موسوعة حديث الثقلين المجلد 4

هوية الكتاب

المؤلف: مركز الأبحاث العقائديّة

الناشر: مركز الأبحاث العقائدية

المطبعة: ستاره

الطبعة: 1

الموضوع : العقائد والكلام

تاريخ النشر : 1431 ه-.ق

ISBN (ردمك): 978-600-5213-66-9

المكتبة الإسلامية

موسوعة حديث الثقلين

القسم الثالث

حديث الثقلين في مصنفات الإمامية

من القرن الأول إلی القرن العاشر الهجري

الجزء الرابع

تأليف : مركز الأبحاث العقائدية

ص: 1

اشارة

مركز الأبحاث العقائدية:

إيران - قم المقدسة - صفائية - ممتاز - رقم 43

ص . ب: 37185/3331

الهاتف: 7742088 (251) (0098)

الفاكس: 7742056 (251) (0098)

العراق - النجف الأشرف - شارع الرسول صلی اللّه عليه وآله وسلم

جنب مكتب آية اللّه العظمی السيد السيستاني دام ظله

ص . ب: 729

الهاتف: 332679 (33) (00964)

الموقع علی الانترنت: www.aqaed.com

البريد الاكتروني: info@aqaed.com

شابك (ردمك): 1-62-5213-600-978/دورة 10 أجزاء

شابك (ردمك): 8-63-5213-600-978/ج3

موسوعة حديث الثقلين/ج3

تأليف: مركز الأبحاث العقائدية

الطبعة الأولی - 2000 نسخة

سنة الطبع: 1431 ه

المطبعة: ستارة

ص: 2

* جميع الحقوق محفوظة للمركز *

ص: 3

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 4

ص: 5

دليل الكتاب

توطئة... 7

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة القرن الرابع الهجري... 11

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة القرن الخامس الهجري... 131

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة القرن السادس الهجري... 185

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة القرن السابع الهجري... 195

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة القرن التاسع الهجري... 217

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة القرن العاشر الهجري... 235

ص: 6

ص: 7

توطئة :

تعتبر الفرقة الإسماعيليّة من الفرق الشيعية التي ما يزال لها أتباع في بعض الدول الإسلامية ، كالهند وباكستان.

تعتمد هذه الفرقة بشكل أساسي على التأويلات الباطنية ، والرموز الفلسفية الخفيّة في إثبات عقائدها ، وتأطيرات مذهبها ومعتقدها.

وقد واجهت هذه الطائفة الكثير من الاضطهاد والقتل والتشريد ، الأمر الذي جعل عندهم عقيدة الخفاء والعمل السرّي من أهم واجبات دعوتهم ، حتّى ألّفوا في ذلك كتباً عديدة ، وقسّموا حالاتهم إلى حالات الظهور وحالات التستّر ، وعرف عندهم مصطلح « دور الستر » يعني فترة الخفاء والتستر.

وهذه العقيدة وإن نفعتهم في حفظ نفوس دعاتهم وأتباعهم ، إلاّ أنّها ولأجل إصرارهم عليها في كل مكان وزمان أدّت إلى ضياع الكثير من تراثهم الفكري والعلمي ، الأمر الذي جعل من الصعوبة على الباحثين - وحتّى الإسماعيليّة منهم - العثور على الكتب الإسماعيليّة والاستفادة منها ، لا سيّما الكتب التي لم تر النور لحد الآن.

ومن الأسباب التي أدّت إلى خفاء أو اختفاء مؤلّفاتهم أيضاً هو احتواؤها على علوم غريبة ، تعتمد على نظريات دقّية اصطلاحية ، بحيث يصعب على الكثير ، بل الأكثر تقبّلها ، أو حتّى فهمها.

ص: 8

قال الباحث الإسماعيلي عارف تامر في مقدّمة كتاب تاج العقائد : « ممّا هو معلوم أنّه حتّى وقت قريب كانت الكتب التي تمثّل الفلسفة الإسماعيليّة لا تزال في كهف الستر والتقية ، فهي كانت محفوظة بشكل مخطوطات في مجموعات خاصّة ، سواء في سورية أو فارس أو اليمن ، وكانت أيضاً هناك صعوبات جمّة تقف في وجه الأعضاء الإسماعيليين أنفسهم حينما كانوا يفكّرون بنشرها أو دراستها (1).

قال الدكتور الإسماعيلي مصطفى غالب في مقدّمة كتاب الافتخار : « ولابدّ لنا - ونحن في معرض الحديث عن التراث الفاطمي الذي شغل أذهان العلماء قديماً وحديثاً - من أن نهمس في آذان أولئك المتعصّبين المتزمّتين الذين لا يزالون حتّى في هذا العصر الذي وصل فيه الإنسان إلى القمر ، يتعاملون مع أنفسهم وكأنّهم يعيشون في كهوف الستر والتقية ، وسراديب الكتمان ، لذلك يرون أنّه لا يقتضي أن يتعرّض أيّ باحث أو عالم أو مؤرّخ للعقائد السرّية الباطنية ; كونها من الأشياء المقدّسة » (2).

ولأجل هذه الأُمور فقد واجهنا في موسوعتنا هذه بعض المشاكل الأساسية :

منها : ضياع كثير من الكتب الإسماعيليّة ، وعدم وصولها إلى زماننا هذا.

ومنها : التخفّي والتحفّظ على كثير من الكتب التي وصلت من قبل بعض المتعصّبين.

ص: 9


1- تاج العقائد : 7 ، مقدّمة المحقّق.
2- الافتخار : 7 ، مقدّمة المحقّق.

ومنها : عدم انتشار كثير من الكتب المتوفّرة لدى علماء الإسماعيليّة في الدول الإسلامية.

لذلك واجهنا صعوبة في جمع المصادر الإسماعيليّة التي ذكرت حديث الثقلين ، لذا تجد أنّ عدد الكتب التي نقلنا منها الحديث ينقص بكثير عن كتب الإمامية الاثني عشرية ، وعن كتب الزيدية ، ولكن هذا العدد وإن كان قليلاً بذاته إلاّ أنّه كثير بالنسبة لما تقدّم من مشاكل حول كتب الإسماعيليّة.

هذا بالإضافة إلى منهج الموسوعة المتّبع الذي هو إلى القرن العاشر.

فمن بين عشرات الكتب الإسماعيليّة التي بحثناها عثرنا على عشرين مصدراً نقلت حديث الثقلين.

وكذا واجهنا صعوبة في ترجمة المؤلّفين ، وتوثيق كتبهم ; لنفس الأسباب المتقدّمة.

ص: 10

ص: 11

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة القرن الرابع الهجري

اشارة

ص: 12

ص: 13

مولفات القاضي النعمان بن محمد بن حيون المغربي التميمي ( ت 363 ه- )

(1) شرح الأخبار

الحديث :

الأوّل : قال القاضي : يحيى بن جعدة ، عن زيد بن أرقم ، قال : خرجنا مع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) في حجّة الوداع ، فلمّا انصرفنا ، وصرنا إلى غدير خمّ ، نزل - وذلك في يوم ما أتى علينا يوم أشدّ حرّاً منه - فأمر بدوح ، فجمع ، فقمم له ما تحته من شوك ، واستظلّ به ، ونادى في الناس - الصلاة جامعة - فاجتمعوا إليه أجمع ما كانوا ; لأنّه قلّ من بقي من المسلمين لم يخرج معه في تلك الحجّة ، فلمّا اجتمعوا قام فيهم خطيباً ، فحمد اللّه ، وأثنى عليه ، ثمّ قال : « أيّها الناس ، إنّ اللّه عزّ وجلّ لم يبعث نبيّاً إلاّ عاش نصف ما عاش النبي الذي كان قبله ، وإنّي أوشك أن أدعى ، فأجيب ، وإنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم [ بهما ] لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي » ثمّ أخذ بيد علي بن أبي طالب ... (1)

الثاني : قال : قال جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن آبائه صلوات اللّه عليهم أجمعين : أنّ آخر ما أنزل اللّه عزّ وجلّ من الفرائض ولاية

ص: 14


1- شرح الأخبار 1 : 99 ، ح : [ 21 ].

علي ( عليه السلام ) ، فخاف رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) إن بلّغها الناس أن يكذّبوه ، ويرتدّ أكثرهم حسداً له ; لما علمه في صدور كثير منهم له ، فلمّا حجّ حجّة الوداع ، وخطب بالناس بعرفة ، وقد اجتمعوا من كلّ أفق لشهود الحجّ معه ، علّمهم في خطبته معالم دينهم وأوصاهم ، وقال في خطبته : « إنّي خشيت ألاّ أراكم ولا تروني بعد يومي هذا في مقامي هذا ، وقد خلّفت ما إن تمسّكتم به بعدي لن تضلّوا ، كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، حبل ممدود من السماء إليكم ، طرفه بيد اللّه ، وطرفه بأيديكم » (1).

الثالث : قال : وعن أبي ذرّ ( رضوان اللّه عليه ) أنّه قال : قد سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) يقول : « ترد عليّ الحوض أمّتي على خمس رايات » ، ثمّ ذكر حديثاً طويلاً ، قال فيه : « ثمّ يرد فرعون أمّتي في أتباعه ، فأُخذ بيده ، فإذا أخذ بها اسودّ وجهه ، ورجفت قدماه ، وخفقت أحشاؤه ، ويفعل ذلك بأتباعه ».

ثمّ قال : « وهو معاوية بن أبي سفيان ».

فأقول : ماذا أخلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون : كذّبنا الأكبر ومزّقناه ، وقاتلنا الأصغر وقتلناه.

فأقول : اسلكوا طريق أصحابكم ، فينصرفون ضمأً مسودّة وجوههم ، لأنّه لا يطعمون منه قطرة » (2).

الرابع : قال : وممّا جاء في الأخبار مجملاً في ذكر أهل بيت رسول اللّه ( صلوات اللّه عليهم أجمعين ) : أبو غسان ، بإسناده ، عن أبي ذرّ

ص: 15


1- شرح الأخبار 1 : 104 - 105 ، ح : [ 26 ].
2- شرح الأخبار 2 : 167 - 168 ، ح : [ 514 ].

( رضوان اللّه عليه ) ، أنّه أخذ بحلقتي باب الكعبة ، وقد اجتمع الناس للموسم ، وحوّل وجهه إلى الناس ، وهم أجمع ما كانوا في الطواف حول البيت ، فقال : أيّها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، وإلاّ فأنا أعرّفه بنفسي ، أنا أبو ذرّ الغفاري ، لا أخبركم إلاّ بما سمعت من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، سمعته يقول : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه ، وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا حتّى يردا علىَّ الحوض ، [ الآ وإنّ ] مثلهما فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق » (1).

الخامس : قال : وبآخر ، عن أبي سعيد الخدري ، أنّه قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، طرف منه عند اللّه ، وطرف منه في أيديكم ، فاستمسكوا به ، وعترتي » قال فضيل : فقلت لعطية : ما عترته؟

قال : أهل بيته (2).

السادس : قال : أبو نعيم ، عن زيد بن أرقم ، أنّه قال : سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) يوم غدير خمّ ، وهو يقول : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه ، من استمسك به كان على الهدى ، ومن تركه كان على الضلالة ، وأهل بيتي ، أذكّركم اللّه في أهل بيني ، أذكّركم اللّه في أهل بيتي » يقولها ثلاثاً.

قال : فقلنا له : من أهل بيتك يا رسول اللّه الدواوين؟

قال : آل علي ، وآل جعفر ، وآل العبّاس ، وآل عقيل ، الذي لا يأكلون الصدقة (3).

ص: 16


1- شرح الأخبار 2 : 479 ، ح : [ 840 ].
2- شرح الأخبار 2 : 479 ، ح : [ 841 ].
3- شرح الأخبار 2 : 481 ، ح : [ 843 ].

السابع : قال : أبو نعيم ، بإسناده ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « قد خلّفت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر ، سبباً موصولاً من السماء إلى الأرض : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فقلت لأبي سعيد : من عترته؟ قال : أهل بيته (1).

الثامن : قال : الليث بن سعد بإسناده عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) أنّه قال : « أنّي كائن لكم يوم القيامة فرطاً على الحوض ، وإنّي أسائلكم عن اثنتين : عن القرآن ، و [ عن ] عترتي » (2).

التاسع : قال : المحسن بن محبوب ، بإسناده ، عن ريان بن عمرانة ، قال : رأيت أبا ذرّ متعلّقاً بأستار الكعبة ، وهو يقول : أيّها الناس ، أنا جندب ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذرّ الغفاري ، أذكّركم اللّه من سمع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) يقول : « ما أقلّت الغبراء ، ولا أظلّت الخضراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ » إلاّ قال ذلك؟

فقال طوائف من الناس : اللّهم نعم ، لقد سمعناه يقول ذلك ، فقال : واللّه ما كذبت مذ عرفت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، ولا أكذب حتّى ألقاه ، ولقد سمعته يقول : « أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، طرف منه بيد اللّه ، وطرف منه بأيديكم ، فانظروا كيف تخلفوني في أهل بيتي ، وأنّ اللّه قد عهد إليّ أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (3).

ص: 17


1- شرح الأخبار 2 : 481 ، ح : [ 844 ].
2- شرح الأخبار 2 : 482 ، ح : [ 847 ].
3- شرح الأخبار 2 : 502 - 503 ، ح : [ 889 ].

العاشر : قال : شريك بن عبد اللّه ، بإسناده عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) أنّه قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه عزّ وجلّ وعترتي أهل بيتي ، ألا إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ألا وهما الخليفتان من بعدي » (1)

الحادي عشر : قال : الحسن بن عبد اللّه ، عن أبي الضحى ، عن زيد ابن أرقم ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم اثنين : القرآن وأهل بيتي ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض يوم القيامة » (2).

الثاني عشر : قال : شريك بن عبد اللّه ، عن الدكين ، عن القاسم ، عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ألا وهما الخليفتان من بعدي ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (3).

ص: 18


1- شرح الأخبار 2 : 514 ، ح : [ 908 ].
2- شرح الأخبار 3 : 11 ، ح : [ 935 ].
3- شرح الأخبار 3 : 12 ، ح : [ 941 ].
القاضي النعمان ابن محمّد بن حيون المغربي

قال ابن شهر آشوب ( ت 588 ه- ) في معالم العلماء : ابن فيّاض القاضي النعمان بن محمّد ، ليس بإمامي وكتبه حسان (1).

قال ابن خلّكان ( ت 681 ه- ) في وفيات الأعيان : أبو حنيفة النعمان ابن أبي عبد اللّه محمّد بن منصور بن أحمد بن حيون ، أحد الأئمّة الفضلاء المشار إليهم ، ذكره الأمير المختار المسبحي في تاريخه ، فقال : كان من أهل العلم والفقه .. ، وكان مالكي المذهب ، ثمّ انتقل إلى مذهب الإماميّة ....

وقال ابن زولاق : وكان أبوه النعمان بن محمّد القاضي في غاية الفضل من أهل القرآن والعلم بمعانيه ... ، وكان أبو حنيفة المذكور ملازماً صحبة المعز أبي تميم معد بن منصور ... ، ومات في مستهلّ رجب سنة ثلاث وستين وثلاثمائة بمصر (2).

ص: 19


1- معالم العلماء : 126 [ 853 ] ، وانظر : نقد الرجال 5 : 17 ، جامع الرواة 2 : 259 ، إكليل المنهج : 498 في الملحق ، تعليقة على منهج المقال للوحيد البهبهاني : 349 ، طرائف المقال 1 : 618.
2- وفيات الأعيان 4 : 586.

قال الصفدي ( ت 764 ه- ) في الوافي بالوفيات : أبو حنيفة قاضي المعز ، النعمان بن محمّد بن منصور ، أبو حنيفة المغربي ، قال المسبحي في تاريخ مصر : كان من أهل الدين والفقه والنبل ... ، وقال غيره : كان المتخلّف مالكياً ، ثمّ إنّه تحوّل إلى مذهب الشيعة ; لأجل الرياسة ، وداخل بني عبيد ، وصنّف لهم كتاب ابتداء الدعوة ، وكتاباً في الفقه ، وكتباً كثيرة في أقوال القوم ، وجمع في المناقب والمثالب ، وردّ على الأئمّة ، وتصانيفه تدل على زندقته وأنّه نافق ... ، وصنّف ردّاً على أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن سريج ، وكان من الفضل والعلم والعربية بمحل عال ... ، مات في رجب سنة ثلاث وستّين وثلاثمائة بمصر ، وصلّى عليه المعز (1).

قال الذهبي ( ت 748 ه- ) في سير أعلام النبلاء : النعمان العلاّمة المارق ، قاضي الدولة العبيدية ، أبو حنيفة النعمان بن محمّد بن منصور المغربي ، كان مالكياً فارتدّ إلى مذهب الباطنية ... ، ونبذ الدين وراء ظهره (2).

قال الحرّ العاملي ( ت 1104 ه- ) في أمل الآمل : أبو حنيفة النعمان ابن أبي عبد اللّه محمّد بن منصور بن أحمد بن حيون ، أحد الأئمّة الفضلاء المشار إليهم ، وذكره الأمير المسبحي في تاريخه ... ، إلى أن قال : ذكر ذلك كلّه ابن خلّكان (3).

ص: 20


1- الوافي بالوفيات 27 : 95.
2- سير أعلام النبلاء 16 : 150.
3- أمل الآمل 2 : 335.
الاختلاف في مذهب القاضي النعمان

وقع الاختلاف في أنّ القاضي النعمان بعد أن تحوّل من المالكية إلى الإمامية - حسب ما ادّعاه المسبحي - هل صار إمامياً اثني عشرياً؟ أم أنّه صار إمامياً بمعنى أنّه شيعي إسماعيلي؟ فقد وقع الخلاف بين المحقّقين في هذه المسألة ، فذهب بعض إلى أنّه إمامي اثني عشري ، وذهب آخرون إلى أنّه شيعي إسماعيلي.

قال العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار : النعمان بن محمّد ابن منصور ، قاضي مصر في أيّام الدولة الإسماعيليّة ، وكان مالكياً أوّلاً ، ثمّ اهتدى ، وصار إمامياً ، وأخبار هذا الكتاب ( دعائم الإسلام ) أكثرها موافقاً لما في كتبنا المشهورة ، لكن لم يرو عن الأئمّة بعدالصادق ( عليه السلام ) ; خوفاً من الخلفاء الإسماعيليّة ، وتحت ستر التقيّة أظهر الحق لمن نظر فيه متعمّقا ....

ثمّ ذكر كلام ابن خلّكان وكلام صاحب المعالم المتقدّم (1).

فيرى العلاّمة المجلسي أنّ النعمان إمامي اثنا عشري ، والذي يظهر من كلامه أنّ دليله هو قول ابن خلّكان أولاً ، وثانياً كون كتابه موافقاً لما في كتبنا.

ص: 21


1- بحار الأنوار 1 : 38.

ولكن لم يرتض بعض المحققين هذا الرأي ، قال الأفندي ( ت حدود 1130 ه- ) في رياض العلماء : وقد اختلف في مذهبه ، فقيل : إنّه إسماعيلي ، وقيل : إنّه شيعي اثني عشري ، وقيل : إنّه مالكي. وعندي أنّه اثني عشري (1) ، تأمّل.

ولكن أوردناه في القسم الأوّل من كتابنا هذا لما ذهب إليه الأستاد الاستناد أيّده اللّه تعالى من كونه من أصحابنا.

ثمّ قال الأفندي : وأمّا الشيخ المعاصر ( قدس سره ) فقد اقتصر في أمل الآمل على إيراد كلام ابن خلّكان.

ثمّ قال : واعلم أنّ غاية ما يظهر من كلام ابن خلّكان وأضرابه أنّ هذا القاضي صار إمامياً بعد ما كان مالكياً ، ولم يعلم صيرورته اثنا عشرياً ، وهو المطلوب ، فتأمّل.

ص: 22


1- 1 - الظاهر يوجد سقط في عبارة : « وعندي أنّه اثني عشري » وأنّها : « وعندي أنّه ليس اثني عشري » وذلك لعدة قرائن : القرينة الأولى : أنّ عبارة المتن لا تناسب الاستدراك الذي ذكره بعدها ، وهو قوله : « ولكن أوردناه في القسم الأول ... » ; لأنّ القسم الأوّل من رياض العلماء هو القسم الذي ذكر فيه خاصّة أصحابنا الإماميّة الاثنى عشرية ، فلو كان رأيه أنّ القاضي النعمان اثنا عشري لما علّل ذكره هنا برأي صاحب البحار ، بل سوف يكون ذكره هنا حسب منهج هذا الكتاب ، فكأنّه يريد بكلامه دفع إشكال مقدّر ، وهو : لماذا أوردته إذن في القسم الأوّل؟ وهذا السؤال لا يصحّ إلاّ إذا كان رأي المصنّف أنّ النعمان ليس اثني عشرياً ، لذلك دفع هذا الإشكال بقوله : « ولكن أوردناه في القسم الأوّل من كتابنا هذا لما ذهب إليه الأستاد الاستناد ... » أي : صاحب البحار. القرينة الثانية : أنّه سوف يذكر بعد صفحة أنّ القاضي النعمان لم يثبت كونه اثني عشري ، كما سنذكره في المتن. القرينة الثالثة : أنّ العبارة من جهة إعرابية لا تستقيم ، فإنّ الأنسب أن تكون : « وعندي أنّه اثنا عشري » لا « وعندي أنّه اثني عشري » أمّا إذا وضعنا « ليس » فتستقيم العبارة وتكون « أنّه ليس اثني عشرياً ».

لأنّ كونه من الإمامية يشمل سائر مذاهب الشيعة وطوائفها ، بل كلّها ، فمن أين علم أنّه كان من أصحابنا ، وأنّه اتّقى الخلفاء الإسماعيليّة؟

فهل هنا إلاّ مجرد دعوى واحتمال ; إذ ما الدليل على أنّه لم يكن إسماعيلياً حقيقة من بين مذاهب الإمامية ، فتأمّل. على أنّ ابن شهر آشوب - كما عرفت - قد صرّح في معالم العلماء بأنّ هذا القاضي لم يكن إمامياً أصلا ، فتأمّل (1).

فكلام صاحب الرياض واضح في أنّه لا يعتقد باثني عشرية القاضي النعمان.

وقال الخوانساري في روضات الجنات - بعد أن ذكر كلام ابن خلّكان ، والمجلسي ، والحر العاملي - : ولكن الظاهر عندي أنّه لم يكن من الإمامية الحقّة ، وإن كان في كتبه يظهر الميل إلى طريقة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، والرواية من أحاديثهم من جهة مصلحة وقته ، والتقرّب إلى السلاطين من أولادهم ، وذلك لما حقّقناه مراراً في ذيل تراجم كثير ممّن كان يتوهّم في حقّهم هذا الأمر بمحض ما يشاهد في كلماتهم من المناقب والمثالب المتين ، يجريهم اللّه تعالى على ألسنتهم الناطقة لطفاً منه بالمستضعفين من البريّة ، وأنت تعلم أنّه لو كان لهذه النسبة واقعاً لذكر سلفنا الصالحون ، وقدماؤنا الحاذقون بأمثال هذه الشوؤن ، ولم يكن يخفى ذلك إلى زمان صاحب الأمل ...

ومن جملة من نسبه إلى الإمامية ، ونسب كتاب دعائم الإسلام إليه هو سيدنا العلاّمة الطباطبائي في فوائده الرجالية ، فإنّه قال في طي ما قال :

ص: 23


1- رياض العلماء 5 : 275.

وكتاب الدعائم كتاب حسن ، جيّد ، يصدق ما قد قيل فيه ، إلاّ أنّه لم يرو فيه عمّن بعد الصادق ( عليه السلام ) من الأئمّة ; خوفاً من الخلفاء الإسماعيليّة ، حيث كان قاضياً منصوباً من قبلهم بمصر ، لكنّه قد أبدى من وراء ستر التقيّة حقيقة مذهبه بما لا يخفى على اللبيب (1).

ص: 24


1- روضات الجنّات 8 : 147 [ 725 ].
نظرة فاحصة لما استدلّ به النوري
اشارة

وقد حاول الشيخ النوري في المستدرك إثبات أنّ القاضي النعمان من الشيعة الاثني عشرية ، ودافع عن ذلك دفاعاً شديداً ، وذكر عدّة وجوه وقرائن على ذلك ، وناقش من لم يرتض هذا الأمر ، وقد تطرّق أوّلاً إلى قضيّة أنّه لم يرو عن الأئمّة بعد الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وأثبت خلافها ، ونحن سنركّز البحث مع النوري لتوسعته البحث أكثر من غيره ، ومع الرد عليه يتضح الجواب على من ذهب إلى ما ذهب إليه ،

قال في المستدرك : والأمر كما قالوا (1) ، إلاّ أنّي رأيت فيه (2) الرواية عن أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) ، وعن الرضا ( عليه السلام ) ، ففي كتاب الوصايا : عن ابن أبي عمير أنّه قال : كنت جالساً على باب أبي جعفر ( عليه السلام ) ، إذ أقبلت امرأة فقالت : استأذن لي على أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قيل لها : وما تريدين منه؟ قالت : ...

والمراد به أبو جعفر الثاني ( عليه السلام ) قطعاً ; لأنّ ابن أبي عمير لم يدرك

ص: 25


1- أي : في أنّ النعمان لم يرو عن الأئمّة ( عليهم السلام ) بعد الصادق ( عليه السلام ).
2- أي : كتاب دعائم الإسلام.

الصادق ( عليه السلام ) ، فضلاً عن الباقر ( عليه السلام ) ، بل أدرك الكاظم ( عليه السلام ) ، ولم يرو عنه ، وإنّما هو من أصحاب الرضا والجواد ( عليهما السلام ) وهو من مشاهير الرواة ...

وفي كتاب الوقف عن أبي جعفر محمّد بن علي ( عليهما السلام ) أنّ بعض أصحابه كتب إليه : « أنّ فلاناً ابتاع ضيعة ، وجعل لك في الوقف الخمس » ، إلى آخر الخبر المروي في الكافي والتهذيب والفقيه ، مسنداً عن علي بن مهزيار ، قال : « كتبت إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) إلى آخره ، وعلي من أصحاب الجواد والرضا ( عليهما السلام ) ، لم يدرك قبلهما من الأئمّة ( عليهم السلام ) أحداً ، فلاحظ.

وفي كتاب الميراث عن حذيفة بن منصور ، قال : مات أخ لي ، وترك ابنته ، فأمرت إسماعيل بن جابر أن يسأل أبا الحسن علياً « صلوات اللّه عليه » عن ذلك ، فسأله فقال : « المال كله لابنته » (1) (2)

فأراد النوري بكلامه هذا أن يدفع الإشكال الوارد على القاضي النعمان من أنّه لم يرو عن الأئمّة بعد الإمام الصادق ( عليه السلام ) الذي هو قرينة على إسماعيليّته ، فأثبت صاحب المستدرك روايته عن الأئمّة بعد الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وهذا يكون قرينة على عدم إسماعيليّته ; لأنّه خلاف عقيدتهم في الأئمّة ، ولكن ناقش أكثر من واحد هذه الموارد التي ذكرها النوري :

ص: 26


1- خاتمة المستدرك 1 : 133.
2- سيأتي وجه الاستدلال بهذه الرواية عند نقاشها.
نقاش المورد الأول :

إنّ المورد الأوّل الذي ذكره النوري غير موجود في الدعائم أصلاً ، أي : لم يروَ عن محمّد بن أبي عمير عن أبي جعفر ، بل إنّ ما موجود في الدعائم هو عن الحكم بن عيينة قال : « كنت جالساً على باب أبي جعفر ( عليه السلام ) إذ أقبلت امرأة ... » (1).

وهذا الخبر مروي أيضاً في الكافي (2) ، والاستبصار (3) ، والتهذيب (4) ، والفقيه (5) ، وغيرها.

وفي هذه المصادر : عن محمّد بن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن زكريا بن يحيى الشعيري ، عن الحكم بن عتيبة (6).

قال السيّد محمّد حسين الجلالي - مقدِّم كتاب شرح الأخبار للقاضي النعمان - : ليس في سند المطبوع ابن أبي عمير ، بل روي عن الحكم بن عيينة (7).

ص: 27


1- دعائم الإسلام 2 : 360.
2- الكافي 7 : 24.
3- الاستبصار 4 : 114.
4- تهذيب الأحكام 9 : 164.
5- من لا يحضره الفقيه 4 : 223.
6- الظاهر يوجد تصحيف ، أي : تصحيف ابن عتيبة إلى ابن عيينة في دعائم الإسلام.
7- شرح الأخبار 1 : 31 ، المقدّمة.

فالمورد الأوّل غير ثابت ، وعلى فرض ثبوته ، أي : روايته عن ابن أبي عمير ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، فقد ناقش السيّد الخوئي في ذلك أيضاً ، قال في معجم رجال الحديث : أقول : قد تقدّم أنّ المسمّى بمحمّد بن أبي عمير رجلان : أحدهما ، وهو المعروف ، أدرك الكاظم والرضا والجواد ( عليهما السلام ) ، والثاني من أصحاب الصادق ( عليه السلام ) ، وقد مات في زمن الكاظم ( عليه السلام ) ، والمناقشة المزبورة مبنية على أن يكون المراد بابن أبي عمير هو الأوّل ، ولكنه لم يثبت ، بل الظاهر أنّ المراد به الثاني ; لانصراف أبي جعفر إلى الباقر ( عليه السلام ) ، ولا أقلّ من التردّد والاجمال (1).

فهذا المورد غير ثابت.

ص: 28


1- معجم رجال الحديث 20 : 184.
نقاش المورد الثاني :

المورد الثاني الذي ذكره النوري هو رواية القاضي النعمان عن أبي جعفر محمّد بن علي ( عليهما السلام ) ، واستظهر أنّ أبا جعفر هو الإمام الجواد ( عليه السلام ) ; وذلك لأنّه قد رويت هذه الرواية في الكافي والتهذيب والفقيه عن علي بن مهزيار ، عن أبي جعفر ، وعلي بن مهزيار من أصحاب الرضا والجواد ( عليهما السلام ).

إذن قد ثبتت رواية القاضي النعمان عن الأئمّة ( عليهم السلام ) بعد الإمام الصادق ( عليه السلام ).

وقد ناقش السيّد الخوئي في هذا الاستدلال ، قال : أقول : إنّ ما رواه المشايخ الثلاثة لا شكّ في أنّ المراد بأبي جعفر ( عليه السلام ) فيه هو الجواد ، إلاّ أنّه لا يكون دالاًّ على إرادة أبي جعفر ( عليه السلام ) من رواية دعائم الإسلام ; إذ من الممكن أن تكون القصّة متكرّرة ، فكما كتب علي بن مهزيار إلى الجواد ( عليه السلام ) كتب شخص آخر إلى الباقر ( عليه السلام ) ، ويمكن أن تكون القصّة واحدة نسبها المشايخ الثلاثة إلى الجواد ( عليه السلام ) ، ونسبه القاضي النعمان إلى الباقر ( عليه السلام ) (1).

قال السيّد محمّد حسين الجلالي - مقدِّم كتاب شرح الأخبار للقاضي النعمان - : ليس في المطبوع عنوان كتاب الوقف ، وإنّما هو مدرج تحت عنوان كتاب العطايا ، والحديث هو برقم 1290 ، ويبتدىء هكذا : « وعنه

ص: 29


1- معجم رجال الحديث 20 : 185.

[ أبي جعفر محمّد بن علي ] أنّ بعض أصحابه كتب إليه أنّ فلاناً ابتاع ضيعة ... ».

وما أكثر الروايات المتفقة نصّاً والمختلفة إسناداً ، فإنّ وجود تخريج للحديث في كتبنا لا يعني اتّحادهما (1).

أقول : إنّ احتمال وحدة السند بين ما في الدعائم وكتبنا الحديثية وإن كان ممكناً إلاّ أنّ هذا بحاجة إلى قرينة واضحة تثبته ، خصوصاً فيما نحن فيه ; لأنّ القاضي النعمان لم يرو عن الأئمّة بعد الصادق ( عليه السلام ) في بقيّة كتبه ، فإثبات روايته عن باقي الأئمّة ( عليهم السلام ) بحاجة إلى دليل قوي ، ولا يكتفى بهذا الاحتمال.

ص: 30


1- شرح الأخبار 1 : 30 ، المقدّمة.
نقاش المورد الثالث :

المورد الثالث الذي ذكره النوري وأثبت فيه رواية القاضي النعمان عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وذلك من خلال استبعاد أن يروي إسماعيل بن جابر عن الإمام علي ( عليه السلام ) ; لأنّه من أصحاب الباقر ( عليه السلام ) فروايته عن أبي الحسن عليّ ، تعني روايته عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) لا الإمام عليّ ( عليه السلام ).

ولكن هذا المورد الذي ذكره النوري غير موجود في كتاب الدعائم أصلاً ، وهذه الرواية غير مذكورة في كتب الحديث الأخرى ، قال محقّق كتاب المستدرك : لم نعثر على هذه الرواية في النسخة المطبوعة من الدعائم ، ولم نعثر عليها في الكتب الحديثية ، ولعلّها مذكورة في نسخته (1).

وقد ناقش السيّد الخوئي هذا المورد حتّى على فرض وجوده ، قال في المعجم : أقول : ليست في هذه الرواية قرينة على أنّ المراد بأبي الحسن هو الرضا ( عليه السلام ) ، ومن المحتمل أن يراد به أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وذلك من جهة أنّ إسماعيل بن جابر من أصحاب الباقر ( عليه السلام ) ، وكما يبعد سؤاله أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ; لتأخّر زمانه عن زمانه ( عليه السلام ) ، كذلك يبعد سؤال الرضا ( عليه السلام ) ; لتقدّم زمانه على زمانه ( عليه السلام ) ، فالرواية في نفسها لا تخلو عن شيء (2).

إذن إلى الآن لم تثبت رواية القاضي النعمان عن الأئمّة ( عليهم السلام ) بعد الإمام الصادق ( عليه السلام ).

ص: 31


1- خاتمة المستدرك 1 : 133 ، في الهامش رقم (3).
2- معجم رجال الحديث 20 : 186.
قرائن وملاحظات على اثني عشرية القاضي النعمان :

تطرّق النوري إلى عدّة قرائن وملاحظات أثبت من خلالها أنّ القاضي النعمان من الإمامية الاثني عشرية ، وأنّه ليس إسماعيلياً ، قال في خاتمة المستدرك :

الثالث : في تصريح الجماعة بأنّه أظهر الحق تحت أستار التقيّة لمن نظر فيه متعمّقاً وهو الحق لا مرية فيه ، بل لا يحتاج إلى التعمّق في النظر (1).

الوجه الأوّل الذي استدل به النوري :

قال : أمّا أوّلاً : فلأنّ الإسماعيليّة الخالصة - كما صرّح به الشيخ الجليل الحسن بن موسى النوبختي في كتاب الفرق - هم الذين أنكروا موت إسماعيل في حياة أبيه ، وقالوا : كان ذلك على جهة التلبيس من أبيه على الناس ; لأنّه خاف ، فغيّبه عنهم ، وزعموا أنّ إسماعيل لا يموت حتّى يملك الأرض ، يقوم بأمر الناس ، وأنّه هو القائم.

وأمّا الباطنيّة منهم فلهم ألقاب كثيرة ، ومقالات شنيعة ، وزعموا - كما في الكتاب المذكور - أنّ اللّه عزّ وجلّ بدا له في إمامة جعفر ( عليه السلام ) وإسماعيل ، فصيّرها في محمّد بن إسماعيل ، وزعموا أنّه حي لم يمت ، وأنّه يبعث بالرسالة وبشريعة جديدة ، ينسخ فيها شريعة محمّد النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، وأنّه من أُولي العزم ... ، وزعموا أنّ جميع الأشياء التي

ص: 32


1- خاتمة المستدرك 1 : 133.

فرضها اللّه عزّ وجلّ على عباده ، وسنّها نبيّه ، وأمر بها ، لها ظاهر وباطن ، وأنّ جميع ما استعبد اللّه به العباد في الظاهر من الكتاب والسنة ، فأمثال مضروبة ، وتحتها معان هي بطونها ، وعليها العمل ، وفيها النجاة ، وأنّ ما ظهر منها ففي استعمالها الهلاك والشقاء ، وهي جزء من العذاب الأدنى ، عذّب اللّه به قوماً ; إذ لم يعرفوا الحق ، ولم يقولوا به ، إلى غير ذلك من مقالتهم الشنيعة التي نسبها إليهم في الكتاب المذكور ، وغيره في تصانيفهم في هذا الباب.

وأنت خبير بأنّه ليس في كتاب الدعائم ذكر لإسماعيل ، ولا لمحمّد أصلاً في موضع منه حتّى في مقام إثبات الإمامة ، وردّ مقالات العامّة وأئمّتهم الأربعة ، فكيف يرضى المنصف أن ينسب إليه هذا المذهب؟! ولا يذكر في كتابه اسم إمامه أو نبيّه ، مع أنّ خلفاء عصره الذين كان هو في قاعدة سلطنتهم ، ومنصوباً للقضاوة من قبلهم ، المدّعين انتهاء نسبهم إلى محمّد بن إسماعيل ... ، كانوا في الباطن من الباطنية ... ، ومع ذلك ليس فيه إشارة إلى هذا المذهب ، وفي مواضع لابد من الإشارة إليه لو كان ممّن يميل إليه (1).

إنّ خلاصة ما استدلّ به النوري في كلامه هذا على عدم إسماعيلّية القاضي النعمان ، هو عدم ذكر النعمان عقيدة من عقائد الباطنية والإسماعيليّة في كتابه دعائم الإسلام ، ولا حتّى إشارة إلى مدّعيات الإسماعيليّة وآرائهم ، مع أنّه كان في دولتهم ، وهذا قرينة على عدم اعتقاده بالإسماعيليّة.

ص: 33


1- خاتمة المستدرك 1 : 133 - 135.
الرد على الوجه الأول بأمور
الأمر الأوّل :

أنّ عدم ذكر القاضي النعمان هذه العقائد الباطنية خلاف التقية التي كان يعمل بها القاضي في الدولة الإسماعيليّة ، وهذه التقيّة ادّعاها للقاضي النعمان كل من كان يرى أنّه اثنا عشري ، فهو إمّا يعمل بالتقية فلابدّ أنْ يذكر هذه العقائد ، أو لا يعمل بها ، فلابدّ من ذكر عقيدته الاثني عشرية ، حسب زعم من يدعي له ذلك.

ولكن قد يقال : إنّ التقية لها حدود وأطر ، فإذا تحقّقت بالأقل يقتصر عليه ، فالقاضي النعمان كان يتّقي بحدود أنّه لا يظهر عقيدته الصحيحة ، ولا يتّقي في عدم إظهار عقائد القوم ويؤيّد هذا أنّ عدم ذكر عقائد الآخرين أهون بكثير من ذكر المخالف عقيدته ، بل هذا الوجه قرينة قويّة على عدم الإشكالية في هذا الأمر على ما ذكره النوري.

الأمر الثاني :

أنّ عدم ذكر القاضي النعمان عقائد الإسماعيليّة ، أو عدم إشارته إليها في كتابه « دعائم الإسلام » لا يعني أنّه يرفضها ، أو لا يقبلها ; لأنّ عدم ذكر الشيء لا يعني نفيه أو إنكاره ، بل يبقى الاحتمال قائم من أنّه قد يكون موافقاً لهذه العقائد وقد يكون مخالفاً.

الأمر الثالث :

أنّ عدم ذكر القاضي النعمان هذه العقائد في كتابه « الدعائم » لا يكفي

ص: 34

لنفيها عنه ، وذلك لأنّ النعمان عنده عدّة كتب أخرى تعكس آراءه ومعتقداته ، فلابدّ من النظر فيها ، فإذا ثبت أنّه أشار إلى هذه المعتقدات في كتبه الأخرى ، فسوف ينهار جميع ما بناه النوري من الأساس ، وإذا لم يذكر هذه العقائد في جميع كتبه ، فإنّ هذا يصلح لأن يكون قرينة على عدم اعتقاده بها ، ومن ثُمّ يستظهر إسماعيليّته.

فنقول : إنّ للقاضي النعمان مؤلّفات عديدة ، استقصى منها المستشرق إيفانوف - وهو من المهتمّين بالتراث الإسماعيلي - في كتابه دليل الأدب الإسماعيلي 45 كتاباً ورسالة ، وقد ذكر الكاتب الإسماعيلي بوناوالا من كتب القاضي النعمان 62 كتاباً في كتابه مصادر الأدب الإسماعيلي (1).

فمن كتبه كتاب تأويل الدعائم ، واسمه : « تربية المؤمنين بالتوقيف على حدود باطن الدين ».

وهذا الكتاب هو تأويل لما في الدعائم ، فإنّ ما في الدعائم هو ظاهر الشريعة والدين ، وفيه بيّن العبادات الظاهرية من صلاة وصوم وبقية الدعائم ، وفي هذا الكتاب يبيّن باطن هذه العبادات وحقائقها.

وله كتاب آخر اسمه ( أساس التأويل في الباطن ).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في فهرسته - بعد أن ذكر كتب الظاهر ، ويعني بها الكتب التي اهتمّت بظاهر الدين من صوم وصلاة ... - : ثمّ يتلو كتب الظاهر كتب ورسائل في علم التأويل والباطن ، الذي هو من أقسام العبادة العلمية ، كما ذكر ذلك من أقسام العبادة

ص: 35


1- شرح الأخبار 1 : 42 ، مقدّمة السيّد الجلالي.

العملية ... ، ورأينا أن نبدأ أوّلاً بذكر ما وقت فيه ... ، ثمّ نأتي بعد ذلك ممّا يليه ، فنقول : إنّ أوّلها ومقدّمها في رسم الدعوة الهادية المبتدىء في علوم الحقائق ترقّياً من الأدنى إلى الأعلى (1).

ثمّ قال : كتاب تأويل الدعائم لسيدنا القاضي النعمان بن محمّد ( قس ) وسمّى به ; لأنّه أتى بهذا الكتاب بتأويل ما في ذلك الكتاب من ظاهر دعائم الإسلام ، صنّفه بعد كتابه الموسوم بأساس التأويل بأعلى درجة منه في وجوه التأويل ، والموجود منه تأليف النصف الأول من كتاب الدعائم ، وهو أيضاً نصفان ، كل نصف منها مجلّد برأسه ، في كل جزء ستّة أجزاء ، وكل جزء من الأجزاء يشتمل على عشرة مجالس.

ثمّ قال : وهو كتاب عظيم كما ذكره الداعي داود بن قطب ( قس ) المولى أمين بن جلال ( قس ) ، يحتاج إليه كل واحد من أبناء الدعوة الهادية من الدعاة المطلقين ، والحدود الميامين ، والمستجيبين المؤتمّين (2).

وقال المجدوع عن كتاب القاضي النعمان الثاني وهو « أساس التأويل في الباطن » :

كتاب أساس التأويل في الباطن ، تأويل ما في كتاب دعائم الإسلام لسيدنا النعمان ، والموجود كتاب الولاية الذي جمع فيه تأويل ما أتى من ظاهر قصص الأنبياء ، ممّن وردت أسماؤهم في كتاب اللّه المجيد ، إلى ذكر وصيّ نبيّنا محمّد ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، وفيه من الفوائد والمعارف في أثناء كل مذكور من الأخبار ما يطول ذكره ، وسيقف عليها من وفقه اللّه تعالى لمطالعتها (3).

ص: 36


1- فهرست المجدوع : 120.
2- فهرست المجدوع : 135.
3- فهرست المجدوع : 134.

أقول : الذي يظهر من هذين الكتابين أنّ القاضي النعمان كان يعتقد بالتفريق بين الباطن والظاهر ، وأنّ لكل ظاهر باطن ، لذلك اعتنى بهذه الطريقة ، وألّف على نهجها كتباً ، والمعروف أنّ هذا المنهج وهذه الطريقة من الأمور التي اشتهرت بها الإسماعيليّة ، وصارت علماً لها حتّى سمّوا بالباطنية.

نعم ، قيل : إنّ القاضي النعمان من الباطنية الأقلّ تشدّداً في تأويل الظاهر ، والتعمّق في الباطن ، ولكن حتّى الاعتدال في طريقته التأويلية يمكن نقاشه.

وذلك من خلال أنّ القاضي النعمان يعتبر من المؤسّسين لهذه الطريقة ، بحيث اعتمد عليه كبار علماء الإسماعيليّة ، وأخذوا عن كتبه ، وتبنّوا آراءه ، ومن المعلوم أنّ هذه الطريقة كانت فتيّة ، وفي طور التأسيس ، لذلك صحّ وسمها بالاعتدال ، وذلك بالنسبة لمن جاء بعد النعمان من علماء متعمّقين في التأويل وعلم الباطن ، فسبب اعتداله هو تأسيسه لا اعتداله ، فالقضية نسبية لا أكثر.

فما ادّعاه النوري من أنّ القاضي النعمان لا يعتمد طريقة التأويل والباطن ليس في محلّه ، نعم لم يذكر هذا الأمر في كتابه الدعائم ، ولكنّه ذكره في باقي كتبه ، بل صنّف فيه كتباً.

ص: 37

بعض عقائد القاضي النعمان في بقيّة كتبه
اشارة

هناك عقائد كثيرة أشار إليها القاضي النعمان في بقيّة كتبه ومؤلّفاته ، نذكر للقارىء بعضها ممّا موجود في كتبه التي وصلت إلينا ، فإنّ فيها التصوّر الكافي الذي يبيّن العقيدة التي كان عليها القاضي النعمان ، والتي تنسجم تمام الانسجام مع العقيدة الإسماعيليّة والفكر الباطني الإسماعيلي منها :

أولاً اعتقاده باستتار الإمام :

يعتقد القاضي النعمان باستتار الأئمّة في بعض الفترات تحت الظروف الصعبة التي يمرّون بها ، قال في كتاب افتتاح الدعوة : الحمد لله مؤيّد الحق ، وناصر أهله ... ، الذي ختم بنبوّة محمّد ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) نبوّة النبيّين ... ، وتكفّل لأهله بالغلبة والتمكين والتأييد والإعزاز والتحصين ، ولم يخل الأرض من إمام فيها للأمّة ، وقائل بالحق ، وقائم بالحجّة ، وإن تغلّب فيها المتغلّبون ، واستتر للتقيّة الأئمّة المستحفظون ، وأنّ لهم بكل جزيرة من جزائر الأرض داعياً لهم ، وبكل ناحية من نواحيها دليلاً عليهم (1).

ص: 38


1- افتتاح الدعوة : 15.

قال - بعد أن روى في شرح الأخبار عن صالح بن أبي الأسود ، قال : سمعت جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) يقول : « سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنّه لا يحدّثكم أحد بعدي مثلي حتّى يقوم صاحبكم » - : وكذلك استترت الأئمّة من بعد للتقيّة ، فلم يقم أحد منهم بظاهر علم ، ولا أظهره حتّى قام المهدي (1)

فهذه النصوص ، وما شاكلها تثبت عقيدة القاضي النعمان بقضيّة الاستتار ، وهي من العقائد المهمّة عند الإسماعيليّة ، والتي ذكروها كثيراً في كتبهم ، واصطلح عليها عندهم بدور الستر ، فهي قضيّة معروفة ، وواضحة ، ومن أوّليات مذهبهم.

ثانياً : اعتقاده بظهور الإمام المهدي المنتظر ووفاته :

قد أثبت القاضي النعمان أنّ الإمام المهدي المنتظر الذي أوصى به الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، ووعد بظهوره ، من أنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما مُلئت ظلماً وجوراً ، قد ظهر ، وانتصر على أعداءه ، فقد نصره اللّه ، ومكّن له في الأرض.

قال القاضي النعمان في كتاب شرح الأخبار : ومن حديث قتادة يرفعه إلى النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) أنّه قال : « المهدي أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً » وكذلك كانت صفة المهدي ، أقنى وأجلى ، وهاتان الصفتان من أحسن صفات الجباه والأنوف ، وملأ عدله ما وصل إليه سلطانه من الأرض ، ويملأ باقيها من يأتي بعده (2).

ص: 39


1- شرح الأخبار 3 : 291.
2- شرح الأخبار 3 : 379.

وقال أيضاً في شرح الأخبار : وكذلك استترت الأئمّة من بعد للتقيّة ، فلم يقم أحد منهم بظاهر علم ، ولا أظهره حتّى قام المهدي (1).

وقال أيضاً في شرح الأخبار - بعد أن ذكر بعض من قام بالثورات ضدّ الأمويين والعباسيين - : فهذه أسماء الذين قاموا يدّعون الإمامة من الطالبيين إلى أن قام المهدي باللّه أمير المؤمنين.

ثمّ قال : وإنّما ذكرنا هذه الجملة من أخبارهم عن تشبّههم من أفرد اللّه جل اسمه بالقيام بحقه ، وتقدّم الخبر أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) بصفته (2) وحاله ووقته ، وعن آبائه بذلك بالدلالة عليه ، والتحذر من ادّعى مقامه ، والتقدّم بين يديه (3).

ثُمّ قال عن الأئمّة : فلم يزالوا واحداً بعد واحد ، منهم مستترين ; لتغلّب أعداء اللّه عليهم ، حافظين لأمانة اللّه عندهم التي ... (4) من الإمامة التي أوجبها على عباد لهم ، وما استودعهم من مكنون علمه بنقله واحد إلى واحد منهم صار ذلك عنهم إليه صلوات اللّه عليه.

فلمّا آن وقته ، وحان حين قيامه الذي قدّره اللّه - عزّ وجلّ - فيه ، وحدّه له ، ودعت الدعاة إليه ، وسلّم من كان الأمر بيده إليه ما كان بيده منه ( عليه السلام ) ، فقام وحده وأوليائه والدعاة إليه بعيدون عنه وحيداً فريداً ... ، ولا كان معه غير وديعة اللّه في يديه حجّته ، ووصيّه ، وليّ الأمر بعده ، وهو حينئذ طفل صغير ... ، فلم يزل على ذلك ، واللّه يحميه ويستره ويقيه ،

ص: 40


1- شرح الأخبار 3 : 291.
2- كذا في المطبوع.
3- شرح الأخبار 3 : 349.
4- كذا في المطبوع.

ويدفع عنه حتّى أظهر منه وأعزّ نصره ، وأنجز وعده (1).

قال السيّد الجلالي - محقق كتاب شرح الأخبار - معلقاً على كلام المؤلّف : أقول : نستنتج من مفاد كلام المؤلّف أنّ من ادّعى الإمامة والمهدويّة فيما سبق الدولة الفاطمية باطلة ; لأنّها لم تدم ... ، وأنّ المهدي الفاطمي هو الحقّ ، المهدي الموعود ; لأنّ دولته تدوم إلى الأبد ، وتشمل البلدان شرقاً وغرباً ، وتجسّد فيها كُلّ ما ذكره النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) والأئمّة الأطهار ( عليهم السلام ) من التنبّؤات والعلامات.

وبما أنّ هذه الدولة أزيلت كسابقتها ، ولم تدم بعد غزو صلاح الدين الأيّوبي على مصر ، وقتله الفاطميين ، بطلت هذه الدعوة ، وأنّ المهدي الذي ركّز المؤلّف عليه وادّعاه ، وجعله مصداقاً للأحاديث والأخبار التي يذكرها المؤلّف - فيما يأتي - وادّعى صحّتها متناً وسنداً ودلالة لم يكن هو المهدي الموعود (2).

ثمّ ذكر القاضي النعمان وقت ظهور المهدي ، وكيفيّة ذلك ، وذكر صفاته ومعالمه والأحاديث في فضله عن الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، والأئمّة ( عليهم السلام ) ، وذمّ من تشبّه به ، وذكر أحاديث في فضل انتظاره ، ولزوم اتّباعه (3).

وكذلك عقد باباً في كتابه المناقب والمثالب حول ظهور المهدي ، وعلاماته ، وما يتعلّق بذلك ، وأنّه قد ظهر ، وأفضت الإمامة إليه ، إلى آخر كلامه (4).

ص: 41


1- شرح الأخبار 3 : 349 - 354.
2- شرح الأخبار 3 : 350.
3- شرح الأخبار 3 : 255 - 368.
4- المناقب والمثالب : 392 - 402.

فالقاضي النعمان يعتقد بظهور الإمام المهدي الذي نصّ عليه الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) في زمانه ، وهذه عقيدة بمفردها كفيلة بإخراج القاضي النعمان عن مذهب الإمامية ، وإدخاله في الإسماعيليّة ; لأنّها العقيدة التي استقرّ عليها الفكر الإسماعيلي.

ثالثاً : اعتقاده بالإمامة الإلهية لمن عاصره من الخلفاء الفاطميين ومن بعدهم :

قال في كتابه المجالس والمسايرات : ولقد كنت جمعت عن المهدي باللّه ، والقائم بأمر اللّه ، والمنصور باللّه صلوات اللّه عليهم ورحمته وبركاته ، وفيهم وفي فضائلهم من الكتب ما يطول ذكرها ، وألّفت سيرة المعز لدين اللّه صلوات اللّه عليه من الوقت الذي افضى اللّه عزّ وجلّ بأمر الإمامة إليه إلى اليوم ، وأنا ذائب في ذلك إلى أن ينقضي عمري - إن شاء اللّه تعالى - ويصلها من بعدي من عقبي وأعقابهم بتوفيق اللّه إيّاهم بطول بقاء وليّه ودوام عزَّه وسلطانه (1).

وقال أيضاً : أمّا بعد ، فإنّا لمّا أثرنا ما أثرناه من الفضائل والحكمة والعلم والمعرفة عن أسلاف أئمّتنا ، بنقل من أدّى ذلك عنهم إلينا ، من صالحي إخواننا ، وأخاير أسلافنا ، وكان لهم بما يحملونه من ذلك إلينا ، فضل المبلّغ الحامل ، وثواب الصادق الناقل ، دعتنا الرغبة في ثواب ذلك إلى نقل ما سمعناه ، وتأدّى إلينا ورويناه ، وأثرنا عمّن شاهدناه وأدركناه منهم صلوات اللّه عليهم ، إلى غيرنا ممّن غاب عن ذلك من أهل عصرنا ; لينقلوا ذلك عنّا إلى من يأتي من بعدنا ، كما نقل إلينا ما أثرناه من أدركناه عمّن مضى من قبلنا (2).

ص: 42


1- المجالس والمسايرات : 46.
2- المجالس والمسايرات : 45.

وقال في كتابه اختلاف أصول المذاهب : أثبَتُ ما أعتمد في هذا الباب ، وأصلَحُ ما أحتجّ به لما قصدت إليه في هذا الكتاب ، بعد كتاب اللّه جلّ ذكره وسنّة رسوله ، ما عهده إليّ الإمام المعز لدين اللّه أمير المؤمنين ، صلّى اللّه عليه ، وعلى آبائه الهداة الراشدين في كتاب عهده ، كتبه لي في تأييد أمر القضاء ، رأيت إثبات نسخة منه في هذا الكتاب ; لما فيه من الحجّة لما قصدت إليه فيه ، ولكثرة فوائده ، وجزالة معانيه ، ولأنّه ممّا ولي نفسه تأليفه ، وما علمت أنّه تقدّم في عهود القضاة قبله مثله ، فرأيت مع ما فيه من الحجّة لما يدخل في هذا الكتاب إبقاء ذكره بتخليده في هذا الكتاب ، ولما في ذلك من إبقاء الذكر ، وتخليد الشرف بما ذكرني به فيه وليّ اللّه ، وهذه صورة ما فيه :

بسم اللّه الرحمن الرحيم ، هذا الكتاب من عبد اللّه ووليّه معد أبي تميم ، الإمام المعز لدين اللّه ، أمير المؤمنين ، إنّ أمير المؤمنين للمحلّ الذي اصطفاه اللّه به من الخلافة السنيّ قدرها ، والإمامة العليّ خطرها ، وأن جعله سراجاً منيراً في أرضه ، يُهتدى به ، ويستضاء بنوره ، ونصبه علماً لخلقه ، وقائمة بحقّه ، وموطناً دائماً للإسلام.

إلى أن قال في مدح القاضي النعمان : وقد كان أمير المؤمنين الذي وقف عليه من ورعك وديانتك وأمانتك ونزاهتك وحميد طريقتك استكفاك القضاء ... ، ثمّ رأى عندما وقف عليه من صدق موالاتك ، وتوخّيك الحق في أحكامك ، وما كشف عنك الامتحان ، ومخضك به الاختبار ، وحسنت منك فيه الآثار ، توكيد ذلك لك ، وادعامه وتسديده وتقويته والزيادة فيه بكتاب منشور.

ص: 43

إلى أن قال موصياً للقاضي النعمان : مقتدياً في أحكامك وقضائك بكتاب اللّه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه ... ، وما لم تجد منه ولا في سنّة جد أمير المؤمنين محمّد رسول اللّه ربّ العالمين حكمه ، التمسها في مذاهب الأئمّة من ذرّيّته الطاهرين ، البررة الراشدين ، آباء مولانا أمير المؤمنين الذي استحفظهم اللّه أمر دينه ، وأودعهم خزائن علمه ، ومكنون وحيه ، وجعلهم هداة العباد ، وأنوار البلاد ... ، وما التبس عليك ، فأشكل واشتبه الحكم وأعضل ، ما نهيته إلى أمير المؤمنين ; ليوقفك على وجه الحكم فيه ، فتتمثّله ، وتعمل عليه ، فإنّه بقيّة خلفاء اللّه تعالى المهديّين ، وسلالة الأئمّة الراشدين الطاهرين ، الذين أمر اللّه جلّ اسمه بسؤالهم ، والاقتباس من علمهم ، وردّ الأمر إليهم ، فقال جلّ ذكره ، وتبارك اسمه : ولو ردّوه إلى الرسول وإلى ولي الأمر منهم محمّد صلى اللّه عليه وعلى آله لعلمه الذين يستنبطونه منهم (1).

وقال تعالى : ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) (2).

وقال النبي الناطق والرسول الصادق : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض » فمن اهتدى بأولياء اللّه في أرضه فقد اهتدى ، إلى آخر كلامه (3).

وغيرها من النصوص العديدة التي تثبت اعتقاده باستمرار الإمامة إلى

ص: 44


1- من الواضح أنّه نقل مضمون الآية ، والآية هي : ( وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ) النساء : 83.
2- سورة النمل : 43.
3- اختلاف أصول المذاهب : 46.

زمنه وبعد زمنه ، كما وقد خصّص فصولاً في كتابه « الهمّة في آداب أتباع الأئمّة » ذكر فيها آداب أتباع الأئمّة ، مع الأئمّة من كيفيّة المسايرة معهم ، والسلام عليهم ، والأكل والشرب في حضورهم ، والقيام والجلوس والتكلّم في مجالسهم ، وما شابهها ، فهذه أمور كلها تثبت اعتقاده باستمرار الإمامة إلى زمانه وما بعده ، كما هو واضح بأدنى تأمّل.

فصاحب هذه العقيدة كيف لا يكون إسماعيلياً؟ وكيف يمكن أن يتصوّر أنّه اثنا عشري؟!

رابعاً : ذكره للثورات الفاطمية وثناؤه عليها :

قال في كتاب افتتاح الدعوة : الحمد لله مؤيّد الحق ، وناصر أهله ... ، ولم يخل الأرض من إمام فيها للأمّة ، وقائل بالحق ، وقائم بالحجّة ، وإن تغلّب فيها المتغلّبون ، واستتر للتقية الأئمّة المستحفظون ، وأنّ لهم بكل جزيرة من جزائر الأرض داعياً لهم ، وبكل ناحية من نواحيها دليلاً عليهم ، ولو ذكرنا كل إمام منهم صلوات اللّه عليهم ، ومن دعا إليه ، وقام بأمره ، لطال الكتاب بذكرهم ، ولكنّا آثرنا من ذلك ذكر أمر الدعوة بأرض المغرب إلى المهدي صلوات اللّه عليه ، وابتداؤها فيها.

إلى أن قال : ذكر ابتداء الدعوة باليمن ، والقائم بها ، والسبب الذي كان في قيامه بأسبابها ، بدأنا بذكرهذه الدعوة المباركة ; إذ كانت أصل الدعوة التي قصدنا إلى ذكرها ، وإليهما أرسل الداعي ، ومن اليمن نفذ إلى المغرب ، وعن صاحب دعوته أخذ ، وبآدابه تأدّب.

وصاحب دعوة اليمن هو أبو القاسم الحسن بن فرح بن حوشب بن زادان الكوفي ، وسمّي منصور اليمن ; بما أتيح له من النصر ، وكان إذا قيل له ذلك ، قال لهم : المنصور إمام من أئمّة آل محمّد ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ).

ص: 45

ثمّ قال القاضي : والأخبار بذكر المنصور ( عليه السلام ) كثيرة ، روي عن جعفر ابن محمّد صلوات اللّه عليه أنّه قال : منّا المهدي ، ومنّا المنصور ، وفي حديث آخر : أبشروا فتوشك أيّام الجبّارين أن تنقطع ، ثمّ يأتي الجابر الذي يجبر اللّه به أمّة محمّد ، وهو المهدي ، ثمّ المنصور الذي ينصر اللّه به الدين (1).

إلى آخر ما يذكره من أمر المنصور باليمن ، والمهدي ، ومن عاصرهم من ثوّار ، وأئمّة الفاطمية والإسماعيليّة.

وقال في شرح الأخبار : صاحب دعوة اليمن ، وهو الحسن بن فرج ابن حوشب بن دادان الكوفي ، وكان من أجلّة الدعاة وخيارهم وثقاتهم ، ومن أهل الصدق والورع والفضل والدين ، وإخلاص الولاية لأولياء اللّه تعالى ، وكذلك كان ، وعليه مات ، رضوان اللّه عليه (2).

وغيرها من النصوص التي تثبت تأييده للدعوات الفاطمية والإسماعيليّة ، بل واعتقاده بها.

خامساً : اصطلاحه على الدعاة بنطقاء وحدود :

قال في أساس التأويل : إنّ النطقاء يأخذون عن الحدود ، كما ذكر اللّه في قصّة إبراهيم ، وقوله للنجم « هذا ربي » (3).

ومن الواضح لمن له اطّلاع على أدبيات المذهب الإسماعيلي أنّ اصطلاح النطقاء والحدود وما شاكلها من أوّليّات المصطلحات الإسماعيليّة ، ومن الأمور المرتكزة عندهم.

ص: 46


1- افتتاح الدعوة 15 - 16.
2- شرح الأخبار 3 : 403.
3- أساس التأويل : 109 ، نقلاً عن فهرست المجدوع : 246.

وهناك الملاحظات الكثيرة الموجودة في مجموع مؤلّفات القاضي النعمان ، والتي تثبت اعتقاده بما يعتقده الإسماعيليّة في الكثير من أساسيات الاعتقاد بالإمامة وما شاكلها.

ص: 47

الامر الرابع الذي يجاب به عن الوجه الاول الذي ذكره النوري
اشارة

بأن يقال : حتّى لو فرضنا أنّ القاضي النعمان لا يقبل بهذه العقائد ، وأنّ عدم ذكره لها يعني نفيه لها ، فهو لا يدلّ على أنّ القاضي النعمان من الإمامية الاثني عشرية.

النتيجة النهائية :

أنّ الأمر الأوّل الذي ذكره النوري ، واستدلّ به غير صحيح ، ولا ينفي أو يثبت شيئاً.

نعم إنّ بعض الاعتقادات التي ذكرها النوري في كلامه المتقدّم الذي نقله عن النوبختي في كتابه الفرق ، لم يرتضها القاضي النعمان ورفضها ، ولكن هذا لا يعني عدم إسماعيليّته ; لأنّ هذه العقائد موضع خلاف بينهم ، ولم يرتضها كثير من الإسماعيليّة ، فإنّ الإسماعيليّة فرق ومذاهب ، وبينهم اختلاف كثير في كثير من العقائد.

قال علي نقي منزوي في مقدّمة كتاب فهرست المجدوع : الإسماعيليّة اليوم على ثلاثة أقسام :

1- من يتمسّك بالظاهر من الدين ، وإن كانت كتبهم مليئة بالتأويل والباطن ، وهم المستعلية البهرة.

ص: 48

2- من يعمل بالظاهر تارة ويهمله تارة أخرى ، وهم النزارية الآغاخانية.

3- من لا يعترف بالظاهر أبداً ، ويقولون بنسخ الشرائع كلّها ، ولا يعترفون إلاّ بالتوحيد ، ويسمّون بالموحّدين الدروز (1).

وقد رفض كثير من الإسماعيليّة هذه الاعتقادات (2) ، ونسبوها إلى أعدائهم ، أي : أنّ أعداءهم افتروا عليهم بهذه الاعتقادات ، قال الدكتور مصطفى غالب في كتابه تاريخ الدعوة الإسماعيليّة : ولمّا شعرت الخلافة العبّاسية التي كانت تجوز مرحلة اضطراب وضعف ، ويتعاقب في خلافتها عدّة من الخلفاء الضعاف ، أقول : شعرت بخطر الحركة الإسماعيليّة الداهم ، فوكّلت رؤساء الدين ، وأصحاب المقالات الدينيّة بالطعن بمبادىء هذه الحركة ، والافتراء عليها بالأكاذيب ، ولينعتوا مذهبها ونظامها بالإباحية ، والزندقة ، والإلحاد ، والخروج عن الدين الإسلامي الحنيف ، ويطعنوا أيضاً بنسب أئمّة هذه الحركة (3) (4).

وقال أيضاً : فالعقيدة الأساسية الجامعة للإسماعيليّة تترسّخ في حقائق ثابتة هي :

1- العبادة العملية ( أي : علم الظاهر ) (5) : وهو ما يتّصل بفرائض الدين وأركانه.

ص: 49


1- فهرست المجدوع : 3 ، مقدّمة المحقّق.
2- التي ذكرها النوري فيما تقدّم.
3- تاريخ الدعوة الإسماعيليّة : 5 ، مقدّمة المؤلّف.
4- نعم ، لا يمكن أن ينكر أحد أنّ بعض فرق الإسماعيليّة قد خرجوا عن الدين الإسلامي في كثير من عقائدهم كما في الدروز.
5- واُنظر كتاب تاج العقائد لعلي بن محمّد الوليد فإنّه فصّل فيه هذه الأمور على أحسن وجه.

2 - العبادة العلمية ( أي : علم الباطن ) : من تأويل ، ومُثُل عليا للتنظيمات الاجتماعية ، ومُثُل عليا للإدارة السياسية.

وكل هذه النقاط تعتبر من صميم العقائد ، تتداخل مع بعضها تداخلاً كلّياً ، وتعتمد كل واحدة على الأخرى ، فهم يقولون بالباطن والظاهر معاً ، وذهبوا إلى تكفير من اعتقد بالباطن دون الظاهر ، أو بالظاهر دون الباطن ، وفي ذلك يقول الداعي المؤيد في الدين : « من عمل بالباطن والظاهر معاً فهو منّا ، ومن عمل بأحدهما دون الآخر ، فالكلب خير منه ، وليس منّا » ومن أصول ومرتكزات العقيدة الإسماعيليّة ضرورة وجود الإمام المعصوم المنصوص عليه من نسل علي بن أبي طالب ، والنصّ على الإمام يجب أن يكون من الإمام الذي سبقه بحيث تتسلسل الإمامة في الأعقاب.

إلى أن قال : والإسماعيليّة يعتبرون من حيث الظاهر أنّ الأئمّة من البشر ، وأنّهم خلقوا من الطين ، ويتعرّضون للأمراض والآفات والموت ، مثل غيرهم من بني آدم ، ولكن في التأويلات الباطنية يسبغون عليه وجه اللّه ، ويد اللّه ، وجنب اللّه ... (1).

وأمّا عقيدتهم بالنبي والأئمّة فهي خالية عن التأليه وما شاكل - طبعاً عند بعضهم - قال علي بن محمّد بن الوليد - وهو من الفلاسفة والمتأوّلين المعروفين عند الإسماعيليّة - في رسالته « الإيضاح والتبيين في كيفية تسلسل ولادتي الجسم والدين » : وأشهد أنّ محمّداً خير شمس طلعت في سماء الدين ، وأرفع علم نصب لنجاة المهتدين ، وأشرف نبي ... ، وأشهد أنّ علياً أشرف وصي فصّل مجمل تنزيله ، وأوضح حقائق تأويله ... ، القائل : واللّه لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً ، الهالك فيه الغالي والمقصّر ،

ص: 50


1- تاريخ الدعوة الإسماعيليّة : 39 - 40.

والناجي بولائه المؤمن المستبصر ... ، وعلى سيدة النساء وخامسة أصحاب الكساء ، درّة الفخر وممثول ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر ، فاطمة الزهراء ... ، وعلى سبطي النبوة والإمامة المتوّجين من حصانة الرسول ، وكفالة الملائكة بتاج الكرامة ، الحسن المستودع لسرّ الملكوت ، والكفيل المندوب للقيام بسكينة التابوت ، والحسين الجاري ذلك السرّ في عقبه إلى يوم الحساب ... ، وعلى الأئمّة من ولد الحسين (1).

وقال في كتابه تاج العقائد - موضّحاً للتشويش الذي حصل للكثير - : وأنّه لمّا طال الزمان ، وحدث في هذه الديار ما حدث من الغلاة ، وتشتّت أهلها ، درست تلك الكتب ، وفسدت خواطر أكثر الناس ، وجائت محن عدّة على أرباب هذا المذهب في عدّة أوقات ، أوقفت خواطرهم مع ما ورد من ديار الشام ، لمّا فتحت من المذاهب كالعادية والحاكمية والذهبية والدرزية والمحصبية والجليلية والنصيرية والتعلمية ، والذين يقولون بالحلول والتجسيم ، فاحتموا بهذا المذهب ستراً على ما هم عليه ، ودرسوا ما قد وجدوه من الكتب والحقائق ، واستمرّ الفساد ، فلم يبقَ من الدين إلاّ اسمه ، ولا من التوحيد إلاّ رسمه ، وزادت الغلبة منهم مع أسباب لا سبيل إلى ذكرها ، وجاء مقدمون يميلون إلى الدنيا ، فتصانعوا خوفاً على زوال الرئاسة ، فقلّ المتعلّم ... (2).

وهو كلام واضح فيمن انحرف عن العقيدة الإسماعيليّة الأصليّة ، والدخلاء الذين تستّروا باسم الإسماعيليّة.

ص: 51


1- رسالة الإيضاح والتبين : 104 - 105 ، ضمن أربع رسائل إسماعيليّة ، صحّحها شتروطمان.
2- تاج العقائد ومعدن الفوائد 12 ، مقدّمة المؤلّف.

وغيرها من النصوص التي تبيّن عقائد بعض الإسماعيليّة التي تغاير ما ذكره النوري ، ونحن لا نريد أن ندّعي عدم قول أحد منهم بهذه العقائد المذكورة ، ولكن نريد أن نبيّن أنّ هذه أمور خلافيّة بين أتباع الإسماعيليّة وعلمائهم - على أقلّ تقدير - ، وعدم ذكر القاضي النعمان لهذه العقائد لا يعني عدم إسماعيليّته.

بل الأمر أكثر من هذا ، فقد وقع اختلاف كبير في أصل تأسيس المذهب الإسماعيلي ، وكيفيّة نشوئه ، يقول الكاتب الإسماعيلي مصطفى غالب في كتاب تاريخ الدعوة الإسماعيليّة : ويستدلّ من المصادر التاريخية على أنّ هذه الحركة نشأت نشأتها الأولى سنة 128ه- ، في العراق وفارس ، كحركة دينية أوجدها الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) ، ولكن علماء الدعوة يذكرون بأنّ دعوتهم قديمة قدم هذا الوجود ، ولديهم ما يثبت هذا القول علمياً وعقائدياً ، وهناك قسم آخر منهم يذهب إلى القول بأنّ الدعوة الإسماعيليّة بدأت منذ عهد إسماعيل بن إبراهيم الخليل ، ويستدلّون على ذلك بنظريات فلسفية وعقائدية ، وبالرغم من أنّنا نملك أكثر من مصدر يؤيّد هذه الأقوال إلاّ أنّنا نذهب مع أكثر الباحثين والمؤرّخين فنبدأ ببحث هذه الدعوة منذ عهد الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق ( عليه السلام ) ، وما بعده (1).

قال الشهرستاني في الملل والنحل : قد ذكرنا أنّ الإسماعيليّة امتازت عن الموسوية ، وعن الاثني عشرية بإثبات الإمامة لإسماعيل بن جعفر ، وهو ابنه الأكبر ، المنصوص عليه في بدء الأمر ... ، وقد ذكرنا اختلافاتهم في موته في حال حياة أبيه.

ص: 52


1- تاريخ الدعوة الإسماعيليّة : 6 ، مقدّمة الطبعة الثانية.

قالوا : وبعد إسماعيل محمّد بن إسماعيل السابع التام ، وإنّما تمّ دور السبعة به ، ثمّ ابتدأ منه بالأئمّة المستورين الذين كانوا يسيرون في البلاد سرّاً ، ويظهرون الدعاة جهراً.

قالوا : ولن تخلو الأرض قط من إمام حي قائم ، إمّا ظاهر مكشوف ، وإمّا باطن مستور ... ، ثمّ بعد الأئمّة المستورين كان ظهور المهدي باللّه ، والقائم بأمر اللّه ، وأولادهم نصّاً بعد نصّ على إمام بعد إمام (1) ، ومن مذهبهم أنّ من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية (2).

فالاختلاف في العقائد وارد جداً ، وعدم ذكر عقيدة خلافية لا يعني خروج من لم يذكرها عن المذهب ، وخصوصاً الاختلافات وصلت بهم إلى أصل التأسيس والتكوّن.

ص: 53


1- أقول : وهذا يناسب ما تقدّم نقله عن القاضي النعمان تماماً.
2- الملل والنحل 1 : 191 - 192.
الوجه الثاني الذي استدلّ به النوري

قال في المستدرك : وأمّا ثانياً : فلأنّه صرّح في كتابه بكفر الباطنية ، وضلالتهم ، وخروجهم عن الدين ، فإنّه قال في باب ذكر منازل الأئمّة ( عليهم السلام ) ، وتنزيههم ممّن وضعهم بغير مواضعهم ، وتكفيرهم من ألحد فيهم ، ما لفظه : أئمّة الهدى صلوات اللّه عليهم ورحمته وبركاته ، خلق مكرّمون من خلق اللّه جلّ جلاله ، وعباد مصطفون من عباده ، افترض طاعة كل إمام منهم على أهل عصره ، وأوجب عليهم التسليم لأمره ، وجعلهم هداة خلقه إليه ... ، ليس كما زعم الضالّون المفترون بآلهة غير مربوبين ، ولا بأنبياء مرسلين ، ولمّا كان أولياء اللّه الأئمّة الطاهرين ... ، كان الشيطان أشدّ عداوة لأوليائهم ، وأهل طاعتهم ... ، وقعد الشيطان كل امرئ منهم من حيث يجد السبيل إليه ، وإلى الإجلاب بخيله ورجله عليه ، فمن كان منهم قصير العلم ، متخلّف الفهم ، ممّن تابع هواه ، استفزّه وأغواه ... ، وسهّل عليهم العظائم في رفض فرائض الدين ، والخروج من جملة المسلمين بفاسد أقام لهم من التأويل ، ودلّهم عليه بأسوء دليل ، فصاروا إلى الشقوة والخسران ، وانسلخوا من جملة الإيمان.

ثمّ ذكر النوري ما ذكره القاضي النعمان من قصّة أبي الخطّاب ،

ص: 54

وتجويزه لأتباعه فعل المحرّمات ، وترك الواجبات ، وتأويل الأحكام.

ثمّ نقل ذمّ الإمام الصادق ( عليه السلام ) لأبي الخطّاب أشدّ الذم ، وأنّ أبا الخطّاب ومن يعتقد بعقيدته خارجون عن الإسلام.

ثمّ ذكر قول النويختي : إنّ الإسماعيليّة هم الخطّابية أتباع أبي الخطّاب محمّد بن أبي زينب الأسدي الأجدع.

إلى أن قال النوري : ومن ذلك كلّه ظهر أنّ نسبة هذا العَلم الجليل ، صاحب هذا المؤلّف الشريف إلى هذا المذهب السخيف افتراء عظيم (1).

ص: 55


1- خاتمة المستدرك 1 : 135 - 140.
الرد على الوجه الثاني بأمور
الأمر الأوّل :

أنّه تقدّم أنّ الإسماعيليّة على طوائف ، وبينهم اختلاف كثير في كثير من المسائل العقائدية ، ولم يقبل بعضهم عقائد بعض - كما تقدّم - فنفي القاضي النعمان هذه العقائد لا يخرجه عن الإسماعيليّة بصورة قاطعة.

الأمر الثاني :

أنّ القاضي النعمان لم يذمّ الباطنية وأهل التأويل بشكل مطلق ، بل ذمّ من كانت تأويلاته تأويلات شيطانية مغشوشة ، بعيدة عن الصواب والحقيقة ، وهذا أمر وافقه عليه غيره من علماء الإسماعيليّة الذين لا يشكّ أحد بإسماعيليّتهم ، كما تقدّم ذلك عن الداعي المؤيّد في الدين ، والذي يدلّ على هذا المعنى أنّ القاضي النعمان يؤمن بالتأويل والباطن المعتمدين على أسس ومبادئ صحيحة من دون تدخّلات الشيطان ، لذلك فقد ألّف كتاب أساس التأويل ، وكتاب تأويل دعائم الإسلام ، وكتاب تأويل الشريعة ، وكتاب تأويل القرآن ، وغيرها.

الأمر الثالث :

قد رفض الإسماعيليّة - وقد تكون مسألة وفاقية بينهم - دعوة أنّ

ص: 56

مؤسّس الإسماعيليّة هو أبو الخطّاب ، بل عندهم بطلان هذه الدعوة من الواضحات.

قال مصطفى غالب في كتابه تاريخ الدعوة الإسماعيليّة - بعد أن ذكر كلام المستشرق برنارد لويس ، القائل بأنّ الإسماعيليّة تأسّست على يد أبي الخطّاب ، ومن ثمّ ولده - : ونحن إذ نستغرب أن يأتي مستشرق مشهور مثل برنارد لويس ليطلع علينا بآراء خاطئة ، تدلّ على قصر باعه في الأبحاث الإسماعيليّة ، نقول : بأنّ جميع المخطوطات التي بين أيدينا تنفي أن تكون للإسماعيلية أيّ علاقة بالخطّابية ; لأنّ جميع المصادر الإسماعيليّة ، وأغلب المصادر السنّية والشيعية تعترف بعدم وجود تلك العلاقة ، كما وأنّ الإسماعيليين أنفسهم يعدّون الفرقة الخطّابية من الفرق المارقة المغالية (1).

فذمّ القاضي النعمان لأبي الخطّاب لا يعني أكثر من رفضه ورفض طريقته التي رفضها الكثير من الإسماعيليّة.

ص: 57


1- تاريخ الدعوة الإسماعيليّة : 127.
الوجه الثالث الذي استدلّ به النوري

قال في المستدرك : وأمّا ثالثاً : فلأنّ لأرباب هذا المذهب ودعاته قواعد واصطلاحات ورموزاً وإشارات ، لا أثر لها في هذا الكتاب (1) ، ولا إشارة فيه إليها ، فعندهم أنّه لابدّ في كل عصر من سبعة بهم يعتدون ، وبهم يؤمنون ، وبهم يهتدون ، وهم متفاوتون في الرتب ، إمام يؤدّي عن اللّه ، وهو غاية الأدلّة إلى دين اللّه ، وحجّة يؤدّي عن الإمام ، يحمل علمه ، وذومصّة يمصّ العلم من الحجّة ، أيّ يأخذه منه ، فهذه ثلاثة ، وأبواب وهم الدعاة ... (2).

ص: 58


1- أي : دعائم الإسلام.
2- خاتمة المستدرك 1 : 140.
الرد على الوجه الثالث بأمور
الأمر الأوّل :

أنّ عدم ذكر القاضي بعض العقائد الباطلة في كتابه دعائم الإسلام لا يعني عدم اعتقاده بها.

الأمر الثاني :

أنّ القاضي النعمان ذكر كثيراً من الأمور التي تتوافق مع المذهب الإسماعيلي في بقيّة كتبه ، كما تقدّم نقل ذلك ، ولا يكفي لنفي هذه الأمور عنه مجرّد عدم ذكرها في كتابه هذا ( دعائم الإسلام ) فلعلّه ليس بصدد بيان هذه الأمور ، والذي يؤيّد هذا ، ذكره لهذه العقائد في بقيّة كتبه ; لمناسبتها مواضيع تلك الكتب كما تقدّم نقل هذه الموارد في الجواب على الوجه الأوّل الذي استدلّ به.

الأمر الثالث :

أنّ القاضي النعمان قد أشار في كتابه افتتاح الدعوة بنحو مختصر إلى ما ذكره النوري من العقائد التي نسبها إلى الإسماعيليّة ، وقد تبنّاه القاضي كما هو ظاهر عبارته ، قال في افتتاح الدعوة - بعد الحمد والثناء - : ولم يخل الأرض من إمام فيها للأمّة ، وقائل بالحق ، وقائم بالحجّة ، وإن تغلّب

ص: 59

فيها المتغلّبون ، واستتر للتقيّة الأئمّة المستحفظون ، وأنّ لهم بكل جزيرة من جزائر الأرض داعياً لهم ، وبكل ناحية من نواحيها دليلاً عليهم (1).

فمصطلح : قائل بالحق ، وقائم بالحجّة ، والاستتار ، والأئمّة المستحفظون ، وداعياً في جزائر الأرض ، ودليلاً عليهم ، هذه مصطلحات اختصّ بها المذهب الإسماعيلي دون غيره ، أي : اختصّ بمجموعها.

فهذا الأمر الذي استدلّ به النوري - أيضاً - لا يفي بالغرض ، ولا يثبت ما ادّعاه.

ص: 60


1- افتتاح الدعوة : 15.
الوجه الرابع الذي استدلّ به النوري

قال في المستدرك : وأمّا رابعاً : فلأنّك تجد في كتب الرجال لكثير من الفرق الباطلة ... ، علماء فقهاء ثقات ، قد أكثروا من التأليف والرواية ، وجمع الأحاديث وتدوينها ، وتلقّوها عنهم أصحابنا بالرواية والقبول ، ولا تجد في جميع الرواة رجلاً إسماعيلياً ، وإن كان ضعيفاً ، فضلاً عن كونه ثقة ، أو فقيهاً ، أو مؤلّفاً ، ومنه يظهر أنّهم كانوا في أوّل الأمر خارجين عن حدود الشرايع ، وحفظ الأخبار ، وروايتها ، وتدوينها ، غير معدودين من الرواة العلماء (1).

فما يريد قوله النوري : إنّ الإسماعيليّة منذ تأسيسها خارجة عن الدين والشريعة الإسلامية ولم يرو عنهم أحد من علمائنا ; لعدم اهتمامهم بعلم الرواية والحديث ، لذلك ليس عندهم هكذا مصنّفات يمكن النقل عنها ، فكيف يعد القاضي النعمان منهم وهو ، راو للأحاديث والأخبار ، وقد نقل عنه العلماء؟!

ص: 61


1- خاتمة المستدرك 1 : 141 ، الفائدة الثانية.
الرد على الوجه الرابع بأمور
الأمر الأوّل :

إنّ عدم رواية باقي المذاهب عن الإسماعيليّة لا يعني عدم وجود رواة عندهم ، فيحتمل عدم رواية غيرهم عنهم لأجل الاختفاء والتستّر الشديد الذي كان يمارسه دعاة الإسماعيليّة.

نعم ، تفرّد باقي المذاهب في النقل عن القاضي النعمان يكشف عن خصوصية فيه غير موجودة في غيره ، ولكن هل هذه الخصوصية هي كونه إمامياً أو أعم؟ فعلى أقل تقدير لا يمكن أنْ نحزر أنّه لأجل إماميته رووا عنه.

هذا مضافاً إلى أنّ الاستدلال بهذا الوجه بحاجة إلى استقراء أمرين بثبوتهما يثبت المطلوب ، الأوّل : استقراء جميع كتب الإسماعيليّة ورواتها ، الثاني : استقراء جميع كتب غيرهم ، حتّى يمكن القول : بعدم نقل بقية المذاهب عن غير القاضي والنعمان ، ولا ندري هل أنّ النوري قام بهذا العمل الشاق أم لا؟

الأمر الثاني :

أنّه توجد عندهم عدّة كتب روائية ، رووها عن الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) والأئمّة ( عليهم السلام ) ، وقد عقد الشيخ إسماعيل المجدوع باباً لذكر كتب الرواية في

ص: 62

فهرسته ، قال : ثمّ يتلوها كتب في الفقه ، وظاهر علم الشريعة ، ممّا رووه حدود الدين عن أئمّة أزمانهم ، وأخذته الأئمّة عن آبائهم واحداً بعد واحد ، صاعداً إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله ، الآخذ عن اللّه تعالى بواسطة الروح الأمين ، النازل على قلبه.

هو أوّل ما يبتدأ به المستجيب لدعوة أولياء اللّه تعالى ، وممّا يجب حفظه ومطالعته وضبطه ومذاكرته في كلّ وقت من الأوقات ، وساعة من الساعات ، ولا ينبغي له التهاون به ، وقلّة الرغبة فيه بعدما بلغ معرفة علم الباطن ، ودرج مدارج الحقيقة به ، يحسن أن يديم النظر فيهما معاً ، وقتاً في هذا ، ووقتاً في هذا ، كما جرت بذلك سنّة اللّه تعالى في الذين خلو من قبل.

ثمّ عدّد المجدوع هذه الكتب كتاباً كتاباً ، وذكر خصوصيّة كل كتاب (1).

فلازم قول النوري أن لا تكون هذه الكتب العديدة للإسماعيلية ، وهو ما لا يلتزم به أحد.

الأمر الثالث :

أنّ الإسماعيليّة اعتمدوا اعتماداً تامّاً على كتب الحديث والرواية للمتقدّمين منهم ، واعتبروها مصادر أساسية لفقههم ، ومن تلك المصادر ، بل أساسها وقوامها كتب القاضي النعمان ، فهي تعتبر مصدراً أساسياً للفقه الإسماعيلي ، منذ زمن القاضي النعمان وإلى يومنا هذا.

نعم ، اعتمادهم على تلك الكتب بشكل مطلق من جهة ، وتركيزهم

ص: 63


1- فهرست المجدوع : 16.

على الباطن والمعاني التأويلية من جهة أخرى أدّى بهم إلى إهمال أمر الرواية ، وتناقل الأخبار ، فقلّة هذه الكتب وقلّة اهتمامهم بتأليفها أمر ملحوظ جدّاً ، ولكن هذا لا يعني عدم إسماعيليّة القاضي النعمان لنقله الأخبار والروايات.

فهذا الوجه الذي استدلّ به النوري كما ترى أيضاً.

ص: 64

الوجه الخامس الذي استدلّ به النوري

قال في المستدرك : وأمّا خامساً فلما أشار إليه (1) في بعض المواضع ، منها ما ذكره في آخر أدعية التعقيب ، ما لفظه : وروينا عن الأئمّة ( عليهم السلام ) أنّهم أمروا بعد ذلك بالتقرّب لعقب كلّ صلاة فريضة ، والتقرّب أن يبسط المصلّي يديه ، إلى أن ذكر الدعاء ، وهو : اللّهم إنّي أتقرّب إليك بمحمّد رسولك ونبيّك ، وبعلي وصيّه وليك ، وبالأئمّة من ولده الطاهرين الحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمّد بن علي ، وجعفر بن محمّد ، ويسمّي الأئمّة إماماً إماماً حتّى يسمّي إمام عصره عليهم السلام ، ثمّ يقول .... إلى آخره.

وغير خفي على المنصف أنّه لو كان إسماعيلياً لذكر بعده إسماعيل ابن جعفر ، ثمّ محمّد بن إسماعيل إلى إمام عصره المنصور باللّه والمهدي باللّه ، ولم يكن له داع إلى الإبهام ، أمّا باطناً فلكونه معتقده ، وأمّا ظاهراً فلموافقته لطريقة خليفة عصره ، وإنّما الإجمال لكونه إمامياً ، لا يمكنه إظهار إمامة الكاظم ومن بعده عليهم السلام ، بل في ذكره الأسامي الشريفة إلى الصادق ( عليه السلام ) ، وعدم إهماله من أوّل الأمر بعد علي ( عليه السلام ) تصريح بذلك لمن له دربة بمزايا الكلام (2).

ص: 65


1- أي : القاضي النعمان.
2- خاتمة المستدرك 1 : 142 ، الفائدة الثانية.
الرد على الوجه الخامس بأمور
الأمر الأوّل :

أنّ عدم ذكر القاضي النعمان اسم إمام زمانه خلاف التقيّة التي كان يعمل بها ، كما هو واضح.

نعم ، يأتي الكلام المتقدّم في الأمر الأوّل في الجواب عن الوجه الأوّل الذي استدلّ به النوري.

الأمر الثاني :

أنّ عدم ذكر القاضي النعمان أسماء الأئمّة البقيّة لا يعني عدم اعتقاده بهم ، فلعلّ عدم ذكره أسماءهم لأمر آخر ، كأن يكون كلامه وتأليفاته تعدّ الخطاب الرسمي للدولة الحاكمة ، فلعلّ الدولة كانت تراعي السواد العام للشيعة الذين اتفقوا على الأئمّة إلى الإمام الصادق ( عليه السلام ) نوعاً ما ، أو لعلّ عدم ذكره أسماء بقيّة الأئمّة لأمر آخر لا نعرفه ، فلا معيّن لما ذهب إليه النوري.

الأمر الثالث :

أنّه قد تقدّم اعتقاد القاضي بإمامة المعز ، وادّعى أنّه إمام العصر ، وقد تقدّمت تصريحاته بهذا الاعتقاد ، وقد تقدّم أيضاً اعتقاده بأنّ المهدي المنتظر قد ظهر ، فهذه أمور كلّها تبيّن كلامه المتقدّم في الدعاء « ويسمّي

ص: 66

الأئمّة إماماً إماماً حتّى يسمّي إمام عصره » فعبارة القاضي النعمان لا تدلّ على ما ادّعاه النوري ، بل مع ضمّ عباراته الأخرى في باقي كتبه يثبت خلاف ما ذهب إليه.

ص: 67

الوجه السادس الذي استدل به النوري
اشارة

قال تحت قوله : أمّا خامساً : ومنها روايته عن ابن أبي عمير ، عن الجواد ( عليه السلام ) - كما تقدّم - ، وكذا عن حذيفة بن منصور ، عن إسماعيل بن جابر ، عن الرضا ( عليه السلام ) (1).

يريد أن يشير بذلك إلى أنّ النعمان روى عن الأئمّة بعد الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وهذا يدلّ على اعتقاده بالأئمّة بعده ( عليهم السلام ).

الرد على الوجه السادس :

أقول : قد تقدّم مفصّلاً الكلام عن هذا المورد تحت عنوان نظرة فاحصة لما استدلّ به النوري ، وقد تبيّن عدم وجود هذا المورد في كتاب الدعائم ، فراجع.

ص: 68


1- خاتمة المستدرك 1 : 142 ، الفائدة الثانية.
الوجه السابع الذي استدلّ به النوري
اشارة

قال تحت نفس الأمر الخامس : ومنها ما رواه في ذكر العقايق : وعن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) أنّه نهى عن أربع كنى - إلى أن قال - وأبي القاسم إذا كان الاسم محمّداً ، نهى عن ذلك سائر الناس ، ورخّص فيه لعلي ( عليه السلام ) ، وقال : « المهدي من ولدي ، يضاهي اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي » (1).

فهو يستدلّ بهذا الحديث الذي نقله القاضي النعمان على موافقته لما موجود عند الإماميّة.

الرد على الوجه السابع :

أقول : قد تقدّم عقيدة القاضي النعمان بالمهدي المنتظر ، وأنّه قد ظهر وحكم ، وقد ألّف القاضي النعمان كتاباً مستقلاًّ في صفات المهدي وظهوره ، وقد تقدّم ذلك تحت عنوان : بعض عقائد القاضي النعمان في بقيّة كتبه ، فراجع.

ونذكّر هنا بما ذكره النعمان في كتابه شرح الأخبار حول الإمام المهدي ، قال - بعد أن ذكر الأحاديث الخاصّة بالمهدي ، وظهوره ،

ص: 69


1- خاتمة المستدرك 1 : 143 ، الفائدة الثانية.

وعلائمه - : وكذا كان المهدي ( عليه السلام ) ، لمّا فشت دعوته بالشرق ، وكثرت دعاته ، وبنو أخيه ، والمستجيبون لهم ، نقم الأعداء عليه ، فطلبوه ، واتّصل الخبر به ، فخرج من بني أهله ، وأسلم أمواله ، طريداً لخوفهم ، شريداً لما اتّقاه منهم ، فريداً لا صاحب له في هجرته ، ولا أنيس له من وحدته ، غير ولي الأمر من بعده ، وهو حينئذ طفل صغير ، لم ينتصر من أمره إلاّ عليه ; ليؤدّي أمانة اللّه عزّ وجلّ إليه ، وكان همّه واشتغاله به أكثر من همّه واشتغاله بنفسه ، وكان سبيله في ذلك سبيل جدّه رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ; إذ خرج من مكّة خوفاً من المشركين لمّا اجتمعوا على قتله ، وآلى اللّه إلاّ نجاتهما ، وظهورهما على من ناواهما ، وإظهار دينه بهما ، وعلى أيديهما ، ولو كره الكافرون (1).

ص: 70


1- شرح الأخبار 3 : 368.
الوجه الثامن الذي استدلّ به النوري
اشارة

قال تحت الأمر الخامس أيضاً : ومنها مطابقة كثير من متون أخباره (1) لما في الجعفريات ، بحيث تطمئنّ النفس أخذها منها ، وقد عرفت أنّ سند أخبارها ينتهي إلى موسى بن جعفر عليهما السلام (2).

الرد على الوجه الثامن بأمرين :
الأمر الأوّل :

أنّ اطمئنان النفس الذي ادّعاه غير حاصل ; لأنّ مجرد المشابهة والمطابقة في بعضها لما موجود في الجعفريات لا يكفي لحصول الاطمئنان بأنّها منها ، فتبقى قضيّة أخذ أخباره من الجعفريات دعوى بلا دليل ، ومجرّد الاحتمال لا يورث أكثر من الاحتمال ، والاحتمال حاله في الاستدلال كما ترى.

الأمر الثاني :

أنّ كتاب الجعفريات يرويه إسماعيل ، عن أبيه موسى ( عليه السلام ) ، عن الإمام

ص: 71


1- أي : دعائم الإسلام.
2- خاتمة المستدرك 1 : 143.

جعفر الصادق ( عليه السلام ) ، وأكثر أحاديثه تستمرّ إلى الإمام علي ( عليه السلام ) ، فالقاضي النعمان لم يرو عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، فلعل القاضي النعمان اعتبر الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) راو لا أكثر ، نعم الرواية عن الإمام الكاظم من دون تسلسلها عن بقيّة الأئمّة يمكن أن يصلح قرينة على ما يريد النوري ، ولكن الأمر ليس كذلك.

نتيجة ما تقدّم :

قال النوري بعد أنْ عرض أدلّته المتقدّمة : ومن ذلك كلّه ظهر أنّ ما ذكره صاحب المقابس من النظر فيما ذكره السروي في محلّه ، وأنّ احتمال كونه من الإسماعيليّة بمكان من الوهن (1).

أقول : بعد ما تقدّم عرض الأدلّة والشواهد ونقاشها ، قد عرفت أنّ عدم القول بإسماعيليّته ، والقول بإماميّته أوهن بكثير.

ص: 72


1- خاتمة المستدرك 1 : 143 ، الفائدة الثانية.
جواب النوري عن الإشكالات على القاضي النعمان
اشارة

تطرّق النوري إلى بعض الإشكالات على القاضي النعمان ، والتي تؤيّد عدم إماميّته ، ثمّ ناقشها ، نستعرضها ، ثمّ نرى مدى تماميّة جواب النوري عنها.

الإشكال الأوّل :

قال في المستدرك : الرابع ، فيما ذكره صاحب المقابس ، وهو قوله : إلاّ أنّه مع ذلك خالف فيه (1) الأصحاب في جملة من الأحكام المعلومة عندهم ، بل بعض ضروريات مذهبهم كحلّيّة المتعة ... إلى آخره ، قلت : ما ذكره حق ، فقد خالف القوم في جملة من المواضع في فروع الأحكام ، إلاّ أنّه معذور في ذلك من وجوه :

الأوّل :

أنّه لم يخالف في موضع منها إلاّ لما ساقه الدليل من ظاهر كتاب أو سنّة.

ص: 73


1- أي : كتاب دعائم الإسلام.
الثاني :

أنّه لم تكن الأحكام في تلك الأعصار بين فقهاء أصحابنا منقّحة متميّزة ، يتبيّن لكل أحد المجمع عليه من غيره ، والمشهور منها عمّا سواه.

الثالث :

أنّه ما خالف في فرع غالباً إلاّ ومعه موافق معروف ، ولولا خوف الإطالة لذكرنا نبذة من ذلك ، نعم في مسألة المتعة لا موافق له ، إلاّ أنّ بعد التأمّل ظهر لي أنّه ذكر ذلك على غير وجه الاعتقاد ، وإن استند للحرمة إلى أخبار رواها تقيّة ، أو تحبّباً إلى أهل بلاده ، فإنّها عندهم من المنكرات العظيمة ، والشاهد على ذلك - مضافاً إلى بعد خفاء حلّيّتها عند الإمامية عليه - أنّه ذكر في كتاب الطلاق في باب إحلال المطلّقة ثلاثاً ما لفظه : وعنه - يعني جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) - أنّه قال : « من طلّق امرأته ( أي ثلاثا ) فتزوّجت تزويج متعة ، لم يحلّها ذلك له » ولولا جوازها ، وعدم كونها الزنا المحض ، لم يكن ليوردها في مقام ما اختاره من الأحكام الثابتة عنهم ، بالأثر الصحيح ، وهذا ظاهر والحمد لله ، ومثله ما ذكره في باب ذكر الحدّ في الزنا ، ما لفظه : وعن علي صلوات اللّه عليه « ولا يكون الإحصان بنكاح المتعة » ودلالته على ما ادّعيناه أوضح.

الرابع :

بعد محلّ إقامته عن مجمع العلماء والمحدّثين ... (1).

ص: 74


1- خاتمة المستدرك 1 : 143 - 146 ، الفائدة الثانية.
الرد على جوابه عن الإشكال الأول بأمور
الأمر الأوّل :

أنّ الأوجه التي ذكرها كلّها يرد عليها ما خالف به القاضي النعمان الأحكام المسلّمة ، والضرورية عند المذهب ، فلا ينفعه الجواب : أنّ القاضي النعمان لم يكن يعلم بها ; لأنّه يكون قد أفتى في حال جهله ، أو يكون عالماً بخلافها ، وهو يثبت عدم إماميّته.

الأمر الثاني :

وأمّا الوجوه التي ذكرها في تخريجه لقضيّة تحريم المتعة ، فهي وجوه فيها تكلّف شديد ، ويبعد استظهارها ، مع أنّ النوري أضاف كلمة ( أي : ثلاثاً ) فإنّ المصدر لم يقيّد هذه المسألة بهذا القيد ، وعليه سوف تفقد الفقرة معناها المتوقّع منها ، وعليه فلا يصحّ الاستدلال بها على مثل هذا الأمر.

الأمر الثالث :

أنّ بعض الأوجه التي ذكرها تخالف الوجه الثالث ، فإنّه قال : إنّ الأحكام لم تكن منقّحة وواضحة ، وأنّه كان بعيداً عن مجمع العلماء ، وقال في الرد الثالث « مضافاً إلى بعد خفاء حلّيّتها عند الإمامية عليه » ، فقد تضاربت الردود.

ص: 75

قال السيّد الخوئي في المعجم : إنّ كتاب دعائم الإسلام فيه من الفروع على خلاف مذهب الإمامية ، قد ذكر جملة منها في ذيل محاضراتنا في الفقه الجعفري ، ومع ذلك فقد بالغ شيخنا المحدّث النوري ( قدس سره ) في اعتبار الرجل ، وأنّه كان من الإمامية المحقّة ، فهو لم يثبت (1).

ص: 76


1- معجم رجال الحديث 20 : 185.
الإشكال الثاني :

قال النوري في دفعه لإشكال مقدّر ، وهو أنّه لماذا لم ينقل الحر العاملي عن القاضي النعمان في الوسائل؟ فإنّ هذا إشارة واضحة على عدم اعتقاد الحر العاملي بإماميّته.

قال : وأمّا صاحب الوسائل فلم يعلم أنّ عدم نقله من الدعائم لعدم اعتماده عليه ، بل الظاهر أنّه لعدم عثوره عليه ، فإنّه قال في آخر كتاب الهداية - وهو مختصر الوسائل - في ذكر الكتب التي لم ينقل عنها ، أمّا لقلّة ما فيها من النصوص ، وعدّ منها جملة ، أو لعدم ثبوت الاعتماد عليها ، وعدّ منها فقه الرضا وطبّه ( عليه السلام ) ، أو ثبوت عدم اعتباره ، وعدّ منها مصباح الشريعة ، وقال في الأمل : وعندنا أيضاً كتب لا نعرف مؤلّفيها ، وعدّ منها عشرة ، وليس لهذا الكتاب ذكر في الموضعين ، ومن البعيد أنّه كان عنده ولم يشر إليه ; لأنّه إن عرف صاحبه ، وأنّه هو القاضي نعمان ، فقد مدحه في أمله ، فينبغي ذكره فيما اعتمد عليه ، ونقل عنه (1).

ص: 77


1- خاتمة المستدرك 1 : 146 ، الفائدة الثانية.
الرد على جوابه عن الإشكال الثاني بأمرين
الأمر الأوّل :

أنّ صاحب الوسائل عندما ذكر الكتب التي لم ينقل عنها ; لعدم اعتماده عليها لم يذكرها كلّها ، بل ذكر البعض بقرينة قوله « منها » الدال على التبعيض ، أو لا أقلّ أنّه لا توجد قرينة على أنّه ذكرها كلها ، فلعلّ هذا كان عنده ، ولم يذكره مع البعض الذي لم يذكره.

الأمر الثاني :

أنّ المدح للقاضي النعمان في كتاب الأمل ليس للحر العاملي ، بل هو نقل عبارة ابن خلّكان لا غير ، وقد أشار إلى هذا في نهاية الترجمة ، كما تقدّم بيان هذا.

ثمّ ذكر النوري بعض العلماء الذين استظهر من كلماتهم اعتقادهم بإماميّة القاضي النعمان ، ولكن كيف كان فإنّ مجرّد الدعوى لا تنفي ولا تثبت شيئاً ، ومن أراد أن يثبت فعليه إقامة الدليل ، وقد جهد النوري نفسه لإثبات هذا الأمر ، ولكن قد تقدّم ضعف الوجوه التي ذكرها جدّاً.

ثمّ ذكر النوري كلام صاحب الروضات المتقدّم ونفيه لإماميّة القاضي النعمان ، وناقشه بوجوه لا يخفى على المطّلع ضعفها ، والتكلّف الواضح فيها ، لذلك لم نذكرها ، ولم نطل الكلام عنها.

ص: 78

إشكال وجواب :

نعم ، يبقى إشكال ، وهو أنّه قد أثبتنا معتقدات القاضي النعمان التي تثبت إسماعيليّته من خلال كتبه الأخرى غير الدعائم ، والنوري أثبت إماميّته من خلال هذا الكتاب ، فلعلّ هذه الكتب لم تثبت للقاضي النعمان ، أو لعلّ النوري بالخصوص يعتقد بعدم ثبوت تلك الكتب للقاضي النعمان ، فلا يتمّ ما ذكرناه من الاستدلالات والنقوض.

الجواب بأمرين :
الأمر الأوّل :

أنّ بعض العقائد التي اثبتناها للقاضي النعمان ، والتي تثبت إسماعيليّته نقلناها عن كتاب شرح الأخبار ، وهذا الكتاب قد أثبته النوري للقاضي النعمان ، كما نصّ على ذلك في مستدركه (1).

الأمر الثاني :

أنّ أكثر كتب القاضي النعمان ، لا سيّما الكتب التي نقلنا عنها ، ثابتة له بنفس الطرق والمصادر التي أثبتت له كتاب دعائم الإسلام ، فإذا أثبت النوري كتاب دعائم الإسلام له فبقيّة الكتب أيضاً تثبت ، وإن نفاه عنه فلا كثير فائدة من إثبات إماميّة القاضي النعمان أو إسماعيليّته ، أولا يمكن ذلك أصلا ، أمّا عدم الفائدة فلأنّه سوف لا يثبت له أيّ تأليف ، وتبقى قضية إسماعيليته أو إماميّته قضية تاريخية شخصيّة ، وهي كما ترى ، وأمّا أنّه لا يمكن وذلك فلأنّ الاعتماد الكبير في إثبات عقيدة الشخص هو تتبّع مؤلّفاته

ص: 79


1- خاتمة المستدرك 1 : 160 ، الفائدة الثانية.

ومصنّفاته ، فإذا لم تثبت سوف ينسدّ الطريق من هذه الجهة ، ولا يبقى دليل لإثبات عقيدته إلاّ نصوص الرجاليين والمؤرّخين ، وقد تقدّم نقلها ، والظاهر منها إسماعيليّته ، كما لا يخفى على من راجع النصوص.

النتيجة النهائية :

يُستنتج من مجموع ما تقدّم عدم ثبوت إماميّة القاضي النعمان ظاهراً ، بل الظاهر إسماعيليّته.

ص: 80

أقوال الإسماعيليّة في القاضي النعمان

قال عنه الخليفة الفاطمي المعز لدين اللّه ( ت 365 ه- ) : من يؤدّي جزء ممّا أدّاه النعمان أضمن له الجنّة بجوار ربّه (1).

وعبّر عنه إبراهيم بن الحسن الحامدي ( ت 557 ه- ) في كنز الولد بسيّدنا ، قال - بعد أن نقل قولاً - : كما ذكر ذلك سيّدنا النعمان (2).

قال الداعي الإسماعيلي الشهير إدريس عماد الدين ( ت 872 ه- ) : إنّ النعمان كان في مكانة رفيعة جدّاً ، قريبة من الأئمّة ، وأنّه كان دعامة من دعائم الدعوة (3).

قال الكاتب الإسماعيلي المعاصر عارف تامر في كتابه الإمامة في الإسلام - عند كلامه عن الخليفة المعز لدين اللّه - : قاضي قضاته هو النعمان بن حيون ، صاحب الكتب والمؤلّفات الفاطمية العديدة في الفقه والفلسفة ، والتي نصّ (4) عليه الإمام المعز بعضها (5).

ص: 81


1- شرح الأخبار 1 : 18 ، عن أعلام الإسماعيليّة : 59.
2- كنز الولد : 187 ، الباب العاشر.
3- اختلاف أصول المذاهب : 13 ، مقدّمة المحقّق ، عن عيون الأخبار 6 : 41.
4- أي : أملاها عليه.
5- الإمامة في الإسلام : 181.

وقال في مقدّمة كتاب افتتاح الدعوة للقاضي النعمان : فالنعمان تعتبر أقواله صادقة ومقدّسة بالنسبة للإسماعيليّين ; لأنّها مستقاة من مصادر وينابيع كان للنعمان فيها حضور ، ويكفيه فخراً أنّه استلهمها من أربعة أئمّة فاطميين معصومين ، أوّلهم : المهدي ، في الأعوام التسعة الأخيرة من حكمه ، وثانيهم : القائم بأمر اللّه الخليفة الفاطمي الثاني ، وثالثهم : المنصور باللّه ، ورابعهم : الإمام المعز لدين اللّه الذي أناط به رتبة داعي الدعاة وقاضي القضاة (1).

وقال الكاتب الإسماعيلي المعروف - مصطفى غالب - في مقدّمة كتاب اختلاف أصول المذاهب للقاضي النعمان في حديثه عن القاضي النعمان : كان من أشهر فقهاء المذهب الفاطمي ، ومن أكثرهم تصنيفاً وتأليفاً حتّى أنّ مؤلّفاته اعتبرت من الأسس التي بنى عليها من جاء بعده من علماء المذهب الإسماعيلي ، ولا تزال كتبه حتّى اليوم من أبرز وأشهر وأعمق المؤلّفات الإسماعيليّة المذهبية.

ثمّ قال : ولا صحّة لما قيل بأنّه كان مالكي المذهب ، كما وأنّنا نؤكّد بأنّه ولد من أبوين إسماعيليين ، تثقّف الثقافة المذهبيّة على أبيه الذي كان بدوره - كما قلنا - من كبار دعاة الإسماعيليّة في دور التقيّة والستر (2).

فتبيّن من خلال جميع ما تقدّم أنّه لا يوجد دليل يمكن التعويل عليه لإثبات إماميّة القاضي النعمان ، بل الأمر على العكس تماماً فإنّه توجد عدّة شواهد وقرائن تثبت إسماعيليّة القاضي النعمان ظاهراً (3).

ص: 82


1- افتتاح الدعوة : 6 ، مقدّمة المحقّق.
2- اختلاف أصول المذاهب : 9 - 10 ، مقدّمة المحقّق.
3- 3 - وانظر في ترجمته أيضاً : مقدّمة كتاب المجالس والمسايرات ، مقدّمة كتاب والمثالب ، الأعلام للزركلي 8 : 41 ، الذريعة 1 : 60 ، 11 : 98 ، 1 : 360 ،13 : 66 ، 8 : 197 ، 22 : 336 ، هدية العارفين 2 : 495 ، مقدمة كتاب دعائم الإسلام ، معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة 13 : 107 ، تاريخ الإسلام للذهبي 26 : 316 ، أعيان الشيعة 10 : 24 ، الكنی والألقاب 1 : 57 ، 2 : 287.

ص: 83

كتاب : شرح الأخبار
اشارة

قال القاضي النعمان في مقدّمة كتابه هذا : آثرت من الأخبار ، وجمعت من الآثار في فضل الأئمّة الأبرار حسب ما وجدته ، وغاية ما أمكنني واستطعته ، فصحّحت من ذلك ما بسطته في كتابي هذا ، وألّفته بأن عرضته على وليّ الأمر ، وصاحب الزمان والعصر ، مولاي الإمام المعز لدين اللّه ، أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، وعلى سلفه وخلفه ، أثبتّ منه ما أثبته ، وصحّ عنده وعرفه ، وآثره من آبائه الطاهرين ، وأجاز لي سماعه منه (1).

نسبه إليه ابن شهر آشوب في معالم العلماء ، قال : وكتبه حسان ، منها : شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار (2).

وكذا نسبه إليه في المناقب (3).

ونسبه إليه الشيخ النوري في خاتمة المستدرك ، قال : كتاب شرح الأخبار للقاضي النعمان المذكور أيضاً ، وهو مقصور في الفضائل والمناقب ، وشطر من المثالب.

ثمّ قال : عثرنا بحمد اللّه تعالى على نسخة عتيقة منه ، إلاّ أنّه ناقص من أوّله وآخره (4).

ص: 84


1- شرح الأخبار 1 : 88 ، مقدّمة المؤلّف.
2- معالم العلماء : 126 [ 853 ].
3- مناقب آل أبي طالب 2 : 185.
4- خاتمة المستدرك 1 : 160 ، الفائدة الثانية.

ونسبه إليه الشيخ عبّاس القمّي في الكنى والألقاب (1) ، وإسماعيل باشا البغدادي في هدية العارفين (2) ، وخير الدين الزركلي في الأعلام (3).

قال العلاّمة في الذريعة : شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار للقاضي أبي حنيفة نعمان بن محمّد بن منصور المصري الشيعي ، صاحب ( دعائم الإسلام ) المتوفّى سنة 363 ه- ، كانت نسخة منه في مكتبة الميرزا حسين النوري في النجف ... ، وهو غير ( شرح كتاب الأخبار ) في الفقه المختصر من الدعائم كما ذكرناه في ج1 ص310 ، بل هذا في الفضائل (4).

هذا وقد اتفقت المصادر على أنّ شرح الأخبار للقاضي النعمان ، ولكن الأفندي شكّك في ذلك ، قال في الرياض : ثمّ إنّه قد نسب ابن شهر آشوب في بعض مواضع المناقب إلى القاضي النعمان كتاب شرح الأخبار ، وينقل فيه عنه ، وقد صرّح بذلك في معالم العلماء أيضاً ، ولكن الحق عندي أنّ ذلك سهو منه ( قدس سره ) فإنّ ابن شهر آشوب قد صرّح في مواضع أخر من مناقبه المذكور بأنّ شرح الأخبار من مؤلّفات ابن فياض من أصحابنا ، وأغرب منه أنّه قد عدّ هو نفسه هذا الكتاب في معالم العلماء المذكور في الكتب التي لم يعلم مؤلّفها ، فتدبّر (5).

ولكن يرد على كلام الأفندي أمور :
الأمر الأوّل :

أنّ الأفندي اعترف بأنّ ابن شهر آشوب تارة نسبه لابن فياض ،

ص: 85


1- الكنى والألقاب 2 : 287.
2- هدية العارفين 2 : 495.
3- الأعلام 8 : 48.
4- الذريعة 13 : 66.
5- رياض العلماء 5 : 275.

وأخرى نسبه للقاضي النعمان ، فلماذا رجّح صاحب الرياض النسبة لابن فياض مع أنّ الناسب واحد ، والكتاب المنسوب واحد؟!

الأمر الثاني :

أنّ من يراجع كتاب معالم العلماء يجد العبارة - التي نقلناها عن المعالم - واضحة في أنّ ابن شهر آشوب كان يعتقد باتحاد ابن فياض مع القاضي النعمان ، ومع الاتحاد يرتفع الإشكال من الأساس.

الأمر الثالث :

أنّ ما ادّعاه الأفندي أخيراً من أنّ ابن شهر آشوب عدّ كتاب شرح الأخبار من الكتب التي لا يعلم مؤلّفها ، هذه الدعوة غير موجودة في كتاب معالم العلماء المطبوع ، فلم يذكر ابن شهر آشوب كتاب شرح الأخبار في فصل الكتب التي لا يعلم مؤلّفها (1).

قال النوري ( ت 1320 ه- ) - بعد أن أثبت نسبة الكتاب للقاضي النعمان - : ومن الغريب بعد ذلك ما في رياض العلماء ، قال : وقد نسب ابن شهر آشوب في بعض المواضع ... ، إلى آخر العبارة المتقدّمة التي نقلناها عن الرياض.

ثمّ قال النوري : ولكنّه رحمه اللّه استدرك بخطّه في حاشية الكتاب فقال : ولكن يظهر من نسخ المعالم أنّ ابن فياض هو القاضي النعمان ، فتأمّل ولاحظ (2).

ص: 86


1- انظر : معالم العلماء : 145 ، فصل : فيما جهل مصنّفه.
2- خاتمة المستدرك 1 : 161 ، الفائدة الثانية.

قال محقّق كتاب المستدرك في الهامش : علماً أنّ نسخة الرياض المطبوعة خالية منه (1).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في فهرسته : كتاب شرح الأخبار في فضل الأئمّة الأطهار لسيدنا الداعي الأجل النعمان بن محمّد ( قس ) وهو ستّة عشر جزءاً ، قال في ابتداء الكتاب : [ قال القاضي ... ] هذا قوله ، بيّن فيه من أين أتى بما أتى به ، وكيف صحّحه ، ولِمَ سمّي كتابه بما سمّي به ، وكيف جمع ما جمع فيه وألّفه.

فأوّل ما في الجزء الأوّل من هذا الكتاب قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « أنا مدينة العلم وعلي بابها » ، ثُمّ تابع هذا القول بعينه كما أتى عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) في مواضع شتّى وروايات متفرّقة ممّا تزيد ألفاظه وتنقص ، ومعناه واحد ، ثُمّ أخذ في شرحه ، وتثبيته ، والاحتجاج عليه ممّا يتلوه من أمثاله .. ، ثُمّ بعد القول المذكور قوله : « عليّ مني وأنا منه » ثُمّ قوله : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى » ثُمّ قوله : « من كنت مولاه فعلي مولاه » وفيه بيان ولايته ( عليه السلام ) ، وأمر غدير خمّ ... ، ثُمّ ذكر نصّ النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) على عليّ بالوصية والخلافة وأمرة المؤمنين ، وشيء من الاحتجاج على مخالفيه ، ثُمّ الإخبار بأنّ عليّاً ( عليه السلام ) أحبّ الخلق إلى اللّه تعالى ، وإلى رسوله ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) وخير الخلق والبشر ، وأنّه لا يحبّه إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق ، وغير ذلك مما هو في معناه.

وفي ابتداء الجزء الثاني منه بيان سبق علي ( عليه السلام ) إلى الإسلام ، وخديجة ، وما هو في معناه ، ثُمّ ذكر إيخاء النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) بينه وبين

ص: 87


1- خاتمة المستدرك 1 : 162 ، هامش رقم (1).

عليّ ( عليه السلام ) ، ثُمّ ما جاء النص به في تفضيل عليّ باسمه ، ثُمّ ذكر ما جاء من الأمر بطاعة عليّ ( عليه السلام ) والنهي عن مفارقته ، ثمّ ذكر الأمر بولاية علي ( عليه السلام ) وولاية الأئمّة من ذرّيّته.

ثمّ الجزء الثالث منه في جهاد علي ( عليه السلام ) مع رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) في كُلّ غزواته ، وخدمته له ، وشيء من الاحتجاج فيه.

ثمّ الجزء الرابع في جهاده ( عليه السلام ) جموع الناكثين والقاسطين والمارقين. ثمّ الجزء الخامس في بقيّة أخبار القاسطين ، وتمام أمر المارقين ، وفيه بعض نكت من الاحتجاج على من حارب علياً ( عليه السلام ) ومن خذله.

ثمّ الجزء السادس في تمام الاحتجاج المذكور ، وفيه نكت وجوامع من أخبار معاوية لعنه اللّه وسلفه وخلفه ، تبيّن عن سوء اعتقادهم ، وما كانوا عليه.

ثمّ الجزء السابع في مناقب علي ( عليه السلام ) وفضائله وسوالفه ، والرد على الحشوية فيما يروونه بزعمهم من فضائل أبي بكر وعمر وغير ذلك من أشباهه.

ثمّ الجزء الثامن منه في ابتدائه بيان ما جاء في الأمر بطاعة علي ( عليه السلام ) ، واتّباعه ، والكون معه ، ثُمّ ذكر ما أسرّه وعهده رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) إليه ، ثُمّ أخبار دعاء النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، ثُمّ بيان علم عليّ ( عليه السلام ) ، وما ذكر من أحكامه وقضاياه ، وأمر النبيّ بردّ ما اختلفوا فيه إليه.

في ابتداء الجزء التاسع منه ذكر ما نزل من الوحي والقرآن في علي ، وولاية الأئمّة من ذرّيّته ، ثمّ مناقب ومآثر له من وجوه شتّى.

ص: 88

وفي ابتداء الجزء العاشر منه ذكر مصابه وصفاته وكيفيّته ، ثمّ أخبار شهادة الرسول له بالجنّة ، وذكر ماله في الآخرة ، ثمّ ما جاء من الأخبار مجملاً في ذكر أهل بيت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ).

ثمّ الجزء الحادي عشر منه فيه تمام ما جاء من الأخبار مجملاً في ذكر أهل بيته ، ثمّ ذكر فضيلة خديجة بنت خويلد زوجة النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، ثمّ ذكر فضل فاطمة ( عليها السلام ) بنت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، ثمّ ذكر ما جاء في فضل الحسن والحسين ( عليهما السلام ).

ثمّ الجزء الثاني عشر فيه تمام فضائل الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، ثمّ ذكر ما ارتكب به الحسن ( عليه السلام ) إلى أن سمّ فمات مسموماً ، ثمّ ذكر ما ارتكبوه من الحسين ( عليه السلام ).

في ابتداء الجزء الثالث عشر منه ذكر من قتل مع الحسين ( عليه السلام ) من أهل بيته ، ثمّ ذكر فضائل أهل بيت علي ( عليهم السلام ) ، ثمّ ذكر فضائل الأئمّة من ولد الحسين ( عليه السلام ) إلى أبي جعفر محمّد بن علي.

وفي ابتداء الجزء الرابع عشر منه ذكر مولانا جعفر بن محمّد ، وما كان من أمر الشيعة وحماقتهم ، وذكر مولانا إسماعيل بن جعفر ( عليه السلام ) ، ومحمّد بن إسماعيل ، والأئمّة المستورين ، وما كان في عصر كل واحد منهم من أمر متغلّبيهم ، وما آلت إليه عاقبة أمورهم ، ثمّ ذكر معالم المهدي ( عليه السلام ).

وفي ابتداء الجزء الخامس عشر منه تمام ذكر معالمه وبشاراته ، ثمّ ذكر آياته ( عليه السلام ).

ثمّ الجزء السادس عشر منه في صفات شيعة علي ( عليه السلام ) وأولاده ، وما

ص: 89

أعدّه اللّه لهم في الآخرة من الكرامة ، وذكر وصاياهم لهم ...

فهذه فهرسة أجزاء الكتاب بتمامها ، وهو كتاب شريف فاضل منيف ، قلّ ما يوجد في خزانة الدعوة الهادية مثله ; لاستيعابه جميع أقسام الفضل ووجوهه لأولياء اللّه وأوليائهم مع التبيين والشرح فيما أشكل على الواقف من الأخبار والآثار والاحتجاجات في أثنائها ، وغير ذلك مما ذكرنا فيه (1).

قال السيّد الجلالي في مقدّمة الكتاب : واسمه الكامل « شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار » وقد استعرض فيه النعمان النقاط الهامّة في حياة أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) إلى الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) ، وتوسّع في ما يتعلّق بفضائل الإمام علي ( عليه السلام ) ، وردّ شبهات المخالفين ، ثمّ انتصر فيه للإسماعيلية.

ثمّ ذكر السيّد الجلالي تحت عنوان « نسخ الكتاب » نسخاً كثيرة لهذا الكتاب (2).

ص: 90


1- فهرست المجدوع : 69 - 72.
2- شرح الأخبار 1 : 71 - 76 ، مقدّمة السيّد محمّد حسين الجلالي.

ص: 91

(2) اختلاف أصول المذاهب

الحديث :

الأوّل : قال : وقال النبي الناطق ، والرسول الصادق : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض » (1).

الثاني : قال : وفي آيات كثيرة يذمّ فيها من قلّد من لم يؤمر بتقليده ، ويؤمر باتّباع من لم يؤمر بتقليده ، ويأمر باتّباع من أمر اللّه باتّباعه ، وقد رويناه عن ابن عمر أنّه قال : سمعت رسول اللّه يقول : « العلي في ثلاثة : آية محكمة ، وفريضة عادلة ، وسنّة قائمة ، وما سوى ذلك فهو ضلال » وقال : « تركت فيكم أمرين لن يضلّوا ما إن تمسّكوا بهما ، كتاب اللّه وسنتّي ، وإنّي أخاف على أمّتي من بعدي من أعمال ثلاثة : من حكم جائر ، وزلّة عالم ، وهوى متّبع ».

وهذه هي روايتهم ، وفيها أكبر الحجّة ، على من قلّد أسلافهم منهم ، وأمّا الثابت من الرواية الصحيحة أنّ النبي ، قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، كهاتين » وجمع بين اصبعيه المسبحتين من يديه ، وقرنهما وساوى بينهما ، وقال : « ولا أقول كهاتين » ، وقرن بين اصبعيه الوسطى والمسبحة من يده

ص: 92


1- اختلاف أصول المذاهب : 49.

اليمنى ; « لأنّ إحداهما تسبق الأخرى ، ألا وإنّ مثلهما فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تركها غرق » (1).

الثالث : قال : ويكون الصاحب في ذلك نعتاً ، ويجري مجرى الاسم ، فيكون على هذا قوله : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم » يعني به : الأئمّة من أهل بيته ، فهم القدوة الذين يهتدي بهم المهتدون ، الذين خبّر عنهم بأنّهم وكتاب اللّه الثقلان « لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (2).

الرابع : قال : فإن قال قائل : أنتم تأخذون عن أئمّتكم ما لا تجدون في كتاب اللّه عزّ وجلّ نصّه ، ولا في سنّة رسوله بيانه ، وأخذكم عنهم تقليداً منكم لهم ، فلم تنكرون التقليد على غيركم؟

قلنا لهم : بئس ما تأوّلتم ومثّلتم ، تهتم ، أنّنا لم نقلّد أئّمتنا من قبل أنفسنا كما قلّدتمّ أنتم من اتّبعتموه ، وقلّدتموه من أسلافكم ، قبل أنفسكم ، وهم يدفعون تقليدكم ، ولكن امتثلنا في الرد إليهم فيما جهلناه ، ولم نعلمه لقول اللّه : ( ... ) ، وقول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا » (3).

ص: 93


1- اختلاف أصول المذاهب : 58.
2- اختلاف أصول المذاهب : 64.
3- اختلاف أصول المذاهب : 70.
كتاب : اختلاف أصول المذاهب

قال القاضي النعمان في مفتتح كتابه هذا - بعد الحمد والصلاة - : أمّا بعد ، فإنّي رأيت أهل القبلة بعد اتّفاقهم على ظاهر نصّ القرآن ، وتصديق الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) قد اختلفوا في الفتوى في كثير من الفروع ، وفي بعض الأصول ، وفي وجوه كثيرة من التأويل ، وذهبوا في ذلك مذاهب ، وتفرّقوا فرقاً ، وتحزّبوا أحزاباً ، بعد أن سمعوا قول اللّه تعالى وتلوه : ( أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ) (1) وقوله : ... ، فذمّ جلّ ثناؤه التفريق والاختلاف ، ودعا إلى الاجتماع والائتلاف ، وأمر بذلك ، وحضّ عليه في إقامة الدين ، ونهى عن التفريق فيه ، وقد رأيت ، وباللّه أستعين ، وعليه أتوكّل ، وعلى تأييد وليّه وإرشاده ومواده أعوّل ، وإيّاه لفاقتي أسترشد وأستعد ، ومن زواخر بحره أغترف واستمد ، بأن أبسط في هذا الكتاب ، وأبدأ فيه بعلّة اختلافهم ، والذي دعاهم إليه وحملهم عليه ، وسببهم فيه ، وأتلوه بذكر جملة أقوالهم ، وما أحلّوه لنفسهم ، وبيان فساده عليهم ، وأشفعه بذكر أهل الحقّ فيما اختلفوا فيه ، وإيضاحه وبيانه ، والشواهد له ، والدلائل عليه ، ثُمّ أذكر بعد ذلك قول كُلّ فرقة واحتجاجها بما قالته ، والرد عليه فيما فارقت فيه الحق في ذلك بحسب ما أخذناه عن أئمّتنا عليهم الصلاة والسلام (2).

ص: 94


1- سورة الشورى : 13.
2- اختلاف أصول المذاهب : 29 - 30.

جاء في أوّل مخطوطة هذا الكتاب : قال قاضي القضاة النعمان عبد العزيز بن محمّد بن النعمان ، رويت هذا الكتاب ، وهو « اختلاف أصول المذاهب والردّ على من خالف الحق فيها » ، عن أبي القاضي محمّد بن النعمان ، رضي اللّه عنه وأرضاه ، ورواه أبي عن أبيه القاضي النعمان بن محمّد بن أحمد بن منصور بن حيون التميمي ، رضي اللّه عنه وأرضاه ، وأكرم منقلبه ومثواه ، مصنّف هذا الكتاب ، بعد عرضه إيّاه على مولانا وسيدنا الإمام المعز لدين اللّه أمير المؤمنين ، وعلى آبائه الطاهرين ، وأبنائه الأكرمين ، وأجازه له ، ومكان تصنيفه ، وروايته له ولولده من بعد ، بعد عرض كل راو منهم له على إمام زمانه ، واستئذانه إيّاه في روايته عنه ، فأجاز مولانا العزيز باللّه لوالدي محمّد بن النعمان قاضيه إجازة ثانية ، فعرضت ذلك على مولانا الإمام الحاكم بأمر اللّه ، إمام العصر ، فأجاز لي روايته ، وأطلق إليّ إملاءه على عبيده ، ووقّع على ظهره توقيعاً معظّماً بخطّ يده الغالية : « أجزنا سماع هذا الكتاب وإملاءه لقاضينا عبد العزيز بن محمّد بن النعمان ، والحمد لله ربّ العالمين » (1).

ونسبه القاضي النعمان إلى نفسه في كتابه شرح الأخبار (2).

ونسبه إليه ابن شهر آشوب في معالم العلماء تحت عنوان « أصول المذاهب » (3).

ونسبه إليه أيضاً : المختار المسبحي في تاريخه ، كما عن ابن خلّكان (4).

ص: 95


1- اختلاف أصول المذاهب : 27 - 28.
2- شرح الأخبار 3 : 318.
3- معالم العلماء : 126.
4- 4 - وفيات الأعيان 4 : 586 ، حرف النون ، الوافي بالوفيات 27 : 95 ، تاريخ الإسلام للذهبي 26 : 316، وفيات سنة 363ه-.

ونسبه إليه السيّد الأمين في أعيان الشيعة (1) ، والحاجي خليفة في كشف الظنون (2) ، والزركلي في الأعلام (3) ، والبغدادي في معجم المؤلّفين (4).

ونسبه إليه الطهراني في الذريعة ، واحتمل أن يكون اختلاف أصول المذاهب هو نفسه اختلاف الفقهاء (5).

وعلّق على هذا السيّد الجلالي في مقدّمة كتاب شرح الأخبار ، قال : وقد أصاب شيخنا العلاّمة رحمه اللّه في كون المراد به كتاب اختلاف الفقهاء الذي ذكره ابن خلّكان (6).

قال محقّق الكتاب مصطفى غالب في المقدمة : وكتاب اختلاف أصول المذاهب الذي نضعه الآن بين أيدي الباحثين هو أحد مؤلّفات القاضي النعمان بن محمّد العديدة ، وقد أتى على ذكره أكثر المؤرّخين ، والجدير بالذكر أنّ الأئمّة الإسماعيليين كانوا يخصّصون الجوائز القيّمة لكل من يحفظ هذا الكتاب ، كما وأنّ أولاد النعمان وأحفاده كانوا يقرؤونه على الناس في الجوامع ، ولقد أمدّنا هذا الكتاب بوثيقة ذات قيمة تاريخية هامّة ، وهي نصّ سجل تعيين القاضي النعمان بالمنصورية وأعمالها ، وإطلاق النظر له فيمن تظلّم إليه من أهل المدن التي فيها القضاة والحكام وغيرهم بجميع

ص: 96


1- أعيان الشيعة 10 : 223.
2- كشف الظنون 1 : 32.
3- الأعلام 8 : 41.
4- معجم المؤلّفين 13 : 107.
5- الذريعة 1 : 360.
6- شرح الأخبار 1 : 44 ، مقدّمة السيّد محمّد حسين الجلالي.

الكور ، وإنفاذ الحق على من وجب عليه ، واعطاؤه مستحقّه ، وفيه نقف على مدى اعتماد الإمام المعز على النعمان ... ، وتاريخ كتابة هذا السجل هو يوم الاثنين لليلتين بقيتا من شهر ربيع الأول ، سنة ثلاثمائة وثلاث وأربعين ه- ، ولقد تصدّى النعمان في هذا الكتاب للرد على خصوم المذهب الإسماعيلي (1).

وقال المجدوع في فهرسته : وهو كتاب عجيب بليغ كاف فيما بني عليه ، استوعب فيه دلائل كل منهم ، وذكر جميع ما قالوه في دعواهم جملة ، ثمّ الردّ عليهم في ذلك تفصيلاً (2).

هذا ، وقد ذكر السيّد محمّد حسين الجلالي عدّة نسخ للكتاب في تقديمه لكتاب شرح الأخبار للقاضي النعمان (3).

ص: 97


1- اختلاف أصول المذاهب : 22 - 23 ، مقدّمة المحقّق.
2- فهرست المجدوع : 97.
3- شرح الأخبار 1 : 44 ، المقدّمة.

(3) دعائم الإسلام

الحديث :

قال : وروينا عن أبي ذر رحمة اللّه عليه أنّه شهد الموسم بعد وفاة رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، فلمّا احتفل الناس في الطواف ، وقف بباب الكعبة ، وأخذ بحلقة الباب ، وقال : يا أيّها الناس ، ثلاثا ، واجتمعوا ، ووقفوا ، وأنصتوا ، فقال : من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، أحدّثكم بما سمعته من رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) سمعته يقول حيث احتضر : « إنّي تارك فيكم الثقلين : ، كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض كهاتين » ، وجمع بين اصبعيه المسبحتين من يديه ، وقرنهما وساوى بينهما ، وقال : « ولا أقول كهاتين » ، وقرن بين اصبعيه الوسطى والمسبحة من يده اليمنى « لا أحدهما تسبق الأخرى ، ألا وإنّ مثلهما فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تركها غرق » (1).

ص: 98


1- دعائم الإسلام 1 : 27 - 28.

ص: 99

كتاب : دعائم الإسلام

قال القاضي النعمان في مقدّمة كتابه هذا - بعد الحمد والثناء - : فإنّه لمّا كثرت الدعاوي والآراء ، واختلفت المذاهب والأهواء ، واخترعت الأقاويل اختراعاً ، وصارت الأمّة فرقاً وأشياعاً ، ودثر أكثر السنن فانقطع ، ونجم حادث البدع وارتفع ... ، فقد رأينا - وباللّه التوفيق - عند ظهور ما ذكرناه أن نبسط كتاباً جامعاً مختصراً ، يسهل حفظه ، ويقرب مأخذه ، ويغني ما فيه من جمل الأقاويل عن الإسهاب والتطويل ، نقتصر فيه على الثابت الصحيح ممّا رويناه عن الأئمّة من أهل بيت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) من جملة ما اختلفت فيه الرواة عنهم في دعائم الإسلام ، وذكر الحلال والحرام ، والقضايا والأحكام ، فقد روينا عن أبي جعفر محمّد بن علي ( عليه السلام ) أنّه قال : « بني الإسلام على سبع دعائم : الولاية ، وهي أفضلها ، وبها وبالولي يوصل إلى معرفتها ، والطهارة ، والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، والجهاد ، فهذه دعائم الإسلام نذكرها إن شاء اللّه بعد ذكر الإيمان الذي لا يقبل اللّه تعالى عملاً إلاّ به ، ولا يزكو عنده إلاّ من كان من أهله ، ونشفعها بذكر الحلال والحرام ، والقضايا والأحكام ; لما في ذلك من التعبّد ، والمفروضات في الأشربة ، والبياعات ، والمأكولات ، والمشروبات ، والطلاق ، والمناكحات ، والمواريث ، والشهادات ، وسائر أبواب الفقه المثبتات الواجبات (1).

ص: 100


1- دعائم الإسلام 1 : 3 ، مقدّمة المؤلّف.

نسبه إليه الذهبي في تاريخ الإسلام ، قال : وللنعمان كتاب دعائم الإسلام ، ثلاثون مجلّداً في مذهب القوم (1).

وكذا نسبه إليه الصفدي في الوافي بالوفيات (2).

قال الداعي إدريس القرشي ( ت 872 ه- ) في سبب تأليف هذا الكتاب في كتابه عيون الأخبار : حضر القاضي النعمان بن محمّد وجماعة من الدعاة عند أمير المؤمنين المعز لدين اللّه ، فذكروا الأقاويل التي اخترعت ، والمذاهب والآراء التي افترقت بها فرق الإسلام ، وما اجتمعت ، وما أتت به علماؤها ، وابتدعت ، وتسامت إليه من العلم بغير برهان مبين وادعت ، فذكر أمير المؤمنين المعز لدين اللّه ( عليه السلام ) فيما رواه آباؤه الطاهرون : « لتسلكن سبيل الأمم قبلكم ذراعا بذراع ، وباعاً بباع ، حتّى لو سلكوا خشرم دبر لسلكتموه » ، ثمّ ذكر لهم المعز لدين اللّه « إذا ظهرت البدع في أمّتي فليظهر العالم علمه ، وإلاّ فعليه لعنة اللّه » ونظر إلى القاضي النعمان بن محمّد فقال : أنت المعني بذلك في هذا الأوان يا نعمان ، ثمّ أمره بتأليف كتاب الدعائم ، وأصّل له أصوله ، وفرّع له فروعه ، وأخبره بصحيح الروايات عن الطاهرين من آبائه ، عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) (3).

قال العلاّمة المجلسي ( ت 1111 ه- ) في البحار : وكتاب دعائم الإسلام تأليف القاضي النعمان بن محمّد ، وقد ينسب إلى الصدوق ، وهو خطأ (4).

ص: 101


1- تاريخ الإسلام 26 : 316 ، وفيات سنة 363 ه-.
2- الوافي بالوفيات 27 : 95.
3- فهرست المجدوع : 18 ، عن عيون الأخبار.
4- بحار الأنوار 1 : 20 ، مصادر الكتاب.

وقال : وكتاب دعائم الإسلام قد كان أكثر أهل عصرنا يتوهّمون أنّه تأليف الصدوق رحمه اللّه ، وقد ظهر لنا أنّه تأليف أبي حنيفة النعمان بن محمّد بن منصور ، قاضي مصر في أيّام الدولة الإسماعيليّة ... ، وأخبار هذا الكتاب أكثرها موافقة لما في كتبنا المشهورة ، لكن لم يرو عن الأئمّة بعد الصادق ( عليه السلام ) ... ، وأخباره تصلح للتأييد والتأكيد (1).

قال الأفندي ( ت 1120 ه- ) في الرياض - بعد أن ذكر اسم القاضي ونسبه - : مؤلّف كتاب دعائم الإسلام وغيره ، وعندنا من ذلك الكتاب نسخة في مجلّدين ، وكان من أقدم النسخ ... ، ثمّ إنّ عندنا نسخة عتيقة جدّاً من النصف الآخر من كتاب دعائم الإسلام له ، وعلى حواشيها فوائد جليلة كثيرة من كتاب مختصر الآثار ، له أيضاً (2).

قال السيّد الخوئي ( ت 1413 ه- ) : إنّ كتاب دعائم الإسلام فيه من الفروع على خلاف مذهب الإمامية ، قد ذكر جملة منها في ذيل محاضراتنا في الفقه الجعفري ، ومع ذلك فقد بالغ شيخنا المحدّث النوري - قدس اللّه نفسه - في اعتبار الرجل (3) ، وأنّه كان من الإمامية المحقّة ، فهو لم يثبت ، فالرجل مجهول الحال ، وعلى تقدير الثبوت فكتابه دعائم الإسلام غير معتبر ; لأنّ رواياته كلّها مرسلة (4).

ونسبه إليه الشيخ عبّاس القمّي في الكنى والألقاب (5) ، والسيّد الأمين

ص: 102


1- بحار الأنوار 1 : 38 ، توثيق المصادر.
2- رياض العلماء 5 : 275.
3- وقد تقدّم مفصّلاً رأي الشيخ النوري ونقاشه.
4- معجم رجال الحديث 20 : 185.
5- الكنى والألقاب 1 : 57.

في أعيان الشيعة (1) ، وعمر رضا كحالة في معجم المؤلّفين (2) ، والزركلي في الأعلام (3) ، ومصطفى غالب في تاريخ الدعوة الإسماعيليّة (4) ، ومقدّمة كتاب اختلاف أصول المذاهب (5).

ونسبه إليه العلاّمة الطهراني في الذريعة ، وذكر عدّة نسخ للكتاب (6).

قال محقّق كتاب الدعائم آصف بن علي أصغر فيضي : وكتاب دعائم الإسلام للقاضي النعمان بن محمّد بن منصور بن أحمد بن حيون التميمي المغربي المتوفّى سنة 363 ه- ( 974 م ) أقوم مصدر لدراسة القانون عند الفاطميين ، وهو مقسّم إلى جزئين : الأوّل يبحث في العبادات ، وهي :

( أ ) الإيمان من وجهة نظر الفاطميين ، ( ب ) الطهارة ، ( ج ) الصلاة ، ويشتمل أيضاً على الجنائز ، ( د ) الزكاة ، ( ه- ) الصوم ، ( و ) الحج ، ( ز ) الجهاد ، وهذه هي دعائم الإسلام السبع عند الشيعة الفاطميين ، وهذا الجزء في ثمانية كتب ، وحديثه عن الصلاة والجنائز متناثر في فصوله المختلفة ، ويغلب على معالجته للموضوعات الصبغة الدينية والكلامية ، وكما نجد بها مسائل تشريعيّة.

أمّا الجزء الثاني فهو يبحث في المعاملات ، ويشتمل على خمسة وعشرين كتاباً ... ، والجزء الأوّل قيّم للباحث في علم الكلام ، كما يتّضح ذلك من الكتاب الأوّل الذي يعدّ من أقدم النصوص في عقائد الفاطميين ،

ص: 103


1- أعيان الشيعة 10 : 24 ، 7 : 173.
2- معجم المؤلّفين 13 : 107.
3- الأعلام 8 : 41.
4- تاريخ الدعوة الإسماعيليّة : 199.
5- اختلاف أصول المذاهب : 20 ، مقدّمة المحقّق.
6- الذريعة 8 : 197.

فهو يبدأ بتعريف الإيمان ، والفرق بين الإسلام والإيمان ، ثمّ يتحدّث عن ضرورة الاعتقاد في الإمامة ... ، نرى في الكتاب الثاني الحديث عن وصيّة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وبكتاب الوصايا أهم الآراء المنسوبة إلى علي نفسه في توثيق عقيدة الإمامة ... ، يقول رواة الفاطميين : إنّه لم يؤلِّف شيئاً - [ أي : القاضي النعمان ] - دون الرجوع إلى أئمّة عصره ، ويعتبر أقوم كتبه كتاب « دعائم الإسلام » أنّه من عمل المعز نفسه ، وليس من عمل قاضيه الأكبر ، ولهذا كان هذا الكتاب هو القانون الرسمي منذ عهد المعز حتّى نهاية الدولة الفاطمية ... ، بل لا يزال هذا الكتاب هو الوحيد الذي يسيطر على حياة طائفة البهرة في الهند ، وعليه المعوّل في أحوالهم الشخصيّة.

ثمّ قال : وتتّضح قيمة هذا الكتاب أيضاً من أنّ عدداً كبيراً من المختصرات له ألّفت ; لتكون بين يدي القضاة والطلبة.

ثمّ ذكر المحقّق النسخ التي اعتمد عليها ، وذكر خصوصيّاتها (1).

وقد ذكر السيّد محمّد حسين الجلالي في مقدّمة كتاب شرح الأخبار عدّة نسخ لكتاب الدعائم (2).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في فهرسته - بعد أن ذكر كتاب الاقتصار للقاضي النعمان - : ذكر فيه من أين نقل هذه العلوم الفقهية ، وكيف جمعها في كتاب ، ثُمّ استخرج منه ما استخرج من سائر تصانيفه ، ولم سمّي كُلّ كتاب بما سمّي به ، ثُمّ كان بعد ذلك كله تصنيف كتاب « الدعائم » الذي أوردنا ذكره قبل هذا ، فهو آخر كل كتاب صنّفه في علم الفقه ، وأجمعه للآثار ، وأتقنه في الأخبار ، والذي ينبغي إذا احتيج إلى

ص: 104


1- دعائم الإسلام 1 : 9 ، مقدّمة المحقّق.
2- شرح الأخبار 1 : 52.

جواب مسألة من علوم الفقه أنْ ينظر فيه أولاً ، كما ورد في رسالة « إيضاح الأعلام » لسيدنا إدريس بن حسن قدس اللّه روحه ، وذلك قوله - كما ذكر مولانا الحاكم ( عليه السلام ) لداعيه باليمن هارون بن أحمد - : وليكن فتواك في الحلال والحرام من كتاب « دعائم الإسلام » دون ما سواه (1).

وقد ألّف القاضي النعمان كتاب أساس التأويل في الباطن ، وهو تأويل ما في الدعائم ، قال الشيخ المجدوع في الفهرست : كتاب أساس التأويل في الباطن ، تأويل ما في كتاب دعائم الإسلام لسيدنا النعمان ، والموجود كتاب الولاية ، الذى جمع فيه تأويل ما أتى من ظاهر قصص الأنبياء (2).

وقد ألّف القاضي النعمان أيضاً كتاب تأويل الدعائم ، قال الشيخ المجدوع : كتاب تأويل الدعائم لسيدنا القاضي النعمان بن محمّد ( قس ) وسمّي به لأنّه أتى بهذا الكتاب بتأويل ما في ذلك الكتاب من ظاهر دعائم الإسلام ، صنّفه بعد كتابه الموسوم بأساس التأويل بأعلى درجة منه في وجوه التأويل (3).

ص: 105


1- فهرست المجدوع : 34.
2- فهرست المجدوع : 134.
3- فهرست المجدوع : 135.

(4) المجالس والمسايرات

الحديث :

قال : وسألته ( عليه السلام ) عن الرواية في يوم الغدير ، وما قاله رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ذلك اليوم لعلي ( عليه السلام ) ، وما قام به من ولايته بقوله : « من كنت مولاه فعلي مولاه ».

وقلت : جاءت الرواية أنّ ذلك كان في منصرفه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) من حجّة الوداع ، لمّا صار عند غدير خمّ ، وذلك لثماني عشرة خلت من ذي الحجّة ، وأنّ اللّه عزّ وجلّ أنزل عليه حينئذ لمّا قام بولاية علي ( عليه السلام ) ، وأجاب المسلمون ما عقده له : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) (1).

فقال : نعم ، كذلك كان الأمر.

ثمّ قال : قلت : ويوم عرفة يوم تسعة من ذي الحجّة ، فكأنّ ذلك - على الحديث - نزل قبل يوم الغدير بتسعة أيّام.

فتبسّم ( عليه السلام ) ، وقال : فما قلت أنت في ذلك؟

قلت : ما ذهب وهمي في ذلك أنّ قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « خلّفت فيكم ما إن تمسّكتم به بعدي لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي »

ص: 106


1- المائدة : 3.

- قال : هذا يوم عرفة - أَنَزِلَ فوجبت به الولاية ، وفسّرها بعد ذلك يوم الغدير.

فقال : لا ، ولكن كان في يوم عرفة كما قال أبو جعفر ( عليه السلام ) ، وذكر تأويل عرفة ، فتبيّن لي الأمر ، وصحّ الحديثان (1).

ص: 107


1- المجالس والمسايرات : 328 ، كلام في قصّة يوم الغدير.
كتاب : المجالس والمسايرات

قال القاضي النعمان في مقدّمة كتابه هذا : ولقد كنت جمعت عن المهدي باللّه ، والقائم بأمر اللّه ، والمنصور باللّه صلوات اللّه عليهم ورحمته وبركاته ، وفيهم وفي فضائلهم ، من الكتب ما يطول ذكرها ، وألّفت سيرة المعز لدين اللّه صلوات اللّه عليه ، من الوقت الذي أفضى اللّه عزّ وجلّ بأمر الإمامة إليه إلى اليوم ، وأنا ذائب في ذلك إلى أن ينقضي عمري إن شاء اللّه تعالى ، ويصلها من بعدي من عقبي وأعقابهم بتوفيق اللّه إيّاهم بطول بقاء وليّه ، ودوام عزّه وسلطانه ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه.

ثمّ رأيت وجوهاً من الحكم والعلم والآداب والمعرفة تنفجر عن منطقه ، وتندفع من ألفاظه ، وتشير عن رمزه وإشارته ، ولا تجري مجرى السير التي صنّفتها ، ولا تدخل في أبوابها التي ألّفتها على ما في تلك السير من الحكمة والعلم والمعجزات والبراهين والدلائل والآيات.

فرأيت إفراد هذه في كتب تشبهها وتليق بها ، وأن أفرد السير في كتابها مع ما شاكلها وكان من معناها ، وأن أذكر في هذا الكتاب ما سمعته من المعز صلوات اللّه عليه من حكمة وفائدة وعلم ومعرفة ، عن مذاكرة في مجلس أو مقام أو مسايرة ، وما تأدّى إليّ من ذلك عن بلاغ أو توقيع أو مكاتبة على تأدية المعنى دون اللفظ ، حقيقة بلا زيادة ولا نقص ، بعد بسط

ص: 108

العذر في التخلّف عن تأدية حقيقة لفظه (1).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في فهرسته : كتاب المجالس والمسايرات والمواقف والتوقيعات ، للقاضي المذكور ( قس ) وهو نصفان ، كلّ نصف منهما مجلّد برأسه (2).

نسبه إليه : الزركلي في الأعلام (3) ، وأتان كلبرك في كتابه « كتابخانه ابن طاووس » (4) ، وحسن الأمين في مستدركات أعيان الشيعة (5).

قال محقّق هذا الكتاب : سجّل اسم الكتاب على النسخة الآصفية - التي اعتمدنا نصفها الأوّل - بهذه الصورة : « المجالس والمسايرات في تاريخ الإسماعيليّة وعقائدهم » ويبدو أنّ اسمه الأصلي هو ما ذكره المجدوع : « المجالس والمسايرات والمواقف والتوقيعات » وهو اسم كثر مطابقة لمحتوى الكتاب ومادّته.

وقد نصّ في مقدّمته على ما سبق له من تآليف كتبها عن الخلفاء : المهدي والقائم والمنصور ، ثمّ عن المعز منذ بداية إمامته ... ، ومما يزيد في الأهميّة الوثائقية لهذا الكتاب أنّ النعمان كان حريصاً على تسجيل مادّته إثر كل مجلس مباشرة ، ويتحرّى في نقل ما ينقله حتّى يأتي بلفظ المعز كما ورد على لسانه ، مع ما في هذا العمل من صعوبة وجهد ، وكانت مراجعة الخليفة لمحتواه تزيد النعمان وثوقاً من عمله ، فيقول : إنّ ما أثبته في هذا

ص: 109


1- المجالس والمسايرات : 46 - 47 ، مقدّمة المؤلّف.
2- فهرست المجدوع : 52.
3- الأعلام 8 : 41.
4- كتابخانة ابن طاووس ( فارسي ) : 383.
5- مستدركات أعيان الشيعة 1 : 242 ، 2 : 339.

الكتاب كأنّه هو لفظه ، وإنْ لم يكن هو بحقيقته ، لما أجازه على المعنى ، وسقط عنه تهمة التحريف والإحالة ، وإن سقطت منه فضيلة الفصاحة والجزالة ، ومعجز الألفاظ في المقالة ....

وإذا كان النعمان قد وضّح خطّة العمل في هذا الكتاب ، وحدّد مادّته ومحتواه ، ومرتبته من الوثوق باعتبار توخّيه التسجيل المباشر أوّلاً ، ثُمّ مراجعة المعز لهذه المواد التي تسقّطها كاتبها على توالي الأيام ، فقد ظلّ التاريخ الذي توقف فيه مبهما نظراً لأنّ صفة التاريخ لم تجي في هذا الكتاب إلاّ بصورة عرضية ... ، لم يكن كتاب المجالس كتاب تاريخ ، ولا كتاب سيرة فقط ، بل هو أيضاً كتاب عقيدة ، وكتاب أدب ... ، ونتبيّن من هذا الكتاب مكانة القاضي النعمان في الدولة الفاطمية ، ومختلف وظائفه الدينية المذهبية والسياسية الديوانية ، كما نجد فيه مسائل عقائدية كمبحث الإمامة ، وما قيل في نسب الفاطميين ، وما نسبه الغلاة إلى الأئمّة ممّا لا يتّفق مع عقيدة الإسلام ، ومسائل في الظاهر والباطن.

ونجد كذلك في الكتاب صورة من الصعوبات التي لقيها الفاطميون في بسط نفوذهم المذهبي على المجتمع الأفريقي ... ، ونستخلص منه أيضاً معلومات عن المهدي والقائم والمنصور والمعز ، وسياستهم الداخلية والخارجية ، وعن طباعهم ومعاملاتهم للناس ، مع نماذج كثيرة من حكمتهم ومواعظهم.

وفي خصوص الأئمّة يمكن جمع الأخبار والإشارات الواردة في الكتاب ، مبثوثة هنا وهناك في كلام المعز ، أو في ذكريات النعمان ....

يصوّر لنا القاضي النعمان في كتابه المجالس والمسايرات المعز على

ص: 110

أنّه الرجل الذي تحصّل على علم الأولين والآخرين ، فالمعز متبحّر في كُلّ علم وفن ، عارف بعلم الظاهر ، وعلم الباطن ، وبأحكام الدين وأصوله وفروعه ، وبالعلوم الرياضية والطب والهندسة و ....

وفي نهاية المقدّمة يذكر المحقّق مواصفات النسخة المعتمدة في التحقيق (1).

قال السيّد محمّد حسين الجلالي في مقدّمة كتاب شرح الأخبار : المجالس والمسايرات ، ويعتبر هذا الكتاب أهم مصدر إسماعيلي في تواريخ الخلفاء الفاطميين ، وخاصّة الخليفة الرابع المعز ، فقد نقل المؤلّف عنه نصوصاً ذات قيمة تأريخية ، تلقي بعض الضوء على جوانب من حياة الفاطميين وعقائدهم المغطّاة بستار التقيّة ....

وقد طبع هذا الكتاب طباعة محقّقة وافية باهتمام إبراهيم شيوخ وآخرين في المطبعة الرسمية بتونس سنة 1978م ، واعتمد في تحقيقه على عدّة نسخ ملفّقه ....

ثمّ ذكر السيّد الجلالي عدّة نسخ للكتاب (2).

ص: 111


1- المجالس والمسايرات : 17 ، مقدّمة التحقيق.
2- شرح الأخبار 1 : 56 ، مقدّمة السيّد محمّد حسين الجلالي.

(5) افتتاح الدعوة

الحديث :

قال : وأخذ أبو عبد اللّه في هيئة الخروج إلى سجلماسة ، فلمّا تهيّأت أموره ، وفرغ من حوائجه ، كتب كتاباً جعله نسخاً ، وبعث كل نسخة منه إلى كل منبر بأفريقية ، فقرئت عليه ، وهذه نسخة عما جاء فيه :

بسم اللّه الرحمن الرحيم ، وبه عوني ، وعليه توكّلي ، أمّا بعد : ... ، ثمّ دلّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) أمّته على الشيئين المنجيين من الضلال ، والهاديين إلى الرشاد ، وأمر أمّته بالتمسّك بهما ، وقال : « إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي : كتاب اللّه وعترتي أهل البيت » (1).

ص: 112


1- افتتاح الدعوة : 155 - 156.

ص: 113

كتاب : افتتاح الدعوة أو ابتداء الدعوة للعبيديين

قال القاضي النعمان في مفتتح كتابه هذا - بعد الحمد والثناء - : ولم يخل الأرض من إمام فيها للأمّة ، وقائل بالحق ، وقائم بالحجّة ، وإن تغلّب فيها المتغلّبون ، واستتر للتقيّة الأئمّة المستحفظون ، وإنّ لهم بكلّ جزيرة من جزائر الأرض داعياً لهم ، وبكل ناحية من نواحيها دليلاً عليهم ، ولو ذكرنا كل إمام منهم صلوات اللّه عليهم ، ومن دعا إليه ، وقام بأمره لطال الكتاب بذكرهم ، ولكنّا آثرنا من ذلك ذكر أمر الدعوة بأرض المغرب إلى المهدي صلوات اللّه عليه ، وابتداءها فيها ، وهجرته صلوات اللّه عليه إليها ، وقيامه عنها ، فظهوره بأسبابها ; ليبقى ذكر ذلك مسطوراً ، ويجري مذكوراً مأثوراً على مرّ الزمان في غابر الدهور والأيّام (1).

نسبه إليه ابن خلّكان في وفيات الأعيان ، قال : وصنّف كتاب : « ابتداء الدعوة للعبيديين » (2).

ونسبه إليه الصفدي في الوافي بالوفيات (3) ، والذهبي في تاريخ

ص: 114


1- افتتاح الدعوة : 15.
2- وفيات الأعيان 4 : 586.
3- الوافي بالوفيات 27 : 95.

الإسلام تحت عنوان ابتداء الدعوة (1) ، والكاتب الإسماعيلي مصطفى غالب في مقدّمة كتاب اختلاف أصول المذاهب تحت عنوان افتتاح الدعوة (2).

ونسبه إليه إسماعيل باشا البغدادي في كتابيه إيضاح المكنون (3) ، وهديّة العارفين (4) ، تحت عنوان ابتداء الدعوة للعبيديين بمصر ، ونسبه إليه الزركلي في الأعلام ، وذكر العنوانين للكتاب (5).

ونسبه إليه عمر رضا كحالة في معجم المؤلّفين تحت عنوان ابتداء الدعوة للعبيديين (6) ، والسيّد محسن الأمين تحت عنوان افتتاح الدعوة (7).

ونسبه إليه العلاّمة الطهراني تارة تحت عنوان ابتداء الدعوة للعبيديين (8) ، وأخرى تحت عنوان رسالة افتتاح الدعوة (9).

قال الكاتب الإسماعيلي عارف تامر - محقّق الكتاب - في المقدّمة : هذا الكتاب يعتبر من روائع كتب الدعوة الإسماعيليّة المعترف بها رسمياً لدى المقامات الدينية العليا التي ظهرت للوجود في بدء قيام الدولة الفاطمية في شمالي أفريقيا ، وفي عهد الأئمّة الفاطميين المستورين الذين عاشوا في مدينة سلمية السورية في منتصف القرن الأول ، وفي القرن الثاني من الهجرة المحمّدية الهادية.

ص: 115


1- تاريخ الإسلام 26 : 316.
2- اختلاف أصول المذاهب : 21 ، مقدّمة المحقّق.
3- إيضاح المكنون 1 : 8.
4- هديّة العارفين 2 : 495.
5- الأعلام 8 : 41.
6- معجم المؤلّفين 13 : 107.
7- أعيان الشيعة 10 : 223.
8- الذريعة 1 : 60.
9- الذريعة 11 : 98.

من الواضح أنّ هذا الكتاب القيم ، الموضوع سنة316 ه- ، لا يتطرّق مؤلّفه النعمان إلى العقائد الدينية ، أو للفلسفة أو للأحكام الشرعية والفقهية مما لا يمكن تقديمه ، أو التعريف عنه ، أو اعتباره ، إلاّ كقصّة تاريخية طريفة تروي وقائع مهمّة ، وأحداث رهيبة جسيمة ، وقعت على ساحتي اليمن والمغرب ، فكان بطل الأولى الداعي الكبير « ابن حوشب منصور » ، وكان الثاني أبو عبد اللّه الشيعي.

أمّا المحور الذي قامت عليه الوقائع والأحداث فكان « الإمام محمّد المهدي » مؤسس الدولة الفاطمية في تونس ، وأوّل خليفة لعامّة المسلمين (1).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في الفهرست : كتاب افتتاح الدعوة وابتداء الدولة ، من تأليفاته في ذكر أمر الدعوة بأرض المغرب إلى المهدي ، بدأ فيه بذكر ابتداء الدعوة باليمن ، والقائم بها ، وهو أبو القاسم الحسن بن فرح بن حوشب الكوفي من أولاد مسلم بن عقيل بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وكيف كان ظهوره فيها ، حتّى نفذ إليه الداعي بالمغرب ، وهو أبو عبد اللّه ، وخرج منه إلى أرض المغرب بعدما أخذ عنه ، وتأدّب في كُلّ الأمور بآدابه ، وما الذي كان من أمره بعد وصوله إليها ، وقبل وصوله ، من الأسباب التي هيّأها اللّه تعالى له في طريقه ... ، إلى أنْ ظهر فيها أمره ، وهاجر إليها الإمام المهدي باللّه ، وولده القائم بأمر اللّه ، واستقرّ قرارهما بها ، وفيه ذكر شيء من سيرة أبي عبد اللّه ، وأخلاقة ، وآدابه التي كان بها ما كان من استقامة أمره ، وظهور دعوته ، واشتهار فضله ، وذكر مما يجب على كُلّ وال ولي من عمل الدعوة شيئاً أنْ يأخذ بحظّه منها ، ويلتزم بسببها ، ويتعلّق

ص: 116


1- افتتاح الدعوة : 5 ، مقدّمة المحقّق.

بوثائقها (1).

وقد نسب ابن شهر آشوب في المعالم كتاب الدولة للقاضي النعمان (2) ، وقال السيّد الجلالي - صاحب مقدّمة كتاب شرح الأخبار للقاضي النعمان - : افتتاح الدعوة وإنشاء الدولة ، ألّفه سنة 346 ه- ، ذكره ابن شهر آشوب بعنوان الدولة (3) (4).

وقال السيّد الجلالي أيضاً : وقد طبع الكتاب أوّلاً بتحقيق وداد القاضي ببيروت 1970م بعنوان « كتاب افتتاح الدعوة ».

ثمّ ذكر السيّد الجلالي مواصفات بعض نسخ الكتاب (5).

وقد طبع الكتاب سنة 1996م بتحقيق عارف تامر ، تحت عنوان « كتاب افتتاح الدعوة » وهي الطبعة التي اعتمدناها في النقل.

ص: 117


1- فهرست المجدوع : 67.
2- معالم العلماء : 126.
3- شرح الأخبار 1 : 45 ، مقدّمة السيّد محمّد حسين الجلالي.
4- أقول : لعل الوجه في استظهار اتّحادهما هو كلام الشيخ المجدوع المتقدّم.
5- شرح الأخبار 1 : 46 ، مقدّمة السيّد محمّد حسين الجلالي.

(6) المناقب والمثالب

الحديث :

قال : وعن أبي ذر أنّه قال : سمعت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) يقول : « ترد على الحوض أمّتي على خمس رايات » وذكر حديثاً طويلاً ، قال فيه : « ثمّ يرد فرعون في أتباعه ، فآخذ بيده ، فإذا أخذتها اسودّ وجهه ، ورجفت قدماه ، وصفقت أحشاؤه ، ويفعل ذلك بأتباعه » ثمّ قال : « هو معاوية بن أبي سفيان ، فأقول : بماذا خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون كذّبنا الأكبر ومزّقناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه ، فأقول : اسلكوا طريق أصحابكم ، فيصرفون ضمأى مسودّة وجوههم ، لا يطعمون منه قطرة » (1).

ص: 118


1- المناقب والمثالب : 232 ، أقوال في معاوية.

ص: 119

كتاب : المناقب والمثالب

قال القاضي النعمان في مقدّمة كتابه هذا - بعد الحمد والثناء ، وذكر الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) وأهل بيته ( عليهم السلام ) ، وذكر بعض فضائلهم - : وبسطنا في صدر كتابنا هذا منه ما بسطناه ، لما تأدّى إلينا وسمعنا من دعوى بني أمية الفضل مع العترة الطاهرة ، آل الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، وعيوب بني أميّة مع ذلك بادية مكشوفة ، وفضائل آل الرسول ظاهرة معروفة ، وطاعة الأئمّة منهم ( عليهم السلام ) لازمة لهم ، وحقوقهم عليهم واجبة ، فاستكبروا كاستكبار إبليس ، وعندوا عنوده ، وادعوا كما ادعى الفضل على من فضّله اللّه عزّ وجلّ عليه ، فرأينا وباللّه التوفيق ، وبه نستعين ، بسط كتابنا هذا في إبطال دعواهم ، وذكر أسباب عدواتهم ، وما جرى عليه منها من تقدّم من أسلافهم من قبل مبعث رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، وبعد مبعثه ووفاته ، ومن نصب له منهم العداوة في حياته ; تكذيباً لنبوّته ، وما نال وصيّه وذرّيته منهم من بعد موته ، ونذكر مثالبهم ومناقب آل الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ; لنوضّح الحق لمن أبصره من أوليائه ، ويهدي اللّه بذلك إليه إنْ شاء من يحب أنْ يهديه ، ويمنّ بالتوفيق عليه ، ولو لا أنّ ذكر المثالب والمساوئ ههنا من الضرورة لما ذكرناها ، ولو وجدنا بدّاً من ذكرها لسترناها ، فقد كان يقال : لا خير في ذكر العيوب إلاّ من ضرورة ، وستر المساوئ في الواجب من الخيانة ، وليس هذا مما يعارض بالحديث المرفوع : « لا تسبّوا الأحياء بسبّ الأموات » إنّما ذلك في الأموات

ص: 120

الذين لا يجوز سبّهم ، فأمّا من كان سبّهم فريضة ، ونشر معايبه من أوجب الشريعة ، فليس من معنى هذا الحديث ... ، ولا نعلم بدعة هي أضرّ بالمسلمين والملّة الحنيفية والدين من بدعة تعاطي بها المفضول منزلة الفاضل ، وجلس بها امام البغي منزلة مجلس الإمام العادل ، ولا ثواب - إنْ شاء اللّه - أجزل من ثواب قائل أبان الحق في ذلك ، ونفى الشبهة عنه ، ودمغ بقوله الباطل ، وأظهر عوار مدّعيه ، نسأل اللّه بلوغ ذلك والعون عليه.

ولمّا نظرنا في عداوة بني أميّة للعترة الطاهرة الزكية ، رأيناها عداوة أصلية قديمة ... ، ورأينا وباللّه التوفيق أن نبتدئ بذكر هذه العداوة من حيث ابتدأت ... ، إلى أن بلغت ما بلغت ... ، إلى وقت تأليف كتابنا هذا (1).

ونسبه المصنّف إلى نفسه في عدّة مواضع من كتابه شرح الأخبار ، قال : وقد ألّفت كتاباً سمّيته كتاب المناقب والمثالب ، وذكرت فيه فضل هاشم وولده ، وماله ومالهم من المناقب في الجاهليّة والإسلام ، وفضلهم في ذلك على عبد شمس وولده ، ومثالب عبد شمس وولده في الجاهليّة والإسلام ، على الموازنة رجلاً برجل إلى وقت تأليفي ذلك (2).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في فهرسته : قال سيّد عماد الدين ( قس ) في كتاب عيون الأخبار : قال القاضي النعمان بن محمّد ( قس ) : أمرني أمير المؤمنين المعز لدين اللّه بجمع أخبار الدولة في كتاب ، ومناقب بني هاشم ومثالب بني عبد شمس في كتاب ، ففعلت على ما رتّبه وأفاد ، ورفعتهما إليه ، فاستحسنهما ، وارتضاهما ، واستجاد معناهما ، وقال : أمّا

ص: 121


1- المناقب والمثالب : 20 - 23 ، مقدّمة المؤلّف.
2- شرح الأخبار 2 : 98 ، 145 ، 174 ، وغيرها.

أخبار الدولة ... ، وأمّا فضل الآباء ومناقبهم ، وضعة الأعداء ومثالبهم ، فإنّ ذلك مما ينبغي أن يعرفه الأبناء والذرّية والأولياء (1).

نسبه إليه ابن شهر آشوب في المعالم (2) ، وابن زولاق كما في وفيات الأعيان ، قال : وعمل في المناقب والمثالب كتاباً حسناً (3).

وكذا نسبه إليه الذهبي في تاريخ الإسلام (4) ، وسير أعلام النبلاء (5) ، والصفدي في الوافي بالوفيات (6).

ونسبه إليه العلاّمة المجلسي في البحار (7) ، وقال : وكتاب المناقب والمثالب كتاب لطيف مشتمل على فوائد جليلة (8).

ونسبه إليه السيّد حسن الأمين في مستدركات أعيان الشيعة (9) ، والزركلي في الأعلام (10) ، والبغدادي في هديّة العارفين (11).

قال العلاّمة الطهراني في الذريعة : « المناقب والمثالب » في مناقب بني هاشم ومثالب بني أمية ، وذكر مساويء بني عبد شمس في الجاهلية

ص: 122


1- فهرست المجدوع : 67.
2- معالم العلماء : 126.
3- وفيات الأعيان 4 : 586.
4- تاريخ الإسلام 26 : 316.
5- سير أعلام النبلاء 16 : 150.
6- الوافي بالوفيات 27 : 95.
7- بحار الأنوار 1 : 20.
8- بحار الأنوار 1 : 39.
9- مستدركان أعيان الشيعة 2 : 340.
10- الأعلام 8 : 41.
11- هديّة العارفين 2 : 495.

والإسلام ، وقدم معاداتهم لبني هاشم ، للقاضي أبي حنيفة نعمان بن أبي عبد اللّه محمّد بن منصور بن أحمد بن حيون ، قاضي في مصر في الدولة الفاطمية وهو صاحب « دعائم الإسلام » ... ، والمناقب هذا موجود ، وقد رآه سيدنا أبو محمّد الحسن صدر الدين ، كما حكاه لي شفاهاً ، وقال : إنّه يزيد على عشرين كرّاساً ، ونسخة عند الميرزا محمّد الطهراني ، ناقص الآخر أوّله : الحمد لله الأول الأزلي بغير غاية ، والآخر الأبدي بلا نهاية ، ونسخة عتيقة تامّة عند عيسى أفندي جميل زادة ، ونسخة ناقصة عند شاكر أفندي آلوسي ، وأخرى عند الشيخ علي كاشف الغطاء (1).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في الفهرست : كتاب المناقب لأهل بيت رسول اللّه النجباء ، والمثالب لبني أميّة اللعناء ، تأليف : سيدنا القاضي النعمان بن محمّد ، أعلى اللّه قدسه وأنسه ... ، وأوّل ذكره مناقب عبد مناف بن قصي ، وشرفه بنفسه ، وبأبيه من قبله ، بدأ بذلك من عبد مناف ; لما كان بدء التنازع في الفضل بين ولديه لصلبه.

ثُمّ ذكر مناقب هاشم بن عبد مناف ، ومثالب عبد شمس.

ثُمّ ذكر مناقب عبد المطلب بن هاشم ، ومثالب أمية بن عبد شمس.

ثُمّ ذكر مناقب عبد اللّه بن عبد المطلب أبي رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، ومثالب حرب بن أميّة لعنه اللّه.

ثُمّ ذكر مكافحة أبي طالب بن عبد المطلب عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، ومناواة من ناواه من بني أميّة وغيرهم عليه ، ممن نصب الحرب والعداوة لرسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) من بني أميّة وعبد شمس ، ومن تألفوه من قبائل قريش

ص: 123


1- الذريعة 22 : 336.

وما كان من أمرهم بعد الهجرة.

ثُمّ نكت من أخبار بني أميّة ومن والاهم من قريش بعد الفتح ممّا يدلّ على أنّ إسلامهم لم يكن إلاّ للخوف والتقية من القتل ، وأنّهم بقوا على اعتقاد الجاهلية والعداوة الأصلية لرسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) وأهل بيته.

ثُمّ ذكر ما جاء من القول في بني أميّة وأشياعهم ، وفيه جمل من مناقب عليّ بن أبى طالب.

ثُمّ ذكر البيان في إثبات إمامة عليّ ، ومن دارت الإمامة عنه من ولده إليه ، وتغلّب معاوية ، ومن تغلّب من بعده من بني أميّة بسببه.

ثُمّ ذكر ما شبّه به معاوية من المحال ، فجاز له ما شبّه به من ذلك على الجهّال.

ثُمّ ذكر وجوه تهيّأت لمعاوية قويت بها أسبابه.

ثُمّ ذكر مناقب الحسن والحسين ، ومثالب يزيد ومروان اللعينين.

ثُمّ ذكر مناقب عليّ بن الحسين ، ومثالب عبد الملك بن مروان لعنه اللّه.

ثُمّ ذكر مناقب محمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد ، ومثالب من ولي من بني مروان - لعنه اللّه - في أيّامهما.

ثمّ ذكر مناقب الأئمّة القائمين بالإمامة ، ومثالب المتغلّبين بأرض الأندلس من بني أميّة (1).

ص: 124


1- فهرست المجدوع : 65.

قال السيّد محمّد حسين الجلالي في مقدّمة شرح الأخبار : المناقب والمثالب ، أشار إليه المؤلّف في كتبه كثيراً ... ، وقد رأيت نسخة كاملة من هذا الكتاب في مكتبة الشيخ شير محمّد الهمداني الجورقاني.

ثمّ ذكر السيّد الجلالي عدّة نسخ للكتاب ، وذكر مواصفاتها (1).

ص: 125


1- شرح الأخبار 1 : 59 - 60 ، مقدّمة السيّد الجلالي.

(7) سرائر وأسرار النطقاء لجعفر بن منصور اليمن ( أواخر القرن الرابع )

الحديث :

قال : وكذلك فعل أصحاب الإنجيل بعد عيسى ، إلى أن قال : ولقد كفّر بعضهم بعضاً ; إذ لم يتّفقوا على تأليف واحد ، وكذلك فعل ضلاّل ملّتنا لمّا جمع محمّد ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) كتابه ، وسلّمه إلى وصيّه ، وجمع نقباءه ، وقال لهم : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » في خبر يطول شرحه ، نأتي عليه في موضعه - إن شاء اللّه تعالى - ثمّ قال : « اللّهم اشهد أنّي قد بلّغت » قالها ثلاثاً ، ثمّ قال : « ملعون ملعون من خالفه ، ملعون من ردّ قولي » (1)

ص: 126


1- سرائر وأسرار النطقاء : 173 ، القسم الثاني.
جعفر بن الحسن بن فرج بن حوشب ( جعفر بن منصور اليمن )

وصفه إبراهيم بن الحسين الحامدي « بسيدنا » في كتابه كنز الولد ، قال : وكذلك جاء عن سيدنا جعفر بن منصور اليمن ... (1).

قال علي بن محمّد بن الوليد - بعد أن ذكر رأيه في مسألة معيّنة - : يصحّح جميع ما ذكرناه قول سيّدنا المؤتمن جعفر بن منصور اليمن ، أعلى اللّه قدسه ، مولانا المعز لدين اللّه صلوات اللّه عليه (2).

قال الكاتب الإسماعيلي مصطفى غالب : جعفر بن منصور اليمن ، من كبار علماء الإسماعيليّة ، وصاحب المؤلّفات العديدة في علم التأويل وعلم الحقيقة ، ولد في اليمن سنة 270 ه- ، عاصر عدّة أئمّة من الخلفاء الفاطميين ، وتوفّي في خلافة المعز لدين اللّه في المنصورية سنة 347 ه- ، وصل إلى أعلى مرتبة من مراتب الدعوة الإسماعيليّة ( باب الأبواب ) واسمه كما ورد في النصوص الإسماعيليّة جعفر بن الحسن بن فرج بن حوشب ابن زادان الكوفي ، لقّب والده الحسن بمنصور اليمن لما حقّق من انتصارات في اليمن (3).

ص: 127


1- كنز الولد : 43.
2- تحفة المرتاد : 164 ، ضمن مجموع أربع رسائل ، تحقيق : شتروطمان.
3- كنز الولد : 43 ، في الهامش.

قال عارف تامر في تاريخ الإسماعيليّة : جعفر بن منصور اليمن ، جاء إلى المغرب من اليمن سنة 322 ه- ، فوضع نفسه في خدمة الدولة الفاطمية ، وكان موضع تقدير القائم بأمر اللّه والمنصور باللّه ، وهكذا في عهد المعز لدين اللّه ، ومن الجدير بالذكر أنّه انتقل معه عندما نقل عاصمة ملكه من المغرب إلى القاهرة ، في القاهرة عُيّن « داعي الدعاة » وهي أكبر وظيفة دينية في الدعوة ، ترك جعفر عدداً من المؤلّفات ... ، يعتبر جعفر ابن منصور من أشهر العلماء الذين أنجبتهم الدعوة الإسماعيليّة في المغرب ، وقد اشتهر بصراحته في كتبه ، وجرأته في الكشف عن كثير من الرموز الفلسفية ، مات ودفن في مصر سنة 363 ه- (1).

وكما ترى فقد وقع اختلاف في تاريخ وفاته ، وهناك قول ثالث وهو ما ذكره علي نقي منزوي في هامش فهرست المجدوع ، من أنّ جعفر بن منصور ألّف كتابه أسرار النطقاء سنة 380 ه- - 990م ; لأنّه صرّح فيه بمضي 120 سنة على غيبة الإمام الثاني عشر ، والمعروف أنّها كانت في 260 ه- (2).

ولذلك عدّه علي نقي منزوي في هامش الذريعة من أعلام أواخر القرن الرابع (3).

فالأقوال في وفاته ثلاثة : إمّا سنة 347 ه- ، وإمّا سنة 363 ه- ، وإمّا بعد سنة 380 ه-.

فعلى الاحتمال الأول يكون متقدّماً على القاضي النعمان ، فلابدّ من

ص: 128


1- تاريخ الإسماعيليّة 2 : 190.
2- فهرست المجدوع : 134 ، في الهامش.
3- الذريعة 9 : 1129 ، في الهامش.

تقديمه حسب منهج هذه الموسوعة.

ولكن على الاحتمال الثاني والثالث لابدّ من تقديم القاضي النعمان.

ولكن رجّحنا الاحتمالين على الاحتمال الواحد ، وقدّمنا القاضي النعمان ، على أنّ هذه التواريخ حدسية احتمالية.

ص: 129

كتاب : سرائر وأسرار النطقاء

هذا الكتاب هو عبارة عن كتاب أسرار النطقاء ، وكتاب سرائر النطقاء ، وقد جمعا تحت هذا العنوان في كتاب واحد ، لاتّحاد موضوع الكتابين ، مع إضافة بعض المعلومات ، أو حذف بعض آخر ، وقد طبع هذا الكتاب تحت هذا العنوان مؤخّراً بتحقيق مصطفى غالب.

لذلك فقد نُسب كُلّ واحد من هذين الكتابين للمؤلّف بصورة مستقلّة ، كما في فهرست المجدوع (1) ، والذريعة للطهراني (2) ، ورسالة تحفة المرتاد لعلي بن محمّد الوليد (3) ، وتاريخ الإسماعيليّة لعارف تامر (4) ، وفي هامش كتاب كنز الولد بتحقيق مصطفى غالب (5).

ويعتبر هذا الكتاب من أقدم الكتب الإسماعيليّة التي تبحث في قصص الأنبياء وأسرارهم ، وتأويلاتهم الباطنية ، وسيرتهم ، واعتمادهم على الرموز والإشارات.

ص: 130


1- فهرست المجدوع : 278.
2- الذريعة 9 : 1129.
3- تحفة المرتاد : 164 ، ضمن أربع رسائل إسماعيليّة ، تحقيق : شتروطمان.
4- تاريخ الإسماعيليّة 2 : 190.
5- كنز الولد : 43 ، في الهامش.

ص: 131

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة القرن الخامس الهجري

اشارة

ص: 132

ص: 133

مؤلّفات حميد الدين أحمد بن عبد اللّه الكرماني ( ت 411 ه- )

(8) المصابيح في إثبات الإمامة

الحديث :

الأوّل : قال : وكان ما جاء به سيّد الأنبياء وخاتمهم محمّد ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) عن اللّه تعالى من الشريعة عالَماً برأسه ، وكان هذا العالَم عالَم الوضع بما يجمعه من الصلاة والزكاة والحج وغيرها ، صورة أعمال ، والأعمال أفعال ، والأفعال غير عالمة بذاته ، وجب في الحكمة من حيث وجب حفظها ولا تعطّلت (1) أن يجعل أمرها إلى من يحفظها ويرعاها كغيرها من العوالم ، ولذلك كانت ولاية الإمام آخر الفرائض ، فتمّ عالَم الشرع به ، وأخبر اللّه تعالى حين فرضها فقال : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) (2) ، وقرن النبي الصامت بالناطق فقال ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي » ، وأجرى ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) العترة من الكتاب والشريعة مجرى النفس من عالم الشخص ، والملائكة من عالم الدنيا ، إذاً الإمامة واجبة (3).

ص: 134


1- كذا في المصدر.
2- المائدة : 3.
3- المصابيح في إثبات الإمامة : 73 ، المصباح الأوّل في إثبات الإمامة ووجوبها.

الثاني : قال : وكان من قول من يقول بالنصّ الخفي : إنّ من كان من ذرّيّة النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) حسنياً كان أم حسينياً ، فهو من العترة وأهل البيت ، وإنّ من شهر سيفه منهم ، وأمر بالمعروف ، ونهى عن المنكر ، وكان عالماً زاهداً سخيّاً شجاعاً ورعاً ، لزَم بقول النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فتمسّكوا بهما ، فإنّكم لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما » (1).

ص: 135


1- ) المصابيح في إثبات الإمامة : 105 ، المصباح السابع ، في وجوب إمامة الحاكم بأمر اللّه.
حميد الدين أحمد بن عبد اللّه الكرماني

يحتلّ أحمد حميد الدين مكانة سامية عند أتباع المذهب الإسماعيلي ، وما تزال كتبه وآراؤه معتمدة ومعتبرة عندهم.

وصفه إبراهيم الحامدي في كتاب كنز الولد ( بسيدنا ) في أكثر من موضع (1) ، وقال عنه : نضّر اللّه وجهه ، ورزقنا شفاعته (2).

قال الداعي الفاطمي إدريس عماد الدين : حتّى ورد إلى الحضرة الشريفة النبويّة الإمامية ، ووفد إلى الأبواب الزاكية الحاكمية ، باب الدعوة الذي عنده فصل الخطاب ، ولسانها الناطق بفصل الجواب ، ذو البراهين المضيئة ، حجّة العراقين أحمد بن عبد اللّه ، المعروف بحميد الدين الكرماني قدس اللّه روحه ، ورضي عنه ، مهاجراً عن أوطانه ومحلّه ، ووارداً كورود الغيث إلى المرعى بعد محلّه ، فجلى ببيانه تلك الظلمة المدلهمّة ، وأبان بواضح علمه ونور هداه فضل الأئمّة ، والداعي حميد الدين أحمد بن عبد اللّه هو أساس الدعوة التي عليه عمادها ، وبه علا ذكرها ، واستقام منارها (3).

ص: 136


1- انظر : كنز الولد : 15 ، 49 ، 52 ، 55 ، وغيرها.
2- كنز الولد : 303.
3- المصابيح في إثبات الإمامة للكرماني : 10 ، مقدّمة المحقّق.

قال الشيخ إبراهيم المجدوع في الفهرست : سيّدنا حميد الدين ، صفي أمير المؤمنين وبابه ، أحمد بن عبد اللّه الكرماني ( قس ) (1).

قال الدكتور مصطفى غالب : حجّة العراقين أحمد حميد الدين الكرماني ، التاريخ الفاطمي أضفى هالة من التقديس والتقدير على حجّة العراقين الكرماني ، ونحن نقول بأنّه يكفي أن يكون للكرماني كتاب راحة العقل يرفعه إلى مصاف العلماء الكبار والفلاسفة الإسلاميين الأجلاّء ... ، ينسب إلى مدينة كرمان الفارسية ، تلقّى علومه في مدارس الدعوة الفاطمية ، وتتلمذ على المتضلّعين من علمائها ، ثُمّ ارتحل إلى القاهرة ; للتزوّد من العلوم ، فبلغ في نهاية المطاف مرتبة الحجّة ، وكان أن سمّي حجّة العراقين : فارس والعراق.

في سنة 408 ه- استدعي إلى القاهرة من قبل ختكين الضيف داعي الدعاة ; ليردّ على الدعوات الجديدة ، وليكافح البدع المستحدثة ، ومبدأ الغلو ، فألقى ووجّه الرسائل للمنشقّين والخارجين.

وفي سنة 411 ه- انتقل إلى رحمة اللّه ، مخلّفاً تراثاً علمياً اعتبر في أوساط الفاطميين المصدر الأساسي للعقيدة ، والينبوع الدفق للفلسفة الإسلامية (2).

وانظر في ترجمته أيضاً : الذريعة للطهراني (3) ، الأعلام للزركلي (4) ،

ص: 137


1- فهرست المجدوع : 48.
2- المصابيح في إثبات الإمامة : 10 ، مقدّمة المحقّق ، مصطفى غالب.
3- الذريعة 11 : 229 ، 20 : 83 ، 19 : 44.
4- الأعلام 1 : 156.

مستدركات أعيان الشيعة لحسن الأمين (1) ، معجم المؤلّفين لعمر رضا كحالة (2) ، هديّة العارفين للبغدادي (3) ، القرامطة لطه الولي (4) ، مقدّمة كتاب اسبوع دور الستر لعارف تامر (5).

وقد وقع الاختلاف في تاريخ وفاته ، قال طه الولي في كتابه القرامطة : توفّي سنة 408 ه- ( 1017 م ) على قول إيفانوف ، وسنة 411 ه- ( 1020 م ) على قول مصطفى غالب في كتابه أعلام الإسماعيليّة ، و412 ه- ( 1021 م ) على رأي محمّد كامل حسين (6).

ص: 138


1- مستدركات أعيان الشيعة 2 : 340.
2- معجم المؤلّفين 1 : 298.
3- هديّة العارفين 1 : 121.
4- القرامطة : 192.
5- اسبوع دور الستر : 39 ، مقدّمة المحقّق ، ضمن أربع رسائل إسماعيليّة.
6- القرامطة : 192.

ص: 139

كتاب المصابيح في إثبات الإمامة

قال حميد الدين الكرماني في مقدّمة الكتاب : أمّا بعد ، فإنّني لمّا رأيت سيّد العظماء وزين الوزراء ... ، فخر الملك ، وزير الوزراء - أطال اللّه بقاءه - مخصوصاً من اللّه بالفطنة والفهم ، ممنوحاً من الدراية والعلم ، متوّجاً بشرف الولاية النبويّة ، معتصماً بالعصمة العلوية ، متديناً بمحبّة العترة الطاهرة ، آل طه ويس ، وتخيّلت أنّ بعضاً من الشياطين الذين يوسوسون في صدور الناس من الأبالسة الملاعين قد تمكّن من عالي مجلسه ، وألقى إليه من الكلام ما أثّر في نفسه صدّاً عن سبيل اللّه ، وجرأة على اللّه وإخلالاً بطاعة اللّه ، وجحود الآيات من اللّه ، ثُمّ لم يكن في خدمته من كان له انبعاث في إظهار ما وصل إليه من مواد البركات من جهة أولياء النعمة وسادات الأمّة الذين افترض اللّه طاعتهم ، سلام اللّه على العابر والغابر ، والقائم منهم فينا والناظر ، بعثتني حميّة الدين ، وصدق الولاء واليقين ، وقضية ما أرجع إليه في اللّه من صحّة الاعتقاد ، وحكم ما افترض اللّه علي في سبيله من الجهاد على أن أقرّر وجوب الإمامة ، وصدق مقامات آل طه ويس من الأئمّة عليهم من اللّه التحية والسلام ، وصحّة إمامة القائم في عصرنا منهم مولانا أمير المؤمنين عبد اللّه ووليّه المنصور أبو علي الحاكم بأمر اللّه ، سلام اللّه عليه وعلى الأئمّة الطاهرين ، وافتراض طاعته ، واتّباعه بمقدار اليسير الذي تناهى إليّ من أنوارهم ، وأتي عليها ببراهين نيّرة لا ترد ،

ص: 140

ودلالات بيّنة لا تهد ، وأنْ أجعل ذلك إليه في كتاب ليقف عليه ، وينظر منه على صحّة المذهب الشريف ، والاعتقاد يتصور لديه رجاحة أهل الطاعة بما شملهم من فضل اللّه بالاستمرار ، ففعلت ، وسمّيته بكتاب « المصابيح في إثبات الإمامة » ... ، إذ المورود فيه من الدلالات كالمصابيح التي هي كالرجوم للشياطين ، وجعلته في مقالتين : إحداهما في إثبات المقدّمات التي يحتاج إليها في إثبات الإمامة ، وثانيتها في الإمامة.

ثمّ قال : والمقالتان تجمعان أربعة عشر مصباحاً يشتمل جميعها على مائة برهان ، وخمسة براهين (1).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في الفهرست : كتاب المصابيح في إثبات الإمامة لسيدنا حميد الدين أحمد بن عبد اللّه ، وهي مقالان : أحدهما في إثبات المقدمات التي يحتاج إليها في الإمامة ، وثانيهما في الإمامة ، والمقالتان تجمعان أربعة عشر مصباحاً ، يشتمل جميعها على مائة برهان ، وخمسة براهين.

المقالة الأولى :

في إثبات المقدمات ، سبعة مصابيح (2) :

الأوّل : في صدر الكتاب والبيان عن العلة الداعية إلى تقديم المقدمات ، وترتيبها على ما رتبت في برهان واحد.

الثاني : في إثبات الضائع.

ص: 141


1- المصابيح في إثبات الإمامة : 14 ، مقدّمة المؤلّف.
2- فهرست المجدوع : 121.

الثالث : في إثبات النفس ، وأنّها جوهر حي باق ، غير عالم في بدء وجودها.

الرابع : في إثبات الجزاء ، وأنّ داره غير دار الدنيا.

الخامس : في إثبات وجوب الشرايع والرسوم التي هي العمل.

السادس : في إثبات وجوب التأويل الذي هو العلم.

السابع : في إثبات الرسالة ووجوبها.

المقالة الثانية :

في إثبات الإمامة وهي سبعة مصابيح :

الأوّل : في إثبات ... (1).

الثاني : في إثبات وجوب عصمة الإمام.

الثالث : في إثبات بطلان اختيار الأمّة الإمام.

الرابع : في إثبات كون صحّة الإمامة بالنص من اللّه واختيار الرسول.

الخامس : الإمامة بعد ... (2) ، دون غيره.

السادس : في أنّ الإمامة بعد مجيء النص بها إلى جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) لإسماعيل دون أخوته.

ص: 142


1- بياض في الأصل ( المطبوع ) ، وفي كتاب المصابيح المطبوع هكذا : المصباح الأوّل من المقالة الثانية في إثبات الإمامة ووجوبها.
2- بياض في الأصل ، وفي المصابيح المطبوع هكذا : في أنّ الإمامة بعد النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) لأمير المؤمنين عليّ بن أبى طالب دون غيره.

السابع : في إثبات وجوب إمامة صاحب الزمان الحاكم بأمر اللّه ( عليه السلام ).

وقد قال بعضهم شعراً :

إنْ كُنْتَ تَأْخُذ مِن نُصْحِي وَتَرْجِيحي *** فلا تمل دَريساً فِي المصابيحِ (1)

قال الدكتور مصطفى غالب في مقدّمة تحقيق كتاب المصابيح : الكتاب الذي نضعه بين أيدي العلماء والباحثين ، يعتبر من أهم المصادر الفاطمية التي عالجت موضوع الإمامة بطريق المنطق والعقل ، وقد أشار إليه أكثر علماء الدعوة ، واستندوا إلى فقراته ، ونوّهوا بما حواه من براهين وحجج مدعومة بالمنطق والبيان ، ومن الجدير بالذكر أنّ الكرماني جعله باباً مدخلاً لكتابه القيّم « راحة العقل » (2).

ونسبه إليه أيضاً : الطهراني في الذريعة (3) ، وطه الولي في كتابه القرامطة (4).

ص: 143


1- فهرست المجدوع : 121.
2- المصابيح في إثبات الإمامة : 8 ، مقدّمة المحقّق.
3- الذريعة 21 : 78.
4- القرامطة : 194.

(9) الرسالة الوضيئة أو معالم الدين

الحديث :

الأوّل : قال : وفارق العالم ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) والشريعة كاملة ، والدين كامل ، قال اللّه تعالى : ( ... ) وخلّف في الناس الثقلين : كتاب اللّه وعترته الذين هم الأئمّة ( عليهم السلام ) يقوم خلف مقام سلف إلى أن يتمّ اللّه تعالى أمره (1).

الثاني : قال : نقول : واعلم أنّ بيننا وبين المعبود الحق - تعالى كبرياؤه - حدوداً عشرة ، منها خمسة روحانيون في عالم العقل ، مثل : القلم واللوح وجبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، وخمسة جسمانيون ، مثل : الناطق والأساس والإمام والحجّة والداعي ، وكل واحد من هذه الحدود مترتب ، وبالبعض بالبعض مرتبط حتّى كأنّه حبل واحد أعلاه القلم ، وآخره الداعي ومستجيبوه ، ولذلك قال النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « ألا إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، طرف منه بيد اللّه تعالى ، وطرف منه بأيديكم ، فتمسّكوا بهما ، فإنّكم لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما ، وقد سألت ربّي أن يردا على الحوض كهاتين » وأشار بالمسبحتين (2).

ص: 144


1- الرسالة الوضيئة : 97 ، الفصل التاسع في معرفة ما جاءت به الأنبياء.
2- الرسالة الوضيئة : 111 ، الفصل الثاني عشر : في معرفة ما بين المؤمن وبين من يتولاّه من الحدود.

ص: 145

الرسالة الوضيئة أو معالم الدين

نسبها إليه إبراهيم بن الحسين الحامدي في كنز الولد ، قال : وقول سيّدنا حميد الدين من الرسالة الوضيئة من رسائله في صورة أقسام الموجودات في الدائرة (1).

قال إسماعيل المجدوع في الفهرست : كتاب معالم الدين المعروف بالرسالة الوضيئة لسيّدنا حميد الدين ( قس ) ، وهي تشتمل على مقالتين : أوّلهما في قانون عبادة اللّه وأقسامها ، وشرح أقسام ما يتعلّق منها بالعبادة العلميّة ، وآخرهما في شرح أقسام ما يتعلّق منها بالعبادة العمليّة ، وجميع ما تجمعه خمس وعشرون فصلا.

المقالة الأولى :

في العبادة العلمية ، تشتمل سبعة عشر فصلا :

الأوّل : في القول على قانون عبادة اللّه ، وأنّها عبادتان علم وعمل.

الثاني : في معرفة الأولى من العبادتين التي تكون بالعلم وأقسامه.

الثالث : في معرفة الثانية من العبادتين تكون بالعمل وأقسامه.

الرابع : في معرفة جملة الكلام على التوحيد.

ص: 146


1- كنز الولد : 176.

والخامس : في معرفة الملائكة.

والسادس : في معرفة الأنبياء.

والسابع : في معرفة الأوصياء.

والثامن : في معرفة الأئمّة.

والتاسع : في معرفة ما جاءت به الرسل من الكتب والشرائع ، وما أخبرت عنه من الجنّة والنار والبعث والحساب والثواب والعقاب واليوم الآخر.

والعاشر : في جملة الكلام على الموجودات.

والحادي عشر : في تفسير جملة الكلام على الطبيعات ، وما وجد في الكتب ذكره.

والثاني عشر : كيفية التولّي للحدود ، والتبرّي من أعدائهم.

والثالث عشر : في كيفية اتّصال الموجودات بعضها ببعض.

والخامس عشر (1) : في جملة الكلام على وجوب التأويل عما جاء به النبيّ من التنزيل والشريعة.

والسادس عشر : في جملة الكلام على العقل والنفس والهيولي والصورة.

ص: 147


1- الرابع عشر غير موجود في النسخ ، قال محقق الكتاب : واما الرابع عشر فغير موجود في جميع النسخ.

والسابع عشر : في وجوب البيعة ، وأخذ العهد والميثاق ، وكُلّ ذلك من أقسام العبادة العلمية.

المقالة الثانية :

في العبادة العملية ، تجمع على ثمانية فصول :

الأوّل : في الشهادة والطهارة وما يتبعهما.

والثاني : في الصلاة وتوابعها.

والثالث : في الزكاة وتوابعها.

والرابع : في الصوم وتوابعه.

والخامس : في الحج وتوابعه.

والسادس : في الجهاد.

والسابع : في الأخلاق الفاضلة.

والثامن : في ما يلحق العبادتين من الآداب والوصايا.

وكُلّ ذلك من أقسام العبادة العملية (1).

قال الطهراني في الذريعة : الرسالة الوضيئة للداعي أحمد حميد الدين الكرماني من دعاة الفاطميين ، صاحب الرسالة الواعظة. طبع بمصر أخيراً (2).

ص: 148


1- فهرست المجدوع : 127.
2- الذريعة 11 : 229.

ونسبها إليه مصطفى غالب في مقدّمة كتاب المصابيح (1) ، وطه الولي في كتابه القرامطة (2).

ص: 149


1- المصابيح في إثبات الإمامة : 11 ، مقدّمة المحقّق.
2- القرامطة : 195.

(10) راحة العقل

الحديث :

قال : ثمّ وجود الانبعاث من الإبداع الذي هو المبدع الأوّل عن إحاطته بذاته ، واغتباطه بها ، فلم يوجد الإبداع الذي هو المبدع الأوّل ، ولا هو محيط بذاته ، ولا هو مغتبط بها ، بل وجد وهو كذلك محيط ومغتبط ، وكونه على ذلك يلزم أن تكون الموجودات عنه وجودها لا بزمان بل معا ، يدلّ على ذلك ويصحّحه شهادة عالم الدين من اقتران الوصاية بالنبوّة ، والكتاب بالوصي ، وقول النبي الناطق صلوات اللّه عليه : « ألا إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، طرف منه بيد اللّه ، وطرف منه بأيديكم ، فتمسّكوا بهما ، فإنّكم لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما ، وقد سألت ربّي أن يردا على الحوض كهاتين » وأشار بالمسبحتين من يديه جميعاً ، وقال : « ولا أقول كهاتين » وجمع بين المسبحة والوسطى من يده الواحدة « أحدهما تسبق الأخرى » (1).

ص: 150


1- راحة العقل : 260 ، المشرع السابع.

ص: 151

كتاب : راحة العقل

نسب المؤلّف هذا الكتاب إلى نفسه في كتابه الآخر المصابيح في إثبات الإمامة (1).

ونسبه إليه إبراهيم بن الحسين الحامدي في كنز الولد (2).

قال إسماعيل المجدوع في فهرسته : كتاب راحة العقل لسيّدنا ومولانا حميد الدين أحمد بن عبد اللّه الكرماني ، يتضمّن سبعة أسوار ، كل سور يشتمل على مشارع سبعة ، والسور السابع يشتمل على أربعة عشر مشرعاً ، وفي المشرع السادس من السور الرابع ذكر الحدود العلوية ، وهي هذه :

الحدود العلوية :

الموجود الأول هو المبدع الأول...................................الفلك الأعلى

الموجود الثاني هو المنبعث الأول.................................... الفلك الثاني

الموجود الثالث......................................... الفلك الثالث ( زحل )

الموجود الرابع........................................ الفلك الرابع ( المشتري )

ص: 152


1- المصابيح في إثبات الإمامة : 42.
2- كنز الولد : 26 ، 88 ، 154.

الموجود الخامس.......................................الفلك الخامس ( المريخ )

الموجود السادس....................................الفلك السادس ( الشمس )

الموجود السابع........................................الفلك السابع ( الزهرة )

الموجود الثامن.........................................الفلك الثامن ( عطارد )

الموجود التاسع.........................................الفلك التاسع ( القمر )

الموجود العاشر........................................مادون الفلك من الطبائع

الحدود السفلية :

الموجود الأول.....................................................رتبة التنزيل

الموجود الثاني هو الأساس..........................................رتبة التأويل

الموجود الثالث هو الإمام............................................رتبة الأمر

الموجود الرابع هو الباب.......................رتبة فصل الخطاب الذي هو الملك

الموجود الخامس هو الحجّة....................رتبة الحكم فيما كان حقاً أو باطلاً

الموجود السادس هو داعي البلاغ..................رتبة الاحتجاج وتعريف المعاد

الموجود السابع هو الداعي المطلق......رتبة تعريف الحدود العلوية والعبادة الباطنية

الموجود الثامن هو الداعي المحدود.....رتبة تعريف الحدود السفلية والعبادة الظاهرة

الموجود التاسع هو المأذون المطلق........................رتبة أخذ العهد والميثاق

الموجود العاشر هو المأذون المحدود ( المكاسر )......رتبة جذب الأنفس المستجيبة

ص: 153

وذكر في المشرع الثاني من السور السادس صورة اتّصال الطبائع وصورة اتّصال الحدود. فصورة اتّصال الطبائع هي هذه :

* الحرارة جامعة للهواء والنار.

* البرودة جامعة للماء والأرض.

* اليبوسة جامعة للنار والأرض.

* الرطوبة جامعة للماء والهواء.

* النار تجمع الحرارة واليبوسة.

* الهواء يجمع الرطوبة والحرارة.

* الأرض تجمع اليبوسة والبرودة.

* الماء يجمع البرودة والرطوبة.

صورة اتصال الحدود :

الدعوة الظاهرة التي هي الأمور الشرعيّة ، الجامع للمؤمنين والأبواب.

الدعوة الباطنية الجامعة للحجج والدعاة.

التعليم الجامع للدعاة والمؤمنين.

السياسة والولاية الجامعة للأبواب والحجج.

الباب يجمع الدعوة والأمور السياسة.

الداعي يجمع الدعوة والتعليم.

ص: 154

المؤمن يجمع الدعوة الظاهرة والباطنة.

صورة الأمور السلطانية :

طاعة الإمام جامعة للملوك والرعايا.

الجبابة جامعة للوزراء والعمّال.

السياسة مشتركة.

الإعطاء جامع للعمّال والرعايا.

الملك يجمع الطاعة والسياسة.

الوزير يجمع السياسة والجباية.

العامل يجمع الجباية والإعطاء.

الرعايا تجمع الإعطاء والطاعة.

وفي المشرع الخامس من السور الرابع كلام من « التوراة » لا يفهم إلاّ بمترجم ، ومعناه : بعشرة أوامر خلق العالم ، وعلى عشر كلمات يثبت العالم ، ويكون اللّه لك كنوز العالم (1).

قال الكاتب الإسماعيلي عارف تامر : أشهر كتبه « راحة العقل » الذي قلّما يوجد بين كتب الفلاسفة الإسلاميين ما يعادله قوّة وعمقاً (2).

ص: 155


1- فهرست المجدوع : 280.
2- أسبوع دور الستر : 40 ، مقدّمة المحقّق ، ضمن أربع رسائل إسماعيليّة ، تحقيق عارف تامر.

قال الطهراني في الذريعة : راحة العقل ، تأليف : الداعي أحمد حميد الدين بن عبد اللّه الكرماني المتوفّى ( 412 ) طبع في بمبئي ، وهو من دعاة الإسماعيليّة الفاطمية بمصر (1).

ونسبه إليه أيضاً : الزركلي في الأعلام ، وقال : ومن أعظم كتبه راحة العقل ، طبع في مجلّد (2).

ونسبه إليه مصطفى غالب في مقدّمة كتاب المصابيح (3) ، ورضا كحالة في معجم المؤلّفين (4) ، والسيّد حسن الأمين في مستدرك الأعيان (5).

قال طه الولي في كتابه القرامطة : ألّف هذا الكتاب بطريقة تجعله عبارة عن مدينة لها أسوار ، ولكل سور شوارع.

وعدد الأسوار الرئيسية سبعة ، تقابل سبعة كواكب ، وهي : زحل ، والمشتري ، والمريخ ، والشمس ، والزهرة ، وعطارد ، والقمر.

ثمّ إنّ الشوارع تقابلها أفلاك أخرى ، كبيرة وصغيرة.

والهدف من كل هذه التسميات والتقسيمات هو الوصول إلى غرض واحد ، وهو التأويل الباطني الذي يعتبر لبّ التفكير القرمطي.

إلى أن قال : وهذا الكتاب يعتبر من أهم كتب هذا القرمطي الإسماعيلي العبيدي.

ص: 156


1- الذريعة 10 : 56.
2- الأعلام 1 : 156.
3- ) المصابيح في إثبات الإمامة 11 ، مقدّمة المؤلّف.
4- معجم المؤلّفين 1 : 298.
5- مستدركات أعيان الشيعة 2 : 340.

وقد طبع لأوّل مرّة سنة 1952م بالقاهرة من قبل الدكتور محمّد كامل حسين ، ومحمّد مصطفى حلمي ، ثمّ طبع مرّة أخرى سنة 1967م ببيروت من قبل مصطفى غالب (1)

ص: 157


1- القرامطة : 194.

(11) الرياض في الحكم بين الصادين

الحديث :

قال : إنّ الموجود عند العقل الأوّل الذي هو في عالمه كالناطق في عالم الجسم ، إنّما هو التالي الذي هو النفس والهيولا معاً كالكتاب والأساس الموجودين من جهة الناطق ، يشهد بذلك ما فعله النبي من الجمع بين الكتاب والعترة الذين وجودهما منه حين قال : « ألا إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، طرف منه بيد اللّه ، وطرف منه بأيديكم ، فتمسّكوا بهما ، لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما ، وقد سألت ربّي أن يردا عليّ الحوض كهاتين » وجمع بين المسبحتين من يديه جميعاً ، وقال : « ولا أقول كهاتين » وأشار بإصبعيه المسبحة والوسطى من يده الواحدة « إحداهما تسبق الأخرى ، ناصرهما لي ناصر ، وخاذلهما لي خاذل » (1).

ص: 158


1- الرياض : 70 ، الفصل السادس عشر من الباب الأوّل.

ص: 159

كتاب : الرياض في الحكم بين الصادين

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في الفهرست : كتاب الرياض لسيّدنا حميد الدين في الإصلاح بين الشيخين أبي يعقوب وأبي حاتم الرازي ، فيما أورد أبو حاتم في كتاب الإصلاح ، وأبو يعقوب في كتاب النصرة في شرح ما قاله الشيخ الحميد في كتاب المحصول ، وفي كتاب الرياض المذكور فصل الخطاب وإبانة الحق المتجلّي عن الارتياب.

والكتاب يجمع عشرة أبواب ، يشتمل جميعها على مئة وسبعة وخمسين فصلاً :

الباب الأوّل : فيما تكلّم عليه في باب النفس الذي هو المنبعث الأوّل ، ثمانية وثلاثون فصلاً.

الباب الثاني : في باب ما تكلّم عليه من العقل الذي هو المبدع الأوّل ، تسعة فصول.

الباب الثالث : فيما تكلّم عليه في باب النفس والهيولا ، وهل يشبهان الأوّل أم لا؟ ستّة فصول.

الباب الرابع : فيما تكلّم عليه من كون النفوس أجزاء أجزاء ، وآثاراً من الحقائق الأولى في ثمانية فصول.

ص: 160

الباب الخامس : فيما تكلّم عليه من كون البشر ثمرة العالم الجسماني ، سبعة فصول.

الباب السادس : فيما تكلّم عليه في باب الحركة والسكون والهيولا والصورة ، تسعة فصول.

الباب السابع : فيما تكلّم عليه في باب أقسام العالم ، سبعة فصول.

الباب الثامن : فيما تكلّم عليه في باب القضاء والقدر ، أربعة وعشرين فصلاً.

الباب التاسع : فيما تكلّم عليه في باب شريعة آدم ووصيّه إلى نوح ، ثلاثة وثلاثين فصلاً.

الباب العاشر : فيما أهمل إصلاحه من كتاب « المحصول » في باب التوحيد والمبدع الأوّل ممّا كان بإصلاحه ممّا تكلّم عليه ، ستّة عشر فصلاً.

وهو كتاب عزيز يحتاج فيه إلى الفكر الصافي ، وحسن التمييز.

وقد قال مولانا عبد القادر بن المولى خان صاحب شعراً :

كتاب الرياض رياض النعيم *** وبستان علم بها جارية

فمن كان يَرتَعُ فيها دواماً *** ويشربُ من مائها الصافية

كأنّه يَرتَع بين الرياض *** قطوف أثمار بها دانية

وقال فيه أيضاً الشيخ الفاضل والبحر المحيط الشامل لقمان جي بن حبيب اللّه شعراً :

ص: 161

يا حبّذا الموسوم بالرياض *** رياض علم خضرة الألحاظ

في الحكم بين الداعيين صاحبي *** « الإصلاح » و « النصرة » بالحفاظ

للحجّة الحميد ديناً مصلحاً *** بينهما بأوضح الألفاظ (1)

ونسبه إليه الدكتور مصطفى غالب في مقدّمة المصابيح (2).

وكذا نسبه إليه الكاتب الإسماعيلي عارف تامر في مقدّمة رسالة أسبوع دور الستر ، وقال في الهامش : حقّقه عارف تامر ، منشورات دار الثقافة (3).

ونسبه إليه أيضاً الطهراني في الذريعة (4).

قال طه الولي في كتابه القرامطة : كتاب الرياض في الحكم بين الصادين ، أو الإصلاح بين الشيخين ، قال الكرماني : « ووسمته بكتاب الرياض في الحكم بين الصادين : صاحب « الإصلاح » وصاحب « النُصرة » لكونه فيما نجمله من أقاويلهما ، وما نورده فصلاً بينهما ، وبياناً لما استمرّ من الخطأ ، وما أهّل إصلاحه من كتاب المحصول ».

في هذا الكتاب يناقش المؤلّف الخلافات التي وردت في ثلاثة كتب قرمطية ، وهي كتاب « المحصول » للنسفي ، وكتاب « الإصلاح » لأبي حاتم الرازي ، وكتاب « النُصرة » للسجزي. وجميع هذه الكتب الثلاثة لمؤلّفين

ص: 162


1- فهرست المجدوع : 254.
2- المصابيح في إثبات الإمامة 11 ، مقدّمة المحقّق.
3- أسبوع دور الستر : 40 ، مقدّمة المحقّق ، ضمن أربع رسائل إسماعيليّة ، تحقيق عارف تامر.
4- الذريعة 24 : 174.

قرامطة من فئة الدعاة.

توجد نسخة مخطوطة من هذا الكتاب في المكتبة المحمّدية الهدانية بالهند ، وأخرى في مكتبة طهران ، وقد نسخ هذا الكتاب في العصور الحديثة مرّتين : الأوّل سنة 1354 ه- ، والثاني في السنة التالية 1355 ه-. وعليهما اعتمد عارف تامر بطبع هذا الكتاب سنة 1960 م ، بيروت (1).

ص: 163


1- القرامطة : 195.

مؤلّفات المؤيّد في الدين هبة اللّه الشيرازي ( ت 470 ه- )

( 12 ) المجالس المؤيّدية

الحديث :

الأوّل : قال : فعليكم بتمسّككم بما خلّفه النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) فيكم من كتاب اللّه وعترته اللذين هما الثقلان ، فقال ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض » (1).

الثاني : قال : كان علي بن أبي طالب والأئمّة من ذرّيّته عليه وعليهم السلام بكونهم أهل الذكر أحق وأولى ; إذ هم الكتاب الناطق الذي يحكم على الكتاب الصامت ، كما قال النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) تصديقاً لذلك : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي » الخبر المشهور (2).

الثالث : قال : فالوصي والأئمّة من ذرّيّته عليه وعليهم السلام هم الذين يقوم بهم إعجاز القرآن ، ويقومون له بمبين البرهان ، وهم الثقلان اللذان أشار النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) إليهما ، وذكر أنّه تاركهما (3).

ص: 164


1- المجالس المؤيّديّة ، المائة الأولى : 111 ، المجلس : 23.
2- المجالس المؤيّديّة ، المائة الأولى : 223 ، المجلس : 45.
3- المجالس المؤيّديّة ، المائة الأولى : 418 ، المجلس : 84.

الرابع : قال : وغيبة النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) مستحيلة ، وأَزْره بوصيّه صلوات اللّه عليه مشدود ، ونظام الإمامة قائم في ولده لكل وقت منهم إمام موجود ، يدلّ على ذلك قول اللّه سبحانه ( ... ) ويدلّ عليه أيضاً قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » إلى قوله : « وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

الخامس : قال : وإنّما ألفاظ القرآن الواردة في مثل ذلك مخرجة على صيغة يأخذ منها الجاهل بحسب جهله ، والعاقل على قدر عقله ، ومقيّدة بالثقل الذي هو أهل بيت نبيّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، فلا يكاد يصحّ معلوم من معانيه إلاّ ما جعلوه للناس معلوماً ، وما قرّروه في نفوسهم فيصير مفهوماً ، كما قال النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي » الخبر المشهور ، وأردفه بقوله : « وإنّهما لن يفترقا » (2).

السادس : قال : ونبذوا قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) وراء ظهورهم ، إذ قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا » (3).

السابع : قال : وأوصيكم بتقوى اللّه العظيم ، واتّباع صراطه المستقيم الذي إن لزمتموه لم تزلّوا ، وإن تمسّكتم به لن تضلّوا ، وأنّهما كتاب اللّه والأئمّة من آل رسول اللّه ، وهما الثقلان المتروكان في الثقلين ، والسبيلان المسيّران لنجاة الخافقين ، وأنّهما كما قال النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) « لن يفترقا حتّى يردا على الحوض كهاتين » ، وجمع بين أصبعيه المسبحتين (4).

ص: 165


1- المجالس المؤيّدية ، المائة الأولى : 427 ، المجلس : 86.
2- المجالس المؤيّدية ، المائة الأولى : 471 ، المجلس : 94.
3- المجالس المؤيّدية ، المائة الثالثة : 31 ، المجلس : 9.
4- المجالس المؤيّدية ، المائة الثالثة : 59 ، المجلس : 20.

الثامن : قال : أوصيكم بالتقوى التي من تمسّك بها نجا ، والتمسّك بعترة نبيّكم ، إنّهم النجوم المهتدى بهم في غياهب الدجى ، وأذكّركم قول النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، وأنّهما بعدي لن يفترقا حتّى يردا على الحوض كهاتين » وجمع بين اليدين بين أصبعين المسبحتين ، ثمّ قال : « ولا أقول كهاتين » وجمع بين أصبعيه المسبحة والوسطى « فإنّ إحدهما تسبق الأولى » (1).

ص: 166


1- المجالس المؤيّدية ، المائة الثالثة : 189 ، المجلس : 64.
المؤيّد في الدين هبة اللّه الشيرازي

يحتلّ المؤيّد في الدين مكانة مرموقة عند الإسماعيليّة ، ويعتبر من علمائهم الكبار ، حتّى وصفه إبراهيم بن الحسن الحامدي - وهو من كبار الإسماعيليّة - بسيدنا المؤيّد في الدين (1).

قال الشيخ المجدوع في فهرسته : سيدنا الأجل ، داعي الدعاة ، المؤيّد في الدين ، عصمة المؤمنين ، صفي أمير المؤمنين ووليّه وبابه ، أبو نصر ، هبة اللّه بن موسى الشيرازي ، أعلى اللّه قدسه ، ورزقنا شفاعته وأنسه (2).

قال الدكتور الإسماعيلي مصطفى غالب : داعي الدعاة المؤيّد في الدين هبة اللّه الشيرازي الذي عرف في تاريخ الأدب العربي بمناظرته مع أبي العلاء المعرّي حول تحريم أكل اللحوم.

جاء من شيراز في فارس إلى مصر ، مقرّ الخلافة الفاطمية ، وأقام بها زهاء ثلاثين عاماً ، عمل خلالها على نشر العقائد الإسماعيليّة ، فكان له تأثير كبير في الحياة العقلية ، وفي القاهرة أنشد المؤيّد أكثر قصائد ديوانه ، وألقى مجالسه التي بلغت الثمانمائة مجلس.

قيل : إنّه ولد سنة 390 ه- ، وتوفّى في القاهرة سنة 470 ه- ، وصلّى

ص: 167


1- كنز الولد : 11.
2- فهرست المجدوع : 40.

عليه الخليفة الفاطمي المستنصر باللّه (1).

قال العلاّمة الأميني في الغدير : هبة اللّه بن موسى بن داود الشيرازي ، المؤيّد في الدين ، داعي الدعاة ، أوحدي من حملة العلم ، وفذّ من أفذاذ الأمّة ، وعبقري من جلّة أعلام العلوم العربية ... ، كان من الدعاة إلى الفاطمية منذ بلغ أشدّه في كل حاضرة حلّ بها ، وله في تلك الدعوة خطوات واسعة ، وهو كما وصف نفسه للمستنصر باللّه بقوله في سيرته صفحة 99 : وأنا شيخ هذه الدعوة ، ويدها ولسانها ، ومن لا يماثلني أحد فيها ....

ولد بشيراز حوالي سنة 390 ه- ، كما يظهر من شعره ، وبها شبّ ونما ، إلى أن غادرها سنة 429 ه- ، ويمّم الأهواز ... ، ثمّ عاد إلى مصر بعد مدّة ، فقطن فيها بقيّة حياته إلى أن توفّي بها سنة 470 ه-.

وللمؤيّد آثار علمية ، تنمّ عن طول باعه في الحجاج والمناظرة ، وعن سعة اطلاعه عن معالم الدين.

ثمّ قال الأميني : توجد ترجمة شاعرنا المترجم له بقلمه في كتاب أفرده في سيرته بين سنة 429 ه- ، وسنة 450 ه- ، وهو المصدر الوحيد للباحثين عن ترجمته ، طبع بمصر في 184 صفحة ، وللأستاذ محمّد كامل حسين المصري بكلّيّة الآداب دراسة ضافية حول حياة المترجم بحث عنها من شتّى النواحي (2).

قال الطهراني في الذريعة : وهو أبو نصر ، هبة اللّه بن موسى بن

ص: 168


1- كنز الولد : 11 ، في الهامش ، وانظر : أعلام الإسماعيليّة : 596.
2- الغدير 4 : 311.

عمران بن داود ، داعي الدعاة للخلفاء الفاطميين بمصر ، لقّبه السلطان أبو كالنجار البويهي المتوفّى 440 ه- بالمؤيّد في الدين في كتاب أرسله من شيراز إلى المؤيّد بعد وصوله إلى مصر في 438 ه- ، كما ذكره المؤيّد نفسه في السيرة المؤيّدية (1).

قال طه الولي في كتابه القرامطة : وترك مؤلّفات كثيرة في المذهب القرمطي ، وهي ما تزال معتمدة من قبل الإسماعيليّين إلى اليوم ، وله شعر يكاد لا تخلو قصيدة فيه من ذكر الولاية والإشارة إلى طاعة الأئمّة ، وأنّ علياً والأئمّة من ذرّيّته هم الذين اختصّوا بتأويل القرآن دون غيرهم من الناس (2).

ص: 169


1- الذريعة 9 : 1128 ، وانظر في ترجمته أيضاً : مستدركات علم رجال الحديث 6 : 341 ، الأعلام 8 : 75 ، معجم المؤلّفين 13 : 144 ، القرامطة لطه الولي : 199.
2- القرامطة : 200.
كتاب : المجالس المؤيّديّة

نسبه إليه الحامدي في كنز الولد (1).

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في فهرسته : المجالس المؤيّديّة ، وهي ثمانمائة مجلس ، كل مائة منها مجلّد برأسه.

وقد نظم سيدنا ومولانا حاتم بن إبراهيم ( قس ) جميع ما أتى في مجالسه من المعاني الشريفة والحكم اللطيفة إلى إخوانه وأمثاله ; إذ سأل بذلك بعض الإخوان ليسهل استخراج ما يراد استخراجه منها إذا احتيج إليه ، في مجموع ، ووسمه بكتاب « جامع الحقائق » لكونه جامعاً لكل حقيقة ، ومحتوياً على كل شعبة من الحق والطريق.

وعدّة أبوابه ثمانية عشر باباً :

الباب الأوّل : يشتمل على ذكر التوحيد ، وفيه خمسة عشر فصلاً.

الباب الثاني : يختصّ بذكر المبدع الأوّل ، وما ذكر في جميع مجالسه في ذكر عالم الأمر ، فيه أربعة وعشرون فصلاً.

الباب الثالث : في ذكر رسول اللّه وفضله.

ص: 170


1- كنز الولد : 13.

الباب الرابع : فيما يختصّ بذكر رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) وذكر وصيّه ، وفيه اثنان وثلاثون فصلاً.

الباب الخامس : فيما يختصّ بذكر أمير المؤمنين مولانا عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ، وفيه مائة وثمانية فصول.

الباب السادس : فيما يختصّ بذكر الأئمّة ( عليهم السلام ) ، وأنّ الإمامة في العقب في واحد بعد واحد ومولود عقب والد ، وأنّها لا تعود القهقرى ، وأنّ الإمامة جارية في كُلّ عصر وزمان ، لا انقطاع لذلك ، وفي هذا الباب أيضاً ذكر ما يجب لهم ، وفيه خمسة وأربعون فصلاً.

الباب السابع : فيما يختصّ بذكر الحدود ، وما يجب لهم ، وفيه إحدى وأربعون فصلاً.

الباب الثامن : فيما يختصّ بذكر المادة والمائية والوحي إلى الأنبياء والأوصياء والأئمّة ( عليهم السلام ) في كُلّ عصر وزمان ، وفيه اثنان وخمسون فصلاً .... (1)

الباب العاشر : فيما يختصّ بذكر وجوب أخذ العهد ، ووجوب التأويل وصحّته ، وفيه أربعون فصلاً.

الباب الحادي عشر : فيما يختصّ بالرد على الغلاة ، وأهل التناسخ ، وعلى من يعطّل الشريعة ، أو أخلّ بشيء منها ، والتبرّي ممن فعل شيئاً من ذلك ، واللعن لفاعله ، وفيه أربعة وعشرون فصلاً.

الباب الثاني عشر : فيما يختصّ بالرد على الفلاسفة وأهل التعطيل

ص: 171


1- ولم يذكر المجدوع الباب التاسع.

وأهل النجوم ، وفيه اثنا عشر فصلاً.

الباب الثالث عشر : فيما يختصّ بذكر الرد على المعرّي والثغوري والمعتزلة ، والرد على أهل الظاهر وعلى اليهود ، وفيه أربعون فصلاً.

الباب الرابع عشر : يشتمل على ذكر أضداد الوصي والأئمّة ( عليهم السلام ) وضدّ كُلّ ناطق ، وذكر إبليس كُلّ عصر وزمان ، وفيه سبعون فصلاً.

الباب الخامس عشر : فيما يختصّ بذكر ما في المجالس من ذكر موعظة ومناجاة ، وخطبة ودعاء ، وفيه ذكر امتحان أولياء اللّه تعالى عليهم السلام ، ينقسم إلى تسعة عشر فصلاً.

الباب السادس عشر : فيما يختصّ بذكر فضل قائم القيامة « عليه السلام » وفيه ثمانية وعشرون فصلاً.

الباب السابع عشر : فيما يختصّ بذكر المعاد والثواب لأهل الثواب ، وفيه أيضاً شيء من ذكر أهل العذاب - نعوذ باللّه منه - وفيه تسعة وعشرون فصلاً.

الباب الثامن عشر : فيما يختصّ بذكر أهل العذاب ، وهذا الباب آخر الكتاب ، وفيه أربعة فصول (1).

قال العلاّمة الطهراني في الذريعة : المجالس المؤيّدية للمؤيّد في الدين ، داعي الدعاة ، هبة اللّه بن موسى بن داود الشيرازي ، المولود بها حدود 390 ه- ، والمتوفّى 470 ه- ، طبع ظاهراً في ثلاث مجلّدات ، فيها ثمانمائة محاضرة في بيان المذاهب والعقائد الفاطمية ... ، ورتّب المجالس

ص: 172


1- فهرست المجدوع : 173.

حاتم بن إبراهيم في ثمانية عشر باباً ، وسمّاه جامع الحقائق ... ، ابتدأ في كُلّ مجلس بالبسملة والتحميد والصلوات ، ثُمّ آية من القرآن ، أو كلام من النبيّ ، ويشرع في شرحهما (1).

ونسبه إليه أيضاً : العلاّمة الأميني في الغدير (2) ، والزركلي في الأعلام (3) ، وعمر رضا كحالة في معجم المؤلّفين (4).

قال طه الولي في كتابه القرامطة : كتاب المجالس المؤيّدية ، وهو من أهمّ كتب هذا الداعي القرمطي ، ويضمّ مجموعة المجالس - المحاضرات - التي كان يلقيها المؤيّد في مجالس الدعوة ، ويشرح فيها المذهب القرمطي ( الإسماعيلي ) ، وعددها ثمانمائة ، ويرجّح الدكتور محمّد كامل حسين أنّ الشيرازي ألقى هذه المجالس بعد ارتقائه إلى رتبة داعي الدعاة سنة 451 ه- (5).

ص: 173


1- الذريعة 19 : 371.
2- الغدير 4 : 312.
3- الأعلام 8 : 75.
4- معجم المؤلّفين 13 : 144.
5- القرامطة : 200.

( 13 ) المجالس المستنصرية

الحديث :

قال : فالقرآن العظيم هو هذا الكتاب الكريم ، وقرينه في التأويل الحكيم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والتسليم ; لأنّه في زمانه قرين القرآن ، والقرآن قرينه ، وإنّما يسمّى الكتاب قرآنا لاقترانه بالعترة ، بيّن ذلك قول رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » فالقرآن قرين لكل واحد من الأئمّة الطاهرين ، ذرّيّة الرسول الأمين (1).

ص: 174


1- المجالس المستنصرية : 22.

ص: 175

كتاب : المجالس المستنصرية

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في الفهرست : كتاب المجالس المستنصرية لسيدنا المؤيّد في الدين ( قس ) ، وهي خمسة وثلاثون مجلساً ، من مجالس الحكمة ، في بيان فضل العدّة التي هي تسعة عشر ; لكونها مقابلة لعدد كلمات إقامة الصلاة وحروف « بسم اللّه الرحمن الرحيم » ومن الشهادة لفصولها السبعة ، وحروفها الاثني عشر التي هي تسعة عشر ، وفي شرح ما في كل واحد من حقوق الشهادة التي هي سبع دعائم من الولاية ، والطهارة ، والصلاة ، والزكاة ، والصوم ، والحج ، والجهاد ، وسننها الاثني عشر من برّ الوالدين وصلة الرحم ، وحفظ الجار ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والصدق في المواطن ، وحسن معاشرة الأزواج ، والرفق بالمماليك ، وافشاء السلام ، وإطعام الطعام ، وصلة الإخوان ، وعيادة المرضى ، المقابلة لفصول الشهادة وحروفها التي جملتها من العدد تسعة عشر ، وقد أسّس ( عليه السلام ) كل مجلس من مجالسه على نوع من الإنشاء البديع ، وذلك أنّه أتى فى كل مجلس بعد التحميد بلون من النصائح ، ثمّ أخذ في شرح ما في كل حق من حقوق الشهادة من السبعة والاثني عشر ، ثُمّ في شيء من تلاوة القرآن من أوّله على ترتيبه ، والإيضاح على ما فيه من البيان بحسب ما يليق بالمجلس ، ثمّ بإسناد من الأئمّة ممّا كان ورد في ذكر الحق الذي أخذ فيه مما يوافق ما في المجلس ، ثمّ ختم المجلس كما افتتحه بالتحميد ، وهكذا في كل مجلس من المجالس شيئاً منها ، والموجود فيه من شرح حقوق الشهادة إلى آخر ذكر السلام ، ومن

ص: 176

تلاوة القرآن والتفسير للآية ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ ) إلى قوله ( وَمَا اللّهُ بِغَافِل عَمَّا تَعْمَلُونَ ) وفي آخره من المجلس السادس والعشرين بيان الصيام وما فيه من إحدى وأربعين وجهاً ، وما هي الوجوه ، وما الذي يفسر به ، وغير ذلك من الاحتجاج على العامة في أمر الهلال (1).

قال الطهراني في الذريعة : المجالس المستنصرية في خمسة وثلاثين مجلساً ، من إملاء داعي الإسلام الثقة ، الإمام المؤيّد في الدين هبة اللّه بن موسى الشيرازي المتوفّى 470 ه- ، داعي دعاة المستنصر ، قد عرضها على الإمام التاسع عشر من الأئمّة الإسماعيليّة ، وهو المستنصر باللّه ، أبو تميم معد ابن الظاهر المتوفّى 487 ، ونشره مع مقدّمة مبسوطة للطبع الدكتور محمّد كامل حسين المصري بكلّية جامعة فؤاد الأول 1366 ، وفي خطبة كل مجلس يخصّ أمير المؤمنين بالسلام مصرّحاً بأنّه الوصي والخليفة بعد النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) (2).

ونسبه إليه طه الولي في كتابه القرامطة ، وقال : المستنصرية نسبة إلى الخليفة العبيدي المستنصر باللّه أبو تميم ... ، وفي هذا الكتاب مجّد المؤلّف الخليفة المستنصر حتّى أنّه - أي المؤلّف - جعل من الرقم 19 أصلاً من أصول الدين ( حسب المذهب القرمطي ) ; لأنّ الخليفة المذكور هو التاسع عشر في سلسلة الأئمّة العبيديين.

وأهمّ المبادئ التي قرّرها الشيرازي في هذا الكتاب هي : توحيد اللّه وتنزيهه ، ونفي الشرك به

ص: 177


1- فهرست المجدوع : 136.
2- الذريعة 19 : 365.

عصمة الأنبياء الذي كان محمّد خاتمة لهم.

تقرير وصاية عليّ بن أبى طالب ، وولاية الأئمّة من ذرّيّته ، وعصمتهم جميعاً.

التصديق بالقرآن ظاهره وباطنه.

اعتبار الأئمّة مصدراً للتشريع ، وعدم الأخذ بالرأي والقياس.

القول باتفاق الظاهر مع الباطن ، وبالعكس ، وعدم القول بالفصل بينهما في التأويل الذي يعتبره المؤلّف واجباً.

ويشتمل كتاب المجالس المستنصرية على 35 مجلساً ( أي : محاضرة ) وبعضها موجّه إلى المؤمنات المستجيبات للدعوة القرمطية ( الإسماعيليّة ) (1).

ونسبه إليه أيضاً الأميني في الغدير (2).

ص: 178


1- القرامطة : 203.
2- الغدير 4 : 312.

ص: 179

( 14 ) كلام بير لناصر بن الحارث القبادياني المروزي المعروف بناصر خسرو ( ت 481 ه- )

الحديث :

قال : قال النبي ( عليه السلام ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا أبداً : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا على الحوض » (1).

ص: 180


1- كلام بير : 34.
ناصر بن الحارث القبادياني المروزي ( ناصر خسرو )

نسب ناصر خسرو نفسه في كتابه سفر نامة (1) هكذا :

هذا ما يقول أبو معين الدين ناصر خسرو القبادياني المروزي ، تاب اللّه عنه : كانت صناعتي الإنشاء ، وكنت من المتصرّفين في أموال السلطان وأعماله ، وانشغلت بالديوان ....

إلى آخر ما يذكره من أحواله ، وأسفاره ، وتنقّلاته في مختلف البلاد (2).

قال الكاتب الإسماعيلي عارف تامر في كتابه تاريخ الإسماعيليّة : ناصر خسرو ، هو الحكيم أبو المعين ، ناصر بن خسرو بن الحارث القبادياني المروزي البلخي البدخشاني ، نشأ في أسرة متوسّطة الحال ، لا هي بالغنيّة ، ولا هي بالفقيرة ... ، ثمّ التحق بخدمة السلطانين الغزنويين : محمود ، ثمّ ابنه مسعود ، وبعد أن أفلح السلاجقة بالقضاء على الدويلات الشرقية والإمارات الصغيرة ، وأصبح الأمر لهم التحق بخدمة جعفري بك السلجوقي حاكم خراسان ، وتولّى أمر خزانته في مرو ، وفي تلك الفترة كان

ص: 181


1- أي : كتاب السفر.
2- سفر نامه : 1.

يدأب على قراءة آراء الفارابي وابن سينا ، ويشتغل بدرس العلوم النقلية ، والعلوم العقلية ، والبحث في الأديان والعقائد ، والاطلاع على الأدب ، وشعر الشعراء العرب والفرس ، ويأخذ من كل فنّ طرفاً حتّى بلغ درجة عليا في العلم والحكمة والمعرفة.

ولد سنة 394 ه- ، في قباديان ، وتوفّي صبيحة يوم الجمعة في الثامن والعشرين من ربيع الأوّل سنة 481 ه- ، ببلدة بمكان من مواضع بدخشان ، وكان قد نزح إلى هذه البلدة فراراً من أمراء السلاجقة الذين ناهضوه وطلبوه ، بعد أن وشي به أعداؤه حسداً.

عاش طيلة حياته تحت أستار التقيّة ، وقد لاقى من التشريد والفرار في الجبال ما لا يمكن وصفه ، ومن المشهور أنّ أخاه أبا سعيد رثاه بالأبيات التالية :

طويت بلاد اللّه علّمت حكمة *** وصيرت بين الناس قرماً ممجّداً

سقاك إله الناس سقياً مروياً *** وألبس الغفران يا ناصر الهدى (1)

قال الأفندي في الرياض : سيّد الحكماء ، أبو المعين ناصر بن خسرو ابن حارث بن علي بن حسن بن محمّد بن علي بن موسى الرضا ، السيّد الحكيم العلوي الحسيني الموسوي الرضوي ، المعروف بناصر خسرو الأصبهاني البلخي.

كان من مشاهير الحكماء والفقهاء في عصر الخلفاء.

إلى أن قال : وقد اختلف الناس في حال ناصر خسرو ، فبعضهم

ص: 182


1- تاريخ الإسماعيليّة 4 : 146.

يكفّره ، وينسبه إلى الإلحاد ، وبعضهم يعظّمه في غاية ما يمكن أن يقال في شأن العلماء الإلهيين الأمجاد (1).

قال العلاّمة الطهراني في الطبقات - بعد أن ذكر اسمه ونسبه - : وله « التأويلات » الذي ألّفه على مشرب الملاحدة ، فكفّروه لذلك الكتاب الكاشف عن عقيدته ، لكنّه اعتذر عن ذلك في سوانحه المطبوع بأنّه قد طلبه منّي حاكم الملاحدة ، وكنت يومئذ تحت سيطرته فألّفته على مذاقهم ، تقيّة عنه وعن القتل ، فبعث هو نسخة إلى أطراف العالم ، وطالعه العلماء ، وكفّروني لذلك ، ولم يلتفتوا إلى عذري واضطراري.

وقد ذكر ولادته في 394 ه- ، ووفاته في 481 ه- (2).

وفي الأعيان ذكر نسبه وتاريخ ولادته ووفاته كما تقدّم ، وذكر جملاً من تواريخه وحالاته كما في كتاب ناصر خسرو نفسه ، وهو ( سفر نامة ) (3) وهناك بعض المصادر اختلفت في تحديد تاريخ وفاته (4).

ص: 183


1- رياض العلماء 5 : 232.
2- طبقات أعلام الشيعة : 198 ، المائة الخامسة.
3- أعيان الشيعة 10 : 202.
4- انظر في ترجمته : القرامطة لطه الولي : 206 ، خاتمة المستدرك 1 : 254 ، معجم المؤلّفين 13 : 70 ، كشف الظنون 1 : 143 ، هديّة العارفين 2 : 487.
كتاب كلام بير ( هفت باب ) أي : سبعة أبواب

نسبه إيفانوف إلى ناصر خسرو ، كما نقل ذلك علي نقي منزوي في الملحق الثالث لكتاب فهرست المجدوع (1).

قال الشيخ الطهراني في الذريعة : كلام بير لناصر خسرو العلوي المروزي ... ، فارسي في سبعة أبواب ، طبع بمبي بمباشرة إيوانُف ، مؤلّف الفهرس لكتب الإسماعيليّة في 1352 ه- مع مطلوب المؤمنين ، المنسوبة إلى الخواجة نصير الدين الطوسي (2).

ونسبها إليه في مكان آخر تحت عنوان هفت باب ، أي : سبعة أبواب (3).

قال الدكتور فرهاد دفتري ما ترجمته من الفارسية : إنّ السلطان حسين غورباني الهراتي المعروف بخير خواه الذي كان حياً سنة 960 ه- ، أنّه أخذ كتاب هفت باب لأبي إسحاق ، وأضاف عليه أموراً ، ثمّ سمّاه كلام بير ، ونسبه إلى ناصر خسرو (4).

ص: 184


1- فهرست المجدوع : 338 ، الملحق الثالث.
2- الذريعة 18 : 108.
3- انظر : الذريعة 25 : 230.
4- تاريخ وعقائد الإسماعيليّة : 534.

أقول والذي يؤيّد هذا الكلام عدم نسبة كثير ممّن ترجم لناصر خسرو هذا الكتاب إليه.

وهو كتاب في سبعة أبواب ذكر فيه عقائد الإسماعيليّة ، وقد طبع في الهند باللغة الفارسية.

ص: 185

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة القرن السادس الهجري

اشارة

ص: 186

ص: 187

( 15 ) كنز الولد لإبراهيم بن الحسين الحامدي ( ت 557 ه- )

الحديث :

قال : فإذا كان الرسول الفاضل متعلّماً وله معلّم ، وبينه وبين خالقه وسائط ، فمن أيّ جهة يقع العذر لأهل العمى والجهل عن العلم والتعليم ، والالتزام بالوسائط التي نصبها الرسول ، ودلّ عليها بقوله : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا من بعدي : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، إنّه نبّأني العليم الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كهاتين » وأشار بأصبعيه المسبحتين (1).

ص: 188


1- كنز الولد : 35 ، الباب الثاني.

إبراهيم بن الحسين الحامدي

قال : مصطفى غالب في مقدّمة تحقيق كنز الولد : الداعي السلطان إبراهيم بن الحسين بن أبي السعود الحامدي الهمداني ، وهو من كتّاب الدعاة العلماء الذين أوجدتهم مدارس الدعوة الإسماعيليّة المستعلية الطيبية في اليمن.

ولمّا توفّي الذؤيب (1) خلفه مأذونه السلطان إبراهيم داعياً مطلقاً للإمام المستور الطيب بن الآمر في اليمن ، وما جاورها من البلاد ، والهند والسند ، وذلك سنة 536 ه- ، وجعل الشيخ عليّ بن الحسين بن جعفر الأنف القريشي العبشمي مأذوناً له ، فكان له معاضداً على أمره ، قائماً بنشر الدعوة في سرّه وجهره ، ولم يعمّر عليّ بن الحسين طويلاً ، فقد وافته المنيّة في سنة 554 ه- ، فاستعان الحامدي بابنه حاتم حيث اتّخذه مأذوناً له ، ونقل مقرّه إلى صنعاء ، ثُمّ أعلن عدم تدخّله في سياسة الدولة ، وواظب على دراسة العلوم ، ونقل التراث العلمي الإسماعيلي ، وجمعه وتدريسه للدعاة التابعين لمدرسته ، ووزّع الدعاة في بلاد اليمن والهند والسند ...

ويذكر التاريخ الإسماعيلي اليمني له عدّة مؤلّفات علمية ، تبحث في فلسفة الدعوة الإسماعيليّة ، وفي التأويل والحقائق ... ، وفي عهد هذا

ص: 189


1- وهو الداعي ذؤيب بن موسى الذي عيّنته السيّدة مروة الصليحية ليقوم بشؤون وأعباء الدعوة الإسماعيليّة.

الداعي الأجل تعرّضت الدعوة المستعلية الطيبية إلى هزّات عنيفة قاسية ; لأنّ ملوك آل زريع في عدن مالوا إلى الدعوة المستعلية المجيدية التي أخذت تنتشر بقوّة في أنحاء اليمن حتّى أصبح لها دعاة نشيطون في قلب تنظيمات الدعوة الطيبة ، وفي معاقلها كحراز ونجران واليمن الأسفل.

وكذلك أعلن ملوك همدان الياميون في صنعاء وبلاد همدان عن تنصّلهم من جميع الدعوات والمذاهب ، ومع كل هذا فقد ضلّ الداعي إبراهيم بن الحسين الحامدي على إخلاصه للدعوة الطيبية ، مواصلاً نشاطه الدعاوي والعلمي حتّى توفّاه اللّه في صنعاء في شهر شعبان سنة 557 هجرية (1).

قال الطهراني في الذريعة : إبراهيم بن الحسين الحامدي الإسماعيلي المتوفّى (2).

قال الزركلي في الأعلام : إبراهيم بن الحسين الهمداني الحامدي ، من دعاة الإسماعيليّة وعلمائهم في اليمن ، كان داعية للمستور من سلالة المستعلي الفاطمي ، وسمّي داعياً مطلقاً سنة 536 ، وجعل مقرّه صنعاء ، ووزّع الدعاة في بلاد اليمن والهند والسند.

ثُمّ ذكر الزركلي أنّ وفاته 557 ه- (3).

ص: 190


1- كنز الولد : 30 ، مقدّمة المحقّق.
2- الذريعة 18 : 169.
3- الأعلام 1 : 36 ، وانظر في ترجمته أيضاً : معجم المؤلّفين 1 : 23 ، القرامطة لطه الولي : 214.

ص: 191

كتاب : كنز الولد

قال إبراهيم بن الحسين الحامدي في مقدّمة كتابه هذا : ولما تبلبلت الألسن بالكفر والنفاق والتمويه والشقاق بالطعن على الحدود ، والكفر بالمعبود ، عزم العبد الضعيف المسكين الحنيف ، المستميح من تأييد مولاه وموداه وسناه ، أن يجمع مجموعاً بعون اللّه ومشيئته ... ، ووسمته بكتاب كنز الولد ، وجعلته أبواباً مفنّنة ، وفصولاً مبيّنة ، أربعة عشر باباً ، واللّه الموفّق للصواب :

الباب الأوّل : في القول على التوحيد من غير تشبيه ولا تعطيل.

الباب الثاني : في القول على الإبداع الذي هو المبدع الأوّل.

الباب الثالث : في القول على المنبعثين عن المبدع الأوّل معاً وتباينهما.

الباب الرابع : في القول على المنبعث الأوّل القائم بالفصل ، وما ذلك الفعل.

الباب الخامس : في القول على المنبعث الثاني القائم بالقوّة ، وما سبب ذلك.

الباب السادس : في القول على الهيولي والصورة وماهما في ذاتهما ، وسبب تكثّفهما وامتزاجهما.

ص: 192

الباب السابع : في القول على ظهور المواليد الثلاثة : المعدن والنبات والحيوان.

الباب الثامن : في القول على ظهور الشخص البشري أولاً ، وفي كُلّ ظهور بعد وفاء الكور.

الباب التاسع : في القول على ظهور الشخص الفاضل من تحت خط الاعتدال.

الباب العاشر : في القول على الارتقاء والصعود إلى دار المعاد ، إنْ شاء اللّه تعالى.

الباب الحادي عشر : في القول على معرفة الحدود العلوية والسفلية.

الباب الثاني عشر : في القول على الثواب والارتقاء في الدرج إلى الجنّة الدانية والعالية ، إنْ شاء اللّه.

الباب الثالث عشر : في القول على اتصال المستفيد بالمفيد ، وارتقائه إليه واتصاله به.

الباب الرابع عشر : في القول على العذاب بحقيقته وكيفيّته ، نعوذ باللّه منه (1).

ونسبه إليه الشيخ إسماعيل المجدوع في الفهرست ، وذكر أنّه من الكتب الكبار في علم المبدأ والمعاد (2).

ص: 193


1- كنز الولد : 5 ، مقدّمة المؤلّف.
2- فهرست المجدوع : 279.

وكذا نسبه إليه الطهراني في الذريعة (1) ، وعمر رضا كحالة في معجم المؤلّفين (2) ، والزركلي في الأعلام (3) ، وطه الولي في كتابه القرامطة (4).

قال الدكتور مصطفى غالب في مقدّمة تحقيق كنز الولد : إنّ كنز الولد من الكتب السرّيّة النادرة الوجود ، الجليلة القدر ، المحتوية على تسلسل المراتب الباطنيّة ، والحدود الروحانية ، والنظريّات العقلانية العميقة في علم الحقيقة ، أي : العبادة العلميّة ، أو علم الباطن ، كما هو معروف لدى دعاة الإسماعيليّة ، فعقائد الإسماعيليّة الطيبية ، وأسرار التوحيد الإسماعيلي التي يرسم خطوطها المؤلّف تجسّد ما هي عليه اليوم عند طائفة البهرة بفرعيها السليماني والداوودي ، ولقد وصفه المؤرّخ الداعي إدريس عماد الدين القرشي : بأنّه الكتاب الجليل في علم الحقائق ، الموسوم بكنز الولد.

وممّا يعطي قيمة فكريّة كبرى لهذا الكتاب من الناحية الفلسفيّة أنّ المؤلّف ذكر فيه لأوّل مرّة في تاريخ الفكر الإسماعيلي رسائل إخوان الصفا ، والرسالة الجامعة ، واعتمد في مناقشاته على آراء الشخص الفاضل صاحب الرسائل والجامعة ونظريّاته ، لذلك نلاحظ بأنّ دعاة الطيبية في اليمن قد نهجوا فيما بعد نهج الحامدي في دراسة الرسائل والجامعة ، واعتبروها بمثابة الكتاب الثاني بعد القرآن (5).

وقال في سبب تسمية الكتاب بكنز الولد : ودعي الكتاب كنز الولد ;

ص: 194


1- الذريعة 18 : 169.
2- معجم المؤلّفين 1 : 23.
3- الأعلام 1 : 36.
4- القرامطة : 215.
5- كنز الولد : 5 ، مقدّمة المحقّق.

لما ذكر في مواضع عدّة عن ظهور الولد التام ، الذي هو القائم المنتظر ... ، وكنز الولد هو كنز القائم المنتظر الذي سيظهر عند تمام الأدوار السبعة المعروفة لدى الإسماعيليّة.

ثمّ يذكر أبواب الكتاب ، والأبحاث التي جائت فيها (1).

ص: 195


1- كنز الولد : 32 ، مقدّمة المحقّق.

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة القرن السابع الهجري

اشارة

ص: 196

ص: 197

مؤلّفات علي بن محمّد بن الوليد ( ت 612 ه- )

( 16 ) دامغ الباطل وحتف المناضل

الحديث :

الأوّل : قال : وأتمّ النعمة ، ورضي الإسلام ديناً بطاعة من نصّ على طاعتهم ، تبياناً لغرض ولاياتهم ، وتعيناً بقوله تعالى ( ... ) ، وألقى إليهم مقاليد وحيه المنزل ، وأوضح أنّهم قرناء كتابه المهيمن على سالف الكتب ، المفضّل على لسان رسوله صلوات اللّه عليه وعليهم ، حين قال لأمّته معذراً مبشراً للمطيعين وللعاصين منذراً : « خلّفت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، وأنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (1).

الثاني : قال : ثمّ قال هذا المارق : الطرف الثالث في بيان معتقدهم في الإمامة ، وقد اتفقوا أن لابدّ في كل عصر من إمام معصوم قائم بالحقّ ... ، ولا يجوز أن ينقطع ; إذ يكون فيه إهمال الحق ، وتغطيته على الخلق ، وإبطال قوله ( عليه السلام ) « ... » وقوله : « ألم أترك فيكم القرآن وعترتي » هذا قوله ، نقول في جواب ذلك ... (2).

ص: 198


1- دامغ الباطل وحتف المناضل 1 : 26 ، مقدّمة المؤلّف.
2- دامغ الباطل وحتف المناضل 1 : 152.

الثالث : قال : وقرن النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) الصامت بالناطق ، فقال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » وأجرى العترة من الكتاب والشريعة مجرى النفس من عالم الشخص ، والملائكة من عالم الدنيا ، إذاً الإمامة واجبة (1).

الرابع : قال : فجعل البيان إلى النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) القائم بالكتاب ، وجعل الكتاب بيّنة وتبياناً وبرهاناً كما قال اللّه تعالى ( ... ) وجعله النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) مقروناً بعترته ، فقال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » لتكون العترة الطاهرين هم القائمون بالبيان عن الكتاب (2).

الخامس : قال - في جوابه عن المستشكل - : فإن زعم أنّا لم نجد أكثر القضايا في الكتاب ، وهو في أيدينا ، نتلوه بكرة وعشيّا ، فجوابه : أنّه لا يعلم ذلك بجملتة ، ولا يحيط بكلّيّته إلاّ اللّه والراسخون في العلم ، المنزل على جدِّهم الكتاب ، المفوّض إليه الحكم به إليهم بقوله ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « خلّفت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبدا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » (3).

السادس : قال : وقال ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) في حديث ثاني : « ألا إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، طرف منه بيد اللّه ، وطرف منه بأيديكم ، فتمسّكوا بهما ، فإنّكم لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما ، وقد سألت ربّي أن يردا عليّ الحوض كهاتين » وجمع بين المسبحة والوسطى من يده الواحدة « إحداهما تسبق الأخرى ، ناصرهما

ص: 199


1- دامع الباطل وحتف المناضل 1 : 160.
2- دامغ الباطل وحتف المناضل 1 : 263.
3- دامغ الباطل وحتف المناضل 2 : 81.

لي ناصر ، وخاذلهما لي خاذل » (1).

السابع : قال : فإذا وجب حصول الهادي في كل عصر وزمان ، وإذا كان واجباً فبوجوبه يجب تسلسل الإمامة في الأعقاب ، واتّصال الأنساب منهم والأسباب كما قال النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وأهل بيتي ، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وأنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهم لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما » (2).

الثامن : قال : يؤكّد جميع ذلك ما قدّمنا ذكره من قول النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي خلّفت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كهاتين » وقال على إثر ذلك : « اللّهمّ هل بلّغت؟ » قالوا : نعم (3).

التاسع : قال : وممّا يزيد ذلك تأكيداً ما جاء عن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) في بعض خطبه : « أيّها الناس ، خذوا عن خاتم النبيين أنّه قال : يموت من مات منّا ، ويبلى من يبلى منّا ، وليس يسأل عصر جديد هما (4) وآزروهما ، وحجّة من ذي الحجّة في حجّة الوداع ، إذ يقول : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبدا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » وذلك في حجّة الوداع يوم غدير خمّ (5).

ص: 200


1- دامغ الباطل وحتف المناضل 2 : 81.
2- دامغ الباطل وحتف المناضل 2 : 115.
3- دامغ الباطل وحتف المناضل 2 : 125.
4- كذا في الأصل.
5- دامغ الباطل وحتف المناضل 2 : 125.

العاشر : قال في إدامة كلامه السابق : وكذلك يقول : « إنّكم واردون عليّ الحوض ، عرضه ما بين بصري إلى صنعا ، فيه عدد نجوم السماء ، أقداح من فضّة ، ألا وإنّي سائلكم عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني بهما ».

فقالوا : يا رسول اللّه ، وما الثقلان؟

فقال : « الثقل الأكبر كتاب اللّه ، والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي حبل ممدود من السماء ، طرف منه بيد اللّه ، وطرف منه بأيديكم ، تمسّكوا بهما ، فإنّكم لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما ، فإنّه باقي (1) اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، قال الإمام علي سلام اللّه عليه : « شهدت بهذا وما شهدت إلاّ بالحق ، تخلّف من خالفهما ، وبرئت إلى اللّه ممّن شذّ عنهما » (2).

الحادي عشر : قال - عند استعراضه لبعض كلام الإمام علي ( عليه السلام ) - : وقال فيهم أيضاً : « ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر ، وتركت فيكم الثقل الأصغر ، وركزت فيكم راية الإيمان » (3).

الثاني عشر : قال : وفرقة تقول بإمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وهم الشيعة على ما ينقسمون إليه من زيدي وإمامي وكيساني وغال وغيرهم ، وتتفرّق فرقتين : فرقة تقول : بالنصّ والتوقيف الجلي ، وفرقة تقول : بالنصّ ، وكان قول من يقول بالنصّ الخفي إن كان من ذرّيّة النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) حسنيّاً أم حسينيّاً ، فهو من أهل البيت والعترة ، وأنّ من شهر منهم سيفه ،

ص: 201


1- كذا في الأصل.
2- دامغ الباطل وحتف المناضل 2 : 126.
3- دامغ الباطل وحتف المناضل 2 : 127.

وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ، وكان عالماً زاهداً سخيّاً شجاعاً ورعاً ، لزم بقول النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فتمسّكوا بهما ، فإنّكم لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما » (1).

الثالث عشر : قال ثمّ قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( ... ) فقال ( عليه السلام ) : « أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) قام خطيباً ، ثمّ لم يخطب بعد ذلك ، فقال : أيّها الناس ، إنّي تارك فيكم الثقلين : أهل بيتي بعد الكتاب ، أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما ، إنّ اللطيف الخبير أخبرني وعهد إليّ أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » فقالوا اللّهم نعم ، قد شهدنا بذلك كلّه عن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) (2).

الرابع عشر : قال : ونفتخر باعتصامنا بالحبل المأمور بالاعتصام به ، يقول اللّه تعالى : ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا ) الذي بيّن النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) أنّه العترة والكتاب بقوله : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، طرف منه بيد اللّه ، وطرف بأيديكم فتمسّكوا بهما فإنّكم لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما » لا باتّباع الطاغوت ، وقد أمروا أن يكفروا به (3).

ص: 202


1- دامغ الباطل وحتف المناضل 2 : 276.
2- دامغ الباطل وحتف المناضل 2 : 298.
3- دامغ الباطل وحتف المناضل 2 : 391.
علي بن محمّد بن الوليد

وصفه إسماعيل المجدوع بسيّدنا ، قال : سيّدنا علي بن محمّد الوليد أعلى اللّه قدسه (1).

قال الكاتب الإسماعيلي عارف تامر : علي بن الوليد الذي يعتبر من أشهر علماء اليمن الإسماعيليين ، ويكفي أن نقول : إنّه لعب دوراً أدبياً فلسفياً عظيماً باعتباره الداعي المطلق الخامس لليمن في القرن السادس الهجري. وبالرغم من المصادر الضعيفة عن تاريخ حياته ، فيمكننا أن نقول : بأنّه ينحدر من أسرة عريقة ومحترمة ومعروفة بإخلاصها للأئّمة الفاطميين (2).

قال العلاّمة الطهراني في الذريعة : علي بن محمّد بن الوليد الإسماعيلي ، المتوفّى 27 شعبان 612 ه- (3).

قال الزركلي في الأعلام : علي بن محمّد بن الوليد ، داعية إسماعيلي ، من علمائهم ، يلقّب بوالد الجميع ، وهو الداعي الخامس من دعاة اليمن (4).

ص: 203


1- فهرست المجدوع : 41.
2- تاج العقائد : 8 ، مقدّمة المحقّق.
3- الذريعة 19 : 371.
4- الأعلام 4 : 331 ، وانظر : معجم المؤلّفين 7 : 237.

قال طه الولي في كتابه القرامطة : علي بن محمّد الوليد ، الملقّب بالأنف ، العبشمي القرشي ، توفّي سنة 612 ه- ، ( 1215م ).

وذكره صاحب عيون الأخبار ، وقال : إنّه أضيفت إليه أمور الدعوة القرمطية في الجزيرة اليمنية ، حيث استطاع أن يضع الأسس العلميّة للدعوة السرّيّة في أيّام الخليفة العبيدي المستعلي باللّه أبو القاسم أحمد الذي نسبت إليه هذه الدعوة ... ، وقد بلغ هذا الداعي من العمر عتيّاً ; إذ إنّه عاش حوالي تسعين سنة ، وترك العديد من المؤلّفات الباطنيّة (1).

ص: 204


1- القرامطة : 210.

ص: 205

كتاب : دامغ الباطل وحتف المناضل

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في الفهرست : دامغ الباطل وحتف المناضل لسيّدنا علي بن محمّد الوليد ، قال في ابتداء الكتاب : أمّا بعد ، فإنّا وقفنا على كتاب يوسم بالمستظهري ، منسوب إلى أبي حامد محمّد بن محمّد الغزالي ، ضمّنه بزعمه ذكر فضائح الباطنية ، وفضائل المستظهرية ، أورد فيه من الاستهزاء بالحق ، والطعن على أرباب الصدق ، والتعصّب للباطل وأتباعه ، والمعاصرة للشيطان وأشياعه ، ما يتعيّن علينا فرض إجابته ، والكشف عن محجوب ضلالته ، والإبانه عن حقيقة عقيدة أهل الإيمان ، والتنزيه لهما عمّا رمي به من الزور والبهتان - إلى قوله - : وإن كان هذا الشيطان جمع في هذه بين مقالات ضلالات مبتدعة ، وآراء في الكفر مستبشعة ، وبين ما يذهب إليه أهل الحق في ضرب من اعتقادهم الخالص المهذّب من الرذائل والنقائص ، فإنّا نورد كلامه على حسب ما سرده ، ونقصد كل فصل منه بجواب عمّا نحاه وقصده ، ونوضّح ما يخالف الحق ، والبراءة منه ومن معتقده ، ونكشف بالبراهين الحكمية عن وجه دين الحق ما ليس به من التمويه والكتاب يتضمّن اثني عشر باباً :

الباب الأوّل : يتضمّن شرح حال هذا الملحد ، ومروقه عن الدين ، وتلوّنه في المذاهب في فصل واحد.

الباب الثاني : يتضمّن الرد عليه في تحميد كتابه ، وشرحه الذي قدّمه أمام أبوابه.

ص: 206

الباب الثالث : يتضمّن الرد عليه عن الباب الأوّل ، في ذكر استنهاج المنهاج في سياقة كتابه.

الباب الرابع : يتضمّن الرد عليه فيما شرحه في بابه الثاني من ذكر بيان ألقاب من سمّاهم الباطنية ، والكشف عن السبب الباعث لهم على نصب الدعوة.

الباب الخامس : يتضمّن الرد عليه في الباب الثالث ، عمّا ذكره عن بيان درجات حيلهم في التلبيس والكشف عن سبب الاغترار بحيلهم.

الباب السادس : الرد عليه في بابه الرابع ، عمّا ذكره في نقل مذهبهم جملة وتفصيلاً.

الباب السابع : يتضمّن الرد عليه في بابه الخامس ، عمّا ذكره في تأويلاتهم لظاهر القرآن ، واستدلالاتهم بالأمور العديدة.

الباب الثامن : يتضمّن الرد عليه في بابه السادس ، عمّا ذكره من إيراد أدلتهم العقلية على نصرة مذهبهم ، والكشف عن فسادهم.

الباب التاسع : يتضمّن الرد في بابه السابع ، عمّا ذكره من إبطال استدلالاتهم بالنص على نصب الإمام المعصوم.

الباب العاشر : يتضمّن الرد عليه في بابه الثامن ، عمّا ذكره في مقتضى فتوى الشرع في حقّهم من التبرّي والتكفير وسفك الدماء.

الباب الحادي عشر : يتضمّن شرح الرد عليه في بابه التاسع ، عمّا ذكر من إقامة البرهان العقلي الشرعي على أنّ الإمام الحق في عصره - بزعمه - هو المستظهري.

ص: 207

الباب الثاني عشر : يتضمّن الرد عليه في بابه العاشر ، وفصولاً جامعة للرد على أمثال هذا المارق ، والافتخار والاعتصام بالولاء لأرباب الهداية ، وهو آخر أبواب هذا الكتاب (1).

قال طه الولي عند عدّه لكتب ابن الوليد : كتاب دفع الباطل وحتف المناضل ، ويسمّيه عبد الرحمن بدوي في مقدّمته على كتاب « فضائح الباطنية » للغزالي « دافع الباطل وحتف المناضل » وهذا الكتاب ألّفه الداعي المذكور في الردّ على كتاب « المستظهري » ( فضائح الباطنية ) (2).

ولكن تقدّم عن فهرست المجدوع أنّ اسمه دامغ الباطل وحتف المناضل.

ونسبه إليه الطهراني في الذريعة تحت عنوان دامغ الباطل وحتف المناضل (3) ، وكذا الزركلي في الأعلام (4) ، وعمر رضا كحاله في معجم المؤلّفين (5).

ونسبه إليه السيّد عبد العزيز الطباطبائي ، قال - بعد أن ذكر اسم المؤلّف - : وللمؤلّف « دامغ الباطل وحتف المناضل » في الردّ على أبي حامد الغزالي ، نشره مصطفى غالب (6).

ص: 208


1- فهرست المجدوع : 93.
2- القرامطة : 212.
3- الذريعة 19 : 371.
4- الأعلام 4 : 331.
5- معجم المؤلّفين 7 : 237.
6- مجلّة تراثنا ، العدد 21 : 236.

ص: 209

( 17 ) تاج العقائد ومعدن الفوائد

الحديث :

الأوّل : قال : ويعتقد أنّ التسليم والاتّباع على وجهين : خطأ وصواب ، فالصواب من ذلك اتّباع الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، والتسليم للأئمّة من أهل بيته الوارثين للكتاب ، العالمين بتأويله ، ثمّ قال - بعد أن ذكر آيات قرآنية - : وقد فسّر النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ذلك بقوله : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، لن تضلّوا ، ما إن تمسّكتم بهما أبداً » (1).

الثاني : قال : ولولا الاستناد إلى المحقّين لفسد الدين ، ولذلك لم يقل إلاّ على أهل بيت النبوة الذين ورثوا الكتاب ، ومنعوه أن يبدّل ، أو ينسخ ، أو يحرّف ، أو يزال عن حكمه بدليل قوله تعالى : ( ... ) ، وقول الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « خلّفت فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا كتاب اللّه وعترتي » فالكتاب محفوظ بالعترة لا يجد مبدّل إلى الإفساد فيه سبيلاً ، ولا زوال لحكمه بوجه من الوجوه (2).

الثالث : قال : ويعتقد أنّ الدين والإيمان هو في الحقيقة التشيّع ، واتّباع سنّة رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، واتّباع أمره ، والاقتداء بأهل بيته الصفوة

ص: 210


1- تاج العقائد ومعدن الفوائد : 90 ، الاعتقاد : 47 ، في التسليم.
2- تاج العقائد ومعدن الفوائد : 99 ، الاعتقاد : 52 ، في أنّ القرآن لا ينسخه إلاّ قرآن مثله.

الطاهرين منهم ، والتمسّك بهم لقوله : ( ... ) ، وقوله : « إنّي مخلّف فيكم الثقلان : كتاب اللّه وعترتي » (1).

ص: 211


1- تاج العقائد ومعدن الفوائد : 127 ، الاعتقاد : 69 ، في أنّ الدين والإيمان هو التشيّع.
كتاب : تاج العقائد ومعدن الفوائد

قال علي بن محمّد بن الوليد في مقدّمة كتابه هذا : الحمد لله الذي كحّل بأثمد محبّته مقل العارفين وصلّى اللّه على من أرسله هداية للعالمين محمّد المبعوث لإنقاذ نفوس الهالكين ، وعلى وصيّه المساعد له والقرين ، عليّ بن أبى طالب ، حبل اللّه المتين ، ونخبة أصحاب اليمين ، وعلى الأئمّة من ذرّيتهما آل طه وياسين ، وعترة من تأنّس بالروح الأمين ، وبعد : أيّها العبد السعيد ، أدام اللّه لك الهداية ، وسدّد خطاك إلى القيام بواجب الولاية ، إنّك سألت بعض أخوان الدين وأرباب اليقين عن أسباب دينيّة ، ومعارف يقينيّة وجريت معهم إلى حدّ يجب الوقوف عنده ، لسبب أوجب الوقوف لحين حضور من لم يتسنّ له سماع ما جرى ، فمن جملة ما جرى ذكر العقائد الموجودة في المذاهب ، وأنّ جميع ما تقدّم من أرباب المقالات ، قد نسج على مقالته بأقوال يرجع إليها طالب الفائدة ... ، فتفهّم - أيّدك اللّه - أنّ المشايخ المتقدّمين لم يخلوا المذهب من العقيدة التي يجب على الطالب التزامها ، والأخذ في مذهبه بها ، بل جعلوها على ضربين : ضرب يؤخذ على الداخل فيه في أوّل ابتدائه ، وهو العهد المشدّد فيه على اعتقاد الربوبية ، وإثبات وحدانية الرسالة والولاية والطاعة وأعمال الشريعة من أوّلها إلى آخرها على القانون المحكم ، وأمر الخالق المبرم من غير إخلال ولا تضييع ، وإلزام الأقسام المغلظة على تأكيد ذلك جميعه.

وضرب يكون عقيدة يذكر فيها ما يحتاج إليه الطالب لحقائقه

ص: 212

مفصّلاً ، من أوّل المذهب إلى آخره ، على سبيل المجمل حيناً ، وعلى سبيل التفصيل آخراً ، وأنّه لمّا طال الزمان ، وحدث في هذه الديار ما حدث من الغلاة ، وتشتّت أهلها ، درست تلك الكتب ، وفسدت خواطر أكثر الناس ، وجاءت محن عدّة على أرباب هذا المذهب في عدّة أوقات أوقفت خواطرهم مع ما ورد من ديار الشام لمّا فتحت من المذاهب كالعادية ، والحاكمية ، والذهبية ، والدرزية ، والمحصبيّة ، والجليلية ، والنصيرية ، والتعليمية ، الذين يقولون بالحلول والتجسيم ، فاحتموا بهذا المذهب سراً على ما هم عليه ، ودرسوا ما قد وجدوه من الكتب والحقائق ، واستمرّ الفساد ، فلم يبق من الدين إلاّ اسمه ، ولا من التوحيد إلاّ رسمه وزادت الغلبة منهم مع أسباب لا سبيل إلى ذكرها ، وجاء مقدّمون يميلون إلى الدنيا ، فتصانعوا خوفاً على زوال الرئاسة ، فقلّ المتعلّم ، وزهد به عند من شاهده ، واختفى من يفهم حتّى آل الحال إلى ما ترى ، فلهذا لم توجد عقيدة في هذا المذهب ، فلّما رأيت التحرّق على ذلك ، سارعت إلى إجابة خاطرها الشريف ... ، وقد رأيت اهتمامها بعقيدة المذهب على فصله وحقيقته ; لتأخذ نفسها الشريفة بحظّها منه فتقف على معالم المذهب ، وكيفيّة أصوله ومبانيه ، فألّفت فيه كتاباً سمّيته « تاج العقائد ومعدن الفوائد » فتجاوز عمّا تراه من الخلل ، فإنّي في ذلك مثل الناظر إلى الشمس بعينه الضعيفة ... ، ثمّ حين أبدأ بذكر معتقداتها ، فإنّي أشرح كل واحدة منها تارة على سبيل التلويح ، وتارة على سبيل البيان ، وتارة على سبيل الإجمال ، لإفهام ملكات الأشياء المجملة ، فإذا حفظته شرحته لطالبها إن شاء اللّه

ثمّ ذكر محتوى الكتاب بالتفصيل (1).

ص: 213


1- تاج العقائد ومعدن الفوائد : 11 ، مقدّمة المؤلّف.

ونسبه إليه الشيخ المجدوع في الفهرست مع ذكر ما احتوى عليه الكتاب من أبحاث وقال في تعديده لأبواب الكتاب :

في حدوث العالم.

إنّ للعالم صانعاً.

إنّه تعالى واحد. إنّ صانعه قديم.

إنّه ليس بجسم. إنّه ليس بجوهر ولا عرض.

وإنّه لا مادّة ولا صورة. إنّه غير محتاج.

إنّه لا إله غيره ولا معبود على الحقيقة سواه. إنّه لا يشبه المحدثات.

في نفي التسمية عنه. في نفي الحدّ عنه.

في نفي الصفات عنه. في نفي المكان عنه.

في التوحيد ، إنّ الإله لا يكون اثنين.

إنّه لا يمكن في اللغات ما يمكن الإعراب به عنه بما يليق به.

إنّ للعالم مبدءاً تتعلّق الصفات به. إنّ وجود هذا المبدء لا بذاته.

في الملائكة ، في الجن ، في الوحي.

في الرسالة ، أنّها على ضربين خاصّة وعامّة.

إنّ الأنبياء والأئمّة لا يولدون من سفاح.

إنّ النبوّة على درجات عالم البشر.

إنّ رسولنا أفضل الرسل.

في الوصيّة من بعد الرسول إلى الوصيّ.

إنّ صاحب الوصيّة أفضل العالم بعد النبوّة في الدور.

ص: 214

في الإمامة ، أنّها في أهل بيت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) دون غيرهم.

إنّ الإمامة وارثة النبوّة والوصيّة

في انقطاع الرسالة وقتاً من الزمان.

في انقطاع الوصيّة بعد ذهاب الوصيّ.

في استمرار الإمامة في العالم دون النبوّة والوصاية.

في رفع الغيبة (1) الإمام من الأرض. إنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله فيها.

في قعود عليّ عن الخلافة. في فساد إمامة المفضول.

في إبطال اختيار الأمّة للإمام.

إنّ كلّ متوثّب على مرتبة الإمامة فهو طاغوت.

في أنّ الأمّة اختلفت بعد نبيّها ، في تخطئة الرأي والقياس.

إنّ البيعة واجبة على كلّ مؤمن في الطاعة في التسليم.

في الموفي بالعهود. فيمن نقض العهود والمواثيق. في رؤية الأهلّة.

في المعجزة التي أتى بها الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ). إنّ القرآن لا ينسخه إلاّ قرآن مثله.

إنّ العلوم الدينية كلّها في الكتاب العزيز. إنّ الشريعة موافقة للحكمة.

في التكليف. في البحث والنظر.

في أنّ طلب العلم واجب في الأعمال الشرعيّة جملة وتفصيلاً.

في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. في إثبات التأويل.

ص: 215


1- كذا في الأصل.

إنّ للإمامة رجالاً تنوب عنها في أقطار الأرض للهداية.

في تخطئة من يتّبع الآباء في الدين بغير البرهان.

في أنّ الحبّ في اللّه والبغض لمعاصي اللّه لدين واجب.

في النهي عن مجلسة (1) المنافقين.

إنّ الدعوة الأولة (2) التي دعا إليها الرسول لا يجوز غيرها.

في نسخ الشرائع قبل نبيّنا محمّد. في سبب نسخ الشرائع.

إنّ الحقّ في الفرقة القليلة. إنّ الدين والإيمان هو التشيّع.

في الاقتصار في العمل دون ما لا يستطاع. إنّ الدنيا دار عمل.

في الإسلام. في الإيمان. في الطهارة. في الماء الواجب به الطهارة.

في الصلاة. في الزكاة. في الصيام. في الحج. في الجهاد.

في الآخرة. في الحساب والنشر. في العقاب والجزاء أنّه حقيقة.

في الجزاء وأنّه لابدّ منه. إنّ الطبائع الأربع بإذن اللّه.

إنّ الإنسان صفوة العالم ، ومطالب بأفعاله الاختيارية دون الجبرية.

في أنّ السر والإعلان عند اللّه سواء في جميع مخلوقاته.

في الأرزاق ، أنّها لا تأتي بحيلة ، ولا تمنع ببله ، بل تأتي بأمر ربوبي.

في الأعمّار والمدد في الدين.

في أنّ النفس لم تكتب علماً ولا عملاً قبل وجود جسمها ، ولا كان لها عين بوجود.

ص: 216


1- كذا في الأصل.
2- كذا في الأصل.

إنّ العقل الغريزي آلة للنفوس لقصد المعالم.

إنّ النفس جوهر حيّ قادر.

في مفارقة النفس الجسد بعد الموت.

فيما تناله النفس في السعادة بعد الفراق.

في الجبر والتخيير. في القضاء والقدر. في منع المبتدي عن الكلام.

في الإذن والإطلاق. في الإخلاص والأعمال.

ثُمّ قال : وقد قال بعضهم شعراً :

تاج العقائد تاج كل كتاب *** من مثله يهوا ذوو الألباب

ألزم مطالعة به في كل *** وقت فهو ميعاد لكل صواب (1)

قال طه الولي في كتابه القرامطة : كتاب تاج العقائد ومعدن الفوائد ، وهو يتضمّن 100 مسألة في موضوع العقيدة القرمطية.

وهذا الكتاب ذكره إيفانوف في دليل الأدب الإسماعيلي ، ويسمّيه عبد الرحمن بدوي « تاج الحقائق » (2).

ص: 217


1- فهرست المجدوع : 124.
2- القرامطة : 212.

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة القرن التاسع الهجري

اشارة

ص: 218

ص: 219

مؤلّفات عماد الدين إدريس بن الحسن ( ت 872 ه- )

( 18 ) عيون الأخبار وفنون الآثار

الحديث :

الأوّل : قال : فصعد الحسن بن علي ( عليه السلام ) المنبر فحمد اللّه تعالى بما هو أهله ، وأثنى عليه ، وصلّى على النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) وقال في خطبته : « أيّها الناس ، إنّ اللّه أهداكم بأوّلنا ، وحقن دماءكم بآخرنا ، ونحن أهل البيت الذين أذهب اللّه عنّا الرجس وطهّرنا تطهيراً ، ونحن حزب اللّه المفلحون ، وعترة رسوله المطهّرون ، وأهل بيته الطيبون الطاهرون ، وأحد الثقلين الذين خلّفهما رسول اللّه » (1).

الثاني : قال : وفيما ذكرناه كفاية من اتّباع أهوائهم ، ورجوعهم إلى آرائهم وبدعتهم التي نهى الرسول عنها ، وكفى بخلافهم لبيت رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) الذين قال فيهم في حجّة الوداع : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » نعوذ باللّه من الضلال ، واتّباع سبيل المائلين عن الكتاب والعترة من الجهّال (2).

ص: 220


1- عيون الأخبار وفنون الآثار : 36 ، السبع الرابع.
2- عيون الأخبار وفنون الآثار : 289 ، السبع الرابع.

الثالث : قال : وقد قال النبي صلّى اللّه عليه وعلى آله في صحيح الرواية عنه ، عن حذيفة بن اليماني وغيره : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » « كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق » (1).

ص: 221


1- عيون الأخبار وفنون الآثار : 289 ، السبع السادس.
عماد الدين إدريس بن الحسن بن عبد اللّه

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في الفهرست : سيّدنا عماد الدين إدريس بن الحسن بن عبد اللّه بن علي بن محمّد بن حاتم الأنف ، رزقنا اللّه شفاعته وأنسه (1).

قال العلاّمة الطهراني في الذريعة : عماد الدين إدريس بن الحسن بن عبد اللّه بن علي بن حاتم الأنف ، وهو الداعي التاسع عشر الإسماعيلي ، المتوفّى 19 ذي القعدة 872 (2).

وذكر عارف تامر وفاته بهذا التاريخ أيضاً في كتابه تاريخ الإسماعيليّة (3).

قال الزركلي في الأعلام : إدريس بن الحسن بن عبد اللّه بن علي بن محمّد بن حاتم القرشي عماد الدين ، مؤرّخ يماني ، من دعاة الإسماعيليّة ، صنّف كتباً. وذكر تاريخ وفاته بما تقدّم (4).

قال طه الولي في كتابه القرامطة : يعتبر هذا الداعي مؤرّخاً موسوعياً

ص: 222


1- فهرست المجدوع : 73.
2- الذريعة 15 : 376.
3- تاريخ الإسماعيليّة 4 : 72.
4- الأعلام 1 : 279.

للحركة القرمطية ، لاسيّما في وطنه الأم اليمن. وكتبه في طبقات رجال هذه الحركة من الدعاة والولاة والمصنّفين تعتبر من المصادر الرئيسيّة في موضوعها ، وكان يمتلك عدداً كبيراً من الكتب في الحركة القرمطيّة من حين نشوئها إلى أيّامه في العهد الصليحي.

ثمّ ذكر تاريخ وفاته بما تقدّم (1).

ص: 223


1- القرامطة : 219.
كتاب : عيون الأخبار وفنون الآثار

قال المجدوع في الفهرست : كتاب عيون الأخبار وفنون الآثار في ذكر النبي المصطفى المختار ووصيّه وآله ، وهو سبعة أسباع مجلّد برأسه ، من تأليفات سيدنا عماد الدين إدريس بن الحسن بن عبد اللّه بن عليّ بن محمّد بن حاتم الأنف رزقانا اللّه شفاعته وأنسه.

فالسبع الأوّل يتضمّن ذكر شيء من فضائل آباء النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) من أولاد إسماعيل ، ثمّ ذكر سيرته على نسقه وتواليه شيئاً بعد شيء من نشأته على مكارم الأخلاق ، وتربية عمّه أبي طالب له ، بعد وفاة والده وجدّه ( عليه السلام ) ، وتزويجه بخديجة ، وكيف كان أمره في ابتداء مبعثه ، ومن أسلم في ذلك الوقت من الناس ، ومن الذين قاموا في حمايته ، والذبّ عن حوزته مع الشدّة ، إذ المشركين من قريش وبني أميّة وغيرهم ممن أجمعوا على إيذائه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) وزوجته خديجة إلى أنْ ترك أرض مكّة ، وهاجر إلى أرض يثرب بعدما أضجع وصيّه في بيته على فراشه ، ثُمّ كيف كان ظهور الإسلام ، وقيامه بالسيف بعد أنْ أذن له بذلك ، وكيف كان مكافحة وصيّه منه ، والمبارزة معه لصناديد المشركين ، حتّى عزّ بسيفه الإسلام ، وقام له الأركان والأعلام ، وكم كان الغزوات التي ولاّها أمره إلى ذكر انتقاله من الدنيا بعد نصّه على وصيّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، وفيه شيء من فضائل فاطمة ( عليها السلام ) ، وبيان تزويجها بعلي ( عليه السلام ).

ص: 224

وفي السبع الثاني منه : ذكر سيرة الوصي عليّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وما ابتلي به بعد نبيّه ، وصبره على جور الجائرين ، وظلم الظالمين ، وقتله بعد ذلك الناكثين ، وما كان من أمرهم وأخبارهم.

وفي السبع الثالث : ذكر جهاده للقاسطين والمارقين ، وما كان من أخبارهم وأمرهم ، إلى ذكر انتقاله من الدنيا.

ثمّ السبع الرابع منه في ذكر الأئمّة من ذرّيّته ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، وسيرتهم وفضائلهم إلى آخر ذكر الإمام الحسين بن أحمد ، ونصّه على ولده المهدي.

وفي ابتداء السبع الخامس منه : ذكر ما جاء من البشارات والإشارات بظهور الإمام المهدي باللّه ، وانتشار ألويته وأعلامه على يد داعييه أبي القاسم وأبي عبد اللّه ، ثُمّ ذكر نبذاً مما كان من أمر مولانا المهدي وسيرته ، وما ناله من الامتحان ، والتنقّل من مكان إلى مكان حتّى قضى اللّه بظهوره ، وأخبار ما كان في أيّامه إلى الانتهاء ، وفيه ذكر هارون بن فلوح الملوسي رضي اللّه عنه وهو أحد دعاة المهدي ، وصفة وعظه ، وخبر الشيخ أبي عليّ الحسن بن أحمد بن داود بن ميمون بن عمر بن عبد اللّه بن مسلم بن عقيل ابن أبي طالب ، الداعي المعروف بباب الأبواب ....

وفي السبع السادس ذكر أخبار الإمام المعز لدين اللّه ، وما خصّه اللّه من الفضل والسعادة والفتوح في أيّامه ; لأنّه سابع اسبوعين من الأئمّة ، وفيه تمام ذكر القاضي الأجل النعمان بن محمّد ، وماله من الفضل والعلم ، وبيان تأليفاته ، وخبر الداعي جعفر بن منصور اليمن ( قس ) وما كان من هجرته إلى حضرة الأئمّة ، فبلغ بذلك الفضل العظيم ، والمكان الكريم ، وتمام

ص: 225

أخبار جوذر الأستاذ ، فيه وفي السبع الذي قبله ، ثُمّ ذكر أخبار ما كان في أيّام الإمام العزيز باللّه ، وفيه ذكر القاضي عليّ بن النعمان ( قس ) ، ثُمّ ذكر أخبار الإمام الحسين أبي عليّ الحاكم ( عليه السلام ) ، وفيه ذكر الداعي حميد الدين أحمد بن عبد اللّه الكرماني ( قس ) وبيان هجرته إلى حضرة الأئمّة ، وماله من الفضل والتأليفات ، وخبر القاضي محمّد بن عبد العزيز بن النعمان ( قس ) وفيه أيضاً ذكر علم النجوم ، وعلم النحو ، والعروض ، وبيان ما في الجميع ، ثُمّ ذكر خلافة الإمام عليّ بن الحسين الظاهر لإعزاز دين اللّه ، وفيه ذكر القاضي قاسم بن عبد العزيز بن النعمان ( قس ) ثُمّ ذكر نبذ مما كان في أوان الإمام أبي تميم معد بن المستنصر باللّه ....

وفي ابتداء السبع السابع تمام قصّة الإمام المستنصر باللّه ( عليه السلام ) ، وذكر بابه المؤيّد باللّه ، وذكر الداعي المستنصر باللّه ، الأجل عليّ بن محمّد الصليحي ، وقيامه بالسيف باليمن ، مظهراً للدعوة المستنصرية ، ورافعاً للراية العلوية ، إلى آخر ما كان من أمره ، وأمر من قام بعده من الصليحيين من أولاده بدعوة الإمام ، إلى أنْ قامت الحرّة الملكة ، وهي آخر من قام من الصليحيين بالدعوة والملك وأخبار ما كان من أمرها ، وعلو رتبتها في زمان بعد زمان ، إلى وقت الإمام الآمر.

وفيه - أعني هذا السبع - شيء من أخبار الداعي سيدنا ملك بن مالك ، وولده يحيى بن مالك ، وذكر سيدنا ذؤيب ، ومأذونه سيدنا الخطاب ، وما كان من أمرهم وقيامهم بالدعوة الهادية في وقت الظهور والاستتار ، ثُمّ ذكر أيّام مولانا أحمد المستعلي باللّه صلّى اللّه عليه ، وقيامه بالخلافة ، وما كان فيها من خلاف نزار لعنه اللّه ، وعاقبة أمره ، وشيء من الاحتجاج عليه وعلى فرقته من النزارية ، وبيان فضائحهم ، ثُمّ ذكر نبذ من

ص: 226

أيّام المنصور الآمر بأحكام اللّه ، وفيه شيء من ذكر داعيه وبابه أبي البركات ، ثُمّ ما كان من نصّه على ولده مولانا الإمام الطيّب ، وكيف كان استتار الدعوة في كهف التقية بعد وفاة والده ، وتغلّب عبد المجيد ، ووقوع الجور في الآفاق وظهور الدعوة إليه وغير ذلك ممّا يطول ذكره ، ثمّ بيان تعاقب الظهور والاستتار واختلافهما اختلاف الليل والنهار من أوّل دور آدم إلى هذا الوقت الذي نحن فيه.

ثمّ ذكر ما جاء من البشارات بظهور الإمام ، وكون الأمر على ما كان عليه بدياً ، شيئاً بعد شيء إلى أنْ يظهر اللّه تعالى دينه على الأديان كما وعد نبيّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ولو كره المشركون ، وهو الذي ختم به الكتاب.

وهو كتاب شريف عجيب ، في بنائه ظريف ، قلّ ما يوجد مثله فيما يبنى عليه ، وجمع عنده ولديه. ونعم ما قيل لله درّ القائل شعراً :

كتاب في سرائره سرور

مناجيه من الأحزان ناج

كرام في زجاج أو كروح

سرى في الجسم معتدل المزاج (1)

ونسبه إليه الطهراني في الذريعة ، قال : عيون الأخبار وفنون الآثار في ذكر النبي المصطفى المختار ووصيّه علي بن أبي طالب قاتل الكفرة وآله الأئمّة الأطهار ... ، في سبعة أسباع (2) :

1) النبيّ وآبائه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ). 2) عليّ ( عليه السلام ). 3) حروبه. 4) الأئمّة من ولده. 5) في ظهور المهدي. 6) أخبار المعز لدين اللّه الفاطمي. 7) المستنصر.

ص: 227


1- فهرست المجدوع : 73 - 77.
2- الذريعة 15 : 376.

ونسبه إليه أيضاً الزركلي في الأعلام (1) ، وعارف تامر في تاريخ الإسماعيليّة (2) ، والجلالي في مقدمّة كتاب شرح الأخبار (3) ، وطه الولي في كتابه القرامطة (4).

وقد اعتمد عليه كثيراً مصطفى غالب في كتابه : أعلام الإسماعيليّة (5).

ونسبه إليه في كتابه تاريخ الدعوة الإسماعيليّة (6).

ص: 228


1- الأعلام 1 : 279.
2- تاريخ الإسماعيليّة 4 : 72.
3- شرح الأخبار 1 : 75 ، في المقدّمة.
4- القرامطة : 220.
5- أعلام الإسماعيليّة : انظر الفهرست.
6- تاريخ الدعوة الإسماعيلية : 178.

ص: 229

( 19 ) زهر المعاني

الحديث :

الأوّل : قال : ومن أطاع إمامه واقتفى في اتّباعه سنّة اللّه وأحكامه ، فقد اتّصل بهم سبباً ، كما اتّصل بهم نسباً ، ثمّ قال : لأنّ النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) قد قال : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » والحوض هو القائم ( عليه السلام ) الذي لا يزال الإمامة متّصلة إليه (1).

الثاني : قال : وقال النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض كهاتين » وذلك بتسلسل الإمامة في الذرّيّة الشريفة والعترة النبويّة من نجل محمّد وعلي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) (2).

ص: 230


1- زهر المعاني : 204.
2- زهر المعاني : 319.

ص: 231

كتاب : زهر المعاني

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في الفهرست : فصل : في الطبقة العليا من الكتب في علم الباطن ، فمنها : كتاب زهر المعاني ، في توحيد المبدع الحقّ ، ومعرفة الكمالين الأوّل والثاني ، وحصول عالم الجنس ، وارتقائه إلى العلم الروحاني ، لسيّدنا عماد الدين إدريس بن سيّدنا الحسن ، وهو أحد وعشرون باباً :

الباب الأوّل : في إثبات المبدع الحقّ ، وإسناد الموجودات إلى هويّته.

الثاني : في سلب الأسماء والصفات.

الثالث : في مواقع أسماء اللّه الحسنى ، ومن المستحقّ أن يشار بها إليه ويكنّى.

الرابع : في صفة وجود عالم الإبداع في أوّل وهلة ، وتساويهم في الوجود الأوّل ، على التفصيل والجملة.

الخامس : في سبق الأوّل من عالم الإبداع إلى التوحيد ، وما اختصّ به سبقه من الإمداد بنور التأييد.

السادس : في كون الإبداع الأوّل العالي أولاً ، وعلة كان بها تواليهم ، وتتاليهم على الولاء.

ص: 232

السابع : في ذكر المنبعث المكنى عنه باللوح ، وماله من الشرف عن عماله ، وأنّه يتلو الأوّل ، ويقفوه في جميع مراسمه.

الثامن : في توالي مراتب عالم الإبداع ، وتفاضلهم على قدر سبقهم ، وما أتوه من عظيم فضلهم وشرف حقهم.

التاسع : في عاشر الرتب وتخلفه وإنابته ، وما لزم من تدبير العالم الذي عليه وجب.

العاشر : في الهيولي والصورة ، وما وجد عنهما من الأفلاك والأمهات ، وما نضَد على أحسن الترتيب والثبات.

الحادي عشر : في ذكر المواليد التي هي المعادن والنبات والحيوان ، وكيف ظهر صفوتها وخلاصتها الذي هو الإنسان.

الثاني عشر : في آدم الكلي الأوّل ، وما استحقّه من المقام الأشرف الأسنى الأكمل ، وذكر دوره الذي هو دور الكشف والظهور ، وما كان فيه من السعادة الكلية ، وجريان الأفلاك بمساعدة المقدور.

الثالث عشر : في ذكر الأنبياء الذين قاموا بالشرائع ، والمستقر منهم والمتحّمل للأمانات في الودائع ، وذكر من قام بعدهم من الأنبياء والخلفاء ، وما خصّهم اللّه به من الفضل.

الرابع عشر : في ذكر محمّد ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ومقامه الأفضل.

الخامس عشر : في ذكر علي ( عليه السلام ) وصيّ محمّد ، وخليفته ، وعالي فضله.

السادس عشر : في ذكر فاطمة البتول صلوات اللّه عليها والسبطين ،

ص: 233

وكون الإمامة رجعت بعد الحسين صلوات اللّه عليه مستقرّة ، ولا تخرج عن عقب الحسين صلوات اللّه عليه.

السابع عشر : في ذكر الأئمّة من ذرّيّة محمّد ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) وعالي فضلهم.

الثامن عشر : في الإمامة والإمام ، وما عبّر به من ذكر الناسوت واللاهوت في الكلام.

التاسع عشر : في ذكر الحدود ، ومن يقيم أولياء اللّه منهم للهداية إلى البقاء الأبدي وحقيقة الوجود.

العشرون : في ذكر قيام القائم ، وما يكون على يديه من الثواب والعقاب والصعود في زمرته إلى العالم الروحاني الذي إليه المرجع والمآب.

الحادي والعشرون : في ذكر معاد الأضداد ، وما يرونه فيه من إدراك الجحيم على قدر أعمالهم السيّئة المنكرة ، وعداوتهم للصفوة من خلق اللّه المطهّرة ، ومصيرهم إلى العذاب الأكبر الذي هو في السجن ، أعاذنا اللّه من ذلك بحقّ سيّدنا محمّد وآله الطاهرين (1).

ونسبه إليه عارف تامر في تاريخ الإسماعيليّة (2) ، وطه الولي في كتابه القرامطة (3).

ونسبه إليه مصطفى غالب ، واعتمد عليه في عدّة مواضع (4).

ص: 234


1- فهرست المجدوع : 275.
2- تاريخ الإسماعيليّة 4 : 72.
3- القرامطة : 220.
4- انظر : تاريخ الدعوة الإسماعيليّة : 126 ، 133 ، 134 ، 135 ، وغيرها.

ص: 235

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة القرن العاشر الهجري

اشارة

ص: 236

ص: 237

( 20 ) الأزهار ومجمع الأنوار لحسن بن نوح بن يوسف ابن محمّد بن آدم الهندي ( ت 939 ه- )

الحديث :

قال - عند ذكره للوصيّة في حجّة الوداع - : فقام فيهم ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) خطيباً ، فقال - بعد أن حمد اللّه وأثنى عليه - : « أيّها الناس ، إنّ اللّه عزّ وجلّ لم يبعث نبيّاً إلاّ عاش نصف ما عاش الذي قبله ، وإنّي أوشك أن أدعى فأجيب ، وإنّي تارك فيكم الثقلين بعدي ، ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض كهاتين » وضمّ أصبعيه المسبحتين من يديه « ولا أقول كهاتين » وضمّ أصبعيه المسبحة والوسطى من يده اليمنى ، « لأنّ إحداهما تسبق الأخرى » (1).

ص: 238


1- الأزهار 1 : 226 ، ضمن منتخبات إسماعيليّة ، تحقيق : عادل العوّا.

حسن بن نوح بن يوسف بن محمّد

قال الشيخ إسماعيل المجدوع في الفهرست : سيّدنا حسن بن نوح ابن يوسف بن محمّد بن آدم الهندي البهروجي ، في وقت الداعي حسن ابن إدريس بن سيّدنا حسن (1).

قال السيّد الأمين في الأعيان : الشيخ حسن بن نوح بن يوسف بن محمّد بن آدم الهندي البهروجي ، هو من علماء الإسماعيليّة (2).

قال العلاّمة الطهراني في الذريعة : الشيخ حسن بن نوح بن يوسف ابن محمّد بن آدم الهندي البهروجي ، المتوفّى في حادي عشر ذي القعدة سنة 939 ه- (3).

وكذا ذكر تاريخ وفاته بما تقدّم الزركلي في الأعلام (4) ، وعمر رضا كحالة في معجم المؤلّفين (5).

ص: 239


1- فهرست المجدوع : 77.
2- أعيان الشيعة 5 : 324.
3- الذريعة 2 : 339.
4- الأعلام 2 : 224.
5- معجم المؤلّفين 3 : 299.

كتاب : الأزهار ومجمع الأنوار الملقوطة من بساتين الأسرار

اشارة

قال الشيخ إسماعيل المجدوع : الأزهار ومجمع الأنوار الملقوطة من بساتين الأسرار مجامع الفواكه الروحانية والثمار ، لسيّدنا حسن بن نوح بن يوسف بن محمّد بن آدم الهندي البهروجي ... ، وهو سبعة أجزاء ، وكل جزء منها مجلّد برأسه.

ففي ابتداء الجزء الأوّل :

- بعد ذكر ما جرى عليه من الامتحان في حضرة داعيه - حيث وصل إليها من مدينة الهند ، وبيان أسماء ما أولى عليه من كتب الحقائق لأهل البيت ممّا رواه وكشف عن لبّه ظلامه وذلك بعقب ما رأى منه قوّة ونشاطاً في كسر ما أورده عليه امتحاناً له في ظاهر علمه ، وتمكّنه في قلبه من الاحتجاجات المزخرفة ، والأباطيل المنمّقة من أقاويل الحشويّة ومن جرى مجراها من سائر الفرق.

ثُمّ بيان ما دعاه من العلّة إلى تأليف هذا الكتاب الشريف ، ذكر أسماء النطقاء الآتين بالشرائع ، وأسماء أوصيائهم ، وأسماء الأئمّة في أدوارهم إلى نبيّنا محمّد ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ).

ص: 240

ثُمّ نكت من فضائله ، وفضل وصيّه ، وتاريخ مولده ومبعثه ووفاته ، وكذلك تاريخ نصّه على وصيّه ، وكيف كان ذلك ، ومتى كان ، وبيان مدّة قيامه في الأمّة.

ثُمّ أثبت أسماء الأئمّة الطاهرين من ذرّية النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) وسلالة الوصيّ إلى مولانا الإمام الطيّب ، وكناهم وألقابهم ، وأيّام إمامتهم ، وأسباب انتقالهم إلى دار ثواب اللّه ، ومواضع قبورهم واحداً بعد واحد.

ثُمّ ذكر فصلاً في تاريخ وفاة الحدود والدعاة.

ثُمّ أوضح فيه تواريخ الأنبياء والملوك المتقدّمين ودولتهم ، وغلبة الإسكندر وعسكره على دارا ، وصولتهم من وقت آدم إلى هجرة نبيّنا ، ليتحقّق الواقف عليها أيّام مدّة الأدوار ، واشتقاق لفظ التاريخ ، وكيف كان من هجرة النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ).

ثُمّ فصلاً في تواريخ مجموعة في فنون شتّى ، ومعان مختلفة ، وفيه ذكر البدع وإبطالها ، وذكر روايات أتت من الحشوية في تثبيت القرآن وجمعه في وقت أبي بكر ، ووقت عثمان بن عفّان ، وكيف كان ، وإبطال جميعها ، والاحتجاج عليها.

ثُمّ ختم الجزء بالفصل السابع من الرسالة « الوضيئة » في معرفة الأوصياء على تمامه وكماله ، والفصل الذي أتى به في النصف من كتاب « مجموع التربية ».

وفي ابتداء الجزء الثاني :

ذكر ما كان من الامتحان بعد وفاة الآمر باللّه ، وتغلّب أعداء اللّه بعد ذلك ، واستتار مولانا الإمام الطيّب ، وأولاده من ذلك اليوم إلى هذا الوقت ،

ص: 241

وغير ذلك من بيان نصّه عليه ، وقيام الدعاة بدعوته ، بوجيز من القول ، ونكت إلى سيّدنا إدريس ( قس ) وبيان صفة ماله من الكتب.

ثُمّ أورد بيان وقوع الفترة من آدم إلى هذا الوقت ، وما جاء من البشارات بظهور الأمر وعوده كما كان من آخر سبع من كتاب « عيون الأخبار ».

ثُمّ ما جاء من كلام سيّدنا حاتم بن إبراهيم ( قس ) في آخر الرسالة الموسومة ب- « تحفة القلوب » في ترتيب الهداة والدعاة في الجزيرة اليمنية من وقت مولانا المستنصر باللّه عليه السلام إلى وقته ، وأسماء حدوده ، وبيان ما هو المفيد في جوابه من العلم للسائل بمقداره على المستفيد في سؤاله وطلبه ، وما أورد في خاتمتها ، أعني سيّدنا حاتم ( قس ) من الرسالة « الموجزة الكافية » وشروط الدعاة والحدود ، وما ينبغي لهم ، وبيان الدعوة وعلى درجتها ، تأليف سيّدنا أحمد بن محمّد النيشابوري ( قس ) على كمالها وتمامها ، بعد ما حذف من تحميدها ، حتّى ختمه ، أعني هذا الجزء بالقصيدة التسعونية ، وهي تسع وتسعون بيتاً عدد أسماء اللّه تعالى ، مما قاله سيّدنا الحسين عليّ بن محمّد بن الوليد في إثبات إمامة مولانا الإمام الطيّب.

وفي ابتداء الجزء الثالث :

أثبت فصولاً من كلام سيّدنا عليّ بن محمّد الوليد ( قس ) في رسالته الموسومة ب- « نظام الوجود وترتيب الحدود » في أسماء حدود وقته.

ثُمّ فصولاً من كلام سيّدنا عبد اللّه بن عليّ بن محمّد بن حاتم ( قس ) في آخر رسالته الموسومة ب- « المنيرة في معرفة حدود الجزيرة » في المقابلات الحقيقية بعالم الطبيعة وعالم الدين وشيء من الاحتجاج على

ص: 242

إمامة صاحب العصر ، وطاعة كل الحدود الدانين لعاليهم ، وتسلسل مراتب الدعاة من وقت مولانا المستنصر باللّه إلى وقته ، وأسماء الحدود في وقته.

ثُمّ أورد بعد ذلك في هذا الجزء رسالة الداعي الأجل محسن بن محمّد المهيدي إلى جماعة أهل الري ، لمّا أرسله مولانا العزيز باللّه إلى الري لهدايتهم ، فلم يقبلوه بل نفروا منه ، وهمّوا بقتله ، فهرب منهم ، وأرسل بعد ذلك هذه الرسالة إقامة للحجّة وإيضاحاً للمحجّة

ثمّ فصلاً في رواية جيدة من خبر البحراني في تعيين مكان مولانا الطيّب بعد الاستتار.

ثُمّ « قصيدة في ذمّ السماع وأهله » ممّا قاله المقري في إسماعيل بن أبي بكر ، وهو عند العامّة في الجزيرة اليمنية قطب من الأقطاب ، ثُمّ ما أجابه على هذا الروي السيّد العلاّمة بزعمهم ، وهو عالم من علماء العامّة وعمادهم ، المسمّى بالسيّد المقام العالي الهادي بن إبراهيم ، ردّاً على الصوفية ، وتقوية للمقري المذكور.

ثُمّ ما جاء من الرواية بعد ذلك في كتبهم في ذمّ السماع ، وما جاء من المثل في كتاب « بلوهر ويوذاسف » في كيفيّة اتّفاق الناس على عداوة أهل الحقّ بالمناظرات التي صدرت من سيّدنا المؤيّد في الدين ( قس ) مع أبي العلاء أحمد بن سليمان المعرّي الضريري التي أوردها سيّدنا حاتم بن إبراهيم ( قس ) في الباب الثالث عشر من كتاب « جامع الحقائق » المنتزع من « مجالس سيّدنا المؤيّد ».

وفي ابتداء الجزء الرابع :

منه ، ذكر ما قاله سيّدنا حميد الدين في إبتداء كتاب « تنبيه الهادي

ص: 243

والمهتدي » بعد التحميد ، ثُمّ الباب الرابع عشر منه في التنبيه لفساد عبادة التاركين طاعة الأئمّة من أهل القبلة ، وبيان ما هم عليه من مخالفة الكتاب جملة.

ثُمّ الباب السادس والعشرين منه ، في التنبيه لأمر من يجب أخذ الدين منه ، وافتراض طاعته.

ثُمّ الباب السابع والعشرين منه في بيان افتخار المعتصمين بحبل اللّه وطاعة أئمّة دينه صلوات اللّه عليهم في اتباعهم لأمر اللّه تعالى. وأمر رسوله ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ). ومخالفة غيرهم.

ثُمّ الباب الثالث عشر منه ، في التنبيه لبطلان إمامة أبي بكر لعنه اللّه. ولكونها غير جائزة. ثُمّ نكتاً كثيرة في الاحتجاجات على العامّة ، وإبطال ما رووه في فضائل أبي بكر لعنه اللّه ، وعمر لعنه اللّه ، وعثمان لعنه اللّه. من الترهات ، وبيان عوارهم ، وإثبات حقّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من كتاب لرجل من الإماميّة الاثنى عشرية.

ثُمّ شيئاً مما ورد في الباب الثالث عشر من كتاب « جامع الحقائق » على الثغوري في الذي أورد في كتابه المسمّى ب- « الاسترشاد » من مقالات جميع الفرق الإسلاميّة ، وردّ عليهم ، وطعن فيه على الإسلام وتمام الاحتجاجات التي حاجج بها الثغوري في كتابه المذكور على الثلاثة الظالمين وأمثالهم من أهل التفسير والصوفية وغيرهم.

ثُمّ كتاب « التنبيه » لبعض الصالحين جواباً لبعض المسائل.

ثُمّ ختم الجزء بالقصيدة للحميري في الاحتجاجات على العامّة ، والسؤلات لهم.

ص: 244

وفي ابتداء الجزء الخامس :

أورد « القصيدة المختارة » بتمامها ، لسيّدنا القاضي النعمان بن محمّد ( قس ) في الاحتجاجات في إثبات حقّ أمير المؤمنين وأولاده ، وتسلسل الإمامة فيهم واحداً بعد واحد إلى الإمام المهدي ، وذكر مقالات سائر فرق الإسلام ، والردّ عليهم ، وبيان فضائحهم ، وهي قصيدة عجيبة ، وأرجوزة في الاحتجاجات غريبة.

ثُمّ نبذ كثيرة ممّا ورد في الجزء الثاني والثالث من كتاب « عيون الأخبار » في سيرة أمير المؤمنين ، وبيان فضائح أعداء اللّه ، وأعدائه من الناكثين والقاسطين ، وشيئاً من علّة اختلاف الناس بعد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، من كتاب « اختلاف أصول المذاهب ».

ثُمّ ما جاء من كتاب « الحدائق الوردية » تصنيف الفقيه أبي عبد اللّه حميد بن أحمد ، وهو عالم من علماء العامّة ، وفي « التاريخ المختصر » تصنيف المؤيّد الشافعي ، وغير ذلك من نكت كثيرة من التفاسير والتراويح من تصانيف علماء العامّة ممن يقتدى بهم ، ويعتبر بقولهم في باب الإمامة والفقه ، وغير ذلك من أمور الدين ، وفي فضائح معاوية لعنه اللّه ، وأمثاله من المتقدّمين والمتأخّرين ، استشهاداً منهم في ذلك ; إذ شهادة الخصم على نفسه أقوى البرهان ، وأبين البيان ، ونعم ما قيل :

شهادة الخصم للمخصوم إقرار *** وليس يجد مع الإقرار إنكار

حتّى ختم ب- « القصيد الميمية » لسيّدنا الخطّاب ( قس ) مطلعها : [ غصص يغصّ بها اللبيب بعقله [ ، ليعرف الواقف عليها بعد وقوفه على ما تقدّم قبلها من ذكر امتحان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأصحابه في قتال أعدائه من

ص: 245

الناكثين والقاسطين والمارقين ، ومصابه بهم ، أنّ في ذلك حكمة من اللّه تعالى بالغة ، ونعمة لمن عرفها سابغة.

وفي ابتداء الجزء السادس :

أثبت المناظرات التي جرت من أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد ( عليه السلام ) ، وإثبات إمامة أمير المؤمنين مولانا عليّ بن أبى طالب ، وإبطال ما ادّعاه المدّعون. ثُمّ بعد ذلك شيء من قضاياه وحكمه وأقواله وغير ذلك مما يشبهه ، وفي أثنائها خطبة له صلوات اللّه عليه خطبها في صفة المتقين إذ سألها بذلك صاحب له يقال له همام ، وكان رجلاً عابداً ، فما استوفى في كلامه حتّى قضى همام نحبه ، وهي خطبة عجيبة ، وأيضاً وصيّة منه صلوات اللّه عليه للحسن كتبها إليه عند منصرفه من صفّين ، وهي وصيّة عجيبة ، وموعظة غريبة بمقدار ثمان أوراق كبار أو يزيد عليه ، ونبذ من الجزء الثاني من كتاب « عيون الأخبار » في ذكر من اجتمع إلى عليّ ، وأنكر على أبي بكر لعنه اللّه قعود مقعد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) وتعنيفهم أبا بكر لعنه اللّه ، وما وجّهوه من اللوم عليه ، وفيه خبر الجاثليق وغيره من معجزاته ومناقبه وآياته ، وفضائح ضدّه ، ومن تابعه من أمثاله وأكفّائه ، ومنه أيضاً في ذكر المواطن التي امتحن فيها بعد رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) من قوله وصبره بعده.

ثُمّ من كتاب « الحدائق الوردية » المذكور في طرف من مناقبه وأحواله ، وذكر بيعته ، ونبذ من سيرته ، وشيئاً من خطبه وكتبه ووصاياه من كتاب « شرح نهج البلاغة ».

ثُمّ نكتاً ممّا جاء في الكتب المشهورة عند الحشوية وغيرهم من العوام من التواريخ والتفاسير والكتب في الأحاديث النبوّية من فضائل أمير المؤمنين.

ص: 246

ثُمّ شيئاً من الباب الخامس عشر من كتاب « جامع الحقائق » في مثل ذلك.

ثُمّ من كتاب « المفاخر والمآثر » لسيّدنا حاتم بن إبراهيم ( قس ) في مثل ذلك من فضائله ، وإثبات وصايته ، والاحتجاجات على مخالفيه من أعدائه ، وهو كتاب عجيب ، يهتزّ على مطالعته العارف اللبيب.

ثُمّ من كتاب « شرح الملوك » من الباب الثاني والعشرين في وصيّة عليّ لكميل بن زياد بالعلم وأهله.

ثُمّ « المجلس » الأزهر في فضل صاحب الكوثر ، وذكر العيد الأكبر في يوم النصّ الأشهر » تأليف سيّدنا حاتم بن إبراهيم ( قس ).

ثُمّ ما روي أنّ جماعة حضروا بين يديه صلوات اللّه عليه وتذاكروا فضل الخطباء ، فقالوا : ليس أكثر في الكلام من « الألف » ويتعذّر النطق بدونها فقال لهم في الحال : هذه الخطبة من غير سابق فكرة ، ولا تقدّم رؤية وسواها ، وليس فيها « ألف » وهي خطبة عجيبة ، وأقوال غريبة.

ثُمّ طرفاً من فضائل فاطمة الزهراء ، وظلم أبي بكر لعنه اللّه لها باغتصاب فدك من يديها ، والاحتجاج عليه في ذلك من الجزء الثاني من كتاب « عيون الأخبار » ومن المجلس السادس والأربعين من المائة الرابعة من « المجالس المؤيّدية » ، ومن الكتاب المسمّى ب- « مطالع الأنوار » من تصانيف العامّة.

ثُمّ ذكر الإمامين الحسن والحسين من الجزء الرابع من « عيون الأخبار ».

ص: 247

ثُمّ القليل من فضائل زين العابدين من الجزء المذكور ، وفيه قصّة بهلول.

ثُمّ « الأرجوزة الشريفة » والقصيدة العالية المنيفة من كلام سيّدنا المؤيّد في الدين ( قس ) مطلعها : [ حمداً لربّ قاهر السلطان [ وهي خاتمة الجزء السادس من الكتاب.

ويتلوه الجزء السابع منه :

وفي أوّله الباب الرابع عشر من كتاب « جامع الحقائق » يشتمل ذكر أضداد الوصيّ والأئمّة ، وذكر ابليس كُلّ عصر وزمان ، وذكر كُلّ ناطق نعوذ باللّه وبوليه منهم ، وفيه أيضاً ذكر أئمّة الضلال لعنهم اللّه بتمامه وما جاء في إثبات وجوب المسح على الرجلين في الوضوء من تفسير العامّة ، ثُمّ معنى الجمع بين الصلاتين في السفر والحضر من صحيح مسلم ، وهم يقولون : أصحّ الكتب بعد كتاب اللّه صحيحا مسلم والبخاري.

ثُمّ ما جاء في كتب أهل الحقّ في ذلك من الرسالة الموسومة ب- « هداية الطالبين وإقامة الحجّة في إيضاح الحقّ المبين » في جواب المارقين من أهل الهند لسيّدنا إدريس عماد الدين وغيرها.

ثُمّ ما جاء في الردّ على العامّة في اعتراضهم على المؤمنين في صيامهم بحكم الحساب ، ومن ذلك جاء عن سيّدنا المؤيّد في الدين في المجلس الثاني والأربعين من المأة الأولة ، وفي المجلس العشرين من المأة الثانية ، وفي كتاب سيرته في احتجاجه على ذلك ، وما جاء عن سيّدنا حميد الدين في « الرسالة اللازمة » في صوم شهر رمضان وحينه ، ثُمّ ما جاء في إثبات أخذ العهود والمواثيق التي هي من جملة اعتراض العامّة على

ص: 248

المؤمنين ، أوّل ذلك الباب الثامن والعشرين في بيان وجوب أخذ العهد والدخول تحت شرائطه من كتاب « تنبيه الهادي ».

ثُمّ الفصل السابع عشر من « الرسالة الوضيّة » في وجوب البيعة وأخذ الميثاق.

ثُمّ شيئاً من الباب العاشر من كتاب « جامع الحقائق » يتضمّن ذكر وجوب أخذ العهد.

ثُمّ ما جاء في إثبات التأويل ، وهو أيضاً ممّا اعترضوا فيه على المؤمنين ، أوّل ذلك الباب الثاني عشر في الترغيب في العبادة الباطنية التي هي العلم والتأويل ، وبيان ما فيها من المنفعة من كتاب « تنبيه الهادي والمهتدي ».

ثُمّ الفصل الخامس عشر في جملة الكلام على وجوب التأويل عمّا جاء به النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) من التنزيل والشريعة من « الرسالة الوضيّة ».

ثُمّ ما جاء عن سيّدنا المؤيّد ( قس ) في إثبات التأويل في المجلس الثامن والعشرين من المأة الثانية وغيرها ، من مجالس له في أوراق كثيرة.

ثُمّ ذكر نكت وجوامع من القول في تثبيت التأويل وباطن ما جاء في الحديث والتنزيل من كتاب « أساس التأويل ».

ثُمّ ما جاء في كتاب « مختصر الأصول » في آخره ، ومثل ذلك عن سيّدنا المؤيّد في الدين الحسين بن عليّ بن محمّد الوليد في كتاب « الإيضاح والبيان » في جواب المسألة الأولى.

ثُمّ ما جاء في إثبات التأويل عن سيّدنا حميد الدين في أوّل « الرسالة

ص: 249

الكافية » في أوراق كثيرة فيه ، ثُمّ الباب الثاني عشر في معرفة أخذ التأويل من القرآن من كتاب « الافتخار ».

ثُمّ الباب الثالث عشر منه في معرفة الوضوء والطهارة.

ثُمّ الباب الرابع عشر منه في معرفة الصلاة.

ثُمّ الباب الخامس عشر منه في معرفة الزكاة.

ثُمّ الباب السادس عشر منه في معرفة الصوم.

ثُمّ الباب السابع عشر منه في معرفة الحجّ.

ثُمّ أورد بعد ذلك ما جاء في تفاسير أهل الظاهر التي اعترفوا فيها بالباطن بالعقول المشاعر عندما ألزمتهم الضرورة إلى إثبات التأويل ، وتركوا عمدة مذهبهم من التعلّق على ظاهر ألفاظ القرآن واللغة العربية عند العرب ، من ذلك ما جاء في تفسير القرآن المسمّى ب- « شفاء الصدور » تأليف أبي بكر محمّد بن الحسين المعروف بالنقّاش في أوراق كثيرة منه في تفسير آيات كثيرة من سور القرآن ، ومن ذلك ما ورد من البغوي الفراء في هذا المعنى.

ثُمّ ختم الجزء السابع الذي هو آخر الأجزاء من الكتاب بالقصيدة الواردة عن بعض الحدود ، وفي الاعتذار لدى داعيه عمّا وقف عليه من السهو وأمثاله ; لكونها موافقة للحال التي هو فيها مطلعها [ تعدّيت طوري بل تجاوزت عن قدري ] ،

فهذه فهرسة الكتاب الشريف ، والسفر الجامع للباب كُلّ علم طريف ، كما نطق بفضله واسمه ، وعبّر عن حكمه وعمله ، وذلك الشاهد

ص: 250

أيضاً بفضل مثبته وجامعه ، والمعبّر عن شرف مؤلّفه وواضعه ، وذلك المكنّى ببدر الدنيا والدين الحائز من داعيه رتبة « المكاسرة » بإخلاصه وعلمه المبين (1).

ونسبه إليه العلاّمة الطهراني في الذريعة ، قال : رأيت ترجمته ، وذكر كتابه الأزهار في فهرس كتب الإسماعيليّة ، تأليف دكتور إيوانوف الهندي المولود سنة 1305 ، المطبوع في لندن سة 1352 ، ذكر فيه : أنّ كتاب الأزهار ومجمع الأنوار الملقوطة من بساتين الأسرار ومجامع فواكه الروحانية والثمار ، تأليف الشيخ حسن بن نوح - إلى آخر ما مرّت ترجمته - وهو في سبع مجلّدات صغار .. (2).

ونسبه إليه أيضاً : السيّد الأمين في الأعيان (3) ، والزركلي في الأعلام (4) ، وعمر رضا كحالة في معجم المؤلّفين (5) ، وطه الولي في كتابه القرامطة (6).

ص: 251


1- فهرست المجدوع : 77 - 88.
2- الذريعة 2 : 340.
3- أعيان الشيعة 4 : 300 ، 5 : 324.
4- الأعلام 2 : 224.
5- معجم المؤلّفين 3 : 299.
6- القرامطة : 217.

الخاتمة

اشارة

اتّضح من خلال ما تقدّم من عرض كلمات الإسماعيليّة في حديث الثقلين ، ونقولاتهم له ، اعتمادهم على هذا الحديث في إثبات بعض عقائدهم الأساسية ، وهو ما يرتبط بمبحث الإمام والوصي بعد الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ، فقد اتّفقت كلمتهم على قبول هذا الحديث ، والاستناد إليه في مقام الاستدلال ، وذلك لاعتقادهم بصدوره عن الرسول ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ).

إشارة وتنبيه :

لابدّ من الإشارة إلى قضيّة مهمّة في المذهب الإسماعيلي ، وهي : عدم اهتمامهم بالأحاديث والروايات بالشكل المناسب ; لاعتمادهم بشكل أساسي على الأدلّة العقلية ، والتأويلات الغيبية في إثبات أكثر معتقداتهم ، لذلك لا تجد عندهم كتب حديث كثيرة أو متنوّعة ، أو رواة أحاديث ، وتسلسل الأسانيد ، فلذلك كان من الصعب ، أو من غير الممكن إثبات تواتر حديث - أيّ حديث - على وفق مبانيهم الرجالية ، أو رواتهم ، بل هو كما يعبّر عنه بالسالبة بانتفاء الموضوع.

لذلك ننبّه على قضيّة ، وهي : أنّه لم نذكر في هذا القسم من الموسوعة - وهو قسم حديث الثقلين عند الإسماعيليّة - مبحث تواتر الحديث المحصّل ، أو مبحث نقل أقوال علماء الإسماعيليّة بتواتر الحديث

ص: 252

وشهرته والاتفاق عليه ، ومبحث الأسانيد ، كما ذكرنا ذلك في القسم الأوّل ، والقسم الثاني من الموسوعة ، وهو قسم حديث الثقلين عند الإمامية الاثني عشرية ، وقسم حديث الثقلين عند الزيدية ، فقد اقتصرنا على نقل حديث الثقلين فقط من كتب الإسماعيليّة للسبب المتقدّم.

ص: 253

فهرست المصادر

1 - القرآن الكريم.

2 - اختلاف أصول المذاهب ، القاضي النعمان ، ت 363 ه- ، تحقيق : مصطفى غالب ، دار الأندلس ، بيروت - لبنان.

3 - الأزهار ، حسن بن نوح بن محمّد ، ت 939 ه- ، ضمن منتخبات إسماعيليّة ، تحقيق : عادل العوا ، الجامعة السورية ، سنة 1378 ه-.

4 - الاستبصار ، محمّد بن الحسن الطوسي ، ت 460 ه- ، تحقيق : علي أكبر الغفاري ، دار الحديث ، قم - إيران ، الطبعة الأولى ، 1380 ش.

5 - الأعلام ، خير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين ، بيروت - لبنان ، الطبعة الرابعة عشر ، 1999 م.

6 - أعيان الشيعة ، محسن الأمين ، ت 1381 ه- ، تحقيق : حسن الأمين ، دار التعارف ، بيروت - لبنان ، سنة 1403 ه-.

7 - افتتاح الدعوة ، القاضي النعمان ، 363 ه- ، تحقيق : وداد القاضي ، دار المنتظر ، بيروت - لبنان ، الطبعة الثانية ، 1416 ه-.

8 - الافتخار ، ابويعقوب السجستاني ، ت 353 ه- ، تحقيق : مصطفى غالب ، دار الأندلس ، بيروت - لبنان.

ص: 254

9 - إكليل المنهج ، محمّد جعفر الكرباسي ، ت 1175 ه- ، تحقيق : جعفر الحسيني الاشكوري ، دار الحديث ، قم - إيران ، الطبعة الأولى ، 1425 ه-.

10 - الإمامة في الاسلام ، عارف تامر ، دار الأضواء ، بيروت - لبنان ، الطبعة الأولى ، 1419 ه-.

11 - أمل الآمل ، محمّد بن الحسن الحر العاملي ، ت 1104 ه- ، تحقيق : أحمد الحسيني ، دار الكتاب الاسلامي ، قم - إيران ، 1362 ش.

12 - إيضاح المكنون ، إسماعيل باشا البغدادي ، ت 1339 ه- ، تحقيق : محمّد شرف الدين - رفعت الكيسي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت - لبنان.

13 - بحار الأنوار ، محمّد باقر المجلسي ، ت 1111 ه- ، دار الكتب الإسلامية ، طهران - إيران ، الطبعة الرابعة ، سنة 1362 ش.

14 - تاج العقائد ومعدن الفوائد ، علي بن محمّد الوليد ، ت 612 ه- تحقيق : عارف تامر ، دار الشروق ، بيروت - لبنان.

15 - تاريخ الإسلام ، محمّد بن أحمد الذهبي ، ت 748 ه- ، تحقيق : عمر عبدالسلام ، دار الكتاب العربي ، بيروت - لبنان ، الطبعة الثالثة ، 1419 ه-.

16 - تاريخ الإسماعيليّة ، عارف تامر ، نشر : رياض الريس ، لندن ، الطبعة الأولى ، 1991 م.

17 - تاريخ الدعوة الإسماعيلية ، مصطفى غالب ، دار الأندلس ، بيروت - لبنان.

ص: 255

18 - تاريخ وعقائد الإسماعيلية ، فرهاد دفتري ، فروزان روز ، طهران - إيران ، الطبعة الثانية ، 1376 ش.

19 - تحفة المرتاد ، ضمن أربع رسائل ، علي بن محمّد بن الوليد ، ت 612 ه- ، تحقيق : شتروطمان ، مؤسسة النور للمطبوعات ، بيروت - لبنان ، الطبعة الأولى ، 1422 ه-.

20 - تعليقة على منهج المقال ، الوحيد البهبهاني ، ت 1205 ه-.

21 - تهذيب الأحكام ، محمّد بن الحسن الطوسي ، ت 460 ه- ، تحقيق : علي أكبر الغفاري ، مكتبة الصدوق ، طهران - إيران ، الطبعة الأولى ، 1417 ه-.

22 - جامع الرواة ، محمّد علي الأردبيلي ، ت 1101 ه- ، مكتبة السيّد المرعشي ، قم - إيران ، طبع سنة 1403 ه-.

23 - خاتمة المستدرك ، حسين النوري الطبرسي ، ت 1320 ه- ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام ، قم - إيران ، الطبعة الأولى ، 1415 ه-.

24 - دامغ الباطل وحتف المناضل ، علي بن محمّد بن الوليد ، ت 612 ه- ، مؤسسة عز الدين ، طبع سنة 1403 ه-.

25 - دعائم الإسلام ، القاضي النعمان ، ت 363 ه- ، تحقيق : آصف بن علي أصغر فيضي ، دار المعارف ، القاهرة - مصر ، سنة 1383 ه-.

26 - الذريعة ، العلّامة الطهراني ، ت 1389 ه- ، دار الأضواء بيروت - لبنان ، الطبعة الثالثة ، 1403 ه-.

ص: 256

27 - راحة العقل ، أحمد حميد الدين الكرماني ، ت 411 ه- ، تحقيق : مصطفى غالب.

28 - رسالة الإيضاح والتبيين ، ضمن أربع رسائل إسماعيلية ، علي بن محمّد بن الوليد ، ت 612 ه- : شتروطمان ، مؤسسة النور للمطبوعات ، بيروت - لبنان ، 1422 ه-.

29 - الرسالة الوضيئة في معالم الدين وأصوله ، أحمد حميد الدين الكرماني ، ت 411 ه- ، دار القلم ، الطبعة الأولى ، 1407 ه-.

30 - روضات الجنات ، محمّد باقر الخوانساري ، ت 1313 ه- ، مكتبة إسماعيليان ، قم - ايران ، سنة 1390 ه-.

31 - الرياض ، أحمد حميد الدين الكرماني ، ت 411 ه- ، عارف تامر ، دار الثقافة ، بيروت - لبنان.

32 - رياض العلماء ، عبداللّه الأفندي ، ت 1121 ه- ، تحقيق : أحمد الحسيني ، مكتبة السيّد المرعشي ، قم - ايران ، سنة 1401 ه-.

33 - زهر المعاني ، عماد الدين إدريس بن الحسن ، ت 872 ه- ، المؤسسة الجامعية للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1411 ه-.

34 - سرائر وأسرار النطقاء ، جعفر بن منصور اليمن ، أواخر القرن الرابع ، دار الأندلس ، بيروت - لبنان ، الطبعة الأولى ، 1404 ه-.

35 - سفرنامه ، ناصر خسرو ، ت 481 ه- ، تحقيق : يحيى الخشّاب ، دار الكتاب الجديد ، بيروت - لبنان ، الطبعة الثالثة ، 1983 م.

36 - سير أعلام النبلاء ، محمّد بن أحمد الذهبي ، ت 748 ه- ،

ص: 257

تحقيق : بشّار عوّاد معروف ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت - لبنان ، الطبعة الثانية ، 1419 ه-.

37 - شرح الأخبار ، القاضي النعمان ، ت 363 ه- ، تحقيق : محمّد الحسيني الجلالي ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم - ايران ، الطبعة الأولى ، 1409 ه-.

38 - طبقات أعلام الشيعة ، العلّامة الطهراني ، ت 1389 ه- ، تحقيق : علي نقي منزوي ، مؤسسة إسماعيليان ، قم - ايران ، الطبعة الثانية.

39 - طرائف المقال ، علي اصغر البروجردي ، ت 1313 ه- ، تحقيق : مهدي الرجائي ، مكتبة المرعشي النجفي ، قم - ايران ، الطبعة الأولى ، 1410 ه-.

40 - عيون الاخبار وفنون الآثار ، عماد الدين ادريس بن الحسن ، ت 872 ه-.

41 - الغدير ، عبدالحسين الأميني ، ت 1392 هت ، دار الكتاب العربي ، بيروت - لبنان ، الطبعة الرابعة ، 1397 ه-.

42 - فهرست المجدوع ، إسماعيل بن عبدالرسول الاجيني ، القرن الثاني عشر ، تحقيق : عليّ نقي منزوي ، منشورات مكتبة الاسدي ، طهران - إيران ، 1966 م.

43 - القرامطة ، طه الولي ، دار العلم للملايين ، بيروت - لبنان ، الطبعة الأولى ، 1981 م.

44 - الكافي ، محمّد بن يعقوب الكليني ، ت 328 ه- ، تحقيق : علي

ص: 258

أكبر الغفاري ، دار الكتب الاسلامية ، طهران - ايران ، الطبعة السادسة ، 1375 ش.

45 - كتابخانة ابن طاووس ، أتان كلبرك ، مكتبة السيّد المرعشي ، قم - ايران ، طبع سنة 1371 ش.

46 - كشف الظنون ، حاجي خليفة ، ت 1607 ه- ، دار احياء التراث العربي ، بيروت - لبنان.

47 - كلام بير ( فارسي ) ، ناصر خسرو ، ت 481 ه- ، مطبعة مصطفوي مقيم بمبيء الهند ، طبع سنة 1352 ه-.

48 - الكنى والالقاب ، عبّاس القمي ، ت 1359 ه- ، انتشارات مكتبة الصدر ، طهران - ايران ، الطبعة الخامسة ، 1409 ه-.

49 - كنز الولد ، ابراهيم بن الحسين الحامدي ، ت 557 ه- ، تحقيق : مصطفى غالب ، دار الأندلس ، 1979 م.

50 - المجالس المؤيّدية ، المؤيّد في الدين هبة اللّه الشيرازي ، ت 470 ه- ، تحقيق : مصطفى غالب ، دار الأندلس ، بيروت - لبنان.

51 - المجالس المستنصرية ، المؤيد في الدين هبة اللّه الشيرازي ، ت 470 ه- ، مكتبة مدبولي ، القاهرة - مصر ، الطبعة الأولى ، 1413 ه-.

52 - المجالس والمسايرات ، القاضي النعمان ، ت 363 ه- ، تحقيق : ابراهيم شبّوح - الحبيب الفقي - محمّد اليعلاوي ، تونس ، 1978 ه-.

53 - مجلّة تراثنا ، العدد 21 ، السنة الخامسة ، 1410 ه-.

ص: 259

54 - مستدركات أعيان الشيعة ، حسن الأمين ، دار التعارف ، بيروت - لبنان ، الطبعة الثانية 1418 ه-.

55 - مستدركات علم رجال الحديث ، علي النمازي الشاهرودي ، طهران - ايران ، الطبعة الأولى ، 1412 ه-.

56 - معالم العلماء ، محمّد بن علي بن شهر آشوب ، ت 588 ه- ، المكتبة الحيدرية ، النجف الاشرف - العراق ، سنة 1380 هت.

57 - معجم رجال الحديث ، أبو القاسم الخوئي ، ت 1413 ه- ، الطبعة الخامسة ، 1413 ه-.

58 - معجم المؤلفين ، عمر رضا كحالة ، دار احياء التراث العربي ، بيروت - لبنان.

59 - الملل والنحل ، محمّد بن عبدالكريم الشهرستاني ، ت 548 ه- ، تحقيق : محمّد سيّد كيلاني ، دار المعرفة ، بيروت - لبنان.

60 - مناقب آل أبي طلب ، محمّد بن علي ابن شهر آشوب ، ت 588 ه- ، تحقيق : لجنة من أساتذة النجف الأشرف ، المكتبة الحيدرية ، النجف - العراق ، طبع سنة 1376 ه-.

61 - المناقب والمثالب ، القاضي النعمان ، ت 363 ه- ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت - لبنان ، الطبعة الأولى ، 1423 ه-.

62 - من لا يحضره الفقيه ، محمّد بن علي الصدوق ، ت 381 ه- ، تحقيق : حسن الموسوي الخرسان ، دار الكتب الاسلامية ، طهران - ايران ، الطبعة الخامسة.

ص: 260

63 - نقد الرجال ، مصطفى التفرشي ، القرن الحادي عشر ، مؤسسة آل البيت عليهم السلام ، قم - ايران ، الطبعة الأولى ، 1418 ه-.

64 - هدية العارفين ، اسماعيل باشا البغدادي ، ت 1339 ه- ، دار احياء التراث العربي ، بيروت - لبنان.

65 - الوافي بالوفيات ، خليل بن ايبك الصفدي ، ت 764 ه- ، تحقيق : أحمد الأرناؤوط - تركي مصطفى ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت - لبنان ، الطبعة الأولى ، 1420 ه-.

66 - وفيات الاعيان ، أحمد بن محمّد بن خلّكان ، ت 681 ه- ، تحقيق : يوسف علي طويل - مريم قاسم ، دار الكتب العلميّة ، بيروت - لبنان ، الطبعة الأولى ، 1419 ه-.

ص: 261

فهرست الموضوعات

دليل الكتاب... 5

توطئة... 7

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة ( القرن الرابع الهجري )

مولفات القاضي النعمان بن محمد بن حيون المغربي

شرح الأخبار... 13

ترجمة القاضي النعمان ابن محمّد... 18

الاختلاف في مذهب القاضي النعمان... 20

نظرة فاحصة لما استدلّ به النوري على رواية القاضي النعمان عن باقي الأئمة عليهم السلام بعد الامام الصادق عليه السلام         24

نقاش المورد الأول الذي استدل به النوري... 26

نقاش المورد الثاني الذي استدل به النوري... 28

نقاش المورد الثالث الذي استدل به النوري... 30

قرائن وملاحظات ذكرها النوري على اثني عشرية القاضي النعمان... 31

الوجه الأوّل الذي استدل به النوري... 31

الرد على الوجه الأول بأمور... 33

بعض عقائد القاضي النعمان... 37

الوجه الثاني الذي استدلّ به النوري... 53

الرد على الوجه الثاني بأمور... 55

ص: 262

الوجه الثالث الذي استدلّ به النوري... 57

الرد على الوجه الثالث بأمور... 58

الوجه الرابع الذي استدلّ به النوري... 60

الرد على الوجه الرابع بأمور... 61

الوجه الخامس الذي استدلّ به النوري... 64

الرد على الوجه الخامس بأمور... 65

الوجه السادس الذي استدل به النوري... 67

الرد على الوجه السادس بأمور... 67

الوجه السابع الذي استدلّ به النوري... 68

الرد على الوجه السابع... 68

الوجه الثامن الذي استدلّ به النوري... 70

الرد على الوجه الثامن بأمرين... 70

نتيجة ما تقدّم... 71

جواب النوري عن الإشكالات على القاضي النعمان

الاشكال الاول وجوابه... 72

الرد على جوابه عن الإشكال الأول بأمور... 74

الإشكال الثاني وجوابه... 76

الرد على جوابه عن الإشكال الثاني بأمرين... 77

إشكال وجواب... 78

النتيجة النهائية... 79

أقوال الإسماعيليّة في القاضي النعمان... 80

توثيق كتاب شرح الأخبار... 83

اختلاف أصول المذاهب... 91

ص: 263

توثيق كتاب اختلاف أصول المذاهب... 93

دعائم الإسلام... 97

توثيق كتاب دعائم الإسلام... 99

المجالس والمسايرات... 105

توثيق كتاب المجالس والمسايرات... 107

افتتاح الدعوة... 111

توثيق كتاب افتتاح الدعوة... 113

المناقب والمثالب... 117

توثيق كتاب المناقب والمثالب... 119

سرائر وأسرار النطقاء لجعفر بن منصور اليمن... 125

ترجمة جعفر بن منصور اليمن... 126

توثيق كتاب سرائر وأسرار النطقاء... 129

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة ( القرن الخامس الهجري )

مؤلفات حميد الدين أحمد الكرماني

المصابيح في إثبات الإمامة... 133

ترجمة حميد الدين أحمد الكرماني... 135

توثيق كتاب المصابيح... 139

الرسالة الوضيئة... 143

توثيق الرسالة الوضيئة... 145

راحة العقل... 149

توثيق كتاب راحة العقل... 151

الرياض في الحكم بين الصادين... 157

توثيق كتاب الرياض... 159

ص: 264

مؤلّفات المؤيّد في الدين هبة اللّه الشيرازي

المجالس المؤيّدية... 163

ترجمة هبة اللّه الشيرازي... 166

توثيق كتاب المجالس المؤيّديّة... 169

المجالس المستنصرية... 173

توثيق كتاب المجالس المستنصرية... 175

كلام بير لناصر خسرو... 179

توثيق كتاب كلام بير... 183

ترجمة ناصر خسرو... 180

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة ( القرن السادس الهجري )

كنز الولد لإبراهيم بن الحسين الحامدي... 187

ترجمة إبراهيم بن الحسين الحامدي... 188

توثيق كتاب كنز الولد... 191

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة ( القرن السابع الهجري )

مؤلّفات علي بن محمّد بن الوليد

دامغ الباطل وحتف المناضل... 197

ترجمة علي بن محمّد بن الوليد... 202

توثيق كتاب دامغ الباطل وحتف المناضل... 205

تاج العقائد ومعدن الفوائد... 209

توثيق كتاب تاج العقائد... 211

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة ( القرن التاسع الهجري )

عيون الأخبار وفنون الآثار... 219

ص: 265

ترجمة عماد الدين إدريس بن الحسن... 221

توثيق كتاب عيون الأخبار... 223

زهر المعاني... 229

توثيق كتاب زهر المعاني... 231

حديث الثقلين عند الإسماعيليّة ( القرن العاشر الهجري )

الأزهار لحسن بن نوح بن يوسف... 237

ترجمة حسن بن نوح بن يوسف... 238

توثيق كتاب الأزهار... 239

الخاتمة... 251

إشارة وتنبيه... 251

فهرست المصادر... 253

ص: 266

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.