المنهج القویم
فِيْ تَفْضِيلِ الصِّراط المُسْتَقِيم عَلِيٍّ أَمِيْرِ المُؤْمنِيْنَ علیه السلام عَلَى سَائِرِ الأنَبِياءِ وَالمُرْسَلِيْنَ سِوى نَبِيْناذِي الفَضْلِ العَمِيم
رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد 3014 لسنة 2018
مصدرالفهرسة: IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda
رقم تصنيف LC:
BP37.4 .B37 2018
المؤلف الشخصي: البصري، احمد بن عبد الرضا - مؤلف.
العنوان: المنهج القويم في تفضيل الصراط المستقيم علي امير المؤمنين عليه السلام على سائر الانبياء والمرسلين سوى نبينا صلى الله تعالى عليه وآله ذي الفضل العميم /
بيان المسؤولية: تأليف مهذب الدين احمد بن عبد الرضا البصري؛ تحقيق حسن عبد زيد الكربلائي، سلام مكي الطائي.
بيانات الطبع: الطبعة الأولى.
بيانات النشر: كربلاء، العراق العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.
الوصف المادي: 336 صفحة؛ 24 سم.
سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 503).
سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 151).
سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 8).
تبصرة ببليوجرافية: يتضمن هوامش، لائحة المصادر الصفحات (315 - 33).
موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 - للهجرة - فضائل - احادیث الشيعة الامامية
موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - في الحديث.
موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 - للهجرة - في القرآن.
مصطلح موضوعي: اهل البيت (عليهم السلام) - فضائل - احاديث الشيعة الامامية.
مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965، مقدم.
مؤلف اضافي: الكربلائي، حسن عبد زيد - محقق.
مؤلف اضافي: الطائي، سلام مكي - محقق.
اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء ، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.
تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية
ص: 1
رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد 3014 لسنة 2018
مصدرالفهرسة: IQ-KaPLI ara IQ-KaPLI rda
رقم تصنيف LC:
BP37.4 .B37 2018
المؤلف الشخصي: البصري، احمد بن عبد الرضا - مؤلف.
العنوان: المنهج القويم في تفضيل الصراط المستقيم علي امير المؤمنين عليه السلام على سائر الانبياء والمرسلين سوى نبينا صلى الله تعالى عليه وآله ذي الفضل العميم /
بيان المسؤولية: تأليف مهذب الدين احمد بن عبد الرضا البصري؛ تحقيق حسن عبد زيد الكربلائي، سلام مكي الطائي.
بيانات الطبع: الطبعة الأولى.
بيانات النشر: كربلاء، العراق العتبة الحسينية المقدسة، مؤسسة علوم نهج البلاغة، 2018 / 1439 للهجرة.
الوصف المادي: 336 صفحة؛ 24 سم.
سلسلة النشر: (العتبة الحسينية المقدسة؛ 503).
سلسلة النشر: (مؤسسة علوم نهج البلاغة؛ 151).
سلسلة النشر: (سلسلة تحقيق المخطوطات؛ 8).
تبصرة ببليوجرافية: يتضمن هوامش، لائحة المصادر الصفحات (315 - 33).
موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 - للهجرة - فضائل - احادیث الشيعة الامامية
موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 للهجرة - في الحديث.
موضوع شخصي: علي بن ابي طالب (عليه السلام)، الامام الأول، 23 قبل الهجرة - 40 - للهجرة - في القرآن.
مصطلح موضوعي: اهل البيت (عليهم السلام) - فضائل - احاديث الشيعة الامامية.
مؤلف اضافي: الحسني، نبيل قدوري، 1965، مقدم.
مؤلف اضافي: الكربلائي، حسن عبد زيد - محقق.
مؤلف اضافي: الطائي، سلام مكي - محقق.
اسم هيئة اضافي: العتبة الحسينية المقدسة (كربلاء ، العراق). مؤسسة علوم نهج البلاغة - جهة مصدرة.
تمت الفهرسة قبل النشر في مكتبة العتبة الحسينية
ص: 2
سلسلة تحقيق المخطوطات
وحدة تحقيق التراث الروائي (8)
المنهج القویم
فِيْ تَفْضِيلِ الصِّراط المُسْتَقِيم عَلِيٍّ أَمِيْرِ المُؤْمنِيْنَ علیه السلام عَلَى سَائِرِ الأنَبِياءِ وَالمُرْسَلِيْنَ سِوى نَبِيْناذِي الفَضْلِ العَمِيم
لِلشّیْخِ مُهَذَّبِ الدِّيْنِ أحْمَد بْنِ عَبْدِ الرِّضَا البَصْرِيِّ مِنْ أعْلَامِ القِرْنَ الحَادِيْ عَشَر الهِجْري
تَحْقِیْقُ
حَسَنْ عَبَدَ زَيد الكَربلَائيْ *** سَلَامٌ مَكِي الطَّائِي
اِصْدَار
مؤسسة علوم نهج البلاغة
فِي العَتَبَةُ الحُسَيْنِيَةُ المَقَدَسَةِ
ص: 3
جميع الحقوق محفوظة
العتبة الحسينية المقدسة
الطبعة الأولى 1439 ه - 2018 م
العراق - كربلاء المقدسة - مجاور مقام علي الأكبر عليه السلام
مؤسسة علوم نهج البلاغة
هاتف: 07728243600 - 07815016633
الموقع الألكتروني: www.inahj.org
الإيميل: Info@Inahj.org
تنويه:
إن الأفكار والآراء المذكورة في هذا الكتاب تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر العتبة الحسينية المقدسة
ص: 4
بسم الله الرحمن الرحيم
«وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِالله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ»
صدق الله العلي العظيم
سورة هود الآية 88
ص: 5
ص: 6
جاءتْ سليمانُ يوم العرض هدهدةٌ *** أَهدتْ إليه جراداً كان في فِيها
وأنشدتْ بلسانِ الحال قائِلة *** إنَّ الهدايا على مقدارِ مهديها
على قدرنا نهدي هذا الجهد المتواضع إِلى خير خلق الله محمَّد وآله الطَّاهرين صلوات الله عليهم أَجمعين، عسى أَنْ ينالَ رضاهم وينفعنا يوم لا ينفع مال ولا بنون إِلا من أَتى الله بقلب سليم
ص: 7
ص: 8
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر بما ألهم والثناء بما قدّم، من عموم نعم ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن والاها، والصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين.
أما بعد:
فإن الاهتمام بالتراث العلمي والفكري والروائي المخطوط يعدّ من أهم السمات التي تأخذ بأعناق المؤسسات العلمية والفكرية وأصحاب الفضيلة العلمية الذين انعكفوا على دراسة هذا التراث واستخراج خزائنه وإظهارها إلى الناس بغية الانتفاع منها والمحافظة عليها من التلف والضياع والتلاعب.
وفيما نأتي إلى التراث الخطي في الحديث والتفسير والفقه والآداب والتربية والمعارف المختلفة نجد أن شخصية الإمام علي عليه السلام كانت حاضرة في جميع هذه الحقول المعرفية، وإن ما احتواه التراث الخطى في هذه الشخصية لأكثر بكثير مما طبع ونشر.
وعليه:
فقد كان من المهام والأهداف التي سعت إليها مؤسسة علوم نهج البلاغة هو الاهتمام بهذا التراث المخصوص بالإمام علي عليه السلام وكتاب نهج
ص: 9
البلاغة وتحقيقه وطبعه ونشره في الأوساط العلمية والثقافية.
وما هذا التحقيق الذي بين أيدينا إلا واحداً مما كتب في أمير المؤمنين عليه السلام لا سيما في المناقبية التي تناقلها الرواة والمحدثين والمفسرين.
وما الحافظ مهذب الدين أحمد بن عبد الرِّضا البصري الهندي الخراساني إلا واحداً من أولئك العلماء الذين انبروا لرواية وتدوين هذه الأحاديث وخصوصيتها في بيان مناقبية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وتفضيله على الأنبياء (عليهم السلام ما خلا نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)
فجزى الله المحققَين خير الجزاء لما بذلاه من جهد في تحقيق هذه الروايات الشريفة ضمن هذا السِفر المبارك.
والحمد لله رب العالمين
السيد نبيل الحسني الكربلائي
رئيس مؤسسة علوم نهج البلاغة
ص: 10
بسم لله الرَّحمن الرَّحيم
والحمد لله ربِّ العالمين والصَّلَاة والسَّلَام على أشرف الخلق أجمعين محمد بن عبد الله وعلى آل بيته الأطهار المنتجبين والغرّ الميامين واللَّعن الدَّائم على أعدائِهم وغاصبي حقِّهم إِلى يوم الدّين، أمَّا بعد:
إنَّ لحفظ التراث الإِسلامي بكافَّة أَنواعه والاهتمام به أهميَّة كبيرة وواجب على من يستطيع حفظه من الضَّياعِ والاندثار، وهذا التراث كان نتيجة لجهودٍ متميزةٍ ومتظافرةٍ من قبل العلماء الماضين من هذه الأمَّة، فقد قضوا قسطاً من حياتهم وصرفوا جلَّ وقتهم، وتركوا ديارهم وتكبدوا مشاق السَّفر وأَخطار الطَّريق من أجل الحصول وتوثيق ما يحصلون عليه من علوم و معارف؛ لينتفع بها من يأتي بعدهم، فمن إِحدى وسائِل حفظ التّراث الإسلامي: هو إخراج هذا التراث عبر التَّحقيق.
فالتَّحقيق علم كبقيَّة العلوم الأخرى بل من أجلّها، وله أَهمية بالغة في حفظ التّراث من الضَّياع وإِظهاره إِلى النّور والإِفادة منه بدلاً من بقائه مقيداً على الرفوف، فبهِ يستطيع المحقِّق توثيق ما جاء من تراث الماضين من أجل تقديم الفائدة للباحث والمطالع لهذا التراث.
ص: 11
فمن هذا التراث الخطِّي هو ما بين أيدينا من مخطوطةٍ مختصَّة في فضائلِ أمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالبٍ صلوات الله تعالى وسلامه عليه، تحت عنوان (المنهج القويم في تفضيل الصِّراط المستقيم عَلِيّ أَمير المؤمنين (عليه السلام) على سائِرِ الأَنبياء والمرسلين سوى نبيِّنا صلَّى الله تعالى عليه وآله ذي الفضل العميم) التي ألَّفها الشيخ الفاضل مهذَّب الدِّين أحمد بن عبد الرِّضا البصري، من أعلام القرن الحادي عشر الهجري، ويتبين لنا أنَّ سبب تأليفه هذا الكتاب كان استدراكاً لما فات السيِّد ولي بن نعمة الله في كتابه (منهاج الحق واليقين)(1) من الأدلة والبراهين، من الأحاديث التي تبينِّ أفضلية الإمام عَلِيّ عليه السَّلَام وأضاف عليها بعض الأحاديث الواردة في حق أمير المؤمنين عليه السَّلَام، وهذا ما قاله - رحمه الله - في مقدمة هذا الكتاب: (وقد رأيته - يعني به السيِّد ولي بن نعمة الله - قد تركَ كثيراً من الأحاديث الدَّالة على المطلوب وما هو إلَّا استغناء بالبعض عن الكلِّ، ونحن أيضاً نذكر شيئاً يسيراً؛ لأَنَّ فضائله عليه السَّلَام لا تحصى).
فمهذَّب الدِّين جاء في الأعمِّ الأَغلب بالأحاديث التي لم يذكرها السَّيِّد ولي بن نعمة الله، وهي التي تبين أفضلية الإمام عليه السَّلَام على كل الأنبياء عليهم السَّلَام سِوى نبيّنا صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهِ، وهذا ما يتبيَّن لَنَا من تسميتِهِ لِكتابه هذا بالعنوان المذكور آنفاً.
ص: 12
هو الشيخ الفاضل الأجل مهذب الدين أحمد بن عبد الرِّضا البصري الهندي الخراساني، من أفاضل تلامذة الحر العاملي مؤلف كتاب (وسائل الشيعة)(1)، وكان اسم والده (الرِّضا)، ولكن كان مشهورا ب (عبد الرِّضا)(2)، ولم تسعفنا المصادر من تراجم الرجال وغيرها في العثور على سنة ولادته ووفاته بالتّحديد، ولكنَّه ولد في العراق في محافظة البصرة في القرن الحادي عشر للهجرة، وكان يُعد من أعلام القرن الحادي عشر والثاني عشر الهجري(3).
كان مهذَّب الدين كثير السَّفر والتَّنقّل بين بعض البلدان الإسلامية؛ فانتقل من مدينة البصرة إلى مشهد الرَّضا عليه الصَّلَاة والسَّلَام وتوابعه في سنة 1068 ه، وبقي هناك إلى سنة 1077 ه، ثم بعد ذلك سافر إلى بلاد
ص: 13
الهند وسكن مدينة (حيدر آباد) سنة 1085 ه(1)، واستقرَّ بها نتيجة لظروفٍ ما أدت به إلى مغادرة العراق في السَّفر إلى إيران وإلى بلاد الهند(2).
درس وتتلمذ وانتهل العلم على يد الشيخ الفاضل محمَّد ابن الحسن الحر العاملي صاحب كتاب: (وسائل الشيعة) المتوفى سنة 1104 ه. وكان مهذب الدين شيخاً فاضلاً ومصنفاً بارعاً، ومن كبار علماء الحديث والرجال في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين، وكان يتمتع بذاكرة قوية في الحفظِ، إذ أنَّه كان يحفظ من الحديث اثني عشر ألف حديث بلا إسناد، وألفا ومائتي حديث مع الاسناد(3).
لا شك أنَّ شخصاً كهذا يحمل علمية معرفية جليلةٍ فاضلة، ومحل ثقة لمن تتلمذ على يده أَنْ يكون له مكان في المجتمع لكي يشغله ويستثمر فيه حصيلة ما اغترفه من علم ومعارف طيل مسيرته العلمية، وبما أنَّه كان تلميذاً للحر العاملي، فمن المؤكد أنَّ الحر العاملي بعد أن رآه مؤهلاً ليتصدى لرواية الحديث قام بمنحه على أثر ذلك إجازة في رواية الحديث(4).
ص: 14
قام الشيخ مهذَّب الدين بمنح الإجازات في الرّواية والحديث لبعض تلامذته الذين أخذوا منه العلوم الدِّنية وتتلمذوا على يده، فمن هؤلاء تلميذه الشيخ أحمد بن الشيخ جعفر چليي الذي التمس منه الإجازة له في نقل الخبر والحديث(1).
للشيخ مهذب الدين مصنفاتٍ ومؤلفاتٍ كثيرةٍ، هذا ما وجدناه بين دفات الكتب التي تناولت تراجم وحياة ومؤلفات الأعلام، لكن المؤلفات والنتاجات الفكرية للمترجَم له لم تجمع في كتاب واحد من كتب التراجم بل من كتب متفرقة، ومن هذه المؤلفات التي وصلتنا عن طريق أصحاب التراجم الذي ترجموا للشيخ مهذب الدين رحمه الله تعالى:
1 - (الدرة النَّجفيَّة)، في أصول الفقه الذي كتب عليه أستاذه الشيخ الحر العاملي تقريظاً بتاريخ 1075 ه(2).
2 - (تحفة ذخائر كنوز الأخيار في بيان ما يحتاج إلى التوضيح من الأخبار)، في مجلدين.
3 - (آداب المناظرة)، ألفه في (حيدرآباد الدكن) سنة 1081 ه.
4 - (عمدة الاعتماد في كيفية الاجتهاد)، ألفه في كابل سنة 1080 ه(3).
ص: 15
5 - (العبرة الشافية والفكرة الوافية) في الكلمات الحكمية والنكات الأخلاقية.
6 - (العبرة العامة والفكرة التامة)، في المواعظ والحكم والاشعار والتواريخ والآثار(1).
7 - (التحفة الصفوية في الأنباء النبوية)، ذكر فيه: أنَّه ألفه (بقندهار) بالتماس بعض علمائها ذكر فيه الأحاديث المختصرة المروية عن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآلهِ على ترتيب حروف المعجم فرغ منه سنة 1079 ه.
8 - (التّحفة العلويَّة في الأحاديث الَّنبويَّة).
9 - (الزبدة) في المعاني والبيان والبديع.
10 - (خلاصة الزبدة)(2).
11 - رسالة فى (تجويد القرآن)(3).
12 - (فائق المقال في الحديث والرجال)، فرغ منه سنة 1081 ه بمدينة (حيدر آباد) في الهند.
13 - (المنهج القويم في تفضيل الصِّراط المستقيم عَلِيّ أمِير المؤمنين عَلَيهِ السَّلَام على سائر الأَنبياء والمرسلين سوى نبيِّنا صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وآلِهِ ذِي الفَضل العَميم)(4).
ص: 16
14 (رسالة الأخلاق)(1).
15 - الفلكية في الهيئة ألَّفَها في قرية (دكان) من محال المشهد الرضوي في 1077 ه.
16 - (رسالة خلق الكافر)(2).
17 - (غوث العالم في حدوث العالم ورد أدلة القائلين بالقدم).
18 - (رسالة فى القيافة)(3).
19 - (الجوابات عن المسائل الشائعة).
20 - (كتاب الحسد وقبائحه)(4).
21 - (رسالة في الجُمل والعقود).
22 - (رسالة في الحساب)، كتبها في حيدر آباد سنة 1081 ه(5).
23 - (الرسالة الإعتقادية)(6).
24 - (كليات الطبّ)، ألفه سنة 1081 ه في شاهجان آباد.
25 - (المفردة الطّبيّة)(7).
ص: 17
ثبت لنا نسبة عنوان الكتاب إلى مؤلفه من عدة طرق هي:
أوَلاً: المصادر التي ذكرت أنفاً في فقرة مصنفات ومؤلفات مهذب الدين رحمه الله تعالى، ثبت لنا أن هذا الكتاب الذي بين أيدينا والذي قمنا بتحقيقه وإظهاره للقارئ الكريم، خدمةً للمذهب الشيعي، من أحد المؤلفات الذي قام بتأليفها الشيخ الأجل مهذب الدين أحمد بن عبد الرِّضَا، وهذا الكتاب الموسوم ب(المنهج القويم في تفضيل الصِّراط المستقيم عَلِيّ أمير المؤمنين عَلَيهِ السَّلَام على سائر الأنبياء والمُرسلين سوى نبيِّنَا صَلَّى الله تِعِالَى عَلَيْهِ وآلِهِ ذي الفضل العميم) والذي ألفه في الهند(1).
ثانياً: إنَّ المؤلف - رحمه الله - ذكر اسم الكتاب في مقدمته التي قال فيها: (وسمَّيتُه: بالمنْهَجِ القَويِم في تَفْضِيلِ الصِّرَاطِ المستَقِيم عَلِيّ أَمیرِ المؤُمنِین عَلَيْهِ السَّلَام عَلى سَائِرِ الأَنبيَّاءِ والمرسَلينَ بالتَعْمِيمِ سُوى نبيِّنا صَلَّى اللَّهُ تِعَالَى عَلَيْهِ وآلِهِ ذي الفَضلِ العَميم).
اعتمدنا في تحقيق مخطوط (المنهج القويم) لمهذَّب الدِّين أحمد بن عبد الرِّضا البصريّ - نوَّرَ الله تعالى ضَريحَه - ، منهجيِّة لا تختلف كثيراً عن بقية المنهجيات المتَّبعة في التحقيق، وكانت على النحو الآتي:
ص: 18
1. اعتمدنا في تحقيق المخطوط على نسخة خطّية واحدة وهي بخط المرحوم الناسخ ناصر بن حسن بن محمَّد البحراني، في سنة (1122 ه)، بعد أن بحثنا في بطون العديد من الفهارس المختصة في المخطوطات، كفهرس مكتبة العتبة العلويَّة المقدَّسة، وفهرس مكتبتى العتبتين الحُسَينيّة والعبَّاسيَّة المقدَّستين، وفهرس مكتبة الحكيم، وفهرس مخطوطات إيران الموحد، وفهرس مخطوطات الهند، وفي العديد من الفهارس الأخرى التي لا يسع المجال لذكرها، إِذ لمْ نعثر على نسخةٍ أُخرى لهذه النسخة التي بين أيدينا، والتي اعتمدناها في التحقيق، فكانت هذه النسخة في مكتبة الإمام الرِّضا عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام - المسماة (طبسي) - في مدينة قم المقدَّسة في إيران، وكانت تحت الرقم: (200).
2. حرصنا قدر المستطاع على ضبطِ النصّ ضبطاً سليماً من الأخطاء الإملائية والنحوية، لتظهر للقارئ الكريم بصورة جميلة تليق بكتابٍ يختصّ بفضائل سيِّد البشر الإمام عَلِيّ بن أبي طالب صلوات الله تعالى وسلامه عليه، وكذلك صححنا ما وجدناه مخالفاً لقواعد الإعراب والإملاء في المخطوطات، وكانت جملة من الألفاظ مرسومة على غير قواعد الإملاء الحديثة امثال: (الصلوة، السموات، وغيرها...)
3. تخريج الآيات القرآنيَّة وإِرجاعها إِلى سورها.
4. تخريج الأحاديث وإرجاعها إلى بطون الكتب الَّتي حوتها، وكان
ص: 19
العمل على النحو الآتي:
أ - تخريج الأحاديث التي ذكر المؤلف اسم المصدر الذي نقل عنه من نفس المصدر الذي ذكره.
ب - الأحاديث التي أوردها المؤلف في كتابه ولم يذكر اسم المصدر قمنا بتخريجها من أقدم مصدر وردت فيه بلفظٍ مقاربٍ مع ذكر الاختلافات بين الألفاظ، وبقية المصادر التي ورد فيها الحديث بلفظٍ مختلفٍ، قمنا بالإشارة إليها بكلمة: (ينظر).
5. خرَّجنا الأحاديث التي أوردها المؤلف بالمعنى أَو باختلاف كبير من أقرب مصدر مقارب للفظ مع ذكر الحديث في الهامش كاملاً.
6. تعاملنا في ذكر المصادر في الهوامش بأن نورد اسم الكتاب مع مؤلفه، والجزء والصفحة، والتحقيق، والطبعة، في المرَّة الأولى، أمَّا إذا تكرر المصدر فنكتفي بذكر اسمه والمؤلف والجزء والصفحة، على أن يتم ذکر معلومات المصدر مفصلة في قائمة المصادر.
7. أفردنا قائمة بنهاية الكتاب تحتوي فهرس تفصيلي للآيات، والأحاديث.
ص: 20
لكلِّ كتابٍ يراد تحقيقه سمات و مميزات يمتاز بها هذا الكتاب، فنسخة الكتاب الذي بين يدي القارئ الكريم ، تمتاز بعدة مميزات منها:
1. النسخة محرَّكة، والخط المستعمل في الكتابة هو خط النسخ.
2. قرب النسخة الخطّية التي اعتمدناها في التحقيق من حياة المؤلف، وهي نفس النسخة التي أشار اليها الشيخ أغا بزرك الطهراني في الذريعة حيث قال: (والنسخة بخط الشيخ ناصر بن الحسن بن محمد، فرغ من الكتابة في سنة 1122 ه)(1).
3. النسخة مكونة من مائةٍ وتسع وأربعين صورة، وعدد السطور في كل صفحة من الكتاب (19) سطراً، عدا الصفحتين الأولى والأخيرة كان أقل من ذلك.
ص: 21
الرمز - دِلالة الاستعمال
«» - لحصر الكلام الوارد عن المعصوم.
() - حصر الحديث أو الرواية او ما نقل بالنص
[] - زيادة من المصدر أو من المحقق التى يقتضيها السياق.
«» - لحصر الآيات القرآنية.
- - لحصر الجملة الاعتراضية.
" " - لحصر الكلمات التي فيها اختلاف بين المصدر والاصل.
1 / 1: الرقم الأول إشارة إلى جزء الكتاب والرقم الثاني إشارة إلى رقم الصفحة.
ح - حديث
ب - باب
تح - تحقيق.
مط - مطبعة.
ه - التاريخ الهجري.
م - التاريخ الميلادي.
ط - الطبعة
... - وللكلام تتمة.
ص: 22
نحمد الله ونشكره أنْ وفقنا لإِتمام تحقيق هذا الكتاب الجليل الَّذي يحوي في طياته الكثير من فضائل أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، وكذلك منزلته السَّامية التي تفوق منازل الانبياء والمرسلين عدا نبينا المصطفى صلَّى الله عليه وآله خاتم النبيين، ونسأله أنْ يوفقنا لخدمة أهل البيت الكرام صلوات الله وسلامه عليهم وأن يرزقنا شفاعتهم، إنه هو السَّميع العليم، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيّدنا ونبينا محمّد وآله الطاهرين.
حسن عبد زيد الكربلائي *** سلام مكي الطائي
كربلاء المقدسة / التاسع عشر مِن شهر شوال / 1439 ه
ص: 23
ص: 24
نموذج من صور النسخة المعتمدة في التحقيق
ص: 25
الصورة الأولى من المخطوط
ص: 26
الصورة الأخيرة من المخطوط
ص: 27
ص: 28
المنهج القویم
فِيْ تَفْضِيلِ الصِّراط المُسْتَقِيم عَلِيٍّ أَمِيْرِ المُؤْمنِيْنَ علیه السلام عَلَى سَائِرِ الأنَبِياءِ وَالمُرْسَلِيْنَ سِوى نَبِيْناذِي الفَضْلِ العَمِيم
ص: 29
ص: 30
بسم الله الرَّحمن الرحيم
الحمدُ لله على ما أَنعم علينا بالوجودِ بعد العَدم، وفضَّلنا على كثيرٍ ممَّن خلق من الأُمم بمُحمَّد وآله مصابيح الظُّلم، والصَّلاة والسلام على مُحمَّدٍ وآله المفضَّلين في القدم على سائِر المخلوقات في البداءة إلى آخرِ العَدم، وبعد:
فإِنَّهُ لمَّا طَرقَ سَمعى في زَماننا هذا، وسَمِعتُ اختلافاً قد ضاقَ لأَجلهِ صدري وَحارَ في تذكرهِ فكري : بأَنَّ أُوُلي العزم غَيَر نبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وآله مفضَّلون على كنزِ العارفين وأَمير المؤمنينَ عليٌّ بن أَبي طالب عليه أَفضلُ الصَّلَاة والسَّلَام، رأَيتُ النَّاطقَ عليه بالتفضيل، والواصف لذلك عندي نطق محالاً وخلافاً، وصار في نهايةِ البعد والجفاء من الشَّفيع يوم الحشر والوفاء، وقد نطق بالمحال وباء بمذلةٍ في المنال، وحقيق أنْ لا يقال بإِيمانهِ، بل هو موجبٌ للخفَّةِ في ميزانه، ومَنْ خَفَّ ميزانهُ خاب، ولينصب نفسه لردِّ الجواب في يوم الحشر والمآب؛ فَأَحببتُ أَنْ أعقِدَ في هذا المن طلبَ، وأَذكر فيه نصوصاً تدلُّ على المطلبِ في تفضيلِ الإِمام الهُمام والحجَّة على سائر الأَنام، بالنَّصِّ الجلي من المَلِكِ العلَّام، ويكون منهاجاً لمن استبصر، وذريعة لمن اعتبر، وسمَّيتُه: (بالمنْهَجِ القَويِم في تَفْضِيلِ الصِّرَاطِ المستَقِيم عَلِيّ أَمیرِ المؤُمنِين
ص: 31
عليه السلام عَلى سَائِرِ الأَنبيَّاءِ والمرسَلينَ بالتَعْمِيمِ سُوى نبيِّنا صلى الله تعالى
عليه وآله ذي الفَضلِ العَميم).
فنقولُ وبالله التوفيق، وأَنْ يكفينا سوءَ التعويق: إِنَّ الَّذي وقفتُ عليه في هذا الباب من الاختلافِ بين الإماميَّة رضوان الله عليهم دائرٌ بين أمرين.
أحدهما: كونُهُ عليه السَّلَام أفضل من الأَنبياءِ أُولي العزم وغيرهم.
الثَّاني: أنَّه مساوٍ لهم، ولا قسمٌ ثالث، وما نُسِب من القول بالتوقف غير مسموعٍ لورود النصوص الدَّالة على التفضيل، ولا دليل على المساواة ليرَجَّح به، فلا يكون للتوقف محل.
وَذَكر ولي بن نعمة الله الحسُيني الرَّضويّ الحائري: (أنَّهُ قد جرى البحث بين أَصحابنا من الفرقة الإماميَّة؛ فبعضُهم قالوا: إِنَّ عَلِيَّاً لا يُفضَّل على الأَنبياءِ، وثبتوا على قولهم)(1)، فَوَضعَ كتاباً سماَّه: (بمنهاجِ الحق واليقين في تفضيل عَلِيّ أمير المؤمنين على سائِرِ الأَنبياءِ والمرسلين)، وقد رأيته قد تركَ كثيراً من الأحاديث الدَّالة على المطلوب وما هو إلَّا استغناء بالبعض عن الكلِّ، ونحن أَيضاً نذكر شيئاً يسيراً؛ لأنَّ فضائله عليه السَّلَام لا تحصى، كما ذُكِر عن ابن عبَّاس أنَّه سُئِل عن فضائلِ عَلِيّ عليه السَّلَام، فقال: لو كانت البحارُ مداداً، والأَشجار أقلاماً، والجنّ والإنس كُتَّاباً لما أحصوا فضائله عليه السَّلَام(2).
ص: 32
وذكر العلَّامة رحمه الله في (شرح التَجريد): إِنَّ عَلِيَّاً عليه السَّلَام مساوٍ للمتقدِّمين، واستدلّ بالحديثِ الوارد عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله، أنّه قال: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنظر إِلى آدمَ في عِلِمهِ، وإِلى نُوحٍ في تَقْواهُ، وإِلى إِبراهيمَ في حلمِهِ وَإِلى مُوسَى في غَلَبَتِهِ، وإِلى عيسَى في عِبادَتهِ؛ فليَنظُر إِلى عَلِيّ بن أَبي طالبٍ عليه السَّلَام»(1)
فنقول: هذا الحديث لا يَلزَم منه مساواتهُ عليه السَّلَام لهم، بل إِنَّما يَلزَم منه تفضيلُه عليهم عليه وعليهم السَّلَام، وَوَجهُ ذلك: أَنَّهُ عليه السَّلام قد جَمعَ أَوصافَهُم أجمعين، مضافاً لما وَرثَه عَلَيهِ السَّلَام من النَّبيِّ صلَّى الله عَلَيهِ وآلهِ من الفضائِلِ والخصوصيَّات والعلوم الَّتى لا يعلمها الأَنبيَّاء المتقدِّمون،
ص: 33
ولمْ تدركها أَوهامهم، ومن المعلوم أَنَّ فضائلَ النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله ليست أَنَّ كفضائِلهم وعلومهم بالنسبةِ إِلى علمهِ وفضائِله كقطرة من البحار، ومن البحر الأَخضر(1)، وإذا اجتمعتْ إلى عَلّى بن أبي طالب عليه السَّلام فضائلهم وفضائل النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وعلومه، يلزم منه تفضيله عليهم، وسيأتيك من الأحاديثِ أَنَّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وَرث جميع الأنبياء من آثار النّبوَّةِ من العلوم، فإنَّ الأنبياء لمْ يتركوا درهماً ولا ديناراً، وإنَّما تركوا العلم، وصار ما تركوه للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله، ومن بعدهِ وَرِثهُ وصِيّه عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلام، ومن بعد عَلِيّ الأَوصياء عليهم السَّلَام واحد بعد واحداً، حتَّى انتهى إلى القائم المهدي عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، وهذا الأمر لا يختلف فيه الإماميَّة، فإذا وَرثَ عَلِيٌّ عليه السلام الجميع من النَّبيّ صلى الله عليه وآله لزِم منه أَنْ يكون أَفضل، ولا شكَّ في أفضليَّتِهِ؛ لأَنَّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله أفضل النَّاس قاطبةً من آدم ممَّن دونه، وعَلِيّ عليه السلام لهُ الفضل بَعْدُهُ، وهو مساوٍ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله، ومساوي المساوي مُسَاوِ؛ فيكون أفضل لِعَدَم الترجيح، وقد قالَ صلَّى اللهُ عليه وآله في قوله تعالى: «وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ»(2). («إِنَّ الله تَعَالى اخْتَارَني وَأَهْلَ بَيْتِي عَلى جَميعِ الخَلْقِ»)(3).
ص: 34
فكانوا عليهم السَّلام مساوين للنَّبيّ صلَّى الله عليه وآله في التفضيلِ عليهم؛ ولقولهِ لعَلِيّ عليه السَّلام: («أَنتَ منّي بِمَنْزِلَة هَارُون مِنْ مُوسَى إلا أَنَّه لَا نَبِيَّ بَعْدِي»)(1).
ومعنى ذلك: أَنه شريكهُ في جميعِ علومه، وخصائِصه، وفضائِله، ومناقبه، ومراتبه ما عدا النّبوَّة، ولولا الاستثناء لكان نبيَّاً.
وقد روِيَ: «أَنَّ جبرئيلَ عليه السَّلام نَزلَ عَلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عَليه وآله برمانَتينِ مِن الجنَّةِ، فأَخذهما النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله، وأَخذَ واحدةً مِنهما وقال: يا عَلِيّ هذه ليس لكَ فيها نَصِيب وهِي النُّبُوَّةِ، وَفَلَقَ الأُخرى بِنِصْفَينِ وَأَعْطَى عَلِيّاً عليه السَّلام نِصْفَها، وقال: يا عَلِيّ أَنتَ شَرِيكي فِي عُلُومِي كُلّها»(2).
ص: 35
فإذا كان هذا شأنهُ، كيف لا يكون أَفضل وأَعلم؟!
إِنَّ كلَّ منقبة وفضيلة للنَّبيّ صلَّى الله عليه وآله، فلِعَلِيّ مِثلها - كما سيأتي إِن شاءَ الله تعالى - فإِذا تقرَّر ما ذُكِر فكيف يكون مساوياً، فيكون أَفضل، وهذا أَوان الشّروع في المقصُودِ.
ص: 36
[1] رَوَى الشَّيخ أَبو جعفر مُحمَّد بن عليّ بن الحُسين بن بابويه القمِّي، في كتابِ (عيون أَخبار الرِّضا) عليه السَّلام، قال: (حدَّثَنا الحسن بن محمَّد بن سَعيد الهَاشمي الكوفي بالكوفة سنه أَربع وخمسين وثلاثمائة، قال: [حدَّثنا فرات بن إِبراهيم بن فرات الكوفي]، قال: حدَّثَنا مُحَمَّدُ بن أَحمَد بنِ عَلِيٌّ الهَمْدَانِيُّ، قال: حدَّثَني أَبُو الفَضل العَبَّاس بن عبد الله البُخَارِيُّ، قال: حدَّثَنَا مُحمَّد بن القاسِم بن [إِبرَاهيم بن مُحمَّد بن عبدِ الله بن القَاسمِ بن] مُحمَّد بن أَبِي بَكرٍ، قالَ: حدَّثنَا عَبد السَّلامِ بن صالِحٍ الهرَوِيُّ، عن عَلِيّ بن مُوسَى الرّضَا، عن أَبِيهِ مُوسَى بن جَعفَر، عن أَبِيهِ جعفَرِ بن مُحمَّد، عن أَبِيهِ مُحمَّد بن عَلِيٌّ، عن أَبِيهِ عَليّ بن الحُسَين، عن أَبِيهِ الحُسين بن عَلِيٍّ، عن أَبِيهِ عَلِيّ بن أَبِي طَالبٍ عليهم السَّلام، قال: «قالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَآله: مَا خَلَقَ اللهُ خَلقاً أَفضَلَ مِنّي وَلَا أَكرَمَ عَلَيهِ مِنِّي.
ص: 37
قَالَ عَلِيٌّ عَلَيه السَّلَام فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله فَأَنْتَ أَفْضَلُ "أو"(1) جَبَرْئِيلُ؟!
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله: يَا عَلِيُّ، إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَضَّلَ أَنْبِيَاءَهُ الْمُرْسَلِينَ عَلَى مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ، وَفَضَّلَنِي عَلَى جَمِيع "الأَنْبِياءِ"(2) وَالْمُرْسَلِين، وَالْفَضْلُ بَعْدِي لَكَ يَا عَلِيُّ وَلِلْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِكَ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَخُدَّامُنَا وَخُدَّامُ مُحِبِّینَا.
يَا عَلِيُّ «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا»(3) بِوَلَايَتِنَا.
يَا عَلِيُّ، لَوْلَا نَحْنُ مَا خَلَقَ اللهُ آدَمَ وَلَا حَوَّاءَ، وَلَا الْجَنَّةَ وَلَا النَّارَ، وَلَا السَّمَاءَ وَ[لَا] الْأَرْضَ، "وكَيْفَ"(4) لاَ نَكُونُ أَفْضَلَ مِنَ الْمَلائِكَةِ وَقَدْ سَبَقْنَاهُمْ إِلَى مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَتَسْبِيحِهِ وَتَهْلِيلِهِ وَتَقْدِيسِهِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَرْوَاحُنَا، فَأَنْطَقَهَا بِتَوْحِيدِهِ وَتَمَجِيدِهِ، ثُمَّ خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ، فَلَمَّا شَاهَدُوا أَرْوَاحَنَا نُوراً وَاحِداً اسْتَعْظَمَتْ أَمْرَنَا، فَسَبِّحْنَا لِتَعْلَمَ الْمَلَائِكَةُ أَنَّا خَلْقٌ تَخَلُوقُونَ وَأَنَّهُ مُنَزَّةٌ عَنْ صِفَاتِنَا، [فَسَبَّحَتِ الْمَلَائِكَةُ بِتَسْبِيحِنَا، وَنَزَّهَتْهُ عَنْ صِفَاتِنَا]، فَلَمَّا [شَاهَدُوا عِظَمَ شَأْنِنَا هَلَّلْنَا لِتَعْلَمَ الْمَلَائِكَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّا عَبِيدٌ وَلَسْنَا
ص: 38
بِآلَهِةٍ "نُحِبُّ"(1) أَنْ نُعْبَدَ مَعَهُ أَوْ دُونَهُ، فَقَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَلَا شَاهَدُوا كِبَرَ مَحَلَّنَا كَبَّرْنَا لِتَعْلَمَ الْمَلَائِكَةُ أَنَّ الله أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُنَالَ عِظَمُ الْمَحَلَّ إِلَّا بِهِ، فَلَمَّا شَاهَدُوا مَا جَعَلَهُ اللهُ لَنَا مِنَ "الْعِزَّ"(2) وَالْقُوَّةِ، "قُلْنَا"(3): لَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بالله، لِتَعْلَمَ الْمَلَائِكَةُ أَنَّهُ لَا حَوْلَ لَنَا وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، فَلَمَّا شَاهَدُوا مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْنَا وَأَوْجَبَهُ لَنَا مِنْ فَرْضِ الطَّاعَةِ، قُلْنَا: الْحَمْدُ لله، لِتَعْلَمَ الْمَلَائِكَةُ مَا "يحقُّ"(4) لله تَعَالَى ذِكْرُهُ عَلَيْنَا مِنَ الْحَمْدِ "بَعد"(5) نِعَمِهِ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: الْحَمْدُ اللهِ، فَبِنَا اهْتَدَوْا إِلَى مَعْرِفَةِ تَوْحِيدِ الله عَزَّ وَجَلَّ، وَتَسْبِيحِهِ، وَتَهْلِيلِهِ، وَتَحْمِيدِهِ، وَتَمْجِيدِهِ.
ثُمَّ إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ آدَمَ فَأَوْدَعَنَا صُلْبَهُ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ تَعْظِيماً لَنَا وَإِكْرَاماً، وَكَانَ سُجُودُهُمْ لله عَزَّ وَجَلَّ عُبُودِيَّةً وَلِآدَمَ إِكْرَاماً وَطَاعَةً، لِكَوْنِنَا فِي صُلْبِهِ، فَكَيْفَ لَا نَكُونُ أَفْضَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَقَدْ سَجَدُوا لِآدَمَ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ.
وَإِنَّهُ لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ أَذَّنَ جَبْرَئِيلُ مَثْنَى مَثْنَى [وَأَقَامَ مَثْنَى مَثْنَى]، ثُمَّ قَالَ [لي]: تَقَدَّمْ يَا مُحَمَّدُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا جَبْرَئِيلُ أَتَقَدَّمُ عَلَيْكَ؟!
ص: 39
قَالَ: نَعَمْ، "إِنَّ"(1) الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَضَّلَ أَنْبِيَاءَهُ عَلَى مَلاَئِكَتِهِ أَجَمْعِيَن، وَفَضَّلَكَ خَاصَّةً، [قَالَ:] فَتَقَدَّمْتُ فَصَلَّيْتُ بهِمْ وَلَا فَخْرَ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى حُجُبِ النُّورِ، قَالَ لي جَبْرَئِيلُ: تَقَدَّمْ يَا مُحَمَّدُ، وَتَخَلَّفَ عَنِّي، فَقُلْتُ [لَهُ]: يَا جَبْرَئِيلُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ تُفَارِ قُنِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ انْتِهَاء حَدَّيَ الَّذِي وَضَعَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ إِلَى هَذَا الْمَكَانِ، فَإِنْ تَجَاوَزْتُهُ احْتَرَقَتْ أَجْنِحَتِي بِتَعَدِّي حُدُودِ رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ، "فَرُجَ بي في النُّورِ زَجَّة"(2) حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلى مَا شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ عُلُوّ "مُلكهِ"(3)، فَنُودِيتُ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ رَيٌّ وَسَعْدَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، فَإِيَّايَ فَاعْبُدْ وَعَلَيَّ فَتَوَكَّلْ، فَإِنَّكَ نُورِي فِي عِبَادِي وَرَسُولِي إِلَى خَلْقِي، وَحُجَّتِي عَلَى بَرِيَّتِي لَكَ وَمَنْ "اتَّبِعَكَ"(4) خَلَقْتُ جَنَّتِي، وَمَنْ خَالَفَكَ خَلَقْتُ نَارِي، وَلَأَوْصِيَائِكَ أَوْجَبْتُ كَرَامَتِي، وَلِشِيعَتِهِمْ أَوْجَبْتُ ثَوَابِي، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ وَمَنْ أَوْصِيَائِي، فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ، أَوْصِيَاؤُكَ الْمَكْتُوبُونَ عَلَى سَاقٍ عَرْشِي، فَنَظَرْتُ وَأَنَا بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ إِلَى سَاقِ الْعَرْشِ، فَرَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ نُوراً فِي كُلِّ نُورٍ سَطْرٌ أَخْضَرُ عَلَيْهِ اسْمُ وَصِيٌّ مِنْ أَوْصِيَائِي، أَوَّلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السّلام، وَآخِرُهُمْ مَهْدِيُّ أُمَّتِي، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ هَؤُلَاءِ أَوْصِيَائِي بَعْدِي، فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ، هَؤُلَاءِ أَوْصِيَائِي، وَأَحِبَّائِي، وَأَصْفِيَائِي، وَحُجَجِي بَعْدَكَ عَلَى بَرِيَّتِي،
ص: 40
وَهُمْ أَوْصِيَاؤُكَ، وَخُلَفَاؤُكَ، وَخَيْرُ خَلْقِي بَعْدَكَ، وَعِزَّتِ وَجَلَالِي لَأُظْهِرَنَّ و همْ دِينِي، وَلَأُعْلِيَنَّ بِهِمْ كَلِمَتِي، وَلَأُطَهِّرَنَّ [الْأَرْضَ] بِآخِرِهِمْ مِنْ أَعْدَائِي، وَلَأُمَلكَنَّهُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَلَأُسَخَّرَنَّ لَهُ الرِّيَاحَ، "ولأُسخَّرن"(1) لَهُ السَّحَابَ الصَّعَابَ، وَلَأُرَقْيَنَّهُ فِي الْأَسْبَابِ، وَلَأَنْصُرَنَّهُ بِجُنْدِي، وَلَأُمِدَّنَّهُ بِمَلَائِكَتِي حَتَّى يُعْلِنَ دَعْوَنِ وَيَجْمَعَ الْخَلْقَ عَلَى تَوْحِيدِي، ثُمَّ لَأُدِيمَنَّ مُلْكَهُ، وَلَأُدَاوِلَنَّ [الْأَيَّامَ] بَيْنَ أَوْلِيَائِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»)(2).
فأنشدك الله قوله عليه السَّلام: «وَالْفَضْلُ بَعْدِي لَكَ يَا عَلِيُّ وَلِلْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِكَ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَخُدَّامُنَا وَخُدَّامُ مُحِيِّينَا، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِوَلَايَتِنَا».
وقوله: «يا عَلِيّ، لَولا نَحن»، وكيف لا يكون كلّ هذا، وما بعدهُ - ممَّا ذكر - مِن صِيغِ التكلّم المقتضية للتشريك ممَّا ينفي غيرهم، وخطاب الله تعالى لنبيِّهِ صلَّى الله عليه وآله: «وَخَير خَلْقِي بَعدكَ»، فإِنَّه يشمل غيرَهم ما سِوى نبيَّنا صلَّى الله عليه وآله ، فهذا كلّهُ صريحٌ في تفضيلِ أَمير المؤمنين عَليّ بن أَبي طالبٍ عليه السَّلام على مَن سواهُ مِن الأَنبياءِ وغيرهم، فتأمَّل الحديث تجدهُ عوناً لكَ صريحاً في التفضيلِ، ورتِّب على ذلك كلّ منقبةٍ لنبيَّنا صلَّى الله عليه وآله وحجّة الله تعالى علينا، فهيَ لوصيِّهِ مَولانا وأَميرنا وإِمامنا عليّ بن أَبي
ص: 41
طالب عليه أفضل الصَّلاةِ والسَّلام.
[2] وَرَوَى ابن بابويه - رحمهُ الله - في كتابِ (العلل) من بابِ العلَّةِ الَّتي مِن أَجلِها سُمِّي الخِضُر عليه السَّلام خضراً هو: («إِنَّ مُوسَى - "على نبيَّنا - وآله السَّلام، وعلى موسى نبيِّ الله السَّلام"(1) - لمَّا كلَّمَهُ الله تَكليمًا، وأَنزلَ عليه التَّوراةَ، وَكتبَ « لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ»(2)، وجعلَ اللهُ تعالى آيتهُ في يَدِهِ وَعصاهُ وفي الطُّوفانِ(3)، «وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ»(4)، وفَلَقَ البَحرَ، "وأَغرقَ"(5) اللهُ عزَّ وجلَّ فِرعونَ وَجُنودهُ(6)، وعملت البَشريِّةُ [فيهِ] حتَّى قَالَ فِي نَفْسِهِ: مَا أَرَى أَنَّ الله عزّ
ص: 42
وجَلَّ خَلقَ خَلقاً أَعلمَ مِنِّي، فأوحى الله إلى جبرئيل: يا جبرئيلُ أَدرِك عَبدِي قَبلَ أَنْ يَهلك، وقل له: إِنَّ عِند مُلتَقَى البحرين رجلاً عابداً فاتَّبعه وتَعلَّم منه؛ فهبط جبرئيلُ بِما أَمرهُ بهِ رَبُّهُ عزَّ وجلَّ، فعلِمَ مُوسَى عليه السَّلام أَنَّ ذلك لِمَا حدَّثَتْ به نفسهُ، فَمضَى هو وفتاهُ يوشعُ بن نون، حتَّى انتَهيَا إِلى مُلتَقَى البَحرينِ، فوجَدا هُناكَ الخضرَ عليه السَّلام يعبُد الله عزَّ وجلَّ كما قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ في كتابهِ: «فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا أَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلَّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا»(1).
قالَ لهُ الخضِر عليه السَّلام: «إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا»(2)، لَأنيِّ وُكَّلتُ بِعلمٍ لا تُطِيقُهُ، "وو كُلتَ أَنت بعلم لا أُطيقهُ"(3).
قال موسى: بل أستطيعُ معكَ صَبراً، فقالَ لهُ الخضر: إِنَّ القِياسَ لا مجالَ لهُ في عِلمِ الله وأَمرهُ «وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا * قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا»(4).
فلمَّا استَثنَى المشيَّةَ قَبِلهُ "و"(5) «قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى
ص: 43
أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا»(1)، فقالَ مُوسى عَليه السَّلام: لكَ ذلكَ عَلَيَّ «فَانْطَلَقَا و حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا» الخضر عَليه السَّلام؛ فقال لهُ مُوسى عَليه السَّلام: «أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا»(2).
قَالَ مُوسى عَليه السَّلام: «لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ»، أَي: بِما تَركتُ مِن أَمركَ «وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً * فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ» الخضر عليه السَّلام، فغضبَ مُوسى عليه السّلام وأَخذَ "بتلبيبهِ"(3)، وقالَ لهُ: «أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا»(4).
فقالَ لهُ الخضر: إِنَّ العُقولَ لا تحكمُ على أَمرِ الله تعالى ذِكرُهُ، بَلْ [أَمرُ] الله يحكُمُ عليها، فَسلَّم لا ترى مِنّي واصبر عليه، فَقد [كنتُ] عَلِمتُ "أَمر"(5) «أَنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنّي عُذْرًا * فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ»، وهي: "النَّاصِرَة"(6)،
ص: 44
وإليها يُنسبُ النَّصَارَى «اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيَّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ»، فوضَعَ الخضرُ يدهُ [عليه] «فَأَقَامَهُ»، فقال موسى: «لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا»(1).
قالَ لهُ الخَضْرُ: «هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنُبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا»(2))(3).
إِلى آخر ما خَبَّرَهُ به وأنبأه به، وَقصَّ عليهِ من تفسيرِ السَّفينةِ، والغلام والجدَارِ، فهذا موسى كليمُ الله لمْ يَكن عندهُ عِلم ما كان عند الخضِر عليه السَّلام، وقد قالَ لموسى عليه السَّلام: إنّي وكلْت بِعِلْمٍ لا تطيِقْه»، فإذا كان موسى كليمُ الرَّحمن لا يطيق علم ما وكِّل به الخضر، وهذا عَليّ بن أبي طالب عليه السَّلام عنده عِلمُ الأوَّلين والآخرين، وعلم ما كان وما يكون إِلى يومِ القيامة، وعلم المنايا والبلايا وفضل الخطاب، وعندهُ علم الكتابِ كلّه، وعلم الخضر بالنِّسبةِ إِلى علمهِ عليه السَّلام كقطرة من البحار، ومن البحر
ص: 45
الأخضر(1)، أو ما دون، فإذا كان كذلك كان أفضل.
قال ابن بابويه رحمه الله: (إِنَّ موسى عليه السَّلَام مع كمالِ عقلهِ وفضلهِ، ومحلِّه من الله تعالى ذكره ، لمْ يستدرك باستنباطه واستدلاله معنى أَفعال الخضر عليه السَّلَام، حتّى اشتبه عليه وجه الأَمر فيه، وسخط جميع ما كان يشاهده، حتَّى أُخبر بتأويلهِ، فرضي، ولو لم يخبر بتأويله لما أدركه، ولو بقي(2) في الفكر عمرَه)(3).
أقول: ومَن كان هذا حاله، كيف يكون أَفضل من عَلِيّ عليه السَّلَام؟!
[3] وقد روي عنه عليه السَّلَام، أَنَّه قال: «لَو تُنِيتْ لِي الوِسَادَةُ لأَفتَيتُ أَهلَ التّوراة بتوراتِهِمْ، حَتَّى لَو كانَ مُوسى عَليهِ السَّلَام حَاضِراً لَأَقرَ بأَنِّي أَحفَظ لها منه، ولأَفتَيتُ أَهل الإنجيل بإنجيلهمْ، حَتَّى لَو كَانَ عيسى حَاضِراً لأَقرَّ بأنِّي أَحفَظ له منه، ولأفتيت أَهلَ الزَّبور بزبورِهم، حتَّى لَو كانَ دَاوود حَاضِراً لأَقرَّ بأنّي أَحفظ لهُ مِنه»(4).
ص: 46
[4] وعن سيف التَّمار قال: (كُنَّا مع أبي عبد الله عليه السَّلَام مَعَ جماعةٍ من الشِّيعة في الحجْرِ، فقال عليه السَّلام: «عَلَيْنَا عَيْنُ»، فَالْتَقَتْنَا يَمْنَةٌ ويَسْرَةً فَلَمْ نَرَ أَحَداً، فَقُلْنَا: لَيْسَ عَلَيْنَا عَيْنٌ!
فَقَالَ: «ورَبِّ الْكَعْبَةِ، َورَبِّ البنيَّة - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - لَوْ كُنْتُ بَيْنَ مُوسَى والْخَضِرِ لأَخْبَرْتُهُمَا أَنِّي أَعْلَمُ مِنْهُمَا، ولأَنْبَأَتُهُمَا بِمَا لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا؛ لأَنَّ مُوسَى والْخَضِرَ أُعْطِيَا عِلْمَ مَا كَانَ وَلَمْ يُعْطَيَا عِلْمَ مَا يَكُونُ ومَا هُوَ كَائِنٌ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَقَدْ وَرِثْنَاهُ مِنْ رَسُولِ الله صلَّى الله عليه وآله وِرَاثَةً»)(1).
فهذا الصَّادق جعفر بن مُحَمَّدٍ - عليهما السَّلَام - أعلم من هذين العالمين؛ فكيف وعَلِيّ أمير المؤمنين عليه السَّلَام وهو أفضل؟!
فلعن الله مَن صدَّ عن سواءِ السَّبيل، ويكفيكَ حديث الطَّائر(2) ففيه
ص: 47
ص: 48
ص: 49
غنیً في كفاية فضله.
وأين مَنْ يدرك فضل مَن لو اجتمعتْ أهل الدُّنيا على حبِّهِ لَما خلقَ الله النَّار(1)؟
ومَنْ لو كانت البحار مداداً، والأشجار أقلاماً، والأِنس والجن، كتاباً لما أحصوا فضائِلَهُ فهيهات هيهات، وعَلِيّ عليه السَّلَام العالم بالحياة والممات، والعالم بالخفيَّات(2).
ص: 50
[5] و ممَّا رواه محمَّد بن يعقوب الكليني رحمه الله، بسندهِ المتَّصل إلى عَلِيّ بن رِئَاب رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السَّلَام قال: (قال أَميرُ المؤمِنينَ عليه السَّلَام: «إِنَّ اللَّه نَهَراً دُونَ عَرْشِهِ وَدُونَ النَّهْرِ الَّذِي دُونَ عَرشِهِ "نُورٌ مِن نُورِهِ"(1) وإِنَ [فِي] حَافَتَي النَّهَرِ رُوحَيْنِ مَخْلُوقَيْنِ: رُوحُ الْقُدُسِ، وَرُوحٌ مِنْ أَمْرِهِ؛ وَإِنَّ لله عَشْرَ طِينَاتٍ خَمْسَةٌ مِنَ الجَنَّةِ، وخَمْسَةٌ مِنَ الْأَرْضِ»، وَفسَّرَ الجنانَ وفسَّرَ الأرض.
ثُمَّ قال: «مَا مِنْ نَبِيٌّ وَلَا مَلَكِ مِنْ بَعْدِهِ جَبَلَهُ إِلَّا نَفَخَ فِيهِ مِنْ إِحْدَى الرُّوحَيْنِ، وَجَعَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مِنْ إِحْدَى الطِّينَتَيْنِ».
قُلْتُ لأَبي الحسَن الأَوَّل عليه السَّلَام مَا الجَبْل؟
قال عليه السَّلَام «الْخَلْقُ غَيْرَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ؛ فَإِنَّ الله عَزَّ وجَلَّ خَلَقَنَا مِنَ الْعَشْرِ طِينَاتٍ، ونَفَخَ فِينَا مِنَ الرُّوحَيْنِ جَمِيعاً، فَأَطْيِبْ بِهَا طِيناً»)(2).
[6] و[روی] غيره، عن أَبي الصَّامِتِ، قال عليه السَّلام: («طِينُ الحِنَانِ: جَنَّةُ عَدْنٍ، وجَنَّةُ المأوى، والنَّعِيمِ، وَالْفِرْدَوْسُ، وَالْخُلْدُ، وطِينُ الْأَرْضِ: مَكَةُ،
ص: 51
والْمَدِينَةُ، والْكُوفَةُ، وبَيْتُ الْمَقْدِسِ، والْحَائِرُ»)(1).
فإذا كانوا عليهم السَّلَام خُلِقُوا من العَشرِ طينات، ونفخ فيهم من الرُّوحين جميعاً، وإِنَّ الأَنبياء والملائِكة من دون ذلك، فكفى به فضلاً.
[7] وعن محمَّد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السَّلَام، قال: (سَمِعتُهُ يقُول: «إِنَّ اللهَ خَلَقَنَا مِن نُورٍ عَظَمَتِهِ، ثُمَّ صَوَّرَ خَلقَنَا مِن طِينةٍ تَحَزُونَةٍ مَكنُونَةٍ مِن تَحتِ العَرش؛ فأَسكن ذلكَ النُّور فيه، "فكذا نَحنُ خُلِقنَا"(2) نُورَانيين، لمْ يَجْعَل لأَحَدٍ فِي مِثلِ الَّذي خلقنَا مِنه نَصيباً، وَخَلَقَ أَروَاحٍ شِيعَتَنَا مِن طِينَتنا،وأَبدَانَهُم مِن طِينةٍ مَحْزُونَةٍ [مَكنُونَة] أَسفل من "تِلك"(3) الطَّيئَة، ولم يجعل الله لأحدٍ في مِثلِ الَّذي خَلَقَهُم مِنه نَصيباً إِلَّا الأَنبياء؛ ولذلكَ صِرْنَا نَحنُ، وَهُمُ النَّاسِ، وَصارَ سَائِرُ النَّاسِ هَمجُ للنَّار وإلى النَّار»)(4).
فدلَّ هذا الحديث بمفهومه، بل بمنطوقه على أنَّ الأنبياء عليهم السَّلَام إنَّما خلقوا مما خلقت الشِّيعة منه، بدليل قوله عليه السَّلَام: «ولمْ يجعل لأَحدٍ في مثلِ الَّذي خلقهم» - يعني: الشيعة «نصيبا إلَّا الأَنبياء».
فظهر مِن هذا، أنَّ الأنبياء صلوات الله عليهم قد شاركوا شيعة الأئمَّة عليهم السَّلَام في خلقِ أَرواحهم من طينةِ الأئمَّة.
ص: 52
فإذا كان هذا أَصلُ الخلقِ، فكيف لا يكون علي بن أبي طالب عليه السَّلَام أفضل؟.
[8] وعن أَبي حمزة الثّمالي، قال: سمعت أَبا جعفر عليه السَّلام، يقول: «إِنَّ الله خَلَقَنا مِن أَعلَى عِلَّيِّين، وَخَلَقَ قُلُوبَ شِيعَتِنا ممَّا خلقنَا، وخَلَقَ أَبدَانَهُم مِن دُونِ ذَلك ..»)(1)، إلى آخر الحديث.
ومعلوم أنَّ الأنبياء عليهم السَّلام من شيعة عَلِيّ أمير المؤمنين عليه السَّلَام، وقد قال الله تعالى في حقِّ إبراهيم عليه السَّلَام: «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ»(2)، وفسرِّ بأنَّ المراد به عَلّيِ بن أبي طالب عليه السَّلَام(3) فيكون أَفضل.
[9] وعن دَاوُد الرَّقِّي قالَ: (سَأَلْتُ أَبا عبد الله عليه السَّلَام عَن قول الله عَزَّ وَجَلَّ: «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»(4)، فقال: «ما يَقُولُونَ»؟
ص: 53
قلت: يَقُولُونَ: إِنَّ العَرْشَ [كانَ] عَلَى المَاءِ، والرَّبُّ تَعَالَى فَوقَهُ، فَقَال: كَذَّبُوا مِنْ زَعَمَ هَذَا فَقَدْ صَيَّرَ اللهَ مَحْمُولاً ووَصَفَه بِصِفَةِ الْمُخْلُوقِ [وَلَزِمَهُ] أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَحْمِلُه أَقْوَى مِنْه».
قُلْتُ: بَيِّنْ لي جُعِلْتُ فِدَاكَ؟
فَقَالَ: «إِنَّ الله حَمَّلَ دِينَه وعِلْمَه الماءَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ أَرْضُ أَوْ سَمَاءُ أَوْ جِنٌّ أَوْ إِنْسٌ أَوْ شَمْسُ أَوْ قَمَرٌ، فَلَمَّا أَرَادَ [الله] أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ نَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: مَنْ رَبُّكُمْ؟ فَأَوَّلُ مَنْ نَطَقَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وآله، وأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، والأَئِمَّةُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجمعين؛ فَقَالُوا: أَنْتَ رَبُّنَا، فَحَمَّلَهُمُ الْعِلْمَ والدِّينَ، ثُمَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: هَؤُلَاءِ حَمَلَةُ دِينِي، وعِلْمِي، وأمَنَائِي فِي خَلْقِي، وهُمُ المُسْؤُولُونَ، ثُمَّ قَالَ لِبَنِي آدَمَ: أَقِرُّوا الله بِالرُّبُوبِيَّةِ وهَؤُلَاءِ النَّفَرِ بِالْوَلَايَةِ والطَّاعَةِ، فَقَالُوا: نَعَمْ رَبَّنَا أَقْرَرْنَا، فَقَالَ اللهُ لِلْمَلَائِكَةِ: اشْهَدُوا..».
إلى آخرِ أَن قَال: «يَا دَاوُدُ وَلَايَتُنَا مُؤَكَّدَةٌ عَلَيْهِمْ فِي المِيثَاقِ»(1).
فإذا كان هذا شأنهم وحالهم في الأَصلِ فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلَام أفضل؟!
ص: 54
ولو كان أُولوا العزم أَفضل لأَجابوا قبل أَمير المؤمنين والأئمَّة عليهم السَّلَام؛ ولحمَّلَهُم العلم والدِّين أوّلاً، فهو واضح في تفضيله عليه السَّلَام.
[10] عَنِ الهَيْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ مُقَرِّنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله عليه السَّلَام، يَقُولُ: «جَاءَ ابْنُ الْكَوَّاءِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، «وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ»(1).
[فَقَالَ]: نَحْنُ عَلَى الأَعْرَافِ نحنُ نَعْرِفُ أَنْصَارَنَا بِسِيمَاهُمْ، وَنَحْنُ الأَعْرَافُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ الله عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا بِسَبِيلِ مَعْرِفَتِنَا، وَنَحْنُ الأَعْرَافُ يُعَرِّفُنَا الله عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الصِّرَاطِ، فَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ عَرَفَنَا وعَرَفْنَاه، ولَا يَدْخُلُ النَّارَ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَنَا وَأَنْكَرْنَاهُ.
إِنَّ الله عَزَّ وجَلَّ لَوْ شَاءَ لَعَرَّفَ الْعِبَادَ نَفْسَه، ولَكِنْ جَعَلَنَا أَبْوَابَه وَصِرَاطَه، وسَبِيلَه، والْوَجْهِ الَّذِي "لا يُؤْتَى إلَّا به"(2)، فَمَنْ عَدَلَ عَنْ وَلاَيَتِنَا أَوْ فَضَّلَ عَلَيْنَا غَيْرَنَا، فَإِنَّهُمْ «عَنِ الصَّرَاطِ لَنَاكِبُونَ»(3)..»)(4). إلى آخر الحديث.
فقوله عليه السَّلَام: («فَمَنْ عَدَلَ عَنْ وَلَايَتِنَا أَوْ فَضَّلَ عَلَيْنَا غَيْرَنَا فَإِنَّهُمْ
ص: 55
«عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ».
أَفاد هذا العمُوم: أَنَّ مَن فضَّل غيرهم من الأَنبياء، وغيرهم الناكبون عن الصّراط، إلَّا ما خصَّه الدَّليل من تفضيل نبيَّنا صلَّى الله عليه وآله؛ لأنَّه الأصل وأوصياؤه فرعه، فاقتضّوا الطَّريق بالتّماس المنار، والتمسوا من وراءِ الحُجب الآثار، تستكملوا أَمر دينكم، وتؤمنوا بالله ربّكم بتفضيل الصِّراط والنبأ العظيم والدِّين القويم، فإِنَّكم إِنْ لمْ تفضِّلوه نكبتم عن الصِّراط، واستوجبتم الانحطاط، «فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي في الصُّدُورِ»(1).
[11] وفي بعض مسائل اليهود لعَليّ عليه السَّلَام، في زمن الثاني أنَّه قال: فَمَنْ يَنْزِلُ مَعَهُ فِي مَنْزِلِهِ؟ - يعني: النَّبي صلَّى الله عليه وآله-.
قَالَ: «اثْنَا عَشَرَ إِمَامَاً».
قال: صَدَقت(2).
فيكون الإِمام عليه السَّلَام أفضل؛ لأنَّه ليس أَحد من الأنبياءِ مِن أُولى العَزمِ وغيرهم مع النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله في منزلهِ، ومنزله أَعلى منازل
ص: 56
الجنَّة، فعَليّ عليه السَّلَام أفضل.
[12] وفي يومِ غَدير خم يكفيكَ فضلهُ على سائِرِ الأَنام؛ لقولِ رسول الله صلَّى الله عليه وآله، عن الله عزَّ وجلّ: («أَوَلَستُ أَولَى بِكُمْ مِنْ أَنفُسِكُم؟ قالوا: بَلَى.
قال: «فَمَن كُنتُ مَولَاهُ فَعَلِيٌّ مَولَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وانْصُر مَن نَصَرَهُ، واخذل مَن خَذَلَهُ، وأعن مَن أَعانه، [ذاك] عَلِيُّ بن أبي طالبٍ عليه السَّلَام أمير المؤمِنِينَ، وإمامُ المُتَّقِينَ، وَقائِدُ الغُرِّ المَحَجَّلينَ، وأَفضَلُ الوَصيِّينَ، وَخيرُ الخَلقِ أَجَمَعينَ بعدَ َرسُولِ الله صلى الله عليه وآله»)(1).
فإذا كانَ خيرُ الخلق أَجمعين، فكيف لا يكونُ أفضل؟
ومَنْ في قوله صلَّى الله عليه وآله: «مَن كُنتُ مَولَاهُ» المعْمُوم(2)، فأفاد كلّ من كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله مولاه، ومن جملتِهم الأَنبياء وأَوصياؤهم مِن أُوليِ العزم وغيرهم، ولاشك أنَّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله مولاهم ووليّهم، فيكون الإِمام بعده كذلك؛ للقاعدة المقررَّة سابقاً، فزد يقيناً وانظر ببصيرةٍ بلا ارتيابٍ.
[13] (محمَّد بن إِبراهيم بن إِسحاق الطَّالقاني رضي الله عنه، قال: حدَّثنا
ص: 57
محمَّد بن همام، قال: حدَّثنا بن هلال، عن محمَّد بن أَبي عُمير، عن المفضَّل بن عمر عن الصَّادق جَعْفَر بن مُحَمَّد، عن أبيه عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السَّلَام، قال: «قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآله: ما أُسرِيَ بِي إِلى السَّمَاءِ أَوحَى الله رَبِيّ جَلَّ جَلَالَهُ، فَقَال: يَا مُحَمَّد، إِنِّي اِطَّلَعتُ إِلَى الأَرْضِ اطَّلَاعَةً، فَاخْتَرْتُكَ مِنها ، فَجَعلتُك نبيَّا، وَشَققتُ لكَ مِن اسمي اسماً، فأنا المَحمُودُ وأَنتَ مُحَمَّد، ثُمَّ اطَّلعتُ الثَّانية، فاختَرتُ مِنها عَلِيَّا، وجعلتُهُ وَصِيَّك، وخليفتك، وزوج ابنتِك، وأبا ذُرِّيَّتِكَ، وشَققتُ لهُ اسماً مِن أَسمائِي، فَأَنَا العَلِيُّ الأَعلَى وهو عَلِيٌّ، وجعلتُ فاطِمَةَ والحَسَن والحُسَين مِن نُوركمَا، ثُمَّ عَرَضتُ ولايتهم على الملائِكَةِ، فَمَن قَبلَهَا كَانَ عِندِي مِنْ المُقَرَّبِينَ.
يا مُحمَّد: لَو أَنَّ عَبداً عَبدَني حتَّى "يَتقَطَّع"(1) [وَيَصير] كالشَّنِّ البَالي(2)، ثُمَّ أَتاني جَاحِداً "بولايَتهم"(3) ما أسكنته جنَّتِي، ولا أظللتُهُ تحت عرشي..»)(4). إلى آخر الحديث.
فقول الله عزَّ وجلّ لنبيه صلَّى الله عليه وآله: «لَو أَنَّ عَبداً عَبدني»؛ فلفظة
ص: 58
(عَبد) نَكرةٌ يفيد العموم من آدم فمن دونه فيشمل الأَنبياء وغيرهم، فإِذا كان اللهُ عزَّ وجلّ لا يقبل عمل عامل إلَّا بولايتهم، فكيف لا يكون أفضل؟!
ولولا عَلِيّ عليه السَّلام ما دخلوا الجنان، ولا استظلُّوا بعرش الرَّحمن(1)، وذلك بالنَّصِّ ممَّن أَيَّن الأين والزَّمان(2)، ولو كان هناك ممَّن هو أفضل من عَلِيّ عليه السَّلَام؛ لخصَّهُ في الاطلاعةِ الثانية؛ ولذكرهم دون عَلِيّ عليه السَّلَام.
ولما ذكر فاطمة والحسن والحسين عليهم السَّلَام خلقوا مِن نورهما صلوات الله عليهما، وإِن كان الأَنبياء أَجمعين خلقوا مِن أَنوار النَّبيّ وعَلِيّ والأئمَّة عليهم السَّلَام، كما دلَّتْ عليه النصوص، وتواترت به الأَخبار.
ويكفيك في فضلِ عَلِيّ عليه السَّلَام أَنْ خُلِقوا مِن نُورهِ، وانْ كان هو سبباً في خَلقِهم، وهل من قائِلٍ بغير هذا الاختلاف؟ وقد قال الله عزَّ وجلّ في آية
ص: 59
المباهلة، لمَّا طالبوه صلَّى الله علیه و آله نصارى نجران ودعوه لذلك.
[14](1) («قال سبحانه وتعالى لنبيَّهِ صلىَّ الله عليه وآله: «فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ»(2)
وَلَمْ يَدَّع أَحدٌ أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليه وآله أَدْخَلَ تَحْتَ الكِسَاء عِنْد مُبَاهَلَةِ النَّصَارَى غَير عَلي بن أَبِي طَالِبٍ عَليه السَّلَام وَفَاطمة وَالحَسَن والحسين عَلَيهِم السَّلَام، فَكَانَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجِلّ: «أَبْنَاءَنَا»: الحَسَن وَالْحُسَينِ «وَنِسَاءَنَا»: فَاطِمَة، «وَأَنْفُسَنَا»: عَلي بن أبي طالب عَلَيهم السَّلَام عَلَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ جَبْرَئِيلَ عَليه السَّلَام قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: يَا مُحَمَّد إِنَّ هَذِهِ هَيَ المُواسَاةُ مِنْ عَلِيّ.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآله: لِأَنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: وَأَنَا مِنْكُمَا يَا رَسُولَ الله.
ثُمَّ قَالَ: لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَلَا فَتَى إِلَّا عَلِيُّ، فَكَانَ كَمَا مَدَحَ اللَّهِ تَعَالَى خَلِيلَهُ إِبْرَاهِيم عَليه السَّلَام إِذ يَقولُ عَزَّ مَنْ قَال: «فَتَى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ
ص: 60
فإذا كان نفسهُ كنفسهِ صلَّى الله عليه وآله؛ فكيف لا يكون أفضل؟
ومنزلة عَلِيّ عليه السَّلَام أَشدّ وأَقوى وأَعمّ للحصر المستفاد (بإِلَّا) الوَاقعة في ميثاق النفي بخلاف مدح خليله، وهو نفس رسوله كما في صريح الآية، وهما نور واحد؛ لقوله: «لِأَنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ».
وأَمّا قول جبرئيل عليه السَّلَام: «وَأَنَا مِنْكُمَا» يعني: إِنَّهُ مخلوق منهما، فأَنا أُواسِيكُما وأفديكما بنفسي، والمكان يقتضي ذلك.
[15] وَرَوى أبو الصِّلت - عبد السَّلام بن صالح الهروي-، عن الرّضَا عليه السَّلَام في حديث طويل: أنَّ المؤمنين يزورون ربَّهم من منازلهم في الجنَّةِ.
فَقالَ عَلَيه السَّلَام: «يَا أَبَا الصَّلْتِ إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَضَّلَ نَبِيَّهُ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالمَلَائِكَةِ، وَجَعَلَ طَاعَتَهُ طَاعَتَه ، وَمُتَابَعَتَهُ مُتَابَعَتَهُ، وَزِيَارَتَهُ فِي الدُّنْيَا [والآخِرَةِ زِيَارَتَهُ..»)(3). إلى آخر الحديث.
ص: 61
وفَضل الوصي كفضل النَّبي؛ لأنَّ متابعتهما وطاعتهما متلازمان لا تنفك أَحدهما عن الأُخرى.
ولقوله صلَّى الله عليه وآله لِعَلِيّ: «مَنْ أَطَاعَكَ أَطاعَنِي، وَمَنْ عَصَاكَ عَصاني، وَمَنْ خَالَفَك خَالَفَني»(1).
ولأنهَّما في منزل واحد، ولما تقدَّمَ أنَّ الفضل له بعد النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله في حديث ذَكرَ في آخره قال: «فَهَبَطَ عَلَيَّ جَبرئيل عَلَيه السَّلَام فَقَال: يَا مُحمَّد! إِنَّ الله جَلَّ جَلالُهُ يَقُولُ: لَوْ لَمْ أَخْلُق عَلِيّاً لَمَا كَانَ لِفَاطِمَةَ ابْنَتَكَ كُفو عَلى وَجهِ الأَرض، آدم فمن دُونَه»(2).
فنقول: «آدمُ فمن دُونَه» يشمل الأَنبياء من أُولي العزم وغيرهم.
[16](3) قال تعالى في حق نبيه لآله عَليه وعليهم السَّلام: «قُلْ لاَ
ص: 62
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»(1).
وهَذِهِ خُصُوصِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَآله، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَخُصُوصِيَّةٌ لِلْآلِ دُونَ غَيْرِهِمْ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ حَكَى ذِكْرِ نُوحٍ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيز، فَقَال: «وَيَاقُومِ لَا أَسْأَلَكُم عَلَيْهِ مَالاً إِنَّ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهُ»(2).
وَحَكَى عَزَّ وَجَلَّ عَنْ هُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ»(3).
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله: قُلْ يَا مُحَمَّد «لَا أَسْأَلُكُم عَليهِ أَجْراً إِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى».
وَلَمْ يَفْرِض الله تَعَالَى مَوَدَّتَهُمْ إِلَّا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَرْتَدُّونَ أَبَداً، وَلَا يَرْجِعُونَ إِلَى ضَلَالٍ أَبَداً، فَأَيُّ فَضِيلَةٍ وَأَيُّ شَرَفٍ يَتَقَدَّمُ هَذَا أَوْ يُدَانِيهِ؟! فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى نَبِيَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وآله؛ تَعظيماً له ولاله دون سَائِر مَراتِب الأنبياء والرسل، وما بعث الله عزّ وجلّ نبيَّاً إِلَّا أَوحى إليه أَنْ لا
ص: 63
يَسأل قومهُ أَجراً؛ لأَنَّ الله تعالى يُوفِيه أَجر الأَنبياء، ومُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله فرض الله عزَّ وجلّ مودّة قرابته على أمَّته، وأمره أنْ يجعل أَجره فيهم لودُّوه في قرابته بمعرفة فضلهم الَّذي أَوجب الله تعالى لهم، فإنَّ المودَّة إنَّما تكون على قدرِ معرفة الفضل، فلمَّا أوجب الله تعالى ثقل لثقل وجوب الطَّاعة؛ فتمسَّك بها قوم قد أخذ الله تعالى ميثاقهم على الوفاءِ، وعاند أهل الشِّقاق والنِّفاق وألحَدُوا في ذلك؛ فَصَرَفوهُ عن حدّهِ الذي حدَّهُ الله تعالى.
فكيف والقرآن ينطق بهِ ويدعو إليه، والأخبار ثابتة ومنادية بأنَّهم أهل المودَّة والذين فرضَ الله تَعَالى مَودّتهم، وجَعَلَ الجزاء عليهِم.
فمن وَفَّى بها استوجب الجنَّة، ومن لم يُوفِ بها استوجب الحرمان والخلُود في النِيرانِ لقولهِ تعالى: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمُوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» مفسراً ومبيناً»(1).
فاعتبروا يا أولي الأبصار، وانظروا بعين البصيرة والاعتبار.
[17] ورُويَ أَنَّه لا نَزلَ قوله تعالى: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلَّمُوا تَسْلِيما»(2).
قِيلَ : يَا رَسُول الله، قَد عَرَفْنا التَّسْلِيم عَلَيْكَ، فكيفَ الصَّلَاة؟
ص: 64
فقال: «تَقُولُونَ: اللَّهُمَّ صَلَّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارُكتَ عَلى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيم»(1).
[18] وقال المأمون للرِّضا عليه السَّلَام - وذلك في بحثٍ جرى من الرِّضا عليه السَّلَام في مجلس من المأمون وعلماءِ زمانه: (فهل عندك في الآلِ شيء أوضح من هذا في القُرآن؟
قال أبو الحسن عليه السَّلام: «نَعمْ، أَخْبِرُونِي عَن قَولِ اللَّهِ تَعَالَى: «يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»(2)، فَمَنْ عَنى بقوله: «يس»؟
قالت العُلَماء: [يس] مُحمَّدٌ صلَّى الله عليه وآله لمْ يَشُكّ فيه أحد.
قال أَبو الحسن عليه السَّلَام: «فإنَّ الله تَعَالى أَعْطَى مُحمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ مِن ذَلكَ فَضلاً لا يَبْلُغُ أَحدٌ كُنْهَ وَصفِهِ إِلَّا مَنْ عَقَلَهُ، وَذَلكَ أَنَّ الله عزّ وَجلَّ لمْ
ص: 65
يُسَلَّمْ عَلى أَحدٍ إِلَّا عَلى الأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ تَعَالَى: «سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ»(1)، وَقَال: «سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ»(2)، وَقَال: «سَلامٌ عَلَىَ مُوسَى وَهَارُونَ»(3)، ولْم يَقُلْ: سَلَامٌ عَلى آلِ نُوحٍ، وَلَمْ يَقُل: سَلامٌ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يَقُلْ: سَلَامٌ عَلى آلِ مُوسَى وَهَارُون، وَقَالَ: «سَلَامٌ عَلَى آل يَاسِينَ»(4) يَعْنِي آل مُحمَّد صَلىَّ اللهُ عَلَيه وَآله».
فقال المأمون: لقد عَلِمتُ أَنَّ في معدنِ النُّبوةِ شرحَ هذا وبيانه)(5).
فاعتبروا أي الحالين أفضل؟.
[18] وقال الرّضا عليه السَّلَام للمأمون، والعلماء المجتمعين بحضرة المأمون: («وأَمَّا الثَّانِية عَشَر، فَقَولهُ عَزَّ وَجلَّ: «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا»(6).
فَخَصَّنَا اللَّهُ تَعَالى بهذهِ الخُصوصيَّة، إِذْ أَمَرَنَا مَعَ الأُمَة بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ خَصَّنَا مِن دُونِ الأُمَّةِ، فَكَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله يَجِيءُ إِلى بَابِ عَلي
ص: 66
وَفَاطِمَة عَلَيها السَّلَام بَعْدَ نُزُولِ هَذه الآيَةِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، كُلَّ يَومٍ عِنْد حُضُورِ كُلِّ صَلَاةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَيَقُولُ: الصَّلَاةَ رَحِمكُمُ الله، وما أَكْرَمَ [اللَّهُ] أَحَداً مِن ذَرَارِيِّ الأَنْبِيَاءِ بِمِثْلِ هَذِهِ الكَرَامَةِ الَّتِي أَكْرَمَنَا بَهَا، وَخَصَّنَا مِن دُون جَميعِ أَهْلِ بيتِ نبيِّهم».
فقال المأمون والعلماء: جزاكم [اللهُ] أَهلَ بيت نبيِّكُم عن الأمَّة خيراً، فما نجد الشَّرح والبيان فيما اشتبه علينا إلَّا عندكم)(1).
فانظر أَي الحالين أفضل؟
[19] (وعن عبد الله بن محمَّد بن عبدِ الوهاب، قال: أَخبرنا أبو نصر منصور بن عبد الله، قال: حدَّثنا المنذر بن محمَّدٍ، قال: حدَّثنا الحسين بن محمَّد، قال: سليمان بن جعفرٍ، عن الرّضا عليه السَّلام، قال: حدَّثني أَبي، عن جدِّي، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالبٍ عليه السَّلَام، قال: «في جَنَاحِ كُلَّ هُدْهُدٍ خَلَقَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَكتُوبٌ [بالسّريَانِيَّة]: آل مُحَمَّد خَيرُ البَريَّة»)(2).
فانظر أصلحك الله إذا كان آل مُحَمَّدٍ خير البرية، فكيف لا يكون أفضل؟ لأنَّه من الآل بالإجماع والاتفاق من الجميع، وهو أفضل الجميع.
ص: 67
[20] ورُوي أن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: («لمَّا بَعَثَ اللهُ تعالى مُوسى بن عِمرانَ وَاصْطَفَاهُ نَجيَّا، وَفَلقَ لهُ البَحْرَ، وَنَجَّا بَني إِسْرَائِيلَ، وأَعطَاهُ التَّوْرَاةَ والأَلْوَاحَ، رأَى مَكانَهُ من ربه عزَّ وجلَّ؛ فقال: يَا رَبِّ لَقد أكرمتني بكرامة لم تُكرم بها أَحَداً قَبلي؛ فقال الله تعالى: يا مُوسى أَما [عَلِمتَ] أَنَّ مُحَمَّداً "أَفْضَلُ عِنْدِي"(1) مِن جَميعِ مَلائِكَتِي وَجَميعِ خَلْقِي؟
قالَ مُوسى عليه السَّلَام: يَا رَبِّ فَإِنْ كانَ مُحَمَّدٌ أَكرمَ عِندَكَ مِن جَميعِ خَلقِكَ، فهل في آلِ الأنبياء أكم من آلي؟
قال الله تعالى: يَا مُوسى أَمَا عَلِمتَ أَنَّ فَضلَ آلِ مُحَمَّدٍ "على جَميع الآل"(2)، كفَضلِ مَحمَّدٍ على جميع المرسلين؟ فقال موسى: يَا رَبِّ فَإِنْ كَانَ آلَ مُحَمَّدٍ كذلك؛ فهل [في] أُمَم الأنبياء أفضل عِندكَ مِن أُمَّتِي، ظَلَّلتَ عَلَيْهِمُ عَليهم المَنَّ والسَّلوَى، وَفَلقت لهم البَحر؟ فقال الله جلَّ جلاله: يَا مُوسى أَما عَلِمتَ أَنَّ فَضلَ أُمَّةٍ مُحَمَّدٍ على جَميعِ الأُمم، كفَضله الغَمَامَ، وَأَنزا على جميع خَلقِي؟»)(3).
و وهذا وامثاله صار لعَلِيّ عليه السَّلَام الفضل على جميع الخلق كفضل النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله على جميعهم، والحمد لله على ما خصَّهم بهذه
ص: 68
الفضيلة، والحمد لله على ما هدانا لهذا وما كنَّا لنهتدي لولا أَنْ هدانا الله(1).
[21] وفي حديث عن الرِّضا عليه السَّلَام متصلاً لأمير المؤمنين عليه السَّلَام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : («فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ؟
فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ؟ الْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ بَكَى.
"قال"(2): فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله مَا يُبْكِيكَ؟
فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، أَبْكِي لَا يُسْتَحَلُّ مِنْكَ فِي هَذَا الشَّهْرِ، كَأَنِّي بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّ لِرَبِّكَ وَقَدِ انْبَعَثَ أَشْقَى الْأَوَّلِينَ والآخرينَ، "شَقِيقُ عَاقِرِ نَاقَةِ صَالِحٍ، مِن ثَمُود"(3)؛ فَضَرَبَكَ ضُرَبَةً عَلَى قَرْنِكَ، "فَخُضْبَت"(4) مِنْهَا لِحْيَتَكَ.
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَليه السَّلَام فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، وَذَلِكَ فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِي؟
فَقَالَ صلَّى الله عليه وآله: فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِكَ.
ص: 69
ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وآله: يَا عَلِيُّ، مَنْ قَتَلَكَ فَقَدْ قَتَلَنِي، وَمَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَمَنْ سَبَّكَ فَقَدْ سَبَّنِي؛ لِأَنَّكَ مِنِّي كَنَفْسِي، رُوحُكَ مِنْ رُوحِي، وَطِينَتُكَ مِنْ طِينَتِي، إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَنِي وَإِيَّاكَ، وَاصْطَفَانِي وَإِيَّاكَ، وَاخْتَارَنِي لِلنُّبُوَّةِ، وَاخْتَارَكَ لِلْإِمَامَةِ، وَمَنْ أَنْكَرَ إِمَامَتَكَ فَقَدْ أَنْكَرَ نُبُوَّنتِي.
يَا عَلِيُّ، أَنْتَ وَصِيَّي وَأَبُو وُلْدِي، وَزَوْجُ ابْنَتِي، وَخَلِيفَتِي عَلَى أُمَّتِي فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ مَوقِ، أَمْرُكَ أَمْرِي، وَنَهَيكَ نَهْيِي، أُقْسِمُ بِالَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ، وَجَعَلَنِي خَيْرَ الْبَرِيَّةِ إِنَّكَ حُجَّةُ الله عَلَى خَلْقِهِ وَأَمِينُهُ عَلَى سِرِّهِ وَ خَلِيفَتُهُ عَلَى عِبَادِهِ»)(1).
فإذا كان روحهُ روح رسول الله صلَّى الله عليه وآله، وطينتهُ طينة رسول الله؛ فكيف لا يكون أفضل؟
ولو كان هناك أَفضل لأَشركهُ معه في الاصطفاء، ولقال: اصطفاني مع فلان أو مع فلان وإيَّاك، ولمْ يقل: اصطفاني مع نوحٍ، أَو مع مُوسى، وعيسى، أَو مع إِبراهيم، فتخصيصه بالذِّكرِ مجرَّد اهتمام وزيادة مرتبة وفضيلة، وإن كان أولئك مصطفون وأبراراً.
[22] وفي رواية عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وآله، أنَّه قال: («يَا عَلِيُّ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُ عَنْهُ الْأَرْضُ مَعِي، وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يُبْعَثُ مَعِي، وَأَنْتَ أَوَّلُ
ص: 70
مَنْ يَجُوزُ الصَّرَاطَ مَعِي، وَإِنَّ رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ أَقْسَمَ بِعِزَّتِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَقَبَةَ الصِّرَاطِ إِلَّا مَنْ مَعَهُ بَرَاءَةٌ بِوَلَايَتِكَ وَوَلَايَةِ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ، وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يَرِدُ حَوْضِي تَسْقِي مِنْهُ أَوْلِيَاءَكَ وَتَذُودُ عَنْهُ أَعْدَاءَكَ، وَأَنْتَ صَاحِبِي إِذَا قُمْتُ المقَامَ المَحْمُودَ تَشْفَعُ لِحِيِّينَا فَتُشَفَعُ فِيهِمْ، وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ "مَعِي"(1) الجنَّةَ، وَبِيَدِكَ لِوَائِي وَهُوَ لِوَاءُ الْحَمْدِ، وَهُوَ سَبْعُونَ شِقَةٌ، الشَّقَّةُ مِنْهُ أَوْسَعُ مِنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَأَنْتَ صَاحِبُ شَجَرَةِ طُوبَى فِي الجُنَّةِ، أَصْلُهَا فِي دَارِكَ، وَأَغْصَانُهَا فِي دُورِ شِيعَتِكَ وَمُحِبِّيكَ»)(2).
فإذا كان لا يجوز على الصّراط مع النَّبيّ أحد إلَّا عَلِيّ، والنَّبيّ أوَّل مَن يجوز على الصّراط لدخول الجنَّة دون جميع الأنبياء والمرسلين، ومرتبتهم في دخول الجنَّة متأخِّرة عنه صلَّى الله عليه وآله، ولا يجوز على الصِّراط إلَّا من معه براءته وولايتِهِ؛ لعلَّه أخذ الميثاق على الخلائق أجمعين في بدءِ الخلق بولايتِهِ وولاية الأئمَّة عليهم السَّلَام وهو شامل لجميع الأنبياء والمرسلين.
فإذا كان هذا شأنه، وهو وليّ الشَّفاعة للخلائقِ أَجمعين، وليس لغير الأَنبياءِ والمرسلين الشَّفاعة سوى نبيّنا والأئمَّة عليهم السَّلَام؛ فيكون أفضل.
[23] (وعن عبد السَّلام بن صالح الهروي، قال: قُلْتُ لِلرِّضَا عليه السَّلام: يَا بْنَ رَسُولِ الله أَخْبِرْنِي عَنِ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَكَلَ مِنْهَا آدَمُ وَحَوَّاءُ مَا
ص: 71
كَانَتْ؟! "لقد "(1) اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي أَنَّهَا الخِنْطَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي أَنَّهَا الْعِنَبُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي أَنَّهَا شَجَرَةُ الْحَسَدِ، فَقَالَ: «كُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ».
قُلْتُ: فَما مَعْنَى هَذِهِ الْوُجُوهِ عَلَى اخْتِلَافِهَا؟!
فَقَالَ: «يَا أَبَا الصَّلْتِ، إِنَّ شَجَرَ الجُنَّةِ تَحْمِلُ "أَلواناً"(2)؛ فَكَانَتْ شَجَرَة [الخُنْطَة]وَفِيهَا عِنَبُ، وَلَيْسَتْ كَشَجَرِ الدُّنْيَا، وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلام لَا أَكْرَمَهُ الله تَعَالَى بِإِسْجَادِ مَلَائِكَتِهِ لَهُ، وَبِإِدْخَالِهِ الجُنَّةَ، قَالَ فِي نَفْسِهِ : هَلْ خَلَقَ اللَّهُ بَشرا أَفْضَلَ مِنِّي؟!
فَعَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَا [وَقَعَ] فِي نَفْسِهِ، فَنَادَاهُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا آدَمُ فَانْظُرْ إِلَى سَاقٍ عَرْشِي، فَرَفَعَ آدَمُ رَأْسَهُ، فَنَظَرَ إِلَى سَاقِ الْعَرْشِ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ مَكْتُوباً لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ عَلِيُّ [بْنُ أَبِي طَالِبٍ] أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ وَزَوْجتهُ فَاطِمَةُ سَيَّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَقَالَ آدَمُ عليه السَّلام: يَا رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ؟
فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: [يَا آدَم] هؤلاء مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، وَهُمْ خَيْرٌ مِنْكَ وَمِنْ جَمِيع خَلْقِي، وَلَوْلَاهُمْ مَا خَلَقْتُكَ، وَلَا خَلَقْتُ الجُنَّةَ وَ النَّارَ، وَلَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ الْحَسَدِ فَأُخْرِجَكَ عَنْ جِوَارِي، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ
ص: 72
الحَسَدِ وَ تَمَنَّى مَنْزِلَتَهُمْ؛ "فَسلَّط الله عليه"(1) الشَّيْطَانِ، حَتَّى أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا، وَتَسَلَّطَ عَلَى حَوَّاءَ لِنَظَرِهَا إِلَى فَاطِمَةَ عليها السَّلامِ بِعَيْنِ الحَسَدِ حَتَّى أَكَلَتْ مِنَ الشَّجَرَةِ كَمَا أَكَلَ آدَمُ، فَأَخْرَجَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ جَنَّهِ وَأَهْبَطَهُمَا عَنْ جِوَارِهِ إِلَى الْأَرْضِ»)(2).
فانظر إلى هذا الحديث الصريح بلفظه، حيث قَالَ: «وَهُمْ خَيْرٌ مِنْكَ وَمِنْ جَميع خَلْقِي، وَلَوْلَاهُمْ مَا خَلَقْتُكَ، وَلَا خَلَقْتُ الجُنَّةَ وَالنَّارَ»، فكيف لا يكون أفضل؟.
[24] وروي أَن [أبي] سعيد المكاري دخل على الرِّضا عليه السَّلَام، فقال له: أَبلَغَ من قَدْرِكَ أَنْ تَدْعِي مَا ادَّعَى أَبُوكَ؟!
فَقَالَ لَه عليه السَّلام: «مَالك أَطْفَأَ اللهُ نُورَكَ، وأَدْخَلَ الْفَقْرَ بَيْتَكَ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الله تَعَالَى "قَالَ لِعِمْرَان"(3) عَلَيهِ السَّلام: إنيَّ وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً، فَوَهَبَ لَهُ مَرْيَمَ، وَوَهَبَ مَرْيَم عِيسَى، فَعِيسَى مِنْ مَرْيَمَ وَمَريَم مِنْ عِيسَى، وَعِيسَى وَمَرْيَم شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَأَنَا مِنْ أَيْ، وأن منّي، وَأَنَا وَأَي شَيْءٌ وَاحِدٌ»)(4).
ص: 73
فإذا تأمَّلت هذا نظرت أنَّهم ومُحَمَّداً وعَلِيّا عليهم السلام شيء واحد؛ فإذا كانوا كذلك وشأنهم واحد لا يختلف؛ فكيف لا يكون عَليّ عليه السَّلَام أفضل؟.
[24] (وعن محمَّد بن عليّ ماجيلويه، وأَحمدُ بن عليّ بن إِبراهيم بن هاشم، وأحمد ابن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنهم، قالوا: حدَّثنا عليّ بن إِبراهيم بن هاشم، عن أَبيه، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن الرِّضا عليه السَّلَام، عن آبائه، عن عَلِيّ بن أبي طالب عليهم السَّلَام، قال: «قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله: لِكُلِّ أُمَّةٍ صِدِّيقُ وَفَارُوقٌ، وَصِدِّيقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَفَارُوقُهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، إِنَّ عَلِيَّا سَفِينَةُ نَجَاتِهَا وَبَابُ حِطَّتِهَا، وإِنَّهُ يُوشَعُهَا وَشَمْعُونُهَا وَذُو قَرْنَيْهَا.
مَعَاشِرَ النَّاسِ: إِنَّ عَلِيّاً خَلِيفَةُ الله وَخَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ بَعْدِي، وَإِنَّهُ لَأَمِيرُ المُؤْمِنِينَ وَخَيْرُ الْوَصِيِّينَ، مَنْ نَازَعَهُ فَقَدْ نَازَعَنِي، وَمَنْ ظَلَمَهُ فَقَدْ ظَلَمَنِي، وَمَنْ غَالَبَهُ فَقَدْ غَالَبَنِي، وَمَنْ بَرَّهُ فَقَدْ بَرَّنِي، وَمَنْ جَفَاهُ فَقَدْ جَفَانِي، وَمَنْ عَادَاهُ فَقَدْ عَادَانِ، وَمَنْ وَالاهُ فَقَدْ وَالانِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَخِي وَوَزِيرِي وَمَخْلُوقٌ مِنْ طِينَتِي، وَكُنْتُ أَنَا وَإِيَّاهُ نُوراً وَاحِداً»)(1).
ص: 74
فإِذا كانا نوراً واحداً وطينة واحدة؛ فأنَّى لأولي العزم من عَلِيّ عليه السَّلَام؟ فهذا شأنه مع النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله؛ فيكون أَفضل، وتعليلهم بأولي العزم يغنيك في فضله.
[25] وروي عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله، قال : («إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ، فَقَالَ: يَا رَبِّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عَليه وآله.
فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: يَا مُوسَى إِنَّكَ لَا تَصِلُ إِلَى ذَلِكَ»)(1).
فنقول: تمنّيه أَنْ يكون مِن أُمَّة مُحمَّد صلَّى الله عليه وآله كاف في ذلك التفضيل عليه؛ لأنَّه لو بلغ إلى ذلك كان محكوماً عليه لأن يكون من رعيته، فلو لم يتبعه وينقاد إليه لم تنفعه نبوَّته، والأمر كذلك.
[26] (وعن الحسن بن محمَّد بن سعيد الهاشمي في مسجد الكوفة، قال: حدَّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدَّثنا محمد بن ظهير، قال: حدَّثنا أبو الحسن محمَّد بن الحسين بن أَخي يونس البغدادي ببغداد، قال: حدَّثنا محمَّد بن يعقوب النهشلي، قال: حدَّثنا عليّ بن موسى الرّضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمَّد، عن أبيه محمَّد بن عليّ، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السَّلام، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله، عن جبرئيِل، عن ميكائِيل،
ص: 75
عن إِسرافيل عليهم السَّلَام، عن الله جلَّ جلالُهُ: أَنَّهُ قال: «أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا خَلَقْتُ الخَلْقَ بِقُدْرَتِ، فَاخْتَرْتُ مِنْهُمْ مَنْ شِئْتُ مِنْ أَنْبِيَائِي، وَاخْتَرْتُ مِنْ جَمِيعِهِمْ مُحَمَّداً حَبِيباً وَخَلِيلًا وَصَفِيّاً، وَبَعثتهُ رَسُولًا إِلَى خَلْقِي، وَاصْطَفَيْتُ لَهُ عَلِيّاً، فَجَعَلْتُهُ لَهُ أَخاً وَوَصِيّاً وَوَزِيراً وَمُؤَدِّياً عَنْهُ مِن بَعْدَهُ إِلَى خَلْقِي، وَخَلِيفَتِي عَلَى عِبَادِي لِيُبَيِّنَ لَهُمْ كِتَابِي، وَيَسِيرَ فِيهِمْ بِحُكْمِي، وَجَعَلْتُهُ الْعَلَمَ الهَادِيَ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَبَابِيَ الَّذِي أُوتَى مِنْهُ، وَبَيْتِيَ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً مِنْ نَارِي، وَحِصْنِيَ الَّذِي مَنْ جَأَ إِلَيْهِ حَصَّتُهُ مِنْ مَكْرُوهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَوَجْهِيَ الَّذِي منْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ لَمْ أَصْرِفْ وَجْهِي عَنْهُ، وَحُجَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ عَلَى جَميع مَنْ فِيهِنَّ مِنْ خَلْقِي، لَا أَقْبَلُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْهُمْ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ بِوَلَايَتِهِ مَعَ نُبُوَّةِ أَحْمَدَ رَسُولِي، وَهُوَ يَدِيَ الْمُبْسُوطَةُ عَلَى عِبَادِي، وَهُوَ النِّعْمَةُ الَّتِي أَنْعَمْتُ بِهَا عَلَى مَنْ أَحْبَبْتُهُ مِنْ عِبَادِي، فَمَنْ أَحْبَبْتُهُ مِنْ عِبَادِي وَتَوَلَّيْتُهُ عَرَّفْتُهُ وَلَايَتَهُ وَمَعْرِفَتَهُ، وَمَنْ أَبْغَضْتُهُ مِنْ عِبَادِي أَبْغَضْتُهُ لِانْصِرَافِهِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَوَلَايَتِهِ.
فبعزّتِي حَلَفْتُ، وَبِجَلَالِي أَقْسَمْتُ: [أَنَّهُ] لَا يَتَوَلَّى عَلِيّاً عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي إِلَّا زَحْزَحْتُهُ عَنِ النَّارِ وَأَدْخَلْتُهُ الجَنَّةَ، وَلَا يُبْغِضُهُ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي وَيُعْدَلُ عَنْ وَلَايَتِهِ إِلَّا أَبْغَضْتُهُ وَأَدْخَلْتُهُ النَّارَ وَبِئْسَ المَصِيرُ»)(1).
فمن كان مختاراً ومصطفىً من بين الأنبياء والرُّسل، وحجَّة على مَن في
ص: 76
السَّماواتِ والأرض، ولا يقبل عمل عاملٍ منهم إلَّا بولايتهِ، كيف لا يكون أفضل؟
[27] وعنه صَلَّى الله عليه وآله أَنَّهُ قال: («أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ عليه السَّلَام، عَنِ الله عَزَّ وَ جَلَّ [أَنَّهُ] قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ حُجَّتِي عَلَى خَلْقِي وَدَيَّانُ ديني»)(1).
[28] وقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله: («أَنْتَ يَا عَلِيُّ وَوُلْدُكَ خِيَرَةُ الله مِنْ خَلْقِهِ»)(2).
[29] وقال صلَّى الله عليه وآله: («خُلِقْتُ أَنَا وَعَلَى مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ»)(3).
[30] وعنه صلَّى الله عليه وآله: («خُلِقْتَ [يَا عَلِيُّ] مِنْ شَجَرَةٍ خُلِقْتُ مِنْهَا: أَنَا أَصْلُهَا، وَأَنْتَ فَرْعُهَا، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ أَغْصَابُهَا، وَيُحِبُّونَا وَرَقُهَا، فَمَنْ تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ مِنْهَا أَدْخَلَهُ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ الْجَنَّةَ»)(4).
ص: 77
فإذا كان هو والنّبيّ من نورٍ واحدٍ وشجرةٍ واحدةٍ، وهما لا يختلفان؛ فكيف لا يكون أفضل؟
[31] وعنه صلَّى الله عليه وآله، قال: («وَسَطُ الْجَنَّةِ لِي وَلِأَهْلِ بَيْتِي»)(1).
وهي أعلى منازل الجنَّة، والأنبياء دون ذلك؛ فكيف لا يكون عَليّ عليه السَّلَام أفضل، وهو أفضل وأعلى أهل البيت عليهم السَّلام؟.
[32] وعن النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله، يقول: («تَخَتَمُوا بِالْعَقِيقِ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ "حَجَر"(2) أَقَرَّ لله تَعَالَى بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَلِي بِالنُّبُوَّةِ، وَلَكَ يَا عَلِيُّ بِالْوَصِيَّةِ، [وَلِشِيعَتِكَ بِالجُنَّةِ]»)(3).
فإذا كان حجرٌ فضَّله الله على سائر الأَحجار لذلك، فكيف لا يكون أفضل؟
ولو كان هناك من هو أفضل منه لخصَّهُ بالذَّكرِ دونهُ.
[33] (وعن عَليّ بن أبي طالب عليه السَّلَام، قال: «قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى
ص: 78
اللهُ عَلَيهِ وَآله: [يَا عَلِيُّ] خُلِقَ النَّاسُ مِنْ شَجَرِ شَتَّى وَخُلِقْتُ أَنَا وَأَنْتَ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، أَنَا أَصْلُهَا، وَأَنْتَ فَرْعُهَا، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ أَغْصَانُهَا، وَشِيعَتُنَا وَرَقُها، فَمَنْ تَعَلَّقَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا أَدْخَلَهُ اللهُ الجُنَّةَ»)(1).
فإذا كان هذا شأْنهم، كيف لا يكون أَفضل؟
[34] (وعن جابر بن عبد الله الأَنصاري قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وآله: «أَنَا خِزَانَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ مِفْتَاحُهَا وَمَنْ أَرَادَ الْخِزَانَةَ فَلْيَأْتِ الْمِفْتَاحَ»)(2).
[35] (محمَّد بن أَحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال: حدَّثنا أحمد بن الفضيل، قال: حدَّثني بكر بن أَحمد القصري، قال: حدَّثنيّ أبو مُحَمَّد الحسن بن عَلِيّ بن موسى الرِّضا، عن أَبيه مُوسى بن جعفر، قالَ: «حَدَّثني أَبي جعفر بن مُحَمَّد بن عَلِيّ، قال: حَدَّثني أَي عَلِيّ بن الحسين، قال: حدَّثني أبي الحسين بن عَلِيّ عليهم السَّلَام، قال: سَمِعتُ جدّي رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله، يقول: "لَمَّا"(3) أَسَرْى بيرَبيٌّ عَزَّ وَجَلَّ رَأَيْتُ فِي بُطْنَانِ الْعَرْشِ مَلَكاً
ص: 79
بِيَدِهِ سَيْفٌ مِنْ نُورٍ يَلْعَبُ [بِهِ] كَمَا يَلْعَبُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِذِي الْفَقَارِ، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ إِذَا اشْتَاقُوا إِلَى وَجْهِ عَلِيَّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ نَظَرُوا إِلَى وَجْهِ ذَلِكَ الملكِ؛ فَقُلْتُ يَا رَبِّ هَذَا أَخِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَمِّي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا مَلَكٌ خَلَقْتُهُ عَلَى صُورَةِ عَلِيَّ يَعْبُدُنِي فِي بُطْنَانِ عَرْشِي، تُكْتَبُ حَسَنَاتُهُ، وَتَسْبِيحُهُ، [وَتَقْدِيسُهُ] لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»)(1).
فأين الأَنبيَاء وهذه المنزلة؟ ولو كان هناك مَنْ هو أَفضل منه لخلقهُ الله على صورته للملائكة، فتكوينه لهم مزيد اهتمام؛ فكيف لا يكون أفضل؟
فانظر واعتبر ولا تحقّر، فتزلّ قدمك بعد ثبوتها.
[36] (أحمد بن الحسن القطَّان، قال: حدَّثني عبد الرَّحمن بن محمَّد الحسيني، قال: حدَّثني محمَّد بن إبراهيم بن محمد الفزاري، قال: حدَّثنا عبد الله ابن يحيى الأهوازي، قال: حدَّثني أبو الحسن علي بن عمرو، قال: حدَّثني الحسن بن محمد بن جمهور، قال: حدَّثني علي بن بلال، عن علي بن مُوسى الرِّضا، عن موسى بن جَعفر، عن جَعفر بن مُحَمَّدٍ، عن مُحَمَّدِ بن عَلِيّ، عن عَلِيّ بن الحُسين، عن الحُسين بن عَلِيّ، عن عَلِيّ بن أبي طالب عليهم السَّلَام، عن النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وآله، عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن اللّوح، عن القلمِ قال: «يقول الله تبارك وتعالى: وَلايَةُ عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ
ص: 80
حِصْنِي، "فَمَن دَخَلَهُ"(1) أَمِنَ مِنْ نَارِي»)(2).
فإذا كان عليه السَّلَام ولايتهُ حجاب وأَمان من نارِ الله جلَّ وعزّ، فلو لم يدخل فيها ويقربّها من آدم فمن دونه، لم يكن مُحتصناً عن النَّارِ؛ لأَنَّهُ لم يدخل في حصن الله، فلم يؤمن من النَّار، وإن أقرَّ بنبوَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى الله عليه وآله، ويعمّ الأنبياء من أُولي العزم وغيرهم، ونعوذ بالله من سوء الاعتقاد.
[37] حدیث ظريفٌ، وذلك أَنَّ عبد الله بن مطرف بن هامان دخل على المأمون، وعنده عَلِيّ بن موسى الرِّضا عليه السَّلَام؛ فقال له المأمون: (مَا تقُولُ في أَهل البيت؟
و فقال عبد الله: مَا قَولي في طِينَةٍ عُجِنتْ بماءِ الرِّسالةِ، وغُرِسَتْ بماءِ الوحيِ، هل يُنفَحُ(3) "منها"(4) إِلَّا مسكُ الهُدَى، وَعنبُر التُقى؟
قال: فدعا المأمُون بِحُقَّةٍ فيها لؤلؤ، فَحشا فَاه)(5).
فإذا كانت الطَّينة معجونة بماءِ الرِّسالة، والرِّسالة يعني رسالة النَّبيّ
ص: 81
صلَّى الله عليه وآله، أفضل من سائر الرُّسل؛ فكيف لا يكون أفضل؟
[38] وقال [المأمون]: (ما تقول في الرَّجعةِ؟ فقال الرِّضا عليه السَّلَام: «إِنَّهَا لَحَقِّ قَدْ كَانَتْ فِي الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَنَطَقَ بِها الْقُرْآنُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَليه وآله: يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كُلُّ مَا كَانَ فِي الْأُمَمِ السَّالِفَةِ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ(1)».
وقال عليه السَّلَام: «إِذَا خَرَجَ المُهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي نَزَلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَليهُما السَّلَامِ فَصَلَّى خَلْفَهُ»)(2).
فإذا كان المهدي عليه السَّلام، يُصَلِّي خَلفَهُ عيسى بن مريم؛ فيكون المهدي عليه السَّلَام أفضل منه؛ لقبح تقديم المفضول على الفاضل عقلاً ونقلاً، وعَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام أفضل من القائم المهدي عجَّل الله تعالى فرجه الشريف؛ فكيف لا يكون أفضل؟.
فاعتبروا يا أُولي الأبصار.
[39] من الرَّوضة، (عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمَّد بن سليمان، عن عيثم بن اشيم، عن معاوية بن عمَّار، عن أَبي عبد الله عليه
ص: 82
السَّلَام، قال: «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَليه وآله ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مُسْتَبْشِرٌ يَضْحَكُ سُرُوراً، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ الله وَزَادَكَ سُرُوراً، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وآله: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ يَوْمِ وَلَا لَيْلَةٍ إِلَّا وَلِي فِيهِمَا تُحْفَةٌ مِنَ الله، أَلَا وَإِنَّ رَبِّي أَلْحَفَنِي فِي يَوْمِي هَذَا بِتُحْفَةٍ لَمْ يُتْحِفْنِي بِمِثْلِهَا فِيمَا مَضَى، إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَانِي فَأَقْرَأَنِي مِنْ رَبِّيَ السَّلَامَ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ اخْتَارَ مِنْ بَنِي هَاشِم [سَبْعَةٌ] لَمْ يَخْلُقُ مِثْلَهُمْ فِيمَنْ مَضَى، وَلَا يَخْلُقُ مِثْلَهُمْ فِيمَنْ بَقِيَ: أَنْتَ يَا رَسُولَ الله سَيِّدُ النَّبِيِّينَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَصِبُّكَ سَيْد الْوَصِيِّينَ، وَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سِبْطَاكَ سَيَّدَا الْأَسْبَاطِ، وَحَمْزَةُ عَمُّكَ سَيَّدُ الشُّهَدَاءِ، وَجَعْفَرٌ بْنُ عَمَّكَ الطَّيَّارُ فِي الجُنَّةِ يَطِيرُ مَعَ المَلَائِكَةِ حَيْثُ يَشَاءُ، وَمِنْكُمُ الْقَائِمُ يُصَلِّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ إِذَا أَهْبَطَهُ اللَّهُ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةَ مِنْ وُلْدِ الحُسَيْنِ»)(1).
ولا تنافي بين قوله: «وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَصِبُّكَ سَيْد الْوَصِيِّينَ» أَنْ لا يكون أَفضل من الأَنبياءِ، كما لا منافاة في قوله: «أَنْتَ يَا رَسُولَ الله سَيِّدُ النَّبِيِّينَ» أَنْ لا يكون أَفضل مِن الوصيّين، والمقام ليس مقام حصر، هذا وعيسى بن مريم يصلِّي خلف القائم عجَّل الله فرجه الشَّريف مقتدياً به لفضله وشرفه، فيكون عَلِيّ أمير المؤمنين عليه السَّلام إِذا هبط إِلى الأَرض أَولى بالفضل؛ لأنَّه أَفضل مَن المهدي عليه السَّلَام، فاعتبروا يا أولي الألباب.
[40] (وعن سَهل، عن ابن فضَّال، عن عَلِيّ بن عقبة، وعبد الله بن بكير،
ص: 83
عن سعيد بن يسار قال: سَمِعتُ أبا عبد الله عليه السَّلَام يقول: «الحَمْدُ لله صَارَتْ فِرْقَةٌ مُرْجِئَةً، وَصَارَتْ فِرْقَةٌ حَرُورِيَّةً، وَصَارَتْ فِرْقَةٌ قَدَرِيَّةً، وَسُمِّیتُمُ التُّرَابِيَّةَ وَشِيعَةَ عَلِيٍّ، أَمَا وَالله مَا هُوَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى الله عليه وآله وَآلُ رَسُولِ الله عَليهم السَّلَام وَشِيعَةُ آلِ رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَليه وَآله، وَمَا النَّاسُ إِلَّا هُمْ كَانَ عَلِيٌّ عليه السَّلَامِ أَفْضَلَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عليه وآله، وَأَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ» حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثَاً)(1).
((فإذا كان أَفضلُ النَّاس، والنَّاس يعمّ الأَولين والآخرين؛ فيكون أفضل.
[41] وعن أبي عبد الله عليه السَّلَام، قال: («مَا يَقُولُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمُوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»(2)؟
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهَا لِأَقَارِبِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله.
فَقَالَ: «كَذَبُوا إِنَّمَا نَزَلَتْ فِينَا خَاصَّةً فِي أَهْلِ الْبَيْتِ فِي عَلِيٌّ وَفَاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَصْحَابِ الْكِسَاءِ»)(3).
ص: 84
ولم يكن ذلك للأنبياءِ السَّابقين ولم يسألوا مثل ذلك؛ فإذا كان كذلك، فكيف لا يكون عليه السَّلَام أفضل؟.
[42] (وعن حميد بن زياد، عن مُحمَّد الكنديّ، عن أَحمد بن الحسن بن الحسن الميثمي، عن أَبان بن عثمان، عن نعمان الرَّازي، عن أبي عبد الله عليه السَّلَام، قال: «انْهَزَمَ النَّاسُ يَوْمَ أُحُدٍ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عليه وآله، فَغَضِبَ غَضَباً شَدِيداً».
قَالَ: «وَكَانَ إِذَا غَضِبَ انْحَدَرَ عَنْ جَبينِهِ مِثْلُ اللُّؤْلُو مِنَ الْعَرَقِ».
قَالَ: «فَنَظَرَ فَإِذَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامِ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: الحقِّ بِبَنِي أَبِيكَ مَعَ مَنِ انْهَزَمَ عَنْ رَسُولِ اللهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهُ لِي بِكَ أُسْوَةٌ.
قَالَ: فَاكْفِنِي هَؤُلَاءِ، فَحَمَلَ فَضَرَبَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَ مِنْهُمْ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عَليه السّلام: إِنَّ هَذِهِ هِيَ الْمُوَاسَاةُ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ: إِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عَليه السَّلام وَأَنَا مِنْكُمَا يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله عَلَيه السَّلام: فَنَظَرَ رَسُولُ الله صلَّى الله عليه وآله إِلَى جَبْرَئِيلَ عَلَى كُرْسِيٌّ مِنْ ذَهَبٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يَقُولُ: لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ وَلَا فَتَى إِلَّا عَلِيٌّ»)(1).
وقد مرَّ مثل هذا الحديث.
[43] وعن أَبي عبد الله عليه السَّلَام قَالَ: («إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيه: ادْعُوا لِي خَلِيلِي، فَأَرْسَلَتَا(2) إِلَى أَبَوَيِهْماَ، فَلَماَّ
ص: 85
جَاءَا(1) أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لِي خَلِيلٍ، فَقَالا: قَدْ رَآنَا، لَوْ أَرَادَنَا لَكَلَّمَنَا، فَأَرْسَلَنَا إِلَى عَلِيّ عَليه السَّلام فَلَمَّا جَاءَ "أَنكَبَّ"(2) عَلَيْهِ يَحْدِّثُهُ وَيَحْدِّتُهُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ لَقِيَاهُ، فَقَالا: مَا حَدَّثَكَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي بِأَلْفِ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ يُفْتَحُ كُلُّ بَابٍ إِلَى أَلْفِ بَابٍ»)(3).
فإذا كان خليله ولا خليل سواه، فكيف لا يكون أفضل؟.
[44] (الحُسين بن مُحمَّد الأشعري، عن مُعلَّى بن محمَّد، عن محمَّد بن جمهور، عن شاذان، عن أبي الحسن موسى عليه السَّلام، قال: «قَالَ [لي أَبِي]: إِنَّ فِي الجَنَّةِ نَهَراً يُقَالُ لَهُ: جَعْفَرٌ، عَلَى شَاطِئِهِ الْأَيْمَنِ دُرَّةٌ بَيْضَاءُ فِيهَا أَلْفُ قَصْرٍ، فِي كُلِّ قَصْرِ أَلْفُ قَصْرِ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَوات الله عَلَيْهِم أَجَمَعين، وَعَلَى شَاطِئِهِ الْأَيْسَرِ دُرَّةٌ صَفْرَاءُ فِيهَا أَلْفُ قَصْرِ، فِي كُلِّ قَصْرٍ أَلْفُ قَصْرٍ لِإِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِم السَّلام»)(4).
فانظر إلى المنزلتين أَيُّهما أَفضل، ولا شك أَنَّ الأَيمن أفضل وأشرف وأعلا، فإِذا كان هكذا فيكون أفضل.
[45] (عدَّة من أصحابنا، عن سَهل بن زياد، عن مُحمَّد بن سِنان، عن عمرو بن شمر عن جَابر، عن أَبي جَعفر عليه السَّلَام، قال: «قال ليّ: يَا
ص: 86
جَابِرُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِفَصْلِ الْخِطَابِ، دُعِيَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَدُعِيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامِ، فَيُكْسَى رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله حُلَّةً خَضْرَاءَ تُضِيءُ مَا بَيْنَ المُشْرِقِ وَالمُغْرِبِ، وَيُكْسَى عَلِيٌّ عَليه السَّلام مِثْلَهَا، وَيُكْسَى رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله حُلَّةٌ وَرْدِيَّةً يُضِيءُ لَهَا مَا بَيْنَ الْمُشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَيُكْسَى عَلِيُّ عَلَيه السَّلَام مِثْلَهَا، ثُمَّ يَصْعَدَانِ عِنْدَهَا، ثُمَّ يُدْعَى بِنَا فَيُدْفَعُ إِلَيْنَا حِسَابِ النَّاسِ، فَنَحْنُ وَالله نُدْخِلُ أَهْلَ الجنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلَ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يُدْعَى بِالنَّبِيِّينَ عَلَيْهِم السَّلام، فَيُقَامُونَ صَفَّيْنِ عِنْدَ عَرْشِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى "نَفْرُّعَ"(1) مِنْ حِسَابِ النَّاسِ، فَإِذَا "دَخَلَ"(2) أَهْلُ الجُنَّةِ [الجُنَّةَ]، وَأَهْلُ النَّارِ [النَّارَ]، بَعَثَ رَبُّ الْعِزَّةِ عَلِيّاً عَلَيهِ السَّلَام "وَأَنْزَلَهُمْ"(3) مَنَازِهُمْ مِنَ الْجُنَّةِ [وَزَوَّجَهُمْ]، فَعَيٌّ وَاللَّهُ الَّذِي يُزَوِّجُ أَهْلَ الجنَّةِ فِي الجُنَّةِ، وَمَا ذَاكَ إِلَى أَحَدٍ غَيْرِهِ، كَرَامَةً مِنَ الله عَزَّ ذِكْرُهُ، وَفَضْلًا فَضَّلَهُ اللهُ [بِهِ] وَمَنَّ بِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَالله يُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ، وَهُوَ الَّذِي يُغْلِقُ عَلَى أَهْلِ الْجُنَّةِ إِذَا دَخَلُوا [فِيهَا] أَبْوَابَهَا؛ لِأَنَّ أَبْوَابَ الْجُنَّةِ إِلَيْهِ، وَأَبْوَابَ النَّارِ إِلَيْهِ»)(4).
فهذه منزلة وفضيلة تفرَّدَ بها دون الخلائِق أَجمعين، فهل للأَنبِّياء والمرسلين
ص: 87
منزلة كهذه المنزلة؟ إنَّ هذا لهو الفضل المبين، وله افتقر الخلائق أجمعون، كما دلَّت عليه النصوص والبراهين عن سيِّد المرسلين.
[46] (وعن أبي عبد الله عليه السَّلَام، قال: «إِنَّ مِنَ المَلَائِكَةِ الَّذِينَ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا لَيَطَّلِعُونَ عَلَى الْوَاحِدِ وَالاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَهُمْ يَذْكُرُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيهم السَّلَام فَيَقُولُونَ: أَمَا تَرَوْنَ هَؤُلَاءِ فِي قِلَّتِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ يَصِفُونَ فَضْلَ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيهِم السَّلَام فَتَقُولُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مِنَ المَلَائِكَةِ: «ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»(1))(2).
[47] وفي حديثِ سورة(3) أَنَّهُ قال عليه السلام: (وَالله يَا سَوْرَةُ إِنَّا لَخُزَّانُ عِلْمِ اللهِ فِي السَّمَاءِ وَإِنَّا حُزَّانُ عِلْمِ الله فِي الْأَرْضِ»)(4).
فإذا كانوا كذلك كيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلَام أفضل؟.
[48] وممَّا جاءَ عن عبد الله بن عبّاس، عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله في النّصوصِ، عن الأَئِمَّةِ الاثني عشر عليهم السَّلَام، قال الشَّيخ بن
ص: 88
بابويه القمِّي رحمه الله: (حدَّثنا مُحَمَّدُ بن مُوسَى بن الْمتوكِّل رحمة الله، قالَ: حدَّثنا مُحمَّدُ بن أَبِي عبدِ الله الكُوفِيُّ، قال: حدّثنا مُوسى بن عمرانَ النَّخَعِيُّ، عن عَمِّهِ الحُسَينِ بن يزيد النَّوفَلِيَّ، عن الحسَن بن عَلِيِّ بن سالِمٍ، [عن أبيهِ]، عن أَبِي حَمزةَ، عن سعيدِ بن جُبَير، عن عبْدِ الله بن العَبَّاسِ، قال: قالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآله: «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطَّلَاعَةً، فَاخْتَارَنِي مِنْهَا، فَجَعَلَنِي نَبِيّاً، ثُمَّ اطَّلَعَ الثَّانِيَةَ فَاخْتَارَ مِنْهَا عَلِيّاً فَجَعَلَهُ إِمَاماً، ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَتَّخِذَهُ أَخا، [وَوَلِيا]، وَوَصِيّا، وَخَلِيفَةً، وَوَزِيراً، فَعَلِيُّ مِنِّي وَأَنَا مِنْ عَلِيَّ، وَهُوَ زَوْجُ ابْنَتِي، وَأَبُو سِبْطَيَّ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، أَلَا وَإِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَنِي وَإِيَّاهُمْ حُجَجاً عَلَى عِبَادِهِ، وَجَعَلَ مِنْ صُلْبِ الحُسَيْنِ عَلَيه السَّلَام أَئِمَّةً يَقُومُونَ بِأَمْرِي، وَيَحْفَظُونَ وَصِيَّتِي، التَّاسِعُ مِنْهُمْ قَائِمُ أَهْلِ بَيْتِي، وَمَهْدِيُّ أُمَّتِي، أَشْبَهُ النَّاسِ بِي فِي شَمَائِلِهِ، وَأَقْوَالِهِ، وَأَفْعَالِهِ يَظْهَرُ بَعْدَ غَيْبَةٍ طَوِيلَةٍ وَحَيْرَةٍ مُضِلَّةٍ، فَيُعْلِنُ أَمْرَ الله وَيُظْهِرُ دِينَ "الله"(1)، وَيُؤَيَّدُ بِنَصِرْ الله، وہ وَيُنصَرُ بِمَلَائِكَةِ الله، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً»)(2).
فإذا كان كلُّ واحدٍ من الآخر كيف لا يكون أفضل؟(3).
ص: 89
[49] وعن ابن عبَّاس، عن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وآله، قال لي: («يا بْنَ عَبَّاسٍ، هُمُ الْأَئِمَّةُ بَعْدِي وَإِنْ "قُهِرُوا"(1)، أُمَنَاءُ مَعْصُومُونَ، نُجَبَاءُ أَخْيَارُ.
يَا بْنَ عَبَّاسٍ، مَنْ أَتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَارِفاً بِحَقِّهِمْ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَتُهُ الجنَّةَ.
يَا بْنَ عَبَّاسٍ، مَنْ أَنْكَرَهُمْ أَوْ [رَدَّ] وَاحِداً مِنْهُمْ فَكَأَنَّمَا قَدْ أَنْكَرَنِي وَرَدَّنِي، وَمَنْ أَنْكَرَنِي وَرَدَّنِي فَكَأَنَّمَا أَنْكَرَ اللَّهُ وَرَدَّهُ.
يَا بْنَ عَبَّاسٍ، سَوْفَ يَأْخُذُ النَّاسُ يَمِيناً [وَشِمَالًا]، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَاتَّبِعْ عَلِيّاً وَحِزْبَهُ، فَإِنَّهُ مَعَ الحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَهُ، "فلَا"(2) يَفْتِرَقَانِ حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحُوْضَ.
يَا بْنَ عَبَّاسٍ، وَلَايَتُهُمْ وَلَايَتِي، وَوَلَايَتِي وَلَايَةُ اللَّهِ، وَحَرْبُهُمْ حَرْبِيِ، وَحَرْبِي حَرْبُ الله، وَسِلْمُهُم سِلْمِي، وَسِلْمِي سِلْمُ الله».
ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: «يُرِيدُونَ أَنْ "يُطْفِئُوا"(3) نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى الله إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»(4)»)(5).
ص: 90
أقول: أرأيت لو أنَّ مِن الأنبياء والرُّسل أَنكر واحداً مِنهم، ولمْ يُوالوه، أَو لمْ يُسلَّمُوا إليه - ولم يفعلوا - أليس قد خَرَجَ مِن حزبِ الرَّسول وأنكره؟ فَيَكُون مُنكِراً للصَّانِع، وكانوا على حدِّ الشّركِ بالله، فإذا كان كذلك، فيكون عَليّ عليه السَّلَام أفضل.
[50] (وعن أَنَسِ بن مالِكٍ قالَ: كُنتُ أَنَا، وَأَبُو ذَرّ، وَسَلْمَانُ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وآله إِذْ دَخَلَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ عَلَيهم السَّلَام، فَقَبَّلَهُمَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وَآله، وَقَامَ أَبُو ذَرِّ فَانْكَبَّ عَلَيْهِمَا وَقَبَّلَ أَيْدِيَهُمَا، ثُمَّ رَجَعَ فَقَعَدَ مَعَنَا، "فَقُلْتُ"(1) لَهُ سَرِاً: "يَا أَبَا ذَرٍّ! أَنْتَ رَجُلٌ شَيْخُ"(2) مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله "تَقُومُ إِلَى صَبِيَّيْنِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَتَنْكَبُّ عَلَيْهِمَا فَتُقَبِّلُ"(3) أَيْدِيها؟!
قَالَ: نَعَمْ لَوْ سَمِعْتُمْ مَا سَمِعْتُ فِيهِمَا مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله لَفَعَلْتُمْ لَهُمَا أَكْثَرَ مِمَّا فَعَلْتُ [أَنَا]؛ فَقُلْنَا: وَمَا [ذا] سَمِعْتَ "فِيهما مِن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله"(4) يَا أَبَا ذَرِّ؟!
قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ لِعَلِيٌّ عَلَيهِ السَّلام وَلَهُمَا: «يَا عَلِيُّ وَالله لَوْ أَنَّ رَجُلًا صَلَّى وَصَامَ حَتَّى يَصِيرَ كَالشَّنَّ الْبَالِي إِذًا مَا نَفَعَتْهُ صَلَاتُهُ وَلَا صَوْمُهُ إِلَّا بِحُبِّكُمْ.
ص: 91
يَا عَلِيُّ، مَنْ تَوَسَّلَ إِلَى اللَّه جَلَّ شَأْنُهُ بِحُبِّكُمْ فَحَقٌّ عَلَى الله أَنْ لَا يَرُدَّهُ.
يَا عَلِيُّ، مَنْ أَحَبَّكُمْ وَتَمَسَّكَ بِكُمْ فَقَدْ تَمَسَّكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى».
قَالَ: ثُمَّ قَامَ أَبُو ذَرِّ وَخَرَجَ ، فَتَقَدَّمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله أَخْبَرَنَا أَبُو ذَرِّ عَنْكَ بِكَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَالَ: «صَدَقَ أَبُو ذَرٍّ، والله، مَا أَظَلَّتِ الحَضْرَاءُ، وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَى ذِي هُجَةٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ».
ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله: «خَلَقَنِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَهْلَ بَيْتِي مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِسَبْعَةِ آلَافِ عَامِ، ثُمَّ نَقَلَنَا إِلَى صُلْبِ آدَمَ، ثُمَّ نَقَلَنَا مِن صُلْبِهِ إِلَى أَصْلَابِ الطَّاهِرِينَ إِلَى أَرْحَامِ الطَّاهِرَاتِ».
قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! فَأَيْنَ كُنتُمْ، وَعَلَى أَيّ [مِثَالٍ] كُنتُمْ؟!
قَالَ: كُنَّا أَشْبَاحاً مِنْ نُورٍ تَحْتَ الْعَرْشِ نُسَبِّحُ الله تَعَالَى [وَنُقَدِّسُهُ(1)] وَنُمَجدُهُ(2)».
ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عليه وآله: «لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ وَبَلَغَتُ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَدَّعَنِي جَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلام، فَقُلْتُ: حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ أَفِي هَذَا الْمَقَامِ تُفَارِقُنِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي لَا أَجُوزُ هَذَا الْمُوْضِعَ فَتُحْرَقَ أَجْنِحَتِي، ثُمَّ زُجَ بِي فِي النُّورِ، مَا شَاءَ اللهُ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي اطَّلَعْتُ إِلَى الْأَرْضِ اطَّلَاعَةً فَاخْتَرْتُكَ مِنْهَا فَجَعَلْتُكَ نَبِيّاً، ثُمَّ اطَّلَعْتُ ثَانِيَةً "واخْتَرْتُ"(3) مِنْهَا عَلِيّاً
ص: 92
فَجَعَلْتُهُ وَصِيَّكَ، وَوَارِثَ عِلْمِكَ، وَالْإِمَامَ مِنْ بَعْدِكَ، وَأُخْرِجُ مِنْ أَصْلَابِكُمَا الذُّرِّيَّةَ الطَّاهِرَةَ، وَالْأَئِمَّةَ المُعْصُومِينَ خُزَانَ عِلْمِي، فَلَوْلَاكُمْ مَا خَلَقْتُ الدُّنْيَا وَلَا الْآخِرَةَ، وَلَا الجنَّةَ وَلَا النَّارَ، يَا مُحَمَّدُ، أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهُمْ.
قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَبِّ، فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِأَنْوَارِ: عَلِيَّ، وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَعَلِيَّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٌّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٌّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالحَجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ يَتَلَالَا مِنْ بَيْنِهِمْ نُوراً كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ وَ مَنْ هَذَا؟!
قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هُمُ الْأَئِمَّةُ بَعْدِكَ الْمُطَهَّرُونَ مِنْ صُلْبِكَ، وَهَذَا الحُجَّةُ الَّذِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلًا، وَيَشْفِي صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ».
قُلْنَا: بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا يَا رَسُولَ الله لَقَدْ قُلْتَ عَجَباً!
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عليه وآله: «وَأَعْجَبُ مِنْ [هَذَا] أَنَّ "أُنَاسَا"(1) يَسْمَعُونَ مِنِّي هَذَا [الْكَلَامَ] ثُمَّ يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمُ اللهُ، وَيُؤْذُونَنِي فِيهِمْ، مَا (2) ( ( هُمْ لَا أَنَاهُمُ الله شَفَاعَتِي»)(2).
فمن أَنكر هذا الحديث حادَّ الله ورسوله، واستحقَّ العقاب الدّائِم، والعذاب المهين.
ص: 93
[51] (وعَنْ أَنس بن مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وآله: «لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ رَأَيْتُ عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ مَكْتُوباً: لَا إِلَهَ إِلَّا الله مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله، أَيَّدْتُهُ بِعَلِيِّ وَنَصَرْتُهُ، وَرَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ اسْماً مَكْتُوباً بِالنُّورِ، فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَسبطاي، وَبَعْدَهُمَا "يَتبَعَهُ أَسَامِي:"(1) عَلِيّاً، عَلِيّاً، عَلِيّاً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَمُحَمَّداً، مُحَمَّداً مَرَّتَيْنِ، وَجَعْفَراً، وَمُوسَى، وَالحَسَن، وَالحُجَّة يَتَلَا لَأُ مِنْ بَيْنِهِمْ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ أَسَامِي مَنْ هَؤُلَاءِ؟!
و فَنَادَانِي رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ: "اسمُ"(2) الأَوْصِيَاءِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، بِهِمْ أُثِيبُ وَبهم وَأُعَاقِب»)(3).
فانظر: كُفيتَ سُوء الاعتقاد، لو كانَ هُناك مَنْ هو أَفضل مِنهم، للمَّح بأَسمائِهم، وسطَّرهم في ملكوتِ سماواته، وعلى ساقِ عرشهِ أوَّلاً، ويكفيكَ حيث أَنَّه بهم يُثيب وبهم يعاقب، وبهم يُمطِر البلاد ويُرزق العباد، ويُنعِّم في الجِنان ويعذِّب بالنِّيران.
[52] مُحمَّدُ بن عبد الله الشَّيبَانيُّ، قالَ: حدَّثنَا هاشم بن مَالِك أَبُو دلَف الخَزَاعِيُّ بِبَعْدَادَ في مَسجِدِ الشَّرقِيَّةِ، قال: حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بن الفرَجِ الرِّياشِيُّ، قال: حَدَّثَني شرحبِيلُ، عَن بن أَبِي عَوف، عن يزيد بن عبد الملِك، عن
ص: 94
سَعِيد المقْرِي، عَن أبي هريرةَ، قالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيّاً وَسِبْطَيْنِ، فَمَنْ وَصِيكَ وَسِبْطَاكَ؟!
فَسَكَتَ وَلَمْ يردْ جَوَاباً، فَانْصَرَفْتُ حَزيناً، فَلَمَّا حَانَ الظُّهْرُ، قَالَ: «ادْنُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ»، فَجَعَلْتُ أَدْنُو وَأَقُولُ: أَعُوذُ بِالله مِنْ غَضَبِ الله "وَرَسُولِهِ"(1)، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الله بَعَثَ أَرْبَعَةَ آلَافِ نَبِيٍّ، وَكَانَ لَهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافِ وَصِيٍّ وَثَانِيَةُ آلَافِ سِبْطٍ، فَوَ الَّذِي بَعْنِي بِيَدِهِ لَأَنَا خَيْرُ النَّبِيِّينَ، وَوَصِي خَيْرُ الْوَصِيِّينَ، وَابْنَاي سِبْطَاي خَيْرُ الْأَسْبَاطِ».
ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيه وآله: «والحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سِبْطَاي مِن هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَإِنَّ الْأَسْبَاطَ كَانُوا مِنْ وُلْدِ يَعْقُوبَ وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، وَإِنَّ الْأَئِمَّةَ [بَعْدِي] اثْنَا عَشَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي: عَلِيٌّ أَوَّهُمْ، وَأَوْسَطُهُمْ مُحَمَّدٌ - وَأَبوهُم أَوَهُم - وَآخِرُهُمْ هو مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِي يُصَلِّي عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ، أَلَا إِنَّ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِمْ فَقَدْ تَمَسَّكَ بِحَبْلِ اللهِ، وَمَنْ تَخَلَّى مِنْهُمْ فَقَدْ تَخَلَّى من حَبلِ الله»(2).
ص: 95
فإِذا كان القائِم عليه السَّلَام أَفضل مِن عيسى؛ لعِلَّة الاقتداء بالأفضل، فعَلِيّ بن أَبي طالبِ عليه أَفضل السَّلَام أَولى بالفضل ؛ لأنَّه الأفضل.
[53] (عن أبي هريرة، عن النَّبيّ صَلَّى الله عليه وآله، قال: «لَوْ أَنَّ رَجُلًا "عَبَدَ اللَّهِ"(1) أَلْفَ عَامٍ بَيَنْ الرُّكْنِ وَالْمُقَامِ، ثُمَّ لَقِيَ اللَّهُ مُبْغِضَاً لَأَهْلِ بَيْنِي دَخَلَ النَّار»)(2).
وما ذاك إلَّا لفضلهم ووجوب طاعَتِهم، فهذا أبو هريرة قد يَروي ما رُوى مِن الفضلِ مع إنكارهِ وجحوده للحقِّ ومخالفته لِعَلِيّ عليه السَّلَام بعض ما رُوي عنه؛ فهذا حجَّة عليه وعلى الأُمم أجمعين.
[54] (عن زَيد بن ثابت، قَال: قَالَ صَلَّى اللهُ عَليه وآله: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى خَيْرِ النَّاسِ أَبا وَأُمّاً»؟
ص: 96
قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ الله.
قَالَ: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، أَبُوهُمَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُمُّهُمَا فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ»)(1).
فإذا كانَ خير النَّاسِ، كان أفضل.
[55] عن واثلة بن الأسفع قالَ: سَمِعتُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَليه وآله، يقول: «لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، وَبَلَغْتُ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى، نَادَانِي رَبِّي جَلَّ جَلَالُهُ، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ سَيّدِي.
قَالَ: إِنِّي مَا أَرْسَلْتُ نَبِيّاً فَانْقَضَتْ أَيَّامُهُ إِلَّا أَقَامَ بِالْأَمْرِ [بَعْدَهُ] وَصِيَّهُ، فَاجْعَلْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبِ الْإِمَامَ وَالْوَصِيَّ [مِنْ] بَعْدِكَ، فَإِنِّي خَلَقْتُكُمَا مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ، وَخَلَقْتُ الْأَئِمَّةَ الرَّاشِدِينَ مِنْ أَنْوَارِكُمَا، أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهُمْ يَا مُحَمَّدُ؟
قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَبِّ.
قَالَ: ارْفَعْ رَأْسَكَ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا [أَنَا بِأَنْوَارِ الْأَئِمَّةِ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ نَوراً.
قُلْتُ: يَا رَبِّ أَنْوَارُ مَنْ هِيَ؟
قَالَ:] أَنْوَارُ الْأَئِمَّةِ بَعْدَكَ أُمَنَاءُ مَعْصُومُونَ»)(2).
ص: 97
فإذا كانا مِن نورٍ واحد، كيف لا يكون أفضل؟.
[56] في حديث أَنَّ عمَّار سأَل رسُول الله صَلَّى الله عليه وَآله، فقال: (يَا رسُول الله، إنَّ عليَّاً قد جَاهدَ في الله حَقَّ جِهَاده!؟
فَقال: «لِأَنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وإِنَّهُ وَارِثُ عِلْمِي، وَقَاضِي دَيْنِي، وَمُنْجِزُ وَعْدِي، وَالخَلِيفَةُ بَعْدِي، وَلَوْلَاهُ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُ المَحْضُ بَعْدِي، حَرْبُهُ حَرْيِ وَحَرْبِي حَرْبُ الله، وَسِلْمُهُ سِلْمِي وَسِلْمِي سِلْمُ الله»)(1).
فإذا كان كلٌّ منهما من الآخر، وإنَّه وارث علمه، ولا شكَّ أنَّ علمهُ صلَّى الله عليه وآله يزيد على عُلومِ الأَنبياء بأَضعافٍ وأَضعاف، وقد وَرِث الجميع عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام، فكيف لا يكون أَفضل؟
[57] (عن حُذيفة بن اليمان، عَن رسول الله صلَّى اللهُ عليه وآله، قال: «إِنَّ وَصِیِّي وَخَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَائِدُ الْبَرَرَةِ، وَقَاتِلُ الْكَفَرَةِ، مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ، عَذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ».
قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، فَكُمْ يَكونُ [الأَئِمَّةُ] مِن بَعدِك؟
قال: «عَدَدَ نُقبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ، أَعْطَاهُمُ اللَّهُ عِلْمِي وَفَهْمِي، [وَهُمْ] خُزَانُ عِلْمِ الله وَمَعَادِنُ وَحْيِهِ».
قُلتُ: يَا رسُول الله، فما لِأَولادِ الحَسن؟
ص: 98
قال: «إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ الْإِمَامَةَ فِي عَقِبِ الْحُسَيْنِ؛ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»(1)».
قُلت: أَفَلا تُسمِّيهم لى يَا رَسُول الله؟
قالَ: «نَعَمْ، إِنَّهُ لا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، "نَظَرْتُ"(2) إِلَى سَاقِ الْعَرْشِ [فَرَأَيْتُ] مَكْتُوباً [بِالنُّورِ]: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله أَيَّدْتُهُ بِعَلِيٌّ وَنَصَرْتُهُ بِهِ، وَرَأَيْتُ أَنْوَارَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفَاطِمَةَ، وَرَأَيْتُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: عَلِيّاً عَلِيّاً عَلِيّاً وَمُحَمَّداً ومُحَمَّداً وَجَعْفَراً وَمُوسَى وَالحَسَنَ وَالحُجَّةَ [يَتَلَالَا] مِنْ بَيْنِهُمْ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ.
فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَرَنْتَ أَسْمَاءَهُمْ بِاسْمِكَ؟
قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُمُ الْأَوْصِيَاءُ وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَكَ، خَلَقْتُهُمْ مِنْ طِينَتِكَ، فَطُوبَى لَمِنْ أَحَبَّهُمْ، وَالْوَيْلُ مَنْ أَبْغَضَهُمْ، فَبِهِمْ أُنْزِلُ الْغَيْثَ، وَبِهِمْ أُثِيبُ وَأُعَاقِبُ».
ثُمَّ رَفعَ رسُول الله صَلَّى الله عليه وآله يَدَهُ إِلى السَّماءِ وَدَعَا بِدعَواتٍ، فَسمعته يقول: «اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْعِلْمَ وَالْفِقْهَ فِي عَقِبِي وَعَقِبٍ عَقِبِي، وَفِي زَرْعِي وَزَرْعٍ زَرْعِي»)(3).
أقول: لو كانَ مِن هؤلاء أفضل لَقَرن الله أسمائهم باسمه دون علي عَلِيّ
ص: 99
والأئمَّة، وإِذا كانوا كذلك وارث عِلم رسُول الله صلَّى الله عليه وآله، فكيف لا يكون أفضل؟ بل هو والله أَفضل.
[58] (محمَّد بن عَلِيّ بن الحُسين رضي اللهُ عنه، قال: حَدَّثَنَا مُحمَّد بن [إبراهيم بن إِسحاق الطَّالقاني رضي الله عنه، قَال: حدَّثنا محمَّد بن همَّام، قَال حدَّثَنا أَحمد بْن بندار، قال حدَّثَنا أَحمد بن هلال، عن مُحمَّد بن أَبي عُمير، عن المفضَّل بن عُمر، عن الصَّادق جعفر بن مُحمَّد، عن أَبيه مُحَمَّد بن عَليّ، عن أبيه عَلِيّ بن الحُسَين، عن أبيه الحُسَين بن عَلِيّ، عن أَبيه أَمير المؤمنين عليهم السَّلَام قَال: [قَالَ:] رسُولُ الله صلَّى اللهُ عليه وآله: «لمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ أَوْحَى الله تعالى إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي اطَّلَعْتُ إِلَى الْأَرْضِ اطَّلَاعَةً، فَاخْتَرْتُكَ مِنْهَا، فَجَعَلْتُكَ نَبِيّاً وَشَقَقْتُ لَكَ "اسْماً مِنْ اسْمائِي"(1)؛ فَأَنَا المَحْمُودُ وَأَنتَ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ اطَّلَعْتُ الثَّانِيَةَ، فَاخْتَرْتُ مِنْهَا عَلِيّاً، وَجَعَلْتُهُ وَصِيَّكَ، وَخَلِيفَتَكَ، وَزَوْجَ ابْنَتِكَ، وَأَبَا ذُرِّيَّتِكَ، وَشَقَقْتُ لَهُ اسْما مِنْ أَسْمَائِي، فَأَنَا الْعَلِيُّ الْأَعْلَى وَهُوَ عَلِيٌّ، وَجَعَلْتُ [فَاطِمَةَ وَ] الْحَسَنَ وَالحُسَيْنَ مِنْ نُورِكُمَا، ثُمَّ عَرَضْتُ وَلَايَتَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ، فَمَنْ قَبِلَهَا كَانَ عِنْدِي مِنَ المُقَرَّبِينَ.
يَا مُحَمَّدُ، لَوْ أَنَّ عَبْداً عَبَدَنِي حَتَّی يَنْقَطِعَ وَ يَصِيرَ كَالشَّنَّ الْبَالِي ثُمَّ أَتَانِي جَاحِداً لِوَلَايَتِهِمْ مَا أَسْكَنَتُهُ جَنَّتِي وَلَا أَظْلَلْتُهُ تَحْتَ عَرْشِي..»)(2). إلى آخر الحديث
ص: 100
فإِذا كان هذا شأْنهم، كيف لا يكون عَلِيّ أَفضل؟.
[59] ومما رواهُ أَبو عبد الله أَحمد بن مُحمَّد بن عبيد الله بسنده المتصل إِلى أَمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام (عن رسُول الله صلَّى اللهُ عليه وَآله، قالَ: «قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله: يَا عَلِيُّ أَنْتَ الْإِمَامُ وَالخَلِيفَةُ بَعْدِي، حَرْبُكَ حَرْبِيِ وَسِلْمُكَ سِلْمِي، وَأَنْتَ أَبُو سِبْطَيَّ وَزَوْجُ ابْنَتِي، وَمِنْ ذُرِّيَّتِكَ الْأَئِمَّةُ المُطَهَّرُونَ، "أَنا"(1) سَيْدُ الأَنْبِيَاءِ وَأَنْتَ سَيِّدُ الأَوْصِيَاءِ، وَأَنَا وَأَنْتَ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْلَانَا "مَا خَلَق"(2) الله الجُنَّةَ وَلاَ النَّارَ، وَلاَ الأَنْبِيَاء وَلَا المُلائِكَةَ.
فقلتُ: يَا رَسُولَ الله، فَنَحْنُ أَفْضَلُ أَمِ المَلَائِكَةُ؟
فقال: يَا عَلِيُّ، نَحْنُ خَيْرُ "خَلَقَ الله على بَسْطِ"(3) الْأَرْضِ وَخَيْرٌ مِنَ "مَلَائِكَةِ العَرِش"(4)، [وَ] كَيْفَ لاَ نَكُونُ خَيْراً مِنْهُمْ وَقَدْ سَبَقْنَاهُمْ إِلَى مَعْرِفَةِ الله وَتَوْحِيدِهِ؟! فَبِنَا عَرَفُوا اللَّه وَبِنَا عَبَدُوا الله، وَبِنَا اهْتَدَوُا السَّبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ الله.
يَا عَلِيُّ، أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ، وَأَنْتَ أَخِي وَوَزِيرِي»)(5).
ص: 101
والحديث بتمامهِ مذكور في كتاب عيون أخبار الرِّضا عليه السَّلام(1).
فإِذا كانوا خير خلقِ الله على بسطِ الأَرضِ، ولا عُرِف اللهُ وَوَحِّد وعُبِدَ إِلَّا بهم، وإِذا كانوا كُلٌّ مِن الآخر، فكيف لا يكون أَفضل؟.
[60] (أَحمد بن مُحمَّد بن عبد الله بن الحسن العياشيُّ، قَال: حَدَّثَنا جدِّي عُبيد الله بن الحَسن، عن أَحمد بن عبد الجبار، قالَ: حدَّثَنا أَحمد بن عبد الرَّحمنِ المخزوميُّ، قَال: حَدَّثَنَا عُمر بن حمَّاد الأَبح، قَال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن هاشِم البريد، عن أَبيهِ، قَال: حَدَّثني أَبو سعيد التَّميميُّ، عن [أَبي] ثَابت مولى أَبي ذرٍّ، عن أُمِّ سلمة، قَالت: قَال رسُول الله صلَّى اللهُ عَليه وآله: «لمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ نَظَرْتُ فَإِذَا مَكْتُوبٌ عَلَى "سَاقِ"(2) الْعَرْشِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله أَيَّدْتُهُ بِعَلِيِّ وَنَصَرْتُهُ بِعَليَّ، وَرَأَيْتُ أَنْوَارَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَأَنْوَارَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٌّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَرَأَيْتُ نُورَ الْحُجَّةِ يَتَلَالُأُ مِنْ بَيْنِهِمْ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، مَنْ هَذَا، وَمَنْ هَؤُلَاءِ؟!
فَنُودِيتُ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا نُورُ عَلِيَّ وَفَاطِمَةَ، وَهَذَا نُورُ سِبْطَيْكَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ "وَهَذَا نُور"(3) الْأَئِمَّةِ بَعْدَكَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَينُ مُطَهَّرُونَ مَعْصُومُونَ
ص: 102
وَهَذَا "نُورُ"(1) الْحُجَّة الَّذِي يَمْلُأَ الدُّنْيَا قِسْطاً وَعَدْلاً "كَما مُلِئَتْ جَورَاً وَظُلماً"(2)»)(3).
فلو كان هناك مَنْ هو أفضل لَكانَ على سَاقِ العرشِ مسطوراً، ولكان مؤيداً به رسُول الله صلَّى الله عليه وآله مِن دون أَمير المؤمنين، ولم يكن إلا عَلِيّاً عليه السَّلَام، ولن يكون إلَّا هو، فيكون أفضل.
[61] وَروَى مُحمَّد بن يَعقُوب رحمهُ الله في (الكافِي)، (عدَّةٌ من أَصحَابَنَا، عن أَحمد بن مُحَمَّدٍ، عن الحُسَينِ بن سَعِيدٍ، عن عَلِيّ بن سباطٍ، [عن أَبِيه أَسباطٍ، عن سَورَةَ بن كُليبٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعفرٍ عليه السَّلَام: «وَاللهِ إِنَّا لَخُزَّانُ اللهِ فِي سَمَائِهِ وأَرْضِهِ، لَا عَلَى ذَهَبٍ ولَا عَلَى فِضَّةٍ إِلَّا عَلَى عِلْمِه»)(4).
[62] (وعن سدير، عن أَبِي جَعفَرٍ عليه السَّلَام قَالَ قُلْتُ لَه جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَنْتُمْ؟
قَالَ: «نَحْنُ خُزَّانُ عِلْمِ الله، ونَحْنُ تَرَاجِمَةُ وَحْيِ الله، ونَحْنُ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ عَلَى
ص: 103
مَنْ دُونَ السَّماءِ ومَنْ فَوْقَ الأَرْضِ»)(1).
وفي رواية: ( «وَلَوْلَانَا مَا عُبِدَ الله»)(2).
[63] (وَعَنْ الْمُفَضَّلَ بْنَ عُمَر، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله عَلَيْهِ السَّلَامِ، قَالَ: «مَا جَاءَ بِهِ [عَلِيٌّ عَلَيهِ السَّلَام] آخُذ بِهِ، ومَا نَهَى عَنْه أَنْتَهِي عَنْهِ، جَرَى لَه مِنَ الْفَضْلِ [مِثْل] مَا جَرَى لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله، ولِمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عليه وآله الفَضِلُ عَلَى جَميع مَنْ خَلَقَ الله عزَّ وجلّ، الْمُتَعَقِّبُ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ [أَحْكَامِهِ] كَالْمُتَعَقِّبِ عَلَى اللهِ وعَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله، والرَّادُ عَلَيْهِ ] فِي صَغِيرَةِ أَوْ كَبِيرَةٍ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بالله.
كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَام بَابَ الله الَّذِي لَا يُؤْتَى إِلَّا مِنْه، وسَبِيلَه الَّذِي مَنْ سَلَكَ بِغَيْرِه هَلَكَ، وكَذَلِكَ يَجْرِي لأَئِمَّةِ الْهُدَى وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، جَعَلَهُمُ الله أَرْكَانَ الْأَرْضِ أَنْ تَمِيدَ بِأَهْلِهَا، وحُجَّتَهِ الْبَالِغَةَ عَلَى مَنْ فَوْقَ الْأَرْضِ وَ [مَنْ] تَحْتَ الثَّرَى، وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِيْنَ عَلَيْهِ السَّلَام كَثِيراً ما يقول: أَنَا قَسِيمُ الله بَيْنَ الْجَنَّةِ والنَّار وأَنَا الْفَارُوقُ الأَكْبَرُ، وَأَنَا صَاحِبُ الْعَصَا والْمِيسَمِ(3)،
ص: 104
وَلَقَدْ "أقرَّ"(1) ليَّ جِيْعُ المَلائِكَةِ وَالرُّوْحُ والرُّسُلُ بِمِثْلِ مَا أَقَرُّوا به مُحَمَّدٍ صَلیَّ اللهُ عَلَيه وَآله، وَلَقَد حُمِلْتُ عَلَى مِثْلِ حَمُولَتِهِ، وهِيَ حَمُوْلَةُ اَلْرَّبِّ، وَإِنَّ رَسُوْلَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله "ليُدْعَىَ"(2) فَيُكْسَى، [وَأُدْعى فَأُكْسى]، وَيُسْتَنْطَقُ، وَأُسْتَنْطَقُ، فَأَنْطَقُ عَلَى حَدٌ مَنْطِقِهِ.
ولَقَدْ أُعْطِيتُ خِصَالاً مَا سَبَقَنِي إِلَيْهَا أَحَدٌ قَبْلِي: عُلِّمْتُ الْمَنَايَا وَالْبَلَايَا [والأَنسَابَ وفَضْلَ الْخِطَابِ، فَلَمْ يَفْتُنِي مَا سَبَقَنِي، وَلَمْ يَعْرُبْ عَنِّي مَا غَابَ عَنِّي أُبَشِّرُ بِإِذْنِ الله]، وأُؤَدِّي عَنْه، كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الله مَكَّتَنِي فِيهِ بِعِلْمِهِ»)(3).
فإِذا جَرَى لَهُ مِن الفَضل ما كانَ لرسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ، وكانَ لهُ مِن الطَّاعَةِ ما لرسولِ الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وإذا أقرَّ الرُّسُل مثل ما أقرُّوا لرسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ، وَإِذَا كَانَ هُو حُجَّة عَلَى مَن فَوق السَّمَاء وَمَن فَوق الأَرض ، كيفَ لَا يَكُون أَفْضَل؟.
[64] (عَليّ بن مُحَمَّد، وَمُحمَّد بن الحسين، عن سهل بن زياد، عَن مُحمَّد بن الوليد (شباب الصيرفي)، قَال: حدَّثَنا سعيد الأعرج، قَال: دخلتُ أَنا وسَليمان بن خالد على أَبي عبد الله عَلَيهِ السَّلَام فَابْتَدَأْنَا فَقَالَ: «يَا سُلَيْمان، مَا جَاءَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيهِ السَّلَامِ يُؤْخَذُ بِهِ، وَمَا نَهَى عَنْهُ يُنْتَهَى عَنْه، جَرَى لَهُ مِنَ الْفَضْلِ مَا جَرَى لِرَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله، ولِرَسُولِ الله
ص: 105
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الْفَضْلُ عَلَى جَمِيعِ مَنْ خَلَقَ الله، "المُتعَقِّبُ"(1) عَلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِهِ "كَالْمُتَعَقِّبِ"(2) عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ وعَلَى رَسُولِه صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ، والرَّادُ عَلَيْهِ فِي صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ عَلَى حَدَّ الشَّرْكِ بالله.
كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتِ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بَابَ اللَّهِ الَّذِي لَا يُؤْتَى إِلَّا مِنْه، وسَبِيلَه الَّذِي مَنْ سَلَكَ بِغَيْرِه هَلَكَ، وَبِذَلِكَ جَرَت الأَئِمَّة عَلَيْهِم السَّلَام وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ جَعَلَهُمُ الله أَرْكَانَ الأَرْضِ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ، والحُجَّة [الْبَالِغَةَ] عَلَى مَنْ فَوْقَ الأَرْضِ [وَمَنْ] تَحْتَ الثَّرَى».
وقَالَ: «قَالَ أَمِيرِ الْمُؤمِنِين عَلَيْهِ السَّلَام: أنَا قَسِيمُ الله بَيْنَ الْجَنَّةِ والنَّارِ، وأَنَا الْفَارُوقُ الأَكْبَرُ، وَأَنَا صَاحِبُ الْعَصَا والمِيسَمِ، وَلَقَدْ أَقَرَّتْ لِي جَمِيعُ المَلائِكَةِ والرُّوحُ، بِمِثْلِ مَاْ أَقرُّت مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، [وَلَقَدْ حُلْتُ عَلَى مِثْلِ حَمُوْلَة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ] وَهِيَ حَمُولَةُ الرَّبِّ جَلَّ وعز، وَإِنَّ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يُدْعَى فَيُكْسى وَيُسْتَنطَقُ، "فَإِذَا دُعِي فَأُكْسى"(3) وَأَسْتَنْطَق، فَأَنْطَقُ عَلَى حَدَّ مَنْطِقِهِ، وَلَقَدْ أُعْطِيْتَ خِصَالاً لَمْ يُعْطِهُنَّ أَحَدٌ قَبْلي: عُلِّمْتُ [عِلْمَ] الْمَنَايَا الْبَلَايَا، والأَنْسَابَ وفَصْلَ الْخِطَابِ، فَلَمْ يَفْتْنِي مَا سَبَقَنِي، ولَمْ
ص: 106
يَعْزُبُ عَنِّي مَا غَابَ عَنِّي أُبَشِّرُ بِإِذْنِ الله، وأُؤَدِّي "عَنْه"(1) كُلُّ ذَلِكَ مَكَّنَنِي اللهُ [فيه] بِإِذْنِهِ»)(2).
[65] (مُحمَّد بن يحيى، وأَحمد بن مُحمَّد جميعا، عن مُحمَّد بن الحَسن، عن عَليّ بن حَسَّان، قال: حَدَّثَنِي أَبُو عَبد الله الرِّياحِي، عن أَبِي الصَّامِت الحَلواني، عَن أَبي جَعفَر عَليهِ السَّلَام قَال: «فَضْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلَام: مَا جَاءَ بِهِ أخُذُ بِهِ، ومَا نَهَى عَنْه أَنْتَهِي عَنْهُ، جَرَى لَهُ مِنْ الطَّاعَةِ بَعْدَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ مَا لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ، وَالمُفَضَّلُ عَلَى عَلِيّ عَلَيهِ السَّلَامِ كَالْمُفَضَّل عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَالفَضْلُ لمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ، الْمُتَقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالْمُتَقَدِّم بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِه، والمُفَضَّل عَلَيهِ كالْمُفَضَّل عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ، والرَّادُّ عَلَيهِ فِي صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بِالله، فَإِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بَابُ اللَّهِ الَّذِي لَا يُؤْتَى إِلَّا مِنْهُ وسَبِيلُهُ الَّذِي مَنْ سَلَكَهُ وَصَلَ إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ، وكَذَلِكَ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ بَعْدِهِ، وجَرَى لِلأَئِمَّةِ عَلَيْهِم السَّلَام وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، جَعَلَهُمُ الله عَزَّ وَجَلَّ أَرْكَانَ الْأَرْضِ أَنْ تَمِيدَ بِأَهْلِهَا، وَعُمُدَ الإِسْلَامِ ورَابِطَةً عَلَى سَبِيلِ هُدَاءِ، لَا يَهْتَدِي [هَادٍ] إِلَّا بِهدَاهُمْ، وَلَا يَضِلُّ خَارِجٌ مِنَ الْهُدَى إِلَّا بِتَقْصِيرٍ عَنْ حَقِّهِمْ، أَمَنَاءُ الله عَلَى مَا أَهْبَطَ مِنْ عِلْمٍ أَوْ عُذْرٍ أَوْ نُذْرٍ، والحُجَّةُ الْبَالِغَةُ عَلَى مَنْ فِي الأَرْضِ ، يَجْرِي لأَخِرِهِمْ مِنَ الله مِثْلُ الَّذِي جَرَى
ص: 107
لأَوَّلِهِمْ، وَلَا يَصِلُ أَحَدٌ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بِعَوْنِ الله.
وقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيهِ السَّلَام أَنَا قَسِيمُ الله بَيْنَ الْجَنَّةِ والنَّارِ، لَا يَدْخُلُهَا دَاخِلٌ إِلَّا عَلَى حَدٌ قَسْمِي، وأَنَا الْفَارُوقُ الأَكْبَرُ، وَأَنَا الإِمَامُ لَنْ بَعْدِي والْمُؤَدِّي لَنْ كَانَ قَبْلِي، لَا يَتَقَدَّمُنِي أَحَدٌ إِلَّا أَحْمَدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَإِنِّي وإِيَّاه لَعَلَى سَبِيلِ وَاحِدٍ إِلَّا أَنَّهُ هُوَ الْمَدْعُو بِاسْمِهِ، ولَقَدْ أُعْطِيتُ [السِّتَّ]: عِلْمَ الْمَنَايَا َوالْبَلَايَا وَالْوَصَايَا وفَصْلَ الْخِطَابِ وإِنِّي لَصَاحِبُ الْكَرَاتِ ودَوْلَةِ الدُّوَلِ، وإِنْ لَصَاحِبُ الْعَصَا والمِيسَم، والدَّابَّةُ الَّتِي تُكَلِّمُ النَّاسَ»)(1).
فَتَفَطَّنُوا بِعينِ البَصِيرة، وَانظرُوا بِقلُوبٍ مُنيرة، فإِنَّ الإمام علي بن أبي طالبٍ عليهِ السَّلَام مُطَهَّر مِن الذُّنُوبِ مُبرَّاً مِن العُيُوبِ، فَرِيد دَهره لَا يدانيه أحد، ولا يُعادِلهُ عالم، ولا يُوجد مِنهُ ،بدل، ولا لهُ مَثَل ولا نظِير، مَخَصُوص بالفضلِ كلَّه، مِن غير طلب منه ولا اكتساب، بل اختصاص من المُفَضِّل الوهَّاب.
فمن ذا الَّذي يبلغ معرفَة الإِمَام، أَو يمكنُهُ اختيَاره، هَيهَات هَيهَات، ظلَّتْ العقُول وَتَاهت الحُلُوم، وحَارت الأَلْبَاب، وَخَسِئَت اَلعيُون، وَتَصاغَرت العظماء، وَتَحيَّرت الحكَمَاء، وتَقاصَرت الحُلَماء، وَحصرَت الخُطَباء،
ص: 108
وجهلَت الألبَّاء(1)، وكلَّت الشُّعراء، وَعجزت الُأدباء، وَعيَّيت البُلغاء عن وَصفِ شأنٍ من شَأنِه، أو فَضيلَة من فَضائِلِهِ، وَأقرَّت بِالعَجز والتَّقصِير.
كَيفَ يُوصَف بِكُلِّهِ، أو ينعَت بِكُنههِ، أو يُفهَم شَيء مِن أَمرهِ، أَو يُوجَد من يَقُوم مقامَه، وَيُغنى غِنَاهُ، لَا، وَكَيفَ، وَأَنَّى، وَهُو بحيث النَّجم من يَدِ المُتَناولِين ووَصف الوَاصفِين، ومنَّتهم الأَباطيل بِإِدرَاك فَضل أَو وَصفِ فَضِيلَة مِن فَضَائِلِهِ.
وَرَبِّ الرَّاقصات(2) من أَن يُوَازنهُ أَحَدٌ في الفضل، أو يُضَاهِيه من الخلقِ في الأَصلِ، كَلَّا لَيسَ هُم مَا يَحكمُون أَفَلَا لِلقُرْآنِ يَتَدَبَّرُوْنَ؟
«أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالها»(3).
أم «طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِم فَهُم لا يَفْقَهُونَ»(4).
أم «قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَ الدَّوَابِّ عِنْدَ الله الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ»(5).
ص: 109
ولكن كما قال الله: «لَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ»(1).
أم قالوا: «سَمِعْنَا وعَصَيْنَا»(2)، ولَكِن فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ «مَنْ يَشَاء وَالله ذُو الفَضْل العظيم»(3).
مالهم يُنكرونَ فضله أفلم ينظروا لقولهِ عَزَّ مَن قَائِل: «أم يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا أَتَاهُمُ اللهِ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ أَتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ه وَأَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا * فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا»(4)(5).
وما عَنَى الله تعالى بالنَّاس إلَّا أهل بيته عليهم السَّلَام وعَليّ عليه السَّلَام أفضلهم؛ فاعتبروا يا أُولي الأَلباب.
ص: 110
[66] (مُحَمَّد بن يحيى، عن مُحَمَّد بن الحُسين، عن النَّظير بن شُعيب، عن مُحمَّد بن الفُضيل، عن أَبي حمزة الثّمالي قال: سَمِعتُ أَبا جعفر عليه السَّلَام يقول: «قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: اسْتِكْمالُ حُجَّتِي عَلَى الْأَشْقِيَاءِ مِنْ أُمَتِكَ: مَنْ تَرْكَ وَلَايَةَ عَلِي عَليه السَّلَام وَوَالى أَعْدَاءَهُ، وَأَنْكَرَ فَضْلَهُ وَفَضْلَ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ، فَإِنَّ فَضْلَكَ فَضْلُهُمْ، وَطَاعَتَكَ طَاعَتُهُمْ، وَحَقَّكَ حَتْهُمْ، وَمَعْصِيَتَكَ مَعْصِيَتُهُمْ، وَهُمُ الْأَئِمَّةُ الهُدَاةُ مِنْ بَعْدِكَ، جَرى فِيهِمْ رُوحُكَ، وَرُوحُكَ مَا جَرى [فِيكَ] مِنْ رَبِّكَ، وَهُمْ عِتْرَتُكَ مِنْ طِينَتِكَ وَحُمِكَ وَدَمِكَ، وَقَدْ أَجْرَى اللَّهُ - عَزَّ وَ جَلَّ - فِيهِمْ سُنَّتَكَ - وَسُنَّةَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ، وَهُمْ خُزَانِي عَلى عِلْمِي مِنْ بَعْدِكَ، حَقٌّ عَلَيَّ [لقَدِ] اصْطَفَيْتُهُمْ وَانْتَجَبْتُهُمْ وَأَخْلَصْتُهُمْ وَارْتَضَيْتُهُمْ، وَنَجَا مَنْ أَحَبَّهُمْ وَوَالَاهُم وَسَلَّمَ "مَنْ فَضَّلَهُم"(1)، وَلَقَدْ أَتَانٍي جَبَرْئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَأَحِبَّائِهِمْ وَالمُسَلَّمِينَ لِفَضْلِهِمْ»)(2).
[67] (وعن أَبان بن تغلب قال سَمِعتُ أَبا عبد الله عَليه السَّلَام، يقول: «قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْيَا حَيَاتِي، وَيَمُوتَ "مَمَاتِي"(3)، وَيَدْخُلَ جَنَّةَ عَدْنٍ الَّتِي غَرَسَهَا اللَّهِ [رَبيِّ] بِيَدِهِ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي
ص: 111
طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلْيَتَوَلَ وَلِيَّهُ، وَلْيُعَادِ عَدُوَّهُ، وَلْيُسَلِّمْ لِلْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ، فَإِنَّهُمْ عِتْرَتِي مِنْ حَمِي وَدَمِي، أَعْطَاهُمُ الله فَهْمِي وَعِلْمِي، إِلَى الله أَشْكُو أَمْرَ أُمَّتِي الْمُنْكِرِينَ لِفَضْلِهِمْ، الْقَاطِعِينَ فِيهِمْ صِلَتِي، وَ أَيْمُ الله، "لَيَقْتُلُون"(1) ابْنِي، لَا أَنَاهُمُ الله شَفَاعَتِي»)(2).
[68] (علي بن مُحمَّد، عن عبد الله بن عَلِيّ، عن إبراهيم بن إِسحاق، عن عبد الله ابن حمَّاد، عن بُريد بن مُعاوية، عن أحدهما عَلَيْهِمَا السَّلَام(3) في قول الله عزَّ وجلّ: «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيْلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ»(4).
«فَرَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَفْضَلُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، قَدْ عَلَّمَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعَ مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنَ التَّنْزِيلِ وَالتَّأْوِيلِ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُنْزِلَ عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يُعَلَّمْهُ تَأْوِيلَهُ، وَأَوْصِيَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَعْلَمُونَهُ كُلَّهُ، وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ، إِذْ قَالَ الْعَالِمُ فِيهِمْ بِعِلْمٍ، فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: «يَقُولُونَ أَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ
ص: 112
عِنْدِ رَبِّنَا».
[وَالْقُرْآنُ خَاصٌ وَعَامٌ، وَمُحْكَمْ وَمُتَشَابِهُ، وَنَاسِةٌ وَمَنْسُوخٌ، فَالرَّاسِخُونُ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَهُ]»)(1).
[69] (مُحمَّد، عن أَحمد، عن عليّ بن النُّعمان "عمَّن"(2) رفعهُ، عن أبي "جعفر عليه السَّلَام، قال: قالَ أبو جعفر عليه السَّلَام: «يَمُصُّونَ "الثِّماد"(3)، وَيَدَعُونَ النَّهَرَ الْعَظِيمَ».
قِيلَ لَهُ: وَمَا النَّهَرُ الْعَظِيمُ؟
قَالَ: رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَالْعِلْمِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، إِنَّ الله عَزَّ وَ جَلَّ جَمَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ سُنَنَ "النَّبِيِّينَ"(4) مِنْ آدَمَ - وَهَلُمَّ جراً - إِلى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ».
قِيلَ لَهُ: وَ مَا تِلْكَ السُّنَنُ؟
قَالَ: «عِلْمُ النَّبِيِّينَ بِأَسْرِهِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ صَيَّرَ ذِلِكَ
ص: 113
كُلَّهُ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ».
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، فَأَمِيرُ المُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ أَمْ بَعْضُ النَّبِيِّينَ؟
فَقَالَ أَبو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «اسْمَعُوا مَا يَقُولُ؟! إِنَّ اللَّهَ يَفْتَحُ مَسَامِعَ مَنْ يَشَاءُ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ: أَنَّ الله جَمَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عِلْمَ النَّبِيِّينَ، وَأَنَّهُ جَمَعَ ذلِكَ كُلَّهُ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ يَسْأَلُني: أَهُوَ أَعْلَمُ، أَمْ بَعْضُ النَّبِيِّينَ»(؟!).
[70] و (عن عبد الله بن جُندب، أَنَّهُ كتبَ إليه الرّضا عَليه السَّلَام: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ أَمِينَ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، فَلَمَّا قُبِضَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله كُنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَثَتَهُ؛ فَنَحْنُ أُمَنَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ ..»(1). إلى أخر الحديث.
[71] (مُحمَّد بن يحيى، عن أحمد بن مُحمَّد، عن علي بن الحكم، عن عبد الرَّحمن بن كثير، عن أبي جعفر عَليه السَّلام، قال: «قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ: إِنَّ أَوَّلَ وَصِيٌّ كَانَ عَلى وَجْهِ الْأَرْضِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ آدَمَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ مَضى إِلَّا وَ لَهُ وَصِيٌّ، وَكَانَ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ مِائَةَ أَلْفِ نَبِي وَعِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ، مِنْهُمْ خَمْسَةٌ أُولُو الْعَزْمِ: نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَمُحَمَّدٌ عَلَيْهِمُ
ص: 114
السَّلَامُ، وَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ هِبَةَ الله مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ، "وَوَارِثَ"(1) [عِلْمَ الْأَوْصِيَاءِ] وَعِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، [أَمَا إِنَّ مَحمَّداً وَرِثَ عِلْمَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ] مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ.
عَلى قَائِمَةِ الْعَرْشِ مَكْتُوبٌ: حَمْزَةُ أَسَدُ اللهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ وَسَيّد الشُّهَدَاءِ؛ وَفِي ذُؤَابَةِ الْعَرْشِ: عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَهَذِهِ حُجَّتُنَا عَلى مَنْ أَنْكَرَ حَقَّنَا وَجَحَدَ مِيرَاثَنَا، "وَمَا مَنَعَنَا"(2) مِنَ الْكَلَامِ وَامَامَنَا الْيَقِينِ، فَأَيُّ حُجَّةٍ [تَكُونُ] أَبْلَغَ مِنْ هذَا»)؟(3).
[72] (مُحمَّد بن يَحيى، عن سَلَمَة بن الخطَّاب، عن عبد الله مُحمَّد، عن عبد الله بن القاسم، عن زُرعة بن مُحمَّد، عن المُفضَّل بن عمر، قالَ: قال، أَبو عبد الله عَلَيه السَّلام: «إِنَّ سُلَيْمَانَ وَرِثَ دَاوُدَ، وَإِنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله وَرِثَ سُلَيْمَانَ، وَإِنَّا وَرِثْنَا مُحَمَّداً، وَإِنَّ عِنْدَنَا عِلْمَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ، وَتِبْيَانَ مَا فِي الْأَلْوَاحِ».
قَالَ: قُلتُ: إِنَّ هذا هُوَ العِلم؟
قال: «لَيْسَ هَذَا هُوَ الْعِلْمَ؛ إِنَّ الْعِلْمَ الَّذِي يَحْدُثُ [يَوْماً] بَعْدَ يَوْمٍ وَسَاعَةً [بَعْدَ سَاعَة]»)(4).
ص: 115
فإذا ورثوا علم الأوّلين وعلم مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله، ولم يكن عند أولي العزم ولا غيرهم من الأَنبياء علم ما كان عند علم ما كان عند النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله فكيف لا يكون عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام أفضل، وهو الجامع لذلك کلّه؟!
فما راموا مِن تفضيل غيرهِ عليه ضلالٌ مُبِينٌ.
[73] (أَحمد بن إِدريس، عَن مُحمَّد بن عبد الجبَّار، عن صفوان بن يَحيى، عَن شُعيب الحداد، عن ضُريس الكنَّاسي، قال: كُنتُ عند أبي عبد الله عليه السَّلَام وعندهُ أَبو بصير، فقال أَبو عبد الله عليه السَّلَام: «إِنَّ دَاوُدَ وَرِثَ عِلْمَ الْأَنْبِيَاءِ، وَ إِنَّ سُلَيْمَانَ وَرِثَ دَاوُدَ، وَ إِنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَرِثَ سُلَيْمَانَ، وَإِنَّا وَرِثْنَا مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَإِنَّ عِنْدَنَا صُحُفَ إِبْرَاهِيمَ وَأَلْوَاحَ موسى».
فقَالَ أَبُو بَصِير: إنَّ هذَا هُوَ الْعِلْمُ.
فقالَ عَليه السَّلَام: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَيْسَ هَذَا هُوَ الْعِلْمَ، إِنَّمَا الْعِلْمُ مَا يَحْدُثُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يَوْماً بِيَوْمٍ، وَسَاعَةً بِسَاعَةٍ»(1).
ص: 116
[74] و (عن أَبي بصير، عن أَبي عبد الله عليه السَّلَام ، قال :[لي]: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ الله عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يُعْطِ الْأَنْبِيَاءَ شَيْئاً إِلَّا وَقَدْ أَعْطَاهُ مُحَمَّداً صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ».
قَالَ: «وَقَدْ أَعْطى مُحَمَّداً جَميع مَا أَعْطَى الْأَنْبِيَاءَ، وَعِنْدَنَا الصُّحُفُ الَّتِي قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «صُحُفِ إِبْرَاهِيْمَ وَمُوْسَى»(1).
قُلتُ: جُعِلتُ فِدَاك، هي الأَلْوَاحُ؟
قَالَ: «نَعَمْ»)(2).
[75] (مُحمَّد، عن أحمد بن مُحمَّد، عن الحُسين بن سَعيد، عن النَّضر بن سُويد، عن عبد الله بن سنان، عن أَبي عبد الله عليه السَّلَام، أَنَّهُ سَأَلَهُ عَن قَولِ الله عزّ وجلَّ: «وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ»(3)، مَا الزَّبُور، وما الذُّكرُ؟
قال عليه السَّلَام: «الذَّكْرُ عِنْدَ الله، وَالزَّبُورُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلى دَاوُدَ، وَكُلُّ كِتَابٍ نَزَلَ فَهُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَنَحْنُ هُمْ»)(4).
ص: 117
[76] مُحمَّد بن يحيى، عن أَحمد بن أبي زاهر وغيره، عن مُحمَّد بن حمَّاد، مُحمَّد عن أَخيه أَحمد بن حمَّاد، عن إِبراهيم، عن أَبيه، عن أَبي الحسن الأوَّل عليه السَّلَام، قال: قُلتُ له: جُعِلتُ فِدَاكَ، أَخبرني عَن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله وَرِثَ النَّبِيِّينَ كُلُّهُم؟
قالَ عليه السَّلَام: «نَعَمْ».
[قُلتُ:] مِن لَدُن آدم حتَّى [انتهَى] إِلى نَفْسِهِ؟
قَالَ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً إِلَّا وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَعْلَمُ مِنْهُ».
قال، قلت: إِنَّ عيسى بن مَريَم كان يُحيِي الموتى بإِذنِ الله.
قال: «صَدَقْتَ».
وَسُليمان بن داود كان يَفهَمُ منطقَ الطَّير، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وآله يَقدِرُ على هذه المنازل؟
قال، فقال: «إِنَّ سُلَيْمانَ بْنَ دَاوُدَ قَالَ لِلْهُدْهُدِ حِينَ فَقَدَهُ وَشَكٍّ فِي أَمْرِهِ: «فَقَالَ مَا ليَ لَا أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ»(1) حِيَن فَقَدَهُ، وَغَضِبَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ»(2)، وَإِنَّمَا غَضِبَ لِأَنَّهُ كَانَ يَدُلُّهُ عَلَى الْماءِ، فَهذَا - وَهُوَ طَائِرٌ - قَدْ أُعْطِيَ مَا لَمْ يُعْطَ
ص: 118
سُلَيْمَانُ، وَقَدْ كَانَتِ الريحُ وَالنَّمْلُ "وَالْجِنُ وَالْإِنْس"(1) وَالشَّيَاطِينِ المُرَدَةُ لَهُ طَائِعِينَ، وَلَمْ يَكُن يَعْرِفُ الماءَ تَحْتَ الهُوَاءِ، وَكَانَ الطَّيْرُ يَعْرِفُهُ، وَإِنَّ اللهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: «وَلَوْ أَنَّ قُرْآنَا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلَّمَ بِهِ المُوْتَى»(2).
وَقَدْ وَرِثْنَا نَحْنُ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي فِيهِ مَا تُسَيَّرُ بِهِ الْجِبَالُ، وَتُقَطَّعُ بِهِ "الأَرض"(3)، وَتُحْيَا بِهِ الموتى، وَنَحْنُ نَعْرِفُ الماءَ تُحتَ الهُوَاءِ، وَإِنَّ فِي كِتَابِ "آيَات"(4) مَا يُرَادُ بَهَا أَمْرُ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ [بِهِ مَعَ مَا قَدْ يَأْذَنُ اللَّهُ] فَمَا كَتَبَهُ الماضُونَ، جَعَلَهُ اللهُ لَنَا فِي أُمِّ الْكِتَابِ؛ إِنَّ اللهَ يَقُولُ: «وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»(5).
ثُمَّ قَال: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا»(6).
ص: 119
فَنَحْنُ الَّذِينَ اصْطَفَانَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَوْرَثَنَا هَذَا الَّذِي فِيهِ تِبْيَانُ كُلّ شَيْءٍ»)(1).
فإِذا كان هذا شأنهم، فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلَام أفضل؟!.
[77] و (عن عبد الأَعلى مولى آل الشَّام، قال: سَمِعتُ أبا عبد الله عليه السَّلَام، يقول: «وَاللهِ، إِنِّي لَأَعْلَمُ كِتَابَ اللهِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ كَأَنَّهُ فِي كَفِّي، فِيهِ خَبَرُ السَّمَاءِ، وَخَبَرُ الْأَرْضِ، وَخَبَرُ مَا كَانَ، وَخَبَرُ مَا هُوَ كَائِنٌ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ(2)»)(3).
هذا والأَنبياء السَّابقون لم يكُن عندهم علم ذلك كلّه.
وهذا الإمام الصَّادق عليه السَّلام علِمُه كلّه، وَإمام المتُّقين أمير المؤمنين عليه السَّلَام أَفضل؛ فكيف لا يكون أفضل؟.
[78] و (عن عبد الرَّحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السَّلَام، قال: ««قَالَ
ص: 120
الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ»(1).
قال: فَفَرَّج أبو عبد الله عليه السَّلَام [بين] أَصابِعه، فَوضَعها على صدرهِ، ثُمَّ قال: «وَعِنْدَنَا وَالله، عِلْمُ الْكِتَابِ كُلّهِ»)(2).
[79] و (عن بُريْد بن مُعاوية، قال: قُلتُ لأَبي جعفر عليه السَّلَام: «قُلْ كَفَى بِالله شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ»(3).
قال: «إِيَّانَا عَنى، وَعَلِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلُنَا وَأَفْضَلُنَا وَخَيْرُنَا بَعْدَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ»)(4).
[80] (مُحمَّد بن يحيى وغيره، عَن أحمد بن مُحمَّد، عن عَلِيّ بن الحَكم،
ص: 121
عن مُحمَّد بن الفضيل، قال: أَخْبَرَنِي شُرَيس الوَابشيُّ(1)، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السَّلَام، قال: «إِنَّ اسْمَ اللهِ الْأَعْظَمَ عَلى ثَلَاثَةٍ وَسَبْعِينَ حَرْفاً، وَإِنَّمَا كَانَ عِنْدَ آصَفَ مِنْهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ، فَتَكَلَّمَ بِهِ، فَخُسِفَ بِالْأَرْضِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَرِيرِ بِالْقِيسَ حَتَّى تَنَاوَلَ السَّرِيرَ بِيَدِهِ، ثُمَّ عَادَتِ الْأَرْضُ كَمَا كَانَتْ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ، "وَعِنْدَنَا نَحْنُ"(2) [مِنَ الاِسْمِ الْأَعْظَمِ] اثْنَانِ وَسَبْعُونَ حَرْفاً، وَحَرْفٌ عِنْدَ الله تبارك وتَعَالَى اسْتَأْثَرَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله الْعَلِيُّ الْعَظِيمِ»)(3).
[81] (مُحمَّد بن يحيى، عَن أَحمد بن مُحمَّد، عن الحُسين بن سعيد ومُحمَّد بن خالد، عن زكريَّا بن عمران القُمِّيّ، عن هارون بن الجَهْم، عن رجُلٍ من أَصحاب أَبي عبد الله عَليه السَّلَام - لمْ أَحفَظ اسمه - قال: سَمِعتُ أَبا عبد الله عَليه السَّلَام يقُول: «إِنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامِ أُعْطِيَ حَرْفَيْنِ كَانَ يَعْمَلُ بِهِمَا، وأُعْطِيَ مُوسَى أَرْبَعَةَ أَحْرُفٍ، وأُعْطِيَ إِبْرَاهِيمُ ثَمَانِيَةَ أَحْرُفٍ. وأُعْطِيَ نُوحٌ خَمْسَةَ عَشَرَ حَرْفاً، وأُعْطِيَ آدَمُ خَمْسَةٌ وعِشْرِينَ حَرْفاً.
ص: 122
وإِنَّ الله تَعَالَى جَمَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله وَإِنَّ اسْمَ الله الأَعْظَمَ ثَلَاثَةٌ وسَبْعُونَ حَرْفاً، أُعْطِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ حَرْفاً وحُجِبَ عَنْه حَرْفٌ وَاحِدٌ»)(1).
[82] (الحُسينُ بن مُحمَّد الأَشعريُّ، عن معلا بن مُحمَّد، عن أحمد مُحمَّد بن عبد الله، عن عَلِيّ بن مُحمَّد النَّوفليَّ، عَن أَبي الحسن صاحبِ "العَسْكر"(2) عليه السَّلَام، قال: سَمِعْته يقول: «اسْم الله الأَعْظَمُ ثَلَاثَةٌ وسَبْعُونَ حَرْفاً، "وإِنَّمَا"(3) كَانَ عِنْدَ آصَفَ مِنْهُ حَرْفٌ، فَتَكَلَّمَ بِهِ "فَحْرقَتْ"(4) لَه الأَرْضُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَبَأٍ، فَتَنَاوَلَ عَرْشَ بِلْقِيسَ حَتَّى صَيَّرَهُ إِلى سُلَيْمانَ، ثُمَّ انْبَسَطَتِ الأَرْضُ فِي أَقَلَّ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ، وعِنْدَنَا [مِنْهُ] اثْنَانِ وَسَبْعُونَ حَرْفاً، وَحَرْفٌ عِنْدَ اللهُ مُسْتَأْثِرُ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ»)(5).
ص: 123
نقولُ: جميع الأَنبياء المذكورين لمْ يكن عندهم من الاسمِ الأَعظم سِوَى خَمسةً وعشريَن حرفاً على تفاوت ما أَعطاهم الله تعالى، وقد صيَّر الله عزَّ وجلّ كُلَّهُ مع الباقي من الأَحرفِ، فاستكملت ثلاثة وسبعين حرفاً كلّ ذلك لنبيّه صلَّى الله عليه وَآله ما عدا حرفاً واحداً استأثر الله به لنفسه، ومن بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله، صارَ لوصيِّه أَمير المؤمنين عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السَّلَام، ومِن بعده للأئمَّة المعصومين عليهم السَّلَام واحداً بعد واحد، حتَّى إِلى القائم عجل الله تعالى فرجه الشَّريف.
فإذا قَصُر علِمُهُم عن عِلمه، فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلَام أفضل؟!.
[83] و (عن أبي بَصِيرٍ، قالَ: دَخَلتُ على أَبِي عَبد الله عليه السَّلَام، فَقُلتُ: جُعِلتُ فِدَاكَ إِنِّي أَسأَلُكَ عن مَسأَلَةٍ، هَهُنَا أَحَدٌ يَسْمَعُ كَلَامِي؟
قَالَ: فَرَفَعَ أَبُو عَبْدِ الله عليه السَّلَام سِتْراً بَيْنَه وبَيْنَ [بَيْتِ] آخَرَ، فَاطَّلَعَ فيه، ثُمَّ قَالَ: «[يَا أَبَا مُحَمَّدٍ]، سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ».
قَالَ قُلْتُ: جُعِلتُ فِدَاكَ، [إِنَّ] شِيعَتَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ رَسُول الله صَلَّى الله عليهِ وآله عَلَّمَ عَلِيًّا عليه السَّلَام بَابَا يَفْتَحُ لَهُ مِنه أَلفُ بَابٍ؟
قال، فقال: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، عَلَّمَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ عَليَّاً عَلَيْهِ السَّلَام أَلْفَ بَابٍ يُفْتَحُ مِنْ كُلِّ بَابٍ أَلْفُ بَابٍ».
قال، قُلتُ: "وَالله هَذَا العِلْم"(1)!؟
ص: 124
[قال:] "فَنَكَتَ"(1) فِي الْأَرْضِ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّه لَعِلْمٌ، ومَا هُوَ بِذَاكَ».
[قَالْ:] ثُمَّ قَال عليه السلام: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، وإِنَّ عِنْدَنَا الْجَامِعَةَ، وَمَا يُدْرِيهِمْ مَا الْجَامِعَةُ».
قَالَ، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ ومَا الْجَامِعَةُ؟
قَالَ: «صَحِيفَةٌ طُوهُا سَبْعُونَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَإِمْلَائِهِ مِنْ فَلْقِ فِيه(2) وخَطَّ عَيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَمِينِهِ، فِيهَا [وَكُلُّ] حَلَالٍ وحَرَامٍ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إِلَيه النَّاسَ، حَتَّى الأَرْشُ(3) فِي الْخَدْشِ(4)».
وَضَرَبَ بِيَدِهِ إِليَّ، فَقَالَ: «"أَتَأْذَنُ"(5) لِي يَا أَبَا مَحَمَّدٍ»؟
قَالَ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّمَا أَنَا لَكَ، فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ.
ص: 125
[قَالَ:] فَغَمَزَنِي بِيَدِهِ(1)، وقَالَ: حَتَّى أَرْشُ [هَذَا](2)»، كَأَنَّه مُغْضَبٌ.
قَالَ، قُلْتُ: هَذَا والله الْعِلْمُ!؟
قَالَ: «إِنَّهُ لَعِلْمٌ ولَيْسَ بِذَاكَ»، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: «و[إِنَّ] عِنْدَنَا الْجَفْرَ، وَمَا يُدْرِيهِمْ مَا الْجَفْرُ»؟
قَالَ، قُلْتُ: ومَا الْجَفْرُ؟
قَالَ: «وِعَاءٌ [مِنْ أَدَمِ(3)] فِيه عِلْمُ النَّبِيِّين والْوَصِيِّين، وعِلْمُ [الْعُلَماَءِ] الَّذِينَ "خصُّوا"(4) مِنْ بَنِي إِسرائيل».
قَالَ، قُلْتُ: إِنَّ هَذَا هُوَ الْعِلْمُ!؟
قَالَ: «إِنَّهُ لَعِلْمٌ ولَيْسَ بِذَاكَ»، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «وَ [إِنَّ] عِنْدَنَا لَمُصْحَفَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام [وَمَا يُدْرِيهِمْ مَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا «السَّلَام]»؟
[قَالَ] قُلْتُ: ومَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام؟
قَالَ: «مُصْحَفٌ فِيهِ مِثْلُ قُرْآنِكُمْ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَاللَّهُ مَا فِيهِ مِنْ قُرْآنِكُمْ حَرْفٌ وَاحِدٌ».
ص: 126
قَالَ، قُلْتُ: هَذَا والله الْعِلْمُ!؟
قَالَ: «إِنَّه لَعِلْمٌ، ومَا هُوَ بِذَاكَ».
ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ عِنْدَنَا عِلْمَ مَا كَانَ وعِلْمَ مَا هُوَ كَائِنْ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ».
قَالَ، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا والله هُوَ الْعِلْمُ!؟
قَالَ: «إِنَّهُ العِلْمٌ ولَيْسَ بِذَاكَ».
قَالَ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَيُّ شَيْءٍ الْعِلْمُ!؟
قَالَ: «مَا يَحْدُثُ بِاللَّيْلِ والنَّهَارِ الأَمْرُ [مِنْ] بَعْدِ الْأَمْرِ، وَالشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»)(1).
فانظر رحمك الله، واعقل، وتبصَّر في فَضَائِل أهل البَيْت عليهم السَّلَام، و ما آتاهم [الله] من العلوم الَّتي لم يحوها إلَّا هم، وليس للأَنبياء عليهم السَّلَام مثلُها.
والظَّاهر أنَّ أَبا بصير لو ترك الإِمام ولمْ يسأله عن العلمِ المخصوص لأنبأه الإمام عليه السَّلَام بأَكثر ممَّا تلا عليه، ولكنَّه اختصر، فأجابه بما هو أخصر، وما ذاك من فضلهم بكثير.
ص: 127
وكيف لا يكون عليّ بن أبي طالب علَيه السَّلام أفضل؟ بل له الفضل على جميع مَن في السَّماوات ومن في الأَرضِ سوى نبيّنا محمَّد صلَّى الله عليه وآله.
[84] وروي (عن أَبي جعفر عليه السَّلام: «إِنَّهُ لَيَنْزِلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى وَلِيِّ الأَمْرِ تَفْسِيرُ الأُمُورِ سَنَةٌ سَنَةً، يُؤْمَرُ فِيهَا "بِأَمرِ"(1) نَفْسِهِ بِكَذَا وَكَذَا، وفِي أَمْرِ النَّاسِ بِكَذَا وَكَذَا، وإنَّه لَيَحْدُثُ لِوَلِيِّ الأَمْرِ سِوَى ذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ عِلْمُ الله عَزَّ ذكْرُهُ الْخَاصُّ والْمَكْنُونُ، الْعَجِيبُ الْمَخْزُونُ، مِثْلُ مَا يَنْزِلُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنَ الأَمْرِ ثُمَّ قَرَأَ: «وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامَ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»(2)»)(3).
وهذه خصوصيَّة ومرتبةٌ قد اختصَّ بها رسول الله صلَّى الله عليه وآله وبعده وصيُّهُ أمير المؤمنين وبعده الأوصياء واحداً بعد واحدٍ حتى انتهى إلى القائم المهدي عليهم جميعاً أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، وليس للأنبياء السَّابقين هذه المرتبة، فإذا كان هذا شأنهم، كيف لا يكون عَلِيّ عَلَيه السَّلام أفضل؟.
[85] و (عن أَبي عبد الله عليه السَّلَام، [قال: «كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ] يَقُولُ: «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» صَدَقَ الله عَزَّ وَجَلَّ،
ص: 128
أَنْزَلَ [الله] الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.
«وَما أَدْراكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ»، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: لَا أَدْرِي.
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْر.
"قالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله: وَهَلْ نَدْرِي [لِمَ] هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلفِ شهر"(1)؟
قال: لأنَّها تَنَزَّل فيها الملائكة والرُّوح «بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ»(2)، وَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِشَيْءٍ، فَقَدْ رَضِيَهُ.
«سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ»(3)، يقول: تُسَلَّمُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، مَلَائِكَتِي وَرُوحِي بِسَلَامِي مِنْ أَوَّلِ مَا يَهْبِطُونَ إِلى مَطْلَعِ الْفَجْرِ.
ثُمَّ قَالَ فِي بَعْضِ كِتَابِهِ: «وَاتَّقُوا فِتْنَةٌ لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً»(4) في «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ»(5).
ص: 129
وَقَالَ فِي بَعْضٍ كِتَابِهِ: «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ»(1).
يَقُولُ فِي الْآيَةِ الْأُولى: إِنَّ مُحَمَّداً حِينَ يَمُوتُ يَقُولُ أَهْلُ الخِلَافِ لِأَمْرِ الله عَزَّ وَجَلَّ: مَضَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَهَذِهِ فِتْنَةٌ أَصَابَتْهُمْ خَاصَّةً، وَ بِهَا ارْتَدُّوا عَلى أَعْقَابِهِمْ؛ "لِأَنَّهُم"(2) إِنْ قَالُوا: لَمْ تَذْهَبْ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الله عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا أَمْرُ، وَ إِذَا أَقَرُّوا بِالْأَمْرِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ صَاحِبٍ بُدٌّ»)(3).
[86] و(عن أَبي جعفر عليه السَّلَام قال: «"اجْتَمَعَ"(4) التَّيْمِيُّ(5) وَالْعَدَوِيُّ(6) عِنْدَ رَسُولِ الله صَلىَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَهُوَ يَقْرَأُ «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» بِتَخَشُعٍ وَبُكَاءِ، فَيَقُولَانِ: مَا أَشَدَّ رِقْتَكَ هِذِهِ السُّورَةِ!؟ فَيَقُولُ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: لِمَا رَأَتْ عَيْنِي، وَوَعِى قَلْبِي، وَلَمِا يَرى قَلْبُ هَذَا مِنْ
ص: 130
بَعْدِي، فَيَقُولَانِ: وَمَا الَّذِي رَأَيْتَ؟ وَمَا الَّذِي يَرى؟
قَالَ: فَيَكْتُبُ هُما فِي التُّرَابِ: «تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرِ»(1).
قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: هَلْ بَقِيَ شَيْءٌ بَعْدَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: «كُلِّ أَمْرِ»؟
فَيَقُولَانِ: لَا، فَیَقُولُ: هَلْ تَعْلَمَانِ مَنِ الْمُنْزَلُ إِلَیْهِ بِذلِكَ؟
فَيَقُولَانِ: أَنْتَ يَا رَسُولَ الله، فَيَقُولُ: نَعَمْ.
فَيَقُولُ: هَلْ تَكُونُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مِنْ بَعْدِي؟
فَيَقُولَانِ: نَعَمْ، قَالَ: فَيَقُولُ: فَهَل يَنْزِلُ ذلِكَ الْأَمْرُ فِيهَا؟
فَيَقُولَانِ: نَعَمْ.
قَالَ: فَيَقُولُ: إِلى مَنْ؟
فَيَقُولَانِ: لَا نَدْرِي، فَيَأْخُذُ بِرَأْسِي وَيَقُولُ: إِنْ لَمْ تَدْرِيَا فَادْرِيَا، هُوَ هذَا مِنْ بَعْدِي.
قَالَ: فَإِنْ كَانَا لَيَعْرِفَانِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ مِنْ شِدَّةِ مَا يُدَاخِلُهُمَا مِنَ الرُّعْبِ "فِي تِلَكَ اللَّيْلَة"(2)»)(3).
ص: 131
فهذه فضيلة قد اختصَّ بها رسول الله صلَّى اللهُ عليه وآله من دون سائر الأَنبياء، ومن بعده لولاةِ الأمر عليهم السَّلَام أوَّلهم إِمام المتقين ويعسوب الدِّين أمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلام وآخرهم القائِم المهدي عجَّلَ الله تعالى فرجه الشريف، وهذه اللَّيلة ليلة القدر ثابتة إلى حيث تقوم السَّاعة، فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السلام أفضل؟.
[87] (أَحمد بن مُحمَّد، عن مُحمَّد بن الحسن، عن عبَّاد بن سُليمان، عن مُحمَّد بن سليمان، عن أَبيه، عن سَدير قال: كُنتُ أَنا وأَبو بصير، ويحيى البزَّاز، وداود بن كِثير في مجلسِ أَبي عبد الله عليه السَّلَام، إذ خرجَ "علينا"(1) وهو مَغضِبٌ، فلمَّا أَخذ مجلسهُ، قال: «يَا عَجَباً لِأَقْوَامٍ يَزْعُمُونَ أَنَّا نَعْلَمُ الْغَيْبَ، مَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لَقَدْ هَمَمْتُ بِضَرْبِ جَارِيَتِي فُلَانَةَ، فَهَرَبَتْ مِنِّي، فَمَا عَلِمْتُ فِي أَيَّ بُيُوتِ الدَّارِ هِيَ»؟!
قاَل سَدِير: فلمَّا أَنْ قامَ من مجلسِهِ وصارَ في منزلهِ، دَخَلتُ أَنا وأَبو بصيرٍ وميسر، وقُلنا له: جُعلِنا فداك، سَمِعناكَ وأَنتَ تقول كذَا وكذَا في أَمرِ جَاريَتك، ونحنُ نَعلمُ أَنَّك تعلمُ عِلماً كثيراً، ولا نَنسبُكَ "إلى عِلمِ الْغَيب"(2).
قال، فقال: «يَا سَدِيرُ، أَلَمْ تَقْرَأ الْقُرْآنَ»؟
قلتُ بلى.
ص: 132
قَالَ: «فَهَلْ وَجَدْتَ فِيمَا قَرَأْتَ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: «قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ»(1).
[قالَ: قُلتُ: جُعِلتُ فِداكَ، قَد قَرَأْتُه.
قَالَ: «فَهَلْ عَرَفْتَ الرَّجُلَ؟ وَهَلْ عَلِمْتَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ»؟
قَالَ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِهِ.
قَالَ: «قَدْرُ قَطْرَةٍ مِنَ الْمَاءِ فِي الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ، فَمَا يَكُونُ ذلِكَ مِنْ عِلْمٍ الْكِتَابِ؟]
قَال: قُلتُ: جُعِلتُ فداك، ما أَقلَّ هذا؟!
فَقَالَ: «يَا سَدِيرُ، مَا أَكْثَرَ هَذَا أَنْ يَنْسُبَهُ الله - عَزَّ وَجَلَّ - إِلَى الْعِلْمِ الَّذِي أُخْبِرُكَ بِهِ. يَا سَدِيرُ، فَهَلْ وَجَدْتَ فِيمَا قَرَأْتَ مِنْ كِتَابِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَيْضاً: «قُلْ كَفَى بِالله شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ»(2)؟
و قال [قُلتُ]: قد قرأتُهُ جُعِلتُ فِداك.
قَالَ: «فَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ كُلُّهُ أَفَهَمُ، أَمْ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ بَعْضُهُ»؟
ص: 133
قُلتُ: [لا]، بل مَنْ عنده علم الكتاب [كُلُّه]؟
قالَ: فَأَومَا بِيَدِهِ إِلى صَدرِهِ، وقالَ: «عِلْمُ الْكِتَابِ وَالله كُلُّهُ عِنْدَنَا، عِلْمُ الْكِتَابِ [وَاللهُ كُلُّهُ عِنْدَنَا]»)(1).
فهذا الإمام جعفر الصَّادق عليه السَّلَام قد ورث علم الكتاب كُلّه من آبائه عن الله عزَّ وجل.
فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلَام أفضل؟ بل هو والله أفضل حجَّة على الخصم؛ لأنه من عنده علم الكتاب كلَّه.
[88] (أحمد بن محمد، ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابراهيم بن اسحاق الأحمر ، عن عبد الله بن حماد، عن سيف التمار، قال: كنَّا عند أبي عبد الله عليه السَّلَام مع جماعة من الشيعة في الحجر، فقال: «عَلَيْنَا عَيْنُ؟ فَالْتَفَتْنَا يَمْنَةً ويَسْرَةً فَلَمْ نَرَ أَحَداً، فَقُلْنَا: لَيْسَ عَلَيْنَا عَيْنٌ، فَقَالَ: «ورَبِّ الْكَعْبَةِ ورَبِّ البنيَّةِ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - لَوْ كُنْتُ بَيْنَ مُوسَى والخُضِرِ لأَخْبَرْتُهُمَا بِأَنِّي أَعْلَمُ مِنْهُمَا، ولأَنْبَأَتُهُمَا بِمَا لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا؛ لأَنَّ مُوسَى وَالخَضِرَ عَلَيهِمَا السَّلَامِ أُعْطِيَا عِلم مَا كَانَ، وَلَمْ يُعْطَيَا عِلْمَ مَا يَكُونُ وَمَا هُوَ كَائِنٌ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، وَقَدْ وَرِثْنَاهِ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وِرَاثَةً»)(2).
ص: 134
[89] و(عن أبي عبد الله عليه السَّلَام، يقول: «إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ، ومَا فِي الأَرْضِ، وأَعْلَمُ مَا فِي الْجَنَّةِ وَأَعْلَمُ مَا فِي النَّار، وأَعْلَمُ مَا كَانَ "وأَعْلَم مَا يَكُونُ"(1).
قَالَ: ثُمَّ "سكت"(2) هُنَيْئَةٌ، فَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ كَبَرُ عَلَى مَنْ سَمِعَهِ مِنْهُ، فَقَالَ: «عَلِمْتُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُ: فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ(3)»)(4).
هذا الصَّادق عليه السَّلام أَعلم من موسى والخضر، فكيف عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلام، وهو أفضل، كيف لا يكون أفضل؟.
[90] (عَلِيّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن [ابن] أَبي عُمَير، عن ابن أُذَينة، عن عبد الله ابن سُليمان، عن حمران بن أَعين، عن أَبي عبد الله عليه السَّلَام، قال: «إِنَّ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتى رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِرُمَّانَتَيْنِ، فَأَكَلَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إِحْدَاهُمَا، وَكَسَرَ الْأُخْرِى بِنِصْفَيْنِ، [فَأَكَلَ نِصْفاً]، وَأَطْعَمَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ نِصْفاً، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
ص: 135
وَآلِهِ: يَا أَخِي هَلْ تَدْرِي مَا هَاتَانِ الرُّمَّانَتَانِ؟
قَالَ: لَا.
قَالَ: أَمَّا الْأُولى فَالنُّبُوَّةُ، لَيْسَ لَكَ فِيهَا نَصِيبٌ، وَأَمَّا الْأُخْرى فَالْعِلْمُ، أَنتَ شَرِيكي فِيهِ».
فَقُلْتُ: أَصْلَحَكَ الله، كَيْفَ كَانَ(1) شِرَيكَهُ فِيهِ؟
ققَالَ: «لَمْ يُعَلِّمِ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ عِلْماً إِلَّا وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ»)(2).
[91] (عليٌ، عن أَبيه، عن [ابن] أَبي عمير، عن ابن أُذينة، عن زُرارة، عن أَبي جعفر عليه السَّلَام قال: «نَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلى رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِرُمَّانَتَيْنِ مِنَ الْجَنَّةِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُمَا، فَأَكَلَ وَاحِدَةٌ، وَكَسَرَ الْأُخْرى بِنِصْفَيْنِ، "وَأَعْطى"(3) عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ نِصْفَهَا، فَأَكَلَهَا، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، أَمَّا الرُّمَّانَةُ الْأُولَى الَّتِي أَكَلْتُهَا فَالنُّبُوَّةُ، لَيْسَ لَكَ فِيهَا شَيْءٍ؛ وَأَمَّا الْأُخْرَى فَهُوَ الْعِلْمُ، فَأَنْتَ شَرِيكي فِيهِ»)(4).
ص: 136
[92] (مُحمَّد بن يحيى، عن مُحمَّد بن الحسن، عن مُحمَّد بن عبد الحَميد، عن مَنصُور بن يونس، عن ابن أُذينة، عن مُحمَّد بن مسلم، قال: سَمِعتُ أَبا جعفر عليه السَّلَام، يَقُول: «نَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ بِرُمَّانَتَيْنِ مِنَ الْجَنَّةِ، فَلَقِيَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: مَا هَاتَانِ الرُّمَّانَتَانِ اللَّتَانِ فِي يَدِكَ؟
فَقَالَ: أَمَّا هَذِهِ فَالنُّبُوَّةُ، لَيْسَ لَكَ فِيهَا نَصِيبٌ، وَأَمَّا هَذِهِ فَالْعِلْمُ، ثُمَّ و فَلَقَهَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِنِصْفَيْنِ، فَأَعْطَاهُ نِصْفَهَا، وَأَخَذَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ نِصْفَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ شَرِيكِي فِيهِ، وَأَنَا شَرِيكُكَ فِيهِ.
قال: "فَلَمْ يَعْلَمْ"(1) - وَالله - رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ حَرْفاً مِّمَّا عَلَّمَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا وَقَدْ عَلَّمَهُ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ انْتَهَى الْعِلْمُ إِلَيْنَا، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلى صَدْرِه»)(2).
أقول: هذه نصوص قد دلَّت على أنَّ عَلِيَّاً عليه السَّلَام شريك رسول الله صلَّى الله عليه وآله في جميعِ العلوم، بحيث لمْ يبقَ شيء علِمهُ رسول الله صلَّى الله عليه وآله إلَّا وعَلِىّ عليه السَّلَام عَلِمهُ واحتوى عليه، ولم يفته حرف واحدٌ مما أَنزله الله على رسوله صلَّى الله عليه وآله، وما قلت منهما شيء إلَّا
ص: 137
وقد علَّمه علي بن أبي طالب عليه الصَّلَاة والسَّلَام، ومن بعده لولاة الأَمر صلوات الله وسلامه عليهم أَجمعين ورَاثة من رسول الله صلَّى الله عليه وآله.
فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السلام أَفضل وقد ساوى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله في جميع العلوم، وقد قصرت الأنبياء عن علومه؟ فيكون أفضل.
ومن قال بخلاف ذلك فهو مكابر ضالّ عن الطَّريق القويم، ثبتنا الله وإيَّاكم عليه وصلَّى الله على محمَّد وآله الطَّاهرين.
[93] (مُحمَّد بن يحيى، عن مُحمَّد بن الحسن، قال: "وِجِدَ"(1) في نوادرِ مُحمَّد بن سنان، عن عبد الله بن سِنان، قال، قال أبو عبد الله عليه السَّلَام: «لَا وَاللهِ، مَا فَوَّضَ الله إِلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ إِلَّا إِلى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ "وَالْأَئِمَّةِ"(2) عَلَيْهِمُ السَّلامُ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ: «إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتابَ بالحقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ»(3)، وَهِيَ جَارِيَةٌ فِي الأَوْصِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ»)(4).
[94] (عن أبي بصير، قال: سَمِعتُ أَبا عبد الله عليه السَّلام، يقول:
ص: 138
«يَسْتَلُونَكَ «عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي»(1).
قَال: خَلْقُ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ، لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدٍ مِمَّنْ مَضى غَيْرِ و مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَ هُوَ مَعَ الْأَئِمَّةِ يُسَدِّدُهُمْ، وَلَيْسَ كُلُ مَا طُلِبَ وُجِدَ»)(2).
[95] و (عن الحارث بن المُغيرة، عن أبي عبد الله عليه السَّلَام، قال: سَمِعتُه يقول: «قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: نَحْنُ فِي الْأَمْرِ وَالْفَهْمِ وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ نَجْرِي تَجْرَى وَاحِداً. "وأَمَّا"(3) رَسُولُ الله صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ. وَآلِهِ وَعَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَهُمَا فَضْلُهُمَا»)(4).
[96] (مُحمَّد بن يحيى، عن مُحمَّد بن عبد الله بن مُحمَّد بن عيسى، عن مُحمَّد بن عبد الحميد، عن يُونس بن يَعقوب، عن عبد الأَعلى، قال: سَمِعتُ أبا عبد الله عليه السَّلام، يقول: «مَا مِنْ نَبِيٌّ جَاءَ قَطُّ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ حَقْنَا،
ص: 139
وتَفْضِيلِنَا عَلى مَنْ سِوَانَا»)(1).
[97] (عن أبي الصَّبَّاح الكناني، عن أبي جعفر عليه السَّلام، قال: سَمِعتُه يقول: «وَ الله، إِنَّ فِي السَّمَاءِ لَسَبْعِينَ صَفَا مِنَ المَلَائِكَةِ، لَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْأَرْضِ كُلُّهُمْ يُحْصُونَ عَدَدَ كُلِّ صَفٍ مِنْهُمْ، مَا أَحْصَوْهُمْ، وَإِنَّهُمْ لَيَدِينُونَ وَلَايَتِنَا»)(2).
"وإِنَّ هذا لهو الفضلُ المبين"(3).
[98] و (عن مُحمَّد بن الفُضَل، عن أبي الحسن عليه السَّلَام، قال: «وَلَايَةُ عَلِيَّ مَكْتُوبَةٌ فِي جَمِيع صُحُفِ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِلَّا بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ، ووصِيَّةِ [عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ]»)(4).
ص: 140
فإذا كان هذا شأنهم، كيف لا يكون أفضل؟ لاستلزام عدم الاقرار بالعصيان، ولم يفعلوا.
[99] و (عن مُرَازم، عن أبي عبد الله عليه السَّلَام قال: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالى: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي خَلَقْتُكَ وعَلِيّاً نُوراً - يَعْنِي رُوحاً بِلَا بَدَنِ قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَ سَمَاوَاتِي وَأَرْضِي وعَرْشِي وَبَحْرِي، "فَلَمْ يَزَلْ يَهلِّلُنِي(1) ويمَجدُني(2)"(3)، ثُمَّ جَمَعْتُ رُوحَيْكُمَا فَجَعَلْتُهُما وَاحِدَاً"(4).
فَكَانَتْ تُمَجِّدُنِي وتُقَدِّسُنِي(5) وتَهلِّلُنِي، ثُمَّ قَسَمْتُهَا ثِنْتَبِنْ، وَقَسَمْتُ الثَّنْتَبِنْ ثِنْتَيْنِ، فَصَارَتْ أَرْبَعَةٌ: مُحَمَّدٌ وَاحِدٌ َوعَلِيٌّ وَاحِدٌ وَالحَسَنُ والحُسَيْنُ ثِنْتَانِ، ثُمَّ خَلَقَ اللهُ فَاطِمَةَ مِنْ نُورٍ ابْتَدَأَهَا رُوحاً بِلَا بَدَنٍ ثُمَّ "مَسَحَهَا"(6) بِيَمِينِهِ فَأَفْضَيَ نُورَهُ فِينَا»)(7).
فإذا كانوا نوراً واحداً كيف لا يكون عليه السَّلَام أفضل؟
ص: 141
فلو كان من أولي العزم أحدٌ أَفضل من عَلِيّ عليه السَّلَام؛ لأشرَكهُ مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله، وخصَّه بالذكر، أو قدَّمه عليه.
فاعتبروا وابصروا وانظروا بنور القلوب «فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ»(1).
[100] (عن أَبي حمزة قال: سَمِعتُ أبا جعفر عليه السَّلَام، يقول: «أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يا مُحَمَّدُ، إِنِّي خَلَقْتُكَ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا، وَنَفَخْتُ فِيكَ مِنْ رُوحِي كَرَامَةٌ مِنِّي أَكْرَمْتُكَ بِهَا حِينَ أَوْجَبْتُ لَكَ الطَّاعَةَ عَلَى خَلْقِى جَمِيعاً، فَمَنْ أَطَاعَكَ [فَقَدْ] أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَاكَ فَقَدْ عَصَانِي، وَأَوْجَبْتُ ذَلِكَ فِي عَلِيٌّ وفِي نَسْلِهِ، مِمَّنِ اخْتَصَصْتُهُ مِنْهُمْ لِنَفْسِي»)(2).
فانظر إلى هذا الحديث، كيف أجرى طاعة عَلِيّ عليه السَّلَام على جميع الخلق كطاعة رسول الله صلَّى الله عليه وآله، كذلك طاعة ممَّن اختصَّهُ لنفسه من الأئمَّة عليهم السَّلَام.
وهذا الحكم جارٍ لهم على الماضين واللَّاحقين، أَنبياء ومرسلين، وأوصيائهم أجمعين، والملائكة المقربين.
ص: 142
[101] (عن مُحمَّد بن سنان قال: كُنتُ عند أبي جعفرٍ الثَّاني عليه السَّلَام، فأَجريتُ اختلاف الشِّيعة، فقال: «يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُتَفَرِّداً بِوَحْدَانِيَّتِهِ، ثُمَّ خَلَقَ مُحَمَّداً وعَلِيّاً وفَاطِمَةَ، فَمَكَنُوا أَلْفَ دَهْرٍ، ثُمَّ خَلَقَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ، فَأَشْهَدَهُمْ خَلْقَهَا، وأَجْرى طَاعَتَهُمْ عَلَيْهَا، وَفَوَّضَ أُمُورَهَا "لهَمْ"(1)، فَهُمْ یِحُلُونَ مَا يَشَاؤُونَ، ويَحْرُمُونَ مَا يَشَاؤُونَ، وَلَنْ "يَشَاؤُوا"(2) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى».
ثُمَّ قال: «يَا مُحَمَّدُ، هذِهِ الدِّيَانَةُ [الَّتِي] مَنْ تَقَدَّمَهَا مَرَقَ(3)، ومَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا مَحَقَ(4)، ومَنْ لَزِمَهَا لَحِقَ، خُذْهَا إِلَيْكَ [يَا مُحَمَّدُ]»)(5).
[102] و (عن المفضل قال: قُلتُ لأبي عبد الله عليه السَّلَام: كيف كُنتُم حيثُ كُنتم في الأَظِلَّة؟
فَقَالَ: «يَا مُفَضَّلُ، كُنَّا عِنْدَ رَبِّنَا لَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ غَيْرُنَا فِي ظُلَّةٍ خَضْرَاءَ، نُسَبِّحُه وَنُقَدِّسُهُ ومُهَلَلُهُ ونُمَجدُهُ، ومَا مِنْ مَلَكِ مُقَرَّبٍ ولَا ذِي رُوحٍ غَيْرُنَا حَتَّى بَدَا لَهُ فِي خَلْقِ الْأَشْيَاءِ، فَخَلَقَ مَا شَاءَ كَيْفَ شَاءَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ
ص: 143
"انْتَهى"(1) عِلْمَ ذلِكَ إِلَيْنَا»)(2).
[102] (عن سِنان بن طَريف، عن أَبي عبد الله عليه السَّلَام، يقول: «إِنَّا أَهْل بَيْتٍ نَوَّهَ(3) اللهُ بِأَسْمَائِنَا، إِنَّهُ لَمَا خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَمَرَ مُنَادِياً، فَنَادَى: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ - ثَلَاثَاً - أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله - ثَلَاثَاً - أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَقَّاً - ثَلاثاً -»)(4).
[103] و (عن أَحمَد بن عَلِيّ بن مُحمَّد بن عبد الله بن عمر بن عَلِيّ بن أَبي طالب، عن أبي عبد الله عليه السَّلَام: «إِنَّ اللَّه كَانَ إِذْ لَا كَانَ، فَخَلَقَ الْكَانَ والْمَكَانَ، وَخَلَقَ نُورَ الْأَنْوَارِ [الَّذِي نُوِّرَتْ مِنْهُ الْأَنْوَارُ، وَأَجْرِى فِيهِ مِنْ نُورِهِ الَّذِي نُوِّرَتْ مِنْهُ الْأَنْوَارُ]، وهُوَ [النُّورُ] الَّذِي خَلَقَ مِنْهُ مُحَمَّداً وعَلِيّاً، فَلَمْ يَزَالَا نُورَيْنِ أَوَّلَيْنِ، إِذْ لَا شَيء كُونَ قَبْلَهُمَا، فَلَمْ يَزَالَا يَجْرِيَانِ طَاهِرَيْنِ مُطَهَّرَيْنِ فِي الْأَصْلَابِ الطَّاهِرَةِ حَتَّى افْتَرَقَا فِي أَطْهَرِ طَاهِرَيْنِ: فِي عَبْدِ الله وأَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ»)(5).
ص: 144
فإِنْ كان النَّبِيُّ وعَليّ صلَّى الله عليهما، هذا شأنهما وكونهما، فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلام أَفضل؟!
[104] و (عَن جَابر بن يَزيد قَال: قَال لي [أبو جعفر عليه السَّلام]: ليا «يَا جَابِرُ، إِنَّ الله أَوَّلَ مَا خَلَقَ، [خَلَقَ] مُحَمَّداً وعِتْرَتَهُ الْهُدَاةَ الْمُهْتَدِينَ، فَكَانُوا أَشْبَاحَ نُورٍ بَيْنَ يَدَي الله».
قُلتُ: وَمَا الأَشباح؟
قال: «ظِلُّ النُّورِ، أَبْدَانُ نُورَانِيَّةٌ بِلَا أَرْواحِ، وَكَانَ مُؤَيَّداً بِرُوحٍ واحِدَةٍ، وهِيَ رُوحُ [الْقُدُسِ]، فَبِهِ كَانَ يَعْبُدُ الله وعِتْرَتُهُ، وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ حُلَمَاءَ، عُلَمَاءَ، بَرَرَةٌ، أَصْفِيَاءَ، [يَعْبُدُونَ الله بِالصَّلاةِ والصَّوْمِ وَالسُّجُودِ والتَّسْبِيحِ والتَّهْلِيلِ]، ويُصَلُّونَ الصَّلَوَاتِ، ويَحْحُونَ ويَصُومُونَ»)(1).
[105] و (عن أَبي الطُّفيل، قال: شَهِدتُ جنازة أَبي بكرٍ يومَ مات، وشَهِدتُ عمر يوم بويع ، وعَلِيُّ عليه السَّلَام جَالسٌ ناحية، فأَقبلَ غُلامٌ يهودي جميل [الوجه] بهي(2)، عليه ثيابُ حِسَانٌ، وهو من ولدِ هارُون، حتَّى قامَ على رأسِ عمر، فقال: [يا أمير المؤمنين] أَنتَ أَعلمُ هذه الأمة بكتابهم وأَمر نَبيِّهم؟
قال: فَطأطأ عُمر رأْسهُ، فقال: إيَّاكَ أعني، وأعادَ عليه القول، فقال له
ص: 145
عمر: "ما"(1) ذَاك؟
قال: إِنِّي جِنتُك مُرتَاداً لنفسي، شاكَّاً في دِيني، فقال: دُونَكَ هذا الشَّابَ.
قال: ومَن هذا الشَّابُّ؟
قال: هذا عَلِيُّ بن أَبي طالبٍ ابنُ عمِّ رسُول الله، وهذا أبو الحَسَن والحُسَين ابنَي رسُول الله، وهذا زوجُ فاطِمة بنتِ رسولِ الله.
فاقبل اليَهوديُّ على عَلِيّ سلام الله عليه، فقال: "أكذا"(2) أَنتَ؟
قَالَ: «نَعَمْ».
قال: إِنِّي أُريدُ أَنْ أَسألك عن ثَلاثٍ، وَثلاث، وواحدة.
قَال: فَتَبسَّم أمير المؤمنين عليه السَّلَام مِن غير تَبسٌّمٍ، وقال: «يَا هَارُونِيُّ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ سَبْعاً»؟
قال: أسأَلُك عن ثلاثٍ فإِنْ أجبتَني سَأَلْتُ عَمَّا بَعدهُنَّ، وإِنْ لم تعلمهُنَّ عَلِمتُ "أَنْ"(3) ليس فيكُم عالمٌ.
قالَ عَلِيُّ عليه السَّلَام: «فَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِالْإِلَهِ الَّذِي تَعْبُدُهُ، لَئِنْ أَنَا أَجَبْتُكَ فِي كُلِّ مَا تُرِيدُ لَتَدَعَنَّ دِينَكَ، ولَتَدْخُلَنَّ فِي دِينِي»؟
قال: مَا جِئْتُ إِلَّا لِذاك!
ص: 146
قالَ: «"قُل"»(1).
قال: "فَأَخبرني، إلى أن قال"(2): أَخْبرِني عَن أَوَّلِ قطرةِ دم قَطرت على وجهِ الأَرض، أَيُّ قطرةٍ هي؟
"وأيُّ"(3) عيٍن فاضتْ على وَجْهِ الأَرضِ، أَيُّ عين هِي؟
وأوَّل شيءٍ "أُهِين"(4) على وجهِ الأَرضِ، أَيُّ شيءٍ هُو؟
"فلمَّا أَجابهُ"(5) أَمير المؤمنين عليه السَّلَام، قال [له: أَخبرِني عن الثلاث الأخر]: فأخبرني عن مُحمَّد، كَم لهُ مِن إمامٍ عدل؟ وفي أَيِّ جَنَّةٍ يكون؟ ومَن إِمَامٍ سَاكنه مَعهُ فِي جَنَّتهِ؟
فقال: «يَا هَارُونِيُّ، إِنَّ مُحَمَّدٍ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَامَ عَدْلٍ، لَا يَضُرُّهُمْ خِذْلَانُ مَنْ خَذَهُمْ، وَلَا يَسْتَوْحِشُونَ بِخِلَافِ مَنْ خَالَفَهُمْ، وإِنَّهُمْ فِي الدِّينِ أَرْسَبُ(6) مِنَ الْجِبَالِ الرَّوَاسِي فِي الْأَرْضِ، وَمَسْكَنُ مُحَمَّدٍ فِي جَنَّتِهِ، مَعَهُ أُولئِكَ الاثْنَي عَشَرَ الْإِمَامَ الْعَدْلَ».
فَقال: صَدقتَ والله الَّذي لا إِله إِلَّا هُو؛ إِنِّي لَأَجِدُها في كُتبِ أَبي هَارون،
ص: 147
كتبهُ بيدهِ وأَملاهُ مُوسى عَمِّي عليهما السَّلام)(1).
[106] (عن أَبي حمزة، قال: سَمِعتُ عَليّ بن الحسين عليه السَّلام، يقول: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ مُحَمَّداً وعَلِيّاً وأَحَدَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِهِ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ، فَأَقَامَهُمْ أَشْبَاحاً فِي ضِيَاءِ نُورِهِ، يَعْبُدُونَهُ قَبْلَ خَلْقِ الخُلْقِ، يُسَبِّحُونَ الله ويُقَدِّسُونَهُ، وهُمُ الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ»)(2).
[107] و (عن أَبي سعيد الخدري، قَال: كنتُ حَاضِراً لَّما هَلكَ أَبو بكرٍ واستخلفَ عمر، أقبل يهوديٌّ مِن عظماءِ يهود يثرب، وَتَزعمُ يهودُ المدينة أَنَّه أَعلمُ زمانه، حتَّى رفع إِلى عمر، فقال [لهُ]: يا عُمر، إِنِّي جِئتْك أُريدُ الإِسلامَ، فإِنْ أَخبرتني عمَّا أَسأَلُكَ عَنهُ، فأَنْت أَعلمُ أَصحابِ مُحَمَّدِ بالكتابِ والسُّنَّة وجميع ما أُريدُ أَنْ أَسال عنه.
قال: فقال له عُمر: إِنِّي لستُ هناك ولكنِّي أُرشدك إلى مَنْ هو أعلمُ أُمَّتِنا بالكتاب والسُّنَّة، وجميع ما قد تسأَل عنه وهو ذاك، فأوماً إلى عَلِيّ عليه السَّلَام، فقال لهُ اليهوديُّ: يا عمر إِنْ كان هذا كما تقول فمالك ولبيعةِ النَّاس،
ص: 148
وإِنَّما ذَاكَ أَعلمُكم؟! فَزَبره(1) عمر.
ثُمَّ إِنَّ اليهوديَّ قَامَ إِلى عَلِيّ عليه السَّلام، فقال له: أَنتَ كما ذكر عُمر؟
قال: «وَمَا قَالَ عُمَرُ»؟ فَأَخبره.
قال: فإن كنتَ كما قال، سأَلتُك عن أَشياء أُريدُ أَنْ أَعلم هل "يعلمُه"(2) أَحد منكم، فأَعلم أنَّكم في دعواكم خيرُ الأُمم وأعلمها "صادقين"(3)، ومع ذلك أَدخل في دينكم الإِسلام.
فقال أَمير المؤمنين عليه السَّلَام: «نَعَمْ، أَنَا كَمَا ذَكَرَ لَكَ عُمَرُ، سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ؛ أُخْبِرُكَ بِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى».
قال: أخبرني عن ثلاثٍ وثلاث وواحدة؛ فقال له عَلِيٌّ عليه السَّلَام: «يَا يَهُودِيُّ، وَلَمْ لَمْ تَقُلْ: أَخْبِرْنِي عَنْ سَبْعِ»؟
فقال له اليهودي: إِنَّكَ إِنْ أَخبَرتني بالثَّلاثِ سأَلتُك عن البقيَّة، وإِلَّا كففْتُ، فإِنْ أَنتَ أجبتني في هذه السَّبع، فأنتَ أَعلم أَهلِ الأَرض وأفضلهم وأولى النَّاسِ بِالنَّاسِ؛ فقال له: «سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ يَا يَهُودِيُّ».
قال: أَخبرني عن أَوَّلِ حجرٍ وُضِعَ على وجه الأرض؟ وأَوَّلِ شجرة غُرستْ على وجه الأرض؟ [وأَوَّل عين نبعث على وجه الأرض؟]، فأخبرهُ
ص: 149
أَميرُ المؤمنين عليه السَّلَام، "فقال"(1) لهُ اليهوديُّ: أَخبرني عن هذه الُأمَّة: كم: لها مِن إمام هُدى؟ وأخبرني عن نَبيكم [مُحمَّد]: أين منزِلُه في الجنَّة؟ وأَخبرني مَن معهُ في الجنَّة؟
فقال له أمير المؤمنين عليه السَّلام: «إِنَّ لهِذِهِ الْأُمَّةِ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً هُدًى مِنْ ذُرِّيَّةِ نَبِيِّهَا وهُمْ مِنِّي؛ وأَمَّا مَنْزِلُ نَبِيِّنَا فِي الجُنَّةِ فَفِي أَفْضَلِهَا وَأَشْرَفِهَا جَنَّةِ عَدْنٍ؛ وَأَمَّا مَنْ مَعَهُ فِي مَنْزِلِهِ فِيهَا، فَهَؤُلَاءِ الاِثْنَا عَشَرَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وأُمُّهُمْ وجَدَّتُهُمْ، وأُمُّ أُمِّهِمْ وذَرَارِيُّهُمْ لَا يَشْرَكُهُمْ فِيهَا أَحَدٌ»)(2).
فإذا كان منزلهم في الجنَّة أَفضل المنازل وأَشرفها، وأنَّهم لا يشاركهم فيها أَحد غيرهم، فأَين الأَنبياء من هذه؟
ولو كان مِن أُولي العزم مَنْ هو أَفضل، لأختير بأَفضل المنازل في الجنَّة، ولو كان مثلهم في المنزلة لشاركهم فيها؛ فإذا لم يكونوا كذلك، فكيف لا يكون عَلِيّ أفضل وهو أفضل العترة؟ فسلِّم الأَمر تسلم.
[108] (عن الحسن بن العبَّاس بن الحريش(3)، عن أبي جعفر الثَّاني
ص: 150
عليه السَّلَام: «أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسِ: إِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وإِنَّهُ يَنْزِلُ فِي تِلْكَ [اللَّيْلَةِ] أَمْرُ السَّنَةِ، وَلِذلِكَ الْأَمْرِ وَلَاةُ بَعْدَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ هُمْ؟
قَالَ: أَنَا وأَحَدَ عَشَرَ مِنْ صُلْبِي أَئِمَّةٌ مُحَدَّثُونَ»)(1).
[109] وقال: («قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لِأَصْحَابِهِ: آمِنُوا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، أَنَّهَا تَكُونُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَلِوُلْدِهِ الْأَحَدَ عَشَرَ مِنْ بَعْدِي»)(2).
نَعلم من هذا: أنَّ ليلة القدر قد اختُصَّ بها النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله دون سائر الأنبياء والمرسلين من أولي العزم وغيرهم، ومن بعده فصارت لِعَلِيّ بن أبي طالب وولده الهداة عليهم جميعاً أَفضل الصَّلاة والسَّلَام.
فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السّلام أَفضل، وهو قد اختاره لها دون غيره من الأَنبياء عليهم السَّلَام؟.
[110] (عن سلمة بن قيس، قال: قَال رسُول الله صلَّى الله عليه وآله: «أَعْطَى اللَّهُ عَلِيّاً مِنَ الْفَضْلِ جُزْءاً لَوْ قُسِمَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَوَسِعَهُمْ»)(3).
ص: 151
[112] و (عن عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السَّلَام، قال: «سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَقُولُ: يَا عَلِيُّ، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّكَ لَأَفْضَلُ الْخَلِيقَةِ بَعْدِي»)(1).
[113] وعن عبد الرَّحمن بن سَمرة، قال، قُلتُ: يا رسول الله، أَرشدني إلى النَّجاة، فقال: «إِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَهْوَاءُ، وَتَفَرَّقَتِ الْآرَاءُ، فَعَلَيْكَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّهُ إِمَامُ أُمَّتِي وَخَلِيفَتِي عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِي».. إلى أَنْ قال: «يَا ابْنَ سَمُرَةَ، إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي، رُوحُهُ مِنْ رُوحِي، وَطِينَتُهُ مِنْ طِينَتِي، وَهُوَ أَخِي وَأَنَا أَخُوهُ»(2).
فإذا كانت الرُّوح واحدةً، فكيف لا يكون أفضل؟!
[114] و (عن عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلام، قال: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَهُوَ فِي قُبَا(3) وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَا بَصُرَ بِي تَهَلَّلَ
ص: 152
وَجْهُهُ وَتَبَسَّمَ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى بَيَاضِ أَسْنَانِهِ تَبْرُقُ، ثُمَّ قَالَ: إِلَيَّ يَا عَلِيُّ، إِلَيَّ يَا عَلِيُّ، فَمَا زَالَ يُدْنِينِي حَتَّى أَلْصَقَ فَخِذِي بِفَخِذِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ؛ فَقَالَ: مَعَاشِرَ أَصْحَابِ، أَقْبَلَتْ إِلَيْكُمُ الرَّحْمَةُ بِإِقْبَالِ عَلِيّ أَخِي إِلَيْكُمْ.
مَعَاشِرَ أَصْحَابِي، إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي وَأَنَا مِنْ عَلَيٍّ، رُوحُهُ مِنْ رُوحِي، وَطِينَتُهُ مِنْ طِينَتِي، وَهُوَ أَخِي وَوَصِيَّي وَخَلِيفَتِي عَلَى أُمَّتِي..»)(1). إلى آخره.
[115] و(عن جابر، قال: قال رسُول الله صلَّى اللهُ عليه وآله: «مَكْتُوبٌ و عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ عَلِيٌّ أَخُو رَسُولِ اللهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِأَلْفَيْ عَامٍ»)(2).
فإِذا كان هذا شأنه، فكيف لا يكون أفضل؟
[116] و (عن ابن عبَّاس قال: سألتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله، عن الكلماتِ الَّتي تلقَّى آدَمُ مِن ربَّهِ فتاب عليه(3)، قال: (سَأَلَهُ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَليَّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ إِلَّا تُبْتَ عَلَيَّ فَتَابَ عَلَيْهِ»)(4).
ص: 153
أقول: لو كان هناك كلمات أفضل ممَّا ذُكِر لتلقَّاها آدم من ربه، وتوسل بها، فإِذا كان كذلك، فكيف لا يكون أفضل؟!
[117] و(عن عطا، قال: سَألتُ عائشةَ عن عَلِيّ بن أبي طالبٍ عليه السَّلَام؛ فقالت: ذَلكَ خيرُ البشرِ، ولا يشكُّ فيه إِلَّا كافر)(1).
[118] و (عن رِبعيّ، عن حذيفةَ، أَنَّهُ سُئِلَ عن علي عليه السَّلام، قال: عَلِيّ ذَاكَ خير البشر، ولا يشكُّ فِيهِ إِلَّا مُنَافِقٌ)(2).
[119] و (عن حُذيفة بن اليمانِ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله، قال: «عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ خَيْرُ الْبَشَرِ وَ مَنْ أَبَى فَقَدْ كَفَرَ»)(3).
[120] و (عن أبي الزُّبير المكِّيِّ، قال: رأَيتُ جابراً مُتوكِّئاً على عصاهُ، وهو يدور في سككِ الأَنصار ومجالسهم، وهو يقول: عَلِيٌّ خيرُ البشر فمن أَبى فقد كفر، يا معاشر الأنصار، أَدِّبُوا أولادكُم على حُبِّ عَلِيّ فمن أَبَى فانظُروا
ص: 154
في شأنِ أُمِّهِ)(1).
[121] و (عن عَلِيُّ بن أبي طالب عليه السَّلَام، قال: «قَالَ لِي النَّبِيُّ الله عليه وآله: أَنْتَ خَيْرُ الْبَشَرِ وَلَا يَشُلُّ فِيكَ إِلَّا كَافِرٌ»)(2).
فإذا كان خير البشر، فكيف لا يكون أفضل؟!
[122] و (عن عَلِيّ عليه السَّلام قال: «كَانَ لي عَشْرٌ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي وَلَا يُعْطَاهُنَّ أَحَدٌ بَعْدِي، قَالَ لِي: يَا عَلِيُّ، أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَأَخِي فِي الْآخِرَةِ، وَأَنْتَ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنِّي مَوْقِفاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْزِلِي وَمَنْزِلُكَ فِي الْجَنَّةِ مُتَوَاجِهَانِ كَمَنْزِلِ الْأَخَوَيْنِ، وَأَنْتَ الْوَصِيُّ [وَأَنْتَ الْوَلِيُّ] وَأَنْتَ الْوَزِيرُ، عَدُوكَ عَدُوِّي وَعَدُوِّي عَدُوُّ الله، وَوَلِتُكَ وَلِيِّي وَوَلِي وَلِيُّ الله عَزَّ وَجَلَّ»)(3).
فلفظ (أَقْرَبُ) للمبُالغة في القرب؛ لأنَّ صيغة أَفعل استُعملت للمبالغة، فلو كان هناكَ مَن هو أَفضل منه لذَكَرهُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله في كونه أَقرب من عَلِيّ عليه السَّلَام في الموقف، فتفطَّن.
ص: 155
[123] وعن جابر بن عبد الله الأَنصاري، أنَّه قال: سَمِعتُ رسُول الله صَلَّى الله عليه وآله، يقول: «إِنَّ فِي عَلِيٌّ خِصَالًا لَوْ كَانَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا فِي جَمِيع النَّاسِ لَاكْتَفَوْا بِهَا فَضْلًا».
قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ»، [وَقَوْلُهُ: «عَلِيٌّ مِنِّي كَهَارُونَ مِنْ مُوسَى»]، وقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله: «عَلِيُّ مِنّي وَأَنَا مِنْهُ»، وقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله: «عَلِيٌّ مِنِّي كَنَفْسي طَاعَتُهُ طَاعَتِي وَمَعْصِيَتُه مَعْصِيَتِي».. إلى قولهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله: «مَنْ فَارَقَ عَلِيّاً فَقَدْ فَارَقَنِي وَمَنْ فَارَقَنِي فَقَدْ فَارَقَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ»، وقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله: «شِيعَةُ عَلِيٌّ هُمُ الْفَائِزُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(1).
في أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله، مولى الرُّسل والأنبياء جميعاً عليهم السَّلَام، فيكون عَلِيّ عليه السَّلَام مولاهم بدليل لفظته التي هي من جملة صِيغ العموم، وقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله: «عَلِيٌّ مِنِّي كَنَفْسِي طَاعَتُهُ طَاعَتِي وَمَعْصِيَتُهُ مَعْصِيَتِي»، فلو أنَّ أحداً من الأَنبيَّاءِ موجود ولم يُطع عَلِيَّاً عليه السَّلَام، أو لم يقرّ به، لم تنفعه نبوَّته بشيء، وكذلك لو أنَّ أحداً فارق عَلِيَّا فقد فارق النَّبِيِّ عليه وآله السَّلَام، «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيم»(2)، فكيف لا يكون أفضل؟
[124] و (عن جابر بن عبد الله، قال: لمَّا قَدِم عَلِيٌّ عليه السَّلَام على
ص: 156
رسول الله صلَّى الله عليه وآله بفتح خيبر، قال له رسول الله صلَّى الله عليه وآله: «لَوْلَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِف مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى لِلْمَسِيحِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ الْيَوْمَ قَوْلًا لَا تَمرُّ بِمَلَإٍ إِلَّا أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ رِجْلَيْكَ وَمِنْ فَضْلِ طَهُورِكَ؛ "لِيَسْتَشفُوا"(1) بِهِ، وَلَكِنْ حَسْبُكَ أَنْ تَكُونَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ تَرِثُنِي وَأَرِتُكَ..»)(2). إلى آخره.
[125] و (عن مُحمَّد القِبطي قال: قال الصَّادق جَعْفَر بن محمد عليه السَّلَام: «أَغْفَلَ النَّاسُ قَوْلَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَليه السَّلَام يَوْمَ مَشْرَبَةِ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ كَمَا أَغْفَلُوا قَوْلَهُ "فِي"(3) يَوْمَ غَدِيرِ خُمَّ.
إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله [كَانَ] فِي مَشْرَبَةِ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ(4) وَعِنْدَهُ أَصْحَابُهُ إِذْ جَاءَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمْ يُفْرِجُوا لَهُ فَلَمَّا رَآهُمْ لَا يُفْرِجُونَ لَهُ قَالَ: يَا مَعْشَرَ النَّاسِ، هَذَا أَهْلُ بَيْتِي تَسْتَخِفُونَ بِهِمْ وَأَنَا حَيٌّ بَيْنَ "أَظْهُرِكُم"(5)؟!
أَمَا وَالله، لَئِنْ غِبْتُ عَنْكُمْ فَإِنَّ الله لَا يَغِيبُ عَنْكُمْ إِنَّ الرَّوْحَ وَالرَّاحَةَ
ص: 157
وَالْبِشْرَ وَالْبِشَارَةَ مَنِ اثْتَمَّ بِعَلِيٌّ وَتَوَلَّاهُ، وَسَلَّمَ لَهُ وَلِلْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِهِ حَقّاً، عَلَيَّ أَنْ أُدْخِلَهُمْ فِي شَفَاعَتِي لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعِي، «فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي»(1).
سُنَّةٌ جَرَتْ فِيَّ [مِنْ] إِبْرَاهِيمَ، لِأَنِّي مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ مِنِّي، وَفَضْلِي لَهُ فَضْلٌ وَفَضْلُهُ فَضْلِي وَأَنَا أَفْضَلُ مِنْهُ، تَصْدِيقُ [ذَلِكَ] قَوْلُ رَبِّي «ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»(2) [وَكَانَ رَسُولُ الله صَلىَّ اللهُ عَلَيه وَآله وَثِنَتْ(3) رِجْلُهُ فِي مَشْرَبَةِ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ حَتَّى عَادَهُ النَّاسُ]»)(4).
فإذا كان رسُولُ الله صلَّى الله عليه وآله أَفضل مِن إِبراهيم، وقد جعل رسول الله صلَّى اللهُ عليه وآله الفضل لِعَلِيّ عليه السَّلَام بعده، فيكون أفضل.
[126] و (عن ابن عبَّاس، قَال: إنَّ رسُول الله صلَّى الله عليه وَآله كان جالساً ذاتَ يوم، إِذ أقبل الحَسَن عليه السَّلَام، فلمَّا رآهُ بكي، ثم قال: «إِلَيَّ إِلَيَّ يَا بُنَيَّ»، فَما زالَ يُدنيهِ حَتَّى أجلسهُ على فخذهِ اليُمنى، ثُمَّ أَقبل الحُسَين عليه السَّلام، فلمَّا رآهُ بكی، ثُمَّ قال: «إِلَيَّ إِلَيَّ يَا بُنَيَّ»، فَما زالَ يُدنيهِ حَتَّى أَجلسهُ على فخذه اليُسرى، ثُمَّ أَقبلتْ فَاطِمَةُ عليها السَّلَام، فلمَّا رآها بَكی، ثُمَّ قال: «إِلَيَّ إِلَيَّ يَا بُنَيَّةِ»، فأَجلسَها بين يديه، ثُمَّ أَقبل أميرُ المؤمنينَ عَليه السَّلَام، فلمَّا رآهُ
ص: 158
بكى، ثُمَّ قال: «إِلَيَّ إِلَيَّ يَا أَخِي»، فَما زالَ يُدنيه حتَّى أَجلسه إلى جنبه الأيمن، فقال لهُ أَصحابُهُ: يا رسُول الله، ما تَرى واحداً مِن هؤُلاء إِلَّا بكيت، أوَ ما فيهم مَن تُسرُّ برُؤيته؟
فقال صَلَّى اللهُ عليه وآله: «وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ وَاصْطَفَانِي عَلَى جَمِيعِ الْبَرِيَّةِ إِنِّي وَإِيَّاهُمْ لَأَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ نَسَمَةً أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْهُمْ..»)(1). إِلى آخر الحديث
فإذا كانوا أَكرم الخلق على الله عزَّ وجلّ، فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلَام أفضل؟
اللَّهم ثبتنا بالقول الثَّابت في الحياة الدّنيا وفي الآخرة بمحمَّد وآلهِ خير خلقك أجمعين يا أرحم الرَّاحمين، وصلِّ اللَّهمَّ على محمَّد وآلهِ الطَّاهرين.
[127] و(عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: قال رسُول الله صلَّى اللهُ عليه وآله: «إِذَا سَأَلْتُمُ الله عَزَّ وَجَلَّ، فَاسْأَلُوهُ لِي الْوَسِيلَةَ»، فَسَأَلْتُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وَآله عن الوَسيلة، فقال صَلَّى اللهُ عليه وآله: «هِيَ دَرَجَتِي فِي الْجَنَّةِ، وَهِيَ أَلْفُ مِرْقَاةٍ مَا بَيْنَ الْمِرْقَاةِ إِلَى الْمِرْقَاةِ حُضْرُ الْفَرَسِ(2) الْجَوَادِ شَهْراً، وَهِيَ مَا بَيْنَ مِرْقَاةِ جَوْهَرِ إِلَى مِرْقَاةِ زَبَرْجَدٍ وَمِرْقَاةِ يَأْقُوتٍ إِلَى مِرْقَاةِ ذَهَبٍ إِلَى مِرْقَاةِ
ص: 159
فِضَّةٍ، فَيُؤْتَى بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى تُنْصَبَ مَعَ دَرَجَةِ النَّبِيِّينَ، فَهِيَ فِي دَرَجِة النَّبِيِّينَ كَالْقَمَرِ بَيْنَ الْكَوَاكِبِ، فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ نَبِيٌّ وَلَا صِدِّيقٌ وَلَا شَهِيدٌ إِلَّا قَالَ: طُوبَى لِمَنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّرَجَةُ دَرَجَتَهُ، فَيَأْتِي النَّدَاءُ مِنْ عِنْدِ الله عَزَّ وَجَلَّ يُسْمِعُ النَّبِيِّينَ وجَمِيعَ الْخُلْقِ: هَذِهِ دَرَجَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
فَأَقْبلُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُتَزِرٌ بِرَيْطَةٍ(1) مِنْ نُورٍ عَليَّ تَاجُ الْمُلكِ، وَإِكْلِيلُ الْكَرَامَةِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمَامِي وَبِيَدِهِ لِوَائِي، وَهُوَ لِوَاءُ الْحَمْدِ، مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، الْمُفْلِحُونَ هُمُ الْفَائِزُونَ بِاللَّهِ، وَإِذَا مَرَرْنَا بِالنَّبِيِّينَ قَالُوا: هَذَانِ مَلَكَانِ [كَرِيمَانِ] مُقَرَّبَانِ [لَمْ نَعْرِفُهُمَا وَلَمْ نَرَهُمَا]، وَإِذَا مَرَرْنَا بِالْمَلَائِكَةِ قَالُوا: هَذَانِ نَبِيَّانِ مُرْسَلَانِ، حَتَّى أَعْلَى الدَّرَجَةَ وَعَلِيٌّ عَلَيهِ السَّلَام يَتْبَعُنِي، حَتَّى إِذَا صِرْتُ فِي أَعْلَى دَّرَجَة مِنْهَا، وَعَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام أَسْفَلِ مِنِّي بِدَرَجَةٍ، فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ نَبِيٌّ وَلَا ] صديقٌ وَلَا شَهِيدٌ إِلَّا قَالَ: طُوبَى هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ مَا أَكْرَمَهُمَا عَلَى الله!
فَيَأْتِي النَّدَاءُ مِنْ قِبَلِ الله جَلَّ جَلَالُهُ يُسْمِعُ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءَ وَالْمُؤْمِنِينَ: هَذَا حَبِيبي مُحَمَّدٌ وَهَذَا وَلِبِّي عَلِيٌّ، طُوبَى لَنْ أَحَبَّهُ وَوَيْلٌ مَنْ أَبْغَضَهُ وَكَذَّبَ عَلَيْهِ»
ثُمَّ قَال رسول الله صلَّى اللهُ عليه وآله: «فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ أَحَبَّكَ يَا عَلِيُّ إِلَّا اسْتَرْوَحَ هَذَا الْكَلَامِ وَابْيَضَ وَجْهُهُ وَفَرِحَ قَلْبُهُ، وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ عَادَاكَ، أَوْ نَصَبَ لَكَ حَرْباً، أَوْ جَحَدَ لَكَ حَقّاً، إلَّا اسْوَدَّ وَجْهُهُ، وَاضْطَرَبَتْ قَدَمَاهُ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا مَلَكَانِ قَدْ أَقْبَلَا إِلَيَّ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَرِضْوَانُ خَازِنُ
ص: 160
الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَمَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ فَيَدْنُو رِضْوَانُ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَحْمَدُ؛ فَأَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ [أَيُّهَا المُلكُ]، مَنْ أَنْتَ؟ فَمَا أَحْسَنَ وَجْهَكَ وَأَطْيَبَ رِيحَكَ.
فَيَقُولُ: أَنَا رِضْوَانُ خَازِنُ الْجَنَّةِ، وَهَذِهِ مَفَاتِيحُ الْجَنَّةِ بَعَثَ بِهَا إِلَيْكَ رَبُّ الْعِزَّةِ، فَخُذْهَا يَا أَحْمَدُ، فَأَقُولُ: قَدْ قَبلْتُ ذَلِكَ مِنْ رَبِّي، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا فَضَّلَنِي بِهِ، ادْفَعْهَا إِلَى أَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ رِضْوَانُ فَيَدْنُو مَالِكٌ؛ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَحْمَدُ، فَأَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا المَلَكُ، مَنْ أَنْتَ؟ فَمَا أَقْبَحَ وَجْهَكَ وَأَنْكَرَ رُؤْيَتَكَ.
فَيَقُولُ: أَنَا مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ، وَهَذِهِ مَقَالِيدُ النَّارِ بَعَثَ بِهَا إِلَيْكَ رَبُّ "النَّارِ"(1) فَخُذْهَا يَا أَحَمدُ، فَأَقُولُ : قَدْ قَبِلْتُ ذَلِكَ مِنْ رَبيِّ، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا فَضَّلَنِي [بِهِ]، ادْفَعْهَا إِلَى أَخِي عَلِيَّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ مَالِكٌ، [فَيُقْبِلُ] عَلِيٌّ عَليه السَّلَام وَمَعَهُ مَفَاتِيحُ الْجَنَّةِ وَمَقَالِيدُ النَّارِ، حَتَّى يَقِفَ عَلَى "حُجْرَةِ"(2) جَهَنَّمَ، وَقَدْ تَطَايَرَ شَرَرُهَا، وَعَلَا زَفِيرُهَا، وَاشْتَدَّ حَرُّهَا وَعَلِيٌّ آخِذٌ بِزِمَامِهَا، فَتَقُولُ لَهُ جَهَنَّمُ: جُزْنِي يَا عَلِيُّ فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي.
فَيَقُولُ لَهَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام: قِرِّي يَا جَهَنَّمُ، خُذِي هَذَا وَاتْرُكِي هَذَا، خُذِي [هَذَا] عَدُوِّي وَاتْرُكِي هَذَا وَلِبِّي، فَلَجَهَنَّمُ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مُطَاوَعَةٌ لِعَلِيِّ عَلَيه السَّلَامِ مِنْ غُلَامٍ أَحَدِكُمْ لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ شَاءَ يُذْهِبُهَا يَمْنَةٌ، وَإِنْ شَاءَ
ص: 161
يُذْهِبُهَا يَسْرَةٌ، وَجَهَنَّمُ يَوْمَئِذٍ أَشَدُّ مُطَاوَعَةٌ لِعَلِيَّ فِيمَا يَأْمُرُهَا بِهِ مِنْ الخَلَائِقِ»)(1)، وَصَلىَّ اللهُ على مُحَمَّد وَآلِهِ الطَّيِّبين الطَّاهِرِين.
أَقول: فإذا كانت درجة عَليّ بن أبي طالب عليه السَّلَام درجة النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله، وهي أَعلى درجات النبيِّين والمرسلين، ومفاتيح الجنَّة ومقاليد النَّار بيدهِ عليه السَّلَام، وهو قسيم الجنَّة والنَّار ولا قسيم غيره وهو أوَّل داخل للجنَّة مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله كما ورد في الأَخبار دون سائر الأَنبياء، وأولي العزم الأَطهار، واغتباط الأَنبياء والخلائق، والملائكة لِعَلِيّ علية السَّلَام؛ لكونه في درجة النَّبيّ صلَّى اللهُ عليه وآله ورتبته، وكونه لِعَلِيّ صاحب لواء الحمد والكرامة، واختصاصه بذلك يغنيك عن العلم بفضله والله يؤتي الفضل مَن يشاء، وهو الواسع ذو الفضل العظيم(2).
[128] (عن سَعيد بن جبير، قال: قال يزيد بن قَعنَب كُنتُ [جَالساً] مع العبَّاس بن عبد المطلب وفريق من عبدِ العُزَّى بإِزاءِ بيتِ الله الحرام، إِذ أَقبلتْ فاطمةُ بنتُ أَسدِ أُمُّ أَمير المؤمنين عليه السَّلام، وكانتْ حاملةً به لتسعةِ أَشهر، وقد أَخذها الطَّلق؛ فقالت: ربِّ إِنِّي مُؤمنة بك وبما جاءَ مِن عندكَ مِن
ص: 162
رسُلٍ وكُتب، وإنِّي مُصدِّقةٌ بكلام جدِّي إبراهيم الخَليل عليه السَّلام، وأَنِّهُ بنى البيتَ العتيق، فبحقِّ الَّذي بنَى هذا البيتَ، وبحقِّ المولودِ الَّذي في بطنى "لمَّا"(1) يسرَّتَ عَلَيَّ وِلادَتي.
مِن قال يزيد بن قَعنب: فَرأينا البيتَ وقد انفتحَ عن ظهرهِ، ودخلتْ فاطمةُ فيه وغابتْ عن أَبصارِنا والتَزق الحائِط فَرُمنا أَنْ يَنفَتِحَ لَنا قُفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا أنَّ ذلك أمرٌ من [أَمرِ] الله عزَّ وجلَّ، ثُمَّ خرجتْ بعد الرَّابعِ وبيدها أَميرُ المؤمنينَ عليه السَّلَام، ثُمَّ قالت: [إِنِّي] فُضّلتُ على مَن تَقَدَّمني النِّساءِ؛ لأَنَّ آسية بنتَ مُزاحم عبدتِ الله عزَّ وجلَّ سِرّاً في موضع "لا يُحِبُّ اللَّهُ أَنْ يُعبد فيه"(2) إلاَّ اضطراراً، وإنَّ مريم بنتَ عِمران هزَّتِ النَّخلةَ اليابسةَ بيدها، حتَّى أَكلتْ منها رُطباً جنيّاً(3)، وإنيِّ دخلتُ بيتَ الله الحرام، فأَكلتُ مِن ثمار الجنَّة وأَوراقها، فلمَّا أَردتُ أَنْ أَخرجَ هتفَ بي هاتفٌ: يا فاطمةُ سمِّهِ عَلِيَّا، فهوَ عَلِيٌّ واللهُ العَلِيُّ الأعلى يقول: «إِنِّي شَقَقْتُ اسْمَهُ مِن اسْمِي، وَأَذَبْتُهُ بِأَدَبِ، وَوَقَفْتُهُ عَلَى غَامِضِ عِلْمِي، وَهُوَ الَّذِي يَكْسِرُ الْأَصْنَامَ في [بَيْتِي]، وَهُوَ الَّذِي يُؤَذِّنُ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِي وَيُقَدِّسُنِي وَيُمَجِّدُنِ، فَطُوبَى لَنْ أَحَبَّهُ وَأَطَاعَهُ، وَوَيْلٌ مَنْ أَبْغَضَهُ وَعَصَاهُ»)(4)، وصلىَّ الله على نبيِّنا محمَّد وآله
ص: 163
الطيِّبين الطَّاهرين.
أَقول: فأَين مواليد الأَنبياء صلَّى الله عليهم من مولد عَلِيّ عليه السَّلَام؟
هذا إِبراهيم خليل الرَّحمن عليه السَّلَام قد وُلِدَ في مغارةٍ خفيَة وخيفَة، وموسى عليه السَّلَام وُلِدَ خفيَة وخيفَة، حتى وُضِع في التَّابوت، وأُلقي في اليمّ، تضطرب به الأمواج، وليس كعَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام، حيث أكرم بكرامةِ هذا المحلِّ، وأُطعِمت أُمَّه مِن ثمارِ الجنَّة، وما ذاك إلَّا لفضله وقربه من الله غاية القريب ونهاية الاصطفاء.
[129] ويُروى (عن الصَّادق جعفر بن محمَّد عليه السَّلَام، عن أبيه مُحمَّد بن عَلِيّ، عن آبائه الصَّادِقين عليهم السَّلام، قال: «قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وآلهِ: إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ لِأَخِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَام فَضَائِلَ لَا يُحْصِي عَدَدَهَا غَيْرُهُ، فَمَنْ ذَكَرَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِهِ مُقِرِّاً بِهَا غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَلَوْ وَافَى الْقِيَامَةَ بِذُنُوبِ الثَّقَلَيْنِ، وَمَنْ كَتَبَ فَضِيلَةٌ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَليه السَّلَام لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا بَقِيَ لِتِلْكَ الْكِتَابَةِ رَسُمٌ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهِ غَفَرَ اللهُ لَهُ الذُّنُوبَ الَّتِي اكْتَسَبَهَا [بِالاسْتِمَاع، وَمَنْ نَظَرَ إِلَى كِتَابَةٍ فِي فَضَائِلِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ الذُّنُوبَ الَّتِي اكْتَسَبَهَا] بِالنَّظَرِ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ: النَّظَرُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَليه السَّلَام عِبَادَةٌ، وَذِكْرُهُ عِبَادَةٌ، وَلَا يُقْبَلُ إِيمَانُ عَبْدِ إِلَّا بِوَلَايَتِهِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ
ص: 164
أَعْدَائِهِ»)(1). وصلیَّ الله على محمَّد وآله.
[130] و(عن جعفر بن محمَّد الصَّادق عليه السَّلَام، قال: « لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ: «وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ»(2)، قَامَ رَجُلَانِ مِنْ مُجَلِسِهِمَا، فَقَالا: يَا رَسُولَ الله، هُوَ التَّوْرَاةُ؟
قَالَ: لَا.
قَالا: فَهُوَ الْإِنْجِيلُ؟
قَالَ: لَا.
قَالا: فَهُوَ الْقُرْآنُ؟
قَالَ: لَا.
قَالَ: فَأَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَليهِ السَّلَام؛ فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ: هُوَ هَذَا، إِنَّهُ الْإِمَامُ الَّذِي أَحْصَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ عِلْمَ كُلِّ شَيء»)(3).
ص: 165
فهذا عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام، أَحصى علم كلّ شيء، وليس عند الأَنبياء مثله، فكيف لا يكون أفضل؟!
[131] (ولقد قِيلَ لمعاوية لعنه الله ذاتَ يومٍ: لو أمرتَ الحَسَن بن عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام فَصعِد المِنبر فَخَطب؛ ليَبِين للنَّاس نقصهُ.
فدعاهُ فقال لهُ: اصعَد المِنبر وتكلَّم بكلماتٍ تَعِظُنا بها.
فقام عليه السَّلَام فَصعد المِنبر، فحَمِد الله وأَثنى عليه، ثُمَّ قال: «أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ، أَنَا ابْنُ خَيْرِ خَلْقِ الله، أَنَا ابْنُ رَسُولِ الله، أَنَا ابْنُ صَاحِبِ الْفَضَائِلِ، أَنَا ابْنُ صَاحِبِ الْمُعْجِزَاتِ وَالدَّلَائِل..»)(1). إلى آخره.
فإذا كان خيرُ خلق الله، وهو صاحبُ الفضل ومعقل الفضائل؛ كيف لا يكون أفضل؟
[132] و (عن الصَّادِق جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه، عن آبائِهِ عليهم السَّلَام، قال: «خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ [وَعَلَيْهِ] خَمِيصَةٌ(2) قَدِ
ص: 166
اشْتَمَلَ بِهَا، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله مَنْ كَسَاكَ هَذِهِ الْخَمِيصَةَ؟
فَقَالَ: كَسَانِ حَبِيبِي، وَصَفِنِّي، وَخَاصَّتِي، وَخَالِصَنِي، وَالمُؤَدِّي عَنِّي، وَوَصِيِّي، وَوَارِثِي، وَأَخِي، وَأَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ إِسْلَاماً، وَأَخْلَصُهُمْ إِيمَاناً، وَأَسْمَعُ النَّاسِ كَفَّفَاً، سَيِّدُ النَّاسِ بَعْدِي، قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، إِمَامُ أَهْلِ الْأَرْضِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى "بلَّ"(1) الحَصَى مِنْ دُمُوعِهِ شَوْقاً إِلَيْهِ»)(2).
فإذا كان سيّد النَّاس، كيف لا يكون أفضل؟
[133] و(عن سَعيد بن جُبير، عن ابن عبَّاس، قال: خَرجَ رَسُولُ الله صلَّى اللهُ عليه وآله ذات يوم، وهو آخذٌ بيد عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السَّلَام، وهو يقول: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، [يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِم]، يَا مَعْشَرَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَا مُحَمَّدٌ، "أَنا"(3) رَسُولُ الله، أَلَا إِنيِّ خُلِقْتُ مِنْ طِينَةٍ مَرْحُومَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْنِي: أَنَا وَعَلِيٌّ وَحَمْزَةُ وَجَعْفَرٌ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ الله، هَؤُلَاءِ مَعَكَ رُكْبَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟!
فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، إِنَّهُ لَنْ يَرْكَبَ يَوْمَئِذٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ: أَنَا وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَصَالِحٌ نَبِيُّ الله؛ فَأَمَّا أَنَا فَعَلَى الْبُرَاقِ، وَأَمَّا فَاطِمَةُ ابْنَتِي فَعَلَى نَاقَتِيَ الْعَضْبَاءِ،
ص: 167
وَأَمَّا صَالِحٌ فَعَلَى نَاقَةِ الله الَّتِي عُقِرَتْ، وَأَمَّا عَلِيُّ فَعَلَى نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ [مِنْ نُورٍ] زِمَامُهَا مِنْ يَاقُوتٍ عَلَيْهِ حُلَتَانِ خَضْرَاوَانِ، فَيَقِفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَقَدْ ألجمَ النَّاسِ "بِالْعَرَقِ"(1) يَوْمَئِذٍ، فَتَهُبُّ رِيحٌ مِنْ قِبَلِ الْعَرْشِ، فَتَنشِفُ عَنْهُمْ عَرَقَهُمْ؛ فَيَقُولُ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَالْأَنْبِيَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ: مَا هَذَا إِلَّا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ؛ فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ الْعَرْشِ: مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ، إِنَّ هَذَا : لَيْسَ بِمَلَكِ مُقَرَّبِ، وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلِ، وَلَكِنَّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخُو رَسُولِ الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»)(2).
فإذا كان هذا الفضل له، كيف لا يكون أفضل؟
[134] و (عن أَبي هريرة، [عن رسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله]، قال: «مَكْتُوبٌ عَلَى الْعَرْشِ: أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي لَا شَرِيكَ لِي، وَ"أَنَّ"(3) مُحَمَّدٌ عَبْدِي وَرَسُولِي أَيَّدْتُهُ بِعَلِيٍّ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَ: «هُوَ الَّذِي أَيْدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ»، فَكَانَ النَّصُرْ عَلِيّاً عَليه السَّلَامِ، وَدَخَلَ مَعَ الْمُؤْمِنِين، فَدَخَلَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعاً صَلَّى اللهُ عَلَيهِ»)(4).
ص: 168
[135] و (عن أبي حمزة الثُّماليّ، عن أَبي جعفر عليه السَّلَام، قال: قَالَ لِي: «يَا أَبَا حَمْزَةَ، لَا تَصِفُوا عَلِيّاً دُونَ مَا وَصَفَهُ الله"(1)، وَلاَ تَرْفَعُوا عَلِيّاً فَوْقَ مَا رَفَعَهُ الله، كَفَى بِعَلِيٌّ أَنْ يُقَاتِلَ أَهْلَ الْكَرَّةِ، وَأَنْ يُزَوِّجَ أَهْلَ الْجَنَّةِ»)(2).
[136] (وعن سعيد بن المسيَّب، عن أبي الحمراء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ مَكْتُوباً عَلَى قَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ: أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي خَلَقْتُ جَنَّةَ عَدْنٍ "بِيَدِي لمُحَمَّد"(3) صَفْوَتيِ مِنْ خَلْقِي، أَيَّدْتُهُ بِعَلِيٌّ وَنَصَرْتُهُ بِعَلِيٍّ»)(4).
[137] (عن الحكم بن الصَّلت، عن أَبي جعفر الباقر، عن آبائِهِ عليهم و السَّلَام، قال: «قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ: «خُذُوا بِحُجْزَةِ(5) هَذَا الْأَنْزَعَ - يَعْنِي عَلِيّاً عَليه السَّلَام - فَإِنَّهُ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ [وَهُوَ] الْفَارُوقُ يَفْرُقُ بَيْنَ الحقِّ وَالْبَاطِلِ، مَنْ أَحَبَّهُ هَدَاهُ اللهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُ أَبْغَضَهُ اللهُ، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ
ص: 169
"مَحَقَهُ"(1) اللهُ، وَمِنْهُ سِبْطَا أُمَّتِي الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَهَمَّا ابْنَايَ، وَمِنَ الْحُسَينُ "أَئِمَّةُ الهُدَاة"(2) أَعْطَاهُمُ اللَّهُ عِلْمِي وَفَهْمِي، فَتَوَلُّوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا وَلِيجَةً(3) مِنْ دُونِهِمْ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ، وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِ فَقَدْ هَوى «وَمَا الحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُور»(4))(5).
[138] و (عن معمر بن راشد قال: سَمِعتُ أَبا عبد الله الصَّادِقِ جعفر بن محمَّدٍ عليه السَّلَام يقول: «أَنَّى يَهُودِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ يُحِدُّ "النَّظَرَ"(6) إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا يُهُودِيُّ مَا حَاجَتُكَ؟
قَالَ: أَنْتَ أَفْضَلُ أَمْ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ النَّبِيُّ الَّذِي كَلَّمَهُ اللهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ وَالْعَصَا وَفَلَقَ لَهُ الْبَحْرَ وَأَظَلَّهُ بِالْغَمَامِ؟
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله: إِنَّهُ يُكْرَهُ لِلْعَبْدِ أَنْ يُزَكِّيَ نَفْسَهُ، وَلَكِن
ص: 170
أَقُولُ: إِنَّ آدَمَ عَلَيهِ السَّلَام لَمَّا أَصَابَ الْخَطِيئَةَ كَانَتْ تَوْبَتُهُ أَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا غَفَرْتَ لِي، فَغَفَرَهَا اللهُ لَهُ، وَإِنَّ نُوحاً لَمَّا رَكِبَ فِي السَّفِينَةِ وَخَافَ الْغَرَقَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا أَنْجَيْتَنِي مِنَ الْغَرَقِ، فَنَجَّاهُ اللهُ "عنْهُ"(1)، وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلام لَماَّ أُلْقِيَ في النَّارِ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لَمَّا أَنْجَيْتَنِي مِنْهَا، فَجَعَلَهَا اللهُ عَلَيْهِ «بَرْداً وَسَلاماً»(2)، وَإِنَّ مُوسَى عَلَيهِ السَّلَامِ لَماَّ أَلْقَى عَصَاهُ وَأَوْجَسَ «فِي نَفْسِهِ خِيفَةً»(3)، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ لَماَّ آمَنتَنِي، فَقَالَ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ: «لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى»(4).
يَا يَهُودِيُّ، إِنَّ مُوسَى لَوْ أَدْرَكَنِي ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنْ بِي [وَبِنُبُوَّتِي] "لم ينَفَعَهُ"(5) إِيمَانُهُ شَيْئاً وَلَا نَفَعَتْهُ النُّبُوَّةُ.
و يَا يَهُودِيُّ، وَمِنْ ذُرِّيَّتِيَ الْمَهْدِيُّ إِذَا خَرَجَ نَزَلَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ لِنُصْرَتِهِ فَقَدَّمَهُ وَصَلَّى خَلْفَهُ»)(6).
فانظروا إلى هذا الحديث الشَّافيّ الصّريح الأَلفاظ، فما جرى للنَّبيِّ صلَّى
ص: 171
الله عليه وآله فهو لِعَليّ بن أبي طالب عَلَيه السّلام، حذو النَّعْل بالنعل والقذَّةِ بالقذَّةِ.
وهذا عيسى بن مريم عليه السَّلَام إِنَّما ينزل لأَجلِ نصرة القائم عجلَ الله تعالى فرجه الشَّريف، فيقدِّمه ويصلِّي خلفه مقتدياً بصلاته، وذلك بأَمرِ مِن الله عزَّ وجلّ، وما ذاك إِلَّا لأفضليَّته، فكيف وعَلِيّ بن أَبي طالب صلوات الله وسلامه عليه هو الأفضل؟!
[139] (عن مُحمَّد بن يعقوب النَّهشليُّ، قال: حدَّثنا عَلِيُّ بن موسى الرِّضَا، عن أَبيه مُوسى بن جعفر، عن أَبيه جعفر بن مُحمَّد، عن أَبيه مُحمَّد بن عَلِيّ، عن أَبيه عَلِيّ بن الحُسين، عن أَبيه الحُسين بن عَلِيّ، عن أَبيه عَلِيّ بن أَبي طالبِ عَليهم السَّلام، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله عن جبرئيل، عن ميكائِيل، عن إسرافيل، عن الله جلَّ جلاله، أَنَّه قال: «أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا خَلَقْتُ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِي، فَاخْتَرْتُ مِنْهُمْ مَنْ شِئْتُ مِنْ أَنْبِيَائِي، وَاخْتَرْتُ مِنْ جَمِيعِهِمْ مُحَمَّداً حَبِيباً وَخَلِيلًا وَصَفِيّاً، فَبَعَثْتُهُ رَسُولًا إِلَى خَلْقِي، وَاصْطَفَيْتُ لَهُ عَلِيّاً فَجَعَلْتُهُ لَهُ أَخاً وَوَصِيّاً وَوَزِيراً وَمُؤَدِّياً عَنْهُ مِنْ بَعْدِهِ إِلَى خَلْقِي، وَخَلِيفَتِي عَلَى عِبَادِي؛ لِيُبَيَّنَ هُمْ كِتَابِي وَيَسِيرَ فِيهِمْ بِحُكْمِي، وَجَعَلْتُهُ الْعَلَمَ الهادِيَ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَبَابِيَ الَّذِي أُوتِى مِنْهُ، وَبَيْتِيَ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً مِنْ نَارِي، وَحِصْنِيَ الَّذِي مَنْ جَأَ إِلَيْهِ حَصَّنَهُ مِنْ مَكْرُوهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَوَجْهِيَ الَّذِي مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ لَمْ أَصْرِفْ وَجْهِي عَنْهُ، وَحُجَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ عَلَى جَمِيعِ مَنْ فِيهِنَّ مِنْ خَلْقِي لَا أَقْبَلُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْهُمْ إِلَّا بِالْإِقْرَارِ بِوَلَايَتِهِ مَعَ
ص: 172
نُبُوَّةِ أَحْمَدَ رَسُولِي، وَهُوَ يَدِيَ الْمَبْسُوطَةُ عَلَى عِبَادِي، وَهُوَ النِّعْمَةُ الَّتِي أَنْعَمْتُ بِهَا عَلَى مَنْ أَحْبَبْتُهُ مِنْ عِبَادِي، فَمَنْ أَحْبَبْتُهُ مِنْ عِبَادِي وَتَوَلَّيْتُهُ عَرَّفْتُهُ وَلَايَتَهُ وَمَعْرِفَتَهُ، وَمَنْ أَبْغَضْتُهُ مِنْ عِبَادِي أَبْغَضْتُهُ لِانْصِرَافِهِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَوَلَايَتِهِ.
فَبِعِزَّتِي حَلَفْتُ، وَبِجَلَالِي أَقْسَمْتُ: أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى عَلِيّاً عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي إِلَّا زَحْزَحْتُهُ عَنِ النَّارِ وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ، وَلَا يُبْغِضُهُ عَبْدُ مِنْ عِبَادِي وَيَعْدِلُ عَنْ وَلَايَتِهِ إِلَّا أَبْغَضْتُهُ وَأَدْخَلْتُهُ النَّارَ، وَبِئْسَ المصير»)(1).
وصلَّى الله على محمَّد وآله الطَّيِّين.
فانُظر رَحِمك الله: إذا كان مِن النَّبيّ وهو حجَّة على مَن في السَّماواتِ والأَرضين، ومَن لا يقبَل عمل عاملٍ إلَّا بالإقرار بولايته، وهو شامل لمن تقدَّم من لُدنِ آدم آخر الدَّهر، فيكون أفضل.
[140] و (عن عَلِيّ بن موسى الرِّضَا عليه السَّلَام، قال: «حدَّثني أَبي مُوسى بن جعفر، عن أَبيه جعفر بن مُحمَّد، عن أَبيه مُحمَّد بن عَلِيّ، عن أَبيه عَليّ بن الحُسَين، عن أَبيه الحُسَين بن عَلِيّ، عن أَمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالبٍ عليهم السَّلَام، عن النَّبيِّ صَلَّى الله عليهِ وَآله، قال: خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِائَةَ أَلْفِ نَبِيَّ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ، أَنَا أَكْرَمُهُمْ عَلَى اللهِ وَلَا فَخْرَ، وَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِائَةَ أَلْفِ وَصِيٌّ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ وَصِيٍّ، فَعَلِيٌّ
ص: 173
أَكْرَمُهُمْ عَلَى الله وَأَفْضَلُهُمْ»)(1).
فنقول: إِنَّ أفضلية عَليّ بن أبي طالب عليه السَّلَام على الأَوصياء لا تنا في أَفضليتهُ على سائِر الأَنبياء غير نبيِّنا عليه وعليهم السَّلَام، كما أنَّ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وآله أَفضليتهُ على سائِر الأنبياء لا تنافي فضيلته على الأَوصياءِ وغيرهم؛ لأنَّ ما ذكره في الحديث ليس على طريق الحصر، وإلَّا لزم أَنَّ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وآله ليس بأَفضل مِن الأَوصياءِ والأنبياء، وليس كذلك؛ لقوله عليه السَّلَام: («وَالْفَضْلُ بَعْدِي لَكَ يَا عَلِيُّ»)(2)؛ فتدارك.
[141] عن ابن عبَّاس، في حديث يوسف بن يعقوب وقصَّته مع إِخوته، قال: فهبط جبرئيل عليه السَّلَام على يعقوب صَلَّى اللهُ عليه، فقال: «يا يعقُوب، أَلا أُعَلِّمك دُعاءً يَرُدّ اللهُ عليكَ به بَصركَ، ويَردّ عليك ابنَيكَ»؟
قال: «بلی».
قال: «قُلْ ما قَالهُ أَبوكَ آدمُ فتابَ [اللهُ] عليه، وَما قَال نوح فاستوتْ به سفينتُهُ على الجُوديِّ، ونجا به مِن الغَرقِ، وَمَا قَالَهُ أَبوكَ إبراهيمُ خليلُ الرَّحمن حين أُلْقِيَ فِي النَّارِ فَجَعَلها [الله] عليه برداً وسلاماً»(3)؛ فقال يعقوب
ص: 174
عليه السَّلَام: «وما ذاك يا جبرئيل»؟
قال: فقل: «يا ربِّ، أسألُكَ "بمحمَّد"(1)، وعَلّيِ، وفاطمة، والحَسَن، والحُسَين، أن تأْتيني بيوسُف وابن يَامين جميعاً، وتَردَّ عَلَيَّ عَيني»، فما استتمَّ يعقوب عليه السَّلَام هذا الدُّعاء، حتّى جاءَ البشيرُ، فأَلْقَى قميصَ يوسف عليه فارتد "بصره"(2)(3).
فانظر إِلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأَرض بعد موتها ببركة أولي الفضل والفضيلة، وما ذاك إلَّا لفضلهم، ولو كان هناك أَحد أَفضل منهم لأَمر جبرئيل عليه السَّلَام بالدُّعاء به، وما هذا إلَّا لغاية الاهتمام بهم، فلا يخالطك فيهم الشَّك فتغضب، نعوذ بالله من الغضب، بمحمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهرين.
[142] (عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس، قال: قال رسُول الله صلَّى الله عليه وآله لِعَليّ بن أبي طالب عليه السَّلَام: «يَا عَلِيُّ، أَنَا مَدِينَةُ الْحِكْمَةِ وَأَنْتَ بَابُهَا وَلَنْ تُؤْتَى "الحِكْمَةُ"(4) إِلا مِنْ قِبَلِ الْبَابِ، وَكَذَبَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّنِي وَيُبْغِضُكَ؛ لِأَنَّكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمِي، وَدَمُكَ مِنْ دَمِي، وَرُوحُكَ مِنْ رُوحِي، وَسَرِيرَتُكَ سَرِيرَتِي، وَعَلَانِيَتُكَ عَلَانِيَنِي، وَأَنْتَ إِمَامُ أُمَّتِي، وَخَلِيفَتِي عَلَيْهَا بَعْدِي، سَعِدَ مَنْ أَطَاعَكَ، وَشَقِيَ مَنْ عَصَاكَ، وَرَبِحَ
ص: 175
مَنْ تَوَلَّاكَ، وَخَسِرَ مَنْ عَادَاكَ، وَفَازَ مَنْ لَزِمَكَ، وَهَلَكَ مَنْ فَارَقَكَ، مَثَلُكَ وَمَثَلُ الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ بَعْدِي مَثَلُ سَفِينَةِ نُوحٍ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ، وَمَثَلُكُمْ مَثَلُ النُّجُومِ كُلَّمَا غَابَ نَجْمُ طَلَعَ نَجْمُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»)(1).
فإِذا كان الجسم والدَّم والرُّوح والسَّريرة والعلانيَّة لا تفاوت بينهما؛ فكيف لا يكون أفضل؟
[143] (مُحمَّد بن إبراهيم بن إِسحاق رحمه الله، قال: حدَّثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدَّثنا هِشام بن جعفر، عن حمَّاد، عن عبد الله بن سُليمان - وكان قارئاً للكُتب - قال: قرأتُ في الإنجيل: «يَا عِيسَى جِدَّ فِي أَمْرِي وَلَا تَهْزَلْ وَاسْمَعْ وَأَطِعْ..»، إلى أَنْ قال النَّبيِّ، وذكر صفاته، ومناقبه، ودينه، وبعد ذكره لذلك، قال عيسى عليه السَّلَام يَا رَبِّ وَمَا طُوبَى»؟
قَالَ: «شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ، أَنَا غَرَسْتُهَا "بِظلِّ"(2) الْجِنَانَ، أَصْلُهَا مِنْ رِضْوَانٍ، ومَاؤُهَا مِنْ تَسْنِيم، بَرْدُهُ بَرْدُ الْكَافُورِ، وَطَعْمُهُ طَعْمُ الزَّنْجَبِيلِ "ومَنْ شَرب"(3) مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ شَرِّبَةً لَا يَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَداً».
فَقَالَ عِيسَى عليه السَّلَام: «اللَّهُمَّ اسْقِنِي مِنْهَا».
قَالَ: حَرَامٌ يَا عِيسَى عَلَى الْبَشَرِ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهَا حَتَّى يَشْرَبَ ذَلِكَ النَّبِيُّ،
ص: 176
وَحَرَامٌ عَلَى الْأُمَمِ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهَا حَتَّى تَشْرَبَ أُمَّةٌ ذَلِكَ النَّبِيِّ، أَرْفَعُكَ إِلَيَّ ثُمَّ أُهْبِطُكَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ لِتَرَى مِنْ أُمَّةِ ذَلِكَ النَّبِيِّ الْعَجَائِبَ، وَلِتُعِينَهُمْ عَلَى اللَّعِينِ الدَّجَّالِ، أُهْبِطُكَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ لِتُصَلِّيَ مَعَهُمْ إِنَّهُمْ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ»)(1).
فإِذا كان حرامٌ على البشرِ أَنْ يشربوا من تلك العين إِلَّا بعد شرب النَّبي الأُمِّي صلى الله عليه وآله، ومعلوم أَنَّ عترته تشاركه في ذلك، وأَفضلُهم عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السَّلَام؛ لأَنَّه يستحيل أَنْ يشرب النَّبيّ صلى الله عليه وآله دون عترته عليهم السلام، فلو كان عيسى عليه السَّلَام أَفضل؛ لأَجاب الله ملتمسَه فيما سأل، فيكون الإمام عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام أَفضل، وصلاة عيسى عليه السَّلَام معهم يؤذن بتفضيل غيره عليه، فيكون الإِمام أفضل.
[144] و (عن الصَّادق جعفر بن مُحمَّد، عن أَبيه، عن آبائِه عليهم السَّلَام، قال: «قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صَلَواتُ اللهِ عَلَية: دَخَلَتْ أُمُّ أَيْمَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله وَفِي مِلْحَفَتِهَا شَيْءٌ، فَقَالَ لَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله: مَا مَعَكِ يَا أُمَّ أَيْمَنَ؟
فَقَالَت: إِنَّ فُلَانَةَ أَمْلَكُوهَا، فَتَشَرُوا عَلَيْهَا، فَأَخَذْتُ مِنْ نُثَارِهَا، ثُمَّ بَكَتْ أُمُّ أَيْمَنَ وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله فَاطِمَةُ زَوَّجْتَهَا وَلَمْ تَنْتُرْ عَلَيْهَا شَيْئاً؟!
ص: 177
فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: يَا أُمَّ أَيْمَنَ لِمَ تَكْذِبِينَ؟! فَإِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا "زَوَّجَ"(1) فَاطِمَةَ عَلِيّاً أَمَرَ أَشْجَارَ الْجَنَّةِ أَنْ تَنْفُرَ عَلَيْهِمْ مِنْ حُلِيَّهَا، وَحُلَلِهَا، وَيَاقُوتِهَا، وَدُرِّهَا، وَزُمُرُّدِهَا، وَإِسْتَبْرَقِهَا، فَأَخَذُوا [مِنْهَا] مَا لَا يَعْلَمُونَ، وَلَقَدْ نَحَلَ اللَّهُ طُوبَى فِي مَهْرِ فَاطِمَةَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهَا فَجَعَلَهَا فِي مَنْزِلِ عَلِيٌّ صَلَواتُ الله عَلَيه»)(2).
فإذا اختصّ عليه السَّلَام بشجرةِ طُوبى مِن دون سَائر الأَنبياء غير نبيَّنا؛ وذلك ان مسكنهم واحد، فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلَام أفضل؟!
[145] (عن سَعيد بن جُبير، عن عبد الله بن عبَّاس، قال: قال رسُول الله صلَّى الله عليه وآله لِعَليّ بن أَبي طالب عَليه السَّلام: «يَا عَلِيُّ، أَنْتَ صَاحِبُ حَوْضِي، وَصَاحِبُ لِوَائِي، وَمُنْجِزُ عِدَاتِي، وَحَبِيبُ قَلْبِي، وَوَارِثُ عِلْمِي، وَأَنْتَ مُسْتَوْدَعُ مَوَارِيثِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنْتَ أَمِينُ الله فِي أَرْضِهِ، وَأَنْتَ حُجَّةُ الله عَلَى بَرِيَّتِهِ، وَأَنْتَ رُكْنُ الْإِيمَانِ، وَأَنْتَ مِصْبَاحُ الدُّجَى، وَأَنْتَ مَنَارُ الْهُدَى، وَأَنْتَ الْعَلَمُ الْمَرْفُوعُ لِأَهْلِ الدُّنْيَا.
مَنْ تَبِعَكَ نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْكَ هَلَكَ، وَأَنْتَ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ، وَأَنْتَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، وَأَنْتَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، وَأَنْتَ يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنْتَ مَوْلَى مَنْ أَنَا مَوْلَاهُ وَأَنَا مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ.
ص: 178
لا يُحِبُّكَ إِلَّا طَاهِرُ الْوِلَادَةِ، وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا خَبِيثُ الْوِلَادَةِ، وَمَا عَرَجَ بِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ إِلَى السَّمَاءِ قَطُّ وَكَلَّمَنِي رَبِّ إِلَّا قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئُ عَلِيّاً مِنِّي السَّلَامَ وَعَرِّفْهُ أَنَّهُ إِمَامُ أَوْلِيَائِي، وَنُورُ أَهْلِ طَاعَتِي، فَهَنِيئاً لَكَ يَا عَلِيُّ هَذِهِ الْكَرَامَةُ»)(1).
فإِذا كان عليه السَّلَام وارث علم النَّبيِّ صَلَّى الله عليه وآلهِ، ومُستودع مواريث الأَنبياء، وهو رُكن الإيمان، وهو مَولى مَن كانَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وآله مولاه، وإِمام أَوليائِه، ونور طاعته، ومعلم أَهل طاعته، فكيف لا يكون عليه السَّلام أفضل؟!
وتكفيك وراثته الجميع علومه، فإنَّ علم الأنبياء عليهم السَّلام بالنسبة إلى علم النَّبيّ كقطرة مِن ماءِ البحار، ومن البحر الاخضر، فإِذا كان كذلك، كيف لا يكون أَفضل؟
[146] (عن عطيَّة العوفيِّ، عن مَخدوج بن زيد الذهلي: أَنَّ رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله آخى بين المسلمين، ثُمَّ قال: «يَا عَلِيُّ، [أَنْتَ أَخِي، وَ] أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي.
أَمَا عَلِمْتَ يَا عَلِيُّ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُدْعَى بِي فَأَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ فَأُكْسَى حُلَّةٌ خَضْرَاءَ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ؟! [ثُمَّ يُدْعَى بِأَبِينَا
ص: 179
إِبْرَاهِيمَ عَلَيه السَّلَام فَيَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ فِي ظِلِّهِ فَيُكْسَى حُلَّةٌ خَضْرَاءَ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ]، ثُمَّ يُدْعَى بِالنَّبِيِّينَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ فَيَقُومُونَ سِمَاطَيْنِ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ فِي ظِلِّهِ وَيُكْسَوْنَ حُلَلًا خَضْرَاءَ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ، أَلَا وَإِنِّي أُخْبِرُكَ يَا عَلِيُّ أَنَّ أُمَّتِي أَوَّلُ الْأُمَمِ يُحَاسَبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أُبَشِّرُكَ يَا عَلِيُّ [أَنَّ] أَوَّلَ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُدْعَى بِك هَذَا لِقَرَابَتِكَ مِنِّي وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدِي، فَيُدْفَعُ إِلَيْكَ لِوَائِي، وَهُوَ لِوَاءُ الْحَمْدِ، فَتَسِيرُ بِهِ بَيْنَ السَّمَاطَيْنِ، وَإِنَّ آدَمَ وَجَمِيعَ مَنْ خَلَقَ الله "مَسْتَظِلُّونَ"(1) بِظِلُّ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَطُولُهُ مَسِيَرَةُ أَلْفِ سَنَةٍ، "سنَانُهُ"(2) يَاقُوتَةٌ حَمَرَاءُ، قَصَبُهُ فِضَةٌ بَيْضَاءُ، زُجُّهُ(3) دُرَّةٌ خَضْرَاءُ، لَهُ ثَلَاثُ ذَوَائِبَ مِنْ نُورٍ، ذُوَابَةٌ فِي الْمَشْرِقِ وَذُوَابَةٌ فِي الْمَغْرِبِ، وَذُوَابَةٌ فِي وَسَطِ الدُّنْيَا مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ.
الْأَوَّلُ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وَالْآخَرُ: الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعالَمينَ، وَالثَّالِثُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله، طُولُ كُلَّ سَطْرٍ مَسِيرَةُ أَلْفِ سَنَةٍ، [وَ عَرْضُهُ مَسِيرَةُ أَلْفِ سَنَةٍ]، فَتَسِيرُ بِاللَّوَاءِ وَالْحَسَنُ عَنْ يَمِينِكَ، وَالْحُسَيْنُ عَنْ يَسَارِكَ حَتَّى تَقِفَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ فِي ظِلَّ الْعَرْشِ، فَتَكْسَى حُلَّةٌ خَضْرَاءَ مِنْ حُلَل الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ عِنْدِ الْعَرْشِ : نِعْمَ الْأَبُ أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ، وَنِعْمَ الْأَخُ أَخُوكَ عَلِيُّ، أَلَا وَإِنِّي أُبَشِّرُكَ يَا عَلِيُّ أَنَّكَ تُدْعَى إِذَا دُعِيتُ، وَتُكْسَى إِذَا كُسِيتُ،
ص: 180
وَتُحيَّا إِذَا حُيِّيتُ»)(1).
فإذا كان عليه السَّلَام منزلتُهُ بين النَّبيّ - رسول الله صلَّى اللهُ عليه وَآله - وبين إِبراهيم الخليل عليه السَّلَام، فقد حَصَل بينه وبين النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله [القرب]، فيكون أَقرب إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله من إِبراهيم عليه السَّلَام؛ للفضل المقتضى للتأخير بمرتبةٍ، وكلّ مَن كان أقرب كان أفضل.
هذا وجميع وجميع الأَنبياءِ مِن نوح، وإِبراهيم، وموسى، وعيسى، وغيرهم من الأَنبياء وجميع مَن خلق الله من الصُّلحاء، والمؤمنين يستظلُّون بلوائهِ، كرامة من الله جلَّ جلاله، فكيف لا يكون أَفضل، والقرابة والمنزلة تخصُّه؟
فإن قيل: في الحديث أنَّه عليه السَّلَام قال: «أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى بِي»، وعقبه بلا فضل بقوله: «ثُمَّ يُدْعَى بِأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيه السَّلَام، ثُمَّ يُدْعَى بِالنَّبِيِّينَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَثَرِ»، ولم يذكر عَلِيّاً عليه السَّلام في الحديث إلَّا بعد ذكر النَّبيّ إبراهيم والأنبياء عليهم السَّلام.
قلنا: وإن كان كذلك إلَّا أنّ كلمة (ثُمَّ) وإِنْ أَفادت الترتيب، لكن مع التعقيب والتراخي، فلا حرج، ولهذا عقبه بقوله: «ثُمَّ أُبَشِّرُكَ يَا عَلِيُّ [أَنَّ] أَوَّلَ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُدْعَى بِكَ هَذَا لِقَرَابَتِكَ مِنِّي وَمَنْزِلَتِكَ عِنْدِي»؛
ص: 181
ولقوله علية السَّلام في آخر الحديث، ومقضى ذلك أَنَّه: حال أُدعى تُدعى، وحال أُكسى تُكسى، فتدارك.
[147] (مُحمَّد بن عُمر البغداديُّ، قال: حدَّثني الحسنُ بن عبد الله بن مُحمَّد بن عَلِيٍّ التميميُّ، قال: حدَّثني أَبي، قال: حدَّثني سيِّدي عَلِيّ بن مُوسى بن جعفر، عن أَبيه جعفر بن مُحمَّد، عن أَبيه مُحمَّد بن عَلِيِّ، عن أَبيه عَلِيِّ بن الحُسين، عن الحسين بن عَلِيّ، عن أَبيه عَلِيّ بن أَبي طالب عَليهم السَّلام، قال: «قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُجْنِبَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ إِلَّا أَنَا وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِي، فَإِنَّهُمْ مِنِّي»)(1).
وأعلم أنَّ الأَنبياء لمْ يكن لهم ذلك، فإِذا لمْ يكن لهم أَنْ يجنبوا في المساجد؛ فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلام أَفضل؟!
[148] و(عن عبد الله بن أَبي أَوفى، قال: آخَى رسُول الله صَلَّى الله عَليه وَآله بين أَصحابه وترك عَلِيَّاً، فقال له: «آخَيْتَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ وَتَرَكْتَنِي»؟
فقال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَخَرْتُكَ إِلَّا لِنَفْسِي، أَنْتَ أَخِي، وَوَصِدِّي، وَوَارِثِي».
قالَ: «مَا أَرِثُ مِنْكَ يَا رَسُولَ الله»؟
قَالَ: «مَا أَوْرَثَ النَّبِيُّونَ قَبْلِي: أَوْرَثُوا كِتَابَ رَبِّهِمْ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ، وَأَنْتَ
ص: 182
وَابْنَاكَ مَعِي فِي قَصْرِي فِي الْجَنَّةِ»)(1).
فإذا كانوا معه في منزله سُكاناً، وَمَسكن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله أعلى مساكن الأنبياء وأَفضلها، فإِذا كانت هذه المنزلة لهم، فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السلام أَفضل، وهو أَفضلهم وأَعلاهم؟
[149] و (عن سلمان الفارسيِّ - رحمه الله ، قال : مَرَّ إبليس - لعنه الله - بنفرٍ يتناوَلُون أَمير المؤمنين عليه السَّلام، فوقف أمامهم، [فَقَال القومُ: مَن الَّذِي وَقفَ أَمامنا؟
فقال: أنا أبو مُرَّة].
فقالوا: يا أبا مُرَّة أَمَا تسمعُ كلامنا؟
فقال: "شَوةٌ"(2) لكم، تَسبُّون مولاكم عَلِيّ بن أبي طالب عَليه السَّلاَم! فقالوا لهُ: مِن أينَ عَلِمتْ أَنَّهُ مولانَا؟
فقال: مِن قولِ نبيَّكُم صَلَّى اللهُ عليه وآله: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلى مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ»، فقالوا له: "أَنتَ"(3) من مواليه وشيعته؟
فقال: ما أَنا مِن مواليهِ ولا من شيعته، ولكنِّي أُحبُّهُ وما يبغضهُ أحدٌ إِلَّا
ص: 183
شاركتُهُ في المال وَالوَلد، فقالوا له: يا أبا مرّة، فتقول في عَلِيّ شيئاً، فقال لهم: اسمعوا منِّي معاشر النَّاكثين، والقَاسطين، والمارقين، عبدتُ الله عزّ وجلَّ في الجانِّ اثني عشر أَلف سنةٍ، فلمَّا أهلك اللهُ الجانَّ شكوتُ إِلى الله عزَّ وجلّ الوَحدة، فَعرجَ بي إِلى السَّماء الدُّنيا، فعبدتُ الله في السَّماءِ الدُّنيا اثني عشر أَلف عام أخرى في جملة الملائكة، فبيْنا نحنُ كذلك نسبِّحُ الله عزَّ وجلَّ ونقدِّسهُ، إذ مرَّ بنا نورٌ شَعشعانيّ، فَخَرَّت الملائكةُ لذلكَ النُّور سُجَّدَاً، فقالوا: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ نُورُ مَلَكٍ مُقَرَّبِ أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلِ»، فإذا النِّداءُ مِن قبل الله جلَّ جلالُهُ: «لَا نُورُ مَلَكِ مُقَرَّبِ، وَلَا نَبِيٍّ مُرْسَلٍ، هَذَا نُورُ طِينَةِ عَلِيَّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوات الله عليه»)(1).
فإذا كان هذا شأنه، فكيف لا يكون افضل؟
[150] و (عن الصَّادِق جعفر بن مُحمَّد، عن [أبيه، عن] آبائِهِ، عن عَلِيّ عليهم السَّلَام في قوله عَزَّ وَجَلَّ: «سَلَامٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ»(2)، قَالَ: «يَاسِين مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِهِ، وَنَحْنُ أَلُ يَاسِينَ»)(3).
فهذا ربّ العزَّة قد سلَّم على آل مُحمَّد صلوات الله عليهم أجمعين في
ص: 184
منطوقِ الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا مِن خلفهِ، وقد سلَّم على الأَنبياء الَّذين ذكرهم في محكمِ كتابه ولمْ يذكر آلهم بسلام، فإِن كان هكذا، فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلَام أفضل؟ فآل مُحمَّد هم: عَلِيّ وأَبناؤُهُ الطَّيِّيون صلوات الله عليهم أجمعين.
[151] وروي (عن ابن عبّاس في قوله عزَّ وجلّ: «سَلَامٌ عَلَى آل يَاسِينَ»(1)، قال: عَلى آلِ مُحمَّد عليهم السَّلام)(2).
[152] و (عن عبد الرحمن بن أَبي ليلى رفعه، قالَ: قال رسُولُ الله صلَّى الله عليه وآله: «الصَّدِّيقُونَ ثَلَاثَةٌ: حَبِيبُ النَّجَارُ مُؤْمِنُ آلِ يَاسِينَ، الَّذِي يَقُولُ: «اتَّبِعُوا المُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْتَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ»(3) وَحِزْقِيلُ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَليه السَّلَامِ، وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ»)(4).
[153] و (عن أبي جعفر مُحمَّد بن عَلِيّ الباقر، عن أبيه، عن جدِّه عليهم السَّلام، قال: «خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ رَاكِبٌ،
ص: 185
وَخَرَجَ عَلِيٌّ عَليهِ السَّلَام وَهُوَ يَمْشِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ، وَإِمَّا أَنْ تَنْصَرِفَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَمَرَنِي أَنْ تَرْكَبَ إِذَا رَكِبْتُ، وَتَمَشيَ إِذَا مَشَيْتُ، وَتَجْلِسَ إِذَا جَلَسْتُ إِلَّا [أَنْ] يَكُونَ حَدٌ مِنْ حُدُودِ اللهُ لَا بُدَّ لَكَ مِنَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فِيهِ، وَمَا أَكْرَمَنِيَ اللَّهُ بِكَرَامَةٍ إِلَّا وَ قَدْ أَكْرَمَكَ "بِها"(1)، وَخَصَّنِي بِالنُّبُوَّةِ وَالرَّسَالَةِ وَجَعَلَكَ وَلِيِّي فِي ذَلِكَ، تَقُومُ فِي حُدُودِهِ وَفِي صَعْبِ أُمُورِه.
وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ نَبِيّاً، مَا آمَنَ بِي مَنْ أَنْكَرَكَ، وَلَا أَقَرَّبِي مَنْ جَحَدَكَ، وَلَا آمَنَ بِالله مَنْ كَفَرَ بِكَ، وَإِنَّ فَضْلَكَ مِنْ فَضْلِي "كفَضْل"(2) الله، وَهُوَ قَوْلُ الله عَزَّ وَ جَلَ: «قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ ما يَجْمَعُونَ»(3).
فَفَضْلُ الله: نُبُوَّةُ نَبِيِّكُمْ، وَرَحْمَتُهُ: وَلَايَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، «فَبِذَلِكَ» قَالَ: بِالنُّبُوَّةِ وَالْوَلَايَةِ، «فَلْيَفْرَحُوا»، يَعْنِي: الشَّيعَةَ.
«هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ»، يَعْنِي: مُخَالِفِيهِمْ مِنَ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ فِي دَارِ الدُّنْيَا.
وَ الله يَا عَلِيُّ، مَا خُلِقْتَ إِلَّا َلتَعْبُد رَبِّكَ، وَلِيُعْرَفَ بِكَ مَعَالِمُ الدِّينِ، وَيُصْلَحَ بِكَ دَارِسُ السَّبِيلِ، وَلَقَدْ ضَلَّ مَنْ ضَلَّ عَنْكَ، وَلَنْ يُهْدَى إِلَى اللَّهِ عَزَّ
ص: 186
وَجَلَّ مَنْ لَمْ يَهْتَدِ إِلَيْكَ وَإِلَى وَلَايَتِكَ، وَهُوَ قَوْلُ رَبِّ عَزَّ وَجَلَّ: «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى»(1)، يَعْنِي: إِلَى وَلَايَتِكَ، وَلَقَدْ أَمَرَنِ رَبِّيٌّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ أَفْتَرِضَ مِنْ حَقِّكَ مَا أَفْتَرِضُهُ مِنْ حَقًّي، وَإِنَّ حَقَّكَ لَفْرُوضٌ عَلَى مَنْ آمَنَ، وَلَوْلَاكَ لَمْ يُعْرَفْ حِزْبُ الله، وَبِكَ يُعْرَفُ عَدُوُّ الله، وَمَنْ لَمْ يَلْقَهُ بِوَلَايَتِكَ لَمْ يَلْقَهُ بِشَيْءٍ، وَلَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلَّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ»(2)، يَعْنِي: في وَلَايَتِكَ يَا عَلِي.
«وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ»(3)، وَلَوْ لَمْ أُبَلِّغْ مَا أُمِرْتُ بِهِ مِنْ وَلَايَتِكَ لَحَبِطَ عَمَلِي، وَمَنْ لَقِيَ الله عَزَّ وَجَلَّ بِغَيْرِ وَلَايَتِكَ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَعْدٌ يُنْحَنُ لي، وَمَا أَقُولُ إِلَّا قَوْلَ رَبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَإِنَّ الَّذِي أَقُولُ لَنَ الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَهُ فِيكَ»)(4). وصلىَّ الله على محمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهرين.
فإذا كان ما مِن كرامةٍ يكرِّمُ الله بها رسوله صلَّى الله عليه وآله إِلَّا وَلِعَلِيّ عليه السَّلَام مثلها، وإنَّ فضل عَلِيّ عليه السَّلام لمن فضل رسول الله صلى الله عليه وآله، وفضل رسول الله فضل الله سبحانه، وافتراض حقِّه، افتراض حقّ
ص: 187
رسُول الله صلَّى الله عليه وآله، وإنَّ حقَّه لمفروض على كلِّ مَن آمن برسول الله صلَّى الله عليه وآله، ومن جملتهم الأنبياء والمرسلون من أولي العزم وغيرهم وقد حذَّر الله نبيَّه إنْ لم يبلِّغ ما أنزل إليه في عَلِيّ عليه السَّلام احبط عمله، وإنَّ قول رسول الله صلَّى الله عليه وآله ممَّا ذكره في الحديث وغيره ليس من تلقاء نفسه، بل هو من الله جلَّ جلاله، فأيّ فضيلة أشمل من هذا؟
ومعلوم أنَّ جميع الأنبيِّاء مِن أُولي العزم وغيرهم قد آمنوا برسول الله صلَّى الله عليه وآله، وحقّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله مفروض عليهم، وما كان للنَّبيّ قد جعلهُ لِعَلِيّ من لزوم الطَّاعة وغيره، وإنَّ هذا لهو الفضل المبين.
[154] وممَّا ذكره أبو الحَسَن الرِّضَا عليه السَّلَام في بعض جوابات جرت منه بحضور المأمون لعنة الله بمرو، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماءِ أَهل العراق وخراسان، فيما قاله عليه السَّلَام: «الثَّالِثَةُ حِينَ مَيَّزَ الله الطَّاهِرِينَ مِنْ خَلْقِهِ، فَأَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله بِالْمُبَاهَلَةِ فِي آيَةِ الِابْتِهَالِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ «تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ»(1).
فَأَبْرَزَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآلهِ عَلِيّاً وَالحَسَنَ وَالحُسَيْنَ وَفَاطِمَةَ صلوات الله عليهم اجمعين وَقَرَنَ أَنْفُسَهُمْ بِنَفْسِهِ فَهَلْ تَدْرُونَ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَ:
ص: 188
«وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ»؟
قَالَتِ العُلماءُ: "يُعْني"(1) بهِ نفسهُ، فقال أبو الحَسَن عليه السَّلام: «غَلِطْتُمْ، إِنَّمَا عَنَى بِهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَليه السَّلَام، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ حِينَ قَالَ: لَيَنْتَهِيَنَّ بَنُو «وَلِيعَةَ»(2)، أَوْ لَأَبْعَثَنَّ إِلَيْهِمْ رَجُلًا كَنَفْسِي - يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَليه السَّلَام - فَهَذِهِ خُصُوصِيَّةٌ لَا يَتَقَدَّمُهُ فِيهَا أَحَدٌ، وَفَضْلٌ لَا يَلْحَقُهُ فِيهِ بَشَرٌ، وَشَرَفُ لَا يَسْبِقُهُ إِلَيْهِ خَلْقُ أَنْ جَعَلَ نَفْسَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام كَنَفْسِهِ»)(3).
[155] (عن سعيد بن جبير، قال: أَتيتُ عبد الله بن عبَّاس فقلتُ له: يا بن [عمِّ] رسُول الله إِنِّي جئتُك أَسألك عن عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام واختلافِ النَّاس فيه؟
و فقال ابن عبَّاس: يا بن جُبير، جئتني تسأُلني عن خيرِ خلقِ الله من الأُمَّة بعد محمد صلى الله عليه وآله نبيِّ الله ؟! ص: 189
جئتني تسأَلُني عن رجُلٍ كانت له ثلاثةُ آلاف "فضيلة"(1)، في ليلةٍ واحدةٍ، وهي ليلةُ "القربة"(2)؟
یا بن جبير، جنت تسأَلُني عن وصيِّ رسُول الله، ووزيره، وخليفته، وصاحب حوضه ولوائه وشفاعته.
والَّذي نفسُ ابن عبَّاسٍ بيده لو كانت بحارُ الدُّنيا مِداداً، والأَشجارُ أقلاماً وأَهلُها كُتَّاباً، وكتبوا مناقب علي بن أبي طالب عليه السَّلَام وفضائِله مِن يومِ خلقَ اللهُ عزَّ وجلّ الدُّنيا إلى أَنْ يُفنيها، ما بلغُوا مِعْشارَ ما آتاهُ اللهُ تبارك وتعالى)(3).
[156] (عن أَبي سعيدٍ الخُدري، قال: سأَلتُ رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله، عن قولِ الله جلَّ ثناؤه: "و"(4) «قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ»(5).
قال: «ذَاكَ وَصِيُّ أَخِي سُلَيْمانَ بْنِ دَاوُدَ».
فقلتُ [له]: يا رسُول الله، فقول الله عزَّ وجلّ: «قُلْ كَفَى بِالله شَهِيدًا
ص: 190
بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ»(1).
قال: «ذَاكَ أَخِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السَّلام»)(2).
فشتَّان ما بين مَن عنده عِلمُ الكتاب، وبين مَن عنده علم مِن الكتاب، هذا وجميع الأَنبيِّاء غير نبيِّنا، لمْ يجتمع لهم علم الكتاب كلِّهِ، وقد اجتمع كلَّه لمولانا وإمامنا عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام؛ فيكون عليه السَّلَام أَفضل.
[157] و (عن ابن عبَّاس، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله، قال: «إِنَّ حَلْقَةَ بَابِ الْجَنَّةِ مِنْ يَاقُونَةٍ حَمْرَاءَ عَلَى صَفَائِحِ الذَّهَبِ، فَإِذَا دُفَّتِ الْحَلْقَةُ عَلَى الصَّفْحَةِ طَنَّتْ وَقَالَتْ: يَا عَلِيُّ»)(3).
ولو كان هناك من هو أَفضل منه لقالت الحلقة في طنينها به، ونادت باِسمِهِ، ولكنَّه عليه السَّلَام قلّ أَن يصفَ فَضله واصِف، ويُدركه مدرك، وَكيف لا يكون أفضل؟
[158] وعن يونس بن ظَبيَان، عن الصَّادِق عَلَيْهِ السَّلَام قال: ..ثُمَّ قال: «لَوْلَا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَليه السَّلَام تَزَوَّجَهَا - يَعني فَاطمة - لَمَا كَانَ لَهَا
ص: 191
كُفْوٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ [آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ]»(1).
فقوله: «آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ»، يدخل فيهم الأَنبياء والمرسلون من أُولي العزم وغيرهم آدم فمن دونه، فإِذا كان كذلك، كيف لا يكون أفضل؟!
[159] و (عن أَحمد بن مُحمَّد بن أَبي نصر البزنطي، عن عَلِيّ بن جعفرٍ، عَلِيّ قال: سمعتُ أَبا الحسن مُوسى بن جعفر عليه السَّلَام، يقول: (بَيْنَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ جَالِسٌ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَلَكُ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَجْهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ: حَبِيبِي جَبْرَئِيلُ لَمْ أَرَكَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ؟
فَقَالَ له الملكُ: لَسْتُ بِجَبْرَئِيلَ، أَنَا مَحْمُودٌ بَعَثَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أُزَوِّجَ النُّورَ مِنَ النُّورِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ: مَنْ مِمَّنْ؟
قَالَ: فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ.
قَالَ: فَلَمَّا وَلَّى الْمَلَكُ إِذَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ عَلِيٌّ وَصِيُّهُ؛ فَقَالَ و رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآله: مُنْذُ كَمْ كُتِبَ هَذَا بَيْنَ كَتِفَيْكَ؟
فَقَالَ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ بِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفَ عَامٍ»)(2).
وصلَّى الله على محمَّد وآله الطَّيِّبين الطَّاهرين.
فمن هذا شأنه، كيف لا يكون أفضل؟!
ص: 192
ولَمَّا كان في غامض علمه أَنَّهُ أَشرف الموجودات، وأَفضلها بعد نبيّها صلَّى الله عليه وآله، نوَّه باسمه علانية، حيث أَثبت مرموقاً بملائكتهِ المقربين، فهو أفضل ممَّا أنعم الله به على المخلوقات أجمعين، «ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم»(1).
[160] و (عن سِنان بن ظريف، عن أبي عبد الله الصَّادِق عليه السَّلَام، قال: «إِنَّا أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتٍ نَوَّهَ اللهُ بِأَسْمَائِنَا، إِنَّهُ لَمَّا خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَى أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ثَلَاثَاً، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله ثَلَاثَاً، أَشْهَدُ أَنَّ [عَلِيّاً] أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً ثَلَاثَاً»)(2).
فلو كان هناك مَن هو أَفضل منه بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله لنوَّه باسمه وأشعر به، فإِذا كان هو المنوَّه باسمه دون غيره، كيف لا يكون أفضل؟!
[161] و(عن أبي حمزة، قال: سَمِعتُ أبا جعفر الباقر عليه السلام يقول: «أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي خَلَقْتُكَ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً، وَنَفَخْتُ فِيكَ مِنْ رُوحِي كَرَامَةً مِنِّي أَكْرَمْتُكَ بِهَا حِينَ أَوْجَبْتُ لَكَ الطَّاعَةَ عَلَى خَلْقِي جَمِيعاً، فَمَنْ أَطَاعَكَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَاكَ فَقَدْ
ص: 193
عَصَانِي؛ "فَأَوْجَبْتُ"(1) ذَلِكَ فِي عَلي بن أَبي طَالِبٍ وَفِي نَسْلِهِ مَنِ اخْتَصَصْتُ ه مِنْهُمْ لِنَفْسِي»)(2).
[162] (إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: سألتُ أَبا عبدِ الله الصَّادِقِ عليه السَّلَام عن مُوسى بن عمران عليه السَّلَام لَّما رأَى حِبالهُم وعصيَّهم كيف أوجسَ في نفسهِ خِيفةً(3)، ولْم يُوجِسها إِبراهيم عليه السَّلاَم حين وضع في المنجنيق، وقُذف به في النَّار؟
فقال عليه السَّلَام: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيه السَّلَام حِينَ وُضِعَ فِي الْمُنْجَنِيقِ كَانَ مُسْتَئِداً إِلَى مَا فِي صُلْبِهِ مِنْ أَنْوَارِ حُجَج الله عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يَكُنْ مُوسَى كَذَلِكَ، فَلِهَذَا أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً وَلَمْ يُوجِسْهَا إِبْرَاهِيمُ»)(4).
[163] (عَليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أَبيه إِبراهيم، عن أَبي هُدبَة :قال رأيتُ أَنس بْن مالك معصُوباً بعصابةٍ، فسألته عنها؟
فقال: هي دعوةُ عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام، فقلتُ له: وكيفُ يكون ذلك؟
ص: 194
فقال: كنت خادمًا لرسول الله صلَّى الله عليه وآله، فأهدي إلى رسُول الله طائِرٌ مشويٌّ؛ فقال: «اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ وَإِلَيَّ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ».
فجاءَ عَلِيٌّ عليه السَّلَام، فقلت له: رسُولُ الله عنك مشغولٌ، وأَحببتُ أَنْ يكونَ رجلاً مِن قومي.
فرفع رسول الله صلَّى الله عليه وآله يديه الثانية، فقال: «اللَّهُمَّ اثْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ وَإِلَيَّ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ».
فَجاءَ عَلِيٌّ عليه السَّلام، فقلت له: رسول الله عنك مشغُول، وأحببتُ أَنْ يكون رجلاً من قومي.
فَرفع رسُولُ الله صلَّى الله عليه وآله يديه الثَّالثة، فقال: «اللَّهُمَّ اثْتِنِي بِأَحَبُّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ وَإِلَيَّ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ » .
فَجاءَ عَلي عليه السَّلام، فقلت له: رسُولُ الله عنك مشغول، وأحبتُ أَنْ يكون رجلاً من قومي، فَرفعَ عَلَيَّ عليه السَّلَام صوتهُ، فقال: «وَمَا يَشْغَلُ رَسُولَ الله عَنِّي»؟!
فَسمعَهُ رسُولُ الله صلَّى الله عليه وآلهِ، فقال: «يَا أَنَسُ، مَنْ هَذَا»؟
فقلت: عَلِيُّ بن أَبي طالبٍ.
قال: «ائْذَنْ لَهُ»، فَلمَّا دخل، قال له: «يَا عَلِيُّ ، إِنِّي قَدْ دَعَوْتُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَنْ يَأْتِيَنِي بِأَحَبُّ خَلْقِهِ إِلَيْهِ وَإِلَيَّ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّائِرِ، وَلَوْ
ص: 195
لَمْ تَجِئْنِي فِي الثَّالِثَةِ لَدَعَوْتُ الله بِاسْمِكَ أَنْ يَأْتِيَنِي بِكَ»، فقال عَلَيَّ عليه السَّلَام: «يَا رَسُولَ الله، إِنِّي قَدْ جِئْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ يَرُدُّنِي أَنَسٌ، وَيَقُولُ: رَسُولُ الله عَنْكَ مَشْغُول»، فقال لي رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَآلِهِ: «يَا أَنَسُ مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟
فَقلتُ: يا رسُول الله، سمعتُ الدَّعوة فأحببتُ أنْ يكونَ رجلاً من قومي، فلمَّا كان يوم الدَّار، استَشهَدني عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام، فكتمتُه، فقلت: إني نسيته.
و قال: فَرَفَعَ [عَلِيٌّ] عَلَيْهِ السَّلَام يَدَهُ إِلى السَّماءِ، فقال: «اللَّهُمَّ ارْمِ أَنساً بِوَضَحٍ لَا يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ»، ثُمَّ كشفَ العصابة عن رَأْسِهِ، فقال: هذه "الدَّعوة"(1) دعوة عَلّي، هذه دعوة عَلّيِ، هذه دعوة عَلّيِ)(2).
[164] (عن نافع [عن] بن عمر قال: قال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله: «مَنْ فَضَّلَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِي عَلَى عَلِيٌّ فَقَدْ كَفَرَ»)(3).
[165] (عن سُليمان بن مهران، عن الصَّادِق جعفر بن محمد، عن أبيه، و عن آبائه، عن عَلِيّ عليهم السَّلَام، «قال: «قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ: يَا عَلِيُّ، أَنْتَ أَخِي، وَوَارِثِي، وَوَصِيَّي، وَخَلِيفَتِي فِي أَهْلِي وَأُمَّتِي فِي حَيَاتِي وَبَعْدَ مَمَاتِي، يُحِبُّكَ يُحِبّي، وَمُبْغِضُكَ مُبْغِضِي.
ص: 196
يَا عَلِيُّ، أَنَا وَأَنْتَ أَبَوَا هَذِهِ الْأُمَّةِ.
يَا عَلِيُّ، أَنَا وَأَنْتَ وَالْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِكَ سَادَةٌ فِي الدُّنْيَا وَمُلُوكَ فِي الْآخِرَةِ، مَنْ عَرَفَنَا فَقَدْ عَرَفَ اللهُ ، وَمَنْ أَنْكَرَنَا فَقَدْ أَنْكَرَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ»)(1).
وكلّ الأَنبيَّاء والرُّسل، وجميع المخلوقات إذا لم يعرفوا مُحَمَّداً وَعَليَّاً عليهم السلام، ولم يقرّوا بهما، لم يعرفوا الله ولم يقرّوا به، وكانوا كمن أَنكر الخالق، ومَن عرفهما فقد عرف الله، وحاشا أَنبياء الله وعلوا قدرهم، وهم منزَّهون عن الرَّذائل.
[166] وروي عن رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله، أَنَّه قال: («أَشْهَدُ أَنَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ بِأَمْرِ الله عَامِلَانِ، وَلَهُ مُطِيعَانِ، وَأَنَّهُ لَا يُعَادِي أَحَدَهُمَا إِلَّا مَنْ عَادَى [الْآخَرَ]، وَأَنَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّ أَحَدَهُمَا وَيُبْغِضُ الْآخَرَ فَقَدْ [كَفَرَ] وَكَذَبَ، وَكَذَلِكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَعَلِيُّ أَخَوَانِ، كَمَا أَنَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ أَخَوَانِ، فَمَنْ أَحَبَّهُمَا فَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الله، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَهُوَ مِنْ أَعْدَاءِ الله، وَمَنْ أَبْغَضَ أَحَدَهُمَا وَزَعَمَ أَنَّهُ يُحِبُّ الْآخَرَ فَقَدْ كَذَبَ، وَهُمَا مِنْهُ بَرِيئَانِ، وَالله تَعَالَى وَمَلَائِكَتُهُ وَخِيَارُ خَلْقِهِ مِنْهُ بِرَاءٌ»)(2).
فإِذا كان رسُولُ الله وعَلِيّ صلوات الله عليهما وألهما سواء ولا تفاوت
ص: 197
بينهما، فكيف لا يكون عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السَّلَام أَفضل؟!
[167] وروي عن أَبي مُحمَّد عليه السَّلَام: «كَانَ سَبَبُ نُزُولِ قَوْلِهِ تَعَالَى: «مَنْ كَانَ عَدُوا الجِبْرِيلَ»(1) - الْآيَتَیِنْ -.
مَا كَانَ [مِنَ] الْيَهُودِ - أَعْدَاءِ الله - مِنْ قَوْلٍ سَيِّي فِي جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَمَا كَانَ مِنْ - أَعْدَاءِ الله - النُّصَّابِ مِنْ قَوْلٍ أَسْوَأَ مِنْهُ فِي اللَّهِ، وَفِي جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَسَائِرِ مَلَائِكَةِ الله.
أَمَّا مَا كَانَ مِنَ النُّصَّابِ: فَهُوَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لَمَّا كَانَ لَا يَزَالُ [يَقُولُ] فِي عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام الْفَضَائِلَ الَّتِي خَصَّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا، وَالشَّرَفَ الَّذِي "أَهَّلَهُ"(2) الله تَعَالَى له، وَكَانَ فِي كُلِّ ذَلِكَ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي بِهِ جَبْرَئِيلُ عَنِ الله، وَيَقُولُ فِي بَعْضٍ ذَلِكَ: جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، وَيَفْتَخِرُ جَبْرَئِيلُ عَلَى مِيكَائِيلَ فِي أَنَّهُ عَنْ يَمِينِ عَلِيٌّ عَلَيهِ السَّلَامِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْيَسَارِ، كَمَا يَفْتَخِرُ نَدِيمُ مَلِكِ عَظِيمٍ فِي الدُّنْيَا يُجْلِسُهُ المَلِكُ عَنْ يَمِينِهِ عَلَى النَّدِيمُ الْآخَرِ الَّذِي يُجْلِسُهُ عَلَى يَسَارِهِ، وَيَفْتَخِرَانِ عَلَى إِسْرَائِيلَ الَّذِي خَلْفَهُ بِالْخِدْمَةِ، وَمَلَكِ الْمَوْتِ الَّذِي "أَمَامَهُ"(3) [بِالخِدْمَةِ]، وَأَنَّ الْيَمِين
ص: 198
وَالْيَسَارَ أَشْرَفُ مِنْ ذَلِكَ، كَافْتِخَارِ حَاشِيَةِ الْمَلِكِ عَلَى زِيَادَةِ قُرْبِ تَحَلِّهِمْ مِنْ مَلِكِهمْ.
وَكَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ يَقُولُ فِي بَعْضِ أَحَادِيثِهِ: إِنَّ المَلَائِكَةَ أَشْرَفُهَا عِنْدَ اللهُ أَشَدُّهَا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حُبّاً، وَإِنَّهُ "قَسيم"(1) الْمَلائِكَةَ فِيمَا بَيْنَهَا، وَالَّذِي شَرَّفَ عَلِيّاً عَلَى جَمِيعِ الْوَرَى بَعْدَ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى - وَيَقُولُ مَرَّةٌ -: إِنَّ مَلَائِكَةَ السَّمَاوَاتِ وَالْحُجُبِ لَيَشْتَاقُونَ إِلَى رُؤْيَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلام، كَمَا تَشْتَاقُ الْوَالِدَةُ الشَّفِيقَةُ إِلَى وَلَدِهَا الْبَارِّ الشَّفِيقِ آخِرِ مَنْ بَقِيَ عَلَيْهَا بَعْدَ عَشَرَةٍ دَفَنَتْهُمْ، فَكَانَ هَؤُلَاءِ النُّصَابُ يَقُولُونَ: إِلَى مَتَى يَقُولُ مُحَمَّدٌ، وجَبْرَئِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَالمَلائِكَةُ، كُلُّ ذَلِكَ نَفْخِيمٌ لِعَلِيُّ بن أَبِي طَالِبٍ، وَتَعْظِيم لِشَأْنِهِ!؟ وَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِعَلِيٌّ خَاصّه مِنْ دُونِ سَائِرِ الخَلْقِ: بَرِثْنَا مِنْ رَبِّ وَ [مِنْ] مَلَائِكَةٍ وَمِنْ جَبْرَئِيلَ وَ [مِنْ] مِيكَائِيلَ هُمْ لِعَلِيٌّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ مُفَضِّلُونَ، وَبَرِئْنَا مِنْ رُسُلِ اللهِ الَّذِينَ هُمْ لِعَلِيِّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ مُفَضْلُونَ»)(2).
«يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ (3) الْكَافِرُونَ»(3).
[168] وقال أبو مُحَمَّد الحَسَن العَسْكَرِيّ عليه السَّلَام: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ
ص: 199
الْآيَةُ «ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةٌ»(1) فِي حَقَّ الْيَهُودِ [وَالنَّوَاصِبٍ، فَغَلُظَ عَلَى الْيَهُودِ مَا وَبَّخَهُمْ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله]، فَقَالَ جَمَاعَةُ رُؤَسَائِهِمْ وَذَوِي السَّبْقِ وَالْبَيَانِ مِنْهُمْ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ تَهْجُونَا، وَتَدَّعِي عَلَى قُلُوبِنَا مَا اللَّهُ يَعْلَمُ مِنْهَا خِلَافَهُ، إِنَّ فِيهَا خَيْراً [كَثِيراً]، نَصُومُ، وَنَتَصَدَّقُ، وَنُوَاسِي الْفُقَرَاءَ..».
فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله في بعض محاجَّته لهم.
«فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ لِلْجَبَلِ: إِنِّي أَسْأَلُكَ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الَّذِينَ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ خَفَّفَ اللهُ الْعَرْشَ عَلَى كَوَاهِلَ ثَمَانِيَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى تَحْرِيكِهِ، وَهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَا يَعْرِفُ عَدَهُمْ غَيْرُ الله عَزَّ وَجَلَّ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الَّذِينَ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ تَابَ اللهُ عَلَى آدَمَ، وَغَفَرَ خَطِيئَتَهُ، وَأَعَادَهُ إِلَى مَرْتَبَتِهِ(2)، وَبِحَقِّ مَحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الَّذِينَ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ، وَسُؤَالِ الله بِهِمْ، رَفَعَ إِدْرِيسَ فِي الْجَنَّةِ مَكاناً عَلِيًّا(3)، لما شَهِدْتَ مُحَمَّدٍ بِمَا أَوْدَعَكَ اللهُ بِتَصْدِيقِهِ عَلَى هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ فِي ذِكْرِ قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ، وَتَكْذِيبِهِمْ فِي
ص: 200
جَحْدِهِمْ لِقَوْلِ مُحَمَّدِ رَسُولِ الله.
فَتَحَرَّكَ الْجَبَلُ، وَتَزَعزَع، وَتَزَلْزَلَ، وَفَاضَ عَنْهُ الْمَاءُ وَنَادَى: يَا مُحَمَّدُ، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَينَ، وَسَيَّدُ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ قُلُوبَ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ كَمَا وَصَفْتَ أَقْسَى مِنَ الْحِجَارَةِ، لَا يَخْرُجُ [مِنْهَا] خَيْرٌ كَمَا قَدْ یَخْرُجُ مِنَ الْحِجَارَةِ الْمَاءُ..». إلى آخره أَنْ قال:
«ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: وَأَسْأَلُكَ أَيُّهَا الْجَبَلُ الَّذي أَمَرَكَ اللهُ بِطَاعَتِي فِي الْتَمستهُ مِنْكَ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الَّذِينَ بِهِمْ نَجَّى اللهُ نُوحاً مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ(1)، وَبَرَّدَ اللهُ النَّارَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَجَعَلَهَا عَلَيْهِ [بَرْداً] وَسَلاماً(2)، وَمَكَنَهُ فِي جَوْفِ النَّارِ عَلَى سِرَيرِ وَفِرَاشِ وَبر(3)، لم يَرَ ذَلِكَ الطَّاغِيَةُ مِثْلَهُ لِأَحَدٍ مِنْ مُلُوكِ الْأَرْضِ أَجْمَعِينَ، وَأَنْبَتَ حَوَالَيْهِ مِنَ الْأَشْجَارِ الْخَضِرَةِ النَّضِرَةِ النَّزِهَةِ عَمَّا حَوْلَهُ مِنْ [أَنْوَاعِ] النُّورِ ما لَا يُوجَدُ فِي الفُصُولِ أَرْبَعَةٍ مِنْ جَمِيع السَّنَةِ.
قَالَ الْجَبَلُ: بَلَى أَشْهَدُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ بِذَلِكَ، وَأَشْهَدُ لكَ لَوِ اقْتَرَحْتَ عَلَى
ص: 201
رَبِّكَ أَنْ يَجْعَلَ رِجَالَ الدُّنْيَا قُرُوداً وَخَنَازِيرَ لَفَعَلَ، أَوْ يَجْعَلَهُمْ مَلَائِكَةٌ لَفَعَلَ، أَوْ يقلب النِّيرَانَ جَلِيداً، أَوِ الْجَلِيدَ نِيرَانَا لَفَعَلَ، أَوْ يُهْبِطَ السَّمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ، أَوْ يَرْفَعَ الْأَرْضَ إِلَى السَّمَاءِ لَفَعَلَ، أَوْ يُصَيَّرَ أَطْرَافَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَالْوِهَادَ(1) كُلَّهَا صُرَّةً كَصُرَّةِ الْكِيسِ لَفَعَلَ، وَأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاءَ طَوْعَكَ، وَالْجِبَالَ وَالْبِحَارَ تَتَفَرَّق بِأَمْرِكَ، وَسَائِرَ مَا خَلَقَ مِنَ الرِّيَاحِ، وَالصَّوَاعِقِ، وَجَوَارِحِ الْإِنْسَانِ، وَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ لَكَ مُطِيعَةً وَمَا أَمَرْتَ بِها مِنْ شَيْءٍ ائْتَمَرَتْ..»)(2). إلى آخر الحديث.
فانظر إِلى هذا الحديث، حيث أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله لمَّا اقترح اليهود عليه من المعجزات ما اقترحوه، أقسم على الجبل بنفسِهِ وبآله، فلو وجد رسول الله صلَّى الله عليه وآله مَن هو أفضل مِن آله لأَقسم بهم، وإنَّ آدم عليه السَّلَام لمْ يتبْ الله عليه، ولم يغفر له خطيئته، واعاده إلى مرتبتِهِ، إلَّا بالتوسّل بهم إلى الله تعالى، وكذا إدريس لمْ يُرفع إِلى الجنَّة مكاناً عليَّاً إلَّا بذكر أسمائهم والتَّوسل بهم إلى الله تعالى، وكذا نوحاً لم ينجُ من الكربِ العظيم إلَّا بهم، وكذا إبراهيمُ خليل الرَّحمن لمْ تكن النَّار عليه برداً وسلاماً إلَّا بهم، ولمْ يتمكَّن في جوف النَّار على سريرٍ وفراشٍ، ولم تنبت حَوَاليهِ من الأشجار الخضرة النضرة النزهة، وحصول النُّور وهو الزَّهر من سائِرِ الورودات ممَّا
ص: 202
لا يوجد في الفصول الاربعة إلَّا بفضل محمَّد وآل محمَّد صَلَوات الله عليهم أجمعين، ولو لم يتوسلوا بهم لم يحصل لهم ما أَمَّلوه، ولا نجوا من المهالك العظام إلَّا بفضلهم.
فلو كان هناك مَن هو أَفضل منهم لتوسَّل النَّبي صلَّى الله عليه وآله بهم، وكذا الأنبياء السَّابقون خصوصاً إبراهيم ونوح وموسى وعيسى، فإذا ثبت أن لا يكون هناك أَخْيَر منهم؛ فكيف لا يكون علي عليه السَّلَام أفضل؟!
[169] ومن حديث قصَّة العقبة، أَنَّ أُناساً مِن المنافقين قالوا:(1) «تَعَالَوْا [حَتَّى] نَذْهَبَ إِلَيْهِ - "يعني إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله"(2) - وَنُظْهِرَ لَهُ السّرُورَ بِأَمْرِ عَلِيَّ لِيَكُونَ أَسْكَنَ لِقَلْبِهِ إِلَيْنَا إِلَى أَنْ يَمْضِي فِيهِ تَدْبِيرَنَا.
فَحَضَرُوهُ، وَهَتَتُوهُ عَلَى سَلَامَةِ عَلِيٌّ عليه السلام مِنَ الْوَرْطَةِ الَّتِي رَامَهَا أَعْدَاؤُهُ، ثُمَّ قَالُوا لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ عَلِيِّ بن أَبِي طَالِبٍ، [أَ] هُوَ أَفْضَلُ أَمْ مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْمُقَرَّبُونَ؟
فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: وَهَلْ شُرِّفَتِ المَلَائِكَةُ إِلَّا بِحُبِّهَا لِمُحَمَّدٍ وَعَلِيٌّ وَقَبُوهَا لِوَلَايَتِهِمَا، وَإِنَّهُ لَا أَجِدُ مِنْ مُحِبِّي عَلِيٌّ نَظِيف قَلْبُهُ مِنْ قَدَرِ الْغِشَّ، وَالدَّغَل، وَالْغِلٌ، وَنَجَاسَةِ الذُّنُوبِ، إِلَّا كَانَ أَطْهَر وَأَفْضَل مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَهَلْ أَمَرَ اللهُ المَلائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ إِلَّا لما كَانُوا [قَدْ] "وَصَفوهُ"(3) فِي نُفُوسِهِمْ، أَنَّهُ
ص: 203
لَا يَصِيرُ فِي الدُّنْيَا خَلْقٌ بَعْدَهُمْ إِذَا رَفعُوهم عَنْهَا إِلَّا وَهُمْ يَعْنُونَ أَنْفُسَهُمْ أَفْضَلَ مِنْهُم فِي الدِّينِ فَضْلًا، وَأَعْلَمَ بِالله وَبِدِينِهِ عِلْماً، فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ أَخْطَئُوا فِي ظُنُونِهِمْ وَاعْتِقَادَاتِهِمْ، فَخَلَقَ آدَمَ وَعَلَّمَهُ الْأَسْماءَ كُلَّها، ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَيْهِمْ فَعَجَزُوا عَنْ مَعْرِفَتِهَا، فَأَمَرَ آدَمَ أَنْ يُنَبِّئُهُمْ بِهَا، وَعَرَّفَهُمْ فَضْلَهُ فِي الْعِلْمِ عَلَيْهِمْ(1)، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ صُلْبِ آدَمَ ذُريَّة مِنْهُمُ: الأَنْبِيَاءُ، وَالرُّسُلُ، وَالخِيَارُ مِنْ عِبَادِ الله، أَفْضَلُهُمْ مُحَمَّدٌ ثُمَّ آل مُحَمَّدٍ، وَالْأَحْيَارُ الْفَاضِلين مِنْهُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ، وَخِيَارُ أُمَّةٍ مُحَمَّدٍ، وَعَرَّفَ المَلائِكَةُ بِذَلِكَ، أَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِذَا احتمَلُوا مَا حَلُوهُ مِنَ الْأَنْقَالِ، وَقَاسُوا مَا هُمْ فِيهِ..»(2)، إلى آخر الحديث.
[170] ومن حديث الغدير، من بعضه، قال: («فَأَقِمْ يَا مُحَمَّدُ عَلِيّاً عَلَماً، وَخُذْ عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ، وَجَدِّدْ عَهْدِي وَمِيثَاقِي هُمُ الَّذِي وَاثَقْتُهُمْ عَلَيْهِ..»)(3)، إلى آخر الحديث.
ص: 204
أقول: نشير بذلك إِلى العهدِ والميثاق الذي أَخذهُ الله على العالمين في عالم الذَّرّ، يوم أخذهُ عليهم بالربوبيَّة والمحمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله بالنّبُوَّةِ، وَلِعَلِيّ وَبَنِيْهِ الطَّيِّبين - صَلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - بالوصاية والولاية، وما هو إِلَّا يَعمُّ الأنبياء من أولي العزم وغيرهم، وما هو إلَّا فضلٌ عظيم يؤتيه من يشاء والله واسعٌ عليمٌ.
[171] وعن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله، مرفوعاً، أنَّه بعث أَبا بكر بسورةِ براءة إِلى أَهلِ مكَّة، فَسارَ بها ثلاث ليال، ثُمَّ قال لِعَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام: «الْحَقْهُ فَرُدَّهُ وَبَلّغهَا أَنْتَ»، فَفَعَلَ، فلمَّا قَدِمَ أَبو بكر على النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله بکی، فقال: يا رسول الله، حَدَثَ [في] شيء؟
قال: «لَا، وَلَكنْ أُمِرْتُ أَنْ أُبَلِّغهَا أَنا أَو رَجُلٌ مِنّي»(1).
ص: 205
فإذا كان عَلِيٌّ عليه السَّلَام مِن رسُول الله صلَّى اللهُ عليه وَآلهِ، والمراد بقوله عليه السَّلَام: (مِنِّي)، أي: جزء منِّي، خِصالهُ كخصَالي، وأَفعالُه كأَفعالي، وحُكمه كحُكمِي، وتحذيرهُ كتحذيري، فإِذا كان عَلِيٌّ عليه السَّلَام هذا حُكمه من رسُول الله صلَّى اللهُ عليهِ وآله وشأْنه، فكيف لا يكون أَفضل؟!
[172] و (عن أنس بن مالك، قال: قَال رسُول الله صلَّى الله عليه وآله: «خَلَقَ اللهُ مِنْ نُورِ وَجْهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ، [وَلِشِيعَتِهِ]، وَلِحِبيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»)(1).
[173] (وعن عبد الله بن عمر قال: سَمِعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وَآله، وقد سُئِلَ: بأَيِّ لُغةٍ خاطبك ربُّك ليلةَ المعراج؟
فقال النَّبيّ صَلَّى الله عليه وآله: «خَاطَبَنِي رَبِّ بِلُغَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَهُمَنِي أَنْ قُلْتُ: يَا رَبِّ خَاطَبْتَنِي أَمْ عَلِيٌّ؟
فَقَالَ: «يَا مُحَمَّد، أَنَا شَيْءٌ لَا كَالْأَشْيَاءِ، وَلَا أُقَاسُ بِالنَّاسِ، وَلَا أُوصَفُ "الْأَشْيَاءِ"(2)، خَلَقْتُكَ مِنْ نُورِي، وَخَلَقْتُ عَلِيّاً مِنْ نُورِكَ، فَاطَّلَعْتُ عَلَى سَرَائِرِ قَلْبِكَ فَلَمْ أَجِدْ إِلَى قَلْبِكَ أَحَبَّ [إليك] مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَخَاطَبْتُكَ بِلِسَانِهِ كَيْمَا يَطْمَئِنَّ قَلْبُكَ»)(3).
ص: 206
فمن كان ربُّ العزّة يخاطبهُ بلسانهِ، ومَن كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وآله سريرةُ قلبه منطوية على حُبِّ علي بن أبي طالب عليه السَّلام، وليس أحدٌ أَحبّ إليه منه، وخطابُ الله له بلغتِهِ يدلُّ على أنَّهُ ليس أَحدٌ أَفضل منه، وإِلَّا لخاطبهُ بلغة ذلك الغير، فيكون أفضل.
[174] عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قالَ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وآله: «لَوْ كانتْ الرِّيَاضُ أَقْلَاماً، وَالبِحَار مِدَاداً، وَالحِنْ حُساباً، والإنس كُتّاباً، مَا أَحْصَوا مِن فَضَائِل عَلي بن أبي طالب عَلَيهِ السَّلَام»(1).
و [175] ومن محاجَّة عَلي عليه السَّلَام يوم الشورى، قال: «فَأَنْشُدُكُمْ بِاللهِ، هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: اللَّهُمَّ اثْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ وَإِلَيَّ، وَأَشَدِّهِمْ حُبّاً لَكَ وَحُبّاً لِي يَأْكُلُ مَعِي هَذَا الطَّائِرَ، فَأَتَاهُ فَأَكَلَ مَعَهُ غَيْرِي»؟
قَالُوا اللَّهُمَّ لَا...
وقَالَ: «فَأَنْشُدُكُمْ بِالله، هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ فِيهِ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ لِبَنِي وَلِيعَةَ لَتَنتَهُنَّ أَوْ لَأَبْعَثَنَّ لَكُمْ رَجُلًا نَفْسُهُ کَنَفْسِي، وَطَاعَتُهُ كَطَاعَتِي، وَمَعْصِيَتُهُ كَمَعْصِيَتِي، يَفصِلُكُم بِالسَّيْفِ، غَيْرِي»؟!
ص: 207
قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا(1).
[176] وعن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله: «مُرَّ بي لَيْلَة المعرَاج..» إلى أن قال: «ثُمَّ عَدلَنَا عَن ذَلكَ الطَّرِيقِ، فَلَمَّا انْتَهِينَا إِلى السَّماءِ الرّابعة، رأيتُ عَلِيَّاً يُصَلِّي، فَقُلت لجبرئيل: أَهَذا عَلِيُّ قَدْ سَبَقَنا؟
قَالَ: لَا، لَيس هَذا عَلِيٌّ.
قُلتْ: فَمِنْ هَذا؟
قَال: إِنَّ المَلَائِكة المقربين، والمَلائِكة الكرُوبيِّينَ لَّما سَمِعُوا فَضَائِل عَلِيّ عليه السَّلَام، وَتَحَاسِنَهُ، وسَمِعَتْ قَوْلَك فيه: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، اشْتَاقَتْ إِلى عَلِي عَلَيْهِ السَّلَام فَخَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَا مَلِكَاً على صُورَةِ عَلي عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا اشْتَاقَتْ إِلى عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامِ، جَاءَتْ إلى ذلك الملك، فَكَأَنها قَدْ رَأَت عَلَيَّاً عَلَيْهِ السَّلَام»)(2).
[177] وفي سورة: «هلْ أَتَى» ما يُغنيك عن فَضائِلِهِ، فَإِنَّه قد رُوي: لَّما نَزَلَ
ص: 208
جبرئيل عليه السَّلَام فقال: (يَا مُحَمَّدُ، خُذْ مَا هَنَّأَكَ اللهُ تَعَالَى فِي أَهْلِ بَيْتِكَ».
قَالَ: وَمَا آخُذُ يَا جَبْرَئِيلُ»؟
"قالَ: «إِقْرَأ"(1) «هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِيْن مِنَ الدَّهْر»(2))(3) إلى آخر السّورة.
وهي تدلّ على فضائِل جمَّة لم يسبقهُ إليها أحَدٌ قبله، ولمْ يلحقهُ أحَدٌ بعده، فيكون أفضل.
[178] وعن تفسير الثَّعلبي، عن عبد الله بن سلام قال قلت: مَنْ هذا الَّذي عنده علم الكتاب؟
فقال: «إِنَّما ذَلكَ عَلِيٌّ بن أبي طالب عَليه السَّلَام»(4).
ص: 209
وكلامهُ ذلك على الأَفضليَّة.
[179] ورَوَى الحافظ أَبو نعيم، بإسنادهِ إلى ابن عبَّاسٍ، قال: لمَّا نزلتْ هذه الآية، وهي قوله تعالى: «إِنَّ الَّذينَ آمَنُوا وعملوا الصَّالِحَاتِ أُولئِكَ هُم خَيْر البَريَّة»(1).
قالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ لِعَلِي عَلَيْهِ السَّلَام: «هُمْ أَنْتَ وَشِيعَتُكَ الفَائِرُونَ، تَأْتِي أَنْتَ وَشِيعَتُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَاضِينَ مَرْضِيِّينَ، وَيَأْتِي أَعداؤكَ غِضَاباً مُقْمَحِينَ خَائِبِينَ»(2).
فإذا كان هم خير البريَّة، كيف لا يكون أفضل؟!
[180] وما رُوي من مَسند أحمد بن حنبل، بإسنادهِ إلى زيد بن أبي أوفى، قال: دَخلتُ على رسول الله صلَّى الله عليه وَآله في مسجده؛ فذكر لِعَلِيّ عَلَيْهِ السَّلَام قصَّة مؤاخاةِ رسُول الله صلَّى الله عليهِ وآلهِ بين أصحابه، فقال عَلِيٌّ عليهِ السَّلَام: لَقَدْ ذَهَبَتْ رُوحِي، وَانْقَطَعَ ظَهْرِي حِينَ [رَأَيْتُكَ]
ص: 210
فَعَلْتَ بِأَصْحَابِكَ مَا فَعَلْت غَيْرِي، فَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْ سَخَطٍ عَلَيَّ، فَلَكَ الْغَنى وَالْكَرَامَةَ».
فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله: «وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالحقِّ نَبِيَّاً، مَا أَخَرْتُكَ إِلَّا لِنَفْسِي، فَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، وَأَنْتَ أَخِي وَوَارِثِي وَوَزِيرِي(1)، وَأَنْتَ مَعِي فِي قَصْرِي فِي الْجَنَّةِ، وَمَعَي ابْنَتِي فَاطِمَةَ، وَأَنْتَ أَخِي وَرَفِيقِي».. ثُمَّ تَلَا رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله: «إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ»(2)»(3).
فهذا سبب نزول هذه الآية.
فإذا اختصَّ عَلِيّ عليه السَّلَام بمؤاخاة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله والكون في قصرِهِ، وهو أعلى منازل الجنَّة، وَليس ذلك للأنبياء عليهم السَّلَام، فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلَام أفضل؟!
و ممَّا دلَّ على أفضليته قوله تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ
ص: 211
ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى»(1).
[181] نقلاً عن كتابِ (الفردوس) لابن شيرويه، يرفعه عن حُذيفة بن اليَمان، قال: (قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله: «لَوْ "يَعْلَمْ"(2) النَّاسِ مَتى سُمِّيَ عَلِيّ أَمِير المؤمِنِينَ مَا أَنْكَرُوا فَضْلَهُ، سُمِّيَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَآدَمُ بَينَ الرُّوح والجَسَد.
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى».
[قَالَت الملائِكَة بلَى]، فَقَال تَبَارَكَ وَتَعالى : أَنا رَبُّكُم، وَمُحمَّد نَبِيُّكُم، وَعَلِيّ "إمامكم"(3)»)(4).
وَهَذا صريحٌ في أَفضليتهِ على جميعِ الذُريَّة من الأَنبياءِ وغيرهم.
[182] ورُوِيَ عن أَنس بن مالكٍ، قال: لمَّا كان يومُ المباهلة، وآخى النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وآله بين المهاجرين والأَنصارِ، وعَلي عليه السَّلَام واقفٌ يراهُ
ص: 212
ويَعرِفُ مكانهُ، ولم يُواخ بينه وبين أَحد، فانصرف عَلِيّ عليه السَّلَام باكِي العين، فافتقدهُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وَآله؛ فقال: «مَا فَعَلَ أَبو الحَسَنِ»؟
قالوا: انصرفَ بَاكِي العَين، فقال: «يَا بِلَالُ، اذْهَبْ فَأْتِنِي بِهِ»، فَمضى إليه فَدخلَ منزلهُ وهو باكي العين، فقالتْ له فاطمة عليها السَّلَام: «مَا يُبْكِيكَ لَا أَبْكَى اللهُ عَيْنَك»؟
قال عليه السَّلَام: «آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَأَنَا وَاقِفٌ يَرَانِي، وَيَعْرِفُ مَكَانِي، لَمْ يُوَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ»!
قالت عليها السَّلَام: «لَا يَحْزُنُكَ، لَعَلَّهُ إِنَّمَا أَخَرَكَ لِنَفْسِهِ»، فقال بلال: أَجب يا عَلِيّ رسُول الله، فأتى إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله، فقال له: «مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ»؟ فقال عليه السَّلَام: «آخَيْتَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ الله، وَأَنَا وَاقِفُ [تَرَانِي]، وَتَعْرِفُ مَكَانِ وَلَمْ تُوَاحْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَد».
قال: «إِنَّمَا أَخَرْتُكَ لِنَفْسِي، أَلَا يَسُرُّكَ أَنْ تَكُونَ أَخَا نَبِيِّكَ»؟
قال: «بَلَى يَا رَسُولَ الله، إِنِّي رَاضِ بِذَلِكَ»، فأخذ بيده فرقاه المنبر، فقال: «اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي، [إِلَّا أَنَّهُ] بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، أَلَا مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِيٌّ مَوْلَاهُ»، فانصرف عَلِيٌّ قرير العين، فاتَّبعهُ عُمر فقال: بخ بخ(1) لك يا أَبا الحَسَنَ، أَصبحتَ مولاي ومولى كلِّ مؤمن ومؤمنة(2).
ص: 213
فهذه المؤاخاة، وكون كلِّ واحدٍ منهما من الآخر، وكونُهُ مولى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ، وهو يستدعي أفضليَّته على كلّ مَنْ سَبَقَ من آدم فمن دُونه إلى انقضاء الدَّهر، فلا إِشكال في تفضيلهِ وجليل مرتبتهِ على العالمين السَّابقين واللَّاحقين إلى يوم الدِّين من الأَنبيَّاء والمرسلين، ذلك بنص رَبِّ العَالَمِين.
[183] وروى الجمهور كافة أَنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآله أُوتِي بطائر، فقال: «اللَّهُمَّ انْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ وَإِليَّ يَأْكُل مَعي مِنْ هَذا الطَّائِر»، فجاء عَلِيٌّ فدق الباب، فقال أنس بن مالك: إِنَّ النَّبي على حاجةٍ، فانصرف، فقال النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله: كما قال أَوَّلاً، فدقَّ عَلِيّ الباب، فقال [أنس]: أَلمْ أَقل لك أَنَّ النَّبيِّ على حاجة، فانصرف، فقال النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله كما قال في الأَوَّلَين، فجاء عَلِيّ عليه السَّلام فدقَّ الباب أَشد مِن الأَوَّليتين، فسمعه النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله، وقد قال له أَنس: إِنَّهُ على حاجةٍ، فأَذن له النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله بالدّخول، وقال: «يَا عَلِيُّ، مَا أَبْطَأَكَ عَنِّي»؟
قال: «جِئْتُ فَرَدَّنِي أَنَسٌ، ثُمَّ جِئْتُ فَرَدَّنِي أَنَسٌ، ثُمَّ جِئْتُ ثَالِثَةِ فَرَدَّنِ».
فقال له النبي صلَّى الله عليه وآله: «يَا أَنَسُ، مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذا»؟
فقال رجوتُ أَنْ يكون هذا الدُعاء لأحدٍ مِن الأَنصارِ خير مِن عَلِيّ، فقال النَّبي صلَّى الله عليه وآله: «أَ وَ فِي الْأَنْصَارِ خَيْرٌ مِنْ عَلِيّ»؟(1).
ص: 214
الجمهور قد رووا: أنَّ عَلِيَّاً عليه السَّلَام أحب الخلق إلى الله تعالى وإلى رسوله صلَّى الله عليه وآله، ومعلوم أنَّ (الخلق) لفظه يعمّ الأولين والآخرين من الأنبياء وغيرهم، فيكون عليه السَّلَام أفضل.
[184] وروى أَخطب خوارزم، (عن جابر، قال: قال رسُولُ الله صلَّى الله عليه وآله: «جَاءَنِي جَبْرَئِيلُ مِنْ عِنْدِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بَوَرَقَةِ [آسٍ] خَضْرَاءَ مَكْتُوبٌ فِيهَا بِبَيَاضِ: إِنِّي افْتَرَضْتُ مَحَبَّةَ عَلي بن أبي طالب عَلَى خَلْقِي، فَبَلَّغْهُمْ (1) ذَلِكَ عَنِّي»)(1).
فاذا كان كذلك، فكيف لا يكون أفضل؟!
[185] ورُوي في كتاب (المناقب) للحافظ أَبي بكر أَحمد بن موسى بن مردويه: أَنَّ رسُول الله صلَّى اللهُ عليه واله، قال: «عَلِيٌّ خَيْرُ الْبَشَرِ، فَمَنْ أَبَى فَقَدْ كَفَر»(2).
وفي غزاة الخندق، إِذ أَحدَق المشركون بالمدينة، كما قال تعالى: «إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ
ص: 215
فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الحَنَاجِرَ»(1)، عنه وَدخل عمر بن عبد ودّ الخندق على المسلمين، ونادى بالبراز، فأَحجم المسلمون، وبرزَ عَلِيٌّ عليه السَّلَام مُتَعَمِّاً بعمامةِ رسُول الله صلَّى الله عليه وَآله، وبيدهِ سيفهُ، فضربهُ ضربة كانت توزن عَمل الثَّقلين إِلى يومِ القيامة، وقد رُوي عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله: «إِنَّ ضَرْبةَ عَلِيُّ لِعَمر بن عَبد ودّ تُوازِن عَمَل الثَّقَلَين إِلى يَومِ القِيامَة»(2).
فهذا ومبيته على فراشِ رسول الله صلَّى الله عليه وآله يومَ خروجه من مشركي قريش يقيهِ بنفسه، وجهاده وبلائه يوم الاحزاب، ويوم بني المصطلق ويوم قلع باب خيبر، وفي غزاة ذات السلاسل، ومجاهدة الجن والشَّياطين، وغير ذلك مما يطول به المقام.
فمن هذا شأنه، كيف لا يكون أَفضل؟! وهو خير البشر، وضربة واحدة من جهاده توازن عمل الثقلين، فذِكر البشر عام، والثقلين عام يشمل الأولين والآخرين، فمدَّعي خلاف هذا مكابر معاند، منكر للحقِّ والصَّواب، مستحق لأَشد العقاب.
[186] وما روى من كتاب (مقتضب الأَثر في إمامة الإِثني عشر)، بما
ص: 216
رواه (أَحمد ابن مُحمَّد، [عن مُحمَّد] بن صَالح، عن "سليمان بن أحمد"(1)، عن "الرَّيان بن مُسلم"(2)، عن عبد الرَّحمن بن زيد بن جابر ، عن سلامة، عن أَبي سليمان راعي رسُول الله صلَّى الله عليه وآله، قال: سَمِعتُ رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله يقول: «لَيْلَةَ أُسْرِي بِي إِلَى السَّمَاءِ قَالَ لي الجليل جلَّ جَلاله: «أَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ»(3).
فقُلْتُ: «وَالْمُؤْمِنُونَ» فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ، مَنْ خَلَّفْتَ "في أُمَّتِكَ"(4)؟
قُلْتُ: خَيْرَهَا، قَالَ اللهُ تعالى: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي اطَّلَعْتُ إلى الْأَرْضِ اطْلَاعَةٌ، فَاخْتَرْتُكَ مِنْهَا، فَشَقَقْتُ لَكَ اسْماً مِنْ أَسْمَائِي، فَلَا أُذْكَرُ فِي مَوْضِع إِلَّا وَذُكِرْتَ مَعِي، فَأَنَا المَحْمُودُ وَأَنْتَ مُحَمَّدٌ ، ثُمَّ اطَّلَعْتُ "الثَّانِية"(5) فَاخْتَرَتْ مِنْهَا عَلِيّاً، وَشَقَقْتُ لَهُ اسْمًا مِنْ أَسْمَائِي، فَأَنَا الْأَعْلَى وَ هُوَ عَلِيٌّ.
ص: 217
يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي خَلَقْتُكَ وَخَلَقْتُ عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ مِنْ [سنخ]نُورِي، وَعَرَضْتُ وَلَايَتِكُمْ عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ، فَمَنْ قَبِلَهَا كَانَ عِنْدِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَنْ جَحَدَهَا كَانَ عِنْدِي مِنَ الْكَافِرِينَ.
يَا مُحَمَّدُ، لَوْ أَنَّ عَبْداً مِنْ "عَبِيدِي"(1) عَبَدَنِي حَتَّى يَنْقَطِعَ أَو يَصِيَرَ كَالشَّنَّ الْبَالي، ثُمَّ أَتَانِي جَاحِداً لِوَلَايَتَكُمْ، مَا غَفَرْتُ لَهُ "حَتَّى"(2) يُقِرَّ بِوَلَايَتِكُمْ.
يَا مُحَمَّدُ، أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهُمْ؟
قُلْتُ: نَعَمْ [يَا رَبِّ]، فَقَالَ لِي: الْتَفِتْ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ، فَالْتَفَتُ فَإِذَا بِعَلِيِّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٌّ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٌّ وَالْمَهْدِي فِي ضَحْضَاحِ مِنْ نُورٍ(3) قِيَاماً يُصَلُّونَ، وَهُوَ فِي وَسَطِهِمْ - يَعْنِي الْمَهْدِيَّ - كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ [فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! هَؤُلَاءِ الْحُجَجُ، وَهُوَ النَّائِرُ مِنْ عِتْرَتِكَ، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي إِنَّهُ الْحُجَّةُ الْوَاجِبَةُ لِأَوْلِيَائِي، وَالْمُنتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِي]»)(4).
ص: 218
[187] و (عن أنس بن مالك قال: سَأْلت رسُول الله صلَّى اللهُ عليه وآله، عن قوله تعالى: «وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ»(1).
قال: «إِنَّ الله عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ آدَمَ مِنْ طِينٍ "حَيثُ يَشَاء"»(2)
ثُمَّ قَالَ: «وَيَخْتارُ»، إِنَّ الله تَعَالَى اخْتَارَنِي وَأَهْلَ بَيْنِي عَلَى جَمِيعِ الخُلْقِ، فَانْتَجَبَنَا "وجَعَلَنِيَ"(3) الرَّسُولَ، وَجَعَلَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبِ الْوَصِيَّ.
ثُمَّ قَالَ: «ما كانَ هُمُ الْخِيَرَةُ»، يَعْنِي: مَا جَعَلْتُ لِلْعِبَادِ أَنْ يَخْتَارُوا وَلَكِنِّي أَخْتَارُ مَنْ أَشَاءُ، فَأَنَا وَأَهْلُ بَيْتِى صَفْوَتُهُ وَخِيَرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ..»(4)، إلى آخر الحديث.
[188] ومما نقل عن أَبي نعيم في كتابهِ الَّذي استخرجهُ من كتاب (الاستيعاب) في تفسير قوله تعالى: «وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ
ص: 219
رُسُلِنَا»(1)، على مَا بُعِثُوا(2)؟
فَقَالَ: إِنَّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله [لَيلة] أُسري به، جمع الله بينهُ وبين الأَنيَّاء.
ثُمَّ قال له: «سَلْهُمْ يَا مُحَمَّدُ، عَلَى مَا بُعِثْتُمْ إِذْ بُعِثْم؛ فَقَالُوا: بُعِثْنَا عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَعَلَى الْإِقْرَارِ بِنُبُوَّتِكَ، وَعَلَى الْوَلَايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب»)(3).
ص: 220
فانظر بعين البصيرة، واعتبر بالفِكر المنير، وتعقل بالتحقيق، تجد أنَّ الانبياء إِنَّما بعثوا على ما بعثوا عليه، بعثوا على الإقرار الله بالوحدانية، ولِمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وآله بالنّبوَّةِ والرِّسالةِ، ولِعَلِيٍّ عليه السَّلام بالولاية والوصاية.
أَفعاقل ينظر لهذا ويفضل غيره أو يجعله مساوياً لهم؟! كلا ورب الرَّاقصات(1).
[189] و (روي عن أنس بن مالك، قال: صَلَّى بنا رسُولُ الله صلى الله عليه وآله في بعض الأيام صلاة [الفجر]، ثُمَّ أَقبل علينا بوجهه الكريم، فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أَنْ تُفسّر لنا قول الله عزّ وجلَّ: «فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصَّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا»(2).
قال صلَّى الله عليه وآله: «أَمَّا النَّبِيُّونَ: فَأَنَا، وَأَمَّا الصِّدِّيقُونَ: فَأَخِي عَلِيٌّ و بن أَبِي طَالِب عَلَيه السَّلَام وَأَمَّا الشُّهَدَاءُ: فَعَمِّي حَمْزَةُ، وَأَمَّا الصَّالِحُونَ [فَابْنَتِي] فَاطِمَةُ وَأَوْلَادُهَا لحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِم السَّلَام»
قال: وكانَ العبَّاسُ حاضراً، فوثبَ وجلس(3) بين يدي رسُول الله صلىَّ اللهُ عليه وآله وقال: أَلسنا أَنا وأَنت وعَلِيٌّ وفاطمة والحَسنُ والحُسينُ مِن
ص: 221
نبعةٍ(1) واحدةٍ؟
قال: «وَكَيْفَ ذَلكَ يَا عَمِّ»؟
فقال العبَّاس: لأَنَّكَ تُعَرِّفُ بِعَلِيّ وفَاطمة والحَسن والحُسين دُونَنا، فتبسم النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله، وقال: «أَمَّا قَوْلُكَ يَا عَمْ: أَلَسْنَا [مِنْ] نَبْعَةٍ وَاحِدَةٍ، [فَصَدَقْتَ، وَلَكِنْ يَا عَمَ، إِنَّ الله خَلَقَنِي وعَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللهُ تَعَالَى آدَمَ حَيثُ لَا سَمَاء مَبْنِيَّةٌ، وَلَا أَرْضٌ مَدْحِيَّةٌ، وَلَا ظُلْمَةٌ، وَلَا نُورٌ، وَلَا جَنَّةٌ، وَلَا نَارٌ، وَلَا شَمْسُ وَلَا قَمَرٌ»، فقال العبَّاس: وكيفَ كان بدءُ، خَلقِكم يا رسُول الله؟
قال: «يَا عَمَّ، لَمَّا أَرَادَ اللهُ تَعَالى أَنْ يَخْلُقَنَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ خَلَقَ مِنْهَا نُوراً، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أُخْرَى فَخَلَقَ مِنْهَا "رُوحاً"(2)، فَمَزَجَ النُّورَ بِالرُّوحِ فَخَلَقَنِي وَأَخِي عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، فَكُنَّا نُسَبِّحُهُ حِينَ لَا تَسْبِيحَ، وَنُقَدِّسُهُ حِينَ لَا تَقْدِيسَ، فَلَمَّا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُنْشِئَ الصَّنْعَةَ فَتَقَ نُورِي، فَخَلَقَ مِنْهُ الْعَرْشَ فَنُورُ الْعَرْشِ، مِنْ نُورِي، وَنُورِي خَير مِنَ نُورِ الْعَرْشِ.
ثُمَّ فَتَقَ نُورَ أَخِي عَلِيَّ بْن أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامِ، فَخَلَقَ مِنْهُ الْمَلَائِكَةَ، فَنُور الْمَلَائِكَة مِنْ نُورِ عَلِيّ، وَنُور عَلى أَفْضَلُ مِنَ [نُورِ] الْمَلَائِكَةِ.
ثُمَّ فَتَقَ نُورَ ابْنَتِي فَاطِمَةَ، فَخَلَقَ "مِنْهُ"(3) السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، [وَنُورُ ابْنَتِي
ص: 222
فَاطِمَةَ مِنْ نُورِ الله]، ونُورَ ابْنَتِي فَاطِمَةُ أَفْضَلُ مِنَ نُورِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
ثُمَّ فَتَقَ نُورَ وَلَدِي الْحَسَنِ، "فَخَلَقَ مِنْهُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، فَنُور وَلَدِي الْحَسَن أَفْضَلُ مِنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ"(1).
ثُمَّ فَتَقَ نُورَ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ، فَخَلَقَ مِنْهُ الْجَنَّةَ وَالْحُورَ الْعِينَ، [فَالْجَنَّةُ وَالْحُورُ الْعِينُ مِنْ نُورِ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ، وَنُورُ وَلَدِيَ الْحُسَيْنِ أَفْضَلُ مِنَ الْجَنَّةِ وَالْحُورِ الْعِينِ](2).
ثُمَّ أَمَرَ الله الظُّلُمَاتِ أَنْ تَمُرَّ عَلَى السَّحَابِ، فَأَظْلَمَتِ السَّمَاوَاتُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، فَضَجَتِ الْمَلَائِكَةُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، وَقَالَتْ: إِلَهَنَا وَسَيَّدَنَا، مُنْذُ خَلَقْتَنَا وَعَرَفْتَنَا هَذِهِ الْأَشْبَاحَ لَمْ نَرَ بُؤْساً، فَبِحَقِّ هَذِهِ الْأَشْبَاحِ إِلَّا مَا كَشَفْتَ عَنَّا هَذِهِ الظُّلْمَةَ، فَأَخْرَجَ اللهُ مِنْ نُورِ ابْنَتِي فَاطِمَةَ قَنَادِيلَ مُعَلَّقة فِي بُطْنَانِ الْعَرْشِ، فَأَزْهَرَتْ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، ثُمَّ أَشْرَقَتْ بِنُورِهَا، فَلَأَجْلِ ذَلِكَ سُمِّيَتْ الزَّهْرَاءَ؛ فَقَالَت المَلائِكَةُ: إِهَنَا وَسَيَّدَنَا، لَمِنْ هَذَا النُّورُ "الزَّاهِر"(3) الَّذِي قَدْ أَزْهَرَتْ مِنهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهَم: هَذَا نُورٌ اخْتَرَعْتُهُ مِنْ نُورِ جَلَالِي لِأَمَتِي فَاطِمَةَ ابنة حَبِيبِي، وَزَوْجة وَلِبِّي وَأَخِي نَبِيِّي وَأَبو حُجَجِي
ص: 223
عَلَى عِبَادِي، أُشْهِدُكُمْ يا مَلَائِكَتِي أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ ثَوَابَ تَسْبِيحِكُمْ هَذِهِ المُرْأَةِ وَشِيعَتِهَا ومُحِبيها إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة»
فلمَّا سَمِعَ العباس من رسُول الله صلَّى الله عليه وآله ذلك، وَثَب قائِماً وقبَّل ما بين عيني عَلِيّ بن أَبي طالب، وقال: والله يا عَلِيّ، أَنت الحجَّة البالغة لمن آمن بالله»)(1).
فدلَّ هذا الحديث أَنَّ عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام أفضل مِن الأنبياء عليهم السّلام؛ لأنَّه والنَّبيّ وذريته الطيِّبين - عليهم السَّلام - علَّة في خلقِ الموجودات أجمع، وأَصلٌ لها.
[190] وروى الشَّيخ أَبو جعفر رحمه الله فيما نُسِب عنه في (كتابِ المعراج)، عن رجالهِ، مرفوعاً عن عبد الله بن العبَّاس، قال: سَمِعتُ رسُول الله صلَّى اللهُ عليه وَآله، وهو يُخاطبُ عَلِيَّاً عليهِ السَّلام، ويقول: «يَا عَلِيُّ، إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَانَ وَلَا شَيْءَ مَعَهُ، فَخَلَقَنِي وَخَلَقَكَ رُوحَيْنِ مِنْ نُورِ جَلَالِهِ، وَكُنَّا أَمَامَ عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِينَ نُسَبِّحُ الله، وَنُقَدِّسُهُ، وَنَحْمدُهُ، وَمُهَلِّلُهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ خَلَق
ص: 224
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِينَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ عَلَيهِ السَّلَامِ، "خَلَقَنِي"(1) وَإِيَّاكَ مِنْ طِيئَةِ عِلَّيِّينَ، وَعَجَنَنَا بِذَلِكَ النُّورِ، وَغَمَسَنَا فِي جَمِيعِ الْأَنْوَارِ وَأَنْهَارِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ خَلَقَ آدَمَ، وَاسْتَوْدَعَ صُلْبَهُ تِلْكَ الطَّيِّنَةَ وَالنُّورَ، فَلَمَّا خَلَقَهُ اسْتَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْ ظَهْرِهِ، فَاستَنْطَقَهُمْ، وَقَرَّرَهُمْ بِرُبُوبِيَّتِهِ، فَأَوَّلُ خَلْقٍ أَقَرَّ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ أَنَا وَأَنْتَ يَا عَلِيّ، وَالنَّبِيُّونَ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ وَقُرْبِهِمْ مِنَ الله عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: صَدَقْتُهَا وَأَبَرَرْتُمَا، يَا مُحَمَّدُ وَيَا عَلِيُّ، سَبَقْتُها خَلْقِي إِلَى طَاعَتِي، وَكَذَلِكَ كُنتُمَا فِي سَابِقِ عِلْمِي، فَأَنْتُها صَفْوَنِ مِنْ خَلْقِي، وَالْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِكُمَا وَشِيعَتْكُما، وَكَذَلِكَ خَلَقْتُكُمْ».
ثُمَّ قَالَ [النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ]: «يَا عَلِيُّ، وَكَانَتِ الطَّيِّنَةُ فِي صُلْبِ آدَمَ، وَنُورِي وَنُورُكَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَمَا زَالَ ذَلِكَ النُّورُ يَنْتَقِلُ بَيْنَ أَعْيُنِ النَّبِيِّينَ [وَ] الْمُنتَجَبِينَ، حَتَّى وَصَلَ النُّورُ وَالطَّيِّنَةُ إِلَى صُلْبِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَافْتَرَقَ نِصْفَيْنِ، فَخَلَقَنِي اللهُ مِنْ نِصْفِهِ فَاتَّخَذَنِي نَبِيّاً وَرَسُولًا، وَخَلَقَكَ مِنَ النَّصْفِ الْآخَرِ [فَاتَّخَذَكَ خَلِيفَةً وَوَصِيّاً وَوَلِيّاً، فَلَمَّا كُنْتُ مِنْ عَظَمَةِ رَبِّيٌّ كَقَابَ قَوْسَيْنِ [أَوْ أَدْنى]، قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَطْوَعُ خَلْقِي لَكَ؟
فَقُلْتُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: فَاتَّخِذْهُ خَلِيفَةٌ، وَوَصِيّا، فَقَدِ اتَّخَذَتْهُ صَفِيّاً، وَوَلِيّاً.
يَا مُحَمَّدُ، كَتَبْتُ اسْمَكَ وَاسْم عَلي عَلَى عَرْشِي مِنْ قَبْلِ أَنْ أَخْلُقَ خَلْقِي، مَحَبَّةٌ مِنِّي إِلَيكُمَا، وَمَنْ أَحَبَّكُمَا، وَتَوَلَّاكُمَا، وَأَطَاعَكُمَا، وَمَنْ تَوَلَّاكُمَا وَأَحَبَّكُمَا كَانَ
ص: 225
عِنْدِي مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، وَمَنْ "جَحَدَكُما"(1) كَانَ عِنْدِي مِنَ الْكَافِرِينَ الضَّالِّين.
ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ: [يَا عَلِيُّ]، فَمَنْ ذَا يَلِجُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَأَنَا وَأَنْتَ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ وَطِينَةٍ وَاحِدَةٍ؟! فَأَنْتَ أَحَقُّ النَّاسِ بِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَوُلْدُكَ وُلْدِي، وَشِيعَتُكَ شِيعَتِي، وَأَوْلِيَاؤُكُمْ أَوْلِيَائِي، وَأَنْتُمْ مَعِي غَداً فِي الْجَنَّةِ»(2).
فهذا حديث شافٍ قد دلّ على أنَّ أَمير المؤمنين عليّ بن أَبي طالب عَلَيه السَّلام أَفضل مِن الأنبيَّاءِ والمرسلين؛ لأنَّه والنَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله نور واحد وطينة واحدة، وقد سبق جميعَ المخلوقات من الأنبياء وغيرهم بالإِقرار الله بالرّبوبية والوحدانيَّة والفضل للمتقدِّم.
وقد قالَ صلَّى اللهُ عليه وآله: «فَمَنْ ذَا يَلِجُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ»، يعني: يَدخُل بيني وَبينك، يقال: (وَليجَتُهم، أي: لصيقٌ بهم)(3)، والولجة الدَّخيلة وخاصَّتُك من الرجال(4)، فيكون عليه السَّلاَم أَفضل.
ص: 226
[191] ومما ذكر في كتاب (جامع الفوائد)(1): (2)«إِنَّ الله سُبْحَانَهُ لَمَّا خَلَقَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيه السَّلَام كَشَفَ [لَهُ] عَنْ بَصَرِهِ [فَنَظَرَ] فَرَأَى نُوراً إِلَى جَنْبِ الْعَرْشِ، فَقَالَ: إِلَي مَا هَذَا النُّورُ؟ فَقِيلَ [لَهُ]: هَذَا نُورُ مُحَمَّدٍ صَفْوَتِي مِنْ خَلْقِي، وَرَأَى نُوراً إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ: إِلَهِي [وَ] مَا هَذَا النُّورُ؟ فَقَالَ لَهُ: هَذَا نُورُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ نَاصِرِ دِينِي، وَرَأَى إِلَى جَنْبِهِمْ ثَلَاثَةَ أَنْوَارٍ، فَقَالَ: إِهِي مَا هَذِهِ الْأَنْوَارُ؟ فَقِيلَ لَهُ هَذَا نُورُ فَاطِمَةَ - فَطَمَتْ مُحِبيها "عنَ"(3) النَّارِ - وَنُورُ وَلَدَيْهَا الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَقَالَ: إِهِي وسيدي أَرَى تِسْعَةَ أَنْوَارٍ قَدْ أَحْدَقُوا بهم.
قِيلَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ مِنْ وُلْدِ عَلِيٌّ بن أَبِي طَالِب وَفَاطِمَةَ عَلَيْهما السَّلَام، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام إِلهِي بِحَقِّ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ إِلَّا عَرَّفْتَنِي [مَن] التَّسْعَة مِنْ وِلدِ عَلِيّ وَفَاطِمَة؟
قِيلَ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَوَّهُمْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَابْنُهُ جَعْفَرٌ، وَابْنُهُ
ص: 227
مُوسَى، وَابْنُهُ عَلِي، وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ، وَابْنُهُ عَلِي، وَابْنُهُ الْحَسَنُ، وَالْحُجَّةُ الْقَائِمُ ابْنُه، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِلهِي وَسَيِّدِي أَرَى أَنْوَاراً قَدْ أَحْدَقُوا بِهِمْ لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إِلَّا أَنْتَ؟
فقِيلَ: يَا إِبْرَاهِيمُ هَؤُلَاءِ شِيعَتُهُمْ وَشِيعَة [أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ] عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلام، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَبِمَا تَعْرِفُ شِيعَتَهُ؟
قَالَ: بِصَلَاةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَالْجَهْرِ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وَالْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوع، وَالتَّخَتُم بِالْيَمِينِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: [اللَّهُمَّ] اجْعَلْنِي مِنْ شِيعَةِ [أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ] عَليّ بن أَبِي طَالِب، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهِ [فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ]: «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيم»(1))(2).
فإذا كان إِبراهيمُ عليه السَّلَام مِن شيعةِ عَلِيّ بن أَبي طالب عليه السَّلَام، كيفَ لا يكون أفضل؟! وبعَلِيّ بن أَبي طالب شُرِفَ إبراهيم وكذلك سائر الأَنبياء.
[192] ومما روي (عن أَبي ذرّ رضي الله عنه، قال: نظرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وآله إلى عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام، فقال: «هَذَا خَيْرُ الْأَوَّلِينَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، هَذَا سَيِّدُ الصِّدِّيقِينَ، وَسَيْد الْوَصِيِّينَ، وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ
ص: 228
وَقَائِدُ الْغُرُ الْمُحَجَّلِينَ، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَاءَ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ الْجَنَّةِ قَدْ أَضَاءَتِ الْقِيَامَةُ مِنْ ضَوْئِهَا، عَلَى "رَأْسِها"(1) تاج مُرَصّع بِالزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: هَذَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَيَقُولُ النَّبِيُّونَ: هَذَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ يُطْنَانِ الْعَرْشِ: هَذَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، هَذَا وَصِيُّ حَبِيبِ اللهِ، هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَيَقِفُ عَلَى مَن جَهَنَّمَ، فَيُخرِج مِنْهَا مَنْ يُحِبُّ، وَيُدْخِلُ فِيهَا مَنْ يَبْغض، وَيَأْتِي على أَبْوَابَ الْجَنَّةِ، فَيُدْخِلُ أَوْلِيَاءَهُ الجنَّة بِغَيْرِ حِسَابٍ»)(2).
فإذا قالَ رسُول الله صلَّى الله عليه وآله لِعَلِيّ عليه السَّلام: «هَذَا خَيْرُ و الْأَوَّلِينَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ»، فكيف لا يكون افضل؟!
[193] ومما اسند الى صاحب كتاب (جامع الفوائد): (عن الصَّدوق أَبي جعفر مُحمَّد بن بابوية، بإسناده يرفعه إلى أبي ذر رضي الله عنه، قال: سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: «افْتَخَرَ إِسْرَافِيلُ عَلَى جَبْرَئِيلَ، فَقَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْكَ، فَقَالَ جبرئيل: وَلِمَ أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي؟
قَالَ: لِأَنِّي صَاحِبُ الثَّانِيَةِ حَمَلَةِ عَرْشِ الله، وَأَنَا صَاحِبُ النَّفْخَةِ فِي الصُّورِ، وَأَنَا أَقْرَبُ الْمَلَائِكَةِ إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: أَنَا خَيْرٌ مِنْكَ، فَقَالَ إِسْرَافِيلَ: بِمَا ذَا أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي؟!
ص: 229
قَالَ جبرائيل: "أَنا"(1) أَمِين الله عَلَى وَحْيِهِ، وَرَسُولِهِ إِلَى الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيَن، وَأَنَا صَاحِبُ الْخُسُوفِ، وَمَا أَهْلَكَ اللَّهُ أُمَةٌ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا عَلَى يَدِي.
قَالَ: فَاخْتَصَمَا إِلَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَأَوْحَى إِلَيْهِمَا: أَسْكُنَا، فَوَعِزَّتِ وَجَلَالِي لَقَدْ خَلَقْتُ خَيْراً مِنْكُما.
قَالا: يَا رَبِّ، وَتَخْلُقُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنَّا وَنَحْنُ خُلِقْنَا مِنْ نُور؟!
فَقَالَ الله: نَعَمْ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى حُجُبِ الْقُدْرَةِ انْكَشِفِي فَانْكَشَفَتْ، فَإِذَا عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ مَكْتُوبٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ خَيْرُ خَلْقِ الله.
قَالَ جَبْرَئِيلُ: يَا رَبِّ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّهِمْ عَلَيْكَ أَنْ تَجْعَلَني خَادِمَهُمْ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَدْ فَعَلْتُ، فَجَبْرَئِيلُ خَادِم أَهْلِ الْبَيْتِ وَإِنَّهُ لَخَادِمُنَا»)(2).
فاذا كانوا خير خلق الله، فكيف لا يكون علي بن أبي طالب عليه السَّلَام أفضل؟
[194] وذكر ابن شهر اشوب في (مناقبه)، عن أَبي حمزة الثُّمالي، أَنَّهُ قال: دخلَ عَبد الله بن عُمر على عَلِيّ بن الحسين زين العابدين عليهما السَّلَام
ص: 230
فقال: يا أبا الحُسَن، أَنت الذي تقول: «إِنَّ يُونُسَ بْنَ مَتَّى إِنَّمَا لَقِيَ مِنَ الْحُوتِ مَا لَقِيَ؛ لِأَنَّهُ عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَلَايَةُ جَدِّي فَتَوَقَّفَ عِنْدَهَا».
قَال: بَلَى، ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ».
قال عبد الله بن عمر: فأَرني بُرهَان ذَلِك إِنْ كُنتَ مِن "العارفِينَ"(1)؟
قال أَبو حمزة: فَأَمر عَلِيّ بن الحُسَين عليه السَّلَّام، بشدِّ عينيه [بعِصابة]، وعينيَّ بعصابة، ثُمَّ أَمر بعد ساعة "بفكِّها"(2)، فإذا نحنُ على شَاطئِ البحر تضربُ أَمواجهُ، فقال ابنُ عُمر: دَمي في رقبتِك يا سيِّدي، الله الله في نفسي، فقال عَلِيّ بن الحُسين عليه السَّلَام: «"أُرِيكَ"(3) الْبرْهَان»؟ فقال عبد الله: أَرني إِنْ كُنت مِن الصَّادقين؟
ثُمَّ قال علي بن الحسين عليه السَّلَام: «أَيُّها الْحُوت»، فَأَطْلع الحوتُ رأْسهُ مِن البحرِ مثل الجبل العَظيم، وهو يقول: لبَّيك لبَّيكَ يا وليَّ الله، فقال عَلِيّ بن الحُسَين عليهما السَّلَام: «مَنْ أَنْتَ»؟ فقال: أَنَا حُوتُ يُونس عليه السَّلَام يا سيِّدي.
قال عَلِيّ بن الحسين: «حَدَّثَنَا بِخَبَرِ يُونس عليه السَّلَام»؟ فقال: إِنَّ الله لمْ يَبعث نبيَّاً من لدن آدم عليه السَّلَام إِلى أَنْ صَارَ جَدُّكَ مُحمَّد صلَّى الله عليه
ص: 231
وآله إِلَّا وقد "عُرِضَت"(1) عليه ولا يتكُم أهل البيت، فَمن قَبلها مِن الَأنبيَّاء سَلِمَ وتَخلَّص، ومَن وقفَ عَنها "وتمنَّع"(2) في حملِها، لَقِي مَا لَقِي آدم عليه السَّلام مِن المعصيةِ، وَلَقِي نُوحٍ عَلَيه السَّلام مَا لَقِي مِن الغرقِ، وما لَقِي إِبراهيم عليه السَّلام مِن النَّار، وما لَقِي يُوسف عليه السَّلام مِن الجبِّ، وما لَقِي أَيُّوب عليه السَّلَام مِن البَلاء، وما لقي داوُد عليه السَّلام، مِن الخطيئة، إِلى أَن بعث الله يُونس بن متِّى عليهِ السَّلَام، فأوحى الله إليه: «أَنْ يَا يُونُسُ تَوَلَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّاً عَليهِ السَّلَام، وَالْأَئِمَّةَ الرَّاشِدِينَ عَلَيْهِم السَّلامِ مِنْ صُلْبِهِ»، فقال يونس عليه السَّلام: «كَيْفَ أَتَوَلَّى مَنْ لَمْ أَرَهُ وَ لَمْ أَعْرِفْهُ»؟! وذهبَ مغاضباً، فأوحى الله تعالى إِلَيَّ: «أَنِ الْتَقِمْ يُونُسَ وَلَا تُوهِنْ لَهُ عَظا»، [فالتقمتهُ]، فَمكثَ في بطني أربعين صباحاً، يَطوفُ معي البحار في ظُلماتٍ ثلاث، ينادي: ««لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ»(3)، قَدْ قَبِلْتُ وَلَايَةَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ مِنْ وُلْدِهِ»، فلمَّا آمن بولايتكم، أمرني ربِّي بقذفه، فقذفتُه على ساحلِ البحر(4).
ص: 232
[195] ومما نقل من كتاب (الكشكول)، (عن النَّبي صلى الله عليه وآله: «مَا تَكَامَلَتِ النُّبُوَّةُ لِنَبِيِّ فِي البِدَايَةِ حَتَّى عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَلَايَتِي وَوَلَايَةُ أَهْلِ بَيْنِي وَمَثْلُوا لَهُ فَأَقَرُّوا له بِطَاعَتِهِمْ وَوَلَايَتِهِمْ»)(1).
[196] (وقال النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله: أَتَانِي جَبْرَئِيلَ عَلَيه السَّلام، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَبِّكَ يَأْمُرُكَ بِحُبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَوِلَايَتُهُ»)(2).
[197] ومما نُقل من كتاب (حلية الأَولياءِ) لأَبي نعيم - وهو من أَعيانِ عُلماء السّنة والجماعة - ذكر إكرام الله تعالى للذريَّة النبويَّة أَنَّ عِيسى بن مَريم عَليه السَّلام، يُصلِّي خَلَفَ المهدي، وهو من الأَنبياء وأولي العزم(3)
ولا شك أَنَّ اقتداء الفاضل بالمفضول قبح عقلي، فإذا كان عيسى عليه السَّلام يقتدي بالمهدي، فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلام أَفضل مِن عيسى النَّبيِّ؟ فَعَلِيُّ عليه السَّلام أَفضل مِن عيسى.
ص: 233
[198] (وروي عن الصَّادق عليه السَّلَام، انَّهُ قال لرَجلٍ من أَصحابهِ حين سأله: «هَلْ تَزُورٍ جَدِّي أَمِير المؤمِنِينَ عَليه السَّلَام»؟ فقال الرَّجل: ما زرته، فقال الصَّادق عليه السَّلَام: «لَوْلَا أَنَّكَ مِنْ شِيعَتِنَا مَا نَظَرْتُ إِلَيْكَ أَبداً، أَلَا تَزُورُ مَنْ يَزُورُهُ اللهُ تَعَالَى مَعَ الْمَلَائِكَةِ، وَتزُورُهُ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيهم السَّلَام»، فقال الرَّجل: مَا عَلِمتُ ذلك، فقال له: «اعْلَمْ أَنَّ عَلِيِّ بن أَبِي طَالِب عَلَيه السَّلَام أَفْضَلُ [عِنْدَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى] مِنَ "الْمَلَائِكَةِ"(1) كُلِّهِمْ، وَلَهُ بقدر ثَوَابُ أَعْمَالِهِمْ، وَعَلَى قَدْرِ أَعْمَاهِمْ فُضَّلُوا»)(2).
وكيف لا يكون أفضل، وقد قال النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله - وهو مشهور عند الجمهور - في قتله لعمر بن عبد ودٍّ العامري، يوم الخندق: «ضَرْبَة عَليّ:
يَوم الخنْدَقِ أَفْضَل مِنْ عَمَلِ الثَّقَلَيْنِ إِلى يُومِ القِيَامَةِ»(3).
ص: 234
فاذا كانت ضربةٌ واحدةٌ مِن ضربات عَلِيّ عليه السَّلَام، تفضَّل على عبادةِ الثَّقلين؛ فبم تقاس بقايا أعماله عليه السَّلَام؟ أو ليس الأَنبياء عليهم السَّلَام من جملة الثَّقلين؟
[199] وقد روي في هذا الباب أَخبار كثيرة، وممَّا نُقِلَ من كتاب (المجتبى في توضيح أسرارا المُصطفى والمُرتضى)، خير حرَّه بنت حليمة السَّعدية، ومخاطبتها مع الحجَّاج بن يوسف الثَّقفي، لما طلبها الحجَّاج، قال لها: لا أَشك أَنَّك رافضيه؟ فقالت حرَّه: فراسةٌ مِن غير مؤمن.
قال الحجَّاج: هذا مُضافٌ إِلى ما بَلغني عنكِ؛ فقالت وما هو؟
قال الحجَّاج: بلغني أنَّكِ تُفضّلين عَلِيّاً على أبي بكرِ، وعمر، وعثمان.
قالت: والله، إِنَّ الَّذي وشى إليك عنِّي لكاذبٌ [ومفتري] عَلَيَّ [والله، ما أَنا أُفضِّله على أَبي بكر وعمر وعثمان]، ولكنِّي أُفضلهُ على آدم، وعلى نوح، وعلى إِبراهيم، وعلى داوُد، وعلى سُليمان، وعلى موسى، وعلى عيسى.
فقال لها الحجاج: إِنَّما أُنكر عليكِ تفضيلك إيَّاه على رجالٍ صحبوا رسول الله، وأَنتِ تُفضِّلينهُ على سبعة من الأنبياء؟! قال لها الحجَّاج: إنْ لمْ تأتِ بصحَّةِ ما قلتِ لأَخذت ما فيه عيناكِ في هذه السَّاعة.
قالت حرَّة: إِذا أَتيتُك بشيءٍ تعرف صحَّتهُ فلا تماكرني فيه.
ص: 235
قال الحجَّاج: "فعاهدتها"(1) على ذلك، فقال لها الحجَّاج: أَخبريني ما فضيلته على آدم؟
فقالت: قال الله تعالى في قصةِ آدم «وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ»(2).
ومولاي عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام، قال الله تَبارك وتعالى في حقِّه وشكره ومدحه في سورة هل أتى، فقال: «وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا»(3)، ومولاي عَليّ بن أَبي طالب صَلوات الله وسلامه عليه لمْ يعصْ الله تعالى طرفة عين أبداً ولمْ تأخذه في الله لومة لائِم، فهل عندك [يا حجَّاج ] ما ينا في هذا؟
قال: لا، ثُمَّ قال لها: فما فضيلته على نوح؟
قالت: قال الله تَبارك تعالى في قصة نوح: «ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحِيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ الله شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ»(4)، ومولاي [أَمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه قد] زوَّجه الله تبارك
ص: 236
وتعالى فاطمة الزَّهراء، والبتول العذراء - صلوات الله وسلامه عليها، وعلى بعلها وأَبيها، وأُمّها وبَنيها - في السَّماء تحت سِدَّرة المنتهى، وكان وليَّها الملك الأعلى، وولد له منها الحَسَن المجتبى والحُسَين الشَّهيد بكربلاء عليهما السَّلَام، وقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله: «[يَا عَلِيَّ]، إِنَّ وَلَدَيكَ هَذَين سَيِّدا شَبَابِ أَهْلِ الجنَّة»(1).
ولقد دخل عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلام يوماً على رسُول الله صلَّى الله عليه وآله، وهما على ظهر [رسول الله صلَّى الله عليه وآله]، فقال: «نِعْمَ المطيِّة مَطِيَّتكُما»، فقال رسُول الله صلَّى الله عليه وآله: «وَنِعْمَ الرَّاكِبَان هُما، وَأَبُوهُما خَيْرٌ مِنْهُما»(2).
ص: 237
فإِذا كانا سيّدي شباب أَهل الجنَّة من الأنبياء والأولياء والصَّالحين والشُّهداء من عباده وأَبو هما خير منهما، فعَلِيّ بن أبي طالب صلوات الله فعَليّ وسلامه عليه حينئذ أفضل الخلق وأَجلَّهم منزلة، فهل عندك [يا حجَّاج] ما ينافي هذا؟
قال: لا، ثُمَّ قال: فما فضيلته على إِبراهيم؟
قالت: قال الله تبارك وتعالى في قصَّة إِبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليه: «وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةٌ مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى 29 كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ»(1)، ومولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه قال قولاً ما قاله أَحد قبله قط، ولا يقوله أحد بعده [إِلَّا كذَّاب، وهو قوله:] «لَوْ
ص: 238
كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ازْدَدْتُ يَقِيناً»(1)، فهل عندك ما ينافي هذا؟
قال: لا، قال: فما فضيلته على داود عليه السَّلَام؟
قالت: قال الله تعالى في حقه: «وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمانَ وَكُلًّا أَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا»(2).
ومولاي عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام، قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله في حقِّه: "أَقْضَاكُم عَلِيّ"(3)، فهل عندك يا حجَّاج ما ينافي ذلك؟
قال: لا، ثم قال لها: فما فضيلته على سُليمان؟
قالت: قال الله تعالى في قصَّة سُليمان بن داوُد عليه السَّلَام: «وَهَبْ
ص: 239
لي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ(1)»(2)، ومولاي أَمير المؤمنين عليه السَّلام لَّما عُرِضَت له الدُّنيا، قال لها: «إِلَيْكِ عَنِّي [غُرِّي غَيْرِي] يَا غَدَّارَة، قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثَاً "لَا رَجْعَةَ لِي فِيكِ، وَلَا رَغْبَة لي إِلَيكِ"(3)»(4).
فهل عندكَ [يا حجّاج] ما ينافي هذا؟
قال: لا، ثم قال لها: فما فضيلته على موسى بن عمران؟
قالت له: قال الله تبارك وتعالى في قصَّته عليه السَّلام، لمَّا خاف وخرج منها خائِفاً يترقب، وقال: «فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ * وَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ
ص: 240
أَنْ يَقْتُلُونِ(1)»(2)، حتى قال الله تعالى: «يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ المُرْسَلُونَ»(3)، ومولاي أَمير المؤمنين علّي بن أَبي طالب صلوات الله وسلامه عليه لمَّا أراد المشركون قتل رسول الله صلَّى الله عليه وآله باتَ على فراشه، ووقَّاه بنفْسِهِ، ولم يخف، ولم يخشَ [من كثرةِ الأعداء وشدَّة المشركين، حتَّى باهی الله تعالى به ملائكته المقرَّبين، فأَنزل الله تبارك وتعالى في حقِّهِ: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ»(4)، فهل عندك [يا حجَّاج] ما ينا في ذلك؟
قال: لا، ثُمَّ قال لها: فما فضيلته على عيسى عليه السَّلَام؟
قالت: قال الله تبارك وتعالى في قصة مريم ابنة عمران عليها السّلام: «فَأَجَاءَهَا الْمُخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيَّا»(5)، ووضعته في أصل جذع النَّخلة، ومولاي أَمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه لَّما وقعت أمَّه في المخاض، فُتح لها باب
ص: 241
الكعبة ودخلت [فيها]، ووضعته في وسط بيت الله الحرام [ولذلك والله صارت الكعبة مطافاً للعاكف والباد، وما فُضِّل بهذه الفضيلة، ولا شُرِّف بهذا الشَّرف غيره، فهل عندك ما ينافي ذلك؟
قال: لا، قال: والله لولم تذكرين هذه الدلائل الواضحة؛ لكنت عذَّبتك عذاباً شديداً، ثم أمر لها بجوائز سنيّة، وعطايا هنيئة)(1).
[200] ومما نقل من نقل من كتاب (الاربعين) (عن عمَّار بن خالد عن إِسحاق الأَزرق، عن عبد الملك بن سليمان، قال: وجد في ذخيرة [أَحد] حواري عيسى عليه السَّلام في ورق، مكتوب بالقلم السّرياني، منقول من التوراة: وذلك لَّما تشاجر موسى والخضر عليهما السَّلَام، في قصَّةِ السَّفينة والغُلام والجِدارِ، رجعَ موسى عليه السَّلام إِلى قومه فسأَله أَخوه هارون عمَّا استعملهُ مِن الخضر، وشاهده من العجائِبِ في البحرِ.
فقال موسى عليه السَّلَام: بينما أَنا والخضر على شاطئِ البحر، إِذ سَقط بين أَيدِينا طائِرٌ، وأَخذ في مِنقارهِ قطرةً مِن ماءِ البحرِ وَرَمى بها نَحو المشرق، وأَخذ مِنه ثَانية وَرمى بها نَحو المغرب، ثُمَّ أَخذ الثَّالثة وَرمى بها نَحو السَّماء، ثُمَّ أَخَذ الرَّابعة ورمى بها نَحو الأَرض، ثُمَّ أَخَذ خَامسةً وأَلْقَاها في البَحر، فَبُهِتُّ أَنا والخضر عليه السَّلَام مِن ذلك وسأَلتهُ عنه، فقال: لا أَعلم.
ص: 242
فبينما نَحنُ كذلك، وإِذا بصيَّادٍ [يصيد] في البحرِ، فنظر إِلينا وقال مالي أَراكُما في فكرةٍ [وتَعجُّب] مِن أَمر الطَّائِر؟
فقلنا: هو كذلك، فقال: أَنا رجلٌ صيَّاد، وقد عَلِمتُ إشارتهُ، وأَنْتما نبيَّانِ لا تعلمان؟ فقلنا: [إِنَّا] لا نعلم إلَّا ما علَّمنا اللهُ عزَّ وجلَّ؛ فقال: هذا الطَّائر في البحرِ يسمَّى مُسلماً؛ لأَنَّه إِذا صَاحَ يقول في صِياحِهِ: مُسْلِم، فإشارته برمي الماءِ مِن منقارِهِ نحو المشرق والمغرب، والسَّماءِ، والأَرض، وفي البحر يقول: يأَتي في آخرِ الزَّمانِ نبيٌّ يكونُ عِلْمُ أَهلِ المشرق، والمغربِ، والسَّماوات، والأَرض، عند عِلمهِ مثل هذه القَطرةِ [المُلقاة] في البحر، ويَرِث عِلْمَهُ ابن عمِّه ووصيِّه عَليّ بن أَبي طالب عليه السَّلَام.
فعند ذلك سَكنَ ما كُنَّا فيه من التشاجرِ، واستقلَّ كلُّ واحدٍ منَّا عِلمه [،ثُمَّ غَاب عنَّا، فَعَلِمنا أَنَّهُ ملك بعثه اللهُ إلينا ليُعرّفنا نَقْصنا حيثُ ادَّعَينَا الكمال]»(1).
فإذا كان علم أَهلِ السَّماء، والأَرض، والمشرق والمغرب عند علمه صلوات الله وسلامه عليه كالقطرة المُلقاةِ في البحر، فكيف لا يكون أفضل؟!
وموسى والخضر عليهما السّلام نبيَّان، ولا يعلمان ما أَشارَ إليه الطَّائِر في
ص: 243
فعله، فهذا حديث شافٍ في المطلوب لصراحة أَلفاظه.
[201] وروي عن أَمير المؤمنين عَلِيّ عليه السَّلَام قال: «عَلَّمَنِي رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَلْفَ بَابٍ مِنَ الْعِلْمِ يَفْتَحُ لِي مِنْ كُلِّ بَابٍ أَلْفَ بَابٍ»(1)، فإِذا كان هكذا، فكيف لا يكون أَفضل؟
[202] وفي حديث آخر، قال أَميرُ المؤمنين عليه السَّلَام: («إِنَّ رَسُولَ الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَدْخَلَ لِسَانَهُ فِي فَمِي، فَانْفَتَحَ فِي قَلْبِي أَلْفُ بَابٍ [مِنَ الْعِلْمِ] وَفَتَحَ لِي كُلُّ بَابٍ أَلْفَ بَابٍ»)(2).
[203] ونقل عن الشَّيخ أَبو جعفر الطُّوسي، في كتابِ (مصباح الأنوار في مناقب الأَئِمة الأَطهار)(3): إِنَّ سلمان الفارسي، والمقداد بن الَأسود، وأَبا ذر الغفاري، وجماعة من أَصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله، دَخَلوا عليه والحزنُ ظاهرٌ في وجُوهِهم، فجثوا بين يَدَي رسُول الله صلَّى اللهُ عليه وآله، فقالوا:
ص: 244
نفديك بالآباء والأُمهات، إِنَّا نَسمعُ في عَلِيّ كلاماً قد أحزننا، وإِنَّا نستأْذنُك في الرَّدِ عليهم، فقال رسُول الله صلَّى الله عليه وآله: «وَمَا عَسَاهُمْ يَقُولُونَ فِي أَخِي وَابْنِ عَمِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَام»؟
فقالوا: يا رسول الله، إنَّهم يقولون: وأَيُّ فضيلة لِعَلِيّ بن أَبي طالب في سَبْقهِ إِلى الإِسلامِ، إِنَّما أدركهُ وهو طِفل صَغير، ونَحنُ نَحزن مِن هذا الكلام والنكث(1).
فقال النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله: «هَلْ عَلِمْتُمْ مِنَ الْكُتُبِ الأُولَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ هَرَبَ مِنْ نَمْرُود وَهُوَ حَمل، فَوَضَعْتُهُ [أُمُّهُ] بَيْنَ "أَثَلَات"(2) بِشَاطِئِ نَهَرٍ يَتَدَفَّق بين غُرُوبِ [الشَّمسِ] وإقْبَال الليل، فَلمَّا وَضَعَتْه وَاسْتَقَرّ عَلَى وَجِهِ الْأَرْضِ قَامَ مِن تَحتِهَا يَمسَحَ التّراب عن وجهه ورأسِهِ، ويكثر من الشَّهادة بِالوِحْدانِيَّة، ثُمَّ أَخَذَ ثَوبَاً وَتَوَشَّحَ بِهِ وَأمُّهُ تَرَاهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ فَرْعَت مِنْه فَرْعَاً شَدِيداً، ثُمَّ هَرْوَلَ بين يديها نَاظراً إِلَى السَّمَاءِ؛ فَكَانَ مِنْه مَا قَالَ الله تَعَالَى [فِي كِتَابِهِ] لَّما رَأَى كَوكَبَا ثُمَّ رَأَى الشَّمس والقَمَر؛ فَقَالَ الله تَبَارَكَ تَعَالَى: «وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ»(3).
وَعَلِمْتم أَنَّ مُوسَى بنَ عَمْرَان كانَ فِرعَون فِي طَلَبِهِ، وقَد شَقَّ بُطُون النِّسَاء
ص: 245
الحَوَامِل، وَذَبَحَ الأَطْفَالِ وَالأَولاد؛ لقَتل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامِ، فَلَمَّا وَلَدَتهُ أُمُّهُ أُمِرَت أَنْ تَأخذه مِن تَحْتِهَا وتَجْعَله في التَّابُوت، ثمَّ تُلقِيهِ فِي اليَم، فَبَقِيت مُتحيّرةً، و حَتَّى كَلَّمَهَا وَقَال: يَا أُمَيّ الْقِينِي فِي التَّابُوتِ واقذِفِينِي فِي اليَم، فَقَالَت وَهِيَّ فَزِعَة مِنْ كَلَامهِ: إِنِّي أَخَاف عليك الغرق، فقال لها: لا تخافي ولا تحزني إِنَّ الله رادَّني إليكِ، ثُمَّ إِنَّها فعلت ذلك، فبقي في التابوت واليم إلى أَنْ قذفهُ اليم إِلى السَّاحلِ، لا يطعم طعاماً ولا يشرب شراباً. فروي أَنَّ المدَّة كانت سبعين يوماً، "وروي سنة"(1).»
«وقال الله تعالى في حال طفوليته: «وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ(2)»(3)
وهذا عيسى بن مريم عليه السَّلام، قال الله تعالى: «فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيَّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ
ص: 246
رُطَبًا جَنِيًّا»(1).
فَكَلَّم [أُمَّهُ] وقت ولادتها إيَّاه، وقال الله تعالى لها: «فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَينَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا»(2).
وقال حين أشارت إليهِ [في قومها]: «كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيَّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ الله أَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيَّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيَّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا»(3).
[فَتَكَلَّمَ عِيَسى بنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام وقت وِلَادَتهِ، وأُوتِيَ الكِتاب والحِكْمَة، وَالنُّبوَّة، وَأُوصَى بِالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ لِ] ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ مَولِدِهِ، وكَلَّمَهُم في اليَومِ "الثَّالِثِ"(4).
وقَد عَلِمْتُم أَنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَنِّي وَعَلِيّا مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ، وَكُنَّا فِي صُلْبِ آدم نَسَبِّح الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، ثُمَّ نَقَلَنَا [مِنْ صُلْبٍ إِلَى صُلْبٍ]، فَلَم يَزَل
ص: 247
نُورنَا يَنْتَقِل مِنْ أَصْلَابِ الرِّجَالِ الطَّاهِرَة إِلَى الأَرْحَامِ الزَّكيَّةِ [المُطَهَّرَةِ]، يَسمَع تَسْبِيْحنَا فِي الظُّهُورِ والبطُونِ فِي كلَّ عَهْدِ وَعَصْرِ إِلَى ظَهرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّ نُورنَا كَانَ يَظْهَر فِي مَلَاحَةِ وجوهِ آبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا.
فَلَمَّا افرق نُورنَا نِصْفَين: نِصْفَ فِي عَبدِ الله، ونصف فِي أَبِي طَالِبٍ، وكان يُسْمَعُ تَسْبِيْحنا فِي ظُهُورِهِم، وكَانَ عَمِّي [وأَبِيّ] إِذَا هُمَا جَلَسَا فِي مَلأ مِنْ النَّاسِ، أَنَارَ نُورِي فِي صُلْبِ أَبِي، ونُور عَلي فِي صُلْبِ، إِلَى أن خَرَجْنَا مِنْ أَصْلَاب أَبَائِنَا وبِطُونِ أُمَّهَاتِنَا.
ولَقَد هَبَطَ عَلَيَّ أَخَي جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام وَقت وِلَادَة عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ لَيّ: يَا مُحَمَّد، الحَقِّ يُقرِيكَ السَّلَام وَيُهنِّيكَ بِوِلَادَةِ أَخِيكَ وابْن عَمَّكَ عَليّ بنَ أَبِي طَالِبٍ، َويَقُول لَكَ: هَذَا أَوَان ظهور نبوّتك، وإعلَان أَخِيكَ، وابنَ عَمّك، ووَزِيْرك، وصَفْوَتك، وخَلِيفَتك، ومَنْ شَدَدت بِهِ أَزْرك، وأعلنت بِهِ ذكرك .
فَقُلتُ لَه: الحَمْدُ الله، فَقَمْتُ مُبَادِرَاً، فَوَجَدت فَاطِمَة بنت أَسَد قَد جَاءَهَا الْمَخَاضِ وَحَوهَا النِّسْوَة وَالقَوَابِل، فَقَالَ لِي فِي جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام: اسْجف(1) بِينَنَا وبَيَن النِّسَاء سجافاً، فَإِذَا وَضَعَتْ عَلِيّاً فالتقفهُ أَنتَ، فَفَعَلت مَا أَمَرَنِيِّ بهِ جَبْرَئِيل، وقال: أمْدد يدك اليُمْنَى، [فَالتقِ بِهَا عَلِيَّا، فَإِنَّه صَاحِب اليَمِين]، فَمَدَدت يَدِي نَحْو أُمَّه فَإِذَا بِعَلِيِّ مَائِلَ إِلَى يَديَّ، وَاضِعَ يَدِهِ اليُمْنَى فِي أُذنِهِ اليُمْنَى يُؤذِّن ويقيم بِالحَنَفِيَّةِ، ويَشْهَد الله تَعَالَى بِالوِحْدَانِيَّةِ، ويَقَرٌ بِرِسَالَتِي،
ص: 248
ثُمَّ اثْنَى [فَقَرَأَ]، والَّذِي فَلَقَ "الحبَّة"(1)، وبَرَا النَّسْمَة، لَقَد ابْتَدَأَ فِي الصّحفِ الَّذِي أَنْزَلَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى آدَم عَلَيْهِ السَّلَامِ، وَقَامَ بِهَا شِيتْ ابنه، فَتَلَاهَا مِنْ أَوَّلَها إِلَى آخِرِهَا، مِنْ أَوَّلِ حَرف إلى آخر حرف، حَرفَاً حَرفَاً، ولَو حَضَرَ شيث لِأقرَّ [له] إِنَّهُ أَحفَظَ مِنْه، ثُمَّ تَلَا صُحف [نُوح، ثُمَّ صُحف] ابْرَاهِيم، [ثُمَّ نَلَى تَورَاة مُوسَى، وإنجِيل عِيسَى، ثُمَّ قَرَأَ القُرآن مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، فَوَجَدَتَه يَحفظهُ كَحِفْظِيّ لَه مِنْ قَبْلِ أَنْ يَسمَع مِنِّي مِنْهُ حَرفَاً وَلَا آيَة، ثم خَاطَبَنِيّ وخَاطَبَتَه بِمَا خَاطَب بِهِ الأَنْبِيَاء الأَوْصِيَاء، ثُمَّ عَاد إلى طفُولَتِهِ.
فَبِمَاذَا تَحزَنُون؟! ومَاذَا عَلَيكم مِنْ قَولِ أَهلِ الشّرك والشّك»؟!
وقَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ: «بِالله عَلَيْكُم، تَعلمون أنِّي أَفضَل الأَنْبِيَاء، وعَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام أَفضَل الأَوصِياء، وهُو وَصِيِّي عَلَى المُسْلِمِينِ جَمِيعاً، وإِنَّ آدَم لَمَّا رَأَى اسْمِي واسم أخِي واسم اِبْنَتِي فاطِمَة واسم سبطَي الحَسَن والحُسَين مَكْتُوبَاً عَلَى سَاقِ العَرشَ بِالنُّورِ، قَالَ: إِلهِي هَل خَلَقَتَ خَلْقاً مِنْ قَبْلِي أَكرَم عَلَيْكَ مِنِّي؟
قَالَ: لَا يَا آدَم قَالَ: فَمَا هَذِهِ الاسْمَاء الَّتِي أَرَاهَا عَلَى سَاقِ العَرشِ مِكتُوبَة؟
قَالَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا آدَم لَو لَا هَذِهِ الأسْمَاء مَا خَلقتُ سَمَاءً مَبنيَّة، ولا ارضَاً مَدحِيَّة، ولا ملكاً مَقَرَّباً، وَلَا خَلَقْتك [أَنْتَ] يَا آدَمَ، فَقَالَ آدَم: الهي وسَيِّدي، فَبِحَقِّهِم عِلِيكَ إِلَّا مَا غَفَرَت لِي خَطِيئَتِي، فَغَفَرَ لَهُ، وَكُنَّا نَحْنُ الكَلِمَات الَّتِي تَلَقَّاهَا آدَم مِنْ رَبِّهِ، فَغَفَرَ لَهُ، فَقَالَ الله تَعَالَى: أبشِر يا آدَم [هَذِهِ
ص: 249
الأسمِاء مِنْ ذرِّيتك وولدك، فَحَمَد الله تَعَالَى آدَم] وافْتَخَر عَلَى المَلائِكَةِ.
فِإِذا كَانَ هَذَا مِنْ فَضل الله وَفَضلنا عَلَى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَمَا أَعْطِي ابْرَاهِيم، وَمُوسَى، وعِيسَى مِنْ الفَضلِ إِلَّا أَعْطَانَ الله أَوْفَى مِنْه».
فقال سلمان، والمقداد، وأَبو ذر، ومن معهم: يا رسول الله، فنحن بحمد الله تعالى الفائزون، فلك ولأمتك خلقت الجنَّة، ولأعدائك خلقت النار، فهنيئا لِعَلِيّ بما اعطاه الله من فضله، إنَّ هذا لهو الفضل المبين، «ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ(1)»(2).
[204] ونقل عن ابن شهر آشوب في مناقبه عن خالد، عن رجاله، أن عَلِيَّاً عليه السَّلَام قال: «إِنّيّ كُنتُ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ كَالعَصْدِ مِنْ المَنكَبِ، وَكَالذَّرَاعِ مِنْ العُضْدِ، و كَالكَشْف مِنْ الذَّرَاعٍ، رَبَّانِيِّ صَغِيرًا، وآخَانِي كَبِيراً، وَلَقَد [عَلمتم أَنِّيّ] كَانَ لِي مِنْه مَجْلس [سِرّ] لَا يَطَّلِع عليه أَحَد إِلَّا الله، "وَأَوْصَانِي"(3) دُون أَصْحَابه وأهل بَيتِهِ، وإنيِّ سَأَلْتُه مَرَّة أَن يَدْعُو لي بِالمَغْفِرَةِ، فَقَالَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ: أَفعَل ذَلِكَ لِأَجْلكَ يَا عَلِي، فَقَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَلَّى صَلَاةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ رِفع يديهِ بِالدُّعاءِ، وسمعته يَقُول: اللَّهُمَّ أَسْتَلكَ بِحَقِّ عَلِيَّ عِندك أَن تَغْفِر لِعَلِي، فَقُلت: يَا رَسول الله، مَا هَذَا؟
ص: 250
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ: [يَا عَلِي، أَوَ أَجِدُ أَكرَمٍ مِنْكَ عَلَى اللَّهُ فَاسْتَشْفِع بِهِ إِلَيْهِ»(1).
فَعُلِمَ مِن قولهِ صلَّى الله عليه وآله: «أَوَ أَجِدُ أَكْرَمٍ مِنْكَ عَلَى اللهِ» أَن ليس هناك أَحد سواه، فلو كان أَحد غيره اكرم منه عند الله لدعا به النَّبيّ صلى الله عليه وآله، وهو صريح كلامه عليه وآله الصَّلاة والسلام، فتعيَّن كونه أَفضل.
[205] وَرُوي عن ابن مسعود أَنَّه قال: (قُلتُ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله: أرني الحقّ، فقال صلَّى الله عليه وآله: «أَلِجْ المخْدَع»(2)، فلماَّ دَخَلت رأَيت عَلّيِ بن أَبي طالب عليه السَّلام ساجداً وهو يقول في سجوده: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَلكَ بِحَقِّ مُحَمَّد نَبِيَّكَ أَنْ تَغْفِر لِعَلِي وَلِيَّك».
فلمَّا خَرجتُ "أخبر"(3) رسُول الله صلىَّ الله عليه وآله "رأيته خرَّ ساجداً(4)" وهو يقول في سجوده: «اللَّهُمَّ إِنِّي أسئَلُكَ بِحَقِّ عَلِيّ وَلِيّك أَنْ تَغْفِرِ لِمُحَمَّدٍ
ص: 251
نَبِيّك»)(1).
[206] وَرُوي في كتاب (مشارق أَنوار اليقين في مناقب أمير المؤمنين عليه الصَّلَاة والسَّلَام): (عن مُحمَّد بن شاذان، عن ابن عبَّاس، قال: كنَّا جلوساً عند رسول الله صلَّى الله عليه وآله، إذ أَقبل عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلام، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله: «مَرْحَباً بِمَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ قَبْلَ [أَبِيهِ] آدَمَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ سَنَة».
قال، فَقُلنا: يا رسُول الله، أكان الابن قَبل الأَب؟
قال: «نَعَمْ إِنَّ الله تَعَالَى خَلَقَنِي وَعَلِيَّاً مِنْ نُورٍ وَاحِد قَبْلَ خَلْقَ آدَمَ بِهَذِهِ المُدَّةِ، ثُمَّ قَسمَهُ نِصْفَين، ثُمَّ خَلَقَ "جميع الأنبياء"(2) مِنْ نُوْرِي وَنُور عَلّي، ثُمَّ جَعَلَنا عَنْ يَمِين الْعَرْشِ، فَسَبِّحْنَا فَسَبَّحَتِ المَلائِكَةُ وَهَلَّلْنَا فَهَلَّلَتِ الْمَلَائِكَةُ وكَبَّرْنَا فَكَبَّرَتِ المَلَائِكَةُ، فَكُلّ مَنْ سَبَّح الله وَكَبَّرَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ عَن تَعْلِيمِي وَتَعْلِيمِ عَلِيّ»)(3).
فإِذا كان كلّ من سبَّح الله، وكبَّره، وعبده من تعليمِ النَّبيّ صلَّى الله عليه
ص: 252
وآله، وتعليم أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، وهما شريكان في التعليم، فكيف لا يكون عليه السَّلام أفضل؟!
[207] و (عن النَّبيِّ صلَّى الله عليهِ وآلِهِ، أَنَّهُ قَال: «لَمَّا خَلَقَ الله سُبحَانُه وتَعَالَى آدَمَ وَحَوَاء تَبَخْتَرا(1) في الجَنَّةِ، فَقَالَ آدَم [لَحِوَّاءِ]: مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى [خَلْقَاً] أَحَسَن مِنَّا، فَأَوْحَى الله تَعَالَى إِلَى جَبْرَئِيل: أَن "امْضِ"(2) بِعَبْدِي إِلَى الفَرْدَوسِ الأَعْلَى، فَلَمَّا دَخَلَ الفَرْدَوس، نَظَرَ إِلَى جَارِيَةٍ عَلَى درنُوكِ(3) مِنْ دَرَانِيكَ الجَنَّة، عَلَى رَأسِهَا تَاجِ مِنْ نورٍ، وفِي أَذْنَيْهَا قرطَانٍ مِنْ النّورِ، قَد أَشْرَقَت الجِنَانِ مِنْ نُّورِ وَجْهِهَا، فَقَالَ [آدم]: "يا رب"(4) مِنْ هَذِهِ [الجَارِيَّةِ الَّتِي قَد أَشَرْقَت الجَنَّة مِنْ نُّورِ وَجْهِهَا]؟
فَقَال: هَذِهِ فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد نَبِيِّ مِنْ وُلِدِكَ، يَكُون فِي آخِرِ الزَّمَان.
قَالَ: فَمَا هَذَا التَّاجِ الَّذِي عَلَى رَأْسِهَا؟
قَال: بَعْلَهَا عَلِيّ بنَ أَبِي طَالب.
قَال: ومَا القَرْطَان؟ قَال: وَلَداهَا الحَسَن والحُسَين.
ص: 253
قَال آدَم: حَبِيْبِي جَبْرَئِيل أَخْلِقوا قَيْلى؟
قَالَ: هُم مَوْجُوْدُونَ فِي غَامِضِ عِلْمِ الله قَبْل أَن تُخلَق بَأَرْبَعِين أَلْفُ سَنَة»)(1).
[208] (وروي أَنَّ صعصعة بن صوحان دخل على أَمير المؤمنين عليه السَّلَام لَّما ضُرِب، فقال: يا أمير المؤمنين: أنت أفضل أَم آدم أبو البشر؟
قَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السَّلَام: «تَزْكِية المرء لِنَفْسِهِ قَبِيْحٍ، [وَلَكِن] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِآدَم: «يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُها وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ»(2)، وَأَنَا كَثِير مِنْ الْأَشْيَاءِ أَباحَهَا الله تَعَالَى، وَأَنَا تَرَكْتِهَا وَمَا قَارَبْتَهَا».
ثُمَّ قال: أَنت أَفضل يا أَمير المؤمنين أَم نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَام؟
قَالَ: «إِنَّ نُوحاً دَعَا عَلَى قَومِهِ، وَأَنَا مَا دَعَوت عَلَى ظَالِي حقي، وابن نُوحٍ كَانَ كَافِرَاً، وابْنَاي سَيِّدَا شَبَاب أَهل الجَنَّة»، فقال: أنت أفضل أم موسى عَلَيهِ السَّلَام؟
قالَ عَلَيْهِ السَّلَام: «إِنَّ الله تَعَالَى أَرْسَل مُوسَى إِلَى فِرْعَونَ، فَقَالَ: أَخَافُ
ص: 254
أَنْ يَقْتُلُوْنِ»(1)، حَتَّى قَال الله تَعَالَى: «لَا تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ»(2)، وقَال: «رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسَاً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُوْنِ»(3)، وأَنَا مَا خِفْت لَّما أَرْسَلَنِي رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِتَبْلِيغِ سُورَة بَراءَة أَن أَقرَأَهَا عَلَى قُرَيش [في المَوسِمِ، مَعَ أَنِّي كُنْت قَتَلَت كَثِيراً مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيش]، فَذَهَبْت بِها إِلَيْهُم وْقَرَأْتِهَا عَلَيْهِم ولا خِفْتهُم».
ثُمَّ قال: أَنت أَفضل أَم عيسى بن مريم عليهِ السَّلَام؟
قال عليهِ السَّلَام: «إِنَّ عِيسَى كَانَت أُمُّهُ فِي بَيت الْمَقْدِسِ؛ فَلَمَّا حَانَ وقت ولَادَتِهَا، سَمعَتْ قَائِلاً يَقُول هَا: أُخْرُجِيّ فِإِنَّ هَذَا بَيت العِبَادَةِ لَا بَيت الوِلَادَة، وَأَنَا أُمِّي فَاطِمَة بِنت أَسَد لَّمَا قَربَ وَضعُ حَمْلَهَا، كَانَت فِي الْحَرَمِ، فَانْشَقَّ حَائِط الكَعْبَة، وسمعتْ قَائِلاً يَقُول هَا: أُدْخِلِي، فَدَخَلَت فَي وَسَطِ البَيْتَ، وَأَنا ولدت فيه، وليس لأحد هَذِهِ الفَضِيلَة غَيْرِي، لَا قَبْلِي وَلَا بَعْدِي»)(4)
[209] (روي عن سعيد بن منصور، قال: حدَّثنا الدراوردي، عن العلا بن عبد الرَّحمن، عن أَبيه، عن عبد خير، عن عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام
ص: 255
أَنَّه قال: «أُهْدِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ قنُو(1) موز، فَجَعَل يُقَشرِّ المَوزَة ويَجْعَلَهَا فِي فَمِيّ، فَقَالَ لَه قَائِل: يَا رَسول الله، إِنَّكَ تُحِبّ عَلِيَّاً؟!
فَقَال: أَوَمَا عَلِمْت أَنَّ عَلِيَّاً منّي وأَنَا مِنْ عَلِي، [حيث أَكُون يَكُون] حيث يَكُون أَكُون»)(2).
[210] (وروي عن سَويد بن سعيد، قال: حدَّثنا يحيى بن سليم الطَّائفي، عن الأَزور بن غالب، عن سليمان التَّيمي، عن أَبي مجلز، عن عبد الله، قال: رأيت رسُول الله صلَّى الله عليهِ وآله، وكفّهُ في كفِ عَلِيّ عليه السَّلام، وهو يقبِّله؛ فقلت له يا رسول الله، ما منزلة عَلِيّ منَّك؟
قال: «مَنْزِلَتِي مِنْ الله سُبْحَانُه»)(3).
ومعلوم أَن منزلة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله مِن الله سُبحانه أَن يكون أَفضل مخلوقاته، فيكون عَلِيّ عليه السَّلَام أفضل مخلوقات الله بعد النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله، للعلَّةِ الموجبة لذلك.
ص: 256
[211] (وروي عن جابر بن عبد الله الانصاري أَنَّه قال: كنت عند الخندق وقد حَفَر النَّاسِ، فَحَفَرَ عَليَّ عَلَيهِ السَّلَامِ، فَقَال النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيهِ وآلِهِ: «بَأَبِي مَنْ يَكْفُر، وجَبْرَئِيل "يُنكث"(1) بَين يَدَيْهِ ويُعِينَه مِيكَائِيل، ولَمْ يَكُن يُعِين قَبْلِه أَحَداً مِنْ الخَلْقِ؛ لِكَرَامَتِهِ عَلَى الله تَعَالَى»)(2).
فإِذا كان كذلك، كيف لا يكون أفضل؟!.
[212] عن وهب بن منبه(3) [قال]: إِنَّ موسى عليه السَّلاَم ليلة الخطاب وجد كلّ حجرة وشجرة في الطُّور ناطقة بذكر مُحمَّد صلَّى الله عليه وآلهِ و نقبائه، فقال: يا رب لم ارَ شيئا مما خلقت إلَّا وهو ناطق بذكر الله، وذكر محمد صلَّى الله عليهِ وآلهِ ونقبائه، فقال الله تبارك تعالى: «يا بن عمران، إنّي خلقتهم قبل الأنوار، وجعلتهم "خزانه"(4) الأسرار، يشاهدون أنوار ملكوتي، وجعلتهم تراجمه علمي، ولسان حكمتي، ومعدن سري، وخلقت الدُّنيا والآخرة لأجلهم.
ص: 257
فقال مُوسَى: «يَا رَب فَاجعَلَنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ».
فقال الله تَبَارَكَ وتَعَالَى: «يَا مُوسَى، إِذَا عَرَفْتَ مُحَمَّداً ووَصِيَّهُ وعِتْرَتهُ، وعَرَفَتَ فَضْلهم، وآمَنْتَ بِهِم، فأَنْتَ مِنْ أُمَّتِهِ»)(1).
[213] (وَرَوَى الأَصبغ بن نباته رضي الله عنه، [قال:] لَّما انصرف مولانا أَمير المُؤمِنِين عَلَيهِ السَّلَام من البصرةِ إلى الكُوفةِ جمع النَّاسِ وصَعَدَ المِنْبَر وخطب خُطبة، وقال: «أَيُّهَا النَّاس، لَو شِئْتُ لَأَخْرَجتُ مَا فِي قُلُوبِكُم مِنْ الشَّكِّ وَالْغِلَّ وَالنّفَاقِ الَّذي أَنْتُم عَلَيه مُصِرون، وَلَكِنْ تَمَّتْ «كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ».
وَالله لَو شِئْتُ لَدَمَّرتُ عَلَيْكُم فِي لَحَظَةٍ واحِدة، وَلَأَتَاكُم الْعَذَابِ مِن حيث لَا تَشْعُرُونَ.
وَالله، أَنا أَعْلَم بكُم مِنْكُم، وَأَعْلَم بِما أَخْفَيْتُم "وَمَا أَعْلَتُم"(2)، والَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَة إِنَّ عِيسَى بنْ مَرْيَم كَان يُحْيِي الموتَى وَيُبْرِئ الأَكْمَه والأَبْرَص، وَيُخلق مِن الطَّينِ كَهَيئَة الطّير(3)..
ص: 258
وَأَنَا أَهْبَطت آدم مِنْ دَارِ الأَمَن وَالْقَرَارِ إِلى دَارِ المَحنَةِ وَالْبَوَارِ، وَمِن الطَّمَانِينَة والرَّاحَة إِلى العبوديَّةِ والذَّلَّة، وأَنا خَلَّصتُ يُوسف مِن الحِبِّ، وَرَدَدتُ عَلى يَعْقُوب بَصَرهُ، وَكَشَفت ضرَّ أَيوب، وَوَهَبتُ لِسُلَيمان بن دَاوُد الملك، وَفَلَقتُ البحر لِمُوسَى بن عمران، وَأَرسَلتُ الطُّوفَان عَلَى قَومِ نُوحٍ، وَظَلَّلْتُ الْغَمام عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل، وأَهْلَكتُ قَومٍ شُعَيب، وَجَعَلتُ عَالِيَها سَافِلَها.
وَالله لَو شِئتُ أَيُّها المجرِمُونَ لَخَسَفتُ بِكُم الأَرَض [خَسْفاً]، وَأَرجَفتُ بِكُم رَجْفَاً «أُفٍّ لَكُم وَلا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله»(1)»)(2).
فإِذا كان هو المُهبِط لآدم، والمخلّص ليوسف، والرَّاد على يعقوب بصره،
ص: 259
والكاشف لضرِّ أيوب، والواهب لسليمان الملك، والفالق لموسى بن عمران البحر، ومرسل الطُّوفان على قومِ نوح، ومظلِّل الغمام على بني إسرائيل، ومهلك قوم شعيب، فكيف لا يكون أَفضل؟!
هذا وموسى بن عمران قد طلب من الرَّبِّ جلَّ وعزّ أَن يجعله من أمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى الله عليه وآله، وعَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلَام لا شك أَنَّهُ مستولي على الأمَّةِ، فمن كان مُسْتَوليا أفضل من المُسْتَولى عليه، فيكون أفضل.
[214] و(عن مُحمَّد بن سنان، عن جدِّهِ عبد الله بن سنان، قال: دَخَلتُ على الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق صَلَواتُ الله عليه، فقال لي عليه السَّلام: «مَنْ عَلَى الْبَابِ»؟
فقلتُ: يا بن رسول الله رجلٌ غريب، فقال: «إِئْذَن لَه بِالدّخُولِ».
قال: فدخل وسلّم على الإمام عليه السَّلام فقال: «مَنْ أينَ الرَّجُل»؟
قال: من أهل الصِّين.
قال عليه السَّلَام: وهَلْ تَعْرِفُونَا بِالصِّينِ»؟
قال: إي والله يا بن رسول الله.
قال: «فَبِمَاذَا تَعْرِفُونَنَا»؟
قال: إِنَّ عندنا شجرة تحمل في كلِّ سنة ورداً يتلوّن في كلِّ يوم مرَّتين، فإذا كان أَوَّل النَّهار فنجد مكتوباً عليها: لا إله إلَّا الله مُحمَّد رسول الله، فاذا كان آخر النَّهار، فنجد مكتوباً عليها: لا إله إلَّا الله عَلِيّ خليفة الله.
ص: 260
قال: فأكرمه الإمام الصادق عليه السَّلام وأعطاه كسوة ونفقة)(1).
[215] و (عن سلمان الفارسي رضوان الله عليه، قال: كنتُ [يوماً] مع مولاي أَمير المؤمنين عليه السَّلام بأرض قفر(2)، فرأى صلىَّ اللهُ عَليه، درَّاجاً يصيح فكلَّمة، وقال له: «يَا دَرَّاج مُذ كَم أَنتَ فِي هَذِهِ البَرِيَّةِ؟ ومنْ أَينَ مَطْعَمك ومَشْرَبك»؟
قال: يا أمير المؤمنين منذ مائة سنة في هذه البريَّة، ومطعمي ومشربي، إِذا جعت أصلِّي عليك فأشبع، وإذا عطشت أدعو على ظالميك فاروى.
فقلت: يا أمير المؤمنين صلوت الله عليك، هذا شيء عجيب ما أعطى منطق الطير إلَّا لسُليمان بن داود عليهما السَّلَام؟
قال: «يَا سُلَمَان، أَمَا عَلِمْتَ إِنِّي أَعْطَيْتُ سُلَيْمَان بن دَاوُود ذَلِكَ، وَلَولَانَا مَا خَلَقَ الله سُلَيَمَان َولَا دَاوُود ولَا أَبُوهُمَا آدَم عَلَيْهِ السَّلَام».
ثُمّ قَال صَلَّى الله عَلَيهِ: «يَا سَلْمان، تُرِيد أَنْ أُرِيكَ أَعْجَب مِن هَذَا»؟
قلت: بلى يا أمير المؤمنين، وخلفية ربّ العالمين.
ص: 261
قال: "«فَارْفَعَ رَأْسَك إِلَى السَّمَاءِ»، قال"(1): «يَا طاوُوس اهبط»، فهبط، ثم قال صلّى الله عليه: «يَا صَقر اهبط» فهبط، «ويَا بَاز اهبط» فهبط، «ويَا غُرَاب اهبط»، فَهَبَطُوا جَمِيْعَاً.
ثُمَّ قال عَلَيهِ السَّلَام: «[يَا سَلْمَان]، إِذْبَحْهُم، وانتف ريشهم، وقَطَّعهم إِرَبَاً إِرَبَاً، واخْلط لَحمهم بَعْضها بِبَعَضٍ»، قال سلمان: ففعلت كما أمرني مولاي وتحيَّرت، ثم التفت إِليَّ وقال: «مَا تَقُول»؟
قلت: أطيارٌ تطير في الهواء، لم أعرف لها ذنباً، أمرتني بقتلها؟
قال صَلَّى الله عَلَيهِ: «تُريد يَا سَلْمَان أَن أَحْيهَا السَّاعَة»؟
قلت: بلى يا أمير المؤمنين، فنظر إليها شزراً وقال لها: «طِيرِي "بِإِذْنِ"(2) الله تَعَالَى»، قال: فطارت الطّيور جميعاً بإذن الله، فتعجَّبتُ من ذلك وقلت يا مولاي، هذا أَمر عجيب!.
قال صَلَّى الله عَلَيهِ: «[يَا سَلْمان]، لَا تَعْجَب مِنْ أَمْرِ الله تَعَالَى، فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ مَا يَشَاء، فعّالٌ لِمَا يُرِيد، يَا سَلْمَان، إِيَّاكَ أن تحوّل وَجْهَكَ عَنِّي، "إنّي عبد الله وخليفته، أمْرِي مِنْ أَمرِهِ، ونَهیِي مِنْ نَهْيِهِ، وقُدْرَتِيّ مِنْ قُدْرَتِه، وقُوَّتِي مِنْ قِوَّتِهِ"(3)»)(4).
ص: 262
فإِذا كان هو الَّذي أُعطى سُليمان بن دَاوُود منطق الطَّير(1)، ولا عجباً من ذلك، لأنه آية الله وقدرته، فلولاهم ما خلق الله سُلَيمان ولا دَاوُود ولا أبوهما آدم عليهم السَّلَام، فاذا كان هذا شأنه كيف لا يكون أفضل؟!
[216] وعنْ أبي حمزة الثمالي رضى الله عَنْه، عن الإمام البَاقِرِ عَلَيهِ السَّلَام، قال: قال أمير المؤمنين صلَّى الله عليه: «إنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ وَاحِد أَحَد "فَرد صَمَد"(2)، تَفَرَّدَ فِي وِحْدانيَّته، ثُمَّ تَكَلَّم بِكَلِمَةٍ صَارَتْ نُورَاً(3)، ثُمَّ خَلَقَنِي مِنْ ذَلَكَ النُّور، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أُخرَى فَصَارَت رُوحَاً، فَاسْكَنَهَا فِي ذَلِكَ النُّور، فَأَنَا رُوح الله عَزَّ وجَلّ [و كَلمَته]، فَمَا زِلْت فِي [ظِلَّ] عَرشِهِ حَيْثُ لا شَمْسٌ، وَلَا قَمَرٌ، وَلَا سَماءٌ، وَلَا هَواءٌ، ولا أرضٌ، ولَا مَاءٌ، ولا لَيلٌ، ولَا نَهَارٌ، ولَا مَلِكٌ، ولا جِنٌ، وَلَا إِنْسٌ، وإِنَّ الله قَد "أَخَذَ مِيثَاقِي مَعَ مِيْثَاقِهِ(4) فِي الذَّرِّ الأَوَّلِ"(5)، وأَن لِيّ الكَرَّة بَعد الكَرَّة، والرَّجْعَة بَعد الرَّجْعَة، وأنا صَاحِب الكَرَاتِ والرَّجْعَات، وصَاحِب الآيَات والدَّلالات، والعَجَائِب والنّقمَات، وأَنا قرنٌ مِنْ حَدِيد، وأَنَا
ص: 263
أبَداً جَدِيد، وأَنَا عَبد الله، وخَلِيفَة الله، وأَنَا آمين الله وخَازنه، وأَنَا عَيْبَة(1) سِرِّه، "وحَاجِبهُ"(2) ورَحَمته وصَراطه ومِيزَانه.
أَنَا الحَاشِر إلى الله، "وأَنَا آية الله"(3)، "وأَنَا كَلمتُه"(4)، وأَنَا عَين الله النَّاظِرَة، وأَنَا يَد الله "الظَّاهِرَة"(5)، وأَنا قُوَّة الله الغَالِبَة، [وأَنَا غَلَبته القَاهِرَة]، وأَنَا "الصِّرَاط المستقيم، وأنا "النَبأ"(6) العَظَيم، وأَنا اسم الله "العَلّيِ"(7) ومَثَلَه الأعلى، وأَنَا صَاحَب الجَنَّة والنَّار، أسكن أهل الجَنّة بالجَنّةِ، وأسكن أهْل النَّار بالنَّار، وإِلِي روح(8) أهل الجنّة، وإليَّ عَذَاب أَهْل النَّار، وإليَّ مَرجَع أَهل الخَلق جميعاً، وإِيَّاب الخَلَائِقِ إِلَيَّ بَعدِ الفَنَاءِ، وإلَيَّ حِسَابِ الخَلقِ جَمِيعاً.
وأَنَا الأَوَّل وأَنَا الآخِر، وأَنَا الظَّاهِر وأنَا البَاطِن، وأنَا بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم، وأَنَا الشَّاهِد وأنا الحاضر، وأنا الغَائِب، وأنا الحجّة عَلَى أَهل السَّمَاوَاتِ والأرض، وأَنَا الَّذِي احْتَجَّ الله تَعَالَى بِي عَلَيْكُم فِي ابْتِدَاءِ خَلقِکِم، وَأَنَا الَّذِي عَلِمْتِ المَنَايَا والبَلَايَا والوَصَايَا وفصل الخطاب، وأنا صَاحِب العَصا والمَيسَم والخَاتَم، وأنا الَّذِي أَجْريَت السّحاب والرّعد والبَرق، وجَعَلت النُّور والظّلمَة، وأَجَريت
ص: 264
الرِّيَاح والبحار والنّجُوم والشّمس والقَمَر، وأَنَا الَّذِي أَهْلَكت عَادَاً وثَمُود وأصْحَاب الرسّ، وقرُونَاً بين ذلك كثيراً، وأَنَا الَّذِي أَذلَلت الجَبَّارِين والمُتكَبْرِينَ، وأَنَا صَاحِب مَدين ومُهْلِك فِرعَون، وَمُنجِي مُوسُى بن عمران، وأَنَا الَّذِي أَرسلت الطوفان عَلَى قَومِ نُوحٍ، وَأَنَا الَّذِي أَحْصَيْت كُلِّ شَيء عَدَدَاً، وأَنَا فَعَّال لا أريد، وأَحكَم مَا أَشَاء بِحَوِّلِ الله تَعَالَى وقوَّتِه، وَلَا حَول ولَا قُوَّة إلَّا بالله العلي العظيم، وأنا "مع هذا كلَّه"(1) عبد مِن عِبَادِ الله عَزَّ وَجَلَّ.
يَا مَعْشَرَ النَّاسِ سَلُونِ قَبل أَن تَفْقِدُونِيّ، ثُمَّ نَزَلَ صَلَّى الله عَلَيهِ عَنْ المنبر وانصرف»)(2).
فمَنْ كان متصفاً بهذه الصفات، ومنعوتاً بهذا النعوت، ومخلوقاً بهذه الصفات، ومحتوياً لهذه الكلمات، ومُتَردٍّ(3) بهذه الآيات الباهرات، كيف لا يكون أَفضل؟! وهو الحجَّة على مَن في السَّماءِ ومَن في الأَرضِ، مِن آدم إِلى يوم الحشر والنشور.
[217] و (عن داود بن كثير، عن الإمام البَاقر مُحَمَّد بن عَلِيّ عليهِما السَّلَام، قال: قال رسول الله صلَّى الله عليهِ وآلهِ: «لَّما أُسرَى بِي إِلَى السَّمَاءِ وصرت عِنْد سِدرَة المُنتَهَى، قَال لِيّ جَبْرَئِيلَ عَلَيهِ السَّلَام: اخْلَعَ نَعْلَيكَ وانْزِل عَنْ البُرَاقِ،
ص: 265
فَخَلَعْت نَعلي، وقال لي: يَا مُحَمَّد، "جز"(1)، فَجِزتُ، حَتَّى صَارَ بَيني وبين رِبِّي جلَّتْ عَظَمَته مَا شَاء الله تَعَالَى؛ فَقَالَ لِيّ ربي: أدنُ "منِّي"(2) فَدَنَوت، حَتَّى صرت بَينِي وبَين رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ كَقَابَ قَوسَين أَو أَدْنَى(3)، وقَال: يا مُحَمَّد، مَنْ خلَفت عَلى أُمَّتِكَ فِي الأَرض؟.
قلت: يَا رَبِّ عَلِيَّاً.
قَال: يَا مُحَمَّد، تَحِب أَن تَرَى عَلِيَّاً؟
قلت: نَعَم يَا رَبِّ.
قَال: أَنْظُر يَا مُحَمَّد جَانِبِ الحِجَاب عَن يَسَارِكَ، فَنَظَرت فاذَا بِعَلِيِّ راكِع الله تَعَالَى، [قلت: يَا رَبِّ، هَذَا عَلِيّ رَاكِع]، فَقَال: يَا مُحَمَّد، أَنظُر "عَنْ يَمِينِك"(4)، فَنَظَرت فِإِذَا عَلي قَائِم يُصَلِّيَّ [فَقُلْت: يا رَبِّ هَل هَذَا عَلي قَائِم].
قَال: يَا مُحَمَّد أَنظُر تحت العرش، فَنَظَرت فَإِذَا عَلِي سَاجِدِ، فَقلت: يَا رَبِّ هَذَا عَلي سَاجِد، فَلَمَّا هَبطت إِلَى الأَرضِ بشرت عَلِيَّا، فَقَال: يَا رَسُول الله، أَنَا عبد الله وفَي قَبضَتِهِ يَحوّلَنِي كَيْفَ شَاء وَأَرَاد»)(5).
ص: 266
وما هذا إلَّا لعظم شأنه ومنزلته عند الله عزَّ وجلّ، وقد خاب مَنْ افترى، ومَنْ فَضَّل عليه غيره فقد اجترى.
[21] (وعن سلمان الفارسي، قال: سَمِعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وآله، يقول: «إِنَّ الله فَرَضَ وِلَايَة عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ "والأرض"(1) قَاطِبَة، فَقَبلَهَا قَوم وَأَبَى قَوم، وكَانَ يُونس بن متَّى قد انكرها وأبى، فعاقبه الله في بطن الحوت حتَّى أقرَّ بِوِلايَة أَمير المؤمِنِين عَلَيهِ السَّلَام، وتَابَ إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ [ممَّا كَانَ فِيهِ]، وَنَادَى «فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ»(2)؛ لإنكَارِ وِلايَة أَمِيرِ الْمُؤْمِنِين عَلِيّ بنَ أَبِي طَالب عَلَيْهِ السَّلَامِ، فَمَنَّ الله تَعَالَى عَلَيْهِ "واستَنقَذَهُ"(3) ونَجَّاهُ مِنْ الغَمَّ، "«وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفِ أَوْ يَزِيدُونَ»(4)؛ لإقراره، «فَآمَنُوا فَمَتَعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ»(5) بِوَلايَة أَمِير المؤمِنَين"(6)»)(7).
ص: 267
فمن هذا شانه، كيف لا يكون افضل؟!.
[19] (عن أبي بصير، عن الإمام جعفر بن مُحَمَّدِ الصَّادِقِ عليهِ السَّلَام، عن أبيهِ الإمام الباقر عَلَيهِ السَّلَام في قَولِ الله عَزَّ وجَلّ: «الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ»(1).
قال عليه السَّلَام: هو كِتَاب [مِنْ نُورٍ]، كَتَبَهُ الله قَبْل العَرشِ بِثَمَانِين أَلف سَنةٍ، كِتَابَتُه مِن نُورٍ، وَسطورُه "من"(2) ضياء، ثُمَّ "رَفَعَهُ"(3) إلى الملَكُوتِ الأَعْلَى، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد وَيَا عَلِي، أَنْتُها رَحْمَتِي، سَبقْتُها غَضَبِي، مَنْ عَرَفَكُما عَرَفَنِي، وَمَنْ جَهِلَكُمَا جَهِلَنِي.
فَلمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلق خَلْقَهُ نَسَخَ مِنْه "نسْخَة"(4) سَأَهُ لَوْحَاً محفُوظَاً، وَجَعَلهُ سَبْعَة أَسْطُرَ مَا بَين المَشرِقِ وَالمَغْرِب وَكَانتْ السّطور اثْنَي عَشر [سَطْراً] لِكُلِّ إِمَامٍ سَطر، ثُمَّ تَلا هَذه الآية: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا»(5)،»(6))(7)
ص: 268
[220] ومن حديث معرفة أَمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالبٍ صلوات الله وسلامه عليه بالمعرفة النورانية، عن سلمان وأبي ذر الغفاري رحمهما الله، قال عَلِيّ عليه السَّلَام: «كُنْتُ أَنَا ومُحَمَّد نُورَاً واحِدَاً مِنْ نُّورِ الله عَزَّ وَجَلّ، فَأَمَرَ الله عَزَّ وجَلّ ذَلِكَ النُّور "أَن يَنشَقَّ نِصْفَين"(1)، فَقَالَ لِنصف: كُنْ مَحُمَّدا، وقَالَ لِلنِصفِ الآخَر: كُنْ عَلِيًّا..». ومن أثناء الحديث:
«وإِنِّي أُعْطِيت عِلم المَنايا، والبَلَايَا، [والآجَال]، وفَصل الخِطَاب، واسْتُودِعت عِلم القُرآن، ومَا هُو كَائِن إلى يوم القِيَامَة، ومُحَمَّد صَلَّى الله عَلَيهِ وآلِهِ أقامَ الحُجَّة حجّة لِلنَّاسِ، وصرت أَنَا حُجَّة الله عَزَّ وَجَلَّ، جَعَلَ الله لي مَا لَمْ يَجْعَلْه لِأَحَدٍ مِن الأَوَّلين والآخِرِين، لَا لِنَبِيّ مُرسَل ولا لملك مُقرَّب.
يَا سُلَيمان، ويَا جُندب»، قالا: لبيك يا أمير المؤمنين.
قال صلى الله عليه: «[أَنَا الَّذِي حَمَلت نُوحَاً فِي السَّفِينَةِ بِأَمرِ رَبِّي، وأَنَا الَّذِي أَخرَجت يُونِس مِنْ بَطِنِ الْحُوتِ بِأَمْرِ رَبّيِ، وَأَنَا الَّذِي جَاوَرَت مُوسَى بن عمران البَحْرِ بِأَمرِ ربّي، و] أَنَا الَّذِي أَخرجت إِبْرَاهِيم مِنْ النَّارِ، وأَنَا الَّذِي أَجرَيت "أَنْهَار الجَنَّة"(2)، وفَجَّرت عيُونها وغَرَست أَشْجَارِهَا بِأَمْرِ رَبيّ، وأنا عذاب يوم الظَّلّة، وأَنَا المُنَادِي «مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ»(3)، قَد سَمعَه الثَّقْلان الجن والإنس وفهمه [كُلّ] قوم، وأني لأسمع(4) الجَبَّارِين [والمُنَافِقِين] كُلّ يَوم
ص: 269
بلُغَاتِهم، وإنِّي مُعلِّم الخضر الَّذِي عَلَّمَ مُوسَى، وَأَنَا مُعلَّم سُلَيْمَان بن دَاوُود، وأَنَا ذُو القُرنَين، وأَنا قدرة الله عَزَّ وَجَلَّ.
يَا سَلمان، ويَا جُنْدُب: أَنَا مُحَمَّد وَمُحَمَّد أَنَا، وَأَنَا مِنْ مُحَمَّد وَمُحَمَّد مِنِّي، قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ»(1).
يَا سَلمَان، ويَا جُندب»، قالا: لبيك يا أمير المؤمنين.
قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيهِ: «إِنَّ مَيْتَنَا لَمْ يَمُت وغَائِبِنَا لَمْ يَغِب، وإِنَّ قَتْلَانَا لَمْ يُقْتَلُوا.
يَا سَلمان، ويَا جُندب»، قالا: لبّيك يا أمير المؤمنين.
قَالَ صَلَّى الله عَلَيهِ: «أَنَا أَمِير كُلِّ مُؤمِن ومُؤمِنَةٍ مِمَّنْ مَضَى وَمِمَّنْ بَقي، وأيدت بِرُوحِ العَظَمَةِ، وأَنَا تَكَلَّمت عَلَى لِسَانِ عِيسَى بنَ مَرْيَمَ فِي المَهْدِ، وَأَنَا آدَمَ، وَأَنَا نُوح، وأَنَا إِبْرَاهِيم، وأَنَا مُوسَى، وأَنَا عِيسَى، وَأَنَا مُحَمّد، أَنْتَقِل فِي الصّورِ كَيفَ أَشَاء مِنْ رَآنِي فَقَد رَآهُم، ومَنْ رَآهُم فَقَد رَآنِي، ولَو ظَهَرَت لِلنَّاسِ فِي صُورَةِ واحِدَة هَلَكَ فِي النَّاسِ وقَالُوا: هُو لَا يَزُول ولَا يَتَغَيَّر، وإِنَّمَا أَنَا عَبْد مِنْ عِبَاد الله، لا تسمّونَا أَربَابَاً وقُولُوا فِي فَضلنَا مَا شِئْتُم فَإِنَّكُم لَمْ تبلغوا فِي فَضْلِنَا كُنه ما جَعَلَه الله لَنَا وَلَا مِعشَار العُشر؛ لأنّا آيات الله ودَلَائِلُه، وحُجَج الله وخُلَفَاؤُه عَلَى خَلقِه، وأُمَنَاء الله وأَئِمَّته، ووجه الله وعَين الله ولِسَان الله، بِنَا يُعَذِّب الله عِبَادَه، وبِنَا يُثِيب، ومِنْ بَين خَلقِهِ طَهْرنَا واختَارَنَا واصطَفَانَا، ولَو قَالَ قَائِلِكُم: لِمَ لم و كَيفَ وفِيمَ لكَفَر وأَشْرَك؛ لأَنه لَا يُسأَل عَمّا يَفعَل وهُم يُسأَلُون.
يَا سَلَمَان و يَا جُنْدَب»، قالا: لبّيك يا أمير المؤمنين.
ص: 270
قَالَ صَلَّى الله عَلَيهِ: «مَنْ آمَنَ بِمَا قُلت، وصَدِّقَ بِما بَيِّنت وفَسَّرت وشَرَحت وأوضحت ونَوَّرت وبَرهَنت فَهُو مُؤمِن مُمتَحِن، امتَحنَ الله قَلبَه لِلإِيمَانِ، وشَرَحَ صَدرَه لِلإِسلام، وهُو عَارِف مُستَبْصِر قد انتَهَى وبَلَغَ و كَمل، ومن شَكٍّ وعَندَ، وَجَحَدَ، َووَقَفَ، وتَحَيَّرَ، وارتابَ فَهُو مُقَصِّر ونَاصِب.
يَا سَلَمان ويَا جُنْدُب»، قالا: لبّيك يا أمير المؤمنين.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ: «أَنَا أَحْيِي وأُمِيت بِإِذْنِ رَبِّ، وَأَنَا أَنبِئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ ومَا تَدَّخِرُون فِي بِيُوتِكُم بِإِذنِ رَبِّي، وأَنَا عَالِم بِضَمَائِرِ قلوبكم ، والأَئِمَّة [مِنْ ولدِي] يَعلَمُون "ولَا يَتَعَلَّمُون"(1). [ويَفْعَلُونَ هَذَا إِذَا] أَحبُّوا وَأَرَادُوا، لأَنَّا كُلَّنا واحِدٌ، أَوَّلُنَا مُحَمَّد، وأَوسَطنَا مُحَمّد، وآخِرنَا مُحَمَّد، وكُلّنا مُحَمَّد، فَلَا تُفَرِّقُوا بَيْنَنَا، فَإِنَّا نَظهَر فِي كُلِّ "يَومٍ"(2) وزَمَانٍ ووَقت وأَوَانٍ فِي أَي صُورةِ "نَشَاء"(3) بإذن الله تَعَالَى عَزَّ وَجَلّ كلَّنَا، [وَنَحْنُ] إِذَا شِئنَا شَاءَ اللَّهِ، وَإِذَا كَرهنَا كَرَه الله، فَالوَيل [كُلِّ الوَيل] لَن أَنكَر فَضلنَا وخصُوصِيَّتنَا، وَمَا أَعْطَانَا اللَّهَ رَبَّنَا؛ لِأَنَّ مَنْ أَنكَر شَيْئَاً مِمَّا أَعطَانَا الله فَقَد أَنكَر قدرة الله ومَشِيئَته فينا»(4).. إلى آخر الحديث.
فإِذا كان عليه السَّلَام هو ومُحَمَّد وعترته الطيِّبة صلَّى الله عليهم أجمعين
ص: 271
نور واحد، وهو عليهِ السَّلام عالم بما يكون إلى يومِ القيامة، وهو المخرج لإِبراهيم عليه السَّلَام مِن النَّار، وهو المجري لأَنهار الجنَّة والغارِس لأَشجارِها، والمفجِّر لعيونِها، وهو عذاب يوم الظلَّة، والمنادي من مكان قريب، وهو مُعلِّم الخضر الَّذي علَّم موسى بن عمران وهو المعلِّم لسليمان بن داود؛ فكيف لا يكون أفضل؟! وهو قدرة الله عزَّ وجلَّ؟
فالويل لمن أنكر فضله وخصوصيته.
[221] و(روى المنصور، عن أَبيه مُحمَّد بن عَلِيّ، عن جدَّه عَلِيّ بن عبد الله بن العبَّاس قال: كنت أَنا وأَبي العبَّاس بن عبد المطَّلب رضوان الله عليهم، جالسين عند رسُول الله صلَّى الله عليه وآله، إِذ دخل عَلِيّ بن أبي طالب، فسلَّم فرَدَّ عليه رسول الله صلَّى الله عليه وآلهِ السَّلام "وسُرَّ به"(1)، وقام إليه واعتنقه، وقبَّل ما بين عينيه، وأجلسه عن يمينه، فقال العبَّاس: أتحب هذا يا رسول الله؟
قال: («يَا عَمَّ رَسُول الله والله، لله أَشَدّ حُبَّاً لَه مِنْي، إِنَّ الله جَعَلَ ذرِيَّة كُلِّ نَبِيِّ مِنْ صُلْبِهِ، وجَعَلَ ذُرِّيَتِي فِي صُلْبِ هَذَا»)(2). يعني عَلِيَّاً عليه السَّلام.
[222] ومَّما يُنسب، مِن كتابِ (المناقب) للخوارزمي، روی مسروق،
ص: 272
قال: (دَخَلتُ على عائشة ، فقالت لي: مَن قتلَ الخوارج؟
قلت: قتلهم عَليّ، قال: فسكتت، قال، فقلت لها: يا عائشة إِنّي أنشدك بالله وبحقِّ نبيِّه صلَّى الله عليه وآله إِنْ كُنتِ سَمعتِ مِن رسُول الله صلَّى الله عليه وآله شيئاً فأخبريني؟
قال، فقالت: سَمِعتُ رسُول الله صلَّى الله عليه وآله يقول: «هُمْ شَرُّ الخَلْقِ وَالخَلِيقَةِ يَقْتُلُهُمْ خَيْرُ الخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَ الله تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَسِيلَةٌ»)(1).
[223] ومن (المناقب)، (عن عُمر بن الخطَّاب قال: أشهد على رسول الله سَمِعتهُ يقول: «لَو أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبع والأَرضِين السبع وضِعنَ فِي كَفَّةِ مِيزَانِ، ووضعَ إِيمَان عَلي فِي كَفَّةِ [مِيزَان]؛ لَرَجَحَ إِيمَان عَلِيّ»)(2).
[224] ومما نقل من كتاب الخوارزمي: (عن جابر قال قال رسول و الله صلّى الله عليهِ وآلهِ: «إِنَّ الله لَمَّا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرض دَعَاهِنَّ فَأَجِبْنَهُ، "فَفَرَضَ"(3) عَلَيْهُنَّ نُبُوَّقِ ووَلايَة عَلي بن أَبِي طَالِب فَقبلتَاهَا، ثُمَّ خَلَقَ الله
ص: 273
الخَلق، وفَوَّضَ إِلَيْنَا أَمر الدِّين، فَالسَّعِيد مَنْ سُعِدَ بِنَا، وَالشَّقِيَ مَنْ شُقِي بِنَا، نَحْنُ "المُحَلَّلون"(1) حَلالِه والْمُحَرَّمُون لِحَرَامِهِ»)(2).
[225] و (عن المفضل بن صالح، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليهِ السَّلَام، في قول الله عزَّ وجلّ: «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا»(3).
قال: «عَهَدْنَا إِلَيهِ فِي مُحَمَّد والأَئِمَّة مِنْ بَعدِهِ، فَتركَ ولَمَ يَكُنْ لَه عَزْم "فيهم"(4)، أنهَّم هَكَذَا، وإِنَّمَا سُمي أُولُو العَزم، أُوليُ العَزم، لأَنَّه عُهِدَ إِلَيهِم فِي مُحمَّد والأوصياء مِنْ بعدة والمَهِديّ وسِيرَته، فَأَجمع عَزْمُهُم أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ والإقرار به»)(5).
فإِذا كانوا هكذا شأنهم، فكيف لا يكون عَلِيّ عليه السَّلَام أفضل؟!
[226] أبو الحسن مُحمَّد بن أَحمد بن عَلِيّ بن شاذان، (عن ابن عبَّاس، قال: كنَّا جلوساً مع النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله، إذ دخل عَلِيّ بن أبي طالب عليهِ السَّلَام، فَقَال: «السَّلَام عَلَيْكَ يَا رَسُول الله»، فَقَالَ: «وَعَلَيْكَ السَّلَام
ص: 274
يَا أَمِير المُؤْمِنِين ورَحمة الله وبَرَكَاتُه»، فَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السَّلَام: [تَدعُونِي بِأَمِير المؤمِنَين] وأَنتَ حَيْ يَا رَسُول الله»؟!
قَالَ: «نَعَم، وأَنَا حَيّ، وإِنَّكَ يَا عَلِيّ [قَدْ] مَررت بِنَا [أَمس] وأَنا وَجَبْرَئِيل فِي حَدِيثٍ [وَلَمْ تُسَلَّمَ]، فَقَال جَبْرَئِيل عَلَيهِ السَّلَام: مَا بَالَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِين عَلَيهِ السَّلَام مَرَّ بِنَا وَلَمَ يُسَلَّم؟! [أَمَا وَالله لَو سَلَّم] لَسرِرنَا وَرَدَدْنَا عَلَيْهِ»، فَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السَّلَامِ: «يَا رَسُول الله، رَأَيتك ودحية الكَلبِيّ استخلَيتهما فِي حَدِيثٍ، وكَرِهت أَن أَقْطَعه عَلَيْكمَا»، فَقَالَ [لَه] النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: «[إِنَّهُ] لَمْ يكُن دحية، وإنَّمَا كَان جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام، فقلت: يا جبرئيل، وكيف سَمَّيته أَمِير المُؤمِنِين»؟
فقال: كَانَ أَوحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيَّ فِي غَرْوَة "خَيبَر"(1): أَن إهبط إِلىَ مُحَمَّدٍ صَلىَّ الله عَلَيْهِ وآلِهِ، ومُرهُ أَن يَأْمُر أَمِير المُؤمِنِين عَلِيّ بن أَبِيّ طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَام [أَن] يَجول بين الصّفّينِ، فَإِنَّ المَلَائِكَة يَحبُّون أَن يَنْظُرُوا إِلَيْهِ وهُو يَجُول بَين الصَّفّينِ، فَسَمَّاهُ الله تَعَالَى مِنْ السَّمَاءِ أَمِير المؤمِنِينَ [ذَلِكَ اليَوم]، وأَنتَ يَا عَلِيّ أَمِير مِنْ فِي السَّمَاءِ وأَمِير مَنْ فِي الأَرْضِ، وأَمير مَنْ مَضَى وَأَمِيرِ مَنْ بَقى، وَلَا أَمِير قبلك، ولا أَمِير بعدك؛ لأنَّه لا يجوز أَنْ يُسَمَّى بِهَذَا الإِسم مَنْ لَمْ يَسمِّهِ الله [تَعَالَى بِهِ]»)(2).
ص: 275
فإِذا كان عليه السَّلام أمير مَن مضى وأمير مَن بقى، ولا أَمير قبله ولا أَمير بعده، وإنَّ الله تعالى لم يسمّ أَحداً مَّمن مضى في الأمم السَّابقة أميرا؛ لأن تسمية الإمارة، إِنَّما هي من الله تعالى، ولم ينقل لنا ناقل، ولم يروِ لنا حديثا يتضمن خلاف ما ذكر؛ فكيف لا يكون عليه السَّلَام أفضل؟! وقد ثبت أنَّهُ أميراً على العالم الماضين واللَّاحقين بالنَّص الجليّ.
[227] و (عن جابر، عن أبي جعفر عليهِ السَّلَام، قال: قلت له: لِمَ سمي أمير المؤمنين؟
قَالَ: «الله سَمَّاه، وهَكَذَا أَنزل فِي كِتَابِهِ: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ»(1) وإِنَّ مَحمَّداً رَسُولي وإِنَّ عَلِيَّاً أَمِير المُؤمِنِين»)(2)
فإذا كان هذا شأنه؛ فكيف لا يكون أفضل؟
[228] (عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عَلَيهِ السَّلَام في قوله تعالى: «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ»(3) كَلِمات فِي مَحَمَّدٍ وَعَليَّ وَفَاطِمَة
ص: 276
والحَسَنِ والحُسَين والأَئِمَّةِ مِنْ ذُرِّيَتِهم فَنَسِيّ، هَكَذَا أُنزَلَت عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ»)(1).
[229] (عن جابر عن أبي جعفر عَلَيْهِ السَّلَام في قول الله عزّ وجلّ: «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا»(2)، قال: «عَهَدْنَا إِليهِ فِي مُحَمَّدِ والأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ، فَتَرَكَ وَلَمْ يَكُنْ لَه عَزم أَنَّهم هَكَذَا، وإِنَّمَا سُمِّي أُولُو العزم أُولي العزم؛ لِأَنَّهُ عهدَ إِلَيهِم فِي مُحَمَّدِ والأَوصِيَاء مِنْ بَعْدِهِ والمَهْدِيّ وسِيرَتِه، وأَجَمَع عَزمهم عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ والإِقْرَار بِه»)(3).
واعلم إنَّما ورد من الحديث الوارد عن النَّبيّ صلَّى الله عليهِ وآلهِ من قوله: («أَنا يَا عَلِيُّ سيِّد النَّبِيِّينَ، وَأَنتَ يَا عَلِيُّ سيّد الوَصيِّينَ»)(4).
ص: 277
فنقول: لا منافاة في ذلك من أنَّه لا يكون أَفضل من النبيين، فإنَّهُ وإن كان كذلك إِلَّا أَنَّهُ لا يلزم أَنْ لا يكون عَلِيّ بن أبي طالب عليهِ السَّلَام أَفضل من الأنبياء؛ لأنَّ ذلك ليس على طريق الحصر، وإلَّا لزم أن يكون النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآلهِ أفضل من الأوصياء مع إنَّه ليس كذلك، بل هو أفضل من الجميع، فيكون عَلِيّ عليهِ السَّلَام أفضل منهم، كذلك لما تقدم من قولِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ: «وَالْفَضْلُ بَعْدِي لَكَ يَا عَلِيُّ».
وما روي عنهم عليهم السَّلَام أنَّه: جرى لِعَلِيّ من الفضل ما جرى لرسول الله صلَّى الله عليه وآله ولرسول الله الفضل على جميع من خلق(1).
[230] ومن قَوْلِ أَبِيّ جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامِ: («فَضل أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَام مَا جَاءَ بِهِ آخذُ، وَمَا نَهَى عَنهُ إِنْتَهَى عَنهُ، جَرَى لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ بَعدَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وآلِهِ، ما لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ، والفَضل لِمُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ، المُتَقَدِّم بَينَ يَدَيهِ كَالمُتَقَدِّم بَينَ يَدَيَّ الله وَرَسُوله، والمُفَضَّل عَلَيْهِ كَالْمُفَضَّل عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلهِ»)(2).
ولَّما جرى من الأخذ عليهم في الميثاق الله بالربوبية، ولمُحَمَّد بالنبوَّة
ص: 278
ولِعَليّ بالولاية والوصاية، والأئمة المعصومين كذلك، وعلى ذلك بُعِثُوا وإليه نُدبوا، أَفَعاقِل يتدبّر هذا ويفضّل غيرهُ عليهِ؟!
وأمَّا ما رُوي من قولهِ صلَّى الله عليهِ وآلهِ: «أَنتَ يَا عَلِيِّ سَيد ولْد آدَم مَا خَلَا النَّبِيِّين»، يعني ما خلا النبيِّين، فأنا سيِّد، فلا يلزم منه الحصر أيضَاً، وإلَّا لزم أن لا يكون النَّبيّ صلَّى الله عليهِ وآلهِ سيِّد ولد آدم، مع إنَّه ليس كذلك، فإنَّه سيِّد الخلق اجمعين.
ويحتمل أن يراد بالنبيِّين في الحديث يريد به نفسه صلَّى الله عَلَيهِ وآلهِ، يعني: ما خلا أنا يا رسول الله، ويكون النبيُّون داخلين في ضمن قوله: «ولد آدم» كما تقدَّم من حديث أنس بن مالك من قوله في الحديث: (إن رأيت أن تفسر لنا قول الله عزّ وجلّ: «فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا»(1)، فَقَالَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ: «أَمَّا النَّبِيُّون: فَأَنَا، وأَمَّا الصَّدِّيقُون: فَأَخِي عَلِيّ بنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَام، وأَمَّا الشُّهَدَاء فَعَمِّي حَمزَة، وأَمَّا الصَّالِحُونَ: فَابْنَتِي فَاطِمَة وَأَولَادهَا الحَسَن والحسين عَلَيْهِم السَّلَام»)(2).
فيكون لفظ النبيِّين عني به نفسه على طريق التَّعظيم، ولا يعاب عليه لو
ص: 279
عظَّم نفسه؛ لأن الله تعالى عظَّمه، فيكون معنى الحديث المعارض به: أنت يا عَلِيّ سيد ولد آدم من النبيِّين وغيرهم ما خلا النَّبي صلَّى الله عليهِ وآلهِ.
فَعَلِيّ عليه السلام أفضل من الأنبياء والمرسلين ما عدا النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وآله لِما تقدَّم، فيكون لاستلزامِ الفضل السِّيادة، ولاستحالة أن يكون [هناك] أفضل وهو ليس بسيِّد، والفضل لرسول الله صلَّى الله عليهِ وآلهِ أَوَّلاً، وَلِعَلِيّ بن أبي طالب عليهِ السَّلَام ثانيا؛ لأن كلاً منهما من الآخر لا يفترقان لتساويهما، فكل منهما لا يفارق الآخر، ولما تقدَّم من قولنا: كل منقبة وفضيلة للنّبيّ صلَّى الله عليهِ وآلهِ فَلعَلِيّ مثلها فلا تفاوت(1)؛ لأنَّ النَّبِيِّ صلىَّ الله عليهِ وآلهِ اختص بالنّبُوَةِ وبالفضل أوَّلاً، وعَلِيّ بن أبي طالبٍ عليهِ السَّلَام بالإِمَامَةِ.
ولما روي (عن سُليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليهِ السَّلَام أَنَّه قال: ابتدأنا، فقال: (يَا سُلَيْمَانُ مَا جَاءَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامِ يُؤْخَذُ بِهِ وَمَا نَهَى عَنْهُ يُنْتَهَى عَنْه جَرَى لَهُ مِنَ الْفَضْلِ مَا جَرَى لِرَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ، ولِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ الْفَضْلُ عَلَى جَمِيعِ مَنْ خَلَقَ الله»)(2)، إلى آخر الحديث.
فإذا جرى لِعَليّ عليه السَّلَام من الفضل ما لرسول الله تمَّت الحُجَّة وقام البرهان على تفضيله عليه السَّلَّام، وهذا آخر ما أردنا إثباته وإيراده في هذا الكتاب وفيه الكفاية لمن أراد الهداية، وبالله التوفيق والله المنَّةِ على جزيل
ص: 280
العطاءِ ونسأل ممَّن ينظر فيه أن يدعُوَ لصاحبهِ ويَسُدَّ الخِلَة.
وكان الفراغُ من تسويد ما رُقِم يوم الخامس والعشرين من شهرِ
ذي القعدةِ للسنة الثانية والعشرين والألف.
بقلم فقير رَبّه الغني، عبده، تراب
أقدام إخوانه المؤمنين، الجاني:
ناصر حسن محمَّد البحراني.
ص: 281
ص: 282
السورة - الآية - رقم الآیة - الصفحة
یس - «اتَّبِعُوا المُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا..». - 20 - 21 - 185
الشعراء - «أَخَافُ أَنْ يَقْتُلُوْنِ..». - 14 - 254 - 255
الكهف - «أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ..» - 71 - 72 - 44
الحجر - «إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ..». - 47 - 211
الأنبياء - «أُفٍّ لَكُم وَلِما تَعْبُدُونَ..». - 67 - 259
سورة محمَّد صلَّی الله علیه وآله. - «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ..». - 24 - 109
الكهف - «أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ..». - 73 - 74 - 44
غافر - «الذين يحملون العرش ومن حوله..». - 7 - 38
البقرة - «الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ..». - 1 - 2 - 268
النساء - «أم يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا..». - 54 - 55 - 110
البقرة - «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ..». - 285 - 217
البینة - «إنَّ الَّذينَ آمَنُوا وعملوا الصَّالِحَات..». - 7 - 210
الأحزاب - «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيٍّ..». - 56 - 64
النساء - «إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتابَ..». - 105 - 139
القدر - «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ..». - 1 - 129
الكهف - «إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ..». - 67 - 44
ص: 283
الأنبياء - «بَرْداً وَسَلاماً..». - 69 - 171
النَّحل «تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ..». - 89 - 120، 135
القدر «تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ..». - 4 - 131
فاطر - «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ..». - 32 - 119
البقرة - «ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ...». - 74 - 200
آل عمران - «ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْض..». - 3 - 158
الجمعة - «ذلِكَ فَضْلُ الله يؤتيه من..». - 4 - 88، 250
القصص - «رَبِّ إِنِّي َقتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسَاً فَأَخَافُ..». - 33 - 255
الصافات - «سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ». - 109 - 66
الصافات - «سَلاَمٌ عَلَىَ آل يَاسِنَ». - 130 - 66، 185
الصافات - «سلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ». - 120 - 66
الصافات - «سلامٌ عَلَى نُوحٍ في..». - 79 - 66
القدر - «سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ..». - 5 - 129
البقرة - «سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا..». - 93 - 110
الأعلى - «صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى..». - 19 - 117
التحريم - «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا..». - 10 - 236
التوبة - «طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبهم..». - 87 - 109
الاسراء - «عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ..». - 85 - 139
المؤمنون - «عَن الصَّرَّاطِ لَنَاكِبُونَ» - 74 - 55
ص: 284
مريم «فَأَجَاءَهَا المُخَاضُ إِلَى جِذْع..». - 23 - 241
الشعراء «فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ..». - 13 - 14 - 241
الصَّافات «فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إلى..». - 148 - 267
الحج - «فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ..» - 46 - 56، 142
النساء - «فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ..». - 69 - 221، 279
النَّمل - «فَقَالَ مَا لىَ لَا أَرَى الهُدْهُدَ..». - 20 - 118
آل عمران - «فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ..» - 61 - 60، 189
إِبراهيم - «فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي..». - 36 - 158
مريم - «فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي..». - 25 - 246 - 247
الكهف - «فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا..». 65 - 66 - 43
الأنبياء - «في الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ..». - 87 - 267
طه - «في نَفْسِهِ خِيفَةً..». 67 - 171
النَّمل - «قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ..». - 40 - 133، 190
الكهف - «قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي..» - 70 - 43 - 44
الأنفال - «قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا..». - 21 - 22 - 109
یونس - «قُلْ بِفَضْل الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ..» - 58 - 186
الرَّعد - «قُلْ كَفَى بِالله شَهِيدًا..». - 43 - 121، 133، 190 - 191
الشورى «قل لا أسألكم عليه أجراً..» - 23 - 85، 63
ص: 285
هود - «كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ..». - 119 - 258
مريم - «كُلِي وَاشْرَي وَقَرِّي عَيْنًا..». - 26 - 247
مریم - «كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي المُهْدِ..». - 29 - 33 - 247
الأنبياء - «لا إلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي..». - 87 - 232
طه - «لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ..». - 68 - 171
النمل - «لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ..». - 10 - 255
النَّمل - «لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا..». - 21 - 118
الأعراف - «لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ..» - 145 - 42
الكهف - «لَوْ شِئْتَ لَا تُخَذْتَ..» - 75 - 77 - 45
الأنفال - «لَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ..». - 23 - 110
الرحمن - «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ..». - 20 - 270
البقرة - «مَنْ كَانَ عَدُوًّا لجِبْرِيلَ..». - 97 - 98 - 198
ق - «مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ..». - 41 - 269
البقرة - «مَنْ يَشَاء وَالله ذُو الفَضْل العَظِيم..». - 105 - 110
الكهف - «هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ..» - 88 - 45
الإنسان - «هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ..». - 1 - 209
الأنفال - «هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ..». - 62 - 168
الأنفال - «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ..». - 25 - 129
الأعراف - «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي أَدَمَ..». - 172 - 211 - 212
ص: 286
الصَّافات - «وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفِ..». - 147 - 267
الزُّخرف - «وَاسْأَلُ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ..». - 45 - 219 - 220
الأعراف - «والجَرَاد والقُمَّلَ والضَّفادع..» - 133 - 42
المائدة وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا ...
الصافات - ﴿وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ» - 83 - 53، 256، 228
طه - «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لَمَنْ تَابَ وَآمَنَ..». - 82 - 187
الزخرف - «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً...» - 28 - 99
الأنبياء - «وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمان..». - 79 - 239
القصص - «وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ..» - 68 - 34، 219
طه - «وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى..». - 121 - 122 - 236
الإنسان - «وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا..». - 22 - 236
هود - «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلى المَاءِ» - 7 - 53
یس - «وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي..» - 12 - 165
الكهف - «وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ..» - 68 - 69 - 43
القصص «وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي إِذْ..». - 12 - 246
طه - «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ..». - 115 - 274، 277، 276
الرَّعد - «وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيُرَتْ بِهِ الْجِبَالُ..». - 31 - 119
ص: 287
آل عمران - «وَمَا الحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ..». - 285 - 170
آل عمران «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ..» - 144 - 130
النَّمل - «وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ..». - 7 - 112
آل عمران (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيْلَهُ إِلَّا الله....
البقرة - «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشرِي نَفْسَهُ..». - 207 - 241
ص «وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ..». - 35 - 239 - 240
هود - «ويَا قُوم لا أَسْأَلكُم عَلَيْهِ مَالاً..». - 29 - 63
البقرة - «يَا أَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ..». - 35 - 254
المائدة - «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلّغ..». - 67 - 187
هود - «يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْري..» - 51 - 63
النمل - «يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي..». - 10 - 241
التوبة «يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ الله..». - 32 - 199
يس - «وَالْقُرْآنِ الحَكِيم». 1 - 4 - 65
آل عمران «يَقُولُونَ أَمَنَّا بِهِ..». - 7 - 112 - 113
ص: 288
الحدیث - القائل - الصفحة
(أَتَانِي جَبْرَئِيل عَلَيه السَّلام، فَقَالَ..). - النبي محمد صلى الله عليه وآله - 233
(أَتَى يَهُودِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله..). - الإمام جعفر بن مُحمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام.. - 170
(أَتيتُ عبد الله بن عبَّاس فقلتُ له: يا بن [عمِّ] رسُول الله إنِّي جئتُك..». - سعيد بن جبير - 189
(اثْنَا عَشَرِ إِمَامَاً...) - الإمام عَلِيّ علیه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 56
(اجْتَمَعَ التَّيْمِيُّ وَالْعَدَوِيُ عِنْدَ رَسُولِ صَلَّی اللهُ عَلَیْه الإمام محمد بن علي الباقر رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ..). - الإمام مُحَمَّد بن علي الباقر عليهما أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 130 - 131
(أَخْبَرَنِي جَبرئيل عليه السَّلَام النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه عن..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّی الله عليه
وآله. - 77
(آخی رسُول الله صَلَّى الله عَليه وآله بين أَصحابه وترك عَلِيَّاً..). - عبد الله بن أَبي أَوفى. - 155
(إِذَا سَأَلْتُمُ الله عَزَّ وَجَلَّ، فَاسْأَلُوهُ فِي النَّبِيِّ مُحَمَّد صلى الله عليه الْوَسِيلَةَ..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّی الله عليه وآله. - 159
ص: 289
(اسْمُ الله الأَعْظَمُ ثَلَاثَةٌ وسَبْعُونَ الامام الحسن العسكري حَرْفاً، وإِنَّمَا..). - الامام الحسن العسكري
صلوات الله وسلامه عليه - 123
(أَشْهَدُ أَنَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ بِأَمْرِ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 197
(أَعْطَى اللهُ عَلِيّاً مِنَ الْفَضْل جُزْءً..). - الإمام عَليّ بن أَبِي طَالِبٍ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 151
(أَغْفَلَ النَّاسُ قَوْلَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله فِي عَلِيّ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 157
(افْتَخَرَ إِسْرَافِيلُ عَلَى جَبْرَئِيلَ، فَقَالَ: أَنَا خَیْرٌ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 229 - 230
(أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى خَيْرِ النَّاسِ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 96 - 97
(الثَّالِثَةَ حِينَ مَيَّزَ اللهُ الطَّاهِرِينَ..). - أبو الحَسَن الرّضَا عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام - 188 - 189
(الْحَقْهُ فَرُدَّهُ بَلِّغهَا..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله. - 205
(الحمد لله صارت فرقة مرجئة..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 84
ص: 290
(الصِّدِّيقُونَ ثَلَاثَةٌ: حَبِيبُ النَّجَّارُ مُؤْمِنُ..». - النَّبيّ مُحَمَّد صَلَّی الله علیه وآله. - 185
(اللَّهُمَّ اثْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ..). - النَّبِيِّ مُحَمَّد صَلَّى الله عليه وآله. - 207
(أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الأمام علي بن موسى الرضا عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام.
كَانَ..). - الأمام علي بن موسی الرِّضَا علیه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 114
(آمِنُوا بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ أَنَّها تكون النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه لِعَلِيّ..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّ الله عليه
وآله. - 151
(إِنَّ اسْمَ اللهُ الْأَعْظَمَ عَلى ثلاثة وسبعين..). - الإمام مُحَمَّد بن عَلِيّ الباقر عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 122
(إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْض..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّ الله عليه وآله. - 89
(إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ مُحَمَّداً وعَلِيّاً وأَحَدَ عَشَرَ..). - الإمام علي بن الحسين عليهما أفضل الصَّلَة والسَّلَام. - 148
(إِنَّ اللَّه خَلَقَنَا مِن أَعلَىَ عِلَّيِّن..). - الإمام جعف بن مُحمَّد الصَّادق علیه السلام. - 53
(إِنَّ اللهَ خَلَقَنا مِن نُورِ عَظَمَتِهِ..) - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه السلام - 52
(إِنَّ الله سُبْحَانَهُ لَمَّ خَلَقَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيه
السَّلَم كَشَفَ [لَهُ] عَنْ بَصَرِهِ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام - 227
ص: 291
(إِنَّ الله عَزَّ وجَلّ وَاحِد أَحَد..). - عَليّ بن أبي طالب عليه أفضل الصَّلاة والسلام. - 263
(إِنَّ الله فَرَضَ وِلَايَة عَلِيّ بنَ أَبِي طَالب عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام عَلَى أَهْلِ السَّمَوَاتِ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 267
(إِنَّ الله كَانَ إِذْ لَا كَانَ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 144
(إِنَّ الله لَمَّا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرضِ دَعَاهِنَّ فأجبنه..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 273
(إنَّ المؤمنين يزورون ربَّهم من منازلهم في الجنة..). - أبو الصلت الهروي - 61
(أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاس..). - الامام ابو جعفر الثاني عليه
إنَّ جَبْرَئِيلَ عليه أفضل الصَّلَاة أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 151
(إِنَّ جَبْرَئِيلَ عليه أفضل الصَّلَاة
والسَّلَام أَتی رَسُولَ الله صَلَّی اللهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ بِرُمَّانَتَيْنِ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 135
(إِنَّ حَلْقَةَ بَابِ الْجَنَّةِ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 191
ص: 292
(إِنَّ دَاوُدَ وَرِثَ عِلْمَ الْأَنْبِيَاءِ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 116
(أَنَّ رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله آخى بين المسلمين..). - مَخدوج بن زيد الذهلي. - 179
(إِنَّ رَسُولَ الله صلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِهِ أَدْخَلَ لِسَانَهُ فِي فَمِي..). - عَلِيّ بن ابي طالب عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلام. - 244
(إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيه: ادْعُوا لي خَلِيلي..). - النَّبِيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 85، 56
(إِنَّ رَسُول الله صلَّى اللهُ عليهِ وَآله كان جالساً ذات يوم، إِذ أقبل الحَسَن عليه السَّلَام..) - ابن عباس - 158
الإمام جعفر بن مُحَمَّد السَّلام ..
(إِنَّ سُلَيْمَانَ وَرِثَ دَاوُدَ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 115
(إِنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام أَعْطِيَ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 122
(إِنَّ فِي عَلِيٌّ خِصَالًا لَوْ كَانَتْ..). - النَّبي مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 156
ص: 293
(إِنَّ الله نَهَراً دُونَ عَرْشِهِ وَدُونَ..). - الإمام عَلِيّ عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام. - 51
(إن من الملائكة الذين في سماء الدنيا..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 88
(إِنَّ مُوسَى عليه السَّلَام سأل ربًّه عز وجل..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 75
(إِنَّ موسى عليه السَّلَام ليلة الخطاب وجد كلّ حجرة وشجرة..). - وهب بن منبه - 257
(إِنَّ مُوسَى لَّا كلَّمَهُ الله تكليماً..). - الامام جعفر بن مُحمَّد الصَّادق عليه السلام - 42
W (إِنَّ وَصِي وَخَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي..) - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 98
(أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا خَلَقْتُ الْخَلْقَ الله سبحانه وتعالى بقُدْرَتَي..). - الله سبحانه وتعالى - 172
(أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا خَلَقْتُ الخَلْقَ..). - الله سبحانه وتعالی - 76
(إِنَّا أَهْلِ بَيْتٍ نَوَّهَ اللَّهُ بِأَسْمَائِنَا..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام - 144
ص: 294
(أَنَا أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتٍ نَوَّهَ اللهُ بِأَسْمَائِنَا..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 193
(أَنَا خِزَانَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ مِفْتَاحُهَا..) النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 79
(أَنتَ خَيْرُ الْبَشَرِ وَلَا يَشْكُ).. - النَّبِيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 155
(أَنتَ يَا عَلِيِّ سَيِّد ولد آدم..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلى الله عليه وآله. 279
(أَنْتَ يَا عَلِيُّ وَوُلْدُكَ خيرة..). - النَّبيِّ مُحمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 77
(إِنَّهُ لَيَنْزِلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى..). - الإمام مُحمَّد بن علي الباقر عليهما أفضل الصَّلَاة والسلام. - 128
(إِنَّهَا لَحَقٌّ قَدْ كَانَتْ فِي..). - الأمام الرِّضَا علیه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 82
(انهزَمَ النَّاسُ يَوْمَ أُحُدٍ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 85
(إِنّي كُنتُ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ كَالعضد..). - عَلِيّ بن ابي طالب عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام.
ص: 295
(إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 135
(أُهْدِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ قنُو..). - عَلِيّ بن أبي طالب عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 256
(أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ..). - الإمام مُحَمَّد بن على الباقر عليهما أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 142
(أَوْحَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى..). - مُحَمَّد بن علي الباقر عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 193
(أَوَلَستُ أُولَ بِكُمْ مِنْ أَنفُسِكُم؟) - النَّبيّ مُحمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 57
(أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَني..). - الامام الحسن بن علي المجتبى عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 166
(بَيْنَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وَآلِهِ جَالِسٌ، إذْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ..). - الامام الكاظم عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 193
(تَختَمُوا بِالْعَقِيقِ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ...) - النَّبيِّ مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله. - 78
(تَعَالَوْا حَتَّى نَذْهَبَ إِلَيْهِ..). - أبو مُحمَّد الحَسَن العَسْكَرِيّ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 203
ص: 296
(تَقُولُونَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 65
(جَاءَ ابْنُ الْكَوَّاءِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَواتُ الله عَلَيه...) - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه السلام. - 55
(جَاءَنِي جَبْرَئِيلُ مِنْ عِنْدِ الله عَزَّ وَجل..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّی الله عليه
وآله. - 215
(جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا أَنْتُمْ..). - سدیر. - 103
(جُعِلتُ فِدَاكَ، أَخبرني عَن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وآله وَرِثَ النَّبيِّينَ كُلَّهُم..) - ابراهیم - 118
(خُذُوا بِحُجْزَةِ هَذَا الْأَنْزَع..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله. - 169
(خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَليه وآله ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مُسْتَبْشِر..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 83
(خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآلِهِ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ رَاكِبٌ..). - الإمام الحسين عَليّ عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام. - 185 - 187
(خَرجَ رسُولُ الله صلَّى اللهُ عليه
وآله ذات يوم، وهو آخذٌ بيد عَلِيّ
بن أَبي طالب عليه السَّلَام..). - ابن عباس. - 167
ص: 297
(خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 166
(خَلْقُ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِيلَ وَ میكائیل..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 139
(خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِائَةَ أَلْفِ نَبِيٍّ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 173
(خَلَقَ اللهُ مِنْ نُورِ وَجْهِ عَلِيِّ بْنِ طالب عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام سَبْعِينَ أَلْفَ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 206
(خُلِقْتَ [يَا عَليُّ] مِنْ شَجَرَةٍ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 77
(خُلِقْتُ أَنا وَعِليٌّ مِنْ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله. - 77
(دخلَ عَبد الله بن عُمر على عَلِيّ بن الحسين زين العابدين عليهما السَّلَام..). - ابو حمزة الثمالي. - 230
(دَخَلَتْ أُمُّ أَيْمَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآله وَفِي..). - الإمام عَليّ بن أَبِي طَالِبٍ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 177
(دَخلتُ أَنا وسَليمان بن خالد على..). - سعيد الاعرج. - 105
ص: 298
(دَخَلتُ على أَبِي عَبد الله عليه السَّلَام، فَقُلتُ: جُعِلتُ فِدَاكَ إِنِّي أَسْأَلُكَ عن مَسْأَلَة..). - ابو بصیر. - 124
(دَخَلتُ على الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق صَلَواتُ الله عليه؟..). - عبدالله بن سنان. - 260
(دَخلتُ على رسُول الله صلَّى الله عليه وَآله في مسجده..). - زيد بن أبي أوفى. - 210
(دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ الإمام علي بن أَبِي طَالِبٍ عليه وَآلِهِ وَهُوَ فِي قُبًا..). - الإمام عَليّ بن أَبِي طَالِبٍ عليه أفضل الصَّلَة والسَّلَام. 152 - 153
(دَخَلتُ على عائشة، فقالت لي: مَن قتلَ الخوارج..). - مسروق. - 273
(ذَاكَ خيرُ البشرِ ولا يشك..). - حذیفة بن الیمان - 154
(ذَاكَ خيرُ البشرِ ولا يشك..). - عائشة - 154
(رأَيتُ أَنس بن مالك معصُوباً بعصابة، فسألته عنها..). - ابو هدبة. - 194
(رأَيت رسُول الله صلَّى الله عليهِ وآله، وكفّهُ في كفِ عَلي عليه السَّلَام..). - عبد الله. - 256
(رَأَيْتُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ مَكْتُوباً عَلَى قَائِمَةِ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله. - 269
ص: 299
(سأَلْتُ أَبا عبدِ الله الصَّادِقِ عليه السَّلَام عن مُوسى بن عمران عليه السَّلَام..). - إسماعيل بن الفضل الهاشمي. - 194
(سَأَلتُ أَبا عبدِ الله عليه السَّلَام عَن قولِ الله عَزَّ وَجَلَّ: «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى داود الرقي الْمَاءِ»..). - داود الرقي - 53
(سألتُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وآله، عن الكلماتِ الَّتى تلقَّى آدمُ مِن ربَّه ..). - ابن عباس. - 153
(سأَلتُ رسُول الله صَلَّى الله عليه وآله، عن قولِ الله جلَّ ثناؤه: «قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ..). - ابو سعيد الخدري.- 190
(سَأْلت رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله، عن قوله تعالى: «وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ»..). - انس بن مالك - 219
(سَلْهُمْ يَا مُحَمَّدُ، عَلَى مَا بُعِثْتُمْ..). - الله سبحانه وتعالی - 220
(سَمِعتُ جدّي رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله، يقول: لَمَّا أَسْرَى بِي رَبِّ عَزَّ وَ جَلَّ..). - الامام الحسين صلوات الله وسلامه علیه - 79
(سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ يَقُولُ: يَا عَلِيُّ، وَالَّذِي فَلَقَ..). - الإمام علي بن أَبِي طَالِبٍ عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام.. - 152
ص: 300
(سَمِعتُ رسُول الله صلَّى الله عليه وَآله، وقد سُئِلَ: بأَيِّ لُغةٍ خاطبك ربُّك ليلة المعراج..). - عبد الله بن عمر - 206
(شَهِدتُ جنازة أبي بكر يومَ مات، وشَهِدتُ عمر يَوم بُويع..). ابو الطفيل. - 145
(صَلَّى بنا رسُولُ الله صلَّى الله عليه وآله في بعض..). - انس بن مالك. - 221
(طِينُ الْحِنَانِ: جَنَّةُ عَدْنٍ وجنة المأوى..). - عَلِيّ بن أبي طالب عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 51 - 52
(عَلَّمَنِي رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَلْفَ بَابٍ..). - عَلي بن ابي طالب عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام. - 244
(عَلي آلِ مُحمَّد..) - ابن عباس - 185
(عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ خَيْرُ الْبَشَرِ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله. - 154
(عَلِيٌّ خيرُ البشر فمن أَبى..). - جابر بن عبد الله. - 154
(عَلِيٌّ خَيْرُ الْبَشَرِ، فَمَنْ أَبَى..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 182156
(عَلَيْنَا عَيْنٌ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه السلام. - 47
(عَلَيْنَا عَيْنٌ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد
الصَّادق عليه السلام. - 134
ص: 301
(عَهَدَ إِلَيْهِ فِي مُحَمَّد والأَئِمَّة مِنْ..). - مُحَمَّد بن عَلي الباقر عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام. - 274
(عَهَدْنَا إِليهِ فِي مُحَمَّدِ والأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِه..). - مُحَمَّد بن عَلى الباقر عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام. - 277
(فَأَقِمْ يَا مُحَمَّدُ عَلِيّاً علماً..). الله سبحانه وتعالى. - 204
(فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ، هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ..). - الإمام عَليّ بن أَبِي طَالِبٍ عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام. - 207
(فراسةٌ مِن غير مؤمِن..). - حرَّه بنت حلیمة السَّعدیة - 235
(فَضل أَمِير المُؤْمِنِين عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام مَا جَاءَ بِهِ أَخِذ..). - مُحَمَّد بن عَلِيّ الباقر عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 278
(فَضْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَام: مَا جَاءَ بِهِ..). - مُحَمَّد بن علي الباقر عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام. - 107
(فقال له: أَبلَغَ من قَدْرِكَ..) - ابو سعيد المكاري - 73
(فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ..) - الإمام عَلِيّ عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام. - 69
(فهل عندك في الآلِ شيء أوضح من المامون هذا في القُرآن..). - المامون - 65
(في جَنَاحَ كُلِّ هُدْهُرٍ خَلَقَهُ اللهُ عَزَّ و وَجلٌ..). - الإمام عَلِيّ بن أبي طالب عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 67
ص: 302
(في قول الله عزَّ وجلّ: «وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيْلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة العلم»..) - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة
والسَّلَام. - 112
(قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالى: يَا مُحَمَّدُ، إنّي خَلَقْتُكَ وعَلِيّاً..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَة والسَّلَام. - 141
(قال تعالى في حقِّ نبيِّه لآله عَليه وعليهم السَّلَام: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا..) - الامام الرضا علیه أفضل الصلاة والسلام - 62 - 63
(قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآله: [يَا عَلِيُّ] خُلِقَ النَّاسُ مِنْ شَجَرٍ شَتَّى..) - الإمام عَلِيّ عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام. - 78 - 79
(قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ..). - مُحَمَّد بن علي الباقر عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 111
(قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عليهِ وَآلِهِ: إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ لِأَخِي عَلِيِّ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 164
(قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: إِنَّ أَوَّلَ وَصِيٍّ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ هِبَةُ الله..). - مُحَمَّد بن علي الباقر عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام. - 114
(قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله: لِكُلِّ أُمَّةٍ صِدِّيقٌ وَفَارُوقٌ..) - الإمام عَلِيّ عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام. - 74
ص: 303
(قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْيَا حَيَاتِي..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 111
(قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: نَحْنُ فِي الْأَمْرِ وَالْفَهْمِ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسلام. - 139
(قال سبحانه وتعالى لنبيَّهِ صلَّى الله عليه وآله: «فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا..) - الامام الکاظم علیه أفضل الصلاة والسلام - 60 - 61
(قَالَ لي أَبِي: أن في الجنة نهراً..) - موسی بن جعفر الكاظم عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام. - 86
(قَالَ لِي يَا أَبَا حَمْزَةَ لَا تَصِفُوا عَلِيّاً..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 169
(قُلتُ لأَبي جعفر عليه السَّلام: «قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ»..). - بریده بن معاویة. 121
(قُلْتُ لِرَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وَآله: إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٌّ وَصِيّاً..). - ابو هریرة. - 95
ص: 304
(قُلْتُ لِلرّضَا عليه السَّلام: يَا بْنَ رَسُولِ الله أَخْبِرْنِي عَنِ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَكَلَ مِنْهَا آدَمُ وَحَوَّاءُ مَا كَانَتْ..) - عبد السَّلام بن صالح الهروي (ابو الصلت) - 71 - 73
(قُلتُ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله: أَرني الحق..). - ابن مسعود - 251
(كَانَ سَبَبُ نُزُولِ قَوْلِهِ تعالى: «مَنْ كَانَ عَدُوًّا لجبْرِيلَ»...). - أبو مُحمَّد الحسن العَسْكَرِي عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 198
(كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ يَقُولُ..). - الإمام علي بن الحسين عليهما أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 128
(كَانَ لِي عَشْرٌ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لَمْ يُعْطَهُنَّ..). - الإمام عَليّ بن أَبِي طَالِبٍ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 155
(كل ذلك حق..) - الأمام الرِّضَا عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 72
(كلِمَات فِي مُحَمَّدٍ وعَلى وَفَاطِمَة والحَسَنِ والحُسَين..). الصَّادق علیه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 276 - 277
(كنَّا جلوساً عند رسول الله صلَّى الله عليه وآله، اذ أَقبل عَلِيّ بن أبي طالب عليه السَّلام..). - ابن عباس. - 252
(كنَّا جلوساً مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله..). - ابن عباس. 274
ص: 305
(كُنت [جالساً] مع العبَّاس بن عبد المطلب وفريق من عبدِ العُزَّى..). - یزید بن یقعب - 162
(كنتُ [يوماً] مع مولاي أَمير المؤمنين عليه السَّلام بأرض قفر..). - سلمان الفارسي. - 261
(كُنتُ أَنا وأبو بصير، ويحيى البزَّاز، و داود بن كثِير في مجلسِ أَبي عبد الله عليه السَّلام،..). - سدير. - 132
(كنت أَنا وأَبي العبَّاس بن عبد المطَّلب رضي الله عنهم، جالسين عند..). - عَلِيّ بن عبد الله بن العبَّاس. - 272
(كُنتُ أَنا ورسول الله صلَّى الله عليه وآله في المسجدِ بعد أَنْ صلَّى الفَجر..) - الإمام علي عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 48
(كُنْتُ أَنا ومُحَمَّد نُورَاً وَاحِدَاً مِنْ نُّورِ الله عَزَّ وجَلّ..). - عَلِيّ بن أبي طالب عليه أفضل الصَّلاة والسَّلَام. - 269
(كُنتُ أَنَا، وَأَبُو ذَرِّ، وَسَلْمَانُ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وآله...) - أنس بن مالك - 91
(كنتُ حَاضِراً لَّما هَلكَ أَبُو بكرٍ واستخلفَ عمر..). - أبو سعيد الخدري. - 148 - 150
(كنت عند الخندق وقد حَفَر النَّاس، فَحَفَرَ عَلَى عَلَيْهِ السَّلَام..). - جابر بن عبد الله الانصاري. - 257
(كيفَ كُنتُم حيثُ كُنتم في الأَظِلَّة..). المفضل بن عمر. - 143
ص: 306
(لاَ بَعَثَ الله تعالى مُوسى بن عِمرانَ..) - النَّبِيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 68
(لَا وَالله، مَا فَوَّضَ الله إلى أَحَدٍ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق علیه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 138
(لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يجنب في..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّ الله عليه وآله. - 182
(لِكُلٍّ أُمَّةٍ صِدِّيقٌ وَفَارُوقٌ..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّی الله عليه وآله. 74
(لِمَ سمي أمير المؤمنين..). - جابر الانصاري. 276
(لمَّا أُسرَى بِيّ إِلَى السَّمَاءِ وصرت..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّی الله علیه وآله. - 265 - 266
(لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ أَوْحَى الله تعالى..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 100
(لَمَّا أُسرِيَ بِي إِلى السَّمَاءِ أَوحَى الله رَبِّ جَلَّ جَلَاله..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 58
(لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ نَظَرْتُ فَإِذَا مَكْتُوبٌ..) - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 102
(لمَّا انصرف مولانا أَمير المُؤمِنِين عَلَيهِ السَّلَام من البصرةِ.. أَيُّهَا النَّاس، لو شِئْتُ لأَخْرَجتُ). - الأصبغ بن نباته. - 258
ص: 307
(لمَّا بَعَثَ الله تعالى مُوسى بن عِمرانَ وَاصْطَفَاهُ نَجيَّا..) - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 68
(لَمَّا خَلَقَ الله سُبحَانُه وتَعَالَى آدَم وَحَوَاء تبَخْتَرا..). - النَّبِيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 253 - 254
(لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ رَأَيْتُ عَلَى..) - النَّبيِّ مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله. - 94
(لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ، وَبَلَغْتُ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله. - 97
(لَّما كان يومُ المباهلة، وآخى النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وآله بين المهاجرين والأَنصار؟..). - أَنس بن مالكٍ. - 212 - 213
(لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ «ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ..). - أبو مُحمَّد الحَسَن العَسْكَرِيّ عليه أفضل الصَّلَاة و السَّلَام. - 199 - 202
(لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ وَآلِهِ: «وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِين»..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 165
(لَمَّا نَزَلَتْ هذه الآية، وهي قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعملوا..). - ابن عباس. - 210
(لَو أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبع والأَرضِين السَّبع..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 273
ص: 308
(لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَبَدَ الله أَلْفَ عَامِ..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 96
(لَو تُنِيتْ لِي الوِسَادَةُ لأَفتَيتُ أَهلَ التَّوراة..) - الإمام عَلِيّ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 46
(لَوْ كَانتْ الرِّيَاضُ أَقْلَاماً..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله. - 207
(لَوْ يَعْلَمُ النَّاسِ مَتى سُمِّيَ عَلِي أَمِير المؤمِنِينَ مَا أَنْكَرُوا.). - النَّبِيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 212
(لَوْلَا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام تَزَوَّجَهَا..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق علیه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 191 - 192
(لَوْلَا أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِف مِنْ..). - النَّبِيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 157
(لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِي إِلَی السَّمَاءِ قَالَ ليّ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله. 217
(ما تقول في الرَّجعةِ..) - المأمون - 82
(مَا تَقُولُ في أَهلِ البيت..) - المأمون - 81
(مَا جَاءَ بِهِ ]عَلِيٌّ عَلَيه السَّلَام] آخُذ
بِهِ..) - الإمام جعفر بن مُحَمَّد
الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام - 104
ص: 309
مَا خَلَقَ اللهُ خَلقاً أَفضَلَ مِنِّي...) - النَّبيِّ مُحمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 37 - 41
(مَا مِنْ نَبِيٌّ جَاءَ قَطُّ..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 139 - 140
(مَا يَقُولُ أَهْلُ الْبَصرة..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 84
(مَالك؟! أَطْفَأَ اللهُ نُورَكَ..). - الأمام الرّضَا عليه أفضل الصَّلاة والسلام. - 73
(مَرَّ إِبليس - لعنه الله - بنفر يتناوَلُون أمير المؤمنين عليه السَّلَام..). - سلمان فارسي. 183 - 184
(مُرَّ بيّ لَيْلَة المعراج..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّی الله عليه وآله. - 208
(مَكْتُوبٌ عَلَى الْعَرْشِ: أَنَا اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي..). - النَّبِيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 168
(مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 153
(مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنظُر إِلى آدَمَ فِي عِلِمِهِ..) - النَّبيِّ مُحَمَّد صلّى الله عليه وآله. -
33
ص: 310
(مَنْ فَضَّلَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِي..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 196
(مَنْ هذا الذي عنده علم الكتاب؟..). - عبد الله بن سلام - 209
(نَزَلَ جَبْرَئِيلُ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام عَلى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عليهما وَآلِهِ برُمَّانَتَيْن مِنَ الْجَنَّةِ..). - الإمام مُحَمَّد بن علي الباقر علیهما أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 136
(نَزَلَ جَبْرَئِيلُ عليه السَّلَام عَلى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِرُمَّانَتَيْنِ مِنَ الْجَنَّةِ، فَلَقِيَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ..). - الإمام مُحَمَّد بن علي الباقر عليهما أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 137
(هَذَا خَيْرُ الْأَوَّلِينَ مِنْ أَهْل السَّمَاوَاتِ..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّ الله عليه
وآله. - 228 - 229
(هَلْ تَزُورٍ جَدِّي أَمِير المؤمِنِينَ عَليه السَّلام..). - الامام الصَّادق عليه أفضل
الصَّلَاة والسَّلَام. - 232
(هو كِتَابٍ مِنْ نُورٍ، كَتَبَهُ الله..) - الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 268
(وَالله إِنَّا لَخُزَّانُ اللهِ فِي سَمَائِه..). - الإمام مُحمَّد بن علي الباقر عليهما أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 103
(وَالله يَا سَوْرَةُ إِنَّا خَزَّانُ علم الله..). - الإمام جعفر بن محمد الصَّادق عليه السلام. - 88
ص: 311
(وَالله، إنَّ فِي السَّمَاءِ لَسَبْعِينَ صَفَاً..). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 140
(وَالله، إِنِّي لَأَعْلَمُ كِتَابَ الله مِنْ أَوَّلِهِ..
). - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسلام . - 120
(وأَمَّا الثَّانِية عَشَر فقوله..). - الأمام الرَّضَا عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام. - 66
(وجد في ذخيرة [أَحد] حواري عيسى عليه السَّلام..). - عبد الملك بن سليمان. - 242 - 243
(وَسَطُ الجنَّةِ لِي..). - النَّبيِّ مُحمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 78
(وَلايَةُ عَليّ بن أَبِي طَالِبٍ حِصْنِي..). - الله سبحانه وتعالى - 80 - 81
(وَلَايَةٌ عَلِيَّ مَكْتُوبَةٌ فِي..). - أبو الحسن عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 140
(وَمَا عَسَاهُمْ يَقُولُون فِي أَخِي وَابْنِ عَمِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيه السَّلَام..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّی الله عليه وآله. - 245 - 250
(يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُعْطِ..) - الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 117
ص: 312
(يا أمير المؤمنين: أَنت أفضل أَم آدم أبو البشر..). - صعصعة بن صوحان. - 254 - 255
(يا بْنَ عَبَّاسٍ، هُمُ الْأَئِمَّةُ بَعْدِي وَإِنْ..) - النَّبِيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 90
(يا جابر: إذا كان يوم القيامة جمع الله عزّ وجلّ..) - الإمام جعفر بن مُحَمَّد
الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة
والسَّلَام. - 86 - 87
(يَا جَابِرُ، إِنَّ الله أَوَّلَ مَا خَلَقَ، [خَلَقَ] مُحَمَّداً..). - الإمام مُحَمَّد بن علي الباقر عليهما أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 145
(یا رسُول الله، أَرشدني إلى عبد الرحمن بن سمره النّجاة..). - عبد الرحمن بن سمره - 152
(يَا رسُول الله، إِنَّ عليَّاً قد جَاهَدَ في الله حَقَّ جِهَاده..). - عمار - 98
(يَا عَلِيُّ أَنْتَ الْإِمَامُ وَالخَلِيفَةُ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 101
(يَا عَلِيُّ أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُ عَنْهُ الْأَرْضُ مَعِي...). - النَّبِيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 70 - 71
(يَا عَلِيُّ، إِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَانَ وَلَا شَيْءَ..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 224
ص: 313
(يَا عَلِيُّ، أَنَا مَدِينَةُ الحِكْمَةِ وَأَنْتَ بَابُهَا..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلى الله عليه وآله. - 175 - 176
(يَا عَلِيُّ، أَنْتَ أَخِي وَوَارِثي..) - النَّبِيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 196 - 197
(يَا عَلِيُّ، أَنْتَ صَاحِبُ حَوْضِي..). - النَّبيِّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 178
(يَا عِيسَى جِدَ فِي أَمْرِي؟..). - الله سبحانه وتعالى - 176 - 177
(يَا مُحَمَّدُ، خُذْ مَا هَنَّاك الله تَعَالى...). - جبرئِيل عليه السَّلَام. - 208 - 209
(يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُتَفَرِّداً..). - مُحَمَّد بن علي الجواد عليهما
أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 143
(يا يعقُوب، أَلا أُعَلِّمك دُعاءً..). - جبرئيل عليه السَّلَام. 174 - 175
(يَاسِينُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ..). - الإمام جعفر بن مُحمَّد الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 184
(يَمُصُّونَ الثِّادِ ، وَ يَدَعُونَ..). - مُحَمَّد بن علي الباقر عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام. - 113 - 114
(يَا عَلِيُّ خُلِقَ النَّاسُ من..). - النَّبيّ مُحَمَّد صلَّى الله عليه وآله. - 79
ص: 314
القرآن الکریم.
الإحتجاج، أبو منصور أحمد بن عَليّ بن أبي طالب الطَّبرسيّ، (548 ه)، تح: السَّيِّد مُحمَّد باقر الخرسان، النَّاشر: دار النّعمان للطّباعة والنَّشر - النَّجف الأشرف - العراق: 1386 ه - 1966 م.
احقاق الحق، الشَّهيد نور الله التّستري، (1019 ه).
الإحكام في أصول الأحكام، أبو الحسن سيّد الدّين عَليّ بن أبي عَليّ بن محمد بن سالم الثعلبي الآمدي، (.631 ه)، تح: عبد الرزاق عفيفي، ط: 2، النَّاشر: المكتب الإسلاميّ: 1402 ه.
الاختصاص، الشيخ عبد الله محمد بن النّعمان العكبري البغدادي المفيد، (413 ه)، تح: عَليّ أكبر الغفاريّ، السَّيِّد محمود الزرنديّ المحرميّ، ط 2: الناشر: دار المفيد للطّباعة والنَّشر والتَّوزيع - بيروت - لبنان: 1414 - 1993 م.
الاربعون حديثاً في الفضائل والمناقب، لأَسعد بن إبراهيم الأُربلي الحليّ، (.693 ه)، تح: مشتاق المظفّر، ط: الأولى - العتبة الحُسَينيَّة المُقَدَّسَة، مط: مؤسَّسة الأعلميّ للمطبوعات، ت ط: 1434 ه - 2013 م.
الأربعون حديثاً، منتجب الدِّين بن بابويه، (.585)، تح: مؤسسة الإمام المهديّ عليه أفضل الصَّلاةِ والسَّلَام، ط: 1، النَّاشر: مؤسَّسة الإمام المهديّ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام - قُم المُشرَّفَة: محرَّم الحرام 1408 ه.
إرشاد القلوب، أبو محمد الحسن بن محمد الدّيلمي، . ق (8)، ط: 2، النَّاشر: انتشارات الشَّريف الرَّضي (ره): 1415 - 1374 ش.
ص: 315
التَّوحيد، الشَّيخ أبو جعفر مُحمَّد بن عليّ بن الحُسَين بن بابويه القُمِّي (الصَّدوق)، (.381)، تح: السَّيِّد هاشم الحُسينيّ الطَّهرانيّ، النَّاشر: مؤسَّسة النَّشر الإسلاميّ التَّابعة لجماعة المدرِّسين بقُم المُشَرَّفَة.
الإرشاد في معرفة حُجج الله على العباد: أبو عبد الله مُحمَّد بن مُحمَّد بن النّعمان العكبريّ البغداديّ (الشَّيخ المفيد)، (413 ه)، تح: مؤسَّسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام لتحقيق التّراث، ط: 2، النَّاشر: دار المفيد للطّباعة والنَّشر والتَّوزيع - بيروت - لبنان: 1414 ه - 1993 م.
إِعلام الورى بأعلام الهُدى، الشَّيخ أبو عَلِيّ الفضل بن الحَسن الطّبرسيّ، (.548)، تح: مؤسَّسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام لإحياء التّراث، ط: 1، النَّاشر: مؤسسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام لإحياء التّراث - قُم المُشَرَّفَة: 1417 ه.
الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرَّجعة، مُحمَّد بن الحَسَن الحر العامليّ، (.1107)، تح: مشتاق المظفَّر، ط: 1، الناشر: دليل ما - قُم المُشرَّفَة: 1428 ه. ق - 1386 ه . ش.
الأعلام، خير الدِّين الزركلي، (.1410 ه)، ط: 5، النَّاشر: دار العلم للملايين - بيروت - لبنان: أيار - مايو 1980 م.
أعيان الشِّيعة، السَّيِّد مُحسِن الأمين، (.1371 ه)، النَّاشر: دار التَّعارف للمطبوعات - بيروت - لبنان.
إقبال الأعمال، السَّيّد رضي الدّين عَليّ بن موسى بن جعفر بن طاووس، (.664)، تح: جواد القيومي الاصفهاني، ط: 1، النَّاشر: مكتب الإعلام الإسلامي: رجب 1414 ه.
إلزام النَّاصب في إثبات الحُجَّة الغائب عجَّل الله تَعَالَى فَرَجَه الشَّريف، الشَّيخ
ص: 316
عَليّ اليزديّ الحائريّ، (.1322 ه)، تح: السَّيّد عَليّ عاشور، النَّاشر: مؤسَّسة الأعلميّ للمطبوعات بيروت - لبنان: 1422 ه - 2002 م.
الأمالي، أبي عبد الله مُحمَّد بن النّعمان العكبري البغداديّ (الشَّيخ المفيد)، (ت: 413)، تح: الحُسَين أستاد ولي - عَليّ أكبر الغفاري، ط: 3، الناشر: دار المفيد للطّباعة والنَّشر والتَّوزيع - بيروت - لبنان: 1414 ه - 1993 م.
مائة منقبة من مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ولده عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلام من طريق العامَّة، الشيخ أبو الحسن محمد بن أحمد بن شاذان القمّيّ، (412 ه)، تح: مدرسة الإمام المهديّ عجَّل الله تعالى فرجه الشَّريف، إشراف السَّيِّد محمد باقر بن المرتضى الموحَّد الأبطحي، ط: 1، الناشر: مدرسة الإمام المهديّ عجَّل الله تعالى فرجه الشَّريف بالحوزة العلميَّة - قُم المُقَدَّسَة: ذي الحُجَّة 1407 ه.
الأمالي، الشَّيخ أبو جعفر مُحمَّد بن الحَسَن الطُّوسِيّ، (.460)، تح: قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة، ط: 1 ، الناشر: دار الثقافة للطباعة ا والنّشر والتّوزيع - قُم المُشَرَّفَة: 1414 ه.
الأمالي، الشيخ أبو جعفر مُحمَّد بن عَليّ بن الحُسين بن موسى بن بابويه القُمّي (الصَّدوق)، (.238 ه)، تح قسم الدّراسات الاسلاميَّة - مؤسسة البعثة، ط: 1، النَّاشر: مركز الطّباعة والنّشر في مؤسَّسة البعثة - قُم المشرفة: 1417 ه. ق.
الأَنوار النُّعمانيَّة في بيان النَّشأة الإنسانيَّة، السَّيِّد نعمة الله الجَّزائريّ، (1112 ه)، تح: مُحمَّد عَليّ القاضيّ، ط: 1، النَّاشر: مؤسسة الأعلميّ للمطبوعات - بيروت - لبنان 1432 ه - 2010 م.
بحار الانوار لدرر أخبار الأئمَّة الأطهار، العلَّامة محمد باقر المجلسي (111 ه)، ط: 3، النَّاشر: مؤسَّسة الوفاء - بيروت - لبنان: 1403 ه - 1983 م.
بشارة المصطفى لشيعة المرتضى عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، مُحمَّد بن أبي
ص: 317
القاسم الطبري، (525 ه)، تح: جواد القيومي الأصفهاني، ط: 1، النَّاشر: مؤسَّسة النَّشر الإسلاميّ التَّابعة لجماعة المدرّسين بقُم المُشَرَّفَة: 1420 ه.
بصائر الدَّرجات، مُحمَّد بن الحَسن بن فرُّوخ (الصَّفَّار)، (290 ه)، تح: الحاج میرزا حسن کوچه باغي، النَّاشر: منشورات الأعلمي - طهران: 1404 - 1362 ش.
تاج اللغّة وصحاح العربيَّة، إسماعيل بن حمَّاد الجوهريّ، (393 ه)، تح: أحمد عبد الغفور العطَّار، ط: 4، الناشر: دار العلم للملايين - بيروت - لبنان: 1407 ه - 1987 م.
التاريخ الكبير، الحافظ أبو عبد الله مُحمَّد بن إسماعيل الجعفيّ البخاريّ، (ت: 256 ه - 869 م)، الناشر: المكتبة الإسلامية - ديار بكر - تركيا.
تاريخ مدينة دمشق، أبو القاسم عَليّ بن الحَسَن ابن هبة الله بن عبد الله الشَّافعيّ (ابن عساكر)، (.571 ه)، تح: عَليّ شيري النَّاشر: دار الفكر للطّباعة والنَّشر والتوزيع - بيروت - لبنان: 1415 ه.
تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطَّاهرة، السَّيِّد شرف الدِّين عَلِيّ الحُسيني الاسترآبادي النَّجفي، (965 ه)، تح: مدرسة الإمام المهديّ عجَّل الله تعالى فرجه الشَّريف، ط: 1، النَّاشر: مدرسة الإمام المهديّ عجَّل الله تعالى فرجه الشَّريف - الحوزة العلميَّة - قُم المقدَّسَة: رمضان المبارك 1407 ه - 1366 ش.
التّبيان في تفسير القرآن، الشيخ أبو جعفر مُحمَّد بن الحَسَن الطَّوسي، (.460 ه)، تح: أحمد حبيب قصير العامليّ، ط: 1، الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي: رمضان المبارك 1409 ه.
شواهد التنزيل لقواعد التَّفضيل في الآيات النَّازلة في أهل البيت صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين، عبيد الله بن عبد الله الحاكم الحسكانيّ النِّيسابوري، (. ق 5 ه)، تح: الشَّيخ مُحمَّد باقر المحموديّ، ط: 1، الناشر: مجمع إحياء الثقافة
ص: 318
الإسلامية - قُم المُشَرَّفَة: 1411 ه - 1990 م.
تحف العقول عن آل الرَّسول صلَّى الله عليه وآله الشَّيخ أبي مُحمَّد الحَسَن بن شعبة الحرَّاني، (. ق 4 ه)، تح: عَلِيّ أكبر الغفاري، ط: 2، النَّاشر: مؤسَّسة النَّشر الإسلامي التَّابعة لجماعة المدرِّسين بقُم المُشَرَّفَة: 1404 - 1363 ش.
تراجم الرِّجال، السَّيِّد أحمد الحُسَيني، معاصر، النَّاشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النَّجفيّ - قُم المُقَدَّسَة.
تفسير الإِمام العَسكريّ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، تح: مدرسة الإمام المهديّ عجَّل الله تعالى فرجه الشَّريف، ط: 1، النَّاشر: مدرسة الإمام المهديّ عجَّل الله فرجه الشَّريف - قُم المُقَدَّسَة.
اليقين، السَّيِّد عَليّ بن موسى بن طاووس، (664 ه)، تح: الأنصاريّ، ط: 1، النَّاشر: مؤسَّسة دار الكتاب (الجزائريّ): ربيع الثَّاني 1413 ه.
التفضيل، الشيخ أبو الفتح مُحمَّد بن عَليّ بن عُثمان الكراجكيّ، (449 ه ق)، تح مير جلال الدِّين الأرمويّ (ره)، النَّاشر: مؤسَّسة أهل البيت عليهم أفضل الصَّلاة والسَّلَام: 1361 ه. ش - 1403 ه. ق.
تفسير العياشي، أبو النّضر مُحمَّد بن مسعود بن عيَّاش السمر قنديّ، (320 ه)، تح: السَّيِّد هاشم الرَّسوليّ المحلاتيّ، النَّاشر: المكتبة العلميَّة الإسلاميَّة - طهران.
تفسير القمِّيّ، أبو الحَسَن عَلِيّ بن إبراهيم القمّيّ، (. نحو 329)، تح: السّيِّد طيِّب الموسويّ الجزائري، ط: 3، الناشر: مؤسسة دار الكتاب للطّباعة والنَّشر - قُم المُشَرَّفَة: صفر 1404 ه.
تفسير المحيط الأعظم والبحر الخظم في تأويل كتاب الله العزيز المحكم، (782 ه)، السَّيِّد حيدر الآملي، تح: السَّيِّد مُحسِن الموسويّ، ط: 4، مط دار الاسوة، النَّاشر: مؤسَّسه فرهنگی و نشر: نور عَليّ نور: 1428 ه.
تفسير فرات الكوفيّ، فرات بن إبراهيم الكوفيّ، (352 ه)، تح: مُحمَّد الكاظم،
ص: 319
ط: 1، النَّاشر: مؤسَّسة الطَّبع والنَّشر التَّابعة لوزارة الثَّقافة والإرشاد الإسلاميّ - طهران: 1410 ه - 1990 م.
الثَّاقب في المناقب، ابن حمزة الطُّوسيّ، (560 ه)، تح: نبيل رضا علوان، ط: 2، النَّاشر: مؤسَّسة أنصاريان للطّباعة والنَّشر - قُم المُقَدَّسَة: 1412 ه.
إعلام الورى بأعلام الهُدى، الشَّيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطَّبرسِيّ، (.548 ه)، تح: مؤسسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام لإحياء التّراث، ط: 1، النَّاشر: مؤسسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة السَّلَام لإحياء التّراث - قُم المُشَرَّفَة: ربيع الأول 1417 ه.
جامع الرّواة وإزاحة الاشتباهات عن الطّرق والاسناد، مُحمَّد عليّ الأردبيلي الغرويّ الحائري، (1101 ه)، النَّاشر: مكتبة المحمَّدي.
الجواهر السنيَّة في الأحاديث القدسيَّة، الشَّيخ مُحمَّد بن الحَسَن الحر العامليّ، (1104 ه)، النَّاشر: مكتبة المفيد - قُم المُشَرَّفَة: 1384 ه - 1964 م.
جواهر المطالب في مناقب الإمام عَلِيّ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، مُحمَّد بن أحمد الدمشقيّ الباعونيّ الشَّافعيّ، (871 ه)، تح: الشَّيخ محمد باقر المحموديّ، ط: 1، النَّاشر: مجمع إحياء الثقافة الإسلامية - قُم المُشَرَّفَة: 1415 ه.
حلية الأبرار، السَّيِّد هاشم البحراني، (1107 ه)، الشَّيخ غلام رضا مولانا البروجردي، ط: 1، الناشر: مؤسَّسة المعارف الإسلامية - قُم المُشَرَّفَة - ايران - 1411 ه.
الخرائج والجرائح، قطب الدين الراوندي، (573 ه)، تح: مؤسَّسة الإمام المهديّ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، بإشراف السَّيِّد محمَّد باقر الموحَّد الأبطحيّ، ط: 1، النَّاشر: مؤسَّسة الإمام المهديّ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام - قُم المُقَدَّسَة: ذي الحُجَّة 1409 ه.
الخصال، أبو جعفر محمد بن علي بن الحُسين بن بابويه القمّي (الصَّدوق)،
ص: 320
(381 ه)، تح: عليّ أكبر الغفاري، النَّاشر: جماعة المدرِّسين في الحوزة العلميّة، قم المُقَدَّسَة: 18 ذي القعدة الحرام 1403 ه - 1362 ش.
خصائص الوحيّ المبين، شمس الدِّين يحيى بن الحَسَن الأسديّ الرّبعيّ الحلّيّ (ابن البطريق)، (600 ه)، تح: الشَّيخ مالك المحموديّ، ط: 1، النَّاشر: دار القرآن الكريم: 1417 ه.
دلائل الإمامة، الشَّيخ أبو جعفر مُحمَّد بن جرير الطَّبريّ (الشِّيعيّ)، (ق 4)، تح قسم الدّراسات الإسلاميَّة - مؤسَّسة البعثة، ط: 1، الناشر: مركز الطّباعة والنَّشر في مؤسَّسة البعثة - قُم المُشَرَّفَة: 1413 ه.
ذخائر العقبى في مناقب ذوي القُربى، مُحب الدِّين أحمد بن عبد الله الطَّبريّ، (694 ه)، النَّاشر: مكتبة القدسيّ لصاحبها حُسَام الدِّين القدسيّ - القاهرة: 1356.
الذَّريعة إلى تصانيف الشِّيعة، العلَّامة الشَّيخ آغا بزرگ الطَّهراني (ره)، (1389 ه)، ط: 3، النَّاشر: دار الأضواء - بيروت - لبنان: 1403 - 1983 م.
ذكرى الشِّيعة في أحكام الشَّريعة، مُحمَّد بن جمال الدِّين مكّيّ العامليّ الجزينيّ الشَّهيد الأوَّل، (786 ه)، تح: مؤسَّسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام لإحياء التّراث، ط: 1، النَّاشر: مؤسَّسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام لإحياء التراث - قُم المُشَرَّفَة: مُحرَّم 1419 ه.
رجال البرقيّ، أحمد بن عبد الله بن أحمد بن خالد البرقي، (274 ق)، تح: حيدر محمَّد عليّ البغدادي، ط: الثَّانية، مط: مؤسَّسة الإمام الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلام، النَّاشر: مؤسَّسة الإمام الصَّادق عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام: 1391 - 1433 ق.
رجال الطُّوسيّ، شيخ الطَّائفة أبي جعفر مُحمَّد بن الحَسن بن عَلِيّ الطُّوسيّ، (460 ه)، تح: جواد القيوميّ الاصفهانيّ، ط: 1، النَّاشر: مؤسَّسة النَّشر
ص: 321
الاسلاميّ التَّابعة لجماعة المدرِّسين بقُم المُشَرَّفَة: 1373 ه.
الرّجال لابن الغضائري، أحمد بن الحُسين الغضائري الواسطي البغداديّ، (ق 5 ه)، تح: السَّيّد مُحمَّد رضا الحُسيني الجلاليّ، وتحسين بور سماويّ، ط: 1، النَّاشر: دار الحديث للطّباعة والنَّشر - قُم المُشرَّفَة: 1422 ق - 1380 ش.
رسائل في دراية الحديث، أبو الفضل حافظيان البابلي، معاصر، ط: 1، النَّاشر: دار الحديث للطَّباعة والنَّشر - قم المُقَدَّسَة - ايران: 1424 - 1382 ش.
روضة الواعظين، العلَّامة مُحمَّد بن الفتّال النِّيسابوري الشَّهيد، (508 ه)، تح: السَّيّد مُحمَّد مهدي السَّيِّد حَسَن الخرسَان، الناشر: منشورات الشَّريف الرَّضيّ (ره) - قُم المُشَرَّفّة.
الروضة في فضائل أمير المؤمنين عَلِي بن أبي طالب عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، سديد الدِّين شاذان بن جبرئيل القمّي (ابن شاذان)، (660 ه)، ط: 1، 1423 ه.
الرِّياض النّضرة في مناقب العشرة، أبو جعفر أحمد (المُحب الطَّبريّ) (ره)، (694 ه)، النَّاشر: دار الكتب العلميَّة - بيروت - لبنان.
شرح الأخبار في فضائل الأئمَّة الأطهار عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، القاضيّ النُّعمان المغربيّ، (ت: 363)، تح: السَّيِّد مُحمَّد الحُسيني الجلاليّ، ط: 2، النَّاشر: مؤسَّسة النَّشر الإسلاميّ التَّابعة لجماعة المدرِّسين بقُم المُشَرَّفَة: 1414 ه.
شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد المعتزليّ، (656 ه) تح: مُحمَّد أبو الفضل إبراهيم، ط: 1، النَّاشر: دار إحياء الكتب العربيَّة - عيسى البابيّ الحلبيّ وشركاه، ت ط: 1378 - 1959 م.
الصّراط المستقيم إلى مستحقِّيّ التَّقديم، الشَّيخ عَليّ بن يونس العامليّ النَّباطيّ البياضيّ، (877 ه)، تح: مُحمَّد الباقر البهبودي، ط: 1، النَّاشر: المكتبة المرتضويَّة لإحياء الآثار الجعفريَّة: 1384.
ص: 322
الصواعق المحرقة في الرَّد على أهل البدع والزَّندقة، المحدث أحمد بن حج الهيثمي المكّيّ، (. 974 ه)، تح: عبد الوهاب عبد اللطيف، ط: 2، النَّاشر: مكتبة القاهرة لصاحبها: عَليّ يوسف سُلَيمان - شارع الصنادقيَّة - بميدان الأزهر بمصر: 1385 - 1965 م.
طبقات أعلام الشِّيعة، آغا بزرك الطَّهراني، (. 1389 ه)، ط: 1، النَّاشر: دار إحياء التَّراث العربيّ - بيروت - لبنان: 1430 ه - 2009 م.
الطَّرائف في معرفة مذاهب الطَّوائف، السَّيِّد عليّ بن موسى بن طاووس: (ت 664 ه)، تح: داود الهامی، ط: 2، النَّاشر: دفتر نشر نوید اسلام (طرائف): 1374 ش.
العقد النَّضيد والدّر الفريد، مُحمَّد بن الحَسن القُميّ، (. ق 7 ه)، تح: عَلي أوسط الناطقي، وسيِّد هاشم شهرستاني، ولطيف فرادي، ط: 1، النَّاشر: دار الحديث للطّباعة والنشر: 1423 - 1381ش.
علل الشَّرائع، الشيخ أبو جعفر مُحمَّد بن عليّ بن الحُسَين بن بابويه القُمِّي (الصَّدوق)، (.281 ه)، تح: السَّيِّد محمَّد صادق بحر العلوم، النَّاشر: منشورات المكتبة الحيدريَّة ومطبعتها - النَّجف الأشرف: 1385 - 1966 م.
عمدة عيون صحاح الاخبار في مناقب إمام الأبرار عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، يحيى بن الحَسَن الأسديّ الحلّيّ (ابن البطريق)، (.600)، تح: سعيد عرفانيَّان، ط: 1، النَّاشر: مكتبة العلَّامة المجلسيّ (ره) بقم المُشَرَّفَة: 1436 ه.
العين، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت: 175 ه)، تح: الدكتور مهدي المخزومي، والدكتور إبراهيم السامرائي، ط: 2، الناشر: مؤسَّسة دار الهجرة - ايران - قم المُشَرَّفَة: 1409ه.
عيون أخبار الرِّضا عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، الشَّيخ أبو جعفر مُحمَّد بن عليّ بن الحُسَين بن بابويه القُمِّي (الصَّدوق)، (.381 ه)، تح: الشَّيخ حسين
ص: 323
الأعلميّ، النَّاشر: مؤسَّسة الأعلميّ للمطبوعات - بيروت - لبنان: 1404 ه - 1984 م.
عيون الحكم والمواعظ، عَليّ بن مُحمَّد اللَّيثيّ الواسطيّ، (. ق 6 ه)، تح: الشَّيخ حُسَين البير جنديّ، ط: 1، الناشر: دار الحديث.
عيون المعجزات، حُسَين بن عبد الوهاب (. ق 5)، النَّاشر: مُحمَّد كاظم الشَّيخ صادق الكُتبيّ: 1369.
غرر الأخبار ودرر الآثار في مناقب أبي الأئمَّة الأطهار عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، حسن بن أبي الحَسن الدَّيلمي، (. ق 8 ه)، تح: إسماعيل الضَّيغم، ط: 1، النَّاشر: منشورات دليل ما - قُم المُشَرَّفَة: 1427 ه. ق - 1385 ه . ش.
غرر الحكم و درر الكلم، عبد الواحد بن محمد التميمي، (. ق 5 ه)، تح: السَّيِّد مهديّ الرَّجائيّ، ط: 1، النَّاشر: دار الكتاب الإسلاميّ - قُم المُشَرَّفَة: 1410 ه.
الغيبة، أبو عبد الله مُحمَّد بن إبراهيم بن جعفر (ابن أبي زينب النَّعماني)، (380 ه)، تح فارس حسُّون کریم، ط: 1، النَّاشر: أنوار الهُدى.
الغيبة، الشيخ أبو جعفر مُحمَّد بن الحَسَن الطَّوسيّ، (. 460 ه)، تح: الشَّيخ عباد الله الطَّهراني، والشَّيخ عليّ أحمد ،ناصح، ط 1، النَّاشر: مؤسَّسة المعارف الإسلاميَّة - قُم المقدَّسَة: شعبان 1411 ه.
رجال النّجاشي، الشَّيخ أبو العبَّاس أحمد بن عَلِيّ النَّجاشي، (450 ه)، تح: السَّيِّد موسى الشُبيريّ الزَّنجانيّ، ط: 6، النَّاشر: مؤسَّسة النَّشر الإسلاميّ - قُم المُشَرَّفَة: 1418 ه.
فتح الباريّ شرح صحيح البخاريّ، شهاب الدِّين ابن حجر العسقلاني (.852)، ط: 2، النَّاشر: دار المعرفة للطبّاعة والنّشر بيروت - لبنان.
فرحة الغريّ في تعيين قبر أمير المؤمنين عَلِيّ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، السَّيِّد
ص: 324
عبد الكريم بن طاووس الحَسَني، (. 693 ه)، تح: السِّيِّد تحسين المُوسويّ، ط: 1، الناشر: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة: 1419 ه - 1998 م.
الفردوس بمأثور الخطاب، شیرویه بن شهردار بن شيرويه أبو شجاع الديلميّ الهمذاني، (.509 ه)، تح: السَّعيد بن بسيوني زغلول، ط: 1 النَّاشر: دار الكتب العلميَّة - بيرو. 1406 ه - 1986 م.
الفصول المختارة، الشَّيخ أبو عبد الله مُحمَّد بن مُحمَّد بن النَّعمان العكبري البغدادي المفيد، (. 413 ه)، تح: السِّيِّد نور الدين جعفريان الاصبهاني، الشَّيخ يعقوب الجعفري، الشَّيخ محسن الأحمدي، ط: 2، النَّاشر: دار المفيد للطّباعة والنَّشر والتَّوزيع - بيروت - لبنان: 1414 - 1993م.
الفصول المهمَّة في معرفة الأئمَّة عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، عليّ بن مُحمَّد أحمد المالكيّ (ابن الصَّبَّاغ)، (.855 ه)، تح: ساميّ الغريريّ، ط: 1، النَّاشر: دار الحديث للطّباعة والنشر: 1422 ه.
فضائل الخلفاء، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، (430 ه)، تح: صالح بن محمد العقيل، ط 1، النَّاشر: دار البخاريّ للنَّشر والتوزيع، المدينة المنورة: 1417 ه - 1997 م.
فضائل الصَّحابة، أحمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشَّيباني، (. 241 ه)، تح: د. وصيّ الله محمَّد عبَّاس، ط: 1، الناَّشر: مؤسَّسة الرِّسالة - بيروت - لبنان: 1403 ه - 1983 م.
فضائل أمير المؤمنين عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، ابن عقدة الكوفي، (. 333 ه)، تح: عبد الرزاق مُحمَّد حُسين فيض الدِّين.
الفضائِل، شاذان بن جبرائيل بن إسماعيل القَمّي، (660 ه)، الناشر: المطبعة الحيدرية ومكتبتها في النَّجف الأشرف - العراق، 1381 ه - 1962 م.
ص: 325
الفهرست، أبو جعفر مُحمَّد بن الحَسَن الطُّوسيّ، (460 ه)، تح: الشَّيخ جواد القيومي، ط: 1، النَّاشر: مؤسَّسة نشر الفقاهة : شعبان المُعظَّم 1417 ه.
القاموس المحيط، مجد الدِّين مُحمَّد بن يعقوب الفيروز آبادي، (. 817 ه).
الكافي، الشيخ محمَّد بن يعقوب الكُلَيني، (.329)، تح: عليّ أكبر الغفاري، ط: 5، النَّاشر: دار الكتب الإسلاميّة - طهران: تابستان 1363 ش.
كامل الزيارات، أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي، (.367 ه . ق)، تح: الشَّيخ جواد القيومي، لجنة التَّحقيق، ط: 1، النَّاشر: مؤسسة نشر الفقاهة: عيد الغدير 1417 ه.
كتاب الأربعين في إمامة الأئمَّة الطَّاهرين عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلام، مُحمَّد طاهر الشّيرازي النَّجفيّ القُمّيّ، (.1098 ه)، تح: السَّيِّد مهديّ الرَّجائي، ط: 1، النَّاشر: المحقِّق: 1418 ه.
المزار، مُحمَّد بن جعفر المشهديّ، (. ق 6 ه)، تح: جواد القيوميّ الاصفهاني، ط: 1، الناشر: نشر القيوم - قُم المشَرَّفَة - ايران: رمضان المبارك 1419 ه.
کتاب سلیم بن قیس، سلیم بن قيس الهلاليّ الكوفي، (332 ه)، تح: محمَّد باقر الأنصاريّ الزِّنجاني، ط: 1، النَّاشر: دليل ما: 1422 - 1380 ش.
کتاب قرب الاسناد، أبو العبَّاس عبد الله بن جعفر الحميري القمّي، (304)، تح: مؤسَّسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام لإحياء التّراث، قُم المُشَرَّفَة: 1413 ه.
الكشف الحثيث عمَّن رمي بوضع الحديث، برهان الدّين الحَلَبيّ (سبط بن العجميّ)، (.841 ه)، تح: صبحي السامرائي، ط: 1، النَّاشر: عالم الكتب - مكتبة النَّهضة العربيَّة: 1407 ه - 1987 م.
ص: 326
كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، العلَّامة الحلّيّ، (726 ه)، تح: الشَّیخ السّبحانيّ.
كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، الحَسن بن يوسف بن المطَهَّر الحلِّي، (. 726 ه)، تح: حسين الدرگاهي، ط: 1، 1411 ه - 1991 م.
الكشف والبيان عن تفسير القرآن (تفسير الثَّعلبيّ)، أحمد بن مُحمَّد بن إبراهيم الثَّعلبيّ النّيسابوري، (. 427 ه)،. تح: أبو مُحمَّد بن عاشور، الأستاذ نظير الساعدي، ط: 1، النَّاشر: دار إحياء التّراث العربي: 1422 ه - 2002 م.
الكشكول فيما جرى لآل الرَّسول عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، السَّيِّد حيدر بن عَليّ الآملي (ق 8)، تح: علي عبد الكاظم، ط: 1، النَّاشر: العَتَبَة الحُسَينيَّة المقدَّسَة - كربلاء المُقَدَّسَة - العراق: 1436 ه - 2015 م.
كفاية الأثر في النّصوص على الأئمَّة الأثني عشر عليهم أفضل الصَّلَاة، الشَّيخ أبو القاسم عليّ بن مُحمَّد بن عليّ (الخزَّاز القُمّي)، (.400 ه)، تح: السَّيِّد عبد اللطيف الحسيني الكوهكمري الخوئي، النَّاشر: انتشارات بيدار: 1401 ه.
كمال الدِّين وتمام النَّعمة، الشَّيخ أبو جعفر مُحمَّد بن عليّ بن الحُسَين بن بابويه القُمِّي (الصَّدوق)، (ت: 381 ه)، تح: عَليّ أكبر الغفاري، النَّاشر: مؤسَّسة النشر الإسلاميّ التَّابعة لجماعة المدرِّسين بقُم المشرفة: محرم الحرام 1405 - 1363 ش.
كنز العمَّال في سنن الأقوال والأفعال، للعلَّامة علاء الدّين عليّ المتّقي الهنّديّ، (. 975)، تح الشيخ بكري حياني، والشَّيخ صفوة السَّقَّا، النَّاشر: مؤسَّسة الرّسالة، بيروت 1409 ه - 1989 م.
كنز الفوائد، أبو الفتح مُحمَّد بن عَليّ الكراجكي، (ت 449 ه)، تح: الشَّيخ
ص: 327
عبد الله نعمة، ط: 1، النَّاشر: دار الأضواء - بيروت - لبنان: 1985 م.
کنز جامع الفوائد ودافع المعاند لعلم بن سيف بن منصور، (. ق 10 ه)، تح: عقيل عبد الحسين الرّبيعيّ، ط: 1، النَّاشر: العَتَبَة الحُسَينيَّة المقَدَّسَة: 1436 ه - 2016 م.
لسان العرب، العلَّامة أبي الفضل جمال الدّين مُحمَّد بن مکرم (ابن منظور) الإفريقي المصري، (. 711 ه)، النَّاشر: نشر أدب الحوزة: محرَّم الحرام 1405 ه.
لسان الميزان، شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن عليّ بن حجر العسقلاني (.852 ه)، د تح، ط: 2، د مط، النَّاشر: مؤسَّسة الأعلميّ للمطبوعات - بيروت - لبنان: 1390 - 1971 م.
مجمع الأمثال، أبو الفضل أحمد بن محمد النّيسابوري الميداني، (. 518 ه)، النَّاشر: المعاونيَّة الثقافيَّة للآستانة الرَّضويَّة المقدَّسَة: آذر 1366 ش.
مجمع البحرين، الفقيه الشَّيخ فخر الدين الطَّريحي، (. 1085 ه)، تح: السَّيّد أحمد الحُسَينيّ، ط: 2، الناشر: مرتضوي: 1362 ش.
المحتضر، حسن بن سُلَيمان الحلّيّ، (. ق 9)، تح: سيَّد عَليّ أشرف، النّاشر: انتشارات المكتبة الحيدرية: 1424 - 1382 ش.
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، نور الدّين عليّ بن أبي بكر الهيثميّ، (. 807 ه)، النَّاشر: دار الكتب العلميّة - بيروت - لبنان: 1408 ه - 1988 م.
المحاسن، أبو جعفر أحمد بن مُحمَّد بن خالد البرقيّ، (ت: 274 ه)، تح: السَّيِّد جلال الدِّين الحُسيني (المحدِّث)، النَّاشر: دار الكتب الإسلاميّة - طهران: 1370 - 1330 ش.
دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام عن أهل بيت رسول الله عليه وعليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، القاضيّ أبي حنيفة النعمان بن محمَّد
ص: 328
التّميمي النّعمان المغربي، (ت: 363) تح: آصف بن عَلِيّ أصغر فيضي، النَّاشر: دار المعارف - القاهرة: 1383 - 1963 م.
مختصر بصائر الدَّرجات، حَسَن بن سُلَيمَان الحِلِّي، (. ق 9 ه)، تح: مشتاق المظفَّر، ط: 1، النَّاشر: مكتبة العلَّامة المجلسيّ (ره: 1430 ه).
المخصَّص، أبو الحسن عليّ بن إسماعيل النّحوي اللّغويّ الأندلسيّ (ابن سِيدَة)، (458 ه)، تح: لجنة إحياء التّراث العربيّ، النَّاشر: دار إحياء التّراث العربيّ - بيروت - لبنان.
منهاج الحق واليقين في تفضيل عَلِيّ أمير المؤمنين عليه الصَّلَاة والسَّلَام على سائر الأنبياء والمرسلين، السَّيّد ولي بن نعمة الله الحُسيني، (. ق11 ه)، تح: مشتاق المظفَّر، ط: 1، النَّاشر: العتبة الحُسَينيَّة المُقَدَّسَة - كربلاء المُقَدَّسَة - العراق: 1434 ه - 2013 م.
مدينة المعاجز الأئمّة الاثني عشر ودلائل الحُجَج على البشر، السَّيِّد هاشم بن سلمان البحرانيّ، (.1107)، تح: مؤسسة المعارف الإسلامية، إشراف الشَّيخ: عزَّة الله المولائي، ط: 1، النَّاشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة - قُم المُشَرَّفَة: 1413 ه.
المستدرك المختار في مناقب وصيّ المختار عليهما وعلى آلهما أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، يحيى بن الحُسَين الحلِّيّ (ابن البطريق)، (. 600 ه)، تح سعيد عرفانيان، إشراف: مكتبة العلَّامة المجلسيّ، ط: 1، النَّاشر: مكتبة العلَّامة المجلسي: 1436 ه.
المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله الحاكم النِّيسابوريِ، (.405 ه)، تح: يوسف عبد الرحمن المرعشلي.
مستدركات أعيان الشيعة، حَسَن الأمين، (. 1399 ه)، الناشر: دار التعارف للمطبوعات 1408 ه - 1987 م.
ص: 329
المُسترشد، مُحمَّد بن جَرِير الطَّبريّ (الشّيعي)، (. ق 4 ه)، تح: الشَّيخ أحمد المحموديّ، ط: 1، النَّاشر: مؤسسة الثَّقافة الإسلاميَّة - لكوشانبور: 1415 ه.
المسلك في أصول الدين، الشَّيخ جعفر بن الحسن بن سعيد الحلّيّ (المحقق الحلِّيّ) (. 676 ه)، تح: رضا الأستاديّ، ط: 1، النَّاشر: مجمع البحوث الإسلاميَّة، إيران - مشهد: 1414 ق - 1373 ش.
مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، الشَّيخ رجب البرسيّ، (813 ه)، تح: السَّيِّد عَلِيّ عاشور، ط: 1، النَّاشر: مؤسَّسة عَلِيّ الأعلميّ للمطبوعات - بيروت - لبنان: 1419 ه - 1999 م.
قصص الأنبياء، قطب الدِّين سعيد بن هبة الله الرَّاونديّ، (ت: 573 ه)، تح: غلام رضا عرفانيان اليزديّ الخراسانيّ، ط: 1، النَّاشر: مؤسَّسة الهادي عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام: 1418 ه - 1376 ش.
مطالب السؤول في مناقب آل الرسول عليه وعليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، مُحمَّد بن طلحة الشَّافعيّ، (. 652 ه)، تح: ماجد بن أحمد العطيَّة.
معارج اليقين في أصول الدين، الشَّيخ مُحمَّد السبزواريّ، (.ق 7)، تح علاء آل جعفر، ط: 1، النَّاشر: مؤسَّسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَّاة والسَّلَام لإحياء التراث - قُم المُشَرَّفَة: 1413 ه - 1993 م.
معاني الأخبار، الشَّيخ أبو جعفر مُحمَّد بن عليّ بن الحُسَين بن بابويه القُمِّي (الصَّدوق)، (ت 381 ه)، تح: عليّ أكبر الغفاري، النَّاشر: مؤسَّسة النَّشر الإسلاميّ التَّابعة لجماعة المدرِّسين بقُم المُشَرَّفَة: 1379 - 1338 ش.
المعجم الأوسط، سُليمان بن أحمد بن مُطير أبو القاسم الطَّبرانيّ، (ت: 360 ه)، تح طارق بن عوض، و عبد المحسن الحُسَيني، ط: 1، دار الحرمين للطباعة والنَّشر والتَّوزيع - القاهرة.
ص: 330
معجم البلدان، الشَّيخ الإمام شهاب الدّين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي، (.626 ه)، النَّاشر: دار إحياء التّراث العربيّ - بيروت - لبنان: 1399 ه - 1979 م.
المعجم الكبير، سُليمان بن أحمد الطّبراني (360 ه)، تح: أحمدي عبد المجيد، ط: 2، النَّاشر: دار إحياء التّراث العربي: 1405 ه - 1985 م.
معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، معاصر، النَّاشر: مكتبة المُثنَّى - بيروت - لبنان و دار إحياء التَّراث العربي - بيروت - لبنان.
مقتضب الأثر في النَّص على الأئمَّة الاثني عشر عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، أحمد بن عبيد الله بن عيَّاش الجوهريّ، (. 401 ه)، الناشر: مكتبة الطَّباطبائي - قُم المُشَرَّفَة.
مقتل الإِمام الحُسَين عليه أفضل الصَّلاة والسَّلام، الموفَّق ابن أحمد المكّيّ (الخوارزميّ)، (568 ه)، تح: الشَّيخ مُحمَّد السّماويّ، ط: 1، النَّاشر: أنوار الهُدى - قُم المُشَرَّفَة: 1418 ه. ق.
عقد الدّرر في أخبار المنتظر عجَّل الله تَعَالَى فرجه الشَّريف، يوسف بن يحيى المقدسي الشَّافعي السّلميّ، (.ق 7 ه)، تح: عبد الفتاح محمد الحلو، ط: 1،النَّاشر: مكتبة عالم الفكر - ميدان سيِّدنا الحُسَين - القاهرة: 1399 - 1979 م.
مكارم الأخلاق، الشَّيخ رضي الدِّين أبو نصر الحَسَن بن الفضل الطّبرسيّ، (. 548)، ط: 6، النَّاشر: منشورات الشَّريف الرَّضيّ: 1392 - 1972 م.
غاية المرام وحجة الخصام في تعيين الإمام من طريق الخاص والعام، السَّيِّد هاشم بن سلمان البحراني، (. 1107)، تح: السَّيِّد عليّ عاشور.
من لا يحضره الفقيه، الشَّيخ أبو جعفر مُحمَّد بن عليّ بن الحُسَين بن بابويه القُمِّي (الصَّدوق)، (ت 381 ه)، تح: عليّ أكبر الغفاري، ط: 2، النَّاشر: مؤسَّسة
ص: 331
النَّشر الإسلاميّ التَّابعة لجماعة المدرّسين بقُم المُشَرَّفَة.
المناقب (كتاب عتيق في فضائل أهل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام)، السَّيِّد الشريف محمد بن عليّ بن الحُسين العلويّ، (ت ح: ق 5 ه)، تح: السَّيِّد حُسَين المُوسَويّ البروجرديّ، ط: 1، النَّاشر: منشورات دليل ما - قُم المُشَرَّفَة:
1428 ه . ق - 1386 ه . ش.
مناقب آل أبي طالب، الحافظ أبي عبد الله مُحمَّد بن عَليّ بن شهر آشوب، (. 588 ه)، تح: لجنة من أساتذة النَّجف الأشرف، النَّاشر: المكتبة الحيدريَّة - النَّجف الأشرف - العراق: 1376 - 1956 م.
مناقب الإمام أمير المؤمنين عَلِيّ بن أبي طالب عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، الحافظ مُحمَّد بن سُليمَان الكوفي، (. 300 ه)، تح: الحاج محمد باقر المحمودي، ط: 1، النَّاشر: مجمع إحياء الثَّقافة الإسلاميَّة - قُم المُقَدَّسَة: محرَّم الحرام 1412 ه.
مناقب عَلِيّ بن أبي طالب عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، أبي الحسن عَليّ بن مُحمَّد بن مُحمَّد الواسطيّ الجُلاّبيّ الشَّافعيّ (ابن المغازلي)، (. 438ه)، ط: 1، الناشر: انتشارات سبط النَّبيّ صلَّى الله عليه وآله: 1426 - 1384 ش.
كشف الغمَّة في معرفة الأئمَّة عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، عَليّ بن أبي الفتح الإربلي، (. 693)، د تح، ط: 2، النَّاشر: دار الأضواء - بيروت - لبنان: 1405 ه - 1985 م.
المناقب، الموفّق بن أحمد بن محمّد المكّيّ الخوارزمي، (. 568)، تح: الشَّيخ مالك المحمودي - مؤسَّسة سيِّد الشّهداء عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، ط: 2، النَّاشر: مؤسَّسة النَّشر الإسلاميّ التَّابعة لجماعة المدرِّسين بقُم المُشَرَّفَة: ربيع الثاني 1414 ه.
ص: 332
منهاج الكرامة في معرفة الإمامة، الحسن بن يوسف بن المطَهَّر الحلِّيّ، (. 726 ه)، تح: عبد الرَّحيم مبارك، ط: 1، النَّاشر: انتشارات تاسوعاء - مشهد: 1379 ش.
التَّحصين لأسرار ما زاد من أخبار كتاب اليقين، السَّيِّد رضيّ الدِّين عليّ بن الطَّاووس الحلِّيّ، (ت: 664 ه)، تح: الأنصاري، ط،1، النَّاشر: مؤسَّسة دار الكتاب الجزائريّ: ربيع الثَّاني 1413 ه.
النّجم الثَّاقب في أحوال الإمام الحُجَّة الغائب عجَّل الله تعالى فرجه الشَّريف، لميرزا حُسَين الطّبرسيّ النّوريّ، تح: السَّيِّد ياسين الموسوي، ط: 1، الناشر: أنوار الهُدى: 1415 ه.
نجوم السَّماء في تراجم العُلماء، ميرزا مُحمَّد عَليّ آزاد كشميري اللكهنوئي، (. 1319: ه)، تح: مير هاشم محدّث.
نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنَّواظر، عبد الحيّ بن فخر الدِّين بن عبد العَلِيِّ الحَسَنيّ الطَّالبيّ، (. 1341 ه).
نقد الرّجال، السَّيِّد مصطفى بن الحُسَين الحُسَينيّ التفريشيّ، (. ق 11)، تح: مؤسَّسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام لأحياء التّراث، ط: 1، النَّاشر: مؤسَّسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام لإحياء التّراث - قُم المُشرَّفَة: شوال 1418 ه.
النّهاية في غريب الحديث والأثر، مجد الدّين ابن الأثير، ( .606 ه)، تح: طاهر أحمد الزاويّ، محمود مُحمَّد الطنّاحي، ط: 4، الناشر: مؤسسة إسماعيليان للطّباعة والنَّشر والتّوزيع - قم المشرفة: 1364 ش.
الإمامة والتَّبصرة من الحيرة، الحَسَن عليّ بن الحُسَين بن بابويه القُمّي (والد الشَّيخ الصَّدوق)، (. 329)، تح: مدرسة الإمام المهديّ عجَّل الله تعالى فرجه الشَّريف -
ص: 333
قم المقدَّسَة: 1404 - 1363 ش.
نهج الإيمان، عَليّ بن يوسف بن جبر، (. ق 7)، تح: السَّيِّد أحمد الحُسيني، ط: 1، النَّاشر: مجتمع إمام هاديّ عليه السَّلَام - مشهد: 1418 ه.
نهج البلاغة، خطب الإمام عَلِيّ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام - جمع وتأليف: السَّيّد الشَّريف الرَّضيّ (ره)، (. 406 ه)، تح: فارس الحسُّون، ط: 1، النَّاشر: مركز الأبحاث العقائدية، شارع الرَّسول صلَّى الله تَعَالَى عليه وآله - النَّجف الأشرف - العراق: 1419 ه.
نهج الحق وكشف الصّدق، حسن بن يوسف المطّهر العلّامة الحلّي، (. 726 ه)، تح: السَّيِّد رضا الصّدر، والشَّيخ عين الله الحَسَني الأرموي، النَّاشر: مؤسَّسة الطَّباعة والنَّشر دار الهجرة - قُم المُشَرَّفَة: ذي الحُجَّة 1421 ه.
هداية الأُمَّة الى أحكام الأئمَّة عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام، مُحمَّد بن الحَسَن الحرّ العامليّ، (. 1104 ق)، تح: قسم الحديث في مجمع البحوث الإسلامية، ط: 1، النَّاشر: مجمع البحوث الإسلاميَّة - مشهد - ايران: 1412 ه.
الهداية الكبرى، أبو عبد الله الحُسَين بن حمدان الخُصيبيّ، (. 334 ه، ط: 4، النَّاشر: مؤسَّسة البلاغ للطّباعة والنَّشر والتَّوزيع - بيروت - لبنان: 1411 ه - 1991 م.
الوافي، مُحمَّد مُحسِن (الفيض الكاشانيّ)، (. 1091 ه)، تح: ضياء الدين الحُسَينيّ الأصفهانيّ، ط: 1، النَّاشر: مكتبة الامام أمير المؤمنين عَلِيَّ عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام العامَّة - أصفهان: أوَّل شوَّال المكرم 1406 ه. ق 19 / 3 / 65 ه. ش.
وسائل الشّيعة إلى تحصيل مسائل الشَّريعة، الشَّيخ مُحمّد بن الحُسَين الحرّ العامليّ، (1104 ق)، تح: مؤسَّسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام لإحياء التّراث، ط: 2، النَّاشر: مؤسَّسة آل البيت عليهم أفضل الصَّلَاة والسَّلَام
ص: 334
لإحياء التّراث - قم المشرَّفَة: جمادى الآخرة 1414 ه . ق.
ميزان الاعتدال في نقد الرّجال، أبي عبد الله مُحمَّد بن أحمد بن عثمان الذَّهبي، (748 ه)، تح: عَليّ مُحمّد البجاوي، ط: 1، النَّاشر: دار المعرفة للطّباعة والنَّشر - بيروت - لبنان: 1382 ه - 1963 م.
ينابيع المودَّة لذوي القربي، الشَّيخ سُليمان بن إبراهيم القندوزيّ الحنفيّ، . (1294 ه)، تح: سيِّد عَليّ جمال أشرف الحُسَينىّ، ط: 1، النَّاشر: دار الأسوة 1 للطّباعة والنَّشر: 1416 ه. ق.
ص: 335
المحتويات
مقدمة المؤسسة...9
امقدمة التحقيق...11
ترجمة حياة المؤلف:...13
أولاً: اسمه ونسبه:...13
ثانياً: سفراته ورحلاته العلميَّة:...13
ثالثاً أساتذته ومنزلته العلمية:...14
رابعاً: إجازات الشيخ مهذب الدين - رحمه الله تعالى -:...14
1 - الممنوحة له من شيوخه:...14
2 - الإجازات التي منحها لتلامذته:...15
خامساً: مصنَّفاته ومؤلفاته:...15
ثبت الكتاب لمؤلِّفهِ:...18
المنهجية المتبعة في تحقيق الكتاب:...18
سمات الكتاب:...21
الرموز المستعملة في التحقيق ودلالتها:...22
ختاما...23
المنهج القويم في تفضيل الصراط المستقيم
مقدمة المؤلف...31
[الرد على قول العلامة في أَنَّ أَمير المؤمنين عليه السَّلام مساوٍ للأَنبياءِ المتقدِّمين]...33
[روايات في إِثبات أفضلية أَمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه على سائر الانبياء والمرسلين عدا نبيَّنا الصَّادق الأمين صلَّى الله عليه وآله]...37
فهرسة الآيات...283
فهرسة الأحاديث...289
المصادر والمراجع...316
ص: 336