقرار المقتول قبل أن يموت ان فلانا قتلني أو يشهد شاهدان على عداوة بينهما أو تهديد منه له ونحو ذلك.
3- رواه الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح في ذيل خبر عن زرارة.
4- المذراة : آلة تذرى بها الحنطة ، وفي بعض النسخ بالدال المهملة ، والمدارة المشط والقرن ، والثاني أنسب إذا كان بمعنى القرن.
5- فقأ العين : قلعها ، والضمير المجرور اما راجع إلى الاطلاع أي بسبب اطلاعك ، المراد لفقأت عينك بما في يدي.

5186 - وروى القاسم بن محمد الجوهري علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل أطلع على قوم لينظر إلى عوراتهم فرموه فقتلوه أو جرحوه أو فقأوا عينه فقال : لا دية له إن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أطلع رجل في حجرته من خلالها فجاءه رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) بمشقص ليفقأ به عينه (1) فوجده قد انطلق فناداه يا خبيث لو ثبت لي لفقأت عينك به ».

5187 - وقال أبو جعفر وأبو عبد اللّه ( عليهما السلام ) : « من قتله القصاص فلادية له » (2).

5188 - وروى هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) « من بدا فاعتدى فاعتدي عليه فلا قود له ». (3)

5189 - وروى العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما ( عليهما السلام ) « في الرجل يسقط على الرجل فيقتله ، قال : لا شئ عليه » (4).

5190 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : كان صبيان في زمن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يلعبون بأخطار لهم (5) فرمى أحدهم

ص: 102


1- المشقص - كمنبر - : نصل عريض ، أو سهم فيه ذلك.
2- روى الكليني ج 7 ص 291 والشيخ في التهذيب في الحسن كالصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أيما رجل قتله الحد في القصاص فلا دية له الخ ». وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : من قتله القصاص فلا دية له ، راجع التهذيب ج 2 ص 503.
3- رواه الكليني والشيخ في الصحيح ، والقود - كسب - : القصاص ، والخبر محمول على ما إذا اقتصر على ما يحصل به الدفع ولم يتعده.
4- محمول على ما إذا كان زلق خطأ بلا اختيار لاما إذا دفعه دافع إذ حينئذ كانت الجنابة عليه ويرجع هو على الدافع ، كما يدل عليه صحيحة عبد اللّه بن سنان التي تأتي تحت رقم 5205 عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- الخطر - محركة - : الدرة من المنديل يلف ويضرب ، وفي الأرض ، وفي الأصل الرهن وما يخاطر عليه.

بخطره فدق رباعية صاحبه ، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأقام الرامي البينة بأنه قد قال : حذار ، فدرأ أمير المؤمنين عليه السلام عنه القصاص ، ثم قال : قد أعذر من حذر.

5191 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد اللّه بن سنان قال سمعت أبا - عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول « في رجل أراد امرأة على نفسها حراما فرمته بحجر فأصابت منه مقتلا ، قال : ليس عليها شئ فيما بينها وبين اللّه عزوجل فإن قدمت إلى إمام عدل أهدر دمه » (1).

5192 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( أيما رجل عدا على رجل ليضربه ، فدفعه عن نفسه فجرحه أو قتله فلا شئ عليه (2).

5193 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن رجل قتل مجنونا ، قال : إن كان أراده فدفعه عن نفسه فقتله فلا شئ عليه من قود ولادية ، ويعطى ورثته ديته من بيت مال المسلمين ، قال : فإن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه (3) ، وأرى أن على قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون ويستغفر اللّه عزوجل ويتوب إليه ».

5194 - وروى جعفر بن بشير (4) ، عن معلى أبي عثمان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( سألت عن رجل غشيته دابة فأرادت أن تطأه وخشي ذلك منها فزجر الدابة فنفرت بصاحبها فصرعته فكان جرح أو غيره ، فقال : ليس عليه ضمان إنما زجر عن نفسه وهي الجبار ) (5).

ص: 103


1- أي بعد الثبوت أو لعلمه بالواقع ، والأول أظهر. ( المرآة )
2- مروي في التهذيب ج 2 ص 503 في حديث.
3- يدل على أن لا يقتل العاقل بالمجنون.
4- هو ثقة ، والطريق إليه صحيح ، والمعلى أبي عثمان أو معلى بن عثمان ثقة ، ورواه الشيخ باسناده عن ابن محبوب عن المعلى ، عن أبي بصير عنه عليه السلام.
5- الجبار - بالضم - : الهدر الذي لا قود فيه.

5195 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي - جعفر ( عليه السلام ) قال : ( عورة المؤمن على المؤمن حرام ، وقال : من أطلع على مؤمن في منزله فعيناه مباحتان للمؤمن في تلك الحال ، ومن دمر (1) على مؤمن في منزلة بغير إذنه فدمه مباح للمؤمن في تلك الحال ، ومن جحد نبيا مرسلا نبوته وكذبه فدمه مباح ، قال : فقلت له : أرأيت من جحد الامام منكم ما حاله؟ فقال : من جحد إماما برأ من اللّه وبرأ منه ومن دينه فهو كافر مرتد عن الاسلام (2) لان الامام من اللّه ، ودينه دين اللّه ، ومن برأ من دين اللّه فهو كافر ، ودمه مباح في تلك الحال إلا أن يرجع ويتوب إلى اللّه عزوجل مما قال (3) ، قال : ومن فتك بمؤمن يريد ماله ونفسه فدمه مباح للمؤمن في تلك الحال.

5196 - وروى ابن فضال ، عن ابن بكير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في الرجل يقع على الرجل فيقتله فمات الاعلى ، قال : لا شئ على الأسفل ».

باب 512: القود ومبلغ الدية

القود ومبلغ الدية (4)

5197 - روى هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل ضرب بعصا فلم ترفع عنه حتى قتل أيدفع القاتل إلى أولياء المقتول؟

ص: 104


1- دمر يدمر دمورا : دخل بغير اذن.
2- حمل على ما إذا كان الإمام الحق مبسوط اليد بيده الولاية والسلطنة فانكاره حينئذ خروج عن طاعة اللّه عزوجل وانكار لوجوب طاعة أولي الامر المأمور به في الكتاب وهذا بمنزلة الكفر أو الارتداد عن الدين ، والمرتد دمه مباح لا حرمة له ، وأما الامام الذي يكون في حال التقية ويخفى أمره على أكثر الناس فاثبات الكفر والارتداد لمنكره في غاية الاشكال ، واختار السيد المرتضى - على ما هو المحكى عنه - كفر المخالفين وارتدادهم عن الملة ولعل مراده النصاب.
3- يدل على قبول توبة الموافق إذا صار مخالفا ، ويؤيده قبول أمير المؤمنين عليه السلام توبة الخوارج.
4- القود - محركة - : القصاص. ( النهاية )

قال : نعم ، ولكن لا يترك أن يعبث به (1) ولكن يجاز عليه » (2).

5198 - وروى الفضل بن عبد الملك عنه ( عليه السلام ) أنه قال : « إذا ضرب الرجل بالحديدة فذلك العمد ، قال : وسألته عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة أهو الرجل يضرب الرجل فلا يتعمد قتله؟ قال : نعم ، قلت : فإذا رمى شيئا فأصاب رجلا؟ قال : ذلك الخطأ الذي لا يشك فيه وعليه كفارة ودية » (3).

5199 - وروى النضر ، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالحجر أو بالعصا : « إن دية ذلك تغلظ وهي مائة من الإبل فيها أربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها (4) وثلاثون حقة وثلاثون ابنة لبون ، والخطأ يكون فيه ثلاثون حقة وثلاثون ابنة لبون وعشرون ابنة مخاض وعشرون ابن لبون ذكر ، وقيمة كل بعير من الورق مائة وعشرون درهما (5) أو عشرة دنانير ، ومن الغنم قيمة كل واحد من الإبل عشرون شاة ».

ص: 105


1- أي بأن يقطع أنفه واذنه ويده ورجله مثلا إلى أن يموت. ( م ت )
2- أي يجهز عليه ويسرع قتله بضرب عنقه. وأجزت على الجريح أجهزت ، وفي حديث آخر يأتي وفي الكافي « لا يترك يتلذذ به ولكن يجاز عليه بالسيف » والمشهور بين الأصحاب عدم جواز التمثيل بالجاني وان كانت جنايته تمثيلا أو وقعت بالتغريق والتحريق والمثقل بل يستوفى جميع ذلك بالسيف ، وقال ابن الجنيد « يجوز قتله بمثل القتلة التي قتل بها » وقال الشهيد الثاني - رحمه اللّه - : « وهو متجه لولا الاتفاق على خلافه » والخبر يدل على المنع. ( المرآة )
3- مروي في الكافي ج 7 ص 279 مع اختلاف في اللفظ.
4- الخلف - ككتف - وهي الحوامل من النوق ، والبازل من الإبل الذي تم ثماني سنين ودخل في التاسعة وحينئذ يطلع نابه وتكمل قوته ثم يقال له بعد ذلك بازل عام وبازل عامين ، والثنية من الغنم ما دخل في السنة الثالثة ومن البقر كذلك ومن الإبل ما دخل في السادسة. ( النهاية )
5- فتصير اثنى عشر ألفا ، ويمكن أن يكون في ذلك الوقت قيمة كل دينار اثنى عشر درهما أو عشرة دنانير فيكون ألفا. ( م ت )

5200 - وسأل معاوية بن وهب أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) « عن دية العمد فقال : مائة من فحولة الإبل المسان (1) فإن لم يكن فمكان كل جمل عشرون من فحولة الغنم ».

5201 - وروى الحسن بن محبوب ، عن خضر الصيرفي ، عن بريد العجلي قال : « سئل أبو جعفر ( عليه السلام ) عن رجل قتل رجلا متعمدا فلم يقم عليه الحد ولم تصح الشهادة حتى خولط وذهب عقله ، ثم إن قوما آخرين شهدوا عليه بعدما خولط أنه قتله ، فقال : إن شهدوا عليه أنه قتله حين قتله وهو صحيح ليس به علة من فساد عقل قتل ، وإن لم يشهدوا عليه بذلك وكان له مال يعرف دفع إلى ورثة المقتول الدية من مال القاتل (2) وإن لم يترك مالا أعطي الدية من بيت مال المسلمين ، ولا يبطل دم امرء مسلم ».

5202 - وسأل سليمان بن خالد أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) « عن رجل استأجر ظئرا فأعطاها ولده فكان عندها ، فانطلقت الظئر فاستأجرت أخرى فغابت الظئر بالولد فلا يدرى ما صنع به والظئر لا تكافى (3) ، قال : الدية كاملة ».

5203 - وروى الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن حي (4) قال : « سألت أبا - عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل وجد مقتولا فجاء رجلان إلى وليه فقال أحدهما : أنا قتلته عمدا وقال الآخر : أنا قتلته خطأ (5) ، فقال : إن هو أخذ بقول صاحب العمد فليس له على صاحب الخطأ شئ ، وأن هو أخذ بقول صاحب الخطأ فليس له على صاحب العمد شئ ».

ص: 106


1- المسان : ما كمل له خمس سنين ودخل في السادسة.
2- لأنه لم يتبين أنه قتله حالة الجنون.
3- لأنها ما قتلت الولد عمدا حتى تقتل به بل فعلت محرما أن استوجرت بأن ترضعها بنفسها وكذا مع الاطلاق. ( م ت )
4- يعني الحسن بن صالح بن حي له أصل أو كتاب معتمد على ما قبل ، وهو رأس الفرقة الصالحية من الزيدية.
5- التقييد بالعمد والخطأ في كل واحد منهما لارتفاع توهم التشريك.

5204 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : سمعت ابن أبي ليلى يقول : كانت الدية في الجاهلية مائة من الإبل فأقرها رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ثم إنه فرض على أهل البقر مائتي بقرة ، وفرض على أهل الشاة ألف شاة ، وعلى أهل الحلل مائة حلة ، قال عبد الرحمن : فسألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عما رواه ابن أبي ليلى ، فقال : كان على ( عليه السلام ) يقول : « الدية ألف دينار وقيمة الدينار عشرة دراهم ، وعلى أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم ، وعشرة آلاف لأهل الأمصار ، ولأهل البوادي الدية مائة من الإبل ، ولا هل السواد مائتي بقرة ، أو ألف شاة ».

5205 - وسمع كليب بن معاوية أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « من قتل في شهر حرام فعليه دية وثلث » (1).

5206 - وروى أبان ، عن زرارة أنه قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : « إذا قتل الرجل في شهر حرام صام شهرين متتابعين من أشهر الحرم » (2).

5207 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل قتل رجلا مسلما عمدا فلم يكن للمقتول أولياء من المسلمين ألا أولياء من أهل الذمة من قرابته ، فقال : على الامام أن يعرض على قرابته من أهل بيته الاسلام فمن أسلم منهم فهو وليه يدفع القاتل إليه ، فإن شاء قتل وإن شاء عفا وإن شاء أخذ الدية ، فإن لم يسلم من قرابته أحد كان الامام ولى أمره إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية فجعلها في بيت مال المسلمين لان جناية المقتول كانت على الامام(3) فكذلك تكون ديته لإمام المسلمين ، قلت : فإن عفا عنه الامام؟ فقال : إنما هو حق لجميع

ص: 107


1- تقدم تحت رقم 5169.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 506 في الموثق كالصحيح وسيأتي بتمامه تحت رقم 5212 عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ما يؤيد ذلك وللشيخ كلام نورده هناك.
3- إذا لم يكن القاتل معلوما.

المسلمين وإنما على الامام أن يقتل أو يأخذ الدية وليس له أن يعفو » (1).

5208 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل دفع رجلا على رجل فقتله (2) فقال : الدية على الذي وقع على الرجل فقتله لأولياء المقتول ، قال : ويرجع المدفوع بالدية على الذي دفعه ، قال : وإن أصاب المدفوع شئ فهو على الدافع أيضا ».

5209 - وروى ابن محبوب ، عن أبي ولاد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول : تستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين ، وتستأدى دية العمد في سنة » (3).

5210 - وروى جعفر بن بشير ، عن معلى أبي عثمان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن قول اللّه عزوجل : « فمن تصدق به فهو كفارة له « قال : يكفر عنه من ذنوبه على قدر ما عفا عن العمد » (4).

وفي العمد يقتل الرجل بالرجل إلا أن يعفو أو يقبل الدية ، وله ما تراضوا عليه من الدية ، وفي شبه العمد المغلظة ثلاث وثلاثون حقة وأربع وثلاثون جذعة وثلاث وثلاثون ثنية خلفة طروقة الفحل ، ومن الشاة في المغلظة ألف كبش إذا لم يكن إبل (5).

ص: 108


1- رواه الكليني والشيخ في الصحيح ، وقال سلطان العلماء : جوز ابن إدريس العفو للامام ، ويظهر من كلام السيد المرتضى في الشافي أنه يجب على الامام القصاص ولا يجوز أخذ الدية.
2- تقدم الكلام فيه ص 102 ، وفي الكافي « وفي الكافي » عن علي بن رئاب وعبد اللّه بن سنان.
3- رواه الكليني في الصحيح والمشهور أنه تستأدى دية شبه العمد في سنتين.
4- فان عفى مطلقا فكفارة لجميع الذنوب أو كثير منها ، وان عفى عن القصاص ورضى بالدية فيقدره ، وان عفى عن بعضها فبقدر ما عفى.
5- هذا كلام المصنف ولم أجد له مستندا ، وفيه ما يخالف ما تقدم من أسنان الإبل في خبر ابن سنان في أول الباب ، وظاهر قوله « إذا لم يكن إبل » تعين الإبل عند الوجدان.

5211 - وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن حريز عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل قتل رجلا عمدا فرفع إلى الوالي فدفعه الوالي إلى أولياء المقتول ليقتلوه فوثب عليهم قوم فخلصوا القاتل من أيدي الأولياء فقال : أرى أن يحبس الذين خلصوا القاتل من أيدي الأولياء أبدا حتى يأتوا بالقاتل ، قيل له : فإن مات القاتل وهم في السجن؟ فقال : إن مات فعليهم الدية يؤدونها إلى أولياء المقتول » (1).

5212 - وروى هشام بن سالم ، عن زياد بن سوقة ، عن الحكم بن عتيبة (2) قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : « ما تقول في العمد والخطأ في القتل وفي الجراحات؟ فقال : ليس الخطأ مثل العمد ، العمد فيه القتل ، والجراحات فيها القصاص ، والخطأ في القتل والجراحات فيهما الدية ، وقال : ثم قال لي : يا حكم إذا كان الخطأ من القاتل أو الخطأ من الجارح وكان بدويا فدية ما جنى البدوي من الخطأ على أوليائه (3) من البدويين ، قال : وإذا كان الجارح قرويا فإن دية ما جنى من الخطأ على أوليائه القرويين ».

5213 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في رجل أمر رجلا أن يقتل رجلا فقتله ، قال يقتل به الذي ولي قتله ، ويحبس الذي أمر بقتله في السجن أبدا حتى يموت » (4).

5214 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة قال : « سألت

ص: 109


1- رواه الكليني في الصحيح أيضا.
2- الطريق إلى هشام بن سالم صحيح وهو ثقة ، وزياد بن سوقة أيضا ثقة وكلاهما من أرباب الأصول ، والحكم بن عتيبة من فقهاء العامة ولم يوثق ولعله لا يضر ، لصحته عن هشام.
3- أي وراثه أو ضامن جريرته مع فقد الوراث من النسب « من البدويين » إذا لم يكن له وارث من أهل القرى. ( م ت )
4- يدل على أنه يحبس الامر إلى أن يموت ويقتل القاتل ( م ت ) أقول : رواه الشيخ في الصحيح في التهذيبين والكليني في الكافي.

أبا جعفر ( عليه السلام ) عن رجل قتل أمه ، قال : لا يرثها ويقتل بها صاغرا (1) ، ولا أظن قتله بها كفارة لذنبه ».

5215 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) » عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم ، قال : عليه الدية وصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم ، قلت : إن هذا يدخل فيه العيد وأيام التشريق؟ فقال يصومه فإنه حق لزمه (2).

5216 - وفي رواية أبان ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : « عليه دية وثلث » (3).

5217 - وروى ظريف بن ناصح ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « لو أن رجلا ضرب رجلا بخزفة أو بآجرة (4) فمات كان

ص: 110


1- أي بدون أن يعطى نصف الدية.
2- حكى عن الشيخ - رحمه اللّه - أنه قال : من قتل في الأشهر الحرم وجب عليه صوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم وان دخل فيها العيد وأيام التشريق لرواية زرارة ، والمشهور عموم المنع.
3- المذكور في هذا الخبر كما في التهذيب ج 2 ص 506 القتل في الحرم وأصل الخبر هكذا « ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام رجل قتل في الحرم ، قال : عليه دية وثلث ويصوم شهرين متتابعين في أشهر الحرم ، قال : قلت : هذا يدخل فيه العيد وأيام التشريق ، قال : فقال : يصومه فإنه حق لازمه ».
4- زاد في الكافي والتهذيب « أو بعود » والخزفة : السفال وحمل على ما إذا قصد القتل بها. وقال الأستاذ في هامش الوافي : الآلة التي قتل بها قد تكون قتالة عادة بحيث لو ادعى القاتل أنى لم أكن أعتقد أن المقتول يقتل بها لم يقبل منه ، وقد تكون بحيث يحتمل عدم القتل به وتقبل دعواه من القاتل ، فالأول عمد ، والثاني شبه لأنه قصد ايذاء المقتول وكان عاصيا بذلك ، والخطأ المحض أن لا يقصد المقتول أصلا لا قتلا ولا ايذاء ، وأما الأجرة والخزفة فليستا آلة قتالة ويصح دعوى عدم إرادة القتل من الضارب ، والمقصود في الحديث نفي كونه خطأ على ما يزعمه العامة بل هو عمد وإن كان شبيها بالخطأ ، وهنا مسألتان الأولى لو رمى بسهم فأصاب المقتل فهو عمد يوجب القود ، فمناط العمد أن يفعل القاتل ما يحتمل معه الموت وارتكبه الفاعل غير مبال به وان لم يقصد القتل بعينه ، الثانية إذا جنى على الطرف وسرى إلى النفس فهو عمد وان لم يكن قصد ما هو في معرض الهلاك.

متعمدا ».

5218 - وروى ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، وغير واحد (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل « عن امرأة أعنف عليها الرجل فزعم أنها ماتت من عنفه عليها قال : الدية كاملة ولا يقتل الرجل » (2).

5219 - وفي نوادر إبراهيم بن هاشم « أن الصادق ( عليه السلام ) سئل عن رجل أعنف على امرأة ، أو امرأة أعنفت على زوجها فقتل أحدهما الاخر ، قال : لا شئ عليهما (3) إذا كانا مأمونين ، فإن اتهما لزمهما اليمين باللّه أنهما لم يريدا القتل ».

5220 - وروى داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجلين قتلا رجلا قال : إن شاء أولياء المقتول أن يؤدوا دية ويقتلوهما جميعا قتلوهما » (4).

5221 - وروى سماعة ، عن أبي بصير عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في قوله عزوجل :  « فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف » ما ذاك الشئ؟ قال : هو الرجل يقبل الدية فأمر اللّه عزوجل الذي له الحق أن يتبعه بمعروف ولا يعسره ، وأمر الذي عليه الحق ان لا يظلمه ، وأن يؤديه إليه باحسان إذا أيسر ، فقلت : أرأيت قوله عزوجل « فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم » قال : هو الرجل يقبل الدية أو يصالح ثم يجيئ بعد فيمثل أو يقتل فوعده اللّه عزوجل عذابا أليما.

5222 - وروى داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل حمل على رأسه

ص: 111


1- كأنه سقط هنا « عن سليمان بن خالد »
2- محمول على ما إذا لم يقصد القتل.
3- أي من القود لكن يلزم الدية لكونه شبه العمد.
4- يدل على جواز قتل الاثنين بواحد بعد رد فاضل الدية. ( م ت )

متاعا فأصاب إنسانا فمات أو كسر منه شيئا ، قال : هو مأمون » (1).

5223 - وروى محمد بن أسلم عن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) قال : قلت له « جعلت فداك رجل قتل رجلا متعمدا أو خطأ وعليه دين ومال فأراد أولياؤه أن يهبوا دمه للقاتل ، فقال أن وهبوا دمه ضمنوا الدين (2) قلت : فإن هم أرادوا قتله ، فقال : إن قتل عمدا قتل قاتله وأدى عنه الامام الدين من سهم الغارمين ، قلت : فإنه قتل عمدا وصالح أولياؤه قاتله على الدية فعلى من الدين؟ على أوليائه من الدية أو على إمام المسلمين؟ فقال ، بل يؤدون دينه من ديته التي صالحوا عليها أولياؤه فإنه أحق بديته من غيره » (3).

5224 - وفي رواية ابن بكير قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « كل من قتل بشئ صغير أو كبير بعد أن يتعمد فعليه القود » (4).

5225 - وروى البزنطي ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل ضرب رجلا بعصا على رأسه فثقل لسانه ، قال : يعرض عليه حروف المعجم فما أفصح منها فلا شئ فيه ، وما لم يفصح به كان عليه الدية وهي ثمانية وعشرون حرفا » (5).

ص: 112


1- الطريق إلى داود بن سرحان صحيح وهو ثقة ، ورواه الكليني والشيخ وفي طريقهما سهل بن زياد وهو ضعيف ، وفيهما « هو ضامن ». وهو الصواب.
2- في بعض النسخ « ضمنوا الدية ».
3- يدل على أنه إذا كان على المقتول دين وكان القتل خطأ فلا يجوز أن يهبوا ديته من القاتل لان الدية حقه ولو وهبوا يبقى ذمته مرتهنة بالدين ولو كان القتل عمدا فيجوز لهم القصاص لان وضعه للتشفي أما لو صالحوا حينئذ على مال فيصير في حكم مال الميت ويؤدى منه دينه ( م ت ). أقول : قوله - رحمه اللّه - « للتشفي » فيه نظر.
4- يدل على أنه ان قصد القتل فهو عامد وان لم يكن بشئ يقتل به غالبا. ( م ت )
5- مروي في الكافي ج 2 ص 322 والتهذيب في الحسن كالصحيح عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان ، وفيهما « تسعة وعشرون حرفا » والظاهر أن التصرف من النساخ بناء على ما اشتهر من أن مخرج الهمزة وألف مختلفان فان الهمزة من أقصى الحلق والألف من الجوف ، والحق أن الألف لا مدخل للسان فيها.

باب 513: من خطأه عمد

5226 - روى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير عن أبي - جعفر ( عليه السلام ) قال : « سئل عن الغلام لم يدرك وامرأة قتلا رجلا فقال : إن خطأ المرأة والغلام عمد (1) ، فإن أحب أولياء المقتول أن يقتلوهما قتلوهما ويردون على أولياء الغلام خمسة آلاف درهم ، وإن أحبوا أن يقتلوا الغلام قتلوه وترد المرأة على أولياء الغلام ربع الدية ، قال : وإن أحب أولياء المقتول أن يقتلوا المرأة قتلوها ويرد الغلام على أولياء المرأة ربع الدية ، قال : وإن أحب أولياء المقتول أن يأخذوا الدية كان على الغلام نصف الدية وعلى المرأة نصف الدية » (2).

5227 - وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن ضريس الكناسي قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن امرأة وعبد قتلا رجلا خطأ ، فقال : إن خطأ المرأة والعبد مثل العمد فإن أحب أولياء المقتول أن يقتلوهما قتلوهما. قال : وإن كان قيمة العبد أكثر من خمسة آلاف درهم ردوا على سيد العبد ما يفضل بعد الخمسة آلاف درهم فإن أحبوا أن يقتلوا المرأة ويأخذوا العبد فعلوا إلا أن يكون قيمته أكثر من خمسة آلاف درهم فيردوا على مولى العبد ما يفضل بعد الخمسة آلاف درهم ويأخذوا العبد أو يفتديه سيده ، وإن كانت قيمة العبد أقل من خمسة آلاف درهم فليس لهم إلا العبد » (3).

ص: 113


1- لا يخفى مخالفته للمشهور بل للاجتماع ويحتمل أن يكون المراد بخطأهما ما صدر عنهما لنقصان عقلهما لا الخطأ المصطلح. فالمراد بالغلام الذي لم يدرك : شاب لم يبلغ كمال العقل مع كونه بالغا ( المرآة )
2- قيل اعراض الأصحاب عن هذا الخبر مع أنه مما رواه ابن محبوب وهو من أصحاب الاجماع يوهن أمر الاجماع.
3- رواه الشيخ في الاستبصار ج 4 ص 286 وروى خبر أبي بصير المتقدم بعده وقال : قد أوردت هاتين الروايتين لما تتضمنا من أحكام قتل العمد. فاما قوله في الخبر الأول « ان خطأ المرأة والعبد عمد » وفي الرواية الأخرى « ان خطأ المرأة والغلام عمد » فهو مخالف لقول اللّه تعالى لان اللّه عزوجل حكم في قتل الخطأ بالدية دون القود ولا يجوز أن يكون الخطأ عمدا كما لا يجوز أن يكون العمد خطأ الا ممن ليس بمكلف مثل المجانين ومن ليس بعاقل منالعبد إذا قتل خطأ سلم إلى أولياء المقتول أو يفتديه مولاه وليس لهم قتله. وكذلك قد بينا أن الص الصبيان وأيضا فقد أوردنا في كتاب التهذيب ما يدل على أن بي إذا لم يبلغ فان عمده وخطأه يجب فيهما الدية دون القود ، فكيف يجوز أن نقول في هذه الرواية ان خطأه عمد - إلى آخر ما قال -.

5228 - وروى أبو أسامة ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « في امرأة قتلت رجلا متعمدة ، فقال : إن شاء أهله أن يقتلوها قتلوها وليس يجنى أحد جناية على أكثر من نفسه » (1).

5229 - وروى السكوني عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل وغلام اجتمعا في قتل رجل فقتلاه ، فقال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إذا بلغ الغلام خمسة أشبار اقتص منه واقتص له ، وإن لم يكن بلغ الغلام خمسة أشبار فقضى بالدية » (2).

باب 514: من عمده خطأ

5230 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي عن أبي عبيدة قال « سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن أعمى فقأ عين صحيح متعمدا ، فقال : يا أبا عبيدة إن عمد الأعمى مثل الخطأ هذا فيه الدية من ماله ، فإن لم يكن له مال فان دية ذلك على الامام ولا يبطل حق مسلم ».

ص: 114


1- هذا هو المشهور في روايات الأصحاب ، والمعروف من مذهبهم لا نعلم مخالفا فيه. ( المسالك )
2- رواه الكليني بسنده المعروف عن السكوني ، وقال في المسالك : بمضمونها أفتى الصدوق المفيد. والحق أن هذه الروايات مع ضعف سندها شاذة مخالفة للأصول ولما أجمع المسلمون الا من شذ فلا يلتفت إليها.

5231 - وروى إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « أن محمد بن أبي بكر  - رضي اللّه عنه - كتب إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يسأله عن رجل مجنون قتل رجلا عمدا ، فجعل ( عليه السلام ) الدية على قومه ، وجعل خطأه وعمده سواء ».

باب 515: فيمن اتى حدا ثم التجأ إلى الحرم

5232 - وروى ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في الرجل يجنى في غير الحرم ثم يلجأ إلى الحرم قال : لا يقام عليه الحد ولا يطعم ولا يسقى (1) ولا يكلم ولا يبايع فإنه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيقام عليه الحد ، وإن جنى في الحرم جناية أقيم عليه الحد في الحرم فإنه لم ير للحرم حرمة ».

باب 516: حكم الرجل يقتل الرجلين أو أكثر والقوم يجتمعون على قتل رجل

5233 - روى القاسم بن محمد ، عن أبان ، عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : « عشرة قتلوا رجلا ، قال : إن شاء أولياؤه قتلوهم جميعا وغرموا تسع ديات ، وإن شاؤوا أن يتخيروا رجلا فيقتلوه قتلوه ، وأدى التسعة الباقون إلى أهل المقتول الأخير عشر الدية كل رجل منهم ، قال ثم إن الوالي يلي أدبهم وحبسهم ».

5234 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « قضى علي عليه السلام في رجلين أمسك أحدهما وقتل الاخر ، فقال : يقتل القاتل ويحبس الاخر

ص: 115


1- ظاهره منع الطعام والشراب عنه مطلقا وإن كان سد الرمق. ( مراد )

حتى يموت عما كما حبسه عليه حتى مات غما »

5235 - وقال في عشرة اشتركوا في قتل رجل قال : يتخير أهل المقتول فأيهم شاؤوا قتلوه ويرجع أولياؤه على الباقين بتسعة أعشار الدية (1)

5236 - وقضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) « في ستة نفر كانوا في الماء فغرق منهم رجل فشهد منهم ثلاثة على اثنين أنهما غرقاه ، وشهد اثنان على ثلاثة أنهم غرقوه فألزمهم الدية جميعا ألزم الاثنين ثلاثة أسهم بشهادة الثلاثة عليهما وألزم الثلاثة سهمين بشهادة الاثنين عليهم (2)

5237 - وقضى علي ( عليه السلام ) (3) في أربعة نفر أطلعوا في زبية الأسد فخر أحدهم فاستمسك بالثاني ، واستمسك الثاني الثالث ، واستمسك الثالث بالرابع حتى أسقط بعضهم بعضا على الأسد ، فقضى بالأول أنه فريسة الأسد ، وغرم أهله ثلث الدية لأهل الثاني وغرم أهل الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية ، وغرم أهل الثالث لأهل الرابع الدية كاملة » (4).

ص: 116


1- لا خلاف في جواز قتل الجميع ورد ما فضل عن الدية الواحدة ( المرآة ) والخبر رواه الكليني في الصحيح ج 7 ص 283 عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- رواه الكليني بسنده المعروف عن السكوني ، وفى الروضة : هي مع ضعف سندها قضبة في واقعة مخالفة لأصول المذهب فلا يتعدى ، والموافق لها من الحكم أن شهادة السابقين ان كانت مع استدعاء الولي وعد التهم قبلت ، ثم لا تقبل شهادة الآخرين للتهمة ، وان كانت الدعوى على الجميع أو حصلت التهمة عليهم لم تقبل شهادة أحدهم مطلقا ويكون ذلك لوثا يمكن اثباته بالقسامة.
3- رواه الكليني من رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام.
4- هذا أيضا قضية في واقعة وتوجيهها بأن الأول لم يقتله أحد. والثاني قتله الأول وقتل هو الثالث والربع فقسطت الدية على الثلاثة فاستحق منها بحسب ما جنى عليه والثالث قتله اثنان وقتل هو واحدا فاستحق ثلثين كذلك ، والرابع قتله الثلاثة فاستحق تمام الدية تعليل بموضع النزاع إذ لا يلزم من قتله لغيره سقوط شئ من ديته عن قاتله ، وربما قيل بأن دية الرابع على الثلاثة بالسوية لاشتراكهم جميعا في سببة قتله وإنما نسبها إلى الثالث لان الثاني استحق على الأول ثلث الدية فيضيف إليه ثلثا ويدفعه إلى الثالث فيضيف إلى ذلك ثلثا آخر ويدفعه إلى الرابع وهذا مع مخالفته لظاهر الرواية لا يتم في الآخرين لاستلزامه كون دية الثالث على الأولين ودية الثاني على الأول إذ لا مدخل لقتله من بعده في اسقاط حقه كما مر الا أن يفرض كون الواقع عليه سببا في افتراس الأسد له فيقرب الا أنه خلاف الظاهر كما في الروضة البهية كتاب الديات.

5238 - وروي عن عمرو بن أبي المقدام قال : « كنت شاهدا عند البيت الحرام ينادي بأبي جعفر الدوانيقي رجل وهو يطوف ويقول يا أمير المؤمنين إن هذين الرجلين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فلم يرجع إلى وواللّه ما أدري ما صنعا به ، فقال لهما : ما صنعتما به؟ فقالا : يا أمير المؤمنين كلمناه ثم رجع إلى منزله ، فقال لهما : وافياني غدا عند صلاة العصر في هذا المكان فوافوه صلاة العصر من الغد ، فقال لأبي - عبد اللّه ( عليه السلام ) وهو قابض على يده : يا جعفر اقض بينهم فقال : اقض بينهم أنت ، قال له بحقي عليك إلا قضيت بينهم ، قال : فخرج جعفر ( عليه السلام ) فطرح له مصلى قصب فجلس عليه ثم جاء الخصماء فجلسوا قدامه فقال للمدعي : ما تقول؟ فقال : يا ابن رسول اللّه إن هذين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله وواللّه ما رجع إلي وواله ما أدري ما صنعا به ، فقال : ما تقولان؟ فقالا : يا بن رسول اللّه كلمناه ثم رجع إلى منزله فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : يا غلام اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلا أن يقيم البينة أنه قد رده إلى منزله ، يا غلام نح هذا الواحد منهما واضرب عنقه فقال : يا ابن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ما أنا قتلته ولكني أمسكنه ثم جاء هذا فوجاء فقتله (1) ، فقال : أنا ابن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يا غلام نح هذا فاضرب عنقه للآخر ، فقال : يا ابن رسول اللّه واللّه ما عذبته ولكني قتلته بضربة واحدة فأمر أخاه فضرب عنقه ، تأمر بالآخر فضرب جنبيه وحبسه في السجن ووقع على رأسه يحبس عمره ، يضرب كل سنة خمسين جلدة ».

ص: 117


1- وجأه باليد والسكين - كوضعه - : ضربه كتوجأه.

5239 - وروى السكوني عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « كان قوم يشربون فيسكرون فتباعجوا (1) بسكاكين كانت معهم فرفعوا إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فسجنهم فمات منهم رجلا وبقي رجلا فقال أهل المقتولين : يا أمير المؤمنين أقدهما بصاحبينا فقال علي ( عليه السلام ) للقوم : ما ترون؟ فقالوا : نرى أن تقيدهما فقال علي ( عليه السلام ) : لعل ذينك اللذين ما تقتل كل واحد منهما صاحبه؟ قالوا : لا ندري ، فقال علي ( عليه السلام ) : بل أنا أجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة فأخذ دية جراحة الباقين من دية المقتولين ».

5240 - و « رفع إلى أمير المؤمنين عليه السلام (2) ثلاثة نفر واحد منهم أمسك رجلا وأقبل الآخر فقتله ، والآخر يراهم ، فقضى ( عليه السلام ) في صاحب الرؤية أن تسمل عيناه (3). وقضى في الذي أمسك أن يسجن حتى يموت كما أمسكه ، وقضى في الذي قتل أن يقتل ».

5241 - و « قضى عليه السلام في رجل أمر عبده أن يقتل رجلا ، فقال : وهل عبد الرجل إلا كسيفه وسوطه يقتل السيد به ، ويستودع العبد السجن حتى يموت » (4).

باب 517: الجراحات والقتل بين النساء والرجال

5242 - روى عبد الرحمن بن الحجاج (5) عن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي - عبد اللّه - ( عليه السلام ) : « ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة كم فيها؟ قال : عشرة من الإبل ، قلت : قطع اثنين؟ فقال : عشرون ، قلت : قطع ثلاثا؟ قال : ثلاثون ، قلت

ص: 118


1- بعج بطنه بالسكين يبعجه بعجا إذا شقه فهو مبعوج.
2- هذا أيضا من رواية السكوني كما تقدم ج 3 ص 30 وفي الكافي ج 7 ص 288.
3- سلمت عينه إذا فقأتها بحديدة محماة.
4- تقدم نحوه في كتاب القضاء ص 30 من حديث السكوني.
5- رواه الكليني في الصحيح ج 7 ص 299.

قطع أربعا؟ قال : عشرون ، قلت ، سبحان اللّه يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون فيقطع أربعا فيكون عليه عشرون!! إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ، ونقول : الذي قاله شيطان ، فقال : مهلا يا أبان هكذا حكم رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية (1) ، فإذا بلغت الثلث رجعت المرأة إلى النصف يا أبان إنك أخذتني بالقياس والسنة إذا قيست محق الدين ».

5243 - وسأل جميل ، ومحمد بن حمران أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) « عن المرأة بينها وبين الرجل قصاص؟ قال : نعم في الجراحات حتى يبلغ الثلث سواء فإذا بلغ الثلث سواء ارتفع الرجل وسفلت المرأة » (2).

5244 - وروى أبو بصير عن أحدهما ( عليهما السلام ) (3) قال : قلت : « رجل قتل امرأة فقال إن أراد أهل المرأة أن يقتلوه أدوا نصف ديته وقتلوه وإلا قبلوا الدية ».

5245 - وقال الصادق ( عليه السلام ) (4) » في امرأة قتلت زوجها متعمدة ، فقال : إن شاء أهله أن يقتلوها قتلوها وليس يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه.

5246 - وروى محمد بن سهل بن اليسع ، عن أبيه ، عن الحسين بن مهران ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن امرأة دخل عليها لص وهي حبلى فوقع عليها ، فقتل ما في بطنها فوثبت المرأة على اللص فقتلته ، فقال : أما المرأة التي قتلت فليس عليها

ص: 119


1- ظاهر العبارة يدل على أن المرأة تساوى الرجل فيما هو أهل من الثلث دون نفس الثلث لأنه جعل نهاية التساوي ، وهو المشهور ، وقد حمل المساواة على ما إذا كانت الجناية بضربة واحدة فإذا قطع الأربع أربع مرات وجب الأربعون وإذا قطعت بضربة واحدة وجب العشرون وذلك أنه إذا قطع الثلاث وجب عليه الثلاثون ، ولا معنى لقطع إصبع أخرى للعشرة الثانية.
2- رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن جميل عليه السلام.
3- رواه الكليني في الموثق عنه عن أحدهما عليهما السلام.
4- رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان عنه عليه السلام.

شئ ، ودية سخلتها على عصبة المقتول السارق » (1).

باب 518: الرجل يقتل ابنه أو أباه أو أمه

5247 - روى القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « لا يقتل الأب بابنه إذا قتله ، ويقتل الابن بأبيه إذا قتل أباه ، وقال : لا يتوارث رجلان قتل أحدهما صاحبه » (2).

5448 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أنه قال « في رجل قتل أمه ، قال : إذا كان خطأ فإن له نصيبا من ميراثها ، وإن كان قتلها متعمدا فلا يرث منها شيئا ».

5249 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام « في الرجل يقتل ابنه أو عبده ، قال : لا يقتل به ولكن يضرب ضربا شديدا وينفى من مسقط رأسه ».

5250 - وروى علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل قتل أمه ، قال : لا يرثها ويقتل بها وهو صاغر ، ولا أظن قتله بها كفارة لذنبه » (3).

ص: 120


1- ضعيف لمقام الحسين بن مهران وسيجيئ في بابه.
2- روى الكليني صدره في الضعيف ج 7 ص 298 وذيله ج 7 ص 140 وقال العلامة المجلسي : كان نفى التوارث من الجانبين المتحقق في ضمن حرمان القاتل فقط فان المقتول يرث من القاتل ان مات قبله. وقال سلطان العلماء : هذا بظاهره يشمل العمد والخطأ ولا خلاف في عدم الإرث في العمد إذا كان ظلما ، وأما خطأ ففي منعه من الإرث مطلقا أو عدم منعه مطلقا أو منعه من الدية خاصة أقوال ، ورواية محمد بن قيس الآتية يؤيد القول الثاني فيمكن تخصيص هذا بالعمد.
3- تقدم في باب القود ومبلغ الدية.

باب 519: المسلم يقتل الذمي أو العبد أو المدبر أو المكاتب أو يقتلون المسلم

5251 - روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « لا يقاد مسلم بذمي في القتل ولا في الجراحات ، ولكن يؤخذ من المسلم في جنايته للذمي بقدر جنايته على الذمي على قدر دية الذمي ثمانمائة درهم » (1).

5252 - وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن دية اليهودي والنصراني والمجوسي ، قال : هم سواء ثمانمائة ثمانمائة ، قال : قلت : جعلت فداك إن اخذوا في بلد المسلمين وهم يعملون الفاحشة أيقام عليهم الحد؟ قال : نعم يحكم فيهم بأحكام المسلمين » (2).

5253 - وروى ابن أبي عمير ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « بعث النبي ( عليه السلام ) خالد بن الوليد إلى البحرين فأصاب بها دماء قوم من اليهود والنصارى والمجوس ، فكتب إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : إني أصبت دماء قوم من اليهود والنصارى فوديتهم ثمانمائة ثمانمائة (3) ، وأصبت دماء قوم من المجوس ولم تكن عهدت إلي فيهم عهدا ، قال : فكتب إليه رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) إن ديتهم مثل دية اليهود والنصارى وقال : إنهم أهل كتاب ».

5254 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في نصراني قتل مسلما فلما اخذ أسلم أقتله به؟ قال : نعم قيل

ص: 121


1- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : هذا هو المشهور بين الأصحاب.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 498 ، وقوله « فوديتهم » أي أديت إليهم الدية.

فإن لم يسلم؟ قال : يدفع إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا عفوا وإن شاؤوا استرقوا ، وإن كان معه مال - عين له - دفع إلى أولياء المقتول هو وماله » (1).

5255 - وروى القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف ، أربعة آلاف ، ودية المجوسي ثمانمائة درهم ، وقال : أما إن للمجوس كتابا يقال له : جاماسف » (2).

5256 - وقد روي « أن دية اليهودي والنصراني والمجوسي أربعة آلاف درهم أربعة آلاف درهم لأنهم أهل الكتاب » (3).

5257 - وروى عبد اللّه بن المغيرة ، عن منصور ، عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « دية اليهودي والنصراني والمجوسي دية المسلم ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - هذه الأخبار اختلفت لاختلاف الأحوال وليست هي على اختلاف في حال واحد ، متى كان اليهودي والنصراني والمجوسي على ما عوهدوا عليه من ترك إظهار شرب الخمور وإتيان الزنا وأكل الربا والميتة ولحم الخنزير ونكاح الأخوات وإظهار الأكل والشرب بالنهار في شهر رمضان واجتناب صعود مساجد المسلمين واستعملوا الخروج بالليل عن ظهراني المسلمين

ص: 122


1- رواه الكليني في الحسن كالصحيح ، ويدل على أن الذمي إذا قتل المسلم ثم أسلم لا يسقط عنه القود وليس لهم استرقاقه كما ذكره الأصحاب ، وعلى أنه إذا لم يسلم يدفع هو وماله إلى أولياء المقتول وهم مخيرون بين قتله واسترقاقه والعفو عنه ولم يخالف فيه أحد أيضا الا ابن إدريس فإنه لم يجز أخذ المال الا بعد استرقاقه حتى لو قتله لم يملك ماله ، وأما حكم أولاده الصغار فقد ذهب جماعة من الأصحاب منهم المفيد وسلار إلى أنهم يسترقون ونفاه ابن إدريس ، واختلف فيه المتأخرون ، والخبر لا يدل عليه ، والأولى الاقتصار على ما دل عليه. ( المرآة ).
2- في الاستبصار ج 4 ص 269 « جاماس » كما في التهذيب وفى بعض نسخ الكتاب « جاماست » وفى بعض نسخ الحديث « جاماست » وحمل أربعة آلاف على ما إذا كان معتادا.
3- لم أجده مسندا ولعله أراد خبر ابن أبي عمير المتقدم تحت رقم 0 525 ونقله بالمعنى وهو الأظهر.

والدخول بالنهار للتسوق وقضاء الحوائج (1) فعلى من قتل واحدا منهم أربعة آلاف درهم ، ومر المخالفون على ظاهر الحديث فأخذوا به ولم يعتبروا الحال ، ومتى آمنهم الامام وجعلهم في عهده وعقده وجعل لهم ذمة ولم ينقضوا ما عاهدهم عليه من الشرائط التي ذكرناها وأقروا بالجزية وأدوها فعلى من قتل واحدا منهم خطأ دية المسلم وتصديق ذلك :

5258 - ما رواه الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « من أعطاه رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ذمة فديته كاملة » قال زرارة : فهؤلاء ما قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) (2) وهم من أعطاهم ذمة.

وعلى (3) من خالف الامام في قتل واحد منهم متعمدا القتل لخلافة على إمام المسلمين لا لحرمة الذمي.

5259 - كما رواه علي بن الحكم ، عن أبي المغرا ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إذا قتل المسلم النصراني فأراد أهل النصراني أن يقتلوه قتلوه وأدوا فضل ما بين الديتين » (4).

ص: 123


1- أي يخرجون بالليل من بين المسلمين ويدخلون بالنهار لحوائجهم لئلا يقع منهم حيلة وغيلة ، أو إذا أرادوا الخروج من بينهم إلى بلاد الكفار فليكن مخفيا بالليل لئلا ينظر المسلمون إليهم ويحصل لهم وهن من خروجهم ، وهو كالسابق وكذا الدخول بالنهار للتسوق أي إذا جاؤوا من القرى من البلدان للبيع والشراء فليكن بالنهار لئلا يخاف منهم فان الدخول بالليل ريبة ، ويمكن أن يحمل ذلك على بلاد تهامة - كالحرمين - التي لا يجوز لهم أن يسكنوها لما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن اليهودي والنصراني والمجوسي هل يصلح ان يسكنوا في دار الهجرة قال أما ان يلبثوا بها فلا يصلح وقال : ان نزلوا نهارا وخرجوا بالليل فلا بأس ». ( م. ت )
2- أي في خبر أبان من أن ديتهم كاملة.
3- الظاهر أنه تتمة كلام المصنف كما يظهر من التهذيبين أو كلام زرارة كما قال التفرشي.
4- قول المؤلف « كما رواه » في قوة ان القول الذي أشار إليه زرارة رواه علي بن الحكم - الخ ، لكن لا يلائم ذلك قوله « وأدوا فضل ما بين الديتين » إذ لا فضل حينئذ بينهما على ما هو المفروض الا أن يحمل على ما إذا كان هناك فضل كأن يكون القاتل هو الرجل والمقتول هي المرأة ( مراد ) وقوله « قتلوه » ينبغي أن يجعل الاسناد مجازيا لان ذلك سبيل منهم على المسلم ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا.

وكذلك إذا كان المسلم متعودا لقتلهم قتل لخلافه على الإمام ( عليه السلام ) ، وإن كانوا مظهرين العداوة والغش للمسلمين.

5260 - وروى علي بن الحكم ، عن أبان ، عن إسماعيل بن الفضل قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن دماء المجوس واليهود والنصارى هل على من قتلهم شئ إذا غشوا المسلمين وأظهروا العداوة والغش لهم؟ قال : لا إلا أن يكون متعودا لقتلهم ، قال : وسألته عن المسلم يقتل بأهل الذمة وأهل الكتاب إذا قتلهم؟ قال : لا إلا أن يكون معتادا لذلك لا يدع قتلهم فيقتل وهو صاغر » (1).

ومتى لم يكن اليهود والنصارى والمجوس على ما عوهدوا عليه من الشرائط التي ذكرناها ، فعلى من قتل واحدا منهم ثمانمائة درهم ولا يقاد لهم من مسلم في قتل ولا جراحة كما ذكرته في أول هذا الباب ، والخلاف على الامام والامتناع عليه يوجبان القتل فيما دون ذلك ، كما جاء في المؤلى (2) إذا وقف بعد أربعة أشهر أمره الامام بأن يفي أو يطلق ، فمتى لم يف وامتنع من الطلاق ضربت عنقه لامتناعه على إمام المسلمين.

5261 - وقد قال النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « من آذى ذمتي فقد آذاني ».

فإذا كان في إيذائهم إيذاء النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) فكيف في قتلهم ، وإنما أراد النبي ( صلى اللّه عليه وآله )

ص: 124


1- قد أجمع الأصحاب على أن المسلم لا يقتل بالكافر مطلقا ذميا كان أم غيره إذا لم يكن معتادا لقتلهم ، وأما إذا اعتاد المسلم قتل أهل الذمة ظلما ففي قتله أقوال : أحدها أنه يقتل قصاصا بعد أن يرد أولياء المقتول فاضل دية المسلم على دية الذمي ، ذهب إليه الشيخ في النهاية وأتباعه ، وثانيها أنه يقتل حدا لا قصاصا لافساده في الأرض فلا رد عليه ، وهو قول ابن الجنيد وأبى الصلاح ، وثالثها أنه لا يقتل مطلقا وهو قول أكثر المتأخرين. ( المرآة )
2- من الايلاء ، وقوله « يفي » أي يؤدى الكفارة ويرجع.

بذلك فاطمة صلوات اللّه عليها وقال : إذا كان من آذى ذمتي فقد آذاني لمنعي من ظلمة وإيذائه فكيف من آذى ابنتي وواحدتي التي هي بضعة مني وسيدة نساء الأولين والآخرين ، وأتبع ( عليه السلام ) ذلك بأن قال : « من آذاها فقد آذاني ، ومن غاضها فقد غاضني ومن سرها فقد سرني ».

5262 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن بريد العجلي قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن مسلم فقأ عين نصراني؟ فقال : إن دية عين الذمي أربعمائة درهم » (1) هذا لمن دية نفسه ثمانمائة درهم.

5263 - وروى عثمان بن عيسى ، عن سماعة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « يقتل العبد بالحر ، ولا يقتل الحر ، بالعبد ، ولكن يغرم قيمته ويضرب ضربا شديدا حتى لا يعود ».

5264 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه قال « في رجل يقتل مملوكه متعمدا قال : يعجبني أن يعتق رقبة ، ويصوم شهرين متتابعين ، ويطعم ستين مسكينا ، ثم تكون التوبة بعد ذلك » (2).

5265 - وسأل حمران أبا جعفر عليه السلام « عن رجل ضرب مملوكا له فمات من ضربه ، قال : يعتق رقبة » (3).

5266 - وروى يحيى بن أبي العلاء ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إذا قتل العبد

ص: 125


1- يدل على أن دية الذمي ثمانمائة وفى الأطراف بالنسبة إليها ، والخبر في الكافي والتهذيب إلى هنا والباقي من كلام المصنف ظاهرا.
2- قوله عليه السلام « يعجبني » ظاهره الاستحباب كما أن في ما يأتي من حديث حمران ظاهره الوجوب.
3- لأنه شبه العمد ، ويحمل على ما إذا لم يضربه بآلة قتالة أو ما هو الغالب منه القتل ذا لا ينافي وجوب شئ آخر كما في صحيحة حمران في الكافي ج 7 ص 303 عن أبي جعفر عليه السلام « في الرجل يقتل مملوكا له ، قال : يعتق رقبة ويصوم شهرين متتابعين ويتوب إلى اللّه عزوجل ».

الحر فلاهل المقتول إن شاؤوا قتلوا وإن شاؤوا استعبدوا » (1).

5267 - و « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في مكاتب قتل ، فقال : يحسب ما عتق منه فيؤدى دية الحر وما رق دية العبد ، وقال : العبد لا يغرم أهله وراء نفسه شيئا » (2).

5268 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الفضيل بن يسار عن أبي - عبد اللّه ( عليه السلام ) « أنه قال في عبد جرح حرا ، قال : إن شاء الحر اقتص منه ، وإن شاء أخذه إن كانت الجراحة تحيط برقبته ، وإن كانت لا تحيط برقبته افتداه مولاه فإن أبى مولاه أن يفتديه كان للحر المجروح من العبد بقدر دية جراحته والباقي للمولى يباع العبد فيأخذ المجروح حقه ويرد الباقي على المولى » (3).

5269 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل شج عبدا موضحة ، قال : عليه نصف عشر

ص: 126


1- رواه الشيخ في التهذيب في الموثق أيضا ، ويدل على أن العبد إذا قتل حرا فلهم أن يقتلوه أو يستعبدوه ولا يضمن المولى جنايته لكن للمولى أن يفكه بما يرضون. ( م ت )
2- رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) بدون الذيل وتقدم مضمونه سابقا.
3- رواه الكليني في الحسن كالصحيح ، ويدل على أحكام : الأول أن الخيار في جراحة العبد عمدا إلى المجروح بين القصاص واسترقاق الكل ان كانت دية الجناية تحيط برقبته والا فبقدر أرش الجناية كما هو المشهور بين الأصحاب ، الثاني أنه مع عدم استيعاب الجناية يفديه مولاه أن أرادوا حمل على ما إذا أراد المجني عليه أيضا والا فله الاسترقاق بقدر أرش الجناية كما هو الأشهر وعمل بظاهره ابن الجنيد ، الثالث أنه مع عدم رضا المولى بالفداء للمجروح استرقاقه بقدر الجناية ولا خلاف فيه ، الرابع أن للمولى أن يجبر على بيع جميع العبد ليأخذ قدر أرشه وهو الظاهر من المحقق في الشرايع لكن الظاهر من كلام الأكثر والأوفق بأصولهم أن له أن يبيع بقدر أرش الجناية ، ويمكن أن يحمل الخبر على ما إذا رضى المولى بالبيع أو على ما إذا لم يمكن بيع البعض ، والأخير أيضا لا يخلو من اشكال ، واللّه يعلم. ( المرآة )

قيمته » (1).

5270 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في عبد جرح رجلين ، قال : هو بينهما إن كانت جنايته تحيط بقيمته ، قيل له : فإن جرح رجلا في أول النهار وجرح آخر في آخر النهار؟ قال : هو بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الأول ، فإن كان الوالي قد حكم في المجروح الأول فدفعه إليه بجنايته فجنى بعد ذلك جناية فإن جنايته على الأخير ».

5271 - وروى علي بن رئاب ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إذا قتل الحر العبد غرم قيمته وأدب ، قيل له : فإن كانت قيمته عشرين ألفا؟ قال : لا يجاوز بقيمة عبد عن دية حر » (2).

5272 - وفي رواية السكوني قال (3) : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « جراحات العبيد على نحو جراحات الأحرار في الثمن ».

5273 - وروى ابن محبوب ، عن أبي محمد الوابشي (4) قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن قوام ادعوا على عبد جناية تحيط برقبته فأقر العبد بها ، قال : لا يجوز إقرار العبد على سيده ، قال (5) : فإن أقاموا البينة على ما ادعوا على العبد اخذوا العبد بها أو يفتديه مولاه ».

5274 - وروى ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن مدبر قتل رجلا عمدا ، قال : يقتل به ، قلت : فإن قتله خطأ؟

ص: 127


1- لان دية الموضحة نصف العشر من الدية فيحسب من العبد من قيمته.
2- في الكافي « لا يجاوز بقيمته دية الأحرار ».
3- أي قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) كما في التهذيب ج 2 ص 499.
4- كأنه عبد اللّه بن سعيد الوابشي وهذه النسبة إلى وابش - بكسر الباء الموحدة - ابن زيد بن عدوان بن عمرو بن قيس عيلان. وعبد اللّه بن سهل بن سعيد مهمل ولكن لا يضر.
5- يعنى قال أبو عبد اللّه (عليه السلام) وقوله « لا يجوز » يدل على عدم قبول اقرار العبد بالجنابة لأنه اقرار على الغير واقرار العقلاء على أنفسهم جائز. ( م ت )

قال : يدفع إلى أولياء المقتول فيكون لهم رقا فإن شاؤوا استرقوا وإن شاؤوا باعوا وليس لهم أن يقتلوه ، ثم قال : يا أبا محمد إن المدبر مملوك » (1).

5275 - وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم قال : ( سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن مكاتب قتل رجلا خطأ فقال : إن كان مولاه حين كاتبة اشترط عليه أنه إن عجز فهو رد إلى الرق فهو بمنزلة المملوك يدفع إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا استرقوا وإن شاؤوا باعوا ، وإن كان مولاه حين كاتبه لم يشترط عليه وكان قد أدى من مكاتبته شيئا فإن عليا ( عليه السلام ) كان يقول : يعتق من المكاتب بقدر ما أدى من مكاتبته ، وعلى الامام أن يؤدى إلى أولياء المقتول بقدر ما أعتق من المكاتب ولا يبطل دم امرئ (2) مسلم ، وأرى أن يكون بما بقي على المكاتب مما لم يؤده رقا لأولياء المقتول يستخدمونه حياته بقدر ما بقي عليه وليس لهم أن يبيعوه (3).

5276 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل حمل عبدا له على دابة فوطئت رجلا ، قال : الغرم على المولى » (4).

5277 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي الورد قال : « سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن رجل قتل عبدا خطا ، قال : عليه قيمته ولا يجاوز بقيمته عشرة

ص: 128


1- يدل على أن المدبر مملوك ولا يعقله المولى ويقتص منه في العمد من الحر والمملوك ولا يقتص منه في الخطأ مطلقا بل يسترق منه بنسبة الجنابة. ( م ت )
2- لأنه (عليه السلام) وارثه إذا لم يكن وارث ولا ضامن جريرة.
3- قال في المسالك : إذا جنى المكاتب فإن كان مشروطا أو مطلقا لم يؤد شيئا من مال الكتابة فحكمه حكم المملوك وإن كان مطلقا وقد أدى شيئا من مال الكتابة تحرر منه بنسبته وحينئذ يتعلق الجنابة برقبته مبعضة فما قابل نصيب الحرية يكون على الامام في الخطأ وعلى ماله في العمد ، وما قابل نصيب الرقية فان فداه المولى فالكتابة بحالها ، وان دفعه استرقه أولياء المقتول وبطلت الكتابة في ذلك البعض هذا هو الذي تقتضيه الأصول وعليه أكثر المتأخرين وفي بعض الأخبار دلالة عليه ، وفي المسألة أقوال أخر مذكورة في المسالك ج 2 ص 463.
4- القول بضمان المولى مطلقا للشيخ وأتباعه ومستندهم هذا الخبر ، واشتراط ابن إدريس عدم بلوغ المملوك وقال جنابة العاقل تتعلق برقبته.

آلاف درهم ، قلت : ومن يقومه وهو ميت؟ قال : إن كان لمولاه شهود أن قيمته يوم قتله كذا وكذا اخذ بها قاتله ، وإن لم يكن لمولاه شهود كانت القيمة على الذي قتله مع يمينه يشهد أربع مرات باللّه ماله قيمة أكثر مما قومته ، وإن أبى أن يحلف ورد اليمين على المولى أعطى المولى ما حلف عليه ، ولا يجاوز بقيمته عشرة آلاف درهم ، قال : وإن كان العبد مؤمنا فقتله عمدا أغرم قيمته ، وأعتق رقبة ، وصام شهرين متتابعين ، وأطعم ستين مسكينا وتاب إلى اللّه عزوجل » (1).

5278 - وروى ابن محبوب ، عن أبي ولاد قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن مكاتب (2) جنى على رجل حر جناية فقال : إن كان أدى من مكاتبته شيئا غرم في جنايته بقدر ما أدى من مكاتبته للحر ، وإن عجز عن حق الجناية اخذ ذلك من المولى الذي كاتبه ، قلت : فإن كانت الجناية لعبد ، قال : على مثل ذلك يدفع إلى مولى العبد الذي جرحه المكاتب ، ولا يقاص بين المكاتب وبين العبد إذا كان المكاتب قد أدى من مكاتبته شيئا ، فإن لم يكن أدى من مكاتبته شيئا فإنه يقاص للعبد منه أو يغرم المولى كل ما جنى المكاتب لأنه عبده ما لم يؤد من مكاتبته شيئا (3) ، قال : وولد المكاتبة كأمه إن رقت رق وإن عتقت عتق ».

باب 520: ما يجب فيه الدية ونصف الدية فيما دون النفس

5279 - في رواية السكوني « أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : في ذكر الصبي الدية ، وفي [ ذكر ] العنين الدية ». (4)

ص: 129


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 499 بدون قوله « واطعم ستين مسكينا ».
2- في الكافي والتهذيب « عن مكاتب اشترط عليه مولاه حين كاتبه ».
3- الخبر في الكافي والتهذيب إلى هنا وليست التتمة فيهما.
4- رواه الكليني ج 7 ص 313 بسنده المعروف عن السكوني ، والمشهور بين الأصحاب أن في ذكر العنين ثلث الدية لكونه في حكم العضو المشلول ولم يعملوا بهذا الخبر لضعفه وفي المسألة اشكال ( المرآة ) أقول : اما الدية الكاملة في ذكر الصبي فلا خلاف فيه ظاهرا وهو وان لم تكن له فائدة في الحال فمرجو في المال.

5280 - وروى عبد اللّه بن ميمون (1) عن أبي عبد اللّه عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : « اتي أمير المؤمنين عليه السلام برجل قد ضرب رجلا حتى انتقص من بصره فدعا برجال من أسنانه ثم أراهم شيئا فنظر ما انتقص من بصره فأعطاه دية ما انتقص من بصره ». (2)

5281 - وروى موسى بن بكر ، عن العبد الصالح ( عليه السلام ) « في رجل ضرب رجلا بعصا فلم يرفع عنه العصا حتى مات ، قال : يدفع إلى أولياء المقتول ولكن لا يترك يتلذذ به ولكن يجاز عليه بالسيف » (3).

5282 - وروى ابن المغيرة عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « دية اليد إذا قطعت خمسون من الإبل ، فما كان جروحا دون الاصطلام (4) فيحكم به ذوا عدل منكم (5) ، ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون ».

5283 - وروى محمد بن قيس (6) عن أحدهما ( عليهما السلام ) « في رجل فقأ عين رجل وقطع أنفه واذنيه ثم قتله ، فقال : أن كان فرق ذلك عليه اقتص منه ثم قتل ، وإن كان ضربه ضربة واحدة فأصابه ذلك ، ضربت عنقه ولم يقتص منه ».

ص: 130


1- الطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.
2- يدل على أنه إذا انتقص البصر من الجنابة فإنه يقاس بذوي أسنانه. ( م ت )
3- تقدم تحت رقم 5194 ولا مناسبة له بالباب.
4- أي لم يقطع عضو تام والاصطلام الاستيصال.
5- بأن يعتبرا نسبة ما قطع من الأصل بالمساحة ويقطع من الجاني بتلك النسبة ، أو يؤدى ديته بالنسبة ، وان لم يكن في عضو مقدر له الدية فيعتبر ان بأنه إذا كان الحر عبدا كم كانت قيمته صحيحا وكم كانت معيبا ويلاحظ النسبتان فبقدر ما نقص يؤخذ من الدية ، ويمكن أن يكون « ذو عدل ». ( م ت )
6- طريق المصنف إلى محمد بن قيس حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.

5284 - وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد العجلي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « إن في لسان الأخرس وعين الأعمى وذكر الخصي الحر وأنثييه ثلث الدية ، وفي ذكر الغلام الدية كاملة ».

5285 - وروى ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الرجل يضرب على عجانه (1) فلا يستمسك غائطه ولا بوله أن في ذلك الدية كاملة » (2).

5286 - وروى ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة الحذاء قال :  « سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن رجل ضرب رجلا بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتى وصلت الضربة إلى دماغه فذهب عقله ، فقال : إن كان المضروب لا يعقل منها الصلاة ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له فإنه ينتظر به سنة ، فإن مات فما بينه وبين السنة أقيد به ضاربه ، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع إليه عقله أغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله ، قال : فقلت له : فما ترى عليه في الشجة شيئا ، فقال : لا لأنه إنما ضربه ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين وهي الدية ، ولو كان ضربه ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنت الضربتان كائنا ما كانتا إلا أن يكون فيهما الموت فيقاد به ضار به وتطرح الأخرى (3) ، قال : وإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات ألزمته جناية ما جنين الثلاث الضربات كائنات ما كن ما لم يكن فيهن الموت فيقاد

ص: 131


1- العجان - ككتاب - : ما بين الذكر والاست ، أو حلقة الدبر.
2- عمل به الأصحاب ، ويمكن أن يكون الواو بمعنى « أو » فحينئذ ذهاب كل واحد من المنفعتين سبب للدية.
3- هذا ينافي ما مر في رواية محمد بن قيس « وإن كان فرق ذلك عليه اقتص منه ثم قتل » وقد ذهب إلى مضمون كل منهما بعض ويمكن الجمع بينهما بحمل دخول الجنايات في الموت على وقوع الموت بالسراية وعدم دخولها على ما إذا كانت الجناية الأخيرة هي القتل ولعل في اختياره (عليه السلام) لفظ الموت على القتل في هذا الحديث في مواضع اشعارا إلى هذا. ( مراد )

به ضاربه ، قال : وإن ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر الضربات كائنة ما كانت ما لم يكن فيها الموت ».

5287 - وروى ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن حبيب السجستاني قال « سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن رجل قطع يدين لرجلين اليمينين ، فقال : يا حبيب تقطع يمينه للرجل الذي قطع يمينه أو لا ، ويقطع يساره للذي قطع يمينه آخرا لأنه إنما قطع يد الرجل الأخير ويمينه قصاص للرجل الأول ، فقلت : إن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إنما كان يقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ، فقال : إنما كان يفعل ذلك فيما يجب من حقوق اللّه عزوجل ، فأما حقوق المسلمين يا حبيب فإنه يؤخذ لهم حقوقهم في قصاص اليد باليد إذا كانت للقاطع يد ، والرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يدان ، فقلت له : أما توجب عليه الدية وتترك له رجله؟ فقال : إنما توجب عليه الدية إذا قطع يد رجل وليس للقاطع يدان ولا رجلان فثم توجب عليه الدية لأنه ليست له جارحة يقاص منها ».

5288 - وروى ابن أبي عمير ، عن القاسم بن عروة ، عن ابن بكير ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « في اليد نصف الدية وفي اليدين جميعا الدية وفي الرجلين كذلك ، وفي الذكر إذا قطعت الحشفة وما فوق ذلك الدية ، وفي الانف إذا قطع المارن الدية » قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : وجدت في كتاب ابن الاعرابي في صفة خلق الانسان أن المارن مالان من غضروفه ، والغضروف هو الرقيق الأبيض كالعظم يكون في المارن والمارن كله غضاريف « (1) وفي الشفتين الدية ، وفي العينين الدية ، وفي إحديهما نصف الدية » (2).

5289 - وروى ابن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « في الشفة السفلى ستة آلاف وفي العليا أربعة آلاف لان السفلى تمسك الماء ».

ص: 132


1- ما بين القوسين كلام المؤلف توسط بين الخبر.
2- في التهذيب مكان « وفي الشفتين » وفي البيضتين وفي الكافي كما في المتن.

5290 - وروى عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل أصيب إحدى عينيه أن تؤخذ بيضة نعامة فيمشي بها وتوثق عينه الصحيحة حتى لا يبصر بها وينتهي بصره (1) ثم يحسب ما بين منتهى بصر عينه التي أصيبت وبين عينه الصحيحة فيؤدى بحساب ذلك ».

5291 - وروى ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « كل ما كان في الانسان اثنين ففيهما الدية ، وفي إحديهما نصف الدية (2) ، وما كان واحدا ففيه الدية ».

5292 - وروى ابن محبوب ، عن عبد الوهاب بن الصباح ، عن علي (3) ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه قال : « في رجل وجئ في اذنه فادعى أن إحدى اذنيه نقص من سمعه بها شئ ، قال : تشد التي ضربت شدا جيدا وتفتح الصحيحة فيضرب له بالجرس حيال وجهه ويقال له : اسمع فإذا خفي عليه صوت الجرس علم مكانه ثم يذهب بالجرس من خلفه فيضرب به من خلفه حتى يخفى عليه الصوت فإذا خفي عليه علم مكانه ، ثم يقاس ما بينهما فإن كانا سواء علم أنه قد صدق ثم يؤخذ به عن يمينه فيضرب به حتى يخفى ، ثم يعلم ثم يؤخذ به عن يساره فيضرب به حتى يخفى ثم يعلم به ثم يقاس ما بينهما فإن كانا سواء علم أنه قد صدق ، قال : ثم تفتح اذنه المعتلة وتشد الأخرى شدا جيدا ، ثم يضرب بالجرس من قدامه ثم يعلم حتى يخفى يصنع به كما صنع أول مرة باذنه الصحيحة ثم يقاس ما بين الصحيحة والمعتلة فيقوم من حساب ذلك » (4).

5293 - وروى ابن محبوب عن أبيه (5) عن حماد بن زياد ، عن سليمان بن خالد

ص: 133


1- تقدم مثله في كتاب ظريف. وبالنظر إلى ما مر فيه سقط والساقط « ثم توثق عينه المصابة فيمشي بها حتى لا يبصرها وينتهي بصره ».
2- استثنى منه البيضتين.
3- يعني علي بن أبي حمزة البطائني.
4- قال العلامة المجلسي : عليه الفتوى لكن لم يعتبر بعضهم الجهات الأربع بل اكتفوا بما يحصل معه العلم بصدقه وقالوا : لو ادعى نقصانها فنسبا إلى أبناء سنه.
5- « عن أبيه » زائدة من النساخ ولم يعهد رواية ابن محبوب عن أبيه لا في هذا الكتاب ولا في غيره.

عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل وجاء أذن رجل بعظم فادعى أنه ذهب سمعه كله ، قال : يؤجل سنة ويترصد بشاهدي عدل فإن جاءا فشهدا أنه سمع وأنه أجاب على سمع فلا حق له (1) ، وإن لم يعثر على أنه سمع استحلف ثم إنه أعطي الدية ، قال : قلت : فإنه يسمع بعد ما أعطي الدية قال : هو شئ أعطاه اللّه تعالى إياه ، قال : وسألته عن العين يدعى صاحبها أنه لا يبصر بها ، قال : يؤجل سنة ثم يستحلف بعد السنة أنه لا يبصر ثم يعطى الدية ، قلت : فإنه أبصر بعد ذلك؟! قال : هو شئ أعطاه اللّه إياه ».

5294 - وفي رواية السكوني « أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قضى في الصلب إذا انكسر الدية » (2).

5295 - وروى هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كسر بعصوصه فلم يملك استه (3) ما فيه من الدية؟ فقال : الدية كاملة ، قال : وسألته عن رجل وقع بجارية فأفضاها وهي إذا نزلت بتلك المنزلة لم تلد ، فقال : الدية كاملة ».

5296 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل تزوج جارية فوقع عليها فأفضاها ، قال : عليه الاجراء عليها ما دامت حية » (4).

5297 - وفى رواية السكوني قال : قال : أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « لا تقاس عين في يوم غيم ».

باب 521: دية الأصابع والأسنان والعظام

5298 - روى عثمان بن عيسى ، عن سماعة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته

ص: 134


1- أي على من شأنه أن يسمع فلا حق له ( مراد )
2- رواه الشيخ في التهذيب بسنده عن النوفلي عن السكوني وليس فيه « إذا انكسر ».
3- البعصوص - كقربوس - عظم الورك.
4- الاجراء الانفاق ، وظاهره وجوب الانفاق عليها وان تزوجت وقد قيد بعدم التزويج إذ لا يعقل وجوب الانفاق على الاثنين. ( مراد )

عن الأصابع هل لبعضها على بعض فضل في الدية؟ قال : هن سواء في الدية » (1).

5299 - وروى عاصم بن حميد ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن السن والذراع يكسران عمدا ألهما أرش أو قود؟ فقال : قود ، قال : قلت فإن أضعفوا له الدية؟ فقال : إن أرضوه بما شاء فهو له » (2).

5300 - وفي رواية ابن بكير ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « في الإصبع عشر من الإبل إذا قطعت من أصلها أو شلت ». (3)

5301 - وفي رواية جميل ، عن بعض أصحابنا عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : « في سن الصبي يضربها الرجل فتسقط ثم تنبت ، قال : ليس عليه قصاص وعليه الأرش ، و (4) قال في الرجل تكسر يده ثم تبرأ يده ، قال : لا يقتص منه ولكن يغشى الأرش ، وسئل جميل كم الأرش في سن الصبي وكسر اليد؟ قال : شئ يسير -. ولم يرو فيه شيئا معلوما - ».

5302 - روى ابن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال :  « أصابع اليدين والرجلين في الدية سواء (5) وقال : في السن إذا ضربت انتظر بها

ص: 135


1- حمل على غير الابهام جمعا بين هذا الخبر وبين ما تقدم في خبر ظريف.
2- المراد أن مقتضى العمد القود فلا يصار إلى الدية الا لأمر آخر ، كما إذا كان الكسر على وجه لا يمكن الاتيان بمثله عادة ، أو برئ أو رضي المجني عليه بالدية أو بالأقل أو بالأكثر أو عفى. ومعنى « أضعفوا » أعطوا ضعف الدية وضمير « أرضوه » للمجني عليه المفهوم من سوق الكلام. ( مراد )
3- لعل المراد بالشلل هنا قطع الحياة عنها بالكلية بحيث يصير عدمها أحسن من وجودها جمعا بينه وبين كثير من الأحاديث الدالة على إن دية شلل عضو ثلث دية ذلك العضو. ( مراد )
4- تقدم أن الأرش أن يفرض عبدا وينظر قيمته صحيحا ومعيوبا بهذا العيب الذي يرجى زواله فما نقص من القيمة فبنسبته من الدية أرش ، وإنما كان في سن الصبي الأرش دون الدية لأنه كالعضو الزائد لأنه يسقط غالبا ثم ينبت. ( م ت )
5- تقدم الكلام فيه في ذيل ما مر والخبر إلى هنا رواه الشيخ في التهذيب مع زيادة في رواية والبقية في رواية أخرى كما فعله الكليني أيضا.

سنة ، فإن وقعت أغرم الضارب خمسمائة درهم ، وإن لم تقع واسودت أغرم ثلثي ديتها » (1).

5303 - و « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (2) في الأسنان التي تقسم عليها الدية أنها ثمانية وعشرون سنا ، ستة عشر في مواخير الفم واثنا عشر في مقاديمه ، فدية كل سن من المقاديم إذا كسر حتى يذهب خمسون دينارا فيكون ذلك ستمائة دينار ، ودية كل سن من المواخير إذا كسر حتى يذهب على النصف من دية المقاديم خمسة وعشرون دينارا فيكون ذلك أربعمائة دينار فذلك ألف دينار ، فما نقص فلا دية له وما زاد فلا دية له » (3).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : إذا أصيبت الأسنان كلها فما زاد على الخلقة المستوية - وهي ثمانية وعشرون سنا - فلا دية لها ، وإذا أصيبت الزائدة مفردة عن جميعها ففيها ثلث دية التي تليها (4).

5304 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن فضيل بن يسار قال : سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن الذراع إذا ضرب فانكسر منه الزند ، فقال : إذا يبست منه الكف أو شلت أصابع الكف كلها فإن فيها ثلثي دية اليد ، قال : وأن شلت بعض

ص: 136


1- ظاهره تساوي الأسنان لعدم التفصيل ولا يبعد حملها على المقاديم لاطلاق السن عليها واطلاق الضرس على المآخير شايع.
2- لم أجده مسندا وسيجئ مضمونه.
3- قال الفاضل التفرشي : ظاهره أنه إذا ذهبت الأسنان كلها بالجناية وزادت على ثمانية وعشرين لم يزد ديتها على كمال الدية سواء كانت الزائدة نابتة في طرف الأسنان المتسلسلة بحيث يمتاز عن الأصلية أم لا ، وينبغي حمل الحديث على ذلك جمعا بينه وبين ما دل على أن دية الزائدة ثلث دية الصحيحة.
4- قال في المسالك فما زاد عن الثمانية والعشرين يجعل بمنزلة السن الزائدة فيها ثلث دية الأصلية بحسب محلها لكن ذلك مع تمييزها عن الأصلية أما مع اشتباهها كما هو الغالب من بلوغ الأسنان اثنين وثلاثين من غير أن يتميز بعضها عن بعض فيشكل الحكم

الأصابع وبقى بعض فإن في كل إصبع شلت ثلثي ديتها ، قال : وكذلك الحكم في الساق والقدم إذا شلت أصابع القدم (1).

5305 - وروى محمد بن يحيى الخراز ، عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « في الإصبع الزائدة إذا قطعت ثلث دية الصحيحة » (2).

5306 - وروى ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الجرح في الأصابع إذا أوضح العظم عشر دية الإصبع إذا لم يرد المجروح ان يقتص » (3).

5307 - وروى ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن زياد بن سوقة ، عن الحكم ابن عتيبة قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : « أصلحك اللّه إن بعض الناس له في فيه اثنان وثلاثون سنا وبعضهم له ثمانية وعشرون سنا فعلى كم تقسم دية الأسنان؟ فقال : الخلقة إنما هي ثمانية وعشرون سنا اثنا عشر سنا في مقاديم الفم وستة عشر سنا في مواخيره ، فعلى هذا قسمت دية الأسنان فدية كل سن من المقاديم إذا كسر حتى يذهب خمسمائة درهم وهي اثنا عشر سنا فديتها ستة آلاف درهم ، ودية كل سن من الأضراس إذا كسر حتى يذهب مائتان وخمسون درهما وهي ستة عشر سنا فديتها كلها أربعة آلاف درهم ، فجميع دية المقاديم والمواخير من الأسنان عشرة آلاف درهم وإنما وضعت الدية على هذا فما زاد على ثمانية وعشرين سنا فلا دية له وما نقص فلا دية له ، وهكذا وجدناه في كتاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، قال الحكم : فقلت إن

ص: 137


1- رواه الكليني والشيخ ، ويدل على أن في مثل شلل اليدين والرجلين وأصابعهما ثلثي دية ذلك العضو ، وعمل به الأصحاب ، ويظهر منه تداخل دية الشجة والكسر في دية الشلل. ( م ت )
2- رواه الكليني والشيخ وعليه الفتوى.
3- يدل على أنه يجوز القصاص في الموضحة ، ودية موضحة الإصبع عشر دية الإصبع ، والذي في كتاب ظريف أن في موضحة كل عضو ربع كسره وهي الخمس ففي الموضحة نصف العشر. ( م ت )

الديات إنما كانت تؤخذ قبل اليوم من الإبل والبقر والغنم ، فقال : إنما كان ذلك في البوادي قبل الاسلام فلما ظهر الاسلام وكثر الورق في الناس قسمها أمير المؤمنين عليه السلام على الورق : قال الحكم : فقلت له : أرأيت من كان اليوم من أهل البوادي ما الذي يؤخذ منه في الدية اليوم الورق أو الإبل؟ فقال : الإبل هي مثل الورق بل هي أفضل من الورق في الدية إنهم كانوا يأخذون منهم في دية الخطأ مائة من الإبل : يحسب لكل بعير مائة درهم فذلك عشرة آلاف درهم ، قلت : فما أسنان المائة البعير؟ فقال : ما حال عليها الحول ذكران كلها » (1).

باب 522: الرجل يقتل فيعفو بعض أوليائه ويريد بعضهم القود وبعضهم الدية

5308 - في رواية جميل بن دراج قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في رجل قتل وبه وليان فعفا أحدهما وأراد الاخر أن يقتل ، قال : يقتل ويرد على أولياء المقتول المقاد نصف الدية » (2).

5309 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل قتل وله أب وأم وابن ، فقال الابن : أنا أريد أن أقتل قاتل أبي ، وقال الآخر (3) أنا أعفو ، وقال الآخر (4) أنا أريد ان آخذ الدية ، قال :

ص: 138


1- « ما حال عليه الحول » خلاف المشهور والأخبار السابقة ، وقال العلامة المجلسي ولم أربه قائلا.
2- كأنه مضمون الخبر ولفظه كما في الكافي والتهذيبين مسندا عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن بعض أصحابه رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام « في رجل قتل وله وليان فعفا أحدهما وأبى الاخر أن يعفو ، قال : ان أراد الذي لم يعف أن يقتل قتل ورد نصف الدية على أولياء المقتول المقاد منه » والظاهر أن المصنف نقله بالمعنى.
3- يعنى الأب كما هو صريح الكافي والتهذيب.
4- يعنى الام كما هو في التهذيبين والكافي.

فليعط الابن أم المقتول السدس من الدية ، ويعطى ورثه القاتل السدس من الدية حق الأب الذي عفا ويقتله ».

5310 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل قتل وله أولاد صغار وكبار أرأيت إن عفا أولاده الكبار ، فقال : لا يقتل ويجوز عفو الكبار في حصصهم فإذا كبر الصغار كان لهم أن يطلبوا حقهم من الدية » (1).

وقد روي أنه إذا عفا واحد من الأولياء عن الدم ارتفع القود (2).

باب 523: العاقلة

العاقلة (3)

5311 - روى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبيه ، عن سلمة بن

ص: 139


1- ظاهره عدم جواز القود كما هو مذهب العامة ، ويمكن أن يقال : جواز أخذ الدية لا ينافي جواز القود مع أنه يمكن حمله على غير العمد. ( المرآة )
2- المراد ما رواه الكليني ج 7 ص 358 في الصحيح عن عبد الرحمن ، عن أبي - عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل قتل رجلين عمدا ولهما أولياء فعفا أولياء أحدهما وأبى الآخرون ، قال : فقال : يقتل الذي لم يعف وان أحبوا أن يأخذوا الدية أخذوا ، وقال عبد الرحمن : فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : فرجلان قتلا رجلا عمدا وله وليان فعفا أحد الوليين ، قال : فقال : إذا عفا بعض الأولياء درأ عنهما القتل وطرح عنهما من الدية بقدر حصة من عفى وأديا الباقي من أموالهما إلى الذين لم يعفوا » وقال الفاضل التفرشي : ينبغي حمله على الاستحباب للجمع.
3- العقل هو الدية وأصله أن القاتل كان إذا قتل قتيلا جمع الدية من الإبل فعقلها بفناء أولياء المقتول : أي شدها في عقلها ليسلمها ويقضبوها منه ، فسميت الدية عقلا بالمصدر يقال عقل البعير يعقله عقلا وجمعها عقول ، وكان أصل الدية الإبل ثم قومت بعد ذلك بالذهب والفضة والبقر والغنم وغيرها ، والعاقلة هي العصبة والأقارب من قبل الأب الذين يعطون دية قتيل الخطأ وهي صفة جماعة عاقلة وأصلها اسم ، فاعلة من العقل وهي من الصفات الغالبة ومنه الحديث « الدية على العاقلة ». ( النهاية )

كهيل (1) قال : « اتي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) برجل قد قتل رجلا خطأ ، فقال علي عليه السلام ، من عشيرتك وقرابتك فقال : ما لي بهذه البلدة قرابة ولا عشيرة فقال : من أهل أي البلدان أنت؟ فقال : أنا رجل من أهل الموصل ولدت بها ولى فيها قرابة وأهل بيت ، فسأل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عنه فلم يجد له بالكوفة قرابة ولا عشيرة ، قال : فكتب إلى عامله على الموصل » أما بعد فإن فلان بن فلان ، وحليته كذ وكذا قتل رجلا من المسلمين خطأ وقد ذكر أنه رجل من أهل الموصل وأن له بها قرابة وأهل بيت ، وقد بعثت به إليك مع رسولي فلان بن فلان وحليته كذا وكذا ، فإذا وردا عليك إن شاء اللّه فقرأت كتابي فافحص عن أمره وسل عن قرابته من المسلمين (2) فإن كان من أهل الموصل ممن ولد بها وأصبت له بها قرابة من المسلمين فاجمعهم إليك ثم انظر فإن كان هناك رجل يرثه له سهم في الكتاب لا يحجبه عن ميراثه أحد من قرابته فألزمه الدية وخذه بها في ثلاث سنين (3) ، وإن لم يكن له من قرابته أحد له سهم في الكتاب وكانوا قرابته سواء في النسب ، ففض الدية على قرابته من قبل أبيه وعلى قرابته من قبل أمه من الرجال المدركين المسلمين ، ثم اجعل على قرابته من قبل أبيه ثلثي الدية ، واجعل على قرابته من قبل أمة ثلث الدية ، وإن لم تكن له قرابة من أمه ففض الدية على قرابته من قبل أبيه من الرجال المدركين

ص: 140


1- سلمة بن كهيل تابعي لم يوثق في رجالنا الخاصة صريحا بل ورد فيه بعض الذم لكن عنونه العامة كابن حجر وغيره ووثقوه فوق الغاية مع أنهم قائلون بتشيعه وكيف كان الخبر مرسل لان سلمة بن كهيل كما صرح به جماعة ولد سنة 47 ومات أمير المؤمنين عليه السلام سنة 40. راجع تقريب التهذيب وتهذيب التهذيب والمعارف لابن قتيبة ، واحتمال التعدد بعيد.
2- يستفاد منه أن الكافر ليس عاقلة مسلم لأنه ممنوع عن ميراثه. ( مراد )
3- التخصيص بالرجل يدل على أن المرأة لا تكون عاقلة ولا غير البالغ والظاهر أن الرجل الذي له سهم في الكتاب العزيز هو الأب والزوج والكلالة والدية كلها عليه لو قدر انحصار الوارث فيه ، فهو حجة لمن قال بذلك وظاهر المصنف أنه يعمل بمضمون هذا الخبر ومن يمنع من ذلك بادخال قرابة الام في العاقلة أو غير ذلك يرد الخبر للقدح في سلمة بن كهيل ( مراد ) أقول : قد عرفت أن سلمة لم يدرك أمير المؤمنين عليا عليه السلام.

المسلمين ثم خذهم بها واستأدهم الدية في ثلاث سنين ، وإن لم يكن له قرابة من قبل أبيه ولا قرابة من قبل أمه ففض الدية على أهل الموصل ممن ولد بها ونشأ ولا تدخلن فيهم غيرهم من أهل البلدان ، ثم استأد ذلك منهم في ثلاث سنين في كل سنة نجما حتى تستوفيه إن شاء اللّه ، وإن لم يكن لفلان بن فلان قرابة من أهل الموصل ولم يكن من أهلها وكان مبطلا فرده إلي مع رسولي فلان بن فلان إن شاء اللّه فأنا وليه والمودي عنه ، ولا يبطل دم امرئ مسلم (1).

5312 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « ليس بين أهل الذمة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة ، إنما يؤخذ ذلك من أموالهم فإن لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام المسلمين لأنهم يودون إليه الجزية كما يودى العبد الضريبة إلى سيده ، قال : وهم مماليك للامام ، فمن أسلم منهم فهو حر » (2).

5313 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يجعل جناية المعتوه (3) على عاقلته خطأ أو عمدا

5314 - وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « لا تعقل العاقلة (4) الا ما قامت عليه البينة ، واتاه رجل فاعترف عنده فجعله في ماله خاصة ولم يجعل على عاقلت منه شيئا ».

ص: 141


1- في الكافي « ولا أبطل دم امرئ مسلم ». ولعل الصواب « لا يطل .. ».
2- رواه الكليني والشيخ في الصحيح ، ويدل على أنه ليس بين أهل الذمة معاقلة بل الدية على مال الجاني ومع اعساره على الامام ، والظاهر أنه يؤديه من بيت المال لان الجزية تدخل فيه كما يفهم من التعليل ( م ت )
3- المعتوه : الناقص العقل والمصاب بعقله.
4- مروى في التهذيبين بالاسناد عن محمد بن يحيى ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عليهم السلام وفيه « قال لا يضمن العاقلة الا ما قامت - الخ ».

5315 - وروى الحسن بن محبوب عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « لا تضمن العاقلة عمدا ولا اقرارا ولا صلحا » (1).

5316 - وروى العلاء ، عن محمد الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خديه فوثب المضروب على ضاربه فقتله ، فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ). هذان معتديان جميعا فلا أرى على الذي قتل الرجل قودا لأنه قتله حين قتله وهو أعمى والأعمى جنايته خطأ تلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجم (2) ، فإن لم يكن للأعمى عاقلة لزمته دية ما جنى في ماله يؤخذ بها في ثلاث سنين ، ويرجع الأعمى على ورثة ضاربه بدية عينيه » (3).

باب 524: ما جاء في رجل ضرب رجلا فلم ينقطع بوله

5317 - روي عن إسحاق بن عمار أنه قال : « سأل رجل أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) وأنا حاضر عن رجل ضرب رجلا فلم ينقطع بوله (4) ، قال : إن كان البويمر إلى الليل فعليه الدية وإن كان إلى نصف النهار فعليه ثلثا الدية ، وإن كان إلى ارتفاع النهار

ص: 142


1- « ولا اقرارا » أي لا يقبل اقرار الجاني خطأ على العاقلة ولا الصلح الذي وقع على جناية العمد ، وعليهما الفتوى ، وقال في الروضة : ولا تعقل العاقلة عمدا محضا ولا شبيها به وإنما تعقل الخطأ المحض. وفي الشرايع ولا يعقل العاقلة اقرارا ولا صلحا ولا جناية عمد مع وجود القاتل. ( المرآة )
2- يدل على أن عمد الأعمى خطأ ، وحمل على قصد الدفع أو الضرب بما ليس بقاتل غالبا وفيهما نظر. ( م ت )
3- ينافي بظاهره ما سبق في رواية سلمة بن كهيل من أن ديته مع فقد العاقلة على الإمام عليه السلام والمسألة محل الخلاف ، قال المحقق في الشرايع : ولو لم يكن له عاقلة أو عجزت أخذت من الجاني ، ولو لم يكن له مال أخذت من الامام ، وقيل مع فقر العاقلة أو عدمها يؤخذ من الامام دون القاتل والأول مروى. ( سلطان )
4- « فلم ينقطع » أي صار سلسل البول ، وفي الكافي والتهذيب « فقطع بوله » وقوله : « يمر إلى الليل » أي استمرت ، وقوله : « فعليه الدية » أي كاملة.

فعليه ثلث الدية ».

5318 - وروى غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) « أن عليا ( عليه السلام ) قضى في رجل ضرب حتى سلس بوله (1) بالدية الكاملة ».

باب 525: دية النطفة والعلقة والمضغة والعظم والجنين

5319 - روى محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن سليمان بن صالح ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إن في النطفة عشرين دينارا ، وفي العلقة أربعين دينارا ، وفي المضغة ستين دينارا ، وفى العظم ثمانين دينارا ، فإذا كسى اللحم فمائة ، ثم هي مائة حتى يستهل (2) ، فإذا استهل فالدية كاملة » (3).

5320 - وروى محمد بن إسماعيل (4) عن يونس الشيباني قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « فإن خرج في النطفة قطرة دم؟ قال : في القطرة عشر النطفة فيها اثنان وعشرون دينارا ، قال : قلت : فإن قطرت قطرتان؟ قال : فأربعة وعشرون دينارا ، قلت : فإن قطرت ثلاث؟ قال : فستة وعشرون دينارا ، قلت : فأربع؟ قال : ثمان وعشرون ، وفي خمس ثلاثون فإن زادت على النصف فبحساب ذلك حتى تصير علقة ، فإذا

ص: 143


1- لعل المراد استمراره إلى الليل فلا ينافي التفصيل السابق. ( سلطان )
2- أي حتى يولد ويبكي ويصيح أو يعلم حياته بحركة الاحياء.
3- ظاهره موافق لمذاهب العامة حيث ذهبوا إلى أن الجنين ما لم يولد حيا ليس فيه الدية الكاملة وديته مائة إلى حين الولادة وان ولجته الروح ، والمشهور أن الدية بعد ولوج الروح كاملة ، والمائة بعد تمام الخلقة قبل ولوج الروح ، ويمكن أن يحمل الخبر على استعداد الاستهلال بولوج الروح ولكنه بعيد.
4- في الكافي والتهذيب « عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن يونس الشيباني » ورواية صالح عنه وردت في غير مورد من الكافي والتهذيب ، والظاهر أنه سقط من النساخ أو تركه المصنف اعتمادا على ما تقدم فإنهما خبر واحد ، وأما يونس الشيباني فمن أصحاب الصادق عليه السلام لكنه مجهول الحال.

كان علقة فأربعون دينارا ».

5321 - وروى محمد بن إسماعيل ، عن أبي شبل (1) قال : « حضرت يونس الشيباني وعبد اللّه ( عليه السلام ) يخبره بالديات ، فقلت له : فإن النطفة خرجت متخضخضة بالدم (2) قال : قد علقت (3) إن كان دم صاف ففيه أربعون ، وإن كان دم أسود فلا شئ عليه إلا التعزير لأنه ما كان من دم صاف فذلك للولد وما كان من دم أسود فإنما ذلك من الجوف.

قال أبو شبل : فإن العلقة قد صارت فيها شبه العرق من اللحم؟ قال : فيه اثنان وأربعون العشر ، قلت : فإن عشر أربعين أربعة ، قال : إنما هو عشر المضغة لأنه إنما ذهب عشرها وكلما زادت زيد حتى تبلغ الستين ، قال : قلت : فانى رأيت في المضغة شبه العقدة عظما يابسا (4) ، قال : فذاك العظم الذي أول ما يبتدء فيه أربعة دنانير فإن زاد فزد أربعة حتى يتم الثمانين ، وكذلك إذا كسى العظم لحما فكذلك ، قال : قلت : فإذا وكزها (5) فسقط الصبي لا يدرى أحي كان أم لا؟ قال : هيهات : يا أبا شبل إذا ذهبت الخمسة الأشهر (6) فقد صارت فيه الحياة واستوجب

ص: 144


1- الظاهر أنه عبد اللّه بن سعيد أبو شبل الكوفي الأسدي مولاهم ، وثقة النجاشي و قال : له كتاب يرويه علي بن النعمان.
2- أي متحركة أو مخلوطة ، وفي بعض النسخ « مخضضة » والتخضض : التحرك ، وفي الكافي « متحصحصة » بالمهملات والحصحصة تحريك الشئ في الشئ حتى يستمكن ويستقر فيه والاسراع ، وتحصحص لزق بالأرض واستوى ، وحصحص الشئ بان وظهر كما في القاموس.
3- قال بعض الشراح : الظاهر أنه جزاء الشرط قدمت عليه ، وقوله « ففيه - الخ » ليس جزاء الشرط بل تفريع عليه.
4- أي مثل العقدة إذا كسى العظم لحما أي يكون المكسو خمس العظم فكذلك ، أي ففي كساء العقدة الواحدة أربعة دنانير وفي كساء العقدتين ثمانية وهكذا.
5- أي ضربها ودفعها.
6- المشهور أن ولوج الروح بعد أربعة أشهر.

الدية » (1).

5322 - وفي رواية محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « جاءت امرأة فاستعدت (2) على أعرابي قد أفزعها فألقت جنينا ، فقال الاعرابي : لم يهل ولم يصح ومثله يطل (3) ، فقال له النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : اسكت سجاعة ، عليك غرة عبد أو أمة » (4).

5323 - وروى جميل بن دراج ، عن عبيد بن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « إن الغرة تكون بمائة دينار ، وتكون بعشرة دنانير ، فقال : بخمسين » (5).

5324 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في امرأة شربت دواء وهي حامل لتطرح ولدها فألقت ولدها ، قال : إن كان له عظم قد نبت عليه اللحم وشق له السمع والبصر فإن عليها دية (6) تسلمها إلى أبيه ، فقال : وإن كان علقة أو مضغة فان عليها أربعين دينارا ، أو غرة تسلمها إلى أبيه (7) ، قلت : فهي لا ترث من ولدها من ديته؟ قال : لا لأنها قتلته »

ص: 145


1- بشرط الاستهلال كما تقدم.
2- أي طلبت منه أن ينصره.
3- أطل دمه : أهدره ، والمراد أن المولود ولد ميتا بدون صياح واستهلال فلذا لا يوجب الدية.
4- « سجاعة » منادى أي يا سجاعة أي كثير السجع في الكلام ، وفي المسالك : المراد بالغرة عبد أو أمة ، يقال غرة عبد أو أمة على الإضافة ويروى على البدل ، والغرة الخيار ولافرق في الجنين بين الذكر والأنثى لعموم الاخبار ، واعتبار قيمة الغرة نصف عشر الدية كما ذكره ابن الجنيد - رحمه اللّه - موجود في صحيحة عبيد بن زرارة ، ونقل في الغريبين عن الفقهاء أن الغرة من العبد الذي يكون ثمنه عشر الدية ، وهو مناسب للمشهور من وجوب مائة دينار.
5- حمل على ما بين العلقة والمضغة والتخيير أظهر ، واللّه تعالى أعلم.
6- أي دية الجنين - مائة دينار -. ( م ت )
7- في الكافي ج 7 ص 347 في الحسن كالصحيح ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان الغرة تزيد وتنقص ولكن قيمتها أربعون دينارا » ، وروى الشيخ باسناده عن السكوني عنه عليه السلام قال : « الغرة تزيد وتنقص ولكن قيمتها خمسمائة درهم ».

5325 - وروى الحسن بن محبوب ، عن نعيم بن إبراهيم ، عن عبد اللّه بن سنان (1) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل قتل جنين أمة لقوم في بطنها ، فقال : إن كان مات في بطنها بعد ما ضربها فعليه نصف عشر قيمة الأمة ، وإن ضربها فألقته حيا فمات فإن عليه عشر قيمة الأمة » (2).

5326 - وسأل سماعة (3) أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) « عن رجل ضرب ابنته وهي حبلى فأسقطت سقطا ميتا فاستعدى زوج المرأة عليه ، فقالت المرأة لزوجها : إن كان لهذا السقط دية ولي منه ميراث فإن ميراثي منه لأبي ، قال : يجوز لأبيها ما وهبت له » (4).

5327 - وروى الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن لص دخل على امرأة حبلى فوقع عليها فألقت ما في بطنها ، فوثبت عليه المرأة فقتلته ، قال : يطل دم اللص (5) ، وعلى المقتول دية سخلتها ».

ص: 146


1- في الكافي « أبى سيار » وفى التهذيب « ابن سنان » والظاهر أن الصواب « أبي سيار » فصحف بابن سنان وصححه بعض المصححين بعبد اللّه بن سنان ، والمراد بأبي سيار مسمع ابن عبد الملك ، ورواية نعيم عنه في كتاب الحدود والديات كثيرة.
2- يدل على أن دية جنين الأمة نصف العشر وحمل على التامة ، ومع سقوطه حيا عشر قيمة أمه. ( م ت )
3- رواه الكليني ج 7 ص 346 عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل - الخ » ورواه الشيخ أيضا في التهذيب ج 2 ص 526 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن زرعة ، عن سماعة.
4- روى الشيخ أيضا نحوه عن سليمان بن خالد وزاد في أخره : « ويؤدى أبوها إلى زوجها ثلثي دية السقط ».
5- تقدم تفسير الطل وفى بعض النسخ « يبطل » والظاهر مصحفا ، وقوله « على المقتول دية سخلتها » أي يؤخذ من ماله ، أو على عصبة المقتول السارق كما تقدم في حديث الحسين ابن مهران تحت رقم 5243.

باب 526: ما يجب في الرجل المسلم يكون في ارض الشرك فيقتله المسلمون ثم يعلم به الامام

5328 - روى ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) في رجل مسلم كان في ارض الشرك فقتله المسلمون ، (1) ثم علم به الامام بعد ، فقال : يعتق مكانه رقبة مؤمنة (2) وذلك قوله اللّه عزوجل : « وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ».

باب 527: ما يجب على من داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه

( ما يجب على من داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه ) (3)

5329 - في رواية السكوني « أن رجلا رفع إلى علي ( عليه السلام ) وقد داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه فقضى ( عليه السلام ) عليه أن يداس بطنه حتى يحدث كما أحدث أو يغرم ثلث الدية » (4).

ص: 147


1- أي لظنهم أنه كافر من الكفار فقتلوه في حال حربهم مع الكفار أو غيره من الأحوال التي يجوز قتل الكفار فيها ، أو أنهم يجعلونه ترسا لهم ، أو لم يكن الاحتراز عن قتله ، أو كانوا قتلوه خطأ.
2- الظاهر من كلام الفقهاء أن الكفارة على القاتل ، ويمكن حمل الحديث عليه بارجاع الضمير في « يعتق » إلى القاتل ، ولكن لا يلائمه قوله : « ثم علم به الامام ». ( سلطان )
3- الدوس : الوطي بالرجل والقدم.
4- رواه الكليني ج 7 ص 377 باسناده عن السكوني ، وقال العلامة في التحرير : من داس بطن انسان حتى أحدث ديس بطنه حتى يحدث ثيابه أو يفتدى ذلك بثلث الدية لرواية السكوني وفيه ضعف - انتهى ، وقال صاحب المسالك : ذهب جماعة إلى الحكومة لضعف المستند وهو الوجه.

باب 528: الرجل يتعدى في نكاح امرأة فيلح عليها حتى تموت

الرجل يتعدى في نكاح امرأة فيلح عليها حتى تموت (1)

5330 - روى الحسن بن محبوب ، عن الحارث بن محمد ، عن زيد (2) عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في رجل نكح امرأته في دبرها فألح عليها حتى ماتت من ذلك ، قال : عليه الدية » (3).

باب 529: دية لسان الأخرس

5331 - روى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير عن أبي جعفر ( عليه السلام ) : قال : « سأله بعض آل زرارة عن رجل قطع لسان رجل أخرس ، فقال : إن كان ولدته أمه وهو أخرس فعليه الدية (4) ، وإن كان لسانه ذهب بوجع أو آفة بعد ما كان يتكلم فأن على الذي قطع ثلث دية لسانه ».

باب 530: ما يجب في الافضاء

قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في امرأة أفضيت بالدية (5).

ص: 148


1- المراد بالتعدي الوطي في الدبر ، وظاهر المصنف حرمته.
2- كأنه زيد الشحام ولا يبعد تصحيفه عن « بريد » ورواية الحارث بن محمد بن نعمان الأحول عن بريد بن معاوية العجلي كثيرة ، وهما ثقتان.
3- فألح عليها أي بالغ ، وقوله « عليه الدية » لا ينافي الحلية لأنه شبه العمد. ( م ت )
4- مروى في التهذيب ج 2 ص 521 والكافي ج 7 ص 318 وفيهما « فعلية ثلث الدية » وقال المولى المجلسي : وهو الأوفق بالأخبار الصحيحة ، ولكن ما هنا أوفق بالتفصيل والظاهر أن التفصيل لبيان تسوية الحكم فيهما والسقط من النساخ ، وقال العلامة المجلسي : لم أر قائلا بالتفصيل والمشهور وجوب الثلث مطلقا.
5- الظاهر أن ذلك في خبر السكوني المروى في التهذيب ج 2 ص 515 « قال : ان عليا عليه السلام رفع إليه جاريتان دخلتا الحمام فأفضت إحداهما الأخرى بإصبعها فقضى على التي فعلت عقلها » أي ديتها ، وتقدم ص 134 صحيحتان عن سليمان بن خالد والحلبي في الافضاء وأن فيه الدية والاجراء عليها حتى تموت ما لم تتزوج.

5332 - وفي نوادر الحكمة (1) « أن الصادق ( عليه السلام ) قال في رجل أفضت امرأته جاريته بيدها فقضى أن تقوم قيمة وهي صحيحة ، وقيمة وهي مفضاة فيغرمها ما بين الصحة والعيب وأجبرها على إمساكها لأنها لا تصلح للرجال » (2).

باب 531: ما يجب فيمن صب على رأسه ماء حار فذهب شعره

5333 - روى جعفر بن بشير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : « رجل صب ماء حار على رأس رجل فامتعط شعره فلا ينبت أبدا ، قال : عليه الدية » (3).

ص: 149


1- كتاب نوادر الحكمة تصنيف محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري كما نص عليه الشيخ وغيره ووصفه علماء قم بدبة شبيب لما فيه من الصحيح والزيف واستثنى محمد بن الحسن بن خالد بن الوليد شيخ المصنف ما رواه جماعة ذكرهم صاحب منهج المقال وصاحب جامع الرواة.
2- رواه الشيخ في التهذيب باسناده عن الصفار مسندا عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه عن علي عليهم السلام « أن رجلا أفضى امرأة فقومها قيمة الأمة الصحيحة وقيمتها مفضاة ثم نظر ما بين ذلك فجعل من ديتها وأجبر على امساكها » وقال المولى المجلسي : الظاهر أن ما ذكره المصنف غير رواية التهذيب ، ويشكل الحكم بامساك المرأة جارية غيرها والأظهر أنه وقع التصحيف من النساخ وكان امرأته جارية وكان هذا الحكم مخصوصا بمن كان امرأته جارية لغيره وأفضاها فحكم عليه السلام بالأرش لمولاها وامر الزوج بامساكها ووقع التصحيف والسقط من الكتابين واللّه تعالى يعلم. انتهى.
3- امتعط شعره وتمعط أي تساقط والضمير في « شعره » راجع إلى الرأس ، وفي بعض النسخ « فامترط » وهو بمعنى. امتعط وكأنه كتب فوق السطر تفسيرا فتوهم نسخة كما يقع كثيرا ، وقوله « عليه الدية » أي كاملة كما روى الكليني مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام « قلت : يدخل الحمام فيصب عليه صاحب الحمام ماء حارا فيمتعط شعر رأسه فلا ينبت فقال عليه الدية كاملة ».

5334 - وروى عن سلمة (1) قال : « أهراق رجل على رأس رجل قدرا فيها مرق فذهب شعره ، فاختصموا في ذلك إلى علي ( عليه السلام ) فأجله سنة ، فلم ينبت شعره فقضى عليه بالدية ».

باب 532: ما يجب في اللحية إذا حلقت

5335 - في رواية السكوني « ان عليا ( عليه السلام ) قضى في اللحية إذا حلقت فلم تنبت بالدية كاملة فإذا نبتت فثلث الدية » (2).

باب 533: ما يجب على من قطع فرج امرأته

5336 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : أن في كتاب على ( عليه السلام ) لو أن رجلا قطع فرج امرأته (3) لأغرمنه لها ديتها فإن لم يؤد إليها الدية قطعت لها فرجه إن طلبت ذلك (4).

ص: 150


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 518 بسند عامي عنه مجهول وكونه سلمة بن تمام الشقري الكوفي الذي عنونه العامة في رجالهم بعيد لكونه من تابعي التابعين وذكره ابن - حبان في الثقات فيصلح أن يكون مؤيدا لما تقدم.
2- رواه الكليني ج 7 ص 316 بسند فيه سهل بن زياد عن مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام وتؤيده صحيحة هشام وحسنة عبد اللّه بن سنان في الكافي « أنه كلما في الانسان واحد ففيه الدية ». ورواه الشيخ في التهذيب مسندا عن مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- أي شفري فرجها.
4- قال العلامة المجلسي : لم أر من عمل بها سوى يحيى بن سعيد في جامعه ، وقال المحقق في الشرايع : هي متروكة.

باب 534: ما يجب على من ركل امرأة في فرجها فزعمت أنها لا تحيض

5337 - روى الحسن بن محبوب عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل ركل امرأة في فرجها فزعمت (1) أنها لا تحيض وكان طمثها مستقيما ، قال : يتربص بها سنة فان رجع إليها الطمث وإلا غرم الرجل ثلث ديتها لفساد طمثها وعقر رحمها ».

5338 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) « ما ترى في رجل ضرب امرأة شابة على بطنها فعقر رحمها وأفسد طمثها وذكرت أنه قد ارتفع طمثها عنها لذلك وقد كان طمثها مستقيما ، قال : ينتظر بها سنة فإن صلح رحمها وعاد طمثها إلى ما كان وإلا استحلفت واغرم ضاربها ثلث ديتها لفساد رحمها وارتفاع طمثها » (2).

باب 535: دية مفاصل الأصابع

5339 - في رواية السكوني أن « أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كان يقضى في كل مفصل من الأصابع بثلث عقل تلك الأصابع إلا الابهام فإنه كان يقضى في مفصلها بنصف عقل تلك الابهام لان لها مفصلين » (3).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه - : سميت الدية عقلا لان الديات كانت إبلا تعقل بفناء ولى المقتول.

ص: 151


1- أي ضرب بالرجل الواحدة. وقوله « زعمت » أي ادعت.
2- قوله « إلى ما كان » طاهره عدم الحكومة وهو خلاف المشهور ، قال العلامة - رحمه اللّه - في التحرير : من ضرب امرأة مستقيمة الحيض على بطنها فارتفع حيضها انتظر بها سنة فان رجع طمثها فالحكومة وان لم يرجع استحلفت وغرم ثلث ديتها. ( المرآة )
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 517 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

باب 536: دية البيضتين

5340 - في رواية محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن محمد بن هارون عن أبي يحيى الواسطي رفعه إلى أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « الولد يكون من البيضة اليسرى فإذا قطعت ففيها ثلثا الدية وفي اليمنى ثلث الدية ». (1)

باب 537: ما جاء في أربعة أنفس مملوك وحر وحرة ومكاتب قتلوا رجلا

5341 - سئل الصادق ( عليه السلام ) (2) « عن أربعة أنفس قتلوا رجلا : مملوك وحر وحرة ومكاتب قد أدى نصف مكاتبته ، فقال ( عليه السلام ) : عليهم الدية على الحر ربع الدية وعلى الحرة ربع الدية وعلى المملوك أن يخير مولاه فإن شاء أدى عنه وإن شاء دفعه برمته ولا يغرم أهله شيئا وعلى المكاتب في ماله نصف الربع ، وعلى الذين كاتبوه نصف الربع فذلك الربع لأنه قد عتق نصفه ».

ص: 152


1- في ذيل رواية عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « قلت : فرجل ذهبت إحدى بيضتيه؟ قال : ان كانت اليسار ففيها الدية ، قلت : ولم؟ أليس قلت : ما كان في الجسد اثنان ففي كل واحد نصف الدية؟ قال : لان الولد من البيضة اليسرى » وفي الروضة في الخصيتين معا الدية وفي كل واحدة نصف للخبر العام ، وقيل - والقائل به جماعة منهم الشيخ في الخلاف وأتباعه والعلامة في المختلف - في اليسرى الثلثان وفي اليمنى الثلث لحسنة عبد اللّه ابن سنان عن الصادق عليه السلام وغيرها ولما روى من أن الولد يكون من اليسرى ولتفاوتهما في المنفعة المناسب لتفاوت الدية ، ويعارض باليد القوية الباطشة والضعيفة ، وتخلق الولد منها لم يثبت وخبره مرسل وقد أنكره بعض الأطباء.
2- رواه الشيخ باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر ( أي البزنطي أو محمد بن الفضيل ) عن أبي عبد اللّه عليه السلام وأخذه المصنف من كتاب نوادر محمد بن أحمد بن يحيى الذي تقدم ذكره.

وهذا الخبر في كتاب محمد بن أحمد يرويه عن إبراهيم بن هاشم باسناده يرفعه إلى أبي عبد اللّه ( عليه السلام ).

باب 538: ما يجب على من عذب عبده حتى مات

5342 - في رواية السكوني « أن عليا ( عليه السلام ) رفع إليه رجل إليه رجل عذب عبده حتى مات فضربه مائة نكالا وحبسه وغرمه قيمة العبد وتصدق بها » (1).

باب 539: دية ولد الزنا

5343 - في رواية جعفر بن بشير ، عن بعض رجاله قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن دية ولد الزنا ، قال : ثمانمائة درهم مثل دية اليهودي والنصراني والمجوسي » (2).

باب 540: ما جاء فيمن أحدث بئرا أو غيرها في ملكه أو في غير ملكه فوقع فيها انسان فعطب

ما جاء فيمن أحدث بئرا أو غيرها في ملكه أو في غير ملكه فوقع فيها انسان فعطب(3)

5344 - روى زرعة ، وعثمان بن عيسى ، عن سماعة قال : « سألته عن الرجل يحفر البئر في داره أو في أرضه ، فقال : أما ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان ، وأما ما حفر في الطريق أو في غير ملكه (4) فهو ضامن لما يسقط فيها » (5).

ص: 153


1- رواه الكليني ج 7 ص 303 في الضعيف عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 535 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن بعض رجاله.
3- أي مات أو هلك.
4- حمل على ما سوى ما يحفر في الصحارى تقربا إلى اللّه فإنه حينئذ محسن و « ما على المحسنين من سبيل ».
5- رواه الكليني ج 7 ص 349 بسندين موثقين.

5345 - وفى رواية يونس بن عبد الرحمن ، عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « أنه سئل عن الجسور أيضمن أهلها شيئا قال : لا » (1).

5346 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (2) : « من أخرج ميزابا أو كنيفا أو وتد وتدا أو أوثق دابة ، أو حفر بئرا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن » (3).

5347 - وروى محمد بن عبد اللّه بن هلال ، عن عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « كان من قضاء النبي صلى اللّه عليه وآله أن المعدن جبار ، والبئر جبار ، والعجماء جبار » (4).

والعجماء البهيمة من الانعام ، والجبار من الهدر الذي لا يغرم.

5348 - وروى وهيب بن حفص ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن غلام دخل دار قوم يلعب فوقع في بئرهم أيضمنون؟ قال : ليس يضمنون وإن كانوا متهمين ضمنوا » (5).

ص: 154


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 508 في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام وعن أبي بصير عنه أيضا قالا : « سألناه - الخ » وذلك لأنهم محسنون.
2- رواه الكليني ج 7 ص 350 والشيخ في التهذيب باسنادهما عن السكوني.
3- قال في المسالك : ظاهر الأصحاب وغيرهم الاتفاق على جواز اخراج الميازيب إلى الشوارع وعليه عمل الناس قديما وحديثا ، وإذا سقط فهلك به انسان أو مال ففي الضمان قولان أحدهما وهو الذي اختاره المفيد وابن إدريس أنه لا ضمان ، والثاني وهو اختيار الشيخ في المبسوط والخلاف الضمان.
4- الجبار - بضم الجيم - : الهدر ، والعجماء الدابة ومنه « السائمة جبار » أي الدابة المرسلة في رعيها. والبئر جبار هي العادية لا يعلم لها حافر ولا مالك فيقع فيها انسان أو غيره فهو جبار أي هدر ، ولعل المراد البئر التي حفرها في ملك مباح أو من استأجر أحدا ليعمل في بئر فانهارت عليه وكذا المعدن.
5- يدل على ضمانهم مع التهمة ، والظاهر أن المراد به أنه يحصل اللوث ويثبتون بالقسامة. ( م ت )

5349 - وروى الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن أبي الصباح الكناني قال : قال : أبو عبد اللّه عليه السلام : « من أضر بشئ من طريق المسلمين فهو له ضامن » (1).

5350 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه سئل عن الشئ يوضع على الطريق فتمر به الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره (2) قال : « كل شئ يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه ».

باب 541: ما يجب في الدابة تصيب انسانا بيدها أو رجلها

5351 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « أنه سئل عن الرجل يمر على طريق من طرق المسلمين فتصيب دابته إنسانا برجلها ، فقال : ليس عليه ما أصابت برجلها ولكن عليه ما أصابت بيديها لان رجلها خلفه إن ركب وإن قاد دابته فإنه يملك بإذن اللّه يديها يضعهما حيث يشاء » (3).

5352 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل حمل عبده على دابة فوطئت رجلا فقال : الغرم على مولاه » (4).

5353 - وروى يونس بن عبد الرحمن رفعه إلى أبى عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « بهيمة الأنعام لا يغرم أهلها شيثا ما دامت مرسلة » (5).

ص: 155


1- كأن طرح في الطريق المزالق والمعاثر أو حفر بئرا أو صب ماء في المزلق و أمثال ذلك.
2- عقره أي جرحه فهو عقير وقوم عقرى مثل جريح وجرحاء. ( الصحاح )
3- في الكافي « ان ركب وإن كان قائدها فإنه يملك بإذن اللّه - الخ » ويدل على أن الراكب والقائد يضمنان ما تجنيه بيدها. وفي الكافي زيادة أسقطها المصنف.
4- القول بضمان المولى مطلقا للشيخ وأتباعه مستندا إلى هذه الرواية ، واشترط ابن إدريس صغر المملوك بخلاف البالغ العاقل فان جنايته تتعلق برقبته. ( المرآة )
5- مروى في الكافي والتهذيبين مرسلا أيضا.

5354 - وفي رواية السكوني « أن عليا ( عليه السلام ) كان يضمن القائد والسائق والراكب » (1).

5355 - و « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في دابة عليها رديفان فقتلت الدابة رجلا أو جرحته ، فقضى بالغرامة بين الرديفين بالسوية » (2).

5356 - وفي رواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) ( أن عليا ( عليه السلام ) ضمن صاحب الدابة ما وطئت بيديها ، وما نفحت برجليها فلا ضمان عليه إلا أن يضربها إنسان (3).

باب 542: ما جاء في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل

5357 - روى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم عن أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل ، فقال : إن أحب أن يقطعهما أدى إليهما دية يد فاقتسماها ثم يقطعهما ، وإن أحب أخذ منهما دية يده ، فإن قطع يد أحدهما رد الذي لم تقطع يده على الذي قطعت يده ربع الدية » (4).

ص: 156


1- في الكافي والتهذيب باسنادهما عن السكوني عن أبي عبد اللّه « أنه ضمن القائد والسائق والراكب ، فقال : ما أصاب الرجل فعلى السائق ، وما أصاب اليد فعلى القائد والراكب » وقال العلامة المجلسي : لعل التخصيص بالرجل لأنه أخفى فلا ينافي المشهور.
2- رواه الشيخ في التهذيب باسناده عن سلمة بن تمام عن علي عليه السلام ، ويدل على أن الرديفين على الدابة يضمنان معا.
3- روى نحوه في الكافي عن أبي مريم عن أبي جعفر عليه السلام ، ويدل على تفصيل آخر غير المشهور ، ويمكن حمله على المشهور بان يكون المراد ما يطأ عليه باليدين والرجلين ويكون الضمان باعتبار اليدين ، وقوله : « الا أن يضربها انسان » الاستثناء منقطع أي يضمن الضارب حينئذ. ( المرآة )
4- أي ربع دية الانسان فهي نصف دية اليد الواحدة ، والخبر مروى في الكافي في الصحيح.

باب 543: ما يجب على من قطع رأس ميت

5358 - روى الحسين بن خالد عن أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) قال : « دية الجنين إذ ضربت أمه فسقط من بطنها قبل أن تنشأ فيه الروح مائة دينار وهي لورثته ، ودية الميت إذا قطع رأسه وشق بطنه فليست هي لورثته إنما هي له دون الورثة ، فقلت : وما الفرق بينهما؟ فقال : إن الجنين امر مستقبل يرجى نفعه ، وإن هذا قد مضى وذهبت منفعته فلما مثل به بعد وفاته صارت دية المثلة له لا لغيره يحج بها عنه أو يفعل بها أبواب البر من صدقة وغير ذلك (1) ، قلت : فإنه دخل عليه رجل ليحفر له بئرا يغسله فيها فسدر الرجل فيما يحفر بين يديه (2) فمالت مسحاته في يده فأصابت بطنه فشقته فما عليه؟ فقال : إن كان هكذا فهو خطأ وإنما عليه الكفارة عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو صدقة على ستين مسكينا مد لكل مسكين بمد النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) ».

5359 - وفي نوادر محمد بن أبي عمير « أن الصادق ( عليه السلام ) قال : قطع رأس الميت أشد من قطع رأس الحي » (3).

5360 - وفى رواية عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل قطع رأس الميت ، قال : عليه الدية (4) لان حرمته ميتا كحرمته وهي حي ».

ص: 157


1- دلت على وجوب صرف الدية في وجوه البر ، ولو كان له دين وليس له مال فقضاء دينه أهم وجوه البر ، والسيد المرتضى - رحمه اللّه - أوجب جعلها في بيت المال ، وقال العلامة المجلسي : العمل بالمروى أولى.
2- السدر - بالتحريك - كالدوار ويعرض كثيرا لراكب البحر ، وفي الكافي « فسدر الرجل مما يحفر فدير به فمالت مسحاته في يده فأصاب بطنه - الخ ».
3- رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وكأن أشديته من حيث العقوبة الأخروية ظاهرا.
4- أي دية الجنين كما في رواية الحسين بن خالد التي تقدمت.

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : هذان الحديثان غير مختلفين لان كل واحد منهما في حال ، متى قطع رجل رأس ميت وكان ممن أراد قتله في حياته فعليه الدية ، ومتى لم يرد قتله في حياته فعليه مائة دينار دية الجنين (1).

5361 - وروى عن أبي جميلة ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « ميت قطع رأسه (2) قال : عليه الدية ، قلت : فمن يأخذ ديته؟ قال : الامام هذا لله عزوجل ، وإن قطعت يمينه أو شئ من جوارحه فعليه الأرش للامام » (3).

باب 544: ما جاء في اللطمة تسود أو تخضر أو تحمر

5362 - روى الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل لطم رجلا على وجهه فاسودت اللطمة ، فقال : إذا اسودت اللطمة ففيها ستة دنانير ، وإذا اخضرت ففيها ثلاثة دنانير ، وإذا احمرت ففيها دينار ونصف ، وفي البدن نصف ذلك » (4).

باب 545: ما يجب على من أتى رجلا وهو راقد فلما صار على ظهره انتبه فقتله

5363 - روى الحسين بن خالد عن أبي الحسن الأول ( عليه السلام ) « أنه سئل عن رجل اتى رجلا وهو راقد فلما صار على ظهره انتبه ، فبعجه بعجة فقتله ، قال : لا دية

ص: 158


1- هذا التوجيه والتأويل لاوجه له لأنه مبنى على أن المراد بقوله عليه السلام « عليه الدية » الدية الكاملة ولم يثبت.
2- فيه سقط والصواب « قطع رأسه رجل ».
3- قوله عليه السلام « عليه الدية » أي دية الجنين ، وأبو جميلة هو المفضل بن صالح الأسدي النخاس ضعيف كذاب يضع الحديث مات في حياة الرضا عليه السلام. ( الخلاصة )
4- رواه الشيخ في الموثق كالصحيح وزاد في آخره « وأما ما كان من جراحات في الجسد فان فيها القصاص أو يقبل المجروح دية الجراحة فيعطاها ».

له ولا قود » (1).

باب 546: ما جاء في ثلاثة اشتركوا في هدم حائط فوقع على واحد منهم فمات

5364 - روى محمد بن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في هدم حائط اشترك فيه ثلاثة فوقع على واحد منهم فمات ، فضمن الباقين ديته لان كل واحد منهم ضامن صاحبه » (2).

باب 547: الرجل يقتل وعليه دين

5365 - روى محمد بن أسلم الجبلي (3) ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه

ص: 159


1- رواه الكليني ج 7 ص 293 ، والشيخ في التهذيب ج 2 ص 504 في الحسن كالصحيح عن الحسين بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام ويمكن رواية الحسين عن أبي الحسن عليه السلام لكن الظاهر أنه سهو ، والراقد النائم ، وقوله « انتبه » في الكافي « فلما صار على ظهره أيقن به » وفي التهذيب « فلما صار على ظهره ليقربه » وفي بعض نسخة « ليضربه » ، وبعجه بالسكين يبعجه بعجا إذا شقه ، والخبر يدل على جواز الدفع عن النفس والعرض وان انجر إلى القتل.
2- رواه الكليني والشيخ ، وقال في المسالك : في طريق الرواية ضعف يمنع من العمل بها مع مخالفتها للقواعد الشرعية ، وقال في الشرايع : لو رمى عشرة بالمنجنيق فقتل الحجر أحدهم سقط نصيبه من الدية لمشاركته وضمن الباقون تسعة أعشار الدية - إلى أن قال - : وفي النهاية : إذا اشترك في هدم الحائط ثلاثة فوقع على أحدهم ضمن الاخر ان ديته لان كل واحد ضامن لصاحبه ، وفي الرواية بعد والأشبه الأول.
3- الجبلي اما نسبة إلى جبل - بفتح الجيم وتشديد الباء الموحدة المضمومة - وهي بليدة على جانب دجلة من الجانب الشرقي بين النعمانية وواسط أو بين بغداد وواسط ينسب إليها خلق كثير أو إلى جبل طبرستان بل هو الصواب ومحمد بن أسلم أصله كوفي كان يتجر إلى طبرستان أو إلى طبرستان وهو الأصوب ويكنى أبا جعفر يقال : إنه كان غاليا كما في الخلاصة.

ابن مسكان عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل يقتل وعليه دين وليس له مال فهل لأوليائه أن يهبوا دمه لقاتله وعليه دين؟ فقال : إن أصحاب الدين هم الخصماء للقاتل ، فإن وهب أولياؤه دمه للقاتل ضمنوا الدين للغرماء وإلا فلا » (1).

باب 548: ضمان الظئر إذا انقلبت على الصبي فمات أو تدفع الولد إلى ظئر اخر فتغيب به

5366 - روى محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري ، عن محمد بن ناجية ، عن محمد بن علي ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبيه عن أبي جعفر ( عليه السلام ) (2) قال : « أيما ظئر قوم قتلت صبيا لهم وهي نائمة فانقلبت عليه فقتلته فإنما عليها الدية من مالها خاصة إن كانت إنما ظائرت طلب العز والفخر ، وإن كانت إنما ظائرت من الفقر

ص: 160


1- في المسالك : إذا قتل الشخص وعليه دين فان أخذ الورثة الدية صرفت في ديون المقتول ووصاياه كغيره من أمواله ، وهل للورثة استيفاء القصاص مع بذل الجاني الدية من دون ضمان ما عليه من الديون أو ضمان مقدار الدية منها؟ قولان أحدهما ( وهو مختار المحقق وابن إدريس والعلامة في أكثر كتبه ) نعم لان موجب العمد القصاص وأخذ الدية اكتساب وهو غير واجب على الورثة في دين مورثهم ولعموم قوله تعالى « وقد جعلنا لوليه سلطانا » وقوله تعالى « النفس بالنفس » ، والثاني أنه لا يجوز لهم القصاص الابعد ضمان الدين أو الدية ان كانت أقل منه ، وقيل ليس لهم العفو أيضا بدونه لرواية أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وأجاب المحقق في النكت عن الرواية بضعف السند وندورها فلا يعارض الأصول وحملها الطبرسي على ما إذا بذل القاتل الدية فإنه يجب قبولها ولا يجوز للأولياء القصاص الابعد الضمان وان لم يبذلها جاز القود من غير ضمان ، والأشهر الجواز مطلقا.
2- رواه الشيخ في التهذيب وروى في القوى عن الحسين بن خالد وغيره عن الرضا عليه السلام ، ورواه الكليني ج 7 ص 370 عن محمد بن أسلم ، عن هارون بن الجهم ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام.

فإن الدية على عاقلتها » (1).

5367 - وروى هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل استأجر ظئرا فأعطاه ولده فكان عندها فانطلقت الظئر فاستأجرت ظئرا أخرى فغابت الظئر بالولد ، فلا يدرى ما صنع به والظئر لا تكافى ، قال : الدية كاملة » (2).

ورواه علي بن النعمان ، عن ابن مسكان (3) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) مثله ، ورواه حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) مثله.

5368 - وروى حماد ، عن الحلبي قال : « سئل أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل استأجر ظئرا فدفع إليها ولده فغابت عنه به سنين ثم جاءت بالولد فزعمت أمه أنها لا تعرفه قال : ليس لهم ذلك فليقبلوه فإنما الظئر مأمونة » (4).

باب 549: ما يجب من الضمان على صاحب الكلب إذا عقر

5369 - روى الحسين بن علوان (5) عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ( عليهم السلام ) عن علي ( عليه السلام ) « أنه كان يضمن صاحب الكلب إذا عقر نهارا ، ولا يضمنه

ص: 161


1- قال في الشرايع : لو انقلبت الظئر فقتلته لزمها الدية في مالها ان طلبت بالمظائرة الفخر ولو كان لضرورة فديته على عاقلتها ، وقال في المسالك : في سند روايته ضعف وجهالة يمنع من العمل بمضمونها مع مخالفتها للأصل من أن فعل النائم خطأ محض لعدم القصد فيه إلى الفعل أصلا ، وبطلب الفخر لا يخرج الفعل عن وصفه بالخطأ وغيره فكان القول بوجوب ديته على العاقلة مطلقا أقوى وهو خيرة أكثر المتأخرين.
2- تقدم الخبر في باب القود ومبلغ الدية.
3- في التهذيب ج 2 ص 508 عن باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن هشام ، وعلي بن النعمان ، عن ابن مسكان جميعا عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- يدل على أن الظئر مأمونة مصدقة باليمين لو أتت بولد وان لم تعرفه الام وأما لو أثبتت الام أنه ليس بولدها فلها الدية عليها. ( م ت )
5- لم يذكر طريقه إليه في المشيخة.

إذا عقر بالليل ».

وإذا دخلت دار قوم بإذنهم فعقرك كلبهم فهم ضامنون وإذا دخلت بغير إذنهم فلا ضمان عليهم (1).

باب 550: أم الولد تقتل سيدها خطأ أو عمدا

5370 - روى وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) أنه كان يقول « إذا قتلت أم الولد سيدها خطأ فهي حرة ولا تبعة عليها ، وإن قتلته عمدا قتلت به » (2).

باب 551: ما يجب على من أشعل نارا في دار قوم فاحترقت الدار وأهلها

5371 - في رواية السكوني « أن عليا ( عليه السلام ) قضى في رجل أقبل بنار فأشعلها في دار قوم فاحترقت الدار واحترق أهلها واحترق متاعهم ، قال : يغرم قيمة الدار وما فيها ثم يقتل » (3).

باب 552: ما يجب على صاحب البختي المغتلم إذا قتل رجلا

5372 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « سئل عن بختى اغتلم (4) فخرج من الدار فقتل رجلا ، فجاء أخو الرجل فضرب الفحل بالسيف فعقره ، فقال :

ص: 162


1- قضى بذلك علي عليه السلام كما في التهذيب ج 2 ص 509 من رواية زيد.
2- يدل على أنه إذا قتل أم الولد سيدها خطأ فإنها تعتق من نصيب ولدها وليس عليها شئ ولا عاقلة لها حتى تعقلها ومع العمد تقتل به. وما ورد في بعض الأخبار أنها سعت في قيمتها محمول على الخطأ الذي هو شبه العمد كما قاله المولى المجلسي رحمه اللّه ، ولكن وهب بن وهب أبو البختري كذاب لا يعتمد على حديثه إذا انفرد به.
3- ظاهره العمد ولهذا يقتل بهم لان ذلك مما تقتل غالبا.
4- البختي الإبل الخراسانية ، والغلمة - بالضم - : شهوة الضراب ، والمراد هنا الفحل وفي تلك الحالة يكون كالسكران.

صاحب البختي ضامن للدية (1) ، ويقبض ثمن بختيه ».

باب 553: ما يجب من احياء القصاص

5373 - روى علي بن الحكم ، عن أبان الأحمري ، عن أبي بصير يحيى بن أبي القاسم الأسدي عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « لما حضرت النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) الوفاة نزل جبرئيل ( عليه السلام ) فقال : يا رسول اللّه هل لك في الرجوع إلى الدنيا؟ فقال : لا قد بلغت رسالات ربى ، فأعادها عليه ، فقال : لا بل الرفيق الاعلى (2) ، ثم قال النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) والمسلمون حوله مجتمعون : أيها الناس إنه لا نبي بعدي ولا سنة بعد سنتي ، فمن ادعى بعد ذلك فدعواه وبدعته في النار فاقتلوه ومن اتبعه فإنه في النار ، أيها الناس أحيوا القصاص (3) ، وأحيوا الحق لصاحب الحق (4) ولا تفرقوا ، أسلموا وسلموا تسلموا ، كتب اللّه لأغلبن أنا ورسلي إن اللّه قوى عزيز ».

ص: 163


1- أي مع علمه بسكره ، وفي الروضة : يجب حفظ البعير المغتلم والكلب العقور ، فيضمن ما يجنيه بدونه إذا علم بحاله واهمل حفظه وان جهل حاله أو علم ولم يفرط فلا ضمان.
2- في النهاية « وألحقني بالرفيق الاعلى » الرفيق : جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين ، وهو اسم جاء على فعيل ومعناه الجماعة كالصديق والخليط يقع على الواحد والجمع ومنه قوله تعالى « وحسن أولئك رفيقا » والرفيق : المرافق في الطريق ، وقيل معنى  « الحقني بالرفيق الاعلى » أي باللّه تعالى ، يقال : اللّه رفيق بعباده ، من الرفق والرأفة فهو فعيل بمعنى فاعل. وغلط الأزهري قائل هذا واختار المعنى الأول ، ومنه حديث عائشة « سمعته يقول عند موته : « بل الرفيق الاعلى وذلك أنه خير بين البقاء في الدنيا وبين ما عند اللّه عزوجل فاختار ما عنده سبحانه.
3- أي لو أراده الولي ، والظاهر أن الخطاب للأئمة ومن نصبوهم خاصا ، أو عاما على اشكال. ( م ت )
4- تعميم بعد تخصيص أو في غير الدماء ، وقوله « ولا تفرقوا » أي عن متابعة من أوجب اللّه طاعتهم من أولي الامر المعصومين. وأسلموا بقبول ولايتهم. ( م ت )

باب 554: ما جاء في السارق يكابر امرأة على فرجها ويقتل ولدها

5374 - روى يونس بن عبد الرحمن (1) عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها ، فلما جمع الثياب تبعتها نفسه فواقعها فتحرك ابنها فقام إليه فقتله بفأس كان معه فلما فرغ حمل الثياب وذهب ليخرج حملت عليه بالفأس فقتلته فجاء أهله يطلبون بدمه من الغد ، فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) يضمن مواليه الذين طلبوا بدمه دية الغلام ويضمن السارق فيما ترك أربعة آلاف. درهم بما كابرها على فرجها لأنه زان وهو في ماله يغرمه وليس عليها في قتلها إياه شئ لأنه سارق » (2).

5375 - وروى محمد بن الفضيل عن الرضا ( عليه السلام ) قال : « سألته عن لص دخل على امرأة وهي حبلى فقتل ما في بطنها فعمدت المرأة إلى سكين فوجأته به فقتلته ، قال : هدر دم اللص » (3).

ص: 164


1- الظاهر أنه مأخوذ من كتابه ولم يذكر طريقه إليه ، وروى الكليني والشيخ نحوه عن علي ، عن أبيه ، عن محمد بن حفص ، عن عبد اللّه بن طلحة عنه عليه السلام.
2- في المسالك « هذه الرواية تنافي بظاهرها الأصول المقررة من وجوه - الأول : أن قتل العمد يوجب القود فلم يضمن الولي دية الغلام مع سقوط محل القود ، وأجاب المحقق - رحمه اللّه - عنه بمنع كون الواجب القود مطلقا بل مع امكانه ان لم نقل ان موجب العمد ابتداء أحد الامرين ، الثاني أن في الوطي مكرها مهر المثل فلم حكم بأربعة آلاف خصوصا على القول بأنه لا يتجاوز السنة ، وأجاب المحقق باختيار كون موجبه مهر المثل ومنع تقديره بالسنة مطلقا فيحمل على أن مهر مثل هذه المرأة كان ذلك ، الثالث أن الواجب على السارق قطع اليد فلم يطل دمه ، وأجاب بأن اللص محارب والمرأة قتلته دفعا عن المال فيكون دمه هدرا ، الرابع أن قتلها له كان بعد قتل ابنها فلم لا يقع قصاصا ، وأجاب بأنها قصدت قتله دفاعا لا قودا ليوافق الأصول فلو فرض قتلها له قودا بابنها لجاز أيضا ولا شئ على أوليائه ».
3- تقدم تحت رقم 5324 نحوه.

5376 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول في رجل راود امرأة على نفسها حراما فرمته بحجر فأصابت منه مقتلا ، قال : ليس عليها شئ فيما بينها وبين اللّه عزوجل فان قدمت إلى امام عدل أهدر دمه ).

5377 - وروى جميل بن دراج ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) :  الرجل يغصب المرأة نفسها ، قال : يقتل ) (1).

باب 555: المرأة تدخل بيت زوجها رجلا فيقتله زوجها وتقتل المرأة زوجها وما يجب في ذلك

5378 - روى يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قلت له : رجل تزوج امرأة فلما كان ليلة البناء (2) عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الحجلة فلما ذهب الرجل يباضع أهله ثار الصديق فاقتتلا في البيت فقتل الزوج الصديق ، وقامت المرأة فضربت الرجل ضربة فقتلته بالصديق؟ قال : تضمن المرأة دية الصديق وتقتل بالزوج ).

باب 556: من مات في زحام الأعياد أو عرفة أو على بئر أو جسر لا يعلم من قتله

5379 - روى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : قال على ( عليه السلام ) : من مات في زحام جمعة أو عيد أو عرفه أو على بئر أو جسر لا يعلم من قتله فديته على بيت المال ).

ص: 165


1- يدل على أنه يقتل غاصب الفرج حدا محصنا كان أو غير محصن ، والخبر بأبواب الحدود أنسب وتقدم فيها والتكرار للمناسبة.
2- الخبر مروي في الكافي والتهذيب عن عبد اللّه بن طلحة ، والمراد بليلة البناء الزفاف ، العرب كانوا يبنون خيمة حادثة للعروس في ليلة العرس.

باب 557: الرجل يقتل فيوجد متفرقا

5380 - روى محمد بن سنان ، عن طلحة بن زيد ، عن الفضل بن عثمان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في الرجل يقتل فيوجد رأسه في قبيلته ، ووسطه وصدره ويداه في قبيله والباقي في قبيلة ، قال : ديته على من وجد في قبيلته صدره ويداه والصلاة عليه » (1)

5381 - وسئل الصادق ( عليه السلام ) عن رجل قتل ووجد أعضاؤه متفرقة كيف يصلى عليه قال : يصلى على الذي فيه قلبه (2).

باب 558: الشجاج وأسمائها

قال الأصمعي : أول الشجاج الحارصة ، وهي التي تحرص الجلد يعنى تشققه ومنه قيل : حرص القصار الثوب أي شقه ، ثم الباضعة وهي التي تشق اللحم بعد الجلد (3) ، ثم المتلاحمة وهي التي أخذت في اللحم ولم تبلغ السمحاق ، ثم السمحاق وهي التي بينها وبين العظم قشرة رقيقة ، وكل قشرة رقيقة فهي سمحاق ، ومنه قيل في السماء سماحيق من غيم ، وعلى الشاة سماحق من شحم (4) ، ثم الموضحة وهي التي تبدي وضح العظم ، ثم الهاشمة وهي التي تهشم العظم ، ثم المنقلة وهي التي تخرج منها فراش العظام ، وفراش العظام قشرة تكون على العظم دون اللحم ومنه قول النابغة

ص: 166


1- الظاهر أن اليدين ذكرتا تبعا لقول السائل والمدار على الصدور وتقدم الخبر في المجلد الأول تحت رقم 484.
2- لا مدخل لهذا الخبر وكذا الخبر السابق هنا الا باعتبار تلازم الصلاة واللوث للدية. ( م ت )
3- لم يذكر الدامية لأنها داخلة في الباضعة والمتلاحمة. ( م ت )
4- في بحر الجواهر لمحمد بن يوسف الطبيب الهروي : السمحاق - بالكسر - : قشرة رقيقة فوق عظم الرأس ، والشجة إذا بلغت بها سميت سمحاقا أيضا تسمية الحال باسم المحل.

« ويتبعهم منها فراش الحواجب » (1) ثم المأمومة وهي التي تبلغ أم الرأس وهي الجلدة التي تكون على الدماغ ، ومن الشجاج والجراحات الجائفة وهي التي تبلغ في الجسد الجوف وفي الرأس الدماغ.

باب 559: ما جاء فيمن قتل ثم فر

5382 - روى الحسن بن علي بن فضال ، عن ظريف بن ناصح ، عن أبان بن عثمان عن أبي بصير عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في رجل قتل رجلا عمدا ثم فر فلم يقدر عليه حتى مات ، قال : إن كان له مال اخذ منه وإلا اخذ من الأقرب فالأقرب » (2).

5383 - وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في الرجل يؤخذ وعليه حدود إحداهن القتل؟ قال : كان علي عليه السلام يقيم عليه الحدود قبل ، ثم يقتله ، ولا تخالف عليا ( عليه السلام » ) (3).

باب 560: دية الجراحات والشجاج

دية الجراحات والشجاج (4)

5384 - روى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « في الموضحة : خمسة من الإبل ، وفي السمحاق التي دون الموضحة أربعة من الإبل (5) وفى المنقلة خمسة عشر من الإبل ، وفى الجائفة ثلث -

ص: 167


1- صدره « تطر فضاضا بينها كل قونس » والقونس : أعلى الرأس ، وفراش الرأس عظام رقاق تلي القحف.
2- يدل على أنه يؤخذ من ماله إن كان والا فمن الأقرب إليه إن كان والا فمن بعدهم ويمكن أن يكون المراد بهم العاقلة لكن الظاهر غيرهم وان دخلوا فيهم. ( م ت )
3- تقدم الكلام فيه في كتاب الحدود باب ما يجب في اجتماع الحدود على رجل.
4- تطلق الشجة غالبا على جراحات الرأس والوجه. ( م ت )
5- أعلم أنه لا ريب في أن الشجة إذا خرق الجلد وخرج منه دم ضعيف فهي الحارصة وفيها بعير ، وإذا دخلت في اللحم قليلا ففيها بعيران ، وإذا دخلت فيه كثيرا ولم تبلغ السمحاق ففيها ثلاثة أبعرة ، وإذا وصلت إلى السمحاق ولم تخرقها ففيها أربعة أبعرة وهي المسماة بالسمحاق ، وإذا ظهر العظم منها فهي الموضحة وفيها خمسة أبعرة ، وإذا كسر العظم ففيها عشرة أبعرة ، وفي المنقلة خمسة عشر بعيرا ، وفي الجائفة والمأمومة ثلث الدية لكن الخلاف في التسمية فيما بين الحارصة والسمحاق وبين الباضعة والدامية والمتلاحمة وهما مرتبتان يطلق عليهما ثلاثة أسماء ، ولا بأس به مع ظهور المراد. ( م ت )

الدية : ثلاث وثلاثون من الإبل (1) ، وفي المأمومة ثلث الدية ».

5385 - وفي رواية ابن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « في الباضعة : ثلاثة من الإبل » (2).

5386 - وروى الحسن بن محبوب ، عن صالح بن رزين (3) ، عن ذريح المحاربي قال : سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل شج رجلا موضحة وشجه آخر دامية

ص: 168


1- وهو قريب من الثلث. ( سلطان )
2- أطلق الباضعة هنا على المتلاحمة ( م ت ) والكافي ج 7 ص 326 في الضعيف  - لمكان سهل بن زياد - عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « قضى رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) في المأمومة ثلث الدية ، وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل وفي الموضحة خمسا من الإبل ، وفي الدامية بعيرا ، وفي الباضعة بعيرين ، وقضى في المتلاحمة ثلاثة أبعرة ، وقضى في السمحاق أربعة من الإبل » وفي ص 327 عن السكوني عنه عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قضى في الدامية بعيرا ، وفى الباضعة بعيرين ، وفي المتلاحمة ثلاثة أبعرة ، وفي السمحاق أربعة أبعرة » والمشهور بين الأصحاب أن الحارصة وهي القاشرة للجلد فيها بعيران ، والباضعة وهي الآخذة كثيرا في اللحم ولا تبلغ سمحاق العظم وفيها ثلاثة أبعرة وهي المتلاحمة على الأشهر ، وقيل إن الدامية هي الحارصة وأن الباضعة متغايرة للمتلاحمة فتكون الباضعة هي الدامية بالمعنى السابق ، واتفق القائلان على أن الأربعة ألفاظ موضوعة لثلاثة معان وأن واحدا منها مترادف والاخبار مختلفة أيضا والنزاع لفظي.(المرآة)
3- صالح بن رزين كوفي قال النجاشي : له كتاب ، وقال الشيخ : له أصل.

في مقام واحد (1) فمات الرجل ، قال : عليهما الدية في أموالهما نصفين (2).

5387 - وروى ابن محبوب ، عن الحسن بن حي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن الموضحة في الرأس كما هي في الوجه؟ فقال : الموضحة والشجاج في الوجه والرأس سواء في الدية لان الوجه من الرأس الجراحات في الجسد كما هي في الرأس » (3).

5388 - وفي رواية أبان قال : ( الجائفة ما وقعت في الجوف ليس لصاحبه قصاص الا الحكومة ، والمنقلة تنقل منها العظام ليس فيها قصاص الا الحكومة ، وفي المأمومة ثلث الدية ليس فيها قصاص الا الحكومة.

5389 - وفي رواية السكوني « أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قضى في الهاشمة بعشر من الإبل » (4).

5390 - وقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) « في عبد شج رجلا موضحة ثم شج آخر فقال : هو بينهما » (5).

باب 561: نوادر الديات

5391 - روى عمرو بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن سعد الإسكاف ، عن الأصبغ

ص: 169


1- أي شج ذلك الرجل رجل آخر دامية ، وقيل شجه قبل تلك الموضحة ، ويمكن أن يراد بالدامية الحارصة أو الباضعة ، ولعل قوله « في مقام واحد » لعدم توهم اندمال الأولى.
2- الظاهر أن الحكم بالدية لعدم إرادة القتل ، ولم يكن بما يقتل غالبا ، ويدل على أن الجراحات المسرية لا يعتبر فيها التفاوت بالشدة والضعف ويكون دية القتل على جارحهما والمعتبر فيها العدد.
3- يدل على أن دية الشجاج في الرأس والوجه سواء ، وعلى أن حكم البدن غير حكمهما.
4- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 528 باسناده عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي ، عن السكوني.
5- رواه الشيخ باسناده عن النوفلي عن السكوني عنه عليه السلام ، وتقدم الكلام فيه في خبر صالح بن رزين.

ابن نباتة قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في جارية ركبت جارية فنخستها جارية أخرى فقمصت المركوبة فصرعت الراكبة فماتت (1) ، فقضى بديتها نصفين بين الناخسة والمنخوسة » (2).

5392 - وروى عن وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : « قال على ( عليه السلام ) : من قتل حميم قوم فليصالحهم ما قدر عليه فإنه أخف لحسابه » (3).

5393 - روى عبد اللّه بن سنان ، عن الثمالي ، عن سعيد بن المسيب ، عن جابر بن عبد اللّه قال (4) : « لو أن رجلا ضرب رجلا سوطا لضربه اللّه سوطا من النار ».

5394 - وفي رواية ابن فضال ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « دية كلب الصيد أربعون درهما ، ودية كلب الماشية عشرون درهما (5) ودية الكلب الذي ليس للصيد ولا للماشية زبيل من تراب ، على القاتل أن يعطى وعلى صاحبه أن يقبل » (6).

ص: 170


1- نخس الدابة : غرز جنينها أو مؤخرها بعود ونحوه فهاجت ، ونخس بغلان هيجه وأزعجه ، وقمص الفرس وغيره : عدا سريعا وكان يرفع يديه معا ويطرحهما معا ، ووثب ونفر.
2- سنده ضعيف ، وحمل على أن المنخوسة حملها عبثا أو مكرهة ، وقال سلطان العلماء : هذه الرواية مشهورة عمل بها الشيخ وأتباعه مع أنها ضعيفة السند ، وقال المحقق في الشرايع أبو جميلة ضعيف فلا استناد بنقله ، وفي المقنعة على الناخسة والقامصة ثلثا الدية ويسقط الثلث لركوبها عبثا ، وهذا وجه حسن. وقال ابن إدريس وجها ثالثا : أوجب الدية على الناخسة ان كانت ملجئة للقامصة وان لم تكن ملجئة فالدية على القامصة ، وهو متجه أيضا غير أن المشهور بين الأصحاب هو الأول. وقال الفاضل التفرشي : لعل جعل الدية بينهما تعلقها برقبتهما.
3- تقدم كرارا أن وهب بن وهب أبا البختري ضعيف كذاب ، وقال المولى المجلسي : الظاهر أن المراد أنه لا يقر بالقتل لخوف القصاص ، أو يقر بالخطأ مع كونه عامدا ، أو يقول للورثة : ان لكم على حقا عظيما ويصالحهم فإنه أخف لحسابه يوم القيامة.
4- كذا مقطوعا.
5- قال سلطان العلماء : هو قول الشيخ وابن إدريس ، والأكثر على وجوب الكبش وقيل وجوب القيمة.
6- أي ليس له طلب الزيادة وهو كناية عن أنه لا دية له. ( مراد )

5395 - وروى محمد بن سنان ، عن أبي الجارود (1) قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : « كانت بغلة رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) لا يردوها عن شئ وقعت فيه (2) ، قال : فأتاها رجل من بنى مدلج وقد وقعت في قصب له ففوق لها سهما (3) فقتلها فقال له علي عليه السلام : واللّه لا تفارقني حتى تديها ، قال : فوداها ستمائة درهم » (4).

5396 - وروى جميل بن دراج ، عن بعض أصحابنا عن أحدهما ( عليهما السلام ) « في رجل كسر يد رجل ثم برئت يد الرجل ، فقال : ليس عليه في هذا قصاص ولكنه يعطى الأرش » (5).

5397 - وروى الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، وحسين الرواسي ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي الحسن ( عليه السلام ) : « المرأة تخاف الحبل فتشرب الدواء فتلقى ما في بطنها؟ فقال : لا ، فقلت : إنما هو نطفة ، قال : إن أول ما يخلق نطفة » (6).

ص: 171


1- هو زياد بن المنذر الخارقي الحوفي مولاهم كوفي تابعي زيدي أعمى وتغير حاله لما خرج زيد ، تنسب إليه الجارودية من الزيدية قال ابن الغضائري. حديثه في حديث أصحابنا أكثر منه في الزيدية ، وأصحابنا يكرهون ما رواه محمد بن محمد بن سنان عنه ويعتمدون ما رواه محمد ابن بكر الأرجني عنه.
2- أي لا يردونها حذفت النون للتخفيف أي لا يمنعونها عن شئ وقف فيه يأكله. ( مراد )
3- فوق بمعنى أوفق أي وضع فوقه في الوتر ليرمى به قال الجوهري : الفوق : موضع الوتر من السهم وفوقت السهم أي جعلت له فوقا ، وأفقت السهم أي وضعت فوقه في الوتر لارمي به وأوفقته أيضا ، ولا يقال أفوقته وهو من النوادر - انتهى ، وقال الفيومي : فوقت له تفويقا جعلت له فوقا ، وإذا وضعت السهم في الوتر لترمي به قلت : أفقته إفاقة.
4- الظاهر أنها كانت دية تلك البغلة ، ويمكن أن يكون قيمتها. ( م ت )
5- المشهور بين الأصحاب أنه ليس في كسر العظام قصاص لما فيه من التغرير بالنفس وعدم الوثوق باستيفاء المثل ولا يمكن الاستدلال عليه بهذا الخبر إذ يمكن أن يكون المراد به عدم القصاص بعد البرء. ( المرآة )
6- يدل على حرمة شرب الدواء لاسقاط النطفة ، وسند الخبر موثق كالصحيح وتقدم في المجلد الأول ص 94 كلام فيه للمؤلف رحمه اللّه.

5398 - وروى الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألني داود بن علي (1) عن رجل كان يأتي بيت رجل فنهاه أن يأتي بيته فأبى أن يفعل فذهب إلى السلطان : فقال السلطان أن فعل فاقتله ، قال : فقتله فما ترى فيه فقلت : أرى أن لا يقتله إنه إن استقام هذا ثم شاء أن يقول كل إنسان لعدوه دخل بيتي فقتلته » (2).

5399 - وروى محمد بن أحمد بن يحيى ، عن علي بن إسماعيل ، عن أحمد بن النضر عن الحصين بن عمرو ، عن يحيى بن سعيد بن المسيب (3) أن معاوية كتب إلى أبى موسى الأشعري أن ابن أبي الحسين (4) وجد على بطن امرأته رجلا فقتله وقد أشكل حكم ذلك على القضاة فسل عليا عن هذا الامر ، قال : فسأل أبو موسى عليا ( عليه السلام ) ، فقال واللّه ما هذا في هذه البلاد يعنى الكوفة وما يليها وما هذا بحضرتي فمن أين جاءك هذا؟ قال : كتب إلي معاوية ان ابن أبي الحسين وجد مع امرأته رجلا فقتله ، وقد أشكل [ حكم ذلك ] على القضاة (5) فرأيك في هذا؟ فقال ( عليه السلام ) : أنا أبو الحسن إن جاء بأربعة يشهدون على ما شهد ، والا دفع إليه برمته.

5400 - وفي رواية ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن بعض أصحابنا عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : « إذا مات ولى المقتول قام ولده من بعده مقامه بالدم » (6).

5401 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام )

ص: 172


1- الظاهر أنه داود بن علي بن عبد اللّه بن عباس وكان أمير المدينة من قبل بنى العباس.
2- قوله « فقلت أرى أن لا يقتله » أي من حيث أنه لا يقبل ذلك منه فيقاد به ، إذ لو قبل مثل ذلك فلكل أحد أن يقتل عدوه ويقول قتله لأنه دخل بيتي. ( مراد )
3- في التهذيب ج 2 ص 535 « عن الحصين بن عمرو ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب » وهو الصواب وكأن الساقط وقع من النساخ.
4- في بعض النسخ « ابن أبي الحصين » وفي التهذيب « ابن أبي الجسرين ».
5- في بعض النسخ « قد أشكل عليه القضاء ».
6- يدل على أن الحق يورث ( م ت ) والخبر مروى في الكافي بسند مرسل كالحسن.

في عين فرس فقئت بربع ثمنه يوم فقئت العين » (1).

5402 - و « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (2) في أربعة أنفس شركاء في بعير فعقله أحدهم فانطلق البعير فعبث بعقاله فتردى فانكسر ، فقال أصحابه للذي عقله أغرم لنا بعيرنا ، فقضى بينهم أن يغرموا له حظه من أجل أنه أوثق حظه فذهب حظهم بحظه » (3).

5403 - وفي رواية محمد بن أحمد بن يحيى باسناده قال : « رفع إلى المأمون رجل دفع رجلا في بئر فمات فأمر به أن يقتل ، فقال الرجل : إني كنت في منزلي فسمعت الغوث فخرجت مسرعا ومعي سيفي فمررت على هذا وهو على شفير بئر فدفعته فوقع في البئر ، فسأل المأمون الفقهاء في ذلك فقال بعضهم : يقاد به ، وقال بعضهم : يفعل به كذا وكذا ، فسأل أبا الحسن ( عليه السلام ) عن ذلك وكتب إليه فقال : ديته على أصحاب الغوث الذين صاحوا الغوث ، قال : فاستعظم ذلك الفقهاء فقالوا للمأمون : سله من أين قلت هذا ، فسأل فقال ( عليه السلام ) : إن امرأة استعدت إلى سليمان بن داود ( عليه السلام ) على ريح فقالت كنت على فوق بيتي فدفعتني ريح فوقعت إلى الدار فانكسرت يدي فدعا سليمان ( عليه السلام )

ص: 173


1- رواه الكليني ج 7 ص 367 بسند حسن كالصحيح ، والمشهور بين الأصحاب لزوم الأرش في الجناية على أعضاء الحيوان مطلقا من غير تفصيل ، وذهب الشيخ في الخلاف إلى أن كل ما في البدن منه اثنان وفيهما القيمة في أحدهما نصفها وعمل بمضمون هذا الخبر وأمثاله ابن الجنيد وابن البراج وابن حمزة في الوسيلة ويحيى بن سعيد في الجامع وغيرهم ، وسائر الأصحاب ذكروها رواية وقال المحقق : لا تقدير في قيمة شئ من أعضاء الدابة بل رجع إلى الأرش السوقي وروى في عين الدابة ربع قيمتها.
2- الظاهر أنه جزء من خبر محمد بن قيس لما رواه الشيخ في الصحيح في التهذيب ج 2 ص 510 عنه عن أبي جعفر (عليه السلام).
3- الذي تقتضيه القواعد أن لا يكون على أحد شئ فتغريمهم عليه السلام حصة العاقل ويمكن أن يكون على وجه الفرض والتقدير أنه لو كان غرامة لكان عليكم لأنه حفظ بقدر حصته أو كان البعير الخاص بحيث يلزم أن تعقل يداه حتى لا يسقط من علو أو في بئر ، وهم قصروا في عقلها فباعتبار تقصيرهم ضمنوا حصته. ( م ت )

بالريح (1) فقال لها : ما حملك على ما صنعت بهذه المرأة؟ فقالت الريح : يا نبي اللّه إن سفينة بني فلان كانت في البحر قد أشرف أهلها على الغرق فمررت بهذه المرأة وأنا مستعجلة فوقعت فانكسرت يدها ، فقضى سليمان ( عليه السلام ) بأرش يدها على أصحاب السفينة ».

5404 - وفي رواية أبان بن عثمان « أن عمر بن الخطاب اتى برجل قد قتل أخا رجل فدفعه إليه وأمره أن يقتله فضربه الرجل حتى رأى أنه قد قتله ، فحمل إلى منزله فوجدوا به رمقا فعالجوه حتى برئ ، فلما خرج أخذه أخ المقتول الأول ، فقال : أنت قاتل أخي ولى أن أقتلك ، فقال له : قد قتلتني مرة فانطلق به إلى عمر فأمر بقتله فخرج وهو يقول : يا أيها الناس واللّه قد قتلني مرة فمروا به على علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه فأخبره بخبره ، فقال : لا تعجل عليه حتى أخرج إليك ، فدخل ( عليه السلام ) علي عمر فقال : ليس الحكم فيه هكذا ، فقال : ما هو يا أبا الحسن؟ قال : يقتص هذا من أخ المقتول الأول ما صنع به ، ثم يقتله بأخيه فظن الرجل أنه إن اقتص منه أتى على نفسه فعفا عنه وتتاركا » (2).

باب 562: الوصية من لدن آدم عليه السلام

5405 - روى الحسن بن محبوب ، عن مقاتل بن سليمان (3) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام )

ص: 174


1- قيل : لعل المدعو والمجيب الملك الموكل بالريح ولعل نقله عليه السلام حكم سليمان (عليه السلام) لاسكانهم لا لأنه حجة. وكيف كان الخبر مرفوع ومروى في التهذيب بنحو أبسط بدون ذكر المأمون والفقهاء بسند ضعيف.
2- قال في المسالك : الرواية ضعيفة بالرجال والارسال وإن كان عمل بمضمونها الشيخ في النهاية وأتباعه ولذلك اختار المحقق التفضيل بأنه إن كان ضربه بما ليس له الاقتصاص به كالعصا لم يكن الاقتصاص حتى يقتص منه الجاني أو الدية وإن كان قد ضربه بما هو كالسيف كان له قتله من غير قصاص عليه في الجرح لأنه استحق عليه ازهاق نفسه وما فعله من الجرح مباح له لأنه جرحه بماله فعله والمباح لا يستعقب الضمان ، ويمكن حمل الرواية عليه.
3- لا نشك في أن الوصية متصلة من لدن آدم عليه السلام إلى آخر الأوصياء عليهم السلام لكن مقاتل بن سليمان أبو الحسن البلخي بتري عامي يقال له : ابن دوال دور. والمخالفون اختلفوا في شأنه فبعضهم رفعوه فوق مقامه وبجلوه وقالوا : « ما علم مقاتل بن سليمان في علم الناس الا كالبحر الأخضر في سائر البحور » ، وبعضهم كذبوه وهجروه ورموه بالتجسيم ففي تهذيب التهذيب للعسقلاني عن أحمد بن سيار المروزي قال : مقاتل بن سليمان متهم متروك الحديث مهجور القول ، سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول : « أخبرني حمزة بن عمير أن خارجة مر بمقاتل وهو يحدث الناس فقال : حدثنا أبو النضر - يعنى الكلبي - قال : فمررت عليه مع الكلبي فقال الكلبي : واللّه ما حدثته قط بهذا ، ثم دنا منه فقال : يا أبا الحسن أنا أبو النضر وما حدثتك بهذا قط ، فقال مقاتل : اسكت يا أبا النضر فان تزيين الحديث لنا إنما هو بالرجال » وفيه قال أبو اليمان : قام مقاتل فقال : سلوني عما دون العرش حتى أخبركم به ، فقال له يوسف السمتي : من حلق رأس آدم أول ما حج؟ قال : لا أدري ، وفيه أيضا عن العباس بن الوليد عن أبيه قال : سألت مقاتل بن سليمان عن أشياء فكان يحدثني بأحاديث كل واحد ينقض الآخر ، فقلت بأيها آخذ؟ قال : بأيها شئت ، وقال ابن معين انه ليس بثقة ، وقال عمرو بن علي : متروك الحديث كذاب ، وقال ابن سعد : أصحاب الحديث يتقون حديثه وينكرونه ، وقال النسائي : كذاب وفي موضع آخر : الكذابون المعروفون بوضع الحديث على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أربعة وعد منهم مقاتل بن سليمان ، وقال البرقي في رجاله : انه عامي وعنونه العلامة في الضعفاء وعده من أصحاب الباقر عليه السلام وقال : بتري ، ثم أعلم أن هذا الخبر رواه المصنف بسند صحيح عن مقاتل في كمال الدين وتمام النعمة ص 212 طبع مكتبتنا.

قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : أنا سيد النبيين ، ووصيي سيد الوصيين ، وأوصياؤه سادة الأوصياء ، إن آدم ( عليه السلام ) سأله اللّه عزوجل أن يجعل له وصيا صالحا ، فأوحى اللّه عزوجل إليه إني أكرمت الأنبياء بالنبوة ثم اخترت من خلقي خلقا وجعلت خيارهم الأوصياء (1) فأوحى اللّه تعالى ذكره إليه يا آدم أوص إلى شيث ، فأوصى آدم ( عليه السلام ) إلى شيث وهو هبة اللّه بن آدم ، وأوصى شيث إلى ابنه شبان وهو ابن نزلة الحوراء (2) التي أنزلها اللّه عزوجل على آدم من الجنة فزوجها ابنه شيثا ، وأوصى شبان إلى

ص: 175


1- زاد هنا في كمال الدين « فقال آدم عليه السلام يا رب فاجعل وصيي خير الأوصياء ».
2- في بعض نسخ كمال الدين « هو ابن له من الحوراء ».

محلث ، وأوصى محلث إلى محوق ، وأوصى محوق إلى غثميشا ، وأوصى غثميشا إلى أخنوخ وهو إدريس النبي ( عليه السلام ) ، وأوصى إدريس إلى ناحور ، ودفعها ناحور إلى نوح ( عليه السلام ) ، وأوصى نوح إلى سام ، وأوصى سام إلى عثامر ، وأوصى عثامر إلى برغيثاشا ، وأوصى برغيثاشا إلى يافث ، وأوصى يافث إلى برة ، وأوصى برة إلى جفسية ، (1) وأوصى جفسية إلى عمران ، ودفعها عمران إلى إبراهيم الخليل ( عليه السلام ، ) وأوصى إبراهيم إلى ابنه إسماعيل ، وأوصى إسماعيل إلى إسحاق ، وأوصى إسحاق إلى يعقوب ، وأوصى يعقوب إلى يوسف ، وأوصى يوسف إلى بثريا ، وأوصى بثريا إلى شعيب ، ودفعها شعيب إلى موسى بن عمران ( عليه السلام ) ، وأوصى موسى بن عمران إلى يوشع بن نون ، وأوصى يوشع بن نون إلى داود (2) ، وأوصى داود إلى سليمان ( عليه السلام ) ، وأوصى سليمان إلى آصف بن برخيا ، وأوصى آصف بن برخيا إلى زكريا ، ودفعها زكريا إلى عيسى بن مريم ( عليه السلام ) وأوصى عيسى بن مريم إلى شمعون بن حمون الصفا ، وأوصى شمعون إلى يحيى بن زكريا ، وأوصى يحيى بن زكريا (3) إلى منذر ، وأوصى منذر إلى سليمة ، وأوصى سليمة

ص: 176


1- في كمال الدين « إلى خفيسة وأوصى خفيسة إلى عمران ».
2- مضطرب لان يوشع بن نون كان معاصرا لموسى عليه السلام وكان بينه وبين داود عليهما السلام أزيد من ثلاثمائة عام فإن خروج بني إسرائيل من مصر مع موسى عليه السلام 1500 قبل الميلاد وكان داود عليه السلام في 1000 قبل الميلاد فكيف يتصل الوصية الا أن نقول بأن يوشع من المعمرين ولا يقول به أحدهما لا يذكره المصنف في باب المعمرين من كتاب كمال الدين.
3- هذا أيضا مضطرب وإنما قتل يحيى في أيام عيسى عليه السلام وقال المفسرون في قوله تعالى « يا يحيى خذ الكتاب بقوة » المراد بالكتاب التوراة لا الإنجيل وفيه « وآتيناه الحكم صبيا » وفي الكافي ج 1 ص 382 في الصحيح عن يزيد الكناسي قال : سألت أبا جعفر عليه السلام أكان عيسى بن مريم عليه السلام حين تكلم في المهد حجة اللّه على أهل زمانه؟ فقال : كان يومئذ نبيا حجة لله غير مرسل - إلى أن قال - قلت : فكان يومئذ حجة لله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد ، فقال : كان عيسى في تلك الحال آية للناس ورحمة من اللّه لمريم حين تكلم فعبر عنها وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال ، ثم صمت ولم يتكلم حتى مضت له سنان وكان زكريا الحجة لله عزوجل على الناس بعد صمت عيسى بسنتين ، ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير ، أما تسمع لقوله عزوجل : « يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا - الحديث ».

إلى بردة ثم قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : ودفعها إلي بردة وأنا أدفعها إليك يا علي وأنت تدفعها إلى وصيك ، ويدفعها وصيك إلى أوصيائك من ولدك واحد بعد واحد حتى تدفع إلى خير أهل الأرض بعدك ، ولتكفرن بك الأمة ولتختلفن عليك اختلافا شديدا الثابت عليك كالمقيم معي ، والشاذ ، عنك في النار ، والنار مثوى الكافرين.

وقد وردت الأخبار الصحيحة (1) بالأسانيد القوية أن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أوصى بأمر اللّه تعالى إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وأوصى علي بن أبي طالب إلى الحسن وأوصى الحسن إلى الحسين ، وأوصى الحسين إلى علي بن الحسين ، وأوصى علي بن الحسين إلى محمد بن علي الباقر ، وأوصى محمد بن علي الباقر إلى جعفر بن محمد الصادق وأوصى جعفر بن محمد الصادق إلى موسى بن جعفر ، وأوصى موسى بن جعفر إلى ابنه علي بن موسى الرضا ، وأوصى علي بن موسى الرضا إلى ابنه محمد بن علي ، وأوصى محمد بن علي إلى ابنه علي بن محمد ، وأوصى علي بن محمد إلى ابنه الحسن بن علي : وأوصى الحسن بن علي إلى ابنه حجة اللّه القائم بالحق الذي لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول اللّه ذلك اليوم حتى يخرج فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما صلوات اللّه عليه وعلى آبائه الطاهرين.

5406 - وروى يونس بن عبد الرحمن ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ( عليهما السلام ) قال : إن اسم النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) في صحف إبراهيم الماحي ، وفي توراة موسى الحاد ، وفي إنجيل عيسى أحمد ، وفي الفرقان محمد ، قيل : فما تأويل الماحي؟ قال : الماحي صورة الأصنام وماحي الأوثان والأزلام وكل معبود دون الرحمن ، وقيل : فما تأويل الحاد؟ قال : يحاد من حاد اللّه ودينه قريبا كان أو

ص: 177


1- راجع الكافي كتاب الحجة أبواب النصوص.

بعيدا (1) قيل : فما تأويل أحمد؟ قال : حسن ثناء اللّه عزوجل عليه في الكتب بما حمد من أفعاله ، قيل : فما تأويل محمد؟ قال : إن اللّه وملائكته وجميع أنبيائه ورسله وجميع أممهم يحمدونه ويصلون عليه ، وإن اسمه المكتوب على العرش محمد رسول اللّه وكان ( عليه السلام ) يلبس من القلانس اليمنية والبيضاء والمضربة ذات الاذنين في الحروب (2) وكانت له عنزة يتكئ عليها ويخرجها في العيدين فيخطب بها ، وكان له قضيب يقال له الممشوق (3) ، وكان له فسطاط يسمى الكن ، وكانت له قصعة تسمى السعة ، وكان له قعب يسمى الري (4) ، وكان له فرسان يقال لأحدهما : المرتجز (5) ، والاخر السكب ، وكان له بغلتان يقال لإحديهما : الدلدل والأخرى الشهباء ، وكانت له ناقتان يقال لإحديهما : العضباء والأخرى الجدعاء (6) ، وكان له سيفان يقال لأحدهما ذو الفقار والأخرى العون ، وكان له سيفان آخران يقال لأحدهما : المخذم والآخر الرسوم (7) ، وكان له حمار يسمى اليعفور ، وكانت له عمامة تسمى السحاب ، وكان

ص: 178


1- يحاد أي يبغض ويعاند.
2- قال المولى المجلسي : الظاهر أنها كانت قلنسوة مخيطة لها طرفان لستر الاذنين من أن تصل إليهما حربة ، وفي غير حال الحرب تثنى من فوق ليظهر الأذنان كما هو المتعارف في بلاد الهند ، وعندما يصنع الأذنان للبيضة الحديدية.
3- أي عصا طويلة دقيقة وهي أيضا للخطب.
4- القعب : القدح الضخم الغليظ من الخشب.
5- سمي به لحسن صهيله كأنه ينشد رجزا ، والسكب بمعنى كثير الجري كأنما يصب جرية صبا. ( م ت )
6- دلدل في الأرض ذهب وفر : ومنه الدلدل لحسن جريه ، والشهباء البيضاء ، والعضباء بالمهملة المعجمة - أي المشقوقة الاذن ولم تكن كذلك وكانت قصيرتها فسميت بذلك ، أو بمعنى قصيرة اليد كما قاله الزمخشري ، والجدعاء - بالدال المهملة - أي المقطوعة الأذن ولم يكن كذلك بل سميت بها لقصر اذنها. ( م ت )
7- ذو الفقار سيف أعطاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عليا يوم أحد وسمي به لما في ظهره من الفقرات كفقرات الظهر أو لكونه يقطع فقرات الكفار ، وفي النهاية الأثيرية « لأنه كان فيه حفر صغار حسان ، والمفقر من السيوف : الذي فيه حزوز مطمئنة ». والمخذم - بالشد كمعظم - القاطع والرسوم فعول من الرسم وهو ضرب من السير سريع يؤثر في الأرض.

له درع تسمى ذات الفضول لها ثلاث حلقات فضة ، حلقة بين يديها وحلقتان خلفها وكانت له راية تسمى العقاب ، وكان له بعير يحمل عليه يقال له : الديباح ، وكان له لواء يسمى المعلوم ، وكان له مغفر يسمى الأسعد ، فسلم ذلك كله إلى علي ( عليه السلام ) عند موته وأخرج خاتمه وجعله في إصبعه فذكر على ( عليه السلام ) أنه وجد في قائمة سيف من سيوفه صحيفة فيها ثلاثة أحرف : صل من قطعك ، وقل الحق ولو على نفسك ، وأحسن إلى من أساء إليك.

5407 - وروى المعلى بن محمد البصري ، عن جعفر بن سليمان ، عن عبد اللّه بن الحكم ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال : النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إن عليا وصيي وخليفتي ، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي ، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ولداي ، من والاهم فقد والاني ، ومن عاداهم فقد عاداني ، ومن ناوأهم فقد ناوأني (1) ومن جفاهم فقد جفاني ، ومن برهم فقد برني وصل اللّه من وصلهم ، وقطع اللّه من قطعهم ، ونصر اللّه من أعانهم ، وخذل اللّه من خذلهم اللّهم من كان له من أنبيائك ورسلك ثقل وأهل بيت فعلي وفاطمة والحسن والحسين أهل بيتي وثقلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ».

5408 - وروى عن ابن عباس (2) أنه قال : سمعت النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) يقول لعلى ( عليه السلام ) : يا علي أنت وصيي أوصيت إليك بأمر ربى ، وأنت خليفتي استخلفتك بأمر ربى ، يا علي أنت الذي تبين لامتي ما يختلفون فيه بعدي ، وتقوم فيهم مقامي قولك قولي ، وأمرك أمري ، وطاعتك ، طاعتي ، وطاعتي طاعة اللّه ، ومعصيتك معصيتي ومعصيتي معصية اللّه عزوجل أ.

5409 - وروى محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن يحيى بن أبي القاسم عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ( عليهم السلام ) قال : « قال رسول اللّه

ص: 179


1- ناوأه مناوءه أي عاداه أو فاخره وعارضه والأول أنسب لقرينة المقام.
2- رواه المصنف مسندا من رجال من العامة في الأمالي.

صلى اللّه عليه وآله : الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم فهم خلفائي وأوصيائي وأوليائي وحجج اللّه على أمتي بعدي ، المقر بهم مؤمن والمنكر لهم كافر ».

5410 - وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إن لله تعالى مائة ألف نبي وأربعة عشرون ألف نبي أنا سيدهم وأفضلهم وأكرمهم على اللّه عزوجل ولكل نبي وصى أوصى إليه بأمر اللّه تعالى ذكره ، وإن وصيي علي بن أبي طالب لسيدهم وأفضلهم وأكرمهم على اللّه عزوجل ».

5411 - وروى الحسن بن محبوب عن أبي الجارود عن أبي جعفر ( عليه السلام ) عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : « دخلت على فاطمة ( عليها السلام ) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها فعددت اثنى عشر أحدهم القائم ، ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم على - عليهم السلام - ».

وقد أخرجت الاخبار المسندة الصحيحة في هذا المعنى في كتاب كمال الدين وتمام النعمة (1) في إثبات الغيبة وكشف الحيرة ، ولم أورد منها شيئا في هذا الموضع لأني وضعت هذا الكتاب لمجرد الفقه دون غيره ، واللّه الموفق للصواب والمعين على اكتساب الثواب.

باب 563: ما يمن اللّه تبارك وتعالى به على عبده عند الوفاة من رد بصره وسمعه وعقله ليوصي

5412 - روى محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « مامن ميت تحضره الوفاة إلا رد اللّه عليه من سمعه وبصره وعقله للوصية أخذ الوصية أو ترك وهي الراحة التي يقال لها راحة الموت ، فهي حق على كل مسلم » (2).

ص: 180


1- ص 308 إلى 313 طبع مكتبتنا.
2- رواه الكليني ج 7 ص 3 في الحسن كالصحيح عن حماد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال له رجل اني خرجت إلى مكة فصحبني رجل وكان زميلي فلما أن كان في بعض الطريق مرض وثقل ثقلا شديدا فكنت أقوم عليه ثم أفاق حتى لم يكن عندي به بأس فلما أن كان اليوم الذي مات فيه أفاق فمات في ذلك اليوم ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : « مامن ميت - الحديث ».

باب 564: حجة اللّه عزوجل على تارك الوصية

5413 - روى محمد بن عيسى بن عبيد ، عن زكريا المؤمن ، عن علي بن أبي نعيم عن أبي حمزة ، عن بعض الأئمة ( عليهم السلام ) (1) قال : إن اللّه تبارك وتعالى يقول : ابن آدم تطولت عليك بثلاث سترت عليك ما لو يعلم به أهلك ما واروك (2) ، وأوسعت عليك فاستقرضت منك (3) فلم تقدم خيرا ، وجعلت لك نظرة (4) عند موتك في ثلثك فلم تقدم خيرا ).

باب 565: في الوصية انها حق على كل مسلم

5414 - روى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن الوصية ، فقال : هي حق على كل مسلم ».

5415 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « الوصية حق ، وقد أوصى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، فينبغي للمسلم أن يوصي » (5).

ص: 181


1- مروى في التهذيب ج 2 ص 383 عن أحدهما عليهما السلام.
2- أي ما دفنوك لقبح فعلك بل ينبذوك في الخربة.
3- إشارة إلى قوله عزوجل « من ذا الذي يقرض اللّه قرضا حسنا - الآية ».
4- أي مهلة حيث لم أقطع تصرفك في مالك رأسا بل جعلت لك التصرف في ثلث مالك فقصرت ولم تأت بما كان لك بمنزلة الزاد وأنت على جناح السفر. ( مراد )
5- يعني ان ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف وكان ذلك حقا على المتقين.

باب 566: في أن الوصية تمام ما نقص من الزكاة

5416 - روى مسعدة بن صدقة الربعي (1) ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : « قال على ( عليه السلام ) : الوصية تمام ما نقص من الزكاة » (2).

باب 567: ثواب من أوصى فلم يحف ولم يضار

5417 - روى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : « قال على ( عليه السلام ) : من أوصى فلم يحف ولم يضار (3) كان كمن تصدق به في حياته » (4).

باب 568: ما جاء فيمن لم يوص عند موته لذي قرابته ممن لا يرث بشئ من ماله قل أو كثر

5418 - روى عبد اللّه بن المغيرة ، عن السكوني عن جعفر بن محمد ، عن أبيه

ص: 182


1- الذي في كتب الرجال مسعدة بن صدقة العبدي وأما الربعي فهو مسعدة بن الفرج وعنونهما الشيخ والنجاشي في عنوانين ولا يبعد اتحادهما والنسبة في أحدهما إلى الجد ، والعلم عند اللّه تعالى عزوجل.
2- أي الوصية للفقراء من الأرحام وغيرهم تجبر ما نقص من الزكاة سهوا كما أن صلاة النافلة متمم للفريضة وهكذا صيام النافلة.
3- « لم يحف » أي لم يظلم في الكذب في الأقارير لحرمان الورثة « ولم يضار » أي بتفضيل بعضهم على بعض اضرارا أو تفسير للأول. ( م ت )
4- مع أن ما يتصدق به في حياته ثوابه أضعاف ما يتصدق به بعد موته لان المال حينئذ ماله وهو يحتاج إليه بخلاف ما بعد الموت لكنه بفضله ورحمته جعل مثله إذا لم يظلم. ( م ت )

عليهما السلام قال : « من لم يوص عند موته لذوي قرابته (1) فقد ختم عمله بمعصية » (2).

باب 569: ما جاء فيمن لم يحسن وصيته عند الموت

5419 - روى العباس بن عامر ، عن أبان ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « من لم يحسن عند الموت وصيته كان نقصا في مروءته وعقله ، وقال : إن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أوصى إلى علي ( عليه السلام ) ، وأوصى على إلى الحسن ، وأوصى الحسن عليه السلام إلى الحسين ، وأوصى الحسين ( عليه السلام ) إلى علي بن الحسين ، وأوصى على ابن الحسين ( عليهما السلام ) إلى محمد بن علي الباقر ( عليهما السلام ) ».

باب 570: ثواب من ختم له بخير من قول أو فعل

5420 - روى أحمد بن النضر الخزاز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : من ختم له بلا إله إلا اللّه دخل الجنة ،ومن ختم له بصيام يوم دخل الجنة ، ومن ختم له بصدقة يريد بها وجه اللّه عزوجل دخل الجنة ».

باب 571: ما جاء في الاضرار بالورثة

5421 - روى عبد اللّه بن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : ما أبالي أضررت بولدي أو سرفتهم ذلك

ص: 183


1- مروى في التهذيب ج 2 ص 382 وزاد فيه هنا « ممن لا يرثه » وهو الموافق لما عنونه المصنف - رحمه اللّه - ولعل السقط وقع من النساخ.
2- لمخالفته ما أمر اللّه به في قوله « ان ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ».

المال » (1).

باب 572: العدل والجور في الوصية

5422 - روى هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : « من عدل في وصيته كان بمنزلة من تصدق بها في حياته ، ومن جار في وصيته لقى اللّه عزوجل يوم القيامة وهو عنه معرض ».

باب 573: في أن الحيف في الوصية من الكبائر

في أن الحيف (2) في الوصية من الكبائر

5423 - روى هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : « قال علي عليه السلام : الحيف في الوصية من الكبائر » (3).

ص: 184


1- قال ابن إدريس في السرائر ص 382 « سرفتهم » بالسين غير المعجمة والراء غير المعجمة المكسورة والفاء ، ومعناه أخطأتهم وأغفلتهم لان السرف والاغفال والخطأ ، وقد سرفت الشئ بالكسر إذا أغفلته وجهلته ، وحكى الأصمعي عن بعض الاعراب وواعده أصحاب له من المسجد مكانا فأخلفهم فقيل له في ذلك ، فقال : « مررت بكم فسرفتكم » أي أخطأتكم وأغفلتكم ، ومنه قول جرير : أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية *** ما في عطائهم من ولاصرف أي اغفال ويقال : خطأ ، أي لا يخطئون موضع العطاء بأن يعطوه من لا يستحق ويحرموه المستحق ، هكذا نص عليه جماعة أهل اللغة ذكره الجوهري في كتاب الصحاح وأبو عبيدة الهروي في غريب الحديث وغيرهما من اللغويين ، فأما من قال في الحديث « سرقتهم ذلك المال » بالقاف فقد صحف لان سرقت لا يتعدى إلى مفعولين بغير حرف الجر يقال : سرقت منهم مالا ، وسرفت بالفاء يتعدى إلى مفعولين بغير واسطة حرف الجر فليلحظ.
2- في بعض النسخ « الجنف » هنا وما يأتي في الحديث.
3- الحيف : الجور والظلم ، والجنف أيضا الجور والميل عن العدل والحق ، وكونهما كبيرة اما واقعا أو مبالغة.

باب 574: مقدار ما يستحب الوصية به

5424 - روى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال :  « قال : أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : الوصية بالخمس لان اللّه عزوجل رضى لنفسه بالخمس ، وقال الخمس اقتصاد ، والربع جهد ، والثلث حيف » (1).

5425 - روى حماد بن عيسى ، عن شعيب بن يعقوب ، عن أبي بصير (2) قال :  « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت (3) ما له من ماله؟ فقال : له ثلث ماله وللمرأة أيضا ».

5426 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول : « لان أوصى بخمس مالي أحب إلى من أن أوصى بالربع ولان أوصى بالربع أحب إلى من أن أوصى بالثلث ، ومن أوصى بالثلث فليترك فقد بالغ ، وقال : من أوصى بثلث ماله فلم يترك فقد بلغ المدى » (4).

5427 - وفي رواية الحسن بن علي الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « من أوصى بالثلث فقد أضر بالورثة ، والوصية بالخمس والربع أفضل من الوصية بالثلث ، وقال من أوصى بالثلث فلم يترك » (5).

ص: 185


1- يحمل على ما إذا كانت الورثة فقيرا وتكون الوصية بالثلث اجحافا بهم
2- ليس في الكافي والتهذيبين « عن أبي بصير » وعلى أي حال كان السند صحيحا.
3- أي حضره الموت ويكون في حال الاحتضار.
4- اترك بمعنى ترك ، والمدى : الغاية والمنتهى.
5- أي لم يترك مما أذن له فيه شيئا ، قال في المسالك : الأكثر عملوا بمضمون هذا الخبر مطلقا ، وفصل ابن حمزة فقال : ان كانت الورثة أغنياء كانت الوصية بالثلث أولى ، وان كانوا متوسطين فالربع ، وأحسن منه ما فصله العلامة في التذكرة فقال : لا يبعد عندي التقدير بأنه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة لا يستحب الوصية ثم يختلف الحال باختلاف الورثة وقلتهم وكثرتهم وغناهم ولا يتقدر بقدر من المال. ( المرآة )

باب 575: ما يجب من رد الوصية إلى المعروف وما للميت من ماله

5428 - روى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في رجل توفى وأوصى بماله كله أو بأكثره ، فقال : إن الوصية ترد إلى المعروف ويترك لأهل الميراث ميراثهم » (1).

5429 - وروى ابن أبي عمير ، عن مرازم ، عن عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الميت أحق بماله ما دام فيه الروح يبين به (2) قال : فان تعدى فليس له الا الثلث ».

5430 - وروى هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة الربعي (3) ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) « أن رجلا من الأنصار توفى وله صبية صغار وله ستة من الرقيق فأعتقهم عند موته وليس له مال غيرهم ، فاتى النبي ، ( صلى اللّه عليه وآله ) فأخبر فقال : ما صنعتم بصاحبكم؟ قالوا : دفناه ، قال : لو علمت ما دفناه مع أهل الاسلام ، ترك ولده يتكففون الناس » (4).

5431 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال :  « كان البراء بن معرور الأنصاري بالمدينة وكان رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) بمكة وإنه حضره الموت ، وكان رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) والمسلمون يصلون إلى بيت المقدس فأوصى البراء بن

ص: 186


1- كأنه جزء من رواية محمد بقيس المتقدمة جزاها المصنف - رحمه اللّه -.
2- من الإبانة أي عزله عن ماله وسلمه إلى المعطى في مرضه ولم يعلق اعطاءه على موته. وفي التهذيب « فان قال بعدي » مكان قوله « فان تعدى » وهو أوفق بقوله « يبين » فإنه من الإبانة كما عرفت ( الوافي ) أقول : فيدل على أن المنجزات من الأصل لكن يشكل الاستدلال به لاختلاف النسخ وسيأتي الكلام في بابه إن شاء اللّه.
3- تقدم الكلام فيه في هامش ما مر تحت رقم 5413.
4- أي يمدون أكفهم إلى الناس ويسألونهم ، وظاهر الخبر نفوذ العتق والا لما كان التهديد.

معرور أن يجعل وجهه (1) إلى تلقاء النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) إلى القبلة (2) وأوصى بثلث ماله فجرت به السنة ».

5432 - وروى عن أحمد بن عيسى ، عن أحمد بن إسحاق أنه كتب إلى أبى الحسن ( عليه السلام ) : « أن درة بنت مقاتل توفيت وتركت ضيعة أشقاصا (3) في موضع كذا وأوصت لسيدنا في أشقاصها بأكثر من الثلث ونحن أوصياؤها ، فأحببنا إنهاء ذلك إلى سيدنا فإن أمرنا بامضاء الوصية على وجهها أمضيناها ، وإن أمرنا بغير ذلك انتهينا إلى أمره في جميع ما يأمرنا به إن شاء اللّه تعالى ، فكتب ( عليه السلام ) بخطه : ليس يجب لها في تركتها إلا الثلث فإن تفضلتم وكنتم الورثة كان جائزا لكم إن شاء اللّه » (4).

5433 - وروى صفوان ، عن مرازم ، عن بعض أصحابنا (5) « في الرجل يعطي الشئ من ماله في مرضه ، قال : إذا أبان به فهو جائز ، وإن أوصى به فمن الثلث » (6).

باب 576: رسم الوصية

5434 - روى علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن إسحاق ، عن الحسن بن حازم الكلبي ابن أخت هشام بن سالم ، عن سليمان بن جعفر ، وليس بالجعفري (7) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : من لم يحسن وصيته عند الموت كان

ص: 187


1- أي إذا دفن كما الكافي.
2- أي إلى الكعبة التي هي قبلة اليوم « به السنة » أي بتوجه الميت إلى الكعبة ، وأن لا يزاد على الثلث في الوصية ( الوافي ) وزاد هنا في الكافي « فجرت به السنة ».
3- الضيعة : العقار ، والشقص : القطعة من الأرض.
4- يدل على أن الوصية من الثلث الا مع تنفيذ الورثة. ( م ت )
5- كذا وكأنه عمار الساباطي لما تقدم تحت رقم 5426 ، وفي الكافي والتهذيب عنه « عن أبي عبد اللّه عليه السلام » وكأن السقط من النساخ.
6- يدل على أن المنجز من الأصل.
7- من كلام المصنف وليس في الكافي والتهذيب ، والرجل غير مذكور في الرجال.

نقصا في مروءته وعقله ، قيل : يا رسول اللّه وكيف يوصى الميت؟ قال : إذا حضرته وفاته واجتمع الناس إليه قال : « اللّهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، اللّهم إني أعهد إليك في دار الدنيا (1) أنى أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، وأن الجنة حق ، والنار وأن البعث حق ، والحساب حق ، والصراط حقا ، والقدر والميزان حق ، وأن الدين كما وصفت ، وأن الاسلام كما شرعت ، وأن القول كما حدثت ، وأن القرآن كما أنزلت ، وأنك أنت اللّه الحق المبين ، جزى اللّه محمدا عنا خير الجزاء (2) وحيا اللّه محمدا وآل محمد بالسلام ، اللّهم يا عدتي عند كربتي ، ويا صاحبي عند شدتي ، ويا ولى نعمتي ، الهي واله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، فإنك إن تكلني إلى نفسي أقرب من الشر وأبعد من الخير ، فآنس في القبر وحشتي ، واجعل لي عهدا يوم ألقاك منشورا ثم يوصى بحاجته. وتصديق هذه الوصية في القرآن في السورة التي تذكر فيها مريم في قوله عزوجل : « لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا » فهذا عهد الميت ، والوصية حق على كل مسلم ، وحق عليه (3) أن يحفظ هذه الوصية ويعلمها ، وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه وسلامه علمنيها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : علمنيها جبرئيل ( عليه السلام ).

5435 - وروى الحسين بن سعيد قال : حدثنا الحسين بن علوان ، عن عمرو بن ثابت عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : يا علي أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها ، ثم قال : اللّهم أعنه أما الأولى فالصدق ولا تخرجن من. فيك كذبة أبدا ، والثانية الورع [ حتى ] تجترين على خيانة أبدا (4) ، والثالثة الخوف

ص: 188


1- الموصوف محذوف أي دار الحياة الدنيا.
2- لفظه « عنا » ليست في الكافي.
3- قوله « وحق عليه » ليس في التهذيب والكافي.
4- في بعض النسخ « على جناية أبدا ».

من اللّه عزوجل حتى كأنك تراه ، والرابعة كثرة البكاء من خشية اللّه عزوجل يبنى لك بكل دمعة بيت في الجنة ، والخامسة بذل مالك ودمك دون دينك ، والسادسة الاخذ بسنتي في صلاتي وصيامي وصدقتي ، أما الصلاة فالخمسون ركعة وأما الصيام فثلاثة أيام في كل شهر : خميس في أوله ، وأربعاء في وسطه ، وخميس في آخره ، وأما الصدقة فجهدك حتى تقول : قد أسرفت ولم تسرف ، وعليك بصلاة الليل ، وعليك بصلاة الليل ، وعليك بصلاة الليل ، وعليك بصلاة الزوال (1) ، وعليك بتلاوة القرآن على كل حال ، [ و ] عليك برفع يديك في الصلاة وتقليبهما بكلتيهما ، [ و ] عليك بالسواك عند كل وضوء كل صلاة ، [ و ] عليك بمحاسن الأخلاق فاركبها ، [ و ] عليك بمساويها فاجتنبها ، فإن لم تفعل فلا تلم الا نفسك ».

5436 - وروى عن سليم بن قيس الهلالي قال : « شهدت وصية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) حين أوصى إلى ابنه الحسن وأشهد على وصيته الحسين ومحمدا وجميع ولده ورؤساء أهل بيته وشيعته ( عليهم السلام ) ، ثم دفع إليه الكتاب والسلاح ، ثم قال ( عليه السلام ) : يا بنى أمرني رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أن أوصى إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ودفع إلى كتبه وسلاحه وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعه إلى أخيك الحسين ، قال : ثم أقبل على ابنه الحسين ( عليه السلام ) فقال : وأمرك رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أن تدفعه إلى ابنك علي بن الحسين ، ثم أقبل على ابنه علي بن الحسين ( عليهما السلام )(2) فقال : وأمرك رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أن تدفع وصيتك إلى ابنك محمد بن علي فأقرأه من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ومنى السلام.

ثم اقبل على ابنه الحسن ( عليه السلام ) فقال : يا بنى أنت ولى الامر وولى الدم فإن عفوت فلك وإن قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأثم ، ثم قال : اكتب » بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله

ص: 189


1- المراد بها صلاة الأوابين ثمان ركعات قبل الظهر. ( م ت )
2- وهو طفل ابن أقل من سنتين فإنه عليه السلام ولد سنة ثمان وثلاثين من الهجرة وتوفي أمير المؤمنين عليه السلام سنة أربعين من الهجرة.

إلا اللّه وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين ولو كره المشركون ( صلى اللّه عليه وآله ) ، ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، ثم إني أوصيك يا حسن وجميع ولدى وأهل بيتي ومن بلغه كتابي من المؤمنين بتقوى اللّه ربكم ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، واعتصموا بحبل اللّه جميعا ولا تفرقوا (1) واذكروا نعمة اللّه عليكم إذا كنتم أعداء فألف بين قلوبكم ، فانى سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يقول : صلاح ذات البين(2) أفضل من عامة الصلاة والصيام ، وإن البغضة حالقة الدين وفساد ذات البين ولا قوة إلا باللّه.

انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون اللّه عليكم الحساب ، واللّه اللّه في الأيتام فلا نعر أفواههم (3) ولا يضيعوا بحضرتكم فإني سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يقول : « من عال يتيما حتى يستغنى أوجب اللّه له الجنة كما أوجب لاكل مال اليتيم النار ».

واللّه اللّه في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم.

واللّه اللّه في جيرانكم فإن اللّه ورسوله أوصيا بهم.

واللّه اللّه في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم ، فإنه إن ترك لم تناظروا فإن أدنى ما يرجع به من أمه (4) أن يغفر له ما سلف من ذنبه.

واللّه اللّه في الصلاة فإنها خير العمل وإنها عمود دينكم.

واللّه اللّه في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم.

ص: 190


1- « لا تموتن - الخ » أي كونوا على حال لا تموتن الا حال كونكم مسلمين ، ولعل المراد بحبل اللّه هو القرآن العظيم عظم اللّه شرفه. ( مراد )
2- الحالقة - بالحاء المهملة والقاف - القاطعة ، وفي النهاية : هي الخصلة التي من شأنها أن تحلق أي تهلك وتستأصل الدين كما تستأصل الموسى الشعر.
3- عر الظليم إذا صاح أي لا ترفع أصواتهم بالبكاء. وفي الكافي « لا تغبوا أفواههم » وقال ابن أبي الحديد : أي لا يجيعوهم بأن تطعموهم يوما وتتركوهم يوما ، وفي التهذيب « فلا تغيروا أفواههم » والمعنى واحد فان الجايع يتغير فمه.
4- أي من قصده أو حجة.

واللّه اللّه في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار.

واللّه اللّه في الفقراء والمساكين فشاركوهم في معيشتكم.

واللّه اللّه في الجهاد في سبيل اللّه بأموالكم وأنفسكم ، فإنما يجاهد في سبيل اللّه رجلان : إمام هدى ، ومطيع له مقتد بهداه.

واللّه اللّه في ذرية نبيكم فلا تظلمن بين أظهركم وأنتم تقدرون على الدفع عنهم.

واللّه اللّه في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم يؤوا محدثا ، فإن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم والمؤوي للمحدث (1).

واللّه اللّه في النساء وما ملكت ايمانكم لا تخافن في اللّه لومة لائم ، يكفيكم اللّه من أرادكم وبغى عليكم وقولوا للناس حسنا كما أمركم اللّه عزوجل.

لا تتركن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فيولي اللّه الامر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم.

عليكم يا بنى بالتواصل والتباذل والتبار ، وإياكم والتقاطع والتدابر و التفرق ، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ، واتقوا اللّه إن اللّه شديد العقاب.

حفظكم اللّه من أهل بيت ، وحفظ فيكم نبيكم وأستودعكم اللّه وأقرأ عليكم السلام.

ثم لم يزل يقول : لا إله إلا اللّه حتى قبض صلوات اللّه عليه وسلامه في أول ليلة من العشر الا واخر ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة لأربعين

ص: 191


1- في النهاية : في حديث المدينة « من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا » الحدث الامر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة ، والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول ، فمعنى الكسر : من نصر جانيا أو آواه وأجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتص منه ، والفتح هو الامر المبتدع نفسه ، ويكون معنى الايواء فيه الرضا والصر عنه فإنه رضى بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه.

سنة مضت من الهجرة (1).

باب 577: الاشهاد على الوصية

5437 - روى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن قول اللّه عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم » قال : هما كافران (2) قلت : ذوا عدل منكم؟ قال : مسلمان ».

5438 - وروى حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصى ليس معها رجل ، فقال : تجاز في ربع الوصية » (3).

5439 - وروى يونس بن عبد الرحمن ، عن يحيى بن محمد (4) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن قول اللّه عزوجل » يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخر ان من غيركم قال : اللذان منكم مسلمان ، واللذان من غيركم من أهل الكتاب فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس لان في المجوس سنة أهل الكتاب في الجزية ، وذلك إذا مات الرجل في أرض غربة فلم يوجد مسلمان أشهد رجلان من أهل الكتاب ، يحبسان بعد العصر فيقسمان باللّه إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة اللّه إنا

ص: 192


1- ما اشتمل عليه من تاريخ شهادته عليه السلام هو المشهور بين الخاصة والعامة وفي الكافي « حتى قبض صلوات اللّه عليه ورحمته في ثلاث ليال من العشر الأواخر ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة وكان ضرب ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان » وهو مخالف للمشهور.
2- ظاهره مطلق الكافر وحمل على الذمي.
3- في الكافي ج 7 ص 4 « فقال : يجاز في ربع ما أوصى بحساب شهادتها ».
4- هو مشترك ولعله يحيى بن محمد بن سعيد أبو شبل.

إذ المن الآثمين قال وذلك إن ارتاب ولى الميت في شهادتهما فإن عثر على أنهما شهدا بالباطن فليس له أن ينقض شهادتهما حتى يجئ بشاهدين فيقومان مقام الشاهدين الأولين فيقسمان باللّه لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين. فإذا فعل ذلك نقض شهادة الأولين وجازت شهادة الآخرين ، يقول اللّه تبارك وتعالى : « ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد ايمانهم » (1).

باب 578: أول ما يبدأ به من تركة الميت

5440 - روى السكوني عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « أول شئ يبدأ به من المال الكفن ، ثم الدين ، ثم الوصية ، ثم الميراث » (2).

5441 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : إن الدين قبل الوصية ، ثم الوصية على أثر الدين ، ثم الميراث بعد الوصية ، فإن أولى القضاء كتاب اللّه عزوجل ». (3)

5442 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « الكفن من جميع المال » (4).

5443 - وقال ( عليه السلام ) : « كفن المرأة على زوجها إذا ماتت » (5).

ص: 193


1- الآيات في سورة المائدة 108 إلى 110.
2- رواه الكليني ج ص 23 بسنده المعروف عن السكوني ، وعمل به الأصحاب ووجه بأن الكفن لباس الميت والكسوة مقدم على الدين ، والدين مقدم على الوصايا المستحبة والواجبة داخلة في الدين ثم الميراث ، والوصايا من الثلث. ( م ت )
3- حيث يقول اللّه تبارك وتعالى : « من بعد وصية يوصى بها أو دين »
4- رواه الكليني في الصحيح وقال المولى المجلسي : ولو كان الدين مستوعبا للتركة لما تقدم وللاجماع.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 382 في القوى كالصحيح عن السكوني.

باب 579: الرجل يموت وعليه دين بقدر ثمن كفنه

5444 - روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال : « سألته عن رجل مات وعليه دين بقدر ثمن كفنه ، قال : يجعل ما ترك في ثمن كفنه إلا أن يتجر عليه بعض الناس (1) فيكفنونه ويقضى ما عليه مما ترك ».

باب 580: الوصية للوارث

5445 - روى ابن بكير ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « سألته عن الوصية للوارث فقال : تجوز ثم تلا هذه الآية : إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ».

5446 - قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه الخبر الذي روى أنه لا وصية لوارث (2) ليس بخلاف هذا الحديث ومعناه انه لا وصية لوارث بأكثر من الثلث كما لا تكون لغير الوارث بأكثر من الثلث. (3)

ص: 194


1- أي يطلب الاجر من الايتجار ، وقال الزمخشري في الفائق بعد ذكره انه لا يكون من الأجرة لان الهمزة لا تدغم في التاء : فأما ما روى من « أن رجلا دخل المسجد وقد قضى النبي (صلی اللّه عليه وآله) صلاته فقال : من يتجر؟ فيقوم ويصلي معه » فوجهه ان صحت الرواية أن يكون من التجارة لأنه لا يشترى بعمله المثوبة ». وقال ابن الأثير في النهاية ان الهروي قد أجازه في كتابه واستشهد بهذا الحديث. أقول : وفي بعض النسخ » الا أن يحسن عليه وهو تصحيف.
2- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 389 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم ابن سليمان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اعترف لوارث بدين في مرضه ، فقال : لا تجوز وصيته لوارث ولا اعتراف » وحمله على التقية لان مذهب المخالفين. أقول : روى الدارقطني في السنن بسند حسن عن جابر عن النبي صلى اللّه عليه وآله أنه قال : « لا وصية لوارث » كما في الجامع الصغير.
3- حمل الشيخ أحسن وأولى لأنه لافرق بين الوارث وغيره في الزائد عن الثلث.

5447 - وروى عن عبد اللّه بن محمد الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن محمد بن قيس قال : « سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض ، قال : نعم ونساءه » (1).

باب 581: الامتناع من قبول الوصية

5448 - روى حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد اللّه ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إن أوصى رجل إلى رجل وهو غائب فليس له أن يرد وصيته وإن أوصى إليه وهو بالبلد فهو بالخيار إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل » (2).

5449 - وروى ربعي ، عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل يوصى إليه قال : إذا بعث بها إليه من بلد فليس له ردها ، وإن كان في مصر يوجد فيه غيره فذاك إليه ».

5450 - وروى سهل بن زياد ، عن علي بن الريان قال : « كتبت إلى أبى - الحسن ( عليه السلام ) رجل دعاه والده إلى قبول وصيته هل له أن يمتنع من قبول وصية والده؟ فوقع ( عليه السلام ) : ليس له أن يمتنع » (3).

ص: 195


1- مروى في الكافي ج 7 ص 10 في الصحيح ويدل على جواز تفضيل بعض الورثة على بعض وكذا تفضيل بعض زوجاته على بعض فيما كان له وبعمومه يشمل الوصية. ( م ت )
2- المشهور بين الأصحاب أن للموصي إليه أن يرد الوصية ما دام الموصي حيا بشرط أن يبلغه الرد ولو مات قبل الرد أو بعده لم يكن للرد أثر وكانت الوصية لازمة للوصي ، وذهب العلامة في التحرير والمختلف إلى جواز الرجوع ما لم يقبل عملا بالأصل. ومستند المشهور الاخبار ، وقال الشهيد الثاني بعد نقل الاخبار : والحق أن هذه الأخبار ليست بصريحة في المدعي لتضمنها أن الحاضر لم يلزمه القبول مطلقا والغائب يلزمه مطلقا وهو غير محل النزاز. نعم في تعليل رواية منصور بن حازم « التي تأتي في آخر الباب » ايماء إليه ثم قال : ولو حملت الاخبار على شدة الاستحباب كان أولى - انتهى. ( المرآة )
3- السند ضعيف على المشهور لمكان سهل وظاهره الاختصاص بالولد ، وذلك لأنه عقوق غالبا ، ويمكن حمله على الكراهة الشديدة.

5451 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في الرجل يوصى إلى الرجل بوصية فيكره أن يقبلها ، فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : لا يخذله على هذه الحال » (1).

5452 - وروى علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إذا أوصى الرجل إلى أخيه وهو غائب فليس له أن يرد وصيته لأنه لو كان شاهدا فأبى أن يقبلها طلب غيره ».

باب 582: الحد الذي إذا بلغه الصبي جازت وصيته

5453 - روى محمد بن أبي عمير عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه قال : « إذا بلغ الغلام عشر سنين جازت وصيته » (2).

ص: 196


1- يدل على كراهة رد الوصية مطلقا ، لا سيما إذا لم يوجد غيره ، أو لم يوجد غيره ، أو لم يعتمد على غيره. ( م ت )
2- قال في المسالك : اختلف الأصحاب في صحة وصية الصبي الذي لم يبلغ بأحد الأمور الثلاثة المعتبرة في التكليف ، فذهب الأكثر من المتقدمين والمتأخرين إلى جواز وصية من بلغ عشرا مميزا في المعروف وبه أخبار كثيرة ، وأضاف الشيخ - رحمه اللّه - إلى الوصية الصدقة والهبة والوقف والعتق لرواية زرارة ( الآتية ) وفي قول بعضهم لأقاربه وغيرهم إشارة إلى خلاف ما روى في بعض الأخبار من الفرق كصحيحة محمد بن مسلم ( التي تأتي في آخر الباب ) وهو يقتضي عمله بها ، والقائل بالاكتفاء في صحة الوصية ببلوغ الثمان ابن الجنيد واكتفى في الأنثى بسبع سنين استنادا إلى رواية الحسن بن راشد ، وهي ما رواه الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب ج ص 382 باسناده عن الحسن بن راشد عن العسكري عليه السلام قال : « إذا بلغ الغلام ثمان سنين فجائز امره في ماله وقد وجب عليه الفرائض والحدود وإذا تم للجارية سبع سنين فكذلك » وهي مع ضعف سندها شاذة مخالفة لاجماع المسلمين من اثبات باقي الأحكام غير الوصية ، لكن ابن الجنيد اقتصر منها على الوصية ، وابن إدريس سد الباب ، واشترط في جواز الوصية البلوغ كغيرها ونسبه الشهيد في الدروس إلى التفرد بذلك.

5454 - وروى صفوان بن يحيى ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا أتى على الغلام عشر سنين فإنه يجوز له في ماله ما أعتق أو تصدق وأوصى على حد معروف وحق فهو جائز ».

5455 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن أبي المغرا ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه قال : « إذا بلغ الغلام عشر سنين فأوصى بثلث ماله في حق جازت وصيته ، وإذا كان ابن سبع سنين فأوصى من ماله باليسير في حق جازت وصيته ».

5456 - وروى علي بن الحكم ، عن داود بن النعمان (1) ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « إن الغلام إذا حضره الموت فأوصى ولم يدرك جازت وصيته لذوي الأرحام ولم تجز للغرباء ».

باب 583: الوصية بالكتب والايماء

5457 - روى عبد الصمد بن محمد (2) عن حنان بن سدير ، عن أبيه عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « دخلت على محمد بن علي ابن الحنفية وقد اعتقل لسانه ، فأمر ته بالوصية فلم يجب قال : فأمرت بطست فجعلت فيه الرمل فوضع ، فقلت له : خط بيدك ، فخط وصيته بيده في الرمل ، ونسخت أنا في صحيفة » (3).

ص: 197


1- في أكثر نسخ الكافي « علي بن النعمان ». وهما ثقتان والسند صحيح ، وكان علي بن الحكم ابن أخت داود بن النعمان وتلميذ ابن أبي عمير ، وهو مثل ابن فضال وابن بكير.
2- لم يذكر المصنف طريقه إليه ، والظاهر أنه أخذ الحديث من كتاب أحمد بن محمد بن يحيى الأشعري ، فان الشيخ رواه في التهذيب ج 2 ص 400 باسناده عنه ، عن عبد الصمد ، عن حنان ، عن أبيه
3- يدل على فوت ابن الحنفية في حياة أبي جعفر عليه السلام خلافا للكيسانية حيث إنهم معتقدون بأنه ذهب من خوف ابن الزبير إلى اليمن وغاب في جبل رضوي وهو حي يخرج في آخر الزمان.

5458 - وروى محمد بن أحمد الأشعري ، عن السندي بن محمد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي مريم (1) ذكره عن أبيه « أن امامة بنت أبي العاص وأمها زينب بنت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه ) واله كانت (2) تحت علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بعد فاطمة ( عليهما السلام ) فخلف عليها بعد على ( عليه السلام ) المغيرة بن النوفل ، فذكر أنها وجعت وجعا شديدا حتى اعتقل لسانها فجاءها الحسن والحسين ابنا على ( عليهم السلام ) وهي لا تستطيع الكلام فجعلا يقولان لها والمغيرة كاره لذلك أعتقت فلانا وأهله؟ فجعلت تشير برأسها نعم (3) وكذا وكذا فجعلت تشير برأسها [ أن ] نعم (4) ، لا تفصح بالكلام ، فأجاز ذلك لها » (5).

5459 - وروى عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال : « كتبت إلى أبى الحسن عليه السلام (6) رجل كتب كتابا بخطه ولم يقل لورثته : هذه وصيتي ولم يقل إني قد أوصيت إلا أنه كتب كتابا فيه ما أراد أن يوصى به هل يجب على ورثته القيام بما في الكتاب بخطه ولم يأمرهم بذلك؟ فكتب ( عليه السلام ) إن كان له ولد ينفذون كل شئ (7) يجدون في كتاب أبيهم في وجه البر أو غيره » (8).

ص: 198


1- في بعض نسخ التهذيب هكذا « عن أبي مريم عن أبي عبد اللّه عليه السلام ذكر أن أباه حدثه عن أبيه أن أمامة بنت العاص - الحديث ».
2- الضمير المؤنث راجع إلى امامة.
3- في بعض النسخ « لا ».
4- في بعض النسخ « ان » وهو بالتشديد من حروف الايجاب مثل نعم تأكيدا له. ( مراد )
5- يدل على صحة الوصية بالإشارة مع التعذر. ( م ت )
6- إبراهيم بن محمد الهمداني من أصحاب أبي الحسن الهادي عليه السلام ووكيل الناحية ثقة جليل والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.
7- كذا وكأن فيه سقطا وفي التهذيب نقلا عن الصدوق « فكتب عليه السلام إن كان ولده ينفذون شيئا منه وجب عليهم أن ينفذوا كل شئ - الخ ».
8- يدل على عدم الاعتبار بالكتابة إلا مع القرائن ، وقال الفاضل التفرشي : ظاهر الخبر أنه لا يجب عليهم العمل بذلك حيث أنه عليه السلام أوقف العمل به على تنفيذهم إذ لا يعلم أن مقصوده من الكتب أن يعملوا به ، ويمكن أن يراد من التنفيذ أن يعرفوا أن قصده العمل بما كتب ، وعلى التقديرين جزاء الشرط محذوف أي عملوا به أما جعل ينفذون خبرا في معنى الامر أي لينفذوا فيكون جزاء الشرط فبعيد.

باب 584: الرجوع عن الوصية

5460 - روى الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبه ، عن بريد العجلي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « لصاحب الوصية أن يرجع فيها ويحدث في وصيته ما دام حيا » (1).

5461 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن بكير بن أعين (2) ، عن عبيد بن زرارة قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « للموصي أن يرجع في وصيته إن كان في صحة أو مرض » (3).

5462 - وروى يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أن المدبر من الثلث ، وأن للرجل أن ينقض وصيته فيزيد فيها وينقص منها ما لم يمت (4).

5463 - وفى رواية يونس بن عبد الرحمن باسناده قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام : « للرجل أن يغير من وصيته فيعتق من كان أمر بتمليكه ويملك من كان أمر بعتقه ويعطى من كان حرمه ويحرم من كان أعطاه ما لم يكن رجع عنه » (5).

ص: 199


1- لا خلاف في رجوع جواز الموصى عن وصيته ما دام حيا. ( المرآة )
2- في الكافي والتهذيب « عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زارة » وهو الصواب.
3- « إن كان في صحة - الخ » أي الرجوع أو الوصية يتأول الايصاء أو الأعم. ( م ت )
4- يدل على جواز التغيير بالزيادة والنقصان ما لم يمت ، وعلى أن المدبر من الثلث والتدبير كالوصية. ( م ت )
5- في الكافي « ما لم يمت » وفي التهذيب « ما لم يمت ويرجع فيه » وعبارة المتن بمعنى عبارة التهذيب.

باب 585: فيمن أوصى بأكثر من الثلث وورثته شهود فأجازوا ذلك هل لهم أن ينقضوا ذلك بعد موته

5464 - روى حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل أوصى بوصية وورثته شهود فأجازوا ذلك ، فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل لهم أن يردوا ما أقروا به فقال : ليس لهم ذلك ، والوصية جائزة عليهم إذا أقروا بها في حياته » (1).

وروى صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) مثله.

باب 586: وجوب انفاذ الوصية والنهى عن تبديلها

5465 - روى حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن الرجل أوصى بما له في سبيل اللّه (2) فقال : أعطه لمن أوصى له به وإن كان يهوديا أو نصرانيا ، إن اللّه عزوجل يقول : « فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبد لونه ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه : ماله هو الثلث.

5466 - وروى سهل بن زياد ، عن محمد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب أن رجلا كان بهمذان ذكر أن أباه مات وكان لا يعرف هذا الامر فأوصى بوصية عند الموت وأوصى أن يعطى شئ في سبيل اللّه ، فسئل عنه أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) كيف يفعل به؟

ص: 200


1- أكثر الأصحاب على أن إجازة الوارث مؤثرة متى وقعت بعد الوصية ، سواء كان في حال حياة الموصي أو بعد موته ، وقال المفيد وابن إدريس لا تصح الإجازة الا بعد وفاته لعدم استحقاق الوارث المال قبله ، والأول أقوى. ( المرآة )
2- قيل : « ما » موصولة أو موصوفة ويكون للعموم.

وأخبرناه أنه كان لا يعرف هذا الامر وأوصى بوصية عند الموت ، فقال : لو أن رجلا أوصى إلى أن أضع ماله في يهودي أو نصراني لوضعته فيهم ، إن اللّه عزوجل يقول  « فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه [ إن اللّه سميع عليم ] » فانظر إلى من يخرج في هذه الوجوه يعنى الثغور فابعثوا به إليه.

5467 - وروى عن أبي طالب عبد اللّه بن الصلت القمي أنه قال : « كتب الخليل ابن هاشم إلى ذي الرياستين وهو والى نيسابور أن رجلا من المجوس مات وأوصى للفقراء بشئ من ماله ، فأخذه الوصي بنيسابور فجعله في فقراء المسلمين ، فكتب الخليل إلى ذي الرياستين بذلك فسأل المأمون عن ذلك فقال : ليس عندي في ذلك شئ ، فسأل أبا الحسن ( عليه السلام ) فقال أبو الحسن ( عليه السلام ) : إن المجوسي لم يوص لفقراء المسلمين ولكن ينبغي أن يؤخذ مقدار ذلك المال من مال الصدقة فيرد على فقراء المجوس » (1).

باب 587: في أن الانسان أحق بماله ما دام فيه شئ من الروح

5468 - روى ثعلبة بن ميمون ، عن أبي الحسن الساباطي (2) ، عن عمار بن موسى أنه سمع أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « صاحب المال أحق بماله ما دام فيه شئ من الروح يضعه حيث يشاء » (3).

ص: 201


1- يدل على أنه إذا أوصى المجوسي إلى الفقراء ينصرف إلى فقراء نحلته.
2- كأنه عمر بن شداد لما يأتي تحت رقم 5468 وهو مجهول الحال.
3- المشهور بين الأصحاب أن ما علق بالموت سواء كان في المرض أم لا هو من الثلث بل ربما نقل عليه الاجماع ونسب إلى علي بن بابويه القول بكونها من الأصل مطلقا ، وأما منجزات المريض فقد اختلف فيها ، والمشهور كون ما فيه المحاباة من الثلث ، واختلف في المرض فقيل المرض المخوف وان برئ ، والمشهور بين المتأخرين المرض الذي اتفق فيه الموت وان لم يكن مخوفا ، واستدل بهذا الخبر على كونها من الأصل ( المرآة ) أقول : ويمكن حمل المال على الثلث كما تقدم من المصنف - رحمه اللّه -.

5469 - وروى عبد اللّه بن جبلة ، عن سماعة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قلت له : « الرجل يكون له الولد يسعه أن يجعل ماله لقرابته؟ قال : هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : يعنى بذلك أن يبين به من ماله في حياته أو يهبه كله في حياته ويسلمه من الموهوب له ، فاما إذا أوصى به فليس له أكثر من الثلث ، وتصديق ذلك :

5470 - ما رواه صفوان ، عن مرازم (1) « في الرجل يعطى الشئ من ماله في مرضه ، قال : إذا أبان به فهو جائز ، وإن أوصى به فمن الثلث ».

5471 - وأما حديث علي بن أسباط ، عن ثعلبة ، عن أبي الحسن عمرو بن شداد الأزدي ، عن عمار بن موسى عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح إن أوصى به كله فهو جائز له ».

فإنه يعنى به إذا لم يكن له وارث قريب ولا بعيد فيوصي بماله كله حيث يشاء ، ومتى كان له وارث قريب أو بعيد لم يجز له أن يوصي بأكثر من الثلث ، وإذا أوصى بأكثر من الثلث رد إلى الثلث ، وتصديق ذلك :

5472 - ما رواه إسماعيل بن أبي زياد السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام )! أنه سئل عن الرجل يموت ولا وراث له ولا عصبة ، قال : يوصى بماله حيث يشاء في المسلمين والمساكين وابن السبيل.

وهذا حديث مفسر والمفسر يحكم على المجمل.

باب 588: وصية من قتل نفسه متعمدا

5473 - روى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها ، قيل له : أرأيت إن كان

ص: 202


1- تقدم تحت رقم 5430 انه رواه عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السلام.

أوصى بوصية ثم قتل نفسه متعمدا من ساعته تنفذ وصيته؟ قال : إن كان أوصى قبل أن يحدث حدثا في نفسه من جراحة أو فعل أجيزت وصيته في ثلثه ، وإن كان أوصى بوصية وقد أحدث في نفسه جراحة أو فعلا لعله يموت لم تجز وصيته ».

باب 589: الرجلين يوصى إليهما فينفرد كل واحد منهما بنصف التركة

5474 - كتب محمد بن الحسن الصفار رضي اللّه عنه إلى أبي محمد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) : « رجل أوصى إلى رجلين أيجوز لأحدهما أن ينفرد بنصف التركة والاخر بالنصف؟ فوقع ( عليه السلام ) : لا ينبغي لهما أن يخالفا الميت ويعملان على حسب ما أمرهما إن شاء اللّه ».

وهذا التوقيع عندي بخطه ( عليه السلام ).

5475 - وفي كتاب محمد بن يعقوب الكليني - رحمه اللّه - عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن الميثمي ، عن أخويه محمد وأحمد ، عن أبيهما ، عن داود بن أبي يزيد ، عن بريد بن معاوية قال : « إن رجلا مات وأوصى إلى رجلين فقال أحدهما لصاحبه خذ نصف ما ترك وأعطني النصف مما ترك فأبى عليه الآخر فسألوا أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن ذلك فقال : ذاك له » (1).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : لست أفتى بهذا الحديث بل أفتى بما عندي بخط الحسن بن علي ( عليهما السلام ) ، ولو صح الخبر ان جميعا لكان الواجب الاخذ بقول الأخير كما أمر به الصادق ( عليه السلام ) وذلك أن الاخبار لها وجوه ومعان وكل إمام أعلم بزمانه وأحكامه من غيره من الناس وباللّه التوفيق (2).

ص: 203


1- كذا في جميع نسخ الفقيه وبعض نسخ الكافي ، والمعنى أن للمطلوب حق الاباء لرجوع الضمير إلى المرجع الأقرب وكذا اسم الإشارة حيث كان للقريب. وفي التهذيبين « ذلك له » وحيث كان للبعيد فالإشارة إلى الطلب والضمير للطالب.
2- قال الشيخ - رحمه اللّه - ظن أبو جعفر - رحمه اللّه - أنهما متنافيان وليس الامر على ما ظن ، لان قوله عليه السلام « ذلك له » ليس في صريحه أن ذلك للطالب الذي طلب الاستبداد بنصف التركة ، وليس يمتنع أن يكون المراد بقوله « ذلك له » يعني الذي أبى على صاحبه الانقياد إلى ما يريده فيكون تلخيص الكلام أن له أن يأبى عليه ولا يجيب مسألته و على هذا الوجه لا تنافي بينهما على حال. وقال صاحب الوافي : وظن صاحب الاستبصار أنه لولا تفسيره للحديث بما فسره لكانا متنافيين وليس الامر على ما ظن لان حديث الصفار ليس نصا على المنع من الانفراد لجواز أن يكون معناه أنه ليس عليهما الا انفاذ وصاياه على ما أمرهما وأن لا يخالفا فيها أمره تفردا أو اجتمعا ، أو يكون معناه أنه ان نص على الاجتماع وجب الاجتمار. وان جوز الانفراد جاز الانفراد ، وبالجملة إنما الواجب عليهما أن لا يخالفاه إلا أن ما ذكره في الاستبصار هو الأحسن والأوفق والأصوب. أقول : المشهور بين الأصحاب كما في - المرآة أنه لو أوصى إلى اثنين وشرط اجتماعهما أو أطلق فلا يجوز لأحدهما التصرف بدون اذن صاحبه ، وذهب الشيخ في أحد قوليه ومن تبعه إلى جواز انفراد كل منهما مع الاطلاق.

باب 590: الوصية بالشئ من المال والسهم والجزء والكثير

5476 - روى أبان بن تغلب ، عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) « أنه سئل عن رجل أوصى بشئ من ماله ، فقال : الشئ في كتاب على ( عليه السلام ) واحد من ستة » (1).

5477 - وروى السكوني ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه سئل عن رجل يوصى بسهم من ماله فقال : السهم واحد من ثمانية لقول اللّه عزوجل : « إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل اللّه وابن السبيل » (2).

5478 - وقد روى « أن السهم واحد من ستة » (3).

ص: 204


1- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : عليه الفتوى ولا أعلم فيه مخالفا.
2- رواه الكليني بسنده المعروف عن السكوني ، ويدل على أن السهم ينصرف إلى الثمن كما هو المشهور بين الأصحاب ، وذهب الشيخ في أحد قوليه إلى أنه السدس.
3- أورده المصنف في معاني الأخبار ص 216 طبع مكتبة الصدوق مرسلا ، وقال : ذلك حسب ما يفهم من مراد الموصي وعلى حسب ما يعلم من سهام ماله [ بينهم ].

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : متى أوصى بسهم من سهام الزكاة كان السهم واحدا من ثمانية ، ومتى أوصى بسهم من سهام المواريث فالسهم واحد من ستة ، وهذان الحديثان متفقان غير مختلفين فتمضي الوصية على ما يظهر من مراد الموصي.

5479 - وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن معاوية بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل أوصى بجزء من ماله ، فقال : جزء من عشرة قال اللّه عزوجل : « ثم اجعل على كل جبل منهم جزءا » وكانت الجبال عشرة ».

5480 - وروى البزنطي ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل أوصى بجزء من ماله ، قال : سبع ثلثه » (1).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : كان أصحاب الأموال فيما مضى يجزؤن أموالهم فمنهم من يجعل أجزاء ماله عشرة ، ومنهم من يجعلها سبعة ، فعلى حسب رسم الرجل في ماله تمضى وصيته ، ومثل هذا لا يوصى به إلا من يعلم اللغة ويفهم عنه ، فأما جمهور الناس فلا تقع لهم الوصايا الا بالمعلوم الذي لا يحتاج إلى تفسير مبلغه. (2)

ص: 205


1- أي سبع ما يجوز له أن يوصي به من ماله ، وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 391 باسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل أوصى بجزء من ماله فقال : واحد من سبعة إن اللّه تعالى يقول : » لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم « - الحديث » وحمله على الاستحباب وخبر معاوية ابن عمار على الوجوب ، وذهب المحقق وجماعة إلى أن الجزء هو العشر استنادا إلى روايات العشر وهو مختار الكليني ظاهرا ، وذهب أكثر المتأخرين إلى أنه السبع استنادا إلى صحيحة البزنطي وغيرها حيث دلت عليه وعللت بقوله تعالى « لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ».
2- قال المولى المجلسي : لا محصل لكلام المؤلف وهو أعلم بما قال ، والحق أن هذه المعاني شرعية لا لغوية فان أهل اللغة يطلقون كل واحد من هذه الألفاظ مكان الآخر ، ومع قطع النظر عن الاخبار يكفي مسمى المال ولو كان جزءا من الف ألف إذا كان مما يقول ، واللّه يعلم - انتهى.

فإذا أوصى رجل بمال كثير ، أو نذر ان يتصدق بمال كثير فالكثير ثمانون وما زاد لقول اللّه تبارك وتعالى « لقد نصركم اللّه في مواطن كثيرة » وكانت ثمانين موطنا (1).

باب 591: الرجل يوصى بمال في سبيل اللّه

5481 - روى محمد بن عيسى بن عبيد ، عن الحسن بن راشد قال : « سألت أبا الحسن العسكري ( عليه السلام ) عن رجل أوصى بمال في سبيل اللّه ، فقال : سبيل اللّه شيعتنا » (2).

5482 - وروى محمد بن عيسى ، عن محمد بسليمان ، عن الحسين بن عمر قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : « إن رجلا أوصى إلى بشئ في سبيل اللّه ، فقال لي : اصرفه في الحج ، قال : قلت : أوصى إلى في السبيل؟ قال : اصرفه في الحج فانى لا أعلم سبيلا من سبله أفضل من الحج » (3).

ص: 206


1- تقدم في كتاب الايمان والنذور ما يدل بعمومه على ذلك ، وقال في المسالك : استشهاده بالمواطن الكثيرة المنصور فيها لا يقتضى انحصار الكثير فيه فقد ورد في القرآن « فئة كثيرة » « وذكرا كثيرا » ولم يحمل على ذلك.
2- لعل المراد ذلك في الوصية إذا كان الموصى من الشيعة فلا ينافي ذلك تفسير في سبيل اللّه في آية الزكاة بالجهاد ( مراد ) أقول : لعل ذلك مخصوص بزمان لا يكون الامر والامارة بأيديهم عليهم السلام.
3- يمكن الجمع بأن ذكر كل واحد من الحج وغيره ليس على وجه التخصيص بل من حيث أنه أحد المصارف فيتخير الوصي وإن كان بعضها أفضل كما يشعر به هذه الرواية.(سلطان)

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : هذان الحديثان متفقان وذلك أنه يصرف ما أوصى به في السبيل إلى رجل من الشيعة يحج به عنه فهو موافق للخبر الذي قال : « سبيل اللّه شيعتنا ».

باب 592: ضمان الوصي لما يغيره عما أوصى به الميت

5483 - روى محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي سعيد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال سئل عن رجل أوصى بحجة فجعلها وصيه في نسمة ، فقال : يغرمها وصيه ويجعلها فحجة كما أوصى به ، فان اللّه عزوجل يقول : « فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ».

5484 - وروى الحسن بن محبوب ، عن محمد بن مارد (1) قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل أوصى إلى رجل وأمره أن يعتق عنه نسمة بستمائة درهم من ثلثه ، فانطلق الوصي فأعطى الستمائة رجلا يحج بها عنه ، فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) أرى أن يغرم الوصي ستمائة درهم من ماله ويجعلها فيما أوصى به الميت في نسمة » (2).

5485 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن زيد النرسي ، عن علي بن مزيد (3) صاحب السابري قال : « أوصى إلي رجل بتركته وأمرني أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك فإذا شئ يسير لا يكفي للحج فسألت أبا حنيفة وفقهاء أهل الكوفة فقالوا : تصدق بها عنه ، فلما لقيت عبد اللّه بن الحسن في الطواف سألته فقلت إن رجلا من مواليكم من أهل الكوفة مات وأوصى بتركته إلي وأمرني أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك

ص: 207


1- محمد بن مارد التميمي عربي صميم كوفي ثقة عين وهو ختن محمد بن مسلم ، وله كتاب عنه الحسن بن محبوب كما في فهرست النجاشي.
2- يدل على الضمان ، والخبر رواه الكليني والشيخ في الصحيح.
3- في الكافي « علي بن فرقد » ولعله تصحيف وهو مجهول الحال بكلا العنوانين.

فلم يكف للحج ، فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا : تصدق بها عنه فتصدقت بها فما تقول؟ فقال : لي : هذا جعفر بن محمد في الحجر فأته فاسأله ، فدخلت الحجر فإذا أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) تحت الميزاب مقبل بوجهه إلى البيت يدعو ثم التفت فرآني فقال : ما حاجتك؟ قلت : رجل مات وأوصى بتركته أن أحج بها عنه فنظرت في ذلك فلم يكف للحج فسألت للحج فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا : تصدق بها ، فقال : ما صنعت قلت : تصدقت بها ، فقال : ضمنت إلا أن لا يكون يبلغ ما يحج به من مكة ، فإن كان لا يبلغ ما يحج به من مكة فليس عليك ضمان ، وإن كان يبلغ ما يحج به من مكة فأنت ضامن » (1).

باب 593: الوصية للأقرباء والموالي

5486 - روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في رجل أوصى بثلث ماله في أعمامه وأخواله ، فقال : لأعمامه الثلثان ولأخواله الثلث » (2).

5487 - وكتب سهل بن زياد الآدمي إلى أبى محمد ( عليه السلام ) « رجل له ولد ذكور

ص: 208


1- يدل على أنه مع الاطلاق الوصية ينصرف إلى الحج من البلد ، ومع التعذر من الميقات ، ومع القصور عنه أيضا يتصدق وهو أحد القولين وأظهرهما ، وقيل يرد إلى الوارث.(المرآة)
2- يدل على أن الاطلاق ينصرف إلى الميراث ، وقال في المسالك : اطلاق الوصية يقتضى التسوية ولا خلاف في ذلك الا فيما أوصى لأعمامه وأخواله فان المشهور فيه ذلك ، ولكن ذهب الشيخ وجماعة إلى أن للأعمام الثلثين ولأخواله الثلث استنادا إلى صحيحة زرارة عن الباقر عليه السلام وهي رواية مهجورة كما أشار إليه المحقق - رحمه اللّه - وفيه رواية أخرى ضعيفة تقتضي قسمة الوصية بين الأولاد الذكور والإناث على كتاب اللّه ، وهي مع ضعفها لم يعمل بها أحد.

وإناث فأقرب ضيعة أنها لولده ولم يذكر أنها بينهم على سهام اللّه وفرائضه ، الذكر الأنثى فيه سواء؟ فوقع ( عليه السلام ) : ينفذون وصية أبيهم على ما سمى ، فإن لم يكن سمى شيئا ردوها على كتاب اللّه عزوجل إن شاء اللّه » (1).

5488 - وكتب محمد بن الحسن الصفار (2) - رضي اللّه عنه - إلى أبي محمد الحسن ابن علي ( عليهما السلام ) رجل أوصى بثلث ماله في مواليه وموالياته (3) الذكر والأنثى فيه سواء؟ أو للذكر مثل حظ الأنثيين من الوصية؟ فوقع ( عليه السلام ) : جائز للميت ما أوصى به على ما أوصى به إن شاء اللّه تعالى ) (4).

باب 594: الوصية إلى مدرك وغير مدرك

5489 - روى محمد بن عيسى بن عبيد ، عن أخيه جعفر بن عيسى بن عبيد ، عن علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن رجل أوصى إلى امرأة وأشرك في الوصية معها صبيا ، فقال : يجوز ذلك وتمضي المرأة الوصية ولا تنظر بلوغ الصبي فإذا بلغ الصبي فليس له أن لا يرضى إلا ما كان من تبديل أو تغيير فان له أن يرده إلى ما أوصى به الميت » (5).

5490 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبى محمد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) « رجل أوصى إلى ولده وفيهم كبار قد أدركوا (6) وفيهم صغار أيجوز

ص: 209


1- هذه هي الرواية التي أشار إليه المحقق فيما تقدم.
2- رواه الكليني ج 7 ص 45 والشيخ في الصحيح.
3- في بعض النسخ « في مواليه وموالي أبيه ».
4- يدل بظاهره على التسوية ، ويمكن الفرق بأن الخبرين الأولين كانا في الوارث فينصرف فيهم إلى الميراث وفي غيره إلى ظاهر اللفظ وهو التسوية. ( م ت )
5- السند حسن كما في الكافي ويدل على جوار اشراك الصبي مع الوصية كما هو المشهور وقالوا بعدم جواز الوصية إلى الصبي منفردا. ( المرآة )
6- « كبار » بالكسر جمع الكبير فان كبار بضم الكاف مفرد.

للكبار أن ينفذوا الوصية ويقضوا دينه لمن صحح على الميت بشهود عدول (1) قبل أن يدرك الصغار؟ فوقع ( عليه السلام ) : على الأكابر من الولد أن يقضوا دين أبيهم ولا يحبسوه بذلك » (2).

باب 595: الموصى له يموت قبل الموصى أو قبل أن يقبض ما أوصى له به

5491 - روى عمرو بن سعيد المدائني ، عن محمد بن عمر الساباطي قال : « سألت أبا جعفر - يعنى الثاني - ( عليه السلام ) عن رجل أوصى إلى وأمرني أن أعطى عما له في كل سنة شيئا فمات العم فكتب ( عليه السلام ) : أعط ورثته » (3).

5492 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) قال « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في رجل أوصى لاخر والموصى له غائب فتوفى الذي أوصى له قبل الموصى ، قال : الوصية لوارث الذي أوصى له ، وقال ( عليه السلام ) : من أوصى لاحد شاهد أو غائب فتوفي الموصى له قبل الموصي فالوصية لوارث الذي أوصى له ، إلا أن يرجع في وصيته قبل أن يموت » (4).

ص: 210


1- أي ثبت دينه على الميت بشهود وظاهره لا يحتاج إلى القسم.
2- لا يخفى أن الجواب مخصوص بقضاء الدين ولا يفهم منه حكم الوصية ، وعمل الأصحاب بمضمون الخبرين ( المرآة ) والخبر كالسابق يدل على جواز تصرف الكبير قبل بلوغ الصغير وأنه في تلك الحال وصى منفردا وإنما التشريك بعد البلوغ فليس للكبير التفرد.
3- محمد بن عمر الساباطي مجهول وقوله « أعط ورثته » الظاهر ارجاع الضمير إلى الموصي له ، ويحتمل ارجاعه إلى الموصى ، ثم اعلم أن الروايات مجملة في كون موت الموصى له بعد القبول أو قبله والأصحاب فرضوا المسألة قبل القبول وهو أظهر. ( المرآة )
4- هذا هو المشهور بين الأصحاب ، وذهب جماعة إلى بطلان الوصية بموت الموصى له قبل القبول سواء مات في حياة الموصى أم بعد مماته ، وفصل بعض الأصحاب فخص البطلان بما إذا مات الموصى له قبل الموصى. ( سلطان )

5493 - وروى العباس بن عامر ، عن مثنى قال : « سألته عن رجل أوصى له بوصية فمات (1) قبل أن يقبضها ولم يترك عقبا ، قال اطلب له وارثا أو مولى فادفعها إليه ، قلت : فإن لم يعلم له ولى؟ قال : اجهد أن تقدر له على ولى فإن لم تجده وعلم اللّه عزوجل منك الجهد فتصدق بها » (2).

باب 596: الوصية بالعتق والصدقة والحج

5494 - روى محمد بن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال : أوصت إلي امرأة من أهل بيتي بمالها وأمرت أن يعتق عنها ويحج ويتصدق فلم يبلغ ذلك فسألت أبا حنيفة فقال : يجعل ذلك أثلاثا : ثلثا في الحج وثلثا في العتق وثلثا في الصدقة فدخلت على أبى عبد اللّه ( عليه السلام ) فقلت له : إن امرأة من أهلي ماتت وأوصت إلي بثلث مالها وأمرت أن يعتق عنها ويحج عنها ويتصدق عنها فنظرت فيه فلم يبلغ ، فقال عليه السلام : إبدأ بالحج فإنه فريضة من فرائض اللّه عزوجل واجعل ما بقي طائفة في العتق وطائفة في الصدقة (3) ، فأخبرت أبا حنيفة بقول أبى عبد اللّه ( عليه السلام ) فرجع عن قوله وقال بقول أبى عبد اللّه ( عليه السلام ).

5495 - وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن داود بن فرقد (4) قال : « سئل أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل كان في سفر ومعه جارية له وغلامان مملوكان فقال لهما : أنتما أحرار لوجه اللّه فاشهدا أن ما في بطن جاريتي هذه منى ، فولدت غلاما فلما قدموا على الورثة أنكروا ذلك واسترقوهم ، ثم إن الغلامين أعتقا بعد فشهدا

ص: 211


1- يشمل ما إذا مات قبل الموصى أو بعده ودلالته على الثاني أظهر.
2- في الخبر دلالة على جواز التصدق بالمال الذي لا يصل إلى مالكه. ( مسالك )
3- حاصله أن تحصيل الحج مقدم فان بقي شئ يصرف في الامرين الباقيين ، ولعل في تقديم العتق في الذكر ايماء إلى تقدمه ويجب أن يكون بحيث يبقى شئ للصدقة.
4- هو داود بن أبي يزيد الثقة كما في بعض النسخ فالسند موثق بابن فضال.

بعدما أعتقا أن موليهما الأول أشهدهما أن ما في بطن جاريته منه ، قال : تجوز شهادتهما للغلام ولا يسترقهما الغلام الذي شهدا له لأنهما أثبتا نسبه » (1).

5496 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي جميلة (2) ، عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل أوصى عند موته وقال : أعتق فلانا وفلانا وفلانا حتى ذكر خمسة فنظر في ثلثه فلم يبلغ ثلثه أثمان قيمة المماليك الخمسة الذين امر بعتقهم (3) قال : ينظر إلى الذين سماهم وبدأ بعتقهم فيقومون وينظر إلى ثلثه فيعتق منه أول شئ ذكر ثم الثاني والثالث ، ثم الرابع ، ثم الخامس ، فان عجز الثلث كان في الذي سمى آخرا لأنه أعتق بعد مبلغ الثلث بما لا يملك فلا يجوز له ذلك ».

5497 - وروى العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل حضره الموت فأعتق غلامه وأوصى بوصية فكان أكثر من الثلث ، قال يمضى عتق الغلام ويكون النقصان فيما بقي » (4).

5498 - وروى أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي همام إسماعيل بن همام عن أبي الحسن ( عليه السلام ) « في رجل أوصى عند موته بمال لذوي قرابته وأعتق مملوكا فكان جميع ما أوصى به يزيد على الثلث كيف يصنع في وصيته؟ فقال : يبدأ بالعتق فينفذ » (5).

ص: 212


1- أكثر الأصحاب أفتوا بظاهره ، واختلف في أن المنع من استرقاقهما هل هو على الحرمة أو الكراهة.
2- هو الفضل بن صالح وقال العلامة ضعيف كذاب يضع الحديث.
3- إضافة الأثمان إلى القيمة بيانية. ( مراد )
4- سنده صحيح وكذا في الكافي والتهذيب ، ويدل على أن المنجزات من الثلث وعلى تقديمها على الوصية.
5- السند صحيح كما في الكافي أيضا ، وقال الفاضل التفرشي : قوله : « يبدأ بالعتق فينفذ - الخ » لان الموصى به لا ينتقل إلى الموصى له بمجرد الوصية بل له أن يرجع عنها فلا يمنع العتق المنجز لأنه تصرف ناجز في ملكه من غير مانع للأصل فيكون صحيحا ، ولما كان في مرض الموت يحسب من الثلث فينتقل الوصية إلى ما بقي منه.

5499 - وروى النضر بن شعيب ، عن خالد بن ماد ، عن الجازي (1) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل توفى فترك جارية أعتق ثلثها فتزوجها الوصي قبل أن يقسم شئ من الميراث أنها تقوم وتستسعى هي وزوجها بقية ثمنها بعد ما تقوم فما أصاب المرأة من عتق أو رق جرى على ولدها » (2).

5500 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أحمد بن زياد (3) قال :  سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن الرجل تحضره الوفاة وله مماليك لخاصة نفسه ومماليك في الشركة مع رجل آخر فيوصي في وصيته مماليكي أحرار ما خلا مماليكي الذين في الشركة (4) ، فكتب عليه السلام : يقومون عليه إن كان ما له يحتمل (5) ثم هم

ص: 213


1- في كثير من النسخ « عن الحارثي » وفي الكافي ج 7 ص 20 عن النضر بن شعيب المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « وفي التهذيبين » عن النضر بن شعيب ، عن الحارثي عنه عليه السلام وكأن في الكافي سقطا أو تصحيفا والصواب ما في التهذيبين غير أن الحارثي تصحيف الجازي والمراد به عبد الغفار الجازي الثقة وروى عنه النضر تارة بلا واسطة وتارة بواسطة خالد بن ماد كما هو كثير في كتب الحديث.
2- يدل على الاستسعاء إذا تحرر منها شئ وعلى أن حكم وطي الشبهة حكم الصحيح وعلى أن المنجز من الثلث ، ويحمل على عدم خروج الأمة من الثلث ( م ت ) وقال العلامة المجلسي : لعله محمول على ما إذا لم يخلف سوى الجارية فلذا لا يسرى العتق فتستسعي في بقية ثمنها وتزوج الوصي اما لشبهة الإباحة أو باذن الورثة ، وعلى التقديرين الولد حر ويلزمه على الأول قيمة الأمة والولد وإنما يلزمه ههنا لتعلق الاستسعاء بها سابقا ، وبالجملة تطبيق الخبر على قواعد الأصحاب لا يخلو من الاشكال.
3- هو أحمد بن زياد الخزاز وكان واقفيا من أصحاب الكاظم عليه السلام.
4- في الكافي والتهذيب « ما حال مماليكه الذين في الشركة » والظاهر هو الصواب ولعل التصحيف في النساخ ، وقال المولى المجلسي : يمكن اصلاحه بأن يكون مراده عدم السراية في حصص الشركاء ويكون الجواب بأن العتق يسرى وان قصد خلافه.
5- الظاهر أن المراد بماله الثلث ولهذا عبر عنه بذلك والا لكان الأنسب قوله مع يساره ونحوه كما ورد في أخبار أخر في السراية.

أحرار (1).

5501 - وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن علي بن النعمان ، عن سويد القلاء ، عن أيوب بن الحر ، عن أبي بكر الحضرمي (2) عن عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قلت له : إن علقمة بن محمد أوصى أن أعتق عنه رقبة فأعتقت عنه امرأة أفتجزيه أو أعتق عنه من مالي؟ قال : يجزيه ، ثم قال : إن فاطمة أم ابني أوصت أن أعتق عنها رقبة ، فأعتقت عنها امرأة » (3).

5502 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل مات وأوصى أن يحج عنه ، قال : إن كان صرورة حج عنه من وسط الما (4) ، وإن كان غير صرورة فمن الثلث » (5).

5503 - و « قال في امرأة أوصت بمال في عتق وحج وصدقه فلم يبلغ ، قال : ابدأ بالحج فإنه مفروض فان بقي شئ فاجعل في الصدقة طائفة وفي العتق طائفة » (6).

5504 - وروى ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة قال : « سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن رجل أوصى بثلاثين دينارا يعتق بها رجل من أصحابنا فلم يوجد بذلك قال : يشترى

ص: 214


1- يدل - بناء على نسخة الكافي والتهذيب - على أنه إذا أوصى بعتق مماليكه يدخل فيها المختصة والمشتركة ويعتق نصيبه منها ، وأما تقويم حصة الشركاء عليه فقد قال به الشيخ في النهاية وتبعه بعض المتأخرين ونصره في المختلف ، وذهب أكثر المتأخرين إلى أنه لا يعتق منها الا حصة منها لضعف الرواية كما في المرآة.
2- السند حسن بأبي بكر الحضرمي والبقية ثقات.
3- يدل على جواز عتق الأنثى عن الرقبة الموصى بها ولا ريب فيه ( م ت ) كما ذكره الأصحاب. ( المرآة )
4- أي من أصله لامن ثلثه ، أو يخرج الوسط ممن يناسب حال الموصي أو الأعم. ( م ت )
5- يدل على أنه إذا أوصى بمال في الحج وغيره وكان عليه حجة الاسلام فهو يتعلق بذلك المال وإن كان من الأصل لو لم يكن أوصى به. ( م ت )
6- رواه الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار ، وتقدم الكلام فيه ص 211.

من الناس فيعتق » (1).

5505 - وروى علي بن أبي حمزة عنه ( عليه السلام ) أيضا أنه قال : « فليشتروا من عرض الناس ما لم يكن ناصبيا » (2).

5506 - وروى أبان بن عثمان ، عن محمد بن مروان ، عن الشيخ يعنى موسى ابن جعفر - عن أبيه ( عليهما السلام ) أنه قال : « إن أبا جعفر ( عليه السلام ) مات وترك ستين مملوكا فأعتق ثلثهم ، فأقرعت بينهم وأعتقت الثلث ».

5507 - وروى القاسم محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن محررة كان أعتقها أخي وقد كانت تخدم الجواري وكانت في عياله ، فأوصاني أن أنفق عليها من الوسط ، فقال : إن كانت مع الجواري وأقامت عليهم فأنفق عليها واتبع وصيته » (3).

5508 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن سماعة قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) » عن رجل أوصى أن يعتق عنه نسمة من ثلثه بخمسمائة درهم فاشترى الوصي نسمة بأقل من خمسمائة درهم وفضلت فضلة فما ترى في الفضلة؟ قال : تدفع إلى النسمة من قبل أن تعتق ، ثم تعتق عن الميت (4).

ص: 215


1- يدل على أنه إذا أوصى بعتق رقبة مؤمنة ولم توجد تجزى عنها غير المؤمن ، ويحمل على المستضعف. ( م ت )
2- رواه الكليني ج 7 ص 18 هكذا قال : « سألت عبدا صالحا عليه السلام عن رجل هلك فأوصى بعتق نسمة مسلمة بثلاثين دينارا فلم يوجد له بالذي سمى ، قال : ما أرى لهم أن يزيدوا على الذي سمى ، قلت : فإن لم يجدوا؟ قال : فليشتروا من عرض الناس ما لم يكن ناصبا » والظاهر أن ذلك مع اليأس.
3- لعله محمول على ما إذا دلت القرائن على الاشتراط ، وعلى ما إذا وفي الثلث بمجموع الانفاق. ( المرآة )
4- قال في المسالك : الرواية مع ضعف سندها بسماعة تدل على أجزاء الناقصة وان أمكنت المطابقة لأنه لم يستفضل فيها هل كانت المطابقة ممكنة أم لا الا أن الأصحاب نزلوها على تعذر الشراء بالقدر ، ولا بأس بذلك مع اليأس من العمل بمقتضى الوصية لوجوب تنفيذها بحسب الامكان واعطاء النسمة الزائدة صرف له في وجوه البر - انتهى ، وقال المولى المجلسي : يحمل على أنه لا يوجد بقيمة ما وصى والا أنه يضمن بالمخالفة كما تقدم.

باب 597: الوصية للمكاتب وأم الولد

5509 - روى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :  « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في مكاتب كانت تحته امرأة حرة ، فأوصت له عند موتها بوصية ، فقال أهل الميراث : لا تجوز وصيتها له إنه مكا تب لم يعتق ، فقضى ( عليه السلام ) : أنه يرث بحساب ما أعتق منه ، ويجوز له من الوصية بحساب ما أعتق منه. وقضى عليه السلام في مكاتب أوصى له بوصية وقد قضى نصف ما عليه فأجاز له نصف الوصية. وقضى في مكاتب قضى ربع ما عليه فأوصى له بوصية فأجاز له ربع الوصية. وقال عليه السلام في رجل أوصى لمكاتبته وقد قضت سدس ما كان عليها فأجاز لها بحساب ما أعتق منها » (1).

5510 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل كانت له أم ولد وله منها غلام ، فلما حضرته الوفاة أوصى لها بألفي درهم أو بأكثر ، للورثة أن يسترقوها؟ فقال : لابل تعتق من ثلث الميت وتعطى ما أوصى لها به » (2).

ص: 216


1- رواه الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح عن عاصم بن حميد ، ويدل على أنه ينفذ من وصيته بمقدار ما أعتق منه. ( م ت ) أقول : فيهما « أوصى لمكاتبة ».
2- في التهذيب والكافي بعد ذكر الخبر « وفي كتاب العباس تعتق من نصيب ابنها وتعطى من ثلاثة ما أوصى به » وقال الشهيد في المسالك : لا خلاف في صحة وصية الانسان لام ولده ولا في أنها تعتق من نصيب ولدها إذا مات سيدها ولم يوص لها بشئ ، وأما إذا أوصى لها بشئ هل تعتق منه أو من نصيب ولدها وتعطى الوصية على تقدير وفاء نصيب ولدها بقيمتها قولان معتبران ، واستدل على القول الثاني برواية أبي عبيدة ولا يخفى أن الاستدلال بمجرد وجوده في كتاب العباس لا يتم وان صح السند ، ورواية أبي عبيدة مشكلة على ظاهرها لأنها إذا أعطيت الوصية لا وجه لعتقها من ثلاثة لأنها تعتق حينئذ من نصيب ولدها وربما حملت على ما لو كان نصيب ولدها بقدر الثلث ، أو على ما إذا أعتقها المولى وأوصى لها بوصية وكلاهما بعيدان الا أن الحكم فيها باعطائها الوصية كاف في المطلوب وعتقها حينئذ من نصيب ولدها يستفاد من دليل خارج.

5511 - وروى [ عن ] أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : نسخت من كتاب بخط أبى الحسن ( عليه السلام ) « فلان مولاك توفى ابن أخ له فترك أم ولد له ليس لها ولد وأوصى لها بألف درهم هل تجوز الوصية ، وهل يقع عليها عتق ، وما حالها ، رأيك  - فدتك نفسي - في ذلك؟ فكتب ( عليه السلام : ) تعتق من الثلث ولها الوصية » (1).

باب 598: الرجل يوصى لرجل بسيف أو صند أو سفينة

5512 - روى أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جميلة ، عن الرضا ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل أوصى لرجل بسيف وكان في جفن وعليه حلية فقال له الورثة : إنما لك النصل وليس لك السيف ، فقال : لا بل السيف بما فيه له ، قال : قلت له : رجل أوصى بصندوق لرجل وكان فيه مال فقال الورثة : إنما لك الصندوق وليس لك المال فقال : الصندوق بما فيه له ».

5513 - وروى محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد اللّه بن هلال ، عن عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل قال : هذه السفينة لفلان ولم يسم ما فيها وفيها طعام أيعطيها الرجل وما فيها؟ قال : هي للذي أوصى له بها إلا أن يكون صاحبها استثنى ما فيها وليس للورثة شئ » (2).

ص: 217


1- قوله « تعتق من الثلث » لعل المعنى أنها تعتق من الوصية إلى الثلث كما ذهب إليه بعض الأصحاب. وفي الكافي والتهذيب « تعتق في الثلث ولها الوصية ».
2- في الشرايع لو أوصى بسيف معين وهو في جفن - بكسر الجيم : غمد السيف - دخل الجفن والحلية في الوصية ، وكذا لو أوصى بصندوق وفيه ثياب ، أو سفينة وفيها متاع أو جراب وفيه قماش. وان الوعاء وما فيه دخل في الوصية ، وفيه قول آخر بعيد وقال في المسالك : القول بدخول جميع ما ذكر في الوصية هو المشهور بين المتقدمين والمتأخرين والروايات الواردة فيها ضعيفة السند الا أن العرف شاهد بذلك.

باب 599: فيمن لم يوص وله ورثة فيقسم بينهم أو يباع عليهم

5514 - روى زرعة ، عن سماعة قال : « سألته (1) عن رجل مات وله بنون بنات صغار وكبار من غير وصية وله خدم ومماليك وعقد (2) كيف يصنع الورثة بقسمة ذلك الميراث؟ قال : إن قام رجل ثقة قاسمهم ذلك كله فلا بأس » (3).

5515 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب قال : سألت أبا الحسن موسى ( عليه السلام ) عن رجل بيني وبينه قرابة مات وترك أولادا صغارا وترك مماليك له غلمانا وجواري ولم يوص فما ترى فيمن يشترى منهم الجارية فيتخذها أم ولد؟ وما ترى في بيعهم؟ فقال : إن كان لهم ولى يقوم بأمرهم باع عليهم ، ونظر لهم كان مأجورا فيهم ، قلت : فما ترى فيمن يشترى منهم الجارية فيتخذها أم ولد؟ قال : لا بأس بذلك إذا باع عليهم القيم لهم ، الناظر فيما يصلحهم ، وليس لهم أن يرجعوا عما صنع القيم لهم ، الناظر فيما يصلحهم ) (4).

باب 600: الرجل يوصى بوصية فينساها الوصي ولا يحفظ منها الا بابا واحدا

5516 - روى محمد بن الحسن الصفار رضي اللّه عنه عن سهل بن زياد ، عن

ص: 218


1- يعني أبا عبد اللّه عليه السلام كما هو مذكور في الكافي
2- العقدة : الضيعة جمعها عقد ، وفي بعض النسخ « عقر » وهو من العقار.
3- يدل على جواز تصرف الثقة في مال اليتيم. ( م ت )
4- يدل على جواز تصرف الولي والقيم في مال الطفل وسند الخبر صحيح ، ولكن في الكافي ضعيف على المشهور.

محمد بن ريان قال : « كتبت إليه يعنى علي بن محمد ( عليهما السلام ) أسأله عن إنسان أوصى بوصية فلم يحفظ الوصي إلا بابا واحدا منها كيف يصنع في الباقي؟ فوقع ( عليه السلام ) : الأبواب الباقية اجعله في البر » (1).

باب 601: الوصي يشترى من مال الميت شيئا إذا بيع فيمن زاد

5517 - روى محمد بن أحمد بن يحيى ، عن الحسين بن إبراهيم الهمداني قال : « كتبت مع محمد بن يحيى هل للوصي أن يشترى شيئا من مال الميت إذا بيع فيمن زاد (2) يزيد ويأخذ لنفسه؟ فقال : يجوز إذا اشترى صحيحا » (3).

باب 602: اخراج الرجل ابنه من الميراث لاتيانه أم ولد لأبيه

5518 - روى الحسن بن علي الوشاء ، عن محمد بن يحيى ، عن وصى علي بن السرى قال : قلت لأبي الحسن ( عليه السلام ) : « إن علي بن السرى توفى وأوصى إلي ، فقال : رحمه اللّه ، قلت : وإن ابنه جعفرا وقع على أم ولد له فأمرني أن أخرجه من الميراث ، فقال لي : أخرجه إن كنت صادقا ، فسيصيبه خبل (4) قال : فرجعت فقد منى إلى أبى يوسف القاضي فقال له : أصلحك اللّه أنا جعفر بن علي بن السرى وهذا وصى أبى فمره أن يدفع إلى ميراثي من أبى ، فقال لي : ما تقول؟ فقلت : نعم هذا جعفر بن علي بن السرى وأنا وصى علي بن السرى ، قال : فادفع إليه ما له ، فقلت

ص: 219


1- جعلها في وجوه البر هو المشهور بين الأصحاب ، وذهب ابن إدريس إلى أنه يعود ميراثا.
2- يعنى إذا بيع بالمزايدة. والسند مجهول كما في الكافي والتهذيب.
3- لعل المراد به رعاية الغبطة ، ولا محذور في أن يكون الموجب والقابل واحدا لان التغاير الاعتباري كاف.
4- الخبل - محركة - فساد العقل لحزن يعتري الانسان ، وأيضا فساد الأعضاء والفالج.

له : أريد أن أكلمك ، قال فادن منى فدنوت حيث لا يسمع أحد كلامي فقلت له هذا وقع على أم ولد لأبيه فأمرني أبوه وأوصى إلي أن أخرجه من الميراث ولا أورثه شيئا ، فأتيت موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) بالمدينة فأخبرته وسألته فأمرني أن أخرجه من الميراث ولا أورثه شيئا فقال : اللّه إن أبا الحسن أمرك؟ فقلت : نعم فاستحلفني ثلاثا ثم قال لي : أنفذ ما أمرك فالقول قوله ، قال الوصي : فأصابه الخبل بعد ذلك ، قال أبو محمد الحسن بن علي الوشاء : رأيته بعد ذلك » (1).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : ومتى أوصى الرجل بإخراج ابنه من الميراث ولم يحدث هذا الحدث لم يجز للوصي إنفاذ وصيته في ذلك وتصديق ذلك :

5519 - ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد العزيز بن المهتدي ، عن سعد بن سعد قال : سألته - يعنى أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) - عن رجل كان له ابن يدعيه فنفاه وأخرجه من الميراث وأنا وصيه فكيف أصنع؟ فقال ( عليه السلام ) : لزمه الولد لاقراره بالمشهد ، لا يدفعه الوصي عن شئ قد علمه.

باب 603: انقطاع يتم اليتيم

5520 - روى منصور بن حازم ، عن هشام عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « انقطاع يتم اليتيم الاحتلام وهو أشده ، وإن احتلم ولم يؤنس منه رشده وكان سفيها أو ضعيفا فليمسك عنه وليه ماله » (2).

5521 - وروى ابن أبي عمير ، عن مثنى بن راشد عن أبي بصير عن أبي - عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن يتيم قد قرأ القرآن وليس بعقله بأس ، وله مال على

ص: 220


1- زاد في الكافي « وقد أصابه الخبل » وهذا الحكم مقصور على هذه القضية ولا يتعدى به إلى غيرها ، وحمل على أنه عليه السلام كان عالما بانتفاء الولد منه واقعا فحكم بذلك والا فاخرا الوارث عن الميراث مخالف للكتاب والسنة.
2- سند الخبر حسن كالصحيح ، ورواه الكليني ج 7 ص 68 في الصحيح.

يدي رجل فأراد الذي عنده المال أن يعمل به حتى يحتلم ويدفع إليه ماله ، قال : وإن احتلم ولم يكن له عقل لم يدفع إليه شئ أبدا » (1).

5522 - وروى الحسن بن علي الوشاء ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا بلغ الغلام أشده ثلاث عشرة سنة ودخل في الأربع عشرة سنة وجب عليه ما وجب على المحتلمين احتلم أو لم يحتلم ، وكتبت عليه السيئات ، و كتبت له الحسنات وجاز له كل شئ الا أن يكون ضعيفا أو سفيها » (2).

5523 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن اليتيمة متى يدفع إليها مالها؟ قال : إذا علمت أنها لا تفسد ولا تضيع ، فسألته إن كانت قد تزوجت؟ فقال : إذا تزوجت فقد انقطع ملك الوصي عنها » (3).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : يعنى بذلك إذا بلغت تسع سنين.

5524 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « لا يدخل بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين أو عشر » (4).

5525 - وقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « إذا بلغت الجارية تسع سنين دفع إليها مالها وجاز أمرها في مالها وأقيمت الحدود التامة لها وعليها » (5)

ص: 221


1- رواه الكليني والشيخ في القوى ، وقوله « أن يعمل به » أي بمال اليتيم.
2- المشهور أن بلوغ الصبي بتمام خمس عشرة سنة وقيل بتمام أربع عشرة ، وليس في هذا الخبر التصريح بالبلوغ ، وحمل الوجوب على أنه يجب على الولي تمرينه وهو بعيد عن اللفظ وتقدم في كتاب الصوم الكلام فيه راجع ص 122 من المجلد الثاني.
3- رواه الشيخ في الصحيح والكليني في الموثق.
4- رواه الكليني في القوى ج 5 ص 398.
5- لم أجده مسندا ، وفي حديث حمران عن أبي جعفر عليه السلام « أن الجارية ليست مثل الغلام ، ان الجارية إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم ودفع إليها مالها وجاز أمرها في الشراء والبيع وأقيمت عليها الحدود التامة وأخذ لها بها - الخ ».

5526 - وقد روي عن الصادق ( عليه السلام ) أنه « سئل عن قول اللّه عزوجل : « فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم » قال : إيناس الرشد حفظ المال » (1).

5527 - وفى رواية محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد اللّه بن المغيرة عمن ذكره عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « أنه قال في تفسير هذه الآية إذا رأيتموهم يحبون آل محمد ( عليهم السلام ) فارفعوهم درجة ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : هذا الحديث غير مخالف لما تقدم وذلك أنه إذا أونس منه الرشد وهو حفظ المال دفع إليه ماله وكذلك إذا أونس منه الرشد في قبول الحق اختبر به ، وقد تنزل الآية في شئ وتجرى في غيره.

باب 604: ما جاء فيمن يمتنع من أخذ ماله بعد البلوغ

5528 - روى أحمد بن محمد بن عيسى ، عن سعد بن إسماعيل ، عن أبيه قال : « سألت الرضا ( عليه السلام ) عن وصى أيتام يدرك أيتامه فيعرض عليهم أن يأخذوا الذي لهم فيأبون عليه كيف يصنع؟ قال : يرد عليهم ويكرههم عليه ».

باب 605: الوصي يمنع الوارث ماله بعد البلوغ فيزني لعجزه عن التزويج

5529 - روى محمد بن يعقوب الكليني - رضى اللّه - عنه عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن قيس (2) ، عمن رواه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : في رجل مات وأوصى إلى رجل وله ابن صغير فأدرك الغلام وذهب إلى الوصي فقال له : رد علي مالي لأتزوج فأبى عليه فذهب حتى زنى ، قال : يلزم ثلثي إثم زنا هذا الرجل

ص: 222


1- روى العياشي في تفسيره ج 1 ص 221 عن يونس بن يعقوب مثله.
2- كذا في النسخ « وفي الكافي » محمد بن عيسى « مكان » محمد بن قيس وهو الصواب والتصحيف من النساخ.

ذلك الوصي الذي منعه المال ولم يعطه فكان يتزوج.

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : ما وجدت هذا الحديث إلا في كتاب محمد بن يعقوب ، وما رويته إلا من طريقه حدثني به غير واحد منهم محمد بن محمد بن عصام الكليني - رضى اللّه - عنه عن محمد بن يعقوب.

باب 606: ما جاء فيمن أوصى أو أعتق وعليه دين

5530 - روى محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن زكريا بن أبي يحيى السعدي (1) ، عن الحكم بن عتيبة قال : « كنا على باب أبى جعفر ( عليه السلام ) ونحن جماعة ننتظر أن يخرج إذ جاءت امرأة فقالت : أيكم أبو جعفر؟ فقال لها القوم ما تريدين منه؟ قالت : أسأله عن مسألة فقالوا لها : هذا فقيه أهل العراق فاسأليه فقالت : إن زوجي مات وترك ألف درهم وكان لي عليه دين من صداقي خمسمائة درهم فأخذت صداقي وأخذت ميراثي ثم جاء رجل فادعى عليه ألف درهم فشهدت له قال الحكم : فبينا أنا أحسب إذ خرج أبو جعفر ( عليه السلام ) فقال : ما هذا الذي أراك تحرك به أصابعك يا حكم؟ فقلت : إن هذه المرأة ذكرت أن زوجها مات وترك ألف درهم وكان لها عليه من صداقها خمسمائة درهم فأخذت منه صداقها وأخذت [ منه ] ميراثها ثم جاء رجل فادعى عليه ألف درهم فشهدت له قال الحكم : فواللّه ما أتممت الكلام حتى قال : أقرت بثلثي ما في يديها ولا ميراث لها [ قال الحكم : ] فما رأيت واللّه أفهم من أبى - جعفر ( عليه السلام ) قط ».

قال ابن أبي عمير : وتفسير ذلك أنه لا ميراث حتى يقضى الدين ، وإنما ترك ألف درهم وعليه من الدين ألف وخمسمائة درهم لها وللرجل فلها ثلث الألف لان لها خمسمائة درهم وللرجل ألف درهم فله ثلثاها.

ص: 223


1- في الكافي ج 7 ص 24 « عن زكريا بن يحيى الشعيري » وفي ص 167 « عن زكريا بن يحيى ، عن الشعيري » والظاهر أن الصواب زكريا بن يحيى الشعيري.

5531 - وروى ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل أعتق مملوكه عند موته وعليه دين ، فقال : إن كان قيمته مثل الذي عليه ومثله جاز عتقه وإلا لم يجز »(1).

5532 - وفي رواية أبان بن عثمان قال : « سأل رجل أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل أوصى إلى رجل ان عليه دينا (2) فقال : يقضى الرجل ما عليه من دينه ويقسم ما بقي بين الورثة ، قلت : فيفرق الوصي ، (3) ما كان أوصى به في الدين ، ممن (4) يؤخذ الدين أمن الورثة أم من الوصي ، فقال : لا يؤخذ من الورثة ولكن الوصي ضامن له » (5).

ص: 224


1- قال في المسالك : إذا أوصى بعتق مملوكه تبرعا أو أعتقه منجزا - على أن المنجزات من الثلث - وعليه دين فإن كان الدين يحيط بالتركة بطل العتق والوصية به ، وان فضل منها عن الدين فضل وان قل صرف ثلث الفاضل في الوصايا فيعتق من العبد بحساب ما يبقى من الثلث ويسعى في باقي قيمته ، هذا هو الذي تقتضيه القواعد ولكن وردت روايات صحيحة في أنه يعتبر قيمة العبد الذي أعتق في مرض الموت فإن كان بقدر الدين مرتين أعتق العبد وسعى في خمسة أسداس قيمته لان نصفه حينئذ ينصرف إلى الدين فيبطل فيه العتق ويبقى منه ثلاثة أسداس ، ، للعتق منها سدس هو ثلث التركة بعد الدين ، وللورثة سدسان ، وان كانت قيمة العبد أقل من قدر الدين مرتين بطل العتق فيه أجمع ، وقد عمل بمضمونها المحقق وجماعة ، والشيخ وجماعة عدوا الحكم من منطوق الرواية إلى الوصية بالعتق في المكاتب ، واقتصر المحقق على الحكم في المنجز ، وأكثر المتأخرين ردوا الرواية لمخالفتها لغيرها من الروايات الصحيحة ولعله أولى.
2- في الكافي « وعليه دين ».
3- في بعض النسخ « فرق الوصي » وقال الفاضل التفرشي : أي ما كان الميت أوصى بأن يصرف في الدين قد فرقه الوصي في غير الدين ، أقول : في التهذيبين والكافي « فسرق ما كان أوصى به من الدين » وهو الأصوب.
4- ابتداء الاستفهام.
5- حمل على ما إذا فرط في ايصاله الغرماء ، ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « قال في رجل توفي فأوصى إلى رجل وعلى الرجل المتوفي دين فعمد الذي أوصى إليه فعزل الذي للغرماء فرفعه في بيته وقسم الذي بقي بين الورثة ، فيسرق الذي للغرماء من الليل ، ممن يؤخذ؟ قال : هو ضامن حين عزله في بيته يؤدى من ماله ». وعلى نسخة فيفرق الوصي ما كان أوصى به لا يحتاج إلى التكلف لكنه تصحيف. ( المرآة )

باب 607: براءة ذمة الميت من الدين بضمان من يضمنه للغرماء برضاهم

5533 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في الرجل يموت وعليه دين فيضمنه ضامن للغرماء ، قال : إذا رضى الغرماء فقد برئت ذمة الميت » (1).

باب 608: المبيع إذا كان قائما بعينه ومات المشترى وعليه دين وثمن المبيع

5534 - روى محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل باع متاعا من رجل فقبض المشترى المتاع ولم يدفع الثمن ، ثم مات المشترى والمتاع قائم بعينه ، فقال : إذا كان المتاع قائما بعينه رد إلى صاحب المتاع وليس للغرماء أن يخاصموه » (2).

باب 609: قضاء الدين من الدية

5535 - روى صفوان بن يحيى الأزرق (3) عن أبي الحسن ( عليه السلام ) « في الرجل

ص: 225


1- يدل على اشتراط رضا المضمون له دون المضمون عنه كما هو المشهور ، وقيل بعدمه.
2- المشهور أن غرماء الميت سواء في التركة الا أن يترك مثل ما عليه فصاعدا ، فيجوز لصاحب العين أخذها ، وخالف فيه ابن الجنيد فحكم بالاختصاص مطلقا وان لم يكن وفت التركة بالدين كما هو المشهور في الحي المفلس ، فهذه الرواية محمولة اما على صورة كون التركة مثل ما عليه فصاعدا على المشهور ، أو مطلقا على مذهب ابن الجنيد. ( سلطان )
3- فيه سقط أو صحف « عن » بابن والصواب كما في الكافي « عن صفوان بن يحيى ، عن يحيى الأزرق » والظاهر أنه يحيى بن عبد الرحمن الثقة.

يقتل وعليه دين ولم يترك مالا فأخذ أهله الدية من قاتله عليهم أن يقضوا دينه؟ قال : نعم ، قلت : وهو لم يترك شيئا ، قال : إنما أخذوا ديته ، فعليهم أن يقضوا دينه » (1).

باب 610: كراهية الوصية إلى المرأة

5536 - روى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهما السلام ) قال : « قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : المرأة لا يوصى إليها لان اللّه عزوجل يقول : ولا تؤتوا السفهاء أموالكم » (2).

5537 - وفي خبر آخر « سئل أبو جعفر ( عليه السلام ) عن قول اللّه عزوجل » ولا تؤتوا السفهاء أموالكم « قال : لا تؤتوها شارب الخمر ولا النساء ، ثم قال : وأي سفيه أسفه من شارب الخمر » (3).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : إنما يعنى كراهة اختيار المرأة للوصية ، فمن أوصى إليها لزمها القيام بالوصية على ما تؤمر به ويوصى إليها فيه إن شاء اللّه تعالى.

باب 611: ما يجب على وصي الوصي من القيام بالوصية

5538 - كتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبى محمد الحسن بن

ص: 226


1- يدل على أن الدية في حكم مال الميت يقضى منها ديونه ووصاياه ، وظاهره يشمل العمد والخطأ ، ورواه الشيخ أيضا في الصحيح عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الحميد بن سعيد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. ( م ت )
2- السند ضعيف ، وحمل على الكراهة كما فهمه المصنف لما تقدم في خبر علي بن يقطين تحت رقم 5486 وغيره جوازها.
3- روى العياشي ج 1 ص 220 من تفسيره عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الآية » ولا تؤتوا السفهاء أموالكم « قال : كل من يشرب الخمر فهو سفيه ».

على ( عليهما السلام ) « رجل كان وصي رجل فمات وأوصى إلى رجل آخر هل يلزم الوصي وصية الرجل الذي كان هذا وصيه؟ فكتب ( عليه السلام ) : يلزمه بحقه إن كان له قبله حق إن شاء اللّه » (1).

باب 612: الرجل يوصى من ماله بشئ لرجل ثم يقتل خطأ

5539 - روى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس قال : قلت له : « رجل أوصى لرجل بوصية من ماله ثلث أو أربع فيقتل الرجل خطأ يعنى الموصي (2)؟ فقال : تجاز لهذا الوصية من ماله ومن ديته » (3).

5540 - وفي خبر آخر : « سئل أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل أوصى بثلث ماله ثم قتل خطأ ، قال : ثلث ديته داخل في وصيته » (4).

باب 613: الرجل يوصي إلى رجل بولده ومال لهم وإذ له عند الوصية أن يعمل بالمال والربح بينه وبينهم

5541 - روى محمد بن يعقوب الكليني - رضي اللّه عنه - قال : حدثني أحمد ابن محمد العاصمي ، عن علي بن الحسن الميثمي ، عن الحسن بن علي بن يوسف ، عن مثنى بن الوليد ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه سئل عن رجل أوصى

ص: 227


1- الظاهر أن المراد به أنه إذا كان على الموصى حقوق واجبة وأوصى إليه فلم يخرج يجوز أن يوصى لاخراجها ، وحمله بعض الأصحاب على أن الموصى رخص له في الوصية وفسر الخبر به ، وهو محتمل ، والأحوط أن يستأذن الفقيه في ذلك ، ولو استأذن معه الورثة كان غاية الاحتياط. ( م ت )
2- السؤال لتوهم عدم دخول ديته في ماله حين أوصى.
3- يعني للموصى له ثلث ماله وديته أو ربعها على حسب الوصية.
4- رواه الكليني ج 7 ص 11 باسناده المعروف عن السكوني ، وبه أفتى الأصحاب.

إلى رجل بولده ومال لهم وأذن له عند الوصية أن يعمل بالمال ويكون الربح بينه وبينهم ، فقال : لا بأس به من أجل أن أباه قد أذن له في ذلك وهو حي.

5539 - وروى ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن خالد الطويل قال دعاني أبى حين حضرته الوفاة فقال : « يا بنى اقبض مال إخوتك الصغار واعمل به وخذ نصف الربح وأعطهم النصف ، وليس عليك ضمان فقدمتني أم ولد أبى بعد وفاة أبى إلى ابن أبي ليلى ، فقالت : إن هذا يأكل أموال ولدى ، قال : فقصصت عليه ما أمرني به أبى ، فقال ابن أبي ليلى : إن كان أبوك أمرك بالباطل لم اجزه ثم أشهد على ابن أبي ليلى إن أنا حركته فانا له ضامن ، فدخلت على أبى عبد اللّه ( عليه السلام ) بعد فاقتصصت عليه قصتي ، ثم قلت له : ما ترى؟ فقال : أما قول ابن أبي ليلى فلا أستطيع رده ، وأما فيما بينك وبين اللّه عزوجل فليس عليك ضمان » (1)

باب 614: اقرار المريض للوارث بدين

5543 - روى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن إسماعيل بن جابر قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل أقر لوارث له وهو مريض بدين عليه ، فقال :

ص: 228


1- قال في المسالك : جواز الوصية بالمضاربة هو المشهور بين الأصحاب ومستندهم رواية خالد الطويل ورواية محمد بن مسلم ( يعنى الخبر السابق ) ومقتضاها كون الأولاد صغارا والمحقق وأكثر الجماعة أطلقوا الصحة في الورثة الشامل للمكلفين ، ويشمل اطلاقهم واطلاق الروايتين ما إذا كان الربح بقدر أجرة المثل أو الزائد بقدر الثلث أو أكثر من حيث إنه عليه السلام ترك الاستفصال وهو دليل العموم عند جميع الأصوليين ، وذهب ابن إدريس إلى أن الصحة مشروطة بكون المال بقدر الثلث فما دون ، وذهب بعض المتأخرين إلى أن المحاباة في الحصة من الربح بالنسبة إلى أجرة المثل محسوبة من الثلث ولكل منهما وجه والذي يختار في هذه المسألة أن الوارث إن كان مولى عليه من الموصى كالولد الصغير فالوصية بالمضاربة بماله صحيحة مطلقا ويصح ما دام مولى عليه صغيرا فإذا كمل كان له فسخ المضاربة ولافرق بين زيادة الحصة عن أجرة المثل وعدمها ، ولا بين كون المال بقدر الثلث وأزيد ، ولابين كون الربح بقدر الثلث وأزيد إن كان يصح للوارث مطلقا لكن له فسخها.

يجوز إذا كان الذي أقر به دون الثلث » (1).

5544 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قلت له : « الرجل يقر لوارث بدين عليه ، فقال : يجوز إذا كان مليا » (2).

5545 - وروى صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أوصى لبعض ورثته بان له عليه دينا ، فقال : إن كان الميت مرضيا فأعطه الذي أوصى له » (3).

5546 - وروى علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن العلاء بياع السابري قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن امرأة استودعت رجلا مالا فلما حضرها الموت قالت له : إن المال الذي دفعته إليك لفلانة ، وماتت المرأة فأتى أولياؤها الرجل وقالوا : إنه كان لصاحبتنا مال لا نراه إلا عندك ، فاحلف لنا ما قبلك شئ أفيحلف لهم ، فقال : إن كانت مأمونة عنده فليحلف وإن كانت متهمة فلا يحلف ويضع الامر على ما كان ، فإنما لها من مالها ثلثه ». (4)

ص: 229


1- في الكافي « يجوز عليه إذا أقر به دون الثلث » وقال العلامة المجلسي : ظاهره اعتبار قصوره عن الثلث ولم يقل به أحد ، الا أن يكون « دون » بمعنى « عنده » ، أو يكون المراد به الثلث وما دون ويكون الاكتفاء بالثاني مبنيا على الغالب لان الغالب اما زيادته عن الثلث أو نقصانه وكونه بقدر الثلث من غير زيادة ونقص نادر.
2- الملئ : الغنى وقال العلامة المجلسي أي الوارث الذي أقر له وملاءته قرينة صدقة ، أو المقر ويكون المراد الصدق والأمانة مجازا ، وفي الثلث وما دونه بأن يبقى ملاء ته بعد الاقرار بالثلثين وهو الظاهر مما فهمه الأصحاب ، واختلف الأصحاب - رضوان اللّه عليهم - في اقرار المريض إذا مات في مرضه فقيل ينفذ من الأصل مطلقا ، وقيده جماعة منهم الشيخان والمحقق بل أكثر الأصحاب بما إذا لم يكن متهما والا متهما والا فمن الثلث ، وذهب المحقق في النافع إلى أن الاقرار للأجنبي من الأصل مع عدم التهمة ، والاقرار للوارث من الثلث مع عدمها أيضا ، وقوى العلامة في التذكرة اعتبار العدالة في المريض وجعلها هي الدافعة للتهمة ولعله أخذ من رواية ابن حازم الآتية.
3- قوله « مرضيا » أي غير متهم.
4- يعني بالتهمة أن يظن به ارادته الاضرار بالورثة وان لا يبقى لهم شئ. ( الوافي )

باب 615: اقرار بعض الورثة بعتق أو دين

5547 - روى يونس بن عبد الرحمن ، عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل مات وترك عبدا فشهد بعض ولده أن أباه أعتقه ، فقال : تجوز عليه شهادته ولا يغرم ، ويستسعى الغلام فيما كان لغيره من الورثة » (1).

5548 - وروى ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، وحسين بن عثمان ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل مات فأقر بعض ورثته لرجل بدين فقال : يلزمه ذلك في حصته ».

5549 - وفي حديث آخر : ( أنه إذا شهد اثنان من الورثة وكانا عدلين أجيز ذلك على الورثة ، وإن لم يكونا عدلين الزما ذلك في حصتهما (2).

باب 616: الرجل يموت وعليه دين وله عيال

5550 - روى ابن أبي نصر البزنطي باسناده (3) أنه « سئل عن رجل يموت ويترك عيالا وعليه دين فينفق عليهم من ماله؟ قال : إن استيقن أن الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم ، وإن لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال » (4).

ص: 230


1- لعله محمول على طريقة الأصحاب على ما إذا رضى الورثة بالاستسعاء ، قال المحقق في الشرايع : إذا شهد بعض الورثة بعتق مملوك لهم مضى العتق في نصيبه فان شهد آخر وكانا مرضيين نفذ العتق فيه كله والا مضى في نصيبهما ولا يكلف أحدهما شراء الباقي. ( المرآة )
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 379 في الضعيف في ضمن حديث ولفظه « ان أقر اثنان من الورثة - الخ ».
3- رواه الكليني في المرسل كالصحيح ج 7 ص 43 ، ونحوه في الصحيح عن عبد - الرحمن بن الحجاج.
4- أي من أصل المال دون الثلث ، وقيل بالمعروف من غير اسراف وتقتير ، وهو بعيد. ( المرآة )

باب 617: نوادر الوصايا

5551 - روى محمد بن يعقوب الكليني - رضي اللّه عنه - عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن عبد اللّه بن جبلة وغيره ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « أعتق أبو جعفر ( عليه السلام ) من غلمانه عند موته شرارهم وأمسك خيارهم ، فقلت له : يا أبة تعتق هؤلاء وتمسك هؤلاء فقال : إنهم قد أصابوا منى ضربا فيكون هذا بهذا ».

5552 - وروى الحسن بن علي الوشاء ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « مرض علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ثلاث مرضات في كلمرضة يوصي بوصية ، فإذا أفاق أمضى وصيته ».

5553 - وروى ابن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عما يقول الناس في الوصية بالثلث والربع عند موته أشئ صحيح معروف ، أم كيف صنع أبوك؟ فقال : الثلث ذلك الذي صنع أبى عليه السلام » (1).

5554 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن سلمى مولاة ولد أبى عبد اللّه ( عليه السلام ) (2) قالت : « كنت عند أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) حين حضرته الوفاة فأغمي عليه فلما أفاق قال : أعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسين - وهو الا فطس - (3) سبعين دينارا ، قلت : أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة (4)؟ فقال : ويحك أما تقرئين

ص: 231


1- رواه الكليني في الصحيح ، وفعله (عليه السلام) ذلك لبيان الجواز أو الورثة كانوا راضين والا فالأولى الاكتفاء بالربع والخمس كما تقدم.
2- هكذا في التهذيب أيضا ، وفي الكافي ج 7 ص 55 « سالمة مولاة أبي عبد اللّه (عليه السلام) ».
3- الأفطس في كتب الأنساب لقب أحد ابنيه الحسين بن الحسن أو عبد اللّه بن الحسن.
4- الشفرة - بالفتح - : السكين العظيم. وفي الكافي « قال ابن محبوب في حديثه : حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك ».

القرآن؟ قلت : بلى ، قال : أما سمعت قول اللّه عزوجل : والذين يصلون ما أمر اللّه به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ».

5555 - وروى ابن أبي عمير ، عن عمار بن مروان قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : « إن أبى حضره الموت فقلت له : أوص ، فقال : هذا ابني يعنى عمر - فما صنع فهو جائز فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : فقد أوصى أبوك وأوجز ، قال : قلت : فإنه أمر وأوصى لك بكذا وكذا ، فقال : أجز (1) ، قلت : فأوصى بنسمة مؤمنة عارفة ، فلما أعتقناها بان أنها لغير رشدة (2) فقال : قد أجزأت عنه إنما مثل ذلك مثل رجل اشترى أضحية على أنها سمينة فوجدها مهزولة فقد أجزأت عنه ».

5556 - وروى عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن الحسن بن مالك قال : « كتبت إليه يعنى علي بن محمد ( عليهما السلام ) - رجل مات وجعل كل شئ في حياته لك ، ولم يكن له ولد ، ثم إنه أصاب بعد ذلك ولدا ومبلغ ماله ثلاثة آلاف درهم وقد بعثت إليك بألف درهم ، فإن رأيت جعلني اللّه فداك أن تعلمني رأيك لاعمل به؟ فكتب ( عليه السلام ) : أطلق لهم » (3).

5557 - وروى محمد بن يعقوب الكليني رضي اللّه عنه - عن محمد بن يحيى عن محمد بن عيسى بن عبيد قال : كتبت إلى علي بن محمد ( عليهما السلام ) رجل جعل لك - جعلني اللّه فداك - شيئا من ماله ، ثم احتاج إليه أيأخذه لنفسه أو يبعث به إليك؟ فقال : هو بالخيار في ذلك ما لم يخرجه عيده ولو وصل إلينا لرأينا أن نواسيه به وقد احتاج إليه (4) ،

ص: 232


1- أي امض الوصية كما أوصى.
2- أي ولدت من غير نكاح شرعي ، يقال : هذا ولد رشدة - بكسر الراء - إذا كان لنكاح صحيح كما يقال في ضده ولد زنية - بالكسر أيضا - كما في النهاية.
3- قال العلامة المجلسي : لو كان جعل ماله له (عليه السلام) بالوصية فاطلاق الثلثين لعدم تنفيذ الورثة أو لكونهم أيتاما ولو كان بالهبة فاما تبرعا أو لعدم تحقق الاقباض.
4- لم أجده في مظانه في الكافي ولعله في كتابه « رسائل الأئمة » ومن المأسوف عليه فقدان نسخة هذا الكتاب ، والسند صحيح وقيل : يدل على أنه ما لم يقبض العطايا يجوز له الرجوع والموصى بالخيار في الرجوع إلى أن يموت.

قال : وكتب إليه رجل أوصى لك - جعلني اللّه فداك - بشئ معلوم من ماله وأوصى لأقربائه من قبل أبيه وأمه ثم إنه غير الوصية فحرم من أعطى ، وأعطى من حرم أيجوز له ذلك؟ فكتب ( عليه السلام : ) هو بالخيار في جميع ذلك إلى أن يأتيه الموت.

5558 - وروى محمد بن عيسى العبيدي ، عن الحسن بن راشد (1) قال : « سألت العسكري ( عليه السلام ) عن رجل أوصى بثلثه بعد موته فقال : ثلثي بعد موتى بين موالي وموالياتي ، ولأبيه موال يدخلون موالي أبيه في وصيته بما يسمون مواليه أم لا يدخلون؟ فكتب ( عليه السلام ) : لا يدخلون » (2).

5559 - وروى محمد بن أحمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن عيسى ، عن محمد بن محمد (3) قال : « كتب علي بن بلال إلى أبى الحسن - يعنى علي بن محمد ( عليهما السلام ) يهودي مات وأوصى لديانه بشئ (4) أقدر على أخذه هل يجوز أن آخذه فأدفعه إلى مواليك أو أنفذه فيما أوصى به اليهودي؟ فكتب ( عليه السلام ) : أوصله إلى وعرفنيه لانفذه فيما ينبغي إن شاء اللّه تعالى » (5).

5560 - وروى السكوني باسناده قال : « قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في رجل أقر عند موته فقال لفلان وفلان لأحدهما عندي ألف درهم ثم مات على تلك الحال فقال : أيهما أقام البينة فله المال فإن لم يقم أحد منهما البينة فالمال بينهما نصفان » (6).

ص: 233


1- هو الحسن بن راشد أبو علي البغدادي مولى آل مهلب ثقة من أصحاب أبي جعفر الجواد عليه السلام وبهذه القرينة يكون المراد بالعسكري أبا الحسن علي بن محمد الهادي عليهما السلام.
2- يدل على أن المولى ينصرف إلى مولاه لا إلى مولى أبيه وان أطلق عليه فهو على المجاز والاطلاق منصرف إلى الحقيقة. ( م ت )
3- هو محمد بن محمد بن يحيى أبو علي العلوي جليل من أهل نيشابور.
4- أي لأهل دينه وملته أو المتدين منهم.
5- حمله في التهذيبين على انفاذه في الديان لأنه (عليه السلام) أعلم بكيفية القسمة فيهم ووضعه مواضعه ( الوافي ) أقول : قوله « عرفنيه » أي من بين الأموال التي ترسله إلى.
6- قال المولى المجلسي : هذا من الصلح الاجباري.

5561 - وروى علي بن مهزيار ، عن أحمد بن حمزة قال : قلت له : (1) « إن في بلدنا ربما أوصي بالمال لآل محمد فيأتوني به فأكره أن أحمله إليك حتى أستأمرك ، فقال : لا تأتني به ولا تعرض له » (2).

5562 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « أوصى رجل بثلاثين دينارا لولد فاطمة ( عليها السلام ) قال : فأتى بها الرجل أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : ادفعها إلى فلان شيخ من ولد فاطمة ( عليها السلام ) وكان معيلا مقلا فقال له الرجل : إنما أوصى بها الرجل لولد فاطمة ، فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : إنها لا تقع من ولد فاطمة ( عليها السلام ) وهي تقع من هذا الرجل وله عيال » (3).

5563 - وروى ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن بريد بن معاوية عن أبي - عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قلت له : إن رجلا أوصى إلي فسألته أن يشرك معي ذا قرابة له ففعل ، وذكر الذي أوصى إلي أن له قبل الذي أشركه في الوصية خمسين ومائة درهم وعنده رهن بهاجام من فضه فلما هلك الرجل أنشأ الوصي يدعى أن له قبله أكرار حنطة ، قال : إن أقام البينة وإلا فلا شئ له ، قال : قلت له : أيحل له أن يأخذ مما في يده شيئا؟ قال : لا يحل له ، قلت : أرأيت لو أن رجلا اعتدى عليه فأخذ. ماله فقدر على أن يأخذ من ماله ما أخذ أيحل ذلك له؟ فقال : إن هذا ليس مثل هذا ) (4).

ص: 234


1- أحمد بن حمزة هذا هو ابن اليسع القمي ، كان من أصحاب أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ثقة ثقة. « جش »
2- النهي اما للتقية أو عدم أهلية الراوي للوكالة وإن كان ثقة في الرواية. ( م ت )
3- أي لا يسهم جميعا ، ولا يمكن توزيعها وايصالها إلى جميعهم ، واعطاؤها بعضهم يكفي.
4- السند موثق كما في الكافي ، وفي الشرايع « لو كان للوصي دين على الميت جاز أن يستوفي مما في يده من غير اذن حاكم إذا لم يكن له حجة وقيل يجوز مطلقا » وقال في المسالك : القول الأول للشيخ في النهاية ، ويمكن الاستدلال له بموثقة بريد بن معاوية ، والقول الثاني لابن إدريس وهو الأقوى ، والجواب عن الرواية مع قطع النظر عن سندها أنها مفروضة في استيفاء أحد الوصيين على الاجتماع بدون اذن الآخر ونحن نقول بموجبه ليس له الاستيفاء بدون الاذن كباقي التصرفات وليس للآخر تمكينه منه بدون اثباته ، والكلام منافي الوصي المستقل وقد نبه عليه في آخر الرواية بأن هذا ليس مثل هذا ، أي هذا يأخذ باطلاع الوصي الآخر وليس له تمكينه بمجرد الدعوى بخلاف من يأخذ على جهة المقاصة حيث لا يطلع عليه أحد.

5564 - وروى محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن عن عبد اللّه بن حبيب (1) ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قالك « سألته عن رجل كانت له عندي دنانير وكان مريضا فقال لي : إن حدث بي حدث فأعط فلانا عشرين دينارا واعط أختي بقية الدنانير ، فمات ولم اشهد موته ، فأتى رجل مسلم صادق فقال لي : إنه أمرني أن أقول لك : انظر إلى الدنانير التي أمرتك أن تدفعها إلى أختي فتصدق منها بعشرة دنانير اقسمها في المسلمين ، ولم تعلم أخته أن عندي شيئا؟ فقال : أرى أن تصدق منها بعشرة دنانير كما قال » (2).

5565 - وروى محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في قول اللّه عزوجل » الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين « قال : هو شئ جعله اللّه عزوجل لصاحب هذا الامر (3) ، قلت : فهل لذلك حد؟ قال : نعم ، قال : قلت : وما

ص: 235


1- في الكافي ج 7 ص 64 والتهذيب « عن عبد اللّه بن جبلة » وهو الصواب لان عبد اللّه ابن حبيب من أصحاب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وعبد اللّه بن جبلة ثقة من أصحاب الكاظم (عليه السلام) ، ولعل التصحيف من النساخ.
2- في الكافي مكان الأخت الأخ ، وقال العلامة المجلسي : العمل بخبر العدل الواحد في مثل ذلك لا يخلو من اشكال الا أن يحمل على حصول العلم بالقرائن المتضمنة إلى اخباره ويمكن أن يقال : إنما حكم (عليه السلام) بذلك في الواقعة المخصوصة لعلمه بها.
3- لعل المراد للوالدين والأقربين إذا كانوا أصحاب هذا الامر أي المعرفة ( مراد ) وقال الفيض - رحمه اللّه - بعد نقله في باب صلة الامام من كتاب الخمس : لعل معناه أن المراد بالوالدين النبي والوصي كما ورد « أنا وأنت يا علي أبوا هذه الأمة » وبالأقربين سائر الأئمة عليهم السلام لأنهم ذووا قرباهم وهم أقرب إليه من غيرهم فيصير معنى الآية أن على تارك الخير أن يوص لصاحب زمانه منهم كان من كان.

هو؟ قال : أدنى ما يكون ثلث الثلث ».

5566 - وروى يونس بن عبد الرحمن ، عن داود بن النعمان ، عن الفضيل مولى أبي عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « أشهد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) على وصيته إلى علي عليه السلام أربعة من عظماء الملائكة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وآخر لم أحفظ اسمه » (1).

5567 - وروى محمد بن يعقوب الكليني - رضي اللّه عنه - عن حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن سليمان بن داود ، عن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : قلت : له : « إن رجلا من مواليك مات وترك ولدا صغارا وترك شيئا وعليه دين وليس يعلم به الغرماء ، فإن قضى لغرمائه بقي ولده ليس لهم شئ فقال : أنفقه على ولده » (2).

5568 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم قال : « سألته عن الرجل يدبر مملوكه أله أن يرجع فيه ، فقال : نعم هو بمنزلة الوصية » (3).

ص: 236


1- « لم أحفظ اسمه » من كلام الراوي.
2- سند هذا الخبر ضعيف بعلي بن أبي حمزة وما دل عليه مخالف لخبر البزنطي و ابن الحجاج المتقدم ذكرهما ص 230 وقال الشيخ في التهذيب بعد تضعيفه السند : لا يجوز العدول إلى هذا الخبر من الخبرين المتقدمين لان خبر عبد الرحمن بن الحجاج مسند موافق للأصول كلها ، وذلك أنه لا يصح أن ينفق على الورثة الا مما ورثوه ، وليس لهم ميراث إذا كان هناك دين على حال لان اللّه تعالى قال : « من بعد وصية يوصى بها أو دين » فشرط في صحة الميراث أن يكون بعد الدين - انتهى ، وقال الفاضل التفرشي : لعل هذا الحكم محمول على خصوص الواقعة كأن يكون (عليه السلام) يعرف الغرماء بأعيانهم ويعلم أن عندهم من الزكاة فيجعل تلك الديون في زكاتهم حيث أن الامام أولى بالمؤمنين من أنفسهم أو يعلم أن عليهم الخمس فيجعلها في خمسهم من حصته (عليه السلام) ويتصدق هو عليهم إلى غير ذلك - انتهى ، وقال العلامة المجلسي : يمكن حمل الخبر على أنه (عليه السلام) كان عالما بأنه لا حق لأرباب الديون في خصوص تلك الواقعة ، أو أنهم نواصب فاذن له التصرف في مالهم ، أو على أنهم كانوا بمعرض الضياع والتلف فكان يلزم الانفاق عليهم من أي مال تيسر.
3- يدل على جواز الرجوع في الوصية والتدبير ما دام حيا.

5569 - وروى علي بن الحكم ، عن زياد بن أبي الحلال قال : سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) هل أوصى إلى الحسن والحسين ( عليهما السلام ) مع أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال نعم ، قلت : وهما في ذلك السن؟ قال : نعم ولا يكون لسواهما في أقل من خمس سنين ).

باب 618: الوقف والصدقة والنحل

الوقف والصدقة والنحل (1)

5570 - كتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبى محمد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) « في الوقوف وما روى فيها عن آبائه ( عليهم السلام ) ، فوقع ( عليه السلام ) : الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها إن شاء اللّه تعالى ».

5571 - وروى محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن علي بن مهزيار ، عن أبي الحسين (2) قال : « كتبت إلى أبى الحسن الثالث ( عليه السلام ) : أنى وقفت أرضا على ولدى وفي حج ووجوه بر ولك فيه حق بعدي ولمن بعدك وقد أزلتها عن ذلك المجرى ، فقال : أنت في حل وموسع لك » (3).

5572 - وروى علي بن مهزيار قال : قلت له (4) : « روى بعض مواليك عن آبائك ( عليهم السلام ) أن كل وقف إلى وقف معلوم (5) فهو واجب على الورثة ، وكل وقف

ص: 237


1- النحل - بالضم - مصدر قولك نحلته من العطية أنحله نحلا.
2- الظاهر أنه أبو الحسن بن هلال الثقة ، كان من أصحاب أبي الحسن الثالث (عليه السلام).
3- محمول على ما إذا كانت الإزالة قبل الاقباض وتمامية الوقف إذ حينئذ لم يلزم و يجوز التصرف بالملكية ( مراد ) وقال المولى المجلسي : يمكن أن يكون التغيير للتقية لما أدخله (عليه السلام) في الموقوف عليهم ، أو لعدم القبض ، أو لعدم شرط من شروط الوقف ، والأول أظهر.
4- أي قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام) كما هو في الكافي ج 7 ص 36.
5- أي يكون مؤبدا أو موقتا بوقت معلوم فيكون حبسا ( م ت ) ، « فهو واجب على الورثة » أي يجب انفاذه إلى ذلك الوقت ، وينبغي تقييده بما إذا خرج ما يصل إلى الموقوف عليه بعد موت الواقف عن ثلاثة لان مثله يرجع إلى الوصية ، يدل عليه رواية خالد بن نافع في الباب الآتي ( مراد ) وقال الشيخ : معنى الوقت المعلوم ذكر الموقوف عليه دون الأجل وقال : كان هذا تعارفا بينهم فان الوقف متى لم يكن مؤبدا لم يكن صحيحا.

إلى غير وقت جهل مجهول باطل مردود على الورثة (1) ، وأنت أعلم بقول آبائك عليك وعليهم السلام ، فكتب ( عليه السلام ) : هو هكذا عندي » (2).

5573 - وروى محمد بن أحمد بن يحيى ، عن العبيدي ، عن علي بن سليمان بن رشيد قال : « كتبت إليه (3) : جعلت فداك ليس لي ولد ولى ضياع ورثتها عن أبي وبعضها استفدتها ولا آمن من الحدثان فإن لم يكن لي ولد وحدث بي حدث فما ترى جعلت فداك أن أقف بعضها على فقراء إخواني والمستضعفين ، أو أبيعها وأتصدق بثمنها في حياتي عليهم؟ فإني أتخوف أن لا ينفذ الوقف بعد موتى ، فإن وقفتها في حياتي فلي أن آكل منها أيام حياتي أم لا؟ فكتب ( عليه السلام ) : فهمت كتابك في أمر ضياعك وليس لك أن تأكل منها (4) ولا من الصدقة ، فان أنت أكلت منها لم ينفذ ، إن كان لك ورثة فبع وتصدق ببعض ثمنها في حياتك فإن تصدقت أمسكت لنفسك ما يقوتك مثل ما صنع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) » (5).

ص: 238


1- في الكافي والتهذيب « جهل مجهول وهو باطل مردود ».
2- إن كان مراد الراوي التفسير فتركه لمصلحة تكون كثيرا ما في المكاتيب ، وإن كان مراده السؤال عن صحة الخبر فالجواب ظاهر.
3- زاد في الكافي والتهذيب « يعنى أبا الحسن عليه السلام ».
4- اعلم أن المقطوع به في كلام الأصحاب اشتراط اخراج نفسه في صحة الوقف ، فلو وقف على نفسه بطل ، وكذا لو شرط لأداء ديونه أو الادرار على نفسه الا أن يوقف على قبيل فصار منهم كالفقراء ، فالمشهور حينئذ جواز الاخذ منه ، ومنع ابن إدريس منه مطلقا ، وهذا الخبر يدل على الحكم في الجملة وان احتمل أن يكون عدم النفوذ لعدم الاقباض لان الاكل منها يدل عليه. ( المرآة )
5- يدل على أنه إذا خاف أن لا يصرف الوقف في مصرفه فالتصدق بالمال أفضل. ( م ت )

5574 - وروى محمد بن عيسى العبيدي قال : « كتب أحمد بن حمزة إلى أبى الحسن عليه السلام مدبر وقف ثم مات صاحبه وعليه دين لا يفي بماله ، فكتب ( عليه السلام ) : يباع وقفه في الدين » (1).

5575 - وروى محمد بن أحمد ، عن عمر بن علي بن عمر ، عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال : « كتبت إليه ( عليه السلام ) : ميت أوصى بأن يجرى على رجل ما بقي من ثلثه ولم يأمر بإنفاذ ثلثه (2) هل للوصي أن يوقف ثلث الميت بسبب الاجراء؟ (3) فكتب ( عليه السلام ) : ينفذ ثلثه ولا يوقف » (4).

5576 - وروى صفوان بن يحيى عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : « سألته عن الرجل يوقف الضيعة ثم يبدو له أن يحدث في ذلك شيئا ، فقال : إن كان أوقفها لولد أو لغيرهم (5) ثم جعل لها قيما لم يكن له أن يرجع ، وإن كانوا صغارا وقد شرط ولايتها لهم حتى يبلغوا فيحوزها لهم (6) لم يكن له أن يرجع فيها [ وإن كانوا كبارا ولم يسلمها إليهم

ص: 239


1- قوله « مدبر وقف » بالمجهول مجاز على حبس خدمته مدة معينة كما يجيئ في مكاتبة علي بن معبد. ( مراد )
2- قوله « ما بقي » أي الرجل حيا. و « من ثلاثة » أي ينفذ من الثلث ما دام الثلث باقيا ، فان مات قبل التمام كان الباقي للورثة. « ولم يأمر بانفاذ ثلثه » أي لم يوص بأن يعطي الثلث أو لم يوص بأن يجرى عليه الثلث فإنه لو أوصى كذلك كان الباقي لورثته. ( م ت )
3- أي يجعله وقفا بسبب الاجراء أي حتى يجرى عليه من حاصله.
4- لأنه ضرر على الورثة ولم يوص الميت بأن يوقف. وقال بعض الشراح : لعل المراد أن الميت أوصى بالاجراء على الموصى له من الثلث ولم يأمر باعطاء الثلث والاجراء يشمل الايقاف فهل يجوز حينئذ ايقاف الثلث؟ فكتب عليه السلام بالاعطاء ونهاه عن الايقاف واللّه أعلم.
5- في الكافي والتهذيب « أوقفها لولده ولغيرهم ».
6- « ولايتها لهم » أي شرط ولاية الضيعة لأجل الصغار بأن يكون تصرفه فيها من جانب الصغار ( مراد ) وقال العلامة المجلسي : اختلف الأصحاب في أنه هل يشترط نية القبض من الولي أم يكفي كونه في يده ، والأشهر الثاني ، والخبر ظاهرا يدل على الأول الا أن يقرء « شرط » على بناء المجهول أي شرط اللّه وشرع ولايته ، ثم اعلم أنه لا خلاف في الاكتفاء بقبض الأب والجد له مع النية ، وفي الوصي خلاف. وفي بعض النسخ « حتى يجوزوها » من التجويز أي يجبره الأولاد على القبض ولم يسلمها إليهم بالاختيار ولا ولاية له عليهم حتى يكفي قبضة عنهم فله الرجوع.

ولم يخاصموا حتى يحوزها عنه فله أن يرجع فيها ] (1) لا نهم لا يحوزونها عنه وقد بلغوا.

5577 - وروى محمد بن علي بن محبوب ، عن موسى بن جعفر البغدادي ، عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي (2) قال : « كتبت إلى أبى جعفر الثاني ( عليه السلام ) أسأله عن أرض أوقفها جدي على المحتاجين من ولد فلان بن فلان الرجل الذي يجمع القبيلة وهم كثير متفرقون في البلاد ، وفي ولد الواقف حاجة شديدة فسألوني أن أخصهم بها دون سائر ولد الرجل الذي يجمع القبيلة ، فأجاب ( عليه السلام ) : ذكرت الأرض التي أوقفها جدك على فقراء ولد فلان وهي لمن حضر البلد الذي فيه الوقف وليس لك أن تبتغى من كان غائبا » (3).

5578 - وروى العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار قال : « كتبت إلى أبى جعفر ( عليه السلام ) أن فلانا ابتاع ضيعة فوقفها وجعل لك في الوقف الخمس ويسأل عن رأيك في بيع حصتك من الأرض أو يقومها على نفسه بما اشتراها به أو يدعها موقوفة؟

ص: 240


1- ما بين القوسين ليس في بعض النسخ وهو موجود في الكافي والتهذيب.
2- موسى بن جعفر البغدادي له كتاب وفي فهرست الشيخ عنه محمد بن أحمد بن يحيى وعدم استثنائه من رجال روى عنهم محمد بن أحمد بن يحيى ينبئ عن حسن حاله ، واللّه أعلم ( جامع الرواة ) وعلي بن محمد بن سليمان حاله مجهول. والخبر رواه الكليني ج 7 ص 38 عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن موسى بن جعفر ، عن علي بن محمد بن سليمان مع اختلاف في اللفظ.
3- ما تضمنه الخبر من أنه إذا وقف على قبيلة فلا يجب اعطاء من كان خارجا عن البلد هو المشهور بين الأصحاب في الوقف على غير المنحصر لكن قالوا بجواز التتبع في غير البلد أيضا ، ثم اختلفوا فيمن يوجد منهم في البلد هل يجب الاستيعاب أم لا ، والأحوط الاستيعاب.

فكتب إلي ( عليه السلام ) : أعلم فلانا أنى آمره ببيع حصتي (1) من الضيعة وإيصال ثمن ذلك إلي وأن ذلك رأيي إن شاء اللّه أو يقومها على نفسه إن كان ذلك أرفق به. قال : وكتبت إليه أن الرجل ذكر أن بين من وقف هذه الضيعة عليهم اختلافا شديدا وأنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم (2) فإن كان ترى أن يبيع هذا الوقف ويدفع إلى كل إنسان منهم ما كان وقف له من ذلك أمرته ، فكتب ( عليه السلام ) بخطه إلى : أعلمه أن رأيي إن كان قد علم اختلاف ما بين أصحاب الوقف وأن بيع الوقف أمثل (3) فليبع فإنه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال والنفوس ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : هذا وقف كان عليهم دوم من بعدهم ولو كان عليهم وعلى أولادهم ما تناسلوا ومن بعد على فقراء المسلمين إلى أن يرث اللّه

ص: 241


1- في الكافي « أني آمره ببيع حقي ». وقال العلامة المجلسي : يحتمل أن يكون هذا الخمس حقه عليه السلام وقد كان أوقفه السائل فضولا فلما لم ينفذه عليه السلام بطل ، و أيضا لا يصح وقف مال الانسان على نفسه فلذا أمره عليه السلام ببيعه ، ويحتمل أن يكون من مال السائل ولما لم يحصل القبض بعد لم يقبله عليه السلام وقفا حتى يحصل القبض بل رده ثم بعد ابطال الوقف أمره ببيع حصته هدية وفي الأخير كلام - انتهى ، وقال الفاضل التفرشي : ظاهره أنه ملك الإمام عليه السلام خمس الضيعة الموقوفة فلذا جوز بيعها.
2- تفاقم الامر إذا عظم. ( الصحاح )
3- قال العلامة المجلسي : يخطر بالبال أنه يمكن حمل الخبر على ما إذا لم يقبض الضيعة الموقوفة ولم يدفعها إليهم ، وحاصل السؤال أنه يعلم أنه إذا دفعها إليهم يحصل بينهم الاختلاف وتشتد لحصول الاختلاف قبل الدفع بينهم بسبب الضيعة أو لأمر آخر أيدعها موقوفة ويدفعها إليهم أو يرجع من الوقف لعدم لزومه بعد ويدفع إليهم ثمنها أيهما أفضل؟ فكتب عليه السلام البيع أفضل لمكان الاختلاف المؤدى إلى تلف النفوس والأموال ، فظهر أنه ليس بصريح في جواز بيع الوقف كما فهمه القوم واضطروا إلى العمل به مع مخالفته لأصولهم والقرينة عليه أن أول الخبر أيضا محمول على ذلك كما عرفت.

الأرض ومن عليها لم يجز بيعه أبدا (1) فجعنا بمفاجأة الاجل لاستاذنا الفقيد السعيد ، بطل العلم والعمل والتقى ، جامع المعقول والمنقول الميرزا أبو الحسن الشعراني - رحمه اللّه - الذي كاد أن لا يسمح الدهر بمثله ، فقد لبى دعوة ربه ليلة الاحد لسبع خلون من شهر شوال المكرم سنة 1393 ودفن في مقبرة في بستان بجوار روضة سيدنا عبدالعظيم بن عبداللّه الحسنى عليه السلام بالرى ، راجع ترجمته بقلمه (رحمه اللّه) في مقدمة المجلد الأول من كتاب الوافي للفيض القاشاني طبع المكتبة الاسلامية بطهران.(2).

5579 - وروى محمد بن عيسى ، عن أبي علي بن راشد قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام فقلت : جعلت فداك اشتريت أرضا إلى جنبي بألف درهم ، فلما وفرت المال خبرت أن الأرض وقف ، فقال : لا يجوز شراء الوقف ولا تدخل الغلة في مالك ادفعها إلى من وقفت عليه ، قلت : لا أعرف لها ربا ، قال : تصدق بغلتها » (3).

5580 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن جعفر بن حنان (4) قال « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل وقف غلة له على قرابة له من أبيه وقرابة من أمه

ص: 242


1- قال استاذنا الشعراني - رضوان اللّه تعالى عليه -
2- ويحتمل أن الوقف لم يكن تماما بالقبض فتردد الواقف بين أن يعطيهم عين الضيعة وقفا أو ينقضه ويبيعه ثمنها واستصلح الإمام عليه السلام فرأى له الثاني ، وهذا من إفادات فخر المحققين في الايضاح وهو قريب جدا فيسقط الاستدلال به على بيع شئ من الوقف ، وما ذكروه في دفع الاحتمال غير خال عن التكلف ، وبالجملة فبيع الوقف على خلاف القاعدة ولا يذهب إليه الا بدليل لا يحتمل في الظاهر غير جواز البيع بعد تمام الوقف وهو غير موجود.
3- سند الخبر صحيح ويدل على عدم جواز بيع الوقف ووجوب دفعه إلى الموقوف عليه ومع عدم المعرفة يتصدق بحاصلها إلى أن يتحقق عنده المصرف ( م ت ) وقال العلامة المجلسي : لعل الأوفق بأصول الأصحاب التعريف ثم التخيير بين التصدق والضمان أو الضمان والوصية به الا أن يخص الوقف بهذا الحكم ، والفرق بينه وبين غيره ظاهر فالعدول عن النص الصحيح غير موجه.
4- في بعض النسخ « جعفر بن حيان » كما في الكافي وهو واقفي ولم يوثق بل هو مجهول الحال.

وأوصى لرجل ولعقبه من تلك الغلة ليس بينه وبينه قرابة بثلاثمائة درهم كل سنة ويقسم الباقي على قرابته من أبيه وأمه ، قال جائز للذي أوصى له بذلك ، قلت : أرأيت إن لم يخرج من غلة الأرض التي وقفها إلا خمسمائة درهم ، فقال : أو ليس في وصيته أن يعطى الذي أوصى له من الغلة بثلاثمائة درهم ويقسم الباقي على قرابته من أبيه وأمه قلت : نعم ، قال : ليس لقرابته أن يأخذوا من الغلة شيئا حتى يوفوا الموصى له ثلاثمائة درهم ، ثم لهم ما بقي بعد ذلك ، قلت : أرأيت إن مات الذي أوصى له ، قال : إن مات كانت الثلاثمائة درهم لورثته يتوارثونها ما بقي أحد منهم (1) فإذا انقطع ورثته ولم يبق منهم أحد كانت الثلاثمائة درهم لقرابة الميت (2) ترد إلى ما يخرج من الوقف ثم يقسم بينهم يتوارثون ذلك ما بقي [ منهم أحد ] وبقيت الغلة ، قلت : فللورثة من قرابة الميت أن يبيعوا الأرض إذا احتاجوا إليها ولم يكفهم ما يخرج من الغلة؟ قال : نعم إذا رضوا كلهم وكان البيع خيرا لهم باعوا ». (3)

ص: 243


1- قوله « لورثته » يدل على أن المراد بالعقب الوارث أعم من أن يكون ولدا أو غيره. ( م ت )
2- أي يرجع إلى قرابة الميت وقفا بشرائطه لان الميت وقفها واخرج منها شيئا وجعل الباقي بين الورثة ، فإذا انقطع القريب كان لهم ولا يخرج عن الوقف ، ويحتمل عوده إلى الملك. ( م ت )
3- يحمل جواز البيع على بيع تلك الحصة لكنها غير معينة المقدار لاختلافها باختلاف السنين في القيمة ، ويمكن حمل ما ورد في جواز البيع على الوقف الذي لم يكن لله تعالى وما ورد بعدم الجواز على ما نوى القربة فيه وبه يجمع بين الاخبار ويشهد عليه شواهد منها ( م ت ) وقال استاذنا الشعراني - رحمه اللّه - : الحديث يدل على جواز بيع الوقف عند الحاجة وكون البيع أنفع ، وأفتى به جماعة من العلماء كالسيد في الانتصار وابن زهرة في الغنية وادعى الاجماع عليه ، ولا بأس به في الوقف على بطن واحد دون من بعدهم وقد توهم دلالة الحديث على جواز البيع مع كونه أنفع مطلقا وان لم يكن لأصحاب الوقف حاجة وهذا توهم فاسد إذ لا يدل الحديث على الجواز مع الحاجة ، وتمام الكلام في الفقه - انتهى وقال في المسالك : القول بجواز البيع في الجملة للأكثر ومستنده صحيحة ابن مهزيار ، ومن فهم هذه الرواية اختلفت أقوال المجوزين فمنهم من شرط في جواز بيعه حصول الامرين وهما الاختلاف وخوف الخراب ، ومنهم من اكتفى بأحدهما ، والأقوى العمل بما دلت عليه ظاهرا من جواز بيعه إذا حصل بين أربابه خلف شديد ، وأن خوف الخراب مع ذلك أو منفردا ليس بشرط لعدم دلالة الرواية عليه ، وأما مجوز بيعه مع كون بيعه أنفع للموقوف عليهم وان لم يكن خلف فاستند فيه إلى رواية جعفر بن حنان ومال إلى العمل بمضمونها من المتأخرين الشهيد في شرح الارشاد والشيخ على ، مع أن في طريقهما ابن حنان وهو مجهول ، فالعمل بخبره فيما خالف الأصل والاجماع في غاية الضعف.

5581 - وروى العباس بن معروف ، عن عثمان بن عيسى ، عن مهران بن محمد قال : « سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) أوصى أن يناح عليه سبعة مواسم (1) فأوقف لكل موسم مالا ينفق فيه ».

5582 - وروى عاصم بن حميد عن أبي بصير قال قال : أبو جعفر ( عليه السلام ) « ألا أحدثك بوصية فاطمة ( عليها السلام )؟ قلت : بلى ، فأخرج حقا أو سفطا فأخرج منه كتابا فقرأه » بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد ( صلى اللّه عليه وآله ) أوصت بحوائطها السبعة : العواف ، والدلال ، والبرقة ، والميثب ، والحسنى والصافية ، ومال أم - إبراهيم (2) إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فإن مضى علي فإلى الحسن ، فإن مضى الحسن فإلى الحسين فإن مضى الحسين فإلى الأكبر من ولدى ، شهد اللّه على ذلك والمقداد بن الأسود الكندي والزبير بن العوام ، وكتب علي بن أبي طالب عليه السلام.

وروى أن هذه الحوائط كانت وقفا وكان رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يأخذ منها ما ينفق على أضيافه ومن يمر به ، فلما قبض جاء العباس يخاصم فاطمة ( عليها السلام ) فيها ، فشهد على ( عليه السلام ) وغيره أنها وقف عليها.

ص: 244


1- أي يقام له مجلس تذكار في المواسم.
2- في الكافي في غير موضع « ما لام إبراهيم » والمراد مشربة أم إبراهيم - أعني مارية القبطية - وهي بعوالي المدينة بين النخيل ، وهذه الحوائط السبعة من أموال مخيريق اليهودي الذي أوصى بأمواله إلى النبي صلى اللّه عليه وآله على قول وعلى آخر هي من أموال بني النضير مما أفاء اللّه على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقيل غير ذلك راجع وفاء الوفاء للسمهودي.

المسموع من ذكر أحد الحوائط الميثب ولكني سمعت السيد أبا عبد اللّه محمد ابن الحسن الموسوي أدام اللّه توفيقه (1) يذكر أنها تعرف عندهم بالميثم.

5583 - وروى محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الفرج ، عن علي بن معبد قال : « كتب إليه (2) محمد بن أحمد بن إبراهيم في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين يسأله عن رجل مات وخلف امرأة وبنين وبنات وخلف لهم غلاما أوقفه عليهم عشر سنين ثم هو حر بعد العشر سنين هل يجوز لهؤلاء الورثة بيع هذا الغلام وهم مضطرون إذا كان على ما وصفته لك جعلني اللّه فداك؟ فكتب ( عليه السلام ) : لا يبيعونه إلى ميقات شرطه إلا أن يكونوا مضطرين إلى ذلك ، فهو جائز لهم » (3).

5584 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة قال : « كنت شاهدا لابن أبي ليلى وقضى في رجل جعل لبعض قرابته غلة داره (4) ولم يوقت وقتا فمات الرجل وحضرت ورثته ابن أبي ليلى وحضر قرابته الذي جعل له غلة الدار ، فقال أبى ليلى : أرى أن أدعها على ما تركها صاحبها ، فقال محمد بن مسلم الثقفي : أما إن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قد قضى في هذا المسجد بخلاف ما قضيت ، فقال : وما علمك؟ قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) يقول : قضى على ( عليه السلام ) برد الحبيس وإنفاذ المواريث (5)

ص: 245


1- هو الشريف أبو عبد اللّه محمد بن الحسن بن إسحاق بن الحسن بن الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وهو المعروف بنعمة الذي صنف المصنف هذا الكتاب إجابة لملتمسه.
2- يعني إلى علي بن محمد أبي الحسن الهادي عليهما السلام فان محمد بن أحمد بن إبراهيم كان من أصحابه.
3- حمل على بيع خدمته فيكون المراد بالبيع الصلح أو الإجارة مجازا ، وهو بعيد جدا.
4- في الكافي والتهذيب « كنت شاهد ابن أبي ليلى - الخ » وقوله : « لم يوقت وقتا » أي لم يجعله وقفا مؤبدا ولا سكنى مدة عمره أو عمر الساكن.
5- أي حكم عليه السلام بأن ما كان حبسا كذلك يرد إلى الورثة بعد موت الحابس ويجعل ميراثا لورثته. ( م ت )

فقال ابن أبي ليلى : هذا عندك في كتاب؟ قال نعم قال فأتني به ، فقال له محمد بن مسلم : على أن لا تنظر من الكتاب إلا في ذلك الحديث ، قال : لك ذلك ، قال : فأحضر الكتاب وأراه الحديث عن أبي جعفر عليه السلام في الكتاب فرد قضيته » (1).

والحبيس كل وقف إلى غير وقت معلوم هو مردود على الورثة.

5585 - وروى عبد اللّه بن المغيرة ، عن عبد الرحمن الجعفي (2) قال : « كنت أختلف إلى ابن أبي ليلى في مواريث لنا ليقسمها وكان فيه حبيس فكان يدافعني ، فلما طال ذلك شكوته إلى أبى عبد اللّه ( عليه السلام ) فقال : أو ما علم أن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أمر برد الحبيس وإنفاذ المواريث؟ قال : فأتيته ففعل كما كان يفعل ، فقلت له : إني شكوتك إلى جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) فقال لي : كيت وكيت ، قال : فحلفني ابن أبي ليلى أنه قد قال ذلك فحلفت له ، فقضى لي بذلك ».

5586 - وروى يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن شعيب ، عن أبي كهمس عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « ستة تلحق المؤمن بعد وفاته : ولد يستغفر له ، ومصحف يخلفه (3) ، وغرس يغرسه ، وبئر يحفرها ، وصدقة يجريها ، وسنة يؤخذ بها من بعده ».

5587 - وروى علي بن أسباط ، عن محمد بن حمران (4) ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في الرجل يتصدق بالصدقة المشتركة ، قال : جائز » (5).

ص: 246


1- يدل على أنه إذا لم يوقت وقتا ومات الحابس يرد ميراثا على ورثته ويبطل الحبس كما هو مقطوع به في كلام الأصحاب. ( المرآة )
2- في الكافي « عبد الرحمن الخثعمي » وبكلا العنوانين مجهول ولا يضر لصحته عن عبد اللّه بن المغيرة وهو ثقة ثقة جليل ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم.
3- أي مكتوب من العلوم الدينية أو القرآن والأول أظهر. ( م ت )
4- هو النهدي الثقة بقرينة علي بن أسباط راوي كتابه.
5- يدل على جواز الوقف والصدقة في الحصة المشاعة. ( المرآة )

5588 - وروى الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن القاسم بن سليمان ، عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه قال « في رجل تصدق على ولد له قد أدركوا فقال : إذا لم يقبضوا حتى يموت فهي ميراث ، فإن تصدق على من لم يدرك من ولده فهو جائز لان الوالد هو الذي يلي أمرهم (1) وقال ( عليه السلام ) : لا يرجع في الصدقة إذا تصدق بها ابتغاء وجه اللّه عزوجل » (2).

5589 - وفي رواية ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تصدق على ابنه بالمال أو الدار ، أله أن يرجع فيه؟ فقال : نعم إلا أن يكون صغيرا » (3).

5590 - وروى موسى بن بكر (4) ، عن الحكم قال : « قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) » إن والدي تصدق علي بدار ثم بداله أن يرجع فيها وإن قضاتنا يقضون لي بها ، فقال : نعم ما قضت به قضاتكم ولبئس ما صنع والدك إنما الصدقة لله عزوجل فما جعل لله فلا رجعة فيه له (5) ، فإن أنت خاصمته فلا ترفع عليه صوتك وإن رفع صوته

ص: 247


1- يدل على اشتراط الوقف والصدقة بالقبض ، وعلى أن قبض والد الصغير بمنزلة قبضة ( م ت ) وقال العلامة المجلسي : ظاهره عدم اشتراط نية القبض كما ذهب إليه جماعة ، وقيل يشترط.
2- يمكن أن يكون المراد بالصدقة في هذا الخبر وأمثاله الوقف فيدل على أن الوقف الذي لا يصح الرجوع فيه ولا بيعه هو ما أريد به وجه اللّه ويدل بعض الأخبار ظاهرا على اشتراط القربة في الوقف كما ذهب إليه بعض الأصحاب ، ويحتمل أن يكون المراد بالصدقة فيها أوفى بعضها المعنى المعروف ولا خلاف ظاهرا في اشتراطها بالقربة. ( المرآة )
3- يدل على أن الصدقة على الصغار لا يجوز الرجوع فيها لأنها مقبوضة بيده ومعوضة أيضا لما جعلت لله تعالى ، وما كان له فهو معوض لا رجعة فيه.
4- كذا في النسخ والظاهر تصحيفه لما جعل في بعضها « عن ابن بكر » وكأن صححها بعض بموسى بن بكر ، والصواب « عن ابن بكير » كما في الكافي والتهذيب وفيهما « عن الحكم بن أبي عقيلة » وهو غير مذكور والمذكور الحكم أخو أبي عقيلة وحاله مجهول.
5- لعل فيه دلالة على جواز أخذ الحق بقول القاضي الفاسق ، وأنه يجوز أن يفعل مع الأب ما يقتضيه من الدعوى مع ملاحظة أدبه.

فاخفض أنت صوتك ، قال : قلت له : إنه قد توفى قال : فأطب بها (1).

5591 - وروى ربعي بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال ، « تصدق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بداره التي في المدينة في بنى زريق (2) فكتب » بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب وهو حي سوى ، تصدق بداره التي في بنى زريق صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث حتى يرثها اللّه الذي يرث السماوات والأرض (3) وأسكن هذه الصدقة خالاته ما عشن وعاش عقيبهن فإذا انقرضوا فهي لذوي الحاجة من المسلمين ، شهد [ اللّه ] .. (4).

5592 - وروى حماد بن عثمان ، عن أبي الصباح [ الكناني ] (5) قال : قلت لأبي الحسن ( عليه السلام ) : « إن أمي تصدقت على بنصيب لها في دار ، فقلت لها : إن القضاة لا يجيزون هذا ولكن اكتبيه شرى ، فقالت : اصنع من ذلك ما بدا لك وكلما ترى أنه يسوغ لك ، فتوثقت (6) فأراد بعض الورثة أن يستحلفني أنى قد نقدت هذا الثمن ولم أنقدها شيئا فما ترى؟ قال : احلف له ».

5593 - وروى محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال :  « سألته عن الرجل يتصدق على الرجل الغريب ببعض داره ، ثم يموت ، قال : يقوم

ص: 248


1- أي تصرف فيها هنيئا لك ، أمر من طاب يطيب.
2- بنو زريق بطن من الأنصار. ( المغرب )
3- في بعض النسخ « حتى يرثها اللّه رب السماوات والأرض » وفي التهذيبين مثل ما في المتن.
4- أي شهد اللّه وفلان وفلان فالمعنى شهد الخ.
5- تقدمت هذه الرواية بعينها في باب الايمان والنذور تحت رقم 4276 « عن حماد بن عثمان عن محمد بن أبي الصباح قال : قلت - الخ » وفي التهذيب « عن حماد ، عن محمد بن فضيل عن أبي الصباح » وروى الكليني ج 7 ص 33 نحوه عن محمد بن مسلم ، عن محمد بن مسعود الطائي.
6- أي جعلت له وثيقة وحجة.

ذلك قيمة فيدفع إليه ثمنه » (1).

5594 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن أبان ، عن إسماعيل الجعفي قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : « من تصدق بصدقة فردها عليه الميراث فهي له » (2).

5595 - وفى رواية السكوني « أن عليا ( عليه السلام ) كان يرد النحلة في الوصية ، [ و ] ما أقر عند موته بلا ثبت ولا بينة رده » (3).

5596 - وروى محمد بن علي بن محبوب ، عن علي بن السندي ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : أوصى أبو الحسن ( عليه السلام ) بهذه الصدقة : هذا ما تصدق به موسى بن جعفر ( عليه السلام ) تصدق بأرضه في مكان كذا وكذا كلها ، وحد الأرض

ص: 249


1- الديلمي ضعيف ، والظاهر أن التصدق بمعنى التمليك بقصد القربة ، ولعل التقويم ودفع الثمن على وجه الاستحباب والتراضي والأصلح بحالهما. ( مراد )
2- الاسناد مجازي أي ثم انتقلت إليه بالميراث. ( مراد )
3- لعل المراد أنه عليه السلام يجعل العطية الواقعة في مرض الموت في الوصية ويحسبها من الثلث وما يقربه عند الموت من غير ثبت من عقله وتزلزله وتكلمه بالهذيان من دون أن يقام بينة على ما أقربه يرده مطلقا لا يجعل في أصل المال ولا في ثلثه ، وحينئذ فاما أن تكون الواو قبل « ما أقر » سقطت عن قلم بعض النساخ أو تكون زائدة ويكون ذكر ما أقر على سبيل التعداد ، ويمكن أن يكون ما أقر عند موته بيانا للنحلة ( مراد ) وقال المولى المجلسي : واعلم أن الفرق بين الصدقة والنحلة والعطية لا يكون الا بنية القربة ، فلو قصدها فهي صدقة ، ولو لم يقصدها فيجوز الرجوع مع بقاء العين الا أن يعوض عنها بأن يعطى بشرط العوض في العقد أو بإرادة العوض كما هو الظاهر من الاخبار ، والمشهور الأول الا في ذوي الأرحام فان المشهور أنه لا يشرط القربة في عدم جواز الرجوع ويظهر من بعض الأخبار أنهم كغيرهم وقصر المصنف واكتفى بهذا الخبر ، وروى الشيخ الكليني في الحسن كالصحيح عن هشام وحماد وابن أذينة وابن بكير وغيرهم كلهم قالوا : « قال أبو عبد اللّه عليه السلام : لا صدقة ولا عتق الا ما أريد به وجه اللّه عزوجل » وأيضا في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إنما الصدقة محدثة ، إنما كان الناس على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ينحلون ويهبون ولا ينبغي لمن أعطى اللّه عزوجل شيئا أن يرجع فيه ، وقال : وما لم يعط اللّه وفي اللّه فإنه يرجع فيه نحلة كانت أو هبة ، حيزت أو لم تحز - الخ ».

كذا وكذا تصدق بها كلها وبنخلها وأرضها وقناتها ومائها وأرحائها وحقوقها وشربها من الماء وكل حق هو لها في مرتفع أو مظهر أو عرض أو طول أو مرفق أو ساحة أو أسقية أو متشعب أو مسيل أو عامر أو غامر (1) تصدق بجميع حقوقه من ذلك على ولد صلبه من الرجال والنساء ، يقسم واليها ما أخرج اللّه عزوجل من غلتها الذي يكفيها في عمارتها ومرافقها بعد ثلاثين عذقا يقسم في مساكين القرية بين ولد فلان للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن تزوجت امرأة من بنات فلان فلا حق لها من هذه الصدقة حتى ترجع إليها بغير زوج ، فإن رجعت فان لها مثل حظ التي لم تتزوج من بنات فلان ، وأن من توفى من ولد فلان وله ولد فلولده على سهم أبيه للذكر مثل حظ الأنثيين مثل ما شرط فلان بين ولده من صلبه ، وأن من توفى من ولد فلان ولم يترك ولدا رد حقه إلى أهل الصدقة ، وأنه ليس لولد بناتي في صدقتي هذه حق إلا أن يكون آباؤهم من ولدى ، وأنه ليس لأحد في صدقتي حق مع ولدى وولد ولدى وأعقابهم ما بقي منهم أحد ، فإن انقرضوا فلم يبق منهم أحد قسم ذلك على ولد أبى من أمي ما بقي منهم أحد على مثل ما شرطت بين ولدي وعقبي ، فإذا انقرض ولد أبى من أمي ولم يبق منهم أحد فصدقتي على ولد أبى وأعقابهم ما بقي منهم أحد على مثل ما شرطت بين ولدى وعقبي ، فإذا انقرض ولد أبى فلم يبق منهم أحد فصدقتي على الأولى فالأولى حتى يرثها اللّه الذي ورثها وهو خير الوارثين ، تصدق فلان بصدقته هذه وهو صحيح صدقة بتا بتلا (2) لا مشوبة فيها ولا رد أبدا ، ابتغاء وجه اللّه والدار الآخرة ، ولا يحل؟ لمؤمن يؤمن باللّه واليوم الآخر أن يبيعها ولا يبتاعها ولا يهبها ولا ينحلها ولا يغير شيئا منها حتى يرث اللّه الأرض ومن عليها ، وجعل صدقته هذه إلى علي وإبراهيم فإذا انقرض أحدهما دخل القاسم مع الباقي ، فإن انقرض أحدهما دخل إسماعيل مع الباقي منهما ، فإن انقرض أحدهما دخل العباس مع

ص: 250


1- أي كل معمور وخراب ، ومرافق الدار مصاب الماء ونحوها.
2- البت : القطع وكذلك البتل يقال بتلت الشئ أبتله - بالكسر - بتلا إذا ابنته من غيره ، ومنه قولهم طلقها بتة بتلة ، وفي بعض النسخ « لا مثنوية فيها » أي الاستثناء بالمشيئة.

الباقي منهما ، فان انقرض أحدهما ، دخل الأكبر من ولدى مع الباقي منهما ، وإن لم يبق من ولدى معه إلا واحد فهو الذي يليه.

5597 - وروى العباس بن عامر ، عن أبي الصحارى عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قلت له : « رجل اشترى دارا فبقيت عرصة فبناها بيت غلة أيوقفه على المسجد؟ قال : إن المجوس أوقفوا على بيت النار ». (1)

باب 619: السكنى والعمرى والرقبى

السكنى والعمرى والرقبى(2)

5598 - روى محمد بن أبي عمير ، عن الحسين بن نعيم (3) ، عن أبي الحسن موسى ابن جعفر ( عليهما السلام ) قال : « سألته عن رجل جعل سكنى داره لرجل أيام حياته أو جعلها له ولعقبه من بعده ، قال : هي له ولعقبه كما شرط ، قلت : فإن احتاج إلى بيعها يبيعها قال : نعم ، قلت : فينقض بيعه الدار السكنى؟ قال : لا ينقض البيع السكنى كذلك سمعت أبي ( عليه السلام ) يقول قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : لا ينقض البيع الإجارة ولا السكنى ولكنه يبيعه على أن الذي يشتريه لا يملك ما اشترى حتى ينقضي السكنى على ما شرط والإجارة (4) ، قلت : فإن رد على المستأجر ماله وجميع ما لزمه في النفقة والعمارة

ص: 251


1- تقدم الكلام فيه في المجلد الأول ص 238.
2- السكنى هو الاسكان في الدار مدة عمر الساكن أو المسكن ، والعمرى أعم من السكنى من وجه وأخص من وجه ، قال ابن الأثير في النهاية : قد تكرر في الحديث ذكر العمرى والرقبى يقال : أعمرته الدار عمري أي جعلتها له يسكنها مدة عمره فإذا مات عادت إلي ، والرقبى هو أن يقول الرجل : للرجل : لك هذه الدار فان مت قبلي رجعت إلي ، فان مت قبلك فهي لك ، وهي فعلى من المراقبة لان كل واحد يراقب موت صاحبه ، والفقهاء فيها مختلفون ، منهم من يجعلها تمليكا ، ومنهم من يجعلها كالعارية - انتهى.
3- السند صحيح وفي الكافي والتهذيب حسن كالصحيح ، والمراد ظاهرا الحسين بن نعيم الصحاف لكن لم ينقل روايته عن أبي الحسن موسى عليه السلام ،
4- أي لا ينتزع من يد الساكن والمستأجر. ( مراد )

فيما استأجر؟ قال : على طيبة النفس ورضا المستأجر بذلك لا بأس » (1).

5599 - وروى الحسن بن محبوب ، عن خالد بن نافع البجلي (2) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل جعل لرجل سكنى دار له مدة حياته يعنى صاحب الدار (3) فمات الذي جعل السكنى وبقى الذي جعل له السكنى أرأيت إن أراد الورثة أن يخرجوه من الدار ألهم ذلك؟ فقال : أرى أن تقوم الدار بقيمة عادلة وينظر إلى ثلث الميت فإن كان في ثلثه ما يحيط بثمن الدار فليس للورثة أن يخرجوه وإن كان الثلث لا يحيط بثمن الدار فلهم أن يخرجوه ، قيل له : أرأيت إن مات الرجل الذي جعل له السكنى بعد موت صاحب الدار يكون السكنى لعقب الذي جعل له السكنى؟ قال : لا » (4).

ص: 252


1- يدل على أن عقد السكنى لازم ويجوز بيع المسكن المسلوب المنفعة مدة حياة الساكن أو المسكن ، وكذا يجوز بيع العين المستأجرة كذلك وعليه عمل الأصحاب ( م ت ) و قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : المشهور بين الأصحاب أنه لا يبطل العمرى والسكنى والرقبى بالبيع بل يجب يوفي المعمر ما شرط لهذه الحسنة ، واختلف كلام العلامة ففي الارشاد قطع بجواز البيع ، وفي التحرير استقرب عدمه لجهالة وقت انتفاع المشترى ، وفي القواعد المختلف والتذكرة استشكل الحكم ، والأوجه أنه بعد ورود الرواية المعتبرة لا اشكال.
2- مروي في الكافي ج 7 ص 38 أيضا عن خالد بن نافع البجلي وهو مجهول.
3- كذا في جميع الكتب الأربعة للمشايخ الثلاثة - رضوان اللّه عليهم - فلعل المراد بالصاحب الساكن في الدار كما يأتي.
4- قال العلامة المجلسي : قوله « مدة حياته » أي فعل ذلك في حياته أي صحته ، أو المراد بصاحب الدار : الساكن في الدار ، والظاهر أن الراوي أخطأ في التفسير ، قال الشيخ - رحمه اللّه - في التهذيب : ما تضمن هذا الخبر من قوله « يعني صاحب الدار » حين ذكر أن رجلا جعل لرجل سكنى دار له فإنه غلط من الراوي ووهم منه في التأويل لان الأحكام التي ذكرها بعد ذلك إنما يصح إذا كان قد جعل السكنى في حياة من جعلت له السكنى فحينئذ يقوم وينظر باعتبار الثلث وزيادته ونقصانه ولو كان الامر على ما ذكره المتأول للحديث من أنه كان جعله مدة حياته لكان حين مات بطلت السكنى ولم يحتج معه إلى تقويمه واعتباره بالثلث - انتهى. وبهذا التفصيل قال ابن الجنيد ، ولم يعمل به الأكثر لجهالة الخبر ، وقال الشهيد الثاني - رحمه اللّه - : « نعم لو وقع في مرض موت المالك اعتبرت المنفعة الخارجة من الثلث لا جميع الدار » أقول يمكن حمل الخبر على وذلك بتكلف بأن يكون المراد بتقويم الدار تقويم منفعتها تلك المدة ، وقوله « فلهم أن يخرجوه » أي بعد استيفاء قدر الثلث من منفعة الدار.

5600 - وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن أحمد بن عمر الحلبي ، عن أبيه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل أسكن داره رجلا مدة حياته ، فقال : يجوز له وليس له ان يخرجه ، قلت : فله ولعقبه؟ قال : يجوز له ، وسألته عن رجل أسكن رجلا ولم يوقت له شيئا ، قال : يخرجه صاحب الدار إذا شاء » (1).

5601 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن حمران قال : « سألته عن السكنى والعمرى فقال : الناس فيه عند شروطهم إن كان شرط حياته فهو حياته ، وإن كان لعقبه فهو لعقبه كما شرط حتى يفنوا ثم ترد إلى صاحب الدار » (2).

5602 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سئل عن السكنى والعمرى ، فقال : إن كان جعل السكنى في حياته فهو كما شرط ، وإن كان جعلها له ولعقبه من بعده حتى يفنى عقبه فليس لهم (3) أن يبيعوا ولا يورثوا الدار ، ثم ترجع الدار إلى صاحبها الأول ».

ص: 253


1- يدل على أنه إذا وقته فيلزم الوفاء وإذا لم يوقت فله الاخراج متى شاء. ( م ت )
2- قال في المسالك : كما يجوز تعليق العمرى على عمر المعمر يجوز إضافة عقبه إليه بحيث يجعل حق المنفعة بعده لهم مدة عمرهم أيضا ، والنصوص دالة عليه وأولى منه لو جعله لبعض معين من العقب ، ومثله ما لو جعله له مدة عمره ولعقبه مدة مخصوصة ، والعقد حينئذ مركب من العمرى والرقبى ، ثم قال : الأصل في عقد السكنى اللزوم ، فإن كان مدة معينة لزم فيها ، وإن كان عمر أحدهما لزم كذلك ، ولا يبطل العقد بموت غير من علقت على موته ، فان كانت مقرونة بعمر المالك استحقها المعمر كذلك ، فان مات المعمر قبل المالك انتقل الحق إلى ورثته مدة حياة المالك كغيره من الحقوق والاملاك ، وهذا مما لا خلاف فيه ، أما لو انعكس بأن قرنت بعمر المعمر فمات المالك قبله فالأصح أن الحكم كذلك وليس لورثة المالك ازعاجه قبل وفاته مطلقا ، وفصل ابن الجنيد هنا فقال : ان كانت قيمة الدار تحيط بثلث الميت لم يكن لهم اخراجه ، وإن كان ينقص عنها كان كذلك لهم استنادا إلى رواية خالد بن نافع.
3- أي للساكنين أو المسكين وعلى الثاني محمول على ما إذا أخرجوا الساكنين أو على ما إذا باعوا ولم يذكر السكنى للمشتري. ( المرآة )

كتاب الفرائض والمواريث

باب 620: ابطال العول في المواريث

5603 - روى سماعة عن أبي بصير عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول : إن الذي أحصى رمل عالج (1) يعلم أن السهام لا تعول على ستة (2) لو يبصرون وجوهها لم تجز ستة » (3).

ص: 254


1- في النهاية في حديث الدعاء « وما تحويه عوالج الرمال » هي جمع عالج - بكسر اللام - وهو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض.
2- « تعول » أي لا تزيد ولا ترتفع ، والعول في الفرائض هو زيادة الفريضة لقصورها عن سهام الورثة على وجه يحصل به النقص على الجمع بالنسبة ، وهو باطل عند الإمامية كما إذا كانت ستة مثلا فعالت إلى سبعة في مثل زوج وأختين لأب فان للزوج النصف ثلاثة وللأختين الثلثين أربعة فزادت الفريضة واحدا ، والقائلون بالعول يجمعون السهام كلها ويقسمون الفريضة عليها فيدخل النقص على كل واحد بقدر فرضه كأرباب الديون إذا ضاق المال عن حقهم ، وأول مسألة وقع فيها العول في الاسلام في زمن عمر على ما رواه عنه العامة وهو أنه ماتت امرأة في زمانه عن زوج وأختين فجمع الصحابة وقال لهم : فرض اللّه تعالى للزوج النصف وللأختين الثلثين ، فان بدأت للزوج لم تبق للأختين حقهما وان بدأت للأختين لم يبق للزوج حقه ، فأشيروا علي ، فاتبع رأي أكثرهم على العول ، فقضى بتوزيع النقص على الجميع بنسبة سهامهم ، وسنذكر قول الإمامية فيه عن قريب إن شاء اللّه تعالى.
3- الستة هي التي ذكره اللّه سبحانه في كتابه وهي الثلثان والنصف والثلث والربع والسدس والثمن. فالثلثان هو فرض البنتين فصاعدا، و الأختين فصاعدا لاب و أم أو لأب مع فقد الاخوة. و النصف هو فرض الزوج مع عدم الولد و إن نزل، و البنت الواحدة و الاخت الواحدة لاب و أم أو لأب مع فقد الاخوة.-- و الثلث هو فرض الام مع عدم من يحجبها من الولد و ان نزل، و الزائد على الواحد من ولد الام. و الربع هو فرض الزوج مع الولد و ان نزل، و الزوجة فأزيد مع عدم الولد. و السدس هو فرض كل واحد من الابوين مع الولد و ان نزل و الام المحجوبة، و الواحد من كلالة الام ذكرا كان أو الأنثى. و الثمن هو فرض الزوجة فأزيد مع الولد و ان نزل.

5604 - وروى سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : كان ابن عباس يقول : إن الذي أحصى رمل عالج ليعلم أن السهام لا تعول من ستة (1).

5605 - وروى الفضل بن شاذان ، عن محمد بن يحيى ، عن علي بن عبد اللّه ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه (2) قال : حدثني أبي عن محمد بن إسحاق قال :

ص: 255


1- لا خلاف عند العامة أن ابن عباس لم يقل بالعول كما رواه الحاكم في مستدركه ج 4 ص 340 وقال : صحيح على شرط مسلم ، وسنن البيهقي ج 6 ص 253 ، وكنز العمال ج 6 ص 7 ، وأحكام القرآن للجصاص ج 2 ص 109.
2- طريق الصدوق إلى الفضل بن شاذان قوى والفضل بن شاذان النيشابوري متكلم فقيه جليل ، له كتب ومصنفات يبلغ عددها مائة وثمانين كتابا ، وهو يروى هذا الحديث عن محمد بن يحيى بن عبد اللّه الذهلي العامي النيشابوري ، نقل ابن حجر عن أبي محمد بن أبي الجارود عن محمد بن أحمد بن الجراح الجوزجاني يقول : دخلت على أحمد فقال لي : تريد البصرة قلت : نعم ، قال : فإذا أتيتها فألزم محمد بن يحيى فليكن سماعك منه فانى ما رأيت خراسانيا - أو قال : ما رأيت أحدا - أعلم بحديث الزهري منه ولا أصح كتابا منه ، وأما على ابن عبد اللّه فهو أبو الحسن علي بن عبد اللّه بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم يكنى ابن المديني بصرى قال أبو حاتم الرازي : كان علي بن عبد اللّه علما في الناس في معرفة الحديث والعلل وكان أحمد لا يسميه إنما يكنيه اجلالا له. وأما يعقوب بن إبراهيم بن سعد فهو من أحفاد الزهري المعروف ، وثقة ابن معين والعجلي وابن حبان ، وأبوه إبراهيم بن سعد ثقة أيضا قال أحمد : أحاديثه مستقيمة ، وجده سعد بن إبراهيم قاضى واسط من قبل هارون ووثقه ابن معين.

حدثني الزهري عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة (1) قال : جلست إلى ابن عباس فعرض على ذكر فرائض المواريث فقال ابن عباس : سبحان اللّه العظيم أترون أن الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا (2) فهذان النصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثلث؟ فقال له زفر بن أوس البصري : يا ابن عباس فمن أول من أعال الفرائض قال : « رمع » لما التفت عنده الفرائض ودافع بعضها بعضا قال : واللّه ما أدرى أيكم قدم اللّه وأيكم أخر اللّه وما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص فأدخل على كل ذي حق ما دخل عليه من عول الفريضة ، وأيم اللّه أن لو قدم من قدم اللّه وأخر من أخر اللّه ما عالت فريضة ، فقال له زفر بن أوس : وأيهما قدم وأيهما أخر؟ فقال : كل فريضة لم يهبطها اللّه عزوجل عن فريضة إلا إلى فريضة (3) فهذا ما قدم اللّه ، وأما ما أخر اللّه فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فتلك التي اخر اللّه ، فاما التي قدم اللّه فالزوج له النصف فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع إلى الربع لا يزيله عنه شئ ، والزوجة لها الربع فإن زالت عنه صارت إلى الثمن لا يزيلها عنه شئ ، والام لها الثلث فإن زالت عنه صارت إلى السدس لا يزيلها عنه شئ ، فهذه الفرائض التي قدم اللّه عزوجل ، وأما التي أخر اللّه ففريضة البنات والأخوات لها النصف إن كانت واحدة ، وإن كانت اثنتين أو أكثر فالثلثان فإذا

ص: 256


1- محمد بن إسحاق أبو بكر المطلبي مولاهم نزيل العراق وثقه ابن معين وقال : كان حسن الحديث وهو صاحب المغازي. ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري حاله مشهور والعامة رفعوه فوق مقامه راجع تهذيب التهذيب ج 9 ص 445 إلى 451 وأما عبيد اللّه بن عبد اللّه ابن عتبة الهذلي فوثقه أبو زرعة وابن حبان والواقدي وغيرهم ، وإنما بينا رجال السند لعدم كونهم في كتب رجال الخاصة وليكون القارئ على بصيرة في مسألة بطلان العول.
2- قال العلامة المجلسي : مثال ذلك أنه ان ماتت امرأة وتركت زوجا وأخوتها لامها وأختها لأبيها فان للزوج النصف ثلاثة أسهم وللاخوة من الام الثلث سهمين وللأخت من الأب أيضا عندهم النصف ثلاثة أسهم يصير من ستة تعول إلى الثمانية ، ويحتجون بذلك بقوله تعالى « وله أخت فلها نصف ما ترك » وعندنا للأخت من الأب السدس.
3- هذا لا يجرى في كلالة الام كما لا يخفى. ( المرآة )

أزالتهن الفرائض لم يكن لهن إلا ما يبقى فتلك التي أخر اللّه ، فإذا اجتمع ما قدم اللّه وما أخر بدئ بما قد اللّه فأعطى حقه كملا ، فإن بقي شئ كان لمن أخر ، وإن لم يبق شئ فلا شئ له (1) ، فقال له زفر بن أوس : فما منعك أن تشير بهذا الرأي على  « رمع »؟ قال : هبته (2) فقال الزهري : واللّه لولا أنه تقدمه إمام عدل كان أمره على الورع فأمضى أمرا فمضى ما اختلف على ابن عباس من أهل العلم اثنان (3).

5606 - قال الفضل : وروى عبد اللّه بن الوليد العدني (4) صاحب سفيان قال : حدثني أبو القاسم الكوفي صاحب أبى يوسف عن أبي يوسف قال : حدثنا ليث بن أبي سليم (5) عن أبي عمرو العبدي عن ابن سليمان (6) عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنه كان يقول :

ص: 257


1- قوله « ان لم يبق - الخ » لا يخفى الاشكال فيه لأنه مع كونه المؤخر في المرتبة التي فيها المقدم كيف يكون محروما من الإرث بالقرابة؟ وأجيب عن الاشكال بأنه مبالغة في تقديم من قدمهم اللّه تعالى وهذا بطريق الاحتمال العقلي والا فهذا لا يقع أبدا
2- أي خفته وفي نسخة « هيبة » أي خوفا منه ، وقوله « فقال الزهر ى » من كلام محمد ابن إسحاق.
3- يعنى لولا أن العول تقدم من عمر وهو امام عدل على زعم الناس لما اختلف من أهل العلم على قول ابن عباس اثنان. وقال المولى المجلسي : هذا المعنى أو هذا الرأي أخذه ابن عباس عن أمير المؤمنين عليه السلام. أقول : روى نحوه الحاكم والبيهقي عن ابن عباس ونقله السيوطي في الدر المنثور ج 2 ص 127 وأورده المصنف هنا محتجا به على المخالفين وقد عرفت أن رواته كلهم من ثقات العامة كالخبر الآتي.
4- في بعض النسخ « عبد اللّه بن الوليد العبدي » وهو تصحيف وهو عبد اللّه بن الوليد بن ميمون المكي المعروف بالعدني روى عن سفيان وغيره قال أحمد : سمع من سفيان وجعل يصحح سماعه ولكن لم يكن صاحب حديث وحديثه حديث صحيح ، وقال أبو زرعة : صدوق وذكره ابن حبان في الثقات راجع تهذيب التهذيب ج 6 ص 70.
5- في بعض النسخ والعلل والتهذيب « ليث بن أبي سليمان » وهو تصحيف والظاهر أنه ليث بن أبي سليم بن زنيم القرشي.
6- في التهذيب والعلل « عن ليث ، عن أبي عمر العبدي عن علي بن أبي طالب عليه السلام » ويحتمل أن يكون الصواب « عن أبي عمرو عبيدة السلماني » فصحف بيد النساخ والرجل هو من أصحاب علي عليه السلام ثقة ثبت وقالوا كان شريح القاضي إذا أشكل عليه أمر كتب إلى عبيدة هذا وسأل عنه ، أسلم قبل وفاة النبي صلى اللّه عليه وآله ، وتوفى بعد السبعين.

الفرائض من ستة أسهم ، الثلثان أربعة أسهم ، والنصف ثلاثة أسهم ، والثلث سهمان والربع سهم ونصف ، والثمن ثلاثة أرباع سهم ، (1) ولا يرث مع الولد إلا الأبوان والزوج والمرأة ، ولا يحجب الام عن الثلث إلا الولد والاخوة ، ولا يزاد الزوج على النصف ولا ينقص من الربع ، ولا تزاد المرأة على الربع ولا تنقص من الثمن وإن كن أربعا أو دون ذلك فهن فيه سواء ، ولا يزاد الاخوة من الام على الثلث ولا ينقصون من السدس ، وهم فيه سواء ، الذكر والأنثى ، ولا يحجبهم عن الثلث إلا الولد والوالد (2) والدية تقسم على من أحرز الميراث(3).

ص: 258


1- لم يذكر السدس للظهور أو سقط من النساخ ، والغرض أن السهام التي ذكر ها اللّه تعالى في الكتاب ليست الا ستة وليس فيها السبع والتسع والعشر وما فوقه كما يلزم على العول. ( م ت ).
2- كأن الصواب « ولا يحجبهم عن الإرث الا الولد والوالدان ».
3- روى الكليني ج 7 ص 101 في الحسن كالصحيح عن بكير بن أعين قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « امرأة تركت زوجها وأخوتها لامها وأخوتها وأخواتها لأبيها ، قال : للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللاخوة من الام الثلث الذكر والأنثى فيه سواء ، وبقى سهم فهو للاخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين لان السهام لا تعول ولا ينقص الزوج من النصف ولا الاخوة و من الام من ثلثهم - الخبر » ومحصل الكلام أن الوارث من جهة النسب إن كان واحدا ورث المال كله إن كان ذا فرض بعضه بالفرض وبعضه بالقرابة ، وان لم يكن ذا فرض فبالقرابة ، وإن كان أكثر من واحد ولم يحجب بعضهم بعضا فأما أن يكون ميراث الجميع بالقرابة أو بالفرض أو بالاختلاف ، فعلى الأول يقسم على ما يأتي من تفصيل في ميراثهم إن شاء اللّه تعالى ، وعلى الثالث يقدم صاحب الفرض فيعطى فرضه والباقي للباقين ، وعلى الثاني فاما أن تنطبق السهام على الفريضة أو تنقص عنها أو تزيد عليها ، فعلى الأول لا اشكال وعلى الثاني فالزائد عندنا للأنساب يرد عليهم زيادة على سهامهم إذ الأقرب يحرم الابعد ، وعلى الثالث يدخل النقص عندنا على البنت والأخوات للأبوين أو للأب خاصة ، والنقص يدخل على من له فرض واحد في الكتاب العزيز دون من له الفرضان ، فإنه متى نزل عن الفرض الاعلى كان له الفرض الأدنى خلافا للعامة في المقامين ( جامع المدارك ج 5 ص 308 ).

قال : الفضل بن شاذان : هذا حديث صحيح (1) على موافقة الكتاب ، وفيه دليل على أنه لا يرث الاخوة والأخوات مع الولد شيئا ، ولا يرث الجد مع الولد شيئا وفيه دليل على أن الام تحجب الاخوة من الام عن الميراث.

فإن قال قائل (2) : إنما قال : والد ولم يقل والدين ولا قال والدة ، قيل له : هذا جائز كما يقال : ولد ، يدخل فيه الذكر والأنثى ، وقد تسمى الام والدا إذا جمعتها مع الأب كما تسمى أبا إذا اجتمعت مع الأب لقول اللّه عزوجل « ولأبويه لكل واحد منهما السدس » فأحد الأبوين هي الام وقد سماها اللّه عزوجل أبا حين جمعها مع الأب ، وكذلك قال : « الوصية للوالدين والأقربين » فأحد الوالدين هي الام وقد سماها اللّه عزوجل والدا كما سماها أبا ، وهذا واضح بين والحمد لله.

5607 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « إنما صارت سهام الموارث من ستة أسهم لا يزيد عليها لان الانسان خلق من ستة أشياء وهو قول اللّه عزوجل : ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين - الآية » (3).

وعلة أخرى (4) وهي أن أهل المواريث الذين يرثون أبدا ولا يسقطون ستة : الأبوان والابن والبنت والزوج الزوجة.

ص: 259


1- أي موافق للحق
2- من كلام المصنف - رحمه اللّه - أو الفضل - رضي اللّه عنه - لكن الأول أظهر
3- رواه المصنف في علل الشرايع في الصحيح عن ابن أبي عمير ، عن غير واحد عنه عليه السلام. وفي الكافي في مجهول موقوف عن يونس قال : « إنما جعلت المواريث من ستة أسهم على خلقة الانسان لان اللّه عزوجل بحكمته خلق الانسان من ستة أجزاء فوضع المواريث على ستة أسهم وهو قول اللّه عزوجل » لقد خلفنا الانسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين « ففي النطفة دية » ثم خلقنا النطفة علقة « ففي العلقة دية » فخلقنا العلقة مضغة « وفيها دية » فخلقنا المضغة عظاما « وفيها دية » فكسونا العظام لحما « وفيه دية أخرى » ثم أنشأناه خلقا آخر « وفيه دية أخرى ، فهذا ذكر آخر المخلوق ».
4- مأخوذ من كلام يونس بن عبد الرحمن مولى علي بن يقطين وهو ثقة له كتب كثيرة ، ونقل كلامه الكليني بتمامه في الكافي ج 7 ص 83.

باب 621: ميراث ولد الصلب

إذا ترك الرجل ابنا ولم يترك زوجة ولا أبوين فالمال كله للابن ، وكذلك إن كانا اثنين أو أكثر من ذلك فالمال بينهم بالسوية ، وكذلك إن ترك ابنة ولم يترك زوجا ولا أبوين فالمال كله للابنة لان اللّه عزوجل جعل المال للولد (1) ولم يسم للابنة النصف إلا مع الأبوين (2) ، وكذلك إن كانتا اثنتين أو أكثر فالمال كله لهن بالسوية وإن ترك ابنة وابنة ابن وابن ابن ولم يكن زوج ولا أبوان فالمال كله للابنة وليس لولد الولد مع ولد الصلب شئ لان من تقرب بنفسه كان أولى وأحق بالمال ممن تقرب بغيره ، ومن كان أقرب إلى الميت (3) ببطن كان أحق بالمال ممن كان أبعد ببطن.

فإن ترك ابنا ترك ابنا وابنة أو بنين وبنات فالمال كله لهم للذكر مثل حظ الأنثيين إذا لم يكن معهم زوج ولا والدان (4) ، فإن ترك ابنة وأخا وأختا وجدا فالمال كله للابنة ، ولا يرث مع الابنة أحد إلا الابن والزوج والولدان ، وكذلك لا يرث مع

ص: 260


1- إن كان المراد قوله تعالى « للذكر مثل حظ الأنثيين » فلا يدل على حكم البنت المنفرد ، وإن كان المراد أية ذوي الأرحام فلا يحتاج إلى هذا التكليف بل لها النصف تسمية والنصف ردا. ( م ت )
2- هذا غير ظاهر بل الظاهر خلافه ، نعم ما قاله محتمل ولا يمكن الاستدلال به على العامة. ( م ت )
3- أي في مرتبة واحدة والا فابن ابن ابن الابن أولى من الجد مع أن الجد أقرب ببطنين. ( م ت )
4- قوله « إذا لم يكن » شرط لإرث الكل لا للإرث مطلقا ، فإنه مع اجتماع الزوج والأبوين فللذكر مثل حظ الأنثيين أيضا. ( م ت )

الولد الذكر أحد الا الزوج (1) والا بوان ما ذكره اللّه عزوجل في كتابه.

5608 - وروى جميل بن دراج ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « سمعته يقول : ورث علي عليه السلام من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) علمه ، وورثت فاطمة عليها السلام تركته ».

5609 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الحسن بن موسى الحناط عن الفضيل ابن يسار قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : « لا واللّه ما ورث رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) العباس ولا على ( عليه السلام ) ولا ورثته إلا فاطمة ( عليها السلام ) (2) ، وما كان أخذ على ( عليه السلام ) السلاح وغيره إلا لأنه قضى عنه دينه ، ثم قال عليه السلام : وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه ».

5610 - وروى عن البزنطي قال : قلت لأبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) « جعلت فداك رجل هلك وترك ابنته وعمه ، فقال : المال للابنة ، قال : وقلت له : رجل مات وترك ابنة له وأخا - أو قال ابن أخيه - قال : فسكت طويلا (3) ثم قال : المال للابنة ».

5611 - وروى علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : « سألته عن جار لي هلك وترك بنات ، فقال : المال لهن » (4).

5612 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في رجل مات وترك ابنته وأخته لأبيه وأمه فقال : المال للابنة (5) وليس للأخت من الأب والام شئ ».

5613 - وكتب البزنطي إلى أبي الحسن ( عليه السلام ) « في رجل مات وترك ابنته

ص: 261


1- بالمعنى الأعم الشامل للزوجة أيضا. ( م ت )
2- أي من الأقارب والا فلزوجات التسع من الثمن.
3- لعل وجه السكوت ما ذهب إليه المخالفون من توريث العقب. أو لغفلة بعض الحاضرين.
4- أي بالتسمية والرد. ( م ت )
5- أي بالتسمية والرد. ( م ت )

وأخاه ، قال : ادفع المال إلى الابنة إن لم تخف من عمها شيئا ».

باب 622: ميراث الأبوين

5614 - روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل مات وترك أبويه ، قال : للأم الثلث ، وللأب الثلثان ».

باب 623: ميراث الزوج والزوجة

5615 - روى معاوية بن حكيم ، عن علي بن الحسن بن زيد (1) ، عن مشمعل عن أبي بصير قال : « سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن امرأة ماتت وتركت زوجها ولا وارث لها غيره ، قال : إذا لم يكن غيره فالمال له ، والمرأة لها الربع وما بقي فللامام » (2).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : هذا في حال ظهور الإمام ( عليه السلام ) فأما في حال غيبته فمتى مات الرجل وترك امرأة ولا وارث له غيرها فالمال لها (3) ، و تصديق ذلك :

ص: 262


1- كذا والظاهر أن الصواب ما في الكافي وفيه « علي بن الحسن بن رباط » وهو أبو الحسن البجلي ثقة له كتاب. واما مشمعل فهو ثقة من أصحابنا وصحفه النساخ في بعض النسخ بإسماعيل ، ورواه الشيخ في الاستبصار والتهذيب وفيهما عن معاوية بن حكيم عن إسماعيل عن أبي بصير وفيه سقط وتصحيف.
2- يدل على أن الزوج يرد عليه مع عدم الوارث دون الزوجة بل الربع لها والباقي للإمام عليه السلام.
3- قال الشيخ - رحمه اللّه - بعد نقل توجيه المصنف : والوجه الآخر أن نحمله على أنها إذا كانت قريبة له فإنها تأخذ الربع بالتسمية والباقي بالقرابة ، يدل على ذلك ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى عن البرقي ، عن محمد بن القاسم ، عن الفصيل بن يسار البصري قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل مات وترك امرأة قرابة ليس له قرابة غيرها قال : يدفع المال كله إليها ».

5616 - ما رواه محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في امرأة ماتت وتركت زوجها ، قال : فالمال كله له ، قلت الرجل يموت ويترك امرأته ، قال : المال لها ».

باب 624: ميراث ولد الصلب والأبوين

5617 - روى محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم أن أبا جعفر عليه السلام « أقرأه (1) صحيفة الفرائض التي هي املاء رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) وخط علي عليه السلام بيده ، فوجدت (2) فيها : رجل ترك ابنته وأمه ، للابنة النصف وللأم السدس ، ويقسم المال على أربعة أسهم ، فما أصاب ثلاثة أسهم فهو للابنة ، وما أصاب سهما فهو للام (3).

ووجدت فيها : رجل ترك ابنته وأبويه ، للابنة النصف ثلاثة أسهم وللأبوين لكل واحد منهما السدس ، يقسم المال على خمسة أسهم ، فما أصاب ثلاثة فهو للابنة وما أصاب سهمين فهو للأبوين (4).

قال : وقرأت فيها : رجل ترك ابنته وأباه ، للبنت النصف وللأب سهم يقسم المال على أربعة أسهم ، فما أصاب ثلاثة فهو للابنة ، وما أصاب سهما فللأب » (5).

ص: 263


1- أي أقرأ أبو جعفر عليه السلام محمد بن مسلم وفي الكافي « أقرأني أبو جعفر عليه السلام » وأقرأه أي جعله يقرء.
2- المناسب « فوجد » أو « قال وجدت » ولعل تغيير العبارة الأولى من النساخ.
3- أي على ما فرضه اللّه للأم السدس وللابنة النصف والبقية لهما ردا بحساب الفرض ، فيقسم كل المال أربعة أسهم ثلاثة منها للبنت وواحدة للام فرضا وردا ، وهكذا الكلام فيما يأتي.
4- إلى هنا في الكافي والتهذيب ولم يذكر البقية لظهورها.
5- هذا على ما تقدم فيما لو ترك ابنة وأما ولعل ذلك علة عدم ذكره في الكافي والتهذيب.

وإن ترك أبوين وابنا وابنة أو بنين وبنات فللأبوين السدسان وما بقي فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن ترك ابنا وأبوين فللأبوين السدسان وما بقي فللابن ، فإن ترك أما وابنا فللأم السدس وما بقي فللابن ، فإن ترك أبا وابنا فللأب السدس وما بقي فللابن فإن ترك أما وبنين فللأم السدس وما بقي فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن ترك أباه وبنين وبنات فللأب السدس وما بقي فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين (1).

باب 625: ميراث الزوج مع الولد

إذا ماتت امرأة وتركت ابنا وزوجا فللزوج الربع وما بقي فللابن ، وكذلك إن كانا ابنين أو أكثر من ذلك فللزوج الربع وما بقي بعد الربع فللبنين بينهم بالسوية ، ولا ينقص الزوج من الربع على كل حال ، ولا يزاد على النصف ، ولا تنقص المرأة من الثمن ولا تزاد على الربع ، ولا تسقط المرأة والزوج من الميراث على حال (2).

فإن تركت ابنة وزوجا فللزوج الربع وما بقي فللابنة لان اللّه عزوجل إنما جعل للابنة النصف مع الأبوين (3).

فإن تركت زوجا وابنتين أو بنات فللزوج الربع وما بقي فللبنات بينهن بالسوية.

ص: 264


1- الظاهر أن من قوله « وان ترك أبوين » إلى هنا من تتمة الخبر واحتمل المولى المجلسي وكذا المولى الفيض الكاشاني في الوافي كونه من كلام الصدوق - رحمهم اللّه - واستغربه بعض.
2- جاءت الاخبار بأن الزوجين ممن قدمهما اللّه فلا ينقص من حقيهما الاعلى والأدنى شئ ولا يأخذان من الرد شيئا لان الرد لآية أولي الأرحام وليسا من الرحم ولو كانا قريبين فيأخذان الرد للقرابة لا للزوجية. ( م ت )
3- تقدم أن الآية تدل على خلافه بل لهما النصف تسمية مطلقا والباقي ردا وكذلك حكم الزوجية. ( م ت )

فإن تركت زوجا وابنا وابنة أو بنين وبنات فللزوج الربع وما بقي فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين.

باب 626: ميراث الزوجة مع الولد

إذا مات الرجل وترك امرأة وابنا فللمرأة الثمن وما بقي فللابن ، وكذلك إن ترك امرأة وابنة فللمرأة الثمن وما بقي فللابنة.

فإن ترك امرأة وابنا وابنة ، أو بنين وبنات فللمرأة الثمن وما بقي فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين (1).

باب 627: ميراث الولد والأبوين مع الزوج

5618 - روى محمد بن أبي عمير قال : قال ابن أذينة قلت لزرارة : « إني سمعت محمد بن مسلم وبكيرا يرويان عن أبي جعفر ( عليه السلام ) » في زوج وأبوين وابنة فللزوج الربع ثلاثة من اثنى عشر ، وللأبوين السدسان أربعة من اثنى عشر ، وبقي خمسة أسهم فهي للابنة لأنها لو كانت ذكرا لم يكن لها غير ذلك (2) ، وإن كانتا ابنتين فليس لهما

ص: 265


1- كما جاء في الكتاب العزيز من قوله تعالى « ولكم نصف ما ترك أزواجكم ان لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصيين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم - الآية » وقوله تعالى « يوصيكم اللّه في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين - الآية ».
2- أي غير خمسة من اثني عشر سهما. وذلك أن للزوج الربع وللأبوين السدسان وللابنة النصف تسمية ومخرج النصف يتداخل في مخرج الربع والسدس وبين مخرج الربع والسدس توافق بالنصف يضرب نصف أحدهما في الآخر تبلغ اثني عشر فللزوج الربع من اثني عشر وهو ثلاثة ، وللأبوين لكل واحد منهما السدس ، ولا ينقص من حق هؤلاء شئ لأنهم ممن قدمهم اللّه تعالى وبقي خمسة أسهم للابنة ويقع النقص عليها لأنها ممن أخره اللّه تعالى وجعل لها النصيب الوافر وفي قباله يقع النقص عليها ، وعلى قول العامة يقع النقص على كلهم فلا يكون للزوج ربع ولا للأبوين سدسان ولا للبنت نصف. وقوله « لم يكن لها » الأنسب أن يقول لم يكن له ، وكأنه من الرواة ولعله من النساخ ، وقال المولى المجلسي بعد ما ذكر : هذا بحث الزامي مع العامة فإنهم لا يقولون بالعول في الذكر مع أنه قال تعالى « فللذكر مثل حظ الأنثيين » فإذا كان مكانها ابنا أو بنين لم يكن لهم غير ما بقي فكيف يستبعد أن يكون اللّه تعالى قدر لها ما بقي.

غير ما بقي خمسة.

قال زرارة : وهذا هو الحق إن أردت أن تلقى العول فتجعل الفريضة لا تعول وإنما يدخل النقصان على الذين لهم الزيادة من الولد والإخوة للأب والام فأما الاخوة من الام فلا ينقصون مما سمى لهم.

فإن تركت المرأة زوجها وأبويها وابنا أو ابنين أو أكثر فللزوج الربع و للأبوان السدسان وما بقي فللبنين بينهم بالسوية ، وإن تركت زوجها وأبويها وابنا وابنة أو بنين وبنات فللزوج الربع وللأبوين السدسان وما بقي فللبنين والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين.

باب 628: ميراث الولد والأبوين مع الزوجة

إذا مات رجل وترك أبوين وامرأة وابنا فللمرأة الثمن وللأبوين السدسان وما بقي فللابن ، وكذلك إذا كانا ابنين أو ثلاث بنين أو أكثر من ذلك ، إنما يكون لهم ما بقي.

فان ترك امرأة وأبوين وابنة فللمرأة الثمن وللأبوين السدسان وللابنة النصف وما بقي رد على الابنة والأبوين على قدر أنصبائهم ، ولا يرد على المرأة ولا على الزوج شئ ، وهذه من أربعة وعشرين لمكان الثمن (1) ، فإذا ذهب منه الثمن والسدسان

ص: 266


1- أي مع السدس فتضرب نصف مخرج أحدهما في مخرج الاخر لتوافقهما في النصف فيحمل أربعة وعشرون. ( مراد )

والنصف بقي سهم فلا يستقيم بين خمسة فيضرب خمسة في أربعة وعشرين يكون ذلك مائة وعشرين ، للمرأة الثمن من ذلك خمسة عشر ، وللأبوين السدسان من ذلك أربعون وبقى خمسة وستون ، فللابنة من ذلك النصف ستون ، وبقى خمسة للابنة من ذلك ثلاثة فيصير في يدها ثلاثة وستون ، وللأبوين من ذلك اثنان فيصير في أيديهما اثنان وأربعون.

وكذلك إن مات رجل وترك امرأة وابنتين أو أكثر من ذلك وأبوين فللمرأة الثمن وللأبوين السدسان وما بقي فللبنات (1) ، والعول فيه باطل لان البنات لو كن بنين لم يكن لهم إلا ما فضل.

باب 629: ميراث الأبوين مع الزوج والزوجة

إذا تركت امرأة زوجها وأبويها فللزوج النصف وللأم الثلث كاملا ، وما بقي فللأب وهو السدس قال اللّه عزوجل : « فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث » فجعل اللّه عزوجل للأم الثلث كاملا إذا لم يكن له ولد ولا إخوة.

قال الفضل : ومن الدليل على أن لها الثلث من جميع المال أن جميع من خالفنا لم يقولوا لها السدس في هذه الفريضة إنما قالوا : للام ثلث ما بقي ، وثلث ما بقي هو السدس فأحبوا أن لا يخالفوا لفظ الكتاب فأثبتوا لفظ الكتاب وخالفوا حكمه ، وذلك تمويه وخلاف على اللّه عزوجل وعلى كتابه ، وكذلك ميراث المرأة مع الأبوين للمرأة الربع وللأم الثلث وما بقي فللأب لان اللّه تبارك وتعالى قد سمى في هذه الفريضة وفي التي قبلها للزوج النصف وللمرأة الربع ، وللأم الثلث ولم يسم للأب شيئا ، إنما قال اللّه عزوجل : « وورثه أبواه فلأمه الثلث » وجعل للأب ما بقي بعد

ص: 267


1- وهو ثلاثة عشر من أربعة وعشرين ، وفرضهن من ذلك الثلثان وهو ستة عشر ، فينقص من فرضهن ثلاثة. ( مراد )

ذهاب السهام ، وإنما يرث الأب ما يبقى بعد ذهاب السهام (1).

5619 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن محمد بن مسلم قال : « أقرأني أبو جعفر ( عليه السلام ) صحيفة الفرائض التي هي إملاء رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) وخط علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بيده ، فقرأت فيها : امرأة ماتت وتركت زوجها وأبويها ، فللزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللأم الثلث سهمان ، وللأب السدس سهم » (2).

5620 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن جميل ، عن إسماعيل الجعفي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) (3) قال : قلت له : « رجل مات وترك امرأته وأبويه ، قال : لامرأته الربع وللأم الثلث ، وما بقي فللأب ».

فإن تركت امرأة زوجها وأمها فللزوج النصف وما بقي فللأم ، فإن تركت زوجها وأباها فللزوج النصف وما بقي فللأب.

باب 630: ميراث ولد الولد

5621 - روى الحسن بن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : « بنات الابنة يقمن مقام البنات إذا لم يكن للميت بنات لا وراث غيرهن ، قال : وبنات الابن يقمن مقام الابن إذا لم يكن للميت ولد ولا وارث غيرهن » (4).

فإذا ترك الرجل ابن ابنة وابنة ابن فلابن الابنة الثلث ، ولابنة الابن الثلثان

ص: 268


1- إلى هنا من كلام الفضل كما يظهر من السياق هنا وفي الكافي.
2- للزوج النصف لعدم الولد ، وللأم الثلث من جميع المال ، وللأب السدس هذا مع عدم الحاجب والا فينعكس ويكون للأم السدس وللأب الثلث. ( م ت )
3- في الكافي ج 7 ص 98 عن إسماعيل عن أبي جعفر عليه السلام نحوه.
4- رواه الكليني والشيخ في الصحيح أيضا ، وقوله « ولا وارث غيرهن » أي من البنين. ولكن المصنف - رحمه اللّه - أخذ بظاهره واشترط فقد الأبوين في توريث أولاد الأولاد ولم يقل به غيره وسيأتي الكلام فيه عند قول المصنف في باب ميراث الأبوين مع ولد الولد.

لان كل ذي رحم يأخذ نصيب الذي يجره.

5622 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبى محمد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) : « رجل مات وترك ابنة ابنته وأخاه لأبيه وأمه لمن يكون الميراث؟ فوقع عليه السلام في ذلك : الميراث للأقرب إن شاء اللّه » (1).

ولا يرث ابن الابن ، ولا ابنة الابنة مع ولد الصلب ، ولا يرث ابن ابن ابن مع ابن ابن ، وكل من قرب نسبه فهو أولى بالميراث ممن بعد ولا يرث مع ولد الولد وإن سفل أخ وأخت ولا عم ولا عمة ، ولا خال ولا خالة ، ولا ابن أخ ، ولا ابن أخت ، ولا ابن عم ، ولا ابن خال ، ولا ابن عمة ، ولا ابن خالة.

باب 631: ميراث الأبوين مع ولد الولد

أربعة لا يرث معهم أحد إلا زوج أو زوجة : الأبوان والابن والابنة هذا هو الأصل لنا في المواريث ، فإذا ترك الرجل أبوين وابن ابن وابن ابنة فالمال للأبوين للأم الثلث وللأب الثلثان لان ولد الولد إنما يقومون مقام الولد إذا لم يكن هناك ولد ولا وارث غيره ، والوارث هو الأب والام. (2)

ص: 269


1- قوله « الميراث للأقرب » مؤيد لقول المصنف لان الأبوين أقرب إلى الميت من أولاد الأولاد لكن لم يعمل بظاهر الخبرين غيره - رحمه اللّه -.
2- قال المولى المجلسي : لم يذكر هذا القول من غير المصنف فهو كالمجمع عليه ، و يمكن أن يقال في الخبرين ان ظاهرهما متروك بالاجماع لان المصنف أيضا يقول بأن الزوج والزوجة يرثان معهم ، فإذا لم يكن مرادا ويأول فلا يكون التأويل الذي يفعله المصنف بأحسن مما أولهما الأصحاب مع أن خبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ابن الابن إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قام مقام الابن ، قال وابنة البنت إذا لم يكن من صلب الرجل أحد قامت مقام البنت » وخبره الاخر « ابن الابن ، يقوم مقام الابن إذا لم يكن للميت وارث غيره » قرينتان على أن المراد نفى الأولاد للصلب لا نفى كل وارث مضافا إلى أن الآيات اطلاقها ظاهره الدلالة على اطلاق الأولاد على أولاد الأولاد ، وحمل الشيخ قوله « لا وارث غيره » وقال المراد بذلك إذا لم يكن للميت الابن الذي يتقرب ابن الابن به أو البنت التي تتقرب بنت البنت بها ولا وارث له غيره من أولاد الصلب. أقول : صحة اطلاق الولد على ولد الولد ولو بنحو الحقيقة لا يوجب كونه في مرتبة الأبوين مع أقر بيتهما للميت ، ولازم القول المشهور وهو عدم حجب الأبوين أن يرث ولد الولد كما يرث الولد للصلب للذكر مثل حظ الأنثيين وأن يرث ابن البنت نصيب الابن وكذا بنت الابن نصيب الابن ولم يقولوا به لا في صورة وجود الأبوين ولا في عدمهما.

وقال الفضل بن شاذان - رحمه اللّه - خلاف قولنا في هذه المسألة واخطأ ، قال : إن ترك ابن ابنة وابنة ابن وأبوين فللأبوين السدسان وما بقي فلابنة الابن من ذلك الثلثان ولابن الابنة من ذلك الثلث ، تقوم ابنة الابن مقام أبيها وابن الابنة مقام أمه وهذا مما زل به قدمه عن الطريق المستقيمة ، وهذا سبيل من يقيس (1).

باب 632: ميراث ولد الولد مع الزوج والزوجة

إذا ترك الرجل امرأة وولد الولد فللمرأة الثمن وما بقي فلولد الولد ، فإن تركت امرأة زوجها وولد الولد فللزوج الربع وما بقي فلولد الولد ، لان الزوج والمرأة ليسا بوارثين أصليين إنما يرثان من جهة السبب لامن جهة النسب (2) ، فولد

ص: 270


1- أي لما ورد أن أولاد الإخوة يقومون مقام آبائهم وكذا الأخوات والأعمام والخالات فالفضل قاس أولاد الأولاد بهم أو بقيامهم مقام آبائهم في مقاسمة الزوجين وحاشا من الفضل أن يقيس ( م ت ) أقول : كان الفضل بن شاذان ثقة جليلا متكلما عظيم الشأن في علمائنا الامامية له مائة وثمانون كتابا على مذهب أهل البيت عليهم السلام قال العلامة في الخلاصة بعد توثيقه وتبجيله : « ترحم عليه أبو محمد عليه السلام مرتين وهو أجل من أن يغمز عليه فإنه رئيس طائفتنا رضي اللّه عنه ».
2- الظاهر أن غرضه أنه لا يرث الزوجان من الرد ويكون دليلا لان الباقي من نصيب الزوجين لأولاد البنات أيضا لأنهم أقرب من الميت ولا وجه له لأنهما يرثان مع الولد والأبوين وعدم ارثهما من الرد للنص والاجماع ويمكن أن يكون نكتة بعد النص ، ويحتمل أن يكون مراده نصرة مذهبه في أن ولد الولد مع الزوجين بمنزلة الولد ، لان الزوجين ليسا مثل الأبوين حتى يكون ولد الولد لا يرث لان الأبوين أصيلان وهو أظهر من كلامه وأبعد عن الصواب ولا يحتاج إلى هذه الوجوه بل العمدة ظاهر خبر سعد بن أبي خلف. ( م ت )

الولد معهما بمنزلة الولد لأنه ليس للميت ولد ولا أبوان.

باب 633: ميراث الأبوين والاخوة والأخوات

إذا مات الرجل وترك أبويه فلأمه الثلث للأب الثلثان ، فإن ترك أبويه وأخا أو أختا فللام الثلث وللأب الثلثان ، فإن ترك أبويه وأخا وأختين أو أخوين أو أربع أخوات لأب أو لأب وأم فللأم السدس وما بقي فللأب لقول اللّه عزوجل « فإن كان له إخوة » يعنى إخوة لأب أو لأب وأم « فلأمه السدس » (1) وإنما حجبوا الام عن الثلث لأنهم في عيال الأب وعليه نفقتهم فيحجبون ولا يرثون.

ومتى ترك أبويه وإخوة وأخوات لأم ما بلغوا (2) لم يحجبوا الام عن الثلث ولم يرثوا.

باب 634: ميراث الأبوين والزوج والاخوة والأخوات

ن تركت امرأة زوجها وأباها وإخوة وأخوات لأب وأم أو لأب أو لام فللزوج النصف وما بقي فللأب ، وليس للاخوة والأخوات مع الأب ولا مع الام شئ.

وكذلك إن تركت زوجها وأمها وإخوة وأخوات لأب وأم أو لأب أو لام فللزوج النصف وللأم السدس وما بقي رد عليها وسقط الاخوة والأخوات كلهم ،

ص: 271


1- من أصل المال على نهج سائر الفرائض ، والباقي للأب ما لم يزاحمه أحد الزوجين ويكفى في حجب الاخوة الام عن الثلث إلى السدس أن يكونوا أزيد من واحد بأن يكونا أخوين أو أخا وأختين أو أربع أخوات فما زاد لأب وأم أو لأب مع وجود الأب ويجب أن لا يكون في العدد المعتبر كافر ولا رق ولا يكونوا حملا كما سيأتي.
2- يعنى بلغ عددهم ما بلغ كثرة.

لان الام ذات سهم وهي أقرب الأرحام وهي تتقرب بنفسها والاخوة يتقربون بغيرهم.

فان تركت زوجا واما وإخوة لأم ، وأختا لأب وأم فللزوج النصف وما بقي فللام.

فإن تركت زوجها وأبويها وإخوة لأب وأم أو لأب فللزوج النصف وللأم السدس وللأب الباقي ، وإن كان الاخوة من الام فللزوج النصف وللأم الثلث وللأب السدس

باب 635: من لا يحجب عن الميراث

5623 - روى محمد بن سنان ، عن العلاء بن فضيل عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إن الوليد والطفل لا يحجبك ولا يرثك (1) إلا من آذن بالصراخ ، ولا شئ أكنه البطن وإن تحرك إلا ما اختلف عليه الليل والنهار » (2).

ولا يحجب الام عن الثلث الاخوة والأخوات من الام ما بلغوا ، ولا يحجبها إلا أخوان أو أخ وأختان أو أربع أخوات لأب ، وأم أو أكثر من ذلك ، والمملوك لا يحجب ولا يرث (3).

باب 636: ميراث الإخوة والأخوات

إذا ترك الرجل أخا لأب وأم فالمال كله له ، وكذلك إذا كانا أخوين أو أكثر

ص: 272


1- أراد بالوليد المولود ، وقوله « آذن » بالمدأى اعلم حياته ، والاستثناء من الحجب والميراث معا ( م ت ) ، وفي التهذيب « الوليد والطفيل لا يحجب ولا يرث ».
2- أي يكون قابلا له وهو ولد فكان ما في البطن لا يختلف عليه ولهذا لا يحسب من عمره وسنة. ( م ت )
3- فلو كان للميت ولد مملوك لم يحجب أقاربه عن الإرث ، وكذا لو كان له أخوة مماليك لم يحجبوا أمه عن الزيادة عن السدس. ( مراد )

من ذلك فالمال بينهم بالسوية ، فإن ترك أختا لأب وأم فلها النصف بالتسمية والباقي رد عليها لأنها أقرب الأرحام وهي ذات سهم (1) ، وكذلك إن تركت أختين أو أكثر فلهن الثلثان بالتسمية والباقي رد عليهن بسهم ذوي الأرحام ، وإن كانوا إخوة وأخوات لأب وأم فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، وكذلك الاخوة والأخوات للأب في كل موضع يقومون مقام الاخوة والأخوات للأب والام إذا لم يكن إخوة وأخوات لأب وأم ، فإن ترك أخا لأب وأم وأخا لأب فالمال كله للأخ من الأب الام ، وسقط الأخ من الأب ، ولا يرث الاخوة من الأب ذكورا كانوا أو إناثا مع الاخوة من الأب والام ذكورا كانوا أو إناثا شيئا (2).

فإن ترك أخا لأب وأم وأختا لأب فالمال كله للأخ من الأب والام ، وكذلك إن ترك أختا لأب وأم ، وأخا لأب ، فالمال كله للأخت من الأب والام يكون لها النصف بالتسمية ، وما بقي فلا قرب أولى الأرحام وهي أقرب [ أولى ] الأرحام.

5624 - لقول النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « أعيان بنى الام أحق بالميراث من ولد العلات ». (3)

ص: 273


1- قيد به لان مجرد كونها أقرب غير كاف في الرد بل لا بد من أن تكون ذات سهم ليزاد على سهمها فيكون تلك الزيادة ردا ورثها بالقرابة ولو لم يكن سهم لورثت المال كله بالقرابة. ( مراد )
2- ما ذكره المصنف - رحمة اللّه عليه - يرجع إلى أن الأخ واحدا كان أو أكثر له المال بالقرابة ، وكذا إذا اجتمع معه أو معهم الأخت أو الأخوات ويكون المال بينهم للذكر ضعف الأنثى إذا كانوا لأب وأم أو لأب مع عدمهم ، فان الاخوة والأخوات للأب لا يرثون مع الاخوة والأخوات للأب والام. ( م ت )
3- الأعيان الاخوة لأب واحد وأم واحدة مأخوذة من عين الشئ وهو النفيس منه ( النهاية ) وفي الكافي « أعيان بنى الأب » وبنو العلات هم أولاد الرجل من نسوة شتى ، سميت بذلك لان الذي تزوجها على أولى قد كانت قبلها [ ناهل ] ثم عل من هذه. والعلل الشرب الثاني ، يقال علل بعد نهل ( الصحاح ) أقول : الخبر مروى في التهذيب ج 2 ص 43 مسندا ، وذكره الكليني في الكافي ، وقال : هذا مجمع عليه من قوله صلى اللّه عليه وآله

فإن ترك أخوات لأب وأم ، وأخوات لأب ، وابن أخ لأب ، فللأخوات للأب والام الثلثان ، وما بقي رد عليهن لأنهن أقرب الأرحام.

فإن ترك أخا وابن أخ لأب وأم فالمال كله للأخ من الأب لأنه أقرب ببطن ، ولان الأخ للأب يقوم مقام الأخ للأب والام إذا لم يكن أخ لأب وأم فلما قام مقام الأخ للأب والام وكان أقرب ببطن كان أحق بالميراث من ابن الأخ.

فان ترك أخا لأب وأم وأخا لأم فللأخ من الام السدس وما بقي فللأخ من الأب والام.

فإن ترك إخوة وأخوات لأب وأم ، وأختا لام فللأخت من الام السدس ، وما بقي فبين الاخوة والأخوات للأب والام للذكر مثل حظ الأنثيين.

فإن ترك أختا لأب وأم ، وأختا أو أخا لام فللأخ أو الأخت للأم السدس وللأخت للأب والام الباقي (1).

فان ترك أخوين أو أختين لام أو أكثر من ذلك ، وإخوة لأب وأم فللاخوة أو الأخوات من قبل الام الثلث بينهم بالسوية ، وما بقي فللاخوة من الأب والام (2).

والأخ من الام ذكرا كان أو أنثى إذا كان واحدا فله السدس فإن كانوا أكثر من ذلك ذكورا كانوا أو إناثا فلهم الثلث لا يزادون على الثلث ولا ينقصون من السدس

ص: 274


1- النصف بالتسمية والباقي بالرد. ( مراد )
2- اختلف الأصحاب فيما إذا اجتمعت كلالة الام مع كلالة الأبوين وزادت التركة عن نصيبهما هل تختص الزيادة بالمتقرب بالأبوين أو يرد عليهما بنسبة سهامهما ، فالمشهور بين الأصحاب اختصاص المتقرب بالأبوين بالفاضل بل ادعى عليه جماعة الاجماع ، وقال ابن أبي عقيل والفضل : الفاضل يرد عليهما على نسبة السهام ، فلو كان مكان المتقرب بالأبوين المتقرب بالأب فقط فاختلفوا فيه فذهب الصدوق والشيخ في النهاية والاستبصار وابن البراج وأبو الصلاح وأكثر المتأخرين إلى الاختصاص هنا أيضا لرواية محمد بن مسلم ، وذهب الشيخ في المبسوط وابن الجنيد وابن إدريس والمحقق إلى أنه يرد عليهما ، والأول أقوى. ( المرآة )

إذا كان واحدا ، قال اللّه تبارك وتعالى : « وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث ».

فإن ترك أخاه لأبيه ، وأخاه لامه ، وأخاه لأبيه وأمه ، فللأخ من الام السدس وما بقي فللأخ من الأب الام ، وسقط الأخ من الأب.

فإن ترك إخوة وأخوات لأم ، وإخوة وأخوات لأب وأم ، وإخوة وأخوات لأب فللاخوة والأخوات من الام الثلث الذكر والأنثى فيه سواء ، وما بقي فللاخوة والأخوات من الأب والام للذكر مثل حظ الأنثيين ، وسقط الاخوة الأخوات من الأب.

فإن ترك أختا لأم ، وأختا لأب وأم ، وأختا لأب ، فللأخت من الام السدس ، وما بقي فللأخت من الأب والام ، وسقطت الأخت من الأب.

فإن ترك أختين لام ، وأختين لأب وأم ، وأختين لأب فللأختين للأم الثلث بينهما بالسوية ، وما بقي فللأختين من الأب والام ، وسقط الأختان من الأب.

فإن ترك أختا لأب وأم ، وإخوة وأخوات لأم ، وابن أخ لأب وأم فإن للاخوة والأخوات من الام الثلث الذكر والأنثى فيه سواء ، وما بقي فللأخت من الأب والام ، وسقط ابن الأخ للأب والام.

فان ترك أخا لأب ، وابن أخ لام فالمال كله للأخ من الأب.

فإن ترك أخا لام ، وابن أخ لأب وأم فالمال كله للأخ من الام ، وسقط ابن الأخ للأب والام. وغلط الفضل بن شاذان في هذه المسألة فقال : للأخ من الام السدس سهمه المسمى له ، وما بقي فلا بن الأخ للأب والام واحتج في ذلك بحجة ضعيفة ، فقال : لان ابن الأخ للأب والام يقوم مقام الأخ الذي يستحق المال كله بالكتاب فهو بمنزلة الأخ للأب والام ، وله فضل قرابة بسبب الام.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : وإنما يكون ابن الأخ بمنزلة الأخ إذا لم يكن له أخ ، فإذا كان له أخ لم يكن بمنزلة الأخ ، كولد الولد إنما هو ولد

ص: 275

إذا لم يكن للميت ولد ولا أبوان ، ولو جاز القياس في دين اللّه عزوجل لكان الرجل إذا ترك أخا لأب وابن أخ لأب وأم كان المال كله لابن الأخ للأب والام قياسا على عم لأب وابن عم لأب وأم لان المال كله لابن العم للأب والام لأنه قد جمع الكلالتين كلالة الام وذلك بالخبر المأثور عن الأئمة الذين يجب التسليم لهم ( عليهم السلام ).

والفضل يقول في هذه المسألة : إن المال للأخ للأب وسقط ابن الأخ للأب والام ، ويلزمه على قياسه أن المال بين ابن الأخ للأب والام وبين الأخ للأب لان ابن الأخ له فضل قرابة بسبب الام وهو يتقرب بمن يستحق المال كله بالتسمية وبمن لا يرث الأخ للأب معه. (1)

فإن ترك ابن أخ لام ، وابن أخ لأب وأم ، وابن أخ لأب ، فلابن الأخ من الام السدس ، وما بقي فلابن الأخ من الأب والام ، وسقط ابن الأخ من الأب.

فإن ترك ابن أخ لأب ، وابن أخ لأب وأم ، فالمال كله لابن الأخ للأب والام ، وسقط ابن الأخ للأب.

فإن ترك ابنة أخت لأم ، وابنة أخت لأب وأم ، وابنة أخت لأب ، فلابنة الأخت للأم السدس ، وما بقي فلابنة الأخت للأب والام ، وسقطت ابنة الأخت للأب.

ص: 276


1- حاصله أن الفضل - رحمه اللّه - قاس قيام ابن الأخ والام مقام أبيه عند اجتماعه مع الأخ للام على قيامه مقام أبيه عند اجتماعه معه ، ولو صح ذلك ليصح قياس ابن الأخ للأب والام عند اجتماعه مع الأخ للأب على ابن العم للأب والام عند اجتماعه مع العم للأب في قيام ابن العم مقام أبيه في التوريث وكان الميراث لابن الأخ من الأب والام دون الأخ من الأب كما أن الميراث لابن العم من الأب والام دون العم من الأب وليس كذلك ، والفضل أيضا لا يقول به ( مراد ) أقول : قال في الدروس : لا ميراث لابن الأخ من الأبوين مع الأخ للام ، ولا لابن ابن الأخ من الأبوين مع ابن أخ لام خلافا للفضل في المسألتين لاجتماع السببين ، ويضعف بتفاوت الدرجتين.

فإن ترك ابنة أخ لأب وأم ، وبنى أخ لأب وأم فإن كانوا لأخ واحد فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن كان الأخ أبو الابنة غير الأخ أبى البنين ، فلابنة الأخ النصف من الميراث نصيب أبيها ، ولبني الأخ النصف ميراث أبيهم.

فإن ترك ابن أخ لام ، وابن ابن [ ابن ] أخ لأب وأم فالمال كله لابن الأخ للام لأنه أقرب ، وليس كما قال الفضل بن شاذان : إن لابن الأخ من الام السدس وما بقي فلابن ابن [ ابن ] الأخ للأب والام ، لأنه خلاف الأصل الذي بنى اللّه عزوجل عليه فرائض المواريث.

فإن ترك ابن ابن ابن أخ لأب وأم أو لأب أو لام ، وعما أو عمة ، أو خالا أو خالة ، فالمال لابن ابن ابن الأخ [ للأب والام ] فإن ولد الأخ وإن سفلوا فهم من ولد الأب ، والعم والعمة من ولد الجد ، والخال والخالة من ولد الجد ، وولد الأب وإن سفلوا أحق بالميراث من ولد الجد وكذلك يجرى أولاد الأخت لأب كانت أو لام أو لأب وأم هذا المجرى لا يرث معهم عم ولا عمة ولا خال ولا خالة كما لا يرث مع ولد الولد وإن سفلوا أخ ولا أخت لأب كانوا أو لام أو لأب وأم.

5625 - وروى ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن بكير بن أعين قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : « امرأة ماتت وتركت زوجها وإخوتها لأمها وإخوتها لأبيها (1) فقال : للزوج النصف ثلاثة أسهم وللاخوة للأم الثلث الذكر والأنثى فيه سواء ، وبقى سهم فهو للاخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين ».

5626 - قال (2) « وجاء رجل إلى أبى جعفر ( عليه السلام ) فسأله عن امرأة تركت زوجها وإخوتها لأمها وأختها لأبيها ، فقال : للزوج النصف ثلاثة أسهم ، وللاخوة من الام سهمان وللأخت من الأب سهم (3) فقال له الرجل : فان فرائض

ص: 277


1- في الكافي والتهذيب « وإخوتها وأخواتها لأبيها » وهو الصواب ، ولعل السقط من النساخ.
2- يعني بالسند المتقدم كما في الكافي ج 7 ص 102.
3- كذا في التهذيب أيضا ، وفي الكافي « للأخت من الأب السدس سهم ».

زيد (1) وفرائض العامة على غير هذا يا أبا جعفر يقولون للأخت من الأب ثلاثة أسهم هي من ستة تعول إلى ثمانية ، فقال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : ولم قالوا هذا؟ فقال : لان اللّه عزوجل قال : « وله أخت فلها نصف ما ترك » فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : فإن كانت الأخت أخا؟ قال : ليس له إلا السدس ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : فما لكم نقصتم الأخ إن كنتم تحتجون أن للأخت النصف بأن اللّه عزوجل سمى لها النصف فإن اللّه سمى للأخ الكل ، والكل أكثر من النصف لأنه عزوجل قال في الأخت : « فلها نصف ما ترك » وقال في الأخ : « وهو يرثها » يعنى جميع مالها إن لم يكن لها ولد فلا تعطون الذي جعل اللّه عزوجل له الجميع في بعض فرائضكم شيئا ، وتعطون الذي جعل اللّه له النصف تاما!! وتقولون في زوج (2) وأم وإخوة لأم وأخت لأب فتعطون الزوج النصف والام السدس ، والاخوة من الام الثلث ، والأخت من الأب النصف تجعلونها من تسعة وهي ستة تعول إلى تسعة!! فقال : كذلك يقولون ، فقال له أبو جعفر ( عليه السلام ) (3) :

ص: 278


1- المراد زيد بن ثابت بن ضحاك الأنصاري الصحابي المدني ، وكان أصحاب الفتوى من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله ستة هو أحدهم ، قال الشعبي غلب زيد الناس على اثنين الفرائض والقرآن. وقال علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب قال : شهدت جنازة زيد بن ثابت فلما دلى في قبره قال ابن عباس : من سره أن يعلم كيف ذهاب العلم فهكذا ذهاب العلم ، واللّه لقد دفن اليوم علم كثير « تهذيب التهذيب » هذا وروى الكليني ج 7 ص 407 عن أبي علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : « الحكم حكمان حكم اللّه وحكم الجاهلية ، وقد قال اللّه عزوجل » ومن أحسن من اللّه حكما لقوم يوقنون « واشهدوا على زيد بن ثابت لقد حكم في الفرائض بحكم الجاهلية ».
2- في الكافي « جعل اللّه له النصف تاما ، فقال له الرجل : أصلحك اللّه فكيف تعطى الأخت النصف ولا يعطى الذكر لو كانت هي ذكرا شيئا ، قال : تقولون في أم وزوج وإخوة لأم وأخت لأب يعطون الزوج - الخ ».
3- في الكافي « والأخت من الأب النصف ثلاثة فيجعلونها من تسعة وهي من ستة فترتفع إلى تسعة ، قال : وكذلك تقولون ، قال : فان كانت - الخ ».

فإن كانت الأخت أخا لأب ، قال له الرجل : ليس له شئ فما تقول أنت (1)؟ فقال : ليس للاخوة من الأب والام ولا للاخوة من الأب مع الام شئ ».

باب 637: ميراث الزوج والزوجة مع الاخوة والأخوات

إذا مات الرجل وترك امرأة وأخا لأب أو لأب وأم أو لام فللمرأة الربع وما بقي فللأخ (2) ، وكذلك إن ترك امرأة وأختا لأب أو لأب وأم أو لام فللمرأة الربع وما بقي فللأخت.

فإن ترك امرأة ، وأخا لأم ، وأخا لأب وأم ، وأخا لأب ، فللمرأة الربع وللأخ من الام السدس ، وما بقي فللأخ من الأب والام ، وسقط الأخ من الأب.

فإن ترك امرأة وأخا وأختا لام ، أو إخوة وأخوات لأم ، وإخوة وأخوات لأب وأم وإخوة وأخوات لأب فللمرأة الربع وللاخوة والأخوات من الام الثلث الذكر والأنثى فيه سواء ، وما بقي فللاخوة والأخوات من الأب والام للذكر مثل حظ الأنثيين ، وسقط الاخوة والأخوات من الأب.

فإن تركت امرأة زوجها وأخا لأب أو لام أو لأب وأم ، فللزوج النصف وما بقي فللأخ. وكذلك إن تركت زوجه وأختها لأب أو لام أو لأب وأم ، فللزوج النصف ، وما بقي فللأخت.

فإن تركت زوجها ، وإخوة وأخوات لأم ، وإخوة وأخوات لأب وأم ، وإخوة وأخوات لأب ، فللزوج النصف ، وللاخوة والأخوات من الام الثلث بينهم بالسوية وما بقي فللاخوة والأخوات من الأب والام وهو السدس للذكر مثل حظ الأنثيين ، و سقط الاخوة والأخوات من الأب.

ص: 279


1- في الكافي بعد قوله « أخا لأب » قال ليس له شئ ، فقال الرجل لأبي جعفر عليه السلام فما تقول أنت ، فقال - الخ.
2- لان الأخ ليس بذى فرض فيأخذ الباقي.

فإن تركت زوجها وأخا لأم ، وأخا لأب وأم ، وأخا لأب ، فللزوج النصف ، وللأخ من الام السدس ، وما بقي فللأخ من الأب والام ، وسقط الأخ من الأب.

وكذلك تجرى سهام ولد الاخوة والأخوات مع الزوج والزوجة على هذا.

باب 638: ميراث الأجداد والجدات

5627 - روى محمد بن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن فريضة الجد ، فقال : ما أعلم أحدا من الناس (1) قال فيها الا بالرأي إلا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (2) فإنه قال فيها بقول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) » (3).

5628 - روى يحيى بن أبي عمران (4) ، عن يونس ، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الجد والجدة من قبل الأب والجد والجدة من قبل الام كلهم يرثون ».

5629 - وروى الحسن بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أطعم الجدة أم الأب السدس وابنها حي ،

ص: 280


1- أي من الصحابة والتابعين غير الأئمة المعصومين عليهم السلام. ( م ت )
2- الاستثناء منقطع أو لان قول الأئمة قول علي عليه السلام. ( م ت )
3- قال في النافع : وللجد المال ان انفرد لأب كان أو لام ، وكذا الجدة ، ولو اجتمع جد وجدة فان كانا لأب فلهما المال للذكر مثل حظ الأنثيين وان كانا لام فالمال بينهم بالسوية ، وإذا اجتمع الأجداد المختلفون فلمن يتقرب بالأم الثلث على الأصح واحدا كان أو أكثر ، ولمن يتقرب بالأب الثلثان ولو كان واحدا ، ولو كان معهم زوج أو زوجة أخذ النصيب الاعلى ولمن يتقرب بالأم ثلث الأصل والباقي لمن يتقرب بالأب ، والجد الأدنى يمنع الاعلى ، وإذا اجتمع معهم الاخوة فالجد كالأخ والجدة كالأخت.
4- يحيى بن أبي عمران له كتاب يروى عنه المؤلف باسناده إلى إبراهيم بن هاشم وكان تلميذ يونس بن عبد الرحمن ، والظاهر هو الهمداني.

وأطعم الجدة أم الام السدس وابنتها حية ». (1)

5630 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : حدثني حماد بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه البصري ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : قلت له : « إن ابنتي ماتت وأمي حية ، فقال أبان بن تغلب : ليس لها شئ ، فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) سبحان اللّه!! أعطها سهما - يعنى السدس - » (2).

5631 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : « سألته عن بنات الابنة وجد ، فقال : للجد السدس ، والباقي لبنات الابنة » (3).

ص: 281


1- طريق المصنف إلى الحسين بن سعيد صحيح كما في الخلاصة ، وظاهر هذه الصحيحة استحباب الطعمة للجد والجدة ، قال في المسالك : عد م ارث الجد مع الأبوين أو أحدهما هو المشهور بين الأصحاب لا نعلم فيه مخالفا الا ابن الجنيد فإنه جعل الفاضل عن سهام البنت والأبوين للجدين أو الجدتين لكن على المشهور يستحب للأبوين أو أحدهما أن يطعم سدس الأصل للجد أو الجدة من قبله إذا زاد نصيبه عن السدس ، واطلاق السدس في الاخبار ظاهر في كونه سدس الأصل لا سدس نصيب المطعم خلافا لابن الجنيد ، ويشتر ط زيادة نصيب المطعم عن السدس وكونه أحد الأبوين وكون الطعمة لمن يتقرب به من الأبوين دون من يتقرب بالآخر ، فلو لم يحصل لاحد الأبوين سوى السدس كالأم مع الحاجب والأب مع الزوج لم يستحب له الطعمة ، ولو زاد نصيب أحدهما دون الاخر اختص بالطعمة لوجود الشرط فيه دون الاخر ، وظاهر الاخبار أنه متى زاد نصيب أحد الأبوين عن السدس ، استحب له طعمة السدس وان بقي للمطعم أقل من السدس كما لو كان الوارث بنتا وأبوين أو بنتين وأحدهما ، وفي الدروس قيد الاستحباب بما إذا زاد نصيب المطعم بقدر السدس ، وربما قيل باستحباب طعمة أقل الأمرين من الزائد عن السدس ومنه ، ووجهه من النص غير واضح.
2- ظاهر ه يدل على الوجوب وحملوه على الاستحباب فلعله لما هو الأصل في الإرث أن الأقرب يمنع الابعد ، وأنت خبير بأن وجوب اعطاء الأبوين من نصيبهما شيئا على سبيل الطعمة غير توريث الذي هو مبني على الأقربية. ( مراد )
3- « للجد السدس » ظاهره ينافي ما تقرر أن أولاد الأولاد في المرتبة الأولى من مراتب الإرث عند عدم الأولاد ، والجد في المرتبة الثانية الا أن يحمل على أنه يستحب أن تعطى بنات البنت الجد السدس على طريقة الطعمة ، ويمكن أن يحمل الجد على جد البنات وهو أبو الأب دون جده ( مراد ) أقول : نقل في التهذيبين اجماع العصابة على ترك العمل بهذا الخبر وأمثاله. وظاهر المصنف العمل بها كما يأتي منه - رحمة اللّه -

5632 - وروى الحسن بن علي بن فضال عن عبد اللّه بن بكير ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « إن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أطعم الجدة السدس ، ولم يفرض اللّه عزوجل لها شيئا » (1).

5633 - وروى يعقوب بن يزيد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد اللّه بن جبلة ، عن أبي جميله ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في أبوين وجدة لام ، قال : للأم السدس ، وللجدة السدس ، (2) وما بقي وهو الثلثان للأب ».

5634 - وفي رواية معاوية بن حكيم ، عن علي بن الحسن بن رباط رفعه إلى أبى عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « الجدة لها السدس مع ابنها ومع ابنتها » (3).

5635 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « في رجل مات وترك امرأته وأخته وجده : فقال : هذه من أربعة أسهم للمرأة الربع وللأخت سهم ، وللجد سهمان ».

5636 - وروى ابان عن بكير ، الحلبي عن أحدهما ( عليهما السلام ) (4) قال : « للاخوة

ص: 282


1- لا يستفاد من الخبر وجه فعله صلى اللّه عليه وآله واطعامه هل كان على وجه الوجوب أو الاستحباب ، ومع الشك كيف يمكن استظهار الاستحباب ومقتضى الأصل البراءة.
2- قال في التهذيبين : إنما جعل للجد أو الجدة السدس على جهة الطعمة لا على وجه الميراث كما تقدم في خبر جميل وزرارة.
3- استدل بها الشيخ على القول بالطعمة وقال : ان الطعمة إنما يكون للجد والجدة إذا كان ولدهما حيا فأما إذا كان ميتا فليس لهما طعمة على حال.
4- السند كما في الكافي والتهذيب صحيح وفيهما عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام والظاهر أن المؤلف جمع بين رواية بكير عن أبي جعفر عليه السلام ورواية الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

من الام الثلث مع الجد ، وهو شريك الاخوة من الأب » (1).

5637 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ترك أخاه لأمه ولم يترك وارثا غيره فقال : المال له ، قلت : فإن كان مع الأخ للام جد؟ فقال : يعطى الأخ للأم السدس ، ويعطى الجد الباقي » (2).

5638 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن الاخوة من الام مع الجد ، فقال : للاخوة من الام فريضتهم الثلث مع الجد » (3).

5639 - روى الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع عن أبي - عبد اللّه ( عليه السلام ) « في الجد مع إخوة لام ، قال : إن في كتاب على ( عليه السلام ) أن الاخوة من الام يرثون مع الجد الثلث ».

5640 - وروى ابن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : سألته عن أخ لأب وجد ، قال : المال بينهما سواء ) (4).

ص: 283


1- عبارة الكافي والتهذيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الاخوة من الام مع الجد قال : « للاخوة من الام مع الجد نصيبهم الثلث مع الجد » والمراد أن الاخوة من الام إذا كانوا أكثر من واحد إذا اجتمعوا مع الجد للأب فلهم الثلث وللجد الثلثان. ( المرآة )
2- زاد في الكافي والتهذيب « قلت فإن كان الأخ لأب وجد ، قال : المال بينهما سواء » ويأتي تحت رقم 5637 وقال الفاضل التفرشي قوله « فإن كان مع الأخ جد » أي من جانب الأب وهو المراد من الأحاديث الآتية.
3- احتمل العلامة المجلسي غير ما تقدم وجهين آخرين الأول أن يكون المراد أن الاخوة من الام مع الجد من قبلها للجميع الثلث والباقي لكلالة الأبوين أو الأب من الإخوة والأجداد ان كانوا والا يرد عليهم ، الثاني أن الاخوة من الام مع الجد من قبلها فريضة الجميع الثلث إذا اجتمعوا مع الجد للأب.
4- أراد الجد من قبل الأب لأنه إن كان من قبل الام يعطى السدس ويعطى الجد الباقي كما تقدم.

5641 - وروى ابن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « كان علي عليه السلام يورث الأخ من الأب مع الجد ينزله بمنزلته ) (1).

5642 - وروى ابن أذينة ، عن زرارة ، وبكير ، ومحمد بن مسلم ، والفضيل ، و بريد ابن معاوية عن أحدهما ( عليهما السلام ) » أن الجد مع الاخوة من الأب مثل واحد من الاخوة ) (2).

5643 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال :  سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل مات وترك أخاه لأبيه وأمه ، وجده ، قال : المال بينهم أخوين كانا أو مائة ، فالجد معهم كواحد منهم ، للجد مثل نصيب واحد من الاخوة ) (3).

5644 - وروى حماد ، عن حريز ، عن الفضيل أو غيرة - عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن الجد شريك الاخوة ، وحظه مثل حظ أحدهم ما بلغوا كثروا أو قلوا ».

5645 - وروى محمد بن الوليد ، عن حماد بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفي قال : سمعت أبا جعفر (4) ( عليه السلام ) يقول : « الجد يقاسم الاخوة ولو كانوا مائة الف » (5).

5646 - وروى ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : قلت

ص: 284


1- مؤيد للخبر السابق بل مبين له.
2- محمولة على اتحاد الجهة بأن كان الجد مع الإخوة للأب أو الأب والام أو كان الاخوة للام مع الجد من قبلها. وقال في الدروس : المنفرد المال لأب كان أو لام وكذا الجدة ولو اجتمعا من طرف واحدة تقاسما المال للذكر مثل حظ الأنثيين ان كانا لأب ، وبالسوية ان كانا لام.
3- زاد في الكافي والتهذيب « قال : وان ترك أخته فللجد سهمان وللأخت سهم وان كانتا أختين فللجد النصف وللأختين النصف ، قال : وان ترك اخوة وأخوات من أب وأم كان الجد كواحد من الاخوة للذكر مثل حظ الأنثيين ».
4- في بعض النسخ « أبا عبد اللّه ».
5- يدل على جواز المبالغة فإنه لا يمكن عادة وجودهم وهو مبالغة في الكثرة. ( م ت )

لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : « رجل مات وترك ستة إخوة وجدا قال : هو كأحدهم » (1).

5647 - وفي رواية يونس ، عن سيف بن عميرة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول « في ستة إخوة وجد قال : للجد السبع ».

5648 - وروى ابن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل ترك إخوة وأخوات من أب وأم ، وجدا ، قال : الجد كواحد من الاخوة ، المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ».

5649 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سئل عن ابن عم وجد ، قال : المال للجد » (2).

5650 - وروى البزنطي ، عن المثنى ، عن الحسن الصيقل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « ابن أخ وجد ، قال : المال بينهما نصفان ». (3)

5651 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف ، عن بعض أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام في بنات أخت وجد ، قال : لبنات الأخت الثلث ، وما بقي فللجد ). (4)

5652 - وروى الحسن بن علي بن النعمان ، عن عبد اللّه بن نمير ، عن الأعمش

ص: 285


1- أي للجد السبع كما يأتي.
2- يدل على أن الجد مقدم على ابن العم لان الجد يتقرب من الميت بواسطة ، و ابن العم بثلاث وسائط.
3- يدل علی أن أولاد الاخوة يقومون مقام آبائهم ويرثون مع الجد لاختلاف وصلتها وكذا يرث جد الجد مع الاخوة ( م ت ) وقال في المسالك : لا يمنع الجد وان قرب ولد الأخ وان بعد لأنه ليس من صنفه حتى يراعى فيه تقديم الأقرب فالأقرب ، كذا لا يمنع الأخ الجد الابعد. وقال العلامة المجلسي : الخبر محمول على ما إذا كانا من جهة واحدة ولا يمنع هنا بعد ابن الأخ لاختلاف الجهة.
4- زاد في الكافي والتهذيب « فأقام بنات الأخت مقام الأخت وجعل الجد بمنزلة الأخ ».

عن سالم بن أبي الجعد « أن عليا ( عليه السلام ) أعطى الجدة المال كله » (1).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : إنما أعطاها المال كله لأنه لم يكن للميت وارث غيرها (2).

5653 - وروى عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنه قال : « من أراد أن يتقحم جراثيم جهنم فليقل في الجد » (3)

وروى ابن سيرين عن أبي عبيدة قال : (4) حفظت عن بعض الصحابة في الجد مائة قضية يخالف بعضها بعضا.

وقال الفضل بن شاذان : اعلم أن الجد بمنزلة الأخ أبدا ، يرث حيث يرث

ص: 286


1- عبد اللّه بن نمير الهمداني الخارقي كوفي من رجال العامة وثقة ابن معين والعجلي وذكر ه ابن حبان في الثقات كما في تهذيب التهذيب يروى عنه هنا الحسن بن علي بن النعمان الكوفي وثقة النجاشي ، وأما سليمان بن مهران الأعمش فشيعي ذكر ه العامة في رجالهم وأثنوا عليه ، وأما سالم بن أبي الجعد الأشجعي عنونه العسقلاني في التهذيب ونقل عن جماعة توثيقه هذا الخبر هنا وهو من طريقهم لأنهم ربما يتمسكون بظاهره ولا يورثون ابن الأخ مع الجد روى الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم : « نشر أبو عبد اللّه عليه السلام صحيفة فأول ما تلقاني فيها : ابن أخ وجد المال بينهما نصفان ، فقلت : جعلت فداك ان القضاة عندنا لا يقضون لابن الأخ مع الجد بشئ » ، فيقال : ان هذا الكتاب خط علي عليه السلام واملاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.
2- وقال الشيخ في الاستبصار : الوجه في هذا الخبر أنه أعطاها المال لما لم يكن غيرها ممن هو أولى منها أو مثلها بالميراث ، وليس في الخبر أنه أعطاها مع وجودهم.
3- في النهاية اقتحم الانسان الامر العظيم وتقحمه إذا رمى بنفسه من غير روية وتثبت ، ومنه حديث علي عليه السلام « من سره أن يتقحم جراثيم جهنم فليقض في الجد » أي يرمى بنفسه في معاظم عذابها. أقول : جرثوم الشئ أصله وجمعه جراثيم وجرثومة النمل قريته
4- هو محمد بن سيرين البصري من الفقهاء قال ابن سعد كان ثقة مأمونا عاليا رفيعا إماما كثير العلم ورعا ، والمراد بأبي عبيدة حذيفة بن اليمان الصحابي المعروف بقرينة رواية ابن سيرين عنه ، أو الصحيح « أبو عمرو عبيدة السلماني ».

ويسقط حيث يسقط (1) ، وغلط الفضل في ذلك لان الجد يرث مع ولد الولد ولا يرث معه الأخ (2) ، ويرث الجد من قبل الأب مع الأب ، والجد من قبل الام مع الام ، ولا يرث الأخ مع الأب والام (3) ، وابن الأخ يرث مع الجد ولا يرث مع الأخ ، فكيف يكون الجد بمنزلة الأخ أبدا؟ وكيف يرث حيث يرث ويسقط حيث يسقط؟! بل الجد مع الاخوة بمنزلة واحد منهم ، فأما أن يكون أبدا بمنزلتهم يرث حيث يرث الأخ ويسقط حيث يسقط الأخ فلا.

وذكر الفضل بن شاذان من الدليل على ذلك :

5654 - ما رواه فراس ، عن الشعبي ، عن ابن عباس (4) أنه قال : « كتب إلى علي بن أبي طالب عليه السلام في ستة إخوة وجد أن اجعله كأحدهم وامح كتابي ».

فجعله على ( عليه السلام ) سابعا معهم وقوله ( عليه السلام ) « وامح كتابي » كره أن يشنع عليه

ص: 287


1- في الكافي ج 7 ص 116 قال الفضل بن شاذان : ان الجد بمنزلة الأخ يرث حيث يرث الأخ ويسقط حيث يسقط الأخ ، وذلك أن الأخ يتقرب إلى الميت بأبي الميت وكذلك الجد يتقرب إلى الميت بأبي الميت ، فلما استويا في القرابة وتقربا من جهة واحدة كان فرضهما وحكمهما واحدا. وقال استاذنا الشعراني - رحمه اللّه - رأي الفضل هو المشهور وكلام الصدوق غير وارد عليه لان ارث رجلين من رجل واحد إنما يكون إذا كان في مرتبة واحدة فلابد أن يسقط أحدهما مع سقوط الاخر ، والأخ يسقط مع ولد الولد ، والجد في مرتبته فيجب أن يسقط أيضا وليس هذا قياسا.
2- مذهب الفضل هو عدم توريث الجد مع ولد الولد كما هو المشهور عنه ، والقول بتوريثه خلاف المشهور مع أن الفضل يقول : يرث الجد حيث يرث الأخ ولم يقل يرث الأخ حيث يرث الجد لكنه قال : يسقط حيث يسقط.
3- إنما كان اعطاء الجد السدس مع الأب وكذا الجدة مع الام على سبيل الطعمة لا التوريث كما تقدم ، وظاهر كلام المؤلف يدل على أن مذهبه التوريث وهو خلاف المشهور أيضا ، وقد تقدم منه ما يدل على المشهور.
4- فراس - بكسر أوله وبمهملة - من رجال العامة وقالوا كوفي ثقة روى عن الشعبي عامر بن شراحيل وهو ثقة عندهم مشهور فقيه فاضل.

بالخلاف على من تقدمه ، وليس هذا بحجة للفضل بن شاذان لان هذا الخبر إنما يثبت أن الجد مع الاخوة بمنزلة واحد منهم ، وليس يثبت كونه ابدا بمنزلة الأخ ولا يثبت أنه يرث حيث يرث الأخ ويسقط حيث يسقط الأخ.

وروى مخالفونا أن عمر توفى ابن ابنه وترك أخوين فسأل عمر زيدا (1) عن ذلك ، فقال له زيد : أرى المال بينكم أثلاثا فأخذ عمر بقول زيد فجعل نفسه وهو الجد أخا ، وأما ابن مسعود - رضي اللّه عنه - فإنه قال في أخ لأب وأم ، وأخ لأب وجد : إن المال بين الأخ للأب والام والجد نصفان ولا شئ للأخ للأب ، فجعل الجد ههنا أخا كأن الميت ترك أخوين لأب وأم وأخا لأب ، فجعل الجد أخا وهذا موافق لما نقوله.

فإن ترك الرجل أخا وأختا لام ، وجدا وجدة من قبل الام ، وأختا لأب وأم ، وأخا لأب ، فللأخ والأخت من قبل الام والجد والجدة من قبل الام الثلث الذكر والأنثى فيه سواء ، وما بقي فللأخت للأب والام ، وسقط الأخ من الأب.

فإن ترك إخوة وأخوات لأم ، وجدا وجدة لام ، وإخوة وأخوات لأب وأم وجدا وجدة لأب ، وإخوة وأخوات لأب ، فللاخوة والأخوات من قبل الام والجد والجدة من قبل الام الثلث ، والذكر والأنثى فيه سواء ، وما بقي فللاخوة والأخوات للأب والام والجد والجدة من قبل الأب ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، وسقط الاخوة والأخوات من الأب.

فإن ترك أخا لام ، وجدا لام ، وأخا لأب وأم ، وجدا لأب ، وأخا لأب ، فللأخ للام والجد للأم الثلث بينهما بالسوية. وما بقي فللأخ للأب والام والجد للأب بينهما نصفان ، وسقط الأخ للأب.

فإن ترك امرأة ، وأخا لأم وجدا لأب ، فللمرأة الربع وللأخ من الام والجد للأم الثلث بينهما بالسوية ، وما بقي فللأخ للأب.

ص: 288


1- يعني زيد بن ثابت وقد تقدمت ترجمته.

فإن تركت امرأة زوجها ، وابن ابنها ، وجدا ، وإخوة وأخوات لأب وأم ، فللزوج الربع ، وللجد السدس (1) وما بقي فلابن الابن ، وسقط الاخوة والأخوات.

فإن تركت زوجها ، وأبويها ، وجدها - أبا أمها - فللزوج النصف وللأم الثلث ، ويؤخذ من هذا الثلث نصفه (2) فيدفع إلى الجد وهو السدس من جميع المال وللأب السدس.

فإن ترك الرجل أبويه ، وجد الأب وجد لام ، فللأم السدس ، وللجد من قبل الام السدس ، وللأب النصف ، وللجد من قبل الأب السدس.

فإن ترك الرجل أباه ، وجده - أبا أمه - فالمال للأب.

فإن ترك أمه ، وجده - أبا أبيه - ، فالمال لامه لان الجد - أبا الأب - إنما له السدس من مال ابنه طعمة ، وكذلك الجد أبو الام - إنما له السدس من مال ابنته طعمة.

فاترك الرجل امرأته ، وأبويه ، وجده - أبا أبيه - ، وجده - أبا أمه - فللمرأة الربع ، وللأم السدس ، وللجد - أبى الام - السدس ، وللجد - أبى الأب - السدس ، وللأب الباقي.

فإن تركت امرأة زوجها ، وأبويها ، وجدها - أبا أبيها - ، وجدها - أبا أمها - فللزوج النصف ، وللأم السدس ، وللجد أبى الام السدس ، وللأب السدس ، وسقط الجد - أبو الأب -.

وهذا هو الموضع الذي لا يرث فيه الجد - أبو الأب - مع الأب ، والعلة في ذلك أن الجد إنما ميراثه السدس من مال ابنه طعمة فلما لم يرث ابنه إلا السدس سقط من الطعمة.

فإن تركت امرأة زوجها ، وأبويها ، وجدها - أبا أبيها وجدها أبا أمها -

ص: 289


1- ظاهر كلامه الإرث لا الطعمة.
2- هذه ظاهرة في أن السدس طعمة كما سيصرح به مكررا ، فظهر أن المصنف يقول بالطعمة وجوبا وبالإرث فيما ورد فيه النص لخبر سعد بن أبي خلف وغيره. ( م ت )

وإخوة وأخوات لأب أو لأب وأم ، فللزوج النصف ، وللأم السدس ، وللجد - أبى الأب - السدس ، وما بقي فللأب ، وسقط الجد - أبو الام - ، وهذا هو الموضع الذي لا يرث فيه الجد - أبو الأم مع الام ، والعلة في ذلك أن الاخوة والأخوات من قبل الأب والام أو الأب حجبوا الام عن الثلث فردوها إلى السدس ، فلما لم تأخذ الام إلا السدس سقط أبوها من الطعمة من مالها.

فإن تركت جدا أو جدة لأب أو لام ، وعما أو عمة ، أو خالا أو خالة ، فالمال للجد أو الجدة ، وسقط العم والعمة والخال والخالة ، ولا يرث مع الجد والأخ ، ولا مع الأخت ولا مع ابن الأخ ، ولا مع ابن الأخت ، ولا مع ابنه الأخ ، ولا مع ابنة الأخت عم ولا عمة ، ولا خال ولا خالة ، ولا ابن عم ولا ابن عمة ، ولا ابن خال ولا ابن خالة.

وولد الأخ وولد الأخت وان سفلوا فهم أحق بالميراث من الأعمام والعمات والأخوال والخالات ، ولا قوة إلا باللّه.

باب 639: ميراث ذوي الأرحام

ميراث ذوي الأرحام(1)

إذا ترك الميت عما فالمال كله للعم ، وكذلك إن ترك عمين أو ثلاثة أعمام أو أكثر ، فالمال بينهم بالسوية.

فان ترك أعماما وعمات ، فالمال كله بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.

فإن ترك عمين أحدهما لأب وأم ، والاخر للأب ، فالمال للعم من الأب والام ، وسقط العم للأب.

فإن ترك عما لأب وأم ، وعما لام ، فللعم من الام السدس ، وما بقي فللعم للأب والام ، وكذلك ان ترك عمة لأب ، وعمة لام ، فللعمة من الام السدس ، وما بقي فللعمة من الأب.

ص: 290


1- أي ممن ليس فيهم نص وإنما يرقون بآية « وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه ». ( م ت )

فإن ترك خالا ، فالمال كله للخال ، وكذلك إن ترك خالين أو ثلاثة ، أو أكثر فالمال بينهم بالسوية.

فإن ترك أخوالا وخالات ، فالمال بينهم بالسوية الذكر والأنثى فيه سواء.

فإن ترك خالين أحدهما لأب وأم ، والاخر للأب ، فالمال للخال من الأب والام [ وسقط الخال للأب ].

فإن ترك خالين أحدهما لام ، والاخر لأب وأم ، فللخال من الام السدس وما بقي فللخال للأب والام ، وكذلك إن ترك خالا لأب ، وخالا لام ، فللخال من الام السدس ، وما بقي فللخال من الأب ، وكذلك إن ترك خالة لام ، وخالة لأب ، فللخالة من الام السدس ، وما بقي فللخالة من الأب.

فإن ترك ثلاثة أخوال متفرقين ، وثلاثة أعمام متفرقين ، فللخالين الثلث من ذلك للخال من الام السدس من الثلث ، وللخال للأب والام خمسة أسداس الثلث وسقط الخال من الأب ، وللعمين الثلثان للعم من الام السدس من الثلثين ، وللعم من الأب والام خمسة أسداس الثلثين ، وسقط العم للأب ، وحسابه من ستة وثلاثين (1) للخال من الام من ذلك سهمان ، وللخال للأب والام عشرة أسهم ، وللعم من الام من ذلك أربعة أسهم ، وللعم من الأب والام عشرون سهما.

فإن ترك خالين لأب وأم ، وخالين لام وعمين لأب وأم ، وعمين من الام فللخالين من الام ثلث الثلث أربعة من ستة وثلاثين ، وللخالين من الأب والام ثلثا الثلث ثمانية من ستة وثلاثين ، وللعمين من الام ثلث الثلثين ثمانية من ستة وثلاثين وللعمين من الأب والام ستة عشر من ستة وثلاثين.

ص: 291


1- بل من ثمانية عشر لان أصل الفريضة من ثلاثة واحد منها للخالين وهو الثلث ينكسر عليهما في مخرج السدس واثنان للعمين ينكسر عليهما في مخرج السدس أيضا ، ولتماثل المخرجين يكتفي بأحدهما فيضرب الستة في ثلاثة يصير ثمانية عشر ، نصيب الخالين منها ستة واحدها للخال من الام وخمسة للآخر ، ونصيب العمين اثنا عشر اثنان منها للعم من قبل الام وعشرة للعم الآخر ، وكذا الكلام في المسألة الآتية. ( مراد )

فإن ترك أخوالا وخالات ، وأعماما وعمات ، فللأخوال والخالات الثلث بينهم [ بالسوية ] الذكر والأنثى فيه سواء ، وللأعمام والعمات الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين.

فإن ترك خالا لأب ، وعما لام ، فللخال من الأب الثلث ، وللعم للام الثلثان.

فإن ترك خالا لام ، وعما لأب ، فللخال للأم الثلث لأنه ليس أحد من قبل الام يشاركه في الميراث (1) ، وللعم من الأب الثلثان.

فإن ترك عما لأب ، وابن عم لأب وأم ، فالمال لابن العم للأب والام لأنه قد جمع الكلالتين كلالة الأب وكلالة الام وهذا غير محمول على أصل (2) بل مسلم للخبر الصحيح الوارد عن الأئمة ( عليهم السلام ).

فإن ترك ابني عم أحدهما أخ لام ، فالمال للأخ من الام.

فإن تركت امرأة ابني عم أحدهما زوج ، فللزوج النصف ، والنصف الآخر بينهما نصفان.

فإن ترك الرجل ابنة عم لأب وأم ، وابنة عم لام ، فلابنة العم من الام السدس ، وما بقي فلابنة العم للأب والام.

وكذلك إذا ترك ابنة خال لأب وأم ، وابنة خال لام ، فلابنة الخال للأم السدس ، وما بقي فلابنة الخال للأب والام.

وإن ترك خالا ، وجدة لام ، فالمال لجدة الام ، وسقط الخال (3) ، وغلط

ص: 292


1- لعله يريد أن الخال يرث بسبب القرابة من الام وليس له مشارك من أهل الإرث في تلك القرابة فيجب أن يرث تمام حصة الام. ( مراد )
2- إذ الأصل أن يمنع الأقرب الابعد وإن كان الابعد ذا جهتين لكن تلك المسألة اجماعية مخالفة لذلك الأصل ولذلك لو كان بدل العم الخال ، أو بدل ابن العم بنت العم أو ابن الخال تغير ذلك الحكم إلى الأصل. ( مراد )
3- لان الجدة شريكة الأخ ، والخال لا يرث معه ، فالأصل أن لا يرث مع من هو في مرتبته ولان قرابة الخال للميت بواسطة الجدة لأنه ابنها أو في مرتبته. ( مراد )

الفضل بن شاذان في قوله المال بينهما نصفان بمنزلة ابن الأخ والجد.

وإن ترك عما ، وابن أخت ، فالمال لابن الأخت.

فإن ترك عما ، وابن أخ ، فالمال لابن الأخ ، وغلط يونس بن عبد الرحمن في قوله المال بينهما نصفان (1) وإنما دخلت عليه الشبهة في ذلك لأنه لما رأى أن بين العم وبين الميت ثلاثة بطون وكذلك بين ابن الأخ وبين الميت ثلاثة بطون وهما جميعا طريق من الأب قال : المال بينهما نصفان ، وهذا غلط لأنه وإن كانا جميعا كما وصف فإن ابن الأخ من الولد الأب والعم من ولد الجد ، وولد الأب أحق وأولى بالميراث من ولد الجد وإن سفلوا (2) ، كما أن ابن الابن أحق من الأخ لان ابن الابن من ولد الميت والأخ من ولد الأب ، وولد الميت أحق بالميراث من ولد الأب وإن كانوا في البطون سواء.

فإن ترك ابنة خالته ، وعمة أمه ، فالمال لابنة خالته لان ابنة الخالة من ولد الجدة ، وعمة الام من ولد جدة الام ، وولد جدة الميت أولى بالميراث من ولد جدة أم الميت ، وكذلك إن ترك عم أمه ، وابن خاله ، فالمال لابن خاله.

فإن ترك عمة أمه ، وابنة خالته ، فقد استويا في البطون الا ان عمة الأم من ولد جدة الام ، وابنة الخالة من ولد جدة الميت ، فابنة الخالة أحق بالمال كله ، وكذلك ابن الخالة.

فإن تركت امرأة زوجها ، وعمتها ، وخالتها ، فللزوج النصف ، وللخالة الثلث ، وما بقي فللعمة بمنزلة زوج وأبوين فللزوج النصف ، وللأم الثلث ، وللأب

ص: 293


1- لم أر قائلا بهذا القول غيره. ( المرآة )
2- فينتهي ابن الأخ إلى من هو في المرتبة الأولى من الإرث والعم ولد الجد ينتهى إلى من هو في المرتبة الثانية ، وإنما يقوم الابن مقام الابن مقام الأب ولا يقوم الأب مقام الابن في الإرث ألا ترى أن الابن لا يتغير عن مرتبة الأب وإن كان قد يمنعه من هو أقرب في تلك المرتبة كالابن يمنع ابن الابن وهما في المرتبة الأولى من الميراث ، والجد أبو الأب مرتبته بعد مرتبة الأب بدرجة فهو أبدا في المرتبة الثانية من الإرث. ( مراد )

السدس. (1)

فإن ترك خالا وخالة ، فالمال بينهما نصفان ، وكذلك إن ترك ابن خال و ابن خاله ، فالمال بينهما نصفان.

فإن ترك خالة الام ، وعمة الأب ، فلخالة الام الثلث ، ولعمة الأب الثلثان.

فإن ترك عما ، وخالا ، فللخال الثلث ، وللعم الثلثان.

فإن ترك ابن أخت لأم ، وابنة أخ لام ، فالمال بينهما نصفان ، وكذلك ابنة أخت لأم ، وابن أخ لام ، لان الذكر والأنثى من الاخوة للام في الميراث سواء.

فإن ترك ثلاثة بنى أخوات متفرقات ، فلا بن الأخت من الام السدس ، وما بقي فلا بن الأخت للأب والام.

فإن ترك ثلاث بنات أخوات متفرقات مع كل واحدة منهن أخوها ، فلابنة الأخت للأم ولأخيها السدس بينهما بالسوية ، وما بقي فلابنة الأخت للأب والام ولأخيها ، للذكر مثل حظ الأنثيين.

فإن ترك ابنة أخت ، وابن أخت أمهما واحدة ، فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن كانا من أختين فالمال بينهما نصفان ، وكذلك إن كانوا خمسة بنى أخت ، وابنة أخت أخرى ، فلبني الأخت النصف بين الخمسة ، ولابنة الأخت الأخرى النصف ، وعلى هذا الحساب كل ما كان من هذا الضرب ، لان كل ذي رحم إنما يأخذ نصيب الذي يجره.

فإن ترك ابنة أخت لأب ، وابن ابن أخت لأب وأم ، فالمال لابنة الأخت للأب ، وسقط الاخر.

ص: 294


1- قوله « وللأم الثلث » أي حيث لا يكون للام حاجب وهناك كذلك ، إذ المفروض أن ليس للميت ولد ولا اخوة وان قلنا بأن حجب الاخوة لا يتوقف على وجود الأب وإنما قلنا إن المفروض ذلك إذ لا يعقل وراثة العمة والخالة مع وجود الولد والاخوة. ( مراد )

فإن ترك ثلاثة بنى ابنة أخت لأب وأم ، وثلاثة بنى ابنة أخت لأب ، وثلاثة بنى ابنة أخت لأم ، فلبني ابنة الأخت من الام السدس ، وما بقي فلبني ابنة الأخت للأب والام ، وسقط بنو ابنة الأخت من الأب ، وغلط الفضل بن شاذان في هذه المسألة وأشباهها ، فقال : لبني ابنة الأخت للأب والام النصف ، ولبني ابنة الأخت من الام السدس ، وما بقي يرد عليهم على قدر أنصبائهم.

فإن ترك ابنة أخيه لأبيه وأمه ، وابنة أخيه لأبيه ، فالمال لابنة الأخ للأب والام.

فإن ترك عشر بنات أخ لام ، وابنة أخ لأب وأم ، فلبنات الأخ للأم السدس بينهن بالسوية ، وما بقي فلابنة الأخ للأب والام.

فإن ترك ابنتي أختين لام ، وابنة أخت لأب وأم ، فلا بنتي الأختين للأم الثلث ، وما بقي فلابنة الأخت للأب والام.

فإن ترك ثلاث بنات إخوة متفرقين ، وثلاث بنات أخوات متفرقات ، فأصل حسابه من ستة ، لابنة الأخت من الام وابنة الأخ من الام الثلث سهمان لكل واحدة منهما سهم ، وبقى الثلثان لابنة الأخت من الأب والام الثلث من هذا الثلثين ولابنة الأخ من الأب والام ثلثاه ، فلم تستقم الأربعة بينهما فضربنا ستة في ثلاثة فبلغ ثمانية عشر ، لابنة الأخت من الام وابنة الأخ من الام الثلث ستة أسهم بينهما نصفان وبقى اثنا عشر ، لابنة الأخ للأب والام من ذلك ثمانية ، ولابنة الأخت من الأب والام أربعة.

فإن ترك ابنة ابنة أخ لأب وأم ، وابنة ابن أخ للأب ، فالمال لابنة ابنة الأخ للأب والام ، لان الأخ للأب لا يرث مع الأخ للأب والام ، فكذلك من يتقرب به ، وكذلك ابن الأخ للأب لا يرث مع الأخ للأب والام ، وليست العصبة من دين اللّه عزوجل ولا من سنة رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) (1).

ص: 295


1- المراد بالعصبة التعصب وهو توريث ما فضل عن السهام من كان من العصبة وهم الابن والأب ومن يدلى بهما من غير رد على ذوي السهام. والقائلون به لا يورثون الأخت مع الأخ ولا العمة مع العم وهو خلاف صريح قوله تعالى « للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الولدان والأقربون ».

فإن ترك ابن أخ لام وهو ابن أخت لأب ، وترك ابن أخت لأب وأم ، فلابن الأخ من الام السدس ، وما بقي فلابن الأخت للأب والام. (1)

فإن ترك ابنة أخت لأم وهي ابنة أخ لأب ، وابنة أخت لأب وأم ، فلابنة الأخت للأم السدس ، وما بقي فلابنة الأخت للأب والام.

فإن ترك ابنة أخت لأم وهي ابنة أخ لأب ، وابنة أخت لأب وأم ، وأختا لام ، وأختا لأب ، فللأخت للأم السدس ، وما بقي فللأخت للأب ، وسقط ابنتا الأختين لأنهما قد نزلتا ببطن.

فإن ترك ابنة أخت لأب وهي ابنة أخ لام ، وابنة أخت لأب وأم وخالة لام هي عمة لأب ، وخالة لأب وأم ، فلابنة الأخت للأم السدس ، وليس لها من جهة أنها ابنة أخ لأب شئ ، وما بقي فلابنة الأخت للأب والام ، وسقطت خالة الام التي هي عمة الأب ، وخالة الأب والام جميعا.

فإن ترك ابن ابنة أخت ، وابن ابن أخت فالمال بينهما على ثلاثة أسهم إن كانت أمهما واحدة (2) لابن ابن الأخت الثلثان ، ولابن ابنة الأخت الثلث وإن كانا من أختين فالمال بينهما نصفان.

فإن ترك ابن ابنة أخ لأب وأم ، وابنة ابن أخ لأب وأم ، فإن كان ابن الأخ

ص: 296


1- قوله « وهو ابن أخت لأب » كأن تزوج أم زيد بعد مفارقة أبيه برجل فولدت منه ولدا وكان لأبيه بنت من غير أمه فحصل التزويج بينهما فالولد الحاصل منهما ولد الأخ للأب والأخت للام أو بالعكس. وفي بعض النسخ « وهو ابن أخ لأب » وهذا لا يتصور الا أن يكون هو ابن أخ لأب وأم ، وعليه فلم يكن هناك ابن أخ لام حتى يكون له السدز. ويمكن أن يكون لفظه « هو » زائدة كما قال التفرشي (رحمه اللّه) وقد حكها بعض المصححين في بعض النسخ.
2- قوله « فالمال بينهما على ثلاثة أسهم ان كانت أمهما واحدة - الخ » ضمير « بينهما » للابنين الوارثين ، وأما ضمير « أمهما » فاما لهما فلا بد من اضمار مضاف أي أم مورثهما وهي أخت الميت ، واما لمورثهما فيلزم تفكيك الضمير. ( مراد )

وابنة الأخ أبوهما واحد (1) ، فلا بن ابنة الأخ الثلث ، ولابنة ابن الأخ الثلثان فإن كان أبو ابنة الأخ غير أبى ابن الأخ فالمال بينهما نصفان ، يرث كل واحد منهما ميراث جده.

فإن ترك ابن ابنة أخ لأب وأم ، وابنة ابنة أخ لأب وأم ، فإن كانت أمهما واحدة فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن لم يكن أمهما واحدة فالمال بينهما نصفان.

فإن ترك ابن ابنة أخ لام ، وابن ابنة أخ لأب ، فلا بن ابنة الأخ للأم السدس وما بقي فلا بن ابنة الأخ للأب.

فإن ترك ابنة ابنة أخ لأب وأم ، وابنة أخ لام ، فالمال لابنة الأخ للام لأنها أقرب.

فإن ترك ثلاث بنات أخوات متفرقات ، فلابنة الأخت من الام السدس ، و ما بقي فلابنة الأخت من الأب والام ، وسقطت ابنة الأخت من الأب لان أمها لا ترث مع الأخت للأب والام.

وإن ترك خمسة بنى أخت ، وابنة أخت أخرى ، فلخمسة بنى الأخت النصف ولابنة الأخت الأخرى النصف.

فإن تركت امرأة زوجها ، وأخاها لامها ، وابن عمها ، وابن ابنتها ، فللزوج الربع ، وما بقي فلابن الابنة ، وسقط الباقون.

فإن ترك الرجل ابن ابنة ، وابنة ابنة فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين إن كانت أمهما واحدة وكانت الابنة ماتت وتركتهما.

فإن ترك ابنة ابنة ، وابنة ابنة ابن ، فالمال لابنة البنت لأنها أقرب ببطن.

فإن ترك ابن ابنة ابن ، وابن ابنة ابنة ، فلابن ابنة الابن الثلثان ، ولا بن ابنة

ص: 297


1- كما إذا مات زيد وكان له أخ هو عمرو ولعمر وابن هو بكر وابنة هي زينب وكان لزينب ابن هو خالد ، ولبكر ابنة هي هند ، كان لهند الثلثان ميراث أبيها بكر ، ولخالد الثلث ميراث أمه زينب. ( مراد )

الابنة الثلث ، وكذلك إن ترك ابن ابن ابنة ، وابنة ابنة ابن ، فلابنة ابنة الابن الثلثان ولابن ابن الابنة الثلث.

فإن ترك بني ابنة ، وابنة بنت أخرى ، فلبني البنت النصف ، ولابنة البنت الأخرى النصف ، وكذلك إن ترك عشر بنات ابنة ، وابنة بنت أخرى ، فلعشر بنات البنت النصف عشرة أسهم من عشرين سهما ، ولابنة البنت الأخرى النصف الباقي ، وكذلك إن ترك عشرة بنى ابنة ، وابنة ابنة أخرى فلعشرة بنى الابنة النصف ، و لابنة الابنة الأخرى النصف.

فإن ترك ابنة ابنة ابنة ، وابنتي ابنة ابنة أخرى ، وثلاث بنات ابنة ابنة أخرى فهذه من ثمانية عشر لابنة ابنة الابنة ستة أسهم ، ولا بنتي ابنة الابنة ستة أسهم بينهما لكل واحدة منهما ثلاثة أسهم ولثلاث بنات ابنة الابنة ستة أسهم لكل واحدة سهمان.

فإن ترك ابنة ابن ابنة ، وابنة ابنة ابنة جدتهما واحدة ، وابنة ابنة ابنة أخرى فالمال بينهن على ستة ، لابنة ابن الابنة سهمان ، ولابنة ابنة الابنة سهم واحد ، ولابنة ابنة الابنة الأخرى ثلاثة أسهم.

فإن ترك ابنة ابنة ابنة ، وابنة أخ ، فالمال لابنة ابنة الابنة.

فإن ترك ابنة ابنة ابنة ، وثلاث بنات أخوات متفرقات فالمال كله لابنة ابنة الابنة ، وليس ترث بنات الاخوة والأخوات مع بنات البنات وإن سفلن شيئا.

فإن تركت امرأة ابن ابنتها ، أو ابنة ابنتها ، وزوجها ، وأخاها لامها أو لأبيها وأمها ، وابن عمها ، فللزوج الربع ، وما بقي فلولد الابنة.

فإن ترك الرجل عما ، وابن ابنة ، أو ابنة ابنة ، فالمال كله لولد الابنة ، وسقط العم من جهتين إحديهما لان ولد الابنة هم ولد الميت والعم ولد الجد ، وولد الميت نفسه أحق وأقرب من ولد الجد ، وأما الأخرى فان بين العم وبين الميت ثلاثة بطون لان العم يتقرب بالجد والجد يتقرب بالأب والأب يتقرب بنفسه ، وبين ابنة الابنة وبين الميت بطنان لان ولد الابنة يتقربون بالابنة ، والابنة تتقرب بنفسها ، فولد الابنة أقرب في البطون وأقرب في النسب ، والجد لا يرث مع

ص: 298

الولد شيئا ، والعم إنما يتقرب بمن لا يرث ، وولد الولد يتقربون بمن يرث ، فهم أحق بالمال ، ولا قوة إلا باللّه وباللّه التوفيق.

والأخ وولد الأخ في هذا بمنزلة العم لا ميراث لهم مع ولد الابنة.

فإن ترك أخا لام ، وابنة أخ لأب وأم ، وابنة ابنة ، وابن ابنة ، فالمال لابنة الابنة وابن الابنة بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.

فإن ترك ابنة أخته لأبيه ، وابنة أخته لامه ، وعصبته ، فلابنة الأخت للأم السدس ، وما بقي فلابنة الأخت للأب ، وسقط العصبة.

فإن ترك عمة لأب وأم ، وعمة لأب ، فالمال للعمة من الأب والام.

فإن ترك عما ، وابن أخت ، فالمال لابن الأخت ، لان ولد الاخوة يقومون مقام الاخوة ، والعم لا يقوم مقام الجد ، ولان ولد الاخوة من ولد الأب ، والعم من ولد الجد ، ولان ابن الأخ يرث مع الجد ، وابن الجد لا يرث مع الأخ عند الجميع ، وكذلك إن ترك عما ، وابن أخ ، فالمال لابن الأخ.

فإن ترك ابنة عم لأب وأم ، وابنة عم لام ، فلابنة العم للأم السدس ، وما بقي فلابنة العم للأب والام ، وكذلك ابنة خال لام ، وابنة خال لأب وأم ، فلابنة الخال من الام السدس ، وما بقي فلابنة الخال من الأب والام.

فإن ترك بنات عم ، وبنى عم ، فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.

فإن ترك بنات خال ، وبنى خال ، فالمال بينهم بالسوية الذكر والأنثى فيه سواء.

فإن ترك ابن عم ، وابنة عمة ، فلابن العم الثلثان ، ولابنة العمة الثلث.

فإن ترك ابن عمته ، وابنة عمته ، فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.

فإن ترك عما لام ، وخالا لأب وأم ، فللخال الثلث نصيب الام (1) ، وللعم للام الباقي نصيب الأب.

فإن ترك ابنة عمته ، وعمة أبيه ، فالمال كله لابنة العمة.

ص: 299


1- إذ لا مشارك له في التوريث من جانب الأب لينقله إلى السدس. ( مراد )

فإن ترك عشرة بنى عمة ، وابنة عمة أخرى ، فلعشرة بني العمة النصف ، ولابنة العمة الأخرى النصف الباقي.

فإن ترك عمة لأب ، وعمة لأب وأم ، فالمال للعمة من الأب والام.

فإن ترك خمس بنات عمة من أب وأم ، وابنة عمة لام ، وابنة عمة لأب ، فلخمس بنات العمة للأب والام خمسة أسداس المال ، ولابنة العمة للأم السدس وسقطت ابنة العمة للأب.

فإن ترك ابنتي عم ، وابنة عم آخر ، فلابنتي العم النصف بينهما ، ولابنة العم الاخر النصف الباقي ، وكذلك إن كانوا بنى عم.

فإن ترك ثلاث بنات أعمام متفرقين ، أو ثلاث بنات بنات أعمام متفرقين أو بنات عمات متفرقات فهو على ما بينت (1) من أمر بنات الأخوال وبنات العمات وبنات بنات العمات.

فإن ترك خمسة بنى بنات أعمام لأب وأم ، وابنة ابنة عم لام ، فلابنة ابنة العم للأم السدس ، وما بقي فلخمسة بنى بنات الأعمام للأب والام.

فإن ترك ثلاثة بنى بنات عم لأب وأم ، وابنة ابنة عم لأب وأم وهي ابنة ابنة عم غيره (2) ، وابنة ابنة عم لام فهي من ستة وثلاثين سهما ، لابنة ابنة العم للأم السدس ستة ، ولابنة ابنة العم للأب والام خمسة عشر ، ولثلاثة بني بنات عم لأب وأم خمسة عشر ، لكل واحد منهم خمسة.

فإن ترك ابنة عم أبيه ، وابنة ابنة عمه ، فالمال لابنة ابنة عمه ، وسقطت ابنة عم أبيه لان هذا كأنه ترك جد أبيه وعما ، فالعم أحق من جد الأب (3).

ص: 300


1- وهو أنه لمن انتسب بالأم السدس ، ولمن انتسب بالأب والام خمسة أسداس ، ويسقط من انتسب بالأب. ( مراد )
2- أي غير العم الذي له ثلاثة بنى بنات ، وحاصله أن يكون للميت عمان لأب وأم كانت لاحدها ثلاثة بنى بنات ، وللآخر ابنة ابنة ، وله عم آخر للام له أيضا ابنة. ( مراد )
3- لان العم من ولد جد الميت يقوم مقامه فيكون أحق من جد أبي الميت ، إذ كما أن جد الميت أحق به من جد أبيه كذلك من يقوم مقام جده أحق من جد أبيه. ( مراد )

فإن ترك عمة لأب وهي خالة لام ، وخالة لأب وأم ، وعمة لأب ، فهي من ثمانية عشر سهما ، للخالة من الام التي هي عمة للأب سدس الثلث واحد من ثمانية عشر سهما ، للخالة للأب والام خمسة أسداس الثلث ، وهي خمسة من ثمانية عشر وللعمة للأب نصف الثلثين ، وهي ستة من ثمانية عشر ، وللعمة للأب التي هي خالة الام أيضا نصف الثلثين ، وهو ستة وقد أخذت سدس الثلث فصار هي في يدها سبعة.

فإن ترك خالته ، وعمته ، وامرأته ، فللمرأة الربع ، وللخالة الثلث ، وما بقي فللعمة.

فإن تركت امرأة زوجها ، وخالتها ، وعمتها ، فللزوج النصف ، وللخالة الثلث وما بقي فللعمة ، دخل النقصان على العمة كما دخل على الأب إذا تركت المرأة زوجا وأبوين.

فان ترك امرأته ، وبنى عمته ، وبنات خاله ، فللمرأة الربع ، ولبني الخال وبنات الخال الثلث بينهم الذكر والأنثى فيه سواء ، وما بقي فلبني العمة.

فإن ترك أخوالا وخالات ، وابن عم ، فالمال للأخوال والخالات بينهم بالسوية وسقط ابن العم لأنه قد سفل ببطن.

فإن ترك ابنة العم ، وابن العمة ، فلابنة العم الثلثان ، ولابن العمة الثلث.

فإن ترك عمة الأم ، وخالة الأب ، فلعمة الأم الثلث ، ولخالة الأب الثلثان.

فإن ترك ابن عم لام ، وابن ابنة عمة لأب وأم ، فالمال لابن العم للام.

فإن ترك ابن عم ، وابنة عم ، وخالا ، فالمال للخال.

ولا ترث الخالات والعمات ، ولا الأعمام والأخوال ، ولا أولادهم مع أولاد الإخوة والأخوات وأولاد أولادهم شيئا لان أولاد الإخوة والأخوات من ولد الأب والأعمام والأخوال والعمات والخالات من ولد الجد ، وولد الأب وإن سفلوا أحق وأولى من ولد الجد.

ص: 301

فإن ترك جدا - أبا الام - وابن أخ لام ، فكأنه ترك أخوين لام (1) فالمال بينهما نصفان.

فإن ترك جدا - أبا الام - ، وعما لام ، وابن أخ لام ، وابن ابن عم ، فالمال بين الجد وبين ابن الأخ نصفان ، وسقط الباقون.

فإن ترك جدته - أم أمه - ، وخالا ، وخالة ، وعما ، وعمة ، فالمال للجدة  - أم الام - لأنها أقرب ببطن ، وكذلك إن كان بدل الجدة جدا من الام لان الجدة والجد إنما يتقربان بالأم ، والأعمام والأخوال يتقربون بالجد ، ومن يتقرب بالأم كان أقرب وأحق بالمال ممن يتقرب بالجد ، والخال إنما هو ابن أب الام فكيف يرث مع أب الام.

فإن ترك جدا - أبا الام - وابنة أخت لأب وأم ، فللجد - أبى الام - السدس (2) وما بقي فلابنة الأخت للأب والام.

فإن ترك امرأته ، وجدا أبا أمه ، وابنتي أخت لأم ، وابنتي أخت لأب وأم ، فللمرأة الربع ، وللجد أبى الام السدس ، ولا بنتي الأخت للأم السدس ، وما بقي فلا بنتي الأخت من الأب والام.

فإن تركت المرأة زوجها ، وجدها أبا أمها ، وابن أختها لأبيها ، وابنة أخيها لأبيها وأمها ، فللزوج النصف ، وللجد أبي الام السدس ، وما بقي فلابنة الأخ للأب والام ، وسقط ابن الأخت للأب.

فإن ترك خالا لأب وأم ، وخالا لأب ، فالمال للخال للأب والام ، وكذلك الخالة في هذا ، وكذلك العم والعمة في هذا ، إنما يكون المال للذي هو للأب والام

ص: 302


1- لان جد الميت من الام وأخاه من الام يتساويان عند الاجتماع ، وابن أخ يقوم مقام أبيه. ( مراد )
2- مقتضى القاعدة أن له الثلث ميراث الام ، قال الفاضل التفرشي : المشهور بين الفقهاء أن للجد هنا الثلث تمام نصيب الام إذ ليس له مشارك وقد مر مثله في ارث الخال ، وقد عد الشهيد الثاني (رحمه اللّه) هذا القول من المؤلف - رحمه اللّه - من الأقوال النادرة.

دون الذي هو للأب.

فإن ترك ابنة خال لأب وأم ، وابنة خال لام ، فلابنة الخال للأم السدس وما بقي فلابنة الخال للأب والام.

فإن ترك خالا ، وابنة أخ لام ، فالمال لابنة الأخ للام.

فإن ترك خالة ، وابن خالة ، فالمال للخالة لأنها أقرب ببطن.

فإن ترك خالة لأبيه ، وابن أخته لامه ، فالمال لابن أخته لامه.

فإن ترك خالته ، وابنة ابنة أخته ، وابن أخيه لامه ، فالمال لابن أخيه لامه.

فإن ترك خالته ، وابن أخيه ، وابنة ابن أخيه ، وابنة ابنة أخيه ، فالمال لابن أخيه ، وسقط الباقون.

فإن ترك ابن خالته ، وخال أمه ، وعم أمه ، فالمال لابن خالته.

فإن ترك بنات خالة ، وبنى خالة ، وامرأة ، فللمرأة الربع ، وما بقي فبين بنى الخالة وبن بنات الخالة بالسوية.

فإن ترك ثلاث خالات متفرقات ، فللخالة للأم السدس والباقي للخالة للأب والام ، وسقطت الخالة للأب.

فإن ترك ثلاثة أخوال متفرقين ، وثلاث خالات متفرقات ، فللخال والخالة من الام الثلث بينهما بالسوية ، وما بقي فللخال والخالة للأب والام ، وسقط الخال والخالة للأب.

فإن ترك خالة أمه ، وخال أمه ، فالمال بينهما نصفان.

فإن ترك ابنة خال ، وابنة خالة ، وخالة لام ، فالمال لابنة الخال وابنة الخالة بينهما نصفان ، وسقطت خالة الام.

ص: 303

باب 640: ميراث ذوي الأرحام مع الموالي

ميراث ذوي الأرحام مع الموالي (1) *

5655 - روى أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سهل ، عن الحسن بن الحكم (2) عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أنه « قال في رجل ترك خالتيه ومواليه ، قال : « أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض » المال بين الخالتين » (3).

5656 - وسأل علي بن يقطين (4) أبا الحسن ( عليه السلام ) « عن الرجل يموت ويدع أخته ومواليه ، قال : المال لأخته » (5).

ومتى ترك الرجل ذا رحم من كان ذكرا كان أو أنثى ابنة أخت ، أو ابنة ابنة أو ابنة خال ، أو ابنة خالة ، أو ابنة عم ، أو ابنة عمة ، أو أبعد منهم ، فالمال كله لذوي الأرحام وإن سفلوا ولا يرث الموالي مع أحد منهم شيئا ، لان اللّه عزوجل قد ذكر هم وفرض لهم وأخبر أنهم أولى ، في قول اللّه عزوجل « وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه » ولم يذكر الموالي.

5657 - وقد روى جابر عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « أن عليا ( عليه السلام ) كان يعطى أولى الأرحام دون الموالي ».

فأما الحديث الذي رواه المخالفون أن مولى لحمزة توفى وان النبي ( صلى اللّه عليه وآله )

ص: 304


1- الظاهر أنه أراد بالموالي هنا المنعمين والمنعم عليهم فهو من اطلاق اللفظ المشترك على معنيين. ( مراد )
2- طريق المصنف إلى أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري صحيح وهو ثقة فقيه وجه ومحمد بن سهل بن اليسع الأشعري له كتاب وكان من أصحاب الرضا (عليه السلام) ، وأما الحسن بن الحكم ففي الكافي الحسين بن الحكم كما في التهذيب وحالهما مجهول.
3- يدل على أن الأقارب ولو كانوا في غاية البعد أولى من المنعم بالعتق أو ضامن الجريرة. ( م ت )
4- رواه الشيخ بسند فيه جهالة عن علي بن يقطين.
5- لأنها ذات رحم دون الموالي.

أعطى ابنة حمزة النصف ، وأعطى الموالي النصف.

فهو حديث منقطع إنما هو عن عبد اللّه بن شداد (1) عن النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) وهو مرسل ، ولعل ذلك كان شيئا قبل نزول الفرائض فنسخ ، فقد فرض اللّه عزوجل للحلفاء في كتابه فقال : « والذين عقدت أيمانكم فاتوهم نصيبهم » ولكنه نسخ ذلك بقوله عزوجل : « وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه ».

وروى أن إبراهيم النخعي (2) كان ينكر هذا الحديث في ميراث مولى حمزة ، والصحيح من هذا كتاب اللّه عزوجل دون الحديث.

5658 - ورووا عن حنان (3) قال : « كنت جالسا عند سويد بن غفلة فجاءوه رجل فسأله عن ابنة وامرأة وموال ، فقال : أخبرك فيها بقضاء علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) جعل للابنة النصف ، وللمرأة الثمن ، ورد ما بقي على الابنة ، ولم يعط الموالي شيئا ».

باب 641: ميراث الموالي

إذا ترك الرجل مولى منعما أو منعما عليه (4) ، ولم يترك وارثا غيره فالمال له.

فان ترك موالي منعمين أو منعما عليهم رجالا ونساء فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.

ص: 305


1- هو عبد اللّه بن شداد بن الهاد الليثي المدني ، أمه سلمى بنت عميس الخثعمية يروى عن خالته أسماء بنت عميس وأخته لامه بنت حمزة بن عبد المطلب ، وعن ابن عباس وابن مسعود وغيرهم كما في تهذيب التهذيب.
2- هو إبراهيم بن يزيد النخعي أحد الفقهاء الكوفيين ، وقال العجلي : كان مفتى أهل الكوفة وكان رجلا صالحا فقيها متوقيا ، قليل التكلف ومات وهو مختف من الحجاج ومات بعده بأربعة أشهر ، وميلاده سنة 50 ، راجع تهذيب التهذيب.
3- في بعض النسخ « حيان » وفي بعضها « حسان » ولعله « حبان ».
4- الأول بالكسر ، والثاني بالفتح ، وهذا مذهب المؤلف ونسب إلى ابن الجنيد أيضا والمشهور أن المعتق بالفتح لا يرث المعتق. ( مراد )

فإن ترك بنى وبنات مولاه المنعم أو المنعم عليه ولم يترك وارثا غيرهم ، فالمال لبنى وبنات مولاه للذكر مثل حظ الأنثيين لان الولاء لحمة كلحمة النسب

ومتى خلف وارثا من ذوي الأرحام ممن قرب نسبه أو بعد وترك مولاه المنعم أو المنعم عليه فالمال للوارث من ذوي الأرحام وليس للمولى شئ لان اللّه عزوجل يقول : « وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا » يعنى الوصية لهم بشئ أو هبة الورثة لهم من الميراث شيئا.

باب 642: ميراث الغرقى والذين يقع عليهم البيت فلا يدرى أيهم مات قبل صاحبه

5659 - روى ابن محبوب ، عن عبد الرحمن قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن القوم يغرقون في السفينة أو يقع عليهم البيت فيموتون ولا يعلم أيهم مات قبل صاحبه ، قال : يورث بعضهم من بعض (1) وكذا هو في كتاب على ( عليه السلام ) ». (2)

ص: 306


1- إذا لم يكن لهما وارث أولى منهما ، ومع وجود وارث آخر فبنسبة الإرث يرث كل واحد منهما من الاخر ولا يرث مما ورث منه ( م ت ) وقوله « وكذا » في الكافي والتهذيب « وكذلك ».
2- قال في المسالك : من شرط التوارث علم تقدم موت المورث بحيث يكون الوارث حيا بعد موته ، فمع اقتران موتهما أو الشك لا يثبت الوارث ، واستثنى من ذلك صورة واحدة بالنص والاجماع وهي ما لو اتفق موتهما بالغرق أو الهدم واشتبه الحال فإنه يرث كل واحد منهما من الاخر ، والمشهور أن كلا منهما يرث من صلب مال الآخر لا مما ورث من الأول ، وذهب المفيد وسلار إلى أن الثاني يرث من الأول من ماله الأصل ومما ورث الثاني ويقدم في التوريث الأضعف أي الأقل نصيبا بأن يفرض موت الأقوى أولا ، وهل على الوجوب أو الاستحباب ذهب إلى كل فريق ، والفائدة على مذهب المفيد ظاهرة وعلى غيره تعبدي ، ولا خلاف في عدم التوريث لو ماتا حتف أنفهما فأما لو ماتا بسبب آخر غير الهدم والغرق كالحرق والقتل واشتبه الحال ففي توارثهما كالغرق قولان أحدهما وبه قال المعظم العدم ، والثاني وهو ظاهر كلام الشيخ في النهاية وابن الجنيد وأبي الصلاح تعميم الحكم في كل الأسباب. ( المرآة )

5660 - وروى علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان ، عن الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في امرأة وزوجها سقط عليها بيت ، قال : تورث المرأة من الرجل ، يورث الرجل من المرأة » (1).

5661 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس أبى جعفر ( عليه السلام ) قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في رجل وامرأة انهدم عليهما بيت فقتلهما ولا يدرى أيهما مات قبل صاحبه ، فقال : يورث كل واحد منهما من زوجه كما فرض اللّه عزوجل لورثتهما » (2).

5662 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :  « سألته عن بيت وقع على قوم مجتمعين فلا يدرى أيهم مات قبل صاحبه ، قال : يورث بعضهم من بعض ، قلت : إن أبا حنيفة أدخل فيها ، قال : وما أدخل فيها؟ قلت : قال : لو أن رجلين لأحدهما مائة ألف والاخر ليس له شئ وكانا في سفينة

ص: 307


1- أي يقدم الأضعف ثم الأقوى تعبدا ، ولو كان يرث مما ورثت منه لكان للتقديم فائدة ( م ت ) أقول : روى الكليني نحوه في الصحيح على محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام وفيه « تورث المرأة من الرجل والرجل من المرأة. معناه يورث بعضهم من بعض من صلب أموالهم ، لا يرثون مما يورث بعضهم من بعض شيئا » فبناه على كون الذيل من كلام الإمام عليه السلام يورث كل من الاخر ما كان تالدا وكان من صلب ماله لا ما كان طارفا وورثه من الاخر كما هو المشهور ، والحكمة في تقديم المرأة خفية ، لكن المسألة لا تخلو عن الاشكال لان ذيل الصحيحة غير معلوم كونه من كلام الإمام عليه السلام ، نعم في التهذيب ج 2 ص 435 مسندا عن حمران بن أعين عمن ذكره عن أمير المؤمنين عليه السلام « في قوم غرقوا جميعا أهل البيت ، قال : يرث هؤلاء من هؤلاء ، وهؤلاء من هؤلاء ولا يرث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا ، ولا يورث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا » ولم يحرز استناد المشهور إلى هذه المرسلة حتى يقال ينجبر من حيث السند.
2- رواه الشيخ في الصحيح ويدل على توريث كل واحد منهما من صاحبه ثم صاحبه منه فيفرض موت الزوج أولا وتورث المرأة الثمن مع الولد والربع مع عدمه ، ثم يفرض موت الزوجة ويورث الزوج الربع أو النصف مما تركته من غيرها ورثته منه. ( م ت )

فغرقا ولم يدر أيهما مات أولا كان الميراث لورثة الذي ليس له شئ ، ولم يكن لورثه الذي له المال شئ ، فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : لقد سمعها وهو هكذا » (1).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : وذلك إذا لم يكن لهما وارث غيرهما ولم يكن أحد أقرب إلى واحد منهما من صاحب.

5663 - وروى حماد بن عيسى ، عن الحسن بن المختار قال : « دخل أبو حنيفة على أبى عبد اللّه ( عليه السلام ) فقال له أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : ما تقول في بيت سقط على قوم فبقي منهم صبيان أحدهما حر والاخر مملوك لصاحبه ، فلم يعرف الحر من المملوك؟ فقال أبو حنيفة : يعتق نصف هذا ونصف هذا ويقسم المال بينهما نصفان ، فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : ليس كذلك لكنه يقرع بينهما فمن أصابته القرعة فهو الحر ، ويعتق هذا فيجعل مولى له ».

باب 643: ميراث الجنين والمنفوس والسقط

5664 - روى حريز ، عن الفضيل قال : « سأل الحكم بن عتيبة أبا جعفر ( عليه السلام ) عن الصبي يسقط من أمه غير مستهل أيورث؟ فأعرض عنه فأعاد عليه ، فقال : إذا تحرك تحركا بينا ورث فإنه ربما كان أخرس » (2).

5665 - وروى الحسن بن محبوب ، عن حماد بن عيسى ، عن سوار ، عن الحسن (3)

ص: 308


1- لعل الحكم المذكور مخصوص بما إذا لم يكن لأحدهما مال فلا مجال للتمسك به للقول المشهور ، وفي بعض النسخ « لقد شنعها وهو هكذا » وكأنه من تصحيف النساخ.
2- يدل على أنه لا يشترط الاستهلال في العلم بالحياة لأنه ربما كان أخرس ، فإذا تحرك حركة الحي يحكم بحياته. ( م ت )
3- هو الحسن البصري المعروف وراويه سوار بن عبد اللّه بن قدامة بن عنزة البصري القاضي وكلاهما من العامة واشتبه ذلك على المولى الأردبيلي - رحمه اللّه - في جامع الرواة فزعم أنه سوار بن مصعب الهمداني.

قال : « إن عليا ( عليه السلام ) لما هزم طلحة والزبير أقبل الناس منهزمين فمروا بامرأة حامل على ظهر الطريق ففزعت منهم فطرحت ما في بطنها حيا ، فاضطرب حتى مات ثم ماتت المرأة من بعده ، قال : فمر بها علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وأصحابه وهي مطروحة وولدها على الطريق قال : فسألهم عن أمرها ، فقالوا له : إنها كانت حاملا ففزعت حين رأت القتال والهزيمة ، فسألهم أيهما مات قبل صاحبه؟ فقالوا : إن ابنها مات قبلها قال فدعا زوجها أبا الغلام الميت فورثه من ابنه ثلثي الدية وورث أمه الميتة ثلث الدية قال : ثم ورث الزوج من امرأته الميتة نصف الدية التي ورثتها من ابنها الميت وورث قرابة الميتة الباقي ، قال : ثم ورث الزوج أيضا من دية المرأة الميتة نصف الدية وهو الفان وخمسمائة درهم ، وذلك أنه لم يكن لها ولد غير الذي رمت به حين فزعت ، وورث قرابة الميت الباقي ، قال : فودى ذلك كله من بيت مال البصرة.

باب 644: ميراث الصبيين يزوجان ثم يموت أحدهما

5666 - روى النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أنه « سأله عن الصبي يزوج الصبية هل يتوارثان؟ فقال : إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم » (1).

قال القاسم بن سليمان : فإذا كان أبواهما حيين فنعم » (2).

5667 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « قال » في الرجل يزوج ابنه يتيمة فحجره ، وابنه مدرك واليتيمة غير مدركة؟ قال : نكاحه جائز على ابنه فإن مات عزل ميراثها منه حتى

ص: 309


1- زاد في الكافي والتهذيب « قلت : أيجوز طلاق الأب؟ قال : لا ».
2- ليس هذا الكلام في الكافي والتهذيب وقال الفاضل التفرشي : لعل المراد كونهما حيين عند العقد سواء عقداهما أو جوزا عقد غيرهما على الصبيين ، وهذا اما مستند إلى اجتهاد القاسم أو فهم ذلك من عبيد أنه فهمه من كلامه عليه السلام.

تدرك فإذا أدركت حلفت باللّه ما دعاها إلى أخذ الميراث إلا رضاها بالنكاح ، ثم يدفع إليها الميراث ونصف المهر ، قال : فإن ماتت هي قبل أن تدرك وقبل أن يموت الزوج لم يرثها الزوج لان لها الخيار عليه إذا أدركت ولا خيار له عليها (1).

5665 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن ابن مسكان عن الحلبي قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : « الغلام له عشر سنين فيزوجه أبوه في صغره أيجوز طلاقه وهو ابن عشر سنين؟ قال : فقال : أما التزويج فصحيح ، وأما طلاقه فينبغي أن تحبس عليه امرأته حتى يدرك ، فيعلم أنه كان قد طلق فإن أقر بذلك وأمضاه فهي واحدة بائنة وهو خاطب من الخطاب ، وإن أنكر ذلك وأبى أن يمضيه فهي امرأته ، قلت : فإن (2) ماتت أو مات؟ فقال : يوقف الميراث حتى يدرك أيهما بقي ثم يحلف باللّه ما دعاه إلى أخذ الميراث إلا الرضا بالنكاح ويدفع إليه الميراث » (3).

باب 645: توارث المطلق والمطلقة

5669 - روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا طلق الرجل امرأته توارثا ما كانت في العدة ، فإذا طلقها التطليقة الثالثة ، فليس له عليها الرجعة ولا ميراث بينهما ». (4)

باب 646: توارث الرجل والمرأة يتزوجها ويطلقها في مرضه

5670 - روى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال : « سألت

ص: 310


1- يدل على جواز عقد الفضولي ، وعلى لزوم عقد الولي ، وعلى أن الموت قبل الدخول منصف للمهر ، وعلى اليمين لاخذ الميراث. ( م ت )
2- الظاهر أن غرضه أنه « ان تزوج غير الأب غلاما وجارية وأدرك أحدهما ورضى ثم .. »
3- يدل أيضا على جواز الطلاق فضولا والمشهور عدمه. ( م ت )
4- يدل على التوارث في العدة الرجعية دون البائنة لان المطلقة الرجعية بحكم الزوجة ما دامت في العدة.

أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل تزوج في مرضه ، فقال : إذا دخل بها فمات في مرضه ورثته وإن لم يدخل بها لم ترثه ، ونكاحه باطل ». (1)

5671 - وروى ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي العباس عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إذا طلق الرجل المرأة في مرضه ورثته ما دام في مرضه ذلك وان انقضت عدتها إلا أن يصح منه (2) ، قلت : فإن طال به المرض؟ قال : ترثه ما بينه وبين سنة » (3).

5672 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سئل عن رجل يحضره الموت فيطلق امرأته هل يجوز طلاقه؟ قال : نعم وهي ترثه ، وإن ماتت لم يرثها » (4).

5673 - وروى صالح بن سعيد (5) ، عن يونس ، عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته ما العلة التي من أجلها إذا طلق الرجل امرأته وهو مريض

ص: 311


1- تقدم تحت رقم 4876 في طلاق المريض ، والمراد بطلان النكاح بالنظر إلى المهر والميراث والا فمع بطلان النكاح كيف يتصور جواز الدخول.
2- أي برء من مرضه ذلك ، وظاهر هذه الأخبار اختصاص الإرث في المطلقة في المرض بعد العدة بالزوجة ، وذهب الشيخ وجماعة - على ما في المرآة - أن الزوج أيضا يرثها في الفرض المذكور ، وهو مخالف لظاهرها.
3- يدل على الميراث إلى سنة ولو كان بائنا ، وهذا مشروط بما إذا لم يتزوج بعد العدة وتقدمت الاخبار فيه.
4- حمل على ما إذا كان الطلاق بائنا ، أو عدم ارث الزوج محمول على ما بعد العدة وقد تقدم في طلاق المريض الخبر وبيانه.
5- هو صالح بن سعيد القماط الكوفي وطريق المصنف إليه غير مذكور في المشيخة وله كتاب رواه عنه جماعة منهم إبراهيم بن هاشم ، والخبر رواه المصنف في العلل عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عنه ، وعن غيره من أصحاب يونس ، عن يونس عن رجال شتى عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

في حال الاضرار ورثته ولم يرثها؟ فقال : هو الاضرار (1) ومعنى الاضرار منعه إياها ميراثها منه ، فألزم الميراث عقوبة ».

باب 647: ميراث المتوفى عنها زوجها

5674 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « سألته عن الرجل يتزوج المرأة ، ثم يموت قبل أن يدخل بها فقال : لها الميراث كاملا وعليها العدة أربعة أشهر وعشرا ، وإن كان سمى لها مهرا يعنى صداقا فلها نصفه ، وإن لم يكن سمى لها مهرا فلا مهر لها » (2).

5675 - وقال عليه السلام في حديث آخر : « إن كان دخل بها فلها الصداق كاملا » (3).

5676 - وروى ابن أبي نصر ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قلت له : « رجل تزوج امرأة بحكمها ، فمات قبل أن تحكم قال : ليس لها صداق ، وهي ترث [ ه ] » (4).

ص: 312


1- الضمير المذكر راجع إلى العلة باعتبار أنها سبب. ( المراد )
2- يدل على تنصيف المهر بالموت قبل الدخول وتمام الميراث ، وتقدم نحوه في ج 3 ص 507. والمشهور بين فقهائنا رضوان اللّه عليهم - ان المهر لا ينتصف بموت الزوج بخلاف الطلاق وذلك لاخبار أخرجها الشيخ (رحمه اللّه) في التهذيبين ، ومذهب المصنف كما صرح به في المقنع وبعض المتأخرين التنصيف ووردت به أخبار ، وقال العلامة المجلسي : لا يبعد حمل ما تضمن لزوم تمام المهر على التقية فان ذلك مذهب أكثر العامة - انتهى ، والمحكى عن ابن الجنيد أن العقد يوجب نصف المهر فقط ، والنصف الآخر ثبت بالدخول. وعليه فالقدر المتيقن من الثابت بالعقد هو النصف ويحتاج في اثبات النصف الآخر بالموت إلى دليل.
3- كما هو ظاهر قوله تعالى « وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ».
4- تقدم نحوه مع بيانه تحت رقم 4450 في باب ما أحل اللّه من النكاح عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ولعل سقوط المهر بعد موت الزوج قبل الحكم لكون التحكيم يرجع إلى الوكالة فتبطل بالموت فتصير مثل من لم يكن سمى لها مهرا ، والمستفاد من كلام الفقهاء أن موت المحكوم عليه لا أثر له في سقوط المهر وأن لها أن تحكم ما لم تزد على مهر السنة.

باب 648: ميراث المخلوع

ميراث المخلوع(1)

5677 - روى صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير (2) قال : « سألته عن المخلوع يتبرأ منه أبوه عند السلطان ومن ميراثه وجريرته لمن ميراثه فقال : قال على ( عليه السلام ) : هو لأقرب الناس إلى أبيه » (3).

باب 649: ميراث الحميل

ميراث الحميل (4)

5678 - روى الحسن بن محبوب ، عن ابن مهزم (5) ، عن طلحة بن زيد قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « لا يورث الحميل إلا ببينة ، قال : والحميل هو الذي تأتى

ص: 313


1- الخيلع والمخلوع هو الذي قد خلعه أهله ، فان جنى لم يطلبوا بجنايته كما في الصحاح ، وفي الجاهلية إذا قال قائل : هذا ابني قد خلعته كان لا يؤخذ بجريرته وهو خليع ومخلوع.
2- رواه الشيخ في الصحيح والمراد بأبي بصير ليث المرادي.
3- في التهذيبين « لأقرب الناس إليه » وما في المتن أوضح ، وظاهره أن الأب لا يرثه حيث تبرأ منه فهو بمنزلة من ليس له أب ، وقد حكى القول بمضمون الخبر عن الشيخ في النهاية وابن حمزة في الوسيلة والقاضي والكيدري لكن المشهور لم يعملوا بمضمونها ، ولعله لمخالفته للأصول المستفادة من الكتاب والسنة.
4- الحميل : الذي يحمل من بلده صغيرا ولم يولد في الاسلام.
5- هو إبراهيم بن مهزم الكوفي الأسدي يعرف بابن أبي بردة ، ثقة من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام ، وأما طلحة بن زيد فهو عامي بتري الا ان له كتابا معتمدا.

به المرأة حبلى قد سبيت وهي حبلى فيعرفه بذلك بعد أبوه أو أخوه » (1).

5679 - وروي صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن الحميل ، فقال : وأي شئ الحميل؟ فقلت : المرأة تسبى من أرضها معها الولد الصغير فتقول هو ابني ، والرجل يسبى فيلقى أخاه فيقول هو أخي ليس لهما بينة الا قولهما قال : فما يقول فيه الناس عندكم؟ قلت : لا يورثونه (2) إذا لم يكن لهما على ولادته بينة إنما كان ولادته في الشرك ، قال : سبحان اللّه!! إذا جاءت بابنها لم تزل مقرة به ، وإذا عرف أخا وكان ذلك في صحة منهما (3) لم يزالا مقرين بذلك ورث بعضهم بعضا ».

باب 650: ميراث الولد المشكوك فيه

5680 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إن رجلا من الأنصار أتى أبى ( عليه السلام ) (4) فقال : إني ابتليت بأمر عظيم إن

ص: 314


1- رواه الشيخ في التهذيبين بدون التفسير ولعله من الراوي أو المصنف ، وقال الفاضل التفرشي : قوله « لا يورث » يمكن أن يقرأ بكسر الراء من الايراث أو التوريث على أن يكون الاسناد مجازيا ، وبفتحه منهما أي لا يعطى الميراث ومن يرث أي لا يورث منه وهو محمول على حميل كان حرا والا فلا خفاء في عدم توريث المملوك.
2- في بعض النسخ « لا يورثونهما » وفي التهذيبين « لا يورثونهما » لأنه لم يكن لهما  - الخ « وفي الكافي » لا يورثونهم « لأنهم لم يكن لهم - الخ ».
3- أي كان ذلك النسب الذي أقربه أو كان ذلك الاقرار صحيحا بحسب السن وغيره وليس بين هذا الخبر والذي تقدم منافاة لان الحميل في الأول بمعنى أنها جاءت به وهو في بطنها وما رآه الذي يدعى بنوته أو أخوته ، وفي الثاني بمعنى أنه تولد في دار الشرك وهم رأوه فيها وهو رآهم ( مراد ) أقول : حمل الشيخ في التهذيبين الخبر الأول على ضرب من التقية لموافقته لمذهب بعض العامة.
4- كذا في أكثر النسخ موافقا للكافي والتهذيب ، وفي بعضها « قال : ان رجلا من الأنصار أتى أبا عبد اللّه عليه السلام » وهو موافق للاستبصار فعليه أن القائل هو عبد اللّه بن سنان.

لي جارية كنت أطأها فوطئتها يوما وخرجت في حاجة لي بعد ما اغتسلت منها ونسيت نفقة لي فرجعت إلى المنزل لاخذها فوجدت غلامي على بطنها فعددت لها من يومى ذلك تسعة أشهر فولدت جارية فقال : لا ينبغي لك أن تقربها ولا أن تبيعها ولكن أنفق عليها من مالك ما دمت حيا ثم أوص عند موتك أن ينفق عليها من مالك حتى يجعل اللّه لك ولها مخرجا ». (1)

5681 - وروى عن عبد الحميد (2) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن رجل كانت له جارية يطأها وكانت تخرج في حوائجه فحملت فخشي ان لا يكون الحمل منه كيف يصنع أيبيع الجارية والولد؟ فقال : يبيع الجارية ولا يبيع الولد ولا يورثه شيئا من ماله » (3).

5682 - وروى القاسم بن محمد ، عن سليم مولى طربال (4) ، عن حريز عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل كان يطأ جارية له وأنه كان يبعثها في حوائجه وأنها حبلت وأنه بلغه عنها فساد ، فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : قل له : إذا ولدت فأمسك الولد ولا تبعه واجعل له نصيبا من دارك ، قال : فقيل له : رجل كان يطأ جارية له ولم يكن يبعثها في حوائجه وإنه اتهمها وحبلت؟ فقال : إذا هي ولدت أمسك الولد ولا يبيعه ويجعل له نصيبا من داره وماله ، ليس هذه مثل تلك » (5).

ص: 315


1- ليس في الكافي والتهذيبين قوله « لك » والظاهر أن مخرجها موتها ، ومخرجه أن يظهر له بالعلامات أنها ابنتها ( م ت ) وقال الفاضل التفرشي : الخبر يدل على أن الأمة لا تكون فراشا بالوطئ وكذا ما في الأحاديث الآتية
2- الظاهر كما في الكافي والتهذيبين هو عبد الحميد بن إسماعيل دون من عنونه المصنف في المشيخة من عبد الحميد بن عواض أو عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي
3- قيل : إنه محمول على عدم احتمال كون الولد له ، ولعل هذا الحمل مبني على أن الأمة تصير بالوطي فراشا ، ولم يثبت فعلى فرض ثبوته فالظاهر لحوق الولد به وصيرورة أمه أم ولد.
4- في بعض النسخ « سليمان مولى طربال » وفي الكافي والتهذيب مثل ما في المتن
5- قوله « ليس هذه مثل تلك » أي في الصورة الأولى يوصى له بالدار فقط لقوة التهمة لخروجها من الدار ، وفي الثانية يوصى له بالدار والمال معا لضعف التهمة. ( المرآة )

باب 651: ميراث الولد ينتفى منه أبوه بعد الاقرار به

5683 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « أيما رجل أقر بولده ، ثم انتفى منه فليس له ذلك ولا كرامة ، يلحق به ولده إذا كان من امرأته أو وليدته » (1).

باب 652: ميراث ولد الزنا

5684 - روى الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد الأشعري (2) قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبى جعفر الثاني ( عليه السلام ) معي يسأله عن رجل فجر بامرأة فحملت ثم إنه تزوجها بعد الحمل فجاءت بولد والولد أشبه خلق اللّه به ، فكتب عليه السلام بخطه وخاتمه : الولد لغية لا يورث ) (3).

5685 - وروى يونس ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته فقلت له : جعلت فداك كم دية ولد الزنا؟ قال : يعطى الذي أنفق عليه ما أنفق عليه قلت : فإنه مات وله مال فمن يرثه؟ قال : الامام ». (4)

ص: 316


1- رواه الكليني ج 7 ص 163 في ذيل حديث في الحسن كالصحيح.
2- هو وصى سعد بن سعد الأشعري وحاله مجهول الا أن الغالب على الثقات في غير حال الاضطرار أنهم لا يوصون الا إلى من يعتقدون عدالتهم وضبطهم. ( م ت )
3- في الصحاح يقال فلان لغيه وهو نقيض قولك لرشدة - انتهى ، والغية بالكسر خلاف الرشدة وولد غية أي ولد زنا. قوله لا يورث من الايراث أو التوريث
4- المشهور أن ولد الزنا لا ترثه أمه ولا غيرها من الأنساب ويرثه ولده وان نزل والزوج والزوجة وعلى عدمهم فميراثه للامام فإنه وارث من لا وارث له ، وقيل : ترثه أمه كابن الملاعنة ويأتي الكلام فيه.

وقد روى أن دية ولد الزنا ثمانمائة درهم ، وميراثه كميراث ابن الملاعنة (1).

باب 653: ميراث القاتل ومن يرث من الدية ومن لا يرث

5686 - روى صفوان بن يحيى ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل عن أحدهما عليهما السلام « في رجل قتل أباه (2) ، قال : لا يرثه وإن كان للقاتل ابن ورث الجد المقتول ».

ص: 317


1- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 535 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن حماد ، عن عبد الرحمن بن عبد الحميد ، عن بعض مواليه قال : قال لي أبو الحسن عليه السلام : « دية ولد الزنا دية اليهودي ثمانمائة درهم ». وعنه عن محمد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن بعض رجاله قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن دية ولد الزنا ، قال : ثمانمائة درهم مثل دية اليهودي والنصراني والمجوسي ». وتقدم الأخير تحت رقم 5340 باب دية ولد الزنا. وروى الكليني ج 7 ص 164 والشيخ في التهذيبين ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس قال : « ميراث ولد الزنا لقراباته من قبل أمه على نحو ميراث ابن الملاعنة » وقال الشيخ بعد ايراد هذا الخبر : الرواية موقوفة لم سندها يونس إلى أحد من الأئمة عليهم السلام ، ويجوز أن يكون ذلك اختياره لنفسه لا من جهة الرواية بل لضرب من الاعتبار ، وما هذا حكمه لا يعترض به الاخبار. أقول : قال صاحب جامع المدارك مد ظله العالي - قول الشيخ هذا لا يخلو من بعد مضافا إلى أن مثل يونس لا يفتي بلا مدرك ، وكيف كان المشهور لم يعلموا بمضمونه فلا بد من رد علمه إلى أهله والبناء على عدم الوراثة بقول مطلق الا أن يقال عدم عمل الأصحاب لعله من جهة التخيير أو الترجيح لا الاعراض. وهذا إذا كان من الطرفين وأما إذا كان من طرف واحد فلا مانع من الوراثة بالنسبة إلى الطرف الآخر للعمومات.
2- ربما يحمل على العمد ظلما لأنه لا يثبت في الخطأ منع الإرث ، قال في المسالك إن كان القتل عمدا ظلما فلا خوف في عدم الإرث ، وإن كان بحق لم يمنع اتفاقا سواء جاز للقائل تركه كالقصاص أو لا كجرم المحصن ، وإن كان خطأ ففي منعه مطلقا أو عدمه مطلقا أو منعه من الدية خاصة أقوال.

5687 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « إذا قتل الرجل أمه خطأ ورثها إن قتلها عمدا لم يرثها » (1).

5688 - وروى النضر ، عن القاسم بن سليمان ، عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « للمرأة من دية زوجها ، وللرجل من دية امرأته ما لم يقتل أحدهما صاحبه » (2)

5689 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في دية المقتول أنها ترثه الورثة على كتاب اللّه تعالى وسهامه إذا لم يكن على المقتول دين إلا الاخوة والأخوات من الام فإنهم لا يرثونه من ديته شيئا ». (3)

5690 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن رجل قتل وله أخ في دار الهجرة وأخ آخر في دار البدو ، ولم يهاجر أرأيت إن عفا المهاجري وأراد البدوي إن يقتل اله ذلك؟ فقال : ليس للبدوي أن يقتل مهاجرا حتى يهاجر ، وإن عفا المهاجر فإن عفوه جائز ، قلت له فللبدوي من الميراث شئ؟ قال : وأما الميراث فله وله حظه من دية أخيه المقتول إن أخذت الدية » (4).

ص: 318


1- يدل على أنه لا يرث قاتل العمد ويرث القاتل خطأ من الميراث من غير الدية لما سيجيئ من أنه لا يرث من الدية ( م ت ) وخصه الفاضل التفرشي بالأم دون غيرها.
2- قال الفاضل التفرشي : يدل بمفهومه على عدم الإرث على تقدير القتل وظاهره يشمل العمد والخطأ ، ولا يخصص بحديث محمد بن قيس لاختصاصه بالأم.
3- يدل على أن الدية كأموال الميت يرثها غيرها من أمواله عدا الاخوة والأخوات من الام ، وقيل : عدا من يتقرب بالأم ، وهو مشكل لعدم القطع بمناط الحكم فلا وجه لرفع اليد عن العمومات.
4- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لم أر من قال بمضمونه. وقال الفاضل التفرشي : الخبر دل على أنه لو انحصر وارث المقتول في البدوي لم يكن له قتل القاتل بل له الدية ، وعلى أنه لو هاجر بعد القتل فله القصاص.

5691 - وروى الحسن بن محبوب ، عن بن رئاب ، عن أبي عبيدة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن امرأة شربت دواء عمدا وهي حامل ولم تعلم بذلك زوجها فألقت ولدها ، فقال : أن كان له عظم قد نبت عليه اللحم فعليها دية تسلمها إلى أبيه وإن كان علقه أو مضغة فإن عليها أربعين دينارا أو غرة تؤديها إلى أبيه ، فقلت له فهي لا ترث ولدها من ديته مع أبيه؟ قال : لا لأنها قتلته فلا ترثه » (1).

5692 - وروى زرعة ، عن سماعة قال : « سألته عن رجل ضرب ابنته وهي حبلى فأسقطت سقطا ميتا فاستعدى زوج المرأة عليه ، فقالت المرأة لزوجها : إن كان لهذا السقط دية ولى فيه ميراث فإن ميراثي فيه لأبي ، قال : يجوز لأبيها ما وهبت له » (2).

5693 - وروى سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال : « سألت جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) عن طائفتين من المؤمنين إحديهما باغية والأخرى عادلة اقتتلوا فقتل رجل من أهل العراق أباه أو ابنه أو أخاه أو حميمه وهو من أهل البغي وهو وارثه هل يرثه؟ قال : نعم لأنه قتله بحق » (3).

ص: 319


1- تقدم في الديات تحت رقم 5321 مع بيانه ، وقال الفاضل التفرشي : تنكير الدية يفيد أنها ليست دية كاملة فيكون الكلام مجملا ، فلعل كميتها كانت معلومة للسائل وكان غرضه استعلام مصرفها وأنها هل ينقص منها شئ بسبب الأمومة أم لا كما صرح به في السؤال ثانيا ، وكذا ردد في العلقة والمضغة بين أربعين دينارا والغرة ولم يبين أن أيهما لأيهما ، ولعل أربعين دينارا للعلقة والغرة للمضغة ، وفسرت الغرة بعبد أو أمة ، وعن ابن الجنيد عبد أو أمة قيمتها نصف عشر الدية. أقول : تقدم في الصحيح في باب دية النطفة والعلقة عن عبيد ابن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ان الغرة تكون بمائة دينار وتكون بعشرة دنانير فقال : بخمسين »
2- تقدم تحت رقم 5323 ، وفي رواية في التهذيب زاد في آخره « ويؤدي أبوها إلى زوجها ثلثي دية السقط ».
3- رواه الشيخ أيضا في الموثق في التهذيب ج 2 ص 540 ، ويدل على أن القتل لو كان بحق لم يمنع من الإرث.

قال الفضل بن شاذان النيسابوري : لو أن رجلا ضرب ابنه ضربا غير مسرف في ذلك يريد به تأديبه فمات الابن من ذلك الضرب ورثه الأب ولم تلزمه الكفارة لان للأب أن يفعل ذلك وهو مأمور بتأديب ولده ، لأنه في ذلك بمنزلة الامام يقيم حدا على رجل فيموت الرجل من ذلك الضرب فلا دية على الامام ولا كفارة ، ولا يسمى الامام قاتلا إذا أقام حد اللّه عزوجل على رجل فمات من ذلك ، وإن ضرب الابن ضربا مسرفا فمات لم يرثه الأب وكانت عليه الكفارة ، وكل من كان له الميراث لا كفارة عليه ، وكل من لم يكن له الميراث فعليه الكفارة.

فإن كان بالابن جرح فبطه الأب (1) فمات الابن من ذلك ، فإن هذا ليس بقاتل وهو يرثه ولا كفارة عليه ولادية ، لان هذا بمنزلة الأدب والاستصلاح والحاجة من الولد إلى ذلك وإلى شبهه من المعالجات.

ولو أن رجلا كان راكبا على دابه فوطئت أباه أو أخاه فمات من ذلك لم يرثه وكانت الدية على العاقلة والكفارة عليه ، ولو كان يسوق الدابة أو يقودها فوطئت أباه أو أخاه فمات ورثه وكانت الدية على العاقلة للورثة ولم تلزمه كفارة (2).

ولو أن رجلا حفر بئرا في غير حقه (3) أو أخرج كنيفا أو ظلة فأصاب شئ منها وارثا فقتله لم تلزمه الكفارة وكانت الدية على العاقلة وورثه (4) لان هذا ليس بقاتل ، الا ترى أنه إن فعل ذلك في حقه لم يكن بقاتل ولأوجب في ذلك دية ولا كفارة فإخراجه ذلك الشئ في غير حقه ليس هو قتلا لان ذلك بعينه

ص: 320


1- في القاموس : البط : شق الدمل والجراح ونحوهما.
2- قال في المسالك : مذهب الأصحاب أن الكفارة في الخطأ لا تجب الا مع مباشرة القتل دون التسبيب ، واطلاق النص يقتضى عدم الفرق في القاتل بين كونه مكلفا وغيره.
3- أي في موضع لا يجوز له حفر البئر فيه.
4- جعل الدية على العاقلة يعطى كون ذلك قتل خطأ ، وكذا إذا ساق الدابة أو قادها فمنعه من الميراث في الأول دون الثاني قول بالتفصيل في منع قتل الخطأ عن الإرث ، وتقدم حديث محمد بن قيس ان قتل الرجل أمه خطأ غير مانع من الإرث. ( مراد )

يكون في حقه فلا يكون قتلا ، وإنما ألزم العاقلة الدية في ذلك احتياطا في الدماء ولئلا يبطل دم امرئ مسلم ، ولئلا يتعدى الناس حقوقهم إلى ما لاحق لهم فيه ، وكذلك الصبي إذا لم يدرك والمجنون لو قتلا لورثا وكانت الدية على عاقلتهما ، والقاتل يحجب وإن لم يرث (1) ، الا ترى أن الاخوة يحجبون الام ولا يرثون.

باب 654: ميراث ابن الملاعنة

ابن الملاعنة لا وارث له من قبل أبيه وإنما ترثه أمه وإخوته لامه وولده وأخواله وزوجته ، فإن ترك أولادا فالمال بينهم على سهام اللّه عزوجل (2) ، فإن ترك أباه وأمه فالمال لامه ، فإن ترك أباه وابنه فالمال لابنه.

فإن ترك أباه وأخواله فماله لأخواله.

فإن ترك خالا وخالة فالمال بينهم بالسوية.

فإن ترك خالا وخالة ، وعما وعمة ، فالمال للخال والخالة بينهما بالسوية ، وسقط العم والعمة.

فإن ترك إخوة لام ، وجدة لام ، فالمال بينهم بالسوية.

ص: 321


1- المشهور بين الأصحاب القاتل لا يحجب بل ادعى بعضهم عليه الاجماع ( المرآة ) وقال الفاضل التفرشي : كلام الفضل على اطلاقه غير صحيح والا لزم في قتل الابن أباه عند انحصار الوارث فيه أن لا يرثه أحد لان الابن حاجب عن توريث غيره سواء كان ذلك الغير ابن القاتل أو غيره ، فلعل مراده أن القتل لا يمنع الحاجب الذي ليس بوارث عن الحجب كما إذا كان لرجل وامرأة ثلاث بنين فقتل أحدهم واحدا من الآخرين فحينئذ ان قلنا بأن القاتل حاجب كان للأم السدس ، وان قلنا لا يحجب كان لها الثلث.
2- لما انتفى الولد من الأب باللعان لا يرثه الأب ولا يرث الأب ولا من يتقرب بهما والتوارث بينه وبين أمه ومن يتقرب بها ، أما إذا أقر الأب بالولد بعد اللعان فلا يحصل به النسب ولكن يرثه الابن باقراره ، ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به ، ولا يرث الولد من يتقرب بالأب الا مع قرارهم. ( م ت )

فإن ترك ابن أخته لامه ، وجده أبا أمه فالمال بينهما نصفان (1).

فإن ترك أمه ، وامرأته ، فللمرأة الربع ، وما بقي فللام.

فإن ترك ابن الملاعنة امرأة ، وجدا أبا أمه وخالة ، للمرأة الربع و للجد الباقي.

فإن ترك ثلاث خالات متفرقات ، وامرأة ، وابن أخ لام ، فللمرأة الربع ، وما بقي فلا بن الأخ.

فإن ترك ابنته ، وأمه ، فللابنة النصف ، وللأم السدس ، وما بقي رد عليهما على قدر سهامهما ، فان ترك أمه وأخاه ، فالمال للام.

فإن ترك امرأة ، وابنة ، وجدا وجدة لام ، وأخا وأختا لام ، فللمرأة الثمن ، وما بقي فللابنة.

فإن ترك امرأة ، وجدا ، واما ، وجدة ، وابن أخ ، وابن أخت ، وخالا وخالة فللمرأة الربع ، وما بقي فللام وسقط الباقون ، فإن ترك ابنة ، وابنة ابن ، فالمال للابنة ، كذلك إن ترك ابنة ، وابن ابن ، فالمال للابنة.

فإن ترك ابن الملاعنة أخا لأب وأم وأخا لأم فالمال بينهما نصفان ، و كذلك إن ترك أختا لأم ، وأختا لأب وأم ، فالمال بينهما نصفان.

فإن ترك ابن أخ ، وابنة أخت لأم فالمال بينهما نصفان ، فإن ماتت ابنة الملاعنة وتركت ابن ابنتها ، وابن ابنة ابنها ، وزوجها ، وخالها ، وجدها ، وابن أختها ، وابن أخيها ، فللزوج الربع ، وما بقي فلابن الابنة وسقط الباقون.

فإن ترك ابن الملاعنة أخته وابنة أخيه لامه ، فالمال كله للأخت.

فإن ترك امرأة ، وجدة وجدا من قبل الام ، فللمرأة الربع ، وما بقي فبين الجد والجدة للأم نصفان ، فأما ولد ولد ابن الملاعنة إذا مات فإن ميراثه مثل

ص: 322


1- بناء على أن ابن الأخت يقوم مقام أمها في مقاسمة الجد.

ميراث غير ابن الملاعنة سواء في جميع فرائض المواريث (1) ، وميراث ولد الزنا مثل ميراث ولد الملاعنة (2).

5694 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن الملاعنة التي يرميها زوجها وينتفى من ولدها ويلا عنها ، ثم يقول زوجها بعد ذلك : الولد ولدي ويكذب نفسه ، فقال : أما المرأة فلا ترجع إليه أبدا ، وأما الولد فإني أرده إليه إذا ادعاه ولا أدع ولده ليس له ميراث ويرث الابن الأب ، ولا يرث الأب الابن ، يكون ميراثه لأخواله (3) ، وإن دعاه أحد ولد الزنا جلد الحد ».

5695 - وروى موسى بن بكر (4) ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « إن ميراث ولد الملاعنة لامه ، فإن كانت أمه ليست بحية فلا قرب الناس من أمه أخواله » (5).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : متى كان الامام غائبا كان ميراث ابن الملاعنة لامه ومتى كان الامام ظاهرا كان لامه الثلث والباقي لإمام المسلمين

ص: 323


1- أي بالنسبة إلى غير أبي ولد الملاعنة ومن ينتسب إليه فلا يرد أن غير ولد ولد الملاعنة قد يرثه جده من الأب وهذا لا يرثه الجد وهو أبو أبيه. ( مراد )
2- تقدم الكلام فيه ويأتي في بيان الاخبار
3- زاد ههنا في خبر أبي بصير الكافي « فإن لم يدعه أبوه فان أخواله يرثونه ولا يرثهم » وقال المحقق - رحمه اللّه - : هل يرث قرابة أمه؟ قيل نعم لان نسبة من الام ثابت ، وقيل لا يرث الا أن يعترف به الأب وهو متروك.
4- طريق المؤلف إليه غير مذكور في المشيخة وهو واقفي لم يوثق ، ورواه الكليني والشيخ في الصحيح عنه
5- في المحكى عن الدروس : اللعان يقطع ميراث الزوجين والولد المنفي من جانب الأب والابن ، فيرث الابن أمه وترثه ، وكذا يرثه ولده وقرابة الام وزوجه وزوجته ، وروى أبو بصير عن الصادق عليه السلام أنه « لا يرث أخواله ، مع أنهم يرثونه » وحملهما الشيخ على عدم اعتراف الأب به بعد اللعان فان اعترف وقعت الموارثة بينه وبين أخواله. وبه روايات والأقرب الموارثة مطلقا لرواية زيد الشحام عن الصادق عليه السلام - انتهى ، أقول ستأتي رواية زيد تحت رقم 5689.

وتصديق ذلك :

5696 - ما رواه الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « ابن الملاعنة ترثه أمه الثلث ، والباقي لإمام المسلمين ».

5697 - وروى ابن أبي عمير ، عن أبان وغيره ، عن زرارة عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في ابن الملاعنة أنه ترثه أمه الثلث ، والباقي للامام لان جنايته على الامام ) (1).

5698 - وروى أبو الجوزاء (2) ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) » في رجل قذف امرأته ثم خرج فجاء وقد توفيت المرأة ، قال : يخير واحدة من اثنتين فيقال له : إن شئت ألزمت نفسك الذنب فيقام فيك الحد وتعطى الميراث ، وإن شئت أقررت فلاعنت أدنى قرابتها

ص: 324


1- قال الشيخ في الاستبصار : فالوجه في هاتين الروايتين أن نقول : إنما يكون لها الثلث من المال إذا لم يكن لها عصبة يعقلون عنه ، فإنه إذا كان كذلك كانت جنايته على الامام وينبغي أن تأخذ الام الثلث والباقي يكون للامام ، ومتى كان هناك عصبة لها يعقلون عنه فإنه يكون جميع ميراثه لها أو لمن يتقرب بها إذا لم تكن موجودة - انتهى. وفي المحكى عن الدروس : لو انفردت أمه فلها الثلث تسمية والباقي ردا لرواية أبي الصباح وزيد الشحام عن الصادق عليه السلام ، وروى أبو عبيدة أن لها الثلث والباقي للامام لأنه عاقلته ، ومثله روى زرارة عنه عليه السلام أن عليا عليه السلام قضى بذلك وعليها الشيخ بشرط عدم عصبة الام ، وهو خيرة ابن الجنيد ، وقال الصدوق بها حال حضور الإمام (عليه السلام) لا حال الغيبة - انتهى ، أقول : ليس في الخبرين تقييد بزمان الظهور كما ترى ونظر المؤلف في التخصيص إلى الجمر. وقد يجمع بأن ما يدل على أن الكل للام من باب التوسعة على الام من الإمام عليه السلام.
2- هو منبه بن عبد اللّه التميمي وكان صحيح الحديث والطريق إليه صحيح أيضا ، و أما الحسين بن علوان فهو عامي موثق ، وأما عمرو بن خالد أبو خالد الواسطي له كتاب كبير ولم يوثق الا أن الكشي أورده في جماعة ثم قال هؤلاء من رجال العامة الا أن لهم ميلا ومحبة شديدة. وعنونه ابن الحجر في تهذيب التهذيب ونقل عن كثير من الرجاليين تضعيفه ولا بأس به لان دأبهم تضعيف جل من روى عن أئمة أهل البيت عليهم السلام.

إليها ولا ميراث لك.

5699 - وروى منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « كان على ( عليه السلام ) يقول : إذا مات ابن الملاعنة وله إخوة قسم ماله على سهام اللّه عزوجل ».

يعنى إخوة لام أو لأب ، وأم ، فأما الإخوة للأب فلا يرثونه ، والإخوة للأب والام إنما يرثونه من جهة الام لا من جهة الأب ، فهم والإخوة للأم في الميراث سواء.

5700 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن رجل لاعن امرأته وهي حبلى قد استبان حملها وأنكر ما في بطنها ، فلما وضعت ادعاه وأقربه ، وزعم أنه منه ، فقال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : يرد إليه ولده ويرثه ولا يجلد لان اللعان قد مضى » (1).

5701 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح ، وعمرو بن عثمان عن المفضل ، عن زيد (2) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في ابن الملاعنة من يرثه؟ قال : ترثه أمه ، قلت : أرأيت إن ماتت أمه وورثها هو ثم مات هو من يرثه؟ قال : عصبة أمه وهو يرث أخواله ».

5702 - وروى حماد بن عيسى ، عن شعيب ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « ابن الملاعنة ينسب إلى أمه ، ويكون أمره وشأنه كله إليها »

باب 655: ميراث من أسلم أو أعتق على الميراث

5703 - روى محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد بن مسلم عن

ص: 325


1- قوله « لا يجلد » قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - ذكره في المسالك وفيه بدله « لا يحل له » ثم قال في الاستدلال على عدم الحد انه لو كان الحد باقيا لذكره والا لتأخر البيان عن وقت الخطاب ، ثم قال : وعليه عمل الشيخ والمحقق والعلامة في أحد قوليه وخالف في ذلك المفيد والعلامة في القواعد ، واختاره الشهيد ، والأول أقوى.
2- يعني عن المفضل بن صالح عن زيد الشحام.

أبى عبد اللّه ( عليه السلام ) « في الرجل يسلم على الميراث قال : إن كان قسم فلا حق له ، وإن كان لم يقسم فله الميراث ، قال : قلت العبد يعتق على ميراث ، فقال : هو بمنزلته » (1).

باب 656: ميراث الخنثى

5704 - روى الحسن بن موسى الخشاب (2) ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) « أن عليا ( عليه السلام ) كان يقول : الخنثى يورث من حيث يبول ، فإن بال منهما جميعا فمن أيهما سبق البول ورث منه ، فإن مات ولم يبل فنصف عقل الرجل ونصف عقل المرأة » (3).

5705 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) « أن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) كان يورث الخنثى فيعد أضلاعه ، فإن كانت أضلاعه ناقصة من أضلاع النساء بضلع ورث ميراث الرجل لان الرجل تنقص أضلاعه عن ضلع النساء بضلع ، لان حواء خلقت من ضلع آدم ( عليه السلام ) القصوى اليسرى فنقص من أضلاعه ضلع واحد » (4).

ص: 326


1- يدل على أنه لو أسلم الوارث الكافر قبل أن يقسم الميراث سواء كان الميت مسلما أو كافرا وسواء كان الورثة مسلمين أو كفارا فله المال ان لم يكن له مشارك مسلم والا فيرث نصيبه وكذا العبد لو أعتق على ميراث قبل القسمة اختص به لو كان أولى وشاركهم لو لم يكن أولى. ( م ت )
2- لم يذكر المصنف طريقه إليه ، والخبر مروي في التهذيب عن الصفار عنه وكأن المصنف أخذه من كتاب الصفار ، فالسند حسن كالصحيح.
3- العقل - بفتح العين - في الأصل بمعنى الدية وكنى به ههنا عن الميراث.
4- السند ضعيف على المشهور والمتن لا يلائم المحسوس والمشهور في كتب التشريح مساواة عدد أضلاع الذكر والأنثى وقالوا ان عددها أربعة وعشرون ، في كل جانب اثنا عشر ضلعا سواء كان ذكرا أم أنثى الا أن الضلعين الأسفلين غير محيطين بل من قفار الظهر إلى الجنب ولا ينعطفان على البطن.

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : إن حواء خلقت من فضلة الطينة التي خلق منها آدم (1) ( عليه السلام ) وكانت تلك الطينة مبقاة من طينة أضلاعه ، لا أنها خلقت من ضلعه بعدما أكمل خلقه فاخذ ضلع من أضلاعه اليسرى فخلقت منها ، ولو كان كما يقول الجهال لكان لمتكلم من أهل التشنيع طريق إلى أن يقول إن آدم كان ينكح بعضه بعضا (2).

وهكذا خلق اللّه عزوجل النخلة من فضلة طينة آدم ( عليه السلام ) ، وكذلك الحمام فلو كان ذلك كله مأخوذا من جسده بعد إكمال خلقه لما جاز أن ينكح حواء فيكون قد نكح بعضه [ بعضا ] ، ولا جاز أن يأكل التمر لأنه كان يكون قد أكل بعضه ، وكذلك الحمام ولذلك :

5706 - قال النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) في النخلة : « استوصوا بعمتكم خيرا » (3).

5707 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « إن شريحا القاضي بينما هو في مجلس القضاء إذ أتته امرأة فقالت : أيها القاضي اقض بيني وبين خصمي ، فقال لها : ومن خصمك؟ قالت أنت ، قال : أفرجوا لها فأفرجوا لها ، فدخلت ، فقال لها : ما ظلامتك؟ فقالت : إن لي ما للرجال وما للنساء ، قال شريح : فإن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقضى على المبال ، قالت : فإني أبول بهما جميعا ويسكنان معا ، قال شريح : واللّه ما سمعت بأعجب من هذا ، قالت : وأعجب

ص: 327


1- تقدم ج 3 ص 381 تأويله له ، ولصاحب الوافي تأويل لخلق حواء من ضلع أدم في كتاب النكاح منه.
2- تقدم في ج 3 ص 381 كلام الأستاذ - رحمه اللّه - فيه
3- لم أجده بهذا اللفظ ورواه أبو يعلي في مسنده وابن عدي في الكامل وابن السني وأبو نعيم في الطب « أكرموا عمتكم النخلة. » من حديث علي عليه السلام كما في الجامع الصغير وقال في النهاية : سماها عمة للمشاكلة في أنها إذا قطع رأسها يبست كما إذا قطع رأس الانسان مات ، وقيل لان النخل خلق من فضلة طينة آدم عليه السلام - انتهى. أقول : قول القيل موافق لذيل الخبر حيث قال بعد ذلك : « فإنها خلقت من فضلة طينة أبيكم آدم ».

من هذا ، قال : وما هو؟ : قالت : جامعني زوجي فولدت منه ، وجامعت جاريتي فولدت منى ، فضرب شريح إحدى يديه على الأخرى متعجبا ، ثم جاء أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال : يا أمير المؤمنين لقد ورد على شئ ما سمعت بأعجب منه ، ثم قص عليه ) قصة المرأة ، فسألها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن ذلك ، فقالت : هو كما ذكر ، فقال لها : ومن زوجك؟ قالت : فلان ، فبعث إليه فدعاء فقال : أتعرف هذه؟ قال : نعم هي زوجتي فسأله عما قالت ، فقال : هو كذلك ، فقال له على ( عليه السلام ) : لانت أجر أمن راكب الأسد حيث تقدم عليها بهذه الحال ، ثم قال : يا قنبر أدخلها بيتا مع امرأة فعد أضلاعها ، فقال : زوجها : يا أمير المؤمنين لا آمن عليها رجلا ولا ائتمن عليها امرأة فقال على ( عليه السلام ) على بدينار ، الخصي وكان من صالحي أهل الكوفة وكان يثق به فقال له : يا دينار أدخلها بيتا وعرها من ثيابها ومرها أن تشد مئزرا وعد أضلاعها ، ففعل دينار ذلك وكان أضلاعها سبعة عشر ، تسعة من اليمين وثمانية في اليسار ، فالبسها على ( عليه السلام ) ثياب الرجال والقلنسوة والنعلين وألقى عليه الرداء وألحقه بالرجال ، فقال زوجها : يا أمير المؤمنين ابنة عمى وقد ولدت منى تلحقها بالرجال؟ فقال ( عليه السلام ) : إني حكمت عليها بحكم اللّه عزوجل إن اللّه تبارك وتعالى خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى ، وأضلاع الرجال تنقص وأضلاع النساء تمام » (1).

ص: 328


1- هذا الخبر مروي في التهذيب بلفظ آخر واختلاف يسير ، ورواه القاضي في الدعائم مرفوعا نحو ما في التهذيب ، ورواه المفيد عن العبدي عن ابن طريف عن ابن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام مثل ما في المتن وليس في التهذيب « جامعني زوجي فولدت منه » وكأنه من توهم الراوي حيث إن الخنثى كان في الواقع رجلا كما حكم به أمير المؤمنين عليه السلام فكيف يحبل من ابن عمه ويلد له ، وأيضا في التهذيب أن عدد أضلاع جنبه الأيمن اثنا عشر والجنب الأيسر أحد عشر ، وهذا أقرب بقول علماء التشريح ، ثم اعلم أن الكليني لم يخرج هذا الخبر إنما أورد الأخبار المشتملة على اعتبار البول ، والأصل في رواية خلق حواء من ضلع آدم العامة وورد الطعن فيها ، فما استفيد من خبر شريح من الأحكام من اعتبار عدد - الأضلاع في الخنثى وقبول خبر الواحد الموثق وجواز التعرية للخصي أو غيره لمثل هذا الغرض واختصاص الرداء والقلنسوة والنعلين بالرجال وغير ذلك لا يخفى ما فيه. وفي المحكى عن المسالك : من علامات الخنثى البول فان بال من أحد المخرجين دون الاخر حكم بأنه أصلي اجماعا ، فان بال منهما معا اعتبر بالذي يخرج منه البول أولا اجماعا فان اتفقا في الابتداء فالمشهور أنه ان انقطع عن أحدهما البول أخيرا فهو الأصلي ، وقال ابن البراج الأصلي ما سبق منه الانقطاع كالابتداء وهو شاذ ، وذهب جماعة منهم الصدوق وابن الجنيد والمرتضى إلى عدم اعتبار الانقطاع أصلا ثم اختلفوا بعد ذلك فذهب الشيخ في الخلاف إلى القرعة وادعى عليه الاجمار. وذهب في المبسوط والنهاية والايجاز وتبعه أكثر المتأخرين إلى أنه يعطى نصف نصيب ذكر ونصف نصيب أنثى ، وذهب المرتضى والمفيد في كتاب الاعلام مدعيين عليه الاجماع إلى الرجوع إلى عد الأضلاع لرواية شريح - انتهى.

5708 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن دراج أو جميل بن صالح عن الفضيل بن يسار قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن مولود ليس له ما للرجال وليس له ما للنساء قال : هذا يقرع عليه الامام ، يكتب على سهم عبد اللّه ويكتب على سهم آخر أمة اللّه ، ثم يقول الامام أو المقرع : « اللّهم أنت اللّه لا إله إلا أنت ، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، ، بين لنا أمر هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في كتابك » ثم يطرح السهمين في سهام مبهمة ، ثم تجال فأيهما خرج ورث عليه » (1).

باب 657: ميراث المولود يولد وله رأسان

5709 - روى أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أحمد بن أشيم ، عن محمد بن القاسم الجوهري ، عن أبيه ، عن حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « ولد على عهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مولود له رأسان (2) فسئل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يورث ميراث اثنين أو واحد؟ فقال : بترك حتى ينام ، ثم يصاح به فإن انتبها جميعا معا

ص: 329


1- قال في جامع المدارك : لا يبعد استفادة حصر الانسان في الذكر والأنثى من هذا الصحيح فلا مجال لاحتمال طبيعة ثالثة في الانسان كما أنه لا مجال لاحتمال حصر خصوص مورد السؤال في هذا الصحيح دون الخنثى المشكل.
2- رواه الكليني والشيخ في التهذيب وفيهما « له رأسان وصدران في حقو واحد ».

كان له ميراث واحد ، وإن انتبه واحد وبقى الآخر نائما ورث ميراث اثنين » (1).

وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبي جميلة قال : رأيت بفارس امرأة لها رأسان وصدران في حقو واحد ، تغار هذه على هذه ، وهذه على هذه (2).

باب 658: ميراث المفقود

5710 - روى يونس بن عبد الرحمن ، عن إسحاق بن عمار قال : « قال أبو الحسن عليه السلام في المفقود : يتربص بماله أربع سنين ثم يقسم » (3).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : يعنى بعد أن لا تعرف حياته من موته ، ولا يعلم في أي أرض هو ، وبعد أن يطلب من أربعة جوانب أربع سنين ، ولا يعرف له خبر حياة ولا موت فحينئذ تعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها ويقسم ما له بين الورثة على سهام اللّه عزوجل وفرائضه (4).

5711 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد اللّه بن جندب ، عن هشام بن سالم قال : سأل حفص الأعور (5) أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) وأنا حاضر فقال : كان لأبي أجير وكان

ص: 330


1- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : ينبغي حمل الصياح على أن يكون بوجه يختص بايقاظ أحدهما كأن يصيح في أذنه ، ولذا لم يذكر الأصحاب الصياح بل قالوا : يوقظ أحدهما.
2- في المصباح الحقو - بفتح الحاء وسكون القاف - : موضع شد الإزار وهو الخاصرة. وقوله « تغار هذه على هذه - الخ » من الغيرة أي في الأكل والشرب كما قاله الفاضل التفرشي ، وزاد في الكافي والتهذيب « متزوجة » فالمعنى ظاهر ، ثم اعلم أن الخبر موقوف لم يسنده إلى المعصوم عليه السلام فلذا لا نرقمه ، وأبو جميلة الأسدي ضعيف قالوا : هو كذاب يضع الحديث.
3- ظاهره التملك مع العوض وربما يقيد بما يأتي تحت رقم 5709 عن إسحاق بأن ذلك إذا كانوا املاء.
4- في بعض النسخ « على سهام اللّه في الفريضة ».
5- في الكافي والتهذيب « خطاب الأعور » ولا بأس لحضور هشام حين الجواب.

له عنده شئ فهلك الأجير فلم يدع وارثا ولا قرابة وقد ضقت بذلك كيف أصنع؟ فقال : رابك المساكين [ رابك المساكين ] (1) فقلت : جعلت فداك إني قد ضقت بذلك كيف أصنع؟ فقال : هو كسبيل مالك فإن جاء طالب أعطيته (2).

5712 - وروى ابن أبي نصر ، عن حماد ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألته عن رجل مات وترك ولدا وكان بعضهم غائبا لا يدرى أين هو ، قال : يقسم ميراثه ويعزل للغائب نصيبه ، قلت : فعليه الزكاة؟ قال : لا حتى يقدم فيقبضه ويحول عليه الحول ، قلت : فإن كان لا يدرى أين هو؟ قال : إن كان الورثة ملاء (3) اقتسموا ميراثه ، فان جاء ردوه عليه ».

5713 - وروى يونس بن عبد الرحمن ، عن ابن عون ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل كان له على رجل حق ففقده ولا يدرى أين يطلبه ولا يدرى أحي هو أم ميت؟ ولا يعرف له وارثا ولا نسبا وولدا؟ فقال : يطلب قال : إن ذلك قد طال عليه فيتصدق به؟ قال : يطلب » (4).

5714 - وقد روي في هذا خبر آخر : « إن لم تجد له وارثا وعرف اللّه عز وجل منك الجهد فتصدق بها ».

ص: 331


1- في بعض النسخ مكررا وبالياء المثناة من تحت والهمزة أي يكون رأيك أن تعطى المساكين والحكم خلاف ذلك ، وفي أكثر النسخ « رابك » بالموحدة وفي المصباح الريب الظن والشك ، ورابني الشئ يريبني إذا جعلك شاكا ولعل ما اخترناه في المتن أصح. ولعل المراد بالمساكين على نسخة المتن فقهاء العامة الذين أفتوه بذلك ، وفي الكافي والتهذيب في نحوه « فقال : مساكين - وحرك يديه - » بدون قوله « رأيك » أو « رابك ».
2- ظاهره أنه يجوز التصرف فيه كتصرفه في أمواله ، إذا قصد اعطاء صاحبه مثله في المثلى والقيمة في القيمي ، ويمكن أن يراد أنه كسبيل مالك في الحفظ فتحفظه كما تحفظ مالك ، ويؤيد ذلك قوله عليه السلام « أعطيته » وما يجيئ في آخر الباب « قال : يطلب » ( مراد )
3- في الكافي والتهذيب « إن كان الورثة ملاء بماله اقتسموه بينهم - الخ » والملاء جمع ملئ أي ممتلئون أو في غنى وثقة ، ونقل عن المغرب للمطرزي : الملئ : الغنى المقتدر.
4- يدل على لزوم الطلب وعدم التصدق. ( م ت )

باب 659: ميراث المرتد

5715 - روى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولا د الحناط قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ارتد عن الاسلام لمن يكون ميراثه؟ قال : يقسم ميراثه (1) على ورثته على كتاب اللّه عزوجل ».

5716 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : إذا ارتد الرجل المسلم عن الاسلام بانت منه امرأته كما تبين المطلقة ثلاثا ، وتعتد منه كما تعتد المطلقة ، فإن رجع إلى الاسلام وتاب قبل أن تتزوج فهو خاطب ولا عدة عليها له (2) وإنما عليها العدة لغيره ، فإن قتل أو مات قبل انقضاء العدة اعتدت منه عدة المتوفى عنها زوجها فهي ترثه في العدة ولا يرثها إن ماتت وهو مرتد عن السلام ). (3)

ص: 332


1- أي حين يحكم بتوريث ورثته منه ، ففي المرتد عن الفطرة حين الارتداد وفي غيره عند موته ( مراد ) وقال المصنف في المقنع : النصراني إذا أسلم ثم رجع مات فميراثه لولده النصراني ، وإذا تنصر مسلم ثم مات فميراثه لولده المسلمين - انتهى ، وقال الشهيد - رحمه اللّه - في الدروس : المرتد يرثه المسلم ولو فقد فالامام ولا يرثه الكافر على الأقرب.
2- محمول على المرتد عن غير فطرة لان التوبة لا تقبل في اجراء الأحكام الدنيوية الا منه ، وظاهر الحديث يدل على أنه ان رجع في العدة فلابد له من تجديد العقد وأن كونها في العدة غير مانع من تزويجه بل إنما هو مانع من تزويج غيره ، ويمكن أن يحمل قوله عليه السلام : « كما تبين المطلقة ثلاثا » على إن ليس له الرجوع والتمسك بالعقد الأول ما دام مرتدا ، وقوله عليه السلام « ولا عدة عليها له » على أن ليس عدتها له بأن يرجع عليها متى شاء بل إذا أسلم فهي زوجته والا فلا ، وقوله عليه السلام « وهو خاطب » على ماذا خرجت من المدة ولم تتزوج. ( مراد )
3- قوله عليه السلام « اعتدت منه عدة المتوفى عنها - الخ » يؤيد الحمل المذكور إذ لو خرجت من الزوجية بالكلية ولم يبق للعقد الأول أثر لم يجب عليها عدة الوفاة ولم يكن لها الإرث. ( مراد )

باب 660: ميراث من لا وارث له

5717 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « من مات وليس له وارث من قرابة ولا مولى عتاقة (1) قد ضمن جريرته (2) فماله من الأنفال ».

5718 - وقد روي في خبر آخر : « أن من مات وليس له وارث فماله لهمشهريجه » (3) يعنى أهل بلده.

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : متى كان الامام ظاهرا فماله للامام ، ومتى كان الامام غائبا فماله لأهل بلده متى لم يكن له وارث ولا قرابة أقرب إليه منهم بالبلدية (4).

5719 - وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) « في رجل مسلم قتل وله أب نصراني لمن تكون ديته ، قال : تؤخذ فتجعل في بيت مال المسلمين لان جنايته على بيت مال المسلمين » (5).

ص: 333


1- قال الجوهري : العتق : الحرية وكذلك العتاق - بالفتح - والعتاقة.
2- قيد به لأنه لو أعتقه في كفارة ولم يضمن جريرته لم يرثه
3- أصل الخبر على ما رواه الشيخ والكليني عن القمي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن خلاد السندي عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا « قال : كان علي عليه السلام يقول في الرجل يموت ويترك مالا وليس له أحد : أعط الميراث همشاريجه » والظاهر أنه معرب همشهرى بالفارسية.
4- قال في المسالك : إذا عدم الوارث حتى ضامن الجريرة فالمشهور أن الوارث هو الإمام عليه السلام وهو مصرح به في عدة روايات ، وعند العامة أنه لبيت المال وهو ظاهر خيرة الشيخ في الاستبصار ، والمذهب الأول ، ثم إن كان حاضرا دفع إليه يصنع به ما يشاء وأما مع غيبته فقد اختلف فيه كلام الأصحاب فذهب جماعة منهم إلى وجوب حفظه له بالوصاية أو الدفن إلى حين ظهوره كغيره من حقوقه ، وذهب جماعة منهم المحقق إلى قسمته في الفقراء والمساكين سواء في ذلك أهل بلدة وغيرهم وهذا هو الأصح.
5- يدل على أن الكافر لا يرث المسلم وعلى أن الامام يرث مسلما ليس له وارث مسلم.

باب 661: ميراث أهل الملل

لا يتوارث أهل ملتين (1) والمسلم يرث الكافر ، والكافر لا يرث المسلم ، وذلك أن أصل الحكم في أموال المشركين أنها فيئ للمسلمين ، وأن المسلمين أحق بها من المشركين ، وان اللّه عزوجل إنما حرم على الكفار الميراث عقوبة لهم بكفرهم كما حرم على القاتل عقوبة لقتله ، فأما المسلم فلأي جرم وعقوبة يحرم الميراث؟! وكيف صار الاسلام يزيده شرا؟ ، مع قول النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) :

5720 - « الاسلام يزيد ولا ينقص » (2). ومع قوله صلى اللّه عليه وآله :

5721 - لا ضرر ولا إضرار في الاسلام (3).

فالاسلام يزيد المسلم خيرا ، ولا يزيده شرا ، ومع قوله ( عليه السلام ) :

5722 - « الاسلام يعلو ولا يعلى عليه » (4). والكفار بمنزلة الموتى ، لا يحجبون ولا يرثون.

5723 - وروي عن أبي الأسود الدئلي أن معاذ بن جبل كان باليمن فاجتمعوا إليه وقالوا : يهودي مات وترك أخا مسلما ، فقال : معاذ : « سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) يقول : الاسلام يزيد ولا ينقص » فورت المسلم من أخيه اليهودي.

5724 - وروى محمد بن سنان ، عند عبد الرحمن بن أعين عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في النصراني يموت وله ابن مسلم ، قال : إن اللّه عزوجل لم يزدنا بالاسلام إلا

ص: 334


1- ظاهره عدم التوارث بين اليهودي والنصراني وسيأتي الكلام فيه.
2- رواه أبو داود والحاكم وأحمد بن حنبل والبيهقي من حديث معاذ نحو ما يأتي تحت رقم 5720.
3- رواه ابن ماجة وأحمد من حديث ابن عباس وعبادة وفيهما « لا ضرر ولا ضرار »
4- رواه الطبراني والبيهقي في الشعب عن معاذ والضياء المقدسي والدارقطني والروياني عن عائذ بن عمرو المزني بدون قوله « عليه » بسند مرفوع كما في كشف الخفاء للعجلوني.

عزا ، فنحن نرثهم ولا يرثونا ) (1).

5725 - وروى زرعة ، عن سماعة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن المسلم هل يرث المشرك؟ فقال : نعم ، فأما المشرك فلا يرث المسلم ».

5726 - وروى موسى بن بكر ، عن عبد الرحمن بن أعين (2) عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « لا يتوارث أهل ملتين (3) نحن نرثهم ولا يرثونا ، فإن اللّه عزوجل لم يزدنا بالاسلام إلا عزا ».

ص: 335


1- قوله عليه السلام « لم يزدنا » في الكافي والتهذيبين « لم يزده » وقوله « الا عزا » قال المولى المجلسي : أي كيف يكون كذلك بأن يكون يرث في حال كفره ولا يرث في حال اسلامه فيكون الاسلام حينئذ سببا لذله والحال أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « الاسلام يعلو ولا يعلى ».
2- رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن عبد اللّه بن أعين كالشيخ ولم يذكر المؤلف طريقه إلى موسى بن بكر.
3- تقدم أن ظاهر الكلام يدل على أنه لا يرث أهل ملة عن أهل ملة أخرى وحمل على نفى التوارث من الجانبين معا ، وقال في القواعد : الكفار يتوارثون وان اختلفوا في الملل فاليهودي يرث النصراني والحربي وبالعكس ، وفي الشرايع الكفار يتوارثون وان اختلفوا في النحل ، وفي النافع المسلمون يتوارثون وان اختلف آراؤهم وكذا الكفار وان اختلف مللهم ، وقال في جامع المدارك : أما توارث المسلمين مع اختلاف الآراء فلعموم ما دل على التوريث بالنسب والسبب من الكتاب والسنة ، وما دل من الاخبار على ابتناء المواريث على الاسلام دون الايمان وفيها أن الاسلام هو ما عليه جماعة الناس من الفرق كلها وبه حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث ، وأما ثبوت التوارث بين الكفار مع اختلافهم فهو المعروف وان حكى الخلاف عن بعض ، واستدل عليه بالعمومات ونفى التوارث بين الملتين مفسر في النصوص بالاسلام والكفر ، نعم شرط توارث الكفار فقد الوارث المسلم غير الإمام عليه السلام ، ويمكن أن يقال الكفار إذا كانوا مقرين على دينهم فمع عدم التوارث بينهم وبين من يخالفهم كيف يتوارثون؟ وما ذكر من التمسك بالعمومات لازمة أن يقسم بينهم بالنحو الواقع بين المسلمين ، وإذا لم يقسم بينهم بهذا النحو كيف يتمسك بالعمومات ويلزم عدم تصرفاتنا في ما قسم بينهم بمقتضى مذهبهم.

5727 - وروى الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن صالح عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « المسلم يحجب الكافر ويرثه ، والكافر لا يحجب المؤمن ولا يرثه » (1).

5728 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد [ الحناط ] قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « المسلم يرث امرأته الذمية ، وهي لا ترثه ».

5729 - وروى الحسن بن علي الخزاز ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « لا يرث الكافر ، إلا أن يكون المسلم قد أوصى للكافر بشئ » (2).

5730 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : « لا يرث اليهودي والنصراني المسلمين ، ويرث المسلمون اليهودي والنصراني ».

5731 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن رجل مسلم مات وله أم نصرانية وله زوجة وولد مسلمون فقال : إن أسلمت أمه قبل أن يقسم ميراثه أعطيت السدس ، قلت : فإن لم تكن له امرأة ولا ولد ولا وارث له سهم في الكتاب من المسلمين وأمه نصرانية وقرابته نصارى ممن لهم سهم في الكتاب لو كانوا مسلمين (3) لمن يكون ميراثه؟ قال : إن أسلمت أمه

ص: 336


1- المسلم يحجب الكافر أي يمنعه من الميراث قريبا كان المسلم أو بعيدا ، قريبا كان الكافر أو بعيدا ، مسلما كان الميت أو كافرا ، فلو كان المسلم ضامن جريرة يحجب أولاد الكافر عن الميراث.
2- الاستثناء من الحكم الأول أي للمسلم أن يوصي للكافر بشئ ، وحمل على غير الحربي لكونه من الموادة لقول اللّه تعالى « لا تجد قوما يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادون من حاد اللّه ورسوله » لكن فيه نظر لاحتمال أن يكون المراد بمن حاد اللّه المنافقين الذين تولوا قوما غضب اللّه عليهم أي اليهود كما هو ظاهر الآيات في سورة المجادلة من قوله تعالى « ألم تر إلى الذين تولوا - إلى آخر السورة ».
3- أي سواء كان لهم سهم بخصوصه أو يستفاد له سهم من آية أولى الأرحام ، بل ينبغي التعميم على وجه يشمل وارثه ضامن الجريرة حيث استفيد من السنة ووجوب اتباعها من الكتاب العزيز. ( مراد )

فإن جميع ميراثه لها ، وإن لم تسلم أمه وأسلم بعض قرابته ممن له سهم في الكتاب فإن ميراثه له ، وإن لم يسلم من قرابته أحد فإن ميراثه للامام ) (1).

5732 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عبد الملك بن أعين أو مالك بن أعين (2) عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « سألته عن نصراني مات وله ابن أخ مسلم ، وابن أخت مسلم (3) وللنصراني أولاد وزوجة نصارى ، فقال : أرى أن يعطى ابن أخيه المسلم ثلثي ما ترك ، ويعطى ابن أخته المسلم ثلث ما ترك إن لم يكن له ولد صغار ، فإن كان له ولد صغار فإن على الوارثين أن ينفقا على الصغار مما ورثا عن أبيهم حتى يدركوا ، قيل له : كيف ينفقان على الصغار؟ فقال : يخرج وارث الثلثين ثلثي النفقة ويخرج وارث الثلث ثلث النفقة فإذا أدركوا قطعوا النفقة عنهم ، قيل له : فإن أسلم أولاده وهم صغار؟ فقال : يدفع ما ترك أبوهم إلى الامام حتى يدركوا فإن أتموا على الاسلام إذا أدركوا دفع الامام ميراثه إليهم ، وإن لم يتموا على الاسلام إذا أدركوا دفع الامام ميراثه إلى ابن أخيه وإلى ابن أخته المسلمين ، يدفع إلى ابن أخيه ثلثي ما ترك ويدفع إلى ابن أخته ثلث ما ترك » (4).

ص: 337


1- ينبغي حمل القرابة في قوله عليه السلام « وان لم يسلم من قرابته أحد » على الوارث مجازا فيشمل الوارث السببي أيضا. ( مراد )
2- في الكافي والتهذيب « عن هشام بن سالم عن مالك بن أعين ».
3- إذا كانا لأب وأم أو لأب. ( المرآة )
4- قال في المسالك : قد تقرر أن الولد يتبع أبويه في الكفر كما يتبعهم في الاسلام لاشتراكهما في الحرية وان من أسلم من الأقارب الكفار بعد اقتسام الورثة المسلمين لا يرث ، ومن أسلم قبله يشارك أو يخص ، ومن لوازم عدم المشاركة اختصاص الوارث المسلم بنصيبه من الإرث ولا يجب عليه بذله ولا شئ منه للقريب الكافر صغيرا كان أم كبيرا ، لكن أكثر الأصحاب خصوصا المتقدمين منهم كالمفيد والشيخ والصدوقين والاتباع إلى استثناء صورة واحدة من هذه القواعد وهي ما إذا خلف الكافر أولادا صغارا غير تابعين في الاسلام لاحد وابن أخ وابن أخت مسلمين فأوجبوا على الوارثين المذكورين مع حكمهم بإرثهما أن ينفقا على الأولاد بنسبة استحقاقهما من التركة إلى أن يبلغ الأولاد ، فان أسلموا دفعت إليهم التركة والا استقر ملك المسلمين عليها واستندوا في ذلك إلى رواية مالك بن أعين ، وقد اختلف الأصحاب في تنزيل هذه الرواية لكونها معتبرة الاسناد على طرق أربع ثلاثة منها للمحقق في النكت : أوّلها أن المانع من الارث هنا الكفر و هو مفقود في الاولاد اذ لا يصدق عليهم الكفر حقيقة، و يضعف بمنع انحصار المانع في الكفر بل عدم الإسلام و هو هنا متحقّق سلّمنا لكن يمنع من عدم كفر الاولاد فانه حاصل لهم بالتبعيّة كما يحصل الإسلام للطفل بها. و ثانيها تنزيلها على أن الاولاد أظهروا الإسلام لكن لما لم يعتدّ به لصغرهم كان اسلاما مجازيا، بل قال بعضهم بصحة إسلام الصغير فكان قائما مقام إسلام الكبير لا في استحقاق الارث بل في المراعاة و منعهما من القسمة الحقيقية الى البلوغ لينكشف الأمر، و يضعف بأن الإسلام المجازى لا يعارض الحقيقي و المفروض الحكم بعدم صحّة إسلام الصغير فإذا سبق الإسلام الحقيقي و استقر الارث بالقسمة لم يعتبر اللاحق. و ثالثها تنزيلها على أن المال لم يقسم حتّى بلغوا و أسلموا سواء سبق منهم الإسلام في حال الطفولية أم لا، و يضعف بأن الرواية ظاهرة في حصول القسمة قبل اسلامهم لانه قال «يعطى ابن أخيه ثلثى ما ترك و ابن أخته ثلث ما ترك» و قال «يخرج وارث الثلثين ثلثى النفقة و وارث الثلث ثلث النفقة» و لو لم يكن هناك قسمة لكان الاخراج من جملة المال، و حمل ذلك على الاخبار عن قدر المستحق خلاف الظاهر بل الصريح. و رابعها و هو الذي اختاره العلامة في المختلف تنزيلها على الاستحباب و هذا أولى، و أفرط آخرون فطردوا حكمها الى ذى القرابة المسلم مع الاولاد، وردها أكثر المتأخرين لمنافاتها للأصول، و الحق أنّها ليست من الصحيح و ان وصفها به جماعة من المحققين كالعلامة في المختلف و الشهيد في الدروس و الشرح و غيرهما لان مالك بن أعين لم ينصّ الاصحاب عليه بتوثيق بل و لا بمدح بل المذمّة موجودة في حقّه كما في القسم الثاني من الخلاصة فصحتها اضافية بالنسبة الى من عداه فسهل الخطب في أمرها و اتجه القول باطراحها أو حملها على الاستحباب- انتهى. و قال العلّامة المجلسيّ: أكثر الاصحاب لم يعملوا بالتفصيل الذي دلّ عليه الخبر الا الشهيد- رحمه اللّه- في الدروس حيث أورد الخبر بعينه، اذ الخبر يدلّ على أن مع عدم اظهار الأولاد الاسلام المال للوارثين لكن يجب عليهم الانفاق على الأولاد إلى أن يبلغوا وليس فيه أنهم إذا أظهروا الاسلام يؤدون إليهم المال ، وعلى أنه مع اظهار هم الاسلام في صغرهم لا يدفع الامام المال إليهما بل يأخذ المال وينتظر بلوغهم فان بقوا على اسلامهم دفع إليهم المال والا دفع إليهما فلو كانوا عاملين بالخبر كان ينبغي أن لا يتعدوا مفاده ، واللّه أعلم.

5733 - وروى ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : نصراني أسلم ثم رجع إلى النصرانية ثم مات قال : ميراثه لولده

ص: 338

النصارى (1) ومسلم تنصر ثم مات ، قال : ميراثه لولده المسلمين.

باب 662: ميراث المماليك

5734 - روى محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول في الرجل الحر يموت وله أم مملوكة ، قال : تشترى من مال ابنها ، ثم تعتق ، ثم يورث » (2).

5735 - وروي حنان بن سدير ، عن ابن أبي يعفور ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « مات مولى لعلى ( عليه السلام ) فقال : انظروا هل تجدون له وارثا؟ فقيل له : إن له ابنتين باليمامة مملوكتين فأشتريهما من مال الميت ، ثم دفع إليهما بقية الميراث ».

5736 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن جميل قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) عن الرجل يموت ويترك ابنا مملوكا قال : يشترى ابنه من ماله فيعتق ويورث ما بقي ».

5737 - وفي رواية ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) :  « كان على ( عليه السلام ) إذا مات الرجل وله امرأة مملوكة اشتراها من ماله فأعتقها

ص: 339


1- أي ميراثه لولده النصارى إذا لم تكن له وارث مسلم ، وقيل : يمكن حمل الولد على كونهم صغارا فهم في حكم النصارى لكنهم أسلموا بعد البلوغ ، وحمل قوله « أسلم ثم رجع » على إرادة أن يسلم ثم بدا له فلم يسلم.
2- « يورث » على صيغة المجهول من التوريث على قياس « تشترى ، وتعتق » ولعله عليه السلام غير الأسلوب للتسجيل. ( مراد )

ورثها » (1).

6738 - وروى عبد اللّه بن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه اللّه ) فيمن ادعى عبد إنسان وزعم أنه ابنه (2) أنه يعتق من مال الذي ادعاه (3) فإن توفي المدعى وقسم ماله قبل أن يعتق العبد فقد سبقه المال ، وأن أعتق قبل إن يقسم ماله فله نصيبه منه ».

5739 - وروى الحسن بن محبوب ، عن وهب بن عبد ربه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل كانت له أم ولد فمات ولدها منه فزوجها من رجل فأولدها ثم إن الرجل مات فرجعت إلى سيدها فله أن يطأها قبل أن يتزوج بها؟ قال : لا يطأها حتى تعتد من الزوج الميت أربعة أشهر وعشرة أيام ، ثم يطأها بالملك من غير نكاح ، قلت : فولدها من الزوج؟ قال : إن كان ترك مالا اشترى منه بالقيمة

ص: 340


1- يدل على أنه تشترى الزوجة أيضا وإن كان قربها بالسبب دون النسب ، وأكثر الأصحاب على عدم فك الزوجين ( م ت ) وقال الشيخ في الاستبصار : ان أمير المؤمنين عليه السلام كان يفعل ذلك على طريق التطوع لأنها إذا كانت حرة ولم يكن هناك وارث لم يكن لها أكثر من الربع والباقي يكون للامام ، فإذا كان الامام هو المستحق للمال جاز له أن يشترى الزوجة ويعتقها ويعطيها بقية المال تبرعا دون أن يكون فعل ذلك واجبا لازما - انتهى. وقال الفيض في الوافي : ليس في الخبر أنه يعطيها المال كله حتى يحتاج إلى هذا التأويل بل يجوز أن يكون مجموع قيمتها وميراثها بقدر الربع.
2- أي قال المدعى : ان ذلك العبد ابني ، وهو كالتفسير لقوله عليه السلام « ادعى عبد انسان ». ( مراد )
3- أي إذا اشتراه باقراره ولو كان كاذبا بحسب الواقع ( م ت ) وقال الفاضل التفرشي قوله عليه السلام يعتق متعلق بقضى أي قضى ان العبد يعتق عند وفاة المدعى والكلام محمول على ما إذا لم يكن له وارث حر ، وقوله « فان توفى المدعى وقسم ماله » على تقدير أن يكون له ورثة أحرار فحينئذ لا يشترى العبد من ماله لكن إذا أعتقه مولاه قبل أن يقسم الورثة التركة فله نصيبه أي اختص بها إن كان أولى بها من الأحرار وشاركهم على ما فرض اللّه تعالى إن كان في مرتبتهم وان أعتق بعد تقسيم التركة فقد ملكوا التركة بحكم اللّه تعالى فلم يكن له نصيب منها لاستقرار الميراث في مكانه قبل أن يعتق.

فاعتق وورث (1) ، قلت : فإن لم يدع مالا؟ قال : فهو مع أمه كهيئتها.

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : جاء هذا الخبر هكذا فسقته لقوة إسناده والأصل عندنا أنه إذا كان أحد الأبوين حرا فالولد حر ، وقد يصدر عن الإمام ( عليه السلام ) بلفظ الاخبار ما يكون معناه الانكار ، والحكاية عن قائليه (2).

5740 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب قال : قال أبو عبد اللّه ( عليه السلام ) : « العبد لا يورث ، والطليق لا يورث » (3).

5741 - وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن منصور بن يونس بزرج (4) عن جميل ابن دراج قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « لا يتوارث الحر والمملوك » (5).

5742- وروى علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن أبان ، عن الفضل بن عبد الملك قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المملوك والمملوكة هل يحجبان إذ [ ا ] لم يرثا؟ قال : لا » (6).

ص: 341


1- قوله « قلت : فولدها .. » أي ما حكمه عند موت أبيه ، وقوله عليه السلام « اشترى منه » أي من مولاه الذي هو مولاه الذي هو مولى أمه ، يدل على أن الولد كان مملوكا مثل أمه ، وهذا ممكن كما إذا كان المولى شرط على الزوج عند التزويج رق ولده أو كان الزوج عبدا وصار بعد الحمل معتقا فكسب مالا ثم مات. ( مراد )
2- ظاهره ان قوله عليه السلام « إن كان ترك مالا - إلى آخره » اما محمول على الاستفهام الانكاري أي أنه إن كان أو على أنه عليه السلام ساقه على سبيل الحكاية أي يقولون « إن كان  - الخ » ولا يخفى ما فيهما من البعد وقد عرفت أن صحته لا يحتاج إلى شئ منهما ( مراد )
3- في الكافي « لا يرث » في الموضعين ، والمراد بالطليق اما المطلقة البائنة أو الأسير الذي أطلق عنه أساره كما هو في اللغة ، ويحتمل أن يكون مراده عليه السلام بالطليق الكافر لان أكثر الطلقاء كانوا كفارا.
4- بزرج معرب بزرگ أي الكبير وهو صفته ليونس أو لقب له.
5- قال في التهذيب : لان المملوك لا يملك شيئا فيرثه الحر وهو لا يرث الحر الا إذا لم يكن غيره من الأحرار فأما مع وجود غيره فلا توارث بينهما على حال
6- يحتمل تعميمه بحيث يشمل ما إذا كان الولد مملوكا وكان الولد حرا فإنه لا يحجب ولده عن الميراث لكونه محجوبا بل يرث ولد الولد كما تقدم. ( م ت )

باب 663: ميراث المكاتب

5743 - روى يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام قال : قلت له : « مكاتب اشترى نفسه وخلف قيمته مائة ألف درهم ، ولا وراث له من يرثه؟ فقال : يرثه من يلي جريرته ، قلت : ومن الضامن لجريرته؟ قال : الضامن لجرائر المسلمين » (1).

5744 - وفي رواية محمد بن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ( « أن رجلا كاتب مملوكه واشترط عليه أن ميراثه له ، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأبطل شرطه ، وقال : شرط اللّه قبل شرطك » (2).

5745 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « قضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في مكاتب مات وله مال ، فقال : يحسب ماله بقدر ما أعتق منه لورثته ، وبقدر ما لم يعتق يحسب لأربابه الذين كاتبوه من ماله » (3).

5746 - وروى صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « المكاتب يرث ويورث على قدر ما أدى » (4).

ص: 342


1- يدل على أن المكاتب سائبة ووارثه الامام. ( م ت )
2- قال العلامة المجلسي : هذا موافق لما هو المشهور بين الأصحاب من عدم جواز بيع الولاء وهبته واشتراطه ، وقال الشيخ : ان شرط عليه - يعنى المكاتب - أن يكون له ولاؤه كان له الولاء دون غيره - انتهى. وقال المولى المجلسي : يدل الخبر على عدم صحة شرط الميراث فإنه مخالف لحكم اللّه ولكن يجوز أن يعقدا ضمان الجريرة والميراث معا. أقول : ويدل أيضا على أن الشرط الفاسد لا يبطل العقد.
3- يدل على أن ميراث المكاتب بقدر ما أعتق منه فيؤدى الورثة بقية مال الكتابة من نصيبهم ويعتقون. ( م ت )
4- قال في الشرايع : إذا مات المكاتب وكان مشروطا بطلت الكتابة وكان ما تركه لمولاه ، وأولاده رق ، وان لم يكن مشروطا تحرر منه بقدر ما أداه وكان الباقي رقا ، ولمولاه من تركته بقدر ما فيه من رق ، ولورثته بقدر ما فيه من حرية ويؤدى الوارث من نصيب الحرية ما بقي من الكتابة ، وان لم يكن له مال سعى الأولاد فيما بقي على أبيهم ومع الأداء ينعتق الأولاد وهل للمولى اجبارهم على الأداء؟ فيه تردد ، وفيه رواية أخرى تقتضي أداء ما تخلف من أصل التركة ويتحرر الأولاد وما يبقى فلهم ، والأول أشهر.

5747 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : حدثني محمد بن سماعة عن عبد الحميد بن عواض ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « في المكاتب يكاتب فيؤدى بعض مكاتبته (1) ثم يموت ويترك ابنا ويترك ما لا أكثر مما عليه من المكاتبة ، قال : يوفى مواليه ما بقي من مكاتبته ، وما بقي فلولده » (2).

باب 664: ميراث المجوس

المجوس يرثون بالنسب ولا يرثون بالنكاح الفاسد ، فإن مات مجوسي وترك أمه وهي أخته وهي امرأته فالمال لها من قبل أنها أم وليس لها من قبل أنها أخت وأنها زوجة شئ (3).

ص: 343


1- حمل على المكاتب المشروط.
2- يدل على أنه إذا أدى ما بقي من مكاتبته يكون الباقي لهم ( م ت ) وقال الفاضل التفرشي في قوله « ويترك مالا أكثر مما عليه من المكاتبة » : بهذا القيد يرتفع المنافاة بين هذا الحديث وبين الحديثين السابقين ، فيحمل الحديثان السابقان على ما إذا لم يترك المكاتب من المال أزيد مما عليه من مال الكتابة بل على ما إذا لم يترك ما يفي بمال الكتابة إذ حينئذ لو حسب تركته من مال الكتابة بقي شئ منه في الرق من دون أن يرث المولى بحسابه.
3- قال في النافع : قد اختلف الأصحاب في ميراث المجوس ، فالمحكي عن يونس أنه لا يورثهم الا بالصحيح من النسب والسبب ، وعن الفضل بن شاذان أنه يورثهم بالنسب صحيحه وفاسده والسبب الصحيح خاصة ، وتابعه المفيد رحمه اللّه تعالى ، وقال الشيخ أبو جعفر (رحمه اللّه) : يورثون بالصحيح والفاسد منهما ، واختار الفضل أشبه - انتهى. وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : لا فائدة في ذكر ميراث المجوس الا إذا شرط عليهم بأن يكونوا ملتزمين لأحكام الاسلام ، أو إذا ترافعوا إلينا ، ويظهر الفائدة في وطئ الشبهة فإنه إذا تزوج مسلم بأمه أو ابنته جاهلا ، ويمكن فرضه في السبي من بلاد الكفر فإنه لو سبى الولد أولا صغيرا ثم سبى الام وأسلما ووقع التزويج بينهما جاهلا ، ولما قبح ذكر هذه الفروض بالنظر إلى المسلمين جعل أصحابنا المجوس وقاية عنهم.

5748 - وفى رواية السكوني « أن عليا ( عليه السلام ) كان يورث المجوسي إذا تزوج بأمه وبأخته وبابنته من وجهين : من وجه أنها أمه ، ومن وجه أنها زوجته ».

ولا أفتي بما ينفرد السكوني بروايته (1).

فإن ترك أمه وهي أخته ، وابنته فللأم السدس ، وللابنة النصف ، وما بقي يرد عليهما على قدر انصبائهما ، وليس لها من قبل أنها أخت شئ لان الاخوة لا يرثون مع الام.

فإن ترك ابنته وهي أخته وهي امرأته فلها النصف من قبل أنها ابنته ، والباقي رد عليها ، ولا ترث من قبل أنها أخت وأنها امرأة شيئا (2).

فإن ترك أخته وهي امرأته ، وأخا فالمال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولا ترث من قبل أنها امرأته شيئا ، وهذا الباب كله على هذا المثال.

فإن تزوج مجوسي ابنته فأولدها ابنتين ، ثم مات فإنه ترك ثلاث بنات فالمال بينهن بالسوية ، فإن ماتت إحدى الابنتين فإنها تركت أمها التي هي أختها لأبيها ، وتركت أختها لأبيها وأمها فالمال لامها التي هي أختها لأبيها لأنه ليس للاخوة مع الوالدين ميراث.

فان ماتت ابنة الابنة بعد موت الأب فإنها تركت أمها وهي أختها لأبيها

ص: 344


1- يعارض رواية السكوني ما رواه الحميري في قرب الإسناد ص 71 عن أبي البختري عن جعفر « عن أبيه عن علي عليه السلام أنه كان يورث المجوس إذا أسلموا من وجهين بالنسب ولا يورث بالنكاح ».
2- قال المولى المجلسي : لا خلاف عندنا ظاهرا بأنه لا يرث بالنكاح الفاسد ويرث بالنسب الصحيح والفاسد بالشبهة [ كما هو مذهب الفضل ] وتبعه أكثر الأصحاب منهم المصنف وفرع عليه ما فرع.

فالمال للام من جهة أنها أم وليس لها من جهة أنها أخت شئ.

فإن تزوج مجوسي ابنته فولدت له ابنة ثم تزوج ابنة ابنته فولدت له ابنة ثم مات فالمال بينهن أثلاثا ، فإن ماتت الأولى التي كان تزوجها فالمال لابنتها وهي الوسطى ، فإن ماتت الوسطى بعد موت الأب فلامها وهي العليا السدس و لابنتها وهي السفلى النصف وما بقي رد عليهما على قدر أنصبائهما ، فإن كانت التي ماتت هي السفلى وبقيت العليا فالمال كله لامه وهي الوسطى وسقطت العليا لأنها أخت وهي جدة ، ولا ميراث للأخت مع الام.

فإن تزوج مجوسي ابنته فأولدها ابنتين ثم تزوج إحديهما فولدت له ابنة ، ثم مات فإن المال بينهن أرباعا وليس لهن من طريق التزويج شئ ، فإن ماتت الابنة التي تزوجها أخيرا فإنها إنما تركت ابنتها وأمها وأختها التي هي جدتها فلابنتها النصف ، ولا مها السدس ، وما بقي رد عليهما على قدر أنصبائهما وليس للأخت التي هي جدة شئ (1).

فإن تزوج مجوسي بأمه فأولدها بنتا ، ثم تزوج بالابنة فأولدها ابنا ثم مات ، فلأمه السدس ، وما بقي فبين الابن والابنة للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن ماتت أمه بعده فالمال لابنتها التي تزوجها المجوسي وليس لولد ابنتها شئ مع الابنة ، فإن لم تمت أمه ولكن ماتت ابنته الأولى بعد المجوسي فلامها التي هي ابنة المجوسي الأولى السدس (2) وما بقي فللابن ، وإن مات الابن بعد موت الأب

ص: 345


1- قوله « وأمها وأختها » هما واحدة موصوفة بكونها أما وأختا وهي البنت الأولى وضمير جدتها راجع إلى ابنتها لا إلى الميتة ، وقوله « وليس للأخت - الخ » ليس لها من حيث كونها أختا وجدة شئ لان البنت والام حجبتاهما ولذا لم يذكر الأخت الأخرى لعدم كونها وارثة ( مراد ) ، وقيل : والظاهر أن مرجع الضمير في « جدتها » هو بعينه مرجع الضمير في « أختها » وهو غلط فلابد من تحمل تفكيك الضمير.
2- لعل هذا سهو من قلم النساخ وكأن الصواب « هي أم المجوسي » ولفظة « الأولى » زيادة في الموضعين.

وأمه حية وأم المجوسي في الحياة فالمال كله لامه ، وليس لام المجوسي شئ.

فإن تزوج المجوسي بأمه فأولدها ابنا وابنة ثم إن ابنه أيضا تزوج جدته وهي أم المجوسي فأولدها ابنة ثم مات المجوسي فلأمه السدس ، وما بقي فبين ابنه وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن ماتت أمه بعده ، فالمال بين ابنها وابنتها للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن لم تمت أمه ولكن الغلام مات بعد موت أبيه فلأمه السدس ولابنته النصف ، وما بقي رد عليهما على قدر أنصبائهما ، وليس لأخته شئ.

فإن تزوج مجوسي بأمه فأولدها ابنا وابنة ثم إنه تزوج بأخته فأولدها ابنا وابنة ، ثم إن هذا الابن أيضا تزوج بأخته فأولدها ابنا وابنة ثم مات المجوسي ، فلأمه السدس وما بقي فبين ابنه وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن مات ابنه بعده فلأمه السدس وما بقي فبين ابنه وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن مات ابن ابنه بعده فلأمه السدس ، وما بقي فبين ابن وابنته للذكر مثل حظ الأنثيين ، فان ماتت أم المجوسي بعد ما مات هؤلاء فالمال كله لابنتها وسقط الباقون.

باب 665: نوادر المواريث

5749 - روى حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إذا مات الرجل فسيفه ومصحفه وخاتمه وكتبه ورحله (1) وكسوته لأكبر ولده ، فإن كان الأكبر ابنة فللأكبر من الذكور » (2).

ص: 346


1- الرحل : مسكن الرجل وما يستصحبه من الأثاث ولعل المراد به هنا ما يستصحبه الانسان أي ما لا يفارقه الا نادرا كالمنديل والأدعية والسيف والرداء والعمامة ويمكن تخصيص الكتب بالكتب التي قلما يفارقها كما ذكره الفاضل التفرشي.
2- قال في النافع ، « يحبى الولد الأكبر بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه إذا خلف الميت غير ذلك ، ولو كان الأكبر بنتا أخذه الأكبر من الذكور ويقضي عنه ما تركه من صلاة أو صيام ، وشرط بعض الأصحاب أن لا يكون سفيها ولا فاسد الرأي » أقول قيل التعبير باللام في قوله عليه السلام « فللأكبر » يقتضى استحقاقه فالاختلاف في كلام الفقهاء من أنه على سبيل الوجوب أو الاستحباب لا مورد له كما في قوله صلى اللّه عليه وآله « من أحيا أرضا فهي له » لا يناسب فيه أن يقال على نحو الوجوب أو الاستحباب.

5750 - وروى حماد بن عيسى ، عن شعيب بن يعقوب ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « الميت إذا مات فإن لابنه الأكبر السيف والرحل والثياب  - ثياب جلده - ». (1)

5751 - وروى علي بن الحكم (2) ، عن أبان الأحمر ، عن ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن النساء مالهن من الميراث؟ فقال : لهن قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب فأما الأرض والعقارات فلا ميراث لهن فيه ، (3) قال : قلت : فالثياب؟ قال : الثياب لهن : قال : قلت : كيف صار ذا ولهن الثمن والربع (4) مسمى؟ قال : لأن المرأة ليس لها نسب ترث به إنما هي دخيل عليهم ، وإنما صار هذا هكذا

ص: 347


1- أي الثياب التي قد لبسها دون ما يملكه.
2- طريق المصنف إلى علي بن الحكم صحيح كما في الخلاصة ، وهو ثقة جليل القدر والمراد بأبان الأحمر أبان بن عثمان الأحمر المقبول خبره ، وميسر بن عبد العزيز عنونه العلامة في الثقات وقال ذكر الكشي فيه روايات تدل على مدحه.
3- كذا في جميع النسخ والصواب « فيها » والطوب - بالضم : الاجر بلغة أهل مصر ، والعقار - بالفتح - : الأرض والضياع والنخل ، ومنه قولهم : ماله دار ولا عقار ( الصحاح ).
4- في بعض النسخ « كيف صار ذي ولهذه الثمن والربع » وفي الكافي « كيف صار ذا ولهذه الثمن ولهذه الربع. » وفي التهذيب « كيف جاز ذا ولهذه الربع والثمن مسمى » وقال المولى المجلسي : أي كيف نقص نصيبهن من الأرض ولا تعطى من الأعيان ومن العقارات مع أن اللّه قدر لهن الثمن مع الولد ومع عدمه الربع من الجميع لعموم « ما » أو لأنه يلزم عليكم ما تلزمونه على العامة في العول لأنه لو نقص حقهن من الأرض لا يكون لهن الثمن ولا الربع بل يكون حينئذ أقل منهما فأجاب بأن اللّه تعالى قدر لهن هكذا كما قدر الحبوة بخلاف العول فإنه لم يقدر ه وإنما قدره الصحابة أو عمر من الرأي فلو لم يكن ذلك من اللّه تعالى لم نكن نقول به ، ويمكن أن يكون السؤال عن وجه الحكمة وربما كان أظهر.

لئلا تتزوج المرأة فيجئ زوجها [ أ ] وولد قوم آخرين فيزاحم قوما في عقارهم ».

5752 - وكتب الرضا ( عليه السلام ) إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله : « علة المرأة أنها لا ترث من العقارات شيئا إلا قيمة الطوب والنقض (1) ، لان العقار لا يمكن تغييره وقلبه ، والمرأة قد يجوز أن ينقطع ما بينهما وبينه من العصمة ويجوز تغييرها وتبديلها وليس الولد والوالد كذلك لأنه لا يمكن التقصي منهما (2) ، و المرأة يكن الاستبدال بها فما يجوز أن يجئ ويذهب كان ميراثه فيما يجوز تبديله وتغييره إذا أشبههما (3) وكان الثابت المقيم على حاله كمن كان مثله في الثبات والقيام ».

5753 - وفي رواية الحسن بن محبوب ، عن الأحول عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : سمعته يقول : « لا يرثن النساء من العقار شيئا ، ولهن قيمة البناء والشجر والنخل. يعنى بالبناء الدور ، وإنما عنى من النساء الزوجة » (4).

5754 - وروى محمد بن الوليد ، عن حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إنما جعل للمرأة قيمة الخشب والطوب لئلا تتزوج فتدخل عليهم من يفسد مواريثهم » (5) والطوب : الطوابيق المطبوخة من الاجر.

5755 - وفي رواية الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب(6) وخطاب أبى محمد الهمداني ، عن طربال (7) عن أبي جعفر ( عليه السلام ) أنه قال : « إن المرأة لا ترث مما ترك زوجها

ص: 348


1- النقض - بكسر النون والضاد المنقطة - اسم البناء المنقوض إذا هدم والمراد به هنا المصالح وآلات المنقوض والمهدوم.
2- أي لا يمكن التخلص لأحدهما عن الاخر برفع العلاقة.
3- أي يكون بين المرأة والأشياء المتبدلة والمتغيرة مشابهة فكما أن المرأة تنتقل من زوج إلى زوج آخر كذلك الأشياء تنتقل من شخص إلى آخر من غير نقصان ، وفي بعض النسخ « إذا » وفي بعضها « أشبهها » فالضمير راجع إلى الأشياء المقدر في الكلام.
4- التفسير من كلام الراوي أو المؤلف أو الأول للأول والثاني للثاني أو بالعكس.
5- الخبر في الكافي والتهذيب إلى هنا ، والطابق - كهاجر وصاحب - : الاجر الكبير. ( القاموس )
6- في الكافي والتهذيب هنا عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام و - الخ.
7- في التهذيب « طربال بن رجاء » وهو مجهول الحال.

من القرى والدور والسلاح والدواب ، وترث من المال والرقيق والثياب ومتاع البيت مما ترك ، فقال : ويقوم نقض الأجذاع والقصب والأبواب فتعطى حقها منه ) ».

5756 - وروى أبان ، عن الفضل بن عبد الملك [ أ ] وابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « سألته عن الرجل هل يرث دار امرأته وأرضها من التربة شيئا؟ أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئا؟ فقال : يرثها وترثه من كل شئ ترك وتركت » (1).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : هذا إذا كان لها منه ولد أما إذا لم يكن لها منه ولد فلا ترث من الأصول إلا قيمتها ، وتصديق ذلك :

5757 - ما رواه محمد بن أبي عمير ، عن ابن أذينة « في النساء إذا كان لهن ولد أعطين من الرباع » (2).

ص: 349


1- حملها الشيخ على التقية لموافقتها لمذاهب العامة ، وتفصيل الكلام في هذا الحكم يأتي عن المسالك.
2- كذا موقوفا واحتجاج المصنف به مبنى على كونه عنده من كلام المعصوم (عليه السلام) ومن المستبعد كونه كلام ابن أذينة وفتواه وإن كان فلا بد أن يكون أخذه من رواية روى عنهم عليهم السلام لان المسألة ليست قابلة لان يجاب فيها بغير ما أخذه عنهم عليهم السلام ولكن الفتوى مع عدم معلومية المدرك ليس بحجة. وفي المسالك : اتفق علماؤنا الا ابن الجنيد على حرمان الزوجة في الجملة من شئ من أعيان التركة ، واختلفوا في بيان ما تحرم منه على أقوال : أحدها - وهو المشهور بينهم - حرمانها من نفس الأرض سواء كانت بياضا أم مشغولة بزرع أو شجر وبناء وغيرها عينا وقيمة ، ومن غير آلاتها وأبنيتها وتعطى قيمة ذلك ، ذهب إليه الشيخ في النهاية وأتباعه كالقاضي وابن حمزة وقبلهم أبو الصلاح ، وظاهر العلامة في المختلف والشهيد في اللمعة والمحقق في الشرايع. و ثانيها حرمانها من جميع ذلك مع إضافة الشجر الى الآلات في الحرمان من عينه دون قيمته، و بهذا صرّح العلامة في القواعد و الشهيد في الدروس و أكثر المتأخرين و ادعوا أنه هو المشهور. و ثالثها حرمانها من الرباع و هي الدور و المساكن دون البساتين و الضياع، و تعطى-- قيمة الآلات و الابنية من الدور و المساكن دون البساتين، و هو قول المفيد و ابن إدريس و جماعة. و رابعها حرمانها من عين الرباع خاصّة لا من قيمته و هو قول المرتضى و استحسنه في المختلف و ابن الجنيد منع ذلك كله و حكم بارثها من كل شي ء كغيرها من الوراث ثم ذكر حجّة كل واحد من الأقوال تفصيلا، ثمّ قال-: و أمّا من يحرم من الزوجات فاختلف فيه أيضا و المشهور خصوصا بين المتأخرين اختصاص الحرمان بغير ذات الولد من الزوج، و ذهب جماعة منهم المفيد و المرتضى و الشيخ في الاستبصار و أبو الصلاح و ابن إدريس بل ادعى هو عليه الإجماع الى أن هذا المنع عام في كل زوجة عملا باطلاق الاخبار و عمومها- انتهى. و لا يخفى أن ظواهر الاخبار و التعليلات الواردة فيها شاملة لذات الولد أيضا كما هو ظاهر الكليني و لكن المؤلّف خص الحكم بغير ذات الولد و تبعه جماعة عملا بموقوفة ابن أذينة لكونها أوفق بعموم الآية. و لا يبعد حمل الشيخ لان حرمان المرأة عن بعض التركة من منفردات الإماميّة و يخالفهم في ذلك كل العامّة.

5758 - وكتب الرضا ( عليه السلام ) إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله : « علة إعطاء النساء ما يعطى الرجل من الميراث لأن المرأة إذا تزوجت أخذت والرجل يعطى فلذلك وفر على الرجال ».

وعلة أخرى في إعطاء الذكر مثلي ما تعطى الأنثى لان الأنثى في عيال الذكر إن احتاجت وعليه أن يعولها وعليه نفقتها ، وليس على المرأة أن تعول الرجل ولا تؤخذ بنفقته إن احتاج ، فوفر على الرجل لذلك وذلك قول اللّه عزوجل : « الرجال قوامون على النساء بما فضل اللّه بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ».

5759 - وفي رواية حمدان بن الحسين ، عن الحسين بن الوليد ، عن ابن بكير عن عبد اللّه بن سنان قال : قلت لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) : « لأي علة صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين؟ قال : لما جعل اللّه لها من الصداق ».

5760 - وروى ابن أبي عمير ، عن هشام ان ابن أبي العوجاء قال لمحمد بن النعمان الأحول : ما بال المرأة الضعيفة لها سهم واحد وللرجل القوى المؤسر سهمان؟ قال : فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه ( عليه السلام ) فقال : إن المرأة ليس لها عاقلة ولا عليها نفقة و لا جهاد وعدد أشياء غير هذا وهذا على الرجل فلذلك جعل له سهمان ولها سهم.

ص: 350

5761 - وروى محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد (1) ، عن علي بن سالم ، عن أبيه قال : « سألت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) فقلت له : كيف صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين؟ فقال : لان الحبات التي أكلها آدم ( عليه السلام ) وحواء في الجنة كانت ثمانية عشر حبة أكل آدم منها اثنى عشر حبة ، وأكلت حواء ستا فلذلك صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين » (2).

5762 - وروى النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن أيوب بن عطية الحذاء قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « كان رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يقول : أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ، ومن ترك مالا فللوارث ، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي » (3).

5763 - وروى إسماعيل بن مسلم السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) عن أبي ذر رحمة اللّه عليه قال : سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يقول : « إذا مات الميت في سفر فلا تكتموا موته أهله فإنها أمانة لعدة امرأته تعتد ، وميراثه يقسم

ص: 351


1- الحسين بن يزيد النوفلي النخعي مولاهم كان شاعرا أديبا سكن الري ومات بها وقال النجاشي : قال قوم من القميين أنه غلافي آخر عمره وما رأينا رواية تدل على هذا ، و علي بن سالم مجهول الحال.
2- أي لأنه علم من ذلك أن احتياج الرجل ضعف احتياج المرأة ( مراد ) روى المؤلف في العلل مسندا عن أبي الحسن الرضا عليه السلام عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنه « سأله شامي عن مسائل فكان فيما سأله : لم صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين؟ قال من قبل السنبلة كان عليها ثلاث حبات فبادرت إليها حواء فأكلت منها حبة وأطعمت آدم حبتين فمن أجل ذلك ورث الذكر مثل حظ الأنثيين » قال في الوافي ذلك لان زيادة الاكل دليل على زيادة الاحتياج ، وأقول : هذه الأخبار من أخبار الآحاد التي حجتها قاصرة في غير ما يتعلق بالأحكام الفرعية العملية ، فلا دليل على وجوب التعبد به.
3- المراد بالضياع - وهو بالفتح - : العيال وقبل : روى أنه ما كان سبب اسلام أكثر اليهود الا ذلك القول.

بين أهله قبل أن يموت الميت منهم فيذهب نصيبه ) (1).

5764 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « إن اللّه تبارك وتعالى آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأجساد بألفي عام (2) ، فلو قد قام قائمنا أهل البيت ورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة ، ولم يورث الأخ في الولادة ».

باب النوادر : وهو آخر أبواب الكتاب

اشارة

5765 - روى حماد بن عمرو ، وأنس بن محمد ، عن أبيه جميعا ، عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ، عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) عن النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) أنه » قال له : يا علي : أوصيك بوصية فاحفظها فلا تزال بخير ما حفظت وصيتي : يا علي : من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه أعقبه اللّه يوم القيامة أمنا و إيمانا يجد طعمه.

يا علي : من لم يحسن وصيته عند موته كان نقصا في مروئته ، ولم يملك

ص: 352


1- يدل على لزوم أخبار موت الميت في السفر ويحتمل وجوبه. ( م ت )
2- قوله « قبل أن يخلق الأجساد » لعله تفسير للأظلة أي حين خلق الأرواح ولم يخلق الأجساد بعد ( مراد ) أقول : في تقدم خلق الأرواح قبل الأجساد أخبار لم تبلغ حد التواتر وقال بظاهرها جماعة من الاعلام - رحمهم اللّه - وأولها المفيد - رحمه اللّه - في أجوبة المسائل السروية وقال المراد بالخلق التقدير أي خلق تقدير في العلم وليس المراد خلق ذواتها وصرح بأن خلق الأرواح بالاحداث والاختراع بعد خلق الأجسام والصور التي تدبرها الأرواح ، ورد قول من خالف ذلك بأدلة أجاب عنها العلامة المجلسي في البحار ، ولصديقنا الفاضل المحقق الشيخ محمد تقي المصباح اليزدي نزيل قم المشرفة في هامش البحار بيان يجمع فيه بين القولين راجع المجلد الحادي والستين ص 141 و 142.

الشفاعة (1).

يا علي : أفضل الجهاد من أصبح لا يهم بظلم أحد (2).

يا علي : من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار.

يا علي : شر الناس من أكرمه الناس اتقاء فحشه وروى شره (3)

يا علي : شر الناس من باع آخرته بدنياه ، وشر من ذلك من باع آخرته بدنيا غيره (4).

يا علي : من لم يقبل العذر من متنصل صادقا كان أو كاذبا (5) لم ينل شفاعتي.

يا علي إن اللّه عزوجل أحب الكذب في الصلاح ، وأبغض الصدق في الفساد (6).

يا علي : من ترك الخمر لغير اللّه سقاه اللّه من الرحيق المختوم ، فقال على ( عليه السلام ) : لغير اللّه؟! قال : نعم واللّه صيانة لنفسه يشكره اللّه على ذلك (7).

ص: 353


1- أي لا يستحق أن يشفع لاحد أو أن يشفع له أحد لتفريطه الاحسان إلى نفسه حيث لم يوص بعمل خير في ثلثه كما قاله الفاضل التفرشي.
2- تسمية ترك الظلم جهادا لاشتماله على مجاهدة النفس وحملها على ذلك. ( مراد )
3- روى ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : « شر الناس منزلة يوم القيامة من يخاف لسانه أو يخاف شره ».
4- كأن يشهد لغيره بالباطل. ( م ت )
5- أي من معتذر سواء كان العذر صحيحا أولا لان ندامته كاف للقبول. ( م ت )
6- روى الكليني في الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال « المصلح ليس بكاذب ».
7- الظاهر منه أن ترك المعاصي كاف في عدم العقاب على فعلها ، وأما الثواب على تركها فمشروط بالنية واستثنى منها شرب الخمر في الاخبار ، والرحيق خمر الجنة والمختوم رؤوس أواينها بالمسك لئلا يتغير بل يصير رائحتها رائحة المسك. وقوله « صيانة لنفسه » أي لعرضه لئلا يعير بفعله أو لكونها مضرة إياه. ( م ت )

يا علي : شارب الخمر كعابد وثن. (1)

يا علي : شارب الخمر لا يقبل اللّه عزوجل صلاته أربعين يوما ، فإن مات في الأربعين مات كافرا (2).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : يعنى إذا كان مستحلا لها.

يا علي : كل مسكر حرام ، وما أسكر كثيره فالجرعة منه حرام.

يا علي : جعلت الذنوب كلها في بيت ، وجعل مفتاحها شرب الخمر

يا علي : يأتي على شارب الخمر ساعة لا يعرف فيها اللّه عزوجل.

يا علي : إن إزالة الجبال الرواسي (3) أهون من إزالة ملك مؤجل لم تنقض أيامه (4).

يا علي : من لم تنتفع بدينه ولا دنياه فلا خير لك في مجالسته ، ومن لم يوجب لك فلا توجب له ولا كرامة (5).

يا علي : ينبغي أن يكون في المؤمن ثمان خصال : وقار عند الهزاهز (6) ، وصبر عند البلاء ، وشكر عند الرخاء ، وقنوع بما رزقه اللّه عزوجل ، لا يظلم الأعداء ، ولا يتحامل على الأصدقاء (7) ، بدنه منه في تعب ، والناس منه في راحة.

ص: 354


1- أي في العقوبة لا في قدرها ولا ريب في عدم الاستواء لان عابد الوثن مخلد في النار بخلاف صاحب الكبيرة. ( م ت )
2- يمكن أن يقال إنه مات كالكافر كما هو في سائر الكبائر.
3- أي الثوابت الرواسخ.
4- أي لم يحصل أسباب زواله مثل أن يكون الناس يرضون به وينقادون له
5- يعنى من لا يعرف حقك ولا يعظمك فلا يجب عليك تعظيمه وتكريمه ، وفي بعض النسخ « من لم يرحب لك فلا ترحب له ». ورحب المكان - من باب التفعيل - وسعة وترحيب به أحسن وفده وقال له : مرحبا.
6- الهزاهز الفتن التي يفتتن الناس بها والبلايا الموجبة للحركة.
7- أي لا يكلفهم مالا يطيقونه ، وفي حديث الكافي « لا يتحامل للأصدقاء » أي لا يتحمل الآثام لأجلهم.

يا علي : أربعة لا ترد لهم دعوة : إمام عادل ، ولد لولده ، والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب ، والمظلوم ، يقول اللّه عزوجل وعزتي وجلالي لأنتصرن لك ولو بعد حين.

يا علي : ثمانية إن أهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم : الذاهب إلى مائدة لم يدع إليها ، والمتأمر على رب البيت ، وطالب الخير من أعدائه ، وطالب الفضل من اللئام ، والداخل بين اثنين في سر لم يدخلاه فيه ، والمستخف بالسلطان ، والجالس في مجلس ليس له بأهل ، والمقبل بالحديث على من لا يسمع منه.

يا علي : حرم اللّه الجنة على كل فاحش بذى لا يبالي ما قال ولا ما قيل له.

يا علي : طوبى لمن طال عمره وحسن علمه.

يا علي : لا تمزح فيذهب بهاؤك ، ولا تكذب فيذهب نورك ، وإياك وخصلتين الضجر والكسل ، فإنك إن ضجرت لم تصبر على حق ، وإن كسلت لم تؤد حقا.

يا علي : لكل ذنب توبة إلا سوء الخلق ، فإن صاحبه كلما خرج من ذنب دخل في ذنب.

يا علي : أربعة أسرع شئ عقوبة : رجل أحسنت إليه فكافأك بالاحسان إساءة ، ورجل لا تبغى عليه وهو يبغي عليك ، ورجل عاهدته على أمر فوفيت له وغدر بك ، ورجل وصل قرابته فقطعوه.

يا علي : من استولى عليه الضجر رحلت عنه الراحة.

يا علي : اثنتا عشرة خصلة ينبغي للرجل المسلم أن يتعلمها على المائدة ، أربع منها فريضة وأربع منها سنة وأربع منها أدب ، فأما الفريضة : فالمعرفة بما يأكل والتسمية والشكر والرضا ، وأما السنة : فالجلوس على الرجل اليسرى ، والاكل بثلاث أصابع ، وأن يأكل مما يليه ، ومص الأصابع ، وأما الأدب : فتصغير اللقمة ، والمضغ الشديد ، وقلة النظر في وجوه الناس ، وغسل اليدين.

يا علي : خلق اللّه عزوجل الجنة من لبنتين لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وجعل حيطانها الياقوت ، وسقفها الزبرجد ، وحصاها اللؤلؤ ، وترابها الزعفران.

ص: 355

والمسك الأذفر ، ثم قال لها : تكلمي فقالت : لا إله إلا اللّه الحي القيوم قد سعد من يدخلني قال اللّه جل جلاله : وعزتي وجلالي لا يدخلها مدمن خمر ، ولا نمام ، ولا ديوث ، ولا شرطي ، ولا مخنث ، ولا نباش ، ولا عشار ، ولا قاطع رحم ، ولا قدري.

يا علي ، كفر باللّه العظيم (1) من هذه الأمة عشرة : القتات ، والساحر ، والديوث ، وناكح امرأة حراما في دبرها (2) وناكح البهيمة ، ومن نكح ذات محرم والساعي في الفتنة ، وبايع السلاح من أهل الحرب ، مانع الزكاة ، ومن وجد سعة فمات ولم يحج.

يا علي : لا وليمة إلا في خمس : في عرس أو خرس أو عذار أو وكار أو ركاز ، فالعرس التزويج ، والخرس النفاس بالولد ، والعذار الختان ، والوكار في بناء الدار وشرائها ، والركاز الرجل يقدم من مكة.

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : سمعت بعض أهل اللغة يقول في معنى الوكار : يقال للطعام الذي يدعى إليه الناس عند بناء الدار أو شرائها ( الوكيرة والوكار منه ، والطعام الذي يتخذ للقدوم من السفر يقال له ( النقيعة ) ويقال له ( الركاز ) أيضا ، والركاز الغنيمة كأنه يريد أن اتخاد الطعام للقدوم من مكة غنيمة لصاحبه من الثواب الجزيل ومنه قول النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة » (3).

يا علي : لا ينبغي للعاقل أن يكون ظاعنا إلا في ثلاث : مرمة لمعاش ، أو تزود

ص: 356


1- الكفر مع الاستحلال والظاهر أنه كفر الكبائر واطلاقه عليها شايع. ( م ت )
2- القيد احترازية والتخصيص بالدبر لئلا يتوهم أن الزنا في الدبر ليس بزنا أو لكونه أقبح فان الكراهة فيه اجتمعت مع الحرمة.
3- زاد في المعاني بعد نقل هذا الكلام « وقال أهل العراق : الركاز المعادن كلها ، وقال أهل الحجاز : الركاز المال المدفون خاصة مما كنزه بنو آدم قبل الاسلام ، كذلك ذكره أبو عبيدة ولا قوة الا باللّه ، ثم قال أخبرنا بذلك أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إلى ، عن علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيدة بن القاسم » وفي بعض النسخ « الغنيمة المباركة ».

لمعاد أو لذة في غير محرم.

يا علي : ثلاث من مكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة : أن تعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ، وتحلم عمن جهل عليك.

يا علي : بادر بأربع قبل أربع : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وحياتك قبل موتك.

يا علي : كره اللّه عزوجل لامتي العبث في الصلاة ، والمن في الصدقة ، واتيان المساجد جنبا ، والضحك بين القبور ، والتطلع في الدور ، والنظر إلى فروج النساء لأنه يورث العمى ، وكره الكلام عند الجماع لأنه يورث الخرس ، وكره النوم بين العشائين لأنه يحرم الرزق ، وكره الغسل تحت السماء إلا بمئزر ، وكره دخول الأنهار إلا بمئزر فإن فيها سكانا من الملائكة ، وكره دخول الحمام إلا بمئزر ، وكره الكلام بين الأذان والإقامة في صلاة الغداة ، وكره ركوب البحر في وقت هيجانه ، وكره النوم فوق سطح ليس بمحجر ، وقال : من نام على سطح غير محجر فقد برئت منه الذمة وكره أن ينام الرجل في بيت وحده ، وكره أن يغشى الرجل امرأته وهي حائض فإن فعل وخرج الولد مجذوما أو به برص فلا يلومن إلا نفسه ، وكره أن يكلم الرجل مجذوما إلا أن يكون بينه وبينه قدر ذراع وقال ( عليه السلام ) : « فر من المجذوم فرارك من الأسد » ، وكره أن يأتي الرجل أهله وقد احتلم حتى يغتسل من الاحتلام فإن فعل ذلك وخرج الولد مجنونا فلا يلومن الا نفسه ، وكره البول على شط نهر جار ، وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت ، وكره أن يحدث الرجل وهو قائم ، وكره أن يتنعل الرجل وهو قائم ، وكره أن يدخل الرجل بيتا مظلما إلا مع السراج.

يا علي : آفة الحسب الافتخار.

يا علي : من خاف اللّه عزوجل خاف منه كل شئ ، ومن لم يخف اللّه عزوجل أخافه اللّه من كل شئ.

ص: 357

يا علي : ثمانية لا يقبل اللّه منهم الصلاة : العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه والناشز وزوجها عليها ساخط ، ومانع الزكاة ، وتارك الوضوء ، والجارية المدركة تصلى بغير خمار ، وإمام قوم يصلى بهم وهم له كارهون ، والسكران ، والزبين (1) وهو الذي يدافع البول والغائط.

يا علي : أربع من كن فيه بنى اللّه تعالى له بيتا في الجنة : من آوى اليتيم ، ورحم الضعيف ، وأشفق على والديه ، ورفق بمملوكه.

يا علي : ثلاث من لقى اللّه عزوجل بهن فهو من أفضل الناس : من أتى اللّه بما افترض عليه فهو من أعبد الناس ، ومن ورع عن محارم اللّه عزوجل فهو من أورع الناس ، ومن قنع بما رزقه اللّه فهو من أغنى الناس.

يا علي : ثلاث لا تطيقها هذا الأمة (2) : المواساة للأخ في ماله ، وانصاف الناس من نفسه ، وذكر اللّه على كل حال ، وليس هو سبحان اللّه والحمد لله ولا اله إلا اللّه واللّه أكبر ، ولكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف اللّه عزوجل عنده وتركه.

ص: 358


1- الزبين - بفتح الزاي والباء الموحدة - والمشهور بالنون
2- أي لا يطيقونها لصعوبتها أو على ما ينبغي فلا بد من بذل الجهد والاهتمام فيها بحيث لو أتى بأي فرد منها كان ينبغي أن يأتي بما هو أكمل ، ففي الكافي في الحسن كالصحيح عن زرارة عن الحسن البزاز قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : « ألا أخبرك بأشد ما فرض اللّه على خلقه؟ قلت : بلي ، قال : انصاف الناس من نفسك ومواساتك أخاك وذكر اللّه في كل موطن ، أما انى لا أقول » سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر « وإن كان هذا من ذاك ، ولكن ذكر اللّه عزوجل في كل موطن إذا هجمت ( هممت - خ ل ) على طاعة أو معصية » وفيه في الصحيح عن أبي أسامة عنه عليه السلام « ما ابتلى المؤمن بشئ أشد عليه من خصال ثلاث يحرمها : قيل وما هن؟ قال المواساة في ذات يده والانصاف من نفسه وذكر اللّه كثيرا أما انى لا أقول » سبحان اللّه والحمد لله ولا إله إلا اللّه « ولكن ذكر اللّه عندما أحل له وذكر اللّه عندما حرم عليه ».

يا علي : ثلاثة إن أنصفتهم ظلموك : السفلة وأهلك وخادمك (1) وثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة (2) : حر من عبد ، وعالم من جاهل ، وقوى من ضعيف.

يا علي : سبعة من كن فيه فقد استكمل حقيقة الايمان وأبواب الجنة مفتحة له : من أسبغ وضوءه ، وأحسن صلاته ، وأدى زكاة ماله ، وكف غضبه ، وسجن لسانه ، واستغفر لذنبه ، وأدى النصيحة لأهل بيت نبيه (3).

يا علي : لعن اللّه ثلاثة : آكل زاده وحده ، وراكب الفلاة وحده ، والنائم في بيت وحده (4) يا علي : ثلاثة يتخوف منهن الجنون : التغوط بين القبور ، والمشي في خف واحد ، والرجل ينام وحده.

يا علي : ثلاث يحسن فيهن الكذب : المكيدة في الحرب ، وعدتك زوجتك ، والاصلاح بين الناس ، وثلاثة مجالستهم تميت القلب : مجالسة الأنذال ومجالسة (5)

ص: 359


1- المراد بيان الحقيقة والواقع من روحيات هؤلاء لا تجويز ترك الانصاف يعنى أن هؤلاء الأصناف يكونون كذا فلابد من المدارأة معهم والتحمل لأذاهم وتمردهم ، ويمكن أن يكون المراد بالانصاف الخدمة ففي اللغة : أنصف زيد فلانا خدمة ، وفي بعض نسخ الحديث « ثلاثة وان تظلمهم ظلموك - الخ » والمراد بالسفلة أوساط الناس.
2- المراد بالانتصاف أخذ الحق كاملا والانتقام لطلب العدل ففي اللغة انتصف منه أي طلب منه النصفة والمعنى أن هذه الأصناف لا ينبغي لهم أن ينتصفوا من هؤلاء لكونهم في مرتبة أدنى وليسوا بأكفائهم.
3- النصح خلاف الغش ، والمراد بأهل البيت الذين نزلت فيهم آية التطهير وأولادهم المعصومون الأئمة عليهم السلام ، والمراد بالنصح معرفتهم وطاعتهم ومودتهم واعطاء حقهم والذب عنهم وعن حريمهم عليهم السلام.
4- اللعنة هو البعد من رحمة اللّه وبسبب فعل المكروه يبعد العبد من رحمة اللّه. وتقدم في المجلد الثاني تحت رقم 2434 نحوه.
5- النذل - بسكون الذال - : الخسيس من الناس والساقط منهم في دين أو حسب والمحتقر في جميع أحواله ، جمعه أنذال ونذول.

الأغنياء ، والحديث مع النساء.

يا علي : ثلاث من حقائق الايمان (1) : الانفاق من الاقتار (2) وإنصافك الناس من نفسك ، وبذل العلم للمتعلم.

يا علي : ثلاث من لم يكن فيه لم يتم عمله (3) : ورع يحجزه عن معاصي اللّه ، وخلق يدارى به الناس ، وحلم يرد به جهل الجاهل (4).

يا علي : ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا لقاء الاخوان ، وتفطير الصائم ، والتهجد من آخر الليل.

يا علي : أنهاك عن ثلاث خصال : الحسد ، والحرص ، والكبر.

يا علي : أربع خصال من الشقاوة : جمود العين ، وقساوة القلب ، وبعد الامل ، وحب البقاء (5).

يا علي : ثلاث درجات ، وثلاث كفارات ، وثلاث مهلكات ، وثلاث منجيات فأما الدرجات : فإسباغ الوضوء في السبرات (6) ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، والمشي بالليل والنهار إلى الجماعات ، وأما الكفارات : فإفشاء السلام (7) ، وإطعام الطعام

ص: 360


1- أي لهن مدخل في حقيقة الايمان : والايمان الحقيقي لا يحصل الا بهذه الخصال الثلاث. ( م ت )
2- الاقتار : الضيق ، قتر على عياله أي ضيق عليهم في النفقة ، وقال الفاضل التفرشي : لعل المراد الانفاق على المستحقين بسبب الاقتار على نفسه وعياله ولا الاقتار لما أمكنه الانفاق كما فعله أمير المؤمنين وأهله عليهم السلام بالمسكين واليتيم والأسير.
3- كأنها شروط لقبول سائر الأعمال. ( م ت )
4- أي سفاهته ، وفي بعض النسخ « وحلم يرد به جهل الجهال ».
5- أي حب البقاء في هذه الدنيا الدنية وعدم الاشتياق إلى رؤية رحمة اللّه وجواره في عالم البقاء والآخرة.
6- السبرة - بسكون الباء - شدة البرد ، والغداة الباردة ، والجمع سبرات
7- أي يسلم على كل أحد ظاهرا بحيث يسمع المسلم عليه.

والتهجد بالليل والناس نيام ، وأما المهلكات : فشح مطاع (1) ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه ، وأما المنجيات : فخوف اللّه في السر والعلانية ، والقصد في الغنى والفقر ، وكلمة العدل في الرضا والسخط.

يا علي : لا رضاع بعد فطام ، ولا يتم بعد احتلام.

يا علي : سر سنتين بر والديك (2) ، سر سنة صل رحمك ، سر ميلا عد مريضا ، سر ميلين شيع جنازة ، سر ثلاثة أميال أجب دعوة ، سر أربعة أميال زر أخا في اللّه ، سر خمسة أميال أجب الملهوف ، سر ستة أميال انصر المظلوم ، وعليك بالاستغفار.

يا علي : للمؤمن ثلاث علامات : الصلاة والزكاة والصيام ، وللمتكلف ثلاث علامات : يتملق إذا حضر ، ويغتاب إذا غاب ، ويشمت بالمصيبة ، وللظالم ثلاث علامات : يقهر من دونه بالغلبة ، ومن فوقه بالمعصية ، ويظاهر الظلمة (3) ، وللمرائي ثلاث علامات : ينشط إذا كان عند الناس ، ويكسل إذا كان وحده ، ويحب أن يحمد في جميع أموره ، وللمنافق ثلاث علامات : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان.

يا علي : تسعة أشياء تورث النسيان : أكل التفاح الحامض ، وأكل الكزبرة والجبن وسؤر الفأرة ، وقرأة كتابة القبور ، والمشي بن امرأتين ، وطرح القملة ، والحجامة في النقرة (4) ، والبول في الماء الراكد.

يا علي : العيش في ثلاثة : دار قوراء ، وجاريه حسناء وفرس قباء (5).

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه : سمعت رجلا من أهل المعرفة باللغة

ص: 361


1- أي بخل جبلي يعمل بمقتضاه.
2- أي إن كان برهما يتوقف على طي مسافة تقطع في سنتين فافعل وكذا في البواقي.
3- المظاهرة : المعاونة ، والظهير المعاون.
4- النقرة : موضع من الرأس يقرب من أصل الرقبة.
5- القوراء مؤنث الاقور أي الواسع.

بالكوفة يقول : الفرس القباء : الضامر البطن ، يقال : فرس أقب وقباء ، لان الفرس يذكر ويؤنث ، ويقال للأنثى : قباء لا غير ، قال ذو الرمة :

تنصبت حوله يوما تراقبه *** صحر سماحيج في أحشائها قبب (1)

الصحر جمع أصحر وهو الذي يضرب لونه إلى الحمرة ، وهذا اللون يكون في الحمار الوحشي ، والسماحيج الطوال ، وأحدهما سمحج ، والقبب الضمر (2).

يا علي : واللّه لو أن الوضيع في قعر بئر لبعث اللّه عزوجل إليه ريحا ترفعه فوق الأخيار في دولة الأشرار (3).

يا علي : من انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة اللّه ، ومن منع أجيرا أجره فعليه لعنة اللّه (4) ، ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة اللّه ، فقيل يا رسول اللّه وما ذلك الحدث؟ قال : القتل.

يا علي : المؤمن من أمنه المسلمون على أموالهم ودمائهم ، والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه ، والمهاجر من هجر السيئات.

يا علي : أوثق عرى الايمان الحب في اللّه ، والبغض في اللّه.

يا علي : من أطاع امرأته أكبه اللّه عزوجل على وجه في النار ، فقال على ( عليه السلام ) : وما تلك الطاعة؟ قال : يأذن لها في الذهاب إلى الحمامات والعرسات والنائحات ، ولبس الثياب الرقاق.

ص: 362


1- قال في هامش النسخة المطبوعة بالنجف الأشرف : في البيت وهم وخلط فإنه مركب من بيتين بينهما أربعة أبيات على ما في جمهرة أشعار العرب وهما : يتلو نحائص أشباها محملجة *** ورق السرابيل في أحشائها قبب تنصبت حوله يوما تراقبه *** قود سماحيج في ألوانها خطب
2- السماحيج جمع سمحج أي الأتان الطويلة الظهر ، وكذلك الفرس ، ولا يقال للذكر. ( الصحاح )
3- الوضيع ضد الشريف فهو من الأشرار ، فيناسب أن يرتفع في دولة الأشرار.
4- انتمى أي انتسب ، وتقدم تفسيره.

يا علي : إن اللّه تبارك وتعالى قد اذهب بالاسلام نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها ، ألا إن الناس من آدم وآدم من تراب ، وأكرمهم عند اللّه أتقاهم.

يا علي : من السحت ثمن الميتة ، وثمن الكلب ، وثمن الخمر ، ومهر الزانية ، والرشوة في الحكم ، واجر الكاهن.

يا علي : من تعلم علما ليماري به السفهاء ، أو يجادل به العلماء ، أو ليدعو الناس إلى نفسه فهو من أهل النار.

يا علي : إذا مات العبد قال الناس : ما خلف ، وقالت الملائكة : ما قدم.

يا علي : الدنيا سجن المؤمن (1) وجنة الكافر (2).

يا علي : موت الفجأة راحة للمؤمن ، وحسرة للكافر.

يا علي : أوحى اللّه تبارك وتعالى إلى الدنيا اخدمي من خدمني ، وأتعبي من خدمك (3).

يا علي : إن الدنيا لو عدلت عند اللّه تبارك وتعالى جناح بعوضة لما سقى الكافر منها شربة من ماء.

يا علي : ما أحد من الأولين والآخرين إلا وهو يتمنى يوم القيامة أنه لم يعط من الدنيا إلا قوتا (4).

يا علي : شر الناس من اتهم اللّه في قضائه (5).

ص: 363


1- وإن كان في نعمة وفراغ بالنظر إلى ما أعده اللّه له مما لا عين رأت ولا اذن سمعت.
2- وإن كان في تعب وفقر ومرض بالنظر إلى ما أعده اللّه له من العذاب.
3- فإنه قد جرب أن من توجه إلى عبادة اللّه تعالى أتته الدنيا وهي راغمة ومن توجه إلى الدنيا فليس له الا التعب. ( م ت )
4- اما لأنه بقدر ما يؤتى المؤمن من الدنيا ينقص حظه من الآخرة ، أو لتوجه التكاليف الشاقة إليه من جهة ما زاد له من القوت ولم يأت بها فيؤاخذ عليها.
5- بأن توهم أنه لو لم يفعل اللّه تعالى ذلك لكان خيرا ، وهو كالكفر لأنه يرجع إلى أنه أعلم من اللّه ، وان احتمل أن يكون مراده أن قضاءه تعالى عليه أو على غيره ذلك للغضب ، ولو لم يحتمل ذلك لكان كفرا. ( م ت )

يا علي : أنين المؤمن تسبيح ، وصياحه تهليل ، ونومه على الفراش عبادة ، و تقلبه من جنب إلى جنب جهاد في سبيل اللّه ، فإن عوفي مشى في الناس وما عليه من ذنب.

يا علي : لو أهدي إلى كراع لقبلته ، ولو دعيت إلى كراع لا جبت. (1)

يا علي : ليس على النساء جمعة ولا جماعة ، ولا أذان ولا إقامة ، ولا عيادة مريض ولا اتباع جنازة ، ولا هرولة بين الصفاء والمروة ، ولا استلام الحجر ، ولا حلق ، ولا تولى القضاء ، ولا تستشار ، ولا تذبح إلا عند الضرورة ، ولا تجهر بالتلبية ، ولا تقيم عند قبر (2) ، ولا تسمع الخطبة (3) ، ولا تتولى التزويج بنفسها (4) ، ولا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه ، فإن خرجت بغير إذنه لعنها اللّه وجبرئيل وميكائيل ، ولا تعطى من بيت زوجها شيئا الا باذنه ، ولا تبيت وزوجها عليها ساخط وإن كان ظالما لها.

يا علي : الاسلام عريان فلباسه الحياء ، وزينته الوفاء ، ومروءته العمل الصالح ، وعماده الورع ، لكل شئ أساس ، وأساس الاسلام حبنا أهل البيت.

يا علي : سوء الخلق شؤم ، وطاعة المرأة ندامة.

يا علي : إن كان الشؤم في شئ ففي لسان المرأة.

يا علي : نجى المخفون (5).

يا علي : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (6).

ص: 364


1- تقدم في المجلد الثالث ص 299 مع بيانه.
2- كما كن فعلن في العصر الجاهلي وأقامت المرأة على قبر زوجها أو أحد أقربائها سنة أو أزيد.
3- أي في الجمعة لسقوطها عنهن في الجمعة والعيدين.
4- مع البكارة استحبابا مؤكدا ومع عدمها أيضا ، وقيل بعدم الصحة مع البكارة ( م ت )
5- المخف من يخفف في المطعم والمشرب والملبس وفي سائر أمور الدنيا ولو كان في الحلال لان في حلالها حساب وفي حرامها عقاب. ( م ت )
6- « كذب على » أي أخبر عني بشئ على خلاف ما هو عليه ، « فليتبوأ مقعده من النار » أي ليعلم أنه جعل النار موضعه. الخبر رواه أحمد بن حنبل في مسند علي عليه السلام وابن ماجة في سننه ، ورواه جماعة من غيره عليه السلام.

يا علي : ثلاثة يزدن في الحفظ ، ويذهبن البلغم : اللبان (1) والسواك ، وقراءة القرآن.

يا علي : السواك من السنة ومطهرة للفم ، ويجلوا البصر ، ويرضي الرحمن ، ويبيض الأسنان ، ويذهب بالحفر (2) ويشد اللثة ، ويشهي الطعام ، ويذهب بالبلغم ، ويزيد في الحفظ ، ويضاعف الحسنات ، وتفرح به الملائكة.

يا علي : النوم أربعة : نوم الأنبياء ( عليهم السلام ) على أقفيتهم ، ونوم المؤمنين على أيمانهم ، ونوم الكفار والمنافقين على أيسارهم ، ونوم الشياطين على وجوههم.

يا علي : ما بعث اللّه عزوجل نبيا إلا وجعل ذريته من صلبه ، وجعل ذريتي من صلبك ، ولولاك ما كانت لي ذرية (3).

يا علي : أربعة من قواصم الظهر : إمام يعصي اللّه عزوجل ويطاع أمره ، وزوجة يحفظها زوجها وهي تخونه ، وفقر لا يجد صاحبه مداويا ، وجار سوء في دار مقام.

يا علي : إن عبد المطلب ( عليه السلام ) سن في الجاهلية خمس سنن أجراها اللّه عزو جل في الاسلام : حرم نساء الاباء على الأبناء فأنزل اللّه عزوجل « ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء » ، ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدق به فأنزل اللّه عزوجل « واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول الآية » ولما حفر بئر زمزم سماها سقاية الحاج فأنزل اللّه تبارك وتعالى « أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه واليوم الآخر الآية » ، وسنن في القتل مائة من الإبل فأجرى اللّه عزوجل ذلك في الاسلام ، ولم يكن للطواف عدد عند قريش فسن لهم عبد المطلب سبعة أشواط فأجرى اللّه عزوجل ذلك في الاسلام.

يا علي : إن عبد المطلب كان لا يستقسم بالأزلام ، ولا يعبد الأصنام ، ولا يأكل

ص: 365


1- اللبان : بالضم - هو ما يقال له بالفارسية ( كندر ) والظاهر أن المراد مضغة المصطكي ، ويحتمل التعميم كما قاله المولى المجلسي - رحمه اللّه -.
2- الحفر - بالتحريك - صفرة تعلو الأسنان.
3- يدل على أن أولاد البنت ذرية. ( م ت )

ما ذبح على النصب ، ويقول : أنا على دين أبي إبراهيم ( عليه السلام ) (1).

يا علي أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي ، وحجب عنهم الحجة فآمنوا بسواد على بياض.

يا علي : ثلاثة يقسين القلب : استماع اللّهو ، وطلب الصيد ، وإتيان باب السلطان.

يا علي : لا تصل في جلد ما لا تشرب لبنه ولا تأكل لحمه ، ولا تصل في ذات الجيش ، ولا في ذات الصلاصل ، ولا في ضجنان (2).

يا علي : كل من البيض ما اختلف طرفاه ، ومن السمك ما كان له قشر ، ومن الطير ما دف ، واترك منه ما صف ، وكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية (3).

يا علي : كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير فحرام أكله ، ولا تأكله.

يا علي : لا قطع في ثمر ولا كثر (4).

يا علي : ليس على زان عقر (5) ، ولا حد في التعريض (6) ، ولا شفاعة في حد (7)

ص: 366


1- تقدم منا كلام ص 89 من المجلد الثالث حول عبد المطلب وفيه فائدة فراجع.
2- تقدم في المجلد الأول ص 242 القول في ذات الصلاصل والضجنان وأما ذات الجيش فواد بين مكة والمدينة ، وكلها مواضع خسف.
3- تقدم الكلام فيه في باب الصيد والذبايح ج 3 ص 321.
4- تقدم في باب حد السرقة تحت رقم 5107 مع بيانه.
5- أي مهر ، والعقر : الجرح وأصله أن واطي البكر يعقرها ويجرحها إذا اقتضها فسمى ما تعطاه للعقر عقرا - بالضم - ثم صار عاما لها وللثيب ، ويطلق غالبا على الإماء المغتصبة لكنها مستحقة لأرش البكارة أو يحمل على أن الزاني إذا قرر للزانية شيئا لا يلزمه الأداء بل يحد. ( م ت )
6- والكناية وإن كان يستحق التعزير للايذاء والإهانة ، فرب كناية تكون أبلغ من التصريح. ( م ت )
7- يعني بعدما وصل إلى الحاكم ، وقد تقدم.

ولا يمين في قطعية رحم ،ولايمين لولد والده ولا لامراة زوجها ولاللعبد مع مولاه (1) ، ولا صمت يوما إلى الليل ، ولا وصال في صيام ، ولا تعرب بعد هجرة.

يا علي : لا يقتل والد بولده.

يا علي. لا يقبل اللّه دعاء قلب ساه.

يا علي : نوم العالم أفضل من عبادة العابد (2).

يا علي : ركعتين يصليهما العالم أفضل من ألف ركعة يصليه العابد.

يا علي : لا تصوم المرأة تطوعا إلا باذن زوجها (3) ، ولا يصوم العبد تطوعا إلا بإذن مولاه ، (4) ولا يصوم الضيف تطوعا إلا باذن صاحبه (5).

يا علي : صوم يوم الفطر حرام ، وصوم يوم الأضحى حرام ، وصوم الوصال حرام ، وصوم الصمت حرام ، وصوم نذر المعصية حرام ، وصوم الدهر حرام (6).

يا علي : في الزنا ست خصال : ثلاث منها في الدنيا وثلاث منها في الآخرة ، فأما التي في الدنيا : فيذهب بالبهاء ، ويعجل الفناء ، ويقطع الرزق ، وأما التي في الآخرة : فسوء الحساب ، وسخط الرحمن وخلود في النار.

يا علي : الربا سبعون جزءا (7) فأيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه في بيت اللّه الحرام.

يا علي : درهم ربا أعظم عند اللّه عزوجل من سبعين زنية كلها بذات محرم في بيت اللّه الحرام.

يا علي : من منع قيراطا من زكاة ماله فليس بمؤمن ولا بمسلم ولا كرامة.

ص: 367


1- يعنى أن اليمين لا تنعقد في أحد من ذلك ، أو لا يجوز.
2- المراد العابد الجاهل لا العابد العالم كما هو الظاهر.
3- ظاهره الحرمة وتقدم الكلام فيه ج 2 ص 80.
4- ظاهره أيضا الحرمة بدون اذن المولى صريحا.
5- المشهور الكراهة وتقدم في المجلد الثاني ص 80.
6- راجع لشرح ذلك ج 2 ص 79.
7- أي عقابه.

يا علي : تارك الزكاة يسأل اللّه الرجعة إلى الدنيا وذلك قول اللّه عزوجل « حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون الآية ». (1)

يا علي : تارك الحج وهو مستطيع كافر يقول اللّه تبارك وتعالى : « ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن اللّه غنى عن العالمين ».

يا علي : من سوف الحج حتى يموت بعثه اللّه يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا.

يا علي : الصدقة ترد القضاء الذي قد أبرم إبراما.

يا علي : صلة الرحم تزيد في العمر.

يا علي : افتتح بالملح واختتم بالملح فإن فيه شفاء من اثنين وسبعين داء.

يا علي : لو قد قمت على المقام المحمود لشفعت في أبى وأمي وعمى وأخ كان لي في الجاهلية (2).

يا علي : أنا ابن الذبيحين (3).

ص: 368


1- « ارجعون » إما في قوة تكرير « ارجع » وقد تقدم الكلام فيه ، أو يكون لتنظيم المخاطب.
2- فيه دلالة على أنهم لم يكونوا من عبدة الأوثان فان الشفاعة لا تكون للمشرك لان اللّه سبحانه « لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء »
3- قال المصنف - رحمه اللّه - في الخصال ( ص 27 باب الاثنين ) قد اختلف الروايات في الذبيح فمنها ما ورد بأنه إسماعيل لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي أمر أبوه بذبحه فكان يصبر لأمر اللّه ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه فينال بذلك درجته في الثواب فعلم اللّه عزوجل ذلك من قلبه فسماه بين الملائكة ذبيحا لتمنيه لذلك - انتهى ، أقول : على هذا فالمراد بالذبيحين إسماعيل وإسحاق أحدهما ذبيح بالحقيقة والاخر ذبيح بالمجاز مع كليهما لم يذبحا بعد وتقدم فيه كلام ج 3 ص 89 والاشكال بأن إسحاق كان عما له دون أب ممنوع لأن اطلاق الأب على العم شايع وفي رواية سليمان بن مهران عن الصادق عليه السلام في قول النبي صلى اللّه عليه وآله « انا ابن الذبيحين » يريد بذلك العم لان قد سماه اللّه عزوجل أبا في قوله أم كنتم شهداء إذا حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك واله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ». وكان إسماعيل عم يعقوب فسماه اللّه في هذه الموضع أبا وقد قال النبي صلى اللّه عليه وآله » العم والد « فعلى هذا الأصل أيضا يطرد قول النبي صلى اللّه عليه وآله » أنا ابن الذبيحين أحدهما ذبيح بالحقيقة والاخر ذبيح بالمجاز.

يا علي : أنا دعوة أبى إبراهيم (1).

يا علي : العقل ما اكتسبت به الجنة ، وطلب به رضى الرحمن.

يا علي : إن أول خلق خلقه اللّه عزوجل وجل العقل فقال له : أقبل فأقبل ثم قال له : أدبر فأدبر ، فقال : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلى منك ، بك آخذ ، وبك أعطى ، وبك أثيب وبك أعاقب (2).

يا علي : لا صدقه وذو رحم محتاج.

يا علي : درهم في الخضاب خير من ألف درهم ينفق في سبيل اللّه ، وفيه أربعة عشر خصلة : يطرد الريح من الاذنين ، ويجلو البصر ، ويلين الخياشيم ، ويطيب النكهة : ويشد اللثة ، ويذهب بالضنى (3) ، ويقل وسوسة الشيطان ، وتفرح به الملائكة ويستبشر به المؤمن ، ويغيظ به الكافر ، وهو زينة وطيب ، ويستحيى منه منكر ونكير ، وهو براءة له في قبره.

يا علي : لا خير في القول إلا مع الفعل ، ولا في المنظر إلا مع المخبر (4) ولا

ص: 369


1- إشارة إلى قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام « ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آبائك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك أنت العزيز الحكيم ».
2- يمكن أن يكون المراد بالاقبال والادبار قابليته للعمل بالأوامر وترك النواهي واكتساب العلوم والمعارف والكمالات والترقيات ، وهو مدار التكليف والاختيار ، فلذا يكون الثواب والعقاب من جهته. وقال الراغب في تفصيل النشأتين : ليس المراد بالعقل ههنا العقول البشرية بل إشارة به إلى جوهر شريف عنه تنبعث العقول البشرية.
3- الضني : المرض والهزال والضعف ، وفي الكافي « يذهب بالغشيان ».
4- لعل المراد أنه لا عبرة بما يظهر في بادي النظر الا بالاختيار ، فالمراد بالمنظر ما يرى في بادي النظر وبالمخبر كون المرئي محققا.

في المال الا مع الجود ، ولا في الصدق إلا مع الوفاء ، ولا في الفقه إلا مع الورع ولا في الصدقة إلا مع النية ، ولا في الحياة إلا مع الصحة ، ولا في الوطن إلا مع الامن والسرور.

يا علي : حرم من الشاة سبعة أشياء : الدم والمذاكير ، والمثانة ، والنخاع والغدد ، والطحال ، والمرارة (1).

يا علي : لا تماكس في أربعة أشياء : في شراء الأضحية ، والكفن ، والنسمة ، والكرى إلى مكة (2).

يا علي : الا أخبر كم بأشبهكم بي خلقا؟ قال : بلى يا رسول اللّه قال : أحسنكم خلقا وأعظمكم حلما ، وأبركم بقرابته وأشد كم من نفسه إنصافا.

يا علي : أمان لامتي من الغرق إذا هم ركبوا السفن فقرأوا « بسم اللّه الرحمن الرحيم وما قدروا اللّه حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيمة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون » (3) « بسم اللّه مجريها ومرسيها (4) إن ربى لغفور رحيم » (5).

يا علي : أمان لا متى من السرق قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى إلى آخر السورة ) (6).

يا علي : أمان لامتي من الهدم « إن اللّه يمسك السماوات والأرض أن تزولا

ص: 370


1- تقدم الكلام في ذلك ج 3 ص 348.
2- اما لان الثمن كلما كان أكثر كان الثواب أكثر وهذا مختص بهذه الأربعة لما تقدم « ان المغبون لا محمود ولا مأجور » ، ويحمل المماكسة على شراء الدون دون النفيس أو المماكسة مع الشيعة ، وقد مر الكلام فيه ج 3 ص 197.
3- الزمر : 66.
4- أي أستعين به أو أتبرك باسمه عند جريها وعند ثباتها.
5- هود : 41 ، ورواه ابن السني في عمل اليوم والليلة عن الحسين بن علي عليهما السلام بتقديم وتأخير.
6- الاسراء : 110.

ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا » (1).

يا علي : أمان لامتي من الهم « لا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم ، لا ملجا ولا منجأ من اللّه إلا إليه » (2).

يا علي : أمان لامتي من الحرق « إن وليي اللّه الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين » (3) « وما قدروا اللّه حق قدره الآية ».

يا علي : من خاف [ من ] السباع فليقرأ « لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم (4) إلى آخر السورة ».

يا علي : من استصعبت (5) عليه دابته فليقرأ في اذنها اليمنى « وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون » (6).

يا علي : من كان في بطنه ماء أصفر (7) فليكتب على بطنه آية الكرسي وليشربه فإنه يبرأ بإذن اللّه عزوجل.

يا علي : من خاف ساحرا أو شيطانا فليقرأ « أن ربكم اللّه الذي خلق السماوات والأرض الآية » (8).

ص: 371


1- فاطر : 41.
2- دعاء مجرب لكل أمر مهم.
3- الأعراف : 195.
4- التوبة : 129.
5- في بعض النسخ « استعصت ».
6- آل عمران : 83.
7- اما المراد به الاستسقاء وهو مرض ذو مادة باردة غريبة تدخل الأعضاء فتربوا بها أما في الأعضاء الظاهرة كلها أو في تدبير الغذاء والاخلاط ، أو المراد الصفراء ففي بحر - الجواهر للطبيب الهروي « ماء أصفر صفرائيست كه بطريق ادرار دفع شود ».
8- ينبغي أن يذكر تمام الآية لان في المصحف آيتين أحداهما في الأعراف 53 « ان ربكم اللّه الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والامر تبارك اللّه رب العالمين والأخرى في سورة يونس 3 » ان ربكم اللّه الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الامر ما من شفيع الا من بعد اذنه ذلكم اللّه ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون والظاهر أن المراد الآية الأولى للمناسبة.

يا علي : حق الولد على والده ان يحسن اسمه وأدبه ، ويضعه موضعا صالحا وحق الوالد على ولده أن لا يسميه باسمه ، ولا يمشى بين يديه ، ولا يجلس أمامه ، ولا يدخل معه في الحمام.

يا علي : ثلاثة من الوسواس : أكل الطين ، وتقليم الأظفار بالأسنان ، وأكل اللحية.

يا علي : لعن اللّه والدين حملا ولدهما على عقوقهما (1).

يا علي : يلزم الوالدين من عقوق ولدهما ما يلزم الولد لهما على عقوقهما.

يا علي : رحم اللّه والدين حملا ولدهما على برهما.

يا علي : من أحزن والديه فقد عقهما.

يا علي : من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذله اللّه في الدنيا والآخرة.

يا علي : من كفى يتيما في نفقة بماله حتى يستغنى وجبت له الجنة البتة.

يا علي من مسح يده على رأس يتيم ترحما له أعطاه اللّه عزوجل بكل شعرة نورا يوم القيامة

يا علي : لا فقر أشد من الجهل ، ولا مال أعود من العقل (2) ، ولا وحشة أوحش من العجب (3) ، ولا عقل كالتدبير ، ولا ورع كالكف عن محارم اللّه تعالى ، ولا حسب كحسن الخلق ، ولا عبادة مثل التفكر.

ص: 372


1- بأن يكلفاه التكاليف الشاقة فإنه سبب لعقوقه. ( م ت )
2- العائدة : المنفعة ، يقال : هذا الشئ أعود عليك من كذا أي أنفع. ( الصحاح )
3- لان من أعجب بنفسه وتخيل أنه عالم أو صالح أو زاهد مثلا توقع من العالمين احترامه وتعظيمه ، بل لا يبدؤهم بالسلام ويتوقع منهم الابتداء به وهم أيضا مبتلون بذلك فيصير ذلك سببا للوحشة ( م ت ) أقول : في بعض النسخ « لا وحدة - الخ ».

يا علي : آفة الحديث الكذب ، وآفة العلم النسيان ، وآفة العبادة الفترة (1) وآفة الجمال الخيلاء (2) ، وآفة العلم الحسد (3).

يا علي : أربعة يذهبن ضياعا (4) : الاكل على الشبع ، والسراج في القمر (5) ، والزرع في السبخة ، والصنيعة عند غير أهلها.

يا علي : من نسي الصلاة علي فقد أخطأ طريق الجنة.

يا علي : إياك ونقرة الغراب ، وفريشة الأسد (6).

يا علي : لان أدخل يدي في فم التنين إلى المرفق أحب إلى من أن أسأل من لم يكن ثم كان (7).

ص: 373


1- الفترة : الانكسار والضعف ، ولا يكون كل ذلك الا لعدم التوجه وحضور القلب الذي هو روح العبادة ، فإنه كلما كان الحضور أكثر كان الشوق والذوق النشاط أكثر.
2- الخيلاء : بالضم وبالكسر كلاهما صحيح وهو بمعنى العجب والتكبر.
3- قال المولى المجلسي : وهو في المسمين بالعلماء أظهر من الشمس.
4- أي اسراف وتبذير للمال ، وفي ذم الاسراف أخبار كثيرة تقدم بعضها.
5- مع أن الاكل على الشبع سبب لأمراض كثيرة ، والسراج في القمر سبب لذم العقلاء الا أن يريد بذلك القراءة والمطالعة ( م ت ) أقول : إذا كان السراج مع القمر اسرافا أو تبذيرا فحال اسراج الشموع في النهار في المشاهد المشرقة والبقاع المتبركة معلومة ولا يفعله الا الضعفاء الذين لا يتبعون الا أهواءهم ، كما لا يدافع عنهم ولا عن عملهم ذلك الا الذين لا يريدون الا حطام الدنيا واغواء الناس عن الصراط.
6- نقرة الغراب كناية عن تعجيل الصلاة وتخفيفها كما ورد « أخس السراق سارق الصلاة » وفريشة الأسد أي في السجود بل يستحب أن يكون متجافيا الا في سجدة الشكر فإنه يستحب أن يوصل صدره وذراعيه بالأرض ( م ت ) أقول : في النهاية « انه نهى عليه السلام عن افتراش السبع في الصلاة » قال : وهو أن يبسط ذراعيه في السجود ولا يرفعهما عن الأرض كما يبسط الكلب والذئب ذراعيه - انتهى ، وفي بعض النسخ « فرشة الأسد ».
7- التنين - كسكين - : حية عظيمة ، وقوله « من لم يكن ثم كان » أي من لم يكن ذا مال ثم حصل له ، فان الغالب في أمثالهم الخسة والبخل ورد السائل. ( م ت )

يا علي : [ إن ] أعتى الناس على اللّه عزوجل القاتل غير قاتله ، والضارب غير ضاربه ومن تولى غير مواليه فقد كفر بما انزل اللّه عزوجل [ علي ].

يا علي : تختم باليمين فإنها فضيلة من اللّه عزوجل للمقربين ، قال : بم أتختم يا رسول اللّه؟ قال : بالعقيق الأحمر فإنه أول جبل أقر لله تعال بالربوبية ، ولى بالنبوة ولك بالوصية ، ولولدك بالإمامة ، ولشيعتك بالجنة ، ولأعدائك بالنار.

يا علي : إن اللّه عزوجل أشرف على [ أهل ] الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين ، ثم أطلع الثانية فاختارك على رجال العالمين ، ثم أطلع الثالثة فاختار الأئمة من ولدك على رجال العالمين ، ثم أطلع الرابعة فاختار فاطمة على نساء العالمين.

يا علي : إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في ثلاثة مواطن (1) فآنست بالنظر إليه : إني لما بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على صخرتها « لا إله إلا اللّه ، محمد رسول اللّه ، أيدته بوزيره ، ونصرته بوزيره » فقلت لجبرئيل ( عليه السلام ) : من وزيري؟ فقال علي بن أبي طالب ، فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها « إني أنا اللّه لا إله إلا أنا وحدي ، محمد صفوتي من خلقي ، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره » فقلت لجبرئيل ( عليه السلام ) : من وزيري (2)؟ فقال علي بن أبي طالب ، فلما جاوزت سدرة المنتهى انتهيت إلى عرش رب العالمين جل جلاله فوجدت مكتوبا على قوائمه « إني أنا اللّه لا إله إلا أنا وحدي ، محمد حبيبي ، أيدته بوزيره ، ونصرته بوزيره » (3).

يا علي : إن اللّه تبارك وتعالى أعطاني فيك سبع خصال : أنت أول من ينشق

ص: 374


1- كذا في بعض النسخ ، وجعل في بعضها « في أربعة مواطن » نسخة ، كما في الخصال.
2- لعل تكرار السؤال لاستلذاذ الجواب. ( مراد )
3- هنا تم الكلام في النسخ التي فيه « ثلاثة مواطن » وزاد في هامش غيرها « فلما رفعت رأسي وجدت على بطنان العرش مكتوبا : أنا اللّه لا اله الا أنا وحدي ، محمد عبدي ورسولي ، أيدته بوزيره ونصرته بوزيره » وهذا الزائد موجود أيضا في الخصال ، وما جعلناه في المتن لخلو جل النسخ عنه.

عنه القبر معي ، وأنت أول من يقف على الصراط معي ، وأنت أول من يكسى إذا كسيت ، ويحيى إذا حييت ، وأنت أول من يسكن معه في عليين ، وأنت أول من يشرب معي من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك.

ثم قال صلى اللّه عليه وآله لسلمان الفارسي رحمة اللّه عليه : (1) يا سلمان إن لك : في علتك إذا اعتللت ثلاث خصال : أنت من اللّه تبارك وتعالى بذكر ، ودعاؤك فيها مستجاب ، ولا تدع العلة عليك ذنبا إلا حطته ، متعك اللّه بالعافية إلى انقضاء أجلك.

ثم قال صلى اللّه عليه وآله لأبي ذر رحمة اللّه عليه : يا أبا ذر إياك والسؤال فإنه ذل حاضر وفقر تتعجله ، وفيه حساب طويل يوم القيامة ، يا أبا ذر : تعيش وحدك ، وتموت وحدك ، وتدخل الجنة وحدك ، يسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك وتجهيزك ودفنك (2) ، يا أبا ذر : لا تسأل بكفك ، وإن أتاك شئ فاقبله.

ثم قال (3) ( صلى اللّه عليه وآله ) لأصحابه : ألا أخبركم بأشراركم؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه قال : المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبراء العيب (4).

ص: 375


1- الظاهر أن لفظة « ثم » لمجرد العطف هنا ولم يكن هذه الوصايا في وقت واحد كما أن ما تقدم أو يأتي كذلك أيضا.
2- كان هذا إحدى المعجزات للنبي صلى اللّه عليه وآله حيث أنه أخبر بما سيوقع ووافق الخبر الخبر ، راجع قضايا أبي ذر مع عثمان بن عفان واخراج عثمان إياه من المدينة وتبعيده إلى الربذة وموته غريبا هناك - شرح النهج لابن أبي الحديد ج 2 ص 375 من الطبعة الأولى بمصر.
3- هذا أيضا لمجرد العطف.
4- أي الطالبون للعيب لمن برئ عنه.
ومن ألفاظ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الموجزة التي لم يسبق إليها

5766 - « اليد العليا خير من اليد السفلى » (1).

5767 - « ما قل وكفى خير مما كثر وإلهي ».

5768 - « خير الزاد التقوى ».

5769 - « رأس الحكمة مخافة اللّه عزوجل » (2).

5770 - « خير ما القى في القلب اليقين » (3).

5771 - « الارتياب من الكفر ».

5772 - « النياحة من عمل الجاهلية » (4).

5773 - « السكر جمر النار » (5).

5774 - « الشعر من إبليس ».

5775 - « الخمر جماع الآثام » (6).

5776 - « النساء حبالة الشيطان » (7).

ص: 376


1- أي المعطية فإنها تعلو اليد المعطاة في الأغلب. ( مراد )
2- في بعض النسخ « الحكم » جمع الحكمة ، و « رأس الحكمة - الخ » كأنه الأشبه.
3- يظهر منه أن اليقين موهبي ، وهو في اللغة العلم الذي لا شك معه ، وفي الاصطلاح اعتقاد جازم لا يقبل الشك ، وقيل : هو رؤية العيان بقوة الايمان لا بالحجة والبرهان ، وقيل : مشاهدة الغيوب بصفاء القلوب ، وملاحظة الاسرار بمحافظة الأفكار ، وقيل : طمأنينة القلب على حقيقة الشئ ، وقيل غير ذلك راجع التعريفات للجرجاني باب الياء.
4- هي مكروهة إذا لم يقل الأكاذيب ومعه حرام وقد تقدم. ( م ت )
5- السكر - محركة - المسكر ، وقرء بالضم والسكون ، ولعل المراد الغفلة التي تعرض بغلبة السرور على العقل بمباشرة ما يوجبها من الخمر أو غيرها ، والمراد بجمر النار أي بخورها أو مقدمتها أو الحران التي يحصل عاجلا.
6- أي سبب لجميعها فإنه إذا ذهب العقل من أحد لا يقبح عنده أي اثم من الآثام.
7- في بعض النسخ « حبالة إبليس ».

5777 - « الشباب شعبة من الجنون ».

5778 - « شر المكاسب كسب الربا ».

5779 - « شر المآكل أكل مال اليتيم ظلما »

5780 - « السعيد من وعظ بغيره ».

5781 - « الشقي من شقى في بطن أمه » (1).

5782 - « مصير كم إلى أربعة أذرع » (2).

5783 - « أربى الربا الكذب » (3).

5784 - « سباب المؤمن فسوق ، قتال المؤمن كفر ، أكل لحمه من معصية اللّه عزوجل ، حرمة ماله كحرمة دمه ».

5785 - « من يكظم الغيظ يأجره اللّه عزوجل ».

5786 - « من يصبر على الرزية يعوضه اللّه ».

5787 - « الآن حمي الوطيس » (4).

ص: 377


1- الشقاء والشقاوة - بفتح الشين - : ضد السعادة ، فكما أن السعادة في الأصل ضربان دنيوية وأخروية كذلك الشقاوة ضربان ، والدنيوية منهما ثلاثة أضرب نفسية وبدنية و خارجية ، ومعنى الخبر هو أن الشقي الحقيقي من شقى قبل أن يولد ، وأريد بالشقاء الشقاء الدنيوي لان الأخروي منوط باختيار العبد وأعماله ، فحيث لم يكن له اختيار حينذاك فتعين الدنيوي اما باقسامه أو أحدها ، ويمكن أن يكون المراد من انعقدت نطفته في بطن أمه من الحرام.
2- أي مصيركم إلى بيت سعته أربعة أذرع وهو القبر ، فإذا كان الامر كذلك فلم تسعون في طلب الدنيا مع أنها فانية.
3- الربا الزيادة فالمعنى أزيد ما زاد عقابه على غيره من المعاصي الكذب ، ويمكن أن يراد بالربا معناه المشهور فيكون المعنى أن اثم الكذب أزيد الربا ، ولعل تسمية الكذب فردا أكمل من الربا باعتبار أنه جعل ما ليس في الامر مما هو في نفس الامر كما أن الربا جعل ما ليس من مال آكله من ماله. ( م ت )
4- الحمى : الحر ، والوطيس : التنور ، وهو مثل للعرب تعنون به شدة الحرب قال صلى اللّه عليه وآله هذه الكلمة يوم حنين.

5788 - « لا يلسع المؤمن من جحر مرتين ».

5789 - « لا يجنى على المرء الا يده » (1).

5790 - « الشديد من غلب نفسه » (2).

5791 - « ليس الخبر كالمعاينة » (3).

5792 - « اللّهم بارك لامتي في بكورها يوم سبتها وخميسها ».

5793 - « المجالس بالأمانة ». (4)

5794 - « سيد القوم خادمهم » (5).

5795 - « لو بغى جبل على جبل لجعله اللّه دكا ».

5796 - « ابدأ بمن تعول ».

5797 - « الحرب خدعة » (6).

5798 - « المسلم مرآة لأخيه ».

ص: 378


1- أي الغالب أن المصائب تكون مما كسبت أيدكم.
2- أي القوى من غالب هواه فإذا رضى لم يدخله رضاه في اثم أو باطل وإذا سخط لم يخرجه سخطه من الحق كما في رواية غياث بن إبراهيم.
3- لان الخبر يحتمل الصدق والكذب بخلاف المعاينة.
4- قال ابن الأثير : هذا ندب إلى ترك إعادة ما تجرى في المجلس من قول أو فعل ، فكأن ذلك أمانة عند من سمعه أو رآه ، والأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والأمان ، وجاء في كل منها حديث.
5- السيد : الرئيس الكبير في قومه ، المطاع في عشرته وان يكن هاشميا علويا ، والسيد : الذي يفوق في الخير ، والمالك ، ويطلق على الرب والشريف والفاضل والكريم والحليم المتحمل أذى قومه.
6- قال في النهاية « الحرب خدعة » يروى بفتح الخاء وضمها مع سكون الدال ، وبضمها مع فتح الدال ، فالأول معناه أن الحرب ينقضي أمرها بخدعة واحدة ، من الخداع : أي ان المقاتل إذا خدع - بصيغة المجهول - مرة واحدة لم تكن لها إقالة ، وهي أفصح الروايات وأصحها. ومعنى الثاني هو الاسم من الخداض. ومعنى الثالث أن الحرب تخدع الرجال وتمنيهم ولا تفي لهم ، كما يقال : فلان رجل لعبة وضحكة - كهمزة ولمزة - أي كثير اللعب والضحك.

5799 - « مات حتف أنفه » (1).

5800 - « البلاء موكل بالمنطق » (2).

5801 - « الناس كأسنان المشط سواء ».

5802 - « أي داء أدوى من البخل ».

5803 - « الحياء خير كله » (3).

5804 - « اليمين الفاجرة تذر الديار من أهلها بلاقع » (4).

5805 - « أعجل الشر عقوبة البغي ».

5806 - « أسرع الخير ثوابا البر » (5).

5807 - « المسلمون عند شروطهم » (6).

5808 - « إن من الشعر لحكمة ، وإن من البيان لسحرا ».

5809 - « ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء » (7).

ص: 379


1- أي من نفسه لا بسبب آخر من جراحة أو قتل ، يعنى مات على فراشه.
2- روى الخطيب في تاريخه عن أبي الدرداء عنه صلى اللّه عليه وآله قال : « البلاء موكل بالقول ، ما قال عبد لشئ : لا واللّه لا أفعله أبدا الا ترك الشيطان كل عمل وولع بذلك منه حتى يؤثمه » وعن ابن مسعود « البلاء موكل بالمنطق فلو أن رجلا عير رجلا برضاع كلبه لرضعها » وأورده القاضي القضاعي في الشهاب عن حذيفة ، وابن السمعاني في تاريخه عن علي عليه السلام كما في الجامع الصغير.
3- رواه ابن ماجة وأبو داود في سننهما عن عمران بن حصين في الصحيح.
4- تقدم في الايمان والنذور عن الصادق عليه السلام ، وفى بعض النسخ « تدع الديار ».
5- رواهما الترمذي معا في جامعة بتقديم وتأخير وزيادة هكذا « أسرع الخير ثوابا البر وصلة الرحم ، وأسرع الشر عقوبة البغي وقطيعة الرحم ».
6- أي يلزمهم الوفاء بها ، أما وجوبه فلا يظهر ، وذكر الأصحاب أنه يجب الوفاء بها إذا كانت في عقد لازم ، والذي يظهر من الاخبار أن الشرط يخرجه عن اللزوم إلى الجواز الا في النكاح والعتق فان مبناهما على اللزوم وتقدم الاخبار فيه ( م ت )
7- أي الملائكة الموكلين بذلك في السماء بالدعاء والاستغفار.

5810 - « من قتل دون ماله فهو شهيد » (1).

5811 - « العائد في هبته كالعائد في قيئه ».

5812 - « لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث ».

5813 - « من لا يرحم لا يرحم ».

5814 - « الندم توبة ».

5815 - « الولد للفراش وللعاهر الحجر ».

5816 - « الدال على الخير كفاعله ».

5817 - « حبك للشئ يعمى ويصم ».

5818 - « لا يشكر اللّه من لا يشكر الناس ».

5819 - « لا يؤوى الضالة الا الضال » (2).

5820 - « اتقوا النار ولو بشق تمرة » (3).

5821 - « الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ».

5822 - « مطل الغنى ظلم » (4).

5823 - « السفر قطعة من العذاب ».

5824 - « الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ».

5825 - « صاحب المجلس أحق بصدر مجلسه » (5).

ص: 380


1- تقدم تحت رقم 5161 مع بيانه
2- يمكن أن يكون المراد به عدم إرادة ردها بأن لا يعرفها ، ويمكن أن يكون المراد به منع العلوم من أهلها كما ورد عنه صلى اللّه عليه وآله « الحكمة ضالة المؤمن يأخذها أينما يجدها » أي لا ينبغي أن يلاحظ المتكلم بل يجب أن يلاحظ الكلام فإذا وجد ضالته من الحكم والعلوم والمعارف فليعرفها إلى المسترشدين فإنها ضالتهم أيضا. ( م ت )
3- أي اتقوا النار ولو بتصدق شق تمرة ، أولا تستقلوا قليل التصدق.
4- ماطله بحقه ومطل حقه أي سوفه بوعد الوفاء ، وقد تقدم.
5- لا بعد فيه كما لا بعد فيما ورد من « أن صاحب المنزل أولى بالإمامة ».

5826 - « احثوا في وجوه المداحين التراب » (1).

5827 - « استنزلوا الرزق بالصدقة ».

5828 - « ادفعوا البلاء بالدعاء ».

5829 - « جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها ».

5830 - « ما نقص مال من صدقة » (2).

5831 - « لا صدقة وذو رحم محتاج »

5832 - - « الصحة والفراغ نعمتان مكفورتان » (3).

5833 - « عفو الملك أبقى للملك » (4).

5834 - « هبة الرجل لزوجته تزيد في عفتها ».

5835 - « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ».

5836 - « وروى لي محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي اللّه عنه عن أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني قال : حدثني الحسن بن القاسم قراءة قال : حدثنا علي بن إبراهيم بن المعلى قال : حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن خالد قال : حدثنا عبد اللّه بن بكر المرادي ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ابن الحسين ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : « بينا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ذات يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب (5) إذا أتاه شيخ عليه شحبة السفر (6) ، فقال : أين أمير المؤمنين؟ فقيل : هو ذا فسلم عليه ، ثم قال : يا أمير المؤمنين إني أتيتك من ناحية الشام وأنا

ص: 381


1- أي خيبوهم ولا تعطوهم شيئا. ( م ت )
2- في جامع الترمذي « ما نقصت صدقة من مال »
3- أي مستورتان لا يعرف حقهما ولا قدرهما ما كانتا حاصلتان لا حد.
4- رواه الرافعي هكذا « عفو الملوك أبقى للملك ».
5- أي يهيئهم للحرب بالتعليم أو دفع الزاد والراحلة وأمثالهما.
6- بالحاء المهملة والباء الموحدة ، والشاحب : المتغير اللون والجسم من مرض أو سفر أو نحوهما. ( م ت )

شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل مالا أحصى وإني أظنك ستغتال فعلمني مما علمك اللّه ، قال : نعم يا شيخ : من اعتدل يوماه فهو مغبون (1) ومن كانت الدنيا همته اشتدت حسرته عند فراقها ، ومن كان غده شر يوميه فهو محروم ، ومن لم يبال بمارزى (2) من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك ، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى ، ومن كان في نقص فالموت خير له ، يا شيخ : ارض للناس ما ترضى لنفسك ، وائت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك ، ثم أقبل على أصحابه فقال : أيها الناس أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى فبين صريع يتلوى (3) ، وبين عائد ومعود (4) وآخر بنفسه يجود ، وآخر لا يرجى ، وآخر مسجى (5) وطالب الدنيا والموت يطلبه ، وغافل وليس بمغفول عنه ، وعلى أثر الماضي يصير الباقي (6).

فقال له زيد بن صوحان العبدي : يا أمير المؤمنين أي سلطان أغلب وأقوى؟ قال : الهوى ، قال : فأي ذل أذل؟ قال : الحرص على الدنيا ، قال : فأي فقر أشد؟ قال : الكفر بعد الايمان ، قال : فأي دعوة أضل؟ قال : الداعي بما لا يكون ، (7)

ص: 382


1- أي يجب أن يكون المؤمن في كل يوم في الزيادة في العلم واصلاح النفس والعمل بالاخلاص والحضور والقرب إلى اللّه تعالى والا فهو مغبون في عمره ونفسه.
2- الرزاء : النقص.
3- أي أحوالهم متفرقة فاما أن يكون ساقطا من المرض وينقلب من جانب إلى آخر.
4- أي أحدهم مريض والاخر يذهب إلى عبادته ، ولا يتفكرون في أن المرض باب الموت وهو لكل نفس لازم يمكن أن يجيئ بغتة. ( م ت )
5- جاد بالمال : بذله ، وجاد بنفسه : سمح بها عند الموت وحالة النزع ، وقوله : « وآخر لا يرجى » أي حياته من شدة المرض ، و « آخر مسجى » أي ميت مغطى بثوب ، وآخر طالب للدنيا أي هو في غفلة من أن الموت يطلبه.
6- الأثر - محركة - والأثر - بكسر الهمزة - كلاهما بمعنى ، ومعنى الجملة أن الباقين يعلمون أن مدار هذه الدنيا الفانية على هذه الأحوال ومع ذلك لا ينتبهون.
7- أي الداعي الذي طلب في الدنيا الرفاهية أو الخلود.

قال : فأي عمل أفضل؟ قال : التقوى ، قال : فأي عمل أنجح؟ قال : طلب ما عند اللّه عز وجل ، قال : فأي صاحب لك شر؟ قال : المزين لك معصية اللّه عزوجل ، قال : فأي الخلق أشقى؟ قال : من باع دينه بدنيا غيره (1) ، قال : فأي الخلق أقوى؟ قال : الحليم ، قال : فأي الخلق أشح؟ قال : من أخذ المال من غير حله فجعله في غير حقه ، قال : فأي الناس أكيس؟ قال : من أبصر رشده من غيه فمال إلى رشده ، قال : فمن أحلم الناس؟ قال : الذي لا يغضب ، قال : فأي الناس أثبت رأيا؟ قال : من لم يغره الناس من نفسه ومن لم تغره الدنيا بتشوفها (2) قال : فأي الناس أحمق (3) قال : المغتر بالدنيا وهو يرى ما فيها من تقلب أحوالها ، قال : فأي الناس أشد حسرة؟ قال : الذي حرم الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ، قال : فأي الخلق أعمى؟ قال : الذي عمل لغير اللّه ، يطلب بعمله الثواب من عند اللّه عزوجل ، قال : فأي القنوع أفضل؟ قال : القانع بما أعطاه اللّه عزوجل ، قال : فأي المصائب أشد؟ قال : المصيبة بالدين (4) قال : فأي الأعمال أحب إلى اللّه عزوجل؟ قال : انتظار الفرج؟ قال : فأي الناس خير عند اللّه؟ قال أخوفهم لله وأعملهم بالتقوى وأزهدهم في الدنيا؟ قال : فأي الكلام أفضل عند اللّه عزوجل؟ قال : كثرة ذكره والتضرع إليه بالدعاء ، قال : فأي القول أصدق؟ قال : شهادة أن لا إله إلا اللّه ، قال : فأي الأعمال أعظم عند اللّه عزوجل؟ قال : التسليم والورع ، قال : فأي الناس أصدق؟ قال : من صدق في المواطن (5).

ص: 383


1- كالشهادة بالباطل لأجل الغير ، أو ترك الشهادة بالحق.
2- بالفاء أي تزينها ، وفي بعض النسخ « بتسوفها » من التسويف والظاهر كونه مصحفا.
3- ظاهره بقرينة السياق أنه على أفعل التفضيل أي أشد حماقة ، ويحتمل أن المراد مطلق الأحمق.
4- « الدين » اما بكسر الدال والمراد من المصيبة به ترك الطاعات أو فعل المعاصي ، واما بفتحها والمعنى ظاهر ، وفي بعض النسخ « في الدين ».
5- أي في كل موضع أو خصوص مواضع الحرب.

ثم أقبل ( عليه السلام ) على الشيخ فقال : يا شيخ إن اللّه عزوجل خلق خلفا ضيق الدنيا عليهم نظرا لهم فزهدهم فيها وفي حطامها ، فرغبوا في دار السلام التي دعاهم إليها وصبروا على ضيق المعيشة وصبروا على المكروه ، واشتاقوا إلى ما عند اللّه عزوجل من الكرامة ، فبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان اللّه ، وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة فلقوا اللّه عزوجل وهو عنهم راض وعلموا أن الموت سبيل من مضى ومن بقي ، فتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة ، ولبسوا الخشن ، وصبروا على البلوى (1) ، وقدموا الفضل ، وأحبوا في اللّه وأبغضوا في اللّه عزوجل ، أولئك المصابيح ، وأهل النعيم في الآخرة والسلام.

قال الشيخ : فأين أذهب وأدع الجنة وأنا أراها وأرى أهلها معك يا أمير المؤمنين جهزني بقوة أتقوى بها على عدوك ، فأعطاه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سلاحا وحمله وكان في الحرب بين يدي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يضرب قدما (2) وأمير المؤمنين عليه السلام يعجب مما يصنع ، فلما اشتد الحرب أقدم فرسه حتى قتل رحمة اللّه عليه وأتبعه رجل من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فوجده صريعا ووجد دابته ووجد سيفه في ذراعه ، فلما انقضت الحرب أتى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بدابته وسلاحه وصلى عليه أمير المؤمنين عليه السلام وقال : هذا واللّه السعيد حقا ، فترحموا على أخيكم.

5837 - وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في وصيته لابنه محمد بن الحنفية رضي اللّه عنه : يا بنى إياك والاتكال على الأماني فإنها بضائع النوكى (3) وتثبيط عن

ص: 384


1- في بعض النسخ « على الطوى » أي الجوع
2- بضمتين أي شجاعا : أو لم يحول وجهه عن الحرب.
3- الاتكال : الاعتماد ، والأماني جمع الأمنية وهي التمنيات الباطلة أكاذيب الشيطان ، ولعل المراد تسويف التوبة ، والنوكي - بالفتح كسكرى - جمع أنوك أي الأحمق ، والنوك - بالضم والفتح - الحمق أي الحمقى ليس لهم رأس مال الا أكاذيب الشيطان فإنه يقول أخر التوبة إلى آخر العمر ، ولا يدرى الضعيف ولا يعلم أنه لعله في آخر ساعاته ، والتثبيط : التعويق.

الآخرة ، ومن خير حظ المرء قرين صالح ، جالس أهل الخير تكن منهم ، باين أهل الشر ومن يصدك عن اللّه عزوجل وذكر الموت بالأباطيل المزخرفة والأراجيف الملفقة تبن منهم ، ولا يغلبن عليك سوء الظن باللّه عزوجل ، فإنه لن يدع بينك وبين خليلك صلحا (1) ، اذك بالأدب قلبك كما تذكى النار بالحطب (2) فنعم العون الأدب للنحيزة (3) والتجارب لذي اللب ، اضمم آراء الرجال بعضها إلى بعض ثم اختر أقربها إلى الصواب وأبعدها من الارتياب (4) ، يا بنى لا شرف أعلى من الاسلام ، ولا كرم أعز من التقوى ، ولا معقل أحرز من الورع ، (5) ولا شفيع أنجح من التوبة ، ولا لباس أجمل من العافية ، ولا وقاية أمنع من السلامة ، ولا كنز أغنى من القنوع ، ولا مال أذهب للفاقة من الرضا بالقوت ، ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوأ خفض الدعة (6) ، الحرص داع إلى التقحم في

ص: 385


1- أي إذا رأيت من إخوانك مخالفة لله تعالى لا يغلبن عليك أنه لا يغفره اللّه سبحانه مع أنك في أعمالك تحسن الظن به وتعتقد أن اللّه تعالى سيغفر لك ، فإذا أسأت الظن باللّه بالنظر إليه فلا يبقى بينك وبين خليلك صلحا.
2- أي نور بالأدب مع اللّه سبحانه قلبك بالمداومة على الذكر ومراعاة الحياء منه فان القلب يموت بترك الذكر وينطفي نوره حتى يران ويطبع عليه ، وروى عن سيد المرسلين صلى اللّه عليه وآله أنه قال : « وانه ليغان على قلبي وانى لأستغفر اللّه في كل يوم سبعين مرة »
3- في اللغة : النحيزة : الطبيعة ، يقال : هو كريم النحيزة أي كريم النفس. وفي بعض النسخ « للخيرة » أي الأخيار.
4- كما في قوله تعالى « فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ».
5- المعقل : الحصن فان من تجنب عن الشبهات نجا من المهلكات.
6- البلغة - بضم الباء الموحدة - : ما يكتفي به من المعاش واضافتها إلى الكفاف بيانية ، « فقد انتظم » أي سلسلة الراحة فاستراح من جميع الآلام والغموم ، « وتبوأ خفض الدعة » أي سكن مسكن سعة العيش والراحة ( م ت ) أقول : الدعة خفض العيش : فإضافة الخفض إلى الدعة للتأكيد.

الذنوب (1) الق عنك واردات الهموم بعزائم الصبر ، عود نفسك الصبر ، فنعم الخلق الصبر ، واحملها (2) على ما أصابك من أهوال الدنيا وهمومها ، فاز الفائزون ونجا الذين سبقت لهم من اللّه الحسنى فإنه جنة من الفاقة. وألجئ نفسك في الأمور كلها إلى اللّه الواحد القهار (3) فإنك تلجئها إلى كهف حصين ، وحرز حريز ، ومانع عزيز (4) ، وأخلص المسألة لربك (5) فإن بيده الخير والشر ، والاعطاء والمنع ، والصلة والحرمان.

وقال ( عليه السلام ) في هذه الوصية : يا بنى الرزق رزقان : رزق تطلبه ورزق يطلبك فإن لم تأته أتاك (6) فلا تحمل هم سنتك على هم يومك ، وكفاك كل يوم ما هو فيه فإن تكن السنة من عمرك فإن اللّه عزوجل سيأتيك في كل غد بجديد ما قسم لك وإن لم تكن السنة من عمرك فما تصنع بغم وهم ما ليس لك ، واعلم أنه (7) لن يسبقك إلى رزقك طالب ، ولن يغلبك عليه غالب ، ولن يحتجب عنك ما قدر لك ، فكم رأيت من طالب متعب نفسه مقتر عليه رزقه ، ومقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير وكل مقرون به الفناء ، اليوم لك وأنت من بلوغ غد على غير يقين ، ولرب مستقبل يوما ليس بمستدبره (8) ومغبوط في أول ليلة قام في آخرها بواكيه ، فلا يغرنك

ص: 386


1- التقحم : التهجم في المهالك بلا روية ، والمراد أن الحريص لا يقنع بالحلال
2- الضمير المؤنث راجع إلى النفس والجملة الآتية إلى « الفاقة » تفصيل لمعنى الصبر.
3- ألجئ أمر من الالجاء أي بالتوكل والتفويض.
4- أي فإنك حينئذ أي حين ما تلجئها إلى اللّه عزوجل تلجئها إلى حصن حصين.
5- أي لا تسأل أحدا غيره سبحانه وتعالى فان أزمة الأمور طرأ بيده.
6- ما تطلبه هو الزيادة ، وما يطلبك هو الكفاف واللّه ضامن له كما قال « هو الرزاق ذو القوة المتين » وقال : « وفي السماء رزقكم وما توعدون ».
7- قوله عليه السلام « واعلم - الخ » لبيان أن الرزق مقدر مقسوم ، لا يزيده اتعاب متعب ، ولا ينقصه اقتصاد مقتصد في الطلب.
8- بل يموت قبل اليوم أو في اليوم ، واللام في « لرب » جواب قسم محذوف ، وقوله « مغبوط » عطف على « مستقبل » ومعناه من يتمنى الناس حاله.

من اللّه طول حلول النعم وإبطاء موارد النقم (1) ، فإنه لو خشي الفوت عاجل بالعقوبة قبل الموت.

يا بنى : اقبل من الحكماء مواعظهم (2) وتدبر أحكامهم ، وكن آخذ الناس بما تأمر به وأكف الناس عما تنهى عنه ، وأمر بالمعروف تكن من أهله ، فإن استتمام الأمور عند اللّه تبارك وتعالى الامر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وتفقه في الدين فإن الفقهاء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكنهم ورثوا العلم ، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر.

واعلم أن طالب العلم يستغفر له من في السماوات والأرض حتى الطير في جو السماء والحوت في البحر ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به ، وفيه شرف الدنيا والفوز بالجنة يوم القيامة ، لان الفقهاء هم الدعاة إلى الجنان والا دلاء ، على اللّه تبارك وتعالى وأحسن إلى جميع الناس كما تحب أن يحسن إليك ، وارض لهم ما ترضاه لنفسك ، واستقبح من نفسك ما تستقبحه من غيرك ، وحسن مع جميع الناس خلقك حتى إذا غبت عنهم حنوا إليك (3) وإذا مت بكوا عليك وقالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا تكن من الذين يقال عند موته : الحمد لله رب العالمين.

واعلم أن رأس العقل بعد الايمان باللّه عزوجل مدارأة الناس ، ولا خير فيمن لا يعاشر بالمعروف من لابد من معاشرته حتى يجعل اللّه إلى الخلاص منه سبيلا ، فإني وجدت جميع ما يتعايش به الناس وبه يتعاشرون ملء مكيال ثلثاه استحسان وثلثه تغافل (4) ، وما خلق اللّه عزوجل شيئا أحسن من الكلام ولا أقبح منه ، بالكلام

ص: 387


1- لان ذلك ربما كان استدراجا فحسبته نعمة ، وقوله « فإنه » أي فان اللّه عزوجل.
2- أي العلماء الذين يعلمون ما يصلح العبد وما يفسده ، وقد أشار تعالى إليهم وقال : « ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا ».
3- من الحنين بمعنى الاشتياق ، حن إليه أي اشتاق.
4- المراد بالاستحسان عد شئ حسنا وهو فيما يمكن من الافعال حمله على أنه حسن وفيما لا يمكن ذلك فيه ينبغي حمله على التغافل. ( مراد )

ابيضت الوجوه ، وبالكلام اسودت الوجوه ، واعلم أن الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به فإذا تكلمت به صرت في وثاقه ، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك ورقك ، فإن اللسان كلب عقور فإن أنت خليته عقر ، ورب كلمة سلبت نعمة ، من سيب عذاره (1) قاده إلى كل كريهة وفضيحة ، ثم لم يخلص من دهره إلا على مقت من اللّه عزوجل وذم من الناس (2).

قد خاطر بنفسه من استغنى برأيه (3) ومن استقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ ، من تورط في الأمور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمفظعات النوائب (4) ، والتدبير قبل العمل يؤمنك من الندم ، والعاقل من وعظته التجارب ، وفي التجارب علم مستأنف ، وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال (5) ، الأيام تهتك لك عن السرائر الكامنة ، تفهم وصيتي هذه ولا تذهبن عنك صفحا (6) فإن خير القول ما نفع.

ص: 388


1- أي أرسل نفسه بلا لجام الدين والعقل ولم يقيد بأحكامهما من الأوامر والنواهي ، والمذار من الفرس كالعارض من الانسان ، وسمى اللجام عذارا تسمية باسم موضعه وهو كناية عن العنان ، ولعل الضمير في « عذاره » للسان.
2- لم يخلص من دهره كناية عن الموت ، وفي بعض النسخ : « لم يتخلص دهره » وفي بعضها « لم يتخلص من وهدة » ، والمقت : البغض والعداوة.
3- خاطر بنفسه أي أوقع نفسه في الخطر.
4- المفظع : الشنيع والصعب ، والنوائب جمع نائبة وهي المصيبة والحادثة ومفظعات والطاء المهملة فيمكن حينئذ أن يقرء بفتح الطاء من قبيل قوله عزوجل « قطعت لهم ثياب من نار » وأن يقرء بكسر الطاء أي النوائب المقطعة للأوصال.
5- أي في العسر والانتقال من الشدة إلى الرخاء ومن الرخاء إلى الشدة والصحة والمرض يعرف الكمال والنقص باعتبار الاستقامة وعدمها.
6- الهتك : حرق الستر عما وراءه ، و « صفحا » مفعول له أو حال من فاعل « تذهبن » أي بأن تعرض عنها بصفحة وجه قلبك ، وقوله « فان خير القول - الخ » تعليل للنهي عن الاعراض عن النصيحة فإنها حينئذ تضيع حيث لا تنفع فلا يكون فيه خير بالنسبة إلى المنصوح.

إعلم يا بنى أنه لا بدلك من حسن الارتياد (1) وبلاغك من الزاد مع خفة الظهر ، فلا تحمل على ظهرك فوق طاقتك فيكون عليك ثقلا في حشرك ونشرك في القيامة ، فبئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد.

واعلم أن أمامك مهالك ومهاوي (2) وجسورا وعقبة كوودا لا محالة أنت هابطها (3) وأن مهبطها إما على جنة أو على نار ، فارتد لنفسك قبل نزولك إياها (4) و إذا وجدت من أهل الفاقة من يحمل زادك إلى القيامة فيوافيك به غدا حيث تحتاج إليه فاغتنمه وحمله (5) وأكثر من تزوده وأنت قادر عليه ، فلعلك تطلبه فلا تجده ، وإياك أن تثق لتحميل زادك بمن لا ورع له ولا أمانة فيكون مثلك مثل ظمآن رأى سرابا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا فتبقى في القيامة منقطعا بك (6).

وقال ( عليه السلام ) في هذه الوصية : يا بنى البغي سائق إلى الحين ، (7) لن يهلك امرء عرف قدره ، من حصن شهوته صان قدره (8) قيمة كل امرء ما يحسن ، الاعتبار يفيدك الرشاد ، (9) أشرف الغنى ترك المنى ، الحرص فقر حاضر ، المودة قرابة

ص: 389


1- الارتياد : الطلب والمراد هنا طلب ما فيه صلاح.
2- من أهوال يوم القيامة ، والجسور جمع الجسر.
3- قوله : « كؤودا » أي شاقه ، والهبوط النزول.
4- فارتد لنفسك أي اختر لها قبل نزولك فيها الجنة بأن يكون مهبطك إليها.
5- أي تصدق في الدنيا على الفقراء فكأنهم حملة زادك.
6- لما حث على التصدق وشبهه بحمل الزاد على من يتصدق عليه ليوصله إلى القيامة شبه التصدق على على غير المستحق بحمل الزاد على من لا ورع له فيذهب بالزاد فلم يصل إليه حين الاحتياج ، ومعنى منقطعا بك أن يقطعك عن الزاد أي تبقى لا زاد لك. ( مراد )
7- الحين - بفتح المهملة - : الهلاك والمحنة ، وفي بعض النسخ « الجبن » ولعله تصحيف.
8- في بعض النسخ « من حظر شهوته » أي منعها ، وحصن أي حفظ.
9- الاعتبار من العبور والمقصود الاتعاظ ، قال الجرجاني في التعريفات : الاعتبار أن يرى الدنيا للفناء والعاملين فيها للموت ، وعمرانها للخراب ، وقيل : الاعتبار اسم المعتبرة وهي رؤية فناء الدنيا كلها باستعمال النظر في فناء جزئها ، وقيل الاعتبار من العبر وهو شق النهر والبحر يعنى يرى المعتبر نفسه على حرف من مقامات الدنيا.

مستفادة (1) ، صديقك أخوك لأبيك وأمك وليس كل أخ لك من أبيك وأمك صديقك لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك ، كم من بعيد أقرب منك من قريب ، وصول معدم خير من مثر جاف (2) ، الموعظة كهف لمن وعاها ، من من بمعروفه أفسده (3) ، من أساء خلقه عذب نفسه وكانت البغضة أولى به ، ليس من العدل القضاء بالظن على الثقة (4).

ما أقبح الأشر عند الظفر (5) والكآبة عند النائبة (6) المعضلة ، القسوة على الجار ، والخلاف على الصاحب (7) والحنث من ذي المروءة (8) ، والغدر من السلطان.

كفر النعم موق (9) ومجالسة الأحمق شوم ، اعرف الحق لمن عرفه لك شريفا كان أو وضيعا ، من ترك القصد جار (10) ، من تعدى الحق ضاق مذهبه ، كم من دنف

ص: 390


1- بل هو أحسن القرابة ، فان الأغلب أن الأقارب كالعقارب ، فإذا استفاد قرابة بالمودة باعطاء المال أو العلم أو المعاونة في الأمور صار بمنزلة الأخ والأب والام. ( م ت )
2- المعدم : الفقير ، والمثرى : ذو الثروة ، والجاف فاعل من الجفاء.
3- كما قال سبحانه « لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ».
4- أي إذا كنت تثق بأحد في الدين والديانة والمحبة وغيرها فما لم يحصل لك اليقين بزوال ذلك لا تحكم عليه بالزوال بمجرد الظن فان الظن لا يغنى من الحق شيئا. ( م ت )
5- الأشر : البطر والنشاط والطغيان والتجاوز عن الحد.
6- الكآبة : الحزن والغم ، والمعضلة : الشديدة ، أي ما أقبح الجزع والحزن عند المصيبة الشديدة ، وفي بعض النسخ « والكآبة عند النائبة ، والغلطة والقسوة على الجار » ولعل لفظة الغلظة تفسير للقسوة لبعض المحشين وكتبها فوق السطر فوهم الكاتب وأدخلها في المتن أو كانت كلمة المعضلة تفسيرا للنائبة للمحشى كالغلظة أيضا.
7- أي ما أقبح مخالفة الصاحب لا سيما في السفر.
8- الحنث : الخلف في اليمين ، والاثم ، وفي بعض النسخ « الخبث » بالخاء المعجمة والباء الموحدة.
9- الموق - بضم الميم - الحمق في غباوة أي كفران النعمة من الحماقة.
10- بالجيم من الجور ، وقد يقرء بالحاء المهملة من الحيرة أي من ترك التوسط في الأمور مال عن الحق لا محالة له أو تحير.

قد نجا وصحيح قد هوى (1) ، قد يكون اليأس إدراكا والطمع هلاكا ، استعتب من رجوت عتابه ، (2) لا تبيتن من امرء على غدر ، الغدر شر لباس المرء المسلم ، من غدر ما أخلق أن لا يوفى له ، الفساد يبير الكثير (3) ، والاقتصاد ينمى اليسير ، من الكرم الوفاء بالذمم ، من كرم ساد ، ومن تفهم ازداد ، امحض أخاك النصيحة وساعده على كل حال ما لم يحملك على معصية اللّه عزوجل زل معه حيث زال (4) لا تصرم أخاك على ارتياب ، ولا تقطعه دون استعتاب (5) لعل له غدرا وأنت تلوم ، اقبل من متنصل عذره فتنالك الشفاعة (6).

وأكرم الذين بهم تصول ، وازدد لهم طول الصحبة برا وإكراما وتبجيلا وتعظيما (7) فليس جزاء من عظم شأنك أن تضع من قدره ، ولا جزاء من سرك أن تسوءه ، أكثر البر ما استطعت لجليسك فإنك إذا شئت رأيت رشده ، من كساه الحياء ثوبه اختفى عن العيون عيبه ، من تحرى القصد خفت عليه المؤن (8) ، من لم يعط

ص: 391


1- « دنف » أي المبتلى بمرض مزمن ، و « هوى » أي مات أو مرض
2- أي استرض من خفت عتابه قبل أن يعاتبك ، من الرجو وهو الخوف.
3- ما أخلق أي ما أليق ، وأباره أي أهلكه.
4- أي وافقه في جميع الأمور الا في المعاصي وهذه الجملة مقدمة على الجملة السابقة في المعنى.
5- أي لا تقطع أخاك بمجرد سوء الظن به في محبته أو فسقه ، وإذا وصل إليك منه خلاف فاسأله عن ذلك لأي شئ فعله أو قاله لعله يلقى إليك عذره ويرضيك فلا تقطعه قبل ذلك.
6- المتنصل : المعتذر ، ولعل المراد بالشفاعة شفاعة النبي والأئمة عليهم السلام في القيامة ، أو هي كناية عن قبول عذره في القيامة ان لم يكن معذورا.
7- التبجيل : التعظيم أي أكرم أقرباءك وأصدقاءك واخوانك ومن كان من حاشيتك فان بهم تصول على عدوك فينبغي أن يراعى حشمتهم بزيادة البر والاحسان والاكرام والتوقير بالنسبة إليهم.
8- المؤن - بضم الميم وفتح الهمزة - جمع المؤونة أي الثقل والقوت.

نفسه شهوتها أصاب رشده ، مع كل شدة رخاء ومع كل اكلة غصص (1) ، لا تنال نعمة إلا بعد أذى ، لن لمن غاظك تظفر بطلبتك ، ساعات الهموم ساعات الكفارات و الساعات تنفد عمرك ، لا خير في لذة بعدها النار ، وما خير بخير بعده النار ، وما شر بشر بعده الجنة ، كل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية ، لا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه ، فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه ، ولا يكونن أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته ، ولا على الإساءة إليك أقوى منك على الاحسان إليه.

يا بنى إذا قويت فاقو على طاعة اللّه عزوجل ، وإذا ضعفت فاضعف عن معصية اللّه عزوجل ، وإن استطعت أن لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فافعل (2) فإنه أدوم لجمالها وأرخى لبالها وأحسن لحالها ، فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة فدارها (3) على كل حال وأحسن الصحبة لها فيصفو عيشك ، احتمل القضاء بالرضا (4) وإن أحببت أن تجمع خير الدنيا والآخرة فاقطع طمعك مما في أيدي الناس ، و السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته. هذا آخر وصيته ( عليه السلام ) لمحمد بن الحنفية.

5838 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، وهشام بن سالم ، ومحمد بن حمران عن الصادق ( عليه السلام ) قال : « عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع ، عجبت لمن خاف كيف لا يفزع إلى قوله عزوجل » حسبنا اللّه ونعم الوكيل فإني سمعت اللّه عزوجل يقول بعقبها : « فانقلبوا بنعمة من اللّه وفضل لم يمسسهم سوء » (5).

ص: 392


1- الغصص جمع الغصة وهي أن تقع في الحلق فلم تكد تسيغه ، والمراد أن مع كل لذة من لذات الدنيا أفات وبليات.
2- أي لا تكلفها ما جاوز نفسها ، أو لا تفوض إليها مهما أمكنك أمورك.
3- القهرمان - بفتح القاف والراء - : الوكيل والأمين والمفوض إليه أمور البيت والدار. وقوله عليه السلام « فدارها » من المداراة.
4- أي ارض عن اللّه تعالى فيما قدر وقضى لا سيما بالنظر إلى نفسك فإنه تعالى لا يفعل بعباده الا الأصلح. ( م ت )
5- آل عمران : 174.

وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى : « لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين » فإني سمعت اللّه عزوجل يقول بعقبها : « فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين » (1) وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع إلى قوله تعالى « وأفوض أمري إلى اللّه إن اللّه بصير بالعباد » (2) فإني سمعت اللّه عزوجل يقول بعقبها : « فوقاه اللّه سيئات ما مكروا » ، وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قوله تعالى : « ما شاء اللّه لا قوة إلا باللّه » فإني سمعت اللّه عزوجل يقول بعقبها : « إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربى أن يؤتين خيرا من جنتك الآية » (3). و « عسى »موجبة. (4)

5839 - وروى محمد بن زياد الأزدي ، عن أبان بن عثمان الأحمر عن الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) » أنه جاء إليه رجل فقال له : بأبي أنت وأمي يا ابن رسول اللّه علمني موعظة فقال له ( عليه السلام ) : إن كان اللّه تبارك وتعالى قد تكفل بالرزق فاهتمامك لماذا؟! وإن كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا ، وإن كان الحساب حقا فالجمع لماذا؟! وإن كان الخلف (5) من اللّه عزوجل حقا فالبخل لماذا؟! وإن كانت العقوبة من اللّه عزوجل النار فالمعصية لماذا؟! وإن كان الموت حقا فالفرح لماذا؟! وإن كان العرض على اللّه عزوجل حقا فالمكر لماذا؟! وإن كان الشيطان عدوا فالغفلة لماذا؟! وإن كان الممر على الصراط حقا فالعجب لماذا؟! وإن كان كل شئ بقضاء من اللّه وقدره فالحزن لماذا؟! وإن كانت الدنيا فانية فالطمأنينة إليها

ص: 393


1- الأنبياء : 88.
2- المؤمن : 44 قاله مؤمن آل فرعون عندما أرادوا قتله.
3- الكهف : 41.
4- أي يراد منها وجوب متعلقها وتحققها وليست لمجرد الترجي ( مراد ) وقال المولى المجلسي أي ما ورد من أمثاله في كلام اللّه تعالى فهو وعد واجب فان أمثاله من الكريم بمنزلة الواقع سيما إذا كان من الأكرمين.
5- الخلف - بفتح الخاء المعجمة - : العوض ، والمراد العوض في الدنيا والآخرة.

لماذا (1)؟!.

5840 - وقال عليه السلام : « إني لارحم ثلاثة وحق لهم أن يرحموا : عزيز أصابته مذلة بعد العز ، وغنى أصابته حاجة بعد الغنى ، وعالم يستخف به أهله والجهلة » (2).

5841 - وقال ( عليه السلام ) : « خمس هن كما أقول : ليست لبخيل راحة ، ولا لحسود لذة ، ولا للمملوك وفاء (3) ، ولا لكذوب مروءة ، ولا يسود سفيه » (4).

5842 - وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم » (5).

5843 - وروى يونس بن ظبيان (6) عن الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) أنه قال :  « الاشتهار بالعبادة ريبة (7) ، إن أبى حدثني عن أبيه ، عن جده ( عليهم السلام ) إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : أعبد الناس من أقام الفرائض (8) ، وأسخى الناس من أدى

ص: 394


1- الخبر رواه المصنف بلفظه في الأمالي المجلس الثاني مسندا عن محمد بن زياد الأزدي عنه عليه السلام.
2- رواه المصنف في الخصال ص 87 بسند صحيح عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- كذا وفي نسخة « ولا لملوك وفاء » ورواه المصنف في الخصال ص 1 27 مسندا عن أبي علي بن راشد رفعه إلى الصادق عليه السلام وفيه « ولا لملوك ».
4- أي لا يصير السفيه سيد القوم في الحقيقة.
5- رواه المصنف في الأمالي المجلس الثالث في الضعيف عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
6- رواه المصنف في الأمالي المجلس السادس بسند ضعيف عن يونس بن ظبيان
7- أي يحصل الشك في اخلاصه أو يخاف أن يدخله العجب والكبر والرياء والسمعة فكلما كان أخفى كان بالاخلاص أنسب ، والظاهر أن ما بعده استشهاد له ويكون المراد أن اظهار الواجبات كاف في العبادات الظاهرة لأنها بعيد من الرياء لما يفعلها جميع الناس
8- الحصر إضافي بالنسبة إلى من يقيم النوافل رياء ، أو يكون المراد جميع الفرائض التي منها اجتناب المحرمات ، والأول أظهر. ( م ت )

زكاة ماله ، وأزهد الناس من اجتنب الحرام ، وأتقى الناس من قال الحق فيما له وعليه ، وأعدل الناس من رضى للناس ما يرضى لنفسه وكره لهم ما يكره لنفسه ، وأكيس الناس من كان أشد ذكرا للموت ، وأغبط الناس من كان تحت التراب قد أمن العقاب ويرجو الثواب ، وأغفل الناس من لم يتعظ بتغير الدنيا من حال إلى حال ، وأعظم الناس في الدنيا خطرا من لم يجعل للدنيا عنده خطرا (1) ، وأعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه ، وأشجع الناس من غلب هواه ، وأكثر الناس قيمة أكثرهم علما ، وأقل الناس قيمة أقلهم علما ، وأقل الناس لذة الحسود ، وأقل الناس راحة البخيل ، وأبخل الناس من بخل بما افترض اللّه عزوجل عليه ، وأولى الناس بالحق أعلمهم به ، وأقل الناس حرمة الفاسق (2) وأقل الناس وفاء المملوك (3) ، وأقل الناس صديقا الملك ، وأفقر الناس الطامع ، وأغنى الناس من لم يكن للحرص أسيرا ، وأفضل الناس إيمانا أحسنهم خلفا ، وأكرم الناس أتقاهم ، وأعظم الناس قدرا من ترك مالا يعنيه ، وأورع الناس من ترك المراء وإن كان محقا ، وأقل الناس مروءة من كان كاذبا ، وأشقى الناس الملوك ، وأمقت الناس المتكبر وأشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب ، وأحكم الناس من فر من جهال الناس (4) ، وأسعد الناس من خالط كرام الناس ، وأعقل الناس أشدهم مدارأة للناس ، وأولى الناس بالتهمة من جالس أهل التهمة ، وأعتى الناس من قتل غير قاتله (5) أو ضرب

ص: 395


1- الخطر - محركة : القدر والمنزلة.
2- ولهذا لا غيبة له وان كانت الغيبة في غير فسقه.
3- في بعض النسخ « الملوك ».
4- في بعض النسخ « أحلم الناس الخ » والمعنى أن أكثر الناس عقلا أو علما - على اختلاف النسخ - من فرض الجهال والمراد من الجهل الجهل الذي في مقابل العقل لا ما يقابل السلم ، أو المراد به الجهل المركب دون البسيط لأنه لا ينبغي على العالم ترك تعليم الجاهل إذا كان في مقام التعليم.
5- أي قتل من لا يريد قتله ، وهكذا المعنى في الجملة الآتية ، وقد تقدم.

غير ضاربه ، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة ، وأحق الناس بالذنب السفيه المغتاب (1) ، وأذل الناس من أهان الناس ، وأحزم الناس أكظمهم للغيظ ، وأصلح الناس أصلحهم للناس ، وخير الناس من انتفع به الناس ».

5844 - و « مر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (2) برجل يتكلم بفضول الكلام فوقف عليه ثم قال : يا هذا إنك تملى على حافظيك كتابا إلى ربك فتكلم بما يعنيك ودع ما لا يعنيك ».

5845 - وقال ( عليه السلام ) (3) : « لا يزال الرجل المسلم يكتب محسنا ما دام ساكتا فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا ».

5846 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « الصمت كنز وافر ، وزين الحليم ، وستر الجاهل ». (4)

5847 - وقال ( عليه السلام ) : « كلام في حق خير من سكوت على باطل » (5).

5848 - وروى إسماعيل بن مسلم ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : « قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : كانت الفقهاء والحكماء إذا كاتب بعضهم بعضا كتبوا بثلاث ليس معهن رابعة : من كانت الآخرة همه كفاه اللّه همه من الدنيا ومن أصلح سريرته أصلح اللّه علانيته ، ومن أصلح فيما بينه وبين اللّه أصلح اللّه فيما بينه وبين الناس » (6).

5849 - وقال رسول ( صلى اللّه عليه وآله ) : « طوبى لمن طال عمره ، وحسن عمله ، فحسن

ص: 396


1- أي الذي يسفه في الحضور ويغتاب في الغيبة. ( م ت )
2- رواه المصنف في الأمالي المجلس التاسع مسندا عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن الأول عليه السلام.
3- رواه الكليني ج 2 ص 116 يسند مرسل عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- رواه المؤلف والمفيد في الاختصاص 232 عن داود الرقي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- وقد يكون السكوت حراما والكلام واجبا ، ففي النهج « لا خير في الصمت عن الحكم ، كما أنه لا خير في القول بالجهل ».
6- رواه المصنف في الخصال ص 129 طبع مكتبة الصدوق.

منقلبه إذ رضى عنه ربه ، وويل لمن طال عمره ، وساء عمله ، فساء منقلبه إذا سخط عليه ربه عزوجل » (1).

5850 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ( عليهما السلام ) قال : « أوحى اللّه عزوجل إلى رسوله ( صلى اللّه عليه وآله ) أني شكرت لجعفر ابن أبي طالب أربع خصال فدعاه النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) فأخبره ، فقال لولا أن اللّه تبارك وتعالى أخبرك ما أخبرتك ، ما شربت خمرا قط لأني علمت أنى إن شربتها زال عقلي ، وما كذبت قط لان الكذب ينقص المروءة ، وما زنيت قط لأني خفت أني إذا عملت عمل بي ، وما عبدت صنما قط لأني علمت أنه لا يضر ولا ينفع ، قال : فضرب النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) يده على عاتقه وقال : حق على اللّه عزوجل أن يجعل لك جناحين تطير بهما مع الملائكة في الجنة ».

5851 - وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) (2) قال اللّه جل جلاله : « عبادي كلكم ضال إلا من هديته (3) ، وكلكم فقير إلا من أغنيته (4) وكلكم مذنب إلا من عصمته ».

5852 - وفي رواية السكوني قال : قال على ( عليه السلام ) : « مامن يوم يمر على ابن آدم إلا قال له ذلك اليوم : أنا يوم جديد ، وأنا عليك شهيد ، فقل في خيرا ، واعمل في خيرا ، أشهد لك به يوم القيامة ، فإنك لن تراني بعد هذا أبدا ».

ص: 397


1- رواه المصنف في الحسن كالصحيح عن عبد اللّه بن فضل الهاشمي من حديث الصادق عن آبائه عليهم السلام. وروى أبو نعيم صدره في الحلية عن عبد اللّه بن بسر عن النبي (صلی اللّه عليه وآله).
2- رواه المصنف في الأمالي المجلس الثاني والعشرين عن علقمة بن محمد الحضرمي عن الصادق عليه السلام عن آبائه عن النبي صلوات اللّه عليهم.
3- بالهدايات الخاصة أو الأعم بحيث يشمل هدايات الأنبياء والأوصياء عليهم السلام والأول أظهر ، والظاهر أن تحصل بالعامة كما قال تعالى « والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ». ( م ت )
4- أي بالغنا المعنوي والظاهري والباطني. ( م ت )

5853 - وفى رواية مسعدة بن صدقة (1) قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : « للمؤمن على المؤمن سبعة حقوق واجبة من اللّه عزوجل عليه (2) : الا جلال له في عينه ، والود له في صدره ، والمواساة له في ماله ، وأن يحرم غيبته (3) وأن يعوده في مرضه ، وأن يشيع جنازته ، وأن لا يقول فيه بعد موته إلا خيرا ».

5854 - وروى ابن أبي عمير ، عن أبي زياد النهدي ، عن عبد اللّه بن وهب (4) عن الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال : « حسب المؤمن من اللّه نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي اللّه عزوجل ».

5855 - وروى ابن أبي عمير ، عن معاوية بن وهب (5) عن الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال : « اصبر على أعداء النعم فإنك لن تكافى من عصى اللّه فيك بأفضل من أن تطيع اللّه فيه » (6).

5856 - وروى المعلى بن محمد البصري ، عن أحمد بن محمد بن عبد اللّه ، عن عمر [ و ] ابن زياد ، عن مدرك بن عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال :

ص: 398


1- رواه المصنف في الخصال ص 351 عن أبيه ، عن الحميري ، عن هارون بن مسلم عنه عن جعفر بن محمد عليهما السلام بدون ذكر « قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله » وفي الأمالي المجلس التاسع مسندا عن مسعدة عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
2- زاد في الخصال « واللّه سائله عما صنع فيها » والمراد بالوجوب اللزوم.
3- زاد في الخصال هنا « وأن يحب له ما يحب لنفسه » والظاهر زيادتها من النساخ لأنه تصير الحقوق ثمانية مع أنه قال « سبعة ».
4- رواه في الأمالي المجلس الثامن والخمسين وفيه عن أبي زياد النهدي عن عبد اللّه ابن بكير عن الصادق عليه السلام.
5- رواه الكليني ج 2 ص 110 بسند حسن كالصحيح عن معاوية بن وهب ، عن معاذ ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في الأمالي للمصنف فالظاهر سقوطه من قلم النساخ.
6- أريد بأعداء النعم الحساد ، وبالعصيان الحسد وما يترتب عليه ، وبالطاعة الصبر وكظم الغيظ.

« إذا كان يوم القيامة جمع اللّه عزوجل الناس في صعيد واحد ووضعت الموازين فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء » (1).

5857 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن القاسم ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عن علي ( عليهم السلام ) قال : « كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإن موسى بن عمران ( عليه السلام ) خرج يقتبس لأهله نارا فكلمه اللّه عزوجل فرجع نبيا ، وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان ( عليه السلام ) ، وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين » (2).

5858 - وروى عبد اللّه بن عباس عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) أنه قال « أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل (3).

5859 - و « نزل جبرئيل ( عليه السلام ) (4) على النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) فقال له : يا جبرئيل عظني فقال له : يا محمد عش شئت فإنك ميت ، واحبب من شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه ، شرف المؤمن صلاته بالليل ، وعزه كف الأذى عن الناس ».

5860 - وروى الحسن بن موسى الخشاب ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق ابن عمار عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه ( عليهم السلام ) » أن عليا ( عليه السلام ) كان يقول : ما من

ص: 399


1- رواه في الأمالي المجلس الثاني والثلاثين مسندا عن المعلى.
2- رواه الأمالي المجلس الثالث والثلاثين مسندا عن ابن أبي عمير.
3- رواه الطبراني في الكبير ، وعبد الرزاق في الجامع عن ابن عباس كما في الجامع الصغير. والمراد بحملة القرآن حفاظه العاملون بمقتضاه ويمكن أن يكون المراد الأئمة عليهم السلام لكونهم حفاظه وحملة معانيه ، والأول أظهر. والمراد بأصحاب الليل الذين يحيونه بالتهجد وتلاوة الكتاب والذكر والاستغفار.
4- رواه في الأمالي المجلس الحادي والأربعين بسند عامي عن سهل بن سهل قال : « جاء جبرئيل إلى النبي (صلی اللّه عليه وآله) فقال : يا محمد عش ما شئت - الخ ».

أحد ابتلى وإن عظمت بلواه بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء (1).

5861 - وروى علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد (2) ، عن الحارث بن محمد ابن النعمان الأحول صاحب الطاق ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبد اللّه الصادق عن آبائه ( عليهما السلام ) قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : من أحب أن يكون أكرم الناس فليتق اللّه ، ومن أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على اللّه تعالى ، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما عند اللّه عزوجل أوثق منه بما في يده ، ثم قال ( عليه السلام ) : ألا أنبئكم بشر الناس ، قالوا : بلى يا رسول اللّه ، قال : من أبغض الناس وأبغضه الناس ثم قال : ألا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه ، قال : الذي لا يقيل عثرة ، ولا يقبل معذرة ، ولا يغفر ذنبا ، ثم قال : ألا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه ، قال : من لا يؤمن شره ، ولا يرجى خيره ، إن عيسى بن مريم عليه السلام قام في بني إسرائيل فقال : يا بني إسرائيل لا تحدثوا بالحكمة الجهال فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم ، ولا تعينوا الظالم على ظلمه فيبطل فضلكم ، الأمور ثلاثة : أمر تبين لك رشده فاتبعه ، وأمر تبين لك غيه فاجتنبه ، وأمر اختلف فيه فرده إلى اللّه عزوجل ».

5862 - وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن الحسن بن الجهم ، عن الفضيل بن يسار قال : قال الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) : « ما ضعف بدن عما قويت عليه النية ».

5863 - وروى ابن فضال ، عن غالب بن عثمان ، عن شعيب العقرقوفي عن الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال « من ملك نفسه إذا رغب ، وإذا رهب ، وإذا اشتهى وإذا غضب ، وإذا رضى حرم اللّه جسده على النار ».

5864 - و « سئل الصادق ( عليه السلام ) عن الزاهد في الدنيا قال : الذي يترك حلالها

ص: 400


1- رواه في الأمالي المجلس الخامس والأربعين ، ويدل على أنه كما يلزم لرفع البلاء في المرض كذلك يلزم لدفع المرض في الصحة والدفع أسهل. ( م ت )
2- في الأمالي « عن علي بن عبد اللّه الوراق ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه ، عن الحسين بن سعيد عن الحارث - الخ ».

مخافة حسابه ، ويترك حرامها مخافة عذابه » (1).

5865 - وروى محمد بن سنان ، عن عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « إن أحق الناس بأن يتمنى للناس الغنى البخلاء ، لان الناس إذا استغنوا كفوا عن أموالهم ، وإن أحق الناس بأن يتمنى للناس الصلاح أهل العيوب لان الناس إذا صلحوا كفوا عن تتبع عيوبهم ، وإن أحق الناس بأن يتمنى للناس الحلم أهل السفه الذين يحتاجون أن يعفى عن سفههم ، فأصبح أهل البخل يتمنون فقر الناس ، وأصبح أهل العيوب يتمنون معايب الناس ، وأصبح أهل السفه يتمنون سفه الناس ، وفي الفقر الحاجة إلى البخيل ، وفى الفساد طلب عورة أهل العيوب ، و في السفه المكافأة بالذنوب » (2).

5866 - وروى عن أبي هاشم الجعفري (3) أنه قال : « أصابتني ضيقة شديدة فصرت إلى أبى الحسن علي بن محمد ( عليهما السلام ) فاستأذنت عليه فأذن لي فلما جلست قال : يا أبا هاشم أي نعم اللّه عليك تريد أن تودي شكرها؟ قال أبو هاشم : فوجمت (4) فلم أدر ما أقول له ، فابتدأني ( عليه السلام ) فقال : أن اللّه عزوجل رزقك الايمان فحرم به بدنك على النار ، ورزقك العافية فأعانك على الطاعة ، ورزقك القنوع فصانك عن التبذل (5) ، يا أبا هاشم إنما ابتدأتك بهذا لأني ظننت أنك تريد أن تشكو لي من فعل بك هذا ، قد أمرت لك بمائه دينار فخذها ».

5867 - وروى محمد بن سنان ، عن طلحة بن زيد قال : سمعت أبا عبد اللّه الصادق عليه السلام يقول : « العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق فلا تزيده

ص: 401


1- رواه في العيون والأمالي عن المفسر الجرجاني ( صاحب تفسير العسكري ) عنه عليه السلام عن آبائه عن أبي عبد اللّه عليهم السلام ، وقيل رواه : الكليني في الحسن كالصحيح.
2- رواه في الأمالي المجلس الحادي والستين.
3- رواه في الأمالي المجلس الرابع والستين مسندا عنه.
4- أي سكت وأطرقت رأسي.
5- أي حفظك بالقناعة عن تبذل وجهك عند لئام الناس. ( م ت )

سرعة السير من الطريق إلا بعدا » (1).

5868 - وقال الصادق ( عليه السلام ) (2) : « النوم راحة للجسد ، والنطق راحة للروح والسكوت راحة للعقل » (3).

5869 - وروى محمدبن سنان ، عن المفضل بن عمرقال : قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام « من لم يكن له واعظ من قبله وزاجر من نفسه ، ولم يكن له قرين مرشد استمكن عدوه من عنقه » (4).

5870 - وروى جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي قال : حدثنا جعفر بن محمد بن سهل ، عن سعيد بن محمد ، عن مسعدة قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) « إن عيال الرجل اسراؤه ، فمن أنعم اللّه عليه نعمة فليوسع على اسرائه ، فإن لم يفعل أوشك أن تزول تلك النعمة ».

5871 - وروى صفوان بن يحيى ، عن أبي الصباح الكناني قال : قلت للصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) : « اخبرني عن هذا القول قول من هو؟ » أسأل اللّه الايمان والتقوى ، وأعوذ باللّه من شر عاقبة الأمور ، إن أشرف الحديث ذكر اللّه تعالى ، ورأس الحكمة طاعته ، وأصدق القول وأبلغ الموعظة وأحسن القصص كتاب اللّه ، وأوثق العرى الايمان باللّه ، وخير الملل ملة إبراهيم ( عليه السلام ) وأحسن السنن سنة الأنبياء وأحسن الهدى هدى محمد ، وخير الزاد التقوى ، وخير العلم ما نفع ، وخير الهدى ما اتبع ، وخير الغنى غنى النفس ، وخير ما ألقي في القلب اليقين ، وزينة الحديث الصدق ، وزينة العلم الاحسان ، وأشرف الموت قتل الشهادة ، وخير الأمور خيرها عاقبة ، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، والشقي من شقى في بطن أمه ، والسعيد من وعظ بغيره ، وأكيس الكيس التقى ، وأحمق الحمق الفجور ، وشر الروايا (5) روايا

ص: 402


1- رواه في الأمالي المجلس الخامس والستين مسندا عن محمد بن سنان.
2- رواه في الأمالي المجلس الثامن والستين مسندا عن سعدان بن مسلم عنه (عليه السلام).
3- أي السكوت عن فضول الكلام وعما لا يعني.
4- رواه في الأمالي المجلس الثامن والستين مسندا عن محمد بن سنان.
5- جمع روية وهي ما يروى الانسان في نفسه من قول أو فعل.

الكذب ، وشر الأمور محدثاتها (1) ، وشر العمى عمى القلب وشر الندامة ندامة يوم القيامة ، وأعظم المخطئين عند اللّه عزوجل لسان الكذاب ، وشر الكسب كسب الربا ، وشر المآكل أكل مال اليتيم ظلما ، وأحسن زينة الرجل السكينة مع الايمان ، ومن تتبع المشمعة يشمع اللّه به (2) ، ومن يعرف البلاء يصبر عليه (3) ، ومن لا يعرفه ينكره ، والريب كفر ، ومن يستكبر يضعه اللّه ، ومن يطع الشيطان يعص اللّه ، ومن يعص اللّه يعذبه اللّه ، ومن يشكره يزده اللّه ، ومن يصبر على الرزية يغيثه اللّه ، ومن يتوكل على اللّه فحسبه اللّه ، ومن يتوكل على اللّه يؤجره اللّه ، لا تسخطوا اللّه برضا أحد من خلقه ، ولا تتقربوا إلى أحد من الخلق بتباعد من اللّه ، فإن اللّه عزوجل ليس بينه وبين أحد من الخلق شئ فيعطيه به خيرا أو يصرف به عنه سوءا إلا بطاعته وابتغاء مرضاته ، إن طاعة اللّه تبارك وتعالى نجاح كل خير يبتغى ونجاة من كل شر يتقى ، وإن اللّه عزوجل يعصم من أطاعه ، ولا يعتصم منه من عصاه ، ولا يجد الهارب من اللّه مهربا فإن أمر اللّه تعالى ذكره نازل باذلاله ولو كره الخلائق ، وكلما هو ، آت قريب ، ما شاء اللّه كان ، وما لم يشأ لم يكن ، تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا اللّه إن اللّه شديد العقاب « فقال الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) : هذا قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) » (4).

5872 - وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) (5) : ( قال اللّه جل جلاله : أيما عبد أطاعني

ص: 403


1- أي البدع في الدين أو كل ما لم يكن في زمن النبي والأئمة عليهم السلام.
2- في النهاية في الحديث « من يتتبع المشمعة يشمع اللّه به » المشمعة المزاج والضحك ، أراد من استهزأ بالناس جازاه اللّه مجازاة فعله ، وقيل : أراد من كان من شأنه العبث والاستهزاء بالناس أصاره اللّه إلى حالة يعبث به ويستهزأ منه فيها.
3- المراد بمعرفة البلاء معرفة ما يترتب عليه من العوض ، أو معرفة أنه من اللّه تعالى ولا يريد سبحانه به الا الأصلح.
4- رواه في الأمالي بتمامه في المجلس الرابع والسبعين عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان.
5- رواه في الأمالي المجلس الرابع والسبعين عن ابن الوليد عن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن مروان بن مسلم عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام عنه (صلی اللّه عليه وآله).

لم أكله إلى غيري ، وأيما عبد عصاني وكلته إلى نفسه ثم لم أبال في أي واد هلك.

5873 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن عيسى الفراء ، عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « قال أبو جعفر الباقر ( عليه السلام ) : من كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه » (1).

5874 - وقال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله قال ) اللّه عزوجل : « إذا عصاني من خلقي من يعرفني سلطت عليه من خلقي من لا يعرفني » (2).

5875 - وروى ابن أبي عمير ، إسحاق بن عمار قال : قال الصادق ( عليه السلام ) : « يا إسحاق صانع المنافق بلسانك ، وأخلص ودك للمؤمن ، وإن جالسك يهودي فأحسن مجالسته ».

5876 - وروى المفضل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ( عليهما السلام ) قال : قيل للحسين بن علي ( عليهما السلام ) : كيف أصبحت يا ابن رسول اللّه؟ قال : أصبحت ولى رب فوقى ، والنار أمامي ، والموت يطلبني ، والحساب محدق بي ، وأنا مرتهن بعملي ، لا أجد ما أحب ولا أدفع ما أكره ، والأمور بيد غيري ، فإن شاء عذبني ، وإن شاء عفا عنى ، فأي فقير أفقر منى » (3).

5877 - وروى المفضل عن الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : « وقع بين سلمان فارسي رحمة اللّه عليه وبين رجل خصومة فقال الرجل لسلمان : من أنت؟ وما أنت؟ فقال سلمان : أما أولي وأولك فنطفة قذرة ، وأما آخري وآخرك فجيفة منتنة فإذا كان يوم القيامة ونصبت الموازين فمن ثقلت موازينه فهو الكريم ، ومن خفت موازينه فهو اللئيم »

ص: 404


1- رواه في الأمالي المجلس الرابع والسبعين في الصحيح عن ابن أبي عمير.
2- رواه المصنف في الأمالي المجلس الأربعين مسندا عن زيد بن علي عن أبيه عليه السلام والكليني في الموثق كالصحيح عن عباد بن صهيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- رواه المصنف في الأمالي المجلس التاسع والثمانين مسندا عن المفضل.

5878 - قال المفضل : وسمعت الصادق ( عليه السلام ) علينا عظيمة إن دعوناهم لم يجيبونا ، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا » (1).

5879 - وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (2) « جمع الخير كله في ثلاث خصال : النظر والسكوت والكلام ، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو (3) وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو ، وكل سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة (4) ، فطوبى لمن كان نظره عبرا ، وسكوته فكرا ، وكلامه ذكرا ، وبكى على خطيئته ، وأمن الناس شره ».

5880 - وقال الصادق ( عليه السلام ) (5) : « أوحى اللّه عزوجل إلى آدم ( عليه السلام ) يا آدم إني أجمع (6) لك الخير كله في أربع كلمات : واحدة لي ، وواحد لك ، وواحدة فيما بيني وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين الناس ، فأما التي لي : فتعبدني ولا تشرك بي شيئا ، وأما التي لك : فأجازيك بعملك أحوج ما تكون إليه (7) وأما التي فيما بيني وبينك : فعليك الدعاء وعلى الإجابة ، وأما التي بينك وبين الناس : فترضى للناس

ص: 405


1- مروى في الأمالي المجلس التاسع والثمانين مسندا عن المفضل.
2- رواه في الأمالي المجلس الثامن عن أبيه ، عن الحميري عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام عنه عليه السلام. وفي الخصال ص 98 بسند آخر صحيح أيضا عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه.
3- كذا في جميع النسخ وفي الخصال أيضا ويخطر بالبال أنه كان في الأصل « فهو لهو » فصحف.
4- في الأمالي والخصال هذه الجملة مقدمة على الجملة السابقة وهو الصواب بالنظر إلى أول الخبر وآخره.
5- رواه المصنف في الخصال ص 243 مسندا عن يعقو ب بن شعيب ، والكليني ج 2 ص 146.
6- في الخصال والكافي « اني سأجمع ».
7- « أحوج » ظرف زمان مضاف إلى « ما » المصدرية ، ونسبة الاحتياج إلى الكون على المجاز ، و « تكون » تامة ، و « إليه » متعلق بالأحوج وضميره راجع إلى الجزاء الذي في ضمن « أجازيك » وفي بعض النسخ والخصال والكافي « أجزيك ».

ما ترضى لنفسك ».

5881 - وقال الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) (1) : « العافية نعمة خفية إذا وجدت نسيت وإذا فقدت ذكرت ».

5882 - وروى السكوني عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال :  « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : كلمتا غريبتان فاحتملوهما : كلمة حكمة من سفيه فاقبلوها وكلمه سفه من حكيم فاغفروها ». (2)

5883 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي جعفر محمد ابن علي الباقر ، عن أبيه ، عن جده ( عليهم السلام ) أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال في خطبة خطبها بعد موت النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) (3) : « أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الاسلام ولا كرم أعز من التقوى ، ولا معقل أحرز من الورع ، ولا شفيع أنجح من التوبة ، ولا كنز أنفع من العلم ، ولا عز أرفع من الحلم ، ولا حسب أبلغ من الأدب (4) ، ولا نصب أوضع من الغضب ، ولا جمال أزين من العقل ، ولا سوأة أسوأ من الكذب ، ولا حافظ أحفظ من الصمت ، ولا لباس أجمل من العافية ، ولا غائب أقرب من الموت ، أيها الناس إنه من مشى على وجه الأرض فإنه يصير إلى بطنها ، والليل والنهار مسرعان في هدم الاعمار ، ولكل ذي رمق قوت ، ولكل حبة آكل ، وأنت قوت الموت وإن من عرف الأيام لن يغفل عن الاستعداد ، لن ينجو من الموت غنى بماله ولا فقير لاقلاله (5)

ص: 406


1- رواه في الأمالي المجلس الأربعين بسند عامي عن محمد بن حرب الهلالي أمير المدينة عنه عليه السلام.
2- رواه في الخصال ص 34 عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني.
3- رواها الكليني في روضة الكافي ص 18 والمصنف في الأمالي بتمامها وهي معروفة بخطبة الوسيلة.
4- في نسخة « أرفع » مكان « أبلغ ».
5- بأن يرحم إذ لا يلتفت إليه من حيث أن ليس له وقع ومنزلة بل وجوده كعدمه.

أيها الناس من خاف ربه كف ظلمه ، ومن لم يرع في كلامه أظهر هجره (1) ، ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهم ، ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقه غدا ، هيهات وما تناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب ، فما أقرب الراحة من التعب والبؤس من النعيم (2) ، وما شر بشر بعده الجنة ، وما خير بخير بعده النار ، وكل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية ».

5884 - وفي رواية إسماعيل بن مسلم قال (3) : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : ثلاث أخافهن على أمتي من بعدي : الضلالة بعد الهدى ، ومضلات الفتن وشهوة البطن والفرج ».

5885 - و « مر رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) بقوم يتشاءلون حجرا (4) فقال : ما هذا ، وما يدعوكم إليه؟ قالوا : لنعرف أشدنا وأقوانا ، قال : أفلا أدلكم على أشدكم وأقواكم قالوا : بلى يا رسول اللّه ، قال : أشدكم وأقواكم الذي إذا رضى لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل ، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق ، وإذا ملك لم يتعاط ما ليس له » (5). وفي خبر آخر : « وإذا قدر لم يتعاط ما ليس له بحق ».

5886 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال (6) : سألت أبا عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق ( عليهما السلام ) عن قول اللّه عزوجل : « وبالوالدين إحسانا »

ص: 407


1- الهجر - بالضم - : الاسم من الاهجار وهو الافحاش في المنطق ، والخنا ( الصحاح ).
2- أي ما أقرب راحة الدنيا من تعب الآخرة ، وما أقرب شدة الدنيا من نعم الآخرة. ( مراد )
3- يعنى الصادق عليه السلام لان كلما رواه السكوني فهو من حديث أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- رواه المصنف في الأمالي المجلس السادس مسندا عن غياث بن إبراهيم عن جعفر ابن محمد عن آبائه عليهم السلام وفيه « يربعون » مكان « يتشائلون » أي يرفعونها على التناوب ويربعون بهذا المعنى أيضا وأصل يتشائلون يتشاولون وقلبت الواو همزة لوقوعها بعد الألف.
5- التعاطي : التناول والاخذ ، وفي الأمالي « إذا قدر لم يتعاط ما ليس له بحق » أي لم يأخذ ما ليس له.
6- رواه الكليني أيضا في الصحيح ج 2 ص 157.

ما هذا الاحسان؟ فقال : الاحسان أن تحسن صحبتهما وأن لا تكلفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجون إليه ، وإن كانا مستغنيين ، إن اللّه عزوجل يقول : « لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون » (1) ثم قال ( عليه السلام ) : « إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف » إن أضجراك « ولا تنهرهما » (2) إن ضرباك « وقل لهما قولا كريما » والقول الكريم أن تقول لهما : غفر اللّه لكما فذاك منك قول كريم  « واخفض لهما جناح الذل من الرحمة » وهو أن لا تملأ عينيك من النظر إليهما وتنظر إليهما برحمة ورأفة ، وأن لا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تتقدم قدامهما.

5887 - وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن عائذ الأحمسي ، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال زين العابدين علي بن الحسين ( عليهما السلام ) : « ألا إن أحبكم إلى اللّه عزوجل أحسنكم عملا ، وإن أعظمكم عند اللّه خطا أعظمكم فيما عند اللّه رغبة ، وإن أنجى الناس من عذاب أشد هم لله خشية ، وإن أقربكم من اللّه أوسعكم خلقا ، وإن أرضاكم عند اللّه أسبغكم على عياله ، وإن أكرمكم عند اللّه أتقاكم ».

5888 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) أنه قال لبعض ولده : « يا بنى إياك أن يراك اللّه عزوجل في معصية نهاك عنها ، وإياك أن يفقدك اللّه تعالى عند طاعة أمرك بها ، وعليك بالجد ولا تخرجن نفسك من التقصير في عبادة اللّه ، فإن اللّه عزوجل لا يعبد حق عبادته ، وإياك والمزاح (3) فإنه يذهب بنور إيمانك ويستخف بمروءتك ، وإياك والكسل

ص: 408


1- ظاهر الخبر أن المراد بالبر في الآية بر الوالدين ، ويمكن أن يكون المراد أعم منه ويكون ايرادها لشمولها له بعمومها ، وعلى التقديرين الاستشهاد اما لأصل البر أو لان الآية شاملة للانفاق قبل السؤال وحال الغنى لعدم التقييد فيها بالفقر والسؤال. ( المرآة )
2- أي لا تزجرهما باغلاظ وصياح وسوء خطاب أورد.
3- المزاج - بضم الميم - : الهزل والمداعبة والمراد كثرته فإنه القليل منه ربما عد من حسن الخلق.

والضجر فإنهما يمنعانك حظك من الدنيا والآخرة ».

5889 - وروى علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال : « الدنيا طالبة ومطلوبة ، فمن طلب الدنيا طلبه الموت حتى يخرجه منها (1) ، ومن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى توفيه رزقه ».

5890 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « حسب المؤمن من اللّه نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي اللّه عزوجل » (2).

5891 - وقال نبي اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) (3) : « بادروا إلى رياض الجنة ، قالوا : يا رسول اللّه وما رياض الجنة؟ قال : حلق الذكر » (4).

5892 - وروى محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن آدم ، عن أبيه عن أبي الحسن الرضا ، عن آبائه ، عن علي ( عليهم السلام ) قال : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) لعلى ( عليه السلام ) : يا علي لاتشاورن جبابا فإنه يضيق عليك المخرج ، ولا تشاورن بخيلا فإنه يقصر بك عن غايتك ، ولا تشاورن حريصا فإنه يزين لك شرها ، واعلم أن الجبن والبخل والحرص غريزة يجمعها سوء الظن ».

ص: 409


1- من طلب الدنيا لم يصل إليها غالبا ولو وصل إلى بعضها فلا يرضى بها ويشتغل بتحصيل غيرها ويأتيه الموت ولم يصل إلى مراده ، ولو وصل فتركها والخروج منها أشد و الحسرة أعظم. ( م ت )
2- تقدم تحت رقم 5851 عن عبد اللّه بن وهب عنه عليه السلام.
3- رواه في الأمالي المجلس الثامن والخمسين مسندا عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
4- أي المجامع التي يطلب فيها العلوم الدينية فان الحلق التي وصلت إلينا من طريق الأصحاب إلى النبي والأئمة عليهم السلام هي هذه المجامع أو التي يوعظ فيها ، وأما التي اشتهرت من الاجتماع للذكر الجلي فلم يصل إلينا عنهم عليهم السلام ، وهذه بطريق العامة أشبه كما روى الكليني في القوى عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : من ذكر اللّه في السر فقد ذكر اللّه كثيرا ، ان المنافقين كانوا يذكرون اللّه علانية ولا يذكرونه في السر فقال اللّه عزوجل « يراؤن الناس ولا يذكرون اللّه الا قليلا ». ( م ت )

5893 - وروى الحسن بن محبوب ، عن الهيثم بن واقد قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) يقول : « من أخرجه اللّه عزوجل من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه اللّه بلا مال ، وأعزه بلا عشيرة ، وآنسه بلا أنيس ، ومن خاف اللّه عزوجل أخاف اللّه منه كل شئ ، ومن لم يخف اللّه عزوجل أخافه اللّه من كل شئ ، ومن رضى من اللّه عزوجل باليسير من الرزق رضى اللّه منه باليسير من العمل ، ومن لم يستح من طلب المعاش خفت مؤونته ونعم أهله ، ومن زهد في الدنيا أثبت اللّه الحكمة في قبله ، وأنطق بها لسانه وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها ، وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار السلام ».

5894 - وروى أبو حمزة الثمالي (1) ، قال : قال لي أبو جعفر ( عليه السلام ) : « لما حضرت أبى ( عليه السلام ) الوفاة ضمني إلى صدره ثم قال : يا بنى اصبر على الحق وإن كان مرا يوف إليك أجرك بغير حساب ».

5895 - وروى ابن مسكان ، عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال : قال الصادق جعفر ابن محمد ( عليهما السلام ) لرجل : « أجعل قلبك قرينا تزاوله (2) ، واجعل علمك والدا تتبعه ، واجعل نفسك عدوا تجاهده ، واجعل مالك كعارية تردها ».

5896 - وقال ( عليه السلام ) : « جاهد هواك كما تجاهد عدوك ».

5897 - وروى الحسن بن راشد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : « أتى رجل رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) فقال : علمني يا رسول اللّه شيئا فقال ( عليه السلام ) : عليك باليأس مما في أيدي الناس فإنه الغنى الحاضر ، قال : زدني يا رسول اللّه ، قال : إياك والطمع فإنه الفقر الحاضر ، قال : زدني يا رسول اللّه ، قال : إذا هممت بأمر فتدبر

ص: 410


1- رواه الكليني ج 2 ص 91 مسندا عن عيسى بن بشير عن أبي حمزة ، وصدره هكذا قال : « قال أبو جعفر عليه السلام : لما حضرت أبي علي بن الحسين عليهما السلام حين حضرته الوفاة ضمني إلى صدره وقال : يا بنى أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة وبما ذكر أن أباه أوصاه به » وهكذا رواه المصنف في الأمالي المجلس الرابع والثلاثين مسندا عن عيسى بشير عن أبي حمزة. وبشر بشيرا أحدهما تصحيف الاخر.
2- أي مصاحبا تعاشره أو تشاوره.

عاقبته فإن يك خيرا أو رشدا اتبعته وإن يك شرا أو غيا تركته ».

5898 - وروى الحسين بن يزيد عن علي بن غراب قال : قال الصادق جعفر ابن محمد ( عليهما السلام ) : « من خلا بذنب فراقب اللّه تعالى ذكره فيه (1) واستحيى من الحفظة غفر اللّه عزوجل له جميع ذنوبه وإن كانت مثل ذنوب الثقلين ».

5899 - وروى العباس بن بكار الضبي قال : حدثنا محمد بن سليمان الكوفي البزاز قال : حدثنا عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) قال : من مات يوم الخميس (2) بعد زوال الشمس إلى يوم الجمعة وقت الزوال وكان مؤمنا أعاذه اللّه عزوجل من ضغطة القبر ، وقبل شفاعته في مثل ربيعة ومضر ، ومن مات يوم السبت من المؤمنين لم يجمع اللّه عزوجل بينه وبين اليهود في النار أبدا ، ومن مات يوم الأحد من المؤمنين لم يجمع اللّه عزوجل بينه وبين النصارى في النار أبدا ومن مات يوم الاثنين من المؤمنين لم يجمع اللّه عزوجل بينه وبين أعدائنا من بنى أمية في النار أبدا ، ومن مات يوم الثلاثاء من المؤمنين حشره اللّه عزوجل معنا في الرفيق الاعلى ، ومن مات يوم الأربعاء من المؤمنين وقاه اللّه نحس يوم القيامة وأسعده بمجاورته وأحله دار المقامة من فضله لا يمسه فيها نصب لا يمسه فيها لغوب ، ثم قال ( عليه السلام ) : المؤمن على أي الحالات مات في أي يوم وساعة قبض فهو صديق شهيد ولقد سمعت حبيبي رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) يقول : لوان المؤمن خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الأرض لكان الموت كفارة لتلك الذنوب ، ثم قال ( عليه السلام ) : من قال :

ص: 411


1- أي علم أن اللّه سبحانه مطلع عليه فتركه ولم يفعل.
2- عمرو بن خالد راوي الخبر عامي بتر ولم يوثقه أحد من علمائنا الامامية ، نعم نقل عن ابن فضال توثيقه ولكن ابن فضال فطحي وإن كان موثقا ولا يقبل قوله في أمثال هذه الأمور وعنونه العامة في رجالهم وقالوا : عمرو بن خالد متروك كذاب منكر الحديث ، وأن صح الخبر فمعناه من مات صحيح الاعتقاد صحيح العمل من المؤمنين وهم الذين يعتقدون أن الولاية كانت حق على أمير المؤمنين عليه السلام وأولاده المعصومين عليهم السلام لا غيرهم.

لا إله إلا اللّه باخلاص فهو برئ من الشرك ، ومن خرج من الدنيا لا يشرك باللّه شيئا دخل الجنة ، ثم تلا هذه الآية « إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء » من شيعتك ومحبيك يا علي ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : فقلت : يا رسول اللّه هذا لشيعتي؟ قال : إي وربى إنه لشيعتك وإنهم ليخرجون يوم القيامة من قبورهم وهم يقولون لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه ، علي بن أبي طالب حجه اللّه فيؤتون بحلل خضر من الجنة وأكاليل من الجنة وتيجان من الجنة ونجايب من الجنة ، فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء ويوضع على رأسه تاج الملك وإكليل الكرامة ثم يركبون النجايب فتطير بهم إلى الجنة « لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ».

5900 - و « سئل الصادق ( عليه السلام ) ما حد حسن الخلق؟ قال : تلين جانبك ، و تطيب كلامك ، وتلقى أخاك ببشر حسن ».

5901 - و « سئل ( عليه السلام ) ما حد السخاء؟ قال : تخرج من مالك الحق الذي أوجبه اللّه عزوجل عليك فتضعه في موضعه » (1).

5902 - وروى يعقوب بن يزيد ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن الحسين بن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) يقول : « أنفق وأيقن بالخلف ، واعلم أنه من لم ينفق في طاعة اللّه ابتلى بأن ينفق في معصية اللّه عزوجل (2) ومن لم يمش في حاجة ولي اللّه ابتلى بأن يمشى في حاجه عدو اللّه عزوجل ».

5903 - وروى أحمد بن إسحاق بن سعد ، عن عبد اللّه بن ميمون عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : « قال الفضل بن العباس : أهدي إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) بغلة أهداها له كسرى أو قيصر فركبها النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) بجل من شعر وأردفني خلفه ، ثم قال لي : يا غلام احفظ اللّه يحفظك (3) واحفظ اللّه تجده أمامك

ص: 412


1- رواه الكليني ج 4 ص 39 عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن بعض أصحابنا.
2- لان اللّه تعالى يقول « وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه ».
3- أي أذكر اللّه سبحانه ولا تنسه يحفظك ويصنك عن المكاره ، وقال في الوافي أريد بحفظ اللّه رعاية أوامره ونواهيه وتذكر المعرفة بكونه تعالى رقيبا عليه ، وبحفظ اللّه إياه اعانته له عند أوامره ونواهيه بالتوفيق والتسديد.

تعرف إلى اللّه عزوجل في الرخاء يعرفك في الشدة (1) ، إذا سألت فاسأل اللّه ، وإذا استعنت فاستعن باللّه عزوجل ، فقد مضى القلم بما هو كائن (2) فلو جهد الناس أن ينفعوك بأمر لم يكتبه اللّه لك لم يقدروا عليه ، ولو جهدوا أن يضروك بأمرهم لم يكتبه اللّه عليك لم يقدروا عليه ، فإن استطعت أن تعمل بالصبر مع اليقين فافعل ، فإن لم تستطع فاصبر (3) ، فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وإن مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا ».

5904 - وروى محمد بن علي الكوفي (4) ، عن إسماعيل بن مهران ، عن مرازم عن جابر بن يزيد ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : إذا وقع الولد في بطن أمه صار وجهه قبل ظهر أمه إن كان ذكرا ، وإن كانت أنثى صار وجهها قبل بطن أمها ، ويداه على وجنتيه ، وذقنه على ركبتيه كهيئة الحزين المهموم ، فهو كالمصرور منوط بمعاء من سرته إلى سرامه فبتلك السرة يغتذى من طعام أمه وشرابها إلى الوقت المقدر لولادته ، فيبعث اللّه عزوجل إليه ملكا فيكتب على جبهته شقى أو سعيد ، مؤمن أو كافر ، غنى أو فقير ، ويكتب أجله ورزقه وسقمه وصحته ، فإذا انقطع الرزق المقدر له من سرة أمه زجره الملك

ص: 413


1- أريد بتعرفة إلى اللّه سبحانه ذكره إياه ومسألته كرة بعد أولى ، وبمعرفة اللّه إياه استجابته له أو معاملته معه معاملة العارف به المعارف له. ( الوافي )
2- أي أن الامر كله بيد اللّه سبحانه ليس لغيره تبديل ولا تغيير فيه والدعاء والاستعانة من جملة ما قدره وحكم به.
3- المراد بالصبر هنا الاصطبار كما يظهر من الجملة الآتية.
4- هو أبو سمينة الصيرفي قال العلامة والنجاشي ضعيف جدا ، فاسد الاعتقاد لا يعتمد في شئ ، وكان ورد قم - وقد اشتهر بالكذب بالكوفة - ونزل على أحمد بن محمد بن عيسى مدة يسيرة ثم شهر بالغلو فخفي وأخرجه أحمد من قم.

زجرة فانقلب فزعا من الزجرة وصار رأسه قبل المخرج ، فإذا وقع على الأرض دفع إلى هول عظيم وعذاب أليم ، إن أصابته ريح أو مسته يد وجد لذلك من الألم ما يجد المسلوخ عند جلده ، يجوع فلا يقدر على الاستطعام ، ويعطش فلا يقدر على الاستسقاء ، ويتوجع فلا يقدر على الاستغاثة ، فيوكل اللّه تبارك وتعالى برحمته والشفقة عليه والمحبة له أمه فتقيه الحر والبرد بنفسها ، وتكاد تفديه بروحها ، وتصير من العطف عليه بحال لا تبالي أن تجوع إذا شبع ، وتعطش إذا روى ، وتعرى إذا كسى ، وجعل اللّه تعالى ذكره رزقه في ثديي أمه في إحديهما شرابه وفي الأخرى طعامه حتى إذا رضع آتاه اللّه عزوجل كل يوم بما قدر له فيه من رزق ، فإذا أدرك فهمه الأهل والمال والشره والحرص ، ثم هو مع ذلك يعرض للآفات (1) والعاهات والبليات من كل وجه ، والملائكة تهديه وترشده ، والشياطين تضله وتغويه ، فهو هالك إلا أن ينجيه اللّه عزوجل ، وقد ذكر اللّه تعال ذكره نسبة الانسان في محكم كتابه فقال عزوجل : « ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة. فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لماثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك اللّه أحسن الخالقين. ثم إنكم بعد ذلك لميتون.ثم إنكم يوم القيامة تبعثون».

قال جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقلت : يا رسول اللّه هذه حالنا فكيف حالك وحال الأوصياء بعدك في الولادة؟ فسكت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) مليا ، ثم قال : يا جابر لقد سألت عن أمر جسيم لا يحتمله إلا ذو حظ عظيم ، إن الأنبياء والأوصياء مخلوقون من نوع عظمة اللّه جل ثناؤه (2) يودع اللّه أنوارهم أصلابا طيبة ، وأرحاما طاهرة ،

ص: 414


1- في بعض النسخ « تتعرضه الآفات ».
2- روى الكليني ج 2 ص 2 عن القمي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ابن عبد اللّه ، عن رجل عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : « ان اللّه عزوجل خلق النبيين من طينة عليين قلوبهم وأبدانهم وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة وجعل أبدان المؤمنين من دون ذلك - الحديث » وروى الصفار في البصائر مسندا عن محمد بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : « ان اللّه خلقنا من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش فأسكن ذلك النور فيه فكنا نحن خلقا و بشرا نورانيين لم يجعل لاحد في مثل الذي خلقنا منه نصيب- الحديث» و بمعناهما أخبار أخر، و قال الراغب الأصفهانيّ في تفصيل النشأتين الباب الرابع عشر في بيان الشجرة النبويّة و فضلها على جوهر سائر البرية: اقتضت الحكمة أن تكون الشجرة النبويّة صنفا و نوعا واحدا واقعا بين الإنسان و بين الملك و مشاركا لكل واحد منهما على وجه، فانهم كالملائكة في اطلاعهم على ملكوت السماوات و الأرض و كالبشر في أحوال المطعم و المشرب، و مثله في كونه واقعا بين نوعين مثل المرجان فانه حجر يشبه الاحجار بتشذب أغصانه و كالنخل فانه شجر شبيه بالحيوان في كونه محتاجا الى التلقيح و بطلانه إذا قطع رأسه، و جعل اللّه النبوّة في ولد إبراهيم و من قبله في نوح كما نبه عليه بقوله «وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِيمَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ» و قال «ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ» فهم عليهم السلام و ان كانوا من حيث الصورة كالبشر فهم من حيث الأرواح كالملك قد أيدوا بقوة روحانية و خصوا بها كما قال اللّه تعالى في عيسى عليه السلام «وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» و قال في محمّد صلّى اللّه عليه و آله «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ» و تخصيصهم بهذا الروح ليمكنهم أن يقبلوا من الملائكة لما بينهم من المناسبة بتلك الأرواح و يلقون الى الناس لما بينهم من المناسبة البشرية لذلك قال سبحانه «وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَ لَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ» تنبيها على أن ليس في قوة عامة البشر الذين لم يخصوا بذلك الروح أن يقبلوا الا من البشر، و لما عمى الكفّار عن ادراك هذه المنزلة و عما للأنبياء من الفضيلة أنكروا نبوة الأنبياء فالأنبياء صلوات اللّه عليهم بالإضافة الى سائر الناس كالانسان بالإضافة الى الحيوانات و كالقلب بالإضافة الى سائر الجوارح- الى آخر ما قاله- رحمه اللّه- فراجع.

يحفظها بملائكته ، ويربيها بحكمته ، ويغذوها بعلمه ، فأمرهم يجل عن أن يوصف وأحوالهم تدق عن أن تعلم ، لأنهم نجوم اللّه في أرضه ، وأعلامه في بريته ، وخلفاؤه على عباده ، وأنواره في بلاده ، وحججه عل خلفه ، يا جابر : هذا من مكنون العلم ومحزونه فاكتمه إلا من أهله.

5905 - وروى المفضل بن عمر ، عن ثابت الثمالي ، عن حبابة الوالبية رضي اللّه عنها قال : سمعت مولاي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول : « إنا أهل بيت لا

ص: 415

نشرب المسكر ، ولا نأكل الجري ، ولا نمسح على الخفين (1) ، فمن كان من شيعتنا فليقتد بنا وليستن بسنتنا ».

5906 - وروى حماد بن عثمان ، عن الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال : « في حكمة آل داود : ينبغي للعاقل أن يكون مقبلا على شأنه ، حافظا للسانه (2) ، عارفا بأهل زمانه ».

5907 - وروى صفوان بن يحيى ، ومحمد بن أبي عمير ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة عن الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال : « الصنيعة (3) لا تكون صنيعة إلا عند ذي حسب أو دين ، الصلاة قربان كل تقى (4) ، الحج جهاد كل ضعيف ، لكل شئ زكاة وزكاة الجسد الصيام ، جهاد المرأة حسن التبعل ، استنزلوا الرزق بالصدقة ، من أيقن بالخلف جاد بالعطية ، إن اللّه تبارك وتعالى ينزل المعونة على قدر المؤنة ، حصنوا أموالكم بالزكاة ، التقدير نصف العيش ، ما عال امرء (5) اقتصد قلة العيال أحد اليسارين ، الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر ، التودد نصف العقل (6) الهم نصف الهرم ، إن اللّه تبارك وتعالى ينزل الصبر على قدر المصيبة ، من ضرب يده على فخذه عند [ ال ] مصيبة حبط أجره ، من أحزن والديه فقد عقهما ».

5908 - وقال الصادق ( عليه السلام ) : « إن اللّه تبارك وتعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ».

5909 - وروى عن أبي جميلة المفضل بن صالح ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ

ص: 416


1- أي ولو في حال التقية لمخالفته لصريح القرآن وامكان غسل الرجل وهو مقدم.
2- أي متوجها إلى عيوب نفسه ، أو متوجها إلى ما يحتاج إليه في نفسه ودينه.
3- الصنيعة الاحسان والانفاق.
4- أي هي سبب القرب للمتقين.
5- أي ما افتقر من اقتصد في معيشته ، أو لم يفتقر من كان كذلك.
6- التودد : المحبة والمودة فمع المؤمنين ظاهرا وباطنا ومع غيرهم بالمداراة والتقية.

ابن نباتة ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : « هبط جبرئيل على آدم عليه السلام فقال : يا آدم إني أمرت أن أخيرك واحدة من ثلاث فاختر واحدة ودع اثنتين ، فقال له : وما تلك الثلاث؟ قال : العقل والحياء والدين ، فقال آدم ( عليه السلام ) : فإني قد اخترت العقل ، فقال جبرئيل ( عليه السلام ) للحياء والدين : انصرفا ودعاه ، فقالا : يا جبرئيل إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان ، قال : فشأنكما وعرج » (1).

5910 - وروى أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن إسماعيل ، عن عبد اللّه بن الوليد ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال : « أربع يذهبن ضياعا. مودة تمنح من لا وفاء له ، ومعروف يوضع عند من لا يشكره ، وعلم يعلم من لا يستمع له ، وسر يودع من لا حضانة له ».

5911 - وقال الصادق ( عليه السلام ) (2) : « إن لله تبارك وتعالى بقاعا تسمى المنتقمة فإذا أعطى اللّه عبدا ما لا لم يخرج حق اللّه عزوجل منه سلط اللّه عليه بقعة من تلك البقاع فأتلف ذلك المال فيها ، ثم مات وتركها ، »

5912 - وقال الصادق ( عليه السلام ) « من لم يبال ما قال وما قيل فيه فهو شرك شيطان ومن لم يبال أن يراه الناس مسيئا فهو شرك شيطان ، ومن اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة بينهما (3) فهو شرك شيطان ، ومن لم يشغف بمحبة الحرام وشهوة الزنا فهو شرك شيطان ثم قال ( عليه السلام ) : لولد الزنا علامات ، أحدها : بغضنا أهل البيت ، وثانيها : أنه يحن إلى الحرام الذي خلق منه ، وثالثها : الاستخفاف بالدين ، ورابعها : سوء المحضر للناس ، ولا يسئ محضر إخوانه إلا من ولد على غير فراش أبيه ، أو من حملت به

ص: 417


1- الشأن : الامر والحال أي الزما شأتكما ، ويحتمل أن يكون إشارة تمثيلية وأن اللّه خلق صورة مناسبة لكل واحد منها وبعثها مع جبرئيل عليه السلام ( المرآة ) أقول : رواه المؤلف في الأمالي المجلس السادس والتسعين.
2- رواه المصنف في الأمالي المجلس التاسع مسندا عن أبي الحسين علي بن المعلى الأسدي عنه عليه السلام.
3- ترة - كعدة - أي عداوة.

أمه في حيضها ».

5913 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « من رضى من الدنيا بما يجزيه كان أيسر الذي فيها يكفيه ، ومن لم يرض من الدنيا بما يجزيه لم يكن شئ فيها يكفيه ».

5914 - وروى إسحاق بن عمار عن الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : « تنزل المعونة من السماء على قدر المؤونة ».

5915 - وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن ميسر قال : قال الصادق جعفر ابن محمد ( عليهما السلام ) : « إن فيما نزل به الوحي من السماء : لوان لابن آدم واديين يسيلان ذهبا وفضة لابتغى إليهما ثالثا ، يا ابن آدم : إنما بطنك بحر من البحور وواد من الأودية لا يملأه شئ الا التراب ».

5916 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « سباب المؤمن فسوق ، وقتاله كفر ، وأكل لحمه من معصية اللّه تعالى ، وحرمة ماله كحرمة دمه » (1).

5917 - وروى أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي قال : حدثنا علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا ( عليهما السلام ) قال : للامام علامات يكون أعلم الناس ، وأحكم الناس ، وأتقى الناس ، وأحلم الناس ، وأشجع الناس وأسخى الناس ، وأعبد الناس ، ويولد مختونا ، ويكون مطهرا ، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه ، ولا يكون له ظل (2) وإذا وقع على الأرض من بطن أمه وقع على راحتيه رافعا صوته بالشهادتين ، ولا يحتلم ، وتنام عينه ولا ينام قلبه ، ويكون محدثا ويستوى عليه درع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) ، ولا يرى له بول ولا غائط ، لان اللّه عزوجل قد وكل الأرض بابتلاع ما يخرج منه وتكون لرائحته أطيب من رائحة المسك ، ويكون أولى بالناس منهم بأنفسهم ، وأشفق عليهم من آبائهم وأمهاتهم ، ويكون أشد الناس تواضعا لله جل ذكره ، ويكون آخذ الناس بما يأمر به وأكف

ص: 418


1- رواه الكليني ج 2 ص 359 في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام عنه (صلی اللّه عليه وآله).
2- كأنه مخصوص بما إذا كان عاريا في الشمس ولم ير في تلك الحال والا لتواتر نقل ذلك.

الناس عما ينهى عنه ، ويكون دعاؤه مستجابا حتى أنه لو دعا على صخرة لانشقت بنصفين ، ويكون عنده سلاح رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله ) ، وسيفه ذو الفقار ، ويكون عنده صحيفة يكون فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة ، وصحيفة فيها أسماء أعدائه إلى يوم القيامة وتكون عنده الجامعة وهي صحيفة طولها سبعون ذراعا فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم ، ويكون عنده الجفر الأكبر والأصغر : إهاب ما عز وإهاب كبش ، فيهما جميع العلوم حتى أرش الخدش وحتى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة ، ويكون عنده مصحف فاطمة ( عليها السلام ).

5918 - وروى لنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري رضي اللّه عنه قال : حدثنا علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان قال : سمعت الرضا ( عليه السلام ) يقول : « لما حمل رأس الحسين ( عليه السلام ) إلى الشام أمر يزيد لعنه اللّه فوضع ونصب عليه مائدة ، فأقبل هو وأصحابه يأكلون ويشربون الفقاع فلما فرغوا أمر بالرأس فوضع في طست تحت سريره وبسط عليه رقعة الشطرنج وجلس يزيد لعنه اللّه يلعب بالشطرنج ويذكر الحسين بن علي وأباه وجده ( عليهم السلام ) ويستهزئ بذكرهم ، فمتى قامر صاحبه تناول الفقاع فشربه ثلاث مرات ثم صب فضلته على ما يلي الطست من الأرض فمن كان من شيعتنا فليتورع عن شرب الفقاع واللعب بالشطرنج ، ومن نظر إلى الفقاع أو إلى الشطرنج فليذكر الحسين ( عليه السلام ) وليلعن يزيد وآل زياد ، يمحو اللّه عزوجل بذلك ذنوبه ولو كانت بعدد النجوم ».

5919 - وقال الرضا ( عليه السلام ) : « من أصبح معافى في بدنه ، مخلا في سربه ، (1) عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا ».

5920 - وقال ( عليه السلام ) : « جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها ».

5921 - وروى سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في بعض خطبه : « أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه عنى فان الفراق قريب ، أنا

ص: 419


1- أي لم يكن أسيرا في أيدي الظالمين أو محبوسا ، والسرب - بالفتح - الطريق.

إمام البرية ، ووصى خير الخليقة ، وزوج سيدة نساء الأمة ، وأبو العترة الطاهرة والأئمة الهادية ، أنا أخو رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) وصيه ووليه ووزيره وصاحبه وصفيه ، وحبيبه وخليله ، أنا أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وسيد الوصيين ، حربي حرب اللّه ، وسلمى سلم اللّه ، وطاعتي طاعة اللّه ، وولايتي ولاية اللّه ، وشيعتي أولياء اللّه ، وأنصاري أنصار اللّه ، والذي خلقني ولم أك شيئا لقد علم المستحفظون من أصحاب محمد ( صلى اللّه عليه وآله ) ان الناكثين والقاسطين والمارقين ملعونون على لسان النبي الأمي وقد خاب من افترى ».

5922 - وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) : اللّهم ارحم خلفائي ، قيل : يا رسول اللّه ومن خلفاؤك؟ قال : الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي » (1).

5923 - وروى المعلى بن محمد البصري ، عن جعفر بن سلمة ، عن عبد اللّه بن الحكم عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) : « إن عليا وصيي وخليفتي وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي ، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ولداي ، من والاهم فقد والاني ، ومن عاداهم فقد عاداني ، ومن ناوأهم فقد ناوأني (2) ، ومن جفاهم فقد جفاني ، ومن برهم فقد برني ، وصل اللّه من وصلهم ، وقطع اللّه من قطعهم ، ونصر اللّه من أعانهم ، وخذل من خذلهم ، اللّهم من كان له من أنبيائك ورسلك ثقل وأهل بيت فعلى وفاطمة والحسن والحسين أهل بيتي وثقلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا [ يا رب العالمين ] ».

ثم كتاب من لا يحضره الفقيه تأليف الشيخ العالم السعيد المؤيد أبى جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الفقيه رضي اللّه عنه وأرضاه.

ص: 420


1- رواه المصنف في الأمالي والعيون بطرق عديدة.
2- المناوأة : المنازعة والمفاخرة والمعاداة. تمت بحول اللّه و قوته تعاليقنا على أصل كتاب من لا يحضره الفقيه يوم الخميس من شهر صفر المظفر من شهور سنة 1394 القمرى و هو يوم النيروز من سنة 1353 الشمسى و الحمد للّه أولا و آخرا، و له الشكر ظاهرا و باطنا. على أكبر الغفارى.

المشيخة

ص: 421

بسم اللّه الرحمن الرحيم

يقول محمد بن علي بن الحسين موسى بن بابويه القمي مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه تعالى :

كل ما كان في هذا الكتاب عن عمار بن موسى الساباطي (1) فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنهما عن سعيد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن الحسن علي بن فضال ، عن عمرو بن سعيد المدائني ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى الساباطي (2).

وكل ما كان في هذا الكتاب عن علي بن جعفر (3) فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن العمركي بن علي البوفكي (4) ، عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ( عليهما السلام ).

ورويته عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، وسعد بن عبد اللّه جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى ، والفضل بن عامر ، عن

ص: 422


1- عمار بن موسى الساباطي وأخواه قيس وصباح من رواة أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام وكانوا ثقات في الرواية ، وكان عمار فطحيا حكم بذلك الكشي ورواه عن العياشي ، وقطع به الشيخ ونقله عن جماعة من المحدثين ويؤيدهم ما في الكافي باب ما يفضل به بين دعوى المحق والمبطل تحت رقم 7 فراجع ، وله كتاب كبير جيد معتمد.
2- أحمد وشيخه عمرو ومصدق بن صدقة كلهم من الفطحية وموثقون.
3- يعنى علي بن الإمام جعفر الصادق عليه السلام وهو ثقة ، جليل القدر ، له كتاب.
4- هو شيخ من أصحابنا الإمامية ثقة ، كان من أهل بوفك قرية من قرى نيشابور ، وله كتاب ، وقيل كتب.

موسى بن القاسم البجلي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) وكذلك جميع كتاب علي بن جعفر ( عليه السلام ) فقد رويته بهذا الاسناد (1).

وما كان فيه عن إسحاق بن عمار (2) فقد رويته عن أبي - رضي اللّه عنه - عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن علي بن إسماعيل ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار (3) وما كان فيه عن يعقوب بن عثيم (4) فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن يعقوب بن عثيم.

ورويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن يعقوب بن عثيم (5).

ص: 423


1- جميع رجال الطريقين ثقات عدا الفضل ، ولا يضر لكونه معطوفا على ثقة.
2- إسحاق بن عمار هذا هو إسحاق بن عمار بن حيان الصيرفي التغلبي الامامي الثقة ، لا إسحاق بن عمار بن موسى الساباطي الفطحي الموثق والتحقيق في رجال السيد بحر العلوم المعروف بالفوائد الرجالية ج 1 ص 315 ، وقد نص المؤلف رحمه اللّه في ذيل عنوان يونس ابن عمار بن الفيض الصيرفي التغلبي في المشيخة أنه أخو إسحاق بن عمار هذا ، وهذا يؤيد ما قلنا ، والنسبة إلى الفيض نسبة إلى الجد ظاهرا ، وبالجملة له أصل معتمد.
3- رجال الطريق كلهم ثقات كما في الخلاصة ، وعلي بن إسماعيل - قد يقال له : علي بن السندي - وهو من أصحاب الرضا عليه السلام.
4- يعقوب بن عثيم غير مذكور في كتب الرجال ، وروى المؤلف خبرا عنه ج 1 باب المياه تحت رقم 30 و 32 ، وكذا الكليني والشيخ باسنادهما عنه في منزوحات البئر ، وقال العلامة المجلسي وأبوه - رحمهما اللّه - بحسن حاله لوجود طريق الصدوق إليه ، أقول : هذا كلامهما - قدس سرهما - في كل من عنونة الصدوق وليس ذكر في الكتب الرجالية ، والحق أن اثبات ممدوحية الراوي وحسن حاله بصرف العنوان وذكر الطريق ولو مع ضميمة قول المصنف في أول الكتاب باعتبار أخباره مشكل وسيأتي الكلام في ذلك في عنوان إسماعيل ابن عيسى إن شاء اللّه تعالى.
5- الطريق الأول حسن كالصحيح ، والطريق الثاني صحيح.

وما كان فيه عن جابر بن يزيد الجعفي (1) فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي (2).

وما كان فيه عن محمد بن مسلم الثقفي (3) فقد رويته عن علي بن أحمد بن عبد اللّه ابن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه (4) ، عن جده أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه محمد بن خالد ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم.

وما كان فيه عن كردويه الهمداني (5) فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن كردويه الهمداني.

وما كان فيه عن سعد بن عبد اللّه فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه بن أبي خلف (6).

وما كان فيه عن هشام بن سالم فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن بن أحمد

ص: 424


1- جابر بن يزيد تابعي لقى الصادقين أبا جعفر وأبا عبد اللّه عليهما السلام وله أصل ، مات سنة 128 ، وثقة ابن الغضائري وقال : جل من روى عنه ضعيف.
2- الطريق ضعيف بعمرو بن شمر.
3- محمد بن مسلم بن رباح من أصحاب الصادقين وأبي الحسن عليهم السلام وكان من أوثق الناس وأفقه الأولين وقد أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، كما قال العلامة في الخلاصة ، له كتاب يسمى الأربعمائة.
4- علي بن أحمد بن عبد اللّه البرقي وأبوه وجده عبد اللّه غير مذكورين.
5- قال في المنهاج : كردويه الهمداني غير مذكور في كتب الرجال وحكى عن بعض المشايخ أن كردين وكردويه اسمان لمسمع بن عبد الملك وقيد الهمداني ربما ينافي ذلك.
6- الطريق صحيح كما في الخلاصة ، وسعد بن عبد اللّه الأشعري القمي ثقة جليل القدر ، واسع الاخبار.

ابن الوليد رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، وعبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا عن يعقوب بن يزيد ، والحسن بن ظريف ، وأيوب بن نوح عن النضر بن ، سويد عن هشام بن سالم ، ورويته عن أبي - رضي اللّه عنه - عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه عن محمد بن أبي عمير ، وعلي بن الحكم جميعا عن هشام بن سالم الجواليقي (1).

وما كان فيه عن عمر بن يزيد (2) ، فقد رويته عن أبي - رضي اللّه عنه - عن محمد ابن يحيى العطار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن عمير ، وصفوان بن يحيى عن عمر بن يزيد ، وقد رويته أيضا عن أبي - رضي اللّه عنه - عن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن محمد بن عبد الحميد ، عن محمد بن عمر بن يزيد ، عن الحسين بن عمر بن يزيد ، عن أبيه عمر بن يزيد ، ورويته أيضا عن أبي رحمه اللّه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن عباس ، عن عمر بن يزيد (3).

وما كان فيه عن زرارة بن أعين فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن عبد اللّه ابن جعفر الحميري ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، والحسن بن ظريف ، وعلي بن إسماعيل بن عيسى كلهم عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد اللّه عن زرارة بن أعين (4).

وكذلك ما كان فيه عن حريز بن عبد اللّه فقد رويته بهذا الاسناد ، وكذلك ما

ص: 425


1- الطريق الأول صحيح ، والثاني حسن كالصحيح. وهشام بن سالم ثقة من أصحاب أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام وله كتاب.
2- عمر بن يزيد بياع السابري كوفي مولى ثقيف ، ثقة له كتاب وكان من أصحاب أبي الحسن الأول عليه السلام.
3- الطريق الأول صحيح وكذا الثالث ، وأما الثاني فقوي أو حسن بمحمد بن عمر بن يزيد.
4- الطريق صحيح عند الجميع ، وزرارة بن أعين من أصحاب الاجماع وكان قارئا ، فقيها ، متكلما ، شاعرا ، أديبا قد أجمعت فيه خلال الفضل والدين ، وله تصنيفات.

كان فيه عن حماد بن عيسى (1).

وكل ما كان فيه جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) فسألوه عن مسائل وكان فيما سألوه أخبرنا يا محمد لأي علة توضأ هذه الجوارح الأربع؟ وما أشبه ذلك من مسائلهم فقد رويته عن علي بن أحمد بن عبد اللّه البرقي رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن جده أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي عن عبد اللّه بن جبله ، عن معاوية بن عمار ، عن الحسن بن عبد اللّه ، عن آبائه من جده الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) (2).

وما كان فيه عن زيد الشحام فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن أبي جميلة ، عن زيد الشحام أبي أسامة (3).

وكل ما كان فيه عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه البصري فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير و غيره ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه (4).

وما كان فيه عن إسماعيل بن جابر فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن محمد بن محمد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسماعيل بن جابر (5).

ص: 426


1- حريز بن عبد اللّه السجستاني أبو محمد الأزدي مولى ، ثقة كوفي سكن سجستان وكان ممن شهر السيف في قتال الخوارج بسجستان وكان تاجرا يتجر الزيت والسمن من الكوفة إلى سجستان ، قتله الشراة ، وله كتب منها كتاب الصلاة الذي كان يحفظه حماد بن عيسى الجهني البصري الثقة الذي مات غرقا بوادي قناة ( في الجحفة ) في طريق مكة سنة 209 أو 208 بعد ما حج البيت خمسين مرة.
2- في الطريق جماعة غير مذكورين ( جامع الرواة ).
3- الطريق ضعيف بأبي جميلة مفضل بن صالح ، وزيد الشحام ثقة له كتاب.
4- هو ثقة عند العلامة ، وله كتاب ، والطريق إليه صحيح.
5- الظاهر أنه إسماعيل بن جابر الخثعمي الكوفي - كما قال المحقق التستري في قاموس الرجال ج 2 ص19 - وهو ثقة ممدوح له أصول معتمدة رواها صفوان ، والطريق إليه صحيح عند العلامة ، والاختلاف في محمد بن عيسى بن عبيد.

وما كان فيه عن سماعة بن مهران فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه - عن علي ابن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى العامري ، عن سماعة بن مهران (1).

وما كان فيه عن زرعة ، عن سماعة فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة بن محمد الحضرمي ، عن سماعة بن مهران (2).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن أبي يعفور فقد رويته عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد اللّه بن أبي يعفور (3).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن بكير فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن عبد اللّه ابن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عبد اللّه بن بكير (4).

وما كان فيه عن محمد بن علي الحلبي فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن ، ومحمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد اللّه بن مسكان ، عن محمد بن علي الحلبي (5).

ص: 427


1- سماعة بن مهران واقفي موثق له كتاب ، والطريق إليه حسن عند العلامة والاختلاف في عثمان بن عيسى لكونه شيخ الواقفة ولم يوثق.
2- زرعة بن محمد أبو محمد الحضرمي واقفي موثق له أصل ، والطريق إليه صحيح.
3- عبد اللّه بن أبي يعفور ثقة جليل له كتاب ، والطريق إليه صحيح.
4- عبد اللّه بن بكير فطحي المذهب موثق له كتاب ، والطريق إليه موثق أو قوي كما في الخلاصة بالحسن بن علي بن فضال وهو ثقة عند النجاشي والعلامة أيضا وإن كان فطحيا.
5- محمد بن علي بن أبي شعبة الحلبي وجه أصحابنا وفقيههم والثقة الذي لا يطعن عليه ، له كتب منها كتاب مبوب في الحلال والحرام ، والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن حكم بن حكيم ابن أخي خلاد فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حكم بن حكيم (1).

وما كان فيه عن إبراهيم بن أبي محمود فقد رويته ، عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه عن إبراهيم بن أبي محمود. ورويته عن أبي رضي اللّه عنه عن الحسن بن أحمد المالكي ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن أبي محمود. ورويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، ومحمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن إبراهيم بن أبي محمود (2).

وما كان فيه عن حنان بن سدير (3) فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، وعبد اللّه بن جعفر الحميري جمعا عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن حنان. ورويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن عبد الصمد بن محمد ، عن حنان. ورويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن حنان بن سدير (4).

وما كان فيه عن محمد بن النعمان فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، والحسن بن

ص: 428


1- حكم بن حكيم الصيرفي ثقة من أصحاب الرضا عليه السلام ، له كتاب ، و الطريق إليه صحيح.
2- إبراهيم بن أبي محمود الخراساني ثقة من أصحاب الرضا عليه السلام وقد يروى عن أبي الحسن الأول وأبي جعفر الجواد عليهما السلام وله كتاب ، والطريق الأول حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم ، والثالث صحيح ، أما الثاني فالحسن بن أحمد المالكي مجهول وكذا أبوه.
3- حنان - كأمان - وقفي ثقة ، له كتاب ، وأبوه ، سدير - كأمير - بالسين والدال المهملتين وآخره راء مهملة - : واقفي ثقة.
4- الطريق الأول صحيح عند العلامة ، وأما الثاني ففيه عبد الصمد بن محمد القمي الأشعري وكان من أصحابنا ممدوح ، والطريق الثالث حسن كالصحيح.

محبوب جميعا عن محمد بن النعمان (1).

وما كان فيه عن أبي الأعز النخاس فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن صفوان بن يحيى ، ومحمد بن أبي عمير ، عن أبي الأعز النخاس (2).

وما كان فيه مما كتبه الرضا ( عليه السلام ) إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله في العلل فقد رويته عن علي بن أحمد بن موسى الدقاق ، ومحمد بن أحمد السناني والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب رضي اللّه عنهم قالوا : حدثنا محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن علي بن العباس قال : حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف ، عن محمد بن سنان عن الرضا عليه السلام (3).

وما كان فيه عن عبيد اللّه بن علي الحلبي فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا عن أحمد وعبد اللّه ابني محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبيد اللّه بن علي الحلبي

ص: 429


1- محمد بن علي بن النعمان الصيرفي ينسب إلى جده ، ويلقب مؤمن الطاق وكان ثقة ، متكلما ، حاذقا من أصحاب أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام له كتب ، والطريق إليه حسن كالصحيح.
2- لم يتبين لنا اسمه ولا حاله ، ورواية صفوان وابن أبي عمير عنه تفيد نوع اعتماد عليه لكونهما من أصحاب الاجماع وكما تقدم في المجلد الأول ص 70 أن طريق الصدوق إليه حسن ، وطريق الكليني إليه صحيح ، وله كتاب كان معتمد الصدوقين ، ولعل الصواب أبو الأغر  - بالغين المعجمة والراء المهملة المشددة - لعدم كون الأعز في الأسماء على ما رأيت ، و كذا النخاس والصواب النحاس - بالحاء المهملة - كما صححه في بعض النسخ.
3- محمد بن سنان أبو جعفر الزاهري من ولد زاهر مولى عمرو بن حمق الخزاعي ، صنف كتبا والمشهور أنه ضعيف وسيأتي الكلام فيه عند عنوانه في أواخر الكتاب ، والطريق هنا ضعيف بعلى بن العباس الرازي المرمى بالغلو ، والقاسم بن الربيع الصحاف الكوفي.

ورويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن ، وجعفر بن محمد بن مسرور رضي اللّه عنهم عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبد اللّه بن عامر ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن عبيد اللّه بن علي الحلبي (1).

وما كان فيه عن معاوية بن ميسرة فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية ابن ميسرة بن شريح القاضي (2).

وما كان فيه عن عبد الرحمن بن أبي نجران فقد رويته ، عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحصن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن ابن أبي نجران (3).

وما كان فيه عن محمد بن حمران ، وجميل بن دراج فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن حمران ،

ص: 430


1- عبيد اللّه بن علي بن أبي شعبة الحلبي مولى بني تيم اللّه بن ثعلبة أبو علي الكوفي ، كان يتجر هو وأبوه واخوته إلى حلب ، فغلب عليهم النسبة إلى حلب ، وآل أبي شعبة بيت مذكور في أصحابنا ، روى جدهم أبو شعبة عن السبطين عليهما السلام وكانوا جميعهم ثقات وكان عبيد اللّه كبيرهم ووجههم وصنف الكتاب المنسوب إليه وعرضه على أبي عبد اللّه عليه السلام وصححه واستحسنه وقال عند قراءته : « ليس لهؤلاء في الفقه مثله » وهو أول كتاب صنفه الشيعة ( الخلاصة ) والطريق الأول صحيح ، وفي الثاني الحسين بن محمد بن عامر ولم يذكر في كتب الرجال بهذا العنوان بل المذكور فيها : الحسين بن محمد بن عمران الأشعري القمي وهو الذي يروى كثيرا عن عمه عبد اللّه بن عامر بن عمران الأشعري فالطريق الثاني أيضا صحيح لكون الحسين ثقة عند النجاشي والعلامة وغيرهما وكذا عمه.
2- معاوية بن ميسرة من أصحاب الصادق عليه السلام وقال الوحيد البهبهاني : روى عنه فضالة في الصحيح وكذا عبد اللّه بن المغيرة وابن بكير وابن أبي عمير والبزنطي وصفوان وفيه شهادة على الوثاقة. أقول : له كتاب والطريق إليه صحيح ، ثم اعلم أنه غير معاوية بن شريح الذي يأتي عنوانه ظاهرا.
3- الطريق صحيح ، وعبد الرحمن بن أبي نجران التميمي من أصحاب أبي الحسن الرضا وأبى جعفر الجواد عليهما السلام وكان ثقة معتمدا على ما يرويه ، له كتب كثيرة.

وجميل بن دراج (1).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن سنان فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان ، وهو الذي ذكر عند الصادق عليه السلام فقال : أما إنه يزيد على السن خيرا (2).

وما كان فيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا عن أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي. ورويته عن أبي ، ومحمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنهما عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي (3).

وما كان فيه عن أبي بصير فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير

ص: 431


1- الطريق إليهما صحيح وهما ثقتان ولهما كتاب اشتركا فيه ، وجميل بن دراج أجل مكانا وله كتاب غير ما اشترك فيه محمد رواه عنه ابن أبي عمير أيضا.
2- أي كلما يمضى من سنة يزداد خيرا ، وكما يمكن ارجاع الضمير إلى عبد اللّه يمكن ارجاعه إلى أبيه ففي الكشي عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد اللّه بن سنان - وكان من ثقات أصحاب الصادق عليه السلام - عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : دخلت عليه وأنا مع أبي فقال : « يا عبد اللّه ألزم أباك فان أباك لا يزداد على الكبر الا خيرا ». وروى باسناده عن عمر بن يزيد قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول - وذكر عبد اللّه بن سنان - فقال : أما انه يزيد على كبر السن خيرا ». وبالجملة له كتب رواها ابن أبي عمير ومحمد بن علي الهمداني وعبد اللّه بن جبلة ، وكتاب رواه الحسن بن الحسين السكوني ، وطريق المصنف إليه صحيح.
3- أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي الكوفي كان من أصحاب أبي الحسن الرضا وأبي جعفر الجواد عليهما السلام وكان عظيم المنزلة عندهما وأطيق الكل على وثاقته وجلالته ، وكان من أصحاب الاجماع ، وله كتاب جامع ، وأما الطريق الأول فصحيح ، و الثاني فحسن كالصحيح.

عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير (1).

وما كان فيه عن عبيد اللّه الرافقي (2) فقد رويته عن جعفر بن محمد بن مسرور رضي اللّه عنه عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبد اللّه بن عامر ، عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي ، عن عبيد اللّه الرافقي (3).

وما كان فيه عن سعدان بن مسلم واسمه عبد الرحمن بن مسلم فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، وأحمد بن إسحاق بن سعد جميعا ، عن سعدان بن مسلم (4).

وما كان فيه عن الريان بن الصلت فقد رويته عن أبي ومحمد بن موسى بن المتوكل ومحمد بن علي ماجيلويه ، والحسين بن إبراهيم رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم

ص: 432


1- المراد بأبي بصير هنا يحيى بن القاسم الأسدي المكفوف المرمى بالوقف دون أبي بصير ليث المرادي كما توهم ، وذلك لكون راويه علي بن أبي حمزة البطائني الضعيف الذي كان من رؤساء الواقفة - وهو قائده حيث كان مكفوفا - ، وكان راوي ليث المرادي عبد اللّه بن مسكان غالبا ، وذكر المصنف طريقه إلى يحيى ولم يذكر إلى ليث واكتفى بذكر طريقه إلى ابن مسكان. ويظهر مما مر ضعف الطريق إلى يحيى الا أن ابن أبي عمير كان ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ان لم نقل بأن ذلك فيما يرسله دون ما يسنده ، وضعف العلامة طريق المصنف إلى أبي بصير ، ومراده يحيى بن القاسم الأسدي كما هو الظاهر وذلك لمكان علي بن أبي حمزة.
2- هذه النسبة إلى الرافقة وهي بلدة على الفرات يقال لها الرقة أيضا. وفي بعض النسخ « المرافقي » وعلى أي هو مجهول الحال غير مذكور في الرجال ، ويظهر من المصنف أن له كتابا معتمدا لما يروى عنه ابن أبي عمير محمد بن زياد الأزدي.
3- الطريق صحيح أو حسن كالصحيح لمكان جعفر بن محمد بن مسرور وهو من المشايخ.
4- عبد الرحمن بن مسلم الملقب بسعدان العامري من أصحاب أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام وعمر عمرا طويلا وله كتاب يرويه عنه الثقاة من أصحابنا ، والطريق إليه صحيح فأخباره حسن لا يقصر عن الصحيح لاعتماد الثقاة.

ابن هاشم ، عن أبيه ، عن الريان بن الصلت (1).

وما كان فيه عن الحسن بن الجهم فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن الحسن بن الجهم (2).

وما كان فيه عن عبد الرحيم القصير فقد رويته عن جعفر بن علي بن الحسن ابن علي بن عبد اللّه بن المغيرة الكوفي ، عن جده الحسن بن علي ، عن العباس بن عامر القصباني ، عن عبد الرحيم القصير الأسدي (3) وقيل له : الأسدي لأنه مولى بنى أسد.

وما كان فيه عن الحسين بن أبي العلاء فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد اللّه بن أبي القاسم ، عن الحسين بن أبي العلاء الخفاف مولى بنى أسد (4).

ص: 433


1- الريان - بفتح المهملة وتشديد الياء المثناة - كما في القاموس - وفتح الصاد و سكون اللام - البغدادي الأشعري القمي ، خراساني الأصل يكنى أبا علي من أصحاب أبي الحسن الرضا والجواد عليهما السلام وكان ثقة صدوقا ، له كتاب ، والطريق إليه حسن كالصحيح.
2- بفتح الجيم وسكون الهاء وهو ابن بكير بن أعين ، يكنى الحسن أبا محمد ، شيباني وقد ينسب إلى زرارة ويقال : الحسن بن الجهم الزراري ، كان من أصحاب أبي الحسن الرضا وأبيه الكاظم عليهما السلام ثقة وله كتاب ، والطريق إليه حسن كالصحيح.
3- عبد الرحيم بن روح - بفتح الراء - القصير الأسدي الكوفي ، عده الشيخ من أصحاب الصادقين عليهما السلام ، ويظهر من المصنف أن كتابه معتمد ، وحكم بمدحه المجلسي كما حكاه الوحيد (رحمه اللّه) عنه ، له مكاتبات مع الصادق عليه السلام جاء في بعض جواباتها ترحم الامام عليه ، والطريق إليه فيه جعفر بن علي وهو غير مذكور.
4- الحسين بن أبي العلاء الخفاف الأعور أبو علي الكوفي العامري مولاهم هو وأخواه علي وعبد الحميد كانوا من أصحاب الصادقين عليهما السلام والحسين أوجههم ( جش ) أقول إن كان أخوه عبد الحميد هو عبد الحميد بن أبي العلاء الأزدي الكوفي فهو ثقة عند النجاشي و العلامة فإذا كان الحسين أوجه منه فربما يفهم توثيقه. وله كتب وأما الطريق إليه ففيه موسى بن سعدان وهو ضعيف ، وعبد اللّه بن أبي القاسم ولا نعلم من المراد به.

وما كان فيه عن محمد بن الحسن الصفار - رحمه اللّه - فقد رويته عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار (1).

وما كان فيه عن علي بن بلال فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن علي بن بلال (2).

وما كان فيه عن يحيى بن عباد المكي فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن محمد بن أبي عبد اللّه الأسدي الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد ، عن يحيى بن عباد المكي (3).

وما كان فيه عن أبي النمير مولى الحارث بن المغيرة النصري فقد رويته عن حمزة بن محمد العلوي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن أبي النمير (4).

وما كان فيه عن منصور بن حازم فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن سيف ابن عميرة ، عن منصور بن حازم الأسدي الكوفي (5).

ص: 434


1- الطريق صحيح والصفار وابن الوليد - رحمهما اللّه - من المشايخ العظام.
2- علي بن بلال البغدادي من أصحاب أبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث عليهما السلام وكان ثقة ، وله كتاب. والطريق إليه حسن.
3- يحيى بن عباد أو عبادة المكي عدوه من أصحاب الصادق عليه السلام ولكنه مجهول الحال عاصر سفيان الثوري وله رواية في أحكام الأموات تقدمت في المجلد الأول تحت رقم 405 ، الطريق إليه ضعيف بالحسين بن يزيد لقول جمع من القميين انه غلا في آخر عمره ، وقال النجاشي : ما رأينا له رواية تدل على هذا.
4- أبو النمير غير معلوم الاسم والحال ، والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
5- منصور بن حازم كوفي ثقة يكنى أبا أيوب البجلي كان من أصحاب أبي عبد اللّه و أبي الحسن عليهما السلام وله كتب منها أصول الشرايع وكتاب الحج ، والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.

وما كان فيه عن المفضل بن عمر فقد رويته عن محمد بن الحسن رحمه اللّه عن الحسن بن متيل الدقاق ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر الجعفي الكوفي وهو مولى (1).

وما كان فيه عن أبي مريم الأنصاري فقد رويته عن أبي - رضي اللّه عنه - عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي مريم (2).

وما كان فيه عن أبان بن تغلب فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي أيوب ، عن أبي علي صاحب الكلل ، عن أبان بن تغلب (3) ، ويكنى أبا سعيد وهو كندي كوفي وتوفي في أيام الصادق عليه السلام فذكره جميل عنده فقال : « رحمه اللّه أما واللّه لقد أوجع قلبي موت أبان » ، وقال عليه السلام لابان بن عثمان : « إن أبان بن تغلب قد روى عني رواية كثيرة فما رواه لك عني فاروه عني ». ولقد لقي الباقر والصادق ( عليهما السلام ) وروى عنهما.

وما كان فيه عن الفضل بن عبد الملك فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حماد بن

ص: 435


1- المفضل بن عمر الجعفي ضعيف عند النجاشي والعلامة ، ثقة عند المفيد - رحمهم اللّه - له مصنفات ، والطريق إليه ضعيف على المشهور بمحمد بن سنان.
2- أبو مريم عبد العفار بن القاسم الكوفي ثقة من أصحاب السجاد والصادقين عليهم السلام ، له كتاب والطريق إليه قوي بأبان بن عثمان الأحمر لكونه ناووسيا مقبول الحديث ، وصحح العلامة الطريق في الخلاصة.
3- في الطريق أبو علي صاحب الكلل وهو مجهول الحال ولكن طريق المصنف إلى صفوان صحيح وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح ما يصح عنهم ، فعليه فلا يبعد القول بصحة الطريق ، وأما أبان بن تغلب فهو ثقة من الاجلاء وكان مقدما في الفقه والحديث والقراءة والأدب واللغة ، وله كتب منها تفسير غريب القرآن ، وكتاب الفضائل ، وله قراءة معروفة عند القراء.

عثمان ، عن الفضل بن عبد الملك المعروف بأبي العباس البقباق الكوفي (1).

وما كان فيه عن الحسن بن زياد فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن زياد الصيقل ، وهو كوفي مولى وكنيته أبو الوليد (2).

وما كان فيه عن الفضيل بن عثمان الأعور فقد رويته عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى بن عبيد عن صفوان بن يحيى ، عن فضيل بن عثمان الأعور المرادي الكوفي (3)

وما كان فيه عن صفوان بن مهران الجمال فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه - رضي اللّه عنه - عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه عن ابن أبي عمير ، عن صفوان بن مهران الجمال ورويته عن أبي - رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن موسى بن عمر ، عن عبد اللّه بن محمد الحجال ، عن صفوان بن مهران الجمال (4).

ص: 436


1- الفضل بن عبد الملك كوفي ثقة عين ، والطريق إليه صحيح ، وله كتاب كما في الخلاصة
2- الحسن بن زياد الصقيل يكنى أبا الوليد كوفي مجهول الحال ، وفي الطريق إليه علي بن الحسين السعد آبادي وهو معتبر ، غير مصرح له بالتوثيق.
3- الفضيل بن عثمان - ويقال له الفضل - الصايغ الأنباري ابن أخت علي بن ميمون ثقة ثقة له كتاب ، والطريق إليه صحيح عند العلامة وقوى عند غيره لمكان محمد بن عيسى.
4- صفوان بن مهران كوفي مولى بني كاهل ثقة وهو الذي قال له موسى بن جعفر عليهما السلام : يا صفوان كل شئ منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا ، قلت : أي شئ؟ قال : اكراؤك جمالك من هذا الرجل - يعنى هارون - قال : واللّه ما أكريته أشرا ولا بطرا ولا لصيد ولا للهو ولكني أكريته لهذا الطريق - يعنى طريق الحج - ولا أتولاه بنفسي ولكني أبعث معه غلماني ، فقال : يا صفوان أيقع كراؤك عليهم؟ قال : نعم ، قال أتحب بقاءهم حتى يخرج كراءك؟ قال : نعم ، قال عليه السلام : فمن أحب بقاءهم فهو منهم ، ومن كان منهم كان ورد النار ، قال : فذهب وبعت جمالي عن أخرها فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني فقال : يا صفوان بلغني انك بعت جمالك ، قال قلت : نعم ، فقال : لم؟ قلت أنا شيخ كبير والغلمان لا يفون بالاعمال ، فقال : هيهات أيهات انى لاعلم من أشار إليك بهذا ، أشار إليك بهذا موسى ابن جعفر ، قلت : مالي ولموسى ، قال : دع هذا عنك فواللّه لولا حسن صحبتك لقتلك ( الكشي ) وبالجملة له كتاب وصحح العلامة الطريق إليه وذلك نظرا إلى الطريق الأول لان في الثاني موسى بن عمر وهو موسى بن عمر بن يزيد الصقيل على التحقيق ولم يوثق صريحا.

وما كان فيه عن يحيى بن عبد اللّه فقد رويته عن أحمد بن الحسين القطان ، عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم ، عن عبد الرحمن بن جعفر الحريري عن يحيى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) (1).

وما كان فيه عن هشام بن الحكم فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي ابن الحكم ، ومحمد بن أبي عمير جميعا عن هشام بن الحكم ، وكنيته أبو محمد ، مولى بني شيبان ، بياع الكرابيس ، تحول من بغداد إلى الكوفة (2).

وما كان فيه عن جراح المدائني فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد ابن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني (3).

ص: 437


1- يحيى بن عبدا لله هذا لم يذكر فيما عندي من كتب الأنساب ، بل قال بعضهم : ان عبد اللّه لم يعقب ، وربما يخطر بالبال أنه في الأصل عيسى بن عبد اللّه بن عمر فصحف ولكنه بعيد لما سيأتي من المؤلف طريق آخر إلى عيسى. أما أحمد بن الحسين القطان فغير مذكور في الرجال ، وربما يوهم كونه عاميا لان المعهود من المؤلف أنه كان يردف مشايخه ان كانوا من أصحابنا بالرضيلة والرحملة ، وأيضا عبد الرحمن بن جعفر غير مذكور في كتب الرجال.
2- هشام بن الحكم من أرباب الأصول ثقة وردت فيه مدائح ، والطريق إليه صحيح.
3- جراح المدائني من أصحاب الصادقين عليهما السلام ولم يوثق صريحا ، وله كتاب وفي الطريق إليه القاسم بن سليمان وهو مهمل.

وما كان فيه عن حفص بن البختري فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، وعبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا عن يعقوب ابن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حفص بن البختري الكوفي (1).

وما كان فيه عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي (2) فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنهما عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي (3).

وما كان فيه عن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن أبي الجوزاء المنبه بن عبد اللّه عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) (4).

وما كان فيه عن أسماء بنت عميس في خبر رد الشمس على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حياة رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) فقد رويته عن أحمد بن الحسن القطان قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن صالح قال : حدثنا عمر بن خالد المخزومي قال : حدثنا أبو نباتة ، عن محمد بن موسى ، عن عمارة بن مهاجر ، عن أم جعفر وأم محمد (5) ابنتي محمد بن جعفر (6) عن أسماء

ص: 438


1- حفص البختري البغدادي كوفي الأصل وثقة النجاشي وغيره ، والطريق إليه صحيح.
2- أحمد بن أبي عبد اللّه محمد بن خالد البرقي ثقة وهو صاحب كتاب المحاسن وسيأتي عنوانه أيضا من المؤلف.
3- علي بن الحسين السعد آبادي لم يوثقه أحد ولكنه من مشايخ الإجازة فالظاهر اعتباره ، فالطريق معتبر أو صحيح كما في المنهج.
4- زيد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام يكنى أبا الحسين كان جليلا ورعا فقيها شهيدا ، والحسين بن علوان عامي ولم يوثق ، وعمرو بن خالد بتري وثقة ابن فضال وله كتاب كبير ، والأصحاب ضعفوا الطريق لمكان الحسين وعمرو.
5- في بعض النسخ « أم موسى ».
6- الظاهر أن رجال الطريقين هذا وما يأتي كلهم من رجال العامة وروى المؤلف  - رحمه اللّه - الخبر من طريقهم محتجا به عليهم والفضل ما شهدت به الأعداء ، وروى في العلل وغيره أخبارا أوضح سندا مما ذكر ههنا.

بنت عميس وهي جدتهما. ورويته عن أحمد بن محمد بن إسحاق قال : حدثني الحسين بن موسى النخاس قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا عبد اللّه بن موسى ، عن إبراهيم بن الحسن ، عن فاطمة بنت الحسين ، عن أسماء بنت عميس.

وما كان فيه عن جويرية بن مسهر في رد الشمس على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعد وفاة النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن عبد اللّه القروي ، عن الحسين بن المختار القلانسي ، عن أبي بصير ، عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري ، عن أم المقدام الثقفية ، عن جويرية بن مسهر (1).

وما كان فيه من حديث سليمان بن داود ( عليه السلام ) في معنى قول اللّه عزوجل « فطفق مسحا بالسوق والأعناق » فقد رويته عن علي بن أحمد بن موسى رضي اللّه عنه عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين ابن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) (2).

وما كان فيه عن سليمان بن خالد البجلي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد البجلي الأقطع الكوفي وكان خرج مع زيد بن علي ( عليهما السلام ) فأفلت (3).

وما كان فيه عن معمر بن يحيى فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن

ص: 439


1- جويرية بن مسهر العبدي من التابعين شهد مع أمير المؤمنين عليه السلام وهو عربي كوفي والطريق إليه فيه مجاهيل لكن الخبر مشهور كاشتهار الشمس.
2- علي بن سالم هو علي بن أبي حمزة البطائني الواقفي قائد أبي بصير المكفوف ، له أصل ، وتقدم حاله.
3- سليمان بن خالد البجلي أبو الربيع الهلالي مولاهم ، لم يخرج مع زيد من أصحاب أبي جعفر عليه السلام غيره وكان قارئا ، فقيها وجها ، مات في حياة الصادق عليه السلام فتوجع لموته ودعا لولده وأوصى بهم أصحابه ، وله كتاب ، والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.

عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن حماد بن عثمان ، عن معمر بن يحيى (1).

وما كان فيه عن عائذ الأحمسي فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين ابن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن جميل ، عن عائذ بن حبيب الأحمسي (2).

وما كان فيه عن مسعدة بن صدقة فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة الربعي (3).

وما كان فيه عن معاوية بن وهب فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي القاسم معاوية بن وهب البجلي الكوفي (4).

وما كان فيه عن مالك الجهني فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي ابن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكمنداني ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن ابن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبي محمد مالك بن أعين الجهني ، وهو عربي كوفي ، وليس هو من آل سنسن (5).

ص: 440


1- معمر - بالتخفيف - ابن يحيى عربي صميم عجلي كوفي ثقة وقد يقال معمر بالتشديد وهو عند العامة مقبول الرواية ، له كتاب ، والطريق إليه صحيح.
2- عائذ بن حبيب الأحمسي بياع الهروي معنون في التقريب لابن حجر وقال « عائذ ابن حبيب بن الملاح أبو أحمد الكوفي بياع الهروي صدوق رمى بالتشيع ». وذكره الشيخ في أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام بدون مدح ولا ذم. والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة ، ويحتمل غيره فحاله مجهول والطريق إليه صحيح ، ولما كان الطريق إلى فضالة وجميل صحيح وهما ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم فهو لا يقصر عن الصحيح.
3- مسعدة بن صدقة عامي بتري ولم يوثق ، له كتاب ، والطريق إليه صحيح
4- معاوية بن وهب عربي صميم ثقة حسن الطريق من رواه أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام ، وله كتب ، والطريق إليه صحيح.
5- مالك بن أعين الجهني من أصحاب الصادقين عليهما السلام ، وحكى عن حمدويه بن نصير قال سمعت فيروزان القمي يقول : ان المالك بن أعين الجهني هو ابن أعين وليس من أخوة زرارة وهو بصرى. أقول : والجهني - بضم الجيم وفتح الهاء وفي آخرها نون - نسبة إلى جهينة وهي قبيلة من قضاعة نزلوا الكوفة والبصرة. وعلي بن موسى في الطريق من مشايخ الكليني ذكره في العدة ، وعمرو بن أبي المقدام حسن فالطريق حسن أو قوى كالصحيح.

وما كان فيه عن عبيد بن زرارة فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد ابن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين الثقفي ، عن عبيد بن زرارة بن أعين ، وكان أحول (1).

وما كان فيه عن الفضيل بن يسار فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن الفضيل بن يسار وهو كوفي مولى لبني نهد ، انتقل من الكوفة إلى البصرة ، وكان أبو جعفر ( عليه السلام ) إذا رآه قال : « بشر المخبتين » وذكر ربعي بن عبد اللّه عن غاسل الفضيل بن يسار أنه قال : إني لا غسل الفضيل وإن يده لتسبقني إلى عورته ، قال : فخبرت بذلك أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) فقال : رحم اللّه الفضيل ابن يسار هو منا أهل البيت(2).

وما كان فيه عن بكير بن أعين فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي ابن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن بكير بن أعين وهو كوفي يكنى أبا الجهم من موالي بني شيبان ، ولما بلغ الصادق ( عليه السلام ) موت بكير بن أعين قال : « أما واللّه لقد أنزله اللّه عزوجل بين رسوله وبين أمير المؤمنين صلوات اللّه عليهما » (3).

ص: 441


1- عبيد بن زرارة بن أعين ثقة عين ، له كتاب ، والحكم بن مسكين لم يوثق ولكن الشهيد رحمه اللّه صحح الطريق على ما في شرح مشيخة روضة المتقين. وهو أبو محمد كوفي مكفوف وكان مولى ثقيف وله كتب وقال الشهيد كان كثير الرواية ولم يرد فيه طعن فأنا أعمل على روايته ، واعترض الشهيد الثاني بأنه لا يكفي عدم الجرح بل لا بد من التوثيق.
2- فضيل بن يسار عربي صميم بصرى ثقة من أصحاب الصادقين عليهما السلام له كتاب وفي الطريق علي بن الحسين السعد آبادي وظاهر جماعة من الأصحاب اعتباره.
3- بكير مشكور ، الطريق حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.

وما كان فيه عن محمد بن يحيى الخثعمي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن عيسى ، عن زكريا المؤمن ، عن محمد بن يحيى الخثعمي (1).

وما كان فيه عن بكر بن محمد الأزدي (2) فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، وأحمد بن إسحاق بن سعد ، وإبراهيم بن هاشم ، عن بكر بن محمد الأزدي.

وما كان فيه عن إسماعيل بن رباح فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن أبيه (3) عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن إسماعيل بن رباح الكوفي (4).

وما كان فيه عن أبي عبد اللّه الفراء فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي عبد اللّه الفراء (5).

ص: 442


1- محمد بن يحيى الخثعمي - بفتح الخاء وسكون المثلثة وفتح العين المهملة في آخرها ميم - ثقة كوفي من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ، له كتاب ، والطريق إليه ضعيف بزكريا المؤمن لكونه واقفيا ولم يوثق.
2- بكر بن محمد الأزدي الغامدي من أصحاب الصادقين والكاظم عليهم السلام قال النجاشي : « وهو وجه في هذه الطائفة من بيت جليل بالكوفة من آل نعيم وكان ثقة وعمر عمرا طويلا ، له كتاب » والطريق إليه صحيح عال.
3- كذا.
4- إسماعيل بن رباح الكوفي ذكره الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام وهو مجهول الحال وقال المولى المجلسي : يمكن القول بصحة الخبر لصحته عن ابن أبي عمير وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ولهذا عمل بخبره الأصحاب في دخول الوقت في أثناء الصلاة وإن كان في التشهد ويحكمون بصحتها لهذا الخبر ومنهم المصنف انتهى ، والطريق إليه صحيح عند العلامة - رحمه اللّه -.
5- الظاهر كونه سليم الفراء وهو ثقة من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ، له كتاب ، والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن الحسين بن المختار فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد عبد اللّه ، والحميري ، ومحمد بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس جميعا عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار القلانسي.

وقد رويته عن محمد بن الحسين - رضي اللّه عن - عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار القلانسي (1) وما كان فيه عن عمر بن حنظلة فقد رويته عن الحسين بن أحمد بن إدريس رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى ، عن داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة (2).

وما كان فيه عن حريز بن عبد اللّه فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري ، ومحمد بن يحيى العطار ، وأحمد ابن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، وعلي بن حديد ، وعبد الرحمن ابن أبي نجران ، عن حماد بن عيسى الجهني ، عن حريز بن عبد اللّه السجستاني. ورويته أيضا عن أبي ، ومحمد بن الحسن ، ومحمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنهم عن عبد اللّه ابن جعفر الحميري ، عن علي بن إسماعيل ، ومحمد بن عيسى ، ويعقوب بن يزيد ، والحسن بن ظريف ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد اللّه السجستاني (3).

وما كان فيه عن حريز بن عبد اللّه في الزكاة فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن إسماعيل ابن سهل ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد اللّه. ورويته عن أبي رضي اللّه عنه

ص: 443


1- الطريق الأول صحيح ، والثاني فيه الحسين بن الحسن بن أبان ولم يوثق صريحا وأما الحسين بن مختار فهو واقفي وله كتاب ولم يوثقه أحد الا ابن فضال على ما نقل عنه.
2- عمر بن حنظلة أبو الصخر العجلي كان من أصحاب الصادقين أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام ، وثقه الشهيد ، والطريق إليه قوى كالصحيح ، وفي داود بن الحصين كلام لكونه واقفيا وقد وثقه النجاشي.
3- تقدم الكلام في حريز وكونه من الثقات ، وكل من الطريقين صحيح.

عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز (1).

وما كان فيه عن خالد بن ماد القلانسي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن النضر بن شعيب ، عن خالد ابن ماد القلانسي (2).

وما كان فيه عن أبي حمزة الثمالي ( فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي (3). ودينار يكني أبا صفية وهو من حي من بني ثعل ونسب إلى ثمالة لان داره كانت فيهم ، وتوفي سنة خمسين ومائة وهو ثقة عدل قد لقى أربعة من الأئمة : علي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ( عليهم السلام ) ، وطرقي إليه كثيرة ولكني اقتصرت على طريق واحد منها.

وما كان فيه عن عبد الاعلى مولى آل سام فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن الحسن بن متيل ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن خالد بن أبي إسماعيل ، عن عبد الاعلى مولى آل سام (4).

ص: 444


1- الطريق الأول صحيح ، والثاني حسن كالصحيح.
2- خالد بن ماد ثقة من أصحاب أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام ، وله كتاب ، وفي الطريق إليه النضر بن شعيب وهو مجهول الحال.
3- ثابت بن دينار أبو حمزة الثمالي الكوفي وثقه الشيخ والنجاشي في فهرسيهما ، وأورد الكشي فيه روايات مادحة وأخرى قادحة معرض عنها مع أنها تضمنت قدحا شديدا له له كتب في الحديث والتفسير ، ومحمد بن الفضيل في الطريق مشترك بين الثقة والضعيف ، ولكن الأكثر عملوا باخباره ، والظاهر من قول المصنف « طرقي إليه كثيرة » أن كون الكتاب من أبي حمزة معلوما عنده وإنما يذكر السند لدفع توهم الارسال ، أو للتبرك.
4- عبد الاعلى بن أعين مولى آل سام من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ممدوح وله روايات ، والطريق إليه حسن كالصحيح بالحسن بن متيل ، وصحح العلامة - رحمه اللّه - هذا الطريق.

وما كان فيه عن الأصبغ بن نباتة فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن أحمد بن محمد خالد ، عن الهيثم بن عبد اللّه النهدي عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن ثابت ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة (1).

وما كان فيه عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري فقد رويته عن علي بن أحمد بن موسى رضي اللّه عنه عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن جعفر بن أحمد ، عن عبد اللّه بن الفضل ، عن المفضل بن عمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري (2).

وما كان فيه عن صالح بن الحكم فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حماد بن عثمان ، عن صالح بن الحكم الأحول (3).

وما كان فيه عن عامر بن نعيم القمي فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عامر بن نعيم القمي (4).

ص: 445


1- الأصبغ بن نباتة - بتقديم النون المضمومة على الباء الموحدة - التميمي الحنظلي المجاشعي من خاصة أمير المؤمنين عليه السلام وهو مشكور ، والطريق إليه ضعيف بالحسين ابن علوان ، وعمرو بن ثابت ، فان الأول عامي غير موثق كما تقدم وإن كان له ميل ومحبة شديدة بحيث قيل إنه مؤمن ، والثاني لم يثبت مدحه ولا توثيقه مع قول فيه بالضعف.
2- جابر بن عبد اللّه الأنصاري من السبعين الذين بايعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بيعة عقبة ، وكان مع أمير المؤمنين عليه السلام في وقعة صفين ، وجلالته أعظم من أن تذكر ، وللطريق إليه ضعيف بمفضل بن عمر ، وفيه أقوال راجع تنقيح المقال للعلامة المامقاني - قدس سره -.
3- صالح بن الحكم النيلي ضعيف ضعفه النجاشي وغيره ، له كتاب ، والطريق إليه صحيح ، ويمكن الحكم بصحة الخبر لصحته عن حماد بن عثمان وهو من أصحاب الاجماع.
4- عامر بن نعيم القمي غير مذكور في كتب الرجال ، واعتماد المصنف على كتابه لعله لمكان ابن أبي عمير ، والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.

وما كان فيه عن علي بن مهزيار فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن محمد بن وما كان فيه عن علي بن مهزيار فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن الحسين بن إسحاق التاجر ، عن علي بن مهزيار. ورويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي بن مهزيار. ورويته أيضا عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد ابن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار الأهوازي (1).

وما كان فيه عن صفوان بن يحيى فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى (2).

وما كان فيه عن الحسن بن علي الكوفي فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن علي بن الحسن بن علي الكوفي ، عن أبيه. ورويته عن جعفر بن علي بن الحسن الكوفي ، عن جده الحسن بن علي الكوفي (3).

وما كان فيه عن أبي الجارود فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي القرشي الكوفي ، عن محمد بن

ص: 446


1- علي بن مهزيار الأهوازي أبو الحسن كان أبوه نصرانيا فأسلم ، وقيل إن عليا أيضا أسلم وهو صغير ومن اللّه عليه بمعرفة هذا الامر ، واختص هو بأبي جعفر الثاني عليه السلام و توكل له وعظم محله منه وكذلك عند أبيه أبي الحسن (عليه السلام) وتوكل لهما في بعض النواحي وخرجت إلى الشيعة فيه توقيعات بكل خير ، وكان ثقة صحيح الحديث ، وله ثلاثة وثلاثون كتابا ، والطريق الأول فيه الحسين بن إسحاق التاجر وهو غير مذكور ولعله من مشايخ الإجارة ، والطريقان الآخران صحيحان.
2- صفوان بن يحيى أبو محمد البجلي بياع السابري كوفي ثقة ثقة عين من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام ، وقد يروى عن الكاظم عليه السلام ، له ثلاثون كتابا ، والطريق إليه حسن كالصحيح ، وقال العلامة : صحيح.
3- هو الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة الكوفي البجلي ثقة جليل قال النجاشي هو من أصحاب الكوفيين ثقة ثقة ، له كتاب النوادر. والطريق الأول إليه مجهول ، وكذا الثاني ، والظاهر أن ابنه علي بن الحسين وابن ابنه جعفر بن علي كانا من المشايخ فالخبر صحيح.

سنان ، عن أبي الجارود زياد بن المنذر الكوفي (1).

وما كان فيه عن حبيب بن المعلى فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الوليد الخزاز ، عن حماد بن عثمان ، عن حبيب بن المعلى الخثعمي (2).

وما كان فيه عن عبد الرحمن بن الحجاج فقد رويته عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، والحسن بن محبوب جميعا عن عبد الرحمن بن الحجاج البجلي الكوفي وهو مولى وقد لقي الصادق وموسى بن جعفر ( عليهما السلام ) وروى عنهما ، وكان موسى ( عليه السلام ) إذا ذكر عنده قال : « إنه لثقيل في الفؤاد » (3).

ص: 447


1- هو زياد بن المنذر أبو الجارود الخارقي ، زيدي المذهب ، تنسب إليه الجارودية وكان مذموما والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
2- حبيب بن المعلى هو السجستاني الذي عنونه الشيخ في اختيار رجال الكشي وقال هو : من أصحاب الصادقين أبي جعفر وأبي جعفر وأبي عبد اللّه ( عليهما السلام ) ، وكان شاربا - أي خارجيا - ثم دخل في هذا المذهب وكان منقطعا إليهما عليهما السلا م وهو غير الخثعمي فان حبيب الخثعمي هو حبيب بن المعلل لا المعلى ، وليس في كتب الرجال حبيب بن المعلى الخثعمي ، وأما حبيب بن المعلل فعنونه النجاشي وقال : ثقة ثقة صحيح له كتاب ، ولم يعنون الاخر وبقرينة كونه صاحب كتاب كان المراد حبيب بن المعلل الثقة دون السجستاني لعدم كونه صاحب كتاب ، فلذا قلت : عند روايته في المجلد الأول تحت رقم 781 : « الطريق إليه صحيح عند العلامة وهو ثقة ثقة » والظاهر تصحيف المعلل بمعلى في المقامين وقيل : لفظه « الخثعمي » وهم من المؤلف وهو السجستاني فاشتبه عليه ، أو كانت من زيادات النساخ وكلاهما بعيد ، وكذا القول باتحادهما عند المؤلف - رحمه اللّه - وكيف كان الطريق الذي ذكره المؤلف هنا فيه محمد ابن الوليد الخزاز الكوفي وهو فطحي موثق وقال العلامة : الطريق صحيح.
3- أي موقر ومعظم في القلب ، وهو مدح لا ذم كما توهم ، وقال المولى المجلسي  - رحمه اللّه - : « يمكن أن يكون الضمير راجعا إلى اسمه واسم أبيه فان الأول اسم ابن ملجم والثاني اسم ابن يوسف الثقفي ويكون الفرض تغبير اسمه » وبالجملة عبد الرحمن بن الحجاج بجلي مولاهم كوفي بياع السابري ، أستاذ صفوان بن يحيى ، سكن بغداد ورمى بالكيسانية ، له كتاب ، روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام وبقي بعده عليه السلام ورجع إلى الحق ولقى أبا الحسن الرضا عليه السلام وكان ثقة ثقة ثبتا وجها وكان وكيلا لأبي عبد اللّه عليه السلام ومات في أيام الرضا عليه السلام وعلى ولايته. والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن موسى بن عمر بن بزيع فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رحمه اللّه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه عن موسى بن عمر بن بزيع (1).

وما كان فيه عن العيص بن القاسم فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم (2).

وما كان فيه عن سليمان بن جعفر الجعفري فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن سليمان بن جعفر الجعفري. ورويته عن أبي رحمه اللّه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن سليمان بن جعفر الجعفري. ورويته عن أبي رضي اللّه عنه عن الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن سليمان بن جعفر الجعفري (3).

وما كان فيه عن إسماعيل بن عيسى فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه قال : حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن عيسى (4).

ص: 448


1- موسى بن عمر بزيع ثقة كوفي له كتاب ، والطريق إليه حسن كالصحيح.
2- العيص بن القاسم البجلي كوفي هو ابن أخت سليمان بن خالد الأقطع ، وكان ثقة عينا من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام ، وله كتاب ، وطريق المؤلف إليه صحيح.
3- سليمان الجعفري كان من أحفاد جعفر بن أبي طالب الطيار ، يكنى أبا محمد الطالبي من أصحاب الرضا عليه السلام ، وله كتاب ، والطريق الأول قوى بالسعد آبادي ، والثاني حسن كالصحيح ، والثالث صحيح.
4- إسماعيل بن عيسى غير مذكور في كتب الرجال ، وصحح العلامة الطريق إليه ، وحكى عن العلامة المجلسي - رحمه اللّه - حسن حاله لوجود طريق للصدوق إليه ، أقول : هذا رأى العلامة المجلسي (رحمه اللّه) في جميع من لم يذكر في الرجال وللمؤلف طريق إليه ، و فيه نظر لان مجرد العنوان ووجود الطريق لا يدل على حسن الحال والممدوحية ، إنما يدل على معروفية المعنون عند من عنونه فحسب ، والا فجماعة من المعنونين في المشيخة من المجروحين كأحمد بن هلال العبرتاني الذي قال المؤلف في حقه في مقدمة كمال الدين : انه مجروح عند مشايخنا ، ونقل عن شيخه ابن الوليد أنه قال : سمعت سعد بن عبد اللّه يقول : ما رأينا ولا سمعنا بمتشيع رجع عن التشيع إلى النصب الا أحمد بن هلال وكانوا يقولون إن ما تفرد بروايته أحمد بن هلال فلا يجوز استعماله ، وكذا السكوني حيث قال في باب ميراث المجوس وغيره من هذا الكتاب : لا أفتى بما تفرد به ، وهكذا وهب بن وهب الذي تقدم تضعيف المصنف إياه تحت رقم 5023 وكذا سماعة بن مهران حيث قال في المجلد الثاني ص 121 : لا أفتى بالخبر الذي رواه سماعة بن مهران لكونه واقفيا. وزياد بن المنذر ، والمفضل بن صالح ، وعلي بن سالم البطائني الواقفي وابنه الحسن بن علي ، وفضل بن أبي قرة ، وعمرو بن شمر ، وشريف بن سابق ، وعبد اللّه بن الحكم وغيرهم ، واعتماد المؤلف في هذا الكتاب على صحة الروايات من جهة صدورها لاعلى الرواة ، فلا يقال : كيف يكون حجة بينه وبين اللّه مع وجود الضعفاء في رواته ، وقد يعتمد الانسان على رواية راو ضعيف لتواترها أو وجود قرينة أو قرائن على صحة صدورها عن المعصوم عليه السلام ، فكلام المصنف في المقدمة لا يدل على أن جميع رواة الكتاب ثقات ، وإنما يدل على أن الروايات المذكورة في الكتاب معتمدة عنده لكونها متواترة أو محفوفة بالقرائن التي علم منها صدورها عن المعصوم (عليه السلام) ولا يخفى الفرق بين الشهادة على موثقية الراوي وبين الشهادة على صحة صدور خبره.

وما كان فيه عن جعفر بن محمد بن يونس فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن جعفر بن محمد بن يونس (1).

وما كان فيه عن هاشم الحناط فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، وأحمد بن إسحاق بن سعد ، عن هاشم الحناط (2).

====

(2)

ص: 449


1- جعفر بن محمد بن يونس ثقة له كتاب ، يروى عن الجواد والهادي عليهما السلام و الطريق إليه صحيح.
2- هاشم بن المثنى الحناط الظاهر اتحاده مع هشام بن المثنى الذي روى المؤلف خبرا عنه تحت رقم 558 ، والاختلاف نشأ من كتابة هاشم وهشام فالقدماء يكتبون كليهما « هشم » وجعلوا ألفا مقصورة فوق الهاء في هاشم وفوق الشين في هشام ، وربما تسامح الكاتب فجعلها بين الهاء والشين فيكون ذلك منشأ لاختلاف القراءة ، وبالجملة الرجل ثقة من أصحاب الصادق عليه السلام ، وله كتاب ، والطريق إليه صحيح لكن الظاهر فيه سقط لبعد العهد بين إبراهيم وأحمد بن إسحاق ، وبين هاشم بن المثنى ، ويظهر من طرق بعض الأخبار أن الساقط هو ابن أبي عمير.

وما كان فيه عن أبي جميلة فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبي جميلة المفضل ابن صالح (1).

وما كان فيه عن داود الصرمي فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، وعلي بن إبراهيم بن هاشم جميعا عن محمد بن عيسى ابن عبيد ، عن داود الصرمي (2).

وما كان فيه عن إبراهيم بن مهزيار فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن الحميري ، عن إبراهيم بن مهزيار (3).

وما كان فيه عن يحيى بن أبي عمران فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن يحيى بن أبي عمران ، وكان

ص: 450


1- أبو جميلة هو المفضل بن صالح الأسدي النخاس ، روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام ومات في حياة الرضا عليه السلام ، له كتاب ، وهو ضعيف عند غير واحد من الرجاليين وقيل يمكن تصحيح السند لصحته عن البزنطي الذي هو من أصحاب الاجماع.
2- هو داود بن مافنة الصرمي ، يكنى أبا سليمان كوفي ، روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام وبقي إلى أيام أبي الحسن الثالث (عليه السلام) وله مسائل إليه ، والطريق قوى بمحمد بن عيسى بن عبيد ، وتقدم الكلام فيه.
3- إبراهيم هذا هو أخو علي بن مهزيار الأهوازي ، يكنى أبا إسحاق وصحح العلامة  - رحمه اللّه - في الخلاصة طريق المصنف إلى بحر السقاء وهو فيه ، وأما طريق المصنف إليه فغنى عن التوثيق.

تلميذ يونس بن عبد الرحمن (1).

وما كان فيه عن مسمع بن مالك البصري فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد عن أبان ، عن مسمع بن مالك البصري ، ويقال له : مسمع بن عبد الملك البصري ، ولقبه كردين وهو عربي من بنى قيس بن ثعلبة ويكنى أبا سيار ، ويقال : إن الصادق ( عليه السلام ) قال له أول ما رآه : ما اسمك؟ فقال : مسمع فقال : ابن من؟ قال : ابن مالك فقال بل أنت مسمع بن عبد الملك (2).

وما كان فيه عن محمد بن إسماعيل بن بزيع فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع (3).

وما كان فيه عن علي بن الريان فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن الريان (4).

ص: 451


1- الظاهر أنه يحيى بن أبي عمران الهمداني الذي روى الصفار في البصائر عن محمد ابن عيسى عن إبراهيم بن محمد قال : « كان أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام كتب إلي كتابا وأمرني أن لا أفكه حتى يموت يحيى بن أبي عمران فمكث الكتاب عندي سنين فلما كان اليوم الذي مات فيه يحيى فككت الكتاب فإذا فيه » قم بما كان يقوم به وروى عنه المؤلف في لباس المصلي تحت رقم 808 ، والظاهر كونه من الوكلاء وله كتاب والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم هاشم.
2- مسمع بن مالك أو مسمع بن عبد الملك تقدم ذكره ، ثقة له كتاب ، والطريق إليه ضعيف بالقاسم بن محمد الجوهري ، والمراد بأبان أبان بن عثمان الأحمر كما يظهر من نكاح التهذيب والاستبصار حيث روى القاسم عنه فيهما.
3- محمد بن إسماعيل بن بزيع ثقة صحيح كوفي مولى المنصور ، من أصحاب أبي الحسن الأول والثاني عليهما السلام ، له كتب ، والطريق إليه صحيح.
4- الريان - بالراء المهملة المفتوحة والياء المثناة المشددة - وعلي بن الريان بن الصلت الأشعري القمي ثقة له عن أبي الحسن الثالث نسخة وكان وكيلا ، وله مع أخيه محمد كتاب مشترك بينهما ، والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.

وما كان فيه عن يونس بن يعقوب فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن يونس ابن يعقوب البجلي (1).

وما كان فيه عن علي بن يقطين فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد ابن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين عن أبيه علي بن يقطين (2).

وما كان فيه عن رفاعة بن موسى النخاس فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن رفاعة بن موسى النخاس (3).

وما كان فيه عن زياد بن سوقه فقد رويته عن أبي - رضي اللّه عنه - عن سعد

ص: 452


1- يونس بن يعقوب أبو علي البجلي هو ابن أخت معاوية بن عمار الدهني ، وكان فطحيا ثم رجع واختص بأبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام وكان يتوكل لأبي الحسن (عليه السلام) ومات في المدينة في أيام الرضا (عليه السلام) وتولى أمره وبعث بحنوطه وكفنه وجميع ما يحتاج إليه ، وأمر (عليه السلام) مواليه وموالي أبيه وجده أن يحضروا جنازته وقال لهم : هذا مولى لأبي عبد اللّه (عليه السلام) كان يسكن العراق فاحفروا له في البقيع فان منعكم أهل المدينة فقولوا لهم هذا مولى لأبي عبد اللّه (عليه السلام) كان يسكن العراق فان منعتمونا أن ندفنه في البقيع منعناكم أن تدفنوا مواليكم فيه. وأمر (عليه السلام) محمد بن الحباب الجلاب الكوفي وكان زميل يونس أن يصلى عليه ، وأمر أيضا صاحب المقبرة أن يتعاهد قبره ويرش عليه الماء أربعين شهرا أو أربعين يوما في كل يوم والشك من الراوي وهو علي بن الحسن بن فضال وبالجملة له كتاب ، وفي الطريق إليه الحكم بن مسكين المكفوف وهو مهمل ولم يوثق صريحا.
2- علي بن يقطين ثقة كوفي الأصل سكن بغداد ، له كتب ، وهو من أصحاب أبي الحسن موسى (عليه السلام) ، والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
3- رفاعة - بكسر الراء المهملة وتخفيف الفاء ، والعين المهملة بعد الألف - ابن موسى كوفي أسدى روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام وكان ثقة مسكونا إلى روايته لا يعترض عليه بشئ من الغمز ، حسن الطريقة ، له كتاب مبوب في الفرائض ، والطريق إليه صحيح.

ابن عبد اللّه ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن زياد بن سوقة (1).

وما كان فيه عن حماد بن عثمان فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد ابن عبد اللّه ، والحميري جميعا عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان (2).

وما كان فيه عن ياسر الخادم فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ياسر خادم الرضا ( عليه السلام ) (3).

وما كان فيه عن الحسن بن محبوب فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، وسعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد ابن عيسى ، عن الحسن بن محبوب (4).

وما كان فيه عن داود بن أبي زيد فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن داود بن أبي زيد (5).

وما كان فيه عن علي بن بجيل فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن الحسن بن متيل الدقاق ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن أبي عبد اللّه

ص: 453


1- زياد بن سوقة - بضم السين وسكون الواو - ثقة ، وهو من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام) كوفي تابعي ، والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
2- حماد بن عثمان الناب كان من أصحاب الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام ثقة جليل القدر له كتاب ، والطريق إليه صحيح ، والظاهر أنه غير حماد بن عثمان الفزاري الثقة وان قيل باتحادهما.
3- ياسر خادم الرضا (عليه السلام) مولى حمزة بن اليسع الأشعري له مسائل روى عنه البرقي والطريق إليه حسن كالصحيح.
4- الحسن بن محبوب السراد أو الزراد يكنى أبا على مولى بجيلة كوفي ثقة من أصحاب الرضا (عليه السلام) روى عن ستين رجلا من أصحاب الصادق (عليه السلام) وكان جليل القدر يعد من الأركان الأربعة في عصره ، له كتب كثيرة ، وكان ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم. والطريق إليه صحيح.
5- داود بن أبي زيد - زنكان أو زنكار - أبو سليمان النيشابوري ، ثقة صادق اللّهجة من أصحاب علي بن محمد عليهما السلام ، له كتب والطريق إليه فيه العبيدي واختلف فيه.

الحكم بن مسكين الثقفي ، عن علي بن بجيل بن عقيل الكوفي (1).

وما كان فيه معاوية بن عمار فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، ومحمد بن أبي عمير جميعا عن معاوية بن عمار الدهني الغنوي الكوفي مولى بجيلة ويكنى أبا القاسم (2).

وما كان فيه عن الحسن بن قارن فقد رويته عن حمزة بن محمد العلوي رحمه اللّه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن قارن (3).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن فضالة فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن بندار بن حماد ، عن عبد اللّه بن فضالة (4).

وما كان فيه عن خالد بن نجيح فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن عبد اللّه

ص: 454


1- علي بن بجيل مجهول الحال ، وحكى الوحيد - رحمه اللّه - عن خاله العلامة المجلسي حسن حاله لوجود طريق للصدوق إليه - وتقدم الكلام فيه. والطريق إليه فيه الحكم بن مسكين وهو مهمل.
2- معاوية بن عمار ثقة ، كبير الشأن ، عظيم المنزلة ، وكان أبوه عمار ثقة في العامة قال العسقلاني : عمار بن معاوية الدهني أبو معاوية البجلي الكوفي قال أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات ، والطريق إلى معاوية صحيح وله كتب.
3- الحسن بن قارن غير مذكور في الرجال وروى عنه المصنف في المجلد الأول تحت رقم 862 باب الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصلاة. وحمزة بن محمد العلوي مهمل ولعله حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) الزيدي المعنون في التدوين للرافعي. واللّه العالم.
4- عبد اللّه بن فضالة غير مذكور في الرجال وروى عنه المصنف في المجلد الأول تحت رقم 863 ، وفي الطريق إليه محمد بن سنان ، وهو ضعيف على المشهور ، وبندار بن حماد وهو مهمل وفي رجال العامة رجلان باسم عبد اللّه بن فضالة أحدهما تابعي ليثي وكان قاضي البصرة والاخر لم يعرفوا حاله وذكر ابن حبان الأول في الثقات.

ابن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن خالد بن نجيح الجوان (1).

وما كان فيه عن الحسن بن السري فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن الحسن بن متيل الدقاق ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر ابن بشير ، عن الحسن بن السري (2).

وما كان فيه عن العباس بن هلال فقد رويته عن الحسين بن إبراهيم بن ناتانة رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن العباس بن هلال (3).

وما كان فيه عن الحارث بن المغيرة النصري فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن يونس ابن عبد الرحمن ، ومحمد بن أبي عمير جميعا عن الحارث بن المغيرة النصري (4).

ص: 455


1- « نجيح » بتقديم الجيم على الحاء المهملة مكبرا - كشريف ، وقيل مصغرا - والجوان - بالجيم وتشديد الواو بياع الجون ضرب من القطاة - وخالد بن نجيح مولى كوفي يكنى أبا عبد اللّه روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام وحاله مجهول ويمكن تصحيح السند لصحته عن ابن أبي عمير فإنه من أصحاب الاجماع.
2- الحسن بن السري الكاتب البلخي الكرخي ثقة روى هو أخوه علي عن أبي عبد اللّه عليه السلام له كتاب ، والطريق إليه صحيح.
3- العباس بن هلال الشامي كان من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام وفي باب لبس الحرير من الكافي في خبر العباس بن هلال الشامي مولى أبي الحسن عليه السلام. وله نسخة عنه (عليه السلام) ، والحسين بن ناتانة كان من مشايخ الإجازة ، وقال العلامة المجلسي على المحكي - ناتانة بالنون معرب ناتوان ، وقال المحقق الداماد في الرواشح السماوية : الأصح باباية ، ولم يقل ما وجهه ، والطريق حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.
4- الحارث بن المغيرة أبو علي كان من بني نصر بن معاوية ، روى عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهم السلام وهو ثقة له كتاب ، والطريق إليه صحيح لكون محمد بن علي ماجيلويه من مشايخ الإجازة وأبوه أيضا وهو عبد اللّه بن عمران البرقي الفقيه الأديب ، رأي أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي وتأدب عليه وكان ابن بنته ، وله كتب وهو معتمد عنونه العلامة في القسم الأول من خلاصته وهو قسم المعتمدين والثقات ، ويونس بن عبد الرحمن ثقة معتمد عند العلامة ، وقال الشيخ في الفهرست : قال أبو جعفر بن بابويه : سمعت ابن الوليد  - رحمه اللّه - يقول كتب يونس بن عبد الرحمن التي هي بالروايات كلها صحيحة يعتمد عليها الا ما ينفرد به محمد بن عيسى بن عبيد عنه ولم يروه غيره وانا لا نعتمد عليه ولا نفتي به انتهى. وذكرنا يونس مع عدم الاحتياج إليه لعدم عنوان المؤلف إياه في المشيخة مع أن طريقه إليه صحيح على ما ذكره الشيخ - رحمه اللّه -.

وما كان فيه عن أبي بكر الحضرمي ، وكليب فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم ، عن أبي بكر عبد اللّه بن محمد الحضرمي وكليب الأسدي (1).

وما كان فيه عن هشام بن إبراهيم فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن هشام بن إبراهيم صاحب الرضا ( عليه السلام ) (2).

ص: 456


1- أبو بكر الحضرمي عبد اللّه بن محمد الكوفي هو من أصحاب الصادقين عليهما السلام عنونه العلامة في القسم الأول من الخلاصة. روى عنه جماعة ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم. وكليب بن معاوية الأسدي أبو محمد الصيداوي له كتاب روى الكشي باسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في جواب رجل سأله « أيحب الرجل الرجل ولم يره قال عليه السلام : هاهوذا أنا أحب كليب الصيداوي ولم أره » وعبد اللّه الأصم في الطريق ضعيف غال من أهل البصرة عنونه العلامة في القسم الثاني - أي في الضعاف - وقال ضعيف غال ليس بشئ وله كتاب في الزيارات يدل على خبث عظيم ومذهب متهافت وكان من كذابة أهل البصرة - انتهى ، ومن العجب أنه - رحمه اللّه - صحح هذا الطريق في الخلاصة مع قوله هذا في حق عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم ، ويمكن أن يكون فيها سقط والصواب والطريق إليه غير صحيح.
2- هشام بن إبراهيم هذا هو الذي روى خبره المصنف في المجلد الأول باب الأذان والإقامة تحت رقم 903 وهو المشرقي لا العباسي المطعون والذي يظهر من تتبع كتب الرجال أن المسمى بهشام بن إبراهيم اثنان أحدهما المشرقي الذي يقال له : الختلي أو الأحمر أو صاحب الرضا (عليه السلام) ، والآخر العباسي الذي يقال له الراشدي ، والأول ممدوح ، والثاني هو صاحب يونس بن عبد الرحمن مطعون والمراد هنا الأول كما قلنا ، ويؤيد ذلك قول المصنف « صاحب الرضا (عليه السلام) ». والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم. ثم أن النجاشي والعلامة - رحمهما اللّه - ذكرا العباسي بعنوان هاشم بن إبراهيم وذكرنا سابقا أن الاختلاف في هاشم وهشام نشأ من طرز الكتابة.

وما كان فيه من خبر بلال وثواب المؤذنين بطوله فقد رويته عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن أحمد بن العباس ، والعباس بن عمرو الفقيمي قالا : حدثنا هشام بن الحكم ، عن ثابت بن هرمز ، عن الحسن بن أبي الحسن ، عن أحمد بن عبد الحميد ، عن عبد اللّه بن علي قال : حملت متاعي من البصرة إلى مصر وذكر الحديث بطوله (1).

وما كان فيه عن الفضل بن شاذان من العلل التي ذكرها عن الرضا ( عليه السلام ) فقد رويته عن عبد الواحد بن عبدوس النيسابوري العطار رضي اللّه عنه عن علي ابن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان النيسابوري ، عن الرضا ( عليه السلام ) (2).

وما كان فيه عن حماد بن عيسى فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد ابن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، ويعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى الجهني. ورويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن حماد ابن عيسى (3).

ص: 457


1- بلال - بكسر الباء الموحدة - ابن رباح - بالراء المفتوحة والباء الموحدة - مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله شهد بدرا والمشاهدة كلها وكان من السابقين إلى الاسلام وممن يعذب في اللّه عزوجل فيصبر ، توفي بدمشق في الطاعون سنة ثمان عشرة. وفي الطريق إليه مجاهيل ، وعبد اللّه بن علي غير مذكور.
2- الفضل بن شاذان بن الخليل أبو محمد الأزدي النيشابوري أمره في الجلالة أشهر من أن يوصف ، روى أنه صنف مائة وثمانين كتابا ، وعلي بن محمد بن قتيبة أيضا متكلم فقيه جليل القدر له كتب ، وقال العلامة في الخلاصة : يعرف بالقتيبي تلميذ الفضل بن شاذان فاضل ، عليه اعتمد أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال.
3- حماد بن عيسى ثقة صدوق من أصحاب الصادق عليه السلام ، تقدم أنه مات غرقا في سيل سنة 209 وله نيف وتسعون سنة في حياة أبي جعفر الثاني عليه السلام ولم يحفظ عنه رواية عن الرضا عليه السلام وهو من أصحاب الاجماع ، وله كتب ، والطريق الأول صحيح ، والثاني حسن كالصحيح.

وما كان فيه عن عبد اللّه بن جندب فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن جندب (1).

وما كان فيه عن جهيم بن أبي جهم فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن سعدان بن مسلم ، عن جهيم بن جهم ، ويقال له : ابن أبي جهمة (2).

وما كان فيه عن إبراهيم بن عبد الحميد فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن سعدان بن مسلم ، عن إبراهيم بن عبد الحميد الكوفي. ورويته أيضا عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد (3).

وما كان فيه عن سليمان بن حفص المروزي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن سليمان بن حفص المروزي (4).

ص: 458


1- عبد اللّه بن جندب - بضم الجيم وفتح الدال - كوفي ثقة من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام ووكيلا لهما وكان من المخبتين ، والطريق إليه حسن كالصحيح.
2- جهيم - كزبير - أو جهم - كفلس - ابن أبي جهم أو جهمة - عده الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السلام والعباس بن معروف القمي ثقة ، وسعدان بن مسلم تقدم ترجمته وأما الطريق فقوي كالصحيح.
3- إبراهيم بن عبد الحميد كوفي ثقة ، له أصل كما في فهرست الشيخ ، وقيل واقفي موثق ، وكلا الطريقين حسن كالصحيح.
4- سليمان بن حفص المروزي كأنه من متكلمي علماء خراسان كما يظهر من كتاب التوحيد للمؤلف حيث باحث مع علي بن موسى الرضا عليهما السلام في مسألة البداء ورجع إلى الحق وكان له مكاتبات إلى الجواد والهادي والعسكري عليهم السلام ، وطريق المؤلف إليه صحيح لان أحمد بن محمد بن خالد ثقة في نفسه وطعن القميين فيه راجع إلى من يروي هو عنهم.

وما كان فيه عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي. ورويته أيضا عن أبي ، ومحمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنهما عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي (1).

وما كان فيه عن عبد الكريم بن عتبة فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي ، عن ليث المرادي ، عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي (2).

وما كان فيه عن إسماعيل بن مسلم السكوني الكوفي فقد رويته عن أبي ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن إسماعيل بن مسلم السكوني (3).

ص: 459


1- تقدم عنوانه من المؤلف وذكر له هناك الطريق الثاني الذي ذكره ههنا وهو قوي معتبر ، وأما الطريق الأول فصحيح.
2- عبد الكريم بن عتبة - بضم العين المهملة - القرشي اللّهبي الهاشمي ثقة وكان من أصحاب الكاظم عليه السلام ، وعبد الكريم بن عمرو الخثعمي في الطريق واقفي وثقة النجاشي في رجاله وعده الشيخ من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السلام) وأخرى من أصحاب الكاظم (عليه السلام) قائلا بعده انه كوفي وقفي خبيث وله كتاب روى عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، فيمكن تصحيح السند لصحته عن البزنطي فإنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم.
3- إسماعيل بن مسلم السكوني هو ابن زياد ، يعرف بالسكوني والشعيري عامي له كتاب روى عنه النوفلي عنونه العسقلاني في التهذيب وقال : إسماعيل بن زياد ويقال ابن أبي زياد السكوني قاضي الموصل ثم نقل أقوال جماعة في كونه متروكا ضعيفا واضعا للحديث ، وعنونه في كتابه التقريب أيضا ، وعنونه النجاشي ، وابن شهرآشوب وغيرهما ، ولم يذكروا طعنا في مذهبه ، واختلف الأصحاب في مذهبه فذهب الشيخ في العدة وابن إدريس في السرائر والمحقق في المعتبر والعلامة في الخلاصة وجماعة إلى كونه عاميا ، وهو الثابت لمن تتبع رواياته وتعبيراته عن المعصومين عليهم السلام ولم يقل له الصادق (عليه السلام) كلاما الا قال : حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، وهذا ديدنهم (عليه السلام) مع جميع المخالفين ، وذهب جمع من المتأخّرين الى كونه إماميّا و استدلّوا بما لا يدلّ على مدّعاهم، لكن عمل بأخباره كثير من فقهائنا كالشيخ و المحقق و جماعة و احتجوا بها ما لم يكن لها معارض، و أمّا الطريق اليه ففيه النوفليّ و قال قوم من القمّيين أنّه غلا في آخر عمره مع أنّه لم يوثّقه أحد. غير أن النجاشيّ قال: ما رأينا له رواية يدلّ على غلوّه.

وما كان فيه عن عبد اللّه بن المغيرة فقد رويته ، عن جعفر بن علي الكوفي رضي اللّه عنه عن جده الحسن بن علي عن جده عبد اللّه بن المغيرة الكوفي. ورويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن المغيرة. ورويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم ابن هاشم ، وأيوب بن نوح ، عن عبد اللّه بن المغيرة (1).

وما كان فيه عن محمد بن أبي عمير فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا « عن أيوب بن نوح ، وإبراهيم هاشم ، ويعقوب بن يزيد ، ومحمد بن عبد الجبار جميعا » عن محمد بن أبي عمير (2).

ص: 460


1- عبد اللّه المغيرة أبو محمد البجلي الكوفي ثقة ثقة لا يعدل به أحد من جلالته ودينه وورعه وروى أنه كان واقفيا ثم رجع ، وكان من أصحاب أبي الحسن الأول (عليه السلام) ، وقيل : إنه صنف ثلاثين كتابا وكان ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم. والطريق الأول صحيح وكذا الثالث ، وأما الطريق الثاني فحسن كالصحيح.
2- محمد بن أبي عمير - زياد بن عيسى الأزدي أبو أحمد البغدادي كان من أوثق الناس عند الخاصة والعامة لقى أبا الحسن موسى عليه السلام وسمع منه أحاديث كناه في بعضها أبا أحمد ، وروى عن الرضا عليه السلام ، وقيل : لم يحدث عن الكاظم (عليه السلام) وان أدرك أيامه وله مصنفات ، قيل أربعة وتسعين كتابا وحبس في أيام الرشيد ليلى القضاء ، وقال الفضل بن شاذان ليدل على مواضع الشيعة فامتنع فجرد وضرب أسواطا بلغت منه وكاد أن يقر لعظيم الألم فسمع محمد بن يونس بن عبد الرحمن وهو يقول : اتق اللّه يا محمد فتقوى بقوله فصبر ففرج اللّه عنه ، وذكر الكشي أنه ضرب مائة وعشرين خشبة وتولى ضربه السندي بن شاهك وحبس فلم يفرج عنه حتى أدى من ماله واحدا وعشرين ألف درهم ، ومكث في الحبس أربع سنين أو سبع عشرة سنة ، وقيل إن أخته دفنت كتبه في حال استتاره وكونه في الحبس ، وقيل تركها هو في غرفة فسال عليها المطر فمحى أكثرها فلذلك حدث من حفظه ومما كان سلف له في أيدي النار. ولهذا السبب أصحابنا يسكنون إلى مراسليه ، وبالجملة عده الكشي ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم. والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن الحسين بن حماد فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا « عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البزنطي عن عبد الكريم بن عمرو ، عن الحسين بن حماد الكوفي (1).

وما كان فيه عن العلاء بن رزين فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد ، عن العلاء بن رزين. وقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا » عن محمد بن أبي الصهبان ، عن صفوان بن يحيى عن العلاء. ورويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن سليمان الزراري الكوفي عن محمد بن خالد ، عن العلاء بن رزين القلاء. ورويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، والحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين (2).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن مسكان فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن صفوان بن

ص: 461


1- الحسين بن حماد بن ميمون الكوفي العبدي مولاهم ، ذكر في أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام وله كتاب يرويه عنه داود بن الحصين وإبراهيم بن مهزم ، والطريق إليه قوي فالسند حسن ، ويمكن القول بصحته لصحة الطريق إلى البزنطي وهو من أصحاب الاجماع.
2- العلاء بن رزين بتقديم الراء المهملة المفتوحة على الزاي المعجمة والقلاء بشد اللام يقلي السويق أي دقيق الحنطة وكان ثقة جليل القدر وجيها ، صحب محمد بن مسلم وتفقه عليه ، وله كتاب ، والمراد بمحمد بن خالد في الطريق الأول والثالث محمد خالد الطيالسي المتوفي 259 ولم يوثق صريحا وله كتاب ، والمراد بمحمد ابن أبي الصهبان محمد بن عبد الجبار وهو ثقة ، وعلي بن سليمان ثقة فقيه وكان من أحفاد بكير بن أعين وله كتاب ، وصحح العلامة طريق المؤلف إلى العلاء في الخلاصة.

يحيى ، عن عبد اللّه بن مسكان ، وهو كوفي من موالي عنزة ويقال إنه من موالي عجل (1).

وما كان فيه عن عامر بن جذاعة فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن عامر بن جذاعة الأزدي ، وهو عامر بن عبد اللّه جذاعة ، وهو عربي كوفي (2).

وما كان فيه عن النعمان الرازي فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن الحسن بن متيل الدقاق ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن محمد بن سالم ، عن محمد بن سنان ، عن النعمان الرازي (3).

وما كان فيه عن أبي كهمس فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن عبد اللّه بن علي الزراد ، عن أبي كهمس الكوفي (4).

وما كان فيه عن سهل بن اليسع فقد رويته عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن سهل بن اليسع (5).

ص: 462


1- عبد اللّه بن مسكان - بضم الميم وسكون السين المهملة - ثقة عين عد في أصحاب أبي الحسن الأول عليه السلام وقد يروى عن الصادق عليه السلام ، وهو من أصحاب الاجماع وله كتاب والطريق إليه صحيح.
2- عامر بن جذاعة - بالجيم المضمومة والذال المعجمة - لم يثبت توثيقه وله كتاب والطريق إليه فيه الحكم بن مسكين وهو مهمل.
3- النعمان الرازي غير مذكور في الرجال ويظهر من المصنف أن له كتابا ، وفي الطريق إليه محمد بن سنان وهو ضعيف على المشهور.
4- أبو كهمس - بالسين المهملة أو المعجمة - هو الهيثم بن عبد اللّه ويقال الهيثم بن عبيد الشيباني ، وله كتاب وأما عبد اللّه بن علي الزراد أو الرزاز كما في بعض النسخ فمجهول الحال ، والحكم بن مسكين مهمل.
5- سهل بن اليسع بن عبد اللّه بن سعد الأشعري القمي ثقة ثقة من أصحاب أبي الحسن الأول والرضا عليهما السلام وله كتاب ، والطريق إليه حسن كالصحيح.

وما كان فيه عن بزيع المؤذن فقد رويته عن محمد بن موسى بالمتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن بزيع المؤذن (1).

وما كان فيه عن عمر بن أذينة فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة (2).

وما كان فيه عن أيوب بن نوح فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، الحميري جميعا « عن أيوب بن نوح (3).

وما كان فيه عن مرازم بن حكيم فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن مرازم بن حكيم (4).

وما كان فيه عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي (5).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن سليمان فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، ومحمد

ص: 463


1- بزيع مشترك بين ملعون ومجهول الحال ، والطريق ضعيف على المشهور لمكان محمد بن سنان.
2- عمر بن أذينة ثقة من أصحاب الكاظم عليه السلام ، وله كتاب والطريق إليه صحيح.
3- أيوب بن نوح ثقة من أصحاب الهادي عليه السلام ، وله كتب والطريق إليه صحيح.
4- مرازم - بضم الميم وكسر الزاي المعجمة - ابن حكيم بضم الحاء المهملة - الأزدي المدائني مولى ثقة ، له كتاب ، والطريق إليه حسن كالصحيح.
5- إبراهيم بن أبي زياد الكرخي عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق (عليه السلام) وقال في رواية صفوان بن يحيى وابن محبوب عنه. والطريق إليه صحيح.

ابن أبي عمير جميعا » عن عبد اللّه بن سليمان (1).

وما كان فيه عن بن أبي زياد فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن عمر بن أبي زياد (2).

وما كان فيه عن محمد بن بجيل أخي علي بن بجيل فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسن ابن محبوب ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن محمد بن بجيل أخي علي بن بجيل ابن عقيل الكوفي (3).

وما كان فيه عن أبي زكريا الأعور فقد رويته عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن أبي زكريا الأعور (4).

وما كان فيه عن أبي حبيب ناجية فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن معاوية بن حكيم ، عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن مثنى الحناط ،

ص: 464


1- الظاهر كونه عبد اللّه بن سليمان النخعي الكوفي بقرينة رواية ابن أبي عمير عنه في غير مورد ، وهو من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السلام) ولم يوثق صريحا ، والطريق إليه صحيح ويمكن أن يكون هو عبد اللّه بن سليمان الصيرفي الكوفي الذي كان له أصل وهو أيضا من أصحاب الصادق (عليه السلام) ولم يوثق صريحا ولا يبعد القول بالاتحاد.
2- عمر بن أبي زياد الابزاري الكوفي ثقة ، له كتاب ، والطريق إليه فيه الحكم بن مسكين وهو مهمل.
3- محمد بن بجيل - بفتح الباء كامير - مجهول الحال ، والطريق إليه صحيح بناء على توثيق الهيثم بن أبي مسروق حيث صحح العلامة طريق المؤلف إلى ثوير بن أبي فاختة وهو فيه.
4- أبو زكريا الأعور ثقة من أصحاب أبي الحسن الأول ، والطريق إليه صحيح عند العلامة والاختلاف في محمد بن عيسى بن عبيد.

عن أبي حبيب ناجية (1).

وما كان فيه الجعفي فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، وصفوان بن يحيى ، عن إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي الكوفي (2).

وما كان فيه عن حفص بن سالم فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد ابن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حماد بن عثمان ، عن حفص أبي ولاد بن سالم الكوفي وهو مولى (3).

وما كان فيه عن وهيب بن حفص فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الهمداني ، عن وهيب بن حفص الكوفي المعروف بالمنتوف (4).

ص: 465


1- أبو حبيب ناجية بن أبي عمارة مجهول الحال ويظهر من المصنف أن له كتابا ، والطريق إليه حسن كالصحيح ، ويمكن تصحيحه لصحته عن عبد اللّه بن المغيرة فإنه من أصحاب الاجماع.
2- إسماعيل بن عبد الرحمن الجعفي الكوفي تابعي من أصحاب أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام سمع من أبي الطفيل عامر بن واثلة ، ومات في حياة الصادق (عليه السلام) ، وكان فقيها ، وروى عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) ( صه ) والطريق إليه صحيح وإن كان فيه البرقي عن أبيه وفيهما قول ، وقيل باتحاده مع إسماعيل بن جابر الجعفي الذي تقدم ، وهو بعيد جدا كما حقق في محله.
3- أبو ولاد حفص بن سالم الحناط الكوفي كان ثقة من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام وله أصل ، والطريق إليه صحيح. وسيأتي عنوانه أيضا مع طريق آخر حسن.
4- وهيب بن حفص أبو علي الجريري الأسدي النخاس ثقة ، وله مصنفات ويعرف بالمنتوف وفي بعض النسخ « المسوف » وهو تصحيف كما يظهر من اللباب لابن الأثير حيث عنون المنتوف مع ضبطه وقال : هذا لقب أبي عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن يزيد مولى بني هاشم . وكذا ابن قتيبة حيث عنون في المعارف ابن عياش ، وقال : هو عبد اللّه بن عياش ويعرف بالمنتوف لأنه كان ينتف لحيته ، وأما الطريق ففيه محمد بن علي الهمداني وهو ضعيف سواء كان أبا سمينة الصيرفي أو غيره.

وما كان فيه عن إبراهيم بن ميمون فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن معاوية بن عمار ، عن إبراهيم بن ميمون بياع الهروي مولى آل الزبير (1).

وما كان فيه عن داود بن الحصين فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم ابن مسكين ، عن داود بن الحصين الأسدي وهو مولى (2).

وما كان فيه عن أبي بكر بن أبي سمال فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد عن فضالة ، عن عثيم ، عن أبي بكر بن أبي سمال (3).

وما كان فيه عن زياد بن مروان القندي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن ، محمد بن عيسى بن عبيد ، ويعقوب بن يزيد ، عن زياد بن مروان القندي (4).

وما كان فيه عن أبي المغرا حميد بن المثنى العجلي فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن عثمان بن

ص: 466


1- إبراهيم بن ميمون مجهول الحال ، روى عنه المؤلف في المجلد الثاني ص 261 و 401 بواسطة ابن مسكان ، والطريق إليه حسن كالصحيح لمكان الحسين بن الحسن بن ابان ، وصحح العلامة - رحمه اللّه - طرقا هو فيه ، وصرح ابن داود بتوثيقه في ترجمة محمد ابن أورمة.
2- داود بن الحصين - بضم الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة - الأسدي مولاهم الكوفي واقفي موثق له كتاب ، والطريق إليه فيه الحكم بن مسكين وهو مهمل.
3- هو إبراهيم بن أبي سمال - أو سماك - واقفي موثق له كتاب ، والطريق إليه فيه عثيم وهو غير مذكور.
4- زياد بن مروان القندي الأنباري واقفي له كتاب ، وهو ممن سمع النص عن أبي الحسن على الرضا عليهما السلام وأظهره ثم خالفه ، وقيل : إنه كان بيده من أموال أبي الحسن موسى (عليه السلام) سبعون ألف دينار وكان ذلك سبب وقفه وجحده موته ، والطريق إليه صحيح.

عيسى ، عن أبي المغرا حميد بن المثنى العجلي ، وهو عربي كوفي ثقة وله كتاب (1).

وما كان فيه عن معاوية بن شريح فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عن معاوية بن شريح (2).

وما كان فيه عن سليمان بن داود المنقري فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري المعروف بابن الشاذكوني (3).

ص: 467


1- أبو المغرا - بالغين المعجمة والراء المهملة - وحميد مصغرا كما ضبطه غير واحد من الرجاليين ، وهو كما قال المؤلف ثقة ولا خلاف في ثقته وله أصل ، روى عن أبي الحسن موسى وابنه علي عليهما السلام ، والطريق ضعيف بعثمان بن عيسى لكونه واقفيا غير موثق ، وفيه قول بأنه كان من أصحاب الاجماع.
2- معاوية بن شريح له كتاب رواه ابن أبي عمير ، والطريق إليه كالطريق السابق والعجب أن العلامة (رحمه اللّه) قال في السابق : قوى ، وذلك لوجود عثمان بن عيسى في الطريق ، ومع كونه ههنا قال صحيح مع أنه عنون عثمان بن عيسى في قسم الضعفاء من الخلاصة ثم اعلم أن معاوية بن شريح هذا غير معاوية بن ميسرة بن شريح المتقدم في ص 403 واشتبه على بعض وقال باتحادهما.
3- سليمان بن داود المنقري أبو أيوب الشاذكوني - بفتح الذال - الظاهر كونه عاميا عنونه الخطيب في التاريخ وقال : « سليمان بن داود بن بشر بن زياد أبو أيوب المنقري البصري المعروف بالشاذكوني كان حافظا مكثرا وقدم بغداد وجالس الحفاظ بها وذاكرهم ثم خرج إلى أصبهان فسكنها وانتشر حديثه - » وقال ابن الأثير في اللباب الشاذكوني. هذه النسبة الى شاذكونة و انما نسب الى ذلك لان أبا المنتسب كان يتّجر الى اليمن و كان يبيع هذه المضربات الكبار و تسمّى شاذكونة، و المشهور بهذه النسبة أبو أيوب سليمان بن داود بن بشر بن زياد المنقريّ- الى أن قال:- و كان مع علمه ضعيفا في الحديث مات في جمادى الأولى سنة أربع و ثلاثين و مائتين». و قال الشيخ له كتاب، و قال النجاشيّ:« ليس المتحقّق بنا غير انه روى عن جماعة من أصحابنا من أصحاب جعفر بن محمّد عليهما السلام و كان ثقة» و نقل الخطيب عن محمّد بن إسماعيل البخارى قال: هو عندي أضعف من كل-- ضعيف و عن يحيى بن معين أنّه كان يضع الحديث. و أمّا القاسم بن محمّد الأصبهانيّ المعروف بكاسولا فلم يكن بالمرضى، و قال ابن الغضائري على المحكى:« حديثه يعرف تارة و ينكر أخرى و يجوز أن يخرج شاهدا» و قال المؤلّف« ابن الشاذكونيّ» و في فهرست النجاشيّ« الشاذكونيّ» و لا منافاة بينهما لان في الأصل لقب أبيه.

وما كان فيه عن ربعي بن عبد اللّه فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد اللّه بن جارود الهذلي وهو عربي بصري (1).

وما كان فيه عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني وكان مرضيا. ورويته عن علي بن أحمد بن موسى رحمه اللّه عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي ، عن سهل بن زياد الادمي (2) ، عن عبد العظيم.

وما كان فيه عن داود بن سرحان فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رحمهما اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، وعبد الرحمن بن أبي نجران ، عن داود بن سرحان العطار الكوفي (3).

وما كان فيه عن المعلى بن خنيس فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن حماد بن

ص: 468


1- ربعي - بكسر الراء المهملة وسكون الباء الموحدة - ابن عبد اللّه بن الجارود ابن أبي سبرة الهذلي البصري كان من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام ، وله أصل وعنونه الخاصة والعامة في كتب رجالهم وعدوه من الثقات ، والطريق إليه صحيح.
2- عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني رضوان اللّه تعالى عليه أشهر من أن يوصف ، له كتاب خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) والطريق إليه قوى في الأول وضعيف في الثاني لمكان سهل.
3- داود بن سرحان مولى كوفي ثقة ، روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام. وله كتاب ، والطريق إليه صحيح.

عيسى ، عن المسمعي ، عن المعلى بن خنيس وهو مولى الصادق ( عليه السلام ) كوفي ، بزاز قتله داود بن علي (1).

وما كان فيه عن إبراهيم بن أبي البلاد فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ويكنى أبا إسماعيل (2).

وما كان فيه عن أبي أيوب الخزاز فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز ، ويقال إنه إبراهيم ابن عيسى (3).

وما كان فيه عن أبي ولاد الحناط فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط ، واسمه حفص بن سالم مولى بني مخزوم (4).

وما كان فيه عن محمد بن خالد البرقي فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن خالد البرقي (5).

ص: 469


1- المعلى بن خنيس مولى أبي عبد اللّه (عليه السلام) وكان من قبل مولى بني أسد ، كوفي بزاز ، له كتاب ، ضعفه النجاشي وتبعه العلامة ، ومدحه آخرون ، والطريق إليه صحيح بناء على كون المسمعي مسمع بن عبد الملك.
2- إبراهيم بن أبي البلاد - يحيى - كوفي ثقة من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام ، عمر عمرا طويلا وأدرك الرضا (عليه السلام) وله أصل ، والطريق إليه صحيح.
3- أبو أيوب الخزاز ثقة ، كبير المنزلة وكان من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام ، وله أصل والطريق إليه صحيح.
4- تقدم عنوانه مع طريق صحيح إليه بعنوان حفص بن سالم ، وهنا الطريق حسن كالصحيح.
5- محمد بن خالد أبو عبد اللّه البرقي عده الشيخ من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام ثقة ، وعده ابن داود من أصحاب موسى بن جعفر عليهما السلام أيضا ، وضعفه النجاشي ، والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن سيف التمار فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رحمه اللّه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن رباط ، عن سيف التمار (1).

وما كان فيه عن زكريا بن آدم فقد رويته عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أحمد بن إسحاق بن سعد ، عن زكريا بن آدم القمي صاحب الرضا ( عليه السلام ) (2).

وما كان فيه عن بحر السقاء فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن بحر السقاء وهو بحر بن كثير (3).

وما كان فيه عن جابر بن إسماعيل فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن

ص: 470


1- هو سيف بن سليمان التمار عنونه في « جش » قائلا أبو الحسن كوفي روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام ثقة ، له كتاب رواه عنه محمد بن أبي حمزة - انتهى ، والطريق إليه فيه السعد آبادي والحسن بن رباط وهما مهملان.
2- زكريا بن آدم بن عبد اللّه بن سعد الأشعري القمي ثقة جليل القدر ، عظيم الشأن ، له كتاب ، وهو زميل علي بن موسى الرضا عليهما السلام سنة في الحج إلى مكة ، وروى عن علي بن المسيب الهمداني الثقة قال : « قلت للرضا عليه السلام : شقتي بعيدة فلست أصل إليك في كل وقت ، ممن آخذ معالم ديني؟ قال : من زكريا بن آدم القمي المأمون على الدين والدنيا ». والطريق إليه صحيح.
3- هو بحر بن كنيز - بالنون والزاي المعجمة - السقاء البصري الباهلي عنونه العامة في رجالهم كالتهذيب والتقريب والطبقات لابن سعد وميزان الاعتدال والقاموس وذيل الطبري وقال الأخير بحر بن كنيز السقاء الباهلي ويكنى أبا الفضل وكان من ساكني البصرة وبها كانت وفاته سنة 160 في خلافة المهدي وكان ممن لا يعتمد على روايته - انتهى ، ونقل العسقلاني عن جماعة ضعفه وكونه متروكا ، ولعل ذلك لكونه اماميا كما هو دأبهم ، والطريق إليه صحيح. والظاهر أن لفظ « كثير » تصحيف كنيز والعامة كثيرا ما أضبط في هذه الأمور الجزئية.

عبد اللّه ، عن سلمة بن الخطاب ، عن محمد بن الليث عن جابر بن إسماعيل (1).

وما كان فيه عن أبي جرير بن إدريس فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن أبي جرير بن إدريس صاحب موسى بن جعفر عليهما السلام (2).

وما كان فيه عن زكريا النقاض فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن علي بن إسماعيل ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد اللّه بن مسكان ، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك ، عن زكريا النقاض ، وهو زكريا بن مالك الجعفي (3).

وما كان فيه عن معروف بن خربوذ فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية الأحمسي ، عن معروف بن خربوذ بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية الأحمسي ، عن معروف بن خربوذ المكي (4).

ص: 471


1- جابر بن إسماعيل غير مذكور في كتب رجالنا ، وروى المصنف عنه في المجلد الأول ص 475 تحت رقم 1374 عن الصادق عليه السلام ، وفي رجال العامة رجل مكنى بابي عباد اسمه جابر بن إسماعيل الحضرمي المصري فلعله هو لانطباق الطبقة فان جابر هذا يروي عنه عبد اللّه بن وهب القرشي المتولد 125 والمتوفي 197. وعلى أي الطريق ضعيف بسلمة بن الخطاب مضافا إلى أن محمد بن الليث مهمل.
2- هو زكريا بن إدريس بن عبد اللّه الأشعري القمي يكنى أبا جرير يروى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن وعلي بن موسى عليهم السلام وله كتاب رواه البرقي بواسطة أبيه وترحم عليه الرضا عليه السلام ، وقال العلامة : كان وجها. والطريق إليه حسن كالصحيح.
3- زكريا النقاض هو زكريا بن مالك الجعفي على ما ذكره المصنف كما سيأتي ذكره ص 479 بهذا العنوان مع اختلاف ما في الطريق إليه ، وفي رجال النجاشي « زكريا بن عبد اللّه النقاض » وكيف كان هو من أصحاب الأئمة الباقر والصادق والكاظم والرضا عليهم السلام ولم يوثق ، ويمكن الحكم بصحة السند لصحة الطريق عن عبد اللّه بن مسكان وهو من أصحاب الاجماع.
4- معروف بن خربوذ - بفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء - وقيل بسكونها - ثم الياء الموحدة المضمومة والواو الساكنة والذال المعجمة - المكي القرشي مولاهم كان من أصحاب الأئمة السجاد والباقر والصادق عليهم السلام ، وهو ممن أجمعت الكل على تصديقهم والاقرار لهم بالفقه وفيه أخبار مادحة ، وأخرى قادحة في طرقها ضعف ، وعنونه العسقلاني في التقريب وقال : صدوق ، وفي التهذيب وقال : ذكره ابن حبان في الثقات وروى عن ابن معين ضعفه ، والطريق إليه صحيح ، وقال في الخلاصة حسن.

وما كان فيه عن سعيد الأعرج فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي ، عن سعيد بن عبد اللّه الأعرج الكوفي (1).

وما كان فيه عن علي بن عطيه فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن حسان ، عن علي بن عطية الأصم الحناط الكوفي (2).

وما كان فيه عن معمر بن خلاد فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل ، ومحمد بن علي ماجيلويه ، وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنهم عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن معمر بن خلاد (3).

وما كان فيه عن هارون بن حمزة الغنوي فقد رويته عن محمد بن الحسن رحمه اللّه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين أبي الخطاب ، عن يزيد بن إسحاق شعر ، عن هارون بن حمزة الغنوي (4).

ص: 472


1- سعد بن عبد اللّه - أو عبد الرحمن - الأعرج السمان أبو عبد اللّه التيمي مولاهم كوفي ثقة وكان من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، وله كتاب ، والطريق قوي بعبد الكريم بن عمرو الواقفي ، ويمكن الحكم بصحته لصحة الطريق إلى البزنطي.
2- علي بن عطية الحناط الكوفي ثقة من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ، والطريق إليه صحيح ، والمراد بعلي بن حسان أبو الحسين الواسطي القصير الثقة لا الهاشمي الضعيف الغال لأنه لا يروي الا عن عمه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي. كما سيأتي.
3- معمر - كمجمر - ابن خلاد - بشد اللام - ثقة وكان من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام ، له كتاب ، والطريق إليه حسن كالصحيح.
4- هارون بن حمزة الغنوي الصيرفي الكوفي من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام وهو ثقة عين ، له كتاب والطريق إليه صحيح عند العلامة لكن يزيد بن إسحاق لم يوثق صريحا.

وما كان فيه عن جعفر بن بشير البجلي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير البجلي (1).

وما كان فيه عن حفص بن غياث فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن حفص بن غياث. ورويته عن علي بن أحمد بن موسى رحمه اللّه عن محمد بن أبي عبد اللّه ، عن محمد بن أبي بشير قال : حدثنا الحسين بن الهيثم قال : حدثنا سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث.

ورويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث النخعي القاضي (2).

وما كان فيه عن علي بن رئاب فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رحمهما اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وإبراهيم بن هاشم جميعا عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب (3).

ص: 473


1- جعفر بن بشير الوشاء أبو محمد البجلي ثقة جليل القدر من أصحاب أبي الحسن الثاني (عليه السلام) قال النجاشي هو من زهاد أصحابنا وعبادهم ونساكهم وكان ثقة ومات بالأبواء سنة ثمان ومائتين ، وقال الشيخ : « له كتاب أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن الصفار عن الحسن بن متيل عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عنه ، وله كتاب ينسب إلى جعفر ابن محمد عليهما السلام رواية الرضا (عليه السلام) ». أقول الطريق إليه صحيح.
2- حفص بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي أبو عمر الكوفي القاضي ، عامي له كتاب معتمد روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام ، ولى القضاء ببغداد الشرقية لهارون ثم ولاه الكوفة ومات بها ، ولم يوثق صريحا الا أن الشيخ ذكر في العدة - على المحكى - انه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغيره من العامة عن أئمتنا عليهم السلام ما لم يكن عندهم خلافة. عنونه العامة في رجالهم ووثقوه. والطريق الأول صحيح الا ان فيه البرقي عن أبيه وتقدم الكلام فيهما ، وفي الطريق الثاني مجاهيل من العامة. وفي الثالث القاسم بن محمد وسليمان المنقري وتقدم ذكرهما.
3- علي بن رئاب - بكسر الراء المهملة وتخفيف الهمزة - الكوفي السعدي مولاهم يكنى أبا الحسن ويلقب طحان ، وهو ثقة جليل القدر وكان من علية علماء الشيعة كما كان أخوه من علية علماء الخوارج وكانا يجتمعان في كل سنة ثلاثة أيام يتناظران فيها ثم يفترقان ولا يسلم أحدهما على الاخر ، ولكل واحد منهما كتب في مذهبه ( راجع مروج الذهب أواخر عنوان عمر بن عبد العزيز الأموي ) والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن حسان الواسطي (1) عن عمه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي.

وما كان فيه عن سليمان الديلمي فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رحمهما اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن عباد بن سليمان ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه سليمان الديلمي (2).

وما كان فيه عن علي بن الفضل الواسطي فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن الفضل الواسطي صاحب الرضا ( عليه السلام ) (3).

وما كان فيه عن موسى بن القاسم البجلي فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن الفضل بن عامر ، وأحمد بن محمد بن عيسى

ص: 474


1- « الواسطي » وهم اما من المؤلف أو الكاتب والصواب الهاشمي وتقدم الكلام فيه في المجلد الثالث ص 561 باب الكبائر ، وعبد الرحمن بن كثير ضعيف وكذا علي بن حسان الهاشمي ابن أخيه.
2- سليمان بن عبد اللّه الديلمي أبو محمد ، قيل : أصله من بجيلة الكوفة وكان يتجر إلى خراسان ويكثر شراء سبي الديلم فقيل له : الديلمي ، وغمزوا عليه وقيل : كان غاليا كذابا وكذلك ابنه محمد ضعيف عند غير واحد منهم لا يعمل بما انفردا به من الرواية ، وله كتاب روى عنه ابنه محمد فالطريق ضعيف.
3- علي بن الفضل الواسطي إن كان أبا الحسن الخزاز الكوفي فهو من أصحاب الصادق عليه السلام غير أن الكوفي غير الواسطي فالظاهر أنه رجل آخر وكان صاحب علي بن موسى عليهما السلام وهذا النعت له من المؤلف فوق التوثيق ، والطريق إليه حسن كالصحيح. بإبراهيم ، وعنون الشيخ علي بن الفضل في أصحاب الرضا عليه السلام.

عن موسى بن القاسم البجلي (1).

وما كان فيه عن يونس بن عمار فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي الحسن يونس بن عمار بن الفيض الصيرفي التغلبي الكوفي وهو أخو إسحاق بن عمار (2)

وما كان فيه عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن - رحمهما اللّه - عن محمد بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس جميعا عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري (3)

وما كان فيه عن هارون بن خارجة فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن عثمان بن عيسى ، عن هارون بن خارجة الكوفي (4).

وما كان فيه عن محمد بن خالد القسري فقد رويته عن جعفر بن محمد بن مسرور رحمه اللّه عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبد اللّه بن عامر ، عن حفصة ، عن

ص: 475


1- موسى القاسم بن معاوية البجلي ، عربي كوفي ثقة جليل ، واضح الحديث ، حسن الطريقة من أصحاب الرضا عليه السلام ، له ثلاثون كتابا ، والطريق إليه صحيح.
2- يونس بن عمار هذا هو أخو إسحاق بن عمار الصيرفي ، روى الكليني في الكافي باب شدة ابتلاء المؤمن ج 2 ص 259 خبرا تدل على ايمانه واخلاصه وطمأنينته إلى أبي عبد - اللّه عليه السلام ، والطريق إليه صحيح الا أن في أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي قولا.
3- أبو جعفر محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمي ثقة جليل القدر له كتاب نوادر الحكمة وهو كتاب حسن كبير يعرفه القميون بدبة الشبيب - وكان شبيب يبيع الفوم وكان له دبة ذات بيوت يعطى منها ما يطلب منه من دهن فشبهوا كتاب النوادر هذا بذلك لاشتماله على مطالب متنوعة ، وله كتب أخرى ، والطريق إليه صحيح.
4- هارون بن خارجة الصيرفي مولى كوفي ثقة ، له كتب ، والطريق إليه فيه محمد ابن علي الكوفي والظاهر أنه أبو سمينة الصيرفي وهو ضعيف جدا ، فاسد الاعتقاد ، لا يعتمد في شئ كما في ( صه وجش ).

محمد بن خالد بن عبد اللّه البجلي القسري وهو كوفي عربي (1).

وما كان فيه عن العقرقوفي فقد رويته عن الحسين بن إبراهيم بن تاتانة رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن مبارك العقرقوفي الأسدي (2).

وما كان فيه عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي رضي اللّه عنه فقد رويته عن علي بن أحمد بن موسى ، ومحمد بن أحمد السناني ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب رضي اللّه عنهم عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي الكوفي رضي اللّه عنه (3).

وما كان فيه عن عمرو بن جميع فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن الحسن بن علي بن يوسف ، عن معاذ الجوهري ، عن عمرو بن جميع (4).

ص: 476


1- محمد بن خالد بن عبد اللّه القسري الكوفي كان والي المدينة ، يروى عن الصادق عليه السلام ، وكان أبوه أمير الحجاز وولي العراقين بعد الحجاج قبل يوسف بن عمر وكان رجل سوء يقع في علي أمير المؤمنين عليه السلام وقيل كان هو والى المدينة فقط لا ابنه محمد وذلك قول بلا تحقيق لما روى الكليني ج 3 ص 462 والشيخ أيضا في صلاة الاستسقاء ما يدل على خلافة ، وحفصة في الطريق وفي بعض النسخ « خفقة » غير مذكور
2- مبارك العقرقوفي هذا غلام شعيب العقرقوفي الأسدي ولاه ، يروى عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، وهو متحد مع مبارك غلام شعيب ومع مبارك بن عبد اللّه مولى بني أسد ، وأما الطريق إليه فضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
3- محمد بن جعفر الأسدي له كتاب وهو الذي يروي عنه الكليني بلا واسطة وهو محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي أبو الحسين الكوفي ساكن الري ويقال له محمد ابن أبي عبد اللّه وكان ثقة في نفسه الا أنه يروى عن الضعفاء ، والمشايخ الثلاثة في الطريق اجتماعهم يورث الاعتماد فخبره حسن كالصحيح.
4- عمرو بن جميع - بضم الجيم - أبو عثمان الأزدي البصري قاضي الري ضعيف [ الحديث ] وله كتاب ، وفي الطريق إليه الحسن بن الحسين اللؤلؤي الثقة ، لا الذي استثناه ابن الوليد من رجال نوادر الحكمة وتبعه المؤلف فهو الحسن بن الحسين اللؤلؤي الضعيف وفيه معاذ بن ثابت الجوهري وهو مهمل له كتاب كما في « ست ».

وما كان فيه عن مروان بن مسلم فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن محمد ابن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسين عن علي بن يعقوب الهاشمي ، عن مروان بن مسلم (1).

وما كان فيه عن عاصم بن حميد فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رحمهما اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد (2).

وما كان فيه عن محمد بن عبد الجبار فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري ، ومحمد بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس جميعا عن محمد بن عبد الجبار ، وهو محمد بن أبي الصهبان (3).

وما كان فيه عن يعقوب بن شعيب فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن الحسن بن متيل ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير عن حماد بن عثمان ، عن يعقوب بن شعيب بن ميثم الأسدي وهو مولى كوفي (4).

وما كان فيه عن درست بن أبي منصور فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن علي الوشاء ، عن درست بن

ص: 477


1- مروان بن مسلم كوفي ثقة له كتاب ، والطريق إليه ضعيف بسهل بن زياد مضافا إلى أن فيه علي بن يعقوب الهاشمي وهو غير مذكور.
2- عاصم بن حميد - بضم الحاء المهملة - الحناط الكوفي الحنفي مولاهم ثقة عين صدوق له كتاب ، روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، والطريق إليه حسن كالصحيح.
3- محمد بن عبد الجبار القمي وقد يلقب بالشيباني ثقة وهو من أصحاب أبي جعفر الجواد وأبي الحسن الهادي وأبي محمد العسكري عليهم السلام ، له روايات ، والطريق إليه صحيح.
4- يعقوب بن شعيب كان من أصحاب أبي جعفر الباقر وأبي عبد اللّه وأبي الحسن موسى عليهم السلام ، وثقة النجاشي وتبعه العلامة ، وله كتاب ، والطريق إليه صحيح عند العلامة.

أبي منصور الواسطي (1).

وما كان فيه عن وهب بن وهب فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن أبي البختري وهب بن وهب القاضي القرشي (2).

وما كان فيه عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رحمه اللّه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي.

ص: 478


1- درست - بضم الدال والراء المهملتين وسكون السين المهملة وآخره تاء مثناة فوقية - ابن أبي منصور - محمد - الواسطي ، كان من أصحاب أبي عبد اللّه وأبي الحسن موسى عليهما السلام ، واقفي ولم يوثق ، وله كتاب ، والطريق إليه صحيح.
2- وهب بن وهب أبو البختري ضعيف جدا وله قصة مع يحيى بن عبد اللّه بن الحسن والرشيد وذلك على ما يستفاد من مقاتل الطالبيين أن الرشيد كتب مع الفضل بن يحيى أمانا ليحيى بن عبد اللّه وأشهد عليه شهودا وبعث به مع الفضل إليه وهو بخراسان وجعل الأمان على نسختين إحديهما مع يحيى والأخرى معه ، فدخل يحيى بغداد بأمانه وأجازه الرشيد بجوائز سنية وأقام يحيى ببغداد مدة وفي نفس الرشيد الحيلة على يحيى والتفرغ له وطلب العلل عليه وعلى أصحابه إلى أن دعاه يوما وجمع الفقهاء وفيهم الشيباني والحسن ابن زياد اللؤلؤي ، ووهب بن وهب أبو البختري هذا ، فجمعوا في مجلس وخرج إليهم مسرور الكبير بالأمان ، فبدأ الشيباني فنظر فيه ، فقال : هذا أمان مؤكد لا حيلة فيه ، فصاح عليه مسرور وقال : هاته ، فأخذ منه ودفعه إلى اللؤلؤي فنظر فيه فقال بصوت ضعيف : هو أمان ، واستلبه أبو البختري هذا وقال : هذا باطل منتقض قد شق عصا الطاعة وسفك الدم فاقتله ودمه في عنقي ، فدخل مسرور إلى الرشيد فأخبره ففرح الرشيد بذلك وأمر أبا البختري وهب بن وهب بخرق الأمان فخرقه وهو يرتعد حتى صيره سيورا وقال له الرشيد : يا مبارك يا مبارك فوهب له ألف ألف وستمائة ألف وولاه القضاء ، وصرف الآخرين ومنه الشيباني من الفتيا مدة طويلة وأمر بأخذ يحيى وحبسه وبعد أيام بقتله - انتهى ما أردنا نقله - ونقلنا ذلك ليتضح صحة قول النجاشي فيه : « كان كذابا وله أحاديث مع الرشيد في الكذب ». وقال سعد : تزوج أبو عبد اللّه بأمه ، وكان قاضيا عاميا إلا أن له أحاديث عن جعفر بن محمد كلها لا يوثق بها ، وله كتب رواه السندي بن محمد ، أقول : الطريق إليه صحيح ، وكأن ما نقله المصنف عنه في هذا الكتاب موافقا للأخبار الصحيحة فلذلك اعتمد.

عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال (1).

وما كان فيه عن القاسم بن سليمان فقد رويته عن محمد بن الحسن رحمه اللّه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان (2).

وما كان فيه عن زكريا بن مالك الجعفي فقد رويته عن الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه اللّه عن أبيه ، عن محمد بن أحمد ، عن علي بن إسماعيل ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد اللّه بن مسكان ، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك ، عن زكريان بن مالك الجعفي (3).

وما كان فيه عن إبراهيم بن محمد الهمداني فقد رويته عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن إبراهيم ابن محمد الهمداني (4).

وما كان فيه عن مصادف فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رحمه اللّه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ،

ص: 479


1- سالم بن مكرم - بضم الميم واسكان الكاف وفتح الراء - أبو خديجة الجمال الكوفي الكناسي ، مولى بني أسد كان من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام وكناه أبا سلمة ، وله كتاب يرويه عنه عدة من أصحابنا وهو عند النجاشي ثقة وتقدم الكلام فيه في أول المجلد الثالث في الهامش فلراجع ، والطريق إليه ضعيف بمحمد بن علي الكوفي فان الظاهر كونه أبا سمينة الصيرفي.
2- قاسم بن سليمان الكوفي أو البغدادي له أصل أو كتاب وكان من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ولم يوثق صريحا ، والطريق إليه صحيح عند العلامة ، واختلاف في محمد بن عيسى.
3- تقدم عنوانه ص 471.
4- إبراهيم بن محمد الهمداني - بالدال ، وقيل بالذال المعجمة - كان من أصحاب أبي جعفر الثاني والهادي والعسكري عليهم السلام وكان وكيلا لهم ويظهر من كتاب أبي - جعفر عليه السلام إليه كما في « كش » عظم شأنه وكونه ثقة والطريق إليه حسن كالصحيح.

عن علي بن رئاب ، عن مصادف (1).

وما كان فيه عن مصعب بن يزيد الأنصاري عامل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقد رويته عن أبي ، محمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن إبراهيم بن عمران الشيباني ، عن يونس بن إبراهيم ، عن يحيى بن أبي الأشعث الكندي ، عن مصعب بن يزيد الأنصاري قال : استعملني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) على أربع رساتيق المدائن وذكر الحديث (2).

وما كان فيه عن طلحة بن زيد فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، ومحمد بن سنان جميعا عن طلحة بن زيد (3).

ص: 480


1- مصادف مولى أبي عبد اللّه عليه السلام ضعيف وله حكاية رواها الكليني في روضة الكافي عن مرازم قال : « خرجنا مع أبي عبد اللّه عليه السلام حيث خرج من عند أبي جعفر المنصور من الحيرة ، فخرج ساعة أذن له وانتهى إلى السالحين في أول الليل فعرض له عاشر فقال له : لا أدعك أن تجوز ، فألح عليه وأنا ومصادف معه ، فقال له مصادف : جعلت فداك أنما هو كلب قد آذاك وأخاف أن يردك أتأذن لنا أن نضرب عنقه ثم نطرحه في النهر ، فأبى عليه السلام ولم يزل مصادف يلح عليه حتى مضى أكثر الليل ، فأذن له العاشر ، فقال عليه السلام : يا مرازم هذا خير أم الذي قلتما » - انتهى ، والطريق إليه صحيح ويمكن تصحيح السند لصحته عن السراد.
2- مصعب - بضم الميم - ابن يزيد الأنصاري كان من التابعين روى المؤلف في باب الخراج والجزية ( ج 2 ص 48 ) عنه قال : « استعملني أمير المؤمنين عليه السلام على أربعة رساتيق المدائن - الخ » فيظهر منه أنه غير مصعب بن يزيد الذي عنونه ( جش ) فإنه روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام بواسطة وقال أبو العباس في حقه : « ليس بذاك » وبالجملة في الطريق رجال مجاهيل والظاهر أنهم من العامة ولم أجدهم في رجالهم.
3- طلحة بن زيد أبو الخزرج النهدي الشامي ويقال : الجزري ، عامي بتري ( جش ) الا أن كتابه معتمد ( ست ) روى عن الصادقين عليهما السلام وعنونه العامة في رجالهم وقال أحمد : ليس بذاك ، وقال أبو حاتم : منكر الحديث ، وقال النسائي : ليس بثقة ، أقول : الطريق إليه صحيح ، ولا عبرة بجرح العامة ، ويؤيد اعتبار كتابه رواية محمد بن الحسن بن الوليد الذي لم يرو بعض كتب الصفار وسعد لعدم معلومية صحة ذاك البعض عنده.

وما كان فيه عن أبي الورد فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن الحميري ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي الورد (1).

وما كان فيه عن عن الفضل بن أبي قرة السمندي فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن شريف بن سابق التفليسي ، عن الفضل بن أبي قرة السمندي (2).

وما كان فيه عن الوصافي فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن عبيد اللّه بن الوليد الوصافي (3).

ص: 481


1- أبو الورد قيل هو الورد بن زيد المتقدم روايته تحت رقم 4182 عن أبي جعفر عليه السلام ، وروى الكليني في فضل الحج ج 2 ص 263 في الصحيح عن سلمة بن محرز قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام إذ جاءه رجل يقال له أبو الورد فقال لأبي عبد اللّه عليه السلام رحمك اللّه انك لو كنت أرحت بدنك من المحمل ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : يا أبا الورد اني أحب أن أشهد المنافع التي قال اللّه تبارك وتعالى : « ليشهدوا منافع لهم » انه لا يشهدها أحد الا نفعه اللّه ، أما أنتم فترجعون مغفورا لكم ، وأما غيركم فيحفظون في أهاليهم وأموالهم » ويظهر منه كون أبي الورد من المرضيين وفي خطابه عليه السلام إياه بالكنية نوع تجليل له كما لا يخفى ، والطريق إليه صحيح.
2- فضل بن أبي قرة السمندي أو السهندي - كما في بعض النسخ - ضعيف ، روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وله كتاب ، والطريق إليه ضعيف بشريف بن سابق.
3- عبيد اللّه بن الوليد الوصافي يكنى أبا سعيد ثقة روى عن الصادقين عليهما السلام وله كتاب يرويه ابن مسكان ، والوصافي نسبة إلى رجل من سادات العرب وكأنه وصاف بن عامر العجلي ، قال في اللباب : « الوصافي - بفتح الواو والصاد المهملة المشددة ، هذه النسبة إلى وصاف وهو اسم جماعة ، منهم وصاف بن عامر العجلي واسم وصاف مالك ، ينسب إليه عبيد اللّه بن الوليد بن عبد الرحمن بن قيس الوصافي يروى عن عطية وعطاء ، وسمع منه يعلى بن عبيد ووكيع ». وفي التهذيب والتقريب عبيد اللّه بن الوليد الوصافي أبو إسماعيل الكوفي قال البخاري : هو من ولد وصاف بن عامر العجلي ، ثم نقل روايته عن جماعة من معاصري أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام ثم نقل قول جماعة منهم في كونه مجروحا عندهم ، وقد عرفت أن ما عنونه رجالنا يكنى أبا سعيد ، والذي عنونه العامة يكنى أبا إسماعيل فان كانا متحدين فلا عبرة بتضعيفهم وعندي أن عبد اللّه بن الوليد الوصافي وعبيد اللّه بن الوليد الوصافي وعبد اللّه بن الوليد العجلي الكوفي رجل واحد. وبالجملة الطريق إليه قوى بابن فضال الفطحي الموثق.

وما كان فيه عن الوليد بن صبيح فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، الحسين بن المختار ، عن الوليد ابن صبيح (1).

وما كان فيه عن الزهري فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري واسمه محمد بن مسلم بن شهاب عن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) (2).

ص: 482


1- الوليد بن صبيح الأسدي مولاهم الكوفي يكنى أبا العباس ثقة من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ، وله كتاب ، والطريق إليه ضعيف بالحسين بن المختار القلانسي وهو واقفي ولم يوثق صريحا غير أن المفيد - رحمه اللّه غير أن المفيد - رحمه اللّه - في ارشاده باب النص على أبي الحسن الرضا عليه السلام ذكره من خاصة الكاظم عليه السلام وثقاته.
2- محمد بن مسلم بن عبيد اللّه بن شهاب الزهري المدني التابعي من فقهاء العامة ومحدثيهم ، ولد سنة 52 وتوفي 124 وكان من المنحرفين عن أمير المؤمنين وأولاده عليهم السلام ، عنونه الشيخ في رجاله وقال : « عدو » وكذا العلامة وابن داود والتفرشي كان أبوه مسلم مع مصعب بن الزبير وجده عبيد اللّه مع المشركين يوم بدر ، وكان أكثر عمره عاملا لبني أمية ، وذكره ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ج 1 ص 370 وقال : روى جرير بن عبد الحميد عن محمد بن شيبة قال : شهدت مسجد المدينة فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليا فنالا منه ( أي شتماه ) فبلغ ذلك علي بن الحسين عليهما السلام فجاء حتى وقف عليهما فقال : أما أنت يا عروة فان أبي حاكم أباك إلى اللّه فحكم لأبي على أبيك ، وأما أنت يا زهري فلو كنت بمكة لأريتك بيت أبيك. و العجب من بعض المحققين المعاصرين حيث غمز على الشيخ- رضوان اللّه تعالى عليه- قوله «عدوّ» و قال بعدم صحّة هذا القول و ذكر أنّه و ان كان عاميا الا أنّه كان مواليا مكرما لعلىّ ابن الحسين عليهما السلام. و أنت خبير بأن إكرامه عليّ بن الحسين عليهما السلام و اكباره إيّاه و تبجيله له ما كان الّا لاغراض سياسيّة أو كان مأمورا بذلك من قبل الامير لا للدّين كما هو المشاهد من أمثاله في الاعصار، و كيف لا و هو يتقلّب في دنيا بنى اميّة منذ خمسين سنة قال ابن خلّكان: لم يزل الزهرى مع عبد الملك ثمّ مع هشام و كان يزيد بن عبد الملك قد استقضاه- الخ. و جعله هشام معلم أولاده و أمره أن يملى على أولاده أحاديث فأملى عليهم أربعمائة حديث. و معلوم أن كلما أملى عليهم من هذه الأحاديث هو ما يروق القوم و لا يكون شي ء من ذلك في فضل على و أولاده عليهم السلام و من هنا أطراه علماؤهم و رفعوه فوق درجته بحيث تعجّب ابن حجر من كثرة ما نشره من العلم. و من تأمل في رسالة عليّ بن الحسين عليهما السلام إليه لا يشك في كونه من رجال السياسة الذين أيدوا الجبابرة باعانتهم اياهم و معيتهم معهم لوجاهتهم و مقبوليتهم عند الناس حيث يقول عليه السلام في جملة ما كتب إليه: «و اعلم أن أدنى ما كتمت و أخفّ ما احتملت أن آنست وحشة الظالم و سهلت له طريق الغى بدنوّك منه حين دنوت و اجابتك له حين دعيت، فما أخوفنى أن تكون تبوء باثمك غدا مع الخونة، و أن تسأل عما أخذت باعانتك على ظلم الظلمة، انك أخذت ما ليس لك ممن أعطاك، و دنوت ممن لا يرد على أحد حقا، و لم ترد باطلا حين أدناك و أحببت من حادّ اللّه سبحانه، أو ليس بدعائه اياك حين دعاك جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم و جسرا يعبرون عليك الى بلاياهم، و سلما الى ضلالتهم، داعيا الى غيهم، سالكا سبيلهم، يدخلون بك الشك على العلماء، و يقتادون بك قلوب الجهال اليهم، فلم يبلغ أخص وزرائهم، و لا أقوى أعوانهم الا دون ما بلغت من اصلاح فسادهم، و اختلاف الخاصّة و العامّة اليهم، فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك- الى آخر ما نقله الحسن ابن عليّ بن شعبة الحرّانيّ في تحف العقول». ثمّ اعلم أن المصنّف- رحمه اللّه- لم يحتج بخبر الزهرى لبيان حكم من الاحكام انما احتج بأخباره على المخالفين من طريق الجدل كاحتجاجه بخبره في بطلان العول فان المخالفين يقولون بصحته. و هذا دأبه- رحمه اللّه- في أكثر موارد الاختلاف، و أمّا الطريق إليه ففيه القاسم بن محمّد الأصبهانيّ المعروف بكاسام أو كاسولا و هو لم يكن بالمرضى.

ص: 483

وما كان فيه عن الحسن بن علي الوشاء فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وإبراهيم بن هاشم جميعا عن الحسن بن علي الوشاء المعروف بابن بنت إلياس (1).

وما كان فيه عن الحسن بن راشد فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، وأحمد بن محمد بن عيسى ، وإبراهيم بن هاشم جميعا عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد. ورويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد (2).

وما كان فيه عن أبان بن عثمان فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، وأيوب بن نوح ، وإبراهيم بن هاشم ومحمد بن عبد الجبار كلهم عن محمد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، عن أبان بن عثمان الأحمر (3).

ص: 484


1- الحسن بن علي الوشاء الخزاز أبو محمد البجلي الكوفي ، كان من وجوه هذه الطائفة وعينا من عيونهم ، روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام. والطريق إليه صحيح.
2- الحسن بن راشد يكنى أبا على مولى لآل المهلب ضعيف في روايته ، روى عن أبي جعفر الجواد عليه السلام له كتاب الراهب والراهبة وضعفه ابن الغضائر ى واعترض عليه الوحيد رحمه اللّه - في التعليقة. والطريق إليه ضعيف بقاسم بن يحيى ويأتي فيه كلام ص 490.
3- أبان بن عثمان الأحمر عده الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق عليه السلام قائلا البجلي الأحمر الكوفي ، وعنونه النجاشي قائلا الأحمر البجلي مولاهم كوفي يسكنها تارة والبصرة تارة وقد أخذ عنه أهلها : أبو عبيدة معمر بن المثنى وأبو عبد اللّه محمد بن سلام وأكثروا الحكاية عنه في أخبار الشعراء والنسب والأيام ، روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام ، ونقل الشيخ نحوه في الفهرست وقال ، ما عرف من مصنفاته الا كتابه الذي يجمع فيه المبدأ والمبعث والمغازي والوفاة والسقيفة والردة. وقال العلامة في الخلاصة قال الكشي - رحمه اللّه - قال محمد بن مسعود حدثني علي بن الحسن بن فضال قال : كان هو من الناووسية وكان مولى بجيلة ، وكان يسكن الكوفة ، ثم قال : ان العصابة أجمعت على تصحيح ما يصح عن أبان والاقرار له بالفقه ، فالأقرب عندي قبول روايته وإن كان فاسد المذهب للاجماع المذكور « ، أقول : قوله » وكان من الناووسية « لم يثبت لان في بعض النسخ المخطوطة من رجال الكشي » وكان من القادسية « ونقل الوحيد - رحمه اللّه - في التعليقة عن المحقق الأردبيلي - رضوان اللّه عليه أنه قال في كتاب الكفالة من شرحه للارشاد : كونه ناووسيا غير واضح بل » قيل : وكان ناووسيا « وفي رجال الكشي الذي عندي » قيل كان قادسيا أي من القادسية فكأنه تصحيف ، وبالجملة الطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن عمرو بن خالد فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد ابن عبد اللّه ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد (1).

وما كان فيه عن منصور بن يونس فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن حديد ، ومحمد بن إسماعيل ابن بزيع جميعا عن منصور بن يونس بزرج (2).

وما كان فيه عن محمد بن الفيض التيمي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن داود بن إسحاق الحذاء ، عن محمد بن الفيض التيمي (3).

ص: 485


1- عمرو بن خالد كان عاميا بتريا يروى المؤلف في الكتاب في غير مورد عنه عن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام وله ميل ومحبة شديدة إلى أهل البيت (عليهم السلام) وعنونه ابن حجر في تهذيب التهذيب ونقل عن جماعة جرحه ، وأصحابنا لم يوثقوه الا أنهم نقلوا عن الكشي عن ابن فضال الفطحي توثيقه إياه ، والطريق إليه فيه الحسين بن علوان الكلبي وهو أيضا عامي غير موثق الا أن له ميلا ومحبة لهم عليهم السلام.
2- منصور بن يونس يقال له : بزرج كان من أصحاب أبي عبد اللّه وأبي الحسن موسى عليهما السلام ، واقفي ولم يثبت توثيقه ، وقد يروى عن أبي الحسن علي بن موسى عليهما السلام وله كتاب ، والطريق إليه صحيح.
3- محمد بن الفيض من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ولم يوثق ، وحكى الوحيد البهبهاني - رحمه اللّه - عن خاله حسن حاله لوجود طريق في المشيخة إليه وتقدم الكلام فيه ذيل عنوان إسماعيل بن عيسى ، وأما الطريق إليه ففيه داود بن إسحاق أبو سليمان الجبلي الحذاء وهو غير مذكور.

وما كان فيه عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري الكوفي فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن أبي كهمس ، عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري الكوفي عربي ، وهو أخو أبي مريم عبد الغفار بن القاسم الأنصاري (1).

وما كان فيه عن إدريس بن هلال فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان عن إدريس بن هلال (2).

وما كان فيه عن القاسم بن عروة فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن عبد اللّه ابن جعفر الحميري ، عن هارون بن مسلم بن سعدان ، عن القاسم بن عروة (3).

وما كان فيه عن محمد بن قيس فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس (4).

ص: 486


1- عبد المؤمن بن القاسم بن قيس الأنصاري كوفي وهو أخو أبي مريم عبد الغفار الأنصاري وهما ثقتان ، وكان عبد المؤمن من أصحاب الصادقين - أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام - وتوفي قبل أبي عبد اللّه عليه السلام بسنة وهو ابن إحدى وثمانين سنة ، وله كتاب ، والطريق إليه فيه الحكم بن مسكين وأبو كهمس وهما مهملان
2- إدريس بن هلال غير مذكور في كتب الرجال وروى عنه المؤلف تحت رقم 1887 خبرا في حكم من أتى أهله في شهر رمضان عن الصادق عليه السلام. والطريق إليه ضعيف على المشهور بمحمد بن سنان.
3- القاسم بن عروة مولى أبي أيوب المورياني الخوزي الوزير للمنصور - نسبة إلى شعب الخوز بمكة وقيل : يعرف بالخوزي لشحه والأصل أنه مكي - وأما القاسم فبغدادي وبهامات ، روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام وله كتاب ، والطريق إليه صحيح مع أن لهارون ابن مسلم مذهب في الجبر والتشبيه ولكن لا يوجب القدح.
4- محمد بن قيس الظاهر أنه أبو عبد اللّه البجلي ، وهو ثقة عين ، له كتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام ، قال الشيخ في الفهرست أخبرنا به جماعة منهم محمد بن محمد بن النعمان ، والحسين بن عبيد ، وجعفر بن الحسين بن حسكة القمي ، عن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد ، والحميري ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام ، ويظهر منه كونه البجلي لا الأسدي الثقة أيضا الذي يكنى أبا نصر وكان خصيصا بعمر بن عبد العزير. والطريق إليه حسن كالصحيح. بإبراهيم بن هاشم.

وما كان فيه عن بشير النبال فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن سنان ، عن بشير النبال (1).

وما كان فيه عن عبد الكريم بن عمرو فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو الخثمي ولقبه كرام. (2)

وما كان فيه عن عيسى بن أبي منصور فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حماد بن عثمان ، عن عيسى بن أبي منصور وكنيته أبو صالح وهو كوفي مولى ، وحدثنا محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن ابن أبي يعفور قال : كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام إذ اقبل عيسى بن أبي منصور فقال لي : « إذا أردت أن تنظر خيارا في الدنيا خيارا » في الآخرة فانظر إليه (3).

ص: 487


1- بشير بن ميمون النبال الوابشي الكوفي ممدوح من أصحاب الصادقين عليهما السلام وكان من حملة الحديث على ما نقل عن المصنف قاله في كمال الدين ، والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
2- عبد الكريم بن عمرو بن صالح الخثعمي مولاهم كوفي روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام واقفي وثقه النجاشي وقال ثقة ثقة ، وضعفه الشيخ في رجاله وقال واقفي خبيث ، وله كتاب ، وعنونه العلامة في الخلاصة في المجروحين ، والطريق إليه صحيح.
3- عيسى بن أبي منصور سواء كان متحدا مع عيسى شلقان أو عيسى بن صبيح العرزمي أولا يظهر من خبر ابن الوليد كونه ممدوحا بل ثقة ، والطريق إليه صحيح ( راجع لتحقيق الكلام في الاتحاد والتغاير كتاب قاموس الرجال ج 7 ص 258 إلى 261 ).

وما كان فيه عن عمرو بن شمر فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر الخزاز ، عن عمرو بن شمر (1).

وما كان فيه عن سليمان بن عمرو فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أحمد بن علي ، عن عبد اللّه بن جبلة ، عن علي بن شجرة ، عن سليمان بن عمرو الأحمر (2).

وما كان فيه عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحسن بن علي ابن فضال ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي (3).

وما كان فيه عن علي بن أبي حمزة فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن علي بن أبي حمزة (4).

وما كان فيه عن يحيى بن أبي العلاء فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان ، عن يحيى بن أبي العلاء (5).

ص: 488


1- عمرو بن شمر كان من أصحاب الصادقين عليهما السلام وهو ضعيف جدا ، والطريق إليه فيه السعد آبادي وتقدم الكلام فيه.
2- سليمان بن عمرو ، إن كان سليمان بن عمرو بن عبد اللّه بن وهب النخعي فهو مجروح والا فغير مذكور ، وفي الطريق إليه مجهولان.
3- عبد الملك بن عتبة الهاشمي كان من أصحاب الصادقين عليهما السلام وليس له كتاب والذي له كتاب هو عبد الملك بن عتبة النخعي كما في « جش » والطريق إليه قوي بابن فضال وهو فطحي موثق.
4- هو البطائني المعروف وكان من عمد الواقفة ضعيف ، وله كتب والطريق إليه صحيح ويمكن تصحيح السند لمكان البزنطي.
5- يحيى بن أبي العلاء الرازي كان من أصحاب الصادقين عليهما السلام وهو متحد مع يحيى بن العلاء البجلي الذي وثقه النجاشي وكان قاضيا بالري ، عنونه العسقلاني في التهذيب ونقل تضعيفه عن جماعة منهم ، وله كتاب ، والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن محمد بن حكيم فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز عن محمد بن حكيم. ورويته عن محمد بن الحسن رحمه اللّه عن محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن حكيم (1).

وما كان فيه عن علي بن الحكم فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد ابن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم (2).

وما كان فيه عن عن علي بن سويد فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، وعبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا عن علي بن الحكم ، عن علي بن سويد (3).

وما كان فيه عن إدريس بن زيد ، وعلي بن إدريس صاحبي الرضا ( عليه السلام ) فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن إدريس بن زيد ، وعلي بن إدريس ، عن الرضا ( عليه السلام ) (4).

وما كان فيه عن محمد بن حمران فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي ابن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن حمران. ورويته أيضا عن محمد بن الحسن رحمه اللّه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أيوب بن نوح ، وإبراهيم بن هاشم

ص: 489


1- محمد بن حكيم هو الخثعمي كما في (جش) وكان من أصحاب أبى عبداللّه وأبى الحسن عليهما السلام يكنى أباجعفر ، له كتاب ولم يوثق صريحاً وكان مريضاً. والطريق الثانى اليه صحيح والاول أيضاً وان كان في البراقى كلام.
2- على بن الحكم تلميذ ابن أبي عمير ، ثقة جليل القدر له كتاب والطريق إليه صحيح.
3- علي بن سويد السائي كان من أصحاب أبي الحسن موسى وأبي الحسن الرضا عليهما السلام ، وثقه العلامة والشيخ ، وله كتاب ، والطريق إليه صحيح.
4- إدريس بن زيد وعلي بن إدريس لم يذكرا الا في المشيخة ووصف بكونهما صاحبي الرضا عليه السلام يكفي في جلالتهما ، والطريق إليهما حسن كالصحيح.

جميعا عن صفوان بن يحيى ، وابن أبي عمير جميعا عن محمد بن حمران (1).

وما كان فيه عن سعيد النقاش فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن سعيد النقاش (2).

وما كان فيه عن القاسم بن يحيى فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما - عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وإبراهيم بن هاشم جميعا عن القاسم بن يحيى (3).

وما كان فيه عن الحسين سعيد فقد رويته عن محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد. ورويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد (4).

وما كان فيه عن غياث بن إبراهيم فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، ومحمد بن يحيى الخزاز ، عن غياث بن إبراهيم (5).

ص: 490


1- تقدمت ترجمته ص 340 والطريق الثاني صحيح.
2- سعيد النقاش لم يذكر الا في المشيخة ونقل عن كتابه المؤلف في التكبير ليلة الفطر تحت رقم 2034. والطريق إليه ضعيف على المشهور بمحمد بن سنان.
3- القاسم بن يحيى بن الحسن راشد عنونه العلامة في الخلاصة في الضعفاء وصرح بأنه ضعيف ، ويمكن الاستظهار لحسن حاله بكلام المصنف في كيفية زيارة أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام في المجلد الثاني تحت رقم 3200 حيث قال بعد نقل الزيارة : « اخترت هذه لهذا الكتاب لأنها أصح الزيارات عندي من طريق الرواية » وفي طريق الزيارة القاسم بن يحيى ، وطريقه هنا إليه صحيح ، وله كتاب فيه آداب أمير المؤمنين عليه السلام.
4- الحسين بن سعيد بن حماد الأهوازي كان من أصحاب الأئمة الرضا والجواد والهادي عليهم السلام وهو ثقة جليل ، أصله من الكوفة وانتقل مع أخيه الحسن إلى الأهواز ثم تحول إلى قم فنزل على الحسن بن أبان وتوفي بها ، له مصنفات ، والطريقان إليه صحيحان.
5- غياث بن إبراهيم أبو محمد التميمي الأسدي بصري سكن الكوفة وكان بتريا روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهم السلام ، وثقه النجاشي والعلامة ، وله كتاب والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن علي بن محمد النوفلي فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه عن علي بن محمد النوفلي (1).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن لطيف التفليسي فقد رويته عن جعفر بن محمد بن مسرور رضي اللّه عنه عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبد اللّه بن عامر ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن لطيف التفليسي (2).

وما كان فيه عن ابن أبي نجران فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد ابن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران (3).

وما كان فيه عن محمد بن القاسم بن الفضيل البصري صاحب الرضا عليه السلام فقد رويته عن الحسين بن إبراهيم رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن محمد بن القاسم بن الفضيل البصري (4).

وما كان فيه عن سيف بن عميرة فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن سيف ، عن أخيه

ص: 491


1- علي بن محمد النوفلي عده الشيخ في أصحاب الهادي عليه السلام وله رواية في الكافي في باب النوادر من كتاب الصوم وفي الفقيه تحت رقم 2056 يظهر منها كونه من المخلصين وكذا من روايته في باب ما أعطى الأئمة عليهم السلام من اسم اللّه الأعظم. والطريق هنا صحيح وإن كان في البرقي كلام.
2- عبد اللّه بن لطيف التفلسي غير مذكور حاله إنما عده الشيخ في أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ، ويمكن تصحيح أخباره في الجملة لرواية ابن أبي عمير عنه. والطريق إليه صحيح فان الظاهر أن جعفر بن محمد بن مسرور كان من شيوخ الإجازة.
3- تقدم عنوانه ص 430.
4- محمد بن القاسم بن الفضيل البصري ثقة ، وثقه النجاشي مع أبيه وعمه وجده ، و وصفه المصنف بالصحبة ، وله كتاب ، والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم ، وأما الحسين بن إبراهيم فكان من المشايخ.

الحسين [ بن سيف ] عن أبيه سيف بن عميرة النخعي (1).

وما كان فيه عن محمد بن عيسى فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد ابن عبد اللّه ، عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني. ورويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني (2).

وما كان فيه عن محمد بن مسعود العياشي فقد رويته عن المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضي اللّه عنه عن جعفر بن محمد بن مسعود ، عن أبيه أبي النضر محمد ابن مسعود العياشي رضي اللّه عنه (3).

وما كان فيه عن ميمون بن مهران فقد رويته عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن أبي يحيى الأهوازي

ص: 492


1- سيف بن عميرة - بفتح العين - النخعي الكوفي ، وثقه الشيخ في الفهرست والعلامة في الخلاصة وابن شهرآشوب في المعالم غير أن الأخير قال بوقفه ، وقد حكى عن الشهيد (رحمه اللّه) أنه قال في شرحه على الارشاد : « ربما ضعف بعضهم سيفا والصحيح أنه ثقة » وله كتاب والطريق إليه فيه الحسين بن سيف وهو مهمل.
2- محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين مولى بني أسد بن خزيمة يكنى أبا جعفر واختلف فيه ، ضعفه الشيخ في الفهرست والرجال ، ووثقه النجاشي ، وقال المصنف بعدم اعتماد شيخه ابن الوليد على ما تفرد به من كتاب يونس ، وروى الكشي عن علي بن محمد القتيبي قال : كان الفضل ( يعني ابن شاذان ) يحب العبيدي ويثني عليه ويمدحه ويميل إليه ويقول : ليس في أقرانه مثله ، والأصل في جرحه ابن الوليد وتبعه المصنف ثم الشيخ ، ولعل الجرح لروايات رواها في قدح الاجلاء أمثاله زرارة ومحمد بن مسلم ومحمد بن النعمان وأبي بصير وبريد العجلي. وبالجملة طريق المصنف إليه صحيح.
3- محمد بن مسعود بن عياش السلمي السمرقندي المعروف بالعياشي ، يكنى أبا النضر وهو من عيون هذه الطائفة ، جليل القدر ، كثير التصانيف ، له كتب تزيد على مائتي مصنف وكان أول عمره عامي المذهب وسمع حديث العامة وأكثر منه ثم تبصر وذلك في حداثة سنه ، وسمع أصحاب علي بن الحسن بن فضال وعبد اللّه بن محمد بن خالد الطيالسي وجماعة من شيوخ الكوفيين والبغداديين والقميين ، وكان يروي كثيرا عن الضعفاء ، والطريق إليه حسن.

عن محمد بن جمهور ، عن الحسين بن المختار بياع الأكفان ، عن ميمون بن مهران (1).

وما كان فيه عن محمد بن عمران العجلي فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن عمران العجلي (2).

ص: 493


1- ميمون بن مهران تابعي عامي المذهب وكان قاضيا من قبل عمر بن عبد العزيز عنونه العامة قالوا : ميمون بن مهران الجزري أبو أيوب الفقيه ، نشأ بالكوفة ثم نزل الرقة ثم وثقوه فوق توثيقهم أضرابه ولعل ذلك لما رووا عنه أنه قال : كنت عند عمر بن عبد العزيز و أفضل عليا على عثمان فقال لي أيهما أحب إليك رجل أسرع في المال أو رجل أسرع في كذا؟  - يعني في الدماء ويريد بالثاني عليا عليه السلام - قال : فرجعت وقلت : لا أعود. ولما حكى ابن حجر عن العجلي أنه قال : « ميمون بن مهران جرزي تابعي ثقة وكان يحمل على علي (عليه السلام) » ولما روى أبو نعيم في الحلية عنه قال « أربع لا يكلم فيهم علي وعثمان والقدر والنجوم » ، وما عن فرات بن السائب قال قلت لميمون : علي عندك أفضل أم أبي بكر وعمر؟ فارتعد حتى سقطت عصاه من يده ، ثم قال : ما كنت أظن أن أبقى إلى زمان يعدل بهما ، دزهما كان رأس الاسلام ورأس الجماعة ، فقلت فأبو بكر كان أول اسلاما أو علي؟ قال : واللّه أمن أبو بكر بالنبي زمن بحيراء الراهب حين مر به واختلف ما بينه وبين خديجة حتى أنكحها إياه وذلك كان قبل أن يولد علي. ونقل أبو نعيم عنه أيضا روى أن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : « اقتلوا الرافضة » وعنه « ان النبي كبر على جنازة أربعا وأن أبا بكر كبر على فاطمة أربعا » كما في قاموس الرجال ج 9 ص 1. وأما الطريق إليه فضعيف بمحمد بن جمهور وفيه أيضا جعفر بن محمد بن مالك وفيه قول قوي بالضعف والوضع مضافا إلى أن في الطريق ارسال لان الحسين بن المختار ممن يدرك أبا الحسن الرضا عليه السلام وميمون بن مهران مات سنة 117 كما نص عليه علماؤهم ، وقد قيل بتعدد ميمون ولا يخفى بعده. ثمّ اعلم أن المؤلّف لم يحتج بخبره في هذا الكتاب غير أنّه نقل في آخر باب الاعتكاف خبرا عنه في جواز الخروج من المسجد في حال الاعتكاف لقضاء حاجة المؤمن حجة على المخالفين لانهم لا يجوزون ذلك. و ما في البرقي و الخلاصة من أنّه من خواص أمير المؤمنين عليه السلام عندنا غير واضح.
2- محمد بن عمران غير مذكور في الرجال ، والطريق إليه صحيح ، ويمكن تصحيح السند لصحته عن ابن أبي عمير.

وما كان فيه عن عيسى بن عبد اللّه الهاشمي فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن أبي عبد اللّه ، عن عيسى بن عبد اللّه بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام (1).

وما كان فيه عن أبي همام إسماعيل بن همام فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، وعبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا عن أحمد بن عيسى ، وإبراهيم بن هاشم جميعا عن أبي همام إسماعيل بن همام (2).

وما كان فيه عن عيسى بن يونس فقد رويته عن أحمد بن محمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن حماد بن عثمان ، عن عيسى بن يونس (3).

وما كان فيه عن حذيفة بن منصور فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور (4).

وما كان فيه عن داود الرقي فقد رويته عن الحسين بن أحمد بن إدريس رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد الرازي ، عن حريز ابن صالح ، عن إسماعيل بن مهران ، عن زكريا بن آدم ، عن داود بن كثير الرقي

ص: 494


1- لم أجد في كتب الأنساب ذكرا له ، ولعل في ذكر النسب اشتباها وكان عيسى بن عبد اللّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام وهو المذكور في الأنساب والرجال ، فإن كان المراد هذا فله كتاب ، وإن كان غيره فهو مجهول الحال ، وأما الطريق فصحيح.
2- إسماعيل بن همام ثقة هو وأبوه ، وكان من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام والطريق إليه صحيح.
3- عيسى بن يونس من أصحاب أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام ، وله كتاب ، والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
4- حذيفة بن منصور الظاهر أن المراد به الخزاعي مولى بني أسد ، واختلفوا فيه والتوثيق أكثر ، والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.

وروي عن الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : « أنزلوا داود الرقي مني بمنزلة المقداد من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) » (1).

وما كان فيه عن إسحاق بن بريد فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن المثنى بن الوليد ، عن إسحاق بن بريد (2).

وما كان فيه عن إبراهيم بن عمر فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني (3).

وما كان فيه عن الحسن بن علي بن فضال فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال (4).

وما كان فيه عن النضر بن سويد فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه

ص: 495


1- داود بن كثير الرقي - بكسر الراء - أبو سليمان ثقة ، وغمز عليه بعض لما ذكر الغلاة كونه من أركانهم والأصح توثيقه ، وعنونه العامة ، وذكره ابن حبان في الثقات. وله كتاب أو أصل ، وفي الطريق إليه مجهولان.
2- إسحاق بن بريد بن إسماعيل أبو يعقوب الطائي الكوفي ثقة ، كان من أصحاب جعفر بن محمد عليهما السلام وكان أبوه بريد أبو عامر الطائي روى عن الباقر عليه السلام. وفي بعض النسخ « إسحاق بن يزيد » وهو مصحف كما وقع في الخلاصة أيضا. والطريق إليه فيه السعد آبادي وقد مر الكلام فيه.
3- إبراهيم بن عمر اليماني الصنعاني كان من أصحاب الصادقين عليهما السلام ، وثقة النجاشي وضعفه ابن الغضائري ، وله كتاب ، والطريق إليه صحيح.
4- الحسن بن علي بن فضال التيملي مولى تيم اللّه بن ثعلبة كوفي وكان من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام وخصيصا به ، جليل القدر عظيم المنزلة وكان زاهدا ورعا ثقة في رواياته ، فطحيا إلى آخر عمره فلما حضره الوفاة قال بالحق - رضي اللّه عنه - وله كتب ذكر بعضها الشيخ في الفهرست ، والطريق إليه صحيح.

عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن النضر بن سويد (1).

وما كان فيه عن شهاب بن عبد ربه فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن شهاب بن عبد ربه (2).

وما كان فيه عن الحسن الصيقل فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن زياد الصيقل الكوفي ، وكنيته أبو الوليد وهو مولى (3).

وما كان فيه عن عمرو بن أبي المقدام فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم ابن مسكين قال : حدثني عمرو بن أبي المقدام ، واسم أبي المقدام ثابت بن هرمز الحداد (4).

ص: 496


1- النضر بن سويد الصيرفي ثقة من أصحاب أبي الحسن موسى عليه السلام ، وله كتاب ، والطريق إليه صحيح عند العلامة ، والاختلاف في العبيدي.
2- شهاب بن عبد ربه الأسدي مولاهم الصيرفي الكوفي روى عن الصادقين عليهما السلام وكان موسرا ذا مال ، له كتاب ، والطريق إليه صحيح.
3- تقدمت ترجمته ص 436.
4- عمرو بن المقدام العجلي مولاهم من أصحاب الصادقين عليهما السلام وله كتاب لطيف ولم يوثقه النجاشي وضعفه ابن الغضائري تارة بعنوان عمر بن ثابت بن هرمز وقال ضعيف جدا كما نقل عنه القهبائي ، ونقل العلامة في الخلاصة في القسم الثاني عنه بعنوان عمر بن ثابت وقال : قال في كتابه الاخر عمر بن أبي المقدام ثابت العجلي مولاهم الكوفي طعنوا عليه من جهة وليس عندي كما زعموا وهو ثقة - انتهى لا أقول عنونه ابن حجر في تهذيب التهذيب بعنوان عمرو بن ثابت بن هرمز البكري أبو محمد فقال : ويقال أبو ثابت الكوفي وهو عمرو بن أبي المقدام الحداد مولى بكر بن وائل ثم ذكره مشايخه والراوون عنه ، ثم قال : قال علي بن الحسن بن شقيق : سمعت ابن المبارك يقول : لا تحدثوا عن عمرو بن ثابت فإنه كان يسب السلف - إلى أن قال - قال أبو حاتم : كان عمرو ضعيف الحديث ردئ الرأي شديد التشير. وقال البخاري : ليس بالقوى عندهم ، وقال الآجري عن أبي داود : رافضي خبيث ، وقال في موضع آخر : رجل سوء قال : لما مات النبي صلى اللّه عليه وآله كفر الناس الا خمسة ثم ذكر جرح جماعة كثيرة له - إلى أن قال : قال الساجي : مذموم وكان ينال من عثمان ويقدم عليا على الشيخين ، وقال المجلى : شديد التشيع غال فيه واهي الحديث ، وقال البزاز : كان يتشيع ولم يترك - انتهى. أقول : مما ذكر ظهر لك أن الرجل كان خصيصا بنا وكذا ظهرت صحة قول ابن الغضائري في كتابه الاخر ، وأما الطريق إليه ففيه الحكم بن مسكين وتقدم أنه مهمل ، وذكروا أن الشهيد الأول عمل بروايته.

وما كان فيه عن إبراهيم بن أبي يحيى المدائني فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ظريف بن ناصح ، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدائني (1).

وما كان فيه عن عبد الملك بن أعين فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الملك بن أعين وكنيته أبو ضريس ، وزار الصادق عليه السلام قبره بالمدينة مع أصحابه (2).

ص: 497


1- الظاهر أن النسبة إلى الجد وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى مولى أسلم وكان ثقة خاصا خصيصا ، والعامة تضعفه لذلك كما في الخلاصة ، ونقل في تهذيب التهذيب عن جماعة كثيرة تضعيفه وكونه قدريا ، معتزليا ، جهميا متروكا ، كذابا ، رافضيا ، مبتدعا. وكل ذلك لما ينال من الأولين كما نقل الشيخ في فهرسته حيث قال ذكر يعقوب بن سفيان في تاريخه في أسباب تضعيفه عن بعض الناس سمعه ينال من الأولين. وأما الطريق إليه فموثق وعند العلامة قوى لمكان ابن فضال.
2- عبد الملك بن أعين أخو زرارة الشيباني مولاهم الكوفي كان من أصحاب الصادقين عليهما السلام ، مات في حياة أبى عبد اللّه عليه السلام وترحم عليه ودعا له كما في رجال الكشي لكنه ذكر عن حمدويه عن محمد بن عيسى عن البزنطي عن الحسن بن موسى عن زرارة قال : قدم أبو عبد اللّه مكة فسأل عن عبد الملك فقال : مات؟ قيل : نعم قال : فانطلق بنا إلى قبره حتى نصلى عليه ، قلت : نعم ، فقال ولكن نصلى هنيئة ههنا ورفع يده ودعا له واجتهد في الدعاء وترحم عليه. وهذا كما ترى تضمن موته بمكة وكون قبره بها ، وعنونه العسقلاني في تهذيب التهذيب ونقل عن سفيان وغيره أنهم قالوا أن عبد الملك وزرارة وحمران ثلاثة اخوة روافض كلهم ، أخبثهم قولا عبد الملك ، وقال قال أبو حاتم هو من أعتى الشيعة ، وقال : ذكره ابن حبان في الثقات وكان يتشير. وقال قال الساجي : يتشيع ويحمل في الحديث ، وقال العجلي : كوفي تابعي ثقة. أقول قد عرفت سابقا أن جرحهم أو شتمهم بعض رواتنا يدل على كون المجروح متصلب في مذهبه ، قوي في تشيعه ، وأما الطريق فصحيح عند العلامة ، والاختلاف في البرقي.

وما كان فيه عن علي بن أسباط فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن بن أسباط (1).

وما كان فيه عن أبي الربيع الشامي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن الحسن بن رباط ، عن أبي الربيع الشامي (2).

وما كان فيه عن عمار بن مروان الكلبي فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزار ، عن عمار بن مروان (3).

ص: 498


1- علي بن أسباط بن سالم الكندي أبو الحسن بياع الزطي المقرئ ، روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام وكان فطحيا ولعلي بن مهزيار إليه رسالة في النقض عليه فرجعا فيها إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام ورجع على إلى الحق كما قاله النجاشي ، وقيل لم يرجع ولا عبرة به ، وفي « جش » وقد روى عن الرضا عليه السلام قبل ذلك وكان أوثق الناس وأصدقهم لهجة ، له كتاب الدلائل والتفسير والمزار وله أيضا نوادر ، والطريق إليه صحيح.
2- اسمه خليد - مصغرا - بن أوفى العنزي الشامي ، وقد ذكره بعض بعنوان خالد بن أوفي وكأنه سهو ، وهو ممن روى عن أبي جعفر الباقر عليه السلام وقد عد من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ، ولم يوثق صريحا ، والطريق إليه فيه الحكم بن مسكين وهو مهمل.
3- لا يبعد اتحاده مع عمار بن مروان اليشكري الكوفي المعنون في كتب الرجال فإن كان هو فثقة وكان من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ، روى المؤلف خبرا عنه تحت رقم 2426 بعنوان عمار بن مروان الكلبي والخبر في المحاسن أيضا عن عمار بن مروان الكلبي ، لكن في الكافي ج 2 ص 669 عمار بن مروان ولم ينسبه وهكذا كان في جميع الموارد التي روى عنه الكليني بدون ذكر النسبة وهو قرينة على كون عمار بن مروان عند الكليني واحدا ، والقول بالتعدد لاختلاف الرواة بعيد. والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن بكر بن صالح فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح الرازي (1).

وما كان فيه عن أيوب بن أعين فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن أيوب بن أعين (2).

وما كان فيه عن منذر بن جيفر فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن محمد ابن يحيى العطار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن منذر بن جيفر (3).

====

4.

ص: 499


1- بكر بن صالح الرازي مولى بنى ضبة كان من أصحاب الرضا عليه السلام ويروى عن أبي الحسن موسى عليه السلام في بعض الروايات ، والظاهر سقوط الواسطة وهو سليمان بن جعفر الجعفري ، والرجل ضعيف ضعفه النجاشي وابن الغضائري. وله كتاب نوادر ، والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.
2- أيوب بن أعين الكوفي مولى بنى طريف ويقال بنى رباح كان من أصحاب أبي - عبد اللّه وأبى الحسن عليهما السلام وحاله مجهول ، والطريق إليه قوى بالحكم بن مسكين ، وتقدم الكلام فيه في ذيل عنوان عبيد بن زرارة.
3- منذر - كمحسن - ابن جيفر - كجعفر - على ما في رجال الشيخ ، وابن جفير - كأمير - على ما في رجال النجاشي ، والأصح عندي الأول كما في المتن ومشيخة الشيخ وكما يظهر من القاموس حيث قال في مادة « جفر » الجيفر : الأسد الشديد ، وجيفر بن الجلندي ملك عمان - إلى أن قال - وضميره بن جيفر صحابية. ولم يذكر جفير بتقديم الفاء اسما لاحد من الناس ، إنما قال الجفير جعبة من جلود لا خشب فيها أو من خشب لا جلود فيها ، وقد ضبطه الساروي في توضيح الاشتباه بالوجهين وأيد تقديم الياء حيث يقول « لعله الأصح » وهو منذر بن جيفر العبدي الكوفي وكان من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام وهو عربي صميم ولم يوثق صريحا ، وله كتاب ، والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم ، ويمكن تصحيح السند لمكان ابن المغيرة فإنه من أصحاب الاجماع.

وما كان فيه عن عبد اللّه بن ميمون فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد اللّه بن ميمون. ورويته عن أبي ، ومحمد بن موسى بن المتوكل ، ومحمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنهم عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن ميمون القداح المكي (1).

ص: 500


1- عبد اللّه بن ميمون بن الأسود القداح - كان يبرى القداح - المكي مولى بنى - مخزوم ، وقال : كان من أصحاب الصادق عليه السلام وهو ثقة له كتب ، وعنونه ابن حجر في التهذيب وقال : يروى عن جعفر بن محمد (عليه السلام) ونقل عن جماعة من علمائهم ضعفه وقال : « قال أبو حاتم : يروى عن الاثبات الملزقات ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد - الخ » ثم اعلم أن هذا غير عبد اللّه بن ميمون القداح الذي ذكره ابن النديم ص 278 في عنوان ( الكلام على مذهب الإسماعيلية ) قائلا : قال أبو عبد اللّه بن رزام في كتابه الذي رد فيه على الإسماعيلية وكشف مذاهبهم ما قد أوردته بلفظ أبى عبد اللّه وأنا أبرأ من العهدة في الصدق والكذب فيه قال : ان عبد اللّه بن ميمون - ويعرف ميمون بالقداح - وكان من أهل قوزح العباس بقرب مدينة الأهواز ، وأبوه ميمون الذي ينسب إليه الفرقة المعروفة بالميمونية التي أظهرت اتباع أبى الخطاب محمد بن أبي زينب الذي دعا إلى الهية علي بن أبي طالب وكان ميمون وابنه ديصانيين وادعى عبد اللّه أنه نبي مدة طويلة ، وكان يظهر الشعابيذ ويذكر أن الأرض تطوى له - إلى آخر كلامه الطويل الذي لا حاجة بنا إلى ذكره غير ما لا بد منه وذلك ليتبين أن عبد اللّه بن ميمون القداح المترجم له غير عبد اللّه بن ميمون القداح الذي ذكره ابن النديم وذلك حيث قال في جملة كلامه « صار - أي عبد اللّه - إلى البصرة فنزل على قوم من أولاد عقيل فكبس هناك فهرب إلى سلمية بقرب حمص واشترى هناك ضياعا وبث الدعاة إلى سواد الكوفة ، فأجابه من هذا الموضع رجل يعرف بحمدان بن الأشعث ويلقب قرمط - إلى أن قال - وأقام قرمط بكلواذى ونصب له عبد اللّه بن ميمون رجلا يكاتبه من الطالقان وذلك في سنة إحدى وستين ومائتين ثم مات عبد اللّه فخلفه ابنه محمد بن عبد اللّه - إلى آخر ما قال » وهذا كما ترى تضمن موت عبد اللّه بعد سنة 261 مع أن عبد اللّه بن ميمون المترجم له كان معاصرا لجعفر بن محمد عليهما السلام كما ذكر ونص عليه الجمهور وتوفى عليه السلام سنة 148 فكيف يمكن بقاء صاحبه إلى 261 مضافا إلى أنه لم ينص أحد على أنه يدرك أبا الحسن موسى عليه السلام ، واشتبه الامر على السمعاني حيث ذكره في الأنساب في عنوان القداحى وقال إنه كان مع محمد بن إسماعيل بن جعفر في الكتاب فلما مات محمد كان يخدم إسماعيل فلما مات إسماعيل ادعى عبد اللّه أنه ابن إسماعيل وانتسب إليه وهو ابن ميمون - انتهى ، ورد عليه ابن الأثير في اللباب ج 2 ص 245 وكذا العلامة القزويني في حواشي وإضافات تاريخ جهانگشا ج 3 ص 153 فراجر. وأما الطريق إليه فحسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.

وما كان فيه عن جعفر بن القاسم عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، ومحمد بن يحيى ، وأحمد بن إدريس جميعا عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن جعفر بن القاسم (1).

وما كان فيه عن منصور الصيقل فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن أبي محمد الذهلي ، عن إبراهيم بن خالد العطار عن محمد بن منصور الصيقل ، عن أبيه منصور الصيقل (2).

====

3.

ص: 501


1- كذا في جميع النسخ وهو غير مذكور في الرجال بهذا العنوان وروى المصنف خبرا عنه في كتاب الحج تحت رقم 2518 عن أبي عبد اللّه عليه السلام والذي يظهر من طريقه إليه أنه أخرجه من كتاب أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي وهو ذكره في كتاب السفر باب النوادر من المحاسن ص 373 عن حفص بن القاسم ، ورواه الكليني في المجلد الرابع ص 287 من طريق علي بن إبراهيم القمي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن القاسم وعد الشيخ في رجاله حفص بن القاسم من أصحاب الصادق عليه السلام وقال كوفي ولا يذكر فيه مدحا ولا قدحا ، ولم يذكر جعفر بن القاسم لا في الرجال ولا في الفهرست ولا في مشيخة كتابيه وكأن نسخة الفقيه مصحف في الأصل والمشيخة ، وتصحيف حفص بجعفر قريب لمشاكلة الخط.
2- منصور بن الوليد الصقيل كوفي وكان من أصحاب الصادقين عليهما السلام ويظهر من خبر رواه الكليني في الروضة تحت رقم 520 كونه من المخلصين لهم عليهم السلام ، وكذا خبره في المجلد الأول ص 370 باب التمحيص والامتحان حيث قال له أبو عبد اللّه عليه السلام « يا منصور ان هذا الامر لا يأتيكم الا بعد اياس ولا واللّه حتى تميزوا ، ولا واللّه حتى تمحصوا ولا واللّه حتى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد ». وأما الطريق إليه ففيه أبو محمد الذهلي  - بالذال المعجمة - كما في بعض النسخ ، وبالمهملة كما في بعضها وهو غير معلوم اسمه ويظهر من كتب الرجال وطرق الأحاديث أن أبا محمد الذي يروى عنه محمد بن عبد الجبار هو عبد اللّه بن جبلة لكن هو كناني وهذا ذهلي ، وفي الكافي ج 3 ص 250 باب النوادر من كتاب الجنائز تحت رقم 3 روى خبرا عن أبي على الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن أبي محمد الهذلي ، عن إبراهيم بن خالد القطان ، عن محمد بن منصور الصقيل ، عن أبيه والذي يظهر من هذا السند اتحاد أبي محمد الهذلي مع أبي محمد الذهلي ، وإبراهيم بن خالد العطار مع إبراهيم بن خالد القطان وكلاهما بكلا العنوانين مجهول حالهما. وكذا محمد بن منصور.

وما كان فيه عن علي بن ميسرة فقد رويته عن ابي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن علي بن ميسرة. (1)

وما كان فيه عن محمد بن القاسم الاسترآبادي فقد رويته عنه (2).

ص: 502


1- علي بن ميسرة هذا هو من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام على ما عده الشيخ في رجاله في أصحابه ، ولكن روى مؤلف في المجلد الثاني تحت رقم 2551 قال : « وكتب علي بن ميسر إلى أبى جعفر الثاني عليه السلام يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان - الحديث » والظاهر من هذا الطريق أن المراد بعلى بن ميسرة هو هذا بقرينة رواية الحسن بن ابن علي الوشاء عنه فإنه ذكر في أصحاب أبي الحسن الرضا والهادي عليهما السلام. وأما الطريق فصحيح عند العلامة والاختلاف في العبيدي.
2- هو صاحب التفسير المنسوب المشهور بتفسير الإمام العسكري عليه السلام قال أحمد بن الحسين بن عبيد اللّه الغضائري أستاذ النجاشي : ان محمد بن القاسم أو أبى القاسم روى عنه ابن بابويه ضعيف كذاب روى عنه تفسيرا يرويه عن رجلين مجهولين أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد والاخر بعلى بن محمد بن يسار ، عن أبويهما ، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام ، والتفسير موضوع عن سهل الديباجي ، عن أبيه بأحاديث من هذه المناكير. وقال المولى المجلسي في شرح المشيخة : اعتمد عليه الصدوق وكان شيخه ، فما ذكره ابن الغضائري باطل ، وتوهم أن مثل هذا التفسير لا يليق أن ينسب إلى المعصوم مردود ومن كان مرتبطا بكلام الأئمة يعلم أنه كلامهم عليهم السلام واعتمد عليه شيخنا الشهيد الثاني ونقل أخبارا كثيرة منه في كتبه واعتماد التلميذ الذي كان مثل الصدوق يكفي ، عفى اللّه عنا وعنهم - انتهى. أقول : أولا اعتماد الصدوق (رحمه اللّه) عليه غير ثابت والثابت نقله عن هذا الرجل فحسب وهو لا يدل على المدعى فقد نقل أخبارا عن أحمد بن هلال والسكوني ولا يعتمد عليهما وان سلمنا فما ربطه بهذا التفسير الموجود ، وغاية ما يمكن أن يقال اعتماده على بعض أخباره ، وكم من رجل ضعيف أو جاعل يروى خبرا صحيحا صدقا واعتمد عليه الاجلاء ، وهذا لا يدل على كون الضعيف أو الجاعل موثقا عندهم. وان قيل : إن لم يكن الرجل معتمدا عنده فكيف يذكر في غير موضع بعد اسمه « رضي اللّه عنه » أو « رحمه اللّه » قلنا دأب المؤلف في كتبه ذكر الرضيلة أو الرحملة بعد اسم مشايخه إذا كانوا اماميا ليكون ميزا بين عاميهم واماميهم وذلك يدل على أن مذهبهم مرضى عنده ولا يدل على أزيد من ذلك ، فان النجاشي - رحمه اللّه - ترحم على أحمد بن محمد الجوهري مع أنه قال : رأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا. وأما قوله « من كان مرتبطا بكلام الأئمة يعلم أنه كلامهم عليهم السلام » فهذا أيضا غير معلوم بل يمكن أن يقال الامر فيه بالعكس فنذكر بعض ما فيه ليتضح الامر قال المفسر أو روى فيه : أن النبي صلى اللّه عليه وآله قال لأبي بكر بعد عزله عن تبليغ آيات صدر سورة « براءة » : وأما أنت فقد عوضك اللّه بما قد حملك من آياته وكلفك من طاعاته الدرجات الرفيعة والمراتب الشريفة « وروى أيضا » أن النبي صلى اللّه عليه وآله قال لأبي جهل - لما طلب منه أن يحرقه بصاعقة إن كان نبيا - : يا أبا جهل إنما رفع عنك العذاب لعلة وهي أنه سيخرج من صلبك ذرية طيبة : عكرمة ابنك ، وسيلي أمور المسلمين ما ان أطاع اللّه فيه كان عند اللّه جليلا والا فالعذاب نازل عليك « مع أن النبي أمر في فتح مكة بقتل هذه الذرية الطيبة في جملة من أمر بقتلهم وقال : ولو وجدوا تحت أستار الكعبة أو كانوا متعلقين بها » وانحراف عكرمة عن أمير المؤمنين عليه السلام مما لا يشك فيه أحد وهكذا بغضه له عليه السلام ، هذا مضافا إلى أن عكرمة يومذاك كان شابا لأنه في يوم أحد على ميسرة الكفار وخالد بن الوليد على ميمنتهم ، وقد قتل من المسلمين نفرا منهم رافع بن المعلى بن لوذان وقالوا قتله عكرمة بن أبي جهل ونص عليه غير واحد من المؤرخين وأرباب السير والتراجم. وفيه أيضا أن آية « ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة اللّه » نزلت في جماعة عد منهم صهيب الرومي. مع أنه كان من المبغضين لعلى عليه السلام والمنحرفين عنه ، روى الكشي في رجاله عن الصادق عليه السلام - في عنوان بلال وصهيب - أنه قال : « كان بلال عبدا صالحا ، وصهيب عبد سوء يبكى على فلان » وروى المفيد في الإختصاص ص 73 قال أبو عبد اللّه عليه السلام « رحم اللّه بلالا كان يحبنا أهل البيت ولعن اللّه صهيبا فإنه كان يعادينا » وفي خبر آخر « كان يبكى على فلان » وهو الذي صلى بالناس أيام الشورى عينه عمر ، وصلى عليه بحكم عبد الرحمن بن عوف كما اتفقت عليه تواريخهم. و فيه «قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ان الصلاة في مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة في ما سواه الا المسجد الحرام و المسجد الاقصى» و هذا كما ترى جعل البيت المقدس عدل المسجد الحرام و ثواب الصلاة فيه كثواب الصلاة في مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و تقدم منا الكلام في المجلد الأول ص 233 في موقعية المسجد الاقصى من الفضل. و فيه في أوائله «أن النبيّ لما بنى مسجدا بالمدينة و شرع فيه بابه و أشرع المهاجرون و الأنصار أراد اللّه ابانة محمّد و آله الافضلين بالفضيلة فنزل جبرئيل عن اللّه بأن سدّوا الأبواب عن مسجد النبيّ قبل أن ينزل بكم العذاب فأول من بعث إليه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يأمره بسد بابه العبّاس بن عبد المطلب- الى آخر كلامه الطويل-» مع أن العباس لم يؤمن بالنبى (صلی اللّه عليه وآله) يومئذ و لم يهاجر و كان في غزوة بدر مع المشركين فأسر، و بالجملة مفتريات هذا التفسير كثيرة و على الطالب الرجوع إليه أو الى كتاب الاخبار الدخيلة، و عندي أن الاصرار بتصحيح أمثال هذه الكتب اصرار في تخريب أساس الإماميّة و تجريح أئمتهم المعصومين عليهم السلام و الذين تصدوا لاثبات صحّة هذا التفسير و نسبته الى المعصوم ربما تعجبهم كثرة ما نقل فيه من فضائل أهل البيت و معجزاتهم عليهم السلام فغفلوا عما فيه من الخبط و التخليط و المفتريات و الاباطيل، روى الصدوق- رضوان اللّه عليه- في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) «أن إبراهيم بن أبي محمود قال للرضا عليه السلام: يا ابن رسول اللّه ان عندنا أخبارا في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) و فضلكم أهل البيت و هي من رواية مخالفيكم و لا نعرف مثلها عندكم أ فندين بها؟ فقال (عليه السلام) يا ابن أبي محمود ان مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا و جعلوها على ثلاثة أقسام، أحدها، الغلوّ، و ثانيها التقصير في أمرنا، و ثالثها التصريح بمثالب أعدائنا، فإذا سمع الناس الغلوّ فينا كفروا شيعتنا و نسبوهم الى القول بربوبيتنا، و إذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، و إذا سمعوا مثالب أعدائنا باسمائهم ثلبونا بأسمائنا و قد قال اللّه عزّ و جلّ: «لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ»- الى أن قال- يا ابن أبي محمود احفظ ما حدثتك به فقد جمعت لك فيه خير الدنيا و الآخرة».

ص: 503

وما كان فيه عن حماد النواء فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه اللّه عنه عن عمه محمد بن القاسم ، عن أبيه ، عن محمد بن خالد البرقي ، عن محمد

ص: 504

سنان ، عن ابن مسكان ، عن حماد النواء (1).

وما كان فيه عن خالد بن أبي العلاء الخفاف فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن خالد بن أبي العلاء الخفاف (2).

وما كان فيه عن الكاهلي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبد اللّه ابن يحيى الكاهلي (3).

وما كان فيه عن إسماعيل بن الفضل فقد رويته عن جعفر بن محمد بن مسرور رضي اللّه عنه عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبد اللّه بن عامر ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن محمد ، عن الفضل بن إسماعيل بن الفضل ، عن أبيه إسماعيل ابن الفضل الهاشمي (4).

ص: 505


1- قال ابن الأثير في اللباب : هذه النسبة إلى بيع النوى ، وأهل المدينة يبيعونه ويعلفونه جمالهم - انتهى. وحماد النواء عده الشيخ في رجاله في أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السلام) وحاله مجهول ، والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
2- الظاهر أن لفظة « ابن » زيادة من النساخ وهو خالد أبو العلاء الخفاف ، واسم أبيه طهمان وهذا هو الظاهر من « جش » حيث نقل عن البخاري ترجمة له وفي تهذيب التهذيب خالد بن طهمان السلولي أبو العلاء الخفاف الكوفي وهو خالد بن أبي فذكر عن ابن معين ضعفه قبل موته بعشر سنين وقال كان قبل ذلك ثقة ، وذكر عن أبن حبان أنه ذكره في الثقات ، والطريق إليه صحيح.
3- عبد اللّه بن يحيى الكاهلي عربي كوفي يكنى أبا محمد وهو أخو إسحاق ورويا عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام وكان وجها عند أبي الحسن (عليه السلام) ، وله كتاب ، والطريق إليه صحيح.
4- إسماعيل بن الفضل بن يعقوب بن الفضل بن عبد اللّه بن حارث بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب ثقة من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام ، وكان من أهل البصرة وفي الطريق جعفر بن محمد بن مسرور وهو غير مذكور لكن الظاهر كما تقدم كونه من المشايخ فلا يضر بصحة السند.

وما كان فيه عن أبي الحسن النهدي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبي الحسن النهدي (1).

وما كان فيه عن عمران الحلبي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حماد بن عثمان عن عمران الحلبي ، وكنيته أبو الفضل (2).

وما كان فيه عن الحسن بن هارون فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن الحسن بن هارون (3).

وما كان فيه عن إبراهيم بن سفيان فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن محمد بن سنان عن إبراهيم بن سفيان (4).

وما كان فيه عن الحسين بن سالم فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن عبد اللّه بن جبلة ، عن

ص: 506


1- ذكر في كنى الفهرست وباب من اشتهر بكنيته من رجال النجاشي ، وظاهرهما كونه اماميا ، وله كتاب ولم يوثق صريحا ، والطريق إليه صحيح.
2- عمران بن علي بن أبي شعبة كوفي وكنيته في بعض النسخ « أبو اليقظان ». وكأنه تصحيف وفي الخلاصة أبو الفضل ، وثقه النجاشي في جملة آل أبي شعبة بقوله : « وكانوا جميعهم ثقاتا مرجوعا إلى ما يقولون » وكان من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام. والطريق إليه صحيح.
3- الحسن بن هارون سواء كان متحدا مع الحسن بن هارون الكوفي أو الحسن بن هارون الكندي أو الحسن بن هارون بن خارجة أو لم يتحد معهم أو مع أحدهم كان مجهول الحال والاتحاد لا يخلو عن قوة ، والطريق إليه قوى بعبد الكريم بن عمرو.
4- إبراهيم بن سفيان غير مذكور في الرجال ، وفي الطريق إليه محمد بن سنان وهو ضعيف على المشهور.

أبي عبد اللّه الخراساني ، عن الحسين بن سالم (1).

وما كان فيه عن يوسف الطاطري أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن سنان ، عن يوسف بن إبراهيم الطاطري (2).

وما كان فيه عن فضالة بن أيوب فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب. ورويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب. (3)

وما كان فيه عن يحيى الأزرق فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي ابن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن يحيى ابن حسان الأزرق (4).

ص: 507


1- لعله متحد مع الحسين بن سالم الهمداني الخازني الكوفي الذي عده الشيخ في أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السلام) وكيف كان حاله مجهول. والطريق إليه فيه أبو عبد اللّه الخراساني وهو غير مذكور في كتب الرجال ويظهر من رواية المصنف في كتاب الحج تحت رقم 2884 أنه كان مخالفا فاستبصر ، وسيأتي عنوانه.
2- الطاطري - بفتح الطائين بينهما ألف - يقال لمن يبيع الثياب البيض بدمشق ومصر : طاطري ، ويوسف بن إبراهيم الطاطري عده الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السلام) وحاله مجهول والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
3- فضالة بن أيوب فقيه عالم ثقة كان من أصحاب الإمامين أبي الحسن الأول والثاني عليهما السلام ، وأجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، وله كتاب ، والطريقان إليه صحيحان.
4- يحيى بن حسان الأزرق كان من أصحاب الإمامين أبي الحسن موسى وأبى الحسن الرضا عليهما السلام وهو متحد مع يحيى بن عبد الرحمن الأزرق وجاء في الاخبار بلفظ يحيى الأزرق وهو ثقة ، والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم ، وفيه أبان بن عثمان قيل : هو ناووسي موثق.

وما كان فيه عن علي بن النعمان فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وإبراهيم بن هاشم جميعا « عن علي بن النعمان (1).

وما كان فيه عن أحمد بن محمد بن مطهر صاحب أبي محمد ( عليه السلام ) فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، وعبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا » عن أحمد بن محمد بن مطهر صاحب أبي محمد ( عليه السلام ) (2).

وما كان فيه عن أبي عبد اللّه الخراساني فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أبي عبد اللّه الخراساني (3).

وما كان فيه عن حارث بياع الأنماط فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن حارث بياع الأنماط (4).

وما كان فيه عن عمرو بن سعيد الساباطي فقد رويته عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال

ص: 508


1- علي بن النعمان الرازي روى عنه المصنف - رحمه اللّه - في المجلد الأول باب أحكام السهو تحت رقم 1011 خبرا عنه عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) ويظهر منه كتاب كان حاله مجهول ، والطريق إليه صحيح عند العلامة.
2- أحمد بن محمد مطهر صاحب أبي محمد العسكري ووصفه بذلك يدل على كونه جليلا ضرورة أنهم عليهم السلام لا يرضون صاحبا الا وهو ثقة عدل عندهم ويؤيد ذلك أن غالب من وصف بذلك من النبلاء كمحمد بن مسلم وأبان بن تغلب وزكريا بن إدريس وأحمد بن محمد بن أبي نصر وزكريا بن آدم ، وبالجملة روى عنه المؤلف في كتاب الحج تحت رقم 2868 رسالته إلى أبي محمد (عليه السلام) ، والطريق إليه صحيح.
3- تقدم أنه كان مخالفا فاستبصر ، والطريق إليه حسن كالصحيح.
4- الأنماط هي الفرش التي تبسط. والحارث عنونه الشيخ في أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام مرتين وحاله مجهول ، والطريق ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.

عن عمرو بن سعيد الساباطي (1).

وما كان فيه عن علي بن محمد الحصيني فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن محمد بن سنان ، عن علي بن محمد الحصيني (2).

وما كان فيه عن سويد القلاء فقد رويته عن محمد بن الحسن رحمه اللّه عن محمد بن الحسن الصفار ، والحسن بن متيل ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن علي بن النعمان ، عن سويد القلاء (3).

وما كان فيه عن مثنى بن عبد السلام فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن معاوية بن حكيم ، عن عبد اللّه بن مغيرة ، عن مثنى بن عبد السلام (4).

وما كان فيه عن جعفر بن ناجية فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن الحسن بن متيل الدقاق ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير البجلي ، عن جعفر بن ناجية (5).

ص: 509


1- هو عمرو بن سعيد الزيات المدائني ظاهرا وكان من أصحاب أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال النجاشي : ثقة. والظاهر كونه فطحيا كما صرح به الشيخ في كتاب الغيبة ، وله كتاب والطريق إليه موثق بأحمد بن الحسن.
2- علي بن محمد الحصيني لم أجده في كتب الرجال والظاهر كونه اماميا لما روى عن علي بن عبد اللّه بن مروان ، عن إبراهيم بن عقبة في فضل زيارة أبي الحسن موسى (عليه السلام) وابطال العول ، والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان.
3- سويد كزبير - القلاء - بتشديد اللام - كان يقلى الحمص - قال النجاشي : سويد بن مسلم القلاء مولى شهاب بن عبد ربه ، روى عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) ثقة ، والطريق إليه صحيح.
4- مثنى بن عبد السلام العبدي مولاهم كوفي حناط ، له كتاب ، ولم يوثق صريحا والطريق إليه قوى بمعاوية بن حكيم.
5- جعفر بن ناجية كوفي مولى ، يروى عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن ذريح المحاربي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن ذريح بن يزيد بن محمد المحاربي ، ورويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب عن صالح بن رزين ، عن ذريح (1).

وما كان فيه عن عن كليب الأسدي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد ، عن فضالة بن أيوب ، عن كليب بن معاوية الأسدي الصيداوي (2).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن جعفر الحميري فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن ، ومحمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنهم عن عبد اللّه بن جعفر بن جامع الحميري (3).

وما كان فيه عن محمد بن عثمان العمري قدس اللّه روحه فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن ، ومحمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنهم عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن محمد بن عثمان العمري [ قدس اللّه روحه ] (4).

ص: 510


1- ذريح - كامير على ما في توضيح الاشتباه الساروي - المحاربي - بضم الميم - وهو ذريح بن محمد بن يزيد أبو الوليد المحاربي جليل ثقة ، يروى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام ، وله كتاب ، والطريق الأول إليه حسن كالصحيح ، والثاني حسن.
2- تقدمت ترجمته ص 456.
3- عبد اللّه بن جعفر بن الحسن بن مالك بن جامع الحميري - أبو العباس القمي ثقة قدم الكوفة وسمع أهلها منه وأكثروا وكان من أصحاب الهادي والعسكري عليهما السلام وهو شيخ القميين ووجههم صنف كتبا كثيرة ، وطريق المؤلف إليه صحيح.
4- محمد بن عثمان بن سعيد العمرى - رضوان اللّه تعالى عليه - وكيل الناحية وثاني السفراء الأربعة المحمودين ويكنى أبا جعفر وله ولأبيه أبي عمرو منزلة جليلة عند الطائفة ، مات سنة خمس وثلاثمائة وقيل أربع في جمادى الأولى ، وقبره بشارع باب الكوفة من بغداد في الموضع الذي كانت دوره ومنازله. وله كتب كما في غيبة الشيخ ، والطريق صحيح.

وما كان فيه عن صالح بن عقبة فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، ويونس بن عبد الرحمن جميعا عن صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) (1).

وما كان فيه عن الحسين بن محمد القمي فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن الحسين بن محمد القمي عن الرضا ( عليه السلام ) (2).

وما كان فيه عن الحسين بن زيد فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد بن أبي عمير ، عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) (3).

وما كان فيه عن النعمان بن سعد صاحب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقد حدثني به محمد ابن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن ثابت بن أبي صفية ، عن سعيد بن

ص: 511


1- صالح بن عقبة بن قيس عده الشيخ في أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، والذي رأيت في في الكتب أنه روى عنه (عليه السلام) بواسطة وروى عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) بلا واسطة كما في الكافي ج 6 ص 51 باب التفرس في الغلام ، وقال ابن الغضائري : روى عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) غال كذاب لا يلتفت إليه هكذا في الخلاصة ، وقال الشيخ في الفهرست له كتاب ، والطريق إليه فيه السعد آبادي وهو مهمل.
2- الحسين بن محمد القمي عده الشيخ في أصحاب الجواد عليه السلام وحاله مجهول ، والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.
3- الحسين بن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام هو الذي يلقب ذا الدمعة ويكنى أبا عبد اللّه ، ولم يوثق صريحا في كتب رجالنا ، نعم وثقه الدارقطني من العامة ، والطريق إليه صحيح.

جبير ، عن النعمان بن سعد (1).

وما كان فيه عن حمدان الديواني فقد رويته عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن حمدان الديواني (2).

وما كان فيه عن حمزة بن حمران فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حمزة بن حمران بن أعين مولى بني شيبان الكوفي (3).

وما كان فيه عن محمد بن إسماعيل البرمكي فقد رويته عن علي بن أحمد بن موسى ، ومحمد بن أحمد السناني والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب رضي اللّه عنهم عن محمد بن أبي عبد اللّه الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي (4).

وما كان فيه عن إسماعيل بن الفضل من ذكر الحقوق عن علي بن الحسين سيد العابدين عليهما السلام فقد رويته عن علي بن أحمد بن موسى رضي اللّه عنه قال : حدثنا محمد بن جعفر الكوفي الأسدي قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي قال : حدثنا عبد اللّه بن أحمد قال : حدثنا إسماعيل بن الفضل ، عن ثابت بن دينار الثمالي عن سيد

ص: 512


1- النعمان بن سعد صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) عنونه ابن حجر في التهذيب والتقريب وقال : ذكره ابن حبان في الثقات. ولم أجد له في كتب أصحابنا ذكرا الا وصف المصنف له بكونه صاحبا لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
2- حمدان الديواني - قال في اللباب هذه النسبة إلى ديوان : سكة بمرو - روى المؤلف عن حمدان هذا في باب ثواب زيارة النبي والأئمة عليهم السلام تحت رقم 3189 خبرا في فضل زيارة الرضا عليه السلام عنه ، والطريق إليه حسن كالصحيح.
3- حمزة بن حمران - كسبحان - ابن أعين الشيباني كان من أصحاب الصادقين عليهما السلام ، وله كتاب ، والطريق إليه صحيح.
4- محمد بن إسماعيل بن أحمد بن بشير البرمكي يعرف بصاحب الصومعة ، يكنى أبا عبد اللّه سكن قم وليس أصله منها ، وثقه النجاشي ، وضعفه ابن الغضائر ورجح العلامة قول النجاشي - رحمة اللّه عليهم - وله كتب ، والطريق إليه صحيح فان الثلاثة الأول كانوا من مشايخ الإجازة.

العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) (1).

وما كان فيه من وصية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لابنه محمد بن الحنفية رضي اللّه عنه فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه عن حماد بن عيسى ، عمن ذكره عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) ، ويغلط أكثر الناس في هذا الاسناد فيجعلون مكان حماد بن عيسى حماد بن عثمان ، وإبراهيم بن هاشم لم يلق حماد بن عثمان وإنما لقي حماد بن عيسى وروى عنه (2).

وما كان فيه عن عطاء بن السائب فقد رويته عن الحسين بن أحمد بن إدريس رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن محمد بن أبي الصهبان ، عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي (3) عن أبان الأحمر ، عن عطاء بن السائب (4).

ص: 513


1- تقدمت ترجمته ص 505 وفي الطريق هنا علي بن أحمد بن موسى وهو غير مذكور ومحمد بن جعفر الكوفي وهو ثقة ، ومحمد بن إسماعيل البرمكي وتقدم الاختلاف فيه ، وعبد اللّه بن أحمد وهو مشترك ولعله الرازي وتوقف العلامة - رحمه اللّه - فيه.
2- تقدمت ترجمة حماد بن عيسى ، وهذه الوصية من مراسيله ، والطريق إليه حسن كالصحيح.
3- هو ابن أبي عمير ، وفي بعض النسخ « الأسدي ».
4- عطاء بن السائب غير مذكور في رجالنا وعنونه ابن حجر في التقريب وقال كوفي صدوق اختلط ، ونقل في تهذيبه عن جماعة كونه ثقة اختلط وفصل الكلام فيه وقال : قال الطبراني : اختلط في آخر عمره فما رواه عنه المتقدمون فهو صحيح ، ثم ذكر جماعة من الذين نقلوا عنه قبل الاختلاط وجماعة من الذين نقلوا عنه بعد الاختلاط. وقلنا في المجلد الثالث ص 3 بأنه كان اماميا مأمورا بالتقية حيث روى عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال : « إذا كنتم في أئمة جور فاقضوا في أحكامهم ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا ، وان تعاملتم باحكامنا كان خيرا لكم » فيظهر من خبره هذا أنه أمامي عمل بالتقية وفي أواخر عمره خرق جلباب التقية فطعنوا عليه القوم بالخلط والتغير ، وقيل : إنه كان عاميا فصار في آخر عمره اماميا ، وأما الطريق إليه ففيه أبان بن عثمان وهو ناووسي على قول ابن فضال ، لكن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، وأما الحسين بن أحمد بن إدريس فهو من المشايخ.

وما كان فيه عن أحمد بن عائذ فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد عيسى ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أحمد بن عائذ (1).

وما كان فيه عن إبراهيم بن محمد الثقفي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن عبد اللّه بن الحسين المؤدب ، عن أحمد بن علي الأصبهاني (2) ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي. ورويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن أحمد بن علوية الأصبهاني ، عن إبراهيم بن محمد الثقفي (3).

وما كان فيه عن عمرو بن ثابت ، وهو عمرو بن أبي المقدام فقد رويته عن محمد ابن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، والحسن بن متيل جميعا « عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن عمرو بن ثابت أبي المقدام (4).

ص: 514


1- أحمد بن عائذ بن حبيب الأحمسي البجلي مولاهم ثقة ، روى عن الصادقين عليهما السلام ، والطريق إليه صحيح.
2- كذا في جميع النسخ ، الظاهر كونه أحمد بن علوية.
3- إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي صاحب كتاب الغارات المعروف كوفي الأصل وانتقل إلى أصبهان وأقام بها وتوفى هناك سنة 283 ، وكان زيديا ثم انتقل إلى القول بالإمامة ، وسبب خروجه من الكوفة على ما نقله النجاشي أنه لما عمل كتاب المعرفة استعظمه الكوفيون أشاروا بأن يتركه ولا يخرجه لما فيه من المناقب المشهورة والمثالب فقال : أي البلاد أبعد من الشيعة؟ فقالوا : أصبهان فحلف أن لا يروي الكتاب الا بها ، فانتقل إلى أصبهان ورواه بها ثقة منه بصحة ما رواه فيه ، وكان جماعة من القميين كأحمد البرقي وفدوا إليه بأصبهان وسألوه الانتقال إلى قم فأبى ، وله مصنفات كثيرة ذكرها الشيخ والنجاشي ، وكتابه الغارات حققه الأستاذ السيد جلال الدين الأرموي مد ظله العالي وكان في هذه الأيام تحت الطبع ورأيت بعض كراريسه نسأل اللّه تعالى أن يوفقه لاتمام هذا المشروع ، وبالجملة لم يوثق الرجل صريحا لكن كتبه معتمدة عند أكثر الأصحاب ، وفى طريقي المؤلف إليه أحمد بن علوية الأصبهاني ولم يوثق.
4- تقدم عنوانه ص 496.

وما كان فيه عن العلاء بن سيابة فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد ابن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبان بن عثمان عن العلاء بن سيابة (1).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن الحكم فقد رويته عن الحسين بن أحمد بن إدريس رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن سهل بن زياد الادمي عن الجريري واسمه سفيان ، عن أبي عمران الأرمني ، عن عبد اللّه بن الحكم. ورويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن حسان ، عن أبي عمران موسى بن زنجويه الأرمني ، عن عبد اللّه بن الحكم (2).

وما كان فيه عن علي بن أحمد بن أشيم فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن علي بن أحمد بن أشيم (3).

وما كان فيه عن علي بن مطر فقد رويته عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن علي بن مطر (4).

ص: 515


1- العلاء بن سيابة - بفتح السين المهملة وتخفيف الياء المثناة من تحت - الكوفي مولى كان من أصحاب الصادق (عليه السلام) ، روى عنه المؤلف في باب من يجب رد شهادته ، وحاله مجهول الا أن في رواية أبان بن عثمان عنه اشعارا ما بعدم كونه ضعيفا لأنه من أصحاب الاجماع والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
2- عبد اللّه بن الحكم الأرمني ضعيف مرتفع القول ، له كتاب ، والطريق الأول ضعيف بسهل بن زياد وبأبي عمران الأرمني ، والثاني أيضا ضعيف بمحمد بن حسان الرازي وبأبي عمران أيضا.
3- علي بن أحمد بن أشيم - كأحمد ، وقيل كزبير - هو من أصحاب الرضا (عليه السلام) وحاله مجهول ، وروى المؤلف في ميراث المولود يولد وله رأسان عن أحمد بن محمد بن عيسى عنه ، والطريق إليه هنا صحيح الا أن في البرقي كلاما.
4- علي بن مطر غير مذكور في الرجال والطريق إليه ضعيف على المشهور بمحمد بن سنان.

وما كان فيه عن ياسين الضرير فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما قالا : حدثنا سعد بن عبد اللّه ، وعبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا » عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن ياسين الضرير البصري (1).

وما كان فيه عن علي بن غراب فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن حسان ، عن إدريس بن الحسن ، عن علي بن غراب ، وهو ابن أبي المغيرة الأزدي (2).

وما كان فيه عن القاسم بن بريد فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن القاسم بن بريد بن معاوية العجلي (3).

ص: 516


1- ياسين الضرير الزيات البصري عنونه الشيخ في الفهرست وقال النجاشي في رجاله : لقى أبا الحسن موسى (عليه السلام) لما كان بالبصرة وروى عنه وصنف الكتاب المنسوب إليه. والطريق فيه العبيدي وعند العلامة صحيح.
2- علي بن غراب عنونه الشيخ في الفهرست وقال « هو علي بن عبد العزيز المعروف بابن غراب ، وعنونه ابن حجر في التقريب والتهذيب وقال علي بن غراب الفزاري أبو الحسن ويقال أبو الوليد الكوفي القاضي ويقال : هو علي بن عبد العزيز أو علي بن أبي الوليد ». و عنونه الخطيب في التاريخ و روى عن ابن معين قال: لم يكن بعلى بن غراب بأس و لكنه كان يتشيّع، و روى عن محمّد بن عبد اللّه الحضرمى قال: مات عليّ بن غراب مولى الوليد بن صخر بن الوليد الفزارى أبو الحسن سنة 184 و روى روايته في« محمّد بن إسحاق الهروى» ج 1 ص 255 عن عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام. و روى المؤلّف عنه في النوادر آخر أبواب هذا الكتاب تحت رقم 5895 خبرا عن الصادق عليه السلام. و يظهر ممّا ذكر كونه فزاريا فقول المؤلّف انه الأزديّ لم نقف على شاهد له و كذا قوله ابن أبي المغيرة و القول بالتعدّد غير بعيد، و عليّ بن عبد العزيز سيأتي عنوانه من المؤلّف، و لعلّ الآتي هو ابن غراب الفزارى و العلم عند اللّه، و أمّا الطريق إليه فضعيف بمحمّد بن حسان الرازيّ، و إدريس بن الحسن فانه غير مذكور.
3- القاسم بن بريد ثقة كان من أصحاب أبي عبد اللّه وأبى الحسن موسى عليهما السلام وله كتاب ، والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.

وما كان فيه عن أحمد بن هلال فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن هلال (1).

وما كان فيه عن أبي هاشم الجعفري فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبي هاشم الجعفري (2).

وما كان فيه عن علي بن عبد العزيز فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن حمزة بن عبد اللّه ، عن إسحاق بن عمار ، عن علي بن عبد العزيز (3).

ص: 517


1- تقدم الكلام فيه في ترجمة إسماعيل بن عيسى ، والطريق إليه صحيح.
2- أبو هاشم الجعفري هو داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب - رحمه اللّه - كان من أهل بغداد ، ثقة جليل القدر عظيم المنزلة عند أبي جعفر الجواد وأبي الحسن الهادي وأبى محمد العسكري عليهم السلام ، وروى أبوه عن الصادق عليه السلام ، وكان أبو هاشم مقدما عند السلطان ففي مقاتل الطالبيين في يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي عليه السلام الذي قتل في أيام المستعين قال : لما دخل رأس يحيى إلى بغداد اجتمع أهلها إلى محمد بن عبد اللّه بن طاهر يهنئونه بالفتح ، ودخل فيمن دخل على أبو هاشم الجعفري وكان ذا عارضة ولسان لا يبالي ما استقبل الكبراء وأصحاب السلطان به ، فقال أبو الفرج : حدثني أحمد بن عبيد اللّه وحكيم بن يحيى الخزاعي قالا : دخل أبو هاشم علي بن محمد بن عبد اللّه بن طاهر فقال : أيها الأمير قد جئتك مهنئا بما لو كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حيا لعزى به ، فلم يجبه محمد عن هذا بشئ - انتهى ، وعنونه الخطيب ونقل عن ابن عرفة أنه قال : كان أبو هاشم ذا لسان وعارضة فحمل من بغداد إلى سامراء وحبس هناك في سنة 252 ، قال : وبلغني أنه مات سنة 261. وقال الشيخ : له كتاب ، والطريق إليه فيه السعد آبادي ولم يوثق.
3- علي بن عبد العزيز مشترك بين الأموي ، والفزاري الكوفي ، والمزني ، وطرقهم مختلفة وتقدم الكلام في اتحاد المترجم له مع علي بن غراب عند الشيخ ، وفى الطريق حمزة بن عبد اللّه وهو غير مذكور أو مهمل ، وأيضا إسحاق بن عمار وهو فطحي موثق.

وما كان فيه عن محمد بن عذافر فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن - رضي اللّه عنهما - عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن محمد بن عذافر الصيرفي (1).

وما كان فيه عن سدير الصيرفي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد ابن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكيم بن مسكين ، عن عمرو ابن أبي نصر الأنماطي ، عن سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفي ويكنى أبا الفضل (2).

وما كان فيه عن أيوب بن الحر فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن أيوب بن الحر الجعفي الكوفي أخي أديم بن الحر وهو مولى (3).

وما كان فيه عن الحسن بن علي بن أبي حمزة فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن القاسم ، عن محمد بن علي الصيرفي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني (4).

وما كان فيه عن الفضل بن أبي قرة السمندي الكوفي فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن

ص: 518


1- محمد بن عذافر بن عيثم الخزاعي الصيرفي كوفي مولى ثقة ، له كتاب روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام وعمر إلى أيام الرضا عليه السلام ، والطريق إليه صحيح.
2- سدير - بالمهملات كأمير - ابن حكيم الصيرفي كان من أصحاب الصادقين عليهما السلام ، وهو والد حنان ويكنى أبا الفضل ، ووردت أخبار بكونه من الاجلاء وأكابر الشيعة والمتفانين في محبة أئمة أهل البيت عليهم السلام ، والطريق إليه فيه الحكم بن مسكين وهو مهمل.
3- أيوب بن الحر الجعفي مولى ثقة ويعرف بأخي أديم ، يروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وله أصل ، والطريق إليه صحيح عند العلامة.
4- الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني واقفي ضعيف يروى عن الرضا عليه السلام ، والطريق إليه ضعيف بأبي سمينة الصيرفي.

أبي عبد اللّه البرقي ، عن شريف بن سابق التفليسي ، عن الفضل بن أبي قرة السمندي الكوفي (1).

وما كان فيه عن عبد الحميد بن عواض الطائي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن عمران بن موسى ، عن الحسن بن علي بن النعمان ، عن أبيه ، عن عبد الحميد بن عواض الطائي (2).

وما كان فيه عن عبد الصمد بن بشير فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن الحسن بن متيل الدقاق ، عن محمد بن الحسين أبي الخطاب ، عن جعفر ابن بشير ، عن عبد الصمد بن بشير الكوفي (3).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن محمد الجعفي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن عبد اللّه بن محمد الجعفي (4).

وما كان فيه عن الميثمي فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن الحسن بن زياد ، عن أحمد ابن الحسن الميثمي (5).

وما كان فيه عن أبي ثمامة فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه ، ومحمد بن موسى بن المتوكل ، والحسين بن إبراهيم رضي اللّه عنهم عن علي بن إبراهيم بن

ص: 519


1- تقدمت ترجمته ص 481.
2- عبد الحميد بن عواض الطائي كوفي كان من أصحاب الصادقين عليهما السلام ، ثقة مقتول ، قتله الرشيد ، والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
3- عبد الصمد بن بشير العرامي العبدي بمولاهم كوفي ، كان من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ، ثقة ثقة ، له كتاب والطريق إليه صحيح.
4- عبد اللّه بن محمد الجعفي كان من أصحاب السجاد وأبى جعفر عليهما السلام ، ضعيف ، والطريق إليه صحيح.
5- أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار كوفي مولى بنى أسد ، قيل واقفي ، وقال الشيخ كوفي ثقة صحيح الحديث سليم ، له كتاب النوادر ، والطريق إليه صحيح.

هاشم ، عن أبيه ، عن أبي ثمامة صاحب أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) (1)

وما كان فيه عن إسماعيل بن أبي فديك فقد رويته عن الحسين بن أحمد بن إدريس رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن سنان عن المفضل ابن عمر ، عن إسماعيل بن أبي فديك (2).

وما كان فيه عن الصباح بن سيابة فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير البجلي ، عن حماد بن عثمان ، عن الصباح بن سيابة أخي عبد الرحمن بن سيابة الكوفي (3).

ص: 520


1- أبو ثمامة - بالمثلثة - روى عنه المؤلف تحت رقم 3686 خبرا رواه الكليني عن أبي تمامة - بالمثناة - وهو مجهول الحال الا أن وصف المصنف إياه بصاحب أبى جعفر (عليه السلام) مدح بالغ ، واحتمل بعضهم كونه حبيب بن أوس أبا تمام الطائي مادح أهل البيت (عليهم السلام) وهو قريب ، وقد قبض أبو جعفر عليه السلام سنة عشرين ومائتين ، وتوفى أبو تمام 231 فكان معاصرا لأبي جعفر (عليه السلام) قال النجاشي كان اماميا وله شعر في أهل البيت (عليهم السلام) كثير ، و ذكر أحمد بن الحسين - رحمه اللّه - انه رأى نسخة عتيقة قال : لعلها كتبت في أيامه أو قريبا منه وفيها قصيدة يذكر فيها الأئمة عليهم السلام حتى انتهى إلى أبى جعفر الثاني (عليه السلام) لأنه توفى في أيامه ، وكيف كان ان المترجم له امامي ممدوح ، والطريق إليه حسن كالصحيح.
2- هو إسماعيل بن أبي فديك ، عنونه العسقلاني في التهذيب وقال : إسماعيل بن مسلم ابن أبي فديك دينار ، فالنسبة إلى الجد وهذا شايع ، وقال في التقريب : صدوق ، وظاهره كونه من العامة ، وذكره ابن حبان في الثقات ، ووثقه الذهبي ، ولكن عنونه النجاشي وقال كوفي ثقة له كتاب ، وظاهره كونه اماميا لعدم إشارته إلى كونه عاميا. وكيف كان روى عنه المؤلف تحت رقم 3692، والطريق إليه ضعيف على المشهور بمحمد بن سنان.
3- الصباح بن سيابة أخو عبد الرحمن عده الشيخ في أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، و حاله مجهول الا أن في الكافي خبرا ضعيفا يظهر منه أنه كان من المقربين عندهم حيث قال له أبو عبد اللّه (عليه السلام) : « ما أنتم والبراءة يبرء بعضكم من بعض ، ان المؤمنين بعضهم أفضل من بعض وبعضهم أكثر صلاة من بعض وبعضهم أنفذ بصرا من بعض وهي الدرجات » الكافي ج 2 ص 45، وفي الروضة تحت رقم 495 في الموثق عنه عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : ان الرجل ليحبكم وما يدرى ما تقولون فيدخله اللّه عزوجل الجنة ، وان الرجل ليبغضكم وما يدري ما تقولون فيدخله اللّه عزوجل النار - إلى آخر الحديث المبارك فراجعه ففيه فوائد أخرى ، و اما الطريق إليه فصحيح.

وما كان فيه عن إبراهيم بن هاشم فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، وعبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا عن إبراهيم بن هاشم. ورويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم (1).

وما كان فيه عن روح بن عبد الرحيم فقد رويته عن جعفر بن علي بن الحسن ابن علي بن عبد اللّه بن المغيرة الكوفي ، عن جده الحسن بن علي الكوفي ، عن الحسن ابن علي بن فضال ، عن غالب بن عثمان ، عن روح بن عبد الرحيم (2).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه

ص: 521


1- إبراهيم بن هاشم أبو إسحاق القمي أصله كوفي انتقل إلى قم ، وحكى أنه أول من نشر حديث الكوفيين بقم ، وهو والد علي بن إبراهيم صاحب التفسير المشهور ، وفي المحكى عن رجال الكشي قال إنه تلميذ يونس بن عبد الرحمن ، لم أعثر على رواية روى عن يونس بلا واسطة وكأن في نسخة « كش » سقطا والصواب روى عن تلميذ يونس بن عبد الرحمن المراد بالتلميذ إسماعيل بن مرار أو غيره ، ونسخة أصل رجال الكشي كثير السقط والتحريف كما هو الثابت عند خبراء الفن ، وبالجملة لم يوثق إبراهيم صريحا كما لا يطعن عليه وهو كثير الرواية مقبول الحديث عند الفقهاء - رضوان اللّه تعالى عليهم - والطريق الثاني إليه صحيح والأول أصح.
2- روح بن عبد الرحيم بن روح كوفي وكان شريك المعلى بن خنيس ، روى عن الصادق (عليه السلام) ، وثقة النجاشي والعلامة ، وله كتاب ، وفى الطريق إليه جعفر بن علي بن الحسن وهو غير مذكور وكأنه من مشايخ الإجازة ، وغالب بن عثمان وهو واقفي موثق.

البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن عبد اللّه بن حماد الأنصاري (1).

وما كان فيه عن سعيد بن يسار فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن المفضل ، عن سعيد بن يسار العجلي الأعرج الحناط الكوفي (2).

وما كان فيه عن بشار بن يسار فقد رويته عن الحسين بن أحمد بن إدريس ، رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن محمد بن أبي الصهبان ، عن محمد بن سنان ، عن بشار بن يسار (3).

وما كان فيه عن محمد بن عمرو بن أبي المقدام فقد رويته ، عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن عمرو بن أبي المقدام (4).

وما كان فيه عن عبد الملك بن عمرو فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن الحكم بن مسكين ، عن عبد الملك بن عمرو الأحول الكوفي وهو عربي (5).

ص: 522


1- عبد اللّه بن حماد الأنصاري من أصحاب أبي عبد اللّه وأبى الحسن عليهما السلام و قال النجاشي « كان من شيوخ أصحابنا ، له كتابان أحدهما أصغر من الآخر » والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
2- سعيد بن يسار الأعرج الضبيعي مولاهم كوفي حناط ، روى عن أبي عبد اللّه و أبى الحسن عليهما السلام ، وكان ثقة ، له كتاب ، والطريق إليه ضعيف بمفضل بن عمر.
3- بشار بن يسار أخو سعيد المتقدم ، أيضا ، له كتاب ، والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
4- محمد بن عمرو بن أبي المقدام غير مذكور في كتب الرجال ، والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
5- عبد الملك بن عمرو الأحول ممدوح ، وكان من أصحاب الصادق (عليه السلام) ، والطريق إليه فيه الحكم بن مسكين وهو مهمل.

وما كان فيه عن يوسف بن يعقوب فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن محمد بن سنان ، عن يوسف بن يعقوب أخي يونس بن يعقوب وكانا فطحيين (1).

وما كان فيه عن محمد بن علي بن محبوب فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن ، و محمد بن موسى بن المتوكل ، وأحمد بن يحيى العطار ، ومحمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنهم عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن علي بن محبوب. ورويته عن أبي ، والحسين بن أحمد بن إدريس رضي اللّه عنهما عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن علي بن محبوب (2).

وما كان فيه عن محمد بن سنان فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن محمد بن سنان. ورويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان (3).

ص: 523


1- يوسف بن يعقوب الكوفي ، وصفه النجاشي بالجعفي ، وقال : ضعيف ، وقال الشيخ : واقفي ، وأما وصفه بالجعفي فغير معلوم الصحة كما لم يصف النجاشي نفسه أخاه يونس بذلك ولعل الأصل « الفطحي » فصحف بالجعفي لمشاكلة الخط ، وكذا الواقفي في قول الشيخ وأما الطريق إليه فضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
2- محمد بن علي بن محبوب الأشعري القمي أبو جعفر شيخ القميين في زمانه ، ثقة عين ، فقيه ، صحيح المذهب ، له كتب ، فاما الطريقان فالأول منهما صحيح ، وأما الثاني فحسن كالصحيح.
3- محمد بن سنان أبو جعفر الزاهري فقد عرفت مما مر ضعفه لتضعيف كل سند وقع هو فيه ولما نقل الكشي والنجاشي والعلامة من ضعفه ، واستظهر بعض من كلام المفيد - رحمه اللّه - في ارشاده توثيقه له حيث قال في باب النص على الرضا عليه السلام : فممن روى النص على الرضا علي بن موسى عليهما السلام بالإمامة من أبيه والإشارة إليه منه بذلك من خاصته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته (عليه السلام) داود الرقي ومحمد بن إسحاق بن عمار ، وذكر جماعة آخرهم محمد بن سنان ، وكذا الشيخ عده في كتاب الغيبة من الممدوحين مع أنه ضعفه في التهذيبين والرجال والفهرست في أحد عنوانيه ، وكذا رواية جمع من العدول عنه كحسين بن سعيد الأهوازي وأخيه الحسن والفضل بن شاذان وأبيه ، وأيوب بن نوح ، ومحمد بن الحسين ابن أبي الخطاب وأضرابهم الذين كانوا من نقدة الآثار فلا بد أن نقول اما أن يكون في رواياته صحيح وسقيم وهؤلاء الأجلة نقلوا عنه ما كان صحيحا محفوفا بقرائن الصحة دون ما كان مزيفا باطلا كما فعله المصنف في أخبار أبي محمد العلوي حيث قال في كمال الدين ص 543 « أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد فيما أجازه لي مما صح عندي من حديثه » ، أو اعتمدوا عليه ولم يعتنوا بما ورد في قدحه وهذا بعيد جدا ، وبالجملة له كتب ، والطريق الأول إليه ضعيف بمحمد بن علي أبى سمينة الصيرفي ، والثاني حسن كالصحيح.

وما كان فيه عن محمد بن الوليد الكرماني فقد رويته عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن الوليد الكرماني (1).

وما كان فيه عن محمد بن منصور فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أبي الصهبان ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن منصور (2).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن القاسم فقد رويته عن الحسين بن أحمد بن إدريس رضي اللّه عنه عن أبيه ، عن محمد بن أحمد بن يحيى قال : حدثنا أبو عبد اللّه الرازي عن عبد اللّه بن أحمد بن محمد بن خشنام الأصبهاني ، عن عبد اللّه القاسم (3).

وما كان فيه عن عبد اللّه بن جبلة فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن ، ومحمد بن

ص: 524


1- محمد بن الوليد مشترك بين الموثق والضعيف والمجهول ، ويظهر من بعض الروايات كون المراد به من كان من أصحاب أبي جعفر الثاني (عليه السلام) ، والطريق هنا حسن كالصحيح.
2- هو محمد بن منصور الأشعري ظاهرا الذي عده الشيخ في أصحاب أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قائلا مجهول ، والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان على المشهور.
3- عبد اللّه بن القاسم ضعيف سواء كان الحضرمي ، أو صاحب معاوية بن عمار ، أو الحارثي مع أنه لا يبعد اتحادهم كما هو الظاهر من اتحاد معنى قولهم في كل واحد منهم ، أما الطريق إليه فضعيف بأبي عبد اللّه الرازي.

موسى بن المتوكل رضي اللّه عنهم عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن عبد اللّه بن جبلة (1).

وما كان فيه عن محمد بن عبد اللّه بن مهران فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن محمد بن عبد اللّه بن مهران (2).

وما كان فيه عن محمد بن الفيض فقد رويته عن جعفر بن محمد بن مسرور رضي اللّه عنه عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبد اللّه بن عامر ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن الفيض (3).

وما كان فيه عن ثعلبة بن ميمون فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن ، ومحمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنهم عن عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن عبد اللّه بن محمد بن الحجال الأسدي ، عن أبي إسحاق ثعلبة بن ميمون. ورويته أيضا عنهم ، عن الحميري ، عن عبد اللّه بن محمد بن عيسى ، عن الحجال ، عن ثعلبة (4).

ص: 525


1- عبد اللّه بن جبلة بن حيان أبو محمد عربي صميم ، ثقة يروى عن أبيه عن جده حيان ، وبيت جبلة مشهور بالكوفة ، وكان عبد اللّه واقفا وكان ثقة مشهورا ، له كتب ، مات سنة 219 والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
2- محمد بن عبد اللّه بن مهران ضعيف كذاب يرمى بالغلو ، والطريق إليه قوى بعلى بن الحسين السعد آبادي.
3- محمد بن الفيض الظاهر أن المراد به محمد بن الفيض بن المختار الجعفي الكوفي لما تقدم ص 485 محمد بن الفيض التيمي من تيم الرباب وان احتمل الوحيد - رحمه اللّه - اتحادهما لكنه بعيد لان الجعفي نسبة إلى جعفي بن سعد العشيرة من مذحج ، والتيمي نسبة إلى تيم بن عبد مناة بن أدبن طابخة بن الياس بن مضر ، والجعفي مجهول الحال ، والطريق إليه صحيح ، ويمكن القول بصحة السند لصحته عن ابن أبي عمير.
4- ثعلبة بن ميمون الكوفي مولى بنى أسد ، كان وجها في أصحابنا قاريا ، فقيها ، نحويا ، لغويا ، راوية حسن العمل ، كثير العبادة والزهد ، روى عن أبي عبد اللّه وأبى الحسن عليهما السلام ، له كتاب تختلف الرواة عنه ، والطريق الأول صحيح وكذا الثاني.

وما كان فيه عن العباس بن عامر القصباني فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن علي بن الحسن بن علي الكوفي ، عن أبيه ، عن العباس بن عامر القصباني. ورويته عن جعفر بن علي بن الحسن بن علي الكوفي ، عن جده الحسن بن علي ، عن العباس ابن عامر القصباني (1).

وما كان فيه عن رومي بن زرارة فقد رويته عن جعفر بن محمد بن مسرور رضي اللّه عنه عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن عمه عبد اللّه بن عامر ، عن محمد بن أبي عمير ، عن رومي بن زرارة (2).

وما كان فيه عن داود بن إسحاق فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان عن داود بن إسحاق (3).

وما كان فيه عن بكار بن كردم فقد رويته عن محمد بن الحسن رحمه اللّه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن بكار بن كردم (4).

وما كان فيه متفرقا من قضايا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد الرحمن

ص: 526


1- العباس بن عامر أبو الفضل القصباني شيخ صدوق ثقة ، كثير الحديث ، له كتب ، و الطريق الأول إليه قوى بعلى بن الحسن بن علي بن عبد اللّه بن المغيرة الكوفي ، وكذا الثاني.
2- رومي بن زرارة بن أعين الشيباني ثقة قليل الحديث وكان من أصحاب أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام ، له كتاب ، والطريق إليه صحيح.
3- داود بن إسحاق غير مذكور في الرجال ، والطريق إليه ضعيف على المشهور بمحمد بن سنان.
4- بكار بن كردم - كجعفر - كوفي ، عده الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السلام) وحاله مجهول والطريق إليه كالطريق إلى سابقه.

ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام (1).

وما كان فيه عن إدريس بن عبد اللّه القمي فقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حماد بن عثمان ، عن إدريس بن عبد اللّه بن سعد الأشعري القمي (2).

وما كان فيه عن سلمة بن الخطاب فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن سلمة بن الخطاب البراوستاني (3).

وما كان فيه عن إدريس بن زيد فقد رويته عن أحمد بن علي بن زياد رضي اللّه عنه عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إدريس بن زيد القمي (4).

وما كان فيه عن محمد بن سهل فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سهل بن اليسع الأشعري (5).

وما كان فيه عن جعفر بن عثمان فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن علي بن موسى الكمنداني ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن

ص: 527


1- تقدمت ترجمة محمد بن قيس ص 486 والطريق هنا وهناك حسن كالصحيح.
2- إدريس بن عبد اللّه القمي الأشعري ثقة ، له كتاب وكان من أصحاب أبي عبد اللّه (عليه السلام) وقد أدرك الرضا (عليه السلام) ، والطريق إليه صحيح ، وروى المؤلف تحت رقم 4721 عنه عن الصادق (عليه السلام).
3- سلمة بن الخطاب البراوستاني - قرية من قرى قم كما في المراصد - قال النجاشي : أبو الفضل الراوستاني الأزد ورقاني - قرية من سواد الري - كان ضعيفا في حديثه ، وله كتب ، وذكر جملة منها وقال ابن الغضائري : أبو محمد من سواد الري ضعيف ، أقول : الطريق إليه صحيح.
4- تقدم في ص 489 مع طريق آخر حسن كالصحيح ، وكأن المراد بأحمد بن علي أحمد زياد بن جعفر الهمداني الفاضل الثقة « و » ابن علي كان من زيادات النساخ ، والعلم عند اللّه.
5- محمد بن سهل بن اليسع القمي الأشعري ممدوح ، له كتاب ، وكان من أصحاب أبي الحسن الرضا وأبي جعفر الجواد عليهما السلام ، والطريق إليه صحيح.

أبى عمير ، عن أبي جعفر الشامي ، عن جعفر بن عثمان (1).

وما كان فيه عن عثمان بن زياد فقد رويته عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري ، عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن محمد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن عثمان بن زياد (2).

وما كان فيه عن أمية بن عمرو ، عن الشعيري فقد رويته عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن هلال ، عن أمية بن عمرو ، عن إسماعيل بن مسلم الشعيري (3).

وما كان فيه عن منهال القصاب فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى العطار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن منهال القصاب (4).

ص: 528


1- جعفر بن عثمان مشترك بين الرواسي والكلابي وصاحب أبي بصير ، والأول ثقة والأخيران مهملان ، وفي المحكى عن المولى المجلسي الغالب أن المراد به الثقة ، أقول و الطريق إليه فيه الكمنداني وأبو جعفر الشامي وهما غير مذكورين.
2- عثمان بن زياد مشترك بين الرواسي والهمداني والأحمسي والضبي ، وقال المولى المجلسي - رحمه اللّه - كأنه الرواسي الكوفي وهو من أصحاب الصادق عليه السلام ، وعلى ما يظهر من كلام الفاضل الأردبيلي هو الهمداني الكوفي وهو أيضا من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ، ولم يوثق أحدهما صريحا ، والطريق فيه عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري - رضي اللّه عنه - وهو غير مذكور الا أنه من مشايخ الإجازة ، وأيضا عثمان بن عيسى وفيه تأمل مع أنه واقفي ، وفى نسخة أحمد بن سليمان « بدل » حمدان بن سليمان وأحمد مهمل كما في جامع الرواة ،
3- أمية بن عمرو من أصحاب الكاظم عليه السلام واقفي ، يعرف بالشعيري ، له كتاب أكثره عن إسماعيل السكوني الشعيري. والطريق إليه ضعيف بأحمد بن هلال.
4- منهال القصاب مهمل عده الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق عليه السلام ولم يذكر حاله ، والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن مسعدة بن زياد فقد رويته عن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري جميعا عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة ابن زياد (1).

وما كان فيه عن داود بن أبي يزيد فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن أبي محمد الحجال ، عن داود بن أبي يزيد (2).

وما كان فيه عن ثوير بن أبي فاختة فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن ثوير بن أبي فاختة ، واسم أبي فاختة سعيد بن علاقة (3).

وما كان فيه عن عيسى بن أعين فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن محمد بن

ص: 529


1- مسعدة بن زياد الربعي الكوفي ثقة عين من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام ، له كتاب في الحلال والحرام مبوب كما في « جش » والطريق إليه صحيح.
2- داود بن أبي يزيد فرقد الكوفي العطار ثقة روى عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن عليهما السلام ، له كتاب ، وقال الشيخ في التهذيب باب أوقات الصلاة ان داود بن أبي يزيد هو داود بن فرقد. والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
3- هو ثوير بن أبي فاختة سعيد بن أبي علاقة - بكسر العين المهملة - يكنى أبا جهم يروى عن علي بن الحسين وأبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهم السلام ، والعامة ضعفوه لتشيعه وقال الحاكم في مستدركه : لم ينقم عليه الا للتشيع. وقال العلامة في الخلاصة : روى الكشي عن محمد بن قولويه ، عن محمد بن عباد بن بشير ، عن ثوير قال : أشفقت على أبي جعفر من مسائل هيأها له عمر ( و ) بن ذر ، وابن قيس الماصر ، والصلت بن بهرام. وهذا لا يقتضى مدحا ولا قدحا فنحن في روايته من المتوقفين. أقول : الظاهر كونه مدحا لان عمر ( و ) ابن ذر عامي وعمر ( و ) بن قيس بتري كما نص عليه ابن داود في رجاله والعلامة نفسه في الخلاصة وأسئلتهم كانت تعنتية وحزنه لذلك ، راجع تمام الخبر في رجال الكشي وتذ عن بذلك وأما الطريق إليه ففيه الهيثم بن أبي مسروق وهو غير مصرح له بالتوثيق بل كان ممدوحا.

أحمد بن علي بن الصلت ، عن أبي طالب عبد اللّه بن الصلت ، عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن عيسى بن أعين (1).

وما كان فيه عن محمد بن حسان فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن ، والحسين بن أحمد بن إدريس رضي اللّه عنهم عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن حسان (2).

وما كان فيه عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري رضي اللّه عنه فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، وعبد اللّه بن جعفر الحميري جميعا « عن أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري (3).

وما كان فيه عن عمر بن أبي شعبة فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن جعفر بن بشير ، عن حماد بن عثمان ، عن عمر بن أبي شعبة الحلبي (4).

ص: 530


1- هو عيسى بن أعين الجريري الأسدي مولى كوفي ثقة روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام وله كتاب ، والطريق إليه فيه محمد بن أحمد بن علي بن الصلت وهو وإن كان غير مذكور في كتب الرجال الا أن المؤلف ذكر في أول كمال الدين ان أبي يروى عنه - قدس اللّه روحه - ويصف علمه وزهده وفضله وعبادته.
2- محمد بن حسان مشترك والمراد هنا محمد بن حسان الرازي الزبيبي ، عده الشيخ فيمن روى عن الهادي عليه السلام ، وعنونه النجاشي قائلا أبو عبد اللّه الزبيبي يعرف وينكر وهو بين بين ، يروى عن الضعفاء كثيرا. وضعفه ابن الغضائري ، وقال الشيخ في الفهرست : له كتب منها كتاب ثواب الأعمال أخبرنا به ابن أبي جيد ، عن محمد بن الحسن ، عن سعد ، ومحمد بن يحيى ، وأحمد بن إدريس عنه - الخ. والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
3- أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي أبو جعفر شيخ القميين ووجههم وفقيههم غير مدافع ، ثقة له كتب ، وكان من أصحاب أبي الحسن الرضا والجواد والهادي عليهم السلام والطريق إليه صحيح.
4- عمر بن أبي شعبة الحلبي كان من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام ويظهر من توثيق النجاشي آل أبي شعبة توثيقه مجملا ، والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن عمر بن قيس الماصر فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رحمهما اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه عن محمد بن سنان وغيره ، عن عمر بن قيس الماصر (1).

وما كان فيه عن أبي سعيد الخدري من وصية النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) التي أولها ( يا علي إذا دخلت العروس بيتك ) فقد رويته عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي اللّه عنه عن أبي سعيد الحسن بن علي العدوي ، عن يوسف بن يحيى الأصبهاني أبي يعقوب ، عن أبي علي إسماعيل بن حاتم قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن صالح بن سعيد المكي قال : حدثنا عمر [ و ] بن حفص ، عن إسحاق بن نجيح ، عن حصيف ، عن مجاهد ، عن أبي سعيد الخدري قال : أوصى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال : يا علي إذا دخلت العروس بيتك وذكر الحديث بطوله على ما في هذا الكتاب (2).

ومكان فيه عن علي بن حسان فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن حسان الواسطي ، ورويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن علي بن حسان الواسطي (3).

وما كان فيه عن إسماعيل بن مهران من كلام فاطمة عليها السلام فقد رويته عن محمد بن موسى بن المتوكل رضي اللّه عنه عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أحمد بن محمد الخزاعي ، عن محمد بن جابر ، عن عباد العامري ، عن زينب بنت أمير المؤمنين عليهما السلام ، عن

ص: 531


1- عمر بن قيس كما في بعض النسخ وعمرو بن قيس كما في بعض تقدم في ثوير أنه بتري ، والطريق إليه فيه محمد بن سنان وهو ضعيف على المشهور أو غيره المجهول
2- أبو سعيد الخدري اسمه سعد بن مالك صحابي عظيم وكان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، والطريق فيه مجاهيل ، وبعضهم من رجال العامة.
3- تقدم الكلام فيه وفي طريقه ج 3 ص 561.

فاطمة ( عليها السلام ) (1).

وما كان فيه عن شعيب بن واقد في المناهي فقد رويته عن حمزة بن محمد بن أحمد ابن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) قال : حدثني أبو عبد اللّه عبد العزيز بن محمد بن عيسى الأبهري قال : حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن زكريا الجوهري الغلابي البصري قال : حدثنا شعيب بن واقد قال : حدثنا الحسين بن زيد ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) قال : نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن الاكل على الجنابة وقال : إنه يورث الفقر وذكر الحديث بطوله كما في هذا الكتاب (2).

وما كان فيه عن علي بن إسماعيل الميثمي فقد رويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن صفوان بن يحيى ، عن علي بن إسماعيل الميثمي (3).

وما كان فيه عن يعقوب بن يزيد فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، وعبد اللّه بن جعفر الحميري ، ومحمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس رضي اللّه عنهم عن يعقوب بن يزيد (4).

ص: 532


1- إسماعيل بن مهران مولى كوفي يكنى أبا يعقوب ثقة معتمد عليه ، لقى أبا الحسن الرضا عليه السلام وروى عنه ، وقال ابن الغضائري : ليس حديثه بالنقي يضطرب تارة ويصلح أخرى ، وروى عن الضعفاء كثيرا ويجوز أن يخرج شاهدا ، وقال العلامة بعد نقل هذا الكلام : والأقوى عندي الاعتماد على روايته لشهادة الشيخ والنجاشي له بالثقة ، والطريق إليه فيه السعد آبادي ومحمد بن جابر وهو غير معلوم الحال.
2- شعيب بن واقد غير مذكور في كتب الرجال وتقدم ذكر طريقه إليه في أول هذا المجلد مفصلا.
3- علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار أبو الحسن الميثمي كان من أصحاب الرضا عليه السلام وهو من متكلمي الإمامية ، والطريق إليه صحيح.
4- يعقوب بن يزيد الكاتب الأنباري هو وأبوه ثقتان وكان من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام كثير الرواية ، له كتب ، والطريق إليه صحيح.

وما كان فيه عن الحسن بن علي بن النعمان فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن الحسن بن علي بن النعمان (1).

وما كان فيه عن عبد الحميد فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي اللّه عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن محمد بن علي القريشي ، عن إسماعيل بن بشار عن أحمد بن حبيب ، عن الحكم الخياط ، عن عبد الحميد الأزدي (2).

وما كان فيه عن سلمة بن تمام صاحب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (3) وما كان فيه عن محمد بن أسلم الجبلي فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه

ص: 533


1- الحسن بن علي بن النعمان كوفي من أصحاب الهادي عليه السلام ، وكان ثقة ثبتا ، له كتاب نوادر ، صحيح الحديث كثير الفوائد كما في « ست » و « جش » والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
2- عبد الحميد الأزدي مشترك بين عبد الحميد بن أبي العلاء الخفاف ، وعبد الحميد بن مسلم ، والأول ثقة ، والثاني مهمل ، والطريق ضعيف بإسماعيل بن يسار أو « بشار » على اختلاف النسخ على أن فيه أحمد بن حبيب وهو غير مذكور في الرجال ، وفي نسخة « أحمد بن الجنيد » وهو أيضا غير مذكور.
3- كذا بياض في جميع النسخ التي رأيتها وكما نص عليه الاسترآبادي في منهج المقال لكن في خاتمة الوسائل « وما كان فيه عن سلمة بن تمام صاحب أمير المؤمنين عليه السلام فقد رويته عن أبي - رضي اللّه عنه - عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن سلمة بن تمام » وعندي هذا خلط وهذا الطريق هو الطريق الثاني المذكور إلى محمد بن أسلم الذي عنونه المؤلف بعد سلمة ولعله يكون في الهامش فاشتبه على الناسخ وجعله مكان البياض مع أن رواية محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن سلمة الذي هو من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام غير ممكن لبعد الزمان بينهما ، والخبر الذي روى المصنف عن سلمة بن تمام هو في باب ما يجب فيمن صب على رأسه ماء حار فذهب شعره تحت رقم 5331 بعنوان « وروى عن سلمة بن تمام كذا وكذا » وهذا الخبر رواه الشيخ (رحمه اللّه) في التهذيب ج 2 ص 518 بلفظه باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي نصر ، عن عيسى بن مهران ، عن أبي غانم ، عن منهال بن خليل ، عن سلمة بن تمام ، وهكذا في باب ضمان الرديفين روى عنه بهذا الاسناد فالذي يظهر من طريق الشيخ وطريق المصنف معا أن موضع البياض لا يبعد أن يكون هذا الكلام : « فقد رويته عن أبي ومحمد بن الحسن - رحمهما اللّه - عن محمد بن يحيى العطار ، وأحمد بن إدريس جميعا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران ، عن ابن أبي نصر ، عن عيسى بن مهران ، عن أبي غانم ، عن منهال بن خليل ، عن سلمة بن تمام صاحب أمير المؤمنين عليه السلام » ثم أعلم أن سلمة بن تمام غير مذكور في رجال الخاصة ولكن وصف المصنف بكونه صاحب أمير المؤمنين عليه السلام كفاية في جلالته ، واحتمال كونه سلمة بن تمام المعنون في التقريب والتهذيب بعيد لأنه من تابعي التابعين ولم يلق عليا عليه السلام ولا أحدا من الصحابة.

عنه عن الحسن بن متيل ، عن محمد بن حسان الرازي ، عن محمد بن زيد الرزامي خادم الرضا عليه السلام عن محمد بن أسلم الجبلي. ورويته عن أبي رضي اللّه عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن أسلم الجبلي (1).

وما كان فيه عن محمد بن يعقوب الكليني رحمة اللّه عليه فقد رويته عن محمد بن محمد بن عصام الكليني ، وعلي بن أحمد بن موسى ، ومحمد بن أحمد السناني رضي اللّه عنهم عن محمد بن يعقوب الكليني ، وكذلك جميع كتاب الكافي فقد رويته عنهم عنه عن رجاله (2).

ص: 534


1- محمد بن أسلم الجبلي عده الشيخ في أصحاب أبي جعفر الباقر وأبي الحسن الرضا عليهما السلام ، أصله كوفي وكان يتجر إلى طبرستان واشتهر بالطبري أو الطبرسي ، ويقال أنه كان غاليا فاسد الحديث ، وكأن عده من أصحاب الباقر عليه السلام وهم والصواب أنه من أصحاب أبي الحسن الرضا وأبي جعفر الجواد عليهما السلام ، وله كتاب ، والطريق الأول قوى بالرازي والرزامي ، والثاني صحيح.
2- محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني صاحب كتاب الكافي جلالته فوق أن يذكر في هذا المختصر ، فراجع مقدمة الكافي طبع دار الكتب ، ومحمد بن محمد بن عصام وقريناه كانوا من مشايخ الإجازة فالطريق صحيح.

وما كان فيه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، والحميري ، ومحمد بن يحيى ، وأحمد ابن إدريس جميعا » عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيات ، واسم أبي الخطاب زيد (1).

وما كان فيه عن العباس بن معروف فقد رويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن العباس بن معروف. وقد رويته عن أبي رحمه اللّه عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وأحمد بن أبي عبد اللّه البرقي جميعا « عن العباس بن معروف (2).

وما كان فيه عن معاوية بن حكيم فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن معاوية بن حكيم. ورويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن معاوية بن حكيم (3).

وما كان فيه عن أبي الجوزاء فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن رضي اللّه عنهما عن سعد بن عبد اللّه ، عن أبي الجوزاء المنبه بن عبد اللّه ، ورويته عن محمد بن الحسن رضي اللّه عنه عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أبي الجوزا (4).

وما كان فيه عن حمدان بن الحسين فقد رويته عن علي بن حاتم إجازة قال :

ص: 535


1- محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيات الهمداني الكوفي جليل من أصحابنا عظيم القدر كثير الرواية ، ثقة ، عين ، حسن التصانيف ، مسكون إلى روايته كما في الخلاصة ، وكان من أصحاب أبي جعفر الجواد وأبي الحسن الثالث الهادي عليهما السلام ، وله تصانيف ، والطريق إليه صحيح.
2- العباس بن معروف أبو الفضل القمي ثقة ، وكان من أصحاب الرضا عليه السلام وقد يروى عن الهادي عليه السلام ، وله كتب ، والطريق إليه صحيح.
3- معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار الدهني الكوفي ثقة جليل من أصحاب الرضا والجواد والهادي عليهم السلام ، وكما قال الكشي انه فطحي وهو عدل عالم ، له كتب ، والطريقان إليه صحيحان.
4- أبو الجوزاء منبه بن عبد اللّه التميمي ثقة صحيح الحديث ، والطريقان صحيحان.

أخبرنا القاسم بن محمد قال : حدثنا حمدان بن الحسين (1).

وما كان فيه عن حماد بن عمرو ، وأنس بن محمد في وصية النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقد رويته عن محمد بن علي الشاه بمرو الرود قال : حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين قال : حدثنا أبو يزيد أحمد بن خالد الخالدي قال : حدثنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي قال : أخبرنا أبي : أحمد بن صالح التميمي قال أخبرنا محمد بن حاتم القطان ، عن حماد بن عمرو ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام. ورويته أيضا » عن محمد بن علي الشاه قال : حدثنا أبو حامد قال : أخبرنا أبو يزيد قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي قال : حدثنا أبي قال : حدثني أنس بن محمد أبو مالك ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) عن النبي ( صلى اللّه عليه وآله ) قال له : يا علي أوصيك بوصية فاحفظها فلا تزال بخير ما حفظت وصيتي وذكر الحديث بطوله (2).

وما كان فيه عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني فقد رويته عن محمد بن إبراهيم ابن إسحاق الطالقاني رضي اللّه عنه عن أحمد بن سعيد الهمداني الكوفي مولى بني هاشم (3).

ص: 536


1- حمدان بن الحسين وقع في نوادر ميراث الكتاب ولم أجد له ذكرا ، وقيل أنه الحسين بن حمدان فصحف بتقديم وتأخير ولا وجه له.
2- حماد بن عمرو لعله النصيبي غير مذكور وكذا أنس بن محمد ، وفي الطريق إليهما مجاهيل وكأنهم من العامة. وفي بعض النسخ مكان « أبو يزيد أحمد بن خالد » أبو زيد أحمد بن محمد بن خالد الجوزي.
3- أحمد بن محمد بن سعيد أبو العباس الهمداني الكوفي المعروف بابن عقدة قال الشيخ : أمره في الثقة والجلالة وعظم الحفظ أشهر من أن يذكر ، وكان زيديا جاروديا وعلى ذلك مات ، وإنما ذكرناه في جملة أصحابنا لكثرة رواياته عنهم وخلطته بهم وتصنيفه لهم ، وله كتب كثيرة. وقال النجاشي : « هذا رجل جليل في أصحاب الحديث مشهور بالحفظ ، والحكايات تختلف عنه في الحفظ ، وكان كوفيا زيديا جاروديا ، على ذلك حتى مات ، وذكره أصحابنا لاختلاطه بهم ومداخلته إياهم وعظم محله وثقته وأمانته الخ » قال الشيخ الطوسي سمعت جماعة يحكون عنه أنه قال : أحفظ مائة وعشرين ألف حديث بأسانيدها ، وأذاكر بثلاثمائة ألف حديث. له كتب منها كتاب أسماء الرجال الذين رووا عن الصادق عليه السلام وهم أربعة آلاف رجل خرج فيه لكل رجل الحديث الذين رواه ، مات بالكوفة 333. و محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانى و ان لم يذكر في كتب الرجال لكن المصنّف لم يذكره في كتبه الا مترضيا مضافا الى أن كتب ابن عقدة جله ان لم نقل كله كانت موجودة عند المصنّف رواها باجازة محمّد بن إبراهيم الطالقانى فلا مدخلية له في السند ظاهرا.

وما كان فيه عن المعلى بن محمد البصري فقد رويته عن أبي ، ومحمد بن الحسن وجعفر بن محمد بن مسرور رضي اللّه عنهم عن الحسين بن محمد بن عامر ، عن المعلى ابن محمد البصري (1).

وما كان فيه عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري فقد رويته عنه (2).

وما كان فيه عن سعد بن طريف الخفاف (3) فقد رويته عن أبي رضي اللّه

====

(3)

ص: 537


1- المعلى بن محمد البصري أبو الحسن مضطرب الحديث والمذهب كما قاله النجاشي ، والطريق إليه صحيح.
2- عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري غير مذكور وروى المصنف عنه في معاني الأخبار ص 145 في معنى الحرج سنة 352 وروى عنه في التوحيد في غير مورد مع الرحملة والرضيلة راجع ص 6 7 و 137 و 242 و 269 و 416 منه طبع مكتبتنا. وكذا في العيون. وعنونه المصنف هنا لا وجه له لان المشيخة موضوعها ذكر الوسائط ولا واسطة هنا.
3- سعد بن طريف الحنظلي مولاهم الإسكاف مولى بني تميم ، ذكره العلامة في الضعفاء قائلا : يقال له سعد الخفاف ، ونقل عن النجاشي أنه قال في حقه : « يعرف وينكر ، روى عن الأصبغ بن نباتة والإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ، وقال : كان قاضيا » وضعفه ابن الغضائري. وعنونه ابن حجر العسقلاني في التقريب وقال : متروك رماه ابن حبان بالوضع وكان رافضيا ، ونقل الكشي عن حمدويه كونه ناووسيا ، وذكر الشيخ في الفهرست أن له كتابا. وأما الطريق إليه فضعيف بالحسين بن علوان الكلبي لكونه عاميا ولم يوثق صريحا.

عنه عن سعد بن عبد اللّه ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن ثابت ، عن سعد بن طريف الخفاف.

تمت أسانيد كتاب من لا يحضره الفقيه بحمد اللّه ومنه ، والصلاة على محمد وآله الطاهرين (1).

يقول محمد بن علي بن [ الحسين بن ] موسى بن بابويه القمي مصنف هذا الكتاب : قد سمع السيد الشريف الفاضل أبو عبد اللّه محمد بن الحسن العلوي الموسوي المديني المعروف بنعمة (2) أدام اللّه تأييده وتوفيقه وتسديده (3) هذا الكتاب من

ص: 538


1- في بعض النسخ « تمت أسانيد كتاب من لا يحضره الفقيه تصنيف الشيخ الجليل أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي - رضي اللّه عنه وأرضاه وجعل الجنة مثواه - بمحمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين » بدون ذكر الجملات الآتية.
2- هو السيد الشريف أبو عبد اللّه نعمة الذي صنف المؤلف هذا الكتاب إجابة لملتمسه كما صرح به في مقدمة الكتاب ، وقد عده بعضهم في زمرة مشايخ الصدوق ولم أجد في كتب المؤلف ما يدل عليه غير أنه قال في كمال الدين ص 543 طبع مكتبتنا في ذكر خبر معمر المغربي « أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبد اللّه بن الحسن بن علي بن الحسين علي بن أبي طالب عليهم السلام فيما أجازه لي مما صح عندي من حديثه. وصح عندي هذا الحديث برواية الشريف أبي عبد اللّه محمد بن الحسن بن إسحاق بن الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه قال - الخ » وهذا الكلام كما ترى لا يدل على كون السيد من مشايخ المؤلف المجيزين له.
3- قوله « يقول محمد بن علي » إلى آخر الكلام ليس في أكثر النسخ التي عندي وهو موجود في غير واحد من النسخ ، منها نسخة تفضل بارسالها شقيقنا الألمعي الفاضل الشيخ محمد حسن الثقفي دام بقاؤه وهي من خزانة كتب أبيه المحقق المدقق البارع ، الفقيه الورع الحجة الحاج الميرزا محمد الثقفي - مد ظله - ترى صورتها الفتوغرافية ، في ظهر الورق ومنها النسخة التي أشار إليها الشريف المفضال ، المتتبع الخبير السيد محمد علي الروضاتي  - دام علاه - في كتاب جامع الأنساب ج 1 ف 2 ص 52 وهي من خزانة كتب جده صاحب الروضات أعلى اللّه مقامه الشريف وقد أرخها كاتبها - على المحكى - 980 وكان فيه بعد قوله  « مصليا » وذلك في ذي القعدة من سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة ويظهر من ذلك أن تصنيف الكتاب وقراءته على الشريف كليهما وقع بمدينة بلخ التي وردها المؤلف أواخر سنة 368 ، وحيث لم يسافر إليها الا مرة واحدة علم أن مدة التأليف كان أقل من أربع سنين ، وربما يظهر مضافا إلى ما معه من مصنفاته حينذاك وهي كما صرح به في مقدمة الكتاب 245 كتابا. وتم تعاليقنا على مشيخة « كتاب من لا يحضره الفقيه » في ليلة الخميس لاثني عشر من شهر رجب المرجب سنة 1394 الهجري القمري والحمد لله على ما من علي ووفقني لاتمام هذا المشروع المقدس فله المن ، وعلينا الشكر. علي أكبر الغفاري عفى عنه

أوله إلى آخره بقراءتي عليه ، ورويته عن مشايخي المذكورين وذلك بأرض بلخ من ناحية إيلاق ، وكتبت بخطي حامدا لله وشاكرا وعلى محمد وآله مصليا ومسلما ، آمين يا رب العالمين.

ص: 539

الصورة

ص: 540

الاصطلاحات و

بيان المراد بالفطحي ، والناووسي ، والكيساني ، والواقفي ، والزيدي ، والجارودي ، والبتري ، والغالي ، والحروري ، والقدري ، والمرجي ، والمفوضة ، ومعنى المولى ، ومرتفع القول.

ص: 541

توضيح

اشارة

قد ذكرنا كثيرا في تحقيق المشيخة « فلان فطحي » أو بتري ، أو زيدي أو ناووسي ، أو كيساني ، أو واقفي ، أو جارودي ، أو غال ، أو مولى ، فينبغي أن نبين مذهبهم مجملا ليكون القاري على بصيرة من الامر ، فنقول وباللّه التوفيق :

الفطحية : فرقة من الشيعة قالوا بامامة علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والأئمة من بعده إلى جعفر بن محمد ( عليهم السلام ) ، ثم اعتقدوا إمامة عبد اللّه بن جعفر ( عليه السلام ) وتعللوا في ذلك بأنه كان أكبر ولد أبيه ( عليه السلام ) وأن أباه قال : الإمامة لا يكون إلا في الأكبر من ولد الامام « (1) وسموا بالفطحية لان عبد اللّه بن جعفر كان أفطح الرجلين - أي عريضهما - أو كان أفطح الرأس ، وقيل لان رئيسهم كان أفطح (2) ، مع أن عبد اللّه بن جعفر ( عليه السلام ) مات بعد أبيه ( عليه السلام ) بسبعين أو تسعين يوما ، وروي عن الصادق ( عليه السلام ) أنه قال لابنه موسى ( عليهما السلام ) : « يا بني إن أخاك سيجلس مجلسي ويدعي الإمامة بعدي فلا تنازعه بكلمة فإنه أول أهلي لحوقا بي « وفى رواتنا جماعة من هؤلاء لكن رجع أكثرهم إلى إمامة أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) وكثير منهم ثقات في النقل كبني فضال - : وقد قيل للامام أبي محمد العسكري ( عليه السلام ) - لما ظهرت الفطحية من بني فضال - : ما نصنع بكتبهم وبيوتنا ملاى منها؟ فقال : خذوا ما رووا ودعوا ما رأوا » فلذا كان الطائفة عملت بما رواه بنو فضال.

الناووسية : فرقة من الشيعة وقفوا على جعفر بن محمد الصادق ( عليهما السلام ) وهم أتباع رجل يقال له ناووس ، وقيل : نسبوا إلى قرية ناووسة من قرى هيت ، وقيل : إنهم

ص: 542


1- الأصل في هذا الخبر كما في الكافي وغيره في الصحيح عن أبي يحيى الواسطي ، عن هشام بن سالم عنه عليه السلام « أن الامر - أي الإمامة - في الكبير ما لم تكن فيه عاهة » وكان عبد اللّه ذا عاهة في عقله غير أنه أفطح.
2- ويقال كان رئيسهم عبد اللّه بن فطيح.

اعتقدوا أن الصادق ( عليه السلام ) لم يمت ولن يموت حتى يظهر ويظهر أمره ، وهو القائم المهدى ، وقال ابن الأثير في اللباب في عنوان الناووسي : هذه النسبة لطائفة من غلاة الشيعة يقال لهم : الناووسية ، وهم شكوا في موت محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) وهو الباقر وهم ينتظرونه وينتظرون أيضا جعفر بن محمد هذا. وفي المحكي عن ملل الشهرستاني قال : « حكى أبو حامد الزوزني أنهم زعموا أن عليا ( عليه السلام ) مات وستنشق الأرض عنه من قبل يوم القيامة فيملأ العالم عدلا ».

الكيسانية : قوم قالوا بامامة محمد بن الحنفية بعد أبي عبد اللّه الحسين عليه السلام وفي الصحاح هم صنف من الروافض وهم أصحاب المختار بن أبي عبيدة يقال : إن لقبه كان كيسان.

الواقفة : هم الذين وقفوا على موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) وقالوا بأنه لم يمت وهو القائم ، والسبب في ذلك أن أبا الحسن ( عليه السلام ) مات وليس من قوامه أحد إلا عنده مال كثير وكان ذلك سبب وقفهم وجحودهم لموته ، وكان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار ، وكان أحد القوام عثمان بن عيسى العامري الكلابي الرواسي وكان بمصر وعنده مال كثير وست جوار ، فبعث إليه أبو الحسن علي ابن موسى ( عليهما السلام ) في المال وفيهن ، فأجاب وكتب إليه ان أباك لم يمت ، فكتب ( عليه السلام ) إليه ان أبي قد مات وقد اقتسمنا ميراثه وقد صحت الاخبار بموته ، فكتب إليه إن لم يكن أبوك مات فليس من ذلك شئ ، وإن كان قد مات على ما تحكي فلم يأمرني بدفع شئ إليك وقد أعتقت الجواري وتزوجهن. وفي رجال الكشي عن الرضا ( عليه السلام ) « إن الزيدية والواقفة والنصاب بمنزلة واحدة ».

الزيدية : من قال بأمامة زيد بن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) بعد أبيه ، ويقولون بإمامة كل فاطمي عالم صالح ذي رأي يخرج بالسيف كيحيى بن زيد ومحمد وإبراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن وأضرابهم ، وهم فرق.

الجارودية : فرقة من الزيدية وقيل هم ينسبون إلى الزيدية وليسوا منهم

ص: 543

كالبقرية ونسبوا إلى رئيس لهم يقال له أبو الجارود بن منذر الهمداني الكوفي مولاهم ، وأصله من خراسان ، تغير بعد خروج زيد بن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) وسمي سرحوبا سماه بذلك أبو جعفر الباقر ( عليه السلام ) وكان سرحوب اسم شيطان أعمى يسكن البحر وكان أبو الجارود مكفوفا أعمى أعمى القلب كما في رجال الكشي.

البترية - بضم الباء الموحدة وسكون التاء المثناة الفوقية والراء المكسورة - والنسبة بتري وهم طائفة من الزيدية يجوزون تقديم المفضول على الفاضل ، يقولون أن أبا بكر وعمر إمامان وإن أخطأت الأمة في البيعة لهما مع وجود علي ( عليه السلام ) ولكنه خطأ لم ينته إلى درجة الفسق ، وتوقفوا في عثمان (1). ودعوا إلى ولاية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ويرون الخروج مع بطون ولد على ( عليه السلام ) ويذهبون في ذلك إلى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ويثبتون لكل من خرج من أولاد علي ( عليه السلام ) عند خروجه الإمامة ، وهم أصحاب كثير النواء (2) والحسن بن صالح بن حي ، وسالم ابن أبي حفصة والحكم بن عتيبة ، وسلمة بن كهيل أبي يحيى الحضرمي ، وأبي المقدام ثابت بن هرمز الحداد. روى الكشي باسناده عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : « إن الحكم بن عتيبة وسلمة وكثير النواء وأبا المقدام والتمار - يعني سالم بن حفصة - أضلوا كثيرا ممن ضل من هؤلاء ، وإنهم ممن قال اللّه عزوجل : » ومن الناس من يقول آمنا باللّه وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين.

وروى أيضا باسناده عن سدير قال : « دخلت على أبي جعفر ( عليه السلام ) ومعي سلمة ابن كهيل وأبو المقدام ثابت الحداد وسالم بن أبي حفصة وكثير النواء وجماعة منهم ، وعند أبي جعفر ( عليه السلام ) أخوه زيد بن علي ( عليه السلام ) فقالوا لأبي جعفر ( عليه السلام ) : نتولى عليا وحسنا وحسينا ونتبرأ من أعدائهم ، قال : نعم ، قالوا : فنتولى أبا بكر وعمر ونتبرأ من أعدائهم ، قال : فالتفت إليهم زيد بن علي ( عليه السلام ) وقال لهم : أتتبرؤون من فاطمة ( عليها السلام ) بترتم أمرنا بتركم اللّه ، فيومئذ سموا البترية.

ص: 544


1- وهم كالسليمانية الا أن هؤلاء كفروا عثمان وطلحة والزبير وعائشة.
2- قيل : ومن أجله يسمون بالبترية لكونه أبتر.

وروى باسناده عن ابن أبي عمير ، عن سعد الجلاب عن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : « لو أن البترية صف واحد ما بين المشرق إلى المغرب ما أعز اللّه بهم دينا ».

الغلاة : هم ثلاث فرق ، فرقة منهم يغالون في علي ( عليه السلام ) وقالوا بألوهيته والتخميس وهو أن سلمان وأبا ذر والمقداد وعمار بن ياسر ، وعمر بن أمية الضمري كانوا موكلين بتدبير العالم من قبل علي ( عليه السلام ) وهو رب. وفرقة منهم يغالون في أهل البيت ( عليهم السلام ) ويقولون في حقهم ما ليس لهم وما لا يقولونه في أنفسهم كادعاء النبوة والإلهية فيهم ( عليهم السلام ) ، وفرقة اعتقدوا بأن معرفة الامام يكفي عن جميع العبادات والفرائض فيتركون الطهارة والصلاة والصوم والزكاة والحج انكالا على ولايتهم ، وجل ما ورد في كتب الرجال لا سيما كتب المتقدمين من أن فلانا غال أو من الغلاة المقصود هذه الطائفة والشاهد على ذلك ما رواه أحمد بن الحسين الغضائري عن الحسن بن محمد ابن بندار القمي قال : « سمعت مشايخي يقولون : إن محمد بن أورمة لما طعن عليه بالغلو بعث إليه الأشاعرة ليقتلوه ، فوجدوه يصلي الليل أوله إلى آخره ليالي عدة فتوقفوا عن اعتقادهم » وفي فلاح السائل عن الحسين بن أحمد بن الحسين المالكي قال « قلت لأحمد بن مليك الكرخي عما يقال في محمد بن سنان من أمر الغلو فقال : معاذ اللّه هو علمني الطهور » إلى غير ذلك من الاخبار التي تدل على أن المراد بالغلو والغالي في كتب القدماء من الرجاليين هذا المعنى لا الأولان ، واشتبه الامر على بعض المتأخرين - رضي اللّه عنه - وزعم أن المراد بالغالي المعنيان الأولان ، فلذا طعن على القدماء - قدس اللّه أسرارهم - وقال : « رميهم بعض الرواة بالغلو لنقلهم بعض المعجزات عنهم أو اعتقادهم في الامام أنه يعلم الغيب أو نظير ذلك » وهذا قول غير سديد وسوء ظن بمشايخ الحديث والاجلاء ، عصمنا اللّه منه.

الحرورية : طائفة من الخوارج تبرؤوا من علي ( عليه السلام ) وشهدوا عليه بالكفر ، والنسبة إلى حروراء - بفتحتين وسكون الواو وراء أخرى وألف ممدودة - قرية بظاهر الكوفة ، فإنهم اجتمعوا فيها أول أمرهم وخالفوا عليا ( عليه السلام ) فنسبوا إليها.

القدرية : هم قوم قالوا بأن كل أفعالهم مخلوقة لهم وليس لله قضاء ولا

ص: 545

قدر ، وفي الحديث : « لا يدخل الجنة قدري ، وهو الذي يقول : لا يكون ما شاء اللّه ويكون ما شاء إبليس ».

المرجئة : هم فرقة من المسلمين اعتقدوا بأن لا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، سموا بذلك لاعتقادهم بأن اللّه أرجا تعذيبهم عن المعاصي  - أي أخرهم - وقيل : هم الفرقة الجبرية الذين يقولون : إن العبد لا فعل له وإضافة الفعل إليه مجازية كجرى النهر ودارت الرحى ، وإنما سميت المجبرة مرجئة لأنهم يؤخرون أمر اللّه ويرتكبون الكبائر. وفي المحكى عن المغرب للمطرزي : سموا بذلك لارجائهم حكم أهل الكبائر إلى يوم القيامة.

المفوضة : هم الذين قالوا بالتفويض وهو كما قال العلامة المجلسي والوحيد البهبهاني - قدس اللّه روحهما - : على معان كثيرة فيها الصحيح والفاسد : أحدها : » ان اللّه خلق محمدا ( صلى اللّه عليه وآله ) وفوض إليه أمر العالم فهو الخلاق للدنيا وما فيها ، وقيل : فوض ذلك إلى علي ( عليه السلام ) ، وربما يقولون بالتفويض إلى سائر الأئمة ( عليهم السلام ) راجع تعليقة الوحيد البهبهاني - رحمه اللّه - على منهج المقال ص 410.

ثانيها : تفويض الخلق والرزق إليهم - ولعله يرجع إلى الأول - وورد فسادهما عن أبي عبد اللّه الصادق ، وأبي الحسن الرضا ( عليهما السلام ). راجع التعليقة ص 8.

الثالث : تفويض تقسيم الأرزاق ، ولعله مما يطلق عليه وفي العيون عن الرضا ( عليه السلام ) قال : « من قال إن اللّه تعالى فوض أمر الخلق والرزق إلى حججه فهو مشرك » فهم إن أرادوا أن اللّه تعالى هو الفاعل وحده لا شريك له ولكن مقارنا لإرادتهم ودعائهم وسؤالهم من اللّه ذلك ، وذلك لكرامتهم عند اللّه وزيادة قربهم منه وإظهار فضلهم ورفعة مقامهم بين عباده لكي يصدقوهم وينقادوا لهم ويهتدوا بهداهم ويقتدوا بهم فهذا ليس بشرك.

الرابع : التفويض في أمر الدين ، فان أريد أنه تعالى فوض إليهم ( عليهم السلام ) أن يحلوا ما شاؤوا ويحرموا ما شاؤوا بآرائهم من غير وحى - على ما توهمه بعض الأخبار  - فهو ضروري البطلان ، خارج عن الشريعة كما قال « وما كنت بدعا من

ص: 546

الرسل وما أدرى ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحي إلي » وقال تعالى : « وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ».

وإن أريد بذلك أنه لما أكمل نبيه ( صلى اللّه عليه وآله ) بحيث لا يختار إلا ما يوافق الحق ولا يخالف مشيئته فوض إليه تعيين بعض الأمور كزيادة بعض الركعات ، وتعيين النوافل من الصلاة والصيام وطعمة الجد ونحو ذلك إظهارا لشرفه وكرامته ثم لما اختار أكد ذلك الوحي من عنده. فلا فساد فيه عقلا ولا نقلا بل في كثير من الاخبار ما يدل عليه حتى عقد له الكليني في الكافي بابا عنوانه « باب التفويض إلى رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله ) وإلى الأئمة ( عليه السلام ) في أمر الدين » وهذا لا اختصاص فيه بالنبي ( صلى اللّه عليه وآله ) بل يجرى في الأئمة ( عليهم السلام ) أيضا.

الخامس : التفويض في الاعطاء والمنع ، فان اللّه تعالى خلق لهم الأرض وما فيها وجعل لهم الأنفال والخمس والصفايا ، فلهم أن يعطوا ما شاؤوا ويمنعوا ما شاؤوا ، وهذا كسابقه لا كلام فيه وفي صحته.

السادس : الاختيار وهو أن يحكموا في كل واقعة بظاهر الشريعة أو بعلمهم أو ما يلهمهم اللّه تعالى من الواقع كما دل عليه بعض الأخبار وذكره السيد محسن الأعرجي الكاظمي في عدة الرجال (1) ، وهو على ظاهره من التخيير المطلق في الحكم في كل واقعة من دون ملاحظة خصوصيات المقام وما فيه من المصالح والمفاسد والحكم المترتبة عليه كالتخيير الابتدائي الثابت بدليله كالقصر والتمام في مواضع التخيير وخصال الكفارة التخييرية ونحوهما مشكل بل محل منع (2).

السابع : ما عليه المعتزلة من أنه جل شأنه لا صنع له ولا دخل له في أفعال العباد سوى أن خلقهم وأقدرهم ثم فوض إليهم أمر الافعال يفعلون ما يشاؤون على وجه الاستقلال على عكس مقالة المجبرة وهذا المعنى بديهي البطلان وجاءت الاخبار

ص: 547


1- مخطوط.
2- راجع رجال الخاقاني « شرح التعليقة » ص 146.

بذم من قال ذلك كما جاءت بذم إخوانهم من أهل الجبر.

الثامن : قول الزنادقة وأصحاب الإباحات وهو القول برفع الحظر عن الخلق في الافعال والإباحة لهم ما شاؤوا من الأعمال كما حكاه السيد الأعرجي عن الشهيد  - رحمهما اللّه - في بيان الامر بين الامرين.

معنى المولى

أما لفظ « المولى » كثيرا ما قيل في الرجل إنه مولى فلان أو أسدي مولاهم مثلا ، أو مولى آل فلان ، وقد يقطع فقيل : مولى بدون الإضافة ففي اللغة للمولى معان كثيرة فإنه يطلق على المالك ، والعبد ، والمعتق - بالكسر والفتح - والصاحب ، والقريب كابن العم ونحوه ، والجار ، والحليف والابن ، والعم ، والنزيل ، والشريك ، والولي والناصر ، والرب ، والمنعم عليه ، والمحب ، و التابع ، والصهر.

وأما في اصطلاح الرجاليين فكثيرا ما يطلق على غير العربي الخالص وقد يطلق في اصطلاحهم على مولى العتاقة ، وعلى الملازم ، وعلى الحليف كما قد يطلق على المنزول به كعطية العوفي مولى جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، والاطلاق منصرف في الغالب إلى الأول أعني غير العربي الخالص.

وأما قولهم : « فلان مرتفع القول » أو « في مذهبه ارتفاع » فالمراد أنه كان غالبا في بعض معتقده أو رواياته ، فان كثيرا من المتقدمين سيما القميين منهم كانوا يعتقدون للأئمة منزلة خاصة في الرفعة والجلال ومرتبة معينة من العصمة والكمال بحسب اجتهادهم ورأيهم المتخذ من جملة من الروايات وظاهر الكتاب ، وما كانوا يجوزون التعدي عنها وكانوا يعدون أدنى التعدي ارتفاعا لا غلوا.

ص: 548

مصادر تحقيق المشيخة

اشارة

ص: 549

المصادر التي اعتمدنا عليها في تحقيق المشيخة

1 - رجال النجاشي (1) - رحمه اللّه - ورمزنا إليه ب- « جش » وهو أتقن كتاب في الجرح والتعديل.

2 - الفهرست للشيخ الطوسي (2) - أعلى اللّه مقامه - ورمزه « ست ».

3 مختار رجال الكشي (3) للشيخ الطوسي أيضا. ورمزه « كش ».

4 - رجال الشيخ أيضا وصرحنا في كل مورد باسمه.

5 - خلاصة الأقوال للعلامة الحلي - رحمه اللّه (4) ورمزه « صه ».

ص: 550


1- هو الرجالي الكبير المعروف : أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم بن محمد بن « عبد اللّه النجاشي والى الأهواز » ولد سنة 372 وتوفي سنة 450 راجع لترجمته الضافية مقدمة تهذيب المقال تأليف الحجة السيد محمد علي الموحد الأبطحي ومقدمة بحار الأنوار تأليف الحجة الشيخ عبد الرحيم الرباني - مد ظلهما -.
2- هو أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي المشهور بشيخ الطائفة. ولد رحمه اللّه - بطوس سنة 2. وتوفي بالنجف الأشرف 460 ، راجع لترجمته مقدمة رجاله المطبوع بالنجف وقد أجاد العلامة الحجة السيد محمد صادق آل بحر العلوم - مد ظله - وأتى بما لم يكن له من نظير. وأيضا مقدمة الاستبصار للفقيه البارع والأديب اللبيب الشيخ محمد على الغروي الأردوبادي - رحمة اللّه عليه -.
3- هو الشيخ الجليل الأقدم أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي - رحمه اللّه - وله ترجمة ضافية في معالم العلماء ومنهج الاستربادي ، وروضات الجنات ، ونقد الرجال وغيرها وكما يطهر من كلام ابن شهرآشوب في المعالم أن اسم كتاب رجاله هذا « معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين عليهم السلام » واختصره الشيخ وسماه اختيار رجال الكشي.
4- هو الشيخ الأجل آية اللّه المطلق ، جمال الدين أبو منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن علي بن مطهر الحلى - نور اللّه مضجعه - ولد رحمه اللّه - 648 وتوفى 726 ودفن بجوار أمير المؤمنين عليه السلام. توجد ترجمته والثناء عليه في غير واحد من معاجم التراجم كمنهج المقال ، وروضات الجنات ، ومستدرك الوسائل ج 3 ص 559 والدرر الكامنة ، ولسان الميزان للعسقلاني ج 6 ص 319 وسفينة البحار ج 2 ص 228.

6 - منهج المقال المعروف بالرجال الكبير للميرزا محمد الاسترآبادي - قدس سره - مع تعليقة الأستاذ الأكبر البهبهاني - قدس سره - عليه (1).

7 - مجمع الرجال للقهبائي (2) - رحمه اللّه - وهذا الكتاب يحتوي على المذكورين في الرجال الأربعة المذكورة الأول مع رجال ابن الغضائري (3) - رضي اللّه عنه - وكلما نقلنا عن ابن الغضائري فهو من هذا الكتاب حيث لم يطبع رجاله بعد.

8 - شرح المشيخة للمولى محمد تقي المجلسي - رضوان اللّه تعالى عليه - وهو مخطوط (4).

9 - جامع الرواة وإزاحة الاشتباهات عن الطرق والاسناد للمولى محمد على

ص: 551


1- هذه التعليقة طبعت بهامش الأصل وفيها فوائد كثيرة. فلا تغفل ، وأما الاسترآبادي فهو المتتبع الكبير والرجالي البصير ، والمتضلع الخبير محمد بن علي بن وكيل الاسترآبادي المعاصر للسيد مصطفى التفرشي صاحب الرجال المعروف بنقد الرجال وأثنى عليه في النقد بأنه فقيه متكلم ثقة من ثقات هذه الطائفة وعبادها وزهادها ، حقق الرجال والرواية ، والتفسير تحقيقا لا مزيد عليه - الخ توفي - رحمه اللّه - سنة 1028.
2- هو الشيخ الأجل العلامة زكي الدين المولى عناية اللّه بن شرف الدين على القهبائي الأصبهاني الملقب بالزكي النجفي لكون أصله ومحتده ومحل اقامته النجف الأشرف ، كان عالما محققا من تلامذة المحقق الأردبيلي وشيخنا البهائي ، والمولى عبد اللّه التستري - قدس اللّه أسرارهم - طبع كتابه في سبع مجلدات في محروسة أصبهان بتحقيق الحجة السيد ضياء الدين الشهير بالعلامة - مد ظله -.
3- هو أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد اللّه الغضائري - قدس سره - كان معاصرا لشيخنا الطوسي والنجاشي ، ورجاله معروف عند أرباب الجرح والتعديل.
4- عندي من شرح المشيخة نسختان إحداهما لخزانة كتب الشريف الأجل الحجة السيد محمد علي بن السيد محمد صادق الحسيني المدعو بمير صادقي مد ظله كما تقدم في المجلد الأول ، وثانيهما للعالم البارع الحجة الحاج الشيخ بهاء الدين الصدوقي الهمداني - دامت بركاته - نزيل طهران ، وهي نسخة نفسية كانت من أول شرح باب ذكر جمل من مناهي النبي صلى اللّه عليه وآله إلى آخر المشيخة.

الأردبيلي - رحمه اللّه - (1).

10 - الفوائد الرجالية للشريف الأجل علامة عصره ، آية اللّه السيد محمد المهدى الطباطبائي - رحمه اللّه -. (2)

11 - تنقيح المقال (3) للعلامة المامقاني - قدس اللّه تعالى سره القدوسي -.

12 - قاموس الرجال للمحقق التستري المعاصر - أدام اللّه ظله -. (4)

13 - تهذيب التهذيب لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفي سنة 852.

14 - تقريب التهذيب للعسقلاني أيضا.

15 - لسان الميزان ( توضيح ميزان الاعتدال وتهذيبه ) للعسقلاني أيضا.

16 - تاريخ بغداد للخطيب الحافظ أبي بكر أحمد بن علي البغدادي المتوفي سنة 463.

ص: 552


1- هو العالم المتتبع المتضلع الخبير والرجالي الكامل البصير المولى محمد على الأردبيلي مولدا والعراقي موطنا وكان - رحمه اللّه - طول عمره مقيما في المشهدين الشريفين الغري والحائر وفي أواخر عمره سافر إلى أصبهان وهو مجاز عن العلامة المجلسي - رضوان اللّه عليهما - وكان من علماء النصف الأخير من القرن الحادي عشر.
2- طبع هذا الكتاب بالنجف الأشرف في ثلاث مجلدات بتحقيق العلامة الحجة السيد محمد صادق آل بحر العلوم - دامت بركاته - وهو كتاب كريم لم ير مثله لا سيما مع هذا التحقيق.
3- هو كتاب كبير ضخم فخم كثير الفائدة لطيف البيان لكن لا يخلو عن بعض مسامحات ويحتاج إلى تهذيب ونقد. وللمؤلف (رحمه اللّه) كتب علمية كثيرة أخرى ذكرها في التنقيح.
4- هو العالم البارع المتضلع المتبع المحقق مفخر العصر الحاج الشيخ محمد تقي التستري - دام ظله الوارف - طبع كتابه هذا في اثنى عشر مجلدا ، وله كتب أخرى طبع منها الاخبار الدخيلة وكتابه المسمى بآيات بينات في تعبير بعض المنامات وقضاء أمير المؤمنين عليه السلام وله شرح على نهج البلاغة في أزيد من عشر مجلدات طبع بعضها ، وغير ذلك.

فهرس المجلد الرابع

اشارة

ص: 553

اللّهم اذقنا حلاوة التقوى وأشعر قلوبنا عز الحق وأودع صدورنا برد اليقين واطرد عنا ذل الياس وعرفنا ما في الباطل من الذل وما في الجهل من العلة.

ص: 554

فهرس الموضوعات

3 - باب ذكر جمل من مناهي النبي صلى اللّه عليه وآله.

18 - باب ما جاء في النظر إلى النساء.

20 - باب ما جاء في الزنا.

كتاب الحدود

الزنا واللواط

23 - باب ما يجب به التعزير والحد والرجم ، والقتل والنفي في الزنا.

23 - حد الاثنين يوجدان في لحاف عاريين.

24 - لا يجلد أحد حتى يشهد عليه أربعة على الايلاج والاخراج.

25 - حد من تزوج امرأة ولها زوج.

26 - نفي الزاني.

26 - حد الشيخ والشيخة ، والبكر والبكرة ، ونفيهم.

26 - حد من جامع وليدة امرأته.

26 - من اقتضت جارية بيدها.

27 - حد من وقع على مكاتبة.

27 - حد من غشي امرأته المطلقة بعد انقضاء العدة.

27 - حد غلام صغير فجر بامرأة ، وحد المرأة.

28 - كيفية إجراء الحد على المريض.

28 - إذا أقر الزاني المحصن فأول من يرحمه الامام.

29 - حد من تزوج امرأة في نفاسها.

ص: 555

29 - كيفية إجراء حد الرجل وإجراء حد المرأة في الزنا.

30 - من وجد تحت فراش رجل.

30 - من زنى في اليوم مرارا.

30 - كيفية إجراء الرجم.

31 - امرأة أقرت بالزنا عند علي عليه السلام.

33 - امرأة أقرت بالزنا عند عيسى عليه السلام.

34 - إذا فر من يجب رجمه.

34 - معنى المحصن وما يحصن ومالا يحصن.

35 - قصة امرأة أصابها عطش شديد فسأل أعربيا الماء الخ.

36 - من أقيمت عليه البينة بأنه زنى ثم هرب.

36 - حد المرأة التي تزوجت في عدتها بعد موت زوجها.

37 - إذا فجر نصراني بمسلمة وأسلم قبل إجراء الحد عليه.

38 - لا يجري الحد على المقروح في جسده حتى يبرأ.

38 - من يجب عليه الجلد ثم الرجم.

39 - الأصل في الحد ثمانون وزيد عشرون لتضييع النطفة.

39 - من زنى بجارية أخيه.

40 - حد ما يكون المسافر فيه معذورا في الرجم دون الجلد.

40 - ليس على زان مهر ولا على مستكرهة حد.

40 - من يزني قبل أن يدخل بأهله.

41 - حد الذي يغتصب امرأة فرجها.

41 - من زنى بذات محرم.

42 - من زنى بامرأة أبيه.

42 - من وجب عليه حد فلم يضرب حتى خولط.

ص: 556

42 - باب حد اللواط والسحق.

44 - باب حد المماليك في الزنا.

47 - باب حد من أتى بهيمة.

47 - باب حد القواد.

القذف

48 - باب حد القذف.

49 - عدم وجوب الحد في التعريض.

49 - حد نصراني قذف مسلما.

49 - حد من يفتري على رجل جاهلية العرب.

49 - حد من دعا آخرا ابن المجنون.

50 - إذا كان في الحد لعل أو عسى فالحد معطل.

50 - حرمة قذف الأصم وحكمهما إذا كانا زوجين.

50 - من قذف زوجته وهي خرساء.

51 - من أقر بولد ثم نفاه. ( ويأتي )

51 - حد قاذف الصغير والمملوك. وحد الصغير القاذف.

51 - لا حد على المجنون والصبي والنائم حتى يستيقظ.

52 - إذا كان أحد من الشهود الزوج.

52 - إذا قذف عبد حر أو بالعكس.

53 - حد من ينتفي من ولده وقد أقربه.

53 - إذا قذف أحد قوما بكلمة واحدة.

54 - ان قذف رجل رجلا فجلد ثم عاد عليه بالقذف

54 - لا حد لمن لا حد عليه.

54 - إذا قال رجل لرجل يا ابن الفاعلة.

ص: 557

شرب الخمر والملاهي

55 - باب حد شرب الخمر.

55 - عدم وجوب الحد على الجاهل.

56 - مقدار حد شارب المسكر.

57 - كراهة مجالسة شارب الخمر.

57 - النهي عن الصلاة في بيت فيه خمر محصورة في آنية.

58 - ما جاء في الغناء والملاهي واللعب بالنرد والشطرنج وغيرهما.

60 - النهي عن تحريش البهائم.

60 - حكم شراء الجارية المغنية.

السرقة

60 - باب حد السرقة.

60 - لا قطع في سرقة المأكول عام القحط.

60 - حكم سرقة الطير.

61 - حد الخيانة والاختلاس.

61 - شرائط القطع وأحكامه.

62 - حد الصبيان في السرقة.

62 - لا قطع في ثمر ولا كثر.

63 - السرقة من بيت المال والمغنم.

63 - حكم المختلس والطرار.

63 - حد السارق في السرقة الأولى والثانية والثالثة.

64 - حد السرقة ، وأدنى ما يقطع فيه.

65 - ما يفعل بالسارق إذا أقيم عليه الحد.

65 - سائر مالا يقطع فيه.

ص: 558

66 - حكم حد الأشل إذا سرق.

67 - حد النباش.

67 - حكم العبد الآبق إذا سرق.

بقية ما يوجب الحد

68 - حد المحارب ومن حمل السلاح بالليل.

68 - حد بايع الحر.

69 - لم تقطع يد السابق اليمنى ورجله اليسرى

70 - حد العبد إذا أقر على نفسه بالسرقة.

70 - باب إقامة الحدود على الأخرس والأصم والأعمى.

70 - باب حد آكل الربا بعد البينة.

71 - باب حد آكل الميتة والدم ولحم الخنزير.

71 - إذا اجتمعت حدود على رجل.

71 - باب نوادر الحدود.

72 - من يجب عليه أن يقيم الحدود السلطان أو القاضي؟

72 - من أقيم عليه الحد مرتين قتل في الثالثة.

72 - من أقيم عليه حدا من حدود اللّه فمات فلا دية له.

73 - مواضع العفو عن الحدود وإقامتها ومن يقيم.

73 - حكم من قال لامرأته يا زانية فقالت أنت أزنى.

73 - مقدار الضرب في التعزير.

73 - كفارة ضرب المولى عبده بدون موجب.

74 - لا يقطع السارق في سنة المحق.

74 - حرمة الميت كحرمة الحي.

74 - وجوب إدراء الحدود بالشبهات.

ص: 559

74 - لا شفاعة ولا كفالة ولا يمين في حد.

74 - ما يمتحن به السكران.

75 - حد تأديب الجارية والغلام إذا فعلا ما يوجب الحد.

كتاب الديات

75 - باب دية جوارح الانسان ومفاصله. ودية النطفة والجنين.

76 - مراتب الجنين ودية كل مرتبة.

76 - دية المولود إذا استهل.

76 - دية المرأة إذا قتلت وهي حامل متم.

76 - دية مني الرجل إذا افرغ عن عرسه فيعزل الماء ولم ترد.

78 - دية النفس ، والأنف ، والصوت ، وشلل اليدين ، وذهاب البصر ، والرجلين ، والشفتين والظهر إذا أحدب. والذكر واللسان ، والأنثيين.

79 - دية جراحة الأعضاء في الرأس والجسد.

80 - ما يمتحن به من يصاب سمعه أو فخذه أو عضده.

80 - دية الصدع إذا أصيب ، وشفر العين ، والحاجب.

81 - دية قطع روثة الانف ، والمنخرين ، والخيشوم.

81 - دية الشفتين كل واحدة منهما إذا قطعت فاستوصلت.

81 - دية الخد ، والأسنان.

82 - دية الترقوة ، والمنكب. والعضد إذا كسرت فجبرت.

84 - دية الرسغ والساعد إذا كسرا فجبرا على غير عثم.

84 - دية الرسغ إذا رض فجبر على غير عثم.

85 - دية الكف إذا كسرت فجبرت.

85 - دية الابهام والمفضل.

86 - دية كل واحد من الأصابع ، ودية المفضل.

ص: 560

87 - دية الصدر إذا رض فتثنى شقاه.

87 - دية الأضلاع.

88 - دية الأذن إذا قطعت ، والورك إذا كسر.

88 - دية الفخذ إذا كسرت فجبرت.

89 - دية الركبة والساق إذا كسرتا فجبرتا.

89 - دية الكعب إذا رض فجبر على غير عثم.

90 - دية القدم وكسرها ، ودية كسر إبهامها ومفصلها وكل إصبع منها.

91 - دية حملة ثدي الرجل. وخصيته وانتفاخها.

91 - دية رض عروق الخصيتين.

92 - لاقود لرجل أصابه والده في أمر يتعب فيه عليه.

92 - لا قود لا مرأة أصابها زوجها فعيبت.

92 - دية المرأة التي ركلها زوجها فأعفلها.

92 - دية جارية اقتضها رجل بإصبعه فخرق مثانتها.

أحكام الدماء والقود والقصاص

92 - باب تحريم الدماء والأموال بغير حقها.

93 - حرمة القتل وشدة أمره.

94 - عقاب من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة.

94 - أعتى الناس يوم القيامة.

95 - من قتل دون ماله فهو شهيد.

95 - توبة من قتل مؤمنا متعمدا.

96 - أول ما يحكم اللّه فيه يوم القيامة الدماء.

96 - حد من قتل مملوكا متعمدا وكفارة ذلك.

97 - تغليظ الدية بالقتل في أشهر الحرم.

ص: 561

97 - جزاء من قتل مؤمنا أو شرك في دمه.

98 - قصة امرأة مملوكة قد ولدت من الزنا وألقت ولدها في التنور.

98 - باب القسامة وكيفيتها ومواردها.

101 - إذا يوجد مقتول في قبيلة أو قرية.

101 - من لا دية له في جراح أو قتل.

102 - لا دية لمن قتل بالحد أو القصاص.

104 - من أطلع على مؤمن في منزله فعيناه مباحتان للمؤمن.

104 - من زلق من فوق على غيره فقتل.

105 - باب القود والقصاص ومبلغ الدية.

106 - معنى قتل العمد وشبه العمد ، والخطأ.

106 - من قتل رجلا ثم خولط.

106 - حكم الظئر إذا استأجر ظئرا أخرى فغابت الثاني بالولد.

106 - إذا ادعى رجلان قتل أحد من دون تشريك.

106 - مقدار الدية وجنسها لأهل البوادي وكذلك لأهل الأمصار.

107 - إذا لم يكن للمقتول ولي غير أهل الذمة.

108 - إذا دفع رجال رجلا على آخر فقتله.

108 - معنى قوله تعالى ز « فمن تصدق فهو كفارة له ».

109 - إذا خلص جماعة من وجب عليه القود من أيدي أولياء المقتول.

109 - حكم من أمر غيره بقتل رجل فقتله.

109 - إذا قتل رجل أمه يقتل بها صاغرا ولا يرثها.

110 - تدارك القتل في أشهر الحرم.

111 - إذا أعنف أحد الزوجين على صاحبه فقتله.

111 - جواز قتل الاثنين فصاعدا بواحد.

ص: 562

111 - معنى قوله تعالى « من عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف ».

111 - من حمل على رأسه متاعا فأصاب إنسانا فمات أو كسر منه شيئا.

112 - المديون إذا قتل وأراد أولياؤه أن يهبوا دمه.

112 - من قصد القتل فهو عامد بأي شئ كان.

112 - ما يمتحن به من يصاب لسانه.

113 - باب من خطأه عمد.

113 - باب من عمده خطأ.

114 - باب فيمن أتى حدا ثم التجأ إلى الحرم.

114 - باب حكم الرجل يقتل الرجلين أو أكثر.

114 - حكم جماعة شركوا في ذم.

114 - رجل أمسك أحدهما رجلا وقتله الآخر.

116 - ستة في الماء فغرق منهم أحد فاختلفوا فيمن أغرقه.

116 - أربعة أطلعوا في زبية الأسد وأسقط بعضهم بعضا على الأسد.

116 - قضاء الصادق عليه السلام في رجلين طرقا رجلا ليلا فأخرجاه ولم يرجع.

118 - قضاء علي عليه السلام في قوم شربوا وسكروا فتباعجوا بسكاكين.

118 - حكم ثلاثة أمسك واحد منهم رجلا وقتله الآخر والثالث يراهم.

118 - حكم من أمر عبده فيقتل رجلا.

118 - باب الجراحات. والقتل بين النساء والرجال.

118 - فضل دية الرجل على دية المرأة.

119 - لا يجني أحد أكثر من جنايته على نفسه.

120 - باب الرجل يقتل ابنه أو أباه أو أمه.

121 - باب المسلم يقتل الذمي أو المدبر أو المكاتب أو انهم يقتلون المسلم.

121 - لا يقاد مسلم بذمي لا في القتل ولا في الجراحات.

ص: 563

121 - دية اليهودي والنصراني والمجوسي والاختلاف فيها.

121 - إذا قتل ذمي مسلما فأسلم حين اخذ.

122 - كلام المصنف في اختلاف الاخبار في دية الذمي.

124 - قوله تعالى « من آذى ذمتي فقد آذاني » وبيان المصنف.

125 - إذا كان أحد طرفي القتل أو الجرح مملوكا أو مكاتبا أو مدبرا.

126 - حكم إقرار العبد على نفسه.

128 - ضمان المولى في جناية العبد.

129 - باب ما يجب فيه الدية ونصف الدية فيما دون النفس.

129 - دية قطع ذكر الصبي والعنين.

130 - إذا ضرب أحد أحدا بعصاه فمات.

130 - من قطع عين رجل وأنفه واذنيه ثم قتله.

131 - ما فيه ثلث الدية.

131 - الدية في ذهاب العقل.

133 - ما يمتحن به إذا أصيبت إحدى العينين أو الاذنين.

133 - كل ما كان في الانسان اثنين وفيهما الدية ففي إحديهما نصفها.

134 - إذا كسر البعصوص فلم يملك الاست.

134 - حكم إفضاء الجارية وديته ، وسيأتي بابه.

134 - باب دية الأصابع والأسنان والعظام.

135 - تسوية أصابع اليدين والرجلين في الدية.

136 - اختلاف دية الأسنان مقاديمهما ومؤاخيرها.

136 - الخلقة المستوية في الأسنان ثمانية وعشرون فعليه تقسم الدية.

136 - إذا كسر الزند بسبب ضرب الذراع ويبست أو شلت الكف.

137 - حكم قطع الإصبع الزائدة.

ص: 564

138 - باب الرجل يقتل فيعفو بعض أوليائه ويريد بعضهم القود وبعضهم الدية.

138 - باب العاقلة.

142 - باب ما جاء في رجل ضرب رجلا فلم ينقطع بوله.

143 - باب دية النطفة والعلقة والعظم والجنين.

147 - باب في الرحل المسلم يكون في أرض الشرك فيقتله المسلمون.

147 - باب من داس بطن رجل حتى أحدث.

148 - باب الرجل يتعدى في نكاح امرأة فيلح عليها حتى تموت.

148 - باب دية لسان الأخرس.

148 - باب ما يجب في الافضاء.

149 - باب ما يجب فيمن صب على رأسه ماء حار فذهب شعره.

150 - باب ما يجب في اللحية إذا حلقت.

150 - باب ما يجب على من قطع فرج امرأته.

151 - باب ما يجب على من كل امرأة في فرجها فزعمت أنها لا تحيض.

151 - باب دية مفاصل الأصابع.

152 - باب دية البيضتين.

152 - باب ما جاء في أربعة أنفس مملوك وحر وحرة ومكاتب قتلوا رجلا.

153 - باب ما جاء فيمن عذب عبده حتى مات.

153 - باب دية ولد الزنا.

153 - باب ما جاء فيمن أحدث بئرا فوقع فيه إنسان فعطب.

155 - باب ما يجب في الدابة تصيب إنسانا بيدها.

156 - باب ما جاء في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل.

157 - باب ما يجب على من قطع رأس ميت.

158 - باب ما جاء في اللطمة تسود أو تخضر أو تحمر.

ص: 565

158 - باب ما يجب على من أتى نائما فصار على ظهره فانتبه فقتله.

159 - باب ما جاء في ثلاثة هدموا حائطا فوقع على أحدهم فمات.

159 - باب الرجل يقتل وعليه دين.

160 - ضمان الظئر إذا انقلبت على الصبي فمات.

161 - باب ما يجب من الضمان على صاحب الكلب إذا عقر.

162 - باب أم الولد تقتل سيدها خطأ أو عمدا.

162 - باب ما يجب على من أشعل نارا فاحترقت دار مع أهلها.

162 - باب ما يجب على صاحب البختي المغتلم إذا قتل رجلا.

163 - باب ما يجب من إحياء القصاص.

164 - باب ما جاء في السارق يكابر امرأة على فرجها ويقتل ولدها.

165 - باب المرأة تدخل بيت زوجها رجلا فيقتله الزوج ويقتل الزوجة الزوج.

165 - باب من مات في الزحام ولا يعلم قاتله.

166 - باب الرجل يقتل فيوجد متفرقا.

166 - باب الشجاج وأسمائها.

167 - باب ما جاء فيمن قتل ثم فر.

167 - باب دية الجراحات والشجاج.

169 - باب نوادر الديات.

170 - جارية ركبت أخرى فنسختها أخرى فقصمت المركوبة فصرعت الراكبة فماتت.

170 - مقادر دية كلب الصيد ، وكلب الماشية ، وغيرهما.

171 - قصة بغلة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وحكم الجناية على الحيوان.

171 - عدم جواز شرب الحبلى دواء لسقط جنينها.

172 - إذا ادعى القاتل دخول المقتول على أهله.

172 - من وجد على بطن امرأته رجلا فقتله.

ص: 566

172 - إذا مات ولي المقتول وفيه ما يدل علي أن الحق يورث.

172 - دية ما يصاب به عين الحيوان.

173 - أربعة شركاء في بعير فعقله أحدهم فانطلق البعير فتردى فانكسر.

173 - حكم من مضى ليغيث مستغيثا فجنى في طريقه.

174 - إذا اقتص من القاتل ولم يمت ويعالج.

كتاب الوصية

174 - باب الوصية من لدن آدم عليه السلام.

177 - اسم النبي صلى اللّه عليه وآله وصفته في كتب الأنبياء.

178 - وصيته صلى اللّه عليه وآله أمته في علي بن أبي طالب (عليه السلام) ووصيته إليه

180 - الأئمة عليهم السلام وعددهم. وحديث اللوح.

180 - باب ما يمن اللّه تعالى به على المؤمن عند الوفاة.

181 - باب حجة اللّه عز وجل على تارك الوصية.

181 - باب في الوصية أنها حق على كل مسلم.

182 - باب الوصية تمام ما نقص من الزكاة.

182 - باب ثواب من أوصى فلم يحف ولم يضار.

182 - باب ما جاء فيمن لم يوص عند موته لذي قرابته.

182 - باب فيمن لم يحسن وصيته عند الموت.

183 - باب ثواب من ختم له بخير من قول أو فعل.

183 - باب ما جاء في الاضرار بالورثة.

184 - باب العدل والجوز في الوصية.

184 - باب في أن الحيف في الوصية من الكبائر.

185 - باب مقدار ما يستحب الوصية به.

186 - باب ما يجب من رد الوصية إلى المعروف ، وما للميت من ماله.

ص: 567

187 - باب رسم الوصية وكيفيتها.

188 - وصيته صلى اللّه عليه وآله لعلى عليه السلام بخصال.

189 - وصية أمير المؤمنين عليه السلام لأولاده وغيرهم.

192 - باب الاشهاد على الوصية.

193 - باب أول ما يبدأ به من تركة الميت.

194 - باب الرجل يموت وعليه دين بقدر ثمن كفنه.

194 - باب الوصية للوارث.

195 - باب الامتناع من قبول الوصية.

196 - باب الحد الذي إذا بلغه الصبي جازت وصيته.

197 - باب الوصية بالكتب والايماء.

199 - باب الرجوع عن الوصية.

200 - باب فيمن أوصى بأكثر من الثلث وورثته شهود.

200 - باب وجوب إنفاذ الوصية والنهي عن تبديلها.

201 - باب أن الانسان أحق بماله ما دام فيه الروح.

202 - باب وصية من قتل نفسه متعمدا.

203 - باب الرجلين يوصى إليهما فينفرد كل واحد منهما بنصف التركة.

204 - باب الوصية بالشئ من المال والسهم والجزء والكثير.

206 - باب الرجل يوصي بمال في سبيل اللّه.

208 - باب ضمان الوصي إذا غير الوصية عما أوصى به الميت.

208 - باب الوصية للأقرباء والموالي.

209 - باب الوصية إلى مدرك غير مدرك.

210 - باب الموصى له يموت قبل الموصى أو قبل أن يقبض ما أوصى له به.

211 - باب الوصية بالعتق والصدقة والحج

ص: 568

216 - باب الوصية للمكاتب وأم الولد.

217 - باب الرجل يوصي لرجل بسيف أو صندوق أو سفينة.

218 - باب فيمن لم يوص وله ورثة فيقسم بينهم أو يباع عليهم.

218 - باب الرجل يوصي بوصية فينساها الوصي ولا يحفظ منها إلا بابا.

219 - باب الوصي يشتري من مال الميت شيئا إذا بيع فيمن زاد.

219 - باب إخراج الرجل ابنه من الميراث لاتيانه أم ولد أبيه.

220 - باب انقطاع يتم اليتيم.

222 - باب ما جاء فيمن يمتنع من أخذ ماله بعد البلوغ.

222 - باب الوصي يمنع الوارث بعد البلوغ فيزني لعجزه.

223 - باب فيمن أوصى أو يعتق وعليه دين.

225 - باب براءة ذمة الميت من الدين بضمان من يضمنه للغرماء.

225 - باب المبيع إذا كان قائما بعينه ومات المشترى وعليه دين.

225 - باب قضاء الدين من الدية.

226 - باب كراهية الوصية إلى المرأة

226 - باب ما يجب على وصي الوصي من القيام بالوصية.

227 - باب الرجل يوصي من ماله بشئ لرجل ثم يقتل خطأ.

227 - باب الرجل يوصي إلى رجل بولده ومال لهم وأذن بالمضاربة.

228 - باب إقرار المريض للوارث بدين.

230 - إقرار بعض الورثة بعتق أو دين.

230 - باب الرجل يموت وعليه دين وله عيال.

231 - باب نوارد الوصايا.

231 - إعتاق أبي جعفر عليه السلام شرار غلمانه عند موته.

231 - عمل زين العابدين عليه السلام بوصية نفسه ثلاث مرات.

231 - الوصية بالثلث والربع.

ص: 569

231 - وصية أبي عبد اللّه عليه السلام بمال للأفطس.

232 - من جعل للامام شيئا في ماله ثم احتاج إليه.

233 - جواز تغيير الوصية.

233 - يهودي أوصى لديانه وأهل دينه بشئ هل يجوز أن يقسم بين المسلمين.

233 - من سمى رجلين وقال : لأحدهما علي ألف درهم ثم مات.

234 - إذا أوصى لآل محمد صلى اللّه عليه وآله بمال يكفي اعطاؤه بعضهم.

234 - إذا كان للوصي دين على الميت أيجوز أن يستوفى مما في يده.

235 - الدعوى على الميت.

235 - تأويل قوله تعالى « الوصية للوالدين والأقربين ».

236 - حكم من مات وعليه دين بقدر ما تكره وله صغار.

كتاب الوقف

237 - باب الوقف والصدقة والنحل.

237 - الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها.

237 - الوقف إذا كان حبسا يجب تعيين المدة والا فهو باطل.

238 - إذا خيف أن لا يصرف الوقف في مصرفه كيف يصنع.

239 - شرائط الوقف ووجوب القبض.

240 - إذا وقف على جماعة كثيرة متفرقين في البلاد.

242 - إذا اشترى أرضا ثم علم أنها وقف.

243 - حكم ما إذا انقرض الموقوف عليهم.

244 - وصية أبي عبد اللّه عليه السلام بأن يناح عليه في سبعة مواسم.

244 - ما أوصت به فاطمة عليها السلام أن يوقف.

245 - جواز بيع خدمة المملوك الموقوف خدمته سنين.

245 - قضاء ابن أبي ليلى في رجل جعل لبعض الناس غلة داره ولم يوقف.

ص: 570

246 - ستة خصال تلحق المؤمن بعد وفاته.

246 - جواز التصدق والوقف في الحصة المشاعة.

247 - إذا وقف على الصغار أيجوز الرجوع أم لا.

247 - ما جعل لله فلا رجعة فيه.

248 - ما تصدق به علي بن أبي طالب عليه السلام.

249 - النحلة في الوصية وفي مرض الموت.

249 - ما تصدق به موسى بن جعفر عليهما السلام.

251 - باب السكنى والعمرى والرقبى.

كتاب الفرائض والمواريث

254 - باب إبطال العول في المواريث.

258 - سهام الفرائض ستة.

260 - باب ميراث ولد الصلب.

262 - باب ميراث الأبوين.

262 - باب ميراث الزوج والزوجة.

263 - باب ميراث ولد الصلب والأبوين.

264 - باب ميراث الزوج مع الولد.

265 - باب ميراث الزوجة مع الولد.

266 - باب ميراث الولد والأبوين مع الزوج.

267 - باب ميراث الأبوين مع الزوج والزوجة.

268 - باب ميراث ولد الولد.

270 - باب ميراث ولد الولد مع الزوج والزوجة.

271 - ميراث الأبوين والاخوة والأخوات.

271 - باب ميراث الأبوين والزوج والاخوة والأخوات.

ص: 571

272 - من لا يحجب عن الميراث.

272 - باب ميراث الإخوة والأخوات.

279 - باب ميراث الزوج والزوجة مع الاخوة والأخوات.

280 - باب ميراث الأجداد والجدات.

290 - باب ميراث ذوي الأرحام.

304 - باب ميراث ذوي الأرحام مع الموالي.

305 - باب ميراث الموالي.

306 - باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.

308 - باب ميراث الجنين والمنفوس والسقط.

309 - باب ميراث الصبيين يزوجان ثم يموت أحدهما.

310 - باب توارث المطلق والمطلقة.

310 - باب توارث المتزوجة والمطلقة في مرض الموت.

313 - باب ميراث المتوفى عنها زوجها.

313 - باب ميراث المخلوع ، والحميل.

314 - باب ميراث الولد المشكوك فيه.

316 - باب ميراث الولد ينتفي منه أبوه بعد الاقرار به.

316 - باب ميراث ولد الزنا.

317 - باب ميراث القاتل ومن يرث ومن لا يرث.

321 - باب ميراث ابن الملاعنة.

325 - باب ميراث من أسلم أو أعتق على الميراث.

326 - باب ميراث الخنثى.

329 - باب ميراث المولود يولد وله أرسان.

330 - باب ميراث المفقود.

ص: 572

332 - باب ميراث المرتد.

333 - باب ميراث من لا وارث له.

334 - باب ميراث أهل الملل.

339 - باب ميراث المماليك.

342 - باب ميراث المكاتب.

343 - باب ميراث المجوس.

346 - باب نوادر المواريث.

346 - حكم الحبوة.

347 - ميراث النساء من الأراضي والعقارات.

350 - علل فضل ميراث الرجال على النساء.

351 - لزوم إخبار موت الميت في السفر إلى أهله.

باب النوادر

وهو آخر الأبواب

352 - وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لعلي عليه السلام :

375 - وصيته صلى اللّه عليه وآله لسلمان.

375 - وصيته صلى اللّه عليه وآله لأبي ذر.

375 - وصيته صلى اللّه عليه وآله لأصحابه.

376 - ألفاظ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الموجزة التي لم يسبق إليها.

381 - مسائل أجاب عنها أمير المؤمنين عليه السلام.

384 - وصية أمير المؤمنين عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية.

392 - موعظة لجعفر بن محمد عليهما السلام.

ص: 573

394 - نوادر المواعظ.

396 - مواعظ لجعفر بن محمد عليهما السلام.

396 - الصمت وحفظ اللسان.

397 - مدح لجعفر بن أبي طالب.

397 - الأصل في العباد الضلال والفقر والذنب.

397 - موعظة الأيام.

398 - حقوق المؤمن ، ولزوم الصبر على أعداء النعم.

398 - رجحان مداد العلماء على دماء الشهداء في الميزان.

399 - أشراف الأمة.

399 - موعظة جبريل عليه السلام للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم.

400 - كما يلزم الدعاء لرفع البلاء كذلك يلزم لدفعه.

400 - من أحب أن يكون أحب الناس وأغناهم وأتقاهم فليفعل كذا وكذا.

400 - ما ضعف بدن عما قويت عليه النية.

400 - من ملك نفسه إذا غضب وإذا رضي.

401 - قصة أبي هاشم الجعفري مع علي بن محمد عليهما السلام.

401 - العامل على غير بصيرة.

401 - عيال الرجل أسراؤه.

402 - أشرف الحديث ، ورأس الحكمة.

402 - أصدق القول ، وأبلغ الموعظة.

402 - مواعظ النبي صلى اللّه عليه وآله.

404 - من كان ظاهره أرجح من باطنه ، وعقوبة العصيان.

404 - قيل للحسين بن علي عليهما السلام كيف أصبحت.

404 - جواب سلمان لرجل قال له : من أنت ومن أنا؟

ص: 574

405 - قول الصادق عليه السلام : بلية الناس علينا عظيمة.

405 - جمع الخير كله في ثلاث خصال.

405 - جمع اللّه تعالى لادم الخير في أربع كلمات.

406 - العافية نعمة خفية.

406 - كلمتان غريبتان.

406 - خطبة خطبها أمير المؤمنين عليه السلام بعد موت النبي (صلی اللّه عليه وآله)

407 - ثلاث خافهن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على الأمة.

407 - أشد الناس وأقواهم.

407 - معنى الاحسان بالوالدين.

408 - من هو أحب الناس إلى اللّه سبحانه.

408 - موعظة أبي الحسن موسى عليه السلام لابنه.

409 - موعظة النبي صلى اللّه عليه وآله عليا عليه السلام.

410 - ما صنع اللّه سبحانه بمن أخرجه عن ذل المعاصي إلى عز التقوى.

410 - ما أوصاه زين العابدين عليه السلام ابنه محمد الباقر عليه السلام.

410 - موعظة النبي صلى اللّه عليه وآله لرجل قال له : علمني شيئا.

411 - ثواب من خلا بذنب فراقب اللّه تعالى فيه.

411 - حرمة المؤمن وثوابه إذا مات في كل يوم من الأسبوع.

412 - حد حسن الخلق ، والسخاء وفضله.

413 - مواعظ النبي صلى اللّه عليه وآله لفضل بن العباس.

413 - حالات الجنين في بطن أمه.

414 - حالات الأنبياء والأوصياء في الولادة.

416 - ما ينبغي للعاقل من الصفات.

416 - مواعظ لأبي عبد اللّه عليه السلام.

ص: 575

417 - أربع يذهبن ضياعا.

417 - لله بقاع تسمى المنتقمة.

417 - لولد الزنا علامات.

418 - ذم الحرص ومدح القناعة.

418 - حرمة المؤمن.

418 - علامات الامام وخصوصياته.

419 - حرمة شرب الفقاع واللعب بالشطرنج وعقوبة ذلك.

419 - من حيزت له الدنيا.

419 - خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام.

420 - ما قال النبي صلى اللّه عليه وآله في حق علي عليه السلام.

ص: 576

فهرس المشيخة

ص: 577

فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه ، فان فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين.

أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام.

سئل أبو جعفر عليه السلام عن تأويل قوله تعالى « فَلْيَنْظُرِ اَلْإِنْسٰانُ إِلىٰ طَعٰامِهِ » فقال : الى علمه الذي يأخذه عمن يأخذه.

( رجال الكشّيّ بمعناه )

اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنّا.

أبو عبد اللّه الصادق عليه السلام.

ص: 578

(فهرس المشيخة)

الاسم / الصفحة

باب الهمزة

أحمد بن محمّد بن المطهّر 508

أبان بن تغلب 435

أبان بن عثمان الأحمر 484

إبراهيم بن أبي البلاد 469

إبراهيم بن زياد الكرخيّ 463

إبراهيم بن أبي محمود 428

إبراهيم بن أبي يحيى المدائني 497

إبراهيم بن سفيان 506

إبراهيم بن عبد الحميد 458

إبراهيم بن عثمان - أبو أيّوب 469

إبراهيم بن عمر اليمانيّ 495

إبراهيم بن محمّد الثقفيّ 514

إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ 479

إبراهيم بن مهزيار 450

إبراهيم بن ميمون 466

إبراهيم بن هاشم 521

أحمد بن أبي عبد اللّه البرقيّ 438 و 459

أحمد بن الحسن الميثميّ 519

أحمد بن عائذ 514

أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطيّ 431

أحمد بن محمّد بن سعيد - ابن عقدة 536

أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري 530

أحمد بن محمّد بن المطهّر 518

أحمد بن هلال العبرتائيّ 517

إدريس بن زيد إدريس بن عبد اللّه القمّيّ 489 و 527

إدريس بن هلال 527

إسحاق بن عمّار 486

إسحاق بن بريد 423

أسماء بنت عميس 495

إسماعيل بن أبي فديك 438

إسماعيل بن جابر الخثعميّ 520

إسماعيل الجعفيّ 426

إسماعيل بن رباح 465

إسماعيل بن عيسى 442

إسماعيل بن الفضل الهاشميّ 448

إسماعيل بن مسلم السكونيّ 505 و 512

إسماعيل بن مهران 459

إسماعيل بن همّام - أبو همّام 531

الأصبغ بن نباتة 494

اميّة بن عمرو الشعيريّ 445

أنس بن محمّد 528

أيّوب بن أعين 536

أيّوب بن الحرّ 499

ص: 579

الاسم / الصفحة

أيّوب بن نوح 463

باب الباء

بحر السقّاء 470

بزيع المؤذّن 463

بشّار بن يسار 522

بشير النبّال 487

بكار بن كردم 526

بكر بن صالح الرّازيّ 498

بكر بن محمّد الأزديّ 442

بكير بن أعين 441

بلال المؤذّن 457

باب الثاء

ثابت بن دينار - أبو حمزة الثمالي 444

ثعلبة بن ميمون 525

ثوير بن أبي فاختة 529

باب الجيم

جابر بن إسماعيل 470

جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ 445

جابر بن يزيد الجعفيّ 424

جرّاح المدائنيّ 437

جعفر بن بشير البجليّ 473

جعفر بن عثمان 527

جعفر بن القاسم 501

جعفر بن محمّد بن يونس 449

جعفر بن ناجية 509

جميل بن درّاج 430

جويرية بن مسهر العبديّ 439

جهيم بن أبي جهم 458

باب الحاء

الحارث - بيّاع الأنماط 508

الحارث بن المغيرة النصريّ 455

حبيب بن المعلّى 447

حذيفة بن منصور 494

حريز بن عبد اللّه 425

حريز بن عبد اللّه في الزكاة 443

الحسن بن الجهم 433

الحسن بن راشد 484

الحسن بن زياد الصيقل الحسن بن السريّ 436 و 496

الحسن بن عليّ بن أبي حمزة 455

الحسن بن عليّ بن فضّال 518

الحسن بن عليّ الكوفيّ 495

الحسن بن عليّ بن النعمان 446

الحسن بن عليّ الوشّاء 533

ص: 580

الاسم / الصفحة

الحسن بن قارن 454

الحسن بن محبوب 453

الحسن بن هارون 506

الحسين بن أبي العلاء 433

الحسين بن حمّاد العبديّ 461

الحسين بن زيد ذو الدّمعة 511

الحسين بن سالم 506

الحسين بن سعيد 490

الحسين بن محمّد القمّيّ 511

الحسين بن المختار 443

حفص بن البختريّ 438

حفص بن سالم - أبو ولاّد 469 - 465

حفص بن غياث 473

حكم بن حكيم 428

حمّاد بن عثمان الناب 453

حمّاد بن عمرو 536

حمّاد بن عيسى 457

حمّاد النوّاء 503

حمدان بن الحسين 535

حمدان الدّيوانيّ 511

حمزة بن حمران 511

حميد بن المثنّى 466

حنان بن سدير 428

باب الخاء

خالد بن أبي العلاء الخفّاف 505

خالد بن ماد القلانسيّ 444

خالد بن نجيح 454

باب الدال

داود بن أبي يزيد - فرقد 529

داود بن أبي زيد 453

داود بن إسحاق 526

داود بن الحصين الأسديّ 466

داود الرّقّيّ 494

داود بن سرحان 468

داود الصرميّ 450

داود بن فرقد - أبي يزيد 529

داود بن القاسم - أبو هاشم الجعفريّ 517

درست بن أبي منصور 477

باب الذال

ذريح المحاربيّ 510

باب الراء

ربعيّ بن عبد اللّه 468

رفاعة بن موسى النخّاس 452

ص: 581

الاسم / الصفحة

روح بن عبد الرّحيم 521

روميّ بن زرارة 526

الرّيّان بن الصلت 432

باب الزاى

زرارة بن أعين 425

زرعة بن محمّد الحضرميّ 428

زكريّا بن إدريس - أبو جرير القمّيّ 471

زكريّا بن آدم القمّيّ 470

زكريّا بن مالك الجعفيّ - النقّاض 479- 471

زياد بن سوقة الجريريّ 453

زياد بن مروان القنديّ 466

زياد بن المنذر 446

زيد بن عليّ بن الحسين عليهما السلام 438

زيد الشحّام 426

باب السين

سالم بن مكرم - أبو خديجة 478

سدير بن حكيم الصيرفيّ 518

سعد بن طريف 537

سعد بن عبد اللّه الأشعري 424

سعدان بن مسلم - عبد الرّحمن بن مسلم 432

سعيد بن عبد اللّه الأعرج 472

سعيد النقّاش 490

سعيد بن يسار 522

سلمة بن تمام 533

سلمة بن الخطّاب 527

سليم الفرّاء 442

سليمان بن جعفر الجعفريّ 448

سليمان بن حفص المروزيّ 458

سليمان بن خالد البجليّ 439

سليمان بن داود المنقريّ 467

سليمان بن عبد اللّه الدّيلميّ 474

سليمان بن عمرو 488

سماعة بن مهران 427

سهل بن اليسع 462

سويد القلاّء 509

سيف التمّار 470

سيف بن عميرة 491

باب الشين

شعيب بن واقد 532

شهاب بن عبد ربّه 496

باب الصاد

صالح بن الحكم النيليّ 445

صالح بن عقبة 511

الصباح بن سيابة 520

ص: 582

الاسم / الصفحة

صفوان بن مهران 436

صفوان بن يحيى 446

باب الطاء

طلحة بن زيد 480

باب العين

عاصم بن حميد الحنّاط 477

عامر بن جذاعة 462

عامر بن نعيم القمّيّ 445

عائذ الأحمسيّ 440

العبّاس بن عامر القصبانيّ 526

العبّاس بن معروف 535

العبّاس بن هلال 455

عبد الأعلى مولى آل سام 444

عبد الحميد الأزديّ 523

عبد الحميد بن عوّاض الطائيّ 519

عبد الرّحمن بن أبي عبد اللّه البصريّ 426

عبد الرّحمن بن أبي نجران 430 و 491

عبد الرّحمن بن الحجّاج 447

عبد الرّحمن بن كثير الهاشميّ 474

عبد الرّحمن بن مسلم 432

عبد الرّحيم القصير 433

عبد الصمد بن بشير 519

عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ (عليه السلام) 468

عبد الغفّار بن القاسم - أبو مريم 435

عبد الكريم بن عتبة الهاشميّ 459

عبد الكريم بن عمرو الخثعميّ - كرّام 487

عبد اللّه بن أبي يعفور 427

عبد اللّه بن بكير 427

عبد اللّه بن جبلة 524

عبد اللّه بن جعفر الحميريّ 510

عبد اللّه بن جندب 458

عبد اللّه بن الحكم 515

عبد اللّه بن حمّاد الأنصاريّ 521

عبد اللّه بن سليمان 463

عبد اللّه بن سنان 431

عبد اللّه بن عليّ 457

عبد اللّه بن فضالة 454

عبد اللّه بن القاسم 524

عبد اللّه بن لطيف التفليسيّ 491

عبد اللّه بن محمّد الجعفيّ 519

عبد اللّه بن محمّد - أبو بكر الحضرميّ 456

عبد اللّه بن مسكان 461

عبد اللّه بن المغيرة 460

عبد اللّه بن ميمون القدّاح المكّيّ 500

عبد اللّه بن يحيى الكاهليّ 505

ص: 583

الاسم / الصفحة

عبد المؤمن بن القاسم 486

عبد الملك بن أعين 497

عبد الملك بن عتبة الهاشميّ 488

عبد الملك بن عمرو الأحول 522

عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس 537

عبيد بن زرارة 441

عبيد اللّه بن عليّ الحلبيّ 429

عبيد اللّه الرّافقيّ 432

عبيد اللّه بن الوليد الوصّافي 481

عثمان بن زياد الهمدانيّ 528

عطاء بن السائب 513

العلاء بن رزين 461

العلاء بن سيابة 515

عليّ بن أبي حمزة البطائنيّ 488

عليّ بن أحمد بن أشيم 515

عليّ بن إدريس 489

عليّ بن أسباط 498

عليّ بن إسماعيل الميثميّ 532

عليّ بن بجيل 353

عليّ بن بلال 434

عليّ بن جعفر عليه السلام 422

عليّ بن حسّان الواسطيّ 531

عليّ بن الحكم 489

عليّ بن رئاب 473

عليّ بن الرّيّان 451

عليّ بن سالم الكوفيّ عن أبيه 439

عليّ بن سويد 489

عليّ بن عبد العزيز 517

عليّ بن عطيّة 472

عليّ بن غراب - عليّ بن أبي المغيرة 516

عليّ بن الفضل الواسطيّ 474

عليّ بن محمّد الحصينيّ 509

عليّ بن محمّد النوفليّ 491

عليّ بن مطر 515

عليّ بن مهزيار 446

عليّ بن ميسرة 502

عليّ بن النعمان 508

عليّ بن يقطين 452

عمّار بن مروان الكلبيّ 498

عمّار بن موسى الساباطيّ 422

عمر بن أبي زياد الكوفيّ 464

عمر بن أبي شعبة الحلبيّ 530

عمر بن أذينة 463

عمر بن حنظلة 443

ص: 584

الاسم / الصفحة

عمر بن قيس الماصر 531

عمر بن يزيد - بياع السّابري 425

عمران الحلبيّ 506

عمرو بن أبي المقدام - عمرو بن ثابت 496 و 514

عمرو بن جميع البصريّ القاضي 476

عمرو بن خالد 485

عمرو بن سعيد السّاباطيّ 508

عمرو بن شمر 488

عيسى بن أبي منصور 487

عيسى بن أعين 529

عيسى بن عبد اللّه الهاشميّ 494

عيسى بن يونس 494

العيص بن القاسم 448

باب الغين

غياث بن إبراهيم 490

باب الفاء

فضالة بن أيّوب 507

الفضل بن أبي قرّة السمنديّ 481 و 518

الفضل بن شاذان 457

الفضل بن عبد الملك 435

الفضيل بن عثمان الأعور 436

الفضيل بن يسار 441

باب القاف

القاسم بن بريد بن معاوية العجليّ 516

القاسم بن سليمان 479

القاسم بن عروة 486

القاسم بن يحيى 490

باب الكاف

كردويه الهمدانيّ 424

كليب الأسديّ 456 و 510

باب الميم

مالك بن أعين الجهنيّ 440

مبارك العقرقوفيّ 476

مثنّى بن عبد السّلام 509

محمّد بن أبي عمير 460

محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعريّ 475

محمّد بن أسلم الجبليّ 533

محمّد بن إسماعيل البرمكيّ 511

محمّد بن إسماعيل بن بزيع 451

محمّد بن بجيل 464

محمّد بن جعفر الأسديّ 476

محمّد بن الحسن الصفّار 434

محمد بن حسان الرازي 530

محمد بن حكيم الخثعمي 489

ص: 585

الاسم / الصفحة

محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب 535

محمّد بن حمران الشيبانيّ 431 و 490

محمّد بن خالد البرقيّ 469

محمّد بن خالد القسريّ 475

محمّد بن سنان 523

محمّد بن سهل بن اليسع الأشعريّ 527

محمّد بن عبد الجبّار 477

محمّد بن عبد اللّه بن مهران 525

محمّد بن عثمان العمريّ 510

محمّد بن عذافر 518

محمّد بن عليّ الحلبيّ 427

محمّد بن عليّ بن محبوب 523

محمّد بن عمران العجليّ 493

محمّد بن عمرو بن أبي المقدام 522

محمّد بن عيسى بن عبيد 492

محمّد بن الفيض التيميّ 485

محمّد بن الفيض الجعفيّ 525

محمّد بن القاسم الأسترآباديّ 502

محمّد بن القاسم بن الفضيل 491

محمّد بن قيس البجليّ 486

محمّد بن مسعود العيّاشيّ 492

محمّد بن مسلم الزّهريّ 482

محمّد بن مسلم الثقفيّ - الطائفيّ 424

محمّد بن منصور 524

محمّد بن النعمان - مؤمن الطّاق 428

محمّد بن الوليد الكرمانيّ 524

محمّد بن يحيى الخثعميّ 442

محمّد بن يعقوب الكلينيّ 534

مرازم بن حكيم 463

مروان بن مسلم 477

مسعدة بن زياد 529

مسعدة بن صدقة 440

مسمع بن مالك البصريّ 451

مصادف 479

مصعب بن يزيد الأنصاريّ 480

معاوية بن حكيم 535

معاوية بن شريح 467

معاوية بن عمّار 454

معاوية بن ميسرة 430

معاوية بن وهب 440

معروف بن خرّبوذ 471

المعلّى بن خنيس 468

المعلّى بن محمّد البصريّ 537

معمر بن خلاّد 472

معمر بن يحيى 439

المفضّل بن صالح - أبو جميلة 450

ص: 586

الاسم / الصفحة

المفضّل بن عمر 435

المنبّه بن عبد اللّه - أبو الجوزاء 535

منذر بن جيفر 499

منصور بن حازم 434

منصور الصيقل 501

منصور بن يونس ، بزرج 485

منهال القصّاب 528

موسى بن عمر بن بزيع 448

موسى بن القاسم البجليّ 474

ميمون بن مهران 492

باب النون

ناجية بن أبي عمارة 464

النضر بن سويد 495

النعمان الرّازيّ 462

النعمان بن سعد 511

باب الواو

الوليد بن صبيح 482

وهب بن وهب - أبو البختريّ 478

وهيب بن حفص 465

باب الهاء

هارون بن حمزة الغنويّ 472

هارون بن خارجة 475

هاشم الحنّاط - هشام بن المثنّى 449

هشام بن إبراهيم 456

هشام بن الحكم 437

هشام بن سالم 424

الهيثم بن عبد اللّه - أبو كهمس 462

باب الياء

ياسر الخادم 453

ياسين الضرير 516

يحيى بن أبي العلاء الرازيّ 488

يحيى بن أبي عمران الهمدانيّ 450

يحيى بن حسّان الأزرق 507

يحيى بن عبّاد المكّيّ 434

يحيى بن عبد اللّه العلويّ 437

يحيى بن القاسم الأسديّ - أبو بصير 431

يعقوب بن شعيب 477

يعقوب بن عثيم 423

يعقوب بن يزيد 532

يوسف الطاطريّ 507

يوسف بن يعقوب 523

يونس بن عمّار 475

يونس بن يعقوب 452 و 523

باب الكنى

ابن عقدة - أحمد بن محمّد 536

ص: 587

الاسم / الصفحة

أبو أسامة - زيد الشّحّام 426

أبو الأعزّ النخّاس 429

أبو أيّوب الخزّاز - إبراهيم بن عثمان 469

أبو بصير - يحيى بن القاسم 431

أبو بكر بن أبي سمال 466

أبو بكر الحضرميّ - عبد اللّه بن محمّد 456

أبو ثمامة 520

أبو الجارود - زياد بن المنذر 446

أبو جرير القمّيّ - زكريّا بن إدريس 471

أبو جميلة - المفضّل بن صالح 450

أبو الجوزاء - المنبّه بن عبد اللّه 535

أبو حبيب - ناجية بن أبي عمارة 464

أبو الحسن النهديّ 506

أبو حمزة الثماليّ - ثابت بن دينار 444

أبو خديجة - سالم بن مكرم الجمّال 478

أبو الرّبيع الشاميّ 498

أبو زكريّا الأعور 464

أبو سعيد الخدريّ 531

أبو عبد اللّه الخراسانيّ 508

أبو عبد اللّه الفرّاء 442

أبو كهمس - الهيثم بن عبد اللّه 462

أبو مريم الأنصاريّ - عبد الغفّار 435

أبو المغراء - حميد بن المثنّى 466

أبو النمير 434

أبو الورد بن زيد 481

أبو ولاّد الحنّاط - حفص بن سالم 469 - 465

أبو هاشم الجعفريّ - داود بن القاسم 517

أبو همّام - إسماعيل بن همّام 494

المتفرّقات

سند حديث جاء نفر من اليهود 426

ما كتبه الرّضا عليه السلام إلى محمّد ابن سنان 429

حديث سليمان بن داود 439

خبر بلال وثواب المؤذّنين 457

وصيّة أمير المؤمنين عليه السلام لابنه محمّد بن حنفيّة 513

القضايا المتفرّقة لعليّ عليه السلام 526

ص: 588

( شكر جميل )

للّه احمد في بادي الأمر وعائده ، وله الشّكر على وافر عطائه ورافده.

أما بعد : فقد أبرأ اللّه سبحانه ذمّتي وعهدتي ، وحفّف كاهلي عن مهمّة تحقيق هذا الكتاب العظيم الّذي قلّما سمح الدّهر بمثله ، بل كاد أن لا يعمل على شاكلته ومنواله فأحمد اللّه حمد معترف بلطفه وإحسانه ، حيث يسّر لي الأُهْبَة ، وأتاح لي الفُرصة ، وأنسأ في الأجل حتّى حقّق الأمل ووفّفني لإتمامه بعد ما سبرت غور بحره الطّامي ، وخضتُ غِماره ، وسبحت في أجوائه ، ورضت شعابه ، ثمّ أيّدني لتنميقه وتصحيحه ، وترصيفه وتحقيقه ، ثمّ طبعه وإبرازه ونشره على هذا النمط الرّائق ، والشكل الفائق ، مضبوطة ألفاظه ، مرقّمة أحاديثه ، مفروزة نصوصه عن الفتاوي مترجمة رواته ، منفّحة أسانيده ، مبيّنا مجمله ، مفسّرا غريبه ، مُبلجا معضله ، حاويا لما هو المشهور في موارد الخلاف ، مشيرا إلى مدارك الفتاوي إذا لم ينصّ المؤلف عليه ، فخرج الكتاب بحوله وطوله ناصعة الحقائق ، ساطعة الأنوار ، شاملة الأحكام ، دانية القطوف. فأسأل اللّه - الّذي حَباني ذلك أن يوفّقني لتحقيق أمثاله ، والصلاة على نبيّه محمّد وآله.

خادم العلم والدّين

على أكبر الغفّاري

1394

ص: 589

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله وصلى اللّه على محمد نبي اللّه وعلى آله آل اللّه

لقد قامت مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم المشرفة بنشاطات واسعة في مجال نشر المعرفة وإحياء التراث الاسلامي، وإليكم سرداً لبعض منشوراتها :

من الكتب التي تم طبعها

* أحاديث المهدي / من مسند أحمد بن حنبل

مع «البيان في أخبار صاحب الزمان» / محمد الكنجي الشافعي

* الاختصاص / الشيخ المفيد

* إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان (ج 1و2) / العلامة الحلي

* الأمالي / الشيخ المفيد

* الإمام الصادق (عليه السلام) (ج 1و2) / الشيخ محمد حسين المظفر

* إيضاح الاشتباه / العلامة الحلي

* بحوث في الاصول، وتشمل على : / الشيخ محمد حسين الإصفهاني

أ- الاصول على النهج الحديث

ب- الطلب والإرادة

ج- الاجتهاد والتقليد

* بحوث في الفقه، وتشمل على : / الشيخ محمد حسين الإصفهاني

أ- صلاة الجماعة

ب- صلاة المسافر

ج- الإجارة بداية الحكمة

* بداية الحكمة / العلامة الطباطبائي

ص: 590

* تأويل الآيات الظاهرة / السيد علي الاسترابادي

* التبيان في تفسير القرآن / الشيخ الطوسي

* تحف العقول عن آل الرسول (صلی اللّه عليه وآله) / ابن شعبة الحراني

* تعليقة استدلالية على العروة الوثقى / الشيخ ضياء الدين العراقي

* تقريب المعارف في الكلام / الشيخ أبي الصلاح الحلبي

* التوحيد / الشيخ الصدوق

* جواهر الفقه / القاضي ابن البراج

* الحاشية على تهذيب المنطق / المولى عبد اللّه اليزدي

* الحدائق الناضرة (ج1-25) / الشيخ يوسف البحراني

* الخراجيات، وتشمل على :

أ- قاطعة اللجاج في تحقيق حل الخراج / المحقق الكركي

ب- السراج الوهاج لدفع عجاج قاطعة النجاج / الفاضل القطيفي

ج- رسالتان في الخراج / المقدس الأردبيلي

د. رسالة في الخراج / الفاضل الشيباني

* الخصال / الشيخ الصدوق

* الخلاف / الشيخ الطوسي

* درر الفوائد / الشيخ عبدالكريم الحائري

* الدروس الشرعية في فقه الامامية (ج1) / الشهيد الأول

* دروس في علم الاصول (ج1 و2) / الشهيد الصدر

* الذخيرة في علم الكلام / السيد المرتضى علم الهدى

* الذرية الطاهرة / محمد الرازي الدولابي

* رجال النجاشي / الشيخ أحمد بن علي النجاشي

* الرسائل العشر / الشيخ الطوسي

* الرسائل الفشاركية / السيد محمد المشاركي

ص: 591

* رسائل المحقق الكركي / المحقق الثاني

* رياض السالكين (ج1-7) / السيد علي خان المدني

* رياض المسائل (ج 1-2) / السيد علي الطباطبائي

* البسرائر (ج1-3)/ ابن إدريس الحلي

* شرح الأخبار (ج 1-3) / القاضي النعمان المغربي

* شرح تبصرة المتعلمين (جه) / الشيخ ضياء الدين العراقي

* شرح على المائة كلمة لأمير المؤمنين (عليه السلام) / ميثم بن علي البحراني

* العمدة / ابن بطريق

* عيون الحقائق الناظرة في تتمة الحدائق الناضرة / الشيخ حسين البحراني

* فرائد الاصول / الشيخ مرتضى الأنصاري

* فوائد الاصول (ج 1 و 2) (تقريرات بحث آية اللّه النائيني) / الكاظمي الخراساني

* فوائد الاصول (ج 3 و 4) (تقريرات بحث آية اللّه النائيني) / الكاظمي الخراساني

مع حواشي آية اللّه ضياء الدين العراقي

* قاعدة لا ضر ر و إفاضة القدير / شيخ الشريعة الإصفهاني

* قاموس الرجال (ج1-4) / العلّامة الشيخ محمد تقي التستري

* قواعد الأحكام (ج1) / العلامة الحلي

* القواعد الجلية في شرح الرسالة الشمسية / العلامة الحلي

* كشف الرموز (ج 1و2) / الشيخ حسن الفاضل الآبي

* كشف المراد / العلامة الحلي

في شرح تجريد الاعتقاد / تعليق الشيخ حسن حسن زاده الآملي

* كفاية الاصول / الآخوند الخراساني

* كمال الدين وتمام النعمة / الشيخ الصدوق

* كنز الدقائق (ج1-11) / ميرزا محمد المشهدي القمي

ص: 591

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.