كتاب من لا يحضره الفقيه المجلد 3

هوية الكتاب

المؤلف: أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

المحقق: علي اكبر الغفّاري

الناشر: منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية - قم المقدّسة

الطبعة: 2

الموضوع : الحديث وعلومه

تاريخ النشر : 1404 ه-.ق

الصفحات: 612

المكتبة الإسلامية

168

من لا يحضر الفقيه

تأليف: المحدث الجليل الأقدم

أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي

الشيخ الصدوق

المتوفی سنة 381 ه

الجزء الثالث

تحقيق: سماحة الأستاذ المحقق الشيخ علي اكبر الغفاري

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة

المحرّر الرّقمي: محمّد علي ملك محمّد

ص: 1

اشارة

شابك (دورة) 4-415-470-964-978

ISBN 978-964-470-415-4

بيان الرموز

نرمز إلی شرح المولی محمد تقي المجلسي رحمه اللّه المسمی بروضة المتقين في شرح أخبار الأئمة المعصومين ب«م ت».

و إلی حاشية المولی مراد بن عليخان التفرشي رحمه اللّه ب«مراد».

و إلی حاشية سلطان العلماء الحسين بن محمد بن محمود الحسيني الآملي رحمه اللّه ب«سلطان».

و إلی حاشية الحكيم الإلهی السيد محمد باقر الحسيني المعروف بميرداماد رحمه اللّه ب«م ح ق».

و إلی شرح العلامة المجلسي قدس سره علی الكافي المعروف بمرآة العقول ب«المرآة».

ونعبر عن المجلسي الأول ب«المولی المجلسي» وعن الثاني ب«العلامة المجلسي».

من لا يحضر الفقيه

(ج3)

تأليف: رئيس المحدثين الشيخ الصدوق قدس سره

الموضوع: الحديث

تصحيح وتعليق: الأستاذ المرحوم علي أكبر الغفاري رحمه اللّه

طبع ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي

عدد الصفحات: 612

الطبعة: الخامسة

المطبوع: 500 نسخة

التاريخ: 1429 ه.ق

شابك ج3: 0-637-470-964-978

ISBN 978-964-470-637-0

مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

ص: 2

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 1

أبواب القضايا والأحكام

باب 315: من يجوز التحاكم إليه ومن لا يجوز

قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الفقيه مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - :

3219 - روى أحمد بن عائذ (1) عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال قال : قال أبو عبد اللّه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : « إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل

ص: 2


1- طريق المؤلف إليه صحيح وهو ثقة كما في « جش » ، وأما سالم بن مكرم أبو خديجة وقد يكنى أبا سلمة فهو ثقة عند النجاشي أيضا ، وقال العلامة في الخلاصة : « قال الشيخ انه ضعيف وقال في موضع آخر : انه ثقة ، والوجه عندي التوقف فيما يرويه لتعارض الأقوال » أقول : تضعيف الشيخ إياه مبنى على زعمه اتحاد الرجل مع سالم بن أبي سلمة الكندي السجستاني الذي ضعفه النجاشي وابن الغضائري والعلامة ، والدليل على ذلك أن الشيخ - رضوان اللّه عليه - ذكر الرجلين في عنوان وقال : « سالم بن مكرم يكنى أبا خديجة ومكرم يكنى أبا سلمة » مع أن أبا سلمة نفس سالم دون أبيه كما في فهرست النجاشي ورجال البرقي ويؤيد ذلك ما رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 218 في شراء العبدين المأذونين كل واحد منهما الاخر باسناده عن أحمد ابن عائذ عن أبي سلمة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) كما سيجئ عن المؤلف ، تحت رقم 3247 وفى التهذيب ج 2 ص 138 باسناده عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة وعليه فلا وجه لتوقف العلامة قدس سره فيه ( راجع لمزيد التحقيق قاموس الرجال ج 4 ص 297 ).

الجور ، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم ، فاني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه (1) ».

3220 - وروى معلى بن خنيس عن الصادق عليه السلام قال : « قلت له : قول اللّه عز وجل » إن اللّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل « قال : على الامام (2) أن يدفع ما عنده إلى الامام الذي بعده ، وأمرت الأئمة أن يحكموا بالعدل ، وأمر الناس أن يتبعوهم ».

3221 - وروى عطاء بن السائب (3) عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : « إذا كنتم في أئمة جور فاقضوا في أحكامهم (4) ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا ، وإن تعاملتم بأحكامنا كان خيرا لكم ».

ص: 3


1- يستفاد منه أولا حرمة الترافع إلى أهل الجور ، والظاهر دخول الفساق في أهل الجور ، وثانيا وجوب الترافع إلى العالم من الشيعة وقبول قوله ، والمشهور الاستدلال بهذا الحديث على جواز التجزي في الاجتهاد حيث اكتفى عليه السلام بالعلم بشئ من الأحكام ، وقال سلطان العلماء : ولى فيه تأمل إذ ربما كان المراد بالعلم بشئ من الأحكام ما هو الحاصل بعد إحاطة جميع الأدلة والمآخذ لحصول الظن القوى بعدم المعارض في هذا الحكم كما هو مذهب من قال بعدم جواز التجزي فإنه لا يدعى وجوب العلم بجميع الأحكام حتى ينافيه اكتفاؤه عليه - السلام بالعلم شئ منها بل يدعى وجوب الإحاطة على جميع الأدلة والمآخذ حتى يعتبر حكمه وظنه وإن كان في مسألة خاصة.
2- كذا في بعض النسخ والتهذيب ج 2 ص 70 أيضا ، وفى الكافي ج 1 ص 277 « قال : أمر اللّه الامام أن يدفع ». وفى بعض نسخ الفقيه « عدل الامام » والظاهر تصحيفه ، ويؤيد صحة ما في الكافي قوله « أمرت الأئمة » و « أمر الناس ».
3- في الطريق أبان بن عثمان الأحمر وهو وإن كان ناووسيا ولم يوثق صريحا لكن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، وأما عطاء فلم يذكر في كتب رجالنا ومعنون في كتب العامة ووثقه بعضهم وقال صاحب منهج المقال ، « ربما يشهد له بعض الروايات بالاستقامة » أقول : وهذا الحديث يدل في الجملة على كونه اماميا مأمورا بالتقية ومثله كثير في أصحابنا.
4- لعل المراد الصيرورة قاضيا بأمرهم وجبرهم.

3222 - وروى الحسن بن محبوب (1) ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم اللّه عزوجل فقد شركه في الاثم (2) ».

3223 - وروى حريز ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « أيما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق فدعاه إلى رجل من إخوانكم ليحكم بينه وبينه فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الذين قال اللّه عزوجل : « ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به الآية (3) ».

باب 316: أصناف القضاة ووجوه الحكم

3224 - قال الصادق عليه السلام : (4) : « القضاة أربعة : ثلاثة في النار وواحد في الجنة رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار ، و رجل قضى بحق وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة ، وقال عليه السلام : الحكم حكمان حكم اللّه عزوجل ، وحكم أهل الجاهلية ، فمن أخطأ حكم اللّه عزوجل حكم بحكم أهل الجاهلية (5) ، ومن حكم بدرهمين بغير ما أنزل

ص: 4


1- الطريق إليه صحيح وهو ثقة كما في الخلاصة.
2- يدل على حرمة التحاكم إليهم مع وجود حاكم العدل وامكان أخذ الحق به ، وأما في صورة التعذر أو عدم وجود العدل فإن كان الحق ثابتا بينه وبين اللّه فغير معلوم حرمته.
3- المراد بالطاغوت هنا كل من لم يحكم بما أنزل اللّه ، أو من حكم بغير ما أنزل اللّه.
4- رواه الكليني ج 7 ص 407 بأسناده عن البرقي ، عن أبيه مرفوعا إليه عليه السلام إلى قوله « بحكم أهل الجاهلية ».
5- أي إذا أخطأ بلا دليل معتبر شرعا لتقصيره أو مع علمه ببطلانه ، فلا ينافي كون المجتهد المخطئ الغير المقصر مصيبا ، ولا يبعد أن يكون الغرض بيان أن كون الحكم مطابقا للواقع لا ينفع في كونه حقا بل لابد من أخذه من مأخذ شرعي فمن لم يأخذ منه فقد حكم بحكم الجاهلية وإن كان مطابقا للواقع. ( المرآة )

اللّه عزوجل فقد كفر باللّه تعالى (1) ».

باب 317: اتقاء الحكومة

3225 - روى سليمان بن خالد (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « اتقوا الحكومة فإن الحكومة إنما هي للامام العالم بالقضاء ، العادل في المسلمين كنبي أو وصي نبي ».

3226 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام لشريح : « يا شريح قد جلست مجلسا ما جلسه إلا نبي ، أو وصي نبي ، أو شقي (3) ».

باب 318: كراهة مجالسة القضاة في مجالسهم

3227 - روى محمد بن مسلم قال : « مربي أبو جعفر عليه السلام وأنا جالس عند

ص: 5


1- في بعض النسخ « ومن حكم في درهمين - الخ ».
2- ثقة والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.
3- رواه الكليني في الكافي بسند ضعيف عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام رفعه إلى أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، وفيه « جلست مجلسا لا يجلسه الا نبي - الخ » ولا يخفى اختلاف المفهومين فما في المتن ربما يفهم منه أن من زمان النبي (صلی اللّه عليه وآله) إلى هذا الزمان ما جلس فيه الا هذه الثلاثة الأصناف ، وما في الكافي يفهم منه صعوبة القضاء وانه يستلزم لغير المعصوم الشقاء والهلاك. وقال العلامة المجلسي : ان هذه الأخبار تدل بظواهرها على عدم جواز القضاء لغير المعصوم ، ولا ريب أنهم عليهم السلام كانوا يبعثون القضاة إلى البلاد فلابد من حملها على أن القضاء بالأصالة لهم ولم يجوز لغيرهم تصدى ذلك الا باذنهم وكذا في قوله « لا يجلسه » أي بالأصالة ، والحاصل أن الحصر إضافي بالنسبة إلى من جلس فيها بغير اذنهم و نصبهم عليهم السلام.

القاضي بالمدينة ، فدخلت عليه من الغد فقال لي : ما مجلس رأيتك فيه أمس؟ قال قلت له : جعلت فداك إن هذا القاضي بي مكرم ، فربما جلست إليه ، فقال لي : وما يؤمنك أن تنزل اللعنة فتعمك معه ». وفي خبر آخر « فتعم من في المجلس ».

3228 - وروي في خبر آخر : « إن شر البقاع دور الامراء الذين لا يقضون بالحق ».

3229 - وقال الصادق عليه السلام : « إن النواويس (1) شكت إلى اللّه عزوجل شدة حرها فقال لها عزوجل : اسكتي فإن مواضع القضاة أشد حرا منك ».

باب 319: كراهة أخذ الرزق على القضاء

3230 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق ، فقال : ذاك سحت » (2).

باب 320: الحيف في الحكم

3231 - روى السكوني باسناده (3) قال : « قال علي عليه السلام : يد اللّه فوق رأس

ص: 6


1- النواويس جمع ناووس مقبرة النصارى وموضع بجهنم.
2- السحت : الحرام ، وحمل على الأجرة ، والمشهور جواز الارتزاق من بيت المال قال في المسالك : ان تعين عليه بتعيين الامام أو بعدم قيام أحد غيره حرم عليه أخذ الأجرة وان لم يتعين عليه فإن كان له غنى عنه لم يجز أيضا والا جاز ، وقيل يجوز مع عدم التعين مطلقا ، وقيل : يجوز مع الحاجة مطلقا ، ومن الأصحاب من جوز اخذ الأجرة عليه مطلقا ، والأصح المنع مطلقا الا من بيت المال على جهة الارتزاق فيقيد بنظر الحاكم ( المرآة ) أقول : في الكافي والتهذيب « ذلك السحت ».
3- رواه الكليني ج 7 ص 410 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 69 عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام عنه صلوات اللّه عليه.

الحاكم ترفرف بالرحمة ، فإذا حاف في الحكم وكله اللّه عزوجل إلى نفسه » (1).

باب 321: الخطأ في الحكم

3232 - روي عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر عليه السلام : « من حكم في درهمين فأخطأ كفر » (2).

3233 - وروى معاوية بن وهب (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « أي قاض قضى بين اثنين فأخطأ سقط أبعد من السماء » (4).

باب 322: أرش خطأ القضاة

3234 - روي عن الأصبغ بن نباتة (5) أنه قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام أن ما أخطأت القضاة في دم أو قطع فهو على بيت مال المسلمين ».

ص: 7


1- ترفرف الطائر بجناحه إذا بسطها عند السقوط على شئ يطوف عليه ، والحيف : الجور والظلم.
2- تقدم الكلام فيه في باب أصناف القضاة.
3- طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة.
4- أي سقط من درجة قربه وكماله أو درجاته في الجنة ، أو يلحقه الضرر الأخروي مثل ما يلحق الضرر الدنيوي من سقط من السماء. ( المرآة )
5- طريق المصنف إلى الأصبغ ضعيف كما في الخلاصة لان فيه الحسين بن علوان الكلبي وعمرو بن ثابت فالأول عامي وإن كان له ميل ومحبة شديدة حتى قيل بايمانه والثاني لم يثبت مدحه ولا توثيقه مع قول فيه بالضعف ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 96 عن الأصبغ وطريقه مثل طريق المؤلف.

باب 323: الاتفاق على عدلين في الحكومة

3235 - روي عن داود بن الحصين (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجلين اتفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف فرضيا بالعدلين ، فاختلف العدلان بينهما ، على قول أيهما يمضي الحكم (2)؟ قال : ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفذ حكمه ، ولا يلتفت إلى الاخر » (3).

3236 - وروى داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام

ص: 8


1- طريق المؤلف إليه فيه الحكم بن مسكين ولم يوثق صريحا ، ورواه الشيخ باسناده الصحيح عن محمد بن علي بن محبوب الثقة عن الحسن بن موسى الخشاب الذي هو من وجوه أصحابنا عن ابن أبي نصير البزنطي ، عن داود بن الحصين الواقفي الموثق راجع التهذيب ج 2 ص 91.
2- قوله « بالعدلين » حمل على المجتهدين. ( سلطان )
3- إذا تعارض الأعلم والأورع فالمشهور تقديم الأعلم ، والتخيير أظهر ( م ت ) وفى الجواب اشعار بأنه لابد من كونهما عالمين فقيهين ورعين لكن مع خلافهما ينظر إلى أعلمهما وأفقههما وأورعهما. ( سلطان )
4- عمر بن حنظلة وثقه الشهيد - رحمه اللّه - في درايته. والرواية معروفة بمقبولة عمر بن حنظلة ومعنى المقبولة قبول مضمونها في الجملة لا أنها محكومة بالصحة في جميع جزئياتها ، ولها صدر أورده الكليني ج 1 ص 67 وهو « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان والى القضاة أيحل ذلك؟ قال : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا ، وإن كان حقا ثابتا لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر اللّه أن يكفر به قال اللّه تعالى » يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به « قلت : فكيف يصنعان؟ قال : ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف من أحكامنا فليرضوا به حكما فانى قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم اللّه وعلينا رد ، و الراد علينا الراد على اللّه وهو على حد الشرك باللّه ، قلت : فإن كان كل رجل اختار رجلا فرضيا أن يكونا الناظرين - الخ - » بأدنى اختلاف في اللفظ.

« قال : قلت : في رجلين اختار كل واحد منهما رجلا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما ، فاختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثنا ، قال : الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الاخر. (1)

ص: 9


1- قال استاذنا الشعراني - مد ظله العالي - في هامش الوافي : شرح هذه العبارة وما بعدها لا يخلو عن صعوبة لان القاضي في واقعة واحدة لا يكون اثنين ، أما إن كان منصوبا فواضح ، وأما إن كان قاضى التحكيم فيعتبر فيه تراضى المتداعيين فان اختار كل رجل قاضيا لنفسه لم يتحقق التراضي وعلي هذا فالفقيه إن كان بمنزلة القاضي المنصوب كان النافذ حكم من يختاره المدعى ويجبر المدعى عليه على الحضور عنده وقبول حكمه وليس له أن يختار قاضيا آخر ، قال العلامة - قدس سره - في القواعد : يجوز تعدد القضاة في بلد واحد وإذا استقل كل منهما في جميع البلد تخير المدعى في المرافعة إلى أيهما شاء - انتهى ، ولا يمكن في القضاء غير ذلك ولولاه لسهل على المدعى عليه طريق الفرار ، وإن كان المراد في الحديث الاستفتاء فقط وأطلق عليه التحاكم والقضاء جاز تعدد المفتى بأن يختار كل واحد منهما فقيها يقلده ولكن لا تحصل منه فائدة القضاء ولا ينحل به الاختلاف ، والغرض من القضاء قطع الخصومة. و أيضا فان المتداعيين ان كانا مجتهدين لم يجز لهما تقليد غيرهما و ان كانا مقلّدين لم يتمكّنا من ملاحظة الترجيحات المذكورة في الحديث، و حل الاشكال أن مفاد الرواية أمر الشيعة إرشادا بكل وسيلة ممكنة الى حصول التراضى و قطع الخصومة من غير الترافع الى قضاة الجور اما بأن تراضيا بحكم فقيه واحد و يقبلا قوله فيعد قوله بالنسبة اليهما قضاء ان كانا مجتهدين و فتوى ان كانا مقلّدين و ان لم يتراضيا بحكم فقيه واحد و اختار كل واحد فقيها لم يكن قولاهما بالنسبة اليهما حكما و قضاء و لا فتوى بل نظير قوله تعالى« فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها» فيتوسلان بهما الى قطع الخصومة بوجه و هو الترجيح، فان كان المتداعيان مجتهدين و اتفقا على أرجحية أحدهما قبلاه و الا تراضيا بقول من يرجح بينهما فاختيار رجلين خارج عن حكم القضاء و غير مناسب له، قال العلامة- ره- في نهاية الأصول: التعادل إذا وقع للإنسان في عمل نفسه تخير، أو للمفتى تخير المستفتى في العمل بأيهما شاء كما يلزمه في حقّ نفسه، أو للحاكم يعين لانه نصب لقطع التنازع، و تخيير الخصمين يفتح باب المخاصمة لان كلا منهما يختار الاوفق له بخلاف المفتى- انتهى. فمفاد الحديث أمر الشيعة بقطع الخصومة بينهم، ان كان بالتصالح و العفو فهو، و ان كان بالقضاء من فقيه بالتراضى فهو، و ان كان باختيار حكمين و الترجيح في مورد، اختلافهما-- فهو، و الغرض عدم الترافع الى قضاة الجور. و قوله« اختلفا فيما حكما» قال المولى رفيعا أي اختلافهما في الحكم استند الى اختلافهما في الحديث و قوله عليه السلام« أصدقهما في الحديث» أي من يكون حديثه أصح من حديث الآخر بأن يكون ينقله من أعدل أو أكثر من العدول و الثقاة و ظاهر هذه العبارة الحكم بترجيح حكم الراجح في هذه الصفات الاربع جميعها، و يحتمل الترجيح بحسب الرجحان في واحدة من الاربع أيّها كانت، و على الأول يكون حكم الرجحان بحسب بعضها دون بعض مسكوتا عنه، و على الثاني يكون حكم تعارض الرجحان في بعض منها على الرجحان في بعض آخر مسكوتا عنه، و الاستدلال بالاولوية و الرجحان بالترتيب الذكرى ضعيف و المراد أن الحكم الذي يجب قبوله من الحكمين المذكورين حكم الموصوف بما ذكر من الصفات الاربع، و يفهم منه وجوب اختياره لان يتحاكم إليه ابتداء و ان ترجيح الافضل لازم في الصور المسكوت عنها، و من هنا ابتدأ في الوجوه المعتبرة للترجيح في القول و الفتيا.

قال : قلت : فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا ليس يتفاضل واحد منهما على صاحبه (1) ، قال : فقال : ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه حكمنا لا ريب فيه (2) ، وإنما الأمور ثلاثة ، أمر بين رشده فمتبع ، وأمر بين غيه فمجتنب ، وأمر مشكل يرد حكمه إلى اللّه عزوجل قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « حلال بين ، وحرام بين ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجى من المحرمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم ».

ص: 10


1- أي فان الراويين لحديثكم العارفين بأحكامكم عدلان مرضيان لا يفضل أحدهما على صاحبه.
2- أجاب عليه السلام وبين له وجها آخر في الترجيح بقوله « ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك » أي المشهور روايته بين أصحابك فيؤخذ بأشهرهما رواية ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه أي المشهور في الرواية لا ريب فيه لان المناط غلبة الظن بصحة الخبر واستناد الحكم بالخبر الصحيح.

قلت : فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال : ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة أخذ به.

قلت : جعلت فداك وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والاخر مخالفا لها بأي الخبرين يؤخذ؟ قال : بما يخالف العامة فإن فيه الرشاد.

قلت : جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا؟ قال ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر.

قلت : فإن وافق حكامهم وقضاتهم الخبران جميعا؟ قال : إذا كان كذلك فارجه (1) حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات ».

باب 324: آداب القضاء

3237 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من ابتلي بالقضاء فلا يقضين وهو غضبان » (2).

3238 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا كان الحاكم يقول لمن عن يمينه ولمن عن يساره : ما تقول؟ ما ترى؟ فعلى ذلك لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين ، ألا يقوم (3) من مجلسه ويجلسهما مكانه » (4).

ص: 11


1- أي قف ولا تحكم.
2- رواه الكليني ج 7 ص 413 عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله وقال في الشرايع : « ويكره أن يقضى وهو غضبان وكذا يكره مع كل وصف يساوى الغضب في شغل النفس كالجوع والعطش والغم والفرح والوجع ومدافعة الأخبثين وغلبة النعاس ولو قضى والحال هذه نفذ إذا وقع حقا ».
3- يعنى لم لا يقوم ، وفى الكافي ج 4 ص 414 أيضا هكذا وكلمة « ألا » بالفتح للتحضيض وفى بعض النسخ والتهذيب « الا أن يقوم ».
4- الخبر مروى في الكافي بسند فيه ارسال ، وقوله « ما تقول؟ ما ترى؟ » أي بطريق استعلام الحكم حيث لا يعلم هو يسأل من عن يمينه أو عن يساره ، والخبر كما قال استاذنا الشعراني يدل على وجوب كون القاضي مجتهدا ، إذ كان مقلدا لاحتاج إلى غيره في السؤال ولا يخفى على المتأمل أن التنصيص على جميع الفروع غير ممكن ، وعلم المقلد بجميعها محال ويتفق للقاضي أمور لم يسمع النص عليه من عالم ويجب عليه دائما اعمال النظر في تطبيق الفروع على الأصول والتفحص عن الأدلة ، واكتفى صاحب القوانين وتبعه صاحب الجواهر - رحمهما اللّه - بقضاء المقلد وزعم أن من تصدى القضاء في زمن الأئمة عليهم السلام والنبي صلى اللّه عليه وآله لم يكونوا مجتهدين بل كانوا يأخذون الحكم منهم سماعا ويقضون به ، ولا نسلم تصدى غير المجتهد في عصرهم قضاء أصلا ، وكان صاحب القوانين حمل المجتهد على من يحفظ الاصطلاحات الأصولية المتجددة والمجادلات الصناعية وليس ذلك معنى الاجتهاد إذ قد رأى كل أحد جماعة من المهرة في تلك الأمور لا يعتمد عليه في مسألة شرعية من أوضح المسائل أصلا ومن ليس له قدرة على الجدل والمماراة قد يوثق بقوله في الشرع تبحره وانسه بأقوال الفقهاء وأخبار أهل بيت العصمة وتفسير القرآن وسيرة الرسول والمتواتر من عمل المسلمين ودقة نظره وتمييزه بين قرائن الصدق والكذب ومهارته في العربية وفهم مقاصد الكلام العربي والمجتهد هو القادر على استنباط الأحكام من الأدلة وكان هذه القدرة حاصلة لهم ، ولذلك إذا أنصف رجل وقايس بين الشيخ الصدوق أو الكليني - رحمهما اللّه - وبين الأصوليين المتأخرين وجد أن النسبة بينهما كالنسبة بين امرء القيس والسكاكي في الشعر والفصاحة ، وقد يتفق لأهل الجدل والمهرة في المغالبة والمماراة وابداء الشبهات أن يذهب بهم دقتهم في بعض الأمور إلى أن يخرجوا من مقتضى الأفكار السليمة ويؤديهم إلى الوسوسة والترديد وعدم الجزم بشئ ، وحصول الشبهات في القرائن الواضحة الموجبة للعلم للذهن السالم ، وهذا أيضا ضار بالاجتهاد ولا يجوز تقليد صاحبه ولا يقبل حكمه ولا ينفذ قضاؤه. و عندي أوراق مجموعة في أحكام القضاء لم يصرح باسم مؤلّفه و الظاهر أنّه من أفاضل أهل التحقيق قد يستنبط بالتكلّف من دقائق الألفاظ معاني لا يمكن أن يعتمد عليها العوام فضلا عن العلماء، و ممّا حقّقه فيها «أنّ أدلّة مشروعيّة القضاء و ما استدلوا عليه من الكتاب و السنة و الاخبار الخاصّة الواردة في نصب نائب الغيبة لا تدلّ على جواز اعمال البيّنات و التحليف و الاقارير و نحو ذلك من معينات الموضوعات بل مفادها بيان الحكم الإلهي في الموارد الجزئية. و استنبط ذلك من دخول حرف الباء على الحقّ و العدل و تقريبه أن القائل «إذا قال: حكمت بالحق أو أحكم بالحق فمعناه أن الحق حقّ قبل أن يحكم به، و إذا قضى بالبيّنة و التحليف فليس ما حكم به حقا قبل الحكم بل صار حقا بسبب الحكم فلا يصدق عليه أنه حكم حكما حقا ، وبالجملة في موارد الحكم بالبينة ومثلها نفس الحكم حق لا متعلق الحكم » ونحن نقول : مفهوم القضاء والحكم يشمل الحكم بالبينة والتحليف والأدلة الظاهرية قطعا وشموله لها أوضح من شموله لما اشتبه نفس الحكم وذلك لانس ذهن جميع الناس بأن القضاء لا يمكن بغير بينات وشهود وان المدعى عليه لا يتسلم للمدعى فلا بد من اقامته البينة عليه ، وإذا ورد حديث أو دل آية على جواز تصدى القضاء والحكم بين الناس دل على جواز الاعتماد على البينات والتحليف والأدلة الشرعية سواء قال أحكم بالحق أو أحكم حكما حقا ، ولا اعتبار بهذا التدقيق في حرف الباء مع هذه القرينة القوية الدالة على أن القضاء لا يمكن بغير البينة وإقامة الأدلة والاذن في أحدهما اذن في الاخر - انتهى.

3239 - وإن رجلا نزل بعلي بن أبي طالب عليه السلام فمكث عنده أياما ثم تقدم

ص: 12

إليه في حكومة (1) لم يذكرها لعلي عليه السلام فقال له علي عليه السلام : أخصم أنت؟ قال : نعم قال : تحول عنا فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نهى أن يضاف الخصم إلا ومعه خصمه » (2).

3240 - وقال الصادق عليه السلام أنه قال : « من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره » (3).

3241 - وروي عن علي عليه السلام أنه قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع من الاخر ، فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء (4) ، قال علي عليه السلام : فما زلت بعدها قاضيا ، وقال له النبي صلى اللّه عليه وآله : اللّهم

ص: 13


1- رواه الكليني في الكافي ج 7 ص 413 عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي. عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام وفيه « تقدم إليه في خصومة ».
2- « يضاف » من الضيافة وقال في الشرايع : يكره أن يضيف أحدا الخصمين دون صاحبه.
3- قوله عليه السلام « رضى » يمكن أن يقرأ بصيغة المجهول فالمعنى أن يكون مع الناس في مقام الانصاف من نفسه فهو أهل لان يكون حكما وقاضيا بين الناس ، ويمكن أن يقرأ بالمعلوم أي من أنصف الناس فقد جعل نفسه حكما لنفسه ولا يحتاج إلى غيره في الحكومة والقضاء ، وعلى الأول فيه اشعار بان من لم ينصف الناس من نفسه ولم يفوض الحكم إلى من هو أعلم منه لا يصلح حكما لغيره ، والخبر رواه الكليني ج 2 ص 146 بسند فيه ارسال.
4- إلى هنا رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 71 باسناد عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن الحسين عن ذبيان بن حكيمة الأودي عن موسى بن أكيل النميري عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.

فهمه القضاء (1) ».

3242 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام لشريح : « يا شريح لاتسار أحدا في مجلسك وإذا غضبت فقم ولا تقضين وأنت غضبان » (2).

3243 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يقدم صاحب اليمين في المجلس بالكلام » (3).

3244 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا تقدمت مع خصم إلى وال أو إلى قاض فكن عن يمينه - يعني عن يمين الخصم - ».

3245 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « من ابتلي بالقضاء فليسا وبينهم في الإشارة و النظر في المجلس » (4).

ص: 14


1- أراد بقوله « فما زلت بعدها قاضيا » أن هذه الكلمة سهلت لي أمر القضاء فما تعسر على بعد ما سمعتها شئ منه. ( الوافي )
2- رواه الكليني ج 7 ص 413 عن عدة من أصحابنا عن البرقي رفعه إليه عليه السلام وكذا في التهذيب.
3- أي حكم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وأمر أن يقدم بسماع دعوى من على يمين خصمه إذا شرعا في الدعوى ، فلو شرع واحد منهما فهو المقدم كذا فهمه الأصحاب وفهمه ابن سنان أو ابن محبوب من كلام الصادق عليه السلام على ما سيجيئ ، ويمكن أن يكون المراد تقديم من على يمين الحاكم ، وقيل : المراد بصاحب اليمين صاحب الحلف وهو بعيد.
4- رواه الكليني ج 7 ص 413 عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، وقال : في المسالك : من وظيفة الحاكم أن يسوى بين الخصمين والسلام عليهما وجوابه واجلاسهما والقيام لهما والنظر والاستماع والكلام وطلاقة الوجه وسائر أنواع الاكرام ولا يخصص أحدهما بشئ من ذلك. هذا إذا كانا مسلمين أو كافرين أما لو كان أحدهما مسلما والاخر كافرا جاز أن يرفع المسلم في المجلس ثم التسوية بينهما في العدل في الحكم واجبة بغير خلاف. وأما في تلك الأمور هل هي واجبة أم مستحبة؟ الأكثرون على الوجوب ، وقيل إن ذلك مستحب واختاره العلامة في المختلف لضعف المستند ، وإنما عليه أن يسوى بينهما في الافعال الظاهرة ، فاما التسوية بينهما بقلبه بحيث لا يميل إلى أحد فغير مؤاخذ به.

3246 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام لشريح (1) : « يا شريح انظر إلى أهل المعك والمطل والاضطهاد (2) ، ومن يدفع حقوق الناس من أهل المقدرة واليسار ، ومن يدلي بأموال المسلمين إلى الحكام (3) فخذ للناس بحقوقهم منهم ، وبع العقار والديار فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : مطل المسلم الموسر ظلم للمسلم ، ومن لم يكن له مال ولا عقار ولا دار فلا سبيل عليه ، واعلم أنه لا يحمل الناس على الحق إلا من وزعهم عن الباطل (4) ، ثم واس المسلمين بوجهك ومنطقك ومجلسك حتى لا يطمع قريبك في حيفك (5) ولا ييأس عدوك من عدلك ، ورد اليمين على المدعي مع بينة فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت في القضاء (6) ، واعلم أن المسلمين عدول بعضهم على بعض إلا

ص: 15


1- رواه الكليني ج 7 ص 412 عن علي ، عن أبيه ، عن أبن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن سلمة بن كهيل وسلمة بن كهيل ضعيف.
2- في بعض النسخ « أهل الشح والمطل والاضطهاد » وفى الوافي « أهل المعك والمطل بالاضطهاد » ، وفى اللغة : ما عكه بدينه : ماطله ، والمطل : التسويف بالدين ، والشح : البخل والحرص ، والاضطهاد : القهر والغلبة والجور.
3- أدلى بمال : دفعه ، وبقرابة : توسل.
4- « وزعهم » بالزاي ، وفى بعض النسخ بالراء المهملة وفى النهاية « وزعه : كفه ومنعه ».
5- الحيف : الجور والظلم.
6- قوله عليه السلام « رد اليمين على المدعى » قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : ربما يحمل هذا على التقية لموافقته لمذاهب بعض العامة ، أو على اختصاص الحكم بشريح لعدم استئهاله للقضاء ، أو على ما إذا كان الدعوى على الميت ، أو مع الشاهد الواحد ، أو مع دعوى الرد قال في المسالك : الأصل في المدعى أن لا يكلف اليمين خصوصا إذا قام البينة بحقه ولكن تخلف عنه الحكم بدليل خارج في صورة رده عليه اجماعا ومع نكول المنكر عن اليمين على خلاف ، وبقى الكلام فيما إذا أقام بينة بحقه ، فان كانت دعواه على مكلف حاضر فلا يمين عليه اجماعا ولكن ورد في الرواية المتضمنة لوصية علي عليه السلام لشريح قوله عليه السلام « ورد اليمين على المدعى مع بينته فان ذلك أجلى للعمى وأثبت للقضاء » وهي ضعيفة ، وربما حملت على ما إذا ادعى المشهود عليه الوفاء والابراء والتمس احلافه على بقاء الاستحقاق فإنه يجاب إليه لانقلاب المنكر مدعيا ، وهذا الحكم لا اشكال فيه ، الا أن اطلاق الوصية بعيد عنه فان ظاهرها كون ذلك على وجه الاستظهار ، وكيف كان فالاتفاق على ترك العمل بها على الاطلاق - انتهى ، وقال في الوافي : لعل رد اليمين على المدعى مختص بما إذا اشتبه عليه صدق البينة كما يدل قوله « فإنه أجلى للعمى وأثبت للقضاء » وما بعده ، وفى بعض النسخ « مع بينة ».

مجلودا في حد لم يتب منه ، أو معروفا بشهادة الزور ، أو ظنينا ، وإياك والضجر (1) والتأذي في مجلس القضاء الذي أوجب اللّه تعالى فيه الاجر وأحسن فيه الذخر لمن قضى بالحق ، واجعل لمن ادعى شهودا غيبا أمدا بينهم فإن أحضرهم أخذت له بحقه وإن لم يحضرهم أوجبت عليه القضية (2) ، وإياك أن تنفذ حكما في قصاص أو حد من حدود الناس أو حق من حقوق اللّه عزوجل حتى تعرض ذلك علي ، وإياك أن تجلس في مجلس القضاء حتى تطعم شيئا إن شاء اللّه تعالى ».

روى ذلك الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن سلمة ابن كهيل عن أمير المؤمنين عليه السلام.

باب 325: ما يجب الاخذ فيه بظاهر الحكم

3247 - في رواية يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض رجاله (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن البينة إذا أقيمت على الحق أيحل للقاضي أن يقضي بقول البينة؟ فقال : خمسة أشياء يجب على الناس الاخذ فيها بظاهر الحكم : الولايات ، والمناكح

ص: 16


1- الظنين : المتهم ، والضجر : الملال.
2- قال المولى المجلسي : الظاهر أن هذا فيما إذا أثبت المدعى بالشهود ثم ادعى المدعى عليه الأداء والابراء والا فالمدعى بالخيار في الدعوى الا أن يقال بأنه إذا طلب المنكر مكررا ولم يثبت يجعل الحاكم أمدا بينهما لئلا يؤذى المنكر بالطلب دائما.
3- رواه الكليني ج 7 ص 431 عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى ، عن يونس عن بعض رجاله عنه عليه السلام بتقديم وتأخير واختلاف في اللفظ.

والذبايح ، والشهادات ، والأنساب ، فإذا كان ظاهر الرجل طاهرا مأمونا جازت شهادته ولا يسأل عن باطنه » (1).

باب 326: الحيل في الحكم

3248 - في رواية النضر بن سويد يرفعه « أن رجلا حلف أن يزن فيلا؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : يدخل الفيل سفينة ثم ينظر إلى موضع مبلغ الماء من السفينة فيعلم عليه ثم يخرج الفيل ويلقي في السفينة حديدا أو صفرا أو ما شاء ، فإذا بلغ الموضع الذي علم عليه أخرجه ووزنه ».

3249 - وفي رواية عمرو بن شمر ، عن جعفر بن غالب الأسدي رفع الحديث قال « بينما رجلان جالسان في زمن عمر بن الخطاب إذ مر بهما رجل مقيد ، فقال أحد الرجلين : إن لم يكن في قيده كذا وكذا فامرأته طالق ثلاثا ، فقال الآخر : إن كان فيه كما قلت فامرأته طالق ثلاثا ، فذهبا إلى مولى العبد وهو المقيد فقالا له : إنا حلفنا على كذا وكذا فحل قيد غلامك حتى نزنه ، فقال مولى العبد : امرأته طالق إن حللت قيد غلامي ، فارتفعوا إلى عمر فقصوا عليه القصة فقال عمر : مولاه أحق به اذهبوا به إلى علي بن أبي طالب لعله يكون عنده في هذا شئ. فأتوا عليا عليه السلام فقصوا عليه القصة ، فقال : ما أهون هذا ، فدعا بجفنة (2) وأمر بقيده فشد فيه خيط وأدخل رجليه والقيد في الجفنة ، ثم صب عليه الماء حتى امتلأت ، ثم قال عليه السلام : ارفعوا القيد فرفعوا القيد حتى اخرج من الماء فلما اخرج نقص الماء ، ثم

ص: 17


1- ظاهره أن بناء هذه الأمور على ظاهر الحال والاسلام ولا يسأل عن بواطن من يتصدى لها فالولايات يولى الامام الامارة والقضاء من كان ظاهره مأمونا ، وكذا ولى الطفل والوصي ، وكذا يزوج من كان على ظاهر الاسلام ، وكذا يورث ، وكذا يعتمد على ذبحه ، وتقبل شهادته من غير مسألة عن باطنه.
2- الجفنة : البئر الصغيرة والقصعة والمراد الثاني.

دعا بزبر الحديد فأرسله في الماء حتى تراجع الماء إلى موضعه والقيد في الماء ثم قال : زنوا هذا الزبر فهو وزنه ».

قال مصنف هذا الكتاب - رضي اللّه عنه - إنما هدى أمير المؤمنين عليه السلام إلى معرفة ذلك ليخلص به الناس من أحكام من يجيز الطلاق باليمين. (1)

3250 - وروى أحمد بن عائذ ، عن أبي سلمة (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجلين مملوكين مفوض إليها يشتريان ويبيعان بأموال مواليهما فكان بينهما كلام فاقتتلا فخرج هذا يعدو إلى مولى هذا ، وهذا إلى مولى هذا وهما في القوة سواء فاشترى هذا من مولى هذا العبد ، وذهب هذا فاشترى هذا من مولاه وجاء هذا وأخذ بتلبيب هذا ، وأخذ هذا بتلبيب هذا (3) وقال كل واحد منهما لصاحبه : أنت عبدي قد اشتريتك قال : يحكم بينهما من حيث افترقا فيذرع الطريق فأيهما كان أقرب فالذي أخذ فيه هو الذي سبق الذي هو أبعد (4) ، وإن كانا سواء فهما رد على مواليهما (5) ».

ص: 18


1- قال المولى المجلسي - رحمه اللّه - : لا خلاف عندنا في أن الطلاق باليمين باطل و الطلاق ثلاثا في مجلس واحد أيضا باطل فالظاهر حمله على التقية لبيان جهلهم ، على أنه عليه السلام لم يقل ان الطلاق صحيح بل ذكر امكان معرفة ذلك فتوجيه المصنف لا وجه له. أقول : وأما الحمل على التقية فقول المصنف مبنى عليه وأما معرفة الامكان فهو بعض ما ذكره المصنف.
2- هو سالم بن مكرم وقد يكنى أبا خديجة وتقدم الكلام فيه تحت رقم 3216.
3- لببه تلبيبا : جمع ثيابه عند نحره في الخصومة وجره.
4- المملوكان المأذون لهما إذا ابتاع كل واحد منهما صاحبه من مولاه حكم بعقد السابق بخلاف المتأخر لبطلان اذنه بانتقاله عن ملك مالكه ، ثم إن كان شراء كل واحد منهما لنفسه وقلنا بملكه فبطلان الثاني واضح لأنه لا يملك العبد سيد. وان أحلنا الملك وكان شراؤه لسيده صح السابق وكان الثاني فضوليا فيقف على إجازة من اشترى له ، ولو كان وكيلا وقلنا بأن وكالة العبد لا تبطل بالبيع فصح الثاني أيضا والا فكالمأذون ، والفرق بينهما ان الاذن ما جعلت تابعة للملك والوكالة ما أباحت التصرف في العين مطلقا ، ولو اقترنا لم يمضيا بل يوقفان على الإجازة ، وقيل بالقرعة والقائل الشيخ وفرضها في صورة التساوي في المسافة واشتباه الحال وقيل بذرع الطريق لرواية أبى خديجة. ( المسالك )
5- زاد في الكافي ج 5 ص 218 « جاءا سواء وافترقا سواء الا أن يكون أحدهما سبق صاحبه فالسابق هو له ان شاء باع وان شاء أمسك وليس له أن يضربه » وقال في رواية أخرى « إذا كانت المسافة سواء يقرع بينهما فأيما وقعت القرعة به كان عبده » والضمير راجع إلى الاخر المعلوم بقرينة المقام ، وفى التهذيب « عبد الاخر ».

3251 - وفي رواية إبراهيم بن محمد الثقفي قال : « استودع رجلان امرأة وديعة وقالا لها : لا تدفعي إلى واحد منا حتى نجتمع عندك ، ثم انطلقا فغابا فجاء أحدهما إليها وقال : أعطيني وديعتي فإن صاحبي قد مات ، فأبت حتى كثر اختلافه إليها ثم أعطته ، ثم جاء الاخر فقال : هاتي وديعتي ، قالت : اخذها صاحبك وذكر أنك قد مت فارتفعا إلى عمر فقال لها عمر : ما أراك إلا وقد ضمنت؟ فقالت المرأة : اجعل عليا عليه السلام بيني وبينه ، فقال له : اقض بينهما ، فقال علي عليه السلام : هذه الوديعة عندها (1) وقد أمرتماها ألا تدفعها إلى واحد منكما حتى تجتمعا عندها فائتني بصاحبك ولم يضمنها ، وقال علي عليه السلام : إنما أرادا أن يذهبا بمال المرأة ».

3252 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان لرجل على عهد علي عليه السلام جاريتان فولدتا جميعا في ليلة واحدة إحداهما ابنا والأخرى بنتا فعمدت (2) صاحبة الابنة فوضعت ابنتها في المهد الذي كان فيه الابن وأخذت ابنها ، فقالت صاحبة الابنة : الابن ابني ، وقالت صاحبة الابن : الابن ابني ، فتحاكما (3) إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأمر أن يوزن لبنهما ، وقال : أيتهما كانت أثقل لبنا فالابن لها ».

3253 - وقال أبو جعفر عليه السلام (4) : « ضرب رجل رجلا في هامته على عهد أمير المؤمنين عليه السلام فادعى المضروب أنه لا يبصر بعينيه شيئا ، وأنه لا يشم رائحة ،

ص: 19


1- رواه الكليني ج 7 ص 428 وفيه « هذه الوديعة عندي » ولعل المعنى افرض أنها عندي أو عندها فلا يجوز دفعها الا مع حضوركما.
2- في بعض النسخ « فغدت ».
3- الصواب « فتحاكمتا ».
4- رواه الكليني ج 7 ص 323 مع اختلاف في اللفظ عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن الوليد ، عن محمد بن فرات ، عن الأصبغ بن نباتة قال : سئل أمير المؤمنين عليه السلام.

وأنه قد خرس فلا ينطق ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : إن كان صادقا فقد وجبت له ثلاث ديات النفس ، فقيل له : وكيف يستبين ذلك منه يا أمير المؤمنين حتى نعلم أنه صادق؟ فقال : أما ما ادعاه في عينيه وأنه لا يبصر بهما فإنه يستبين ذلك بأن يقال له : ارفع عينيك إلى عين الشمس فإن كان صحيحا لم يتمالك إلا أن يغمض عينيه (1) وإن كان صادقا لم يبصر بهما وبقيت عيناه مفتوحتين ، وأما ما ادعاه في خياشيمه (2) وأنه لا يشم رائحة فإنه يستبين ذلك بحراق يدني من أنفه (3) فإن كان صحيحا وصلت رائحة الحراق إلى دماغه ودمعت عيناه ونحى برأسه (4) وأما ما ادعاه في لسانه من الخرس وأنه لا ينطق فإنه يستبين (5) ذلك بإبرة تضرب على لسانه فإن كان ينطق خرج الدم أحمر ، وإن كان لا ينطق خرج الدم أسود ». (6)

3254 - وروى سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته قال : « اتي عمر بن الخطاب بجارية فشهد عليها شهود أنها بغت ، وكان من قصتها أنها كانت يتيمة عند رجل وكان للرجل امرأة وكان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله فشبت اليتيمة ، وكانت جميلة فتخوفت

ص: 20


1- مفعول « لم يتمالك » محذوف يدل عليه ما سبقه أي لم يتمالك رفع عينيه إلى عين الشمس لأنه حينئذ يغمض عينيه فيكون « أن » مخففة من المثقلة محذوفا عنها حرف الجر ، لا ناصبة ، ويمكن أن يكون « يغمض عينيه » بيانا لقوله عليه السلام : « لم يتمالك ». ( مراد )
2- الخيشوم أقصى الانف.
3- الحراق - بضم الحاء المهملة - والحراقة : ما تقع فيه النار عند القدح ، والعامة تقوله بالتشديد. ( الصحاح ).
4- نحى : مال على أحد شقيه ، نحى بصره إليه : أماله.
5- في بعض النسخ « يستبرأ » هنا وكذا في المواضع الثلاثة المتقدمة.
6- عمل بهذا الخبر بعض الأصحاب ، والأكثر عملوا بالقسامة وحملوه على اللوث. وقال الشهيد - رحمه اللّه - في ابطال الشم من المنخرين معا الدية ومن أحدهما خاصة نصفها ، ولو ادعى ذهابه وكذبه الجاني عقيب جناية يمكن زواله بها اعتبر بالروائح الطيبة والخبيثة والروائح الحادة فان تبين حاله وحكم به. ثم احلف القسامة ان لم يظهر بالامتحان وقضى له.

المرأة أن يتزوجها زوجها إذا رجع إلى منزله فدعت بنسوة من جيرانها فأمسكنها ثم اقتضتها بإصبعها (1) فلما قدم زوجها سأل امرأته عن اليتيمة ، فرمتها بالفاحشة وأقامت البينة من جيرانها على ذلك ، قال : فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فلم يدر كيف يقضي في ذلك ، فقال للرجل : اذهب بها إلى علي بن أبي طالب : فأتوا عليا وقصوا عليه القصة ، فقال لامرأة الرجل : ألك بينة؟ قالت : نعم هؤلاء جيراني (2) يشهدن عليها بما أقول ، فأخرج علي عليه السلام السيف من غمده وطرحه بين يديه ثم أمر بكل واحدة من الشهود ، فأدخلت بيتا ثم دعا بامرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها فردها إلى البيت الذي كانت فيه ، ثم دعا بإحدى الشهود وجثا على ركبتيه و قال لها : أتعرفيني أنا علي بن أبي طالب وهذا سيفي وقد قالت امرأة الرجل ما قالت ورجعت إلى الحق وأعطيتها الأمان فاصدقيني وإلا ملأت سيفي منك ، فالتفتت المرأة إلى علي (3) فقالت : يا أمير المؤمنين الأمان على الصدق؟ فقال لها علي عليه السلام : فاصدقي ، فقالت لا واللّه ما زنت اليتيمة ولكن امرأة الرجل لما رأت حسنها وجمالها وهيئتها خافت فساد زوجها فسقتها المسكر ، ودعتنا فأمسكناها فافتضتها بإصبعها ، فقال علي عليه السلام : اللّه أكبر ، اللّه أكبر أنا أول من فرق بين الشهود إلا دانيال ثم حد المرأة حد القاذف وألزمها ومن ساعدها على اقتضاض اليتيمة المهر لها أربع مائة درهم ، وفرق بين المرأة وزوجها وزوجه اليتيمة ، وساق عنه المهر إليها من ماله.

فقال عمر بن الخطاب : فحدثنا يا أبا الحسن بحديث دانيال النبي عليه السلام فقال : إن دانيال كان غلاما يتيما لا أب له ولا أم ، وإن امرأة من بني إسرائيل عجوزا ضمته إليها وربته وإن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان ، وكان له صديق و كان رجلا صالحا ، وكانت له امرأة جميلة وكان يأتي الملك فيحدثه فاحتاج الملك إلى رجل يبعثه في بعض أموره فقال للقاضيين : اختارا لي رجلا أبعثه في بعض أموري ، فقالا : فلان ، فوجهه الملك ، فقال الرجل للقاضيين أوصيكما بامرأتي خيرا ، فقالا.

ص: 21


1- اقتضتها - بالقاف - أي رفعت بكارتها.
2- الصواب « جاراتي ».
3- الصواب عمره

نعم فخرج الرجل وكان القاضيان يأتيان باب الصديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت عليهما فقالا لها ، إن لم تفعلي شهدنا عليك عند الملك بالزنا ليرجمك ، فقالت : افعلا ما شئتما فأتيا الملك ، فشهدا عليها أنها بغت وكان لها ذكر حسن جميل ، فدخل الملك من ذلك أمر عظيم اشتد غمه وكان بها معجبا فقال لهما : إن قولكما مقبول فأجلوها ثلاثة أيام ثم ارجموها ، ونادى في مدينته أحضروا قتل فلانة العابدة فإنها قد بغت وقد شهد عليها القاضيان بذلك فأكثر الناس القول في ذلك فقال الملك لوزيره : ما عندك في هذا حيلة؟ فقال : لا واللّه ما عندي في هذا شئ.

فلما كان اليوم الثالث ركب الوزير وهو آخر أيامها ، فإذا هو بغلمان عراة يلعبون ، وفيهم دانيال فقال دانيال : يا معشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك و تكون أنت يا فلان فلانة العابدة ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب ، ثم قال للغلمان : خذوا بيد هذا فنحوه إلى موضع كذا - والوزير واقف - وخذوا هذا فنحوه إلى موضع كذا ، ثم دعا بأحدهما فقال : قل حقا فإنك إن لم تقل حقا قتلتك ، قال : نعم - والوزير يسمع - فقال له : بم تشهد على هذه المرأة؟ قال : أشهد أنها زنت ، قال : في أي يوم؟ قال : في يوم كذا وكذا قال : في أي وقت؟ قال : في وقت كذا وكذا ، قال : في أي موضع؟ قال في موضع كذا وكذا ، قال : مع من؟ قال : مع فلان بن فلان ، فقال : ردوا هذا إلى مكانه ، وهاتوا الاخر ، فردوه وجاؤوا بالآخر فسأله عن ذلك فخالف صاحبه في القول ، فقال دانيال : اللّه أكبر ، اللّه أكبر شهدا عليها بزور ، ثم نادى في الغلمان إن القاضيين شهدا على فلانة بالزور فحضروا قتلهما ، فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره بالخبر فبعث الملك إلى القاضيين فأحضرهما ثم فرق بينهما ، وفعل بهما كما فعل دانيال بالغلامين فاختلفا كما اختلفا ، فنادى في الناس وأمر بقتلهما » (1).

ص: 22


1- مروى في الكافي ج 7 ص 425 عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام مع اختلاف في اللفظ دون المعنى.

3255 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « وجد على عهد أمير المؤمنين صلوت اللّه عليه رجل مذبوح في خربة وهناك رجل بيده سكين ملطخ بالدم فأخذ ليؤتى به أمير - المؤمنين عليه السلام فأقر أنه قتله ، فاستقبله رجل فقال لهم : خلوا عن هذا فأنا قاتل صاحبكم فأخذ أيضا واتي به مع صاحبه أمير المؤمنين عليه السلام فلما دخلوا قصوا عليه القصة ، فقال للأول : ما حملك على الاقرار؟ قال : يا أمير المؤمنين إني رجل قصاب وقد كنت ذبحت شاة بجنب الخربة فأعجلني البول ، فدخلت الخربة وبيدي سكين ملطخ بالدم فأخذني هؤلاء وقالوا : أنت قتلت صاحبنا ، فقلت : ما يغني عني الانكار شيئا وههنا رجل مذبوح وأنا بيدي سكين ملطخ بالدم فأقررت لهم أني قتلته ، فقال علي عليه السلام للاخر : ما تقول أنت؟ قال : أنا قتلته يا أمير المؤمنين فقال أمير المؤمنين عليه السلام : اذهبوا إلى الحسن ابني ليحكم بينكم ، فذهبوا إليه وقصوا عليه القصة فقال عليه السلام : أما هذا فإن كان قد قتل رجلا فقد أحيا هذا واللّه عزوجل يقول : « ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا « ليس على أحد منهما شئ وتخرج الدية من بيت المال لورثة المقتول » (1).

3256 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « توفي رجل على عهد أمير المؤمنين عليه السلام وخلف ابنا وعبدا فادعى كل واحد منهما أنه الابن وأن الاخر عبد له ، فأتيا أمير المؤمنين عليه السلام فتحاكما إليه فأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن يثقب في حائط المسجد ثقبين ، ثم أمر كل واحد منهما أن يدخل رأسه في ثقب ففعلا ، ثم قال : يا قنبر جرد

ص: 23


1- مروى في الكافي ج 7 ص 288 والتهذيب ج 2 ص 96 مع اختلاف في اللفظ واتفاق في المعنى لكن في الكافي بسند فيه ارسال عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وقال الشهيد (رحمه اللّه) في المسالك بمضمون هذه الرواية عمل أكثر الأصحاب مع أنها مرسلة مخالفة للأصول ، والأقوى تخير الولي في تصديق أيهما شاء والاستيفاء منه ، وعلى المشهور لو لم يكن بيت مال أشكل درء القصاص عنهما واذهاب حق المقر له مع أن مقتضى التعليل ذلك ، ولو لم يرجع الأول عن اقراره فمقتضى التعليل بقاء الحكم أيضا والمختار التخيير مطلقا.

السيف وأسر إليه لا تفعل ما آمرك به ، ثم قال : اضرب عنق العبد ، قال : فنحى العبد رأسه فأخذه أمير المؤمنين عليه السلام وقال للاخر : أنت الابن ، وقد أعتقت هذا وجعلته مولى لك ». (1)

3257 - وروى عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال : اتي عمر بن الخطاب بامرأة تزوجها شيخ فلما أن واقعها مات على بطنها ، فجاءت بولد فادعى بنوه أنها فجرت وتشاهدوا عليها فأمر بها عمر أن ترجم فمروا بها على علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقالت : يا ابن عم رسول اللّه إني مظلومة وهذه حجتي ، فقال : هاتي حجتك ، فدفعت إليه كتابا فقرأه ، فقال : هذه المرأة تعلمكم بيوم تزوجها ويوم واقعها وكيف كان جماعه لها (2) ردوا المرأة ، فلما كان من الغد دعا علي عليه السلام بصبيان يلعبون أتراب (3) وفيهم ابنها ، فقال لهم : العبوا ، فلعبوا حتى إذا ألهاهم اللعب ، فصاح بهم فقاموا وقام الغلام الذي هو ابن المرأة متكئا على راحتيه ، فدعا به علي عليه السلام فورثه من أبيه ، وجلد إخوته المفترين حدا حدا ، فقال له عمر : كيف صنعت؟ قال : عرفت ضعف الشيخ في تكأة الغلام على راحتيه » (4).

3258 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « دخل علي عليه السلام المسجد فاستقبله شاب وهو يبكي وحوله قوم يسكتونه ، فقال عليه السلام : ما أبكاك؟ فقال : يا أمير المؤمنين إن شريحا قضى علي بقضية ما أدري ما هي إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في سفرهم فرجعوا ولم يرجع أبي فسألتهم عنه ، فقالوا : مات فسألتهم عن ماله فقالوا : ما ترك مالا فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم ، وقد علمت يا أمير المؤمنين أن أبي خرج ومعه

ص: 24


1- لعله بطريق الاستيذان والالتماس لا بطريق الحكم والقطع.
2- أي تدعى مع القرائن من القبالة وغيرها.
3- الأتراب الذين ولدوا معا وسنهم واحد.
4- يكفي في سقوط الحد شبهة وفى هذا الواقع كان صلوات اللّه عليه علم الواقع فيحكم بالواقع بأمثال هذه الحيل الشرعية. ( م ت )

مال كثير ، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام : ارجعوا فردوهم جميعا والفتى معهم إلى شريح ، فقال له : يا شريح كيف قضيت بين هؤلاء؟ فقال ، يا أمير المؤمنين ادعى هذا الغلام على هؤلاء النفر أنهم خرجوا في سفر وأبوه معهم فرجعوا ولم يرجع أبوه ، فسألتهم عنه فقالوا : مات فسألتهم عن ماله فقالوا : ما خلف شيئا ، فقلت للفتى : هل لك بينة على ما تدعي؟ فقال : لا ، فاستحلفتهم ، فقال علي عليه السلام : يا شريح هيهات هكذا تحكم في مثل هذا (1) ، فقال : كيف هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال علي عليه السلام : يا شريح واللّه لأحكمن فيهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلا داود النبي عليه السلام ، يا قنبر ادع لي شرطة الخميس فدعاهم فوكل بهم بكل واحد منهم رجلا من الشرطة ، ثم نظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى وجوههم ، فقال : ماذا تقولون أتقولون إني لا أعلم ما صنعتم بأب هذا الفتى إني إذا لجاهل ، ثم قال : فرقوهم وغطوا رؤوسهم ففرق بينهم وأقيم كل واحد منهم إلى أسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم ، ثم دعا بعبيد اللّه بن أبي رافع كاتبه ، فقال : هات صحيفة ودواة ، وجلس علي عليه السلام في مجلس القضاء ، واجتمع الناس إليه فقال : إذا أنا كبرت فكبروا ، ثم قال للناس : أفرجوا ، ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه فكشف عن وجهه ، ثم قال لعبيد اللّه اكتب إقراره وما يقول ، ثم أقبل عليه بالسؤال ، ثم قال له : في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم؟ فقال الرجل : في يوم كذا وكذا ، فقال : وفي أي شهر؟ فقال : في شهر كذا وكذا ، وقال : وإلى أين بلغتم من سفركم حين مات أبو هذا الفتى؟ قال : إلى موضع كذا وكذا ، قال : وفي إي منزل؟ قال : في منزل فلان بن فلان ، قال : وما كان من مرضه؟ قال : كذا وكذا ، قال : وكم يوما مرض؟ قال : كذا وكذا يوما ، قال : فمن كان

ص: 25


1- أي كان يجب عليك أن تسألني في أمثال تلك الوقايع حتى أحكم بالواقع كما اشترطت عليك في القضاء ، أو لما كان موضع التهمة كان يجب عليك السؤال والتفتيش ، أو لما ادعوا موته وأنه ما خلف مالا كان يمكنك طلب الشهود والتفريق حتى تبين الحق ، أو لما خرج معهم كان يجب عليهم أن يردوه أو يثبتوا موته وأنه لم يخلف شيئا كما تدل عليه أخبار كثيرة.

يمرضه؟ وفي إي يوم مات؟ ومن غسله؟ وأين غسله؟ ومن كفنه؟ وبما كفنتموه؟ ومن صلى عليه؟ ومن نزل قبره؟ فلما سأله عن جميع ما يريد كبر علي عليه السلام وكبر الناس معه ، فارتاب أولئك الباقون ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه ، فأمر أن يغطى رأسه ، وأن ينطلقوا به إلى الحبس.

ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ، ثم قال : كلا زعمت أني لا أعلم ما صنعتم ، فقال : يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم ولقد كنت كارها لقتله فأقر ، ثم دعا بواحد بعد واحد فكلهم يقر بالقتل وأخذ المال ، ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا فألزمهم المال والدم.

فقال شريح : يا أمير المؤمنين وكيف كان حكم داود؟ فقال عليه السلام : إن داود النبي عليه السلام مر بغلمة يلعبون وينادون بعضهم بعضا : مات الدين ، فدعا منهم غلاما فقال له : يا غلام ما اسمك؟ قال : اسمي مات الدين فقال له داود عليه السلام من سماك بهذا الاسم؟ قال : أمي ، فانطلق إلى أمه ، فقال يا امرأة ما اسم ابنك هذا؟ قالت : مات الدين ، فقال لها : ومن سماه بهذا الاسم! قالت : أبوه ، قال : وكيف كان ذلك؟ قالت : إن أباه خرج في سفر له ومعه قوم هذا الصبي حمل في بطني ، فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي ، فسألتهم عنه فقالوا : مات ، قلت : أين ما ترك؟ قالوا : لم يخلف مالا فقلت : أوصاكم بوصية؟ قالوا : نعم زعم أنك حبلى فما ولدت من ولد ذكر أو أنثى فسميه مات الدين فسميته ، فقال ، أتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك؟ قالت : نعم ، قال : فأحياء هم أم أموات؟ قالت : بل أحياء ، قال : فانطلقي بنا إليهم ثم مضى معها فاستخرجهم من منازلهم فحكم بينهم بهذا الحكم فثبت عليهم المال والدم ، ثم قال المرأة : سمي ابنك هذا عاش الدين.

ثم إن الفتى والقوم اختلفوا في مال أب الفتى كم كان فأخذ علي عليه السلام خاتمه وجمع خواتيم عدة ، ثم قال : أجيلوا هذه السهام فأيكم أخرج خاتمي فهو الصادق

ص: 26

في دعواه لأنه سهم اللّه عزوجل (1) وهو سهم لا يخيب ».

3259 - و « قضى علي عليه السلام في امرأة أتته فقالت : إن زوجي وقع على جاريتي بغير إذني ، فقال للرجل : ما تقول؟ فقال : ما وقعت عليها إلا بإذنها ، فقال علي عليه السلام : إن كنت صادقة رجمناه ، وإن كنت كاذبة ضربناك حدا؟ وأقيمت الصلاة فقام علي عليه السلام يصلي ، ففكرت المرأة في نفسها فلم تر لها في رجم زوجها فرجا ولا في ضربها الحد ، فخرجت ولم تعد ولم يسأل عنها أمير المؤمنين عليه السلام ».

3260 - و « قضى علي عليه السلام في رجل جاء به رجلان فقالا : إن هذا سرق درعا ، فجعل الرجل يناشده لما نظر في البينة (2) وجعل يقول : واللّه لو كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ما قطع يدي أبدا ، قال : ولم؟ قال : كان يخبره ربي عزوجل أني برئ فيبرأني ببراءتي ، فلما رأى علي عليه السلام مناشدته إياه دعا الشاهدين ، وقال لهما : اتقيا اللّه ولا تقطعا يد الرجل ظلما وناشدهما ، ثم قال : ليقطع أحدكما يده ويمسك الاخر يده ، فلما تقدما إلى المصطبة (3) ليقطعا يده ضربا الناس حتى اختلطوا فلما اختلطوا أرسلا الرجل في غمار الناس (4) وفرا حتى اختلطا بالناس ، فجاء الذي شهدا عليه فقال يا أمير المؤمنين شهد علي الرجلان ظلما فلما ضربا الناس واختلطوا أرسلاني وفرا ولو كانا صادقين لما فرا ولم يرسلاني ، فقال علي عليه السلام : من يدلني على هذين الشاهدين انكلهما »؟ (5).

ص: 27


1- قال العلامة المجلسي : قوله « لأنه سهم اللّه » أي القرعة أو خاتمه عليه السلام ولعله حكم في واقعة لا يتعداه ، وعلى المشهور بين الأصحاب ليس هذا موضع القرعة بل عندهم أن القول قول المنكر مع اليمين.
2- مروى في الكافي ج 7 ص 294 بسند حسن كالصحيح عن محمد بن قيس عن أبي - جعفر عليه السلام ، وفى القاموس ناشدة مناشدة ونشادا : حلفه.
3- المصطبة - بالكسر - كالدكان للجلوس عليه. ( القاموس )
4- غمار الناس جمعهم المتكاثف.
5- من التنكيل أي اجعلهما نكالا أي عبرة لغيرهما.

باب 327: الحجر والافلاس

الحجر والافلاس (1)

3261 - روى الأصبغ بن نباتة (2) عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قضى أن يحجر على الغلام المفسد حتى يعقل ، وقضى عليه السلام في الدين أنه يحبس صاحبه ، فإذا تبين إفلاسه والحاجة فيخلى سبيله حتى يستفيد مالا (3) ، وقضى عليه السلام في الرجل يلتوي على غرمائه (4) أنه يحبس ثم يأمر به فيقسم ماله بين غرمائه بالحصص فإن أبى باعه فقسمه بينهم ».

3262 - وسأل أبو أيوب الخزاز أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يحيل الرجل بالمال أيرجع عليه (5)؟ قال : لا يرجع عليه أبدا إلا أن يكون قد أفلس قبل ذلك ».

ص: 28


1- الحجر : المنع والمحجور : الممنوع ، وأفلس الرجل أي صار مفلسا كأنما صارت دراهمه فلوسا وزيوفا. ( الصحاح )
2- طريق المصنف إلى الأصبغ ضعيف بحسين بن علوان الكلبي وعمرو بن ثابت كما في الخلاصة فان الأول عامي وإن كان له ميل ومحبة شديدة حتى قيل إنه كان مؤمنا ، والثاني لم يثبت مدحه ولا توثيقه مع قول فيه بالضعف واللّه أعلم. ( جامع الرواة )
3- الظاهر أن الحبس إذا كان له أصل مال أو كان الدعوى مالا أما إذا كان مثل المهر فلا حبس. ( م ت )
4- لواه بدينه ليا مطله ( القاموس ) لويت الحبل فتلته ، ولوى الرجل رأسه وألوى برأسه : أمال وأعرض ، وقوله تعالى : « وان تلووا وتعرضوا » بواوين قال ابن عباس هو القاضي يكون ليه واعراضه لاحد الخصمين على الاخر. ( الصحاح )
5- يدل على ما هو مقطوع به في كلام الأصحاب من عدم جواز الرجوع مع العلم بالافلاس وجوازه مع عدمه والخبر بباب الحوالة أنسب من هذا الباب.

باب 328: الشفاعات في الأحكام

3263 - روى السكوني باسناده قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا يشفعن أحدكم في حد إذا بلغ الامام فإنه لا يملكه فيما يشفع فيه ، وما لم يبلغ الامام فإنه يملكه فاشفع فيما لم يبلغ الامام إذا رأيت الندم ، واشفع فيما لم يبلغ الامام في غير الحد مع رجوع المشفوع له ، ولا تشفع في حق امرئ مسلم أو غيره إلا بإذنه » (1).

باب 329: الحبس بتوجه الأحكام

3264 - روى صفوان بن مهران ، عن عامر بن السمط (2) ، عن علي بن الحسين عليهما السلام «في الرجل يقع على أخته ، قال : يضرب ضربة بالسيف بلغت منه ما بلغت ، فإن عاش خلد في الحبس حتى يموت». (3)

3265 - وروى السكوني باسناده (4) « أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في رجل أمر

ص: 29


1- رواه الكليني ج 7 ص 254 عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام ، والخبر بباب الحدود أنسب من هذا الباب ، وقيل المراد بعدم البلوغ عدم الثبوت عنده بالبينة الشرعية وإن كان قد ذكر عنده ، إذ لا يعقل الشفاعة بدونه ، وقال سلطان العلماء : لا يلزم أن يكون الشفاعة عند الامام لعلها يكون عند من يرفعه إلى الامام.
2- عامر بن السمط تابعي لم أجده في كتب رجال القدماء من أصحابنا وعنونه ابن الحجر في التقريب والتهذيب ونقل توثيقه عن جماعة منهم. وفى بعض النسخ « عمرو بن السمط » ولم أجده.
3- قوله « يقع » من الوقاع وهو الجماع ، وقوله « بلغت منه ما بلغت » أي سواء قتله أم لا ، ولا يشترط في نكاح المحارم الاحصان ، والخبر ببعض أبواب كتاب الحدود أنسب.
4- يعنى عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام.

عبده أن يقتل رجلا فقتله ، قال : هل عبد الرجل إلا كسوطه وسيفه ، فقتل السيد واستودع العبد السجن » (1).

3266 - و « رفع ثلاثة نفر إلى علي عليه السلام (2) أما واحد منهم أمسك رجلا وأقبل الاخر فقتله ، والثالث في الرؤية يراهم (3) ، فقضى علي عليه السلام في الذي في الرؤية

ص: 30


1- في التهذيب والكافي ج 7 ص 385 « يقتل السيد به ويستودع العبد السجن » وسيأتي الخبر في المجلد الرابع بلفظ الكافي والتهذيب ، ثم اعلم أن الشيخ وجماعة من الأصحاب فهموا معارضة بين هذا الخبر وبين الخبر الذي رواه ابن محبوب عن ابن رئاب ، عن زرارة عن أبي - جعفر عليه السلام « في رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله ، فقال : يقتل به الذي قتله ويحبس الامر في الحبس حتى يموت » حيث كان القود في الأول على الامر وفى خبر زرارة على المباشر فلذا تكلفوا في خبر السكوني وحملوه على وجوه بعيدة مثل حمل العبد على غير المميز أو غير البالغ أو على أن السيد كان معتادا بأمر عبده بقتل الناس وأمثال ذلك ، والحق أنه لا تعارض بين الخبرين فان خبر زرارة في الكافي والتهذيبين سقط منه لفظة « حرا » بعد قوله « رجلا » ففي الفقيه في باب القود ومبلغ الدية روى خبر زرارة هكذا « في رجل أمر رجلا حرا أن يقتل رجلا فقتله - الحديث » فان قلنا بالسقط في الثلاثة فلا حاجة إلى تكلف الحمل لان أحدهما حكم العبد والثاني حكم الحر والفرق واضح فان العبد على ما في تعليل الإمام عليه السلام بمنزلة الآلة لأنه كثيرا ما يكون أسيرا في يد مولاه خائفا منه على نفسه وان قتله مولاه لا يقتل به خلاف الأجنبي الحر ، وان قلنا بأن الأصل ما في الكافي والتهذيبين وبزيادة لفظة « حرا » من الصدوق ذكرها توضيحا فحمله أقرب مما حملوه عليه ، ونقل العلامة في المختلف ص 240 عن الشيخ في الخلاف أنه قال : اختلف روايات أصحابنا في أن السيد إذا أمر عبده بقتل غيره فقتله فعلى من يجب القود فروى في بعضها أن على السيد القود وفى بعضها أن على العبد القود ولم يفصلوا ، قال : والوجه في ذلك أنه إن كان العبد مخيرا عاقلا يعلم أن ما أمره به معصية فان القود على العبد ، وإن كان صغيرا أو كبيرا لا يميز واعتقد أن جميع ما يأمره به سيده واجب عليه فعله كان القود على السيد - انتهى ، أقول : في صورة كون العبد صغيرا أو كبيرا لا يميز أن الحكم بحبسه أبدا مشكل فتأمل.
2- رواه الكليني كالخبر السابق ج 4 ص 288 عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- قيل : لعل المراد من يرى الأطراف لئلا يطلع أحد.

أن تسمل عيناه (1) ، وقضى في الذي أمسك أن يحبس حتى يموت كما أمسكه ، وقضى في الذي قتل أن يقتل ».

3267 - وفي رواية حماد ، عن حريز (2) أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يخلد في السجن إلا ثلاثة : الذي يمسك على الموت يحفظه حتى يقتل (3) والمرأة المرتدة عن الاسلام (4) ، والسارق بعد قطع اليد والرجل » (5).

3268 - وروى عبد اللّه بن سنان (6) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « على الامام أن يخرج المحبوسين في الدين يوم الجمعة إلى الجمعة ، ويوم العيد إلى العيد ، فيرسل معهم ، فإذا قضوا الصلاة والعيد ردهم إلى السجن ».

3269 - وفي رواية أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي عن علي عليه السلام أنه قال : « يجب على الامام أن يحبس الفساق من العلماء والجهال من الأطباء ، والمفاليس (7) من

ص: 31


1- سملت عينه إذا فقأتها وقلعتها بحديدة
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 485 والاستبصار ج 4 ص 255 بسند صحيح.
3- بيان ليمسك أي أمسك حتى قتله آخر ، أو أمر بقتله ، وهذه الجملة المفسرة ليست في الكتابين.
4- وان كانت فطرية ، ولا تقتل المرأة بالارتداد بل تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتى ترجع وتصلى. ( م ت )
5- يعنى بعد قطع اليد اليمنى في الأولى والرجل اليسرى في الثانية ، فيحبس في الثالثة أبدا الا أن يسرق في السجن فيقتل.
6- كذا في بعض النسخ وفى بعضها « عبد اللّه بن سيابة » كما في التهذيب وهو أخو عبد - الرحمن بن سيابة ولعله العلاء بن سبابة فصحف.
7- لعل وجه حبسهم أن لا يخدعوا الناس بأخذ الأموال فيذهبوا به بالمدافعة و التأخير. ( سلطان )

الاكرياء » (1).

وقال عليه السلام : « حبس الامام بعد الحد ظلم » (2).

باب 330: الصلح

3270 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه والصلح جائز بين المسلمين (3) إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا » (4).

ص: 32


1- في التهذيب أيضا مرسل ، والاكرياء جمع المكارى ولعل المراد الذين يدافعون ما عليهم ويؤخرون ، من قولهم أكريت العشاء أي أخرته ، قال الحطيئة : وأكريت العشاء إلى سهيل أو الشعرى فطال بي الاناء
2- ما ورد في بعض الموارد مخصص بهذا الخبر. ( مراد )
3- روى صدر الخبر الكليني - رحمه اللّه - ج 7 ص 415 بسند حسن كالصحيح عن ابن أبي عمير ، عن الحلبي ، عن جميل وهشام ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله ، وذيله ج 5 ص 258 في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا « الصلح جائز بين الناس » دون قوله « الا صلحا - الخ ».
4- قال استاذنا الشعراني مد ظله في هامش الوافي : لا ريب أن كل عقد يوجب حل حرام وحرمة حلال ، فان الرجل إذا باع داره حرم له التصرف فيها وكان حلالا وحل للمشترى وكان حراما ، وكذلك وطئ الزوجة كان حراما وصار حلالا بعقد النكاح وكان خروج المرأة عن بيتها بغير اذن الرجل مباحا عليها وصار حراما ، فالمراد تحليل ما كان في الشرع حراما مطلقا وبالعكس ولا يتغيير موضوعه بسبب العقد ، مثلا الخمر حرام مطلقا ولا يتغير الخمر عن هذا الاسم بأي عقد كان ، والزنا حرام ولكن يتغير موضوعه بعقد النكاح ، والتصرف في مال الغير حرام ويتغير موضوعه بالا شتراء فيصير مال نفسه ، واستشكل في قوله عليه السلام « أو حرم حلالا » والمتبادر إلى الذهن منه أن يصير الحلال كالمحرم يمتنع منه تدينا من أول عمره إلى آخره لا أن يمتنع منه في الجملة في وقت خاص وزمان خاص لان الرجل ان التزم بترك عمل كأكل اللحم في شهر بعينه لا يصدق عليه أنه حرم على نفسه اللحم بل إذا التزم بتركه مطلقا والا فما من شرط وعقد وصلح ويمين ونذر الا ويحرم به حلال في الجملة ، ولتفصيل ذلك محل آخر.

3271 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « قال في رجلين كان لكل واحد منهما طعام عند صاحبه ولا يدري كل واحد منهما كم له عند صاحبه ، فقال كل واحد منهما لصاحبه : لك ما عندك ولي ما عندي ، فقال : لا بأس بذلك إذا تراضيا وطابت أنفسهما ». (1)

3272 - وروى علي بن أبي حمزة قال : « قلت لأبي الحسن عليه السلام : رجل يهودي أو نصراني كانت له عندي أربعة آلاف درهم ، فمات ألي أن أصالح ورثته ولا اعلمهم كم كان؟ قال : لا يجوز حتى تخبرهم ». (2)

3273 - وروى أبان ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام (3) « في الرجل يكون عليه دين إلى أجل مسمى فيأتيه غريمه ويقول له : انقد لي من الذي لي كذا وكذا وأضع لك بقيته أو يقول : انقد لي بعضا وأمد لك في الأجل فيما بقي ، فقال : لا أرى به بأسا ما لم يزد على رأس ماله شيئا يقول اللّه عزوجل : « فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون

ص: 33


1- قال الأستاذ : الصلح عقد يعتبر فيه ما يعتبر في مطلق العقود ويترتب عليه أحكام المطلق ولكن ما يختص بعقد مخصوص من الشرائط والأحكام كخيار المجلس والحيوان والشفعة في البيع فلا يجرى في الصلح ومن الشروط المطلقة الرضا وطيب النفس فيعتبر فيه كما يعتبر في سائر العقود ويترتب عليه خيار الفسخ بالشرط المأخوذ فيه إذا تخلف ، وأما الغبن والعيب ان لم يكن الصلح مبنيا على المحاباة ولم يعلم طيب نفسهما مع العيب والغبن فلابد أن يلتزم اما ببطلان الصلح أو خيار الفسخ ولا سبيل إلى الحكم باللزوم مع عدم طيب النفس والصحيح الخيار والظاهر أن الربا ممنوع في الصلح وقال في الكفاية بجوازه واللّه العالم - انتهى ، أقول : استدل بهذا الخبر على جواز الصلح على المجهول وهو غير سديد إذ غاية ما يستفاد منه ابراء ذمة كل واحد منهما مما في ذمته لصاحبه فيفيد عدم اعتبار خصوص لفظ في الاسقاط.
2- رواه الكليني ج 5 ص 259 عن القمي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة عنه عليه السلام وظاهره بطلان الصلح حينئذ ، وظاهر الأصحاب سقوط الحق الدنيوي وبقاء الحق الأخروي. ( المرآة )
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 65 في الصحيح عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب الثقة ، عن أبان بن عثمان المقبول خبره ، عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام ، ورواه الكليني ج 5 ص 259 في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

ولا تظلمون » (1).

3274 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يعطى أقفزة من حنطة معلومة يطحنون بالدراهم ، فلما فرغ الطحان من طحنه نقده الدراهم وقفيزا منه وهو شئ قد اصطلحوا عليه فيما بينهم (2) قال : لا بأس به وإن لم يكن ساعره على ذلك » (3).

3275 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إني كنت عند قاض من قضاة المدينة فأتاه رجلان فقال أحدهما : إني اكتريت من هذا دابة ليبلغني عليها من كذا وكذا إلى كذا وكذا فلم يبلغني الموضع ، فقال القاضي لصاحب الدابة بلغته إلى الموضع؟ قال : لا قد أعيت دابتي فلم تبلغ ، فقال له القاضي : ليس لك كراء إذ لم تبلغه إلى الموضع الذي اكترى دابتك إليه ، قال عليه السلام : فدعوتهما إلي فقلت للذي اكترى : ليس لك يا عبد اللّه أن تذهب بكراء دابة الرجل كله ، وقلت للاخر : يا عبد اللّه ليس لك أن تأخذ كراء دابتك كله ، ولكن انظر قدر ما بقي من الموضع وقدر ما ركبته فاصطلحا عليه (4) ففعلا ».

ص: 34


1- يدل على جواز الصلح ببعض الحق على بعض المدة ، وعلى مدة البعض بزيادتها ، وعلى عدم جواز التأجيل بالزيادة على الحق وإن كان على سبيل الصلح فإنه ربا ، والاستدلال بالآية لنفى الزيادة وان دلت في النقص أيضا لكن ثبت جوازه بالاخبار الكثيرة ( م ت ) ويمكن أن يقال : نفى الظلم في الشقين للتراضي. ( المرآة )
2- يمكن أن يراد بعض الدراهم بأن يعطيه بعض الدراهم المقررة وقدرا من الدقيق عوضا عن بعضها على وجه الصلح. ( سلطان )
3- كأنه على القفيز والا فقد ساعره على غيره ، أو المراد لا بأس وان لم يكن ساعره على شئ من الأصل فيكون حكما منه على سبيل العموم ، وقال المولى المجلسي : أي وان لم يقع البيع والشراء على ذلك والصلح أيضا من أنواع المعاوضات.
4- ذلك لأن عدم بلوغه كان لعذر وهو اعسار الدابة دون تفريط أو تقصير من المؤجر فلا يبعد توزيع اجرة المسمى أو أجرة المثل على الطريق ، والامر بالاصطلاح لعله يكون لعسر مساحة الطريق والتوزيع ، أو هو كناية عن التراد بينهما ، ثم اعلم أن هذا الخبر رواه الكليني ج 5 ص 290 باسناد صحيح وفيه حذف أو نقصان لعله يخل بالمعنى.

3276 - وروى منصور بن يونس ، عن محمد الحلبي (1) قال : « كنت قاعدا عند قاض وعنده أبو جعفر عليه السلام جالس فأتاه رجلان فقال أحدهما : إني تكاريت إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعا إلى بعض المعادن فاشترطت أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا لان بها سوقا أتخوف أن يفوتني فإن احتبست عن ذلك حططت من الكراء عن كل يوم احتبسته كذا وكذا ، وإنه حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا يوما ، فقال القاضي : هذا شرط فاسد وفه كراه ، فلما قام الرجل أقبل إلي أبو جعفر عليه السلام وقال : شرطه هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه » (2).

3277 - وفي رواية عبد اللّه بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجلين كان معهما درهمان فقال أحدهما : الدرهمان لي ، وقال الآخر : هما بيني وبينك ، فقال : أما الذي قال : هما بيني وبينك فقد أقر بأن أحد الدرهمين ليس له وأنه لصاحبه ويقسم الاخر بينهما » (3).

3278 - وروى عبد اللّه بن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه

ص: 35


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 176 باسناده عن محمد الحلبي ، ورواه الكليني ج 5 ص 290 بسند موثق.
2- يمكن أن يقال : التكارى المذكور في الرواية مع الاشتراط المذكور يتصور على نحوين أحدهما أن يكون الكرى على تقدير ادخال الرجل المعدن يوم كذا المقدار المعين وعلى تقدير التأخير مقدارا آخر ، ولا اشكال في أنه نظير البيع بثمنين أو أزيد ، والنحو الاخر أن يكون الكرى معينا ليس غير واشتراط براءة ذمته على تقدير التأخير وهذا ليس كالبيع بثمنين أو أزيد وليس تعليقا في المعاملة ولا مانع من صحته فان بنينا على حفظ القواعد وعدم التخصيص فيها فلابد من حمل الرواية على النحو الثاني أو الحمل على الجعالة وإن كان الحمل على الجعالة بعيدا جدا ، وان قلنا بأنه لا مانع من تخصيص القواعد بالنص المعتبر فلا مانع من الصحة في كلتا الصورتين ( جامع المدارك ) ثم اعلم أن ذكر الرواية في كتاب الإجارة أنسب كالخبر السابق وذكرهما المصنف في هذا الباب نظرا إلى لفظ الصلح أو معناه.
3- حمل على ما إذا أقاما البينة أو حلفا أو نكلا. ( سلطان )

عليه السلام عن رجلين كان لهما مال. منه بأيديهما ومنه متفرق عنهما فاقتسما بالسوية ما كان في أيديهما وما كان غائبا ، فهلك نصيب أحدهما مما كان عنه غائبا واستوفى الاخر أيرد على صاحبه؟ قال : نعم ما يذهب بماله » (1).

3279 - وفي رواية ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن سماك بن حرب ، عن ابن طرفة (2) أن رجلين ادعيا بعيرا فأقام كل واحد منهما بينة فجعله علي عليه السلام بينهما » (3).

3280 - وفي رواية الحسين بن أبي العلاء (4) عن إسحاق بن عمار قال : « قال أبو عبد اللّه عليه السلام في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهما في ثوب (5) وآخر عشرين درهما في ثوب ، فبعث الثوبين ولم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه ، قال : يباع الثوبان فيعطى صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن ، والاخر خمسي الثمن ، قال : فقلت : فإن صاحب

ص: 36


1- في بعض النسخ « ما يذهب ماله » و « ما » للنفي ، وقال سلطان العلماء : ينبغي حمله على ما في الذمة وإن كان يشمل الغير أيضا ، وأيضا ينبغي حمله على ما إذا لم يصلحا بل اكتفيا بالقسمة ، وظاهر ذكره في باب الصلح عدم جواز الصلح أيضا. وقال المولى المجلسي : الخبر يدل على عدم جواز قسمة ما في الذمم بل كل ما حصل لكل واحد منهما كان عليهما ، هذا إذا لم يقع الصلح في القسمة.
2- أبو جميلة هو المفضل بن صالح الأسدي النخاس مولاهم ضعيف كذاب يضع الحديث كما في الخلاصة ، وسماك بن حرب مذكور في كتب رجال العامة ووثقه ابن معين ، يروى عن جماعة منهم تميم بن طرفة الطائي الكوفي الذي وثقه ابن سعد وأبو داود وقال الشافعي : تميم بن طرفة مجهول وتوفى سنة 94 أو 93. والخبر رواه الكليني ج 7 ص 419.
3- أي بعنوان المصالحة ليناسب ذكره في المقام أو إنما فعل ذلك لتساوي البينتين ، وقال سلطان العلماء : هذا مع عدم اختصاص أحدهما باليد كما سيجئ.
4- الطريق إليه ضعيف بموسى بن سعدان ، ومروى في الكافي ج 7 ص 421 أيضا بسند فيه موسى بن سعدان.
5- أي أعطاه ثلاثين درهما ليشترى به ثوبا ، والبضاعة طائفة من المال تبعثها للتجارة.

العشرين قال : لصاحب الثلاثين اختر أيهما شئت؟ قال : لقد أنصفه » (1).

3281 - وفي رواية السكوني عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « في رجل استودع رجلا دينارين واستودعه آخر دينارا فضاع دينار منهما ، فقال : يعطى صاحب الدينارين دينارا ويقتسمان الدينار الباقي بينهما نصفين ».

3282 - وروي عن صباح المزني رفعه (2) قال : « جاء رجلان إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال أحدهما : يا أمير المؤمنين إن هذا غاداني فجئت أنا بثلاثة أرغفة وجاء هو بخمسة أرغفة فتغدينا ومر بنا رجل فدعوناه إلى الغداء فجاء فتغدى معنا فلما فرغنا وهب لنا ثمانية دراهم ومضى ، فقلت : يا هذا قاسمني فقال : لا أفعل إلا على قدر الحصص من الخبز ، قال : إذهبا فاصطلحا ، قال : يا أمير المؤمنين إنه يأبى أن يعطيني إلا ثلاثة دراهم ويأخذ هو خمسة دراهم فاحملنا على القضاء ، قال : فقال له : يا عبد اللّه أتعلم أن ثلاثة أرغفة تسعة أثلاث؟ قال : نعم ، قال : وتعلم أن خمسة أرغفة خمسة عشر ثلثا؟ قال : نعم ، قال : فأكلت أنت من تسعة أثلاث ثمانية وبقي لك واحد وأكل هذا من خمسة عشر ثمانية وبقي له سبعة ، وأكل الضيف من خبز هذا سبعة أثلاث ومن خبزك هذا الثلث الذي بقي من خبزك ، فأصاب كل واحد منكم ثمانية

ص: 37


1- قال في المسالك : هذا الحكم مشهور بين الأصحاب ومستندهم رواية إسحاق والمحقق عمل بمقتضى الرواية من غير تصرف وقبله الشيخ وجماعة ، وفصل العلامة فقال : ان أمكن بيعهما منفردين وجب ثم إن تساويا فلكل واحد ثمن ثوب ولا اشكال ، وان اختلفا فالأكثر لصاحبه ، وكذا الأقل بناء على الغالب وان أمكن خلافه الا أنه نادر ولا أثر له شرعا ، وان لم يمكن صار كالمال المشترك شركة اجبارية كما لو امتزج الطعامان فيقسم الثمن على رأس المال وعليه تنزل الرواية ، وأنكر ابن إدريس ذلك كله وحكم بالقرعة وهو أوجه من الجميع لولا مخالفة المشهور وظاهر النص مع أنه قضية في واقعة.
2- صباح بن يحيى المزني ثقة ، وروى الخبر الكليني بلفظ آخر عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ، وعن علي بن إبراهيم ، وعن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن ابن الحجاج.

أثلاث ، فلهذا سبعة دراهم بدل كل ثلث درهم ، ولك أنت لثلثك درهم ، فخذ أنت درهما وأعط هذا سبعة دراهم ».

باب 331: العدالة

3283 - روي عن عبد اللّه بن أبي يعفور (1) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم؟ فقال : أن تعرفوه بالستر (2) والعفاف ، وكف البطن والفرج واليد واللسان (3) وتعرف باجتناب الكبائر التي أوعد اللّه عزوجل عليها النار من شرب الخمور ، والزنا ، والربا ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف وغير ذلك ، والدلالة على ذلك كله أن يكون ساترا لجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك ، ويجب عليهم تزكيته وإظهار عدالته في الناس ، ويكون معه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن ، وحفظ مواقيتهن بحضور جماعة من المسلمين (4) وأن لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم إلا من علة فإذا (5) كان كذلك لازما لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس ، فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته قالوا : ما رأينا منه إلا خيرا ، مواظبا على الصلوات ، متعاهدا لأوقاتها في مصلاه ، فإن ذلك يجيز شهادته وعدالته

ص: 38


1- روى الخبر الشيخ في التهذيب ج 2 ص 74 في الصحيح عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن موسى ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن علي بن عقبة ، عن موسى بن أكيل النميري عن ابن أبي يعفور والمراد بالحسن بن علي بن فضال الذي يروى عن أبيه ، عن علي بن عقبة كثيرا.
2- أي يكون مستور العيوب سواء لم يكن له عيب أم كان ولم يعلم لأنا مكلفون بالظاهر ( م ت )
3- إلى هنا معنى أصل العدالة والباقي بيان أمور تدل على وجودها في صاحبها.
4- في التهذيبين « باحضار جماعة المسلمين » بدون لفظة « من » ولعله الأصوب.
5- من هنا إلى قوله « عدالته بين المسلمين » ليس في التهذيبين.

بين المسلمين ، وذلك أن الصلاة ستر ، وكفارة للذنوب (1) وليس يمكن الشهادة على الرجل بأنه يصلي إذا كان لا يحضر مصلاه ويتعاهد جماعة المسلمين ، وإنما جعل الجماعة والاجتماع إلى الصلاة لكي يعرف من يصلي ممن لا يصلي ، ومن يحفظ مواقيت الصلوات ممن يضيع ، ولولا ذلك لم يمكن أحد أن يشهد على آخر بصلاح لان من لا يصلي لا صلاح له بين المسلمين ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله هم بأن يحرق قوما في منازلهم لتركهم الحضور لجماعة المسلمين ، وقد كان منهم من يصلي في بيته فلم يقبل منه ذلك ، وكيف تقبل شهادة أو عدالة بين المسلمين ممن جرى الحكم من اللّه عز وجل ومن رسوله صلى اللّه عليه وآله فيه الحرق في جوف بيته بالنار ، وقد كان يقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد مع المسلمين إلا من علة » (2).

ص: 39


1- من هنا إلى قوله « ممن يضيع » ليس في التهذيبين وبعده فيهما هكذا « ولولا ذلك لم يكن لاحد أن يشهد على أحد بالصلاح لان من لم يصل فلا صلاح له بين المسلمين ، لان الحكم جرى فيه من اللّه ومن رسوله صلى اللّه عليه وآله بالحرق في جوف بيته وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا صلاة لمن لا يصلى في المسجد مع المسلمين الا من علة « وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا غيبة الا لمن صلى في جوف بيته ورغب عن جماعتنا ، ومن رغب عن جماعة المسلمين وجبت غيبته وسقطت بينهم عدالته ووجب هجرانه « وإذا رفع إلى امام المسلمين أنذره وحذره ، فان حضر جماعة المسلمين والا أحرق عليه بيته ، ومن لزم جماعتهم حرمت عليهم غيبته وثبتت عدالته بينهم ».
2- قال الأستاذ - مد ظله - : زعم بعض الفقهاء أن الاطلاع على العدالة غير ممكن وهو خطأ فان العدالة كسائر الصفات النفسانية كالبخل والجود والحسد والعلم والجهل والذوق ، يدل عليها بالاعمال والظواهر وذكر في هذا الحديث نبذا من أمثلة ما يدل على العدالة وليست توقيفية لان الحكم الشرعي على نفس العدالة لا على ما يدل عليه فإذا علمت بأي دليل كفى ، ولو كلفنا اللّه تعالى بالعلم بالعدالة لم يكن تكليفا بمالا يطاق لان العلم بها ممكن واكتفى بعض علمائنا بحصول الظن بها زعما منه أن تحصيل العلم بها غير ممكن ، ونقول هو ممكن بل ميسور وسهل الا في المبتلين بالوسواس الذي يصعب العلم في جميع الأشياء ومنها العدالة ، وتدل الروايات على أن الأصل العدالة فلا يحتاج إلى تكلف الدليل عليه.

باب 332: من يجب رد شهادته ومن يجب قبول شهادته

3284 - روي عن عبيد اللّه بن علي الحلبي قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عما يرد من الشهود؟ فقال : الظنين والمتهم والخصم ، قال : قلت : فالفاسق والخائن؟ قال : هذا يدخل في الظنين » (1).

3285 - وفي حديث آخر (2) قال : « لا يجوز شهادة المريب والخصم ودافع مغرم أو أجير أو شريك أو متهم أو تابع (3) ولا تقبل شهادة شارب الخمر ، ولا شهادة اللاعب بالشطرنج والنرد ، ولا شهادة المقامر » (4).

3286 - وروى علي بن أسباط (5) عن محمد بن الصلت قال : « سألت أبا الحسن

ص: 40


1- الظنين هو الذي يظن به السوء ، والمتهم من يجر بشهادته نفعا كالوصي فيما هو وصى فيه واشتباهه قال في النهاية « لا يجوز شهادة ظنين » أي متهم في دينه فعيل بمعنى مفعول من الظنة التهمة. والخبر رواه الكليني ج 7 ص 395 بسند صحيح عن عبد اللّه بن سنان وأبى بصير عنه عليه السلام ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 75 بسند صحيح من حديث سليمان ابن خالد وفى أخرى عن أبي بصير عنه عليه السلام. ولعل المراد بالخصم من كان بين المدعى عليه وبينه عداوة وحمل على العداوة الدنيوية.
2- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 75 في الصحيح عن الحسن بن سعيد ، عن زرعة عن سماعة صدره.
3- قوله عليه السلام « دافع مغرم » كشهادة العاقلة بنفي الجناية فبما أمكن فيه شهادة كما إذا شهد شهود بأنه وقع الجناية في يوم الخميس وشهدت العاقلة بأنها كانت في يوم الجمعة ، والمريب من يحصل الريب في صدقه كالسائل بكفه والعبد لمولاه ، والتابع كالخدم والعبيد المتهمين ، وفى بعض النسخ « بايع » كشهادته لاحد المشتريين بملكه قبل قبض الثمن. ( م ت )
4- تعميم بعد تخصيص أي من يلعب بالقمار أي قمار كان. ( سلطان )
5- الطريق إليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة كان فطحيا فرجع وأما محمد بن الصلت فهو مجهول الحال. وفى الكافي ج 7 ص 394 عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن أسباط ، عن محمد بن الصلت.

الرضا عليه السلام عن رفقة كانوا في طريق فقطع عليهم الطريق فاخذ اللصوص (1) فشهد بعضهم لبعض ، فقال : لا تقبل شهادتهم إلا بالاقرار من اللصوص أو شهادة من غيرهم عليهم » (2).

3287 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « تجوز (3) شهادة العبد المسلم على الحر المسلم ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني لغير سيده.

3288 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار بن مروان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام - أو قال : سأله بعض أصحابه - عن الرجل يشهد لأبيه أو الأخ لأخيه ، أو الرجل لامرأته ، قال : لا بأس بذلك إذا كان خيرا (4) تقبل شهادته لأبيه ، والأب لابنه ، والأخ لأخيه ».

ص: 41


1- في الكافي والتهذيب فأخذوا اللصوص ».
2- ينبغي تخصيص الحكم بما إذا كان المشهود به مما كان لهم فيه شركة ( الوافي ) وقال العلامة المجلسي : لا خلاف في عدم قبول شهادة كل منهم فيما أخذ منه ولا في قبول شهادته إذا لم يؤخذ منه شئ ، وفى شهادته في حق الشركاء إذا اخذ منه أيضا خلاف والأشهر عدم القبول والخبر يدل عليه - انتهى ، وقال المولى المجلسي : عمل بمضمون الخبر أكثر الأصحاب ، وحمله بعضهم على كونهم شركاء ، أو على التقية وهو أظهر لان الغالب أنه كان في مجلسه بخراسان جماعة من العامة وكان عليه السلام يتقى منهم كثيرا والا فالرفاقة والصحبة لا يمنع من قبول الشهادة عندنا.
3- في بعض النسخ « لا تجوز - الخ » وتفسير المؤلف يؤيد ما في المتن ، وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 76 والاستبصار ج 3 ص 16 خبرين عن محمد بن مسلم في أحدهما « تجوز » وفى أخرى « لا تجوز » وقال الشهيد الثاني في شرحه على الشرايع بعد نقل الاختلاف في قبول شهادة المملوك وعد خمسة أقوال : قال ابنا بابويه : لا بأس بشهادة العبد إذا كان عدلا لغير سيده. وهذا يدل على أن النسخة التي عنده بدون لفظة « لا » فالخبر يدل على قبول شهادة العبد وتقييد المصنف - رحمه اللّه - سيذكر وجهه قريبا.
4- أي إذا كان كل واحد منهم عادلا.

3289 - وفي خبر آخر : « أنه لا تقبل شهادة الولد على والده » (1).

3290 - وروى الحسن بن زيد - نحوا مما ذكره - (2) عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال : « اتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون قد شرب الخمر فشهد عليه رجلان أحدهما خصي وهو عمرو التميمي والاخر المعلى بن الجارود (3) فشهد أحدهما أنه رآه يشرب وشهد الاخر أنه رآه يقئ الخمر ، فأرسل عمر إلى أناس من أصحاب رسول - اللّه صلى اللّه عليه وآله فيهم علي بن أبي طالب عليه السلام فقال لعلي عليه السلام ما تقول يا أبا الحسن ، فإنك الذي قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أعلم هذه الأمة وأقضاها بالحق ، فإن هذين قد اختلفا في شهادتهما فقال علي عليه السلام : ما اختلفا في شهادتهما وما قاءها حتى شربها (4) فقال : هل تجوز شهادة الخصي؟ فقال عليه السلام : ما ذهاب أنثييه (5) إلا كذهاب بعض أعضائه ».

ص: 42


1- قيل : هذا الخبر وإن كان غير مناف للاخبار السابقة لأنها له وهذا عليه الا أنه مناف لمنطوق الآية الشريفة « يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين » وكذا قوله تعالى « وأقيموا الشهادة لله » وللاخبار المتواترة بالنهي عن كتمان الشهادة ولقوله تعالى « ومن يكتمها فإنه آثم قلبه » وقيل : وجوب شهادة الولد على الوالد لا يستلزم وجوب قبولها ، وقال في المسالك : لا خلاف في قبول شهادة الأقرباء بعضهم لبعض وعلى بعض الا شهادة الولد على والده فان أكثر الأصحاب ذهبوا إلى عدم قبولها حتى نقل الشيخ في الخلاف عليه الاجماع ، وقد خالف في ذلك المرتضى - قدس سره - لقوله تعالى « كونوا قوامين - الآية » والاخبار ، واليه ذهب الشهيد في الدروس وعلى الأول هل يتعدى الحكم إلى من علا من الاباء وسفل من الأولاد وجهان.
2- كذا في جمع النسخ. ولا ادرى ما يعنى بهذا الكلام وكأنه وقع فيه سقط. وفى الكافي ج 7 ص 401 والتهذيب ج 2 ص 85 مسندا عن الحسين بن زيد ولعله الحسين بن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام الذي يلقب ذا الدمعة.
3- كذا والصواب جارود بن المعلى.
4- قال في الروضة قال الشهيد في شرح الارشاد عليها فتوى الأصحاب لم أقف فيه على مخالف ، والعلامة استشكل الحكم في القواعد من حيث إن القئ وان لم يحتمل الا الشرب الا أن مطلق الشرب لا يوجب الحد لجواز الاكراه ، ويندفع بأن الاكراه خلاف الأصل و لأنه لو كان لادعاه.
5- في الكافي والتهذيب « ما ذهاب لحيته » ولا منافاة لان الخصي لا تنبت لحيته.

3291 - وروى إسماعيل بن مسلم عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « لا تقبل شهادة ذي شحناء (1) أو ذي مخزية في الدين » (2).

3292 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم (3) : « من شهد عندنا بشهادة ثم غير أخذنا بالأولى وطرحنا الأخرى » (4).

3293 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا تصلي خلف من يبغي على الاذان والصلاة بالناس أجرا ، ولا تقبل شهادته ».

3294 - وروى العلاء بن سيابة (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تقبل شهادة ، صاحب النرد ، والأربعة عشر ، وصاحب الشاهين (6) ، يقول : لا واللّه ، وبلى واللّه مات واللّه شاهه وقتل واللّه شاهه ، واللّه تعالى ذكره شاهه ما مات ولا قتل » (7).

ص: 43


1- أي ذا العداوة الدنيوية وان لم يوجب الفسق.
2- المخزية ما يوجب الخزي كولد الزنا والمحدود قبل التوبة أو غير الاثني عشرية أو الفاسق مطلقا أو المستخف بأمر الدين كالسائل بالكف والذي يأخذ الأجرة على الاذان والصلاة وأمثالهما ( م ت ) وفى بعض النسخ « ذي خزية في الدين ».
3- رواه الشيخ بسند ضعيف عن السكوني عن الصادق عن أبيه عن علي عليهم السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
4- حمل على ما إذا كان اقرارا على نفسه لما سيجئ ما ينافيه ، والا فالتغير يرفع الأمان عن قوله فكيف يؤخذ به ، وربما حمل على ما إذا شهد في وقت بحكم بعدالته ثم رجع بعد ما تغير حاله عن العدالة وهو بعيد.
5- الطريق إليه صحيح والعلاء بن سيابة مجهول الحال روى عنه أبان بن عثمان وقيل في روايته عنه اشعار ما بعدم كونه ضعيفا.
6- الأربعة عشر نوع من القمار وكما قال الطريحي : صفان من نقر يوضع فيها شئ يلعب فيه ، في كل صف سبع نقر محفورة - انتهى ، والشاهين - بصيغة التثنية - : الشطرنج لان فيه شاهين ووزيرين ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي : ان لكل من المقامرين في الشطرنج ما يسمونه « شاه » بمعنى الملك ينقلونه من بيت من بيوت بساط الشطرنج إلى بيت ، فإذا صار بحيث لا يمكن نقله إلى بيت آخر وله مانع من بقائه في البيت الذي هو فيه يقولون : مات.
7- مروى في الكافي ج 7 ص 396 وفيه « يقول : لا واللّه ، وبلى واللّه ، مات واللّه شاه وقتل واللّه شاه ، وما مات وما قتل » أي مع أنه يقامر يحلف باللّه وقد نهى اللّه تعالى عنه وقال سبحانه « ولا تجعلوا اللّه عرضة لايمانكم » وكذا يكذب وهو قبيح ، قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - لعل هذه الوجوه الاستحسانية إنما وردت الزاما على العامة لاعتنائهم بها في المسائل الشرعية والا فالمجاز ليس بكذب ولعل لفظ ما في المتن يكون تفسيرا من المؤلف فسره بذلك فرارا عما ذكر مع أنه لا ينفع كما لا يخفى.

3295 - وروى سماعة بن مهران ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بشهادة الضيف إذا كان عفيفا صائنا (1) ، قال : ويكره شهادة الأجير لصاحبه ولا بأس بشهادته لغيره ، ولا بأس بها له عند مفارقته » (2).

3296 - وروى فضالة ، عن أبان قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن شريكين شهد أحدهما لصاحبه ، قال : تجوز شهادته إلا في شئ له فيه نصيب » (3).

3297 - وروى عن طلحة بن زيد ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عن علي عليهم السلام قال : « شهادة الصبيان جائزة بينهم ما لم يتفرقوا أو يرجعوا إلى أهليهم » (4).

ص: 44


1- أي نفسه عن المحرمات أو حافظا ضابطا للشهادة.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 78 والاستبصار ج 3 ص 21 وفيه « لا بأس بها له بعد مفارقته » وفيهما باسناده عن العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه السلام » لا يجيز شهادة الأجير » وقال الشيخ (رحمه اللّه) : هذا الخبر وإن كان عاما في أن شهادة الأجير لا تقبل على سائر الأحوال ومطلقا فينبغي أن يخص ويقيد بحال كونه أجيرا لمن هو أجير له ، فأما لغيره أوله بعد مفارقته له فإنه لا بأس بها على كل حال ، واستدل على قوله هذا بخبر صفوان وخبر أبي بصير هذا.
3- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لا خلاف في عدم قبول شهادة الشريك فيما هو شريك فيه.
4- حمل على ما إذا تواتر بحيث يحصل العلم من اتفاقهم أو يعتمد على شهادتهم إذا كانت محفوفة بالقرينة فإذا تفرقوا أو رجعوا إلى أهليهم انعدمت القرينة ، وربما حمل على القتل ، وقوله « جائزة بينهم » أي بين الصبيان.

3298 - وروى إسماعيل بن مسلم (1) عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام « أن شهادة الصبيان إذا شهدوا وهم صغار جازت إذا كبروا ما لم ينسوها (2) ، وكذلك اليهود والنصارى إذا أسلموا جازت شهادتهم (3) ، والعبد إذا اشهد على شهادة ثم أعتق جازت شهادته إذا لم يردها الحاكم قبل أن يعتق ، وقال عليه السلام : إن أعتق العبد لموضع الشهادة لم تجز شهادته » (4).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : أما قوله عليه السلام : « إذا لم يردها الحاكم قبل أن يعتق » فإنه يعني به أن يردها لفسق ظاهر أو حال يجرح عدالته ، لا لأنه عبد لان شهادة العبد جائزة ، وأول من رد شهادة المملوك عمر ، وأما قوله عليه السلام : إن أعتق العبد لموضع الشهادة لم تجز شهادته كأنه يعني إذا كان شاهدا لسيده (5) ، فأما إذا كان شاهدا لغير سيده جازت شهادته عبدا كان أو معتقا إذا كان عدلا.

3299 - وروى الحسن بن محبوب (6) ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر

ص: 45


1- طريق المصنف إلى إسماعيل بن مسلم السكوني فيه الحسين بن يزيد النوفلي وقال قوم من القميين أنه غلا في آخر عمره مع أنه لم يوثقه أحد.
2- في الكافي ج 7 ص 389 « إذا أشهدوهم وهم صغار - الخ » ويدل على أن الاعتبار بحال الأداء لا التحمل. ( م ت )
3- مروى في الكافي ج 7 ص 398 وفيه « اليهود والنصارى إذا شهدوا ثم أسلموا جازت شهادتهم ، أي إذا صاروا شاهدين.
4- قال الشيخ في الاستبصار ج 3 ص 18 بعد نقل هذا الذيل : فالوجه في قوله عليه السلام « إذا لم يردها الحاكم » أن نحمله على أنه إذا لم يردها لفسق أو ما يقدح في قبول الشهادة لا لأجل العبودية ، وقوله عليه السلام : « ان أعتق لموضع الشهادة لم تجز شهادته » محمول على أنه إذا أعتقه مولاه ليشهد له لم تجز شهادته - انتهى.
5- كأن المصنف - رحمه اللّه - حمله على كون المراد أعتقه سيده لتكون شهادته مقبولة ويمكن توجيهه بوجه آخر بأن يكون المراد إذا أعتق العبد بسبب شهادته لم تجز شهادته كما شهد على أن ابني اشتراني.
6- طريق المصنف إلى ابن محبوب صحيح كما في الخلاصة والمراد بالعلاء العلاء ابن رزين الثقة والسند صحيح ورواه الشيخ في التهذيبين بسند صحيح أيضا.

عليه السلام قال : « تجوز شهادة المملوك من أهل القبلة على أهل الكتاب ».

3300 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن العلاء بن سيابة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قال أبو جعفر عليه السلام : لا تقبل شهادة سابق الحاج إنه قتل راحلته ، وأفنى زاده ، و أتعب نفسه ، واستخف بصلاته (1) ، قيل : فالمكاري والجمال والملاح (2)؟ فقال : وما بأس بهم تقبل شهادتهم إذا كانوا صلحاء ».

3301 - وروي عن عبد اللّه بن المغيرة قال : قلت للرضا عليه السلام : « رجل طلق امرأته وأشهد شاهدين ناصبيين ، قال : كل من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته » (3).

ص: 46


1- سابق الحاج بالباء الموحدة أي سبقهم لا يصال خبرهم إلى منازلهم ويمكن أن يقره بالياء كأنه يذهب بالمتخلفين بالسرعة والذم بقراءة الأول أنسب ، وقوله عليه السلام « أنه قتل راحلته » تعليل لعدم قبول شهادته إذ لا أقل من أن يكون في تلك الأمور خلاف المروة واتعاب راحلته كأنه قتلها ظاهرا ، وكذا اتعاب نفسه زائدا على المتعارف وكذا الاستخفاف بالصلاة اما بمعنى أنه لم يأت بفعلها على ما ينبغي واما بمعنى أنه لا يهتم بها ، و أما افناء الزاد فليس لها وجه ظاهر ويمكن حمله على أن ذلك يؤدى إلى القاء بعضه عند اعياء الراحلة فكأنه قد جعله في معرض الفناء ، وروى المصنف والبرقي في القوى عن الوليد بن صبيح « أنه قال لأبي عبد اللّه عليه السلام ان أبا حنيفة رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة ، فقال : ما لهذا صلاة ما لهذا صلاة ». وفى مرآة العقول قال يحيى بن سعيد في جامعه : « لا تقبل شهادة سابق الحاج فإنه أتعب نفسه وراحلته وأفنى زاده واستخف بصلاته » والأكثر لم يتعرضوا له.
2- فهم وان كانوا اجراء ولكن لا يطلق الأجير غالبا الا على من آجر نفسه فلا ينافي أخبار كراهة شهادة الأجير وان أمكن أن يكون المراد شهادتهم لغير من استأجر منهم.
3- قال المولى المجلسي : هذه الرواية وردت تقية ، أو عليهم أو على الكفار لا على المؤمنين فإنه لا خلاف بين الأصحاب في اشتراط الايمان - انتهى. وفى الروضة « لا يقبل شهادة غير الامامي مطلقا مقلدا كان أم مستدلا » وأضاف الفاضل التوني وقال : سواء كان مخالفا لاجماع المسلمين أو ما علم ثبوته من الدين ضرورة أم لا ، قال في التحرير : والمسائل الأصولية التي ترد الشهادة لمخالفتها كل ما يتعلق بالتوحيد وما لا يجوز عليه من الصفات وما يستحيل عليه والعدل والنبوة والإمامة ، أما الصفات التي لا مدخل لها في العقيدة مثل المعاني والأحوال والاثبات والنفي ، وما شابه ذلك من فروع الكلام فلا ترد شهادة المخطئ فيها.

3302 - وروي عن عبيد اللّه بن علي الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام هل تجوز شهادة أهل الذمة على غير أهل ملتهم (1)؟ قال : نعم إن لم يوجد من أهل ملتهم جازت شهادة غيرهم إنه لا يصلح ذهاب حق أحد » (2).

3303 - وروى الحسن بن علي الوشاء ، عن أحمد بن عمر قال : «سألته عن قول اللّه عزوجل : « ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم » قال : اللذان منكم مسلمان واللذان من غيركم من أهل الكتاب فإن لم تجد من أهل الكتاب فمن المجوس لان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « سنوا بهم سنة أهل الكتاب » وذلك إذا مات الرجل بأرض

ص: 47


1- كاليهودي على النصراني أو على المجوسي أو سائر أصناف الكفار فان الكفر ملة واحدة ، أو على مسلم في الوصية ( م ت ) أقول : استثناء الوصية لظاهر قوله تعالى « يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم - الآية » أي من غير أهل ملتكم ، ويكون « أو » ههنا للتفصيل لا للتخيير لان المعنى أو آخران من غيركم ان لم تجدوا شاهدين منكم ، ويشترط فيها العدالة لظاهر العطف على قوله « منكم » الداخل في حيز العدالة. ولموثقة سماعة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شهادة أهل الملة ، قال : فقال : لا تجوز الا على أهل ملتهم ، فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصية لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد » ولحسنة هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل » أو آخران من غيركم « فقال : إذا كان في أرض غربة ولا يوجد فيها مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية ».
2- في الروضة : لا تقبل شهادة الكافر وإن كان ذميا ولو كان المشهود عليه كافرا على الأصح خلافا للشيخ حيث قبل شهادة أهل الذمة لملتهم وعليهم استنادا إلى رواية ضعيفة ، وللصدوق حيث قبل شهادتهم على مثلهم وان خالفهم في الملة كاليهود على النصارى ولا تقبل شهادة غير الذمي اجماعا ، ولا شهادته على المسلم اجماعا الا في الوصية عند عدم عدول المسلمين فتقبل شهادة الذمي بها ، ويمكن أن يريد اشتراط فقد المسلمين مطلقا بناء على تقديم المستورين ( أي اللذين لم يعلم عدالتهما ) والفاسقين اللذين لا يستند فسقهما إلى الكذب وهو قول العلامة في التذكرة ويضعف باستلزامه التعميم في غير محل الوفاق ».

غربة فلم يجد مسلمين يشهدهما فرجلان من أهل الكتاب » (1).

3304 - وروى حماد ، عن الحلبي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في المكاتب : كان الناس مدة لا يشترطون إن عجز فهو رد في الرق (2) ، فهم اليوم يشترطون والمسلمون عند شروطهم ، ويجلد في الحد على قدر ما أعتق منه ، قلت : أرأيت إن أعتق نصفه أتجوز شهادته في الطلاق؟ قال : إن كان معه رجل وامرأة جازت شهادته ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : إنما ذلك على جهة التقية وفي الحقيقة تقبل شهادة المكاتب والرجل معه بشاهدين (3) وأدخل المرأة في ذلك لئلا يقول المخالفون : إنه قبل شهادة قد ردها إمامهم (4) وأما شهادة النساء في الطلاق فغير مقبولة على أصلنا.

3305 - وروى عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا (5) عليه السلام قال : « من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته » (6).

3306 - وروي عن العلاء بن سيابة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شهادة من يلعب بالحمام ، قال : لا بأس إذا كان لا يعرف بفسق ، قلت : فإن من قبلنا يقولون :

ص: 48


1- اعلم أن هذا الخبر وكذا بعض الأخبار الأخر يدل على اشتراط السفر وذهب إليه الشيخ وجماعة من الأصحاب محتجا بظاهر الآية وبهذه الاخبار ، وذهب بعض إلى عدمه لعمومها على عدمه لكن ذهب جمهور الأصحاب إلى اختصاص الحكم بوصية المال وكثير من الاخبار خالية عن التقييد. ( سلطان )
2- في بعض النسخ « كان الناس مرة » وقال سلطان العلماء هذا الكلام إشارة إلى المكاتب والمشروط على الاصطلاح المشهور بين الفقهاء ، وقوله « ان عجز - الخ » مفعول « لا يشترط ».
3- متعلق بقوله « يقبل » أي يحسبان بشاهدين معتبرين ( سلطان ) وفى بعض النسخ « شاهدان ».
4- يعنى الذي هو أول من رد شهادة المملوك كما مر سابقا.
5- تقدم تحت رقم 3298.
6- قيل : لعل فيه دلالة على قبول شهادة المخالف الصالح لكونه على فطرة الاسلام.

قال عمر : هو شيطان (1) فقال : سبحان اللّه أما علمت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : إن الملائكة لتنفر عند الرهان وتلعن صاحبه ما خلا الحافر والخف والريش والنصل (2) فإنها تحضرها الملائكة ، وقد سابق رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أسامة بن زيد وأجرى الخيل » (3).

3307 - وروي عن داود بن الحصين قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : أقيموا الشهادة على الوالدين والولد ولا تقيموها على الأخ في الدين الضير (4) قلت : وما الضير؟ قال : إذا تعدى فيه صاحب الحق الذي يدعيه قبله خلاف ما أمر اللّه عزوجل ورسوله صلى اللّه عليه وآله ، ومثل ذلك أن يكون لرجل على آخر دين وهو معسر ، وقد أمر اللّه تعالى بإنظاره حتى ييسر ، فقال : «فنظرة إلى ميسرة» ويسألك أن تقيم الشهادة

ص: 49


1- الظاهر رجوع الضمير إلى الحمام ويحتمل رجوعه إلى من يلعب به. ( سلطان )
2- الحافر اسم فاعل ، وحافر الدابة هو بمنزلة القدم للانسان ، والخف - بالضم - للبعير والنعام بمنزلة الحافر لغيرهما ، والمراد صاحب الخف وصاحب الحافر من الدواب. والريش : كسوة الطائر وزينته وهو له بمنزلة الشعر لغيره من الحيوان ، والريش أيضا اللباس الفاخر ، وذو الريش : فرز. والنصل : حديدة السهم والرمح والسيف.
3- المشهور عدم جواز السبق والرهان على الطيور ، وظاهر هذا الخبر الجواز ، وحمل على التقية ، وقال المولى المجلسي : يمكن أن يكون المراد بقوله « سبحان اللّه » انكار كون اللاعب به مطلقا شيطانا ويكون الاستشهاد لحرمة الرهان كما قال عليه السلام « ما لم يعرف بفسق » أي رهانة فسق لا مطلق اللعب به - انتهى ، أقول : يستفاد من الخبر أن اللعب بالحمام ليس بفسق واللاعب به تقبل شهادته ، والرهان بالريش جائز. وأما كون المراد من الريش أي شئ الطائر أو السهم فغير معلوم ، وقال صاحب الوسائل في الهامش في الخبر دلالة على أن الريش هو الحمام في السبق دون النشاب ، ويحتمل الاتحاد مع النصل ، وعند أهل مكة لعب الحمام هو لعب الخيل ، فان صح أمكن ارادته من الخبر فتدبر - انتهى وقال سلطان العلماء : لعل الاستشهاد على جواز السبق في الجملة حتى يؤيد جواز اللعب بالحمام.
4- في بعض النسخ « الصبر » في الموضعين. وداود بن الحصين الكوفي واقفي موثق ولكن في الطريق إليه الحكم بن مسكين وهو مهمل.

وأنت تعرفه بالعسر ، فلا يحل لك أن تقيم الشهادة في حال العسر ».

3308 - وروى مسمع كردين (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في أربعة شهدوا على رجل بالزنا فرجم ، ثم رجع أحدهم وقال : شككت في شهادتي ، قال : عليه الدية ، قال : قلت : فإنه قال : شهدت عليه متعمدا ، قال : يقتل » (2).

3309 - وروى محمد بن قيس (3) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : لا آخذ بقول عراف ، ولا قائف (4) ولا لص ، ولا أقبل شهادة الفاسق إلا على نفسه ». (5)

ص: 50


1- هو أبو سيار الكوفي الثقة ، وفى الطريق إليه القاسم بن محمد الجوهري وهو واقفي غير موثق بل ضعيف.
2- ويرد على وارث المقتول ثلاثة أرباع الدية. ( م ت )
3- قال الشهيد - رحمه اللّه - في درايته : « كلما كان محمد بن قيس عن أبي جعفر فهو مردود لاشتراكه بين الثقة والضعيف » أقول : كونه محمد بن قيس الثقة مما لا ريب فيه لان له كتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام وليس لسميه ، والخبر أقوى قرينة على ذلك وهكذا الكلام في جميع أبواب كتاب القضاء ، قال النجاشي : محمد بن قيس أبو عبد اللّه البجلي ثقة كوفي روى عن أبي جعفر وأبى عبد اللّه عليهما السلام له كتاب القضاء المعروف رواه عنه عاصم بن الحميد الحناط وقال الشيخ في الفهرست : محمد بن قيس البجلي له كتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام ، عاصم بن حميد عنه ، وقال المصنف - رحمه اللّه - في المشيخة : « ما كان فيه عن محمد بن قيس فقد رويته عن أبي - رضي اللّه عنه - عن سعد ابن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس.
4- العراف - كشداد - : الكاهن والمنجم والذي يدعى علم الغيب. والقائف : هو الذي يثبت النسب أو يعلمه بالآثار والنظر إلى أعضاء المولود والقيافة.
5- أي اقراره ، كان فيه أن اعتراف العقلاء على أنفسهم مسموع من غير نظر إلى صلاح وفساد.

3310 - وروى سليمان بن داود المنقري (1) عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال له رجل : أرأيت إذا رأيت شيئا في يدي رجل أيجوز لي أن أشهد أنه له؟ فقال : نعم ، قلت : فلعله لغيره؟ قال : ومن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكا لك ثم تقول بعد الملك هو لي وتحلف عليه (2) ولا يجوز لك ان تنسبه إلى من صار ملكه إليك من قبله؟ ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام : لو لم يجز هذا ما قامت للمسلمين سوق ».

3311 - وروى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام «أن أمير المؤمنين عليه السلام شهد عنده رجل وقد قطعت يده ورجله بشهادة فأجاز شهادته وقد كان تاب وعرفت توبته». (3)

3312 - وروى صفوان بن يحيى ، عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن شهادة النساء هل تجوز في نكاح أو طلاق أو رجم؟ قال : تجوز شهادة النساء فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه (4) ، وتجوز في النكاح إذا كان معهن رجل ،

ص: 51


1- الطريق إليه صحيح عند العلامة وفيه القاسم بن محمد الأصبهاني وهو غير مرضى وسليمان موثق ، وحفص بن غياث قاض عامي له كتاب معتمد.
2- يعنى أن جواز اشترائك الشئ ممن في يده المال والحكم بعد الشراء بأنه صار ملكا لك وجائز التصرف لك فيه ليس مستندا الا إلى شهادتك بأن ذلك المبيع ملكا للبايع لكونه في تصرفه فلولا أن يصح الحكم بأنه ملكه لما صح تلك الأحكام ، قال العلامة المجلسي لا خلاف في جواز الشهادة بالملك بالاستفاضة وهي خبر جماعة يفيد الظن الغالب إذا اقترنت باليد والتصرف بالبناء والهدم والإجارة وغيرها من غير معارض ، واختلف في الاستفاضة بدون اليد المتصرفة والأشهر الاكتفاء بها ، ثم اختلف في التصرف فقط بدونها والمشهور الاكتفاء به أيضا ، ثم القائلون بالتصرف اختلفوا في الاكتفاء باليد بدون التصرف واختار العلامة وأكثر المتأخرين الاكتفاء بها وهذا الخبر حجة لهم.
3- كذا في التهذيب والاستبصار والكافي وبعض نسخ الفقيه ، وفى أكثر النسخ « روى إسماعيل بن مسلم عن جعفر عن أبيه عليهما السلام » في رجل شهد عنده بشهادة وقد قطعت يده ورجله فأجاز شهادته وقد كان تاب وعرفت توبته ».
4- كالعذرة فان النظر إلى فرج المرأة حرام على الرجال والنساء لكن عند الاضطرار تقدم المرأة وجوبا. ( م ت )

ولا تجوز في الطلاق ولا في الدم ، وتجوز في حد الزنا إذا كان ثلاثة رجال وامرأتين ، ولا تجوز شهادة رجلين وأربع نسوة » (1).

3313 - وسأل عبيد اللّه بن علي الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن شهادة القابلة في الولادة ، قال : تجوز شهادة الواحدة وشهادة النساء في المنفوس والعذرة » (2).

3314 - و « قضى أمير المؤمنين عليه السلام (3) في غلام شهدت عليه امرأة أنه دفع غلاما في بئر فقتله ، فأجاز شهادة المرأة » (4).

3315 - وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام « في أربعة شهدوا على امرأة بالزنا فقالت : أنا بكر ، فنظرت إليها النساء فوجدوها بكرا ، قال : تقبل شهادة النساء » (5).

3316 - وسأل عبد اللّه بن الحكم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن امرأة شهدت على رجل

ص: 52


1- المشهور أن هذا في الرجم وأما الحد بالجلد فيكفي فيه رجلان وأربع نسوة ( سلطان ) وفى الروضة : « يكفي في الزنا الموجب للرجم ثلاثة رجال وامرأتان وللجلد رجلان وأربع نسوة ».
2- لأنه يعسر اطلاع الرجال عليهما غالبا والمنفوس المولود حديثا.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 81 والاستبصار ج 3 ص 17 في الصحيح عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام.
4- لعل المراد مع غيرها ، أو إجازة شهادتها في اثبات الدية فقط كما هو المشهور لا القصاص فلا ينافي ما سبق في رواية صفوان ، عن محمد بن الفضيل أنه لا يجوز شهادتهن في الدم ، وقد يحمل ذلك على شهادتهن منفردات. ( سلطان )
5- أي في البكارة ، لكن ذلك لا ينافي الزنا لامكان وقوعه في الدبر ، لكن حينئذ يمكن دفع الحد لتطرق الشبهة الا إذا صرحت الشهود بالوطي في القبل ( مراد ) وقال سلطان العلماء : الخبر إنما يدل على ثبوت البكارة بذلك أما حكم الحد من أنه هل يسقط بذلك أم لا لاحتمال الوطي في الدبر فغير معلوم منه وإن كان يشعر في الجملة بالسقوط ، ويمكن توجيهه بأنها شبهة يسقط بها الحد ، وهذا على تقدير أن يشهد الرجال بالوطي في القبل.

أنه دفع صبيا في بئر فمات ، قال : على الرجل ربع دية الصبي بشهادة المرأة ».

3317 - وروى ابن أبي عمير ، عن الحسين بن خالد الصيرفي (1) عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال : « كتبت إليه في رجل مات وله أم ولد وقد جعل لها سيدها شيئا في حياته ثم مات ، قال : فكتب عليه السلام : لها ما آتاها به سيدها في حياته معروف ذلك لها (2) تقبل على ذلك شهادة الرجل والمرأة والخدم غير المتهمين » (3).

3318 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أجاز شهادة النساء في الدين (4) وليس معهن رجل ».

3319 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عمر بن يزيد قال « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مات وترك امرأة وهي حامل فوضعت بعد موته غلاما ثم مات الغلام بعد ما وقع إلى الأرض ، فشهدت المرأة التي قبلتها به أنه استهل (5) وصاح حين وقع إلى الأرض ، ثم مات بعد ، فقال : على الامام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام » (6).

ص: 53


1- في بعض النسخ « يحيى بن خالد » وهو تصحيف.
2- في بعض النسخ « لها ما أثابها به سيدها » أي السيد يعطيها الأشياء في حياته وكان متعارفة ، وقال الفاضل التفرشي : يمكن أن يكون « معروف » خبر مبتدأ محذوف أي ما آتاها أو أثابها به سيدها وأعطاها إياها معروف واحسان ، وأن يكون خبر ذلك قدم للاهتمام ، فيكون « لها » خبر مبتدأ محذوف.
3- المشهور عدم قبول شهادة النساء متفردات في الأموال والديون وان انضم إليها اليمين ، وقوى الشهيدان في الدروس والروضة قبول شهادة امرأتين ويمين في الأموال.
4- أي في الوصية بالدين. ( م ت )
5- الاستهلال ولادة الولد حيا ليرث ، سمى ذلك استهلالا للصوت الحاصل عند ولادته ممن حضر عادة كتصويت من رأى الهلال فاشتق منه. قاله في الروضة ، وفى القاموس استهل الصبي : رفع صوته بالبكاء كأهل.
6- السند صحيح وعليه الفتوى وقالوا بثبوت النصف بشهادة اثنتين والثلاثة أرباع بشهادة ثلاث والكل بشهادة أربع ، واستدلوا على الجميع بهذا الخبر وفيه خفاء ، كما في المرسلة الآتية والاثنتان في صحيحة ابن سنان كما يأتي في الهامش ، وقال العلامة المجلسي رحمه اللّه - ولعل هذه الأمور مع الشهرة التامة بين الأصحاب تكفى في ثبوت الحكم.

3320 - وفي رواية أخرى : « إن كانت امرأتين تجوز شهادتهما في نصف الميراث وإن كن ثلاث جازت شهادتهن في ثلاثة أرباع الميراث ، وإن كن أربعا جازت شهادتهن في الميراث كله » (1).

باب 333: الحكم بشهادة الواحد ويمين المدعى

3321 - « قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بشهادة شاهد ويمين المدعي (2) ، وقال صلى اللّه عليه وآله : نزل علي جبرئيل عليه السلام بالحكم بشهادة شاهد ويمين صاحب الحق ، وحكم به أمير المؤمنين عليه السلام بالعراق » (3).

3322 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لو كان الامر إلينا لأجزنا شهادة الرجل إذا علم منه خير مع يمين

ص: 54


1- لم أجده وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 82 والكليني في الكافي ج 7 ص 156 باسنادهما الصحيح عن عبد اللّه بن سنان قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « تجور شهادة القابلة في المولود إذا استهل وصاح في الميراث ويورث الربع من الميراث بقدر شهادة امرأة واحدة ، قلت : فان كانتا امرأتين ، قال : تجور شهادتهما في النصف من الميراث ».
2- روى الكليني في الكافي ج 7 ص 5 38 بسند موثق عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له عند الرجل الحق وله شاهد واحد ، قال : فقال : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقضى بشاهد واحد ويمين صاحب الحق ، وذلك في الدين » ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 83 وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : أجمع علماؤنا - رضوان اللّه عليهم - على القضاء في الجملة بالشاهد واليمين واليه ذهب أكثر العامة ، وخالف فيه بعضهم ، والمشهور القضاء بذلك في كل ما كان مالا أو كان المقصود منه المال وفى النكاح والوقف خلاف.
3- روى المؤلف - رحمه اللّه - في الأمالي ص 218 من طبع الكمباني نحوه بسند عامي فيه جهالة.

الخصم (1) في حقوق الناس ، فأما ما كان من حقوق اللّه عزوجل ورؤية الهلال فلا ».

باب 334: الحكم بشهادة امرأتين ويمين المدعى

3323 - روى منصور بن حازم « أن أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : إذا شهد لطالب الحق امرأتان ويمينه فهو جائز » (2).

3324 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدين يحلف باللّه إن حقه لحق » (3).

باب 335: إقامة الشهادة بالعلم دون الاشهاد

إقامة الشهادة بالعلم دون الاشهاد (4)

3325 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر عليه السلام « في الرجل يشهد حساب الرجلين ثم يدعى إلى الشهادة ، قال : إن شاء شهد وإن شاء لم يشهد » (5).

3326 - وروى ابن فضال ، عن أحمد بن يزيد ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « في الرجل يشهد حساب الرجلين ثم يدعى إلى الشهادة قال : يشهد » (6).

ص: 55


1- قوله عليه السلام « لو كان الامر إلينا » أي كنا مبسوطي اليد وأمر الحكومة والخلافة بأيدينا. والمراد بالخصم المدعى.
2- رواه الكليني في الكافي ج 7 ص 386 بسند مرسل.
3- أي أن الحق الذي ادعى الطالب لثابت ( مراد ) والخبر مروى في الكافي ج 7 ص 386 في الحسن كالصحيح.
4- أي من دون أن يجعلوه شاهدا.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 79 بلفظ آخر وزاد في آخره « فان شهد شهد بحق قد سمعه. وان لم يشهد فلا شئ عليه لأنهما لم يشهداه ».
6- روى الكليني في الحسن كالصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها فهو بالخيار ، ان شاء شهد وان شاء سكت ، وقال : إذا اشهد لم يكن له الا أن يشهد » وفى الصحيح عن محمد بن مسلم نحوه وقال الشيخ في النهاية : « من علم شيئا من الأشياء ولم يكن قد اشهد عليه ثم دعى إلى أن يشهد كان بالخيار في اقامتها ، وفى الامتناع منها ، اللّهم الا أن يعلم أنه أن لم يقمها بطل حق مؤمن فحينئذ يجب عليه إقامة الشهادة » ويظهر من كلام ابن الجنيد التخيير مطلقا موافقا لظاهر أكثر الاخبار ، والمشهور وجوب الإقامة مطلقا لكن على التحقيق يرجع الخلاف بين الشيخ والمشهور إلى اللفظ لأنه على المشهور إذا كان هناك من الشهود ما ثبت به المدعى فالاقامة غير لازم لان وجوبه كفائي وحملوا الاخبار على هذه الصورة ، ولا يخفى أنه على ما حملوه لا وجه للفرق بين الاشهاد وعدمه الا أن يحمل على أنه مع الاشهاد تأكد استحباب الإقامة.

3327 - وروى علي بن أحمد بن أشيم (1) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل طهرت امرأته من حيضها فقال : فلانة طالق وقوم يسمعون كلامه ولم يقل لهم اشهدوا أيقع الطلاق عليها؟ قال : نعم هذه شهادة (2) أفتتركها معلقة » (3).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : معنى هذا الخبر الذي جعل الخيار فيه إلى الشاهد بحساب الرجلين هو إذا كان على ذلك الحق غيره من الشهود ، فمتى علم أن صاحب الحق مظلوم ولا يحيى حقه إلا بشهادته وجب عليه إقامتها ولم يحل

ص: 56


1- « أشيم » بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الياء المنقطة تحتها نقطتين وكان على من أصحاب الرضا عليه السلام وحاله مجهول والطريق إليه صحيح عند العلامة وفيه محمد بن علي ماجيلويه وهو من مشايخ الإجازة ، وقال المحقق البهبهاني : علي بن أحمد بن أشيم حكم خالي العلامة بحسنه لوجود طريق للصدوق إليه والرواية عنه كثيرة ويؤيده رواية أحمد بن محمد بن عيسى عنه - انتهى ، ورواه الكليني ج 6 ص 71 عنه.
2- يدل على الاكتفاء بسماع الشاهدين وان لم يشهدهما ، قال في المسالك : أجمع الأصحاب على أن الاشهاد شرط في صحة الطلاق والمعتبر سماع الشاهدين لانشاء الطلاق سواء قال لهما : أشهد أم لا. وقوله « أفتتركها معلقة » استفهام للانكار أي بلا زوج وبلا رخصة تزويج ، مع أنها مطلقة في الواقس. وهذا الكلام سبب لعدم رغبة الأزواج فيها.
3- في بعض النسخ « أفيتركها معلقة » ،

له كتمانها (1).

3328 - فقد قال الصادق عليه السلام : « العلم شهادة إذا كان صاحبه مظلوما » (2).

باب 336: الامتناع من الشهادة وما جاء في اقامتها وتأكيدها وكتمانها

3329 - روي عن محمد بن الفضيل (3) قال : قال العبد الصالح عليه السلام : « لا ينبغي للذي يدعى إلى شهادة أن يتقاعس عنها » (4).

3330 - وروى هشام بن سالم (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا » قال : قبل الشهادة ، وفي قوله عزوجل : « ومن يكتمها فإنه آثم قلبه » (6) قال : بعد الشهادة » (7).

3331 - وروى عثمان بن عيسى ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

ص: 57


1- استبعد بعض الأكابر قول المصنف (رحمه اللّه) في بيان الخبر وقال : ظاهر الحديث أن من تحمل شهادة بالاشهاد يجب عليه اقامتها لأنها أمانة عنده ، ولا يجب على من شهد القضية من غير اشهاد ، وما استدل به من قول الصادق عليه السلام فالظاهر منه أن العلم الحاصل بتواتر أو بقرينة فهو بمنزلة حضور القضية. واللّه أعلم.
2- لم أجده مسندا ، وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 79 بسند فيه ارسال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها فهو بالخيار ان شاء شهد وان شاء سكت الا إذا علم من الظالم فيشهد ، ولا يحل له أن لا يشهد » و « من » في قوله « من الظالم » موصولة.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 84 بسند صحيح عنه.
4- التقاعس : التأخر كما في القاموس.
5- طريق المصنف إلى هشام بن سالم صحيح وهو ثقة.
6- في المجمع اسناد الاثم إلى القلب لان الكتمان فعله لان العزم على الكتمان إنما يقع بالقلب ولان إضافة الاثم إلى القلب أبلغ في الذم كما أن إضافة الايمان إلى القلب أبلغ في المدح.
7- روى الكليني الخبر في الكافي بتقطيع في موضعين بسند حسن كالصحيح.

قلت له : « يكون للرجل من إخواني عندي الشهادة ليس كلها تجيزها القضاة عندنا ، قال : إذا علمت أنها حق فصححها بكل وجه حتى يصح له حقه » (1).

3332 - وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ن كتم الشهادة أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم أو ليتوي مال امرئ مسلم (2) أتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مد البصر وفي وجهه كدوح (3) تعرفه الخلائق باسمه ونسبه ، ومن شهد شهادة حق ليحيي بها مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة ولوجهه نور مد البصر تعرفه الخلائق باسمه ونسبه ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : ألا ترى أن اللّه عزوجل يقول : «وأقيموا الشهادة لله» (4).

3333 - وقال عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « ومن يكتمها فإنه آثم قلبه » قال : كافر قلبه » (5).

ص: 58


1- كأن يكون لامرأة من جهة مهر المتعة شئ عند رجل وإذا أخبر بأنه من جهة المتعة لا يجيزها العامة فيغيرها ويقول من جهة النكاح أو يقول : لها عليه هذا المبلغ ولا يسمى شيئا ، أو كان من جهة الرد في الإرث وهم لا يجيزونها بل يحكمون به للعصبة فيشهد بأن له عليهم دين كذا وكذا وهكذا في سائر ما هو مخالف لرأى العامة ، ومن الأفاضل من عمم الخبر بحيث يشمل حكم العدل كما إذا شهدت المرأة بوصية عشرة دراهم لرجل والحاكم يحكم بربعه فيشهد بأربعين درهما ليصل إليه ما أوصى له ، وفيه اشكال واللّه يعلم. ( المرآة )
2- توى - كرضى - : هلك ( القاموس ) وفى الكافي ج 7 ص 380 والتهذيب ج 2 ص 84 بسند فيه أبو جميلة مفضل بن صالح الضعيف « ليزوى » وفى النهاية « ما زويت عنى مما أحب » أي صرفته وقبضته ، واللام فيه وفى « ليهدر » للعاقبة.
3- « مد البصر » أي تسرى ظلمته إلى غيره بقدر مد البصر ، والكدوح : الخدوش جمع كدح وكل أثر من خدش أو عض فهو كدح كما في النهاية.
4- أي يجب أن تكون إقامة الشهادة لله فإذا تضمن اتلاف مال المسلم أو اهدار دمه من غير حق فلا يكون لله قال في المجمع : هذا - الكلام - خطاب للشهود أي أقيموها لوجه اللّه واقصدوا بأدائها التقرب إلى اللّه لا الطلب لرضا المشهود له والاشفاق من المشهود عليه.
5- لم أجده مسندا ، ورواه المفسر الجرجاني في تفسيره مرسلا أيضا.

باب 337: شهادة الزور وما جاء فيها

شهادة الزور وما جاء فيها (1)

3334 - روى محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في شهادة الزور قال : «إذا كان الشئ قائما بعينه رد على صاحبه (2) ، وإن لم يكن قائما ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل» (3).

3335 - وروى سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « شهود الزور يجلدون حدا وليس له وقت (4) ذلك إلى الامام ، ويطاف بهم حتى يعرفوا ولا يعودوا ، قال قلت : فإن تابوا وأصلحوا أتقبل شهادتهم بعد؟ فقال : إذا تابوا تاب اللّه عليهم وقبلت شهادتهم بعد ».

3336 - و « كان علي عليه السلام إذا أخذ شاهد زور (5) فإن كان غريبا (6) بعث به إلى حيه ، وإن كان سوقيا بعث به إلى سوقه (7) ثم يطيف به ، ثم يحبسه أياما ، ثم يخلي سبيله ».

3337 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد (8) عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام

ص: 59


1- أي حكم شهادة الزور وما جاء في شاهد الزور.
2- يعنى بعد ظهور الزور.
3- أي ضمن الشاهد بالزور بقدر ما أتلف بسبب شهادته.
4- أي ليس له مقدار معين والامر موكول إلى الامام وتعيينه ، والوقت : القدر والمقدار.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 85 باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر عن أبيه عليهما السلام هكذا « أن عليا عليه السلام كان إذا حد شاهد زور - الخ ».
6- في التهذيب في نسخة « إن كان أعرابيا ».
7- أي بعد اجراء الحد.
8- الطريق حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم ، وإبراهيم بن عبد الحميد ثقة.

« في امرأة شهد عندها شاهدان بأن زوجها مات فتزوجت ، ثم جاء زوجها الأول (1) ، قال : لها المهر بما استحل من فرجها الأخير ، ويضرب الشاهدان الحد ويضمنان المهر بما غرا الرجل ، ثم تعتد ، (2) وترجع إلى زوجها الأول ».

3338 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، وأبي أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « في رجلين شهدا على رجل غائب عند امرأته بأنه طلقها ، فاعتدت المرأة وتزوجت ، ثم إن الزوج الغائب قدم فزعم أنه لم يطلقها وأكذب نفسه أحد الشاهدين ، فقال لا سبيل للأخير عليها ، ويؤخذ الصداق من الذي شهد و رجع فيرد على الأخير (3) ويفرق بينهما ، وتعتد من الأخير ، ولا يقربها الأول حتى تنقضي عدتها ».

3339 - وروى علي بن مطر (4) عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن شهود الزور يجلدون حدا ليس له وقت ، ذلك إلى الامام ، ويطاف بهم حتى يعرفهم الناس ، وقوله عزوجل (5) : « ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا » ، قلت : بم تعرف توبته؟ قال : يكذب نفسه على رؤوس الاشهاد حيث يضرب ، ويستغفر ربه عزوجل فإن هو فعل ذلك فثم ظهرت توبته ».

3340 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (6) : « لا ينقضي كلام شاهد زور من بين يدي الحاكم

ص: 60


1- فتعين أن الشاهدين شهدا زورا. ( م ت )
2- « يضرب الشاهدان الحد » حمل على التعزير ، وفى بعض النسخ « بما غرم الرجل » وقوله « تعتد » أي من الزوج الأخير.
3- أي فيرد الصداق المأخوذ من الأخير من الشاهد الذي رجع عن شهادته إلى الأخير وربما يحمل على نصف مهر المثل وقيل : يشكل الحكم في الرواية بأخذ كل الصداق منه لأنه نصف السبب فلا يضمن الا النصف.
4- مجهول ، وفى طريقه محمد بن سنان وهو ضعيف.
5- مروى في التهذيب ج 2 ص 80 في الموثق عن سماعة بن مهران مضمرا.
6- مروى في الكافي ج 7 ص 383 بسند ضعيف عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

حتى يتبوأ مقعده من النار (1) ، وكذلك من كتم الشهادة ».

3341 - وروى صالح بن ميثم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « ما من رجل يشهد شهادة زور على رجل مسلم ليقطع ماله إلا كتب اللّه له مكانه صكا إلى النار » (2).

3342 - وروى جميل بن دراج ، عمن أخبره (3) عن أحدهما عليهما السلام « في الشهود إذا شهدوا على رجل ثم رجعوا عن شهادتهم وقد قضي على الرجل ضمنوا ما شهدوا به وغرموا ، فإن لم يكن قضي طرحت شهادتهم ولم يغرم الشهود شيئا (4).

باب 338: بطلان حق المدعى بالتحليف وإن كان له بينة

3343 - روى عبد اللّه بن أبي يعفور (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا رضي صاحب الحق بيمين المنكر لحقه فاستحلفه فحلف أن لا حق له قبله ذهبت اليمين بحق المدعي ولا دعوى له ، قلت : وإن كانت له بينة عادلة؟ قال : نعم وإن أقام بعد

ص: 61


1- في القاموس تبوأت منزلا أي هيأته.
2- الصك - بشد الكاف - ما يقال له : برأت أي كتاب الاقرار بالمال. وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : قوله عليه السلام « مكانه » مفعول فيه أي قبل أن يزول عن مكانه ، وقيل : عوضه ولا يخفى بعده.
3- السند مرسل كالصحيح لصحة الطريق وكون جميل ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه.
4- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - قال في المسالك : إذا رجع الشاهدان عن شهادة فإن كان قبل حكم الحاكم لم يحكم ، وإن كان بعد الحكم فإن كان مالا واستوفى لم ينقض الحكم ويغرم الشهود وان كانت العين باقية ، وقال الشيخ في النهاية : يرد العين مع بقائها ، ولو كانوا شهدوا بالزنا ورجعوا قبل الحكم واعترفوا بالتعمد حدوا للقذف ، فان قالوا : أخطأنا فوجهان ، ولو رجعوا بعد القضاء فإن كان قبل الاستيفاء فإن كان مالا قيل يستوفى وقيل : لا ، وإن كان في حد اللّه لم يستوف وإن كان حد آدمي أو مشتركا فوجهان.
5- هو ثقة ، والطريق إليه صحيح.

ما استحلفه باللّه خمسين قسامة (1) ما كان له حق فإن اليمين قد أبطلت كل ما ادعاه قبله مما قد استحلفه عليه » (2).

3344 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم (3) : « من حلف لكم باللّه على حق فصدقوه ، ومن سألكم باللّه فأعطوه ، ذهبت اليمين بدعوى المدعي (4) ولا دعوى له ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : متى جاء الرجل الذي يحلف على حق تائبا وحمل ما عليه مع ما ربح فيه فعلى صاحب الحق أن يأخذ منه رأس المال ونصف

ص: 62


1- القسامة الجماعة يشهدون أو يقسمون على شئ.
2- قال في المسالك ج 2 ص 368 : من فوائد اليمين انقطاع الخصومة في الحال لا براءة الذمة من الحق في نفس الامر ، بل يجب على الحالف فيما بينه وبين اللّه أن يتخلص من حق المدعى كما كان عليه له ذلك قبل الحلف ، وأما المدعى فإن لم يكن له بينة بقي حقه في ذمته إلى يوم القيامة ولم يكن له أن يطالبه به ولا أن يأخذه مقاصة كما كان له ذلك قبل التحليف ولا معاودة المحاكمة ولا تسمع دعواه لو فعل ، هذا هو المشهور بين الأصحاب لا يظهر فيه مخالف ومستنده أخبار كثيرة منها قوله (صلی اللّه عليه وآله) « من حلف لكم باللّه فصدقوه » ( كما يأتي ) وقوله عليه السلام « من حلف له باللّه فليرض » ( الكافي ج 7 ص 438 ) ورواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام - ثم ساق الكلام إلى أن قال : - « ولو أقام بعد احلافه بينة بالحق ففي سماعها أقوال : أحدها - وهو الأشهر - عدم سماعها مطلقا للتصريح به في رواية ابن أبي يعفور ودخولها في عموم الاخبار واطلاقها ، وادعى عليه الشيخ في الخلاف الاجماع ، ولان اليمين حجة للمدعى عليه كما أن البينة حجة للمدعى وكما لا يسمع يمين المدعى عليه ، بعد حجة المدعى كذلك لا تسمع حجة المدعى بعد حجة المدعى عليه ، وللشيخ في المبسوط قول آخر بسماعها مطلقا ذكره في فصل فيما على القاضي والشهود ، وفصل في موضع آخر منه بسماعها مع عدم علمه بها أو نسيانه ، وهو خيرة ابن إدريس ، وقال المفيد يسمع الا مع اشتراط سقوطها ، محتجا بأن كل حال يجب عليه الحق باقراره فيجب عليه بالبينة كما قبل اليمين ، وأجيب بالفرق بين البينة والاقرار لان الثاني أقوى فلا يلزم التسوية في الحكم ، والحق أن الرواية ان صحت كانت هي الحجة والفارق والا فلا.
3- لم أجده مسندا وجعله في الوسائل تتمة لخبر ابن أبي يعفور.
4- في بعض النسخ « بحق المدعى » وقوله « لا دعوى له » أي لا تبقى دعوى له.

الربح ويرد عليه نصف الربح لان هذا رجل تائب ، روى ذلك مسمع أبو سيار عن أبي عبد اللّه عليه السلام وسأذكر الحديث بلفظه في هذا الكتاب في باب الوديعة إن شاء اللّه تعالى.

باب 339: الحكم برد اليمين وبطلان الحق بالنكول

3345 - روى أبان ، عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أقام المدعي البينة فليس عليه يمين ، وإن لم يقم البينة فرد عليه الذي ادعي عليه اليمين فأبى فلا حق له » (1).

باب 340: الحكم باليمين على المدعى على الميت حقا بعد إقامة البينة

3346 - روي عن ياسين الضرير ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : « قلت للشيخ - يعني موسى بن جعفر - عليهما السلام (2) أخبرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلا يكون له بينة بماله ، قال : فيمين المدعى عليه (3) ، فإن حلف فلا حق له

ص: 63


1- رواه الكليني ج 7 ص 417 بسند فيه ارسال عن أبان عن البقباق عنه عليه السلام والضمير في « أبى » راجع إلى المدعى يعنى المدعى ان لم يقم البينة وطلب المدعى عليه منه اليمين فأبى أن يحلف فلا حق له. ثم اعلم أن « عن جميل » في السند كان مصحف « عن رجل ».
2- كذا في النسخ وقوله « يعنى » من المؤلف وليس في الكافي والتهذيب وعبد الرحمن ثقة وعده الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام لكن هنا وفى التهذيب باب وجوه الصيام ج 1 ص 436 في خبر روى عن أبي الحسن عليه السلام وفى الاستبصار ج 3 ص 133 أيضا في صوم يوم عرفة ، فما استظهر بعض الشراح بأن المراد بالشيخ الصادق عليه السلام لأنه مذكور في رواته دون رواة موسى بن جعفر عليهما السلام لا وجه له.
3- الظاهر أن خبره محذوف أي ثابت ولازم ، وقيل : هو على صيغة اسم الفاعل والضمير المجرور للمنكر أي فيمين المدعى ثابت على المدعى عليه. ( سلطان عن م ق ر )

وإن رد اليمين على المدعي فلم يحلف فلا حق له ، فإن كان المطلوب بالحق قد مات وأقيمت عليه البينة فعلى المدعي اليمين باللّه الذي لا إله إلا هو لقد مات فلان وإن حقه لعليه ، فإن حلف وإلا فلا حق له لأنا لا ندري لعله قد أوفاه بينة لا نعلم موضعهم أو بغير بينة قبل الموت ، فمن ثم صارت عليه اليمين مع البينة ، وإن ادعى بلا بينة فلا حق له لان المدعى عليه ليس بحي ، ولو كان حيا لالزم اليمين أو الحق أو يرد اليمين (1) فمن ثم لم يثبت له حق » (2).

باب 341: حكم المدعيين في حق يقيم كل واحد منهما البينة على أنه له

3347 - روى شعيب (3) ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه ذكر أن عليا عليه السلام أتاه قوم يختصمون في بغلة فقامت البينة لهؤلاء أنهم أنتجوها على مذودهم (4) لم يبيعوا ولم يهبوا ، وقامت البينة لهؤلاء أنهم أنتجوها على مذودهم لم يبيعوا و

ص: 64


1- قال العلامة المجلسي : الخبر يدل على ما هو المشهور من أنه لو كانت الدعوى على ميت يستحلف المدعى مع البينة على بقاء الحق في ذمة الميت ولا يظهر في ذلك مخالف من الأصحاب ، وفى تعدى حكم المسألة إلى ما شاركها في المعنى كالدعوى على الطفل أو الغائب أو المجنون قولان ومذهب الأكثر ذلك نظرا إلى مشاركتهم للميت في العلة المومى إليها فيكون من باب منصوص العلة ومن باب اتحاد طريق المسألتين ، وفيه أن العلة المذكورة في الخبر احتمال توفية الميت قبل الموت وهي غير حاصلة في محل البحث وان حصل مثله إذ مورد النص أقوى من الملحق به ، وذهب جماعة من الأصحاب منهم المحقق إلى العدم قصرا للحكم على مورد النص وهو غير بعيد.
2- أي ولما لم يكن حيا فلا يتصور شئ من الثلاثة فلا يسمع دعواه. ( سلطان )
3- شعيب هذا هو العقرقوفي ابن أخت أبي بصير يحيى بن القاسم وهو ثقة عين ولم يذكر المؤلف طريقه إليه ، ورواه الكليني مع الخبر الآتي في الكافي ج 7 ص 418 في الصحيح كليهما في خبر.
4- أي اتخذوها بالنتاج ، والمذود - كمنبر - معتلف الدابة.

يهبوا ، فقضى عليه السلام بها لأكثرهم بينة واستحلفهم » (1).

3348 - قال أبو بصير : (2) « وسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي القوم فيدعي دارا في أيديهم ويقيم البينة ويقيم الذي في يده الدار البينة أنها ورثها عن أبيه و لا يدري كيف أمرها ، فقال : أكثرهم بينة يستحلف وتدفع إليه ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : لو قال الذي في يده الدار : إنها لي وهي ملكي وأقام على ذلك بينة (3) وأقام المدعي على دعواه بينة كان الحق أن يحكم بها للمدعي لان اللّه عزوجل إنما أوجب البينة على المدعي ولم يوجبها على المدعى عليه (4) ، ولكن هذا المدعى عليه ذكر أنه ورثها عن أبيه ولا يدري كيف أمرها فلهذا

ص: 65


1- وجوب اليمين على من رجحت بينته هو مختار الشهيد في الدروس ، وظاهر عبارة اللمعة عدم وجوب اليمين. ( سلطان )
2- رواه الكليني في صدر الخبر المتقدم.
3- في بعض النسخ « على ذلك البينة ».
4- ظاهره أنه لا فرق بين كون بينة ذي اليد أكثر أو أعدل أم لا في ذلك وهذا يخالف مفهوم ما سيأتي من قوله « واستوى الشهود في العدالة » الا أن يقال : أن ذلك من كلام أبيه ولا يرتضى به ( سلطان ) وقال استاذنا الشعراني - مد ظله العالي - : ظاهر كلام الصدوق يدل على أن ذا اليد لا يقبل بينته إذا كانت خالية عن ذكر السبب ، وأما إذا ذكر السبب فتقبل بينته كما تقبل بينة غير ذي اليد فيعارض بينهما فيرجح الأكثر عددا وقال بعد ذلك فيما لو كان المتداعيان غير ذوي أيدي يرجح الأعدل ثم الأكثر عددا ، ولا فرق بين كون المتصرف أحدهما أو خارجا عنهما والى هذا الاختلاف في الكلام أشار سلطان العلماء ، وأما قبول بينة ذي اليد إذا كانت مستندة إلى سبب فغير بعيدة لان الزام البينة على المنكر ينتفى في الشرع لكونه حرجا فإذا رضى المنكر بإقامة البينة والتزم بالحرج فهو له ، وإنما قلنا الزامه بالبينة حرج لأنه لا يمكن لاحد أن يحفظ الشهود على براءة ذمته من كل دين محتمل وكون ما في يده من الأموال مما لا حق لاحد عليه ، وأيضا فان من شرط شهادة الشهود أن يزيد بها على علم القاضي وظاهر أن الشهود إنما يشهدون على ملك الناس لما في أيديهم باستناد تصرفهم وتقلبهم فيها فلا يزيد بشهادة الشهود على علم القاضي شئ فإنه يعرف تصرفه وتقلبه فيما بيده ولا ينكره المدعى أيضا فلا فائدة في الشهادة الا إذا شهدوا بالسبب فإنه يزيد على الاعتماد على التصرف وهو شئ ينافي شهود المدعى فرضا كما في الحديث إذ شهد كل من البينتين بالانتاج على ندور من شهدت له وحينئذ فلا وجه لرد شهادة ذي اليد مطلقا والحكم بشهادة غير ذي اليد فالصحيح أن يقال : إذا شهدت بينة ذي اليد بالسبب ولم يكتف بالاعتماد على التصرف في الشهادة على الملك قبل منه وعارضت بينه الخارج. وقال سلطان - العلماء - رحمه اللّه - في وجه الحديث : ان بينة الداخل مع ذكر السبب فيه خاصة مقدم على الخارج وهو مختار بعض الأصحاب. راجع المختلف

أوجب الحكم باستحلاف أكثرهم بينة ودفع الدار إليه.

ولو أن رجلا ادعى على رجل عقارا أو حيوانا أو غيره وأقام شاهدين وأقام الذي في يده شاهدين واستوى الشهود في العدالة لكان الحكم أن يخرج الشئ من يدي مالكه إلى المدعي لان البينة عليه ، فإن لم يكن الشئ في يدي أحد وادعى فيه الخصمان جميعا فكل من أقام البينة فهو أحق به ، فإن أقام كل واحد منهما البينة فإن أحق المدعيين من عدل شاهداه ، فان استوى الشهود في العدالة فأكثرهما شهودا يحلف باللّه ويدفع إليه الشئ هكذا ذكره أبي رضي اللّه عنه في رسالته إلي -.

باب 342: الحكم في جميع الدعاوي

قال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : إعلم يا بني أن الحكم في الدعاوي كلها أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ، فإن نكل عن اليمين لزمه الحق (1) ، فإن رد المدعى عليه اليمين على المدعي إذا لم يكن للمدعي شاهدان

ص: 66


1- لعل ذلك مع اللوث لغلبة ظن الحاكم بصدق المدعى فاكتفى بيمينه وهو القسامة على النحو المذكور في كتب الفروع ، ومختاره القضاء بمجرد النكول وهو مختار الشيخين أيضا ، وقيل رد اليمين على المدعى فان حلف قضى بحقه ولا يسقط وهو مختار بعض المحققين. (سلطان)

فلم يحلف فلا حق له إلا في الحدود فلا يمين فيها ، وفي الدم فإن البينة على المدعى عليه ، واليمين على المدعي (1) لئلا يبطل دم امرئ مسلم.

باب 343: الشهادة على المرأة

3349 - روي عن علي بن يقطين (2) عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال : « لا بأس بالشهادة على إقرار المرأة وليست بمسفرة (3) إذا عرفت بعينها أو يحضر من عرفها (4) ، - ولا يجوز عندهم أن يشهد الشهود على إقرارها دون أن تسفر فينظر إليها - ».

3350 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام « في رجل أراد أن يشهد على امرأة ليس لها بمحرم هل يجوز له أن يشهد عليها من وراء الستر ويسمع كلامها إذا شهد عدلان أنها فلانة بنت فلان

ص: 67


1- قيل : هذا مخالف للأصل وعليه الفتوى ، وقيل : هذا مخصوص ببعض الصور كأن يقيم المدعى عليه البينة على نفى الدم عنه وينسب إلى غيره بالبينة العادلة ، وقيل : المراد باليمين هو القسامة وهي خمسون يمينا ، أقول : في الكافي ج 7 ص 415 في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان اللّه حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم ، حكم في أموالكم أن البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه ، وحكم في دمائكم أن البينة على من ادعى عليه واليمين على من ادعى لكيلا يبطل دم امرئ مسلم ».
2- كذا في النسخ وهو الصواب وفى الكافي ج 7 ص 400 عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن أخيه جعفر بن عيسى بن يقطين عن أبي الحسن الأول عليه السلام وكان فيه سقط والصواب « عن أخيه جعفر بن عيسى عن ابن يقطين » وهو علي بن يقطين كما في المتن.
3- سفرت المرأة : كشفت عن وجهها فهي سافر. ( القاموس )
4- إلى هنا مروى في الكافي والتهذيب وفيهما بعده هكذا « فأما ان لا تعرف بعينها ولا يحضر من يعرفها فلا يجوز للشهود أن يشهدوا عليها وعلى اقرارها دون أن تسفر وينظروا إليها » فهو بيان ما يستفاد من أول الحديث وما في المتن بعده نقل مذهب العامة من كلام المؤلف.

التي تشهدك وهذا كلامها ، أو لا تجوز الشهادة عليها حتى تبرز وتثبتها بعينها (1)؟ فوقع عليه السلام : تتنقب وتظهر للشهود إن شاء اللّه » (2) وهذا التوقيع عندي بخطه عليه السلام.

باب 344: ابطال الشهادة على الجنف والربا وخلاف السنة

3351 - روى إسماعيل بن مسلم ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أنه قال : تبطل الشهادة في الربا والجنف (3) ، وإذا قال الشهود : إنا لا نعلم (4) خل

ص: 68


1- في بعض النسخ « يبينها بعينها ».
2- لا يخفى أن مضمون الخبر الأول أنه لا حاجة إلى استسفار الوجه إذا عرفت بعينها وهذا لا ينافيه من هذه الجهة بل يوافقه لأنه عليه السلام أمر بالنقاب ، والمنافاة من جهة أنه اكتفى في السابق بحضور من عرفها ولم يكتف هنا بل أمر بالظهور للشهود ولذا تصدى الشيخ للتوجيه ( سلطان ) وقال في الاستبصار ج 3 ص 19 : « هذا لا ينافي الخبر الأول من وجهين أحدهما أن يكون محمولا على الاحتياط والاستظهار ، والثاني أن يكون تتنقب وتظهر للشهود الذي يعرفون بأنها فلانة لأنه لا يجوز لهم أن يعرفونها بأنها فلانة بسماع الكلام وان لم يشاهدوها لان الاشتباه يدخل في الكلام ويبعد من دخوله مع البروز والمشاهدة » وقال استاذنا الشعراني - مد ظله - : الظاهر أن الشهود الذين أمرت بالظهور لهم غير الشهود الذين شهدوا عليها بالاقرار لان الشهود المعرفين كانوا من المحارم الذين يعرفونها لأنهم رأوها مرارا عديدة وأما شهود الاقرار فلا يعرفونها بعد الظهور والاستسفار أيضا لأنهم لم يروها سابقا فقوله عليه السلام « تتنقب » أي للشهود الذين شهدوا عليها بالاقرار لأنهم أجانب لا يعرفونها ولو بعد الكشف ، وقوله « تظهر » للشهود أي للشهود الذين يشهدون بأنها فلانة إذ يعرفونها بالكشف والرؤية ، ولا يخفى دلالة الحديث على جريان السيرة في عهدهم عليهم السلام في النساء باحتجاب الوجه وعدم جواز الكشف لغير المحارم الا لضرورة.
3- « تبطل » أمر في صورة الخبر ( الوافي ) والجنف - محركة - : الميل والجور وقد جنف في وصيته - كفرح - وأجنف مختص بالوصية ، والجنف مطلق الميل عن الحق. كما في القاموش. وفى بعض النسخ هنا وما يأتي « الحيف ».
4- أي انا كنا لا نعلم أنه ربا أو جنف أو خلاف سنة أو لا نعلم عدم جواز الشهادة عليه ( الوافي ) أو لا نعلم سبب استحقاق المدعى بل إنما شهدنا باقرار المدعى عليه ، أولا نعلم أن مثله في المعاملة لا يوجب الاستحقاق ، ولا يبعد أن يكون ذلك فيما لم يكن بطلانه من ضروريات الدين كالربا. ( مراد )

سبيلهم ، وإذا علموا عزرهم ».

3352 - وفي رواية عبد اللّه بن ميمون ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : يا رسول اللّه أحب أن تشهد لي على نخل نحلتها ابني ، قال : مالك ولد سواه؟ قال : نعم ، قال : فنحلتهم كما نحلته؟ قال : لا ، قال : فإنا معاشر الأنبياء لا نشهد على الجنف » (1).

3353 - وفي رواية أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي - رضي اللّه عنه - قال الصادق عليه السلام : « لا تشهد على من يطلق لغير السنة » (2).

باب 345: الشهادة على الشهادة

3354 - قال الصادق عليه السلام : « إذا شهد رجل على شهادة رجل فإن شهادته تقبل وهي نصف شهادة (3) وإن شهد رجلان عدلان على شهادة رجل فقد ثبت شهادة رجل واحد ».

ص: 69


1- لعل ذلك من خواص الأنبياء عليهم السلام ، فلا يخفى أن سماع قوله « نحلتها ابني » لا يوجب تحمل الشهادة ما لم يعين النحلة والابن ولم يصرح بالاقباض وان المراد بالشهادة ما يترتب عليها حكم حكم الحاكم بمقتضاها ، فلا يرد أن السماع موجب لتحمل الشهادة فكيف يقول صلى اللّه عليه وآله لا نشهد ( مراد ) أقول : قوله « من خواص الأنبياء » لعله لما سيجئ من جواز تفضيل بعض الأولاد على بعض.
2- السنة هنا بالمعنى الأعم أي ما يقابل البدعة كالطلاق في الحيض.
3- لا يصح انقسام اليمين لكنها جزء علة ، فإذا انضم إليها شهادة آخر يصير بمنزلة شاهد واحد. ( م ت )

3355 - وروى غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام كان لا يجيز شهادة رجل على شهادة رجل إلا شهادة رجلين على شهادة رجل ».

3356 - وروي عن عبد اللّه بن سنان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل شهد على شهادة رجل فجاء الرجل (1) فقال : إني لم أشهده قال : تجوز شهادة أعدلهما ، وإن كانت عدالتهما واحدة لم تجز شهادته » (2).

3357 - وسأل صفوان بن يحيى أبا الحسن عليه السلام « عن رجل أشهد أجيره على شهادة ثم فارقه أتجوز شهادته بعد أن يفارقه؟ قال : نعم ، قلت : فيهودي اشهد على شهادة ، ثم أسلم أتجوز شهادته؟ قال : نعم » (3).

3358 - وروى العلاء عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن الذمي والعبد يشهدان على شهادة ثم يسلم الذمي ويعتق العبد أتجوز شهادتهما على ما كانا اشهدا عليه؟ قال : نعم إذا علم منهما بعد ذلك خير جازت شهادتهما ».

3359 - وروى غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال

ص: 70


1- أي المشهود عليه.
2- عمل الشيخ في النهاية وجماعة بمدلول الخبر وقالوا : ان كذب الفرع الأصل تعمل بشهادة أعدلهما فان تساويا طرح الفرع ، والأشهر بين المتأخرين هو أنه إن كان قبل الحكم الحاكم لا عبرة بشهادة الفرع مع تكذيب الأصل وإن كان بعده نفذ حكم الحاكم ولا عبرة بقول الأصل فيحملون هذا الخبر وأمثاله على ما إذا شك الأصل قبل حكم الحاكم فينفذ بعده مطلقا ، ومنهم من قال به بعد الحكم فيبطل شهادة الفرع قبل مطلقا ، والأول أقوى لصحة الخبر. (المرآة)
3- قوله « أشهد أجيره على شهادة » كأنه فهم المصنف منه أنه أشهد الأجير على شهادة شخص آخر وكذا في الخبر الآتي فلذا أوردهما في هذا الباب والظاهر أنه أشهد أجيره على واقعة فالمراد من الشهادة في قوله « على شهادة » هي المشهود به ( سلطان ) وقال في الوافي قوله « على شهادة » أي شهادة شاهد لهذا الرجل فيصير الأجير شاهدا له.

علي عليه السلام : لا تجوز شهادة على شهادة في حد ، ولا كفالة في حد » (1).

3360 - وروي عن محمد بن مسلم عن الباقر أبي جعفر عليه السلام « في الشهادة على شهادة الرجل وهو بالحضرة في البلد ، قال نعم ولو كان خلف سارية ، ويجوز ذلك إذا كان لا يمكنه أن يقيمها لعلة تمنعه من أن يحضر ويقيمها ، فلا بأس بإقامة الشهادة على شهادته » (2).

3361 - وروى عمرو بن جميع ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : « أشهد على شهادتك من ينصحك ، قالوا : أصلحك اللّه كيف يزيد وينقص؟! قال : لا ولكن من يحفظها عليك » (3).

ولا تجوز شهادة على شهادة على شهادة (4).

باب 346: الاحتياط في إقامة الشهادة

3362 - روي عن علي بن غراب (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تشهدن على

ص: 71


1- في الروضة ضابطة قبول الشهادة على الشهادة كل ما لم يكن عقوبة لله تعالى مختصة به كشرب الخمر اجماعا أو مشتركة كالقذف على الخلاف.
2- السارية : الأسطوانة ، وقوله عليه السلام « يجوز ذلك » أي الشهادة على الشهادة مع حضور الأصل وهذا الكلام بمنزلة التقييد والتخصيص لقوله السابق ( سلطان ) أي جواز الاشهاد على شهادته مع حضوره في البلد مشروط بعدم تمكنه. ( مراد )
3- قوله « قالوا أصلحك اللّه » أي الحضار عند أبيه عليه السلام ، ولما كان تخصيص الاشهاد بالناصح أي الذي يريد اصلاح حال المنصوح يوهم أن غير الناصح قد يزيد وينقص في الشهادة قالوا : كيف يزيد وينقص من يشهد على شهادة فبين عليه السلام ان المراد بالناصح من يحفظ الشهادة ( مراد ) أو المراد أن الشاهد مع عدالته لا يزيد ولا ينقص فلا يحتاج إلى كونه ناصحا فأجاب عليه السلام بأن المراد كونه حافظا للشهادة.
4- يمكن أن يكون من تتمة خبر عمرو بن جميع أو كلاما للمؤلف أو خبرا ولم أجده.
5- علي بن غراب مشترك والطريق إليه اما ضعيف أو مجهول والخبر في الكافي عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن حسان وقد ضعفه العلامة ، عن إدريس بن الحسن وهو غير مذكور عن علي بن غياث.

شهادة حتى تعرفها كما تعرف كفك » (1).

3363 - وروي عن علي بن سويد قال : قلت لأبي الحسن الماضي عليه السلام « يشهدني هؤلاء على إخواني؟ قال : نعم أقم الشهادة لهم وإن خفت على أخيك ضررا ».

قال مصنف هذا الكتاب رحمه اللّه هكذا وجدته في نسختي ، ووجدت في غير نسختي « وإن خفت على أخيك ضررا فلا » ومعناهما قريب وذلك أنه إذا كان لكافر على مؤمن حق وهو موسر ملي به وجب إقامة الشهادة عليه بذلك وإن كان عليه ضرر بنقص من ماله ، ومتى كان المؤمن معسرا وعلم الشاهد بذلك فلا تحل له إقامة الشهادة عليه وإدخال الضرر عليه بأن يحبس أو يخرج عن مسقط رأسه أو يخرج خادمه عن ملكه ، وهكذا لا يجوز للمؤمن أن يقيم شهادة يقتل بها مؤمن بكافر ومتى كان غير ذلك فيجب إقامتها عليه ، فإن في صفات المؤمن ألا يحدث أمانته الأصدقاء ولا يكتم شهادة الأعداء (2).

3364 - وروي عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل يشهدني على الشهادة فأعرف خطي وخاتمي ولا أذكر من الباقي قليلا ولا كثيرا ، فقال : إذا كان صاحبك ثقة ومعك رجل ثقة فأشهد له » (3).

ص: 72


1- ظاهره في الشهادة على الشهادة ، ويمكن أن يكون « على » بمعنى « في » أو الشهادة بمعنى المشهود به.
2- روى الكليني في الكافي ج 2 ص 231 باسناده عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : « المؤمن يصمت ليسلم ، وينطق ليغنم ، لا يحدث أمانته الأصدقاء ولا يكتم شهادته من البعداء ، وفى بعض نسخه « من الأعداء ».
3- حمله العلامة في المختلف على ما إذا حصل بالقرائن الحالية والمقالية للشاهد ما استفاد به العلم وحينئذ فشهادته مستندة إلى العلم لا إلى خطه ، والشيخ - رحمه اللّه - في النهاية عمل باطلاق الخبر ولم يقيده بالخاتم كما ذكر واللازم ذلك وقوفا فيما خالف الأصل على مورده مع معارضته باخبار كثيرة دلت على عدم الاكتفاء بذلك. ( الروضة البهية )

وروي أنه لا تكون الشهادة إلا بعلم ، من شاء كتب كتابا [ أ ] ونقش خاتما (1).

باب 347: شهادة الوصي للميت وعليه دين

3365 - كتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام « هل تقبل شهادة الوصي للميت بدين له على رجل مع شاهد آخر عدل؟ فوقع عليه السلام : إذا شهد معه آخر عدل فعلى المدعي يمين. (2) وكتب إليه أيجوز للوصي أن يشهد لوارث الميت صغيرا أو كبيرا بحق له على الميت أو على غيره وهو القابض للوارث الصغير وليس للكبير بقابض؟ فوقع عليه السلام : نعم وينبغي للوصي أن يشهد بالحق (3) ولا يكتم شهادته. وكتب إليه أو تقبل شهادة الوصي على الميت بدين مع شاهد آخر

ص: 73


1- روى الكليني في الكافي عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا تشهد بشهادة لا تذكرها فإنه من شاء كتب كتابا ونقش خاتما ».
2- لعل المراد به وارث الميت والحكم بها كناية عن عدم قبول شهادة الوصي فيما هو وصى فيه كما هو المشهور ( خلافا لابن الجنيد حيث قبل شهادة الوصي ومال إليه في الدروس ) فيثبت الحق بالشاهد الواحد واليمين وعلى هذا يحتاج إلى تأويل فيما بعد ، ويحتمل أن يقال المراد ضم اليمين هنا إلى الشاهدين للاستظهار كما في بعض المواضع وحينئذ لا يحتاج إلى تأويل فيما بعد لكن خلاف المشهور من جهتين ( سلطان ) وفى الوافي : إنما أوجب اليمين في المسألة الأخيرة لان الدعوى على الميت وأما في المسألة الأولى فلعله للاستظهار والاحتياط لمكان التهمة ، وقال العلامة المجلسي : قوله « فعلى المدعى يمين » أي لا عبره بشهادة الوصي ومع وجود شاهد آخر يثبت الحق به وبيمين الوارث.
3- هذا لا ينافي عدم قبول شهادته في حق الصغير كما هو المشهور من عدم قبول شهادة الوصي فيما هو وصى فيه ، وذهب ابن الجنيد إلى قبولها كما يوهمه الخبر. ( المرآة )

عدل؟ فوقع عليه السلام : نعم من بعد يمين » (1).

باب 348: النهى عن احياء الحق بشهادات الزور

3366 - سئل أبو عبد اللّه عليه السلام (2) « عن الرجل يكون له على الرجل حق فيجحد حقه ويحلف أن ليس له عليه شئ وليس لصاحب الحق على حقه بينة أيجوز له إحياء حقه بشهادة الزور إذا خشي ذهاب حقه؟ قال : لا يجوز ذلك لعلة التدليس » وهذا في رواية يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

باب 349: نوادر الشهادات

3367 - قال الصادق عليه السلام : « إذا دفنت في الأرض شيئا فأشهد عليها فإنها لا تؤدي إليك شيئا ».

3368 - وقال عليه السلام : « أول شهادة شهد بها بالزور في الاسلام شهادة سبعين رجلا حين انتهوا إلى ماء الحوأب فنبحتهم كلابها فأرادت صاحبتهم الرجوع ، و قالت : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول لأزواجه : « إن إحداكن تنبحها كلاب الحوأب (3)

ص: 74


1- يدل مع صحته على ثبوت اليمين الاستظهاري إذا كان الدعوى على الميت ، إذ لا مانع من قبول شهادة الوصي على الميت وإنما لا يقبل إذا كانت له. ( المرآة )
2- مروى في الكافي ج 7 ص 388 والتهذيب ج 2 ص 80 عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحابه عنه عليه السلام.
3- الحوأب : موضع بئر من مياه العرب على طريق البصرة وفيه نبحت كلابه على عائشة عند مقبلها إلى البصرة كما في المجلد الثالث ص 356 من معجم الحموي وقال : « في الحديث أن عائشة لما أرادت المضي إلى البصرة في وقعة جمل مرت بهذا الموضع فسمعت نباح الكلاب فقالت : ما هذا الموضع؟ فقيل لها : هذا موضع يقال له : حوأب فقالت : ردوني وهمت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها أنه ليس بالحوأب ». وفى شرح النهج لابن أبي الحديد قال : « قال أبو مخنف : لما انتهت عائشة في مسيرها إلى الحوأب وهو ماء لبنى عامر بن صعصعة نبحتها الكلاب حتى نقرت صعاب ابلها ، فقال قائل من أصحابها : الا ترون ما أكثر كلاب الحوأب وما أنشد نباحها ، فأمسكت زمام بعيرها وقالت : وانها لكلاب الحوأب؟ ردوني ردوني ، فانى سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه يقول. وذكرت الخبر ، فقال قائل : مهلا يرحمك اللّه ، فقد جزنا ماء الحوأب ، فقالت : فهل من شاهد؟ فلفقوا لها خمسين أعرابيا جعلوا لهم جعلا ، فحلفوا لها ان هذا ليس بماء الحوأب ، فسارت لوجهها ».

في التوجه إلى قتال وصيي علي بن أبي طالب عليه السلام « فشهد عندها سبعون رجلا إن ذلك ليس بماء الحوأب ، فكانت أول شهادة شهد بها في الاسلام بالزور ».

3369 - وقيل للصادق عليه السلام : « إن شريكا يرد شهادتنا ، فقال : لا تذلوا أنفسكم » (1).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : ليس يريد عليه السلام بذلك النهي عن إقامتها لان إقامة الشهادة واجبة ، إنما يعني بها تحملها يقول : لا تتحملوا الشهادات فتذلوا أنفسكم بإقامتها عند من يردها ، وقد روي عن أبي كهمس أنه قال : « تقدمت إلى شريك في شهادة لزمتني فقال لي : كيف أجيز شهادتك وأنت تنسب إلى ما تنسب إليه ، قال أبو كهمس : فقلت : وما هو؟ قال : الرفض ، قال : فبكيت ثم قلت : نسبتني إلى قوم أخاف ألا أكون منهم ، فأجاز شهادتي » وقد وقع مثل ذلك لابن أبي يعفور ولفضيل سكرة.

ص: 75


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 86 باسناده عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عنه عليه السلام والمراد بشريك شريك بن عبد اللّه بن أبي شريك النخعي الكوفي القاضي وكان من قضاة العامة ولى القضاء بواسط سنة 155 ثم ولى الكوفة وتوفى بها سنة سبع وسبعين ومائة ، وقيل : المراد أنه لا تذلوا أنفسكم بإقامة الشهادة عند من لا يقبلها.

باب 350: الشفعة

الشفعة(1)

3370 - روى طلحة بن زيد عن الصادق عن أبيه عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قضى بالشفعة ما لم تورف (2) - يعني تقسم - ).

3371 - وروى عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن ، وقال : لا ضرر ولا [ إ ] ضرار » (3).

ص: 76


1- الشفعة - بالضم - : استحقاق حق تملك الشقص على شريكه المتجدد ملكه قهرا بعوض والشريك شفيع لأنه يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به وكأنه كان واحدا وترا فصار زوجا شفعا ( م ت ) وفى الشرايع هي استحقاق أحد الشريكين حصة شريكه بسبب انتقالها بالبيع.
2- في فصل الهمزة من القاموس « الأرفة - بالضم - : الحد بين الأرضين » وفى فصل الواو « ورف الأرض - من باب التفعيل - قسمها ». وطلحة بن زيد بتري يكنى أبا الخزرج كان ضعيفا عامي المذهب.
3- نهى في صورة النفي. أي لا يضر الرجل ابتداء ولا يضره جزاء لان الضرر يكون من الواحد ، والضرار من الاثنين بمعنى الضارة ، وهو أن تضر من ضرك ، وفى المجمع : الضرار فعال من الضر أي يجازيه على اضراره بادخال الضرر عليه ، والضرر فعل الواحد والضرار فعل الاثنين ، والضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه ، « وقيل : الضرر ما تضر به صاحبك وتنتفع أنت به ، والضرار أن تضره من غير أن تنتفع أنت به. وقال أستاذنا الشعراني - مد ظله - : اختلف أصحابنا في ثبوت الشفعة في جميع الاملاك أو في بعضها ، وأثبت كثير من قدمائنا الشفعة في كل مال منقول أو غير منقول وخصها كثير من المتأخرين بغير المنقول ، قال في القواعد : كل عقار ثابت مشترك بين اثنين قابل للقسمة ، وعلى هذا فلا تثبت في المنقول ولا في البناء ولا الأشجار من غير المنقول إذا بيعا منفردين ولا في مثل الغرفة المبنية على بيت لعدم كونها ثابتة على الأرض ، فلا تدخل تلك الغرفة في شفعة الأرض تبعا للأرض وتثبت في الدولاب تبعا لأنه غير منقول في العادة ، ولا تثبت في الثمرة على الشجرة ولو تبعا ، ولا تثبت الشفعة في كل مال غير قابل للقسمة وإن كان غير منقول كالطاحونة وبئر الماء والحمام وذلك لان حكمة الشفعة التضرر بالقسمة وإذا لم يمكن تقسيم المال أمن الضرر ولا يمكن أن يكون نفس الشركة ضررا موجبا للشفعة فإنها كانت حاصلة ولم يثبت بالبيع شئ لم يكن. قلت : يمكن أن تكون الحكمة أن الشريك الأول ربما يكون بحيث يمكن مساكنته ومعاملته بخلاف الشريك الثاني إذ ربما يكون سيئ المعاشرة والمعاملة فلذلك تثبت الشفعة شرعا.

3372 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا أرفت الارف وحدت الحدود فلا شفعة (1) [ ولا شفعة إلا لشريك غير مقاسم ] » (2).

3373 - وروى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : « قال علي عليه السلام (3) : الشفعة على عدد الرجال » (4).

3374 - وفي رواية طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : « قال علي عليه السلام : الشفعة على عدد الرجال ».

ص: 77


1- هذا الخبر في الكافي والتهذيب جزء من خبر عقبة بن خالد.
2- هذا الذيل ليس في بعض النسخ ولا الكتابين ولعلها من زيادات النساخ.
3- في بعض النسخ « قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ».
4- أي لكل واحد من الشركاء استحقاق الاخذ بالشفعة وظاهر هذا الخبر وما يأتي بل وخبر عقبة بن خالد حصول الشفعة مع تعدد الشركاء وأنها على عدد الرؤوس لا على قدر السهام ، وفى ثبوت الشفعة مع كثرة الشركاء اختلاف بين الفقهاء - قدس اللّه أسرارهم - وذلك لاختلاف النصوص ففي التهذيب في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تكون الشفعة الا لشريكين ما لم يتقاسما فإذا صاروا ثلاثة فليس لواحد منهم شفعة » وفى آخر كما يأتي عنه عليه السلام « إذا كان الشئ بين الشريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره ، فان زاد على الاثنين فلا شفعة لاحد منهم » وعمل بذلك الاخبار علي بن بابويه - كما في الايضاح - والصدوق نفسه في المقنع ونسب ثبوتها مع الكثرة إلى الرواية ، والشيخان والمرتضى والسلار وأبو الصلاح وابن البراج وابن حمزة وابن زهرة وقطب الدين الكيدري وابن إدريس - وادعى عليه الاجماع في السرائر - والمحقق والعلامة. وبما خالفها من الاخبار الصدوق في الفقيه في غير الحيوان وابن الجنيد ، وحجة القائلين بعدم ثبوتها مع الكثرة سوى النصوص أصالة عدم الشفعة وثبوت الملك في غير موضع الوفاق. راجع لمزيد البيان المسالك ج 2 ص 272.

3375 - وقال عليه السلام : « ليس لليهودي والنصراني شفعة ، ولا شفعة إلا لشريك غير مقاسم » (1).

3376 - وفي رواية طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : الشفعة لا تورث » (2).

3377 - وفي رواية السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا شفعة في سفينة ولا في نهر ولا في طريق ولا في رحى ولا في حمام »(3).

3378 - وقال علي عليه السلام : « وصي اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة إذا كانت

ص: 78


1- رواه الشيخ والكليني عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وقوله عليه السلام : « ليس لليهودي - الخ » أي على المسلم للاجماع على ثبوتها لهما على غير المسلم ، وعدم ثبوت شفعة الكافر على المسلم أيضا اجماعي.( المرآة )
2- قال في الروضة : الشفعة تورث عن الشفيع كما يورث الخيار في أصح القولين لعموم أدلة الإرث ، وقيل : لا يورث استنادا إلى رواية ضعيفة السند وهي رواية طلحة بن زيد.
3- حمل على ما إذا كانت هذه الأشياء ضيقة لا تقبل القسمة ، قال استاذنا الشعراني : أما السفينة فمال منقول وأيضا غير قابل للقسمة ، والنهر غير قابل لها غالبا ، والطريق ان بيع منفردا عن الدور فلا شفعة فيها إن كان ضيقا غير قابل للتقسيم كما هو الغالب في الطريق التي تباع ، والرحى والحمام أيضا لا يقبلان القسمة ، فهذا الخبر لا يخالف مذهب أكثر المتأخرين فإنهم اشترطوا امكان الانقسام في المأخوذ بالشفعة لان في كثير من أخبار - الشفعة اثباتها في ما لم يقسم وظاهرها أن يكون قابلا للانقسام ولم يقسم لا السالبة بانتفاء القابلية - انتهى. وفى الشرايع « في ثبوت الشفعة في النهر والطريق والحمام وما لا تضر قسمته تردد أشبهه أنها لا تثبت ، ونعني بالضرر أن لا ينتفع به بعد قسمته ، والمتضرر لا يجبر على القسمة ، ولو كان الحمام أو الطريق أو النهر مما لا تبطل منفعته بعد القسمة أجبر الممتنع وتثبت الشفعة.

[ له ] رغبة ، وقال عليه السلام : للغائب الشفعة » (1).

3379 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إذا وقعت السهام ارتفعت الشفعة (2).

3380 - وسئل الصادق عليه السلام (3) « عن الشفعة لمن هي؟ وفي أي شئ هي؟ وهل تكون في الحيوان شفعة؟ وكيف هي؟ قال : الشفعة واجبة في كل شئ من حيوان أو أرض أو متاع إذا كان الشئ بين شريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره ، فإن زاد على الاثنين فلا شفعة لاحد منهم » (4).

ص: 79


1- مروى في الكافي ج 5 ص 281 عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عنه صلوات اللّه عليهما. وقوله عليه السلام « إذا كانت له رغبة » أي مصلحة للطفل فيها ، ويدل على أن الأب والجد والوصي يأخذون بالشفعة للطفل إذا كان له غبطة ، و على أن للغائب شفعة كما هو المشهور فيهما. و قال المحقق:« و تثبت للغائب و السفيه و كذا المجنون و السبى و يتولى الاخذ وليهما مع الغبطة» و قال في المسالك: لا شبهة في ثبوتها لمن ذكر لعموم الأدلة المتناولة للمولى عليه و غيره، و أمّا الغائب فيتولى هو الاخذ بعد حضوره و ان طال زمان الغيبة، و لو تمكن من المطالبة في الغيبة بنفسه أو وكيله فكالحاضر، و لا عبرة بتمكنه من الاشهاد على المطالبة فلا يبطل حقه و لو لم يشهد بها.
2- مروى في الكافي ج 5 ص 280 في الضعيف عن حماد ، عن جميل ، عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام.
3- في الكافي والتهذيب مسندا عن يونس عن بعض رجاله عن الصادق عليه السلام.
4- قال في المسالك ج 2 ص 269 : « اختلف الأصحاب في محل الشفعة من الأموال بعد اتفاقهم على ثبوتها في العقار الثابت للقسمة كالأرض والبساطين على أقوال كثيرة منشاؤها اختلاف الروايات فذهب أكثر المتقدمين وجماعة من المتأخرين منهم الشيخان والمرتضى و ابن الجنيد وأبو الصلاح وابن إدريس إلى ثبوتها في كل مبيع منقولا كان أم لا ، قابلا للقسمة أم لا ، ومال إليه الشهيد في الدروس ونفى عنه العبد ، وقيده آخرون بالقابل للقسمة وتجاوز آخرون بثبوتها في المقسوم أيضا اختاره ابن أبي عقيل واقتصر أكثر المتأخرين على ما اختاره المحقق من اختصاصها بغير المنقول عادة مما يقبل القسمة » والمراد بقبول القسمة هو أن لا يخرج عن حد الانتفاع بحيث لا يمكن الاستفادة المعتد بها منه.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني بذلك الشفعة في الحيوان وحده فأما في غير الحيوان فالشفعة واجبة للشركاء وإن كانوا أكثر من اثنين ، وتصديق ذلك ما رواه (1) :

3381 - أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألته عن مملوك بين شركاء أراد أحدهم بيع نصيبه ، قال : يبيعه ، قال قلت : فإنهما كانا اثنين ، فأراد أحدهما بيع نصيبه فلما أقدم على البيع قال له شريكه : أعطني ، قال : هو أحق به ، ثم قال عليه السلام : لا شفعة في حيوان إلا أن يكون الشريك فيه واحدا » (2).

3382 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل اشترى دارا برقيق ومتاع وبز وجوهر ، فقال : ليس لأحد فيها شفعة » (3).

وإذا كانت دارا فيها دور وطريق أربابها في عرصة واحدة فباع أحدهم دارا منها من رجل وطلب صاحب الدار الأخرى الشفعة فإن له عليه الشفعة إذا لم يتهيأ

ص: 80


1- قال الفاضل التفرشي : يمكن التوفيق بينه وبين ما سبق من جريان الشفعة مع تكثر الشركاء بأن يكون هذا على وجوب الشفعة أي وجوب دفع المشترى ما اشتراه إلى الشريك الواحد عند طلبه وحمل ما سبق على استحباب ذلك أي استحباب دفعه عند طلب الشركاء ، وأما حمل المصنف ففي غاية البعد واستشهاده مبنى على اعتبار المفهوم في قوله عليه السلام « لا شفعة في حيوان » وهو غير حجة على ما تقرر في الأصول مع أنه من قبيل مفهوم اللقب.
2- مفهوم هذه الرواية ثبوت الشفعة في غير الحيوان إذا كان الشريك أكثر. ولا يخفى ضعف دلالة المفهوم مع تضمن الخبر ثبوت الشفعة في الحيوان وفى موثقة سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « ليس في الحيوان شفعة » ( التهذيب ج 2 ص 163 ).
3- في المسالك : لا خلاف في ثبوت الشفعة على تقدير كون الثمن مثليا ، واختلفوا فيما إذا كان قيميا فذهب جماعة منهم الشيخ في الخلاف مدعيا الاجماع والعلامة في المختلف إلى عدم ثبوت الشفعة حينئذ اقتصارا فيما خالف الأصل على موضع اليقين ولرواية علي بن رئاب عن الصادق عليه السلام وذهب الأكثر ومنهم الشيخ في غير الخلاف ، والعلامة في غير المختلف إلى ثبوتها لعموم الأدلة ولان القيمة بمنزلة العوض المدفوع ولضعف مستند المنع سندا ودلالة أما الأول ففي طريقة الحسن بن سماعة وهو واقفي والعجب من دعوى العلامة في التحرير صحته مع ذلك ، ودلالته على موضع النزاع ممنوعة ، فان نفى الشفعة أعم من كونه بسبب كون الثمن قيميا أو غيره إذ لم يذكر أن في الدار شريكا فجاز نفى الشفعة لذلك عن الجار وغيره أو لكونها غير قابلة للقسمة أو لغير ذلك ، وبالجملة فان المانع من الشفعة غير مذكور وأسباب المنع كثيرة فلا وجه لحمله على المتنازع فيه أصلا ، والعجب مع ذلك من دعوى أنها نص في الباب مع أنها ليست ظاهرة فضلا عن النص - انتهى ، أقول : تضعيفه - رحمه اللّه - السند لا وجه له لأنه مبنى على طريق الشيخ في التهذيب حيث رواه باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن ابن محبوب عن ابن رئاب وأما المصنف فطريقه إلى ابن محبوب في غاية الصحة حيث رواه عن شيخه محمد بن موسى بن المتوكل وهو ثقة جليل ، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري القمي وهو شيخ القميين ووجههم - وثقه الشيخ والنجاشي وغيرهما - أو عن سعد بن عبد اللّه القمي الأشعري وهو شيخ الطائفة وفقيهها ووجهها وثقه كلهم ، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن سعد بن مالك الأشعري الذي هو من الاجلاء وكان شيخا وجيها فقيها غير مدافع وثقه النجاشي والشيخ والعلامة. والبز اما مطلق الثياب أو متاع البيت الثياب وغيره.

له أن يحول باب الدار التي اشتراها إلى موضع آخر (1) ، فإن كان حول بابها فلا شفعة لاحد عليه (2).

ص: 81


1- كأن مدرك هذه الفتوى حسنة منصور بن حازم قال « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن دار فيها دور وطريقهم واحد في عرصة الدار فباع بعضهم منزله من رجل هل لشركائه في الطريق أن يأخذوا بالشفعة؟ فقال : إن كان باع الدار وحول بابها إلى طريق غير ذلك فلا شفعة لهم ، وان باع الطريق مع الدار فلهم الشفعة » رواه الكليني ج 5 ص 280 في الحسن كالصحيح ، وروى في آخر حسن عن منصور أيضا قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : دار بين قوم اقتسموها فأخذ كل واحد منهم قطعة وبناها وتركوا بينهم ساحة فيها ممرهم ، فجاء رجل فاشترى نصيب بعضهم أله ذلك؟ قال : نعم ولكن يسد بابه ويفتح بابا إلى الطريق أو ينزل من فوق البيت و يسد بابه فان أراد صاحب الطريق بيعه فإنهم أحق به والا فهو طريقه يجيئ حتى يجلس على ذلك الباب ».
2- هذا إذا لم يكن البايع قد باع حقه من الطريق المشترك مع داره ، بل باع الدار فقط وفتح لها بابا إلى الطريق السالك فلا شفعة حينئذ لأن المبيع غير مشتركة ولا في حكمه كالاشتراك في الطريق وإن كان باع الدار مع الطريق المشترك تثبت الشفعة. ( زين الدين )

ومن طلب شفعة وزعم أن ماله غير حاضر وأنه في بلد آخر انتظر به مسيرة الطريق في ذهابه ورجوعه وزيادة ثلاثة أيام فإن أتى بالمال وإلا فلا شفعة له (1).

وإذا قال طالب الشفعة للمشتري : بارك اللّه لك فيما اشتريت (2) أو طلب منه مقاسمة فلا شفعة له (3).

وكان شيخنا محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه - يقول : ليس في الموهوب والمعاوض به شفعة (4) إنما الشفعة فيما اشتريت بثمن معلوم ذهب أو فضة ويكون غير مقسوم.

ص: 82


1- في المسالك : « إذا ادعى غيبة الثمن فان ذكر أنه ببلده أجل ثلاثة أيام من وقت حضوره للاخذ وان ذكر أنه ببلد آخر أجل مقدار ذهابه وعوده وثلاثة أيام كما تقتضيه الرواية » أقول : الظاهر مراده من الرواية حسنة علي بن مهزيار في التهذيب ج 2 ص 163 « قال : سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عن رجل طلب شفعة أرض فذهب على أن يحضر المال فلم يتفق فكيف يصنع صاحب الأرض ان أراد بيعها أيبيعها أو ينتظر مجئ شريكه صاحب الشفعة؟ قال : إن كان معه بالمصر فلينتظر به ثلاثة أيام فان أتاه بالمال والا فليبع وبطلت شفعته في الأرض ، وان طلب الأجل إلى أن يحمل المال من بلد آخر فلينتظر به مقدار ما سافر الرجل إلى تلك البلدة وينصرف وزيادة ثلاثة أيام إذا قدم فان وافاه والا فلا شفعة له » وقيده الأصحاب بما إذا لم يتضرر المشترى بالتأخير بأن كان البلد الذي نسب الثمن إليه بعيدا جدا كالعراق من - الشام ونحو ذلك والا بطلت ، والمراد ببطلانها على تقدير عدم احضاره في المدة المضروبة سقوطها.
2- لتضمنه الرضا بالبيع أو لمنافاته الفورية ، وفيه كلام راجع المسالك ج 2 ص 283.
3- هذا أيضا من حيث دلالته على الرضا بالبيع المبطل للشفعة.
4- ذلك لاشتراط انتقال الشقص بالبيع فلا تثبت لو انتقل بهبة أو صلح أو صداق أو صدقة خلافا لابن الجنيد حيث ذهب إلى ثبوتها بانتقال الحصة وان لم يكن بعقد وقيل : وكأنه احتج بأن حكمة تشريعها موجودة في جميع صور الانتقالات وفيه نظر لان وجود الحكمة غير كاف لعدم الانضباط والشارع ضبطها بالبيع لكونها وصفا مضبوطا ألا ترى أنه ضبط القصر بالسفر وان وجدت المشقة في غيره ، ويمكن أن يقال : التخصيص بالذكر ليس دليلا على تخصيص الحكم به لان الغالب في المعاملات ونقل الاملاك البيع ، واستدل أيضا بخبر أبي بصير الآتي وفيه نظر لجواز أن يكون نفى الشفعة لكثرة الشركاء ، والحق أن حق الشفعة خلاف الأصل وكل ما هو على خلاف الأصل يقتصر فيه على موارد النص.

وحديث علي بن رئاب يؤيد ذلك (1).

وإذا تبرأ الرجل إلى الرجل من نصيبه في دار أو أرض فلا شفعة لاحد عليه (2) ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم.

3383- وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام (3) قال : « سألته عن رجل تزوج امرأة على بيت في دار له ، وله في تلك الدار شركاء ، قال : جائز له ولها ، ولا شفعة لاحد من الشركاء عليها » (4).

باب 351: الوكالة

3384 - روي جابر بن يزيد ، ومعاوية بن وهب (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « من وكل رجلا على إمضاء أمر من الأمور فالوكالة ثابتة أبدا حتى يعلمه بالخروج منها كما أعلمه بالدخول فيها » (6).

3385 - وروى عن عبد اللّه بن مسكان ، عن أبي هلال الرازي قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « رجل وكل رجلا بطلاق امرأته إذا حاضت وطهرت ، وخرج الرجل

ص: 83


1- حيث نفى الشفعة فيما إذا كان الثمن قيميا.
2- الظاهر أن المراد أنه جعل نفسه بريئا من نصيبه في ذلك الشئ وأعطاه لشريكه وأبرأه من حصته فلا شفعة لان الشفعة مختصة بالبيع. ( سلطان )
3- في بعض النسخ « عن أبي عبد اللّه عليه السلام ».
4- استدل به على انحصار حق الشفعة بالبيع وتقدم الاشكال فيه.
5- طريق المصنف إلى جابر بن يزيد ضعيف بعمرو بن شمر ، والى معاوية بن وهب صحيح كما في الخلاصة.
6- التشبيه اما في أصل الاعلام أو في كيفيته ، فعلى الثاني لا يكفي اخبار الواحد غير العدل بل العادل ، لكن صحيحة هشام بن سالم كما سيأتي تحت رقم 3385 - تدل على الاكتفاء بالثقة ( سلطان ) وقال المولى المجلسي : يمكن أن يقال بجواز الدخول في الوكالة أيضا بقول الثقة وان لم يثبت الا بالعدل وهو الأظهر من الاخبار. أقول : في الروضة « لا يكفي في انعزاله الاشهاد من الموكل على عزله على الأقوى خلافا للشيخ وجماعة ».

فبدا له فأشهد أنه قد أبطل ما كان أمره به وأنه قد بدا له في ذلك ، قال : فليعلم أهله وليعلم الوكيل » (1).

3386 - وروي عن علاء بن سيابة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة وكلت رجلا بأن يزوجها من رجل فقبل الوكالة فأشهدت له بذلك فذهب الوكيل فزوجها ثم إنها أنكرت ذلك الوكيل وزعمت أنها عزلته عن الوكالة ، فأقامت شاهدين أنها عزلته ، فقال : ما يقول من قبلكم في ذلك؟ قال : قلت : يقولون ينظر في ذلك ، فإن كانت عزلته قبل أن يزوج فالوكالة باطلة والتزويج باطل ، وإن عزلته وقد زوجها فالتزويج ثابت على ما زوج الوكيل وعلى ما اتفق معها من الوكالة إذا لم يتعد شيئا مما أمرت به واشترطت عليه في الوكالة ، قال : ثم قال : يعزلون الوكيل عن وكالتها ولم تعلمه بالعزل؟! فقلت : نعم يزعمون أنها لو وكلت رجلا وأشهدت في الملا و قالت في الملا اشهدوا اني قد عزلته وأبطلت وكالته بلا أن يعلم بالعزل وينقضون جميع ما فعل الوكيل في النكاح خاصة ، وفي غيره لا يبطلون الوكالة إلا أن يعلم الوكيل بالعزل ويقولون : المال منه عوض لصاحبه (2) والفرج ليس منه عوض إذا وقع منه ولد (3) فقال عليه السلام : سبحان اللّه ما أجور هذا الحكم وأفسده!! إن النكاح أحرى و أحرى أن يحتاط فيه وهو فرج ومنه يكون الولد ، إن عليا عليه السلام أتته امرأة استعدته على أخيها (4) فقالت : يا أمير المؤمنين وكلت أخي هذا بأن يزوجني رجلا وأشهدت له ثم عزلته من ساعته تلك فذهب فزوجني ولي بينة أني عزلته قبل أن يزوجني فأقامت البينة ، فقال الأخ : يا أمير المؤمنين إنها وكلتني ولم تعلمني أنها عزلتني

ص: 84


1- أما اعلام الوكيل فظاهر ، وأما اعلام الأهل فللتأكيد استحبابا أو لادخال السرور عليها ( م ت ) وظاهره أنه بدون الاعلام لا ينعزل.
2- أي فلو كانت الوكالة باطلة كان الامر سهلا لان له عوضا.
3- أي لو كان العقد باطلا كان الولد ولد زنا وليس النكاح من قبيل المعاوضات حتى لو كان باطلا كان المهر بإزاء الوطي وكان عوضه لان الزنا لا عوض له ، فالاحتياط عدم امضاء الوكالة. ( م ت )
4- استعداه : استغاثه واستنصره. ( القاموس )

عن الوكالة حتى زوجتها كما أمرتني ، فقال لها : ما تقولين؟ قالت : قد أعلمته يا أمير المؤمنين ، فقال لها : ألك بينة بذلك؟ فقالت : هؤلاء شهودي يشهدون ، قال لهم : ما تقولون؟ قالوا : نشهد إنها قالت : اشهدوا إني قد عزلت أخي فلانا عن الوكالة بتزويجي فلانا واني مالكة لامري قبل ان يزوجني فلانا ، فقال « أشهدتكم على ذلك بعلم منه ومحضر؟ قالوا : لا ، قال : فتشهدون أنها أعلمته العزل كما أعلمته الوكالة؟ قالوا : لا ، قال : أرى الوكالة ثابتة والنكاح واقعا أين الزوج؟ فجاء فقال : خذ بيدها بارك اللّه لك فيها ، قالت : يا أمير المؤمنين أحلفه أني لم أعلمه العزل وأنه لم يعلم بعزلي إياه قبل النكاح ، فقال : وتحلف (1)؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين فحلف وأثبت وكالته وأجاز النكاح ».

3387 - وروي عن داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل قال لاخر : اخطب لي فلانة فما فعلت شيئا مما قاولت من صداق أو ضمنت من شئ أو شرطت فذلك لي رضى وهو لازم لي ، ولم يشهد على ذلك ، فذهب فخطب له وبذل عنه الصداق وغير ذلك مما طالبوه وسألوه ، فلما رجع أنكر ذلك كله ، قال : يغرم لها نصف الصداق عنه (2) ، وذلك أنه هو

ص: 85


1- بطريق الاستفهام ولعل المراد أنه هل يقدر على الحلف أو تنكل عنه لا أن المراد تخييره في الحلف ، وفائدة هذا الحلف غير ظاهر لان النكاح قد ثبت ولا معنى للحلف لاثبات حق الغير فلو قال الوكيل بعد ذلك انها أعلمتني لم يسمع في حق الزوج فكيف إذا نكل نعم لو أقر بالأعلام لغرر. ( سلطان )
2- للأصحاب في هذه المسألة ثلاثة أقوال : الأول لزوم كل المهر على الوكيل وهو اختيار الشيخ في النهاية ، والثاني - وهو المشهور بين الأصحاب واختاره الشيخ في المبسوط - لزوم نصف المهر على الوكيل مستندا بهذه الرواية وبأنه فسخ قبل الدخول فيجب معه نصف المهر كالطلاق والثالث - وهو مختار المحقق - بطلان النكاح ظاهرا وانتفاء المهر ظاهرا ، ويمكن حمل الرواية بناء على هذا المذهب على ضمان الوكيل المهر وفى الرواية اشعار به. ( سلطان )

الذي ضيع حقها (1) ، فلما لم يشهد لها عليه بذلك الذي قال له (2) ، حل لها أن تتزوج ، ولا تحل للأول فيما بينه وبين اللّه عزوجل إلا أن يطلقها (3) لان اللّه تعالى يقول : « فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان » فإن لم يفعل فإنه مأثوم فيما بينه وبين اللّه عزوجل وكان الحكم الظاهر حكم الاسلام ، وقد أباح اللّه عز وجل لها أن تتزوج ».

3388 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل وكل آخر على وكالة في أمر من الأمور وأشهد له بذلك شاهدين ، فقام الوكيل فخرج لامضاء الامر ، فقال : اشهدوا أني قد عزلت فلانا عن الوكالة ،

ص: 86


1- حيث ترك الاشتهاد.
2- « عليه » أي على الموكل « بذلك الذي قال له » أي التوكيل. قال في الشرايع « إذا زوجه امرأة فأنكر الوكالة ولا بينة كان القول قول الموكل مع يمينه ، ويلزم الوكيل مهرها وروى نصف مهرها وقيل يحكم ببطلان العقد في الظاهر ويجب على الموكل أن يطلقها إن كان يعلم صدق الوكيل وأن يسوق إليها نصف المهر وهو قوى » وقال في المسالك : وجه الأول أن المهر يجب بالعقد كلا وإنما ينتصف بالطلاق وليس. وقد فوته الوكيل عليها بتقصيره بترك الاشهاد فيضمنه وهو اختيار الشيخ في النهاية ، والثاني هو المشهور بين الأصحاب و اختاره الشيخ أيضا في المبسوط ومستنده ما رواه عمر بن حنظلة عن الصادق عليه السلام ، ولأنه فسخ قبل الدخول فيجب معه نصف المهر كالطلاق ، وفى الأخير منع وفى سند الحديث ضعف ولو صح لم يمكن العدول عنه ، والقول الثالث الذي اختاره أقوى ووجهه واضح ، فإنه إذا أنكر الوكالة وحلف على نفيها انتفى النكاح ظاهرا ، ومن ثم يباح لها أن تتزوج وقد صرح به في الرواية فينتقى المهر أيضا لان ثبوته يتوقف على لزوم العقد ولأنه على تقدير ثبوته إنما يلزم الزوج لأنه عوض البضع والوكيل ليس بزوج ، نعم لو ضمن الوكيل المهر كله أو نصفه لزمه حسب ما ضمن ، ويمكن حمل الرواية عليه ، وأما وجوب الطلاق على الزوج مع كذبه في نفس الامر ووجوب نصف المهر عليه فواضح.
3- إنما يجوز للمرأة التزويج مع حلف الموكل إذا لم يصدق الوكيل عليها ولم تعلم. والا لا يجوز لها التزويج قبل الطلاق. ( سلطان )

فقال : إن كان الوكيل أمضى الامر الذي وكل عليه (1) قبل أن يعزل عن الوكالة فإن الامر واقع ماض على ما أمضاه الوكيل ، كره الموكل أم رضي ، قلت : فإن الوكيل أمضى الامر قبل أن يعلم بالعزل أو يبلغه أنه قد عزل عن الوكالة فالامر على ما أمضاه؟ قال : نعم (2) ، قلت : فإن بلغه العزل قبل أن يمضي الامر ثم ذهب حتى أمضاه لم يكن ذلك بشئ؟ قال : نعم إن الوكيل إذا وكل ثم قام عن المجلس فأمره ماض أبدا ، والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة يبلغه أو يشافه بالعزل عن الوكالة » (3).

3389 - وروى حماد ، عن الحلبي (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « في رجل ولته امرأة أمرها إما ذات قرابة أو جارة له لا يعلم دخيلة أمرها (5) فوجدها قد دلست عيبا هو بها ، قال : يؤخذ المهر منها (6) ولا يكون على الذي زوجها شئ ، وقال : في امرأة ولت أمرها رجلا فقالت : زوجني فلانا ، قال : لا زوجتك حتى تشهدي

ص: 87


1- في التهذيب « وكل فيه ».
2- يدل على أن ما فعله الوكيل صحيح ماض إلى أن يبلغه الثقة بالعزل ، والمشهور بين الأصحاب أن الثقة : العدل الضابط ، والظاهر من اللفظ : المعتمد عليه في القول كما ذكره الشيخ في الراوي وما ذكره أحوط ، وهل يكفي الثقة في الفعل؟ ظاهر المساواة ذلك ، والمشهور أن الوكالة لا تثبت الا بعدلين ، وظاهر الخبر السابق أيضا ذلك ، فان شهادة العدل يفيد العلم الشرعي والفرق بين الفعل والترك بين ، فان التصرف في مال الغير يحتاج إلى اذن الشرعي بخلاف الترك فان بناءه على الاحتياط ، ومن هذا يظهر أن المعتمد عليه كاف فيه. ( م ت )
3- ظاهره كفاية ثقة واحدة في التبليغ وهو مختار الشهيد الثاني في شرحه على اللمعة. ( سلطان )
4- رواه الشيخ أيضا بسند صحيح.
5- أي لا يعلم الوكيل باطن أمرها.
6- أي بعد الفسخ لو دفع إليها المهر استرجع منها ، وهذا على تقدير عدم الدخول ظاهر ، وإن كان بعد الدخول فلها المسمى لأنه ثبت المهر بالدخول ثبوتا مستقرا فلا يسقط بالفسخ إن كان المدلس غيرها ، ولو كان هو المرأة رجع عليها أيضا بمعنى أنه لا يثبت لها مهر إذ لا معنى لاعطائها وأخذها الا أن وقع الاعطاء قبل العلم بالعيب فيسترجع. ( سلطان )

بأن أمرك بيدي ، فأشهدت له ، فقال : عند التزويج للذي يخطبها يا فلان عليك كذا وكذا؟ قال : نعم ، فقال هو للقوم (1) : اشهدوا إن ذلك لها عندي وقد زوجتها من نفسي ، فقالت المرأة : ما كنت أتزوجك ولا كرامة ولا أمري إلا بيدي و ما وليتك أمري إلا حياء من الكلام ، قال : تنزع منه ويوجع رأسه » (2).

3390 - وفي نوادر محمد بن أبي عمير ، عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل قبض صداق ابنته من زوجها ، ثم مات هل لها أن تطالب زوجها بصداقها؟ أو قبض أبيها قبضها (3)؟ فقال عليه السلام : إن كانت وكلته بقبض صداقها من زوجها فليس لها أن تطالبه ، وإن لم تكن وكلته فلها ذلك ، ويرجع الزوج على ورثة أبيها بذلك إلا أن تكون حينئذ صبية في حجره فيجوز لأبيها أن يقبض صداقها عنها ، ومتى طلقها قبل الدخول بها فلأبيها أن يعفو عن بعض الصداق ويأخذ بعضا (4) ، وليس له أن يدع كله وذلك قول اللّه عزوجل : « إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح « يعني الأب والذي توكله المرأة وتوليه أمرها من أخ أو قرابة أو غيرهما ».

ص: 88


1- أي قال الوكيل للقوم الحاضرين.
2- يدل على ما هو المشهور من أن الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه ، ومعنى العبارة أنه ليس له ذلك سواء أطلقت الاذن أم عممته على وجه يتناوله العموم لان المتبادر كون الزوج غيره ، ونقل عن العلامة - قدس سره - أنه احتمل في التذكرة جوازه مع الاطلاق. و قوله « يوجع رأسه » أي بالضرب واللطمة للتدليس في كيفية أخذ الاذن ، وقال الفاضل التفرشي : الظاهر من التفويض تفويض المهر وغيره إلى رأى الوكيل لا التزويج من غير الزوج المذكور.
3- أي أو يكون قبض أبيها بمنزلة قبضها فلا لها أن تطالبه.
4- أي يأخذ بعض الصداق الذي استحقت أخذه وهو النصف فيأخذ بعض النصف ويعفو بعضه ، ولعل هذا مبنى على عدم لزوم مراعاة الغبطة على الولي أو الوكيل. ( سلطان )

باب 352: الحكم بالقرعة

3391 - روى حماد بن عيسى ، عمن أخبره ، عن حريز (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال : «أول من سوهم عليه مريم بنت عمران وهو قول اللّه عزوجل : « وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم « والسهام ستة ، ثم استهموا في يونس عليه السلام لما ركب مع القوم فوقعت (2) السفينة في اللجة ، فاستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرات قال : فمضى يونس عليه السلام إلى صدر السفينة فإذا الحوت فاتح فاه فرمى نفسه ، ثم كان عند عبد المطلب تسعة بنين فنذر في العاشر إن رزقه اللّه غلاما أن يذبحه (3) ، فلما ولد عبد اللّه لم يكن يقدر أن يذبحه ورسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في صلبه

ص: 89


1- كان فيه اضطراب لان حماد بن عيسى يروى عن حريز بلا واسطة في جميع ما يروى عنه ، والصواب كما في الخصال والبحار وغيرهما عن حماد بن عيسى عن حريز عمن أخبره عن أبي جعفر عليه السلام وكان حريز من أصحاب أبي عبد اللّه وموسى بن جعفر عليهما السلام وقال يونس : انه لم يرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام الا حديثين ، وهو لم يدرك أبا جعفر الباقر عليه السلام.
2- في بعض النسخ « فوقفت ».
3- جاءت هذه القصة في كثير من كتب الحديث من الطريقين واشتهرت بين الناس و أرسلها جماعة من المؤلفين ارسال المسلمات ونقلوها في مصنفاتهم دون أي نكير ، وهي كما ترى تضمنت أمرا غريبا بل منكرا لا يجوز أن ينسب إلى أحد من أوساط الناس والسذج منهم فضلا عن مثل عبد المطلب الذي كان من الأصفياء وهو في العقل والكياسة والفطنة على حد يكاد أن لا يدانيه أحد من معاصريه ، وقد يفتخر النبي صلى اللّه عليه وآله مع مقامه السامي بكونه من أحفاده وذراريه ويباهي به القوم ويقول : أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب. و في الكافي روايات تدلّ على عظمته و جلالته و كمال ايمانه و عقله و درايته و رئاسته في قومه ففى المجلد الأول منه ص 446 في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال« يحشر عبد المطلب يوم القيامة أمّة واحدة، عليه سيماء الأنبياء و هيبة الملوك» يعنى إذا حشر الناس فوجا فوجا يحشر هو وحده، لانه كان في زمانه منفردا بدين الحق من بين قومه كما-- قاله العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه- و في حديث آخر رواه الكليني أيضا مسندا عن الصادق(عليه السلام) قال:« يبعث عبد المطلب أمة واحدة عليه بهاء الملوك، و سيماء الأنبياء، و ذلك أنّه أول من قال بالبداء» و في الحسن كالصحيح عن رفاعة عن أبي عبد اللّه(عليه السلام) قال:« كان عبد المطلب يفرش له بفناء الكعبة، لا يفرش لاحد غيره، و كان له ولد يقومون على رأسه فيمنعون من دنا منه»، الى أمثالها الكثير الطيب كلها تدلّ على كمال ايمانه و عقله و حصافة رأيه و ان أردت أن تحيط بذلك خبرا فانظر الى تاريخ اليعقوبي المتوفى في أواخر القرن الثالث ما ذكر من سننه التي سنّها و جاءت بها الإسلام من تحريمه الخمر، و الزنا و وضع الحدّ عليه، و قطع يد السارق، و نفى ذوات الرايات، و نهيه عن قتل الموؤدة، و نكاح المحارم، و اتيان البيوت من ظهورها، و طواف البيت عريانا، و حكمه بوجوب الوفاء بالنذر و تعظيم الأشهر الحرم، و بالمباهلة، و بمائة إبل في الدية ثمّ تأمل كيفية سلوكه مع أبرهة صاحب الفيل في تلك الغائلة المهلكة المهدمة كيف حفظ بحسن تدبيره و سديد رأيه قومه و دماءهم و أموالهم من الدمار و البوار دون أي مئونة و قال: أنا ربّ الإبل و لهذا البيت ربّ يمنعه» مع أن الواقعة موحشة بحيث تضطرب في أمثالها قلوب أكثر السائسين، فإذا كان الامر كذلك فكيف يصحّ أن يقال: انّه نذر أن يذبح سليله و ثمرة مهجته و قرة عينه قربة إلى اللّه سبحانه، و أنّى يتقرّب بفعل منهىّ عنه في جميع الشرائع و القتل من أشنع الأمور و أقبحها، و العقل مستقل بقبحه بل يعده من أعظم الجنايات، مضافا الى كل ذلك أن النذر بذبح الولد قربانا للمعبود من سنن الوثنيين و الصابئين و قد ذكره اللّه تعالى في جملة ما شنّع به على المشركين و قال في كتابه العزيز بعد نقل جمل من بدعهم و مفترياتهم:« كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَ لِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ»( الانعام: 137) و هذا غير مسألة الوأد المعروف الذي كان بنو تميم من العرب يعملون به، فان المفهوم من ظاهر لفظ الاولاد أعم من الذكور منهم و البنات و الوأد مخصوص بالبنات، و أيضا غير قتلهم أولادهم من املاق أو خشيته، بل هو عنوان آخر يفعلونه على سبيل التقرّب الى الالهة. فان قيل: لعله كان مأمورا من جانب اللّه سبحانه كما كان جدّه إبراهيم(عليه السلام) مأمورا، قلنا: هذا التوجيه مخالف لظاهر الروايات فانّه صرّح في جميعها بأنّه نذر، مضافا الى أنّه لو كان مأمورا فلا محيص له عنه-- و يجب عليه أن يفعله كما أمر، فكيف فداء بالابل، و لم لم يقل في جواب من منعه- كما في الروايات-: انّى مأمور بذلك. و بالجملة في طرق هذه القصة و ما شاكلها مثل خبر« أنا ابن الذّبيحين» جماعة كانوا ضعفاء أو مجهولين أو مهملين أو على غير مذهبنا مثل أحمد بن سعيد الهمدانيّ المعروف بابن عقدة و هو زيدى جارودى، أو أحمد بن الحسن القطان و هو شيخ من أصحاب الحديث عامى و يروى عنه المؤلّف في كتبه بدون أن يردفه بالرضيلة مع أن دأبه أن يتبع مشايخه بها ان كانوا اماميا، و كذا محمّد بن جعفر بن بطة الذي ضعّفه ابن الوليد و قال: كان مخلّطا فيما يسنده، و هكذا عبد اللّه بن داهر الأحمرى و هو ضعيف كما في( صه و جش) و أبو قتادة و وكيع بن الجرّاح و هما من رجال العامّة و رواتهم و لا يحتج بحديثهم إذا كان مخالفا لاصول المذهب و ان كانوا يسندون خبرهم الى أئمة أهل البيت عليهم السلام، و أنّك إذا تتبّعت أسانيد هذه القصة و ما شابهها ما شككت في أنّها من مفتعلات القصّاصين و مخترعاتهم نقلها المحدّثون من العامّة لجرح عبد المطلّب و نسبة الشرك- العياذ باللّه- اليه رغما للامامية حيث انّهم نزهوا آباء النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن دنس الشرك، و يؤيّد ذلك أنّ كثيرا من قدماء مفسّريهم كالزمخشريّ و الفخر الرّازى و النيشابورى و أضرابهم و المتأخرين كالمراغى و سيّد قطب و زمرة كبيرة منهم نقلوا هذه القصّة أو أشاروا إليها عند تفسير قوله تعالى« وَ كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ» و جعلوا عبد المطلب مصداقا للآية انتصارا لمذهبهم الباطل في اعتقاد الشرك في آباء النّبى صلّى اللّه عليه و آله و أجداده. قال العلّامة المجلسيّ- رحمه اللّه-: اتّفقت الإماميّة- رضوان اللّه عليهم- على أن والدى الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و كل أجداده الى آدم عليه السلام كانوا مسلمين بل كانوا من الصّديقين إمّا أنبياء مرسلين أو أوصياء معصومين، ثمّ نقل عن الفخر الرّازى أنّه قال:« قالت الشيعة ان أحدا من آباء الرسول صلّى اللّه عليه و آله و أجداده ما كان كافرا» ثم قال: نقلت ذلك عن امامهم الرازيّ ليعلم أن اتفاق الشيعة على ذلك كان معلوما بحيث اشتهر بين المخالفين». و ان قيل: لا ملازمة بين هذا النذر و بين الشرك، و يمكن أن يقال ان نذر عبد المطلب كان للّه و امّا المشركون فنذروا لآلهتهم، قلت: ظاهر الآية أن النذر بذبح الولد من سنن المشركين دون الموحدين فالناذر اما مشرك أو تابع لسنن الشرك و جلّ ساحة عبد المطلب أن يكون مشركا- العياذ باللّه- أو تابعا لسنن-- المشركين، و الاصرار بتصحيح أمثال هذه القصص مع نكارتها كثيرا ما يكون من الغفلة عمّا جنته يد الافتعال، ثمّ اعلم أنّ المصنّف- رضوان اللّه تعالى عليه- لم يحتجّ بهذا الخبر في حكم من الاحكام انّما أورده في هذا الكتاب طردا للباب و يكون مراده جواز القرعة فقطّ و هو ظاهر من الخبر.

فجاء بعشر من الإبل فساهم عليها وعلى عبد اللّه فخرجت السهام على عبد اللّه ، فزاد عشرا فلم تزل السهام تخرج على عبد اللّه ويزيد عشرا ، فلما أن خرجت مائة خرجت

ص: 90

السهام على الإبل ، فقال عبد المطلب : ما أنصفت ربي فأعاد السهام ثلاثا فخرجت على الإبل فقال : الآن علمت أن ربي قد رضي فنحرها ».

ص: 91

3392 - وروي عن محمد بن الحكيم (1) قال : « سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن شئ فقال لي : كل مجهول ففيه القرعة ، فقلت : إن القرعة تخطئ وتصيب فقال : كل ما حكم اللّه عزوجل به فليس بمخطئ ».

3393 - وقال الصادق عليه السلام : « ما تقارع قوم ففوضوا أمرهم إلى اللّه تعالى إلا خرج سهم المحق ».

3394 - وقال عليه السلام (2) : «أي قضية أعدل من القرعة إذا فوض الامر إلى اللّه ، أليس اللّه تعالى يقول : « فساهم فكان من المدحضين » (3).

3395 - وروى الحكم بن مسكين (4) ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا وطئ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد فولدت فادعوه جميعا أقرع الوالي بينهم ، فمن قرع (5) كان الولد ولده ويرد قيمة الولد على صاحب الجارية (6) ، قال : فإن اشترى رجل جارية فجاء رجل فاستحقها وقد ولدت من المشتري رد

ص: 92


1- طريق المصنف إلى محمد بن الحكيم صحيح وهو ممدوح.
2- روى البرقي في المحاسن ص 603 عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن منصور بن حازم قال : « سأل بعض أصحابنا أبا عبد اللّه عليه السلام عن مسألة فقال له : هذه تخرج في القرعة ، ثم قال : وأي قضية - الخ ».
3- يعنى يقول في قصة يونس عليه السلام هو كان من المخرجين بالقرعة. ( م ت )
4- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 296 والاستبصار ج 3 ص 368 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن معاوية بن عمار.
5- في القاموس : قرعهم - كنصر - غلبهم بالقرعة. وقال المولى المجلسي : الظاهر أنها كانت ملكهم والملك شبهة وان علموا بالتحريم.
6- أي بقية القيمة أو تمامها إذا أحل صاحبها لهم ووطؤوها بالشبهة والا فالزنا لا يلحق به النسب ( م ت ) وقال سلطان العلماء : يحتمل كون ذلك على تقدير اشتراك الجارية بينهم ووطؤوها بشبهة تحليل الشركة فيكون المراد حينئذ بقوله « ويرد قيمة الولد على صاحب الجارية » أنه يرد نصيب الشركاء عليهم كما يشعر به رواية عاصم بن حميد التي يأتي في آخر الباب ، ويحتمل أن يكون الجارية لمالك آخر فوطؤوها بشبهة وحينئذ كان الكلام على ظاهره فتأمل.

الجارية عليه وكان له ولدها بقيمته » (1).

3396 - وروى زرعة ، عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن رجلين اختصما إلى علي عليه السلام في دابة فزعم كل واحد منهما أنها نتجت على مذوده (2) ، و أقام كل واحد منهما بينة سواء في العدد ، فأقرع بينهما سهمين فعلم السهمين على كل واحد منهما بعلامة ، ثم قال : « اللّهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ورب العرش العظيم ، عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، أيهما كان صاحب الدابة وهو أولى بها فأسألك أن تخرج سهمه ، فخرج سهم أحدهما ، فقضى له بها ».

3397 - وروى البزنطي ، عن داود بن سرحان (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجلين شهدا على رجل في أمر وجاء آخران فشهدا على غير الذي شهد عليه الأوليان ، قال : يقرع بينهم فأيهم قرع فعليه اليمين وهو أولى بالقضاء ».

ص: 93


1- أي كان للمشترى ولدها بالشبهة بقيمة يوم ولد ( ت ) وقال السيد - رحمه اللّه - الأمة المشركة لا يجوز لاحد من الشركاء وطيها لكن لو وطئها بغير اذن الشريك لم يكن زانيا بل كان عاصيا يستحق التغرير يلحق به الولد وتقوم عليه الأمة والولد يوم سقط حيا وهذا لا اشكال فيه ، ولو فرض وطي الجميع لها في طهر واحد فعلوا محرما ولحق بهم الولد لكن لا يجوز الحاقه بالجميع بل بواحد منهم بالقرعة فمن خرجت له القرعة ألحق به وغرم حصص الباقين. ( المرآة )
2- المذود - كمنبر - : معتلف الدابة.
3- طريق المصنف إلى البزنطي وهو أحمد بن محمد بن أبي نصر صحيح وهو ثقة جليل وداود ابن سرحان ثقة أيضا والخبر رواه الكليني ج 7 ص 419 والشيخ ج 2 ص 72 من التهذيب كلاهما بسند ضعيف على المشهور.

3398 - وروى حماد بن عثمان ، عن عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل قال : أول مملوك أملكه فهو حر فورث سبعة جميعا ، قال : يقرع بينهم و يعتق الذي خرج سهمه » (1).

3399 - وروى حريز ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل يكون له المملوكون فيوصي بعتق ثلثهم ، قال : كان علي عليه السلام يسهم بينهم ».

3400 - وروى موسى بن القاسم البجلي ، وعلي بن الحكم ، عن عبد - الرحمن بن أبي عبد اللّه قال ، قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « كان علي عليه السلام إذا أتاه رجلان يختصمان بشهود عدتهم سواء وعدالتهم [ سواء ] أقرع بينهما على أيهما تصير اليمين (2) وكان يقول : « اللّهم رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع ، من كان الحق له فأده إليه « ثم يجعل الحق للذي تصير اليمين عليه إذا حلف » (3).

3401 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل ، عن فضيل بن يسار عن أبي - عبد اللّه عليه السلام قال : سألته عن مولود ليس له ما للرجال وليس له ما للنساء ، قال : هذا يقرع عليه الامام يكتب على سهم عبد اللّه ، وعلى سهم آخر أمة اللّه ، ثم يقول الامام أو المقرع «اللّهم أنت اللّه لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، بين لنا أمر هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في كتابك» ثم يطرح السهمين في سهام مبهمة ، ثم تجال فأيهما خرج ورث عليه ».

3402 - وروى عاصم بن حميد. عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : « بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عليا عليه السلام إلى اليمن فقال له حين قدم : حدثني بأعجب ما ورد عليك ، قال : يا رسول اللّه أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطؤوها جميعا في طهر واحد

ص: 94


1- في بعض النسخ « خرج اسمه » وحمل الخبر على النذر لعدم انعقاد عتق ما لم يملك بعد ، وهل يفتقر إلى صيغة العتق ثانيا أولا؟ وجهان.
2- أي أيهما خرج راجحا في القرعة حتى يصير اليمين عليه.
3- أي بعد الحلف.

فولدت غلاما فاختلفوا فيه كلهم يدعي فيه ، فأسهمت بينهم ثلاثة فجعلته للذي خرج سهمه وضمنته نصيبهم ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : ليس من قوم تقارعوا وفوضوا أمرهم إلى اللّه إلا خرج سهم المحق » (1).

باب 353: الكفالة

3403 - روى سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل تكفل بنفس رجل أن يحبس ، وقال له : اطلب صاحبك. وقضى عليه السلام أنه لا كفالة في حد ».

3404 - وقال الصادق عليه لسلام لأبي العباس الفضل بن عبد الملك (2) : « ما منعك من الحج؟ قال : كفالة تكفلت بها ، قال : مالك وللكفالات؟ أما علمت أن الكفالة

ص: 95


1- قال في المسالك : الأصحاب حكموا بمضمونها وحملوا قوله « ضمنته نصيبهم » على النصيب من الولد والام معا كما لو كان الواطي واحدا منهم ابتداء فإنه يلحق به ويغرم نصيبهم منهما كذلك ، لكن يشكل الحكم بضمانه لهم نصيب الولد لادعاء كل منهم أنه ولده وأنه لا يلحق بغيره ولازم ذلك أنه لا قيمة له على غيره من الشركاء وهذا بخلاف ما لو كان الواطي واحدا فان الولد محكوم بلحوقه به ، لما كان من نماء الأمة المشتركة جمع بين الحقين باغرامه قيمة الولد لهم والحاقه به بخلاف ما هنا ، والرواية ليست بصريحة في ذلك لان قوله « وضمنته نصيبهم » يجوز إرادة النصيب من الام لأنه هو النصيب الواضح لهم باتفاق الجميع بخلاف الولد ، ويمكن أن يكون الوجه في اغرامه نصيبهم من الولد أن ذلك ثابت عليه بزعمه أنه ولده ودعواهم لم يثبت شرعا فيؤخذ المدعى باقراره بالنسبة إلى حقوقهم والنصيب في الرواية يمكن شموله لهما معا من حيث أن الولد نماء أمتهم فلكل منهم فيه نصيب سواء الحق به أم لا ولهذا يغرم من لحق به نصيب الباقين في موضع الوفاق ، وعلى كل حال فالعمل بما ذكره الأصحاب متعين ولا يسمع الشك فيه مع ورود النص به ظاهرا وان احتمل غيره.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 65 باسناده عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن أبي الحسن الخزاز قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول لأبي العباس الفضل بن عبد الملك - الخ » والظاهر أن المراد بأبي الحسن الخزاز أحمد بن النضر الثقة.

هي التي أهلكت القرون الأولى »!! (1).

3405 - وروي عن الحسين بن خالد (2) قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « جعلت فداك قول الناس الضامن غارم ، فقال : ليس على الضامن غرم إنما الغرم على من أكل المال » (3).

3406 - وروى داود بن الحصين ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يتكفل بنفس الرجل إلى أجل فإن لم يأت به فعليه كذا و كذا درهما ، قال : إن جاء به إلى الأجل فليس عليه ما قال ، وهو كفيل بنفسه أبدا إلا أن يبدأ بالدراهم فإن بدأ بالدراهم فهو لها ضامن إن لم يأت به إلى الأجل الذي أجله » (4).

ص: 96


1- روى الكليني في الكافي ج 5 ص 103 بسند صحيح عن حفص بن البختري قال : « أبطأت عن الحج فقال لي أبو عبد اللّه عليه السلام ما أبطأ بك عن الحج؟ فقلت جعلت فداك تكفلت برجل فخفر بي فقال : مالك والكفالات أما علمت أنها أهلكت القرون الأولى ، ثم قال : ان قوما أذنبوا ذنوبا كثيرة فأشفقوا منها وخافوا خوفا شديدا وجاء آخرون فقالوا ذنوبكم علينا فأنزل اللّه عزوجل عليهم العذاب ، ثم قال تبارك وتعالى خافوني واجترأتم علي ».
2- رواه الكليني في مرسل مجهول ج 5 ص 104 والشيخ في التهذيب في الحسن عنه.
3- قال العلامة المجلسي : لعله محمول على ما إذا ضمن باذن الغريم فان له الرجوع عليه بما أدى فالغرم عليه لا على الضامن - انتهى ، وقيل : لعل المصنف حمل الضامن على الكفيل. وقال سلطان العلماء - ره - قوله « إنما الغرم - الخ » لان كل ما يغرمه الكفيل والضامن يأخذ منه فلم يبق عليهما غرم وهذا في الكفالة مع الاذن في الكفالة أو الاذن في الأداء ولعل الحديث محمول على هذا بناء على أنه الغالب - انتهى - وقال الفيض - رحمه اللّه - : أراد بالضامن ضامن النفس أعني الكفيل أو يكون المراد به ضامن المال ويكون الوجه في نفى الغرم عنه أنه يرجع إلى الغريم بما أداه.
4- هكذا رواه الشيخ في الموثق ، وروى الكليني ج 5 ص 104 عن أبي العباس في الموثق أيضا قال : و « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام » رجل كفل لرجل بنفس رجل فقال : ان جئت به والا عليك خمسمائة درهم ، قال : عليه نفسه ولا شئ عليه من الدراهم فان قال : على خمسمائة درهم ان لم أدفعه إليك ، قال تلزمه الدراهم ان لم يدفعه إليه وفى القواعد ولو قال إن لم أحضره كان على كذا لزمه الاحضار خاصة ولو قال على كذا إلى كذا ان لم أحضره وجب عليه ما شرط في المال. وفى شرح المحقق الشيخ على - رحمه اللّه - : هذا مروى من طريق الأصحاب وقد أطبقوا على العمل به ولا يكاد يظهر الفرق بين الصيغتين باعتبار اللفظ ومثل هذا مما يصار إليه من غير نظر إلى حال اللفظ مسيرا إلى النص والاجمار. انتهى ، وقال الفيض رحمه اللّه - : الفرق بين الصيغتين في الخبرين غير بين ولا مبين وقد تكلف في ابدائه جماعة من أصحابنا بما لا يسمن ولا يغنى من جوع صونا لهما من الرد ، وقد ذكره الشهيد الثاني في شرحه للشرايع من أراد الوقوف عليه وعلى ما يرد عليه فليراجع إليه ويخطر بالبال أن مناط الفرق ليس تقديم الشرط على الجزاء وتأخيره عنه كما فهموا بل مناطه ابتداء الكفيل بضمان الدراهم من قبل نفسه مرة والزامه المكفول له بذلك من دون قبوله أخرى كما هو ظاهر خبر الكافي ، وخبر المتن وإن كان ظاهره خلاف ذلك الا أنه يجوز حمله عليه فان قول السائل فإن لم يأت به فعليه كذا ليس صريحا في أنه قول الكفيل وعلى تقدير ابائه عن هذا الحمل على وهم الراوي أو سوء تقريره فان مصدر الخبرين واحد والسائل فيها واحد هذا على نسخة الكافي كما كتبناه - انتهى.

3407 - وسأل داود بن سرحان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الكفيل والرهن بيع النسية ، قال : لا بأس » (1).

3408 - وقال الصادق عليه السلام : « الكفالة خسارة ، غرامة ، ندامة » (2).

باب 354: الحولة

3409 - روى غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام « في رجلين بينهما مال منه بأيديهما ومنه غائب عنهما ، فاقتسما الذي بأيديهما وأحال كل واحد منهما بنصيبه فقبض أحدهما ولم يقبض الاخر ، فقال : ما

ص: 97


1- الطريق إليه صحيح وهو ثقة ، والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 66 عن البزنطي عنه.
2- أي موجبة لتلك الأمور. ( مراد )

قبض أحدهما فهو بينهما وما ذهب فهو بينهما » (1).

3410 - وروي (2) أنه احتضر عبد اللّه بن الحسن فاجتمع إليه غرماؤه فطالبوه بدين لهم فقال : ما عندي ما أعطيكم ولكن ارضوا بمن شئتم من أخي وبني عمي علي بن الحسين أو عبد اللّه بن جعفر (3) فقال الغرماء : أما عبد اللّه بن جعفر فملي مطول (4) ، وأما علي بن الحسين فرجل لا مال له صدوق وهو أحبهما إلينا ، فأرسل إليه فأخبره الخبر فقال عليه السلام : أضمن لكم المال إلى غلة ولم يكن له غلة ، فقال القوم : قد رضينا فضمنه ، فلما أتت الغلة أتاح اللّه عزوجل له المال [ فأداه ] » (5).

3411 - وسأل أبو أيوب أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يحيل الرجل بالمال أيرجع عليه؟ قال : لا يرجع عليه أبدا إلا أن يكون قد أفلس قبل ذلك » (6).

ص: 98


1- لعل وجهه أن مثل تلك الحوالة يرجع إلى توكيل كل منهما الاخر في أخذ حقه من المديون واحتسابه عما أخذه الاخر من المديون الاخر فإذا أخذ أحدهما ثلث حق الموكل عنده وهذا الحق باق إلى أن يأخذ الاخر من المديون الاخر ويحتسب عنه فإذا لم يأخذ بقي حقه عند الاخر ، هذا إذا كان المراد بالمال الغائب ما في الذمم وهو الذي يجرى فيه الحوالة وأما الأعيان القائمة الغائبة عنهما فيمكن صحة تقسيمها وان يبيع كل واحد منهما حصته من الاخر فليس لمن لم يصل إليه ذلك المال أن يأخذ حصته من الذي وصل إليه ما اشتراه الا إذا تلف ذلك المال الغائب قبل قبضه أولم يقدر عليه فإنه حينئذ يبطل بنفسه. ( مراد )
2- رواه الكليني مسندا ج 5 ص 97 عن عيسى بن عبد اللّه.
3- في الكافي « ارضوا بما شئتم من ابني عمى علي بن الحسين عليهما السلام وعبد اللّه ابن جعفر » والمراد بعبد اللّه بن الحسن عبد اللّه بن الحسن المثنى.
4- مطول : مماطل ذا مطل وهو التسويف بالدين.
5- تاح له الشئ : تهيأ ، وأتاح اللّه له الشئ أي قدره له ويسره. وقال الفاضل التفرشي : ظاهر الخبر أنه إلى وقت حصول غلة كالحنطة ويستفاد منه أن توقيت الضمان صحيح وإن كان وقته قابلا للزيادة والنقصان.
6- تقدم تحت رقم 3259 - ورواه الكليني مسندا عن منصور بن حازم بأدنى اختلاف وقال الفاضل التفرشي قوله : « لا يرجع عليه أبدا » محمول على ما إذا اشتغل ذمة المحيل بحق المحتال وذمة المحال عليه بحق المحيل ، فلا ينافي ما تقدم من بطلان حوالة ما في الذمم.

3412 - وروى البزنطي عن داود بن سرحان (1) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كانت له عند رجل دنانير فأحال له على رجل آخر بدنانيره فيأخذ بها دراهم أيجوز ذلك؟ قال : نعم ».

باب 355: الحكم في سيل وادى مهزور

3413 - روى غياث بن إبراهيم (2) عن أبي عبد اللّه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : « قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في سيل وادي مهزور (3) أن يحبس الاعلى على الأسفل الماء للزرع إلي الشراك وللنخل إلى الكعب ، ثم يرسل الماء إلى الأسفل من ذلك » (4).

3414 - وفي خبر آخر « للزرع إلى الشراكين وللنخل إلى الساقين » (5) وهذا على حسب قوة الوادي وضعفه.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : سمعت من أثق به من أهل المدينة أنه وادي مهزور (6) ومسموعي من شيخنا محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه - أنه قال : وادي مهروز بتقديم الراء غير المعجمة على الزاي المعجمة وذكر أنها كلمة فارسية وهو من هرز الماء ، والماء الهرز بالفارسية الزائد على المقدار الذي يحتاج إليه.

ص: 99


1- داود بن سرحان مولى كوفي ثقة ، له كتاب روى عنه البزنطي.
2- الطريق إلى غياث صحيح وهو بتري موثق.
3- مهزور بتقديم الزاي على الراء وادى بني قريظة ، وعلى العكس موضع سوق المدينة كما نقل عن الفائق للزمخشري وسيأتي الكلام فيه عن المؤلف.
4- في التهذيب « إلى أسفل من ذلك » وهو الصواب.
5- الظاهر أن المراد بالكعب هنا أصل الساق لا قبة القدم لأنها موضع الشراك فلا يحصل الفرق ، ولعله على هذا لا تنافى بين الخبرين. ( المرأة ).
6- يعنى بالزاي أولا والراء أخيرا.

باب 356: الحكم في الحظيرة بين دارين

3415 - سأل منصور بن حازم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن حظيرة بين دارين فذكر أن عليا عليه السلام قضى بها لصاحب الدار الذي من قبله القماط » (1).

3416 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن جده عن علي عليهم السلام « أنه قضى في رجلين اختصما إليه في خص فقال : إن الخص للذي إليه القمط ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : الخص : الطن (2) الذي يكون في السواد بين الدور ، والقمط : هو شد الحبل ، يعني أن يكون الخص هو الذي إليه شد الحبل وقد قيل : إن القماط هو الحجر الذي يغلق منه على الباب (3).

باب 357: الحكم في نفش الغنم في الحرث

الحكم في نفش الغنم في الحرث (4)

3417 - روى جميل بن دراج ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام «في قوله عز و جل» وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم » قال : لم يحكما

ص: 100


1- في النهاية : في حديث شريح « اختصم إليه رجلان في خص فقضى بالخص للذي يليه معاقد القمط » هي جمع قماط وهي الشرط التي يشد بها الخص ويوثق من ليف أو خوص أو غيرهما ومعاقد القمط تلى صاحب الخص ، والخص : البيت الذي يعمل من القصب هكذا قاله الهروي بالضم وقال الجوهري بالكسر كأنه عنده واحد.
2- الطن - بضم الطاء المهملة وتشديد النون - : حزمة القصب.
3- أي من الخص بأن يشد رأس حبل على الخص ورأسه الاخر على الحجر الذي يرخى على الباب ليمنع من فتح الباب بسهولة. ( مراد )
4- نفشت الإبل والغنم تنفش نفوشا أي رعت ليلا بلا راع.

إنما كانا يتناظران ، ففهمناها سليمان » (1).

3418 - وروى الوشاء ، عن أحمد بن عمر الحلبي قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام «عن قول اللّه عزوجل : « وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث» قال : كان حكم داود عليه السلام رقاب الغنم ، والذي فهم اللّه عزوجل سليمان عليه السلام أن حكم لصاحب الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله » (2).

باب 358: حكم الحريم

3419 - روى إسماعيل بن مسلم عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في رجل باع نخله ، واستثنى نخلة قضى له بالمدخل إليها والمخرج منها ومدى جرائدها » (3).

3420 - وروى وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن علي ابن أبي طالب عليه السلام كان يقول : حريم البئر العادية (4) خمسون ذراعا إلا أن يكون إلى عطن (5) أو إلى طريق فيكون أقل من ذلك إلى خمسة وعشرين ذراعا ».

3421 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : حريم النخلة طول سعفتها » (6).

ص: 101


1- إشارة إلى الآية وفى بعض النسخ « ففهمها سليمان ».
2- أي يكون الغنم لصاحب الزرع والمراد بالحكم هنا أيضا ما فسره به أبو جعفر عليه السلام في الحديث السابق أي كان في التناظر ، مع هذا الاحتمال فلا منافاة بينه وبين الحديث السابق ، والظاهر أن ضمير « ففهمها » للغنم باعتبار حكمها. ( مراد )
3- أي له حق المرور ما دامت رطبة وله منتهى بلوغ أغصانها في هواء الحائط و بإزائها في الأرض مسقط التمر ، والمدى الغاية.
4- العادية : القديمة ، وفى القاموس شئ عادى أي قديم كأنه منسوب إلى عاد.
5- العطن والمعطن واحد الأعطان وهي مبارك الإبل عند الماء لتشرب عللا بعد نهل فإذا استوفت ردت إلى المرعى.
6- لم أجده مسندا وروى ابن ماجة في الضعيف عن ابن عمر عن عبادة بن صامت عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : « حريم النخلة مد جرائدها » والجريدة السعف.

3422 - وروي « أن حريم المسجد أربعون ذراعا من كل ناحية ، وحريم المؤمن في الصيف باع » وروي « عظم الذراع » (1).

3423 - وروى عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أتى جبلا فشق منه قناة جرى ماؤها سنة ، ثم إن رجلا أتى ذلك الجبل فشق منه قناة أخرى فذهبت قناة الاخر بماء قناة الأول ، قال : يقايسان بحقائب البئر ليلة ليلة فينظر أيتها أضرت بصاحبتها ، فإن كانت الأخيرة أضرت بالأولى فليتعور (2) ، وقضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بذلك ، وقال : إن كانت الأولى أخذت ماء الأخيرة لم يكن لصاحب الأخيرة على الأولى سبيل ».

3424 - وسئل عليه السلام » (3) « عن قوم كان لهم عيون في أرض قريبة بعضها من بعض ، فأراد رجل أن يجعل عينه أسفل من موضعها الذي كانت عليه ، وبعض العيون إذا فعل بها ذلك أضرت ببقيتها ، وبعضها لا تضر من شدة الأرض ، فقال : ما كان في مكان جليد فلا يضره (4) ، وما كان في أرض رخوة بطحاء فإنه يضر ».

3425 - وقال عليه السلام « يكون بين البئرين إن كانت أرضا صلبة خمسمائة

ص: 102


1- ولا منافاة بينهما لان ذلك على سبيل الاستحسان والتخيير ، ويمكن أن يراد بالباع حريم الجانبين مجموعا فيقرب لكل جانب من عظم الذراع ( مراد ) والباع قدر مد اليدين ، قال سلطان العلماء : ولعل هذا في الشتاء وذلك في الصيف أو يحمل الباع على الأفضل.
2- الحقائب جمع الحقيبة وهي العجيزة ووعاء يجمع الراحل فيه زاده وحقب المطر أي تأخر واحتبس يعنى منتهى البئر ، والحاصل أنه يحبس كل ليلة ماء إحدى القناتين ليعلم أيتهما تضر بالأخرى. وفى التهذيب « بجوانب البئر » وفى بعض النسخ « بعقائب البئر » وقال الفيض رحمه اللّه - العقبة - بالضم - : النوبة ، والتعوير : الطم ، وفى النهاية : عورت الركية وأعورتها إذا طممتها وسددت أعينها التي ينبع منها الماء.
3- مروى في الكافي ج 5 ص 293 عن القمي ، عن أبيه ، عن محمد بن حفص عنه عليه السلام مع زيادة.
4- الجليد : الأرض الصلبة.

ذراع ، وإن كانت رخوة فألف ذراع » (1).

3426 - وروى الحسن الصيقل (2) ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : قال أبو جعفر عليه السلام : « كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بني فلان ، فكان إذا جاء إلى نخلته نظر إلى شئ من أهل الرجل يكرهه الرجل ، قال : فذهب الرجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فشكاه ، فقال : يا رسول اللّه إن سمرة يدخل علي بغير إذني فلو أرسلت إليه فأمرته أن يستأذن حتى تأخذ أهلي حذرها منه ، فأرسل إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فدعاه فقال : يا سمرة ما شأن فلان يشكوك ويقول : يدخل بغير إذني فترى من أهله ما يكره ذلك ، يا سمرة استأذن إذا أنت دخلت ، ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : يسرك أن يكون لك عذق في الجنة بنخلتك؟ قال : لا ، قال : لك ثلاثة؟ قال : لا ، قال : ما أراك يا سمرة إلا مضارا ، اذهب يا فلان فاقطعها واضرب بها وجهه » (3).

ص: 103


1- مروى في الكافي والتهذيب ج 2 ص 157 بسند فيه محمد بن عبد اللّه بن هلال وهو مجهول الحال.
2- في الطريق إليه من لم يوثق صريحا ، ورواه الكليني والشيخ مع اختلاف وبنحو أبسط وفيهما « باع نخلا واستثنى عليه نخلة ».
3- في التهذيب « فقال رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) للأنصاري : اذهب فاقطعها وارم بها إليه ، فإنه لا ضرر ولا ضرار « وفى الكافي » وشكا الأنصاري إلى رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) فأرسل إليه رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) فأتاه فقال له : ان فلانا قد شكاك وزعم أنك تمر عليه وعلى أهله بغير أذنه فاستأذن عليه إذا أردت أن تدخل ، فقال : يا رسول اللّه أستأذن في طريقي إلى عذقى؟ فقال له رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) : خل عن ولك مكانه عذق في مكان كذا وكذا ، فقال : لا ، قال : فلك اثنان ، قال : لا أريد ، فلم يزل يزيده حتى بلغ عشرة أعذاق ، فقال : لا ، قال : فلك عشرة في مكان كذا وكذا فأبى فقال : خل عنه ولك مكانه عذق في الجنة ، قال : لا أريد ، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : انك رجل مضار ، ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن ، قال : ثم أمر بها رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) فقلعت ثم رمى بها إليه ، وقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : انطلق واغرسها حيث شئت ، وقال استاذنا الشعراني - مد ظله العالي - : هذا الحديث معتبر منقول بطرق مختلفة عن العامة والخاصة فلا بأس بالعمل به في مورده وهو أن يكون لرجل عذق في أرض رجل ولا يستأذن في الدخول و يأبى عن البيع والمعاوضة ، وأما إذا تخلف بعض الشروط مثل أن يكون مال آخر غير النخل كشجرة التفاح أو زرع أو بناء أو كان الأرض غير مسكونة لاحد وكان الداخل يستأذن إذا دخل أو يرضى بعوضه أو عوض ثمرته فهو خارج عن مدلول الحديث ، ويمكن تعميم الحكم بالنسبة إلى كل شجرة غير النخل والى الزرع والبناء ، والاضرار بأمور أخرى غير عدم الاستيذان وأما إذا لم يضر واستأذن أو رضى بعوض فوق قيمته فجواز قلع الشجرة أو هدم الدار ممنور. و بالجملة القدر المسلم حرمة اضرار الغير الا أن يكون في أموال حفظها على مالكها ففرط في حفظها وتضرر بتفريطه في الحفظ. فيجوز أن يعمل في ملكه عملا يضر جاره ، وعلى الجار أيضا حفظ ملكه ثم إن الضرر مع حرمته لا يوجب لنا اختراع أحكام من قبل أنفسنا لدفع الضرر ، مثلا إذا تلفت غلة قرية بآفة لا يجوز لنا الحكم ببراءة ذمة المستأجر من مال الإجارة ، أو إذا استلزم خروج المستأجر من الدار والحانوت وانتقاله إلى مكان آخر ضررا لا يجوز لنا المنع من اخراجه وأمثال ذلك كثيرة في العقود والمعاملات ولا ينفى عنها بمقتضياتها إذا استلزم ضررا وكذلك لا يحلل به المحرمات كالربا إذا استلزم الامتناع منه ضررا ويجب في كل مورد من موارد الضرر اتباع الأدلة الخاصة به.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : ليس هذا الحديث بخلاف الحديث الذي ذكرته في أول هذا الباب من قضاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في رجل باع نخلة واستثنى نخلة فقضى له بالمدخل إليها والمخرج منها ، لان ذلك فيمن اشترى النخلة مع الطريق إليها (1) ، وسمرة كانت له نخلة ولم يكن له الممر إليها .

ص: 104


1- حق العبارة « فيمن كانت له النخلة مع الطريق إليها » لان استثناء النخلة ليس بشرائها مع طريقها وإن كان في حكم ذلك ، ففي العبارة مسامحة ، ويمكن حمل فعل النبي (صلی اللّه عليه وآله) على أن سمرة لما لم يسمع قول رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) ولم يرض من نخلته بثلاثة من عذق الجنة استحق ذلك ولا بعد فيه ، وأيضا ما مر من أن لصاحب النخلة الدخول والخروج وغير ذلك لا ينافي وجوب الاستيذان وان وجب الاذن على صاحب الحائط عنده ، ولا بعد أيضا في أن صاحب النخلة ان لم يرض بالاستيذان وكان ينظر إلى ما يكرهه صاحب الحائط استحق أن يقلع نخلته لدفع الاضرار. وقال سلطان العلماء : يمكن الجمع بأنه صلى اللّه عليه وآله لما علم أن غرض سمرة الاضرار والعناد والنظر إلى أهل الرجل أمر بقلع نخلتها كما يشعر به قوله عليه السلام « ما أراك الا مضارا » بعد الالتماس منه بخلاف ما سبق ، فلا منافاة.

باب 359: الحكم باجبار الرجل على نفقة أقربائه

3427 - روى محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « من الذي أجبر على نفقته؟ قال : الوالدان والولد والزوجة (1) ، والوارث الصغير يعني الأخ وابن الأخ وغيره (2).

باب 360: ما يقبل من الدعاوي بغير بينة

3428 - « جاء أعرابي إلى النبي صلى اللّه عليه وآله (3) فادعى عليه سبعين درهما ثمن

ص: 105


1- مروى في التهذيب ج 2 ص 89 والاستبصار ج 3 ص 43 نحو صدره مسندا عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث وذيله عن محمد الحلبي في آخر ، وأما اعتبار الصغر فهو مناف للأصول ويمكن أن يكون الصغير تصحيفا للفقير ويؤيد ذلك أنه نقل عن الشهيد - قدس سره - ذكر في بعض مصنفاته أن الشيخ ذكر في المبسوط أنه يجب نفقة الوارث الفقير للرواية. والظاهر أن المراد هذه الرواية لعدم وجودي غيرها. وقال الفاضل التفرشي : يمكن أن يراد بالوارث من ليس للمنفق أقرب وأن يراد من من شأنه أنه يصير وارثا ، والأول أقرب - انتهى
2- في الاستبصار والتهذيب « يعنى الأخ وابن الأخ ونحوه » وقال في المسالك : المشهور أنه لا يجب نفقه غير العمودين من الأقارب ونقل العلامة في القواعد في ذلك خلافا وأسنده الشراح إلى الشيخ وأنه ذهب إلى وجوبها على كل وارث والشيخ في المبسوط قطع باختصاصها بالعمودين وأسند وجوبها على الوارث إلى رواية وحملها على الاستحباب - انتهى.
3- روى المصنف في الأمالي المجلس (22) عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان ابن سليمان ، عن نوح بن شعيب ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن علقمة ، عن الصادق عليه السلام نحو هذا الخبر ، وفى الانتصار للسيد المرتضى - قدس اللّه روحه - نحوه راجع مسائل القضاء والشهادات منه.

ناقة باعها منه ، فقال : قد أوفيتك ، فقال : اجعل بيني وبينك رجلا يحكم بيننا ، فأقبل رجل من قريش فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : احكم بيننا ، فقال للاعرابي ما تدعي على رسول اللّه؟ قال : سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه ، فقال : ما تقول يا رسول اللّه؟ قال : قد أوفيته فقال للاعرابي : ما تقول؟ قال : لم يوفني فقال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ألك بينة على أنك قد أوفيته؟ قال : لا ، قال للاعرابي : أتحلف أنك لم تستوف حقك وتأخذه؟ فقال : نعم ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لأتحاكمن مع هذا إلى رجل يحكم بيننا بحكم اللّه عزوجل (1) ، فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام ومعه الاعرابي « فقال علي عليه السلام مالك يا رسول اللّه؟ قال : يا أبا الحسن أحكم بيني وبين هذا الاعرابي ، فقال علي عليه السلام : يا أعرابي ما تدعي على رسول اللّه؟ قال : سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه ، فقال : ما تقول يا رسول اللّه؟ قال : قد أوفيته ثمنها ، فقال : يا أعرابي أصدق رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فيما قال؟ قال : لا ما أوفاني شيئا ، فأخرج علي عليه السلام سيفه فضرب عنقه ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لم فعلت يا علي ذلك؟! فقال : يا رسول اللّه نحن نصدقك على أمر اللّه ونهيه وعلى أمر الجنة والنار والثواب والعقاب و وحي اللّه عزوجل ولا نصدقك في ثمن ناقة هذا الاعرابي! وإني قتلته لأنه كذبك لما قلت له أصدق رسول اللّه فيما قال فقال : لاما أوفاني شيئا ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أصبت يا علي فلا تعد إلى مثلها ، ثم التفت إلي القرشي وكان قد تبعه ، فقال : هذا حكم اللّه لا ما حكمت به » (2).

3429 - وفي رواية محمد بن بحر الشيباني ، عن أحمد بن الحرث قال : حدثنا أبو أيوب الكوفي قال : حدثنا إسحاق بن وهب العلاف قال : حدثنا أبو عاصم النبال ،

ص: 106


1- أي مع هذا الاعرابي ، و « لأتحاكمن » جواب القسم المحذوف.
2- تحاكم النبي (صلی اللّه عليه وآله) إلى القرشي ابتداء ورد حكمه ثانيا يعطى جواز التحاكم إلى من في ظاهره قابلية التحكم ورد حكمه عند العلم بخطائه ، وكذا ما يجيئ من قضية شريح في درع طلحة.

عن ابن جريج ، عن الضحاك (1) ، عن ابن عباس قال : « خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله من منزل عائشة فاستقبله أعرابي ومعه ناقة فقال : يا محمد تشتري هذه الناقة؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : نعم بكم تبيعها يا أعرابي؟ فقال : بمائتي درهم فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : بل ناقتك خير من هذا ، قال : فما زال النبي صلى اللّه عليه وآله يزيد حتى اشترى الناقة بأربع مائة درهم ، قال : فلما دفع النبي صلى اللّه عليه وآله إلى الاعرابي الدراهم ضرب الاعرابي يده إلى زمام الناقة ، فقال : الناقة ناقتي والدراهم دراهمي فإن كان لمحمد شئ فليقم البينة قال : فأقبل رجل فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : أترضى بالشيخ المقبل؟ قال : نعم يا محمد ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : تقضي فيما بيني وبين هذا الاعرابي؟ فقال : تكلم يا رسول اللّه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي ، فقال الاعرابي : بل الناقة ناقتي و الدراهم دراهمي إن كان لمحمد شئ فليقم البينة ، فقال الرجل : القضية فيها واضحة يا رسول اللّه وذلك أن الاعرابي طلب البينة ، فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله : إجلس فجلس ثم أقبل رجل آخر فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : أترضى يا أعرابي بالشيخ المقبل؟ قال : نعم يا محمد ، فلما دنا قال النبي صلى اللّه عليه وآله : إقض فيما بيني وبين الاعرابي قال تكلم يا رسول اللّه فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي ، فقال الاعرابي : بل الناقة ناقتي والدراهم دراهمي إن كان لمحمد شئ فليقم البينة ، فقال الرجل : القضية فيها واضحة يا رسول اللّه لان الاعرابي طلب البينة ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : اجلس حتى يأتي اللّه بمن يقضي بيني وبين الاعرابي بالحق ، فأقبل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : أترضى بالشاب المقبل؟ قال : نعم فلما دنا قال النبي صلى اللّه عليه وآله : يا أبا الحسن إقض فيما بيني وبين الاعرابي ، فقال : تكلم

ص: 107


1- ذكر المصنف هنا تمام السند لأنه مقطوع وجل رواته من العامة ، ومحمد بن بحر مرمى بالغلو وارتفاع المذهب والقول بالتفويض ، وأحمد بن الحرث مشترك بين جماعة غير موثقين ولعله تصحيف أحمد بن حرب وهو حفيد محمد البخاري العامي ، و أبو أيوب الكوفي إن كان الخزاز فهو ثقة والا فمجهول ، وإسحاق بن وهب عامي وكذا بقية رجال السند إلى ابن عباس.

يا رسول اللّه فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي فقال الاعرابي : لا بل الناقة ناقتي والدراهم دراهمي إن كان لمحمد شئ فليقم البينة ، فقال علي عليه السلام : خل بين الناقة وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال الاعرابي : ما كنت بالذي أفعل أو يقيم البينة (1) قال : فدخل علي عليه السلام منزله فاشتمل على قائم سيفه (2) ثم أتى فقال : خل بين الناقة وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : ما كنت بالذي أفعل أو يقيم البينة : قال : فضربه علي عليه السلام ضربة فاجتمع أهل الحجاز على أنه رمى برأسه وقال بعض أهل العراق بل قطع منه عضوا ، قال : فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : ما حملك على هذا يا علي!؟ فقال : يا رسول اللّه نصدقك على الوحي من السماء ولا نصدقك على أربعمائة درهم »!.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذان الحديثان غير مختلفين لأنهما في قضيتين ، وكانت هذه القضية قبل القضية التي ذكرتها قبلها (3).

3430 - وروى محمد بن بحر الشيباني ، عن عبد الرحمن بن أحمد الذهلي قال : حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري قال : حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع الحمصي ، قال : حدثنا شعيب ، عن الزهري ، عن عبد اللّه بن أحمد الذهلي قال (4) حدثني عمارة بن خزيمة بن ثابت أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله « أن النبي صلى اللّه عليه وآله ابتاع فرسا من أعرابي فأسرع النبي صلى اللّه عليه وآله المشي ليقبضه ثمن فرسه فأبطأ الاعرابي فطفق رجال يعترضون الاعرابي فيساومونه بالفرس (5) وهم لا يشعرون

ص: 108


1- « أو يقيم » بمعنى إلى أن يقيم.
2- قائم السيف وقائمته : مقبضه. ( المصباح )
3- قال ذلك دفعا لان النبي صلى اللّه عليه وآله نهاه في الخبر السابق عن العود إلى مثله ، لكن في الخبرين غرابة كما لا يخفى والعلم عند اللّه.
4- السند عامي وروى نحوه الكليني ج 7 ص 401 من الكافي في الموثق كالصحيح عن معاوية بن وهب مقطوعا. وذكر القضية جماعة من العامة وأشار إليه ابن قتيبة في المعارف وابن الأثير في أسد الغابة.
5- المساومة المقاولة في البيع والشراء والمجاذبة بين البايع والمشترى على السلعة وفضل ثمنها.

أن النبي صلى اللّه عليه وآله ابتاعه حتى زاد بعضهم الاعرابي في السوم على الثمن فنادى الاعرابي فقال : إن كنت مبتاعا لهذا الفرس فابتعه وإلا بعته ، فقام النبي صلى اللّه عليه وآله حين سمع الاعرابي فقال : أو ليس قد ابتعته منك؟ فطفق الناس يلوذون بالنبي صلى اللّه عليه وآله و بالأعرابي وهما يتشاجران فقال الاعرابي : هلم شهيدا يشهد إني قد بايعتك ، و من جاء من المسلمين قال للاعرابي : إن النبي صلى اللّه عليه وآله لم يكن ليقول إلا حقا حتى جاء خزيمة بن ثابت فاستمع لمراجعة النبي صلى اللّه عليه وآله والأعرابي فقال خزيمة : إني أنا أشهد أنك قد بايعته ، فأقبل النبي صلى اللّه عليه وآله على خزيمة فقال : بم تشهد!؟ قال : بتصديقك يا رسول اللّه فجعل النبي صلى اللّه عليه وآله شهادة خزيمة بن ثابت شهادتين وسماه ذا - الشهادتين ».

3431 - وروى محمد بن قيس (1) عن أبي جعفر عليه السلام « أن عليا عليه السلام كان في مسجد الكوفة فمر به عبد اللّه بن قفل التيمي ومعه درع طلحة فقال علي عليه السلام : هذه درع طلحة اخذت غلولا (2) يوم البصرة ، فقال ابن قفل : يا أمير المؤمنين اجعل بيني وبينك قاضيك الذي ارتضيته للمسلمين فجعل بينه وبينه شريحا فقال علي عليه السلام : هذه درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة فقال شريح : يا أمير المؤمنين هات على ما تقول بينة فأتاه بالحسن بن علي عليه السلام فشهد أنها درع طلحة اخذت يوم البصرة غلولا فقال شريح : هذا شاهد ولا أقضي بشاهد حتى يكون معه آخر ، فأتي بقنبر فشهد أنها درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة ، فقال : هذا مملوك ولا أقضى بشهادة المملوك ، فغضب علي عليه السلام ، ثم قال : خذوا الدرع فإن هذا قد قضى بجور ثلاث مرات فتحول شريح عن مجلسه وقال : لا أقضي بين اثنين حتى تخبرني من أين قضيت

ص: 109


1- رواه الكليني ج 7 ص 385 عن القمي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن ابن الحجاج ، والشيخ في التهذيب ج 2 ص 87 في الموثق عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي جعفر عليه السلام والظاهر أنه سقط محمد ابن قيس في الكتابين لان عبد الرحمن لم يلق أبا جعفر عليه السلام.
2- الغلول : الخيانة في المغنم خاصة.

بجور ثلاث مرات؟ فقال له علي عليه السلام : إني لما قلت لك : إنها درع طلحة اخذت غلولا يوم البصرة فقلت هات على ما تقول بينة ، وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : حيثما وجد غلول اخذ بغير بينة (1) ، فقلت : رجل لم يسمع الحديث ، ثم أتيتك بالحسن فشهد فقلت : هذا شاهد واحد ولا أقضي بشاهد حتى يكون معه آخر وقد قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بشاهد ويمين ، فهاتان اثنتان ، ثم أتيتك بقنبر ، فشهد فقلت : هذا مملوك ، وما بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلا فهذه الثالثة (2) ، ثم قال عليه السلام : يا شريح إن إمام المسلمين يؤتمن من أمورهم على ما هو أعظم من هذا (3) ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : فأول من رد شهادة المملوك - رمع - » (4).

3432 - وروى محمد بن عيسى بن عبيد ، عن أخيه جعفر بن عيسى قال : « كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام : جعلت فداك المرأة تموت فيدعي أبوها أنه أعارها بعض ما كان عندها من المتاع والخدم أتقبل دعواه بلا بينة ، أم لا تقبل دعواه إلا ببينة؟ فكتب عليه السلام : تجوز بلا بينة ، قال : وكتبت إلى أبي الحسن - يعني علي بن محمد - عليهما السلام جعلت فداك إن ادعى زوج المرأة الميتة أو أبو زوجها أو أم زوجها في متاعها أو في خدمها مثل الذي ادعى أبوها من عارية بعض المتاع والخدم أيكون بمنزلة الأب

ص: 110


1- لعل مبنى ذلك على أنه لم يكن كلام في أنها درع طلحة لعلمهم بذلك بحيث لا يمكن انكاره حيث رأوها مرة بعد أخرى ، بل الكلام إنما كان في أن عبد اللّه بن قفل هل أخذه غلولا أو على وجه شرعي ، والأصل عدم انتقالها إليه بنافل شرعي ( مراد ) وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - قوله « حيث ما وجد غلول » لعله محمول على ما إذا كان معروفا مشهورا بين الناس أو عند الامام والا فالحكم به مطلقا لا يخلو عن اشكال.
2- يستفاد منه تعديل قنبر وقبول شهادة المملوك العادل.
3- الخبر في الكافي والتهذيب إلى هنا.
4- مقلوب عمر. وحاصل الخبر أن طلب البينة من المدعى إنما يكون فيمن لم يعلم عصمته ، وأما فيمن علم عصمته بالدليل فيعلم بقوله حقية دعواه فلم يحتج الحاكم في الحكم إلى بينة لوجوب حكمه بعلمه ولهذا يجب تصديقه في جميع الأحكام الشرعية والاعتقادات. ( مراد )

في الدعوى؟ فكتب عليه السلام : لا » (1).

3433 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن رفاعة بن موسى النخاس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا طلق الرجل امرأته فادعت أن المتاع لها وادعى أن المتاع له كان له ما للرجال ولها ما للنساء » (2).

وقد روي أن المرأة أحق بالمتاع لان من بين لابتيها قد يعلم أن المرأة تنقل إلى بيت زوجها المتاع (3).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني بذلك المتاع الذي هو من متاع النساء والمتاع الذي هو يحتاج إليه الرجال كما تحتاج إليه النساء ، فأما ما لا يصلح إلا للرجال فهو للرجل ، وليس هذا الحديث بمخالف للذي قال : له ما للرجال و لها ما للنساء وباللّه التوفيق.

ص: 111


1- مروى في الكافي ج 7 ص 431 وفى التهذيب ج 2 ص 87 ، وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لعل الفرق فيما إذا علم كونها ملكا للأب سابقا كما هو الغالب بخلاف غيره ، فالقول قول الأب لأنه كان ملكه والأصل عدم الانتقال ، وقال في التحرير : هذه الرواية محمولة على الظاهر لأن المرأة تأتى بالمتاع من بيت أهلها.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 89 والاستبصار ج 3 وص 47 في ذيل حديث.
3- هذا الكلام مضمون خبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 90 في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألني هل يقضى ابن أبي ليلى بقضاء يرجع عنه فقلت له : بلغني أنه قضى في متاع الرجل والمرأة إذا مات أحدهما فادعى ورثة الحي وورثة الميت ، أو طلقها الرجل فادعاه الرجل وادعته المرأة أربع قضيات قال : ما هن؟ قلت : أما أول ذلك فقضى فيه بقضاء إبراهيم النخعي أن يجعل متاع المرأة الذي لا يكون للرجل للمرأة ، ومتاع الرجل الذي لا يكون للمرأة للرجل ، وما يكون للرجال والنساء بينهما نصفين ثم بلغني أنه قال : هما مدعيان جميعا والذي بأيديهما جميعا مما يتركان بينهما نصفين ثم قال : الرجل صاحب البيت والمرأة الداخلة عليه وهي المدعية فالمتاع كله للرجل الا متاع النساء الذي لا يكون للرجال فهو للمرأة ، ثم قضى بعد ذلك بقضاء لولا انى شهدته لم أروه عليه ، ماتت امرأة منا ولها زوج وتركت متاعا فرفعته إليه فقال اكتبوا لي المتاع فلما قرأه قال : هذا يكون للمرأة وللرجل وقد جعلته للمرأة الا الميزان فإنه من متاع الرجل ، فهو لك ، قال ، فقال لي على أي شئ هو اليوم؟ قلت : رجع إلى أن جعل البيت للرجل ، ثم سألته عن ذلك فقلت له : ما تقول فيه أنت؟ قال : القول الذي أخبرتني أنك شهدت منه وإن كان قد رجع عنه ، قلت له : يكون المتاع للمرأة؟ فقال : لو سألت من بينهما - يعنى الجبلين - ونحن يومئذ بمكة لا خبروك أن الجهاز والمتاع يهدى علانية من بيت المرأة إلى بيت الرجل فيعطى التي جاءت به وهو المدعى فان زعم أنه أحدث فيه شيئا فليأت بالبينة ».

باب 361: نادر

3434 - روى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام « أنه سئل عن رجل أبصر طيرا فتبعه حتى وقع على شجرة فجاء رجل آخر فأخذه فقال : للعين ما رأت ولليد ما أخذت ».

3435 - وروى علي بن عبد اللّه الوراق - رحمه اللّه - عن سعد بن عبد اللّه ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن حماد ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الأخرس كيف يحلف إذا ادعي عليه دين ولم يكن للمدعى بينة فقال إن أمير المؤمنين عليه السلام اتي بأخرس وادعي عليه دين فأنكره ولم يكن للمدعي عليه بينة فقال أمير المؤمنين عليه السلام : الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى بينت للأمة جميع ما يحتاج إليه ، ثم قال : ائتوني بمصحف فاتي به ، فقال للأخرس : ما هذا فرفع رأسه إلى السماء وأشار أنه كتاب اللّه ، ثم قال : ائتوني بوليه فأتوه بأخ له فأقعده إلى جنبه ، ثم قال : يا قنبر علي بدواة وصينية فأتاه بهما (1) ثم قال لأخ الأخرس : قل لأخيك : هذا بينك وبينه انه علي ، فتقدم إليه بذلك ثم كتب أمير - المؤمنين عليه السلام : واللّه الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، الطالب الغالب الضار النافع ، المهلك المدرك ، الذي يعلم السر والعلانية ، إن فلان بن فلان المدعي ليس له قبل فلان بن فلان - أعني الأخرس - حق ولا طلبة بوجه من

ص: 112


1- يعنى قصعة ، والخبر مروى في التهذيب ج 2 ص 97.

الوجوه ولا سبب من الأسباب ثم غسله وأمر الأخرس أن يشربه ، فامتنع فألزمه الدين » (1).

باب 362: العتق وأحكامه

3436 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أعتق مؤمنا أعتق اللّه بكل عضو منه عضوا من النار ، وإن كانت أنثى أعتق اللّه بكل عضوين منها عضوا من النار ، لأن المرأة بنصف الرجل » (2).

3437 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يستحب للرجل أن يتقرب عشية عرفة ويوم عرفة بالعتق والصدقة ».

3438 - وروي عن أبي بصير ، وأبي العباس ، وعبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا ملك الرجل والديه أو أخته أو عمته أو خالته أو ابنة أخيه أو ابنة أخته وذكر أهل هذه الآية (3) من النساء عتقوا جميعا ، ويملك الرجل عمه وابن

ص: 113


1- قال في المسالك : في حلف الأخرس أقوال أشهرها تحليفه بالإشارة المفهمة الدالة عليه كسائر أموره ، والشيخ في النهاية اشترط مع ذلك وضع يده على اسم اللّه تعالى ، وقيل : بكتب اليمين في لوح ويؤمر بشر به بعد اعلامه ، واحتجوا بهذا الخبر ، وحمله ابن إدريس على أخرس لا يكون له كتابة معقولة ولا إشارة مفهومة ، وما ذكر في الخبر من فهمه إشارة علي عليه السلام إليه بالاستفهام عن المصحف ينافي ذلك.
2- هذا إذا كان المعتق - على صيغة الفاعل - رجلا ، أما إذا كانت امرأة فالظاهر من العلة المذكورة أن يعتق بكل عضو منها عضوا منها من النار ، وفى صورة العكس ينعتق بكل عضو منه عضوان بمعنى تضاعف الاجر ، وفى المجلد الأول من الكافي ص 453 باب مولد أمير المؤمنين عليه السلام « أن فاطمة بنت أسد قالت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : انى أريد أن أعتق جاريتي هذه ، فقال لها : أن فعلت أعتق اللّه بكل عضو منها عضوا منك من النار ». والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 309 والكليني ج 6 ص 180.
3- المراد قوله تعالى « حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم - الآية ».

أخيه وابن أخته وخاله ، ولا يملك أمه من الرضاعة ولا أخته ولا عمته ولا خالته ، فإذا ملكهن عتقن ، قال : وما يحرم من النسب من النساء فإنه يحرم من الرضاع (1) ، وقال : يملك الذكور ما خلا الوالد والولد ، ولا يملك من النساء ذات محرم ، قلت : وكذلك يجري في الرضاع؟ قال : نعم يجري في الرضاع مثل ذلك » (2).

3439 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في جارية كانت بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه قال : إن كان موسرا كلف أن يضمن وإن كان معسرا اخدمت بالحصص » (3).

3440 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في عبد كان بين رجلين فحرر أحدهما نصفه وهو صغير وأمسك الاخر نصفه (4) ، قال : يقوم قيمة يوم حرر الأول وامر المحرر أن يسعى في نصفه الذي لم يحرر حتى يقضيه ».

3441 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا - عبد اللّه عليه السلام عن الرجلين يكون بينهما الأمة فيعتق أحدهما نصفه فتقول الأمة للذي لم يعتق نصفه : لا أريد أن تقومني ذرني كما أنا أخدمك وإنه أراد أن يستنكح النصف

ص: 114


1- اختلف الأصحاب تبعا لاختلاف الروايات في أن من ملك من الرضاع من ينعتق عليه لو كان بالنسب هل ينعتق أم لا ، فذهب الشيخ وأتباعه وأكثر المتأخرين إلى الانعتاق ، وذهب المفيد وابن أبي عقيل وسلار وابن إدريس - رحمهم اللّه - إلى عدم الانعتاق. ( المرآة )
2- ظاهر الحديث يدل على انعتاق كل من بين تحريمها في الآية وإن كان بالمصاهرة كأم الزوجة وزوجة الولد ، ولكنهم خصصوا الحكم بالمحرمات بالنسب والرضاع. ( مراد )
3- كذا في الاستبصار ، وفى بعض النسخ « اخذت » وفى التهذيب « اخدمت بالحصة » ، وقيل : يمكن أن يحمل ذلك على ما إذا لم يقدر على السعي في تحصيل قيمة ما بقي لها من الرق أو لم يسع بقرينة ما يجيئ.
4- في الكافي ج 6 ص 183 « وأمسك الاخر نصفه حتى كبر الذي حرر نصفه ».

الاخر ، قال لا ينبغي له أن يفعل إنه لا يكون للمرأة فرجان ولا ينبغي له أن يستخدمها ولكن يقومها ويستسعيها » (1).

وفي رواية أبي بصير مثله إلا أنه قال : « وإن كان الذي أعتقها محتاجا فليستسعها ».

3442 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجلين كان بينهما عبد فأعتق أحدهما نصيبه ، قال : إن كان مضارا كلف أن يعتقه كله و إلا استسعى العبد في النصف الآخر » (2).

3443 - وروى حريز ، عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل ورث غلاما وله فيه شركاء فأعتق لوجه اللّه نصيبه ، فقال : إذا أعتق نصيبه مضارة وهو موسر ضمن للورثة ، وإذا أعتق نصيبه لوجه اللّه عزوجل كان الغلام قد أعتق منه حصة من أعتق ، ويستعملونه على قدر ما لهم فيه ، فإن كان فيه نصفه عمل لهم يوما وله يوم ، وإن أعتق الشريك مضارا فلا عتق له لأنه أراد أن يفسد على القوم و يرجع القوم على حصتهم ».

3444 - وقال الصادق عليه السلام : « لا عتق إلا ما أريد به وجه اللّه عزوجل » (3).

3445 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن الرجل تكون له الأمة ، فيقول : متى آتيها فهي حرة ، ثم يبيعها من رجل ، ثم يشتريها بعد ذلك ، قال : لا بأس بأن يأتيها قد خرجت من ملكه ».

3446 - وروي عن سماعة قال : « سألته عن رجل قال لثلاثة مماليك له : أنتم أحرار ، وكان له أربعة فقال له رجل من الناس : أعتقت مماليكك؟ قال : نعم أيجب

ص: 115


1- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 482 وفيه « فيستسعيها ».
2- أي إذا كان قصده بذلك الاضرار على شريكه فيلزمه العتق فيما بقي ويؤخذ بما بقي لشريكه ، والخبر رواه الشيخ في الاستبصار ج 4 ص 4 والتهذيب ج 2 ص 310.
3- كذا في جميع النسخ كما في الكافي ج 6 ص 178 وفى التهذيب ج 2 ص 309 « ولا أعتق الا ما أريد به وجه اللّه تعالى ».

عتق الأربعة حين أجملهم؟ أو هو للثلاثة الذين أعتق؟ قال : إنما يجب العتق لمن أعتق ».

3447 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل زوج أمته من رجل وشرط له أن ما ولدت من ولد فهو حر ، فطلقها زوجها أو مات عنها فزوجها من رجل آخر ما منزلة ولدها؟ قال : بمنزلتها إنما جعل ذلك للأول (1) وهو في الاخر بالخيار إن شاء أعتق وإن شاء أمسك ».

3448 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك » (2).

3449 - وسأله عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه « عن رجل قال لغلامه : أعتقك على أن أزوجك جاريتي هذه فإن نكحت عليها أو تسريت فعليك مائة دينار ، فأعتقه على ذلك فنكح أو تسرى أعليه مائة دينار ويجوز شرطه؟ قال : يجوز عليه شرطه » (3).

3450 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام « في رجل أعتق مملوكه على أن يزوجه ابنته وشرط عليه إن تزوج أو تسرى عليها فعليه كذا وكذا ، قال : يجوز ». (4)

ص: 116


1- في التهذيب ج 2 ص 311 « قال منزلتها ما جعل ذلك الا للأول - الخ ، وقال سلطان العلماء : ينبغي حمل ذلك على صورة يفيد فيها هذا الشرط ويصح كون الولد بمنزلة الام مع عدم الاشتراط كما إذا كان الزوج عبدا أو كما ذهب إليه ابن الجنيد من كون الولد رقا وإن كان الزوج حرا الا مع اشتراط الحرية ، والمشهور كون ولد الزوج الحر حر الا مع اشتراط الرقية ، وقيل : لا تأثير لشرط الرقية.
2- رواه الكليني في الكافي ج 6 ص 179 في الحسن كالصحيح. ويمكن حمله على أن المراد لا يصح عتق يكون انعتاقه قبل الملك لئلا ينافي الأخبار الدالة ظاهرا على صحة تعليقه بالملك ولكن حملها الشيخ على النذر.
3- أجمع الأصحاب على أن المعتق إذا شرط على العبد شرطا سائغا في العتق لزمه الوفاء ، وهل يشترط في لزوم الشرط قبول المملوك ، قيل : لا ، وهو اختيار المحقق ، وقيل : يشترط مطلقا وهو اختيار العلامة في التحرير وفصل في القواعد وقال بلزومه في شرط المال دون الخدمة.
4- روى نحوه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام.

3451 - وسأله يعقوب بن شعيب « عن رجل أعتق جاريته وشرط عليها أن تخدمه خمس سنين فأبقت ثم مات الرجل فوجدها ورثته ألهم أن يستخدموها؟ قال : لا » (1).

3452 - وروى جميل ، عن زرارة ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام « في رجل أعتق عبدا له مال لمن مال العبد؟ قال : إن كان علم أن له مالا تبعه ماله وإلا فهو للمعتق (2). وفي رجل باع مملوكا وله مال ، قال : إن علم مولاه الذي باعه أن له مالا فالمال للمشتري ، وإن لم يعلم البايع فالمال للبايع ».

3453 - وروى ابن بكير ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كان للرجل مملوك فأعتقه وهو يعلم (3) أن له مالا ولم يكن استثنى السيد المال حين أعتقه فهو للعبد ».

3454 - وسأله عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه (4) « عن رجل أعتق عبدا له و

ص: 117


1- مروى في الكافي ج 6 ص 179 في الصحيح ، وعليه الأصحاب ، وقوله « فأبقت » من الإباق أي هربت من سيدها.
2- إلى هنا رواه الكليني في الكافي ج 6 ص 190 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 311.
3- كذا ، وفى الكافي ج 6 ص 190 والتهذيب « قال : إذا كاتب الرجل مملوكه وأعتقه وهو يعلم - الخ » وفى الاستبصار كما في المتن وزاد في بعض نسخه بعد قوله « فهو للعبد » « والا فهو له - أي وان لم يعلم أن له مالا فالمال للسيد - ».
4- رواه الشيخ في التهذيبين باسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وقال بعده : هذه الأخبار عامة مطلقة ينبغي أن نقيدها بأن نقول إنما يكون له المال إذا بدأ به في اللفظ قبل العتق بأن يقول : لي مالك وأنت حر ، فان بدأ بالحرية لم يكن له من المال شئ ، يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن سعد بن سعد ، عن أبي جرير قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قال لمملوكه : أنت حر ولى مالك ، قال : لا يبدء بالحرية قبل المال يقول له : لي مالك وأنت حر برضا المملوك فان ذلك أحب إلى ».

للعبد مال فتوفي الذي أعتق العبد لمن يكون مال العبد؟ أيكون للذي أعتق العبد ، أو للعبد؟ قال : إذا أعتقه وهو يعلم أن له مالا فماله له ، وإن لم يعلم فماله لولد سيده ».

3455 - وروى جميل ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أعتق مملوكه عند موته وعليه دين ، قال : إن كان قيمة العبد مثل الذي عليه ومثله (1) جاز عتقه وإلا لم يجز » (2).

ص: 118


1- في بعض النسخ « ومثليه » والظاهر أنه من النساخ كما في جميع كتب الاخبار والفقه وكما سيجيئ أيضا مفردا يعنى إذا أعتق سدس الغلام يستسعى في الباقي الا إذا كان أقل منه فإنه اضرار على الورثة وأصحاب الديون ويؤيده ، موثقة الحسن بن الجهم في الكافي والتهذيب.
2- قال في المسالك : إذا أوصى بعتق مملوكه تبرعا أو أعتقه منجزا على أن المنجزات من الثلث وعليه دين فإن كان الدين يحيط بالتركة بطل العتق والوصية وان فضل منها عن الدين فضل وان قل صرف ثلث الفاضل في الوصايا فيعتق من العبد بحساب ما يبقى من الثلث ويسعى في ما بقي من قيمته ، هذا هو الذي تقتضيه القواعد ولكن وردت روايات صحيحة في أنه يعتبر قيمة العبد الذي أعتق في مرض الموت فان كانت بقدر الدين مرتين أعتق العبد وسعى في خمسة أسداس قيمته لان نصفه حينئذ ينصرف إلى الدين فيبطل فيه العتق ويبقى منه ثلاثة أسداس للمعتق منها سدس وهو ثلث التركة بعد الدين وللورثة سدسان ، وان كانت قيمة العبد أقل من قدر الدين مرتين بطلت العتق فيه أجمع ، وقد عمل بمضمونها المحقق وجماعة والشيخ وجماعة عدوا الحكم من منطوق الرواية إلى الوصية بالعتق ، والمحقق اقتصر على الحكم في المنجز ، وأكثر المتأخرين ردوا الرواية لمخالفتها لغيرها من الروايات الصحيحة ولعله أولى ويرد على القائل بتعديتها إلى الوصية معارضتها فيها لصحيحة الحلبي ( الآتي ) حيث تدل باطلاقها باعتاقه متى زادت قيمته عن الدين فلا وجه لعمل الشيخ بتلك الرواية مع عدم ورودها في مدعاه واطراح هذه ، ومن الجائز اختلاف حكم المنجز والموصى به في مثل ذلك كما اختلفا في كثير من الأحكام على تقدير تسليم حكمها في المنجز ويبقى في رواية الحلبي أنه عليه السلام حكم باستسعاء العبد في قضاء دين مولاه ولم يتعرض لحق الورثة مع أن لهم في قيمته مع زيادتها عن الدين حقا كما تقرر الا أن ترك ذكرهم لا يقدح لامكان استفادته عن خارج وتخصيص الامر بوفاء الدين لا ينافيه.

3456 - وروى حماد ، عن الحلبي عنه عليه السلام أنه قال : « في الرجل يقول : إن مت فعبدي حر وعلى الرجل دين قال : إن توفي وعليه دين قد أحاط بثمن العبد بيع العبد ، وإن لم يكن أحاط [ بثمن العبد ] استسعي العبد في قضاء دين مولاه وهو حر به إذا أوفاه » (1).

3457 - وروى محمد بن مروان عنه عليه السلام أنه قال : « أن أبي عليه السلام ترك ستين مملوكا وأوصى بعتق ثلثهم ، فأقرعت بينهم فأخرجت عشرين فأعتقتهم » (2).

3458 - وروى حريز ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن رجل ترك مملوكا بين نفر فشهد أحدهم أن الميت أعتقه ، قال : إن كان الشاهد مرضيا لم يضمن وجازت شهادته في نصيبه ، واستسعى العبد فيما كان للورثة » (3).

ص: 119


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 313 ، وقال سلطان العلماء : قوله « إذا مت فعبدي حر » هذا بطريق الوصية والسابق بطريق التخيير ، ولعل الحكم فيها مختلف كما هو مذهب بعض الأصحاب ، فلا منافاة - انتهى ، وما بين القوسين ليس في أكثر النسخ وهو موجود في التهذيب.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 314.
3- الظاهر أنه الفرد الخفي أي مع أنه مرضى لا يصير اقراره سببا للسراية لأنه لم يعتق ، فكيف إذا لم يكن مرضيا ، ويمكن أن يكون مفهومه إذا لم يكن مرضيا يضمن القيمة للورثة كما في السراية إذا كان مضارا ، وفيه بعد ، ويمكن أن لا يسمع قوله مع عدم كونه مرضيا في السراية وان سمع اقراره على نفسه في عتق حصته ( م ت ) وقال سلطان العلماء : لو كانا اثنين يظهر فائدة كونهما مرضيين إذ بشهادتهما يحكم بعتق الكل أما في الواحد فلا يظهر وجهه الا أن يقال لدفع احتمال قصد الاضرار المبطل وهو بعيد وفيه تأمل - انتهى ، وقال العلامة في المختلف : الوجه أن نقول : الاقرار يمضى في حق المقر سواء كان مرضيا أم لا ولا يجب السعي ، وبالجملة فلا فرق بين المرضى وغيره ، ويمكن أن يقال : إن عدالته ينفى التهمة فيمضى الاقرار في حقه خاصة وأما في حق الشركاء فيستسعى العبد كمن أعتق حصة من عبد ولم يقصد الاضرار مع الاعسار وأما إذا لم يكن مرضيا فإنه لا يلتفت إلى قوله الا في حقه فلا يستسعى العبد بل يبقى حصص الشركاء على العبودية ويحكم في حصته بالحرية ، وهذا عندي محمول على الاستحباب عملا بالرواية.

باب 363: التدبير

التدبير(1)

3459 - سأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام « عن الرجل يعتق مملوكه عن دبر ، ثم يحتاج إلى ثمنه ، قال : يبيعه ، قال : قلت فإن كان له عن ثمنه غنى (2) قال : إذا رضي المملوك فلا بأس ».

3460 - وروى جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن المدبر أيباع؟ قال : إن أحتاج صاحبه إلى ثمنه ورضي المملوك فلا بأس » (3).

3461 - وروي عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام « في الرجل يعتق غلامه أو جاريته عن دبر منه ، ثم يحتاج إلى ثمنه أيبيعه؟ قال : لا إلا أن يشترط على الذي يبيعه إياه أن يعتقه عند موته » (4).

3462 - وسئل أبو إبراهيم عليه السلام (5) « عن امرأة دبرت جارية لها فولدت

ص: 120


1- التدبير هو التفعيل من الدبر ، والمراد به تعليق العتق بدبر الحياة ، وقيل : سمى تدبيرا لأنه دبر أمر دنياه باستخدامه واسترقاقه وأمر آخرته باعتاقه وهذا راجع إلى الأول لان التدبير في الامر مأخوذ من لفظ الدبر أيضا لأنه نظر في عواقب الأمور. ( المسالك )
2- أي لا يحتاج إليه فهل يجوز بيعه.
3- لا يخفى صحة الرواية وهي تدل على اشتراط الاحتياج ورضى المملوك في جواز بيعه وهي تنافى الرواية السابقة واللاحقة ، ولم ينقل من واحد من الأصحاب العمل بها والجمع بين الروايات المذكورة لا يخلو من اشكال واللّه أعلم. ( سلطان )
4- في المحكى عن المسالك : قال الصدوق : لا يجوز بيعه الا أن يشترط على الذي يبيعه إياه أن يعتقه عند موته ، وقريب منه قول ابن أبي عقيل. والمشهور جواز بيعه مطلقا كأنهم حملوا الروايات الدالة على اشتراط الشرائط المذكورة على الاستحباب والكراهة بدونها ولذا اختلف في الروايات ذكر الشرائط وهو بعيد. وقال الفاضل التفرشي : محمول على الكراهة بدون الاشتراط ، والظاهر رجوع ضمير « موته » إلى البايع ليبقى معنى التدبير.
5- رواه الكليني ج 6 ص 184 عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى الكلاني عنه عليه السلام.

الجارية جارية نفيسة فلم يدر أمدبرة هي مثل أمها أم لا؟ فقال : متى كان الحمل (1)؟ كان وهي مدبرة أو قبل التدبير؟ قلت : جعلت فداك لا أدري أجنبي فيهما جميعا ، فقال : إن كانت الجارية حبلى قبل التدبير ولم يذكر ما في بطنها فالجارية مدبرة و ما في بطنها رق ، وإن كان التدبير قبل الحمل ثم حدث الحمل فالولد مدبر مع أمه لان الحمل إنما حدث بعد التدبير » (2).

3463 - وسأل الحسن بن علي الوشاء أبا الحسن عليه السلام « عن رجل دبر جارية وهي حبلي ، فقال : إن كان علم بحبل الجارية فما في بطنها بمنزلتها ، وإن كان لم يعلم فما في بطنها رق (3) ، قال : وسألته عن الرجل يدبر المملوك وهو حسن الحال ثم يحتاج أيجوز له أن يبيعه؟ قال : نعم إذا أحتاج إلى ذلك » (4).

3464 - وروي عن العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : المدبر من الثلث ، وللرجل أن يرجع في ثلثه إن كان أوصى في صحة أو مرض » (5).

3465 - وروى أبان ، عن أبي مريم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سئل عن الرجل

ص: 121


1- استفهام وما بعده تفصيل لذلك.
2- حمل على أنه لم يعلم ذلك وإنما ينكشف له بعد ذلك أنها كانت حاملا في حال ما دبرها ، فلأجل ذلك صار ولدها رقا ، ولو علم في حال التدبير أنها حامل كان حكم الولد حكم الام على ما تضمنه الخبر الآتي.
3- في المسالك : المشهور بين الأصحاب أن الحمل لا يتبع الحامل ، وذهب الشيخ في النهاية إلى أنه مع العلم يتبعها والا فلا ، استنادا إلى رواية الوشاء وقيل بسراية التدبير إلى الولد مطلقا ، وقال : عمل بمضمون خبر الوشاء كثير من المتقدمين والمتأخرين ونسبوها إلى الصحة ، والحق أنها من الحسن ، وذهب المحقق والعلامة وقبلهما الشيخ في المبسوط وابن إدريس إلى عدم تبعيته لها مطلقا للأصل وانفصاله عنها حكما كنظائره.
4- يدل على جواز الرجوع عن التدبير كما هو المذهب. ( المرآة )
5- رواه الكليني بسند موثق ويدل على أن التدبير من الثلث كما ذكره الأصحاب ، وقيل كأنه حمل المصنف الشرائط السابقة من رضى العبد والاحتياج على الاستحباب.

يعتق جاريته عن دبر أيطأها إن شاء ، أو ينكحها ، أو يبيع خدمتها حياته؟ قال : نعم أي ذلك شاء فعل » (1).

3466 - وروى عاصم (2) ، عن أبي بصير قال : « سألته عن العبد والأمة يعتقان عن دبر ، فقال : لمولاه أن يكاتبه إن شاء (3) وليس له أن يبيعه إلا أن يشاء العبد أن يبيعه مدة حياته (4) ، وله أن يأخذ ماله إن كان له مال » (5).

3467 - وسأله عبد اللّه بن سنان « عن امرأة أعتقت ثلث خادمها عند موتها أعلى أهلها إن يكاتبوها أن شاؤوا وإن أبوا (6) قال : لا ولكن لها من نفسها ثلثها و للوارث ثلثاها ، يستخدمها بحساب الذي له منها ويكون لها من نفسها بحساب ما أعتق منها ».

3468 - وروى أبان ، عن عبد الرحمن قال : « سألته عن الرجل قال : لعبده

ص: 122


1- قال العلامة في المختلف : يحمل بيع الخدمة على اجارتها فإنها في الحقيقة بيع المنافع مدة معينة فإذا انقضت المدة جاز أن يوجره أخرى وهكذا مدة حياته ، وحمل ابن إدريس بيع الخدمة على الصلح مدة حياته ، والمحقق قطع ببطلان بيع الخدمة لأنها مجهولة. ( سلطان )
2- الطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم ، وعاصم بن حميد ثقة والمراد بابي بصير ليث المرادي ظاهرا.
3- لأنه تعجيل للعتق لان معنى الكتابة كما في النهاية أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه إليه منجما ، فإذا أداه صار حرا ، وسميت كتابة لمصدر كتب ، كأنه يكتب على نفسه لمولاه ثمنه ويكتب مولاه له عليه العتق ، وقد كاتبة مكاتبة والعبد مكاتب.
4- محمول على الاستحباب.
5- يدل على أن العبد لا يملك.
6- أي أيحب على أهلها أن يكاتبوها ويمهلوها لتؤدي قيمتها سواء رضوا بذلك أم لا ، بل لهم استخدامها بقدر حصتهم ( مراد ) وقال سلطان العلماء قوله « أن يكاتبوها » أي في الثلثين الباقيين ولعل المكاتبة كناية عن عتقها أجمع وسعيها في قيمة باقيها. وقال المولى المجلسي. لا ريب في عدم وجوب المكاتبة فيحمل على ما ترد إلى ذمة ويحمل على ما لو يكن لها سواها والا فالظاهر انعتاقها بانعتاق جزء منها كما تقدم في السراية وإن كان أكثر الاخبار في السراية في حصة الشريك لكن تدل على نفسه بالطريق الأولى.

إن حدث بي حدث فهو حر ، وعلى الرجل تحرير رقبة في كفارة يمين أو ظهار أله أن يعتق عبده الذي جعل له العتق إن حدث به حدث في كفارة تلك اليمين؟ قال : لا يجوز الذي يجعل له في ذلك » (1).

3469 - وروى وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل دبر غلامه وعليه دين فرارا من الدين ، قال : لا تدبير له ، وإن كان دبره في صحة منه وسلامة فلا سبيل للديان عليه » (2).

3470 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن بريد بن معاوية قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل دبر مملوكا له تاجرا موسرا (3) فاشترى المدبر جارية بأمر مولاه فولدت منه أولادا ، ثم إن المدبر مات قبل سيده ، فقال : أرى

ص: 123


1- أي لا يجوز التدبير الذي جعل للعبد في الكفارة بأن يحسب منها ( مراد ) وقال سلطان العلماء : لعل من قال بجواز الرجوع في التدبير مطلقا حمل ذلك على الكراهة فإنه إذا جوز بيعه فالعتق أولى لأنه تعجيل لما تشبث به من الحرية ، ويمكن حمله بناء على مذهب من اشترط في جواز الرجوع أحد الشرائط المذكورة على صورة فقدان الشرائط المذكورة فتأمل.
2- قال في المسالك : لما كان التدبير كالوصية اعتبر في نفوذه كونه فاضلا من الثلث بعد أداء الدين وما في معناه من الوصايا الواجبة والعطايا المنجزة والمتقدمة عليه لفظا ، ولا فرق في الدين بين المتقدم منه على ايقاع صيغة التدبير والمتأخر على الأصح للعموم كالوصية والقول بتقديمه على الدين مع تقدمه عليه الشيخ في النهاية استنادا إلى صحيحة أبي بصير عن الصادق عليه السلام ، وصحيحة ابن يقطين ( المروية في التهذيب ج 2 ص 321 ) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن المدبر قال : إذا أذن في ذلك فلا بأس وإن كان على مولىة العبد دين فدبره فرارا من الدين فلا تدبير له وإن كان دبره في صحة وسلامة فلا سبيل للديان عليه ويمضى تدبيره ، وأجيب بحمله على التدبير الواجب بنذر وشبهه فإنه إذا وقع كذلك مع سلامة من الدين لم ينعقد نذره لأنه لم يقصد به الطاعة وهو محمل بعيد
3- صفتان للمملوك.

أن جميع ما ترك المدبر من متاع أو ضياع فهو للذي دبره ، وأرى أن أم ولده رق للذي دبره ، وأرى أن ولدها مدبرين كهيئة أبيهم فإذا مات الذي دبر أباهم فهم أحرار ».

3471 - وقال علي عليه السلام (1) : « المعتق عن دبر هو من الثلث ، وما جنى هو و المكاتب وأم الولد فالمولى ضامن لجنايتهم » (2).

باب 364: المكاتبة

المكاتبة (3)

3472 - روى محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا » قال : إن علمتم لهم مالا (4) ، قال قلت : « وآتوهم من مال اللّه الذي آتاكم ». قال : تضع عنه من نجومه التي لم تكن تريد أن تنقصه منها شيئا ولا تزيده فوق ما في نفسك (5) ، فقلت : كم؟ قال : وضع أبو جعفر

ص: 124


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 321 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي جعفر عن أبي الجوزاء ( منبه بن عبد اللّه ) عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام والحسين بن علوان وعمرو بن خالد عدا من رجال العامة والثاني بتري.
2- في المسالك جناية المدبر على غيره كجناية القن فإذا جنى على انسان تعلق برقبته فإن كان موجبا للقصاص فاقتص منه فات التدبير ، وان عفى عنه أو رضى المولى بالمال أو كانت الجناية توجب مالا ففداه السيد بأرش الجنابة أو بأقل الامرين على الخلاف المقرر في جناية القن بقي على التدبير وله بيعه فيها أو بعضه فيبطل فيما بيع منه. والمولى المجلسي حمل الخبر على التقية لان رواته من الزيدية.
3- تقدم معنى المكاتبة آنفا.
4- الخير المال كما في قوله تعالى « انه لحب الخير لشديد » ولعل المراد منه القدرة على المال وإن كان بالاكتساب ، وقال قوم من المفسرين ان الآية خطاب للمؤمنين بمعونتهم على خلاص رقابهم من الرق وعلى ما في الرواية كان الخطاب لمواليهم.
5- المراد بالنجوم الأقساط يعنى المال الذي يؤديه نجوما من مال الكتابة ، وقوله « قلت : وآتوهم من مال اللّه - الآية » أي وما معنى قوله تعالى : « وآتوهم - الخ ».

عليه السلام لمملوك له ألفا من ستة آلاف ».

3473 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن المكاتب يشترط عليه إن عجز فهو رد في الرق ، فعجز قبل أن يؤدي شيئا ، قال : لا يرد في الرق حتى يمضي له ثلاث سنين (1) ، ويعتق منه مقدار ما أدى صدرا (2) فإذا أدى صدرا فليس لهم أن يردوه في الرق ».

3474 - وسئل الصادق عليه السلام « عن مكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدى بعضها قال : يؤدي عنه من مال الصدقة إن اللّه عزوجل يقول في كتابه : « وفي الرقاب » (3).

3475 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن رجل كاتب مملوكه فقال بعد ما كاتبه : هب لي بعض مكاتبتي وأعجل لك مكاتبتي أيحل ذلك؟ قال : إن كان هبة فلا بأس ، وإذا قال : تحطه عني واعجل لك فلا يصلح » (4).

ص: 125


1- حمله الشهيد الثاني في شرحه على الشرايع ( يعنى المسالك ) على الاستحباب و استدل به على استحباب الصبر للمولى مع عجز العبد ، ويحتمل أن المراد بالسنين النجوم ، أي يستحب أن يصبر المولى إلى ثلاثة أنجم ، وقد حمل الشيخ - رحمه اللّه - العام على النجم في بعض هذه الروايات فلا تستبعد. ( سلطان )
2- قوله « ويعتق » ابتداء كلام ولعل الغرض بيان حكم المشروط الذي أدى شيئا بعد ما بين حكم من لم يؤد شيئا فحينئذ يكون قوله « يعتق » بطريق الاستحباب ، وقوله « وليس لهم أن يردوه ، بطريق الكراهة ( سلطان ) والصدر أعلى مقدم كل شئ وأوله والطائفة من الشئ ( القاموس ) ولا يخفى مناسبة كلا المعنيين هنا فتأمل ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي لعل المراد بصدر أزمان قبل انقضاء المدة المشترطة.
3- جواز الدفع إلى المكاتب من الزكاة مشترك بين القسمين لكن وجوب الفك مختص بالمطلق من سهم الرقاب مع الامكان فان تعذر كان كالمشروط يجوز فسخ الكتابة واسترقاقه أو ما بقي منه إن كان قد أدى شيئا. ( المسالك )
4- قوله « بعض مكاتبتي » أي بعض المال الذي وقع عليه الكتابة ، والفرق بين العبارة الأولى والثانية وقوع الأولى بلفظ الهبة ، والثانية بلفظ الحطة ليناسب الأولى كون التعجيل وعدمه إذ يناسب الثانية كونه عوضا ، فعلى الأولى للسيد أن يحسب تلك الهبة من الوضع المستحب دون الثاني لان الحط في مقابل التعجيل ، ويمكن حمل عدم الصلوح على الكراهة. ( مراد )

3476 - وروى عمار بن موسى الساباطي (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في مكاتب بين شريكين فيعتق أحدهما نصيبه كيف يصنع الخادم؟ قال : يخدم الثاني يوما ويخدم نفسه يوما (2) ، قلت : فإن مات وترك مالا؟ قال : المال بينهما نصفان بين الذي أعتق وبين الذي أمسك » (3).

3477 - وروى ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أراد أن يعتق مملوكا له وقد كان مولاه يأخذ منه ضريبة فرضها عليه (4) في كل سنة ورضي بذلك منه المولى فأصاب المملوك في تجارته مالا سوى ما كان يعطي مولاه من الضريبة ، فقال : إذا أدى إلى سيده ما كان فرض عليه فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك ، قال : ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام : أليس قد فرض اللّه عز وجل على العباد فرائض فإذا أدوها إليه لم يسألهم عما سواها ، قلت له : فللمملوك أن يتصدق مما اكتسب ويعتق بعد الفريضة التي يؤديها إلى سيده؟ قال : نعم (5) وأجر

ص: 126


1- الطريق إليه قوى وهو فطحي موثق ورواه الكليني ج 7 ص 172 بسند موثق.
2- محمول على عدم تحقق السراية ( المرآة ) ويحتمل أن يكون في صورة عجزه عن أداء مال الكتابة ، ولعل المراد من قوله « يخدم الثاني » أي يسعى في أداء مال الكتابة ( سلطان ).
3- بولاء العتق إذا لم يكن له وارث آخر.
4- الضريبة من ضربت عليه خراجا أي وظيفة ، وضريبة العبد هو ما يؤدى لسيده من الخراج المقدر عليه. وقال سلطان العلماء : لعل المصنف - رحمه اللّه - حمل ذلك على المكاتبة ولذا نقله في هذا الباب فيكون المراد أنه ان يحصل له العتق بعد أداء مال الكتابة ويكون المراد بالضريبة مال الكتابة الذي فرضه عليه في النجوم.
5- قال المحقق في الشرايع : العبد لا يملك ، وقيل : يملك فاضل الضريبة وهو المروى وأرش الجناية على قول ، ولو قيل : يملك مطلقا لكنه محجور عليه بالرق حتى يأذن المولى كان حسنا. وقال الشهيد في شرحه على الشرايع القول بالملك في الجملة للأكثر ومستنده الاخبار وذهب جماعة إلى عدم ملكه مطلقا واستدلوا عليه بأدلة مدخولة ولعل القول بعدم الملك متجه ، ويمكن حمل الاخبار على إباحة تصرفه فيما ذكر لا بمعنى ملك رقبة المال فيكون وجها للجمر. وقال في الدروس صحيحة عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام مصرحة بملكه فاضل الضريبة وجواز تصدقه وعتقه منه غير أنه لا ولاء عليه بل سائبة. ولو ضمن العبد جريرته لم يصح وبذلك أفتى في النهاية - انتهى ، وأقول : السائبة المهملة والعبد يعتق على أن لا ولاء له.

ذلك له قلت : فإن أعتق مملوكا مما كان اكتسب سوى الفريضة (1) لمن يكون ولاء المعتق؟ فقال : يذهب فيتولى إلى من أحب ، فإذا ضمن جريرته وعقله (2) كان مولاه وورثه ، قلت له : أليس قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الولاء لمن أعتق؟ فقال : هذا سائبة (3) لا يكون ولاؤه لعبد مثله ، قلت : فإن ضمن العبد الذي أعتقه جريرته وحدثه يلزمه ذلك ويكون مولاه ويرثه؟ فقال : لا يجوز ذلك ، لا يرث عبد حرا ».

3478 - وروى أبان ، عن أبي العباس عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل قال : غلامي حر وعليه عمالة (4) كذا وكذا سنة ، قال : هو حر وعليه العمالة قلت : إن ابن أبي ليلى يزعم أنه حر وليس عليه شئ ، قال : كذب إن عليا عليه السلام أعتق أبا نيزر وعياضا ورياحا (5) وعليهم عمالة كذا وكذا سنة ولهم رزقهم وكسوتهم بالمعروف في تلك السنين » (6).

ص: 127


1- أي فان أعتق العبد مملوكا من كسبه.
2- الجريرة : الجناية والعقل : الدية ، يعنى إذا ضمن هو جريرته وعقله كان مولاه يرثه.
3- أي هذا المعتق الذي أعتقه العبد سائبة ليس له مولى.
4- العمالة مثلثة : رزق العامل وأجر العمل ، والظاهر أن المراد هنا الخدمة تجوزا. ( م ت )
5- في بعض النسخ والكافي « رباحا » بالباء الموحدة ولعله هو الصواب.
6- يدل على جواز شرط العمل في العتق ولا ينافي القربة بل ربما كان له أصلح وعدم ذكر القربة لا يدل على العدم. ( م ت )

3479 - وروى القاسم بن بريد (1) ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « في مكاتب شرط عليه إن عجز أن يرد في الرق ، قال : المسلمون عند شروطهم ».

3480 - وسئل الصادق عليه السلام « عن المكاتب ، فقال : يجوز عليه ما شرطت عليه » (2).

3481 - و « قضى أمير المؤمنين عليه السلام (3) في مكاتبة توفيت وقد قضت عامة ما عليها (4) وقد ولدت ولدا في مكاتبتها ، فقضى في ولدها أن يعتق منه مثل الذي عتق منها ويرق منه مثل ما رق منها ».

3482 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المكاتب يشترط عليه مولاه أن لا يتزوج إلا باذن منه حتى يؤدي مكاتبته ، قال : ينبغي له أن لا يتزوج إلا باذن منه ، إن لهم شرطهم » (5).

3483 - وروى جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في مكاتب (6) يموت وقد أدى بعض مكاتبته وله ابن من جاريته وترك مالا ، قال : يؤدي ابنه بقية مكاتبته ويعتق ويرث ما بقي » (7).

ص: 128


1- القاسم بن بريد بن معاوية العجلي ثقة والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان
2- ما لم يخالف الكتاب والسنة ، والخبر رواه الكليني ج 6 ص 186 بسند فيه ضعف وارسال.
3- رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام.
4- أي أكثر ما عليها من مال الكتابة. والمراد المطلقة فإنه يعتق منه ومن ولده بمقدار ما يؤدى.
5- رواه الكليني ج 6 ص 187 ذيل خبر عن حماد عن الحلبي وفيه « فان له شرطه ».
6- أي مكاتب مطلق.
7- هذا في المكاتب المطلق إذ المشروط يبطل كتابته بالموت رأسا اجماعا وان بقي عليه شئ يسير ، وبمضمون هذه الرواية عمل ابن الجنيد وظاهرها عدم قسمة تركته بين المولى والورثة بنسبة الحرية والرقية بل يؤدى بقية مال الكتابة من أصل التركة وكان الباقي للورثة ويعتقون جميعا ، والأشهر بين الأصحاب خلاف ذلك فإنهم قالوا : ان أدى المطلق بعض مال الكتابة تحرر منه بحسابه ويحرر من أولاده التابعين له بقدر حريته وميراثه لمولاه ووارثه بالنسبة ويتعلق بقية مال الكتابة بنصيب الورثة التابعين له ، وان زاد منه في نصيبهم شئ فلهم ، ولو لم يخلف مالا فعليهم أداء الباقي ويعتقون بأدائه ، وهل يجبرون على السعي فيه وجهان ويشهد لقول الأصحاب بعض الروايات الصحيحة ، وطريق الجمع أن يحمل الأداء في هذه الرواية على الأداء من نصيب الولد لامن أصل التركة وانه يرث ما بقي من نصيبه وهذا وإن كان خلاف الظاهر الا أنه متعين لمراعاة الجمع بين الأخبار الصحيحة ، وفى التحرير توقف في الحكم والتفصيل يطلب من شرح الشهيد الثاني على الشرايع. ( سلطان )

3484 - وسأله سماعة « عن العبد يكاتبه مولاه وهو يعلم أن ليس له قليل ولا كثير ، قال : فليكاتبه وإن كان يسأل الناس ، ولا يمنعه المكاتبة من أجل أنه ليس له مال (1) فإن اللّه عزوجل يرزق العباد بعضهم من بعض فالمحسن معان » (2).

3485 - وقال عليه السلام (3) « في رجل ملك مملوكا له (4) فسأل صاحبه المكاتبة أله أن لا يكاتبه إلا على الغلاء؟ قال : نعم » (5).

3486 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المكاتب يكاتب ويشترط عليه مواليه أنه إن عجز فهو مملوك ولهم ما أخذوا منه ، قال : يأخذه

ص: 129


1- لا ينافي ما سبق من الاخبار من اشتراط الخير وهو المال على ما فسر به في الرواية السابقة إذ يجوز كون ذلك شرطا للاستحباب كما مر جوابه أو شرط تأكيده فلا ينافي الجواز وحصول أصل الاستحباب بدونه.
2- أي إذا أحسن المولى بالكتابة يعينه اللّه بإيفاء ماله ، أو يلزم الناس اعانته ، والخبر مروى في الكافي ج 6 ص 187 بسند موثق عن سماعة.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 324 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان ، عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- زاد هنا في التهذيب « مال » فعليه يدل على تملك العبد ظاهرا ، ويمكن حمله على القدرة على تحصيل المال.
5- يدل على جواز المكاتبة بأكثر من ثمنه أو المعتاد المعروف وإن كان الاكتفاء بذلك أولى ( م ت ) وقال سلطان العلماء : لعل ما سبق من تفسير « وآتوهم من مال اللّه » بأنه لا تزيده فوق ما في نفسه من القيمة كان بطريق الاستحباب فلا منافاة.

مواليه بشرطهم » (1).

3487 - وروى معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « في مملوك كاتب على نفسه وماله (2) وله أمة وقد شرط عليه أن لا يتزوج فأعتق الأمة وتزوجها قال : لا يصلح له أن يحدث في ماله إلا الاكلة من الطعام ونكاحه فاسد مردود ، قيل : فإن سيده علم بنكاحه ولم يقل شيئا؟ قال : إذا صمت حين يعلم ذلك فقد أقر (3) ، قيل : فإن كان المكاتب أعتق أفترى أن يجدد نكاحه ، أو يمضي على النكاح الأول؟ قال : يمضي على نكاحه » (4).

3488 - وروى علي بن النعمان ، عن أبي الصباح عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المكاتب يؤدي نصف مكاتبته ويبقى عليه النصف ، ثم يدعو مواليه إلى بقية مكاتبته فيقول لهم : خذوا ما بقي ضربة واحدة ، قال : يأخذون ما بقي ثم يعتق (5) ، وقال : في المكاتب يؤدي بعض مكاتبته ، ثم يموت ويترك ابنا ويترك مالا أكثر مما عليه من مكاتبته ، قال : يوفي مواليه ما بقي من مكاتبته وما بقي فلولده » (6).

ص: 130


1- يدل على جواز الشرط في الكتابة بأن يقول : إذا عجزت فأنت رق وما أعطيت فلى. ( م ت )
2- بأن يصير حرا بمال الكتابة وبأن يكون مال العبد له بعد أداء مال الكتابة ( م ت )
3- المشهور أن عقد العبد والأمة لأنفسهما فضولي موقوف على الإجازة ، وهل يكفي علم المولى وسكوته في الإجازة؟ المشهور أنه لا يكفي ، وقال ابن الجنيد : يكفي وهذا الخبر يؤيده ، قال في المسالك : ومما يحجر فيه على المكاتب : تزوجه بغير اذن المولى ذكرا كان أم أنثى ، فان بادرت بالعقد كان فضولا لأنها لم يملك نفسها على وجه تستقل به ، وكذا لا يجوز للمكاتب وطئ أمة يبتاعها الا بإذن مولاه لان ذلك تصرف بغير الاكتساب.
4- لعله على تقدير صمت المولى لا مطلقا.
5- لعله محمول على جواز الاخذ مع التراضي حذرا من مخالفة القواعد الشرعية وأوجب ابن الجنيد على المولى قبوله قبل الأجل بشروط. ( سلطان )
6- يوافق مضمونه ما سبق من رواية جميل وقد عرفت التفصيل فيه. ( سلطان )

3489 - وروى ابن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في مكاتب يموت وقد أدى بعض مكاتبته وله ابن من جاريته ، قال : إن كان اشترط عليه إن عجز فهو مملوك رجع ابنه مملوكا والجارية ، وإن لم يكن اشترط عليه أدى ابنه ما بقي من مكاتبته وورث ما بقي ».

3490 - وروى جميل بن دراج ، عن مهزم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المكاتب يموت وله ولد ، فقال : إن كان اشترط عليه (1) فولده مماليك وإن لم يكن اشترط عليه سعى ولده في مكاتبة أبيهم وعتقوا إذا أدوا ».

3491 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن اشترط المملوك المكاتب على مولاه أنه لا ولاء لاحد عليه (2) أو اشترط السيد ولاء المكاتب فأقر المكاتب الذي كوتب فله ولاؤه (3) ، قال : وقضى أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في مكاتب اشترط عليه ولاؤه إذا أعتق فنكح وليدة لرجل آخر فولدت له ولدا فحرر ولده (4) ثم توفي المكاتب فورثه ولده فاختلفوا في ولده من يرثه فألحق ولده

ص: 131


1- أي يكون مكاتبا مشروطا.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 324 في الصحيح وفيه « أنه لا ولاء لاحد عليه إذا قضى » المال فأقر بذلك الذي كاتبه فإنه لا ولاء لاحد عليه ».
3- يحتمل أن المراد أحد غير مولاه أي يكون الولاء لمولاه وحينئذ يستقيم المراد بظاهره لشقي الترديد ، ويكون ضمير « له » في الجزاء للمولى وظاهر العبارة هنا أن المراد نفى الولاء مطلقا حتى عن المولى أيضا ، ويحتمل على هذا ارجاع ضمير « له » في الجزاء إلى المملوك المكاتب أي ولاءه لنفسه وضعه أين يشاء لمولاه ولغيره ، وأما تقدير الجزاء للأول كقولنا يصح الشرط فبعيد بحسب العبارة لكن الجزاء مذكور في عبارة التهذيب فهو يؤيد هذا. ( سلطان )
4- يحتمل كونه بصيغة المجهول أي فصار ولده حرا من حيث كون أبيه حرا بالمكاتبة وحينئذ يستقيم الحكم بالحاق الولد إلى موالي أبيه لأنه تابع لأبيه ، ولو قرئ بصيغة المعلوم ويكون الضمير راجعا إلى الرجل مالك الوليدة ( وهي الأمة ) يشكل الحكم بالحاق الولد إلى موالي أبيه الا أن يحمل تحريره على الاتيان بصيغة التحرير مع عدم ترتب الثمرة عليها من حيث كونه حرا بسبب عتق أبيه واللّه أعلم. ( سلطان )

بموالي أبيه ».

3492 - وقضى علي عليه السلام (1) « في مكاتبة توفيت وقد قضت عامة الذي عليها فولدت ولدا في مكاتبتها فقضى في ولدها أنه يعتق منه مثل الذي عتق منها ، ويرق منه مثل الذي رق منها ».

3493 - وروى عمر صاحب الكرابيس (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل كاتب مملوكه واشترط عليه أن ميراثه له ، فرفع ذلك إلى علي عليه السلام فأبطل شرطه ، وقال : شرط اللّه قبل شرطك » (3).

3494 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عز وجل : « فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا » قال : الخير أن يشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه ، ويكون بيده عمل يكتسب به ، أو يكون له حرفة » (4).

3495 - وروي عن القاسم بن سليمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن عليا عليه السلام كان يستسعي المكاتب لأنهم لم يكونوا يشترطون إن عجز فهو رق (5) ، وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : لهم شروطهم ، وقال عليه السلام : ينتظر بالمكاتب (6) ثلاثة أنجم فان هو عجز رد رقيقا ».

3496 - قال : « وسألته عن قول اللّه عزوجل : « وآتوهم من مال اللّه الذي

ص: 132


1- تقدم تحت رقم 3478 مع بيانه.
2- كذا وفى التهذيب ج 2 ص 324 باسناد صحيح عن عمرو صاحب الكرابيس وهو غير معنون في المشيخة.
3- لان ميراثه لوارثه أو لضامن جريرته أو للامام ، وقال سلطان العلماء : لعل ذلك محمول على اشتراط ميراثه له وإن كان له وارث نسبي أو سببي.
4- لا ينافي ما سبق إذ لا دلالة فيما سبق على الحصر في المال. ( سلطان )
5- أي لم يكن الشرط في زمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله والصحابة وكانت الكتابة مطلقة. ( سلطان ) وفى بعض النسخ « فهو رقيق ».
6- محمول على الاستحباب.

آتاكم « قال : سمعت أبي عليه السلام يقول : لا يكاتبه على الذي أراد أن يكاتبه ثم يزيد عليه ، ثم يضع عنه ولكنه يضع عنه مما نوى أن يكاتبه عليه ».

باب 365: ولاء المعتق

3497 - روى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال النبي صلى اللّه عليه وآله : الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع ولا توهب » (1).

3498 - وقيل للصادق عليه السلام : « لم قلتم مولى الرجل منه؟ قال : لأنه خلق من طينه (2) ثم فرق بينهما فرده السبي إليه ، فعطف عليه ما كان فيه منه فأعتقه ، فلذلك هو منه ».

3499 - وروي عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يعتق الرجل في كفارة يمين أو ظهار لمن يكون الولاء؟ قال : للذي أعتق ) (3).

ص: 133


1- اللحمة - بضم اللام - القرابة ، وقوله صلى اللّه عليه وآله « كلحمة النسب » أي اشتراك واشتباك كالسدي مع اللحمة في النسج فلا تباع ولا توهب أي أن الولاء بمنزلة القرابة فكما لا يمكن الانفصال منها لا يمكن الانفصال عنه ، وقد كانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع فأبطله الشارع ، وقال بعض : معنى أنه كلحمه النسب أنه تعالى أخرجه بالحرية إلى النسب حكما كما أن الأب أخرجه بالنطفة إلى الوجود حسا لان العبد كالمعدوم في حق الأحكام لا يقضى ولا يملك ولا يلي فأخرجه السيد بالحرية من ذل الرق إلى عز وجود هذه الأحكام فجعل الولاء له والحق برتبة النسب في منع البيع وغيره.
2- يعنى هما مخلوقان من طينة واحدة ، وفى بعض النسخ « من طينته ».
3- المشهور أنه لا ولاء الا في العتق تبرعا أما إذا كان العتق واجبا بكفارة أو نذر أو شبهه فلا ولاء للمعتق. فلا بد من حمل الخبر وقال الشيخ : فالوجه أن نحمله على أنه يكون ولاؤه له إذا توالى العبد إليه بعد العتق لأنه لم يتوال العبد إليه كان سائبة - انتهى ، ويمكن أن يقرء « أعتق » بصيغة المجهول فالمعنى أن العبد كان ولاؤه لنفسه يتولى من يشاء.

3500 - وفي رواية عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه ذكر « أن بريرة كانت عند زوج لها وهي مملوكة فاشترتها عائشة فأعتقتها ، فخيرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إن شاءت تقر عند زوجها ، وإن شاءت فارقته ، وكان مواليها الذين باعوها قد اشترطوا ولاءها على عائشة ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الولاء لمن أعتق (1) ، وصدق على بريرة بلحم فأهدته إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، فعلقته عائشة وقالت : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لا يأكل الصدقة ، فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله واللحم معلق ، فقال : ما شأن هذا اللحم لم يطبخ؟ قالت : يا رسول اللّه صدق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة ، فقال صلى اللّه عليه وآله : هو لها صدقة ولنا هدية ، ثم أمر بطبخه فجرت فيها ثلاث من السنن » (2).

3501 - وروى صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى عبدا وله أولاد من امرأة حرة فأعتقه ، قال : ولاء أولاده لمن أعتقه » (3).

ص: 134


1- أي ليس للبايع وان اشترط ، ويدل على عدم فساد البيع بفساد الشرط.
2- في بعض النسخ « فجاء فيها ثلاث من السنن » وهذه الجملة من كلام الصادق عليه السلام والسنة الأولى يتخير المعتقة في فسخ نكاحها. والثانية أن الولاء لمن أعتق لا للذي اشترط لنفسه ، والثالثة حل الصدقة لبنى هاشم إذا أهداها لهم المتصدق عليه لأنها ليست لهم بصدقة.
3- ظاهره أن الام كانت حرة أصلية فعلى المشهور بين الأصحاب بل ظاهرهم الاتفاق عليه أن لا ولاء لاحد على الولد ، وظاهر كثير من الاخبار أن الولاء ينجر إلى موالي الأب إذا أعتق ولو كانت الام حرة أصلية ، ويمكن حمل هذا الخبر على أن الام كانت معتقة فبعد عتق الأب ينجر ولاء الأولاد من موالي الام إلى الأب كما هو المشهور ، ويمكن ارجاع الضمير إلى الولد بناء على صحة اشتراط رقية الولد لكنه بعيد ، وقال في المسالك : لو كانت الام حرة أصلية والأب معتق ففي ثبوت الولاء عليه لمعتق الأب من حيث الانتساب إلى الأب وهو معتق أو عدم الولاء عليه كما لو كان الأب حرا بناء على أنه يتبع أشرف الأبوين وجهان أشهرهما عند الأصحاب الثاني ، بل ظاهرهم الاتفاق عليه وعلى هذا فشرط الولاء أن لا يكون في أحد الطرفين حر أصلى.

3502 - وروي عن بكر بن محمد أنه قال : « دخلت على أبي عبد اللّه عليه السلام ومعي علي بن عبد العزيز فقال لي : من هذا؟ قلت : مولانا ، فقال : أعتقتموه أو أباه؟ فقلت : بل أباه ، فقال : ليس هذا مولاك هذا أخوك وابن عمك (1) ، وإنما المولى الذي جرت عليه النعمة ، فإذا جرت على أبيه فهو أخوك وابن عمك (2).

قال : وسأله رجل وأنا حاضر فقال : يكون لي الغلام ويشرب ويدخل في هذه الأمور المكروهة فأريد عتقه فاعتقه أحب إليك؟ أم أبيعه وأتصدق بثمنه؟ فقال : إن العتق في بعض الزمان أفضل ، وفي بعض الزمان الصدقة أفضل ، العتق أفضل إذا كان الناس حسنة حالهم ، وإذا كان الناس شديدة حالهم فالصدقة أفضل ، وبيع هذا أحب إلي إذا كان بهذه الحال ».

3503 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يملك ذا رحمه هل يصلح له أن يبيعه أو يستعبده؟ قال : لا يصلح له بيعه(3) ولا يتخذه عبدا وهو مولاه وأخوه في الدين ، وأيهما مات ورثه صاحبه إلا أن يكون له وارث أقرب إليه منه »(4).

3504 - وروى حذيفة بن منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المعتق هو المولى

ص: 135


1- أي بمنزلة أخيك وابن عمك لا ينبغي ان تسميه المولى بل إنما ينبغي اطلاق اسم المولى على من وقعت له نعمة العتق لا أنه ليس لك بالنسبة إليه ولاء لو لم يكن له وارث يرثه ( مراد ) وقال الشيخ إنما نفى في الخبر أن يكون الولد مولى وهذا صحيح لان المولى في اللغة هو المعتق نفسه ولا يطلق ذلك على ولده وليس إذا انتفى أن يكون مولى ينتفى الولاء أيضا لان أحد الامرين منفصل من الاخر - انتهى ، فعليه لا ينافي الاخبار التي جاءت بان ولاء الولد لمن أعتق الأب.
2- إلى هنا رواه الكليني ج 6 ص 199 والباقي ص 194 في الصحيح عن بكر بن محمد.
3- لعل المراد بالرحم أحد العمودين فيكون النهى بطريق التحريم ، ويحتمل التعميم فالنهي للتنزيه. ( سلطان )
4- قال الفاضل التفرشي : ينبغي حمل قوله عليه السلام « لا يصلح » على الكراهة وأنه يستحب له اعتاقه ليتحقق التوارث بينهما.

والولد ينتمي إلى من يشاء ».

3505 - وروى الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن السائبة قال : هو الرجل يعتق غلامه ثم يقول له : اذهب حيث شئت ليس لي من ميراثك شئ ولا علي من جريرتك شئ ، ويشهد على ذلك شاهدين ». (1)

3506 - وروي عن شعيب (2) ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه سئل عن المملوك يعتق سائبة ، قال : يتولى من شاء وعلى من يتولى جريرته وله ميراثه ، قال : قلت : فإن سكت حتى يموت ولم يتول أحدا؟ قال : يجعل ماله في بيت مال المسلمين ».

3507 - وروى ابن محبوب ، عن عمار بن أبي الأحوص (3) قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن السائبة ، قال : أنظر في القرآن فما كان فيه تحرير رقبة فذلك يا عمار السائبة التي لا ولاء لاحد من المسلمين عليه إلا اللّه عزوجل ، فما كان ولاؤه لله عزوجل فهو لرسوله ، وما كان لرسوله صلى اللّه عليه وآله فأن ولاءه للامام وجنايته على الامام وميراثه له ».

3508 - وروى ياسين ، عن حريز ، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن مملوك أراد أن يشتري نفسه فدس إنسانا (4) هل للمدسوس أن يشتريه

ص: 136


1- قال في الدروس : ويتبرئ المعتق من ضمان الجريرة عند العتق لا بعده على قول قوى ولا يشترط الاشهاد في التبري نعم هو شرط في ثبوته وعليه صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام قال : « من أعتق رجلا سائبة فليس عليه من جريرته شئ وليس له من ميراثه شئ وليشهد على ذلك » في الامر بالاشهاد ، وظاهر ابن الجنيد والصدوق والشيخ انه شرط في الصحة.
2- يعنى العقرقوفي كما صرح به في الكافي ج 7 ص 171 في الحسن كالصحيح.
3- في الكافي ج 7 ص 171 « عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن عمار بن أبي الأحوص ».
4- أي أعطى مالا لرجل وقال اشترني من سيدي بهذا المال ، ويدل على تملك العبد ويحمل على الضريبة أو أرش الجناية ، وقيل مبنى على أن العبد يملك ما ملكه المولى وهو قول ثالث.

كله من مال العبد ولا يخبر السيد أنه إنما يشتريه من مال العبد؟ قال : لا ينبغي وإن أراد أن يستحل ذلك فيما بينه وبين اللّه عزوجل حتى يكون ولاؤه له فليزد هو ما يشأ (1) بعد أن يكون زيادة من ماله في ثمن العبد يستحل به الولاء فيكون ولاء العبد له ».

3509 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد العجلي قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل كان عليه عتق رقبة فمات من قبل أن يعتق رقبة ، فانطلق ابنه فابتاع رجلا من كسبه فأعتقه عن أبيه ، وإن المعتق أصاب بعد ذلك مالا ثم مات وتركه لمن يكون ميراثه؟ قال : فقال : إن كانت الرقبة التي كانت على أبيه في نذر أو شكر أو كانت واجبة عليه (2) فإن المعتق سائبة لا سبيل لاحد عليه ، قال : فإن كان تولى قبل أن يموت إلى أحد من المسلمين فضمن جنايته و جريرته (3) كان مولاه ووارثه إن لم يكن له قريب [ من المسلمين ] يرثه ، وإن لم يكن توالى إلى أحد حتى مات فإن ميراثه للامام إمام المسلمين إن لم يكن له قريب يرثه من المسلمين ، قال : وإن كانت الرقبة التي على أبيه تطوعا وقد كان أبوه أمره أن يعتق عنه نسمة ، فإن ولاء المعتق هو ميراث لجميع ولد (4) الميت ، قال : ويكون الذي اشتراه فأعتقه بأمر أبيه كواحد من الورثة إذا لم يكن للمعتق قرابة من المسلمين أحرار يرثونه ، قال : وإن كان ابنه الذي اشترى الرقبة فأعتقها

ص: 137


1- قيل : لعل المراد بالزيادة جميع الثمن لأنه زائد على مال العبد والا أشكل الحال ويمكن أن يقال : مع اخبار السيد بأنه يشتريه من مال العبد وزيادة من ماله يجوز.
2- في الكافي ج 7 ص 171 « في ظهار أو شكر أو واجبة عليه » وهكذا في الاستبصار والتهذيب والمراد بالشكر النذر ولعل ما في المتن تصحيف وقع من النساخ.
3- في بعض النسخ « وحدته ».
4- في الكافي والتهذيبين « لجميع ولد الميت من الرجال » وحينئذ ينطبق على القول المشهور.

عن أبيه من ماله بعد موت أبيه تطوعا منه من غير أن يكون أبوه أمره بذلك فإن ولاءه وميراثه للذي اشتراه من ماله فأعتقه عن أبيه إذا لم يكن للمعتق وارث من قرابته » (1).

باب 366: أمهات الأولاد

3510 - روى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن أم الولد ، قال : أمة تباع وتورث وتوهب ، وحدها حد الأمة » (2).

3511 - وروى الحسن بن محبوب ، عن وهب بن عبد ربه عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل زوج أم ولد له عبدا له ثم مات السيد قال : لا خيار لها على العبد هي مملوكة للورثة » (3).

3512 - وفي رواية محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن البزنطي ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يموت وله أم ولد وله منها ولد أيصلح للرجل(4) أن يتزوجها؟ فقال : أخبرت أن عليا عليه السلام

ص: 138


1- استدل العلامة - رحمه اللّه - في المختلف بهذا الحديث على أن من أعتق عبد نفسه عن غيره باذنه تطوعا كان ولاؤه للغير الاذن لا للمعتق ، وهو اختيار الشيخ أيضا خلافا لابن إدريس حيث جعل الولاء للمعتق ، دون الاذن. ( سلطان )
2- قوله عليه السلام « أمة » أي ليس محض الاستيلاد سببا لعدم جواز البيع بل تباع في بعض الصور كما لو مات ولدها أو في ثمن رقبتها وغير ذلك من المستثنيات ، وهو رد على العامة حيث منعوا من بيعها مطلقا ، وأما كونها موروثة فيصح مع وجود الولد أيضا فإنها تجعل في نصيب ولدها ثم تعتق ، وقوله عليه السلام « حدها حد الأمة » يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المعنى حكمها في سائر الأمور حكم الأمة ، تأكيدا لما سبق ، وثانيهما أنها إذا فعلت ما يوجب الحد فحكمها فيه حكم الأمة.
3- يمكن حملها على من لم يبق لها ولد بعد سيدها. ( مراد )
4- أي لرجل ، وليس اللام للعهد.

أوصى في أمهات الأولاد اللاتي كان يطوف عليهن من كان منهن (1) لها ولد فهي من نصيب ولدها ، ومن لم يكن لها ولد فهي حرة ، وإنما جعل من كان منهن لها ولد من نصيب ولدها لكيلا تنكح إلا بإذن أهلها » (2).

3513 - وروى سليمان بن داود المنقري ، عن عبد العزيز بن محمد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام - أو سمعته يقول - : لا تجبر الحرة على رضاع الولد ، وتجبر أم الولد ».

3514 - وروى ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن بعضهم عليهم السلام (3) قال : « كان علي عليه السلام إذا مات الرجل وله امرأة مملوكة اشتراها من ماله فأعتقها ثم ورثها » (4).

3515 - وروى عمر بن يزيد عن أبي إبراهيم عليه السلام (5) قال : قلت له « أسألك ، قال : سل ، قلت : لم باع أمير المؤمنين عليه السلام أمهات الأولاد؟ فقال : في فكاك رقابهن ، قلت : وكيف ذاك؟ قال : أيما رجل اشترى جارية فأولدها ثم لم يؤد ثمنها ولم يدع من المال ما يؤدى عنه اخذ ولدها منها وبيعت(6) وادي ثمنها ، قلت : فتباع فيما

ص: 139


1- قوله « يطوف عليهن » كناية عن الوطي ، وفى بعض النسخ هنا وما يأتي « فمن كان فيهن ».
2- لما جعلت المرأة حرة من نصيب الولد يكون الولد كالمعتق لها ومولى لها فلا ينبغي أن تنكح الا باذن ولدها فالنهي في قوله « لكيلا تنكح » نهى تنزيه لا نهى تحريم.
3- رواه الشيخ في التهذيب والاستبصار ج 4 ص 178 باسناد ذكره عن سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- قال الشيخ : الوجه في هذا الخبر أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يفعل على طريق التطوع لأنا قد بينا أن الزوجة إذا كانت حرة ولم يكن هناك وارث لم يكن لها أكثر من الربع والباقي يكون للامام وإذا كان المستحق للمال أمير المؤمنين عليه السلام جاز أن يشترى الزوجة ويعتقها ويعطيها بقية المال تبرعا وندبا دون أن يكون فعل ذلك واجبا لازما.
5- رواه الكليني مع اختلاف في بعض الألفاظ بسند صحيح عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه أو قال لأبي إبراهيم - الخ.
6- في بعض النسخ « أحد ولدها ثمنها منه بيعت ».

سوى ذلك من الدين؟ قال : لا ».

3516 - وروى عاصم ، عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال أمير - المؤمنين عليه السلام : أيما رجل ترك سرية لها ولد أو في بطنها ولد أو لا ولد لها ، فإن كان أعتقها ربها عتقت ، وإن لم يعتقها حتى توفي فقد سبق فيها كتاب اللّه عزوجل وكتاب اللّه أحق (1) ، قال : وإن كان لها ولد وترك مالا تجعل في نصيب ولدها ويمسكها أولياء ولدها حتى يكبر الولد فيكون هو الذي (2) يعتقها إن شاء ويكونون هم يرثون ولدها ما دامت أمة ، فإن أعتقها ولدها عتقت ، وإن توفي عنها ولدها ولم يعتقها فإن شاؤوا أرقوا وإن شاؤوا أعتقوا ، وقضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ترك جارية وقد ولدت منه ابنة وهي صغيرة غير أنها تبين الكلام فأعتقت أمها فتخاصم فيها موالي أب الجارية فأجاز عتقها لامها »(3).

3517 - وروى الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن الوليد بن هشام قال : « قدمت من مصر ومعي رقيق فمررت بالعاشر (4) فسألني فقلت : هم أحرار كلهم فقدمت المدينة ، فدخلت على أبي الحسن عليه السلام فأخبرته بقولي للعاشر ، فقال : ليس عليك شئ (5) ، فقلت : إن فيهم جارية قد وقعت عليها وبها حمل ، قال : لا أليس ولدها بالذي يعتقها إذا هلك سيدها صارت من نصيب ولدها » (6).

ص: 140


1- لان كتاب اللّه نزل بالميراث فهي تصير مملوكة للابن بالميراث ثم تعتق ، وأما أن جميعها يجعل في نصيبه فقد ظهر من السنة. ( المرآة )
2- في الاستبصار ج 4 ص 13 « فيكون المولود هو الذي - الخ » وكذا في التهذيب.
3- يمكن أن يكون الإجازة لأنها قد صارت حرة بمجرد الملك بدون اعتاقها لا للعتق لأنه لا اعتداد بفعلها. ( المرآة )
4- العاشر هو الذي يأخذ العشور من الرقيق وغيره من الأموال.
5- أي ليس عليك من تحرير الرقيق شئ.
6- قوله « لا » أي ليس عليك شئ من تحريرها فلا يتحرر بذلك بل انها يتحرر باعتاق ولدها إياها ، وظاهر هذا الحديث أن أم الولد لا تعتق ولدها إياها ، ويمكن حمل الاعتاق على أن الولد يصير سببا لعتقها فيكون اسناد الاعتاق إلى الولد مجازا. ( مراد )

باب 367: الحرية

3518 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : إن الناس كلهم أحرار إلا من أقر علي نفسه بالرق وهو مدرك ، من عبد أو أمة ، ومن شهد عليه شاهدان بالرق صغيرا كان أو كبيرا ».

3519 - وروي عن العباس بن عامر ، عن أبان ، عن محمد بن الفضل الهاشمي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل أقر أنه عبد ، قال : يأخذه بما قال أو يرد المال » (1).

3520 - وروي السكوني عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إذا عمي العبد فلا رق عليه ، والعبد إذا أجذم فلا رق عليه » (2).

ص: 141


1- أي إذا اشتراه أحد باقراره بالعبودية ثم ظهر كذبه فعليه أن يرد على المشترى الثمن بل بما أعزم لأنه ضيع حقه ( م ت ) وقال سلطان العلماء : قوله « يأخذه » لعل المراد أنه يأخذ المشترى العبد بما قال أي بما أقر على نفسه بالعبودية أو « يرد المال » بصيغة المجهول أي الثمن من البايع إلى المشترى لو لم يقر بالعبودية ، ولعل هذا إذا لم يكن ثابت العبودية بأن يباع في الأسواق فان ظاهر اليد والتصرف يقتضى الملك بل وجده في يده وادعى رقيته ولم يعلم شراءه ولا بيعه فإنه حينئذ لو لم يقر بالعبودية بل أنكرها لم يقبل دعوى البايع الا بالبينة عملا بأصالة الحرية ، وان سكت أو كان صغيرا فاستقرب في التذكرة أصالة الحرية وفى التحرير ظاهر اليد واختاره الشهيد (رحمه اللّه) ، واحتمال كون « يرد » بصيغة المعلوم وارجاع ضمير الفاعل إلى العبد أي يرد العبد ثمنه إلى المشترى على تقدير ثبوت حريته لأنه موجب لتلفه يأباه لفظة « أو » بل المناسب حينئذ الواو.
2- يدل على الانعتاق بالعمى والجذام كما هو المشهور بين الأصحاب ، وألحق ابن حمزة بالجذام البرص ، وألحق الأكثر الاقعاد ومستندهم غير معلوم ويظهر من المحقق التوقف فيه. ( المرآة )

3521 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا عمي العبد فقد عتق » (1).

3522 - وروى هشام بن سالم ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام فيمن نكل بمملوكه أنه حر لا سبيل له عليه سائبة يذهب فيتولى إلى من أحب فإذا ضمن حدثه فهو يرثه » (2).

3523 - وروي « في امرأة قطعت ثدي وليدتها أنها حرة لا سبيل لمولاتها عليها » (3).

3524 - وروى طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « في رجل أعتق بعض مملوكه ، قال : هو حر كله ليس لله عزوجل شريك » (4).

3525 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « في رجل أعتق أمة وهي حبلى فاستثنى ما في بطنها (5) ، قال : الأمة حرة وما في بطنها حر لان ما في بطنها منها » (6).

3526 - وروي عن سيف بن عميرة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أيجوز

ص: 142


1- رواه الكليني ج 6 ص 189 في الحسن كالصحيح عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان عنه عليه السلام.
2- في الكافي « فإذا ضمن جريرته فهو يرثه » وعليه الأصحاب. ( المرآة )
3- هذا الخبر مروى في الكافي ج 7 ص 303 في صدر الخبر المتقدم هكذا « قال : قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة قطعت - الخ » ويدل على أن التنكيل موجب للعتق من غير ولاء كما هو المشهور.
4- قال في الدروس : من أعتق شقصا من عبده عتق جميعه لقوله عليه السلام « ليس لله شريك » الا أن يكون مريضا ولا يخرج من الثلث. ( المرآة )
5- أي فاستثنى حال العقد فيكون محمولا على الاستحباب ، أو بعده بزمان لا يتصل به.
6- أي بمنزلة جزئها فيسرى العتق إليه ، قال في المسالك : المشهور بين الأصحاب أن عتق الحامل لا يسرى إلى الحمل وبالعكس لان الرواية في الأشقاص ، وذهب الشيخ في النهاية وجماعة إلى تبعية الحمل لها في العتق وان استثناه استنادا إلى رواية السكوني عن الصادق عن الباقر عليهما السلام وضعف الرواية وموافقتها للعامة يمنع من العمل بمضمونها ، هذا ، وقال بعض الاعلام : يحتمل كون الأصل فيه « فما استثنى » فصحف.

للمسلم أن يعتق مملوكا مشركا؟ قال : لا » (1).

3527 - وروى أبو البختري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام قال : « لا يجوز في العتاق (2) الأعمى والأعور والمقعد ، ويجوز الأشل والا عرج ».

3528 - وروي عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن رجل عليه عتق رقبة فأراد أن يعتق نسمة أيهما أفضل أن يعتق شيخا كبيرا أو شابا أجرد؟ قال : أعتق من أغنى نفسه (3) ، الشيخ الكبير أفضل من الشاب الأجرد » (4).

3529 - وروي عن أحمد بن هلال قال : « كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام (5) كان

ص: 143


1- عمل بها أكثر الأصحاب بل حكموا بعدم الجواز في الكافر غير المشرك أيضا و قال الشيخ في المبسوط والخلاف بصحة عتقه مطلقا وفصل في النهاية والاستبصار بصحته مع النذر وبطلانه مع التبرع جمعا بين الاخبار ( سلطان ) أقول : روى الكليني في الكافي ج 6 ص 182 بسند صحيح عن الحسن بن صالح الزيدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان عليا عليه السلام أعتق عبدا له نصرانيا فأسلم حين أعتقه » وقال في المسالك القول باشتراط اسلام المملوك المعتق للأكثر والقول بصحته مع النذر وبطلانه مع التبرع للشيخ في النهاية والاستبصار جمعا بحمل فعل علي عليه السلام على أن كان قد نذر عتقه لئلا ينافي النهى عن عتقه مطلقا وهو جمع بعيد لا اشعار به في الخبر.
2- أي الواجب في الكفارة وشبهها. وقال سلطان العلماء « والأعور » لعله مأخوذ من العوار بمعنى العيب ويكون محمولا على الجذام والبرص لا من العور بمعنى ذهاب إحدى العينين إذ يجوز عتقه في الكفارة اجماعا الا أن يكون ناشيا من مولاه - انتهى. والمراد بالأشل من يبست يداه ، وبالأعرج من اعتل رجلاه.
3- أي عن الخدمة فيكون كالتعليل لما بعده ، ويحتمل أن يكون المراد أن العمدة في ذلك أن يكون له كسب أو صنعة لا يحتاج في معيشته إلى السؤال ولو اشتركا في ذلك فالشيخ أفضل. ( المرآة )
4- رواه الكليني ج 6 ص 196 بسند صحيح.
5- المراد أبو الحسن علي بن محمد الهادي عليهما السلام وأما أحمد بن هلال العبرتائي ففيه كلام ، راجع جامع الرواة

علي عتق رقبة فهرب لي مملوك لست أعلم أين هو أيجزيني عتقه؟ فكتب عليه السلام نعم ».

3530 - وروي عن أبي هاشم الجعفري قال ، « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل له مملوك قد أبق منه يجوز أن يعتقه في كفارة الظهار؟ قال : لا بأس به ما لم يعرف منه موتا » (1).

باب 368: ما جاء في ولد الزنا واللقيط

3531 - روى سعيد بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بأن يعتق ولد الزنا » (2).

3532 - وروى عنبسة بن مصعب (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « جارية لي زنت أبيع ولدها؟ قال : نعم ، قلت : أحج بثمنه؟ قال : نعم » (4).

ص: 144


1- رواه الكليني ج 6 ص 200 بسند حسن كالصحيح وزاد في آخره « قال أبو هاشم : » وكان سألني نصر بن عامر القمي أن أسأله عن ذلك ، وقال العلامة المجلسي : ظاهر الخبر عدم الاكتفاء باستصحاب الحياة.
2- رواه الكليني في الصحيح والمشهور جواز عتق ولد الزنا ومنع منه السيد المرتضى وابن إدريس بناء على كفره ولم يثبت بل هو ممنوع.
3- طريق المصنف إليه غير مذكور وهو واقفي ناووسي ولم يوثق ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 312 في الصحيح عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن إسحاق بن عمار عنه.
4- روى الكليني ج 5 ص 226 في القوى عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « تكون لي المملوكة من الزنا أحج من ثمنها وأتزوج؟ فقال : لا تحج ولا تتزوج منه » ونقلها الشيخ في التهذيب وقال : محمول على ضرب من الكراهة لأنا قد بينا جواز بيع ولد الزنا والحج من ثمنه والصدقة منه.

3533 - وروى حماد ، عن الحلبي قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن ولد الزنا أيشترى أو يباع أو يستخدم؟ قال : نعم إلا جارية لقيطة فإنها لا تشتري » (1).

3534 - وروى حماد بن عيسى ، عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المنبوذ حر إن شاء جعل ولاءه للذين ربوه وإن شاء لغيرهم ».

3535 - وفى رواية المثنى (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن طلب الذي رباه بنفقته وكان موسرا رد عليه ، وإن لم يكن موسرا كان ما أنفق صدقة » (3).

3536 - وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام أنه قال : « في لقيطة وجدت ، فقال : حرة لا تشترى ولا تباع ، وإن كان ولد مملوك لك من الزنا فأمسك أو بع إن أحببت ، هو مملوك لك ».

باب 369: الإباق

3537 - قال أبو جعفر عليه السلام : « العبد الآبق لا تقبل له صلاة حتى يرجع إلى مولاه »(4).

3538 - وقال الصادق عليه السلام : « المملوك إذا هرب ولم يخرج من مصره لم

ص: 145


1- اللقيط : المولود الذي تنبذه أمه في الطريق ، وحمل على لقيط دار الاسلام أو لقيط دار الكفر إذا كان فيها مسلم يمكن الحاقه به.
2- رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي نجران ، عن المثنى في ذيل حديث.
3- المشهور أنه ينفق عليه من ماله إن كان له مال بإذن الحاكم ان أمكن والا فمن بيت المال وان تعذر ولم يوجد متبرع وأنفق الملتقط من ماله يرجع عليه بعد البلوغ إن كان له مال مع نية الرجوع والا فلا ، وذهب ابن إدريس إلى عدم الرجوع مطلقا.
4- الظاهر أنه الخبر الذي رواه الكليني ج 6 ص 199 مسندا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « ثلاثة لا يقبل اللّه عزوجل لهم صلاة : أحدهم العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه ».

يكن آبقا »(1).

3539 - وروى زيد الشحام (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه سئل عن رجل يتخوف إباق مملوكه أو يكون المملوك قد أبق أيقيده أو يجعل في عنقه راية (3) قال : إنما هو بمنزلة بعير يخاف شراده (4) ، فإذا خفت ذلك فاستوثق منه وأشبعه واكسه ، قلت : وكم شبعه؟ قال : أما نحن نرزق عيالنا مدين تمرا ».

3540 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن جارية مدبرة أبقت من سيدها سنين ثم أنها جاءت بعد ما مات سيدها بأولاد ومتاع كثير وشهد لها شاهدان أن سيدها كان قد دبرها في حياته من قبل أن تأبق ، قال : أرى أن جميع ما معها للورثة (5) ، قلت : ولا تعتق من ثلث سيدها؟ قال : لا إنها أبقت عاصية لله ولسيدها ، فأبطل الا باق التدبير » (6).

3541 - وروى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام اختصم إليه في رجل أخذ عبدا آبقا وكان معه ثم هرب منه ، قال : يحلف باللّه الذي لا إله إلا هو ما سلبه ثيابه ولا شيئا مما كان عليه ، ولا باعه ، ولا داهن في ، إرساله ، فإذا حلف برء من الضمان »(7).

3542 - وروى غياث بن إبراهيم الدارمي عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام

ص: 146


1- رواه الكليني ج 6 ص 200 بسند مرفوع عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ويمكن حمله على ما إذا كان في بيوت أقاربه وأصدقائه بحيث لا يسمى آبقا عرفا ، والا فهو مخالف للمشهور ولما ورد في جعل من رد الآبق من المصر. ويظهر الفائدة في ابطال التدبير وفى فسخ المشترى وفى الجعل لرد الآبق وغيرها كما في المرآة.
2- مروى في الكافي ج 6 ص 200 عن القمي ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر عن أبي جميلة عن زيد ، وأبو جميلة هو المفضل بن صالح الضعيف ولكن لا يضر.
3- الراية بالمثناة : القلادة أو التي توضع في عتق الغلام الآبق.
4- شرد البعير : نفر.
5- كذا وفى الكافي والتهذيبين « أنها وجميع ما معها للورثة ».
6- أجمع أصحاب على أنه إذا أبق المدبر بطل تدبيره وكان من يولد بعد الإباق رقا.
7- محمول على ما إذا ادعى المالك عليه تلك الأمور. ( المرآة)

« أن عليا عليه السلام قال في جعل الآبق : إن المسلم يرد على المسلم » (1).

3543 - وقال عليه السلام (2) « في رجل أخذ آبقا ففر منه قال : ليس عليه شئ ».

3544 - وروى الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل أصاب دابة (3) قد سرقت من جار له فأخذها ليأتيه بها فنفقت قال : ليس عليه شئ » (4).

3545 - وروى علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن العبد إذا أبق من مواليه ثم سرق لم يقطع وهو آبق لأنه بمنزلة المرتد عن الاسلام ولكن يدعى إلى الرجوع إلى مواليه والدخول في الاسلام فإن أبى أن يرجع إلى مواليه قطعت يده بالسرقة ثم قتل ، والمرتد إذا سرق بمنزلة » (5).

ص: 147


1- مروى في الكافي بسند موثق وقال العلامة المجلسي « المسلم يرد على المسلم » أي يلزم أن يرد المسلم الآبق على المسلم ولا يأخذ منه جعلا ، أو ينبغي أن يرد الجعل على المسلم لو أخذه منه أو لا يأخذه لو أعطاه ، ويحتمل بعيدا أن يكون المعنى أن المسلم المالك يرد أن يعطى الجعل. وعلى التقادير الأولة فهو محمول على الاستحباب إذا قرر جعلا وعلى الوجوب مع عدمه إذا لم نقل بوجوب الدينار والأربعة دنانير ، ويمكن أن يكون المراد أنه إذا أخذ جعلا ولم يرد العبد يجب عليه رد الجعل - انتهى ، أقول : قال الفاضل التفرشي وسلطان العلماء نحوا مما مر في بيان الخبر ، ولكن بنظري القاصر أن المراد أن العبد الآبق إذا كان مسلما ومولاه أيضا مسلما يجوز أخذ الجعل والرد ، وأما إذا كان المولى كافرا والآبق مسلما فلا يجوز الرد ولا أخذ الأجر « ولن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلا ».
2- يعنى الصادق عليه السلام ظاهرا فان الخبر رواه الكليني ج 6 ص 200 في الصحيح عن الحسن بن صالح هكذا قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل أصاب عبدا آبقا فأخذه وأفلت منه العبد ، قال : ليس عليه شئ » وحمل على عدم التفريط فان المشهور أنه لو أبق العبد اللقيط أوضاع من غير تفريط لم يضمن ولو كان بتفريط ضمن.
3- كذا في النسخ والظاهر أنه تصحيف لعدم مناسبته بالباب وفى الكافي « أصاب جارية ».
4- نفقت الدابة تنفق نفوقا أي ماتت ، وهذا الخبر في الكافي تتمة للخبر السابق.
5- قال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لم أر أحدا من الأصحاب قال بظاهر الخبر غير الكليني والصدوق حيث أورداه في كتابيهما ، ويمكن أن يحمل على ما إذا ارتد بعد الإباق.

3546 - وروى ابن أبي عمير ، عن أبي حبيب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل اشترى من رجل عبدا وكان عنده عبدان ، فقال للمشتري : اذهب بهما فأختر أحدهما ورد الاخر ، وقد قبض المال ، فذهب بهما المشتري فأبق أحدهما من عنده ، قال : ليرد الذي عنده ، منهما ويقبض نصف ثمن ما أعطى من البائع ويذهب في طلب الغلام فإن وجده أختار أيهما شاء ورد الاخر وإن لم يجده كان العبد بينهما نصفه للبائع ونصفه للمبتاع » (1).

3547 - وروي عن أبي جميلة ، عن عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « اكتب للآبق في ورقة أو في قرطاس : « بسم اللّه الرحمن الرحيم يد فلان مغلولة إلى عنقه إذا أخرجها لم يكد يراها ومن لم يجعل اللّه له نورا فماله من نور ، ثم لفها ثم أجعلها بين عودين ثم ألقها في كوة بيت مظلم في الموضع الذي كان يأوي فيه » (2).

3548 - وروي عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ادع بهذا

ص: 148


1- قال المحقق : إذا اشترى عبدا في الذمة ودفع البائع إليه عبدين وقال : اختر أحدهما فأبق واحد ، قيل : يكون التالف بينهما ويرجع بنصف الثمن ، فان وجده اختاره والا كان الموجود لهما ، وهو بناء على انحصار حقه فيهما - الخ ، وقال في المسالك : هذا الحكم ذكره الشيخ وتبعه عليه بعض الأصحاب ومستنده ما رواه محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام وفى طريقها ضعف يمنع من العمل ، مع ما فيها من المخالفة للأصول الشرعية من انحصار الحق الكلى دون تعيينه في فردين وثبوت المبيع في نصف الموجود المقتضى للشركة مع عدم الموجب لها ثم الرجوع إلى التخيير لو وجد الآبق ، ونزلها الأصحاب على تساويهما قيمة ومطابقتهما للمبيع الكلى وصفا وانحصار حقه فيهما حيث دفعهما إليه وعينهما للتخيير كما لو حصر الحق في واحد ، وعدم ضمان الآبق اما بناء على عدم ضمان المقبوض بالسوم أو تنزيل هذا التخيير منزلة الخيار الذي لا يضمن التالف في رقبة ، ويشكل الحكم بانحصار الحق فيهما على هذه التقادير أيضا لان البيع أمر كلى لا يتشخص الا بتشخيص البايع ودفعه الاثنين لتخيير أحدهما ليس تشخيصا وان حصر الامر فيهما لأصالة بقاء الحق في الذمة إلى أن يثبت المزيل ولم يثبت شرعا كون ذلك كافيا كما لو حصر في عشرة فصاعدا.
2- الكوة ثقب البيت وإذا لم يكن البيت الذي يأوى إليه مظلما فليجعل مظلما. ( م ت )

الدعاء للآبق وأكتبه في ورقة (1) « اللّهم السماء لك والأرض لك وما بينهما لك ، فاجعل ما بينهما أضيق على فلان من جلد جمل حتى ترده علي وتظفرني به » وليكن حول الكتاب آية الكرسي مكتوبة مدورة (2) ثم أدفنه وضع فوقه شيئا ثقيلا في الموضع الذي كان يأوي فيه بالليل ».

باب 370: الارتداد

3549 - روى هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : كل مسلم بين مسلمين (3) ارتد عن الاسلام وجحد محمدا صلى اللّه عليه وآله نبوته و كذبه فإن دمه مباح لكل من سمع ذلك منه ، وامرأته بائنة منه فلا تقربه (4) ، و يقسم ماله على ورثته ، وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها ، وعلى الامام أن يقتله إن أتي به ولا يستتيبه »(5).

3550 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام « أن المرتد عن الاسلام تعزل عنه امرأته ، ولا تؤكل ذبيحته ، ويستتاب ثلاثا (6) فإن رجع وإلا قتل يوم الرابع إذا كان صحيح العقل (7).

ص: 149


1- ظاهره أن القراءة والكتابة كليهما لازمان ويحتمل أن يكون العطف تفسيريا.
2- أي يكون على شكل الدائرة.
3- في بعض النسخ « كل مسلم ابن مسلمين » والظاهر لا يشمل من كان أحد أبويه كافرا وفى بعض النسخ « كل مسلم ابن مسلم » وهذا لا يشمل من كانت أمه مسلمة فقط.
4- أن لا تمكنه من نفسها.
5- ظاهره اختصاص الحكم بمن كان أبواه مسلمين فلا يشمل من كان أحد أبويه مسلما ، والمشهور بل المتفق عليه الاكتفاء فيه بكون أحدهما مسلما ولعله ورد على سبيل المثال ، وقال في الدروس : قاتل المرتد الامام أو نائبه ولو بادر غيره إلى قتله فلا ضمان فإنه مباح الدم ولكنه يأثم ويعزر قاله الشيخ ، وقاله الفاضل يحل قتله لكل من سمعه وهو بعيد. ( المرآة )
6- كذا وفى الكافي « ثلاثة أيام » رواه عن مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
7- قال الشيخ في المبسوط بعدم التحديد بل قال يستتاب القدر الذي يمكن معه الرجوع والمحقق استحسن التحديد بثلاثة أيام فقتل في الرابع عملا بالرواية المذكورة. ( سلطان )

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني بذلك المرتد الذي ليس بابن مسلمين.

3551 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في المرتدة عن الاسلام قال : « لا تقتل وتستخدم خدمة شديدة وتمنع عن الطعام والشراب إلا ما تمسك به نفسها ، وتلبس أخشن الثياب ، وتضرب على الصلوات » (1).

3552 - وفي رواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام قال : إذا ارتدت المرأة عن الاسلام لم تقتل ولكن تحبس أبدا ».

3553 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إن عليا عليه السلام لما فرغ من أهل البصرة أتاه سبعون رجلا من الزط (2) فسلموا عليه وكلموه بلسانهم (3) ، ثم قال لهم : إني لست كما قلتم إنا عبد اللّه مخلوق ، قال : فأبوا عليه وقالوا - لعنهم اللّه - : لا بل أنت أنت هو ، فقال لهم : لئن لم ترجعوا عما قلتم ولم تتوبوا (4) إلى اللّه عزوجل لأقتلنكم ، قال : فأبوا عليه أن يتوبوا ويرجعوا (5) قال : فأمر عليه السلام أن تحفر لهم آبار فحفرت ، ثم خرق بعضها إلى بعض ، ثم قذف بهم فيها ، ثم جن رؤوسها ، ثم ألهب في بئر منها نارا وليس فيها أحد منهم فدخل فيها الدخان عليهم فماتوا ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : إن الغلاة - لعنهم اللّه - يقولون : لو

ص: 150


1- كل ذلك على تقدير امتناعها من التوبة فلو تابت قبل منها وإن كان ارتدادها عن فطرة عند الأصحاب ، ويشعر عبارة التحرير بالخلاف في القبول في الفطرية ، وعلى هذا يمكن ابقاء الروايات على ظواهرها من استمرار هذه الأمور دائما حملا على الفطرة وما يدل على التوبة ففي الملية ( سلطان ) وقال الفاضل التفرشي : أي يضرب في وقت كل صلاة لتتوب وتصلى ، ويمكن أن يراد بالحبس في الخبر الآتي هذا المعنى أي منعها من الطعام والشراب والاستراحة.
2- الزط - بضم الزاي وتشديد الطاء - : جنس من السودان والهنود.
3- رواه الكليني ج 7 ص 259 بسند ضعيف مرسل وزاد هنا « فرد عليهم بلسانهم ».
4- في بعض النسخ « ثم تتوبوا - الخ » وفى الكافي « قلتم في وتتوبوا ».
5- في بعض النسخ « أن يقبلوا ويرجعوا ».

لم يكن علي ربا لما عذبهم بالنار (1) ، فيقال لهم : لو كان ربا لما احتاج إلى حفر الابار وخرق بعضها إلى بعض وتغطية رؤوسها ولكان يحدث نارا في أجسادهم فتلهب بهم فتحرقهم ، ولكنه لما كان عبدا مخلوقا حفر الابار وفعل ما فعل حتى أقام حكم اللّه فيهم وقتلهم ولو كان من يعذب بالنار ويقيم الحد بها ربا لكان من عذب بغير النار ليس برب ، وقد وجدنا اللّه تعالى عذب قوما بالغرق ، وآخرين بالريح وآخرين بالطوفان ، وآخرين بالجراد والقمل والضفادع والدم ، وآخرين بحجارة من سجيل ، وإنما عذبهم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام على قولهم بربوبيته بالنار دون غيرها لعلة فيها حكمة بالغة وهي أن اللّه تعالى ذكره حرم النار على أهل توحيده ، فقال علي عليه السلام : لو كنت ربكم ما أحرقتكم وقد قلتم بربوبيتي ، ولكنكم استوجبتم مني بظلمكم ضد ما استوجبه الموحدون من ربهم عزوجل ، وأنا قسيم ناره بإذنه ، فإن شئت عجلتها لكم ، وإن شئت أخرتها فمأواكم النار هي مولاكم - أي هي أولى بكم - وبئس المصير ، ولست لكم بمولى ، وإنما أقامهم أمير المؤمنين عليه السلام في قولهم بربوبيته مقام من عبد من دون اللّه عز وجل صنما.

3554 - وذلك أن رجلين بالكوفة من المسلمين (2) ، « أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام فشهد أنه رآهما يصليان لصنم فقال علي عليه السلام : ويحك لعله بعض من يشتبه عليك أمره ، فأرسل رجلا فنظر إليهما وهما يصليان لصنم فاتي بهما ، قال فقال لهما :

ص: 151


1- المعروف أن الغلاة تمسكوا بما روى عن النبي صلى اللّه عليه وآله أنه قال : « لا يعذب بالنار الا رب النار » وهذا الخبر على فرض صدوره حكم لا خبر واحراقه عليه السلام إياهم كان بأمر اللّه تعالى وقد جاء أخبار في حد اللواط تدل على جواز احتراق الواطي بالنار ولا خلاف فيه.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 484 مسندا عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا « ان رجلين من المسلمين كانا بالكوفة فأتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام - الخ ».

ارجعا فأبيا ، فخد لهما في الأرض أخدودا وأجج فيه نارا فطرحهما فيه » (1) روى ذلك موسى بن بكر ، عن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

3555 - وكتب غلام لأمير المؤمنين عليه السلام (2) إليه « أني قد أصبت قوما من المسلمين زنادقة [ وقوما من النصارى زنادقة ] فقال : أما من كان من المسلمين ولد على الفطرة ثم ارتد فاضرب عنقه ، ولا تستتبه ، ومن لم يولد منهم على الفطرة فاستتبه فإن تاب وإلا فاضرب عنقه ، وأما النصارى فما هم عليه أعظم من الزندقة » (3).

3556 - وفي رواية موسى بن بكر ، عن الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن رجلا من المسلمين تنصر فاتي به علي عليه السلام فاستتابه فأبى عليه ، فقبض على شعره وقال : طئوا عباد اللّه (4) [ عليه ]. فوطئ حتى مات ».

3557 - وروى فضالة ، عن أبان أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال « في الصبي إذا شب فاختار النصرانية وأحد أبويه نصراني أو جميعا مسلمين قال : لا يترك ولكن يضرب على الاسلام » (5).

3558 - وروى ابن فضال ، عن أبان (6) أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال « في الرجل يموت مرتدا عن الاسلام وله أولاد ومال ، قال : ماله لولده المسلمين » (7).

3559 - وقال علي عليه السلام : « إذا أسلم الأب جر الولد إلى الاسلام ، فمن

ص: 152


1- الأخدود : الحفرة المستطيلة ، جمعه أخاديد ، والأجيج : تلهب النار.
2- مروى في التهذيب ج 2 ص 484 عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى رفعه قال : « كتب عامل أمير المؤمنين عليه السلام - الخ ».
3- أي فلا تقتلهم بالزندقة ، ولعل المراد بالزندقة هنا عدم الاعتقاد بالآخرة فالقول بالتثليث أعظم منها.
4- أمر من وطئ برجله وطأ.
5- ظاهره عدم قتل الفطري ابتداء ، ويمكن حمله على المراهق للبلوغ.
6- في الكافي ج 7 ص 152 عن القمي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
7- قال في الدروس : المرتد يرثه المسلم ولو فقد فالامام ولا يرثه الكافر على الأقرب.

أدرك من ولده دعي إلى الاسلام فإن أبى قتل ، وإن أسلم الولد لم يجر أبويه ولم يكن بينهما ميراث ». (1)

باب 371: نوادر العتق

3560 - روى سعد بن سعد عن حريز (2) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قال لمملوكه : أنت حر ولي مالك ، قال : يبدأ بالمال قبل العتق يقول : لي مالك و أنت حر برضى من المملوك » (3).

3561 - و « سأله الحسن الصيقل عن رجل قال : أول مملوك أملكه فهو حر فأصاب ستة ، فقال : إنما كانت نيته على واحد فليختر أيهم شاء فليعتقه » (4).

3562 - وروى إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي بن مهزيار قال : « كتبت إليه (5) أسأله عن المملوك يحضره الموت فيعتقه مولاه في تلك الساعة فيخرج من الدنيا حرا هل للمولى في عتقه ذلك أجر؟ أو يتركه مملوكا فيكون له أجر إذا مات وهو مملوك له أفضل؟ فكتب عليه السلام : يترك العبد مملوكا في حال موته فهو آجر لمولاه (6) وهذا العتق في تلك الساعة (7) لم يكن نافعا له ».

ص: 153


1- أي من الطرفين فلا ينافي وراثة المسلم من الاخر.
2- في الكافي « عن أبي جرير ».
3- فيه اشعار بان العبد يملك. ( مراد ).
4- عمل به ابن الجنيد واختاره الشهيد في شرح الارشاد ، وقيل بالقرعة وهو اختيار الشيخ في النهاية ، وربما قيل ببطلان النذر لإفادة الصيغة وحدة المعتق ولم توجد وربما احتمل عتق الجميع لوجود الأولية في كل واحد وهو اختيار العلامة في المختلف. ( سلطان )
5- يعنى الهادي عليه السلام.
6- رواه الكليني ج 6 ص 195 مع اختلاف في اللفظ بسند صحيح وقوله « فهو آجر » لان العتق الذي ليس للقربة لا يثاب عليه ولا يمكن قصد القربة مع الجزم أو الظن الغالب بموته وأما الاجر فهو لكل مضرة دنيوية وهو حاصل. ( م ت )
7- في بعض النسخ « وهذا عتق في تلك الساعة ».

3563 - وروى محمد بن عيسى العبيدي ، عن الفضل بن المبارك أنه كتب إلى أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام « في رجل له مملوك فمرض أيعتقه في مرضه أعظم لاجره أو يتركه مملوكا؟ فقال : إن كان في مرض فالعتق أفضل له لأنه يعتق اللّه عزوجل بكل عضو منه عضوا من النار ، وإن كان في حال حضور الموت فيتركه مملوكا أفضل له من عتقه ».

3564 - وروى محمد بن عيسى العبيدي ، عن الفضل بن المبارك البصري ، عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « جعلت فداك الرجل يجب عليه عتق رقبة مؤمنة فلا يجدها كيف يصنع؟ فقال : عليكم بالأطفال فأعتقوهم فإن خرجت مؤمنة فذاك ، وإن لم تخرج مؤمنة فليس عليكم شئ » (1).

3565 - وروى معاوية بن ميسرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يبيع عبده بنقصان من ثمنه ليعتق ، فقال له العبد فيما بينهما : لك علي كذا وكذا ، أله أن يأخذه منه (2)؟ قال : يأخذه منه عفوا ويسأله إياه في عفو فإن أبى فليدعه » (3).

3566 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام « في مكاتبة يطأها مولاها فتحبل ، قال : يرد عليها مهر مثلها وتسعى في قيمتها ، فإن عجزت فهي من أمهات الأولاد » (4).

ص: 154


1- السؤال مبنى على توهم عدم شمول رقبة مؤمنة للأطفال فمراده عدم وجدان البالغ فقال عليه السلام يكفي الأطفال. ( سلطان )
2- أي يجوز أن يأخذ البائع من العبد المال.
3- العفو ما فضل عن النفقة والمراد به هنا السهولة والرفق فإنه غير لازم عليه.
4- لعله محمول على صورة اكراه المولى لها أو وطئ الشبهة فيلزم عليه لها المهر لأنه من جملة مكاسبها ، ومكاسبا لها في حال المكاتبة ، وفى غير صورة الاكراه والشبهة لا مهر لها لأنها زانية ، وكذلك تحد فإنه لا يجوز وطيها لا بالملك ولا بالعقد ( سلطان ) وقال الشهيد في المسالك : من التصرف الممنوع منه وطئ المكاتبة بالعقد والملك لعدم صيرورتها حرة تصلح للعقد وخروجها بعقد المكاتبة عن محض الرق المسوغ للوطئ ، فان وطئها عالما بالتحريم عزر ، وان لم يتحرر منها شئ ، وحد بنسبة الحرية ان تبعضت ، ولو طاوعته هي حدت حد المملوك ان لم تتبعض والا فبالنسبة ، وان أكرهها اختص بالحكم ولها مهر المثل ، وفى تكرره بتكرره أوجه ثالثها اشتراطه بتخلل أدائه إليها بين الوطيين ورابعها تعدده مع العلم بتعدد الوطي ، ومع الشبهة المستمرة مهرا واحدا.

3567 - ودخل ابن أبي سعيد المكاري (1) على الرضا عليه السلام فقال له : « أبلغ اللّه من قدرك أن تدعي ما يدعي أبوك؟! فقال له : مالك أطفأ اللّه نورك وأدخل الفقر بيتك ، أما علمت أن اللّه تبارك وتعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا فوهب له مريم ووهب لمريم عيسى ، فعيسى من مريم ومريم من عيسى ، وعيسى ومريم شئ واحد ، وأنا من أبي وأبي مني وأنا وأبي شئ واحد (2) ، فقال له ابن أبي سعيد : فأسألك عن مسألة؟ فقال : لا أخا لك تقبل مني ، ولست من غنمي (3) ولكن هلمها ، فقال : رجل قال عند موته كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه اللّه تعالى ، فقال : نعم إن اللّه عزوجل يقول : « حتى عاد كالعرجون القديم « فما كان من مماليكه أتى له ستة أشهر فهو قديم حر ، قال : فخرج وافتقر حتى مات ولم يكن له مبيت ليلة - لعنه اللّه - ».

3568 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي الورد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن مملوك نصراني لرجل مسلم عليه جزية؟ قال : نعم إنما هو مالكه يفتديه (4) إذا اخذ يؤدي عنه ».

ص: 155


1- هو الحسين بن هاشم بن حيان المكارى ، كان هو وأبوه من وجوه الواقفة وكان الحسين ثقة في حديثه كما في ( جش )
2- الظاهر أن الواقفة كانوا متمسكين بقول الصادق عليه السلام : « يخرج منى من ينور اللّه به العباد والبلاد ويظهر الحق » فقالوا يجب أن يكون ذلك موسى بن جعفر عليهما السلام ولم يحصل منه في أيامه فيجب أن يكون باقيا إلى أو ان ظهوره وهو المهدى ، فأجابه عليه السلام بأن الذي قاله جدي هو في وفى ولدى القائم كما أوحى اللّه - الخ. ( م ت )
3- أي لا أظنك تقبل منى والحال أنك لا تكون من شيعتي ورعيتي.
4- أي هي فداء الغلام النصراني فلا يضر أخذه من المسلم والمشهور عدمه ، ويمكن حمله على التقية ( م ت ) وفى المسالك : قيل بسقوط الجزية عن المملوك مطلقا ، وروى أنها تؤخذ منه. وفى بعض النسخ « هو ماله يفتديه ».

كتاب المعيشة

باب 372: المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات

اشارة

3569 - روى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزوجل : « ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة » قال : رضوان اللّه والجنة في الآخرة ، والسعة في الرزق والمعايش وحسن الخلق في الدنيا ».

3570 - وروى ذريح بن يزيد المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « نعم العون الدنيا على الآخرة ».

3571 - وقال عليه السلام : « ليس منا من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه » (1).

3572 - وروي عن العالم عليه السلام أنه قال : « اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا » (2).

3573 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « نعم العون على تقوى اللّه الغنى » (3).

3574 - وروى عمر بن أذينة عن الصادق عليه السلام أنه قال : « إن اللّه تبارك وتعالى ليحب الاغتراب (4) في طلب الرزق ».

ص: 156


1- معنى ترك الدنيا للآخرة هو ترك الاتيان بما يجب من تحصيل الرزق ، وترك التزويج الذي هو من السنة ، والرهبانية وأمثال ذلك كما فعله عاصم بن زياد أخو العلاء بن زياد ونهاه أمير المؤمنين عليه السلام وزجره وقد حكى اللّه تعالى لنبيه قوم موسى حيث قالوا لقارون « وابتغ فيما آتاك اللّه الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ».
2- لعل المصنف - رحمه اللّه - حمل هذا الحديث على العمل في الدنيا أي اجتهد في تحصيل الدنيا وزراعتها وعمارتها كاجتهاد من يعيش فيها أبدا ، وربما يحمل الحديث على ترك العمل للدنيا فان من يعيش أبدا لا يلزم عليه التعجيل في السعي ويمكنه التسويف والتأخير لوسعة وقته فيكون المراد أنه أخر عمل دنياك كشخص له وقت وسيع للعمل. ( سلطان )
3- يحتمل غنى النفس فإنه معين على التقوى.
4- الغرب - بالضم - : النزوح عن الوطن كالغربة والاغتراب والتغرب. ( القاموس )

3575 - وقال عليه السلام : « أشخص يشخص لك الرزق » (1).

3576 - وروى علي بن عبد العزيز عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إني لأحب أن أرى الرجل متحرفا (2) في طلب الرزق ، إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : اللّهم بارك لا متي في بكورها » (3).

3577 - وقال صلى اللّه عليه وآله : « إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر إليها فإني سألت ربي عزوجل أن يبارك لا متي في بكورها ».

3578 - وقال عليه السلام : « إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر إليها وليسرع المشي إليها ».

3579 - وروى حماد اللحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تكسلوا في طلب معايشكم فإن آباءنا كانوا يركضون فيها ويطلبونها » (4).

3580 - و « أرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله رجلا في حاجة فكان يمشي في الشمس ، فقال له : امش في الظل فإن الظل مبارك » (5).

3581 - وقال الصادق عليه السلام : « من ذهب في حاجة على غير وضوء فلم تقض حاجته فلا يلومن إلا نفسه » (6).

ص: 157


1- شخص من بلد إلى بلد : ذهب ، وقال المولى المجلسي : ينبغي أن يحمل على ما إذا تعسر الرزق في البلد لما سيجيئ من أن السعادة أن يكون متجر المرء في بلده ، و يمكن أن يكون المراد الخروج من الدار أو الأعم.
2- كذا في جل النسخ ، والتحرف : الميل ، ويمكن أن يكون الأصل « محترفا » فصحف بتقديم التاء على الحاء ولكن لا يلائم لفظة « في » الا بتكلف ، وفى بعض النسخ « متبكرا » والتبكر التقدم في العمل ، والمراد القيام بكرة في طلب الرزق.
3- أي في ذهابهم بكرة في طلب الرزق.
4- الكسل : التثاقل عن الامر ، والركض تحريك الرجل ، والمراد السرعة في المشي.
5- قيل المشي في الظل كناية عن التبكر ظاهرا.
6- يدل على كراهة الذهاب في طلب الحاجة بدون الوضوء.

3582 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إني أجدني أمقت الرجل (1) يتعذر عليه المكاسب فيستلقي على قفاه ويقول : اللّهم أرزقني ويدع أن ينتشر في الأرض ويلتمس من فضل اللّه ، والذرة تخرج من جحرها تلتمس رزقها » (2).

3583 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى يحب المحترف الأمين ».

3584 - وروي عن محمد بن عذافر ، عن أبيه قال : دفع إلي أبو عبد اللّه عليه السلام سبعمائة دينار وقال : يا عذافر اصرفها في شئ ما ، وقال : ما أفعل هذا على شره مني (3) ولكني أحببت أن يراني اللّه تبارك وتعالى متعرضا لفوائده ، قال عذافر : فربحت فيها مائة دينار فقلت له في الطواف : جعلت فداك قد رزق اللّه عزوجل فيها مائة دينار ، قال : أثبتها في رأس مالي ».

3585 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : يا رسول اللّه قد علمت ابني هذا الكتاب ففي أي شئ أسلمه؟ فقال : أسلمه - لله أبوك - ولا تسلمه في خمس لا تسلمه سياء ولا صائغا ولا قصابا ولا حناطا ولا نخاسا ، فقال : يا رسول اللّه وما السياء (4)؟ قال : الذي يبيع الأكفان ويتمنى موت أمتي ، وللمولود من أمتي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ، وأما الصائغ ، فإنه يعالج غبن أمتي (5) ، وأما القصاب فإنه يذبح

ص: 158


1- المقت في الأصل أشد البغض.
2- الذرة : النملة الصغيرة ، والحجر - بتقديم المعجمة المضمومة على الحاء المهملة الساكنة - : حفرة الهوام والسباع كالبيت للانسان.
3- الشره - محركة - : الحرص الغالب.
4- رواه المصنف في معاني الأخبار ص 150 في الضعيف وكذا الشيخ في التهذيب ، والسياء بالياء المثناة المشددة قال ابن الأثير في النهاية في الحديث « لا تسلم ابنك سياء » جاء تفسيره في الحديث أنه الذي يبيع الأكفان ويتمنى موت الناس. ولعله من السوء والمساءة أو من السيئ بالفتح.
5- « غبن » بالمعجمة لعل المراد أنه يزاول ما يحتمل الغرر ويقبل القلب فكأنه بصدد غبنهم ، وفى بعض النسخ « عين أمتي » بالعين المهملة والياء المثناة من تحت ولعله بمعنى النقد المضروب ، وفى بعضها « غنى أمتي » ولا يخفى بعدهما.

حتى تذهب الرحمة من قلبه ، وأما الحناط : فإنه يحتكر الطعام على أمتي ، و لان يلقى اللّه العبد سارقا أحب إلي من أن يلقاه قد احتكر طعاما أربعين يوما ، و أما النخاس : فإنه أتاني جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد إن شر أمتك الذين يبيعون الناس » (1).

3586 - وروي عن سدير الصير في قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « حديث بلغني عن الحسن البصري فإن كان حقا فإنا لله وإنا إليه راجعون ، قال : وما هو؟ قلت : بلغني أن الحسن كان يقول : لو غلى دماغه من حر الشمس ما استظل بحائط صيرفي ، ولو تفرثت كبده (2) عطشا لم يستسق من دار صيرفي ماء ، وهو عملي و تجارتي ، وعليه نبت لحمي ودمي ، ومنه حجتي وعمرتي ، قال : فجلس عليه السلام ثم قال : كذب الحسن خذ سواء وأعط سواء ، فإذا حضرت الصلاة فدع ما بيدك وأنهض إلى الصلاة ، أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة »(3) يعني صيارفة الكلام ولم يعن صيارفة الدراهم.

ص: 159


1- النخاس بياع الدواب والرقيق ، والحناط بايع الحنطة ، والمشهور كراهة هذه الصنايع الخمسة وحملوا الاخبار المعاوضة على نفى الحرمة.
2- أي تشققت وانتثرت والكبد مؤنث لفظا.
3- الخبر في الكافي والتهذيب إلى هنا والبقية كلام المؤلف أخذه من خبر آخر رواه عن ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار معنعنا عن عبد اللّه بن يحيى الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث طويل ، والذي حمله على نقل هذا التأويل في المقام تواتر أن أصحاب الكهف كانوا من أبناء الملوك وأشراف الروم ولم يكونوا تجارا. وقال المولى المجلسي في بيان قول الإمام عليه السلام : « ان أصحاب الكهف كانوا صيارفة » أي عنى عليه السلام أنهم كانوا صيارفة الكلام فكأنه قال لسدير : مالك ولقول الحسن البصري أما علمت أن أصحاب الكهف كانوا صيارفة الكلام ونقدة الأقاويل فانتقدوا ما قرع أسماعهم فأخذوا الحق ورفضوا الباطل ولم يسمعوا أماني أهل الضلال وأكاذيب رهط السفاهة فأنت أيضا كن صيرفيا لما قرع سمعك من الأقاويل ، ناقدا منتقدا ، فخذ الحق واترك الباطل.

3587 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « ويل لتجار أمتي من لا واللّه وبلى واللّه ، وويل لصناع أمتي من اليوم وغد » (1).

3588 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « احتجم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، حجمه مولى لبني بياضة وأعطاه ولو كان حراما ما أعطاه ، فلما فرغ قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أين الدم؟ قال : شربته يا رسول اللّه ، فقال : ما كان ينبغي لك أن تفعله ، وقد جعله اللّه لك حجابا من النار » (2).

3589 - وروي عن علي بن جعفر (3) عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن النثار من السكر واللوز وأشباهه أيحل أكله؟ فقال : يكره كل مال ينتهب » (4).

3590 - وروى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لما أنزل اللّه تبارك وتعالى : « إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه » قيل : يا رسول اللّه ما الميسر؟ قال : كل ما تقوم به حتى الكعاب والجوز ،

ص: 160


1- أي ويل لتجار أمتي من الحلف ولصناعهم من الوعد الكاذب والتعويق والمماطلة ، واعلم أنا لم نعن بتخريج أسانيد هذه الأخبار لقلة الجدوى لان جلها في السنن والآداب ولا تحتاج إلى صحة السند.
2- ينبغي أن يحمل على كونه قبل نزول قوله تعالى « حرمت عليكم الميتة والدم - » ويمكن أن يقال : إنه كان معذورا لجهالته بالحكم ، وقيل : « من » في قوله صلى اللّه عليه وآله « من النار » بيانية وهو بعيد.
3- هو ثقة والطريق إليه صحيح ومروى في الكافي ج 5 ص 123 أيضا في الصحيح.
4- كذا في جميع النسخ وفى الكافي « مكروه أكل ما انتهب » وهو الصواب وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : المشهور بين الأصحاب أنه يجوز النثر ، وقيل : يكره ، ويجوز الاكل منه بشاهد الحال ، ولا يجوز أخذه من غير أن يؤكل في محله الا باذن أربابه صريحا أو بشاهد الحال - انتهى ، أقول : فصل بعض الأصحاب بأنه لو كان قرينة على إباحة المالك فهو مكروه وان لم يكن فهو حرام وبه يجمع بين الاخبار ، وقد روى « أن النبي صلى اللّه عليه وآله حضر في أملاك فأتى بأطباق عليها جوز ولوز وتمر فنثرت فقبضنا أيدينا فقال : مالكم لا تأخذون؟ قالوا : لأنك نهيت عن النهب ، قال : إنما نهيتكم عن نهب العساكر ، خذوا على اسم اللّه تعالى فجاذبنا ».

قيل : فما الأنصاب؟ قال : ما ذبحوا لآلهتهم (1) ، قيل : فما الأزلام؟ قال : قداحهم التي يستقسمون بها » (2).

3591 - وروى السكوني عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام « أنه كان ينهى عن الجوز الذي يجئ به الصبيان من القمار أن يؤكل ، وقال : هو سحت ».

3592 - وروى أيوب بن الحر ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : « لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميت ، وأجر المغنية التي تزف العرائس ليس به بأس (3) ، وليست بالتي يدخل عليها الرجال » (4).

3593 - وروى أبان بن عثمان (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أربع لا تجوز

ص: 161


1- المشهور في تفسيرها أنها الأصنام التي نصبت للعبادة وفسرها عليه السلام هنا موافقا لما ورد في الآية الأخرى في هذه السورة في تفصيل ما حرمت فقال أيضا « وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ، والنصب واحد الأنصاب وهي أحجار كانت منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويعدون ذلك قربة ، وقيل : هي الأصنام و « على » بمعنى اللام.
2- الاستقسام بالأزلام اما المراد به طلب ما قسم لهم بالأزلام أي بالقداح وذلك أنهم كانوا إذا قصدوا فعلا مبهما ضربوا ثلاثة أقداح مكتوب على أحدها « أمرني ربى » وعلى الاخر « نهاني ربى » والثالث غفل أي بلا علامة ، فان خرج الامر فعلوا ، وان خرج النهى اجتنبوا وتركوا وان خرج الغفل أجالوها ثانيا فمعنى الاستقسام طلب معرفة ما قسم لهم دون ما لم يقسم أو المراد استقسام الجزور بالقداح وكان قمارا معروفا عندهم.
3- زف يزف - بضم العين - العروس إلى زوجها : أهداها إليه.
4- الطريق صحيح ورواه الكليني أيضا في الصحيح. وقال الشهيد في الدروس : يحرم الغناء وتعلمه وتعليمه واستماعه والتكسب به الا غناء العرس إذا لم تدخل الرجال على المرأة ولم تتكلم بالباطل ولم تلعب بالملاهي ، وكرهه القاضي وحرمه ابن إدريس والفاضل في التذكرة ، والإباحة أصح طريقا وأخص دلالة ( المرآة ) وقوله « وليست - الخ » جملة حالية تفيد اشتراط عدم البأس بهذا الشرط.
5- الطريق إليه صحيح وهو مقبول الرواية فاسد المذهب وكان ناووسيا.

في أربعة ، الخيانة والغلول (1) والسرقة والربا لايجزن في حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة ».

3594 - وقال عليه السلام : « لا بأس بكسب الماشطة إذا لم تشارط وقبلت ما تعطى ولا تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها ، فأما شعر المعز فلا بأس بأن يوصل بشعر المرأة ولا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقا » (2).

3595 - وروي « أنها تستحله بضرب إحدى يديها على الأخرى » (3).

3596 - وروي عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه قال : « رأيت أبا الحسن عليه السلام يعمل في أرض له وقد استنقعت قدماه في العرق ، فقلت له : جعلت فداك أين الرجال؟ فقال : يا علي عمل باليد من هو خير مني ومن أبي أرضه ، فقلت له : من هو؟ فقال : رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وأمير المؤمنين وآبائي عليهم السلام كلهم قد عملوا بأيديهم وهو من عمل النبيين والمرسلين والصالحين ».

3597 - وروى شريف بن سابق التفليسي ، عن الفضل بن أبي قرة السمندي الكوفي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « أوحى اللّه عزوجل إلى داود عليه السلام أنك نعم العبد لولا أنك تأكل من بيت المال ولا تعمل بيدك شيئا ، قال : فبكى داود عليه السلام ، فأوحى اللّه عزوجل إلى الحديد أن لن لعبدي داود ، فلان

ص: 162


1- الغلول : الخيانة في المغنم خاصة. ولعل التخصيص بالأربع لبيان أنه يصير سببا لحبط أجرها فإنه لا يجوز التصرف فيه بوجه. ( المرآة )
2- لم أجده مسندا وفى معناه أخبار وقوله « ولا تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها » لعله لعدم جواز الصلاة معه أو للتدليس إذا أرادت التزويج كما في المرأة ، وقوله « إذا قالت صدقا » محمول على ما إذا لم يسمعها الأجانب.
3- رواه الكليني ج 5 ص 118 بسند مجهول عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وقال العلامة المجلسي - رحمه اللّه - : لعل المراد أنها ( يعنى النائحة ) تعمل أعمالا شاقة فيها تستحق الأجرة أو هو إشارة إلى أنه لا ينبغي أن تأخذ الاجر على النياحة بل على ما يضم إليها من الأعمال ، وقيل : هو كناية عن عدم اشتراط الأجرة ، ولا يخفى ما فيه.

فألان اللّه تعالى له الحديد (1) فكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم فعمل عليه السلام ثلاثمائة وستين درعا فباعها بثلاثمائة وستين ألفا واستغنى عن بيت المال.

3598 - وروي عن الفضل بن أبي قرة قال : « دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السلام و هو يعمل في حائط له ، فقلنا : جعلنا اللّه فداك دعنا نعمل لك أو تعمله الغلمان ، قال : لا ، دعوني فإني أشتهي أن يراني اللّه عزوجل أعمل بيدي وأطلب الحلال في أذى نفسي ».

3599 - و « كان أمير المؤمنين عليه السلام يخرج في المهاجرة (2) في الحاجة قد كفيها يريد أن يراه اللّه تعالى يتعب نفسه في طلب الحلال ».

ولا بأس بكسب المعلم إذا كان إنما يأخذ على تعليم الشعر والرسائل والحقوق وأشباهها وإن شارط ، فأما على تعليم القرآن فلا (3).

3600 - وروي عن الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « إن هؤلاء يقولون : إن كسب المعلم سحت ، فقال : كذب أعداء اللّه إنما أرادوا أن لا يعلموا أولادهم القرآن ، لو أن رجلا أعطى المعلم دية ولده كان للمعلم مباحا ».

ص: 163


1- كما في قوله تعالى « وألنا له الحديد » قيل أن ذوب الحديد إنما كشف قبل ميلاد المسيح عليه السلام بألف عام وكان ذلك يطابق عصر داود عليه السلام وكذلك ذوب النحاس وقد قال اللّه تعالى « وأسلنا له عين القطر » والقطر النحاس أي أذبناها له فسالت له كالعين الجارية.
2- الهاجرة : نصف النهار في القيظ أو من عند الزوال إلى العصر لان الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا ، وأيضا شدة الحر.
3- قال في الدروس لو أخذ الأجرة على الواجب من الفقه والقرآن جاز على كراهة ويتأكد مع الشرط ولا يحرم ، ولو استأجره لقراءة ما يهدى إلى ميت أو حي لا يحرم وإن كان تركه أولى ، ولو دفع إليه بغير شرط فلا كراهة ، والرواية التي تمتع الأجرة على تعليم القرآن تحمل على الواجب أو على الكراهة - انتهى. أقول : روى الكليني ج 5 ص 121 مسندا عن حسان المعلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن التعليم فقال : لا تأخذ على التعليم أجرا قلت : الشعر والرسائل وما أشبه ذلك أشارط عليه؟ قال : نعم بعد أن يكون الصبيان عندك سواء في التعليم ، لا تفضل بعضهم على بعض ».

3601 - وقال علي بن الحسين عليهما السلام : « إن من سعادة المرء أن يكون متجره في بلاده ، ويكون خلطاؤه صالحين ، ويكون له أولاد يستعين بهم ».

3602 - وروي عن عبد الحميد بن عواض الطائي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني اتخذت رحي فيها مجلسي ويجلس إلي فيها أصحابي ، قال : ذاك رفق اللّه عزوجل » (1).

3603 - وقال الصادق عليه السلام للوليد بن صبيح (2) : « يا وليد لا تشتر لي من محارف شيئا فإن خلطته لا بركة فيها » (3).

3604 - وقال عليه السلام : « لا تخالطوا ولا تعاملوا إلا من نشأ في الخير » (4).

3605 - وقال عليه السلام : « احذروا معاملة أصحاب العاهات ، فإنهم أظلم شئ » (5).

3606 - وقال عليه السلام لأبي الربيع الشامي : « لا تخالط الأكراد ، فإن الأكراد حي من الجن كشف اللّه عزوجل عنهم الغطاء » (6).

3607 - وقال عليه السلام : « لا تستعن بمجوسي ، ولو على أخذ قوائم شاتك وأنت تريد أن تذبحها ».

3608 - وقال عليه السلام : « إياكم ومخالطة السفلة فإنه لا يؤول إلى خير ».

ص: 164


1- أي لطف اللّه تعالى بل حيث يسر لك تحصيل الدنيا والآخرة.
2- رواه الكليني ج 5 ص 157 بسند صحيح.
3- قال الجزري في النهاية : المحارف - بفتح الراء - هو المحروم المحدود الذي إذا طلب لا يرزق ، وقد حورف كسب فلان إذا شدد عليه في معاشه. وهو خلاف المبارك.
4- مروى في الكافي ج 5 ص 158 بسند موثق والمراد بالخير المال.
5- مروى في الكافي مرفوعا. والعاهات جمع العاهة وهي الآفة ولعل ذلك لسراية المرض.
6- مروى في الكافي بسند فيه ارسال وقال العلامة المجلسي : يدل على كراهة معاملة الأكراد ، وربما يأول كونهم من الجن بأنهم لسوء أخلاقهم وكثرة حيلهم أشباه الجن فكأنهم منهم كشف عنهم الغطاء.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - جاءت الاخبار في معنى السفلة على وجوه ، فمنها : أن السفلة هو الذي لا يبالي ما قال ولا ما قيل له ، ومنها : أن السفلة من يضرب بالطنبور ، ومنها : أن السفلة من لم يسره الاحسان ولا تسوؤه الإساءة ، و السفلة : من أدعى الإمامة (1) وليس لها بأهل ، وهذه كلها أوصاف السفلة من اجتمع فيه بعضها أو جميعها وجب اجتناب مخالطته.

3609 - وروي عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني قد تركت التجارة ، فقال : لا تفعل افتح بابك وابسط بساطك ، واسترزق اللّه ربك » (2).

3610 - وقال سدير الصيرفي (3) قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أي شئ على الرجل في طلب الرزق؟ فقال : يا سدير إذا فتحت بابك وبسطت بساطك فقد قضيت ما عليك ».

3611 - وقال عليه السلام (4) : « إن اللّه تبارك وتعالى جعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يحتسبون ، وذلك أن العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه ».

3612 - وقال علي عليه السلام : « كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإن موسى ابن عمران عليه السلام خرج يقتبس لأهله نارا فكلمه اللّه عزوجل ورجع نبيا ، و خرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السلام ، وخرجت سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين » (5).

3613 - وقال رجل لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « عدني قال : كيف

ص: 165


1- في بعض النسخ « ادعى الأمانة ».
2- يدل على كراهة ترك العمل وعدم التعرض للكسب.
3- ( 3 رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 79 مسندا عن الحسين الصحاف عنه.
4- مروى في الكافي ج 5 ص 84 مسندا عن علي بن السرى عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- مروى في الكافي ج 4 ص 83 عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام.

أعدك؟! وأنا لما لا أرجو أرجى مني لما أرجو » (1).

3614 - وروى [ عن ] جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما سد اللّه عزوجل على مؤمن باب رزق إلا فتح اللّه له ما هو خير منه ».

3615 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال علي عليه السلام : « من أتاه اللّه عزوجل برزق لم يخط إليه برجله ، ولم يمد إليه يده ، ولم يتكلم فيه بلسانه ، ولم يشد إليه ثيابه (2) ، ولم يتعرض له ، كان ممن ذكره اللّه عزوجل في كتابه : « ومن يتق اللّه يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ».

3616 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « المعونة تنزل من السماء على قدر المؤونة ».

3617 - وقال الصادق عليه السلام : « غنى يحجزك عن الظلم خير من فقر يحملك على الاثم ».

3618 - وقال عليه السلام : « لا خير فيمن لا يحب جمع المال من حلال فيكف به وجهه ، ويقضي به دينه ، ويصل به رحمه ».

3619 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من المروءة استصلاح المال » (3).

3620 - وقال الصادق عليه السلام : « إصلاح المال من الايمان ».

3621 - وقال الصادق عليه السلام : « لا يصلح المرء المسلم إلا بثلاث : التفقه في الدين ، والتقدير في المعيشة ، والصبر على النائبة » (4).

3622 - قال : « وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إن النفس إذا أحرزت قوتها

ص: 166


1- أي فربما حصل شئ قبل الموعد ، فلا وجه للوعدة ( سلطان ) وفى بعض النسخ « أرجى منه لما أرجو ».
2- لعله كناية عن التشمير أو عن السفر لطلبه أي لم يشد إليه رحاله.
3- أي من الانسانية استصلاح المال بأن لا يفسده ولا يضيعه فان المال نعمة من اللّه.
4- التفقه في الدين هو تحصيل البصيرة في المعارف الدينية والمسائل والأحكام ، و تقدير المعيشة : تعديلها بحيث لا يميل إلى طرفي الاسراف والتقتير ، والمراد بالنائبة المصيبات الواردة ، وفى بعض النسخ « والصبر على البلايا ».

استقرت ».

3623 - وسأل معمر بن خلاد أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن حبس الطعام سنة فقال : أنا أفعله » - يعني بذلك إحراز القوت -.

3624 - وروى ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : ما من نفقة أحب إلى اللّه عزوجل من نفقة قصد ، ويبغض الاسراف إلا في الحج والعمرة ، فرحم اللّه مؤمنا كسب طيبا ، وأنفق من قصد ، أو قدم فضلا » (1).

3625 - وقال العالم عليه السلام : « ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر ».

3626 - وقال علي بن الحسين عليهما السلام : « إن الرجل لينفق ماله في حق و إنه لمسرف » (2).

3627 - وروى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : « للمسرف ثلاث علامات : يأكل ما ليس له (3) ويشتري ما ليس له ، ويلبس ما ليس له ».

3628 - وروى أبو هشام البصري عن الرضا عليه السلام أنه قال : « من الفساد قطع الدرهم والدينار وطرح النوى » (4).

3629 - وسأل إسحاق بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن أدنى الاسراف فقال : ثوب صونك تبتذله (5) ، وفضل الاناء تهريقه ، وقذفك النوى هكذا و هكذا » (6).

ص: 167


1- أي قدم إلى الآخرة ما يفضل عنه وعن عياله.
2- أي قد يتفق أن يكون انفاقه في أمر مشروع ومع ذلك مسرف لعدم اعتبار التوسط وترك رعاية القوام بين الاسراف والاقتار.
3- سواء كان حراما أو كان زائدا على الشبع أولم يكن مناسبا له ، وكذلك. ( م ت )
4- « قطع الدرهم والدينار » لعل المراد كسرهما لصياغة شئ من الظروف وغيره ، وطرح النوى « أي نوى التمر ونحوه إذ فيه نفع ». ( سلطان )
5- أي تخلقه ، وثوب الصون أي ثوب التجمل لأنه يصان به عرضك.
6- أي يمينا وشمالا وفى الأطراف بأن لا يجتمع.

3630 - وروى الوليد بن صبيح عن الصادق عليه السلام أنه قال « ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم - أو قال : يرد عليهم دعاؤهم - (1) رجل كان له مال كثير يبلغ ثلاثين ألفا أو أربعين ألفافا نفقه في وجوهه ، فيقول : اللّهم أرزقني ، فيقول اللّه تعالى : ألم أرزقك؟! ورجل أمسك عن الطلب (2) فيقول : اللّهم ارزقني ، فيقول اللّه تعالى : ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب؟! ورجل كانت عنده امرأة فقال : اللّهم فرق بيني وبينها فيقول اللّه عزوجل : ألم أجعل ذلك إليك؟! ».

3631 - وقال عليه السلام : « من سعادة المرء أن يكون القيم على عياله » (3).

3632 - وقال عليه السلام : « كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول » (4).

3633 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « ملعون ملعون من يضيع من يعول ».

3634 - وقال عليه السلام : « الكاد على عياله من حلال كالمجاهد في سبيل اللّه ».

3635 - وروى إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا تتعرضوا للحقوق ، فإذا لزمتكم فاصبروا لها » (5).

3636 - وقال الرضا عليه السلام : « لا تبذل لإخوانك من نفسك ما ضرره عليك أكثر من نفعه لهم » (6).

3637 - وروى عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إياك و

ص: 168


1- للخبر صدر نقله المصنف في الخصال باب الثلاثة.
2- أي عن السعي في تحصيل الرزق بالتجارة والكسب والحرفة.
3- أي المتعهد لحالهم بان لان يحتاج إلى سفر أو لا يضيعهم عمدا أو فقرا ( م ت ) أو يقوم بنفسه على حوائجهم.
4- أي يكفي اثم التضييع لدخول جهنم ولا يحتاج إلى اثم آخر فلا ينفع قيام الليل و صيام النهار مع هذا الاثم العظيم. ( م ت )
5- أي لا تتعرضوا لما يستلزم وجوب الحقوق عليكم أولا تشتغل ذمتك بحقوق الناس كالضمان والكفالة وأمثال ذلك ولكن ، إذا لزمتكم فاصبروا على أدائها إلى أهلها.
6- يعنى إذا كان لك شئ قليل وأنت محتاج إليه وصرفه في إخوانك لا ينفعهم غير أنك صرت محتاجا فلا تبذله ، وهذا غير الايثار الذي هو من صفات الأولياء.

الكسل والضجر (1) فإنهما مفتاح كل سوء ، إنه من كسل لم يؤد حقا ، ومن ضجر لم يصبر على حق ».

3638 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « إن اللّه تعالى ليبغض العبد النوام ، أن اللّه تعالى ليبغض العبد الفارغ ».

3639 - وقال الصادق عليه السلام لبشير النبال : « إذا رزقت من شئ فالزمه » (2).

3640 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « شكا رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الحرقة ، فقال : انظر بيوعا فاشترها ثم بعها فما ربحت فيه فالزمه » (3).

3641 - وقال الصادق عليه السلام : « باشر كبار أمورك بنفسك وكل ما صغر منها إلى غيرك (4) ، فقيل : ضرب أي شئ؟ فقال : ضرب أشرية العقار وما أشبهها » (5).

3642 - وروي عن الأرقط قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « لا تكونن دوارا في الأسواق ولا تلي شراء دقائق الأشياء بنفسك فإنه لا ينبغي للمرء المسلم ذي الدين والحسب أن يلي شراء دقائق الأشياء بنفسه ما خلا ثلاثة أشياء فإنه ينبغي لذي - الدين والحسب أن يليها بنفسه : العقار والإبل والرقيق ».

3643 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه السلام يحتطب ويستقي ويكنس ، وكانت فاطمة عليها السلام تطحن وتعجن وتخبز ».

3644 - وقال الصادق عليه السلام : « مشتري العقار مرزوق ، وبائع العقار ممحوق ».

ص: 169


1- الضجر : القلق والاضطراب من الغم.
2- أي لا تتحول منه إلى غيره. ( م ت )
3- شكا الرجل عدم حصول النفع من حرفته فأمره صلى اللّه عليه وآله بمداومة ما يربح فيه من المعاملات.
4- في الكافي « وكل ما شف إلى غيرك » والشف - بكسر الشين - الشئ اليسير.
5- الأشرية جمع الشرى وهو شاذ لان فعلا لا يجمع على أفعلة ( الصحاح )

3645 - وروى زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما يخلف الرجل بعده شيئا أشد عليه من المال الصامت (1) قال : قلت له : كيف يصنع؟ قال : يضعه في الحائط والبستان والدار ».

3646 - وروى عبد الصمد بن بشير ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لما دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله المدينة خط دورها برجله ، ثم قال : « اللّهم من باع رقعة من أرض (2) فلا تبارك فيه ».

3647 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « مكتوب في التوراة أنه من باع أرضا وماء فلم يضع ثمنه في أرض وماء ذهب ثمنه محقا » (3)

3648 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن كسب الحجام ، فقال : لا بأس به » (4).

3649 - و « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن عسيب الفحل وهو أجر الضراب » (5).

3650 - وسأله أبو بصير « عن ثمن كلب الصيد فقال : لا بأس بثمنه والاخر لا يحل ثمنه » (6).

ص: 170


1- الصامت من المال : الذهب والفضة. ( القاموس )
2- في بعض النسخ « من باع ربقة أرض » وفى بعضها « بقعة من أرض ».
3- محقه - كمنعه - : أبطله ومحاه ، ومحق اللّه الشئ : ذهب ببركته. ( القاموس )
4- قال في المسالك : يكره الحجامة مع اشتراط الأجرة على فعله سواء عينها أم أطلق فلا يكره لو عمل بغير شرط وان بذلت له بعد ذلك كما دلت عليه الأخبار ، هذا في طرف الحاجم وأما المحجوم فعلى الضد يكره له أن يستعمل من غير شرط ولا يكره معه.
5- الضراب : نزو الذكر على الأنثى والمراد بالنهي ما يؤخذ عليه من الأجرة لا عن نفس الضراب ، وذكر العلامة من المحرمات بيع عسيب الفحل وهو ماؤه قبل الاستقرار في الرحم ، والمشهور بين الفقهاء كراهة التكسب بضراب الفحل بأن يؤاجره لذلك ، ولعل التفسير من المؤلف.
6- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 107 باسناده عن الأهوازي ، عن الجوهري ، عن البطائني ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، والمراد بالآخر كلب الهراش.

3651 - وقال : « أجر الزانية سحت (1) وثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد (2)

ص: 171


1- روى الكليني في الكافي ج 5 ص 126 عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « السحت ثمن الميتة وثمن الكلب ، وثمن الخمر ، ومهر البغي ، والرشوة في الحكم ، وأجر الكاهن » وعن العدة عن البرقي ، عن الجاموراني ، عن الحسن البطائني ، عن زرعة ، عن سماعة قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام « السحت أنواع كثيرة منها كسب الحجام إذا شارط ، وأجر الزانية ، وثمن الخمر فأما الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه العظيم » والسحت اما بمعنى مطلق الحرام أو الحرام الشديد الذي يسحت ويهلك. و حرمة أجرة الزانية لعلها من الضروريات حيث لا مهر لبغي والفعل الحرام لا أجرة له.
2- قال في المسالك : الأصح جواز بيع الكلاب الثلاثة : الماشية والزرع والحائط لمشاركتها لكلب الصيد في المعنى المسوغ بيعه ، ودليل المنع ضعيف السند قاصر الدلالة - انتهى ، وقال استاذنا الشعراني - مد ظله : الظاهر أن الكلب الذي لا يصيد مساوق لكلب الهراش الذي لا قائدة عقلية في اقتنائه والنهى عن بيعه نظير النهى عن بيع القرد لعدم الفائدة لا للنجاسة لأن النجاسة في الحيوان الحي والانسان غير مانعة عن البيع والمنع عن بيع النجاسة منصرف إلى ما يتناول ويباشر ويتلوث المستعمل به في العادة فيبقى الكلب داخلا تحت عموم أدلة البيع إذا كان له فائدة مشروعة محللة ، قال في الغنية احترزنا بقولنا ينتفع به منفعة محللة عما يحرم الانتفاع به ويدخل في ذلك النجس الا ما خرج بالدليل من الكلب المعلم للصيد - انتهى ، ويستفاد منه أن غير الصيود هراش لا ينتفع به ، فان قيل قسم الكلب في هذه الأخبار على صيود وغير صيود وأجيز الأول دون الثاني والثاني يشمل كلب الماشية والزرع والبستان فيحرم بيع جميعها لأنه غير صيود ولا دليل على تخصيصه بالهراش ، قلنا اقتناء الكلاب لهذه الأمور لم يكن كثير التداول عندهم وكلب الصيد مذكور في القرآن وكان حاضرا في الأذهان دائما وقد شاع الحصر الإضافي في لغة العرب وبحث عنه علماء البيان نحو ما زيد الا شاعر في مقابل من يتوهم كونه شاعرا وكاتبا وهكذا كان في أذهان الناس كلبان الصيود وغير الصيود أي الهراش وحصر الحل في الأول ، وأما الكلاب الاخر فلم تكن حاضرة في الأذهان لقلة التداول وعدم ذكرها في القرآن كما أن زيدا في مثال علماء البيان كان له صفات كثيرة ولم تكن حاضرة في ذهن المخاطب غير كونه شاعرا وكاتبا ، وفهم فقهاؤنا رضوان اللّه عليهم - من ألفاظ هذه الأخبار أنها في مقام الحصر الإضافي ولهم الاعتماد على فهمهم المستند إلى القرائن في استنباط هذه الأمور المتعلقة بالألفاظ ، قال في التذكرة يجوز بيع هذه الكلاب عندنا ، وعن الشهيد في بعض حواشيه ان أحدا لم يفرق بين الكلاب الأربعة فمن اقتصر في التجويز على كلب الصيد ولم يذكر الثلاثة الباقية مراده الحصر الإضافي كما حمل عليه الاخبار. راجع الوافي الطبعة الثانية ج 10 ص 51 في الهامش.

سحت ، وثمن الخمر سحت ، وأجر الكاهن سحت (1) ، وثمن الميتة سحت ، فأما الرشا في الحكم فهو الكفر باللّه العظيم » (2).

3652 - وروي « أن أجر المغني والمغنية سحت » (3).

3653 - و « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن أجرة القارئ الذي لا يقرأ إلا على أجر مشروط » (4).

3654 - وروي عن الحسين بن المختار القلانسي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « إنا نعمل القلانس فنجعل فيها القطن العتيق فنبيعها ولا نبين لهم ما فيها ، فقال :

ص: 172


1- لحرمة عملها ولا خلاف في حرمة تعليمها وتعلمها واستعمالها في شرع الاسلام.
2- ادعى في جامع المقاصد والمسالك اجماع المسلمين على حرمة الرشا في الحكم لما يدل عليه الكتاب والسنة والمستفيضة من الاخبار.
3- لعله مضمون مأخوذ من الخبر لا لفظه ، وروى الكليني مسندا عن إبراهيم بن أبي البلاد قال : « أوصى إسحاق بن عمر وفاته بجوار له مغنيات أن نبيعهن ونحمل ثمنهن إلى أبى الحسن عليه السلام قال إبراهيم : فبعت الجواري بثلاثمائة ألف درهم وحملت الثمن إليه فقلت له : ان مولى لك يقال له : إسحاق بن عمر قد أوصى عند موته ببيع جوار له مغنيات وحمل الثمن إليك وقد بعتهن وهذا الثمن ثلاثمائة ألف درهم ، فقال : لا حاجة لي فيه ان هذا سحت وتعليمهن كفر والاستماع منهن نفاق وثمنهن سحت » وحمل على ما إذا كان الشراء أو البيع للغناء ، ولا يخفى أن هذا الخبر يدل على حرمة بيعهن لا حرمة أجرهن. وروى في الموثق عن نصر بن قابوس قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : المغنية ملعونة ملعون من أكل كسبها ». وكيف كان لا خلاف في حرمة الغناء بين الأصحاب والاخبار مستفيضة في حرمتها بل ادعى تواترها.
4- روى الشيخ باسناده عن الأهوازي ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني قال : « نهى أبو عبد اللّه عليه السلام عن أجر القارئ الذي لا يقرء الا بأجر مشروط ». وحمل النهى على الكراهة وسيأتي الكلام فيه.

إني لأحب لك أن تبين لهم ما فيها ». (1)

3655 - وقال الصادق عليه السلام : « إن آكل مال اليتيم سيلحقه وبال ذلك في الدنيا والآخرة ، أما في الدنيا فإن اللّه عزوجل يقول : « وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا اللّه » وأما في الآخرة فان اللّه عزوجل يقول : « إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ».

3656 - وكتب محمد بن الحسين الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام يقول : « رجل يبذوق القوافل (2) من غير أمر السلطان في موضع مخيف ويشارطونه على شئ مسمى أله أن يأخذه منهم أم لا؟ فوقع عليه السلام : إذا آجر نفسه بشئ معروف أخذ حقه إن شاء اللّه ».

3657 - وكتب محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني إلى أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام « في رجل دفع ابنه إلى رجل وسلمه منه سنة بأجرة معلومة ليخيط له ، ثم جاء رجل آخر فقال له : سلم ابنك مني سنة بزيادة هل له الخيار في ذلك؟ وهل يجوز له أن يفسخ ما وافق عليه الأول أم لا؟ فكتب عليه السلام بخطه : يجب عليه الوفاء للأول ما لم يعرض لابنه مرض أو ضعف » (3).

3658 - وروى محمد بن خالد البرقي ، عن محمد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن الإجارة فقال : صالح لا بأس بها إذا نصح قدر طاقته (4) ، قد آجر

ص: 173


1- الظاهر أنه على الاستحباب إذا لم يكن المعروف القطن الجديد والا فهو تدليس وغرر. ( م ت )
2- البذرقة الجماعة تتقدم القافلة للحراسة. ( المصباح )
3- ظاهر اطلاقه عليه السلام عدم خيار الغبن في الإجارة ، ويمكن حمله على صورة لم تصل الزيادة إلى حد الغبن ( سلطان ) وقال المولى المجلسي : الخبر يدل على جواز إجارة الابن الصغير ولزوم الوفاء بها ما لم يعرض للابن مرض في جميع المدة فينفسخ أو في بعضها فيكون للمستأجر الخيار وكذا الضعف عن العمل.
4- أي إذا كان قدر طاقته خالصا غير مشوب بالتقصير وفى الصحاح قال الأصمعي : الناصح الخالص من العسل وغيره مثل الناصح وكل شئ خلص فقد نصح. ( مراد )

نفسه موسى بن عمران عليه السلام واشترط قال : إن شئت ثمانيا وإن شئت عشرا فأنزل اللّه تعالى فيه : على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك » (1).

3659 - وروى محمد بن عمرو بن أبي المقدام ، عن عمار الساباطي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يتجر وإن هو آجر نفسه أعطي أكثر مما يصيب في تجارته قال : لا يؤاجر نفسه ولكن يسترزق اللّه تعالى ويتجر ، فإنه إذا آجر نفسه حظر على نفسه الرزق » (2).

3660 - وروى عبد اللّه بن محمد الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال : « من آجر نفسه فقد حظر عليها الرزق ، وكيف لا يحظر عليها الرزق وما أصاب فهو لرب آجره » (3).

3661 - وروى هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل استأجر أجيرا فلم يأمن أحدهما صاحبه فوضع الاجر على يدي رجل فهلك ذلك الرجل ولم يدع وفاء (4) واستهلك الاجر ، فقال : المستأجر ضامن لاجر الأجير حتى يقضي إلا أن يكون الأجير دعاه إلى ذلك فرضي به ، فان فعل فحقه حيث وضعه ورضي به ».

3662 - وروى عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال له : « يا عبيد إن السرف يورث الفقر ، وإن القصد يورث الغنى ».

ص: 174


1- لعل عقد الإجارة وقع على الثمان بلا ترديد كما تدل عليه الآية وإنما علق العشر على المشيئة فالمراد أنه ان شئت اكتفيت بالثمان الذي وقع عليه العقد وان شئت زدت عليه سنتين وهذا في الحقيقة تعليق العشر بالمشيئة فلا حاجة في تصحيح ذلك إلى القول بأنه لعله يجوز الترديد والجهالة في وجه الإجارة في شرع من قبلنا فتأمل. ( سلطان )
2- حظر أي منع كأنه منع على نفسه الرزق لاتكاله على الغير.
3- ان حمل المنع في هذين الخبرين على الكراهة لزم القول بكون معاملة موسى و شعيب عليهما السلام معاملة مكروهة ، وكذا ان حمل على ما إذا استغرقت جميع أوقات الأجير بحيث لم يبق لنفسه وقت ، الا أن لا نلتزم باستغراق الإجارة جميع أوقات موسى عليه الاسلام.
4- أي لم يترك ما يفي بوفاء ذلك المال أي مال الإجارة.

3663 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن الرجل يعالج الدواء للناس فيأخذ عليه جعلا ، قال : لا بأس به » (1).

3664 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن أبي سارة ، عن هند السراج قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « أصلحك اللّه إني كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم فلما عرفني اللّه هذا الامر ضقت بذلك السلاح قلت : لا أحمل إلى أعداء اللّه ، قال : احمل إليهم وبعهم فان اللّه تعالى يدفع بهم عدونا وعدوكم - يعني الروم - قال : فإذا كانت الحرب بيننا وبينهم فمن حمل إلى عدونا سلاحا يستعينون به علينا فهو مشرك » (2).

3665 - وروي الحسن بن محبوب عن أبي ولاد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « ما ترى في الرجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلا من أعمالهم وأنا أمر به وأنزل عليه فيضيفني ويحسن إلي ، وربما أمر لي بالدراهم والكسوة ، وقد ضاق صدري من ذلك ، فقال لي : خذ وكل منه فلك المهنأ وعليه الوزر » (3).

3666 - وروي عن أبي المغرا قال : « سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام وأنا عنده فقال : أصلحك اللّه أمر بالعامل أو آتي العامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟ قال : نعم ، قلت : وأحج بها؟ قال : نعم وحج بها » (4).

ص: 175


1- الظاهر أن المراد اصلاح الدواء وعمله ويمكن ان يعمم ليشمل الطبيب مطلقا.
2- قال في المسالك : إنما يحرم بيع السلاح مع قصد المساعدة في حال الحرب أو التهيؤ له ، أما بدونهما فلا ، ولو باعهم ليستغنوا به على قتال الكفار لم يحرم كما دلت عليه الرواية وهذا كله فيما يعد سلاحا كالسيف والرمح وأما ما يعد جنة كالبيضة والدرع ونحوهما فلا يحرم ، وعلى تقدير النهى لو باع هل يصلح ويملك الثمن أو يبطل ، قولان أظهر هما الثاني لرجوع النهى إلى نفس المعوض - انتهى قول : تقوية الكافر على المسلم حرام مطلقا فإذا كان بيع الدرع والبيضة وأمثال ذلك يعد تقوية لهم يكون حراما بلا اشكال.
3- الهنئ ما أتاك بلا مشقة وما ساغ ولذ من الطعام ، والمهنأ - بفتح الميم وتخفيف النون - اسم منه ، والوزر : الحمل والثقل وأكثر ما يطلق في الحديث على الذنب والاثم كما في النهاية فالمعنى كل وخذ ويكون لك هنيئا ، ووزره على صاحبه.
4- محمول كالخبر السابق على ما إذا كان لم يعلم أنه مال حرام بعينه فيكون داخلا تحت عموم « كل شئ هو لك حلال حتى تعلم الحرام بعينه ».

3667 - وروى علي بن يقطين قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « إن لله تبارك وتعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه ». (1)

3668 - وفي خبر آخر « أولئك عتقاء اللّه من النار ».

3669 - وقال الصادق عليه السلام : « كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان ».

3670 - وروي عن عبيد بن زرارة أنه قال : « بعث أبو عبد اللّه عليه السلام رجلا إلى زياد بن عبيد اللّه (2) فقال : ول ذا بعض عملك » (3).

[ الأب يأخذ من مال ابنه ]

[ الأب يأخذ من مال ابنه ] (4).

3671 - روى حريز ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن رجل لابنه مال فاحتاج إليه الأب ، قال : يأكل منه ، وأما الام فلا تأخذ منه إلا قرضا على نفسها » (5).

ص: 176


1- يدل على أنه إذا اضطرا إلى عملهم ورعى فيه ما يجب عليه من إعانة الاخوان فهو من أولياء اللّه تعالى ، أو أن اللّه تعالى يضطر أولياء ه لعملهم حتى يراعوا أحوال الضعفاء من أوليائه.
2- هو زياد بن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عبد المدان الحارثي خال أبى العباس السفاح و كان واليا من قبل السفاح على المدينة سنة 133 قال القلقشندي ج 4 ص 266 من كتاب صبح الأعشى : ولى أبو العباس السفاح على المدينة وسائر الحجاز داود ثم توفى سنة 133 فولى مكانه في جميع ذلك زياد بن عبيد اللّه بن عبد اللّه الحارثي.
3- في بعض النسخ « وأراد نقص عملك » وأثبته الكاشاني في الوافي هكذا وقال : كأنه أراد اقض حاجة الرجل جبرا لنقص عملك. وفى بعض النسخ « داو نقص عملك » وفى بعضها « اذن نقص عملك » وفى بعضها « وإذا نقص عملك » وكل هذه عندي من تصحيف النساخ والصواب ما في المتن.
4- كذا في بعض النسخ وكأنها زيادة من بعض المحشين.
5- طريق الخبر صحيح ويدل على جواز أخذ الوالد من مال ولده بغير قرض وهو مخالف للمشهور وأيضا جواز أخذ الام قرضا خلاف المشهور ، ويمكن أن يحمل على ما إذا كانت قيمة أو كان الاخذ بإذن الولي ، والحمل على النفقة مشترك بينهما الا أن يحمل على أنها تأخذ قرضا للنفقة إلى أن ترى الولي فينفذه قال في التحرير : يحرم على الام أخذ شئ من مال ولدها صغيرا كان أو كبيرا ، وكذا الولد لا يجوز أن يأخذ من مال والد له شيئا ، ولو كانت معسرة وهو موسر أجبر على نفقتها ، وهل لها أن تقترض من مال الولد؟ جوزه الشيخ ومنعه ابن إدريس ، وعندي فيه توقف وبقول الشيخ رواية حسنة ، وقال في الدروس : لا يجوز تناول الام من مال الولد شيئا الا بإذن الولي أو مقاصة وليس لها الاقتراض من مال الصغير و جوزه علي بن بابويه والشيخ والقاضي وربما حمل على الوصية. ( المرآة )

3672 - وروى الحسين بن أبي العلاء قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ما يحل للرجل من مال ولده؟ قال : قوته بغير سرف إذا اضطر إليه ، قال : فقلت له : فقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « أنت ومالك لأبيك « فقال : إنما جاء بأبيه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال : يا رسول اللّه هذا أبي وقد ظلمني ميراثي من أمي ، فأخبره الأب أنه قد أنفقه عليه وعلى نفسه ، فقال : أنت ومالك لأبيك ، ولم يكن عند الرجل شئ(1) أفكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يحبس أبا لابن؟ ».

3673 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا هبة ولا نذر (2) في مالها إلا باذن زوجها إلا في زكاة أو بر والديها أو صلة قرابتها ».

3674 - وقيل للصادق عليه السلام : « إن الناس يروون عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أنه قال : إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي ، فقال عليه السلام : قد قال لغني ولم يقل لذي مرة سوي » (3).

ص: 177


1- حتى يأخذ منه ويعطى الولد.
2- حمل في المشهور على الاستحباب في غير النذر ، وفى النذر كلام ، واشتراطه باذن الزوج مشهور بين المتأخرين.
3- المرة - بالكسر - : القوة والشدة ، والسوي : الصحيح الأعضاء ، وقال الفيض (رحمه اللّه) ذكر الغنى يغنى عن ذكر ذي المرة السوي ولذا لم يقله ، وذلك لان الغنى قد يكون بالقوة والشدة كما يكون بالمال ولو فرض رجل لا يغنيه القوة والشدة فهو فقير محتاج لا وجه لمنعه من الصدقة فبناء المنع على الغنى ليس الا ، أقول : الخبر غير مناسب بالباب كالخبرين الآتيين وأورده الكليني في كتاب الزكاة باب من يحل له أن يأخذ الصدقة.

3675 - وروى أبو البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا سماع الأصم من غير ضجر صدقة هنيئة » (1).

3676 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله لرجل (2) : « أصبحت صائما؟ قال : لا ، قال : فعدت مريضا؟ قال : لا ، قال : فاتبعت جنازة؟ قال : لا ، قال : فأطعمت مسكينا؟ قال : لا ، قال : فارجع إلى أهلك فأصبهم فإنه منك عليهم صدقه » (3).

3677 - « وأتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام (4). فقال : يا أمير المؤمنين واللّه إني لأحبك ، فقال له : ولكني أبغضك ، قال : ولم؟ قال : لأنك تبغي في الاذان كسبا ، وتأخذ على تعليم القرآن أجرا ».

3678 - وقال علي عليه السلام : « من أخذ على تعليم القرآن أجرا كان حظه يوم القيامة » (5)

ص: 178


1- الضجر : السأمة والملال ، والهنيئ يقال لما لا تعب فيه ، كأن المراد ههنا أنها صدقة لا ينقص بها مال ولا بدن ، ( الوافي )
2- مروى في الكافي مسندا عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله.
3- أهل الرجل عشيرته وأولاده وذوو قراباته ، ومن المجاز زوجته كما صرح به في اللغة ، ويحتمل قويا أن يكون المراد بالإصابة التقبيل قال ابن الأثير في النهاية « كان صلى اللّه عليه وآله يصيب من رأس بعض نسائه وهو صائم » أراد التقبيل. والغرض أنه لا ينبغي أن يخلو اليوم من صدقة أو فعل مندوب إليه ولو بادخال السرور في قلب العيال مع قصد القربة.
4- رواه الشيخ في الاستبصار ج 3 ص 65 وفى التهذيب باسناده عن الصفار ، عن عبد اللّه ابن منبه ، عن الحسين بن علوان ، عن عمر وبن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام.
5- قال استاذنا الشعراني - دام ظله العالي - : اعلم أن كثيرا من فقهائنا ذكروا أن الفقه وما يجب على المكلفين كالفاتحة والسورة وأذكار الصلاة وصيغ النكاح واجب ولا يجوز أخذ الأجرة عليه وكذلك تجهيز الميت والصلاة عليه ، وهذا ان ثبت فبدليل خاص به إذا لا تنافي الوجوب أخذ الأجرة ، ولا يبعد أن يكون قول أو عمل واجبا على رجل إذا أعطى الأجرة عليه كالطبيب ولا يكون واجبا مطلقا كما أنه يكون بيع مال كالطعام واجبا إذا أعطى ثمنه لا مطلقا ، وفائدة الوجوب عدم القدرة على الامتناع مع الأجرة والثمن بخلاف غير الواجب من الافعال كبيع سائر الأمتعة فإنه لا يجب على البايع وان أعطى ثمنه وكتابة الاشعار وصياغة الحلى وهذا شئ معقول عرفا ثابت شرعا ، نعم ان ثبت وجوب عمل مطلقا سواء أعطى الأجرة عليه أولا كصلاة الميت كان أعطاه الأجرة عليها سفها ، ويمكن هنا عقلا تصور وجه آخر وهو أن يجب الفعل مطلقا سواء أعطى الأجرة أولا لكن يجاز للعامل أخذ الأجرة قهرا عن المعمول له وهذا شئ معقول متصور في العرف لا مانع عنه في الشرع ولعل أجرة الوصي والقيم من هذا القسم ، وبالجملة فالوجوب من حيث هو وجوب لا ينافي جواز أخذ الأجرة ، نعم كون الواجب تعبديا بقصد القربة مانع عن الأجرة وهذا جار في المستحب العبادي أيضا ، ولكن المحقق الثاني نقل اجماع الأصحاب على منع الأجرة على أقسام الواجب ، ولعله منصرف في كلامهم إلى التعبدي ، وقد صرح فخر الدين في الايضاح بأنه يجوز أخذ الأجرة على الواجب الكفائي غير التعبدي ، ولا يجوز على العيني والتعبدي وكذلك المحقق الثاني ، فالاحتياط في الواجب العيني وان لم يكن تعبديا عدم أخذ الأجرة الا بالرضا والهبة ، وكذلك في الواجب الكفائي ان تعين في واحد بعينه للانحصار إذ يجب على العامل قطعا هذا العمل ، وتسلطه على اجبار المعمول له لاخذ الأجرة غير ثابت بدليل ، مع أنه لا يجوز له الامتناع من العمل ان امتنع المولى له من الأجرة هذا إذا ثبت وجوب العمل مطلقا لا بشرط أخذ الأجرة ، ولعل الصناعات المتوقفة عليها أمر المعاش من قبيل الثاني. و ربما يسأل عن الواجب النيابى و قصد القربة فيه و أنّه كيف يجتمع مع الاجرة، و الواجب أن الاجرة هنا بمنزلة الحوائج الدنيوية في صلاة الحاجة، فان المصلى يقصد التقرب بالعمل إلى اللّه الى قضاء حاجاته كذلك الاجير للعبادة يقصد التقرب و يتوسل به الى الاجرة، و الثاني في طول الأول و في كتاب المكاسب للشيخ المحقق الأنصاريّ- رحمه اللّه- تحقيقات أنيقة لا موضع لذكرها.

3679 - وروى الحكم بن مسكين ، عن قتيبة بن الأعشى (1) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني أقرأ القرآن فتهدى إلي الهدية فأقبلها؟ قال : لا ، قلت : إن

ص: 179


1- قتيبة الأعشى من أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام وكان قاريا شيعيا من قراء الكوفة من رواة أبى بكر بن عياش ، وأبو بكر من رواة عاصم ، ذكره النجاشي والشيخ ووثقوه.

لم أشارطه ، قال : أرأيت إن لم تقرأه أكان يهدى لك؟ قال : قلت : لا ، قال : فلا تقبله » (1)

3680 - وروي عن عيسى بن شقفي (2) وكان ساحرا يأتيه الناس ويأخذ على ذلك الاجر قال : « فحججت فلقيت أبا عبد اللّه عليه السلام بمنى فقلت له : جعلت فداك أنا رجل كانت صناعتي السحر وكنت آخذ عليه الاجر وقد حججت ومن اللّه عزوجل علي بلقائك وقد تبت إلى اللّه فهل لي في شئ منه مخرج؟ فقال : نعم حل ولا تعقد » (3).

3681 - وقال الصادق عليه السلام : « من مر ببساتين فلا بأس بأن يأكل من ثمارها ولا يحمل معه منها شيئا » (4).

ص: 180


1- حمله الشيخ على الكراهة ، وروى في الاستبصار ج 3 ص 66 مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المعلم لا يعلم بالاجر ويقبل الهدية إذا أهدى إليه ».
2- في بعض النسخ « عيسى بن سيفي » وفى بعضها « عيسى بن سقفي » وفى الكافي نسخة « عيسى بن شقفى » وعلى كل مهمل مجهول الحال لكن لا يضر جهالته لأنه ليس بر أو للحديث ، إنما يروى عنه رجل آخر ، ففي الكافي عن القمي ، عن أبيه قال : حدثني شيخ من أصحابنا الكوفيين قال : « دخل عيسى بن سقفي على أبى عبد اللّه عليه السلام - وكان ساحرا يأتيه الناس ويأخذ على ذلك الاجر فقال له : جعلت فداك أنا رجل الخ ».
3- ظاهره جواز السحر لدفع السحر ، وحمل على ما إذا كان الحل بغير السحر كالقرآن والذكر وأمثالهما.
4- روى الكليني في الكافي ج 3 ص 569 في الحسن كالصحيح عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بالرجل يمر على الثمرة ويأكل منها ولا يفسد ، قد نهى رسول اللّه (صلی اللّه عليه وآله) أن تبنى الحيطان بالمدينة لمكان المارة ، قال : وكان إذا بلغ نخله أمر بالحيطان فخرقت لمكان المارة » وروى عن أبي الربيع الشامي مثله الا أنه قال : « ولا يفسد ولا يحمل » والنهى عن الافساد والحمل ليسا بقيدين لحلية المأكول بل توجه النهى بهما مستقلا كما هو الظاهر ، وفى الجواز وعدمه اختلاف بين الفقهاء قال الشهيد (رحمه اللّه) في الدروس « اختلفت في الاكل من الثمرة الممرور بها فجوزه الأكثر ، ونقل في الخلاف فيه الاجماع ، ولا يجوز له الحمل ولا الافساد ولا القصد » - انتهى ، ومع نهى مالكه قيل : حرام مطلقا ، و فيه نظر. والرخصة ما دامت الثمرة على الشجرة فلو سقطت على الأرض فالظاهر التحريم لخروجه عن مورد النص ، والذي يستفاد من الاخبار أنه حق ثابت من قبل الشارع للمار نظير الزكاة والخمس المتعلقين بالأموال من دون مدخلية لاذن المالك ورضاه كالوضوء من النهر الكبير والصلاة في الأراضي المتسعة ، ولا مجال للتمسك للحرمة بقاعدة قبح التصرف في مال الغير بغير اذنه ، روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 143 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يمر بالنخل والسنبل والثمر أفيجوز له أن يأكل منها من غير اذن صاحبها من ضرورة أو من غير ضرورة؟ قال : لا بأس ». وعن محمد بن مروان قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أمر بالثمرة فآكل منها؟ قال كل ولا تحمل ، قلت جعلت فداك ان التجار قد اشتروها ونقدوا أموالهم ، قال : اشتروا ما ليس لهم ».

باب 373: الدين والقرض

الدين والقرض(1)

3682 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : تعوذوا باللّه من غلبة الدين ، وغلبة الرجال ، وبوار الأيم » (2).

3683 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال

ص: 181


1- في بعض النسخ « والقروض » وفى بعضها « والقراض ».
2- « غلبة الرجال » ففي المرآة قال النووي : كأنه يريد به هيجان النفس من شدة الشبق واضافته إلى المعمول ، أي يغلبهم ذلك وقال الطيبي : اما أن يكون اضافته إلى الفاعل أي قهر الديان إياه وغلبتهم عليه بالتقاضي وليس له ما يقضى دينه ، أو إلى المفعول بأن لا يكون أحد يعاونه على قضاء ديونه من رجاله وأصحابه - انتهى. أقول : ويحتمل أن يكون المراد به غلبة الجبارين عليه ومظلوميته ، أو غلبة النساء على الرجال ، وقيل : هي العلة الملعونة. وقال ابن الأثير بوار الأيم كسادها ، من بارت السوق إذا كسدت ، والأيم - ككيس التي لا زوج لها وهي مع ذلك لا يرغب فيها ، وروى المصنف في معاني الأخبار ص 343 مسندا عن عبد الملك بن عبد اللّه القمي قال : « سأل أبا عبد اللّه عليه السلام الكاهلي وأنا عنده أكان علي عليه السلام يتعوذ من بوار الأيم؟ فقال نعم ، وليس حيث تذهب إنما كان يتعوذ من الباهات ، والعامة يقولون : بوار الأيم وليس كما يقولون » ، وقبل الأيم كل من الرجل و المرأة إذا فقدا زوجهما.

رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إياكم والدين فإنه شين للدين » (1).

3684 - وقال علي عليه السلام : « إياكم والدين فإنه هم بالليل وذل بالنهار ».

3685 - وقال علي عليه السلام : « إياكم والدين فإنه مذلة بالنهار ، ومهمة بالليل وقضاء في الدنيا ، وقضاء في الآخرة » (2).

3686 - وروي عن معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إنه ذكر لنا أن رجلا من الأنصار مات وعليه ديناران دينا فلم يصل عليه النبي صلى اللّه عليه وآله وقال : صلوا على أخيكم حتى ضمنهما عنه بعض قراباته (3) ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : ذاك الحق ، ثم قال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أنما فعل ذلك ليتعظوا (4) وليرد بعضهم على بعض ، ولئلا يستخفوا بالدين ، (5) وقد مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وعليه دين ، وقتل أمير المؤمنين عليه السلام وعليه دين ، ومات الحسن عليه السلام وعليه دين ، وقتل الحسين عليه السلام وعليه دين ».

3687 - وروي عن موسى بن بكر عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال : « من طلب الرزق من حله فغلب (6) فليستقرض على اللّه عزوجل وعلى رسوله صلى اللّه عليه وآله ».

3688 - وروى الميثمي (7) ، عن أبي موسى قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام :

ص: 182


1- الشين بفتح المعجمة خلاف الزين.
2- « مذلة » اسم مكان من الذل ، وفى القاموس همه الامر هما ومهمة - بفتح الميم والهاء - حزنه كأهمه فاهتم.
3- لعله كان مستخفا بالدين ولا ينوى قضاءه ، أو لم يكن له وجه الدين ومن يؤدى عنه كما يدل غلبه آخر هذا الخبر وغيه من الاخبار. ( المرآة )
4- في بعض النسخ « ليتعاطوا » والتعاطي التناول ، ولعل المراد هنا أن يجرى بين الناس القرض ورده فإنه إذا لم يفت قرض أحد عند أحد يقدم كل أحد على الاقراض بخلاف مألوفات. ( مراد )
5- يفهم منه أن الرجل كان مستخفا بالدين ولا ينوى قضاءه والا فمع عدم التقصير كيف ترك صلى اللّه عليه وآله الصلاة عليه.
6- أي افتقر.
7- الظاهر هو أحمد بن الحسن الميثمي وهو واقفي موثق ، فالطريق إليه صحيح ، و أبو موسى هو عمر بن يزيد الصيقل ظاهرا لروايته عنه في غير مورد وهو ثقة.

« جعلت فداك يستقرض الرجل ويحج؟ قال : نعم ، قلت : يستقرض ويتزوج؟ قال : نعم إنه ينتظر رزق اللّه غدوة وعشية ».

3689 - وروي عن أبي ثمامة (1) كأحمد بن هلال وعمرو بن شمر وأبى جميلة مفضل بن صالح.(2) قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام : « إني أريد أن الازم مكة والمدينة وعلي دين فما تقول؟ قال : ارجع إلى مؤدي دينك (3) وانظر أن تلقى اللّه عزوجل وليس عليك دين فإن المؤمن لا يخون ».

3690 - وقال الصادق عليه السلام : « من كان عليه دين ينوي قضاءه كان معه من اللّه عزوجل حافظان يعينانه على الأداء عن أمانته ، فان قصرت نيته عن الأداء قصرا عنه من المعونة بقدر ما قصر من نيته ».

3691 - وروي عن أبان ، عن بشار عن أبي جعفر عليه السلام قال : « أول قطرة من دم الشهيد كفارة لذنوبه إلا الدين (4) ، فان كفارته قضاؤه ».

3692 - وروى أبو خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أيما رجل أتى رجلا فاستقرض منه مالا وفي نيته ألا يؤديه فذلك اللص العادي » (5).

ص: 183


1- في الكافي « عن أبي تمامة » بالتاء المثناة من فوق. وقال من المشيخة وما كان فيه عن أبي ثمامة فقد رويته عن ماجيلويه ومحمد بن موسى والحسين بن إبراهيم ، عن علي ابن إبراهيم عن أبيه ، عن أبي ثمامة صاحب أبى جعفر الثاني عليه السلام. وقيل عنوان الصدوق لرجل في المشيخة ونقل طريقه إليه مشعر بكونه لا يقصر عن حسن ، وأقول : هذا إذا ما لم ينصوا على ضعفه ، والا فجماعة من المعنونين في المشيخة كانوا ضعفاء
2- وقد قال الوحيد البهبهاني في التعليقة : عده خالي من الحسان. ويحتمل قريبا أن يكون هو أبا تمام الطائي الشاعر و هو من أصحاب أبي جعفر الثاني عليه السلام.
3- في الكافي « ارجع فأده إلى مودى دينك ».
4- أي مع التأخير وامكان الأداء ومطالبة الغريم.
5- أي مثله في العقاب ، ويحتمل حرمة الانتفاع به أيضا الا أن يتوب وينوى الأداء ، ويحتمل لزوم لاستدانة به مرة أخرى لأن العقد الأول كان باطلا لأن العقود تابع للقصود ، ويحتمل الاكتفاء بالنية لأن العقد وقع صحيحا ويجب عليه أداؤه وإن كان آثما بالنية ( م ت ) أقول : أبو خديجة هو سالم بن مكرم والطريق إليه ضعيف بأبي سمينة الصيرفي.

3693 - وروى سماعة بن مهران (1) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل منا يكون عنده الشئ يتبلغ به (2) وعليه دين أيطعمه عياله حتى يأتيه اللّه عزوجل بميسرة فيقضي دينه؟ أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان وشدة المكاسب ، أو يقبل الصدقة (3)؟ فقال : يقضي بما عنده دينه ولا يأكل أموال الناس إلا وعنده ما يؤدي إليهم إن اللّه عزوجل يقول « ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ».

3694 - وروى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « من حبس حق امرئ مسلم وهو يقدر على أن يعطيه إياه مخافة من أنه إن خرج ذلك الحق من يده أن يفتقر ، كان اللّه عزوجل أقدر على أن يفقره منه على أن يغني نفسه بحبسه ذلك الحق (4).

3695 - وروى إسماعيل بن أبي فديك (5) ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : « إن اللّه عزوجل مع صاحب الدين حتى يؤديه ما لم يأخذه مما يحرم عليه » (6).

3696 - وروي عن بريد العجلي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن علي دينا لأيتام وأخاف إن بعت ضيعتي بقيت ومالي شئ ، قال : لا تبع ضيعتك ولكن

ص: 184


1- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 95 في الصحيح عنه.
2- يعنى يتوسل به إلى المعاش ، والبلغة ما يتبلغ من العيش ، وتبلغ بكذا اكتفى به.
3- بميسرة أي سعة ، وضمن الاستقراض معنى الحمل أي حال كونه حاملا ثقل الدين على ظهره ، وفى التهذيب « خيب الزمان » وهو بمعنى الحرمان والخسران ( الوافي ) و قال المولى المجلسي قوله « أو يقبل الصدقة » عطف على « يستقرض » أي إذا أدى دينه مما في يده فلابد من أحد الامرين اما الاستقراض أو قبول الصدقة فكأنه يعتذر لاكل ما في يده فأجاب عليه السلام بأنه يؤدى ولا يستقرض لعدم الوجه بل يتوكل على اللّه ويقبل الصدقة.
4- أي كان قدرة اللّه تعالى على افقار ذلك الحابس أشد من قدرة ذلك الحابس على اغناء نفسه بحبس ذلك الحق فضمير منه راجع إلى الحابس.
5- إسماعيل بن أبي فديك معنون في المشيخة والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان.
6- أي يقصد عدم الأداء أو يكون ثمن محرم أو ربا مثلا. ( م ت )

أعط بعضا وأمسك بعضا » (1).

3697 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « ليس من غريم ينطلق من عنده غريمه راضيا إلا صلت عليه دواب الأرض ونون البحور (2) وليس من غريم ينطلق صاحبه غضبان وهو ملي إلا كتب اللّه عزوجل بكل يوم يحبسه [ أ ] وليلة ظلما » (3).

3698 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد ، (4) عن خضر بن عمرو النخعي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يكون له على الرجل مال فيجحده ، قال : إن استحلفه فليس له أن يأخذ منه بعد اليمين شيئا ، وإن حبسه فليس له أن يأخذ منه شيئا (5) ، وإن تركه ولم يستحلفه فهو على حقه ».

3699 - وروى علي بن رئاب ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه وحلف ، ثم وقع له عندي مال أفآخذه مكان مالي الذي أخذه وأحلف عليه كما صنع هو؟ فقال : إن خانك فلا تخنه ، ولا

ص: 185


1- أي مع رخصة الولي أو أنه عليه السلام رخص لولايته العامة. ويستفاد من الخبر جواز التأخير مع الضرورة. وفى الكافي ج 5 ص 96 « ان على دينا وأظنه قال ، لا يتام ».
2- لم أجده من طريقنا ، ورواه البيهقي في شعب الايمان عن خولة بنت قيس بن فهد النجارية امرأة حمزة بن عبد المطلب ، وقوله « صلت عليه دواب الأرض » أي دعت له بالمغفرة ، والمراد بنون البحار حيتانها.
3- في شعب الايمان « ولا غريم يلوى غريمه وهو يقدر الا كتب اللّه عليه في كل يوم وليلة اثما ».
4- واقفي موثق والطريق إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم رواه عن ابن أبي عمير عنه كما في الكافي وخضر بن عمر ومجهول.
5- جملة « وان حبسه فليس له أن يأخذ منه شيئا » ليست في الكافي والتهذيب ولعلها من الراوي مؤكدة لما سبق أي إذا حبسه باليمين فلا يأخذ شيئا بعد ذلك. وفى بعض النسخ « فإذا احتسبه » من الاحتساب أي ان قال : أمرك إلى اللّه أو أنت مع اللّه أو ترك الحلف تعظيما لله فحينئذ ليس له المطالبة لكن الأصحاب لم يذكروا غير اليمين في الاسقاط بل اختلفوا في اليمين فبعضهم ذهب إلى أنه لا يسقط الا بشرط الاسقاط.

تدخل فيما عبته عليه » (1).

3700 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « الرجل يكون لي عليه حق فيجحدنيه ، ثم يستودعني مالا ألي أن آخذ مالي عنده؟ قال : لا ، هذه الخيانة » (2).

3701 - وروى زيد الشحام قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : « من ائتمنك بأمانة فأدها إليه ، ومن خانك فلا تخنه ».

3702 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل كان له على رجل مال فجحده إياه وذهب به منه ، ثم صار إليه بعد ذلك منه (3) للرجل الذي ذهب بماله مال مثله أيأخذه مكان ماله الذي ذهب به منه؟ قال : نعم ، يقول : « اللّهم إني إنما آخذ هذا مكان مالي الذي أخذه مني » (4).

3703 - وفي خبر آخر ليونس بن عبد الرحمن ، عن أبي بكر الحضرمي مثله ، إلا أنه قال يقول : « اللّهم إني لم آخذ ما أخذت منه خيانة ولا ظلما ولكني أخذته مكان حقي » (5).

3704 - وفي خبر آخر : « إن استحلفه على ما أخذ منه فجائز له أن يحلف

ص: 186


1- يدل على عدم جواز المقاصة بعد الاحلاف كما هو المشهور بين الأصحاب ، بل لا نعلم فيه مخالفا الا أن يكذب المنكر نفسه بعد ذلك. ( المرآة ) وطريق المصنف إلى علي بن رئاب صحيح وهو ثقة.
2- الطريق إلى معاوية بن عمار صحيح ، ولعله محمول على الحلف أو ضرب من الكراهة لورود أخبار في الجواز راجع التهذيب ج 2 ص 105 والاستبصار ج 52 و 53.
3- يعنى بعد صدور الجحد منه.
4- قال في الدروس : تجوز المقاصة المشروعة في الوديعة على كراهة وينبغي أن يقول ما في رواية أبى بكر الحضرمي. ( المرآة )
5- المطلوب اما التكلم بتلك العبارات أو القصد إلى تلك المعاني ، ويؤيد الأخير اختلاف العبارات المنقولة والأحوط التكلم بإحديها والأولى الجمع ( م ت ) أقول : يمكن أن يقال : المقصود قصد القصاص ليمتاز عن السرقة.

إذا قال هذه الكلمة ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذه الأخبار متفقة المعاني غير مختلفة ، وذلك أنه متى حلفه على ماله فليس له أن يأخذ منه بعد ذلك شيئا.

3705- لقول النبي صلى اللّه عليه وآله : « من حلف باللّه فليصدق ، ومن حلف له باللّه فليرض ، ومن لم يرض فليس من اللّه [ في شئ ] ».

وإن حلف من غير أن يحلفه ثم طالبه بحقه أو أخذ منه أو مما يصير إليه من ماله لم يكن بداخل في النهي ، وكذلك إن استودعه مالا فليس له أن يأخذ منه شيئا لأنها أمانة ائتمنه عليها فلا يجوز له أن يخونه كما خانه ، ومتى لم يحلفه على ماله ولم يأتمنه على أمانة ، وإنما صار إليه له مال أو وقع عنده فجائز له أن يأخذ منه حقه بعد أن يقول ما أمر به مما قد ذكرته ، فهذا وجه اتفاق هذه الأخبار ، ولا حول ولا قوة إلا باللّه (1).

3706 - وقد روى محمد بن أبي عمير ، عن داود بن زربي قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « إني أعامل قوما فربما أرسلوا إلي فأخذوا مني الجارية والدابة فذهبوا بها مني ، ثم يدور لهم المال عندي فآخذ منه بقدر ما أخذوا مني؟ فقال : خذ منهم بقدر ما أخذوا منك ولا تزد عليه ».

3707 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هذيل بن حنان أخي جعفر بن حنان الصيرفي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني دفعت إلى أخي جعفر مالا فهو يعطيني ما أنفقه وأحج منه وأتصدق ، وقد سألت من عندنا فذكروا أن ذلك فاسد لا يحل وأنا أحب أن انتهي في ذلك إلى قولك ، فقال : أكان يصلك قبل أن تدفع إليه مالك؟ قلت : نعم ، قال : خذ منه ما يعطيك وكل واشرب وحج وتصدق فإذا قدمت العراق

ص: 187


1- لو كانت الاخبار ما ذكر فقط لكان الجمع حسنا لكن وردت أخبار في جواز التقاص من الأمانة أيضا الا أن تحمل على الأمانة المالكية دون الشرعية لكن فيها ما يدل على جواز التقاص في الأمانة المالكية أيضا كما في خبر شهاب ( الذي رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 105 ) فالجمع بالكراهة والجواز أحسن كما فعله المتأخرون. ( م ت )

فقل : جعفر بن محمد أفتاني بهذا » (1).

3708 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل ينزل على الرجل وله عليه دين أيأكل من طعامه؟ فقال : نعم يأكل من طعامه ثلاثة أيام ولا يأكل بعد ذلك شيئا » (2).

3709 - وقال الصادق عليه السلام : « في قول اللّه عزوجل : « لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس « فقال : يعني بالمعروف القرض » (3).

3710 - وروي عن الصباح بن سيابة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن عبد اللّه بن أبي يعفور أمرني أن أسألك ، قال : إنا نستقرض الخبز من الجيران فنرد أصغر منه أو أكبر ، فقال عليه السلام : نحن نستقرض الجوز الستين والسبعين عددا فيكون فيه الصغيرة والكبيرة فلا بأس » (4).

3711 - قال أبو جعفر عليه السلام : « من أقرض قرضا إلى ميسرة كان ماله في زكاة وكان هو في صلاة من الملائكة عليه حتى يقبضه » (5).

3712 - وروى إسماعيل بن مسلم عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام أنه كان يقول : « إذا كان على الرجل دين ثم مات حل الدين » (6).

ص: 188


1- يدل على أن القرض إذا جر نفعا بدون أن يكون فيه شرط الربح لا بأس به.
2- رواه الكليني بسند موثق.
3- رواه الكليني ج 4 ص 34 في الحسن كالصحيح.
4- الظاهر أن الخبز في بعض البلاد من المعدود فالرخصة بهذا الاعتبار ، أو لأنه لما كان التفاوت يسيرا ، بل كانوا يزنون العجين غالبا فلذا جوز ( م ت ) ولعله محمول على ما إذا لم يعلم التفاوت والا فيعتبر الوزن.
5- رواه الكليني ج 3 ص 558 باب القرض انه حمى الزكاة بسند ضعيف ، وقوله « إلى ميسرة » أي إلى وقت يصير ذا يسر. وقوله « يقبضه » في بعض النسخ والكافي « يقضيه ».
6- مروى مسندا في التهذيب ج 2 ص 60 وفيه « إذا كان على الرجل دين إلى أجل ومات الرجل حل الدين » ووجهه أن الميت لا ذمة له.

3713 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا مات الميت حل ماله وما عليه » (1).

3714 - وروى الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يموت وعليه دين فيضمنه ضامن للغرماء؟ قال : إذا رضي به الغرماء فقد برئت ذمة الميت ».

3715 - وروى إبراهيم بن عبد الحميد ، عن الحسن بن خنيس قال قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن لعبد الرحمن بن سيابة دينا على رجل وقد مات فكلمناه أن يحلله فأبى ، قال : ويحه أما يعلم أن له بكل درهم عشرة إذا حلله ، وإذا لم يحلله فإنما له درهم بدل درهم » (2).

3716 - وروى السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « أتى رجل عليا عليه السلام فقال : إني كسبت مالا أغمضت في طلبه حلالا وحراما (3) فقد أردت التوبة ولا أدري الحلال منه ولا الحرام فقد اختلط علي فقال علي عليه السلام : أخرج خمس مالك فإن اللّه عزوجل قد رضي من الانسان بالخمس وسائر المال كله لك حلال » (4).

3717 - وروى أبو البختري وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قضى علي عليه السلام في رجل مات وترك ورثة فأقر أحد الورثة بدين على أبيه

ص: 189


1- مروى في الكافي ج 5 ص 95 بسند مرسل مجهول كما في التهذيب عن أبي بصير ، وفى الدروس : يحل الديون المؤجلة بموت الغريم ولو مات المدين لم يحل الا على رواية أبي بصير. واختاره الشيخ والقاضي والحلبي وحكى عن أبي الصلاح وابن البراج. والمشهور عدم العمل به بالنظر إلى ماله وما تقدم يدل على حلول ما عليه دون ماله ، فالأحوط بالنظر إلى المديون أن يؤدى لانتقال المال إلى الورثة ، وقيل : يمكن الحمل على الاستحباب.
2- تقدم تحت رقم 174 ورواه الكليني ج 4 ص 36.
3- أي ما لاحظت الحرام والحلال في تحصيله أو تساهلت في أحكام البيع والشراء فخلطت الحلال بالحرام.
4- تقدم نحوه تحت رقم 1655 ، وحمل على مجهولية قدر المال وصاحبه ، ومصرفه مصرف الصدقات لا مصرف الخمس كما ذهب إليه بعض.

أنه يلزمه ذلك في حصته بقدر ما ورث ، ولا يكون ذلك في ماله كله (1) ، فإن أقر اثنان من الورثة وكانا عدلين أجيز ذلك على الورثة ، وإن لم يكونا عدلين الزما في حصتهما بقدر ما ورثا ، وكذلك إن أقر بعض الورثة بأخ أو أخت إنما يلزمه في حصته ، وقال علي عليه السلام (2) : من أقر لأخيه فهو شريك في المال ولا يثبت نسبه ، وإذا أقر اثنان فكذلك إلا أن يكونا عدلين فيلحق نسبه ويضرب في الميراث معهم ».

3718 - وروى إبراهيم بن هاشم « أن محمد بن أبي عمير - رضي اللّه عنه – كان رجلا بزازا فذهب ماله وافتقر وكان له على رجل عشرة آلاف درهم ، فباع دارا له كان يسكنها بعشرة آلاف درهم وحمل المال إلى بابه ، فخرج إليه محمد بن أبي عمير فقال : ما هذا؟ قال : هذا مالك الذي لك علي ، قال : ورثته؟ قال : لا ، قال : وهب لك؟ قال : لا ، قال : فقال ، فهو ثمن ضيعة بعتها؟ قال : لا ، قال : فما هو؟ قال : بعت داري التي أسكنها لأقضي ديني ، فقال محمد بن أبي عمير - رضي اللّه عنه - : حدثني ذريح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا يخرج الرجل عن مسقط رأسه بالدين « إرفعها فلا حاجة لي فيها ، واللّه إني محتاج في وقتي هذا إلى درهم وما يدخل ملكي منها درهم » (3).

وكان شيخنا محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه - يروي أنها إن كانت الدار واسعة يكتفى صاحبها ببعضها فعليه أن يسكن منها ما يحتاج إليه ويقضي ببقيتها دينه ، وكذلك إن كفته دار بدون ثمنها باعها واشترى بثمنها دارا ليسكنها ويقضي

ص: 190


1- ظاهره أنه يؤدى بنسبة نصيبه من جميع المال فيكون قوله « كله » تأكيدا لقوله « ذلك » وفى التهذيب ج 2 ص 379 كما في المتن وفى ص 63 منه « ذلك كله في ماله » وهو صريح ، ويمكن أن يكون المراد أنه لا يلزمه باقراره أكثر مما ورث فيكون « كله » مجرورا تأكيدا لقوله « ماله ».
2- تتمة لحديث وهب كما يظهر من التهذيب.
3- لعله مع رضا المدين لم يحرم القبول لكنه - رحمه اللّه - لم يقبل لكثرة ورعه.

بباقي الثمن دينه (1).

3719 - وكتب يونس بن عبد الرحمن إلى الرضا عليه السلام « أنه كان لي على رجل عشرة دراهم وإن السلطان أسقط تلك الدراهم وجاء بدراهم أعلى من تلك الدراهم وفي تلك الدراهم الأولى اليوم وضيعة فأي شئ لي عليه ، الدراهم الأولى التي أسقطها السلطان؟ أو الدراهم التي أجازها السلطان؟ فكتب : لك الدراهم الأولى ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : كان شيخنا محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه - يروي حديثا في أن له الدراهم التي تجوز بين الناس (2).

والحديثان متفقان غير مختلفين فمتى كان للرجل على الرجل دراهم بنقد معروف فليس له إلا ذلك النقد ، ومتى كان له على الرجل دراهم بوزن معلوم بغير نقد معروف فإنما له الدراهم التي تجوز بين الناس.

باب 374: التجارة وآدابها وفضلها وفقهها

اشارة

3720 - قال الصادق عليه السلام : « التجارة تزيد في العقل » (3).

ص: 191


1- في التهذيب ج 2 ص 62 باسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة قال : « سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام وسئل عن رجل عليه دين وله نصيب في دار وهي تغل غلة ، فربما بلغت غلتها قوته وربما لم يبلغ حتى يستدين فان هو باع الدار وقضى دينه بقي لا دار له ، فقال إن كان في داره ما يقضى به دينه ويفضل منها ما يكفيه وعياله فليبع الدار والا فلا ».
2- لعل المراد من الحديث ما رواه الكليني ج 5 ص 252 في الموثق عن يونس قال « كتبت إلى أبى الحسن الرضا عليه السلام أن لي على رجل ثلاثة آلاف درهم وكانت تلك الدراهم تنفق بين الناس تلك الأيام وليست تنفق اليوم فلي عليه تلك الدراهم بأعيانها أو ما ينفق اليوم بين الناس؟ قال : فكتب إلى لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس كما أعطيته ما ينفق بين الناس » يعنى بقيمة الدراهم الأولى ما ينفق بين الناس قاله الشيخ في الاستبصار رفعا للتنافي وقال : لأنه يجوز أن تسقط الدراهم الأولى حتى لا يكاد تؤخذ أصلا فلا يلزمه أخذها وهولا ينفع بها وإنما له قيمة دراهمه الأولة وليس له المطالبة بالدراهم التي تكون في الحال.
3- المراد بالعقل المكتسب وهو عقل المعاش.

3721 - وقال الصادق عليه السلام : « ترك التجارة مذهبة للعقل » (1).

3722 - وروي عن المعلى بن خنيس أنه قال : « رآني أبو عبد اللّه عليه السلام وقد تأخرت عن السوق ، فقال لي : اغد إلى عزك » (2).

3723 - وروي عن روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه » قال : كانوا أصحاب تجارة فإذا حضرت الصلاة تركوا التجارة وانطلقوا إلى الصلاة ، وهم أعظم أجرا ممن لم يتجر ».

3724 - وروى هارون بن حمزة ، عن علي بن عبد العزيز قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « ما فعل عمر بن مسلم (3)؟ قلت : جعلت فداك أقبل على العبادة وترك التجارة فقال : ويحه أما علم أن تارك الطلب لا يستجاب له دعوة؟! أن قوما من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لما نزلت : « ومن يتق اللّه يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب « أغلقوا الأبواب وأقبلوا على العبادة وقالوا : قد كفينا ، فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فأرسل إليهم فقال : ما حملكم على ما صنعتم؟! قالوا : يا رسول اللّه تكفل اللّه عزوجل بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة فقال : إنه من فعل ذلك لم يستجب اللّه له ، عليكم بالطلب ، ثم قال : إني لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربه يقول : ارزقني و يترك الطلب ».

3725 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « اتجروا بارك اللّه لكم ، فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : إن الرزق عشرة أجزاء تسعة في التجارة وواحد في غيرها » (4).

ص: 192


1- ذلك لمن كان مشتغلا بها ثم تركها ويحتمل الأعم وفى الكافي « ترك التجارة ينقص العقل ».
2- أي إلى ما هو سبب لعزك.
3- الظاهر أنه أخو معاذ بن مسلم الهراء كما ذكره البهبهاني في التعليقة.
4- روى سعيد بن منصور في سننه - على ما في الجامع الصغير - عن نعيم بن عبد الرحمن الأزدي عنه صلى اللّه عليه وآله قال : « تسعة أعشار الرزق في التجارة والعشر في المواشي » وفى رواية بدل المواشي « السائمات » وقال الزمخشري وهي الناج فمرجعهما واحد.

3726 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « تعرضوا للتجارة فإن فيها لكم غنى عما في أيدي الناس » (1).

3727 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تدعوا التجارة فتهونوا (2) اتجروا بارك اللّه لكم » روى ذلك شريف بن سابق التفليسي عن الفضل بن أبي قرة السمندي.

3728 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ، ثم ارتطم ، فلا يقعدن في السوق إلا من يعقل الشراء والبيع » (3).

3729 - و « كان علي عليه السلام (4) بالكوفة يغتدي كل بكرة فيطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا ، ومعه الدرة على عاتقه ، وكان لها طرفان ، وكانت تسمى السبيبة (5) قال : فيقف على أهل كل سوق فيناديهم : يا معشر التجار (6) قدموا الاستخارة وتبركوا بالسهولة (7) واقتربوا من المبتاعين ، وتزينوا بالحلم ، وتجافوا عن

ص: 193


1- رواه الكليني ج 5 ص 149 مسندا.
2- من الهون وهو من قبيل لا تكفر تدخل الجنة ، وفى بعض النسخ « فتمونوا » على صيغة المفعول من التفعيل والتمون كثرة النفقة.
3- ارتطم في الوحل أي وقع فيه وقوعا لا يقدر معه على الخروج منه. والخبر رواه الكليني بسند لا يقصر عن القوى.
4- رواه الكليني ج 5 ص 151 بسند حسن ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام - الخ.
5- الدرة - بالكسر السوط الذي يضرب به ولعل تسميتها بالسبيبة لكونها متخذة من السب وهو بالكسر جلد البقر المدبوغ بالقرظ يتخذ منها النعال ( المرآة ) وفى الصحاح « السب بكسر السين : شقة كتان رقيقة ، والسبيبة - بالفتح - مثله »
6- في الكافي « فينادى : يا معشر التجار اتقوا اللّه عزوجل ، فإذا سمعوا صوته عليه السلام ألقوا ما بأيدهم وارعوا إليه بقلوبهم وسمعوا بأذانهم فيقول عليه السلام : قدموا الاستخارة « - الخ ».
7- أي اطلبوا الخير من اللّه في أوله ، وابتغوا البركة أيضا منه بالسهولة في البيع والشراء أي بكونكم سهل البيع والشراء والقضاء والاقتضاء ، « واقتربوا من المبتاعين » أي بالكلام الحسن والبشاشة وحسن الخلق ، أولا تغالوا في الثمن ليوجب تنفر المشترى. وزاد في الكافي بعد قوله « بالحلم » « وتناهوا عن اليمين ، وجانبوا الكذب ».

الظلم ، وأنصفوا المظلومين ، ولا تقربوا الربا ، وأوفوا الكيل والميزان ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ، ولا تعثوا في الأرض مفسدين (1) ، قال : فيطوف في جميع أسواق الكوفة ثم يرجع فيقعد للناس ».

3730 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (2) : « من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشترين ولا يبيعن : الربا ، والحلف ، وكتمان العيوب ، والمدح إذا باع والذم إذا اشترى » (3).

3731 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « يا معشر التجار ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق ، تبعثون يوم القيامة فجارا إلا من صدق حديثه ».

3732 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « التاجر فاجر والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطى الحق ».

3733 - وقال عليه السلام : « يا معشر التجار صونوا أموالكم بالصدقة (4) تكفر عنكم ذنوبكم وأيمانكم التي تحلفون فيها تطيب لكم تجارتكم ».

3734 - وروي عن الأصبغ بن نباتة قال : « سمعت عليا عليه السلام يقول على المنبر :

ص: 194


1- هذه الجمل مقتبسة من كتاب اللّه العزيز سورة الأعراف : 85.
2- مروى في الكافي ج 5 ص 150 مسندا عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن جده صلى اللّه عليه وآله.
3- أما تحريم الربا والحلف على الكذب فواضح ولا خلاف فيه وأما الحلف على الصدق فالمشهور كراهته وكذا مدح البايع وذم المشترى ان لم يشتملا على الكذب ، وأما كتمان العيب فحرام على الأشهر ويكون له الخيار فيما يطلع عليه وفيما لم يمكن الاطلاع عليه كمزج اللبن بالماء فحرام بلا خلاف.
4- أي أحفظوا ، وفى بعض النسخ « شوبوا أموالكم بالصدقة ».

يا معشر التجار الفقه ثم المتجر ، الفقه ثم المتجر (1) ، واللّه للربا في هذه الأمة دبيب أخفى من دبيب النمل على الصفا ، صونوا أموالكم بالصدقة (2) ، التاجر فاجر ، والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطي الحق ».

3735 - وروى حفص بن البختري ، عن الحسين بن المنذر قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « دفعت إلي امرأتي مالا أعمل به ما شئت فأشتري من مالها الجارية أطأها؟ قال : لا إنما دفعت إليك لتقر عينها وأنت تريد أن تسخن عينها » (3).

3736 - وروى عثمان بن عيسى ، عن ميسر (4) قال : قلت له : « يجيئني الرجل فيقول : تشتري لي؟ فيكون ما عندي خيرا من متاع السوق ، قال : إن أمنت ألا يتهمك فأعطه من عندك ، وإن خفت أن يتهمك فاشتر له من السوق ».

3737 - وروى إسماعيل بن مسلم عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : « أنزل اللّه تعالى على بعض أنبيائه عليهم السلام للكريم فكارم (5) وللسمح فسامح ، وللشحيح

ص: 195


1- المتجر مصدر ميمي بمعنى التجارة.
2- مروى في الكافي ج 5 ص 150 وفيه « شوبوا أيمانكم بالصدق » وفى بعض نسخ الفقيه « شوبوا أموالكم بالصدقة » والشوب الخلط.
3- في المحكى عن الدروس أنه لو ملكته مالا كره التسري ، ويحتمل كراهية جعله صداقا الا باذنها ، وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 105 في الصحيح عن هشام وغيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل تدفع إليه امرأته المال فتقول له : اعمل ما شئت أله أن يشترى الجارية يطأها؟ قال : ليس له ذلك » ، وذلك لان القرينة قائمة على أن هذا خارج عن المأذون ، ويمكن حملها على الكراهة ( كذا في هامش التهذيب ».
4- عثمان بن عيسى ممن توقف العلامة فيما ينفرد به لكن صحح طريق الصدوق إلى معاوية بن شريح وهو فيه ، وحسن طريقه إلى سماعة وهو فيه أيضا ، وأما ميسر بن عبد العزيز فهو ممدوح بل ثقة.
5- أي إذا عاملت مع الكريم فعامله بالكرم. ويطلق الكرم على الجود والتعظيم و شرف النفس وعلى الأخلاق الحسنة والكل مناسب. ( م ت )

فشاحح ، وعند الشكس فالتو » (1).

3738 - وقال علي عليه السلام : « سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول : السماح وجه من الرباح - قال عليه السلام ذلك لرجل يوصيه ومعه سلعة يبيعها - »(2).

3739 - و « مر علي عليه السلام على جارية قد اشترت لحما من قصاب وهي تقول : زدني ، فقال له علي عليه السلام : زدها فإنه أعظم للبركة » (3).

3740 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إن اللّه تبارك وتعالى يحب العبد يكون سهل البيع ، سهل الشراء ، سهل القضاء ، سهل الاقتضاء » (4).

3741 - وقال الصادق عليه السلام : « أيما مسلم أقال مسلما ندامة في البيع أقاله اللّه عثرته يوم القيامة » (5).

3742 - وقال علي عليه السلام : « مر النبي صلى اللّه عليه وآله على رجل ومعه سلعة يريد بيعها فقال : عليك بأول السوق ».

3743 - وقال عليه السلام : « صاحب السلعة أحق بالسوم » (6).

3744 - و « نهى صلى اللّه عليه وآله عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ». (7)

ص: 196


1- رجل شكس - ككتف - أن صعب الخلق ، والتوى رأسه أمال وأعرض.
2- رواه الكليني ج 5 ص 152 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله هكذا : « السماحة من الرباح » وفى النهاية المسامحة المساهلة ، ومنه الحديث المشهور « السماح رباح » أي المساهلة في الأشياء يربح صاحبها ، وفى القاموس الرباح - كسحاب - اسم ما يربح.
3- مروى في الكافي بالسند المذكور سابقا.
4- يعنى سهل القضاء للدين الذي عليه. وسهل الاقتضاء للدين الذي له على غيره.
5- الإقالة : فسخ البيع بعد لزومه ، والخبر رواه الكليني ج 5 ص 153 عن أبي حمزة عنه عليه السلام.
6- المراد أن البايع أحق بالمساومة والابتداء بالسعر كما فهمه الشهيد - رحمه اللّه - أو أحق بتسعير ثمن المتاع من المشترى أو الوكيل ، والخبر مروى في الكافي باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
7- مروى في الكافي بسند مرفوع وحمل على الكراهة.

3745 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « ماكس المشتري فإنه أطيب للنفس وإن أعطى الجزيل ، (1) فإن المغبون في بيعه وشرائه غير محمود ولا مأجور ».

3746 - وقال عليه السلام : « لا تماكس في أربعة أشياء : في الأضحية ، وفي الكفن ، وفي ثمن نسمة ، وفي الكرى إلى مكة » (2).

3747 - وكان علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام يقول لقهرمانه : « إذا أردت أن تشتري لي من حوائج الحج شيئا فاشتر ولا تماكس ، وروى ذلك زياد القندي عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام ».

الوفاء والبخس

الوفاء والبخس(3)

3748 - وروى ميسر ، عن حفص (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « رجل من نيته الوفاء وهو إذا كال لم يحسن أن يكيل ، فقال : ما يقول الذين حوله؟ قال : قلت يقولون : لا يوفي ، قال : هو ممن لا ينبغي له أن يكيل » (5).

3749 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من أخذ الميزان بيده فنوى أن يأخذ لنفسه وافيا لم يأخذه إلا راجحا ، ومن أعطى فنوى أن يعطي

ص: 197


1- لعل المراد بالمماكسة المنع من التفريط الموجب للغبن فلا ينافي استحباب المساهلة أي ترك الافراط ، فالمراد بالجزيل الجزيل في نفسه لا بالنسبة إلى السلعة. ( سلطان )
2- رواه المؤلف في الخصال باب الأربعة في حديث مرفوع عن أبي جعفر عليه السلام ، وحمل على الكراهة لما روى عن رجل يسمى سوادة قال « كنا جماعة بمنى فعزت الأضاحي فنظرنا فإذا أبو عبد اللّه صلوات اللّه عليه واقف على قطيع يساوم بغنم ويماكسهم مكاسا شديدا فوقفنا ننتظر فلما فرغ أقبل علينا فقال : أظنكم قد تعجبتم من مكاسى؟ فقلنا : نعم ، فقال : ان المغبون لا محمود ولا مأجور ». والمماكسة في البيع : التناقص في الثمن.
3- العنوان زيادة منا.
4- رواه الكليني مسندا عن مثنى الحناط عن بعض أصحابنا عنه عليه السلام.
5- ظاهره كراهة تعرض الكيل والوزن لمن لا يحسنها كما ذكره الأصحاب ، ويحتمل عدم الجواز لوجوب العلم بإيفاء الحق. ( المرآة )

سواء لم يعط إلا ناقصا » (1).

3750 - وروى حماد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يكون الوفاء حتى يميل اللسان » (2).

3751 - وفي خبر آخر : « لا يكون الوفاء حتى يرجح » (3).

3752 - وروي عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « آخذ الدراهم من الرجل فأزنها ثم أفرقها ويفضل في يدي منها فضل ، قال : أليس تحرى الوفاء؟ قلت : بلى ، قال : لا بأس » (4).

[ العربون ]

[ العربون ] (5)

3753 - وروى وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام كان يقول : « لا يجوز العربون إلا أن يكون نقدا من الثمن » (6).

ص: 198


1- الحاصل أنه ينبغي نية اعطاء الزيادة حتى يحصل الوفاء والا فالنفس مائلة إلى أخذ الراجح واعطاء الناقص ، فينخدع من نفسه ذلك كثيرا ، والمحكى عن دروس الشهيد استحباب قبض الناقص واعطاء الراجح.
2- في الكافي ج 5 ص 159 « حتى يميل الميزان » وظاهره الوجوب من باب المقدمة ويمكن أن يكون المراد بالوفاء الوفاء الكامل فيحمل على الاستحباب ، ولكن لا ينبغي ترك العمل بظاهر الخبر.
3- مروى في الكافي بسند حسن كالصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام. وفى القاموس رجح الميزان : مال ورجح - من باب التفعيل - أعطاه راجحا.
4- لأنه يمكن أن يكون حصول الفضل من مسامحة الطرف فإنه مستحبة من الطرفين.
5- العنوان زيادة منا.
6- قال في النهاية : « العربان - بفتح العين والراء - هو أن تشترى السلعة وتدفع إلى صاحبها شيئا على أنه ان أمضى البيع حسب من الثمن وان لم يمض كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشترى ، يقال : أعرب في كذا وعرب وعربن وهو عربان - كقربان - وعربون - كعرجون - وعربون ، قيل سمى بذلك لان فيه اعرابا لعقد البيع ، أي اصلاحا وإزالة فساد لئلا يملكه غيره باشترائه وهو بيع باطل عند الفقهاء لما فيه من الشرط والغرر وأجازه أحمد وروى عن ابن عمر اجازته وحديث النهى منقطع » ، وقال في المختلف : قال ابن الجنيد : العربون من الثمن ولو شرط المشترى للبايع أنه ان جاء بالثمن والا فالعربون له كان ذلك عوضا عما عنه من النفع والتصرف في سلعته ، والمعتمد أن يكون من جملة الثمن فان امتنع المشترى من دفع الثمن وفسخ البايع البيع وجب عليه رد العربون للأصل ولرواية وهب.

باب 375: السوق

3754 - قال أمير المؤمنين عليه السلام : « جاء أعرابي من بني عامر إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فسأله عن شر بقاع الأرض وخير بقاع الأرض ، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : شر بقاع الأرض الأسواق وهي ميدان إبليس يغدو برايته ويضع كرسيه ويبث ذريته فبين مطفف في قفيز ، أو طايش في ميزان (1) ، أو سارق في ذرع ، أو كاذب في سلعة ، فيقول : عليكم برجل مات أبوه (2) وأبوكم حي فلا يزال مع ذلك أول داخل وآخر خارج (3) ثم قال عليه السلام : وخير البقاع المساجد ، وأحبهم إلى اللّه عزوجل أولهم دخولاً وآخرهم خروجا منها ».

3755 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل ».

باب 376: ثواب الدعاء في الأسواق

3756 - روى عاصم بن حميد ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من دخل سوقا أو مسجد جماعة فقال مرة واحدة : « أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده

ص: 199


1- الطيش الخفة.
2- أي يقول الشيطان لذريته : عليكم باغواء رجل من أبناء آدم أبى البشر وهو ميت لا يعاون أولاده وأنا أبوكم أعاونكم على اغواء بني آدم.
3- أي فلا يزال الشيطان مع هذا القول أول داخل في السوق وآخر خارج منه.

لا شريك له ، واللّه أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان اللّه بكرة وأصيلا ، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم وصلى اللّه على محمد وآله « عدلت له حجة مبرورة ».

3754 - وروى عبد اللّه بن حماد الأنصاري ، عن سدير قال : قال أبو جعفر عليه السلام « يا أبا الفضل أمالك في السوق مكان تقعد فيه تعامل الناس؟ قال : قلت : بلى ، قال : إعلم أنه ما من رجل يغدو ويروح إلى مجلسه وسوقه فيقول حين يضع رجله في السوق » اللّهم إني أسألك خيرها وخير أهلها ، وأعوذ بك من شرها وشر أهلها « إلا وكل اللّه عزوجل به من يحفظه ويحفظ عليه حتى يرجع إلى منزله فيقول له : قد أجرتك من شرها وشر أهلها يومك هذا ، فإذا جلس مكانه حين يجلس فيقول : « أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى اللّه عليه وآله ، اللّهم إني أسألك من فضلك حلالا طيبا ، وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم ، وأعوذ بك من صفقة خاسرة ويمين كاذبة « فإذا قال ذلك قال الملك الموكل : أبشر فما في سوقك اليوم أحد أوفر نصيبا منك وسيأتيك ما قسم اللّه لك موفرا حلالا طيبا مباركا فيه ».

3758 - وروي « أن من ذكر اللّه عزوجل في الأسواق غفر اللّه له بعدد ما فيها من فصيح وأعجم - والفصيح ما يتكلم ، والأعجم ما لا يتكلم - ».

3759 - وقال الصادق عليه السلام : من ذكر اللّه عزوجل في الأسواق غفر له بعدد أهلها ».

باب 377: الدعاء عند شراء المتاع للتجارة

3760 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : قال أحدهما عليهما السلام : « إذا اشتريت متاعا فكبر اللّه ثلاثا ثم قل : « اللّهم إني اشتريته ألتمس فيه من خيرك فاجعل لي فيه خيرا ، اللّهم إني اشتريته ألتمس فيه من فضلك فاجعل لي فيه فضلا ، اللّهم إني اشتريته ألتمس فيه من رزقك فاجعل لي فيه رزقا » ثم أعد كل واحدة منها

ص: 200

ثلاث مرات ».

3761 - و « كان الرضا عليه السلام يكتب على المتاع بركة لنا » (1).

باب 378: الدعاء عند شراء الحيوان

3762 - روى عمر بن إبراهيم عن أبي الحسن عليه السلام قال : « من اشترى دابة فليقم من جانبها الأيسر ويأخذ ناصيتها بيده اليمنى ويقرأ على رأسها فاتحة الكتاب وقل هو اللّه أحد ، والمعوذتين ، وآخر الحشر ، وآخر بني إسرائيل قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرحمن « وآية الكرسي فإن ذلك أمان تلك الدابة من الآفات ».

3763 - وروى ابن فضال ، عن ثعلبة [ بن ميمون ] عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا اشتريت جارية فقل : « اللّهم إني أستشيرك وأستخيرك » (2) وإذا اشتريت دابة أو رأسا فقل « اللّهم قدر لي أطولهن حياة ، وأكثرهن منفعة ، وخيرهن عاقبة ».

باب 379: الشرط والخيار في البيع

3764 - روى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري فهو بالخيار فيها إن اشترط أو لم يشترط » (3).

3765 - وقال عليه السلام (4) : أيما رجل اشترى من رجل بيعا فهما بالخيار حتى

ص: 201


1- أي هو بركة لنا أو ألتمس البركة فيه.
2- إلى هنا في الكافي من حديث ثعلبة بن ميمون عن هذيل عن الصادق عليه السلام.
3- يدل على ثبوت الخيار في الحيوان ثلاثة أيام وعلى أنه مخصوص بالمشترى ، ولا خلاف في ثلاثة أيام لكل حيوان الا أن أبا الصلاح قال : خيار الأمة مدة الاستبراء ، والمشهور عدم هذا الخيار للبايع وخالف فيه السيد المرتضى وذهب إلى ثبوته للبايع أيضا.
4- مروى في الكافي بسند حسن كالصحيح عن الحلبي عنه عليه السلام.

يفترقا ، فإذا افترقا فقد وجب البيع » (1).

3766 - وقال عليه السلام « في رجل اشترى من رجل عبدا أو دابة وشرط يوما أو يومين فمات العبد أو نفقت الدابة (2) أو حدث فيه حدث على من الضمان؟ قال : لا ضمان على المبتاع حتى ينقضي الشرط ويصير المبيع له » (3).

3767 - وروى إسحاق بن عمار عن العبد الصالح عليه السلام قال : « من اشترى بيعا ومضت ثلاثة أيام ولم يجئ فلا بيع له » (4).

3768 - وروى عبد اللّه بن سنان (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المسلمون عند شروطهم ، إلا كل شرط خالف كتاب اللّه عزوجل فلا يجوز » (6).

3769 - وروى جميل ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : « الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعه عنده يقول حتى آتيك بثمنه ، فقال : إن جاء

ص: 202


1- يدل على سقوط خيار المجلس بعد الافتراق وكان وجوب البيع من جهة هذا الخيار فلا ينافي ثبوت الخيار من جهة أخرى كخيار الحيوان مثلا.
2- نفقت الدابة أي هلكت وخرجت روحها.
3- رواه في الكافي بسند حسن مع اختلاف وفيه « على من ضمان ذلك فقال : على البايع حتى ينقضي الشرط ثلاثة أيام ويصير المبيع للمشترى » قال سلطان العلماء قوله عليه السلام « يصير المبيع له » أي استقر ملكا له فلا ينافي كونه قبل ذلك ملكا متزلزلا وكون النماء له - انتهى وقال العلامة المجلسي : الخبر يدل على أن المبيع في أيام خيار المشترى مضمون على البايع وظاهره عدم تملك المشترى في زمن الخيار وحمل على الملك المستقر.
4- « من اشترى بيعا » أي مبيعا ويقيد بعدم قبض المبيع والثمن ، وقوله « فلا بيع له » أي للمشترى وظاهره بطلان البيع كما قاله في المبسوط ، ويحتمل أن يكون المراد أن للبائع الخيار في الفسخ ، ويؤيد هذا الاحتمال ظهور قوله عليه السلام « فلا بيع له » لاختصاصه بالمشترى دون البايع.
5- تقدم غير مرة أنه ثقة والطريق إليه صحيح كما في الخلاصة.
6- يدل على لزوم مطلق الشروط الجائزة المذكورة في العقود. ( المرآة )

فيما بينه وبين ثلاثة أيام وإلا فلا بيع له » (1).

3770 - وفي رواية أخرى ، عن ابن فضال ، عن الحسن بن علي بن رباط ، عمن رواه (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن حدث بالحيوان حدث قبل ثلاثة أيام فهو من مال البائع » (3).

ومن اشترى جارية وقال للبائع : أجيئك بالثمن فإن جاء فيما بينه وبين شهر وإلا فلا بيع له (4).

والعهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول والبطيخ والفواكه يوم إلى الليل (5).

باب 380: الافتراق الذي يجب به البيع أهو بالأبدان أو بالقول

الافتراق الذي يجب به البيع أهو بالأبدان أو بالقول (6)

3771 - روي عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إن أبي عليه السلام

ص: 203


1- تقدم الكلام فيه ، واستدل به على خيار التأخير للبايع والحكم مختص بغير الجواري فان المدة فيها شهر كما يأتي.
2- في بعض النسخ « عن زرارة » بدل « عمن رواه » ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 136 باسناده عن الأهوازي عن الحسن بن علي بن فضال ، عن الحسن بن علي بن رباط ، عن رواه.
3- الخبر إلى هنا في التهذيب ، فالباقي من كلام المصنف.
4- روى الشيخ في التهذيب باسناده عن محمد بن أحمد ، عن أبي إسحاق ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى جارية وقال : أجيئك بالثمن ، فقال : ان جاء فيما بينه وبين شهر والا فلا بيع له ».
5- أراد بالعهدة ضمان البايع ، والمستند ما رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 125 والكليني في الكافي بسند فيه ارسال عن أبي عبد اللّه أو أبى الحسن عليهما السلام « في الرجل يشترى الشئ الذي يفسد من يومه ويتركه حتى يأتيه بالثمن ، قال : ان جاء فيما بينه وبين الليل بالثمن والا فلا بيع » ويستفاد منه ان كل ما يفسده المبيت فللبايع الخيار عند انقضاء النهار ، ويمكن أن يقال : ظاهر الخبر يحكم بان المشترى ان جاء بالثمن بين اليوم والليل بحيث لا يتضرر البايع فله والا فالخيار للبايع.
6- مراده من القول صيغة الايجاب والقبول ظاهرا.

اشترى أرضا يقال لها : العريض فلما استوجبها قام فمضى ، فقلت له : يا أبة عجلت بالقيام! فقال : يا بني إني أردت أن يجب البيع » (1).

3772 - وروى أبو أيوب ، عن محمد بن مسلم قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ابتعت أرضا فلما استوجبتها (2) قمت فمشيت خطا ثم رجعت ، أردت أن يجب البيع حين الافتراق ».

باب 381: حكم القبالة المعدلة بين الرجلين بشرط معروف إلى أجل معلوم

* ( حكم القبالة المعدلة (3) بين الرجلين بشرط معروف إلى أجل معلوم

3773 - روي عن سعيد بن يسار (4) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إنا نخالط قوما من أهل السواد وغيرهم فنبيعهم ، ونربح عليهم العشرة اثنى عشر ، والعشرة ثلاثة عشر ، ونؤخر ذلك فيما بيننا وبينهم السنة ونحوها ، فيكتب الرجل لنا بها على داره أو على أرضه بذلك المال الذي فيه الفضل الذي أخذ منا شرى بأنه قد باعه وأخذ الثمن (5) فنعده إن هو جاء بالمال في وقت بيننا وبينه أن نرد عليه الشراء

ص: 204


1- لفظ الخبر في الكافي والتهذيبين هكذا « قال أبو عبد اللّه عليه السلام : ان أبى اشترى أرضا يقال له العريض من رجل وابتاعها من صاحبها بدنانير فقال : أعطيك ورقا بكل دينار عشرة دراهم ، فباعه بها فقام أبى فأتبعته يا أبة لم قمت سريعا؟ فقال : أردت أن يجب البيع ».
2- أي نطقت بالقبول بعد الايجاب.
3- قال في المصباح تقبلت العمل من صاحبه إذا التزمته بعقد ، والقباله اسم المكتوب من ذلك لما يلزمه الانسان من عمل أو دين وغير ذلك ، قال الزمخشري : كل من تقبل بشئ مقاطعة وكتب عليه بذلك كتابا فالكتاب الذي يكتب هو القبالة - بالفتح - والعمل القبالة بالكسر - لأنه صناعة.
4- رواه الكليني ج 5 ص 172 بسند صحيح وطريق المصنف إلى سعيد أيضا صحيح وهو ثقة وله كتاب.
5- أي يجعلون دراهم وأرضهم مبيعا لنا ببيع الشرط بالثمن الذي في ذمتهم من قيمة ما بعناهم من المتاع فيكتبون على ذلك القبالة ( سلطان ) ، وفى بعض النسخ « وفيض الثمن ».

وإن جاءنا الوقت ولم يأتنا بالدراهم فهو لنا فما ترى في الشراء؟ فقال : أرى أنه لك إذا لم يفعل ، وإن جاء بالمال للوقت فترد عليه » (1).

3774 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله رجل وأنا عنده ، فقال : رجل مسلم احتاج إلى بيع داره فجاء إلى أخيه فقال : أبيعك داري هذه فتكون لك أحب إلي من أن تكون لغيرك على أن تشترط لي إن أنا جئتك بثمنها إلى سنة أن تردها علي ، فقال : لا بأس بهذا إن جاء بثمنها إلى سنة ردها عليه ، قلت : فإن كانت فيها غلة كثيرة فأخذ الغلة لم تكون الغلة (2)؟ قال : للمشتري أما ترى أنها لو احترقت لكانت من ماله »؟!.

قال شيخنا محمد بن الحسن - رضي اللّه عنه - : متى عدلت القبالة بين رجلين عند رجل إلى أجل فكتبا بينهما اتفاقا ليحملهما عليه ، فعلى العدل أن يعمل بما في الاتفاق ولا يتجاوزه ، ولا يحل له أن يؤخر رد ذلك الكتاب على مستحقه في الوقت الذي يستوجبه فيه.

وسمعته - رضي اللّه - عنه يقول : سمعت مشايخنا رضي اللّه عنهم يقولون إن الاتفاقات لا تحمل على الأحكام لأنها إن حملت على الأحكام بطلت ، والمسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب اللّه عزوجل (3) ، ومتى جاء من عليه المال ببعضه في

ص: 205


1- هذه من حيل التخلص من الربا. وقال المولى المجلسي : الخبر يدل على جواز البيع بشرط ويظهر من السؤال انهم كانوا لا يأخذون اجرة المبيع من البايع والمشهور أنها من المشترى بناء على انتقال المبيع قبل انقضاء الخيار ، وقيل إنه لا ينتقل الا بعد زمن الخيار. وقال العلامة المجلسي : لعله يدل على عدم سقوط هذا الخيار بتصرف البايع كما لا يخفى.
2- الغلة : الدخل من كرى دار أو محصول أرض أو أجر غلام.
3- أي ليست الاتفاقات كلها مثل الأحكام الشرعية في اللزوم ووجوب العمل بها أجمع بل يعمل بما هو موافق للكتاب والسنة لا بما هو مخالف لهما ، ويحتمل أن يكون المراد أن الاتفاقات لا يجب جعلها موافقا لمقتضيات الأحكام بأصل الشرع فمقتضى حكم البيع مثلا اللزوم فلو اقتضى الاتفاق في الشرط الخيار والجواز لا يجب العدول عنه إلى مقتضى حكم البيع من اللزوم والا لبطلت رواية المؤمنون عند شروطهم إلى آخره ( سلطان ) وقيل قوله « لا تحمل على الأحكام » يعني الاتفاقات لا تحتاج مثل القضاء والافتاء إلى الامام أو نائبه العام أو الخاص بل يكفي فيها أن يكون على يد رجل عدل لأنها لو احتاجت إليهما كالقضاء بطلت الشروط التي تقع بين المسلمين.

المحل أو قبله وحل الأجل ولم يحمل تمامه (1) ، فعلى العدل أن يصحح المقبوض من المال على قابضه بالاشهاد عليه إن كان مليا ، وإن لم يكن مليا فبالاستيثاق (2) وإن أمره برده على من قبضه منه كان أولى وأبلغ ، وإن ذكر في الاتفاق بينهما غير ذلك حملهما عليه إن شاء اللّه تعالى.

باب 382: البيوع

اشارة

3775 - روى منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه إلا أن توليه (3) ، فإن لم يكن فيه كيل ولا وزن فبعه » يعني أنه يوكل المشتري بقبضه.

3776 - وروى عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته

ص: 206


1- قوله « من عليه المال » أي البايع الشارط ، وقوله « ولم يحمل تمامه » حال والمعنى ان انقضت المدة ولم يجئ بالباقي فقد لزم البيع.
2- « على قابضه » أي على المشترى لئلا ينكر ما دفعه البايع حتى يرده ، والحاصل أنه يجب على العدل أن يشهد عدلين على المشترى بأنه قبض البعض إن كان مليا يعنى ذا مال والا فعليه أن يأخذ الرهن منه ويؤدى إليه بعض الثمن وان رده على البايع حتى يأتي بالجميع ويؤدى إليه القبالة كان أولى وأتم ولا يحتاج إلى الاشهاد والرهن.
3- أي الا أن تبيعه برأس المال فحينئذ جائز قبل القبض ولعل ذلك لما أنه قبل القبض لم يدخل في ملكه فإذا باعه وأخذ الثمن زائدا مما اشتراه فكأنه أعطى ثمنا وأخذ زايدا عليه وهذا مختص باتحاد جنس الثمنين. وفى شرح اللمعة قوله « لا تبعه » حمل على الكراهة جمعا بينه وبين ما دل على الجواز والأقوى التحريم وفاقا للشيخ في المبسوط مدعيا الاجماع و العلامة في التذكرة والارشاد لضعف روايات الجواز.

عن رجل عليه كر من طعام فاشترى كرا (1) من رجل فقال للرجل : انطلق فستوف حقك ، قال : لا بأس به » (2).

3777 - وروى عبد اللّه بن مسكان ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « في رجل ابتاع من رجل طعاما بدراهم فأخذ نصفه ، ثم جاءه بعد ذلك وقد ارتفع الطعام أو نقص ، فقال : إن كان يوم ابتاعه ساعره بكذا وكذا فهو ذاك ، وإن لم يكن ساعره فإنما له سعر يومه (3) ، قال : وقال في الرجل يكون عنده لونان من طعام واحد ، قد شعرهما بشئ ، وأحدهما خير من الاخر فيخلطهما جميعا ثم يبيعهما بسعر واحد ، قال : لا يصلح له أن يفعل يغش به المسلمين حتى يبينه ».

3778 - وروى إسحاق بن عمار ، عن أبي العطارد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « رجل يشتري الطعام فيتغير سعره قبل أن يقبضه ، قال : إني لأحب أن يفي له كما أنه لو كان فيه فضل أخذه ».

3779 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال « لا يصلح للرجل أن يبيع بصاع غير صاع المصر » (4).

3780 - وروي عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله محمد ابن القاسم الحناط فقال : أصلحك اللّه أبيع الطعام من الرجل إلى أجل فأجئ وقد

ص: 207


1- الطريق صحيح وقال الأزهري - الكر - بالضم - : ستون قفيزا والقفيز ثمانية مكاكيك والمكوك بشد الكاف - : صاع ونصف فهو على هذا الحساب اثنا عشر وسقا وكل وسق ستون صاعا.
2- لأنه حوالة وليس ببيع ( م ت ) والخبر رواه الكليني ج 5 ص 179 في مرسل كالموثق وفيه « انطلق فاستوف كرك ».
3- . قال الشيخ حسن - رحمه اللّه - ، هذا يدل على أن المساعرة تكفى في البيع وأنه يصح التصرف مع قصد البيع قبل المساعرة - انتهى. وقال العلامة المجلسي : ويحتمل أن يكون المساعرة كناية عن تحقق البيع موافقا للمشهور ، ويحتمل الاستحباب على تقدير تحقق المساعرة فقط - انتهى ، واعلم أن طريق المصنف إلى ابن مسكان صحيح والخبر إلى هنا رواه الكليني في الحسن كالصحيح في باب والباقي في باب آخر.
4- قال سلطان العلماء : لعل وجهه عدم معلومية صاع غير البلد عند أهل البلد غالبا فيقع التنازع.

تغير الطعام من سعره فيقول : ليس عندي دراهم ، قال : خذ منه بسعر يومه ، قال : أفهم - أصلحك اللّه - إنه طعامي الذي اشتراه مني (1) ، قال : لا تأخذ منه حتى يبيع ويعطيك ، قال : أرغم اللّه أنفي رخص لي فرددت عليه فشدد علي » (2).

3781 - وروى حماد ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري طعاما فيكون أحسن له وأنفق أن يبله (3) من غير أن يلتمس زيادة؟ فقال : إن كان لا يصلحه إلا ذلك ولا ينفقه غيره من غير أن يلتمس فيه الزيادة فلا بأس ، وإن كان إنما يغش به المسلمين فلا يصلح ».

3782 - وروي عن ابن مسكان ، عن إسحاق المدائني قال « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القوم يدخلون السفينة يشترون الطعام فيساومون منه (4) ثم يشتريه رجل منهم فيسألونه فيعطيهم ما يريدون من الطعام ، فيكون صاحب الطعام هو الذي يدفعه إليهم ويقبض الثمن (5) ، قال : لا بأس ما أراهم وقد شاركوه ، فقلت : إن صاحب الطعام يدعو الكيال فيكيله لنا ولنا اجراء فيعتبرونه (6) فيزيد وينقص ، قال : لا

ص: 208


1- « خذ منه بسعر يومه » أي خذ الطعام منه بسعر اليوم ، فقال : انى أعلم أنه طعامي الذي اشتراه ، قال : لا تأخذ منه حتى يبيع ويعطيك ، ويحتمل أن يكون قوله « افهم » بصيغة الامر فلا يخفى ما فيه من سوء الأدب وينبغي ان يحمل النهى على الكراهة.
2- أي رخص لي الإمام عليه السلام أولا حيث أذن بأخذ الطعام عوضا عن الدراهم فجهلت ورددت عليه فأمرني بالصبر حتى يبيع الطعام.
3- النفاق ضد الكساد وأنفق له أي أروج ، وقوله « يبله » أي يرشه بالماء.
4- المساومة : المجاذبة بين البايع والمشترى على السلعة وفضل ثمنها.
5- لعل وجه السؤال توهم بيع ما لم بقبض وحاصله أنهم دخلوا في السفينة جميعا وطلبوا من صاحب الطعام البيع وتكلموا في القيمة ثم اشتراه رجل منهم أصالة أو وكالة أو اشترى جميعا لنفسه وعبارات الخبر بعضها تدل على الوكالة وبعضها على الأصالة ، والجواب على الأول انهم شركاء لتوكيلهم إياه في البيع ، وعلى الثاني انهم بعد البيع شركاء. ( المرآة )
6- أي يكيلونه ثانيا ، وفى بعض النسخ « فيعرونه » وفى الصحاح : عايرت المكائيل والموازين عيارا وعاورت بمعنى ، يقال : عايروا بين مكائيلكم وموازينكم وهو فاعلوا من العيار ، ولا تقل عيروا من باب التفعيل.

بأس ما لم يكن شئ كثير غلط » (1).

3783 - وروي عن خالد بن حجاج الكرخي (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أشتري طعاما إلى أجل مسمى فيطلبه التجار مني عبد ما اشتريته قبل أن أقبضه ، قال : لا بأس أن تبيع إلى أجل كما اشتريته وليس لك أن تدفع أو تقبض (3) ، قلت : فإذا قبضته جعلت فداك فلي أن أدفعه بكيله (4)؟ قال : لا بأس بذلك إذا رضوا ، وقال عليه السلام : كل طعام اشتريته من بيدر أو طسوج فأتى اللّه عزوجل عليه فليس للمشتري إلا رأس ماله (5) ، ومما اشتري من طعام موصوف ولم يسم فيه قرية ولا موضعا فعلى صاحبه أن يؤديه (6) ، قال ، وقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أشتري الطعام من الرجل ثم أبيعه من رجل آخر قبل أن أكتاله فأقول : أبعث وكيلك حتى يشهد كيله إذا قبضته ، قال : لا بأس » (7).

3784 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « في رجل اشترى من رجل طعاما عدلا بكيل معلوم وإن صاحبه قال للمشتري : أبتع

ص: 209


1- سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّه.
2- هو مجهول الحال ولم يذكره المصنف في المشيخة وفى التهذيب ج 2 ص 129 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن ابن مسكان عن ابن الحجاج الكرخي.
3- في بعض النسخ « أن تدفع قبل أن تقبض » ويحتمل أنه إشارة إلى بيعه برأس المال فيكون بيعه تولية فيوافق ما سبق من منع بيع ما لم يقبض الا تولية ، ويحتمل أن يكون المراد بقدر الأجل الذي شرط في الشراء فلا يكون إشارة إلى التولية وحينئذ يكون طريق الجمع حمل هذا على بيان الجواز وعدم الحرمة ، وذلك على الكراهة. ( سلطان )
4- أي بكيله الذي أخذته من البايع بدون الكيل والوزن ثانيا.
5- الطسوج - كنتور - : الناحية ، وربع دانق ، معرب ، وقوله « أتى اللّه عليه » أي أهلكه. أي إذا حصلت الآفة في الطعام من قبل اللّه فليس للمشترى الا دراهمه من غير زيادة ولا نقصان لأن المبيع معين وقد تلف فانفسخ ، بخلاف ما يأتي.
6- وذلك لأنه غير معين والذمة باقية.
7- أي حضور المشترى أو وكيله كاف في القبض بالكيل. ( م ت )

مني هذا العدل الاخر بغير كيل فإن فيه ما في الاخر الذي ابتعته ، قال : لا يصلح إلا بكيل (1) ، قال : وما كان من طعام سميت فيه كيلا فإنه لا يصلح مجازفة (2) ، هذا مما يكره من بيع الطعام ».

3785 - وسأل عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه أبا عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يشتري الطعام أشتريه منه بكيله وأصدقه؟ فقال : لا بأس ولكن لا تبعه حتى تكيله » (3).

3786 - وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن فضول الكيل والموازين ، فقال : إذا لم يكن تعدى فلا بأس » (4).

3787 - و « سأله جميل عمن اشترى تبن بيدر (5) كل كر بشئ معلوم ويقبض التبن فيبيعه قبل أن يكتال الطعام ، فقال : لا بأس » (6).

ص: 210


1- قوله « ابتع » أي اشتر ، والظاهر أن البايع يقول بالتخمين فلا ينافي ما مر من جواز الاعتماد على قول البايع ، ويمكن حمله على الكراهة كما هو ظاهر الخبر. ( المرآة )
2- لعل في اطلاق المجازفة هنا مسامحة فلا يفيد الا الكراهة فلا ينافي ما سبق. ( سلطان )
3- إذ لابد من العلم في الاخبار ولا يحصل بمجرد السماع من البايع.
4- أي ما لم يتعد حد المسامحة ، قال في الدروس : لو ظهر في المبيع أو الثمن زيادة تتفاوت بها المكائيل والموازين فهي مباحة والا فهي أمانة.
5- في بعض النسخ « سأله جميل عن رجل اشترى » والبيدر : الكدس وهو الموضع الذي يداس في الطعام.
6- قال العلامة المجلسي : هذا مخالف لقواعد الأصحاب من وجهين : الأول من جهة جهالة المبيع لان المراد اما كل كر من التبن أو تبن كل كر من الطعام كما هو الظاهر من قوله : « قبل أن يكتال الطعام » وعلى التقديرين فيه جهالة ، قال في المختلف : قال الشيخ في النهاية : لا بأس أن يشترى الانسان من البيدر كل كر من الطعام تبنه بشئ معلوم وان لم يكل بعد الطعام ، وتبعه ابن حمزة ، وقال ابن إدريس : لا يجوز ذلك لأنه مجهول وقت العقد ، والمعتمد الأول لأنه مشاهد فينتفى الغرر ، ولرواية زرارة ( يعنى الخبر الآتي ظاهرا ) والجهالة ممنوعة إذ من عادة الزراعة قد يعلم مقدار ما يخرج من الكر غالبا - انتهى ، والثاني من جهة البيع قبل القبض فعلى القول بالكراهة لا اشكال وعلى التحريم فلعله لكونه غير موزون أو لكونه غير طعام أو لأنه مقبوض وان لم يكتل الطعام بعد كما هو مصرح به في الخبر.

3788 - وروى جميل ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اشترى من طعام قرية بعينه ، فقال : لا بأس إن خرج فهو له ، وإن لم يخرج كان دينا عليه » (1).

3789 - وروى ابن أبي عمير ، عن الحسن بن عطية قال ، « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت : إنا نشتري الطعام من السفن ثم نكيله فيزيد (2) ، قال : وربما نقص عليكم؟ قلت : نعم ، قال ، فإذا نقص يردون عليكم؟ قلت : لا ، قال ، لا بأس ».

3790 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يشتري الثمرة (3) ثم يبيعها قبل أن يأخذها ، قال : لا بأس به إن وجد بها ربحا فليبع (4). قال : وسئل عليه السلام عن شراء النخل والكرم والثمار ثلاث سنين وأربع. قال : لا بأس به تقول : إن لم يخرج في هذه السنة يخرج في قابل ، وإن اشتريته سنة واحدة فلا تشتره حتى يبلغ (5). قال : وسئل عليه السلام عن الرجل يشتري الثمرة المسماة من الأرض فتهلك ثمرة تلك الأرض كلها فقال : قد اختصموا في ذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فكانوا يذكرون ذلك فلما رآهم لا يدعون الخصومة نهاهم عن ذلك البيع حتى تبلغ الثمرة ولم يحرمه ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم ». (6)

3791 - وروى حماد بن عيسى ، عن ربعي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يبيع الثمرة ثم يستثني كيلا وتمرا (7) ، قال : لا بأس به ، قال : وكان مولى له عنده

ص: 211


1- يحتمل ارجاع الضمير إلى الثمن المفهوم من الكلام ، لا إلى الطعام فلا ينافي ما سبق. ( سلطان )
2- أي الزيادة القليلة المتعارفة باختلاف المكائيل.
3- أي يشترى الثمرة على الشجرة.
4- لأنها ما دام على الشجرة ليست بمكيلة ولا موزونة ، فلا مانع من بيعها قبل القبض.
5- أي حتى يبدو صلاحها.
6- يدل على أن أخبار النهى محمولة على الكراهة ، بل على الارشاد لرفع التنازع.
7- قال المولى المجلسي : الظاهر زيادة الواو وعلى تقديره يمكن أن يكون المراد من قوله « كيلا » قدرا معينا ، وبقوله « تمرا » الإشاعة أو يكون عطفا تفسيريا.

جالسا فقال المولى : إنه ليبيع ويستثني أوساقا - يعني أبا عبد اللّه عليه السلام - قال : فنظر إليه ولم ينكر ذلك من قوله ».

3792 - وروى زرعة ، عن سماعة قال : « سألته عن يبيع الثمرة هل يصلح شراؤها قبل أن يخرج طلعها (1)؟ فقال : لا إلا أن يشتري معها شيئا من غيرها رطبة أو بقلة فيقول : أشتري منك هذه الرطبة وهذا النخل وهذا الشجر (2) بكذا وكذا ، فإن لم تخرج الثمرة كان رأس مال المشتري في الرطبة والبقل. قال : وسألته عن ورق الشجر هل يصلح شراؤه ثلاث خرطات أو أربع خرطات؟ فقال : إذا رأيت الورق في شجرة فاشتر منه ما شئت من خرطة » (3).

3793 - وروى القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى بستانا فيه نخل وشجر منه ما قد أطعم ومنه ما لم يطعم قال : لا بأس به إذا كان فيه ما قد أطعم » (4).

3794 - وروي عن الحسن بن علي بن بنت إلياس (5) قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « هل يجوز بيع النخل إذا حمل؟ قال : لا يجوز بيعه حتى يزهو ، قلت : وما الزهو جعلت فداك؟ قال : يحمر ويصفر ».

3795 - وروي عن يعقوب بن شعيب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت :

ص: 212


1- الطلع ما يطلع من النخل ثم يصير بسرا أو تمرا.
2- قال في المسالك : فيه تنبيه على أن المراد بالظهور ما يشمل خروجه في الطلع وفيه دليل على جواز بيعه عاما مع الضميمة الا أنه مقطوع ، وحال سماعة مشهور. وقال سلطان العلماء : لا يخفى أن هذا بظاهره يشمل البيع عاما واحدا أو أكثر من عام واحد ، والمشهور عدم الجواز عاما واحدا مع الضميمة أيضا قبل الظهور ، وأكثر من عام واحد أيضا على قول الأكثر الا ابن بابويه من غير اشتراط الضميمة على ما نقل عنه.
3- الخرط : انتزاع الورق من الشجر باجتذاب ، والخرطة المرة منه. ( الوافي )
4- في القاموس أطعم النخل : أدرك ثمرها.
5- هو الحسن بن علي الوشاء الممدوح والطريق إليه صحيح.

أعطي الرجل الثمن (1) عشرين دينارا وأقول له : إذا قامت ثمرتك بشئ فهي لي بذلك الثمن إن رضيت أخذت وإن كرهت تركت ، فقال : أما تستطيع أن تعطيه ولا تشترط شيئا ، قلت : جعلت فداك ولا يسمي شيئا واللّه يعلم من نيته ذلك (2) قال : لا يصلح إذا كان من نيته [ ذلك ]. » (3).

3796 - وروي عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقول للرجل : أبتاع لك متاعا والربح بيني وبينك ، قال : لا بأس به ».

3797 - وروي عن ميسر بياع الزطي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إنا نشتري المتاع بنظرة (4) فيجئ الرجل فيقول : بكم تقوم عليك؟ فأقول : تقوم بكذا وكذا فأبيعه بربح؟ قال : إذا بعته مرابحة كان له من النظرة مثل ما لك (5) ، قال فاسترجعت (6) ، وقلت : هلكنا ، فقال : مما؟ قلت : لان ما في الأرض ثوبا

ص: 213


1- مروى في الكافي ج 5 ص 176 في الصحيح عنه عليه السلام وفيه « أعطى الرجل له الثمرة » ولعله تصحيف وما في المتن أظهر وأصوب.
2- أي هو لا يتكلم بالشرط ولكن اللّه عزوجل يعلم أن ذلك مقصوده ، فأنا أتكلم به. ( مراد )
3- يحتمل وجوها : الأول أن يكون المراد به إذا قومت ثمرتك بقيمة فان أردت شراءها أشتري منك ما يوازى هذا الثمن بالقيمة التي قوم بها ، فالنهي لجهالة المبيع أو للبيع قبل ظهور الثمرة أو قبل بدو صلاحها ، فيدل على كراهة اعطاء الثمن بنية الشراء لما لا يصح شراؤه ، الثاني أن يكون الغرض شراء مجموع الثمرة بتلك القيمة ، فيحتمل أن يكون المراد بقيام الثمرة بلوغها حدا يمكن الانتفاع بها ، فالنهي لعدم إرادة البيع أو لعدم الظهور أو بدو الصلاح ، الثالث أن يكون المراد به أنه يقرضه عشرين دينارا بشرط أن يبيعه بعد بلوغ الثمرة بأقل مما يشتريه غيره ، فالمنع منه لأنه في حكم الربا ولعله أظهر ( المرآة ) وقال الفيض - رحمه اللّه - : حاصل مضمون الحديث عدم صلاحية اعطاء الثمن بنية الشراء لما لا يصلح شراؤه بعد ، بل ينبغي أن يعطى قرضا ، فإذا جمع له شرائط الصحة اشترى.
4- أي نسيئة ، والنظرة التأخير في الامر.
5- لان للأجل قسطا من الثمن وقيمة المتاع نقدا غير قيمته نسيئة.
6- الاسترجاع هو أن يقول الانسان : « انا لله وانا إليه راجعون ».

أبيعه مرابحة فيشتري مني ولو وضعت من رأس المال ، حتى أقول : تقوم بكذا وكذا قال : فما رأى ما شق علي قال : أفلا أفتح لك بابا يكون لك فيه فرج؟ [ قلت : بلى ، قال ] : قال : قام علي بكذا وكذا وأبيعك بكذا وكذا ، ولا تقل : بربح » (1).

3798 - وروي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يقول له الرجل : أشتري منك المتاع على أن تجعل لي في كل ثوب أشتريه به منك كذا وكذا ، وإنما يشتري للناس ويقول : اجعل لي ريحا على أن أشتري منك (2) ، فكرهه ».

3799 - وروي عن بشار بن يسار (3) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يبيع المتاع بنساء (4) أيشتريه من صاحبه الذي يبيعه منه؟ قال : نعم لا بأس به ، فقلت له : أشتري متاعي؟ فقال : ليس هو متاعك ولا بقرك ولا غنمك » (5).

3800 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الرجل يبتاع الثوب من السوق لأهله ويأخذه بشرط (6) فيعطى الريح في أهله ، قال : إن رغب في الربح فليوجب الثوب على نفسه (7) ، ولا يجعل في نفسه أن يرد الثوب على

ص: 214


1- لان البيع إذا لم يصرح فيه بالمرابحة لا يكون مرابحة.
2- لعل المراد أن بع ذلك منى على وجه لي أن أربح على المشترى بعد أن آخذ منك الجعل. فيكون لي منك الجعل ومن المشترى الربح. ( مراد )
3- هو ثقة لكن الطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان ، ومروي في الكافي ج 5 ص 208 بسندين أحدهما موثق والاخر صحيح كما في التهذيب أيضا.
4- النساء والنسيئة اسمان بمعنى التأخير.
5- هو ما يقال له العينة ، وإنما توهم الراوي عدم الجواز بسبب أنه يشترى متاع نفسه وأجابه عليه السلام بأنه ليس في هذا الوقت متاعه بل صار ملكا للمشترى بالبيع الأول.( المرآة )
6- أي بشرط أن يرده ان لم يقبله أهله.
7- أي ان أراد أن يبيعه مرابحة فعليه أن يوجب البيع على نفسه.

صاحبه إن رد عليه » (1).

3801 - وروى ابن مسكان ، عن عيسى بن أبي منصور قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن القوم يشترون الجراب الهروي ، أو الكروي ، أو المروزي ، أو القوهي (2) فيشتري الرجل منهم (3) عشرة أثواب يشترط عليه خياره (4) كل ثوب خمسة دراهم أو أقل أو أكثر ، فقال : ما أحب هذا البيع ، أرأيت إن لم يجد فيه خيارا غير خمسة أثواب ووجد بقيته سواء؟! فقال له إسماعيل ابنه : إنهم قد اشترطوا عليه أن يأخذ منه عشرة أثواب فردد عليه مرارا ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : إنما اشترط عليهم أن يأخذ خيارها أرأيت إن لم يجد إلا خمسة ووجد بقيته سواء؟! ثم قال : ما أحب هذا البيع » (5).

3802 - وروى أبو الصباح الكناني ، وسماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الرجل يحمل المتاع لأهل السوق ، وقد قوموا عليه قيمة فيقولون : بع فما

ص: 215


1- « لا يجعل في نفسه » يعنى لا ينوى في نفسه ان لم يجد له المشترى أن يفسخ البيع ويرده على صاحبه لأنه بعرضه على البيع قد أسقط خياره. ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 125 عن زيد الشحام وفيه يدل « فيعطى الربح في أهله » « فيعطى به ربحا ».
2- الجراب : ما يوضع فيه المتاع ، والهروي نسبة إلى هرات بلد مشهور بكورة خراسان ، واليوم من أعمال أفغانستان ، والكروى نسبة إلى كروان - كرمضان - قرية بطوس ، والمروزي نسبة إلى مر والشاهجان وهي أشهر مدن خراسان ، والقوهى نسبة إلى قوهاء ( قهستان ) كورة بين نيشابور وهرات ، قصبتها قائن وطبرس. وفى بعض النسخ « القهوى » وفى بعضها « التهوى » وفى بعضها « التوهى » وفى القاموس القوهى ثياب بيض.
3- في الكافي « منه ».
4- أي يشترط المشترى على البايع أن يأخذ جياده وأحسنه.
5- فيه اشكالان الأول من جهة عدم تعين المبيع وظاهر بعض الأصحاب والاخبار كهذا الخبر جواز ذلك ، والثاني من جهة اشتراط ما لا يعلم تحققه في جملة ما أبهم فيه المبيع وظاهر الخبر أن المنع من هذه الجهة ، ومقتضى قواعد الأصحاب أيضا ذلك ، ولعل غرض إسماعيل أنه إذا تعذر الوصف يأخذ من غير الخيار ذا هلا عن أن ذلك لا يرفع الجهالة ، وكونه مظنة النزاع الباعثين للمنع. ( المرآة )

ازددت فلك ، قال : لا بأس بذلك ولكن لا يبيعهم مرابحة » (1).

3803 - وروى عبيد اللّه بن علي الحلبي ، ومحمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قدم لأبي عبد اللّه عليه السلام (2) متاع من مصر فصنع طعاما ودعا له التجار فقالوا : نأخذه بده دوازده ، فقال : وكم يكون ذلك؟ فقالوا : في كل عشرة آلاف ألفين قال : فإني أبيعكم هذا المتاع باثني عشر ألفا » (3)

3804 - وروى العلا ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليه السلام « في الرجل يشتري المتاع جميعا بثمن ، ثم يقوم كل ثوب بما يسوى (4) حتى يقع على رأس ماله (5) يبيعه مرابحة ثوبا؟ قال : لا حتى يبين له أنه إنما قومه » (6).

3805 - وروي عن عمر بن يزيد قال : « بعت بالمدينة جرابا هرويا كل ثوب بكذا وكذا ، فأخذوه فاقتسموه ثم وجدوا بثوب فيها عيبا فردوه علي ، فقلت لهم : أعطيكم ثمنه الذي بعتكم به ، فقالوا : لا ولكنا نأخذ قيمته منك ، فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال : يلزمهم ذلك » (7).

ص: 216


1- يدل على جواز الجعالة للدلال والجهالة في الجعل وعدم جواز المرابحة فيما لم يشتر لأنها موقوفة على الاخبار برأس المال الذي اشتراه به.
2- كذا وهكذا في التهذيب والصواب « قدم لأبي عليه السلام متاع » كما في الكافي ج 5 ص 197.
3- زاد في الكافي « فباعهم مساومة » وقال المولى المجلسي : الظاهر أنه عليه السلام أراد أن لا يبيعهم مرابحة بل أراد مساومة لكراهة البيع مرابحة كما يظهر من أخبار أخر - انتهى ، وقال الفاضل التفرشي : فيه دلالة على صحة الايجاب بلفظ المضارع.
4- أي يبسط الثمن على عدد الأثواب حتى لا يكون كاذبا في الاخبار عن رأس المال.
5- أي بلغ قيمة الجميع تمام رأس المال فيكون في قبال كل ثوب قسط من الثمن.
6- هذه الصحيحة تدل على ما هو المشهور من عدم جواز بيع بعض ما اشتراة صفقة مرابحة الا مع الأخيار بالحال ، وجوزه ابن الجنيد وابن البراج على ما في المحكى عنهما - فيما لا تفاضل فيه كالمعدود والمتساوي ولعل الخبر لا يشمل هذا الفرد.
7- أي يلزم المشترى أن يأخذ الثمن لا القيمة لأنه كان للمشترى أن يفسخ الكل أو يرضى بالمعيب لئلا يلزم تبعض الصفقة فلما رضى البايع بفسخ المعيب فقط بعد رضى المشترى به انفسخ العقد في الثوب المعيب فلزم أن يرجع بثمنه ويظهر الفائدة فيما لو كان الثمن أقل من القيمة للبايع أو أكثر للمشترى. ( م ت )

3806 - وفي رواية جميل بن دراج ، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام « في الرجل يشتري الثوب من الرجل أو المتاع فيجد به عيبا ، قال : إن كان الثوب قائما بعينه رده على صاحبه وأخذ الثمن ، وإن كان خاط الثوب أو صبغه أو قطعه رجع بنقصان العيب » (1).

3807 - وروى أبان ، عن منصور (2) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى بيعا ليس فيه كيل ولا وزن أله أن يبيعه مرابحة قبل أن يقبضه ويأخذ ربحه؟ قال : لا بأس بذلك ما لم يكن فيه كيل ولا وزن فإن هو قبضه فهو أبرأ لنفسه » (3).

3808 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن قوم اشتروا بزا (4) فاشتركوا فيه جميعا ولم يقتسموه أيصلح لاحد منهم بيع بزه قبل أن يقبضه؟ قال : لا بأس به ، وقال : إن هذا ليس بمنزلة الطعام لان الطعام يكال ».

3809 - وروى حماد ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى ثوبا ثم رده على صاحبه فأبي أن يقيله إلا بوضيعة ، قال : لا يصلح له أن يأخذه بوضيعة (5) ، فإن جهل فأخذه فباعه بأكثر من ثمنه رد على صاحبه الأول

ص: 217


1- يدل على أن التصرف يمنع الرد دون الأرش.
2- المراد بأبان أبان بن عثمان والطريق إليه صحيح وهو مقبول الرواية والمراد بمنصور منصور بن حازم وهو ثقة ، ورواه الشيخ في التهذيب في الصحيح.
3- يدل على جواز البيع قبل القبض في غير المكيل والموزون.
4- البز : الثياب أو متاع البيت من الثياب وغيرها. ( القاموس )
5- لان الإقالة فسخ البيع ومع الفسخ يرجع الثمن بتمامه إلى المشترى والمبيع إلى البايع ( م ت ) وفى بعض النسخ « وقال : لا يصلح له الا أن يأخذه بوضيعة » وقال سلطان العلماء لو صحت هذه النسخة يمكن توجيهها بجعل هذا القول أي « الا أن يأخذه بوضعية » ناعلا لقوله « لا يصلح » لا استثناء منه فتأمل.

ما زاد » (1).

3810 - وروي عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن بيع الغزل بالثياب المنسوجة والغزل أكثر وزنا من الثياب ، قال : لا بأس » (2).

3811 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد عن أبي عبد اللّه عليه السلام : وغيره عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا بأس بأجر السمسار (3) إنما هو يشتري للناس يوما بعد يوم بشئ مسمى (4) ، إنما هو مثل الأجير ».

3812 - قال : وسألته (5) « عن السمسار يشتري بالاجر فيدفع إليه الورق (6) ويشترط عليه أنك ما تشتري فما شئت أخذته وما شئت تركته ، فيذهب فيشتري ثم يأتي بالمتاع فيقول : خذ ما رضيت ودع ما كرهت ، فقال : لا بأس ».

[ شراء الرقيق وأحكامه ]

[ شراء الرقيق وأحكامه ] (7)

3813 - وروي عن معاوية بن عمار (8) قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول :

ص: 218


1- يعنى ان جهل البايع الحكم المسألة فأخذه من المشترى بالوضيعة وهي فسخ باطل ثم باعه بأكثر من ثمنه كان الزيادة من مال المشترى فيجب أن يرد عليه لان الفسخ لم يقع.
2- لان الغزل وإن كان موزونا لكن الثوب المنسوج ليس موزونا ( مراد ) أقول : ذكر الخبر في باب الربا المعاملي أنسب.
3- السمسار هو القيم بالامر الحافظ له ، فهو في البيع اسم للذي يدخل بين البايع والمشترى متوسطا لامضاء البيع ، والسمسرة البيع والشراء.
4- أي يعمل عملا يستحق الأجرة والجعل بإزائه أو المعنى أنه لابد من توسطه بين البايع والمشترى لاطلاعه بكثرة المزاولة. ( المرآة )
5- كذا ورواه الكليني ج 5 ص 196 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 133 بسند موثق عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
6- المراد بالورق الدراهم المضروبة ، وقوله « يشترى بالاجر » الظاهر أنه يشترى المتاع ثم يبيعهم ان شاؤوا بربح وهذا الربح هو الذي عبر عنه بالاجر مجازا ، وقيل : يحتمل أن يكون المراد أنه يشترى وكالة عن المشترى ويشترط الخيار ويأخذ الاجر للشراء.
7- العنوان زيادة منا.
8- رواه الكليني في الكافي في الصحيح ج 5 ص 218.

اتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بسبي من اليمن فلما بلغوا الجحفة نفدت نفقاتهم فباعوا جارية كانت أمها معهم فلما قدموا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله سمع بكاءها فقال ، ما هذه؟ فقالوا : يا رسول اللّه احتجنا إلى نفقة فبعنا ابنتها ، فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فاتى بها ، وقال : بيعوهما جميعا أو أمسكوهما جميعا ».

3814 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السلام عن الأخوين المملوكين هل يفرق بينهما؟ وبين المرأة وولدها؟ فقال : لا هو حرام إلا أن يريدوا ذلك » (1).

3815 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجل اشترى جارية بثمن مسمى ثم باعها فربح فيها قبل أن ينقد صاحبها الذي كانت له ، فأتى صاحبها يتقاضاه ، فقال : صاحب الجارية للذين باعهم اكفوني غريمي هذا والذي ربحت عليكم فهو لكم ، فقال : لا بأس » (2).

3816 - وقال عليه السلام (3) في رجل اشترى دابة ولم يكن عنده ثمنها فأتى رجلا من أصحابه فقال : يا فلان أنقد عني والربح بيني وبينك (4) فنقد عنه ، فنفقت

ص: 219


1- قال في الدروس : اختلف في التفريق بين الأطفال وأمهاتهم إلى سبع سنين وقيل إلى بلوغ سنتين ، وقيل إلى بلوغ مدة الرضاع ففي رواية سماعة يحرم الا برضاهم ، وأطلق المفيد والشيخ ني الخلاف والمبسوط التحريم وفساد البيع ، وهو ظاهر الاخبار.
2- قال سلطان العلماء : لعله باعها إلى أجل بالربح ولذا يسقط الربح لاعطاء غريمه حالا والا لا حاجة إليه. وقال العلامة المجلسي : الظاهر أنه باعهم المشترى بأجل فلما طلب البايع الأول منه الثمن حط عن الثمن بقدر ما ربح ليعطوه قبل الأجل ، وهذا جائز كما صرح به الأصحاب وورد في غيره من الاخبار - انتهى ، وقال المولى المجلسي : الخبر يدل على جواز البيع قبل أداء الثمن وعلى جواز نقص الثمن المؤجل ليؤديه حالا.
3- من تتمة كلام الحلبي فيكون صحيحا ، وفى أكثر النسخ « وسئل عليه السلام » وما في المتن موافق لما في التهذيب حيث رواه في الصحيح عن الحلبي.
4- أي حتى أكون شريكا لك فيكون نصف الثمن قرضا عليه فمع التلف يكون الثمن عليهما. ( م ت )

الدابة (1) قال : الثمن عليهما لأنه لو كان ربح كان بينهما ».

3817 - وقال عليه السلام (2) « في الرجل يبيع المملوك ويشترط عليه أن يجعل له شيئا (3) قال : يجوز ».

3818 - وروى يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : « من باع عبدا وكان للعبد مال فالمال للبائع إلا أن يشترط المبتاع ، أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بذلك ».

3819 - وفي رواية جميل بن دراج ، عن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « الرجل يشتري المملوك لمن ماله؟ فقال : إن كان علم البائع أن له مالا فهو للمشتري وإن لم يكن علم فهو للبائع ». (4) قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذان الحديثان متفقان وليسا بمختلفين وذلك أن من باع مملوكا واشترط المشتري ماله فإن لم يعلم البائع به فالمال للمشتري ومتى لم يشترط المشتري ماله ولم يعلم البائع له أن مالا فالمال للبائع ، ومتى علم البائع أن له مالا ولم يستثن به عند البيع فالمال للمشتري.

3820 - وروي عن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يشتري المملوك وماله؟ فقال : لا بأس ، قلت : فيكون مال المملوك أكثر مما اشتراه به ، فقال : لا باس ». (5)

ص: 220


1- نفقت الدابة : هلكت.
2- من تتمة خبر الحلبي أيضا كما هو ظاهر التهذيب فيكون صحيحا.
3- أي يشترط على البايع أن يجعل للمملوك شيئا من فاضل الضربية وغيرها ( مراد ) فيدل على أن العبد يملك فاضل الضريبة ونحوها.
4- تقدم نحوه في باب العتق وأحكامه عن زرارة أيضا.
5- رواه الكليني بسند فيه علي بن حديد وضعفه الشيخ في كتابي الاخبار. وقال العلامة المجلسي : حمل الخبر على ما إذا كانا مختلفين في الجنص. ويمكن أن يقال به على اطلاقه لعدم كونه مقصودا بالذات أو باعتبار أن المملوك يملكه - انتهى ، أقول : وينبغي أن يحمل على أن مال المملوك كان من غير النقدين متاعا أو شيئا مما لا يرغب فيه البايع ، والا فالبيع يكون سفهيا.

3821 - وروى أبان ، عن إسماعيل بن الفضل قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شراء مملوك أهل الذمة ، فقال : إذا أقروا لهم بذلك فاشتر وانكح ». (1)

3822 - وروي عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يشتري الجارية فيقع عليها فيجدها حبلى ، فقال : يردها ويرد معها شيئا » (2).

3823 - وفي رواية عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السلام « يردها ويرد نصف عشر ثمنها إذا كانت حبلى ». (3)

3824 - وفي رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « يردها ويكسوها ». (4)

3825 - وروى محمد بن ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان علي عليه السلام لا يرد الجارية بعيب إذا وطئت ولكن يرجع بقيمة العيب ، وكان علي عليه السلام يقول : معاذ اللّه أن أجعل لها أجرا ».

ص: 221


1- قوله : « إذا أقروا » يمكن أن يكون المراد ثبوت اليد اما بالاقرار أو بالشراء أو بالتصرفات الدالة على الملكية فلا يختص الحكم بأهل الذمة ، ويكون ذكر الاقرار على المثال ، ويحتمل أن يكون الحكم مختصا بهم كما هو الظاهر فلا يكفي فيهم مجرد اليد ، بل لابد من الاقرار بخلاف المسلمين فان فعالهم محمولة على الصحة لكن لم نر قائلا بالفرق الا ما يظهر من كلام يحيى بن سعيد في الجامع حيث خص الحكم بهم تبعا للرواية ، ويمكن حمله على الاستحباب ، وقال في التحرير : يجوز شراء المماليك من الكفار إذا أقروا لهم بالعبودية أو قامت لهم البينة بذلك أو كانت أيديهم عليهم. ( المرآة )
2- رواه الكليني ج 5 ص 215 بسند مرسل كالموثق. وحمل الشيخ « الشئ » في الاستبصار ج 3 ص 81 على نصف عشر ثمنها كما في خبر عبد الملك الآتي. وقال العلامة المجلسي : ويمكن حملها على ما إذا رضى البائع بها.
3- لفظ الخبر كما في الكافي والتهذيبين « ترد الحبلى وترد معها نصف عشر قيمتها » والسند حسن كالصحيح.
4- في الكافي ج 5 ص 215 في المرسل كالموثق « في الرجل يشترى الجارية الحبلى فينكحها وهو لا يعلم ، قال : يردها ويكسوها ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني التي ليست بحبلى ، فأما الحبلى فإنها ترد.

3826 - وروي عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : « رجل يدل الرجل على السلعة ويقول : اشترها ولي نصفها فيشتريها الرجل وينقد من ماله قال : له نصف الربح ، قلت : فإن وضع لحقه من الوضيعة شئ؟ فقال : نعم عليه الوضيعة كما يأخذ الربح ».

3827 - وروي عن حمزة بن حمران قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أدخل السوق أريد أن أشتري جارية فتقول : إني حرة ، قال : اشترها إلا أن تكون لها بينة » (1).

3828 - وسأله العيص بن القاسم « عن مملوك (2) ادعى أنه حر ولم يأت ببينة على ذلك أشتريه؟ قال : نعم ».

3829 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في وليدة باعها ابن سيدها وأبوه غائب ، فتسراها الذي اشتراها فولدت منه غلاما ، ثم جاء سيدها الأول يخاصم سيدها الاخر ، فقال : وليدتي باعها ابني بغير إذني قال : الحكم أن يأخذ وليدته وابنها (3) فيناشده الذي اشتراها (4) ، فقال له : خذ ابنه الذي باعك وتقول : لا واللّه لا ارسل ابنك حتى ترسل ابني (5) ، فلما رأى ذلك سيد

ص: 222


1- ينبغي حمله على ما إذا كانت الجارية مشهورة بالرقبة ، أو كان قولها ذلك بعد الاشتراء واطلاعها عليه وسكوتها فمعنى « اشترها » امض الشراء ولا تقدم بالرد بمجرد ذلك. ( مراد )
2- أي مملوك مشهور بالمملوكية وهو في يد صاحبه ، وفى المحكى عن يحيى بن سعيد في الجامع أنه لا تقبل دعوى الرقيق الحرية في السوق الا ببينة.
3- أما الأمة فلكونها ملكه وأما الابن فلكونه حاصل ملكه ولم يأذن في الوطي.
4- أي قال المشترى واللّه انى مظلوم وما كنت أعلم الواقعة.
5- في الكافي « فقال له خذ ابنه الذي باعك الوليدة حتى ينفذ لك البيع ، فلما أخذه قال له أبوه : أرسل ابني ، قال : لا واللّه لا أرسل إليك ابنك حتى ترسل ابني - الخ ».

الوليدة أجاز بيع ابنه » (1).

3830 - وروي عن ابن سنان (2) قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يشتري الغلام أو الجارية وله أخ أو أخت أو أب أو أم بمصر من الأمصار ، قال : لا يخرجه من مصر إلى مصر آخر إن كان صغيرا ، ولا يشتريه ، فإن كانت له أم فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت ».

[ بيع العدد والمجازفة والشئ المبهم ]

[ بيع العدد والمجازفة والشئ المبهم ] (3)

3831 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه سئل عن الجوز لا نستطيع أن نعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه ، ثم يكال ما بقي على حساب ذلك من العدد (4)؟ قال : لا بأس [ به ] ».

3832 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح بيعه مجازفة ، هذا مما يكره من بيع الطعام » (5).

3833 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج (6) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يشتري المبيع بالدرهم وهو ينقص الحبة ونحو ذلك ، أيعطيه الذي يشتري منه ولا يعلمه أنه ينقص؟ قال : لا إلا أن يكون مثل هذه الوضاحية (7) يجوز

ص: 223


1- قال. سلطان العلماء : ظاهر الخبر يدل على صحة بيع الفضولي وأنه يصح بالإجازة الا أن الظاهر هنا فسخ السيد قبل الإجازة ومن قال بصحة الفضولي لم يقل في مثل هذه الصورة ، ويحتمل أن المراد تجديد بيعه - انتهى ، أقول : لعل الإمام عليه السلام علم أن السيد أذن في شراء العبد سابقا فأجرى بهذا العمل حكم اللّه تعالى موافقا لعلمه كما كان في أكثر قضاياه صلوات اللّه وسلامه عليه.
2- يعنى عبد اللّه بن سنان ، رواه الكليني في الصحيح عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل.
4- الغالب أنه حينئذ يزيد أو ينقص لكن اغتفر هذه الجهالة. ( م ت )
5- الكراهة هنا محمولة على الحرمة كما هو المشهور بين الأصحاب. ( المرآة )
6- الطريق إليه صحيح ورواه الشيخ أيضا في الصحيح.
7- أي ذلك الناقص مثل هذه الوضاحية وهي الصحيحة الرائجة من الدراهم.

كما يجوز عندنا عددا » (1) ..

3834 - وسأله سماعة « عن اللبن يشتري وهو في الضروع؟ فقال : لا إلا أن يحلب لك منه سكرجة (2) فتقول : اشتري منك (3) هذا اللبن الذي في السكرجة و ما في ضروعها بثمن مسمى ، فإن لم يكن في الضروع شئ كان فيما في السكرجة » (4).

3835 - وروى أبان ، عن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال ، « سألته عن الرجل يتقبل خراج الرجال رؤوسهم وخراج النخل والشجر (5) و

ص: 224


1- أي كما يعتبر الوزن في زماننا ويكون العدد رائجا تم وزنه أو نقص. وقال الفاضل التفرشي : لعل الوضاحية مأخوذة من الوضح بمعنى الدرهم الصحيح ومعنى يجوز : يدور بين - الناس يؤخذ ويعطى ، والظاهر أن « عددا » تمير. وكان في ذلك الزمان كان يجوز بين الناس درهم ينظر إلى عدده دون وزنه فلا يلتفت إليه لقلة التفاوت.
2- السكرجة - بضم السين والكاف وتشديد الراء - : انا صغير يؤكل فيه فارسية.
3- مروى في الكافي بسند موثق وفيه « اشتر منى هذا اللبن الذي - الخ ».
4- يدل على جواز بيع المجهول إذا انضم إلى معلوم ، وعلى جواز بيع اللبن بلا كيل ولا وزن الا أن يحمل على وزن الحليب أو كيله. ( م ت )
5- طريق المصنف إلى أبان وهو ابن عثمان صحيح كما في الخلاصة وهو موثق وإسماعيل ابن الفضل ثقة والخبر مروى في الكافي ج 5 ص 195 والتهذيب ج 2 ص 152 بسند مرسل كالموثق لما فيهما عن الحسن بن محمد بن سماعة عن غير واحد جميعا عن أبان ، وقال الشيخ في النهاية في باب بيع الغرر والمجازفة : لا بأس أن يشترى الانسان أو يتقبل بشئ معلوم ، جزية رؤوس أهل الذمة ، وخراج الأرضين ، وثمرة الأشجار ، وما في الآجام من السموك إذا كان قد أدرك شئ من هذه الأجناس ، وكان البيع في عقد واحد ، ولا يجوز ذلك ما لم يدرك منه شئ على حال ، وقال ابن إدريس لا يجوز ذلك لأنه مجهول : وقال العلامة بعد نقل ذلك : أن الشيخ عول على رواية إسماعيل بن الفضل وهي ضعيفة مع أنها محمولة على أنه يجوز شراء ما أدرك ومقتضى اللفظ ذلك من حيث عود الضمير إلى الأقرب ، على أنا نقول ليس هذا بيعا في الحقيقة وإنما هو نوع مراضاة غير لازمة ولا محرمة - انتهى ، وقال العلامة المجلسي : الأظهر أن القبالة عقد آخر أعم موردا من سائر العقود ونقل عن الشهيد الثاني - رحمه اللّه - أنه قال : ظاهر الأصحاب أن للقبالة حكما خاصا زائدا على البيع والصلح بكون الثمن والمثمن واحدا وعدم ثبوت الربا فيها ، وفى الدروس أنها نوع صلح.

الآجام والمصائد والسمك والطير وهو لا يدري لعل هذا لا يكون أبدا أو يكون أيشتريه؟ وفي أي زمان يشتريه ويتقبل منه (1) فقال : إذا علمت أن من ذلك شيئا واحدا قد أدرك فاشتره وتقبل به ».

3836 - وروى زرعة ، عن سماعة بن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يشتري العبد وهو آبق عن أهله ، قال : لا يصلح له إلا أن يشتري معه شيئا آخر ، ويقول : أشتري منك هذا الشئ وعبدك بكذا وكذا فإن لم يقدر على العبد كان الثمن الذي نقده فيما اشترى منه » (2).

3837 - وروي عن يعقوب بن شعيب (3) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون لي عليه أحمال بكيل مسمى فبعث إلي بأحمال منها أقل من الكيل الذي لي عليه فاخذها مجازفة؟ فقال : لا بأس (4) به. قال : وسألته عن الرجل يكون له على الاخر مائة كر تمرا وله نخل فيأتيه فيقول : أعطني نخلك (5) هذا بما عليك ، فكأنه كرهه (6) ، قال : وسألته عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول أحدهما لصاحبه : اختر إما أن تأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيلا مسمى وتعطيني نصف

ص: 225


1- « جزية رؤوسهم - الخ » أي خراج أهل الذمة للأرض أو جزية رؤوسهم ، والآجام جمع أجم - بضم الهمزة - هو الشجر الملتف.
2- في بعض النسخ « يتقبل به ».
3- مروى في الكافي ج 5 ص 209 في الموثق وعليه عمل الأصحاب.
4- الطريق إلى يعقوب بن شعيب صحيح وهو ثقة وروى السؤال الأول الشيخ في التهذيبين بسند صحيح ، والسؤالان الأخيران مرويان في الكافي في الصحيح.
5- لعل وجهه أن هذا وفاء للقرض لا بيع حتى لا يصح مجازفة ، مع أن المأخوذ أقل من الطلب. ( سلطان ) 5. أي اعطني ثمرة نخلك.
6- لأن الظاهر أنه يبيع ثمرة النخل بالتمر الذي هو في ذمته ويحتمل الزيادة والنقصان بل احتمال المساواة بعيد جدا وليس بحرام لان ثمرة النخل ما دامت على الشجرة ليس بمكيل ولا موزون فكأنه باع غير الموزون به وهو جائز لكنه لما كان شبيها بالربا كره ذلك. ( م ت )

هذا الكيل زاد أو نقص ، وإما أن آخذه أنا بذلك ، قال : لا بأس به (1).

3838 - وروى جميل ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اشترى تبن بيدر قبل أن يداس ، تبن كل كر بشئ معلوم ، فيأخذ التبن ويبيعه قبل أن يكال الطعام؟ قال : لا بأس [ به ] » (2).

3839 - وروي عن عبد الملك بن عمرو قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أشتري مائة راوية من زيت وأعترض رواية أو اثنتين وأتزنهما ثم آخذ سايره (3) على قدر ذلك ، فقال : لا بأس ».

3840 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يكون له الدين ومعه رهن أيشتريه؟ قال : نعم » (4).

3841 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح مجازفة » (5).

3842 - وروي عن داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان معي

ص: 226


1- قال في الشرايع : إذا كان بين اثنين نخل أو شجر فتقبل أحدهما بحصة صاحبه بشئ معلوم كان جائزا ، وقال في المسالك : هذه القبالة عقد مخصوص مستثناة من المزابنة والمحاقلة معا. والأصل رواية ابن شعيب ولا دلالة فيها على ايقاعها بلفظ التقبيل - انتهى ، أقول : المزابنة بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر والمحاقلة بيع الزرع قبل بدو الصلاح أو بيعه في سنبله بالحنطة ، كذا في اللغة ولكن في الحديث المحاقلة بيع النخل بالتمر ، والمزابنة بيع الزرع بالحنطة ، خلاف ما في اللغة. والخبر في الكافي ج 5 ص 192.
2- تقدم تحت رقم 3784 عن جميل عنه عليه السلام بأدنى تغيير في اللفظ.
3- مروى في الكافي والتهذيب في الصحيح وفى الأخير « ثم آخذ سايرها » وهو الصواب وتقدم القول فيه.
4- قوله « أيشتريه » يدل على أنه يجوز أن يشترى المرتهن المرهون كما هو المشهور بين الأصحاب وقال في المسالك : موضع الشبهة ما لو كان وكيلا في البيع فإنه يجوز أن يتولى طرفي العقد ، وربما قيل بالمنع ومنع ابن الجنيد من بيعه على نفسه وولده وشريكه ونحوهم لتطرق التهمة ، والخبر مروى في الكافي في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).
5- تقدم آنفا مع زيادة تحت رقم 3829.

جرابان من مسك أحدهما رطب والاخر يابس فبدأت بالرطب فبعته ثم أخذت اليابس أبيعه فإذا أنا لا أعطى باليابس الثمن الذي يسوى ولا يزيدوني على ثمن الرطب فسألته عن ذلك أيصلح لي أن انديه؟ (1) قال : لا إلا أن تعلمهم ، قال : فنديته ثم أعلمتهم ، قال : لا بأس به إذا أعلمتهم ».

3843 - وروي عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ولد الزنا أيباع ويشترى ويستخدم؟ قال : نعم قلت : فيستنكح؟ قال : نعم ولا تطلب ولدها » (2).

3844 - وسأله سماعة « عن شراء الخيانة والسرقة ، قال : « إذا عرفت أنه كذلك فلا ، إلا أن يكون شيئا تشتريه من العمال » (3).

باب 383: المضاربة

[ باب المضاربة ] (4)

3845 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المضاربة يعطى الرجل المال فيخرج به إلى أرض وينهى أن يخرج به إلى أرض غيرها ، فعصى وخرج إلى أرض أخرى فعطب المال (5) ، فقال : هو ضامن ، و إن سلم وربح (6) فالربح بينهما ».

ص: 227


1- أي أبله - بشد اللام - والندى البلل.
2- أي تعزل قرب الانزال ، والنهى تنزيهي.
3- الظاهر أن الاستثناء منقطع وإنما استثنى عليه السلام ذلك لأنه كالسرقة والخيانة من حيث إنه ليس لهم أخذه ، وعلى هذا لا يبعد أن يكون الاستثناء متصلا. ( المرآة )
4- المضاربة مفاعلة من الضرب في الأرض والسير فيها للتجارة ، وهي أن يدفع الشخص إلى غيره مالا من أحد النقدين المسكوكين ليتصرف في ذلك بالبيع والشراء على أن له حصة معينة من ريحه.
5- عطب الشئ أي تلف أو هلك.
6- أي في صورة المخالفة فالربح حينئذ بينهما على ما شرطاه. قال في النافع : ولو أمر بالسفر إلى جهة فقصد غيرها ضمن ولو ربح كان بينهما بمقتضى الشرط ، وقال في الروضة ان خالف ما عين له ضمن المال لكن لو ربح كان بينهما للأخبار الصحيحة ولولاها لكان التصرف باطلا أو موقوفا على الإجازة.

3846 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن أمير المؤمنين عليه السلام قال : من ضمن تاجرا فليس له إلا رأس المال (1) وليس له من الربح شئ ».

3847 - وروي عن محمد بن قيس (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم ، قال ، يقوم فإن زاد درهما واحدا أعتق واستسعى في مال الرجل » (3).

3848 - وروى السكوني عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قال علي عليه السلام في رجل يكون له مال على رجل فيتقاضاه ولا يكون عنده ما يقضيه فيقول : هو عندك مضاربة ، قال ، لا يصلح حتى يقبضه منه » (4).

ص: 228


1- ذلك لان بعد ما شرط عليه الضمان يخرج عن كونه مضاربة ويصير قرضا ، فليس له حينئذ الا رأس ماله.
2- كذا في نسخ الفقيه والتهذيب لكن في الكافي عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام وهو الصواب لان له كتابا رواه ابن أبي عمير كما نص عليه الشيخ والنجاشي مضافا إلى أن محمد بن قيس يروى عن أبي جعفر عليه السلام ، ولعل التصحيف من النساخ للتشابه الخطى بين كتابة قيس وميسر.
3- قوله عليه السلام « فان زاد » المشهور بين الأصحاب أنه يجوز له أن يشترى أباه فان ظهر فيه ربح حال الشراء أو بعده انعتق نصيبه لاختياره السبب ويسعى المعتق في الباقي وإن كان الولد موسرا لاطلاق هذه الرواية وقيل يسرى على العامل مع يساره ، وحملت الرواية على اعساره ، وربما فرق بين ظهور الربح حالة الشراء وتجدده فيسرى في الأول دون الثاني ، ويمكن حمل الرواية عليه أيضا ، وفى وجه ثالث بطلان البيع لأنه مناف لمقصود القراض هذا ما ذكره الأصحاب ، ويمكن القول بالفرق بين علم العامل بكونه أباه وعدمه فيسرى عليه في الأول لاختياره السبب عمدا دون الثاني الذي هو المفروض في الرواية لكن لم أربه قائلا. ( المرآة )
4- يدل على عدم جواز ايقاع المضاربة على ما في الذمة ، ولا يدل على لزوم كونه نقدا مسكوكا ، لكن نقل في التذكرة الاجماع على اشتراط كون مال المضاربة عينا وأن يكون دراهم أو دنانير ، وتردد المحقق في الشرايع في غير المسكوك ، قال الشهيد الثاني في الشرح لا نعلم قائلا بجوازه ، لكن اعترف بعدم النص والدليل سوى الاجماع.

3849 - وقال علي عليه السلام (1) : « المضارب ما أنفق في سفره فهو من جمع المال فإذا قدم بلدته فما أنفق فهو من نصيبه ».

3850 - وكان علي عليه السلام (2) يقول : « من يموت وعنده مال المضاربة إنه إن سماه بعينه قبل موته فقال : « هذا لفلان « فهو له ، وإن مات ولم يذكره فهو أسوة الغرماء » (3).

3851 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجلين اشتركا في مال فربحا ربحا وكان من المال دين وعين فقال أحدهما لصاحبه : أعطني رأس المال والربح لك وما توى فعلي فقال : لا بأس به إذا اشترطا (4) وإن كان شرطا يخالف كتاب اللّه رد إلى كتاب اللّه عزوجل ».

3852 - وروى ابن محبوب ، عن علي بن رئاب قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « لا ينبغي للرجل منكم أن يشارك الذمي ولا يبضعه بضاعة ولا يودعه وديعة ولا يصافيه المودة ». (5)

ص: 229


1- تتمة لخبر السكوني كما يظهر من الكافي والتهذيب.
2- يدل على أن جميع السفر من أصل المال كما هو الأقوى والأشهر ، وقيل إنما يخرج من أصل المال ما زاد من نفقة السفر على الحضر ، وقيل : جميع النفقة على نفسه ، وأما كون نفقة الحضر على نفسه فلا خلاف فيه. ( المرآة )
3- أي صاحب مال المضاربة مثل أحد الغرماء ، فيوزع المال على الجميع بقدر ديونهم. ( سلطان )
4- توى - كرضى - هلك ، وفى بعض النسخ « وما توى فعليك » والظاهر هو الصواب لمطابقته مع الكافي ، وقوله « لا بأس به إذا اشترطا » محمول على ما إذا كان بعد انقضاء الشركة كما هو الظاهر.
5- طريق الخبر صحيح ومروي في الكافي في الصحيح أيضا ، والابضاع أن يدفع إلى أحد مالا يتجر فيه والربح لصاحب المال خاصة ، ويدل على كراهة مشاركة الذمي و ابضاعه وايداعه ومصافاته ، ولا يبعد في الأخير القول بالحرمة بل هو الظاهر لقوله تعالى « لا تجد قوما يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادون من حاد اللّه ورسوله » ( المرآة ) أقول : فيه نظر لاحتمال أن يكون المراد بمن حاد اللّه المنافقين بل هو الأظهر من سياق الآيات في سورة المجادلة ولا شك أن المنافق أعظم خطرا من الذمي فلا مجال للتمسك بالأولوية.

3853 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد قال ، « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له الغنم يحلبها لها ألبان كثيرة في كل يوم ما تقول في شراء الخمسمائة رطل بكذا وكذا درهما يأخذ في كل يوم منه أرطالا (1) حتى يستوفي ما يشتري منه؟ قال : لا بأس بهذا ونحوه ».

3854 - وروى الحسن بن محبوب ، عن رفاعة النخاس قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ساومت رجلا بجارية فباعنيها بحكمي (2) فقبضتها على ذلك ثم بعثت إليه بألف درهم ، وقلت له : هذه ألف درهم على حكمي عليك فأبى أن يقبلها مني وقد كنت مسستها قبل أن أبعث إليه بالثمن ، فقال : أرى أن تقوم الجارية قيمة عادلة فإن كان ثمنها أكثر مما بعثت به إليه كان عليك أن ترد عليه ما نقص من القيمة وإن كان ثمنها أقل مما بعثت به إليه فهو له (3) ، قلت : جعلت فداك فإن وجدت بها عيبا بعد ما مسستها قال : ليس لك أن تردها ولك أن تأخذ قيمة ما بين الصحة والعيب منه ». (4)

ص: 230


1- أي يشترى حالا ويأخذ منه في كل وقت ما يريد إلى أن يستوفى ما اشتراه.
2- أي بما أقول في قيمتها.
3- سند الخبر صحيح ورواه الكليني ج 5 ص 209 في الصحيح أيضا ، وقال الشهيد في الدروس : يشترط في العوضين أن يكونا معلومين فلو باعه بحكم أحدهما أو ثالث بطل. و قال سلطان العلماء : لا يخفى أن البيع بحكم المشترى أو غيره في الثمن باطل اجماعا كما نقل العلامة في التذكرة وغيره لجهالة الثمن وقت البيع « فعلى هذا يكون بيع الجارية المذكورة باطلا وكان وطي المشترى لها محمولا على الشبهة ، وأما جواب الإمام عليه السلام للسائل فلا يخلو من اشكال لأن الظاهر أن الحكم حينئذ رد الجارية مع عشر القيمة أو نصف العشر أو شراءه مجددا بثمن رضى به البايع مع أحد المذكورين سواء كان بقدر ثمن المثل أولا فيحتمل حمله على ما إذا لم يرض البايع بأقل من ثمن المثل ، ويكون حاصل الجواب حينئذ أنه يقوم بثمن المثل ان أراد شراءها ويشترى به مجددا إن كان ثمن المثل أكثر مما دفع والا بما دفع ندبا واستحبابا بناء على أنه أعطاه سابقا ، وهذا الحمل وإن كان بعيدا من العبارة مشتملا على التكلفات لكن لابد منه لئلا يلزم طرح الحديث الصحيح بالكلية.
4- محمول على ما إذا كان العيب غير الحمل.

3855 - وروى الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم بن زياد الكرخي قال : « اشتريت لأبي عبد اللّه عليه السلام جارية فلما ذهبت أنقدهم قلت أستحطهم؟ قال : لا إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة ». (1)

3956 - وروى ابن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ما تقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة وما في بطونها من حمل بكذا وكذا درهما؟ فقال : لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف » (3).

3857 - وروى الحسن بن محبوب ، عن زيد الشحام قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري سهام القصابين من قبل أن يخرج السهم ، قال : (4) إن

ص: 231


1- ظاهره التحريم وحمل على الكراهة ومعنى الاستحطاط بعد الصفقة هو أن يطلب المشترى من البايع أن يحط عنه من ثمن المبيع بعد أن يكون البيع تماما.
2- مجهول لكن لا يضر جهالته لصحة الطريق عن ابن محبوب وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه على قول الأكثر.
3- قال سلطان العلماء : إن كان الصوف مجزوزا فلا اشكال بعد كونه معلوم الوزن ، وإن كان على ظهر الانعام لابد أن يكون مستجزا أو شرط جزه على المشهور لأن المبيع حينئذ مشاهد والوزن غير معتبر مع كونه على ظهرها. وقال المحقق وجماعة لا يجوز بيع الجلود والأصواف والأوبار والشعر على الانعام ولو ضم إليه غيره لجهالته ، وقال في المسالك : الأقوى جواز بيع ماعد الجلد منفردا ومنضما مع مشاهدته وان جهل وزنه لأنه حينئذ غير موزون كالثمرة على الشجرة وإن كان موزونا لو قلس. وفى بعض الأخبار دلالة عليه وينبغي مع ذلك جزه في الحال أو شرط تأخيره إلى مدة معلومة ، فعلى هذا يصح ضم ما في البطن إليه إذا مكان المقصود بالذات هو ما على الظهر ، وهو جيد لكن في استثناء الجلد تأمل كما قاله العلامة المجلسي.
4- رواه الكليني ج 5 ص 223 في الصحيح وزاد هنا : « لا يشترى شيئا حتى يعلم من أين يخرج السهم فان اشترى - الحديث » وقال سلطان العلماء : لعل المراد بسهام القصابين الجزء المشاع من عدة أغنام اشتروها شركة ، فالرجل إذا اشترى من أحدهم سهمه قبل القسمة والتعيين فهو بالخيار بعد الخروج والقسمة لخيار المقرر في الحيوان ان قلنا بصحة ذلك البيع ، ويحتمل أن يكون المراد الخيار بأخذه ببيع جديد أو تركه بناء على بطلان ذلك البيع حيث لا يكون المنظور الجزء المشاع بل ما حصل بعد القسمة وهو مجهول فتأمل.

اشترى سهما فهو بالخيار إذا خرج ».

3858 - وروى الحسن بن محبوب ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « ما تقول في رجل يهب لعبده ألف درهم أو أقل أو أكثر فيقول : حللني من ضربي إياك أو من كل ما كان مني إليك أو مما أخفتك وأرهبتك فيحلله و يجعله في حل رغبة فيما أعطاه ، ثم إن المولى بعد أصاب الدراهم التي أعطاه في موضع قد وضعها فيه العبد فأخذها المولى أحلال هي له؟ فقال : لا ، فقلت له : أليس العبد وماله لمولاه؟ قال : ليس هذا ذاك (1) ، ثم قال عليه السلام : قل له : فليردها عليه فإنه لا يحل له فإنه افتدى بها نفسه من العبد مخافة العقوبة والقصاص يوم القيامة فقلت له : فعلى العبد أن يزكيها إذا حال عليها الحول؟ قال : لا (2) إلا أن يعمل له بها (3) ، ولا يعطى العبد من الزكاة شيئا ».

3859 - وروي عن يونس بن يعقوب (4) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يشتري من الرجل البيع فيستوهبه (5) بعد الشراء من غير أن يحمله على الكره؟ قال : لا بأس به.

3860 - وروي عن زيد الشحام قال : « أتيت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام بجارية أعرضها عليه فجعل يساومني وأنا أساومه ثم بعتها إياه فضمن على يدي (6)

ص: 232


1- ظاهره يشعر بعدم مالكية العبد في غير ذلك. ( سلطان )
2- يدل على تملك العبد أرش الجناية وعلى أنه ليس عليه في ماله زكاة لعدم تمكنه من التصرف ( م ت ) وقال في المدارك : لا ريب في عدم وجوب الزكاة على المملوك على القول بأنه لا يملك وإنما الخلاف على القول بملكه والأصح أنه لا زكاة عليه.
3- فيؤدى زكاة التجارة استحبابا كالطفل. ( سلطان )
4- في كثير من النسخ « يوسف بن يعقوب » فالطريق ضعيف بمحمد بن سنان والى يونس فيه الحكم بن مسكين.
5- المراد بالبيع المبيع ويستوهبه أي يطلب منه الاستحطاط ظاهرا.
6- أي ضرب على يدي وهو الصفقة ( مراد ) وفى الكافي « فضم على يدي » وهو سريح في المقصود.

فقلت : جعلت فداك إنما ساومتك لأنظر المساومة تنبغي أو لا تنبغي فقلت : قد حططت عنك عشرة دنانير ، قال : هيهات ألا كان هذا قبل الضمة (1)؟ أما بلغك قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الوضيعة بعد الضمة حرام »؟. (2)

3861 - وروى روح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تسعة أعشار الرزق في التجارة ». (3)

3862 - وروى ابن بكير ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن سمرة ابن جندب كان له عذق في حائط رجل من الأنصار وكان منزل الأنصاري فيه الطريق إلى الحائط فكان يأتيه فيدخل عليه ولا يستأذن ، فقال : إنك تجئ وتدخل ونحن في حال نكره أن ترانا عليه ، فإذا جئت فاستأذن حتى نتحرز ثم نأذن لك وتدخل ، قال : لا أفعل هو مالي أدخل عليه ولا أستأذن ، فأتى الأنصاري رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فشكى إليه وأخبره ، فبعث إلى سمرة فجاءه ، فقال له : استأذن عليه ، فأبى وقال له مثل ما قال للأنصاري ، فعرض عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يشتري منه بالثمن فأبى عليه وجعل يزيده فيأبى أن يبيع ، فلما رأى ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال له : لك عذق في الجنة فأبى أن يقبل ذلك فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الأنصاري أن يقلع النخلة فيلقيها إليه وقال لا ضرر ولا إضرار ». (4)

3863 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن الرجل يدفع الطعام إلى الطحان فيقاطعه على أن يعطي صاحبه لكل عشرة أمنان

ص: 233


1- الضمة ان ضم أحدهما يد الآخر كما هو الدأب في البيع والشراء وفى كثير من النسخ « قبل الضمنة » بالنون أي لزوم البيع وضمان كل منهما لما صار إليه.
2- الوضعية أن توضع من الثمن وحمل على الكراهة الشديدة أو عدم رضى البايع ، وفى كثير من النسخ « الوضيعة بعد الضمنة حرام ».
3- لعله روح بن عبد الرحيم وفى نسخة « ذريح » وتقدم نحوه تحت رقم 3722 مع بيان له.
4- تقدم تحت رقم 3423 بلفظ آخر ونقلنا كلام الشراح هناك مبسوطا.

عشرة أمنان دقيق (1)؟ قال : لا ، فقلت : فرجل يدفع السمسم إلى العصار فيضمن له بكل صاع أرطالا مسماة؟ فقال : لا ». (2)

باب 384: بيع الكلاء والزرع والأشجار والأرضين والقنى والشرب والعقار

والقنى والشرب والعقار (3)

3864 - روى أبان ، عن إسماعيل بن الفضل قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن بيع الكلاء إذا كان سيحا (4) يعمد الرجل إلى مائه فيسوقه إلى الأرض فيسقيه الحشيش وهو الذي حفر النهر وله الماء يزرع به ما يشاء؟ فقال : إذا كان الماء له فليزرع به ما شاء ويبيعه بما أحب ».

3865 - وسأله سماعة « عن شراء القصيل (5) يشتريه الرجل فلا يقصله (6) ويبدو له في تركه حتى يخرج سنبله شعيرا أو حنطة وقد اشتراه من أصله (7) وما

ص: 234


1- رواه الكليني ج 5 ص 189 في الصحيح وفيه « فيقاطعه على أن يعطى صاحبه لكل عشرة أرطال اثنى عشر دقيقا - الخ » وقوله « قال : لا » لأنه يمكن أن ينقص كما هو الغالب سيما إذا كان في الحنطة تراب ونحوه ، ويحتمل أن يكون المراد نفى اللزوم أي العامل أمين ويلزم أن يؤدى إلى المالك ما حصل سواء كان أقل أو أكثر. ( المرآة )
2- في المحكى عن الشهيد في الدروس : روى محمد بن مسلم النهى من مقاطعة الطحان على دقيق بقدر حنطة وعن الخروج عن البيع والإجارة.
3- القناة يجمع على قنوات وقني - على فعول بالضم - وقناء مثل جبل وجبال ، والمراد بالشرب نصيب الماء ، والعقار الأرض والضياع والنخل كما في الصحاح.
4- السيح : الماء الجاري سمى بالمصدر ، يعنى إذا كان الماء جاريا ، وقوله « يعمد - الخ » بيان ذلك. ( مراد )
5- القصيل : الشعير الأخضر لعلف الدواب.
6- أي ولا يقطعه ، والقصل : القطع.
7- أي لا جزة ولا جزاة ، ذكره تأييدا لجواز الترك. ( المرآة )

كان على أربابه من خراج فهو على العلج (1) فقال : إن كان اشترط حين اشتراه إن شاء قطعه قصيلا وإن شاء تركه كما هو حتى يكون سنبلا (2) ، وإلا فلا ينبغي له أن يتركه ، حتى يكون سنبلا ».

3866 - وسأله سماعة « عن الرجل اشترى مرعى يرعى فيه بخمسين درهما أو أقل أو أكثر فأراد أن يدخل معه من يرعى معه ويأخذ منهم الثمن ، قال : فليدخل معه من شاء ببعض ما أعطى ، وإن أدخل معه بتسعة وأربعين درهما فكان غنمه ترعى بدرهم فلا بأس ، وليس له أن يبيعه بخمسين درهما ويرعى معهم (3) إلا أن يكون قد عمل في المرعى عملا حفر بئرا أو شق نهرا برضا أصحاب المرعى فلا بأس بأن يبيعه بأكثر مما اشتراه به لأنه قد عمل فيه عملا فلذلك يصلح له ».

3867 - وروى سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إني لأكره أن أستأجر الرحى وحدها ثم أؤاجرها بأكثر مما استأجرتها إلا أن أحدث فيها حدثا أو أغرم فيها غرما ». (4)

3868 - وفي رواية إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا تقبلت أرضا بذهب أو فضة فلا تقبلها بأكثر مما قبلتها به لان الذهب والفضة مصمتان ». (5)

ص: 235


1- العلج الرجل من كفار العجم ، وكأنهم في ذلك الزمان كانوا زارعين لأهل المدينة ويحتمل اشتقاقه من المعالجة بمعنى المزاولة. ( سلطان )
2- جزاء الشرط محذوف أي فلا بأس.
3- أن كان الكلام أفاد الحرمة فالحكم مخصوص بالمرعى دون المسكن لجوازه في الاخبار والا فمحمول على الكراهة ، والخبر رواه الكليني في الموثق أيضا.
4- الغرامة ما يلزم أداؤه ورواه الكليني في الموثق عن أبي بصير عنه عليه السلام.
5- لعل المراد أنهما ليسا مما ينمو كالحيوان والنبات فلا يزيد ان في يد المالك بالتصرف فيهما على وجه من الوجوه ( مراد ) وفى بعض النسخ « مضمونان » كما في التهذيب ، وقال سلطان العلماء : لا يخفى ما فيه من الخفاء ويحتمل أن المراد أن ما أخذت شيئا مما دفعت من الذهب والفضة فهو مضمون وأنت ضامن له يجب دفعه إلى صاحبه ويكون معنى قوله عليه السلام « فإنهما مضمونان » أن الشرع ورد بذلك فهو نقل لا بيان للعلة والحكمة وكذا على نسخة « مضمنان » ، وأما على نسخة « مصمتان » فيحتمل أن المراد أنهما غير نابتين فينبغي أن يكون عوضهما كذلك وفيه تأمل ، أقول : روى في التهذيب ج 2 ص 173 عن الحلبي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام « أتقبل الأرض بالثلث أو بالربع فأقبلها بالنصف؟ قال : لا بأس به ، قلت فأتقبلها بألف درهم وأقبلها بألفين؟ قال : لا يجور. قلت : كيف جاز الأول ولم يجز الثاني؟ قال : لان هذا مضمون وذلك غير مضمون ».

3869 - وروى [ عن ] علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الحنطة والشعير اشتري زرعه قبل أن يسنبل وهو حشيش؟ قال : لا إلا أن يشتريه لقصيل يعلفه الدواب ثم يتركه إن شاء حتى يسنبل ». (2)

3870 - وروي عن سعيد بن يسار (3) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له شرب مع القوم في قناتهم وهم فيه شركاء فيستغني بعضهم عن شربه أيبيعه قال : نعم إن شاء باعه بورق (4) وإن شاء باعه بكيل حنطة ».

3871 - وسأله سماعة « عن رجل يزارع ببذره في الأرض مائة جريب من الطعام أو غيره مما يزرع ثم يأتيه رجل آخر فيقول له : خذ مني نصف بذرك ونصف نفقتك في هذه الأرض لا شاركك؟ قال : لا بأس بذلك ». (5)

ص: 236


1- علي بن أبي حمزة هو البطائني الضعيف قائد أبي بصير يحيى بن ( أبى ) القاسم الحذاء المكفوف وراويه.
2- قال في شرح اللمعة : يجوز بيع الزرع قائما على أصوله سواء أحصد أم لا ، قصد قصله أم لا ، لأنه قابل للعلم مملوك ، فتناوله الأدلة خلافا للصدوق حيث شرط كونه سنبلا أو القصل.
3- كذا في النسخ وفى الكافي « سعيد الأعرج » وهو سعيد بن عبد الرحمن أو عبد اللّه ويظهر من كتب الرجال عدم اتحادهما.
4- أي بدرهم مع تعيين المدة. قال في المسالك : ما حكم بملكه من الماء يجوز بيعه كيلا ووزنا لانضباطهما فكذا يجوز مشاهدة إذا كان محصورا. وأما بيع ماء البئر والعين أجمع فالأشهر منعه لكونه مجهولا وكونه يزيد شيئا فشيئا فيختلط المبيع بغيره ، وفى الدروس جوز بيعه على الدوام سواء كان منفردا أم تابعا للأرض وينبغي جواز الصلح لان دائرته أوسع.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 172 في حديث مع اختلاف في اللفظ.

3872 - وسأله « عن رجل اشترى قصيلا فلم يقصله وتركه حتى صار شعيرا وقد كان اشترط على العلج يوم اشتراه أنه ما يأتيه من نائبة أنه على العلج ، فقال : إن كان اشتراط على العلج يوم اشتراه أنه إن شاء جعله سنبلا وإن شاء جعله قصيلا فله شرطه ، وان لم يكن اشتراط فلا ينبغي له أن يدعه حتى يكون سنبلا فإن فعل فإن عليه طسقه (1) ونفقته وله ما يخرج منه ». (2)

وإن اشترى رجل نخلا ليقطعه للجذوع فغاب وترك النخل كهيئته لم يقطع ثم قدم وقد حمل النخل فالحمل له إلا أن يكون صاحب النخل كان يسقيه ويقوم عليه (3).

وإن أتى رجل أرضا فزرعها بغير إذن صاحبها ، فلما بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال : زرعت بغير إذني فزرعك لي وعلي ما أنفقت فللزارع زرعه ولصاحب الأرض كرى أرضه. (4)

ص: 237


1- الطسق - كفلس - : الوظيفة من خراج الأرض المقررة عليها ، والكلمة دخيلة.
2- تقدم صدره تحت رقم 3862
3- روى الكليني ج 5 ص 297 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 174 في الصحيح عن - هارون بن حمزة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشترى النخل ليقطعه للجذوع فيغيب الرجل ويدع النخل كهيئته لم يقطع ، فيقدم الرجل وقد حمل النخل ، فقال : له الحمل يصنع به ما شاء الا أن يكون صاحب النخل كان يسقيه ويقوم عليه » لم يذكر عليه السلام اجرة السقي ولعل ذلك أنه كان للمالك أن يقطع النخل فلما لم يقطعه فكأنه رضى ببقائه مجانا والمشهور بين الأصحاب استحقاق الاجر وعدم الذكر لا يدل على العدم.
4- مضمون ما رواه الكليني ج 5 ص 296 والشيخ في التهذيب ج 2 ص 172 بسند صحيح عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن عبد اللّه بن هلال - وهو مجهول الحال - عن عقبة بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أتى أرض رجل فزرعها بغير اذنه حتى إذا بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال : زرعت بغير اذني فزرعك لي ولك على ما أنفقت ، أله ذلك أم لا؟ فقال : للزارع زرعه ولصاحب الأرض كرى أرضه » ويدل على ما هو المشهور بين الأصحاب من أنه إذا زرع الغاصب الأرض المغصوبة أو غرس فيها غرسا فنماؤه له تبعا للأصل ولا يملكه المالك على أصح القولين كما في المرآة.

3873 - وروي عن محمد بن علي بن محبوب (1) قال : « كتب رجل إلى الفقيه عليه السلام في رجل كانت له رحى على نهر قرية والقرية لرجل أو لرجلين فأراد صاحب القرية أن يسوق الماء إلى قريته في غير هذا النهر الذي عليه هذه الرحى ويعطل هذه الرحي أله ذلك أم لا؟ فوقع عليه السلام : يتقي اللّه ويعمل في ذلك بالمعروف ولا يضار أخاه المؤمن. وفي رجل كانت له قناة في قرية فأراد رجل آخر أن يحفر قناة أخرى فوقها (2) فما يكون بينهما في البعد حتى لا يضر بالأخرى في أرض إذا كان صعبة أو رخوة؟ فوقع عليه السلام : على حسب أن لا يضر أحدهما بالآخر إن شاء اللّه تعالى ». (3)

3874 - و « قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يكون بين القناتين في العرض (4) إذا كانت أرضا رخوة أن يكون بينهما ألف ذراع ، وإن كانت أرضا صلبة يكون بينهما خمسمائة ذراع ».

3875 - « وقضى عليه السلام في أهل البوادي أن لا يمنعوا فضل ماء ولا يبيعوا (5) فضل الكلاء ».

3876 - و « قضى عليه السلام أن البئر حريمها أربعون ذراعا لا يحفر إلى جنبها بئر أخرى لمعطن أو غنم ». (6)

ص: 238


1- كذا في جميع النسخ والتهذيب أيضا ، ومحمد بن علي بن محبوب عده الشيخ في رجاله ممن لم يرو عنهم عليهم السلام وفى الكافي ج 5 ص 293 عن محمد بن يحيى ، عن محمد ابن الحسين وفى بعض النسخ « محمد بن الحسن » - قال : « كتبت إلى أبى محمد عليه السلام - و ذكر مثله » الا أنه قدم المسألة الثانية على الأولى.
2- في الكافي « إلى قرية له ».
3- ظاهر هذا الخبر والاخبار الاخر أن المدار على الضرر مع تواتر الاخبار بلا ضرر ولا ضرار والمشهور التحديد في الصلبة بخمسمائة ذراع وفى الرخوة بألف ذراع كما سيجيئ.( م ت )
4- بأن يكون أحدهما موازية للأخرى ( مراد ) وفى بعض النسخ « في الأرض » بدل « في العرض ».
5- في بعض النسخ « ولا يمنعوا ».
6- المعطن مشرب الإبل ، وفى بعض النسخ « لعطن ».

3877 - وروى محمد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن ماء - الوادي فقال : إن المسلمين شركاء في الماء والنار والكلاء ». (1)

3878 - وروى عمر بن حنظلة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل باع أرضا على أن فيها عشرة أجربة ، فاشترى المشتري ذلك منه بحدوده ونقد الثمن وأوقع صفقة البيع وافترقا فلما مسح الأرض إذا هي خمسة أجرية ، قال : إن شاء استرجع فضل ماله وأخذ الأرض ، وإن شاء رد البيع وأخذ ماله كله إلا أن تكون إلى حد تلك الأرض له أيضا أرضون فيوفيه ويكون البيع لازما له والوفاء له بتمام المبيع (2) ، فإن لم يكن له في ذلك المكان غير الذي باع فإن شاء المشتري أخذ الأرض واسترجع فضل ماله ، وإن شاء رد وأخذ المال كله ».

باب 385: احياء الموات والأرضين

3879 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن الشراء من أرض

ص: 239


1- الكلاء : العشب رطبه ويابسه والمراد بالماء ماء الوادي بقرينة السؤال ، وقال سلطان العلماء : لعل المراد بالنار الحطب تسمية للسبب باسم المسبب ، والمراد بالثلاثة ما هو المباح بالأصل قبل الحيازة أي نسبة جميع المسلمين إليه بالسواء فيجوز لكل أحد حيازتها والانتفاع بها - انتهى. أقول : محمد بن سنان ضعيف جدا لا يعول عليه ولا يلتفت إلى ما تفرد به وقال المفيد انه ثقة لكن ضعفه الشيخ وقال الفضل بن شاذان في بعض كتبه ان من الكذابين المشهورين ابن سنان وليس بعبد اللّه ، ورفع أيوب بن نوح إلى حمدويه دفترا فيه أحاديث محمد بن سنان فقال : ان شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا فانى كتبت عن محمد بن سنان ولكني لا أروى عنه شيئا فإنه قال قبل موته : كل ما حدثتكم به لم يكن لي سماعا ولا رواية وإنما وجدته. راجع القسم الثاني من الخلاصة ، والمراد بأبي الحسن على الرضا عليه السلام.
2- ان أريد بيان أحد شقوق التراضي فهو والا فظاهره لزوم البيع من جانب المشترى وليس له رده ، وقوله عليه السلام : « لازما له » أي للمشترى ، و « الوفاء له بتمام المبيع » أي من المبايع.

اليهودي والنصراني (1) فقال : ليس به بأس ، وقد ظهر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على خيبر فخارجهم (2) على أن تكون الأرض في أيديهم يعملون فيها ويعمرونها ، وما بأس لو اشتريت منها (3) شيئا ، وأيما قوم أحيوا شيئا من الأرض فعمروه فهم أحق به وهو لهم ». (4)

3880 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله (5) : « من غرس شجرا بدءا أو حفر واديا لم يسبقه إليه أحد ، أو أحيا أرضا ميتة فهي له قضاء من اللّه عزوجل ورسوله ».

3881 - وروي عن الحسن بن علي الوشاء قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى من رجل أرضا جربانا معلومة بمائة كر على أن يعطيه من الأرض ، فقال : حرام (6) ، قلت : جعلت فداك فان اشترى منه الأرض بكيل معلوم وحنطة من غيرها (7)؟ فقال : لا بأس بذلك ».

3882 - وروي عن أبي الربيع الشامي (8) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا

ص: 240


1- المراد بأراضيهم ما يكون ملكا لهم وتؤخذ الجزية منها.
2- أي ضرب الخراج عليهم وقاطعهم ، والاستشهاد من باب مفهوم الموافقة فإذا كان بيع أراضي خيبر جائزا فما كان ملكا لهم جاز بالطريق الأولى.
3- أي من الأرض المسؤول عنها التي هي ملكهم.
4- في التهذيب والاستبصار « فهم أحق بها وهي لهم ».
5- رواه الكليني ج 5 ص 280 عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله وكذا الشيخ في كتابيه.
6- رواه الكليني ج 5 ص 264 بسند صحيح وقال العلامة المجلسي : لعل المنع لكونه شبيها بالربا أو لعدم تيقن حصوله منها أو لعدم العلم بالمدة التي يحصل منها ولم أره كما في بالى في كلام القوم.
7- أي مع اشتراط غيرها أو مع الاطلاق بحيث يجوز له أن يؤدى من غيرها. ( المرآة )
8- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 158 باسناده عن الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي واسمه خليد بن أوفى ، وله كتاب.

يشترى من أراضي أهل السواد شيئا إلا من كانت له ذمة فإنما هي فيئ للمسلمين » (1).

3883 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل - وأنا حاضر - عن رجل أحيا أرضا مواتا فكرى فيها نهرا (2) وبنى بيوتا وغرس نخلا وشجرا ، فقال : هي له وله أجر بيوتها وعليه فيها العشر فيما سقت السماء أو سيل واد أو عين ، وعليه فيما سقت الدوالي والغرب (3) نصف العشر ».

3884 - وسأله سماعة « عن رجل زارع مسلما أو معاهدا فأنفق فيه نفقة (4) ثم بداله في بيعه أله ذلك؟ قال : يشتريه بالورق فإن أصله طعام » (5).

3885 - وسأله عبد اللّه بن سنان « عن النزول على أهل الخراج ، فقال : ثلاثة أيام ». وروي ذلك عن النبي صلى اللّه عليه وآله (6).

3886 - وروي عن علي بن مهزيار قال : « سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام عن دار كانت لامرأة وكان لها ابن وابنة فغاب الابن في البحر وماتت المرأة فادعت ابنتها أن أمها كانت صيرت تلك الدار لها وباعت أشقاصا(7) منها وبقيت في الدار قطعة

ص: 241


1- المراد بأراضي أهل السواد الأراضي المفتوحة عنوة كالعراق وغيره وقوله « الا من كانت له ذمة » أي من ضرب عليه الخراج على أن تكون الأرض في أيديهم ، وقوله : « لا يشترى » خبر منفى ، وفى بعض النسخ « لا تشترى » وفى التهذيب والاستبصار « لا تشتر » فالمعنى واضح وعلى ما في المتن يمكن أن يكون المراد أنه لا يشترى من الأراضي المفتوحة عنوة الا مسلم أو معاهد يؤدى الخراج ، لكن الظاهر أن نسخ الفقيه مصحفة والصواب ما في كتابي الشيخ رحمه اللّه.
2- كريت النهر كريا حفرته.
3- الغرب : الدلو العظيم والراوية.
4- أي فأنفق الزارع فيه نفقة. وقوله « بداله في بيعه » أي بيع حصته.
5- يدل على كراهة بيع الزرع بالحب للربا المعنوي ولا يحرم لان الزرع ليس بمكيل ولا موزون ولو كان حنطة فباعه بحنطة منه فهو محاقلة وقد ادعى الاجماع على حرمته.
6- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 159 في الصحيح.
7- الشقص - بكسر الشين المعجمة - : القطعة من الأرض والنصيب في العين المشتركة من كل شئ.

إلى جنب دار رجل من إخواننا فهو يكره أن يشتريها لغيبة الابن وما يتخوف من أنه لا يحل له شراؤها وليس يعرف للابن خبر ، قال : ومنذ كم غاب؟ قلت : منذ سنين كثيرة ، فقال : ينتظر به غيبة سنين ثم يشتري » (1).

3887 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رحمه اللّه - (2) إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام « في رجل اشترى من رجل بيتا في دار له بجميع حقوقه ، وفوقه بيت آخر هل يدخل البيت الاعلى في حقوق البيت الأسفل أم لا؟ فوقع عليه السلام : ليس له إلا ما اشتراه باسمه وموضعه إن شاء اللّه ».

3888 - وكتب إليه « في رجل قال لرجلين : اشهدا إن جميع الدار التي له في موضع كذا وكذا بحدودها كلها لفلان ابن فلان وجميع ماله في الدار من المتاع ، والبينة لا تعرف المتاع أي شئ هو؟ فوقع عليه السلام ، يصلح إذا أحاط الشراء بجميع ذلك إن شاء اللّه » (3).

3889 - وكتب إليه « في رجل كانت له قطاع أرضين فحضره الخروج إلى مكة والقرية على مراحل من منزله ولم يكن له من المقام ما يأتي بحدود أرضه (4) وعرف

ص: 242


1- المشهور الانتظار إلى العمر الطبيعي ، وقيل : أربع سنين بشرط الطلب وهو اختيار السيد المرتضى والصدوق - رحمهما اللّه - في الميراث ، وقيل : إلى عشرة سنين بلا طلب كما في هذه الرواية ( سلطان ) أقول : طريق المصنف إلى علي بن مهزيار صحيح لكن قوله « روى عن علي بن مهزيار » يشعر بكونه مأخوذا من كتاب مثل الكافي وفيه في طريقه سهل بن زياد وهو ضعيف على المشهور ، ومروى في التهذيب في باب ميراث المفقود « عن علي بن مهزيار » بدون لفظة « روى » وطريقه إليه صحيح.
2- كذا وطريق المصنف إليه صحيح ، وفى التهذيب مثل ما في المتن أعني بدون ذكر السند وطريقه إليه صحيح أيضا.
3- في الكافي ج 7 ص 402 في حديث عن محمد بن يحيى عنه وفى التهذيب ذيل الخبر المتقدم ، وقوله « يصلح » ذلك إذا علم المشترى ما في البيت ولم يعلمه الشاهد أو مع جهالته عند المشترى أيضا لكونه آئلا إلى المعلومية مع انضمامه إلى المعلوم كما في المرآة.
4- أي لا يسعه التوقف بقدر استعلام حدود أرضه بخصوصها وان عرف حدود كل القرية ( سلطان ) وفى الكافي « ولم يؤت بحدود أرضه » بدل « ولم يكن له من المقام - الخ ».

حدود القرية الأربعة فقال للشهود : اشهدوا اني قد بعت من فلان - يعني المشتري - جميع القرية التي حد منها كذا والثاني والثالث والرابع وإنما له في هذه القرية قطاع أرضين فهل يصلح للمشتري ذلك وإنما له بعض هذه القرية وقد أقر له بكلها؟ فوقع عليه السلام لا يجوز بيع ما ليس يملك وقد وجب الشراء من البائع على ما يملك » (1).

3890 - وكتب إليه « في رجل يشهده أنه قد باع ضيعة من رجل آخر وهي قطاع أرضين ولم يعرف الحدود في وقت ما أشهده ، وقال : إذا أتوك بالحدود فاشهد بها هل يجوز له ذلك ، أو لا يجوز له أن يشهد؟ فوقع عليه السلام : نعم يجوز والحمد لله » (2).

3891 - وكتب إليه « هل يجوز أن يشهد على الحدود إذا جاء قوم آخرون من أهل تلك القرية فشهدوا أن حدود هذه الضيعة التي باعها الرجل هي هذه ، فهل يجوز لهذا الشاهد الذي أشهده بالضيعة ولم يسم الحدود أن يشهد بالحدود بقول هؤلاء الذين عرفوا هذه الضيعة وشهدوا له؟ أم لا يجوز لهم أن يشهدوا وقد قال لهم البائع : اشهدوا بالحدود إذا أتوكم بها (3)؟ فوقع عليه السلام : لا تشهد إلا على صاحب الشئ وبقوله (4) إن شاء اللّه ».

3892 - وروي عن جراح المدائني قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن دار

ص: 243


1- أي بنسبة من الثمن كما هو المشهور ، أو بكله إذا علم المشترى أن المبيع بعض هذه القرية وإنما ذكر الكل لعدم علمه بالحدود. ( المرآة )
2- اما مجملا مع عدم العلم بالحدود أو مفصلا مع العلم بها ، ليوافق المشهور وسائر الأخبار ( المرآة ) وقال الفاضل التفرشي : قوله « إذا أتوك » أي إذا ذكروا لك الحدود و عرفوا إياها فاشهد بها ، والظاهر أن المعرفين ممن نص عليهم المقر بقرينة ما يأتي بعد ذلك « إذا جاء قوم آخرون » أي سوى الجماعة التي أشار البايع إليهم بقوله « إذا أتوك ».
3- يعنى قال البايع لهؤلاء الآخرين : اشهدوا بالحدود إذا أتوكم بها ، ولعل هذا لا يلائم استظهار الفاضل التفرشي.
4- يعنى إذا حصل لك العلم من البايع بالبيع ومن الشهود بالحدود فعليك أن تشهد بما في الواقع بأن تقول : أشهدني المالك على البيع والشهود على الحدود. ( م ت )

فيها ثلاثة أبيات وليس لهن حجر (1) ، قال : إنما الاذن على البيوت ليس على الدار إذن » (2).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني بذلك الدار التي تكون للغلة وفيها السكان بالكرى أو بالسكنى فليس على مثلها من الدور إذن إنما الاذن على البيوت ، فأما الدار التي ليست للغلة فليس لأحد أن يدخلها إلا بإذن.

باب 386: المزارعة والإجارة

3893 - روي عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يعطي الرجل أرضه وفيها ماء ونخل وفاكهة فيقول : اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرج اللّه عزوجل منه ، قال : لا بأس ».

قال : وسألته عن الرجل يعطي الرجل الأرض الخربة فيقول : اعمرها وهي لك ثلاث سنين أو أربع أو خمس سنين أو ما شاء ، قال : لا بأس [ بذلك ].

قال : وسألته عن الرجل تكون له الأرض من أرض الخراج عليها خراج معلوم وربما زاد وربما نقص فيدفعها إلى الرجل (3) على أن يكفيه خراجها ويعطيه مائتي درهم في السنة؟ قال : لا بأس » (4).

ص: 244


1- أي ليس لهذه البيوت منع عن الدخول يعنى ليس لها باب فهل يحتاج إلى الاستيذان لدخول الدار أم لا ويجوز الدخول.
2- إشارة إلى قوله تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ».
3- يحتمل كون ذلك بطريق المصالحة أو الإجارة أو التقبل. ( سلطان )
4- لعل وجهه أن مال الإجازة أو المصالحة حينئذ في الحقيقة هو مائنا درهم وهو معلوم لا جهالة فيه ويكون الخراج من قبيل سائر المؤونات التي على المستأجر ويزيد و ينقص فلا بأس بجهالته واحتماله الزيادة والنقصان كسائر المؤونات ( سلطان ) واحتمل بعض أن يكون فاعل زاد ونقص هو الحاصل.

3894 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يتقبل الأرض بطيبة نفس أهلها على شرط يشارطهم عليه ، قال : له أجر بيوتها (1) إلا الذي كان في أيدي دهاقينها إلا أن يكون قد اشترط على أصحاب الأرض ما في أيدي الدهاقين » (2).

3895 - وروى شعيب ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا تقبلت أرضا بطيبة نفس أهلها على شرط شارطتهم عليه فإن لك كل فضل في حرثها إذا وفيت لهم ، وإنك إن رممت فيها مرمة وأحدثت فيها بناء فإن لك أجر بيوتها إلا ما كان في أيدي دهاقينها ».

3896 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن رجل استأجر أرضا بألف درهم ، ثم آجر بعضها بمائتي درهم ، ثم قال له صاحب الأرض الذي آجره : أنا أدخل معك فيها بما استأجرت فننفق جميعا (3) فما كان فيها من فضل كان بيني وبينك ، قال : لا بأس بذلك ».

3897 - وروى أبان ، عن إسماعيل قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل استأجر من رجل أرضا فقال : آجرنيها بكذا وكذا إن زرعتها أو لم أزرعها أعطيك

ص: 245


1- قوله « على شرط يشارطهم عليه » أي من المدة والعمل وغير ذلك ، وقوله عليه السلام « له » أي للمتقبل والمراد بأجر البيوت منافع بيوتها الكائنة في هذه الأرض.
2- في التهذيب والكافي هكذا « بطيبة نفس أهلها على شرط يشارطهم عليه وان هو رم فيها مرمة أو جدد فيها بناء فان له أجر بيوتها الا الذي كان في أيدي دهاقينها أولا ، قال إذا كان قد دخل في قبالة الأرض على أمر معلوم فلا يعرض لما في أيدي دهاقينها الا أن يكون قد اشتراط - الخ » فالظاهر أن الزيادة سقط من قلم المصنف أو لخص الخبر ، والغرض كما قاله المولى المجلسي؟ إذا تقبل عاملا قرية خربة وشرط على أصحابها انه ان رم دورها يكون له أجرة تلك الدور سوى ما كان في أيدي أهل القرية قبل المرمة أو قبل الإجارة فإذا رمها هل يجوز أن يأخذ من الاكرة أجرة الدور؟ فقال عليه السلام قاعدة كلية وهي أنه إذا استأجر الأرض أو زارعها فان القبالة يشملهما ينصرف الاطلاق إلى الأراضي ولا يدخل فيه الدور والبيوت سيما ما كان في أيدي الاكرة الا أن يذكر الدور مع المزرعة.
3- أي الضروريات للعمل.

ذلك فلم يزرع الرجل ، قال : له أن يأخذه بماله إن شاء ترك وأن شاء لم يترك ». (1)

3898 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تستأجر الأرض بالتمر ولا بالحنطة ولا بالشعير ولا بالأربعاء ولا بالنطاف (2) ، قلت : وما الأربعاء؟ قال : الشرب ، والنطاف فضل الماء (3) ، ولكن تتقبلها بالذهب والفضة ، والنصف والثلث والربع ».

3899 - وروى محمد بن مسلم (4) عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل اكترى دارا وفيها بستان فزرع في البستان وغرس نخلا وأشجارا وفاكهة وغيرها ولم يستأمر في ذلك صاحب الدار ، قال : عليه الكرى ، ويقوم صاحب الدار ذلك الغرس والزرع فيعطيه الغارس إن كان استأمره في ذلك ، وإن لم يكن استأمره فعليه الكرى وله الغرس والزرع يقلعه ويذهب به حيث شاء ».

3900 - وروى إدريس بن زيد (5) عن أبي الحسن عليه السلام قال : قلت له : « جعلت

ص: 246


1- أي ان شاء المستأجر ترك الزرع وان شاء لم يترك ، ويحتمل أن يكون تفصيلا لقوله « له أن يأخذه بماله » أي ان شاء المؤجر ترك ماله ولم يأخذ من المستأجر وان شاء لا يترك ويأخذ منه.
2- الأربعاء جمع الربيع وهو النهر الصغير ، والنطاف جمع نطفة وهي الماء القليل والمراد حصة من ماء ، وقال المولى المجلسي : أي لا يستأجر الأرض بشرب أرض المؤجر.
3- حمل على الكراهة وقد قيد بما إذا كان شرط أن يكون الحنطة أو الشعير من تلك الأرض ، وقيد الشيخ - رحمه اللّه - في الاستبصار النهى بما إذا كان قبلها بما يزرع فيها فاما إذا كان في غيرها فلا بأس.
4- في طريق المصنف إليه علي بن أحمد بن عبد اللّه بن أحمد بن خالد عن أبيه وهما غير مذكورين ورواه الكليني في الكافي ج 5 ص 297 والشيخ في التهذيب بسند موثق بأدنى اختلاف.
5- الطريق إليه حسن كما في الخلاصة وهو مجهول الحال الا أن المصنف وصفه في المشيخة بصاحب الرضا عليه السلام وربما يشعر ذلك بالمدح ، وقال الوحيد البهبهاني في التعليقة : حكم بعض المتأخرين باتحاده مع إدريس بن زياد الكفرثوثي الثقة بقرينة رواية إبراهيم بن هاشم عنه.

فداك إن لنا ضياعا ولها الدولاب وفيها مراعي وللرجل منا غنم وإبل ويحتاج إلى تلك المراعي لغنمه وإبله أيحل له أن يحمي المراعي لحاجته إليها؟ قال : إذا كانت الأرض أرضه فله أن يحمي ويصير ذلك إلى ما يحتاج إليه ، وقلت له : الرجل يبيع المرعى؟ فقال : إذا كانت الأرض أرضه فلا بأس » (1).

3901 - وروى الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أشارك العلج المشرك (2) فيكون من عندي الأرض والبقر والبذر ويكون على العلج القيام والسعي والعمل في الزرع حتى يصير حنطة أو شعيرا وتكون القسمة فيأخذ السلطان حظه (3) ويبقى ما بقي على أن للعلج منه الثلث ولي الباقي؟ فقال : لا بأس بذلك ، قلت : فإن عليه أن يرد على ما أخرجت من البذر ويقسم الباقي ، فقال : لا إنما شاركته على أن البذر والبقر والأرض من عندك ، وعليه القيام والسعي » (4).

3902 - وروى الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير أخي إسحاق بن جرير (5) قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن أرض يريد رجل أن يتقبلها فأي وجوه القبالة أحل؟ قال ، يتقبل من أهلها بشئ مسمى (6) إلى سنين مسماة فيعمر

ص: 247


1- قال في الجامع : يجوز بيع المرعى والكلاء إذا كان في ملكه وان يحمى ذلك في ملكه ، فاما الحمى العام فليس الا لله ولرسوله وأئمة المسلمين يحمى لنعم الصدقة والجزية والضوال وخيل المجاهدين ، وقال في الدروس : يجوز بيع الكلاء المملوك ويشترط تقدير ما يرعاء بما يرفع الجهالة. ( المرآة )
2- العلج - بالكسر والسكون - : الرجل الضخم من كفار العجم ، وقيل مطلقا.
3- في الكافي ج 5 ص 268 « فيأخذ السلطان حقه ».
4- في الكافي « والسقي » وما اشتمل عليه موافق للمشهور. ( المرآة )
5- خالد بن جرير بن عبد اللّه البجلي كان من أصحاب الصادق عليه السلام وله كتاب رواه ابن محبوب. وروى الكشي عن علي بن الحسن أنه قال : خالد بن جرير كان صالحا ، و في التهذيب ج 2 ص 172 عنه عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ولعل الواسطة سقط من النساخ.
6- أي من الأجرة والحصة بالثلث والربع. ( م ت )

ويؤدي الخراج ، فإن كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في القبالة فإن ذلك لا يحل » (1).

3903 - وروى الحسن بن محبوب عن خالد ، عن أبي الربيع قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتقبل الأرض من الدهاقين فيؤاجرها بأكثر مما يتقبلها به ويقوم فيها بحظ السلطان؟ فقال : لا بأس به (2) إن الأرض ليست مثل الأجير ولا مثل البيت ، إن فضل الأجير والبيت حرام » (3).

3904 - « ولو أن رجلا استأجر دارا بعشرة دراهم فسكن ثلثيها وآجر ثلثها بعشرة دراهم لم يكن به بأس ولكن لا يؤاجرها بأكثر مما استأجرها » (4).

3905 - وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام (5) « عن رجل استأجر أرضا من أرض الخراج

ص: 248


1- الظاهر أن المشار إليه بذلك مشاركة العلج في القبالة حتى يتعلق حقه بالأرض مثل حق المسلم فلا ينافي ما مر أنه لا بأس في مشاركة العلج حيث إن مشاركته حينئذ في الزراعة عوضا عن عمله وخدمته فهو حينئذ في معنى الأجير ، ويمكن أن يحمل نفى الحل على الحل الذي كان السائل قد سأله وهو كونه أحل ، فيكون المراد أن عدم مشاركة العلج أحل. ( مراد )
2- قد مر في رواية إسحاق بن عمار وغيرها النهى عن ذلك إذا كان بالذهب والفضة ، والأصحاب حملوا النهى على الكراهة فلا ينافي الجواز ، ويحتمل حمل هذا على ما إذا عمل فيه عمل ويحتمل الفرق بين الذهب والفضة وغيرهما لكن غير موجود في كلام أكثر الأصحاب.( سلطان )
3- يدل على جواز إجارة الأرض للزراعة بأكثر مما استأجرها مع قيامه بالخراج بخلاف الزيادة التي تحصل من الأجير والبيت. ( م ت )
4- هذا الكلام بلفظه حديث رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 272 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وزاد في آخره « الا أن يحدث فيها شيئا ». ويدل على أنه يجوز أن يسكن بعضها ويوجر الباقي بمثل ما استأجرها ولا يجوز بالأكثر كما ذهب إليه ابن البراج ، والشيخ قال بالمنع فيهما كما في المرآة.
5- رواه الكليني ج 5 ص 272 في ذيل خبر عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

بدراهم مسماة أو بطعام مسمى فيؤاجرها جريبا جريبا أو قطعة قطعة بشئ معلوم فيكون له فضل فيما استأجر من السلطان ولا ينفق شيئا ، أو يؤاجر تلك الأرض قطعا على أن يعطيهم البذور والنفقة فيكون له في ذلك فضل على إجارته وله مرمة الأرض (1) أله ذلك؟ أو ليس له ، فقال : إذا استأجرت أرضا فأنفقت فيها شيئا أو رممت فيها فلا بأس بما ذكرت ».

ولا بأس أن يستكري الرجل أرضا بمائة دينار فيكري بعضها بخمسة وتسعين دينارا ويعمر بقيتها (2).

3906 - روي عن أبي الربيع (3) قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « كان أبو جعفر عليه السلام يقول : إذا بيع الحائط وفيه النخل والشجر سنة واحدة فلا يباعن حتى يبلغ ثمرته ، وإذا بيع سنتين أو ثلاثا فلا بأس ببيعه بعد أن يكون فيه شئ من الخضر » (4).

3907 - وروي عن أبي الربيع (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يزرع في

ص: 249


1- في بعض النسخ والكافي « وله تربة الأرض » وقال العلامة المجلسي : يمكن حمل الأول على الإجارة والثاني على المزارعة ، لان في المزارعة لا يملك منافع الأرض فهو بمنزلة الأجير في العمل ، أو المراد بالتربة التراب الذي يطرح على المزارع لاصلاحها ، أو أنه يبقى لنفسه شيئا من تربة الأرض ، أو لا يبقى بل يؤاجرها كلها ، وفى بعض النسخ « ولم تربة الأرض » بتشديد الميم بمعنى اصلاح تربتها.
2- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 173 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن رجل يستكري الأرض بمائة دينار فيكري نصفها بخمسة و تسعين دينارا ويعمر هو بقيتها؟ قال : لا بأس ».
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 142 باسناده عن ابن محبوب ، عن خالد بن جرير عنه.
4- لعله إشارة إلى عدم كون الأشجار يابسة بحيث لا يستعد للاثمار في السنين ، أو المراد الضميمة كما هو المشهور. ( سلطان )
5- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 170 بالسند السابق عنه مثله وزاد في آخره « فإنما يحرم الكلام ».

أرض رجل على أن يشترط للبقر الثلث وللبذر الثلث ولصاحب الأرض الثلث؟ فقال لا يسمي بقرا ولا بذرا ولكن يقول لصاحب الأرض : أزارعك في أرضك ولك كذا وكذا مما أخرج اللّه عزوجل فيها ».

3908 - قال أبو الربيع : وقال أبو عبد اللّه عليه السلام « في رجل يأتي أهل قرية وقد اعتدى عليهم السلطان فضعفوا عن القيام بخراجها ، والقرية في أيديهم ولا يدرى لهم هي أم لغيرهم فيها شئ فيدفعونها إليه على أن يؤدي خراجها فيأخذها منهم ويؤدي خراجها ويفضل بعد ذلك شئ كثير؟ فقال : لا بأس بذلك إذا كان الشرط عليهم بذلك ».

3909 - وفي رواية حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن مزارعة أهل الخراج بالربع والثلث والنصف؟ فقال : لا بأس قد قبل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أهل خيبر (1) أعطاها اليهود حين فتحت عليه الخبر ، والخبر هو النصف » (2).

3910 - وروى محمد بن خالد ، عن ابن سيابة (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله رجل فقال له : جعلت فداك أسمع قوما يقولون : إن الزراعة مكروهة ، فقال : ازرعوا واغرسوا ، فلا واللّه ما عمل الناس عملا أحل وأطيب منه ، واللّه ليزرعن الزرع والنخل بعد خروج الدجال » (4).

ص: 250


1- الصواب أرض خيبر.
2- المخابرة أن يزرع على النصف ونحوه كالخبر - بالكسر -
3- في بعض النسخ « عن ابن سنان » وفى الكافي « عن سيابة » بدون لفظة « ابن »
4- في الكافي والتهذيب « واللّه ليزرعن الزرع وليغرسن النخل بعد خروج الدجال » وهذا اما كناية عن الدوام والتأييد أو عن زمان ظهور القائم عليه السلام ، وعلى الثاني لعل المراد أن في حكومته صلوات اللّه عليه تكون الزراعة والفلاحة من أهم الأمور وأشغل الأعمال لاهتمامه عليه السلام بشأنهما وشدة تحريصه الناس عليهما بحيث نصير الأرض في أيامه معمورة على حد لا توجد فيها قطعة مستعدة الا وقد تزرع ولا بستان الا وهو ملتف بالنخيل والأثمار كما جاء في الاخبار ، وهذه خصيصة تخص بها الحكومة الحقة الإلهية قلما تكون في غيرها ، وقال سلطان العلماء : لعله كناية عن أن هذا عمل يعمل إلى آخر الزمان والناس يحتاجون إليها إلى قيام الساعة فكيف يكون مكروها ، ويحتمل أن يكون المراد أن بعد خروج الدجال يكون قيام القائم عليه السلام وأمر الناس بالبر والتقوى ورفع الظلم والنهى عن المحرمات و في زمان شأنه كذا الناس مشغولون بالزراعة فكيف يكون مكروها. وقال المولى المجلسي أي عند ظهور القائم عليه السلام مع وجوب اشتغال العالمين بخدمته والجهاد تحت لوائه يزرعون فان بني آدم يحتاجون إلى الغذاء ويجب عليهم كفاية تحصيله بالزراعة.

3911 - روى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا تستأجر الأرض بحنطة ثم تزرعها حنطة » (1).

3912 - وروى محمد بن سهل ، عن أبيه (2) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يزرع له الحراث الزعفران ويضمن له (3) على أن يعطيه في جريب أرض يمسح عليه كذا وكذا درهما (4) فربما نقص وغرم وربما زاد؟ قال : لا بأس به إذا تراضيا ».

3913 - وروي عن علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يتكارى من الرجل البيت أو السفينة سنة وأكثر من ذلك أو أقل ، قال : الكرى لازم إلى الوقت الذي تكارى إليه ، والخيار في أخذ الكرى إلى ربها إن شاء أخذ وإن شاء ترك » (5).

3914 - وسأل علي الصائغ (6) أبا عبد اللّه عليه السلام فقال : « أتقبل العمل فاقبله

ص: 251


1- لعل المراد اشتراط أن يزرعها حنطة ، فهو كناية عن الإجارة بالحنطة الحاصلة من هذه الأرض المعينة. ( سلطان )
2- محمد بن سهل بن اليسع كان من أصحاب الرضا وأبى جعفر عليهما السلام عنونه المصنف في المشيخة وطريقه إليه صحيح وقال النجاشي : له كتاب يرويه جماعة وذكر منهم أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري. وفى هذا القول ايماء إلى الاعتماد عليه لا سيما كون الجماعة من القميين - رضوان اللّه عليهم - وأبوه سهل بن اليسع القمي ثقة.
3- أي يضمن الحارث الرجل.
4- في الكافي ج 5 ص 266 والتهذيب ج 2 ص 171 « وزن كذا وكذا درهما ».
5- يدل على جواز أخذ الأجرة للمؤجر معجلا ما لم يشترط التأجيل.
6- الظاهر أنه علي بن ميمون الصائغ ولم يذكر المصنف طريقه إليه وهو ممدوح.

من الغلمان يعملون معي بالثلثين؟ فقال : لا يصلح ذلك إلا أن تعالج معهم ، قلت : فإني اذبيه لهم (1)؟ قال : ذلك عمل فلا بأس ».

3915 - وروى صفوان بن يحيى ، عن أبي محمد الخياط عن مجمع قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أتقبل الثياب أخيطها فأعطيها الغلمان بالثلثين؟ قال : أليس تعمل فيها؟ قلت : اقطعها وأشتري لهم الخيوط ، قال : لا بأس ».

3916 - وروي عن محمد الطيار (2) قال : « دخلت المدينة وطلبت بيتا أتكاراه فدخلت دارا فيها بيتان بينهما باب وفيه امرأة ، فقالت : تكاري هذا البيت؟ قلت : بينهما باب وأنا شاب ، قالت : أنا أغلق الباب بيني وبينك فحولت متاعي فيه وقلت لها : اغلقي الباب ، فقالت : تدخل علي منه الروح دعه ، فقلت : لا أنا شاب وأنت شابة أغلقيه ، قالت : أقعد أنت في بيتك فلست آتيك ولا أقربك وأبت تغلقه ، فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فسألته عن ذلك ، فقال : تحول منه فإن الرجل والمرأة إذا خليا في بيت كان ثالثهما الشيطان ».

3917 - وكتب أبو همام (3) إلى أبي الحسن عليه السلام « في رجل استأجر ضيعة من رجل فباع المؤاجر تلك الضيعة بحضرة المستأجر ، ولم ينكر المستأجر البيع وكان حاضرا له شاهدا عليه ، فمات المشتري وله ورثة هل يرجع ذلك الشئ في ميراث الميت؟ أو يثبت في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته؟ فكتب عليه السلام : يثبت في يد المستأجر إلى أن تنقضي إجارته » (4)

ص: 252


1- « أذيبه » كما في التهذيب من أذاب يذيب ، وفى بعض النسخ « ادنيه » ولعله تصحيف من النساخ.
2- لعله والد حمزة بن محمد الطيار مولى فزارة ، وفى بعض النسخ « محمد الطيان » ولم أجده.
3- يعنى إسماعيل بن همام وهو ثقة وكان من أصحاب الرضا عليه السلام.
4- المشهور أن الإجارة لا تبطل بالبيع لكن إن كان المشترى عالما بالإجارة تعين عليه الصبر إلى انقضاء المدة وإن كان جاهلا تخير بين الفسخ والامضاء.

وسألت شيخنا محمد بن الحسن رضي - اللّه عنه - عن رجل آجر ضيعة من رجل هل له أن يبيعها؟ قال : ليس له أن يبيعها قبل انقضاء مدة الإجارة إلا أن يشترط على المشتري الوفاء للمستأجر إلى انقضاء مدة إجارته (1).

3918 - وروي عن محمد بن عطية قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : إن اللّه عزوجل اختار لأنبيائه عليهم السلام الحرث والزرع لئلا يكرهوا شيئا من قطر السماء » (2).

3919 - و « سئل [ علي ] عليه السلام عن قول اللّه عزوجل » وعلى اللّه فليتوكل المتوكلون « قال : الزارعون ».

باب 387: ما يجب من الضمان على من يأخذ اجرا على شئ ليصلحه فيفسده

3920 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يعطى الثوب ليصبغه فيفسده ، فقال : كل عامل أعطيته أجرا على أن يصلح فأفسد فهو ضامن » (3).

3921 - وروى علي بن الحكم ، عن إسماعيل بن الصباح (4) قال : « سألت

ص: 253


1- المشهور جواز بيع العين المستأجرة وعدم بطلان الإجارة بالبيع.
2- أي طبعا مع قطع النظر عن علمهم بالمصالح العامة.
3- يدل على ضمان الصانع إذا أفسد مطلقا والظاهر أنه لا خلاف فيه.
4- في الكافي « عن علي بن الحكم عن أبي الصباح » وكذا في التهذيب لكن في الاستبصار ج 3 ص 132 « إسماعيل عن أبي الصباح » والظاهر هو الصواب لما روى نحوه عن الحسين ابن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح وهو إبراهيم بن نعيم الكناني وعليه فلعل المراد بإسماعيل إسماعيل بن عبد الخالق الأسدي وهو خير فاضل لرواية علي بن الحكم عنه في موارد عديدة ، والعلم عند اللّه.

أبا عبد اللّه عليه السلام عن القصار يسلم إليه المتاع فيحرقه أو يخرقه أيغرمه؟ قال : نعم غرمه بما جنت يده فإنك إنما أعطيته ليصلح ولم تعطه ليفسد ».

3922 - وقال عليه السلام : « كان أبي عليه السلام يضمن القصار والصواغ ما أفسدا وكان علي بن الحسين عليهما السلام يتفضل عليهم ».

باب 388: ضمان من حمل شيئا فادعى ذهابه

3923 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في جمال يحمل معه الزيت فيقول : قد ذهب أو أهرق أو قطع عليه الطريق ، فإن جاء عليه ببينة عادلة أنه قطع عليه أو ذهب فليس عليه شئ وإلا ضمن (1). وفي رجل حمل معه رجل في سفينته طعاما فنقص قال : هو ضامن ، قلت له : إنه ربما زاد ، قال : تعلم أنه زاد فيه شيئا؟ قلت : لا ، قال : هو لك ».

3924 - وقال عليه السلام « في الغسال والصواغ (2) ما سرق منهم من شئ فلم يخرج ببينة على أمر بين أنه قد سرق وكل قليل له أو كثير (3) فإن فعل فليس

ص: 254


1- قال في المسالك : القول بضمانهم مع عدم البينة هو المشهور بل ادعى عليه الاجماع والروايات مختلفة ، والأقوى أن القول قولهم مطلقا لأنهم أمناء وللأخبار الدالة عليه ، و يمكن الجمع بينها وبين ما دل على الضمان بحمل ما دل على الضمان على ما لو فرطوا أو أخروا المتاع عن الوقت المشترط كما دل عليه بعضها - انتهى ، وقال المولى المجلسي : لعل الحكم بوجوب إقامة البينة عليه والضمان على تقدير عدم الإقامة في صورة التهمة أي ظن كذب الحمال أو ظن تفريطه أو عدم كونه عادلا كما يشعر به بعض الأخبار الآتية لا مطلقا وهذا أظهر طرق الجمع في هذه الأخبار - انتهى ، وقال نحوه سلطان العلماء.
2- الظاهر أنهما بالضم جمع الغاسل والصايغ ، ويحتمل الفتح فيهما على المبالغة فرجع ضمير « منهم » إليهما باعتبار تعدد أفرادهما والأول يشمل القصار. ( مراد )
3- قوله « فلم يخرج » أي من ادعى منهم السرقة ، وقوله « وكل قليل له أو كثير » عطف على الضمير في « سرق » أي مع كل قليل أو كثير ، وقوله « فان فعل » أي أخرج البينة ، وقال العلامة المجلسي : كأنه ليس المراد به شهادة البينة على أنه سرق المتاع بعينه فإنه مع تلك الشهادة لا حاجة إلى شهادة انه سرق غيره معه ، بل المراد انه شهدت البينة أنه سرق عنه أشياء كثيرة بحيث يكون الظاهر أن المسروق فيها.

عليه شئ وإن لم يقم ببينة وزعم أنه قد ذهب الذي ادعى (1) فقد ضمنه إن لم يكن له على قوله بينة ». (2)

3925 - وقال (3) « في رجل تكارى دابة إلى مكان معلوم فتضيع الدابة ، قال إن كان جاز الشرط فهو ضامن ، وإن دخل واديا فلم يوثقها فهو ضامن ، وإن سقطت في بئر فهو ضامن لأنه لم يستوثق منها ». (4)

3926 - وروي (5) « عن رجل جمال اكتري منه إبل وبعث معه بزيت إلى أرض فزعم أن بعض زقاق الزيت انخرق واهراق الزيت ، قال : إنه أشاء أخذ الزيت وقال انخرق ، ولكن لا يصدق إلا ببينة عادلة (6) ، وأيما رجل تكارى دابة فاخذتها الذئبة (7) فشقت عينها فنفقت (8) فهو لها ضامن إلا أن يكون مسلما

ص: 255


1- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 343 في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن الحلبي بلفظ آخر ، وكذلك الشيخ في التهذيب. وفى الكافي « الذي ادعى عليه » وهو الصواب.
2- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 343 في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن الحلبي بلفظ آخر ، وكذلك الشيخ في التهذيب. وفى الكافي « الذي ادعى عليه » وهو الصواب.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 176 باسناده عن أحمد بن محمد ، عن رجل ، عن أبي المغرا ، عن الحلبي.
4- وجه ضمانه في الصورة الأولى هو الافراط وفعل ما لا يجوز فعله ، وفى الأخيرتين التفريط وترك ما يجب عليه فعله.
5- رواه الكليني ج 5 ص 243 في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل عن رجل جمال استكرى - إلى قوله - ببينة عادلة ».
6- قوله : « فزعم » أي ادعى وقوله عليه السلام « ان شاء أخذ الزيت » يعنى الجمال ان شاء أخذ الزيت ويقول انخرق الزقاق واهراق الزيت ولكن يجب عليه في ادعائه إقامة البينة.
7- الذئبة : داء يأخذ الدواب في حلوقها فينقب عنه بحديدة في أصل أذنه فيستخرج شئ كحب الجاورس. ( القاموس )
8- أي هلكت وماتت ، وفى بعض النسخ « فشقت عسها » والعس بضم العين وشد السين المهملة : الذكر والفرج ، وقد يقرء في بعضها « فشقت عسنها » والعسن بفتح العين : الشحم.

عدلا » (1).

3927 - وروي عن جعفر بن عثمان (2) قال : « حمل أبي متاعا إلى الشام مع جمال فذكر أن حملا منه ضاع ، فذكرت ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال : « أتتهمه؟ فقلت : لا ، قال : فلا تضمنه » (3).

3928 - وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن قصار دفعت إليه ثوبا فزعم أنه سرق من بين ثيابه ، قال : عليه أن يقيم البينة أن ذلك سرق من بين متاعه وليس عليه شئ ، وإن سرق مع متاعه فليس عليه شئ » (4).

3929 - وروى عثمان بن زياد عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : « إن جمالا لنا كان يكارينا فحمل على غيره (5) فضاع ، قال : ضمنه وخذ منه ».

3930 - و « كان (6) أمير المؤمنين عليه السلام : يضمن الصباغ (7) والقصار والصائغ

ص: 256


1- الظاهر أن من قوله « وأيما رجل - إلى هنا - » من تتمة خبر الحلبي ولم يخرجه الشيخان ، ويحتمل أن يكون عن غيره.
2- في الكافي ج 5 ص 244 عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير عن جعفر بن عثمان ، وجعفر بن عثمان مشترك فإن كان الرواسي فهو ثقة ، وإن كان ابن شريك الكلابي أو صاحب أبي بصير فهما مهملان ، وإن كان جعفر بن عثمان الطائي فلم يوثق ، لكن نقل الوحيد عن خاله العلامة المجلسي أنه قال : الغالب المراد به الثقة. يعنى الرواسي ، وفى طريق المصنف إلى جعفر بن عثمان علي بن موسى الكمنداني وأبو جعفر الشامي وهما غير مذكورين.
3- يدل على عدم التضمين مع عدم التهمة أما وجوبا أو استحبابا. ( المرآة )
4- تقدم الكلام في مثله.
5- أي على جمال آخر أو أنه حمل متاعنا على غير ما كرينا منه من الإبل.
6- رواه الكليني ج 5 ص 242 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وكذا الشيخ أيضا في التهذيب.
7- قوله « يضمن » من باب التفعيل أي يحكم بضمانهم.

احتياطا على أمتعة الناس ، وكان لا يضمن من الغرق والحرق والشئ الغالب (1) ، وإذا غرقت السفينة وما فيها فأصابه الناس فما قذف به البحر على ساحله فهو لأهله وهم أحق به ، وما غاص عليه الناس وتركه صاحبه فهو لهم ».

3931 - وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يضمن الصائغ ولا القصار ولا الحائك إلا أن يكونوا متهمين فيجيثون بالبينة [ فيخوف ] ويستحلف لعله يستخرج منه شئ ». (2)

3932 - و « اتي علي عليه السلام (3) بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت فلم يضمنه ، وقال : إنما هو أمين » (4).

3933 - و « إن عليا عليه السلام ضمن رجلا مسلما أصاب خنزيرا لنصراني قيمته » (5).

3934 - وروى ابن مسكان ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يستأجر الحمال فيكسر الذي يحمل عليه أو يهريقه ، قال : إن كان مأمونا فليس عليه شئ ، وإن كان غير مأمون فهو ضامن ».

ص: 257


1- لعل المراد الكثير الوقوع أو مالا يقدرون على دفعه ومالا اختيار لهم فيه أو الغالب كونه سببا للتلف.
2- ظاهره جمع الحلف مع البينة ولعل وجهه عدم اطلاع البينة على تقصيره ويحتمل كون الحلف على تقدير التهمة فيكون كل من البينة والحلف على تقدير آخر. ( سلطان )
3- رواه الكليني 5 ج ص 243 بسند موثق عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام قال : ان عليا عليه السلام أتى بصاحب حمام - الخ ورواه الشيخ في التهذيب أيضا.
4- يدل على ما هو المشهور من أن صاحب الحمام لا يضمن الا ما أودع عنده وفرط فيه. ( المرآة )
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 178 باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه ، وعن أبيه عليهما السلام ، وقوله : « أصاب » أي قتل.

3935 - وروى ابن أبي نصر (1) ، عن داود بن سرحان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فمات أو انكسر منه شئ فهو ضامن ».

3936 - وروي عن محمد بن علي بن محبوب قال : « كتب رجل إلى الفقيه عليه السلام في رجل دفع ثوبا إلى القصار ليقصره فدفعه القصار إلى قصار غيره ليقصره فضاع الثوب هل يجب على القصار أن يرد ما دفعه إلى غيره إن كان القصار مأمونا؟ فوقع عليه السلام : هو ضامن له إلا أن يكون ثقة مأمونا (2) أن شاء اللّه.

باب 389: السلف في الطعام والحيوان وغيرهما

3937 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجل أسلفته (3) دراهم في طعام : فلما حل طعامي عليه بعث إلى بدارهم ، وقال : اشتر لنفسك طعاما واستوف حقك ، فقال : أرى أن تولي ذلك غيرك وتقوم معه حتى تقبض الذي لك ولا تول أنت شراءه » (4).

3938 - وروي عن صفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يسلم في الحنطة أو التمر مائة درهم فيأتي صاحبه حين يحل له الدين فيقول : واللّه ما عندي إلا نصف الذي لك فخذ مني إن شئت بنصف الذي لك حنطة ونصفا ورقا ، فقال : لا بأس إذا أخذ منه الورق كما أعطاه (5).

ص: 258


1- طريق المصنف إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر صحيح وهو ثقة جليل ، وداود بن سرحان ثقة أيضا.
2- لعل المراد القصار الثاني يعنى إن كان القصار الثاني ثقة مأمونا لم يفرط الأول فلم يكن ضامنا.
3- في بعض النسخ « أسلفه ».
4- لعله بطريق الكراهة أو لرفع توهم أخذ النقد عوض الثمن فيخرج عن حقيقة السلف ويلحقه أحكام الصرف ( سلطان ) وقال المولى المجلسي : حمل على الاستحباب لرفع التهمة ولئلا يخدعه الشيطان في أن يأخذ أعلا من الوصف أو لشباهته بالربا.
5- أي مثل ما أعطاه من غير زيادة ولا نقصان فيرجع إلى فسخ النصف. ( مراد )

قال : وسألته عن الرجل يكون لي عليه جلة من بسر ، فآخذ منه جلة من رطب (1) مكانها وهي أقل منها (2)؟ قال : لا بأس ، قلت : فيكون لي عليه جلة من بسر فآخذ مكانها جلة من تمر ، وهي أكثر منها؟ قال : لا بأس إذا كان معروفا بينكما (3). قال : وسألته عن رجل يكون له على الاخر مائة كر من تمر وله نخل فيأتيه فيقول : أعطني نخلك هذا بما عليك ، فكأنه كرهه (4).

قال : وسألته عن الرجل يكون له على الاخر أحمال من رطب أو تمر فيبعث إليه بدنانير فيقول : اشتر بهذه واستوف منه الذي لك ، قال : لا بأس إذا ائتمنه » (5).

3939 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام في الرجل يسلم في غير زرع ولا نخل ، قال : يسمي كيلا معلوما إلى

ص: 259


1- الجلة : وعاء التمر ، والبسر - بضم الموحدة - : التمر إذا لون ولم ينضج ، الواحدة بسرة والجمع بسار بكسر الباء ، والرطب : ما نضج قبل أن يصير تمرا ، والتمر أول ما يبدو من النخل طلع ثم خلال ثم بلج ثم بسر ثم رطب ثم تمر.
2- أي أقل منها وزنا.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 63 بسند صحيح ، عن الصادق عليه السلام وقوله « لا بأس إذا كان معروفا بينكما » أي إذا كان متعارفا بينكم تتسامحون فيها ، ويمكن أن يكون المراد من المعروف الاحسان ، وقال المولى المجلسي : يعنى يجوز أخذ الزائد إذا كان احسانا ولا يكون شرطا ، أو كان الاحسان معروفا بينكما بأن تحسن إليه و يحسن هو إليك.
4- رواه الكليني ج 5 ص 193 عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وتقدم تحت رقم 225 و تقدم وجه كراهته عليه السلام أيضا ، وقوله « أعطني نخلك » أي ثمرة نخلك.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 130 في الصحيح عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وحمل على الجواز وما سبق من النهى في رواية الحلبي على الكراهة ، ويمكن حمل هذا على تولى الغير.

أجل معلوم (1). قال : وسألته (2) عن السلم في الحيوان والطعام ويرتهن الرجل بماله رهنا؟ قال : نعم استوثق من مالك ».

3940 - وروى عن منصور بن حازم (3) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل كان له على رجل دراهم من ثمن غنم اشتراها منه فأتى الطالب المطلوب يتقاضاه فقال له المطلوب : أبيعك هذه الغنم بدراهمك التي لك عندي فرضي ، قال : لا بأس بذلك ».

3941 - وروى عن عبد اللّه بن بكير (4) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أسلف في شئ يسلف الناس فيه من الثمار فذهب ثمارها (5) ولم يستوف سلفه ، قال : فليأخذ رأس ماله أو لينظره ».

3942 - وروى صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة حتى إذا حضر الأجل لم يكن عنده طعام ووجد عنده دوابا ورقيقا ومتاعا أيحل له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه قال : نعم يسمي كذا وكذا بكذا وكذا صاعا » (6).

3943 - وروي عن حديد بن حكيم (7) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل

ص: 260


1- يحتمل أن يكون المراد أن المسلم فيه ليس بزرع ولا نخل أو ليس أو ان بلوغ الزرع وثمرة النخل ( سلطان ) ويدل على اشتراط تقدير المسلم فيه بالكيل والوزن.
2- روى هذه القطعة من الخبر الشيخ في التهذيب ج 2 ص 130 في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان وزاد بعد قوله « من مالك » « ما استطعت ».
3- يعنى روى صفوان ، عن منصور بن حازم كما في التهذيب ج 2 ص 130 ، رواه في الصحيح.
4- رواه صفوان ، أيضا عن عبد اللّه بن بكير كما في التهذيب ج 2 ص 130 رواه عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ومحمد بن خالد ، عن عبد اللّه بن بكير.
5- أي ثمار هذه السنة أي ذهب زمانها ، وفى التهذيب « فذهب زمانها ».
6- رواه الكليني في الصحيح ج 5 ص 186 وكذا الشيخ في التهذيبين.
7- رواه الكليني ج 5 ص 221 في مرسل كالموثق عن أبان عن حديد.

يشتري الجلود من القصاب فيعطيه كل يوم شيئا معلوما (1)؟ فقال : لا بأس [ به ] ».

3944 - وروى أبان أنه قال « في الرجل يسلف الرجل الدراهم ينقدها إياه بأرض أخرى ، قال : لا بأس به » (2).

3945 - وسأله سماعة « عن الرهن يرهنه الرجل في سلم إذا أسلم في طعام أو متاع أو حيوان ، فقال : لا بأس بأن تستوثق من مالك ». (3)

3946 - وروى علي بن أبي حمزة (4) ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن السلم في الحيوان ، فقال : ليس به بأس ، فقلت : أرأيت إن أسلم في أسنان معلومة أو شئ معلوم من الرقيق ، فأعطاه دون شرطه أو فوقه بطيبة نفس منهم؟ فقال : لا بأس به » (5).

ص: 261


1- أي شيئا معلوما من الجلود فيكون من باب السلف ، قال العلامة في التحرير : « لو أسلم في شئ واحد على أن يقبضه في أوقات متفرقة أجزاء معلومة جاز » والظاهر مستنده هذا الخبر ، واستشكل لجواز أن يكون المراد من الشئ المعلوم الشئ من الثمن فيكون نسيئة لا سلفا ، والمشهور عدم جواز السلم في الجلود.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 148 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن أبان ، عهن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه - هكذا - قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يسلف الرجل الدراهم وينقدها إياه بأرض أخرى والدراهم عددا ، قال : لا بأس » ولعل المراد بالاسلاف الاقراض.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 130 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن عن زرعة ، عن سماعة ، وفيه « يرتهنه الرجل في سلفه إذا أسلف في طعام - الحديث ».
4- هو البطائني قائد أبي بصير المكفوف وهو ضعيف وأبو بصير ثقة ومروى في الكافي ج 5 ص 230 في الصحيح عن علي بن أبي حمزة ونحوه في الصحيح عن الحلبي.
5- في التحرير : إذا حضر المسلم فيه على الصفة وجب قبوله وان أتى به دون الصفة لم يجب الا مع التراضي سواء كان من الجنس أو من غيره ، وان أتى به أجود من الموصوف وجب قبوله إن كان من نوعه وإن كان من غير نوعه لم يلزم ولو تراضيا عليه جاز سواء كان الجنس واحدا أو مختلفا.

3947 - وروى أبان (1) ، عن يعقوب بن شعيب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع طعاما بدراهم فلما بلغ ذلك الأجل تقاضاه ، فقال : ليس عندي دراهم خذ مني طعاما ، قال : لا بأس به إنما له دراهم يأخذ بها ما شاء » (2).

3948 - وروى عبيد اللّه بن علي الحلبي (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجل أسلم دراهم في خمسة مخاتيم (4) حنطة أو شعير إلى أجل مسمى ، وكان الذي عليه الحنطة والشعير لا يقدر على أن يقضيه جميع الذي حل ، فشاء صاحب الحق أن يأخذ نصف الطعام أو ثلثه أو أقل من ذلك أو أكثر ويأخذ رأس مال ما بقي من الطعام دراهم ، قال ، لا بأس به. قال : وسئل عن الزعفران يسلف فيه الرجل دراهم في عشرين مثقالا أو أقل من ذلك أو أكثر ، قال : لا بأس إن لم يقدر الذي عليه الزعفران أن يعطيه جميع ماله أن يأخذ نصف حقه أو ثلثه أو ثلثيه ويأخذ رأس مال ما بقي من حقه دراهم » (5).

3949 - وسئل (6) ( عن الرجل يسلف في الغنم ثنيان وجذعان (7) وغير

ص: 262


1- طريق المصنف إلى أبان بن عثمان صحيح وهو موثق مقبول الرواية ويعقوب بن شعيب ثقة ، ورواه الكليني والشيخ في مرسل كالموثق.
2- لا يخفى عدم المناسبة بين الخبر والباب فإنه يدل على جواز بيع الطعام نسيئة لا سلفا ، وقال العلامة المجلسي : ذهب الشيخ - رحمه اللّه - إلى أنه لا يجوز له أخذ الطعام أكثر مما باعه ، والأكثرون على خلافه وهذا الخبر بعمومه حجة لهم ، وحمله الشيخ على عدم الزيادة لاخبار أخر بعضها يدل على عدم جواز الشراء مطلقا وحملها العلامة على الكراهة جمعا وهو حسن.
3- الطريق إليه صحيح وهو ثقة وجه.
4- مخاتيم جمع مختوم وهو الصاع.
5- رواه الكليني ج 5 ص 186 والشيخ في التهذيب في الصحيح أيضا.
6- يعنى وقال الحلبي : وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام كما في الكافي ج 5 ص 221 رواه في الحسن كالصحيح عنه ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 127 في الموثق كالصحيح عن سليمان بن خالد.
7- الثنى هو ولد الناقة الذي دخل في السادسة وسمى ثنيا لأنه ألقى ثنيه ، ومن ذي الظلف والحافر ما دخل في الثالثة ، والجذع - بفتحتين - وهو من الإبل ما دخل في السنة الخامسة ، ومن البقر والمعز ما دخل في الثانية.

ذلك إلى أجل مسمى ، قال : لا بأس إن لم يقدر الذي عليه الغنم على جميع الذي عليه أن يأخذ صاحب الغنم نصفها أو ثلثها أو ثلثيها ويأخذ رأس مال ما بقي من الغنم دراهم ، ويأخذ (1) دون شرطهم ولا يأخذ فوق شرطهم (2) ، قال : والأكسية أيضا مثل الحنطة والشعير والزعفران والغنم ».

3950 - وروى الوشاء (3) ، عن عبد اللّه بن سنان قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « لا ينبغي للرجل إسلاف السمن بالزيت ، ولا الزيت بالسمن » (4).

3951 - وروى عمر بن شمر (5) ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن السلف في اللحم؟ قال : لا تقربنه فإنه يعطيك مرة السمين ، ومرة التاوي (6) ، ومرة المهزول فاشتره معاينة يدا بيد. قال : « وسألته عن السلف في روايا الماء (7) ، فقال : لا فإنه يعطيك مرة ناقصة ، ومرة كاملة ، ولكن اشترها معاينة فهذا أسلم لك وله » (8).

ص: 263


1- في الكافي والتهذيب « يأخذون » وكذا ما يأتي.
2- حمل على الكراهة. ( المرآة )
3- طريق المصنف إلى الحسن بن علي الوشاء صحيح وهو ثقة وكذا عبد اللّه بن سنان ورواه الشيخ في التهذيب بسند صحيح والكليني ج 1905 بسند فيه معلى بن محمد البصري وهو ضعيف على المشهور.
4- حكى عن ابن الجنيد أنه عمل بظاهر الخبر وحكم بالتحريم ، والمشهور حملوه على الكراهة.
5- عمرو بن شمر ضعيف جدا لا يعتمد عليه في شئ ، ورواه الشيخ والكليني في التهذيب والكافي عنه أيضا.
6- التاوى : الضعيف الهالك ، والمراد هنا الذي يشرف على الموت فيذبح.
7- روايا جمع راوية : الإبل الحوامل للماء.
8- المشهور بين الأصحاب بل المقطوع به في كلامهم عدم جواز السلف في اللحم ، والخبر مع ضعفه يمكن حمله على الكراهة بقرينة آخر الخبر.

3952 - وروى وهب بن وهب (1) عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : لا بأس أن يسلف ما يوزن فيما يكال ، وما يكال فيما يوزن ».

3953 - وروى غياث بن إبراهيم (2) ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : لا بأس بالسلم بكيل معلوم إلى أجل معلوم ، ولا يسلم إلى دياس ولا حصاد » (3).

3954 - وروى النضر (4) عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام أيصلح أن يسلم في الطعام عند رجل ليس عنده طعام ولا حيوان إلا أنه إذا جاء الأجل اشتراه وأوفاه؟ قال : إذا ضمنه إلى أجل مسمى فلا بأس ، قال : قلت : أرأيت إن أوفاني بعضا وأخر بعضا أيجوز ذلك؟ قال : نعم » (5).

3955 - وروى العلاء (6) ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته

ص: 264


1- طريق المصنف إليه صحيح وهو ضعيف كذاب.
2- طريق المصنف إليه صحيح وهو بتري موثق ، ورواه الشيخ ، في التهذيب والكليني في الصحيح عنه.
3- عليه الفتوى ، والدياس : دق الطعام بالفدان ليخرج الحب من السنبل ، والحصاد قطع الزرع بالمنجمل.
4- الطريق إليه صحيح وهو ثقة.
5- رواه الشيخ - رحمة اللّه عليه - في التهذيب ج 2 ص 129 في الصحيح والكليني في الكافي ج 5 ص 185 في الحسن كالصحيح عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان و زاد بعد قوله « نعم » « ما أحسن ذلك » ، والمشهور بين الأصحاب أنه إذا حل الأجل في السلم ولم يوجد المسلم فيه أو وجد وتأخر البايع حتى انقطع كان له الخيار بين الفسخ وأخذ الثمن وبين الصبر إلى أو انه ، وأنكر ابن إدريس الخيار ، وزاد بعضهم ثالثا وهو أن يفسخ ولا يصبر بل يأخذ قيمة الان ، ولو قبض بعضه ثم انقطع كان له الخيار في الفسخ في البقية والجميع لتبعض الصفقة ، والخيار في الموضعين مشروط بما إذا لم يكن التأخير من قبل المشترى كما ذكره الأصحاب. ( المرآة )
6- الطريق إلى العلاء بن رزين صحيح وهو ثقة صاحب محمد بن مسلم وتفقه عليه.

عن الرهن والكفيل في بيع النسيئة ، قال : لا بأس به » (1).

3956 - وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (2) قال : « لا بأس بالسلم في المتاع إذا وصفت الطول والعرض (3) ، وفي الحيوان إذا وصفت أسنانه ».

باب 390: الحكرة والأسعار

الحكرة والأسعار (4)

3957 - روي عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « ليس الحكرة إلا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت » (5).

3958 - و « مر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (6) بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق وحيث ينظر الناس إليها (7) فقيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لو قومت عليهم ، فغضب عليه السلام حتى عرف الغضب في وجهه وقال : انا أقوم عليهم إنما السعر إلى اللّه عزوجل يرفعه إذا شاء ويخفضه إذا شاء ».

ص: 265


1- رواه الكليني ج 5 ص 233 في الصحيح عن محمد بن مسلم ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام وقال العلامة المجلسي : صحيح وعليه الفتوى.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 129 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن جميل بن سعيد ، عن فضالة ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة عنه عليه السلام.
3- الظاهر أن ذلك على سبيل المثالث والمراد مضبوطية الوصف بما يرجع إليه.
4- الحكرة - بالضم - : اسم من الاحتكار وهو جمع الطعام وحبسه انتظارا لغلائه ، والمشهور أن الحكرة مكروه ، وقال الشهيد الثاني : الأقوى تحريمه وهو جيد.
5- المشهور أيضا تخصيصه بتلك الأجناس وأضاف بعضهم الملح والزيت ، واشترط فيه أن يستبقيها للزيادة في الثمن ولا يوجد بايع ولا باذل غيره وقيده جماعة بالشراء ( المرآة ) والخبر موثق بغيات.
6- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 162 بسند فيه جهالة عن الحسين بن عبيد اللّه بن ضمرة ، عن أبيه ، عن جده عن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، وكذلك في الاستبصار ج 3 ص 114.
7- في التهذيبين « وحيث تنظر الابصار إليه ».

3959 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الحكرة فقال : إنما الحكرة أن تشتري طعاما وليس في المصر غيره فتحتكره ، فإن كان في المصر طعام أو متاع غيره فلا بأس أن تلتمس بسلعتك الفضل ).

3960 - وروى صفوان بن يحيى ، عن سلمة الحناط (1) قال : « قال أبو عبد اللّه عليه السلام : ما عملك؟ فقلت : حناط وربما قدمت على نفاق ، وربما قدمت على كساد فحبسته (2) ، قال : فما يقول من قبلكم فيه؟ قلت : يقولون محتكر ، قال : يبيعه أحد غيرك؟ قلت : ما أبيع أنا من ألف جزء جزءا ، فقال : لا بأس إنما كان ذلك رجل من قريش يقال له : حكيم بن حزام ، وكان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كله فمر عليه النبي صلى اللّه عليه وآله فقال له : يا حكيم بن حزام إياك أن تحتكر ».

3961 - وروى النضر ، عن عبد اللّه بن سنان (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « في تجار قدموا أرضا واشتركوا على أن لا يبيعوا بيعهم إلا بما أحبوا (4) قال : لا بأس بذلك ».

3962 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (5) : « لا يحتكر الطعام إلا خاطئ ».

3963 - وروي عن معمر بن خلا قال : « سأل رجل الرضا عليه السلام عن حبس الطعام سنة ، قال : أنا أفعله - يعني إحراز القوت - ».

3964 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الجالب مرزوق والمحتكر ملعون » (6).

ص: 266


1- الطريق صحيح ورواه الشيخ والكليني أيضا في الصحيح.
2- نفق البيع نفاقا ضد كسد أي راج ، وقوله « فحبسته » أي امتنعت عن بيعه.
3- في التهذيب ج 2 ص 162 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن عبد اللّه بن سليمان ، وهو النخعي ولم يوثق.
4- أي تعاهدوا واتفقوا على أن لا يبيعوا متاعهم الا بما أحبوا من القيمة المعينة وليس لاحد أن ينقص من الثمن المعين.
5- رواه الشيخ في التهذيبين باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الحديث.
6- رواه الكليني عن العدة ، عن سهل ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله - الحديث وجلبه يجلبه ساقه من موضع إلى موضع.

3965 - و « نهى أمير المؤمنين عليه السلام ، عن الحكرة في الأمصار » (1).

3966 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : الحكرة في الخصب أربعون يوما (2) وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام ، فما زاد على أربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون ، وما زاد في العسرة فوق ثلاثة أيام فصاحبه ملعون » (3).

3967 وروى أبو إسحاق ، عن الحارث عن علي عليه السلام قال : « من باع الطعام نزعت منه الرحمة » (4).

3968 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « كيلوا طعامكم فإن البركة في الطعام المكيل » (5).

3969 - وروي عن أبي حمزة الثمالي قال : « ذكر عند علي بن الحسين عليهما السلام غلاء السعر ، فقال : وما علي من غلائه إن غلا فهو عليه ، وإن رخص فهو عليه » (6).

ص: 267


1- يمكن أن يكون المراد بها حبس الطعام للقوت فان أهل الأمصار يمكنهم الشراء من السوق بخلاف أهل القرى أو يكون الكراهة في المصر أشد. ( م ت )
2- الخصب - بكسر المعجمة - نقيض الجذب.
3- مروى في الكافي والتهذيبين عن النوفلي ، عن السكوني ، والمشهور تقييده بالحاجة لا بالمدة ، ويمكن حمله على الغالب.
4- رواه الشيخ في التهذيب بسند مجهول ، والمراد من جعل كسبه بيع الطعام.
5- رواه الكليني عن علي بن محمد بن بندار ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن هارون ابن الجهم ، عن حفص بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله. ويمكن أن يكون المراد الكيل عند الصرف للطعام ، أو عند البيع فيكون على الوجوب.
6- رواه الكليني والشيخ بسند فيه ارسال عن أبي حمزة ، وذكره المصنف في التوحيد ص 389 طبع مكتبة الصدوق وقال بعده : الغلاء هو الزيادة في أسعار الأشياء حتى يباع الشئ بأكثر مما كان يباع في ذلك الموضع ، والرخص هو النقصان في ذلك ، فما كان من الرخص والغلاء عن سعة الأشياء وقلتها فان ذلك من اللّه عزوجل ويجب الرضا بذلك والتسليم له ، و ما كان من الغلاء والرخص بما يؤخذ الناس به لغير قلة الأشياء وكثرتها من غير رضى منهم به أو من جهة شراء واحد من الناس جميع طعام بلد فيغلوا الطعام لذلك فذلك من المسعر والمتعدي بشراء طعام المصر كله كما فعل حكيم بن حزام - انتهى ، وقوله « لغير قلة الأشياء » عطف بيان لقوله « بما يؤخذ الناس به » أي وما كان من الغلاء والرخص بسبب عمل الناس الذي صح مؤاخذتهم عليه وهو غير قلة الأشياء وكثرتها من اللّه تعالى من دون وجوب الرضا على الناس به أو كان جهة شراء واحد - الخ ( كذا في هامش التوحيد ) وتفصيل الكلام في هامش الكافي ج 5 ص 163.

3970 - وقال الصادق عليه السلام : « اشتروا وإن كان غاليا فإن الرزق ينزل مع الشراء » (1).

3971 - وقال عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « إني أراكم بخير » (2) فقال : كان سعرهم رخيصا ».

3972 - و « قيل للنبي صلى اللّه عليه وآله : لو سعرت لنا سعرا فإن الأسعار تزيد وتنقص فقال عليه السلام : ما كنت لألقى اللّه تعالى ببدعة لم يحدث إلي فيها شيئا ، فدعوا عباد اللّه يأكل بعضهم من بعض ، وإذا استنصحتم فانصحوا » (3).

3973 - وروي عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : « إن اللّه تبارك وتعالى وكل بالسعر ملكا يدبره بأمره ».

3974 - وروي عن أبي الصباح الكناني قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « يا

ص: 268


1- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 119 باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن عقبة قال : كان محمد بن أبي الخطاب قبل أن يفسد وهو يحمل المسائل لا صحابنا ويجيئ بجواباتها روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : اشتروا - الحديث. وقوله عليه السلام « فان الرزق ينزل مع الشراء » أي أن اللّه يعطيك الثمن وإن كان كثيرا.
2- يعنى في قصة شعيب في سورة هود : 87 حيث قال : « ولا تنقصوا المكيال والميزان انى أراكم بخير - الآية ». والخبر رواه الكليني ج 5 ص 164 بسند مرسل مرفوع.
3- رواه المؤلف في التوحيد مرسلا ، ولعل المراد أنه ان سأل منكم سائل سعر الوقت وقدره وشاور معكم فانصحوه والا فدعوا الناس في غفلاتهم وجهالاتهم ينفع بعضهم من بعض.

أبا الصباح شراء الدقيق ذل ، وشراء الحنطة عز ، وشراء الخبز فقر فتعوذوا باللّه من الفقر » (1).

3975 - وقال عليه السلام : « دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على عائشة وهي تحصي الخبز ، فقال : يا حميرا لا تحصين فيحصى عليك » (2).

3976 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « لا تمانعوا قرض الخمير والخبز ، فإن منعهما يورث الفقر » (3).

3977 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (4) : « علامة رضى اللّه في خلقه عدل سلطانهم و رخص أسعارهم ، وعلامة غضب اللّه على خلقه جور سلطانهم وغلا أسعارهم ».

باب 391: الحكم في اختلاف المتبايعين

3978 - قال الصادق عليه السلام (5) « في رجل يبيع الشئ فيقول المشتري : هو بكذا وكذا ، بأقل مما قال البائع ، قال : القول البائع إذا كان الشئ قائما

ص: 269


1- أي الفقر إلى الناس وأما الفقر في نفسه فهو زين للمؤمن وإن كان إلى اللّه تعالى فهو أعلى الكمالات. ( م ت )
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 162 باسناده عن أحمد بن محمد ، عن محمد ابن الحسين ، عن عبد اللّه بن جبلة ، عن الكناني عنه عليه السلام.
3- رواه في التهذيب باسناده عن أحمد بن محمد ، عن بنان بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد اللّه بن المغيرة ، عن السكوني ، وهذا الخبر والخبران السابقان غير مناسب بالباب.
4- رواه الكليني ج 5 ص 163 والشيخ بسند مجهول عن القاسم بن إسحاق ، عن أبيه ، عن جده عنه صلى اللّه عليه وآله.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 180 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن معاوية بن حكيم ، عن البزنطي ، عن رجل عنه عليه السلام والسند صحيح إلى البزنطي وهو ثقة جليل القدر من أصحاب الاجماع ، ورواه الكليني بسند ضعيف على المشهور.

بعينه مع يمينه » (1).

باب 392: وجوب رد المبيع بخيار الرؤية

3979 - روى محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشترى ضيعة وقد كان يدخلها ويخرج منها ، فلما أن نقد المال صار إلى الضيعة ففتشها ثم رجع فاستقال صاحبه فلم يقله ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : لو قلبها ونظر منها إلى تسع وتسعين قطعة ، ثم بقي منها قطعة لم يرها لكان له في ذلك خيار الرؤية » (2).

3980 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن ميسر بن عبد العزيز (3) قال ، قلت : لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « رجل اشترى زق زيت فوجد فيه درديا (4) فقال : إن كان ممن يعلم أن ذلك يكون في الزيت لم يرده عليه ، وإن لم يكن يعلم أن ذلك يكون في الزيت رده عليه » (5).

3981 - و « دخل أمير المؤمنين عليه السلام (6) سوق التمارين فإذا امرأة تبكي و

ص: 270


1- الوجه فيه أنه مع بقاء العين يرجع الدعوى إلى رضى البايع وهو منكر لرضاه بالأقل ، ومع تلفه يرجع إلى شغل ذمة المشتري بالثمن وهو منكر للزيادة. ( الوافي )
2- طريق الخبر صحيح ورواه الشيخ باسناده الصحيح عن محمد بن علي بن محبوب الثقة ، عن أبن أبى عمير ، عن جميل في التهذيب ج 2 ص 125. وقوله عليه السلام : « له في ذلك خيار الرؤية » أي له الخيار في فسخ الجميع وامضائه ، وليس له فسخ ما لم يره فقط لتبعض الصفقة ( م ت ) أقول : القطعة - بالضم - الطائفة من الأرض.
3- طريق المصنف إلى ابن أبي عمير صحيح وهو ثقة جليل وكذا ميسر بن عبد العزيز.
4- الدردى من الزيت وغيره ما يبقى في أسفله.
5- يدل على أنه إذا كان عالما بالعيب والغش لا يرد المبيع ، وإذا كان جاهلا فله الرد وحمله الأصحاب على الزائد على المعتاد. ( م ت )
6- رواه الكليني ج 5 ص 230 عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم ابن إسحاق الخدري عن أبي صادق قال دخل أمير المؤمنين عليه السلام - الخ »

هي تخاصم رجلا تمارا ، فقال لها : مالك؟ فقالت : يا أمير المؤمنين اشتريت من هذا تمرا بدرهم فخرج أسفله رديا وليس مثل هذا الذي رأيت ، فقال له : رد عليها ، فأبى حتى قال له ثلاث مرات فأبى ، فعلاه بالدرة حتى رد عليها ، وكان عليه السلام يكره أن يجلل التمر » (1).

باب 393: النداء على المبيع

3982 - روى أمية بن عمرو ، عن الشعيري (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « إذا نادى المنادي فليس لك أن تزيد ، فإذا سكت فلك أن تزيد ، وإنما تحرم الزيادة والنداء يسمع ، ويحلها السكوت » (3).

باب 394: البيع في الظلال

3983 - روى [ عن ] هشام بن الحكم أنه قال : « كنت أبيع السابري في الظلال فمر بي أبو الحسن الأول عليه السلام راكبا فقال لي : يا هشام إن البيع في الظلال غش والغش لا يحل » (4).

ص: 271


1- التجليل التغطية ، وكراهته لئلا يغش كما فعله هذا التمار ( م ت ) وقال العلامة المجلسي : لعل الكراهة بمعنى الحرمة ، وفى بعض النسخ « يخلل » بالخاء المعجمة ولعل المراد التخليط يعنى خلط رديه بجيده.
2- الطريق إلى أمية فيه أحمد بن هلال هو ضعيف ، والشعيرى هو السكوني ظاهرا والخبر مروى في الكافي والتهذيب بسند ضعيف وليس فيها قوله « فإذا سكت فلك أن تزيده ».
3- قال في الدروس : يكره الزيادة وقت النداء بل حال السكوت ، وقال ابن إدريس : لا يكره. وقال سلطان العلماء : ظاهر الخبر الحرمة والمشهور الكراهة ، وكان الأصحاب حملوه على المبالغة في الكراهة.
4- ثوب سابري منسوب إلى سابور ، والخبر رواه الكليني ج 5 ص 160 في الحسن كالصحيح وكذا الشيخ في التهذيب ، وحمل في المشهور على الكراهة ، وقال في الدروس يحرم البيع في الظل من غير وصف.

باب 395: بيع اللبن المشاب بالماء

3984 - روى إسماعيل بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أن يشاب اللبن بالماء للبيع » (1).

باب 396: غبن المسترسل

3985 - قال الصادق عليه السلام : « غبن المسترسل سحت ، وغبن المؤمن حرام » (2).

3986 - وفي رواية عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « غبن المسترسل ربا » (3).

3987 - وقال عليه السلام (4) : « إذا قال الرجل للرجل : هلم أحسن بيعك ، فقد حرم عليه الربح » (5).

باب 397: الاحسان وترك الغش في البيع

3988 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لزينب العطارة الحولاء : « إذا بعت فأحسني

ص: 272


1- رواه الكليني عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن إسماعيل ، وظاهره الحرمة لأجل البيع وأما إذا كان لأجل نفسه أو لجهة أخرى دون البيع فلا يشمله النهى.
2- رواه الكليني ج 5 ص 153 في خبرين عن ميسر وإسحاق بن عمار عنه عليه السلام والمراد بالمسترسل الذي يوثق ويعتمد على الانسان في قيمة المتاع ، وقيل : المراد به من تعده بالاحسان فالمراد بغبنه أخذ النفع منه.
3- قال ابن الأثير في نهايته : الاسترسال الاستيناس والطمأنينة إلى الانسان والثقة به فيما يحدثه به ، وأصله السكون والثياب ، ومنه الحديث « غبن المسترسل ربا » أي كالربا في الحرمة.
4- مروى في التهذيب والكافي ج 5 ص 152 بسند مجهول مرسل.
5- حمله الأصحاب على الكراهة. ( المرآة )

ولا تغشي ، فإنه أنقى وأبقى للمال ». (1)

3989 - وقال عليه السلام : « ليس منا من غش مسلما ». (2)

3990 - وقال عليه السلام : « من غش المسلمين حشر مع اليهود يوم القيامة ، لأنهم أغش الناس للمسلمين ». (3)

باب 398: التلقي

3991 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (4) : « لا يتلقى أحدكم طعاما خارجا من المصر ولا يبيع حاضر لباد ، ذروا المسلمين يرزق اللّه بعضهم من بعض ». (5)

3992 - وروي عن منهال القصاب (6) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن تلقي الغنم؟ فقال : لا تلق ولا تشتر ما تلقى ، ولا تأكل من لحم ما تلقى ». (7)

ص: 273


1- مروى في الكافي ج 5 ص 151 مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام وله صدر.
2- رواه في العيون ص 198 في الحسن كالصحيح عن الرضا عليه السلام رفعه عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، وزاد في آخره « أو ضره أو ماكره » وسيأتي في المجلد الرابع.
3- سيأتي في أوائل المجلد الرابع في حديث مناهى النبي صلى اللّه عليه وآله عن شعيب بن واقد ، عن الحسين بن زيد ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام ، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله هكذا « قال : ومن غش مسلما في شراء أو بيع فليس منا ويحشر يوم القيامة مع اليهود لأنهم أغش الخلق للمسلمين » وروى في عقاب الأعمال نحوه.
4- رواه الكليني ج 5 ص 168 بسند ضعيف عن عروة بن عبد اللّه عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.
5- قال ابن الأثير في النهاية : التلقي هو أن يستقبل الحضري البدوي قبل وصوله إلى البلد ويخبره بكساد ما معه كذبا ليشترى منه سلعته بالوكس وأقل من ثمن المثل. و قال الفيض - رحمه اللّه - بعد نقل : الظاهر أنه في الحديث أعم منه ، وفى الكافي « تجارة » بدل « طعاما ».
6- رواه الكليني ج 5 ص 168 بسند صحيح عن منهال وهو غير معنون في الرجال نعم عنونه المصنف في المشيخة وذكر طريقه إليه وصحح العلامة الطريق.
7- ظاهره التحريم بل فساد البيع ، والمشهور الكراهة.

3993 - وروى « أن حد التلقي روحة (1) فإذا صار إلى أربع فراسخ فهو جلب » (2).

باب 399: الربا

3994 - روى الحسين بن المختار ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « درهم ربوا أشد عند اللّه عزوجل من ثلاثين زنية كلها بذات محرم مثل الخالة والعمة ».

3995 - وفي رواية هشام بن سالم (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « درهم ربوا أشد عند اللّه من سبعين زنية كلها بذات محرم » (4).

3996 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (5) : « آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهداه في الوزر سواء ».

3997 - وقال علي عليه السلام (6) : « لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الربا وآكله ومؤكله وبايعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه ».

ص: 274


1- يعنى وروى منهال القصاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما هو ظاهر الكافي ، و قوله « روحة » أي مرة من الرواح أي قدر ما يتحرك المسافر بعد العصر إلى غروب الشمس وهو أقل من أربعة فراسخ.
2- أي سفر للتجارة أو كسب.
3- رواه الكليني ج 5 ص 144 في الصحيح عنه.
4- الربا معاوضة متجانسين مكيلين أو موزونين بزيادة في أحدهما وان كانت حكمية كحال بمؤجل ، أو مع ابهام قدره وإن كان باختلافهم رطبا ويابسا ، وأكثر اطلاقه على تلك الزيادة ( الوافي ) والزنية - بالفتح والكسر - : الزنا.
5- في الكافي عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « آكل الربا - الخ » والمؤكل من الايكال أي مطعمه ، ويمكن أن يكون المراد بالاكل الاخذ وبالمؤكل المعطى.
6- مروى في التهذيب باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه عن علي عليهم السلام.

3998 - وروى إبراهيم بن عمر (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل » وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند اللّه « قال : هو هديتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها فدلك ربوا يؤكل » (2).

3999 - وروى عبيد بن زرارة (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن ». (4)روى الشيخ في الصحيح في الاستبصار ج 3 ص 101 عن محمد بن مسلم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الثوبين الرديين بالثوب المرتفع، والبعير بالبعيرين والدابة بالدابتين، فقال كره ذلك على عليه السلام فنحن نكره الا أن يختلف الصنفان قال : وسألته عن الابل والبقر والغنم أواحد هو في هذا الباب؟ قال: نعم نكرهه» وسيأتى حديث زرارة تحت رقم 4007.(5)

4000 - وقال عليه السلام : « كل ربا أكله الناس بجهالة ثم تابوا فإنه يقبل منهم إذا عرفت منهم التوبة ». (6)

وقال عليه السلام : « لو أن رجلا ورث من أبيه مالا وقد علم أن في ذلك المال ربوا ولكن قد اختلط في التجارة بغيره فإنه له حلال طيب فليأكله وإن عرف منه شيئا

ص: 275


1- طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 122 في الصحيح أيضا.
2- سيجئ تفصيل هذا الكلام في أواخر الباب إن شاء اللّه.
3- رواه الكليني عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة عنه عليه السلام وجميع رجال السند من الثقات الا ابن فضال وهو حسن كالصحيح. وأما طريق المصنف إليه ففيه الحكم بن مسكين ولم يوثق.
4- يدل على أنه لا رباء في المعدود ، وقال في الدروس : وفى ثبوت الربا في المعدود قولان أشهرهما الكراهية لصحيحتي بن مسلم وزرارة
5- والتحريم خيرة المفيد وسلار وابن الجنيد ، ولم نقف لهم على دليل قاطع ، ولو تفاضل المعدود ان نسيئة ففيه الخلاف، والأقرب الكراهية. ( المرآة )
6- رواه الكليني مع الذي بعده في خبر في الكافي ج 5 ص 145 بسند صحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

معزولا أنه ربوا فليأخذ رأس ماله وليرد الربا ». (1).

4001 - وقال عليه السلام : « أيما رجل أدار مالا كثيرا (2) قد أكثر فيه من الربا فجهل ذلك ، ثم عرفه بعد (3) فأراد أن ينزع ذلك منه ، فما مضى فله ، ويدعه فيما يستأنف ». (4)

4002 - وقال عليه السلام (5) : « أتى رجل إلى أبي جعفر عليه السلام فقال : « إني ورثت مالا وقد علمت أن صاحبه الذي ورثته منه قد كان يربي وقد أعرف أن فيه ربوا

ص: 276


1- عمل بظاهر الخبر ابن الجنيد من بين الأصحاب ، وقال : إذا ورث مالا كان يعلم أن صاحبه يربى ولا يعلم الربا بعينه فيعزله جاز له أكله والتصرف فيه إذا لم يعلم فيه الربا ، وحمله بعض الأصحاب على ما إذا كان المورث جاهلا فيكون الرد في آخر الخبر محمولا على الاستحباب ، وحمل بعضهم العلم على الظن الضعيف الذي لا يعتبر شرعا بأنه كان يعلم أنه يربى ولا يعلم أن الان ذمته مشغولة بها ، ولا يخفى أنه يمكن حمل كلام ابن الجنيد رحمه اللّه - أيضا عليه بل هو أظهر. ( المرآة )
2- أدارا لشئ تعاطاه وتناوله ، وفى الكافي « أفاد » ، وفى أكثر نسخ الفقيه جعله نسخة وأفاد بمعنى استفاد كما في الصحاح.
3- أي جهل حرمة الربا زمانا ثم عرفه.
4- قال في تذكرة الفقهاء : يجب على آخذ الربا المحرم رده على مالكه ان عرفه لأنه مال له لم ينتقل عنه إلى آخذه ، ويده يد عادية ، فيجب دفعه إلى مالكه ، ولو لم يعرف المالك تصدق عنه لأنه مجهول المالك ، ولو وجد المالك قد مات سلم إلى الورثة ، فان جهلهم تصدق به ان لم يتمكن من استعلامهم ، ولو لم يعرف المقدار وعرف المالك صالحه ، ولو لم يعرف المقدار ولا المالك أخرج خمسه وحل له الباقي ، هذا إذا فعل الربا متعمدا ، أما إذا فعله جاهلا بتحريمه فالأقوى أنه كذلك أيضا ، وقيل : لا يجب عليه رده لقوله تعالى « فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف » وهو يتناول ما أخذه على وجه الربا ، ولما روى عن الصادق عليه السلام - انتهى ، أقول : ظاهر كلام العلامة وجوب الرد وإن كان لم يأخذ الربا متعمدا ، فكأنه حمل الآية على حط الذنب بعد التوبة أو اختصاص الحكم بزمن الرسول صلى اللّه عليه وآله ، ولم يعمل بالخبر مع تكرر مضمونه.
5- رواه الكليني ج 5 ص 145 في الحسن كالصحيح عن الحلبي أيضا.

وأستيقن ذلك وليس يطيب لي حلاله لحال علمي فيه (1) ، وقد سألت فقهاء أهل العراق وأهل الحجاز فقالوا : لا يحل لك أكله من أجل ما فيه ، فقال له أبو جعفر عليه السلام : إن كنت تعلم أن فيه مالا معروفا ربوا وتعرف أهله فخذ رأس مالك ورد ما سوى ذلك ، وإن كان مختلطا فكله هنيئا مريئا فإن المال مالك واجتنب ما كان يصنع صاحبه ، فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قد وضع ما مضى من الربا وحرم ما بقي ، فمن جهله وسعه جهله حتى يعرفه ، فإذا عرف تحريمه حرم عليه ووجب عليه فيه العقوبة إذا ركبه كما يجب على من يأكل الربا ». (2)

4003 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (3) : « ليس بيننا وبين أهل حربنا ربوا نأخذ منهم ولا نعطيهم ». (4)

4004 - وقال عليه السلام (5) : « ليس بين الرجل وبين ولده ربوا (6) وليس بين

ص: 277


1- في بعض النسخ « لمكان علمي فيه ».
2- قيل : أي على قدر يجب على آكل الربا فهذا بيان لقدر العقوبة لا تشبيه للوجوب بالوجوب ، والأظهر أنه من باب تشبيه حكم بحكم تفهيما للسائل كما هو الشايع في الاخبار أي كما أن الجهل بالحكم يحلل كذلك جهل العين أيضا ( المرآة ) وقال بعض الشراح : أن هذا مؤيد للحمل على جهل المورث ولا يخفى وهنه.
3- رواه الكليني ج 5 ص 147 بسند ضعيف عن عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
4- يدل على جواز أخذ الربا من الحربي وعدم جواز اعطائه ، كما هو المشهور بين الأصحاب ولا فرق بين العاهد وغيره في الحربي ولا بين كونه في دار الحرب أو دار الاسلام كما في المسالك ، وقال في الدروس : في جواز أخذ الفضل من الذمي خلاف أقربه المنع ، ولا يجوز اعطاؤه الفضل قطعا.
5- رواه الكليني بالسند المتقدم ذكره عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السلام.
6- قال الشهيد الثاني - رحمه اللّه - : الحكم مختص بالوالد النسبي بالنسبة إلى الأب فلا يتعدى الحكم إلى الام ولا إلى الجد مع ولد الولد ولا إلى ولد الرضاع على اشكال فيهما - انتهى ، وحكم السيد المرتضى - رحمه اللّه - في بعض كتبه بثبوت الربا بين الوالد والولد والمولى ومملوكه وبين الزوجين ، وحمل الخبر على النفي كقوله تعالى « ولا رفث ولا فسوق » ثم رجع ووافق المشهور وادعى الاجماع عليه.

السيد وبين عبده ربوا ». (1)

4005 - وقال الصادق عليه السلام : « ليس بين المسلم وبين الذمي ربوا (2) ولا بين المرأة وبين زوجها ربوا ». (3)

4006 - وروي عن عمر بن يزيد بياع السابري (4) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : جعلت فداك إن الناس يزعمون أن الربح على المضطر حرام وهو من الربا ، فقال : وهل رأيت أحدا اشترى - غنيا أو فقيرا - (5) إلا من ضرورة؟! يا عمر قد أحل اللّه البيع وحرم الربا ، فاربح ولا تربه (6) قلت : وما الربا؟ قال : دراهم بدراهم مثلان بمثل ». (7)

4007 - وروى غياث بن إبراهيم (8) ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام كره بيع اللحم بالحيوان ». (9)

ص: 278


1- ظاهره العبد المختص قال في الدروس : لا رباء بين المولى وعبده ان قلنا بملك العبد الا أن يكون مشتركا.
2- تقدم الكلام فيه ، وقال العلامة في المختلف بثبوت الربابين المسلم والذمي وحمل الخبر على الذمي الخارج عن شرائط الذمة ، وذهب ابن الجنيد إلى أنه إنما يجوز إذا كان الذمي في دار الحرب.
3- تقدمت دعوى الاجماع عليه.
4- طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة.
5- أي حال كون المشترى غنيا أو فقيرا.
6- من الارباء ، أفعال من الربا ، وفى بعض النسخ « ولا ترب » أي لا تأخذ منه الزيادة.
7- ذكر مثلان بمثل على سبيل التمثيل ، وكذلك ذكر الدراهم إذ لا اختصاص للربا بالتضعيف ولا بالدراهم. ( مراد )
8- الطريق إليه صحيح وهو بتري موثق ، ورواه الكليني ج 5 ص 191 في الموثق.
9- أي الحي أو المذبوح ، وأطلق جماعة من الأصحاب عدم الجواز وبعضهم خصوه باتحاد الجنس ، وذهب بعضهم إلى جوازه في الجنس وغيره ، وقوى العلامة في المختلف القول بالجواز في الحي دون المذبوح جمعا بين الأدلة ، وقال العلامة المجلسي : الاستدلال بمثل هذا الخبر على التحريم مشكل لضعفه سندا ودلالة ، نعم لو كان الحيوان مذبوحا وكان ما فيه من اللحم يساوى مع اللحم أو أزيد يدخل تحت العمومات ويكون الخبر مؤيدا.

4008 - وسأل رجل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عزوجل : « يمحق اللّه الربوا ويربي الصدقات « وقد أرى من يأكل الربا يربو ماله ، فقال : فأي محق أمحق من درهم ربوا يمحق الدين فإن تاب منه ذهب ماله وافتقر ». (1)

4009 - وروى أبان ، عن محمد بن علي الحلبي ، وحماد بن عثمان ، عن عبيد اللّه ابن علي الحلبي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : ما كان من طعام مختلف (2) أو متاع أو شئ من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مثلين بمثل يدا بيد ، فأما نظرة فإنه لا يصلح ». (3)

4010 - وروى جميل بن دراج (4) ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « البعير بالبعيرين والدابة بالدابتين يدا بيد ليس به بأس (5) ، وقال : لا بأس بالثوب بالثوبين يدا بيد ونسيئة إذا وصفتهما » (6).

4011 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السلام (7) « عن بيع الحيوان اثنين بواحد ،

ص: 279


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 124 باسناده عن الصفار ، عن محمد بن عيسى عن سماعة هكذا قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : انى سمعت اللّه عزوجل يقول : « يمحق اللّه الربا - الخ ». « وافتقر » أي من حيث وجوب الرد.
2- أي لا يكون من جنس واحد.
3- « نظرة » أي نسيئة ومؤجلا ، وظاهر قوله « لا يصلح » عدم الجواز ، والمشهور بين المتأخرين الجواز ، ولعلهم حملوا الخبر على الكراهة أو التقية.
4- الطريق صحيح ، ورواه الشيخ والكليني - رحمهما اللّه - في الصحيح أيضا.
5- يدل بمفهومه على عدم جواز النسيئة فيه.
6- يدل على أن « لا يصلح » في رواية الحلبي السابقة بطريق الكراهة أو التقية ( سلطان ) أقول : قال في الشرايع : فلو باع ما لا كيل فيه ولا وزن جاز ولو كان معدودا كالثوب بالثوبين والثياب والبيضة بالبيضتين والبيض نقدا ، وفى النسيئة تردد والمنع أحوط. وقال في المسالك : الجواز أقوى للأخبار الصحيحة والقول بالمنع للشيخ في أحد قوليه استنادا إلى خبر ظاهره الكراهة.
7- رواه الشيخ في التهذيب باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن ، عن زرعة عن سماعة ، قال : « سألته عن بيع الحيوان - الخ ».

فقال : إذا سميت السن فلا بأس » (1).

4012 - وسأل عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه (2) أبا عبد اللّه عليه السلام عن العبد بالعبدين والعبد بالعبد والدراهم ، فقال : لا بأس بالحيوان كلها يد بيد ».

4013 - وسأله سعيد بن يسار (3) « عن البعير بالبعيرين يدا بيد ونسيئة ، فقال : نعم لا بأس إذا سميت الأسنان جذعان أو ثنيان (4) ، ثم أمرني فخططت على النسيئة (5). لان - الناس يقولون : لا ، وإنما فعل ذلك للتقية - ».

4014 - وروى أبان ، عن سلمة ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام : « أن عليا عليه السلام (6) كسا الناس بالعراق فكان في الكسوة حلة جيدة فسأله إياها الحسين عليه السلام فأبى ، فقال الحسين عليه السلام : أنا أعطيك مكانها حلتين فأبى ، فلم يزل يعطيه حتى بلغ خمسا فأخذها منه ، ثم أعطاه الحلة ، وجعل الحلل في حجره فقال : لاخذن خمسة بواحدة ».

4015 - وروى جميل ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « الدقيق بالحنطة والسويق بالدقيق مثلا بمثل لا بأس به » (7).

ص: 280


1- في بعض النسخ « سميت الثمن » أي إذا عينت الحيوان الذي جعلته ثمنا فلا بأس.
2- رواه الشيخ في الاستبصار ج 3 ص 100 والتهذيب باسناده عن الحسين ، عن القاسم ابن محمد ، عن أبان ، عن عبد الرحمن عنه عليه السلام.
3- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 191 في الموثق عن سعيد عنه عليه السلام.
4- في بعض النسخ والكافي « جذعين أو ثنيين ».
5- الخبر في الكافي إلى هنا ، وقال العلامة المجلسي : لا خلاف بين العامة في جواز بيع الحيوان بالحيوانين حالا ، وإنما الخلاف بينهم في النسيئة ، فذهب أكثرهم إلى عدم الجواز فالامر بالخط على النسيئة لئلا يراه المخالفون - انتهى. وقيل : يظهر منه أن سعيد بن يسار قد كتب ما سمعه من الإمام عليه السلام ، وقوله « لان الناص. الخ » كان من كلام المصنف لعدم كونه في الكافي والتهذيبين.
6- مروى في التهذيب ج 2 ص 150 في الصحيح عن أبان ، عن سلمة.
7- يفهم منه أن المعتبر في بيع المثل بالمثل المساواة في الوزن دون الصفة. ( مراد )

4016 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1) قال : « الحنطة والشعير رأس برأس لا يزاد واحد منهما على الاخر ».

4017 - وسأله سماعة « عن الطعام والتمر والزبيب (2) فقال : لا يصلح شئ منه اثنان بواحد إلا أن تصرفه من نوع إلي نوع آخر (3) فإذا صرفته فلا بأس به اثنان بواحد وأكثر من ذلك » (4).

4018 - وروي عن محمد بن قيس قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « يكره وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر لان تمر المدينة أجودهما (5) ، قال : و كره أن يباع التمر بالرطب عاجلا بمثل كيله إلى أجل من أجل أن الرطب ييبس فينقص من كيله » (6).

4019 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليه السلام « عن رجل أعطى عبده عشرة دراهم على أن يؤدي العبد كل شهر عشرة دراهم أيحل ذلك؟ قال : لا بأس » (7).

4020 - وسأل داود بن الحصين (8) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الشاة بالشاتين والبيضة بالبيضتين ، قال : لا بأس ما لم يكن مكيلا أو موزونا » (9).

ص: 281


1- كذا وفى الكافي أيضا ، وجعل في الفقيه « عن أبي جعفر عليه السلام » نسخة.
2- في بعض النسخ « الزيت »
3- كما يباع من من تمر بمنين من طعام. ( مراد )
4- مروى في التهذيب ج 2 ص 144 في الموثق.
5- تعليل لهذا الفعل لا الكراهة.
6- مروى في التهذيب ج 2 ص 144 في الصحيح.
7- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 124 في ذيل حديث.
8- رواه الكليني ج 5 ص 191 في الموثق ، وداود بن الحصين واقفي موثق وطريق المصنف إليه فيه الحكم بن مسكين المكفوف مولى ثقيف ولم يؤثق.
9- أي وأن كان متفاضلا.

4021 - وروى الحلبي (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « لا بأس بمعاوضة المتاع ما لم يكن كيلا ولا وزنا ».

4022 - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « يجيئني الرجل يطلب بيع الحرير مني وليس عندي منه شئ فيقاولني وأقاوله في الربح والأجل حتى نجتمع على شئ ، ثم أذهب فأشتري له وأدعوه إليه ، فقال : أرأيت إن وجد بيعا هو أحب إليه مما عندك أيستطيع أن ينصرف إليه ويدعك؟ أو وجدت أنت ذلك أتستطيع أن تنصرف عنه وتدعه؟ قلت : نعم ، قال : لا بأس ». (2)

4023 - وسأله أبو الصباح الكناني « عن رجل اشترى من رجل مائة من صفرا بكذا وكذا وليس عنده ما اشترى منه ، فقال : لا بأس إذا أوفاه الوزن الذي اشترط عليه ». (3)

4024 - وسأله عبد الرحمن بن الحجاج « عن الرجل يشتري الطعام من الرجل ليس عنده ويشتري منه حالا؟ قال : لا بأس به ، قال : قلت : إنهم يفسدونه عندنا (4) قال : فأي شئ يقولون في السلم؟ قلت ، لا يرون فيه بأسا يقولون : هذا إلى أجل فإذا كان إلى غير أجل وليس هو عند صاحبه فلا يصلح ، فقال : إذا لم يكن أجل كان أحق به (5) ، ثم قال : لا بأس أن يشتري الرجل الطعام وليس هو عند صاحبه إلى أجل وحالا لا يسمى له أجلا إلا أن يكون بيعا لا يوجد (6) مثل العنب والبطيخ وشبهه في غير زمانه ، فلا ينبغي شراء ذلك حالا ».

ص: 282


1- هو عبيد اللّه بن علي والطريق إليه صحيح ، ورواه الكليني أيضا في الصحيح.
2- السؤال لبيان عدم الشراء وكالة.
3- روى الشيخ في التهذيب نحوه عن زيد الشحام.
4- أي ان المخالفون الذين عندنا يحكمون بفساده.
5- أي أحق بكونه صالحا وصحيحا ، ولعل وجه الأحقية أن في صورة الحلول يمكن أن يكون البايع عارفا بحال نفسه من كونه قادرا على تحصيل المبيع وأدائه بخلاف المؤجل فان المستقبل لا يعلم ما يحدث فيه الا عالم الغيب. ( سلطان )
6- أي مبيعا لا يوجد في وقت المبايعة. ( مراد )

4025 - وروى محمد بن قيس (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام « من باع سلعة فقال : إن ثمنها كذا وكذا يدا بيد ، وثمنها كذا وكذا نظرة ، فخذها بأي ثمن شئت واجعل (2) صفقتها واحدة فقال : ليس له إلا أقلهما وإن كانت نظرة » (3).

4026 - وقال أبو جعفر عليه السلام (4) « في رجل أمره نفر أن يبتاع لهم بعيرا بورق ويزيدونه فوق ذلك نظرة ، فابتاع لهم بعيرا ومعه بعضهم فمنعه أن يأخذ منهم فوق ورقه نظرة » (5)

4027 - وروى جميل بن دراج ، عن رجل قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أصلحك اللّه إنا نخالط نفرا من أهل السواد فنقرضهم القرض ويصرفون إلينا غلاتهم فنبيعها لهم بأجر ولنا في ذلك منفعة؟ فقال : لا بأس ولا أعلمه إلا قال : ولو ما يصرفون إلينا من غلاتهم لم نقرضهم ، فقال : لا بأس ». (6)

ص: 283


1- طريق المصنف إليه حسن بإبراهيم بن هاشم وهو كالصحيح.
2- كذا في جميع النسخ وفى التهذيب أيضا ، وفى الكافي « وجعل صفقتها واحدة » ولعله أصوب فعلى ما في المتن والتهذيب هو بصيغة الامر أو التكلم أي أوقعها في بيع واحد ، أو اختر أيهما شئت.
3- عمل به جماعة من الأصحاب وقالوا بلزوم أقل الثمنين وأبعد الأجلين ، والمشهور بطلان هذا العقد. ( المرآة )
4- مروى في الكافي ج 5 ص 108 في الحسن كالصحيح عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل - الخ ».
5- يعنى أمروه أن يشترى لهم وكالة عنهم بعيرا ويعطى الثمن من ماله ثم يأخذ منهم أكثر مما أعطى بعد مدة فمنعه عليه السلام لان في صورة الوكالة لا يجوز أن يأخذ منهم أزيد مما أعطى لكون ذلك هو الربا المحرم ، فقوله « يزيدونه - الخ » أي قالوا : نعطيك زيادة على ما أديت بعد مدة.
6- الطريق إلى جميل صحيح وهو ثقة ، ولا يضر الارسال لاجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 64 في الصحيح عن جميل.

4028 - وروى ابن مسكان عن الحلبي (1) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يستقرض الدراهم البيض عددا ويقضي سودا وزنا وقد عرف أنها أثقل مما أخذ وتطيب بها نفسه أن يجعل له فضلها؟ قال : لا بأس به إذا لم يكن فيه شرط ولو وهبها له كلها صلح ». (2)

4029 - وسأله عبد الرحمن بن الحجاج (3) « عن الرجل يستقرض من الرجل الدرهم فيرد عليه المثقال أو يستقرض المثقال فيرد الدرهم؟ قال : إذا لم يكن شرط فلا بأس وذلك هو الفضل ، إن أبي عليه السلام كان يستقرض الدراهم الفسولة (4) فيدخل من غلته الجياد فيقول : يا بني ردها على الذي استقرضنا منه ، فأقول : يا أبة إن دراهمه كانت فسولة وهذه أجود منها ، فيقول : يا بني هذا هو الفضل فأعطها إياه ». (5)

4030 - وروى إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : « الرجل يكون له عند الرجل المال فيعطيه قرضا فيطول مكثه عند الرجل لا يدخل على صاحبه منه منفعة ، فينيله الرجل الشئ بعد الشئ (6) كراهة أن يأخذ ماله حيث لا يصيب منه منفعة ، يحل ذلك له؟ فقال : لا بأس إذا لم يكونا شرطاه ». (7)

4031 - وروى شهاب بن عبد ربه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سمعته يقول :

ص: 284


1- رواه الكليني ج 5 ص 253 في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن الحلبي.
2- يدل على جواز أخذ الزيادة بدون الشرط. ( المرآة )
3- رواه الكليني ج 5 ص 254 في الصحيح والشيخ في التهذيب في الموثق.
4- المثقال : الدينار. والفسولة من الفسل وهو الردى من كل شئ.
5- ولعل قوله عليه السلام « هو الفضل » إشارة إلى قوله تعالى « ولا تنسوا الفضل بينكم ».
6- أي يعطيه عطية بعد عطية ، وفى بعض النسخ « فيقبله الرجل الشئ بعد الشئ » وهو تصحيف.
7- يدل كما تقدم على الجواز بدون الشرط لان الربا إنما جاء من قبل الشرط.

« إن رجلا جاء إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يسأله ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من عنده سلف (1) فقال : بعض المسلمين عندي فقال : أعطه أربعة أوساق من تمر فأعطاه ، ثم جاء (2) إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فتقاضاه ، فقال : يكون فأعطيك (3) ، ثم عاد فقال : يكون فأعطيك ثم عاد فقال : يكون فأعطيك فقال : أكثرت (4) يا رسول اللّه فضحك وقال : عند من سلف؟ فقام رجل فقال : عندي فقال : كم عندك؟ قال : ما شئت ، فقال : أعطه ثمانية أوساق ، فقال : الرجل : إنما لي أربعة ، فقال عليه السلام : وأربعة أيضا ».

4032 - وسأله محمد بن مسلم (5) « عن الرجل يستقرض من الرجل قرضا ويعطيه الرهن إما خادما وإما آنية وإما ثيابا ، فيحتاج إلى الشئ من أمتعته فيستأذنه فيه فيأذن له؟ قال : إن طابت نفسه له فلا بأس ، قلت : إن من عندنا يروون أن كل قرض جر منفعة فهو فاسد ، فقال : أو ليس خير القرض ماجر منفعة »؟! (6)

4033 - وسئل أبو جعفر عليه السلام « عن الرجل يكون له على الرجل الدراهم والمال فيدعوه إلى طعامه أو يهدي له الهدية ، قال : لا بأس ». (7)

4034 - وسأل يعقوب بن شعيب أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلة فيأخذ منه الدراهم الطازجية (8) طيبة بها نفسه ، فقال : لا بأس به (9) وذكر ذلك عن علي عليه السلام ».

ص: 285


1- السلف : السلم والقرض بلا منفعة أيضا.
2- أي صاحب أربعة أو ساق من التمر.
3- أي إذا يحصل فأعطيك فاصبر.
4- أي وعدت كثيرا.
5- رواه الكليني ج 5 ص 255 وفى الحسن كالصحيح.
6- أي بلا شرط بالنسبة إلى ما تجر بشرط ، أو بالنسبة إلى المقترض أو بحسب الدنيا ، وهو الأظهر.
7- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 64 نحوه عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
8- الغلة : المغشوشة والطازجية أي البيض الجيدة كأنه معرب ( تازه ) بالفارسية.
9- ذهب الشيخ في النهاية وأبو الصلاح وابن البراج وجماعة إلى جواز اشتراط الصحيح عن الغلة ، واحتج الشيخ بهذا الخبر وأشباهه ، وذهب ابن إدريس وجماعة من المتأخرين منهم العلامة إلى عدم جوازه ، واحتج هو بما رواه الكليني ج 5 ص 254 عن القمي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أقرضت الدراهم ثم أتاك بخير منها فلا بأس إذا لم يكن بينكما شرط » حيث يدل مفهوم الشرط على عدم الجواز مع الشرط ، وحمل هذا الخبر على عدم الاشتراط وهو الظاهر.

والربا رباء ان ربوا يؤكل وربوا لا يؤكل ، فأما الذي يؤكل فهو هديتك إلى الرجل تريد الثواب أفضل منها ذلك قول اللّه عزوجل : « وما أتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند اللّه » وأما الذي لا يؤكل فهو أن يدفع الرجل إلى الرجل عشرة دراهم على أن يرد عليه أكثر منها فهذا الربا الذي نهى اللّه عنه فقال « يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وذروا ما بقي من الربوا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون » عنى اللّه عزوجل أن يرد آكل الربا الفضل الذي أخذه عن رأس ماله (1) حتى اللحم الذي على بدنه مما حمله من الربا عليه أن يضعه فإذا وفق للتوبة أدمن دخول الحمام لينقص لحمه عن بدنه.

وإذا قال الرجل لصاحبه : عاوضني بفرسي فرسك وأزيدك فلا يصلح ولا يجوز ذلك ، ولكنه يقول : أعطني فرسك بكذا وكذا وأعطيك فرسي بكذا وكذا. (2)

باب 400: المبادلة والعينة

المبادلة والعينة (3)

4035 - روى يونس بن عبد الرحمن ، عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في

ص: 286


1- محمول على صورة أخذه مع العلم بتحريمه فلا ينافي ما سبق من أن المأخوذ مع الجهل لا يجب رده.
2- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 151 في الصحيح عن صفوان ، عن ابن مسكان عن أبن عبد اللّه عليه السلام أنه سئل « عن الرجل يقول : « عاوضني بفرسي فرسك وأزيدك ، قال : لا يصلح ولكن يقول : أعطني فرسك بكذا وكذا ، وأعطيك فرسي بكذا وكذا » ورواه في الاستبصار ج 3 ص 101 وحمله على الأفضل والأحوط.
3- العينة هو أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به ، فان اشترى بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها ثم باعها المشترى من البايع الأول بالنقد بأقل من الثمن فهذه أيضا عينة وهي أهون من الأولى ، وسميت عينة لحصول النقد لصاحب العينة لأن العين هو المال الحاضر من النقد ، والمشترى إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه معجلة ( النهاية ) ونقل عن الدروس : العينة لغة وعرفا شراء العين نسيئة فان حل الأجل فاشترى منه عينا آخر نسيئة ثم باعها وقضاه الثمن الأول كان جائزا ويكون عينة على عينة. وفى السرائر العينة معناها في الشريعة هو أن يشترى سلعة نسيئة ثم يبيعها بدون ذلك الثمن نقدا ليقضى دينا عليه لمن قد حل له عليه ويكون الدين الثاني وهو العينة - بكسر العين - من صاحب الدين الأول.

الرجل يبايع الرجل على الشئ (1)؟ فقال : لا بأس إذا كان أصل الشئ حلالا ».

4036 - وروى محمد بن إسحاق بن عمار قال : قلت للرضا عليه السلام : « الرجل يكون له المال فيدخل على صاحبه يبيعه لؤلؤة تساوي مائة درهم بألف درهم ويؤخر عليه المال إلى وقت ، قال : لا بأس قد أمرني أبي عليه السلام ففعلت ذلك ».

وروى محمد بن إسحاق بن عمار أنه سأل أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن ذلك فقال له مثل ذلك.

4037 - وروي عن صفوان الجمال (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « عينت رجلا عينة فحلت عليه؟ فقلت له : اقضني قال : ليس عندي فعيني حتى أقضيك ، قال : عينه حتى يقضيك ».

4038 - وروي عن بكار بن أبي بكر عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يكون له على الرجل المال ، فإذا حل قال له : بعني متاعا حتى أبيعه وأقضيك الذي لك علي قال : لا بأس به ».

باب 401: الصرف ووجوهه

4039 - روي عن عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « الرجل

ص: 287


1- أي يبايعه على شرط فإذا كان الشرط صحيحا شرعيا فلا بأس.
2- رواه الكليني ج 5 ص 205 في الصحيح عن صفوان ، عن هارون بن خارجة عنه عليه السلام ولعله سقط من قلم النساخ.

يبيع الدراهم بالدنانير نسيئة؟ قال : لا بأس به ». (1)

4040 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الفضة بالفضة مثل بمثل ، والذهب بالذهب مثل بمثل ليس فيه زيادة ولا نظرة ، الزائد والمستزيد في النار ». (2)

4041 - وروى أبان ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : » الرجل يكون له على الرجل الدنانير فيأخذ منه دراهم ثم يتغير السعر ، قال : هي له على السعر الذي أخذها يومئذ (3) ، وإن أخذ دنانير وليس له دراهم عنده

ص: 288


1- يدل خلافا للمشهور على عدم وجوب التقابض في المجلس ، ويعارضه ما رواه الكليني ج 5 ص 251 في الحسن كالصحيح عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال أمير المؤمنين عليه السلام : لا يبتاع رجل فضة بذهب الا يدا بيد ، ولا يبتاع ذهبا بفضة الا يدا بيد ». وكذا صحيح منصور بن حازم في التهذيب ج 2 ص 145 عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا اشتريت ذهب بفضة أو فضة بذهب فلا تفارقه حتى تأخذ منه فان نزا حائطا فانز معه » ، وحمل سلطان العلماء خبر عمار الساباطي على ما إذا كان أحد النقدين في ذمة أحدهما نسيئة فوقع البيع عليه بعد الحلول بنقد آخر فيكون من في ذمته المال بمنزلة الوكيل في القبض فقوله « نسيئة » ليس قيدا للبيع حتى يكون خلاف المشهور أو خلاف الاجمار. بل اما قيد للدنانير ويكون قوله « يبيع » بمعنى يشترى واما قيد للدراهم و « يبيع » على معناه الظاهر ، وعلى التقديرين يكون موافقا لفتوى الأصحاب - انتهى ، أقول : حاصل الكلام إن كان له على غيره دنانير نسيئة جاز أن يبيعها عليه في الحال بدراهم بسعر الوقت ويأخذ الثمن عاجلا ، و بمضمون هذه الرواية روايات أخر كلها عن عمار الساباطي الا خبرا واحدا عن زرارة وفى طريقه علي بن حديد ، وأما عمار فلا يعتمد على ما تفرد به لكونه فطحيا فاسد المذهب وإن كان موثقا ، وأما علي بن حديد فضعيف جدا لا يعول على ما تفرد به.
2- الزائد المعطى ، والمستزيد الاخذ. والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 145 وفيه « ولا نقصان » بدل « ولا نظرة ».
3- يدل على جواز تبديل ما في الذمة لأنه مقبوض بيده ، وعلى أن المحسوب سعر اليوم الذي أخذ منه ، وعلى أنه إذا أخذ الدنانير فهو مشغول الذمة بها حتى يؤديها بعينها أو يبدلها بالدراهم حين يأخذ ( م ت ) والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 147 في الصحيح عن أبان ، عن إسحاق بن عمار.

فدنانيره عليه يأخذها برؤوسها متى شاء ».

4042 - وروى ابن محبوب ، عن حنان بن سدير قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إنه يأتيني الرجل ومعه الدراهم فأشتريها منه بالدنانير ثم اعطيه كيسا فيه دنانير أكثر من دراهمه فأقول : لك من هذه الدنانير كذا وكذا دينارا ثمن دراهمك فيقبض الكيس مني ثم يرده علي ويقول : أثبتها لي عندك (1) ، فقال : إن كان في الكيس وفاء بثمن دراهمه فلا بأس به » (2).

4043 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « جاءه رجل من أهل سجستان فقال : إن عندنا دراهم يقال لها : الشامية تحمل على الدراهم دانقين (3) فقال : لا بأس به يجوز [ ذلك ] ».

4044 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجلين من الصيارفة ابتاعا ورقا بدنانير (4) ، فقال أحدهما لصاحبه : انقد عني ، وهو موسر لو شاء أن ينقد نقد فينقد عنه ، ثم بدا له أن يشتري نصيب صاحبه بربح أيصلح؟ قال : لا بأس به » (5).

4045 - روي عن عمر بن يزيد (6) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الدراهم

ص: 289


1- أي يكون عندك وديعة.
2- لأنه وقع القبض الذي هو شرط بيع الصرف وان لم يف ففي المقبوض لا بأس به وفى غيره يكون باطلا في المشهور ، ويدل على أنه إذا وقع القبض فلا يضر الرد إليه. ( م ت )
3- في بعض النسخ « الشاهية » والظاهر تصحيفه ، والدانق سدس الدرهم وقوله : « تحمل » أي تزيد ، أو دانقان منه مغشوش كما قاله المولى المجلسي.
4- الورق : الدرهم ، أي ابتاعا من رجل ثالث.
5- أي الامر موسر قادر على النقد ، « فينقد » أي المأمور ، « ثم بدا له » أي بدا للمأمور أن يشترى نصيب صاحبه ، ووجه الشبهة والسؤال عدم حصول القبض ، ووجه الصحة أن قبض الوكيل كاف. ويدل على جواز الربح ، ويحمل على مخالفة الجنس.
6- طريق المصنف إليه صحيح وهو عمر بن يزيد بياع السابري ثقة ، ورواه الشيخ في التهذيب باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن صفوان ، عن ابن بكير ، عنه.

بالدراهم في إحديهما رصاص وزنا بوزن ، قال : أعد ، فأعدت عليه ، ثم قال : أعد فأعدت عليه (1) ، فقال : لا أرى به بأسا » (2).

4046 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألته عن الصرف وقلت له : إن الرفقة ربما عجلت فلم نقدر على الدمشقية والبصرية وأنما يجوز بنيسابور (3) الدمشقية والبصرية [ فقال : وما الرفقة؟ فقلت القوم يترافقون ويجتمعون للخروج فإذا عجلوا فربما لم يقدروا على الدمشقية والبصرية ] فبعنا [ ها ] (4) بالغلة فصرفوا الألف والخمسين منها بألف من الدمشقية ، فقال : لا خير فيها أفلا تجعلون فيها (5) ذهبا لمكان زيادتها؟ فقلت له : أشتري الألف ودينارا بألفي درهم؟ قال : لا بأس ، إن أبي عليه السلام كان أجرأ على أهل المدينة منا فكان يفعل هذا فيقولون : إنما هو الفرار (6) ولو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم ، ولو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار ، وكان عليه السلام يقول : نعم الشئ الفرار من الحرام إلى الحلال ».

4047 - وروى صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يكون لي عليه المال فيقضيني بعضا دنانير وبعضا دراهم فإذا جاء يحاسبني ليوفيني جاء وقد تغير سعر الدنانير أي السعرين أحسب؟ الذي كان يوم أعطاني الدنانير ، أو سعر يوم احاسبه؟ قال : سعر يوم أعطاك الدنانير لأنك حبست

ص: 290


1- كأن الإعادة لان يسمع الحاضرون أو يفهموا.
2- يدل على جواز بيع المغشوش بغيره وزنا بوزن ، ويكون الزيادة في الصحيح في مقابلة الغش ( م ت ) وقال الفاضل التفرشي : محمول على ما إذا كان الرصاص مضمحلا فيه بحيث لا يلتفت إليه أو يكون الرصاص معلوما بحيث لا يوجب جهالة المبيع.
3- مروى في الكافي ج 5 ص 446 في الصحيح وفيه « بسابور » وقال في القاموس سابور كورة بفارس مدينتها نوبندجان. وفى بعض نسخ الفقيه « وإنما يجوز بيننا بورق الدمشقية - الخ ».
4- والغلة : المغشوشة. وفى بعض النسخ والكافي « فبعثنا بالغلة ».
5- أي مع الدمشقية والبصرية.
6- أي الحملة في دفع الحرام ، والمراد العامة أو الأعم ، وقوله « ولو جاء - الخ » تتمة لكلامهم.

منفعتها عنه » (1).

4048 - وسأل عبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن شراء الفضة وفيها الزيبق والرصاص بالورق وهي إذا أذيبت نقصت من كل عشرة درهمان أو ثلاثة ، فقال : لا يصلح إلا بالذهب » (2).

4049 - وروي عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « يكون للرجل عندي من الدراهم الوضح فيلقاني فيقول : أليس لي عندك كذا وكذا ألف درهم وضح (3)؟ فأقول : نعم ، فيقول : حولها إلى دنانير بهذا السعر وأثبتها لي عندك ، فما ترى في هذا؟ قال : إذا كنت قد استقصيت له السعر يومئذ فلا بأس بذلك. قال : فقلت : إني لم أوازنه ولم اناقده إنما كان كلام مني ومنه ، فقال : أليس الدراهم من عندك والدنانير من عندك؟ قلت : بلى ، قال : لا بأس بذلك » (4).

باب 402: اللقطة والضالة

4050 - روى أبو عبد اللّه محمد بن خالد البرقي - رضي اللّه عنه - عن وهب

ص: 291


1- لأنك إذا لم تأخذ منه ذلك اليوم يمكنه أن يبيعها بقيمتها ذلك اليوم فقد حبست عنه منفعتها ، أو كان يمكنه في تلك المدة أن يعامل عليها فينتفع بها فالزيادة لك والنقصان عليك.
2- الحصر إضافي بالنسبة إلى الورق ، ولعله محمول على ما هو الغالب في المعاملات فإنهم لا يبذلون من الجنس الغالب أزيد مما في الغش كما ذكره الأصحاب. قال في الدروس : المغشوش من النقدين يباع بغيرهما أو بأحدهما مخالفا أو مماثلا مع زيادة تقابل الغش وان لم يعلم قدر الغش إذا علم وزن المبيع. ( المرآة )
3- الوضح - محركة : الدرهم الصحيح ( القاموس ) ، والخبر مروى في الكافي ج 5 ص 245 في الموثق وفيه « فيلقاني فيقول لي : كيف سعر الوضح اليوم؟ فأقول له كذا وكذا ، فيقول : أليس لي عندك كذا وكذا ألف درهم وضحا ، فأقول : بلى - الخ ».
4- يدل على جواز التبديل وظاهره أنه بيع وأن ذلك توكيل الصيرفي في القبض وما في الذمة مقبوض.

ابن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « لا يأكل من الضالة إلا الضالون » (1).

4051 - وفي رواية مسعدة بن زياد ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا صلوات اللّه وسلامه عليه قال : إياكم واللقطة فإنها ضالة المؤمن وهي حريق من حريق جهنم » (2).

4052 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن اللقطة يجدها الفقير ، هو فيها بمنزلة الغني؟ فقال : نعم ، قال : وكان علي بن الحسين عليهما السلام يقول : هي لأهلها لا تمسوها. قال : وسألته (3) عن الرجل يصيب درهما أو ثوبا أو دابة كيف يصنع؟ قال : يعرفها سنة فإن لم يعرف (4) جعلها في عرض ماله حتى يجيئ طالبها فيعطيها إياه ، وإن مات أوصى بها وهو لها ضامن » (5).

ص: 292


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 118 باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن وهب عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام هكذا قال : « سألته عن جعل الآبق والضالة ، قال : لا بأس ، وقال : لا يأكل الضالة الا الضالون » وهو نهى عن الاكل بغير تعريف وضمان كما هو دأب أهل الفسق ، أو محمول على الكراهة.
2- قال في التذكرة : الأقرب عندي أنه يجوز لكل أحد أخذ الضالة صغيرة كانت أو كبيرة ، ممتنعة عن السباع أو غير ممتنعة بقصد الحفظ لمالكها ، والأحاديث الواردة في النهى عن ذلك محمولة على ما إذا نوى بالالتقاط الملك اما قبل التعريف أو بعده ، أما مع نية الاحتفاظ فالأولى الجواز - انتهى وقال الفاضل التفرشي قوله : « فإنها ضالة المؤمن » لعل المعنى أنها أمر من شأنها واللائق بها أن يضل عن المؤمن لا يكون معه الا بحيث كأنه لا يعرف مكانها ، ويمكن أن يراد أنها ضلت عن مؤمن فينبغي أن لا تؤخذ حتى يأخذها صاحبها ، وأما ما ورد من أن العلم ضالة المؤمن فمعناه أنه بمنزلة ضالته ولا بدله من تفحصها حتى يجدها. وفى بعض النسخ « وهي حريق من حريق النار ».
3- السائل علي بن جعفر والمسؤول موسى بن جعفر عليهما السلام.
4- أي فإن لم يعرف الواجد صاحبها بعد ما عرفها سنة ، أو لم يعرفها أحد ، وفى بعض النسخ « فإن لم تعرف » فهو على صيغة المجهول.
5- محمول على قدر الدرهم فما زاد فإنه لا خلاف في عدم وجوب تعريف ما دون الدرهم ولا في وجوب تعريف ما زاد عنه ، وفى قدر الدرهم خلاف.

4053 - وروى ابن محبوب ، عن جميل بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « رجل وجد في بيته دينارا ، فقال : يدخل منزله غيره؟ فقلت : نعم كثير ، قال : هذه لقطة ، قلت : ورجل وجد في صندوقه دينارا؟ قال : يدخل أحد يده في صندوقه غيره أو يضع فيه شيئا؟ قلت : لا ، قال : فهو له » (1).

4054 - وروى محمد بن عيسى ، عن محمد بن رجاء الخياط (2) قال : « كتبت إلى الطيب عليه السلام (3) إني كنت في المسجد الحرام فرأيت دينارا فأهويت إليه لاخذه فإذا أنا بآخر ، ثم بحثت الحصى فإذا أنا بثالث فأخذتها فعرفتها ولم يعرفها أحد فما ترى في ذلك؟ فكتب عليه السلام : إني قد فهمت ما ذكرت من أمر الدنانير فان كنت محتاجا فتصدق بثلثها ، وإن كنت غنيا فتصدق بالكل » (4).

4055 - وروى الحسن بن محبوب ، عن صفوان بن يحيى الجمال أنه سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « من وجد ضالة فلم يعرفها ثم وجدت عنده فإنها لربها

ص: 293


1- السند صحيح ، ورواه الكليني ج 5 ص 137 في الصحيح أيضا ، وعليه فتوى الأصحاب.
2- محمد بن رجاء مجهول الحال ، وفى بعض النسخ « الحناط » ، وفى الكافي ج 4 ص 239 « محمد بن رجاء الأرجاني ». وفى بعض النسخ « أحمد بن رجاء » وهو مهمل.
3- يعنى الهادي عليه السلام.
4- احتج الشيخ بهذا الخبر على أنه إن كان له حاجة إليها يجوز تملك ثلثها والتصدق بالباقي وأنكره العلامة ، ويمكن أن يقال مع احتياجه يكون من مصارف الصدقة فيكون الصدقة بالثلث محمولا على الاستحباب لكن الظاهر من كلامهم وجوب التصدق على غيره الا أن يقال في تلك الواقعة لما رفع أمرها إلى الإمام عليه السلام يجوز أن تصدق عليه السلام به عليه وعلى غيره فيكون مخصوصا بتلك الواقعة ، ثم إن تقريره عليه السلام على أخذه يدل على جواز أخذ لقطة الحرم ( المرآة ) وقال الفاضل التفرشي : لا منافاة بين هذا الخبر وحديث علي بن جعفر من أن الفقير بمنزلة الغنى إذ يمكن حمله على أنه بمنزلته في وجوب الحفظ والتعريف لا في جواز التصدق على نفسه حين أقدم على التصدق بها عن صاحبها ، ولا منافاة أيضا بينه وبين ما مر من أنه يحفظها إلى أن يموت فيوصي بها لجواز التخيير بين الحفظ والايصاء وبين التصدق والضمان لو جاء صاحبها ولم يرض بالاجر كما يجيئ. أقول : والمشهور عدم تملك لقطة الحرم.

ومثلها من مال الذي كتمها » (1).

4056 - وروي عن أبي العلاء (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل وجد مالا فعرفه حتى إذا مضت السنة اشترى بها خادما فجاء طالب المال فوجد الجارية التي اشتراها بالدراهم هي ابنته ، قال : ليس له أن يأخذ إلا الدراهم وليس له الابنة ، إنما له رأس ماله ، إنما كانت ابنته مملوكة قوم » (3).

4057 - وروى أبو خديجة سالم بن مكرم الجمال عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سأله ذريح عن المملوك يأخذ اللقطة؟ فقال : ما للمملوك واللقطة ، المملوك لا يملك من نفسه شيئا ، فلا يعرض لها المملوك فإنه ينبغي للحر (4) أن يعرفها سنة في مجمع فان جاء طالبها دفعها إليه وإلا كانت من ماله ، فان مات كانت ميراثا لولده ولمن ورثه ، فان جاء طالبها بعد ذلك دفعوها إليه » (5).

ص: 294


1- قوله : « ومثلها » كذا في الكافي. وفى بعض النسخ والتهذيب « أو مثلها » وقال سلطان العلماء : « لعله محمول على صورة عدم وجدان عينها ، فلزوم العين على تقدير الوجدان ، ولزوم المثل على تقدير عدم الوجدان ، وإن كان ظاهر العبارة على نسخة » ومثلها « جمعها » أقول : ويمكن أن يكون الواو بمعنى « أو ».
2- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 139 عن القمي ، عن أبيه ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي العلاء.
3- قال العلامة المجلسي : حاصله أنه كما كانت ابنته قبل شراء الملتقط مملوكة قوم وكانت لا تنعتق عليه فكذا في هذا الوقت مملوكة للملتقط ، أو المراد بالقوم الملتقط وعلى التقادير اما مبنى على أن اللقطة بعد الحول تصير ملكا للملتقط ، أو محمول على الشراء في الذمة ، أو مبنى على أنه بدون تنفيذ الشراء لا تصير ملكا وان اشتريت بعين ماله.
4- مروى في الكافي ج 5 ص 309 وفيه « فإنه ينبغي له » وما في المتن أظهر.
5- يعنى اللقطة لها أحكام ولوازم لا يناسب حال العبد لان التعريف مثلا ينافي حق مولاه ، وتملكه بعد التعريف واليأس لا يتصور منه ، ولكن الخبر ليس بصريح في المنع ، ويمكن حمله على الكراهة ، ومورد الكلام ما إذا كان بغير اذن مولاه ، ومع اذنه فلا اشكال فيه وفاقا.

4058 - وسأله داود بن أبي يزيد « عن الإداوة (1) والنعلين والسوط يجده الرجل في الطريق أينتفع به؟ قال : لا يمسه » (2).

4059 - وقال عليه السلام (3) : « لا بأس بلقطة العصا والشظاظ والوتد (4) والحبل والعقال وأشباهه ».

4060 - وسئل (5) « عن الشاة الضالة بالفلاة فقال للسائل : هي لك أو لأخيك أو للذئب قال : وما أحب أن أمسها ، وعن البعير الضال أيضا قال : مالك وله (6) بطنه وعاؤه ، وخفه حذاؤه ، وكرشه سقاؤه ، خل عنه ».

4061 - وروي عن حنان بن سدير قال : « سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السلام عن اللقطة وأنا أسمع ، فقال : تعرفها سنة ، فان وجدت صاحبها وإلا فأنت أحق بها.

- يعني لقطة غير الحرم - » (7).

ص: 295


1- الإداوة - بالكسر - : هي المطهرة ، وقيل : هي اناء صغير من جلد يتطهر به و يشرب.
2- حمل عند الأكثر على الكراهة ، ويجوز أن يحمل على أنه مبنى على نجاسة الجلد المطروح.
3- رواه الشيخ في التهذيب ، والكليني ج 5 ص 140 في الحسن كالصحيح عن حماد عن حريز ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- الشظاظ خشبة محددة الطرف تدخل في عروتي الجو القين ليجمع بينهما عند حملهما على البعير والجمع أشظة. ( النهاية )
5- كذا وظاهره أن المسؤول هو أبو عبد اللّه عليه السلام ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 117 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأل رجل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن الشاة الضالة - الخ ».
6- في التهذيب « فقال للسائل : مالك وله ، خفه حذاؤه - الخ » بدون قوله « بطنه وعاؤه ».
7- اختصاصه بغير الحرام من المؤلف وليس في التهذيب وزاد فيه بعد قوله « فأنت أحق بها » « وقال هي كسبيل مالك ، وقال : خيره إذا جاءك بعد سنة بين أجرها وبين أن تغرمها له إذا كنت أكلتها » وقوله « أنت أحق بها » أي بالتصرف فيها اما بالتملك والضمان أو بالتصدق معه أو بالحفظ والايصاء.

4062 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قضى علي عليه السلام في رجل ترك دابته من جهد ، قال ، إن تركها في كلاء وماء وأمن فهي له يأخذها حيث أصابها ، وإن تركها في خوف وغير ماء ولا كلاء فهي لمن أصابها » (1).

4063 - وروي عن وهب بن وهب (2) ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « سألته عن جعل الآبق والضالة ، قال : لا بأس ».

4064 - وروى الحسين بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول في الضالة يجدها الرجل فينوي أن يأخذ لها جعلا فتنفق قال : هو ضامن لها (3) فإن لم ينو أن يأخذ لها جعلا فنفقت فلا ضمان عليه ».

4065 - وروي عن عبد اللّه بن جعفر الحميري قال : « سألته عليه السلام (4) في كتاب عن رجل اشترى جزورا أو بقرة أو شاة أو غيرها للأضاحي أو غيرها فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم أو دنانير أو جواهر أو غير ذلك من المنافع ، لمن يكون ذلك ، وكيف يعمل به؟ فوقع عليه السلام : عرفها البائع فإن لم يعرفها فالشئ لك رزقك اللّه إياه ».

4066 - وروى الحجال (5) عن داود بن أبي يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال له رجل : إني قد أصبت مالا وإني قد خفت فيه على نفسي ، فلو أصبت صاحبه دفعته إليه وتخلصت منه ، قال له : فواللّه لو أصبته كنت تدفع إليه؟ قال : إي واللّه ،

ص: 296


1- رواه الكليني ج 5 ص 140 في الضعيف. ولا ضمان ، وفى رد العين مع طلب المالك اشكال ولعل مبناه على أن صاحبها حينئذ أخرجها من ملكه وأعرض عنها فمن أخذها فهي له.
2- طريق المصنف إليه صحيح ولكن هو ضعيف جدا ، وقصته مع الرشيد في قتل يحيى ابن عبد اللّه بن الحسن معروف. راجع مقاتل الطالبيين عنوان يحيى بن عبد اللّه بن الحسن.
3- لأنه حينئذ بمنزلة الأجير ، ولعل المراد أن عليه البينة إن كان متهما بالتفريط.
4- يعنى العسكري عليه السلام فان عبد اللّه بن جعفر الحميري من أصحابه ، وهو شيخ القميين ثقة وجه ، والخبر مروى في الكافي عن محمد بن يحيى عنه.
5- مروى في الكافي ج 5 ص 138 بسند مجهول عنه.

قال عليه السلام : فلا واللّه ماله صاحب غيري؟ [ قال : ] واستحلفه أن يدفع إلى من يأمره ، قال : فحلف ، قال : اذهب فاقسمه في إخوانك ولك الأمان فيما خفت ، قال : فقسمه بين إخوانه ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : كان ذلك بعد تعريفه سنة (1).

4067 - وقال الصادق عليه السلام : « أفضل ما يستعمله الانسان في اللقطة إذا وجدها ألا يأخذها ولا يتعرض لها ، فلو أن الناس تركوا ما يجدونه لجاء صاحبه فأخذه » (2).

وإن كانت اللقطة دون درهم فهي لك لا تعرفه (3).

وإن وجدت في الحرم دينارا مطلسا فهو لك لا تعرفه (4).

وإن وجدت طعاما في مفازة فقومه على نفسك لصاحبه ثم كله فإن جاء صاحبه

ص: 297


1- هذا البيان مبنى على كون الملتقط من مال غيره عليه السلام وكأنه حمل قوله عليه السلام « ماله صاحب غيري » على كونه أولى بالتصرف فيه ، أو على الأموال التي له التصرف فيها ، ويجوز أن يقال : إن المراد بقوله عليه السلام « ماله صاحب غيري » كون الملتقط من أمواله ، مع أنه لا تصريح في الحديث بأن ما أصابه الرجل هو لقطة ، ولعله أصاب المال من جهة أخرى حراما ولم يعرف صاحبه.
2- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 116 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن الحسين بن أبي العلاء قال : « ذكرنا لأبي عبد اللّه عليه السلام اللقطة ، فقال : لا تعرض لها فان الناس لو تركوها لجاء صاحبها حتى يأخذها ».
3- روى الكليني ج 5 ص 137 بسند مرسل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن اللقطة ، قال : تعرف سنة ، قليلا كان أو كثيرا ، قال : وما كان دون الدرهم فلا يعرف ».
4- المطلس والاطلس هو الدينار الذي لا نقش فيه. وكأنه مع ما تقدمه وما يأتي خبر مروى عن الصادق عليه السلام ولم أجده بهذا اللفظ ، نعم روى الكليني ج 4 ص 239 مسندا عن فضيل بن غزوان قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له الطيار : انى وجدت دينارا في الطواف قد اسحق كتابته ، فقال هو لك ».

فرد عليه القيمة (1).

وإن وجدت لقطة في دار وكانت عامرة فهي لأهلها ، وإن كانت خرابا فهي لمن وجدها (2).

باب 403: ما يكون حكمه حكم اللقطة

4068 - روى سليمان بن داود المنقري (3) ، عن حفص بن غياث النخعي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا واللص مسلم فهل يرده عليه؟ قال : لا يرده عليه فإن أمكنه أن يرده على صاحبه فعل (4) ، وإلا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا ، فإن أصاب صاحبها وإلا تصدق بها ، فإن جاء صاحبها بعد ذلك خير بين الاجر والغرم ، فإن

ص: 298


1- روى الكليني ج 6 ص 297 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة كثير لحمها وخبزها وجبنها وبيضها وفيها سكين ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يقوم ما فيها ثم يؤكل لأنه يفسد وليس له بقاء ، فان جاء طالبها غرموا له الثمن - الحديث » ويدل على أحكام.
2- روى الكليني ج 5 ص 138 في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن الدار يوجد فيها الورق ، فقال : ان كانت معمورة فيها أهلها فهو لهم ، وان كانت خربة قد جلا عنها أهلها فالذي وجد المال فهو أحق به ». واعلم أن صاحبا الوسائل والوافي جعلا من قوله « وان كانت القطعة دون درهم » إلى قوله « فهي لمن وجدها » تتمة للخبر السابق ، وهي عندي من كلام المؤلف أخذها من أحاديثهم صلوات اللّه عليهم كما هو دأبه ، والعلم عند اللّه.
3- طريق المصنف إلى المنقري ضعيف بمحمد بن القاسم ، ورواه الكليني عنه ولكن ضعفة منجبر بالشهرة كما في المسالك.
4- يدل على أنه يعلم أن ذلك المال ملك الغير وإنما كان في يد اللص بالغصب منه. ( مراد )

اختار الاجر فله الاجر ، وإن اختار الغرم غرم له وكان الاجر له » (1).

باب 404: الهدية

4069 - قال الصادق عليه السلام : « الهدية في التوراة غافر عينا » (2).

4070 - وقال عليه السلام : « تهادوا تحابوا » (3).

4071 - وقال عليه السلام : « الهدية تسل السخائم » (4).

4072 - وقال عليه السلام : « نعم الشئ الهدية أمام الحاجة ».

4073 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « لو دعيت إلى كراع لأجبت ، ولو أهدي إلي كراع لقبلت » (5).

ص: 299


1- عمل به الأصحاب وقال ابن إدريس : ردها إلى امام المسلمين فان تعذر أبقاه أمانة ثم يوصى بها إلى حين التمكن ، وقواه في المختلف ، واستحسنه في المسالك.
2- أي يستر العين عن رؤية العيوب ، وفى بعض النسخ « غافر عيبا » وفى بعضها « عاقر عيبا » أي يمحو العيب في التراب ، وروى الطبراني في الكبير مسندا عن عصمة بن مالك عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال : « الهدية تذهب بالسمع والقلب والبصر » ومعناه أن قبول الهدية تورث محبة المهدى إليه للمهدى فيصير كأنه أصم عن سماع القدح فيه ، أعمى عن رؤية عيوبه ، وذلك لان النفس مجبولة على حب من أحسن إليها. وروى الديلمي في مسند الفردوس بسند ضعيف عن ابن عباس عنه صلى اللّه عليه وآله « الهدية تعور عين الحكيم » أي تصيره أعور لا يبصر الا بعين الرضا وتعمى عين السخط ولهذا كان يدعو بعضهم « اللّهم لا تجعل لفاجر عندي نعمة ».
3- رواه الكليني ج 5 ص 144 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله وزاد بعده « تهادوا فإنها تذهب بالضغائن ».
4- مروى في الكافي ج 5 ص 143 في حديث مسند عن أبي جعفر الباقر عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله ، والسل : انتزاعك الشئ برفق وإخراجه ، والسخيمة : الحقد في النفس.
5- الكراع - كغراب - هو ما دون الركبة من ساق البقر والغنم ، وفى صحيح البخاري « لو دعيت إلى ذراع لا جبت » ، ورواه أحمد في مسنده ، وابن حبان في صحيحه والترمذي في سننه كلهم من حديث أنس بسند صحيح عندهم هكذا « لو اهدى إلى كراع لقبلت ، ولو دعيت عليه لأجبت » وظاهره أن المراد بالكراع كراع الشاة وقيل : المراد بالكراع كراع الغميم وهو موضع بين مكة والمدينة على ثلاثة أميال من عسفان ، ويكون المعنى لو دعيت إلى كراع الغميم مع بعده لأجبت ، ولكن لا يناسب لفظ ما ورد من طريق العامة.

4074 - وقال عليه السلام : « عجلوا رد ظروف الهدايا فإنه أسرع لتواترها ».

4075 - و « كان عليه السلام لا يرد الطيب والحلوا ».

4076 - و « اتي علي عليه السلام بهدية النيروز ، فقال عليه السلام : ما هذا؟ قالوا : يا أمير المؤمنين اليوم النيروز ، فقال عليه السلام : اصنعوا لنا كل يوم نيروزا ».

4077 - وروي أنه قال عليه السلام : « نيرزونا كل يوم ».

4078 - وروى ثوير بن أبي فاختة ، عن أبيه ، عن علي عليه السلام قال : « أهدى كسرى للنبي صلى اللّه عليه وآله فقبل منه ، وأهدى قيصر للنبي صلى اللّه عليه وآله فقبل منه ، وأهدت له الملوك فقبل منهم » (1).

4079 - وقال عليه السلام : « عد من لا يعودك (2) ، وأهد إلى من لا يهدي إليك ».

4080 وقال الصادق عليه السلام : « الهدية ثلاث : هدية مكافأة ، وهدية مصانعة (3) وهدية لله عزوجل ».

4081 - وروى الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يكون له الضيعة الكبيرة ، فإذا كان يوم المهرجان والنيروز أهدوا إليه الشئ ليس هو عليهم يتقربون بذلك الشئ إليه ، فقال : أليس هم مصلين

ص: 300


1- قال العلامة - قدس سره - : نحن في رواية ثوير بن أبي فاختة من المتوقفين.
2- أي زر أخاك في مرضه وان لم يزرك في مرضك ، ويحتمل أن يكون من العائدة أي المعروف والصلة لا العيادة. والخبر رواه البخاري في تاريخه ، والبيهقي في شعب الايمان كما في الجامع الصغير.
3- لعل المراد به الرشوة ، وفى القاموس المصانعة أن تصنع له شيئا ليصنع لك آخر ، وهي مفاعلة من الصنع. والخبر رواه الكليني ج 5 ص 141 باسناده عن السكوني عنه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله.

قلت : بلى ، قال : فليقبل هديتهم وليكافهم ».

4082 - وقال عليه السلام : « إذا أهدي إلى الرجل الهدية من طعام وعنده قوم فهم شركاء فيها - يعني الفاكهة وغيرها - » (1).

4083 - وروي عن عيسى بن أعين قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أهدي إلى رجل هدية وهو يرجو ثوابها فلم يثبه صاحبها حتى هلك وأصاب الرجل هديته بعينها أله أن يراجعها إن قدر على ذلك؟ قال : لا بأس أن يأخذه » (2).

4084 - وروي عن إسحاق بن عمار قال : قلت له : « الرجل الفقير يهدي إلي الهدية يتعرض لما عندي فاخذها ولا أعطيه شيئا أيحل لي؟ قال : نعم هي لك حلال ولكن لا تدع أن تعطيه » (3).

4085 - روى محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام قال : « سألته عن مسألة كتب بها إلى محمد بن عبد اللّه القمي الأشعري فقال (4) : « لنا ضياع فيها بيوت نيران تهدي إليها المجوس البقر والغنم والدراهم فهل يحل لأرباب القرى أن يأخذوا ذلك ، ولبيوت نيرانهم قوام يقومون عليها؟ فقال أبو الحسن عليه السلام : ليأخذ أصحاب القرى من ذلك فلا بأس به » (5).

ص: 301


1- رواه الكليني ج 5 ص 144 بسند مرفوع بدون « يعنى ».
2- لعله محمول على ما إذا لم يكن المهدى إليه من رحمه.
3- رواه الكليني بسند فيه ارسال ، وظاهره عدم وجوب العوض ، ويمكن حمله على عدم العلم بإرادة العوض ، أو على أن المراد أن الهدية حلال والعوض واجب فعدم اعطاء العوض لا يصير سببا لحرمة الهدية وإن كان بعيدا ( المرآة ) وقال الفاضل التفرشي : ظاهر النهى وجوب الاعطاء ، وذلك لا ينافي حل الهدية على تقدير عدم الاعطاء.
4- رواه الكليني ج 5 ص 142 عن عبد اللّه بن المغيرة عن أبي الحسن عليه السلام قال : « قال له محمد بن عبد اللّه القمي : ان لنا ضياعا فيها بيوت النيران تهدى إليها المجوس البقر - الخ ». بأدنى اختلاف
5- السؤال اما عن جواز الاخذ منهم قهرا أو برضاهم ، فعلى الأول عدم البأس لعدم عملهم يومئذ بشرائط الذمة ، وعلى الثاني لعله مبنى على أنه يجوز أخذ أموالهم على وجه يرضون به وإن كان ذلك الوجه فاسدا كما في الربا ، وربما يحمل على عدم كونه مما اهدى إلى تلك البيوت بل يظن ذلك. ( المرآة )

باب 405: العارية

4086 - روي عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أو أبي إبراهيم عليه السلام قال : « العارية ليس على مستعيرها ضمان إلا أن يشترط ، إلا ما كان من ذهب أو فضة فإنهما مضمونتان اشترطا أو لم يشترطا (1) ، وقال عليه السلام : إذا استعيرت عارية بغير إذن صاحبها فهلكت فالمستعير ضامن » (2).

4087 - وروى أبان ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن العارية يستعيرها الانسان فتهلك أو تسرق ، فقال : إذا كان أمينا فلا غرم عليه ». (3)

4088 - وروى أبان ، عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل استعار ثوبا ثم عمد إليه فرهنه فجاء أهل المتاع إلى متاعهم ، فقال : يأخذون متاعهم ».

4089 - و « استعار النبي صلى اللّه عليه وآله من صفوان بن أمية الجمحي سبعين درعا حطمية (4) وذلك قبل إسلامه فقال : أغصب أم عارية يا أبا القاسم؟ فقال صلى اللّه عليه وآله : لا بل

ص: 302


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 168 في الموثق ، وفى الروضة « يضمن العارية باشتراط الضمان وبكونها ذهبا وفضة سواء كانا دنانير أو دراهم أم لا على أصح القولين ، وقيل : يختص بالنقدين ».
2- يحتمل أن يكون المراد أنها استعيرت ثانية بدون اذن صاحبها أي أعارها المستعير لغيره بدون اذن المالك فالمستعير الأول ضامن لتعديه ، بل الثاني أيضا لو كان عالما بالمال بل مطلقا على وجه ، ويحتمل أن يكون المراد استعارتها أولا بغير اذن صاحبها أي أخذها بنية الاستعارة وان لم يستأذن من المالك فهو ضامن لو هلك. ( سلطان )
3- قوله عليه السلام : « إذا كان أمينا » لعله كناية عن عدم التفريط ، وظاهره يشمل النقدين لكن ينبغي تخصيصه بغيرهما جمعا بين الاخبار. ( سلطان )
4- الحطمية نسبة إلى حطم بن محارب وكان يعمل الدروع وتنسب إليه ، وقيل : سميت بذلك لأنها تحطم السيوف.

عارية مؤداة فجرت السنة في العارية إذا اشترط فيها أن تكون مؤداة. وكان صفوان ابن أمية بعد إسلامه نائما في المسجد فسرق رداؤه فتبع اللص وأخذ منه الرداء وجاء به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وأقام بذلك شاهدين عدلين عليه فأمر عليه السلام بقطع يمينه فقال صفوان : يا رسول اللّه أتقطعه من أجل ردائي قد وهبته له ، فقال عليه السلام : ألا كان هذا قبل أن ترفعه إلي؟ فقطعه (1) فجرت السنة في الحد إذا رفع إلى الامام وقامت عليه البينة أن لا يعطل ويقام ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : لا قطع على من يسرق من المساجد والمواضع التي يدخل إليها بغير إذن مثل الحمامات والأرحية والخانات وإنما قطعه النبي صلى اللّه عليه وآله لأنه سرق الرداء وأخفاه فلاخفائه قطعه (2) ولو لم يخفه لعزره ولم يقطعه.

ص: 303


1- روى المؤلف نحوه في الخصال ص 192 مرسلا عن الصادق (عليه السلام) وفيه « كان ( يعنى صفوان ) راقدا في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وتحت رأسه رداءه فخرج يبول فجاء قد سرق رداؤه ، فقال : من ذهب بردائي وخرج في طلبه فوجده في يد رجل فرفعه إلى النبي (صلی اللّه عليه وآله) فقال : اقطعوا يده - ثم ساق نحو ما في المتن ». وروى هذه القصة البغوي في شرح السنة و المصابيح أيضا ، وروى نحوه ابن ماجة في سننه.
2- لا نفهم منه وجه وجيه لان الاخفاء لازم للسرقة وقوله « فوجد في يد رجل » كما في الخصال ينافي ذلك. وقال الشيخ في المبسوط : « وإن كان معه ثوب ففرشه ونام عليه أو اتكأ عليه أو نام وتوسده فهو في حرز في أي موضع كان في البلد أو البادية لان النبي صلى اللّه عليه وآله قطع سارق رداء صفوان وكان سرقه من تحت رأسه في المسجد لأنه كان متوسدا له ، فإن تدحرج عن الثوب زال الحرز » أقول : هذا القول ينافي أيضا خبر الخصال لان فيه « فخرج يبول فجاء وقد سرق رداؤه » الا أن يقال هذه الجملة من زيادة النساخ لعدم ذكره في غيره ، فإن كان كونه تحت الرأس يكون في العرف حرزا فهو والا فلابد من أن نقول : قضية في واقعة لا نعلم خصوصياتها ، أو أن يوجه بأن الحكم بقطع يد السارق عند نزول الآية غير مقيد ببعض الشروط ونزلت القيود والشروط بعد ، وقوله « ثم جرت السنة في الحد » أي بعد أن رفع إلى الامام.

باب 406: الوديعة

4090 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان ».

4091 - وقال (1) « في رجل استأجر أجيرا فأقعده على متاعه فسرق ، قال : هو مؤتمن » (2).

4092 - وروي عن محمد بن علي بن محبوب قال : « كتب رجل إلى الفقيه عليه السلام (3) في رجل دفع إلى رجل وديعة وأمره أن يضعها في منزله أو لم يأمره ، فوضعها الرجل في منزل جاره فضاعت هل يجب عليه إذا خالف أمره أو أخرجها من ملكه؟ فوقع عليه السلام : هو ضامن لها إن شاء اللّه تعالى ».

4093 - وروى ابن أبي عمير ، عن حبيب الخثعمي (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « الرجل يكون عنده المال وديعة يأخذ منه بغير إذن صاحبه؟ قال : لا يأخذ إلا أن يكون له وفاء (5) ، وقال : قلت : أرأيت إن وجد من يضمنه ولم يكن له وفاء وأشهد على نفسه الذي يضمنه (6) يأخذ منه؟ قال : نعم ».

ص: 304


1- اما تتمة للخبر السابق أو معلق عليه. ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 168 في الصحيح عن الحلبي.
2- أي جعله صاحب المتاع أمينا فلا يضمن ما لم يظهر أنه خان أو فرط. ( مراد )
3- في الكافي ج 5 ص 239 عن محمد بن الحسين قال : « كتبت إلى أبى محمد عليه السلام : رجل دفع إلى رجل وديعة فوضعها في منزل جاره فضاعت - الحديث » فالظاهر أن المراد بالفقيه أبو محمد العسكري عليه السلام.
4- صحيح ورواه الشيخ في التهذيب أيضا في الصحيح.
5- أي قدرة على وفاء عوضها له ضاعت.
6- يعنى وأشهد الضامن على نفسه أنه ضامن ، وينبغي حمله على ما إذا كان الضامن مليا ( الوافي ) أقول : الخبر ظاهره غير معمول به وظاهر المؤلف العمل به ، وقد يحمل على فحوى الاذن وان لم يكن صريحا.

4094 - وروي عن مسمع أبي سيار (1) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني كنت استودعت رجلا مالا فجحدنيه وحلف لي عليه ثم إنه جاءني بعد ذلك بسنتين (2) بالمال الذي أودعته إياه فقال : هذا مالك فخذه وهذه أربعة آلاف درهم ربحتها فهي لك مع مالك واجعلني في حل فأخذت منه المال وأبيت أن آخذ الربح منه ووقفت المال الذي كنت استودعته وأبيت أخذه حتى أستطلع رأيك فما ترى؟ فقال : خذ نصف الربح وأعطه النصف وحلله فإن هذا رجل تائب واللّه يحب التوابين ».

4095 - وسأل إسحاق بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل استودع رجلا ألف درهم فضاعت ، فقال له الرجل : إنما كانت عليه قرضا وقال الآخر. إنما كانت وديعة ، فقال : المال لازم له إلا أن يقيم البينة إنما كانت وديعة ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : مضى مشايخنا - رضي اللّه عنهم - على أن قول المودع مقبول فإنه مؤتمن ولا يمين عليه (3).

4096 - وقال رجل الصادق عليه السلام : « إني ائتمنت رجلا على مال أودعته إياه عنده فخانني فيه وأنكر مالي ، فقال عليه السلام : لم يخنك الأمين ولكنك ائتمنت الخائن » (4).

باب 407: الرهن

4097 - روى محمد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام « في رجل رهن عند رجل رهنا فضاع الرهن ، قال : هو من مال الراهن ويرتجع المرتهن عليه بماله ».

ص: 305


1- هو ثقة والطريق إليه ضعيف بالقاسم بن محمد الجوهري.
2- في بعض النسخ « بسنين ».
3- قال الشيخ في النهاية : إذا اختلف نفسان في مال فقال الذي عنده المال : انه وديعة وقال الآخر : انه دين عليك ، كان القول قول صاحب المال باليمين أنه لم يودعه ذلك المال ، وكذا قال ابن الجنيد.
4- رواه الشيخ أيضا مرسلا وفيه « إنما ائتمنت الخائن ».

4098 - وفي رواية إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الظهر يركب إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يركبه نفقته ، والدر (1) يشرب إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يشرب الدر نفقته » (2).

4099 - وروى صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام قال : قلت له : « الرجل يرتهن العبد فيصيبه عور أو ينقص من جسده شئ على من يكون نقصان ذلك؟ قال : على مولاه ، قال : قلت : إن الناس يقولون إن رهنت العبد فمرض أو انفقأت عينه فأصابه نقصان في جسده ينقص من مال الرجل بقدر ما ينقص من العبد ، قال : أرأيت لو أن العبد قتل على من تكون جنايته؟ قال : جنايته في عنقه » (3).

4100 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عباد بن صهيب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن متاع في يدي رجلين أحدهما يقول : استودعتكاه ، والاخر يقول هو رهن ، فقال : القول قول الذي هو رهن عندي إلا أن يأتي الذي ادعى أنه قد أودعه بشهود » (4).

ص: 306


1- يعنى بالظهر الحيوان الذي يكون المقصود منه الركوب ، وكذا الدرأى الحيوان الذي يكون المقصود منه اللبن.
2- المشهور عدم جواز تصرف المرتهن في العين المرهونة الا باذن الراهن فان تصرف لزمته الأجرة ، والخبر مروى في التهذيب مسندا عن عبد اللّه بن المغيرة عن السكوني إسماعيل ابن مسلم.
3- أي في عنق العبد ويغرمه مولاه ، وروى الكليني ج 5 ص 234 في الموثق عن إسحاق بن عمار هكذا قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام « الرجل يرهن الغلام والدار فتصيبه الآفة على من يكون؟ قال : على مولاه ، ثم قال : أرأيت لو قتل قتيلا على من يكون؟ قلت : هو في عنق العبد ، قال : ألا ترى فلم يذهب مال هذا؟ ثم قال : أرأيت لو كان ثمنه مائة دينار فزاد وبلغ مائتي دينار لمن كان يكون؟ قلت : لمولاه ، قال : كذلك يكون عليه ما يكون له ».
4- مروى في الكافي ج 5 ص 238 والتهذيب بسند موثق.

4101 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد (1) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأخذ الدابة والبعير رهنا بماله هل له أن يركبهما؟ فقال : إن كان يعلفهما فله أن يركبهما وإن كان الذي أرهنهما عنده يعلفهما فليس له أن يركبهما » (2).

4102 - وروى الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي قال : « سألت أبا - عبد اللّه عليه السلام عن الرجل رهن بماله أرضا أو دارا لهما غلة كثيرة ، فقال : على الذي ارتهن الأرض والدار بماله أن يحسب لصاحب الأرض والدار ما أخذ من الغلة ويطرحه عنه من الدين له » (3).

4103 - وروى محمد بن حسان ، عن أبي عمران الأرمني (4) عن عبد اللّه بن الحكم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أفلس وعليه دين لقوم وعند بعضهم رهون وليس عند بعضهم ، فمات ولا يحيط ماله بما عليه من الدين ، قال : يقسم جميع ما خلف من الرهون وغيرها على أرباب الدين بالحصص » (5).

ص: 307


1- مروى في الكافي ج 5 ص 236 والتهذيب ج 2 ص 166 بسند صحيح مع اختلاف.
2- قال في المسالك : قال الشيخ : إذا أنفق عليها كان له ركوبها أو يرجع على الراهن بما أنفق استنادا إلى رواية أبى ولاد ، والمشهور أنه ليس للمرتهن التصرف في الرهن مطلقا الا باذن الراهن فان تصرف لزمته الأجرة ، وأما النفقة فان أمره الراهن بها رجع بما غرم والا استأذنه ، فان امتنع أو غاب رفع أمره إلى الحاكم ، فان تعذر أنفق بنية الرجوع ، فان تصرف مع ذلك ضمن مع الاثم وتقاصا ، وهذا هو الأقوى ، والرواية محمولة على الاذن في التصرف والانفاق مع تساوى الحقين ، وربما قيل بجواز الانتفاع بما يخاف فوته على المالك عند تعذر استيذانه أو استيذان الحاكم.
3- في بعض النسخ « من الذي له ».
4- أبو عمران الأرمني اسمه موسى بن رنجويه وهو ضعيف وله كتاب. والخبر رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 166 في الضعيف أيضا.
5- المشهور اختصاص المرتهن بالرهن ، قال في الشرايع : « المرتهن أحق باستيفاء دينه من الغرماء سواء كان الراهن حيا أو ميتا على الأشهر » فيمكن حمل الرواية على الزيادة عن دينه ، فحينئذ يقسم الزيادة بين الغرماء ، أو يحمل على أن الرهن بعد الفلس.

4104 - قال : « وسألته عن رجل رهن عند رجل رهنا على ألف درهم والرهن يساوي ألفين فضاع ، قال : يرجع عليه بفضل ما رهنه ، وإن كان أنقص مما رهنه عليه رجع على الراهن بالفضل ، وإن كان الرهن يسوى ما رهنه عليه فالرهن بما فيه ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذا متى ضاع الرهن بتضييع المرتهن له فأما إذا ضاع من حرزه أو غلب عليه يرجع بماله على الراهن ، وتصديق ذلك :

4105 - ما رواه علي بن الحكم (1) ، عن أبان بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « في الرهن إذا ضاع من عند المرتهن من غير أن يستهلكه رجع بحقه على الراهن فأخذه ، وإن استهلكه ترادا الفضل بينهما ».

4106 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن رهن رجل أرضا فيها ثمرة فإن ثمرتها من حساب ماله ، وله حساب ما عمل فيها وأنفق فيها فإذا استوفى ماله فليدفع الأرض إلى صاحبها ».

4107 - وروى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام في رهن اختلف فيه الراهن والمرتهن ، فقال الراهن : هو بكذا وكذا ، وقال المرتهن : هو بأكثر : إنه يصدق المرتهن حتى يحيط بالثمن لأنه أمين » (2).

ص: 308


1- طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة ، ورواه الكليني ج 5 ص 234 في الضعيف على المشهور عن الوشاء عن أبان عمن أخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، والشيخ في التهذيبين باسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن بنان بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان عنه عليه السلام ، وبنان بن محمد امامي ولم يوثق.
2- قال في المسالك : ذهب الأكثر إلى أن القول قول الراهن ، وهو الأقوى لأصالة عدم الزيادة وبراءة ذمة الراهن ، ولأنه منكر ، ولصحيحة محمد بن مسلم ( المروية في الكافي ج 5 ص 237 ) عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل يرهن عند صاحبه رهنا لا بينة بينهما فيه فادعى الذي عنده الرهن أنه بألف ، فقال صاحب الرهن : إنما هو بمائة ، قال : البينة على الذي عنده الرهن أنه بألف وان لم يكن بينة فعلى الراهن اليمين ». والقول بأن القول قول المرتهن ما لم يستغرق دعواه ثمن الرهن قول ابن الجنيد استنادا إلى رواية السكوني.

4108 - وروى صفوان بن يحيى (1) ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا - إبراهيم عليه السلام عن رجل يكون عنده الرهن فلا يدري لمن هو من الناس [ فقال : ما أحب أن يبيعه حتى يجيئ صاحبه ] ، قلت : لا يدري لمن هو من الناس ، فقال : فيه فضل أو نقصان؟ قلت : فإن كان فيه فضل أو نقصان ما يصنع؟ قال : إن كان فيه نقصان فهو أهون ، يبيعه فيؤجر بما بقي ، وإن كان فيه فضل فهو أشدهما عليه يبيعه ويمسك فضله حتى يجيئ صاحبه » (2).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذا : إذا لم يعرف صاحبه ولم يطمع في رجوعه فمتى عرف صاحبه فليس له بيعه حتى يجيئ ، وتصديق ذلك :

4109 - ما رواه القاسم بن سليمان (3) عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل رهن رهنا إلى وقت ثم غاب هل له وقت يباع فيه رهنه؟ فقال : لا حتى يجيئ ».

4110 - وروى أبان ، عن عبيد بن زرارة فال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل رهن عند رجل سوارين (4) فهلك أحدهما ، قال : يرجع بحقه فيما بقي ».

4111 - وقال عليه السلام : « في رجل رهن عند رجل دارا فاحترقت أو انهدمت ، قال ، يكون ماله في تربة الأرض ».

4112 - وقال عليه السلام « في رجل رهن عنده رجل مملوكا فجذم ، أو رهن عنده متاعا فلم ينشر ذلك المتاع ولم يتعاهده ولم يحركه فأكل - يعني أكله السوس (5) -

ص: 309


1- الطريق إلى صفوان بن يحيى حسن كالصحيح ، ورواه الكليني في الموثق.
2- حمل على ما إذا كان وكيلا أو أذن الحاكم كما قال ابن إدريس وهو المشهور ، وقال العلامة في المختلف : إذا حل الدين لم يجز بيع الرهن الا أن يكون وكيلا أو يأذن الحاكم ، قاله ابن إدريس وهو جيد ، وأطلق أبو الصلاح جواز البيع مع عدم التمكن من استيذان الراهن.
3- رواه الكليني ج 5 ص 234 في الموثق كالصحيح عن ابن بكير عن عبيد بن زرارة.
4- السوار - ككتاب - : حلية كالطوق تلبسه المرأة في معصمها أو زندها.
5- السوس - بالضم - : دود يقع في الصوف. ( القاموس )

هل ينقص من ماله بقدر ذلك؟ قال : لا » (1).

4113 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يرهن عند الرجل الرهن فيصيبه توى (2) أو ضاع ، قال : يرجع بماله عليه ».

4114 - وروى محمد بن عيسى بن عبيد (3) ، عن سليمان بن حفص المروزي قال : « كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام في رجل مات وعليه دين ولم يخلف شيئا إلا رهنا في يد بعضهم ولا يبلغ ثمنه أكثر من مال المرتهن أيأخذه بماله أو هو وسائر الديان فيه شركاء فكتب عليه السلام : جميع الديان في ذلك سواء يوزعونه بينهم بالحصص (4) ، قال : وكتبت إليه في رجل مات وله ورثة فجاء رجل فادعى عليه مالا وإن عنده رهنا ، فكتب عليه السلام إن كان له على الميت مال ولا بينة له عليه فليأخذ ماله مما في يده وليرد الباقي على ورثته ، ومتى أقر بما عنده أخذ به وطولب بالبينة على دعواه وأوفي حقه بعد اليمين ، ومتى لم يقم البينة والورثة منكرون فله عليهم يمين علم ، يحلفون باللّه ما يعلمون أن له على ميتهم حقا » (5).

4115 - وروى فضالة ، عن أبان ، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته

ص: 310


1- يدل على أنه لا يجب على المرتهن نشر المتاع وتعاهده وتحريكه ويكفى مجرد الضبط وقوله « هل ينقص من ماله » أي هل ينقص هلاك الرهن بمثل هذه الأمور الدين من مال المرتهن فيسقط من دينه بقدر انتقاص الرهن.
2- التوى : الهلاك والتلف ، وقد تقدم.
3- طريق المصنف إليه صحيح وهو مختلف فيه وثقه جماعة وضعفه آخرون ، واستثناء المصنف من رجال نوادر الحكمة وقال : لا أروى ما يختص بروايته ، وقيل إنه كان يذهب مذهب الغلاة ، وأما سليمان بن حفص فيعرف من بعض الأقوال حسن حاله.
4- تقدم الكلام فيه ، والمشهور اختصاص المرتهن به ، ويمكن حمله على الرهن بعد الافلاس كما مر.
5- فيه تعليم المرتهن في أخذ ماله بالسهولة وبيان الحكم لو أقر بالرهن وادعى الدين بأنه ان أقام على مدعاه البينة أخذ دينه بعد الحلف والا توجه القسم بنفي العلم على الورثة ، وفيه أيضا دلالة على جواز أخذ الدين من الرهن بدون اذن المالك إذا تضمن الاخذ من المالك مشقة مثل إقامة البينة والحلف. ( مراد )

كيف يكون الرهن بما فيه (1) إن كان حيوانا أو دابة أو فضة أو متاعا فأصابه حريق أو لصوص فهلك ماله أو نقص متاعه وليس له على مصيبته بينة؟ قال : إذا ذهب متاعه كله فلم يوجد له شئ فلا شئ عليه ، وإن قال : ذهب من بين مالي وله مال فلا يصدق » (2).

4116 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن داود بن الحسين ، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل رهن عنده آخر عبدين فهلك أحدهما أيكون حقه في الاخر؟ قال : نعم ، قلت أو دارا فاحترقت أيكون حقه في التربة؟ قال : نعم ، قلت : أو دابتين فهلكت إحداهما أيكون حقه في الأخرى؟ قال : نعم ، قلت : أو متاعا فهلك من طول ما تركه أو طعاما ففسد أو غلاما فأصابه جدري فعمي أو ثيابا تركها مطوية لم يتعاهدها ولم ينشرها حتى هلكت قال : هذا نحو واحد يكون حقه عليه » (4).

4117 - وروى صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يرهن الرهن بمائة درهم وهو يساوي ثلاثمائة درهم فيهلكه أعلى الرجل أن يرد على صاحبه مائتي درهم؟ قال : نعم لأنه أخذ رهنا فيه فضل وضيعه ، قلت : فهلك نصف الرهن ، قال : على حساب ذلك (5) ، قلت : فيتراد أن الفضل قال : نعم ».

ص: 311


1- أي كيف يكون حكم الرهن مما وقع فيه من المذكورات.
2- أي لا يصدق الا بالبينة على وقوع ذلك ومع ثبوت الوقوع لا شئ عليه.
3- الطريق إلى البزنطي صحيح وهو ثقة جليل ، وداود بن الحصين واقفي موثق ، والفضل بن عبد الملك ثقة.
4- قال في الدروس : الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه الا بتعد أو تفريطه على الأشهر ، ونقل الشيخ عليه الاجماع منا ، وما روى من التقاص بين قيمته وبين الدين محمول على التفريط ، ولو هلك بعضه كان الباقي مرهونا.
5- محمول على ما إذا كان الهلاك بسبب المرتهن كما هو ظاهر قوله عليه السلام « وضيعه ». والخبر رواه الكليني ج 5 ص 234 في الموثق.

4118 - وروى محمد بن قيس (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في الرهن إذا كان أكثر من مال المرتهن فهلك أن يؤدي الفضل إلى صاحب الرهن ، وإن كان الرهن أقل من ماله فهلك الرهن أدى إليه صاحبه فضل ماله ، وإن كان الرهن يسوى ما رهنه فليس عليه شئ » (2).

4119 - وروى فضالة ، عن أبان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا اختلفا في الرهن فقال أحدهما : رهنته بألف درهم ، وقال الآخر : رهنته بمائة درهم فإنه يسأل صاحب الألف البينة ، فإن لم يكن له بينة حلف صاحب المائة ، وإن كان الرهن أقل مما رهن به أو أكثر واختلفا في الرهن فقال أحدهما : هو رهن ، وقال الآخر : هو وديعة فإنه يسأل صاحب الوديعة البينة ، فإن لم يكن له بينة حلف صاحب الرهن » (3).

4120 - وروى صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يرهن العبد أو الثوب أو الحلي أو متاع البيت فيقول صاحب المتاع للمرتهن : أنت في حل من لبس هذا الثوب البس الثوب وانتفع بالمتاع واستخدم الخادم ، قال : هو له حلال إذا أحله له وما أحب أن يفعل ، قلت : فارتهن دارا لها

ص: 312


1- الطريق إليه حسن كالصحيح وهو اما محمد بن قيس البجلي الثقة أو الأسدي الممدوح دون أبى رهم المجهول بقرينة أن ليس له كتاب القضايا دون سمييه وكونه من أصحاب النبي (صلی اللّه عليه وآله) ، وروى الخبر الكليني في الموثق كالصحيح من حديث ابن بكير عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- قال العلامة المجلسي : لعله وأمثاله محمول على التقية إذ روت العامة عن شريح والحسن والشعبي « ذهبت الرهان بما فيها » ويمكن الحمل على التفريط كما يدل عليه خبر أبان المتقدم تحت رقم 4102.
3- رواه الكليني ج 5 ص 237 عن أبان عن ابن أبي يعفور عنه عليه السلام ، ويشتمل على حكمين أحدهما : أنه لو اختلفا فيما عليه الرهن فالبينة على المرتهن وان لم يأت بها فالقول قول الراهن مع اليمين وذهب إليه جماعة من الأصحاب كما تقدم ، وثانيهما أنه لو اختلف المالك ومن هو عنده فقال المالك هو وديعة وقال الممسك هو رهن فالقول قول الممسك مع يمينه ان لم يكن للمالك ببنة.

غلة لمن الغلة (1)؟ قال : لصاحب الدار ، قلت : فارتهن أرضا بيضاء فقال له صاحب الأرض : أزرعها لنفسك ، فقال : هذا حلال ليس هذا مثل هذا يزرعها بماله فهو له حلال كما أحله لأنه يزرع بماله ويعمرها ».

4121 - وروى صفوان بن يحيى ، عن محمد بن رباح القلاء (2) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل هلك أخوه وترك صندوقا فيه رهون بعضها عليه اسم صاحبه وبكم هو رهن ، وبعضها لا يدرى لمن هو ، ولا بكم هو رهن ، ما ترى في هذا الذي لا يعرف صاحبه؟ فقال : هو كما له ». (3)

4122 - وروى أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي - رضي اللّه عنه - عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه قال « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الخبر الذي روي » أن من كان بالرهن أوثق منه بأخيه المؤمن فأنا منه برئ « فقال : ذلك إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت ، قلت : فالخبر الذي روي » أن ربح المؤمن على المؤمن ربوا « ما هو؟ قال : ذاك إذا ظهر الحق وقام قائمنا أهل البيت وأما اليوم فلا بأس بأن يبيع من الأخ المؤمن ويربح عليه ».

4123 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن

ص: 313


1- الغلة : الدخل من كرى دار أو أجرة غلام أو فائدة أرض.
2- كذا وفى الكافي والتهذيب أيضا ، والظاهر أنه تصحيف والصواب « عمر بن رباح » وهو الذي روى عنه صفوان في غير مورد وفى بعض النسخ « محمد بن دراج ».
3- ظاهره أنه يحكم بكونه من ماله إذا لم يعرف الرهن بعينه وان علم أن فيه رهنا كما هو الظاهر المحقق في الشرايع حيث قال : لو مات المرتهن ولم يعلم الرهن كان كسبيل ماله حتى يعلم بعينه ، وقال في المسالك : المراد أن الرهن لم يعلم كونه موجودا في التركة ولا معدوما فإنه حينئذ كسبيل مال المرتهن أي بحكم ماله بمعنى أنه لا يحكم للراهن في التركة بشئ عملا بظاهر الحال من كون ما تركه لورثته وأصالة براءة ذمته من حق الراهن ، و قوله « حتى يعلم بعينه » المراد أن الحكم ثابت إلى أن يعلم وجود الرهن في التركة يقينا سواء علم معينا أم مشتبها في جملة التركة والأكثر جزموا هنا ، والحكم لا يخلو من اشكال فان أصالة البراءة معارضة بأصالة بقاء المال.

الرجل يرهن جاريته أيحل له أن يطأها؟ قال : إن الذين ارتهنوها يحولون بينه وبينها ، قلت : أرأيت إن قدر عليها خاليا ولم يعلم الذين ارتهنوها؟ قال : نعم لا أرى بهذا بأسا » (1).

باب 408: الصيد والذبايح

اشارة

قال اللّه تبارك وتعالى : « يسئلونك ماذا أحل لهم (2) قال أحل لكم الطيبات (3) وما علمتم من الجوارح مكلبين (4) تعلمونهن مما علمكم اللّه فكلوا مما أمسكن

ص: 314


1- رواه الكليني ج 5 ص 237 في الصحيح ، وروى أيضا نحوه عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الحسن كالصحيح ، ولا خلاف بين الأصحاب ظاهرا في عدم جواز تصرف الراهن في الرهن بدون اذن المرتهن بل ذهب بعضهم إلى عدم جواز الوطي مع الاذن أيضا و ظاهر الأخبار المعتبرة جواز الوطي سرا. ولولا الاجماع لأمكن حمل أخبار النهى على التقية ، وقال في الدروس : في رواية الحلبي يجوز وطيها سرا وهي متروكة ، ونقل في المبسوط الاجماع عليه. ( المرآة )
2- أي عما أحل لهم بعد ما بين لهم المحرمات وحصل لهم الشبهة في موضع يحتمل التحريم ولم يكتفوا بالبراءة الأصلية وطلبوا النص. ( زبدة البيان )
3- المراد بالطيبات ما لم تستخبثه الطباع السليمة ولم تنفر عنه عادة وعلى سبيل الغلبة ، ويمكن أن يكون ما لم يدل دليل على تحريمه من عقل أو نقل ، فيكون مؤيدا للحكم العقلي فاجتمع العقل والنقل على إباحة ما لم يدل دليل على تحريمه ، وبمفهومه يدل على تحريم المستخبثات لمقابلة الطيبات كما دل عليه « ويحرم عليهم الخبائث » بمنطوقه. ( زبدة البيان )
4- يحتمل أن يكون عطفا على « الطيبات » ولكن بحذف مضاف أي مصيد ما علمتم من الجوارح أي الكلاب التي تصيدون بها بقرينة قوله « مكلبين » فإنه مشتق من الكلب أي حال كونكم صاحبي كلاب ، فيلزم كون الجوارح كلبا لان المكلب صاحب الكلب وهو وان أطلق على كل سبع كما في دعائه صلى اللّه عليه وآله على عتبة بن أبي لهب « اللّهم سلط عليه كلبا من كلابك » فخرج إلى الشام فافترسه أسد. لكنه حقيقة في المعهود ، وذهب بعض العلماء إلى أن المراد مطلق الجوارح من الطيور وذوات الأربع من السباش. وقالوا بان اطلاق المكلبين باعتبار أن المعلم في الغالب كلب ، وهو خلاف مذهب الأصحاب ورواياتهم كما يأتي. وقوله « تعلمونهن » أي تؤدبونهن حتى يصرن معلمة ، وفيه دلالة في الجملة على حرمة صيد غير المعلم إذا لم تدرك ذكاته.

عليكم (1) واذكروا اسم اللّه عليه » (2).

4124 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال في صيد الكلب : إن أرسله صاحبه وسمى فليأكل كلما أمسك عليه وإن قتل ، وإن أكل فكل ما بقي وإن كان غير معلم فعلمه ساعته (3) حين يرسله فليأكل منه فإنه معلم فأما ما خلا الكلاب مما تصيده الفهود والصقور وأشباهه فلا تأكل من صيده (4) إلا ما أدركت ذكاته لان اللّه عزوجل قال : « مكلبين » فما خلا الكلاب فليس صيده بالذي يؤكل إلا أن تدرك ذكاته ».

4125 - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام : « كل ما أكل منه الكلب وإن أكل منه ثلثيه ، كل ما أكل الكلب وإن لم يبق منه إلا بضعة واحدة » (5).

4126 - وروى هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن كلب المجوسي يأخذه الرجل المسلم (6) فيسمي حين يرسله أيأكل

ص: 315


1- فيه دلالة على أنه لا يباح ما أكل منه ، وهو قول أصحابنا وأكثر الفقهاء.
2- الضمير راجع إلى « ما علمتم » والمعنى سموا عند ارسال الكلب ، أو راجع إلى « ما أمسكن » أي سموا عليه إذا أدركتم ذكاته ، أو عند أكله ، والأول أوفق وهو المشهور.
3- لعل المراد اكمال تعليمه في الساعة. ( سلطان )
4- هذا هو المشهور بل ادعى السيد المرتضى عليه الاجماع ، وذهب ابن أبي عقيل إلى حل صيد ما أشبه الكلب من الفهد والنمر وغيرها ، وتقدم الكلام فيه.
5- « ما أكل » أي المعلم ، و « ثلثيه » لعله محمول على ندرة ذلك من غير أن يكون عادة له ، وهذا بناء على المشهور من اشتراط كون الكلب معلما بعدم أكله الصيد غالبا ، وأما على ما ذهب إليه جماعة من الأصحاب من عدم اشتراط ذلك فلا حاجة إلى تأويل الحديث. ( سلطان ) والبضعة : القطعة العظيمة من اللحم.
6- لعل الاخذ هنا بمعنى الاتخاذ والتطويع أي اتخذه وطوعه وعلمه.

ما أمسك عليه؟ قال : نعم لأنه مكلب وذكر اسم اللّه عليه ».

4127 - وروى النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان قال : « سألت أبا - عبد اللّه عليه السلام عن كلب أفلت ولم يرسله صاحبه (1) فصاد فأدركه صاحبه وقد قتله أيأكل منه؟ فقال : لا ، إذا صاد وقد سمى فليأكل ، وإذا صاد ولم يسم فلا يأكل ، وهو (2) « مما علمتم من الجوارح مكلبين ».

4128 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أرسل الرجل كلبه ونسي أن يسمي فهو بمنزلة من قد ذبح ونسي أن يسمي ، وكذلك إذا رمى ونسي أن يسمي » (3).

4129 - وحكم ذلك (4) في خبر آخر : « أن يسمي حين يأكل ».

4130 - وروى حماد بن عيسى ، عن حريز قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرمية (5) يجدها صاحبها من الغد أيأكل منها؟ قال : إن كان يعلم أن رميته هي قتلته فليأكل ، وذلك إذا كان قد سمى ».

4231 - وروى أبان (6) ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « ما أخذت الحبالة (7) وقطعت منه فهو ميتة ، وما أدركت من سائر جسده حيا فذكه ثم كل منه » (8).

ص: 316


1- أي نفر وخرج من يده دون أن يرسله صاحبه.
2- الضمير راجع إلى ما ذكره أولا أي مع التسمية حلال وداخل تحت هذا النوع.
3- نسيان التسمية عند الذبح لا يقدح في الحل ، كذا ذكروه.
4- في بعض النسخ « وحل ذلك » أي حلاليته.
5- الرمية : الصيد الذي ترميه فتقصده وينفذ فيه سهمك ( الوافي ) والطريق إلى حماد بن عيسى صحيح ، ورواه الكليني ج 6 ص 210 في الحسن كالصحيح.
6- هو أبان بن عثمان الطريق إليه صحيح.
7- الحبالة - بالكسر - ما يصطاد بها من أي شئ كان ( النهاية ) وقوله « قطعت منه » أي قطعت الحبالة منه أي من الصيد.
8- يعنى إذا أدركت الحبالة بعض جسده والحيوان حي فذكه ثم كل.

4132 - وروى أبان بن عثمان ، عن عيسى القمي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أرمي بسهم فلا أدري أسميت أم لم اسم؟ فقال : كل ولا بأس (1) ، فقلت : أرمي فيغيب عني فأجد سهمي فيه ، فقال : كل ما لم يؤكل منه (2) وإن أكل منه فلا تأكل [ منه ] ».

4133 - وسأله محمد بن علي الحلبي « عن الصيد يضربه الرجل بالسيف أو يطعنه برمحه أو يرميه بسهمه فيقتله ، وقد سمي حين فعل ذلك ، قال : كله فلا بأس به » (3).

4134 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الصيد يرميه الرجل بسهم فيصيبه معترضا فيقتله وقد سمى عليه حين رمى ولم تصبه الحديدة (4) ، فقال : إن كان السهم الذي أصابه هو قتله فإذا رآه فليأكله ».

4135 - وسمع زرارة أبا جعفر عليه السلام يقول : « فيما قتل المعراض (5) لا بأس به إذا كان إنما يصنع لذلك » (6).

ص: 317


1- يعنى على تقدير نسيان التسمية.
2- لأن عدم أثر جراحة سبع وغيره قرينة قوية على أنه قتل بسهمه فيفيد الظن القوى.
3- رواه الكليني ج 6 ص 210 في الصحيح وكذا الشيخ في التهذيب.
4- لعل المراد سهم فيه نصل إذ لو لم يكن فيه نصل يشترط في الحل به الخرق بأن يدخل فيه ولو يسيرا ويموت ذلك على ما هو المشهور. ( سلطان )
5- المعراض - كمحراب - : سهم بلا ريش ، دقيق الطرفين ، غليظ الوسط ، يصيب بعرضه دون حده. ( القاموس )
6- مروى في الكافي ج 6 ص 212 بلفظ آخر ، وقال العلامة المجلسي : اعلم أن الآلة التي يصطاد بها اما مشتملة على نصل كالسيف والرمح والسهم ، أو خالية عنه لكنها محددة تصلح للخرق أو مثقلة تقتل بثقلها كالحجر والخشبة غير المحددة ، والأولى يحل مقتولها سواء مات يحرقها أم لا كما لو أصابت معترضة عند أصحابنا لصحيحة الحلبي ، والثانية يحل مقتولها بشرط أن تخرقه بأن تدخل فيه ولو يسيرا ويموت بذلك فلو لم تخرق لم يحل ، والثالثة لا يحل مقتولها مطلقا سواء خدشت أم لم تخدش ، وسواء قطعت البندقة رأسه أو عضوا آخر منه.

4136 - وفي رواية حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه سئل عما صرع المعراض من الصيد ، فقال : إن لم يكن له نبل غير المعراض وذكر اسم اللّه عزوجل عليه فليأكل مما قتل ، وإن كان له نبل غيره فلا ».

4137 - وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : « إذا كان ذلك سلاحه الذي يرمي به فلا بأس ».

4138 - وفي خبر آخر : « إن كانت تلك مرماته فلا بأس » (1).

4139 - وروي « أنه إن خرق اكل وإن لم يخرق لم يؤكل » (2).

4140 - وقال علي عليه السلام « في رجل له نبال ليس فيها حديد وهي عيدان كلها فيرمي بالعود فيصيب وسط الطير معترضا فيقتله ويذكر اسم اللّه عليه وإن لم يخرج دم (3) وهي نبالة معلومة (4) فيأكل منه إذا ذكر اسم اللّه عزوجل ».

4141 - وروى حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، وحماد بن عيسى ، عن حريز عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه سئل عن قتل الحجر والبندق أيؤكل؟ فقال : لا » (5).

ص: 318


1- لعله خبر زرارة وإسماعيل الجعفي المروى في الكافي وفيه « لا بأس إذا كان هو مرماتك أو صنعته لذلك ».
2- رواه الكليني ج 6 ص 212 في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا : « قال : إذا رميت بالمعراض فخرق فكل وان لم يخرق واعترض فلا تأكل » وخرق في النسخ بالخاء المعجمة والراء المهملة وورد في أحاديث العامة نحو هذا الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وآله وضبطوها بالخاء المعجمة والزاي ، في النهاية : في حديث عدى « قلت يا رسول اللّه انا نرمي بالمعراض فقال : كل ما خزق وأصاب بعرضه فلا تأكل » وقال ابن الأثير خزق السهم وخسق : إذا أصاب الرمية ونفذ فيها ، وسهم خازق وخاسق.
3- قوله « وهي عيدان كلها » يدل على عدم اشتراط كون آلة الصيد من الحديد ، بل يجزى كل قاطع ويشترط فيه القطع والخرق فقط وان لم يخرج دم كثير. ( قاله الأستاذ في هامش الوافي )
4- لعل المراد أن تلك النبال معمولة للصيد.
5- لان الحجر والبندق ان قتل فإنما يقتل بالثقل والصدمة لا بالخرق وهو يكسر السن ويفقأ العين كما في الخبر ، وأما ان خرق وأسال الدم فالظاهر الحلية كما في الصيد المقتول بالسلاح الذي يقال له التفنك في هذه الاعصار لعموم قوله في الحديث الاتير « من جرح بسلاح - الخ » والبندق - بضم الباء الموحدة وسكون النون - كل ما يرمى به والرصاص الكروي الذي يرمى به.

4142 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام (1) « في صيد وجد فيه سهم وهو ميت لا يدري من قتله ، فقال : لا تطعموه (2).

وقال (3) : من جرح بسلاح وذكر اسم اللّه عزوجل ثم بقي الصيد ليلة أو ليلتين ثم وجده لم يأكل منه سبع وعلم أن سلاحه قتله فليأكل منه إن شاء [ اللّه ] ».

4143 - وقال عليه السلام « في ايل (4) اصطاده رجل فيقطعه الناس والذي اصطاده يمنعه ففيه نهي؟ فقال : ليس فيه نهي وليس به بأس » (5).

4144 - وروى أبان ، عن محمد الحلبي قال : « سألته عن الرجل يرمي الصيد فيصرعه فيبتدره القوم فيقطعونه ، فقال : كله » (6).

ص: 319


1- رواه الكليني ج 6 ص 211 في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام عنه صلوات اللّه عليه وآله.
2- في بعض النسخ « فلا تطعمونه » وفى الكافي فلا « تطعمه » وذلك لان صيده غير معلوم هل هو على وجه شرعي من لزوم ايمان الرامي والتسمية أم لا.
3- يعنى قال أبو جعفر عليه السلام كما هو صريح الكافي في ج 6 ص 210 فهو تتمة للخبر السابق.
4- الأيل - كقنب وخلب ، أو كسيد وميت ، أو كبقم - : التيس الجبلي وما يقال له بالفارسية : بزكوهى نر وگوزن.
5- في الكافي « والرجل يتبعه أفتراه نهبة؟ فقال عليه السلام : ليس بنهبة وليس به بأس » وذلك لان النبي صلى اللّه عليه وآله نهى عن النهبة.
6- رواه الكليني ج 6 ص 211 وظاهر قوله « فيقطعونه » أي قبل الذبح والمشهور إنما يجوز أكله إذا كانوا صيروه جميعا في حكم المذبوح أو الرامي صيره كذلك ، فإن لم يصيره الرامي في حكم المذبوح بل أدركوه وفيه حياة مستقرة ولم يذكوه في موضع ذكاته بل تناهبوه وتوزعوه من قبل ذكاته فلا يجوز لهم أكله لان كان مقدورا على ذكاته ولم يذك.

4145 - وروى المفضل بن صالح (1) ، عن أبان بن تغلب قال : « سمعت أبا - عبد اللّه عليه السلام يقول : كان أبي عليه السلام يفتي في زمن بني أمية أن ما قتل الباز والصقر فهو حلال وكان يتقيهم وأنا لا أتقيهم وهو حرام ما قتل الباز والصقر ».

4146 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إن أرسلت بازا أو صقرا أو عقابا فقتل فلا تأكل حتى تذكيه ».

4147 - وقال عليه السلام : « إن أرسلت كلبك على صيد فأدركته ولم تكن معك حديدة تذبحه بها فدع الكلب يقتله ثم كل منه » (2).

فإذا أرسلت كلبك على صيد وشاركه كلب آخر فلا تأكل منه إلا أن تدرك ذكاته (3).

وإن رميته وهو على جبل فسقط ومات فلا تأكله (4). وإن رميته فأصابه سهمك ووقع في الماء [ فمات ] فكله إذا كان رأسه خارجا من الماء ، وإن كان رأسه في الماء فلا تأكله (5).

ص: 320


1- هو أبو سمينة الصيرفي كان ضعيفا جدا ، ورواه الكليني في الضعيف عنه أيضا.
2- هذا ليس من خبر أبي بصير بل هنا مرسل ، ورواه الكليني في الكافي ج 6 ص 204 في الصحيح عن جميل بن دراج هكذا « قال : سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) الرجل يرسل الكلب على الصيد فيأخذه ولا يكون معه سكين يذكيه بها أيدعه حتى يقتله ويأكل منه قال : لا بأس - الحديث ».
3- روى الكليني ج 6 ص 203 في الصحيح عن عبيدة الحذاء قال : « سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن الرجل يسرح كلبه المعلم ويسمى إذا سرحه فقال يأكل مما أمسك عليه فإذا أدركه قبل قتله ذكاه ، وان وجد معه كلبا غير معلم فلا يأكل منه - الحديث » ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 345.
4- محمول على ما إذا لم يخرق فيه السهم كما يدل عليه الخبر الحلبي.
5- روى الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه « سئل عن رجل رمى صيدا وهو على جبل أو حائط فيخرق فيه السهم فيموت فقال : كل منه وان وقع في الماء من رميتك فمات فلا تأكل منه ، وفى المقنعة : وان وقع الصيد في الماء فمات فيه أو وقع من جبل فانكسر ومات لم يؤكل.

والطير إذا ملك جناحيه فهو لمن أخذه إلا أن يعرف صاحبه فيرده عليه (1).

4148 - و « نهى أمير المؤمنين عليه السلام عن صيد الحمام بالأمصار » (2).

ولا يجوز أخذ الفراخ (3) من أوكارها في جبل أو بئر أو أجمة حتى ينهض. (4)

4149 - وروى ابن أبي عمير ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة بن أعين أنه قال : « واللّه ما رأيت مثل أبي جعفر عليه السلام قط سألته فقلت : أصلحك اللّه ما يؤكل من الطير فقال : كل ما دف ولا تأكل ما صف ، قال : قلت : البيض في الآجام؟ قال : كل ما استوى طرفاه فلا تأكل (5) ، وكل ما اختلف طرفاه فكل ، قلت فطير الماء؟ قال : كل ما كانت له قانصة فكل ، وما لم تكن له قانصة فلا تأكل ». (6)

ص: 321


1- روى الكليني ج 6 ص 222 بسند فيه ارسال عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « إذا ملك الطائر جناحه فهو لمن أخذه ». وروى في الصحيح « سأل البزنطي عن الرضا (عليه السلام) عن رجل يصيد الطير يساوى دراهم كثيرة ، وهو مستوى الجناحين ، ويعرف صاحبه أو يجيئه فيطلبه من لا يتهمه ، فقال : لا يحل له امساكه يرده عليه ، فقلت له : فان صاد ما هو مالك لجناحيه لا يعرف له طالبا؟ قال : هوله ».
2- دعائم الاسلام مرسلا عنه عليه السلام.
3- لأنه لا يملك جناحيه. ولعل المراد بالأخذ الاصطياد.
4- في الدروس : يكره أخذ الفراخ من أعشاشها.
5- حمل على الاشتباه والا فهو تابع للحيوان.
6- رواه الكليني ج 6 ص 247 في الحسن كالصحيح. وقال في الصحاح : « القانصة واحدة القوانص وهي للطير بمنزلة المصارين لغيرها ». والمراد المعاء ، وفى القاموس نحوه ، وفى مجمع البحرين « هي للطير بمنزلة الكرش والمصارين لغيره » وقال بعض اللغويين : القانصة اللحمة الغليظة جدا يجتمع فيها كل ما تنقر من الحصى الصغار بعد ما انحدر من الحوصلة ، ويقال له بالفارسية « سنگدان » كما يقال للحوصلة « چينه دان ». و هذا المعنى هو الصواب لموافقتها للاخبار ، ففي الكافي في الصحيح عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « قلت له : الطير ما يؤكل منه؟ فقال : لا يؤكل منه ما لم تكن له قانصة » والمعدة موجودة في كل الطيور. والمعروف أن الطير إذا كانت له قانصة أو صيصية أو حوصلة أو كان دفيفه أكثر من صفيفه حلال سواء كان من طير الماء أو البر ، وأما ما نص على تحريمه فلا عبرة بالعلامات.

وفي حديث آخر : إن كان الطير يصف ويدف فكان دفيفه أكثر من صفيفه اكل ، وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه فلم يؤكل ، ويؤكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية ولا يؤكل ما ليست له قانصة أو صيصية (1).

4150 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام ». (2)

4151 - وروى صفوان بن يحيى ، عن محمد بن الحارث (3) قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن طير الماء مما يأكل السمك منه يحل؟ قال : لا بأس به كله ».

4152 - وسأل كردين المسمعي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الحبارى (4) فقال : لوددت أن عندي منه فآكل حتى أمتلي ».

4153 - وسأل زكريا بن آدم (5) أبا الحسن عليه السلام « عن دجاج الماء ، فقال : إذا كان يلتقط غير العذرة فلا بأس به ».

4154 - وسأل عبد اللّه بن سنان (6) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن بيض طير الماء ، فقال :

ص: 322


1- كأن المراد بالحديث ما يأتي في المجلد الرابع باب النوادر - آخر أبواب الكتاب - في وصية النبي لعلى عليهما السلام « يا علي كل من البيض ما اختلف طرفاه ، ومن السمك ما كان له قشور ، ومن الطير ما دف واترك ما صف ، وكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية » والصيصية - بكسر أوله بغير همز - الإصبع الزايد في باطن رجل الطائر بمنزلة الابهام من بني آدم لأنها شوكة ويقال للشوكة : الصيصية أيضا.
2- رواه الكليني في الكافي ج 6 ص 245 في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي - عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 343 في الحسن كالصحيح عن نجبة بن الحارث.
4- الحبارى - بضم المهملة مقصورا - : طائر معروف يضرب به المثل في البلاهة ويقال له بالفارسية : ( هوبره ).
5- طريق المصنف إلى زكريا بن آدم صحيح وهو ثقة جليل القدر من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قبره بفم المشرفة.
6- الطريق إليه صحيح وهو ثقة. والخبر مروى في التهذيب ج 2 ص 342 في ذيل حديث عنه.

ما كان منه مثل بيض الدجاج - يعني على خلقته - فكل ».

4155 - وقال الصادق عليه السلام : « كل من السمك ما كان له فلوس ، ولا تأكل منه ما ليس له فلس » (1).

4156 - وروى حماد ، عن أبي أيوب أنه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل اصطاد سمكة فربطها بخيط وأرسلها في الماء فماتت أتؤكل؟ قال : لا ». (2)

4157 - وسأله عبد الرحمن بن سيابة (3) « عن السمك يصاد ثم يجعل في شئ ثم يعاد في الماء فيموت فيه ، فقال : لا تأكل لأنه مات في الذي فيه حياته » (4).

4158 - وروى أبان ، عن زرارة قال : قلت له : « سمكة ارتفعت فوقعت على الجدد فاضطربت حتى ماتت آكلها؟ قال : نعم ». (5)

4159 - وروى القاسم بن بريد (6) ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام

ص: 323


1- روى الكليني ج 6 ص 219 نحوه في ذيل حديث عن أبي جعفر عليه السلام كالصحيح.
2- الطريق صحيح ومروى في الكافي في الحسن كالصحيح.
3- طريق المصنف إليه غير مذكور في المشيخة ، ورواه الكليني بسند فيه عبد اللّه بن محمد وهو مشترك بين جماعة أكثرهم غير موثقين.
4- في بعض النسخ « مات في الذي منه حياته » ويدل على حرمة ما مات في الماء وان اخرج قبل ذلك والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب.
5- في التهذيبين « السمك يثب من الماء فيقع على الشط فيضطرب حتى يموت ، فقال : كلها » وحمله الشيخ على أنه لما خرجت من الماء أخذها وهي حية ثم ماتت ، ولو ماتت قبل أن يأخذها لم يجز أكلها ، واستدل على ذلك بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال : « سألته عن سمكة وثبت من نهر فوقعت على الجد من النهر فماتت هل يصلح أكلها فقال : ان أخذتها قبل أن تموت ثم ماتت فكلها ، وان ماتت من قبل أن تأخذها فلا تأكلها » والجد بالفك والادغام : شاطئ النهر.
6- القاسم بن البريد ثقة والطريق إليه ضعيف بمحمد بن سنان ، ورواه الكليني في الكافي ج 6 ص 217 في الصحيح.

« في رجل نصب شبكة في الماء ثم رجع إلي بيته وتركها منصوبة ، ثم أتاها بعد ذلك وقد وقع فيها سمك فموتن (1) فقال : ما عملت يده فلا بأس بأكل ما وقع فيه » (2).

4160 - وسأل أبو الصباح الكناني أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الحيتان يصيدها المجوس ، قال : لا بأس بها إنما صيد الحيتان أخذها » (3).

4161 - وفي رواية عبد اللّه بن سنان (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس بكواميخ (5) المجوس ، ولا بأس بصيدهم السمك ».

4162 - قال : « وسألته عن الحظيرة من القصب تجعل للحيتان في الماء فيدخلها الحيتان فيموت بعضها فيها ، قال : لا بأس » (6).

4163 - وسأله الحلبي « عن صيد الحيتان وإن لم يسم ، فقال : لا بأس به » (7).

ص: 324


1- بصيغة المجهول من التمويت ، ويمكن حمله على أنهن أشرفن على الموت حتى إذا خرجت الشبكة من الماء متن ، وفى بعض النسخ « متن » كما في الكافي ، وقال العلامة المجلسي يعنى كلها أو بعضها فاشتبه الحي بالميت كما فهمه الأكثر.
2- عمل بظاهره ابن أبي عقيل ، وأكثر المتأخرين على خلافه ، وأجابوا عن هذه الصحيحة وما في معناها بعدم دلالته صريحا على الموت في الماء فلعله مات خارج الماء والأصل الإباحة كما في المسالك.
3- أي لا يعتبر في حليتها سوى الاخذ فلا يعتبر التسمية ولا اسلام الاخذ.
4- رواه الشيخ في التهذيبين في الصحيح عنه.
5- الكواميخ - جمع كامخ - : ادام يؤتدم به وهو معرب.
6- حمله الشيخ في الاستبصار ج 4 ص 62 على ما إذا لم يتميز له ما مات في الماء مما لم يمت فيه واخرج منه جاز أكل الجميع وأما مع التميز فلا يجوز على حال ، واستدل على ذلك بصحيحة عبد الرحمن ( ولعله ابن سيابة ) قال : أمرت رجلا يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل صاد سمكا وهن أحياء ثم أخرجهن بعد ما مات بعضهن فقال : ما مات فلا تأكله فإنه مات فيما فيه حياته ».
7- رواه الكليني ج 6 ص 216 في الحسن كالصحيح ، ويدل على ما هو المقطوع في كلام الأصحاب من عدم اشتراط التسمية في صيد السمك وأنه لا يعتبر فيه لا الاخراج من الماء حيا. ( المرأة )

4164 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تأكل الجري ، ولا المارماهي ، ولا الزمير ولا الطافي (1) - وهو الذي يموت في الماء فيطفو على رأس الماء - ».

وإن وجدت سمكا ولم تعلم أذكي هو أو غير ذكي - وذكاته أن يخرج من الماء حيا - فخذ منه فاطرحه في الماء فإن طفا على الماء مستلقيا على ظهره فهو غير ذكي ، وإن كان على وجهه فهو ذكي.

وكذلك إذا وجدت لحما ولا تعلم أذكي هو أم ميتة فألق منه قطعة على النار فان تقبض فهو ذكي ، وإن استرخى على النار فهو ميتة (2).

4165 - وروي « فيمن وجد سمكا ولم يعلم أنه مما يؤكل أولا فإنه يشق

ص: 325


1- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 340 في الحسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الجري والمار ما هي والطافي حرام في كتاب علي عليه السلام » ، وروى الكليني ج 6 ص 220 في الموثق عنه عليه السلام قال : « لا تأكل الجريث ولا المارماهي ولا طافيا ولا طحالا لأنه بيت الدم ومضغة الشيطان ». وفى القاموس الجري - بالكسر - : سمك طويل أملس لا تأكله اليهود وليس عليه فصوص ، والزمير كسكيت - : نوع من السمك ، وطفا فوق الماء : علاه ، و قال في المسالك : حيوان البحر اما أن يكون له فلس كالأنواع الخاصة من السمك ولا خلاف بين المسلمين في كونه حلالا وما ليس على صورة السمك من أنواع الحيوان فلا خلاف بين أصحابنا في تحريمه ، وبقى من حيوان البحر ما كان من السمك وليس له فلس كالجري والمارماهي والزمار ، وقد اختلف الأصحاب في حله بسبب اختلاف الروايات فيه ، فذهب الأكثر ومنهم الشيخ - رحمه اللّه - في أكثر كتبه إلى التحريم.
2- كما روى الكليني في الكافي ج 6 ص 261 بسند فيه من لم يوثق عن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل دخل قرية فأصاب بها لحما لم يدر أذكى هو أم ميت ، قال : يطرحه على النار ، فكل ما انقبض فهو ذكى وكل ما انبسط فهو ميت » وقال في المسالك : هذا هو المشهور خصوصا بين المتقدمين ، وقال الشهيد الثاني : لم أجد أحدا خالف فيه الا المحقق في الشرايع والفاضل فإنهما أورداه بلفظة « قيل » المشعر بالضعف مع أن المحقق وافقهم في النافع ، وفى المختلف لم يذكره من مسائل الخلاف ولعله لذلك ، وادعى بعضهم عليه الاجماع و قال الشهيد : هو غير بعيد ويؤيد موافقة ابن إدريس عليه ، والأصل فيه رواية شعيب وظاهرها أنه لا يحكم بحل اللحم وعدمه باختبار بعضه بل لابد من اختبار كل قطعة منه على حدة.

أصل ذنبه (1) فإن ضرب إلى الخضرة فهو مما لا يؤكل ، وإن ضرب إلي الحمرة فهو مما يؤكل » (2).

وإن ابتلعت حية سمكة ثم رمت بها وهي حية تضطرب ، فإن كان فلوسها قد تسلخت لم تؤكل وإن لم يكن فلوسها تسلخت اكلت (3).

[ ما تذكى به الذبيحة ]

[ ما تذكى به الذبيحة ] (4)

4166 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المروة (5) والقصبة والعود يذبح بهن الانسان إذا لم يجد سكينا فقال : إذا فري الأوداج فلا بأس بذلك » (6).

4167 - وروى ابن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه

ص: 326


1- في بعض النسخ « يفشق أصل ذنبه » ، والفشق : الكسر. وفى بعض النسخ « اذنيه » بدل « ذنبه » ولعله أصوب ، وضرب إليه أي مال.
2- لم أجده مسندا.
3- روى الكليني ج 6 ص 218 بسند فيه جهالة عن أيوب بن أعين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « جعلت فداك ما تقول في حية ابتلعت سمكة ثم طرحتها وهي حية تضطرب أفآكلها؟ فقال عليه السلام : ان كانت فلوسها قد تسلخت فلا تأكلها ، وان كانت لم تنسلخ فكلها » ، وقال الشيخ في النهاية بحليتها ما لم يتسلخ مطلقا ولم يعتبر ادراكها حية تضطرب لهذه الرواية وهي كما ترى لا تدل على مذهبه ، واشترط المحقق وابن إدريس وجملة من المتأخرين أخذه لها حية لان ذلك هو ذكاة السمك ، أقول : لعل النهى عن أكل ما تسلخت فلوسها للتحرز عن السم أو لتأثير أثير معدتها وخلطه بلحم السمكة لا لبيان حكم الحلية والحرمة من جهة الذكاة وعدمها فلا وجه للتمسك بها من هذه الجهة. واللّه أعلم.
4- العنوان زيادة منا وليس في الأصل.
5- المروة - بفتح الميم - : حجارة حادة براقة يقدح النار.
6- قال في المسالك : المعتبر عندنا في الآلة التي يذكى بها أن يكون من حديد فلا يجزى غيره وإن كان من المعادن المنطبعة كالنحاس والرصاص وغيرها ويجوز مع تعذرها والاضطرار إلى التذكية ما فرى الأوداج من المحددات ، ولو من خشب أو ليطة - بفتح اللام وهي القشر الظاهر من القصبة - أو مروة أو غير ذلك عدا السن والظفر اجماعا وفيهما قولان أحدهما العدم ، - انتهى ، أقول : الفري : الشق والقطع ، والخبر مروى في الكافي في الصحيح.

قال : « لا بأس بأن تأكل ما ذبح بحجر إذا لم تجد حديدة ».

4168 - وروى الفضل (1) ، وعبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن قوما أتوا النبي صلى اللّه عليه وآله فقالوا له : إن بقرة لنا غلبتنا واستصعبت (2) علينا فضربناها بالسيف ، فأمرهم بأكلها ».

4169 - وروى صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن ثورا ثار بالكوفة فثار إليه الناس بأسيافهم فضربوه وأتوا أمير المؤمنين عليه السلام فسألوه ، فقال : ذكاة وحية (3) ولحمه حلال ».

4170 - وروى أبان ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن بعير تردى في بئر فذبح من قبل ذنبه ، [ ف ] قال : لا بأس إذا ذكر [ وا ] اسم اللّه عليه ».

4171 - وروى عمر بن أذينة ، عن الفضيل (4) قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل ذبح فسبقه السكين فقطع الرأس ، فقال : ذكاة وحية فلا بأس بأكله ».

4172 - وفي رواية حريز ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن خرج الدم فكل » (5).

4173 - وفي رواية سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا بأس به إذا سال الدم ».

4174 - وسأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الشاة تذبح فلا تتحرك ويهراق منها دم كثير عبيط ، فقال : لا تأكل ، إن عليا عليه السلام كان يقول : إذا ركضت الرجل

ص: 327


1- يعنى فضل بن عبد الملك كما صرح به في التهذيب والكافي ج 6 ص 231.
2- في بعض النسخ « واستعصيت » كما في بعض نسخ التهذيب.
3- أي مع التسمية ، وفى مجمع البحرين موت وحى مثل سريع لفظا ومعنى فعيل بمعنى فاعل ، ومنه ذكاة وحية أي سريعة. والخبر مروى في الكافي في الحسن كالصحيح.
4- طريق المصنف إلى عمر بن أذينة صحيح وهو ثقة ، والمراد بالفضيل الفضيل بن يسار الثقة كما صرح به في الكافي ومروى فيه في الحسن كالصحيح عنه.
5- تمام الخبر كما رواه الكليني ج 6 ص 230 عن علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز عن محمد بن مسلم هكذا قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن مسلم ذبح شاة و سمى فسبقه السكين بحدتها فأبان الرأس ، فقال : ان خرج الدم فكل ».

أو طرفت العين فكل » (1).

4175 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه سئل « عن رجل ذبح طيرا فقطع رأسه أيؤكل منه؟ قال : نعم ولكن لا يتعمد قطع رأسه » (2).

4176 - وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تأكلن من فريسة السبع ولا الموقوذة ولا المنخنقة ولا المتردية ولا النطيحة إلا أن تدركه حيا فتذكيه » (3).

4177 - وروى أبان ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال ، « في الذبيحة تذبح وفي بطنها ولد ، قال : إن كان تاما فكله ، فإن ذكاته ذكاة أمه ، وإن لم يكن تاما فلا تأكله » (4).

4178 - وروى عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن قول اللّه عزوجل : « أحلت لكم بهيمة الأنعام « فقال : الحنين إذا أشعر [ أ ] وأوبر فذكاته ذكاة أمه » (5).

ص: 328


1- رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح ويدل على حرمة ما لم يتحرك بعد الذبح وان يهريق دم كثير ، والركض : التحريك.
2- دل على حرمة قطع الرأس عمدا دون حرمة الذبيحة. ( مراد )
3- فرس الأسد فريسة أي دق عنقها وكسر عظم رقبتها واصطادها ، والموقوذة هي التي قتلت بخشب أو حجر أو نحو ذلك ، والمنخنقة هي التي ماتت بخنق ، والمتردية هي التي تردى في بئر أو وقعت من علو فماتت ، والنطيحة هي التي نطحتها بهيمة أخرى فماتت.
4- المراد بتمامه أي إذا أشعر أو أوبر كما في الخبر الآتي ، قال في المسالك : ولا فرق بين أن ولجته الروح أولا لاطلاق النصوص ، وشرط جماعة منهم الشيخ مع تمامه أن لا تلجه الروح والألم تحل بذكاة أمه ، واطلاق النصوص حجة عليهم نعم لو خرج مستقرة الحياة اعتبر تذكيته ولو لم يتسع الزمان لتذكيته فهو في حكم غير مستقرة الحياة على الأقوى.
5- يمكن أن يكون المراد أن الجنين أيضا داخل في الآية فيكون من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف ، ويمكن أن يكون المراد بالبهيمة الجنين فقط فالإضافة بتقدير من ، والثاني أظهر من الخبر ، والأول من تتمة الآية ( المرآة ) وقوله عليه السلام « إذا أشعر أو أوبر » أي إذا خرج الشعر أو الوبر.

4179 - وروى الكاهلي (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله رجل وأنا عنده عن قطع أليات الغنم ، قال : لا بأس بقطعها إذا كنت إنما تصلح به مالك ، ثم قال : إن في كتاب علي عليه السلام أن ما قطع منها ميت لا ينتفع به » (2).

4180 - وقال الصادق عليه السلام : « كل منحور مذبوح حرام ، وكل مذبوح منحور حرام » (3).

4181 - وروي عن صفوان بن يحيى قال : « سأل المرزبان أبا الحسن عليه السلام عن ذبيحة ولد الزنا وقد عرفناه بذلك ، قال : لا بأس به (4) والمرأة والصبي إذا اضطروا إليه » (5).

4182 - وسأله الحلبي « عن ذبيحة المرجي والحروري ، قال : فقال : كل وقر واستقر حتى يكون ما يكون » (6).

ص: 329


1- يعنى عبد اللّه بن يحيى ، وطريق المؤلف إليه صحيح ، ورواه الكليني عنه بسند فيه سهل بن زياد وهو ضعيف على المشهور.
2- يدل على جواز قطع أليات الغنم إذا كان الغرض اصلاح المال وأن المقطوع ميتة يحرم الانتفاع به مطلقا حتى الاستصباح به كما ذكره الأصحاب ، وإنما جوزوا الانتفاع بالدهن المتنجس تحت السماء. وأليات جمع ألية وهي طرف الشاة ويقال لها بالفارسية ( دنبه ).
3- تقدم في المجلد الثاني تحت رقم 3080 مع بيانه.
4- دل على صحة الحكم باسلام ولد الزنا وأن الأصل ذلك. ( مراد )
5- الظاهر أنه لا خلاف في حلية ما يذبحه الصبي المميز والمرأة والتقييد بالاضطرار محمول على الاستحباب ، والاحتياط أولى.
6- مروى في الكافي ج 6 ص 236 بسندين أحدهما صحيح والاخر حسن كالصحيح ، . وفي المغرب المرجئة هم الذين لا يقطعون على أهل الكبائر بشئ من عقوبة أو عفو بل يرجئون أي يؤخرون أمرهم إلى يوم القيامة - انتهى ، والمشهور أنهم فرقة يعتقدون أنه لا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة ، وقد يطلق في مقابلة الشيعة من الارجاء بمعين التأخير وذلك لتأخيرهم عليا (عليه السلام) عن درجته ، والحرورية فرقة من الخوارج منسوبة إلى حروراء قرية بالكوفة كان أول مجتمعهم بها ، وقوله « وقر واستقر » بالتشديد أمران من القرار والاستقرار أي لا تضطرب فإنهما على ظاهر الاسلام وبحكم المسلم واستقرهم على هذا الحكم إلى أن تظهر دولة الحق ، أو اصبر حتى يظهر الحق ، وحينئذ فيه اشعار بعدم الجوار. وقد قرء « وأقر واستقر » بدون التشديد من القرى وهو طعام الضيف ، ولعل المعنى كل من طعامهم ولا تأب أن تكون ضيفا لهم وتضفهم وتطعمهم من طعامك. وقال العلامة المجلسي : اختلف الأصحاب في اشتراط ايمان الذابح زيادة على الاسلام فذهب الأكثر إلى عدم اعتباره والاكتفاء بالحل باظهار الشهادتين على وجه يتحقق معه الاسلام بشرط أن لا يعتقد ما يخرجه عنه كالناصبي ، وبالغ القاضي فمنع من ذبيحة غير أهل الحق ، وقصر ابن إدريس الحل على المؤمن والمستضعف الذي لا منا ولا من مخالفينا ، واستثنى أبو الصلاح من المخالف جاحد النص فمنع من ذبيحته ، وأجاز العلامة ذباحة المخالف غير الناصبي مطلقا بشرط اعتقاده وجوب التسمية ، والأصح الأول.

4183 - وقال الصادق عليه السلام (1) : « لا تأكل ذبيحة اليهودي والنصراني والمجوسي وجميع من خالف الدين إلا [ ما ] إذا سمعته يذكر اسم اللّه عليها (2) وفي كتاب علي عليه السلام لا يذبح المجوسي ولا النصراني ولا نصارى العرب الأضاحي ، وقال : تأكل ذبيحته إذا ذكر اسم اللّه عزوجل » (3).

ص: 330


1- ظاهره كون حديثا عنه (عليه السلام) بلفظه ، لكن يخطر بالبال أنه مأخوذ من جملة من أحاديث عنه وعن أبيه عليهما السلام فلذا نشير إلى مداركها ومسانيدها.
2- روى الشيخ في التهذيبين مسندا عن محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في حديث « قال : فسألته أنا عن ذبيحة اليهودي والنصراني ، فقال : لا تأكل منه « وفى الصحيح عن حمران قال : « سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول في ذبيحة الناصب واليهودي والنصراني : لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم اللّه ، قلت : المجوسي؟ فقال : نعم إذا سمعته يذكر اسم اللّه ، أما سمعت قول اللّه تعالى : ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه » ، وفى الصحيح عن حريز عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) وزرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) أنهما قالا « في ذبائح أهل الكتاب : فإذا شهدتموهم وقد سموا اسم اللّه فكلوا ذبائحهم ، وان لم تشهدهم فلا تأكل ، وان أتاك رجل مسلم فأخبرك أنهم سموا فكل » وفى الحسن عن حريز قال : « سئل أبو عبد اللّه (عليه السلام) عن ذبائح اليهود والنصارى والمجوس ، فقال : إذا سمعتهم يسمون أو شهد لك من رآهم يسمون فكل ، وان لم تسمعهم ولم يشهد عندك من رآهم فلا تأكل ذبيحتهم ، راجع التهذيب ج 2 ص 355 و الاستبصار ج 4 ص 84 إلى 86.
3- روى الشيخ في الاستبصار ج 4 ص 82 عن سلمة أبى حفص عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام « أن عليا (عليه السلام) قال : لا يذبح ضحاياك اليهود والنصارى ولا يذبحها الا مسلم » وفى الصحيح عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن ذبائح نصارى العرب هل تؤكل؟ فقال : كان علي عليه السلام ينهى عن أكل ذبائحهم وصيدهم ، فقال : لا يذبح لك يهودي ولا نصراني أضحيتك ».

4184 - وفي رواية عبد الملك بن عمرو (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « ما تقول في ذبائح النصارى؟ فقال : لا بأس بها ، قلت : فإنهم يذكرون عليها المسيح فقال : إنما أرادوا بالمسيح اللّه تعالى ».

4185 - وروى أبو بكر الحضرمي ، عن الورد بن زيد قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « حدثني حديثا وأمل علي حتى أكتبه ، فقال : أين حفظكم يا أهل الكوفة؟ قلت : حتى لا يرده علي أحد ، ما تقول في مجوسي قال بسم اللّه وذبح؟ فقال : كل ، فقلت : مسلم ذبح ولم يسم؟ فقال : لا تأكل إن اللّه تعالى يقول : « فكلوا مما ذكر اسم اللّه عليه » ويقول : « ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه » (2).

4186 - وروى الحسين الأحمسي (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « هو الاسم ولا يؤمن عليه إلا مسلم ».

4187 - وروى الحسين بن المختار ، عن الحسين بن عبيد اللّه (4) قال : قلت

ص: 331


1- في طريق المصنف إليه الحكم بن مسكين وهو مجهول الحال ، ورواه الشيخ (رحمه اللّه) في التهذيبين وفى طريقه القاسم بن محمد الجوهري وهو واقفي ولم يوثق.
2- أقول في قبال هذه الأخبار أخبار تدل على عدم حليه ذبائح أهل الكتاب راجع التهذيبين وحمل الشيخ أخبار الإباحة أولا على حال الضرورة دون حال الاختيار لان عند الضرورة تحل الميتة فكيف ذبيحة من خالف الاسلام واستدل بصحيحة زكريا بن آدم قال : قال لي أبو الحسن عليه السلام : « انى أنهاك عن ذبيحة كل من كان على خلاف الذي أنت عليه وأصحابك الا في وقت الضرورة إليه ». وثانيا على التقية وقال : ان جميع من خالفنا يرى إباحة ذلك.
3- هو الحسين بن عثمان الأحمسي الثقة ولم يذكر المؤلف طريقه إليه ، ورواه الكليني في الكافي ج 6 ص 240 في الحسن كالصحيح.
4- طريق المصنف إلى الحسين بن المختار صحيح وهو ثقة ، وثقه المفيد وعلي بن الحسن بن فضال ، وأما الحسين بن عبيد اللّه فمشترك ، وفى الكافي وبعض نسخ التهذيب « الحسين ابن عبد اللّه » ولعله الأرجاني ، وفى الاستبصار وبعض نسخ التهذيب « الحسن بن عبد اللّه » وهو اما الأرجاني المذكور والا فهو مجهول الحال.

لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إنا نكون بالجبل فنبعث الرعاة إلى الغنم فربما عطبت الشاة (1) وأصابها شئ فذبحوها فنأكلها؟ قال : لا إنما هي الذبيحة فلا يؤمن عليها إلا المسلم ».

4188 - وروي (2) عن الفضيل ، وزرارة ، ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « أنهم سألوه عن شراء اللحم من الأسواق ولا يدرى ما يصنع القصابون؟ فقال : كل إذا كان في أسواق المسلمين ولا تسأل عنه » (3).

[ ما ذبح لغير القبلة أو ترك التسمية ] (4)

4189 - وسأل محمد بن مسلم (5) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن ذبيحة ذبحت لغير القبلة فقال : كل لا بأس بذلك ما لم يتعمد ، قال : وسألته عن رجل ذبح ولم يسم؟ فقال : إن كان ناسيا فليسم حين يذكر (6) يقول : بسم اللّه على أوله وعلى آخره » (7).

ص: 332


1- أي أشرف على الهلاك ، والمراد بالرعاة الكفار من أهل الكتاب.
2- رواه الكليني ج 6 ص 237 في الحسن كالصحيح عنهم.
3- قال في المسالك : كما يجوز شراء اللحم والجلد من سوق الاسلام لا يلزم السؤال عنه هل كان ذابحه مسلما أم لا وأنه هل سمى واستقبل بذبيحته القبلة أم لا ، بل ولا يستحب ، ولو قيل بالكراهة كان وجها للنهي عنه في الخبر الذي أقل مراتبه الكراهة ، وفى الدروس اقتصر على نفى الاستحباب.
4- العنوان زيادة منا وليس في الأصل.
5-
6- حمل على الاستحباب في المشهور.
7- اشتراط التسمية عند النحر والذبح موضع وفاق عندنا لقوله تعالى « ولا تأكلوا ما لم يذكر اسم اللّه عليه وابه لفسق » فلو تركها عامدا حرمت ، ولو نسي لم تحرم ، والأقوى الاكتفاء بها وان لم يعتقد وجوبها لعموم النص خلافا للمختلف.

4190 - وسأل محمد بن مسلم (1) أبا جعفر عليه السلام « عن رجل ذبح فسبح أو كبر أو هلل أو حمد اللّه عزوجل قال : هذا كله من أسماء اللّه تعالى ، لا بأس به » (2).

4191 - وفي رواية حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل عن الرجل يذبح فينسى أن يسمي أتؤكل ذبيحته؟ قال : نعم إذا كان لا يتهم (3) ويحسن الذبح قبل ذلك ، ولا ينخع ، ولا يكسر الرقبة حتى تبرد الذبيحة » (4).

4192 - وروى محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من لم يسم إذا ذبح فلا تأكله » (5).

4193 - وروى حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبيحة المرأة ، فقال : إن كن نساء ليس معهن رجل فلتذبح أعلمهن ولتذكر اسم اللّه عليه ، وسألته عن ذبيحة الصبي فقال : إذا تحرك وكان خمسة أشبار ، وأطاق الشفرة » (6).

ص: 333


1- رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام.
2- يدل على الاكتفاء بمطلق التسمية وقال في المسالك : المراد بالتسمية أن يذكر اللّه تعالى عند الذبح والنحر كما يقتضيه الآية كقوله : بسم اللّه ، أو الحمد لله ، أو يهلله ، أو بكبره ، أو يسبحه ، أو يستغفر لصدق الذكر بذلك كله ، ولو اقتصر على لفظة « اللّه » ففي الاجتزاء قولان - إلى أن قال - وكذا الخلاف لو قال : اللّهم اغفر لي ، والأقوى الاجزاء هنا ، ولو قال : اللّهم صل على محمد وآل محمد » فالأقوى الجواز ..
3- بأن كان مخالفا واتهم بتركه عمدا لكونه لا يعتقد الوجوب ، فيدل على أنه لو ترك المخالف التسمية لم تحل ذبيحته كما هو المشهور. ( المرآة )
4- النهى عن قطع النخاع قبل البرد محمول على الكراهة الشديدة ، حيث أن يقطع النخاع يحصل الموت وربما يستند الموت به دون فرى الأوداج ، فلذا لو ذبحه من القفا حرم قطعا لسبق قطع النخاع واستناد الموت إليه فان الظاهر من أدلة الذبح أن يكون المؤثر الوحيد في ازهاق الروح هو قطع الأوداج الأربعة ، وذهب بعض العلماء إلى حرمة الذبيحة إذا قطع النخاع مع فرى الأوداج دفعة ، وسيأتي ما يدل على خلافه ظاهرا.
5- أي من لم يسم معتمدا ، وتقدم حكم الناسي.
6- قوله « إذا تحرك » أي صار حركا ، والحرك - ككتف - : الغلام الخفيف الذكي ( الوافي ) والشفرة : السكين العظيمة والعريضة.

4194 - وفي رواية عمر بن أذينة (1) عن رهط رووه عنهما عليهما السلام جميعا « أن ذبيحة المرأة إذا أجادت الذبح وسمت فلا بأس بأكله ، وكذلك الصبي ، وكذلك الأعمى إذا سدد » (2).

4195 - وفي رواية ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ذبيحة الغلام والمرأة هل تؤكل؟ فقال : إذا كانت المرأة مسلمة وذكرت اسم اللّه على ذبيحتها حلت ذبيحتها ، والغلام إذا قوي على الذبيحة وذكر اسم اللّه تعالى حلت ذبيحته ، وذلك إذا خيف فوت الذبيحة ولم يوجد من يذبح غيرهما » (3).

4196 - وروى ابن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن علي بن الحسين عليهما السلام كانت له جارية تذبح له إذا أراد » (4).

[ الحمل والجدي يرضعان من لبن خنزيرة أو امرأة ]

[ الحمل والجدي يرضعان من لبن خنزيرة أو امرأة ] (5)

4197 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا تأكل من لحم حمل رضع من خنزيرة » (6).

4198 - وكتب أحمد بن محمد بن عيسى (7) إلى علي بن محمد عليهما السلام : « امرأة أرضعت

ص: 334


1- رواه الكليني ج 6 ص 238 في الحسن كالصحيح عنه ، عن غير واحد عنهما عليهما السلام.
2- إذا سدد أي هدى إلى القبلة وقوم. ( الوافي )
3- أن التقييد بالاضطرار محمول على الاستحباب لما تقدم ويأتي.
4- رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن حماد ، عن حماد ، عن الحلبي عنه عليه السلام.
5- العنوان زائد منا وليس في الأصل.
6- الحمل - بالتحريك الذكر من أولاد الضأن قبل استكمالها الحول. والمشهور بل المقطوع به في كلام الأصحاب ان شرب لبن خنزيرة فإن لم يشتد كره ويستحب استبراؤه سبعة أيام ، وان اشتد حرم لحمه ولحم نسله ، والمراد بالاشتداد أن ينبت عليه لحمه ويشتد عظمه وقوته.
7- رواه الكليني ج 6 ص 250 قال : عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد - الخ.

عناقا (1) [ من الغنم ] بلبنها حتى فطمتها ، فكتب عليه السلام : فعل مكروه ، ولا بأس به » (2).

4199 - وروى الحسن بن محبوب (3) ، ومحمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير قال : « سئل الصادق عليه السلام عن جدي رضع من لبن خنزيرة حتى شب وكبر ثم استفحله رجل في غنمه فخرج له نسل ، قال : أما ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربه ، وأما ما لم تعرفه فإنه بمنزلة الجبن فكل ولا تسأل عنه » (4).

[ الحلال والحرام من لحوم الدواب ]

[ الحلال والحرام من لحوم الدواب ] (5)

4200 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن لحوم الخيل والدواب والبغال والحمير ، فقال : حلال ولكن الناس يعافونها » (6).

وإنما نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عن أكل لحوم الحمر الانسية بخيبر لئلا تفنى ظهورها (7) ، وكان ذلك نهي كراهة لا نهي تحريم.

ولا بأس بأكل لحوم الحمر الوحشية ولا بأس بأكل الامص وهو اليحامير (8).

ص: 335


1- العناق - بالفتح - الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها الحول.
2- ظاهر الخبر كراهة الفعل لا اللحم. وقال في الدروس : لو شرب لبن امرأة و اشتد كره لحمه.
3- الطريق إليه صحيح ، ورواه الكليني في الحسن كالصحيح ، والشيخ في الصحيح.
4- يدل على أن الحرام المشتبه بالحلال حلال حتى يعرف بعينه.
5- العنوان زائد منا وليس في الأصل.
6- عاف الطعام كرهه ، ورواه البرقي ص 473 من المحاسن.
7- روى الكليني في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنهما سألاه عن أكل لحوم الحمر الأهلية ، قال : « نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عنها يوم خيبر ، وإنما نهى عن أكلها في ذلك الوقت لأنها كانت حمولة الناس وإنما الحرام ما حرم اللّه عزوجل في القرآن ».
8- روى البرقي في المحاسن ص 472 عن أبيه ، عن سعد بن سعد الأشعري قال : « سألت الرضا عليه السلام عن الامص فقال : ما هو؟ فذهبت أصفه ، فقال : أليس اليحامير؟ قلت : بلى ، قال : أليس يأكلونه بالخل والخردل والابزار؟ قلت : بلى ، قال : لا بأس به ، أقول اليحامير جمع يحمور وهو الضان الوحشي ، والامص والاميص : طعام يتخذ من لحم عجل بجلده ، أو مرق السكباج المبرد المصفى من الدهن معرب خاميز ( القاموس ) و قال العلامة وابن إدريس بكراهة الحمار الوحشي ، وفى الكافي ج 6 ص 313 في الضعيف عن نصر بن محمد قال : « كتبت إلى أبى الحسن عليه السلام أسأله عن لحوم حمر الوحش ، فكتب عليه السلام : يجوز أكله لوحشته ، وتركه عندي أفضل ».

ولا بأس بألبان الأتن والشيراز المتخذ منها (1).

ولا يجوز أكل شئ من المسوخ (2) وهي القردة والخنزير والكلب والفيل و الذئب والفأرة والأرنب والضب والطاووس والنعامة والدعموص والجري والسرطان والسلحفاة والوطواط والبقعاء والثعلب والدب واليربوع والقنفذ (3) مسوخ لا يجوز

ص: 336


1- في بعض النسخ « المعد عنها » أي من ألبان الأتن ، وفى المحاسن ص 494 عن أبيه ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شرب ألبان الأتن فقال : اشربها ». وعنه عن الحسن بن المبارك عن أبي مريم الأنصاري قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن شرب ألبان الأتن؟ فقال : لا بأس بها ». وعنه عن خلف بن حماد ، عن يحيى بن عبد اللّه قال : « كنا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فأتينا بسكرجات فأشار نحو واحدة منهن وقال : هذا شيراز الأتن لعليل عندنا ، فمن شاء فليأكل ، ومن شاء فليدع ». وعنه ، عن صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تغديت معه فقال : هذا شيراز الأتن اتخذناه لمريض لنا ، فان أحببت أن تأكل منه فكل » ، ولعل المراد بالشيراز اللبن الرائب المستخرج ماؤه كما في القاموس.
2- في الكافي ج 6 ص 245 في الحسن كالصحيح عن الحسين بن خالد ( وهو ممدوح ) قال : « قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام : أيحل لحم الفيل : قال : لا ، قلت : ولم؟ قال لأنه مثلة وقد حرم اللّه عزوجل الامساخ ولحم ما مثل به في صورها ».
3- الدعموص - بضم الدال - دويبة تكون في مستنقع الماء وتتكون فيه ، والجري نوع من السمك غير ذي فلس ، والوطواط : الخفاش ، و « البقعاء » كذا في بعض النسخ وفى بعضها « العيفيقا » وفى بعضها « العيقيقا » بالقافين وفى بعضها « الببغاء » وفى بعضها « العيفيفا » وكل ذلك مصحف ظاهرا ، وقيل الصواب العنقاء وقيل الصواب القعنباة أو العبنقاء وصفان للعقاب و صحف لمشاكلة الخط ، وعدم دقة النساخ وتصرفهم وعقاب عبنقاء أي ذات مخالب حداد ، وبالفارسية القردة ، ميمون ، والخنزير : خوك ، والذئب : گرگ ، والفأرة : موش والأرنب : خرگوش ، والضب : سوسمار ، والنعامة : شتر مرغ ، والدعموص : كفچه ليز ، والسرطان : خرچنگ ، والسلحفاة : لاك پشت وسنگ پشت ، والوطواط : شب پره وخفاش ، والثعلب : روباه ، والدب : خرس واليربوع : موش صحرائي ، والقنفذ : خار پشت.

أكلها (1).

4201 - وروي « أن المسوخ لم تبق أكثر من ثلاثة أيام فإن هذه مثل بها فنهى اللّه عزوجل عن أكلها ».

4202 - وروى الوشاء ، عن داود الرقي (2) قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن رجلا من أصحاب أبي الخطاب نهاني عن البخت (3) وعن أكل لحم الحمام المسرول فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : لا بأس بركوب البخت ، وشرب ألبانها وأكل لحومها ، وأكل لحم الحمام المسرول » (4).

ونهى عليه السلام عن ركوب الجلالات (5) وشرب ألبانها فقال : إن أصابك شئ من

ص: 337


1- روى المؤلف في الخصال والآمال والعلل حديثا مسندا في جملة من المسوخ و عد ثلاثة عشر صنفا منها ، وقال العلامة المجلسي في البحار ج 14 ص 787 : اعلم أن أنواع المسوخ غير مضبوطة في كلام الأصحاب بل أحالوها إلى الروايات وإن كان في أكثرها ضعف على مصطلحهم فالذي يحصل من جميعها ثلاثون صنفا ، ثم عدها وزاد على ما في المتن : العقرب والوزغ والعظاية والعنكبوت والحية والخنفساء والزمير والمارماهي والوبر والورل. والوبر - محركة - دويبة كالسنور لكن أصغر منه وله ذنب قصير ، والورل أيضا : دابة على خلقة الضب أعظم منه.
2- رواه الكليني ج 6 ص 311 في الصحيح عنه.
3- المراد بأبي الخطاب محمد بن مقلاص الأسدي الكوفي وهو غال ملعون ذو رأى الحادي وله أصحاب ، والبخت والبخاتي ، الإبل الخراسانية.
4- الحمام المسرول الذي في رجليه ريش كأنه سراويل.
5- كذا في جميع النسخ ولعله من سهو النساخ إذ المناسب أن يكون لحوم الجلالات كما روى الكليني ج 6 ص 250 في الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : لا تأكلوا لحوم الجلالات ( وهي التي تأكل العذرة ) وان أصابك من عرقها فاغسله « نعم في رواية بسام الصير في عن أبي جعفر عليه السلام » في الإبل الجلالة قال : لا يؤكل لحمها ولا تركب أربعين يوما « راجع الكافي ج 6 ص 1. وإنما ذكر الأصحاب كراهة الحج على الإبل الجلالات ، قال العلامة في المنتهى : يكره الحج والعمرة على الإبل الجلالات وهي التي تتغذى بعذرة الانسان خاصة لأنها محرمة فيكره الحج عليها ويدل عليه ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) « أن عليا عليه السلام كان يكره الحج و العمرة على الإبل الجلالات ». وقال العلامة المجلسي : المشهور أنه يحصل الجلل بأن يتغذى الحيوان عذرة الانسان لا غيره ، والنصوص والفتاوى خالية عن تقدير المدة ، وربما قدره بعضهم بأن ينموا ذلك في بدنه ويصير جزءا منه ، وبعضهم بيوم وليلة كالرضار. و آخرون بأن يظهر النتن في لحمه وجلده وهذا قريب ، والمعتبر على هذا رائحة النجاسة التي اغتذاها ، لا مطلق الرائحة الكريهة ، وقال الشيخ في الخلاف والمبسوط أن الجلالة هي التي أكثر غذائها العذرة فلم يعتبر تمحض العذرة ، وقال المحقق : هذا التفسير صواب ان قلنا بكراهة الجلل وليس بصواب ان قلنا بالتحريم ، وألحق أبو الصلاح بالعذرة غيرها من النجاسات ، والأشهر الأول. ثم اختلف الأصحاب في حكم الجلال فالأكثر على أنه محرم وذهب الشيخ في المبسوط وابن الجنيد إلى الكراهة بل قال في المبسوط : « أنه مذهبنا » مشعرا بالاتفاق عليه ، وقال في المسالك : لو قيل بالتفصيل كما قال به المحقق كان وجها.

عرقها فاغسله (1).

والناقة الجلالة تربط أربعين يوما ، ثم يجوز بعد ذلك نحرها وأكلها (2) ، والبقرة تربط ثلاثين يوما (3).

4203 - وفي رواية القاسم بن محمد الجوهري « أن البقرة تربط عشرين يوما ».

ص: 338


1- ظاهره وجوب الإزالة كما هو مذهب المفيد والشيخ والقاضي ، لكن المشهور بين المتأخرين الكراهة واستحباب الغسل.
2- كما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي ج 6 ص 251 ولا خلاف في مدة استبراء الناقة لا زالة الجلل.
3- في رواية السكوني في الكافي « والبقرة الجلالة عشرين يوما » كما يأتي عن الجوهري ، وفى رواية يونس عن الرضا عليه السلام « والبقرة ثلاثين يوما » وكذا في مرفوعة يعقوب بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام ورواية مسمع عنه عليه السلام ، والعشرون قول الأكثر. وقال الشيخ في المبسوط بأربعين ولعل مستنده رواية مسمع حيث نقله في الاستبصار ج 4 ص 77 عن الكليني وفيه « والبقرة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى - أربعين يوما » مع أن في الكافي « ثلاثين يوما ».

والشاة تربط عشرة أيام (1) ، والبطة تربط ثلاثة أيام - وروى ستة أيام - (2) والدجاجة تربط ثلاثة أيام (3) ، والسمك الجلال يربط يوما إلى الليل في الماء » (4).

4204 - وقال الصادق عليه السلام : « كل ما كان في البحر مما يؤكل في البر مثله فجائز أكله ، وكل ما كان في البحر مما لا يجوز أكله في البر لم يجز أكله » (5).

4205 - وروى أبان ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا تأكل الجري ولا الطحال » (6).

4206 - وروى ابن مسكان ، عن عبد الرحيم القصير قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن إبراهيم عليه السلام لما أراد أن يذبح الكبش أتاه إبليس فقال : هذا لي؟ فقال إبراهيم عليه السلام : لا ، قال : لي منه كذا وكذا؟ قال إبراهيم عليه السلام : لا ، فلم يزل يسمي عضوا عضوا من الشاة ويأبى عليه إبراهيم عليه السلام حتى انتهى إلى الطحال فسماه فأعطاه إياه فهو لقمة الشيطان ».

وقال الصادق عليه السلام : إذا كان اللحم مع الطحال في سفود (7) اكل اللحم (8) إذا

ص: 339


1- عطف على « والناقة الجلالة ». وقوله : « عشرة أيام » هكذا في رواية السكوني وفى مرفوعة يعقوب بن يزيد ورواية مسمع في الكافي ، وفيه عن يونس عن الرضا عليه السلام « أربعة عشر يوما » وأفتى به ابن الجنيد ، والمشهور عشرة أيام.
2- في رواية السكوني « خمسة أيام » وفى رواية يونس « سبعة أيام ».
3- كما في رواية السكوني أيضا ، وقال أبو الصلاح في كافيه : البطة والدجاج خمسة أيام ، وروى في الدجاج خاصة ثلاثة أيام.
4- في رواية يونس « ينتظر به يوما وليلة » وعمل بها الشهيد ، والمشهور يوما إلى الليل ، والأحوط في جميع ذلك كله مراعاة أكثر الأوقات.
5- أورده العلامة المجلسي في المجلد الرابع عشر من البحار عن كتاب جامع الشرايع ليحيى بن سعيد وقال بعده : لم أر قائلا بهذا الخبر الا أن الفاضل المذكور نقله رواية وقد قال قبل ذلك : لا يحل من صيد البحر سوى السمك.
6- الطحال : غدة اسفنجية في يسار جوف الحيوان لازقة بالجنب.
7- السفود بالفتح كتنور - : الحديدة التي يشوى بها اللحم.
8- ان هذا الكلام وإن كان يشبه خبرا بلفظه لكن دأب المصنف (رحمه اللّه) في هذا الكتاب خاصة أنه نقل فتاويه المأخوذة من الاخبار بلفظ يشبه لفظ الخبر ، ولذا لم نرقم أمثاله و أصل اللفظ كما في الكافي ج 6 ص 262 والتهذيب ج 2 ص 358 في الموثق عن عمار بن موسى هكذا « قال : سئل عن الجري يكون في السفود مع السمك فقال : يؤكل ما كان فوق الجري ويرمى ما سال عليه الجري ، قال : وسئل عن الطحال في سفود مع اللحم وتحته خبز و هو الجوذاب أيؤكل ما تحته؟ قال : نعم يؤكل اللحم والجوذاب ويرمى بالطحال لان الطحال في حجاب لا يسيل منه ، فإن كان الطحال مثقوبا أو مشقوقا فلا تأكل مما يسيل عليه الطحال ». والجوذاب - بالضم - : طعام يتخذ من سكر وأرز ولحم.

كان فوق الطحال ، فإن كان أسفل من الطحال لم يؤكل ويؤكل جوذابه لان الطحال في حجاب ولا ينزل منه شئ إلا أن يثقب فإن ثقب سال منه ، ولم يؤكل ما تحته من الجوذاب.

فإن جعلت سمكة يجوز أكلها مع جري أو غيرها مما لا يجوز أكله في سفود أكلت التي لها فلوس إذا كانت في السفود فوق الجري وفوق اللاتي لا تؤكل فإن كانت أسفل من الجري لم تؤكل (1).

4207 - وكتب محمد بن إسماعيل بن بزيع (2) إلى الرضا عليه السلام : « اختلف الناس في الربيثا (3) فما تأمرني فيها؟ فكتب عليه السلام : لا بأس بها ».

4208 - وروي عن حنان بن سدير (4) قال : « أهدى فيض بن المختار إلى أبي - عبد اللّه عليه السلام ربيثا فأدخلها إليه وأنا عنده ، فنظر إليها وقال : هذه لها قشر فأكل منها ونحن نراه ».

4209 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا يؤكل ما نبذه الماء

ص: 340


1- كما في صدر رواية عمار بن موسى التي تقدمت.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 238 باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن محمد ابن إسماعيل قال : كتبت - الحديث.
3- الربيثا : ضرب من السمك له فلس لطيف.
4- مروى في الكافي ج 6 ص 220 في الحسن كالصحيح عنه.

من الحيتان وما نضب الماء عنه (1) فذلك المتروك ».

4210 - وروى محمد بن يحيى الخثعمي (2) ، عن حماد بن عثمان قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « جعلت فداك ما تقول في الكنعت (3)؟ قال : لا بأس بأكله ، قلت : فإنه ليس له قشر؟ قال : بلى ولكنها حوتة سيئة الخلق تحتك بكل شئ ، فإذا نظرت في أصل اذنيها وجدت لها قشرا ».

4211 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « كل شئ يكون فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه » (4).

4212 - وروى الحسن بن علي بن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الاخصاء فلم يجبني (5) ، فسألت أبا الحسن عليه السلام عن ذلك ، فقال : لا بأس به ».

4213 - وروى يونس بن يعقوب ، عن أبي مريم قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام :

ص: 341


1- رواه الشيخ في التهذيبين إلى هنا ولعل الباقي من كلام المصنف ، وقال الشيخ لا ينافي الخبر ما رواه الحسين بن سعيد عن عبد اللّه بن بحر عن رجل ، عن زرارة قال : « قلت : السمك يثبت من الماء فتقع على الشط فتضطرب حتى تموت؟ فقال : كلها » لان النهى في الأول إنما توجه إلى ما يموت في الماء ، وهذا الخبر يتضمن أن السمكة تخرج حيه ثم تموت.
2- طريق المصنف إلى محمد الخثعمي ضعيف بزكريا المؤمن ، ورواه الكليني أيضا في الضعيف بمعلى بن محمد ، ورواه الشيخ في الصحيح عنه ج 2 ص 339 من التهذيب.
3- الكنعت - كجعفر - : ضرب من السمك له فلس ضعيف يحتك بالرمل فيذهب عنه ثم يعود.
4- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 358 في الصحيح. والكليني أيضا ج 6 ص 339.
5- في اللغة خصى يخصي خصاء صيره خصيا ، والخصي الذي سلت خصيتاه ، والاخصاء جعل الحيوان خصيا. وقيل عدم اجابته يشعر بالكراهة ، ويمكن تخصيص الكراهة بغير ما هو معد للاكل.

« السخلة التي مر بها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وهي ميتة فقال : ماضر أهلها لو انتفعوا بإهابها (1) فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : لم تكن ميتة يا أبا مريم ولكنها كانت مهزولة فذبحها أهلها فرموا بها ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما كان على أهلها لو انتفعوا بإهابها ».

4214 - وسأل سعيد الأعرج (2) أبا عبد اللّه عليه السلام « عن قدر فيها لحم جزور وقع فيها أوقية من دم (3) ، أيؤكل منها؟ قال : نعم فإن النار تأكل الدم » (4).

4215 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي - عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الإنفحة تخرج من الجدي الميت (5) قال : لا بأس به قلت : اللبن يكون في ضرع الشاة وقد ماتت قال : لا بأس به ، قلت : فالصوف والشعر وعظام الفيل (6) والبيضة تخرج من الدجاجة ، فقال : كل هذا ذكي لا بأس به » (7).

ص: 342


1- الإهاب - ككتاب - : الجلد أو ما لم يدبغ منه.
2- رواه الكليني ج 6 ص 235 في الصحيح.
3- قيل : الأوقية - بالضم - سبعة مثاقيل تكون عشرة دراهم ، وقال في الصحاح : هي في الحديث أربعون درهما وكذلك كان فيما مضى واليوم فما يتعارفه الناس فعشرة دراهم. ( الوافي )
4- عمل بمضمونها الشيخ في النهاية والمفيد ، وذهب ابن إدريس والمتأخرون إلى بقاء المرق على نجاسته ، وفى المختلف حمل الدم على ما ليس بنجس كدم السمك وشبه وهو خلاف الظاهر حيث علل بأن الدم تأكله النار ولو كان طاهرا لعلل بطهارته ، ولو قيل بأن الدم الطاهر يحرم أكله ففيه أن استهلاكه في المرق ان كفى في حله لم يتوقف على النار والا لم يؤثر في حله النار. ( المرآة )
5- في الصحاح الإنفحة - بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة - : كرش الحمل أو الجدي ما لم يأكل فإذا أكل فهو كرش ( عن أبي زيد ) والجمع أنافح - انتهى ، ويقال له بالفارسية « پنبر مايه » وليس بها بأس لأنه مما لا تلجه الروج وكذا اللبن.
6- زاد في التهذيبين هنا الجلد
7- سيأتي تحت رقم 4217 عن الصادق عليه السلام قال : « عشرة أشياء من الميتة ذكية » وعدها وذكر منها الا نفحة واللبن ، وقال في المسالك : ذهب الشيخ وأكثر المتقدمين وجماعة من المتأخرين منهم الشهيد إلى أنه طاهر للنص على طهارته في الروايات الصحيحة فيكون مستثنى من المايع النجس كما استثنى الإنفحة ، وذهب ابن إدريس والمحقق والعلامة وأكثر المتأخرين إلى نجاسته لملاقاته الميت - انتهى ، واستدل للحرمة بما رواه الشيخ في التهذيبين عن وهب بن وهب عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام أنه « سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن فقال علي عليه السلام : ذلك الحرام محضا » ووهب بن وهب كان ضعيفا كذابا لا يحتج بحديثه فلا مجال للتمسك بروايته قبال ما دل على الحلية ، نعم مقتضى القاعدة نجاسة ذلك اللبن لأنه مايع لاقى الميتة ، لكن بعد وجود النص لا مجال للقاعدة.

4216 - وروى عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني (1) عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام أنه قال : « سألته عما أهل لغير اللّه به ، فقال : ما ذبح لصنم أو وثن أو شجر حرم اللّه ذلك كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه أن يأكل الميتة ، قال : فقلت له : يا ابن رسول اللّه متى تحل للمضطر الميتة؟ قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله سئل فقيل له : يا رسول اللّه إنا نكون بأرض فتصيبنا المخمصة فمتى تحل لنا الميتة؟ قال : ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحتفئوا بقلا فشأنكم بها (2).

ص: 343


1- في طريق المؤلف إليه علي بن الحسين السعد آبادي ، وظاهر جماعة من الأصحاب اعتباره ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 359 باسناده عن أبي الحسين الأسدي ، عن سهل بن زياد عنه ، وسهل بن زياد ضعيف على المشهور.
2- المخمصة : المجاعة ، وقوله : « ما لم تصطبحوا - الخ » أي إذا لم يكن لكم الغداء أو العشاء ولم تجدوا بقلا حل لكم الميتة فالزموها ، وقال العلامة المجلسي : هذا الخبر روته العامة أيضا عن أبي واقد عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) واختلفوا في تفسيره قال في النهاية : في « صبح » منه الحديث أنه سئل متى تحل لنا الميتة؟ فقال : « ما لم تصطبحوا أو تغتبقوا أو تحنفئوا بها بقلا فشأنكم بها » الاصطباح ههنا أكل الصبوح وهو الغداء ، والغبوق : العشاء وأصلهما في الشرب ثم استعملا في الاكل ، أي ليس لكم أن تجمعوهما من الميتة ، قال الأزهري : قد أنكر هذا على أبى عبيد وفسر أنه أراد إذا لم تجدوا لبينة تصطبحونها أو شرابا تغتبقونه ، ولم تجدوا بعد عدمكم الصبوح والغبوق بقلة تأكلونها حلت لكم الميتة ، قال : وهذا هو الصحيح. وقال في باب الحاء مع الفاء قال أبو سعيد الضرير في « تحتفئوا » صوابه « ما لم تحتفوا بها » بغير همز من أحفى الشعر ، ومن قال : « تحنفئوا » مهموزا هو من الحفأ وهو البردى ، فباطل لان البردى ليس من البقول. وقال أبو عبيد : هو من الحفأ مهموز مقصور وهو أصل البردى الأبيض الرطب منه ، وقد يؤكل ، يقول : ما لم تقتلعوا هذا بعينه فتأكلوه ، ويروى « ما لم تحتفوا » بتشديد الفاء من احتففت الشئ إذا أخذته كله كما تحف المرأة وجهها من الشعر ، ويروى « ما لم تجتفئوا » بالجيم ، وقال في باب الجيم مع الفاء : ومنه الحديث « متى تحل لنا الميتة؟ قال : ما لم تجتفئوا بقلا » أي تقتلعوه وترموا به ، من جفأت القدر إذا رمت بما يجتمع على رأسها من الوسخ والزبد. وقال في باب الخاء مع الفاء « أو تختفوا بقلا » أي تظهرونه ، يقال : اختفيت الشئ إذا أظهرته ، وأخفيته إذا سترته - انتهى ، وقال الطيبي : « تحتفوا بها » أي بالأرض أي ألزموا الميتة ، و « أو » بمعنى وأو فيجب نفى الخلال الثلاث حتى تحل لنا الميتة ، و « ما » للمدة أي يحل لكم مدة عدم اصطباحكم - انتهى. أقول : في بعض نسخ الفقيه بالواو في الموضعين فلا يحتاج إلى تكلف ، وعلى الحاء المهملة يحتمل أن تكون كناية عن استيصال البق هذا شايع في عرفنا على التمثيل فلعله كان في عرفهم أيضا كذلك.

قال عبد العظيم : فقلت له : يا ابن رسول اللّه ما معنى قوله عزوجل « فمن اضطر غير باغ ولا عاد [ فلا إثم عليه ] » قال : العادي السارق ، والباغي الذي يبغي الصيد بطرا أو لهوا لا ليعود به على عياله ، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا ، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار ، وليس لهما أن يقصرا في صوم ولا صلاة في سفر (1).

قال : فقلت : فقوله عزوجل : « والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم » قال : المنخنقة التي انخنقت بأخناقها حتى تموت ، والموقوذة التي مرضت وقذفها المرض حتى لم يكن بها حركة ، والمتردية التي تتردى من مكان مرتفع إلى أسفل أو تتردى من جبل أو في بئر فتموت ، والنطيحة التي تنطحها بهيمة أخرى فتموت وما أكل السبع منه فمات ، وما ذبح على النصب على حجر أو صنم إلا ما أدرك ذكاته فيذكى (2).

قلت : « وأن تستقسموا بالأزلام » (3)؟ قال : كانوا في الجاهلية يشترون بعيرا

ص: 344


1- رواه العياشي في تفسيره ج 1 ص 75 عن حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- في التهذيب « الا ما أدركت ذكاته فذكى ».
3- في القاموس : الزلم - محركة - : قدح لا ريش عليه.

فيما بين عشرة أنفس ويستقسمون عليه بالقداح ، وكانت عشرة : سبعة لها أنصباء ، و ثلاثة لا أنصباء لها ، أما التي لها أنصباء فالفذ والتوأم والنافس والحلس والمسبل و المعلى والرقيب (1) ، وأما التي لا أنصباء لها فالفسيح والمنيح والوغد فكانوا يجيلون السهام بين عشرة فمن خرج باسمه سهم من التي لا أنصباء لها الزم ثلث ثمن البعير فلا يزالون بذلك حتى تقع السهام الثلاثة التي لا أنصباء لها إلى ثلاثة منهم فيلزمونهم ثمن البعير ، ثم ينحرونه ويأكله السبعة الذين لم ينقدوا في ثمنه شيئا ، ولم يطعموا منه الثلاثة الذين نقدوا ثمنه شيئا ، فلما جاء الاسلام حرم اللّه تعالى ذكره ذلك فيما حرم فقال عزوجل : « وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق - يعني حراما - ».

وهذا الخبر في روايات أبي الحسين الأسدي - رحمه اللّه - عن سهل بن زياد عن عبد - العظيم بن عبد اللّه [ الحسني ] عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام.

4217 - وقال الصادق عليه السلام : « من اضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل شيئا من ذلك حتى يموت فهو كافر » وهذا في نوادر الحكمة لمحمد بن أحمد ابن يحيى بن عمران الأشعري.

4218 - وروى محمد بن عذافر (2) ، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : « لم حرم اللّه الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟ فقال : إن اللّه تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده وأحل لهم ما وراء ذلك من رغبة فيما أحل لهم ، ولا زهد فيما حرمه عليهم ، ولكنه عزوجل خلق الخلق فعلم ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحله لهم وأباحه لهم ، وعلم ما يضر هم فنها هم عنه ، ثم أحله للمضطر

ص: 345


1- الأنصباء جمع نصيب ، وهذه الأسماء خلاف الترتيب المشهور ، ففي الصحاح سهام الميسرة عشرة أولها الفذ ، ثم النوأم ، ثم الرقيب ، ثم الحلس ، ثم النافس ، ثم المسبل ، ثم المعلى ، وترتيب مالا أنصباء لها المذكور كترتيب ما ذكر في الصحاح.
2- طريق المصنف إليه صحيح ، وهو ثقة له كتاب ، وكان من أصحاب أبي الحسن موسى عليه السلام.

في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك (1) ، ثم قال : وأما الميتة فإنه لم ينل أحد منها إلا ضعف بدنه ، ووهنت قوته ، وانقطع نسله ، ولا يموت آكل الميتة إلا فجأة.

وأما الدم فإنه يورث آكله الماء الأصفر ويورث الكلب (2) ، وقساوة القلب ، وقلة الرأفة والرحمة حتى لا تؤمن على حميمه ولا يؤمن على من صحبه.

وأما لحم الخنزير فإن اللّه تبارك وتعالى مسخ قوما في صور شتى مثل الخنزير والقرد والدب ، ثم نهى عن أكل المثلة (3) لئلا ينتفع بها ولا يستخف بعقوبتها.

وأما الخمر فإنه حرمها لفعلها وفسادها ، ثم قال : إن مدمن الخمر كعابد وثن ، ويورثه الارتعاش ، ويهدم مروءته ، ويحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء وركوب الزنا حتى لا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك (4) ، والخمر لا يزيد شاربها إلا كل شر » (5).

4219 - وقال الصادق عليه السلام : « في الشاة عشرة أشياء لا تؤكل : الفرث ، والدم ، والنخاع ، والطحال ، والغدد ، والقضيب ، والأنثيان ، والرحم ، والحياء

ص: 346


1- البلغة - بالضم - : ما يتبلغ به من العيش. ( القاموس )
2- الكلب - بالتحريك - : العطش والحرص والشدة ، والاكل الكثير بلا شبع ، و جنون الكلاب المعترى من لحم الانسان : وشبه جنونها المعترى للانسان من عضها ( القاموس ) وفى النهاية الكلب : داء يعرض للانسان شبه الجنون.
3- مثل بفلان مثلا ومثلة - بالضم - : نكل كمثل تمثيلا وهي المثلة - بضم الثاء وسكونها -. والمراد هنا المسوخ ، وفى بعض النسخ « الثلاثة ».
4- الوثوب كناية عن الجماع ، والحرم - بضم الحاء وفتح الراء : - اللواتي تحرم نكاحهن ، ويحتمل أن يراد بالوثوب القتل ، وبحرمه نساؤه كما جاء في القاموس.
5- روى نحوه الكليني ج 6 ص 242 عن المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام مع اختلاف ، وكذا في المحاسن ص 334.

والأوداج » (1).

4220 - وقال عليه السلام : « عشرة أشياء من الميتة ذكية : القرن ، والحافر ، والعظم ، والسن ، والإنفحة ، واللبن ، والشعر ، والصوف ، والريش ، والبيض ».

وقد ذكرت ذلك مسندا في كتاب الخصال في باب العشرات.

[ طعام أهل الذمة ومؤاكلتهم وآنيتهم ]

[ طعام أهل الذمة ومؤاكلتهم وآنيتهم ] (2)

4221 - وسئل الصادق عليه السلام (3) عن قول اللّه عزوجل : « وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم » قال : « يعني الحبوب » (4).

4222 - وفي رواية هشام بن سالم (5) عنه عليه السلام قال : « العدس والحمص وغير ذلك ».

4223 - وسأله سعيد الأعرج « عن سؤر اليهودي والنصراني أيؤكل أو يشرب؟ قال : لا » (6).

ص: 347


1- أخرجه المصنف في الخصال باب العشرات بسند صحيح عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، والكليني والشيخ بسند ضعيف وفى روايتهما العلباء والمرارة بدل الرحم والأوداج ، والعلباء : عصب العنق ، والحياء الفرج من ذوات الخف و الظلف والسباع كما في القاموس ، والظاهر أن المراد فرج الأنثى ويحتمل شموله لحلقة الدبر من الذكر والأنثى ، ففي المصباح المنير : حياء الشاة ممدود ، وعن أبي زيد اسم للدبر من كل أنثى ذي الظلف والخف وغير ذلك. ولا خلاف في حرمة الدم والطحال ، و اختلف في البواقي ويأتي في المجلد الرابع باب النوادر وهو آخر أبواب الكتاب في وصية النبي لعلى عليهما السلام « حرم من الشاة سبعة أشياء : الدم والمذاكير والمثانة والنخاع و الغدد والطحال والمرارة ».
2- العنوان زيادة منا للتسهيل.
3- السائل سماعة ، كما رواه الكليني ج 6 ص 263 في الموثق.
4- كأن ذكر الحبوب على سبيل المثال والمراد مطلق ما لم يشترط فيه التذكية كما قاله العلامة المجلسي في المجلد الرابع عشر من البحار أي السماء والعالم.
5- مروى في التهذيب في الصحيح.
6- حكم نجاسة الكفار حربيا كانوا أم أهل الذمة هو المشهور بين الأصحاب ، بل ادعى جماعة منهم السيد المرتضى وابن إدريس عليه الاجمار. وذهب ابن الجنيد وابن أبي عقيل إلى عدم نجاسة أسئارهم وهو الظاهر من كلام الشيخ - رحمه اللّه - في النهاية حيث قال : يكره أن يدعوا الانسان أحدا من الكفار إلى طعامه فيأكل وإذا دعاه فليأمر بغسل يده ثم يأكل معه ان شاء ( المسالك ) أقول : كلام الشيخ هذا محمول على حال الضرورة أو مالا يتعدى ، وغسل اليد قيل للتعبد أو لزوال الاستقذار الحاصل من النجاسات الخارجية ، ويمكن أن يقال كأن في اعتقادهم أن النجس لا ينجس شيئا الا مع تعدى العين لا بمجرد الملاقاة وحيث زالت دسومة اليد و عرقها بغسلها جوزوا المؤاكلة معهم في قصعة مع قولهم بنجاسة الكافر وهذا وجه كلام الشيخ في النهاية لتصريحه قبل ذلك بأسطر بعدم جواز مؤاكلة الكفار على اختلاف مللهم ولا استعمال أوانيهم الا بعد غسلها وانهم أنجاس ينجس الطعام بمباشرتهم.

4224 - وروى زرارة عنه عليه السلام أنه قال : « في آنية المجوس إذا اضطررتم إليها فاغسلوها بالماء » (1).

4225 - وسأله العيص بن القاسم (2) « عن مؤاكلة اليهودي والنصراني ، فقال : لا بأس إذا كان من طعامك ، وسأله عن مؤاكلة المجوسي ، فقال : إذا توضأ فلا بأس » (3).

4226 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « سألته عن آنية أهل الذمة ، فقال : لا تأكلوا في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيها الميتة والدم ولحم الخنزير ».

[ جواز استعمال شعر الخنزير ] (4)

4227 - وروى حنان بن سدير ، عن برد الإسكاف قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام :

ص: 348


1- رواه البرقي في المحاسن ص 584 في الصحيح عن زرارة.
2- رواه الكليني ج 6 ص 263 في الصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام بأدنى اختلاف.
3- يدل على عدم منجسية الكتابي والمجوسي بعد الغسل ، لا على طهارتهم كما قيل. والمؤلف وأبوه والمفيد والشيخ والفاضلان والشهيدان والحلي والديلمي والمحقق الكركي وزمرة كبيرة من المتأخرين قالوا بنجاستهم ونسب إلى ابن الجنيد وابن أبي عقيل المفيد في المسائل الغروية القول بطهارة أهل الكتاب ، وربما يحمل الخبر على التقية ، أو على الطعام الجامد كالخبز وأمثاله. وقال سلطان العلماء في قوله « إذا كان من طعامك » : لعل المراد أن لا يكون من ذبيحتهما.
4- العنوان زيادة منا وليس في الأصل.

« إني رجل خراز ولا يستقيم عملنا إلا بشعر الخنزير نخرز به (1) قال : خذ منه وبرة فاجعلها في فخارة ثم أوقد تحتها حتى تذهب دسمه ثم اعمل به » (2).

4228 - وفي رواية عبد اللّه بن المغيرة ، عن برد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « جعلت فداك إنا نعمل بشعر الخنزير فربما نسي الرجل فصلى وفي يده منه شئ ، فقال : لا ينبغي أن يصلي وفي يده منه شئ ، وقال : خذوه فاغسلوه فما كان له دسم فلا تعملوا به ، وما لم يكن له دسم فاعملوا به ، واغسلوا أيديكم منه » (3).

[ اتخاذ الغنم والطير ]

[ اتخاذ الغنم والطير ] (4)

4229 - وروى الحسن بن محبوب ، عن محمد بن مارد قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « ما من مؤمن يكون له في منزله عنز حلوب إلا قدس أهل ذلك المنزل وبورك عليهم ، فإن كانت اثنتين قدسوا كل يوم مرتين ، فقال رجل من أصحابنا : كيف يقدسون؟ قال : يقال لهم : بورك عليكم وطبتم وطاب إدامكم ، قال : قلت : فما معنى قدستم؟ قال : طهرتم ».

4230 - وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه : « اتقوا اللّه فيما خولكم وفي العجم من أموالكم (5) ، فقيل له : وما العجم؟ قال : الشاة والبقرة

ص: 349


1- خرزت الجلد خرزا من باب ضرب وقتل وهو كالخياطة في الثياب ( المصباح المنير ) وفى الصحاح : حرز الخف وغيره يخرزه خرزا فهو خراز.
2- فيه تأييد في الجملة لما اختاره السيد المرتضى من عدم نجاسة ما لا تحله الحياة من نجس العين الا أن يقال : المستفاد من الخبر جواز استعماله فقط وهو أعم من الطهارة.
3- قال في المسالك : على قول المرتضى - رحمه اللّه - لا اشكال في جواز استعمال شعر الخنزير لغير ضرورة ، وعلى القول بنجاسته فالمشهور عدم جواز استعماله من غير ضرورة لا طلاق تحريم الخنزير الشامل لجميع أجزائه وجميع ضروب الانتفاع ، وذهب جماعة منهم العلامة في المختلف إلى جواز استعماله مطلقا ونجاسته لا يدل على تحريم الانتفاع به كغيره من الآلات المنجسة.
4- العنوان زيادة منا وليس في الأصل.
5- أي افعلوا فيما بما أمر اللّه تعالى به من الحفظ والانفاق والزكاة ، وخوله اللّه المال أي أعطاء.

والحمام وأشباه ذلك ».

4231 - و « شكا رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وآله الوحشة فأمره باتخاذ زوج حمام » (1).

4232 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إن حفيف أجنحة الحمام ليطرد الشياطين » (2).

[ كراهة نهك العظام ]

[ كراهة نهك العظام ] (3)

4233 - وروي عن علي بن أسباط ، عن أبيه قال : صنع لنا أبو حمزة طعاما ونحن جماعة فلما حضروا رأى أبو حمزة رجلا ينهك عظما فصاح به (4) وقال : لا تفعل فإني سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول : « لا تنهكوا العظام فإن للجن فيها نصيبا ، فإن فعلتم ذهب من البيت ما هو خير لكم من ذلك » (5).

4234 - وقيل للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : « بلغنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « إن اللّه تبارك وتعالى ليبغض البيت اللحم (6) واللحم السمين ، فقال عليه السلام : إنا لنأكل اللحمونحبه وإنما عنى عليه السلام البيت الذي تؤكل فيه لحوم الناس بالغيبة ، وعنى باللحم السمين المتبختر المختال في مشيته ».

4235 - وروى حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

ص: 350


1- رواه الكليني ج 6 ص 546 مسندا عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام وفيه « فأمره أن يتخذ في بيته زوج حمام ». وفى بعض نسخ الفقيه « الوحدة ».
2- في الكافي مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « احتفر أمير المؤمنين عليه السلام بئرا فرموا فيها ، فأخبر بذلك فجاء حتى وقف عليها فقال لتكفن أو لأسكننها الحمام ، ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام : ان حفيف أجنحتها تطرد الشياطين » ، وحف الشجرة أو الحية حفيفا أبدت صوتا. وفى بعض النسخ « خفيق أجنحتها » وأخفق الطائر ضرب بجناحيه
3- العنوان زيادة منا.
4- نهكت من الطعام بالغت في أكله ، ونهكت الضرع استوفيت جميع ما فيه.
5- أي ان نهكتم ولم تبقوا شيئا مما في العظام فهم يأخذون من البيت من أصل الطعام وهو خير مما فضل. ( مراد )
6- بكسر الحاء وجاء بمعنى البيت الذي يؤكل فيه اللحم كثيرا.

نهى أن يؤكل اللحم غريضا - يعني نيئا - وقال : إنما تأكله السباع ، قال : حريز : يعني حتى تغيره الشمس أو النار » (1).

4236 - وقال الصادق عليه السلام : « لا يؤكل من الغربان زاغ ولا غيره ، ولا يؤكل من الحيات شئ » (2).

4237 - وسأل الحلبي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن قتل الحيات ، فقال : اقتل كل شئ تجده في البرية إلا الجان ، ونهى عن قتل عوامر البيوت (3) ، وقال : لا تدعوهن مخافة تبعاتهن فإن اليهود على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قالت : من قتل عامر بيت أصابه كذا وكذا ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من تركهن مخافة تبعاتهن فليس مني ، وإنما تتركها لأنها لا تريدك ، وقال : ربما قتلتهن في بيوتهن ».

4238 - وروى موسى بن بكر الواسطي عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : سمعته يقول : « اللحم ينبت اللحم ، والسمك يذيب الجسد ، والدباء يزيد في الدماغ (4) ، وكثرة أكل البيض يزيد في الولد ، وما استشفي مريض بمثل العسل ، ومن

ص: 351


1- رواه الكليني ج 6 ص 313 وفيه « إنما تأكله السباع ولكن حتى تغيره الشمس أو النار » وفى الدروس : يكره أكل اللحم غريضا يعنى نيئا أي غير نضيج. وهو بكسر النون والهمز وفى الصحاح الغريض : الطري.
2- الغربان جمع الغراب ، والزاغ : أغرب أسود صغير قد يكون محمر المنفار والرجلين وهو لطيف الشكل ، حسن المنظر. وذهب الشيخ في الخلاف إلى تحريم الجميع وتبعه العلامة في المختلف وكرهه الشيخ في النهاية مطلقا ، وفصل آخرون منهم ابن إدريس والعلامة في أحد قوليه فحرموا الأسود الكبير والأبقع وأحلوا الزاغ وهو الأغبر الرمادي ، و هذا الاختلاف بسبب اختلاف الروايات فيه.
3- في النهاية الأثيرية في الحديث « انه نهى عن قتل الجنان » بكسر الجيم وتشديد النون - وهي الحيات التي تكون في البيوت واحدها جان. وفى الصحاح الجان حية بيضاء. وقال في النهاية أيضا في حديث قتل الحيات « ان لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم منها شيئا فحرجوا عليه ثلاثا » العوامر الحيات التي تكون في البيوت ، واحدها عامر وعامرة ، وقيل سميت عوامر لطول أعمارها - انتهى ، وقيل : سميت الحية حية لطول حياتها وكذا الحيتان.
4- الدباء - بضم الدال وتشديد الباء ممدودا - : القرع واحدها دباءة ، وقد يقرء بفتح الدال وتخفيف الباء مقصورا وهو الجراد قبل أن يطير ، ولكن القراءة الأولى قراءة المشايخ حيث ذكروا الخبر في باب القرع.

أدخل جوفه لقمة شحم أخرجت مثلها من الداء ».

باب 409: الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة وغير ذلك من آداب الطعام

4239 - روى سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا ينبغي الشرب في آنية الفضة والذهب » (1).

4240 - وروى أبان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا تأكل في آنية ذهب ولا فضة » (2).

4241 - وروى ثعلبة ، عن بريد العجلي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « كره الشرب في الفضة وفي القدح المفضض ، وكره أن يدهن من مدهن مفصض ، والمشط كذلك ، فإن لم يجد بدا من الشرب في القدح المفضض عدل بفمه عن موضع الفضة » (3).

ص: 352


1- رواه الكليني ج 6 ص 385 في الموثق ، وظاهره الكراهة ويمكن حمله على الحرمة لما نقل من الاجماع ولكن وردت روايات بلفظ الكراهة.
2- قال في المدارك ص 107 : أجمع الأصحاب على تحريم استعمال أو انى الذهب و الفضة في الأكل والشرب وغيرهما قاله في التذكرة وغيرها ، وقال الشيخ في الخلاف : يكره استعمال أواني الذهب والفضة ، والظاهر أن مراده التحريم ، والأخبار الواردة بالنهي عن الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة من الطريقين مستفيضة ثم نقل أخبارا عن طريق الجمهور وطريقنا أيضا ، ثم قال : والمشهور بين الأصحاب تحريم اتخاذها لغير الاستعمال أيضا ، واستقرب العلامة في المختلف الجواز استضعافا لأدلة المنع وهو حسن الا أن المنع أولى لان اتخاذ ذلك وإن كان جائزا بالأصل فربما يصير محرما بالعرض لما فيه من إرادة العلو في الأرض وطلب الرئاسة المهلكة.
3- قال في المدارك : اختلف الأصحاب في الأواني المفضضة وقال الشيخ في الخلاف ان حكمها حكم الأواني المتخذة من الذهب والفضة ، وقال في المبسوط يجوز استعمالها لكن يجب عزل الفم عن موضع الفضة ، وهو اختيار العلامة في المنتهى وعامة المتأخرين ، وقال المحقق في المعتبر : يستحب العزل وهو حسن ، والأصح أن الآنية المذهبة كالمفضضة في الحكم بل هي أولى بالمنع.

4242 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « آنية الذهب والفضة متاع الذين لا يوقنون » (1).

4243 - وروى يونس بن يعقوب ، عن يوسف أخيه أن أبا عبد اللّه عليه السلام استسقى ماء ، فاتي بقدح من صفر فيه ماء ، فقال له بعض جلسائه : إن عباد البصري يكره الشرب في الصفر ، قال : فسله أذهب هو أم فضة؟ ».

4244 - وروي عن جراح المدائني قال : « كره أبو عبد اللّه عليه السلام أن يأكل الرجل بشماله أو يشرب بها أو يتناول بها ».

4245 - وروى عبد اللّه بن ميمون ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام قال : « كان أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بتبوك يعبون الماء (2) فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : اشربوا في أيديكم فإنها من خير آنيتكم ».

4246 - وقال الصادق عليه السلام : « شرب الماء من قيام بالنهار أدر للعرق وأقوى للبدن » (3).

4247 - وقال عليه السلام : « شرب الماء بالليل من قيام يورث الماء الأصفر » (4).

4248 - وسأله بعض أصحابه عن الشرب بنفس واحد ، فقال : « إذا كان الذي يناولك الماء مملوكا لك فاشرب في ثلاثة أنفاس ، وإن كان حرا فاشربه بنفس واحد ».

وهذا الحديث في روايات محمد بن يعقوب الكليني - رحمه اللّه - (5).

4249 - وفي رواية حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ثلاثة أنفاس

ص: 353


1- رواه الكليني بسند ضعيف على المشهور عن موسى بن بكر عن أبي الحسن موسى عليه السلام ، وظاهره يدل على تحريم اتخاذها مطلقا وإن كان من غير استعمال.
2- العب : شرب الماء من غير مص ، وفى الكافي « يشربون الماء بأفواههم في غزوة تبوك ».
3- في الكافي « شرب الماء من قيام بالنهار أقوى وأصح للبدن ».
4- رواه الكليني ج 6 ص 383 في حديث مرفوع.
5- لم أعثر عليه في الكافي في مظانه.

في الشرب أفضل من شرب بنفس واحد ، وكان يكره أن يشبه بالهيم قلت : وما الهيم؟ قال ، الزمل » (1). وفي حديث آخر : « الإبل » (2). وروي « أن الهيم النيب » (3). وروي « أن الهيم ما لم يذكر اسم اللّه عليه » (4).

4250 - وروى عبد اللّه بن المغيرة ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تأكل وأنت تمشي إلا أن تضطر إلى ذلك » (5).

4251 - وروي عن عمر بن أبي شعبة قال : « رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يأكل متكئا ثم ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال : ما أكل متكئا حتى مات » (6).

4252 - وروي عن حماد بن عثمان ، عن عمر بن أبي شعبة ، عن أبي شعبة أنه رأى

ص: 354


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 361 بسند آخر ، وروى ذيله البرقي في المحاسن ، والزمل جمع الزاملة وهي ما يحمل عليه من البعير ، وفى بعض نسخ المتن والمحاسن « الرمل ».
2- رواه البرقي في المحاسن ص 576.
3- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 361 مسندا عن أبي بصير - هكذا - قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : ثلاثة أنفاس أفضل في الشرب من نفس واحد ، وكان يكره أن يتشبه بالهيم وقال : الهيم النيب » والناب الناقة المسنة والجمع أنياب ونيوب ونيب كما في القاموس ، وفى المحاسن ص 576 مسندا عن روح بن عبد الرحيم قال : « كان أبو عبد اللّه عليه السلام يكره أن يتشبه بالهيم ، قلت : وما الهيم؟ قال : الكثيب » وهو التل من الرمل وهذا يؤيد نسخة « الرمل » في الخبر المتقدم.
4- في الكافي ج 6 ص 384 بسند فيه ارسال عن شيخ من أهل المدينة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشرب الماء فلا يقطع نفسه حتى ، يروى ، قال : فقال عليه السلام وهل اللذة الا ذاك ، قلت : فإنهم يقولون إنه شرب الهيم ، قال : فقال : كذبوا إنما شرب الهيم ما لم يذكر اسم اللّه عزوجل عليه ».
5- يدل على كراهة الاكل ماشيا من غير ضرورة.
6- رواه في المحاسن عنه عن أبيه أنه رآه عليه السلام يفعل ذلك وفيه « عمر بن أبي سعيد » وهو تصحيف والصواب ما في الفقيه. ولعل فعله مع ذكره صفة أكل النبي صلى اللّه عليه وآله لبيان الجواز أو كان معذورا وذلك لئلا يتوهم أنه فعل ذلك على سبيل الاستحباب.

أبا عبد اللّه عليه السلام يأكل متربعا » (1).

4253 - وفي رواية إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « إذا وضعت المائدة حفها أربعة أملاك فإذا قال العبد : « بسم اللّه » قالت الملائكة للشيطان : اخز يا فاسق فلا سلطان لك عليهم ، فإذا فرغوا فقالوا : « الحمد لله » قالت الملائكة : هم قوم أنعم اللّه عليهم فأدوا شكر ربهم ، فإذا لم يقولوا «بسم اللّه» قالت الملائكة للشيطان : ادن يا فاسق فكل معهم ، فإذا رفعت فلم يحمدوا اللّه قالت الملائكة : هم قوم أنعم اللّه عليهم فنسوا ربهم » (2).

4254 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « صاحب الرحل يشرب أول القوم ويتوضأ آخرهم » (3).

4255 - وروى سماعة بن مهران قال : « كنت آكل مع أبي عبد اللّه عليه السلام فقال : « يا سماعة أكلا وحمدا لا أكلا وصمتا » (4).

4256 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « ضمنت لمن سمى على طعامه (5) أن لا يشتكي منه ، فقال ابن الكواء (6) : يا أمير المؤمنين لقد أكلت البارحة طعاما فسميت عليه ثم آذاني ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أكلت ألوانا فسميت على بعضها ولم تسم على بعض يا لكع » (7).

ص: 355


1- رواه البرقي في صدر الخبر السابق.
2- رواه في الكافي ج 6 ص 292 باسناده عن السكوني.
3- رواه البرقي في المحاسن ص 452 عن أبيه عن النوفلي باسناده عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
4- رواه البرقي ص 435 مسندا عن سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام بدون قوله : كنت آكل معه عليه السلام ».
5- مروى في الكافي بسند موثق عن أبي عبد اللّه عليه السلام رفعه إلى جده أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، وفيه « لمن يسمى على طعامه ».
6- هو من الخوارج بل كان رئيسهم ، وكان دأبه الاعتراض على أمير المؤمنين عليه السلام في جميع الأمور.
7- اللكع : العبد الأحمق ، والرجل اللئيم.

وروي أن من نسي أن يسمي على كل لون فليقل : « بسم اللّه على أوله وآخره » (1).

4257 - وقال الصادق عليه السلام : « ما أتخمت قط وذلك أني لم أبدأ بطعام إلا قلت :  «بسم اللّه» ولم أفرغ من طعام إلا قلت : « الحمد لله » (2).

4258 - وقال عليه السلام : « إن البطن إذا شبع طغى » (3).

4259 - وروي عن عمر [ و ] بن قيس الماصر قال : « دخلت على أبي جعفر عليه السلام بالمدينة وبين يديه خوان وهو يأكل ، فقلت له : ما حد هذا الخوان؟ فقال : إذا وضعته فسم اللّه ، وإذا رفعته فاحمد اللّه ، وقم ما حول الخوان ، فإن هذا حده ، قال : فالتفت فإذا كوز موضوع ، فقلت له : ما حد الكوز؟ فقال : اشرب مما يلي شفتيه وسم اللّه عزوجل ، فإذا رفعته عن فيك فاحمد اللّه عزوجل ، وإياك وموضع العروة أن تشرب منها فإنها مقعد الشيطان فهذا حده » (4).

4260 - وروي عن محمد بن الوليد الكرماني (5) قال : « أكلت بين يدي أبي جعفر الثاني عليه السلام حتى إذا فرغت ورفع الخوان ، ذهب الغلام يرفع ما وقع من فتات الطعام (6) فقال له : ما كان في الصحراء فدعه ولو فخذ شاة ، وما كان في البيت فتتبعه والقطه ».

ص: 356


1- مضمون مأخوذ مما روى الكليني في الصحيح عن داود بن فرقد قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : كيف أسمى على الطعام؟ قال : فقال : إذا اختلفت الآنية فسم على كل اناء ، قلت : فان نسيت أن أسمى؟ قال : تقول : « بسم اللّه على أوله وآخره ».
2- رواه البرقي في المحاسن مسندا عن عبد اللّه الأرجاني عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : ما أتخمت - وذكر نحوه ».
3- رواه البرقي في المحاسن ص 446 مسندا عن الحسين بن المختار عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وروى الكليني نحوه عن أبي جعفر عليه السلام.
4- روى البرقي في المحاسن ص 448 والكشي في رجاله عن ثوير بن أبي فاختة نحوه.
5- طريق المصنف إليه حسن كالصحيح بإبراهيم بن هاشم.
6- الفتات - بالضم - : ما انفت من الشئ. وفتات الشئ ما تكسر منه.

4261 - وقال الصادق عليه السلام « إن بني أمية يبدؤون بالخل في أول الطعام ويختمون بالملح ، وإنا نبدأ بالملح في أول الطعام ونختم بالخل » (1).

4262 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « ابدؤوا بالملح في أول الطعام فلو علم الناس ما في الملح ، لاختاروه على الترياق المجرب ».

4263 - وروى الحسن بن محبوب (2) عن وهب بن عبد ربه قال : « رأيت أبا عبد اللّه عليه السلام يتخلل فنظرت إليه ، فقال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يتخلل ، وهو يطيب الفم ».

4264 - وفي خبر آخر : « إن من حق الضيف أن يعد له الخلال » (3).

4265 - وقال عليه السلام : « ما أدرت عليه لسانك فأخرجته فابلعه ، وما أخرجته بالخلال فارم به » (4).

ص: 357


1- روى الكليني ج 6 ص 330 باسناده عن سليمان الديلمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال « ان بني إسرائيل كانوا يستفتحون بالخل ويختمون به ونحن نستفتح بالملح ونختم - بالخل » . وروى البرقي في المحاسن مسندا عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : انا لنبدأ بالخل كما تبدؤون بالملح عندكم وان الخل ليشد العقل » ونقله في الكافي عنه بسند فيه أبان بن عبد الملك وهو مجهول الحال ، وما جاء في الابتداء بالملح أقوى سندا مما جاء في الابتداء بالخل راجع الكافي ج 6 ص 326 وص 329.
2- فيه سقط وفى المحاسن عنه عن مالك بن عطية عن وهب.
3- رواه الكليني ج 6 ص 285 مسندا عن سليمان بن حفص عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا « ان من حق الضيف أن يكرم وأن يعدله الخلال » وفى المحاسن نحو ما في المتن.
4- في المحاسن ص 559 مسندا عن الفضل بن يونس قال : « تغدى عندي أبو الحسن عليه السلام فلما فرغ من الطعام أتى بالخلال ، فقلت له : جعلت فداك ما حد هذا الخلال؟ فقال : يا فضل كل ما بقي في فيك ، وما أدرت عليه لسانك ، وما استكرهته بالخلال فأنت فيه بالخيار ان شئت أكلته وان شئت طرحته ». وعن إسحاق بن جرير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن اللحم يكون في الأسنان ، فقال : أما ما كان في مقدم الفم فكله ، وأما ما كان في الأضراس فاطرحه « وعن ابن سنان عنه عليه السلام قال : أما ما يكون على اللثة فكله وازدرده ، وما كان في الأسنان فارم به » وزرد اللقمة - كسمع : بلعها ازدردها. ( القاموس )

4266 - وروى صفوان الجمال ، عن أبي غرة الخراساني قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « الوضوء قبل الطعام وبعده يذهبان بالفقر » (1).

4267 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من سره أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور طعامه » (2).

4268 - وقال عليه السلام (3) : « من غسل يده قبل الطعام وبعده عاش في سعة وعوفي من بلوى في جسده ».

4269 - وروي عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السلام « أنه كان إذا طعم قال : « الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وأيدنا وآوانا وأنعم علينا وأفضل ، الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم ».

4270 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « نعم الادام الخل ، ما أقفر بيت فيه خل » (4).

4271 - وروى شعيب ، عن أبي بصير قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الثوم والبصل والكراث ، فقال : لا بأس بأكله نيا وفي القدور ، ولا بأس بأن يتداوى بالثوم ، ولكن إذا كان ذلك فلا يخرج إلى المسجد » (5).

4272 - وروى عمر بن أذينة ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن الثوم ، فقال : إنما نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عنه لريحه ، وقال : من أكل هذه البقلة

ص: 358


1- قال في الدروس : يستحب غسل اليد قبل الطعام ولا يمسحها فإنه لا يزال البركة في الطعام ما دامت النداوة في اليد ويغسلها بعده ويمسحها ، والمراد بالمسح التمندل ، والخبر رواه الكليني ج 6 ص 290 في الحسن كالصحيح عن صفوان عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، والبرقي في المحاسن عنه عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام.
2- رواه الكليني والبرقي عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
3- ظاهره رسول اللّه عليه وآله ومروى في الكافي مسندا عن ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وفى المحاسن عنه عن آبائه عليهم السلام.
4- رواه الكليني ج 6 ص 329 مسندا عن أم سلمة في ذيل حديث. وفى النهاية ما أقفر بتقديم القاف أي ما خلا من الادام ولا عدم أهله الادم.
5- رواه الكليني ج 6 ص 375 في الصحيح وقوله « نيأ » أي غير نضيج.

الخبيثة فلا يقرب مسجدنا ، فأما من أكله ولم يأت المسجد فلا بأس ».

4273 - وروى إبراهيم الكرخي عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال : « قال الحسن بن علي عليهما (1) السلام : في المائدة اثنتا عشرة خصلة يجب على كل مسلم أن يعرفها : أربع منها فرض ، وأربع سنة ، وأربع تأديب ، فأما الفرض : فالمعرفة (2) ، والرضا والتسمية (3) والشكر. وأما السنة : فالوضوء قبل الطعام ، والجلوس على الجانب الأيسر ، والاكل بثلاث أصابع ، ولعق الأصابع ، وأما التأديب : فالاكل مما يليك وتصغير اللقمة ، وتجويد المضغ ، وقلة النظر في وجوه الناس ».

4274 - وقال الصادق عليه السلام : « ينبغي للشيخ الكبير ألا ينام إلا وجوفه ممتلئ من الطعام فإنه أهدأ لنومه ، وأطيب لنكهته » (4).

4275 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « عجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار » (5).

باب 410: الايمان والنذور والكفارات

اشارة

4276 - روى منصور بن حازم (6) عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله :

ص: 359


1- رواه المصنف في الخصال أبواب الاثني عشر بسند ضعيف.
2- أي معرفه المنعم أو الحلال من الحرام.
3- يعنى الابتداء ببسم اللّه الرحمن الرحيم أو باسم اللّه مطلقا.
4- روى الكليني عن الوليد بن صبيح قال : « سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول : لا خير لمن دخل في السن أن يبيت خفيفا بل يبيت ممتلئا خير له ».
5- اعلم أن المصنف رحمه اللّه لم يذكر هنا حرمة الخمر وأحكامها ونقل بعض اخبارها في باب معرفة الكبائر آخر هذا المجلد وبعضها في أبواب الحدود.
6- طريق المصنف إليه صحيح وهو ثقة وروى الكليني ج 7 ص 440 ذيله في الحسن كالصحيح وبتمامه مروى في البحار عن كتاب الحسين بن سعيد الأهوازي.

« لا رضاع بعد فطام ، ولا وصال في صيام ، ولا يتم بعد احتلام ، ولا صمت يوما إلى الليل (1) ، ولا تعرب بعد الهجرة ، ولا هجرة بعد الفتح (2) ، ولا طلاق قبل نكاح ، ولا عتق قبل ملك ، ولا يمين لولد مع والده ، ولا لمملوك مع مولاه ، ولا للمرأة مع زوجها (3) ، ولا نذر في معصية ، ولا يمين في قطيعة » (4).

4277 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام « أنه سئل عن امرأة جعلت مالها هديا وكل مملوك لها حرا إن كلمت أختها أبدا ، قال : تكلمها وليس هذا بشئ إنما هذا وشبهه من خطوات الشيطان » (5).

4278 - وقال الصادق عليه السلام : « من حلف على يمين فرأى ما هو خير منها فليأت الذي هو خير منها ، وله زيادة حسنة » (6).

ص: 360


1- « لا رضاع بعد فطام » أي لا حكم للرضاع بعد الحولين فلا ينشر الحرمة ، ويحتمل أن يكون المراد أنه منهى بعد ذلك ( سلطان ) وقوله « لا وصال في صيام » أي بان ينوى صوم يومين فصاعدا بدون الافطار بينهما وحرمته اجماعي ، وقوله « لا يتم بعد احتلام » أي لا يبقى أحكام الطفولية بعد الاحتلام ولا يجوز العمل بمقتضاها ، و « لا صمت يوم إلى الليل » أي بأن ينوى الصوم ساكتا.
2- أي لا يجوز التعرب بعد الهجرة ، ولا يعد من المهاجرين من هاجر بعد فتح مكة منها إلى المدينة.
3- ظاهره بطلان يمين كل من هؤلاء بدون اذن المذكورين وهو مختار الشهيد الثاني لنفى اليمين مع أحد الثلاثة المحمول على نفى الصحة لأنه أقرب المجازات إلى نفى المهية ، والمشهور أن الاذن ليس شرطا في صحتها بل النهى مانع عنه ، والفائدة تظهر عند زوال الولاية بالموت أو الطلاق أو المعتق فينعقد اليمين على المشهور ويبطل على مختار الشهيد - رحمه اللّه -
4- أي لا يجوز النذر في معصية ولا ينعقد. وكذا اليمين في قطيعة الرحم ، ولعله على سبيل المثال.
5- في بعض النسخ « خطرات الشيطان » وما في المتن أصوب لوروده في روايات أخر.
6- مروى في الكافي بسند فيه ارسال ، و « على يمين » قد يسمى المحلوف عليه يمينا ، وروى الكليني في الصحيح عن سعيد الأعرج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يحلف على اليمين فيرى أن تركها أفضل وان لم يتركها خشي أن يأثم أيتركها؟ فقال : أما سمعت قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : إذا رأيت خير من بمينك فدعها ». وعليه فتوى الأصحاب.

4279 - وروى حماد بن عثمان ، عن محمد بن أبي الصباح قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « إن أمي تصدقت علي بنصيب لها في الدار ، فقلت لها : إن القضاة لا يجيزون هذا ولكن اكتبيه شرى ، فقالت : أصنع من ذلك ما بدا لك ولك ما ترى أن يسوغ لك فتوثقت ، فأراد بعض الورثة أن يستحلفني أني قد نقدتها الثمن ولم أنقدها شيئا فما ترى؟ قال : فاحلف لهم » (1).

4280 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام « في رجل حلف إن كلم أباه أو أمه فهو يحرم بحجة ، قال : ليس بشئ » (2).

4281 - وسئل عليه السلام « عن رجل غضب فقال : علي المشي إلى بيت اللّه الحرام ، قال : إذا لم يقل لله علي فليس بشئ ».

4282 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « لا يؤاخذكم اللّه باللغو في أيمانكم « قال : هو لا واللّه وبلى واللّه » (3).

4283 - وروى محمد بن مسلم (4) قال : « سألت أحدهما عليهما السلام عن رجل قالت له

ص: 361


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 329 في الصحيح والمشهور أنه يجب التورية بان يحلف اما ببراءة ذمته أو يحلف بأن ليس عليه من ثمن الحصة شئ أو يقول : نقدتها الثمن و يقصد ثمن شئ قد نقدها.
2- لم أجده مسندا ولعله موثق سماعة في الكافي ج 7 ص 440 قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل جعل عليه أيمانا أن يمشى إلى الكعبة أو صدقة أو عتق أو نذر أو هدى ان هو كلم أباه أو أمه أو أخاه أو ذا رحم أو قطع قرابة أومأ ثم فيه يقيم عليه ، أو أمر لا يصلح له فعله ، فقال : كتاب اللّه قبل اليمين ولا يمين في معصية ».
3- المراد باللغو الساقط الذي لا يعتد به من كلام وغيره ولغو اليمين مالا عقد معه كما سبق به اللسان أو تكلم جاهلا لمعناه ، ومنها قول : لا واللّه وبلى واللّه من غير عقد بل لمجرد التأكيد فقط ولا يؤاخذ اللّه به في الدنيا بوجوب الكفارة عقوبة ولا في الآخرة بعذاب. والخبر رواه الشيخ والكليني عن القمي عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عنه عليه السلام بزيادة في آخره وهي « ولا يعتقد على شئ ».
4- رواه الحسين بن سعيد عن محمد بن مسلم كما في البحار.

امرأته : أسألك بوجه اللّه إلا ما طلقتني ، قال : يوجعها ضربا أو يعفو عنها » (1).

4284 - وروى عثمان بن عيسى ، عن أبي أيوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تحلفوا باللّه صادقين ولا كاذبين فإن اللّه عزوجل قد نهى عن ذلك فقال عزوجل : « ولا تجعلوا اللّه عرضة لايمانكم » (2).

4285 - وقال أبو أيوب قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « من حلف باللّه فليصدق ومن لم يصدق فليس من اللّه في شئ ، ومن حلف له باللّه فليرض ومن لم يرض فليس من اللّه في شئ » (3).

4286 - وروى بكر بن محمد الأزدي ، عن أبي بصير عنه عليه السلام أنه قال : « لو حلف الرجل أن لا يحك أنفه بالحائط لابتلاه اللّه تعالى حتى يحك أنفه بالحائط ، ولو حلف الرجل أن لا ينطح برأسه الحائط لوكل اللّه عزوجل به شيطانا حتى ينطح برأسه الحائط » (4).

4287 - وروى حماد بن عيسى ، عن عبد اللّه بن ميمون عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « للعبد أن يستثني ما بينه وبين أربعين يوما إذا نسي (5) إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أتاه

ص: 362


1- أي هو مختار في أحد الامرين ولا يلزم عليه شئ بما قال امرأته. ( سلطان )
2- العرضة فعلة بمعنى مفعول تطلق لما يعرض دون الشئ ، وللمعرض للامر ، فالمعنى على الأول لا تجعلوا اللّه حاجزا لما حلفتم عليه من الخيرات فيكون المراد بالايمان الأمور المحلوف عليها ، وعلى الثاني لا تجعلوا اللّه معرضا لايمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به فحينئذ كلمة « أن » في بقية الآية « أن تبروا » مع صلتها بيان للمحلوف عليه على المعنى الأول وعلى الثاني تعليل للنهي أي أنهاكم إرادة بركم وتقواكم.
3- رواه الكليني ج 7 ص 438 بسند موثق ، وتقدم نحوه في باب الدين والقروض تحت رقم 3702.
4- رواه الحسين بن سعيد عن البطائني عن أبي بصير كما في نوادر أحمد بن عيسى ص 60 ويدل على كراهة الحلف على ترك هذه الأمور.
5- يعنى يجوز للحالف أن يعلق يمينه على مشيئة اللّه بأن يقول « لله على كذا إن كان كذا إن شاء اللّه ويجوز تأخير « إن شاء اللّه » إلى أربعين يوما إذا نسي ، وهذا يقتضى عدم انعقاد اليمين للنبوي المنجبر « من حلف على يمين فقال إن شاء اللّه لم يحنث » رواه أبو داود في سننه ج 2 ص 201 ، ولخبر السكوني المروى في الكافي ج 7 ص 448 عن أبي عبد اللّه عن أمير المؤمنين عليهما السلام « من استثنى في يمين فلا حنث ولا كفارة » وذلك إذا كان المقصود بالاستثناء التعليق ، لا مجرد التبرك ، وفصل العلامة في القواعد فحكم بانعقاد اليمين مع الاستثناء إن كان المحلوف عليه واجبا أو مندوبا والا فلا.

ناس من اليهود فسألوه عن أشياء فقال لهم : تعالوا غدا أحد ثكم ولم يستثن فاحتبس جبرئيل عليه السلام عنه أربعين يوما ، ثم أتاه فقال : « ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء اللّه واذكر ربك إذا نسيت ».

4288 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة قال : « سألته عمن قال : واللّه ، ثم لم يف به قال أبو عبد اللّه عليه السلام : كفارته إطعام عشرة مساكين مدا مدا دقيق أو حنطة أو تحرير رقبة أو صيام ثلاثة أيام متوالية إذا لم يجد شيئا » (1).

4289 - وروى ابن بكير ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « نمر بالمال على العشار فيطلبون منا أن نحلف لهم ويخلون سبيلنا ولا يرضون منا إلا بذلك ، قال : فاحلف لهم فهو أحل من التمر والزبد » (2).

4290 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : « التقية في كل ضرورة وصاحبها أعلم بها حين تنزل به » (3).

4291 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أرى أن لا يحلف إلا باللّه وأما قول الرجل « لا بل شانئك » (4) فإنه من قول الجاهلية ، ولو حلف

ص: 363


1- مروى في الكافي ج ص 453 في الصحيح وفيه « إذا لم يجد شيئا من ذا » وعدم ذكر الكسوة لظهوره عند المخاطب أو لعلمه عليه السلام عدم وجدانها له.
2- في بعض النسخ « أحلى من التمر والزبد » فلعل الواو بمعنى « مع » والزبد - بالضم - : زبد اللبن لان المقام يقتضى ما هو أشد حلاوة. وفى نوادر أحمد بن محمد بن عيسى كما في المتن.
3- رواه الحسين بن سعيد عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في النوادر والبحار.
4- مخفف قولهم « لا أب لشانئك » أي لمبغضك كما في بعض النسخ ، وهذه كلمة كانوا ينطقون بها في ضمن كلامهم مرددا كما هو عادة كل أحد من ترداد شئ ضمن كلامه مثل « يغفر اللّه لك » و « لله أبوك » و « يرحمك اللّه » وأمثال ذلك ، وفائدته أنه قد ينسى المتكلم ما يريد أن يقوله فيردد هذه الكلمة حتى يذكر ما كان قد نسيه ، وليس هذا وأمثاله حلفا ويمينا الا أنه قد يمكن جعل « لا بل شانئك » قسما نظير ما يقال : ليمت أبى ان كنت قلت ذاك ، ولست ابن أبي أو هلك ابني ، وأما في أكثر الامر فليس قسما البتة.

الناس بهذا أو شبهه ترك أن يحلف باللّه ، وأما قول الرجل : « يا هناه يا هناه » فإنما ذلك طلب الاسم (1) ولا أرى به بأسا ، وأما لعمر اللّه ، وأيم اللّه فإنما هو باللّه » (2).

4292 - وقال عليه السلام « في رجل حلف تقية قال : إن خشيت على دمك ومالك فاحلف ترده عنك بيمينك. فإن رأيت أن يمينك لا ترد عنك شيئا فلا تحلف لهم » (3).

4293 - وقال الحلبي : « وسألته عن الرجل يجعل عليه نذرا ولا يسميه ، فال : إن سميته فهو ما سميت ، وإن لم تسم شيئا فليس بشئ ، فإن قلت » لله على « فكفارة يمين » (4).

4294 - وقال عليه السلام : « كل يمين لا يراد بها وجه اللّه عزوجل فليس بشئ

ص: 364


1- أي لطلب شئ نسي اسمه فيقول « يا هناه يا هناه » حتى يتذكر.
2- لأنه راجع إلى الحلف بحياته تبارك وتعالى والصفة عين الذات فينعقد بخلاف ما لو قال « وحق اللّه تعالى » ، والمشهور أنه لا ينعقد اليمين الا باللّه عز اسمه وجل أو بأسمائه المختصة به جل وعلا أو ما ينصرف اطلاقه إليه تعالى.
3- رواه الكليني ج 7 ص 463 عن القمي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام هكذا - « وفى رجل حلف تقية قال : ان خفت على مالك ودمك فاحلف ترده بيمينك ، فإن لم تر أن ذلك يرد شيئا فلا تحلف لهم ».
4- روى الكليني صدره في « باب ما لا يلزم من الايمان والنذور » وذيله في « باب النذور » في الحسن كالصحيح ، ويدل على أن كفارة النذر كفارة اليمين مطلقا كما ذهب إليه سلار والمحقق في النافع ، وبين الأصحاب في ذلك اختلاف لاختلاف الروايات فذهب الشيخان وأتباعهما والمحقق والعلامة وأكثر المتأخرين إلى أنها كفارة افطار رمضان مطلقا ، وذهب السيد المرتضى وابن إدريس إلى أنه إن كان النذر لصوم فكفارة رمضان وإن كان لغير ذلك فكفارة يمين ، وجمع العلامة في بعض كتبه بذلك بين الاخبار.

في طلاق أو عتق » (1).

4295 - وقال : « في كفارة اليمين مد وحفنة » (2).

4296 - و « عن الرجل (3) يحلف لصاحب العشور يحرز بذلك ماله؟ قال : نعم ».

4297 - و « سألته عن امرأة جعلت مالها هديا لبيت اللّه إن أعارت متاعا لها فلانة وفلانة ، فأعار بعض أهلها بغير أمرها ، قال : ليس عليها هدي إنما الهدي ما جعل لله عزوجل هديا للكعبة فذلك الذي يوفى به إذا جعل لله ، وما كان من أشباه هذا فليس بشئ ولا هدي لا يذكر فيه اسم اللّه عزوجل » (4).

ص: 365


1- رواه الكليني في الصحيح عن الحلبي ، وظاهره اشتراط القربة في اليمين وهو خلاف المشهور الا أن يكون المراد باليمين النذر فإنه يشترط فيه القربة اجماعا ، ويحتمل أن المراد بقوله « لا يراد بها وجه اللّه » أن لا يكون يمينه باسم اللّه بل بالطلاق والعتاق وغير ذلك. ( سلطان )
2- رواه الحسين بن سعيد عن عبيد اللّه بن علي الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في البحار ، وفى الكافي ج 7 ص 451 في الصحيح عن الحلبي عنه عليه السلام « في كفارة اليمين يطعم عشرة مساكين مد من حنطة أو مدمن دقيق وحفنة - الخ ». والحفنة ملء الكف والظاهر تعلقها بالحنطة والدقيق معا لأجرة خبزهما وغيره لما روى الكليني أيضا في الحسن كالصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في كفارة اليمين مد مدمن حنطة وحفنة لتكون الحفنة في طحنه وحطبه ، ويحتمل تعلقه بالدقيق فقط لتفاوت كيل الدقيق والحنطة.
3- يعنى قال الحلبي : وسألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل.
4- رواه الكليني ج 7 ص 441 في الحسن كالصحيح مع الخبر الآتي في حديث وفى التهذيب ج 2 ص 333 رواه باسناده عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي وفيه « ولا هدى الا بذكر اللّه ».

4298 - وسئل « عن الرجل يقول : علي ألف بدنة وهو محرم بألف حجة (1) قال : تلك خطوات الشيطان (2) ، وعن الرجل يقول : وهو محرم بحجة أو يقول : أنا أهدي هذا الطعام (3) قال : ليس بشئ إن الطعام لا يهدى ، أو يقول لجزور بعد ما نحرت : هو هدي لبيت اللّه ، إنما تهدى البدن وهي أحياء وليس تهدى حين صارت لحما » (4).

4299 - وروي في حديث آخر « في رجل قال : لا وأبي ، قال : يستغفر اللّه » (5).

4300 - وقال الصادق عليه السلام : « اليمين على وجهين ، أحدهما : أن يحلف الرجل على شئ لا يلزمه أن يفعل فيحلف أنه يفعل ذلك الشئ أو يحلف على ما يلزمه أن يفعل فعليه الكفارة إذا لم يفعله (6) ، والأخرى على ثلاثة أوجه فمنها ما يؤجر الرجل عليه إذا حلف كاذبا ، ومنها ما لا كفارة عليه ولا أجر له ، ومنها مالا كفارة عليه فيها والعقوبة فيها دخول النار ، فأما التي يؤجر عليها الرجل إذا حلف

ص: 366


1- الظاهر أنه جملة حالية عن ضمير « على » منقولة بالمعنى وكأن القائل قال : على ألف بدنة وأنا محرم بألف حجة ، فيرفع إلى علي ألف احرام بألف حجة في كل احرام أو كل حجة بدنة. ( مراد )
2- في الكافي والتهذيب « تلك من خطوات الشيطان » لأنه لا يريد ايقاعه لامتناعه بحسب حاله وهو لاغ فيه.
3- يعنى وسئل عن رجل يقول : أنا محرم بحجة أو يقول : أهدى هذا الطعام كل ذلك ليس بشئ الا أن يقول : لله على كذا.
4- من قوله « قال الحلبي » إلى هنا من كلام الحلبي كما أشرنا إليه ورواه الحسين ابن سعيد الأهوازي في كتابه عن الحلبي كما في البحار.
5- لم أجده وادخال لا النافية على فعل القسم شايع في كلامهم للتأكيد كما قال البيضاوي ، وتقدم الكلام في عدم انعقاد اليمين بغير أسماء اللّه تعالى ، وكفارة هذا اليمين الاستغفار.
6- أي في الصورتين فان الحلف في الصورة الأولى الوجوب والكفارة على صورة المخالفة ، وفى الصورة الثانية وجوب الكفارة دون أصل الوجوب لأنه كان واجبا عليه بدون الحلف ، نعم صار وجوب ذلك الفعل مؤكدا حتى صار تركه أقبح. ( مراد )

كاذبا ولا تلزمه الكفارة فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرئ مسلم أو خلاص ماله من متعد يتعدى عليه من لص أو غيره. وأما التي لا كفارة عليه فيها ولا أجر له فهو أن يحلف الرجل على شئ ثم يجد ما هو خير من اليمين فيترك اليمين ويرجع إلى الذي هو خير. وأما التي عقوبتها دخول النار فهو أن يحلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه ظلما فهذه يمين غموس توجب النار ولا كفارة عليه في الدنيا » (1).

ولا يجوز إطعام الصغير في كفارة اليمين ولكن صغير بن بكبير (2) فمن لم يجد في الكفارة إلا رجلا أو رجلين فليكرر عليهم حتى يستكمل.

4301 - وقال الصادق عليه السلام : « اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع من أهلها » (3).

والنذر على وجهين ، أحدهما : أن يقول الرجل : إن كان كذا وكذا صمت أو صليت أو تصدقت أو حججت أو فعلت شيئا من الخير وكان (4) ذلك ، فهو بالخيار إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل (5) ، فان قال ، إن كان كذا وكذا فلله علي كذا وكذا فهو نذر واجب لا يسمه تركه وعليه الوفاء به ، وإن خالف لزمته الكفارة ، وكفارة النذر كفارة اليمين ، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم

ص: 367


1- لم أجد هذا الخبر في أصل مسندا نعم مضمونه في أخبار شتى ، رواه الشيخ في التهذيبين والكليني في الكافي وفى صحيفة الرضا نقله بعين ألفاظه وفى الهداية للمؤلف نقله بدون ذكر الإمام عليه السلام.
2- روى الكليني ج 7 ص 453 في الموثق عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يجزى اطعام الصغير في الكفارة اليمين ولكن صغيرين بكبير » ولعل هذا مخصوص بكفارة اليمين وأما في غيرها فيجتزى بهم مطلقا كالكبار وهكذا في صورة الاطعام دون التسليم.
3- مروى في الكافي في الضعيف عن الصادق عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله البلاقع جمع بلقع وبلقعة هي الأرض القفر التي لا شئ بها كما في النهاية.
4- أي حصل وتحقق ذلك الشرط الذي علق عليه الفعل.
5- حيث لم يقل : « لله على » وبدون هذه الكلمة لم يتحقق النذر.

لكل مسكين مد أو كسوتهم لكل رجل ثوبين ، أو تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم.

فإن نذر رجل أن يصوم كل يوم سبت أو أحد أو سائر الأيام فليس له أن يتركه إلا من علة ، وليس عليه صومه في سفر ولا مرض إلا أن يكون نوى ذلك (1) ، فإن أفطر من غير علة تصدق مكان كل يوم على عشرة مساكين (2).

فإن نذر أن يصوم يوما بعينه ما دام حيا فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق أو سافر أو مرض فقد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الأيام كلها ، ويصوم يوما بدل يوم (3).

وإذا نذر الرجل نذرا ولم يسم شيئا (4) فهو بالخيار إن شاء تصدق بشئ ، وإن شاء صلى ركعتين ، وإن شاء صام يوما ، وإن شاء أطعم مسكينا رغيفا (5).

وإذا نذر أن يتصدق بمال كثير ولم يسم مبلغه فإن الكثير ثمانون وما زاد لقول اللّه تعالى : « لقد نصركم اللّه في مواطن كثيرة » وكانت ثمانين موطنا (6).

ص: 368


1- أي نوى أن يصوم في السفر أو المرض ما لم يتضرر ، أو الاستثناء من السفر فقط.
2- لانعقاد النذر شرعا وفى صورة التخلف تجب عليه الكفارة.
3- كما في مكاتبة القاسم بن أبي القاسم الصيقل المروية في التهذيبين قال : « كتبت إليه يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوم الجمعة دائما ما بقي فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق أو سفر أو مرض هل عليه صوم أو قضاؤه أو كيف يصنع يا سيدي؟ فكتب إليه : قد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الأيام كلها ويصوم يوما بدل يوم إن شاء اللّه » ونقل هذا الخبر في التهذيب في باب النذر عن علي بن مهزيار مكاتبة فاذن صحيح ، وقوله « أو في أيام التشريق » مخصوص بمن كان بمنى ناسكا كما تقدم في أحكام الحج.
4- أي شيئا من الصالحات بخصوصه ، بل نذر فعلا حسنا مطلقا.
5- روى الكليني ج 7 ص 463 في الضعيف عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن رجل نذر ولم يسم شيئا ، قال : ان شاء صلى ركعتين ، وان شاء صام يوما ، وان شاء تصدق برغيف ».
6- لرواية أبى بكر الحضرمي المروية في التهذيب ج 2 ص 335 قال : « كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام فسأله رجل عن رجل مرض فنذر لله شكرا ان عافاه اللّه أن يتصدق من ماله بشئ كثير ولم يسم شيئا فما تقول؟ قال : يتصدق بثمانين درهما فإنه يجزيه ، وذلك بين في كتاب اللّه إذ يقول لنبيه » لقد نصركم اللّه في مواطن كثيرة « والكثيرة في كتاب اللّه ثمانون ». وفى تفسير العياشي عن يوسف بن السخت أنه « اشتكى المتوكل فنذر لله ان شفاه اللّه أن يتصدق بما كثير فكتب إلى الهادي عليه السلام يسأله فكتب تصدق بثمانين درهما ، وكتب قال اللّه لرسوله (صلی اللّه عليه وآله) » لقد نصركم اللّه في مواطن كثيرة « والمواطن التي نصر اللّه رسوله فيها ثمانون موطنا فثمانون درهما من حله مال كثير » وروى نحوه الكليني ج 7 ص 467 وفى تفسير علي بن إبراهيم مثله ، وروى في معاني الأخبار ص 218 مسندا عن البرقي عن أبيه ، عن أبن أبى عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « في رجل نذر أن يتصدق بمال كثير ، فقال الكثير ثمانون فما زاد لقول اللّه تبارك وتعالى » لقد نصركم اللّه في مواطن كثيرة « وكانت ثمانين موطنا ».

وإن صام يوما أو شهرا لم يسمه في النذر فأفطر فلا كفارة عليه إنما عليه أن يصوم مكانه يوما معروفا على حسب ما نذر ، فإن نذر أن يصوم يوما معروفا أو شهرا معروفا فعليه أن يصوم ذلك اليوم أو ذلك الشهر فإن لم يصمه أو صامه فأفطر فعليه الكفارة » (1).

فإن نذر أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم على أهله فعليه أن يصوم بدل يوم ويعتق رقبة مؤمنة (2).

والأعمى لا يجزي في الرقبة ، ويجزي الأقطع والأشل والأعرج والأعور ، ولا يجزي المقعد (3).

ص: 369


1- قال في النافع : « ما لم يعين بوقت يلزمه الذمة مطلقا ، وما قيد بوقت يلزمه فيه ولو أخل لزمه الكفارة » لان الأول بمنزلة الواجب الموسع والثاني بمنزلة المضيق.
2- كما في ذيل مكاتبة علي بن مهزيار المروية في الكافي ج 7 ص 456 في الموثق « كتب إليه يسأله يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم على أهله ، ما عليه من الكفارة؟ فكتب إليه : يصوم يوما بدل يوم وتحرير رقبة مؤمنة ».
3- روى الشيخ في الموثق عن أبي جعفر عليه السلام « لا يجزى الأعمى في الرقبة و يجزى ما كان منه مثل الأقطع والأشل والأعرج والأعور ، ولا يجوز المقعد ». ومروى نحوه في الكافي في الضعيف عن أمير المؤمنين عليه السلام.

ويجوز في الظهار صبي ممن ولد في الاسلام (1).

فإن حلف رجل غريمه أن لا يخرج من البلد إلا يعلمه فلا يجوز له أن يخرج حتى يعلمه ، فإن خشي أن لا يدعه أن يخرج ويقع عليه وعلى عياله ضرر فليخرج ولا شئ عليه (2).

وإن ادعى رجل على رجل مالا ولم يكن له بينة وكان غير محق في دعواه فإن بلغ مقدار ثلاثين درهما فليعطه ولا يحلف ، وإن كان أكثر من ثلاثين درهما فليحلف ولا يعطه (3).

وإذا كان للرجل جارية فأذته امرأته وغارت عليه فقال لها : هي عليك صدقة فإن كان جعلها لله عزوجل فليس له أن يقر بها وإن لم يكن ذكر اللّه فهي جاريته يصنع بها ما يشاء (4).

4302 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أجل اللّه أن يحلف به كاذبا أعطاه اللّه

ص: 370


1- كما في مرسلة الحسين بن سعيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في التهذيب ج 2 ص 233.
2- روى الكليني ج 7 ص 462 في الضعيف عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يكون عليه اليمين فيحلفه غريمه بالايمان المغلظة أن لا يخرج من البلد الا يعلمه ، فقال : لا يخرج حتى يعلمه ، قلت : ان أعلمه لم يدعه ، قال : إن كان علمه ضررا عليه وعلى عياله فليخرج ولا شئ عليه ».
3- روى الكليني ج 7 ص 435 عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا ادعى عليك مال ولم يكن له عليك فأراد أن يحلفك ، فان بلغ مقدار ثلاثين درهما فأعطه ولا تحلف ، وإن كان أكثر من ذلك فاحلف ولا تعطه ».
4- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 236 في المرسل كالصحيح عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل تكون له الجارية فتؤذيه امرأته وتغار عليه فيقول : هي عليك صدقة ، قال : ان جعلها لله وذكر اللّه فليس له أن يقربها ، وان لم يكن ذكر اللّه فهي جاريته يصنع بها ما شاء ».

عزوجل خيرا مما ذهب منه » (1).

4303 - وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « ما ترك عبد شيئا لله عزوجل ففقده ».

4304 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من حلف سرا فليستثن سرا ومن حلف علانية فليستثن علانية » (2).

4305 - وسأل إسماعيل بن سعد أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن الرجل يحلف باليمين وضميره على غير ما حلف ، قال : اليمين على الضمير » (3) - يعني على ضمير المظلوم -.

4306 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن الرجل يحلف وينسى ما قاله ، قال : هو على ما نوى » (4).

ص: 371


1- رواه الكليني ج 7 ص 434 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام رفعه إلى النبي صلى اللّه عليه وآله ونقله الشيخ في التهذيب عنه وفيهما بدون لفظة « كاذبا » فحينئذ معناه واضح وأما على ما في المتن فاما أن يقرء « يحلف به » بالتخفيف فيكون « كاذبا » حالا عنه واما أن يقرء بالتشديد فيكون « كاذبا » مفعوله ، والمعنى أنه لم يقدم على احلاف الكاذب ويترك حقه من أجل أن لا بينة له ويجل اللّه سبحانه من أن يحلف به. وفى نسخة من الفقيه « صادقا » بدل « كاذبا » والظاهر أنه أنسب بالمقام.
2- مروى في الكافي مسندا عن السكوني وقال العلامة الحلي : لعله لعدم الاتهام بترك اليمين ولم أر قائلا بوجوبه.
3- رواه الكليني ج 7 ص 444 في الصحيح. وفى التهذيب في الحسن كالصحيح عن صفوان عنه عليه السلام. وقوله « على ضمير المظلوم » من كلام المؤلف لعدم وجوده في الكافي والتهذيب وأخذه المؤلف من خبر مسعدة بن صدقة المروى في الكافي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول وسئل عما يجوز من النية على الاضمار في اليمين فقال : قد يجوز في موضع ولا يجوز في آخر ، فأما ما يجوز فإذا كان مظلوما فما حلف به ونوى اليمين فعلى نيته ، وأما إذا كان ظالما فاليمين على نية المظلوم » ويدل على أن المعتبر في اليمين على نية المظلوم من الخصمين ولا ينفع للظالم التورية لو حلف.
4- مروى في قرب الإسناد ص 121 مسندا وفيه « ما حاله » بدل « ما قاله » ولعله تصحيف وحاصله أن السائل سأل عن حالف قصد الحلف على شئ فحلف ثم نسي كلامه ولم يدر هل كان حلفه يطابق نيته أولا فأجاب عليه السلام إذا نسي ولم يدر فهو على نيته.

4307 - وروي عن سعد بن الحسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الرجل يحلف أن لا يبيع سلعته بكذا وكذا ثم يبدو له (1) قال : يبيع ولا يكفر » (2).

4308 - وروى السكوني عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : « إذا قال الرجل : أقسمت أو حلفت فليس بشئ حتى يقول : أقسمت باللّه أو حلفت باللّه » (3).

4309 - وروى أبان ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل قال : علي بدنة ولم يسم أين ينحرها؟ قال : إنما النحر بمنى يقسمها بين المساكين » (4).

4310 - وروى محمد بن يحيى الخزاز ، عن طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام كره أن يطعم الرجل في كفارة اليمين قبل الحنث » (5).

4311 - وسأل محمد بن منصور موسى بن جعفر عليهما السلام « عن رجل نذر صياما فثقل الصوم عليه ، قال : يتصدق [ عن ] كل يوم بمد من حنطة » (6).

ص: 372


1- أي ثم يظهر له أن يبيعه بذلك الذي حلف أن لا يبيعه لأنه أصلح له.
2- لعدم كونه من أقسام اليمين التي تجب الكفارة بمخالفتها وقد تقدم فلا ينافي ما ورد من وجوب الكفارة بالحنث.
3- تقدم الاخبار فيه ، والخبر مروى في التهذيب ج 2 ص 332 عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن النوفلي ، عن السكوني.
4- مروى في التهذيب بسند موثق كالصحيح.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 332 بسند صحيح عن طلحة بن زيد وهو بتري عامي المذهب ولم يوثق ، وقال الشيخ في الفهرست له كتاب معتمد. والحنث في اليمين نقضها وقبل الحنث لا يجب الكفارة. وفى الضعيف عن الصادق عليه السلام « أن علي بن أبي طالب عليه السلام قال : إذا حنث الرجل فليطعم عشرة مساكين ويطعم قبل ان يحنث ».
6- الخبر في الكافي ج 4 ص 143 هكذا قال : « سألت الرضا عليه السلام عن رجل نذر نذرا في صيام فعجز فقال : كان أبى يقول : عليه مكان كل يوم مد » ولا يخفى اختلاف المفهومين فان ثقل الصوم غير العجز وصوم شهر رمضان في الصيف في بعض الأمصار ثقيل على نوع الناس ولا يصدق العجز ، فلابد أن نحمل الثقل على العجز. وفى نسخة من الفقيه « تصدق عن كل يوم بمدين من حنطة » وستأتي بقية الكلام عند خبر إسحاق بن عمار تحت رقم 4325 إن شاء اللّه.

4312 - وروى طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام في امرأة حبلى شربت دواء فأسقطت ، قال : تكفر عنه » (1).

4313 - و « سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله رجلا يقول : « أنا برئ من دين محمد « فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ويلك إذا برئت من دين محمد فعلى دين من تكون؟! فما كلمه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله حتى مات » (2).

4314 - وروى محمد بن إسماعيل ، عن سلام بن سهم الشيخ المتعبد (3) أنه سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول لسدير : يا سدير إنه من حلف باللّه كاذبا كفر ، ومن حلف باللّه صادقا أثم ، إن اللّه عزوجل يقول : ولا تجعلوا اللّه عرضة لايمانكم ».

4315 - وروى عبد اللّه بن القاسم ، عن عبد اللّه بن سنان قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام (4) : « لا يمين في غضب ولا في قطيعه رحم ولا في جبر ولا في إكراه ، قال : قلت : أصلحك اللّه فما فرق بين الاكراه والجبر؟ قال ، الجبر من السلطان يكون و الاكراه من الزوجة والأب والام وليس ذلك بشئ ».

ص: 373


1- الخبر أجنبي عن المقام بل يناسب باب الكفارات ، وتجب الكفارة بقتل الجنين حيث تلجه الروح كالمولود ، وقيل مطلقا مع المباشرة بقتله لا مع التسبيب كغيره ، كما في الروضة البهية ، وطلحة بن زيد تقدم حاله.
2- رواه الكليني ج 7 ص 438 بسند مرفوع ، ولا خلاف في حرمة الحلف بالبراءة من اللّه سبحانه وتعالى ورسوله صلى اللّه عليه وآله والأئمة عليهم السلام ولا ينعقد صادقا كان أو كاذبا ، واختلف في وجوب الكفارة وعدمها فقال المحقق في الشرايع : ولا تجب بها كفارة ويأثم.
3- في الكافي والتهذيب « عن يحيى بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي سلام المتعبد » وفى بعض نسخ الفقيه « عن سلام بن يسهم الشيخ المتعبد » وفى رجال العامة ورواتهم رجل يقال له : سلام بن سلم - أو سلام بن سليم - يروى عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وضعفه جلهم وقالوا انه خراساني الأصل. يعرف بسلام الطويل ، توفى حدود سنة سبع وسبعين ومائة ولعله هو.
4- كذا في الكافي ومعاني الاخبار ص 166 ، وفى بعض نسخ الفقيه » قال أبو جعفر عليه السلام.

4316 - وقال علي عليه السلام : « احلف باللّه كاذبا وأنج أخاك من القتل » (1).

4317 - وروى عبد اللّه بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يجعل عليه صياما في نذر فلا يقوى ، قال : يعطي من يصوم عنه كل يوم مدين » (2).

4318 - وروى محمد بن عبد اللّه بن مهران ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى ابن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن الرجل يقول هو يهدي إلى الكعبة كذا وكذا ، ما عليه إذا كان لا يقدر على ما يهديه ، قال : إن كان جعله نذرا ولا يملكه فلا شئ عليه ، وإن كان مما يملك غلاما أو جارية أو شبههما باع واشترى بثمنه طيبا فيطيب به الكعبة ، وإن كانت دابة فليس عليه شئ » (3).

4319 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن علي بن أبي طالب عليه السلام سئل عن رجل نذر أن يمشي إلى البيت فمر بمعبر ، قال : فليقم في المعبر حتى يجوزه » (4).

ص: 374


1- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 332 باسناده عن الصغار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام عن علي عليه السلام ، وظاهر الخبر الوجوب ولا خلاف فيه.
2- طريق الصدوق إلى عبد اللّه بن جبلة صحيح ، ورواه الكليني عنه بسند فيه جهالة ، وظاهر الخبر أن المدين اجرة لمن يصوم نيابة عنه ولم يقل به أحد ، وقال سلطان العلماء : يحتمل أن يكون الظرف متعلقا بيعطى بتضمين الكفارة أي يعطى كفارة عن الصوم أو عن نفسه من يصوم أي من عليه الصوم وهو الناذر في كل يوم مدين وكأن الشيخ حمل على هذا فأوجب مدين عليه - انتهى وقال في الشرايع « إذا عجز الناذر عما نذره سقط فرضه فلو نذر الحج فصد سقط النذر وكذا لو نذر صوما فعجز لكن روى في هذا أنه يتصدق عن كل يوم بمد من طعام ». وطريق التوفيق بين المدين في هذا الخبر والمد في خبر محمد بن منصور التخيير أو حمل المدين على الاستحباب.
3- قال في المسالك : في اخراجه عليه السلام الدابة من الحكم وحكمه بعدم لزوم شئ عليه على تقديرها مخالفة للجميع ومحمد بن عبد اللّه بن مهران ضعيف جدا.
4- رواه الكليني ج 7 ص 455 عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني وعمل به جماعة وحمله جماعة على الاستحباب ، والمعبر - بكسر الميم - : ما يعبر به كالسفينة.

4320 - وقال الصادق عليه السلام ليونس بن ظبيان : « يا يونس لا تحلف بالبراءة منا ، فإنه من حلف بالبراءة منا صادقا كان أو كاذبا فقد برئ منا » (1).

4321 - وقال عليه السلام : « من برئ من اللّه عزوجل صادقا كان أو كاذبا فقد برئ اللّه منه ».

4322 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن الأحكام (2) ، فقال : يجوز على كل دين بما يستحلفون » (3).

4323 - و « قضى أمير المؤمنين عليه السلام فيمن استحلف رجلا من أهل الكتاب بيمين صبر (4) أن يستحلفه بكتابه وملته » (5).

ص: 375


1- مروى في الكافي والتهذيب بسند ضعيف ، وتقدم الكلام فيه.
2- أي عن الأحكام الشرعية والمسائل الدينية.
3- كذا في جميع النسخ ورواه الشيخ في التهذيبين بسند صحيح وفيهما هكذا « فقال : في كل دين ما يستحلفون » وزاد في بعض النسخ « به » فحينئذ لا يدل على جواز الاستحلاف بغير اللّه للمسلم لأنه مجرد اخبار عن شرايعهم.
4- اليمين الصبر هي التي يمسك الحكم عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم أي الزم بها صاحبها ويحبس عليها.
5- روى الكليني ج 7 ص 451 في الحسن كالصحيح عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أهل الملل يستحلفون ، فقال : « لا تحلفوهم الا باللّه عزوجل » وفى الموثق عنه عليه السلام قال سماعة : « سألته هل يصلح لاحد أن يحلف أحدا من اليهود والنصارى والمجوس بآلهتهم؟ قال : لا يصلح لاحد أن يحلف أحدا الا باللّه عزوجل « وفى الصحيح عن سليمان بن خالد عنه عذره السلام قال : « لا يحلف اليهودي ولا النصراني ولا المجوسي بغير اللّه ان اللّه عزوجل يقول : « فاحكم بينهم بما أنزل اللّه » ، ولعل المراد بما انزل اللّه قوله تعالى في الشهادة على الوصية حيث قال عز من قائل « يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم ان أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان باللّه ان ارتبتم » يعنى الآخرين من غير المسلمين ، وقال في المسالك : مقتضى هذه النصوص عدم جواز الاحلاف الا باللّه ، سواء كان الحالف مسلما أو كافرا ، وسواء كان حلفه بغيره أردع أم لا ، وفى بعضها تصريح بالنهي عن احلافه بغير اللّه ، لكن استثنى المحقق والشيخ في النهاية وجماعة ما إذا رأى الحاكم تحليف الكافر بما يقتضيه دينه أردع من احلافه باللّه ، فيجوز تحليفه بذلك والمستند رواية السكوني « أن أمير المؤمنين عليه السلام استحلف يهوديا بالتوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام » ولا يخلو من اشكال - انتهى أقول : واحتمل الفيض في هذا الخبر أعني ما في المتن أن يكون المجرور في كتابه وملته راجعين إلى من استحلف ولهذا اتيا بالمفرد دون الجمع.

4324 - وروى عبد اللّه بن مسكان ، عن بدر بن خليل (1) قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل كان في حبس فقال : لله علي إن خرجت من حبسي هذا أن أصوم سنة فخرج الرجل من الحبس وخاف أن لا يمكنه أن يصوم سنة كيف يصنع؟ قال : يصوم شهرا ومن الشهر الثاني أياما فيكون قد صام شهرين متتابعين ، ثم يصوم بعد ذلك ، فمتى أفطر يوما تصدق بمد ، ومتى صام حسب له حتى يتم له سنة ».

4325 - وروي محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال ، قلت له « رجل مات وعليه صوم ، يصام عنه أو يتصدق عنه فإنه أفضل » (2).

4326 - وروي عن علي بن مهزيار قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام : « قوله عزوجل ، » والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى « وقوله عزوجل : « والنجم إذا هوى « وما أشبه هذا ، فقال : إن اللّه عزوجل يقسم من خلقه بما يشاء وليس لخلقه أن يقسموا إلا به عزوجل » (3).

ص: 376


1- الظاهر هو بدر بن الوليد الكوفي لرواية ابن مسكان عنه كثيرا.
2- لا مناسبة له بالباب ، وقال سلطان العلماء : ولعل المصنف حمل الصوم هذا على صوم الكفارة المخيرة بينه وبين الطعام أو النذر المخير ولذا أورد الحديث في هذا الباب.
3- رواه الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر محمد ابن علي الباقر عليهما السلام.

[ الكفارات ]

[ الكفارات ] (1)

4327 - وروى محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يجوز في القتل إلا رجل (2) ، ويجوز في الظهار وكفارة اليمين صبي » (3).

4328 - وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام فقال : « يعطي ضعيفا من غير أهل الولاية؟ قال : نعم ، وأهل الولاية؟ أحب إلي » (4) - يعني في الكفارات -.

4329 - وروي عن المفضل بن عمر الجعفي قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في قول اللّه عزوجل : « فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم « يعني به اليمين بالبراءة من الأئمة عليهم السلام يحلف بها الرجل يقول : إن ذلك عند اللّه عظيم » وهذا الحديث في نوادر الحكمة.

4330 - وروى حفص بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ما كفارة الاغتياب؟ قال : تستغفر لمن اغتبته كما ذكرته » (5).

4331 - وقال الصادق عليه السلام : « كفارة الضحك أن يقول : اللّهم لا تمقتني » (6).

ص: 377


1- العنوان زيادة منا وليس في الأصل.
2- أي لا يجوز في كفارة القتل الخطأ الا اعتاق رجل.
3- المشهور عدم جواز الصبي في الجميع وعمل ابن الجنيد بظاهر الخبر.
4- روى العياشي في تفسيره ج 1 ص 336 باسناده عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن اطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو اطعام ستين مسكينا أيجمع ذلك؟ فقال : لا ولكن يعطى كل انسان كما قال اللّه ، قال : قلت : فيعطى الرجل قرابته إذا كانوا محتاجين؟ قال : نعم ، قلت : فيعطيها إذا كانوا ضعفاء من غير أهل الولاية؟ فقال : نعم وأهل الولاية أحب إلى » وروى الحسين بن سعيد نحوه كما في نوادر أحمد ابن محمد بن عيسى ص 61 وأقول : في اشتراط ايمان مستحق الكفارة أربعة أقوال راجع المسالك.
5- أي تقول اللّهم اغفر له ، حيا كان أو ميتا.
6- في القاموس : أمقته أبغضه كمقته.

4332 - وقال الصادق عليه السلام : « كفارة عمل السلطان فضاء حوائج الاخوان » (1).

4333 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - (2) إلى أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام « رجل حلف بالبراءة من اللّه عزوجل أو من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فحنث ما توبته وما كفارته؟ فوقع عليه السلام : يطعم عشرة مساكين ، لكل مسكين مد ، و يستغفر اللّه عزوجل ».

4334 - وروى عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري - رضي اللّه عنه - عن علي بن محمد بن قتيبة ، عن حمدان بن سليمان ، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت للرضا عليه السلام : « يا ابن رسول اللّه قد روي لنا عن آبائك عليهم السلام فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات ، وروي عنهم عليهم السلام أيضا كفارة واحدة فبأي الخبرين نأخذ؟ فقال : بهما جميعا ، متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات : عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم ، وإن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة وقضاء ذلك اليوم ، وإن كان ناسيا فلا شئ عليه ».

4335 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « من حلف فقال : لا ورب المصحف (3) فعليه كفارة واحدة ».

4336 - وروى حنان بن سدير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : « كل ذنب يكفره القتل في سبيل اللّه إلا الدين لا كفارة له إلا الأداء ، أو يرضى صاحبه ، أو يعفو الذي له الحق » (4).

ص: 378


1- تقدم في كتاب المعايش والمكاسب تحت رقم 3666
2- رواه الكليني في الصحيح ج 7 ص 461.
3- كأنه سقط هنا « فحنث » وهو موجود في الكافي والتهذيب وروياه بسند حسن عن النوفلي عن السكوني عن الصادق عليه السلام عن جده أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه.
4- تقدم خبر في هذا المعنى تحت رقم 3688 في باب الدين والقروض.

4337 - وروي عن جميل بن صالح قال : « كانت عندي جارية بالمدينة فارتفع طمثها فجعلت لله عزوجل علي نذرا إن هي حاضت ، فعلمت بعد أنها حاضت قبل أن أجعل النذر علي فكتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السلام وأنا بالمدينة ، فأجابني إن كانت حاضت قبل النذر فلا نذر عليك ، وإن كانت حاضت بعد النذر فعليك » (1).

4338 - وقال الصادق عليه السلام : « كفارات المجالس أن تقول عند قيامك منها : سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ».

كتاب النكاح

باب 411: بدء النكاح وأصله

4339 - روي عن زرارة بن أعين (2) أنه قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن خلق حواء وقيل له : إن أناسا عندنا يقولون : إن اللّه عزوجل خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى فقال : سبحان اللّه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ، أيقول من يقول هذا (3) إن اللّه تبارك وتعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لادم زوجة من غير ضلعه؟! ويجعل للمتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام أن يقول : إن آدم كان ينكح

ص: 379


1- رواه الكليني والشيخ في الضعيف وأحمد بن محمد بن عيسى في نوادره ص 59 عن الحسين بن سعيد ، عن جميل بن صالح ولعله مرسل والواسطة القاسم بن محمد وهو واقفي ولم يوثق ، وعمل الأصحاب بالخبر قال في النافع : لو نذر أن برئ مريضه أو قدم مسافره فبان البرء والقدوم قبل النذر لم يلزم ولو كان بعده لزم.
2- رواه المؤلف في العلل الجزء الأول ب 17 عن شيخه ابن الوليد ، عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى العطار جميعا ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أحمد بن إبراهيم بن عمار ، عن ابن نوبة ، عن زرارة. وأحمد بن إبراهيم مشترك. وابن نوبة مجهول.
3- في بعض النسخ « يقولون : من يقول هذا - الخ ».

بعضه بعضا إذا كانت من ضلعه ما لهؤلاء حكم اللّه بيننا وبينهم!! ثم قال عليه السلام : إن اللّه تبارك وتعالى لما خلق آدم عليه السلام من طين وأمر الملائكة فسجدوا له ألقى عليه السبات (1) ثم ابتدع له حواء فجعلها في موضع النقرة التي بين وركيه (2) وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل ، فأقبلت تتحرك ، فانتبه لتحركها ، فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه ، فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن يشبه صورته غير أنها أنثى ، فكلمها فكلمته بلغته ، فقال لها : من أنت؟ قالت : خلق خلقني اللّه كما ترى ، فقال آدم عليه السلام عند ذلك : يا رب ما هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه والنظر إليه؟ فقال اللّه تبارك وتعالى : يا آدم هذه أمتي حواء ، أفتحب أن تكون معك تؤنسك وتحدثك وتكون تبعا لأمرك؟ فقال : نعم يا رب ولك علي بذلك الحمد والشكر ما بقيت ، فقال اللّه عزوجل : فاخطبها إلي (3) فإنها أمتي وقد تصلح لك أيضا زوجة للشهوة وألقى اللّه عزوجل عليه الشهوة وقد علمه قبل ذلك المعرفة بكل شئ ، فقال : يا رب فإني أخطبها إليك فما رضاك لذلك؟ فقال عزوجل : رضاي أن تعلمها معالم ديني ، فقال : ذلك لك يا رب علي إن شئت ذلك لي ، فقال عزوجل وقد شئت ذلك وقد زوجتكها ، فضمها إليك ، فقال لها آدم عليه السلام : إلي فاقبلي فقالت له : بل أنت فاقبل إلي ، فأمر اللّه عزوجل آدم عليه السلام أن يقوم إليها ، ولولا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حتى يخطبن على أنفسهن ، فهذه قصة حواء صلوات اللّه عليها ».

وأما قول اللّه عزوجل : « يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء «فإنه روي أنه عزوجل خلق من طينتها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء (4) والخبر الذي روي» أن

ص: 380


1- المراد بالسبات هنا النوم وأصله الراحة.
2- النقرة هي الحفرة والمراد الحفرة التي يكون فوق الدبر.
3- يعنى اطلب منى تزويجها.
4- نقل السيد الرضى - قدس سره - في حقايق التأويل عن المبرد أن المراد نفس واحدة الحقيقة الواحدة.

حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر صحيح ومعناه من الطينة التي فضلت من ضلعه الأيسر (1) فلذلك صارت أضلاع الرجل أنقص من أضلاع النساء بضلع (2).

4340 - وروى زرارة (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن آدم عليه السلام ولد له شيث وأن اسمه هبة اللّه ، وهو أول وصي أوصي إليه من الآدميين في الأرض ، ثم ولد له بعد شيث يافث ، فلما أدركا اللّه عزوجل أن يبلغ بالنسل ما ترون وأن يكون ما قد جرى به القلم من تحريم ما حرم اللّه عزوجل من الأخوات على الاخوة أنزل بعد العصر في يوم خميس حوراء من الجنة اسمها نزلة ، فأمر اللّه عزوجل آدم أن يزوجها من شيث فزوجها منه ، ثم أنزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنة و اسمها منزلة فأمر اللّه عزوجل آدم أن يزوجها من يافث فزوجها منه ، فولد لشيث غلام وولد ليافث جارية فأمر اللّه عزوجل آدم حين أدركا أن يزوج ابنة يافث من ابن شيث ففعل ، فولد الصفوة من النبيين والمرسلين من نسلهما ، ومعاذ اللّه أن يكون ذلك على ما قالوا من أمر الاخوة والأخوات » (4).

ص: 381


1- روى العياشي في تفسيره عن النبي صلى اللّه عليه وآله « ان اللّه تبارك وتعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه - وكلتا يديه يمين - وخلق منها آدم ، وفضل فضلة منه فخلق منها حواء » وروى المؤلف نحوه في العلل.
2- قال استاذنا الشعراني : يزعمون أن الرجل أنقص ضلعا من المرأة وليس كذلك بالحسن والتجربة بل أضلاعهم متساوية في اليمين واليسار ، وتكذيب الإمام عليه السلام لهذا الحديث مؤيد بالحس ولا يحتاج إلى التأويل والتكلف.
3- رواه المؤلف في ذيل حديث طويل في العلل عن أبيه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، عن النوفلي ، عن علي بن داود اليعقوبي ، عن الحسن بن مقاتل ، عمن سمع زرارة عنه. وعلي بن داود مجهول الحال مهمل ، وكذا الحسن بن مقاتل.
4- ظاهر هذا مستلزم لبقاء بنات آدم عليه السلام بلا زوج الا أن يجوز تزويج العمات دون الأخوات. ( سلطان )

4341 - روى القاسم بن عروة (1) ، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن اللّه تبارك وتعالى أنزل على آدم حوراء من الجنة فزوجها أحد ابنيه ، وتزوج الاخر ابنة الجان ، فما كان في الناس من جمال كثير أو حسن خلق فهو من الحوراء ، وما كان فيهم من سوء خلق فهو من ابنة الجان ».

باب 412: وجوه النكاح

4342 - روي عن محمد بن زياد (2) عن الحسين بن زيد قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : تحل الفروج بثلاثة وجوه ، نكاح بميراث ، ونكاح بلا ميراث ، ونكاح بملك اليمين » (3).

باب 413: فضل التزويج

4343 - روي عن عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما يمنع المؤمن أن يتخذ أهلا لعل اللّه أن يرزقه نسمة ، تثقل الأرض بلا إله إلا اللّه ».

4344 - وروي عن معمر بن خلاد عن الرضا عليه السلام قال : « سمعته يقول : ثلاث

ص: 382


1- هو مجهول الحال ، وطريق المصنف إليه فيه هارون بن مسلم بن سعد وهو وإن كان ثقة الا أن له مذهبا في الجبر والتشبيه.
2- لم يذكر المصنف طريقه إليه وهو مشترك ، ورواه الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن موسى ، عنه ، عن الحسين بن زيد.
3- يعنى نكاح الدوام ، والمتعة ، وملك الإماء والتحليل.

من سنن المرسلين : العطر ، وإحفاء الشعر (1) ، وكثرة الطروقة ».

4345 - وقد روى الحسن بن علي بن أبي حمزة (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : من تزوج أحرز نصف دينه - وفي حديث آخر - فليتق اللّه في النصف الباقي ».

4346 - وروى عبد اللّه بن الحكم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، ما بني بناء في الاسلام أحب إلى اللّه تعالى من التزويج ».

4347 - وروى علي بن رئاب ، عن محمد بن مسلم أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال : « إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم غدا في القيامة حتى أن السقط ليجئ محبنطئا (3) على باب الجنة فيقال له : ادخل الجنة ، فيقول : لا حتى يدخل أبواي الجنة قبلي ».

4348 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « اتخذوا الأهل فإنه أرزق لكم » (4).

ص: 383


1- رواه الكليني في الكافي ج 5 س 320 في الصحيح وفيه « وأخذ الشعر » وفى بعض نسخه مثل ما في المتن. والطروقة فعولة بمعنى مفعولة. الزوجة وكل امرأة طروقة فحلها. ( النهاية )
2- رواية الحسن بن علي بن أبي حمزة عن الصادق عليه السلام بلا واسطة بعيد بل غير معهود ، فلابد هنا من واسطة ولعله كليب بن معاوية الأسدي كما هو موجود في الكافي ج 5 ص 329.
3- رواه المصنف في معاني الأخبار ص 291 في الصحيح وقال بعده : قال أبو عبيدة : المحبنطي - بغير همز - : المتغضب المستبطئ للشئ ، والمحبنطئ - بالهمز : العظيم البطن المنتفخ ، قال : ومنه قيل لعظيم البطن « حبنطأ » ويقال : السقط - بكسر السين وفتحها ، وقال أبو عبيدة : يقال : سقط - بفتح القاف - وسقط - بكسرها - وسقط - بضمها -.
4- مروى في الكافي ج 5 ص 329 في ذيل حديث مسند عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه عن أبيه عليهما السلام عنه صلى اللّه عليه وآله.

باب 414: فضل المتزوج على العزب

4349 - روى عبد اللّه بن ميمون ، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال : « ركعتان يصليهما متزوج أفضل من سبعين ركعة يصليهما [ أ ] عزب (1).

4350 - قال : « وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : « لركعتان يصليهما متزوج أفضل من رجل عزب يقوم ليله ويصوم نهاره » (2).

4351 - وروي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « إن أراذل موتاكم العزاب » (3).

4352 - وروي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : « أكثر أهل النار العزاب » (4).

باب 415: حب النساء

4353 - روى أبو مالك الحضرمي ، عن أبي العباس (5) قال : « سمعت الصادق عليه السلام يقول : العبد كلما ازداد للنساء حبا ازداد في الايمان فضلا ».

4354 - وفي رواية أبان ، عن عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ما أظن رجلا يزداد في الايمان خيرا إلا ازداد حبا للنساء » (6).

ص: 384


1- رواه الكليني في الموثق ج 5 ص 328.
2- رواه الكليني في صدر الحديث الأسبق.
3- مروى في الكافي مسندا عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وفى المصباح رذل الشئ - بالضم - رذالة ورذولة : ردئ ، فهو رذل والجمع أرذل ، ثم يجمع على أراذل.
4- لان أكثر المعاصي من الشهوة والغضب وبالتزويج ينكسران.
5- يعنى فضل بن عبد الملك البقباق.
6- مروى في الكافي ج 5 ص 320 في الحسن أو الموثق.

باب 416: كثرة الخير في النساء

4355 - روي عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عمن سمع أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « أكثر الخير في النساء » (1).

باب 417: فيمن ترك التزويج مخافة الفقر

4356 - روي عن محمد بن أبي عمير ، عن حريز ، عن الوليد قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « من ترك التزويج مخافة الفقر فقد أساء الظن باللّه عزوجل ، إن اللّه عزوجل يقول : « إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله » (2).

4357 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « من سره أن يلقى اللّه طاهرا مطهرا فليلقه بزوجة ومن ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن باللّه عزوجل ».

باب 418: من تزوج لله عزوجل ولصلة الرحم

4358 - قال علي بن الحسين سيد العابدين عليهما السلام : « من تزوج لله عزوجل ولصلة الرحم توجه اللّه تعالى بتاج الملك [ والكرامة ] ».

باب 419: أفضل النساء

4359 - روى إسماعيل بن مسلم ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن

ص: 385


1- لحفظ النوع بالولادة وتنظيم أمور البيت وكذا المعاش.
2- رواه الكليني بهذا السند مع اختلاف في اللفظ بدون ذكر الآية ، وبسند آخر عن النبي (صلی اللّه عليه وآله) مع ذكرها.

آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : أفضل نساء أمتي أصبحهن وجها وأقلهن مهرا » (1).

باب 420: أصناف النساء

4360 - روي عن مسعدة بن زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « النساء أربعة أصناف ، فمنهن ربيع مربع ، ومنهن جامع مجمع ، ومنهن كرب مقمع ، ومنهن غل قمل ».

قال أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي : جامع مجمع أي كثيرة الخير مخصبة ، وربيع مربع التي في حجرها ولد وفي بطنها آخر ، وكرب مقمع أي سيئة الخلق مع زوجها وغل قمل هي عند زوجها كالغل القمل ، وهو غل من جلد يقع فيه القمل فيأكله فلا يتهيأ له أن يحذر منه شيئا ، وهو مثل للعرب.

4361 - وروى الحسن بن محبوب ، عن داود الكرخي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إن صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة وقد هممت أن أتزوج ، فقال : انظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرك وأمانتك ، فإن كنت لابد فاعلا فبكرا تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق.

ألا إن النساء خلقن شتى *** فمنهن الغنيمة والغرام

ومنهن الهلال إذا تجلى *** لصاحبه ومنهن الظلام

فمن يظفر بصالحهن يسعد *** ومن يغبن فليس له انتقام

وهن ثلاث : فامرأة ولود ودود ، تعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته ، ولا تعين الدهر عليه ، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق ولا تعين زوجها على خير ،

ص: 386


1- مروى في الكافي والتهذيب عن السكوني أيضا.

وامرأة صخابة ، ولاجة ، همازة ، تستقل الكثير ولا تقبل اليسير » (1).

باب 421: بركة المرأة وشؤمها

4362 - روى عن عبد اللّه بن بكير (2) عن محمد بن مسلم قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « من بركة المرأة خفة مؤونتها ، وتيسير ولادتها ، ومن شؤمها شدة مؤونتها وتعسير ولادتها ».

4363 - وروى « أن من بركة المرأة قله مهرها ، ومن شؤمها كثرة مهرها ».

4364 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « تزوجوا الزرق فإن فيهن البركة » (3).

باب 422: ما يستحب ويحمد من أخلاق النساء وصفاتهن

4365 - قال أمير المؤمنين عليه السلام (4) : « تزوج سمراء عيناء عجزاء مربوعة

ص: 387


1- الصخب - محركة - : شدة الصوت ، و « ولاجة » أي كثيرة الدخول والخروج ، « همازة » أي عيابة. والخبر رواه الكليني ج 5 ص 323 باسناده عن ابن محبوب عن إبراهيم الكرخي بدل داود الكرخي وكلاهما مجهولان.
2- رواه الكليني ج 5 ص 564 عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال عنه عن محمد.
3- مروى في الكافي ج 5 ص 335 باسناده عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام مرفوعا عنه صلى اللّه عليه وآله وفيه « فان فيهن اليمن ».
4- رواه الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن مالك بن أشيم ، عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام رفعه إليه صلوات اللّه عليه ، وأيضا عن العدة ، عن سهل ، عن بكر بن صالح ، عن ابن أشيم ، عن بعض رجاله عن الصادق عليه السلام مرفوعا عنه سلام اللّه عليه.

فإن كرهتها فعلي الصداق » (1).

4366 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا أراد أن يتزوج امرأة بعث إليها من ينظر إليها وقال : شمي ليتها (2) فإن طاب ليتها طاب عرفها ، وإن درم كعبها عظم كعثبها » (3).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - الليت : صفحة العنق ، والعرف : الريح الطيبة قال اللّه عزوجل : « ويدخلهم الجنة عرفها لهم » أي طيبها لهم ، وقد قيل إن العرف العود الطيب الريح ، وقوله عليه السلام : درم كعبها أي كثر لحم كعبها ، ويقال امرأة درماء إذا كانت كثيرة لحم القدم والكعب ، والكعثب : الفرج.

4367 - وقال عليه السلام (4) : « إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها فإن الشعر أحد الجمالين ».

4368 - وقال عليه السلام (5) : « خير نسائكم الطيبة الريح ، الطيبة الطعام (6) ،

ص: 388


1- السمراء : لون بين البياض والسواد ، والعيناء : الواسعة العين مع سوادها ، والعجزاء : العظيمة العجز والأليتين ، والمربوعة : من لم تكن طويلة ولا قصيرة.
2- مروى في الكافي مرفوعا عن أبي عبد اللّه عليه السلام وفيه « قال للمبعوثة : شمي ليتها » والليت - بالكسر -.
3- العرف - بفتح العين - الرائحة مطلقا ، وأكثر استعماله في الطيبة ، والدرم في الكعب ما يواريه اللحم حتى لا يبين له حجم. ( الصحاح )
4- يعنى النبي صلى اللّه عليه وآله كما في نوادر الراوندي ص 13 رواه باسناد ذكره عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر عليهما السلام عن أبيه إسماعيل بن موسى ، عن أبيه أبى الحسن موسى عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام عنه صلى اللّه عليه وآله.
5- مروى في الكافي والتهذيب في القوى عن عمرو بن جميع عن أبي عبد اللّه عليه السلام مرفوعا عن النبي صلى اللّه عليه وآله.
6- بأن يحسن طبخه أو يطيبه بالزعفران والدارصين ، وروى الكليني بسند مرسل عن محمد بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « خير نسائكم الطيبة الريح ، الطيبة الطبيخ ، التي إذا أنفقت - إلى آخر ما في المتن ».

التي إن أنفقت أنفقت بمعروف ، وإن أمسكت أمسكت بمعروف ، فتلك من عمال اللّه وعامل اللّه لا يخيب ».

4369 - وروى جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « خير نسائكم التي إن غضبت أو أغضبت قالت لزوجها : يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى عني » (1).

4370 - وروى علي بن رئاب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : « كنا جلوسا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : فتذاكرنا النساء وفضل بعضهن على بعض ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ألا أخبركم بخير نسائكم؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه فأخبرنا ، قال ، إن من خير نسائكم الولود الودود ، الستيرة العفيفة العزيزة في أهلها ، الذليلة مع بعلها ، المتبرجة مع زوجها ، الحصان مع غيره ، التي تسمع قوله وتطيع أمره ، وإذا خلا بها بذلت له ما أراد منها ولم تبذل له تبذل الرجل » (2)

4371 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله (3) : « ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة ، تسره إذا نظر إليها ، وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله ».

4372 - وجاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال : « إن لي زوجة إذا دخلت تلقتني ، وإذا خرجت شيعتني ، وإذا رأتني مهموما قالت : ما يهمك؟! إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل لك به غيرك ، وإن كنت تهتم بأمر آخرتك فزادك اللّه هما ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « إن لله عمالا وهذه من عماله ، لها نصف أجر الشهيد » (4).

ص: 389


1- أي لا تنام عيني حتى ترضى عنى.
2- التبرج اظهار الزينة ، والحصان - بالفتح - : المرأة العفيفة ، والبذل ضد الصيانة ، والمراد بعدم تبذلها عدم اظهارها الشوق كما يظهر الرجل بل تحفظ نفسها عند الرغبة.
3- مروى في الكافي في القوى عن عبد اللّه بن ميمون القداح عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليهم السلام عنه صلوات اللّه عليه.
4- لما ورد أن جهاد المرأة حسن التبعل ، والمرأة بنصف الرجل.

باب 423: المذموم من أخلاق النساء وصفاتهن

4373 - روي عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أغلب الأعداء للمؤمن زوجة السوء ».

4374 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم (1) : « ما رأيت ضعيفات الدين ناقصات العقول أسلب لذي لب منكن » (2).

4375 - وقال عليه السلام (3) : « إنما النساء عي وعورة ، فاستروا العورة بالبيوت واستروا العي بالسكوت ».

4376 - وقال عليه السلام : « لولا النساء لعبد اللّه حقا حقا » (4).

4377 - وروى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « سمعته يقول : يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة - وهو شر الأزمنة - نسوة كاشفات عاريات ، متبرجات من الدين ، داخلات في الفتن ، مائلات إلى الشهوات ، مسرعات إلى اللذات ، مستحلات للمحرمات ، في جهنم خالدات » (5).

ص: 390


1- رواه الكليني والشيخ في القوى عن سليمان الجعفري عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام مرفوعا عنه صلى اللّه عليه وآله.
2- يعنى مع ضعف عقولهن يسلبن عقول ذوي العقول كما هو المشاهد. ( م ت )
3- مروى في الكافي ج 5 ص 535 في الحسن كالصحيح عن هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام مرفوعا عنه صلى اللّه عليه وآله.
4- رواه ابن عدي في الكامل باسناده الضعيف عن عبد اللّه بن عمر عنه صلى اللّه عليه وآله كما في الجامع الصغير. وقال المناوي : لأنهن من أعظم الشهوات القاطعة عن العبادات ألا ترى أن اللّه تعالى قدمهن في آية ذكر الشهوات حيث بين الشهوات بقوله : « من النساء » ثم عقبها بغيرها دلالة على أنها أصلها ورأسها وأسها. وقال : الخبر أوردها ابن الجوزي في الموضوعات.
5- في بعض النسخ « مستحلات للحرمات ، في جهنم داخلات ».

4378 - ومر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم على نسوة فوقف عليهن ، ثم قال ، يا معاشر النساء ما رأيت نواقص عقول ودين أذهب بعقول ذوي الألباب منكن ، إني قد رأيت أنكن أكثر أهل النار يوم القيامة فتقربن إلى اللّه عزوجل ما استطعتن ، فقالت امرأة منهن : يا رسول اللّه ما نقصان ديننا وعقولنا؟ فقال : أما نقصان دينكن فالحيض الذي يصيبكن فتمكث إحداكن ما شاء اللّه لا تصلي ولا تصوم ، وأما نقصان عقولكن فشهادتكن ، إنما شهادة المرأة نصف شهادة الرجل ».

4379 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم (1) : ألا أخبركم بشر نسائكم؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه فأخبرنا ، قال : من شر نسائكم الذليلة في أهلها ، العزيزة مع بعلها ، العقيم الحقود التي لا تتورع عن قبيح ، المتبرجة إذا غاب عنها زوجها ، الحصان معه إذا حضر ، التي لا تسمع قوله ، ولا تطيع أمره ، فإذا خلا بها تمنعت تمنع الصعبة عند ركوبها (2) ، ولا تقبل له عذرا ، ولا تغفر له ذنبا ».

4380 - وقام النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم خطيبا (3) فقال : « أيها الناس إياكم وخضراء الدمن ، قيل : يا رسول اللّه وما خضراء الدمن؟ قال ، المرأة الحسناء في منبت السوء » (4).

ص: 391


1- رواه الكليني ج 5 ص 325 في الصحيح عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري عنه صلى اللّه عليه وآله.
2- الصعبة : الناقة التي لا يذل للركوب.
3- رواه الكليني والشيخ باسنادهما عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام مرفوعا عنه صلى اللّه عليه وآله.
4- في النهاية الدمن جمع دمنة وهي ماتد منه الإبل والغنم بأبوالها وأبعارها ، أي تلبيده في مرابضها ، فربما نبت فيها النبات الحسن النضير ، والخبر رواه المصنف في معاني الأخبار ص 316 وقال بعده : قال أبو عبيد : نراه أراد فساد النسب إذا خيف أن يكون لغير رشدة ، وإنما جعلها خضراء الدمن تشبيها بالشجرة الناضرة في دمنة البقرة وأصل الدمن ما تدمنه الإبل والغنم من أبعارها وأبوالها فربما ينبت فيها النبات الحسن وأصله في دمنة ، يقول : فمنظرها حسن أنيق ومنبتها فاسد ، قال الشاعر : وقد ينبت المرعى على دمن الثرى *** تبقى حزازات النفوس كما هيا ضربه مثلا للرجل الذي يظهر المودة وفى قلبه العداوة.

4381 - وقال عليه السلام : « اعلموا أن المرأة السوداء (1) إذا كانت ولودا أحب إلي من الحسناء العاقر ».

باب 424: الوصية بالنساء

4382 - روى سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « اتقوا اللّه في الضعيفين - يعني بذلك اليتيم والنساء - » (2).

باب 425: تزويج المرأة لمالها ولجمالها ، أو لدينها

4383 - روى هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا تزوج الرجل المرأة لمالها أو جمالها لم يرزق ذلك ، فان تزوجها لدينها رزقه اللّه عزوجل جمالها

ص: 392


1- كذا والظاهر أن السوداء تصحيف السوءاء لما روى الكليني ج 5 ص 333 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : تزوجوا بكرا ولودا ، ولا تزوجوا حسناء جميلة عاقرا ، فانى أباهي بكم الأمم يوم القيامة » وفى الصحيح عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال « جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال : يا نبي اللّه ان لي ابنة عم قد رضيت جمالها وحسنها ودينها ولكنها عاقر؟ فقال : لا تزوجها - وساق إلى أن قال : - فجاء رجل من الغد إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال مثل ذلك ، فقال : تزوج سوءاء ولودا فانى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ، قال فقلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : ما السوءاء؟ قال : القبيحة ». وفى خبر آخر « شكا رجل إلى أبى عبد اللّه عليه السلام قلة ولده ، قال : إذا أتيت العراق فتزوج امرأة ولا عليك أن تكون سوءاء ، قلت : جعلت فداك ما السوءاء؟ قال. امرأة فيها قبح فإنهن أكثر أولادا ».
2- رواه المؤلف في الخصال ص 37 مسندا ويظهر منه نهاية المبالغة في رعايتهن من جميع الجهات حفظا وأدبا وتعليما.

ومالها » (1).

باب 426: الأكفاء

4384 - روى محمد بن الوليد (2) ، عن الحسين بن بشار قال : « كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام في رجل خطب إلي فكتب : من خطب إليكم فرضيتم دينه وأمانته كائنا من كان فزوجوه ، [ و ] إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ».

4385 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « إنما أنا بشر مثلكم أتزوج فيكم وأزوجكم إلا فاطمة فإن تزويجها نزل من السماء » (3).

4386 - وقال عليه السلام : « لولا أن اللّه تعالى خلق فاطمة لعلي ما كان لها على وجه الأرض كفو ، آدم فمن دونه » (4).

4387 - و « نظر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى أولاد علي وجعفر عليهما السلام فقال : « بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا » (5).

4388 - وقال الصادق عليه السلام : « المؤمنون بعضهم أكفاء بعض » (6).

ص: 393


1- رواه الكليني ج 5 ص 333 في الصحيح عن هشام عنه عليه السلام وفيه « إذا تزوج المرأة لجمالها أو مالها ولك إلى ذلك - الخ ».
2- وصفه المصنف بالكرماني وليس في كتب الرجال لكن الظاهر أن كتابه معتمد الطائفة ، ويحتمل أن يكون الخزاز المؤثق. ( م ت )
3- رواه الكليني ج 5 ص 568 بسند مجهول ، والروايات في ذلك مستفيضة راجع بحار الأنوار المجلد العاشر طبع الكمپاني.
4- رواه الشيخ في التهذيب ، والكليني في الكافي ج 1 ص 461 من حديث يونس بن ظبيان عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- في فقه الرضا عليه السلام « نروي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله نظر إلى ولدى أمير المؤمنين الحسن والحسين صلوات اللّه عليهم وبنات جعفر بن أبي طالب فقال : بنونا لبناتنا وبناتنا لبنينا ».
6- مروى في الكافي ج 5 ص 337 في ذيل حديث مرسل.

4389 - وقال عليه السلام : « الكفؤ أن يكون عفيفا وعنده يسار » (1).

باب 427: ما يستحب من الدعاء والصلاة لمن يريد التزويج

4390 - روى مثنى بن الوليد الحناط ، عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام (2) : « إذا تزوج أحدكم كيف يصنع؟ قلت : ما أدري جعلت فداك ، قال : إذا هم بذلك فليصل ركعتين ويحمد اللّه عزوجل ويقول : « اللّهم إني أريد التزويج ، فقدر لي من النساء أعفهن فرجا ، وأحفظهن لي في نفسها ومالي ، وأوسعهن رزقا ، وأعظمهن بركة ، وقيض لي منها ولدا طيبا تجعله لي خلفا صالحا في حياتي وبعد موتي » (3).

باب 428: الوقت الذي يكره فيه التزويج

4391 - روى محمد بن حمران (4) ، عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « من تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى ».

4392 - وروي « أنه يكره التزويج في محاق الشهر » (5).

ص: 394


1- رواه الكليني ج 5 ص 347 في الصحيح عن أبان بن عثمان ، عن رجل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- مروى في الكافي عن الحسن بن راشد ، عن أبي بصير قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام - الخبر.
3- في بعض النسخ « اقض لي » وفى الكافي « قدر لي » وقيض وتقيض لهم أي تقدر وتسبب.
4- طريق المصنف إليه بصحيح وهو ثقة. وكذا أبوه.
5- لم أجده مسندا فإن كان المراد ما رواه الكليني في القوى عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال : « من أتى أهله في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد ، فهو يدل على كراهة الوطي دون التزويج ، والظاهر أن المراد بالتزويج العقد.

باب 429: الولي والشهود والخطبة والصداق

4393 - روى العلاء ، عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تنكح ذوات الاباء من الابكار إلا بإذن آبائهن » (1).

4394 - وسأل محمد بن إسماعيل بن بزيع الرضا عليه السلام « عن الصبية يزوجها أبوها ثم يموت وهي صغيرة ، ثم تكبر قبل أن يدخل بها زوجها أيجوز عليها التزويج أم الامر إليها؟ فقال : يجوز عليها تزويج أبيها » (2).

4395 - وروى ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : الجارية يريد أبوها أن يزوجها من رجل ويريد جدها أن يزوجها من رجل آخر ، فقال : الجد أولى بذلك إن لم يكن الأب زوجها من قبله » (3).

4396 - وفي رواية هشام بن سالم : ومحمد بن حكيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا زوج الأب والجد كان التزويج للأول ، فإن كانا زوجا في حال واحدة فالجد أولى » (4).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : لا ولاية لاحد على المرأة إلا لأبيها ما لم تتزوج وكانت بكرا ، فإن كانت ثيبا فلا يجوز عليها تزويج أبيها إلا بأمرها ، وإن كان لها (5) أب وجد فللجد عليها ولاية ما دام أبوها حيا لأنه يملك ولده

ص: 395


1- مروى في الكافي ج 5 ص 393 في الصحيح ويدل على عدم جواز تزويج البكر بدون اذن الأب مطلقا ، و « من » في قوله عليه السلام « من الابكار » بيانية قطعا.
2- يدل على عدم سقوط ولاية الأب بمحض التزويج من غير دخول. والخبر مروى في الكافي ج 5 ص 395 بسند صحيح.
3- مروى في الكافي بسند موثق ، ويدل على ولاية الأب والجد ، ومع التعارض تقدم الجد.
4- مروى في الكافي في الصحيح ، ويدل على تقديم عقد السابق ومع اقتران قبولهما فالجد أولى ، وهو مقطوع به في كلام الأصحاب.
5- أي للبكر فان الثيب لا ولاية لاحد عليها.

وما ملك ، فإذا مات الأب لم يزوجها الجد إلا بإذنها (1)

4397 - وروى حنان بن سدير ، عن مسلم بن بشير (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل تزوج امرأة ولم يشهد ، فقال : أما فيما بينه وبين اللّه عز وجل فليس عليه شئ ، ولكن إن أخذه سلطان جائر عاقبة » (3).

4398 - وروى عن عبد الحميد بن عواض (4) ، عن عبد الخالق قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة الثيب تخطب إلى نفسها قال : هي أملك بنفسها تولي أمرها

ص: 396


1- كأن المصنف - رحمه اللّه - يقول باشتراط وجود الأب في ولاية الجد وهو مذهب الشيخ وجماعة وقالوا بأن ولاية الجد مشروط بحياة الأب فلو مات سقط ولاية الجد ، ولعل مستندهم رواية فضل بن عبد الملك المروية في الكافي والتهذيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان الجد إذا زوج ابنة وكان أبوها حيا وكان الجد مرضيا جاز ، قلنا : فان هوى أبو الجارية هوى وهوى الجد هوى وهما سواء في العدل والرضا؟ قال : أحب إلى أن ترضى بقول الجد » وهذا الخبر مع ضعفه لاشتمال سنده على الحسن بن محمد بن سماعة وجعفر ابن سماعة وهما واقفيان ولم يؤثقا لا يدل على مدعاهم الا بالمفهوم وحجيته إنما يثبت إذا لم يظهر للتقييد وجه سوى نفى الحكم عن المسكوت عنه ، ويمكن هنا أن يكون التقييد للتنبيه على الفرد الأخفى وهو جواز عقد الجد مع وجود الأب ، والدليل الذي ذكره المصنف - رحمه اللّه - لا يدل على فتواه. والمشهور أنه لا يشترط في ولاية الجد حياة الأب ولا موته بل ثبتت له الولاية مطلقا.
2- طريق المصنف إلى حنان بن سدير صحيح وهو واقفي موثق ، ومسلم بن بشير مجهول.
3- يدل على عدم وجوب الاشهاد ولا استحبابه الا لرفع تهمة الزنا أو التقية من العامة لاشتراطه أو وجوبه عندهم. ( م ت )
4- ثقة والطريق إليه وإن كان صحيحا لكن فرق بين أن يقال : روى فلان أو روى عن فلان فظاهر الثاني الارسال ، وعبد الخالق مجهول الحال ، وقال المولى المجلسي : كأنه ابن عبد ربه الثقة وروى الشيخ والكليني نحو هذا الخبر في الصحيح.

من شاءت إذا كان كفوا بعد أن تكون قد نكحت زوجا قبل ذلك » (1).

4399 - وروى داود بن سرحان (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أنه قال في رجل يريد أن يزوج أخته ، قال : يؤامرها فإن سكتت فهو إقرارها ، وإن أبت لم يزوجها ، فإن قالت : زوجني فلانا فليزوجها ممن ترضى ، واليتيمة في حجر الرجل لا يزوجها إلا ممن ترضى » (3).

4400 - وروى الفضيل بن يسار ، ومحمد بن مسلم ، وزرارة ، وبريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام قال : « المرأة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة ولا المولى عليها تزويجها بغير ولي جائز » (4).

4401 - وخطب أبو طالب - رحمة اللّه - لما تزوج النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم خديجة بنت خويلد - رحمها اللّه - بعد أن خطبها إلى - أبيها ومن الناس من يقول إلى عمها - (5) فأخذ بعضادتي الباب ومن شاهده من قريش حضور فقال : « الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم ، وذرية إسماعيل ، وجعل لنا بيتا محجوجا ، وحرما آمنا ، يجبى إليه ثمرات كل شئ ، وجعلنا الحكام على الناس في بلدنا الذي نحن فيه ، ثم إن

ص: 397


1- يدل على أن الثيبوبة المعتبرة في الاستقلال إنما هو إذا كانت بالنكاح والتزويج دون إزالة البكارة بغير ذلك.
2- رواه الكليني ج 5 ص 393 بسند فيه سهل بن زياد وهو ضعيف على المشهور.
3- المشهور بين الأصحاب أنه يكفي في اذن البكر سكوتها ، ولا يعتبر النطق ، وخالف ابن إدريس ، ولو ضحكت فهو اذن ، ونقل عن ابن البراج أنه ألحق بالسكوت والضحك البكاء وهو مشكل ، وأما الثيب فيعتبر نطقها بلا خلاف ، وألحق العلامة بالبكر من زالت بكارتها بطفرة أو سقط أو نحو ذلك لان حكم الابكار إنما يزول بمخالطة الرجال ، وهو غير بعيد وإن كان الأولى اعتبار النطق في غير البكر مطلقا. ( المرآة )
4- صحيح ومروى في الكافي بسند حسن كالصحيح وقال العلامة المجلسي : لا خلاف في عدم ثبوت الولاية على الثيب ، وظاهر الروايات المراد بالثيب من زالت بكارته بوطي مستند إلى تزويج صحيح لا غيره كما قاله بعض الفقهاء من المتأخرين.
5- مروى في الكافي مع اختلاف كثير وفيه « حتى دخل على ورقة بن نوفل عم خديجة ».

ابن أخي محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب لا يوزن برجل من قريش إلا رجح ، ولا يقاس بأحد منهم إلا عظم عنه ، وإن كان في المال قل فإن المال رزق حائل (1) ، وظل زائل ، وله في خديجة رغبة ، ولها فيه رغبة ، والصداق ما سألتم عاجله وآجله من مالي ، وله خطر عظيم ، وشأن رفيع ، ولسان شافع جسيم « فزوجه ودخل بها من الغد ، فأول ما حملت ولدت عبد اللّه بن محمد صلوات اللّه عليه وآله » (2).

4402 - ولما تزوج أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام ابنة المأمون خطب لنفسه فقال : « الحمد لله متم النعم برحمته ، والهادي إلى شكره بمنه ، وصلى اللّه على محمد خير خلقه ، الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله (3) ، وجعل تراثه إلى من خصة بخلافته (4) ، وسلم تسليما. وهذا أمير المؤمنين زوجني ابنته على ما فرض اللّه عزوجل للمسلمات على المؤمنين من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، وبذلت لها من الصداق ما بذله رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لأزواجه وهو اثنتا عشرة أوقية ونش (5) وعلي تمام الخمسمائة وقد نحلتها من مالي مائة ألف ، زوجتني يا أمير المؤمنين؟ قال : بلى ، قال : قبلت ورضيت » (6).

4403 - وقال الصادق عليه السلام : « من تزوج امرأة ولم ينو أن يوفيها صداقها

ص: 398


1- أي متغير زائل لا يدوم وفى الكافي « فان المال رفد جار » أي عطاء يجرى على عباد اللّه بقدر ضروراتهم.
2- قال ابن حزم في كتابه المسمى بجمهرة أنساب العرب ص 16 « كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الولد سوى إبراهيم : القاسم وآخر اختلف في اسمه فقيل : الطاهر ، وقيل الطيب ، وقيل عبد اللّه ».
3- أي أنه صلى اللّه عليه وآله جامع لجميع الكمالات التي كانت متفرقة في الأنبياء عليهم السلام.
4- أي وراثته للكمالات وغيرها أو الوصاية. ( م ت )
5- الأوقية كما جاء في الاخبار أربعون درهما ، والنش - بالفتح والشد - النصف من كل شئ فهو عشرون درهما ويصير المجموع خمسمائة درهم ، وهو مهر السنة.
6- يدل على صحة العقد إذا كان على هذا الترتيب.

فهو عند اللّه عزوجل زان » (1).

4404 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « إن أحق الشروط أن يوفى بها ما استحللتم به الفروج ».

والسنة المحمدية في الصداق خمسمائة درهم فمن زاد على السنة رد إلى السنة ، فإن أعطاها من الخمسمائة درهم واحدا أو أكثر من ذلك ثم دخل بها فلا شئ لها بعد ذلك إنما لها ما أخذت منه قبل أن يدخل بها (2).

ص: 399


1- رواه الكليني في الصحيح هكذا « في الرجل يتزوج المرأة ولا يجعل في نفسه أن يعطيها مهرها فهو زنا » أي فهو كالزنا في العقوبة وإذا أدى بعد ذلك لعله لا يعاقب بنيته.
2- هذه الفتوى بلفظها تقريبا رواية رواها الشيخ في التهذيبين باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر قال : « دخلت على أبى عبد اللّه عليه السلام فقلت له : أخبرني عن مهر المرأة الذي لا يجوز للمؤمن أن يجوزه؟ قال : فقال. السنة المحمدية خمسمائة درهم فمن زاد على ذلك رد إلى السنة ولا شئ عليه أكثر من الخمسمائة درهم فان أعطاها من الخمسمائة درهم درهما أو أكثر من ذلك فدخل بها فلا شئ عليه ، قال : قلت : فان طلقه بعد ما دخل بها ، قال : لا شئ عليه إنما كان شرطها خمسمائة درهم فلما أن دخل بها قبل أن تستوفى صداقها هدم الصداق ولا شئ لها وإنما لها ما أخذت من قبل أن يدخل بها ، فإذا طلبت بعد ذلك في حياة منه أو بعد موته فلا شئ لها ». قال الشيخ : « فأول ما في هذا الخبر أنه لم يروه غير محمد بن سنان عن المفضل ومحمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جدا وما يختص بروايته ولا يشاركه فيه غيره لا يعمل عليه ». أقول : هذا الخبر مع ضعف سنده يعارض الأخبار المعتبرة كصحيحة الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن المهر ، ما هو؟ قال : ما تراضى عليه الناس » وصحيحة فضيل عنه عليه السلام قال : « سألته عن المهر ، فقال : هو ما تراضى عليه الناس » وصحيحة أخرى له عن أبي جعفر عليه السلام « الصداق ما تراضيا عليه من قليل أو كثير » ، وصحيحة زرارة عنه عليه السلام أيضا « الصداق كل شئ تراضى عليه الناس قل أو كثر ». وصحيحة الوشاء عن الرضا عليه السلام « لو أن رجلا تزوج امرأة وجعل مهرها عشرين ألفا وجعل لأبيها عشرة آلاف كان المهر جائزا ، والذي جعل لأبيها فاسدا ». « فمن زاد على ذلك ردّ الى السنة» ينافى أيضا قوله تعالى:« وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً» و أمّا قوله: فان أعطاه من الخمسمائة درهما أو أكثر من ذلك- الخ» حمل على ما إذا رضيت بذلك عن صداقها و الظاهر أن المتعارف في ذاك العصر من تريد أن تأخذ المهر كانت تأخذ و من لا تأخذ بعضه يبرأ زوجها من بقية الصداق و ان صح هذا الحمل فهو، و الا ينافى قوله تعالى« وَ آتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً» و الاخبار المعتبرة كحسنة الحلبيّ أو صحيحته عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال« فى رجل دخل بامرأته، قال: إذا التقى الختانان وجب المهر و العدة» و غيره من أخبار الحسان أو الصحاح التي يقول باستقرار المهر بالدخول، و بالجملة لم يعمل بهذا الخبر أحد من العلماء الا الصدوق و أفتى بمضمونه في كتبه السيّد المرتضى أيضا حيث قال في الانتصار« و ممّا انفردت به الإماميّة أنّه لا يتجاوز بالمهر خمسمائة درهم جياد قيمتها خمسون دينارا فما زاد على ذلك ردّ الى هذه السنة» و قالوا: ان السيّد منفرد في ذلك مع أنّه فتوى الصدوق صريحا في المقنع و الهداية و الفقيه.

وكلما جعلته المرأة من صداقها دينا على الرجل فهو واجب لها عليه في حياته وبعد موته أو موتها ، والأولى أن لا يطالب الورثة بما لم تطالب به المرأة في حياتها ولم تجعله دينا لها على زوجها ، وكل ما دفعه إليها ورضيت به عن صداقها قبل الدخول بها فذاك صداقها (1).

وإنما صار مهر السنة خمسمائة درهم لان اللّه تبارك وتعالى أوجب على نفسه إن لا يكبره مؤمن مائة تكبيرة ، ولا يسبحه مائة تسبيحة ، ولا يهلله مائة تهليلة ولا يحمده مائة تحميدة ، ولا يصلي على النبي [ وآله ] صلى اللّه عليه وآله مائة مرة ، ثم يقول : « اللّهم زوجني من الحور العين » إلا زوجه اللّه حوراء من الجنة وجعل ذلك مهرها (2).

ص: 400


1- يظهر منه أن المصنف قائل بوجوب المهر إذا كان دينا ، وروى الكليني ج 5 ص 413 في الموثق وفى الصحيح عن عبد الحميد بن عواض قال : « قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام أتزوج المرأة أيصلح لي أن أواقعها ولم أنقدها من مهرها شيئا؟ قال : نعم إنما هو دين عليك » وفى الحسن كالصحيح عن البزنطي قال : « قلت لأبي الحسن عليه السلام : الرجل يتزوج المرأة على الصداق المعلوم يدخل بها قبل أن يعطيها؟ قال : يقدم إليها ما قل أو كثر الا أن يكون له وفاء من عرض ( أي متاع ) ان حدث به حدث أدى عنه فلا بأس ».
2- روى الكليني ج 5 ص 376 والشيخ في التهذيب في الصحيح عن البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام بهذا المضمون رواية.

وإذا زوج الرجل ابنته فليس له أن يأكل صداقها (1).

باب 430: النثار والزفاف

4405 - روي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : « لما زوج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فاطمة من علي عليه السلام أتاه ناس من قريش ، فقالوا : إنك زوجت عليا بمهر خسيس فقال لهم : ما أنا زوجت عليا ولكن اللّه عزوجل زوجه ليلة أسري بي عند سدرة المنتهى ، أوحى اللّه عزوجل إلى السدرة أن انثري ، فنثرت الدر والجوهر على الحور العين فهن يتهادينه ويتفاخرون به ويقلن : هذا من نثار فاطمة بنت محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فلما كانت ليلة الزفاف اتي النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ببغلته الشهباء وثني عليها قطيفة وقال لفاطمة عليها السلام : اركبي وأمر سلمان - رحمه اللّه - أن يقودها والنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يسوقها ، فبينا هو في بعض الطريق إذ سمع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وجبة فإذا هو بجبرئيل عليه السلام في سبعين ألفا وميكائيل في سبعين ألفا ، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : ما أهبطكم إلى الأرض؟ قالوا : جئنا نزف فاطمة عليها السلام إلى زوجها ، وكبر جبرئيل عليه السلام وكبر ميكائيل عليه السلام وكبرت الملائكة وكبر محمد صلى اللّه عليه وآله فوضع التكبير على العرائس من تلك الليلة » (2).

4406 - وروى السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « زفوا عرايسكم ليلا

ص: 401


1- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 217 في الصحيح عن البزنطي قال : « سئل أبو - الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يزوج ابنته ، أله أن يأكل صداقها؟ قال : لا ليس ذلك له » وذلك لان المهر مال المرأة ، والأب وان كانت له ولاية النكاح في بعض الصور والعفو عن الصداق في بعضها ، لكن ليست هذه الولاية سببا لجواز الانتفاع له من مالها.
2- رواه ابن الشيخ في أماليه بسند مجهول عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام ، عن جابر.

وأطعموا ضحى » (1).

باب 431: الوليمة

4407 - روى موسى بن بكر (2) ، عن أبي الحسن الأول عليه السلام « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : لا وليمة إلا في خمس ، في عرس ، أو خرس ، أو عذار ، أو وكار أو ركاز ، فالعرس التزويج ، والخرس النفاس بالولد ، والعذار الختان ، والوكار الرجل يشتري الدار ، والركاز الرجل يقدم من مكة » (3).

باب 432: ما يصنع الرجل إذا أدخلت أهله إليه

4408 - قال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه (4) : « إذا أدخلت عليك أهلك فخذ بناصيتها واستقبل بها القبلة وقل : « اللّهم بأمانتك أخذتها وبكلماتك استحللت فرجها فإن قضيت لي منها ولدا فاجعله مباركا سويا (5) ، ولا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا ».

باب 433: الأوقات التي يكره فيها الجماع

4409 - روى سليمان بن جعفر الجعفري (6) عن أبي الحسن موسى بن -

ص: 402


1- مروى في الكافي والتهذيب عن القمي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، ويدل على استحباب الزفاف بالليل.
2- رواه في الخصال ص 313 والمعاني ص 272 مسندا بأسانيد غير نقية.
3- للمؤلف في الخصال والمعاني هنا كلام نقله عن بعض أهل اللغة.
4- الظاهر أن هذا الرجل أبو بصير ليث المرادي لما رواه الكليني ج 5 ص 500 عنه عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الحسن كالصحيح.
5- في الكافي « فاجعله مباركا تقيا من شيعة آل محمد ، ولا تجعل - الخ ».
6- الطريق إليه صحيح ، ورواه الكليني في الضعيف ج 5 ص 499.

جعفر عليهما السلام قال : سمعته يقول : « من أتى أهله في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد ».

4410 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن عمرو بن عثمان عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته أيكره الجماع في ساعة من الساعات؟ قال : نعم يكره في ليلة ينخسف فيها القمر ، واليوم الذي تنكسف فيه الشمس ، وفيما بين غروب الشمس إلى أن يغيب الشفق ، ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وفي الريح السوداء والحمراء والصفراء والزلزلة ، ولقد بات رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ليلة عند بعض نسائه فانخسف القمر في تلك الليلة فلم يكن منه شئ ، فقالت له زوجته : يا رسول اللّه بأبي أنت وأمي أكل هذا لبغض (1)؟ فقال : ويحك حدث هذا الحادث في السماء فكرهت أن أتلذذ وأدخل في شئ ، ولقد عير اللّه تعالى قوما فقال : « وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم « وأيم اللّه (2) لا يجامع أحد في هذه الساعات التي وصفت فيرزق من جماعة ولدا وقد سمع هذا الحديث فيرى ما يحب ».

4411 - وقال الصادق عليه السلام : « لا تجامع في أول الشهر ، ولا في وسطه ، ولا في آخره ، فإنه من فعل ذلك فليسلم لسقط الولد ، فإن تم أوشك أن يكون مجنونا الا ترى أن المجنون أكثر ما يصرع في أول الشهر ووسطه وآخره » (3).

ص: 403


1- كذا في النسخ وفى التهذيب أيضا ، وفى الكافي « البغض كان منك » فيظهر منه أن الصواب « أكان هذا لبغض » ولعل التغيير من النساخ لمشابهة « كل » مع « كان » في الخط.
2- هذا من تتمة كلام أبى جعفر عليه السلام كما في الكافي والمحاسن ص 311.
3- روى المصنف في العلل والعيون بسند ضعيف عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنى عن علي بن محمد العسكري عن أبيه عن آبائه عليهم السلام مثله ، وروى الكليني والشيخ نحوه عن موسى بن جعفر عليهما السلام فيما أوصى به رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عليا عليه السلام.

4412 - وقال عليه السلام : « يكره الجنابة حين تصفر الشمس ، وحين تطلع وهي صفراء » (1).

4413 - وسأل محمد بن الفيض (2) أبا عبد اللّه عليه السلام فقال : « أجامع وأنا عريان قال : لا ، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها » (3).

4414 - وقال عليه السلام : « لا تجامع في السفينة » (4).

4415 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « يكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى ، فإن فعل فخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه » (5).

4416 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « من جامع امرأته وهي حائض فخرج الولد مجذوما أبرص فلا يلومن إلا نفسه » (6).

باب 434: التسمية عند الجماع

4417 - قال الصادق عليه السلام : « إذا أتى أحدكم أهله فليذكر اللّه فإن من لم

ص: 404


1- تقدم في المجلد الأول تحت رقم 182 رواه عن عبيد اللّه الحلبي عن الصادق عليه السلام قال : « انى لأكره الجنابة - الخ ». والمراد بالجنابة الجماع وباصفرار الشمس قربها من الغروب.
2- في أكثر النسخ « محمد بن العيص » وكذا في التهذيب ، وهو تصحيف ، وطريق المصنف إليه قوى.
3- يدل على كراهة الجماع عريانا بغير ستر ، وعلى كراهة الاستقبال والاستدبار في حالته.
4- مروى في التهذيب مرسلا وكذا في فقه الرضا عليه السلام ولم أجده مسندا.
5- رواه البرقي في المحاسن مسندا ص 321 ، ويدل على كراهة جماع المحتلم وتخف بالوضوء.
6- رواه في المحاسن ص 321 مسندا هكذا « انه كره أن يغشى الرجل امرأته وهي حائض فان غشيها فخرج الولد مجذوما - الخ ». وروى المؤلف نحوه في الخصال في حديث ص 520 وكذا في العلل ، والمراد بالكراهة هنا الحرمة.

يذكر اللّه عند الجماع وكان منه ولد كان ذلك شرك شيطان ، ويعرف ذلك بحبنا وبغضنا » (1).

باب 435: حد المدة التي يجوز فيها ترك الجماع لمن عنده المرأة الشابة الحرة

4418 - سأل صفوان بن يحيى أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن الرجل تكون عنده المرأة الشابة فيمسك عنها الأشهر والسنة لا يقربها ليس يريد الاضرار بها ، يكون لهم مصيبة ، يكون في ذلك آثما؟ قال : إذا تركها أربعة أشهر كان آثما بعد ذلك [ إلا أن يكون باذنها ] (2).

باب 436: ما أحل اللّه عزوجل من النكاح وما حرم منه

4419 - روي عن أبي المغرا (3) عن الحلبي قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « لا تتزوج المرأة المستعلنة بالزنا ، ولا يزوج الرجل المستعلن بالزنا إلا أن تعرف منهما التوبة » (4).

4420 - روى داود بن سرحان ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن قول اللّه عزوجل : « الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا

ص: 405


1- لم أجده مسندا.
2- رواه الشيخ في التهذيب بهذا السند وكأنه أخذ من الفقيه. وقوله « يكون لهم مصيبة » أي أصابتهم مصيبة ويكون الجماع حينئذ قبيحا عرفا. وما بين القوسين ليس في أكثر النسخ ، وهذا الحكم موضع وفاق كما في المسالك.
3- الطريق إلى أبى المغرا حميد بن المثنى قول بعثمان بن عيسى ، ورواه الشيخ في الصحيح.
4- يدل على كراهة تزويج الزاني والزانية ، وظاهر المؤلف حمله على الحرمة.

زان أو مشرك » قال : هن نساء مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون بالزنا ، شهروا بالزنا وعرفوا به ، والناس اليوم بتلك المنزلة من أقيم عليه حد الزنا أو شهر بالزنا لم ينبغ لاحد أن يناكحه حتى يعرف منه توبة » (1).

4421 - وقال عليه السلام : « إياكم وتزويج المطلقات ثلاثا في مجلس واحد فإنهن ذوات أزواج » (2).

4422 - وروى حفص بن البختري (3) عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام في « رجل يريد تزويج امرأة قد طلقت ثلاثا كيف يصنع فيها؟ قال : يدعها حتى تحيض وتطهر ثم يأتي زوجها ومعه رجلان فيقول له : قد طلقت فلانة فإذا قال : نعم تركها ثلاثة أشهر ، ثم خطبها إلى نفسه » (4).

4423 - وفي خبر آخر قال عليه السلام : « إن طلاقكم الثلاث لا يحل لغيركم ، وطلاقهم يحل لكم ، لأنكم لا ترون الثلاث شيئا وهم يوجبونها » (5).

ص: 406


1- الطريق صحيح ، ورواه الكليني ج 5 ص 354 في الضعيف لمكان سهل بن زياد ، وقوله « والناس اليوم - الخ » يعنى أن الآية نزلت فيمن كان متهما بالزنا على عهد النبي صلى اللّه عليه وآله ولكن حكمها باق إلى اليوم ليست بمنسوخة كما ظن قوم. ( الوافي )
2- رواه في الخصال مسندا ، ورواه الكليني ج 5 ص 434 بسند ضعيف كالشيخ عن علي بن حنظلة ، واتفق الأصحاب على أن الطلاق المتعدد بلفظ واحد كالثلاث لا يقع مجموعة وأنه يشترط لوقوع العدد تخلل الرجعة ، ولكن اختلفوا في أنه يقع باطلا من رأس أو يقع منه واحدة ويلغو الزائد ، فذهب الأكثر إلى الثاني وبه روايات ، وذهب المرتضى وابن أبي عقيل وابن حمزة إلى الأول ، والخبر يدل على مذهبهم ، وقال المولى المجلسي : « ظاهر الأصحاب اطباقهم على صحة ما صدر عن المخالفين صحيحا بزعمهم » والخبر يدل بظاهره على ما إذا كان المطلق من غير أهل مذهبنا.
3- الطريق إليه صحيح وهو ثقة ، ورواه الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح.
4- يدل على وقوع الطلاق بنعم كما هو مذهب الشيخ وجماعة وان قصد المتكلم الاخبار والسائل الانشاء للضرورة. ( م ت )
5- روى الشيخ في التهذيبين في القوى عن محمد بن عبد اللّه العلوي قال : « سألت الرضا عليه السلام عن تزويج المطلقات ثلاثا ، فقال لي : ان طلاقكم لا يحل لغيركم وطلاقهم يحل لكم ، لأنكم لا ترون الثلاث شيئا وهم يوجبونها ».

4424 - وقال عليه السلام : « من كان يدين بدين قوم لزمته أحكامهم » (1).

4425 - وروى الحسن بن محبوب ، عن معاوية بن وهب وغيره من أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرجل المؤمن يتزوج اليهودية والنصرانية؟ فقال : إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهودية والنصرانية؟! قلت ، يكون له فيها الهوى ، قال : فإن فعل فليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير ، واعلم أن عليه في دينه في تزويجه إياها غضاضة » (2).

4426 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن الرجل المسلم يتزوج المجوسية؟ فقال : لا ولكن إن كانت له أمة مجوسية فلا بأس أن يطأها ، ويعزل عنها ولا يطلب ولدها » (3)

ص: 407


1- رواه المؤلف في معاني الأخبار ص 263 في حديث مسند. وفى الشرايع « ولو كان المطلق مخالفا يعتقد الثلاث لزمته » وقال في المسالك : هكذا وردت النصوص ، ولا فرق في الحكم على المخالف بوقوع ما يعتقده بين الثلاث وغيرها مما لا يجتمع شرائطه عندنا كتعليقه على الشرط ووقوعه بغير اشهاد ، ومع الحيض ، وباليمين ، وبالكتابة مع النية وغير ذلك وظاهر الأصحاب الاتفاق على الحكم.
2- مروى في الكافي ج 5 ص 356 وفى التهذيب والاستبصار في الصحيح وفى جميعها « واعلم أن عليه في دينه غضاضة » والغضاضة : الذلة والمنقصة ، وظاهر الخبر كراهة تزويج الكتابية بالشرط المذكور وحمل على المتعة ، وأجمع العلماء كافة على عدم جواز تزويج غير الكتابية من أصناف الكفار واختلفوا في الكتابية على أقوال : اختار المصنف وابن أبي عقيل الجواز مطلقا دواما ومتعة ، واختار السيد المرتضى التحريم مطلقا وقواه ابن إدريس ، واختار ابن حمزة وابن البراج جواز المتعة اختيارا والدوام اضطرارا ، واختار أبو الصلاح وسلار وأكثر المتأخرين جواز المتعة وتحريم الدوام ، واختار ابن الجنيد عدم الجواز مطلقا اختيارا وجوازه اضطرارا مطلقا.
3- ألحق الأصحاب المجوس بأهل الكتاب ، وقال المصنف في الهداية وتزويج المجوسية والناصبية حرام والخبر رواه الكليني ج 5 ص 357 بدون الذيل ، وكذا الشيخ في التهذيب ، ورواه الحسين بن سعيد بتمامه في الصحيح كما في البحار.

4427 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سليمان الحمار (1) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا ينبغي (2) للرجل المسلم منكم أن يتزوج الناصبية ، ولا يزوج ابنته ناصبا ولا يطرحها عنده ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : من نصب حربا لآل محمد صلوات اللّه عليهم فلا نصيب له في الاسلام فلهذا حرم نكاحهم.

4428 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « صنفان من أمتي لا نصيب لهما في الاسلام الناصب لأهل بيتي حربا ، وغال في الدين مارق منه ».

ومن استحل لعن أمير المؤمنين عليه السلام والخروج على المسلمين وقتلهم حرمت مناكحته لان فيها الالقاء بالأيدي إلى التهلكة ، والجهال يتوهمون أن كل مخالف ناصب وليس كذلك.

4429 - وروى صفوان ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم لأن المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه » (3).

4430 - وروى الحسن بن محبوب ، عن يونس بن يعقوب ، عن حمران بن أعين « وكان بعض أهله يريد التزويج فلم يجد امرأة يرضاها ، فذكر ذلك لأبي عبد اللّه عليه السلام فقال : أين أنت من البلهاء واللواتي لا يعرفن شيئا؟ قلت : إنما يقول : إن الناس على وجهين كافر ومؤمن ، فقال : فأين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا؟! وأين المرجون لأمر اللّه؟! أي عفو اللّه - ».

ص: 408


1- سليمان الحمار غير مذكور في الرجال وروى الكليني في الصحيح عن فضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يتزوج المؤمن الناصبة المعروفة بذلك » ولا خلاف في عدم جواز تزويج الناصبي والناصبية واختلف في غيرهم من أهل الخلاف.
2- ظاهره الكراهة وحمله المصنف على الحرمة للاخبار.
3- المراد بالشاك من ليس له عداوة ويقبل التشكيك ويرجى منه الرجوع إلى الحق كالمستضعف الذي لا يعاند الحق وليس من أهله فان يعلم الحق يصير إليه.

4431 - وروى يعقوب بن يزيد ، عن الحسين بن بشار الواسطي قال : « كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أن لي قرابة قد خطب إلي ابنتي وفي خلقه سوء فقال : لا تزوجه إن كان سيئ الخلق » (1).

4432 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن زرارة قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ما أحب للرجل المسلم أن يتزوج امرأة إذا كانت ضرة لامه مع غير أبيه » (2).

4433 - وروي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : « سألت الرضا عليه السلام عن امرأة ابتليت بشرب نبيذ فسكرت فزوجت نفسها رجلا في سكرها ، ثم أفاقت فأنكرت ذلك ، ثم ظنت أنه يلزمها فورعت منه فأقامت مع الرجل على ذلك التزويج أحلال هو لها؟ أو التزويج فاسد لمكان السكر ولا سبيل للرجل عليها؟ فقال : إذا أقامت معه بعد ما أفاقت فهو رضاها ، فقلت : وهل يجوز ذلك التزويج عليها؟ فقال : نعم » (3).

ص: 409


1- يدل على جواز ترك إجابة الكفؤ إذا كان سيئ الخلق ويؤيده الأخبار المتقدمة من قوله عليه السلام « ممن ترضون خلقه » وان احتمل أن يكون المراد به الدين لكن الدين مذكور معه والتأسيس أولى من التأكيد. ( م ت )
2- يدل على كراهة تزويج ضرة الام إذا كان من غير أبيه ، لان منكوحة أبيه حرام عليه.
3- قال في المسالك : شرط صحة العقد القصد إليه فالسكران الذي بلغ به السكر حدا زال عقله وارتفع قصده نكاحه باطل كغيره من العقود سواء في ذلك الذكر والأنثى هذا هو الأقوى على ما يقتضيه القواعد الشرعية ومتى كان كذلك وعقد في هذه الحالة يقع القعد باطلا فلا تنفعه اجازته بعد الإفاقة لان الإجازة لا يصحح ما وقع باطلا من أصله والرواية عمل بمضمونها الشيخ في النهاية ومن تبعه ، وله عذر من حيث صحة سندها ولمن خالفها عذر من حيث مخالفتها للقواعد الشرعية ، والأولى اطراح الرواية - ، انتهى ، وقال سلطان العلماء : يحتمل تنزيلها على توكيلها في حال السكر من يزوجها فالصيغة صادرة ممن له قصد وشعور وإن كان التوكيل بلا شعور ، وحينئذ لا يبعد صحة العقد بعد الإجازة إذ ليس هذا أدون من العقد الفضولي بلا توكيل فان التوكيل المذكور ان لم يكن نافعا لم يكن مضرا فتأمل.

4434 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن القابلة أيحل للمولود أن ينكحها؟ قال : لا ولا ابنتها هي كبعض أمهاته » (1).

4435 - وروي عن معاوية بن عمار قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إن قبلت ومرت (2) فالقوابل أكثر من ذلك ، وإن قبلت وربت حرمت عليه » (3).

4436 - وروى الحسن بن محبوب ، عن يونس بن يعقوب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المحرم يتزوج؟ قال : لا ، ولا يزوج المحرم المحل ».

4437 - وفي خبر آخر : « إن زوج أو تزوج (4) فنكاحه باطل » (5).

4438 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل تكون عنده الجارية يجردها وينظر إلى جسمها نظر شهوة هل تحل لأبيه؟ وإن فعل أبوه هل تحل لابنه؟ قال : إذا نظر إليها نظر شهوة ونظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحل لابنه وإن فعل ذلك الابن لم تحل للأب » (6).

ص: 410


1- قال المصنف في المقنع : « لا تحل القابلة للمولود ولا ابنتها وهي كبعض أمهاته » وظاهره التحريم ، والمشهور كراهة نكاح القابلة وبنتها وخصها الشيخ والمحقق وجماعة بالقابلة المربية.
2- أي مرت إلى سبيلها ولم تشتغل بالتربية كما كان فعل أكثرهن.
3- حمل الشيخ الحرمة على الكراهة لصحيحة البزنطي أو موثقته عن الرضا عليه السلام قال : قلت له : « يتزوج الرجل المرأة التي قبلته؟ فقال : سبحان اللّه ما حرم اللّه عليه من ذلك » ويمكن حمل التربية على الرضاع وتكون كناية عنه فحينئذ قوله « حرمت » محمول على ظاهره.
4- في بعض النسخ « أو زوج » بصيغة المجهول.
5- لعل المراد ما رواه الكليني ج 4 ص 372 في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار مقطوعا قال : « المحرم لا يتزوج ولا يزوج فان فعل فنكاحه باطل » أو ما رواه في الموثق كالصحيح عن الحسن بن علي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يخطب ولا يشهد النكاح وان نكح فنكاحه باطل » وما تضمنه من الأحكام مقطوع به في كلام الأصحاب.
6- المسألة اختلافية لاختلاف النصوص قال في المسالك : إذا ملك الرجل أمة ولمسها أو نظر منها إلى ما يحرم على غيره النظر إليها كالنظر إلى ما عدا الوجه والكفين وما يبدو منها غالبا ولمسه فهل تحرم بذلك على أبيه وابنه؟ فيه أقوال ، أحدها عدم التحريم مطلقا لكنه يكره وهو اختيار المحقق والعلامة في غير المختلف والتذكرة للأصل وعموم « وأحل لكم ما وراء ذلكم وما ملكت أيمانكم » وموثقة علي بن يقطين عن الكاظم عليه السلام ( التهذيب ج 2 ص 195 ) « في الرجل يقبل الجارية ويباشرها من غير جماع داخل أو خارج أتحل لابنه أو لأبيه ، قال : لا بأس ». وثانيها التحريم عليهما اختاره الشيخ وأتباعه والعلامة في المختلف ومال إليه في التذكرة وجماعة لان المملوكة حليلة فتدخل في عموم « وحلائل أبنائكم » خرج منه ما إذا لم ينظر إليها ويلمس على الوجه المذكور ، فيبقى الباقي داخلا في العموم ولصحيحة محمد بن إسماعيل في الكافي ج 5 ص 418 « سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل تكون عنده الجارية فيقبلها هل تحرم لولده؟ قال : بشهوة؟ قلت : نعم ، قال : ما ترك شيئا إذا قبلها بشهوة ، ثم قال ابتداء منه ، ان جردها ونظر إليها بشهوة حرمت على أبيه وابنه ، قلت : إذا نظر إلى جسدها؟ فقال : إذا نظر إلى فرجها وجسدها بشهوة حرمت عليه » ونحوها خبر عبد اللّه بن سنان. وثالثها أن النظر واللمس يحرمان منظورة الأب وملموسته على ابنه دون العكس وهو قول المفيد - رحمه اللّه - لصحيحة محمد بن مسلم ( الكافي ج 5 ص 419 ) عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « إذا جرد الرجل الجارية ووضع يده عليها فلا تحل لابنه ». والقول الوسط هو الأوسط لان تحريمها على الابن لا يدل على اختصاصه به فيمكن استفادة تحريمها على الأب من الخبرين السابقين فلا منافاة بين أخبار التحريم فسقط القول الأخير وبقى الكلام في الأولين - ثم رجح أخبار التحريم سندا ومتنا بوجوه ليس هنا موضع ذكرها.

4439 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على أختها من الرضاعة (1) ، قال : وقال عليه السلام : إن عليا عليه السلام ذكر لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ابنة حمزة فقال : أما علمت أنها ابنة أخي من الرضاعة ، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وحمزة

ص: 411


1- رواه الكليني في الصحيح ، ويدل على أن حكم العمة والخالة من الرضاعة حكم النسب في عدم جواز تزويج بنت الأخت وبنت الأخ عليهما كما هو المقطوع به في كلام الأصحاب لكن حمل في المشهور على ما إذا لم يكن برضاهم فان أذنتا صح.

قد رضعا من لبن امرأة »(1).

4440 - وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا تتزوج المرأة على خالتها وتزوج الخالة على ابنة أختها » (2).

4441 - وفي رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا تنكح ابنة الأخ ولا ابنة الأخت على عمتها ولا على خالتها إلا بإذنهما ، وتنكح العمة والخالة على ابنة الأخ وابنة الأخت بغير إذنهما » (3).

4442 - وسأل عبد اللّه بن سنان أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة أينظر إلى شعرها؟ قال : نعم إنما يريد أن يشتريها بأغلا الثمن » (4).

4443 - وروى موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ، « لا يدخل

ص: 412


1- في كشف الغمة : « أرضعته صلى اللّه عليه ثويبة مولاة أبى لهب قبل قدوم حليمة أياما بلبن ابنها مسروح وكانت قد أرضعت قبله عمه حمزة رضي اللّه عنه ». وفى المعارف لابن قتيبة ص 125 » وكان حمزة بن عبد المطلب رضيع النبي صلى اللّه عليه وسلم وأبى سلمة بن عبد الأسد المخزومي ، أرضعتهم امرأة من أهل مكة يقال لها ثويبة. ولحمزة ابن يقال له عمارة من امرأة من بنى النجار ولم يعقب وبنت يقال لها : أم أبيها ، أمها زينب بنت عميس الخثعمية.
2- يحمل عدم الجواز على عدم الإذن لما سيجئ.
3- يدل على ما هو المشهور من اشتراط جواز تزويج بنت الأخت على الخالة وبنت الأخ على العمة على اذنهما وعدم الاشتراط في عكسه ، وخالف في ذلك ابن أبي عقيل وابن الجنيد على الظاهر من كلامهما وقالوا بجواز الجمع مطلقا.
4- مروى في الكافي في الحسن كالصحيح ، وأجمع العلماء كافة على أن من أراد نكاح امرأة يجوز له النظر إلى وجهها وكفيها من مفصل الزند ، واختلفوا فيما عدا ذلك فقال بعضهم يجوز النظر إلى شعرها ومحاسنها أيضا واشترط الأكثر العلم بصلاحيتها للتزويج واحتمال اجابتها وأن لا يكون لريبة ، والمراد بها خوف الوقوع بها في محرم ، وأن الباعث على النظر إرادة التزويج دون العكس والمستفاد من النصوص الاكتفاء بقصد التزويج قبل النظر كيف كان. ( المرآة )

بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين أو عشر [ سنين ] » (1).

4444 - وروي « أن من دخل بامرأة قبل أن تبلغ تسع سنين فأصابها عيب فهو ضامن » رواه (2) حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

4445 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل أعتق مملوكة له وجعل عتقها صداقها (3) ثم طلقها من قبل أن يدخل بها ، فقال : قد مضى عتقها ويرتجع عليها سيدها بنصف قيمة ثمنها تسعى فيها ولا عدة له عليها ».

4446 - وفي رواية الحسن بن محبوب ، عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أعتق أمة له وجعل عتقها صداقها ، ثم طلقها قبل أن يدخل بها قال : يستسعيها في نصف قيمتها فإن أبت كان لها يوم وله يوم في الخدمة ، قال : فإن كان لها ولد وله مال أدى عنها نصف قيمتها وعتقت ».

4447 - وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن رجل قال لامته : أعتقك وجعلت عتقك مهرك ، قال : عتقت وهي بالخيار إن شاءت تزوجته وإن شاءت فلا ، فإن تزوجته فليعطها شيئا ، فإن قال : قد تزوجتك ، وجعلت مهرك عتقك فإن النكاح واقع ولا يعطيها شيئا » (4).

ص: 413


1- مروى في الكافي والتهذيب ج 2 ص 229 والترديد لان كثيرا من الجواري يتضرر بالجماع قبل العشر.
2- رواه الشيخ عن محمد بن أبي خالد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا « قال : من وطئ امرأته قبل تسع سنين فأصابها عيب فهو ضامن ».
3- اعلم أن فقهاءنا كافة أطبقوا على بطلان تزويج الانسان بأمته بأي مهر كان الا إذا جعل مهرها عتقها ، واختلفوا في اشتراط تقديم التزويج على العتق وعكسه وجواز كل منهما والحق أنه لا فرق بين تقديم العتق والتزويج كما استحسنه المحقق في الشرايع.
4- لعل وجهه عدم ذكر التزويج أصلا ، لا تأخيره فلا يدل على اشتراط تقديم التزويج كما هو القول المشهور ( سلطان ) وفى بعض النسخ « لا يعطها شيئا ».

4448 - وروى ابن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن المرأة تضع أيحل أن تتزوج قبل أن تطهر (1)؟ قال : نعم وليس لزوجها أن يدخل بها حتى تطهر ».

4449 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام « في رجل تزوج جارية على أنها حرة ، ثم جاء رجل فأقام البينة على أنها جاريته ، قال : يأخذها ويأخذ قيمة ولدها ».

4450 - وفي رواية جميل بن دراج أنه « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها هل تحل له ابنتها؟ قال : الام والابنة في هذا سواء إذا لم يدخل بإحديهما حلت له الأخرى ». (2)

ص: 414


1- في بعض النسخ « تتطهر » وفى التهذيبين كما في المتن.
2- أصل هذا الخبر كما في الكافي والتهذيبين هكذا : عن جميل وحماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « الام والبنت سواء إذا لم يدخل بها ، يعنى إذا تزوج المرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإنه ان شاء تزوج أمها وان شاء ابنتها » ونقله المصنف بالمعنى كما هو ظاهر قوله « وفى رواية جميل أنه سئل » والحق أن قوله « يعنى » من كلام الراوي وفسر الخبر على زعمه وغفل عن حرمة تزويج أم المعقودة كما هو ظاهر قوله تعالى « وأمهات نسائكم » مع أن معنى « الام والبنت سواء » أنه إذا ملك الانسان امرأة وبنتها فله وطئ أيتهما شاء فمتى اختار إحديهما وفعل بها حرمت عليه الأخرى ويؤيد ذلك أن أحمد بن محمد بن عيسى أورد الخبر في نوادره في مسألة الجمع بين الام والبنت في الملك ، وزعم الشيخ - رضوان اللّه تعالى عليه - أن قوله « يعنى - إلى آخره » من تتمة كلام الإمام عليه السلام فنسبه إلى الشذوذ ومخالفة القرآن ، وكذا الصدوق - رحمه اللّه - فأفتى بظاهره ، وفى التهذيبين باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا (عليه السلام) قال : إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها إذا دخل بالأم وإذا لم يدخل بالأم فلا بأس أن يتزوج بالبنت ، فإذا تزوج الابنة فدخل بها أو لم يدخل فقد حرمت عليه الام ، وقال : الربائب عليكم حرام كن في الحجر أو لم يكن ». وباسناده عن الصفار عن محمد بن الحسين ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال : « سألته عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها ، قال : تحل له ابنتها ولا تحل له أمها » والخبران موافقان لظاهر الكتاب وعليه الفتوى.

4451 - وقال علي عليه السلام : « الربائب عليكم حرام ، كن في الحجر أو لم يكن » (1).

4452 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « في رجل تزوج امرأة على حكمها أو على حكمه (2) فمات أو ماتت قبل أن يدخل بها ، قال : لها المتعة (3) والميراث ، ولا مهر لها ، قال : وإن طلقها وقد تزوجها على حكمها لم يتجاوز بحكمها على أكثر من خمسمائة درهم (4) مهور نساء النبي صلى اللّه عليه وآله ».

4453 - وروى صفوان بن يحيى ، عن أبي جعفر [ ب ] مردعة (5) قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « رجل تزوج امرأة بحكمها ، ثم مات قبل أن تحكم ، قال : ليس لها صداق وهي ترث » (6).

ص: 415


1- مروى في ذيل خبر غياث الذي نقلناه في الهامش كما عرفت.
2- يعنى في تقدير المهر بان يقبل الزوج كلما تحكم به المرأة وبالعكس.
3- أي تمتع من المال بحسب حال الرجل ، وفى التهذيب ج 2 ص 242 مسندا عن زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل تزوج امرأة ولم يسم لها مهرا فمات قبل أن يدخل بها ، قال : هي بمنزلة المطلقة » وحكم المطلقة إذا كانت غير مدخول بها قوله تعالى « ومتعوهن على الموسع قدره على المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين ». وقوله « والميراث » لأنها زوجة وان لم يدخل بها « ولا مهر لها » لان المتعة بدله. ( م ت )
4- يعنى إن كان الحاكم المرأة لا تتجاوز عن مهر السنة ، ويؤيد ما رواه الكليني ج 5 ص 379 عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل تزوج امرأة على حكمها ، قال : لا يجاوز حكمها مهور آل محمد (صلی اللّه عليه وآله) - الخبر ».
5- كذا ولم أجده ، وفى رجال الصادق عليه السلام جماعة كنيتهم أبو جعفر كمحمد بن مسلم ومحمد بن نعمان ، وغيرهما ولعله محمد بن حمران
6- قوله « ثم مات » أي قبل الدخول ، وقوله « ليس لها صداق » أي صداق معين كمهر المثل وهو بمنزلة قوله « لا مهر لها » في حديث محمد بن مسلم فلا ينافي أن يكون لها المتعة « والمستفاد من كلام الأصحاب أن موت المحكوم عليه لا أثر له في سقوط المهر و لزوم المتعة وأن لها أن تحكم ما لم تزد على مهر السنة.

4454 - وروى علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن رجل تزوج بامرأة فلم يدخل بها فزنى ما عليه؟ قال : يجلد الحد ويحلق رأسه ويفرق بينه وبين أهله وينفى سنة » (1).

4455 - وروى طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قرأت في كتاب علي عليه السلام : أن الرجل إذا تزوج المرأة فزنى أن يدخل بها لم تحل له لأنه زان (2) ويفرق بينهما ويعطيها نصف المهر ».

4456 - وفي رواية إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام في المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها زوجها ، قال : يفرق بينهما ، ولا صداق لها لان الحدث من قبلها » (3).

4457 - وفي رواية الحسن بن محبوب ، عن الفضل بن يونس قال : « سألت أبا - الحسن موسى عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها فزنت ، قال : يفرق بينهما وتحد الحد ولا مصداق لها ».

4458 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يصيب من أخت امرأته حراما أيحرم ذلك عليه امرأته؟ فقال : إن الحرام لا يفسد الحلال (4) والحلال يصلح به الحرام ».

ص: 416


1- يدل على أن الذي تزوج ولم يدخل ليس بمحصن فلا يرجم بالزنا ، والخبر يناسب أبواب الحددد.
2- حمل على الكراهة والتفريق على الاستحباب كالخبرين الآتيين.
3- مروى في الكافي والمشهور بين الأصحاب أن المرأة لا ترد بالزنا وان حدت فيه وقال الصدوق في المقنع بما دلت عليه هذه الرواية وقال المفيد وسلار وابن البراج وابن الجنيد وأبو الصلاح ترد المحدودة في الفجور. ( المرآة )
4- هذه قاعدة شرعية لا يصار إلى خلافها الا لأمر يمنع المقتضى عن مقتضاه كما في سائر القواعد الشرعية مثل حرمة الميتة والدم ولحم الخنزير وغير ذلك فإنها قد تحل في المخمصة فلا يرد عليه ما مر من أن الرجل أو المرأة إذا زنى أو زنت بعد العقد قبل الدخول يفرق بينهما ، فحرم بالحرام ما كان مباحا لهما من توابع الزوجية ، وأما تحريم العقد على المعتدة إياها عند العلم بالعدة والتحريم فليس مما حرم حلالا ، بل إنما أفاد استمرار الحرمة والمنع عن ازالتها بالعقد ، وكذا ايقاب الغلام بالنظر إلى تحريم أمه وبنته وأخته ( مراد ) أقول : قوله « والحلال يصلح - الخ » يعنى إذا كانت أجنبية حراما فيصير بالعقد حلالا ، وهكذا في سائر العقود فإنها موجبة لحل ما كان حراما.

4459 - وفي رواية موسى بن بكر ، عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سئل عن رجل كانت عنده امرأة (1) فزنى بأمها أو بابنتها أو بأختها ، فقال : ما حرم حرام قط حلالا ، امرأته له حلال ، وقال : لا بأس إذا زنى رجل بامرأة أن يتزوج بها بعد (2) ، وضرب مثل ذلك مثل رجل سرق من تمرة نخلة ثم اشتراها بعد ، ولا بأس أن يتزوجها بعد أمها أو ابنتها أو أختها (3) وإن كانت تحته المرأة

ص: 417


1- أي امرأة مدخول بها فلا ينافي ما سبق.
2- إذا لم تكن ذات بعل ولا في عدة رجعية ولا المتوفى عنها زوجها.
3- « بعد أمها » أي بعد الزنا بأمها ، ويدل على أن الزنا السابق لا ينشر الحرمة و حكمه غير حكم النكاح الصحيح وهو مذهب المفيد والمرتضى وابن إدريس كما في المرآة وجماعة من الفقهاء قالوا بنشر الحرمة للأخبار المستفيضة بل الصحيحة كصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام « أنه سئل عن الرجل يفجر بالمرأة أيتزوج ابنتها؟ قال : لا - الخ » وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل كان بينه وبين امرأة فجور فهل يتزوج ابنتها ، فقال : إن كان من قبلة أو شبهها فليتزوج ، وإن كان جماعا فلا يتزوج ابنتها - الخ » ( الكافي ج 5 ص 415 ) وفى التهذيب ج 2 ص 207 في القوى عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا فجر الرجل بالمرأة لم تحل له ابنتها أبدا - الخ ». و في قبال هذه الأخبار نصوص تدلّ على الجواز كخبر هشام أو هاشم بن المثنى قال:« كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام جالسا فدخل عليه رجل فسأله عن الرجل يأتي المرأة حراما أ يتزوجها، قال: نعم و أمها و ابنتها»، و عنه أيضا في الصحيح قال:« كنت جالسا عند أبى عبد اللّه عليه السلام فقال له رجل: رجل فجر بامرأة أ تحل له ابنتها؟ قال: نعم ان الحرام لا يفسد الحلال»، و في الموثق عن حنان بن سدير قال:« كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام اذ سأله-- سعيد عن رجل تزوج امرأة سفاحا هل تحل له ابنتها، قال: نعم ان الحرام لا يحرم الحلال». و لا يخفى عدم إمكان الجمع بينها فلا بدّ من التخيير أو الترجيح و اختار المحقق رحمه اللّه في النافع الاخبار التي تدلّ على عدم نشر الحرمة.

فتزوج أمها أو ابنتها أو أختها فدخل بها ثم علم فارق الأخيرة والأولى امرأته (1) ولم يقرب امرأته حتى يستبرئ رحم التي فارق ، وإن زنى رجل بامرأة ابنه أو امرأة أبيه أو بجارية ابنه أو بجارية أبيه (2) ، فإن ذلك لا يحرمها على زوجها ولا تحرم الجارية على سيدها ، وإنما يحرم ذلك إذا كان ذلك منه بالجارية وهي حلال ، فلا تحل تلك الجارية أبدا لابنه ولا لأبيه ، وإذا تزوج امرأة تزويجا حلالا فلا تحل تلك المرأة لابنه ولا لأبيه » (3).

4460 - وروى أبو المغرا ، عن أبي بصير (4) قال : « سألته عن رجل فجر بامرأة ، ثم أراد بعد ذلك أن يتزوجها ، فقال : إذا تابت حلت له ، قلت : وكيف تعرف توبتها؟ قال : يدعوها إلى ما كانا عليه من الحرام فإن امتنعت فاستغفرت ربها عرف توبتها » (5).

4461 - وروى علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل تزوج امرأة بالعراق ثم خرج إلى الشام فتزوج امرأة أخرى فإذا هي أخت امرأته التي بالعراق ، قال : يفرق بينه وبين التي تزوجها بالشام ولا يقرب العراقية حتى تنقضي عدة الشامية ، قلت : فإن تزوج امرأة ثم تزوج أمها وهو لا يعلم أنها أمها ، فقال : قد وضع اللّه عنه جهالته بذلك ثم قال : إذا علم أنها أمها فلا

ص: 418


1- أي الزوجة التي تحته كانت باقية على زوجيته.
2- مروى في الكافي في الصحيح عن موسى بن بكر وهو واقفي ولم يوثق عن زرارة وفيه « إذا زنى رجل بامرأة أبيه أو جارية أبيه ».
3- قال اللّه عزوجل : « ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء » وقال عزوجل : « وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ».
4- الطريق إلى أبى المغرا قوى ، ورواه الشيخ في الصحيح.
5- حرم الشيخ التزويج قبل التوبة والمشهور الكراهة ، وتقدم نحوه.

يقربها ولا يقرب الابنة حتى تنقضي عدة الام منه ، فإذا انقضت عدة الام حل له نكاح الابنة ، قلت : فإن جاءت الام بولد ، فقال : هو ولده يرثه ويكون ابنه وأخا لامرأته » (1).

4462 - وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل أن يزوجه امرأة من أهل البصرة من بني تميم فزوجه امرأة من أهل الكوفة من بني تميم ، قال : خالف أمره وعلى المأمور نصف الصداق لأهل المرأة ولا عدة عليها ولا ميراث بينهما (2) ، فقال بعض من حضره : فإن أمره أن يزوجه امرأة ولم يسم أرضا ولا قبيلة ثم جحد الامر أن يكون قد أمره بذلك بعدما زوجه؟ فقال : إن كان للمأمور بينة أنه كان أمره أن يزوجه بزوجة كان الصداق على الامر ، وإن لم يكن له بينة كان الصداق على المأمور لأهل المرأة ، ولا ميراث بينهما ولا عدة عليها ، ولها نصف الصداق إن كان فرض لها صداقا وإن لم يكن سمى لها صداق فلا شئ لها » (3).

4463 - وروى ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل تزوج أختين في عقدة واحدة ، قال : يمسك أيتهما شاء ويخلي سبيل الأخرى (4) وقال في رجل تزوج خمسا في عقدة واحدة قال : يخلي سبيل أيتهن شاء » (5).

ص: 419


1- رواه الكليني في الكافي ج 5 ص 431 ، والشيخ في الصحيح.
2- يدل على أن الوكيل إذا خالف قول الموكل يكون العقد فضوليا وكان للموكل الفسخ وعلى الوكيل نصف المهر إذا ذكره في العقد وان لم يذكره لم يكن عليه شئ ، هذا إذا لم يذكر الواقع للمرأة ، فان ذكره فليس على الوكيل شئ لا قدامها على العقد كذلك. ( م ت )
3- هنا ثلاثة أقوال وتقدمت في الوكالة ص 85.
4- يمكن أن يكون المراد بامساك إحديهما الامساك بعقد جديد فلا ينافي قول الأكثر من بطلان النكاح رأسا ، وقال الشيخ في النهاية يتخير فمن اختارها بطل نكاح الأخرى والى هذا القول ذهب ابن الجنيد والقاضي والعلامة في المختلف واستدل عليه بهذا الخبر.
5- يمكن حمله على الامساك بعقد جديد كما مر.

4464 - وروى محمد بن قيس (1) عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال « في رجل كان تحته أربع نسوة فطلق واحدة منهن ، ثم نكح أخرى قبل أن تستكمل المطلقة عدتها فقضى أن تلحق الأخيرة بأهلها حتى تستكمل المطلقة أجلها وتستقبل الأخرى عدة أخرى ولها صداقها إن كان دخل بها ، وإن لم يكن دخل بها فليس لها صداق ولا عدة عليها منه ، ثم إن شاء أهلها بعد انقضاء عدتها زوجوها إياه وإن شاؤوا فلا » (2).

4465 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف الزام ، عن سنان ابن طريف عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل عن رجل كن له ثلاث نسوة ثم تزوج امرأة أخرى فلم يدخل بها ، ثم أراد أن يعتق أمة ويتزوجها ، فقال : إن هو طلق التي لم يدخل بها فلا بأس أن يتزوج أخرى من يومه ذلك ، وإن طلق من الثلاث النسوة اللاتي دخل بهن واحدة لم يكن له أن يتزوج امرأة أخرى حتى تنقضي عدة المطلقة » (3).

4466 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن عنبسة بن مصعب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كن له (4) ثلاث نسوة فتزوج عليهن امرأتين في عقدة واحدة ، فدخل بواحدة منهما ثم مات ، قال : إن كان دخل بالتي بدأ باسمها وذكرها عند عقدة النكاح فإن نكاحه جائز وعليها العدة ولها الميراث ، وإن كان دخل بالمرأة التي سميت وذكرت بعد ذكر المرأة الأولى فإن نكاحه باطل ولا ميراث لها وعليها العدة » (5).

ص: 420


1- الطريق إليه حسن كالصحيح ، ومروى في الكافي بسند ضعيف.
2- قال العلامة المجلسي : اختلف الأصحاب فيما لو تزوج بخمس في عقد واحد أو باثنين وعنده ثلاث فذهب جماعة إلى التخيير وجماعة إلى البطلان ولم أعثر على قال بمضمون تلك الرواية.
3- ظاهره يشمل المطلقة الرجعية والبائنة ، والمشهور أن ذلك في الرجعية وأنه يكره في البائنة. ( سلطان )
4- كذا ، والصواب « كانت له ».
5- لا ينافي هذا الخبر رواية جميل التي تقدمت تحت رقم 4460 لان ظاهر هذا الخبر التقديم والتأخير في الذكر في صيغة واحدة والتي تقدمت التعبير عن الجميع بلفظ واحد من غير تقديم كضمير الجمع.

4467 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام أنه « سئل عن رجل تزوج امرأة حرة وأمتين مملوكتين في عقدة واحدة فقال : أما الحرة فنكاحها جائز فإن كان قد سمى لها مهرا فهو لها ، وأما المملوكتان فإن نكاحهما في عقدة [ واحدة ] مع الحرة باطل يفرق بينه وبينهما » (1).

4468 - وروى طلحة بن زيد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام قال : إذا اغتصبت أمة فاقتضت (2) فعليه عشر ثمنها فإذا كانت حرة فعليه الصداق ».

4469 - وقال الصادق عليه السلام (3) « في رجل أقر أنه غصب رجلا على جاريته وقد ولدت الجارية من الغاصب ، قال : ترد الجارية وولدها على المغصوب إذا أقر بذلك أو كانت عليه بينة » (4).

4470 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجلين نكحا امرأتين فاتي هذا بامرأة هذا ، وهذا بامرأة هذا ، قال : تعتد هذه من هذا ، وهذه من هذا ، ثم ترجع كل واحدة إلى زوجها » (5).

4471 - وروى جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام

ص: 421


1- في النافع « ولو جمع بينهما في عقد صح عقد الحرة دون الأمة » واستدلوا على ذلك بهذا الخبر ، وربما استدل بالأدلة المانعة من ادخال الأمة على الحرة وليس بشئ لظهورها في صورة سبق نكاح الحرة.
2- على صيغة المجهول من الاقتضاض وهو إزالة البكارة.
3- مروى في التهذيب ج 2 ص 248 عن الحسين بن سعيد ، عن أبن أبى عمير ، عن جميل ، عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام.
4- لعل ذكر الاقرار لبيان المساواة بينه وبين البينة والا فقد فرض ذلك في السؤال فلم يحتج إلى ذكره ( مراد ) وقال سلطان العلماء : هذا الحكم موافق للفتوى نعم لو كان الوطي بالشبهة كان الولد حرا وعليه قيمته.
5- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 234 في الصحيح عن الحلبي.

عن رجل كن له ثلاث بنات أبكار فزوج واحدة منهن رجلا ولم يسم التي زوج للزوج ولا للشهود وقد كان الزوج فرض لها صداقا فلما بلغ أن يدخل بها على الزوج وبلغ الزوج أنها الكبرى قال الزوج لأبيها : إنما تزوجت منك الصغرى من بناتك ، فقال أبو جعفر عليه السلام : إن كان الزوج رآهن كلهن ولم يسم له واحدة منهن فالقول في ذلك قول الأب وعلى الأب فيما بينه وبين اللّه عزوجل أن يدفع إلى الزوج الجارية التي كان نوى أن يزوجها إياه عند عقدة النكاح ، وإن كان الزوج لم يرهن كلهن ولم يسم له واحدة منهن عند عقدة النكاح فالنكاح باطل » (1).

4472 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح (2) أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال « في أختين أهديتا لأخوين فأدخلت امرأة هذا على هذا وامرأة هذا على هذا ، قال : لكل واحدة منهما الصداق بالغشيان. وإن كان وليهما تعمد ذلك أغرم الصداق ، ولا يقرب واحد منهما امرأته حتى تنقضي العدة ، فإذا انقضت العدة صارت كل امرأة منهما إلى زوجها الأول بالنكاح الأول ، قيل له : فإن ماتتا قبل انقضاء العدة قال : يرجع الزوجان بنصف الصداق على ورثتهما ، ويرثانهما الرجلان ، قيل : فان مات الزوجان وهما في العدة؟ قال : ترثانهما ولهما نصف المهر وعليهما العدة بعدما

ص: 422


1- قال في المسالك : إذا كان لرجل عدة بنات فزوج واحدة منهن لرجل ولم يسمها عند العقد فإن لم يقصداها بطل العقد وان قصداها معينة واتفق العقد صح ، فان اختلفا بعد ذلك قال الأكثر إن كان الزوج رآهن كلهن فالقول قول الأب لأن الظاهر أنه وكل التعيين إليه وعلى الأب فيما بينه وبين اللّه أن يسلم إلى الزوج التي نواها ، وان لم يكن يراهن كان العقد باطلا والأصل في المسألة رواية أبى عبيدة وهي تدل على أن رؤية الزوج كافية في الصحة والرجوع إلى ما عينه الأب. وان اختلف العقد ، وعدم رؤيته كاف في البطلان مطلقا ، و قد اختلف في تنزيلها فالشيخ ومن تبعه أخذوا بها جامدين عليها ، والمحقق والعلامة نزلاها على ما مر ، والأظهر اما العمل بمضمون الرواية كما فعل الشيخ أوردها رأسا والحكم بالبطلان في الحالين كما فعل ابن إدريس.
2- في الكافي ج 5 ص 407 في الصحيح عنه عن بعض أصحاب أبي عبد اللّه عليه السلام وكذا في التهذيب ولعل السقط من النساخ.

تفرغان من العدة الأولى ، تعتد أن عدة المتوفى عنها زوجها » (1).

4473 - وروى محمد بن عبد الحميد ، عن محمد بن شعيب (2) قال : « كتبت إليه أن رجلا خطب إلى عم له ابنته فأمر بعض إخوته أن يزوجه ابنته التي خطبها ، وأن الرجل أخطأ باسم الجارية وكان اسمها فاطمة فسماها بغير اسمها وليس للرجل ابنة باسم التي ذكر المزوج ، فوقع عليه السلام : لا بأس به » (3).

4474 - وروى إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام قال ، لا يحل النكاح اليوم في الاسلام بإجارة بأن يقول أعمل عندك كذا وكذا سنة على أن تزوجني أختك أو ابنتك ، قال : هو حرام لأنه ثمن رقبتها وهي أحق بمهرها » (4).

وفي حديث آخر : إنما كان ذلك لموسى بن عمران عليه السلام لأنه علم من طريق الوحي هل يموت قبل الوفاء لا فوفى بأتم الأجلين (5).

ص: 423


1- ما تضمنه من تنصيف المهر بالموت قول جماعة من الأصحاب وبه روايات صحيحة وفى مقابلها أخبار أخر دالة على خلاف ذلك ، راجع مدارك الأحكام تأليف السيد السند محمد بن علي بن الحسين عاملي.
2- محمد بن شعيب من أصحاب الرضا عليه السلام وحال مجهول ، والخبر مروى في الكافي ج 5 ص 562 عن أبي على الأشعري ، عن عمران بن موسى ، عن محمد بن عبد الحميد عن محمد بن شعيب.
3- يدل على أن المدار النية فإذا نسي اسم الزوجة وتكلم بغيرها لا يضر بصحة العقد كما ذكرة الأصحاب.
4- رواه الكليني ج 5 ص 414 في الضعيف على المشهور ، وقال العلامة المجلسي : ظاهره عدم جواز جعل المهر العمل لغير الزوجة ومنع الشيخ في النهاية من جعل المهر عملا من الزوج لها أو لوليها وأجازه في الخلاف ، واليه ذهب المفيد وابن إدريس وعامة المتأخرين.
5- مضمون خبر رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن البزنطي قال : « قلت لأبي الحسن (عليه السلام) قول شعيب (عليه السلام) » انى أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حج فان أتممت عشرا فمن عندك « أي الأجلين قضى؟ قال : الوفاء منهما أبعدهما عشر سنين ، قلت : فدخل بها قبل أن يقتضى الشرط أو بعد انقضائه ، قال : قبل أن ينقضي ، قلت له. فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين يجوز ذلك؟ فقال : ان موسى عليه السلام قد علم أنه سيتم له شرطه ، فكيف لهذا بأن يعلم سيبقى حتى يفي له ، وقد كان الرجل على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يتزوج المرأة على السورة من القرآن وعلى الدرهم وعلى القبضة من الحنطة ».

4475 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة الحذاء قال : « سئل أبو جعفر عليه السلام عن خصي تزوج امرأة وهي تعلم أنه خصي ، قال : جائز قيل له : إنه مكث معها ما شاء اللّه ثم طلقها هل عليها عدة؟ قال : نعم أليس قد لذ منها ولذت منه ، قيل له : فهل كان عليها فيما يكون منها ومنه غسل؟ قال : إن كان إذا كان ذلك منه أمنت فإن عليها غسلا ، قيل له : فله أن يرجع بشئ من الصداق إذا طلقها؟ قال : لا » (1).

4476 - وروى علي بن رئاب ، عن عبد اللّه بن بكير ، عن أبيه عن أحدهما عليهما السلام « في خصي دلس نفسه لامرأة مسلمة فتزوجها ، قال : يفرق بينهما إن شاءت المرأة ويوجع رأسه ، فإن رضيت وأقامت معه لم يكن لها بعد الرضا أن تأباه » (2).

4477 - وروى صفوان بن يحيى ، عن أبي جرير القمي قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام أزوج أخي من أمي أختي من أبي؟ فقال أبو الحسن عليه السلام : زوج إياها إياه

ص: 424


1- قال في المسالك : ذهب جماعة من المتقد مين إلى أن الخلوة يوجب المهر ظاهرا حيث لا يثبت شرعا عدم الدخول وأما باطنا فلا يستقر المهر جميعه الا بالدخول ، و أطلق بعضهم كالصدوق وجوبه بمجرد الخلوة وأضاف ابن الجنيد إلى الجماع انزال الماء بغير ايلاج ولمس العورة والنظر إليها والقبلة متلذذا.
2- قال سلطان العلماء المشهور بين الأصحاب كون الخصاء عيبا ، وهذا الحديث يدل عليه ونقل الشيخ في المبسوط والخلاف عن بعض الفقهاء ان الخصاء ليس بعيب مطلقا محتجا بأن الخصي يولج ويبالغ أكثر من الفحل وان لم ينزل وعدم الانزال ليس بعيب.

- أو زوج إياه إياها - » (1).

4478 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام « أنه قضى (2) في رجل تزوج امرأة وأصدقته هي واشترطت عليه أن بيدها الجماع والطلاق ، قال : خالفت السنة ووليت حقا ليست بأهله ، فقضى أن عليه الصداق وبيده الجماع والطلاق وذلك السنة » (3).

4479 - و « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأتين نكح إحديهما رجل ثم طلقها (4) وهي حبلى ثم خطب أختها فنكحها قبل أن تضع أختها المطلقة ولدها ، فأمره أن يطلق (5) الأخرى حتى تضع أختها المطلقة ولدها ، ثم يخطبها ويصدقها صداقها مرتين » (6).

4480 - و « قضى أمير المؤمنين عليه السلام (7) أن تنكح الحرة على الأمة ، ولا تنكح الأمة على الحرة (8) ، ومن تزوج حرة على أمة قسم للحرة ضعفي ما يقسم

ص: 425


1- الترديد من الراوي ، ويمكن أن يكون منه (عليه السلام) لما سأل عن إحدى الصورتين فأجاب بأنه لا بأس من الجانبين ، ويدل باطلاقه على جواز التزويج وإن كان حصول الولد من الام بعد مفارقة أبيه ولعدم الاستفصال. ( م ت )
2- يعنى قضى أمير المؤمنين عليه السلام لان محمد بن قيس هذا هو أبو عبد اللّه البجلي الثقة وله كتاب ينقل فيه القضايا ولم يكن أبو جعفر عليه السلام يقضى ، مضافا إلى أن الشيخ رواه عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ، عن علي عليهما السلام.
3- دل على أن الشرط الفاسد ولا يبطل العقد. ( مراد )
4- أي طلاقا رجعيا والمعتدة الرجعية بمنزلة الزوجة.
5- من الاطلاق بمعنى التخلية أي يفارق الأخير وليس من التطليق لفساد النكاح في نفسه.
6- إحداهما لوطئ الشبهة والثاني للنكاح الصحيح.
7- لعله منقول من كتاب محمد بن قيس كالخبرين السابقين.
8- يدل في الجملة على عدم جواز عقد الأمة على الحرة ، ويؤيده ما رواه الكليني ج 5 ص 359 في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « تزوج الحرة على الأمة ولا تزوج الأمة على الحرة ، ومن تزوج أمة على الحرة فنكاحه باطل » والمشهور جواز التزويج باذن الحرة ومع عدمه يكون باطلا ، وقال ابن البراج وابن حمزة والشيخ : ان للحرة الخيرة بين الإجازة والفسخ ولها أن يفسخ نفسها ، وذهب أكثر المتأخرين إلى عدم الخيار ، وقال المحقق في النافع : لا يجوز نكاح الأمة على الحرة الا باذنها ، ولو بادر كان العقد باطلا.

للأمة من ماله ونفسه وللأمة الثلث من ماله ونفسه » (1).

4481 - وروى الحسن بن محبوب (2) ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل تزوج ذمية على مسلمة ، قال : يفرق بينهما ويضرب ثمن الحد اثني عشر سوطا ونصفا ، فإن رضيت المسلمة ضرب ثمن الحد ولم يفرق بينهما ، قلت : كيف يضرب النصف؟ قال : يؤخذ السوط بالنصف فيضرب به » (3).

4482 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علاء ، وأبي أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا يتزوج الاعرابي المهاجرة فيخرجها من دار الهجرة

ص: 426


1- قوله (عليه السلام) « من ماله » أي النفقة بحسب حال المرأة والغالب أنها تكون ضعف الأمة ، وقوله « ونفسه » أي يقسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة. ( م ت )
2- تقدم كرارا أن الطريق إلى ابن محبوب صحيح ، وهو ثقة.
3- يدل على جواز نكاح الذمية أو صحته وان وجب الحد ( م ت ) وروى الكليني ج 7 ص 241 بسند مرسل عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « سألته عن رجل تزوج ذمية على مسلمة ولم يستأمرها ، قال : يفرق بينهما ، قال : فقلت : فعليه أدب؟ قال نعم اثنا عشر سوطا ونصف ثمن حد الزاني وهو صاغر ، قلت : فان رضيت المرأة الحرة المسلمة بفعله بعد ما كان فعل ، قال : لا يضرب ولا يفرق بينهما يبقيان على النكاح الأول » ورواه الشيخ في التهذيب وفيه « سألته عن رجل تزوج أمة على مسلمة » ولعله تصحيف. والاخبار في نكاح الكتابية مختلفة فبعضها يدل على الجواز مطلقا ، وبعضها يدل على التحريم مطلقا ، وبعضها يدل على الجواز عند الضرورة ، وبعضها يدل على الجواز مع الكراهة ، وبعضها خص الجواز بالبله ، وذهب جماعة إلى التحريم لموافقة أخبار الجواز مذهب العامة.

إلى الاعراب » (1).

4483 - وروى ابن أبي عمير ، عن غير واحد ، عن محمد بن مسلم قال : قلت له : « الرجل تكون عنده المرأة يتزوج أخرى أله أن يفضلها؟ قال : نعم إن كانت بكرا فسبعة أيام وإن كانت ثيبا فثلاثة أيام » (2).

4484 - وروى الحسن بن محبوب ، عن إبراهيم الكرخي (3) قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل له أربع نسوة فهو يبيت عند ثلاث منهن في لياليهن ويمسهن فإذا بات عند الرابعة في ليلتها لم يمسها فهل عليه في هذا إثم؟ قال : إنما عليه أن يبيت عندها في ليلتها ويظل عندها صبيحتها ، وليس عليه أن يجامعها إذا لم يرد

ص: 427


1- حمل على الكراهة لما رواه أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي ، وابن أبي عمير ، عن جميل ، عن حماد عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « لا يصح لاعرابي أن ينكح المهاجرة فيخرج بها من أرض الهجرة فيتعرب بها الا أن يكون قد عرف السنة والحجة ، فان أقام بها في أرض الهجرة فهو مهاجر ».
2- روى الشيخ في التهذيب في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال : « سئل عن الرجل يكون عنده امرأتان إحداهما أحب إليه من الأخرى أله أن يفضل إحديهما على الأخرى؟ قال : نعم يفضل بعضهن على بعض ما لم يكن أربعا ، وقال : إذا تزوج الرجل بكرا وعنده ثيب فله أن يفضل البكر بثلاثة أيام » وروى الكليني ج 5 ص 565 في الحسن كالصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) « في الرجل يتزوج البكر ، قال : يقيم عندها سبعة أيام » وفى الضعيف عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) « في الرجل تكون عنده المرأة فتزوج أخرى كم يجعل للتي يدخل بها؟ قال : ثلاثة أيام ثم يقسم » والمشهور اختصاص البكر عند الدخول بسبع والثيب بثلاث ، وذهب الشيخ في النهاية والتهذيبين إلى أن حكم السبع للبكر على طريق الاستحباب وأما الواجب لها فثلاث كالثيب جمع بين الاخبار.
3- إبراهيم الكرخي مجهول ولكن لا يضر السند لان طريق المصنف إلى ابن محبوب صحيح وهو من أصحاب الاجماع ، والخبر مروى بهذا السند في الكافي ج 5 ص 564 ومنجبر بالشهرة.

ذلك » (1).

4485 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن الرجل تكون عنده امرأتان إحداهما أحب إليه من الأخرى ، قال : له أن يأتيها ثلاث ليال والأخرى ليلة فإن شاء أن يتزوج أربع نسوة كان لكل امرأة ليلة فلذلك كان له أن يفضل بعضهن على بعض ما لم يكن أربعا » (2).

4486 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « تزوج الأمة على الأمة ، ولا تزوج الأمة على الحرة ، وتزوج الحرة على الأمة ، فإن تزوجت الحرة على الأمة فللحرة الثلثان وللأمة الثلث ، وليلتان وليلة ».

4487 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة قال : « إن ضريسا كانت تحته ابنة حمران فجعل لها أن لا يتزوج عليها ولا يتسرى عليها أبدا في حياتها ولا بعد موتها على أن جعلت هي أن لا تتزوج بعده ، وجعلا عليهما من الحج والهدي والنذور وكل مال لهما يملكانه في المساكين وكل مملوك لهما حرا إن لم يف كل واحد منهما لصاحبه ، ثم إنه أتى أبا عبد اللّه عليه السلام فذكر له ذلك فقال : إن لابنة حمران حقا (3) ولن يحملنا ذلك على أن لا نقول الحق اذهب فتزوج وتسر فإن ذلك ليس بشئ فجاء بعد ذلك فتسرى فولد له بعد ذلك أولاد » (4).

ص: 428


1- يدل على وجوب القسمة لمن عنده أربع حرائر ، ولا خلاف في عدم وجوب المواقعة في نوبة كل منهن ، وأما لزوم أن يظل صبيحتها عندها فحملوه على الاستحباب وإن كان العمل بمضمون الخبر أحوط ، وفى المحكى عن ابن الجنيد أنه أضاف إلى الليل القيلولة ، وربما ظهر من كلام الشيخ في المبسوط وجوب الكون مع صاحبة الليلة نهارا.
2- تقدم نحوه في الهامش عن التهذيب من حديث الحلبي.
3- فيه مدح ما لحمران وابنته.
4- الخبر بباب اليمين أنسب لأنه لم يقع الشرط في العقد ، ويدل على أن اليمين والنذر بأمثال هذه الأمور المرجوحة لا تنعقدا.

4488 - وروى ثعلبة بن ميمون (1) عن عبد اللّه بن هلال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل يتزوج الولد الزنا؟ فقال : لا بأس إنما يكره مخافة العار (2) ، وإنما الولد للصلب ، وإنما المرأة وعاء ، قال : قلت : فالرجل يشتري الجارية الولد الزنا فيطأها؟ قال : لا بأس » (3).

4489 - وروى البزنطي ، عن المشرقي عن أبي الحسن عليه السلام (4) قال : قلت له : « ما تقول في رجل ادعى أنه خطب امرأة إلى نفسها ومازح فزوجته من نفسها وهي مازحة ، فسئلت المرأة عن ذلك ، فقالت : نعم ، قال : ليس بشئ ، قلت : فيحل للرجل أن يتزوجها؟ قال : نعم » (5).

4490 - وسأل حماد بن عيسى أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له : « كم يتزوج العبد؟ قال : قال أبي عليه السلام : قال علي عليه السلام : لا يزيد على امرأتين » (6).

4491 - وفي حديث آخر : (7) « يتزوج العبد حرتين أو أربع إماء أو أمتين

ص: 429


1- في التهذيب في الصحيح عن ابن فضال عن ثعلبة وعبد اللّه بن هلال فيكون صحيحا لان الطريق إلى ثعلبة صحيح.
2- أي أن الناس يعيبونه ولا عيب فيها في الواقع ، أو العيب لعيبهم وهو أيضا عيب ويؤيد الأول قوله « إنما الولد للصلب ». ( م ت )
3- المشهور كراهة نكاح ولد الزنا : وذهب ابن إدريس إلى التحريم لأنها عنده بحكم الكافر. ( المرآة )
4- يعنى الرضا (عليه السلام) لان المشرقي وهو هشام بن إبراهيم كان من أصحابه. والخبر في الكافي ج 5635 عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن المشرقي.
5- يدل على أنه لا يترتب على المزاح بدون قصد التزويج شئ. ( المرآة )
6- حماد بن عيسى من أصحاب الكاظم (عليه السلام) وقد يروى عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في كتب الرجال ، ولعل الواسطة سقطت هنا.
7- المشهور أنه لا يجوز للعبد أن يتزوج أكثر من حرتين ، ويجوز له أن يتزوج أربع إماء.

وحرة » (1).

وللحر أن يتزوج من الحرائر المسلمات أربعا ويتسرى ويتمتع ما شاء.

ولا بأس أن يتزوج الرجل أخت المختلعة من ساعته » (2).

4492 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل أمر رجلا أن يزوجه امرأة بالمدينة وسما هاله ، والذي أمره بالعراق ، فخرج المأمور فزوجها إياه (3) ، ثم قدم إلى العراق فوجد الذي أمره قد مات؟ قال : ينظر في ذلك فإن كان المأمور زوجها إياه قبل أن يموت الامر ، ثم مات الامر بعده فإن المهر في جميع ذلك الميراث بمنزلة الدين (4) ، وإن كان زوجها إياه بعدما مات الامر فلا شئ على الامر ولا على المأمور والنكاح باطل » (5).

4493 - وروى صفوان بن يحيى ، عن زيد بن الجهم الهلالي (6) قال : « سألت

ص: 430


1- لم أجده مسندا ، وفى الاستبصار ج 3 ص 214 قال أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه رحمه اللّه - : وفى رواية أخرى وساق مثل ما في المتن فيظهر منه أن الشيخ - رحمه اللّه - ما وجده الا في الفقيه ويظهر من جملة من الاخبار أن الأمتين بمنزلة حرة.
2- أي من دون انتظار خروج عدتها ، وروى الكليني عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل اختلعت منه امرأته أيحل له أن يخطب أختها قبل أن تنقضي عدتها؟ فقال : إذا برئت عصمتها ولم يكن له رجعة فقد حل له أن يخطب أختها - الخ » وظاهره ان بالاختلاع تبرئ العصمة لأنه لا يجوز الرجوع فيها كما هو المشهور بين الأصحاب ، وهل لها حينئذ الرجوع في البذل؟ ظاهره الجواز وإن كان لا يمكن للزوج الرجوع فيها. ( المرآة )
3- أي خرج المأمور من العراق إلى المدينة وزوجها له.
4- الظاهر عدم تنصيف المهر ، ويمكن حمله على أن المراد بالمهر المتعلق بالتركة ما يجب منه سواء كان تمامه أو نصفه. ( مراد )
5- يدل على أن الوكالة تبطل بموت الموكل ، وعلى أن المهر من الأصل كساير الديون. ( م ت )
6- في الكافي وبعض كتب الرجال زيد بن الجهيم وهو مجهول الحال.

أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يتزوج المرأة ولها ابنة من غيره أيزوج ابنه ابنتها؟ قال : إن كانت من زوج قبل أن يتزوجها فلا بأس ، وإن كانت من زوج بعدما تزوجها فلا » (1).

4494 - وروى الحسن بن محبوب ، عن حماد الناب (2) ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل تزوج امرأة على بستان له معروف وله غلة كثيرة ثم مكث سنين لم يدخل بها ثم طلقها ، قال : ينظر إلى ما صار إليه من غلة البستان من يوم تزوجها فيعطيها نصفه ويعطيها نصف البستان إلا أن تعفو فتقبل منه ويصطلحان على شئ ترضى به منه فإنه أقرب للتقوى » (3).

4495 - وروى إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال : « سألته عن رجل يتزوج امرأة على عبد له وامرأة للعبد فساقهما إليها فماتت امرأة العبد عند المرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها ، قال : إن كان قومها عليها يوم تزوجها بقيمة فإنه يقوم الثاني بقيمة ثم ينظر ما بقي من القيمة الأولى التي تزوجها عليها فترد المرأة على الزوج ثم يعطيها الزوج نصف ما صار إليه من ذلك » (4).

4496 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل عن رجل تزوج جارية بكرا لم تدرك (5) ، فلما دخل بها اقتضها فأفضاها (6)

ص: 431


1- محمول على الكراهة ، قال في النافع : يكره أن يزوج ابنه بنت زوجته إذا ولدتها بعد مفارقته ، ولا بأس لمن ولدتها قبل ذلك.
2- حماد بن عثمان الناب ثقة جليل من أصحاب الكاظم (عليه السلام)
3- يدل على أن الزوجة تملك نصف المهر بالعقد.
4- يدل على أنه مع التقويم يصير مال المرأة وبالطلاق ينتصف ويرد إليه النصف من القيمة ، وان لم يقوم فالظاهر أن العبد الباقي لهما والتالف منهما ان لم تفرط المرأة أو لم تتعد فيها لأنها كانت بمنزلة الأمانة ( م ت ) والخبر مروى مع اختلاف في اللفظ في الكافي ج 6 ص 108 عن محمد بن يحيى رفعه ، عن إسحاق بن عمار وطريق المؤلف إليه صحيح وهو موثق.
5- أي لم تبلغ تسع سنين هلالية كاملة.
6- افتضها أي أزالت بكارتها ، وأفضاها أي جعل مسلك بولها وحيضها واحدا ، و قيل : أو جعل مسلك حيضها وغائطها واحدا ، ويصدق الافضاء عليه أيضا. ( م ت )

فقال : إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شئ عليه (1) ، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقل من ذلك بقليل حين دخل بها فاقتضها فإنه قد أفسدها وعطلها على الأزواج فعلى الامام أن يغرمه ديتها ، وإن أمسكها ولم يطلقها حتى تموت فلا شئ عليه » (2).

4497 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن العزل قال : الماء للرجل يصرفه حيث يشاء » (3).

باب 437: ما يرد منه النكاح

4498 - روى صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « المرأة ترد من أربعة أشياء : من البرص ، والجذام ، والجنون ، والقرن والعفل (4) ما لم يقع عليها ، فإذا وقع عليها فلا ».

ص: 432


1- أي من الذمة فلا ينافي وجوب الانفاق دائما ما دامت في حياتها. ( سلطان )
2- أي هو مخير بين الامرين الغرم والامساك.
3- يدل على جواز العزل فيمكن حمل أخبار المنع على الكراهة ، واختلف الأصحاب في جواز العزل عن الزوجة الحرة الدائمة بغير اذنها بعد اتفاقهم على جواز العزل عن الأمة والمتمتع بها والدائمة مع الاذن ، فذهب الأكثر على الكراهة ، ونقل عن ابن حمزة الحرمة وهو ظاهر اختيار المفيد - رحمه اللّه - والمعتمد ، ثم لو قلنا بالتحريم فالأظهر أنه لا يلزم على الزوج بذلك للمرأة شئ وقيل : تجب عليه دية النطفة عشرة دنانير ( المرآة ) أقول : سيأتي الكلام فيه في الباب المنعقد له.
4- القرن : لحم ينبت في الفرج في مدخل الذكر كالغدة العظيمة ، وقد يكون عظما ، والعفل - بالتحريك - : لحم ينبت في قبل المرآة يمنع من وطيها ، وقيل : هو ورم يكون بين مسلكيها. والعفل عين القرن وفى الكافي ج 5 ص 409 « والقرن وهو العفل » و لعل السقط من النساخ ، والحصر إضافي فلا ينافي قول المشهور من أنها سبعة بإضافة العمى والاقعاد والافضاء. والظاهر أنه لا خلاف في كون كل واحدة منهما موجبا لخيار الفسخ للزوج في صورة سبقه على العقد وان وطئ إذا لم يعلم بالعيب ، وأما المقارن والمتجدد بعد العقد فظاهر الأصحاب أنه إن كان الوطي قبل وجود العيب وكان حدوثه بعده فلا يوجب خيار الفسخ للزوج واما العيب الحادث بين العقد والوطي ففيه خلاف ، فمن قال بجواز الفسخ فلا بدله أن يحمل هذا الخبر وأمثاله على الوطي بعد العلم بحالها.

4499 - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام « عن رجل تزوج إلى قوم امرأة فوجدها عوراء ولم يبينوا أله أن يردها؟ قال : [ لا يردها ] إنما يرد النكاح من الجنون والجذام والبرص ، قلت : أرأيت إن دخل بها كيف يصنع؟ قال : لها المهر بما استحل من فرجها ، ويغرم وليها الذي أنكحها مثل ما ساقه » (1).

4500 - وروى عبد الحميد ، عن محمد بن مسلم قال : قال أبو جعفر عليه السلام : « ترد العمياء والبرصاء والجذماء والعرجاء » (2).

4501 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال « في الرجل يتزوج إلى قوم فإذا امرأته عوراء ولم يبينوا له قال : لا ترد إنما يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل ، قلت : أرأيت إن كان قد دخل بها كيف يصنع بمهرها؟ قال : المهر لها بما استحل من فرجها ويغرم وليها الذي أنكحها مثل ما ساق إليها ».

4502 - وروى الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن صالح قال : « سألت أبا - عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فوجدها قرناء ، قال : هذه لا تحبل (3) ترد على أهلها ، قلت : فإن كان دخل بها ، قال : إن كان علم قبل أن يجامعها ثم جامعها ، فقد رضي بها ، وإن لم يعلم بها إلا بعد ما جامعها فإن شاء بعد أمسكها وإن شاء سرحها إلى أهلها ، ولها ما أخذت منه بما استحل من فرجها ».

ص: 433


1- أي من المهر وغيره ، والحصر في الخبر إضافي كما تقدم.
2- رواه الشيخ في التهذيبين بدون قوله « الجذماء ».
3- هكذا في التهذيب والكافي ، وفى بعض النسخ « لا تحل » والظاهر أنه تصحيف.

باب 438: التفريق بين الزوج والمرأة بطلب المهر

4503 - روى عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن الحسن بن مالك (1) قال : « كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام رجل زوج ابنته من رجل فرغب فيه ، ثم زهد فيه بعد ذلك وأحب أن يفرق بينه وبين ابنته ، وأبى الختن ذلك ولم يجب إلى الطلاق فأخذه بمهر ابنته ليجيب إلى الطلاق ، ومذهب الأب التخلص منه (2) ، فلما اخذ بالمهر أجاب إلى الطلاق؟ فكتب عليه السلام : إن كان الزهد من طريق الدين فليعمد إلى التخلص (3) ، وإن كان غيره فلا يتعرض لذلك » (4).

باب 439: الولد يكون بين والديه أيهما أحق به

4504 - روى العباس بن عامر القصباني (5) عن داود بن الحصين عن أبي - عبد اللّه عليه السلام «في قول اللّه عزوجل : « والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين» قال : ما دام الولد في الرضاع فهو بين الأبوين بالسوية (6) ، فإذا فطم فالأب أحق به من الام ، فإذا مات الأب فالأم أحق به من العصبة ، وإن وجد الأب من يرضعه

ص: 434


1- في بعض النسخ « الحسين بن مالك » وهو بكلا العنوانين ثقة من أصحاب أبي - الحسن الثالث الهادي (عليه السلام).
2- أي مقصوده التخلص لا أخذ المهر.
3- أي إن كان سببه أمرا دينا كأن يكون الزوج مخالفا - لا كونه وضيعا مثلا أو قليل المال وأمثال ذلك - فلا مانع منه.
4- ظاهر النهى الحرمة وحمل على التنزيهي.
5- هو ثقة كثير الحديث وله كتاب يرويه عنه سعد بن عبد اللّه ، وفى طريقه من لم يوثق ، وداود بن الحصين واقفي موثق.
6- أي في عمل الرضاع على الام والأجرة على الأب ، لا في الانفاق فإنه على الأب حق الرضاع وعلى الام الحضانة اجماعا.

بأربعة دراهم ، فقالت الام : لا أرضعه إلا بخمسة دراهم ، فإن له أن ينزعه منها إلا أن خيرا له وأرفق به أن يذره مع أمه » (1).

4505 - وروى سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث أو غيره قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طلق امرأته وبينهما ولد أيهما أحق به؟ قال : المرأة ما لم تتزوج ».

4506 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « أيما امرأة حرة تزوجت عبدا فولدت منه أولادا فهي أحق بولدها منه وهم أحرار ، فإذا أعتق الرجل فهو أحق بولده منها لموضع الأب ».

4507 - وروى عبد اللّه بن جعفر الحميري ، عن أيوب بن نوح (2) قال : « كتب إليه عليه السلام بعض أصحابه أنه كانت لي امرأة ولي منها ولد وخليت سبيلها ، فكتب عليه السلام : المرأة أحق بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين إلا أن تشاء المرأة » (3).

ص: 435


1- قال في المسالك : لا خلاف في أن الام أحق بالولد مطلقا مدة الرضاع إذا كانت متبرعة أو راضية بما يأخذ غيرها من الأجرة ، إنما الخلاف فيما بعد الحولين بسبب اختلاف الروايات ففي بعضها أن الام أحق بالولد مطلقا ما لم تتزوج ، وفى بعضها أنها أحق إلى سبع سنين ، وفى بعضها إلى التسع ، وفى بعضها أن الأب أحق به ، وليس في الجميع فرق بين الذكر والأنثى ، ولكن من فصل جمع بينهما بحمل ما دل على أولوية الأب على الذكر وما دل على أولوية الام على الاثني ، ورجحوا الاخبار المحددة للسبع لأنها أكثر وأشهر.
2- هو من وكلاء أبى الحسن الثالث عليه السلام ، وله كتب وروايات ومسائل عنه عليه السلام ، وكان ثقة عظيم المنزلة عنده وعند ابنه أبى محمد عليهما السلام ، وكان جميل ابن دراج عمه.
3- حملها الأكثر على الولد الأنثى جمعا بين الاخبار.

باب 440: الحد الذي إذا بلغه الصبيان لم يجز مباشرتهم وحملهم ووجب التفريق بينهم في المضاجع

4508 - روى محمد بن يحيى الخزاز ، عن غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي صلوات اللّه عليه : مباشرة المرأة ابنتها إذا بلغت ست سنين شعبة من الزنا » (1).

4509 - وروى عبد اللّه بن يحيى الكاهلي قال : « سأل أحمد بن النعمان أبا عبد اللّه عليه السلام فقال له : عندي جويرية (2) ليس بيني وبينها رحم ولها ست سنين ، قال : لا تضعها في حجرك » (3).

4510 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال : « يؤخذ الغلام بالصلاة وهو ابن سبع سنين ، ولا تغطي المرأة شعرها منه حتى يحتلم ».

4511 - وروي « أنه يفرق بين الصبيان في المضاجع لست سنين » (4).

4512 - وروى عبد اللّه بن ميمون ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : الصبي والصبي ، والصبي والصبية ، والصبية والصبية

ص: 436


1- لعل المراد بالمباشرة امساس الفرج ، وفيه مبالغة شديدة في الكراهة.
2- في الكافي ج 5 ص 533 في الصحيح عن الكاهلي ، عن أبي أحمد الكاهلي - وأظنني قد حضرته - قال : « سألته عن جويرية ليس بيني - الحديث. ولعل أحمد بن النعمان تصحيف ، وفى نسخة « محمد بن النعمان ».
3- ظاهره الحرمة وربما يحمل على الكراهة مع عدم الريبة. ( المرآة )
4- لم أجده مسندا ، وروى المؤلف في الخصال ص 439 مسندا عن ابن القداح عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال : « يفرق بين النساء والصبيان في المضاجع لعشر سنين ».

يفرق بينهم في المضاجع لعشر سنين » (1).

4513 - وفي رواية محمد بن أحمد ، عن العبيدي ، عن زكريا المؤمن رفعه أنه قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا بلغت الجارية ست سنين فلا يقبلها الغلام ، والغلام لا يقبل المرأة إذا جاز سبع سنين ».

باب 441: الاحصان

الاحصان(2)

4514 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن الحر أتحصنه المملوكة؟ قال : لا تحصن الحر المملوكة ، ولا يحصن المملوك الحرة (3) والنصراني يحصن اليهودية ، واليهودي يحصن النصرانية ».

4515 - وسئل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عزوجل : « والمحصنات من النساء «قال : هن ذوات الأزواج ، قلت : « والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم»؟ قال : هن العفايف » (4).

ص: 437


1- حاصله أنه لابد من التفريق بينهم عند بلوغهم عشر سنين ، وحينئذ فالتعبير عن الجارية بالصبية للمشاكلة ، ويمكن الجمع بينه وبين ما مر من التفريق بينهما لست سنين بحمل هذا الحديث على وجوب التفريق أو تأكيد استحبابه ، وحمل الرواية على أصل الاستحباب. ( م ت )
2- الاحصان والتحصين في اللغة المنع وورد في الشرع بمعنى الاسلام والبلوغ والعقل ، وبمعنى الحرية ، وبمعنى الزوج ومنه قوله تعالى « والمحصنات من النساء » ، وبمعنى العفة عن الزنا ، ومنه قوله تعالى « والذين يرمون المحصنات » ، وبمعنى الإصابة في النكاح ، ومنه قوله تعالى « محصنين غير مسافحين ».
3- عمل بظاهر الخبر ابن الجنيد وابن أبي عقيل وسلار وقالوا : ان ملك اليمين لا يحصن ، وقال الشهيد في المسالك - على المحكى - : لا فرق في الموطوءة التي يحصل بها الاحصان بين الحرة والأمة عندنا ، وقال سلطان العلماء : المشهور أنه يكفي في الاحصان المعتبر لوجوب الرجم بالزنا الإصابة لامرأة بوطئ صحيح وان كانت أمة بحيث يتمكن عليها متى أراد مع حصول باقي شروط الاحصان نعم لا يكفي المتعة. أقول : ذكر الخبرين بل الباب في أبواب كتاب الحدود أنسب.
4- الغرض ورود المحصن في القرآن بهذه المعاني.

باب 442: حق الزوج على المرأة

4516 - روى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « جاءت امرأة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقالت : يا رسول اللّه ما حق الزوج على المرأة؟ فقال لها : تطيعه ولا تعصيه ، ولا تصدق من بيتها شيئا إلا باذنه ، ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه ، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب (1) ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه ، فإن خرجت بغير إذنه لعنتها ملائكة السماء وملائكة الأرض ، وملائكة الغضب ، وملائكة الرحمة حتى ترجع إلى بيتها ، فقالت : يا رسول اللّه من أعظم الناس حقا على الرجل؟ قال : والداه ، قالت : فمن أعظم الناس حقا على المرأة؟ قال : زوجها ، قالت : فمالي من الحق عليه مثل ما له علي؟ قال : لا ولا من كل مائة واحدة ، فقالت : والذي بعثك بالحق نبيا لا يملك رقبتي رجل أبدا » (2).

4517 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس للمرأة مع زوجها أمر في عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا هبة ولا نذر في مالها إلا باذن زوجها إلا في حج أو زكاة أو بر والديها أو صلة قرابتها » (3).

4518 - وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن سليمان بن - خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن قوما أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقالوا : يا رسول اللّه إنا رأينا أناسا يسجد بعضهم لبعض ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لو كنت آمرا أحدا أن

ص: 438


1- القتب : الرحل الذي يشدى على الإبل.
2- رواه الكليني ج 5 ص 506 بسند صحيح.
3- رواه الكليني في الصحيح وحمل في غير النذر على الاستحباب في المشهور.

يسجد لاحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها » (1).

4519 - وروى محمد بن الفضيل ، عن شريس الوابشي ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن اللّه عزوجل كتب على الرجال الجهاد ، وعلى النساء الجهاد فجهاد الرجل أن يبذل ماله ودمه حتى يقتل في سبيل اللّه عزوجل ، وجهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته » (2).

4520 - وقال عليه السلام : « إن الناجي من الرجال قليل ، ومن النساء أقل وأقل » (3).

4521 - وفي حديث آخر قال : « جهاد المرأة حسن التبعل » (4).

4522 - وروى محمد بن الفضيل ، عن سعد بن عمر الجلاب قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « أيما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط في حق لم تقبل منها صلاة حتى يرضى عنها » (5).

4523 - وروى السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أيما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها فلا نفقة لها حتى ترجع » (6).

ص: 439


1- رواه الكليني في الصحيح وقوله : « لو كنت آمرا » أي يمتنع أمري بذلك لان السجدة غاية الخضوع والعبودية ولا يصلح الا لله عزوجل. وفيه مبالغة كاملة لحق الزوج.
2- رواه الكليني ج 5 ص 9 بسند آخر عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وقوله « وغيرته » بالإضافة إلى الفاعل أو المعقول.
3- رواه الكليني ج 5 ص 515 مسندا بزيادة في آخره » ، هي » قيل : ولم يا رسول اللّه؟ قال : « لأنهن كافرات الغضب ، مؤمنات الرضا » أي كافرات عند الغضب ولا يقدرن على كظم غيظهن وضبط نفسهن ، فيتكلمن بما يوجب كفرهن على المصطلح ، أو الكفر هنا بمعنى العصيان.
4- رواه الكليني ج 5 ص 507 مسندا ، وحسن التبعل إطاعة زوجها ، وفى القاموس تبعلت المرأة : أطاعت زوجها أو تزينت له انتهى ، ويلزم ذلك أن يكون لها زوج.
5- عدم القبول أعم من عدم الاجزاء.
6- وذلك لأنها حينئذ ناشزة. وفى بعض النسخ « بغير اذن بعلها ».

4524 - وقال عليه السلام : « أيما امرأة تطيبت لغير زوجها لم تقبل منها صلاة حتى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها » (1).

4525 - وقال الصادق عليه السلام : « لا ينبغي للمرأة أن تجمر ثوبها إذا خرجت [ من بيتها ] » (2).

4526 - وقال عليه السلام : « أيما امرأة وضعت ثوبها في غير منزل زوجها أو بغير إذنه لم تزل في لعنة اللّه إلى أن ترجع إلى بيتها ».

4527 - وروى جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « أيما امرأة قالت لزوجها : ما رأيت قط من وجهك خيرا (3) فقد حبط عملها ».

باب 443: حق المرأة على الزوج

4528 - روى العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : أوصاني جبرئيل عليه السلام بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلا من فاحشة مبينة » (4).

4529 - وسأل إسحاق بن عمار أبا عبد اللّه عليه السلام « عن حق المرأة على زوجها قال : يشبع بطنها ، ويكسو جثتها ، وإن جهلت غفر لها ».

4530 - « إن إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام شكا إلى اللّه عزوجل خلق سارة فأوحى اللّه عزوجل إليه إن مثل المرأة مثل الضلع إن أقمته انكسر ، وإن تركته

ص: 440


1- رواه الكليني في ذيل حديث عن أبي عبد اللّه عليه السلام. وقوله « لغسلها » لعل التشبيه في أصل اللزوم أو في شموله للجسد. ( المرآة )
2- رواه الكليني ج 5 ص 519 بسند مرسل مجهول ، والتجمير من التطيب بل أشد رائحة.
3- في بعض النسخ « ما رأيت منك خير أقط ».
4- يدل على كراهة الطلاق كما سيجيئ. والمراد بالفاحشة المبينة الزنا.

استمتعت به (1) ، قلت : من قال هذا؟ فغضب ، ثم قال : هذا واللّه قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ».

4531 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : « كانت لأبي عليه السلام امرأة وكانت تؤذيه فكان يغفر لها » (2).

4532 - وروى عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها (3) كان حقا على الامام أن يفرق بينهما ».

4533 - وروى ربعي بن عبد اللّه ، والفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قوله عزوجل : « ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه اللّه » قال : إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلا فرق بينهما » (4).

4534 - وروى أبو الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحجت بيت ربها ، وأطاعت زوجها ، وعرفت حق علي عليه السلام فلتدخل من أي أبواب الجنان شاءت » (5).

4535 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

ص: 441


1- رواه الكليني إلى هنا ج 5 ص 513 في الصحيح عن محمد الواسطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
2- رواه الكليني ج 5 ص 511 بسند موثق في ذيل حديث.
3- عطف على المنفى.
4- أي يجبره الحاكم على الانفاق أو الطلاق مع القدرة ، والمشهور بين الأصحاب أن الاعسار ليس بعيب يوجب الفسخ ، ويفهم من كلام بعضهم اشتراطه في صحة العقد وذهب ابن إدريس إلى ثبوت الخيار للمرأة مع اعسار الزوج قبل العقد وعدم علمها به ، ونقل عن ابن الجنيد ثبوت الخيار لها مع تجدد الاعسار أيضا ، وحكى الشيخ فخر الدين عن بعض العلماء قولا بان الحاكم يفرق بينهما. ( المرآة )
5- رواه الكليني ج 5 ص 555 بسند حسن عن أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السلام.

« إن رجلا من الأنصار على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله خرج في بعض حوائجه وعهد إلى امرأته عهدا ألا تخرج من بيتها حتى يقدم ، قال : وإن أباها مرض فبعثت المرأة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقالت : إن زوجي خرج وعهد إلي أن لا أخرج من بيتي حتى يقدم وإن أبي مريض فتأمرني أن أعوده؟ فقال : لا اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك ، قال : فمات فبعثت إليه فقالت : يا رسول اللّه إن أبي قد مات فتأمرني أن أصلي عليه؟ فقال : لا اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك ، قال : فدفن الرجل فبعث إليها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ان اللّه عزوجل قد غفر لك ولأبيك بطاعتك لزوجك ».

4536 - وسئل الصادق عليه السلام عن قول اللّه عزوجل : « قوا أنفسكم وأهليكم نارا » كيف نقيهن؟ قال : تأمرونهن وتنهونهن ، قيل له : إنا نأمرهن وننهاهن فلا يقبلن ، قال : إذا أمرتموهن ونهيتموهن فقد قضيتم ما عليكم » (1).

4537 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ألهموهن حب علي عليه السلام وذروهن بلهاء » (2).

4538 - وروى إسماعيل بن أبي زياد (3) عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام عن آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا تنزلوا نساءكم الغرف ولا تعلموهن الكتابة ، ولا تعلموهن سورة يوسف ، وعلموهن المغزل وسورة النور ».

4539 - وروى ضريس الكناسي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن امرأة أتت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لبعض الحاجة ، فقال لها : لعلك من المسوفات؟ فقالت : وما المسوفات يا رسول اللّه؟ فقال : المرأة يدعوها زوجها لبعض الحاجة فلا تزال تسوفه حتى ينعس

ص: 442


1- مروى في الكافي بسند موثق ج 5 ص 62 عن أبي بصير عنه عليه السلام.
2- أي حدثوا لهن ببعض فضائل أمير المؤمنين علي عليه السلام ومناقبه وايمانه باللّه وجهاده في سبيله وتفانيه في محبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وعدالته في القسمة وعباداته وقضائه حتى تحصل بذلك محبة حقيقية له في قلوبهن ثم ذروهن لا يعلمن دقائق الدين ولا يعرفن حقيقة الولاية.
3- هو السكوني العامي وهذا من متفرداته والطريق إليه ضعيف كما في الكافي أيضا.

زوجها فينام فتلك لا تزال الملائكة تلعنها حتى يستيقظ زوجها » (1).

4540 - وقال الصادق عليه السلام : « رحم اللّه عبدا أحسن فيما بينه وبين زوجته (2) فإن اللّه عزوجل قد ملكه ناصيتها وجعله القيم عليها » (3).

4541 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « خيركم خيركم لنسائه ، وأنا خيركم لنسائي » (4).

باب 444: العزل

4542 - روى القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد ، عن يعقوب الجعفي قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : « لا بأس بالعزل في ستة وجوه : المرأة التي أيقنت أنها لا تلد ، والمسنة ، والمرأة السليطة ، والبذية ، والمرأة التي لا ترضع ولدها ، والأمة » (5).

ص: 443


1- رواه الكليني ج 5 ص 508 في الضعيف.
2- أي أحسن في الحقوق التي تلزمه بالنسبة إليها.
3- كما قال اللّه تعالى « الرجال قوامون على النساء بما فضل اللّه بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم - الآية ».
4- رواه ابن ماجة في سننه بسند صحيح عندهم عن ابن عباس بهذا اللفظ « خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي » وأخرجه ابن عساكر في التاريخ بسند صحيح عندهم عن علي عليه السلام ، والمراد أن خيار كم أفضلكم برا ونفعا ودينا ودنيا لنسائه أو لأهله.
5- قال في المسالك : المراد بالعزل أن يجامع فإذا جاء وقت الانزال أخرج فأنزل خارج الفرج ، وقد اختلفوا في جوازه وتحريمه ، وذهب الأكثر إلى جوازه على الكراهة وقد ظهر من الخبر المعتبر في الحكم أن الحكم مختص بالزوجة الحرة مع عدم الشرط وزاد بعضهم كونها منكوحة بالعقد الدائم وكون الجماع في الفرج ، وروى الصدوق والشيخ باسناد ضعيف عن يعقوب الجعفي قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : « لا بأس بالعزل في ستة وجوه - الحديث ». أقول : زاد في بعض الروايات : الحامل والمرضعة.

باب 445: الغيرة

4543 - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « كان أبي إبراهيم عليه السلام غيورا وأنا أغير منه ، وأرغم اللّه أنف من لا يغار من المؤمنين » (1).

4544 - وقال عليه السلام (2) : « إن الغيرة من الايمان ».

4545 - وقال عليه السلام : « إن الجنة لتوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ، ولا يجدها عاق ولا ديوث ، قيل : يا رسول اللّه وما الديوث؟ قال : الذي تزني امرأته وهو يعلم بها ».

4546 - وروى محمد بن الفضيل ، عن شريس الوابشي ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال لي : « إن اللّه تبارك وتعالى لم يجعل الغيرة للنساء وإنما جعل الغيرة للرجال لان اللّه عزوجل قد أحل للرجل أربع حرائر وما ملكت يمينه ولم يجعل للمرأة إلا زوجها وحده ، فإن بغت مع زوجها غيره كانت عند اللّه عزوجل زانية ، وإنما تغار المنكرات منهن فأما المؤمنات فلا » (3).

ص: 444


1- رواه الكليني ج 5 ص 536 في الصحيح عن ابن محبوب عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله وفيه « وجدع اللّه أنف - الخ ».
2- يعنى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فان الخبر رواه البيهقي في شعب الايمان بسند حسن عن أبي سعيد الخدري عنه صلوات اللّه عليه وزاد « والمذاء من النفاق » وفى النهاية « الغيرة من الايمان والمذاء من النفاق » المذاء - بكسر الميم - قيل : هو أن يدخل الرجل الرجال على أهله ، ثم يخليهم يماذى بعضهم بعضا ، يقال : أمذى الرجل وماذى إذا قاد على أهله ، مأخوذ من المذي.
3- مروى في الكافي ج 5 ص 505 عن محمد بن الفضيل عن سعد الجلاب مع اختلاف وتقديم الذيل على الصدر.

باب 446: عقوبة المرأة على أن تسحر زوجها

4547 - روى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لامرأة سألته أن لي زوجا وبه علي غلظة وإني صنعت شيئا لاعطفه علي فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أف لك كدرت البحار وكدرت الطين ولعنتك الملائكة الأخيار ، وملائكة السماوات والأرض ، قال : فصامت المرأة نهارها وقامت ليلها وحلقت رأسها ولبست المسوح (1) فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : إن ذلك لا يقبل منها »(2).

باب 447: استبراء الإماء

4548 - روى عبد اللّه بن القاسم (3) ، عن عبد اللّه بن سنان قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « أشتري الجارية من الرجل المأمون فيخبرني أنه لم يمسها منذ طمثت عنده وطهرت ، قال : ليس بجائز أن تأتيها حتى تستبرأها بحيضة ، ولكن يجوز لك ما دون الفرج ، إن الذين يشترون الإماء ثم يأتونهن قبل أن يستبرؤوهن فأولئك

ص: 445


1- المراد بخلع الرأس عدم مشطه وزينته وطيبه. والمسوح جمع مسح - بالكسر - وهو الكساء من الشعر وما يلبس من نسيج على البدن تقشفا. وعملت ذلك خوفا من اللّه وتوبة إليه.
2- مبالغة لئلا يجترئ أحد بمثل فعلها ، أو كان قبل نزول آية التوبة لان غاية ما في الباب أن تكون مرتدة والمرتدة تقبل توبتها وان كانت فطرية بلا ريب. ( م ت )
3- هو ضعيف والطريق إليه ضعيف بأبي عبد اللّه الرازي ، ويمكن الحكم بصحة السند لأن الظاهر وجود كتب عبد اللّه بن سنان عند المصنف نقل عنها بإجازة المشايخ فلا يضر ضعف الطريق حينئذ ، ورواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 308 أيضا.

الزناة بأموالهم » (1).

4549 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إذا اشترى الرجل جارية وهي لم تدرك أو قد يئست من الحيض فلا بأس بأن لا يستبرأها » (2).

4550 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن رجل اشترى جارية ولم يكن صاحبها يطأها أيستبرئ رحمها؟ قال : نعم ، قلت : جارية لم تحض كيف يصنع بها؟ قال : أمرها شديد (3) فإن أتاها فلا ينزل حتى يستبين له أنها حبلى أولا (4) ، قلت له : في كم يستبين له ذلك؟ قال : في خمس وأربعين ليلة » (5).

باب 448: المملوك يتزوج بغير اذن سيده

4551 - روى موسى بن بكر ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل تزوج عبده امرأة بغير إذنه فدخل بها ثم اطلع على ذلك مولاه ، قال : ذلك لمولاه إن شاء فرق بينهما وإن شاء أجاز نكاحهما ، فإن فعل وفرق بينهما فللمرأة ما

ص: 446


1- المشهور عدم وجوب الاستبراء على المشترى إذا كان البايع عدلا أخبر بأنه لم يطأها بعد طمثها وطهرها ، ويدل على ذلك روايات صحيحة كثيرة ، وخالف ابن إدريس ذلك وأوجب الاستبراء لعموم الامر ولرواية عبد اللّه بن سنان هذه ، وأجيب بأن عموم الأوامر قد خص بما ذكر من الروايات الصحيحة ، والرواية المذكورة مع ضعف سندها بعبد اللّه بن القاسم يمكن حملها على الكراهة جمعا مع أن عبد اللّه بن سنان روى الجواز أيضا. ( سلطان ) أقول : راجع الكافي ج 5 ص 472 باب استبراء الأمة.
2- رواه الكليني بسند مجهول وعليه فتوى الأصحاب.
3- قال المولى المجلسي : يعنى في الاستبراء وعدم الوطي أو عدم الانزال.
4- لعل قوله عليه السلام « فلا ينزل » كناية عن عدم الوطي في الفرج وحينئذ يؤيد قول من ذهب إلى جواز الاستمتاع بها فيها دون الفرج.
5- مروى في الكافي بسند موثق من حديث سماعة وفيه « في خمسة وأربعين يوما ».

أصدقها (1) إلا أن يكون اعتدى فأصدقها صداقا كثيرا ، فإن أجاز نكاحه فهما على نكاحهما الأول ، فقلت لأبي جعفر عليه السلام : فإنه في أصل النكاح كان عاصيا ، فقال أبو جعفر عليه السلام : إنما أتى شيئا حلالا وليس بعاص لله إنما عصى سيده ولم يعص اللّه عزوجل إن ذلك ليس كإتيانه ما حرم اللّه عليه من نكاح في عدة وأشباه ذلك » (2).

4552 - وروى أبان بن عثمان أن رجلا يقال له ابن زياد الطائي قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « إني كنت رجلا مملوكا فتزوجت بغير إذن موالي ثم أعتقني اللّه عزوجل فأجدد النكاح؟ فقال : كانوا علموا أنك تزوجت؟ قلت : نعم قد علموا وسكتوا ولم يقولوا لي شيئا ، فقال : ذلك إقرار منهم ، أنت على نكاحك » (3).

باب 449: الرجل يشترى الجارية وهي حبلى فيجامعها

4553 - روى محمد بن أبي عمير ، عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشترى جارية حاملا قد استبان حملها فوطئها ، قال : بئس ما صنع (4) فقلت : ما تقول فيها؟ قال : عزل عنها أم لا؟ قلت : أجبني في الوجهين ، فقال : إن كان عزل عنها فليتق اللّه ولا يعد ، وإن كان لم يعزل عنها فلا يبيع ذلك الولد ولا يورثه و

ص: 447


1- ذلك على تقدير جهلها بالرق أو بالتحريم فلا ينافي ما سيجيئ من عدم المهر إذ هو على تقدير العلم. ( سلطان )
2- مروى في الكافي ج 5 ص 478 في الضعيف على المشهور وهكذا في التهذيب ج 2 ص 213.
3- رواه الكليني في الصحيح بتفاوت في اللفظ ، وكذا الشيخ في التهذيب.
4- مروى في الكافي في الموثق وقوله « بئس ما صنع » لأنها كالمعتدة من غيره ، وقد قال سبحانه : « وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ».

لكن يعتقه ويجعل له شيئا من ماله يعيش به فإنه قد غذاه بنطفته » (1).

باب 450: الجمع بين أختين مملوكتين

4554 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل كان عنده أختان مملوكتان فوطئ إحديهما ثم وطئ الأخرى ، قال : إذا وطئ الأخرى فقد حرمت عليه الأولى حتى تموت الأخرى (2) ، قلت : أرأيت إن باعها أتحل له الأولى؟ قال : إن كان باعها لحاجة ولا يخطر على باله من الأخرى شئ فلا أرى بذلك بأسا ، وإن كان يبيعها ليرجع إلى الأولى فلا ولا كرامة ».

4555 - وفي رواية علي بن رئاب ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « الرجل يشتري الأختين فيطأ إحديهما ثم يطأ الأخرى ، قال : إذا وطئ الأخرى بجهالة لم تحرم عليه الأولى ، فإن وطئ الأخيرة وهو يعلم أنها تحرم عليه حرمتا عليه جميعا » (3).

ص: 448


1- قد اختلف كلام الأصحاب في تحريم وطئ الأمة الحامل وكراهته بسبب اختلاف الروايات فقوم حكموا بالكراهة مطلقا ، وهو قول الشيخ في الخلاف ، وقوم حكموا بالتحريم ، مطلقا ، وقوم حكموا بالتحريم قبل مضى أربعة أشهر وعشرة أيام مع الكراهة بعد ذلك وهو قول الأكثر ( سلطان ) أقول : في بعض النسخ « ولا يعتقه » ولعل المراد على هذه النسخة أنه لا يعتقه في الكفارات. بناء على أنه يجب عتقه كما يستفاد من قوله « ولكن يعتقه ».
2- هذا أيضا مستثنى من قاعدة « ان الحرام لا يفسد الحلال » كما مرت الإشارة إلى مثله مما يستثنى من تلك القاعدة ، وينبغي حمل حرمة الأولى على دخوله بالأخرى مع العلم بالحرمة كما يجيئ في الحديث الاخر ، كما أن قوله عليه السلام « فان وطئ الأخيرة وهو يعلم أنها تحرم عليه حرمتا عليه جميعا » في الحديث الآتي ينبغي حمله على حرمتها ما دامت الأخرى حية عنده أو مع اخراجها بقصد الاتيان بالأولى. ( مراد )
3- لا خلاف في أنه لا يجوز الجمع بين الأختين في الوطي بملك اليمين كما لا يجوز بالنكاح ، ولا خلاف أيضا في جواز جمعهما في الملك ، فإذا وطئ إحديهما حرمت الأخرى عليه حتى يخرج الأولى عن ملكه ، فان وطئها قبل ذلك فعل حراما ولا حد عليه ولكن يعزر كما في فاعل المحرم لكن إذا وطئ الثانية ففي تحريم الأولى أو الثانية أو تحريمهما على بعض الوجوه أقوال : الأول وهو مختار الشيخ في المبسوط والمحقق وأكثر المتأخرين ان الأولى تبقى على الحل والثانية تبقى على التحريم سواء كان جاهلا بتحريم وطئ الثانية أم كان عالما وسواء أخرج الثانية عن ملكه أم لا ، ومتى أخرج الأولى عن ملكه حلت الثانية سواء أخرجها للعود إلى الثانية أم لا ، الثاني قول الشيخ في النهاية وهو أنه ان وطئ الثانية عالما بتحريم ذلك حرمت عليه الأولى حتى تموت الثانية ، فان أخرج الثانية عن ملكه ليرجع إلى الأولى لم يجز له الرجوع إليها وان أخرجها عن ملكه لا لذلك جاز له الرجوع إلى الأولى ، وان لم يعلم تحريم ذلك عليه جاز له الرجوع إلى الأول على كل حال إذا أخرج الثانية عن ملكه ، واستند لهذا التفصيل إلى أخبار كثيرة مضطربة الألفاظ مختلفة المعاني فجمع الشيخ بينها بما ذكر وهنا أقوال أخر والتفصيل مذكور مع أدلة الأقوال في شرح الشرايع ( أي المسالك ) ( سلطان ) وقال العلامة في التحرير : الأقرب عندي أن الثانية محرمة دون الأولى لكن يستحب له التربص حتى يستبرئ الثانية.

باب 451: كيفية انكاح الرجل عبده أمته

4556 - روى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن الرجل كيف ينكح عبده أمته ، قال : يجزيه أن يقول : قد أنكحتك فلانة ويعطيها ما شاء من قبله أو من قبل مولاه ، ولابد من طعام (1) أو درهم أو نحو ذلك ، ولا بأس بأن يأذن له فيشتري من ماله إن كان له جارية أو جواري يطأهن ».

باب 452: تزويج الحرة نفسها من عبد بغير اذن مواليه وكراهية نكاح الأمة بين الشريكين

4557 - روى زرعة ، عن سماعة قال : « سألته عن رجلين بينهما أمة فزوجاها

ص: 449


1- كذا وفى حسنة الحلبي المروية في الكافي « ولو مد من طعام ». وذهب الشيخان وأتباعهما إلى وجوب الاعطاء والمحقق والأكثر إلى الاستحباب ، والظاهر من حال هذا المدفوع أنه ليس على جهة المهر بل مجرد الصلة والبر وجبر قلبها ولهذا لم يتقدر بقدر مهر المثل مع الدخول ولا بغيره. ( المسالك )

من رجل ثم إن الرجل اشترى بعض السهمين ، قال : حرمت عليه باشترائه إياها وذلك أن بيعها طلاقها (1) إلا أن يشتريها جميعا ».

4558 - وروى إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أيما امرأة حرة زوجت نفسها عبدا بغير إذن مواليه فقد أباحت فرجها (2) ولا صداق لها ».

باب 453: أحكام المماليك والإماء

4559 - روى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل اشترى جارية مدركة ولم تحض عنده حتى مضى لها ستة أشهر وليس بها حبل ، قال : إن كان مثلها تحيض ولم يكن ذلك من كبر ، فهذا عيب ترد منه » (3).

4560 - وروى أبان بن عثمان ، عن الحسن الصيقل ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سمعته وسئل عن رجل اشترى جارية ثم وقع عليها قبل أن يستبرئ رحمها ، قال : بئس ما صنع يستغفر اللّه ولا يعود ، قال : فإنه باعها من رجل آخر فوقع عليها ولم يستبرئ رحمها ، ثم باعها الثاني من رجل آخر فوقع عليها ولم يستبرئ رحمها

ص: 450


1- ذلك لأنه لا يجتمع العقد مع الملك ولا يجوز الوطي بالامرين. ( م ت )
2- أي أعطت فرجها بلا عوض لا أنه يحل ذلك ، وهذا على تقدير علمها بالرقية والتحريم. ( سلطان )
3- الأنسب ذكر هذا الخبر في باب البيوع ، ويدل على أن عدم الحيض في سن من تحيض عيب يجوز به الفسخ ويجوز الأرش. ( م ت )

فاستبان حملها عند الثالث ، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : الولد للفراش وللعاهر الحجر » (1).

4561 - وروى وهب بن وهب (2) ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي بن أبي طالب عليه السلام : من اتخذ من الإماء أكثر مما ينكح أو ينكح (3) فالاثم عليه إن بغين ».

4562 - وروى هارون بن مسلم (4) ، عن مسعدة بن زياد قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « يحرم من الإماء عشر ، لا تجمع بين الام والابنة ، ولا بين الأختين ولا أمتك وهي حامل من غيرك حتى تضع (5) ، ولا أمتك وهي عمتك من الرضاعة ، ولا أمتك وهي خالتك من الرضاعة ، ولا أمتك وهي أختك من الرضاعة ، ولا أمتك وهي ابنة أخيك من الرضاعة (6) ، ولا أمتك ولها زوج ، ولا أمتك وهي في عدة ، ولا أمتك ولك فيها شريك » (7).

4563 - وروى داود بن الحصين ، عن أبي العباس البقباق قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « يتزوج الرجل الأمة بغير علم أهلها؟ قال : هو زنا إن اللّه عزوجل

ص: 451


1- عهر عهرا من باب فجر فهو عاهر ، وللعاهر الحجر أي الخيبة كما يقال : له التراب ( المصباح ) والمراد بالفراش هنا فراش المشترى ، وقد صرح به في خبر آخر عن الحسن الصيقل رواه الشيخ في التهذيب وفيه « الولد للذي عنده الجارية ». ( المرآة )
2- وهب بن وهب أبو البختري القرشي كان كذابا وهو الذي تزوج أبو عبد اللّه عليه السلام بأمه وأخباره مع الرشيد مذكورة في الكتب.
3- أي يحللها من غيره ويمكن أن يكون الترديد من الراوي.
4- لم يذكر في المشيخة طريقه إليه ، ورواه في الخصال مع اختلاف ص 438 في الصحيح عنه وهو ثقة وكذا مسعدة والسند صحيح. ورواه الشيخ أيضا في الصحيح.
5- يدل على تحريم وطئ الأمة الحاملة من الغير وإن كان بعد أربعة أشهر وعشر وهو أحد الأقوال. ( سلطان )
6- في بعض النسخ « ابنة أختك من الرضاعة ».
7- لا ينبغي اعتبار مفهوم العدد هنا إذ المحرم منها غير منحصرة في المذكورات إذ يحرم عليها ابنتها من الرضاعة ، وأمها من الرضاعة ، وفى حال الحيض وغيرها. ( سلطان )

يقول : « فانكحوهن بإذن أهلهن ».

4564 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « في كتاب علي عليه السلام : إن الولد لا يأخذ من مال والده شيئا ويأخذ الوالد من مال ولده ما يشاء (1) ، وله أن يقع على جارية ابنه إن لم يكن الابن وقع عليها ».

4565 - وفي خبر آخر : « لا يجوز له أن يقع على جارية ابنته إلا بإذنها » (2)

4566 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج ، وحفص بن البختري أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل تكون له الجارية أفتحل لابنه (3)؟ قال : ما لم يكن جماع أو مباشرة كالجماع فلا بأس » (4).

4567 - وقال عليه السلام : « كان لأبي عليه السلام جاريتان تقومان عليه فوهب لي إحديهما ».

4568 - وسئل عليه السلام : عن المملوك ما يحل له من النساء؟ قال : « حرتين أو أربع إماء » (5).

4569 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل كانت له جارية وكان يأتيها ، فباعها فأعتقت وتزوجت فولدت ابنة هل تصلح ابنتها لمولاها الأول؟ قال : هي عليه حرام » (6).

ص: 452


1- ربما يحمل على الاقتراض من مال ولده الصغير ، أوفى حال الاضطرار مطلقا.
2- لم أجده مسندا ويمكن أن يكون المراد به خبر الحسن بن صدقة المروى في الكافي ج 5 ص 471. وفى بعض النسخ « جارية ابنه الا باذنه » وقال سلطان العلماء : يحمل على البالغ أو البالغة - على اختلاف النسخ - وعدم تقويم الأب فلا ينافي ما سبق ، والظاهر الجمع بعدم الاذن والاذن.
3- أي باذن الأب أو تحليله.
4- تقدم أن فيه خلاف ، والمشهور الكراهية.
5- تقدم من كلام المصنف ص 429 قال وفى حديث آخر ورواه الكليني عن محمد ابن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام.
6- رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح مثل ما في المتن ، ورواه أيضا بسند صحيح بغير السند الأول وزاد في آخره « وهي ربيبته والحرة والمملوكة في هذا سواء » وهكذا رواه العياشي في تفسيره ج 1 ص 230 عن محمد بن مسلم.

4570 - وقال « في جارية لرجل وكان يأتيها فأسقطت سقطا منه بعد ثلاثة أشهر قال : هي أم ولد » (1).

4571 - قال : « وسألت أبا جعفر عليه السلام عن امرأة حرة تزوجت عبدا على أنه حر ، ثم علمت بعد أنه مملوك ، قال : هي أملك بنفسها إن شاءت بعد علمها أقرت به وأقامت معه ، وإن شاءت لم تقم ، وإن كان العبد دخل بها فلها الصداق بما استحل من فرجها ، وإن لم يكن دخل بها فالنكاح باطل ، فإن أقرت معه بعد علمها أنه عبد مملوك فهو أملك بها » (2).

4572 - وروى الحسن بن محبوب ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما السلام « في رجل زوج مملوكة له من رجل حر على أربعمائة درهم فعجل له مائتي درهم ، ثم أخر عنه مائتي درهم فدخل بها زوجها ، ثم إن سيدها باعها بعد من رجل لمن تكون المائتان المؤخرتان عليه (3)؟ فقال : إن لم يكن أوفاها بقية المهر حتى باعها فلا شئ له عليه ولا لغيره » (4). وإذا باعها السيد فقد بانت من الزوج الحر إذا كان يعرف هذا الامر (5) ». وقد تقدم من ذلك على أن بيع

ص: 453


1- لعل المراد كونها أم ولد من حيث لكم العدة والوصية لو أوصى لأمهات الأولاد شيئا وأمثال ذلك لا المنع من البيع. ( سلطان )
2- قال السيد - رحمه اللّه - : إذا تزوجت المرأة زوجا على أنه حر فبان عبدا فإن كان بغير اذن مولاه ولم يجز العقد وقع باطلا وإن كان باذنه أو اجازته صح العقد وكان للمرأة الفسخ سواء شرطت حريته في نفس العقد أو عولت على الظاهر ، ولا فرق في ذلك بين أن يتبين الحال قبل الدخول أو بعده ولكن ان فسخت بعده ثبت لها المهر فإن كان النكاح برضا السيد كان لها المسمى عليه والا كان لها مهر المثل على المملوك يتبع به إذا أعتق. ( المرآة )
3- في بعض النسخ « المؤخرة » وفى بعضها « عنه ».
4- يدل على أنه إذا لم يطلب المهر مدة ليس للمولى أن يطالب به كما تقدم ، وحمل على الاستحباب. ( م ت )
5- أي يعرف أن بيع الأمة طلاقها ، وللمولى الثاني الخيار في تنفيذ العقد وفسخه.

الأمة طلاقها (1).

4573 - وروى الحسن بن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن مملوك لرجل أبق منه فأتى أرضا فذكر لهم أنه حر من رهط بني فلان وأنه تزوج امرأة من أهل تلك الأرض فأولدها أولادا ، وإن المرأة ماتت وتركت في يده مالا وضيعة وولدها ، ثم إن سيده بعد أتى تلك الأرض فأخذ العبد وجميع ما في يده وأذعن له العبد بالرق ، فقال : أما العبد فعبده ، وأما المال والضيعة فإنه لولد المرأة الميتة (2) لا يرث عبد حرا ، قلت : جعلت فداك فإن لم يكن للمرأة يوم ماتت ولد ولا وارث ، لمن يكون المال والضيعة التي تركتها في يد العبد؟ فقال : يكون جميع ما تركت لإمام المسلمين خاصة ».

4574 - وروى الحسن بن محبوب ، عن حكم الأعمى ، وهشام بن سالم ، عن عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل أذن لغلامه في امرأة حرة فتزوجها ، ثم إن العبد أبق من مواليه فجاءت امرأة العبد تطلب نفقتها من مولى العبد ، فقال : ليس لها على مولى العبد نفقة وقد بانت عصمتها منه لان إباق العبد طلاق امرأته ، وهو بمنزلة المرتد عن الاسلام ، قلت : فإن هو رجع إلى مولاه أترجع امرأته إليه؟ قال : إن كان انقضت عدتها منه ، ثم تزوجت زوجا غيره فلا سبيل له عليها ، وإن كانت لم تتزوج فهي امرأته على النكاح الأول ».

4575 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة أمكنت من نفسها عبدا لها [ فنكحها ، أن تضرب مائة ويضرب العبد خمسين جلدة و ] (3) أن يباع بصغر منها (4) ومحرم على كل مسلم

ص: 454


1- هذه البقية من كلام المصنف أو الراوي لكنه بعيد.
2- يدل على أن حكم الشبهة حكم الشبهة حكم الصحيح والا لما ورث الولد ، وعلى أن الولد تابع لأشرف الأبوين ، وعلى أن الامام وارث من لا وارث له. ( م ت )
3- ما بين القوسين موجود في جميع النسخ الا أن في بعضها جعله نسخة.
4- الصغر - بالضم - : الذي أي يبيعه الحاكم وان كرهت المرأة.

أن يبيعها عبدا مدركا بعد ذلك ».

4576 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد العزيز ، عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في عبد بين رجلين زوجه أحدهما والاخر لم يعلم به ثم إنه علم به بعد أله أن يفرق بينهما؟ قال : للذي لم يعلم ولم يأذن يفرق بينهما إذا علم وإن شاء تكره على نكاحه ».

4577 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن عليه السلام « في رجل يزوج مملوكا له امرأة حرة على مائة درهم ، ثم إنه باعه قبل أن يدخل عليها ، فقال : يعطيها سيده من ثمنه نصف ما فرض لها ، إنما هو بمنزلة دين استدانه بإذن سيده » (1).

4578 - وسأل محمد بن إسماعيل بن بزيع الرضا عليه السلام « عن امرأة أحلت لزوجها جاريتها فقال : ذلك له ، قال : فإن خاف أن تكون تمزح؟ قال : فإن علم أنها تمزح فلا » (2).

4579 - وروى جميل (3) ، عن فضيل قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « جعلت فداك إن بعض أصحابنا روى عنك أنك قلت : إذا أحل الرجل لأخيه المؤمن فرج جاريته فهو له حلال ، فقال له : نعم يا فضيل ، قلت : فما تقول في رجل عنده جارية له نفيسة وهي بكر أحل لأخ له ما دون الفرج أله أن يفتضها؟ قال : لا ليس له إلا ما أحل له منها ، ولو أحل له قبلة منها لم يحل له ما سوى ذلك ، قلت : أرأيت إن هو أحل له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فاقتضها؟ قال : لا ينبغي له ذلك ،

ص: 455


1- يدل على أن الفسخ بالبيع منصف للمهر ، وعلى أن المهر مع اذن المولى في ذمته ، وكذا كل دين يكون باذن السيد. ( م ت )
2- رواه الشيخ في التهذيبين والكليني في الكافي ج 5 ص 469 في الصحيح هكذا « سألت أبا الحسن عليه السلام عن امرأة أحلت لي جاريتها ، فقال : ذلك لك ، قلت : فان كانت تمزح ، قال : وكيف لك بما في قلبها ، فان علمت أنها تمزح فلا ».
3- يعنى ابن صالح كما في الكافي والتهذيب.

قلت : فإن فعل ذلك أيكون زانيا؟ قال : لا ولكن يكون خائنا ويغرم لصاحبها ، عشر قيمتها » (1).

4580 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن دراج (2) ، عن ضريس بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يحل لأخيه جاريته وهي تخرج في حوائجه ، قال : هي له حلال ، قلت : أرأيت إن جاءت بولد ما يصنع به؟ قال : هو لمولى الجارية (3) إلا أن يكون قد اشترط عليه حين أحلها له أنها إن جاءت بولد مني فهو حر فإن كان فعل فهو حر ، قلت : فيملك ولده؟ قال : إن كان له مال اشتراه بالقيمة » (4).

4581 - وروى سليمان الفراء (5) ، عن حريز ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « الرجل يحل لأخيه جاريته ، قال : لا بأس به ، قلت : فإن جاءت بولد ، فقال : ليضم إليه ولده وليرد على الرجل جاريته ، قلت له : لم يأذن له في ذلك ، قال : إنه قد أذن له ولا يأمن أن يكون ذلك » (6).

ص: 456


1- الافتضاض إزالة البكارة ، والخبر مروى في التهذيب والكافي ج 5 ص 468 بزيادة في آخره هكذا « يغرم لصاحبها عشر قيمتها ان كانت بكرا ، وان لم تكن بكرا فنصف عشر قيمتها » ولم ينقل المصنف (رحمه اللّه) هذه الزيادة لان السؤال عن حكم البكر كما في قوله : « وهي بكر ».
2- مروى في التهذيبين وفيهما « جميل بن صالح ».
3- هذا مختص بصورة التحليل ، فلا ينافي ما يدل على أن الولد تابع للحر من الأبوين.
4- يدل على أن الولد لمولى الجارية الا مع شرط حريته ، وعلى الوالد أن يفكه بقيمته يوم ولد حبا. ( م ت )
5- في الكافي والتهذيب « سليم » ، وسليمان الفراء وسليم الفراء واحد كما في كتب الرجال وكأنه كان اسمه سليمان فبالترخيم صار سليم وهو ثقة ، ورواه الكليني في الحسن كالصحيح عنه.
6- يعنى لما أذن له في الوطي فأذن في لوازمه ومنها الولد.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذان الحديثان متفقان وليسا بمختلفين وخبر حريز عن زرارة فيما قال : ليضم إليه ولده يعني بالقيمة ما لم يقع الشرط بأنه حر (1).

4582 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن محمد بن مسلم (2) قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن جارية بين رجلين دبراها جميعا ، ثم أحل أحدهما فرجها لشريكه ، قال : هي حلال له وأيهما مات قبل صاحبه فقد صار نصفها حرا من قبل الذي مات ، ونصفها مدبرا ، قلت : أرأيت إن أراد الباقي منهما أن يمسها أله ذلك؟ قال : لا ، إلا أن يثبت عتقها ويتزوجها برضى منها متى ما أراد ، قلت له : أليس قد صار نصفها حرا وقد ملكت نصف رقبتها والنصف الآخر للباقي منهما؟ قال : بلى ، قلت : فإن هي جعلت مولاها في حل من فرجها؟ قال : لا يجوز ذلك له ، قلت له : لم لا يجوز لها ذلك؟ وكيف أجزت للذي كان له نصفها حين أحل فرجها لشريكه فيها؟ قال : لأن المرأة لا تهب فرجها ولا تعيره ولا تحله ، ولكن لها من نفسها يوم وللذي دبرها يوم ، فإن أحب أن يتزوجها متعة بشئ في ذلك اليوم الذي تملك فيه نفسها فليتمتع منها بشئ قل أو كثر » (3).

4583 - وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام « عن الرجل الحر يتزوج بأمة قوم ، الولد

ص: 457


1- يعنى ضم الولد كناية عن وجوب فكه بالقيمة ، فلا ينافي الأخبار السابقة.
2- مروى في الكافي ج 5 ص 482 والتهذيب ج 2 ص 305 وفيهما « محمد بن قيس » والصواب ما في المتن لوجود هذا السند في طريقه لا في طريق محمد بن قيس ويؤيد ذلك أن في بعض نسخ الكافي « عن محمد » ولم ينسبه ، وأيضا رواه الشيخ رحمه اللّه في موضع آخر عن محمد بن مسلم راجع ج 2 ص 185 من التهذيب.
3- لا شبهة في أن وطئ المالك للأمة التي قد انعتق بعضها غير جائز بالملك ولا بالعقد ولا بأن تبيح الأمة نفسها لأنه ليس لها تحليل نفسها وأما اذاها ياها وعقد عليها متعة في أيامها فالأكثر على منعه لأنه لا يخرج عن كونه مالكا لذلك البعض بالمهاياة وجوزه الشيخ في النهاية واستدل بهذه الرواية.

مماليك أو أحرار؟ قال : الولد أحرار ، ثم قال : إذا كان أحد والديه حرا فالولد حر » (1).

4584 - وروى جميل بن دراج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج بأمة فجاءت بولد ، قال : يلحق الولد بأبيه ، قلت : فعبد تزوج حرة؟ قال : يلحق الولد بأمه ».

باب 454: الذمي يتزوج الذمية ثم يسلمان

4585 - روي عن رومي بن زرارة ، عن عبيد بن زرارة (2) قال : قلت لأبي - عبد اللّه عليه السلام : « النصراني يتزوج النصرانية على ثلاثين دن خمرا (3) ، وثلاثين خنزيرا ، ثم أسلما بعد ذلك ولم يكن دخل بها ، قال : ينظركم قيمة الخنزير وكم قيمة الخمر فيرسل به إليها ، ثم يدخل عليها وهما على نكاحهما الأول » (4).

باب 455: المتعة

4586 - قال الصادق عليه السلام : « ليس منا من لم يؤمن بكرتنا ، ويستحل متعتنا » (5).

ص: 458


1- كأنها حسنة ابن أبي عمير المروية في الكافي والتهذيبين ، ويدل كما تقدم على أن الولد تابع لأشرف الأبوين مطلقا ، وفى المحكى عن ابن الجنيد أنه جعل الولد تبعا للمملوك من أبويه الا مع اشتراط الحرية.
2- في الكافي والتهذيب عن رومي بن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام - الخ ».
3- الدن : الراقود العظيم أو أطول من الحب أو أصفر. ( القاموس )
4- هذا إذا أسلما معا أو أسلم الزوج أولا. والخبر يدل على أن الواجب قيمتها عند مستحليه.
5- عطف على المنفى أي لم يستحل متعتنا التي حكمنا بجوازها.

4587 - وقال الرضا عليه السلام : « المتعة لا تحل إلا لمن عرفها ، وهي حرام على من جهلها ».

4588 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبان ، عن أبي مريم عن أبي جعفر عليه السلام قال ، « إنه سئل عن المتعة ، فقال : إن المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم ، إنهن كن يؤمن يؤمئذ ، فاليوم لا يؤمن فاسألوا عنهن » (1).

وأحل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله المتعة ولم يحرمها حتى قبض (2).

وقرأ ابن عباس « فما استمتعتم به منهن - إلى أجل مسمى - فآتوهن أجورهن فريضة من اللّه » (3).

وقد أخرجت الحجج على منكريها في كتاب إثبات المتعة.

4589 - وروى داود بن إسحاق ، عن محمد بن الفيض قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المتعة فقال : نعم إذا كانت عارفة ، قلت : جعلت فداك فإن لم تكن عارفة؟ قال : فاعرض عليها (4) ، وقل لها فإن قبلت فتزوجها وإن أبت ولم ترض بقولك فدعها ، وإياكم والكواشف والدواعي والبغايا وذوات الأزواج ، فقلت : ما الكواشف فقال : اللواتي يكاشفن وبيوتهن معلومة ويؤتين ، قلت : فالدواعي؟ قال : اللواتي يدعون إلى أنفسهن وقد عرفن بالفساد ، قلت : فالبغايا؟ قال : المعروفات بالزنا ، قلت : فذوات الأزواج؟ قال : المطلقات على غير السنة ».

4590 - وروي عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : « سأل رجل الرضا عليه السلام

ص: 459


1- أي كن مأمونات لا يحتاج إلى التحقيق واليوم بخلاف ذلك.
2- تحليله صلوات اللّه عليه المتعة اجماعي اتفاقي كما يدل عليه كلام عمر « متعتان محللتان - الخ ».
3- روى عن جماعة من الصحابة منهم أبي بن كعب و عبد اللّه بن عباس وعبد اللّه ابن مسعود أنهم قرأوا الآية هكذا يعنى بزيادة قوله - إلى أجل مسمى - يعنى فهموا من الآية النكاح المنقطع.
4- يعنى المتعة أو الايمان مطلقا أو بالمتعة. ( المرآة )

عن الرجل يتزوج امرأة متعة ويشترط عليها أن لا يطلب ولدها فتأتي بعد ذلك بولد فينكر الولد فشدد في ذلك ، وقال : يجحد ، وكيف يجحد؟! إعظاما لذلك - قال الرجل : فإن اتهمها؟ قال : لا ينبغي لك أن تتزوج إلا بمأمونة إن اللّه عزوجل قال : « الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين » (1).

4591 - وروى سعدان ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يتزوج اليهودية ولا النصرانية على حرة متعة وغير متعة ».

4592 - وسأل الحسن التفليسي الرضا عليه السلام « يتمتع الرجل من اليهودية والنصرانية؟ قال أبو الحسن الرضا عليه السلام : يتمتع من الحرة المؤمنة وهي أعظم حرمة منها » (2).

4593 - وروى علي بن رئاب (3) قال : « كتبت إليه أسأله عن رجل تمتع بامرأة ثم وهب لها أيامها قل أن يفضي إليها أو وهب لها أيامها بعدما أفضى إليها هل له أن يرجع فيما وهب لها من ذلك؟ فوقع عليه السلام : لا يرجع » (4).

ص: 460


1- لا خلاف في عدم جواز نفى ولد المتعة وان عزل وان اتهمها ، بل مع العلم بانتفائه على قول بعض ، لكن ان نفاه ينتفى بغير لعان. ( المرآة )
2- رواه الشيخ في التهذيب هكذا « قال : سألت الرضا عليه السلام : أيتمتع من اليهودية والنصرانية؟ فقال : تمتع من الحرة المؤمنة أحب إلى وهي أعظم حرمة منها ». وعبارة المتن محتملة لظاهر عبارة التهذيب ولمعنى آخر وهو أنه إذا جاز التمتع بالحرة المؤمنة مع عظم حرمتها بالايمان والحرية فكيف لا يجوز التمتع بأهل الذمة مع كفرهم وكونهم كالإماء. ( م ت )
3- الطريق إليه صحيح وهو ثقة جليل من أصحاب الكاظم عليه السلام ، لكن في بعض النسخ « روى عن علي بن رئاب » وقلنا في غير مورد فرق بين قوله روى عن فلان وروى فلان فان الأول يوهم الارسال دون الثاني لان الطريق في الثاني مذكور في المشيخة.
4- يدل على أن طلاق المتعة هبة مدتها ، ليس فيها رجوع بل بائن ويحتاج إلى تزويج جديد.

4594 - وروى محمد بن يحيى الخثعمي (1) ، عن محمد بن مسلم قال : « سألته عن الجارية يتمتع منها الرجل؟ قال : نعم إلا أن تكون صبية تخدع ، قلت : أصلحك اللّه وكم الحد الذي إذا بلغته لم تخدع؟ قال : ابنة عشر سنين » (2).

4595 - وروى حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يتزوج البكر متعة؟ قال : يكره للعيب على أهلها ».

4596 - وروى أبان عن أبي مريم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « العذراء التي لها أب لا تتزوج متعة إلا بأذن أبيها » (3).

4597 - وروى حماد ، عن أبي بصير قال : « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن المتعة أهي من الأربع؟ قال : لا ولا من السبعين » (4).

4598 - وسأله الفضيل بن يسار عن المتعة ، فقال : هي كبعض إمائك » (5).

4599 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عمر بن خنظلة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أتزوج المرأة شهرا بشئ مسمى فتأتي بعض الشهر ولا تفي ببعض الشهر ، قال : تحبس عنها من صداقها بقدر ما احتبست عنك إلا أيام حيضها فإنها لها » (6).

ص: 461


1- الطريق إليه ضعيف بزكريا المؤمن ، ورواه الشيخ في الموثق كالصحيح.
2- يدل على جواز التمتع بالبكر بعد عشر سنين بدون اذن الأبوين ، وعلى كراهته قبله ( م ت ) والمسألة خلافية لاختلاف الروايات.
3- يمكن الجمع بين الروايات بأنه إذا لم يكن لها أب يجوز وإذا كان لها أب فلا أو بأن يجوز بدون اذن الأب إذا لم يرد اقتضاضها ، وان أراد الاقتضاض فلا يجوز الا باذن أبيها.
4- السبعون كناية عن الكثرة أي ليس لها حد. ( م ت )
5- قوله « عن المتعة » أي عن حدها فأجاب عليه السلام بأنه لا حد لها في العدد وحكمه حكم الإماء. أو السؤال عن حكمها من الطلاق والإرث والنوبة فأجاب عليه السلام بأن حكمها في ذلك كله حكم الأمة.
6- قال السيد ( العاملي الجبعي ) : إنما يستقر المهر بالدخول بشرط الوفاء بالمدة فإذا أخلت بشئ من المدة وضع عنه من المهر بنسبة ذلك ويستفاد من رواية عمر بن حنظلة وإسحاق بن عمار استثناء أيام الطمث ، وفى استثناء غيرها من أيام الاعذار كأيام المرض والحبس وجهان ، وأما الموت فلا يسقط بسببه شئ.

4600 - وسأله محمد بن النعمان الأحول فقال (1) : « أدنى ما يتزوج به الرجل متعة؟ قال : كيف من بر ، يقول (2) لها : زوجيني نفسك متعة على كتاب اللّه وسنة نبيه نكاحا غير سفاح على أن لا أرثك ولا ترثيني ولا أطلب ولدك إلى أجل مسمى فإن بدا لي زدتك وزدتني ».

4601 - وروى جميل بن صالح قال : « إن بعض أصحابنا قال لأبي عبد اللّه عليه السلام إنه يدخلني من المتعة شئ ، فقد حلفت أن لا أتزوج متعة أبدا ، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام : إنك إذا لم تطع اللّه فقد عصيته » (3).

4602 - وروي عن يونس بن عبد الرحمن قال : « سألت الرضا عليه السلام عن رجل تزوج امرأة متعة فعلم بها أهلها فزوجوها من رجل في العلانية وهي امرأة صدق (4) ، قال : لا تمكن زوجها من نفسها حتى تنقضي عدتها وشرطها ، قلت : إن كان شرطها سنة ولا يصبر لها زوجها ، قال : فليتق اللّه زوجها وليتصدق عليها بما بقي له فإنها قد ابتليت والدار دار هدنة ، والمؤمنون في تقية ، قلت : فإن تصدق عليها بأيامها وانقضت عدتها كيف تصنع؟ قال : تقول لزوجها إذا [ د ] خلت به : يا هذا

ص: 462


1- في الكافي بسند ضعيف عن الأحول قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أدنى ما يتزوج به المتعة؟ قال : كف من بر ».
2- في بعض النسخ « كفين من بر » فلعله منصوب بفعل محذوف ، والخبر في الكافي ج 5 ص 457 إلى هنا والظاهر أن البقية من تتمة الخبر لما رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 189 إلى آخر الكلام.
3- يدل على استحباب المتعة ، وعلى أنه لا ينعقد العهد واليمين على ترك المستحب. ( م ت ) أقول : روى نحو هذا الخبر الكليني والشيخ في الحسن كالصحيح عن جميل عن علي السائي عن أبي الحسن عليه السلام.
4- أي صالحة لا ترضى بذلك كيف تفعل.

وثب علي أهلي فزوجوني بغير أمري ولم يستأمروني وإني الان قد رضيت فاستأنف أنت اليوم وتزوجني تزويجا صحيحا فيما بيني وبينك ، قال : وقلت للرضا عليه السلام المرأة تتزوج متعة فينقضي شرطها فتتزوج رجلا آخر قبل أن تنقضي عدتها ، قال : وما عليك إنما إثم ذلك عليها ».

4603 - وروى صالح بن عقبة ، عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : « للمتمتع ثواب؟ قال : إن كان يريد بذلك وجه اللّه تعالى وخلافا على من أنكرها لم يكلمها كلمة إلا كتب اللّه تعالى له بها حسنة ، ولم يمد يده إليها إلا كتب اللّه له حسنة ، فإذا دنا منها غفر اللّه تعالى له بذلك ذنبا ، فإذا اغتسل غفر اللّه له بقدر ما مر من الماء على شعره ، قلت : بعدد الشعر؟ قال : نعم بعدد الشعر ».

4604 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « إن النبي صلى اللّه عليه وآله لما أسري به إلى السماء قال : لحقني جبرئيل عليه السلام فقال : يا محمد إن اللّه تبارك وتعالى يقول : إني قد غفرت للمتمتعين من أمتك من النساء ».

4605 - وروى بكر بن محمد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن المتعة فقال : إني لأكره للرجل المسلم أن يخرج من الدنيا وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لم يقضها ».

4606 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة قال : « قرأت في كتاب رجل إلى أبي الحسن عليه السلام (1) رجل تزوج بامرأة متعة إلى أجل مسمى فإذا انقضى الأجل بينهما هل يحل له أن يتزوج بأختها؟ فقال : لا يحل له حتى تنقضي عدتها ».

4607 - وسأل أحمد بن محمد بن أبي نصر الرضا عليه السلام « عن الرجل يتزوج

ص: 463


1- رواه الكليني ج 5 ص 431 عن القمي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس قال : « قرأت في كتاب الرجل إلى أبى الحسن الرضا عليه السلام - الخ » ويدل على عدم جواز نكاح الأخت في عدة المتعة وعليه فتوى الأصحاب.

المرأة متعة أيحل له أن يتزوج ابنتها بتاتا؟ قال : لا » (1).

4608 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : عدة المتعة خمسة وأربعون يوما - كأني أنظر إلى أبي جعفر عليه السلام يعقد بيده خمسة وأربعين يوما - فإذا جاء الأجل كانت فرقة بغير طلاق » (2).

فان شاء أن يزيد فلابد من أن يصدقها شيئا قل أو كثر. (3) والصداق كل شئ تراضيا عليه في تمتع أو تزويج بغير متعة ، ولا ميراث بينهما في المتعة إذا مات واحد منهما في ذلك الأجل (4).

وله أن يتمتع إن شاء وله امرأة وإن كان مقيما معها في مصره (5).

4609 - وروى صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المرأة يتزوجها الرجل متعة ، ثم يتوفى عنها هل عليها العدة؟ قال : تعتد أربعة أشهر وعشرا ، فإذا انقضت أيامها وهو حي فحيضة ونصف (6) مثل ما يجب على الأمة ، قال : قلت : فتحد (7)؟ قال : نعم ، وإذا مكثت عنده يوما أو

ص: 464


1- رواه الكليني ج 5 ص 422 في الصحيح بدون قوله « بتاتا » ولعل المراد الدوام من البت بمعنى القطع أي نكاحا قطعيا.
2- اختلف في عدة المتعة إذا دخل بها على أقوال أحدها أنها حيضتان ، ذهب إليه الشيخ في النهاية وجماعة ، الثاني حيضة واحدة اختاره ابن أبي عقيل ، والثالث أنها حيضة ونصف اختاره الصدوق في المقنع ، والرابع أنها طهران اختاره المفيد وابن إدريس والعلامة في المختلف وحمل الزائد على الحيضة على الاستحباب ، ولا يخلو من قوة ، والأحوط رعاية الحيضتين ، ولو كانت في سن من تحيض ولا تحيض فخمسة وأربعون يوما اتفاقا. ( المرآة )
3- تقدم الكلام فيه في الجملة ، والمشهور بين الأصحاب عدم جواز العقد الجديد قبل انقضاء المدة.
4- تقدم أن الظاهر أنه لا ميراث بينهما الا أن يشرطا.
5- يظهر من بعض الروايات كراهته للغنى.
6- أي اعتدت بحيضة ونصف كما في الاستبصار.
7- من الحداد وهو ترك الزينة الذي يجب على المتوفى عنها زوجها.

يومين أو ساعة من النهار ، فقد وجبت العدة ولا تحد ».

4610 - وروى عمر بن أذينة ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام ما عدة المتعة إذا مات عنها الذي تمتع بها؟ قال : أربعة أشهر وعشرا ، قال : ثم قال : يا زرارة كل نكاح إذا مات عنها الزوج فعلى المرأة حرة كانت أو أمة على أي وجه كان النكاح منه متعة أو تزويجا أو ملك يمين فالعدة أربعة أشهر وعشرا (1) ، وعدة المطلقة ثلاثة أشهر ، والأمة المطلقة عليها نصف ما على الحرة ، وكذلك المتعة عليها مثل ما على الأمة ».

4611 - وقيل لأبي عبد اللّه عليه السلام (2) : « لم جعل في الزنا أربعة من الشهود وفي القتل شاهدين؟ قال : إن اللّه تبارك وتعالى أحل لكم المتعة وعلم أنها ستنكر عليكم فجعل الأربعة الشهود احتياطا لكم ولولا ذلك لاتي عليكم (3) وقل ما يجتمع أربعة على شهادة بأمر واحد ».

4612 - وروي عن بكار بن كردم قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « الرجل يلقى المرأة فيقول لها : زوجيني نفسك شهرا ، ولا يسمي الشهر بعينه فيلقاها بعد سنين ، فقال : له شهره إن كان سماه ، وإن لم يكن سماه فلا سبيل له عليها » (4).

ص: 465


1- يدل على ما ذهب إليه جمع من الفقهاء كابن إدريس والعلامة في المختلف من أن عدة الأمة من الوفاة كعدة الحرة ، والمشهور أن عدتها في الوفاة نصف عدة الحرة ، وذهب الشيخ وجماعة من المتأخرين إلى التفصيل بأنها ان كانت أم ولد للمولى وزوجها ومات زوجها فعدتها عدة الحرة والا عدة الأمة جمعا بين الاخبار هذا إذا لم تكن حاملا.
2- رواه المصنف في العلل عن علي بن أشيم ، عمن رواه من أصحابنا عنه عليه - السلام.
3- يعنى يشهدون عليكم بالزنا بسهولة بفعل المتعة وهذا أحد الوجوه.
4- مروى في الكافي في الحسن ، ولو عين شهرا منفصلا عن العقد فالمشهور الصحة ، وذهب جماعة إلى عدم صحته ، والأولون اختلفوا في جواز أن تعقد نفسها لغيره في ما بين ذلك ، واستدل القائلون بالصحة باطلاق هذا الخبر فان ظاهره أن الشهر الذي سماه لو كان بعد سنين لو وجب أن ذلك له ، ولو شرط أجلا مطلقا كشهر ففي صحة العقد وحمله على الاتصال وبطلانه قولان ، والأولون استدلوا بهذا الخبر إذ المفروض وقوع المطالبة بعد الشهر ، لكن فيه أن نفى السبيل يمكن أن يكون لبطلان العقد لا لمعنى المدة ، والقول بالبطلان لابن إدريس محتجا بالجهالة. ( المرآة )

4613 - وروى زرعة ، عن سماعة قال : « سألته عن رجل أدخل جارية يتمتع بها ثم انسي (1) حتى واقعها هل يجب عليه حد الزاني؟ قال : لا ولكن يتمتع بها بعد النكاح (2) ويستغفر اللّه مما أتى ».

4614 - وروى علي بن أسباط ، عن محمد بن عذافر ، عمن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن التمتع بالابكار ، قال : هل جعل ذلك إلا لهن؟! فليستترن منه وليستعففن » (3).

4615 - وروى إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « رجل تزوج بجارية عاتق (4) على أن لا يقتضها ، ثم أذنت له بعد ذلك ، قال : إذا أذنت له فلا بأس ».

4616 - وروي « أن المؤمن لا يكمل حتى يتمتع ».

4617 - وروي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله خطب الناس فقال : « أيها الناس إن اللّه تبارك وتعال أحل لكم الفروج على ثلاثة معان : فرج موروث وهو البتات (5) ، وفرج غير موروث وهو المتعة ، وملك أيمانكم ».

4618 - وقال الصادق عليه السلام : « إني لأكره للرجل أن يموت وقد بقيت عليه خلة من خلال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لم يأتها ، فقلت له : فهل تمتع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم

ص: 466


1- قوله « أدخل جارية » أي بيته ليتمتع بها ، وقوله « ثم انسى » أي صيغة التمتع وفى الكافي « ثم انسى أن يشترط ».
2- المراد بالتمتع المعنى اللغوي وبالنكاح الصيغة ، والاستغفار لتدارك النسيان.
3- قوله « فليستترن » أي عن الناس لئلا يلحق بهم أو بهن الضرر من قبل المخالفين و « ليستعففن » بأن لا يقع الوطي بدون الصيغة أو بإزالة البكارة لئلا يعاب عليهن. ( م ت )
4- العاتق الجارية الشابة أول ما أدركت. ( الصحاح )
5- أي النكاح الذي يورث به ، والبتات من البت بمعنى القطع أريد به النكاح الدائم.

قال : نعم وقرأ هذه الآية « وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا - إلى قوله تعالى : - ثيبات وأبكارا » (1).

4619 - وروى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن اللّه تبارك وتعالى حرم على شيعتنا المسكر من كل شراب وعوضهم من ذلك المتعة ».

باب 456: النوادر

4620 - روى إسماعيل بن مسلم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : « قال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم : لا يحل لامرأة حاضت أن تتخذ قصة ولا جمة » (2).

4621 - وقال عليه السلام : « رحم اللّه المسرولات » (3).

4622 - وقال عليه السلام : « إذا جلست المرأة مجلسا فقامت عنه فلا يجلس في مجلسها أحد حتى يبرد ».

4623 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إن اللّه عزوجل خلق الشهوة عشر أجزاء تسعة في الرجال وواحدة في النساء ».

وذلك لبني هاشم وشيعتهم ، وفي نساء بني أمية وشيعتهم الشهوة عشرة أجزاء في النساء تسعة ، وفي الرجال واحدة (4).

ص: 467


1- ظاهره أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أعتق مارية وتزوجها متعة وأسره إلى بعض نسائه.
2- القصة شعر الناصية والجمة من شعر الرأس ما سقط على المنكبين وكلنا هما كناية عن الزينة ولعل وجه النهى عنهما في حال الحيض لئلا يوجب ذلك رغبة الزوج في الاتيان ، وقيل : المراد حرمة ذلك على البالغة ، وقوله « حاضت » أي بلغت. فلا بأس للصبية ، وهو بعيد جدا.
3- لان السروال إلى السر أقرب.
4- هذا من كلام المصنف وليس تتمة للخبر وأخذه المصنف من مرفوعة ابن مسكان في الوافي ج 12 ص 17 عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ان اللّه عزوجل نزع الشهوة من رجال بنى أمية وجعلها في نسائهم وكذلك فعل بشيعتهم الخ ».

4624 - وروى جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في النساء : « لا تشاوروهن في النجوى ، ولا تطيعوهن في ذي قرابة ، إن المرأة إذا كبرت ذهب خير شطريها وبقي شرهما ، ذهب جمالها ، واحتد لسانها ، وعقم رحمها ، وإن الرجل إذا كبر ذهب شر شطريه وبقي خيرهما ، ثبت عقله ، واستحكم رأيه ، وقل جهله ».

4625 - وقال علي عليه السلام : « كل امرئ تدبره امرأة فهو ملعون » (1).

4626 - وقال عليه السلام : « في خلافهن البركة » (2).

4627 - و « كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن » (3).

4628 - و « نهى عليه السلام أن يركب السرج بفرج » يعني المرأة تركب بسرج (4).

4629 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا تحملوا الفروج على السروج فتهيجوهن للفجور » (5).

4630 - وروى الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « شئ يقوله الناس : إن أكثر أهل النار يوم القيامة النساء ، قال : وأني ذلك!؟ وقد يتزوج الرجل في الآخرة ألفا من نساء الدنيا في قصر من درة واحدة ».

4631 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أكثر أهل الجنة من المستضعفين النساء ، علم اللّه عزوجل ضعفهن فرحمهن ».

4632 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : « محاش نساء أمتي على رجال أمتي حرام » (6).

4633 - وقال الصادق عليه السلام : « الحياء عشرة أجزاء تسعة في النساء وواحدة في الرجال ، فإذا خفضت ذهب جزء من حيائها ، وإذا تزوجت ذهب جزء ، فإذا افترعت ذهب جزء ، وإذا ولدت ذهب جزء وبقي لها خمسة أجزاء ، فإذا فجرت ذهب حياؤها كله ، وإن عفت بقي لها خمسة أجزاء ».

ص: 468


1- مروى كلها في الكافي ج 5 ص 518 بسند مرفوع.
2- مروى كلها في الكافي ج 5 ص 518 بسند مرفوع.
3- مروى كلها في الكافي ج 5 ص 518 بسند مرفوع.
4- الكافي ج 5 ص 516 مسندا.
5- الكافي ج 5 ص 516 مسندا.
6- جمع محشة وهي الدبر.

4634 - وقال الصادق عليه السلام : « الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا وهن أجمل من الحور العين ، ولا بأس أن ينظر الرجل إلى امرأته وهي عريانة ».

4635 - وروى إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « أينظر المملوك إلى شعر مولاته؟ قال : نعم وإلى ساقها » (1).

4636 - وروى [ عن ] محمد بن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : « يكون للرجل الخصي يدخل على نسائه يناولهن الوضوء فيرى شعورهن؟ قال : لا » (2).

4637 - وفي رواية ربعي بن عبد اللّه « أنه لما بايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم النساء وأخذ عليهن ، دعا بإناء فملأه ثم غمس يده في الاناء ثم أخرجها فأمرهن أن يدخلن أيديهن فيغمسن فيه. وكان عليه السلام (3) يسلم على النساء ويرددن عليه السلام. وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسلم على النساء ، وكان يكره أن يسلم على الشابة منهن ، وقال : أتخوف أن يعجبني صوتها فيدخل من الاثم علي أكثر مما أطلب من الاجر ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : إنما قال عليه السلام ذلك لغيره وإن عبر عن نفسه ، وأراد بذلك أيضا التخوف من أن يظن ظان أنه يعجبه صوتها فيكفر (4) ، ولكلام الأئمة صلوات اللّه عليهم مخارج ووجوه لا يعقلها إلا العالمون.

4638 - وسأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السلام « هل يصافح الرجل المرأة ليست له بذي محرم؟ قال : لا إلا من وراء الثوب » (5).

4639 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عباد بن صهيب قال : « سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : لا بأس بالنظر إلى شعور نساء أهل تهامة والاعراب وأهل البوادي

ص: 469


1- ظاهر المصنف العمل بالخبر والأكثر حملوه على التقية وعملوا بأخبار المنع.
2- حمل على الكراهة وهو بعيد.
3- تتمة للخبر لما رواه الكليني بلفظه عن ربعي بن عبد اللّه في الحسن كالصحيح ج 2 ص 648 ، و ج 5 ص 535.
4- لا يخفى ما فيه من تكلف ظاهر بلا ضرورة لان خوفه صلى اللّه عليه وآله من ذلك لا ينافي عظمته بل كان من مقتضياتها ذلك كخوفه من العذاب.
5- مروى في الكافي في الحسن كالصحيح.

من أهل الذمة والعلوج لأنهن إذا نهين لا ينتهين ، قال : والمجنونة المغلوبة لا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك » (1).

4640 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن النساء كيف يسلمن إذا دخلن على القوم ، قال : المرأة تقول : عليكم السلام ، والرجل يقول : السلام عليكم » (2).

4641 - وروى أبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يتزوج امرأة ولها زوج ، فقال : إذا لم يرفع خبره إلى الامام فعليه أن يتصدق بخمسة أصواع دقيقا هذا بعد أن يفارقها » (3).

4642 - وفي رواية جميل بن دراج « في المرأة تتزوج في عدتها قال : يفرق بينهما وتعتد عدة واحدة منهما (4) ، فإن جاءت بولد لستة أشهر أو أكثر فهو للأخير وإن جاءت بولد في أقل من ستة أشهر فهو للأول ».

4643 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فقالت له : أنا حبلى أو أنا أختك من الرضاعة ، أو على غير عدة ، فقال : إن كان دخل بها وواقعها فلا يصدقها (5) ، وإن كان لم يدخل بها ولم يواقعها فليحتط (6) وليسأل إذا لم يكن عرفها قبل ذلك ».

ص: 470


1- هذا هو المشهور مقيدا بعدم التلذذ والريبة ، ومنع ابن إدريس عن النظر إلى نساء أهل الذمة.
2- هذا أيضا مخصوص بالدخول على قوم لا في جواب السلام مطلقا.
3- لان المفارقة فورية.
4- المشهور وجوب عدة أخرى بعد اكمال الأولى بوطئ الشبهة ، ولتعدد السبب ، وحمله الشيخ على عدم الدخول ، وهذا الحمل لا يلائم قوله « تعتد عدة واحدة منهما » وكذا قوله « فان جاءت بولد - الخ ».
5- قال العلامة المجلسي : ذلك لان قولها مناف لتمكينها بعد معرفة الزوج بخلاف ما إذا ادعت ذلك قبل المواقعة فإنه يمكنها أن تقول : لم أكن أعرفك والآن عرفتك.
6- حمل على الاستحباب ، وفى الكافي « فليختبر ».

4644 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قال لامه : كل امرأة أتزوجها فهي علي مثلك حرام ، قال : ليس هذا بشئ » (1).

4645 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن أبان بن تغلب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فلم تلبث بعد ما أهديت إليه إلا أربعة أشهر حتى ولدت جارية ، فأنكر ولدها وزعمت هي أنها حبلت منه ، فقال : لا يقبل منها ذلك ، وإن ترافعا إلى السلطان تلاعنا (2) وفرق بينهما ولم تحل له أبدا ».

4646 - وروى الحسن بن محبوب ، عن محمد بن حكيم قال : « سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن رجل زوج أمته من رجل آخر ، ثم قال لها : إذا مات الزوج فهي حرة ، فمات الزوج ، فقال : إذا مات الزوج فهي حرة تعتد عدة الحرة المتوفى عنها زوجها (3) ولا ميراث لها منه لأنها إنما صارت حرة بعد موت الزوج » (4).

4647 - وروي عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل اخذ (5) مع امرأة في بيت فأقرت أنها امرأته وأقر أنه زوجها ، فقال : رب رجل لو اتيت به لاجزت له ذلك ، ورب رجل لو اتيت به لضربته ».

ص: 471


1- لان الظهار لا يصح بمن ليس بزوجة وان أراد الطلاق فهو أيضا لا يقع بالكنايات ولا بالتعليق ولا بمن لم يكن زوجة بالفعل.
2- يعنى إذا لم تكن بينة ولم يعترف المرأة بأربعة أشهر تلاعنا.
3- يدل على أن عدة الأمة المتوفى عنها زوجها عدة الحرة وتقدم الكلام فيه.
4- هذا خلاف المشهور فان المشهور أن المملوك إذا أعتق قبل القسمة شارك مساويا أي في مرتبة الميراث لا في النصيب - وانفرد إن كان أولى بحسب مرتبة الإرث - ولو كان عتقه بعد القمسة لم يكن له نصيب ، كذا قالوا من غير فرق بين الزوجة وغيرها ولا يخفى أن عتق الزوجة هنا قبل القسمة مقارنا لفوت الزوج.
5- في بعض النسخ « وجد » بصيغة ما لم يسم فاعله.

4648 - وروى عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل يزوج مملوكته عبده أتقوم عليه كما كانت تقوم عليه تراه (1) منكشفا أو يراها على تلك الحال؟ فكره ذلك ، وقال : قد منعني أبي عليه السلام أن أزوج بعض غلماني أمتي لذلك » (2).

4649 - وسأل العلاء بن رزين أبا عبد اللّه عليه السلام (3) عن جمهور الناس ، فقال : هم اليوم أهل هدنة ترد ضالتهم ، وتؤدى أمانتهم ، وتحقن دماؤهم ، وتجوز مناكحتهم وموارثتهم في هذا الحال ».

4650 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من سعادة الرجل أن لا تحيض ابنته في بيته » (4).

4651 - وروى ابن أبي عمير ، عن يحيى بن عمران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الشجاعة في أهل خراسان ، والباه في أهل بربر (5) ، والسخاء والحسد في العرب ، فتخيروا لنطفكم ».

4652 - وفي رواية إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : ما كثر شعر رجل قط إلا قلت شهوته ».

4653 - وروى إبراهيم بن هاشم ، عن عبد العزيز بن المهتدي ، قال : « سألت الرضا عليه السلام فقلت له : جعلت فداك إن أخي مات وتزوجت امرأته فجاء عمي وادعى أنه كان تزوجها سرا فسألتها عن ذلك فأنكرت أشد الانكار ، وقالت : ما كان بيني وبينه شئ قط ، فقال : يلزمك إقرارها ويلزمه إنكارها ».

ص: 472


1- في بعض النسخ « فتراه ».
2- يدل على أنه لا يجوز للمولى أن ينظر من جاريته المزوجة إلى ما يجوز للمولى خاصة النظر إليه كما ذهب إليه الأصحاب. ( المرآة )
3- في أكثر النسخ « أبا جعفر عليه السلام » ورواية العلاء عنه بلا واسطة غريب.
4- روى نحوه الكليني ج 5 ص 336 عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- هم طائفة من أهل سودان المغرب. والباه : الجماع.

4654 - وروى صالح بن عقبة ، عن سليمان بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سئل عن رجل ينكح جارية امرأته ثم يسألها أن تجعله في حل فتأبى ، فيقول : إذا لأطلقنك ويجتنب فراشها فتجعله في حل ، قال : هذا غاصب فأين هو عن اللطف؟ » (1).

4655 - وروى أبو العباس ، وعبيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في امرأة كان لها زوج مملوك فورثته وأعتقته هل يكونان على نكاحهما؟ قال : لا ولكن يجددان نكاحا آخر » (2).

4656 - وقال علي عليه السلام : « يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان لقول اللّه عزوجل : « أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم « والرفث المجامعة ».

4657 - وروى حريز ، عن محمد بن إسحاق قال : قال أبو جعفر عليه السلام : « أتدري من أين صار مهور النساء أربعة آلاف درهم؟ قلت : لا ، قال : إن أم حبيبة بنت أبي سفيان كانت في الحبشة فخطبها النبي صلى اللّه عليه وآله فساق عنه النجاشي أربعة آلاف درهم فمن ثم هؤلاء يأخذون به ، فأما الأصل فاثنا عشر أوقية ونش » (3).

4658 - وفي رواية السكوني « أن عليا عليه السلام مر على بهيمة وفحل يسفدها (4) على ظهر الطريق فأعرض عنه بوجهه ، فقيل له : لم فعلت ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال : إنه لا ينبغي أن تصنعوا ما يصنعون وهو من المنكر إلا أن تواروه حيث لا يراه رجل ولا امرأة ».

4659 - وقال الصادق عليه السلام : « من نظر إلى امرأة فرفع بصره إلى السماء أو

ص: 473


1- أي يمكنه أن يقول لها بالملاطفة ويسترضيها ويقول لها بالرفق حتى تحلله بطيب الخاطر.
2- رواه الكليني ج 5 ص 485 في الموثق وعليه فتوى الأصحاب.
3- « هؤلاء » يعنى العامة ، والنش - بالفتح - : نصف الأوقية.
4- السفاد نزو الذكر على الأنثى.

غمض بصره لم يرتد إليه بصره حتى يزوجه اللّه من الحور العين ».

4660 - وفي خبر آخر : « لم يرتد إليه طرفه حتى يعقبه اللّه إيمانا يجد طعمه ».

4661 - قال عليه السلام : « أول النظرة لك ، والثانية عليك ولا لك ، والثالثة فيها الهلاك ».

4662 - وفي رواية السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « لا بأس أن ينظر الرجل إلى شعر أمه أو أخته أو ابنته ».

باب 457: الدعاء في طلب الولد

4663 - قال علي بن الحسين عليهما السلام لبعض أصحابه : « قل في طلب الولد : « رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين واجعل لي من لدنك وليا يرثني في حياتي ويستغفر لي بعد موتي واجعله لي خلقا سويا (1) ولا تجعل للشيطان فيه نصيبا ، اللّهم إني أستغفرك وأتوب إليك إنك أنت الغفور الرحيم » سبعين مرة (2) ، فإنه من أكثر من هذا القول رزقه اللّه تعالى ما تمنى من مال وولد ومن خير الدنيا والآخرة ، فإنه يقول : « استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ».

باب 458: الرضاع

4664 - روي عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الرضاع

ص: 474


1- في بعض النسخ « خلفا سويا » بالفاء.
2- يمكن أن يكون من قوله « اللّهم » أو المجموع ، والأول أظهر للدليل فإنه للاستغفار ، ويمكن أن يكون للمجموع ويكون الدليل للجزء. ( م ت )

واحد وعشرون شهرا فما نقص فهو جور على الصبي » (1).

4665 - وسأل سعد بن سعد الرضا عليه السلام « عن الصبي هل يرضع أكثر من سنتين؟ فقال : عامين ، قلت : فإن زاد على سنتين هل على أبويه من ذلك شئ؟ قال : لا ».

4666 - وقال علي عليه السلام : « ما من لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه » (2).

4667 - و « نظر الصادق عليه السلام إلى أم إسحاق بنت سليمان وهي ترضع أحد ابنيها محمدا أو إسحاق فقال : يا أم إسحاق لا ترضعيه من ثدي واحد وارضعيه من كليهما يكون أحدهما طعاما والاخر شرابا » (3).

4668 - وروى الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن بريد العجلي قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : « أرأيت قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فسره لي ، فقال : كل امرأة أرضعت من لبن فحلها ولد امرأة أخرى من جارية أو غلام فذلك الرضاع الذي قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ، وكل امرأة أرضعت من لبن فحلين كانا لها واحدا بعد آخر من جارية أو غلام فإن ذلك رضاع ليس بالرضاع الذي قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب » (4).

ص: 475


1- لان الغالب أن الحمل تسعة أشهر وكان حمله وفصاله ثلاثون شهرا وهو أقل مدة رضاع الولد.
2- رواه الكليني ج 6 ص 40 في الموثق عن طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلوات اللّه عليه.
3- رواه الكليني مسندا عن الوليد بن صبيح عن أمه أم إسحاق بنت سليمان قالت : « نظر إلى أبو عبد اللّه عليه السلام وأنا أرضع أحد بنى محمدا أو إسحاق فقال - الخ ».
4- رواه الكليني في الصحيح ج 5 ص 442 في ضمن حديث عن بريد العجلي.

4669 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « لا رضاع بعد فطام » (1).

ومعناه أنه إذا أرضع الصبي حولين كاملين ثم شرب بعد ذلك من لبن امرأة أخرى ما شرب لم يحرم ذلك الرضاع لأنه رضاع بعد فطام (2).

4670 - وروى داود بن الحصين عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الرضاع بعد حولين قبل أن يفطم يحرم » (3).

4671 - وروي عن أيوب بن نوح قال : « كتب علي بن شعيب إلى أبي الحسن عليه السلام امرأة أرضعت بعض ولدي هل يجوز لي أن أتزوج بعض ولدها؟ فكتب : لا يجوز ذلك لان ولدها قد صار بمنزلة ولدك » (4).

4672 - و « كتب عبد اللّه بن جعفر الحميري إلى أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام في امرأة أرضعت ولد الرجل أيحل لذلك الرجل أن يتزوج ابنة هذه المرضعة أم لا؟ فوقع عليه السلام : لا يحل ذلك له » (5).

4673 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لو أن رجلا تزوج جارية رضيعة فأرضعتها امرأته فسد النكاح » (6).

ص: 476


1- رواه الكليني في الصحيح في صدر حديث ، والفطام : فصل الولد عن الرضاع من الفطم ، والصبي فطيم.
2- قال الفاضل التفرشي : فيه نظر لان الفطام قد يكون بعد الحولين كما يستفاد من الحديث الآتي ، نعم لو كان المراد بالفطام وقت الفطام لتم الكلام لكنه غير ظاهر.
3- هذا الخبر موافق لمذهب العامة وقد خرج مخرج التقية ، أو المراد بالحولين المدة من وضع المرضعة دون وضع أم الرضيع.
4- يدل على عدم جواز نكاح أب المرتضع في أولاد المرضعة نسبا. ( م ت )
5- رواه الكليني في الصحيح ، ويدل على حرمة أولاد المرضعة على أب المرتضع كما هو المشهور خلافا للشيخ. ( المرآة )
6- يدل على أنه إذا كان لرجل زوجتان كبيرة وصغيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة انفسخ نكاحهما ، وذلك لامتناع الجمع بين الام والبنت في النكاح.

4674 - وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الرجل يتزوج المرأة فتلد منه ثم ترضع من لبنها جارية أيصلح لولده من غيرها أن يتزوج تلك الجارية التي أرضعتها؟ قال : لاهي بمنزلة الأخت من الرضاعة لان اللبن لفحل واحد » (1).

4675 - وروى حريز ، عن الفضيل بن يسار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يحرم من الرضاع إلا ما كان مجبورا ، قال : قلت : وما المجبور؟ قال : أم تربي ، أو ظئر تستأجر ، أو أمة تشترى » (2).

4676 - وروى العلاء بن رزين عن أبي عبد اللّه قال : « لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضع من ثدي واحد سنة » (3).

4677 - وروى عبيد بن زرارة ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الرضاع فقال : لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضع من ثدي واحد حولين كاملين ».

4678 - وروى عبد اللّه بن زرارة ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا

ص: 477


1- يدل على أن اتحاد الفحل يكفي في التحريم وان تعددت المرضعة ، وعليه فتوى الأصحاب.
2- هذه الرواية جاءت بألفاظ مختلفة مع تغاير المعنى رواها الشيخ في التهذيب بسند ضعيف جدا عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام هكذا « لا يحرم من الرضاع الا المجبورة أو خادم أو ظئر قد رضع عشر رضعات يروى الصبي وينام ». فجعل المجبورة في هذا الخبر صفة لامرأة مغايرة للخادم والظئر فيكون هي الام ولم يشترط في الظئر الاستيجار مع أن المجبور في رواية المتن صفة للرضاع مفسرا بإحدى الثلاث واشترط في الظئر الاستيجار. ثم إن ما فيها من الحصر أيضا ممنوع لاجماع الأصحاب على أن المرضعة التي ينشر رضاعها الحرمة لا تنحصر فيمن ذكر فان المتبرعة خارجة عن الحصر ورضاعها ينشر الحرمة اجماعا ورواها الشيخ تارة أخرى بلفظ آخر مغاير لكلتا الروايتين.
3- فيه اشعار بأنه لابد من الارتضاع بالثدي خلافا لابن الجنيد. والظاهر أن المصنف يقول بعدم نشر الحرمة إذا كان الرضاع أقل من سنة أو سنتين ، وقال ابن الجنيد يحصل الرضاع برضعة تامة ، فما أبعد ما بينهما من البون.

يحرم من الرضاع إلا ما كان حولين كاملين » (1).

4679 - وفي رواية السكوني قال : كان علي عليه السلام يقول : « انهوا نساءكم أن يرضعن يمينا وشمالا فإنهن ينسين (2).

4680 - وروى فضيل ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « عليكم بالوضاء (3) من الظؤورة فإن اللبن يعدي ».

4681 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن امرأة زنت هل تصلح أن تسترضع؟ قال : لا تصلح ولا لبن ابنتها التي ولدت من الزنا » (4).

4682 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا تسترضعوا الحمقاء فإن اللبن يعدي وإن الغلام ينزع إلى اللبن - يعني إلى الظئر في الرعونة والحمق - » (5).

ص: 478


1- اختلف الأصحاب في حد الرضاع المحرم لا طلاق الآية واختلاف الروايات فذهب بعضهم إلى عشر رضعات وبعضهم إلى خمس رضعة وكما عرفت أن ابن الجنيد يقول برضعة كاملة ولكن لا خلاف في نشر الحرمة بما أنبت اللحم وشد العظم ، وقالوا برجوع ذلك إلى العرف وما يستفاد من الاخبار أن الرضعة والرضعتين لا يحرم ردا على العامة القائلين بتحقق التحريم بمسمى الرضاع لظاهر الآية.
2- قوله عليه السلام « انهوا » أمر من النهى أي امنعوهن عن كثرة الارضاع ، والمراد باليمين والشمال اما أولاد الناس الذين كانوا في جوارهن يمينا وشمالا ، أو أيديهن يمينا وشمالا فكان يمينهن مشغولة بارضاع أحد وشمالهن بارضاع آخر وذلك يوجب نسيانهن فربما يقع النكاح فيذكرن بعد سنين ، فيشكل الامر من حصول الأولاد وصعوبة الفراق.
3- الوضاء - بالضم - الحسن النظيف.
4- مروى في الكافي ج 6 ص 44 في الصحيح ، والنهى تنزيهي حمله الأصحاب على الكراهة ، ولا خلاف في أن اللبن الحادث من الزنا لا ينشر الحرمة لان الزنا لا حرمة له ولا يلحق به النسب.
5- الظاهر أن التفسير من الراوي ولو أبقى على عمومه بحيث يشمل الام أولى ( م ت ) أقول : نزع إليه أي أشبهه ، والرعونة الحمق والاسترخاء ، ويدل على كراهة استرضاع الحمقاء وعلى تأثير اللبن.

4683 - وروى ابن مسكان ، عن الحلبي قال : « سألته عن رجل دفع ولده إلى ظئر يهودية أو نصرانية أو مجوسية ترضعه في بيتها أو ترضعه في بيته؟ قال : ترضعه لك اليهودية والنصرانية وتمنعها من شرب الخمر وما لا يحل مثل لحم الخنزير ولا يذهبن بولدك إلى بيوتهن ، والزانية لا ترضع ولدك فإنه لا يحل لك ، والمجوسية لا ترضع لك ولدك إلا أن تضطر إليها » (1).

4684 - وروى حريز ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحب إلى من لبن ولد الزنا (2) ، وكان لا يرى بأسا بلبن ولد الزنا إذا جعل مولى الجارية الذي فجر بالجارية في حل » (3).

4685 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن امرأة در لبنها من غير ولادة فأرضعت جارية وغلاما بذلك اللبن هل يحرم بذلك اللبن ما يحرم من الرضاع؟ قال : لا » (4).

4686 - وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : « وجور الصبي اللبن بمنزلة الرضاع » (5).

ص: 479


1- يدل على جواز استرضاع اليهودية والنصرانية وحملت أخبار النهى على الكراهة قال المحقق في النافع ولو اضطر إلى الكافرة استرضع ويمنعها من شرب الخمر ولحم الخنزير ويكره تمكينها من حمل الولد إلى منزلها ، ويكره استرضاع المجوسية ومن لبنها من زنا.
2- يحتمل أن يكون المراد به ولدها من الزنا ويكون المراد باللبن لبن الزانية الحاصل بالزنا ، أو يكون المراد المرضعة بقرينة اقترانه باليهودية والنصرانية ، وفى بعض النسخ « من لبن أم ولد الزنا » وفى نسخة « من لبن ابن ولد الزنا » والظاهر كلمة الام أو الابن من تفسير الشراح جعلوهما فوق السطر في نسخهم والنساخ بعد توهموا أنها جزء المتن وفى الاستبصار والكافي والتهذيب كما في المتن.
3- قال الشيخ في الاستبصار : إنما يؤثر تحليل صاحب الجارية الفاجرة في تطييب اللبن لا أن ما وقع من الزنا القبيح يصير حسنا مباحا.
4- الظاهر أنه لا خلاف في ذلك بين الأصحاب ، لكن هل يشترط انفصال الولد أم يكفي كونه حملا ففيه خلاف ، وربما يستدل على اشتراطه بهذا الخبر وفيه نظر.
5- الوجور : الصب في الحلق بأن لا يمص الثدي. والخبر محمول على التقية لموافقته الحنفي والشافي ويعارض الاخبار الاخر.

4687 - وقال عليه السلام : « لا تجبر الحرة على إرضاع الولد وتجبر أم الولد » (1).

ومتى وجد الأب من يرضع الولد بأربعة دراهم وقالت الام : لا أرضعه إلا بخمسة دراهم ، فإن له أن ينزعه منها إلا أن الأصلح له والأرفق به أن يتركه مع أمه (2) ، وقال اللّه عزوجل : « وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى ».

4688 - وقضى أمير المؤمنين عليه السلام « في رجل توفي وترك صبيا واسترضع له أن أجر رضاع الصبي مما يرث من أبيه وأمه » (3).

4689 - وفي رواية السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام « أن عليا عليه السلام أتاه رجل فقال : إن أمتي أرضعت ولدي وقد أردت بيعها ، قال : خذ بيدها وقل : من يشتري مني أم ولدي » (4).

باب 459: التهنئة بالولد

4690 - وقال الصادق عليه السلام : « رجل هنأ رجلا أصاب ابنا فقال : يهنيك الفارس ، فقال له الحسن بن علي عليه السلام : ما علمك أن يكون فارسا أو راجلا؟! فقال له : جعلت فداك فما أقول؟ قال : تقول : شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب

ص: 480


1- رواه الكليني في الحسن كالصحيح ج 6 ص 41 ، ويدل على عدم جواز اجبار الحرة على الرضاع وجواز اجبار المولى أمته عليه ، ولا خلاف فيهما بين الأصحاب.
2- روى الكليني ج 6 ص 45 في الموثق عن داود بن الحصين في ذيل خبر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « فان وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم وقالت الام لا أرضعه الا بخمسة دراهم ، فان له أن ينزعه منها الا أن ذلك خير له وأرفق به أن يترك مع أمه ».
3- رواه الكليني في الحسن كالصحيح ويدل على أن نفقة الولد إنما يجب على الوالد إذا لم يكن للولد شئ ومع وجوده فمن ماله وأجرة الرضاع منه. ( م ت )
4- كأنه عليه السلام شنعه في ذلك الفعل وحمل على الكراهة. ويدل على أن أم الولد من الرضاع كأم الولد من النسب.

وبلغ أشده ، ورزقت بره ». (1)

باب 460: فضل الأولاد

4691 - في رواية السكوني قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة » (2).

4692 - وقال الصادق عليه السلام : « ميراث اللّه من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له ».

4693 - وقال أبو الحسن عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا لم يمته حتى يريه الخلف ».

4694 - وروي « أن من مات بلا خلف فكأن لم يكن في الناس ، ومن مات وله خلف فكأن لم يمت ».

4695 - وروى أبان بن تغلب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « البنات حسنات والبنون نعمة فالحسنات يثاب عليها والنعمة يسأل عنها ».

4696 - و « بشر النبي صلى اللّه عليه وآله بابنة فنظر في وجوه أصحابه فرأى الكراهة فيهم ، فقال : مالكم! ريحانة أشمها ورزقها على اللّه عزوجل ، وكان عليه السلام أبا بنات » (3).

ص: 481


1- مروى في الكافي في الضعيف ج 6 ص 17 وقوله « ما علمك » قيل إن المعنى من أين علمت أن كونه فارسا أصلح له من كونه راجلا.
2- رواه الكليني ج 6 ص 3 في الضعيف عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلى اللّه عليه وآله.
3- روى الكليني في القوى عن الجارود بن المنذر قال : « قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام : بلغني أنه ولد لك ابنة فتسخطها وما عليك منها ، ريحانة تشمها ، وقد كفيت رزقها ، وقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أبا بنات ».

4697 - وقال علي عليه السلام « في المرض يصيب الصبي : إنه كفارة لوالديه ».

4698 - وقال الصادق عليه السلام : « إن اللّه عزوجل ليرحم الرجل لشدة حبه لولده ».

4699 - وقال عمر بن يزيد : « إن لي بنات ، فقال : لعلك تتمنى موتهن أما إنك إن تمنيت موتهن ومتن لم تؤجر يوم القيامة ولقيت ربك حين تلقاه وأنت عاص ».

4700 - وروى حمزة بن حمران بإسناده « أنه أتى رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وعنده رجل فأخبره بمولود له فتغير لون الرجل فقال النبي صلى اللّه عليه وآله : مالك؟ قال : خير ، قال : قل ، قال : خرجت والمرأة تمخض فأخبرت أنها ولدت جارية فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله الأرض تقلها ، والسماء تظلها ، واللّه يرزقها ، وهي ريحانة تشمها ، ثم أقبل على أصحابه فقال : من كان له ابنة واحدة فهو مقروح (1) ومن كان له ابنتان فيا غوثاه باللّه ، ومن كان له ثلاث بنات وضع عنه الجهاد وكل مكروه ، ومن كان له أربع بنات فيا عباد اللّه أعينوه ، يا عباد اللّه أقرضوه ، يا عباد اللّه ارحموه ».

4701 - وقال عليه السلام : « من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنة قيل : يا رسول اللّه واثنتين ، قال : واثنتين ، قيل : يا رسول اللّه وواحدة؟ قال : وواحدة ».

4702 - وقال الصادق عليه السلام : « من عال ابنتين أو أختين أو عمتين أو خالتين حجبتاه من النار ».

4703 - وقال الصادق عليه السلام : « إذا أصاب الرجل ابنة بعث اللّه عزوجل إليها ملكا فأمر جناحه على رأسها وصدرها ، وقال : ضعيفة خلقت من ضعف ، المنفق عليها معان ».

ص: 482


1- كذا وفى الكافي « فهو مقدوح » وفدحه الدين - كمنعه - : أثقله ، والمفدوح ذو التعب ، وفوادح الدهر : خطوبه.

4704 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « اعلموا أن أحدكم يلقى سقطه محبنطئا (1) على باب الجنة حتى إذا رآه أخذ بيده حتى يدخله الجنة ، وإن ولد أحدكم إذا مات اجر فيه ، وإن بقي بعده استغفر له بعد موته ».

4705 - وقال عليه السلام : « أحبوا الصبيان وارحموهم وإذا وعدتموهم ففوا لهم فإنهم لا يرون ألا أنكم ترزقونهم ».

4706 - وروى رفاعة بن موسى عن أبي الحسن عليه السلام قال : « سألته عن الرجل يكون له بنون وأمهم ليست بواحدة أيفضل أحدهم على الاخر؟ قال : نعم لا بأس به ، [ و ] قد كان أبي عليه السلام يفضلني على عبد اللّه ».

4707 - وفي رواية السكوني قال : « نظر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلى رجل له ابنان فقبل أحدهما وترك الاخر ، فقال له النبي صلى اللّه عليه وآله : فهلا واسيت بينهما » (2).

4708 - وقال عليه السلام : « يلزم الوالدين من عقوق الولد ما يلزم الولد لهما من العقوق ».

4709 - وقال الصادق عليه السلام : « بر الرجل بولده بره بوالديه » (3).

4710 - وفي خبر آخر قال : « قال النبي صلى اللّه عليه وآله : من كان عنده صبي

ص: 483


1- المحبنطئ : الممتلئ غيظا ، والمستبطئ للشئ.
2- قال الفاضل التفرشي : ينبغي حمله على ما إذا فضل أحدهما على الاخر ولم يكن له فضل عليه في نفس الامر ويحزن الاخر من ذلك ، والحديث السابق يحمل على ما إذا كان للمفضل فضل أو لم يحزن المفضل عليه من تفضيل الاخر عليه ، ويمكن الجمع أيضا بحمل الحديث الأول على التفضيل في المحبة ، ولعل المواساة هنا ضمنت معنى التسوية بقرينة تعلقها ببين.
3- يمكن حمله على التشبيه البليغ أي مثل بره بوالديه في الحسن وترتب الثواب عليه وعلى أن بره يوجب سرور الوالدين وان كانا قد ماتا لان الميت كثيرا ما يطلع على أحوال أهاليه ويحصل له السرور والحزن بذلك. ( مراد )

فليتصاب له » (1).

4711 - وقال عليه السلام : « من نعم اللّه عزوجل على الرجل أن يشبهه ولده ».

4712 - وقال الصادق عليه السلام : « إن اللّه تبارك وتعالى إذا أراد أن يخلق خلقا جمع كل صورة بينه وبين آدم ثم خلقه على صورة إحديهن ، فلا يقولن أحد لولده هذا لا يشبهني ولا يشبه شيئا من آبائي ».

باب 461: العقيقة والتحنيك والتسمية والكني وحلق رأس المولود وثقب أذنيه والختان

4713 - روى عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : « كل امرئ مرتهن يوم القيامة بعقيقته ، والعقيقة أوجب من الأضحية » (2).

4714 - وفي رواية أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كل إنسان مرتهن بالفطرة (3) وكل مولود مرتهن بالعقيقة ».

4715 - وروي عن عمر بن يزيد قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « واللّه ما أدرى أكان أبي عق عني أم لا ، فأمرني عليه السلام فعققت عن نفسي وأنا شيخ ».

4716 - وفي رواية علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح عليه السلام قال : « العقيقة واجبة إذا ولد للرجل ولد فإن أحب أن يسميه من

ص: 484


1- أي فليلعب معه كالصبيان ، وصبي صباء مثل سمع سماعا أي لعب مع الصبيان ، وفى الكافي ج 6 ص 49 في الحسن كالصحيح عن الأصبغ عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : « من كان له ولد صبا » أي فعل فعل الصبي.
2- رواه الكليني ج 6 ص 25 وليس فيه « يوم القيامة » والعقيقة : الذبيحة التي تذبح عن المولود ، وأصل العق : الشق ، وقيل للذبيحة : عقيقة لأنها يشق حلقها. ( النهاية )
3- أراد بالفطرة زكاتها ، والظاهر من الارتهان أنه يطالب ويمنع عن الثواب.

يومه فعل » (1).

4717 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « العقيقة لازمة لمن كان غنيا ، ومن كان فقيرا إذا أيسر فعل ، فإن لم يقدر على ذلك فليس عليه شئ وإن لم يعق عنه حتى ضحى عنه فقد أجزأته الأضحية ، وكل مولود مرتهن بعقيقته وقال في العقيقة : يذبح عنه كبش ، فإن لم يوجد كبش أجزأه ما يجزي في الأضحية وإلا فحمل أعظم ما يكون من حملان السنة » (2).

4718 - وفي رواية محمد بن مارد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن العقيقة فقال : شاة أو بقرة أو بدنة ، ثم يسمي ويحلق رأس المولود يوم السابع ، ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة فإن كان ذكرا عق عنه ذكرا ، وإن كان أنثى عق عنها أنثى ».

4719 - و « عق أبو طالب - رحمه اللّه - عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يوم السابع فدعا آل أبي طالب فقالوا : ما هذه؟ فقال : عقيقة أحمد قالوا : لأي شئ سميته أحمد؟ قال سميته أحمد لمحمدة أهل السماء والأرض له » (3).

ص: 485


1- لا خلاف بين الأصحاب في وقتها وهو اليوم السابع ، واختلف في حكمها وقال السيد وابن الجنيد : انها واجبة وادعى السيد عليه الاجماع ، وهو ظاهر المؤلف والكليني ، وذهب الشيخ ومن تأخر عنه إلى الاستحباب ، والظاهر أن المراد بقوله « العقيقة واجبة » هي سنة مؤكدة.
2- أي وان لم يوجد ما يجزى في الأضحية - وهو ما كان له سبعة أشهر من أولاد الضان وما كان له سنة من أولاد المعز - فيجزى حمل هو أعظم حملان تلك السنة التي ولد فيها المولود أي من أعظمها ، والحملان - بضم المهملة - جمع حمل - بفتحتين - وهو من أولاد الضأن ( مراد ) أقول : العقيقة ليست بمنزلة الأضحية وانها تجزى ما كانت كما في خبر مرازم في الكافي عن الصادق عليه السلام قال : « العقيقة ليست بمنزلة الهدى خيرها أسمنها »
3- رواه الكليني ج 6 ص 34 مسندا ، وعن أبي السائب ، عن أبي عبد اللّه ، عن أبيه عليهما السلام.

ويجوز أن يعق عن الذكر بأنثى ، وعن الأنثى بذكر (1).

وقد روي أنه يعق عن الذكر بأنثيين ، وعن الأنثى بواحدة (2) وما استعمل من ذلك فهو جائز ، والأبوان لا يأكلان من العقيقة وليس ذلك بمحرم عليهما ، وإن أكلت منه الام لم ترضعه ، وتطعم القابلة الرجل منها بالورك ، وإن كانت القابلة أم الرجل أو في عياله فليس لها شئ وإن شاء قسمها أعضاء كما هي ، وإن شاء طبخها وقسم معها خبزا ومرقا ولا يعطيها إلا لأهل الولاية (3).

4720 - وفي رواية عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن كانت القابلة يهودية لا تأكل من ذبيحة المسلمين أعطيت ربع قيمة الكبش يشترى ذلك منها » (4).

4721 - وفي رواية عمار أيضا « أنه يعطى القابلة ربعها ، فإن لم تكن قابلة فلامه تعطيها من شاءت وتطعم منها عشرة من المسلمين فإن زاد فهو أفضل ».

4722 - وروي « أن أفضل ما يطبخ به ماء وملح ».

4723 - قال عمار الساباطي : « وسئل عن العقيقة إذا ذبحت هل يكسر عظمها

ص: 486


1- رواه في الكافي في الصحيح عن المنصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « العقيقة في الغلام والجارية سواء » وعن سماعة قال « سألته عن العقيقة فقال : في الذكر والأنثى سواء ، وفى معناه عن ابن مسكان وأبى بصير عنه عليه السلام.
2- لم أجده في مظانه.
3- في الكافي ج 6 ص 32 في الصحيح عن أبي خديجة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يأكل هو ولا أحد من عياله من العقيقة ، قال : وللقابلة الثلث من العقيقة ، فان كانت القابلة أم الرجل أو في عياله فليس لها منها شئ ، وتجعل أعضاء ، ثم يطبخها ويقسمها ولا يعطيها الا أهل الولاية ، وقال : يأكل العقيقة كل أحد الا الام ».
4- مروى في الكافي في ذيل حديث هكذا « وان كانت القابلة يهودية لا تأكل ذبيحة المسلمين أعطيت قيمة ربع الكبش » يعنى تعطى إياها وتشترى منها.

قال : نعم يكسر عظمها ويقطع لحمها ، وتصنع بها بعد الذبح ما شئت » (1).

4724 - وسأل إدريس بن عبد اللّه القمي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن مولود يولد فيموت يوم السابع هل يعق عنه؟ قال : إن كان مات قبل الظهر لم يعق عنه ، وإن [ كان ] مات بعد الظهر عق عنه » (2).

4725 - وروى عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا أردت أن تذبح العقيقة قلت : « يا قوم إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ، اللّهم منك ولك بسم اللّه واللّه أكبر ، اللّهم تقبل (3) من فلان بن فلان « وتسمي المولود باسمه ثم تذبح ».

4726 - وفي حديث آخر (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « يقال عند العقيقة :  «اللّهم منك ولك ما وهبت ، وأنت أعطيت ، اللّهم فتقبله منا على سنة نبيك» وتستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم ، وتسمي وتذبح وتقول : « لك سفكت الدماء ، لا شريك لك ، والحمد لله رب العالمين ، اللّهم اخسأ عنا الشيطان الرجيم ».

وأما الختان فإنه سنة في الرجال ومكرمة في النساء (5).

4727 - وروى غياث بن إبراهيم ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : لا بأس أن لا تختتن المرأة ، فأما الرجل فلابد منه ».

ص: 487


1- يدل على جواز كسر العظم ولا ينافي قول أبى عبد اللّه عليه السلام في رواية الكاهلي المروية في الكافي « يعطى القابلة الرجل مع الورك ولا يكسر العظم » حيث إنه محمول على الكراهة أو أن ما يعطى القابلة لا يكسر عظمه.
2- رواه الكليني ج 6 ص 39 في الصحيح وعليه عمل الأصحاب. ( المرآة )
3- في الكافي « اللّهم صل على محمد وآل محمد وتقبل - الخ ».
4- رواه الكليني ج 6 ص 39 مسندا عن محمد بن مارد عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
5- روى الكليني ج 6 ص 37 بسند مرسل عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الختان في الرجل سنة ، ومكرمة في النساء ».

4728 - وكتب عبد اللّه بن جعفر الحميري إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام « أنه روى عن الصالحين عليهما السلام (1) أن اختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا ، فإن الأرض تضج إلى اللّه عزوجل من بول الأغلف (2) وليس جعلني اللّه فداك لحجامي بلدنا حذق بذلك ولا يختنونه يوم السابع وعندنا حجام من اليهود فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين أم لا؟ فوقع عليه السلام : يوم السابع فلا تخالفوا السنن إن شاء اللّه » (3).

4729 - وروي عن مرازم بن حكيم الأزدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في الصبي إذا ختن قال يقول : « اللّهم هذه سنتك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله واتباع منا لك ولنبيك (4) بمشيتك وبإرادتك ، وقضائك لأمر أنت أردته (5) وقضاء حتمته وأمر أنفذته فأذقته حر الحديد في ختانه وحجامته لأمر أنت أعرف به مني ، اللّهم فطهره من الذنوب ، وزد في عمره ، وادفع الآفات عن بدنه ، والأوجاع عن جسمه ، وزده من الغنى ، وادفع عنه الفقر ، فإنك تعلم ولا نعلم « وقال أبو عبد اللّه عليه السلام : أي رجل لم يقلها عند ختان ولده فليقلها عليه من قبل أن يحتلم ، فإن قالها كفي حر الحديد من قتل أو غيره ».

ويستحب إذا ولد المولود أن يؤذن في أذنه الأيمن ويقام في الأيسر ويحنك بماء الفرات ساعة يولد إن قدر عليه (6).

ص: 488


1- في الكافي ج 6 ص 35 « أنه روى عن الصادقين عليهما السلام ».
2- الأغلف غير المختون.
3- يعنى أن المهم فيه إنما هو وقوعه يوم السابع ، وأما اسلام الحجام فليس بمهم. ( الوافي )
4- في بعض النسخ « وكتبك » بدل « ولنبيك ».
5- في بعض النسخ « بقضائك لأمر أردته ».
6- روى الكليني ج 6 ص 23 باسناده المعروف عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قال رسول اللّه عليه وآله : من ولد له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة وليقم في اليسرى فإنها عصمة من الشيطان الرجيم ». والحنك - محركة - : باطن أعلى الفم ، والتحنيك ما يصنع للمولود عند ولادته من وضع شئ حلو بعد مضغه أو وضع التربة الحسينية أو ماء الفرات في فمه ليصل ذلك إلى جوفه. وروى الكليني عن أبي جعفر عليه السلام قال : « يحنك المولود بماء الفرات ويقام في أذنه » وفى رواية أخرى « حنكوا أولادكم بماء الفرات وبتربة الحسين عليه السلام فإن لم يكن فبماء السماء ».

4730 - وروي عن هارون بن مسلم قال : « كتبت إلى صاحب الدار عليه السلام : ولد لي مولود وحلقت رأسه ووزنت شعره بالدراهم وتصدقت به ، قال : لا يجوز وزنه إلا بالذهب أو الفضة وكذا جرت السنة » (1).

4731 - وسئل أبو عبد اللّه عليه السلام : « ما العلة في حلق رأس المولود؟ قال : تطهيره من شعر الرحم » (2).

4732 - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام « عن مولود لم يحلق رأسه يوم السابع ، فقال : إذا مضى سبعة أيام فليس عليه حلق » (3).

4733 - وفي رواية السكوني قال : « قال النبي صلى اللّه عليه وآله : يا فاطمة اثقبي اذني الحسن والحسين خلافا لليهود » (4).

ص: 489


1- المراد بصاحب الدار صاحب الامر عليه السلام ظاهرا ويحتمل كونه أبا محمد وأبا الحسن صلوات اللّه عليهما باعتبار كونهما محبوسين ( بالعسكر ) في دار سر من رأى التي هي مزارهما صلوات اللّه عليهما ، وقوله « كذا جرت السنة » كما في الاخبار من عدم ذكر الدرهم بل الفضة والورق وهذا الخبر مبينها كما ذكره الأصحاب وان أمكن أن يكون جوابه عليه السلام تقريرا لفعله مع زيادة افاده أنه لا يجوز غير المذهب والفضة. ( م ت )
2- رواه المصنف في العلل في الصحيح عن صفوان بن يحيى عمن حدثه عنه عليه السلام.
3- رواه الكليني في الصحيح ويدل على أنه لا حلق ولا تصدق بعد السابع ، ويمكن أن يكون محمولا على نفى الكمال تحريصا على فعله في السابع والعمل على الأول. ( م ت )
4- اعلم أن المصنف - رحمه اللّه - ذكر في العنوان التسمية والكنى ولم يذكر أخبارهما فان أردت الاخبار في ذلك فراجع الكافي ج 6 ص 18 وكتاب الوسائل أبواب أحكام الأولاد ب 21 إلى 30.

باب 462: حال من يموت من أطفال المؤمنين

4734 - روى أبو زكريا ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « إذا مات طفل من أطفال المؤمنين نادى مناد في ملكوت السماوات والأرض ألا إن فلان ابن فلان قد مات ، فإن كان مات والداه أو أحدهما أو بعض أهل بيته من المؤمنين دفع إليه يغذوه وإلا دفع إلى فاطمة عليهما السلام تغذوه حتى يقدم أبواه أو أحدهما أو بعض أهل بيته فتدفعه إليه ».

4735 - وفي رواية الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن اللّه تبارك وتعالى كفل إبراهيم وسارة أطفال المؤمنين يغذوانهم بشجرة في الجنة لها أخلاف (1) كأخلاف البقر في قصر من درة ، فإذا كان يوم القيامة ألبسوا وطيبوا واهدوا إلى آبائهم ، فهم ملوك في الجنة مع آبائهم وهو قول اللّه عزوجل : « والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم » (2).

4736 - وفي رواية أبي بكر الحضرمي قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم (3) « قال : قصرت الأبناء عن أعمال الاباء فألحق اللّه الأبناء بالاباء لتقر بذلك أعينهم ».

4737 - وسأل جميل بن دراج أبا عبد اللّه عليه السلام « عن أطفال الأنبياء عليهم السلام ، فقال : ليسوا كأطفال الناس ».

4738 - و « سأله عن إبراهيم بن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله لو بقي كان صديقا نبيا؟ قال : لو بقي كان على منهاج أبيه صلى اللّه عليه وآله ».

ص: 490


1- الخلف - بكسر - : حلمة ضرع الناقة جمعه أخلاف.
2- في بعض النسخ « واتبعناهم ذرياتهم » ، و « ألحقنا بهم ذرياتهم » كما في قراءة بعض.
3- في بعض النسخ « واتبعناهم ذرياتهم » ، و « ألحقنا بهم ذرياتهم » كما في قراءة بعض.

4739 - وفي رواية عامر بن عبد اللّه قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « كان على قبر إبراهيم بن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله عذق يظله من الشمس حيثما دارت ، فلما يبس العذق ذهب أثر القبر فلم يعلم مكانه ».

4740 - وقال عليه السلام : « مات إبراهيم وله ثمانية عشر شهرا فأتم اللّه رضاعه في الجنة ».

4741 - وقال عليه السلام في قول اللّه عزوجل : « وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما » قال : أبدلهما اللّه عزوجل مكان الابن ابنة فولد منها سبعون نبيا ».

باب 463: حال من يموت من أطفال المشركين والكفار

4742 - روى وهب بن وهب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام : أولاد المشركين مع آبائهم في النار ، وأولاد المسلمين مع آبائهم في الجنة » (1).

4743 - وروى جعفر بن بشير ، عن عبد اللّه بن سنان قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أولاد المشركين يموتون قبل أن يبلغوا الحنث؟ قال : كفار ، واللّه أعلم بما كانوا عاملين يدخلون مداخل آبائهم » (2).

ص: 491


1- تقدم أن أبا البختري وهب بن وهب ضعيف كذاب ، وتعذيب غير المكلف قبيح عقلا.
2- الحنث هو الاثم وبلغ الغلام الحنث أي المعصية والطاعة. والسؤال عن أحكامهم من الغسل والكفين والصلاة والدفن ، والجواب أن حكمهم حكم الكفار ، يدفنون مع آبائهم أي في مقابرهم ، وقوله عليه السلام : « واللّه أعلم بما كانوا عاملين » أي كفوا عنهم ولا تقولوا فيهم شيئا ورد واعلم ذلك إلى اللّه تعالى. كما في خبر زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام المروى في الكافي ج 3 ص 249

4744 - وقال عليه السلام : « تؤجج لهم نار فيقال لهم : ادخلوها فإن دخلوها كانت عليهم بردا وسلاما ، وإن أبوا قال اللّه عزوجل لهم : هو ذا أنا قد أمرتكم فعصيتموني ، فيأمر اللّه عزوجل بهم إلى النار » (1).

4745 - وفي رواية حريز ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا كان يوم القيامة احتج اللّه على سبعة : على الطفل ، والذي مات بين النبيين ، والشيخ الكبير الذي أدرك النبي صلى اللّه عليه وآله وهو لا يعقل ، والأبله ، والمجنون الذي لا يعقل ، والأصم والأبكم ، كل واحد منهم يحتج على اللّه عزوجل قال : فيبعث اللّه عزوجل إليهم رسولا فيؤجج لهم نارا فيقول : إن ربكم يأمركم أن تثبوا فيها فمن وثب فيها كانت عليه بردا وسلاما ، ومن عصى سيق إلى النار ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذه الأخبار متفقة وليست بمختلفة وأطفال المشركين والكفار مع آبائهم في النار لا يصيبهم من حرها لتكون الحجة أوكد عليهم متى أمروا يوم القيامة بدخول نار تؤجج لهم مع ضمان السلامة متى لم يثقوا به ولم يصدقوا وعده في شئ قد شاهدوا مثله (2).

باب 464: تأديب الولد وامتحانه

4746 - قال الصادق عليه السلام : « دع ابنك يلعب سبع سنين ، ويؤدب سبع سنين والزمه نفسك سبع سنين ، فإن أفلح وإلا فإنه ممن لا خير فيه » (3).

ص: 492


1- رواه الكليني في الضعيف المرفوع عن بعضهم عليهم السلام. وتأجيج النار اشتعالها والهابها ، يقال : أججتها تأجيجا.
2- لا خلاف في أن الأطفال المؤمنين يدخلون الجنة ويلحقون بآبائهم ، وإنما الخلاف في أطفال الكفار أهم أهل الجنة أم أهل النار ، والمسألة قليلة الجدوى ، وليس فيها قول نعتمد عليه ويوافق ظاهر الروايات. فنرد علمها إلى أهله.
3- رواه الكليني بسند فيه ارسال ج 6 ص 44.

4747 - وكان جابر بن عبد اللّه الأنصاري يدور في سكك الأنصار بالمدينة وهو يقول : علي خير البشر فمن أبى فقد كفر ، يا معاشر الأنصار أدبوا أولادكم على حب علي ، فمن أبى فانظروا في شأن أمه » (1).

4748 - وقال الصادق عليه السلام : « من وجد برد حبنا على قلبه فليكثر الدعاء لامه فإنها لم تخن أباه » (2).

وكان الصبي على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إذا وقع الشك في نسبه عرضت عليه ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فإن قبلها ألحق نسبه بمن ينتمي إليه وإن أنكرها نفي (3).

4749 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « يربى الصبي (4) سبعا ويؤدب سبعا ، ويستخدم سبعا ، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة ، وعقله في خمس وثلاثين [ سنة ] وما كان بعد ذلك فبالتجارب ».

4750 - وفي رواية حماد بن عيسى قال (5) : « يشب الصبي كل سنة أربع أصابع بإصبع نفسه ».

4751 - وروى صالح بن عقبة قال : سمعت العبد الصالح عليه السلام يقول : « تستحب

ص: 493


1- أي فمن أبى من الأولاد فهو لعلة كانت من قبل أمه ، وهذا الكلام رواه العامة بطريق متكثرة مذكورة في مسند أحمد بن حنبل وفردوس الاخبار ومسند فخر خوارزم وغيرها ، و نقل من طرقهم عن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بسبع طرق : « يا معشر الأنصار أدبوا أولادكم على حب علي عليه السلام » أقول : ورواه المصنف في العلل.
2- رواه المصنف في علل الشرايع في القوى عن المفضل بن عمر.
3- ينتمى أن ينتسب والانتماء الانتساب.
4- في مكارم الأخلاق « يرخى الصبي سبعا » وكذا في البحار.
5- مروى في الكافي ج 6 ص 46 مسندا عن حماد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « يشب - الخ ».

عرامة الغلام في صغره ليكون حليما في كبره » (1).

4752 - و « سأل رجل النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : ما بالنا نجد بأولادنا ما لا يجدون بنا (2)؟ قال : لأنهم منكم ولستم منهم » (3).

4753 - وسئل الصادق عليه السلام « لم أيتم اللّه نبيه محمدا صلى اللّه عليه وآله؟ قال : لئلا يكون لاحد عليه طاعة » (4).

كتاب الطلاق

باب 465: وجوه الطلاق

الطلاق على وجوه ، ولا يقع شئ منها إلا على طهر من غير جماع بشاهدين عدلين ، والرجل مريد للطلاق غير مكره ولا مجبر ، فمنها طلاق السنة ، وطلاق العدة ، وطلاق الغائب ، وطلاق الغلام ، وطلاق المعتوه ، وطلاق التي لم يدخل بها ، وطلاق الحامل ، وطلاق التي لم تبلغ المحيض ، وطلاق التي قد يئست من المحيض ، وطلاق الأخرس ، وطلاق السر ، ومنه التخيير والمبارأة والنشوز والشقاق والخلع

ص: 494


1- عرامة الغلام بطره وميله إلى اللعب وبغضه للمكتب وشكاسة خلقه وهي مستحسن مطلوب لأنها تدل على عقله وفطانته في الكبر. وقيل : المراد استحباب حمله على الأمور الشاقة في الصغر ليوجب حلمه وعقله في الكبر. وزاد في الكافي « ثم قال : ما ينبغي الا هكذا ».
2- أي نحزن ونضطرب بسبب مرضهم وموتهم وابتلاءاتهم ما لا يحزنون بنا.
3- رواه المصنف في العلل في الحسن كالصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام.
4- رواه المصنف في العلل في الحسن كالصحيح عن محمد بن أبي عمير ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السلام.

والايلاء والظهار واللعان ، وطلاق العبد ، وطلاق المريض ، وطلاق المفقود ، والخلية والبرية والبتة والبائن ، والحرام (1) وحكم العنين.

باب 466: طلاق السنة

روي عن الأئمة عليهم السلام أن طلاق السنة هو أنه (2) إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته تربص بها حتى تحيض وتطهر ، ثم يطلقها في قبل عدتها (3) بشاهدين عدلين في موقف واحد بلفظة واحدة ، فإن أشهد على الطلاق رجلا وأشهد بعد ذلك الثاني لم يجز ذلك الطلاق إلا أن يشهدهما جميعا في مجلس واحد (4) ، فإذا مضت بها ثلاثة أطهار فقد بانت منه ، وهو خاطب من الخطاب والامر إليها إن شاءت تزوجته وإن شاءت فلا ، فإن تزوجها بعد ذلك تزوجها بمهر جديد ، فإن أراد طلاقها طلقها للسنة على ما وصفت ، ومتى طلقها طلاق السنة فجائز له أن يتزوجها بعد ذلك ، و سمي طلاق السنة طلاق الهدم متى استوفت قروؤها وتزوجها ثانية هدم الطلاق الأول (5)

ص: 495


1- أي يقول : أنت على حرام.
2- مأخوذ من عدة روايات رواها الكليني والشيخ جلها عن الصادقين عليهما السلام.
3- بضم القاف وسكون الباء : أي في اقبالها حين يتمكن من الدخول.
4- روى الكليني في الحسن كالصحيح ج 6 ص 71 عن البزنطي قال : « سألت أبا - الحسن عليه السلام عن رجل طلق امرأته على طهر من غير جماع وأشهد اليوم رجلا ثم مكث خمسة أيام ثم أشهد آخر ، فقال : إنما أمر أن يشهدا جميعا ».
5- ظاهره أنه لا يحسب من الثلاث التي تحرم بعدها المطلقة ويحتاج إلى المحلل وهذا مذهب ابن بكير حيث قال - على المحكى - : « لو فعل هذا مائة مرة بها هدم ما قبله وحلت بلا محلل ، نعم لو راجعها قبل أن ينقضي عدتها ثم يطلقها ثلاثا كذلك لم تحل بعد الثلاث الا بالمحلل ». وروى في ذلك رواية عن أبي جعفر عليه السلام خلافا للمشهور بل للاجماع حيث حكموا بالاحتياج إلى المحلل بعد الثلاث وان انقضى العدة ، والرواية التي نقلها ابن بكير شاذ حكم بشذوذه الشهيد في المسالك وقال : هذا الخبر بالاعراض عنه حقيق ، وظاهر المصنف اختيار مذهب ابن بكير لكن لم ينقل عنه.

وكل طلاق خالف السنة فهو باطل ، ومن طلق امرأته للسنة فله أن يراجعها ما لم تنقض عدتها ، فإذا انقضت عدتها بانت منه وكان خاطبا من الخطاب ، ولا تجوز شهادة النساء في الطلاق (1) ، وعلى المطلق للسنة نفقة المرأة والسكنى ما دامت في عدتها ، وهما يتوارثان حتى تنقضي العدة » (2).

4754 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة قال : قال أبو - عبد اللّه عليه السلام : « لا طلاق إلا على السنة ، إن عبد اللّه بن عمر طلق ثلاثا في مجلس وامرأته حائض (3) فرد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله طلاقه ، وقال : ما خالف كتاب اللّه رد إلى كتاب اللّه » (4).

4755 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن رجل قال لامرأته : إن تزوجت عليك أو بت عنك (5) فأنت طالق ، فقال : إن رسول - اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : من شرط شرطا سوى كتاب اللّه عزوجل لم يجز ذلك عليه ولا له (6) ،

ص: 496


1- روى الكليني ج 7 ص 391 في الموثق عن محمد بن مسلم قال : قال : « لا تجوز شهادة النساء في الهلال ولا في الطلاق - الخ ».
2- لكونها زوجته فتجب على الزوجة النفقة والسكنى وبينهما الميراث.
3- الطلاق في الحيض كان مخالفا لقوله تعالى « فطلقوهن لعدتهن » أي وقتها ، واللام للتوقيت بالاجماع عند الفريقين وهو الطهر الذي لم يواقعها فيه بالاجماع.
4- مضمون هذا الخبر متواتر في الصحيحين روى مسلم في صحيحه كتاب الطلاق تحت رقم 4 مسندا عن محمد ( ابن أخير الزهري ) عن عمه قال : أخبرنا سالم بن عبد اللّه أن عبد اللّه بن عمر قال : طلقت امرأتي وهي حائض ، فذكر ذلك عمر للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فتغبط رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ثم قال : « مره فليراجعها حتى تحيض حيضة أخرى مستقبلة سوى حيضتها التي طلقتها فيها ، فان بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا من حيضتها قبل أن يمسها فذلك الطلاق للعدة كما أمر اللّه ».
5- أي ان تزوجت عليك بزوجة تكون ضرة لك أو لم أكن ليلة عندك وأكون عند غيرك.
6- الظاهر أن هذا هو الطلاق باليمين ، وربما يطلق عليه الطلاق بالشرط ، وأجمع الأصحاب على بطلان الطلاق بهما. ( م ت )

قال : وسئل عن رجل قال : كل امرأة أتزوجها ما عاشت أمي فهي طالق ، فقال : لا طلاق إلا بعد نكاح ، ولا عتق إلا بعد ملك ».

4756 - وفي رواية النضر بن سويد ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « في رجل قال : امرأته طالق ومماليكه أحرار إن شربت حراما أو حلالا من الطلا (1) أبدا ، فقال : أما الحرام فلا يقربه أبدا إن حلف وإن لم يحلف ، وأما الطلا فليس له أن يحرم ما أحل اللّه (2) قال اللّه عزوجل : « يا أيها النبي لم تحرم ما أحل اللّه لك « فلا يجوز يمين في تحريم حلال ، ولا في تحليل حرام ، ولا في قطيعة رحم ».

4757 - وروى [ عن ] محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال : « إني طلقت امرأتي للعدة بغير شهود ، فقال : ليس طلاقك بطلاق ، فارجع إلى أهلك » (3).

ولا يقع الطلاق بإكراه ولا إجبار (4) ولا على سكر ، ولا على غضب ، ولا يمين. (5)

ص: 497


1- الطلا : المطبوخ من عصير العنب ، وحرامه ما لم يذهب ثلثاه ، وحلالا ما ذهب ثلثاه ويصير دبسا ، والحرام حرام أبدا ولا يحتاج إلى التحريم باليمين الباطلة. ( م ت )
2- أي ليس له أن يحرم ما كان منه حلالا.
3- يدل على أنه يشترط في الطلاق أن يكون بمحضر عدلين يسمعانه ، والخبر في الكافي هكذا عن محمد بن مسلم « قدم رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة فقال : انى طلقت امرأتي بعد ما طهرت من محيضها قبل أن أجامعها ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أشهدت رجلين ذوي عدل كما أمر اللّه عزوجل ، فقال : لا ، فقال : اذهب فان طلاقك ليس بشئ ».
4- روى الكليني ج 6 ص 127 في الحسن كالصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن طلاق المكره وعتقه ، فقال : ليس طلاقه بطلاق ولا عتقه بعتق - الحديث ».
5- روى الكليني في الحسن كالصحيح على الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن طلاق السكران ، فقال : لا يجوز ولا كرامة » وفى القوى عن أبي الصباح الكناني عنه عليه السلام « قال : ليس طلاق السكران بشئ ». وعن يحيى بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سمعته يقول : لا يجوز الطلاق في استكراه ، ولا يجوز عتق في استكراه ، ولا يجوز يمين في قطيعة رحم ولا في شئ من معصية اللّه ، فمن حلف أو حلف في شئ من هذا وفعله فلا شئ عليه قال : وإنما الطلاق ما أريد به الطلاق من غير استكراء ولا اضرار على العدة والسنة على طهر بغير جماع وشاهدين فمن خالف هذا فليس طلاقه ولا يمينه بشئ يرد إلى كتاب اللّه عزوجل » ج 6 ص 127.

4758 - وروى بكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : « إذا طلق الرجل امرأته وأشهد شاهدين عدلين في قبل عدتها فليس له أن يطلقها بعد ذلك حتى تنقضي عدتها أو يراجعها » (1).

4759 - وجاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام (2) فقال : « يا أمير المؤمنين إني طلقت امرأتي ، فقال : ألك بينة؟ فقال : لا ، فقال : أعزب » (3).

ص: 498


1- رواه الكليني بسند حسن وفيه « حتى تنقضي عدتها الا أن يراجعها ».
2- رواه الكليني في الحسن كالصحيح في ذيل حديث عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام.
3- أي غب واذهب ، وهو كناية عن عدم الوقوع. ويدل بظاهره على وجوب الاشهاد عنده عليه السلام خلافا لمذهب الجمهور في المشهور وقد ذهب منهم جماعة إلى وجوبه كعبد الملك بن جريج وعطاء بن أبي رباح وعمران بن حصين وقالوا بأنه شرط لصحة الطلاق ووقوعه ، روى ابن كثير في تفسيره عن ابن جريج أن عطاء كان يقول في قوله تعالى : « واشهدوا ذوي عدل منكم » قال : لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا ارجاع الا شاهدا عدل ». وأخرج السيوطي في الدر المنثور عن عبد الرزاق وعبد بن حميد ، عن عطاء قال : النكاح بالشهود ، والطلاق بالشهود والمراجعة بالشهود. وعن ابن سيرين أن رجلا سأل عمران بن حصين عن رجل طلق ولم يشهد وراجع ولم يشهد ، قال : بئس ما صنع طلق لبدعة ، وراجع لغير سنة ، فليشهد على طلاقه وعلى مراجعته وليستغفر اللّه. و روى أبو داود في سننه نحوه عن عمران. و بالجملة ان القول بوجوب الاشهاد غير منحصر بالامامية، و بعد ما ثبت عندنا أن عليّا عليه السلام يقول به و يفتى و يحكم به فقول من خالفه باطل لقول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله« على مع الحق و الحق معه» كما رواه الفريقان.

4760 - وقال أبو جعفر عليه السلام (1) : « لو وليت الناس لعلمتهم الطلاق وكيف ينبغي لهم أن يطلقوا ، ثم قال : لو اتيت برجل قد خالفه لأوجعت ظهره ، ومن طلق لغير السنة رد إلى كتاب اللّه عزوجل وإن رغم أنفه ».

4761 - وسأل سماعة أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المطلقة أين تعتد؟ قال : في بيتها لا تخرج فإن أرادت زيارة خرجت قبل نصف الليل ، ورجعت بعد نصف الليل (2) ولا تخرج نهارا ، وليس لها أن تحج حتى تنقضي عدتها » (3).

4762 - وسئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « واتقوا اللّه ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة » قال : إلا أن تزني فتخرج ويقام عليها الحد » (4).

4763 - وكتب محمد بن الحسن الصفار - رضي اللّه عنه - إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام « في امرأة طلقها زوجها ولم يجز عليها النفقة للعدة وهي محتاجة هل يجوز لها أن تخرج وتبيت عن منزلها للعمل والحاجة؟ فوقع عليه السلام : لا بأس بذلك إذا علم اللّه الصحة منها ».

باب 467: طلاق العدة

طلاق العدة هو أنه إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته طلقها على طهر من غير

ص: 499


1- رواه الكليني ج 6 ص 57 بسند موثق عن أبي بصير عنه عليه السلام.
2- نسخة في بعض النسخ « خرجت بعد نصف الليل ورجعت قبل نصف الليل » وفى الكافي والتهذيبين « وان أرادت زيارة خرجت بعد نصف الليل ولا تخرج نهارا - الخ » مع زيادة في آخره.
3- حمل على الرجعية ولا خلاف في عدم جواز خروجها من بيت الزوج وكذلك لا خلاف في عدم جواز اخراجها الا أن تأتى بفاحشة مبينة.
4- يعنى لا تخرج الا لإقامة الحد عليها فترد بعد الحد إلى بيت الزوج.

جماع بشاهدين عدلين ، ثم يراجعها من يومه ذلك أو بعد ذلك قبل أن تحيض (1) و يشهد على رجعتها حتى تحيض ، فإذا خرجت من حيضها طلقها تطليقة أخرى من غير جماع ويشهد على ذلك ، ثم يراجعها متى شاء قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها وتكون معه إلى أن تحيض الحيضة الثانية ، فإذا خرجت من حيضتها طلقها الثالثة وهي طاهر من غير جماع ويشهد على ذلك ، فإن فعل ذلك فقد بانت منه و لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره (2) ، وأدنى المراجعة أن يقبلها أو ينكر الطلاق فيكون إنكار الطلاق مراجعة ، وتجوز المراجعة بغير شهود كما يجوز التزويج ، و إنما تكره المراجعة بغير شهود من جهة الحدود والمواريث والسلطان (3) ، ومن طلق امرأته للعدة ثلاثا واحدة بعد واحدة كما وصفت فتزوجت المرأة زوجا آخر و لم يدخل بها فطلقها أو مات عنها قبل الدخول بها فاعتدت المرأة لم يجز لزوجها الأول أن يتزوجها (4) حتى يتزوجها رجل آخر ويدخل بها ويذوق عسيلتها ،

ص: 500


1- ينبغي حمل كلامه على الحيض الذي بها يخرج عن العدة ، قال سلطان العلماء : لعل مراده الحيضة الثالثة التي هي انقضاء العدة فهو كناية عن أنه لابد أن يكون المراجعة قبل انقضاء العدة ، وأما اشتراط كون المراجعة في طهر الطلاق لم ينقل عن أحد بل المشهور اعتبار المراجعة في العدة وإن كان في الطهر الثاني أو الثالث.
2- الظاهر أن المؤلف لم يعتبر المواقعة في الرجعة الأولى وهو خلاف المشهور ولعله اكتفى بذكره في الطلاق الثاني ، وأخذ كلامه هذا من خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في الكافي وفيه « ويراجعها من يومه ذلك أن أحب أو بعد ذلك بأيام ( أو ) قبل أن تحيض ويشهد على رجعتها ويواقعها ويكون معها حتى تحيض فإذا حاضت وخرجت من حيضها طلقها تطليقة أخرى من غير جماع ويشهد على ذلك ثم يراجعها - إلى آخر الكلام » وعلى هذا ، الذي يترتب على طلاق العدة أنها في التاسعة تحرم مؤبدا بخلاف طلاق السنة فإنها لا تحرم أبدا إذا تحلل في كل ثالثة.
3- الاشهاد على الرجعة غير واجب عندنا للأصل ، ولكن يستحب لحفظ الحق ودفع النزاع ، وقوله « من وجهة الحدود » أي اسقاطها ، فان المخالفين يحدونهما وان قالوا بالرجعة.
4- لاشتراط الدخول في المحلل ، وعدم كفاية مجرد العقد.

ثم يطلقها أو يموت عنها فتعتد منه ، ثم إن أراد الأول أن يتزوجها فعل ، فإن تزوجها رجل متعة ودخل بها وفارقها أو مات عنها لم يحل لزوجها الأول أن يتزوج بها (1) حتى يتزوجها رجل آخر تزويجا بتاتا ويدخل بها فتكون قد دخلت في مثل ما خرجت منه (2) ، ثم يطلقها أو يموت عنها وتعتد منه ، ثم إن أراد الأول أن يتزوجها فعل ، فإن تزوجها عبدا فهو أحد الأزواج (3) ، وكل من طلق امرأته للعدة فنكحت زوجا غيره ، ثم تزوجها ثم طلقها للعدة فنكحت زوجا غيره ثم تزوجها ثم طلقها للعدة فقد بانت منه ، ولا تحل له بعد تسع تطليقات أبدا » (4).

4764 - وروى المفضل بن صالح ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن قول اللّه عزوجل : « ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا » قال : الرجل يطلق حتى إذا كادت أن يخلو أجلها راجعها ثم طلقها يفعل ذلك ثلاث مرات ، فنهى اللّه عزوجل عن ذلك » (5).

4765 - وروى البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن الحسن بن زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته ، ثم يراجعها وليس له

ص: 501


1- لاشتراط دوام العقد في المحلل اجماعا.
2- يعنى النكاح الدائم الذي خرجت منه بالطلاق. والزوج الثاني لا يصير محللا بالطلاق ان نواه حين العقد لقصده عدم الدوام.
3- روى الكليني ج 5 ص 425 في الضعيف المنجبر عن إسحاق بن عمار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فتزوجها عبد ثم طلقها هل يهدم الطلاق؟ قال : نعم لقول اللّه عزوجل في كتابه » حتى تنكح زوجا غيره « وقال : هو أحد الأزواج » ورواه أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره عن أحمد بن محمد وكأنه البزنطي.
4- لان المطلقة للعدة ثلاثا لا تحل للرجل حتى تنكح زوجا غيره وتحرم عليه في التاسع في عدة من الاخبار ، ولا خلاف فيه.
5- يدل على حرمة الضرار بل امسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وظاهره وقوع الطلاق كذلك وان أثم. ( م ت )

فيها حاجة ثم يطلقها ، فهذا الضرار الذي نهى اللّه عزوجل عنه إلا أن يطلق ثم يراجع وهو ينوي الامساك ».

4766 - وروى القاسم بن الربيع الصحاف ، عن محمد بن سنان أن أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : « علة الطلاق ثلاثا لما فيه من المهلة فيما بين الواحدة إلى الثلاث لرغبة تحدث أو سكون غضب إن كان ، وليكن ذلك تخويفا وتأديبا للنساء وزجرا لهن عن معصية أزواجهن ، فاستحقت المرأة الفرقة والمباينة لدخولها فيما لا ينبغي من ترك طاعة زوجها ، وعلة تحريم المرأة بعد تسع تطليقات فلا تحل له عقوبة لئلا يستخف بالطلاق (1) ولا يستضعف المرأة وليكون ناظرا في أمور متيقظا معتبرا ، وليكون يأسا لهما من الاجتماع بعد تسع تطليقات ».

4767 - وروى علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه قال : « سألت الرضا عليه السلام عن العلة التي من أجلها لا تحل المطلقة للعدة لزوجها حتى تنكح زوجا غيره ، فقال : إن اللّه عزوجل إنما أذن في الطلاق مرتين فقال عزوجل : « الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح باحسان » (2) يعني في التطليقة الثالثة فلدخوله فيما كره اللّه عزوجل له من الطلاق الثالث حرمها عليه فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره لئلا يوقع الناس الاستخفاف بالطلاق ولا يضاروا النساء. (3) والمطلقة للعدة إذا رأت أول قطرة من الدم الثالث بانت من زوجها ولم تحل له حتى تنكح زوجا غيره.

4768 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « المطلقة ثلاثا ليس لها نفقة على زوجها ولا سكنى ، إنما ذلك للتي لزوجها عليها رجعة ».

ص: 502


1- في بعض النسخ « لئلا يتلاعب بالطلاق ».
2- « مرتان » لم يرخص في الزائد الا على سبيل الضرورة.
3- كأن إلى هنا تمام الخبر كما في العلل.

باب 468: طلاق الغائب

4769 - روى الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل قال لرجل : اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها أو قال : اكتب إلى عبدي بعتقه أيكون ذلك طلاقا أو عتقا؟ قال : لا يكون طلاق ولا عتق حتى تنطق به اللسان أو يخط بيده وهو يريد الطلاق أو العتق ويكون ذلك منه بالأهلة والشهود ويكون غائبا عن أهله ». (1)

وإذا أراد الغائب أن يطلق امرأته فحد غيبته التي إذا غابها كان له أن يطلق متى شاء ، أقصاه خمسة أشهر أو ستة أشهر ، وأوسطه ثلاثة أشهر ، وأدناه شهر. (2)

4770 - فقد روى صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : « الغائب الذي يطلق كم غيبته؟ قال : خمسة أشهر ، أو ستة أشهر ، قلت : حد فيه دون ذا؟ قال : ثلاثة أشهر ».

4771 - وروى محمد بن أبي حمزة ، عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

ص: 503


1- اتفق الأصحاب على عدم وقوع الطلاق بالكتابة للحاضر القادر على اللفظ واختلفوا في وقوعه من الغائب فذهب الأكثر منهم الشيخ في المبسوط والخلاف مدعيا عليه الاجماع إلى عدم وقوعه من الغائب وفى النهاية إلى وقوعه لهذه الصحيحة وأجيب بحملها على المضطر بأن يكون « أو » في « أو يخط » للتفصيل لا للتخيير ، ويرد عليه بأن الرواية صريحة في أن المطلق يقدر على التلفظ ، وأجيب بان هذا لا ينافي التعميم والتفصيل في الجواب إذ حاصله حينئذ أن الطلاق لا يكون الا بأحد الامرين في أحد الشخصين وهذا ليس واحدا منهما فلا يكون صحيحا. ( المرآة )
2- الظاهر أن المصنف - رحمه اللّه - جمع بين الاخبار بأن الشهر يكفي ، وحمل الزائد عليه على الاستحباب ، ويمكن أن يكون مراده الاختلاف بحسب عادات النساء كما ذكر. ( م ت )

« الغائب إذا أراد أن يطلق امرأته تركها شهرا » (1).

باب 469: طلاق الغلام

4772 - روى زرعة ، عن سماعة قال : « سألته عن طلاق الغلام ولم يحتلم وصدقته ، فقال : إذا طلق للسنة ووضع الصدقة في موضعها وحقها فلا بأس وهو جائز » (2).

باب 470: طلاق المعتوه

طلاق المعتوه (3)

4773 - وروى عبد الكريم بن عمرو ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن طلاق المعتوه الزائل العقل أيجوز؟ فقال : لا ، وعن المرأة إذا كانت كذلك يجوز بيعها وصدقتها؟ فقال : لا ».

ص: 504


1- لا خلاف في أن طلاق الغائب صحيح وان صادف الحيض ما لم يعلم أنه حائض ، لكن اختلف الأصحاب في أنه هل يكفي مجرد الغيبة في جوازه أم لابد معها من أمر آخر ، ومنشأ الاختلاف اختلاف الاخبار فذهب المفيد وعلي بن بابويه وجماعة إلى جواز طلاقها حيث لم يمكن استعلام حالها من غير تربص ، وذهب الشيخ في النهاية وابن حمزة إلى اعتبار مضى شهر منذ غاب ، وذهب ابن الجنيد والعلامة في المختلف إلى اعتبار ثلاثة أشهر ، وذهب المحقق وأكثر المتأخرين إلى اعتبار مضى مدة يعلم انتقالها من الطهر الذي واقعها فيه إلى آخر بحسب عادتها ولا يتقدر بمدة. ( المرآة ).
2- رواه الكليني والشيخ في الموثق ، وعمل بمضمونه الشيخ وابن الجنيد وجماعة. واعتبر الشيخ والمفيد وجماعة من القدماء بلوغ الصبي عشرا من الطلاق ، والمشهور بين المتأخرين عدم صحة طلاق الصبي مطلقا. وقد حملوا الأخبار المجوزة على من بلغ عشرا وهو يعقل ، واستشكل بأن الصبي قبل التميز ليس موردا لاخبار الطرفين ، وبعده مع تساوى الافراد الباقية تحت المطلق والخارجة من جهة التقييد كيف بحكم بالنفي والاثبات بنحو بيان القانون ، فلابد من الترجيح في مقام تعارض الاخبار.
3- المعتوه : الناقص العقل.

4774 - وروى حماد بن عيسى ، عن شعيب ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن المعتوه يجوز طلاقه ، فقال : ما هو؟ فقلت : الأحمق الذاهب العقل فقال : نعم ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني إذا طلق عنه وليه ، فأما أن يطلق هو فلا ، وتصديق ذلك :

4775 - ما رواه صفوان بن يحيى ، عن أبي خالد القماط قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل يعرف رأيه مرة وينكره أخرى يجوز طلاق وليه عليه؟ فقال : ما له هو لا يطلق؟ قال ، قلت : لا يعرف حد الطلاق ولا يؤمن عليه إن طلق اليوم أن يقول غدا : لم أطلق ، فقال : ما أراه إلا بمنزلة الامام - يعني الولي - » (1).

باب 471: طلاق التي لم يدخل بها ، وحكم المتوفى عنها زوجها قبل الدخول وبعده

4776 - روى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فلها نصف مهرها ، وإن لم يكن سمى لها مهرا فمتاع بالمعروف » على الموسع قدره وعلى المقتر قدره « وليس لها عدة ، تتزوج من شاءت من ساعتها » (2).

ص: 505


1- المشهور بين المتقدمين وأكثر المتأخرين جواز طلاق الولي عن المجنون المطبق مع الغبطة مستندا بصحيحة أبى خالد القماط هذه ، وذهب ابن إدريس وقبله الشيخ في الخلاف إلى عدم الجواز محتجا باجماع الفرقة وهو غير ثابت. قال سلطان العلماء قوله : « ما أراه الا بمنزلة الامام » ليس صريحا في جواز طلاق الولي لان كونه بمنزلة الامام إنما يدل على الجواز لو كان جواز طلاق الامام ثابتا وهو غير ظاهر فلعل التشبيه باعتبار عدم الجواز منهما.
2- يستفاد من الرواية والآية الانقسام إلى اليسار والاعسار ، والأصحاب قسموها إلى اليسار والوسط والاعسار.

4777 - وروى عمرو بن شمر ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قول اللّه عز و جل : « وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا » قال : متعوهن أي جملوهن (1) بما قدرتم عليه من معروف فإنهن يرجعن بكآبة ووحشة وهم عظيم وشماتة من أعدائهن فإن اللّه عزوجل كريم يستحي ويحب أهل الحياء إن أكرمكم أشدكم إكراما لحلائلهم ».

4778 - وفي رواية البزنطي « أن متعة المطلقة فريضة » (2).

4779 - وروي « أن الغني يمتع بدار أو خادم ، والوسط يمتع بثوب ، و الفقير بدرهم أو خاتم » (3).

4780 - وروي « أن أدناه الخمار وشبهه » (4).

4781 - وروى الحلبي ، وأبو بصير ، وسماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في قول اللّه عزوجل : « وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح » قال : هو الأب أو الأخ أو الرجل يوصى إليه ، والذي يجوز أمره في مال المرأة فيبتاع لها ويتجر

ص: 506


1- أي افعلوا معهن بالجميل.
2- في الكافي ج 6 ص 105 عن القمي ، عن أبيه ، عن البزنطي قال : « ذكر بعض أصحابنا أن متعة المطلقة فريضة » وهو كما ترى موقوف ، واعلم أن تمتع المطلقة التي لم يدخل بها ولم يفرض لها مهر واجب بظاهر الآية والاخبار فان فرض لها فلها نصف المسمى وان لم يفرض فبقدر يساره وأطلق عليه التمتع.
3- مروى في فقه الرضا عليه السلام ولم نعثر على سند له.
4- رواه الكليني في الضعيف على المشهور عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : أخبرني عن قول اللّه عزوجل « وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين » ما أدنى ذلك المتاع إذا كان معسرا لا يجد؟ قال : خمار أو شبهه ».

فإذا عفا فقد جاز » (1).

4782 - وفي خبر آخر : « يأخذ بعضا ويدع بعضا ، وليس له أن يدع كله » (2).

4783 - وسأل عبيد بن زرارة أبا عبد اللّه عليه السلام « عن امرأة هلك زوجها ولم يدخل بها ، قال : لها الميراث وعليها العدة كاملة ، وإن سمى لها مهرا فلها نصفه ، وإن لم يكن سمى لها مهرا فلا شئ لها ». (3)

وليس للمتوفى عنها زوجها سكنى ولا نفقة (4).

4784 - وسأل شهاب أبا عبد اللّه عليه السلام « عن رجل تزوج بامرأة بألف درهم فأداها إليها فوهبتها له ، وقالت : أنا فيك أرغب فطلقها قبل أن يدخل بها ، قال : يرجع عليها بخمسمائة درهم » (5).

4785 - وروى علي بن رئاب ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « متعة النساء واجبة دخل بها أو لم يدخل بها ، تمتع قبل أن تطلق » (6).

ص: 507


1- حمل الأخ على كونه وكيلا أو وصيا ، والذي يجوز أمره على الوكيل المطلق الشامل وكالته لمثل هذا ، ويستفاد من الخبر أن للوصي النكاح ، وربما خصص بما إذا كان وصيا في خصوص النكاح.
2- رواه الشيخ في الصحيح عن رفاعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، وهو أحوط وإن كان ظاهر القرآن والاخبار أعم ( م ت ) أقول : قال الشهيد الثاني : لا فرق بعد بقاء البعض بين القليل والكثير ، والرواية يقتضى عدم الفرق في جواز عفوه بين كونه مصلحة للمولى عليه وعدمه نعم يشترط بعد الطلاق قبل الدخول.
3- رواه الكليني في الموثق كالصحيح ج 6 ص 120.
4- كما دل عليه النصوص راجع الكافي ج 6 ص 115 و 116 وعليه الفتوى ، وان كانت حاملا فينفق عليها من مال ولدها.
5- لان هبتها له كسائر اتلافاتها فيجب عليها رد نصف المهر ، وقيل : هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب.
6- هذه الجملة متعلقة بغير الدخول بها يعنى الجملة الأخيرة ، ولا يبعد التعميم بأن يكون التقديم في المدخول بها مستحبا.

4786 - وقضى أمير المؤمنين عليه السلام (1) « في امرأة توفي عنها زوجها ولم يمسها قال : لا تنكح حتى تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام عدة المتوفى عنها زوجها ».

والمطلقة تعتد من يوم طلقها زوجها ، والمتوفى عنها زوجها تعتد من يوم يبلغها الخبر ، لأن هذه تحد ، والمطلقة لا تحد (2).

4787 - وكتب محمد بن الحسن الصفار إلى أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام « في امرأة مات عنها زوجها وهي في عدة منه وهي محتاجة لا تجد من ينفق عليها وهي تعمل للناس هل يجوز لها أن تخرج وتعمل وتبيت عن منزلها للعمل والحاجة في عدتها؟ قال : فوقع عليه السلام لا بأس بذلك إن شاء اللّه » (3).

4788 - وسأل عمار الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المرأة يموت عنها زوجها هل يحل لها أن تخرج من منزلها في عدتها؟ قال : نعم تختضب وتدهن وتكتحل وتمتشط وتصبغ وتلبس المصبغ وتصنع ما شاءت بغير زينة لزوج » (4).

4789 - وفي خبر آخر قال : « لا بأس بأن تحج المتوفى عنها زوجها وهي في عدتها وتنتقل من منزل إلى منزل » (5).

ص: 508


1- رواه الكليني ج 6 ص 119 بسند موثق عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « قضى - الخ ».
2- الحداد ترك الزينة للمتوفى عنها زوجها ، والمطلقة يكفيها من يوم الطلاق لان الغرض استبراء الرحم بخلاف المتوفى عنها زوجها فالمطلوب منها استبراء الرحم والتعزية رعاية لحق زوجه ، وروى الكليني والشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام « في الرجل يموت وتحته امرأة وهو غائب ، قال : تعتد من يوم يبلغها وفاته » ، وفى الحسن كالصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال « في الغائب عنها زوجها إذا توفى قال : المتوفى عنها ( زوجها ) تعتد من يوم يأتيها الخبر لأنها تحد عليه ». أقول : أحدت المرأة على زوجها : حزن عليه ولبست لباس الحزن.
3- يدل على جواز البيتوتة عن منزلها للضرورة.
4- حمل على الأمة أو التقية أو الاكتحال بغير الإثمد والمشط في الحمام ، وفى طريق المصنف إلى عمار الساباطي من لم يوثق.
5- رواه الكليني ج 6 ص 116 في الموثق عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام).

باب 472: طلاق الحامل

4790 - روى زرارة (1) عن أبي جعفر عليه السلام : « طلاق الحامل واحدة ، فإذا وضعت ما في بطنها فقد بانت منه » (2).

وقال اللّه تبارك وتعالى : « وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن » فإذا طلقها الرجل ووضعت من يومها أو من غد فقد انقضى أجلها وجائز لها أن تتزوج ولكن لا يدخل بها زوجها حتى تطهر.

والحبلى المطلقة تعتد بأقرب الأجلين إن مضت بها ثلاثة أشهر قبل أن تضع فقد انقضت عدتها منه (3) ولكنها لا تتزوج حتى تضع ، فإن وضعت ما في بطنها قبل انقضاء ثلاثة أشهر فقد انقضى أجلها.

والحلبي المتوفى عنها زوجها تعتد بأبعد الأجلين ، إن وضعت قبل أن تمضي أربعة أشهر وعشرة أيام لم تنقض عدتها حتى تمضي أربعة أشهر وعشرة أيام ، وإن

ص: 509


1- رواه الكليني عن إسماعيل الجعفي عنه عليه السلام.
2- يمكن حملها على طلاق السنة بالمعنى الأخص إذا المعتبر فيه انقضاء العدة فلا يتصور في الحامل ثانيا الا بعد وضع الحمل إذ انقضاء عدة الحامل بالوضع فلا يتصور فيها طلاق السنة الا واحدة ، وأما طلاق العدة فيجوز في الحامل في الجملة اجماعا كما سيأتي في آخر الباب وإن كان المنقول عن الصدوقين اشتراط طلاقها ثانيا بانقضاء ثلاثة أشهر ، وفى المسألة أقوال أخر لاختلاف الروايات ، والتفصيل في المسالك ( سلطان ) أقول : الخبر مروى في التهذيبين أيضا عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام.
3- فليس للزوج الرجوع بعد ذلك وان لم يجز لها التزويج الا بعد الوضع ، وهذا مختار الصدوق وابن حمزة خلافا للمشهور حيث اعتبروا عدة الحامل المطلقة بوضع الحمل بالنسبة إلى جميع الأحكام طالت مدته أو قصرت فللزوج ما لم تصنع الحمل وإن كان بعد ثلاثة أشهر على المشهور. ( سلطان )

مضت لها أربعة أشهر وعشرة أيام قبل أن تضع لم تنقض عدتها حتى تضع (1).

4791 - وروى علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : « الحلبي المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها وهي أحق بولدها أن ترضعه بما تقبله امرأة أخرى يقول اللّه عزوجل : « لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك « لا يضار بالصبي ولا يضار بأمه في رضاعه ، وليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين ، فإذا أراد الفصال قبل ذلك عن تراض منهما كان حسنا ، والفصال هو الفطام » (2).

4792 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في المرأة الحلبي المتوفى عنها زوجها : ينفق عليها من مال ولدها الذي في بطنها ».

4793 - وفي رواية السكوني قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام : « نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها من جميع المال حتى تضع » (3).

والذي نفتي به رواية الكناني.

4794 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة توفي عنها زوجها وهي حبلى فولدت قبل أن تنقضي أربعة أشهر وعشرة أيام

ص: 510


1- روى الكليني في الحسن كالصحيح عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « في الحبلى المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها آخر الأجلين ». ومثله عن عبد اللّه ابن سنان عنه عليه السلام.
2- مروى في الكافي ج 6 ص 103 بزيادة.
3- قال في المسالك : المتوفى عنها زوجها ان كانت حائلا فلا نفقة لها اجماعا وان كانت حاملا فلا نفقة لها في مال المتوفى أيضا كذلك ، وهل تجب في نصيب الولد اختلف الأصحاب في ذلك بسبب اختلاف الروايات فذهب الشيخ في النهاية وجماعة من المتقدمين إلى الوجوب ، وللشيخ قول آخر بعدمه وهو مذهب المتأخرين للأصل - انتهى ، وقال العلامة المجلسي (رحمه اللّه) : ان كانت المرأة محتاجة لزم الانفاق عليها من نصيب ولدها والا فلا ، وبذلك يجمع بين الاخبار.

فتزوجت فقضى : أن يخلي عنها ثم لا يخطبها حتى ينقضي آخر الأجلين (1).

فإن شاء أولياء المرأة أنكحوها إياه وإن شاؤوا أمسكوها فإن أمسكوها ردوا عليه ماله » (2).

4795 - وسأل عبد الرحمن بن الحجاج أبا إبراهيم عليه السلام « عن الحلبي يطلقها زوجها فتضع سقطا قد تم أو لم يتم ، أو وضعته مضغة أتنقضي بذلك عدتها؟ فقال : كل شئ وضعته يستبين أنه حمل ثم أو لم يتم فقد انقضت به عدتها وإن كانت مضغة (3). قال : وسمعته يقول : إذا طلق الرجل امرأته فادعت حبلا انتظرت تسعة أشهر فإن ولدت وإلا اعتدت ثلاثة أشهر ثم قد بانت منه » (4).

4796 - وروى سلمة بن الخطاب ، عن إسماعيل بن [ إسحاق ، عن إسماعيل بن ] أبان ، عن غياث ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم السلام قال : « أدنى ما تحمل المرأة لستة أشهر وأكثر ما تحمل لسنتين » (5).

4797 - وروى علي بن الحكم ، عن محمد بن منصور الصيقل ، عن أبيه عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يطلق امرأته وهي حبلى؟ قال : يطلقها ، قلت : فيراجعها؟ قال : نعم يراجعها ، قلت : فإنه بداله بعد ما راجعها أن يطلقها ، قال : لا حتى

ص: 511


1- حمل على عدم الدخول كما هو الظاهر ، وعليه عمل الأصحاب.
2- يدل على أن النكاح إذا كان كذلك في عدة لا يوجب التحريم الأبدي وهو محمول على الجهل بالتحريم والعدة مع عدم الدخول والا حرم مؤبدا.
3- إلى هنا رواه الكليني ج 6 ص 82 في الموثق وعليه فتوى الأصحاب وروى البقية عن عبد الرحمن أيضا ج 6 ص 101 في الحسن كالصحيح.
4- اختلف الأصحاب فيما إذا ادعت الحمل بعد الطلاق ، فقيل : تعتد سنة ، ذهب إليه الشيخ في النهاية والعلامة في المختلف ، وجماعة إلى أنها تتربص تسعة أشهر ، وقيل عشرة لاختلافهم في أقصى الحمل ، ويمكن حمل ما زاد على التسعة على الاحتياط والاستحباب كما يفهم من بعض الأخبار والأول أحوط. ( المرآة )
5- في بعض النسخ « تحمل لسنة » وعلى أي الرواية عامية.

تضع » (1).

4798 - وسئل الصادق عليه السلام (2) « عن المرأة الحامل يطلقها زوجها ثم يراجعها ، ثم يطلقها ثم يراجعها ، ثم يطلقها الثالثة ، فقال : قد بانت منه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره » (3).

باب 473: طلاق التي لم تبلغ المحيض والتي قد يئست من المحيض والمستحاضة والمسترابة

4799 - روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن محمد بن حكيم ، عن العبد الصالح عليه السلام قال : قلت له : « الجارية الشابة التي لا تحيض ومثلها تحيض طلقها زوجها ، قال : عدتها ثلاثة أشهر » (4).

4800 - وروى محمد بن حكيم ، عن محمد بن مسلم قال : « سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في التي قد يئست من المحيض يطلقها زوجها ، قال : بانت منه ولا عدة عليها ».

4801 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبان بن عثمان ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « عدة المرأة التي لا تحيض (5) والمستحاضة التي لا تطهر (6) والجارية

ص: 512


1- رواه الشيخ في التهذيبين عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام.
2- حمل على الاستحباب أو نفى طلاق السنة ، وفيه اشكالات راجع المسالك.
3- قال الشيخ لا ينافي هذا الخبر الاخبار التي تضمنت أن طلاق الحامل واحدة لأنا قد ذكرنا ذلك في طلاق السنة ، فأما طلاق العدة فإنه يجوز أن يطلقها في مدة حملها إذا راجعها ووطئها.
4- رواه الكليني في الضعيف ، وفى الأخبار المستفيضة أن العدة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر أن لم تحض.
5- أي وهي في سن من تحيض.
6- أي التي يدوم دمها بحيث لا تميز طهرها عن حيضها.

التي قد يئست (1) ثلاثة أشهر ، وعدة التي يستقيم حيضها ثلاث حيض » (2).

4802 - وفي رواية جميل أنه قال (3) : « في الرجل يطلق الصبية التي لم تبلغ ولا تحمل مثلها وقد كان دخل بها والمرأة التي قد يئست من المحيض وارتفع طمثها ولا تلد مثلها ، فقال : ليس عليهما عدة ».

4803 - وروى البزنطي ، عن المثنى ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن التي لا تحيض إلا في ثلاث سنين أو أربع سنين ، قال : تعتد ثلاثة أشهر ، ثم تتزوج إن شاءت ».

4804 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال « في التي تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة أو في كل سنة مرة (4) والمستحاضة ، والتي لم تبلغ ، والتي تحيض مرة ويرتفع حيضها مرة ، والتي لا تطمع في الولد (5) ، والتي قد ارتفع حيضها وزعمت أنها لم تيأس (6) والتي ترى الصفرة من حيض ليس بمستقيم ، فذكر أن عدة هؤلاء كلهن ثلاثة أشهر ».

ص: 513


1- أي البالغة التي لم تحض بعد فان الثلاث مسترابة بالحمل.
2- ينبغي حمل الحديث على ما إذا لم يكن للمستحاضة حيض مستقيم قبل استمرارها ولم يكن لها أهل يمكنها الرجوع إلى عادتهن للجمع بينه وبين حديث محمد بن مسلم الآتي في آخر الباب إذا أبقى ذلك الحديث على ظاهره. ( مراد )
3- يعنى أبا عبد اللّه أو أبا جعفر عليهما السلام لكونه في الكافي مرويا عن أحدهما عليهما السلام.
4- في الكافي والتهذيب « في كل ثلاثة أشهر مرة ، أو في سنة ، أو في سبعة أشهر » ولا شك في الستة ، وأما الثلاثة فيقيد بأن تمضى عليها ولا ترى دما لأنها ان رأت دما يجب عليها أن تعتد بالأقراء وان كانت في تسعة أشهر كما سيجيئ ، والظاهر أن السقط والتصحيف من النساخ.
5- بأن تكون في سن من تحيض ولم تحض بعد.
6- بأن تعلم سنها ولم يبلغ الخمسين أو الستين إذا كانت قرشية أو نبطية على قول.

4805 - وروى ابن أبي عمير ، والبزنطي جميعا ، عن جميل ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ، « أمران أيهما سبق إليها بانت به المطلقة المسترابة التي تستريب الحيض : إن مرت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت بها وإن مرت بها ثلاث حيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر بانت بالحيض ».

قال ابن أبي عمير : قال جميل بن دراج : وتفسير ذلك إن مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت ، ثم مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت ، ثم مرت بها ثلاثة أشهر إلا يوما فحاضت فهذه تعتد بالحيض على هذا الوجه ولا تعتد بالشهور ، فإن مرت بها ثلاثة أشهر بيض لم تحض فيها بانت.

4806 - وسأل أبو الصباح الكناني أبا عبد اللّه عليه السلام « عن التي تحيض في كل ثلاث سنين مرة كيف تعتد؟ قال : تنظر مثل قروئها التي كانت تحيض فيه في الاستقامة (1) فلتعتد ثلاثة قروء ثم لتتزوج إن شاءت ».

4807 - وسأله محمد بن مسلم « عن عدة المستحاضة ، فقال : تنتظر قدر أقرائها فتزيد يوما أو تنقص يوما (2) ، فإن لم تحض فلتنظر إلى بعض نسائها فلتعتد بأقرائها » (3).

4808 - وروي « أن المرأة إذا بلغت خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش » (4).

ص: 514


1- كان السؤال عمن كانت لها سابقا عادة مستقيمة وترى الدم في كل شهر مرة.
2- لعله لاتمام ثلاثة أشهر إذ الغالب في العادات اختلافها مع ثلاثة أشهر بقدر قليل. ( سلطان )
3- يدل على أن المستحاضة تعتد بعادتها ، أو التميز ، والا فعادة نسائها ، وحملت على المبتدئة. ( م ت )
4- رواه الكليني ج 3 ص 107 في الصحيح عن أبن أبى عمير ، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ويدل على أن غير القرشية تيأس لخمسين ، وروى عن أبن أبى نصر عن بعض أصحابنا قال : قال أبو عبد اللّه عليه السلام : « المرأة قد يئست من المحيض حدها خمسون سنة » وروى « ستون سنة » أيضا ويفهم من الخبرين أن القرشية تيأس لستين ، وفى شرح الشرايع أنه لم يوجد رواية بالحاق النبطية بالقرشية والمراد بالقرشية من انتسب إلى قريش بأبيها كما هو المختار في نظائره ، ويحتمل الاكتفاء بالأم هنا لان لها مدخلا في ذلك بسبب تقارب الأمزجة.

باب 474: طلاق الأخرس

4809 - سأل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن رجل تكون عنده المرأة يصمت ولا يتكلم ، قال : أخرس هو؟ قلت : نعم فنعلم منه بغضا (1) لامرأته وكراهة لها أيجوز أن يطلق عنه وليه؟ قال : لا ولكن يكتب ويشهد على ذلك ، قلت ، أصلحك اللّه فإنه لا يكتب ولا يسمع كيف يطلقها؟ قال : بالذي يعرف به من أفعاله مثل ما ذكرت من كراهته وبغضه لها » (2).

وقال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : الأخرس إذا أراد أن يطلق امرأته ألقى على رأسها قناعها يري أنها قد حرمت عليه ، وإذا أراد مراجعتها كشف القناع عنها يري أنه قد حلت له (3).

ص: 515


1- كذا وفى الكافي « فيعلم منه بغض ».
2- قال في المسالك : لو تعذر النطق بالطلاق كفت الإشارة كالأخرس ، ويعتبر فيها أن تكون مفهمة لمن يخالطه ويعرف إشارته ويعتبر فهم الشاهدين لها ، ولو عرف الكتابة كانت من جملة الإشارة بل أقوى ، ولا يعتبر ضميمة الإشارة إليها ، وقدمها ابن إدريس على الإشارة ، ويؤيده رواية البزنطي ، واعتبر جماعة من الأصحاب منهم الصدوقان (رحمه اللّه) فيه القاء القناع على المرأة يرى أنها قد حرمت عليه. أقول : الخبر رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن البزنطي ج 6 ص 128.
3- روى الكليني باسناده المعروف عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « طلاق الأخرس أن يأخذ مقنعتها فيضعها على رأسها ويعتزلها ».

باب 475: طلاق السر

4810 - روى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل تزوج امرأة سرا من أهله وهي في منزل أهلها وقد أراد أن يطلقها وليس يصل إليها فيعلم بطمثها إذا طمثت ، ولا يعلم بطهرها إذا طهرت ، فقال : هذا مثل الغائب عن أهله فيطلقها بالأهلة والشهور ، قال : قلت : أرأيت إن كان يصل إليها الأحيان والأحيان لا يصل إليها فيعلم حالها كيف يطلقها؟ فقال : إذا مضى لها شهر لا يصل إليها فيطلقها إذا نظر إلى غرة الشهر الاخر بشهود (1) ويكتب الشهر الذي يطلقها فيه ويشهد على طلاقها رجلين ، فإذا مضى ثلاثة أشهر فقد بانت منه ، وهو خاطب من الخطاب ، وعليه نفقتها في تلك الثلاثة الأشهر التي تعتد فيها ».

باب 476: اللاتي يطلقن على كل حال

4811 - روى جميل بن دراج ، عن إسماعيل بن جابر الجعفي (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال : « خمس يطلق على كل حال (3) ، الحامل المتبين حملها (4) ، والتي لم يدخل بها زوجها ، والغائب عنها زوجها (5) ، والتي لم تحض ، والتي قد جلست

ص: 516


1- هذا هو المشهور وخالف ابن إدريس فأنكر الحاق غير الغائب به. « ويكتب الشهر » لأجل تزويج أختها أو الخامسة أو للانفاق عليها أو لاخبارها بانقضاء عدتها. ( المرآة )
2- « الجعفي » مصحف « الخثعمي » والتحقيق في المشيخة إن شاء اللّه.
3- أي وان صادف الحيض وطهر المواقعة. ( المرآة )
4- في بعض النسخ « المتيقن حملها » وفى الكافي بدون التقييد ، وفى نسخة « المستبين حملها ».
5- اعتبر بعض أصحابنا في الغائب بعض الشروط مع عدم العلم بحالها. ( سلطان )

من المحيض » (1).

4812 - وفي خبر آخر : « والتي قد يئست من المحيض » (2).

باب 477: التخيير

قال أبي - رضي اللّه عنه - في رسالته إلي : اعلم يا بني أن أصل التخيير هو أن اللّه تبارك وتعالى أنف لنبيه صلى اللّه عليه وآله في مقالة قالتها بعض نسائه : أيرى محمد أنه لو طلقنا لا نجد أكفاءنا من قريش يتزوجونا ، فأمر اللّه نبيه صلى اللّه عليه وآله أن يعتزل نساءه تسعا وعشرين ليلة فاعتزلهن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في مشربة أم إبراهيم ثم نزلت هذه الآية : « يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا. وإن كنتن تردن اللّه ورسوله والدار الآخرة فإن اللّه أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما » فاخترن اللّه ورسوله فلم يقع الطلاق ، ولو اخترن أنفسهن لبن (3).

4813 - وفي رواية أبي الصباح الكناني « أن زينب قالت لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : لا تعدل وأنت رسول اللّه؟! وقالت حفصة : إن طلقنا وجدنا في قومنا أكفاءنا من قريش ، فاحتبس الوحي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله تسعة وعشرين يوما فأنف اللّه عز و جل لرسوله فأنزل اللّه : « يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها - إلى قوله - أجرا عظيما « فاخترن اللّه ورسوله فلم يقع الطلاق ولو اخترن أنفسهن لبن ».

ص: 517


1- في الكافي « قد يئست من الحيض ».
2- لعل المراد خبر آخر لإسماعيل الجعفي ، أو المراد خبر الحلبي المروى في الكافي ج 6 ص 79 بسند حسن كالصحيح.
3- راجع الكافي ج 6 ص 137 وفيه مسندا عن عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها بانت منه؟ قال : لا إنما هذا شئ كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله خاصة ، أمر بذلك ففعل ولو اخترن أنفسهن لطلقهن وهو قول اللّه عزوجل : « قل لأزواجك ان كنتن تردن - الآية ».

4814 - وروى ابن أذينة ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا خيرها أو جعل أمرها بيدها في غير قبل عدتها من غير أن يشهد شاهدين فليس بشئ ، وإن خيرها أو جعل أمرها بيدها بشهادة شاهدين في قبل عدتها فهي بالخيار ما لم يتفرقا ، فان اختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق برجعتها وإن اختارت زوجها فليس بطلاق » (1).

4815 - وروى ابن مسكان ، عن الحسن بن زياد (2) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الطلاق أن يقول الرجل لامرأته : اختاري فإن اختارت نفسها فقد بانت منه وهو خاطب من الخطاب ، وإن اختارت زوجها فليس بشئ أو يقول : أنت طالق ، فأي ذلك فعل فقد حرمت عليه ، ولا يكون طلاق ولا خلع ولا مبارأة ولا تخيير إلا على طهر من غير جماع بشهادة شاهدين » (3).

4816 - وروى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل يخير امرأته أو أباها أو أخاها أو وليها ، فقال : كلهم بمنزلة واحده إذا رضيت ».

ص: 518


1- اتفق علماء الاسلام ممن عدا الأصحاب على جواز تفويض الزوج أمر بالطلاق إلى المرأة وتخييرها في نفسها ناويا به الطلاق ووقوع الطلاق لو اختارت نفسها ، وأما الأصحاب فاختلفوا فذهب جماعة منهم ابن الجنيد وابن أبي عقيل والسيد وظاهر ابني بابويه إلى وقوعه به إذا اختارت نفسها بعد تخييره لها على الفور مع اجتماع شرائط الطلاق ، وذهب الأكثر ومنهم الشيخ والمتأخرون إلى عدم وقوعه بذلك ، ووجه الخلاف اختلاف الروايات ، وأجاب المانعون عن الأخبار الدالة على الوقوع بحملها على التقية ، وحملها العلامة في المختلف على ما إذا طلقت بعد التخيير وهو غير سديد ، واختلف القائلون بوقوعه في أنه هل يقع رجعيا أو بائنا فقال ابن أبي عقيل : يقع رجعيا ، وفصل ابن الجنيد فقال : إن كان التخيير بعوض كان بائنا والا كان رجعيا ، ويمكن الجمع بين الاخبار بحمل البائن على مالا عدة لها والرجعي على ما لها عدة كالطلاق. ( المسالك )
2- مشترك بين العطار الثقة والصيقل المجهول.
3- يدل على جواز الطلاق بلفظ اختاري كما يجوز بلفظ اعتدى وهو كالسابق و ظاهره الجواز لغير النبي صلى اللّه عليه وآله ويدل على أنه بائن.

4817 - وروى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قال لامرأته : قد جعلت الخيار إليك فاختارت نفسها قبل أن تقوم ، قال : يجوز ذلك عليه ، قلت ، فلها متعة؟ قال : نعم ، قلت : فلها ميراث إن مات الزوج قبل أن تنقضي عدتها؟ قال : نعم ، وإن ماتت هي ورثها الزوج » (1).

4818 - وروى محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : قال : « ما للنساء والتخيير (2) إنما ذلك شئ خص اللّه به نبيه صلى اللّه عليه وآله » (3).

باب 478: المبارأة

( باب المبارأة ) (4)

4819 - روى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المبارأة أن تقول المرأة لزوجها لك ما عليك (5) واتركني فتركها ، إلا أنه يقول لها : إن ارتجعت في شئ منه فأنا أملك ببضعك ».

ص: 519


1- يدل على أنه رجعي للميراث.
2- في الكافي « ما للناس والتخيير ».
3- لا يخفى منافاته ظاهرا لما سبق ولم يتعرض المصنف لجمعها ، ويمكن حمله على أن المراد أنه لا ينبغي جعل التخيير للنساء وأن ذلك لا يليق بحالهن ، وما فعل النبي صلى اللّه عليه وآله خاص به ، وهذا لا ينافي أنه لو جعل التخيير لهن صح الطلاق فان كون ذلك منهيا قبيحا لا يقتضى عدم صحته ، لكن هذا التأويل لا يجرى في مثل رواية عيص بن القاسم حيث سأل عن البينونة بذلك فقال عليه السلام : لا - الخ ، واللّه أعلم. ( سلطان )
4- أي المفارقة ، وفى الصحاح : بارأت شريكي إذا فارقته ، وبارأ الرجل امرأته ، واستبرأت الجارية واستبرأت ما عندك - انتهى ، والمراد بها في الشرع طلاق بعوض مترتب على كراهة كل من الزوجين كما أن الخلع مترتب على كراهة الزوجة فقط وتقف الفرقة على التلفظ بالطلاق في المبارأة ، ولا يجوز أخذ الزيادة على ما وصل إليها وفى الخلع يجوز.
5- من المهر وغيره ، وهذا باطلاقه يدل على أنه يجوز في المبارأة أخذ جميع المهر كما هو المشهور ، ولا يشترط كون العوض دون المهر كما هو المنقول من المصنف وسيجيئ.

وروي أنه لا ينبغي له أن يأخذ منها أكثر من مهرها بل يأخذ منها دون مهرها (1).

والمبارأة لا رجعة لزوجها عليها (2).

باب 479: النشوز

النشوز(3)

النشوز قد يكون من الرجل والمرأة جميعا (4) ، فأما الذي من الرجل فهو ما قال اللّه عزوجل في كتابه : « وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا (5) فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير » وهو أن تكون المرأة عند الرجل لا تعجبه فيريد طلاقها فنقول : له أمسكني ولا تطلقني وأدع لك ما على ظهرك وأحل لك يومي وليلتي فقد طاب ذلك له : روى ذلك المفضل بن صالح عن زيد

ص: 520


1- المراد ما رواه الكليني في الحسن كالصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « المبارأة يؤخذ منها دون الصداق ، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر ، وإنما صارت المبارئة يؤخذ منها دون المهر ، والمختلعة يؤخذ منها ما شاء لان المختلعة تعتدي في الكلام وتكلم بما لا يحل لها » ، ويحمل على الاستحباب لصريح خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « المبارأة تقول المرأة لزوجها : ذلك ما عليك واتركني أو تجعل له من قبلها شيئا فتركها الا أنه يقول : فان ارتجعت في شئ فانا أملك ببضعك ، ولا يحل لزوجها أن يأخذ منها الا المهر فما دونه » ولهذا قال المصنف « لا ينبغي » وان نسب إليه القول بعدم جواز أخذ المساوئ كما يأتي منه ص 524.
2- روى الشيخ في الموثق عن حمران قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يتحدث قال : « المبارأة تبين من ساعتها من غير طلاق ولا ميراث بينهما لان العصمة بينهما قد بانت ساعة كان ذلك منها ومن الزوج » وعن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المبارأة تطليقة باينة وليس في شئ من ذلك رجعة ».
3- أي الارتفاع عن الحق الواجب والمخالفة له.
4- في العبارة مسامحة وظاهرها معنى الشقاق لا النشوز ، والمراد أنه قد يكون من المرأة وقد يكون من الرجل.
5- « نشوزا » أي بالمخالفة للواجب عليه ، و « اعراضا » أي بترك المؤانسة والمجالسة وحسن المعاشرة.

الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

فإذا نشزت المرأة كنشوز الرجل فهو خلع ، فإذا كان من المرأة فهو أن لا تطيعه في فراشه وهو ما قال اللّه عزوجل : « واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن » فالهجر [ ان ] أن يحول إليها ظهره ، والضرب بالسواك وغيره ضربا رفيقا (2) « فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن اللّه كان عليا كبيرا ».

باب 480: الشقاق

الشقاق (3)

الشقاق قد يكون من المرأة والرجل جميعا وهو مما قال اللّه عزوجل : « و إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها » فيختار الرجل رجلا ، وتختار المرأة رجلا فيجتمعان على فرقة أو على صلح ، فإن أرادا الاصلاح أصلحا من غير أن يستأمرا ، وإن أرادا أن يفرقا فليس لهما أن يفرقا إلا بعد أن يستأمرا الزوج والمرأة.

4817 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن قول اللّه عزوجل : « فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها » قال : ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمرا الرجل والمرأة ويشترطان عليهما إن شاءا جمعا وإن شاءا فرقا ، فإن جمعا فجائز ، وإن فرقا فجائز ».

ص: 521


1- روى الكليني ج 6 ص 145 في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن قول اللّه عزوجل : « وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا » قال : هذا تكون عنده المرأة لا تعجبه فيريد طلاقها فتقول له : أمسكني ولا تطلقني وأدع لك ما على ظهرك وأعطيك من مالي وأحللك من يومى وليلتي فقد طاب ذلك له كله » ، وروى نحوه عن الحلبي.
2- الضرب بالسواك رواه الطبرسي - رضي اللّه عنه - مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام. والضرب يجب أن يكون بأمر من إليه الحكم واذنه كسائر التعزيرات ، وذلك نوع تهديد لها دفعا أو رفعا لنشوزها لا تجويز ضربها للزوج أو وجوبه عليه عند النشوز
3- الشقاق نشوزهما معا.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : لما بلغت هذا الموضع ذكرت فصلا لهشام ابن الحكم مع بعض المخالفين في الحكمين بصفين عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري فأحببت إيراد وإن لم يكن من جنس ما وضعت له الباب قال المخالف : إن الحكمين لقبولهما الحكم كانا مريدين للاصلاح بين الطائفتين ، فقال هشام : بل كانا غير مريدين للاصلاح بين الطائفتين ، فقال المخالف : من أين قلت هذا؟ قال هشام : من قول اللّه عزوجل في الحكمين حيث يقول : « إن يريدا إصلاحا يوفق اللّه بينهما » فلما اختلفا ولم يكن بينهما اتفاق على أمر واحد ولم يوفق اللّه بينهما علمنا أنهما لم يريدا الاصلاح. روى ذلك محمد بن أبي عمير عن هشام بن الحكم.

4821 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي جمزة قال : « سئل أبو إبراهيم عليه السلام عن المرأة يكون لها زوج قد أصيب في عقله بعد ما تزوجها أو عرض له جنون ، فقال : لها أن تنزع نفسها منه إن شاءت » (1).

4822 - وفي خبر آخر : « أنه إن بلغ به الجنون مبلغا لا يعرف أوقات الصلاة فرق بينهما ، فإن عرف أوقات الصلاة فلتصبر المرأة معه فقد بليت » (2).

باب 481: الخلع

4823 - روى علي بن النعمان ، عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « في الخلع إذا قالت له : لا أغتسل لك من جنابة (3) ولا أبر لك قسما (4) ولأوطئن فراشك من تكرهه (5) فإذا قالت له هذا حل له أن يخلعها وحل له ما

ص: 522


1- هذا الخبر وإن كان سنده ضعيفا لكن تقدم أخبار بأن الجنون يوجب جواز الفسخ من الرجل والمرأة.
2- قال المولى المجلسي : لم نطلع على سنده لكن عمل به جماعة من الأصحاب.
3- كناية عن عدم التمكين في الجماع.
4- أي ان ناشدتني بقولك واللّه لتفعلن كذا لا أفعله وابرار القسم من حقوق الايمان كما في الأخبار المتواترة فكيف إذا اجتمع معه حقوق الزوجة بالنظر إلى الزوج. ( م ت )
5- أي ان لم تطلقني أدخل في فراشك غيرك بالزنا.

أخذ منها ».

4824 - وفي رواية حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « عدة المختلعة عدة المطلقة وخلعها طلاقها وهي تجزى من غير أن يسمي طلاقا (1) ، والمختلعة لا يحل خلعها حتى تقول لزوجها : واللّه لا أبر لك قسما ولا أطيع لك أمرا ولا أغتسل لك من جنابة ولأوطئن فراشك ولاؤذنن عليك بغير إذنك ، وقد كان الناس [ عنده ] (2) يرخصون فيما دون هذا (3) ، فإذا قالت المرأة ذلك لزوجها حل له ما أخذ منها وكانت عنده على تطليقتين باقيتين وكان الخلع تطليقة ، وقال عليه السلام : يكون الكلام من عندها » (4) - يعني من غير أن تعلم.

4825 - وسأله رفاعة بن موسى « عن المختلعة ألها سكنى ونفقة؟ فقال : لا سكنى لها ولا نفقة ، وسئل عن المختلعة ألها متعة؟ فقال : لا » (5).

4826 - وفي رواية محمد بن حمران ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا قالت المرأة لزوجها جملة لا أطيع لك أمرا مفسرة أو غير مفسرة حل له ما أخذ منها ، وليس له عليها رجعة ».

وللرجل أن يأخذ من المختلعة فوق الصداق الذي أعطاها لقول اللّه عزوجل : « فإن خفتم ألا يقيما حدود اللّه فلا جناح عليهما فيما افتدت به ». والمبارأة لا يؤخذ

ص: 523


1- هذا مذهب الأكثر ، وحمله الشيخ على التقية ، وقال : لابد من الطلاق ولا يكفي الخلع.
2- ما بين القوسين ليس في بعض النسخ ولا في الكافي ، ولو صحت النسخة لعل المراد عند الخلع أي لأجل الخلع.
3- أي عمل فقهاء الصحابة والتابعين الرخصة في الخلع وفى الاخذ منها زائدا على ما أعطيت بأقل من هذا النشوز وهذا الأقوال.
4- أي يشترط أن يكون الكلام من عند نفسها ناشيا من كراهتها ، لان بان أقدمت بمثل هذه العبارات بالاخبار أو بالوساوس أو بالتسويلات.
5- يدل على أن الخلع طلاق بائن وليس للمختلعة سكنى ولا نفقة.

منها إلا دون الصداق الذي أعطاها لان المختلعة تعتدي في الكلام (1).

باب 482: الايلاء

الايلاء (2)

4827 - روى حماد ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يهجر امرأته من غير طلاق ولا يمين سنة فلا يأتي فراشها ، قال : ليأت أهله ، وقال عليه السلام : أيما رجل آلى من امرأته - والايلاء أن يقول : واللّه لا أجامعك كذا وكذا (3) ، واللّه لأغيظنك ثم يغايظها - فإنه يتربص به أربعة أشهر ، ثم يؤخذ بعد الأربعة الأشهر فيوقف (4) فإن فاء - وهو أن يصالح أهله - فإن اللّه غفور رحيم ، وإن لم يفء أجبر على الطلاق ولا يقع بينهما طلاق حتى يوقف وإن كان أيضا بعد الأربعة الأشهر ثم يجبر على (5) أن يقئ أو يطلق » .

وروي أنه إن فاء - وهو أن يرجع إلى الجماع - وإلا حبس في حظيرة من قصب وشدد عليه في المأكل والمشرب حتى يطلق (6).

ص: 524


1- حيث إن الكراهة خاصة بها فيجوز أخذ الزيادة منها. ( سلطان )
2- الايلاء هو الحلف لغة والمراد الحلف على ترك جماع زوجته دائما أو مطلقة أو مدة تزيد على أربعة أشهر مع كونها مدخولا بها قبلا للاضرار وكان طلاقا في الجاهلية كالظهار فغير الشرع حكمه وجعل له أحكاما خاصة ان جمع شرائطه والا فهو يمين يعتبر فيه ما يعتبر في اليمين أو يلحقه حكمه.
3- أي مدة زائدة على أربعة أشهر. وفى بعض النسخ « يغاضبها » وفى بعضها «لأغضبنك ثم يغاضبها ، وفى الكافي » لا واللّه لا أجامعك كذا وكذا ، ويقول : « واللّه لأغيظنك ، ثم يغاضبها ».
4- يعنى عند الحاكم فان يرجع ويصلح فهو والا يجبر على الطلاق
5- في الكافي بدون لفظة « ثم ».
6- روى الكليني ج 6 ص 133 في الضعيف كالشيخ عن حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المؤلى إذا أبى أن يطلق قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يجعل له حظيرة من قصب ويحبسه فيها ويمنعه من الطعام والشراب حتى يطلق ».

وقد روي أنه متى أمره إمام المسلمين بالطلاق فامتنع ضربت عنقه لامتناعه على إمام المسلمين » (1).

4828 - وفي رواية أبان بن عثمان ، عن منصور قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل آلى من امرأته فمرت أربعة أشهر ، قال : يوقف فإن عزم الطلاق بانت منه وعليها عدة المطلقة وإلا كفر يمينه وأمسكها » (2).

ولا ظهار ولا إيلاء حتى يدخل الرجل بامرأته (3).

باب 483: الظهار

4829 - روى الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل مملك ظاهر من امرأته ، فقال : لا يكون ظهار ولا يكون إيلاء حتى يدخل بها » (4).

ص: 525


1- رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن خلف بن حماد يرفعه إلى أبى عبد اللّه عليه السلام « في المؤلى اما أن يفي أو يطلق ، فان فعل والا ضربت عنقه » والظاهر أن المصنف حمله عليه أو يكون رواية أخرى ولكنه بعيد.
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 252 في الضعيف ، والعياشي في تفسيره ج 1 ص 113.
3- روى الكليني ج 6 ص 133 في القوى عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يقع الايلاء الا على امرأة قد دخل بها زوجها ». وفى مرسل كالحسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يكون مؤليا حتى يدخل بها ». وعن أبي بصير عنه عليه السلام في حديث قال : « لا يقع الايلاء حتى يدخل بها ». وفى المسالك : اشترط الأصحاب في الايلاء كونها مدخولا بها ، وخالف فيه بعض كما يأتي.
4- رواه الكليني ج 6 ص 158 في الصحيح. وما تضمنه من اشتراط الدخول هو المشهور بين الأصحاب ، وذهب السيد المرتضى وابن إدريس إلى عدم الاشتراط ، وقوله « مملك » أي عقد ولم يدخل ، والاملاك التزويج وعقد النكاح.

4830 - وقال عليه السلام : « ولا يكون الظهار إلا على موضع الطلاق » (1).

4831 - وروى الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن الظهار فقال : هو من كل ذي محرم أو من أم أو أخت أو عمة أو خالة (2) ، ولا يكون الظهار في يمين (3) ، فقلت : وكيف يكون؟ قال : يقول الرجل لامرأته وهي طاهر من غير جماع : أنت علي حرام مثل ظهر أمي أو أختي وهو يريد بذلك الظهار » (4).

4832 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن أبان وغيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان رجل على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقال له : أوس بن الصامت ، وكانت تحته امرأة يقال لها : خولة بنت المنذر ، فقال لها ذات يوم : أنت علي كظهر أمي ثم ندم من ساعته ، وقال لها أيتها المرأة ما أظنك إلا وقد حرمت علي ، فجاءت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله

ص: 526


1- رواه الكليني والشيخ في الموثق كالصحيح عن ابن فضال ، عمن أخبره عن أبي - عبد اللّه عليه السلام ، والمراد أنه يشترط فيه شروط الطلاق من كونه مريدا غير مغضب مكره ، ويكون بمحضر من العدلين ، وتكون المرأة طاهرا من غير جماع.
2- انعقاد الظهار بقوله « أنت على كظهر أمي » موضع وفاق ونص ، وفى معنى « على » غيرها من ألفاظ الصلات كمنى وعندي ولدى ، ويقوم مقام « أنت » ما شابهها مما يميزها عن غيرها كهذه أو فلانة ، ولو ترك الصلة فقال : « أنت كظهر أمي » انعقد عند الأكثر ، واختلف فيما إذا أشبهها بظهر غير الام على أقوال أحدها أنه يقع بتشبيهها بغير الام مطلقا ، ذهب إليه ابن إدريس ، وثانيها أنه يقع بكل امرأة محرمة عليه على التأييد بالنسب خاصة ، اختاره ابن البراج ويدل عليه صحيحة زرارة ، وثالثها إضافة المحرمات بالرضاع وهو مذهب الأكثر واستدل عليه بقوله عليه السلام : « كل ذي محرم ». وقوله « أم أو أخت » على سبيل التمثيل لا الحصر لان بنت الأخت وبنت الأخ كذلك قطعا ، ورابعها إضافة المحرمات بالمصاهرة إلى ذلك اختاره العلامة في المختلف ، ويمكن الاستدلال عليه بصحيحة زرارة أيضا وهذا القول لا يخلو من قوة. ( المرآة )
3- كالطلاق والعتق باليمين وهو أن يكون زجرا على النفس. ( م ت )
4- أي يكون قاصدا للظهار لا عن غضب أو اكراه أو سهو ، فلو كان غرضه احترام الزوجة لم يقع.

فقالت : يا رسول اللّه إن زوجي قال لي : أنت علي كظهر أمي - وكان هذا القول فيما مضى يحرم المرأة على زوجها - فقال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أيتها المرأة ما أظنك إلا وقد حرمت عليه ، فرفعت المرأة يدها إلى السماء فقالت : أشكو إليك فراق زوجي فأنزل اللّه عزوجل يا محمد « قد سمع اللّه قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى اللّه واللّه يسمع تحاوركما إن اللّه سميع بصير. الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن اللّه لعفو غفور » ثم أنزل اللّه عزوجل الكفارة في ذلك فقال : « والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به واللّه بما تعملون خبير. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ».

والظهار على وجهين أحدهما : أن يقول الرجل لامرأته هي عليه كظهر أمه ، ويسكت فعليه الكفارة من قبل أن يجامع ، فإن جامع (1) من قبل أن يكفر لزمته كفارة أخرى ، فإن قال هي عليه كظهر أمه إن فعل كذا وكذا فليس عليه شئ حتى يفعل ذلك الشئ ويجامع فتلزمه الكفارة إذا فعل ما حلف عليه (2).

والكفارة تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا ، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا (3) لكل مسكين مد من طعام (4) ، فإن

ص: 527


1- في بعض النسخ « ومتى جامع ».
2- روى الكليني ج 6 ص 160 في الحسن كالصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج ( عن أبي عبد اللّه عليه السلام ) قال : « الظهار ضربان أحدهما فيه الكفارة قبل المواقعة والاخر بعدها ، فالذي يكفر قبل المواقعة الذي يقول : « أنت على كظهر أمي » ولا يقول : ان فعلت بك كذا وكذا ، والذي يكفر بعد المواقعة هو الذي يقول : « أنت على كظهر أمي ان قربتك « وظاهره أن الظهار بالشرط إنما يتحقق إذا كان الشرط الجماع لا غير ، وليس ببعيد عن فحوى الاخبار لكنه خلاف المشهور بين الأصحاب. ( المرآة )
3- تقدم ما يدل على ذلك في خبر حمران.
4- كما في سائر الكفارات ولصدق الاطعام عليه. ( م ت )

لم يجد صام ثمانية عشر يوما (1).

4833 - وروي « أنه إذا لم يقدر على الاطعام تصدق بما يطيق » (2).

ولا يقع الظهار على حد غضب ، ولا ظهار على من لفظ بالظهار إذا لم ينو به التحريم.

والمملوك إذا ظاهر من امرأته فعليه نصف ما على الحر من الصيام ، وليس عليه عتق ولا صدقة لان المملوك لا مال له (3).

وإذا قال الرجل لامرأته هي عليه كبعض ذوات المحارم فهو ظهار.

وإذا قال الرجل لامرأته هي عليه كظهر أمه أو كبطنها أو كيدها أو كرجلها أو ككعبها أو كشعرها أو كشئ من جسدها ينوي بذلك التحريم فهو ظهار كذلك ذكره إبراهيم بن هاشم في نوادره (4).

ص: 528


1- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 256 في الموثق عن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته فلم يجد ما يعتق ولا ما يتصدق ولا يقوى على الصيام؟ قال : يصوم ثمانية عشر يوما ، لكل عشرة مساكين ثلاثة أيام ».
2- لم أجده ، ولعل المراد حسنة إسحاق بن عمار المروية في آخر الكافي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفارة فليستغفر ربه وينوى أن لا يعود قبل أن يواقع ثم ليواقع وقد أجزأ ذلك عنه من الكفارة ، فإذا وجد السبيل إلى ما يكفر يوما من الأيام فليكفر ، وان تصدق وأطعم نفسه وعياله فإنه يجزيه إذا كان محتاجا وان لم يجد ذلك فليستغفر ربه وينوى أن لا يعود فحسبه ذلك واللّه كفارة ».
3- روى الكليني ج 6 ص 156 في الصحيح عن محمد بن حمران قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المملوك أعليه ظهار ، فقال : عليه نصف ما على الحر صوم شهر وليس عليه كفارة من صدقة ولا عتق ».
4- روى الكليني ج 6 ص 161 عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن سعيد عن يونس ، عن بعض رجاله عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل قال لامرأته : أنت على كظهر أمي أو كيدها أو كبطنها أو كفرجها أو كنفسها أو ككعبها أيكون ذلك الظهار؟ وهل يلزمه ما يلزم المظاهر : فقال : المظاهر إذا ظاهر من امرأته فقال هي كظهر أمه أو كيدها أو كرجلها أو كشعرها أو كشئ منها ينوى بذلك التحريم فقد لزمه الكفارة في كل قليل منها أو كثير ، وكذلك إذا هو قال : كبعض ذوات المحارم فقد لزمته الكفارة » ويدل على وقوع الظهار بالتشبيه بغير الظهر من أجزاء المظاهر منها ، وذهب إليه الشيخ وجماعة ، وذهب السيد المرتضى مدعيا الاجماع وابن إدريس وابن زهرة وجماعة إلى أنه لا يقع بغير لفظ الظهر استضعافا للخبر.

4834 - وروى ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن بريد بن معاوية (1) قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثم طلقها تطليقة ، قال : إذا هو طلقها تطليقة فقد بطل الظهار وهدم الطلاق الظهار ، فقلت له : فله أن يراجعها؟ قال : نعم هي امرأته فإن راجعها وجب عليه ما يجب على المظاهر من قبل أن يتماسا (2) قلت : فإن تركها حتى يحل أجلها وتملك نفسها ، ثم تزوجها بعد ذلك هل يلزمه الظهار من قبل أن يتماسا؟ قال : لا قد بانت منة وملكت نفسها ، قلت : فإن ظاهر منها فلم يمسها وتركها لا يمسها إلا أنه يراها متجردة من غير أن يمسها هل يلزمه في ذلك شئ؟ قال : هي امرأته وليس بمحرم عليه مجامعتها ولكن يجب عليه ما يجب على المظاهر قبل أن يجامعها وهي امرأته (3) قلت : فإن رفعته إلى السلطان فقالت :

ص: 529


1- في الكافي والتهذيب في الحسن كالصحيح عن ابن محبوب عن أبي أيوب الخزاز عن يزيد الكناسي وكأن في كتاب ابن محبوب « بريد » بدون النقطة فزعم الكليني أنه يزيد الكناسي ، والمصنف أنه بريد العجلي فلذا قال « عن بريد بن معاوية » وهو العجلي فإن كان العجلي فهو ثقة وإن كان الكناسي فهو من شيوخ الشيعة ، ويمكن بعيدا أن يكونا واحدا ، والكناسي إن كان أبا خالد القماط فهو ثقة أيضا وظن الاشتباه إلى الصدوق أقرب من الكليني - رضي اللّه عنهما - وعنون العسقلاني في لسان الميزان بريد الكناسي وقال : حدث عن أبي جعفر وأبى عبد اللّه (عليه السلام) وقال : قال الدارقطني وابن مأكولا في المؤتلف والمختلف : انه من شيوخ الشيعة.
2- يدل على أن الطلاق الباين أو الرجعي مع انقضاء العدة يرفع حكم الظهار فلو تزوجها بعقد جديد فله أن يجامعها بدون الكفارة ، وعلى أن المعتدة الرجعية بحكم الزوجة لا يجوز وطيها قبل الكفارة ، وعلى أن الكفارة قبل الرجوع. ( م ت )
3- يدل على جواز جميع الاستمتاعات غير الوطي قبل الكفارة.

إن هذا زوجي قد ظاهر مني وقد أمسكني لا يمسني مخافة أن يجب عليه ما يجب على المظاهر ، فقال : ليس يجب عليه أن يجبره على العتق والصيام والاطعام إذا لم يكن له ما يعتق ولا يقوى على الصيام ولا يجد ما يتصدق به (1) ، وإن كان يقدر على أن يعتق فإن على الامام أن يجبره على العتق والصدقة من قبل أن يمسها ومن بعد أن يمسها » (2).

4835 - وروى أبان ، عن الحسن الصيقل قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يظاهر من امرأته قال : فيكفر ، قلت : فإنه واقع من قبل أن يكفر؟ قال : فقد اتى حدا من حدود اللّه فليستغفر اللّه وليكف حتى يكفر » (3).

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : يعني في الظهار الذي يكون بشرط ، فأما الظهار الذي ليس بشرط فمتى جامع صاحبه من قبل أن يكفر لزمته كفارة أخرى كما ذكرته (4).

ومتى طلق المظاهر امرأته سقطت عنه الكفارة فإذا راجعها لزمته فإن تركها حتى يحل أجلها وتزوجها رجل آخر وطلقها أو مات عنها ثم تزوجها ودخل بها لم تلزمه الكفارة (5).

ص: 530


1- لعل المراد أنه حينئذ بجبره على الطلاق بخصوصه أو الاستغفار على القول ببدليته وذلك بعد انتظار ثلاثة أشهر من حين المرافعة على ما هو المشهور. ( المرآة )
2- أي إذا لم يأت بها قبل المس. ( مراد )
3- حمله الشيخ على أنه يكون واقعها جاهلا أو كان ظهاره مشروطا بالمواقعة. وقال الفاضل التفرشي : ظاهره أنه فعل محرما وترتب الاستغفار والكف عن الجماع حتى يكفر لا يستلزم عدم وجوب كفارة أخرى فلا ينافي ما دل على وجوب تكرير الكفارة ، ولعل تخصيص الكف بالذكر دفع لتوهم انحلال الظهار حينئذ وان وجبت الكفارة.
4- روى الكليني ج 6 ص 157 في الحسن كالصحيح عن زرارة وغير واحد عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إذا واقع المرة الثانية قبل أن يكفر فعليه كفارة أخرى ، قال : ليس في هذا اختلاف » وكأن الجملة الأخيرة من الرواة.
5- كما تقدم في خبر بريد أو يزيد عن أبي جعفر عليه السلام.

ويجزي في كفارة الظهار صبي ممن ولد في الاسلام (1).

4836 - وروى حماد ، عن الحلبي قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثلاث مرات ، فقال : يكفر ثلاث مرات ، قلت : إن واقع قبل أن يكفر؟ قال : يستغفر اللّه ، ويمسك حتى يكفر » (2).

4837 - و « سأله محمد بن مسلم عن رجل ظاهر من امرأته خمس مرات أو أكثر فقال : قال علي عليه السلام : مكان كل مرة كفارة » (3).

4838 - و « سأله جميل بن دراج (4) عن الظهار متى يقع على صاحبه فيه الكفارة فقال : إذا أراد أن يواقع امرأته ، قلت : فإن طلقها قبل أن يواقعها أعليه كفارة؟ فقال : لا ، سقطت الكفارة عنه ، قلت : فإن صام فمرض فأفطر أيستقبل أو يتم ما بقي عليه؟ فقال : إن صام شهرا ثم مرض استقبل ، فإن زاد على الشهر يوما أو يومين

ص: 531


1- روى الكليني ج 6 ص 158 في الصحيح عن معاوية بن وهب قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يقول لامرأته هي عليه كظهر أمه ، قال : تحرير رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا ، والرقبة يجزى عنه صبي ممن ولد في الاسلام ». وفى قرب الإسناد ص 111 عن عبد اللّه بن الحسن ، عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال : « سألته عن الظهار هل يجوز فيه عتق صبي؟ فقال : إذا كان مولودا ولد في الاسلام أجزاه ».
2- حمله الشيخ في التهذيبين على أن المعنى حتى يكفر بعدد ما يلزمه من الكفارة لا الكفارة الواحدة ، ويمكن حمله على العجز عن الكفارة أو على التقية لان المشهور بين العامة والزيدية عدم تعدد الكفارة بالوطي ، ونسبوا القول بالتعدد إلى الامامية.
3- رواه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام وأيضا في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام. وفى الكافي في الصحيح عن محمد ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام.
4- مروى في الكافي ج 6 ص 155 في الحسن كالصحيح عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام مع زيادة في صدره.

بنى عليه (1) ، قال : وقال : الحر والمملوك سواء غير أن على المملوك نصف ما على الحر من الكفارة » (2).

4839 - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : قلت له : « إن ظاهر رجل في شعبان ولم يجد ما يعتق ، قال : ينتظر حتى يصوم شهر رمضان ، ثم يصوم شهرين متتابعين ، فإن ظاهر وهو مسافر ينظر حتى يقدم ، وإن صام فأصاب مالا فليمض في الذي ابتدأ فيه » (3).

4840 - وروى سماعة عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وآله فقال : يا رسول اللّه ظاهرت من امرأتي ، فقال : اذهب فأعتق رقبة ، فقال : ليس عندي ، فقال : اذهب فصم شهرين متتابعين ، فقال : لا أقوى ، فقال : اذهب فأطعم ستين مسكينا ، قال : ليس عندي ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أنا أتصدق عنك ، قال : فأعطاه تمرا لاطعام ستين مسكينا ، فقال : اذهب فتصدق به ، فقال : والذي بعثك بالحق نبيا ما أعلم أن بين لابتيها (4) أحدا أحوج إليه مني ومن عيالي ، فقال : اذهب فكل وأطعم عيالك ».

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - : هذا الحديث في الظهار غريب نادر لان المشهور في هذا المعنى في كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان (5).

4841 - وفي رواية الحسن بن علي بن فضال أن رجلا قال : قلت لأبي الحسن

ص: 532


1- ظاهره خلاف فتوى الأصحاب إذ المرض من الاعذار التي يصح معها البناء عندهم خلافا لبعض العامة ، فيحمل هذا على المرض الذي لا يسوغ الافطار ، أو على التقية ، أو على الاستحباب. ( المرآة )
2- زاد في الكافي « وليس عليه عتق ولا صدقة إنما عليه صيام شهر ».
3- قوله « فليمض - الخ » هذا هو الذي عليه الأصحاب.
4- الضمير المؤنث راجع إلى المدينة المشرفة ، ولابتاها حرتان تكتنفان بها من الشرق والغرب.
5- كما رواه المصنف في كتاب الصوم في بابه تحت رقم 1885.

عليه السلام : « إني قلت لامرأتي : أنت علي كظهر أمي إن خرجت من باب الحجرة فخرجت ، فقال : ليس عليك شئ ، فقلت : فإني أقوى على أن أكفر ، فقال : ليس عليك شئ ، فقلت : فإني أقوى على أن أكفر رقبة ورقبتين ، فقال : ليس عليك شئ قويت أو لم تقو » (1).

4842 - وفي رواية السكوني قال : قال علي عليه السلام : « في رجل آلى من امرأته وظاهر في كلمة واحدة ، قال : عليه كفارة واحدة » (2).

4843 - وروى عبد اللّه بن بكير ، عن حمران قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : « رجل قال لامته أنت علي كظهر أمي يريد أن يرضي بذلك امرأته ، قال : يأتيها وليس عليها ولا عليه شئ » (3).

4844 - وروى أيوب بن نوح ، عن صفوان ، عن ابن عيينة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « المظاهر إذا صام شهرا وصام من الشهر الاخر يوما فقد واصل ، فإن شاء فليقض متفرقا (4) ، وإن شاء فليعط لكل يوم مدا من طعام » (5).

ص: 533


1- اعلم أن الأصحاب اختلفوا في وقوع الظهار المعلق بالشرط عند وجود الشرط ، فذهب المحقق وجماعة إلى عدم الوقوع وذهب الشيخ والصدوقان وابن حمزة والعلامة وأكثر المتأخرين إلى الوقوع وهو الأقوى ، وهذا الخبر بظاهره يدل على عدم الوقوع ، والشيخ حمله على أن المراد عدم الاثم ، ولا يخفى بعده عن السؤال مع أن الظهار حرام اجماعا الا أن يقال : المراد أنه لا عقاب عليه للعفو كما قيل ، أقول : يمكن حمله على اليمين ، فإن قيل : لا يمين على فعل الغير ، قلت : يمكن أن يقرء « خرجت » في الموضعين بصيغة المتكلم. ( المرآة )
2- يدل على تداخل كفارة الايلاء والظهار ولم يعمل به الأصحاب وقالوا بلزوم حكمها سواء قدم الظهار أو أخر ولا يستبيحون بدون الكفارتين.
3- لان إرادة الظهار شرط فيه.
4- يدل على حصول التتابع بشهر ويوم من الثاني ، وعلى جواز التفريق. ( م ت )
5- يدل على جواز التصدق عن كل يوم من البقية بمد وهو غريب في البدل ، والأحوط الصوم لظاهر الآية والاخبار. ( م ت )

4845 - وروى زياد بن المنذر ، عن أبي الورد (1) أنه « سئل أبو جعفر عليه السلام وأنا عنده عن رجل قال لامرأته : أنت علي كظهر أمي مائة مرة ، فقال أبو جعفر عليه السلام : يطيق لكل مرة عتق نسمة؟ فقال : لا ، قال : يطيق إطعام ستين مسكينا مائة مرة؟ قال : لا ، قال : فيطيق صيام شهرين متتابعين مائة مرة؟ قال : لا ، قال : يفرق بينهما » (2).

4846 - وفي رواية ابن فضال ، عن غياث ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال علي عليه السلام في رجل ظاهر من أربع نسوة ، قال : عليه كفارة واحدة » (3).

4847 - وقال الصادق عليه السلام : « لا يقع ظهار عن طلاق ، ولا طلاق عن ظهار » (4).

4848 - وروى الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد ، عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال : « لا يكون ظهار في يمين ، ولا في إضرار ، ولا في غضب ، ولا يكون ظهار إلا على طهر بغير جماع شاهدين مسلمين » (5).

ص: 534


1- كذا في بعض النسخ وفى بعضها « أبى الدرداء وهو تصحيف أبى الورد وفى التهذيب ج 2 ص 256 والاستبصار ج 3 ص 263 كما في المتن وصحته يظهر من المشيخة.
2- أي يجبره الحاكم بالطلاق لعدم امكان الرجوع بالكفارة. ( م ت )
3- حمله الشيخ على الوحدة الجنسية لما رواه في الصحيح عن صفوان قال : سأل الحسين بن مهران أبا الحسن الرضا عليه السلام « عن رجل ظاهر من أربع نسوة فقال : يكفر لكل واحدة كفارة ، وسأله عن رجل ظاهر من امرأته وجاريته ما عليه ، قال : عليه لكل واحدة منهما كفارة عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا ».
4- في بعض النسخ « لا يقع ظهار على طلاق ، ولا طلاق على ظهار » فيكون « على » بمعنى مع وفسر بأنه لا يقع أحدهما مع إرادة الاخر. ولم أعثر على سند لهذا الخبر.
5- لعل المراد بالمسلمين العدلان كما هو شأن الشهادة أينما أطلقت وذهب بعض إلى الاكتفاء بالاسلام ، وقال : لا دليل على اشتراط كونهما عدلين الاعموم اشتراط العدالة في الشاهدين ، واثبات الحكم هنا بمثل ذلك مشكل ، وفى الوافي : الظهار في اليمين هو أن يقول امرأته عليه كظهر أمه ان فعل كذا ، فجعل الظهار مكان اسم اللّه سبحانه في اليمين كما يفعله المخالفون.

4849 - وسأل عمار بن موسى الساباطي أبا عبد اللّه عليه السلام « عن الظهار الواجب ، قال : الذي يريد به الرجل الظهار بعينه » (1).

4850 - وفي رواية السكوني قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : « إذا قالت المرأة زوجي علي كظهر أمي فلا كفارة عليها » (2).

4851 - وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام « عن الرجل يظاهر من جاريته فقال : الحرة والأمة في هذا سواء » (3).

4852 - وسأل محمد بن حمران أبا عبد اللّه عليه السلام « عن المملوك أعليه ظهار؟ فقال : عليه نصف ما على الحر من صوم شهر ، وليس عليه كفارة من صدقة ولا عتق ».

4853 - وفي رواية السكوني قال : قال علي عليه السلام : « أم الولد تجزي في الظهار » (4).

باب 484: اللعان

اللعان (5)

4854 - روى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يقع اللعان حتى يدخل الرجل بامرأته » (6).

ص: 535


1- رواه الكليني والشيخ في الموثق ويدل على الإرادة.
2- رواه الكليني بسنده المعروف عن السكوني ، ويدل على عدم الوقوع من الزوجة لان الظهار فعل الرجل فلا اعتبار بقول المرأة فيه.
3- مروى في الكافي والتهذيب في الموثق ، وتقدم في حسنة جميل.
4- يعنى عتقها يجزى في كفارة الظهار.
5- اللعان مصدر لاعن يلاعن وأصله الطرد والابعاد فكأن كل واحد من الزوجين يبعد نفسه عن صاحبه ، ومعناه شرعا المباهلة بين الزوجين في إزالة حد أو نفى ولد بلفظ مخصوص عند الحاكم.
6- الخبر في الكافي إلى هنا والبقية كلام المصنف ظاهرا. ويشترط الدخول في اللعان بنفي الولد فان الولد قبل الدخول لا يتوقف نفيه على اللعان اجماعا وأما اللعان بالقذف فقد اختلفوا في اشتراطه بالدخول.

ولا يكون اللعان إلا بنفي الولد (1).

وإذا قذف الرجل امرأته ولم ينتف من ولدها جلد ثمانين جلدة ، فإن رمى امرأته بالفجور وقال : إني رأيت بين رجليها رجلا يجامعها وأنكر ولدها فإن أقام عليها بذلك أربعة شهود عدول رجمت ، وإن لم يقم عليها أربعة شهود لاعنها ، فإن امتنع من لعانها ضرب حد المفتري ثمانين جلدة ، فإن لاعنها درئ عنه الحد.

4855 - وسأل البزنطي أبا الحسن الرضا عليه السلام ، فقال له : « أصلحك اللّه كيف الملاعنة؟ قال : يقعد الامام ويجعل ظهره إلى القبلة ، ويجعل الرجل عن يمينه والمرأة والصبي عن يساره » (2).

4856 - وفي خبر آخر : « ثم يقوم الرجل فيحلف أربع مرات باللّه إنه لمن الصادقين فيما رماها به ، ثم يقول الامام له : اتق اللّه فإن لعنة اللّه شديدة ، ثم يقول الرجل : لعنة اللّه عليه إن كان من الكاذبين فيما رماها به ، ثم تقوم المرأة فتحلف أربع مرات باللّه إنه لمن الكاذبين فيما رماها به ، ثم يقول لها الامام : اتقي اللّه فإن غضب اللّه شديد ، ثم تقول المرأة : غضب اللّه عليها إن كان من الصادقين فيما رماها به » (3).

فإن نكلت رجمت ويكون الرجم من ورائها ولا ترجم من وجهها لان الضرب والرجم لا يصيبان الوجه ، يضربان على الجسد على الأعضاء كلها ويتقى الوجه والفرج.

ص: 536


1- روى الكليني ج 6 ص 166 مسندا عن جميل بن دراج ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « لا يكون اللعان الا بنفي ولد ، وقال : إذا قذف الرجل امرأته لاعنها » ولعل المراد نفى اللعان الواجب ، أو الحصر بالنسبة إلى دعوى غير المشاهدة كما حمله الشيخ ونقل عن الصدوق في المقنع أنه قال : لا يكون اللعان الا بنفي الولد فلو قذفها ولم ينكر ولدها حد. ( المرآة )
2- الخبر مروى في الكافي والتهذيب بدون ذكر الصبي ، وما تضمنه من الأمران محمول على الاستحباب على المشهور.
3- ظاهره عن البزنطي ويحتمل أن يكون مستنبطا مما رواه هو عن المثنى عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الكافي ج 6 ص 162 في تفسير قوله تعالى « والذين يرمون أزواجهم - الآية ». أو يكون خبرا آخر لم يصل إلينا وفى الوسائل جعله مع ما يأتي إلى قوله « والنصرانية » في ص 538 خبرا واحدا.

وإذا كانت المرأة حبلى لم ترجم وان لم تنكل درئ عنها الحد وهو الرجم ثم يفرق بينهما ولا تحل له أبدا » (1).

فإن دعا أحد ولدها ابن زانية جلد الحد (2).

فان ادعى الرجل الولد بعد الملاعنة نسب إليه ولده ولم ترجع إليه امرأته فإن مات الأب ورثه الابن وإن مات الابن لم يرثه الأب ويكون ميراثه لامه ، فإن لم يكن له أم فميراثه لأخواله ولا يرثه أحد من قبل الأب (3).

ص: 537


1- قوله « ان لم تنكل » أي الزوجة لم تمنع عن اللعان ، والمشهور جواز لعان الحامل لكن يؤخر الحد إلى أن تضع ، وقيل بمنع اللعان ، وروى الشيخ في الموثق كالصحيح عن سماعة بن مهران عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كانت المرأة حبلى لم ترجم » ويشعر باللعان في الحمل.
2- روى الكليني ج 7 ص 213 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث « قلت : فان قذف أبوه أمه؟ فقال : ان قذفها وانتفى من ولدها تلاعنا ولم يلزم ذلك الولد الذي انتفى منه وفرق بينهما ولم تحل له أبدا ، قال : وإن كان قال لابنه - وأمه حية - : يا ابن الزانية ولم ينتف من ولدها جلد الحد لها ولم يفرق بينهما - الخ ».
3- روى الكليني في الحسن كالصحيح ج 7 ص 160 في الحديث « ان قذف رجل امرأته كان عليه الحد وان مات ولده ورثه أخواله فان ادعاه أبوه لحق به وان مات ورثه الابن ولم يرثه الأب » وروى في الضعيف على المشهور عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل لاعن امرأته وانتفى من ولدها ، ثم أكذب نفسه بعد الملاعنة وزعم أن الولد له هل يرد إليه ولده؟ قال : نعم يرد إليه ، ولا أدع ولده ليس له ميراث ، وأما المرأة فلا تحل له أبدا فسألته من يرث الولد؟ قال : أخواله ، قلت أرأيت أن ماتت أمه فورثها الغلام ، ثم مات الغلام من يرثه؟ قال : عصبة أمه ، قلت : فهو يرث أخواله قال : نعم » وعن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن ولد الملاعنة من يرثه؟ قال : أمه ، فقلت : ان ماتت أمه من يرثه؟ قال أخواله ».

وإذا قذف الرجل امرأته وهي خرساء فرق بينهما (1).

والعبد إذا قذف امرأته تلاعنا كما يتلاعن الحران (2).

ويكون اللعان بين الحر والحرة ، وبين المملوك والحرة ، وبين الحر و المملوكة وبين العبد والأمة ، وبين المسلم واليهودية والنصرانية (3).

4857 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن الحر يلاعن المملوكة؟ قال : نعم إذا كان مولاها الذي زوجها إياه » (4).

4858 - فأما خبر الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا يلاعن الرجل الحر الأمة ولا الذمية ولا التي يتمتع بها ».

فإنه يعني الأمة التي يطأها بملك اليمين ، والذمية التي هي مملوكة له ولم تسلم ، والحديث المفسر يحكم على المجمل (5).

وإذا لاعن الرجل امرأته وهي حبلى ثم ادعى ولدها بعدما ولدت وزعم أنه

ص: 538


1- روى الكليني ج 6 ص 164 في الحسن كالصحيح عن الحلبي ومحمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل قذف امرأته وهي خرساء ، قال : يفرق بينهما ».
2- روى الكليني ج 6 ص 166 في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه « سئل عن عبد قذف امرأته ، قال : يتلاعنان كما يتلاعن الحران ».
3- روى الكليني ج 6 ص 164 في الحسن كالصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن الحر بينه وبين المملوكة لعان؟ فقال : نعم وبين المملوك والحرة ، وبين العبد والأمة ، وبين المسلم واليهودية والنصرانية ، ولا يتوارثان ولا يتوارث الحر المملوكة » ، وهذا قول الأكثر خلافا لابن الجنيد وجماعة فإنهم اشترطوا اسلامها.
4- يحتمل أن التقييد للاحتراز عن المزوجة بدون اذن المولى فان نكاحها يكون باطلا ، وعن الموطوءة بالملك أو المحللة. ( سلطان )
5- حمله الشيخ في الاستبصار على نحو هذا الحمل وعلى أن يكون المراد بالحر إذا كان تزوج بأمة بغير اذن مولاها وقال : لأنه إذا كان كذلك فلا لعان بينهما ويكون الأولاد رقا لمولاها إن كان هناك ولد واستدل عليه بالخبر السابق.

منه رد إليه الولد ولا يجلد لأنه قد مضي التلاعن ، روى ذلك البزنطي عن عبد الكريم عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام (1).

4859 - وروى محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي عليه السلام (2) « في رجل قذف امرأته ثم خرج فجاء وقد توفيت ، قال : يخير واحدا من اثنين يقال له : إن شئت ألزمت نفسك الذنب (3) فيقام فيك الحد وتعطي الميراث ، وإن شئت أقررت فلاعنت أدنى قرابتها إليها ولا ميراث لك » (4).

4860 - وروى الحسن بن علي الكوفي عن الحسين بن سيف (5) ، عن محمد بن سليمان عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : قلت له : « جعلت فداك كيف صار الرجل إذا قذف امرأته كانت شهادته أربع شهادات باللّه ، فإذا قذفها غيره أب أو أخ أو ولد أو غريب جلد الحد أو يقيم البينة على ما قال؟ فقال : قد سئل جعفر بن محمد عليهما السلام عن ذلك ، فقال : إن الزوج إذا قذف امرأته فقال : رأيت ذلك بعيني كانت شهادته أربع شهادات باللّه ، وإذا قال إنه لم يره قيل له أقم البينة على ما قلته وإلا كان بمنزلة غيره ، وذلك إن اللّه عزوجل جعل للزوج مدخلا يدخله لم يجعله لغيره من والد ولا ولد ويدخله بالليل والنهار فجاز أن يقول رأيت ، ولو قال غيره رأيت ، قيل له : وما أدخلك المدخل الذي ترى هذا فيه وحدك؟ أنت متهم ولابد من أن يقام عليك

ص: 539


1- أصل الخبر في الكافي هكذا « في رجل لاعن امرأته وهي حبلى ، ثم ادعى ولدها بعد ما ولدت وزعم أنه منه ، قال : يرد إليه الولد ولا يجلد لأنه قد مضى التلاعن ».
2- رواه الشيخ في التهذيب ج 2 ص 303 عنه عن آبائه عن علي عليهم السلام والسقط من قلم النساخ لما سيأتي هذا الخبر في باب الميراث ويصله إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
3- وفى بعض النسخ « الذم ».
4- روى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 300 باسناده عن أبي عبد اللّه عليه السلام في خبر قال : « ان قام رجل من أهلها مقامها فلاعنه فلا ميراث له وان أبى أحد من أوليائها أن يقوم مقامها أخذ الميراث زوجها ».
5- في بعض النسخ « الحسن بن سيف » وفى بعضها مكان « سيف » يوسف.

الحد الذي أوجبه اللّه عليك ».

4861 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : « إن عباد البصري سأل أبا عبد اللّه عليه السلام وأنا [ عنده ] حاضر كيف يلاعن الرجل المرأة؟ فقال : عليه السلام : إن رجلا من المسلمين أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فقال : يا رسول اللّه أرأيت لو أن رجلا دخل منزله فرأى مع امرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع فيهما؟ قال : فأعرض عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فانصرف الرجل وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من امرأته ، قال : فنزل الوحي من عند اللّه عزوجل بالحكم فيهما ، قال : فأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله إلى ذلك الرجل فدعاه فقال : أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا؟ فقال : نعم ، فقال له : انطلق فأتني بامرأتك فإن اللّه عزوجل قد أنزل الحكم فيك وفيها ، قال فأحضرها زوجها فوقفها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وقال للزوج : اشهد أربع شهادات باللّه إنك لمن الصادقين فيما رميتها به ، قال : فشهد ، قال : ثم قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : أمسك ووعظه ثم قال له : اتق اللّه فإن لعنة اللّه شديدة ، ثم قال : اشهد الخامسة إن لعنة اللّه عليك إن كنت من الكاذبين ، قال : فشهد ، فأمر به فنحي (1) ثم قال عليه السلام للمرأة : اشهدي أربع شهادات باللّه ان زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به ، قال : فشهدت ، قال : ثم قال لها : أمسكي ووعظها ، ثم قال لها : اتقي اللّه فإن غضب اللّه شديد ، ثم قال لها : اشهدي الخامسة ان غضب اللّه عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به قال : فشهدت ، قال : ففرق بينهما ، وقال لهما : لا تجتمعا بنكاح أبدا بعدما تلاعنتما » (2).

باب 485: طلاق العبد

4862 - روى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال : « طلاق العبد إذا

ص: 540


1- على صيغة المجهول ، ولعله على تنحية قليلة بحيث لا يخرج عن المجلس.
2- المشهور بين الأصحاب أن الوعظ بعد الشهادة على الاستحباب.

تزوج امرأة حرة أو تزوج وليدة قوم آخرين إلى العبد ، وإن تزوج وليدة مولاه كان له أن يفرق بينهما أو يجمع بينهما إن شاء وإن شاء نزعها منه بغير طلاق ».

4863 - وروى ابن اذنية ، عن زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السلام قالا : « المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه إلا باذن سيده (1) ، قلت : فإن السيد كان زوجه بيد من الطلاق؟ قال : بيد السيد » ضرب اللّه مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ « والشئ الطلاق » (2).

4864 - وروى القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل أنكح أمته حرا أو عبد قوم آخرين ، قال : ليس له أن ينزعها منه ، فإن باعها فشاء الذي اشتراها أن ينزعها من زوجها فعل » (3).

4865 - وروى ابن بكير ، عن زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن مملوك تزوج بغير إذن سيده ، فقال : ذلك إلى السيد إن شاء أجازه وإن شاء فرق بينهما (4) فقلت : أصلحك اللّه إن الحكم بن عتيبة وإبراهيم النخعي وأصحابها يقولون : إن أصل النكاح فاسد فلا تحل إجازة السيد له ، فقال : إنما عصى سيده ولم يعص اللّه فإذا أجازه له فهو جائز » (5).

4866 - وروى حماد بن عيسى ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له : « إذا كانت الحرة تحت العبد كم يطلقها؟ فقال : قال علي عليه السلام : الطلاق والعدة بالنساء » (6).

4867 - وروي حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :

ص: 541


1- حمل على ما إذا كانت الأمة للسيد.
2- في بعض النسخ « أفشى « الطلاق »
3- السند ضعيف ، وكأنه حيلة في الطلاق إذا لم يطلق العبد.
4- يدل على صحة العقد الفضولي.
5- تقدم نحوه في باب المملوك يتزوج بغير اذن سيده.
6- السؤال عن عدد طلاق العبد إذا كان تحته حرة حتى تصير حراما عليه ويكون محتاجا إلى المحلل ، فقال : العبرة بالنساء فلما كانت المرأة حرة كان تطليقها ثلاثا وتعتد ثلاث حيض.

« طلاق الحرة إذا كانت تحت العبد ثلاث تطليقات وطلاق الأمة إذا كانت تحت الحر تطليقتان » (1).

4868 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كان الرجل حرا وامرأته أمة فطلاقها تطليقتان ، وإذا كان الرجل عبدا وهي حرة فطلاقها ثلاث تطليقات ».

4869 - وروى فضالة ، عن القاسم بن بريد ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا طلق الحر المملوكة فاعتدت بعض عدتها منه ثم أعتقت فإنها تعتد عدة المملوكة » (2).

4870 - وفي رواية سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « عدة الأمة التي لا تحيض خمس وأربعون ليلة - يعني إذا طلقت - » (3).

4871 - وروى العلاء ، عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال : « طلاق الأمة بيعها أو بيع زوجها ، وقال في الرجل يزوج أمته رجلا حرا ثم يبيعها ، قال : هو فراق ما بينهما إلا أن يشاء المشتري أن يدعهما » (4).

ص: 542


1- هو كالتفسير للخبر السابق كالخبر الآتي.
2- يدل على أنه إذا أعتقت الأمة في العدة يتم عدة الأمة ولا يغلب جانب الحرية ، وحمله الشيخ على الطلاق البائن لما روى في الصحيح عن جميل عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في أمة كانت تحت رجل فطلقها ثم أعتقت ، قال : تعتد عدة الحرة » وحمل ، معارضها على الرجعي.
3- رواه الشيخ في الموثق بدون التفسير فالظاهر أنه من المصنف.
4- يؤيده ما رواه الكليني ج 5 ص 483 في الحسن كالصحيح عن بكير بن أعين وبريد بن معاوية عن أبي جعفر وأبى عبد اللّه عليهما السلام قالا : « من اشترى مملوكة لها زوج فان بيعها طلاقها ، فان شاء المشترى فرق بينهما وان شاء تركهما على نكاحهما » وحمل على أن معناه تسلط المشترى على الفسخ ، وقال السيد العاملي - رحمه اللّه - أطبق الأصحاب على أن بيع الأمة المزوجة يقتضى تسلط المشترى على فسخ العقد وامضائه واطلاق النصوص وكلام الأصحاب يقتضى عدم الفرق بين كون البيع قبل الدخول أو بعده ولا بين كون الزوج حرا أو مملوكا ، وفى صحيحة محمد بن مسلم هذا تصريح بثبوت الخيار إذا كان الزوج حرا ، وقطع الأكثر بأن هذا الخيار على الفور ، ويدل عليه خبر أبي الصباح الآتي.

4872 - وروى محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا بيعت الأمة ولها زوج فالذي اشتراها بالخيار إن شاء فرق بينهما وإن شاء تركها معه ، فإن هو تركها معه فليس له أن يفرق بينهما بعد ما رضي (1) قال : وإن بيع العبد فإن شاء مولاه الذي اشتراه أن يصنع مثل الذي صنع صاحب الجارية فذلك له ، وإن هو سلم فليس له أن يفرق بينهما بعدما سلم » (2).

4873 - وروى الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن سليمان بن خالد قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل كان له أب مملوك وكانت لأبيه امرأة مكاتبة قد أدت بعض ما عليها فقال لها ابن العبد : هل لك أن أعينك على مكاتبتك حتى تؤدي ما عليك بشرط أن لا يكون لك الخيار على أبي إذا أنت ملكت نفسك؟ قالت : نعم ، فأعطاها لمكاتبتها أيكون لها الخيار بعد ذلك؟ فقال : لا يكون لها الخيار ، المسلمون عند شروطهم » (3).

4874 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إذا كان العبد تحته أمة فطلقها تطليقة ، ثم أعتقا جميعا كانت عنده على تطليقة » (4).

4875 - وروى ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في أمة طلقت ثم أعتقت قبل أن تنقضي عدتها ، فقال : تعتد بثلاث حيض (5) ، فإن مات عنها زوجها ، ثم أعتقت قبل أن تنقضي عدتها فإن عدتها أربعة أشهر وعشرة [ أيام ] ».

4876 - وروى حريز بن عبد اللّه ، عن محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المملوكة تكون تحت العبد ثم تعتق ، قال : تخير فإن شاءت أقامت على زوجها

ص: 543


1- في بعض النسخ « بعد التراضي ».
2- التسليم : الرضا.
3- رواه الشيخ أيضا في الصحيح ، ويدل على وجوب الوفاء بالشرط.
4- أي بقي عليها طلاق واحد كالأمة ، وحمل على البائن.
5- تقدم الكلام في أنه حمل على المطلقة الرجعية.

وإن شاءت بانت ».

4877 - وروى محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال : « قضي أمير المؤمنين عليه السلام في سرية لرجل ولدت لسيدها ثم أنحكها عبده ثم توفى سيدها فأعتقها فتزوجها (1) فورثه ولدها ، ثم توفي ولدها فورثت زوجها العبد فجاءا يختصمان فقال : هي امرأتي لست أطلقها ، وقالت : هو عبدي لم يجامعني ، فسئلت هل جامعك منذ كان لك عبدا؟ فقالت : لا ، فقال : لو جامعك منذ كان لك عبدا لأوجعتك اذهبي فهو عبدك ليس له عليك سبيل تبيعين إن شئت ، وترقين إن شئت ، وتعتقين إن شئت ».

باب 486: طلاق المريض

4878 - روى عبد اللّه بن مسكان ، عن فضل بن عبد الملك البقباق قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل طلق امرأته وهو مريض فقال : ترثه في مرضه ما بينه وبين سنة إن مات من مرضه ذلك ، وتعتد من يوم طلقها عدة المطلقة ، ثم تتزوج إذا انقضت عدتها وترثه ما بينهما وبين سنة إن مات في مرضه ذلك ، فإن مات بعدما تمضي سنة فليس لها ميراث » (2).

ص: 544


1- فيه ما فيه لأنه لا يمكن التزويج بعد الموت ، وقال سلطان العلماء : لعل فاعل أعتقها فوت السيد إذ هو سبب لعتقها فأسند إليه ، أو الولد المفهوم ضمنا ، وهو كما ترى بعيد ولعل فاعل « تزوجها » العبد بأن يكون المراد امضاء العقد السابق أو عقد جديد.
2- قال في المسالك : طلاق المريض كطلاق الصحيح في الوقوع ولكنه يزيد عنه بكراهته مطلقا ، وظاهر بعض الأخبار عدم الجواز ، وحمل على الكراهة جمعا ، ثم إن كان الطلاق رجيعا توارثا ما دامت في العدة اجماعا ، وإن كان بائنا لم يرثها الزوج مطلقا كالصحيح ، وترثه هي في العدة وبعدها إلى سنة من الطلاق ما لم تتزوج بغيره أو يبرء من مرضه الذي طلق فيه. هذا هو المشهور خصوصا بين المتأخرين ، وذهب جماعة منهم الشيخ في النهاية إلى ثبوت التوارث بينهما في العدة مطلقا واختصاص الإرث بعدها بالمرأة منه دون العكس إلى المدة المذكورة - انتهى ، فعلى هذا قوله « ثم تتزوج » أي ان شاءت « إذا انقضت عدتها » أي يجوز لها التزويج ان لم ترد الميراث ، وإباحة التزويج لا ينافي اشتراط الإرث بعدمه ، وهكذا وجوب عدة الوفاة بعد ثبوت الميراث لا ينافي الاكتفاء بعدة الطلاق قبله كما في الوافي.

4879 - وروى الحسن بن محبوب ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المريض يطلق امرأته في تلك الحال؟ قال : لا ولكن له أن يتزوج إن شاء ، فإن دخل بها ورثته ، وإن لم يدخل بها فنكاحه باطل » (1).

4880 - وروى الحسن بن محبوب ، عن ربيع الأصم (2) ، عن أبي عبيدة الحذاء ، ومالك ابن عطية (3) كلاهما عن محمد بن علي عليهما السلام قال : « إذا طلق الرجل امرأته تطليقة في مرضه ، ثم مكث في مرضه حتى انقضت عدتها ثم مات في ذلك المرض بعد انقضاء العدة فإنها ترثه ما لم تتزوج ، فإذا كانت تزوجت بعد انقضاء العدة فإنها لا ترثه » (4).

4881 - وفي رواية سماعة قال : « سألته عن رجل طلق امرأته ، ثم إنه مات

ص: 545


1- يدل على كراهة الطلاق في المرض وجواز النكاح ولكنه مشروط بالدخول وان لم يدخل فنكاحه باطل بالنظر إلى المهر والميراث ، وأما بالنظر إلى العدة ففيه اشكال والأحوط العدة لعموم أخبارها ( م ت ) أقول : لا عدة على من لم يدخل بها عدى المتوفى عنها زوجها لقوله تعالى « إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ». وأما المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها فعليها العدة الرواية عبد الرحمن بن الحجاج وصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم وقد تأتى في الميراث.
2- له أصل عنه الحسن بن محبوب ( منهج المقال ).
3- في الكافي ج 6 ص 121 والتهذيب ج 2 ص 118 « وعن مالك بن عطية عن أبي الورد عن أبي جعفر عليه السلام » وهذا هو الصواب لعدم رواية مالك بن عطية عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام ، وكأن السقط من النساخ.
4- يدل على أن الميراث مشروط بعدم التزويج إلى سنة.

قبل أن تنقضي عدتها ، قال : تعتد عدة المتوفى عنها زوجها ولها الميراث » (1).

4882 - وفي رواية ابن أبي عمير ، عن أبان (2) أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال « في رجل طلق تطليقتين في صحة ، ثم طلق التطليقة الثالثة وهو مريض : إنها ترثه ما دام في مرضه وإن كان إلى سنة » (3).

4883 - وفي رواية ابن بكير ، عن زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « ليس للمريض أن يطلق امرأته وله أن يتزوج » (4).

4884 - وفي رواية زرعة ، عن سماعة قال : « سألته عن رجل طلق امرأته وهو مريض ، فقال : ترثه ما دامت في عدتها ، فإن طلقها في حال الاضرار فهي ترثه إلى سنة ، (5) وإن زاد على السنة في عدتها (6) يوم واحد لم ترثه » (7).

4885 - وروى حماد ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه « سئل عن الرجل يحضره الموت فيطلق امرأته هل يجوز طلاقه؟ قال : نعم وإن مات ورثته ، وإن ماتت لم يرثها » (8).

ص: 546


1- يدل على أنه لو طلقها ومات في العدة ترثه وتعتد عدة المتوفى عنها زوجها ويحمل على الرجعية.
2- في الكافي والتهذيب « عن أبان بن عثمان ، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السلام والسقط كأنه من النساخ.
3- يدل على ميراثها في البائن في العدة وما بعدها إلى سنة. ( م ت )
4- تقدم نحوه تحت رقم 4876 ، ويدل على كراهة طلاق المريض وجواز نكاحه. ( م ت )
5- أي ترثه مطلقا في العدة سواء قصد الاضرار أم لا ، بخلاف بعد العدة إلى السنة فإنه مشروط بالاضرار. ( سلطان )
6- أي عدتها التي تربصت للميراث.
7- اختلف الأصحاب في أن ثبوت الإرث للمطلقة في المرض هل هو مترتب على مجرد الطلاق فيه أو معلل بتهمته ، فذهب الشيخ في كتابي الفروع والأكثر إلى الأول لاطلاق النصوص ، وذهب في الاستبصار إلى الثاني لرواية سماعة هذه ، ورجحه العلامة في المختلف والارشاد.
8- أي إذا كان الطلاق بائنا. أو عدم ارث الزوج محمول على ما بعد العدة.

باب 487: طلاق المفقود

4886 - روى عمر بن أذينة ، عن بريد بن معاوية قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن المفقود كيف تصنع امرأته؟ قال ، ما سكتت عنه وصبرت يخلى عنها ، وإن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجلها أربع سنين ثم يكتب إلى الصقع الذي فقد فيه (1) فيسأل عنه فإن خبر عنه بحياة صبرت ، وإن لم يخبر عنه بحياة حتى تمضي الأربع سنين دعي ولي الزوج المفقود فقيل له : هل للمفقود مال؟ فإن كان له مال أنفق عليها حتى تعلم حياته من موته ، وإن لم يكن له مال قيل للولي : أنفق عليها (2) ، فإن فعل فلا سبيل لها إلى أن تتزوج ما أنفق عليها ، وإن أبى أن ينفق عليها أجبره الوالي على أن يطلق تطليقة في استقبال العدة وهي طاهر ، فيصير طلاق الولي طلاق الزوج (3) ، فإن جاء زوجها قبل أن تنقضي عدتها من يوم طلقها الولي فبدا له أن يراجعها فهي امرأته وهي عنده على تطليقتين ، وإن انقضت العدة قبل أن يجيئ ويراجع فقد حلت للأزواج ولا سبيل للأول عليها ».

4887 - وفي رواية أخرى « انه إن لم يكن للزوج ولي طلقها الوالي ويشهد شاهدين عدلين فيكون طلاق الوالي طلاق الزوج ، وتعتد أربعة أشهر وعشرا ثم تتزوج إن شاءت » (4).

4888 - وروى أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ، وموسى بن بكر ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إذا نعي الرجل إلى أهله أو خبروها أنه طلقها فاعتدت ، ثم تزوجت فجاء زوجها

ص: 547


1- الصقع - بالضم - : الناحية.
2- بطريق الشفاعة والسؤال لا الحكم.
3- أي بمنزلة طلاق الزوج هنا ، وفى بعض النسخ « طلاقا للزوج ».
4- لم أجده مسندا.

بعد فإن الأول أحق بها من هذا الآخر ودخل بها الاخر أو لم يدخل ، ولها من الاخر المهر بما استحل من فرجها « وزاد عبد الكريم في حديثه » وليس للاخر أن يتزوجها أبدا » (1).

4889 - وروى عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل حسب أهله أنه قد مات أو قتل فنكحت امرأته وتزوجت سريته فولدت كل واحدة منهما من زوجها فجاء زوجها الأول ومولى السرية ، فقال : يأخذ امرأته فهو أحق بها ويأخذ سريته وولدها أو يأخذ رضى من ثمنه » (2).

4890 - وفي رواية إبراهيم بن عبد الحميد (3) أن أبا عبد اللّه عليه السلام قال : « في شاهدين شهدا عند امرأة بأن زوجها طلقها فتزوجت ثم جاء زوجها ، قال : يضربان الحد ويضمنان الصداق للزوج ، ثم تعتد الزوجة وترجع إلى زوجها الأول » (4).

4891 - وروى موسى بن بكر ، عن زرارة قال : « سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن امرأة نعي إليها زوجها فاعتدت وتزوجت فجاء زوجها الأول ففارقها وفارقها الاخر كم تعتد للناس؟ فقال : ثلاثة قروء وإنما يستبرأ رحمها بثلاثة قروء تحلها للناس كلهم » قال زرارة : وذلك أن ناسا قالوا : تعتد عدتين من كل واحد عدة فأبى ذلك أبو جعفر عليه السلام وقال : تعتد ثلاثة قروء فتحل للرجال (5).

ص: 548


1- هذه الزيادة كانت في رواية موسى بن بكر كما في الكافي والتهذيب لا في رواية عبد الكريم ، وكأن السهو من المصنف - رحمه اللّه -.
2- رواه الكليني في الحسن كالصحيح ، ويدل على أن ولد الشبهة لمولى الجارية ويجب فكه بالقيمة. ( م ت )
3- في الكافي في الموثق كالصحيح عنه عن أبي بصير وغيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
4- لابد من حمل الخبر على رجوع الشاهدين لا بمجرد انكار الزوج كما هو الظاهر والحد محمول على التعزير. ( المرآة )
5- المشهور عدم تداخل عدة وطئ الشبهة والنكاح الصحيح وتعتد لكل منهما عدة ، بل يظهر من كلام الشهيد الثاني - رحمه اللّه - اتفاق الأصحاب على ذلك ، ولكن ظاهر الخبر أن تعدد العدة مذهب العامة. ( المرآة )

باب 488: الخلية والبريئة والبتة والباين والحرام

4892 - روى حماد بن عثمان ، عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سألته عن رجل قال لامرأته : أنت مني خلية أو بريئة أو بتة أو باين أو حرام ، فقال : ليس بشئ » (1).

4893 - وروى أحمد بن محمد أبي أبي نصر البزنطي ، عن محمد بن سماعة ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « سألته عن رجل قال لامرأته : أنت علي حرام فقال : لو كان لي عليه سلطان لأوجعت رأسه وقلت له : اللّه تعالى أحلها لك فمن حرمها عليك؟ إنه لم يزد على أن كذب فزعم أن ما أحل اللّه له حرام ولا يدخل عليه طلاق ولا كفارة ، فقلت له فقول اللّه عزوجل : « يا أيها النبي لم تحرم ما أحل اللّه لك تبتغي مرضات أزواجك واللّه غفور رحيم. قد فرض اللّه لكم تحلة أيمانكم « فجعل عليه فيه الكفارة فقال : إنما حرم عليه جاريته مارية وحلف أن لا يقربها ، وإنما جعلت عليه الكفارة في الحلف ولم يجعل عليه في التحريم » (2).

باب 489: حكم العنين

4894 - روى محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد اللّه ابن الفضل الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : قلت له أو سأله رجل « عن رجل ادعت

ص: 549


1- الخلية أي خالية من الزوج وكذا البريئة أي بريئة عن الزوج ، وقوله « بتة » أي مقطوعة الوصلة ، وهذه الكلمات كلها كنايات عن الطلاق وليس بطلاق عند الشارع ولا يتفرع عليها حرمة ولا كفارة.
2- يعنى الكفارة في الآية لمخالفة اليمين لا لقوله صلى اللّه عليه وآله : « أنت على حرام » وإن كان ظاهره ذلك لان اللّه تعالى يقول : « قد فرض اللّه عليكم تحلة أيمانكم » بعده. ( م ت )

عليه امرأته أنه عنين وينكر ذلك الرجل ، قال : تحشوها القابلة بالخلوق ولا يعلم الرجل ويدخل عليها ، فإن خرج وعلى ذكره الخلوق صدق وكذبت وإلا صدقت وكذب » (1).

4895 - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام : « إذا ادعت المرأة على زوجها أنه عنين وأنكر الرجل أن يكون كذلك فالحكم فيه أن يقعد الرجل في ماء بارد فإن استرخى ذكره فهو عنين وإن تشنج فليس بعنين » (2).

4896 - وروي في خبر آخر : « أنه يطعم السمك الطري ثلاثة أيام ثم يقال له : بل على الرماد فإن ثقب بوله الرماد فليس بعنين وإن لم يثقب بوله الرماد فهو عنين » (3).

4897 - وروى صفوان بن يحيى ، عن أبان ، عن غياث (4) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال « في العنين إذا علم أنه عنين لا يأتي النساء فرق بينهما ، وإذا وقع عليها وقعة واحدة لم يفرق بينهما ، والرجل لا يرد من عيب » (5).

4898 - وروى الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي قال « سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن رجل تزوج امرأة فمكث أياما معها ولا يستطيع أن يجامعها غير أنه قد رأى منه ما يحرم على غيره ثم طلقها ، أيصلح له

ص: 550


1- العنن بالفتح - هو الضعف المخصوص بالعضو والاسم العنة - بالضم - ويقال للرجل إذا كان كذلك عنين - كسكين - وهو من جملة عيوب الرجل التي توجب تسلط الزوجة على الفسخ. والخلوق - كصبور - : طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره.
2- لم نطلع على سنده وهي قرينة ولم يعمل أكثر الأصحاب بهذه القرينة.
3- لم نطلع على سنده وهي قرينة ولم يعمل أكثر الأصحاب بهذه القرينة.
4- في الكافي ج 5 ص 410 « عباد الضبي » ولعله البصري يعنى ابن صهيب.
5- أي لا يفسخ نكاح الرجل من عيوبه أصلا مثل الجذام والبرص وغير ذلك لكن هذا العموم استثنى منه العيوب الأربعة التي منها العنن بدليل مثبت للاستثناء ، وهذا هو المشهور بين الأصحاب.

أن يتزوج ابنتها؟ قال : لا يصلح له وقد رأى من أمها ما رأى » (1).

4899 - وفي رواية السكوني قال : « قال علي عليه السلام : من أتى امرأة مرة واحدة ثم اخذ عنها فلا خيار لها » (2).

4900 - وسأله عمار الساباطي (3) « عن رجل اخذ عن امرأته (4) فلا يقدر على إتيانها ، قال : إن كان لا يقدر على إتيان غيرها من النساء فلا يمسكها إلا أن ترضى بذلك ، وإن كان يقدر على إتيان غيرها فلا بأس بإمساكها ».

4901 - وروي في خبر آخر : « أنه متى أقامت المرأة مع زوجها بعد ما علمت أنه عنين ورضيت به لم يكن لها خيار بعد الرضا » (5).

باب 490: النوادر

4902 - روي عن أبي سعيد الخدري قال : « أوصى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : يا علي : إذا دخلت العروس بيتك فاخلع خفيها حين تجلس واغسل رجليها ، وصب الماء من باب دارك إلى أقصى دارك ، فإنك إذا فعلت ذلك أخرج اللّه من بيتك سبعين ألف لون من الفقر ، وأدخل فيه سبعين ألف لون من البركة ، وأنزل عليه سبعين رحمة ترفرف على رأس العروس حتى تنال بركتها

ص: 551


1- تقدم الكلام فيه.
2- رواه الكليني باسناده المعروف عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام عنه صلوات اللّه عليه.
3- يعنى عن أبي عبد اللّه عليه السلام كما في الكافي ج 5 ص 412.
4- التأخيذ حبس السواحر أزواجهن عن غيرهن من النساء.
5- لم أجده مسندا ، وروى الشيخ في التهذيب ج 2 ص 234 عن وهب بن وهب عن أبي جعفر عليه السلام « أن عليا عليه السلام كان يقول : يؤخر العنين سنة من يوم مرافعة امرأته فان خلص إليها والا فرق بينهما ، فان رضيت أن تقيم معه ثم طلبت الخيار بعد ذلك فقد سقط الخيار ولا خيار لها ».

كل زاوية في بيتك ، وتأمن العروس من الجنون والجذام والبرص أن يصيبها ما دامت في تلك الدار ، وامنع العروس في أسبوعها من الألبان والخل والكزبرة والتفاح الحامض من هذه الأربعة الأشياء ، فقال علي عليه السلام : يا رسول اللّه ولأي شئ أمنعها هذه الأشياء الأربعة؟ قال : لان الرحم تعقم وتبرد من هذه الأربعة الأشياء عن الولد ، ولحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد ، فقال علي عليه السلام : يا رسول اللّه ما بال الخل تمنع منه؟ قال : إذا حاضت على الخل لم تطهر أبدا بتمام. والكزبرة تثير الحيض في بطنها وتشدد عليها الولادة ، والتفاح الحامض يقطع حيضها فيصير داء عليها.

ثم قال : يا علي لا تجامع امرأتك في أول الشهر ووسطه وآخره ، فإن الجنون والجذام والخبل ليسرع إليها وإلى ولدها ، يا علي : لا تجامع امرأتك بعد الظهر فإنه إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول ، والشيطان يفرح بالحول في الانسان ، يا علي : لا تتكلم عند الجماع فإنه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس ، ولا ينظرن أحد إلى فرج امرأته ، وليغض بصره عند الجماع ، فإن النظر إلى الفرج يورث العمى في الولد ، يا علي : لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك فإني أخشى إن قضي بينكما ولد أن يكون مخنثا أو مؤنثا مخبلا ، يا علي من كان جنبا في الفراش مع امرأته فلا يقرأ القرآن فإني أخشى أن تنزل عليهما نار من السماء فتحرقهما.

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه اللّه - يعني به قراءة العزائم دون غيرها -.

يا علي : لا تجامع امرأتك إلا ومعك خرقة ومع أهلك خرقة ولا تمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة فإن ذلك يعقب العداوة بينكما ثم يؤديكما إلى الفرقة والطلاق.

يا علي : لا تجامع امرأتك من قيام فإن ذلك من فعل الحمير فان قضي بينكما ولد كان بوالا في الفراش كالحمير البوالة في كل مكان ، يا علي : لا تجامع امرأتك في ليلة الأضحى فإنه إن قضي بينكما ولد يكون له ست أصابع أو أربع

ص: 552

أصابع. يا علي : لا تجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة فإنه إن قضي بينكما ولد يكون جلادا قتالا أو عريفا (1) يا علي : لا تجامع امرأتك في وجه الشمس وتلألوئها إلا أن ترخي سترا فيستركما ، فإنه إن قضي بينكما ولد لا يزال في بؤس وفقر حتى يموت. يا علي : لا تجامع امرأتك بين الأذان والإقامة ، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون حريصا على إهراق الدماء ، يا علي : إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء فإنه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب بخيل اليد ، يا علي : لا تجامع أهلك في النصف من شعبان فإنه إن قضي بينكما ولد يكون مشؤما ذا شأمة في وجهه ، يا علي : لا تجامع أهلك في آخر درجة منه (2) إذا بقي يومان فإنه إن قضي بينكما ولد يكون عشارا أو عونا للظالمين ويكون هلاك فئام من الناس على يديه (3) يا علي لا تجامع أهلك على سقوف البنيان فإنه إن قضي بينكما ولد يكون منافقا مرائيا مبتدعا ، يا علي : إذا خرجت في سفر فلا تجامع أهلك من تلك الليلة فإنه إن قضي بينكما ولد ينفق ماله في غير حق ، وقرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله « إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ».

يا علي : لا تجامع أهلك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن فإنه إن قضي بينكما ولد يكون عونا لكل ظالم عليك ، يا علي : عليك بالجماع ليلة الاثنين ، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون حافظا لكتاب اللّه ، راضيا بما قسم اللّه عزوجل يا علي : إن جامعت أهلك في ليلة الثلاثاء فقضي بينكما ولد فإنه يرزق الشهادة بعد شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه ولا يعذبه اللّه مع المشركين ويكون طيب النكهة والفم ، رحيم القلب ، سخي اليد ، طاهر اللسان من الغيبة والكذب والبهتان ، يا علي : إن جامعت أهلك ليلة الخميس فقضي بينكما ولد فإنه يكون حاكما من الحكام أو عالما من العلماء ، وإن جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عن كبد

ص: 553


1- العريف من يعرف أصحابه والقيم بأمرهم والمراد من يعرف الناس إلى الظلمة.
2- كأنه تفسير لما قبله أي من شعبان ويحتمل كل شهر.
3- الفئام الجماعة من الناس ولا واحد له من لفظه.

السماء فقضي بينكما ولد فإن الشيطان لا يقربه يشيب ويكون قيما (1) ويرزقه اللّه عزوجل السلامة في الدين والدنيا ، يا علي : وإن جامعتها ليلة الجمعة وكان بينكما ولد فإنه يكون خطيبا قوالا مفوها ، وإن جامعتها يوم الجمعة بعد العصر فقضي بينكما ولد فإنه يكون معروفا مشهورا عالما ، وإن جامعتها في ليلة الجمعة بعد العشاء الآخرة ، فإنه يرجى أن يكون الولد من الابدال إن شاء اللّه تعالى.

يا علي : لا تجامع أهلك في أول ساعة من الليل فإنه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون ساحرا مؤثرا للدنيا على الآخرة ، يا علي : احفظ وصيتي هذه كما حفظتها عن جبرئيل عليه السلام ».

4903 - و « شكا رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام نساءه فقام عليه السلام خطيبا فقال : يا معاشر الناس لا تطيعوا النساء على حال : ولا تأمنوهن على مال ، ولا تذروهن يدبرن أمر العيال ، فإنهن إن تركن وما أردن أوردن المهالك ، وعدون أمر المالك (2) فإنا وجدناهن لا ورع لهن عند حاجتهن ، ولا صبر لهن عند شهوتهن ، البذخ (3) لهن لازم وإن كبرن ، والعجب لهن لاحق وإن عجزن ، لا يشكرن الكثير إذا منعن القليل ، ينسين الخير ويحفظن الشر ، يتهافتن بالبهتان ، ويتمادين في الطغيان ، ويتصدين للشيطان (4) ، فداروهن على كل حال (5) ، وأحسنوا لهن المقال ، لعلهن يحسن الفعال ».

4904 - وروى عبد اللّه بن مسكان عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام قال : « إن اللّه تبارك وتعالى خص رسوله صلى اللّه عليه وآله بمكارم الأخلاق ، فامتحنوا أنفسكم فأن كانت

ص: 554


1- أي بأمور الناس ، وفى بعض النسخ « فهما ».
2- أي تجاوزن. وفى علل الشرايع « وعصين » والمراد بأمر المالك أمر الزوج أو مالك الملاك وهو اللّه تعالى.
3- البذخ التكبر. وفى بعض النسخ « والتبرج ».
4- أي يتعرضن للشيطان في الموارد المهلكة وبالخروج من بيوتهن.
5- من المدارأة أي اعملوا معهن بها.

فيكم فاحمدوا اللّه عزوجل وارغبوا إليه في الزيادة منها فذكرها عشرة : اليقين ، والقناعة ، والصبر ، والشكر ، والحلم ، وحسن الخلق ، والسخاء ، والغيرة ، والشجاعة والمروءة ».

4905 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من أراد البقاء ولا بقاء فليباكر الغداء (1) وليجود الحذاء ، وليخفف الرداء ، وليقل مجامعة النساء ، قيل يا رسول اللّه وما خفة الرداء؟ قال : قلة الدين ».

4906 - وقال عليه السلام : « إذا قامت المرأة عن مجلسها فلا يجلس أحد في ذلك المجلس حتى يبرد ».

4907 - وقال الصادق عليه السلام : « ثلاثة يهدمن البدن وربما قتلن : دخول الحمام على البطنة (2) ، والغشيان على الامتلاء ، ونكاح العجائز ».

4908 - وقال عليه السلام : « ثلاثة من اعتادهن لم يدعهن : طم الشعر (3) ، وتشمير الثوب ، ونكاح الإماء ».

4909 - وقال عليه السلام « هلك بذوي المروءة أن يبيت الرجل عن منزله بالمصر الذي فيه أهله ».

4910 - وقال عليه السلام : « ملعون ملعون من ضيع من يعول ».

4911 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ».

4912 - وقال عليه السلام : « عيال الرجل أسراؤه وأحب العباد إلى اللّه عزوجل أحسنهم صنعا إلى اسرائه » (4).

ص: 555


1- بالدال أو الذال أي يأكل شيئا في أول النهار ولو قليلا ، والمراد بتجويد الحذاء اما لبسه جالسا أو كناية عن اتخاذ الزوجة الحسنة السيرة والصورة.
2- البطنة : الامتلاء من الطعام.
3- طم الشعر - بفتح الشين - أي جزه واستيصاله الا ما استثنى.
4- تقدم هذه الأخبار من المؤلف في باب الزكاة والتجارة والنكاح.

4913 - وقال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : « عيال الرجل اسراؤه ، فمن أنعم اللّه عليه نعمة فليوسع على اسرائه ، فإن لم يفعل أو شك أن تزول تلك النعمة ».

4914 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد بن الحنفية : « يا بني إذا قويت فاقو على طاعة اللّه ، وإذا ضعفت فاضعف عن معصية اللّه عزوجل ، وإن استطعت أن لا تملك من أمرها ما جاوز نفسها فافعل فإنه أدوم لجمالها وأرخى لبالها وأحسن لحالها ، فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة فدارها على كل حال ، وأحسن الصحبة لها ليصفو عيشك ».

4915 - وروى عن خالد بن نجيح عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام قال : تذاكروا الشؤم عنده فقال : « الشؤم في ثلاثة في المرأة والدابة والدار ، فأما شؤم المرأة فكثرة مهرها وعقوق زوجها ، وأما الدابة فسوء خلقها ومنعها ظهرها ، وأما الدار فضيق ساحتها وشر جيرانها وكثرة عيوبها ».

4916 - وروى عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله « قالت أم سليمان بن داود لسليمان عليه السلام : يا بني إياك وكثرة النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة ».

4917 - وروي عن سليمان بن جعفر البصري (1) ، عن عبد اللّه بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إن اللّه تبارك وتعالى كره لكم أيتها الأمة أربعا وعشرين خصلة ونهاكم عنها : كره لكم العبث في الصلاة ، وكره المن في الصدقة ، وكره الضحك بين القبور ، وكره التطلع في الدور ، وكره النظر إلى فروج النساء وقال : يورث العمى ، وكره الكلام عند الجماع وقال : يورث الخرس ، وكره النوم قبل العشاء الآخرة ، وكره الحديث بعد العشاء الآخرة ، وكره الغسل تحت

ص: 556


1- رواه المؤلف في الخصال مسندا وفيه « سليمان بن حفص البصري » ولعله هو الصواب.

السماء بغير مئزر ، وكره المجامعة تحت السماء ، وكره دخول الأنهار بلا مئزر ، وقال في الأنهار عمار وسكان من الملائكة ، وكره دخول الحمامات إلا بمئزر ، وكره الكلام بين الأذان والإقامة في صلاة الغداة حتى تقضى الصلاة ، وكره ركوب البحر في هيجانه وكره النوم فوق سطح ليس بمحجر (1) ، وقال : من نام على سطح غير محجر برئت منه الذمة ، وكره أن ينام الرجل في بيت وحده ، وكره للرجل أن يغشى امرأته وهي حائض (2) ، فإن غشيها فخرج الولد مجذوما أو أبرص فلا يلومن إلا نفسه ، وكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى فإن فعل وخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه ، وكره أن يكلم الرجل مجذوما إلا أن يكون بينه وبينه قدر ذراع ، وقال : فر من المجذوم فرارك من الأسد (3) ، وكره البول على شط نهر جار ، وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة مثمرة قد أينعت أو نخلة قد أينعت - يعني أثمرت - ، وكره أن يتنعل الرجل وهو قائم ، وكره أن يدخل الرجل البيت المظلم ألا أن يكون بين يديه سراج أو نار ، وكره النفخ في الصلاة » (4).

4918 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « لا يحل لاحد أن يجنب في هذا المسجد إلا أنا

ص: 557


1- راجع الكافي ج 6 ص 530 باب تحجير السطوح ومن جملة أخباره عن الصادق عليه السلام أنه « في السطح يبات عليه وهو غير محجر ، قال : يجزيه أن يكون مقدار ارتفاع الحائط ذراعين ».
2- الكراهة هنا يحمل على الحرمة لما في غيره من الاخبار.
3- هذا لا ينافي قوله صلى اللّه عليه وآله « لا عدوى ولا طيرة ولا هامة » لان المراد به نفى ما يعتقدونه من أن تلك العلل المعدية مؤثرة بنفسها مستقلة في التأثير ، فأعلمهم أن الامر ليس كذلك بل إنما هو بمشيئة اللّه تعالى وفعله ، والحاصل أن العدوي ليست علة تامة وقضية كلية بل قضية مهملة وعلة ناقصة قد يتخلف ، ولا يدعى الأطباء أيضا كليتها كما قاله الأستاذ الشعراني في هامش الوافي.
4- في موضع السجود مطلقا أو مع ضرر الغير أو الأعم.

وعلي وفاطمة والحسن والحسين ومن كان من أهلي فإنه مني » (1).

4919 - وقال الصادق عليه السلام : « قيل لعيسى بن مريم عليه السلام : مالك لا تتزوج فقال : وما أصنع بالتزويج؟ قالوا : يولد لك ، قال : وما أصنع بالأولاد إن عاشوا فتنوا وإن ماتوا أحزنوا ».

4920 - وكان النبي صلى اللّه عليه وآله يقول في دعائه : « اللّهم إني أعوذ بك من ولد يكون علي ربا (2) ، ومن مال يكون علي ضياعا (3) ، ومن زوجة تشيبني قبل أوان مشيبي ، ومن خليل ماكر عيناه تراني وقلبه يرعاني (4) ، إن رأى خيرا دفنه وإن رأى شرا أذاعه ، وأعوذ بك من وجع البطن ».

صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به

وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا (5)

4921 - وقال الصادق عليه السلام : « ثلاث من تكن فيه فلا يرجى خيره أبدا : من لم يخش اللّه في الغيب ، ولم يرعو عند الشيب (6) ، ولم يستح من العيب ».

ص: 558


1- رواه المصنف في العيون ص 221 مسندا. وروى في العلل ما يؤيده وروى محب الدين الطبري في ذخائر العقبى ص 77 عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم « يا علي لا يحل لاحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك » قال علي بن المنذر : قلت لضرار بن صرد : ما معنى هذا الحديث؟ قال : لا يحل لاحد يستطرقه جنبا غيري وغيرك. أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن. وقال سلطان العلماء : المراد بالاجناب فيه الاجتياز لا فعل الجماع فيه ، وقال الفاضل التفرشي : « أن يجنب » أي يدخله ويمر فيه جنبا ، والظاهر أن المراد مسجد النبي صلى اللّه عليه وآله. أقول : هذا الحمل وإن كان بعيدا لا يلائم لفظ الخبر لكن لابد من ذلك فتأمل.
2- بأن يكون مسلطا على أو غير موافق لي أو ينفق على بأن أكون فقيرا.
3- أي يصرف في غير طاعة اللّه سبحانه.
4- أي بالمكر والخديعة.
5- في بعض النسخ « أذن » مفرد الاذان. وفى اللغة أذن يأذن إليه : استمع.
6- أي لم يترك المعاصي والقبايح عند الشيخوخة ، والرعو الرجوع عن الجهل وحسن الرجوع عنه.

4922 - وقال الصادق عليه السلام : « إن أحدكم ليأتي أهله فتخرج من تحته فلو أصابت زنجيا لتشبئت به (1) فإذا أتى أحدكم أهله فليكن بينهما مداعبة فإنه أطيب للامر ».

4923 - وروى سماعة ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : « فضلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين من اللذة ، ولكن اللّه عزوجل ألقى عليها الحياء ».

4924 - وقال النبي صلى اللّه عليه وآله : « لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند اللّه عزوجل من رجل قتل نبيا ، أو هدم الكعبة التي جعلها اللّه عزوجل قبلة لعباده ، أو أفرغ ماءه في امرأة حراما ».

4925 - وروى معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : سمعته يقول : « انصرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله من سرية كان أصيب فيها ناس كثير من المسلمين فاستقبله النساء يسألن عن قتلاهن فدنت منه امرأة ، فقالت : يا رسول اللّه ما فعل فلان؟ قال : وما هو منك؟ قالت : أخي ، قال : احمدي اللّه واسترجعي (2) فقد استشهد ، ففعلت ذلك ثم قالت : يا رسول اللّه ما فعل فلان؟ قال : وما هو منك؟ قالت : زوجي ، قال : احمدي اللّه واسترجعي فقد استشهد ، فقالت : واذلاه ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ما كنت أظن أن المرأة تجد (3) بزوجها هذا كله حتى رأيت هذه المرأة ».

4926 - وقال بعض أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله : « يا رسول ما بالنا نجد بأولادنا ما لا يجدون بنا؟ فقال : لأنهم منكم ولستم منهم » (4).

ص: 559


1- أي تقوم من تحته غير راضية منه ومن معاشرته ومداعبته بحيث ترض بالزنجي ولا ترضى به ويدل على استحباب المداعبة عند الجماع بلا رفث.
2- أي قولي : « انا لله وانا إليه راجعون ».
3- الوجد الحزن ، أي ما أظن أن المرأة تحزن بموت زوجها إلى هذا الحد.
4- تقدم تحت رقم 4749.

4927 - وروي عن مسعدة بن صدقة الربعي عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : قيل له : « ما بال المؤمن أحد شئ (1)؟ فقال : لان عز القرآن في قلبه ، ومحض الايمان في صدره ، وهو عبد مطيع لله ولرسوله مصدق ، قيل له : فما بال المؤمن قد يكون أشح شئ؟ قال : لأنه يكسب الرزق من حله ، ومطلب الحلال عزيز (2) فلا يحب أن يفارقه شيئه (3) لما يعلم من عز مطلبه وإن هو سخت نفسه لم يضعه إلا في موضعه ، قيل : فما بال المؤمن قد يكون أنكح شئ؟ قال : لحفظه فرجه عن فروج لا تحل له ولكيلا تميل به شهوته هكذا ولا هكذا (4) ، فإذا ظفر بالحلال اكتفى به واستغنى به عن غيره (5) ، وقال عليه السلام : « إن قوة المؤمن في قلبه ألا ترون أنكم تجدونه ضعيف البدن نحيف الجسم وهو يقوم الليل ويصوم النهار ».

4928 - وفي رواية السكوني ، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا حضر ولادة المرأة قال : أخرجوا من في البيت من النساء ، لا تكون المرأة أول ناظر إلى عورته » (6).

ص: 560


1- في نسخة « أعز شئ » وفى العلل كما في المتن.
2- أي طلبه أو محل طلبه عزيز نادر الوجود.
3- في بعض النسخ « كسبه » وفى بعضها « سيبه » والسيب : العطاء.
4- أي لا يميل إلى كل مرأة وزمام نفسه بيده ولا يرخص النفس تميل إلى كل جانب.
5- البقية جزء لهذا الخبر كما في العلل ، وروى عن محمد بن عمارة قال : « سمعت الصادق عليه السلام يقول : « المؤمن علوي لأنه علا في المعرفة ، والمؤمن هاشمي لأنه هشم الضلالة - أي كسرها - والمؤمن قرشي لأنه أقر بالشئ المأخوذ عنا ، والمؤمن عجمي لأنه استعجم - أي أبهم عليه أبواب الشر - والمؤمن عربي لان نبيه صلى اللّه عليه وآله عربي وكتابه المنزل بلسان عربي ، والمؤمن نبطي لأنه استنبط العلم ، والمؤمن مهاجري لأنه هجر السيئات ، والمؤمن أنصاري لأنه نصر اللّه ورسوله وأهل بيت رسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم ، والمؤمن مجاهد لأنه يجاهد أعداء اللّه عزوجل في دولة الباطل بالتقية وفى دولة الحق بالسيف وكفى بهذه شرفا للمؤمن ».
6- الظاهر أنه يخرج من النساء من لا يحتاج إليها ، والا يجب استبداد القابلة بها عدا الزوج.

4929 - وفي رواية الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عليهم السلام ، عن علي عليه السلام قال : « ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله الجهاد فقالت امرأة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : يا رسول اللّه فما للنساء من هذا شئ؟ فقال : بلى للمرأة ما بين حملها إلى وضعها إلى فطامها من الاجر كالمرابط في سبيل اللّه ، فإن هلكت فيما بين ذلك كان لها مثل منزلة شهيد ».

4930 - وذكر النساء عند أبي الحسن عليه السلام فقال : « لا ينبغي للمرأة أن تمشي في وسط الطريق ولكنها تمشي إلى جانب الحائط ».

4931 - وروى حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « لا ينبغي للمرأة ان تنكشف بين يدي اليهودية والنصرانية فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن » (1).

4932 - وقال الصادق عليه السلام : « زوجوا الأحمق ، ولا تزوجوا الحمقاء ، فإن الأحمق قد ينجب والحمقاء لا تنجب ».

4933 - وروى علي بن رئاب ، عن زرارة بن أعين أو عن غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « أربع لا يشبعن من أربع : أرض من مطر ، وأنثى من ذكر ، وعين من نظر ، وعالم من علم ».

باب 491: معرفة الكبائر التي أوعد اللّه عزوجل عليها النار

4934 - روى علي بن حسان الواسطي ، عن عمه عبد الرحمن بن كثير عن (2)

ص: 561


1- محمول على الكراهة كما عليه أكثر الأصحاب ، وحمله بعضهم على الحرمة ، واستثنى منها الإماء المملوكة لقوله تعالى « وما ملكت أيمانهن ».
2- طريق المصنف إلى علي بن حسان الواسطي صحيح لكن الذي يروى عن عمه ( عبد الرحمن بن كثير ) هو علي بن حسان الهاشمي لا الواسطي ، وليسا بمتحدين لما روى الكشي عن محمد بن مسعود قال : سألت علي بن الحسن بن فضال عن علي بن حسان ، قال : عن أيهما سألت أما الواسطي فهو ثقة ، وأما الذي عندنا - أشار إلى علي بن حسان الهاشمي يروى عن عمه عبد الرحمن بن كثير فهو كذاب. ونقل عن ابن الغضائري أنه قال : ومن أصحابنا علي بن حسان الواسطي ثقة ثقة وذكر ابن بابويه في اسناده إلى عبد الرحمن بن كثير الهاشمي علي بن حسان الواسطي وهو يعطى أن الواسطي هو ابن أخي عبد الرحمن ، وأظنه سهوا من قلم الشيخ ابن بابويه (رحمه اللّه) أو الناسخ ، أقول : الظاهر أن المصنف (رحمه اللّه) اعتقد اتحادهما كما يظهر من المشيخة حيث ذكر في طريقه إلى عبد الرحمن بن كثير الهاشمي علي بن حسان الواسطي وقال : روى عن عمه عبد الرحمن بن كثير الهاشمي.

أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « إن الكبائر سبع فينا أنزلت ومنا استحلت (1) فأولها الشرك باللّه العظيم ، وقتل النفس التي حرم اللّه عزوجل ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين وقذف المحصنة ، والفرار من الزحف ، وإنكار حقنا ، فأما الشرك باللّه عظيم فقد أنزل اللّه فينا ما أنزل وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فينا ما قال ، فكذبوا اللّه وكذبوا رسوله فأشركوا باللّه ، وأما قتل النفس التي حرم اللّه فقد قتلوا الحسين بن علي عليهما السلام وأصحابه ، وأما أكل مال اليتيم فقد ذهبوا بفيئنا الذي جعله اللّه عزوجل لنا فأعطوه غيرنا ، وأما عقوق الوالدين فقد أنزل اللّه تبارك وتعالى ذلك في كتابه فقال عزوجل : « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم » (2) فعقوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في ذريته وعقوا أمهم خديجة في ذريتها ، وأما قذف المحصنة : فقد قذفوا فاطمة عليها السلام على منابرهم (3) ، وأما الفرار من الزحف (4) فقد أعطوا أمير المؤمنين عليه السلام بيعتهم طائعين غير مكرهين ففروا عنه وخذلوه ، وأما إنكار حقنا فهذا مما لا يتنازعون فيه » (5).

ص: 562


1- أي جعلت بالنسبة إلينا كأنها حلال.
2- الأحزاب : 6.
3- لعل المراد بالقذف تكذيبها في قصة فدك فان التكذيب نوع قذف. أو المراد نفيهم السبطين عليهما السلام عن أن يكونا بمنزلة ابن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله.
4- كما خذلوه عليه السلام في وقعة صفين وألجأوه إلى تعيين الحكمين.
5- رواه المصنف في الخصال ص 363 بسند عامي عن علي بن حسان عن عبد الرحمن ابن كثير.

4935 - وروى عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام عن أبيه عليه السلام قال : « سمعت أبي موسى بن جعفر عليهما السلام يقول : دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبد اللّه عليه السلام فلما سلم وجلس تلا هذه الآية « الذين يجتنبون كبائر الاثم » (1) ثم أمسك فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : ما أسكتك؟ قال : أحب أن أعرف الكبائر من كتاب اللّه عزوجل فقال : نعم يا عمرو أكبر الكبائر الشرك باللّه يقول اللّه تبارك وتعالى : « إن اللّه لا يغفر أن يشرك به » (2) ويقول اللّه عزوجل : « إنه من يشرك باللّه فقد حرم اللّه عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار » (3) وبعده اليأس من روح اللّه لان اللّه عزوجل يقول : « إنه لا ييأس من روح اللّه إلا القوم الكافرون » (4) ثم الامن من مكر اللّه لان اللّه تعالى يقول : « فلا يأمن مكر اللّه إلا القوم الخاسرون » (5) ومنها عقوق الوالدين لان اللّه عزوجل جعل العاق جبارا شقيا في قوله تعالى : « وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا » (6) وقتل النفس التي حرم اللّه تعالى إلا بالحق لان اللّه عزوجل يقول : « ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها - إلى آخر الآية (7) » وقذف المحصنات لان اللّه عزوجل يقول : « إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا و الآخرة ولهم عذاب عظيم » (8) وأكل مال اليتيم ظلما لقول اللّه عزوجل : « إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا » (9) والفرار من الزحف لان اللّه عزوجل يقول : (10) « ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من اللّه ومأواه جهنم

ص: 563


1- الشورى : 37.
2- النساء : 47 و 115.
3- المائدة : 72.
4- يوسف : 87.
5- الأعراف : 98.
6- مريم : 32.
7- النساء : 92.
8- النور : 23.
9- النساء : 9.
10- الأنفال : 16.

وبئس المصير » وأكل الربا لان اللّه تعالى يقول : « الذين يأكلون الربوا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس » (1) ويقول اللّه عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وذروا ما بقي من الربوا إن كنتم مؤمنين. وإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله » (2) والسحر لان اللّه عزوجل يقول : « ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق » (3) والزنا لان اللّه عزوجل يقول : « ومن يفعل ذلك يلق أثاما. يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا. إلا من تاب وآمن - الآية » (4) واليمين الغموس لان اللّه عزوجل يقول : « إن الذين يشترون بعهد اللّه وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لأخلاق لهم في الآخرة - الآية » (5) والغلول قال اللّه تعالى : « ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمة » (6) ومنع الزكاة المفروضة لات اللّه عزوجل يقول « يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون » (7) وشهادة الزور (8) وكتمان الشهادة لان اللّه عزوجل يقول : « ومن يكتمها فإنه آثم قلبه » (9) وشرب الخمر لان اللّه عزوجل عدل بها عبادة الأوثان ، وترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرض اللّه عزوجل لان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله قال : من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة اللّه عزوجل وذمة رسوله صلى اللّه عليه وآله ونقض العهد ، وقطيعة الرحم لان اللّه عزوجل يقول : « أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار » (10) قال : فخرج عمرو بن عبيد وله صراخ من بكائه وهو يقول : هلك من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم ».

ص: 564


1- البقرة : 275.
2- البقرة : 279.
3- البقرة : 102
4- الفرقان : 68.
5- آل عمران : 77.
6- آل عمران : 161.
7- التوبة ، 36.
8- لم يذكر عقوبته اما لأنه أيضا كاتم للشهادة ، واما بالطريق الأولى أو الظهور وتقدمت الاخبار في عقابه.
9- البقرة : 283.
10- الرعد : 25.

4936 - وروي في خبر آخر : « أن الحيف في الوصية من الكبائر » (1).

4937 - وكتب علي بن موسى الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله « حرم اللّه قتل النفس لعلة فساد الخلق في تحليله لو أحل ، وفنائهم وفساد التدبير ، وحرم اللّه تبارك وتعالى عقوق الوالدين لما فيه من الخروج من التوقير لله عزوجل والتوقير للوالدين وكفران النعمة وإبطال الشكر وما يدعو من ذلك إلى قلة النسل وانقطاعه لما في العقوق من قلة توقير الوالدين والعرفان بحقهما وقطع الأرحام والزهد من الوالدين في الولد وترك التربية لعلة ترك الولد برهما ، وحرم اللّه تعالى الزنا لما فيه من الفساد من قتل الأنفس وذهاب الأنساب وترك التربية للأطفال وفساد المواريث وما أشبه ذلك من وجوه الفساد ، وحرم اللّه عزوجل قذف المحصنات لما فيه من فساد الأنساب ونفي الولد وإبطال المواريث وترك التربية وذهاب المعارف وما فيه من الكبائر والعلل التي تؤدي إلى فساد الخلق ، وحرم أكل مال اليتيم ظلما لعلل كثيرة من وجوه الفساد ، أول ذلك : إذا أكل الانسان مال اليتيم ظلما فقد أعان على قتله إذا ليتيم غير مستغن ولا يتحمل لنفسه ولا قائم بشأنه ولا له من يقوم عليه ويكفيه كقيام والديه ، فإذا أكل ماله فكأنه قد قتله وصيره إلى الفقر والفاقة مع ما حرم اللّه عليه وجعل له من العقوبة في قوله عزوجل : « وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا اللّه وليقولوا قولا سديدا « ولقول أبي جعفر عليه السلام : « إن اللّه أوعد في أكل مال اليتيم عقوبتين عقوبة في الدنيا وعقوبة في الآخرة ، ففي تحريم مال اليتيم استبقاء اليتيم واستقلاله لنفسه والسلامة للعقب أن يصيبهم ما أصابه لما أوعد اللّه عزوجل فيه من العقوبة مع ما في ذلك من طلب اليتيم بثأره إذا أدرك ووقوع الشحناء والعداوة والبغضاء حتى يتفانوا ، وحرم اللّه الفرار من الزحف لما فيه من الوهن في الدين والاستخفاف بالرسل والأئمة العادلة عليهم السلام وترك نصرتهم على الأعداء والعقوبة لهم على إنكار ما دعوا إليه من الاقرار

ص: 565


1- الحيف الظلم ، ويحمل على من أقر عند الموت بمال لاخر كذبا للظلم على الورثة. وتقدم في كتاب الوصية.

بالربوبية وإظهار العدل وترك الجور وإماتته والفساد ولما في ذلك من جرأة العدو على المسلمين وما يكون في ذلك من السبي والقتل وإبطال حق دين اللّه عزوجل وغيره من الفساد ، وحرم اللّه عزوجل التعرب بعد الهجرة للرجوع عن الدين وترك المؤازرة للأنبياء والحجج عليهم السلام وما في ذلك من الفساد وإبطال حق كل ذي حق [ لا ] لعلة سكنى البدو ولذلك لو عرف الرجل الدين كاملا لم يجز له مساكنة أهل الجهل ، والخوف عليه لأنه لا يؤمن أن يقع منه ترك العلم والدخول مع أهل الجهل والتمادي في ذلك ، وعلة تحريم الربا لما نهى اللّه عزوجل عنه ولما فيه من فساد الأموال لان الانسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهما وثمن الاخر باطلا فبيع الربا وشراؤه وكس على كل حال على المشتري وعلى البائع (1) ، فحرم اللّه عزوجل على العباد الربا لعلة فساد الأموال كما حظر على السفيه أن يدفع إليه ماله لما يتخوف عليه من إفساده حتى يؤنس منه رشده فلهذه العلة حرم اللّه عزوجل الربا ، وبيع الربا بيع الدرهم بالدرهمين ، وعلة تحريم الربا بعد البينة لما فيه من الاستخفاف بالحرام المحرم وهي كبيرة بعد البيان وتحريم اللّه عزوجل لها لم يكن ذلك منه إلا استخفافا بالمحرم الحرام (2) والاستخفاف بذلك دخول في الكفر ، وعلة تحريم الربا بالنسيئة لعلة ذهاب المعروف وتلف الأموال ورغبة الناس في الربح وتركهم للقرض والقرض صنايع المعروف ، ولما في ذلك من الفساد والظلم وفناء الأموال ».

4938 - وروى هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنه قال : « إنما حرم اللّه عزوجل الربا كيلا يمتنعوا من صنايع المعروف (3) ».

4939 - وفي رواية محمد بن عطية ، عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال : « إنما حرم اللّه عزوجل الربا لئلا يذهب المعروف ».

ص: 566


1- الوكس - كالوعد - : النقص.
2- أي المبين حرمته عقلا ونقلا ، أو تأكيدا.
3- في بعض النسخ « اصطناع المعروف ».

4940 - وسأل هشام بن الحكم أبا عبد اللّه عليه السلام « عن علة تحريم الربا فقال : إنه لو كان الربا حلالا لترك الناس التجارات وما يحتاجون إليه فحرم اللّه الربا ليفر الناس من الحرام إلى الحلال وإلى التجارات وإلى البيع والشراء فيبقى ذلك بينهم في القرض ».

4941 - وفي رواية السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : « قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : ساحر المسلمين يقتل ، وساحرا الكفار لا يقتل ، قيل : يا رسول اللّه لم لا يقتل ساحر الكفار؟ قال : لان الشرك أعظم من السحر ، ولان السحر والشرك مقرونان ».

4942 - وقال أبو جعفر عليه السلام : « حرم اللّه عزوجل الخمر لفعلها وفسادها » (1).

4943 - وروي عن إسماعيل بن مهران ، عن أحمد بن محمد ، عن جابر ، عن زينب بنت علي عليهما السلام قالت : « قالت فاطمة عليها السلام في خطبتها في معنى فدك (2) : لله فيكم عهد قدمه إليكم وبقية استخلفها عليكم (3) : كتاب اللّه بينة بصائره ، وآي منكشفة سرائره ، وبرهان متجلية ظواهره ، مديم للبرية استماعه ، وقائد إلى الرضوان أتباعه ، مؤديا إلى النجاة أشياعه ، فيه تبيان حجج اللّه المنورة ، ومحارمه المحدودة وفضائله المندوبة (4) ، وجمله الكافية ، ورخصة الموهوبة (5) ، وشرايعة المكتوبة ،

ص: 567


1- رواه الكليني ج 6 ص 412 في الضعيف عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام.
2- رواها المصنف في العلل والكشي في الرجال والطبرسي في الاحتجاج وهي في نهاية الفصاحة والبلاغة والمصنف أخذ منها هنا موضع الحاجة ، وقوله في معنى فدك أي في شأنه ، وفى بعض النسخ « لله بينكم ».
3- لعل المراد بالعهد الكتاب وبالبقية العترة كما في حديث الثقلين.
4- المراد بالمحارم المحرمات والمنهيات ، وبالفضائل المندوبة الأمور الواجبة والمستحبة ، وبالجمل الكافية الجملات التي يستخرج منها جميع الأحكام كافيا شافيا.
5- الرخص في مقابل العزائم والموهوبة كما في قوله صلى اللّه عليه وآله « في القصر صدقة تصدق اللّه بها عليكم فاقبلوا صدقته ». وفى بعض النسخ « المرهوبة » أي رخص ورهب في الزيادة عن قدر الضرورة. ( م ت )

وبيناته الخالية (1) ، ففرض اللّه الايمان تطهيرا من الشرك ، والصلاة تنزيها عن الكبر والزكاة زيادة في الرزق ، والصيام تبيينا للاخلاص ، الحج تسنية للدين (2) ، والعدل تسكينا للقلوب ، الطاعة نظاما للملة ، والإمامة لما من الفرقة (3) ، والجهاد عزا للاسلام ، والصبر معونة على الاستيجاب (4) ، والامر بالمعروف مصلحة للعامة ، وبر الوالدين وقاية عن السخط ، وصلة الأرحام منماة للعدد ، والقصاص حقنا للدماء ، والوفاء بالنذر تعريضا للمغفرة ، وتوفية المكائيل والموازين تعييرا للبخسة (5) ، وقذف المحصنات حجبا عن اللعنة (6) ، وترك السرقة إيجابا للعفة (7) ، وأكل أموال اليتامى إجارة من الظلم (8) ، والعدل في الأحكام إيناسا للرعية ، وحرم اللّه الشرك إخلاصا له بالربوبية ، فاتقوا اللّه حق تقاته فيما أمركم اللّه به وانتهوا عما نهاكم عنه ».

والخطبة طويلة أخذنا منها موضع الحاجة.

4944 - وفي رواية أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال عن أبي عبد اللّه

ص: 568


1- المكتوبة : الواجبة أو الأعم منها ومن الأحكام التي يجب العمل عليها من الديات والمواريث والحدود ( م ت ) والبينات المعجزات والخالية الماضية ، وفى بعض النسخ « الجالية » أي الجليلة الواضحة ، ولعل المراد بالخالية أو الخالية من الاشتباه والريب كما قيل.
2- « تسنية » أي توضيحا أو رفعة ، والنساء بالمد الرفعة ، وفى بعض النسخ « للتثبيت الدين » وفى الاحتجاج « تشييدا للدين » وهو الأوضح. وفى نسخة « تلبية للدين ».
3- اللم : الجمع أي جمعا للفرقة.
4- أي استيجاب المطلوب والظفر به ، وعون الصبر على استيجاب المطلوب أمر مشهور. وفى الاحتجاج « على استجلاب الاجر ».
5- كما في قوله تعالى « ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين » فعيرهم بالافساد. وفى بعض النسخ « تغييرا » بالغين المعجمة ، وفى بعضها « للحنيفية » لعل الصواب إن كان بالمعجمة « تغييرا للحنيفية » وما في المتن أظهر وأصوب.
6- كأنه إشارة إلى قوله تعالى « ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم ».
7- أي لعفة النفس فإنها قبيحة عقلا وشرعا.
8- أي انقاذا واعاذة منه ، أجاره أنقذه وأعاذه.

عليه السلام قال : « الكذب على اللّه وعلى رسوله وعلى الأوصياء عليهم السلام من الكبائر ».

4945 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار » (1).

4946 - وروى يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد اللّه بن سليمان قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « من آمن رجلا على دمه ثم قتله جاء يوم القيامة يحمل لواء الغدر ».

4947 - وروى أحمد بن النضر ، عن عباد (2) عن كثير النواء قال : « سألت أبا جعفر عليه السلام عن الكبائر فقال : كل ما أوعد اللّه عزوجل عليه النار » (3).

4948 - وروى زرعة بن محمد الحضرمي ، عن سماعة بن مهران قال : سمعته يقول : « إن اللّه تبارك وتعالى أوعد في أكل مال اليتيم عقوبتين ، أما إحداهما فعقوبة الآخرة بالنار (4) ، وأما عقوبة الدنيا فهو قوله عزوجل : « وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا اللّه وليقولوا قولا سديدا « يعني بذلك ليخش أن أخلفه في ذريته كما صنع بهؤلاء اليتامى » (5).

4949 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « سباب المؤمن فسق ، وقتله كفر ، وأكل

ص: 569


1- رواه العامة بطرق كثيرة ، بعبارات متقاربة حتى ادعى بعضهم تواتره المعنوي ، وقوله «يتبوأ» أي يتخذ » وتبوأ بيتا أي اتخذه مسكنا.
2- لعله عباد بن بكير ، وفى بعض النسخ « عن عباد بن كثير النواء ».
3- أي ما أوعد عليه النار بخصوصه في القرآن.
4- كما في قوله تعالى « ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ».
5- أي لو تركوا ذرية ضعافا فأكل جماعة أموالهم كما أكل هو أموال اليتامى ويستلزم أن يموت عن أولاد صغار قبل أو ان أجله. ( م ت )

لحمه من معصية اللّه ، وحرمة ماله كحرمة دمه » (1).

4950 - وقال الصادق عليه السلام : « من اكتحل بميل من مسكر كحله اللّه بميل من نار » (2).

4951 - وروى ابن أبي عمير ، عن إسماعيل بن سالم (3) عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « سأله رجل فقال : أصلحك اللّه شرب الخمر شر أم ترك الصلاة؟ قال : شرب الخمر ، ثم قال : أو تدري لم ذلك؟ قال : لا ، قال : لأنه يصير في حال لا يعرف فيها ربه عزوجل » (4).

4952 - وقال عليه السلام : « إن أهل الري (5) في الدنيا من المسكر يموتون عطاشا ، ويحشرون عطاشا ، ويدخلون النار عطاشا » (6).

4953 - وروى أبان بن عثمان ، عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : « من شرب الخمر فسكر منها لم تقبل له صلاة أربعين يوما ، فإن ترك الصلاة في هذه الأيام ضوعف عليه العذاب لتركه الصلاة » (7).

ص: 570


1- مروى في الكافي ج 2 ص 359 بسند موثق كالصحيح ، والسباب هنا مصدر باب المفاعلة كقتال.
2- مروى في الكافي ج 6 ص 414 بسند مرسل ويدل على عدم جواز الاكتحال بالخمر لغير التداوي وجوزوا التداوي بها للعين إذا لم يكن عنها مندوحة ».
3- في الكافي ج 6 ص 402 « عن إسماعيل بن بشار » وفى عقاب الأعمال « عن إسماعيل بن سالم » كما هنا.
4- يدل على أن شرب الخمر شر من ترك الصلاة مع أن تركها كفر كما جاءت به الروايات.
5- في المصباح روى من الماء يروى ريا والاسم الري - بالكسر - وهو خلاف العطش.
6- مروى في الكافي والتهذيب عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
7- رواه المصنف في الصحيح في عقاب الأعمال ص 290 وظاهره أن القبول غير الاجزاء فأحد العذابين لعدم اتيانه بالصلاة المقبولة حيث قدر عليها ولم يفعل ، بل فعل مالا يقبل معه الصلاة ، والاخر لتركه الصلاة المجزية كما قال الفاضل التفرشي.

4954 - وفي خبر آخر : « إن صلاته توقف بين السماء والأرض فإذا تاب ردت عليه وقبلت منه » (1).

4955 - وروى إبراهيم بن هاشم ، عن عمرو بن عثمان ، عن أحمد بن إسماعيل الكاتب عن أبيه قال : « أقبل محمد بن علي عليهما السلام في المسجد الحرام فقال بعضهم : لو بعثتم إليه بعضكم يسأله ، فأتاه شاب منهم فقال له : يا عم ما أكبر الكبائر؟ قال : شرب الخمر فأتاهم فأخبرهم فقالوا له : عد إليه فلم يزالوا به حتى عاد إليه فسأله فقال له : ألم أقل لك يا ابن أخي : شرب الخمر إن شرب الخمر يدخل صاحبه في الزنا والسرقة وقتل النفس التي حرم اللّه وفي الشرك باللّه ، وأفاعيل الخمر تعلو على كل ذنب كما تعلو شجرتها على كل شجرة » (2).

4956 - وقال الصادق عليه السلام : « من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها » (3).

قال اللّه تبارك وتعالى : « ولا تقتلوا أنفسكم إن اللّه كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على اللّه يسيرا » (4).

ص: 571


1- في الكافي والتهذيب أخبار بأنه إذا تاب تاب اللّه عليه.
2- أعلم أن المصنف لم يذكر حكم الخمر في أبواب الأطعمة والأشربة ولم يذكر هنا الا هذه الأخبار وروى في الحدود نبذة منها وفى ثواب الأعمال وعقاب الأعمال جملة منها فان أردت الإحاطة بجميع أخبارها فراجع الوسائل أو التهذيب كتاب الأشربة أو الكافي أبواب الأنبذة من ص 392 إلى 415.
3- رواه المصنف فيما يأتي في الحدود في الصحيح عن أبي ولاد الحناط عنه عليه السلام ، وكذا في عقاب الأعمال ص 325 طبع مكتبة الصدوق.
4- الظاهر أنه من كلام المصنف نقل الآية تأييدا وليس من تتمة الخبر كما توهمه بعض.

4957 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة سبيلها إلى النار » (1).

4958 - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : « أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأيا فيحب عليه ويبغض » (2).

4959 - وروى الحسن بن محبوب ، عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي حمزة قال : قلت : لأبي جعفر عليه السلام : « ما أدنى النصب؟ قال : أن يبتدع الرجل شيئا فيحب عليه ويبغض عليه » (3).

4960 - وقال علي عليه السلام : « من مشى إلى صاحب بدعة فوقره فقد سعى في هدم الاسلام » (4).

4961 - وروى هشام بن الحكم ، وأبو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : « كان رجل في الزمن الأول طلب الدنيا من حلال فلم يقدر عليها ، وطلبها من حرام فلم يقدر عليها فأتاه الشيطان فقال له : يا هذا إنك قد طلبت الدنيا من حلال فلم تقدر عليها ، فطلبتها من حرام فلم تقدر عليها ، أفلا أدلك على شئ تكثر به دنياك وتكثر به تبعك؟ فقال : بلى قال : تبتدع دينا وتدعو إليه الناس ففعل فاستجاب له الناس فأطاعوه فأصاب من الدنيا ثم إنه فكر فقال : ما صنعت ، ابتدعت دينا ودعوت الناس إليه وما أرى لي توبة إلا أن آتي من دعوته فأرده عنه فجعل يأتي أصحابه الذين أجابوه فيقول : إن الذي دعوتكم إليه باطل وإنما ابتدعته ، فجعلوا يقولون :

ص: 572


1- رواه الكليني ج 1 ص 57 في الصحيح عن عبد الرحيم القصير وفيه « كل ضلالة في النار » والمراد به التشريع في الدين والافتراء على اللّه سبحانه ورسوله والأئمة عليهم السلام.
2- روى الكليني ج 2 ص 397 نحوه في الصحيح.
3- النصب العداوة لأولياء الحق عليهم السلام وأدناه أن يفتري الرجل عليهم شيئا ليس لهم ويحب من يدين به ويقبله ويبغض من لا يقبله. وقيل المراد بالنصب ما عيد من دون اللّه من الأصنام والتماثيل.
4- رواه الكليني ج 1 ص 54 مرفوعا مع اختلاف في اللفظ.

كذبت هو الحق ولكنك شككت في دينك فرجعت عنه ، فلما رأى ذلك عمد إلى سلسلة فوتد لها وتدا ثم جعلها في عنقه (1) وقال : لا أحلها حتى يتوب اللّه علي ، فأوحى اللّه عزوجل إلى نبي من الأنبياء قل لفلان : وعزتي وجلالي لو دعوتني حتى تنقطع أوصالك ما استجبت لك حتى ترد من مات على ما دعوته إليه فيرجع عنه » (2).

4962 - وروى بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : إن صاحب الشك والمعصية في النار ليسا منا ولا إلينا » (3).

4963 - وفي رواية عبد اللّه بن ميمون عن أبي عبد اللّه عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال : « للزاني ست خصال ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة ، فأما التي في الدنيا : فإنه يذهب بنور الوجه ، ويورث الفقر ، ويعجل الفناء ، وأما التي في الآخرة : فسخط الرب ، وسوء الحساب ، والخلود في النار » (4).

4964 - وروى محمد بن أبي عمير ، عن إسحاق بن هلال (5) عن أبي عبد اللّه عليه السلام « أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : ألا أخبركم بأكبر الزنا؟(6) قالوا : بلى ، قال : هي

ص: 573


1- أي جعل رأس السلسلة في وتد واستحكمه في الجدار أو الأرض لئلا يذهب إلى مكان آخر زجرا لنفسه كما فعله بعض أصحاب الرسول صلى اللّه عليه وآله حيث ربط نفسه بأسطوانة المسجد.
2- ظاهره عدم قبول توبة من يضل الناس ولعله في الشرايع الماضية وروى عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال « أبى اللّه لصاحب البدعة بالتوبة ، قيل : وكيف ذلك؟ قال : انه أشرب قلبه حبها ولا يوفق للتوبة » أقول : هذا هو المشاهد في عصرنا الأصحاب البدع والضلالات.
3- رواه الكليني ج 2 ص 400 عن بكر بن محمد عن أبي عبد اللّه عليه السلام هكذا قال : « ان الشك - الخ » وقوله « ولا إلينا » أي ليس مرجعه إلينا.
4- مروى في الكافي ج 5 ض 541 في الضعيف على المشهور.
5- في الكافي « إسحاق بن أبي الهلال » وهما غير مذكوران لكن لا يضر لمكان ابن أبي عمير.
6- في الكافي « بكبر الزنا ».

امرأة توطئ فراش زوجها فتأتي بولد من غيره فتلزمه زوجها فتلك التي لا يكلمها اللّه ولا ينظر إليها يوم القيامة ، ولا يزكيها ولها عذاب أليم ».

4965 - وروى ابن أبي عمير ، عن سعيد الأزرق عن أبي عبد اللّه عليه السلام « في رجل قتل رجلا مؤمنا قال : يقال له مت أي ميتة شئت يهوديا وأن شئت نصرانيا وإن شئت مجوسيا » (1).

4966 - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : « إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي » (2).

4967 - وقال الصادق عليه السلام : « شفاعتنا لأهل الكبائر من شيعتنا ، وأما التائبون فإن اللّه عزوجل يقول : « ما على المحسنين من سبيل ».

4968 - وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « لا شفيع أنجح من التوبة ».

4969 - وسئل الصادق عليه السلام « عن قول اللّه عزوجل : « إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء « هل تدخل الكبائر في مشيئة اللّه؟ قال : نعم ذاك إليه عزوجل إن شاء عذب عليها وإن شاء عفا » (3).

ص: 574


1- رواه الكليني ج 7 ص 273 في الحسن كالصحيح ، وقال العلامة المجلسي : أي قتل مؤمنا لايمانه أو يموت كموتهم وان كانت ينجو بعد من العذاب - انتهى ، أقول : ستجيئ الاخبار في باب القتل إن شاء اللّه تعالى.
2- كأنه رد لقول المعتزلة حيث إنهم قالوا إن شفاعة النبي صلى اللّه عليه وآله في - القيامة تكون لأهل الجنة ليزيد في درجاتهم ، وخالفهم في ذلك غيرهم من الفرق.
3- رواه الكليني في الموثق كالصحيح عن سليمان بن خالد وفى الموثق كالصحيح عن إسحاق بن عمار عنه عليه السلام. إلى هنا تمت تعاليقنا على هذا الجزء والحمد لله رب العالمين ، ونسأله أن يوفقنا لاتمام العمل وبلوغ الامل وأن يصوننا عن الخطأ والخطل. على أكبر الغفاري 21 رجب المرجب 1393

4970 - وقال الصادق عليه السلام : « من اجتنب الكبائر كفر اللّه عنه جميع ذنوبه وذلك قوله عزوجل : « إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ».

تم الجزء الثالث من كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ السعيد الفقيه محمد بن علي بن بابويه القمي رضي اللّه عنه وأرضاه.

ويتلوه في الجزء الرابع ذكر جمل من مناهي النبي صلى اللّه عليه وآله والحمد لله رب العالمين وصلى اللّه على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين.

ص: 575

فهرس الموضوعات

كتاب القضايا والاحكام

2 - باب من يجوز التحاكم إليه ومن لا يجوز

4 - أصناف القضاء ووجوه الحكم.

5 - اتقاء الحكومة وخطر القضاء.

5 - كراهة مجالسة القضاة في مجالسهم.

6 - كراهة أخذ الرزق على القضاء.

6 - الحيف في الحكم.

7 - الخطأ في الحكم.

7 - أرش خطأ القضاة.

8 - الاتفاق على العدلين في الحكومة.

11 - آداب القضاء وصفات القاضي.

16 - باب ما يجب الاخذ فيه بظاهر الحكم.

17 - الحيل في الاحكام.

28 - الحجر والإفلاس.

29 - الشفاعات في الاحكام

29 - الحبس بتوجه الاحكام.

32 - أحكام الصلح.

38 - معنى العدالة في الشاهد.

40 - من يجب رد شهادته ومن يجب قبول شهادته .

ص: 576

54 - الحكم بشهادة الواحد ويمين المدعي.

55 - الحكم بشهادة امرأتين ويمين المدعي.

55 - إقامة الشهادة بالعلم دون الاشهاد.

57 - الامتناع من الشهادة وكتمانها ، وما جاء في إقامتها.

58 - شهادة الزور وما جاء فيها.

61 - بطلان حق المدعي بالتحليف وإن كانت له بينة.

63 - الحكم برد اليمين وبطلان الحق بالنكول.

63 - الحكم باليمين على المدعي على الميت حقا بعد إقامة البينة.

64 - حكم المدعيين في حق يقيم كل واحد منهما البينة على أنه له.

66 - الحكم في جميع الدعاوي.

67 - الشهادة على المرأة حيث لم تكن بمسفرة.

68 - إبطال الشهادة على الحيف والربا وخلاف السنة.

69 - حكم الشهادة على الشهادة.

71 - الاحتياط في إقامة الشهادة.

73 - شهادة الوصي للميت بأن له على رجل دين.

74 - النهي عن إحياء الحق بشهادة الزور.

74 - نوادر الشهادات.

74 - أول شهادة شهد بها بالزور في الاسلام.

الشفعة

76 - مورد الشفعة.

77 - الشفعة على عدد الرجال.

78 - ليس للكتابي شفعة.

78 - حق الشفعة لا يورث.

78 - لا شفعة في سفينة ولا نهر ولا طريق ولا رحى ولا حمام.

ص: 577

79 - ثبوت الشفعة لوصي اليتيم وللغائب ، ومحلها من الأموال.

80 - ثبوت الشفعة في الحيوان إذا كان الشريك واحدا.

الوكالة

83 - حكم الوكالة. وانها من العقود الجائزة.

83 - جواز الوكالة في الطلاق.

84 - إذا ادعى الموكل عزل الوكيل بعد ما أمضاه الوكيل.

85 - حكم من زوج رجلا امرأة بدعوى الوكالة فأنكر الموكل.

87 - إذا وكلت المرأة رجلا أن يزوجها من رجل فزوجها من نفسه.

الحكم بالقرعة

89 - مورد جواز القرعة في الحكم.

89 - تحقيق قصة عبد المطلب ونذره إذا رزق ولده العاشر.

92 - الحكم بالقرعة في القضايا المشكلة.

92 - إذا وطئ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر فولدت.

93 - القرعة عند تعارض البينتين وما ترجح إحداهما.

الكفالة

95 - لا كفالة في حد.

95 - الكفيل يحتبس حتى يحضر المكفول أو ما عليه.

95 - كراهة التعرض للكفالات والضمان.

96 - حكم الكفيل إذا شرط في كفالته.

97 - يجوز لصاحب الدين طلب الكفيل من المديون.

97 - الكفالة خسارة ، غرامة ، ندامة.

الحوالة

97 - حكم الشركين في الدين إذا قسماه وأحال كل منهما بنصيبه.

ص: 578

98 - حكم الرجوع على المحيل.

99 - من احتال بدنانير جاز أن يأخذ بدلها دراهم.

أحكام المشتركات والأحاريم

99 - الحكم في سيل وادي مهزور.

99 - إذا تشاح أهل الماء.

100 - الحكم في الحظيرة بين دارين.

100 - الحكم في نفش الغنم في الحرث.

101 - حكم من باع نخلة واستثنى نخلة.

101 - حريم البئر العادية ،

101 - حريم النخلة.

102 - حريم المسجد.

102 - حريم القناة بجنب القناة.

102 - حكم صاحب العين إذا أراد أن يجعلها أسفل من موضعها وتضر بأخرى.

103 - عدم الجواز الاضرار بالمسلم وقصة سمرة بن جندب. وسيأتي ما يدل على أحكام الاحاريم ص 238.

105 - الحكم بإجبار الرجل على نفقة أقربائه.

105 - ما يقبل من الدعاوي بغير بينة.

107 - قصة أعرابي باع ناقته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم أنكر.

108 - قصة أعرابي باع فرسه من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم أنكر.

109 - قصة درع طلحة التي اخذت غلولا يوم البصرة.

111 - إذا ادعت المطلقة متاع البيت.

112 - باب نادر

112 - كيفية إحلاف الأخرس.

ص: 579

العتق وأحكامه

113 - ثواب العتق وفضله.

113 - الذين إذا ملكهم الانسان انعتقوا ، والانعتاق بالرضاع.

114 - حكم العبد المشترك بين الاثنين إذا أعتق أحدهما نصيبه.

115 - نكاح المرأة التي بعضها حر وبعضها رق.

115 - اشتراط صحة العتق بنية التقرب.

116 - الشرط في العتق.

116 - لا يصح العتق قبل الملك.

116 - من أعتق مملوكا وشرط عليه أن يزوجه ابنته لزم الشرط.

117 - من أعتق مملوكا وشرط عليه خدمته مدة فأبق العبد.

117 - حكم مال العبد إذا أعتق.

118 - من أعتق مملوكه عند الموت وعليه دين محيط بثمن العبد.

التدبير

120 - جواز بيع المدبر.

120 - جواز الرجوع في التدبير.

121 - المدبر يكون من الثلث.

122 - جواز مكاتبة المدبر.

122 - حكم عتق المدبر في الكفارة.

123 - من دبر مملوكه وعليه دين.

124 - المعتق عن دبر هو من الثلث.

المكاتبة

124 - استحباب مكاتبة المملوك المسلم.

125 - حكم المكاتب المشروط.

ص: 580

125 - جواز وضع بعض مال المكاتبة لتعجيلها الاجل بلفظ الهبة.

126 - حكم المكاتب الذي يكون بين شريكين فيعتق أحدهما نصيبه.

126 - إذا انعتق من المكاتب شئ ثم مات.

128 - حكم ولد المكاتبة التي توفيت وقد قضت عامة ما عليها.

128 - عدم جواز التزويج للمكاتب إلا بإذن مولاه.

128 - المكاتب المطلق إذا تحرر منه شئ تحرر من أولاده بقدره.

129 - جواز مكاتبة العبد مع العلم بعدم مال له أو حصوله له.

129 - جواز مكاتبة المملوك على مال يزيد عن قيمته.

129 - إذا شرط على المكاتب إن عجز رد في الرق وكان للسيد ما أخذ منه.

130 - جملة من أحكام المكاتب والمكاتبة.

131 - حكم ولاء المكاتب وولده.

132 - إن من شرط ميراث المكاتب لم يصح الشرط.

133 - ولاء المعتق.

133 - عدم صحة بيع الولاء ولا هبته ولا اشتراطه.

133 - الولاء لمن أعتق.

134 - ولاء الأولاد لمن أعتق الأب أو الجد.

135 - العتق أفضل أو البيع والتصدق بالثمن.

136 - السائبة التي لا ولاء لاحد من المسلمين عليه.

137 - ولاء السائبة.

138 - أمهات الأولاد وأحكامهن.

141 - باب الحرية

141 - الأصل في الناس الحرية.

141 - من أقر على نفسه بالرق.

ص: 581

141 - انعتاق المملوك بالعمى والجذام والتمثيل والتنكيل.

142 - عتق بعض المملوك والحبلى.

143 - عدم جواز عتق المملوك المشترك.

143 - عدم إجزاء عتق الأشل والأعرج والأعمى والأعور في الكفارات.

144 - جواز عتق الآبق في الكفارة والظهار.

باب ما جاء في ولد الزنا واللقيط

144 - جواز عتق ولد الزنا.

144 - جواز بيع ولد جارية ولد من الزنا.

145 - عدم جواز بيع جارية لقيطة.

145 - حكم المنبوذ.

145 - ولاء المنبوذ.

باب الاباق

145 - عدم قبول عبادة الآبق مالم يرجع.

145 - الآبق ما دام لم يخرج من مصره لم يكن آبقا شرعا.

146 - جواز استيثاق المملوك إذا خيف عليه الاباق.

146 - حكم المدبر الآبق وحكم أولاده وأمواله.

146 - عدم ضمان من أخذ آبقا ثم فر منه.

147 - حكم جعل الآبق.

147 - الآبق إذا سرق لم يقطع لأنه بحكم المرتد.

148 - حكم العبدين المشترى أحدهما من غير تعيين فأبق أحدهما.

148 - دعاء وتعويذ للآبق.

باب الارتداد

148 - حكم من ارتد عن الاسلام.

ص: 582

150 - حد المرتد ، وقصة الغلاة بعد وقعة الجمل.

151 - حد من كان مسلما فصلى لصنم.

152 - حكم زنادقة المسلمين وزنادقة النصارى.

152 - حكم الصبي إذا شب فاختار النصرانية.

152 - حكم ولد الكافر إذا أسلم أبوه.

نوادر العتق

153 - إذا قال الرجل لمملوكه : أنت حر ولي مالك.

153 - إذا قال : أول مملوك أملكه فهو حر فأصاب ستة.

153 - عدم أجر من أعتق مملوكه المحتضر.

154 - إجزاء عتق الصبي إذا لم يوجد البالغ.

154 - حكم المكاتبة إذا وطئها سيدها فتحبل.

155 - إذا أعتق المولى عند موته كل مملوك له قديم.

155 - حكم جزية مملوك نصراني كان لرجل مسلم.

كتاب المعيشة

156 - باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات

156 - كراهة ترك الكسب والتجارة واستحباب اختيارهما.

157 - كراهة الكسل في طلب المعاش.

157 - استحباب التبكير في طلب الرزق.

157 - استحباب التوضؤ والطهارة عند الذهاب إلى طلب الحاجة.

158 - كراهة الاستبطاء في الطلب واستحباب التعرض له.

158 - جملة من الحرف والصناعات المكروهة.

159 - جملة مما حرم التكسب به.

164 - كراهة المعاملة مع أصحاب العاهات والسفلة.

ص: 583

166 - استحباب مرمة المعاش وإصلاح المال.

167 - كراهة الاسراف واستحباب القصد.

168 - استحباب الكد على العيال من الحلال.

168 - كراهة الكسل والضجر.

168 - استحباب شراء العقار وكراهة بيعه.

169 - كسب الحجام وكراهته.

170 - حلية بيع كلب الصيد وثمنه.

171 - حرمة أجر الزانية ، وثمن الكلب.

171 - حرمة ثمن الخمر ، وأجر الكاهن ، وثمن الميتة ، والرشوة.

172 - حرمة أجر المغنية ، وكراهة أجر القارئ إذا شرط.

172 - حرمة أكل مال اليتيم.

173 - حكم خيار الغبن في الإجارة ، وجواز إجارة الابن الصغير.

173 - كراهة إجارة الانسان نفسه.

174 - ضمان أجرة الأجير للمستأجر.

175 - حكم بيع السلاح من الأعداء.

175 - جواز أخذ المال ممن عمال للسلطان.

176 - جواز عمل السلطان وشرطه.

176 - جواز أخذ الأب المحتاج من مال ابنه.

177 - ما يحل للرجل من مال ولده.

177 - اشتراط عتق الزوجة وصدقتها ونذرها وهبتها باذن الزوج.

178 - كراهة أخذ الأجرة للأذان وتعليم القرآن مع الشرط.

179 - جواز أخذ الهدية لقارئ القرآن.

180 - حق المارة.

ص: 584

باب الدين والقرض

181 - كراهة الاستدانة مع الغنى.

182 - جواز الاستدانة مع الحاجة إليه.

183 - جواز الاستقراض للتزويج.

183 - وجوب نية قضاء الدين ولو مع العجز.

184 - حرمة المماطلة بالدين مع القدرة على الأداء.

185 - وجوب إرضاء الغريم المطالب بالاعطاء أو المعذرة.

185 - من استحلف غريمه فحلف أو حبسه سقط حقه بعد.

186 - جواز استيفاء الدين من مال المديون.

187 - جواز قبول هدية الغريم وصلته وكل منفعة يجرها القرض من غير شرط.

188 - جواز النزول على الغريم والاكل من طعامه ثلاثة أيام.

188 - جواز اقتراض الخبز والجوز عددا.

188 - ثواب إقراض المؤمن واستحبابه.

188 - حلول الدين المؤجل بموت المدين.

189 - استحباب تحليل الميت من الدين.

189 - خمس مال المخلوط بالحرام.

189 - حكم من مات وأقر بعض الورثة لأداء الدين.

190 - لا يلزم المدين بيع مالا بد منه بالدين.

190 - حكم من أخذ دراهم قرضا فأسقط السلطان الدراهم.

التجارة وآدابها وفضلها وفقهها

191 - استحباب اختيار التجارة على سائر المكاسب.

192 - كراهة ترك التجارة والكسب.

195 - استحباب التفقه فيما يتولاه وزيادة التحفظ من الربا.

ص: 585

195 - أحكام الشراء والبيع للغير.

196 - استحباب الاخذ ناقصا والاعطاء راجحا.

196 - استحباب أن يكون الانسان سهل البيع سهل الشراء.

196 - استحباب إقالة النادم ، وعدم وجوبها.

196 - حكم خلط المتاع الجيد بغيره.

196 - استحباب ابتداء صاحب السلعة بالسوم.

196 - كراهة البيع ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

197 - استحباب المماكسة والتحفظ من الغبن.

197 - ما تكره المماكسة فيه.

197 - الوفاء والبخس.

198 - وجوب احتساب العربون من الثمن.

199 - باب آداب السوق والخيارات

199 - الدعاء في الأسواق واستحبابه.

200 - الدعاء عند شراء المتاع للتجارة.

201 - الدعاء عند شراء الحيوان.

201 - الشرط والخيار في البيع.

201 - مدة خيار الحيوان.

203 - إذا تلف الحيوان في مدة الخيار.

203 - خيار ما يفسد من يومه.

203 - ثبوت خيار المجلس.

203 - الافتراق الذي يجب به البيع.

204 - حكم القبالة المعدلة بين الرجلين بشرط.

205 - ذا حصل للمبيع نماء في مدة الخيار.

ص: 586

باب البيوع

206 - حكم بيع المتاع المسلم فيه قبل قبضه والحوالة به.

207 - الرجل يشتري الطعام فيتغير سعره قبل القبض.

207 - عدم جواز خلط الطعام الجيد بغيره إذا لم يبينه للمشتري.

207 - عدم جواز الكيل بمكيال غير البلد.

208 - جواز بل الطعام بالماء إذا لم يكن غشا.

208 - جواز بيع المبيع قبل قبضه ، وقبل أن يودي ثمنه.

209 - حكم فضول المكائيل والموازين ، ( راجع ص 210 و 211 أيضا ).

209 - جواز الشراء على تصديق البايع في الكيل والوزن.

210 - وجوب العلم بقدر المبيع وعدم جواز المجازفة.

210 - جواز بيع التبن بالمشاهدة.

211 - حكم من أسلف في طعام قرية بعينها.

211 - جواز اشتراء الثمرة على الشجرة ثم بيعها بربح قبل القبض.

211 - جواز استثناء البايع من الثمرة أرطالا أو شجرات معينة.

212 - جواز بيع الثمار قبل بدو الصلاح مع الضميمة.

212 - إذا أدرك بعض البستان جاز بيع ثمرته أجمع وكذلك حكم الثمار.

213 - بيع الثمار والسلف فيه.

213 - ثبوت الحصة المشترطة من الربح في المضاربة للعامل من دون ضمانه.

213 - حكم من اشترى نسيئة فباعه مرابحة.

214 - الرجل يشتري للرجل أو منه لغيره بربح لنفسه.

214 - بيع المرابحة.

216 - خيار الصفقة.

217 - جواز بيع غير المكيل والموزون قبل القبض مرابحة.

217 - عدم جواز الإقالة بوضيعة من الثمن.

ص: 587

218 - جواز بيع الغزل بالثياب المنسوجة مع اختلاف الوزن.

218 - جواز أخذ السمسار والدلال الاجرة مع البيع والشراء.

شراء الرقيق وأحكامه

218 - عدم جواز التفرقة بين ذوي الأرحام من المماليك.

219 - عدم جواز التفرقة بين الأطفال وأمهاتهم.

219 - جواز بيع العبد المشترى قبل أداء الثمن ونقص الثمن المؤجل ليؤديه حالا.

220 - جواز بيع المملوك مع شرط أن يجعل المشترى له شيئا.

220 - حكم مال المملوك إذا بيع.

221 - جواز الشراء من رقيق أهل الذمة إذا أقروا لهم بالرق.

221 - من اشترى جارية ووقع عليها فوجدها حبلى.

222 - حكم ما لو شرط في جارية أو غيرها الربح دون الخسران.

222 - جواز اشتراء الرقيق إذا بيع في الأسواق وان ادعى الحرية.

222 - قضاء علي عليه السلام في وليدة باعها ابن سيدها في غيبتها فحملت وولدت

223 - بيع العدد والمجازفة والشئ المبهم.

224 - جواز بيع اللبن في الضرع إذا ضم إليه شئ معلوم.

225 - عدم جواز بيع العبد الآبق منفردا وجوازه مع الضميمة.

225 - جواز وفاء الدين مجازفة ، وعدم جواز البيع مجازفة ،

226 - جواز بيع تبن بيدر قبل أن يداس بشئ معلوم.

226 - جواز اعتبار الروايا غير المكيل منها بالمكيل منها عند البيع.

226 - جواز اشتراء المرتهن الشئ المرهون من الراهن.

226 - عدم جواز بيع الطعام مجازفة إن سميت له كيلا.

227 - عدم جواز بل الطعام اليابس إلا مع الاعلام.

227 - جواز بيع ولد الزنا وشرائه إذا كان مملوكا ، وكذا نكاحه واستخدامه.

ص: 588

227 - عدم جواز شراء الخيانة والسرقة.

المضاربة

227 - ضمان العامل رأس المال في المضاربة إذا خالف شرط المالك.

228 - إذا ضمن صاحب المال العامل فليس له إلا رأس المال.

228 - إذا اشترى العامل أباه المملوك وظهر فيه ربح انعتق نصيبه.

228 - عدم جواز إيقاع المضاربة على ما في الذمة.

229 - للعامل أن ينفق في السفر من رأس المال وليس له ذلك في بلده.

229 - من يموت وعنده مال المضاربة.

229 - كراهة المشاركة مع الذمي وإبضاعه وإيداعه ومصافاته.

230 - حكم إعطاء البقر والغنم بالضريبة.

230 - ما جاء في البيع بقيمة عينها المشتري.

231 - الاستحطاط بعد الصفقة.

231 - جواز بيع ما في بطون الأنعام مع الضميمة لا منفردا.

231 - جواز شراء سهام القصابين ، وثبوت خيار الرؤية.

232 - تملك المملوك أرش الجنابة وعدم وجوب الزكاة في ماله.

232 - عدم جواز مقاطعة الطحان على دقيق بقدر الحنطة.

بيع الكلاء والزرع والأشجار والأرضين والقنى والشرب والعقار.

234 - جواز بيع أصول الزرع قبل أن يسنبل.

236 - جواز المشاركة في الزرع بأن يشترى من البذر ولو بعد زرعة.

237 - حكم من اشترى قصيلا فلم يقطعه وتركه حتى صار شعيرا.

237 - حكم من اشترى نخلا ليقطعه للجذوع وتركه حتى حمل.

237 - من زرع في غير أرضه أو غرس.

238 - عدم جواز حفر قناة بجنب قناة أخرى إذا كانت تضربها.

ص: 589

238 - حريم القناة والبئر ( راجع ص 102 و 103 أيضا ).

239 - المسلمين شركاء في ثلاث : الماء والكلاء والنار.

239 - من اشترى أرضا جربانا معينة فتقصر.

احياء الموات والأرضين

240 - جواز شراء أرض اليهودي والنصراني.

240 - من استخرج ماء أو غرس شجرا أو أحيا أرضا ميتة فهي له.

240 - عدم جواز اشتراء أرض بالحنطة التي يزرع فيها من دون ضميمة.

241 - من أحيا أرضا ميتة فهي له ، وعليه في حاصلها الزكاة.

241 - جواز النزول على أهل الخراج ثلاثة أيام.

241 - حكم شراء ميراث المفقود إذا كان سهما من دار.

241 - من اشترى دارا هل يدخل الأعلى والأسفل أم لا.

242 - حكم شهادة الشهود بالحدود إذا لم يعرفها البايع وعرفت من غيره.

243 - الاستيذان على البيوت والدور.

المزارعة والإجارة

244 - جواز المزارعة بالنصف وما زاد.

244 - ذكر الأجل في المزارعة.

244 - ما يجوز جارة الأرض به ومالا يجوز.

245 - حكم الزرع والغرس والبناء في الأرض المستأجرة.

246 - حكم إجارة الأرض للزراعة بالحنطة والشعير ونحوها.

246 - جواز بيع المرعى والكلاء المملوك وأن يحمى ذلك في ملكه.

247 - العمل على العامل والخراج على المالك الا مع الشرط ، وحكم البذر والبقر.

247 - جواز قبالة الأرض ، وعدم جواز قباله جزية الرؤوس.

248 - جواز إجارة الأرض للزراعة للمستأجر بأكثر مما استأجرها مع قيامه بالخراج

ص: 590

249 - النماء في المزارعة مشاع ، ولا يجوز أن يسمى شيئا للبذر ولا للبقر ولا للأرض

250 - جواز اشتراط خراج الأرض على المستأجر والعامل.

250 - جواز مزارعة أهل الخراج بالربع والنصف والثلث.

250 - استحباب الزرع والتأكيد له.

251 - عدم جواز أن تستأجر الأرض بحنطة ثم تزرع حنطة.

251 - جواز أن يخرص صاحب الشجر والأرض على العامل فإن قبل لزمه زاد أو نقص

251 - جواز أخذ الأجرة للمؤجر معجلا مالم يشترط التأجيل.

من تقبل بعمل لم يجز له أن يقبل غيره بنقيصة إلا أن يعمل فيه شيئا.

252 - من استأجر بيتا له باب إلى بيت آخر فيه امرأة أجنبية.

252 - بيع العين لا يبطل الإجارة.

الضمان

253 - ضمان الأجير والصناع.

254 - ضمان القصار والصواغ.

254 - ضمان من حمل شيئا لغيره فادعى ذهابه.

254 - حكم الغسال والصواغ إذا سرق المال عندهم.

255 - حكم من تكارى دابة إلى مكان معلوم فنفقت.

255 - ضمان الجمال والملاح.

257 - عدم ضمان صاحب الحمام إلا أن تودع عنده فيفرط.

258 - ضمان من حمل متاعا فأصاب إنسانا فمات.

السلف في الطعام والحيوان وغيرهما

258 - إذا تعذر وجود المسلم فيه عند حلول الأجل. وسيأتي أيضا في أحاديث.

259 - جواز استيفاء المسلم فيه بزيادة عما شرط ونقصان إذا تراضيا.

259 - اشتراط ذكر الأجل في السلم وتقدير المسلم فيه بالكيل والوزن.

ص: 591

260 - جواز تعدد الأجل بأن يجعل لكل جزء من المبيع أجل.

261 - جواز أخذ الرهن والكفيل في السلم ، وستأتي أيضا في أحاديث.

261 - اشتراط ذكر الجنس والوصف في السلم. وسيأتي.

263 - كراهة إسلاف السمن بالزيت وبالعكس.

263 - عدم جواز السلف فيما لا يضبطه الوصف كاللحم والروايا.

263 - جواز السلف فيما يوزن بما يكال وبالعكس.

الحكرة والأسعار

265 - ثبوت حرمة الاحتكار في أشياء معينة.

265 - إن المحتكر إذا لزم بالبيع لا يجوز أن يسعر عليه.

266 - عدم تحريم الاحتكار إذا وجد بايع غيره.

266 - أخبار في توبيخ المحتكر.

266 - استحباب ادخار قوت السنة.

267 - النهي عن الحكرة في الأمصار.

267 - كراهة اتخاذ بيع الطعام شغلا وكسبا.

267 - استحباب الأخذ من الحنطة بالكيل وكراهة أخذها جزافا.

267 - غلاء الأسعار ورخصها.

268 - كراهة التسعير للوالي ، ووجوب النصح للمستنصح.

268 - استحباب شراء الحنطة مع الامكان وكراهة شراء الدقيق والخبز.

269 - كراهة إحصاء الخبز مع عدم الحاجة إليه.

269 - كراهة منع الخمير والخبز.

269 - علامة رضى اللّه في خلقه ، وعلامة سخطه.

جملة من أحكام البيع وآدابه

269 - اختلاف المتبايعين.

ص: 592

270 - وجوب رد المبيع بخيار الرؤية.

271 - النداء على المبيع.

271 - البيع في الظلال.

272 - حكم بيع اللبن المشاب بالماء.

272 - حرمة غبن المؤمن والمسترسل.

273 - كراهة أن يبيع حاضر لباد.

273 - كراهة تلقى الركبان.

274 - حد التلقي المكروه.

باب الربا

274 - حرمة الربا ووزر آكله ومؤكله وشاهداه.

275 - لا يكون الربا المعاملي إلا فيما يكال أو يوزن.

275 - حكم من أكل الربا بجهالة ثم تاب.

275 - حكم من ورث مالا مخلوطا بالربا.

277 - لا رباء بين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم.

277 - لا رباء بين الوالد والولد ولا بين السيد وعبده.

278 - لا رباء بين الزوجين.

278 - حكم مبايعة المضطر والربح عليه.

278 - كراهة بيع اللحم بالحيوان الحي أو المذبوح.

279 - جواز بيع المختلفين متفاضلا ومتساويا نقدا.

279 - لا رباء في المعدود إذا لم يكن قرضا ( ويأتي ).

280 - الحنطة والشعير جنس واحد.

280 - لا يجوز بيع الدقيق والسويق بالحنطة متفاضلا.

280 - عدم الربا فيما لم يكن مكيلا أو موزونا إذا لم يكن قرضا.

ص: 593

282 - جواز بيع ما ليس عنده حالا إذا كان يؤجل.

283 - حكم من باع سلعة بثمن حالا وبأزيد منه مؤجلا.

283 - حكم من أمر الغير أن يشتري له وينقد عنه ويزيده نسيئة.

283 - إباحة القرض إذا جر نفعا من دون اشتراط.

284 - جواز قضاء الدين بأكثر منه وأجود مع التراضي من غير شرط.

286 - الربا قسمين : حلال وحرام وتفسيرهما.

286 - المبادلة والعينة.

الصرف ووجوهه

288 - تحريم التفاضل في بيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب.

288 - من كان له على غيره دنانير أو دراهم ثم تغير السعر ( وسيأتي ما يدل عليه )

289 - إذا صارفه ودفع إليه فوق حقه ليزن لنفسه ويقبض صح وإن لم يحصل في المجلس.

289 - ثبوت ملك العوضين في الصرف وجواز بيعه بربح وإن نقد عنه غيره.

289 - جواز انفاق المغشوشة والناقصة إن كانت معلومة الصرف.

290 - الفضة المغشوشة إذا يعلم قدرها لاتباع إلا بالذهب وكذلك العكس.

291 - جواز أن يوكل المديون بتبديل ما في ذمته الذهب بالفضة بالسعر.

اللقطة والضالة

291 - كراهة التقاط اللقطة والنهي عن تصرفها بغير تعريف.

292 - وجوب تعريف اللقطة سنة.

293 - من وجد في منزله شيئا.

293 - حكم لقطة الحرم. ( وسيأتي ).

293 - من ترك تعريف اللقطة ثم وجدت عنده.

294 - من اشترى باللقطة بنت المالك.

294 - عدم جواز الالتقاط للمملوك ، وحكم ما لو مات الملتقط.

ص: 594

295 - كراهة التقاط الأدواة والنعلين والسوط.

295 - جواز التقاط العصا والشظاظ والوتد والحبل.

295 - حكم التقاط الشاة الضالة والبعير الضال.

296 - ضمان من نوى أخذ الجعل على الضالة فتلفت.

296 - حكم من اشترى دابة فوجد في بطنها مالا.

297 - عدم وجوب تعريف اللقطة التي دون الدرهم.

297 - حكم من وجد في الحرم دينارا قد انسحقت.

297 - من وجد سفرة في الطريق فيها اللحم والخبز والبيض.

298 - ما يكون حكمه حكم اللقطة كالشئ الذي يؤخذ من اللصوص.

299 - باب الهدية واستحبابها وبعض أحكامها.

العارية

302 - عدم ثبوت الضمان على المستعير في غير الذهب والفضة مالم يفرط.

302 - من استعار شيئا من غير المالك بغير إذنه فهو ضامن.

302 - حكم من استعار شيئا فرهنه بغير إذن المالك.

302 - جواز الاستعارة من الكافر.

الوديعة

304 - عدم ضمان المستودع إذا لم يفرط وإن كانت ذهبا أو فضة.

304 - الأمين إن سرق المتاع عنده لم يضمن.

304 - ثبوت الضمان على المستودع مع التفريط.

304 - حكم الاقتراض من الوديعة.

305 - حكم من أنكر وديعة ثم أقر بها ودفع المال وربحه إلى مالكه.

305 - إذا تلف المال وقال صاحبه هو قرض وقال الآخذ وهو وديعة.

الرهن

305 - حكم ما إذا تلف الرهن من دون تفريط المرتهن.

ص: 595

306 - إذا كان الرهن دابة جاز للمرتهن ركوبها وعليه نفقتها. ( ويأتي ).

306 - إذا كان المرهون عبد فيصيبه عور أو ينقص من جسده.

306 - إذا اختلف الراهن والمرتهن فقال المالك هو وديعة وقال القابض رهن.

307 - إذا كان الرهن أرضا أو دارا وكانتا ذاتي غلة لمن تكون الغلة.

307 - إذا أفلس الراهن وعليه دين لقوم وعند بعضهم رهن.

308 - إن الرهن إذا تلف بتفريط المرتهن لزمه ضمانه وتراد الفضل بينهما.

308 - إذا كان المرهون أرضا فيها ثمرة لمن تكون.

308 - حكم اختلاف الراهن والمرتهن فيما على الرهن. ( وتأتي أخبار )

309 - من وجد عنده رهنا لم يعلم صاحبه ولا ما عليه. ( ويأتي أيضا )

309 - حكم الرهن إذا غاب صاحبه.

309 - إذا تلف بعض الرهن من غير تفريط المرتهن.

310 - عدم وجوب نشر المتاع للمرتهن وكذا تعاهده وتحريكه.

310 - إذا تلف الرهن أو بعضه بغير تفريط لم يسقط حق المرتهن.

312 - جواز انتفاع المرتهن من الرهن بإذن الراهن على كراهية.

313 - حكم الارتهان من المؤمن في زمان الغيبة.

313 - من رهن جارية هل له أن يطأها.

الصيد والذبايح

314 - إباحة ما يصيده الكلب المعلم إذا قتله مع شرط التسمية.

315 - جواز أكل صيد الكلب المعلم وان أكل منه من غير اعتياد.

315 - جواز الاكل مما صاده كلب المجوسي إن أرسله مسلم.

316 - حكم صيد الكلب الذي لم يرسله صاحبه.

316 - حكم من نسي التسمية حين إرسال الكلب.

316 - من ضرب صيدا بالسلاح فغاب عنه فوجده من الغد مقتولا برميته.

ص: 596

316 - حكم الصيد بالحبالة إذا لم تدرك ذكاته.

317 - من رمى صيدا ثم شك أنه سمى أو لم يسم.

317 - الصيد بالمعراض والسهم.

318 - الصيد بالنبال إذا لم تكن فيها حديدة.

318 - الصيد بالحجر والبندق.

319 - حكم الصيد الذي وجد فيه سهم وهو ميت لا يدرى من قتله.

319 - ما صيد بالسلاح إذا تقاطعه الناس قبل أن يموت.

320 - صيد الباز والصقر والعقاب.

320 - من أرسل كلبه وسمى فأخذ الصيد ولم يكن معه حديدة يذبحه.

320 - إذا شارك مع كلب المعلم كلب آخر فمات الصيد.

320 - إذا رمي الصيد على جبل فسقط ومات.

320 - من صاد طيرا مستوى الجناحين وغيره.

321 - كراهة صيد الحمام بالأمصار.

321 - كراهة أخذ الفراخ من أوكارها قبل أن ينهض.

321 - ما يؤكل من أنواع الطير وحكم بيض الطيور.

322 - حكم طير الماء والحيارى والدجاج وبيضها.

323 - ما يؤكل من أنواع السمك وما لا يؤكل.

323 - السمك الذي يصاد فيعود في الماء فمات فيه.

323 - إذا وثب السمك فوقع على الجدد فمات فيه.

324 - حكم صيد المجوس السمك وكواميخهم.

324 - من نصب شبكة فوقع فيها سمك ومات بعضه فيها.

324 - ذكاة السمك إخراجه من الماء حيا ويحل بغير تسمية.

325 - حرمة الجري والمارماهي والزمير والطافي.

325 - كيفية اختبار السمك إذا لم يعلم ذكاته.

ص: 597

325 - كيفية اختبار السمك إذا لم يعلم أنه مما يؤكل أولا.

326 - إذا ابتلعت حية سمكة ثم رمت بها وهي حية تضطرب.

الذبايح

326 - جواز التذكية بغير الحديد في حال الاضطرار.

327 - الذبيحة إذا استصعبت وامتنعت جاز ذبحها بالسيف وحل أكلها.

327 - إذا سبق السكين فقطع الرأس.

327 - اشتراط خروج الدم المعتدل من المذكى.

327 - يشترط في الذكاة من الحركة الاختيارية ولو يسيرة بعد الذبح.

328 - كراهة قطع الرأس أو حرمته عند الذبح.

328 - حرمة فريسة السبع والموقوذة والمنخنقة والمتردية والنطيحة.

328 - ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا كان تاما بأن أشعر وأوبر.

329 - حكم ما يقطع من أعضاء الحيوانات قبل الذكاة.

329 - حرمة لحم الإبل إذا ذبح ، ولحم الشاة إذا نحرت.

329 - جواز أكل ذبيحة ولد الزنا وإن عرف به.

329 - حكم ذبيحة المرجي والحروري.

330 - حكم ذبايح أهل الكتاب.

332 - جواز شراء الذبايح واللحوم من سوق المسلمين وإن لم يعلم ذبحها.

332 - ما ذبح لغير القبلة أو ترك التسمية.

ما يجزي في التسمية من التكبير والتسبيح والتهليل.

333 - اشتراط التسمية في حلية الذبح.

333 - عدم اشتراط ذكوية الذابح.

333 - عدم اشتراط بلوغ الذابح وجواز ذبح الصبي المميز إذا يحسن الذبح.

334 - الحمل والجدي يرضعان من لبن خنزيرة أو امرأة.

335 - الحلال والحرام من لحوم الدواب وألبانها.

ص: 598

338 - استبراء الجلال.

339 - إذا كان اللحم مع الطحال في سفود كيف يصنع.

340 - حلية الربيثا.

340 - ما نبذ الماء من الحيتان وما نضب عنه.

341 - حكم الكنعت - ضرب من السمك -.

341 - حكم شئ فيه حلال وحرام.

341 - حكم إخصاء الحيوان.

342 - حكم قدر كان فيها لحم جزور فوقع فيها أوقية من دم.

342 - حكم الإنفحة التي تخرج من الجدي الميت.

343 - حرمة ما ذبح على النصب وما أهل به لغير اللّه.

343 - متى تحل الميتة للمضطر.

345 - علة حرمة الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير.

346 - ما حرم أكلها من الشاة.

347 - عشرة أشياء من الميتة ذكية.

347 - حكم طعام أهل الذمة ومؤاكلتهم وآنيتهم.

348 - جواز استعمال شعر الخنزير.

349 - اتخاذ الغنم والطير.

350 - كراهة نهك العظام.

350 - النهى عن أكل اللحم غريضا.

350 - حرمة لحم الزاغ والحيات.

351 - جواز قتل الحيات ، والنهي عن قتل عوامر البيوت.

آنية الذهب والفضة

352 - حرمة الأكل في آنية الذهب والفضة.

352 - حكم القدح المفضض والشرب منه.

ص: 599

353 - عدم كراهة استعمال آنية الصفر.

آداب الأكل والشرب

353 - كراهة الأكل والشرب بالشمال.

353 - استحباب شرب الماء في النهار من قيام.

353 - كراهة شرب الماء بالليل من قيام.

353 - استحباب شرب الماء بثلاثة أنفاس.

354 - كراهة الأكل ماشيا إلا من ضرورة.

354 - كراهة الأكل متكئا ، وجوازه متربعا.

355 - استحباب التسمية عند الأكل.

355 - استحباب الحمد والشكر بعد الطعام وكراهة الصمت عنهما.

356 - كراهية البطنة ، والبطن إذا شبع طغى.

356 - آداب الشرب وكراهته من موضع العروة.

357 - استحباب الابتداء بالملح والختم بالخل.

357 - استحباب الخلال وعده للضيف.

358 - استحباب غسل اليد قبل الطعام وبعده.

358 - أكل الثوم والبصل والكراث والتداوي بها.

358 - كراهة دخول المسجد لمن أكلها.

359 - في المائدة اثنتا عشرة خصلة.

الايمان والنذور والكفارات

359 - إن يمين الولد والمرأة والمملوك لا تنعقد مع عدم الإذن.

360 - اليمين لا تنعقد في معصية كتحريم حلال أو قطيعة رحم.

360 - من حلف يمينا ثم رأى أن مخالفتها كانت خيرا من الوفاء.

361 - جواز الحلف في الدعوى على غير الواقع للتوصل إلى الحق.

361 - لا تنعقد اليمين في غضب ولا جبر ولا حرام. ( وسيأتي )

ص: 600

361 - لا تنعقد اليمين بغير قصد وإرادة.

362 - من خلف على الغير ليفعلن كذا لم ينعقد.

362 - كراهية اليمين الصادقة.

362 - وجوب الرضا باليمين الشرعية.

362 - كراهية الحلف على الأمور السخيفة الباطلة.

362 - حكم الاستثناء في اليمين.

363 - كفارة مخالفة اليمين.

363 - جواز أن يحلف الأسنان كذبا تقية.

363 - عدم انعقاد اليمين بغير أسماء اللّه.

364 - اشتراط القربة في اليمين.

365 - عدم انعقاد اليمين على ترك الراجح أو فعل المرجوح.

366 - أقسام اليمين وحكم كل منها.

367 - حرمة اليمين الكاذبة من غير ضرورة.

368 - وجوه النذر وأحكامه.

369 - كفارة مخالفة النذر.

369 - لا يجزي الأعمي في الرقبة ، ويجزي الأقطع والأشل والأعرج.

370 - يجوز في كفارة الظهار عتق صبي منم ولد في الاسلام.

370 - حكم ما إذا حلف الرجل غريمه أن لا يخرج من البلد إلا أن يعلمه.

370 - لا يمين إلا أن يراد بها وجه اللّه عز وجل.

371 - يستحب للمدعى عليه باطلا أن يختار الغرم على اليمين.

371 - ما ترك عبد شيئا لله عز وجل ففقده.

371 - من حلف سرا فليستثن سر أو من خلف علانية فليستثن علانية.

371 - اليمين تقع على ما نوى وعلى نية المظلوم دون الظالم.

371 - حكم من خلف ونسي ما قال.

ص: 601

372 - من حلف على أن يبيع سلعته بكذاب فيبدو له.

372 - من قال : أقسمت أو حلفت ولم يقل باللّه.

372 - من قال : علي بدنة ولم يسم أين ينحر.

372 - حكم أداء كفارة اليمين قبل الحنث.

372 - من نذر صياما فثقل عليه الصوم.

373 - كفارة امرأ حبلي شربت دواء فأسقطت.

373 - تحريم الحلف بالبراءة من دين اللّه ودين رسوله صلى اللّه عليه وآله صادقا أو كاذبا.

374 - جواز الحلف كاذبا لنجاة مؤمل بل وجوبه.

374 - من نذر أن يهدي إلى الكعبة فعجز.

374 - من نذر أن يمشي إلى الكعبة فمر بمعبر.

375 - من حلف بالبراءة من آل محمد عليهم السلام أو من اللّه تعالى.

375 - حكم استحلاف الكفار بغير اللّه مما يعتقدونه.

376 - من حلف أن يصوم سنة فعجز.

376 - رجل مات وعليه صوم كفارة مخيرة.

376 - عدم انعقاد الحلف بالنجوم والكواكب.

377 - كفارة القتل والظهار واليمين.

377 - كفارة الاغتياب والضحك.

378 - كفارة عمل السلطان.

378 - كفارة من حلف بالبراءة من دين اللّه.

378 - كفارة من جامع في شهر رمضان.

378 - كفارة من حلف فقال : لا ورب المصحف فحنث.

379 - من نذر ثم علم بوقوع الشرط قبل النذر.

379 - كفارة المجالس.

ص: 602

كتاب النكاح

379 - بدء النكاح وأصله.

382 - وجوه النكاح.

382 - فضل التزويج.

384 - فضل المتزوج على العزب.

384 - حب النساء.

385 - كثرة الخير في النساء.

385 - من ترك التزويج مخافة الفقر.

385 - من تزوج لله سبحانه ولصلة الرحم.

385 - أفضل النساء.

386 - أصناف النساء.

387 - بركة المرأة وشؤمها.

387 - ما يستحب ويحمد من أخلاف النساء وصفاتهن.

390 - المذموم من أخلاق النساء وصفاتهن.

392 - الوصية بالنساء.

392 - تزويج المرأة لمالها وجمالها ، ولدينها.

393 - باب الأكفاء.

394 - ما يستحب من الدعاء والصلاة لمن يريد التزويج.

394 - الوقت الذي يكره فيه التزويج.

395 - الولي والشهود والخطبة والصداق.

401 - النثار والزفاف.

402 - استحباب الوليمة عند الزفاف.

402 - ما يصنع الرجل إذا دخلت أهله إليه.

ص: 603

402 - الأوقات التي يكره فيها الجماع.

404 - استحباب التسمية عند الجماع.

405 - مدة التي يجوز فيها ترك الجماع لمن عنده الحرة الشابة.

405 - ما أحل اللّه من النكاح وما حرم منه.

405 - كراهة تزويج المرأة المعلنة بالزنا.

405 - نكاح الزانية والزاني.

406 - تزويج المطلقات ثلاثا في مجلس واحد.

407 - تزويج الكتابية والمجوسية.

408 - تزويج الناصبية من استحل لعن أمير المؤمنين عليه السلام.

408 - تزويج البلهاء اللاتي لا يعرفن شيئا.

409 - كراهية تزويج ضرة الام من غير الأب.

409 - من تزوج في حال السكر.

410 - حكم تزويج القابلة وابنتها.

410 - تزويج المحرم بالحج أو العمرة وتزوجه.

411 - تزويج المرأة على عمتها أو خالتها أو أختها الرضاعية.

412 - جواز النظر إلى شعر المرأة لمن أراد تزويجها.

413 - عدم جواز الدخول بالجارية قبل بلوغها تسع سنين.

413 - حكم من أعتق أمة وجعل عتقها صداقها ثم طلقها.

414 - من تزوج جارية على أنها حرة فظهر أنها أمة لرجل.

414 - حكم أم المعقود التي لم يدخل بها ، والربائب.

415 - من تزوج امرأة على حكمها أو على حكمه.

416 - حكم من تزوج بامرأة فلم يدخل بها فزنى.

416 - حكم المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها.

416 - الحرام لا يفسد الحلال ، والحلال يصلح به الحرام.

ص: 604

417 - من زنى بأم امرأته لا يحرم امرأته عليه.

418 - من جمع بين الأختين أو بين الابنة والام جاهلا.

419 - حكم ما إذا تزج الأختين في عقد واحد.

420 - ما يحرم باستيفاء العدد.

421 - حكم ما لو تزوج رجلان بامرأتين فأدخلت زوجة كل منهما على الآخر فوطآهما

421 - حكم من له عدة بنات فزوج واحدة غير مسمى لرجل ولم يقصداها معينة.

423 - عدم جواز جعل الصداق عملا لغير الزوجة.

423 - جواز نكاح الخصي مع علم الزوجة بالعيب.

424 - إذا دلس الخصي نفسه لامرأة فتزوجها.

425 - إذا شرط أن بيد الزوجة الطلاق والجماع لم يلزم.

425 - عدم جواز تزوج أخت المطلقة الرجعية التي كانت في العدة.

426 - عدم جواز نكاح الذمية على المسلمة.

427 - كراهة تزويج المهاجرة بالأعرابي.

428 - جواز تزويج الأمة أو الحرة على الأمة وعدم جوازه على الحرة.

428 - من شرط لزوجته أن لا يتزوج عليها ولا يتسرى لم يلزم الشرط.

429 - كراهة نكاح ولد الزنا.

429 - لا يترتب على المزاح بدون قصد التزويج بشئ.

429 - لا يجوز للعبد أن يتزوج أكثر من حرتين جمعا أو أربع إماء.

430 - لا يجوز للحر أن يجمع بين أزيد من أربع حرائر دواما.

430 - إذا زوج الوكيل امرأة للموكل ثم كشف موت الموكل قبل العقد

430 - يجوز أن يتزوج امرأة ويتزوج ابنه من غيرها ابنتها من غيره وبالعكس.

431 - يكره للولد تزويج البنت التي ولدت زوجة أبيه بعد مفارقة أبيه.

ص: 605

431 - حكم من دخل بامرأة قبل أن تبلغ تسعا فاقتضها وأفضاها.

432 - جواز العزل ، وسيأتي في بابه.

432 - ما يرد منه النكاح ومالا يرد.

434 - التفريق بين الزوج والمرأة بطلب المهر.

434 - الولد يكون بين أبويه أيهما أحق به أي بحضانته.

436 - الحد الذي إذا بلغه الصبيان لم يجز مباشرتهم ، ويجب تفريق مضاجعهم.

437 - باب الاحصان.

438 - حق الزوج على المرأة.

440 - حق المرأة على الزوج.

443 - باب العزل وجوازه.

444 - باب الغيرة.

445 - عقوبة المرأة على أن تسحر زوجها.

445 - استبراء الإماء.

446 - المملوك يتزوج بغير إذن سيده.

447 - الرجل يشتري الجارية وهي حبلى فيجامعها.

448 - الجمع بين أختين مملوكتين.

449 - كيفية إنكاح الرجل عبده أمته.

449 - إذا زوج الحرة نفسها من عبد بغير إذن مولاه.

450 - أحكام المماليك والإماء.

458 - الذمي يتزوج الذمية ثم يسلمان.

المتعة

458 - إباحتها واستحبابها لمن عرفها.

460 - جواز التمتع بالكتابية.

460 - إذا وهب أيامها لم يجز له الرجوع.

ص: 606

461 - جواز التمتع بالجارية التي لها عشر سنين.

461 - المتعة ليست من الأربع.

461 - جواز حبس المهر عن المرأة المتمتع بها بقدر ما تخلف من المدة.

462 - صيغة التمتع وما ينبغي فيها من الشروط.

462 - لا ينعقد العهد واليمين على ترك التمتع.

463 - ثواب المتمتع.

463 - كراهة ترك التمتع في العمر.

463 - حرمة نكاح أخت المتمتع بها في عدة أختها.

464 - حرمة نكاح ابنة المرأة المتمتع بها للمتمتع.

464 - عدة المتمتع بها إذا مات عنها الزوج.

465 - حكم من تزوج امرأة شهرا غير معين.

466 - حكم من أراد التمتع بامرأة فنسي العقد حتى دخل بها.

466 - جواز التمتع بالابكار.

466 - أخبار في استحباب التمتع.

باب النوادر

467 - عدم جواز الزينة للحائض إذا كان لها زوج.

467 - استحباب لبس السروال للمرأة.

467 - فضل شهوة النساء على الرجال.

468 - كراهة إطاعة الرجل امرأته.

468 - النهي عن ركوب النساء.

468 - حكم وطي الزوجة في الدبر.

469 - ما يجوز للمملوك النظر إليه من مولاته.

469 - عدم جواز دخول الخصي على النساء فيرى شعورهن.

ص: 607

469 - صفة مبايعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله مع النساء.

469 - حرمة مصافحة الأجنبية إلا من وراء ستر.

469 - جواز النظر إلى شعور النساء اللواتي إذا نهين لا ينتهين.

470 - كيفية سلام النساء إذا دخلن على الرجال.

470 - حكم من تزوج امرأة ذات بعل.

470 - المرأة تتزوج في عدتها كيف تصنع.

470 - من تزوج بامرأة فقالت : أنا حبلى وأنا أختك من الرضاعة.

471 - من تزوج امرأة فوضعت ولدا بعد أربعة أشعر.

471 - حد رجل اخذ مع امرأة في لحاف.

472 - عدم جواز نظر المولى إلى جاريته المزوجة.

473 - كراهة نزو الحيوان على ظهر الطريق.

474 - ثواب من غمض بصره عن النظر إلى الأجنبية.

474 - جواز النظر إلى شعر الام والأخت والابنة.

أحكام الأولاد

474 - الدعاء في طلب الولد.

475 - أحكام الرضاع.

480 - التهنئة بالولد.

481 - فضل الأولاد.

484 - العقيقة والتحنيك والكنى وحلق رأس المولود والتسمية.

491 - حال من يموت من أطفال المؤمنين.

491 - حال من يموت من أطفال المشركين والكفار.

492 - تأديب الولد وامتحانه.

كتاب الطلاق

494 - وجوه الطلاق.

ص: 608

495 - طلاق السنة والإشهاد.

499 - طلاق العدة وأحكامه.

503 - طلاق الغائب.

504 - طلاق الغلام.

504 - طلاق المعتوه.

505 - طلاق التي لم يدخل بها.

506 - متعة المطلقة.

507 - حكم المتوفى عنها زوجها قبل الدخول.

507 - من وهبت صداقها لزوجها فطلقها زوجها قبل الدخول.

507 - ليس للمتوفى عنها زوجها سكنى ولا نفقة.

508 - جواز خروج المتوفى عنها زوجها من الدار إذا احتاج إليه.

509 - طلاق الحامل وعدتها في الطلاق.

510 - نفقة الحبلى المطلقة.

511 - عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حبلى.

511 - أدنى مدة ما تحمل المرأة.

512 - طلاق التي لم تبلغ المحيض والتي يئست والمستحاضة والمسترابة.

515 - طلاق الأخرس.

516 - طلاق السر.

516 - اللاتي يطلقن على كل حال.

517 - باب التخيير.

519 - باب المبارأة.

520 - باب النشوز.

521 - باب الشقاق.

522 - باب الخلع.

ص: 609

524 - باب الايلاء.

525 - باب الظهار وأحكامه.

535 - باب اللعان.

540 - طلاق العبد.

544 - طلاق المريض.

547 - طلاق المفقود.

549 - الخلية والبريئة والبائن والحرام.

549 - حكم العنين.

باب النوادر

551 - ما أوصى النبي صلى اللّه عليه وآله عليا عليه السلام في آداب النكاح.

554 - عشر خصال من مكارم الأخلاق.

555 - من أراد البقاء فليفعل هذه الخصال المذكورة.

555 - كراهة الجلوس في موضع جلست فيه امرأة قبل أن يبرد.

555 - كراهة دخول الحمام على البطنة والغشيان على الامتلاء ونكاح العجائز.

555 - ثلاثة من اعتادهن لم يدعهن.

555 - كراهة مبيت الانسان في بلده في غير المنزل الذي فيه أهله.

555 - التوصية بالنساء والقيام بحقهن وحفظهن.

556 - كراهة كثرة النوم بالليل.

556 - كراهة أربع وعشرين خصلة.

556 - حرمة الاجتياز على مسجد النبي لكل جنب إلا للنبي وأهله عليهم السلام.

558 - الاستعاذة من الولد والمال والزوجة والخليل إذا كانوا أسواء.

558 - ثلاث من تكن فيه فلا يرجى خيره.

559 - استحباب المداعبة مع الزوجة في الفراش لفضل شهوتها.

ص: 610

559 - الشدة في حرمة الزنا.

559 - شدة محبة بعض النشاء لأزواجهن.

560 - صفات المؤمن.

561 - أجر المرأة في حملها ووضعها كأجر المرابط في سبيل اللّه.

561 - كراهة مشي المرأة في وسط الطريق.

561 - حكم ستر المرأة عن اليهودية والنصرانية.

561 - جواز تزويج الأحمق وكراهة تزويج الحمقاء.

561 - أربع لا يشبعن من أربع.

561 - باب معرفة الكبائر.

565 - علة تحريم الكبائر.

566 - علة تحريم الربا.

567 - ساحر المسلمين يقتل وساحر الكفار لا يقتل.

567 - علة تحريم الخمر.

567 - علل بعض الأحكام - من خطة الزهراء عليها السلام -.

569 - حرمة الكذب على اللّه وعلى رسوله صلى اللّه عليه وآله.

569 - في أكل مال اليتيم عدوانا عقوبتان.

569 - حرمة المؤمن وحرمة عرضه ودمه وماله.

570 - شرب الخمر شر أم ترك الصلاة؟.

570 - شارب الخمر لا تقبل صلاته أربعين يوما.

571 - أكبر الكبائر.

571 - حرمة قتل النفس وعذابه.

572 - أدنى الشرك ، وحرمة البدعة وحرمة توقير المبتدع.

573 - للزاني ست خصال.

ص: 611

573 - أكبر أنواع الزنا.

574 - عذاب من قتل مؤمنا.

574 - الشفاعة لأهل الكبائر.

574 - عدم غفران الشرك.

ص: 612

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله وصلى اللّه على محمد نبي اللّه وعلى آله آل اللّه

لقد قامت مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية بقم المشرفة بنشاطات واسعة في مجال نشر المعرفة وإحياء التراث الاسلامي، وإليكم سرداً لبعض منشوراتها :

من الكتب التي تم طبعها

أحاديث المهدي / من مسند أحمد بن حنبل

مع «البيان في أخبار صاحب الزمان» / محمد الكنجي الشافعي

الاختصاص / الشيخ المفيد

إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان (ج 1و2) / العلامة الحلي

الأمالي / الشيخ المفيد

الإمام الصادق (عليه السلام) (ج 1 و 2) / الشيخ محمد حسين المظفّر العلامة الحلي

إيضاح الاشتباه / العلامة الحلي

بحوث في الاصول، وتشمل على : / الشيخ محمد حسين الإصفهاني

أ- الاصول على النهج الحديث

ب الطلب والإرادة

ج - الاجتهاد والتقليد

بحوث في الفقه، وتشمل على : / الشيخ محمد حسين الإصفهاني

أ- صلاة الجماعة

ب صلاة المسافر

ج- الإجارة

بداية الحكمة / العلامة الطباطبائي

ص: 613

تأويل الآيات الظاهرة / السيد علي الاسترابادي

التبيان في تفسير القرآن / الشيخ الطوسي

تحف العقول عن آل الرسول (صلی اللّه عليه وآله) / ابن شعبة الحراني

تعليقة استدلالية على العروة الوثقى / الشيخ ضياء الدين العراقي

تقريب المعارف في الكلام / الشيخ أبي الصلاح الحلبي

التوحيد / الشيخ الصدوق

جواهر الفقه / القاضي ابن البراج

الحاشية على تهذيب المنطق / المولى عبداللّه اليزدي

الحدائق الناضرة (ج1-25) / الشيخ يوسف البحراني

الخراجيات، وتشمل على :

أ- قاطعة اللجاج في تحقيق حل الخراج / المحقق الكركي

ب- السراج الوهاج لدفع عجاج قاطعة اللجاج / الفاضل القطيفي

ج- رسالتان في الخراج / المقدس الأردبيلي

د- رسالة في الخراج / الفاضل الشيباني

الخصال / الشيخ الصدوق

الخلاف / الشيخ الطوسي

درر الفوائد / الشيخ عبدالكريم الحائري

الدروس الشرعية في فقه الامامية (ج1) / الشهيد الصدر

دروس في علم الاصول (ج 1 و 2) / الشهيد الأول

الذخيرة في علم الكلام / السيد المرتضى علم الهدى

الذرية الطاهرة / محمد الرازي الدولابي

رجال النجاشي / الشيخ أحمد بن علي النجاشي

الرسائل العشر / الشيخ الطوسي

الرسائل الفشاركية / السيد محمد الفشاركي

ص: 614

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.